التمييز في تلخيص تخريج أحاديث شرح الوجيز المشهور بـ التلخيص الحبير
ابن حجر العسقلاني
كتاب التمييز في تلخيص تخريج أحاديث شرح الوجيز المشهور بـ التلخيص الحبير للإمام الحافظ ابن حجر العسْقَلاني دراسة وتحقيق الدكتور محمد الثاني بن عمر بن موسى اعتنى بإخراجه وتنسيقه وصنع فهارسه أبو محمد أشرف بن عبد المقصود الجزء الأول أضواء السلف
حقوق الطبع محفوظة الطبعة الأولى 1428 هـ - 2007 م دار أضواء السلف الرياض: الرَّبوة - الدائري الشرقي - مخرج 15 - مقابل مسجد الراجحي الجديد ص ب 121892 - الرمز 11711 - تليفاكس 2321045 - جوال 0505280328
"أرجو الله .. أنْ يكون حَاويًا لجلِّ ما يستَدلُّ بِهِ الفقهاء في مُصنَّفاتهم في الفروع" ابن حجر العَسْقلاني كتاب التمييز في تلخيص تخريج أحاديث شرح الوجيز الجزء الأول
بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله الرحمن الرحيم تقريظ فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن مطر الزَّهراني الأستاذ بقسم علوم الحديث بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية الحمد لله ربِّ العالمين والصّلاة والسّلام على أشرف الأنبياء والمرسلين. وبعد: فإنّ كتاب "الوجيز" لأبي حامد الغزّالي (ت 505 هـ) - رحمه الله - يُعدّ من المتون المهمّة في كتب الفقه، وفي كُتب المذهب الشّافعي على وَجْهٍ أخصّ فَقد غَطّى على كتاب "المهذَّب" للشِّيرازي - رحمه الله -. ولقي كتابُ "الوجيز" العنايةَ الكبيرةَ وبخاصَّةِ بعد ما شَرحه الإمامُ أبو القاسم عبد الكريم بن محمّد الرّافعي (ت 623 هـ) - رحمه الله -؛ فُخِدم شرحاً وتعليقاً وتعقيباً، ثمّ خُدم- كثيراً تخريجاً. ومن أشهر كُتُب التّخريج لأحاديثه كتابي "البدر المنير .. " للحافظ سراج الدين عمر بن علي المعروف بابن الملقِّن (ت 804) - رحمه الله -، وكتاب "التمييز في تلخيص أحاديث شرح الوجيز"، والمطبوع باسم "التلخيص الحبير" للحافظ ابن حجر العسقلاني (ت 852 هـ) - رحمه الله -. وهذا الأخير -أعني كتاب الحافظ ابن حجر- قد طُبعَ مراراً كلها باسم "التلخيص الحبير"، فَنُسي، بل جُهِل اسمُ الكتاب الصّحيح الذي سمَّاه به مؤلِّفه، والّذي هو المعَبِّر عمّا في مضمون الكتاب، ثمّ هو لم يُخدَم في تلك الطّبعات خدمةً جيدة محرَّرة لمسائله، ومبيِّنة لفوائده، فيسر الله لتلميذي النّبيه الشيخ الدّكتور محمَّد الثاني بن عمر بن موسى الكنويّ المتخرِّج في كلية الحديث الشّريف قِسْم علوم الحديث بالجامعة الإِسلاميّة بالمدينة النبويّة أنْ
يَعمل على إعادة إخراج هذا الكتاب وتحقيق نصوصه وتحرير مسائله، ليخرج في ثوبٍ تليق به. وقد تجلّى عملُ الدّكتور محمَّد الثاني في: * مقابلة النّسخ الخطيّة مع بعضها ومع بعض طبعات الكتاب، وقد تيسّر له جَمْعُ عددٍ من النّسخ كما أوضحه في مقدِّمته. * عزو الأحاديث والآثار الواردة في الكتاب إلى مخرِّجيها مع مراعاة عَدَمِ التطويل وتَرْكِ الإطناب، وذلك بقدر ما يخدم غرض المؤلف - رحمه الله -. * تلك المقدّمة الضَّافية الّتي تضمّنت فصلاً نفيساً في عَقْدِ موازنة بين كتاب "التمييز" للحافظ ابن حجر، وأصله "البدر المنير" لابن الملقِّن رحمهما الله جميعاً حوت تلك الموازنةُ فوائد مهمَّة، وقد حقّقت في أكثر من ثلاثين صفحة. * وقد اطلعتُ على نماذج من تحقيقه للنّص فوجدته ملتزماً بما ذَكَرَ في المقدّمة من عَدَم التّطويل وتَرْكِ الإطناب، ومن بيان فوائد الكتاب وما تضمّنه من مسائل. ويكفي أنه أحيا الاسم والعنوان الصَّحيح للكتاب كما سَمّاه مصنِّفه - رحمه الله -. ولا أنسى أن أنبِّه على أهميّة كتاب الحافظ ابن حجر "التّمييز ... " لما فيه من العلم والفوائد الغزيرة، فهو حَريٌّ بالاطّلاع والاستفادة من كنوزه. والله الموفِّق والهادي إلى سواء السَّبيل. د. محمّد بن مطر الزّهراني الأستاذ بقسم علوم الحديث بالجامعة الإِسلامية بالمدينة النبوية
مقدمة التحقيق
بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة التحقيق إنّ الحمد لله نحمَدُه ونَستعينه ونَسْتغفره، ونَعوذ بالله من شُرور أَنْفُسِنا ومن سيِّئات أعمالِنا، من يَهده الله، فلا مُضِلَّ له، ومُن يُضلِلْ فلا هاديَ له وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك، له، وأشهد أنَّ محمَّداً عبدُه ورسولُه. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (¬1). {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (¬2). {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} (¬3). أما بعد: فقد كان كتابُ "فتح العزيز في شرح الوجيز" للإمام العلّامة أبي القاسم عبد الكريم بن محمَّد بن عبد الكريم الْقزويني الرَّافعي الشّافعي (ت 623 هـ) من أجلِّ كُتب الفروع عند الشّافعية إن لم يكن أجلَّها؛ فقد قال عنه تقي الدّين ابن الصّلاح - رحمه الله -: "لم يُشرح الوجيز بمثلِه" (¬4). ¬
فتعقّبه الحافظ ابن الملقّن بقوله: "بل لم يصنَّف في المذهب مثلُه"، ثمّ نَقَلَ بإسناده عن الشّيخ أبي إسحاق إبراهيم بن عبد الرّحمن الفزاري (ت729هـ) (¬1) قولَه غيرَ مرّة: "ما يُعرف قدرُ الشّرح للرَّافعي إلّا بأن يَجمع الفقيهُ المتمكَّن في المذهب الكتبَ التي كان الإمامُ الرّافعي يستمدّ منها، ويصنَّف شرحاً للوجيز، من غير أن يكون كلام الرَّافعي عنده، فحينئذ يَعرف كلُّ أحدٍ قصورَه عمَّا وَصَلَ إليه الإِمام الرّافعي" (¬2). فلجلالة قَدْرِ هذا الكتاب تصدَّى علماء الشّافعيّة لخِدمته والعناية به، من اختصارٍ له (¬3) وإجابةٍ عمّا أورده من السّؤالات والإشارة إلى حلِّ إشكاله (¬4) ووضعِ حاشيةٍ (¬5)، وتعليق عَليه (¬6)، وشرحٍ لغريبه (¬7)؛ وتخريجٍ لأحاديثه. ¬
وقد عَمِل غَيرُ واحدِ من العلماء على تخريج أحاديثه؛ منهم: شهاب الدّين الحافظ أبو الحسين، أحمد بن أيبك بن عبد الله الحسامي الدِّمياطي (ت 749هـ) (¬1)، والإمامُ محمّد بن علي بن عبد الواحد أبو أمامة المعروف بابن النقَّاش (ت 763هـ) (¬2)، وسَمّاه: "كاشف الغمّة عن شافعيّة الأمّة"، كما سماةَّ أيضاً: "أمنيّة الألمعيّ في أحاديث الرّافعي" (¬3)، والقاضي عِزّ الدين عبد العزيز ابن محمَّد المعروف بابن جماعة الشّافعي الكِناني المتوفَّى (767هـ) (¬4)، ثمّ تخريجه لبدر الدّين محمَّد بن بهادر الزَّركَشي الشّافعي (ت794هـ) المسمَّى: "الذّهب الإبريز في تخريج أحاديث الرّافعي المسمّى فتح العزيز" (¬5)، قال عنه الحافظ ابن حجر: " ... مَشى فيه على جَمع ابن الملقِّن، لكنّه سلك طريقَ الزّيلعي في سوق الأحاديث بأسانيدَ خرَّجها فطال الكتاب بذلك" (¬6). ثمّ الحافظُ سراج الدّين أبو حفص عُمر بن علي المعروف بابن الملقِّن الأنصاري الشّافعي، المتوفى (804هـ) في كتابٍ أراده أن يكون مِمَّا: "لم ¬
يُسبق إلى مثلِه، ولم يُنسج على منواله، وأهلُ زمانه وغيرهم شديدُو الحاجة إليه وكلّ المذاهب تعتَمد في الاستدلال عَليه" (¬1)، فقام بتخريج أحاديث هذا الكتاب وآثاره، مرتِّباً إيَّاها ترتيبَ شرح الرّافعي، معزوَّةً إلى مخرِّجيها من أصحاب الصِّحاح، والسّنن والمسانيد، وكُتب الصَّحابة، ناظراً في ذلك في كتب الأسماء تجريحاً وتعديلاً، وكتب العلل والمراسيل، وكتب الأطراف، وكتب الأحكام، وكتب الخلافيَّات الحديثيّة، والأمالي، والنّاسخ والمنسوخ وشروح الحديث والغريب، وغير ذلك كثيراً عدَّدَها في ديباجة كتابه (¬2)، وسَمّاه: "البدر المنير في تخريج الأحاديث الواقعة في الشّرح الكبير"، إلّا أنّه طوّله بذكر ما لَيس مِن مقصود التخريج، كَسوْق الأسانيد بكاملها، وعدمِ جمعها في مكان واحدٍ، وإعادةِ ذكرِ لفظ الحديث عَقِب كلِّ من خرَّجه، والإطالة في شرح الغريب، وبيان الأمكنة، وما إلى ذلك، فرأى الحافظُ ابن حجر قيامَ الحاجةِ إلى تلخيصه والنَّظر في الأعمال السَّابقة لَضمِّ فوائدها إليه، وزيادة تحريرٍ لبعض مسائله وأحكامِه، فوضع كتابَه "التَّمييز في تَلخيص تخريج أحاديث شرح الوَجيز" فَجاء حاوياً لمعظم ما يستدلّ به الفقهاء في المسائل الفرعيّة، وعوَّل عليه كَثيرٌ ممن جاء بعده، ونقلوا تخريجاته وأحكامه في كتبهم. لكن مع هذه القيمة العلميّة لهذا الكتاب، وشهرته بين الباحثين في الحديث والفقه، فإنّه لم يأخذ مكانه اللّائقَ به، ولم يُخدَم بما يضبط نصوصَه، ويوثِّق نقولَه. ¬
وقد طُبع الكتاب طباعةَ حجريَّةً بالهند عام 1303هـ، ثمّ طُبع بتحقيق السيّد عبد الله هاشم اليماني، بالقاهرة 1384هـ في أربعة أجزاء في مجلَّدين، ثمّ توالت بعد ذلك طبعاتُ الكتاب متفاوتةٌ في العناية بنصوص الكتاب وضبطها وتوثيق أحاديثها وعَزْوها، وهي كلُّها راجعةٌ إلى طبعة اليماني غير معتمِدةٍ على نُسَخِ الكتاب الخطِّيّة. وأجود هذه الطّبعات طبعةُ مؤسّسة قرطبة بعناية الأستاذ أبي عاصم حسن بن عبّاس بن قُطب، الّتي صدرت عام 1416، وقد بذل الأستاذ أبو عاصم جهدًا يُشكر عليه في سبيل توثيق كثيرٍ من أحاديثها وآثارها، ومع ذلك بقي عملُه يَعوز ضبطًا وتحريرًا، وبخاصّة أنّ الأستاذ لم يَعتمد -فيما يبدو- على نسخٍ خطيّة، وإنما بَنى عملَه على بعض الطّبعات السّابقة للكتاب، ومنها الطّبعة المصريّة كما نصّ عليه في مقدمة عَمَله، فكان هذا باعثًا قويًّا على إعادة إخراج الكتاب وتحقيق نُصوصِه في صورةٍ تُناسبه، ليتبوَّأ منزلته اللّائقة به بين كُتب التّراث الحديثية. وقد عملتُ في سبيل تحقيقه على النّحو التالي: * قابلتُ طبعةَ اليماني على النّسخ الخطيّة للكتاب؛ لتصحيح ما فيها من أغلاطٍ وتصحيفاتٍ، واستدراكِ ما وَاقعها من سَقْط وتحريفات. * أثبتُّ أهمَّ ما في تلك النّسخ الخطيّة من فُروق، تاركًا ما لم يكن ذَا أثرٍ منها، ولا سيّما أنّ الفوارقَ بين تلك النّسخ قليلةٌ، مِمّا دَلّ على أصالتها، واهتمام نُسَّاخِها بضبط نصوصها. * أثبتّ مَا صحّ في الأصل من نسخة القرويين، دُون الإشارةِ -غالباً-إلى مَا وقع في بعض النّسخ مما يكون خطأً لازمًا غيرَ محتمَل. ورقَّمتُ أحاديثَه وآثاره ترقيمًا مُتَسلْسِلًا، مَع تمييز المنقول مِن الرّافعي بأرقامٍ خاصَّة.
*عزوتُ الأحاديثَ والآثار الواردة فيها إلى مخرِّجيها -إلاَّ ما عزّ عليّ سبيلُه أو نَدَّ عَنِّي مخرخُه- مَع مراعاةِ عَدَمِ التّطويل، وتَرْكِ الإطناب في التّذييل، إذ ذلك لا يناسب كتابًا في التّخريج، رام صاحبُه تلخيصًا واختصارًا، وإنّما يكون التّعليق عليه بقدر ما يخدم غَرَضَ المؤلِّف ويُوضح مقصوده. *قدّمت للكتاب بمقدِّمة تحوي دراسةَ موازنةٍ بينه وبين أصله: "البدر المنير" لابن الملقِّن. وفي الختام: أتقدّم بوافر شكري وعميم عرفاني لزميلي وصديق الدّرب في الطّلب الدّكتور عبد اللطيف بن محمَّد الجيلاني المغربي الآسفي أحاطه الله بتوفيقه؛ لتشجيعه إيَّايَ عَلى تحقيق هذا الكتاب رغم صعوبة مَسلكه، ووعورة سبيله، وما زَامنه من عملٍ في إعدادِ رسالتي للدّكتوراه، فجزاه الله أحسنَ الجزاء. كما أتقدّم بجزيل الشّكر وبالغ التّقدير إلى شَيخي الكَبير ومرَبِّي الصّالح أستاذي ومعلَّمِي الدّكتور محمَّد بن مطر الزّهراني، الأستاذ بقسم علوم الحديث بالجامعة الإِسلاميّة بالمدينة النّبوية على تفضلّه بقراءة جزءٍ من هذا العمل وكتابة التقديم لَه رغم كثرة شواغله، وظروفه الصحيّة، فَجزاه الله تعالى عَنّا، وعن سائر طَلبته خيرًا، وبارك في عمره وذرّيته، آمين. وأتقدم بالشكر أيضًا إلى الأستاذ عليّ الحربيّ صاحبِ مكتبة "أضواء السلف"، لاهتمامه المتواصل وسَعيه الجادّ في سبيل جَلْب نسَخ الكتاب من مختلف مكتبات العالم، وقيامه على نشره بهذه الصّورة القشيبة، فجزاه الله خيرًا. والشّكر موصولٌ لتلميذيَّ النَّجيبين: الأخ الفاضل إبراهيم عبد الله ثاني، والأخ الفاضل إبراهيم عُمر ديسينا اللَّذَيْن أعطيَاني كثيراً من أوقاتهما النّفيسة
لمقابلة النّسخ الخطيّة للكتاب، فجزاهما الله خيراً. ولا يَسعُني بهذه المناسبة إلّا أن أقدِّم تقديري وشكري البالغَيْن لفضيلة الشّيخ الدّكتور/ محمّد بن عبد الله زربان الغامِدي -حفظه الله تعالى- الّذي كان عوناً لي بعد الله تعالى على تيسير السّبيل وتسهيل الطّريق إلى دراستي لعلوم الحديث الشريف في الجامعة الإِسلامية، وما حَفَّني أنا وزُملائي بِه من نصحٍ، وعنايةٍ، وحبُّ، وعطفٍ، طوالَ مدّة دراستي فجزاه الله عنّا وعن سائر أبناء المسلمين خيراً، وبارك في حياته، وذرّيته، إنّه على ذلك قدير وبالإجابة جدير. وأخيراً: أسأل الله تَعالى بمنّه وكرمه وفائضِ عطائه أن يتقّبل مِنّي هذا الجهد المقلّ، ويتجاوز عَنِّي زلَّاتي، ويغفر لي خطيئتي يوم الدِّين، يومَ لا ينفع مالٌ ولا بنون إلاَّ من أتى الله بقلب سليم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وآخر دعوانا أن الحمد لله راب العالمين. وكتبه أبو عبد الرحمن محمّد الثّاني بن عُمر بن مُوسى نزيل المدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة وأتم التسليم عاشر ربيع الثاني عام 1426هـ
ترجمة موجزة (*) للإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني
ترجمة موجزة (*) للإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني هو: الإِمام الحافظ، شيخ الإِسلام، أمير المؤمنين في الحديث، شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن محمد بن علي بن محمود الكناني العسقلاني المصري، ثم القاهري الشّافعي الشّهير بابن حجر (¬1). ولد في شعبان سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة (¬2). نشأ يتيمَ الأبوين في غاية من العفة والصيانة، راهق ولم يكن له صبوة، ودخل في الكُتَّاب ولم يتجاوز عامه الخامس، وبدت عليه علامات الذكاء والنَّجابة، وقوة الحفظ، فحفظ في مبدأ الطلب جملة وافرةً من المتون في شتّى الفنون، "وكان رحمه الله رُزق في صغره سرعةَ الحفظ بحيث يحفظ كلّ يوم نصفَ حزبٍ، وبلغ من أمره في ذلك أنّه حَفِظَ سورةَ مريم في يومٍ واحدِ، وأنّه كان في أكثر الأيّام يصحَّح الصّفحة من "الحاوي الصغير" ثمّ يقرأها تأمّلاً مرّة أخرى، ¬
ثمّ يعرضها في الثَّالثة حفظاً، ولم يكن -رحمه الله تعالى- حفظُه الدَّرسَ على طريقة الأطفال، بل كان حفظه تأمّلا. . ." (¬1). . وقد حبَّب الله تعالى إليه فَنَّ الحديث النبوي روايةً ودرايةً، وكان أوّل شيخ له في ذلك القاضي الحافظ جمال الدّين أبي حامد محمّد بن عبد الله بن ظهيرة المكِّي، باحثَ معه في كتاب "عمدة الأحكام" بمكّة عندما جاور بها سنة 785هـ هو ابن ثنتي عشرة سنة (¬2)، فأقبل على الحديث بكلَّيته إقبالَ النَّهِم وصمّم العزم على التّحصيل، ووفِّق للهداية إلى سواء السبيل، واجتمع بكبار الحفّاظ في ذلك الوقت، حتى تخرَّج في هذا الفنّ سنداً، ومتناً، وعللاً، واصطلاحاً، وفقهاً، حتّى استحق لقب إمرة المؤمنين في الحديث، بل قالوا: به خُتِموا، فلم يأت أحدٌ بعده بلغ فيه مبلغه. ورحل في هذا السبيل رحلاتٍ كثيرةً إلى أقطار متعدِّدة، فرحل إلى الحرمين (¬3)، واليمن (¬4)، والشام (¬5) وغيرها (¬6). *شيوخه: وللحافظ ابن حَجر شيوخٌ كثيرون جدًّا، جَمعهم في كتابٍ له جليل سَمّاه: "المجمَع المؤسَّس للمعجَم المفهرَس" رتّبهم على حروف المعجم، ¬
وجملتهم نحو (450) شيخًا بالسّماع والإجازة الخاصّة دون العامَّة. وقد عَدّهم الحافظ السّخاوي فبلغ خالصُ عِدَّتهم (630) شيخًا دون المكرر (¬1). فمن أشهرهم: 1 - إبراهيم بن أحمد بن عبد الواحد التنوخي (ت 800هـ): لازمه الحافظ ابن حجر ثلاث سنين، ووصَلَ فيها عليه كثيرًا من مسموعاته الّتي تفرّد بها، وأذن له التّنوخي بالإقراء سنة (796هـ). ومِمّا قرأ عليه الحافظُ أو سمعه منه: "صحيح البخاري" و"سنن الترمذي" و"سنن النّسائي" و"موطّأ الإِمام مالك "رواية يحيى اللّيثي، و"سنن الدّارمي" و"صحيح ابن حبّان"، و" مساوئ الأخلاق" للخرائطي، وغير ذلك (¬2). 2 - الإِمام الحافظ أبو الفضل العراقي زين الدّين عبد الرّحيم بن الحسين (ت 806 ص). وقد لازمه عشرةَ أعوام، وانتفع به، وتخرّج على يديه، وهو أوّل من أذن له بالتّدريس في علوم الحديث (¬3)، ولقبه بالحافظ (¬4). 3 - الحافظ علي بن أبي بكر الهيثمي (ت 807 هـ). قرأ عليه قرينًا للعراقي ومنفردًا، وقد قال في هذا: "قرأت عليه الكثير قرينًا ¬
للشّيخ، ومما قرأت عليه بانفراد: نحو النّصف من "مجمع الزّوائد" له، ونحو الربع من "زوائد مسند أحمد" و"مسند جابر" من "مسند أحمد" وغير ذلك، وسمعت من لفظه المسلسل (¬1). 4 - الإِمام عمر بن رسلان البُلْقِيني (ت 805ص): لازمه الحافظ ابن حجر مدّة، وقرأ عليه عدّة أجزاء حديثيّة، وسمع عليه أشياء وحضر دروسه الفقهيّة، وقرأ عليه الكتب من "الرّوضة"، ومن كلامه في حواشيها، و"دلائل النّبوة" للبيهقي، وقرأ عليه المسلسل بالأوليّة، كما قرأ عليه جزءًا من "الحلية" والجزء الثّاني والعشرين من "آمالي الضّبّي" وسمع عليه الكثير من "صحيح البخاري" و"صحيح مسلم"، والكثيرَ من "سنن أبي داود" و"مختصر المزني" (¬2). 5 - الإِمام ابن الملقن عمر بن علي بن أحمد (723 - 804ص). قرأ عليه الحافظ ابن حجر قطعةً كبيرةً من شرحه على "المنهاج " (¬3). 6 - الإِمام محمّد بن أبي بكر بن عبد العزيز بن محمّد ابن جماعة (749 - 819 ص). لازمه الحافظ ابن حجر في غالب العلوم الّتي كان يُقرئها من سنة (790 هـ) إلى أن مات سنة (819 هـ) في "شرح منهاج البيضاوي" وفي "جمع الجوامع" و"شرحه" ¬
للشّيخ، وفي "المختصر الأصلي" لابن الحاجب، والنّصف الأوّل من "شرحه" للقاضي عضد الدّين، وفي "المطوّل" للشّيخ سعد الدّين، وغير ذلك (¬1). وقد اجتمع للحافظ ابن حجر "من الشيوخ الّذين يُشار إليهم وُيعوَّل في حلِّ المشكلات عليهم ما لم يجتمع لأحدٍ من أهل عصره؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهم كان متبحِّرًا ورأسًا في فنَّه الذي اشتهر به، لا يُلحَق فيه، فالبُلْقيني في سَعة الحفظ وكثرة الاطّلاع، وابن الملقَّن في كثرة التّصانيف، والعرَاقي في معرفة علم الحديث ومتعلّقاته، والهيثمي في حفظ المتون واستحضارها، والمجد الشِّيرازي في حفظ اللُّغة واطِّلاعه عليها، والغُماري في معرفة العربيّة ومتعلّقاتها وكذا المحبّ ابن هشام، كان حسنَ التَّصرُّف فيها لِوُفور ذَكائه، وكان الغُماري فائقًا في حفظها والأبناسي في حُسْن تعليمه وجَوْدة تفهيمه، والعزّ ابن جماعة في تفنّنه في علوم كثيرة،. . . والتّنوخي في معرفته القراءات وعلوّ سنده فيها" (¬2). *تلاميذه: أخذ الناس عن الحافظ ابن حجر طبقةً بعد طبقة، وألحق الأبناءَ بالآباء، والأحفادَ بالأجداد، وأكبّ النّاس على التردّد إليه والاستفادة من علمه، حتى أصبحوا لا يُحصون كثرةً وانتشروا في أرجاء الأقطار (¬3). وقد سرد الحافظُ السَّخاوي (¬4) جماعةً ممن أخذوا عنه درايةً وروايةً مرْتبًا ¬
إيَّاهم على حروف المعجم، أوصل بهم إلى (626) تلميذًا، وأشار إلى أنّ هذا العدد قد أوردهم من غير التزامٍ لاستيفاء ما علمه من ذلك، فضلًا عن الجميع الّذي لا يمكن الإحاطةُ به (¬1). ومن أشهر تلاميذه: 1 - الحافظ أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري الشّافعي (ت 840هـ): لازمه في حياة شيخهما العراقي، وكتب عنه "اللِّسان"، و"النّكت على الكاشف" و"زوائد البزّار على الستّة وأحمد"، والكثيرَ من تصانفيه وغيرها، وسمع عليه الكثيرَ وقرأ عليه أشياءَ، واستمرّ يستفيد منه حتى مات (¬2). 2 - الإِمام محمّد بن عبد الرّحمن السَّخَاوي (ت 902هـ): لازمه بأَخَرة أشدّ ملازمة، حتّى حمل عنه ما لم يُشاركه غيرُه من الموجودين، وأقبل عليه شيخُه ابن حَجر بكليّته، حتى صار يُرسل إليه قاصدَه يعلِّمه بوقت ظهوره من بيته ليقرأ عليه، وحمل عنه أكثرَ تصانيفه حتى قيل: إنّه أمثل جماعته في فنّ الحديث (¬3). 3 - الإِمام محمَّد بن عبد الواحد ابن الهُمَام الحنفي (ت 861هـ): وصفه الحافظ ابن حجر بالعالم العلاّمة ابن الإِمام العلّامة همام الدِّين السيواسي الأصل، نزيل القاهرة. ¬
وأذن له برواية جَميع ما تجوز روايته عنه من معقولٍ ومنقول (¬1). 5 - عمر بن محمّد بن محمّد المعروف بنجم الدّين ابن فهد المكّي ت 885 هـ. كان الحافظ ابن حجر كثيرَ المحبّة له، جريًا على عادته في الميل للمُكثرين من الحديث النّبويّ (¬2). 6 - الحافظ قاسم بن قُطْلُوبُغا أبو العدل الحنفي (ت 879 ص). حلّاه شيخه الحافظُ ابن حجر بالشيخ الفاضل المحدِّث الكامل الأوحد (¬3). 7 - برهان الدِّين إبراهيم بن عمر البقاعي (ت 885 هـ). قرأ على الحافظ ابن حجر تصانيفَه وغيرها كثيرًا، ولازمه وسَافر معه، ولم ينفكّ عن التّتلمذ له حتى مات الحافظُ رحمه الله (¬4). *مصنّفاته: وللحافظ ابن حجر رحمه الله من المؤلَّفات في فنون عِلْمٍ مختلفة ما سارت به الركبان، وتبارى في تحصيله الأقران، واشتهرت بجودة التّحرير، وعُرفت بقوة السَّبك، مع كثرة الفوائد، ووفرة العوائد الشّوارد. وقد سَرَدَ الحافظ السّخاوي جملةً كبيرة من مصنفاته بلغ بها (273) مصنّفًا (¬5) ¬
وجمع الدّكتور شاكر محمود عبد المنعم أسماءَ كُتبه مع تمييز مطبوعها من مخطوطها، وبيان أماكن وجود المخطوطة منها في كتابه الماتع "ابن حجر العسقلاني مصنّفاته ودراسةٌ في منهجه وموارده في كتابه الإصابة" (¬1). وبلَغ عددها عنده (282) كتابًا، وأوصلها الأستاذ عبد الستّار الشّيخ إلى (289) كتابًا (¬2). ومن أشهر كتبه: - فتح الباري في شرح صحيح البخاري. - تهذيب التهذيب، وتقريبه. - بلوغ المرام من أدلة الأحكام. - إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أطراف العشرة. - تغليق التّعليق. - التمييز في تلخيص تخريج أحاديث شرح الوجيز - وهو كتابنا هذا. - الإصابة في تمييز الصحابة. - لسان الميزان. - نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر، وشرحها نزهة النظر. * وفاته: توفي - رحمه الله - بعد حياةٍ حافلة بالعلم ومدارسته، وتأليفه ومذاكرته، مع ¬
اجتهاد في العمل، ومداومة على الخيرات، ومسارعةٍ في الصالحات - ليلةَ السبت الثّامن عشر من ذي الحجّة سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة، إِثْر مرضٍ دام أكثر من شهر، وكان لجنازته مشهد لم يُر في كثرة من حضره لمثله (¬1)، تغمّده الله بواسع رحمته، وأجزل مثوبته، وأدخله فسيح جنته، وبحبوحة رحمته، وجزاه عن أمّة الإِسلام خيرَ الجزاء وأوفاه. * * * * ¬
دراسة تحليلية للكتاب
دراسة تحليلية للكتاب
تحقيق اسم الكتاب
تحقيق اسم الكتاب 1 - لم ينصّ الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في ديباجة كتابه هذا على عنوانه، ولا ذكره في أيّ مصنّف من مصنّفاته بكاملِ اسمه، فَقد أشار إليه في "فتح الباري" بقوله: "وقد استوعبتُ طُرقَه ورجالَه في الخصائص من تخريج أحاديث الرّافعي" (¬1). وقال في موضع آخر (¬2): "وله متابعاتٌ وشواهدُ ذكرتُها في تخريج أحاديثِ الرَّافِعي". 2 - واشتهر الكتاب بين العلماء بعد الألف الهجريّة باسم: "التّلخيص الحبير"،وسَمّاها لعلّامة محمّد بن جعفر الكتّاني المتوفَّى سنة (1345هـ) (¬3): "التّلخيص الحبير في تخريج أحاديث شرح الوجيز الكبير"، وأورده العلامة المحدّث محمّد بن عبد الرّحمن المباركفوري المتوفّى (1353هـ) باسم "التلخيص الحبير" (¬4). 3 - ووردت التّسمية به في نسخةٍ كُتبت في حياة المؤلف سنة 826هـ، وهي نسخة الجامع الكبير بصنعاء اليمن، بما نصّه: "التّلخيص الحبير في تخريج أخبار الرّافعي الكبير". كما ورد مثل هذا العنوان في بعض نسخ الكتاب الخطيّة المتأخّرة، الّتي نُسخت بعد الألف الهجريّة. ¬
ونقل من الكتاب العلّامة محمّد بن عليّ الشوكاني المتوفَّى (1255هـ) كثيرًا في كتابه (نيل الأوطار) مقتصرًا في تسميته على لفظة "التّلخيص" (¬1). وسَمّاه بعضهم (تلخيص الحبير) مجرّدًا لفظةَ (التلخيص) عن التّعريف، منهم: العلّامة محمّد بن إسماعيل الصنعاني المتوفى سنة (1182 هـ) (¬2)، والعلّامة صدّيق حسن خان القِنَّوْجِي المتوفّى سنة (1307 هـ) إذْ سماه "تلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرّافعي الكبير" (¬3)، وعلى هذه التّسمية جرى ذكرُه عند العلّامة المحدَّث شرفِ الحقِّ الشَّهير بمحمَّد أشرف ابن عليّ العظيم آبادي المتوفّى (1326هـ) (¬4). وبهذا العنوان صدرت بعض طبعات الكتاب (¬5)، وأدرك بعض الباحثين خطأ هذه التّسمية؛ إذ لا تستقيم من حيث المعنى، فنبهوا إلى أنّ الصّواب فيه (التّلخيص) معرَّفًا بـ (أل)، ليكون وصفُ (الحبير) نعتًا له. 4 - وثبتت تسمية الكتاب في بعض النّسخ القديمة بعنوان: (تخريج أحاديث الرّافعي)، وقد جاء ذلك في نسخة كتبت في حياة المؤلف، وهي نسخة بمركز الملك فيصل، رمزنا عليها في تحقيقنا بـ (ج) (¬6)، وقد مرّ ذِكْرُ تسمية الحافظ له ¬
بهذا العنوان في كتابه "فتح الباري"، وأشار إليها الحافظ السّخاوي بمثل هذا في مواضع من كتابه "الجواهر والدرر" (¬1) وهو عندي من باب اختصار أسماء الكتب، والاكتفاء بنعته ببعض ما يدلّ عليه ويرمز إليه، كما هو الدّارج عند العلماء قديماً وحديثًا. 5 - وجاءت تسميته بـ"التمييز في تخريج أحاديث شرح الوجيز"، وهو العنوان الّذىِ تتابع مترجموه في الجملَة على ذكره في قائمة مصنّفات كتبه، من هؤلاء: أ- الحافظ شمس الدّين السّخاوي (ت 902 هـ) في كتابه "الجواهر والدرر" (¬2) قال. وهو يعدِّد كتب شيخه الحافظ.: "التمييز في تلخيص تخريج أحاديث شرح الوجيز، في مجلّدين ملَّخصا لَه مِن كتاب شيخه ابن الملِّقن، كَمُل وبُيّض" (¬3). ب- وبرهان الدّين إبراهيم بن عمر البقاعي (ت 885 هـ) في كتابه "عنوان الزَّمان" (¬4)، وسمَّاه: "التَّمييز في تخريج أحاديث شرح الوجِيز"، وقال: "في مجلَّدَيْن بُيِّضَ". ج- وجلال الدّين أبو بكر السّيوطي (ت911 هـ) في "نظم العقيان" (¬5)، ¬
وتسميُته عِنده كَما هي عند برهان الدّين البقاعِي تمامًا. د- وابن العماد الحنبلي (ت 1089) في "شذرات الذهب" (¬1)، وعبارته: "التمييز في تخريج أحاديث الوجيز"، فسقطت كلمة (شرح) عنده، ولا بدّ منها. هـ- وعبد الحي بن عبد الكبير الكِتّاني (ت) في "فهرس الفهارس" (¬2). وغيرهم. وكون تسميته بـ"التلخيص الحبير"، لم ترد إلّا عند بعض علماء ما بعد الألف باستثناء ما في النّسخة المشار إليها المكتوبة في حياة المؤلف سمنة 826 هـ والتي لم يُذكر اسمُ ناسخها، وخطّ عنوانها مطابقٌ لخطِّ الكتاب، جعلني أميل إلى القول بأنّ الكتاب مشهورٌ في حياة مؤلِّفه بغير هذه التّسمية، والملاحظ أنَّ نسخة "ج" الّتي كتبت هي الأخرى في حياة المؤلف، ونسخة القرويين التي اعتمدتُها أصلًا وكتبها أحمد بن عبد الله المقري، سمنة (855 هـ) أي بعد وفاة المؤلِّف بثلاث سنين تقريبًا، كلتاهما لم يرد عليهما اسم الكتاب بِتمامه، إنما جاءت الإشارَةُ إلى جُزءٍ منه، وهو"تخريج أحاديث الرّافعي" في الأولى، أو "تخريج أحاديث الشرح الكبير" في الثانية. وهو من باب تسمية الكتاب بموضوعه. وهذا يوحي بأنَّ غالب من نَسخ الكتاب لم يُثبت عليه عنوانَه، أو أنّ النّسخة الأولى للمؤلِّف خِلْوةٌ مِنه، الأمر الذي فَتَحَ مجالًا لبعض النّساخ أن يجتهد في وضع عنوانٍ مناسبٍ للكتاب، وهو ما طالعتنا به النّسخة المذكررة وقلّدها بعد ذلك ¬
بعضُ النّسخ مع تبديل كلمة (أحاديث) بكلمة (أخبار)، وعبارة (الشرح الكبير) بعبارة (الرّافعي الكبير)؛ لِيظهرَ أخيرًا بِعنوان (التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الشّرح الكبير). وتسمية الكتاب بـ (التّمييز في تلخيص تخريج أحاديث شرح الوَجيز) هي المختارة عندي والمرجَّحة لديّ لما يلي: أولًا: اتّفاق مترجميه في الجملة على ذِكْرِ الكتاب بهذا الاسم دون غيره. ومنهم أثبتُ النّاس في معرفته والتخصّص به وبمصنّفاته، وهو الحافظ شمس الدّين السّخاوي رحمه الله، ويليه في ذلك قرينُه برهانُ الدِّين البقاعي رحمه الله. ثانيًا: وجود هذا العنوان بخطَّ الحافظ ابن حَجر نفسِه على طُرّة نسخةِ مكتبة (تشستربتي) بأيرلندا، وهي الّتي رمزنا لها بـ (ب)، فقد كتب الحافظُ على طرَّتها ما نصّه: "كتاب التّمييز في تخريج شرح الوجيز، تلخيص الفقير أحمد بن علي بن حجر عما الله تعالى عنه بمنه وكرمه. . .". وأعيد تقييدُ العنوان بخطِّ مغاير للأوَّل جاء فيه: "كتاب التمييز في تخريج أحاديث شرح الوجيز، للشّيخ شهاب الدِّين ابن حجر العسقلاني [المعروض] (¬1) على مصنّفه". وَثبتتْ فيه كَلِمَةُ (أحاديث) السّاقطة من تقييد الحافظ. رحمه الله. . وهذه النّسخة قابَلها الحافظ نجم الدِّين عمر بن فهد (ت 885 هـ) مع والده بقراءته من أصلٍ صحيحٍ، ووالدُه ممسِكٌ بهذه النّسخة، كما سوف يأتي بيانه. إن شاء الله. . ¬
وَقد جَرت عادَة بعض العلماء في كتابةِ عناوين مصنَّفاتهم على نسخِ بعض تلاميذهم بخطوطهم، كما تجد أنموذجًا لذلك على نسخَةِ رسالة "اللّفظ المكرّم بفضل عاشوراء المحرّم" للحافظ ابن ناصر الدّمشقي (ت 842هـ)، وناسخُها تلميذه الحافظ نجم الدّين ابن فَهد المكَّي (ت 885 هـ)، وكتب عُنوانها المصنّف بخطِّه (¬1)، وكذلك فعل مَعه في رسالة "مجلس في حديث جابر الذي رحل فيه مسيرة شهر إلى عبد الله بن أنس رضي الله عنهما" (¬2)، وكذلك الشّأن نفسُه في رسالة "مجلس في فضل يوم عرفة" (¬3)، ورسالة "تنوير الفكر بحديث بهز بن حكيم في حسن العشرة " (¬4) ورسالة "الانتصار لسماع الحجّار" (¬5) حيث خطّ مؤلفها الحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي (ت 842هـ) عناوينها بيده. ثالثًا: كون قائمة أسماء الكتب الّتي ذكرها السّخاوي رحمه الله، إنما أخذ معظمَها من كرّاسة جمعها الحافظ ابن حجر بنفسه وذكر فيها أسماء تواليفه، فقد قال السخاوي رحمه الله في أوّل ذكر مصنّفات الحافظ. "وقد جَمَعَ هو أسماء معظمها في كُرّاسة افتتحها عَلى سبيل التّواضع والهضم لنفسه بِقوله. . ." فذكر شيئًا من مقدَّمة تلك الكرَّاسة. وكتابُنَا هذا قديمُ التّأليف لا يُتصور إلّا أن يكون مذكورًا فيها ومنها أخذ تسميتَه ¬
شمسُ الدّين السَّخاوي، ولذلك أخذنا منه إضافةَ كلمةِ (تلخيص) في التَّسمية إلى ما كَتبه الحافظ بخطِّ يدِه؛ إذ إنّه عَلاوةٌ على ما تقدَّم من غلبة الظنِّ القريب من القَطْع على أنّ العنوان بِضمِيمَةِ هذه الْكَلمة مِن مدوّنة الحافظ بأسماء كُتبه، فهو إِلى ذلك يَكشف عن أصلِ الكتاب بأنَه ملَخَّص من عَمل شيخه ابن الملقِّن، وليس أصلًا مستَقِلَّ الذَّات. رابعًا: لم أجد أحدًا مِن متقدِّمي مترجمي الحافظ ابن حجر ذَكَرَ في تصانيفه كتابًا بعنوان (التلخيص الحبير) ونسبه إليه، مع أنَّ السّخاوي أوعبُ مَن سَرَدَ مصنَّفاته، إذ سرد ثلاثةً وسبعين ومئتين كتابًا وجزءًا، وليس فيها ذِكْرٌ للتّلخيص، فلا يُقال مع ذلك إنّ "التّمييز" كتابٌ آخر غير "التّلخيص"، كما استروح إلى احتمال ذلك د. جمال السيّد (¬1). * * * * ¬
لمحات عن منهج الحافظ ابن حجر في كتابه (التمييز)
لمحات عن منهج الحافظ ابن حجر في كتابه (التمييز) لقد أخذ الحافظ ابن الملِّقن في كتابه "البدر المنير" بذيل التّطويل والإطناب، وبَدَت عنده ظاهرة الاستطراد والإسهاب، بحيث يشعر المطالع فيه بالحاجة الملحّة إلى اختصاره وتلخيص مقاصده، فجاء الحافظ ابن حجر رحمه الله فَرغِب في إخلاء الكتاب من تلك الظّاهرة، وصون فوائده من الضّياع في زحمة التّكرار، من دون إخلالٍ بمقاصد الكتاب وغاياته. وقد أشار الحافظ ابن حجر -رحمه الله- إلى شيء من رَسمِه وجزءٍ من خطته في تلخيصه كتابَ شيخه الحافظ ابن الملقن-رحمه الله. فقال في ديباجة كتابه: ". . . فقد وقفتُ على تخريج أحاديثِ "شرح الوجيز" للإمام أبي القاسم الرّافعي -شكر الله سعيه. لجماعةٍ مِن المتأخِّرين؛ منهم: القاضي عزّ الدّين ابن جماعة، والإمام أبو أمامة ابن النقّاش، والعلّامة سراج الدّين عمر بن علي الأنصاريّ، والمفتي بدر الدِّين محمَّد بن عبد الله الزّركشي، وعند كلٍّ منهم ما ليس عند الآخر من الفوائد والزَّوائد، وأوسعها عبارةٌ وأخلصها إشارةً كتابُ شيخنا سراج الدِّين، إلَّا أنّه أطاله بالتِّكرار فجاء في سبع مجلَّدات، ثمّ رأيته لَخَّصه في مجلَّدةٍ لطيفةٍ أخلّ فيها بكثيرٍ من مقاصد المطوّل وتنبيهاته، فرأيتُ تلخيصَه في قدر ثُلث حجمه مع الالتزام بتحصيل مقاصدِه، فمنَّ الله بذلك، ثمّ تتبعت عليه الفوائد الزَّوائد من تخاريج المذكورين مَعه، ومن تخريج "أحاديث الهداية" في فقه الحنفيَّة للإمام جمال الدِّين الزَّيلعي؛ لأنّه ينبّه فيه على ما يحتجّ به مخالفوه. وأرجو الله إن تمّ هذا التّتبع أن يكون حاويًا لجلِّ ما يَستدلّ به الفقهاءُ في مصنّفاتهم في الفروع، وهذا مقصد جليل. . .".
كما أشار إلى بعض ذلك في كتابه "الدراية" (¬1) فقال: "فإنني لَمّا لَخّصت تخريجَ الأحاديث الّتي تضمّنها "شرح الوجيز" للإمام أبي القاسم الرّافعي، وجاء اختصاره جامعًا لمقاصد الأصل مع مزيد كثير، كان فيما راجعتُ عليه تخريج أحاديث الهداية. . .". ويمكننا أن نلخِّص ما في رَسْمِه هذا في النّقاط التّالية: - تلخيص كتاب (البدر المنير) في قدر ثلُث حجمه. - الالتزام بتحصيل مقاصِده الّتي أخلَّ بها الحافظ ابن الملَّقن في كتابه "خُلاصَة البدر المنير"، حيثُ اختصر به الأصل. - تَتَبُّع الزَّوائد والفوائدِ الّتي عند غيره مِمَّن عُني بتخريج أحاديث شرح الوجيز، وضمِّها إليه. - إضافة ما عند الحافظ الزيلعي في "نصب الراية" من تنبيهاته على ما يحتجّ به مخالفو الأحناف عند محاجاتهم. هذه خُلاصَة ما نصّ عليه الحافظ في رَسْمِ منهجه في هذا الكتاب، إلاَّ أنّ المطالِعَ في كتاب "التمييز" يمكنه أن يرتِّب وجوهًا من خطّة الحافظ الّتي سار عليها في اختصاره وتلخيصه هذا، وهي كما يلي: 1 - حَذف الحافظ -رحمه الله- مقدّمة الحافظ ابن الملِّقن وهي مقدّمة أطال فيها النَفَسَ جدًّا؛ إذ اشتملت على بيان أهميّة معرفة السنّة، ومنزلتها من الكتاب، وضرورة معرفة القاضي بأحاديث الأحكام، والتعريف ببعض المصطلحات ¬
الأصوليّة، كالعام والخاصّ والمطلق والمقيّد ونحو ذلك. وتحدَّث فيها عن اهتمام الصّحابة والتّابعين بحفظ السنَّة وتبليغها، وتدوين الحديث النّبويّ وظهور المصنّفات فيه، مع بيان نبذةٍ من حال حفّاظ الحديث، وطوفٍ من أخبارهم. وتكلَّم فيها على تعريفِ بعض المصطلحات الحديثيَّة، كالصّحيح والحسن والضَّعيف، ونحوها. ثم تناول كتابَ "فتح العزيز" بالذِّكر والثّناء، ثم ذَكَرَ مصادره في تخريجه لأحاديثه، وتحدث عن شَرْط الإِمام مالك وأصحاب الكتب السَّتَّة، وابن حبان والحاكم. ثم تَرْجَمَ للإمام الرافعي بذكر ما يتعلق بأحواله الشخصية والعلمية، وثناء العلماء عليه وغير ذلك (¬1). كلّ هذا رآه الحافظ ابن حجر غيرَ لصيقٍ بموضوع التّخريج، وحاجةُ النَّاظر في كتابه غيرُ ماسّة إليه، فعمل على إسقاط المقدمة كلّها، ولم يعوض بها غيرها، يقول د. جمال السيد. مشيرًا إلى هذا الصنيع-: "أسقط الحافظ ابن حجر من كتابه مقدّمة "البدر المنير" والتي اشتملت على فوائد جمَّة، ولعل ابن حجر رحمه الله أراد أن يكون الكتاب قاصرً على تخريج الرافعي، والذي هو صُلْبُ موضوع "البدر المنير"؛ إذ لا يخفى أن ابن الملقن أطال في هذه المقدّمة جدًّا، فحذفها الحافظ ابن حجر طلبًا للاختصار، ولو ضَمَّنَ كتابه مقاصدها لكان أجود" (¬2). ¬
قلتُ: ما استجاد -رحمه الله- ذكرَ شيءٍ منها؛ لأنّها في نظره لَيستْ من مقاصد التّخريج في شيءٍ. 2 - حذف الحافظ ابن حجر أسماء المصادر التي خرّجت الحديث، ومصادر أقوال الأئمَّة الَّتي نقلها الحافظ ابن الملِّقن، واكتفى بذكر أسماء أصحابها. 3 - حذف الأسانيد الّتي يُطيل الحافظُ ابن الملقن بذكرها وتكرارها (¬1)، واكتفى بصحابيِّ الحديث أو صاحب القول المأثور، وقد يُشير إلى طرفِ الإسناد إذا أراد إبرازَ موطن العلَّة منه، ومَكمنِ الوهن فيه. 4 - حذف كثيراً من ألفاظ الحديث وسياق قصَّته، مقتصِرًا على موضع الشَّاهد فيه، مع الإشارة إلى وُجود القصَّة. 5 - حذف بيان اختلاف ألفاظ الرِّواية إلاَّ حيث يكون لذكرها أثرٌ أوكان الإِمام الرّافعي ذَكَرَ الحديث على أوجهٍ مختلفة فَيُشير إليها حينئذٍ. 6 - حذف نصوص أقوالِ الأئمَّة في الرّاوي الّتي يسوقها ابن الملِّقن لبيان مرتبة الرّاوي جرحًا وتعديلًا، واكتفى في الْغَالِب بما يُعطي تلك المرتبة بعبارةٍ موجَزةٍ من لَفْظه، مثل:"فيه فلان وهو ضعيف"، أو "متروك" أو "ضعيف جدًا، أو"كذَّاب" ونحوها، أو يحكي معنى كلام الإِمام في الرّاوي بمثل قوله: "وثّقه فلان"، أو "ضعّفه فلان"، أو "كذّبه فلان"، وشبهه. ¬
7 - حذف كثيراً من أقوال الأئمّة في بيان درجة الحديث؛ كأقوال التّرمذي والحاكم، وابن عبد البَرِّ وابن القطَّان، وابن دقيق العيد، وأمثالهم، مكتفيًا بحكاية معنى ذلك، مثل: "صحّحه فلان" أو"ضعّفه فلان"، وقد يُغفل هذا النَّحو أيضا. 8 - إذا كان الحديث في "الصَّحيحين"؛ فإنّه يكتفي بالعزو إليهما عن الحكم عليه بالصّحة، بخلاف ما فعله الحافظُ ابن الملِّقن، فإنّه يقول: "صحيح أخرجه البخاري ومسلم". 9 - كثيرًا ما يحذف ألفاظَ الرّوايات ويكتفي بذكر صاحبها والمصدر المخرِّج لها، ويَكثر صنيعُه هذا فيما يَسوقه في شواهد الباب. 10 - أطال الحافظ ابن الملَقِّن جدًّا في شرح غريب الحديث، وتعيين الأمكنة، وضبط الأسامي والألفاظ، وتوضيح المبهمات في المتون، وذكر الأقوال الفقهيّة (¬1)، وغير ذلك. وقد حذف الحافظُ ابن حجر كثيرًا من هذه الاستطرادات، ولَخَّص منها شيئًا ¬
يتعلّق بغريب الحديث، وما تمسّ الحاجة إليه من تعيين بعض الأمكنة، وتوضيح بعض الأسماء المبهمة الواردَة في المتون، وقليل من الأقوال الفقهيّة. 11 - من عادة ابن الملقِّن -رحمه الله- أن يذكر في خلال تخريجه لأحاديث الرّافعي أحاديثَ أخرى كثيرةً، إمَّا لكونها شواهدَ أو لفوائدَ أخرى، مثل أن يكون في المسألة حديثٌ موضوع، أو ضعيف يخالف الصَّحيح، فَيُبَيِّنُ وَهَاءَه وضعفَه، أو يكون حديثان صحيحان بينهما تعارضٌ في الظَّاهر فيذكر أوجهَ الجمع بينهما، أو يكون فيه زيادةٌ ليست في غيره، فالحافظ ابن حجر رحمه الله تَبعَ ابن الملقِّن في ذِكْرِ غالبها باختصار، أو بإشارةٍ، لكنّه أحيانًا يَضرب الصَّفح عن بعضها إمَّا لقصد الاختصار، أو لكون الحديث موضوعًا أو ضعيفًا جدَّا (¬1)، أو يسوق الحافظ ابن الملقِّن حديثًا أو أثرًا من وجه ضعيف، ثم يعود ويسوقه من وجه صحيحِ، فيقتصر الحافظ على الوجه الصّحيح، ويحذف الضَّعيف (¬2). 12 - وقد يحذف الحافظ ابن حجر بعض الأحاديث؛ لأنها عائدةٌ إلى حديث باطل، رويت من مخرج آخر لوَهْمِ وَقع من بعض رواتها، من ذلك: ذِكْرُ ابن الملقن (¬3) روايةً للدارقطني في غرائب مالك من طريق مالك، عن نافع، عن ابن عمر، ثم نَقَلَ قول الدّارقطني: "وهو باطل بهذا الإسناد، مقلوب، وهو في "الموطأ" عن صفوان بن سليم، عن سعيد بن سلمة، عن المغيرة، عن أبي هريرة". ¬
وقد حذف الحافظ ابن حجر هذا؛ إذ هو عائد إلى حديث الباب، فلا فائدة حينئذ من ذِكْرِه في الشَّواهد. 13 - قد يُنَبَّه الحافظ ابن الملقن -رحمه الله- في تعليل بعض الأحاديث على أكثر من عِلَّة، فيقتصر الحافظ ابن حجر -رحمه الله- على أشدَّها وأقواها في الإعلال دون باقي ما ذَكَرَه صاحب الأصل (¬1). 14 - قد يخرِّج الحافظ ابن الملقِّن حديثًا من أكثر من مَصدر، فيقتصر الحافظ على أشهرها تاركًا بعضَها (¬2). * * * * ¬
موازنة بين كتاب (التمييز) وأصله (البدر المنير)
موازنةٌ بين كتاب (التّمييز) وأصلِه (البدر المنير) أوّلا: في الصّنَاعة الحديثيّة: إذا كان كتاب (البدر المنير) للحافظ ابن الملقِّن امتاز بغزارة مادته، ووفرة مصادره، وكثرة فوائده، وسعة عباراته، فإن كتاب (التمييز) للحافظ ابن حجر امتاز بحسن الترتيب، وجودة التَّعبير، والصَّناعة الحديثية التي هي غاية في الدِّقة، ونهاية في التَّحقيق، فإنّ نَفَسَ المحدّث بادٍ عليه، وبراعَةَ النَّاقِد ظاهرةٌ فيه، فقد استطاع أن يعيد صياغة كتاب شيخه ابن الملقِّن في قالبٍ ينمّ عن عِلْمٍ وافرٍ، ودرايةٍ عميقةٍ بطريقة المحدِّثين، وإلمام بالغ بأساليبهم، فكانت الصِّناعة الحديثية عنده من أبرز من تَميَّز به "تمييزُه"، وتتمثل في جانبين هما: الجانب الأوّلَ: جَودَةُ الصّياغة وحُسْنُ التَّرتيب: قد يظنُّ النَّاظر أوَّلَ وهلةٍ في كتاب "التمييز" للحافظ ابن حجر، وفي أصلِه "البدر المنير" لشيخه الحافظ ابن الملقِّن أنهما كتابان لا صِلَةَ لأحدهما بالآخر، سوى ما يربط بينهما من اشتراك في تخريج كتاب واحد، وما يجمعهما من اتحاد المصادر والموارد الّتي تمدُّ كلَّ واحدٍ منهما بما يدوِّنه ويصوغه بطريقته، وُيرَتِّبُه ويُحرِّره بأسلوبه، وذلك بسبب ما امتاز به الحافظ ابن حجر رحمه لله من صياغةٍ بديعة لمادّة الأصل، وإعادةِ ترتيبها ترتيبًا أخرجها عن حدَّ التَّقليد والتبعية المطلقة إلى حَيِّز الإبداع والابتكار، ونظرةً واحدةً يسرِّحها النّاظر في أوّل حديثٍ في الكتابين كفيلة بإبراز هذه الخاصِّيَّةَ لديه بجلاء، ويحمله على التّسليم بهذه الحقيقة دون مِراء، وأنا ذاكرٌ بعضَ وجوهٍ تبرز فيها هذه الخاصِّيَّة بِوضوح،
ومن ذلك: 1 - درج الحافظ ابن الملقِّن -رحمه الله- عند تخريج حديث أو أثر أن يذكر أسامي المخرِّجين وعناوين مصنّفاتهم مع سَوْق أسانيدهم واحدًا تلوَ الآخر، مبيّنًا ألفاظَ متونهم مهما طال النَّفَس، وامتدّ البحث. فجاء الحافظ في تلخيصه وعَمد إلى إعادة ترتيبه ترتيبًا لائقًا بمقام الاختصار والإيجاز، قائلًا فيما أخرجه الشّيخان: "متفق عليه" وفيما أخرجه أبو داود والترمذي والنَّسائي وابن ماجه: "أصحاب السنن" أو: "الأربعة" مكتفيًا بذلك دون التّنصيص على أسمائهم لشهرتهم بما ذَكَرَ عند أهل الفنّ وغير أهل الفنّ، مضيفًا إليهم مَنْ شَارَكهم بأساميهم دون تسمية كتبهم، كالطّبراني، وابن خُزيمة، وابن حِبّان، ونحوهم، إذ الإطلاق في حَقّ هَؤلاء ونُظرائهم عند أهل العلم بالحديث يقوم مقامَ البيانِ والتَّفصيل، فالطَّبراني لمعجمه الكبير، وابن خزيمة وابن حبان لصحيحهما، وهكذا. . . ولا داعي للتّنصيص على عناوين كتبهم كلّما ذُكروا. 2 - لم يراع الحافظ ابن الملقن ترتيب المخرجين حسب وفياتهم، فقد يَذكر البيهقي قبل الطبراني، أوابن حبان قبل شيخه ابن خزيمة، وهكذا، كما لم يُعنَ بترتيب أقوال النّقاد في الرّاوي، فجاء الحافظ ابن حجر في "تمييزه" فراعى كلَّ ذلك، وأعاد ترتيب الأئمّة المخرِّجين، وأصحاب الأقوال. 3 - لم يُعنَ الحافظ ابن الملقِّن عند التّخريج بتقديم الرِّواية الّتي لفظُها أقرب من منقول الرّافعي، بل يخرِّجه حيثما اتّفق، فعمل الحافظ ابن حجر على مراعاة هذا، فقدَّم ما أخرَّه شيخُه ابن الملقن لمكان قُرْبِه من لفظ الرّافعي. 4 - جرى الحافظ ابن الملقِّن -رحمه الله- في تخريجه لأحاديث الرَّافعي على جَعْل
جميع أحاديث الباب متساوية، من دون تمييز حديث الباب المراد تخريجه، عن شواهده، مثل قوله: "هذا الحديث صحيح جليل، مرويّ من طرق، الذي يحضرنا منها تسعة، أولها ... (ثم يذكرها بهذا التّرتيب). وهذا بخلاف الحافظ ابن حجر -رحمه الله- فإنّه كان يختار حديثًا واحدًا منصوصَ الرَّافعي أو ما هو أقرب من لفظه فيجعله حديثَ الباب، ثمّ يخرِّجه، ثمّ يقول: وفي الباب عن فلان، وفلان، ثم يخرّجها، فهي عنده شواهد لحديث الباب، لذلك يغفل أحيانًا ذِكْرَ بعضها حين لا يكون لذكرها كبير فائدة (¬1). وهذا لا ريب أقرب إلى تصرّف المحدّثين عند تخريج حديث أو لَفْظٍ معيَّنٍ، ويعرف هذا أهلُ العلم بالحديث عند أمثال الترمذي، وغيره. ونشير إلى بعض الأمثلة لتدلّ على أَخواتها (¬2): * حديث عائشة رضي الله عنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم -نهاها عن التشميس، وقال: "إنه يورث البرص". قال ابن الملقِّن (¬3): "هذا الحديث واهٍ جدًّا، وله أربع طريق: أولها: عن خالد ابن إسماعيل المخزومي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة ... " (فذكر لفظه ومخرجيه، ونقل كلام العلماء على رواته بألفاظهم، في قرابة صفحة ¬
ثم قال: "وثانيها: عن عمرو بن محمَّد الأعسم، عن فليح عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت: (فذكره، ومن رواه، وما قال الدارقطني عنه، وما قاله ابن حبان عن راويه عمر بن محمَّد الأعسم، ثم ضَبَطَ اسم (الأعسم). ثم قال: "وثالثها: عن وهب بن وهب عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت. . .": (فذكره، وعزاه إلى ابن عدي، وذَكَرَ ما قاله ابن عدي في وهب، ثم نقل أقوال النقاد بألفاظها في وهب)، ثم قال: "رابعها: عن الهيثم ابن عدي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، نحو الطريق الأول رواه الدارقطني"، ثم تكلَّم عن الهيثم بذكر أقوال الأئمة فيه بألفاظهم، ثم قال: "ولحديث عائشة طريق خامس أشار إليه البيهقي، ولم يذكر إسناده. . . وقد بَيَّنَه الدارقطني في كتابه "غرائب أحاديث مالك التي ليست في الموطأ" فرواه بإسناد إليه، بطريق هشام المتكررة بلفظ. . (فذكر لفظه، ثم نقل كلام الدارقطني على الحديث وعلى راويه خالد بن إسماعيل المخزومي). فبهذا أنهى تخريجه لهذا الحديث، واستغرق عنده أربع صفحات كاملة. أما الحافظ ابن حجر فكان ترتيبه وتخريجه للحديث كالتالي (¬1): * حديث عائشة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهاها عن التّشميس وقال: "إنّه يورِثُ الْبَرَص". الدّارَقطني، وابن عدي في "الكامل"، وأبو نعيم في "الطب"، والبيهقي من طريق خالد بن إسماعيل، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عنها، دخل على ¬
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد سَخَّنْتُ ماء في الشّمس، فقال: "لا تَفْعَلِي يَا حُمَيْرَاء؛ فإنّه يُورِثُ الْبَرَص". . وخالد قال ابن عدي: كان يَضع الحديث. وتابعه وهب بن وهب أبو البختري، عن هشام، قال: ووهب أشرّ من خالد. وتابعهما الهيثم بن عدي، عن هشام، رواه الدّارَقطني. والهيثم كذّبه يحيى ابن معين. وتابعهم محمّد بن مروان السُّدّي، وهو متروك، أخرجه الطّبراني في "الأوسط" من طريقه، وقال: لم يروه عن هشام إلا محمّد بن مروان. كذا قال! فَوَهم. ورواه الدّارَقطني في "غرائب مالك"، من طريق ابن وهب، عن مالك، عن هشام، وقال: هذا باطلٌ عن ابن وهب، وعن مالك أيضًا، ومن دون ابن وهب ضعفاء. واشتدّ إنكار البيهقي على الشّيخ أبي محمّد الجويني في عزوه هذا الحديث لرواية مالك. والعجب من ابن الصّباغ كيف أورده في "الشّامل" جازمًا به فقال: روى مالك عن هشام، وهذا القدر هو الذي أنكره البيهقي على الشّيخ أبي محمّد. ورواه الدّارَقطني من طريق عمرو بن محمّد الأعشم، عن فليح، عن الزهري عن عروة، عن عائشة، قالت: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نتوضأ بالماء المشمَّس أو نغتسل به، وقال: "إنّه يُورِثُ الْبَرَص". قال الدّارَقطني: عمرو بن محمّد منكر الحديث، ولا يصحّ عن الزهري. وقال ابن حبان: كان يضع الحديث".
فقد نقلنا لك كلّ ما قاله في تخريجه للحديث دون أن نضطر إلى حذف كلامه، لاختصاره، وبلوغه المقصد من غايته، مع أنه أضاف فوائدَ إسنادية وغير إسنادية لم ترد في عمل ابن الملقِّن مع طُوله، فانظر كيف أخذ طريق خالد بن إسماعيل أصلًا، وجعل الباقين متابعين له، وهذه طريقةٌ حسنى في عمل التّخريج، وأجدى من طريق ابن الملّقن رحمه للهُ. مثال الآخر: * حديث: أن أم أيمن شربت من بول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "إذن. . .". قال ابن الملقن: "هذا الحديث رواه الحاكم أبو عبد الله في المستدرك، والدراقطني في سننه، وقال في عِلَلِه: إنه مضطرب، والاضطراب جاء من جهة أبي مالك النخعي راويه، وأنه ضعيف"، ثم نَقَلَ عن ابن دحية عن عبد الرزاق رواه عن ابن جريج قال: أخبرت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - (فذكره)، ثم نَقَلَ عن ابن دحية بأن يحيى بن معين أسنده عن ابن حجاج عن ابن جريج، عن حكيمة، عن أمها أميمة. قال: وفي الطبراني، عن ابن شهاب، قال: كانت أم أيمن. . . ." ثم نَقَلَ عن ابن دقيق العيد، أن الطبراني رواه من حديث أبي مالك النخعي، عن الأسود بن قيس، عن بيح العنزي، عن أم أيمن. . .". ثم قال: "وكذا رأيته أنا في أكبر معاجمه". ثم طفق يتكلّم على رجال إسناد الطّبراني، وفي اتّصال الحديث بين نبيح وأم أيمن، فشرع في نَقْلِ ما قيل عن تاريخ وفاتها وعن عمرها حين توفِّيت، وأعاد ذِكْرَ الحديث ناقلًا عن ابن الصّلاح في كلامه على الوسيط، واعتراضه على الغزَّالي في تصحيحه بلفظه عنده. ثم تكلّم ابن الملقِّن عن جهالة حكيمة. ثم
أعاد تخريج الحديث من حلية أبي نعيم بواسطة ابن دقيق العيد. ثم نَقَلَ عن ابن الصلاح كلامه على وَجْهِ الاستدلال بالحديث، وعن أم أيمن، هل هي بركة أو غيرها، وخَتَمَ بحثه بالكلام على لفظ (لا يبجعن)، واستغرق كل ذلك ثماني صفحات. وأما الحافظ ابن حجر -رحمه الله- فقد أعاد ترتيب مادة تخريج الحديث، وحذف كثيرا مما نقله ابن الملقن مما لا صلة له بموضوع التَّخريج، وأضاف مصادر أخرى للحديث لم يذكرها ابن الملقِّن، فجاء تخريجه محكمًا ودقيقًا، وهو على النّحو التالي (¬1): * حديث: "أن أمّ أيمن شربت بولَ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "إذًا لَا تَلِجُ النَّارُ بَطْنَك". ولم يُنْكِرْ عليها. الحسن بن سفيان في "مسنده"، والحاكم، والدّارَقطني، والطبراني، وأبو نعيم، من حديث أبي مالك النخعي، عن الأسود بن قيس، عن نبيح العنزي، عن أم أيمن قالت. . . (فذكره). ورواه أبو أحمد العسكري، بلفظ: "لَنْ تَشْتَكِي بَطْنك". وأبو مالك ضعيف ونبيح لم يلحق أم أيمن. وله طريق أخرى رواها عبد الرزاق، عن ابن جريج أُخْبرتُ: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم. . . (فذكره). وروى أبو داود عن محمّد بن عيسى بن الطباع. وتابعه يحيى بن معين، ¬
فائدة
كلاهما عن حجاج، عن ابن جريج، عن حكيمة، عن أمها أميمة بنت رقيقة، أنها قالت: كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَدح من عَيْدَان تحت سريره يبول فيه باللّيل. وهكذا رواه ابن حِبّان والحاكم. ورواه أبو ذرّ الهروي في "مستدركه" الذي خرّجه على "إلزامات الدّارَقطني للشيخين". وصحّح ابن دحية: أنّهما قضيتان وقعتا لامرأتين. وهو واضحٌ من اختلاف السِّياق. وَوَضُح أن بركة أمّ يوسف غير بركة أم أيمن مولاته. والله أعلم. فائدة وقع في رواية سلمى امرأة أبي رافع: أنها شربت بعض ماء غسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال لها: "حَرَّم الله بَدنَكِ عَلَى النَّار". أخرجه الطبراني في "الأوسط" من حديثها وفي السّند ضعف. مثال آخر: قال الرافعي: "ولم يأمر بنقل التراب". قال ابن الملقن (¬1): "قد روي الأمر بذلك من طُرقٍ لكنها متكلم فيها"، فذكر حديث عبد الله بن معقل بن مقرن. وهو تابعي.، وخرجه عن أبي داود والدارقطني، ونقل عن الإمام أحمد أنه حديث منكر، وعن أبي داود أنه لا يصحُّ. ثم قال: "الطريق الثاني عن أبي وائل، عن عبد الله بن مسعود، قال. .": (فذكره) وتكلم على إسناده ونَقَلَ عن الدارقطني أنه قال: ليس لهذا الحديث أصل، وعن أبي زرعة: منكر. ¬
ثم قال: "الطريق الثَّالث: عن أنس - رضي الله عنه -، أن أعرابيا بال في المسجد. . . .". فذكره، ثم نَقَلَ عن الدارقطني كلامه فيه، وأن الصَّواب فيه أنه مرسل. ثم قال: "الطريق الرابع: عن واثلة بن الأسقع، قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدخل أعرابي. . . ." (فذكره)، وخرج من ابن ماجه والطبراني، وقال: "في إسناده عبد الله بن أبي حميد الهذلي، وهو ضعيف، ونقَلَ كلام الأئمة فيه. وأما الحافظ ابن حجر -رحمه الله- فبدأ برواية أنس المرفوعة، ثم أعقبها غيرها، فكانت صورة عمله كما يلي (¬1): "قوله: ولم يؤمر بنقل التراب. يعني: في الحديث المذكور وهو كذلك، لكن قد وَرَدَ أنّه أمر بنقله من حديث أنس، بإسناد رجاله ثقات: قال الدّارَقطني: حدثنا ابن صاعد، حدثنا عبد الجبار بن العلا، حدثنا ابن عيينة، عن يحيى بن سعيد، عن أنس: أن أعرابيًا بال في المسجد، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -. . . . (فذكره). وأعله الدّارَقطني بأن عبد الجبار تَفَرَّد به دون أصحاب ابن عيينة الحفاظ، وأنه دَخَلَ عليه حديث في حديث، وأنه عند ابن عيينة عن عمرو بن دينار، عن طاوس مرسلا، وفيه: "احفرُوا مَكانَه". وعن يحيى بن سعيد، عن أنس موصولا. وليست فيه الزيادة، وهذا تحقيق بالغ، إلا أن هذه الطريق المرسلة مع صحَّة إسنادها، إذا ضُمَّت إلى أحاديث ¬
الباب أخذت قوة، وقد أخرجها الطَّحاوي مفردة من طريق ابن عيينة عن عمرو، عن طاوس. وكذا رواه سعيد بن منصور عن ابن عيينة. فمن شواهد هذا المرسل؛ مرسل آخر: رواه أبو داود والدّارَقطنيّ من حديث عبد الله بن معقل بن مقرن المزني -وهو تابعي- قال: قام أعرابي إلى زاوية من زوايا المسجد فبال فيها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -. . . (فذكره). قال أبو داود: روي مرفوعًا -يعني موصولًا- ولا يصحُّ. قلت: وله إسنادان موصولان: أحدهما: عن ابن مسعود رواه الدارمي والدّارَقطنيّ ولفظه: فأمر بمكانه فاحتفر، وصبَّ عليه دلو من ماء. وفيه سمعان بن مالك، وليس بالقوي، قاله أبو زرعة. وقال ابن أبي حاتم في "العلل" عن أبي زرعة: هو حديث منكر. وكذا قال أحمد. وقال أبو حاتم: لا أصل له. ثانيهما: عن واثلة بن الأسقع رواه أحمد والطبراني. وفيه عبيد الله بن أبي حميد الهذلي، وهو منكر الحديث؛ قاله البخاري وأبو حاتم. وهذا الترتيب أحسن من ترتيب ابن الملقن؛ فقد بدأ بالأقوى ثمّ جعل المرسل الآخر شاهدًا عليه، ثمّ خَتم بالرِّوايتين الموصولتين الشّديدَتي الضّعف (¬1). الجانب الثّاني: دقّةٌ في التَّعبير وقُوَّةٌ في الحكم: ¬
ومن أمثلة ذلك ما يلي: * حديث عائشة: كنْتُ أَفْركُ المنيَ من ثوب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فركًا، فيصلي فيه. عزاه ابن الملِّقن (¬1) إلى البخاري ومسلم. وأما الحافظ ابن حجر -رحمه الله-. (¬2) فقال: "متفق عليه من حديثها، واللّفظ لمسلم، ولم يخرج البخاري مقصود الباب". فزاد العبارةَ الأخيرة لبيان أنَّ الشَّيخين إنما اشتركا فَقط في أصل الحديث، وليس عند البخاري مسألة الفَرْكِ المذكور، وهو مقصودُ كلام الرّافعي، وهَذه دقَّةٌ فاتت ابنَ الملقِّن -رحمه الله-. * حديث أبي الدرداء: "إِذَا بَلَغ أَرْبَعِينَ رَجُلًا فَعَلَيهِم الْجُمُعَة". قال ابن الملقِّن (¬3): "هذا الحديث غريب لم أرَ من خرجه بعد البحث عنه، ولغرابته عزاه الرافعي في الكتاب إلى صاحب التتمة؟ ". لكن الحافظ ابن حجر (¬4) عَبَّرَ عن هذا بقول: "أورده صاحب التتمة ولا أصل له". ولا ريب أنّ هذَا التّعبير أقوى في الحكم على الحديث، وأدقّ اصطلاحًا من تعبير ابن الملقن -رحمه الله-. ¬
* حديث أبي أمامة: "لا جُمُعَة إلاَّ بِأرْبَعِينَ". قال ابن الملقِّن (¬1): "هذا الحديث لا يحضرني من خرَّجه من هذا الوجه هكذا .. والذي يحضرنا من طريق أبي أمامة ما لا يوافق مذهبنا؛ فإن الدارقطني والبيهقي في "خلافياته" أيضًا رواه عنه مرفوعًا. . ." (فذكره). لكن الحافظ ابن حجر قال (¬2): "لا أصل له، بل روى البيهقي (¬3) والطبراني (¬4) من حديثه: "عَلَى خَمْسِينَ جُمُعَة، لَيْس فِيمَا دُونَ ذَلِكَ". . .". فكان أقوى حكمًا وأدقّ تعبيرًا من تعبير شيخه ابن الملقن. رحمهما الله. . * حديث: "سَوُّوا بَين أَوْلَادِكُم في الْعَطِيَّة، فلو كُنتُ مُفَضلًا أحدًا لفضَّلْتُ البناتِ". قال ابن الملقن (¬5): "وزاد القاضي حسين في روايته لهذا الحديث زيادة غريبة لم أرَ من خرجها، وهي: سووا بين أولادكم في العطية، حتى القُبَل". أمّا الحافظ ابن حجر فقال (¬6): "فائدة: زاد القاضي حسين في هذا الحديث بعد قوله: (العطية): ". . . حَتَّى في الْقُبَل". وهي زيادة منكرة". ¬
فجاء حُكْمُ الحافظ ابن حجر على الزيادة أقوى وأدقّ. قوله: روي أنّه - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ كَان يُؤمِن بالله وَاليومِ الآخرِ فلا يَجمَعُ ماءَهَ في رَحِمِ أُخْتَيْنِ". ويروى: "مَلْعُونٌ مَنْ جَمَعَ مَاءَه في رَحِمِ أُخْتَيْنِ". قال ابن الملقِّن (¬1): "هذا الحديث بلفظيه غريب جدًّا، لا يحضرني من خَرَّجه بعد البحث الشّديد عنه سنين". أما الحافظ ابن حجر -رحمه الله- فقال (¬2): "لا أصل له باللّفظيْن"، ونَقَلَ قول ابن عبد الهادي: "لم أجد له سندًا بعد أن فتشت عليه في كُتُبٍ كثيرةٍ". * حديث حذيفة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في وَصْفِ الفتن: "كُنْ عَبدَ الله المقْتُولَ وَلَا تَكُنْ عَبْدَ اللهِ الْقَاتِلَ". قال ابن الملقِّن (¬3): "هذا الحديث غريب لا أعلم من خَرَّجه هكذا من هذه الطّريق بعد البحث عنه. . .". وحكم الحافظ ابن حجر عليه بقوله (¬4): "هذا الحديث لا أصل له من حديث حذيفة". وهذا أكثر إحكامًا وأقوى حكمًا. والأمثلة لذلك كثيرة، وفيما ذكرت غنى وكفاية. والحمد لله ربِّ العالمين. ¬
ثانيا: في الإضافات الحديثية
ثانيًا: في الإضافات الحديثيَّة: أعرب الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في مقدَّمة كتابه عن إرادته إضافة فوائد وزوائد إلى عَمَلِ شيخه ابن الملقِّن -رحمه الله-، ليأتي الكتاب على مقصود تخريج أحاديث الرَّافعي، ويلبِّي حاجة المتفقّهين في فروع الشّريعة، فقد أوفى بما عاهد عليه قُرَّاءَه، وأتى بفوائدَ حديثيّة جَمَّةً لو جُرِّدت لجاءت في مجلَّدةٍ لطيفة، تدخل في باب التّنكيت، والاستدراك، والتَّذييل، وهي إضافات متنوِّعة بيانُها كالتَّالي: 1 - عَزْو الحديث أو الأثر إلى مصادر أخرى: لقد أضاف الحافظ ابن حجر -رحمه الله -إلى ما يذكره ابن الملقّن من مصاد رتخريج الحديث مصادر أخرى مهمَّة، فأتت ابن الملقِّن، من أمثلة ذلك: الَّطريق الرَّابع عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ الماءَ لا ينجّسُه شيءٌ". خَرَّجه ابن الملقّن (¬1) وعَزَاه إلى الطَّبراني في المعجم الأوسط. زاد عليه الحافظ ابن حجر (¬2): مسند أبي يعلى، والبزَّار، وصحيح ابن السَّكن، ثم قال: "ورواه أحمد من طريق أخرى صحيحة، لكنه موقوف". ¬
* حديث عائشة: كنت أفرك المَنِيّ من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فركًا، فيصلي فيه. عزاه ابن الملقن (¬1) إلى البخاري ومسلم. وأما الحافظ ابن حجر -رحمه الله- فقال (¬2): "متفق عليه من حديثها، واللّفظ لمسلم، ولم يخرج البخاريُّ مقصود الباب. ولأبي داود: "ثمّ يصلي فيه". وللترمذي: "ربما فركْتُه من ثوب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأصابعي". وفي رواية لمسلم: "وإني لأحكّه من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يابسًا بظفري"". فأفاد نسبة اللّفظ بمقصود الباب إلى مسلم دون البخاري، ثم أضاف إلى ذلك تخريج الحديث من "سنن أبي داود" و"سنن الترمذي". * حديث: "إنّ الله تَصَدَّقَ عَلَيكُم فَاقْبَلُوا صَدَقَتَه". عزاه ابن الملقِّن (¬3) إلى صحيح مسلم وابن حبان. فحذف الحافظ ابن حجر (¬4). -رحمه الله- صحيح ابن حبان، وعزاه إلى أصحاب السُّنن (¬5)، ولا شّكَّ أن هذا أولى من عزوه إلى صحيح ابن حبان، وإن كانت الصّحة تستفاد من هذا العزو، إلا أنّها هنا مستفادة من عزوه إلى صحيح مسلم. ¬
* حديث ابن عمر: وَقَعَتْ في سَهْمِي جاريةٌ من سَبْي جلولاء، فنظرْتُ إليها فإذا عُنُقُهَا مِثْلُ إبريقِ الفضَّةِ، فَلَمْ أتمالَكْ أن وَقَعْتُ عَلَيها، فَقَبَّلْتُها والنَّاس ينظرون، ولم يُنْكِرْ عليَّ أحدٌ. قال ابن الملقِّن (¬1) وهذا الأثر لم أر من أخرجه عنه، إلاَّ ابن المنذر فإنه ذَكَرَه في "إشرافه" بغير إسناد (فَذَكَرَه) ثم قال: "وأسنده في كتابه "الأوسط"، ومنه نقلت بعد أن لم أظفر به إلاَّ بعد عشرين سنة من تبييض هذا الكتاب، فَاسْتَفِدْه ولله الحمد". زاد عليه الحافظ ابن حجر (¬2) مصدريْن للأثر، فقال: "وقد أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنَّفه" عن زيد بن الحباب، عن حماد بن سلمة. ورواه الخرائطي في "اعتلال القلوب" من طريق هشيم، عن علي بن زيد، نحوه". 2 - تخريج أحاديث وآثار استغربها الحافظ ابن الملقِّن ولم يَقِفْ عليها: وهي كثيرة، من أمثلة ذلك: * حديث وائل بن حجر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -كان إذا رَفَعَ رأسَه من السَّجدتين استوى قائمًا. قال ابن الملقِّن (¬3): "هذا الحديث غريب جدًّا لا أعلم من خَرَّجه من هذا الوجه". ¬
قال الحافظ ابن حجر (¬1): "وظفرْتُ به في سنة أربعين في "مسند البزَّار" في أثناء حديث طويل في صِفَة الوضوء والصَّلاة". * حديث عثمان: أنه مَرّ بقاصٍّ فقرأ آية السَّجدة، ليسجدَ عثمان معه فلم يَسْجُدْ، وقال: ما استمعنا لها. قال ابن الملقِّن (¬2): "وَهَذا الأثر غريبٌ، كذلك لم أقف عَلى من خَرُّجه بهذه السَّياقة". قال ابن حجر (¬3): "قلت: قد رواه عبد الرزاق في "المصنَّف" عن معمر، عن الزُّهري، عن ابن المسيب: أنّ عثمان مَرُّ بقاصَّ فقرأ سجدة ليسجدَ معه عثمان، فقال عثمان: إنما السُّجود على من استمع، ثمّ مَضَى ولم يَسْجُدْ". * حديث عائشة: "لَا بَأْسَ بِمَا دُونَ الدِّرْهَم أَنْ يَسْتَنْفِعَ بِه". قال الحافظ ابن الملقِّن (¬4): "وهو غريب، لا يحضرني من خَرَّجه عنها". وقال الحافظ ابن حجر (¬5): "أخرجه ابن أبي شيبة من رواية جابر الجعفي، عن عبد الرَّحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عائشة: أنها أرْخَصت في اللّقطة في درهم". ¬
قال الرافعي- نقلًا عن صاحب "التَّتمَّة"، وغيره-: إنهم رَوَوا الخبر أنه - صلى الله عليه وسلم -قال: "اسْتَاكُوا عَرْضًا لَا طُولًا". قال ابن الملقِّن (¬1): "وهذه رواي غريبة، لا أعلم من خَرَّجها بهذا اللفظ مع البحث والسؤال عنها من الحفَّاظ الأكابر". وأما الحافظ ابن حجر -رحمه الله- فقال (¬2): "تقدَّم من طُرُقه، وليس فيه "لا طُولًا" إلا أنّه في حديث عائشة بلفظ الفعل، لا بلفظ الأمر". فأضاف زيادة مهمَّةً خلا منها كلام ابن الملقن السابق، وهي أن الحديث وَرَدَ عن عائشة بلفظ الفعل، وقد قدمه الحافظ ابن حجر (¬3)، وهو ما خَرَّجه من كتاب "كتاب السّواك" لأبي نعيم من حديث عائشة، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستاك عرضًا، ولا يستاك طولًا". وقال الحافظ: "وفي إسناده عبد الله بن حكيم وهو متروك". * حديث ابن عمر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ تَوَضَّأ وَمَسَحَ عُنُقَهُ وُقِي الْغِلِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ". قال ابن الملقن (¬4): "هذا الحديث أيضًا غريبٌ، وهو مثل الَّذي قَبله" (¬5). ¬
لكن قال ابن حجر (¬1): "قال أبو نعيم في "تاريخ أصبهان": حدّثنا محمَّد بن أحمد، حدّثنا عبد الرحمن بن داود، حدّثنا عثمان بن خرزاذ، حدّثنا عمر بن محمَّد بن الحسن، حدّثنا محمَّد بن عمرو الأنصاريّ، عن أنس بن سيرين، عن ابن عمر: أنه كان إذا توضأ مَسَحَ عُنُقَه، ويقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عُنُقَهُ لَمْ يُغَلَّ بِالأَغْلَالِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ". * حديث ابن عمر: "لا نَقْبَلُ شَهَادةَ ظِنِّينٍ وَلا خَصْمٍ". قال ابن الملقن (¬2) -رحمه الله-: "هذا الحديث غريبٌ من هذا الوجه، لم أقف على مَنْ خَرَّجَه". لكن الحافظ ابن حجر (¬3) لم يُؤْثِرْ تعبير المؤلِّف فأقام احتمالَ أن يكون الرَّافعي ذَكَرَ الحديث بالمعنى، وأحاله على (ابن عُمر) وهو (ابن عمرو- بالواو)، فقال: "تقدّم من طريق عبد الله بن عمرِو -بزيادة واو- بمعناه". يشير إلى حديث: "لا تُقْبَل شَهَادَةُ خَائنٍ وَلا خَائِنَةٍ، ولا زَانٍ وَلا زَانِيةٍ" عند أبي داود وابن ماجة والبيهقي (¬4). * حديث أبي هريرة: أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "اسْتَشَرْتُ جِبرِيلَ في الْقَضَاءِ بِالْيَمِينِ والشَاهِدِ، فًاشار عَلَيَّ بِالأَمْوَالِ لا تَعْدُو ذَلِكَ". ¬
قال الحافظ ابن الملقن (¬1): "هذا الحديث غريبٌ لا أعلم من خرَّجه مع كثرة طُرُق هذا الحديث"، ثمّ قال: "وَلَم أرَه في الدَّارقطني في مَظِنَّته وهو باب الفضائل، ولا في "عِلَلِه"، فليتبع". ولكن الحافظ ابن حجر قال (¬2): "الدَّارقطني بإسناد ضعيف"، فحكمُه على إسناده بالضَّعف يوحي بأنّه وقف على مَصْدَره، وكَشَفَ عن عِلَّةِ إسنادِه، فحكم عليه بالضعف. والله أعلم. * حديث: سئلت عائشة عن القاضي العادل إذا استقضاه الأمير الباغي، هل يجيبه؟ فقالت: "إنْ لَمْ يَقْضِ لكم خَيَارُكُم، قَضَى لَكُم شِرَارُكم". قال الحافظ ابن الملقن (¬3): "وهذا الأثر لا يحضرني مَنْ خَرَّجَه بعد البحث عنه". لكن الحافظ ابن حجر قال (¬4): "قال عمر بن شبة: في "كتاب السلطان "له" فساق الحافظ إسناده وقصته، وفيه: "قالت: سبحان الله! فإذا لم يَسْتعملْ خِيارَكُم يَسْتَعْمِلْ شِرَارَكُم". * حديث علي: "مَن عَيَّنَ أُضْحِيَتَهُ فَلَا يَسْتَبْدِلْ بِهَا". قال الحافظ ابن الملقن (¬5): "وهذا الأثر غريب لا يحضرني مَنْ خَرَّجَه عنه. . .". ¬
واستدرك عليه الحافظ ابن حجر بقوله (¬1): "أخرجه حرب الكرماني، من طريق سلمة بن كهيل، عن خال له: أنه سأل عليَّا عن أضحية اشتراها، فقال: أَوَ عَيَّنْتَها للأضحية؟ فقال: نعم، فَكَرِهَه". قوله: روي عن علي، وابن مسعود، وابن عباس، وجابر، وحكيم بن حزام تجويز المضاربة. قال ابن الملقن (¬2): "أما أثر علي فغريب لا يحضرني من خَرَّجَه عنه. . .". وأما الحافظ ابن حجر فقال (¬3): "أما علي؛ فروى عبد الرزاق عن قيس بن الرَّبيع، عن أبي حصين، عن الشَّعبي، عنه: في المضاربة الوضيعة على المال والربح على ما اصطلحوا عليه". * حديث: أنّ رجلًا سَرَقَ من بيتِ المالِ، فكتب بعضُ عُمَّال عُمَرَ إليه بذلك، فقال: لا قَطْعَ عليه، ما من أحدٍ إلاَّ وله فيه حقٌ. قال ابن الملقِّن (¬4): "وهذا الأثر غريب عن عمر". لكن قال الحافظ ابن حجر (¬5): "أخرج ابن أبي شيبة عن وكيع، عن المسعودي، عن القاسم: أن رجلًا سَرَقَ من بيتِ المالِ، فكتب فيه سعدٌ إلى عمر. . . فذكره بلفظه". ¬
* حديث أبي بكر: أنّه قال للجلّاد: اضْرِبِ الرَّأْسَ، فإنٌ الشَّيطانَ فيه. قال ابن الملقن (¬1): "وهذا الأثر لا يحضرني من خَرَّجه من أهل هذا الفنِّ، وذكره أبو بكر الرَّازي في (أحكام القرآن) ". وعزاه الحافظ ابن حجر (¬2) إلى مصنف ابن أبي شيبة. أثر علي: أنه رجع عن رأيه في أن الجلد ثمانين، وكان يجلد في خلافته أربعين. قال ابن الملقن (¬3): "وهذا الأثر لا يحضرني من خَرَّجَه بعد البحث عنه". أما الحافظ ابن حجر فقال: "أمّا رجوعه عن رأيه؛ فتقدم ذِكْرُه في حديث أبي ساسان، وأنه قال في الأربعين: وهذا أحبُّ إليَّ. ولكن كان ذلك في خلافة عثمان لا في خلافته. نعم الظّاهر أنّه ثَبَتَ على ذلك". 3 - تخريج أحاديث أو آثار ذَكَرَها الرَّافعي وأغفلها ابن الملقن: لما كان الحافظ قد تتبع تخاريج علماء آخرين شاركوا ابن الملقن في تخريج أحاديث "شرح الوجيز" تسنَّى له أن يستدرك عليه أحاديثَ وآثارًا ذَكَرَها الرَّافعي، فأغفل تخريجها ابن الملقن، فأوردها الحافظ ابن حجر وخرّجها (¬4). ¬
4 - شواهد وآثار زادها الحافظ في كتابه: وهذا النوع من الزِّيادة كثيرة، لا يعزب عن ناظرٍ في الكتابين، فقد أضاف الحافظ ابن حجر إلى الأصل شيئًا كثيرًا في شواهد الباب، وأحيانا تَصِلُ الإضافة إلى عِدَّة صفحات، ومن زياداته الَّطويلة: ما كتبه حول مسألة كتابة النَّبيّ- صلى الله عليه وسلم - وقوله الشِّعر، وقد أسهب فيه وأطال وأتى بفوائد جَمَّة خلا منها الأصل. ما كتبه حَوْلَ رجوع ابن عباس رضي الله عنه عن القول بمتعة النِّساء، فقد أورد آثارًا كثيرة داَّلة على هذا المعنى، كما أورد كثيرًا من أقوال القائلين بإباحته غير ابن عباس استدراكًا على الرَّافعي، وتفصيلًا لكلامٍ لابن حزم في ذلك (¬1). تنبيه يُصدَّر الحافظ ابن حجر -رحمه الله-. زياداته على ابن الملقن بعبارة: (قُلْتُ)، وفي الغالب تكون من تحريراته وتخريجاته، ولكن قد يُصَدَّر كلامًا بهذه اللّفظة ويشتمل على شيءٍ من منقولات ابن الملقِّن لكن يكون للحافظ فيها مزيدُ تحريرٍ وضبطٍ وإضافة مهمّة، ولا يكاد يُصَدّر كلاما بعبارة (قُلْتُ) ويكون منقولًا من ابن الملقِّن بسياقه وسباقه، ونصّه وفصّه. كما أن للحافظ زياداتٍ كثيرةً على الأصل لم يُنَبّه عليها بتلك العبارة، وكثيرًا ما تكون في أثناء تحريره وتلخيصه لمادّة الأصل مما يَصْعُبُ تمييزها بلفظة (قُلْتُ)، وتُعْرَفُ بمقارنة الفرع بأصله. ¬
5 - ما لم يقف عليه الحافظان، وأشار الحافظ ابن حجر إلى ما يُعطي مَعناه: ومن أمثلة ذلك: * حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنّا لَا نُكْرِهُ أَحَدًا عَلَى الْقَضَاءِ". قال ابن الملقن (¬1): "هذا الحديث غريب لا يحضرني من خَرَّجه بعد البحث الشديد عنه. . .". وكان الحافظ ابن حجر أكثر إفادةً في هذا حيث قال (¬2): "لم أجده هكذا، وفي المعنى حديثُ أبي مسعود: بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -ساعيًا، وقال: "لا أَلْقِيَنَّكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَجِيءُ وَعَلَى ظَهْرِكَ بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ قَد غَلَلْتَهُ"، قال: إذًا لا أنطلق، قال: "إذًا لا أُكْرِهُك". أخرجه أبو داود. * حديث عمر: أنه عزّرَ مَنْ زَوَّرَ كِتَابًا. قال ابن الملقن (¬3): "وهذا أثر غريب لا يحضرني من خَرَّجَه عنه". وقال الحافظ ابن حجر (¬4): "لم أجده، لكن في "الجعْدِيَّات" للبغويّ قال: حدثنا عليُّ بن الجعد، حدثنا شريك، عن عاصم بن عبيد الله، عن عبد الله بن ¬
ثالثا: أوهام وقع فيها الحافظ ابن حجر -رحمه الله-.
عامر قال: أتي عمر بشاهد زور، فوقفه للنَّاس يومًا إلى اللّيل يقول: هذا فلان شهد بزور فاعرفوه، ثمّ حبسه. وعاصم فيه لين". ثالثا: أوهامٌ وَقَعَ فيها الحافظ ابن حجر -رحمه الله-. لا أحد يسلم من الوهم، والجواد قد يَكْبُو، والصارم قد يَنْبُو، وليس من شِيَمِ أصحاب الطِّباع السَّليمة، ولا من أخلاق طالبي علوم الشريعَة تتبّع أوهام أولي العلم والفضل، وتقصّي أخطاءهم؛ إذ العصمة لا تكون إلا لمن عصمه الله، والكبار قد غَلَبَ صوابُهم على خَطَئِهم، وأبى الله أن يُتمَّ كتاب بعد كتابه، والمنصف من اغتفر قليل خطأ المرء في كثير صوابه، وما أشير به في هذا المقام إنما هو مما اقتضته الموازنة بين الكتابين، على ما جرت عليه عادة من رام تمام المقايسة بين أمرين. ويمكن تقسيم الأوهام التي وَقَعَ فيها الحافظ ابن حجر إلى قسمين: القسم الأول: أوهامٌ وَقَعَ فيها الحافظ ابن حَجر تبعًا لابن الملقِّن: من أمثلة ذلك: * حديث: "دِبَاغُ الأديمِ ذَكَاتُه". قال الحافظ ابن حجر (¬1): وفي الباب أيضًا: عن المغيرة بن شعبة، وزيد بن ثابت، وأبي أمامة، وابن عمر، وهي في الطَّبراني. وعَزْو الحافظ رواية ابن عمر إلى الطَّبراني تابعَ فيها ابن الملقِّن (¬2)، وهو غَلَطٌ، ¬
والصَّواب عزوها إلى الدَّارقطني، فلما عزاها ابن الملقن إلى الطبراني نَقَلَ قولَه: "القاسم ضعيف"، وهذه عبارة الدّارقطني، كما يتضح من مراجعة "السُّنن". وأبو أمامة إنما هو الرّاوي لهذا الحديث عن المغيرة بن شعبة، كما في "المعجم الكبير" وكما يتبين من سياق ابن الملقِّن في "البدر المنير" (¬1). * حديث عائشة: "إذًا ذَهَبَ أَحَذكمْ إِلَى الْغَائِطِ فَلْيَذْهَبْ مَعَهُ بِثَلاثةِ أَحْجَارٍ يَسْتَطِيبُ بِهِنَّ؛ فَإنَّهَا تجْزئُ عَنْه". عزاه الحافظ ابن حجر (¬2). -رحمه الله- إلى أحمد وأبي داود والنّسائيّ وابن ماجه والدَّراقطني. وفي عَزْوِ الحديث إلى ابن ماجه وَهْمٌ، تابع فيه الحافظ ابن الملقِّن (¬3)، ولم أجده عند ابن ماجه، ولم يعزه إليه المزّي في "تحفة الأشراف". * حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - تَسَلَّفَ من العباس صَدَقةَ عامين. خَرّجَه الحافظ ابن حجر -رحمه الله-، ثمّ قال (¬4): ورواه الدارقطني أيضًا من حديث العرزمي، ومندل بن علي، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس، في هذه القِصَّة. وقوله: "ومندل بن علي عن الحكم) وَهْمٌ، إنما يرويه مندل، عن عبيد الله، ¬
عن الحكم. وفي آخره قال الدارقطني: "كذا قال: عن عبيد الله بن عمر! وإنما أراد محمَّد بن عبيد الله. والله أعلم". والوهم فيه من ابن الملقن، ولم يَتَنَبَّه له الحافظ ابن حجر (¬1). * حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا قَطْعَ في ثَمَرٍ وَلا كَثَرٍ". أعلَّ الحافظُ ابن حجر حديث أبي هريرة عند أحمد وابن ماجه بسعد بن سعيد المقبري، وقال (¬2): "وهو ضعيف". وقد تَبعَ ابنَ الملقِّن في هذا الإعلال، وإلّا فإن الحديث يَرويه سعد بن سعيد المقبري عن أخيه عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري، وهو متروك، فإعلال الحديث به أَوْلَى من الأعلال بسعدٍ أخيه. * حديث: "مَن نَفَّسَ عَنْ فسْلِمٍ كرْبَةً مِنْ كرَبِ الدّنْيَا نَفَّسَ الله عَنْه كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الآخِرَةِ. . .". الحديث. اكتفى الحافظ ابن حجر (¬3) - تبعًا لابن الملقن- بعزوه إلى التّرمذيِّ وهو عند مسلم في صحيحه؛ فالعزو إليه أَوْلَى كما لا يخفى. وقال أيضًا: "ورواه التّرمذي من حديث ابن عمر في حديث أوله: "الْمُسلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ. . ." الحديث. وفيه: "وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ الله يَوْمَ الْقِيَامَةِ". ¬
واكتفى -رحمه الله-. تبعًا لابن الملقِّن. بعزو الحديث إلى التَّرمذي وهو في "الصَّحيحين"؛ فالعزو إليهما أَوْلَى كما لا يخفى. * حديث عائشة: سارق موتانا كسارق أحيائنا. قال ابن الملقن (¬1): "وهذا الأثر رواه البيهقي في "خلافياته" من حديث الدارقطني: حدثنا [سويد] (¬2) بن عبد العزيز. . ." ثم ساق إسناده. وتابعه ابن حجر فعزاه إلى الدارقطني (¬3)، فقال: "الدارقطني من حديث عمرة عنها". ويبدو أنَّ (علي بن حجر) الرّاوي عن سويد بن عبد العزيز تصحّف في نسخة ابن الملقِّن إلى (علي بن عمر) فظنّه الدّارقطني، ولكن كيف يَروي الدّارقطني عن سويد هذا وبينهما مفاوز تنقطع دونها أعناق المطي، فسويد تُوفِّي سنة (194هـ) وولد الدّارقطني سنة (306 هـ)، وقد جاء على الصّواب (علي بن حجر) في "المعرفة" (¬4)، ونقل إسمناده عنه الزّيلعي. وقد زاد تصرّف الحافظ ابن حجر بحذف المصدر المذكرر عند ابن الملقن ضغثًا عَلى إبَّالَة، إذ إن المتتبع سوف يُتعب بصرَه بالبحث عن الخبر في كتب الدّارقطني حَتى ينقطع دونه الأمل، ويئوب بِخُفَّي حُنين، ولو تَرَكَ له المصدر لاهتدى إلى سواء السَّبيل من دون عناءٍ طويلٍ. ¬
* حديث: "الختَانُ سُنَّةٌ في الرِّجالِ مَكْرُمةٌ للنِّساءِ". خرَّجه الحافظُ ابن حجر -رحمه الله- ثمّ قال (¬1): "قلت: وله طريق أخرى من غير رواية حجاج؛ فقد رواه الطبراني في "الكبير" والبيهقي من حديث ابن عباس مرفوعًا، وضعّفه البيهقي في "السنن". وقال في "المعرفة": لا يصحّ رفعه. وهو من رواية الوليد، عن ابن ثوبان، عن ابن عجلان، عن عكرمة، عنه، ورواته موثّقون إلاَّ أنّ فيه تدليسًا". يشير إلى الوليد المذكرر ظنًّا منه أنّه (ابن مسلم)، وهذا وَهْمٌ منه، إنّما هو الوليد بن الوليد العنسي الدّمشقي، كما صَرَّحَ به الطّبراني والبيهقي، وهو صدوق. وهذا تَبعَ فيه ابن الملقن (¬2) حيث قال: "رواه الطِّبراني في أكبر معاجمه" والبيهقي في "سننه" من حديث الوليد بن [مسلم] (¬3) عن ابن ثوبان. . .". * حديث أبي موسى الأشعري: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في الفتنة: "كسِّرُوا فِيهَا قِسِيَّكُمْ، وَأَوْتَارَكُمْ وَاضْرِبُوا سُيُوفَكُمْ بِالْحِجَارَةِ". . .". ¬
قال الحافظ ابن حجر (¬1): "وصحَّحه القشيريُّ في آخر "الاقتراح" على شَرْطِ الشّيخين". وهذا وَهْمٌ تابع فيه ابنَ الملقِّن (¬2)، وإنمّا صحّحه ابن دَقيق العيد على شَرْطِ البخاريّ وحدَه. * حديث عبد الله بن عمر: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -فاستأذنه في الجهاد؟ فقال: " أَحَيُّ وَالِدَاكَ؟ " قال: نَعَم، قال: "فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ". متفق عليه. وجَعْلُ الحديثِ في مسند (عبد الله بن عمر) وَهمٌ، تَابعَ فيه الحافظُ ابنُ حجر (¬3) شيخَه ابنَ الملقِّن صاحبَ الأصل (¬4). وصوابُه: "ابن عمرو" بزيادةِ واوٍ، كما خَرَّجاه في باب "الإحصار" (¬5). * حديث ابن عمر في قصة قال: فدنونا من النبي - صلى الله عليه وسلم - فقبَّلْنَا يدَه، ورجلَه. عزاه الحافظ ابن حجر (¬6) إلى أبي داود بزيادة لفظة: (ورجله)، وليس في سنن أبي داود هذه الزيادة، وإنما تابعَ الحافظ ابن حجر في ذكرها صاحب الأصل الحافظ ابن الملقن (¬7). ¬
* حديث عمر: أنّه أذن للحربي في دخول دار الإِسلام بشرط أخذ عشر ما معه من أموال التجارة. عزاه الحافظ ابن حجر إلى البيهقي، وقال (¬1): "عن محمَّد بن سيرين، عن أنس بن مالك. . ." وقوله: (محمَّد بن سيرين) وهم تَبع فيه ابنَ الملقن (¬2)، وصوابُه: (أنس بن سيرين)، ولفظ البيهقي: "عن أنس بن سيرين أخي محمّد بن سيرين، قال: (فذكره). . .". القسم الثاني: أوهامٌ وَقَعَت للحافظ ابن حَجر وعند ابن الملقِّن عَلَى الصَّواب: من أمثلة ذلك: قال الحافظ ابن حجر. مُعلِّقًا على كلامٍ للرَّافعي:. " كأنّه يشير إلى حديث جابر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن ينبذ التمر والزبيب جميعًا، وأن ينبذ الرّطب والبسر جميعًا. متفق عليه. وفي لفظ: أن يخلط الزبيب والتمر، والبسر والرطب. وفي لفظ: نهى عن الخليطين أن يشربا، قال: قلنا يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما هما؟ قال: " التَّمْرُ وَالزَّبِيبُ". . . .". فسياق الحافظ هذا يُوهم أن هذا اللّفظ الأخير عندهما، أو عند أحدهما، ¬
وليس كذلك، بل هو سياق رواية الطبراني في، "المعجم الكبير" من حديث أمّ مغيث، وفيه إسحاق بن أبي فروة، وهو متروك. ورواه ابن حزم في المحلى من حديث جابر رضي الله تعالى عنه، وضعفه بعبد الجبار بن عمر، وقال: "ضعيف جدًا". ولفظ ابن الملقن (¬1): "قلت: قد روي هذا أولًا من حديث جابر أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الخليطين. . . .". ولم يكن ذكَر هذا معطوفا على ذكر "الصحيحين" أو أحدهما، فيوهم ما وقع فيه الحافظ ابن حجر، وإنما كان مذكررًا بعد نقل كلامٍ لابن حزم، وإن وقع في كلام ابن حزم ذكر صحيح مسلم، لكنه بعيد عن هذا الإيهام، وربما أوقع الحافظَ ابن حجر في هذا الوهم كونُ ابن الملقن ما عزاه لأحدٍ. * حديث: " مَا أُبِينَ مِن حَيّ فَهو مَيِّت". قال الحافظ ابن حجر (¬2): "ورواه ابن ماجه والبزار والطّبراني في "الأوسط" من حديث هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن ابن عمر. . .". ورواية الطبراني في "المعجم الأوسط" ليست من طريق هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، وإنما هي من طريق عبد الله بن نافع الصّائغ، عن عاصم بن عمر، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، به. وعلى الصّواب ذكرها ابن الملقِّن (¬3). ¬
* حديث: أنّه - صلى الله عليه وسلم -كان إذا استيقظ من الليل استاك. قال الحافظ ابن حجر (¬1): "واستغرب ابن مَنده هذه الزيادة، وقد رواها الطبراني من وجه آخر بلفظ: كنا نؤمر بالسواك إذا قمنا من الليل". وهذا وهم، والصواب أن هذا اللّفظ إنما رواه النّسائي من حديث حذيفة، وإليه عَزاه ابن الملقِّن (¬2). وأمّا لفظ الطّبراني (في الأوسط قم 2927) فهو: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشوص فاه بالسّواك"، وهكذا أورده ابن الملقّن. ولعلّ منشأَ وهم الحافظ حصول سقطٍ في سياق بعض نسخ البدر المنير، فجاءت العبارة هكذا: "وفي رواية للطّبراني ليس فيها ذكر القيام من الليل، وهذا لفظه عن حذيفة: كنا نؤمر بالسواك ... " الخ. وجاء السّياق بتمامه في نسخة المحموديّة. كما أشار إليه المحقِّق (¬3). * حديث: "يجزئُ مِن السِّوَاك الأَصَابعُ"، قال الحافظ ابن حجر (¬4): "ورواه أبو نعيم والطبراني وابن عدي، من حديث عائشة. وفيه المثنى بن الصباح". لم أجده عند الطبراني وابن عدي من طريق المثنى بن الصباح، وإنما أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط" وابن عدي في الكامل من طريق الوليد بن مسلم، ¬
حدثنا عيسى بن عبد الله الأنصاري، عن عطاء بن أبي رباح، عن عائشة، به. وهو عند ابن الملقن (¬1) على الصواب. * حديث المستورد بن شداد قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا توضأ يدلك أصابع رجليه بخنصره. قال الحافظ ابن حجر عند تخريجه (¬2): "وفي رواية لابن ماجه: "يخلل" بدل "يدلك". وفي إسناده ابن لهيعة، لكن تابعه الليث بن سعد وعمرو بن الحارث، أخرجه البيهقي وأبو بشر الدولابي والدارقطني في "غرائب مالك" من طريق ابن وهب عن الثلاثة". وهذا الحديث إنما حدّث به الدّارقطني في "غرائب مالك" عن أبي جعفر الأسواني، عن الدولابي، به، كما هو سياق ابن الملقن (¬3). وعبارة الحافظ ابن حجر بعطف (الدّارقطني) على (الدّولابي) تُوهم خلافَ ذلك! * حديث: "إنَّ الشَّيطانَ لَيَأتِي أَحَدَكمْ فَيَنْفَخُ بَينَ إِلْيَتَيهِ. . . .". قال الحافظ ابن حجر (¬4): "وقد ذكره البيهقي في "الخلافيات" عن الربيع عن الشّافعي، أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكره". ¬
وهذا الذي عزاه الحافظ إلى "الخلافيات"، ليس فيها، وإنما هو في "معرفة السنن والآثار"، هاليه عزاه ابن الملقن في البدر المنير (¬1). * حديث: جابر أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "التّيَمُّمُ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ، وَضَرْبَةٌ لِلزِّراعَينِ إِلَى الْمِرْفَقَيْن". قال الحافظ ابن حجر (¬2): "ضعف ابن الجوزي هذا الحديث بعثمان بن محمّد، وقال: إنه متكلم فيه. وأخطأ في ذلك. قال ابن دقيق العيد: لم يتكلم فيه أحد". لم أجد ما نسبه هنا إلى ابن دقيق العيد في شيء من كتبه، بل الموجود عنده في كتابه (الإِمام) أنه نقل كلام ابن الجوزي هذا، وسكت عنه. وسياق كلام ابن الملقن (¬3) يفيد أن ابن دقيق العيد نقل كلام ابن الجوزي المذكرر وأقرّه عليه. * حديث: " إذًا اشْتَدّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بالصَّلاة. . . .". قال الحافظ ابن حجر في أثناء تخريجه حديث المغيرة (¬4): "رواه أحمد وابن ماجه وابن حبان، وتفرد به إسحاق الأزرق عن شريك، عن طارق، عن قيس عنه". ¬
وهذا وَهْمٌ من الحافظ ابن حجر -رحمه الله- وصوابه عند المذكررين: (عن بيان بن بشر). أما رواية طارق فليست لهؤلاء، وقد أشار إليها ابن أبي حاتم في العلل (1/ 136)، من طريق أبي عوانة، عن طارق، عن قيس. ومن ابن أبي حاتم نقلها ابن الملقن (¬1)، ولم يعزها للمذكررين. وعن أنس: أن النبي (كان يرفع يديه إذا دخل في الصلاة، وإذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع. قال الحافظ ابن حجر (¬2): "رواه ابن خزيمة في "صحيحه" هكذا" وهذا لم أجده عند ابن خزيمة من حديث أنس، وقد عزاه الحافظ في "إتحاف المهرة"، إلى ابن حبان وحده، ويبدو لي أنّ الحافظ ابن حجر إنما توهَّم عزوَه إلى ابن خزيمة من قول ابن الملقِّن (¬3): "ورواه البيهقي في "خلافياته" من جهة ابن خزيمة. . . .". * حديث أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قنت بعد رفع رأسه من الركوع في الركعة الأخيرة. قال الحافظ ابن حجر (¬4): "وللبخاري مثله عن عمر". وصوابُه (ابن عمر)، فإنّ البخاري -رحمه الله- رواه من حديثه. ¬
وذكره ابن الملقن على الصواب (¬1). * حديث ابن عباس: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قام في صلاته وضع يده على الأرض كما يضع العاجن. قال الحافظ ابن حجر (¬2): "وقال في "شرح المهذب" نقل عن الغزالي أنه قال في درسه: هو بالزّاء وبالنون أصحّ. . . .". والنقل عن الغزالي ليس في "المجموع شرح المهذب"، إنما هو في كتاب "التنقيح"، للنووي، كما جاء عند ابن الملقن (¬3). * قوله: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن قَاءَ أَوْ رَعَفَ أَوْ أَمْذَى في صَلاتِهِ فَلْيَنْصَرِفْ وَلْيَتَوَضَّأْ، وَلْيَبْنِ عَلَى صَلاِتهِ مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ" (¬4) قال الحافظ ابن حجر: "تنبيه: وقع لإمام الحرمين في النّهاية وتبعه الغزالي في "الوسيط" وهم عجيب؛ فإنه قال: هذا الحديث مروي في الصّحاح". هكذا عزا كلامَ الغزالي إلى "الوسيط" ولم أجده فيه، وإنما عزاه الحافظ ابن الملقِّن إلى "البسيط" للغزالي فقال (¬5): "وتبعه الغزّالي في بسيطه". ¬
* حديث ابن عمر: "صَلاةُ اللَّيلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى". قال الحافظ ابن حجر (¬1): "وصحّحه ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم في "المستدرك"، وقال: رواته ثقات". وعزو هذا الحديث إلى "المستدرك" وهمٌ من الحافظ -رحمه الله-، ولم يعزه إليه في "إتحاف المهرة" له. وابن الملقن (¬2) إنما عَزا عبارةَ الحاكم إلى نقل الإمامِ البيهقي عنه في "الخلافيّات"، فلعل الحافظ -رحمه الله- توَّهم من ذلك أنّ الحديث في "المستدرك" فعزاه إليه. وقال الحافظ ابن حجر (¬3): "ورواه أبو داود في "المراسيل" (¬4) من طريق أبي المنذر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى في قبر ثلاثًا. قال أبو حاتم في "العلل": أبو المنذر مجهول". وفي عزوه كلام أبي حاتم إلى كتاب "العلل" وهم، وإنما هو في "مراسيل ابن أبي حاتم"، وإليه عزاه الحافظ ابن الملقن (¬5). قال الحافظ ابن حجر (¬6): "وفي الباب، عن أبي هريرة. رواه ابن حبان في ¬
"الضعفاء" في ترجمة أحمد بن موسى، عن محمَّد بن عمرو، عن أبي سلمة، عنه، رفعه: "تَارِكُ الصّلاةِ كَافِرٌ". واستنكره". وهذا ليس في "كتاب المجروحين"، وإنما ذكره في كتابه "الثقات"، وإليه عزاه ابن الملقن (¬1)، وكذلك ابن حجر نفسُه في لسان الميزان. وقال الحافظ ابن حجر (¬2): "وروى الدّارقطني من طريق عبد الله ومحمد ابني أبي بكر بن محمَّد بن عمر وبن حزم، عن أبيهما، عن جدهما، فذكر قصة الورق". كذا عزاه إلى الدارقطني! وهو خَطأٌ، وإنّما جَاءت عبارةُ (وَرُي مثلُه من طريق؟) ذُكر قَبلها الدّارقطني، وذلك في سياق كلامٍ لابن حزم في المحلّى نقلَه عنه ابن الملقِّن (¬3). فظنّ الحافظُ أنّ الطّريق المساقة هي عند الدّارقطني المسمّى في السّياق، وليس كذلك. رابعا: أقوالٌ نقلها ابن الملقِّن ونصّ على مصادرها فحذف الحافظُ ابن حَجر أسماءَ تلك المصادر فأبعد النّجعة: من أمثلة ذلك: * حديث: "إنمّا الأعمال بالنِّيَات، وإنّما لِكُلِّ امرئِ مَا نَوَى". قال الحافظ ابن حجر (¬4): "ونقل النووي، عن أبي موسى المديني وأقره عليه: أن الذي وقع في "الشهاب". . . .". ¬
وقد حذف الحافظ مصدر كلام النووي، وهو كتابه المسمَّى بـ (بستان العارفين)، وإملائه على هذا الحديث، ولم يكملهما، نص على ذلك الحافظ ابن الملقِّن (¬1). * حديث: روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " مَسْحُ الرقبةِ أَمَانٌ مِنَ الْغِلِّ". قال الحافظ ابن حجر (¬2): وقال النووي في "شرح المهذب هذا حديث موضوع ليس من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -. وزاد في موضع آخر: لم يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه شيء. . .". وقد حذف الحافظ ابن حجر اسم المصدر في النّقل الثّاني، فأوهم كونَه "شرح المهذب"، المذكور أوَّلًا، وليس كذلك، إنما هو في كلامه على "الوسيط"، كما نصّ عليه الحافظ ابن الملقن (¬3). * حديث جابر: نهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نستقبل القبلة بفروجنا، ثم رأيته قبل موته بعام مستقبل القبلة. قال الحافظ ابن حجر (¬4): "وتوقف فيه النووي لعنعنة ابن إسحاق. . .". ولم يذكر الحافظ ابن حجر مصدر كلام النووي، فأبعد النجعة، وهو في شرحه لسنن أبي داود، كما ذكر الحافظ ابن الملقن (¬5). ¬
* حديث أنس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -احتجم وصلى ولم يتوضأ، ولم يزد على غسل محاجمه. قال الحافظ ابن حجر (¬1): "وادعى ابن العربي: أن الدارقطني صححه. . .". وقد حذف الحافظ ابن حجر مصدر كلام ابن العربي، والمتبادر إلى الذهن أن يكون ذلك في "عارضة الأحوذي"، أو "القبس"، أو" أحكام القرآن"، وليس هو في كل هذه الكتب، وإنما هو في كتاب "الخلافيات" له كما نص عليه الحافظ ابن الملقن (¬2). * حديث: "من غسَّلَ مَيتًا فَلْيَغْتَسِلْ". قال الحافظ ابن حجر (¬3): وقال الرافعي: لم يصحِّح علماء الحديث في هذا الباب شيئًا مرفوعًا. حذف الحافظ ابن حجر مصدر كلام الرافعي، فاوهم أن يكون كتابه الشرح الكبير، وليس هو، وإنما هو في كتابه "شرح مسند الشّافعي" كما نص عليه الحافظ ابن الملقن (¬4) ¬
* حديث ابن عمر: "إنّ بلالَا يُؤذِّن بِلَيْلِ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِي ابنُ أمِّ مَكْتُومٍ" (¬1). قال ابن حجر (¬2): "وأما ابن عبد البر وابن الجوزي، وتبعهما المزي فحكموا على حديث أنيسة بالوهم، وأنه مقلوب". فقد حذف الحافظ مصدر كلام ابن الجوزي، فأوهم كونه في كتابه "تحقيق أحاديث الخلاف" أو "العلل المتناهية" وليس فيهما إنما هو في كتابه "جامع المسانيد"، كما نص عليه الحافظ ابن الملقن (¬3). * حديث أنّه - صلى الله عليه وسلم - قال لأبي سعيد الخدري: " إنّك رَجُلٌ تُحِبّ الْغَنَمَ وَالْبَادِيَةَ. . . قال الحافظ ابن حجر (¬4) في أثناء تخرجه: "وتعقبه الشيخ محيي الدّين وبالغ كعادته. . .". وحذف الحافظ ابن حجر مصدر كلام النووي، وهو في "كتابه التنقيح" كما ذكر الحافظ ابن الملقن (¬5). عن الحسن: علمني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلمات أقولهن في قنوت الوتر. ¬
قال الحافظ ابن حجر (¬1): "ونبّه ابن خزيمة وابن حبان على أن قوله: "في قنوت الوتر"؛ تفرد بها أبو إسحاق". فَحذْفُ الحافظِ ابن حَجَر لمصدر كلام ابن حبان يوهم أنه في "الصحيح" له، وليس كذلك وإنما هو في كتابه "وصف الصّلاة بالسنّة" كما نص عليه الحافظ ابن الملقن، والسّياق له (¬2). * * * * ¬
وصف مخطوطات الكتاب وأماكن وجودها
وصف مخطوطات الكتاب وأماكن وجودها
لهذا الكتاب مخطوطات كثيرة، مبثوثة في مكتبات العالم، وقد حصلت على عدة نسخ منه بعضها قديمة وبعضها متأخرة، منها: * نسخة مصورة من جامعة القرويين بفاس (نسخة الأصل): وهي نسخةٌ كُتبت بخط نَسخيٍّ جيِّد، جاء على طرّتها: "تخريج أحاديث الشرح الكبير" لشيخ الإِسلام حافظ العصر علامة الوقت العلامة شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر تغمده الله برحمته وأعاد علينا من بركته". وهي كاملة في ثلاثة أجزاء. ناسخها: أحمد بن عبد الله المقري (¬1)، كتبها في سنة 855هـ أي بعد وفاة المؤلِّف بثلاثِ سنين تقريبًا. وقد قُوبلت على نُسختين؛ إحداهما قُرئت على المؤلِّف، والأخرى عليها زياداتٌ بخطِّه، وقد أُثبِتتْ بلاغات المقابلة في مواضعَ عدّة من أجزاء النّسخة، ونُقلت تلك الزيادات في هامشها، وأثبتُّ جميعَ ذلك في مواضعه. ومن ميزات هذه النّسخة أيضًا أنّها حَظيت بعناية بُرهان الدّين النّاجي، فقد جاء في آخر النّسخة بهامشها الأيسر ما نصّه: "هذا خَطّ الحافظ برهان الدّين النّاجي -رحمه الله-، وهو كاتب كثيرِ من الحواشي والإلحاقات في هذا الكتاب". والحافظ برهان الدِّين هو: إبراهيم بن محمَّد بن محمود المعروف بالنَّاجي المتوفى (900هـ) (¬2)، وهو صاحب كتاب " عجالة الإملاء المتيسَّرة "، ¬
ومَعروفٌ بين علماء عصره؛ فقد حَلَّاه العلَّامة أبو الخير محمّد بن محمّد الخضيري الشّافعي (ت 894) بأنَّه "عالم محدِّثٌ محرِّر مُتقنٌ، معتمَدٌ على كلامه فيما ينقله ويسنده؛ لأنّه خَدم هذا العلم بقلَبه ولسانه، وطالع كثيرًا من كتبه بتحريرِ وإتقان" (¬1). وقد قَرأ برهانُ الدِّين الناجي هذه النّسخة ووضع عليها تعليقاتِ كاشفةً لبعض غوامضها، مُوضحَةً لمقاصدها، مع ضبطٍ لبعض ألفاظها وأسمائها. وقد نقلتُ جُلَّ هذه التَّعليقات بهامشِ الكتاب. وقد جعلت هذه النسخةَ أصلًا في تحقيقِ الكتاب، لما أسلفتُ من مزايا تنفرد بها بين باقي النّسخ المتوفرة لدَيَّ، ولكونها كاملةَ، لا ينقص منها إلا بعض صفحاتِ في أثنائها استدركتُها من باقي النسخ. * نسخة (ب) مصورة من مكتبة (تشستربتي) بأيرلندا: وهي نسخةٌ لم أتبين كاتبها، لكن قرأ الكتابُ نجمُ الدِّين الحافظ عمر بن محمَّد بن محمّد بن محمَّد المعروف بابن فهد المكي الهاشمي (ت 885 ص) (¬2) محدِّث الحجاز على والده محمّد بن محمَّد بن فهد المكي الشّافعي المعروف أيضًا بابن فهد (ت 871 ص)، من أصلٍ صحيحٍ، ووالدُه ممسك بهذه النّسخة، فقد جاء في آخر الجزء الأول منها: "الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى، بلغ الولد نجم الدين ... بارك الله تعالى فيه قراءة علي. . . . في ¬
أصل صحيح وأنا ممسك معه هذه النسخة بروايتي له عن مصنفه شيخ الإِسلام شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر قراءة عليه وأنا أسمع لمواضع مفرقة منه وإجازة لباقيه. . . . في مجالس متعددة. . . وأجزت له. قاله الفقير إلى عفو ربه محمَّد بن محمَّد بن. . . غفر الله ذنوبه". وكان الابن والأب كلاهما من تلاميذ الحافظ ابن حجر، وممن شملتهم عنايته بإفاداتهما، ونالتهم رغبته في إيقافهما على ما تجدَّد من تصانيفه؟ ففي كتاب "الجواهر والدرر" (¬1) نقل الحافظ شمس الدّين السخاوي ما كتبه الحافظ ابن حجر -رحمه الله- إلى تلميذه نجم الدّين بن فهد يطلب منه أن يُرسل إليه ما استجدَّ من مؤلّفات علماء الحجاز واليمن، وَيعرف لوالده عنايتَه واهتمامَه بكُتبه فيطلب من ابنه أن يصطحب معه نسخة والده لكتاب "تهذيب التهذيب" لِيُلحق بها ما تجدّد من إضافات الحافظ ابن حجر على أصل نسخته، فيقول له في أثناء الرِّسالة: "والمسؤول من فضله إبلاغ سلام العبد على الوالد وتعريفه بأنّه تجدد في "تهذيب التهذيب" الذي كان اطّلع وضفه إلى أصل "التهذيب" وتعب فيه ذلك الشعب، وهو محتاجٌ إلى إلحاق ما تجدّد للعبد فيه من الزِّيادات والتعقّبات والاستدراكات في هذه المدّة مما لعلّه لو جُرِّد لكان قدرَ مجلَّد، فإن تيسَّر وصولُكم فيكن كتابُ الوالد صحبتَكم، لتُلحِقوا فيه المتجدِّدات المذكورات، إن شاء الله". وقد كتب الحافظ ابن حجر عنوان هذه النسخة بخط يده كما يلي: "كتاب التمييز في تخريج شرح الوجيز، تلخيص الفقير أحمد بن حجر عفا الله تعالى عنه بمنه وكرمه، والحمد لله رب العالمين". ¬
والعبارات المسطَّرة مع هذا العنوان مزيدُ دَليلٍ على أنّها من المؤلف نفسه، فوصف نفسه بالفقرء كعادته (¬1) - مجرّدًا عن كلِّ شارات التعظيم وألفاظ التّبجيل المصاحبة عادةً لعبارات التّلاميذ أو النّساخ في تَسمية شَيخهم، فاكتفى بطلب العفو مِن الله تعالى، بخلاف ما جاء على طرّة النّسخة نفسِها حيثُ أعيد تقييدُ العنوان بخطِّ مغاير للأوَّل جاء فيه: " كتاب التمييز في تخريج أحاديث شرح الوجيز، للشيخ شهاب الدِّين ابن حجر العسقلاني [المعروض] (¬2) على مصنّفه". وقد وقع لي من هذه النّسخة الجزء الأول فقط، من بداية الكتاب إلى نهاية كتاب الاعتكاف، وجاء في ختام الجزء الأول ما يلي: "كمل هذا الكتاب وهو الوجيز في تخريج أحاديث الإِمام أبي القاسم الرافعي -رحمه الله-. وصلى الله على سيدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين، ورضي الله تعالى عن سائر أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجمعين، وحسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم". فقول الناسخ: ". . . وهو الوجيز في تخريج أحاديث الإِمام أبي القاسم الرافعي. . ." غَلَطٌ بَيِّن، فالوجيز اسم لكتاب الغزالي في الفقه، وعليه شرح أبي القاسم الرّافعي، وتخريج الحافظ إنما هو لأحاديث الشّرح. . وقد رمزت لهذه النسخة بـ (ب). ¬
* نسخة (جـ) مصورة من مركز الملك فيصل بالرّياض: وهي نسخةٌ جَيِّدة، بخط نسخيٍّ واضحِ، لم يحدَّد لها تاريخ النّسخ، لكنّها كُتبت في حياة المؤلِّف كما يبدو من دعاء جاء في طرتها؛ فَكُتب عليها هكذا: "الجزء الأوّل من تخريج أحاديث الرّافعي، تلخيص سيدنا ومولانا قاضي القضاة، شيخ الإِسلام والمسلمين، ملك العلماء، بغية المجتهدين، الحافظ شهاب الدِّين أبي الفضل أحمد العسقلاني الشّافعي الشهير بابن حجر، أبقاه الله تعالى، وأدام النَّفع بعلومه بمحمّد وآله آمين". وَسؤال الله بقاءَ مَعَيَّن لا يكون إلاَّ في حَالِ حَياته. وقد تملَّك هذه النسخة عددٌ من العلماء، منهم: إسماعيل بن محمَّد العجلوني الجراحي، المتوفى (1162 هـ) صاحب كتاب "كشف الخفاء"، ودخلت النسخة في ملكه سنة (123 هـ)، ثم صارت من كتب عبد الله بن زين الدين البصروي الشّافعي. ووقع لي من هذه النّسخة الجزء الأوّل فقط، وينتهي بنهاية باب (صفة الصّلاة)، وهي نسخةٌ جيِّدة قليلةُ الأخطاء، وقد رمزت لها بـ: (ج). 4 - نسخة (د): كُتب على طرتها: "الجزء الأول من تلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير، تأليف الإِمام الحافظ الحجة بقية المحدثين وواسطة عقد العلماء، المتقين، شهاب الدين أحمد بن علي بن علي العسقلاني المشهور بابن حجر تغمده الله برحمته. كتبت بخط نسخي جَميل، لم أعرف ناسخها ولا تاريخ نسخها لكونها غَير
كاملةٍ، لكن يظهر من خطِّبها أنها كانت متأخِّرة جدًا. وقد وضع ناسخا في أولها فهرسًا لمضمون الجزء الأول مع الإشارة إلى أرقام الصّفحات، وقال: "ويليه الجزء الثاني إن شاء الله". وهي عندي في ثلاثة أجزاء، ولا يظهر أن التجزئة من عمل الناسخ، إذ ليس في أواخرها ما ينبئ بنهاية كل جزء، وبداية الّذي يليه، على ما جرت به العادة بكتابة مثل ذلك في نهايات الأجزاء. وينتهي الجزء الموجود لديّ في كتاب إحياء الموات عند قوله: "نعم وصله الطبراني في "الكبير" من طريق عبد الرّحمن بن سلام، عن سفيان، فقال: عن يحيى بن جعدة". وقد رمزت لها بـ (د). 5 - نسخة (هـ): وهي -كتلك- نسخة متأخرة بعناية إسماعيل بن محمّد حنش، وكان الفراغُ من تحصيل الكتاب في سنة 167 أص كما جاء في آخرها. وهي نسخةٌ ناقصةٌ من أوَّلها، تبتدئ بكتاب الفرائض. لكن رغم تأخّرها إلاَّ أنّها مستقيمةٌ في الجملة، مقاربة في ضبطها للنُّسخ المتقدِّمة فاستفدتُ منها كثيرًا، ورمزتُ لها بـ (هـ). 6. نسخة (م) وهي نسخة الجامع الكبير بصنعاء برقم (449) وتقع في 209 ورقة كتبت سنة 826هـ، أي في في حياة مؤلفها ولا يعلم ناسخها. * * * *
نماذج مصورة من النسخ الخطية
نَمَاذِج مُصَوَّرَة مِنَ النُّسَخ الْخَطِّيَّة
صفحة الغلاف لنسخة القرويين
الورقة الأولى من نسخة القرويين
الصفحة الأخيرة من نسخة القرويين
صفحة الغلاف لنسخة (ب) تشستربتي
الصفحة الأخيرة لنسخة (ب) تشستربتي
صفحة الغلاف لنسخة (جـ) بمركز الملك فيصل
الصفحة الأخيرة لنسخة (جـ) بمركز الملك فيصل
صفحة الغلاف لنسخة (د)
الصفحة الأولى لنسخة (د)
الصفحة الأخيرة لنسخة (د)
صفحة الغلاف لنسخة (هـ)
الصفحة الأولى لنسخة (هـ)
الصفحة الأخيرة لنسخة (هـ)
صفحة الغلاف لنسخة (م) اليمنية
الصفحة الأولى لنسخة (م) اليمنية
الصفحة الأخيرة لنسخة (م) اليمنية
نص الكتاب المحقق كتاب التمييز في تلخيص تخريج أحاديث شرح الوجيز المشهور بـ التلخيص الحبير دراسة وتحقيق الدكتور محمَّد الثاني بن عمر بن موسى
(مقدمة المصنف)
بسم الله الرحمن الرحيم (مقدمة المصنف) رب يسر وأعن بفضلك يا كريم (¬1) الحَمْدُ لله مُخْرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحَيّ، العلم بما تُخْفِي الصُّدُور وتبديه من كل شي، أحمده على نعمه، وأعوذ به في أداء شكرها من المطل واللي، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الذي هدانا إلى الرُّشد على رغم أنف أهل الغَيّ وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله الذي أباح له الفي، وأظل أمته من ظل هديه بأوسع في صلى الله عليه وعلى آله وصحبه من كل قبيلة وحي. أمّا بعد، فقد وَقَفْتُ على تخريج أحاديث "شرح الوجيز" للإمام أبي القاسم الرّافعي شَكَرَ اللهُ سَعْيه، لجماعة من المتأخرين؛ منهم: القاضي عزّ الدّين ابن جماعة، والإمام أبو أمامة ابن النقّاش والعلامة سراج الدّين عمر بن علي الأنصاري، والمفتي بدر الدين محمَّد بن عبد الله الزّركشي، وعند كلّ منهم ما ليس عند الآخر من الفوائد والزَّوَائد، وَأَوْسَعها عبارة وأخلصها إشارة كتاب شيخنا سراج الدّين، إلا أنّه أطاله بالتّكرار فجاء في سبع مجلّدات، ثمّ رأيته لَخَّصه في مجلَّدةٍ لطيفةٍ أخلّ فيها بكثيرٍ من مقاصد المطوّل وتنبيهاته، فرأيت ¬
تلخيصه في قدر ثلث حجمه مع الالتزام بنحصيل مقاصده، فمنّ الله بذلك ثمّ تتبعت عليه الفوائد الزوائد من تخاريج المذكورين معه، ومن تخريج "أحاديث الهداية" في فقه الحنفية للإمام جمال الدين الزيلعي؛ لأنه ينبّه فيه على ما يحتجّ به مخالفوه. وأرجو الله إن تمّ هذا التّتبع أن يكون حاويًا لجلِّ ما يَستدل به الفقهاءُ في مصنّفاتهم في الفروع، وهذا مقصِد جليل. والله تعالى المسئُول أن ينفعنا بما علّمنا، ويعلّمنا ما ينفعنا، وأن يزيدنا علمًا وأن يعيذنا من حال أهل النار، وله الحمد على كلّ حال. * * * *
(1) كتاب الطهارة
(1) كتاب الطهارة
باب الماء الطاهر
باب الماء الطاهر 1 - [1]- حديث البحر: "هُو الطّهور ماؤه". مالك (¬1) والشافعي عنه (¬2)، والأربعة (¬3) وابن خزيمة (¬4) وابن حبان (¬5) وابن الجارود (¬6) والحاكم (¬7) والدّارَقطني (¬8) والبيهقيُّ (¬9)، وصَححَه البخاري فيما حكاه عنه الترمذي (¬10). وتعقّبه ابن عبد البر (¬11) بأنه لو كان صحيحًا عنده لأخرجه في "صحيحه". ¬
وهذا مردود؛ لأنه لم يلتزم الاستيعاب (¬1). ثمّ حكم ابن عبد البر مع ذلك بصحّته لتلقّي العلماء له بالقبول، فردّه من حيث الإِسناد، وقَبِلَه من حيث المعنى، وقد حكم بصحّة جملةٍ من الأحاديث لا تبلغ درجة هذا ولا تقاربه. ورجّح ابن منده صحّته، وصَحَّحَه أيضًا ابن المنذر، وأبو محمّد البغوي (¬2)، ومداره على صفوان بن سليم، عن سعيد بن سلمة، عن المغيرة بن أبي بردة، عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى رسول الله -صلي الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ بماء البحر؟ فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "هو الطّهُورُ ماؤُه، الحِلُّ مَيتَتُه". رواه عنه مالك وأبو أويس (¬3)، قال الشّافعي (¬4): في إسناد هذا الحديث من لا أعرفه. ¬
قال البيهقي (¬1): يحتمل أن يريد سعيد بن سلمة أو المغيرة أو [كليهما] (¬2). قلت: لم ينفرد به سعيد عن المغيرة؛ فقد رواه عنه يحيى بن سعيد الأنصاري إلا أنّه اختلف عليه فيه، والاضطراب منه، فرواه ابن عيينة، عن يحيى بن سعيد، عن رجل من أهل المغرب يقال له: المغيرة بن عبد الله بن أبي بردة: أن ناسا من بني مدلج أتوا رسول الله- صلى الله عليه وسلم - فذكره. وقيل: عنه، عن المغيرة، عن رجل من بني مدلج. وقيل: عن يحيى، عن المغيرة، عن أبيه (¬3) /. وقيل: عن يحيى، عن المغيرة بن عبد الله، أو عبد الله بن المغيرة. وقيل عن يحيي، عن عبد الله بن المغيرة، عن أبيه، عن رجل من بني مدلج، اسمه عبد الله مرفوعًا. وقيل: عن يحيى، عن عبد الله بن المغيرة، عن أبي بردة مرفوعًا. وقيل: عن المغيرة عن عبد الله المدلجي. ذكرها الدّارَقطني وقال: أشبهها بالصواب قول مالك ومن تابعه (¬4). وقال ابن حبان: من قال فيه: عن المغيرة، عن أبيه، فقد وهم، والصّواب عن المغيرة، عن أبي هريرة. وأمّا حال المغيرة؛ فقد روى الآجرّي، عن أبي داود أنّه قال: المغيرة بن ¬
أبي بردة معروف. وقال ابن عبد البر (¬1): وجدت اسمه في "مغازي موسى ابن نصير". وقال ابن عبد الحكم (¬2): اجتمع عليه أهل إفريقية [أن يؤمروه] (¬3) بعد قتل يزيد ابن أبي مسلم فأبى. انتهى. ووثقه النسائي (¬4)، فعلم بهذا غلط من زعم أنّه مجهول لا يعرف. وأمّا سعيد بن سلمة؛ فقد تابع صفوان بن سليم على روايته له عنه: الجلاحُ أبو كثير رواه عنه اللّيث بن سعد وعمرو بن الحارث وغيرهما، ومن طريق اللّيث رواه أحمد (¬5) والحاكم (¬6) والبيهقيُّ (¬7) عنه وسياقه أتم، قال: كنا عند ¬
رسول الله- صلى الله عليه وسلم - يوما فجاءه صياد فقال: يا رسول الله إنا ننطلق في البحر نريد الصيد، فيحمل أحدنا معه الإداوة، وهو يرجو أن يأخذ الصيد قريبا فربما وجده كذلك، وربما لم يجد الصّيد، حتى يبلغ من البحر مكانا لم يظن أن يبلغه فلعله يحتلم أو يتوضأ، فإن اغتسل أوتوضأ بهذا الماء فلعل أحدنا يهلكه العطش، فهل ترى في ماء البحر أن نغتسل به أو نتوضأ به إذا خفنا ذلك؟ فزعم أن رسول الله -صلي الله عليه وسلم - قال: "اغْتَسِلوا منه، وتوضَّؤوا بِه؛ فإنّه الطَّهُورُ ماؤُه، الْحِلُّ مَيْتَتُه". قلت: ورواه عن مالك مختصرًا للقصّة أبو بكر بن أبي شيبة في "مصنفه" (¬1) عن حمّاد بن خالد، عن مالك بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم - البحر: "هو الطّهُور ماؤه، الحلّ مَيْتَتُه". وهذا أشبه بسياق صاحب الكتاب. وفي الباب: [2]- عن جابر بن عبد الله: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن ماء البحر؟ فقال: "هو الطّهور مَاؤُه الحلّ مَيْتتُه". رواه أحمد (¬2) وابن ماجه (¬3) وابن حبان (¬4) والدّارَقطنىّ (¬5) والحاكم (¬6) من ¬
طريق عُبيد الله بن مقسم عنه. قال أبو علي بن السكن: حديث جابر أصحّ ما روي في هذا الباب. ورواه الطّبراني في "الكبير" (¬1) والدّارَقطنيّ (¬2) والحاكم (¬3) من حديث المعافى بن عمران، عن ابن جُريج، عن أبي الزُّبير، عن جابر. وإسناده حسن ليس فيه إلا ما يخشى من التّدليس (¬4). [3]- ورواه الدّارَقطني (¬5) والحاكم (¬6) من حديث موسى بن سلمة، عن ابن عباس، قال: سئل رسول الله -صلي الله عليه وسلم - عن ماء البحر؟ فقال: "مَاءُ الْبَحْرِ طَهُور". ورواته ثقات لكن صحَّحَ الدّارَقطني وقفه (¬7). [4]- ورواه ابن ماجه (¬8) من حديث يحيى بن بكير عن الليث عن جعفر بن ربيعة [عن بكر بن سوادة] (¬9)، عن مسلم بن مخشى (¬10)، عن ابن الفِرَاسي قال: ¬
كنت أصيد، وكانت لي قربة أجعل فيها ماء، وإني توضأت بماء البحر، فذكرت ذلك لرسول الله -صلي الله عليه وسلم - فقال: "هُو الطّهُور ماؤُه، الحلُّ مَيتتُه". قال الترمذي (¬1): سألت محمدًا عنه، فقال: هذا مرسل؛ لم يدرك ابن الفراسي النبي - صلى الله عليه وسلم -، والفراسي له صحبة (¬2). قلت: فعلى هذا كأنه سقط من الرِّواية: عن "أبيه"، أو أن قوله: "بن" زيادة، فقد ذكر البخاري أن مسلم بن مخشى لم يدرك الفراسي نفسه، وإنما يروي عن ابنه، وأن الابن ليست له صحبة، وقد رواه البيهقي (¬3) من طريق شيخ شيخ ابن ماجه يحيى بن بكير عن الليث عن جعفر بن ربيعة عن مسلم بن مخشي أنّه حدَّثه: أن الفراسي قال: كنت أصيد. . . . فهذا السياق مجوَّد، وهو على رأي البخاريّ مرسل (¬4). [5]- وروى الدّارَقطني (¬5) والحاكم (¬6) من/ (¬7) حديث عمرو بن شُعيب عن ¬
أبيه عن جده: أن رسول الله -صلي الله عليه وسلم - قال: "مَيْتةُ الْبحْرِ حلالٌ وماؤُه طَهُور". وهو من طريق المثنى، عن عمرو. والمثنى (¬1) ضعيف. ووقع في رواية الحاكم: "الأوزاعي" بدل "المثنى" وهو غير محفوظ. [6]- ورواه الدّارَقطني (¬2) والحاكم (¬3) من حديث علي بن أبي طالب، من طريق أهل البيت (¬4). وفي إسناده من لا يعرف. [7]- وروى الدّارَقطني (¬5) من طريق عمرو بن دينار، عن عبد الرحمن بن أبي هريرة (¬6)، أنّه سأل ابن عمر: آكل ما طفا على الماء؟ قال: إنّ طافيه ميتة (¬7). وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنّ مَاءَهُ طَهُورٌ، وميتته حلُّ". ¬
تنبيه
[8]- ورواه الدّارَقطني (¬1) من حديث أبي بكر الصديق، وفي إسناده عبد العزيز بن أبي ثابت وهو ضعيف (¬2)، وصحح الدّارَقطني وقفه (¬3) وكذا ابن حبان في "الضعفاء" (¬4). تنبيه وقع في بعض الطرق التي ذكرها الدّارَقطني: أنّ اسم السّائل عبد الله المدلجي وكذا ساقه ابن بشكوال بإسناده (¬5). وأورده الطّبراني فيمن اسمه عبد، وتبعه أبو موسى فقال: عبد أبو زمعة البلوي الّذي سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ماء البحر. قال ابن منيع: بلغني أنّ اسمه عبد، وقيل: اسمه عبيد -بالتصغير-. وقال السّمعاني في "الأنساب" (¬6): اسمه العربي. وغلط في ذلك، وإنما العربي وصفٌ له، وهو ملّاح السفينة. ¬
قال أبو موسى (¬1): وأورده ابن مَنده (¬2) فيمن اسمه عركى، والعركى هو الملاح وليس هو اسمًا. والله أعلم. وقال الحميدي: قال الشَّافعي: هذا الحديث نصف علم الطّهارة. 2 - [9]-حديث: أنّه - صلى الله عليه وسلم - توضأ من بئر بضاعة. الشَّافعي (¬3) وأحمد (¬4) وأصحاب "السنن" (¬5) والدّارَقطنيّ (¬6) والحاكم (¬7) والبيهقيُّ (¬8) من حديث أبي سعيد الخدري قال: قيل: يا رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أتتوضأ من ¬
بئر بضاعة، وهي بئر يُلْقَى فيها الْحِيَضُ ولحومُ الكلاب والنتن؟ فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "إنّ الماءَ طَهُوز لا يُنَجِّسه شىءٌ". لفظ الترمذي، وقال: حديث حسن، وقد جوده أبو أسامة (¬1). وصَحَّحَه أحمد ابن حنبل (¬2) ويحعى بن معين (¬3) وأبو محمَّد ابن حزم ونقل ابن الجوزي (¬4) أن الدّارَقطني قال: إنّه ليس بثابن. ولم نر ذلك في "العلل" له ولا في "السنن" (¬5). وقد ذكر في "العلل" (¬6) الاختلاف فيه على ابن إسحاق وغيره، وقال في آخر الكلام عليه: وأحسنها إسنادا رواية الوليد بن كثير عن محمَّد بن كعب -يعني عن عبد الله بن عبد الرحمن بن رافع، عن أبي سعيد. وأعله ابن القطّان (¬7) بجهالة راويه عن أبي سعيد، واختلاف الرُّواة في اسمه واسم أبيه. قال ابن القطّان (¬8): وله طريق أحسن من هذه. ¬
[10]- قال قاسم بن أصبغ في "مصنفه" (¬1): حدثنا محمّد بن وضاح، حدثنا عبد الصمد بن أبي سكينة الحلبي بحلب، حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه، عن سهل بن سعد، قال: قالوا: يا رسول الله -صلي الله عليه وسلم -إنّك تتوضأ من بئر بُضاعة وفيها ما ينجى النّاس، والمحايض والخبث! فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "الماءُ لا يُنَجِّسه شيءٌ". وقال محمّد بن عبد الملك بن أبيمن في "مستخرجه على سنن أبي داود": حدثنا محمّد بن وضاح به. قال ابن وضاح: لقيت ابن أبي سكينة بحلب فذكره. وقال قاسم بن أصبغ: هذا من أحسن شيء في بئر بضاعة. وقال ابن حزم (¬2): عبد الصمد ثقة مشهور. قال قاسم: ويروى عن سهل بن سعد في بئر بضاعة من طرق هذا خيرها. وقال ابن منده في حديث أبي سعيد هذا: إسناد مشهور. قلت: ابن أبي سكينة الذي زعم ابن حزم أنّه مشهور، قال ابن عبد البر وغير واحد: إنّه مجهول. ولم نجد عنه راويًا إلا محمَّد بن وَضَّاح. تنبيه قوله: "أتتوضأ" - بنائين مثناتين من فوق- خطاب للنّبي - صلى الله عليه وسلم -. قال الشَّافعي: كانت بئر بضاعة كبيرة واسعة وكيان يطرح فيها من/ (¬3) الأنجاس ¬
ما لا يغيّر لها لونًا ولا طعمًا ولا يظهر له ريح، فقيل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: تتوضأ من بئر بضاعة وهي يُطرح فيها كذا وكذا؟ فقال مجيبًا: "الماءُ لا يُنَجِّسه شَيْءٌ". قلت: وأصرحُ من ذلك ما رواه النّسائي (¬1) بلفظ: مررت بالنّبي - صلى الله عليه وسلم -وهو يتوضّأ من بئر بضاعة، فقلت: أتتوضأ منها وهي يطرح فيها ما يكره من النتن؟ فقال: "إنّ الماءَ لا يُنجّسه شَيءٌ". وقد وقع مصرَّحًا به في رواية قاسم بن أصبغ في حديث سهل بن سعد أيضًا، وهذا أشبه بسياق صاحب الكتاب. 3 - قوله: وكان ماء هذه البئر كنقاعة الحناء. هذا الوصف لهذه البئر، لم أجد له أصلًا. قلت: ذكره ابن المنذر فقال: ويروى: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ من بئر كأن ماءه نقاعة الحناء. فلعلّ هذا معتمد الرافعي فينظر إسناده من كتابه الكبير انتهى. وقد ذكره ابن الجوزي في "تلقينه" (¬2): أنّه - صلى الله عليه وسلم - توضأ من غديرٍ ماؤه كنقاعة الحنّاء. وكذا ذكره ابن دقيق العيد فيما علّقه على "فروع ابن الحاجب". وفي الجملة لم يرد ذلك في بئر بضاعة، وقد جزم الشّافعي (¬3) بأنّ بئر بضاعة كانت لا تتغير بإلقاء ما يلقى فيها من النّجاسات؛ لكثرة مائها. ¬
وروى أبو داود عن قَيِّمِها ما يراجع منه (¬1). وروى الطحاوي (¬2) عن الواقدي: أنّها كانت سيحا تجري، ثمّ أطال في ذلك وقد خالفه البلاذري في "تاريخه" فروى عن إبراهيم بن غياث، عن الواقدي قال: تكون بئر بضاعة سبعأبي سبع وعيونها كثيرة فهي لا تنزح. 4 - [11]- حديث: روي أنّه - صلى الله عليه وسلم - قال: "خَلَق الله الماءَ طَهُورًا لا يُنجّسه شيءٌ إلاَّ ما غَيَّر طَعْمَة أو رِيحَه". لم أجده هكذا، وقد تقدم في حديث أبي سعيد بلفظ: "إنَّ الماءَ طَهُورٌ لا يُنَجِّسُه شَيْءٌ" وليس فيه: (خلق الله) ولا الاستثناء. وفي الباب كذلك: [12]- عن جابر بلفظ: "إنَّ الماءَ لايُنَجَّسُه شيءٌ" وفيه قصة. ¬
رواه ابن ماجه (¬1) وفي إسناده أبو سفيان طريف بن شهاب، وهو ضعيف متروك، وقد اختلف فيه على شريك الراوي عنه (¬2). [13]-وعن ابن عباس رضي الله عنه بلفظ: "الماء لا ينجِّسُه شيءٌ". رواه أحمد (¬3) وابن خزيمة (¬4) وابن حبان (¬5). ورواه أصحاب السّنن (¬6) بلفظ: "إنّ الماءَ لا يجنُب" وفيه قصة. وقال الحازمي: لا يعرف مجوَّدًا إلا من حديث سماك بن حرب، عن عكرمة وسماك مختلف فيه (¬7)، وقد احتج به مسلم (¬8). [14]- وعن سهل بن سعد، رواه الدّارَقطني (¬9). ¬
[15]- وعن عائشة، بلفظ: "إنّ الماء لا يُنَجِّسه شيءٌ" رواه الطّبراني في "الأوسط" (¬1) وأبو يعلى (¬2) والبزار (¬3) وأبو علي بن السّكن في "صحاحه"، من حديث شريك. ورواه أحمد (¬4) من طريق أخرى صحيحة، لكنه موقوف. وفي "المصنف" (¬5) والدّارَقطنّى (¬6) من طريق داود بن أبي هند، عن سعيد بن المسيب قال: أنزل الله الماء طهورًا لا ينجِّسه شيء. [6]- وأمّا الاستثناء فرواه الدّارَقطني (¬7) من حديث ثوبان بلفظ: "الماءُ طَهور لايُنَجّسه شيء إلاَّ ما غَلَب على ريحِه أو طَعْمِه". وفيه رِشدين بن سعد، وهو متروك (¬8). ¬
وقال ابن يونس (¬1): كان رجلًا صالحًا لا شكّ في فضله، أدركته غفلة الصالحين فخلَّط في الحديث. [7]- وعن أبي أمامة مثله. رواه ابن ماجه (¬2) والطبراني (¬3) وفيه رشدين أيضًا. ورواه البيهقي (¬4) بلفظ: "إنّ الماء طاهرٌ إلاَّ إنْ تَغَيَّر ريحه أو طَعْمُه أو لونُه بنجاسةٍ تَحْدُثُ فِيه". أورده من طريق عطية بن بقية، عن أبيه، عن ثور، عن راشد بن سعد، عن أبي أمامة. وفيه تعقب على من زعم أنّ رِشدين بن سعد تفرّد بوصله (¬5). ورواه الطحاوي (¬6) والدّارَقطنيّ (¬7) من طريق راشد بن سعد مرسلًا بلفظ: "الماءُ لا ينجِّسه شيءٌ إلاَّ مَا غَلَبَ عَلَى رِيحِهِ أوْ طَعْمِهِ". زاد الطّحاوي: ". . . أو لَوْنِه". وصحّح أبو حاتم (¬8) إرساله. قال ¬
الدّارَقطني في "العلل" (¬1): هذا الحديث يرويه رشدين بن سعد، عن معاوية ابن صالح، عن راشد بن سعد، عن أبي أمامة. وخالفه الأحوص/ (¬2) بن حكيم؛ فروإه عن راشد بن سعد مرسلًا. وقال أبو أسامة عن الأحوص عن راشد قوله. قال الدّارَقطني: ولا يثبت هذا الحديث. وقال الشّافعي (¬3): ما قلتُ من أنّه إذا تغير طعم الماء [أو] ريحه [أو] (¬4) لونه كان نجسا، يُروَى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجه لا يُثبِت أهلُ الحديث مثله، وهو قول العامّة لا أعلم بينهم خلافًا. وقال النّووي (¬5): اتفق المحدّثون على تضعيفه. وقال ابن المنذر (¬6): أجمع العلماء على أن الماء القليل والكثير إذا وقعت فيه نجاسة فغيّرت له طعمًا أو لونًا أو ريحًا فهو نجس. 5 - قوله: نصّ الشّارع على الطعم والرِّيح، وقاس الشَّافعي اللّون عليهما. هذا الكلام تَبع فيه صاحبَ "المهذب" (¬7)، وكذا قاله الرّوياني في "البحر"، وكأنّهما لم يقفا على الرِّواية التي فيها ذِكْر اللّون، ولا يقال: لعلّهما ترسماها ¬
تنبيه
لضعفها؛ لأنّهما لو راعيا الضّعف لتركا الحديثَ جملةً؛ فقد قدمنا عن صاحب [المذهب] (¬1) أنّه لا يثبت، ونصّ مع ذلك فيه على اللّون في نفس الخبر. 6 - قوله: وحمل الشَّافعي الخبر على الكبير؛ لأنه ورد في بئر بضاعة وكان ماؤها كثيرًاً. وهذا مصير منه إلى أن هذا الحديث ورد في بئر بضاعة، وليس كذلك، نعم صدر الحديث كما قدمناه -دون قوله: "خلق الله"- هو في حديث بئر بضاعة. وأمّا الاستثناء الذي هو موضع الحجة منه فلا، والرّافعي كأنّه تبع الغزَّالي في هذه المقالة؛ فإنّه قال في "المستصفى" (¬2): لأنه - صلى الله عليه وسلم - لما سئل عن بئر بضاعة؟ قال: "خَلَق الله الماءَ طَهُورًا لا يُنَجَّسه شَيءٌ إلاَّ مَا غَيَّر لونَه أو طَعْمَه أوريحَه". وكلامه متعقَّب لما ذكرناه، وقد تبعه ابن الحاجب في "المختصر" (¬3) في الكلام على العام، وهو خطأ. والله الموفِّق تنبيه وقع لابن الرّفعة أشدّ من هذا الوهم؛ فإنّه عزا هذا الاستثناء إلى رواية أبي داود، فقال ورواية أبي داود: "خلق الله الماءَ طَهُورًا لا يُنَجِّسه إلا مَا غَيَّر طَعْمَه أو رِيحه" ووهم في ذلك فليس هذا في "سنن أبي داود" أصلًا. ¬
فائدة
فائدة أهمل الرّافعي الاستدلال على أنّ الماء لا تُسْلَب طهوريته بالتّغيّر اليسير، بنحو الزّعفران والدّقيق: [18]-وعند ابن خزيمة (¬1) والنسّائي (¬2) من حديث أم هاني: أنّ رسول الله- صلى الله عليه وسلم - اغتسل هو وميمونة من إناء واحد من قصعة فيها أثر العجين. وفي الباب: [19]- حديث الزُّبير في غسل النّبي - صلى الله عليه وسلم - وجهه من الدّم الذي أصابه بأحد بماء آجن أي متغَيِّر. رواه البيهقي (¬3). (¬4). 7 - [20]- حديث: "إِذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُليتَينِ لَمْ يَحْمِلْ خَبَثًا". الشَّافعي (¬5) وأحمد (¬6) والأربعة (¬7) وابن خزيمة (¬8) وابن حبّان (¬9) ¬
والحاكم (¬1) والدّارَقطنيّ (¬2) والبيهقيُّ (¬3) من حديث عبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، عن أبيه، ولفظ أبي داود: سئل رسول الله- صلى الله عليه وسلم - عن الماء وما ينوبه من السّباع والدّواب؟ فقال رسول الله -صلي الله عليه وسلم -: "إذًا كَانَ الماء قُلَّتين لم يَحْمِل الخَبَثَ". ولفظ الحاكم فقال: "إذًا كَانَ الْمَاءُ قُلّتين لم يُنَجِّسْه شيءٌ". وفي رواية لأبي داود (¬4) وابن ماجه (¬5): " فإنّه لا يَنْجُس". قال الحاكم: صحيحٌ على شرطهما، وقد احتجّا بجميع رواته (¬6). وقال ابن مَنده: إسناده على شرط مسلم. ومداره على الوليد بن كثير. فقيل: عنه، عن محمّد بن جعفر بن الزُّبير. وقيل: عنه، عن محمّد بن عباد ابن جعفر. وتارة: عن عُبيد الله بن عبد الله بن عمر. وتارة: عن عبد الله بن عبد الله بن عمر. والجواب: أن هذا/ (¬7) ليس اضطرابًا قادحا؛ فإنه-على تقدير أن يكون ¬
الجميع محفوظًا- انتقالٌ من ثقة إلى ثقة، وعند التحقيق: الصّواب أنّه عند (¬1) الوليد بن كثير، عن محمّد بن عباد بن جعفر، عن عبد الله بن عبد الله بن عمر -المكبر-، وعن محمّد بن جعفر بن الزُّبير، عن عُبيد الله بن عبد الله بن عمر - المصغر-، ومن رواه على غير هذا الوجه فقد وهم. وقد رواه جماعة عن أبي أسامة، عن الوليد بن كثير على الوجهين. وله طريق ثالثة رواها الحاكم وغيره من طريق حمّاد سلمة، عن عاصم بن المنذر، عن عبد الله بن عبد الله بن عمر، عن أبيه. وسئل ابن معين عن هذه الطريق، فقال: إسنادها جيد، قيل له: فإن ابن علية لم يرفعه؟ فقال: وإن لم يحفظه ابن علية فالحديث جيد الإِسناد. وقال ابن عبد البر في "التمهيد" (¬2): ما ذهب إليه الشّافعي من حديث القلتين مذهب ضعيف من جهة النظر، غير ثابت من جهة الأثر؛ لأنه حديث تكلم فيه جماعة من أهل العلم، ولأن القلتين لم يوقف على حقيقة مبلغهما في أثر ثابت ولا إجماع. وقال في "الاستذكار" (¬3): حديث معلول رده إسماعيل القاضي وتكلم فيه. وقال الطحاوي (¬4): إنما لم نقل به؛ لأن مقدار القلتين لم يثبت. وقال ابن دقيق العيد (¬5): هذا الحديث قد صحّحه بعضهم، وهو صحيحٌ على ¬
طريقة الفقهاء؛ لأنّه وإن كان مضطرب الإِسناد مختلفأبي بعض ألفاظه فإنّه يجاب عنها بجواب صحيح، [فإنه] (¬1) أيمكن الجمع بين الرِّوايات، ولكني تركته؛ لأنه لم يثبت عندنا بطريق استقلالي يجب الرجوع إليه شرعًا تعيين مقدار القلتين. قلت: كأنه يشير إلى: [21]- ما رواه ابن عدي (¬2) من حديث ابن عمر "إذَا بَلَغ الماءُ قُلَّتَيْن من قِلال هَجَر لَم يُنَجِّسه شَيءٌ". وفي إسناده المغيرة بن صقلاب، وهو منكر الحديث. قال النفيلي (¬3): لم يكن مؤتمنا على الحديث. وقال ابن عدي (¬4): لا يتابَع على عامَّة حديثه. وأمّا ما اعتمده الشّافعي في ذلك فهو ما ذكره في "الأم" (¬5) و"المختصر" (¬6) بعد أن روى حديث ابن عمر قال: [22]- أخبرنا مسلم بن خالد الزّنجي، عن ابن جُريج -بإسناد لا يحضرني ذكره- أنّ رسول الله -صلي الله عليه وسلم - قال: "إذًا كَانَ الماءُ قُلَّتَيْن لَمْ يَحْمِلْ نَجَسًا". وقال في الحديث: "بقِلَالِ هَجَر". قال ابن جُريج: ورأيت قِلالَ هَجَر فالقُلّة تَسَع قِرْبَتَيْن أو قِرْبَتَيْن وشيئًا. ¬
قال الشَّافعي (¬1): فالاحتياط أن تكون القُلّة قِرْبَتَيْن ونصفًا؛ فإذا كان الماء خمس قِرَب لم يحمل نَجَسأبي جرّ كان أو غيره، وقِرَبُ الحجاز كبار، فلا يكون الماء الذي لا يحمل النجاسة إلا بقِرَب كبار. انتهى كلامه. وفيه مباحث: الأول: في تبيين الإِسناد الذي لم يحضر الشَّافعي ذكره. والثاني: في كونه متَّصلًا أم لا. والثالث: في كون التقييد بقِلال هَجَر في المرفوع. والرابع: في ثبوت كون القِرْبة كبيرةً لاصغيرةً. الخامس: في ثبوت التّقدير للقُلّة بالزّيادة على القِرْبَتَيْن. فالأوّل: في بيان الإِسناد، وهو [23]- ما رواه الحاكم أبو أحمد، والبيهقيُّ (¬2) وغيرهما من طريق أبي قُرّة موسى بن طارق، عن ابن جُريج، قال: أخبرني محمّد، أنّ يحيى بن عُقيل أخبره أنّ يحيى بن يعمر أخبره: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذَا كَانَ الماءُ قُلَتَّيْنِ لَمْ يَحْمِلْ نَجَسًا ولا بَأْسًا". قال: فقلت ليحيى بن عقيل أيّ قِلَال؟ قال: قِلَال هَجَر. قال محمّد: رأيت قِلالَ هَجَر فأظنّ كلّ قلّة تأخذ قربتين. وقال الدّارَقطني (¬3): حدثنا أبو بكر النيسابوري، حدثنا أبو حميد المصيصي حدّثنا حجاج، عن ابن جُريج، مثله. ¬
وقال في آخره: قال: فقلت ليحى بن عقيل: قلال هجر؟ قال: قلال هَجَر. قال فأظنّ أنّ كل قُلّة تأخذ قِرْبتين. قال الحاكم أبو أحمد: محمّد، شيخ ابن جُريج هو محمّد بن يحيى، له رواية عن يحيى بن أبي كثير أيضًا. قلت: وكيف ما كان فهو مجهول. الثّاني: في بيان كون الإِسناد متّصلًا أم لا، وقد ظهر أنّه مرسل؛ لأنّ/ (¬1) يحيى بن يعمر تابعي، ويحتمل أن يكون سمعه من ابن عمر؛ لأنّه معروف من حديثه، وإن كان غيره من الصّحابة رواه، لكن يحيى بن يعمر معروف بالحمل عن ابن عمر. وقد اختُلف فيه على ابن جُريج [24]- رواه عبد الرزاق في "مصنفه" (¬2) عنه، قال: حُدِّثْت أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذًا كَانَ الماءُ قُلتَيْن لَمْ يَحْمِلْ نَجَسأولا بَأْسًا". قال ابن جُريج: زعموا أنّها قلال هَجَر. قال عبد الرزاق: قال ابن جُريج: قال الّذي أخبرني عن القلال: فرأيتُ قِلالَ هَجَر بعدُ فأظنّ أن كل قُلَّة تأخذ قِرْبتين. البحث الثالث: في كون التّقييد بقِلال هَجَر ليس في الحديث المرفوع، وهو كذلك إلا في الرِّواية التي تقدّمت قبلُ من رواية المغيرة بن صقلاب. وقد تقدّم ¬
أنّه غير صحيحٌ. لكن أصحاب الشَّافعي قَوَّوْا كونَ المراد قِلالَ هَجَر بكثرة استعمال العرب لها في أشعارهم، كما قال أبو عبيد في "كتاب الطهور" (¬1). وكذلك ورد التّقييد بها في الحديث الصحيح. قال البيهقي: قِلالُ هَجَر كانت مشهورةٌ عندهم ولهذا شبّه رسول الله -صلي الله عليه وسلم - ما رأى ليلةَ المعراج من نبق سدرة المنتهى: "فَإذَا وَرَقُها مِثْلَ آذانِ الفِيَلَةِ، وإذا نَبقها مِثْلَ قِلال هَجَر". انتهى (¬2). فان قيل: أيّ ملازمة بين هذا التّشبيه وبين ذكر القُلَّة في حدّ الماء (¬3)؟ ¬
فالجواب: أنّ التقييد بها في حديث المعراج دالٌّ على أنّها كانت معلومةً عندهم، بحيث يُضرَب بها المثل في الكِبر، كما أنّ التّقييد إذا أُطلق إنما ينصرف إلى التّقييد المعهود. وقال الأزهري: القِلال مختلفة في قُرى العرب، وقلالُ هَجَر أكبرها. وقال الخطّابي (¬1): قلالُ هَجَر مشهورة الصَّنْعة، معلومةُ المقدار. والقُلّة لفظ مشترك، وبعد صرفها إلى أحد معلوماتها وهي الأواني تبقى متردِّدة بين الكبار والصّغار، والدليل على أنها من الكبار جعل الشّارع الحدّ [مقدَّرًا] (¬2) بعدد، فدل على أنَّه أشار إلى أكبرها؛ لأنّه لا فائدة في تقديره بقلّتين صغيرتين مع القدرة على تقديره بواحدةٍ كبيرة. والله أعلم. وقد تَبَيَّن بهذا محصَّلُ البحث الرّابع. والبحث الخامس: في ثبوت كون القلة تزيد على قربتين. وقد طعن في ذلك ابن المنذر من الشّافعية، وإسماعيل القاضي من المالكية بما محصّله أنّه أمر مبني على ظنّ بعض الرُّواة، والظنّ ليس بواجب قبولُه، ولا سيّما من مثل محمّد بن يحيى المجهول؛ ولهذا لم يتفق السَّلف وفقهاء الأمصار على الأخذ بذلك التّحديد فقال بعضهم: القلّة تقع على الكوز والجرّة كبرت أو صغرت. وقيل: القُلَّة مأخوذة من استقلّ فلان بحمله وأقلّه إذا أطاقه وحمله، وإنما سُمّيت الكيزان قلالًا؛ لأنّها تقل بالأيدي. وقيل: مأخوذة من قلّة الجبل وهي أعلاه. ¬
فإن قيل: الأولى الأخذ بما ذكره راوي الحديث؛ لأنه أعرف بما روى. قلنا: لم تتفق الرُّواة على ذلك؛ فقد روى الدّارَقطني (¬1) بسندٍ صحيح، عن عاصم بن المنذر -أحد رواة هذا الحديث-أنّه قال: القِلال هي الخوابي العظام. قال إسحاق بن راهويه: الخابية تَسَعُ ثلاثَ قِرَب. وعن إبراهيم قال: القلّتان الجرّتان الكبيرتان. وعن الأوزاعي قال: القلّة ما تقله اليد أي ترفعه. وأخرج البيهقي (¬2) من طريق ابن إسحاق قال: القُلَّة الجرَّة التي يُسْتَقَى فيها الماء والدورق. ومال أبو عبيد في "كتاب الطهور" (¬3) إلى تفسير عاصم بن المنذر، وهو أولى. وروى عليّ بن الجعد، عن مجاهد (¬4) قال: القُلَّتان الجرَّتان. ولم يُقيَّدهما بالكبر. وعن عبد الرحمن بن مهدي ووكيع (¬5) ويحيى بن آدم (¬6) مثلَه، رواه ابن المنذر (¬7)./ (¬8) ¬
تنبيه
تنبيه قوله: "ينوبه"، هو بالنون، أي يَرِدُ عليه نَوْبَةً بَعد أخرى. وحكى الدّارَقطني أن ابن المبارك صحفه فقال: يثوبه بالثاء المثلثة. تنبيه آخر قوله: "لم يحمل الخبث" معناه: لم يَنجس بوقوع النجاسة فيه، كما فسّره في الرِّواية الأخرى التي رواها أبو داود (¬1)، وابن حبان (¬2)، وغيرهما: "إذَا بَلغ الماءُ قُلَّتَيْن لم ينجس". والتقدير: لا يقبل النجاسة، بل يدفعها عن نفسه، ولو كان المعنى أنّه يَضْعُفُ عن حمله لم يكن للتّقييد بالقلَّتين معنى؛ فإن ما دونهما أولى بذلك. وقيل: معناه: لا يقبل حكم النجاسة، كما في قوله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} (¬3) أي لم يقبلوا حكمها. 8 - [25]-حديث عائشة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهاها عن التّشميس وقال: " إنّه يُورِثُ الْبَرَص". الدّارَقطني (¬4) وابن عدي في "الكامل" (¬5) وأبو نعيم في "الطب"، ¬
والبيهقيُّ (¬1) من طريق خالد بن إسماعيل، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عنها، دخل على رسول الله -صلي الله عليه وسلم - وقد سَخَّنْتُ ماء في الشمس، فقال: "لا تَفْعَلِي يَا حُمَيْرَاء؛ فإنَّه يُورِثُ الْبَرَص" .. وخالد قال ابن عدي (¬2): كان يَضع الحديث. وتابعه وهب بن وهب أبو البختري، عن هشام، قال (¬3): ووهب أشرّ من خالد. وتابعهما الهيثم بن عدي، عن هشام، رواه الدّارَقطني (¬4). والهيثم كذّبه يحيى بن معين (¬5). وتابعهم محمَّد بن مروان السُّدّي، وهو متروك، أخرجه الطّبراني في "الأوسط" (¬6) من طريقه، وقال: لم يروه عن هشام إلا محمّد بن مروان. كذا قال! فَوَهم. ورواه الدّارَقطني في "غرائب مالك"، من طريق ابن وهب، عن مالك، عن هشام، وقال: هذا باطلٌ عن ابن وهب، وعن مالك أيضًا، ومن دون ابن وهب ضعفاء. واشتدّ إنكار البيهقي على الشّيخ أبي محمَّد الجويني في عزوه هذا الحديث لرواية مالك. ¬
تنبيه
والعجب من ابن الصّباغ (¬1) كيف أورده في "الشامل" جازمًا به فقال: روى مالك عن هشام، وهذا القدر هو الذي أنكره البيهقي على الشّيخ أبي محمّد. ورواه الدّارَقطني (¬2) من طريق عمرو بن محمّد الأعسم، عن فليح، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت: نهى رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أن نتوضأ بالماء المشمَّس أو نغتسل به، وقال: " إنّه يُورِثُ الْبَرَص". قال الدّارَقطني: عمرو بن محمد منكر الحديث، ولا يصحّ عن الزهري. وقال ابن حبان (¬3): كان يضع الحديث. تنبيه وقع لمحمد بن معن الدمشقي، في كلامه على "المهذّب" عزوُ هذا الحديث عن عائشة إلى "سنن أبي داود" والترمذي، وهو غَلط قبيح. 9 - [26]- حديث ابن عباس "مَن اغْتَسَلَ بِالْمُشَمَّسِ فَأَصَابَه وَضْحٌ، فَلا يَلُومَنَّ إلاَّ نَفْسَه". رويناه في الجزء الخامس من "مشيخة قاضي المرستان" (¬4) من طريق عمر بن ¬
صبح، عن مقاتل، عن الضحاك، عنه بهذا. وزاد: "وَمَنِ احتجم يومَ الأربعاء أو السَّبن فأصابه داءٌ فلا يلومَنّ إلا نفسَه، ومن بَال في مُستَنْقَع موضع وضوئِه فأصابه وَسواسٌ فلا يَلُومَن إلا نفسَه، ومن تَعَرَّى في غير كِنٍّ فَخُسف به فلا يَلُومن إلا نفسَه، ومن نام وفي يده غَمَرُ الطّعام فأصابه لَمَمٌ فلا يَلومَنَّ إلا نفسَه، ومن نام بعد العصر فاختُلِس عقلُه فلا يلُومنّ إلا نفسه، ومن شَبَّكَ في صلاته فأصابه زَحِير فلا يَلومَن إلاَّ نفسَه". وعمر بن صبح كذاب. والضحاك لم يلق ابن عباس. وفي الباب: [27]- عن أنس، رواه العقيلي (¬1) بلفظ: "لا تَغتسلوا بالماءِ الذِي يُسَخَّن في الشَّمس، فإنّه يُعدي من الْبَرَص". وفيه سوادة الكوفي وهو مجهول (¬2). ورواه الدّارَقطني في "الأفراد" (¬3) من حديث زكري ابن حكيم، عن الشعبي، عن أنس. وزكريا ضعيف (¬4). والرّاوي عنه أيوب بن سليمان، وهو مجهول. وأورده ابن الجوزي في "الموضوعات " (¬5). ¬
وقال البيهقي في المعرفة (¬1): لا يثبت البنة. وقال العقيلي (¬2): لا يصحّ فيه حديث مسنَد. وإنما هو شيءٌ روي من قول عمر. 10 - [28]- حديث: إنّ الصّحابة تطَهّروا بالماء المسخَّن بين يدي رسول الله -صلي الله عليه وسلم - ولم ينكر عليهم. هذا الخبر؛ قال المحبّ الطبري: لم أره في غير الرّافعي. انتهى. وقد وقع ذلك لبعض الصحابة فيما رواه الطبراني في "الكبير" (¬3) والحسن ابن سفيان في مسنده وأبو نعيم في المعرفة (¬4) والبيهقيُّ (¬5) من طريق الأسلع بن شريك قال كنت أرحل ناقة رسول الله- صلى الله عليه وسلم - فأصابنني جنابة في ليلة باردة، وأراد رسول الله- صلى الله عليه وسلم - الرّحلة فكرهت أن أرَحِّل ناقتَه وأنا جُنب، وخشيت أن أَغتسل بالماء البارد فأموت، أو أمرض، فأمرت رجلًا من الأنصار يرحِّلُها، ووضعت أحجارًا فأسخنت بها ماءً فاغتسلت، ثمّ لحقت برسول الله- صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك له، فأنزل الله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} إلى {غَفُورًا}. والهيثم بن زريق الرّاوي له عن أبيه، عن الأسلع هو وأبوه مجهولان، والعلاء ¬
ابن الفضل المنقري راويه عن الهيثم فيه ضعف، وقد قيل: إنّه تفرد به. وقد روي عن جماعة من الصحابة فِعْلُ ذلك، فمن ذلك عن عمر. رواه أبو بكر بن أبي شيبة في "مصنفه" (¬1) عن الدراوردي عن زيد بن أسلم، عن أبيه: أن عمر كانت له قمقمة يسخّن فيها الماء. ورواه عبد الرزاق (¬2) عن معمر، عن زيد بن أسلم، عن أبيه: أن عمر كان يغتسل بالحميم. وعلّقه البخاري (¬3). ورواه الدّارَقطني (¬4) وصَحَّحَه. وعن ابن عمر روى عبد الرزاق أيضًا (¬5) عن معمر، عن أيوب، عن نافع: أنّ ابن عمر كان يتوضأ بالماء الحميم. وعن ابن عباس، رواه أبو بكر بن أبي شيبة في "مصنفه" (¬6) عن محمّد بن بشر، عن محمد بن عمرو، حدثنا أبو سلمة، قال: قال ابن عباس: إنا نتوضأ بالحميم وقد أُغْلِي على النّار. وروى عبد الرّزاق (¬7) بسندٍ صحيحٌ عنه، قال: لا بأس أن يغتسل بالحميم ويتوضّا منه. ¬
وروى ابن أبي شيبة (¬1) وأبو عبيد (¬2) عن سلمة بن الأكوع: أنه كان يسخِّن الماء يتوضأ به. إسناده صحيح. 11 - [29]- حديث عمر: أنّه كره الماء المشمَّس وقال: " إنّه يُورِثُ الْبَرص". الشّافعي (¬3) عن إبراهيم بن أبي يحيى، عن صدقة بن عبد الله، عن أبي الزُّبير عن جابر عن عمر به. وصدقة ضعيف، وأكثر أهل الحديث على تضعيف ابن أبي يحيى (¬4)، لكن الشّافعي كان يقول: إنّه صدوق هان كان مبتدعًا (¬5). وأطلق النّسائي أنّه كان يضع الحديث. وقال إبراهيم بن سعد (¬6): كنا نسميه ونحن نطلب الحديث خرافة. وقال العجلي (¬7): كان قدريا معتزليا رافضيا كل بدعة فيه، وكان من أحفظ الناس، لكنه غير ثقة. ¬
وقال ابن عدي (¬1): نظرت في حديثه فلم أجد فيه منكرا، وله أحاديث كثيرة. وقال الساجي (¬2): لم يخرج الشّافعي عن إبراهيم حديثا في فرض، إنما جعله شاهدا. قلت: وفي هذا نظر، والظاهر من حال الشّافعي أمَّه كان يحتج به مطلقًا، وكم من أصل أصله الشّافعي لا يوجد إلا من رواية إبراهيم. وقال محمد بن سحنون: لا أعلم بين الأئمة اختلافا في إبطال الحجة به. وفي الجملة؛ فإن الشّافعي لم يثبت عنده الجرح فيه فلذلك اعتمده، والله أعلم. ولحديث عمر الموقوف هذا طريق/ (¬3) أخرى، رواها الدّارَقطني (¬4) من حديث إسماعيل بن عياش، حدثني صفوان بن عمرو، عن حسان بن أزهر، عن عمر قال: لا تغتسلوا بالماء المشفس؛ فإنّه يورث البرص. وإسماعيل صدوق فيما روى عن الشاميين (¬5)، ومع ذلك فلم ينفرد؛ بل تابعه عليه أبو المغيرة، عن صفوان، أخرجه ابن حئان في "الثقات" (¬6) في ترجمة حسان. ¬
12. قوله: إن الشرع أمر بالتعفير في ولوغ الكلب. سيأتي الكلام عليه - إن شاء الله تعالى بعد قليل. 13 - [30]- قوله: وسؤره نجس. يعني الكلب. لورد الأمر با لإراقة في خبر الولوغ. قلت: ورد الأمر بالإراقة فيما رواه مسلم (¬1) من حديث الأعمش، عن أبي صالح وأبي رزين، عن أبي هريوة، قال: قال: رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ في إِنَاء أَحَدِكُم فَلْيُرِقْه ثمّ لْيَغْسِلْه سَبعَ مَرَّات". [قال النسائي (¬2): لم يذكر: (فَلْيُرِقْه) غير عَلي بن مسهر. وقال ابن مَنده: تفرّد بذكر الإراقة فيه علي بن مسهر، ولا يعرف عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بوجهٍ من الوجوه إلاَّ من روايته. وقال الدّارَقطني (¬3): إسناده حسن رواته كلهم ثقات. وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" (¬4) من طريقه، ولفظه: "فَلْيُهْرِقْه"] (¬5). ¬
[31]- وأصل الحديث في "الصحيحين" (¬1) من رواية مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة، بلفظ: "إذَا شرِبَ الْكَلْبُ في إِنَاء أَحَدِكم فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعَ مرات". هذا هو المشهور عن مالك، وروى عنه: "إِذَا ولغ". وهذا هو لفظ أصحاب أبي الزناد أو أكثرهم، إلا أنّه وقع في رواية الجوزقي، من رواية ورقاء بن عمر، عن أبي الزّناد بلفظ: "إذا شرِب". وكذا وقع في "عوالي أبي الشيخ" (¬2) من رواية المغيرة بن عبد الرحمن عنه. والمحفوظ عن أبي الزناد من رواية عامة أصحابه: "إذا وَلَغ" وكذا رواه عامة أصحاب أبي هريرة عنه، بهذا اللّفظ. ووقع في رواية أخرى من طريق هشام عن ابن سيرين عنه، بلفظ: "إِذَا شَرِبَ". ولمسلم (¬3) من رواية هشام (¬4)، عن محمد (¬5)، عن أبي هريرة: "إِذَا وَلَغ الْكَلبُ في إِنَاء أَحَدِكم غَسَل سَبْعَ مرَّات أُولَاهُن بِالتُّراب" (¬6). رواه الترمذي (¬7) والبزار من رواية ابن سيرين، فقال: "أُولاهُنّ أو أُخْرَاهُنّ". ¬
وفي رواية لأبي داود (¬1) من حديث أبان، عن قتادة، عن ابن سيرين: "السّابِعَة بالتُّراب". وقال البيهقي (¬2): ذكر التراب في هذا الحديث لم يروه ثقة عن أبي هريرة غير ابن سيرين. قلت: قد رواه أبو رافع عنه أيضًا، أخرجه الدّارَقطني (¬3) والبيهقيُّ (¬4) وغيرهما من طريق معاذ بن هشام، عن أبيه، عن قتادة، عنه. لكن قال البيهقي: إن كان معاذ حفظه فهو حسن (¬5). فأشار إلى تعليله (¬6). ورواه الدّارَقطني أيضًا (¬7) من طريق الحسن، عن أبي هريرة، لكنه لم يسمع منه على الأصح. وفي الباب: [32]- عن عبد الله بن مغفل رواه مسلم (¬8) وأبو داود (¬9) والنسائي (¬10) وابن ¬
ماجه (¬1) من حديث مطرف بن عبد الله، عنه، قال: أمر رسول الله -صلي الله عليه وسلم - بقتل الكلاب ثمّ قال: "مَا بَالُهُم وَبَالُ الكِلَاب"، ثم رخص في كلب الصّيد وكلب الغنم، وقال: "إذا وَلَغَ الْكَلْبُ في الإنَاءِ فَاغْسِفوه سبعًا وَعَفّرُوه الثَّامِنَةَ بالتُّرَابِ" لفظ مسلم. ولم يخرِّجه البخاري. وعكس ابن الجوزي ذلك في "كتاب التحقيق" (¬2) فوهم. قال ابن عبد البر (¬3): لا أعلم أحدًا أفتى بأن غَسلة التراب غير الغسلات السّبع بالماء غير الحسن البصري. انتهى. وقد أفتى بذلك أحمد بن حنبل وغيره، وروي أيضًا عن مالك، وأجاب عنه أصحابنا بأجوبة/ (¬4): أحدها: قاله البيهقي (¬5) بأن أبا هريرة أحفظ من روى الحديث في دهره فروايته أولى. وهذا الجواب متعقَّب؛ لأنّ حديث عبد الله بن مغفل صحيحٌ، قال ابن مَنده: إسناده مجمع على صحته، وهي زيادة ثقة فيتعين المصير إليها. وقد ألزم الطحاويُّ (¬6) الشافعيةَ بذلك. ¬
فائدة
ثانيها: قال الشَّافعي: هذا الحديث لم أقف على صحّته. وهذا العذر لا ينفع أصحاب الشّافعي الذين وقفوا على صحة الحديث، لا سيما مع وصيتّه (¬1). ثالثها: يحتمل أن يكون جعلها ثامنة؛ لأنّ التراب جنس غير جنس الماء، فجعل اجتماعهما في المرّة الواحدة معدودًا باثنين. وهذا جواب الماوردي وغيره. رابعها: أن يكون محمولا على من نسي استعمال التراب، فيكون التقدير: اغسلوا سبع مرات إحداهن بالتراب، كما في رواية أبي هريرة، فإن لم تعفروه في إحداهن فعَفِّروه الثّامنة. ويغتفر مثل هذا الجمع بين اختلاف الرِّوايات، وهو أولى من إلغاء بعضها. والله أعلم. فائدة قال القرافي (¬2): سمعت قاضي القضاة صدر الدين الحنفي يقول: إنّ الشّافعية تركوا أصلَهم في حَمل المطلق على المقيّد في هذا الحديث. فقلت له: هذَا لا يلزمهم لقاعدة أخرى، وذلك أنّ المطلق إذا دَار بين مقيَّدَين متضادَّيْن، وتعذّر الجمعُ فإن اقتضى القياس تقييدَه بأحدهما قُيِّد، وإلا سقط اعتبارهما معًا، وبقي المطلق على إطلاقه. انتهى. وهذا الذي قاله القرافي صحيح، ولكنه لا يتوجّه ها هنا، بل يمكن هنا حمل ¬
المطلق على المقيَّد، وذلك أن الرِّواية المطلقة فيها: "إحداهن" والمقيدة في بعضها: "أولاهن" وفي بعضها: "أخراهن" وفي بعض الرِّوايات: "أُولاهنّ أو أخراهن"، فإن حملنا "أو" هنا على التخيير استقام أن يحمل المطلق على المقيَّد، ويتعيَّن التراب في أُولاهن أو أخراهن، لا في ما بين ذلك، وإن حملنا "أو" هنا على الشكِّ امتنع ذلك، لكن الأصل عدم الشّك وقد وقع في "الأم" (¬1) للشافعي، وفي البويطي ما يُعطي أنّها على التعيين فيهما، ولفظه: في البويطي: "وَإذَا وَلَغَ الْكَلْبُ في الإنَاءِ غُسِل سَبعًا، أُولاهن أَوْ أُخراهن بالتّراب، لا يُطَهِّرُه غَيْرَ ذَلِك". وبهذا جزم المرعَشِي في "ترتيب الأقسام". قلت: وهذا لفظ الشّافعي في "الأم" (¬2) وذكره السبكي في "شرح المنهاج " بحثًا. لكن أفاد شيخنا شيخُ الإِسلام (¬3): أنّ في "عيون المسائل" (¬4) عن الشّافعي أنه قال: إحداهن. والله أعلم * * * * ¬
باب بيان النجاسات والماء النجس
باب بيان النّجاسات والماء النّجس 14 - قوله: مشهور أنّ الهرّة ليست بنجسة. قاله عقب قوله: الحيوانات كلها طاهرة ويستثنى الكلب. ولما ذكره (¬1) الشيخ في "المهذب" (¬2) ساقه بلفظ: [33]- أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - دعي إلى دارٍ فأجاب، ودعي إلى دارٍ أخرى فلم يجب، فقيل له في ذلك، فقا: "إنّ في دارِ فلانٍ كلبًا". فقيل: وفي دار فلان هرة، فقال: "الهرَّةُ لَيست بِنَجِسَة". ولم أجده بهذا السِّياق، ولهذا بيَّض له النووي في "شرحه" (¬3). ولكن: [34]- رواه أحمد (¬4) والدّارقطني (¬5) والحاكم (¬6) والبيهقيُّ (¬7) من حديث عيسى بن المسيّب، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة أن رسول الله -صلي الله عليه وسلم - كان يأتي دار قوم من الأنصار، ودونهم دارٌ لا يأتيها، [فَشقّ] (¬8) ذلك عليهم، فقالوا: ¬
يا رسول الله -صلي الله عليه وسلم -، تأتي دار فلان ولا تأتي دارنا؟ فقال النبيُّ: "إنَّ في دَارِكُمْ كَلْبًا". فقالوا: فإن في دراهم سِّنَوْرًا؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "السِّنَّوْر سَبُعٌ". وقال ابن أبي حاتم في "العلل" (¬1): سألت أبا زرعة عنه؟ فقال: لم يرفعه أبو نعيم، وهو أصحّ، وعيسى ليس بالقوي. قال العقيلي (¬2): لا يتابعه على هذا الحديث إلا من هو مثله أو دونه. وقال ابن حبان (¬3): خرج عن حدّ الاحتجاج به. وقال ابن عدي (¬4): هذا لا يرويه غير عيسى وهو صالح فيما يرويه. ولما ذكره الحاكم (¬5) قال: هذا الحديث صحيحٌ تفرّد به عيسى عن أبي زرعة، وهو صدوق لم يُجْرَح قط. كذا قال! وقد ضعّفه أبو حاتم الزازي (¬6) وأبو داود وغيرهما (¬7). وقال ابن الجوزي (¬8): لا يصح. وقال ابن العربي (¬9): ليس معناه: أن الكلب نجس، بل معناه: أن الهر ¬
سبع، فينتفع [به] (¬1) بخلاف الكلب فلا منفعة فيه. كذا قال! وفيه نظر لا يخفى على المتأمّل (¬2). قلت: [35]- وروى ابن خزيمة في صحيحه (¬3) والحاكم (¬4) من طريق منصور بن صفية، عن أمه، عن عائشة: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "إنّها لَيْسَت بِنَجَسٍ هِي كَبَعض أَهْلِ الْبَيْتِ" يعني الهزة. لفظ ابن خزيمة والدّارَقطني (¬5). 15 - [36]- حديث "أُحِلَّتْ لنا مَيتَتَان وَدَمان: السَّمَكُ وَالْجَرَادُ، وَالْكَبِدُ وَالطِّحَالُ". الشّافعي (¬6) وأحمد (¬7) وابن ماجه (¬8) والدّارَقطنيّ (¬9) والبيهقيُّ (¬10) من رواية ¬
عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن ابن عمر أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَان؛ فَأَمَّا الْمَيْتَتَانِ فَالجْرَادُ وَالْحُوتُ، وأمّا الدَّمَان فالطَّحَالُ وَالْكَبِد". ورواه الدّارَقطني (¬1) من رواية سليمان بن بلال، عن زيد بن أسلم موقوفًا. قال: وهو أصحّ. وكذا صحّح الموقوف: أبو زرعة (¬2) وأبو حاتم. وعبد الرحمن بن زيد ضعيف متروك. وقال أحمد (¬3): حديثُه هذا منكر. وقال البيهقي (¬4): رفع هذا الحديث أولاد زيد بن أسلم؛ عبد الله وعبد الرحمن وأسامة، وقد ضعفهم ابن معين وكان أحمد بن حنبل يوثق عبد الله. قلت: رواه الدّارَقطني (¬5) وابن عدي (¬6) من رواية عبد الله بن زيد بن أسلم. قال ابن عدي (¬7): الحديث يدور على هؤلاء الثلاثة. ¬
تنبيه
قلت: تابعهم شخص أضعف منهم وهو أبو هاشم كثير بن عبد الله الأبلي (¬1)، أخرجه (¬2) ابن مردويه في "تفسير سورة الأنعام" من طريقه، عن زيد بن أسلم به، بلفظ: " يَحِلُّ مِنَ الْمَيْتَةِ اثْنَان، وَمِن الدَّمِ اثْنَان؛ فأمَّا الْمَيْتَةُ: فالسَّمكُ وَالْجَرَادُ، وأما الدَّمُ: فَالْكَبِدُ والطِّحَالُ". ورواه المسور بن الصلت أيضًا عن زيد بن أسلم، لكنه خالف في إسناده قال: عن عطاء، عن أبي سعيد مرفوعًا. أخرجه الخطيب (¬3) وذكره الدّارَقطني في "العلل". والمسور كذاب (¬4). نعم، الرِّواية الموقوفة التي صحّحها أبو حاتم وغيره هي في حكم المرفوع؛ لأنَّ قول الصحابي: أُحِّل لنا، وحُرِّم علينا كذا مثل قوله: أُمرنا بكذا، ونُهينا عن كذا، [فيحصل] (¬5) الاستدلال بهذه الرِّواية؛ لأنها في معنى المرفوع والله أعلم. تنبيه قولُ ابن الرفعة: قول الفقهاء: السّمك والجراد، لم يرد في ذلك الحديث، وإنما الوارد: الحوت والجراد مردودٌ؛ فقد وقع ذلك في رواية ابن مردويه في "التفسير" كما تقدم (¬6). ¬
16 - [37]- حديث "إذا وَقَعَ الذُّبَابُ في إِنَاءِ أَحَدِكمْ فَامْقُلُوهُ؛ فَإِنَّ في أَحَدِ جَنَاحَيهِ شِفَاءً، وفي الآخَرِ داءً، وإنَّه يُقَدِّم الدَّاءَ". البخاري (¬1) من حديث أبي هريرة، بلفظ: "إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ في إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ كُله ثغ لْيَنْزِعْهُ فَإِنَّ في أَحِدِ جَنَاحَيْهِ دَاءً وَالآخَر شفَاء". ورواه أبو داود (¬2) وابن خزيمة (¬3) وابن حبان (¬4) بلفظه، بزيادة: "وإنَّهُ يَتَّقِي بِجَنَاحِهِ الذِي فِيه الدَّاء، فَلْيَغْمِسْهُ كُلَّهُ ثمّ لْيَنْزِعْهُ". ورواه ابن ماجه (¬5) والدرامي (¬6) أيضًا. ورواه ابن السكن بلفظ: "إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ في إِنَاء أَحَدِكُمْ فَلْيَمْقُلْهُ فإنَّ في أَحَدِ جَنَاحَيْهِ دَواءً وَفي الآخِر داءً أو قال: سُمًّا". [38]- ورواه ابن ماجه (¬7) وأحمد (¬8) من حديث سعيد بن خالد، عن أبي سلمة عن أبي سعيد الخدري، بلفظ: " في أَحَد جَنَاحَي الذُّباَبِ سُمٌّ وفي الآخَرِ شفَاءٌ؛ فَإذَا وَقَع في الطَّعَامِ فَامْقُلُوه فِيه؛ فَإنَّه يُقَدِّم السُمَّ وُيؤَخِّر الشفَاء". ¬
ورواه النسائي (¬1) وابن حبان (¬2) والبيهقيُّ (¬3) أيضًا بنحوه. وروي عن ثمامة عن أنس، والصحيح عن ثمامة، عن أبي هريرة، قاله ابن أبي حاتم عن أبيه وأبي زرعة (¬4). وقال الدّارَقطني: رواه عبد الله بن المثنى، عن ثمامة عن أنس، ورواه حمّاد ابن سلمة، عن ثمامة، عن أبي هريرة، والقولان محتملان (¬5). قلت: [39]- وروي عن قتادة، عن أنس، عن كعب الأحبار، أخرجه ابن أبي خيثمة في "تاريخه الكبير" في (باب من حدّث من الصّحابة، عن التّابعين)، وإسناده صحيح. ورواه الدّارمي (¬6) من طريق ثمامة عن أبي هريرة. وقال: الصواب طريق عبيد ابن حنين عن أبي هريرة. قلت: وحديث عبد الله بن المثنى رواه البزار (¬7) والطبراني في "الأوسط" (¬8) ¬
فائدة
فائدة قوله: امقلوه: أي اغمسوه؛ قاله أبو عبيد (¬1). وهذا الحديث احتجّوا به على أنّ الماء القليل لا ينجس بما لا نَفسَ [له] (¬2) سَائِلةٌ. تنبيه يدخل في هذا الحديث كلّ ما يُسمَّى شرابًا. وقال أبو الفتح القشيري: ورواية إناءِ أحدكم أعمّ وأكثر فائدةً من لفظ الشَّراب والطَّعام. 17 - [40]-حديث سلمان أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "يَا سَلْمَان كلُّ طَعَامٍ وَشَرَابٍ وَقَعَتْ فِيه دابّةٌ لَيس لها دَمٌ فماتَتْ فهو حَلالٌ أكلُه وَشُرْبُه وَوَضُوءُه". الدّارَقطني (¬3) والبيهقيُّ (¬4) من حديث علي بن زيد بن جُدْعَان، عن سعيد بن المسيب، عن سلمان، به. وفيه بقية بن الوليد، وقد تفرد به، وحاله معروف، وشيخه سعيد بن أبي سعيد الزبيدي مجهول، وقد ضعف أيضا (¬5). واتّفق الحفاظ على أن رواية بقية عن المجهولين واهية. وعلي بن زيد بن جدعان ضعيف أيضًا. وقال الحاكم أبو أحمد: هذا الحديث غير محفوظ. ¬
وفي "الطهور" لأبي عبيد (¬1) عن ابن عيينة، عن منبوذ (¬2)، عن أمه، عن ميمونة، زوج النّبي - صلى الله عليه وسلم - أنّها كانت تمر بالغدير فيه الجعلان وفيه، وفيه، فيستقى لها فتشرب منه وتتوضأ. 18 - [41]- حديث "مَا أُبِينَ مِن حَيٍّ فَهو مَيِّت". الحاكم (¬3) من حديث سليمان بن بلال، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - سئل عن جباب أسنمة الإبل وأليات الغنم؟ فقال: "مَا قُطِعَ مِن حَيِّ فَهُو مَيِّت". ذكر الدّارَقطني (¬4) علّته، ثمّ قال: والمرسل أصحّ. ورواه الدّارمي (¬5) وأحمد (¬6) والترمذي (¬7) وأبو داود (¬8) والحاكم (¬9) من حديث ¬
عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، عن زيد بن أسلم، عن أبي واقد الليثي قال: قدم رسول الله -صلي الله عليه وسلم - المدينة، وبها ناس يعمدون إلى أليات الغنم وأسنمة الإبل، فقال: "مَا قُطِعَ مِن الْبَهِيمَةِ وَهِيَ حَيّةٌ فَهُو مَيْتَةٌ". لفظ أحمد. ولفظ أبي داود مثله، ولم يذكر القصّة. ورواه ابن ماجه (¬1) والبزار (¬2) والطبراني في "الأوسط" (¬3) من حديث هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن ابن عمر، فاختُلف فيه على زيد بن أسلم. قال البزار -بعد أن أخرجه من طريق المسور بن الصلت، عن زيد، عن عطاء، عن أبي سعيد-: تَفَرَّد به الصَّلت، وخالفه سليمان بن بلال، فقال: عن زيد، عن عَطاء، مرسلًا. كذا قال! وكذا قال الدّارَقطني (¬4)، وقد وصله الحاكم كما تقّدم. وروى معمر، عن زيد بن أسلم، عن النّبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا، لم يذكر عطاء، ولا غَيره وتابع المسور وغيره عَلَيْه: خارجةُ بن مصعب (¬5)، أخرجه ابن عدي في "الكامل" (¬6) وأبو نعيم في "الحلية" (¬7). ¬
وقال الدّارَقطني: المرسل أشبه بالصّواب (¬1). [42]-وله طريق أخرى عن ابن عمر أخرجها الطّبراني في "الأوسط" (¬2)، وفيه عاصم بن عمر وهو ضعيف. [43]-ورواه ابن ماجه (¬3) والطبراني (¬4) وابن عدي (¬5) من طريق تميم الداري وإسناده ضعيف (¬6). ولفظه: قيل: يا رسول الله -صلي الله عليه وسلم -إن ناسا يجبون أليات الغنم وهي أحياء؟ فقال: "مَا أُخِذَ مِن الْبَهِيمَةِ وَهِي حَيَّةٌ فَهُوَ مَيْتَةٌ". 19 - [44]-حديث: سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - أنتوضأ بما أفضلت الحمر؟ قال: "نَعَم، وَبِما أَفْضَلَتِ السِّبَاع". الشّافعي (¬7) وعبد الرزاق (¬8) عن إبراهيم بن أبي يحيى، عن داود بن الحصين، عن أبيه، عن جابر قال: قيل: يا رسول الله. فذكره. وزاد في آخره: "كلّها". ¬
ورواه الشَّافعي (¬1) أيضا من حديث بن أبي ذئب، عن داود بن الحصين، عن جابر من غير ذكر أبيه. ورواه (¬2) أيضا عن سعيد بن سالم (¬3)، عن إبراهيم بن أبي حبيبة (¬4)، عن داود بن الحصين، عن أبيه، عن جابر. أخرجه البيهقي في "المعرفة" (¬5) من طريقه (¬6)، قال البيهقي (¬7): وفي معناه حديث أبي قتادة (¬8)، والاعتماد عليه. وفي الباب: عن أبي سعيد، وأبي هريرة، وابن عمر، وهي ضعيفة في الدّارَقطني (¬9)، وحديث أبي سعيد في ابن ماجه (¬10) وحديث ابن عمر ¬
تنبيه
رواه مالك (¬1) موقوفا عن ابن عمر. 20 - [45]-حديث: أنّه - صلى الله عليه وسلم - ركب فرسا مَعْرُورِيًّا لأبي طلحة. متفق عليه (¬2) من حديث أنس، وليس فيه لفظ "مَعرورًا"، ولا: "مَعْرُوريًّا". وفي رواية لهما (¬3): "عُرْيًا" أي ليس عليه أداة ولا سُرج. وقد وقعت: لفظة "مَعرورا" في حديثٍ غير هذا في قصّة رجوعه من جنازة أبي الدَّحداح (¬4). تنبيه استدلّ به على طهارة العرق واللّعاب. وفي الباب: [46]-حديث عمرو بن خارجة: كنت آخذا بزمام ناقة النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولُعابُها يَسيل على كَتِفي (¬5). ¬
21 - [47]-حديث: أن أبا طيبة الحجّام شرب دم رسول الله -صلي الله عليه وسلم - ولم يُنكِر عليه. وفي رواية: أنّه قال له -بعد ما شرب الدم-: "لا تَعُدْ، الدَّمُ حَرَامٌ كلُّه". أمّا الرِّواية الأولى فلم أو فيها ذكرًا لأبي طيبة، بل الظّاهر أن صاحبها غيره؛ لأن أبا طيبة مولى بني بياضة من الأنصار، والذي وقع لي فيه أنّه صَدَرَ من مولًى لبعض قريش، ولا يصحّ أيضًا: فروى ابن حبان في "الضعفاء" (¬1) من حديث نافع أبي هرمز عن عطاء، عن ابن عباس قال: حجم النبي - صلى الله عليه وسلم - غلام لبعض قريش، فلما فرغ من حجامته أخذ الدَّم فذهب به من وراء الحائط، فنظر يمينًا وشمالًا فلمّا لم ير أحدا تحسَّى دمَه حتى فرغ، ثمّ أقبل فنظر النبي - صلى الله عليه وسلم - وجهه، فقال: "وَيْحَكَ مَا صَنَعْتَ بالدَّمِ؟! ". قلت: غَيَّبْتُه من وراء الحائط. قال: "أَيْنَ غَيَّبْتَهُ؟ ". قلت: يا رسول الله -صلي الله عليه وسلم - نفست على دمك أن أهريقه في الأرض، فهو في بطني. قال: "اذْهَبْ فَقَدْ أَحْرَزْتَ نَفْسَكَ مِنَ النَّارِ". ونافع، قال ابن حبان: روى عن عطاء نسخة موضوعة. وذكر منها هذا الحديث، وقال يحيى بن معين: كذاب (¬2). ¬
وأمّا الرِّواية الثانية فلم أو فيها ذكرا لأبي طيبة أيضًا، بل ورد في حقّ أبي هند: [48]- رواه أبو نعيم في "معرفة الصحابة" (¬1) من حديث سالم أبي هند الحجام قال: حجمت رسول الله -صلي الله عليه وسلم - فلما فرغت شربنه، فقلت: يا رسول الله شربته. فقال: "ويحك يا سالم، أما علمتَ أنَّ الدمَ حرامٌ؟! لا تَعُدْ". وفي إسناده أبو الحجاف وفيه مقال. [49]- وروى البزار (¬2) وابن أبي خيثمة، وا لبيهقي في "الشعب" (¬3) و"السنن" (¬4) من طريق بُرَيْه بن عمر بن سفينة، عن أبيه، عن جده: أن رسول الله -صلي الله عليه وسلم - احتجم، ثم قال له: "خُذْ هَذَا الدَّمَ فَادْفَنْهُ مِن الدَّوَاب والطَّيْر والناس"، قال: فتغيّبت به فشربته، ثمّ سألني، أو قال: فأخبرته، فضحك. 22 - [50]- قوله: وروى أيضًا عن عبد الله بن الزّبير: أنه شرب دم النبي - صلى الله عليه وسلم -. البزار (¬5) والطّبراني (¬6) والحاكم (¬7) والبيهقيُّ (¬8) وأبو نعيم في "الحلية" (¬9) من ¬
حديث عامر بن عبد الله بن الزُّبير، عن أبيه، قال: احتجم النبي - صلى الله عليه وسلم - فأعطاني الدّم، فقال: "اذْهَبْ فَغَيِّبْه"،/ (¬1). فذهبت فشربته، فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "مَا صَنعتَ؟ " قُلت: غيّبته. قال: "لَعَلَّك شَرِبْتَه؟ " قلت: شربته. زاد الطبراني، فقال: "مَن أَمَرَكَ أن تَشْرَبَ الدَّمَ! وَيْلٌ لَكَ من النَّاسِ، وَوَيْلٌ للنَّاسِ مِنْكَ". ورواه الطبراني في "الكبير"، والبيهقيُّ في "الخصائص" من "السنن" (¬2)، وفي إسناده الهنيد بن القاسم، ولا بأس به، لكنه ليس بالمشهور بالعلم (¬3). ورواه الطبراني والدّارَقطنيّ (¬4) من حديث أسماء بنت أبي بكر نحوه، وفيه: "لا تَمَسُّك النّار". وفيه علي بن مجاهد، وهو ضعيف (¬5). وَرُؤينَا في "جزء الغطريف" (¬6): حدثنا أبو خليفة حدثنا عبد الرّحمن بن المبارك، حدثنا سعد أبو عاصم مولى سليمان بن علي، عن كيسان مولى عبد الله بن الزُّبير، أخبرني سلمان الفارسي: أنه دخل على رسول الله -صلي الله عليه وسلم - ¬
تنبيه
فإذا عبد الله بن الزُّبير معه طَشْتٌ يَشرب ما فيه، فقال له رسول الله -صلي الله عليه وسلم -: "مَا شَأْنُك يا ابنَ أَخِي؟ ". قال: إني أحببن أن يكون من دم رسول الله- صلى الله عليه وسلم - في جَوفي. فقال: "ويلٌ لَكَ مِن النَّاس وَوَيْلٌ للنَّاسِ مِنْكَ، لا تَمَسّكَ النَّار إلاَّ قَسَمَ الْيَمِين". ورواه الطبراني وأبو نعيم في "الحلية" (¬1) من حديث سعد أبي عاصم به. تنبيه قال ابن الصلاح في "مشكل الوسيط": لم نجد لهذا الحديث أصلًا بالكليّة، كذا قال! وهو متعقّب. 23 - [51]-قوله: و"يروى عن علي أنّه شرب في دم رسول الله -صلي الله عليه وسلم -. لم أجده. وفي الباب: [52]-حديث مرسل أخرجه سعيد بن منصور من طريق عمر بن السّائب: أنه بلغه أن مالكًا والد أبي سعيد الخدري لما جُرح النبي - صلى الله عليه وسلم -مَصَّ جرحه حتى أنقاه، ولاح أبيضَ، فقيل له: مُجَّهُ. فقال: لا، والله لا أمُجّه أبدًا. ثمّ أدبر فقاتل، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُر إِلَى رَجُلٍ مِن أَهْل الجنَّةِ فَلْيَنُظُر إلى هَذا"، فاسْتُشْهد. ¬
24 - [53]-حديث: أن أمّ أيمن شربن بولَ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "إذًا لَا تَلِجُ النَّارُ بَطْنَك". ولم ينكر عليها. الحسن بن سفيان في "مسنده" (¬1)، والحاكم (¬2) والدّارَقطنيّ (¬3) والطبراني (¬4) وأبو نعيم (¬5) من حديث أبي مالك النخعي، عن الأسود بن قيس، عن نبيح العنزي، عن أم أيمن قالت: قام رسول الله -صلي الله عليه وسلم - من الليل إلى فخارة في جانب البيت فبال فيها، فقمت من اللّيل وأنا عطشانة فشربن ما فيها وأنا لا أشعر، فلما أصبح النّبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يا أُمَّ أيمن، قُومي فأهريقي مَا في تِلْكَ الْفخارة" قلت: قد والله شربن ما فيها. قالت: فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - حتّى بدَتْ نواجذُه، ثمّ قال: "أمّا والله إنّه لا تبْجَعَنَّ بطنك أبدا". ورواه أبو أحمد العسكري، بلفظ: "لَنْ تَشْتَكِي بَطْنَك". وأبو مالك ضعيف ونبيح لم يلحق أم أيمن. وله طريق أخرى؛ رواها عبد الرزاق (¬6) عن ابن جُريج أُخْبرتُ: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يبول في قدح من عَيْدَان، ثمّ يوضع تحت سريره، فجاء فإذا القدح ليس فيه شيء، ¬
فائدة
فقال لامرأة يقال لها بركة كانت تخدم أمّ حبيبة جاءت معها من أرض الحبشة: "أَيْنَ الْبَولُ الذِي كان في الْقدْح؟ " قالت: شربته. قال: "صِحّة يَا أمَّ يوسف". وكانت تُكَنّى أمّ يوسف، فما مرضت قطّ حتى كان مرضها الذي ماتت فيه. [54]- وروى أبو داود (¬1) عن محمّد بن عيسى بن الطباع. وتابعه يحيى بن معين كلاهما عن حجاج، عن ابن جُريج، عن حكيمة، عن أمها أميمة بنت رقيقة، أنها قالت: كان لرسول الله- صلى الله عليه وسلم - قَدح من عَيْدَان تحت سريره يبول فيه باللّيل. وهكذا رواه ابن حِبّان (¬2) والحاكم (¬3). ورواه أبو ذرّ الهروي في "مستدركه" الذي خرّجه على "إلزامات الدّارَقطني للشيخين". ووضُح ابن دحية: أنّهما قضيّتان وقعتا لامرأتين. وهو واضحٌ من اختلاف السياق. وَوَضُح أن بركة أمّ يوسف غير بركة أم أيمن مولاته. والله أعلم. فائدة [55]- وقع في رواية/ (¬4) سلمى امرأة أبي رافع: أنها شربت بعض ماء غسل رسول الله- صلى الله عليه وسلم - فقال لها: "حَرَّم الله بَدَنَكِ عَلَى النَّار". ¬
تنبيه
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (¬1) من حديثها وفي السند ضعف (¬2)، تنبيه تبجع، بموحدة وجيم مفتوحة وعين مهملة. وعَيْدَان: بفتح العين وياء تحتانية ساكنة: نوعٌ من الخشب. * حديث أبي طيبة: "الدّمُ كلُّه حَرَام". تَقَدّم. 25 - [56]- حديث عائشة: كنت أفرك المني من ثوب رسول الله -صلي الله عليه وسلم - فركًا، فيصلي فيه. متفق عليه (¬3) من حديثها، واللفقا لمسلم، ولم يخرج البخاري مقصود الباب. ولأبي داود (¬4): ثمّ يصلي فيه. وللترمذي (¬5): ربما فركته من ثوب رسول الله -صلي الله عليه وسلم - بأصابعي. وفي رواية لمسلم (¬6): وإني لأحكه من ثوب رسول الله -صلي الله عليه وسلم - يابسًا بظفري. ¬
تنبيه
* قوله: وروي أنها كانت تفركه وهو في الصلاة. ابن خزيمة (¬1) والدّارَقطني (¬2) والبيهقيُّ (¬3) وابن الجوزي (¬4) من حديث محارب بن دثار عن عائشة قالت؟ ربما حتته من ثوب رسول الله -صلي الله عليه وسلم - وهو يصلي. لفظ الدّارَقطني. ولفظ ابن خزيمة: أنها كانت تحت المني من ثوب رسول الله- صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي. ولابن حبان أيضًا (¬5) من حديث الأسود بن يزيد، عن عائشة، قالت: لقد رأيتني أفرك المني من ثوب رسول الله -صلي الله عليه وسلم - وهو يصلّي. تنبيه استغرب النووي هذه الرِّواية، ولم يعزها لأحد في "شرح المهذّب" (¬6). فائدة من صريح الباب حديث ابن عباس الآتي: ¬
26 - [57]- حديث: روي أنّه - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنّما يُغْسَل الثَّوبُ من الْبَوْلِ، والمذي، والْمَني". البزار (¬1) وأبو يعلى الموصلي (¬2) في "مسنديهما" وابن عدي في "الكامل" (¬3) والدَّارَقطنيّ (¬4) والبيهقيُّ (¬5) والعقيلي في "الضعفاء" (¬6) وأبو نعيم في "المعرفة" (¬7) من حديث عمار بن ياسر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرّ بعمار -فذكر قصّةً وفيها-: "إنما تَغْسِلُ ثَوْبَكَ مِنَ الغَائِطِ والبول وَالمني والدَّم والقَيء، يَا عَمَّار مَا نُخَامَتُك وَدُمُوعُ عَيْنَيْكَ والماءُ الّذي في رَكْوَتِكَ إلاَّ سَوَاء". وفيه ثابت بن حمّاد، عن علي بن زيد بن جدعان، وضعفه الجماعة المذكررون كلهم -إلا أبا يعلى- بثابن بن حمّاد، واتهمه بعضهم بالوضع. وقال اللالكائي: أجمعوا على ترك حديثه. وقال البزار: لا نعلم لثابت إلا هذا الحديث. وقال الطبراني: تفرّد به ثابت بن حمّاد، ولا يُروى عن عمار إلا بهذا الإِسناد. وقال البيهقي (¬8): هذا حديث باطل إنما رواه ثابت بن حمّاد، وهو متَّهم بالوضع ¬
فائدة
قلت: رواه البزار (¬1) والطبراني من طريق إبراهيم بن زكريا العجلي، عن حمّاد بن سلمة، عن علي بن زيد. لكن إبراهيم ضعيف (¬2) وقد غلط فيه، إنما يرويه ثابت بن حمّاد. فائدة [58]- روى الدّارَقطني (¬3) والبيهقيُّ (¬4) من طريق إسحاق الأزرق، عن شريك عن محمّد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عطاء، عن ابن عبّاس قال: سُئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المني يُصيب الثّوب؟ قال: "إنمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُخَاطِ وَالْبُصَاقِ"، وقال: "إنما يَكْفِيكَ أَنْ تَمْسَحَهُ بِخِرْقَةٍ أَوْ إِذْخِرَةٍ". ورواه الطحاوي (¬5) من حديث حبيب بن أبي عمرة، عن سعيد بن جُبير، عن بن عباس مرفوعًا. ورواه هو (¬6) والبيهقيُّ (¬7) عن طريق عطاء عن ابن عباس موقوفًا. قال البيهقي (¬8): الموقوف هو الصحيح. ¬
27 - [59]- قوله: روي أنّه - صلى الله عليه وسلم - قال لعائشة في المني: "أغْسِلِيه رَطْبًا، وَافْرُكيهِ يَابِسًا". قال ابن/ (¬1) الجوزي في "التحقيق" (¬2): هذا الحديث لا يعرف بهذا السّياق، وإنما نقل أنها هي كانت تفعل ذلك. رواه الدّارَقطني (¬3) وأبو عوانة في "صحيحه" (¬4)، وأبو بكر البزار، كلّهم من طريق الأوزاعي، عن يحيى بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة، قالت: كنتُ أفرك المني من ثوب رسول الله- صلى الله عليه وسلم - إذا كان يابسًا، وأغسله إذا كان رطبًا. وأعلّه البزّار بالإرسال. قلت: وقد ورد الأمر بفركه من طريق صحيحة (¬5): [60]- رواه ابن الجارود في "المنتقى" (¬6) عن محمّد بن يحيى، عن أبي حذيفة، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، عن همام بن الحارث، قال: كان عند عائشة ضيف فأجنب، فجعل يغسل ما أصابه، فقالت عائشة: كان رسول الله -صلي الله عليه وسلم - يأمرنا بِحَتِّه. ¬
فائدة
وهذا الحديث، قد رواه مسلم (¬1) من هذا الوجه، بلفظ: لقد رأيتني أحكّه من ثوب رسول الله -صلي الله عليه وسلم -يابسًا بظفري. ولم يذكر الأمر، وأمّا الأمر بِغَسْلِه فلا أصلَ له وقد روى البخاري (¬2) من حديث سليمان بن يسار، عن عائشة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يغسل المني، ثئم يخرج إلى الصّلاة في ذلك الثوب، وأنا انظر إلى أثر الغسل فيه (¬3). لكن قال البزار: إنما رُوي غَسل المني عن عائشة من وجه واحد؛ رواه عمرو ابن ميمون، عن سليمان بن يسار عنها، ولم يسمع من عائشة. كذا قال! وفي البخاري التّصريح بسماعه له منها. فائدة لم يذكر الرافعي الدليل على [طهارة] (¬4) رطوبة فرج المرأة؛ وقد روى ابن خزيمة في "صحيحه" (¬5) من طريق عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة قالت: تتّخذ المرأة الخرقة، فإذا فرغ زوجُها ناولته [فَمَسح] (¬6) عنه الأذى، ومَسحت عنها، ثمّ صلَّيا في ثوبَيْهما. موقوف. ومن طريق يحيى بن سعيد (¬7) عن القاسم، سئلت عائشة عن الرّجل يأتي أهله، ¬
ثمّ يلبس الثّوب فيعرق فيه؟ فقالت: كانت المرأة تعدّ خرقة، فإذا كان (¬1) مسح بها الرجل الأذى عنه، ولم تَر أن ذلك ينجسه. 28. حدثنا: أن النّبي - صلى الله عليه وسلم - كان يستعمل المسك، وكان أحَب الطّيب إليه. هو ملفق من حديثين: أمّا استعماله: [61]- ففي "الصحيحين" (¬2) عن عائشة: كأني انظر إلى وبيص الطيب في مفرق رسول الله -صلي الله عليه وسلم - وهو محرم. لفظ البخاري. ورواه مسلم (¬3) بلفظ المسك. وله طرق، وسيأتي في "الحج". وأمّا كونه كان أحبّ الطيب إليه، فلم أره صريحا، بل: [62]- روى مسلم (¬4) والترمذي (¬5) وابن حبان (¬6) وأبو داود (¬7) من طرق عن أبي سعيد الخدري مرفوعًا: "أَطْيَبُ الطِّيب الْمِسْك". ¬
29 - [63]- حديث: " إذَا اسْتَيقَظ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يَغْمِسْ يَدَه في الإنَاء حَتَّى يَغْسِلَهَا ثلاثًا؛ فإنّه لا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدْه". متفق عليه (¬1) من حديث أبي هريرة. وله طرق: منها للبخاري من حديث مالك عن أبي الزناد، عن الأعرج، عنه، بلفظ: " إذًا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلْيَغسِلْ يَدَهُ قَبْلَ إن يُدْخِلَهَا الإنَاءَ (¬2)؛ فإن أَحَدَكُم لا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُه". كذا أَوْرَده، ليس فيه ذكر العدد. وفي رواية للتّرمذي (¬3): "إِذَا استَيْقَظَ أحَدُكُم مِن الليْل". والتقييد باللّيل يؤيّد ما ذهب إليه أحمد بن حنبل؛ أمَّه مخصوص بنوم اللّيل. وقال الرافعي في "شرح المسند" (¬4): يمكن أن يقال: الكراهة في الْغَمْس إذا نام ليلًا أشدّ؛ لأنّ احتمال التّلويث فيه أظهر. وفي رواية لابن عدي (¬5): "فَلْيُرِقْه". وقال: إنّها زيادة منكرة. ¬
ورواه ابن خزيمة (¬1) وابن/ (¬2) حبان (¬3) والبيهقيُّ بزيادة: " أين بَاتَتْ يَدُه مِنْه". وقال ابن مَنده: هذه الزيادة رواتها ثقات، ولا أراها محفوظة. وفي الباب: عن جابر رواه الدّارَقطني (¬4) وابن ماجه (¬5). [64]- وعن عبد الله بن عمر رواه ابن ماجه (¬6) وابن خزيمة (¬7) والدّارَقطني (¬8) وزاد: فقال رجل: أرأيت إن كان حوضا؟ فحصبه عبد الله بن عمر، وقال: أخبرك عن رسول الله -صلي الله عليه وسلم -[وتقول: أريت إن كان حوضا؟!] (¬9)، ولفظه: "إِذَا اسْتَيْقَظَ أحَدُكُمْ مِن نَوْمِه فَلَا يُدْخِل يَدَه الإناءَ حَتى يَغْسِلَهَا ثَلاثَ مرَّات" فإنّه لا يَدري أَيْن بَاتَتْ يَدُه". وعن عائشة رواه ابن أبي حاتم في "العلل" (¬10) وحكى عن أبيه: أنه وهم. والصواب حديث أبي هريرة. ¬
* حديث: "إَذَا بَلَغَ الماءَ قلَّتَين بِقلالِ هَجَر لَمْ يَحْمِلْ خَبَثا"، وروي "نجسًا". تَقَدَّم باللَّفظين (¬1). -* قوله: روى الشَّافعي عن ابن جُريج، قال: رأيت قلال هجر ... تَقَدّم أيضا. وهَجَر: قال أبو إسحاق: هي محلّة بالمدينة يعمل فيها القلال. وقال غيره: هي الّتي بالبحرين، وبه جزم الأزهري، وهو الحقّ. -* حديث: "خَلَق الله الماءَ طَهُورًا". تقدم (¬2). وقول المصنف: إنّ اللّونَ لم يرد، وإنما قاسه الشَّافعي عَلى الطعم والرّائحة، مردودٌ، فقد ورد من رواية الشافعي وغيره، كما تقدّم. * * * * ¬
باب إزالة النجاسة
باب إزالة النَّجاسَة 30 - [65]- حديث أنّه - صلى الله عليه وسلم - قال لأسماء: "حُتّيه، ثمّ اقرصِيه، ثمّ اغسليه بالماء". الشَّافعي (¬1) حدثنا سفيان، عن هشام، عن فاطمة عن أسماء قالت: سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن دم الحيضة يصيب الثوب؟ فقال: "حُتِّيه، ثمَّ اقْرصِيه بالماء، ورُشِّيه، وَصَلِّي فِيهِ". ورواه عن مالك (¬2) عن هشام بلفظ: أن امرأة سألت وهذه الرواية في "الصحيحين" (¬3) وفي "الأربعة" (¬4) بهذا اللفظ. وأمّا بلفظ: "ثمَّ اغسييه بالماءِ"، فذكره الشيخ تقي الدين في "الإِمام" (¬5) من رواية محمد بن إسحاق بن يسار، عن فاطمة بنت المنذر، عن أسماء قالت: سمعت رسول الله -صلي الله عليه وسلم -، وسألته امرأة عن دم الحيض يصيب ثوبها؟ - فقال: "اغْسِلِيه". قلت: ورواه ابن ماجه (¬6) بلفظ: "اقْرِصِيه، واغْسِليه، وصَلِّي فِيه". ¬
تنبيه
ولابن أبي شيبة (¬1): "اقْرصِيه بِالماء، واغْسِلِيه، وَصَلِّي فِيهِ". [66]- وروى أحمد (¬2) وأبو داود (¬3) والنسائي (¬4) وابن ماجه (¬5) وابن خزيمة (¬6) وابن حبان (¬7) من حديث أم قيس بنت محصن: أنها سألت رسول الله -صلي الله عليه وسلم - عن دم الحيضة يصيب الثوب؟ فقال: "حُكِّيه بصلْعٍ (¬8)، واغْسِليه بِمَاءٍ وَسِدْرِ". قال ابن القطّان (¬9): إسناده في غاية الصحة، ولا أعلم له علة. تنبيه زعم النووي في "شرح المهذب" (¬10) أن الشّافعي روى في "الأم" (¬11) أن أسماء هي السائلة بإسناد ضعيف. وهذا خطأ بل إسناده في غاية الصحة (¬12)، وكأن النووي قلد في ذلك ابن ¬
تنبيه آخر
الصلاح. وزعم جماعة ممن تكلم على "المهذب" أنه غلط في قوله أسماء هي السائلة، وهم الغالطون والله أعلم (¬1). تنبيه آخر قوله: بِصَلْع، ضبطه ابن دقيق العيد (¬2) بفتح الصاد المهملة، وإسكان اللام ثمَّ عين مهملة، وهو الحجر. ووقع في بعض المواضع بكسر الضاد المعجمة، وفتح اللام ولعله تصحيف؛ لأنه لا معنى يقضي تخصيص الضلع بذلك. كذا قال! لكن قال الصغاني في "العباب" (¬3) في مادة (ضلع) بالمعجمة: وفي الحديث: " حُتِّيه بِضِلْع". قال ابن الأعرابي: الضلع ها هنا: العود الذي فيه اعوجاج. وكذا ذكره الأَزهري في المادة المذكورة، وزاد عن الليث قال: الأصل فيه ضلع الحيوان، فسمي به العود الذي يشبهه. ¬
[وقوله: "ثمّ اقرصيه" وقع في حديث عائشة في "الصحيحين": "فَلْتَقْزصه، ثتم لْتَنْضَحْه بماءِ"] (¬1). وقوله: "فلتقرصه" (¬2) بفتح التاء وضم الراء/ (¬3)، ويجوز كسرها. وروي بفتح القاف وتشديد الراء، أي فلتقطعه بالماء، ومنه: تقريص (¬4) العجين؛ قاله أبو عبيد (¬5). وسئل الأخفش عنه، فضم بإصبعيه الإبهام والسبابة، وأخذ شيئًا من ثوبه بهما، وقال: هكذا يفعل بالماء في موضع الدم. 31 - [67]- قوله: روي أن نسوة رسول الله -صلي الله عليه وسلم - سألنه عن دم الحيض يصيب الثوب، وذكرن له أن لون الدم يبقى، فقال: "أَلْطِخْنَة بِزَعْفَرَان". هذا الحديث لا أعلم من أخرجه هكذا، لكن روي موقوفًا، فروى الدارمي في مسنده (¬6) عن معاذة، عن عائشة، أنها قالت: إذا غسلت الدم فلم يذهب، فلتغيره بصفرة أو زعفران. ¬
فائدة
ورواه أبو داود (¬1) بلفظ: قلت لعائشة في دم الحيض (¬2) يصيب الثوب، قالت: تغسله، فإن لم يذهب أثره فلتغيره بشيء من صفرة. موقوف. 32 - [68]- حديث خولة بنت يسار سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - بهاّ عن دم الحيض فقال: "اغْسِلِيه" فقلت: أغسله فيبقى أثره؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: "الماءُ يَكْفِيكِ وَلَا يَضُرُّكِ أَثَرُه". أبو داود (¬3) في رواية ابن الأعرابي، والبيهقيُّ (¬4) من طريقين عن خولة. وفيه ابن لهيعة (¬5). قال إبراهيم الحربي: لم يُسمَع بخولة بنت يسار إلا في هذا الحديث. ورواه الطبراني في "الكبير" (¬6) من حديث خولة بنت حكيم، وإسناده أضعف من الأول. فائدة عزاه ابن الرفعة إلى أبي داود، فوهم؛ فإنه إنما أخرج رواية خولة بنت يسار. ¬
فائدة
* حديث: "إِذَا اسْتَيقَظَ أَحَدُكُمْ مِن مَنَامِه". تقدم (¬1). وهذا اللفظ عند الدّارَقطني (¬2) من حديث ابن عمر بسند حسن. 33 - [69]-حديث: أن أعرابيا بال في ناحية المسجد فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "صُبُّوا عَلَيه ذَنُوبًا مِن مَاء". متفق عليه (¬3) من حديث أنس بن مالك. ورواه البخاري (¬4) من حديث أبي هريرة. فائدة [70]- حديث "ذَكَاةُ الأَرْضِ يُبْسُها" احتج به الحنفية؛ ولا أصل له في المرفوع، نعم ذكره ابن أبي شيبة (¬5) موقوفا، عن أبي جعفر محمّد بن علي الباقر. ورواه عبد الرزاق عن أبي قلابة (¬6) من قوله، بلفظ: "جُفُوفُ الأرضِ طُهُورها". ¬
34 - قوله: ولم يؤمر بنقل التراب. يعني: في الحديث المذكور وهو كذلك، لكن قد ورد أنّه أمر بنقله من حديث أنس، بإسناد رجاله ثقات: [71]- قال الدّارَقطني (¬1): حدثنا ابن صاعد، حدثنا عبد الجبار بن العلا، حدثنا ابن عيينة، عن يحيى بن سعيد، عن أنس: أن أعرابيا بال في المسجد، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "احْفِرُوا مَكَانَه، ثمّ صُبُّوا عَلَيه ذَنُوبًا مِن مَاء". وأعله الدّارَقطني بأن عبد الجبار تفرد به دون أصحاب ابن عيينة الحفاظ، وأنه دخل عليه حديث في حديث، وأنه عند ابن عيينة عن عمرو بن دينار، عن طاوس مرسلا، وفيه: "احْفرُوا مَكَانَه". وعن يحيى بن سعيد، عن أنس موصولا. وليست فيه الزيادة. وهذا تحقيق بالغ، إلا أن هذه الطريق المرسلة مع صحة إسنادها (¬2)، إذا ضمت إلى أحاديث الباب أخذت قوة، وقد أخرجها الطحاوي (¬3) [مفردة] (¬4) من طريق ابن عيينة عن عمرو، عن طاوس. وكذا رواه سعيد ابن منصور عن ابن عيينة. فمن شواهد هذا المرسل؛ مرسل آخر: [72]-رواه أبو داود (¬5) والدّارَقطنيّ (¬6) من حديث عبد الله بن معقل بن مقرن ¬
المزني. وهو تابعي- قال: قام أعرابي إلى زاوية من زوايا المسجد فبال فيها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "خُذُوا مَا بَالَ عليه من التُّراب فَأَلْقُوهُ، وَأَهْرِيقُوا عَلَى مَكَانِه مَاءً". قال أبو داود: روي مرفوعا. يعني موصولا. ولا يصح. قلت: وله/ (¬1) إسنادان موصولان: أحدهما: [73]-عن ابن مسعود رواه الدارمي (¬2) والدّارَقطنيّ (¬3) ولفظه: فأمر بمكانه فاحتفر، وصب عليه دلو من ماء. وفيه سمعان بن مالك، وليس بالقوي، قاله أبو زرعة (¬4). وقال ابن أبي حاتم في "العلل" (¬5) عن أبي زرعة: هو حديث منكر. وكذا قال أحمد. وقال أبو حاتم: لا أصل له. ثانيهما: [74]- عن واثلة بن الأسقع رواه أحمد (¬6) والطبراني (¬7). وفيه عُبيد الله بن أبي ¬
حميد الهذلي، وهو منكر الحديث؛ قاله البخاري (¬1) وأبو حاتم (¬2). 35 - [75]- حديث: "إِنَّما يُغْسَلُ مِنْ بَوْلِ الْجَارِيَةِ، وَيُرَش عَلَى بَوْلِ الْغُلَامِ". ووقع في الأصل: (من بول الصبية) ولم يقع هذا اللفظ في الحديث؛ فقد رواه أبو داود (¬3) والبزار والنسائي (¬4) وابن ماجه (¬5) وابن خزيمة (¬6) والحاكم (¬7) من حديث أبي السمح. قال: كنت أخدم رسول الله -صلي الله عليه وسلم - فأتي بحسن أو حسين، فبال على صدره، فجئت أغسله، فقال: " يُغسَل [مِن] بول الجارِية وَيُرَشّ مِن بَول الْغُلام". قال البزار وأبو زرعة (¬8): ليس لأبي السمح غيره، ولا أعرف اسمه. وقال غيره: يقال: اسمه [إياد] (¬9). (¬10). ¬
وقال البخاري: حديث حسن. [76]-ورواه أحمد (¬1) وأبو داود (¬2) وابن ماجه (¬3) والحاكم (¬4) من حديث لبابة بنت الحارث، قالت: كان الحسين بن علي في حجر رسول الله -صلي الله عليه وسلم - فبال عليه فقلت: البس ثوبا جديدا، وأعطني إزارك حتى أغسله. فقال: "إِنمَا يُغْسَل مِن بَوْلِ الأُنْثَى، وَيُنْضَحُ مِن بَوْلِ الذَّكَر". ورواه الطبراني (¬5) من حديثها مطولا. [77]- ورواه أحمد (¬6) وأبو داود (¬7) والترمذي (¬8) وإبن ماجه (¬9) وابن خزيمة (¬10) وابن حبان (¬11) والحاكم (¬12) من حديث قتادة، عن أبي حرب بن أبي الأسود، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب، أن رسول الله -صلي الله عليه وسلم - قال في بول الرضيع: "يُنْضَحُ بَولُ الْغُلَام وُيغْسَل بَولُ الجارِيَة". ¬
قال قتادة: هذا ما لم يطعما فإذا طعما غسلا. لفظ الترمذي، وقال: حسن، رفعه هشام، ووقفه سعيد. قلت: إسناده صحيح؛ إلا أنّه اختلف في رفعه ووقفه، وفي وصله وإرساله، وقد رجح البخاري صحته (¬1)، وكذا الدّارَقطني. وقال البزار (¬2): تفرّد برفعه معاذ بن هشام عن أبيه. وقد روى هذا الفعل من حديث جماعة، من الصحابة وأحسنها إسنادا حديث علي: [78]-وروى أحمد (¬3) وابن ماجه (¬4) والطبراني (¬5) من حديث عمرو بن شُعيب عن أم كرز قالت: أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بصبي فبال عليه، فأمر به فنضح، وأتى بجارية فبالت عليه، فأمر به فغسل. وفيه انقطاع، وقد اختلف فيه على عمرو بن شُعيب؛ فقيل: عنه، عن أبيه، عن جده، كالجادة، أخرجه الطبراني في "الأوسط" (¬6). وفي الباب: [79]-عن أم سلمة، رواه الطبراني (¬7)، وإسناده ضعيف؛ فيه إسماعيل بن ¬
مسلم المكي. لكن رواه أبو داود (¬1) من طريق الحسن، عن أمه: أنها أبصرت أم سلمة تصب على بول الغلام ما لم يطعم، فإذا طعم غسلته، وكانت تغسل بول الجارية. وسنده صحيح. ورواه البيهقي (¬2) من وجه آخر، عنها موقوفا أيضا، وصَحَّحَه (¬3). [80]-وعن أنس، وفي إسناده نافع أبو هرمز، وهو متروك. [81]- وعن زينب بنت جحش، رواه عبد الرزاق (¬4) وفيه ليث بن أبي سليم، وهو ضعيف. [82]-وعن امرأة من أهل البيت، رواه أحمد بن منيع في "مسنده" (¬5) قال: حدثنا بن علية حدثنا عمارة بن أبي حفصة، عن أبي مجلز، عن حسين بن علي أو ابن حسين بن علي، حدثتنا امرأة من أهلنا. [83 - 84]- وعن ابن عمر، وابن عباس (¬6) نحو ذلك. وفي أحاديث أكثرُ ¬
هؤلاء أن صاحب القصة حسن أوحسين بن علي. [85]-وروى الدّارَقطني (¬1) من/ (¬2) حديث عائشة، قالت: بال ابن الزُّبير على رسول الله -صلي الله عليه وسلم - فأخذته أخذا عنيفا، فقال: "إنّه لَمْ يَأكلِ الطَّعَامَ، فَلَا يَضُرّ بَوْلُه". وإسناده ضعيف (¬3). وأصله في البخاري (¬4) بلفظ: أتى رسول الله -صلي الله عليه وسلم - بصبي فبال على ثوبه، فدعا بماء فنضحه، ولم يغسله. [86]-وروى الطبراني في "الأوسط" (¬5) من حديث الحسن البصري، عن أمه: أن الحسن أو الحسين بال على بطن رسول الله -صلي الله عليه وسلم - فذهبوا ليأخذوه، فقال: "لا تَزْرِمُوا ابني. . ." الحديث (¬6). وفي "المصنف" (¬7) و"صحيح ابن حبان" (¬8) عن ابن شهاب: مضت السنة أنّه يُرشّ بول من لم يأكل الطعام من الصبيان. تنبيه قال البيهقي (¬9): الأحاديث المسندة في الفرق بين بول الغلام والجارية؛ إذا ¬
فائدة
ضم بعضها إلى بعض قويت، وكأنها لم تثبت عند الشَّافعي حتى قال: ولا يتبين لي في بول الصبي والجارية فرق من السنة الثابتة. قلت: قد نقل ابن ماجه (¬1)، عن الشَّافعي فرقًا من حيث المعنى، وأشار في "الأم" إلى نحوه. فائدة [87]- روى الدّارَقطني (¬2) من طريق إبراهيم بن أبي يحيى، عن خارجة بن عبد الله بن سليمان، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: أصاب ثوب النبي - صلى الله عليه وسلم - أو جلده بول صبي وهو صغير، فصب عليه من الماء بقدر ما كان البول. وإسناده ضعيف (¬3). 36 - [88]- حديث أم قيس بنت محصن: أنها أتت بابن لها لم يبلغ أن يأكل الطعام. وفي رواية: لم يأكل الطعام. إلى رسول الله -صلي الله عليه وسلم - فبال في حجره، فدعا بماء فنضحه على بوله ولم يغسله غسلا. متفق عليه (¬4). ولمسلم: فدعا بماء فرشه. تنبيه أم قيس اسمها: آمنة. قاله السهيلي. ¬
فائدة
وقيل: جذامة. وابنها لم يذكر اسمه (¬1). فائدة ادعى الأصيلي أن قوله: "ولم يغسله" مدرج من قول ابن شهاب (¬2). وفي الباب: [89]- عن عروة عن عائشة، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يؤتى بالصبيان، فيدعو لهم، فأتي بصبي فبال على ثوبه فدعا بماء، فأتبعه إياه. متفق عليه (¬3)، زاد مسلم: ولم يغسله. * حديث أبي هريرة: "إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ في إِنَاء أَحَدِكِمْ فَلْيُرِقْه، وَلْيَغْسِلْهُ سَبعًا، أُولاهُنَّ بالتُّرابِ أَوْ إحْدَاهُنّ". تَقَدّم الكلام عليه (¬4)، وأن مسلما رواه (¬5) إلى قوله: "سبعَ مرات"، وبقية الحديث ليس هو عنده. ورواه النسائي (¬6) وابن خزيمة (¬7) والدّارَقطنيّ (¬8) كما رواه مسلم، وجزم ¬
النسائي (¬1) وابن مَنده، وغير واحد بتفرد علي بن مسهر بزيادة: "فَلْيُرِقْه". ورواه مسلم أيضًا (¬2) من وجه آخر، بلفظ: " أولَاهنّ بالتُّراب". وفي رواية صحيحة للشافعي (¬3): "أوَلاهُنّ، أَوْ أُخْرَاهنَّ بالتُّراب". وفي رواية لأبي عبيد بن سلام في كتاب "الطهور" (¬4) له بلفظ؟ "إِذَا وَلَغ الْكَلْبُ في الإناءِ غُسِلَ سَبْعَ مرَّات، أُولَاهُنَّ أو إِحْدَاهنّ بالتُّراب". وهذا يطابق لفظ الكتاب في آخره. ورواه البزار (¬5) من هذا الوجه، بلفظ: "فَلْيَغْسِلْه سَبْعَ مرات؛ إحْدَاهنّ بالتراب". وإسناده حسن، ليس فيه إلا أبو هلال الرّاسبي وهو صدوق. ورواه الدّارَقطني (¬6) من حديث علي بن أبي طالب بلفظ إحداهن بالبطحاء. وإسناده ضعيف (¬7)، فيه الجارود بن يزيد، وهو متروك. وروى مسلم (¬8) من حديث عبد الله بن مغفل، بلفظ: "فَاغْسِلُوه سَبْعًا، وَعَفِّرُوهُ الثامِنَةَ بالتُّرَابِ". ¬
فائدة
وهذا أصح من رواية: "إحداهن" من حيث الإسناد. والله أعلم. وإذا تحررت هذه الطرق عرفت أن السياق الذي ساقه المؤلف لا يوجد في حديث واحد؛ لأن راوي "فليرقه" لم يتعرض فيها لذكر التراب، والروايات التي فيها ذكر التراب لم يذكر فيها الأمر بالإراقة. فائدة اللفظ بـ "أو" يحتمل/ (¬1) أن تكون من الراوي، ويحتمل أن تكون للإباحة بأمر الشارع، قال ابن دقيق العيد: الأول أقرب؛ لأنه لم يقل أحد بتعيين الأولى أو الأخيرة فقط، بل إما بتعيين الأولى، أو التخيير بين الجميع انتهى. وليس كما قال؛ فقد قال الشَّافعي في البويطي: وإذا ولغ الكلب في الإناء غسل سبعا أولاهن أو أخراهن بالتراب، لا يطهره غير ذلك. وكذا قال في "الأم" (¬2) كما تَقَدَّم في أول "باب إزالة النجاسة"، ولكن الأول (¬3) أقرب من جهة أخرى؛ لأن لفظ رواية الترمذي: "أُخراهنّ أو قال: أولَاهُنّ". وهنا ظاهر في أته شك من الراوي، وكذا قرره البيهقي في "الخلافيات" أنها للشك (¬4). ¬
فائدة أخرى
فائدة أخرى المذهب أن حكم الخنزير كالكلب، واستدل البيهقي (¬1) بحديث أبي هريرة في نزول عيسى أنّه يقتل الخنزير، ودلالته غير ظاهرة؛ لأنه لا يلزم من الأمر بقتله أن يكون نجسا. فإن قيل: إطلاق الأمر بقتله قال على أنّه أسوأ حالًا من الكلب؛ لأن الكلب لا يقتل إلا في بعض الأحوال. قلنا: هذا خلاف نص الشّافعي، فإنه نصَّ في "سير الواقدي" على قتلها مطلقا، وكذا قال في (باب الخلاف في ثمن الكلب): اقتلها حيث وجدتها. ويتعجب من النووي في "شرح المهذب" (¬2)، فإنه جزم بأنه لا يقتل منها إلا الكلب العقور والْكَلِبُ، وقال: لا خلاف في هذا بين أصحابنا. وليس في تخصيصه بالذكر أيضًا حجة على المدعى؛ لأن فائدته الرد على النصاري الذين يأكلونه، ولهذا يكسر الصليب الذي يتعبدون به لأجله. واختار النووي في "شرح المهذب" (¬3) أن حكم الخنزير حكم غيره من الحيوانات، ويدل لذلك حديث أبي ثعلبة عند الحاكم (¬4) وأبي داود (¬5): إنا نجاور أهل الكتاب وهم يطبخون في قدورهم الخنزير .... الحديث. فأمر بغسلها، ولم يقيد بعدد. ¬
واختار النووي أن يغسل من ولوغه مرة. 37 - [90]- حديث: الهرة "لَيْسَتْ بِنَجِسَة إِنَّها مِنَ الطَّوَّافين عَلَيْكم". مالك (¬1) والشافعي (¬2) وأحمد (¬3) والأربعة (¬4) وابن خزيمة (¬5) وابن حبان (¬6) والحاكم (¬7) والدّارَقطنيّ (¬8) والبيهقي (¬9) من حديث أبي قتادة. قال مالك: عن إسحاق بن أبي طلبة، عن حميدة بنت عبيدة، عن خالتها كبشة بنت كعب بن مالك، وكانت تحت بن أبي قتادة، أنها أخبرتها: أن أبا قتادة دخل عليها فسكبت له وضوءا، فجاءت هرة لتشرب منه فأصغى لها الإناء حتى شربت. قالت كبشة: فرآني انظر إليه، فقال: أتعجبين يا ابنة أخي؟ قالت: قلت: نعم. فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لَيْسَتْ بِنَجِسٍ، إِنما هِيَ مِن الطوَّافِين عَليكم أَو الطوَّافَات". ¬
ورواه الباقون من حديث مالك. ورواه الشَّافعي (¬1) عن الثقة، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه. ورواه أبو يعلى من طريق حسين المعلم، عن إسحاق بن أبي طلحة، عن أم يحيى امرأته، عن خالتها ابنة كعب بن مالك. فذكره. تابعه همام، عن إسحاق أخرجه البيهقي (¬2). قال ابن أبي حاتم (¬3): سألت أبي وأبا زرعة عنه، فقالا: هي حميدة تكنى أم يحيى. وصَحَّحَه البخاري (¬4) والترمذي (¬5) والعقيلي (¬6) والدّارَقطني، وساق له في "الأفراد" (¬7) طريقا غير طريق إسحاق؛ فروى من طريق الدراوردي، عن أَسِيد بن أبي أُسَيْد، عن أبيه: أنّ أبا قتادة كان يصغى الإناء للهرة فتشرب منه، ثمَّ يتوضأ بفضلها، فقيل له: أنتوضأ بفضلها؟ فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنّها لَيْسَتْ بِنَجِس؛ إِنَّما هِيَ مِنَ الطّوَّافِين عَلَيْكم". ¬
وأعله ابن مَنده بأن حميدة وخالتها كبشة محلهما محل الجهالة، ولا يعرف لهما إلا [هذا] (¬1) الحديث. انتهى. فاما قوله: "إنهما لا يعرف لهما إلا هذا/ (¬2) الحديث" فمتعقّب بأن لحميدة حديثًا آخر في تشميت العاطس، رواه أبو داود (¬3). ولها ثالث رواه أبو نعيم في "المعرفة" (¬4). وأمّا حالهما؛ فحميدة روى عنها مع إسحاق ابنه يحيى، وهو ثقة عند ابن معين. وأمّا كبشة فقيل: إنها صحابية (¬5)، فإن ثبت فلا يضر الجهل بحالها. والله أعلم. وقال ابن دقيق العيد (¬6): لعل من صححه اعتمد على تخريج مالك، وإن كل من خرج له فهو ثقة كما صح عنه (¬7)، فإن سلكت هذه الطريقة في تصحيحه. أعني تخريج مالك - وإلا فالقول ما قال ابن مَنده. ¬
فائدة
فائدة اختلف في حميدة هل هي بضم الحاء أو فتحها. تنبيه جعل الرّافعي تبعًا للمتولي الذي أصغى الإناء للهرة هو النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه قال -لما تعجّبوا من إصغاء الرّسول الإناء للهرة- قال: " إنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجِسَة" انتهى. والمعروف في الرِّوايات ما تَقَدَّم. نعم روى البيهقي (¬1) من حديث عبد الله بن أبي قتادة قال: كان أبو قتادة يصغى الإناء للهرة فتشرب، ثمَّ يتوضأ به. فقيل له في ذلك، فقال: "مَا صَنَعْتُ إلاَّ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَصْنَع". [91]- وروى ابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ" (¬2) من طريق محمد بن إسحاق، عن صالح، عن جابر قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يضع الإناء للسنور فيلغ فيه، ثمَّ يتوضأ من فضله. [92]- ورواه الدّارَقطني (¬3) من طريق أبي يوسف القاضي، عن عبد ربه بن سعيد المقبري، عن أبيه عن عروة عن عائشة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تمر به الهرة فيصغى [لها] (¬4) الإناء فتشرب، ثتم يتوضأ بفضلها. ¬
وعبد ربه هو عبد الله. متفق على ضعفه. واختلف عليه فيه؛ فقيل: عنه، هكذا. وقيل: عنه، عن أبيه، عن أبي سلمة، عن عائشة. ورواه الدّارَقطني من وجه آخر (¬1) عن عروة، عن عائشة. وفيه الواقدي (¬2). وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجه آخر، رواه أبو داود (¬3) من طريق الدراوردي، عن داود بن صالح بن دينار التمار، عن أمه، أن مولاتها أرسلتها بهريسة إلى عائشة، قالت: فوجدتها تصلي فأشارت إلى أن ضعيها، فجاءت هرة فأكلت منها، فلما انصرفت أكلت من حيث أكلت الهرة، وقالت: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّها لَيْسَتْ بِنَجِس إِنما هِي مِنَ الطوَّافِين عَلَيْكم". ورواه الدّارَقطني (¬4) وقال: تفرد برفعه داود بن صالح. وكذا قال: الطبراني (¬5) والبزار (¬6)، وقال: لا يثبت. ورواه الدّارَقطني (¬7) والعقيلي (¬8) من حديث سليمان بن مسافع، عن منصور ¬
ابن صفية، عن أمه، عن عائشة. ومن طريق أبي حنيفة (¬1)، عن حماد، عن إبراهيم، عن الشعبي، عن عائشة. وفيه انقطاع (¬2). ورواه الدّارَقطني (¬3) وابن ماجه (¬4) من طريق أخرى عن عمرة، عن عائشة قالت: كنت أتوضأ أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إناء واحد قد أصابت منه الهرة قبل ذلك. وفيها حارثة بن محمّد (¬5) وهو ضعيف. ورواه الخطيب (¬6) من وجه آخر. وفيه سلم بن المغيرة، وهو ضعيف. قاله (¬7) الدّارَقطني (¬8). تفرد به عن مصعب بن ماهان عن الثوري، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة. ¬
فائدة
والمحفوظ عن الثوري، عن حارثة (¬1)، كما تقدم فائدة قال ابن عبد البر (¬2): قال بعضهم: قوله: "لَيْسَت بِنَجِسَة" من قول أبي قتادة. قال: وهو غلط. [93]- وروى الطبراني في "الصغير" (¬3) من طريق جعفر بن محمَّد، عن أبيه عن جده، علي بن الحسين، عن أنس قال: خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أرض بالمدينة يقال لها: بطحان، فقال: "يَا أَنَس اسْكُبْ لِي وَضُوء"، فسكبت له، فلما قضى حاجته أقبل/ (¬4) إلى الإناء، وقد أتى هو فولغ في الإناء، فوقف له النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى شرب، ثمّ توضأ، فذكرت له ذلك، فقال: "يَا أَنَس إِن الْهِرَّ مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ، لَنْ يُقذرَ شيئًا، وَلن يُنجسَه". قال: تفرد به عمر بن حفص. 38 - قوله: إن الشرع حكم بنجاسة الكلاب؛ لما نهى عن مخالطتها مبالغة في المنع. أمّا حكمه بنجاستها فتَقَدَّم. وأمّا النهي عن مخالطتها فمتفق عليه (¬5) من حديث: ¬
[94]- ابن عمر بلفظ: "مَن اقْتَنَى كَلْبًا إلاّ كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ مَاشِيَةِ نَقَصَ مِن أَجْرِه كُلَّ يَوْمِ قِيرَاطَان". وقد صحّ الأمر بقتلها. 39 - قوله: وفي بول المأكول وجه أنّه طاهر، واختاره الروياني، وأحاديثه مشهورة في الباب، مع تأويلها ومعارضتها. أمَّا الأحاديث الدّالة على طهارتها؛ فرواها الدّارَقطني من: [95]- حديث جابر بلفظ: "مَا أُكَل لَحْمُه فَلَا بَأْسَ بِبَوْلِه" (¬1). [96]- ومن حديث البراء بن عازب: "لاَ بَأْسَ بِبَوْلِ مَا أُكِلَ لَحْمُه" (¬2). وإسناد كل منهما ضعيف جدا. وفي "الصحيحين" (¬3): [97]- عن أنس في قصة العرنيين: وأمرهم أن يشربوا من ألبانها وأبوالها. وفي "صحيح ابن خزيمة" (¬4) وابن حبان (¬5) من: ¬
[98]- حديث عمر في قصة عطشهم في بعض المغازي، قال: حتى إن كان الرجل ليلتمس الماء، حتى إئه لينحر بعيره، فيعصر فرثه فيشربه، ويجعل ما بقي على كبده. استدل به ابن خزيمة على طهارة الفرث (¬1). وأمّا التأويل: فحديث أنس (¬2) محمول على التداوي، وقيل: هو منسوخ بالنهي عن المثلة وحديث عمر دلالته غير ظاهرة. وأمّا الضعيفان؛ فلا تحتاج إلى تكلف التأويل فيهما. وأمّا المعارض: فإطلاق الأحاديث الصحيحة الواردة في تعذيب من لا يستنزه من البول، وستأتي. وبأن العرب كانت تستخبث الأبوال، فهي حرام. 40 - [99]- حديث أبي قتادة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإذا قام حملها، وإذا سجد وضعها. متفق عليه (¬3). ¬
تنبيه
وفي رواية لمسلم (¬1): يصلي بالناس. وفي رواية له (¬2): يؤم الناس. وفي رواية لأبي داود (¬3): أن ذلك كان في الظهر أو العصر. وفي رواية للطبراني (¬4) أنّه كان في الصبح. تنبيه ادعى بعضهم (¬5) أن هذا الحديث منسوخ. ورُدّ للجهل بالناسخ، وتاريخهما، بل جزم ابن دقيق العيد (¬6) بأن هذا الفعل متأخر عن قوله: "إنَّ في الصَّلاة لَشُغْلاً". وادعى بعضهم (¬7): أن ذلك كان في النافلة، ورواية مسلم ترد عليه. ولفظ أبي داود: بينما نحن ننتظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الظهر أو العصر، إذ خرج إلينا، وأمامة بنت أبي العاص على عنقه، فقام في مصلاه، وقمنا خلفه، وهي في مكانها حتى إذا أراد أن يركع أخذها فوضعها، ثمّ ركع وسجد، حتى إذا فرغ من سجوده أخذها فردها في مكانها، ثمّ قام، فما زال يصنع بها ذلك في كل ركعة حتى فرغ من صلاته. ¬
والعجب من الخطابي (¬1) مع هذا السياق كيف يقول: ولا يتوهم أنّه حملها ووضعها مرة بعد أخرى عمدا؛ لأنه عمل يشغل القلب، وإذا كان علم الخميصة يشغله فكيف لا يشغله هذا! وقد أشبع النّووي الرد عليه (¬2). وادعى آخرون (¬3) خصوصية ذلك برسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ لا يؤمن من الطفل البول. وفيه نظر، فأي دليل على الخصوصية؟! وفي الباب: [100]- عن أنس رواه ابن عدي (¬4) من طريق أشعث بن عبد الملك، عن الحسن، عن أنس، قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي والحسن على ظهره، فإذا سجد نحاه. إسناده حسن/ (¬5). (¬6). **** ¬
باب الأواني
باب الأواني 41 - حديث: أنّه - صلى الله عليه وسلم - مر بشاة ميتة لميمونة، فقال: " هَلاّ أَخَذْتُم إِهَابَهَا فَدَبَغْتُمُوه، فَانْتَفَعْتُم بِه"، فقيل: إنها ميتة. فقال: " أَيّما إِهَاب دُبغَ فَقَدْ طَهُر". هذا الحديث بهذا السياق لا يوجد، بل هو ملفق من حديثين؛ ففي "الصحيحين" (¬1)، من: [101]- حديث ابن عباس قال: تصدق على مولاة لميمونة بشاة فماتت، فمر بها رسول اللهُ. فذكر مثل ما هنا، إلى قوله: ميتة. فقال: "إِنما حُرِّم أَكْلُها" لفظ مسلم. ولم يقل البخاري في شيء من طرقه: "فَدَبَغْتُمُوه"، ولأجل هذا عزاه بعض الحفاظ كالبيهقي والضياء وعبد الحق إلى انفراد مسلم به. نعم رواه البخاري (¬2) من وجه آخر، عن ابن عباس، عن سودة، قالت: ماتت شاة لنا فدبغنا مسكها ... الحديث. وأنكر النووي في "شرح المهذب" (¬3) على من لم يجعله من المتفق عليه. وفي إنكاره نظر. ¬
ورواه النسائي (¬1) وأحمد (¬2) بلفظ: مر بشاة لميمونة. ورواه البزار (¬3) بلفظ: ماتت شاة لميمونة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ألا اسْتَمْتَعْتُم بِإِهَابِهَا فَإِن دِبَاغُ الأَدِيمِ طَهُوره". وسيأتي. وفي الباب: [102]- عن أم سلمة رواه الطبراني في "الأوسط" (¬4) والدّارَقطنيّ (¬5) وفي إسناده فرج بن فضالة وهو ضعيف. [103]- وفي "تاريخ نيسابور" للحاكم، من طريق مغيرة، عن الشعبي، عن ابن عباس، مر النبي - صلى الله عليه وسلم - بشاة ميتة لأم سلمة، أَو لسودة، فذكر الحديث. [104]- وأمّا حديث "أَيّمَا إِهَابِ دُبغَ فَقَدْ طَهُرَ" فرواه الشَّافعي (¬6)، عن ابن عيينة، عن زيد ابن أسلم، عن ابن وعلة، عن ابن عباس، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول بهذا. وكذا رواه الترمذي في "جامعه" (¬7) عن قتيبة، عن سفيان، وقال: حسن صحيح. ¬
ورواه مسلم (¬1) عن أبي بكر بن أبي شيبة، وعمرو الناقد، عن سفيان، بلفظ: "إِذَا دُبغَ الإهَابُ فَقَدْ طَهُر" ورواه ابن حبان (¬2) بلفظ قتيبة. وفي سياقه عن ابن عيينة، حدثني زيد بن أسلم سمعت ابن وعلة، سمعت ابن عباس. وله شاهد: [105]- عن ابن عمر، رواه الدّارَقطني (¬3) بإسناد على شرط الصحة، وقال: إنّه حسن. وآخر من: [106]- حديث جابر رواه الخطيب في "تلخيص المتشابه" (¬4). 42 - [107]- حديث: "لاَ تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإهَابِ وَلاَ عَصَبٍ". الشَّافعي في "حرملة" (¬5) وأحمد (¬6) والبخاري في "تاريخه" (¬7) والأربعة (¬8) ¬
والدّارَقطنيّ (¬1) والبيهقي (¬2) وابن حبان (¬3) عن عبد الله بن عكيم: أتانا كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل موته: "أَلاَ تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابِ وَلاَ عَصَب". وفي رواية الشَّافعي وأحمد (¬4) وأبي داود (¬5): قبل موته بشهر. وفي رواية لأحمد (¬6): بشهر أو شهرين. قال الترمذي: حسن. وكان (¬7) أحمد يذهب إليه، ويقول: هذا آخر الأمر، ثمّ تركه؛ لما اضطربوا في إسناده؛ حيث روى بعضهم فقال: عن ابن عكيم، عن أشياخ من جهينة. وقال الخلال (¬8): لما رأى أبو عبد الله تزلزل الرُّواة فيه توقف فيه. وقال ابن حبان (¬9) - بعد أن أخرجها -: هذه اللفظة أوهمت عالما من الناس، أن هذا الخبر ليس بمتصل، وليس كذلك، بل عبد الله بن عكيم شهد كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث قرئ عليهم في جهينة، وسمع مشائخ جهينة يقولون ذلك. ¬
وقال البيهقي (¬1) والخطابي (¬2): هذا الخبر مرسل. وقال ابن أبي حاتم في "العلل" (¬3) عن أبيه: ليست لعبد الله بن عكيم صحبة، وإنما روايته كتابة. وأغرب الماوردي (¬4) فزعم أنّه نقل عن علي بن المديني: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مات ولعبد الله بن عكيم سنة. وقال صاحب "الإِمام" (¬5): تضعيف من ضعفه ليس من قبل الرجال؛ فإنهم كلهم ثقات، وإنما ينبغي أن يحمل الضعف على الاضطراب، كما نقل/ (¬6) عن أحمد، ومن الاضطراب فيه ما رواه ابن عدي (¬7) والطبراني من حديث شبيب بن سعيد، [عن شعبة] (¬8) عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عنه، ¬
ولفظه: " جاءنا كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن بأرض جهينة: "إنّي كُنْتُ رَخَّصْتُ لَكُم في إِهَاب الْمَيْتَةِ وَعَصَبِهَا، فَلا تَنتَفِعُوا بِإِهَابٍ وَلاَ عَصَب". إسناده ثقات، وتابعه فضالة بن مفضل عند الطبراني في "الأوسط" (¬1)، ورواه أبو داود (¬2) من حديث خالد، عن الحكم، عن عبد الرحمن: أنه انطلق هو وأناس معه إلى عبد الله بن عكيم، فدخلوا، وقعدت على الباب، فخرجوا إلى وأخبروني أن عبد الله بن عكيم أخبرهم. فهذا يدل على أن عبد الرحمن ما سمعه من ابن عكيم، لكن إن وجد التصريح بسماع عبد الرحمن منه، حمل على أنّه سمعه منه بعد ذلك (¬3). وفي الباب: [108]- عن ابن عمر، رواه ابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ" (¬4)، وفيه ¬
عدي بن الفضل، وهو ضعيف (¬1). [109]- وعن جابر، رواه بن وهب في "مسنده" (¬2)، عن زمعة بن صالح، عن أبي الزبير عن جابر، وزمعة ضعيف. ورواه أبو بكر الشَّافعي في "فوائده" من طريق أخرى. قال الشيخ الموفق: إسناده حسن. وقد تكلم الحازمي في "الناسخ والمنسوخ" (¬3) على هذا الحديث فشفى. ومحصَّل ما أجاب به الشافعية وغيرهم عنه التعليل بالإرسال، وهو أن عبد الله بن عكيم لم يسمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم -، والانقطاع بأن عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمعه من عبد الله بن عكيم، والاضطراب في سنده؛ فإنه تارة قال: عن كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم -. وتارة عن مشيخة من جهينة. وتارة عن من قرأ الكتاب. والاضطراب في المتن؛ فرواه الأكثر من غير تقييد، ومنهم من رواه بقيد شهر أو شهرين، أو أربعين يوما، أو ثلاثة أيام. والترجيح بالمعارضة: بأن الأحاديث الدالة على الدباغ أصح. والقول بموجَبِه: بأن الإهاب اسم الجلد قبل الدباغ، وأمّا بعد الدباغ فيسمى ¬
شِنّا وقِربة، حمله على ذلك ابن عبد البر (¬1) والبيهقي (¬2)، وهو منقول عن النضر بن شميل ... (¬3) والجوهري قد حزم له. وقال ابن شاهين (¬4): لما احتمل الأمرين، وجاء قوله: " أَيُّمَا إِهَابِ دُبغَ فَقَدْ طَهُرَ" حملناه على الأول؛ جمعا بين الحديثين، والجمع بينهما بالتخصيص بأن المنهي عنه جلد الكلب والخنزير؛ فإنهما لا يدبغان. وقيل: محمول على باطن الجلد في النهي، وعلى ظاهره في الإباحة. والله أعلم (¬5). ¬
* حديث: "إنّما حُرِّم مِن الْمَيتَةِ أَكْلُهَا". تَقَدَّم. [110]- ورواه الدّارَقطني (¬1) من طريق الوليد بن مسلم، عن أخيه عبد الجبار بن مسلم، عن الزهري، عن عبيد الله، عن ابن عباس، قال: إنما حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الميتة لحمها، فأما الجلد والشعر والصوف فلا بأس به. قال البيهقي (¬2): تابعه أبو بكر الهذلي (¬3) عن الزهري. 43 - [111]- حديث: روي أنّه - صلى الله عليه وسلم - قال: " أَلَيسَ في الشَّبّ والْقَرَظِ والماءِ مَا يُطَهّرُه". قال الثوري في "الخلاصة" (¬4): هذا بهذا اللفظ باطل لا أصل له. وقال: في "شرح المهذب" (¬5): ليس للشث ذكر في الحديث، وإنما هو من ¬
كلام الشَّافعي. وهل هو بالباء الموحدة أو المثلثة جزم بالأول الأزهري، قال: وهو من الجواهر التي جعلها الله في الأرض، تشبه الزاج. وجزم غيره بأنه بالمثلثة. وقال الجوهري (¬1): إنّه نبت طيب الرائحة، مر الطعم، يدبغ به. وقال الشيخ أبو حامد في "التعليقة": جاء في الحديث: "أَلَيْسَ في الْمَاءِ وَالْقَرْظِ مَا يُطَفرُهَا". وهذا هو الذي أعرفه مرويا، قال: وأصحابنا يروونه/ (¬2): "الشث والقرظ"، وليس بشيء. فهذا شيخ الأصحاب قد نص على أن زيادة "الشث" في الحديث ليست بشيء، فكان ينبغي للإمام (¬3) والماوردي (¬4) ومن تبعهما أن يقلدوه في ذلك. وأغرب ابن الأثير فقال: في "النهاية" (¬5) - في مادة الشين والثاء المثلثة -: في الحديث أنّه مر بشاة لميمونة فقال: "أليس في الشَّث والْقَرَظِ مَا يُطَهّره". والحديث الذي ذكره ليس فيه "الشث": [112]- فقد رواه الدّارَقطني (¬6) بإسناد حسن، من حديث ابن عباس نحو حديث الباب الأول، وزاد في آخره - بعد قوله -: "إنّما حُرِّم أَكْلُها". "أَوَ لَيْسَ في الماءِ وَالْقَرَظِ مَا يُطَهِّرُها"؛ أخرجه من طريق يحيى بن أيوب، عن عقيل، عن ¬
ابن شهاب، [عن عبيد الله بن عبد الله بن عبيد، عن ابن عباس] (¬1). [113]- ورواه مالك (¬2) وأبو داود (¬3) والنسائي (¬4) وابن حبان (¬5) والدّارَقطنيّ (¬6) من حديث العالية بنت سبيع، عن ميمونة أنّه مر برسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجال يجرون شاة لهم مثل الحمار، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لَو أَخَذْتُم إِهَابَها؟ " فقالوا: إنها ميتة، فقال: "يُطَهِّرُها الماءُ والْقَرَظ" وصَحَّحَه ابن السكن والحاكم. 44 - [114]- حديث: "دِبَاغ الأديم ذَكَاتُه". أحمد (¬7) وأبو داود (¬8) والنسائي (¬9) والبيهقي (¬10) وابن حبان (¬11) من حديث الجون بن قتادة عن سلمة بن الْمُحَبَّق، به. وفيه قصة. ¬
وفي لفظ: "دِبَاغُهَا ذَكَاتُها". وفي لفظ: "دِبَاغُهَا طُهُورُها". وفي لفظ: "ذَكَاتُها دِبَاغُها". وفي لفظ (¬1): " ذَكَاةُ الأَدِيم دِبَاغُه". وإسناده صحيح. وقال أحمد: الجون لا أعرفه (¬2). وقد عرفه غيره، عرفه علي بن المديني (¬3)، وروى عنه الحسن وقتادة، وصحح ابن سعد (¬4) وابن حزم (¬5)، وغير واحد أن له صحبة، وتعقب أبو بكر بن مُفَوِّز ذلك على ابن حزم كما أوضحته في كتابي في "الصحابة" (¬6). وفي الباب: [115]- عن ابن عباس، رواه الدّارَقطني (¬7) وابن شاهين (¬8) من طريق فليح، عن زيد بن أسلم، عن ابن وعلة، عنه. بلفظ: "دِبَاغُ كُلِّ إِهَابِ طُهُورُه". ¬
وأصله في مسلم (1) من حديث أبي الخير عن ابن وعلة بلفظ: "دِبَاغهُ طُهُورُه". وفيه قصة لابن وعلة مع ابن عباس في سؤاله له عن الأسقية التي تأتيهم بها المجوس ورواه الدولابي في "الكنى" (¬2) من حديث إسحاق بن عبد الله بن الحارث، قال: قلت لابن عباس: الفراء تصنع من جلود الميتة، فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ذَكَاةُ كُل مِسْكٍ دِبَاغُه". ورواه البزار (¬3) والطبراني (¬4) والبيهقي (¬5) من حديث يعقوب بن عطاء، عن أبيه، عن ابن عباس، قال ماتت شاة لميمونة فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَلاَ اسْتَمْتَعْتُم بِإهَابِهَا؛ فَإِن دِبَاغُ الأَدِيمِ طُهُوره". وابن عطاء ضعفه يحيى بن معين وأبو زرعة. ولابن عباس حديث آخر: [116]- رواه أحمد (¬6) وابن خزيمة (¬7) والحاكم (¬8) والبيهقي (¬9) من طريق ¬
سالم بن أبي الجعد، عن أخيه، عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يتوضأ من سقاء فقيل له: إنّه ميتة. فقال: "دِبَاغُه يُزِيل خُبْثَه، أَوْ نَجْسَهُ، أَوْ رِجْسَه". وإسناده صحيح، قاله الحاكم والبيهقي. [117]- ورواه النسائي (¬1) وابن حبان (¬2) والطبراني (¬3) والدّارَقطنيّ (¬4) والبيهقي (¬5) من حديث عائشة فلفظ النسائي: "دِبَاغُهَا طُهُورُها". وفي لفظ ابن حبان: "دِبَاغُ جُلُود الْمَيْتَة طُهُورُها". وفي الباب أيضا: عن المغيرة بن شعبة (¬6)، وزيد بن ثابت (¬7)، وأبي أمامة (¬8) وابن عمر (¬9)، وهي في الطبراني. [118]- وحديث ابن عمر عند ابن شاهين (¬10) بلفظ: " جُلُودُ الْمَيْتَةِ ¬
دِبَاغُها (¬1) طُهُورُها". [119]- وحديث زيد بن ثابت في "تاريخ نيسابور" وفي "الكنى" للحاكم أبي أحمد في ترجمة أبي سهل. [120]- وعن هزيل بن شرحبيل، عن بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - أم سلمة أو غيرها - وهو عند البيهقي (¬2). ولأم سلمة حديث آخر رواه الدّارَقطني (¬3) بلفظ: "إنّ دِبَاغَهَا يُحلّ كَمَا يُحِلّ خِلّ الْخَمْر". وفيه الفرج بن فضالة وهو ضعيف. وعن أنس، وجابر، وابن مسعود، ذكرها أبو القاسم ابن مَنده في "مستخرجه". 45 - [121]- حديث: لما حلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شعره، ناوله أبا طلحة؛ ليفرقه على أصحابه. متفق عليه (¬4) من حديث أنس، بلفظ: ناول الحالق شقه الأيمن، فأعطاه أبا طلحة، ثمّ ناوله شقه الأيسر، فحلقه، فقال: "اقْسِمْهُ بَيْن النّاس". 46 - [122]- حديث حذيفة: "لاَ تَشْرَبُوا في آنِيَة الذَّهَب والفِضَّة، ولاَ تَأكُلُوا في صَحَافِهِمَا". ¬
متفق عليه (¬1) بهذا اللفظ، بزيادة: "فَإنَّهَا لَهم في الدُّنيا، وَلَكم في الآخِرَة". قال ابن مَنده: مجمع على صحته. 47 - [123]- حديث: "الّذي يَشْرَب في آنية الذَّهب والْفِضّة، إنّمَا يُجَرْجِرُ في جَوْفِه نَارَ جَهَنَّم". متفق عليه (¬2) من حديث أم سلمة، بلفظ: "في بطنه" وليس فيه: "الذهب". ورواه مسلم (¬3) بلفظ: "إن الّذي يَأكلُ وَيشرَبُ في آنِيَة الذَّهَبِ والْفِضَّة". رواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة، والوليد بن شجاع، عن علي بن مسهر، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن زيد بن عبد الله بن عمر، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر، عن أم سلمة. تفرد بهذه الزيادة علي بن مسهر فيما قيل (¬4). زاد في رواية الطبراني (¬5) "إلا أَنْ يَتُوب". وفي الباب: [124]- عن عائشة رواه الدّارَقطني في "العلل" من طريق شعبة والثوري، عن ¬
سعد بن إبراهيم، عن نافع عن امرأة ابن عمر، سماها الثوري، صفية عنه. وحديث شعبة في "الجعديات" (¬1)، وصحيح أبي عوانة (¬2) بلفظ: "الَّذِي يَشْرَبُ في آنِيَة الفضَّة إنَّمَا يُجَرْجِرُ في جَوْفِه نَاراً". وفيه اختلاف على نافع؛ فقيل: عنه، عن ابن عمر، أخرجه الطبراني في "الصغير" (¬3). وأعله أبو زرعة وأبو حاتم (¬4). وقيل: عنه، عن أبي هريرة، ذكره الدّارَقطني في "العلل" وخطأه، من رواية عبد العزيز بن أبي رواد. قال: والصحيح فيه: عن نافع، عن زيد بن عبد الله بن عمر كما تَقَدَّم. فرجع الحديث إلى حديث أمّ سلمة. 48 - [125]- حديث أبي وائل، قال: غزوت مع عمر الشّام، فنزل منزلاً فجاء دهقان. فذكر الحديث في نهيه عن السجود له، وفي امتناعه من دخول بيته لأجل التصاوير، وفي أكله من طعامه، وفي شربه من إداوة الغلام نبيذا صب عليه الماء ثلاث مرات. وقال: إذا رابكم شيء من شرابكم فافعلوا به هكذا، ¬
ثمّ قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا تَلْبِسُوا الْحَرِير ولاَ الدِّيباج، ولاَ تَشْرَبُوا في آنِيَة الذَّهب والْفِضَّة، فإنَّها لَهُمْ في الدُّنيا، وَلَكُم في الآخِرَة". رواه الحاكم في "المستدرك" (¬1) من طريق مسلم الأعور، عن أبي وائل. ومسلم ضعيف. وذكره الدّارَقطني في "العلل" (¬2) وقال: خالفه الأعمش، فرواه عن أبي وائل عن حذيفة - يعني المرفوع منه، وهو الصحيح. وفي الباب أيضا: [126]- عن ابن عباس، رواه الطبراني في "الصغير" (¬3) بسند ضعيف. وكذا رواه أبو يعلى (¬4) وفي السند: النضر بن عربي. ولفظه: "إنّ الّذِي يَشْرَب في آنِيَة الذَّهَب والْفِضَّة" الحديث. [127]- وعن أنس رواه البيهقي (¬5) بسند حسن. [128]- وعن علي رواه الدّارَقطني (¬6) بإسناد قوي. وفي "الصحيحين" (¬7) من: ¬
[129]- حديث البراء: ونهانا عن خواتيم الذهب، وعن الشرب في الفضة أو آنية الفضة. 49 - [130]- حديث: كانت حلقة قصعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من فضة. البخاري (¬1) من حديث عاصم الأحول، رأيت قدح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند أنس ابن مالك، وكان انصدع، فَسَلْسَلَه بفضة. وفي رواية: له (¬2): فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة. وحكى البيهقي (¬3) عن موسى بن هارون - أو غيره -: أن الذي جعل السلسلة هو أنس؛ لأن لفظه: فجعلت مكان الشعب سلسلة. وجزم/ (¬4) بذلك ابن الصلاح. قلت: وفيه نظر؛ لأن في الخبر عند البخاري (¬5)، عن عاصم، قال: وقال ابن سيرين: إنّه كان فيه حلقة من حديد، فأراد أنس أن يجعل مكانها حلقة من ذهب أو فضة، فقال أبو طلبة: لا تغيرن شيئاً صنعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فهذا يدل على أنّه لم يغير فيه شيئاً. وقد أوضحت الكلام عليه في "شرح البخاري" (¬6). ¬
50 - [131]- حديث: كانت قبيعة سيف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من فضة. أصحاب السنن (¬1) من حديث جرير بن حازم عن قتادة عن أنس. ومن طريق هشام عن قتادة، عن سعيد بن أبي الحسن، مرسل. ورجحه أحمد (¬2)، وأبو داود، والنسائي، وأبو حاتم (¬3)، والبزار، والدارمي (¬4)، والبيهقي، وقال (¬5): تفود به جرير بن حازم. قلت: لكن أخرجه الترمذي (¬6) والنسائي أيضا (¬7) من حديث همام، عن قتادة عن أنس. وله طريق غير هذه رواها النسائي (¬8) من: [132]- حديث أبي أمامة بن سهل بن حنيف - وله رؤية - قال: كانت قبيعة سيف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من فضة. ¬
تنبيه
وإسناده صحيح. [133]- ورواه الطبراني (¬1) من حديث محمد بن حمير، حدثنا أبو الحكم الصيقل، حدثني مرزوق الصيقل: أنّه صقل سيف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذا الفقار، وكانت له قبيعة من فضة. الحديث [134]- وفي الترمذي (¬2) من حديث طالب بن حجيز، حدثنا هود بن عبد الله بن سعد، عن جده مزيدة، قال: دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - في يوم الفتح وعلى سيفه ذهب وفضة. قال طالب: فسألت عن الفضة؟ فقال: كانت قبيعة سيفه فضة. قال الترمذي حسن غريب. تنبيه القبيعة هي التي تكون على رأس قائم السيف، وطرف مقبضه، من فضة أو حديد. وقيل: ما تحت شاربي السيف مما يكون فوق الغمد. وقيل: هي التي فوق المقبض. والله أعلم. 51 - [135]- حديث: أنّه - صلى الله عليه وسلم - قال. في الذهب والحرير -: "هَذَان حَرَامَان عَلَى ذُكُور أُمَّتِي". الترمذي (¬3) والنسائي (¬4) وأحمد (¬5) والطبراني: خرِّمُ لِبَاسُ الذَّهَبِ والْحَرِير ¬
عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي وَأُحِلّ لإنَاثِهِم". لفظ الترمذي. وصَحَّحَه (¬1)، وهو عنده من طريق سعيد بن أبي هند عن أبي موسى الأشعري، وقد قال أبو حاتم (¬2): إنّه لم يلقه. وقال الدّارَقطني في "العلل" (¬3): يرويه عبد الله بن سعيد بن أبي هند، عن أبيه عن أبي موسى. ويرويه نافع، عن سعيد بن أبي هند، واختلف على نافع؛ فرواه أيوب، وعبيد الله بن عمر، عن نافع، عن سعيد مثله. ورواه عبد الله العمري، عن نافع، عن سعيد، عن رجل، عن أبي موسى. ويؤيد هذا: أن أسامة بن زيد روى عن سعيد، عن أبي مرة مولى عقيل، عن أبي موسى حديثا في النهي عن اللعب بالنرد، قال: وسعيد بن أبي هند لم يسمع من أبي موسى. قلت: رواية أيوب عند عبد الرزاق (¬4)، عن معمر عنه. وقال ابن حبان في "صحيحه" (¬5): حديث سعيد بن أبي هند، عن أبي موسى معلول لا يصح. قلت: ومشى ابن حزم (¬6) على ظاهر الإسناد، فصححه، وهو معلول ¬
بالانقطاع. وقال الدّارَقطني في "العلل" رواه يحيى بن سليم، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع عن ابن عمر. قال الدّارَقطني: وتابعه بقية، عن عبيد الله. والصحيح: عن نافع عن سعيد بن أبي هند، عن أبي موسى. وقد روى طلق بن حبيب، قال: قلت لابن عمر: هل سمعت من النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحرير شيئاً؟ قال: لا. قال: فهذا يدل على وهم بقية ويحيى بن سليم في إسناده. وفي الباب: [136]- عن علي بن أبي طالب رواه أحمد (¬1) وأبو داود (¬2) والنسائي (¬3) وابن ماجه (¬4) وابن حبان (¬5) من طريق عبد الله بن زرير، عن علي: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذ حريرا فجعله في يمينه، وأخذ ذهبا فجعله في شماله، ثمّ قال: "إنَّ هَذَيْنِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُور أُمَّتِي". زاد ابن ماجه: "وَهِيَ حِلٌّ لإِنَاثِهِمْ". وبين النسائي الاختلاف فيه على يزيد بن أبي حبيب، وهو اختلاف لا يضر. ونقل عبد الحق (¬6) عن ابن/ (¬7) المديني أنّه قال: حديث حسن، ورجاله معروفون. ¬
وذكر الدّارَقطني (¬1) الاختلاف فيه على يزيد بن أبي حبيب. ورجح النسائي رواية بن المبارك، عن الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن بن أبي الصعبة عن رجل من همدان يقال له أفلح، عن عبد الله بن زُرَيْر به، قال: لكن قوله أفلح، الصواب فيه: أبو أفلح. قلت: وهذه رواية أحمد في "مسنده" (¬2) عن حجاج، عن وهيب. والله أعلم. وأعله ابن القطان (¬3) بجهالة حال رواته ما بين علي ويزيد بن أبي حبيب، فأما عبد الله بن زرير فقد وثقه العجلي (¬4) وابن سعد (¬5). وأمّا أبو أفلح، فينظر فيه (¬6). وأمّا ابن أبي الصّعبة، فاسمه عبد العزيز بن أبي الصعبة (¬7). [137]- وروى البيهقي (¬8) من حديث عقبة بن عامر نحوه، وينظر في إسناده؛ ¬
فإنه من طريق يحيى بن أيوب، عن الحسن بن ثوبان، وعمرو بن الحارث، عن هشام بن أبي رقية، سمعت مسلمة بن مخلد يقول لعقبة بن عامر: قم فأخبر الناس بما سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقال: سمعته يقول: "الْحَرِيرُ وَالذَّهَبُ حَرَامٌ عَلَى ذُكُور أُمَّتِي"، إسناده حسن، وهشام لم يخرّجوا له، وأخرجه ابن يونس في "تاريخ مصر" من طريقه. [138]- وروى البزار (¬1) والطبراني (¬2) من حديث قيس بن أبي حازم، عن عمر نحو حديث علي. وفيه عمرو بن جرير البجلي، قال البزار: لين الحديث (¬3). [139]- وروى ابن ماجه (¬4) والبزار وأبو يعلى والطبراني من حديث عبد الله بن عمرو، نحو حديث أبي موسى. وفي إسناده الإفريقي وهو ضعيف (¬5). [140]- ورواه الطبراني (¬6) والعقيلي (¬7) وابن حبان في ¬
"الضعفاء" (¬1) من حديث زيد بن أرقم. وفيه ثابت بن زيد؛ قال أحمد: له مناكير. [141]- وقال ابن أبي شيبة (¬2) حدثنا سعيد بن سليمان، حدثنا عباد، حدثنا سعيد، حدثن ابن زيد بن أرقم، أخبرتني أنيسة بنت زيد، عن أبيها، رفعه: "الذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ حِلٌّ لإنَاثِ أُمَّتِى، حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِهَا". ابن زيد هو ثابت. [142]- ورواه الطبراني (¬3) من حديث واثلة بن الأسقع نحوه. وإسناده مقارب. [143]- ورواه أيضا هو والبزار عن ابن عباس بسند واه (¬4). وبسند آخر أوهى منه (¬5). 54 - [144]- حديث: روي أنّه - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ شَرِبَ في آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ أَوْ إِنَاءٍ فيهِ شَيءٌ مِن ذَلك، فإنَّمَا يُجَرْجِرُ في جَوْفِهِ نَارَ جَهَنَّم". الدّارَقطني (¬6) والبيهقي (¬7) من طريق يحيى بن محمَّد البخاري، عن زكريا بن ¬
إبراهيم بن عبد الله بن مطيع، عن أبيه عن ابن عمر، بهذا. وزاد البيهقي (¬1) في رواية له، عن جده، وقال: إنها وهم. وقال الحاكم في علوم الحديث (¬2): لم نكتب هذه اللفظة: "أو إناءٍ فِيه شَيءٌ مِن ذَلك" إلا بهذا الإسناد. وقال البيهقي (¬3): المشهور عن ابن عمر في المضبب موقوفا عليه. ثمّ أخرجه بسند له (¬4) على شرط الصحيح: أنه كان لا يشرب في قدح فيه حلقة فضة، ولا ضبة فضة. ثمّ روى النهي في ذلك عن عائشة، وأنس (¬5). وفي حرف الباء الموحدة من "الأوسط" للطبراني (¬6)، من: [145]- حديث: أم عطية: نهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن لبس الذهب، وتفضيض الأقداح، وكلمه النساء في لبس الذهب، فأبى علينا، ورخص لنا في تفضيض الأقداح. قال: تفرد به عمر بن يحيى عن معاوية بن عبد الكريم. **** ¬
باب الوضوء
باب الوضوء 52 - [146]- حديث: "إنمّا الأعمال بالنِّيَات، وإنما لِكُلِّ امرىءٍ مَا نَوَى". وفي رواية: "ولكُلَّ امْريءٍ مَا نَوَى". متفق عليه (¬1) وله ألفاظ، ومداره على يحيى بن سعيد الأنصاري، عن محمّد ابن إبراهيم التيمي، عن علقمة بن وقاص، عن عمر بن الخطاب. ولم يبق من أصحاب الكتب المعتمدة من لم/ (¬2) يخرجه سوى مالك، فإنه لم يخرجه في "الموطأ"، وإن كان ابن دحية وهم في ذلك فادعى أنّه في "الموطأ" (¬3). نعم رواه الشيخان والنسائي (¬4) من حديث مالك. ونقل النووي (¬5)، عن أبي موسى المديني وأقره عليه: أن الذي وقع في "الشهاب" (¬6) "الأعمَالُ بالنِّيَّات" بجمعهما، مع حذف "إنما" لا يصح لها إسناد، وهو وهم؛ فقد رواه كذلك الحاكم في "الأربعين" له، من طريق مالك وكذا أخرجه ابن حبان من وجه آخر، في مواضع من صحيحه, منها: في ¬
الحادي عشر من الثالث والرابع والعشرين منه، والسادس والستين منه، ذكره في هذه المواضع (¬1)، بحذف "إنما" وكذا رواه البيهقي في "المعرفة" (¬2)، بل وفي البخاري (¬3) من طريق مالك: "الأَعْمَالُ بالنِّيَّة" بحذف "إنما" لكن بإفراد النية. وقال الحافظ أبو سعيد محمّد بن علي الخشاب: رواه عن يحيى بن سعيد نحو من مائتين وخمسين إنسانا. وقال الحافظ أبو موسى: سمعت عبد الجليل بن أحمد في المذاكرة يقول: قال أبو إسماعيل الهروي عبد الله بن محمد الأنصاري: كتبت هذا الحديث عن سبعمائة نفر من أصحاب يحيى بن سعيد. قلت: تتبعته من الكتب والأجزاء، حتى مررت على أكثر من ثلاثة آلاف جزء فما استطعت أن أكمل له سبعين طريقا. وقال البزار (¬4) والخطابي وأبو علي بن السكن، ومحمد بن عتاب، وابن الجوزي وغيرهم: إنّه لا يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا عن عمر بن الخطاب. [147]- وروى ابن عساكر في ترجمة (إبراهيم بن محمود بن حمزة النيسابوري) (¬5) بسنده إليه، قال: حدثنا أبو هبيرة محمد بن الوليد الدمشقي، قال: حدثنا أبو مسهر، حدثنا يزيد بن السمط، حدثنا ¬
الأوزاعي، عن يحيى بن سعيد، عن محمّد بن إبراهيم، عن أنس. فذكره. وقال: غريب جدا، والمحفوظ عن محمّد بن إبراهيم، عن علقمة، عن عمر. وقد ذكر ابن مَنده في "مستخرجه" (¬1) أنّه رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أكثر من عشرين نفسا، وساقها. وقد تتبعها شيخنا أبو الفضل ابن الحسين الحافظ في النكت التي جمعها على ابن الصلاح (¬2)، وأظهر أنها في مطلق النية، لا بهذا اللفظ. نعم، وزاد عليها عدة أحاديث في المعنى، وهو مفيد. فليراجع منه. 53 - [148]- قوله: روي أنّه - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلاً غطى لحيته وهو في الصلاة، فقال: "اكْشِفْ لِحْيَتِكَ؛ فَإنَّهَا مِنَ الْوَجْهِ". لم أجده هكذا، نعم ذكره الحازمي في "تخريج أحاديث المهذب" فقال: هذا الحديث ضعيف، وله إسناد مظلم، ولا يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه شيء. وتبعه المنذري وابن الصلاح والنووي (¬3) وزاد: وهو منقول عن ابن عمر - يعني قوله. وقال ابن دقيق العيد: لم أقف له على إسناد؛ لا مظلم ولا مضيء انتهى. ¬
وقد أخرجه صاحب "مسند الفردوس" من: [149]- حديث ابن عمر بلفظ: "لا يُغَطِّيَنَّ أحَدُكُم لِحْيَتَه في الصَّلاة؛ فإن اللِّحْيَة مِن الْوَجْه". وإسناده مظلم. كما قال الحازمي. 54 - [150]- حديث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ، فغرف غرفة غسل بها وجهه، وكان كث اللحية. أمَّا وضوءه - صلى الله عليه وسلم - بغرفة واحدة، فرواه البخاري (¬1) من حديث ابن عباس مجملا ومفسرا. وأمّا كونه - صلى الله عليه وسلم - كان كث اللحية، فقد ذكر القاضي عياض ورود ذلك في أحاديث جماعة من الصحابة بأسانيد صحيحة (¬2). كذا قال! وفي مسلم من: [151]- حديث جابر: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - / (¬3) كثير شعر اللحية. [152]- وروى البيهقي في "الدلائل" (¬4) من حديث علي: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، عظيم اللحية، وفي رواية (¬5): كث اللحية. ¬
تنبيه
[153]- وفيها (¬1): من حديث هند بن أبي هالة مثله. [154]- ومن حديث عائشة مثله (¬2). [155]- وفي حديث أم معبد المشهور (¬3): وفي لحيته كثافة. تنبيه قال الرافعي: في غسل ما خرج عن حد الوجه (¬4) من اللحية قولان: أحدهما: يجب بحكم التبعية؛ لما سبق من الخبر. يعني حديث اللحية من الوجه، وقد تَقَدَّم أن صاحب "الفردوس" (¬5) أخرجه من حديث ابن عمر وإسناده لا يصح. [156]- وروى الطحاوي (¬6) من طريق قيس بن الربيع، عن الأسود بن قيس، ¬
عن ثعلبة بن عباد، عن أبيه، قال: ما أدري كم حدثنيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَا مِنْ عَبْدٍ يَتَوضَّأُ فَيُحْسِنُ الْوَضُوء، فَيَغْسِل وَجْهَه حَتَّى يَسِيلَ الماءُ عَلَى ذِقْنِه". الحديث. 55 - [157]- قوله: روى أنّه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا توضأ أَمَرَّ الماء على مرفقيه. وقد روى: أنّه أدار الماء على مرفقيه، ثمّ قال: "هَذَا وُضُوءٌ لا يَقْبَل الله الصلاةَ إلاَّ بِه". الدّارَقطني (¬1) والبيهقي (¬2) من حديث القاسم بن محمّد بن عبد الله بن محمد ابن عقيل، عن جده، عن جابر، بلفظ: يدير الماء على المرفق. والقاسم متروك عند أبي حاتم، وقال أبو زرعة: منكر الحديث (¬3)، وكذا ضعفه أحمد (¬4)، وابن معين (¬5). وانفود ابن حبان بذكره في "الثقات" (¬6)، ولم يُلتَفت إليه في ذلك. وقد صرّح بضعف هذا الحديث المنذري وابن الجوزي (¬7)، وابن الصلاح، ¬
والنووي (¬1)، وغيرهم. ويغني عنه: [158]- ما رواه مسلم (¬2) من حديث أبي هريرة: أنه توضأ حتى أشرع في العضد، ثمّ قال: هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ. وأمَّا الزيادة في الحديث الثاني، فلم ترد في هذا الحديث، بل هي في حديث آخر يأتي في آخر (سنن الوضوء). 56 - [159]- حديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُم أنْ يَطِيلَ غرَّتَه فَلْيَفْعَلْ". متفق عليه (¬3) من طريق نعيم المجمر، عن أبي هريرة، في حديث أوله: "إنَّ أُمَّتِي يُدعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِين مِن [آثار] (¬4) الْوُضوء ... ". ولمسلم: "فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُم أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَه أَوْ تَحْجِيلَهُ". ورواه أحمد (¬5) من حديث نعيم، وعنده: قال نعيم: لا أدري قوله: من استطاع إلى آخره من قول أبي هريرة، أو في الحديث (¬6). ¬
57 - [160]- حديث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح في وضوءه ناصيته، وعلى عمامته. مسلم (¬1) من رواية حمزة بن المغيرة بن شعبة، عن أبيه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسح على الخفين، ومقدم رأسه، وعلى عمامته. وفي رواية مطولة (¬2): ومسح بناصيته وعلى العمامة. ولم يخرجه البخاري، ووهم المنذري فيه فعزاه إلى المتفق (¬3)، وتبع في ذلك ابن الجوزي (¬4)، وقد تعقبه ابن عبد الهادي (¬5). وصرح عبد الحق في "الجمع بين الصحيحين" بأنه من أفراد مسلم. [161]- وروى أبو داود (¬6) من حديث أبي معقل عن أنس ما يدل على الاجتزاء بالمسح على الناصية، ولفظه: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ وعليه عمامة قطرية فأدخل يده من العمامة فمسح مقدم رأسه، ولم ¬
ينقض العمامة. وفي إسناده نظر (¬1). 58 - [162]- حديث: "إنّ الله تَصَدَّقَ عَلَيكُم فَاقْبَلُوا صَدَقَتَه". مسلم (¬2) من حديث يعلي بن أمية، قال؛ قلت لعمر: إنما قال الله: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ}، فقد أمن الناس، فقال: عجبت مما عجبت منه، فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فقال: "صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ الله بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُواْ صَدَقتَه". ورواه أصحاب السنن (¬3). 59 - [163]- حديث: النعمان بن بشير: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإقامة الصفوف، فرأيت الرجل منا يلزق منكبه/ (¬4) بمنكب أخيه، وكعبة بكعبه. أبو داود (¬5) وابن خزيمة (¬6) وابن حبان (¬7) والبيهقي (¬8) من طريق أبي القاسم ¬
الجدلي، سمعت النعمان بن بشير يقول: أقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الناس بوجهه، فقال: "أَقِيمُوا صُفُوفَكُم ثَلاثاً، والله لَتُقِيمَن صُفُوفَكُم أَو لَيُخَالِفَنَّ الله بَيْنَ قُلُوبِكم". قال: فرأيت الرجل يلزق كعبه بكعب صاحبه، ومنكبه بمنكبه. لفظ أبي داود. وعلق البخاري بعضه (¬1). ورواه الطبراني في "الكبير" (¬2)، ولفظه: ولقد رأيت الرجل منا يلمس منكب أخيه بمنكبه (¬3)، وركبته بركبته، وقدمه بقدمه. ورواه البخاري (¬4) من حديث أنس بن مالك، بلفظ: كان أحدنا يلزق منكبه بمنكب صاحبه، وقدمه بقدمه. 60 - [164]- حديث: أنّه - صلى الله عليه وسلم - قال: "أمّا أنا فَأَحْثِي عَلَى رَأْسِي ثَلاثَ حَثَيَاتٍ، ثمّ أُفِيضُ، فإذَا أنا قَد طَهُرْتُ". أحمد (¬5) من حديث جبير بن مطعم، دون قوله: "فَإذَأ أَنَا قَدْ طَهُرْتُ"، وهو في المتفق عليه (¬6) باختصار عن هذا، وقوله: "فَإذَا أَنَا قَدْ طَهُرْتُ" لا أصل له من حديث صحيح، ولا ضعيف. ¬
نعم وقع هذا في: [165]- حديث أم سلمة (¬1) في سؤالها للنبي - صلى الله عليه وسلم - عن نفض الرأس لغسل الجنابة؛ فقال لها: "إنّما يَكْفِيكِ أَنْ تَحْثِي على رَأْسِكِ ثَلاثَ حَثَيَات، ثمّ تُفِيضِينَ عَليكِ الماءَ، فإذَا أَنْتِ قَد طَهُرْتِ". وأصله في "صحيح مسلم" (¬2). 61 - [166]- قوله: روي أنّه - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يَقَبْلُ الله صلاةَ امْرِئٍ حَتَّى يَضَعَ الطهُورَ مَوَاضِعَه، فَيَغْسِل وَجْهَه، ثمّ يَدَيه، ثمّ يَمْسَحَ رَأْسَه، ثمّ يَغْسِلَ رِجْلَيْه". لم أجده بهذا اللفظ، وقد سبق الرافعي إلى ذكره هكذا ابن السمعاني في "الاصطلام" (¬3). وقال النووي (¬4): إنّه ضعيف غير معروف. وقال الدارمي في "جمع الجوامع" (¬5): ليس بمعروف ولا يصح. ¬
نعم لأصحاب السنن (¬1) من: [167]- حديث رفاعة بن رافع في قصة المسيء صلاته فيه: إذَا أَرَدْتَ أَنْ تُصَلِّيَ فَتَوَضَّأ كَمَا أَمَرك الله". وفي رواية لأبي داود (¬2) والدّارَقطنيّ (¬3): " لا تَتَمّ صَلاَةَ أَحَدِكُم حَتى يُسْبغَ الْوُضُوء كَما أَمَر الله، فَيَغسلَ وَجْهَه ويَدَيْه إلى المرفَقَيْن، وَيمْسَحَ برأْسِه، وَرِجْلَيْه إلى الكَعْبَيْن". وعلى هذا فالسياق ب (ثمّ) لا أصل له. وقد ذكره ابن حزم في "المحلى" (¬4): بلفظ: "ثمّ يغسل وَجْهَه"، وتعقّبه ابن مفوِّز بأنه لا وجود لذلك في الرِّوايات. **** ¬
باب السواك
باب السّواك 62 - [168]- حديث: "السِّواك مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ، مَرْضَاةٌ للرَّبِّ". هذا الحديث" علقه البخاري بلا إسناد (¬1)، ووصله النسائي (¬2) وأحمد (¬3) وابن حبان (¬4) من حديث عبد الرحمن بن أبي عتيق، سمعت أبي سمعت عائشة. بهذا قال ابن حبان (¬5): أبو عتيق هذا هو محمّد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق. قلت: هو كما قال، لكن الحديث إنما هو من رواية ابنه عبد الله عنه؛ فإن صاحب الحديث هو عبد الرحمن بن عبد الله بن محمّد بن عبد الرحمن، نُسب في السياق إلى جده، وكلام ابن حبان يوهم أنّه من رواية أبي عتيق نفسه، وليس كذلك، وقد أوضحه المعمري في "اليوم والليلة"، ويؤيده رواية أحمد بن حنبل (¬6) عن عبدة بن سليمان، عن ابن إسحاق، حدثني عبد الله بن محمد، سمعت عائشة به. ورواه الشَّافعي (¬7) عن ابن عيينة، عن ابن إسحاق، عن ابن أبي عتيق، عن عائشة. ورواه الحميدي (¬8) عن ابن عيينة، حدثنا محمّد بن إسحاق. ¬
وقيل: إنّه رواه عن ابن إسحاق بواسطة مسعر، حكاه البيهقي (¬1) عن رواية ابن أبي عمر، عن سفيان، لكن الذي في "مسند بن أبي عمر" ليس فيه مسعر، فيحتمل أن يكون عنده على الوجهين/ (¬2). وروي من طريق ابن أبي عتيق، عن القاسم، عن عائشة. وقال الدّارَقطني في "العلل" (¬3): الصحيح أن ابن أبي عتيق سمعه من عائشة. ورواه ابن خزيمة (¬4) من طريق عبيد بن عمير عن عائشة، وجزم الشيخ تقي الدين في "الإِمام" (¬5): أن الحاكم أورده في "المستدرك"، ومراده بالطّريق الأولى لا بهذه الطريق، وإن كان سياقه قد يوهم خلاف ذلك. ورواه أحمد (¬6) من طريق حماد بن سلمة، عن ابن أبي عتيق، عن أبيه، عن أبي بكر الصديق. وقال أبو زرعة وأبو حاتم (¬7) والدّارَقطنيّ (¬8): هو خطأ، والصواب عن عائشة. وفي الباب: [169]- عن أبي هريرة، رواه ابن حبان (¬9) بلفظ: " عَلَيْكُم بالسِّوَاكِ؛ فإنَّه ¬
مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ، مَرْضَاةٌ للرَّبِّ". أخرجه من طريق حماد بن سلمة، عن عبيد الله بن عمر، عن سعيد المقبري، عنه. والمحفوظ عن حماد بغير هذا الإسناد، من حديث أبي بكر، كما تَقَدَّم. والمحفوظ عن عبيد الله بن عمر بهذا الإسناد بلفظ: "لَولاَ أَنْ أَشُقَّ ... "، رواه النسائي (¬1) وابن حبان (¬2). [170]- وعن ابن عمر رواه أحمد (¬3). وفي سنده ابن لهيعة (¬4). [171]- وعن أنس رواه أبو نعيم (¬5)، وفيه يزيد الرقاشي، وهو ضعيف جدا. [172]- وعن أبي أمامة رواه ابن ماجه (¬6) وفيه عثمان ابن أبي العاتكة وهو متروك. وأخرجه الطبراني من وجهين آخرين ضعيفين أيضا (¬7) عن أبي أمامة. ¬
[173]- ورواه أيضا من طرق ضعيفة عن ابن عباس أيضا (¬1)، بزيادة: "مجلاَةٌ لِلْبَصَر". 63 - [174]- حديث: "لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ الله مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ". متفق عليه (¬2) من رواية أبي هريرة في حديث. وله طرق وألفاظ. [175، 176]- ورواه مسلم من حديث أبي سعيد (¬3) والبزار (¬4) من حديث علي. [177]- وابن حبان (¬5) من حديث الحارث الأشعري. ¬
تنبيه
[178]- وأحمد (¬1) من حديث بن مسعود. [179]- والحسن بن سفيان من حديث جابر تنبيه الخُلُوف بضم الخاء المعجمة- هو التغير في الفم. قال عياض (¬2): قيدناه عن المتقنين بالضم، وأكثر المحدثين يفتحون خاءه وهو خطأ. وعده الخطابي (¬3) في غلطات المحدثين. واختلف العلماء في معنى قوله سبحانه وتعالى: "إلاَّ الصَّوْم فإنّه لي وأَنَا أَجْزِي بِه" على أقوال كثيرة، بلغ بها أبو الخير الطالقاني إلى خمسة وخمسين قولاً، والمشهور منها أقوال: الأول: أن الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصوم، فإنه أكثر. الثاني: أنّه يوم القيامة يأخذ خصماؤه جميع أعماله، إلا الصوم فلا سبيل لهم عليه قاله ابن عيينة (¬4). الثالث: أن الصوم لم يعبد به غير الله، وما عداه من العبادات تقربوا به إلى آلهتهم. الرابع: أن الصوم صبر، والله تعالى يقول: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}. ¬
ووقع نزاع بين الإمامين أبي محمّد ابن عبد السلام وأبي عمر وابن الصلاح في أن هذا الطيب هل هو في الدنيا أو في الآخرة؟ فقال ابن عبد السلام: في الآخرة خاصة؛ لرواية مسلم (¬1): "مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ يَوْمِ الْقِيَامَة". وقال ابن الصلاح: عام في الدنيا والآخرة، واستدل على ذلك بأدلة كثيرة، ونقله عن خلق من العلماء، وأوضح ما استدل به ما رواه ابن حبان (¬2) بلفظ: "لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ حِينَ يَخلف مِنَ الطَّعَام". ورواية جابر عن مسند الحسن ابن سفيان. وأمّا الثانية: "فإنّهم يُمْسُون وَخُلُوفُ أَفوَاهِهم أَطْيَبُ عند الله مِنْ رِيحِ الْمِسْك". أملاه الإِمام أبو منصور السمعاني، وقال: إنّه حديث حسن. قال ابن الصلاح: وأمّا ذكر يوم القيامة في تلك الرِّواية؛ فلأنه يوم الجزاء، وفيه يظهر رجحان الخلوف في الميزان على المسك المستعمل في الدنيا، فخُصّ في هذه الرِّواية لذلك، وأطلق في باقي الرِّوايات؛ نظرا إلى أن أصل أفضليته ثابتة في الدارين، كما قال تعالى:/ (¬3) {إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ}. تنبيه آخر: استدلّ الأصحاب بهذا الحديث على كراهية الاستياك بعد الزوال لمن يكون صائما، وفي الاستدلال به نظر؛ لكن في رواية الدّارَقطني (¬4): ¬
[180]- عن أبي هريرة قال: لك السواك إلى العصر، فإذا صليت فألقه، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لَخُلُوفُ فَمِ الَّائم أَطْيبُ عند الله مِن رِيح الْمِسْك". وقد عارضه: [181]- حديث عامر بن ربيعة (¬1) قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستاك وهو صائم ما لا أعد. رواه أبو داود (¬2) وغيره (¬3) وإسناده حسن (¬4). علقه البخاري. ونقل الترمذي (¬5) أن الشَّافعي قال: لا بأس بالسواك للصائم أول النهار وآخره. وهذا اختيار أبي شامة، وابن عبد السلام، والنووي، وقال: إنّه قول أكثر العلماء ومنهم المزني. وفي الباب: [182]- حديث علي: "إِذَا صُمْتُم فَاستَاكُوا بِالغَدَاة، ولا تَسْتَاكوا بِالعَشِيِّ؛ فإنَّه لَيْسَ مِن صائِمِ تَيْبَسُ شَفَتاه بالعَشِيِّ، إلاَّ كانَتَا نُوراً بين عَيْنَيْه يَومَ الْقِيَامَة". ¬
فصل
وإسناده ضعيف، أخرجه البيهقي (¬1). فصل نازع جماعة في صحة الاستدلال بحديث أبي هريرة على كراهة السواك للصائم حين يخلف فمه، منهم ابن العربي (¬2)، فقال: الخلوف يقع من خلو المعدة، والسواك لا يزيله، وإنما يزيل وسخ الأسنان. وقال أيضا: الحديث لم يسق لكراهية السواك، وإنما سيق لترك كراهة مخالطة الصائم. كذا قال! وفيه نظر، لما تَقَدَّم من قول أبي هريرة راوي الحديث. وكذا في قوله: "والسواك لا يُزيله"، نظر؛ لأنه يزيل المتصعد إلى الأسنان الناشئ عن خلو المعدة. 64 - [183]- حديث: " لَوْلاَ أن أَشُقّ عَلَى أُمَّتِي لأَمَرْتُهم بالسِّواك عِنْدَ كلك صلاَة". متفق عليه (¬3) من حديث أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة. رواه البخاري من حديث مالك، ومسلم من حديث ابن عيينة وهذا لفظه، كلاهما عنه. ¬
قال ابن مَنده: وإسناده مجمع على صحته. وقال النووي (¬1): غلط بعض الأئمة الكبار، فزعم أن البخاري لم يخرجه، وهو خطأ منه، وليس هو في الموطأ من هذا الوجه (¬2)، بل هو فيه عن ابن شهاب، عن حميد عن أبي هريرة، قال: "لَولا [أن] (¬3) يَشُقّ عَلَى أُمته لأمرهم بالسواك مع كل وضوء" (¬4)، ولم يصرح برفعه. قال ابن عبد البر (¬5): وحكمه الرفع. وقد رواه الشَّافعي (¬6) عن مالك مرفوعا. وفي الباب: [184]- عن زيد بن خالد رواه الترمذي (¬7)، وأبو داود (¬8). [185 - 190]- وعن علي رواه أحمد (¬9)، وعن أم حبيبة رواه أحمد أيضا (¬10) ¬
وعن عبد الله بن عمرو، وسهل بن سعد، وجابر، وأنس، رواها أبو نعيم في " كتاب السواك". وإسناد بعضها حسن. [191 - 193]- وعن ابن الزبير رواه الطبراني (¬1)، وعن ابن عمر (¬2)، وجعفر بن أبي طالب، رواهما الطبراني أيضا. 1941065 - حديث: أنّه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا استيقظ من الليل استاك. وفي رواية: إذا قام من النوم يشوص فاه بالسواك. متفق عليه (¬3) من حديث حذيفة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قام من النوم يشوص فاه بالسواك. وفي رواية لمسلم (¬4): كان إذا قام ليتهجد يشوص فاه بالسواك. واستغرب ابن مَنده هذه الزيادة، وقد رواها الطبراني (¬5) من وجه آخر ¬
بلفظ: كنا نؤمر بالسواك إذا قمنا من الليل. وأمّا اللفظ الأول: [195]- فروى مسلم (¬1) وأبو داود (¬2) وابن ماجه (¬3) والحاكم (¬4) من حديث ابن عباس في قصة نومه عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما استيقظ من منامه أتى طهوره فأخذ سواكه فاستاك. وفي رواية أبي داود التصريح بتكرار ذلك. وفي رواية للطبراني (¬5): كان يستاك من/ (¬6) الليل مرتين أو ثلاثا ... مختصر. وفي رواية له (¬7) عن الفضل ابن عباس: لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - يقوم إلى الصلاة بالليل إلا استن. [196]- وروى أبو داود (¬8) من طريق سعد بن هشام، عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يوضع له سواكه ووضوءه، فإذا قام من الليل تخلى ثمّ استاك. وصَحَّحَه ابن مَنده. ¬
ورواه ابن ماجه (¬1) والطبراني (¬2) من وجه آخر عن ابن أبي مليكة عنها، وصَحَّحَه الحاكم (¬3) وابن السكن. ورواه أبو داود (¬4) من طريق علي بن زيد عن أم محمّد عن عائشة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان لا يرقد من ليل ولا نهار فيستيقظ، إلا تسوك قبل أن يتوضأ. وعلى ضعيف. ورواه أبو نعيم (¬5) من حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يرقد، فإذا استيقظ تسوّك ثمّ توضأ. وفي الباب: [197، 198]- عن ابن عمر، رواه أحمد (¬6). وعن معاوية، رواه الطبراني (¬7) بلفظ: أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لا آتي أهلي في غرة الهلال، وأن أستن كلما قمت من سنتي. وإسناده ضعيف (¬8). ¬
[199]- وروى عن صفوان بن المعطل في "زوائد المسند" (¬1) [200]- وعن أنس رواه البيهقي (¬2). وله طريقان آخران عند أبي نعيم في "السواك" (¬3). [201]- وعن أبي أيوب عند أبي نعيم أيضا (¬4). وكلها ضعيفة. 66 - [202]- حديث: "لَولاَ أَنْ أَشقَّ عَلَى أمَّتي لأمَرْتهم بتأخير الْعِشاءِ، والسِّواك عِند كلِّ وُضُوء". الحاكم (¬5) من حديث عبد الرحمن السراج، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، بلفظ: "لَفَرَضتُ عَليهم السِّواكَ مَع الْوُضُوء، ولأخرْتُ صلاةَ العِشَاء إلى نِصْف اللَّيل". وروى النسائي (¬6) الجملة الأولى. ورواه العقيلي (¬7) وأبو نعيم والبيهقي (¬8) من طرق أخرى عن سعيد به. ¬
ورواه أبو داود (¬1) ومسلم (¬2) بلفظ: "لَوْلا أَنْ أَشُقّ علَى الْمُؤمِنِينَ لأَمَرْتُهم بتأخير الْعِشَاء وبالسِّواك عِنْد كلِّ صَلاةٍ". [203]- ورواه أحمد (¬3) وأبو داود (¬4) والترمذي (¬5) من حديث زيد بن خالد، ولفظه: "ولأخَّرتُ العِشَاءَ إلى ثُلُث اللَّيل". [204]- ورواه البزار (¬6) وأحمد (¬7) من حديث علي نحوه. والجملة الأولى: [205]- رواها الترمذي (¬8) وابن ماجه (¬9) وأحمد (¬10) وأبو داود (¬11) وابن حبان (¬12) من حديث أبي هريرة أيضا. ولفظ الترمذي: "إلى ثُلُث اللَّيل أو نِصْفِه". ولفظ أحمد وابن حبان: "إلى ثُلُث اللَّيل"، ولم يشك. والجملة الثانية: ¬
تنبيه
رواها النسائي (¬1) وأحمد (¬2) وابن خزيمة (¬3) من حديث أبي هريرة. وعلقها البخاري وقد تقدمت. [206]- وروى ابن حبان في صحيحه (¬4) من حديث عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " لَولاَ أَنْ أَشُقّ عَلى أمَّتي لأَمَرْتُهم بالسِّواك مَعَ الوُضُوء عند كلِّ صَلاة". [207]- وروى ابن أبي خيثمة في "تاريخه" بسند حسن عن أم حبيبة، قالت: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لَولا أَنْ أشق عَلى أمَّتي لأَمَرْتُهم بالسِّواكِ عند كلّ صَلاةٍ كما يَتَوَضَّئُون". تنبيه قال النووي في "شرح المهذب" (¬5): وأمّا الحديث المذكور في "النهاية" و"الوسيط" (¬6): "لَولا أَنْ أشقَّ على أمَّتي لأمَرْتُهم بالسّواكِ مع كلِّ صَلاة، ولأَخرْتُ الْعِشاءَ إلى نصف الّليل" فهو بهذا اللفظ حديث منكر لا يعرف، وقول إمام الحرمين: إنّه حديث صحيح، ليس بمقبول منه، فلا يغتر به. هذا لفظه بحروفه، وكأنه تبع في ذلك ابن الصلاح؛ فإنه قال - في كلامه على الوسيط -: لم أجد ما ذكره من قوله: "إلى نصف الليل" في كتب الحديث، مع شدة البحث، فليحتج له بحديث عبد الله بن عمرو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ¬
فائدة
"وَقْتُ الْعِشاء إلى نِصْفِ اللَّيْل" انتهى. وهذا يتعجب فيه من ابن الصلاح أكثر من النووي؛ فإنهما وإن اشتركا في قلة النقل من مستدرك الحاكم، فإن ابن الصلاح كثير النقل من "سنن البيهقي" (¬1)، والحديث فيه، أخرجه عن الحاكم، وفيه: "إلى نصف الليل" بالجزم، وقد تَقَدَّم أن الترمذي رواه بالتردد. فائدة في (¬2) كون السواك من الأراك: [208]- حديث ابن مسعود: كنت أختبي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - سواكا من أراك. وفي "تاريخ البخاري" (¬3) وغيره (¬4) من حديث أبي خيرة الصباحي: كنت في الوفد فزودنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالأراك، وقال: "اسْتاكُوا بِهَذا". وفي كون السّواك يجزئ بالأصابع: [209، 210]- حديث: أنس رواه البيهقي (¬5)، والطبراني في "الأوسط" (¬6) من حديث عائشة في المعنى. 67 - [211]- قوله: روي أنّه - صلى الله عليه وسلم - قال: "اسْتاكوا عَرْضاً". ¬
أبو داود في "مراسيله" (¬1) من طريق عطاء بلفظ: "إذاً شَرِبْتُم فَاشْرَبُوا مَصَّا، وإذَا اسْتَكْتُم فَاسْتَاكُوا عَرْضا". وفيه محمّد بن خالد القرشي قال ابن القطان (¬2): لا يعرف. قلت: وثقه ابن معين وابن حبان (¬3). [212]- ورواه البغوي، والعقيلي (¬4)، وابن عدي (¬5)، وابن مَنده والطبراني (¬6)، وابن قانع (¬7)، والبيهقي (¬8) من حديث سعيد بن المسيب عن بهز بلفظ: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستاك عرضا ... الحديث. وفي إسناده ثبيت بن كثير، وهو ضعيف، واليمان بن عدي، وهو أضعف منه. وذكر أبو نعيم في "الصحابة" (¬9) ما يدل على أن هذا الحديث، عن سعيد بن المسيب، عن بهز بن حكيم بن معاوية القشيري. وعلى هذا فهو منقطع، فهو من رواية الأكابر عن الأصاغر. ¬
تنبيه
وحكى ابن مَنده مما يؤيد ذلك: أن مخيس بن تميم رواه عن بهز بن حكيم، عن أبيه عن جده. ورواه البيهقي (¬1) والعقيلي أيضا (¬2) من حديث ربيعة بن أكثم وإسناده ضعيف جدا. وقد اختلف فيه علي يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب؛ فرواه ثبيت بن كثير عنه، فقال: بهز. ورواه علي بن ربيعة القرشي عنه، فقال: ربيعة بن أكثم. قال ابن عبد البر: ربيعة قتل بخيبر فلم يدركه سعيد. وقال في التمهيد (¬3): لا يصحان من جهة الإسناد. [213]- ورواه أبو نعيم في "كتاب السواك" من حديث عائشة، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستاك عرضا, ولا يستاك طولا. وفي إسناده عبد الله بن حكيم وهو متروك. تنبيه هذا إنما هو في الأسنان، أمَّا في اللسان فيستاك طولا، كما في: [214]- حديث أبي موسى في "الصحيحين" (¬4) ولفظ أحمد (¬5): وطرف السواك على لسانه يستن إلى فوق. قال الراوي (¬6): كأنه يستن طولا. ¬
68 - قوله - نقلا عن صاحب "التتمة"، وغيره.: إن الخبر ورد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "استَاكُوا عَرْضًا لاَ طُولا". تَقَدَّم من طرقه، وليس فيه "لا طولا" إلا أنّه في حديث عائشة بلفظ الفعل، لا بلفظ الأمر. 69 - قوله: والأخبار فيه كثيرة. فمنها: [215]- حديث أبي أيوب: " أَرْبَعٌ من سُنَن المرسَلِين: الخِتَانُ، وَالسِّواكُ، والتّعَطّر، والنِّكَاحُ". رواه أحمد (¬1) والترمذي (¬2). [216]- ورواه ابن أبي خيثمة (¬3) وغيره من حديث مليح بن عبد الله، عن أبيه عن جده نحوه. [217]- ورواه الطبراني (¬4) من حديث ابن عباس. ومنها: [218]- حديث عائشة: "عَشَرٌ مِنَ الْفِطْرَة ... "، فذكر فيها السواك. رواه مسلم (¬5). ¬
[219]- ورواه أبو داود (¬1) من حديث عمار. ومنها: [220]- حديث أبي هريرة: "الطَّهَارَاتُ أَرْبَعٌ: قَصُّ الشَّارِبِ، وَحَلْق الْعَانَة وَتَقْلِيمُ الأَظْفَار، والسِّواك". رواه البزار (¬2). [221]- ورواه الطبراني (¬3) من حديث أبي الدرداء. ومنها: [222]- حديث أم سلمة مرفوعًا: "مَا زالَ جبرائيل يُوصِينِي بالسِّواك حَتَّى خَشِيتُ أن يُدَرْدِرَني". رواه الطبراني (¬4) والبيهقي (¬5). [223 - 229]- ورواه ابن ماجه (¬6) من حديث أبي أمامة، ورواه الطبراني (¬7) من حديث سهل بن سعد، ورواه أبو نعيم من حديث جبير بن مطعم، وأبي الطفيل، وأنس، والمطلب بن عبد الله. ورواه أحمد (¬8) من حديث ابن عباس. 230 - ورواه ابن السكن من حديث عائشة. ومنها: 231 - حديث عائشة: كان إذا سافر حمل السواك، والمشي، والمكحلة، ¬
والقارورة، والمرآة. رواه العقيلي (¬1) وأبو نعيم (¬2) وأعله ابن الجوزي (¬3) من طرق [232]- وعن عائشة: كنت أضع له ثلاثة آنية مخمرة؛ إناء لطهوره، وإناء لسواكه، وإناء لشرابه. رواه ابن ماجه (¬4) وإسناده ضعيف. وروى ابن طاهر في "صفة التصوف" (¬5) عن أبي سعيد نحو حديث عائشة الأول ومنها: [233]- حديث عائشة: " فَضْلُ الصَّلاةِ اثتي يُستَاكُ لَها عَلَى الصَّلاةِ الَّتي لا يُستَاك لَها سَبعين ضِعْفًا". رواه أحمد (¬6) وابن خزيمة (¬7) والحاكم (¬8) والدّارَقطنيّ (¬9) وابن عدي (¬10) والبيهقي في الشعب (¬11) وأبو نعيم (¬12)، ومداره عندهم على ابن إسحاق ¬
ومعاوية بن يحيى ى الصدفي كلاهما عن الزهري، عن عروة. لكن رواه أبو نعيم (¬1) من طريق ابن عيينة عن منصور، عن الزهري ولكن إسناده إلى ابن عيينة فيه نظر؛ فإنه قال: حدثنا أبو بكر الطلحي، حدثنا سهل بن المرزبان، عن محمّد التميمي الفارسي، عن الحميدي عن ابن عيينة. فينظر في إسناده (¬2)، ورواه الخطيب في "المتفق والمفترق" (¬3) من حديث سعيد بن عفير، عن ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة. ورواه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" (¬4) من وجه آخر، عن أبي الأسود، إلا أن فيه الواقدي. وله طريق أخرى رواها أبو نعيم (¬5)، من طريق فرج بن فضالة، عن عروة بن رويم، عن عائشة، وفرج ضعيف. ورواه ابن حبان في "الضعفاء" (¬6) من طريق مسلمة بن علي، عن الأوزاعي، عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه، عن عائشة. ومسلمة ضعيف. قال: وإنما يروى هذا عن الأوزاعي، عن حسان بن عطية مرسلًا. قلت: بل معضلا. ¬
وقال يحيى بن معين: هذا الحديث لا يصح له إسناد، وهو باطل. قلت: [234 - 236]- رواه أبو نعيم من حديث ابن عمر، ومن حديث ابن عباس، ومن حديث جابر، وأسانيده معلولة (¬1). ومنها: [237]- حديث جابر: "إذَا قَامَ أحدُكُم مِن اللَّيْل يُصلي فَلْيستاك (¬2)؛ فإنّه إذا قَامَ يُصلِّي أَتَاه مَلَكٌ، فَيَضعُ فَاه عَلى فِيه، فَلا يَخرُج شَيءٌ من فِيه إلاَّ وَقَع فِي فِي الْمَلَك". رواه أبو نعيم، ورواته ثقات. قاله ابن دقيق العيد (¬3). وفي الباب: [238]- عن علي، رواه البزار. ومنها: [239]- حديث عائشة: " هُنَّ لَكُمْ سُنَّةٌ، وَعَلَى فَرِيضَةٌ: السِّواكُ وَالْوتْرُ وقِيَامُ اللَّيْلِ". ¬
رواه البيهقي (¬1) وفي إسناده موسى بن عبد الرحمن الصنعاني، وهو متروك، قال البيهقي: لم يثبت في هذا شيء (¬2) [240]- وروى ابن خزيمة (¬3) وابن حبان (¬4) وأبو داود (¬5) والحاكم (¬6) والبيهقي (¬7) من حديث عبد الله بن حنظلة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يؤمر بالوضوء لكل صلاة، طاهرا كان أو غير طاهر، فلما شق ذلك عليه أمر بالسواك عند كل صلاة، ووضع عنه الوضوء إلا من حدث. [241]- وروى أحمد (¬8) والطبراني (¬9) من حديث واثلة بن الأسقع: "أُمِرتُ بالسِّواكِ حتى خَشِيتُ أن يُكتَبَ عَلَيَّ". وفيه ليث بن أبي سليم، وهو ضعيف. ومنها: [242]- حديث رافع بن خديج وغيره: "السِّواكُ وَاجِبٌ ... ". الحديث. ¬
رواه أبو نعيم (¬1)، وإسناده واهٍ. [243]- وروى ابن ماجه (¬2) من طريق أبي أمامة: "لَولا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتي لَفَرَضتُ عَليهم السِّواكَ". وإسناده ضعيف. وقد تَقَدَّم من طرق صحيحة. ومنها: [244]- حديث عامر بن ربيعة: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما لا أحصى يتسوك وهو صائم. رواه/ (¬3) أصحاب السنن (¬4) وابن خزيمة (¬5) وعلقه البخاري (¬6). وفيه عاصم بن عبيد الله وهو ضعيف (¬7). فقال ابن خزيمة (¬8): أَنَا أَبْرَأُ من عُهْدته، لكن حَسَّن الحديث غيره كما تَقَدَّم، ومنها: [245]- حديث عائشة: "مِن خَيْر خِصال الصَّائِم السِّوَاك". رواه ابن ماجه (¬9) وهو ضعيف. ¬
ورواه أبو نعيم من طريقين آخرين عنها. [246]- وروى النسائي في "الكنى"، والعقيلي (¬1) وابن حبان في "الضعفاء" (¬2) والبيهقي (¬3) من طريق عاصم، عن أنس: "يَستَاكُ الصَّائمُ أوَّلَ النَّهَار وآخرَه بِرَطْبِ السِّواك وَيابِسِه"، ورفعه. وفيه إبراهيم بن بيطار الخوارزمي، قال البيهقي: انفرد به إبراهيم بن بيطار، ويقال: إبراهيم بن عبد الرحمن، قاضي خوارزم، وهو منكر الحديث. وقال ابن حبان (¬4): لا يصح، ولا أصل له من حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا من حديث أنس. وذكره ابن الجوزي في "الموضوعات" (¬5). قلت: له شاهد من: [247]- حديث معاذ رواه الطبراني في "الكبير" (¬6). [248]- وقال أحمد بن منيع في "مسنده" (¬7): حدثنا الهيثم بن خارجة، حدثنا يحيى بن حمزة، عن النعمان بن المنذر، عن عطاء وطاوس ومجاهد، ¬
عن ابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تسوك وهو صائم. [249]- وروى البيهقي (¬1) عن عطاء عن أبي هريرة، قال: لك السواك إلى العصر، فإذا صليت العصر فألقه، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِم عِند الله أَطْيَبُ مِن رِيحِ الْمِسْكِ". وقد تَقَدَّم، وفي إسناده عمر بن قيس سندل وهو متروك. [250]- وروى ابن أبي شيبة (¬2) وعبد الرزاق (¬3) من حديث قتادة، عن أبي هريرة، نحوه. وفيه انقطاع. ومنها: [251]- حديث محرز: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما نام ليلة حتى استن. رواه أبو نعيم في (¬4) "معرفة الصحابة" (¬5). [252]- وروي في "كتاب السواك" من حديث أبي عتيق، عن جابر: أته كان يستاك إذا أخذ مضجعه، وإذا قام من الليل، وإذا خرج إلى الصلاة. فقلت له: قد شققت على نفسك، فقال: إن أسامة أخبرني أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: كان يستاك هذا السواك. وفيه حرام بن عثمان وهو متروك. ومنها: [253]- حديث عبد الله بن عمرو: " لَولا أَنْ أَشُقّ عَلى أُمَّتِي لأَمَرْتُهم أَن ¬
يَستَاكوا بِالأَسْحَار". رواه أبو نعيم، وفي إسناده ابن لهيعة. ومنها: [254]- حديث العباس: (كانوا يدخلون على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "تَدخُلُون عَلَيّ قُلْحًا! اسْتَاكُوا ... ") الحديث. رواه البزار (¬1) والبغوي (¬2) والطبراني (¬3)، وابن أبي خيثمة. قال أبو علي ابن السكن: فيه اضطراب. ورواه أحمد (¬4) من حديث تمام بن العباس. ورواه الطبراني (¬5) من حديث جعفر بن تميم أو تمام، عن أبيه. وقيل: عن تمام بن قيم أو قيم بن تمام في مسند أحمد (¬6). وروى الطبراني (¬7) والبيهقي (¬8) من حديث ابن عباس قال: أتى رجلان النبي - صلى الله عليه وسلم - حاجتهما واحدة [فتكلّم أحدُهما] (¬9)، فوجد من فيه إخلافا، ¬
فقال: "أمَا تَسْتَاك؟ " قال: بلي ... الحديث. ومنها: [255]- حديث أبي موسى في السواك على طرف اللسان، متفق عليه (¬1). ومنها: [256]- حديث عائشة: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستاك فيعطيني السواك لأغسله، فأبدأ به فأستاك ثمّ أغسله فأدفعه إليه. رواه أبو داود (¬2). [257]- وفي "الصحيحين" (¬3) عنها في قصة سواك عبد الرحمن بن أبي بكر قالت: فأخذته فقضمته ثم أعطيته له. ومنها: [258]- حديث ابن عمر رفعه: أراني أتسوك بسواك، فجاءني رجلان أحدهما أكبر من الآخر، فناولت السواك الأصغر منهما، فقيل لي: "كبر". متفق/ (¬4) عليه (¬5). ¬
[259]- ورواه أبو داود (¬1) بسند حسن عن عائشة نحوه. ومنها: [260]- حديث أبي سعيد رضي الله عنه: "الْغُسْل يومَ الجمعة وَاجبٌ، وَأن يَسْتَنَّ، وَأن يَمَسَّ طيبًا إن قَدِر عَلَيه". متفق عليه (¬2). وفي الباب: عن أبي هريرة (¬3) وابن عباس (¬4). ومنها: [261]- حديث علي رضي الله عنه: "إن أفواهَكُم طُرُقٌ للقرآنِ فَطَهِّرُوها بالسِّواكِ". رواه أبو نعيم، ووقفه ابن ماجه (¬5). ورواه أبو مسلم الكجي في "السنن" وأبو نعيم من حديث الوضين، وفي إسناده مندل (¬6) وهو ضعيف. ومنها: [262]- حديث عائشة - رضي الله عنها -: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل بيته يبدأ ¬
بالسواك. رواه ابن حبان في "صحيحه" (¬1) وأصله في مسلم (¬2). ومنها: [263]- حديث أنس رضي الله عنه: " أَكْثَرتُ عَليكم في السِّواك" رواه البخاري (¬3). [264]- وذكره ابن أبي حاتم في "العلل" (¬4) من حديث أبي أيوب، بلفظ: "عَلَيْكُم بالسِّوَاك"، وأعله أبو زرعة بالإرسال. [265]- ورواه مالك في "الموطأ" (¬5) من حديث عبيد بن السباق مرسلًا. ومنها: [266]- حديث أنس رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يستاك بفضل وضوئه. رواه الدّارَقطني (¬6) وفي إسناده يوسف بن خالد السمتي وهو متروك. ورواه من طريق أخرى (¬7) عن الأعمش عن أنس وهو منقطع. ¬
وفي البخاري تعليقا (¬1) أن جريرا أمر أهله بذلك. ووصله ابن أبي شيبة (¬2) ومنها: [267]- حديث: "يجزىءُ مِن السِّوَاك الأَصَابعُ"، رواه ابن عدي (¬3) والدّارَقطني (¬4) والبيهقي (¬5) من حديث عبد الله بن المثنى، عن النضر بن أنس، عن أنس. وفي إسناده نظر (¬6). وقال الضياء المقدسي (¬7): لا أرى بسنده بأسا. ¬
وقال البيهقي (¬1): المحفوظ عن ابن المثنى، عن بعض أهل بيته، عن أنس نحوه. ورواه أيضا (¬2) من طريق بن المثنى، عن ثمامة، عن أنس. [268]- ورواه أبو نعيم (¬3) والطبراني (¬4) وابن عدي (¬5)، من حديث عائشة. وفيه المثنى بن الصباح (¬6). [269]- ورواه أبو نعيم (¬7) من حديث كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف، عن أبيه عن جده. وكثير ضعفوه. وأصح من ذلك: [270]- ما رواه أحمد في "مسنده" (¬8) من حديث علي بن أبي طالب: أنه دعا ¬
بكوز من ماء فغسل وجهه وكفيه ثلاثا، وتمضمض فأدخل بعض أصابعه في فيه الحديث، وفي آخره: هذا وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وروى أبو عبيد في "كتاب الطهور" (¬1) عن عثمان: أنه كان إذا توضأ يسوك فاه بإصبعه. [271]- وروى الطبراني في "الأوسط" (¬2) من حديث عائشة، قلت: يا رسول الله الرجل يذهب فوه أيستاك؟ قال: "نعم". قلت: كيف يصنع؟ قال: "يُدخِل إِصْبَعَه في فِيهِ". رواه من طريق الوليد بن مسلم، حدثنا عيسى بن عبد الله الأنصاري، عن عطاء، عنها. وقال: لا يروى إلا بهذا الإسناد. قلت: عيسى ضعفه ابن حبان (¬3) وذكر له ابن عدي (¬4) هذا الحديث من مناكيره. ¬
ومنها: [272]- حديث جابر: كان السواك من أذن النبي - صلى الله عليه وسلم - موضع القلم من أذن الكاتب. رواه الطبراني (¬1) من حديث يحيى بن اليمان، عن سفيان، عن محمد بن إسحاق، عن أبي جعفر عنه. وقال: تفرد به يحيى بن اليمان. وسئل أبو زرعة عنه في "العلل" (¬2) فقال: وهم فيه يحيى بن يمان، إنما هو عند ابن إسحاق عن أبي سلمة، عن زيد بن خالد من فعله. قلت: كذا أخرجه أبو داود (¬3) والترمذي (¬4). [273]- ورواه الخطيب في كتاب "الرُّواة عن مالك" في ترجمة يحيى بن ثابت عنه، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - / (¬5) أسوكتهم خلف آذانهم يستنون بها لكل صلاة. ومنها: [274]- حديث ابن عباس مرفوعا: "السِّواكُ يُذهِبُ الْبَلْغَم ويُفْرِحُ الملائِكَةَ وُيوافِقُ السُّنَّة". رواه أبو نعيم (¬6). ¬
فائدة
فائدة ذكر القشيري بلا إسناد، عن أبي الدرداء قال: عليكم بالسواك فلا تغفلوه؛ فإن في السواك أربعًا وعشرين خصلة، أفضلها أن يرضي الرحمن، ويصيب السنة، وتضاعف صلاته سبعا وسبعين ضعفا، ويورثه السعة والغنى، ويطيب النكهة، ويشد اللثة، ويسكن الصداع، ويذهب وجع الضرس، وتصافحه الملائكة لنور وجهه وبرق أسنانه. وذكر بقيتها. ولا أصل له؛ لا من طريق صحيح ولا ضعيف.
فصل فيما يستاك به وما لا يستاك به
فصل فيما يستاك به وما لا يستاك به [275]- قال ابن الصلاح: وجدت بخط أبي مسعود الدمشقي الحافظ عن أبي الحسن الدّارَقطني، فذكر حديثا. يعني: من "المؤتلف والمختلف"- بإسناده إلى أبي خيرة الصباحي: أنه كان في الوفد؛ وقد عبد القيس الذين أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمر لنا باراك، وقال: "اسْتَاكُوا بِهَذَا". قال ابن ماكولا - يعني: في "الإكمال" (¬1) - ليس يروى لأبي خيرة هذا غيره، ولا روي من قبيلة صباح، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - غيره. قال ابن الصلاح: وهذا الحديث مستند قول صاحب " الإيضاح" و"الحاوي" و"التنبيه" حيث استحبوه. قال: ولم أجد في كتب الحديث فيه سوى هذا الحديث. قلت: قد استدل به صاحب "الحاوي" (¬2) من حديث أبي خيرة بلفظ آخر وهو: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستاك بالأراك، فإن تعذر عليه استاك بعراجين النخل، فإن تعذر استاك بما وجد. وهذا بهذا السياق لم أره. وقد ذكره البخاري في "تاريخه" (¬3) والطبراني في "الكبير" (¬4) وأبو أحمد في "الكنى" (¬5) وأبو نعيم في ¬
تنبيه
"المعرفة" (¬1) وغيرهم. ففي لفظ عنه: كنا أربعين رجلًا فتزودنا الأراك نستاك به، فقلنا: يا رسول الله عندنا الجريد، ونحن نجتزى به، ولكن نقبل كرامتك وعطيتك، ثمّ دعا لهم. وفي لفظ؛ ثمّ أمر لنا بأراك، فقال: "أسْتَاكُوا بِهَذا". وفيها فرفع يديه ودعا لهم. تنبيه أبو خيرة: بفتح الخاء المعجمة وسكون الياء المثناة من تحت. والصباحي: بضم الصاد المهملة بعدها باء موحدة خفيفة. [276]- ووقع في حديث لابن مسعود ذكر الاستياك بالأراك, وذلك في "مسند أبي يعلى الموصلي" (¬2) من حديثه، قال؛ كنت أجتني لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - سواكا من أراك. وأخرجه ابن حبان (¬3) والطبراني أيضا (¬4) وصَحَّحَه الضياء في "أحكامه" ورواه أحمد مو قوفا (¬5) على ابن مسعود أنّه كان يجتني سواكا من أراك الحديث. ولم يقل فيه: إنّه كان يجتنيه للنبي - صلى الله عليه وسلم -. [277]- ورى أبو نعيم في "معرفة الصحابة" (¬6) في ترجمة أبي زيد الغافقي ¬
رفعه: "الأَسْوِكَةُ ثَلاثة: أَرَاكٌ، فإن لم يكن أَرَاكٌ فَعَنَمٌ، أَوْ بَطَمٌ"، قال راويه: العنم: الزيتون. [278]- وروى أبو نعيم أيضا في "كتاب السواك" (¬1) والطبراني في "الأوسط" (¬2) من حديث معاذ رفعه: " نَعَم السِّواكُ الزَّيْتُون مِن شَجَرةٍ مبارَكَةٍ يُطَيِّب الفَمَ، ويُذْهَبُ الْحَفْر، وهُوَ سِوَاكِي وَسِوَاكُ الأَنْبياءِ قَبْلي". وفي إسناده أحمد بن محمّد بن محيض (¬3) تفرد به عن إبراهيم بن/ (¬4) أبي عبلة. وحديث عائشة في قصة سواك عبد الرحمن بن أبي بكر وقع في البخاري (¬5) أنّه كان جريدة رطبة، ووقع في "مستدرك الحاكم" (¬6) أنّه كان من أراك رطب. فالله أعلم. [279]- وأمّا ما لا يستاك به فقال الحارث في "مسنده" (¬7) حدثنا الحاكم بن موسى، حدثنا عيسى بن يونس، عن أبي بكر بن أبي مريم، عن ضمرة بن ¬
حبيب، قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن السواك بعود الريحان، وقال: "إنّه يُحَرِّك عِرْقَ الْجُذَام". وهذا مرسل وضعيف أيضا. وقد تَقَدَّم الكلام على حديث الاستياك بالإصبع.
باب سنن الوضوء
باب سنن الوضوء 70 - [280]- حديث: "لاَ وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ الله عَلَيه". أحمد (¬1) وأبو داود (¬2) والترمذي في "العلل" (¬3) وابن ماجه (¬4) والدَّارَقطنيّ (¬5) وابن السكن والحاكم (¬6) والبيهقي (¬7) من طريق محمّد بن موسى المخزومي، عن يعقوب بن سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة بلفظ: "لاَ صَلَاةَ لِمَنْ لاَ وُضُوءَ لَهُ، لاَ وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ الله عَلَيْه". ورواه الحاكم من هذا الوجه فقال: يعقوب بن أبي سلمة. وادعى أنّه الماجشون - وصَحَّحَه لذلك فَوَهِم (¬8). والصواب أنّه الليثي، قال البخاري (¬9): لا يعرف له سماع من أبيه، ولا لأبيه من أبي هريرة. ¬
وأبوه ذكره ابن حبان في الثقات (¬1) وقال: ربما أخطأ. وهذه عبارة عن ضعفه؛ فإنه قليل الحديث جدا، ولم يرو عنه سوى ولده، فإذا كان يخطئ مع قلة ما روى فكيف يوصف بكونه ثقة. قال ابن الصلاح: انقلب إسناده على الحاكم فلا يحتج لثبوته بتخريجه له. وتبعه النووي (¬2). وقال ابن دقيق العيد (¬3): لو سلم للحاكم أنّه يعقوب بن أبي سلمة الماجشون، وإسم أبي سلمة دينار، فيحتاج إلى معرفة حال أبي سلمة، وليس له ذكر في شيء من كتب الرجال، فلا يكون أيضا صحيحا. وله طريق أخرى عند الدّارَقطني (¬4) والبيهقي (¬5) من طريق محمود بن محمّد الظفري عن أيوب بن النجار، عن يحيى، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، بلفظ: "مَا تَوَضَّأ مَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ الله عَلَيه، ومَا صلَّى مَن لَمْ يَتَوَضَّأ". ومحمود ليس بالقوي، وأيوب قد سمعه يحيى بن معين يقول: لم أسمع من يحيى بن أبي كثير إلا حديثا واحداً: "الْتَقَى اَدَمُ وَمُوسى .... ". ¬
[281]- وقد ورد الأمر بذلك من حديث أبي هريرة ففي "الأوسط" (¬1) للطبراني من طريق علي بن ثابت، عن محضد بن سيرين، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يَا أَبا هُريرة إذًا تَوَضَّأتَ فَقُلْ: بِسْم الله وَالحَمْدُ لله، فإنَّ حَفَظَتَكَ لاَ تَزَالُ تَكْتُبُ لَك الْحَسنَات حَتَّى تُحْدِثَ مِن ذلك الْوُضوء". قال: تفرد به عمرو بن أبي سلمة، عن إبراهيم بن محمد عنه. [282]- وفيه (¬2) أيضا من طريق الأعرج، عن أبي هريرة، رفعه "إَذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِن نَوْمِه فَلاَ يُدْخِلْ يَدَه في الإنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَها، وُيسَمَّيَ قَبْل أَنْ يُدْخِلَها". تفرد بهذه الزيادة عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة - وهو متروك. عن هشام ابن عروة، عن أبي الزناد عنه. وفي الباب: عن أبي سعيد، وسعيد بن زيد، وعائشة، وسهل بن سعد، وأبي سبرة، وأم سبرة، وعلي، وأنس. [283]- أمّا حديث أبي سعيد فرواه أحمد (¬3) والدارمي (¬4) والترمذي في "العلل" (¬5) وابن ماجه (¬6) وابن عدي (¬7) وابن السكن والبزار والدّارَقطنيّ (¬8) ¬
والحاكم (¬1) والبيهقي (¬2) من طريق كثير بن زيد، عن ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد، بلفظ حديث الباب. وزعم ابن عدي أن زيد بن الحباب تفرد به عن كثير وليس كذلك؛ فقد/ (¬3) رواه الدّارَقطني (¬4) من حديث أبي عامر العقدي، وابن ماجه (¬5) من حديث أبي أحمد الزبيري. وأمّا حال كثير بن زيد فقال ابن معين: ليس بالقوي. وقال أبو زرعة: صدوق فيه لين، وقال أبو حاتم: صالح الحديث ليس بالقوي يكتب حديثه (¬6). ورُبيح؛ قال أبو حاتم (¬7): شيخ. وقال الترمذي عن البخاري منكر الحديث (¬8). وقال أحمد (¬9): ليس بالمعروف. وقال المروزي (¬10): لم يصححه أحمد، وقال ليس فيه شيء يثبت. ¬
وقال البزار: روى عنه فليح بن سليمان، وكثير بن زيد، وكثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف، وكل ما روى في هذا الباب فليس بقوي. ثمّ ذكر أنّه روى عن كثير بن زيد عن الوليد بن رباح عن أبي هريرة. وقال العقيلي (¬1): الأسانيد في هذا الباب فيها لين. وقد قال: أحمد بن حنبل إثه أحسن شيء في هذا الباب (¬2). وقال السعدىِ (¬3): سئل أحمد عن التسمية فقال لا أعلم فيه حديثا صحيحا أقوى شيء فيه حديث كثير بن زيد عن ربيح. وقال إسحاق بن راهويه هو أصح ما في الباب. وأمّا حديث سعيد بن زيد؛ فرواه الترمذي (¬4) والبزار وأحمد (¬5) وابن ماجه (¬6) والدّارَقطني (¬7) والعقيلي (¬8) والحاكم (¬9) من طريق عبد الرحمن بن حرملة، عن أبي ثقال، عن رباح بن عبد الرحمن بن أبي سفيان بن حويطب، عن جدته، عن أبيها، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (فذكره لفظ الترمذي) قال: ¬
وقال محمّد: أحسن شيء في هذا الباب حديث رباح. ولابن ماجه بزيادة: "لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لاَ وُضُوءَ لَه"، وصرح العقيلي والحاكم بسماع بعضهم من بعض، وزاد: "وَلاَ يُؤْمنُ بالله مَنْ لاَ يُؤْمِنُ بِي وَلاَ يُؤْمِنُ بِي مَنْ لاَ يُحِبّ الأَنْصَار" (¬1) وزاد الحاكم في روايته: حدثتني جدتي أسماء بنت سعيد بن زيد بن عمرو أنها سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فأسقط منه ذكر (أبيها). وقال الدّارَقطني في "العلل" (¬2): اختلف فيه؛ فقال وهيب وبشر بن المفضل وغير واحد هكذا. وقال حفص بن ميسرة وأبو معشر وإسحاق بن حازم: عن ابن حرملة، عن أبي ثفال، عن رباح، عن جدته، أنها سمعت (¬3). ولم يذكروا: أباها. ورواه الدراوردي، عن أبي ثفال، عن رباح، عن ابن ثوبان مرسلا. ورواه صدقة مولى آل الزبير، عن أبي ثفال، عن أبي بكر بن حويطب مرسلًا. وأبو بكر بن حويطب هو رباح المذكور. قاله الترمذي (¬4). قال الدّارَقطني: والصحيح: قول وهيب وبشر بن المفضل ومن تابعهما. وفي "المختارة" للضياء من "مسند الهيثم بن كليب" (¬5) من طريق وهيب، عن عبد الرحمن بن حرملة، سمع أبا غالب، سمعت رباح بن عبد الرحمن، ¬
حدثتني جدتي أنها سمعت أباها. كذا قال. قال الضياء: المعروف (أبو ثفال) بدل (أبي غالب) وهو كما قال. وصحّح أبو حاتم وأبو زرعة في "العلل" (¬1) روايتهما أيضا بالنسبة إلى من خالفهما لكن قالا: إن الحديث ليس بصحيح، أبو ثفال ورباح مجهولان. وزاد ابن القطان (¬2): أن جدة رباح أيضا لا يعرف اسمها ولا حالها. كذا قال! فأما هي فقد عرف اسمها من رواية الحاكم، ورواه البيهقي (¬3) أيضا مصرحا باسمها. وأمّا حالها؛ فقد ذكرت في الصحابة، وإن لم يثبت لها صحبة فمثلها لا يسأل عن حالها. وأمّا أبو ثفال فروى عنه جماعة (¬4)، وقال البخاري (¬5): في حديثه نظر. وهذه عادته فيمن يضعفه. وذكره ابن حبان في "الثقات" (¬6) إلا أنّه قال: لمست بالمعتمد على ما تفرد به (¬7). فكأنه لم يوثقه. ¬
وأمّا رباح فمجهول. قال ابن القطان (¬1): فالحديث/ (¬2) ضعيف جدا. وقال البزار: أبو ثفال مشهور، ورباح وجدته لا نعلمهما رويا إلا هذا الحديث، ولا حدث عن رباح إلا أبو ثفال، فالخبر من جهة النقل لا يثبت. [284]- وأمّا حديث عائشة فرواه البزار (¬3) وأبو بكر بن أبي شيبة في مسنديهما وابن عدي (¬4). وفي إسناده حارثة بن محمّد، وهو ضعيف وضعف به. قال ابن عدي (¬5)؛ بلغني عن أحمد أنّه نظر في " [جامع] (¬6) إسحاق بن راهويه" فإذا أول حديث قد أخرجه هذا الحديث، فأنكره جدا؛ وقال: أول حديث يكون في "الجامع" عن حارثة. وروى الحربي عن أحمد أنّه قال؛ هذا يزعم أنّه اختار أصح شيء في الباب، وهذا أضعف حديث فيه. [285]- وأمّا حديث سهل بن سعد، فرواه ابن ماجه (¬7) والطبراني (¬8) وهو من ¬
طريق عبد المهيمن بن عباس بن سهل، عن أبيه، عن جده. وهو ضعيف (¬1). لكن تابعه أخوه أبيّ بن عباس وهو مختلف فيه. [286]- وأمّا حديث أبي سبرة [وأم سبرة] (¬2)، فروى الدولابي في "الكنى" (¬3) والبغوي في "الصحابة" والطبراني في "الأوسط" (¬4) من حديث عيسى بن سبرة ابن أبي سبرة، عن أبيه، عن جده. وأخرجه أبو موسى في "المعرفة" فقال عن أم سبرة. وهو ضعيف. [287]- وأمّا حديث علي فرواه ابن عدي (¬5) في ترجمة عيسى بن عبد الله بن محمّد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي. وقال: إسناده ليس بمستقيم. [288]- وأمّا حديث أنس، فرواه عبد الملك بن حبيب الأندلسي، عن أسد ابن موسى، عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس بلفظ: "لاَ إِيمانَ لِمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِي، وَلاَ صَلاَةَ إِلَّا بِوَضُوءٍ، وَلاَ وَضُوءَ لِمَنْ لَمْ يُسَمِّ الله". وعبد الملك شديد الضعف. والظاهر أن مجموع الأحاديث يحدث منها قوة تدل على أن له أصلًا. ¬
وقال أبو بكر ابن أبي شيبة: ثبت لنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قاله. وقال البزار: لكنه مؤول، ومعناه: أنّه لا فضل لوضوء من لم يذكر اسم الله، لا على أنّه لا يجوز وضوء من لم يسم (¬1). واحتج البيهقي على عدم وجوب التسمية بحديث: [289]- رفاعة بن رافع "لا تَتِمّ صَلَاةُ أَحَدِكُم حَتى يَسْبغَ الْوُضُوءَ كما أَمَر الله، فَيَغسِلَ وَجْهَه" (¬2). واستدل النسائي (¬3) وابن خزيمة (¬4) والبيهقي (¬5) في استحباب التسمية بحديث: [290]- معمر، عن ثابت وقتادة، عن أنس، قال: طلب بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وضوءا فلم يجدوا، فقال: "هَلْ مَع أَحَدٍ مِنْكُم مَاءً؟ " فوضع يده في الإناء، فقال: "تَوَضؤُوا بِسْمِ الله .... ". وأصله في "الصحيحين" (¬6) بدون هذه اللفظة. ولا دلالة فيها صريحة لمقصودهم. ¬
[291]- وقد أخرج أحمد (¬1) مثله من حديث نبيح العنزي عن جابر. وقال النّووي (¬2): يمكن أن يحتج في المسألة بحديث: أبي هريرة "كُلّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لاَ يُبدَأُ فِيه بِبسم الله فَهُو أَجْذَم". 71 - [292]- قوله: ويروى في بعض الرِّوايات: "لاَ وُضُوءَ كامِلٌ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ الله عَلَيه". لم أره هكذا، لكن معناه في الحديث الذي بعده. 72 - [293]- حديث روي أنّه - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ تَوَضّأ وَذَكَر اسْمَ الله عَلَيه كان طُهُورًا لِجَميع بَدَنِه، وَمَن تَوَضأ وَلَمْ يَذْكر الله عَلَيه كان طُهورًا لأَعْضَاء وُضِوئِه". احتج به الرافعي على نفي وجوب التسمية، وسبقه أبو عبيد في كتاب "الطهور" (¬3) روى (¬4) الدّارَقطني (¬5) والبيهقي (¬6) من حديث ابن عمر، وفيه أبو بكر الداهري ¬
وهو متروك (¬1). [294]- ورواه الدّارَقطني (¬2) من حديث أبي هريرة بلفظ: "لَمْ يُطَهِّر إلاَّ مَوْضِعَ الْوُضُوءِ مِنه". وفيه مرداس بن محمد (¬3)، ومحمد بن أبان [وهما ضعيفان] (¬4). [295]- ورواه الدّارَقطني (¬5) والبيهقي (¬6) من حديث ابن مسعود/ (¬7) بزيادة: "فَإذا فَرَغ مِن طُهُوره فَلْيَشْهَدْ أن لا إله إلاّ الله، وأنَّ محمَّداَ عَبدُه ورسولُه، فَإذَا قال ذَلك فُتِحَتْ [لَه] (¬8) أبوابُ السَّمَاء". وفي رواية البيهقي: "أَبوابُ الرَّحْمَة". وفي إسناده يحيى بن هاشم السمسار وهو متروك (¬9). ¬
ورواه عبد الملك بن حبيب، عن إسماعيل بن عياش، عن أبان. وهو مرسل ضعيف جدا. وقال أبو عبيد في كتاب "الطّهور" (¬1): سمعت من خلف بن خليفة حديثا يحدثه بإسناده إلى أبي بكر الصديق، فلا أجدني أحفظه. وهذا مع إعضاله موقوف (¬2). 73 - [296]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يغسلى يديه إلى كوعيه قبل الوضوء. أبو داود (¬3) في حديث عثمان المشهور وفيه عنده: أفرغ بيده اليمنى على اليسرى، ثم غسلهما إلى الكوعين. وأصله في "الصحيحين" (¬4) وغيرهما. [297، 298]- ومعناه فيهما (¬5) من حديث عبد الله بن زيد. وفي أبي داود (¬6) من حديث علي. * حديث: "إذَا اسْتَيقَظَ أحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِه .... " الحديث. ¬
تنبيه
تَقَدَّم في "باب النجاسات" (¬1). * حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يمضمض ويستنشق في وضوئه. يأتي في الأحاديث الصحيحة عن عبد الله بن زيد وعثمان وغيرهما. 74 - [299، 300]- حديث: "عَشْرٌ مِنَ السّنَّة ... "، وعد منها: "المضْمَضَة والاسْتِنْشَاق". مسلم (¬2) من حديث عائشة، وأبو داود (¬3) من حديث عماو بلفظ: "عَشْرٌ مِن الْفِطْرَة ". وصحّحه ابن السكن وهو معلول. ورواه الحاكم (¬4) والبيهقي (¬5) من حديث ابن عباس موقوفًا في تفسير قوله تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ ...} قال: خمس في الرأس وخمس في الجسد. فذكرها. تنبيه استدل به الرّافعي على أنّهما سنة، ولا دلالة في ذلك؛ لأن لفظه: "مِنَ ¬
الفِطْرَة ... "، بل ولو ورد بلفظ: "مِنَ السُّنّة ... " لم ينهض دليلا على عدم الوجوب؛ لأن المراد به: السنة، أي الطريقة، لا السنة الاصطلاحي الأصولي. وفي الباب: [301]- عن ابن عباس مرفوعًا: "الْمَضْمَضَةُ والاسْتِنْشَاقُ سُنة". رواه الدارقطنىِ (¬1) وهو حديث ضعيف (¬2). 75 - [302]- قوله: روي عن طلحة بن مصرف، عن أبيه، عن جده قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يفصل بين المضمضة والاستنشاق. ويقال: إنّ عثمان وعليًّا روياه كذلك [303]- روي عن علي في وصف وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنه تمضمض مع الاستنشاق بماء واحد. ونقل مثله عن وصف عبد الله بن زيد، والرواية عنه، وعن علي وعثمان في الباب مختلفة. وروي عن علي في حديثه: أنه أخذ غرفة، فتمضمض منها ثلاثا، وغرفة أخرى استنشق منها ثلاثا. ¬
[354]- وروي عن عبد الله بن زيد في حديثه: أنه أخذ غرفة فتمضمض منها، ثم استنشق، ثم أخذ غرفة أخرى فتمضمض منها، ثم استنشق، ثم أخذ غرفة ثالثة فتمضمض منها ثم استنشق. [305]- أما حديث طلحة بن مصرف، عن أبيه، عن جده؛ فرواه أبو داود (¬1) في حديث فيه: ورأيته يفصل بين المضمضة والاستنشاق. وفيه ليث بن أبي سليم، وهو ضعيف. وقال ابن حبان (¬2): كان يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل، ويأتي عن الثقات بما ليس من حديثهم، تركه يحيى القطان، وابن مهدي، وابن معين، وأحمد ابن حنبل. وقال النووي في "تهذيب الأسماء" (¬3): اتفق العلماء على ضعفه. وللحديث علة أخرى ذكرها أبو داود عن أحمد (¬4) قال: كان ابن عيينة ينكره ويقول؛ أَيشٍ هذا طلحة بن مصرف، عن أبيه، عن جده؟! وكذلك حكى عثمان الدّارمي (¬5) عن عليّ بن المديني، وزاد وسألت عبد الرحمن بن مهدي عن اسم جده، فقال: عمرو بن كعب أو كعب بن عمرو، وكانت له صحبة (¬6). ¬
وقال الدوري (¬1) عن ابن معين: المحدثون يقولون: إن جد طلحة رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأهل بيته يقولون: ليست له صحبة. وقال الخلال عن أبي داود: سمعت رجلا من ولد طلحة يقول: إن لجده صحبةً. وقال ابن أبي حاتم في "العلل" (¬2) سألت أبي عنه، فلم يثبته وقال: طلحة هذا/ (¬3) يقال إنه رجل من الأنصار، ومنهم من يقول طلحة بن مصرف. قال: ولو كان طلحة بن مصرف لم يختلف فيه. وقال ابن القطان (¬4): علة الخبر عندي الجهل بحال مصرف بن عمرو والد طلحة. وصرح بأنه طلحة بن مصرف ابنُ السكن وابن مردويه في كتاب "أولاد المحدئين"، ويعقوبُ بن سفيان في "تاريخه" (¬5) وابن أبي خيثمة أيضا، وخلق. وأما رواية علي وعثمان للفصل، فتبع فيه الرافعي الإمامَ في "النهاية"، وأنكره ابن الصلاح في كلامه على "الوسيط"، فقال: لا يعرف ولا يثبت، بل ¬
روى أبو داود عن علي ضده. قلت: روى أبو علي ابن السكن في "صحاحه" من طريق أبي وائل شقيق بن سلمة قال: شهدت علي بن أبي طالب وعثمان بن عفان توضأ ثلاثا ثلاثا، وأفردا المضمضة من الاستنشاق. ثم قالا: هكذا رأينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ. فهذا صريح في الفصل، فبطل إنكار ابن الصلاح. [306]- وقد روي عن علي بن أبي طالب أيضا الجمع، ففي "مسند أحمد" (¬1) عن علي، أنه دعا بماء فغسل وجهه وكفيه ثلاثًا، وتمضمض وأدخل بعض أصابعه في فيه، واستنشق ثلاث. بل في ابن ماجه (¬2) ما هو أصرح من هذا بلفظ: توضأ فمضمض ثلاثًا، واستنشق ثلاثًا من كف واحد. [307]- وروى أبو داود (¬3) من طريق ابن أبي مليكة، عن عثمان أنه رآه دعا بماء فأتي بميضأة فأصغاها على يده اليمنى، ثم أدخلها في الماء فتمضمض ثلاثا، واستنثر ثلاثا ... الحديث. وفيه رفعه، وهو ظاهر في الفصل. [308]- وأما حديث علي في صفة الوضوء، فله عنه طرق: أحدها عن أبي حيّة - بالحاء المهملة والياء المثناة تحت المثقلةء قال: رأيت عليا توضأ فغسل ¬
كفيه حتى أنقاهما، ثم تمضمض ثلاثا، واستنشق ثلاثا، وغسل وجهه ثلاثا، وذراعيه ثلاثا، ومسح رأسه مرة، ثم غسل قدميه إلى الكعبين ... الحديث. رواه الترمذي (¬1) وَذَا لفظه، وأبو داود (¬2) مختصر ا، والبزار (¬3) ولفظه: ثم أدخل يده في الإناء فملأ فمه فمضمض، ثم استنشق ونثر بيده اليسرى ثلاث مرات. ثانيها: عن زر بن حبيش عنه، رواه أبو داود (¬4) من حديث المنهال بن عمرو، عنه. وأعله أبو زرعة (¬5) بأنه إنما يروى عن المنهال، عن أبي حية، عن علي. ثالثها: عن عبد خير، عن علي: أتى بإناء فيه ماء وطشت، فأفرغ من الإناء على يمينه فغسل يديه ثلاثا، ثم تمضمض واستنشق فمضمض، ونثر من الكف الذي يأخذ فيه، ثم غسل وجهه ثلاثا، وغسل يده اليمنى ثلاثا، وغسل يده الشمال ثلاثا ثم مسح برأسه مرة، ثم غسل رجله اليمنى ثلاثا، ورجله الشمال ثلاثا. رواه أبو داود (¬6) والنسائي (¬7). وفي رواية لابن ماجه (¬8): فمضمض ثلاثا، واستنشق ثلاثا، من كف واحد. ¬
ورواه ابن حبان (¬1) إلا أنه لم يقل من كف واحد. والبزار (¬2) في آخره: فغسل قدميه بيده اليسرى. رابعها: عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: رأيت عليا توضأ فغسل وجهه ثلاثا، وغسل ذراعيه ثلاثا، ومسح برأسه واحدة. ورفعه. رواه أبو داود (¬3) بسند صحيح. خامسها: عن ابن عباس عنه، رواه أبو داود (¬4) مطولا، والبزار (¬5) وقال: لا نعلم أحدا روى هذا هكذا إلا من حديث عبيد الله الخولاني، ولا نعلم أن أحدا رواه عنه إلا محمَّد بن طلحة بن يزيد بن ركانة. وقد صرح ابن إسحاق بالسماع فيه، وأخرجه ابن حبان (¬6)، من طريقه مختصرا. وضعفه البخاري فيما حكاه الترمذي (¬7). سادسها: عن النزال بن سبرة عن علي رواه ابن حبان (¬8) وفيه: فأخذ كفا فتمضمض واستنشق. وفي آخره/ (¬9): ثم قام فشرب فضله (¬10) وهو قائم. ¬
وأصله في البخاريّ (¬1) مختصرٌ. [309]- وأما حديث عبد الله بن زيد بن عاصم فمتفق عليه (¬2)، وله طرق منها: فمضمض واستنشق من كف واحدة، فعل ذلك ثلاثا (¬3). وفي لفظ للبخاري (¬4): فمضمض واستنشق ثلاثا، بثلاث غرفات. وفي رواية لهما (¬5): فمضمض، واستنشق واستنثر من ثلاث غرفات. وفي رواية لابن حبان (¬6): فمضمض واستنشق ثلاث مرات من ثلاث حفنات. وفي لفظ للبخاري (¬7): فمضمض واستنشق ثلاث مرات من غرفة واحدة. فقد تبين الاختلاف عليه فيه، كما قال المصنف. [310]- وأمّا حديث عثمان في صفة الوضوء؛ فمتفق عليه (¬8)، وله ألفاظ وطرق عندهما، منها: ثم أدخل يمينه في الإناء فمضمض واستنشق. وللبخاري: ثم تمضمض واستنشق واستنثر ثلاثا (¬9). ¬
وفي الباب: [311]- عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ مرة مرة، وجمع بين المضمضة والاستنشاق. رواه الدارمي (¬1) وابن حبان (¬2) والحاكم (¬3). وهو في البخاري بلفظ: فأخذ غرفة من ماء فتمضمض منها واستنشق كما تَقَدَّم. 76 - وقوله: فيمضمضر منها ثلالا، ويستنشق من أخرى ثلاثا؛ لأن عليا رواه كذلك. هو أحد احتمالي حديث أبي حية عن علي عند البيهقي (¬4) وغيره، ولفظه: ثم تمضمض ثلاثا واستنشق ثلاثا. وكذا حديث طلحة بن مصرف، عن أبيه، عن جده ففيها: فمضمض ثلاثا واستنشق ثلاثا. 77 - وقوله: يأخذ (¬5) غرفة فيمضمض بها ثم يستنشق، ثم ¬
يمضمض ثم يستنشق، ثم يمضمض ثم يستنشق. روى ذلك عن عبد الله بن زيد هو أحد احتمالي حديثه الذي أخرجه البخاري بلفظ: فمضمض واستنشق ثلاث مرات من غرفة واحدة. 78 - وقوله: يأخذ غرفة يتمضمض [بها] (¬1)، ثلالا وبستنشق منها ثلاثا. روى ذلك في بعض الروايات، هو أحد احتمالي حديث ابن عباس في البخاري: أخذ غرفة من ماء فتمضمض بها واستنشق. وللحاكم: توضأ مرة مرة، وجمع بين المضمضة والاستنشاق. وأقرب منه إلى الصراحة رواية أبي داود (¬2) عن علي: ثم تمضمض واستنشق، يمضمض ويستنشق من الكف الذي أخذ فيه. ولأبي داود الطيالسي (¬3): ثم تمضمض ثلاثا مع الاستنشاق بماء واحد. 79 - [312]- حديث لقيط بن صبرة، قلت: يا رسول الله أخبرني عن الوضوء؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أسبغ الوضوء، وخَلّل بين الأصابع، وَبَالغ في الاستنشاق إلاّ أن تكون صائمًا". ¬
الشافعي (¬1) وأحمد (¬2) وابن الجارود (¬3) وابن خزيمة (¬4) وابن حبان (¬5) والحاكم (¬6) والبيهقي (¬7) وأصحاب السنن الأربعة (¬8) من طريق إسماعيل بن كثير المكي عن عاصم بن لقيط بن صبرة عن أبيه به مطولًا ومختصرا. قال الخلال عن أبي داود، عن أحمد: عاصم لم يُسمع عنه بكير روايةً. انتهى. ويقال: لم يرو عنه غير إسماعيل، وليس بشيء؛ لأنه روى عنه غيره. وصححّه التّرمذي، والبغويّ (¬9) وابن القطّان (¬10). وهذا اللّفظ عندهم من رواية وَكيع، عن الثوري، عن إسماعيل بن كثير، عن عَاصم بن لقيط بن صبرة، عن أبيه. وروى الدّولابي في "حديث الثّوري" (¬11) من جمعه من طريق ابن مهدي ¬
تنبيه
عن الثّوري، ولفظه: "وَبَالغ في المضْمَضةِ والاسْتِنْشَاقِ إلاّ أن تَكونَ صَائِمًا". وفي رواية لأبي داود (¬1) من طريق أبي عاصم، عن ابن جريج، عن إسماعيل ابن كثير بلفظ: "إذًا تَوَضأتَ فَمَضْمِضْ". تنبيه احتجّ به الرّافعي على المبالغة فيهما, وليس فيما أورده إلاّ لفظ الاستنشاق، وألحق به المضمضة قياسًا. وقال الماوري (¬2): لا استحباب في المضمضة؛ لانه لم يرد فيها الخبر. ورواية الدولابي/ (¬3) ترد عليه. وكذا رواية أبي داود. وفي الباب: [313]- حديث ابن عباس "اسْتَنْثِرُوا مَرَّتَيْنِ بَالِغَتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا". صحّحه ابن القطّان (¬4) وروإه أبو داود (¬5) وابن ماجه (¬6) وابن الجارود (¬7) ¬
والحاكم (¬1). 80 - [314]- قوله: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - توضأ ثلاثا ثلاثا ثم، قال: "هَذَا وُضُوئِي وَوُضُوءِ الأَنْبَيَاءِ قَبْلي، وَوُضُوءُ خَلِيلي إِبْرَاهِيمَ". ابن ماجه (¬2) من حديث معاوية بن قرة، عن ابن عمر أتم منه. وقال فيه: ثم قال عند فراغه: "أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَه إلاَّ الله .... " الحديث. ورواه الطبراني في "الأوسط" (¬3) من طريق معاوية بن قرة، عن أبيه، عن جده. كذا قال! ومداره على عبد الرحيم بن زيد العمى، عن أبيه. وقد اختلف عليه فيه، وهو متروك، وأبوه ضعيف. وقال الدارقطني في "العلل": رواه أبو إسرائيل الملائي، عن زيد العمى، عن نافع، عن ابن عمر. فوهم. والصواب قول من قال: عن معاوية بن قرة، عن عبيد بن عمير، عن أبي كعب. وهذه رواية عبد الله بن عرادة الشيباني، وهي عند ابن ماجه (¬4) أيضا. ومعاوية بن قرة لم يدرك بن عمر، وعبد الله بن عرادة، وإن كانت روايته متصلة، فهو متروك. وقال أبو حاتم (¬5): لا يصح هذا الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ¬
وقال ابن أبي حاتم (¬1): قلت لأبي زرعة: حدثنا الربيع بن سليمان، حدّثنا أسد بن موسى عن سلام بن سليم، عن زيد بن أسلم (¬2)، عن معاوية بن قرة، عن ابن عمر؛ فقال: هو سلام الطويل، وهو متروك، وزيد هو العمى وهو متروك أيضا. ولحديث ابن عمر طريق أخرى رواها الدارقطني (¬3) من طريق المسيب بن واضح عن حفص بن ميسرة، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر بنحوه. وليس في آخره: "وضوء خليل الله إبراهيم ... ". وقال: تفرد به المسيب وهو ضعيف. وقال عبد الحق (¬4) هذا أحسن طرق الحديث. قلت: هو كما قال لو كان المسيب حفظه، ولكن انقلب عليه إسناده. وقال ابن أبي حاتم (¬5): المسيب صدوق إلا أنه يخطئ كثيرا. وقال البيهقي (¬6) غير محتج به. والمحفوظ رواية معاوية بن قرة عن ابن عمر، وهي منقطعة وتفرد بها عنه زيد ¬
العمى. [315]- وله طريق أخرى ذكرها ابن أبي حاتم في "العلل" (¬1) قال: سألت أبا رزعة عن حديث يحيى بن ميمون، عن ابن جريج، عن عطاء، عن عائشة نحوه. ولفظه في صفة الوضوء مرة مرة، فقال: "هَذَا الذِي افْتَرَضَ الله عَلَيْكُمْ"، ثم توضأ مرتين مرتين، فقال: "مَنْ ضَغفَ ضَعَّفَ الله لَهُ"، ثم أعادها الثالثة فقال: "هَذَا وُضُوءُنَا مَعَاشِرَ الأَنْبِيَاءِ". فقال: هذا ضعيف واهٍ منكر. وقال مرة: لا أصل له. وامتنع من قراءته. ورواه الدارقطني في "غرائب مالك" من طريق علي بن الحسن الشامي، عن مالك عن ربيعة، عن ابن المسيب، عن زيد بن ثابت، عن أبي هريرة. وهو مقلوب ولم يروه مالك قط. [316]- ورواه أبو علي ابن السكن في "صحيحه" من حديث أنس، ولفظه: دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بوضوء فغسل وجهه ويديه مرة، ورجليه مرة، وقال: "هَذَا وُضُوءُ مَنْ لاَ يَقْبَلُ الله مِنْهُ غَيْرُه"، ثم مكث ساعة، ودعا بوَضوء فغسل وجهه ويديه مرتين مرتين، ثم قال: "هَذَا وُضُوءُ مَنْ يُضَاعِفُ الله لَهُ الأَجْرَ"، ثم مكث ساعة ودعا بوَضوء فغسل وجهه ثلاثا، ويديه ثلاثا، ثم قال: "هَذَا وُضُوءُ نبيكُمْ، وَوُضُوءُ النبِئينَ قَبْلَهُ- أو قال-: قَبْلِي". وفي رواية للدارقطني (¬2) نحو هذا السياق. وهو يدل على أن ذلك كان في مجلس واحد/ (¬3). وقد حكى فيه القاضي ¬
حسين خلافا عن الأصحاب، ورجح الروياني أنه كان في مجلس. قال النووي (¬1): الطاهر أن الخلاف لم ينشأ عن روايةٍ بل قالوه بالاجتهاد. وظاهر رواية ابن ماجه وغيره: أنه كان في مجلس، قال: وهذا كالمتعيِّن؛ لأن التعليم لا يكاد يحصل إلا في مجلس. 81 - [317]- حديث أنه - صلى الله عليه وسلم - توضأ ثلالا ثلالا، فقال: "مَنْ زَادَ عَلَى هَذَا فَقَد أَسَاءَ وَظَلَمَ". أبو داود (¬2) والنسائي (¬3) وابن خزيمة (¬4) وابن ماجه (¬5) من طرق صحيحة، عن عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده مطولا ومختصرا. ولفظ أبي داود: أن رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله كيف الطهور؟ فدعا بماء في إناء، فغسل كفيه ثلاثا، ثم غسل وجهه ثلاثا، ثم غسل ذراعيه ثلاثا، ثم مسح برأسه، ثم أدخل إصبعيه في أذنيه، ومسح بإبهاميه على ظاهر أذنيه، وبالسباحتين باطن أذنيه، ثم غسل رجليه ثلاثا ثلاثا. ثم قال: "هَكَذا الْوُضُوءُ، مَنْ زَادَ عَلَى هَذَا أَوْ نَقَصَ فَقَدْ أَسَاءَ وَظَلَمَ". وفي رواية النسائي: "فَقَدْ أَسَاءَ وَتَعَدَّى وَظَلَم". ¬
تنبيه
تنبيه يجوز أن تكون الإساءة والظلم وغيرهما مما ذكر مجموعًا لمن نقص ولمن زاد. ويجوز أن تكون على التوزيع؛ فالإساءة في النقص، والظلم في الزيادة، وهذا أشبه بالقواعد، والأول أشبه بظاهر السياق. والله أعلم. 82 - حديث أنه - صلى الله عليه وسلم - مسح برأسه موة واحدة، ثم قال بعد قليل: عن عثمان: إنه لما وصف وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسح برأسه موة واحدة. ثم قال عن علي: فذكر مثله انتهى. [318]- أما حديث عثمان؛ فرواه الدارقطني (¬1) مطولًا، وفيه: الوضوء ثلاثا، وفيه ومسح برأسه مرة واحدة. وهو في "الصحيحين" مطلق غير مقيد. وفي "الأوسط" (¬2) للطبراني من طريق عبد الله بن جعفر، عن عثمان نحوه. أخرجه في ترجمة " عمر بن سنان". [319]- وأما حديث علي، وتَقَدَّم أيضا، فرواه ابن ماجه (¬3) من حديث [أبي حية] (¬4)، عن علي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسح رأسه مرة. ¬
[320]- وروى عن سلمة بن الأكوع مثله (¬1). [321]- وعن ابن أبي أوفى مثله (¬2). [322]- ورواه الطبراني في "الأوسط" (¬3) من حديث أنس، في صفة الوضوء ثلاثا ثلاثا، وفيه: ومسح برأسه مرة. وإسناده صالح. [323]- ورواه أبو علي ابن السكن من حديث زريق بن حكيم، عن رجل من الأنصار مثله. وفي الباب: [324]- عن المقدام بن معديكرب في صفة الوضوء ثلاثا ثلاثا، وفيه: ثم مسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما. رواه أبو داود (¬4). [325]- وكذا حديث عبد الله بن زيد في "الصحيحين" (¬5)، ذكر الأعضاء ثلاثا ثلاثا إلا مسح الرأس، فأطلقه. وفي رواية: ومسح برأسه مرة واحدة. [326]- ولأبي داود (¬6) عن ابن عباس من طريق عكرمة بن خالد، عن سعيد ابن جبير عنه: ومسح برأسه وأذنيه مسحة واحدة. ¬
83 - [327]- حديث الربيع بنت معوذ: مسح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأسه مرتين. أبو داود (¬1) بهذا. وفيه: صفة الوضوء ثلاثا ثلاثا. ورواه الترمذي (¬2) وابن ماجه (¬3) وأحمد (¬4). وله عنها طرق وألفاظ، مدارها على عبد الله بن محمَّد بن عقيل، وفيه مقال. 84 - [328]- حديث عثمان: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ فمسح رأسه ثلاثا. أبو داود (¬5) والبزار (¬6) والدارقطني (¬7) من طريق أبي سلمة، عن حمران عنه، به. وفي إسناده عبد الرحمن بن وردان؛ قال أبو حاتم (¬8): ما به بأس. ¬
وقال ابن معين (¬1): صالح. وذكره ابن حبان/ (¬2) في "الثقات" (¬3). وتابعه هشام بن عروة عن أبيه، عن حمران، أخرجه البزار (¬4). وأخرجه أيضا (¬5) من طريق عبد الكريم، عن حمران. وإسناده ضعيف. ورواه أيضا (¬6) من حديث أبي علقمة مولى ابن عباس عن عثمان، وفيه ضعف. رواه أبو داود (¬7) وابن خزيمة (¬8) والدارقطني (¬9) أيضا من طريق عامر بن شقيق عن شقيق بن سلمة قال: رأيت عثمان غسل ذراعيه ثلاثا، ومسح برأسه ثلاثا، ثم قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعل مثل هذا. وعامر بن شقيق مختلف فيه. ¬
ورواه أحمد (¬1) والدارقطني (¬2) وابن السكن من حديث ابن دارة، عن عثمان. وابن دارة مجهول الحال (¬3). ورواه البيهقي (¬4) من حديث عطاء بن أبي رباح، عن عثمان. وفيه انقطاع. ورواه الدارقطني (¬5) من طريق ابن البيلماني، عن أبيه، عن عثمان. وابن البيلماني ضعيف جدا، وأبوه ضعيف أيضا. ورواه (¬6) أيضا من حديث عبد الله بن جعفر، عن عثمان. وفيه إسحاق بن يحيى، وليس بالقوي. وروى البزار (¬7) من طريق خارجة بن زيد بن ثابت، عن أبيه، عن عثمان: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ ثلاثا ثلاثا. بإسناده حسن. وهو عند مسلم والبيهقي من وجه آخر هكذا، دون التعرض للمسح. وقد قال أبو داود (¬8): أحاديث عثمان الصحاح كلها تدل على مسح الرأس أنه مرة؛ فإنهم ذكروا الوضوء ثلاثا وقالوا فيها: ومسح رأسه، ولم يذكروا عددا ¬
كما ذكروا في غيره. وقال البيهقي (¬1): روي من أوجه غريبة عن عثمان، وفيها مسح الرأس ثلاثا، إلا أنها مع خلاف الحفاظ الثقات ليست بحجة عند أهل المعرفة، وإن كان بعض أصحابنا يحتج بها. ومال ابن الجوزي في "كشف المشكل" (¬2) إلى تصحيح التكرير. وقد ورد تكرار المسح في: حديث علي من طرق، منها عند الدارقطني (¬3) من طريق عبد خير. وهو من رواية أبي يوسف القاضي، عن أبي حنيفة، عن خالد بن علقمة، عنه. وقال: إن أبا حنيفة خالف الحفاظ في ذلك فقال ثلاثا وإنما هو مرة واحدة. وللدارقطني (¬4) من طريق عبد الملك بن سلع، عن عبد خير أيضا: ومسح برأسه وأذنيه ثلاثا. ومنها: عند البيهقي في "الخلافيات" (¬5) من طريق أبي حية عن علي. وأخرجه البزار أيضا (¬6). ومنها: عند البيهقي في "السنن" (¬7) من طريق محمَّد بن علي بن الحسين، عن ¬
تنبيه
أبيه، عن جده، عن علي في صفة الوضوء. قال البيهقي: كذا قال ابن وهب عن ابن جريج عنه، وقال حجاج عن ابن جريج: ومسح برأسه مرة واحدة. ومنها عند الطبراني في "مسند الشاميين" من طريق عثمان بن سعيد الخزاعي عن علي في صفة الوضوء. وفيه عبد العزيز بن عبيد الله وهو ضعيف. تنبيه قال أبو عبيد القاسم بن سلام (¬1): لا نعلم أحدا من السلف، جاء عنه استكمال الثلاث، في مسح الرأس إلا عن إبراهيم التيمي. قلت؛ قد رواه ابن أبي شيبة (¬2)، عن سعيد بن جبير، وعطاء، وزاذان، وميسرة. وأورده (¬3) أيضا من طريق أبي العلا عن قتادة، عن أنس. وأغرب ما يذكر هنا: أن الشيخ أبا حامد الإسفرائيني حكى عن بعضهم أنه أوجب الثلاث. وحكاه صاحب الإبانة عن ابن أبي ليلى (¬4). ¬
85 - [329]- حديث عثمان: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يخلل لحيته. الترمذي (¬1) وابن ماجه (¬2) وابن خزيمة (¬3) والحاكم (¬4) والدراقطني (¬5) وابن حبان (¬6) من رواية عامر بن شقيق عن شقيق بن سلمة، عن عثمان وعامر. قال البخاري (¬7): حديثه حسن. وقال الحاكم: لا نعلم فيه طعنا بوجه من الوجوه. وليس كما قال؛ فقد ضعفه يحيى بن معين. وأورد له الحاكم شواهد عن أنس، وعائشة وعلي وعمار (¬8). قلت: وفيه أيضا عن أم سلمة، وأبي أيوب، وأبي/ (¬9) أمامة، وابن عمر، وجابر، وجرير، وابن أبي أوفى، وابن عباس، وعبد الله بن عُكبرة، وأبي الدرداء. [330] أما حديث أبي الدرداء؛ فرواه الطبراني وابن عدي (¬10) بلفظ: توضأ فخلل لحيته مرتين، وقال: "هَكَذَا أَمَرَنِي رَبِّي". ¬
وفي إسناده تمام بن نجيح وهو لين الحديث. [331]- وأما حديث عبد الله بن عكبرة فرواه الطبراني في "الصغير" (¬1) ولفظه: عن عبد الله بن عكبرة. وكانت له صحبة - قال: التخليل سنة. وفيه عبد الكريم أبو أمية وهو ضعيف. [332]- وأما حديث عمار فرواه الترمذي (¬2) وابن ماجه (¬3)، وهو معلول أحسن طرقه ما رواه الترمذي (¬4) وابن ماجه (¬5) عن ابن أبي عمر، عن سفيان، عن سعيد ابن أبي عروبة عن قتادة، عن حسان بن بلال، عنه. وحسان ثقة، لكن لم يسمعه ابن عيينة من سعيد، ولا قتادة من حسان. [333]- وأما حديث أنس فرواه أبو داود (¬6)، وفي إسناده الوليد بن زروان، وهو مجهول الحال، ولفظه: كان إذا توضأ أخذ كفا من ماء فأدخله تحت حنكه فخلل به لحيته، وقال: "هَكَذَا أَمَرَنِي رَبِّي". وله طرق أخرى عن أنس ضعيفة. منها: ما رويناه في "فوائد أبي جعفر بن البختري" و"مستدرك الحاكم" (¬7) من طريق موسى بن أبي عائشة، عن أنس. ورجاله ثقات لكنه معلول؛ فإنما رواه ¬
موسى بن أبي عائشة، عن زيد بن أبي أنيسة، عن يزيد الرقاشي، عن أنس. أخرجه ابن عدي (¬1) في "ترجمة جعفر بن الحارث أبي الأشهب"، وصححه ابن القطان (¬2) من طريق أخرى؛ قال الذهلي في "الزّهريّات" حدثنا محمَّد بن خالد الصفار من أصله - وكان صدوقا - حدّثنا محمَّد بن حرب، حدّثنا الزبيدي، عن الزهري عن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ فأدخل أصابعه تحت لحيته، وخلل بأصابعه وقال: "هَكَذَا أَمَرَنِي رَبِّي". رجاله ثقات إلا أنه معلول، قال الذهلي: حدثنا يزيد بن عبد ربه حدثنا محمَّد ابن حرب عن الزبيدي أنه بلغه عن أنس. وصححه الحاكم قبل ابن القطان أيضا (¬3) ولم تقدح هذه العلة عندهما فيه. ¬
[334]، وأما حديث عائشة، فرواه أحمد (¬1) من رواية طلحة بن عبيد الله بن كُرَيز عنها. وإسناده حسن. [335]، وأما حديث أم سلمة فرواه الطبراني (¬2) والعقيلي (¬3) والبيهقي (¬4) بلفظ: كان إذا توضأ خلل لحيته. وفي إسناده خالد بن إلياس وهو منكر الحديث. [336] وأما حديث أبي أيوب، فرواه ابن ماجه (¬5) والعقيلي (¬6) وأحمد (¬7) والترمذي في "العلل" (¬8). وفيه أبو سورة لا يعرف (¬9). [337]، وأما حديث أبي أمامة فرواه أبو بكر بن أبي شيبة في "مصنفه" (¬10) ¬
والطبراني في "الكبير" (¬1) وإسناده ضعيف. [338] وأما حديث ابن عمر فرواه الطبراني في "الأوسط" (¬2) من طريق مؤمل ابن إسماعيل، عن العمري، عن نافع عنه. وإسناده ضعيف. وعن ابن عمر فيه لفظ آخر سيأتي (¬3). [339] وأما حديث جابر فرواه ابن عدي في "الكامل" (¬4) من طريق أصرم بن غياث، حدّثنا مقاتل بن حبان، عن الحسن عن جابر قال: وضَّأت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- غير مرة ولا مرتين ولا ثلاث، فرأيته يخلل لحيته بأصابعه، كأنها أنياب مشط. وأصرم متروك الحديث قاله النسائي (¬5). وفي الإسناد انقطاع أيضا. [340] وأما حديث علي فرواه الطبراني "فيما انتقاه عليه ابن مردويه" (¬6)، وإسناده ضعيف ومنقطع (¬7). [341] وأما حديث جرير؛ فرواه ابن عدي (¬8). ¬
وفيه ياسين الزيات وهو متروك. [342] وأما حديث ابن أبي أوفى، فرواه أبو عبيد في كتاب "الطهور" (¬1). وفي إسناده/ (¬2) أبو الورقاء وهو ضعيف (¬3). وهو في الطبراني أيضا (¬4). [343] وأما حديث ابن عباس، فرواه العقيلي في ترجمة "نافع أبي هرمز" (¬5) وهو ضعيف، وهو في الطبراني أيضا (¬6). وفي الباب حديث مرسل: [344] أخرجه سعيد بن منصور، عن الوليد، عن سعيد بن سنان، عن أبي الظاهرية، عن جبير بن نفير قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا توضأ خلل أصابعه ولحيته، وكان أصحابه إذا توضؤوا خللوا لحاهم. 86 - [345]- قوله: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يخلل لحيته، ويدلك عارضيه بعض الدلك. ¬
تنبيه
ابن ماجه (¬1) والدارقطني (¬2) والبيهقي (¬3)، وصححه ابن السكن من حديث الأوزاعي عن عبد الواحد بن قيس، عن نافع عن ابن عمر قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا توضأ عرك عارضيه بعض العرك، ثم شبك لحيته بأصابعه من تحتها. وعبد الواحد مختلف فيه، واختلف فيه عن الأوزاعي فقال عبد الحميد بن أبي العشرين هكذا، وخالفه أبو المغيرة فرواه عن الأوزاعي بهذا [السّند] (¬4) موقوفًا. قال الدارقطني (¬5) وهو الصواب. وخالفهما الوليد، فقال عن الأوزاعي، عن عبد الواحد، عن يزيد الرقاشي وقتادة مرسلًا حكاه ابن أبي حاتم في "العلل" (¬6). تنبيه وقع في بعض نسخ الرافعي عن عثمان وابن عمر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يخلل لحيته ويدلك عارضه. ووقع في بعضها حديث عثمان مفردا، وبعده حديث ابن عمر هكذا. والصواب: أنه ليس في حديث عثمان ذكر الدلك، ولا في حديث ابن عمر ذكر التخليل صريحا. والله أعلم. ¬
فائدة
فائدة قال عبد الله بن أحمد، عن أبيه: ليس في تخليل اللحية شيء صحيح (¬1). وقال ابن أبي حاتم (¬2) عن أبيه: لا يثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم في تخليل اللحية شيء. 87 - [346]- حديث كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب التيامن في كل شيء حتى في وضوئه وانتعاله متفق عليه (¬3) وصححه ابن حبان (¬4) وابن منده. وله ألفاظ. ولفظ ابن حبان: كان يحب التيامن في كل شيء حتى في الترجل والانتعال. وفي لفظ ابن منده: كان يحب التيمن في الوضوء والانتعال. وفي رواية لأبي داود (¬5): كان يحب التيامن ما استطاع في شأنه كله 88 - [347]- حديث أبي هريرة: "إذًا تَوَضَأْتُمْ فَابْدَءُوا بِمَيَامِنِكُمْ". ¬
أحمد (¬1) وأبو داود (¬2) وابن ماجه (¬3) وابن خزيمة (¬4) وابن حبان (¬5) والبيهقي (¬6) كلهم من طريق زهير عن الأعمش عن أبي صالح عنه. زاد ابن حبان والبيهقي والطبراني (¬7): "إذًا لَبِسْتُمْ". قال ابن دقيق العيد (¬8): هو حقيق بأن يصحّح. وللنّسائي (¬9) والترمذي (¬10) من حديث أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا لبس قميصا بدأ بميامنه. 89 - [348]- قوله: روي عن علي: ما أبالي بدأت بيميني أو بشمالي إذا أكملت الوضوء. رواه الدارقطني (¬11) من رواية زياد مولى بني مخزوم، قال: جاء رجل إلى ¬
علي فسأله عن الوضوء، فقال: أبدأ باليمين أو الشمال؟ فأضرط به علي، ثم دعا بماء فبدأ بالشمال قبل اليمين. وذكره البيهقي (¬1) من هذا الوجه قال علي: ما أبالي بدأت بالشمال قبل اليمين إذا توضأت. وهذا اللفظ رواه ابن أبي شيبة (¬2). وروى أبو عبيد في "الطهور" (¬3) له، أن أبا هريرة كان يبدأ بميامنه، فبلغ ذلك عليا فبدأ بمياسره. ورواه أحمد بن حنبل (¬4) عن الأنصاري (¬5) عن عوف عن عبد الله بن عمرو/ (¬6) بن هند عن علي وفيه انقطاع. 90 - [349]- حديث: "إِنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرَّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثارِ الْوُضُوءِ"، قال أبو هريرة: فكنا نغسل بعد ذلك أيدينا إلى الآباط. لم أره بهذا اللفظ. ¬
تنبيه
[350] وفي البخاري (¬1) عن أبي زرعة، أن أبا هريرة دعا بتور من ماء فغسل يديه حتى بلغ إبطيه. فقلت: يا أبا هريرة أشيء سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: منتهى الحلية. وروى مسلم (¬2) من حديث أبي حازم، قال: كنت خلف أبي هريرة وهو يتوضأ للصلاة، فكان يُمِدّ يَدَه حتى تبلغ إبطه، فقلت: يا أبا هريرة ما هذا الوضوء؟ فقال: يا بني فروخ أنتم ها هنا؟! لو علمت أنكم ها هنا ما توضأت هذا الوضوء. فقال: سمعت خليلي - صلى الله عليه وسلم - يقول: " تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء". تنبيه ادّعى ابن بطّال في "شرح البخاري" (¬3) - وتبعه القاضي عياض (¬4) تفرُّدَ أبي هريرة بهذا. وليس بجيّد، وقد قال به جماعة من السّلف، ومن أصحاب الشّافعي. قال ابن أبي شيبة (¬5): حدثنا وكيع، عن العمري، عن نافع، أن ابن عمر كان ربما بلغ بالوضوء إبطيه في الصيف. ورواه أبو عبيد (¬6) بإسنادٍ أصحّ من هذا؛ فقال: حدّثنا عبد الله بن صالح، حدّثنا الليث عن محمَّد بن عجلان، عن نافع. ¬
وأعجب من هذا: أن أبا هريرة رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في رواية مسلم. وصرح باستحبابه القاضي حسين وغيره. * حديث عبد الله بن زيد في صفة الوضوء: أنه مسح رأسه بيديه، فأقبل بهما وأدبر؛ بدأ بمقدم رأسه ثم ذهب بهما إلى قفاه، ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه متفق عليه (¬1). وقد تَقَدَّم. * حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - مسح في وضوئه بناصيته وعلى عمامته. تَقَدَّم في أوائل هذا الباب. واستدل به الرافعي على التكميل على العمامة. وفي الباب: [351] حديث ثوبان: أمرهم أن يمسحوا على العصائب والتساخين. قال أبو عبيد (¬2): العصائب: العمائم. أخرجه أبو داود (¬3) من طريق راشد بن سعد عن ثوبان وهو منقطع. ورواه الحاكم (¬4) والطبراني (¬5) من وجه آخر عن ثوبان بلفظ: رأيت رسول الله ¬
- صلى الله عليه وسلم - توضأ فمسح على الخفين والخمار. يعني: العمامة. [352] وهذا اللفظ عند مسلم (¬1) من حديث كعب بن عجرة. [353] وحديث المسح على العمامة عند أبي داود (¬2) من حديث بلال، بإسناد حسن. وأخرجه النسائي (¬3) أيضا. [354] وفي البخاري (¬4) من حديث عمرو بن أمية، أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ ومسح على العمامة والخفين. 91 - [355]- حديث: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسح في وضوئه رأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما، وأدخل إصبعيه في صماخي أذنيه. أبو داود (¬5) والطحاوي (¬6) من حديث المقدام بن معديكرب. وإسناده حسن. وعزاه النووي (¬7) تبعا لابن الصلاح لرواية النسائي وهو وهم. وفي الباب: ¬
[356] عن الربيع بنت معوذ في "السنن" سوى النسائي (¬1). [357] وأنس عند الدارقطني (¬2) والحاكم (¬3). والصواب وقفه على ابن مسعود. [358] وعثمان رواه أحمد (¬4) والحاكم (¬5) والدارقطني (¬6). ورواه الطحاوي (¬7) من حديث عمرو بن شعيب عن/ (¬8) أبيه عن جده وفيه عن ابن عباس وسيأتي. 92 - [359]- حديث عبد الله بن زيد في صفة وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنّه توضأ فمسح أذنيه بماء غيو الذي مسح به الرأس. الحاكم (¬9) بإسناد ظاهره الصحة، من طريق حرملة، عن ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن حبان بن واسع، عن أبيه، عنه. ¬
وأخرجه البيهقي (¬1) من طريق عثمان الدارمي، عن الهيثم بن خارجة، عن ابن وهب بلفظ: فأخذ لأذنيه ماء خلاف الماء الذي أخذ لرأسه. وقال: هذا إسناد صحيح. انتهى. لكن ذكر الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد في "الإمام " (¬2) أنه رأى في رواية ابن المقري عن ابن قتيبة، عن حوملة، بهذا الإسناد ولفظه: ومسح رأسه بماء غير فضل يديه. لم يذكر الأذنين. قلت: وكذا هو في "صحيح ابن حبان" (¬3) عن ابن سَلْم، عن حوملة. وكذا رواه الترمذي (¬4) عن علي بن خشرم، عن ابن وهب. وقال عبد الحق (¬5): ورد الأمر بتجديد الماء للأذنين من حديث نمران بن جارية، عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وتعقبه ابن القطان (¬6) بأن الذي في رواية جارية بلفظ: خذ للرأس ماء جديدا رواه البزار والطبراني (¬7). [360]- وفي الموطأ (¬8): عن نافع، عن ابن عمر: أنه كان إذا توضأ يأخذ الماء بإصبعيه لأذنيه. ¬
93 - [361]- حديث روي أنه في - صلى الله عليه وسلم - أمسك سبابتيه وإبهاميه على الرأس فمسح الأذنين، فمسح بسبابتيه باطنهما، وبإبهاميه ظاهرهما. ابن حبان في "صحيحه" (¬1) من حديث ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ، فغرف غرفة فغسل وجهه، ثم غرف غرفة فغسل يده اليمنى، ثم غرف غرفة فغسل يده اليسرى، ثم غرف غرفة فمسح برأسه وأذنيه داخلهما بالسبابتين، وخالف بإبهاميه إلى ظاهر أذنيه، فمسح ظاهرهما وباطنهما، ثم غرف غرفة فغسل رجله اليمنى، ثم غرف غرفة فغسل رجله اليسرى. وصححه ابن خزيمة (¬2) وابن منده. ورواه أيضا النسائي (¬3) وابن ماجه (¬4)، وابن خزيمة (¬5) والحاكم (¬6) والبيهقي (¬7)، ولفظ النسائي: ثم مسح برأسه وأذنيه؛ باطنهما بالسباحتين وظاهرهما بإبهاميه. ¬
ولفظ ابن ماجه: مسح أذنيه فأدخلهما السّبابتين (¬1)، وخالف إبهاميه إلى ظاهر أذنيه، فمسح ظاهرهما وباطنهما. ولفظ البيهقي: ثم أخذ شيئًا من ماء فمسح به رأسه وقال: بالوسطيين من أصابعه في باطن أذنيه، والإبهامين من وراء أذنيه. قال الأصحاب: كأنه كان يعزل من كل يد إصبعين يمسح بهما الأذنين. وقال ابن منده: لا يعرف مسح الأذنين من وجه يثبت إلا من هذا الطريق. كذا قال! وكأنه عني بهذا التفصيل والوصف. [362]- وفي "المستدرك" (¬2) من حديث الربيع بنت معوذ: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ، فمسح ما أقبل من رأسه وما أدبر، ومسح صدغيه وأذنيه، باطنهما وظاهرهما وبينهما. وأخرجه (¬3) من حديث أنس مرفوعًا، والمحفوظ عن أنس عن ابن مسعود، ذكره الدارقطني (¬4). ذِكرُ الأحاديث الواردة في أن الأذنين من الرأس (¬5) ¬
[363]- الأول: حديث أبي أما مة رواه أبو داود (¬1) والترمذي (¬2) وابن ماجه (¬3) وقد بينت أنه مدرج في كتابي في ذلك. [364]- الثاني: حديث عبد الله بن زيد (¬4) قواه المنذري، وابن دقيق العيد. وقد بينت أيضا أنه مدرج. [365]- الثالث: حديث ابن عباس رواه البزار، وأعله الدارقطني بالاضطراب، وقال (¬5): إنه وهم والصواب رواية ابن جريج عن سليمان بن موسى مرسلا. [366]- الرابع: حديث أبي هريرة رواه ابن ماجه (¬6)، وفيه عمرو بن الحصين وهو متروك. [367]- الخامس: حديث أبي موسى أخرجه الدارقطني (¬7)، واختلف في وقفه ورفعه وَصُوِّبَ الوقفُ. وهو منقطع/ (¬8) أيضا. [368]- السادس: حديث ابن عمر أخرجه الدارقطني (¬9) وأعله أيضا. ¬
[369]- السابع: حديث عائشة أخرجه الدارقطني (¬1) وفيه محمَّد بن الأزهر وقد كذبه أحمد. [370]- الثامن: حديث أنس أخرجه الدارقطني (¬2) من طريق عبد [الحكم] (¬3) عن أنس وهو ضعيف. 94 - [371]- حديث: روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَسْحُ الرَّقَبَةِ أَمَانٌ مِنَ الْغِلِّ". هذا الحديث أورده أبو محمَّد الجويني، وقال: لم يرتض أئمة الحديث إسناده، فحصل التردد في أن هذا الفعل هو سنة أو أدب. وتعقبه الإمام بما حاصله: إنه لم يجر للأصحاب تردد في حكم مع تضعيف الحديث الذي يدل عليه. وقال القاضي أبو الطيب: لم ترد فيه سنة ثابتة. وقال القاضي حسين: لم ترد فيه سنة. وقال الفوراني: لم يرد فيه خبر. ¬
وأورده الغزالي في "الوسيط" (¬1) وتعقبه ابن الصلاح، فقال: هذا الحديث غير معروف عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو من قول بعض السلف. وقال النووي في "شرح المهذب" (¬2) هذا حديث موضوع ليس من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -. وزاد في موضع آخر (¬3): لم يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه شيء، وليس هو سنة بل هو بدعة، ولم يذكره الشافعي، ولا جمهور الأصحاب، وإنما قاله ابن القاص وطائفة يسيرة. وتعقبه ابن الرِّفْعة: بأنّ البغوي من أئمة الحديث، وقد قال باستحبابه، ولا مأخذ لاستحبابه إلا خبر أو أثر؛ لأن هذا لا مجال للقياس فيه. انتهى كلامه. ولعل مستند البغوي في استحباب مسح القفا ما: [372]- رواه أحمد (¬4) وأبو داود (¬5) من حديث طلحة بن مصرف، عن أبيه عن جده، أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يمسح رأسه حتى بلغ القذال وما يليه من مقدم العنق. وإسناده ضعيف. كما تقدم (¬6). وكلام بعض السلف الذي ذكره ابن الصلاح يحتمل أن يريد به: ما رواه أبو عبيد في كتاب "الطهور" (¬7) عن عبد الرحمن بن مهدي، عن المسعودي، عن ¬
القاسم بن عبد الرحمن، عن موسى بن طلحة، قال: من مسح قفاه مع رأسه وفي الغل يوم القيامة. قلت: فيحتمل أن يقال هذا وإن كان موقوفًا فله حكم الرفع؛ لأن هذا لا يقال من قبل الرأي، فهو على هذا مرسل. 95 - [373]- حديث: ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عُنُقَهُ وُقِي الْغِلّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ". قال أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" (¬1)، حدثنا محمَّد بن أحمد، حدّثنا عبد الرحمن بن داود، حدّثنا عثمان بن خرزاذ (¬2)، حدثنا عمر بن محمَّد بن الحسن حدّثنا محمَّد بن عمرو الأنصاري، عن أنس ابن سيرين، عن ابن عمر: أنه كان إذا توضأ مسح عنقه، ويقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ تَوَضأَ وَمَسَحَ عُنُقَهُ لَمْ يُغَلَّ بِالأَغْلَالِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ". وفي "البحر" للروياني: لم يذكر الشافعي مسح العنق، وقال أصحابنا: هو سنة وأنا قرأت جزءا رواه أبو الحسين ابن فارس بإسناده، عن فليح بن سليمان، عن نافع، عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: قال " مَنْ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ بِيَدَيْهِ عَلَى عُنُقِهِ وُقِيَ الْغِلَّ يَوْمَ ائقِيَامَةِ". وقال: هذا إن شاء الله حديث صحيح. قلت: بين ابن فارس وفليح مفازة فينظر فيها. * حديث: لقيط: "إذًا تَوَضَّأْتَ فَخَلِّلِ الأَصَابعَ ... " ¬
تَقَدَّم. 96 - قوله: "الأحب في كيفية تخليل أصابع الرجلين أن يجعل خنصر/ (¬1) اليد اليسرى من أسفل الأصابع، مبتديا بخنصر أصابع الرجل اليمنى، مختتما بخنصر اليسرى، ورد الخبر بذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ". هذه الكيفية لا أصل لها. وقد قال إمام الحرمين في النهاية: صح في السنة من كيفية التخليل ما سنصفه، فليقع التخليل من أَسفل الأصابع والبداية بالخنصر من اليد، ولم يثبت عندهم في تعيين إحدى اليدين شيء. انتهى. فاقتضى كلامه أن البداءة بالخنصر صحيح، وهو كما قال؛ فقد روى أبو داود (¬2) والترمذي (¬3) من: [374]- حديث المستورد بن شداد قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا توضأ يدلك أصابع رجليه بخنصره. وفي رواية لابن ماجه (¬4): "يخلل" بدل "يدلك". وفي إسناده ابن لهيعة (¬5)، لكن تابعه الليث بن سعد وعمرو بن الحارث، ¬
أخرجه البيهقي (¬1) وأبو بشر الدولابي (¬2) والدارقطني في "غرائب مالك" من طريق ابن وهب عن الثلاثة (¬3). وصحّحه ابن القطان (¬4). وفي "الوسيط" للغزالي: أن مستندهم في تعيين اليسرى الاستنجاء. وفي الباب: [375]- حديث عثمان: أنه خلل أصابع قدميه ثلاثا، وقال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعل كما فعلت. رواه الدارقطني (¬5) هكذا. [376]- وحديث الربيع بنت معوذ، رواه الطبراني في "الأوسط" (¬6). وإسناده ضعيف. [377]- وحديث عائشة رواه الدارقطني (¬7). وفيه عمر بن قيس وهو منكر الحديث. ¬
3781 - وحديث وائل بن حجر رواه الطبراني في "الكبير" (¬1)، وفيه ضعف وانقطاع (¬2). 97 - [379]- حديث ابن عبّاس: "إِذَا تَوَضَّأْتَ فَخَلِّلْ أَصَابعَ يَدَيْكَ وَرِجْلَيْكَ". قال الرافعي: رواه الترمذي (¬3). قلت: وهو كذلك، وكذا رواه أحمد (¬4) وابن ماجه (¬5) والحاكم (¬6)، وفيه صالح مولى التوأمة وهو ضعيف (¬7)، لكن حسنه البخاري (¬8)؛ لأنه من رواية ¬
فائدة
موسى بن عقبة عن صالح وسماع موسى منه قبل أن يختلط. فائدة [380] روى زيد بن أبي الزرقاء، عن الثوري، عن أبي مسكين - واسمه أحر، (¬1) بن مسكين - عن هزيل بن شرحبيل، عن عبد الله بن مسعود مرفوعًا: "لَيُنْهِكَنَّ أَحُدُكُمْ أَصَابِعَه قَبْل أَنْ تُنْهِكَهُ النَّارُ" (¬2). قال أبو حاتم (¬3): وفعه منكر. انتهى. وهو في "جامع الثوري" موقوف، وكذا في "مصنف عبد الرزاق" (¬4) وكذا أخرجه ابن أبي شيبة (¬5) عن أبي الأحوص عن أبي مسكين موقوفًا وجاء ذلك عن علي وابن عمر موقوفًا. * حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - توضأ على سبيل الموالاة، وقال: "هَذَا وُضُوءٌ لاَ يَقْبَلُ الله الصَّلاةَ إلاَّ بِهِ". تَقَدَّم من حديث ابن عمر وأبي بن كعب وغيرهما. ¬
98 - [381]- حديث: أن رجلًا توضأ وترك لمعة في عقبه، فلما كان بعد ذلك أمره النبي - صلى الله عليه وسلم - بغسل ذلك الموضع، ولم يأمره بالاستئناف. الدارقطني (¬1) من حديث سالم عن ابن عمر، عن أبي بكر وعمر قالا: جاء رجل وقد توضأ وبقي على ظهر قدميه، مثل ظفر إبهامه. فقال: له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ارْجِعْ فَأَتِمَّ وُضُوءَكَ"، ففعل. ورواه الطبراني في "الأوسط" (¬2) من هذا الوجه، لكن لم يذكر عمر. وقال: تفرد به المغيرة بن سقلاب، عن الوازع بن نافع. وقال ابن أبي حاتم (¬3): عن أبيه هذا باطل، والوازع ضعيف. وذكره العقيلي في "الضعفاء" (¬4) في ترجمة المغيرة فقال: لا يتابعه عليه إلا مثله. وقوله: "أَتِمّ وُضُوءَكَ" قال على عدم أمره بالاستئناف، لكن اللفظ الذي ذكره الرافعي أصرح نبه عليه ابن دقيق العيد. [382]- وفي "الأوسط" (¬5) من حديث ابن مسعود: أن رجلًا سأل ¬
فائدة
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الرجل يغتسل/ (¬1) من الجنابة فيخطىء بعض جسده الماء؛ قال: "ليَغسِلْ ذَلِكَ الْمَكَانَ، ثُمَّ لِيُصَلِّ". وفي إسناده عاصم بن عبد العزيز الأشجعي، تفرد به. فائدة [383]- روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بإعادة الوضوء، قال ابن أبي حاتم في "العلل" (¬2): حدّثنا أبي، حدّثنا قراد أبو نوح، حدّثنا شعبة، حدّثنا إسماعيل بن مسلم. هو العبدي - حدثنا أبو المتوكل، قال: توضأ عمر وبقي على ظهر رجله لمعة لم يصبها الماء، فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يعيد الوضوء. أعله بالإرسال. وأصله في "صحيح مسلم" (¬3) من حديث جابر، عن عمر. وأبهم المتوضئ، ولفظه: فقال: "ارْجِعْ فَأَحْسِنْ وُضُوءَكَ". وقال البزار: لا نعلم أحدا أسنده عن عمر إلا من هذا الوجه. وقال أبو الفضل الهروي: وإنما يعرف هذا من حديث ابن لهيعة، ورفعه خطأ فقد رواه الأعمش عن أبي سفيان عن جابر عن عمر موقوفًا. وكذا رواه هشيم عن عبد الملك عن عطاء، عن عبيد بن عمير، عن عمر نحوه في قصة موقوفة. وفي الباب: [384]- عن أنس: أن رجلًا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد توضأ وترك على قدميه مثل الظفر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ارْجِعْ فَأَحْسِنْ وُضوءَكَ". ¬
رواه أحمد (¬1) وأبو داود (¬2) وابن ماجه (¬3) وابن خزيمة (¬4) والدراقطني (¬5) وقال: تفرد به جرير بن حازم، عن قتادة وهو ثقة. ورواه أبو داود (¬6) من طريق خالد بن معدان عن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه. قال البيهقي (¬7): هو مرسل. وكذا قال ابن القطان (¬8). وفيه بحث؛ وقد قال الأثرم: قلت لأحمد: هذا إسناد جيد؛ قال نعم. قال: فقلت: إذا قال رجل من التابعين: حدثني رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، لم ويسمه فالحديث صحيح؟ قال: نعم. وأعله المنذري (¬9) بأن فيه بقية، وقال: عن بحير، وهو مدلس لكن في "المسند" (¬10) و"المستدرك" تصريح بقية بالتحديث، وفيه عن بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -. وأجمل النووي القول في هذا، فقال في "شرح المهذب" (¬11): هو حديث ضعيف الإسناد. ¬
وفي هذا الإطلاق نظر؛ لهذه الطرق. 99 - [385]- قوله: عن ابن عمر أنه فرق .... رواه الشافعي (¬1)، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر. كما بينته في "تغليق التعليق" (¬2). 100 - [386]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "أَنا لاَ أَسْتَعِينُ في وُضُوئِي بِأَحَدٍ". قاله لعمر، وقد بادر ليصب على يديه الماء. قال النووي: في "شرح المهذب" (¬3): هذا حديث باطل لا أصل له، وذكره الماوردي (¬4) في "الحاوي" بسياق آخر، فقال: روي أن أبا بكر الصديق همّ بصب الماء على يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "لاَ أُحِبُّ أَنْ يُشَارِكَنِي في وُضُوئِي أَحَدٌ". ولم أجدهما. قلت: قد ذكره المصنف في "شرح البخاري" لكن تعيين أبي بكر وهم، وإنما هو عمر، أخرجه البزار (¬5) في كتاب الطهارة، وأبو يعلى في "مسنده" (¬6) من طريق النضر بن منصور، عن أبي الجنوب، قال: رأيت عليا يستقي الماء ¬
تنبيه
الطهور، فبادرت أستقي له فقال: مه يا أبا الجنوب، فإني رأيت عمر بن الخطاب يستقي الماء لوضوئه، فبادرت أستقي له فقال: مه يا أبا الحسن، فإني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستقي الماء لوضوئه فبادرت أستقي له فقال: "مَهْ يَا عُمَر فَإِنِّي لاَ أُرِيدُ أَنْ يُعِينَنِي عَلَى وُضُوئِي أَحَدٌ". قال عثمان الدارمي (¬1): قلت لابن معين: النضر بن منصور عن أبي الجنوب وعنه ابن أبي معشر تعرفه؟ قال: هؤلاء حمالة الحطب. تنبيه [387]- روى ابن ماجه (¬2) والدارقطني (¬3) من حديث ابن/ (¬4) عباس: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يكل طهوره إلى أحد ..... الحديث. وفيه مطهر بن الهيثم، وهو ضعيف (¬5). 101 - [388]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - استعان بأسامة في صب الماء على يديه. متفق عليه (¬6)، في قصة فيها دفعه مع النبي - صلى الله عليه وسلم - من عرفة في حجة الوداع. ¬
ولفظ مسلم: ثم جاء فصببت عليه الوضوء. وليس في رواية البخاري ذكر الصب (¬1). 102 - [389]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - استعان بالربيع بنت معوَّذ في صب الماء على يديه. الدارمي (¬2) وابن ماجه (¬3) وأبو مسلم الكجي من حديثها، وعزاه ابن الصلاح لتخريج أبي داود (¬4) والترمذي (¬5) وليس في رواية أبي داود إلا أنها أحضرت له الماء حسب. وأما الترمذي فلم يتعرض فيه للماء بالكلية. نعم في "المستدرك" (¬6) وفي "سنن أبي مسلم الكجي" من طريق بشر بن المفضل عن ابن عقيل عنها: صببت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتوضأ وقال لي: "اسْكُبِي عَلَيَّ"، فسكبت. 103 - [390]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - استعان بالمغيرة بن شعبة لمكان جبة ¬
تنبيه
ضيقة الكمين قد لبسها، فعسر عليه الإسباغ منفردا. متفق عليه (¬1) من حديث المغيرة بلفظ: كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر فقال: "يَا مُغِيرَةُ خُذِ الإِدَاوَةَ"، فأخذتها ثم خرجت معه، فانطلق حتى توارى عني، حتى قضى حاجته، ثم جاء وعليه جبة شامية ضيقة الكمين، فذهب يخرج يده من كمها، فضادتى (¬2) فأخرج يده من أسفلها، فصببت عليه فتوضأ وضوءه للصلاة، ثم مسح على خفيه (¬3). سياق مسلم. تنبيه ما ذكره من أن الاستعانة لأجل ضيق الكم قاله الإمام والغزالي (¬4)، وأنكره ابن الصلاح، فقال: الحديث يدل على أنه استعان مطلقا؛ لأنه غسل وجهه أيضا، وهو يصب عليه. وذكر بعض الفقهاء: أن الاستعانة كانت بالسفر، فأراد أن لا يتأخر عن الرفقة، وفيه نظر. * قوله: روي أنه استعان أحيانا ... تَقَدَّم عن الثلاثة. [391]- وورد أيضا: عن عمرو بن العاص وأميمة مولاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ¬
ورجل من قيس ذكرها الشيخ (¬1) في "الإمام" (¬2). وفيه أيضا: [392]- عن صفوان بن عسال قال صببت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحضر والسفر في الوضوء. رواه ابن ماجه (¬3) والبخاري في "التاريخ الكبير" (¬4) وفيه ضعف. [393]- وعن أم عياش قالت: كنت أوضّئ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا قائمة، وهو قاعد. رواه ابن ماجه (¬5) أيضا، وإسناده ضعيف. 104 - [394]- حديث: روي عن ي نس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا ينشف أعضاءه. ابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ" (¬6) حدثنا أحمد بن سلمان. هو النجاد - حدثنا محمَّد بن عبد الله - هو مطين - حدّثنا عقبة بن مكرم، حدثنا يونس بن بكير عن سعيد بن ميسرة، عن أنس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يمسح وجهه بالمنديل بعد الوضوء، ولا أبو بكر ولا عمر ولا علي ولا ابن مسعود. ¬
وإسناده ضعيف. وفي الرَمذي ما يعارضه من وجه آخر وهو ضعيف أيضا وسيأتي. 105 - [395]- حديث عائشة: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصبح جنبا فيغتسل، ثم يخرج إلى الصلاة ورأسه يقطر ماء. قلت: أخرجه النسائي (¬1) في الصوم من طريق الشعبي عنها. [396]- وفي "الصحيحين" (¬2) نحوه من حديث أبي هريرة 106 - [397]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - اغتسل فأتى بملحفة ورسية فالتحف بها، حتى رئي أثر الورس على عكنه. ابن ماجه (¬3) من حديث قيس بن سعد قال: أتانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوضعنا له ماء فاغتسل ثم أتيناه بملحفهَ ورسية فاشتمل بها، فكأني انظر إلى أثر/ (¬4) الورس على عكنه. ورواه أبو داود (¬5) من حديثه مطولًا، وكذا النسائي في "عمل يوم وليلة" (¬6) واختلف في وصله وإرساله. ورجال إسناد أبي داود رجال الصحيح، وصرح ¬
فيه الوليد بالسماع. والله أعلم. ومع ذلك فذكره النووي في "الخلاصة" في فصل الضعيف والله أعلم. 107 - [398]- قوله: روي من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - التنشيف وتركه. الحاكم (¬1) من حديث عائشة قالت: كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - خرقة يتنشف بها بعد الوضوء. وفيه أبو معاذ، وهو ضعيف. قال الحاكم: وقد روي عن أنس وغيره انتهى. ورواه الترمذي (¬2) من هذا الوجه، وقال: ليس بالقائم ولا يصح فيه شيء. [399]- وأخرج (¬3) من حديث معاذ: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا توضأ مسح وجهه بطرف ثوبه. وإسناده ضعيف. وفي الباب: [400]- عن سلمان، أخرجه ابن ماجه (¬4). ¬
[401]- وذكر ابن أبي حاتم في "العلل" (¬1): سمعت أبي ذكر حديثا رواه عبد الوارث، عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس نحو هذا. فقال: رأيته في بعض الروايات عن أنس موقوفًا. وهو أشبه. ولا يحتمل أن يكون مسندا. قلت: ورواه البيهقي (¬2) من طريق أبي زيد، عن أبي عمرو بن العلاء، عن أنس، عن أبي بكر. وقال: المحفوظ رواية عبد الوارث، عن أبي عمرو، عن إياس بن جعفر مرسلًا. وأخرج (¬3) حديث أنس أيضا. [402]- وفي ابن أبي شيبة (¬4) من طريق ليث، عن زريق، عن أنس، أنه كان يتوضأ ويمسح وجهه ويديه. وأخرجه الخطيب من طريق ليث مرفوعًا 108 - [403]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذًا تَوَضَّأْتُمْ فَلَا تَنْفُضُوا أَيْدِيَكُمْ، فَإنِّها مَرَاوِحُ الشَّيطَانِ". ابن أبي حاتم في كتاب "العلل" (¬5) من حديث البختري بن عبيد، عن أبيه، ¬
عن أبي هريرة. وزاد في أوله: "إذًا تَوَضَّأْتُمْ فَأَشْرِبُوا أَعْيُنَكُمْ مِنَ الْمَاءِ". ورواه ابن حبان في "الضعفاء" (¬1) في ترجمة "البختري بن عبيد" وضعفه به؛ وقال: لا يحل الاحتجاج به. ولم ينفرد به البختري فقد رواه ابن طاهر في "صفة التصوف" من طريق ابن أبي السرى قال: حدثنا عبيد الله بن محمَّد الطائي، عن أبيه عن أبي هريرة به. وهذا إسناد مجهول، ولعل ابن أبي السرى حدث به من حفظه في المذاكرة فوهم في اسم البختري بن عبيد. والله أعلم. وقال ابن الصلاح في كلامه على "الوسيط": لم أجد له أنا في جماعة اعتنوا بالبحث عن أمثاله (¬2) أصلًا. وتبعه النووي (¬3). * حديث علي: ما أبالي بيميني بدأت أم بشمالي إذا كملت الوضوء. الدارقطني عن علي بهذا. ورواه عنه بلفظ آخر. وعن ابن مسعود كالأول (¬4). ¬
109 - [404]- حديث ابن عمر: أنه كان يتوضأ في سوق المدينة، فدعي إلى جنازة، وقد بقي من وضوءه فرض الرجلين، فذهب معها إلى المصلى ثم مسح على خفيه، وكان لابسا. مالك (¬1) عن نافع عن ابن عمر نحوه. ورواه الشافعي (¬2) عنه أيضا. وعلقه البخاري (¬3) بلفظ آخر. ووقع في "البيان" للعمراني: أنه روي مرفوعًا، وتبعه ابن الرفعة. والله أعلم. 110 - [405]- قوله: من السنن المحافظة على الدعوات الواردة في الوضوء، فيقول في مخسل الوجه: اللهم بيض وجهي يوم تبيض وجوه وتسود وجوه، وعند غسل اليد اليمنى: اللهم اعطني كتابي بيميني وحاسبني حسابا يسيرا. وعند/ (¬4) غسل اليسرى: اللهم لا تعطني كتابي بشيمالي ولا من وراء ظهري. ¬
وعند مسح الرأس: اللهم حرم شعري وبشري على النار. وروي -: اللهم احفظ رأسي وما حوى، وبطني وما وعى,. وروي.: اللهم أغثني برحمتك، وأنزل علي من بركتك، وأظلني تحت عرشك يوم لا ظل إلا ظلك. وعند مسح الأذنين: اللهم أجعلني من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه. وعند غسل الرجلين: اللهم ثبت قدميَّ على الصراط يوم تزل الأقدام. قال الرافعي: ورد بها الأثر عن الصالحين. قال النووي في "الروضة" (¬1): هذا الدعاء لا أصل له، ولم يذكره الشافعي والجمهور. وقال في "شرح المهذب" (¬2): لم يذكره المتقدمون. وقال ابن الصلاح: لم يصح فيه حديث. قلت: روى فيه عن علي من طرق ضعيفة جدا، أوردها المستغفري في "الدعوات" وابن عساكر في "أماليه" وهو من رواية أحمد بن مصعب المروزي عن حبيب بن أبي حبيب الشيباني، عن أبي إسحاق السبيعي، عن علي. وفي إسناده من لا يعرف. ¬
ورواه صاحب "مسند الفردوس" (¬1) من طريق أبي زرعة الرازي، عن أحمد ابن عبد الله بن داود، حدثنا محمود بن العباس، حدثنا المغيث بن بديل، عن خارجة بن مصعب، عن يونس بن عبيد، عن الحسن (¬2)، عن علي نحوه. [406]- ورواه ابن حبان في "الضعفاء" (¬3) من حديث أنس نحو هذا. وفيه عباد بن صهيب وهو متروك. [407]- وروى المستغفري في "الدعوات" من حديث البراء بن عازب، وليس بطوله. بإسناده واهٍ. 111 - قوله: عُدّ من السنن تعهد المأقين بالسبابتين. [408]- روى ابن ماجه (¬4) من حديث أبي أمامة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الأُذْنَانِ مِنَ الرَّأْسِ" وكان يمسح المأقين. رواه أحمد (¬5) بلفظ: وكان يتعهد المأقين ¬
112 - [409]- قوله: عُدّ من السنن تعهد ما تحت الخاتم. ذكره البخاري تعليقا (¬1). عن ابن سيرين، ووصله ابن أبي شيبة (¬2). [410]- وروى ابن ماجه (¬3) عن أبي رافع أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يحرك الخاتم في الوضوء. 113 - قوله: عد من السنن كدم الإسراف في صب الماء. [411]- روى ابن ماجه (¬4) من حديث عبد الله بن عمرو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر بسعد وهو يتوضأ، فقال: "ما هذا السرف"؛ فقال: أفي الوضوء إسراف؟ قال: "نعم، وإن كنت على نهر جار". [412]- وروى الترمذي (¬5) وغيره من حديث أبي بن كعب مرفوعًا: "إنّ لِلْوُضُوءِ شَيْطاناَ يُقَالُ لَه الْوَلَهَانِ، فَاتَّقُوا وَسْوَاسَ الْمَاءِ". في إسناده ضعف (¬6). ¬
[413]- وروى البيهقي (¬1) بسند ضعيف من حديث عمران بن حصين نحوه. 114 - [414]- قوله: ومن المندوبات أن يقول بعد الوضوء مستقبل القبلة: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين، سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك. مسلم (¬2) وأبو داود (¬3) وابن حبان (¬4) من حديث عقبة بن عامر، عن عمر - ببعضه-: "مَنْ تَوَضَّأ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إلاَّ الله وَحْدَه لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَن مُحَمَّدًا عَبْدُه وَرَسُولُه، فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنةِ يدخلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ". [415]- ورواه الترمذي (¬5) من وجه آخر، عن عمر وزاد فيه: "اللَّهُمّ اجْعَلْنِي مِنَ التَّوَّابِينَ وَاجْعَلْنِي مِنَ الْمُتَطَهِّرِين". وقال: في إسناده اضطراب ولا يصح/ (¬6) فيه شيء كبير. قلت: لكن رواية مسلم سالمة من هذا الاعتراض، والزيادة التي عنده: ¬
[416]- رواها البزار والطبراني في "الأوسط" (¬1) من طريق ثوبان، ولفظه: "مَنْ دَعَا بِوَضُوءِ فَتَوَضأَ، فَسَاعَةَ فَرَغَ مِنْ وُضُوءِهِ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَه إلاَّ الله وَأَشْهَدُ أن مُحَمَّدًا رَسُولُ الله، اللهُمَّ اجْعَدنِي مِنَ التَّوَّابِينَ وَاجْعَلْنِي مِنَ الْمُتَطَهِّرِينَ ... " الحديث. [417]- ورواه ابن ماجه (¬2) من حديث أنس. 115 - وأما قوله: سبحانك اللهم إلى آخره: [418]- فرواه النسائي في "عمل اليوم والليلة" (¬3) والحاكم في "المستدرك" (¬4) من حديث أبي سعيد الخدري بلفظ: "مَنْ تَوَضأَ فَقَال: سُبْحَانَكَ اللهمَّ وَبِحَمْدِكَ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَه إلاَّ أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ، وَأَتُوبُ إِلَيكَ. كتِبَ في رَقٍّ ثُمّ طُبعَ بِطَابَعِ فَلَمْ يُكْسَرْ إِلَى يَوْمِ الْقِيامَةِ". واختلف في وقفه ورفعه، وصخح النسائي (¬5) الموقوف. وضعف الحازمي الرواية المرفوعة؛ لأن الطبراني قال في "الأوسط" (¬6): لم ¬
تنبيهان
يرفعه عن شعبة إلا يحيى بن كثير. قلت: ورواه أبو إسحاق المزكّي في "الجزء الثاني تخريج الدارقطني له" من طريق روح بن القاسم، عن شعبة، وقال: تفرد به عيسى بن شعيب عن روح بن القاسم. قلت: ورجّح الدارقطني في "العلل" الرواية الموقوفة أيضا. تنبيهان أحدهما: قول الرافعي: مستقبل القبلة، لم يرد في الأحاديث التي قدمناها، لكن يستأنس لها بما في لفظ رواية البزار، عن ثوبان: "من توضأ فأحسن الوضوء، ثم رفع طرفه إلى السماء ... الحديث. قال ابن دقيق العيد في "شرح الإلمام": رفع الطرف إلى السماء للتوجه إلى قبلة الدعاء، ومهابط الوحي، ومصادر تصرّف الملائكة. الثاني: قال النووي في "الأذكار" (¬1) و"الخلاصة" (¬2): إن حديث أبي سعيد هذا ضعيف. وقال في "شرح المهذب" (¬3): رواه النسائي في "عمل اليوم والليلة" بإسناد غريب ضعيف، رواه مرفوعًا وموقوفًا عن أبي سعيد، وكلاهما ضعيف. هذا لفظه. فأمّا المرفوع فيمكن أن يضعف بالاختلاف والشذوذ. ¬
وأمّا الموقوف فلا شك ولا ريب في صحته فإن النسائي (¬1) قال فيه: حدثنا محمَّد بن بشار، حدّثنا يحيى بن كثير، حدثنا شعبة، حدّثنا أبو هاشم. وقال ابن أبي شيبة (¬2): حدثنا وكيع حدّثنا سفيان عن أبي هاشم الواسطي، عن أبي مجلز عن قيس بن عباد، عنه. وهؤلاء من رواة "الصحيحين" فلا معنى لحكمه عليه بالضعف. والله أعلم. **** ¬
باب الاستنجاء
باب الاستنجاء 116 - [419]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "وَلْيَسْتَنْجِ أَحَدُكُمْ بِثَلَاَلةِ أَحْجَارِ". الشّافعي (¬1) من حديث أبي هريرة به. في حديث أوله: "إنَّمَا أَنَا لَكُمْ مِثْلُ الْوَالِدِ فَإذَا ذَهَبَ أَحَدُكُمْ إِلَى الغَائِطِ فَلا يَسْتَقْبِل الْقِبْلَةَ، وَلا يَسْتَدْبِرْهَا بِغَائِطٍ، وَلا بَوْلٍ وَلْيَسْتَنْجِ بِثَلاثَةِ أَحْجَار". ورواه ابن خزيمة (¬2) وابن حبان (¬3) والدارمي (¬4) وأبو داود (¬5) والنسائي (¬6) وأبو عوانة في "صحيحه" (¬7) 117 - [402]- حديث أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ أَتَى الْغَائِطَ فَلْيَسْتَتَرْ، فَإِنَ لَمْ يَجِدْ إلا أَنْ يَجْمَعَ كَثِيبًا مِن رَمْلِ فَلْيَفْعَلْ". ¬
أحمد (¬1) وأبو داود (¬2) وابن ماجه (¬3) وابن حبان (¬4) والحاكم (¬5) والبيهقي (¬6) في حديث وفي آخره: "مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ وَمَنْ لا، فَلاَ حَرَج". ومداره على أبي سعد الحبراني الحمصي، وفيه اختلاف، وقيل: إنه صحابي ولا يصح، والراوي عنه حصين الحبراني وهو مجهول. وقال أبو زرعة (¬7): شيخ. وذكره ابن حبان في "الثقات" (¬8). وذكر الدارقطني الاختلاف فيه في "العلل". 118 - [421]- قوله: ورد النهي عن استقبال الشمس والقمر بالفرج. قال النووي في "شرح المهذب" (¬9): هذا حديث باطل لا يعرف/ (¬10). وقال ابن الصلاح لا يعرف، وهو ضعيف. روي في "كتاب المناهي" مرفوعًا: نهى أن يبول الرجل وفرجه بادٍ للشمس، ونهى أن يبول وفرجه بادٍ للقمر. قلت: وكتاب "المناهي" رواه محمَّد بن علي الحكيم الترمذي في جزء ¬
مفرد، ومداره على عباد بن كثير، عن عثمان الأعرج، عن الحسن- حدثني سبعة رهط من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - منهم أبو هريرة، وجابر، وعبد الله بن عمرو، وعمران بن حصين، ومعقل بن يسار، وعبد الله بن عمر، وأنس ابن مالك- يزيد بعضهم على بعض في الحديث- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يبال في المغتسل، ونهى عن البول في الماء الراكد، ونهى عن البول في المشارع، ونهى أن يبول الرجل وفرجه باد إلى الشمس والقمر. فذكر حديثا طويلا في نحو خمسة أوراق، على هذا الأسلوب في غالب الأحكام، وهو حديث باطل لا أصل له، بل هو من اختلاق عباد. 119 - قوله: في الخبر ما يدل على أن النهي عام في الاستقبال والاستدبار. قلت: هو كما قال، فإنه أطلق ذلك. ولابن دقيق العيد في ذلك بحث في "شرح العمدة" (¬1) فليراجع منه 120 - [422]- حديث: "لاَ تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ بِغَائطٍ وَلاَ بَوْلٍ، وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا" الحديث. متفق عليه (¬2) من حديث أبي أيوب، من طريق الزهري، عن عطاء بن يزيد عنه. ¬
ورواه مالك (¬1) والنسائي (¬2) من طريق أخرى عن أبي أيوب، وفيه: مصر، بدل الشام. وفي الباب: [423 - 426]- عن سلمان في مسلم (¬3)، وعن عبد الله بن الحارث بن جزء في ابن ماجه (¬4) وابن حبان (¬5)، ومعقل بن أبي معقل في أبي داود (¬6)، وسهل بن حنيف عند الدارمي (¬7). 121 - [427]- حديث: "إذًا ذَهَب أَحَدُكم الْغَائِطَ .... " الحديث. رواه أبو داود (¬8) والنسائي (¬9) وغيرهما من حديث أبي هريرة. 122 - [428]- حديث ابن عمر: رقيت المسطح مرة فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ¬
جالسا على لبنتين مستقبلا بيت المقدس. متفق عليه (¬1)، وله طرق. ووقع في رواية لابن حبان (¬2): مستقبل القبلة مستدبر الشام، وهي خطأ، [تعد] (¬3) من قسم المقلوب في المتن. 123 - [123]- حديث جابر: نهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نستقبل القبلة بفروجنا، ثم رأيته قبل موته بعام مستقبل القبلة. أحمد (¬4) والبزار وأبو داود (¬5) والترمذي (¬6) وابن ماجه (¬7) وابن الجارود (¬8) وابن خزيمة (¬9) وابن حبان (¬10) والحاكم (¬11) والدارقطني (¬12)، واللفظ لابن ¬
تنبيه
حبان، وزا د: ونستدبرها. وصححه البخاري فيما نقله عنه الترمذي (¬1) وحسنه هو والبزار، وصححه أيضا ابن السكن، وتوقف فيه النووي (¬2) لعنعنة ابن إسحاق، وقد صرح بالتحديث في رواية أحمد وغيره. وضعفه ابن عبد البر (¬3) بأبان بن صالح ووهم في ذلك، فإنه ثقة باتفاق، وادعى ابن حزم (¬4) أنه مجهول فغلط. تنبيه في الاحتجاج به نظر؛ لأنها حكايته فعل لا عموم لها، فيحتمل أن يكون لعذر ويحتمل أن يكون في بنيان ونحوه. 124. قولة: ذكر أن سبب المنع في الصحراء أنها لا تخلو من فصل؛ ملك أو إنسي أو جني، فربما وقع بصره على عورته ثم قال: وقد نقل ذلك عن ابن عمر والشعبي. انتهى. [430]- أما ابن عمر؛ فروى أبو داود (¬5) من طريق مروان الأصفر، قال: رأيت ابن عمر أناخ راحلته مستقبل القبلة، ثم جلس يبول إليها، فقلت: يا أبا ¬
عبد الرحمن أليس قد نهي عن هذا؛ قال: إنما نهي عن ذلك في الفضاء، فإذا كان بينك وبين القبلة شيء يسترك فلا بأس. وليس في هذا السياق مقصود التعليل. [431]- وأما الشعبي فروى البيهقي (¬1) من طريق عيسى الخياط (¬2)، قال: قلت للشعبي: إني لأعجب/ (¬3) من إختلاف (¬4) أبي هريرة وابن عمر، قال نافع: عن ابن عمر: دخلت بيت حفصة فحانت مني التفاتة فرأيت كنيف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستقبل القبلة. وقال أبو هريرة: إذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها. قال الشعبي: صدقا جميعًا؛ أما قول أبي هريرة فهو في الصحراء، فإن لله عبادا ملائكة وجنا يصلون، فلا يستقبلهم أحد ببول ولا غائط، ولا يستدبرهم وأما كنفكم هذه فإنما هي بيوت بنيت لا قبلة فيها. وأخرجه ابن ماجه (¬5) مختصرا. 125 - . قوله: وأما في الأبنية فالحشوش لا تحضرها إلا الشّياطين. ¬
كأنه يشير إلى: [432]- حديث زيد بن أرقم مرفوعًا: "إنّ هَذِهِ الْحُشُوشَ مُحْتَضَرَةٌ، فَإذَا أَتَى أَحَدُكُمْ الْخَلاءَ فَلْيَقُلْ: أَعُوذُ بالله مِن الْخُبثِ وَالْخَبَائِثِ". أخرجه أبو داود (¬1) والنسائي (¬2) وغيرهما 126. قوله: وليس السبب مجرد احترام الكعبة. كأنه يشير إلى: [433]- حديث سراقة مرفوعًا: "إذًا أَتَى أَحَدُكُم الْغَائِطَ فَلْيُكْرِمْ قِبْلَةَ الله، وَلاَ يَسْتَقْبِلْهَا". أخرجه الدارمي (¬3) وغيره وإسناده ضعيف. 127 - [434]- حديث: "اتَّقُوا الملاعِنَ ... ". أبو داود (¬4) وابن ماجه (¬5) والحاكم (¬6) من حديث أبي سعيد الحميري، عن ¬
معاذ بلفظ: "اتَّقُوا الْمَلَاعِنَ الثَّلاثَ: الْبُزَارُ في الموارِدِ، والظِّل، وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ". وصحّحه ابن السكن والحاكم. وفيه نظر؛ لأن أبا سعيد لم يسمع من معاذ، ولا يعرف هذا الحديث بغير هذا الإسناد قاله ابن القطان (¬1). وفي الباب: [435]- عن ابن عباس نحوه، رواه أحمد (¬2) وفيه ضعف لأجل ابن لهيعة (¬3)، والراوي عن ابن عباس مبهم. [436]- وعن سعد بن أبي وقاص في "علل الدارقطني" (¬4). [437]- وعن أبي هريرة رواه مسلم في "صحيحه" (¬5) بلفظ: "اتَّقوا اللَّاعِنَيْن"، قالوا: وما اللَّاعِنَان يا رسول الله؛ قال: "الذِي يَتَخَلَّى في طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ ظِلِّهِمْ". وفي رواية لابن حبان (¬6) "وَأَفْنِيَتِهِمْ". ¬
وفي رواية ابن الجارود (¬1): "أَوْ مَجَالِسِهِمْ". وفي لفظ اللحاكم (¬2): "مَنْ سَلِّ سَخِيمَتَهُ عَلى طَرِيقِ عَامِرٍ مِنْ طَريقِ الْمُسْلِمِينَ فَعَلَيْه لَعْنَةُ الله وَالْمَلائِكَةِ والنَّاسِ أَجْمَعِين". وإسناده ضعيف. [438]- وفي ابن ماجه (¬3) عن جابر بإسناد حسن- مرفوعًا: "إيّاكم وَالتَّعْرِيسَ عَلَى جَوادِ الطَّرِيقِ، فَإِنها مَأْوَى الْحَيَّاتِ وَالسِّبَاعِ، وَقَضاءَ الْحَاجَةِ عَلَيْهَا؛ فَإنَّها الْمَلاعِن". [439]- وعن ابن عمر: نهى أن يصلى على قارعة الطريق، أو يضرب عليها الخلاء، أو يبال فيها (¬4). وفي إسناده ابن لهيعة. وقال الدارقطني (¬5): رفعه غير ثابت. وسيأتي حديث سراقة. * قوله عند ذكر المنع من استقبال الشمس والقمر: وفي الخبر ما يدل عليه. تَقَدَّم الكلام عليه. ¬
128 - [440]- حديث: "لا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ في الْمَاءِ الدَّائِمِ ... ". متفق عليه (¬1) من حديث أبي هريرة، بزيادة: "الذِي لا يَجْرِي، ثُمَّ يَغْتَسِل فِيهِ" (¬2). وفي رواية للنسائي (¬3): "ثُمَّ يَتَوَضَّأُ مِنْه" وله (¬4): "ثمّ يَغْتَسِلُ فِيهِ أَوْ يَتَوَضَّأ". ولابن خزيمة (¬5) وابن حبان (¬6) "ثمَّ يَتَوَضَّأ مِنْهُ أوْ يَشْرَب". 129 - [441]- قوله: ويروى: "لا يَبُولُنَّ أَحَدُكُمْ في الْمَاءِ الرَّاكِدِ". ابن ماجه (¬7) من حديث أبي هريرة أيضا. ورواه أحمد (¬8) من وجه أصح منه، وزاد: "ثُمَّ يَتَوَضَّأ مِنْه". [442]- ورواه مسلم (¬9) من حديث جابر أيضا. ¬
135 - [443]- حديث قتادة، عن عبد الله بن سرجس: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبال في الجحر. قالوا لقتادة: ما يكره من البول في الجحر؟ قال: يقال إنها مساكن الجن. أحمد (¬1) وأبو داود (¬2) والنسائي (¬3) والحاكم (¬4) والبيهقي (¬5). وقيل: إن قتادة لم يسمع من عبد الله بن سرجس، حكاه حرب عن أحمد، وأثبت سماعه منه علي بن المديني. وصححه ابن خزيمة/ (¬6) وابن السكن. 131 - قوله: ومنها: أن لا يبول تحت الأشجار المثمرة. قال ابن الرفعة: كلام الغزالي يقتضي أنه ورد فيه خبر ولم أظفر به. قلت: [444]- أخرج الطبراني في "الأوسط" (¬7) من طريق ميمون بن مهران عن ابن عمر: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يتخلى الرّجل تحت شجرة مثمرة، أو على ضفة نهر جار. ¬
وقال: لم يروه عن ميمون إلا فرات بن [السائب] (¬1)، تفرد به الحكم بن مروان. نتهى. وفرات متروك، قاله البخاري (¬2) وغيره 132 - [445]- حديث: "اسْتَنْزِهُوا مِنَ الْبَوْلِ؛ فإِنَّ عَافَة عَذَابِ الْقَبْرِ مِنه". الدارقطني (¬3) من حديث أبي هريرة. وفي لفظ له (¬4) وللحاكم (¬5) وأحمد (¬6) وابن ماجه (¬7): "أَكْثَرُ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنَ الْبَوْلِ". وأعلّه أبو حاتم (¬8) فقال: إن رفعه باطل. وفي الباب: [446]- عن ابن عباس، رواه عبد بن حميد في "مسنده" (¬9). والحاكم (¬10) ¬
والطبراني (¬1) وغيرهم. وإسناده حسن (¬2)، ليس فيه غير أبي يحيى القتات، وفيه لين، ولفظه: "إنَّ عامَّةَ عَذَابِ الْقَبْر [بِالْبَوْلِ] (¬3) فَتَنَزَّهُوا مِنْه". [447]- وفي "الصحيح" (¬4) عن ابن عباس - في قصة صاحبي القبرين - "أمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لا يَسْتَنْزِهُ مِنَ الْبَوْلِ". [448]- وعن أنس رواه الدارقطني (¬5) من طريق أبي جعفر الرازي عن قتادة عنه وصحح إرساله. ونقل عن أبي زرعة (¬6) أنه المحفوظ. وقال أبو حاتم (¬7): رويناه من حديث ثمامة عن أنس، والصحيح إرساله. [449] وعن عبادة بن الصامت في "مسند البزار" (¬8) ولفظه: سألنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن البول فقال: " إذًا مَسَّكُمْ شَيءٌ فَاغْسِلُوهُ، فَإِنِّي أَظُن أَنَّ مِنْهُ عَذَابَ الْقَبْرِ". وإسناده حسن. ¬
[450]- وقال سعيد بن منصور: حدّثنا خالد عن يونس بن عبيد، عن الحسن، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اسْتَنْزِهُوا مِنَ الْبَوْلِ، فَإِنَّ عَامَّة عَذَابِ الْقَبْرِ مِنَ الْبَوْلِ". رواته ثقات منَ إرساله. 133 - [451]- حديث: روي: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يتمخر الريح. أي ينظر أين مجراها لئلا يرد عليه البول. لم أجده من فعله، وهو من قوله عند ابن أبي حاتم في "العلل" (¬1) من حديث سراقة بن مالك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذًا أَتَى أَحَدُكُم الْغَائِطَ فَلا يَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ، وَاتَّقُوا مَجَالِسَ اللّعْنِ: الظِّلَ، وَالْمَاءَ، وَقَارِعَةَ الطَّرِيقِ، وَاسْتَمْخِرُوا الرِّيحَ، وَاسْتَتَبّوا عَلَى سُوقِكُمْ وَأَعِدّوا النُّبْلَ". وحكى عن أبيه: أنّ الأصح وقفه. وكذا هو عند عبد الرزاق في "مصنفه" (¬2). [452]- وقال أبو عبيد في "غريبه" (¬3) عن عباد بن عباد، عن واصل مولى [أبي] (¬4) عيينة، قال: كان يقال: إذا أراد أحدكم البول فليتمخر الريح. قال أبو عبيد: يعني: أن ينظر من أين مجراها، فلا يستقبلها ولكن يستدبرها؛ ¬
لكيلا يرد عليه الريح البول. * وروى الدارقطني عن عائشة شاهده، وسيأتي. وفي الباب: [453]- عن الحضرمي رفعه: "إذا بَالَ أَحَدُكُمْ فَلا يَسْتَقْبِلُ الرِّيحَ بِبَوْلِه فَتَرُدّه عَلَيْه". رواه ابن قانع (¬1)، وإسناده ضعيف جدا. [454]- وعن أبي هريرة قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكره البول في الهواء. رواه ابن عدي (¬2). وفي إسناده يوسف بن السفر؛ وهو ضعيف (¬3). وفي الباب: [455]- حديث هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: مر سراقة بن مالك المدلجي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأله عن التغوط، فأمره أن يتنكب القبلة، ولا يستقبلها ولا يستدبرها, ولا يستقبل الريح ... الحديث. رواه الدارقطني (¬4). [456]- وروى الدولابي في "الكنى" (¬5) والإسماعيلي في "حديث يحيى بن ¬
[أبي] (¬1) كثير"/ (¬2) عن خلاد، عن أبيه، مثله، وإسناده ضعيف 134 - [457]- حديث سراقة بن مالك: علمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أتينا الخلاء أن نتوكأ على اليسرى. الطبراني (¬3) والبيهقي (¬4) من طريق رجل من بني مدلج، عن أبيه، قال: مر بنا سراقة بن مالك. فذكره. قال الحازمي: لا نعلم في الباب غيره، وفي إسناده من لا يعرف. وادعى ابن الرفعة في "المطلب" أن في الباب عن أنس. فلينظر. 135 - [458]- حديث روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "اتَّقُوا الْمَلَاعِنَ، وَأَعِدّوا النُّبْلَ". عبد الرزاق، عن ابن جريج، عن الشعبي مرسلًا. ورواه أبو عبيد (¬5) من وجه آخر، عن الشعبي، عن من سمع النبي - صلى الله عليه وسلم -. وإسناده ضعيف. [459]- ورواه ابن أبي حاتم في "العلل" (¬6) من حديث سراقة مرفوعًا وصحح أبوه وقفه كما تَقَدَّم. ¬
تنبيه
تنبيه قال الخطابي (¬1): والنُّبل: بضم النون وفتحها، وأكثر الرواة يروونها بالفتح والضم أجود، وهي الأحجار الصغار التي يستنجى بها. 136 - [460]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا دخل الخلاء وضع خاتمه. أصحاب السنن (¬2) وابن حبان (¬3) والحاكم (¬4) من حديث الزهري، عن أنس به. قال النسائي: هذا حديث غير محفوظ. وقال أبو داود: منكر. وذكر الدارقطني الاختلاف فيه وأشار إلى شذوذه. وصحّحه الترمذي. وقال النووي: هذا مردود عليه. قاله في "الخلاصة" (¬5). وقال المنذري (¬6): الصواب عندي تصحيحه؛ فإن رواته ثقات أثبات. وتبعه أبو الفتح القشيري في آخر "الاقتراح" (¬7) وعلته: أنه من رواية همام، عن ابن جريج، عن الزهري، عن أنس. ¬
ورواته ثقات، لكن لم يخرج الشيخان رواية همام عق ابن جريج، وابن جريج قيل: إنه (¬1) لم يسمعه من الزهري، وإنما رواه عن زياد بن سعد عق الزهري بلفظ آخر. وقد رواه مع همام مع ذلك مرفوعًا: يحيى بن الضريس البجلي، ويحيى بن المتوكل، وأخرجهما الحاكم (¬2) والد الدراقطني (¬3). وقد رواه عمرو بن عاصم - وهو من الثقات - عق همام موقوفًا على أنس. وأخرج له البيهقي شاهدا وأشار إلى ضعفه (¬4) ورجاله ثقات. ولفظ الحاكم (¬5): أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لبس خاتما نقشه محمَّد رسول الله، فكان إذا دخل الخلاء وضعه. وله شاهد من: [461]- حديث ابن عباس، رواه الجوزقاني في "الأحاديث الضعيفة" (¬6) ¬
فائدة
وفي سنده؛ محمَّد بن إبراهيم الرازي، فإنه متروك (¬1). 137 - [462]- قوله: وإنما نزع خاتمه؛ لأنه كان عليه محمد رسول الله تَقَدَّم من رواية الحاكم، ورواه البيهقي أيضا. ووهم النووي والمنذري في كلامهما على "المهذّب" فقالا: هذا من كلام المصنف لا في الحديث، ولكنه صحيح من طريق أخرى في أن نقش الخاتم كان كذلك. قلت: كلامهما مستقيم؛ لأنه ليس في السياق الجزم بالتعليل المذكور، وإن كان فيه حكايته النقش. فائدة قيل: كانت الأسطر من أسفل إلى فوق، ليكون اسم الله أعلى. وقيل: كان النقش معكوسا ليقرأ مستقيما إذا ختم به. وكلا الأمرين لم يرد في خبر صحيح. 138 - [463]- حديث: روي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "فَلْيَنْثُرْ ذَكَرَه". ¬
أحمد في "مسنده" (¬1) وابن ماجه (¬2) والبيهقي (¬3) وابن/ (¬4) قانع (¬5) وأبو نعيم في "المعرفة" (¬6) وأبو داود في "المراسيل" (¬7) والعقيلي في "الضعفاء" (¬8) من رواية عيسى بن يزداد، ويقال: ازداد بن فساءة اليماني، عن أبيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذًا بَالَ أَحَدُكُمْ فَلْيَنْثُرْ ذَكَرَهُ ثَلاثًا". وفي رواية: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا بال نثر ذكره ثلاثا. ويزداد؛ قال أبو حاتم (¬9): حديثه مرسل. وقال في "العلل" (¬10): لا صحبة له وبعض الناس يدخله في المسند. وقال ابن حبان في "الثقات" (¬11): يزداد يقال: إن له صحبة. وذكره البخاري (¬12) وقال: لا يصح. ¬
وابن عدي (¬1) في التّابعين. وقال ابن معين (¬2): لا يعرف عيسى ولا أبوه. وقال العقيلي (¬3): لا يتابع عليه ولا يعرف إلا به. وقال النووي في "شرح المهذب" (¬4): اتفقوا على أنه ضعيف. وأصل الانتثار في البول في: [464]- حديث ابن عباس المتفق عليه (¬5) في قصّة القبرين اللذين يعذبان. 139 - [465]- حديث عائشة: "إذًا ذَهَبَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْغَائِطِ فَلْيَذْهَبْ مَعَهُ بِثَلاثَة أَحْجَارٍ، يَسْتَطِيبُ بِهِنَّ؛ فَإنَّهَا تُجْزئُ عَنْه". أحمد (¬6) وأبو داود (¬7) والنسائي (¬8) وابن ماجه (¬9) والد الدراقطني (¬10) وصححه في "العلل". ¬
140 - قوله في جواز الاقتصار على الحجر فيما إذا انتشر الخارج فوق العادة: واحتج الشافعي بأن قال: لم تزل في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رقة البطون، وكان أكثر أقواتهم التمر وهو مما يرقق البطون. انتهى. ولا يرد على هذا ما في "الصحيح" (¬1): [466]- عن سعد: لقد كنا نغزو مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما لنا طعام إلا ورق الحبلة، حتى إن أحدنا ليضع كما تضع الشاة. فإن ذلك كان في ابتداء الأمر: [467]- فقد صح (¬2) عن عائشة قالت: شبعنا بعد فتح خيبر من التمر. وعنها قالت: كان طعامنا الأسودين التمر والماء. -* حديث أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الاستنجاء بالروثة والرمة. تَقَدَّم أول الباب. 141 - [468]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الاستنجاء بالعظم. وقال: إنه زاد إخوانكم من الجن. البخاري (¬3) من حديث أبي هريرة، وساقه في "باب ذكر الجن" (¬4) أتم مما ¬
ساقه في "الطهارة"، وهو عنده مختصر. وأخرجه البيهقي (¬1) من الوجه الذي أخرجه منه مطولًا. [469]- وهو عند مسلم (¬2) من حديث ابن مسعود. ورواه أبو داود (¬3) والدارقطني (¬4) والنسائي (¬5) والحاكم (¬6) من طرق عنه، وهو مشهور تُجْمَع طُرُقه. وفي الباب: [470]- عن الزبير بن العوام رواه الطبراني (¬7) بسند ضعيف (¬8). * وعن سلمان، رواه مسلم (¬9) وسيأتي. [471]- وعن جابر رواه مسلم (¬10) بلفظ: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يتمسح بعظم أو بعر. ¬
[472]- وعن رويفع بن ثابت رواه أبو داود (¬1) والنسائي (¬2)، وسهل بن حنيف رواه أحمد (¬3) وإسناده واهٍ (¬4). [473]- وعن رجل من الصحابة رواه الدارقطني (¬5) وزاد فيه: أو جلد. وقال: لا يصح ذكر الجلد فيه. [474]- وروى ابن خزيمة (¬6) والدارقطني (¬7) من طريق الحسن بن فرات، عن أبيه، عن أبي حازم الأشجعي، عن أبي هريرة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يستنجى بعظم أو روث، وقال: "إنَّهُمَا لا يُطَهِّرَانِ". 142 - قوله: وغيره من المطعومات. يحتمل أن يريد بالقياس. 143 - [475]- حديث: إذا جلس أحدكم لحاجته فليتمسح ثلاث مسحات. ¬
أحمد (¬1) عن جابر بلفظ: "إذَا تَغَوَّطَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَمَسَّحْ ثَلاثَ مَسَحَاتٍ"، ونهى أن يستنجى ببعرة أو عظم/ (¬2). وفيه ابن لهيعة. [476]- ورواه النسائي في "شيوخ الزهري" وابن منده في "المعرفة" والطبراني من حديث أبي غسان محمَّد بن يحيى الكناني، عن أبيه، عن ابن أخي شهاب، عن ابن شهاب، أخبرني خلاد بن السائب، عن أبيه، أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذًا تَغَوَّطَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَمَسَّحْ ثَلاثَ مَراتٍ". وله طريق أخرى (¬3) عن خلاد بن السائب عن أبيه في "حديث البغوي" عن هدبة (¬4). وأعل ابن حزم (¬5) الطريق الأولى بأن محمَّد بن يحيى مجهول. وأخطأ بل هو معروف، أخرج له البخاري (¬6)، وقال النّسائي (¬7): ليس به بأس. 144 - [477]- حديث سلمان: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لا نجتزئ بأقل من ثلاثة أحجار. ¬
تنبيه
مسلم (¬1) من حديث عبد الرحمن بن يزيد قال: قيل لسلمان: قد علمكم نبيكم كلَّ شيء حتّى الخراءة، فقال: أجل، لقد نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول، أو أن نستنجي باليمين، أو أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار، أو أن نستنجي برجيع أو عظم. تنبيه عارض الحنفية هذا الحديث بحديث ابن مسعود السابق، وفيه؛ فأخذ الحجرين وألقى الروثة. قال الطحاوي (¬2): فيه دليل على أن عدد الأحجار ليس بشرط؛ لأنه قعد للغائط في مكان ليس فيه أحجار؛ لقوله: "نَاوِلْنِي ... "، فلما ألقى الروثة دل على [أن] (¬3) الاستنجاء بالحجرين مجزئ؛ إذ لو لم يكن ذلك لقال: ابغني ثالثا. انتهى. وقد روى أحمد (¬4) فيه هذه الزيادة بإسناد رجاله ثقات، قال في آخره: فألقى الروثة، وقال: "إنّها رِكْسٌ، ائْتِنِي بِحَجَرٍ"، مع أنه ليس فيما ذكر استدلال؛ لأنه مجرد احتمال، وحديث سلمان نص في عدم الاقتصار على ما دونها، ثم حديث سلمان قول، وحديث ابن مسعود فعل، وإذا تعارضا قُدِّم القول. والله أعلم. ¬
* حديث: "مَن اسْتَجْمَر فَلْيُوتِرْ، مَن فَعَل فَقَدْ أَحْسَنَ، وَمَنْ لا فَلاَ حَرَجَ". تَقَدَّم في أوائل الباب (¬1) 145 - [478]- حديث: "فَلْيَسْتَنْجِ بِثَلاَثَةِ أَحْجَابى لَيس فِيهَا رَجِيعٌ وَلاَ عَظَم". مسلم (¬2) من حديث سلمان نحوه. 479 - وأبو داود (¬3) من حديث خزيمهَ بن ثابت. ولم يقل: ولا عظم. 146 - [480]- حديث: "إذَا اسْتَجْمَر أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَجْمِرْ وِتْرًا". أحمد (¬4) والبيهقي (¬5) من حديث جابر، ومسلم (¬6) وابن خزيمة (¬7) بلفظ: "مَنِ اسْتَجْمَر فَلْيُوتِرْ". [481]- وعن أبي سعيد مثله (¬8). ¬
[482]- ورواه ابن حبان (¬1) من حديث أبي هريرة وأبي سعيد جميعا. [483]- ولأصحاب "السنن" (¬2) عن سلمة بن قيس مثله في حديث، وله طرق غير هذه. 147 - [484]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "فَلْيَسْتَنْجِ بِثَلاَثَةِ أَحجَارٍ، يقْبِلُ بِوَاحِدٍ، وَيُدْبِرُ بِوَاحِدٍ، وَيحَلِّقُ بِالثَّالثِ". وهو حديث ثابت. كذا قال! وتعقبه النو وي في "شرح المهذب" (¬3) فقال: هذا غلط، والرافعي تبع الغزالي في "الوسيط" (¬4)، والغزالي تبع الإمام في "النهاية"، والإمام قال: إن الصيدلاني ذكره. وقد بيض له الحازمي والمنذري في تخريج "أحاديث المهذب". وقال ابن الصلاح في الكلام على "الوسيط": لا يعرف ولا يثبت في كتاب حديث. وقال النووي (¬5) في "الخلاصة": لا يعرف. وقال في "شرح المهذب" (¬6): هو حديث منكر لا أصل له. ¬
تنبيه
148 - [485]- حديث: إنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "حَجَرًا للصَّفْحَةِ الْيُسْرَى، وَحَجَرًا للصَّفْحَةِ الْيُمْنَى، وَحَجرًا لِلْوَسَطِ". قال المصنف (¬1): هو حديث ثابت. الدّارقطني (¬2) وحسّنه. والبيهقي (¬3) والعقيلي في "الضعفاء" (¬4) من رواية أُبَيّ بن عبّاس بن سهل بن سعد، عن أبيه، عن جدّه، قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الاستطابة/ (¬5)؛ فقال: "أَوَلاَ يَجِدُ أَحُدُكُمْ ثَلاثَةَ أَحْجَارِ: حَجَرَيْنِ للصَّفْحَةِ، وَحَجراَ لِلْمَسْرَبَةِ". قال الحازمي: لا يروى إلا من [هذا] الوجه. وقال العقيلي (¬6): لا يتابع على شيء من أحاديثه يعني: أبيا. وقد ضعفه ابن معين وأحمد وغيرهما، وأخرج له البخاري حديثا واحدا في غير حكم (¬7). تنبيه المسربة هنا؛ مجرى الغائط، وهو مأخوذ من سرب الماء. قاله ابن الأثير (¬8) ¬
قال وهو بضم الراء وفتحها، قال الروياني في "مسنده" (¬1) - بعد أن أخرجه -: المسربة: المخرج. 149 - [486]- حديث عائشة: كانت يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اليمنى لطهوره وطعامه، وكانت اليسرى لخلائه، وما كان من أذى. أحمد (¬2) وأبو داود (¬3) والطبراني من حديث إبراهيم عن عائشة، وهو منقطع. ورواه أبو داود (¬4) من طريق أخرى، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة. وله شاهد من: [487]- حديث حفصة رواه أبو داود (¬5) وأحمد (¬6) وابن حبان (¬7) والحاكم (¬8). 150 - [488]- حديث أبي قتادة: "إذًا بَالَ أَحَدُكُمْ فَلا يَمُسَّ ذَكَرَهُ بِيَمِينِه". ¬
متفق عليه (¬1). وقال ابن منده: مجمع على صحته. ولفظه في "الصحيحين": "إذًا بَالَ أَحَدُكُمْ فَلا [يَمُسَّ] (¬2) ذَكَرَهُ بِيَمِينِه، وَإذا أَتَى الْخَلَاءَ فَلا يَتَمَسَّحْ بِيَمِينِه .. ". الحديث. 151 - [489]- حديث: إن الله سبحانه وتعالى أثنى على أهل قباء، وكانوا يجمعون بين الماء والأحجاو فقال تعالى: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ}. البزار في "مسنده" (¬3) حدثنا عبد الله بن شبيب، حدّثنا أحمد بن محمَّد بن عبد العزيز، وجدت في كتاب أبي عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عباس، قال: نزلت هذه الآية في أهل قباء: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} فسألهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: إنا نتبع الحجارة الماء. قال البزار: لا نعلم أحدا رواه عن الزهري إلا محمَّد بن عبد العزيز، ولا عنه إلا ابنه. انتهى. ومحمد بن عبد العزيز ضعفه أبو حاتم (¬4) فقال: ليس له ولا لأخويه عمران وعبد الله حديث مستقيم. وعبد الله بن شبيب ضعيف أيضا. وقد روى الحاكم (¬5) من حديث مجاهد عن ابن عباس أصل هذا الحديث، ¬
وليس فيه إلا ذكر الاستنجاء بالماء حسب. ولهذا قال النووي في "شرح المهذب" (¬1): المعروف في طرق الحديث: أنّهم كانوا يستنجون بالماء، وليس فيها أنهم كانوا يجمعون بين الماء والأحجار. وتبعه ابن الرفعة، فقال: لا يوجد هذا في كتب الحديث. وكذا قال المحبّ الطبري نحوه، ورواية البزار واردة عليهم، وإن كانت ضعيفة. وفي الباب: [490]- عن أبي هريرة رواه أبو داود (¬2) والترمذي (¬3) وابن ماجه (¬4) بسند ضعيف (¬5). وليس فيه ذكر اتباع الأحجار الماء، بل لفظه: وكانوا يستنجون بالماء، [491]- وروى أحمد (¬6) وابن خزيمة (¬7) والطبراني (¬8) والحاكم (¬9) عن عويم ابن ساعدة نحوه. ¬
[492] وأخرجه الحاكم (¬1) من طريق مجاهد عن ابن عباس، لما نزلت الآية بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى عويم بن ساعدة فقال: "مَا هَذَا الطُّهُور الَّذِي أَثْنَى الله عَلَيْكُمْ بِهِ؟ " قال: ما خرج منّا رجل ولا امرأة من الغائط إلاَّ غسل دبره، فقال عليه السلام: "هُوَ هَذَا". [493] ورواه ابن ماجه (¬2) والحاكم (¬3) من حديث أبي سفيان طلحة بن نافع، قال: أخبرني أبو أيوب وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك. وإسناده ضعيف. 4941، ورواه أحمد (¬4) وابن أبي شيبة (¬5) وابن قانع (¬6) من حديث محمَّد بن عبد الله بن سلام. وحكى أبو نعيم في "معرفة الصحابة" (¬7) الخلاف فيه على شهر بن حوشب. [495] ورواه الطبراني (¬8) من حديث أبي أمامة. وذكره الشافعي في "الأم" (¬9) بغير إسناد، ولفظه: ويقال: إن قوما من الأنصار استنجوا بالماء، فنزلت فيه رجال الآية. ¬
تنبيه
تنبيه أهمل المصنف القول عند دخول الخلاء وعند الخروج منه وهو مستوفى في "السنن الكبير" (¬1) / (¬2) للبيهقي، فليراجع منه من أحب ذلك. وأشهر ما في القول عند الدخول: [496]- حديث أنس، وهو متفق عليه (¬3). [497]- وحديث زيد بن أرقم وهو في "السنن الأربعة" (¬4). وأشهر ما في القول عند الخروج: [498]- حديث عائشة، وهو في "السنن" (¬5). [499]- وحديث أبي ذر، وهو عند النسائي (¬6). والله الموفق. **** ¬
باب الأحداث
باب الأحداث 152 - [500]- حديث أنس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - احتجم وصلى ولم يتوضأ، ولم يزد على غسل محاجمه. الدارقطني (¬1) بلفظه: إلا أنه قال قال: فصلى. رواه البيهقي (¬2) وفي إسناده صالح بن مقاتل، وهو ضعيف. وادعى ابن العربي (¬3): أن الدارقطني صححه، وليس كذلك، بل قال عقبه في "السنن" صالح بن مقاتل ليس بالقوي. وذكره النووي (¬4) في فصل الضعيف. فصل [501]- وأما ما رواه الدارقطني (¬5) من حديث أبي هريرة مرفوعًا: "لَيْسَ في الْقَطْرَةِ وَلا في الْقَطْرَتَيْن مِنَ الذمِ وُضُوءٌ، إلاَّ أَنْ يَكُون دَمًا سَائِلًا". فإسناده ضعيف جدا؛ فيه محمَّد بن الفضل بن عطية وهو متروك. 153 - قوله: وروي مثل مذهبنا عن ابن عمر وابن عباس وابن أبي أوفى وأبي هريرة وجابر وعائشة. ¬
[502]- أما حديث ابن عمر؛ فرواه الشافعي في "القديم" (¬1) وابن أبي شيبة (¬2) والبيهقي (¬3): أنه عصر بثرة في وجهه، فخرج شيء من دمه، فحكه بين إصبعيه، ثم صلى ولم يتوضأ. وعلقه البخاري (¬4). وعن ابن عمر: أنه كان إذا احتجم غسل أثر المحاجم. [503]- وحديث ابن عباس رواه الشافعي (¬5) عن رجل، عن ليث، عن طاوس، عن ابن عباس قال: اغسل أثر المحاجم عنك وحسبك. [504]- وحديث ابن أبي أوفى ذكره الشافعي (¬6) ووصله البيهقي في "المعرفة" (¬7). [505]- وكذا حديث أبى هريرة موقوفًا. [506]- وحديث جابر، علقه البخاري، ووصله ابن خزيمة (¬8) وأبو داود (¬9) وغيرهما، من طريق عقيل بن جابر، عن أبيه: أن رجلين من الصحابة حرسا ¬
في ليلة غزوة ذات الرقاع، فقام أحدهما يصلي فجاء رجل من الكفار فرماه بسهم فوضعه فيه، فنزعه، ثم رماه بآخر، فنزعه ثم رماه بثالث، فركع وسجد ثم انتبه صاحبه، فلما رأى ما به من الدماء قال: ألا أنبهتني قال: كنت في سورة فأحببت أن لا أقطعها. وحديث عائشة، لم أقف عليه. 154 - [507]- حديث جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الضَّحِكُ يَنْقُضُ الصلاة وَلا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ". الدارقطني (¬1)، ونقل عن أبي بكر النيسابوري (¬2) أنه قال: هو حديث منكر. وخطأ الدارقطني رفعه، وقال: الصحيح عن جابر من قوله (¬3). وقال ابن الجوزي (¬4) قال أحمد: ليس في الضحك حديث صحيح. وكذا قال الذهلي: لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الضحك في الصلاة خبر. وأبو شيبة المذكور في إسناد حديث جابر، هو الواسطي جد أبي بكر بن أبي شيبة، ووهم ابن الجوزي (¬5) فسمّاه [عبد الرحمن] (¬6) بن إسحاق. ¬
وروى ابن عدي (¬1): عن أحمد بن حنبل قال: ليس في الضحك حديث صحيح. [508]- وحديث الأعمى الذي وقع في البئر (¬2)، مداره على أبي العالية وقد اضطرب عليه فيه، وقد استوفى البيهقي الكلام عليه في "الخلافيات" (¬3). وجمع أبو يعلى الخليلي طرقه في "جزء مفرد". 155 - [509]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "تَوَضّؤُوا مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ، وَلا تَتَوَضَّئُوا مِنْ لُحُوم الْغَنَم". أبو داود (¬4) والترمذي (¬5) وابن ماجه (¬6) وابن حبان (¬7) وابن الجارود (¬8) وابن خزيمة (¬9) من حديث البراء بن عازب. ¬
فائدة
وقال ابن خزيمة في/ (¬1) "صحيحه": لم أر خلافاً [بين] (¬2) علماء الحديث: أن هذا الخبر صحيح من جهة النقل؛ لعدالة ناقليه. وذكر الترمذي الخلاف فيه علي بن أبي ليلى هل هو عن البراء، أو عن ذي الغرة، أو عن أسيد بن حضير، وصحح أنه عن البراء. وكذا ذكره ابن أبي حاتم في "العلل" (¬3) عن أبيه. قلت: وقد قيل: إن [ذا] (¬4) الغرة لقب البراء بن عازب، والصحيح أنه غيره، وأن اسمه يعيش (¬5). وحديث جابر بن سمرة رواه مسلم (¬6). وروى ابن ماجه (¬7) نحوه من حديث محارب بن دثار، عن ابن عمر. وذكر ابن أبي حاتم في "العلل" (¬8) عن أبيه أنه منكر، وأن له أصلًا من هذا الوجه عن ابن عمر لكنه موقوف. فائدة قال البيهقي: حكى بعض أصحابنا عن الشافعي قال: إن صح الحديث في لحوم الإبل قلت به. ¬
قال البيهقي (¬1): قد صح فيه حديثان؛ حديث جابر بن سمرة وحديث البراء، قاله أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه. 156 - [510]- حديث جابر: كان آخر الأمرين من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ترك الوضوء مما مست النار. الأربعة (¬2) وابن خزيمة (¬3) وابن حبان (¬4) من حديثه. وقال أبو داود: هذا اختصار من: 157 - [511]- حديث: قربت للنبي - صلى الله عليه وسلم - خبزا ولحما فأكل، ثم دعا بوضوء فتوضأ قبل الظهر، ثم دعا بفضل طعامه، فكل ثم قام إلى الصلاة ولم يتوضأ. وقال ابن أبي حاتم في "العلل" (¬5) عن أبيه نحوه، وزاد: ويمكن أن يكون ¬
شعيب حدث به من حفظه فوهم فيه. وقال ابن حبان (¬1) نحوا مما قاله أبو داود. وله علة أخرى: قال الشافعي في "سنن حرملة": لم يسمع ابن المنكدر هذا الحديث من جابر، إنما سمعه من عبد الله بن محمَّد بن عقيل. وقال البخاري في "الأوسط" (¬2): ثنا علي بن المديني، قال: قلت لسفيان: إن أبا علقمة الفروي روى عن ابن المنكدر عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أكل لحما ولم يتوضأ، فقال: أحسبني سمعت ابن المنكدر قال: أخبرني من سمع جابرا. ويشيد أصل حديث جابر ما أخرجه البخاري في "الصحيح" (¬3) عن سعيد بن الحارث، قلت لجابر: الوضوء مما مست النار؟ قال: لا. وللحديث شاهد من: 158 - [512]- حديث محمَّد بن مسلمة، أخرجه الطبراني في "الأوسط" (¬4) ولفظه: أكل آخر أمره لحما ثم صلى ولم يتوضأ. وقال الجوزجاني: حديث عائشة: ما ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - الوضوء مما مست النار حتى قبض، حديث باطل. ¬
159 - [159]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال في الرجل يصيبه المذي: "يَنْضَحُ فَرْجَهُ وَيَتَوَضَّأ وُضُوءَهُ للصَّلاةِ". الشيخان (¬1) عن علي: كنت رجلًا مذَّاءً فاستحييت أن أسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمكان ابنته مني، فأمرت المقداد فسأله فقال؛ "يَغْسِلُ ذَكَرَه وَيَتَوَضَّأُ". وفي رواية للبخاري (¬2): " تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَك". وفي رواية لمسلم (¬3): " تَوَضَّأْ وَانْضَحْ فَرْجَكَ". ورواه أبو داود (¬4) والنسائي (¬5) من طريق سليمان بن يسار، عن المقداد أن عليا أمره أن يسأل. وهذه الرواية منقطعة. ولأحمد (¬6) والنسائي (¬7) وابن حبان (¬8): أنه أمر عمار بن ياسر أن يسأل. وفي رواية لابن خزيمة (¬9): أن عليا سأل بنفسه. ¬
وجمع بينها ابن حبان (¬1) بتعدد الأسئلة. ورواه أبو داود (¬2) من طريق عروه، عن علي، وفيه: يَغْسِل أُنْثَيَيْه وَذَكَرَه". وعروة لم يسمع من علي - لكن رواه أبو عوانة في "صحيحه" (¬3) من حديث عبِيْدَة عن عَلي بالزيادة، وإساناده لا مطعن فيه. [514]- وروى أبو داود (¬4) من حديث حرام بن حكيم عن عمه عبد الله بن سعد قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - / (¬5) عن الماء يكون بعد الماء؟ قال: "ذَلِكَ ¬
الْمَذِيّ، وَكُلّ فَحْلٍ يُمْذِي، فَتَغْسِلُ مِن ذَلِكَ فَرْجَكَ وَأنْثَيَيْكَ، وَتوَضَّأْ وُضُوءَك للصَّلاة". وفي إسناده ضعف، وقد حسنه الترمذي. 160 - [515]- حديث: "لاَ وضوءَ إلا مِنْ صَوْتٍ أَوْ رِيح". أحمد (¬1) والترمذي (¬2) وصححه، وابن (¬3) ماجه (¬4) والبيهقي (¬5) من حديث أبي هريرة. وقال البيهقي: هذا حديث ثابت، قد اتفق الشيخان على إخراج معناه من حديث عبدالله بن زيد. وقال ابن أبي حاتم (¬6): سمعت أبي، وذكر حديث شعبة، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعًا: "لا وُضُوءَ إلاَّ مِنْ صَوْتٍ أَوْ رِيح". فقال أبي: هذا وهم اختصر شعبة متن الحديث، فقال: "لاَ وُضُوءَ إلاَّ مِنْ صَوْتٍ أَوْ رِيح". ورواه أصحاب سهيل بلفظ: "إذا كَانَ أَحَدُكُمْ في الصَّلاةِ فَوَجَد رِيحًا مِنْ نَفْسِه فَلا يخْرُجْ حَتَّى يَسْمَع صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا". ¬
[516]- ورواه أحمد (¬1) وللطبراني (¬2) من حديث السائب بن خباب، بلفظ: "لاَ وُضُوءَ إلاَّ مِنْ رِيحٍ أَوْ سَمَاعِ". 161 - [517]- قوله: روي أن - صلى الله عليه وسلم - قال: الوضوء مما خرج. الدارقطني (¬3) والبيهقي (¬4) من حديث ابن عباس بلفظ: "الْوُضُوءُ مِمَّا يَخْرُجُ وَلَيْسَ مِمَّا يَدْخلُ". وفي إسناده [الفضل] (¬5) بن المختار وهو ضعيف جدا، وفيه شعبة مولى ابن عباس وهو ضعيف. وقال ابن عدي (¬6): الأصل في هذا الحديث أنه موقوف. وقال البيهقي: لا يثبت مرفوعًا. ورواه سعيد بن منصور موقوفاٌ من طريق الأعمش، عن أبي ظبيان عنه. [518]- ورواه الطبراني (¬7) من حديث أبي أمامة، وإسناده أضعف من الأول. ¬
ومن حديث ابن مسعود موقوفًا (¬1) وفي الباب: [519]- عن ابن عمر، رواه الدارقطني في "غرائب مالك" من طريق سوادة ابن عبد الله عنه، عن نافع عن ابن عمر مرفوعًا: "لاَ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ، إلاَّ مَا خَرَجَ مِنْ قُبُلٍ أَوْ دُبُرِ". وإسناده ضعيف. 162 - [520]- حديث: "الْعَينَانِ وِكَاءُ السَّهِ ... ". أحمد (¬2) وأبو داود (¬3) وابن ماجه (¬4) والدارقطني (¬5) من حديث علي، وهو من رواية بقية، عن الوضين بن عطاء. قال الجوزجاني: واهٍ، وأنكر عليه هذا الحديث عن محفوظ بن علقمة، وهو ثقة عن عبد الرحمن بن عائذ، وهو تابعي ثقة معروف، عن علي. ¬
لكن قال أبو زرعة (¬1): لم يسمع منه. وفي هذا النفي نظر؛ لأنه يروى عن عمر (¬2) كما جزم به البخاري. [521]- ورواه أحمد (¬3) والدارقطني (¬4) من حديث معاوية أيضا. وفي إسناده بقية، عن أبي بكر بن أبي مريم وهو ضعيف (¬5). قال ابن أبي حاتم (¬6): سألت أبي عنّ هذين الحديثين فقال: ليسا بقويين. وقال أحمد: حديث علي أثبت من حديث معاوية في هذا الباب. وحسن المنذري (¬7) وابن الصلاح والنووي (¬8) حديث علي. وقال الحاكم في "علوم الحديث" (¬9): لم يقل فيه: "ومن نام فليتوضأ"، ¬
تنبيه
غير إبراهيم ابن موسى الرازي وهو ثقة. كذا قال! وقد تابعه غيره. تنبيه السَّه المذكور في هذا الحديث -بفتح السين المهملة وكسر الهاء المخففة-: الدّبر. والوكاء:- بكسر الواو. الخيط الذي تربط به الخريطة، والمعنى اليقظة وكاء الدبر أي حافظة ما فيه من الخروج؛ لأنه ما دام مستيقظا أحس بما يخرج منه. 163. [522] قوله: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "منِ اسْتَجْمَعَ نَومًا فَعَلَيه الْوُضُوءُ". البيهقي (¬1) من حديث أبي هريرة بلفظ: "منِ استحَقَّ النوْمَ وَجَبَ عَلَيْهِ الوُضُوء". وقال بعده: لا يصح رفعه. وروي موقوفًا (¬2). وإسناده صحيح. ورواه في "الخلافيات" (¬3) من طريق آخر عن أبي هريرة. وأعله بالربيع بن بدر، عن ابن عدي (¬4). وكذا قال الدارقطني في "العلل" (¬5): إن وقفه أصح. ¬
164 - [523] حديث: أن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا ينتظرون العشاء/ (¬1) فينامون قعودا، ثم يصلون ولا يتوضئون. الشافعي في "الأم" (¬2): أخبرنا الثقة، عن حميد، عن أنس به. وقال: أحسبه قعودا. قال الحاكم (¬3): أراد بالثقة بن علية. ورواه الشافعي أيضًا (¬4) ومسلم (¬5) وأبو داود (¬6) والترمذي (¬7) من حديث شعبة عن قتادة، عن أنس بلفظ: كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينتظرون العشاء الآخرة حتى تخفق رءوسهم، ثم يصلون ولا يتوضئون. قال أبو داود- واللفظ له: زاد فيه شعبة، عن قتادة: على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ولفظ الترمذي (¬8)، من طريق شعبة: لقد رأيت أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوقظون للصلاة، حتى إني لأسمع لأحدهم غطيطا، ثم يقومون فيصلون ولا يتوضئون. ¬
قال ابن المبارك (¬1): هذا عندنا وهم جلوس. قال البيهقي (¬2): وعلى هذا حمله عبد الرحمن بن مهدي، والشافعي. وقال ابن القطان (¬3): هذا الحديث سياقه في مسلم يحتمل أن يُنَزلَ على نوم الجالس وعلى ذلك نزله أكثر الناس لكن فيه زيادة تمنع من ذلك رواها يحيى القطان، عن شعبة عن قتادة، عن أنس قال: كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ينتظرون الصلاة فيضعون جنوبهم، فمنهم من ينام ثم يقوم إلى الصلاة. رواها قاسم بن أصبغ (¬4)، عن محمَّد بن عبد السلام، الخشني عن ابندار محمَّد بن بشار عنه. وقال ابن دقيق العيد (¬5): يحمل هذا على النوم الخفيف، لكن يعارضه رواية الترمذي التي فيها ذكر الغطيط. قال: وروى أحمد بن [عبيد] (¬6) هذا الحديث عن يحيى القطان بسنده، وليس فيه: يضعون جنوبهم. وكذا أخرجه الترمذي (¬7) عن ابندار بدونها. ¬
وكذا أخرِجه البيهقي (¬1) من طريق تمتام عن ابندار. ورواه البزار والخلال من طريق عبد الأعلى، عن شعبة، عن قتادة وفيه: فيضعون جنوبهم. وقال أحمد بن حنبل: لم يقل شعبة قط: كانوا يضطجعون. قال: وقال هشام: كانوا ينعسون. وقال الخلال: قلت لأحمد: حديث شعبة: كانوا يضعون جنوبهم؟ فتبسم، وقال: هذا بمرة يضعون جنوبهم. 165. [524] حديث ابن عباس: "وَجَبَ الوضوء عَلَى كلِّ نَائِمٍ، إلا منْ خَفَق خَفْقةً بِرَأسِه". رواه البيهقي (¬2) موقوفًا ومرفوعًا 166. [525]- قوله: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا وُضُوءَ عَلَى مَن نامَ قَاعِدًا، إنَّما الوُضُوءُ عَلَى مَنْ نَامَ مضْطجِعًا؛ فَإنَّ مَنْ نَامَ مُضطَجِعًا أَستَرْخَتْ مَفَاصِله". وفي لفظ: "لَا وُضُوءَ عَلَى مَنْ نامَ قَائمًا، أَوْ رَاكعًا، أَوْ سَاجدًا". ¬
أبو داود (¬1) والترمذي (¬2) والدارقطني (¬3) باللفظ الأول. ورواه عبد الله بن أحمد في زياداته (¬4) بلفظ: "لَيْسَ عَلَى من نَام سَاجِدًا وُضُوءً حَتى يضْطَجعَ". ورواه البيهقي (¬5) بلفظ: "لا يجب الوضوء على من نام جالسًا, أو قائمًا, أو سَاجِدًا, حَتى يَضَعَ جَنبهُ". الحديث. قال الرّافعي- تبعًا لإمام الحرمين-: أتفق أئمة الحديث على ضعف الرواية الثانية. قلت: مخرج الحديثين واحد، ومداره على يزيد أبي خالد الدالاني، وعليه اختلف في ألفاظه. وضعف الحديثه من أصله أحمد والبخاري فيما نقله الترمذي في "العلل المفرد" (¬6) , وأبو داود في "السنن" (¬7) والترمذي، وإبراهيم الحربي في "علله" (¬8)، وغيرهم. وقال البيهقي في "الخلافيات" (¬9): تفرد به أبو خالد الدالاني، وأَنكره عليه جميع أئمة الحديث. ¬
وقال في "السنن" (¬1): أنكره عليه جميع الحفاظ، وأنكروا سماعه من قتادة. وقال الترمذي (¬2): رواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن ابن عباس قوله ولم يذكر فيه أبا العالية ولم يرفعه. 167. [526]- حديث: "لا وُضُوءَ عَلَى مَنْ نَامَ قَائِمًا، أَوْ رَاكعًا، أَوْ سَاجِدا". رواه ابن عدي في "الكامل" (¬3) من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. إلا أنه ليس فيه (ساجدا). وفيه مهدي بن هلال وهو متهم بوضع الحديث. ومن رواية عمر بن هارون البلخي وهو متروك (¬4). ومن رواية مقاتل ابن سليمان (¬5) وهو متهم أيضًا. [527]- وروى البيهقي (¬6) من حديث/ (¬7) حذيفة قال: كنت في مسجد المدينة جالسا أخفق فاحتضني رجل من خلفي، فالتفت فإذا أنا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت: هل وجب علي الوضوء قال: "لَا حَتى تَضَعَ جَنْبَكَ". قال البيهقي: تفرّد به بحر بن كنيز السقاء وهو متروك لا يحتج به. ¬
[528]- وروى البيهقي (¬1) من طريق يزيد بن قسيط: أنه سمع أبا هريرة يقول: ليس على المحتبي النائم، ولا على القائم النائم، ولا على الساجد النائم، وضوء حتى يضطجع، فإذا اضطجع توضأ". إسناده جيد وهو موقوف. 168. [529]- قوله: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا نَامَ الْعَبْدُ في صَلاِتهِ بَاهَى الله بِهِ مَلائِكَتَه، يَقُول: انْظُرُوا لِعَبْدِي رُوحُهُ عِنْدِي، وَجَسَدُهُ سَاجِد بَينَ يَدَيَّ". أنكر جماعة منهم القاضي ابن العربي وجوده. وقد رواه البيهقي في "الخلافيات" (¬2) من حديث أنس، وفيه داود بن الزبرقان وهو [ضعيف] (¬3). (¬4). وري من وجه آخر عن أبان عن أنس، وأبان متروك. [530]- ورواه ابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ" (¬5) من حديث المبارك بن فضالة. وذكره الدارقطني في "العلل" (¬6) من حديث عباد بن راشد كلاهما، ¬
عن الحسن، عن أبي هريرة بلفظ: "إذا نَامَ الْعَبْدُ وَهُوَ سَاجِدٌ، يَقُولُ الله: انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي .. ". قال: وقيل: عن الحسن بلغنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال: والحسن لم يسمع من أبي هريرة انتهى. وعلى هذه الرواية اقتصر ابن حرم (¬1) وأعلها بالانقطاع. [531]- ومرسل الحسن أخرجه أحمد في "الزهد" (¬2) ولفظه: "إذا نَامَ الْعَبْدُ وَهُوَ سَاجِدٌ يُبَاهِي الله بِه الْمَلائِكَةَ، يَقُول: انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي؛ رُوحُهُ عِنْدِي وَهُوَ سَاجِدٌ لي". [532]- وروى ابن شاهين (¬3) عن أبي سعيد معناه وإسناده ضعيف 169 - [533]- حديث عائشة: أصابت يدي أخمص قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما فرغ من الصلاة، قال: "أَتَاكِ شَيطَانُكِ ... ". هذا الحديث بهذا السّياق لم أره بلفظه. نعم أصله في مسلم (¬4) من حديث الأعرج، عن أبي هريرة، عن عائشة قالت: فقدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة من الفراش، فالتمسته فوقعت يدي على بطن قدميه وهو في المسجد، وهما منصوبتان، يقول: "اللهُمَّ إني أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ". ¬
ورواه البيهقي (¬1) كذلك وزاد وهما منصوبتان وهو ساجد، وأعل البيهقي هذه الرواية بأن بعضهم رواه عن الأعرج، عن عائشة، بدون ذكر (أبي هريرة). ورجح البرقاني الرواية الزائدة. أعني رواية مسلم- وروى مسلم (¬2) أيضا في أواخر الكتاب عن عائشة قالت: خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - من عندها ليلا، فغرت عليه، فجاء فرأى ما أصنع؟ فقال: "مَالَكِ يَا عَائِشَةُ أَغِرْتِ؟ " فقلت: ومالي لا يغار مثلي على مثلك؟ فقال: "لَقَدْ جَاءَكِ شَيْطَانُكِ" قالت: يا رسول الله أو معي شيطان؟ ... الحديث. وذكره ابن أبي حاتم في "العلل" (¬3) من طريق يونس بن خباب، عن عيسى بن عمر، عن عائشة أنها: افتقدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا هو في المسجد، فوضعت يدها على أخمص قدميه وهو يقول: "اللهُمّ أعُوذ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ". قال أبو حاتم: لا أدري عيسى أدرك عائشة أم لا؟ وروى الطبراني في "المعجم الصغير" (¬4) من حديث عمرة، عن عائشة، قالت: فقدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة فقلت: إنه قام إلى جاريته مارية، فقمت ألتمس الجدار، فوجدته قائما يصلي، فأدخلت يدي في شعره، لأنظر اغتسل أم لا؟ فلما انصرف قال: "أَخَذَكِ شَيْطَانُكِ يَا عَائِشَة ... " الحديث. قلت: وظاهر/ (¬5) هذا السياق يقتضي تغاير القصتين، مع الاختلاف في ¬
تنبيه
الإسناد على راويه عن عمرة، فإنه من رواية فرج بن فضالة- وهو ضعيف. عن يحيى بن سعيد، عن عمرة. وقد رواه جعفر بن عون، و [وهيب] (¬1)، ويزيد ابن هارون، وغير واحد عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن عائشة. ومحمد لم يسمع من عائشة. قاله أبو حاتم (¬2). تنبيه قال الشافعي: [534]- روى معبد بن نباتة، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقبل ولا يتوضأ (¬3). وقال: لا أعرف حال معبد، فإن كان ثقة فالحجة فيما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. قلت: روي من عشرة أوجه عن عائشة أوردها البيهقي في "الخلافيات" (¬4) وضعفها. وسيأتي ذكر حديث النسائي في آخر الباب. 170 - [535]- حديث بسرة بنت صفوان، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "مَن مَسَّ ذَكرَهُ فَلْيَتَوَضَّأ". ¬
مالك (¬1) والشافعي (¬2) عنه، وأحمد (¬3) والأربعة (¬4) وابن خزيمة (¬5) وابن حبان (¬6) والحاكم (¬7) وابن الجارود (¬8) من حديثها، وصححه الترمذي. ونقل عن البخاري (¬9) أنه أصح شيء في الباب. وقال أبو داود: قلت لأحمد: حديث بسرة ليس بصحيح؟ قال: بل هو صحيح. وقال الدارقطني (¬10) صحيح ثابت. وصححه أيضا يحيى بن معين فيما حكاه ابن عبد البر (¬11) [وأبو حامد] (¬12) بن الشرقي، والبيهقي، والحازمي. وقال البيهقي (¬13): هذا الحديث وإن لم يخرجه الشيخان؛ لاختلاف وقع في ¬
سماع عروة منها، أو من مروان فقد إحتجا بجميع رواته، واحتج البخاري بمروان بن الحكم في عدة إحاديث؛ فهو على شرط البخاري بكل حال. وقال الإسمياعيلي في "صحيحه"- في أواخر تفسير سورة آل عمران-: إنه يلزم البخاري إخراجه، فقد أخرج نظيره. وغاية ما يُعَلَّل به هذا الحديث: أنه من رواية عروة عن مروان، عن بسرة، وأن رواية من رواه عن عروة عن بسرة منقطعة؛ فإن مروان حدث به عروة فاستراب عروة بذلك، فأرسل مروان رجلا من حرسه إلى بسرة , فعاد إليه بأنها ذكرت ذلك , فرواية من رواه عن عروة عن بسرة منقطعة، والواسطة بينه وبينها إما مروان وهو مطعون في عدالته، أو حرسيه وهو مجهول. وقد جزم ابن خزيمة وغير واحد من الأئمة بأن عروة سمعه من بسرة، وفي صحيح ابن خزيمة (¬1) وابن حبان (¬2) قال عروة: فذهبت إلى بسرة فسألتها فصدقته. واستدل على ذلك براوية جماعة من الأئمة له, عن هشام بن عروة, عن أبيه, عن مروان, عن بسرة. قال عروة: ثم لقيت بسرة فصدقته. وبمعنى هذا أجاب الدارقطني (¬3) وابن حبان (¬4) وقد أكثر ابن خزيمة وابن حبان والدارقطني والحاكم من سياق طرقه، بما اجتمع لي في "الأطراف" التي ¬
تنبيه
جمعتها لكتبهم (¬1)، وبسط الدارقطني في "علله" الكلام عليه في نحو من كراسين. وأما الطعن في مروان فقد قال [ابن حزم] (¬2): لا نعلم لمروان شيئا يجرح به قبل خروجه على بن الزبير، وعروة لم يلقه إلا قبل خروجه على أخيه. تنبيه نقل بعض المخالفين عن يحيى بن معين، أنه قال: ثلاثة أحاديث لا تصح؛ حديث "مَسّ الذكر"، و"لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَليّ"، و"كلُّ مُسْكِرٍ حرَام". ولا يعرف هذا عن ابن معين، وقد قال ابن الجوزي (¬3): إن هذا لا يثبت عن ابن معين، وقد كان من مذهبه انتقاض الوضوء بمسه. وقد روى الميموني عن يحيى بن معين أنه قال: إنما يطعن فى حديث بسرة من لا يذهب إليه. وفي "سؤالات مضر بن محمد" له قلت ليحيى: أي شيء صحّ في مسّ الذّكر؟ قال: حديث مالك عن عبد الله بن أبي بكر، عن عروة، عن مروان عن بسرة؛ فإنه يقول فيه/ (¬4): سمعت، ولولا هذا لقلت: لا يصح فيه شيء. فهذا يدل بتقدير ثبوت الحكاية المتقدمة [عنه] (¬5) على أنه رجع عن ذلك، وأثبت صحته بهذه الطريق خاصة. ¬
تنبيه آخر
تنبيه آخر طعن الطحاوي (¬1) في رواية هشام بن عروة، عن أبيه لهذا الحديث بأن هشامًا لم يسمعه من أبيه، إنما أخذه عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم. وكذا قال النسائي (¬2): إن هشاما لم يسمع هذا من أبيه. وقال الطبراني في "الكبير" (¬3) حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا حجاج، حدثنا همام، عن هشام، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو، عن عروة. وهذه الرواية لا تدل على أن هشامًا لم يسمعه من أبيه، بل فيها أنه أدخل بينه وبينه واسطة، والدليل على أنه سمعه من أبيه أيضا: ما رواه الطبراني (¬4) أيضا حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، حدثنا يحيى ابن سعيد قال: قال شعبة: لم يسمع هشام حديث أبيه في مس الذكر. قال يحيى: فسألت هشامًا فقال أخبرني أبي. ورواه الحاكم (¬5) من طريق عمرو بن علي، حدثنا يحيى بن سعيد، عن هشام حدثني أبي. وكذا هو في "مسند أحمد" (¬6) حدثنا يحيى بن سعيد، عن هشام حدثني أبي. ورواه الجمهور من أصحاب هشام عنه، عن أبيه. بلا واسطة فهذا إما أن ¬
يكون هشام سمعه من أبي بكر عن أبيه، ثم سمعه من أبيه، فكان يحدث به تارة هكذا، وتارة هكذا، أو يكون سمعه من أبيه وثبته فيه أبو بكر، فكان تارة يذكر أبا بكر، وتارة لا يذكره، وليست هذه العلة بقادحة عند المحققين. وفي الباب: عن جابر، وأبي هريرة، وعبد الله بن عمرو، وزيد بن خالد، وسعد بن أبي وقاص، وأم حبيبة، وعائشة، وأم سلمة، وابن عباس، [وابن عمر] (¬1)، وعلي بن طلق (¬2)، والنعمان بن بشير، وأنس، وأبي بن كعب، ومعاوية بن حيدة، وقبيصة، وأروى بنت أنيس. [536]- أما حديث جابر؛ فذكره الترمذي (¬3)، وأخرجه ابن ماجه (¬4) والأثرم. وقال ابن عبد البر (¬5): إسناده صالح. وقال الضياء: لا أعلم بإسناده بأسا. وقال الشافعي: سمعت جماعة من الحفاظ غير ابن نافع يرسلونه. [537]- وأما حديث أبي هريرة؛ فذكره الترمذي (¬6)، وأخرجه الدارقطني (¬7) وغيره. وسيأتي. ¬
[538]- وأما حديث عبد الله بن عمرو؛ فذكره الترمذي (¬1) ورواه أحمد (¬2) والبيهقي (¬3) من طريق بقية حدثني محمد بن الوليد الزبيدي، حدثني عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده رفعه: "أَيمَا رَجُلٍ مَسَّ فَرْجَهُ فَليَتَوَضأ وَأَيمَا امْرَأَةٍ مَسَّتْ فَرْجَهَا فَلْتَتَوَضأ". قال الترمذي في "العلل" (¬4) عن البخاري: هو عندي صحيح. [539]- وأما حديث زيد بن خالد الجهني، فذكره الترمذي (¬5) وأخرجه أحمد (¬6) والبزار (¬7) من طريق عروة عنه. قال البخاري: إنما رواه الزهري، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عروة، عن بسرة وقال ابن المديني أخطأ فيه بن إسحاق. انتهى. وأخرجه البيهقي في "الخلافيات" (¬8) من طريق ابن جريج، حدثني الزهري، عن عبدالله بن أبي بكر، عن عروة، عن بسرة. وزيد بن خالد وأخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" (¬9) عن محمد بن بكر ¬
البرساني عن ابن جريج. وهذا إسناد صحيح. [540]- وأما حديث سعد بن أبي وقاص؛ فذكره الحاكم (¬1) وأخرجه. [541]- وأما حديث أم حبيبة؛ فصححه أبو زرعة والحاكم (¬2)، وأعله البخاري (¬3) بأن مكحولا لم يسمع من عنبسة بن أبي سفيان. وكذا قال يحيى بن معين، وأبو زرعة، وأبو حاتم والنسائي (¬4): إنه لم يسمع منه. وخالفهم دحيم وهو أعرف بحديث الشاميين، فأثبت سماع مكحول من عنبسة. وقال الخلال في "العلل" صحح أحمد حديث أم حبيبة، أخرجه ابن ماجه (¬5) من حديث العلاء بن الحارث، عن مكحول. وقال ابن السكن: لا أعلم به علة. [542]- وأما (¬6) حديث عائشة فذكره الترمذي (¬7) وأعله أبو حاتم (¬8). وسيأتي من طريق الدارقطني (¬9). [543]- وأما حديث أم سلمة، فذكره الحاكم (¬10). ¬
[544]- وأما حديث ابن عباس؛ فرواه البيهقي (¬1) من جهة ابن عدي في "الكامل" (¬2) وفي إسناده الضحاك بن [حجوة] (¬3) وهو منكر الحديث (¬4). [545]- وأما حديث ابن عمر؛ فرواه الدارقطني (¬5) والبيهقي (¬6) من طريق إسحاق الفروي، عن عبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعًا. والعمري ضعيف. وله طريق أخرى أخرجها الحاكم (¬7) وفيها عبد العزيز بن أبان، وهو ضعيف. وطريقة أخرى أخرجها ابن عدي (¬8) وفيها أيوب بن عتبة وفيه مقال. [546]- وأما حديث علي بن طلق (¬9) فأخرجه الطبراني (¬10) وصححه. ¬
[547]- وأما حديث النعمان بن بشير، فذكره ابن منده. [548 - 551]- وكذا حديث أنس، وأبي بن كعب، ومعاوية بن حيدة، وقبيصة، فذكره أبو القاسم ابن منده. [552]- وأما حديث أروى بنت أنيس؛ فذكره الترمذي (¬1) ورواه البيهقي (¬2) من طريق هشام أبي المقدام، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عنها. قال: وهذا خطأ (¬3). وسأل الترمذي البخاري عنه فقال: ما تصنع بهذا؟ لا تشتغل به. **** ¬
فصل
فصل 171 - [553]- حديث طلق بن علي: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن مس الذكر في الصلاة؟ فقال: "هل هو إلا بضعة منك". رواه أحمد (¬1) وأصحاب السنن (¬2) والدارقطني (¬3). وصححه عمرو بن علي الفلاس وقال (¬4): هو عندنا أثبت من حديث بسرة. وروي عن ابن المديني (¬5) أنه قال: هو عندنا أحسن من حديث بسرة. والطحاوي (¬6) وقال: إسناده مستقيم غير مضطرب , بخلاف حديث بسرة. وصححه أيضا ابن حبان (¬7) والطبراني (¬8) وابن حزم (¬9). وضعفه الشّافعي (¬10) وأبو حاتم وأبو زرعة (¬11) والدارقطني (¬12) ¬
والبيهقي (¬1) وابن الجوزي (¬2). وادّعى فيه النسخ: ابن حبان (¬3) والطبراني (¬4) وابن العربي (¬5) والحازمي (¬6) وآخرون. وأوضح ابن حبان وغيره ذلك والله أعلم. وقال البيهقي (¬7): يكفي في ترجيح حديث بسرة على حديث طلق، أن حديث طلق لم يخرجه الشيخان ولم يحتجا بأحد من رواته، وحديث بسرة قد احتجا بجميع رواته إلا إنهما لم يخرجاه للاختلاف فيه على عروة وعلى هشام بن عروة، وقد بينا أن ذلك الاختلاف لا يمنع من الحكم بصحته، وإن نزل عن شرط الشيخين. وتَقدَّم أيضا عن الإسماعيلي أنه ألزم البخاري إخراجه؛ لإخراجه نظيره في الصحيح. 172 - [554]- حديث: "إذَا أفضَى أَحَدكم بِيدِه إِلَى فَرْجِه ليس دونها حجابٌ وَلا سِتْرٌ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ". ابن حبان في "صحيحه" (¬8) من طريق نافع بن أبي نعيم، ويزيد بن عبد الملك ¬
جميعا عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة بهذا. وقال: احتجاجنا في هذا بنافع دون يزيد ابن عبد الملك. وقال في "كتاب الصلاة" له: هذا حديث صحيح سنده، عدول نقلته. وصححه الحاكم (¬1) من هذا الوجه وابن عبد البر (¬2). وأخرجه البيهقي (¬3) والطبراني في "الصغير" (¬4) وقال: لم يروه عن نافع بن أبي نعيم إلا عبد الرحمن بن القاسم، تفرد به أصبغ. وقال ابن السكن (¬5): هو أجود ما روي في هذا الباب. وأما يزيد بن عبد الملك فضعيف، وقال ابن عبد البر (¬6): كان هذا الحديث لا يعرف إلا من رواية يزيد، حتى رواه أصبغ عن ابن القاسم، عن نافع بن أبي نعيم ويزيد جميعا عن المقبري، فصح الحديث إلا أن أحمد بن حنبل كان لا يرضى نافع بن أبي نعيم في الحديث، ويرضاه في القراءة. وخالفه ابن معين فوثقه. ورواه الشّافعي (¬7) والبزار (¬8) والدارقطني (¬9) من طريق يزيد بن عبد الملك خاصة. ¬
تنبيه
وقال فيه النسائي (¬1) / (¬2): متروك. وضعفه غيره. قال البزار: لا نعلمه يروي عن أبي هريرة بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه. وأدخل البيهقي في "الخلافيات" (¬3) بين يزيد بن عبد الملك النوفلي وبين المقبري رجلا؛ فإنه أخرجه من طريق الشافعي، عن عبد الله بن نافع، عن النوفلي، عن أبي موسى الحناط (¬4)، عن المقبري. وقال: قال ابن معين (¬5): أبو موسى هذا رجل مجهول. تنبيه احتج أصحابنا بهذا الحديث في أن النقض إنما يكون إذا مس الذكر بباطن ¬
الكف؛ لما يعطيه لفظ الإفضاء؛ لأن مفهوم الشرط يدل على أن عين الإفضاء لا ينقض، فيكون تخصيصا لعموم المنطوق. لكن نازع في دعوى أن الإفضاء لا يكون إلا ببطن الكف غير واحد. قال ابن سيدة في "المحكم" (¬1): أفضى فلان إلى فلان: وصل اليه والوصول أعم من أن يكون بظاهر الكف أو باطنها. وقال ابن حرم (¬2): الإفضاء يكون بظهر اليد كما يكون ببطنها. وقال بعضهم: الإفضاء فرد من أفراد المس فلا يقتضي التخصيص. 173 - [555]- حديث عائشة: "ويلٌ لِلَّذِين يَمُسُّون فُرُوجَهُمْ ثُمَّ يُصَلّون وَلا يَتَوَضَّئُون" الحديث. وفيه: "إذَا مَسَّتْ إِحْدَاكُنَّ فَرْجَهَا فَلْتَتَوضَّأْ". الدارقطني (¬3) وضعفه بعبد الرحمن بن عبد الله العمري، وكذا ضعفه ابن حبان (¬4) به. وله شاهد من حديث عبد الله بن عمرو وقد تَقَدَّم. وروى ابن عدي (¬5) من حديث بسرة: أنها سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمر بالوضوء من مس الذكر والمرأة مثل ذلك. ¬
قال ابن عدي: تفرد بهذه الزيادة عبد الرحمن بن نمر. وقال أبو حاتم (¬1): فيه وهم في موضعين: إحداهما: في روايته إياه عن الزهري، عن عروة ولم يسمعه الزهري منه. والثاني: في ذكر المرأة. [556]- وروى الطحاوي (¬2) من طريق يحيى بن أبي كثير، أنه سمع رجلا يحدث في مسجد المدينة، عن عروة، عن عائشة، مثل حديث بسرة. رجال إسناده ثقات إلا هذا المبهم. وصحح الحاكم وقفه (¬3) على عائشة بالجملة الأخيرة، وأخرجه من طريقين. وروي عن عائشة ما يخالفه: [557]- قال أبو يعلى (¬4): حدثنا الجراح بن مخلد، حدثنا عمر بن يونس، حدثنا المفضل بن ثواب، حدثني حسين بن دراع، عن أبيه، عن سيف بن عبد الله الحميري، قال: دخلت أنا ورجال معي على عائشة فقالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "مَا أُبَالِي مَسَسْتُ فَرْجِي أَوْ أَنْفِي". إسناده مجهول. * حديث: من مس الفرج الوضوء. تَقَدَّم من حديث بسرة، وهذا لفظ رواية الطبراني (¬5) عن إسحاق الدبري، عن ¬
عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عروة، عن مروان عن بسرة: أنها سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمر بالوضوء من مس الفرج. فكأن عروة لم يرجع لحديثه، فأرسل إليها شرطيا فرجع فأخبرهم أنها سمعت ذلك. 174 - [558]- حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قَبَّل زبيبة الحسن أو الحسين وصلّى ولم يتوضأ. الطبراني (¬1) والبيهقي (¬2) من حديث أبي ليلى الأنصاري، قال: كنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فجاء الحسن فأقبل يتمرغ عليه، فرفع عن قميصه وقبل زبيبته. قال البيهقي: إسناده ليس بالقوي. قلت: وليس فيه أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى ولم يتوضأ. [559]- ورواه الطبراني (¬3) من طريق قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن ابن عباس قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فرج ما بين فخذي الحسين، وقبل زبيبته. وقابوس ضعفه النسائي. وليس في هذا الحديث أيضا: أنه صلى عقب/ (¬4) ذلك. وأنكر ابن الصلاح على الغزالي هذا السياق، والغزالي تبع الإمام في "النهاية" فيه. ¬
قال ابن الصلاح: وليس في حديث أبي ليلى تردد بين الحسن والحسين، إنما هو عن الحسن. بفتح الحاء مكبر. وإذا تقرر أنه ليس في الحديث أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى عقب ذلك، فلا يستدل به على عدم النقض. نعم يستدل به على جواز مس فرج الصغير ورؤيته. وقال الإمام في "النهاية": هو محمول على أن ذلك جرى من وراء ثوب. وتبعه الغزالي في "الوسيط" (¬1). قلت: وسياق البيهقي يأبى هذا التأويل؛ فإن فيه أنه رفع قميصه. 175 [560]- حديث أبي هريرة: " إذَا وَجَد أَحَدُكُمْ فِي بَطْنِه شَيئًا، فَأَشْكَل عَلَيه؛ أَخَرَجَ مِنْهُ شَيء أَمْ لا، فَلَا يَخْرجَنَّ مِنَ الْمَسْجِدِ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا". مسلم (¬2) وأبو داود (¬3) والترمذي (¬4). وفي الباب: [561]- عن عبد الله بن زيد بن عاصم المازني بمعناه، وهو في "الصحيحين" (¬5). ¬
176 - [562]- حديث: "إنَّ الشَّيطانَ لَيَأتِي أَحَدَكُمْ فَيَنْفَخُ بَينَ إِلْيَتَيهِ وَيَقُول: أَحْدَثْتَ أَحْدَثْتَ. فَلَا يَنْصَرِفَنَّ حَتَّى يَسْمَعَ صَوتًا، أَوْ يَجِدَ رِيحًا". هذا الحديث تبع في إيراده الغزالي (¬1)، وهو تبع الإمام، وكذا ذكره الماوردي (¬2). وقال ابن الرفعة في "المطلب": لم أظفر به- يعني هذا الحديث. انتهى. وقد ذكره البيهقي في "الخلافيات" (¬3) عن الربيع عن الشافعي، أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكره. بغير إسناد، دون قوله: "فَيَقُولُ: أَحْدَثْتَ أَحْدَثْتَ". وذكره المزني في "المختصر" (¬4) عن الشافعي نحوه بغير إسناد أيضا ثم ساقه البيهقي (¬5) من حديث عبد الله بن زيد بن عاصم المازني. وفي الباب عن أبي سعيد، وابن عباس. [563]- أما حديث أبي سعيد فرواه الحاكم (¬6) من طريق عياض بن عبد الله، ¬
تنبيه
عنه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا جَاءَ أَحَدَكُم الشيْطَانُ، فَقَال: إنَّكَ أَحْدَثْتَ فَلْيَقُلْ: كَذَبْتَ إلَّا مَا وَجَد رِيحًا بِأنْفِهِ، أَوْ سَمِعَ صَوْتًا بأُذْنِه". ورواه ابن حبان (¬1) بلفظ: "فَلْيَقُلْ فِي نَفْسِه: كَذَبْتَ". وهو عند أحمد (¬2) بلفظ: "إنَّ الشَّيْطَانَ لَيَأْتِي أَحَدَكُمْ وَهُو فِي صَلاتِهِ، فَيَأْخُذُ بِشَعْرَةٍ مِنَ دُبُرِهِ فَيَمُدّهَا، فَيَرى أَنَّه أَحْدَثَ فَلا يَنْصَرِفْ حَتى يَسْمَعَ صَوْتًا". وفي إسناد أحمد: علي بن زيد بن جدعان. [564]- وأما حديث ابن عباس فرواه البزار (¬3) بلفظ: "يَأْتِي أَحَدَكُم الشيْطَانُ فِي صَلاتِهِ حَتى يَنْفُخَ فِي مَقْعَدَتِه، فَيُخَيلُ لَهُ أَنه قَدْ أَحْدَثَ وَلَمْ يُحْدِثْ، فإذَا وَجَد ذَلِكَ أَحَدُكُم فَلا يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعْ صَوْتًا بِأُذْنِهِ، أَوْ يَجِدْ رِيحًا بأَنْفِه". وفي إسناده أبو أويس، لكن تابعه الدراوردي، عند البيهقي (¬4). تنبيه قال الرافعي: هذا الخبر حجة على مالك في تفرقته بين الشك في الصلاة وخارجها، لأنه مطلق. انتهى. [565]- ورواية أبي داود (¬5) لهذا الحديث حجة لمالك، فإنه أخرج من حديث عبد الله بن زيد بلفظ: "إذَا كَانَ أَحَدُكُم فِي الصلاةِ فَوَجَد ريحًا أَوْ حَركةَ في دُبُرِه ¬
فَأَشكَلَ عَلَيْه، فلا يَنصَرِف ... " الحديث. 177 - [566]- حديث ابن عباس في الذي له ما للرجال وما للنساء: يورث من حيث يبول. ابن عدي (¬1) والبيهقي (¬2) من طريق الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سئل عن مولود له قُبُلٌ وذكر من أين يورث؟ قال: "مِن حَيْثُ يَبُول". أورده البيهقي في "المعرفة" (¬3) في الفرائض. والكلبي هو محمد بن السائب متروك الحديث، بل كذاب. وأخرجه ابن الجوزي في "الموضوعات" (¬4). ويغني عن هذا الحديث: الاحتجاجُ في هذه المسألة بالإجماع، فقد/ (¬5) نقله ابن المنذر (¬6) وغيره. [567]-[وقد] (¬7) روى ابن أبي شيبة (¬8) وعبد الرزاق (¬9) هذا عن علي أنه ورَّث ¬
خنثى من حيث يبول. إسناده صحيح. 178 - [568]- حديث: "لَا صَلاةَ إلَّا بِطَهَارَةٍ". قلت: لم أر هذا الحديث بهذا اللفظ. نعم روى الترمذي (¬1) من حديث ابن عمر "لَا يُقْبَلُ صَلاةٌ إلَّا بِطُهُورِ". وأصله في "صحيح مسلم" (¬2) بلفظ: "لا تُقْبَلُ صَلاةٌ بِغَيْر طُهُورٍ". [569]- ورواه الطبراني في "الأوسط" (¬3) من حديث ابن عمر بلفظ: "لَا صَلاةَ لِمَنْ لا طُهُورَ لَه". وفي الباب عن والد أبي المليح، وأبي هريرة، وأنس، وأبي بكرة، وأبي بكر الصديق، والزبير بن العوام، وأبي سعيد الخدري، وغيرهم. وقد أوضحت طرقه وألفاظه في الكلام على "أوائل الترمذي". 179 [570]- حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "الطَّوافُ بالْبَيتِ صَلاةٌ إلَّا أنَّ الله أَبَاحَ فِيهِ الْكَلامَ" الترمذي (¬4) والحاكم (¬5) والدارقطني (¬6) من حديث ابن عباس. وصححه ابن السكن ¬
وابن خزيمة (¬1) وابن حبان (¬2). وقال الترمذي (¬3). روي مرفوعًا وموقوفًا، ولا نعرفه موفوعا إلا من حديث عطاء. ومداره على عطاء بن السائب، عن طاوس عن ابن عباس. واختلف في رفعه ووقفه ورجح الموقوف النسائي والبيهقي (¬4) وابن الصلاح، والمنذري والنووي (¬5) وزاد: إن رواية الرفع ضعيفة. وفي إطلاق ذلك نظر؛ فإن عطاء بن السائب صدوق، وإذا روي عنه الحديث مرفوعًا تارة، وموقوفًا أخرى، فالحكم عند هؤلاء الجماعة للرفع، والنووي ممن يعتمد ذلك ويكثر منه، ولا يلتفت إلى تعليل الحديث به إذا كان الرافع ثقة فيجيء على طريقته أن المرفوع صحيح. فإن إعتل عليه بأن عطاء بن السائب أختلط ولا تقبل إلا رواية من رواه عنه قبل اختلاطه. أجيب: بأن الحاكم (¬6) أخرجه من رواية سفيان الثوري، عنه. والثوري ممن سمع قبل اختلاطه باتفاق، وإن كان الثوري قد اختلف عليه في وقفه ورفعه ¬
فعلى طريقتهم تُقَدَّم روايةُ الرّفع أيضا. والحق: أنه من رواية سفيان موقوف، ووهم عليه من رفعه. قال البزار: لا نعلم أحدا رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا ابن عباس، ولا نعلم أسند عطاء بن السائب عن طاوس غير هذا، ورواه غير واحد عن عطاء موقوفًا، وأسنده جرير وفضيل بن عياض. قلت: وقد غلط فيه أبو حذيفة؛ فرواه مرفوعا عن الثوري، عن عطاء، عن طاوس، عن [ابن عمر] (¬1). أخرجه الطبراني في "الأوسط" (¬2) عن محمد بن أبان، عن أحمد بن ثابت الجحدري، عنه. ثم ظهر أن الغلط من الجحدري، وإلا فقد أخرجه ابن السكن من طريق أبي حذيفة فقال: عن ابن عباس. وله طريق أخرى ليس فيها عطاء، وهي عند النسائي (¬3) من حديث أبي عوانة، عن إبراهيم بن ميسرة، عن طاوس، عن ابن عباس موقوفا. ورفعه عن إبراهيم محمدُ بن عبد الله بن عبيد بن عمير، وهو ضعيف، رواه الطبراني (¬4). ورواه البيهقي (¬5) من طريق موسى بن أعين، عن ليث بن أبي سليم، عن طاوس، عن ابن عباس مرفوعًا. ¬
وليث يستشهد به. قلت: لكن اختلف على موسى بن أعين فيه، فروى الدارمي (¬1)، عن علي بن معبد عنه، عن عطاء بن السائب. فرجع إلى رواية عطاء. ورواه البيهقي (¬2) من طريق الباغندي، عن عبد الله بن عمر بن أبان، عن ابن عيينة، عن إبراهيم مرفوعًا. وأنكره البيهقي على الباغندي (¬3). وله طريق أخرى مرفوعة أخرجها الحاكم (¬4) في أوائل تفسير سورة البقرة من "المستدرك" من طريق القاسم بن أبي أيوب، عن [سعيد بن جبير] (¬5)، عن ابن عباس، قال: قال الله لنبيه: {طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} فالطواف قبل الصلاة، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الطَّوافُ بِمَنْزِلَةِ الصَّلاةِ، إلَّا أن الله قَدْ أَحَل فِيهِ الْمَنْطِقَ، فَمن نَطَق فَلا يَنْطِقْ إلا بِخَيْرٍ". وصححّ إسناده، وهو كما/ (¬6) قال، فإنهم ثقات. وأخرج (¬7) من طريق حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس. أوله الموقوف. ¬
ومن طريق فضيل بن عياض (¬1) عن عطاء، عن طاوس. آخره المرفوع. وروى النسائي (¬2) وأحمد (¬3) من طريق ابن جريج، عن الحسن بن مسلم، عن طاوس عن رجل أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الطّوافُ صَلاةٌ، فَإِذَا طِفْتُمْ فأَقِلُّوا الْكَلامَ". وهذه الرواية صحيحة، وهي تعضد رواية عطاء بن السائب، وترجح الرواية المرفوعة. والظاهر: أن المبهم فيها هو ابن عباس، وعلى تقدير أن يكون غيرَه فلا يضر إبهام الصحابة. ورواه النسائي (¬4) أيضا: من طريق حنظلة بن أبي سفيان، عن طاوس، عن ابن عمر موقوفًا. وإذا تأملت هذه الطرق عرفت أنه اختلف على طاوس على خمسة أوجه، فأوضح الطرق وأسلمها رواية القاسم بن أبي أيوب، عن سعيد بن جبير، عن بن عباس؛ فإنها سالمة من الاضطراب، إلا أني أظن أن فيها إدراجا والله أعلم. 180 - [571]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لحكيم بن حزام: "لا تَمُسَّ المصْحَفَ إلَّا وَأَنْتَ طَاهِرٌ". ¬
الدارقطني (¬1) والحاكم في المعرفة (¬2) من "مستدركه" (¬3) والبيهقي في "الخلافيات" (¬4) والطبراني (¬5) من حديث حكيم قال: لما بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن قال: "لا تَمُسّ الْقُرْآنَ إلَّا وَأَنْتَ طَاهِرٌ". وفي إسناده سويد أبو حاتم وهو ضعيف. وذكر الطبراني في "الأوسط" (¬6) أنه تفرد به. وحسن الحازمي إسناده. واعترض النووي (¬7) على صاحب "المهذب" (¬8) في إيراده له عن حكيم بن حزام بما حاصله: أنه تبع في ذلك الشيخ أبا حامد. يعني في قوله: عن حكيم بن حزام- قال: والمعروف في كتب الحديث أنّه عن عمرو بن حرم. قلت: حديث عمرو بن حرم أشهر، وهو في الكتاب الطويل، كما سيأتي الكلام عليه في الدّيات إن شاء الله تعالى. ثم إنّ الشّيخ محي الدين في "الخلاصة" (¬9) ضعف حديث حكيم بن حزام، ¬
وحديث عمرو بن حزم جميعا. فهذا يدل على أنه وقف على حديث حكيم بعد ذلك. والله أعلم. وفي الباب: [572]- عن ابن عمر رواه الدارقطني (¬1) والطبراني (¬2). وإسناده لا بأس به. ذكر الأثرم: أن أحمد احتج به. [573]- و [عن] (¬3) عثمان بن أبي العاص، رواه الطبراني (¬4) وابن أبي داود في "المصاحف" (¬5). وفي إسناده انقطاع، وفي رواية الطبراني من لا يعرف (¬6). [574]- وعن ثوبان، أورده علي بن عبد العزيز في "منتخب مسنده" وفي إسناده خصيب بن جحدر، وهو متروك. [575]- وروى الدارقطني (¬7) في قصة إسلام عمر رضي الله عنه: أن أخته ¬
قالت له. قبل أن يُسْلِم: إنك رجس، ولا يمسه إلا المطهرون. وفي إسناده مقال (¬1). [576]- وفيه عن سلمان موقوفًا أخرجه الدارقطني (¬2) والحاكم (¬3). 181 - [577]- قوله: ويروى أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يَحْمِلُ الْمُصْحَفَ ولا يَمَسُّه إلَّا طَاهِرٌ". هذا اللّفظ لا يعرف في شيء من كتب الحديث، ولا يوجد ذكر حمل المصحف في شيء من الروايات. وأما [المس] (¬4) ففيه الأحاديث الماضية. 182 [578]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - كتب كتابا إلى هرقل، وكان فيه: {تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ...} الآية. متفق عليه (¬5) من حديث ابن عباس، عن أبي سفيان صخر بن حرب في حديث طويل. ¬
183. قوله: اللمس المراد به الجس باليد. روى عن ابن عمر وغيره انتهى. [579]- أمّا ابن عمر فرواه مالك (¬1) والشافعي (¬2) عنه، بلفظ: "مَنْ قَبل امْرَأَةً أَوْ جَسَّها بِيَدِهِ فَعَلَيْه الْوُضُوء". [580]- ورواه البيهقي (¬3) عن ابن مسعود، وبلفظ: "الْقبْلَةُ مِنَ اللمْسِ، وَفِيها الْوُضوء، واللَّمْسُ: مَا دُون الْجِمَاعِ". وفي رواية عنه (¬4) في قوله: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} معناه: ما دون الجماع. واستدل الحاكم (¬5) على أن المراد باللمس: ما دون الجماع بحديث عائشة: ما كان أو قلّ يوم إلا وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأتينا فيقيل عندنا، ويقبل ويلمس/ (¬6). الحديث. واستدل البيهقي (¬7) بحديث أبي هريرة: "الْيَدُ زِنَاهَا اللَّمْسُ" وفي قصة ماعز: "لَعَلَّكَ قَبلْتَ أَوْ لَمَسْتَ"، وبحديث عمر: "الْقِبْلَةُ مِنَ اللَّمْسِ فَتَوَضَّؤُوا مِنْهَا". وأما ابن عباس فحمله على الجماع. ¬
فائدة
فائدة [581]- روى النسائي (¬1) من طريق عبد الرّحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة قالت: إن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصلي وأنا معترضة بين يديه اعتراض الجنازة، حتى إذا أراد أن يوتر مسني برجله. إسناده صحيح. واستدل به على أن اللمس في الآية: الجماع؛ لأنه مسها في الصلاة واستمر. [582]- وأما حديث حبيب، عن عروة، عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقبل بعض نسائه، ثم يصلي ولا يتوضأ. فمعلول ذكر علته أبو داود (¬2) والترمذي (¬3) والدارقطني (¬4) والبيهقي (¬5)، وابن حزم (¬6)، وقال: لا يصح في هذا الباب شيء، وإن صح فهو محمول على ما كان عليه الأمر قبل نزول الوضوء من اللمس. **** ¬
باب الغسل
باب الغسل 184 - [583]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لفاطمة بنت أبي حبيش: "إذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وَإذَا أَدْبَرَتْ فَاغْتَسِلي وَصَلِّي". متفق عليه (¬1) من حديث عائشة بلفظ: "فَاغْسِلي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي". وفي رواية للبخاري (¬2): "ثم اغْتَسِلي وَصَلِّي". وفي رواية لابن منده: "فَلْتَغْتَسِلْ وَلْتصَلِّ". واستدل البيهقي (¬3) على أنها كانت مميزة بقوله في الحديث: "دَعِي الصَّلاةَ قَدْرَ الأيَّامِ التِي كنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا". ثم قال: ويحتمل أنه كان لها حالتان؛ حالة تميز، وحالة لا تميز، فأمرها بالرجوع إلى العادة. 185 [584]- حديث: "إِنَّما المَاءُ مِنَ الْمَاءِ". كرره في موضع آخر منه، وقد رواه مسلم (¬4) من حديث أبي سعيد الخدري مطولا. وفيه قصة عتبان بن مالك، واقتصر البخاري (¬5) على القصة دون قوله: "الْمَاء مِنَ الْمَاءِ". ¬
ورواه أبو داود (¬1) وابن خزيمة (¬2) وابن حبان (¬3) بلفظ الباب. [585]- ورواه أحمد (¬4) والنسائي (¬5) وابن ماجه (¬6) والطبراني (¬7) من حديث أبي أيوب. [586 - 589]- ورواه أحمد (¬8) من حديث رافع بن خديج، ومن حديث عتبان بن مالك (¬9) والطحاوي (¬10) من حديث أبي هريرة، وابن شاهين في "ناسخه" (¬11) من حديث أنس، وقد جمع طرقه الحازمي (¬12) وقبله ابن شاهين (¬13) 186 [590]- حديث عائشة: "إذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ فَقَد وَجَب الغُسْلُ"، فعلته أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاغتسلنا. ¬
الشافعي في "الأم" (¬1): أخبرنا الثقة، عن الأوزاعي، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، أو: عن يحيى بن سعيد، عن القاسم عنها. وفي "مختصر المزني": ذكره عن عبد الرحمن بن القاسم، بلا شك. وفي "سنن حرملة" رواه عن الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن عبد الرحمن، من غير شك. وهكذا رواه أحمد في "مسنده" (¬2) عن الوليد، حدثنا الأوزاعي، حدثني عبد الرحمن بن القاسم. به. وقال النسائي (¬3): أخبرنا عبيد الله بن سعيد، حدثنا الوليد، به. والترمذي (¬4) حدثنا محمد بن المثنى، حدّثنا الوليد. ثم قال: حسن صحيح. وصححه أيضا ابن حبان (¬5) وابن القطان (¬6)، وأعله البخاري (¬7) بأن الأوزاعي أخطأ فيه، ورواه غيره عن عبد الرحمن بن القاسم مرسلا، واستدل على ذلك: بأن أبا الزناد قال: سألت القاسم بن محمد: سمعتَ في هذا الباب شيئا؟ فقال: لا. وأجاب من صححه: بأنه يحتمل أن يكون القاسم كان نسيه، ثم تذكر فحدث ¬
تنبيه
به ابنه، أو كان حدث به ابنه ثم نسي. ولا يخلو الجواب عن نظر (¬1). تنبيه قال النووي في "التنقيح" (¬2): هذا الحديث أصله صحيح، إلا أن فيه تغييرا. وتبع في ذلك ابنَ الصلاح فإنه قال في "مشكل الوسيط": هو ثابت من حديث عائشة بغير هذا اللفظ. [وأما بهذا اللفظ] (¬3) فغير مذكور، انتهى. وقد عرف من رواية الشافعي ومن تابعه أنه مذكور باللفظ المذكور، وأصله في مسلم (¬4) بلفظ: "إذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَع، وَمسق الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسلُ". 187 [591]- حديث عائشة: "إذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ وَجَبَ الْغُسْل". تَقَدم قبله. فائدة ذهب الجمهور إلى نسخ حديث "إنَّمَا الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ". ¬
[592]- وأوله ابن عباس فقال: إنما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّما الْمَاء مِن الْمَاءِ" في الاحتلام. أخرجه الطبراني (¬1) وأصله في الترمذي (¬2)، ولم يذكر النبي -صلى الله عليه وسلم-. وفي إسناده لين؛ لأنه من رواية شريك، عن أبي الجحاف. [593]- وفي "السنن" (¬3) بسند رجاله ثقات عن أبي بن كعب، قال: إنما كان الماء من الماء رخصة في أول الإسلام. لكن وقع [عند] (¬4) أبي داود ما يقتضي انقطاعه: [594]- فقال: عن عمرو بن الحارث عن ابن شهاب، حدثني بعض من أرضى، أن سهل بن سعد أخبره، أن أبي بن كعب أخبره. وفي رواية ابن ماجه (¬5) من طريق يونس، عن الزهري، قال: قال سهل. وجزم موسى بن هارون والدارقطني بأن الزهري لم يسمعه من سهل. وقال ابن خزيمة (¬6): هذا الرجل الذي لم يسمه الزهري هو أبو حازم. ثم ساقه من طريق أبي حازم عن سهل، عن أبي: أن الفتيا التي كانوا يفتون: أن الماء من الماء، كانت رخصة رخصها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بدء الإسلام، ثم أمر بالاغتسال بعد. ¬
وقد وقع في رواية لابن خزيمة (¬1) من طريق معمر، عن الزهري، أخبرني سهل. فهذا يدفع قول ابن حزم: بأنه لم [يسمعه] (¬2) منه. لكن قال ابن خزيمة (¬3): أهاب أن تكون هذه اللفظة غلطا من محمد بن جعفر الراوي له، عن معمر. قلت: أحاديث أهل البصرة عن معمر يقع فيها الوهم، لكن في كتاب ابن شاهين (¬4) من طريق معلى بن منصور، عن ابن المبارك، عن يونس، عن الزهري، حدثني سهل. وكذا أخرجه بقي بن مخلد في "مسنده" عن أبي كريب عن ابن المبارك. وقال ابن حبان (¬5): يحتمل أن يكون الزهري سمعه من رجل، عن سهل ثم ¬
لقي [سهلا] (¬1) فحدثه، أو سمعه من سهل ثم ثبته فيه أبو حازم. [595]- ورواه ابن أبي شيبة (¬2) من طريق شعبة، عن سيف بن وهب (¬3)، عن أبي حرب بن أبي الأسود، عن عميرة بن يثربي (¬4)، عن أبي بن كعب نحوه. [596]- وروى مالك في "الموطأ" (¬5) عن الزّهري، عن سعيد بن المسيب: أنّ عمر وعثمان وعائشة كانوا يقولون: إذا مس الختان الختان فقد وجب الغسل. وفي الباب عدة أحاديث في عدم الإيجاب، لكن انعقد الإجماع أخيرا على إيجاب الغسل. قاله القاضي ابن العربي وغيره. 188 [597]- حديث: أن أم سليم جاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إن الله لا يستحي من الحق هل على المرأة من غسل إذا احتلمت؟ قال: "نَعَمْ، إذَا رَأَتِ الْمَاء"، فقالت لها أم ¬
سلمة: فضحت النساء .... الحديث. متفق عليه (¬1) من حديث أم سلمة. واللفظ للبخاري في الطهارة. وله ألفاظ عندهما. ورواه مسلم (¬2) من حديث أنس، عن أم سليم. [598]- ومن حديث عائشة (¬3) أن امرأة سألت. وفي الباب: [599]- عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده، أن بسرة سألت. أخرجه ابن أبي شيبة (¬4). [600، 601]- وعن أبي هريرة، أخرجه الطبراني في "الأوسط" (¬5). وعن خولة بنت حكيم، رواه النسائي (¬6). تنبيه/ (¬7): وقع في كلام الصيدلاني، وتبعه إمام الحرمين، ثم الغزالي، والروياني، ثم محمد بن يحيى: أن أم سليم جدة أنس. وغلطهم ابن الصلاح ثم النووي (¬8) في ذلك. ¬
تنبيه آخر
تنبيه آخر في "الوسيط" (¬1) أن القائلة: فضحت النساء: عائشة، وغلّطه بعض الناس فلم يصب، فقد وقع ذلك في مسلم (¬2). 189 [602]- حديث: "مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ". أحمد (¬3) والبيهقي (¬4) من رواية بن أبي ذئب، عن صالح مولى التوأمة، عن أبي هريرة، بهذا وزاد: "وَمَن حَمَلَة فَلْيَتَوَضَّأ". وصالح ضعيف. (¬5) ورواه البزار من رواية العلاء، عن أبيه. ومن رواية محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، ومن رواية أبي بحر البكراوي، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، كلهم عن أبي هريرة. ورواه الترمذي (¬6) وابن ماجه (¬7) من حديث عبد العزيز بن المختار، وابن حبان (¬8) من رواية حماد بن سلمة، كليهما (¬9) عن سهيل بن أبي صالح، ¬
عن أبيه، عن أبي هريرة. ورواه أبو داود (¬1) من رواية عمرو بن عمير، وأحمد (¬2) من رواية شيخ يقال له: أبو إسحاق، كلاهما عن أبي هريرة. وذكر البيهقي (¬3) له طرقا وضعفها ثم قال: والصحيح أنه موقوف. وقال البخاري (¬4): الأشبه موقوف. وقال علي وأحمد: لا يصح في الباب شيء، نقله الترمذي (¬5) عن البخاري عنهما. وعلق الشافعي (¬6) القول به على صحة الخبر. وهذا في البويطي. وقال الذهلي (¬7): لا أعلم فيه حديثا ثابتًا ولو ثبت للزمنا استعماله. وقال ابن المنذر: ليس في الباب حديث يثبت. وقال ابن أبي حاتم في "العلل" (¬8) عن أبيه: لا يرفعه الثقات، إنما هو موقوف. وذكر الدارقطني (¬9) الخلاف في حديث ابن أبي ذئب، هل هو عن صالح، أو ¬
عن المقبري، أو عن سهيل، عن أبيه، أو عن القاسم بن عباس، عن عمرو بن عمير، ثم قال: وقوله: عن المقبري أصح. وقال الرافعي (¬1): لم يصحِّح علماء الحديث في هذا الباب شيئًا مرفوعًا. قلت: قد حسّنه الترمذي، وصحّحه ابن حبان (¬2). وله طريق أخرى، قال عبد الله بن صالح: حدثنا يحيى بن أيوب، عن عقيل، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، رفعه: "مَنْ غَسلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ". ذكره الدارقطني (¬3) وقال: فيه نظر. قلت: رواته موثقون. وقال ابن دقيق العيد في "الإمام" (¬4): حاصل ما يعتل به وجهان: أحدهما: من جهة الرجال، ولا يخلو إسناد منها من متكلَّم فيه. ثم ذكر ما معناه: أن أحسنها: رواية سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة. وهي معلولة، وإن صححها ابن حبان [وابن حزم] (¬5) فقد رواه سفيان، عن سهيل، عن أبيه، عن إسحاق مولى زائدة، عن أبي هريرة. قلت: إسحاق مولى زائدة أخرج له مسلم (¬6)، فينبغي أن يصحح الحديث. قال: وأما رواية محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. فإسناد ¬
حسن، إلا أن الحفاظ من أصحاب محمد بن عمرو رووه عنه موقوفًا. وفي الجملة: هو بكثرة طرقه أسوأ أحواله أن يكون حسنا. فإنكار النووي (¬1) على الترمذي تحسينه معترض، وقد قال الذهبي في "مختصر البيهقي": طرق هذا الحديث أقوى من عدة أحاديث احتج بها الفقهاء ولم يعلوها بالوقف، بل قدموا رواية الرفع. والله أعلم. وفي الباب: [603]- عن عائشة رواه أحمد (¬2) وأبو داود (¬3) والبيهقي (¬4) وفي إسناده مصعب ابن شيبة وفيه مقال، وضعفه أبو زرعة، وأحمد، والبخاري. وصححه بن خزيمة (¬5). [604]- وفيه عن علي. وسيأتي في "الجنائز". [605]- وعن حذيفة ذكره ابن أبي حاتم (¬6) والدارقطني في "العلل" (¬7) وقالا: إنه لا يثبت. ¬
قلت: ونفيهما الثبوت على طريقة المحدثين، وإلّا فهو على طريقة الفقهاء قويّ، لأنّ رواته ثقات، أخرجه البيهقي (¬1) من طريق معمر، عن أبي إسحاق، عن أبيه، عن حذيفة. وأعله بأن أبا بكر بن إسحاق الصبغي قال: هو ساقط، قال علي بن المديني: لا يثبت فيه حديث. انتهى. وهذا التعليل ليس بقادح لما قدمناه. [606]- وعن أبي سعيد، رواه ابن وهب في "جامعه". [607]- وعن المغيرة، رواه أحمد في "مسنده" (¬2). وذكر الماوردي (¬3): أن بعض أصحاب الحديث خرج لهذا الحديث مائة وعشرين طريقًا. قلت: وليس ذلك ببعيد، وقد أجاب أحمد عنه بأنه منسوخ. وكذا جزم بذلك أبو داود، ويدل له/ (¬4): [608]- ما رواه البيهقي (¬5) عن الحاكم، عن أبي على الحافظ، عن أبي العباس الهمداني الحافظ، حدثنا أبو شيبة، حدثنا خالد بن مخلد، عن سليمان بن بلال، عن عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لَيْسَ عَلَيْكُمْ فِي غَسْلِ مَيِّتِكُمْ غُسْلٌ إِذَا غَسَّلْتُمُوه، إنَّ مَيِّتَكُمْ يَمُوتُ طَاهرًا، وَلَيس بِنَجِسٍ فَحَسْبُكُمْ أنْ تَغْسِلُوا أَيْدِيَكُم". ¬
قال البيهقي: هذا ضعيف، والحمل فيه على أبي شيبة. قلت: أبو شيبة هو إبراهيم بن أبي بكر بن أبي شيبة، احتج به النسائي، ووثقه الناس، ومَنْ فوقه احتج بهم البخاري. وأبو العباس الهمداني هو ابن عقدة (¬1) حافظ كبير، إنما تكلموا فيه بسبب المذهب، ولأمور أخرى ولم يُضَعَّف بسبب المتون أصلا. فالإسناد حسن. فيجمع بينه وبين الأمر في حديث أبي هريرة: بأن الأمر على الندب، أو المراد بالغسل غسل الأيدي، كما صرح به في هذا. قلت: ويؤيد أن الأمر فيه للندب ما روى الخطيب (¬2) في ترجمة "محمد بن عبد الله المخرمي" من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: قال لي أبي: كتبت حديث عبيدالله، عن نافع، عن ابن عمر: كنا نغسل الميت؛ فمنا من يغتسل، ومنا من لا يغتسل؟ قال: قلت: لا. قال: في ذلك الجانب شاب يقال له محمد بن عبد الله، يحدث به عن أبي هشام المخزومي، عن وهيب، فاكتبه عنه. ¬
قلت: وهذا إسناد صحيح، وهو أحسن ما جمع به بين مختلف هذه الأحاديث. والله أعلم. 190 [609]- حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "لَا يَقْرَأُ الْجُنُبُ وَلا الْحَائِضُ شَيئًا مِنَ الْقُرآن". الترمذي (¬1) وابن ماجه (¬2) من حديث ابن عمر. وفي إسناده إسماعيل بن عياش، وروايته عن الحجازيين ضعيفة، وهذا منها. وذكر البزار: أنه تفرد به عن موسى بن عقبة. وسبقه إلى نحو ذلك البخاري (¬3). (¬4) وتبعهما البيهقي (¬5) لكن رواه الدارقطني (¬6) من حديث المغيرة ابن عبد الرحمن، عن موسى، ومن وجه آخر، فيه مبهم، عن أبي معشر وهو ضعيف، عن موسى. وصحّح ابن سيد النّاس طريق المغيرة وأخطأ في ذلك؛ فإن فيها عبد الملك بن مسلمة وهو ضعيف، فلو سلم منه لصح إسناده. ¬
وإن كان ابن الجوزي (¬1) ضعفه بمغيرة بن عبد الرحمن فلم يصب في ذلك، فإن مغيرة ثقة. وكأن ابن سيد الناس تبع ابن عساكر في قوله في "الأطراف" (¬2): إن عبد الملك بن مسلمة هذا هو القعنبي، وليس كذلك، بل هو آخر. وقال ابن أبي حاتم (¬3) عن أبيه: حديث إسماعيل بن عياش هذا خطأ، وإنما هو ابن عمر قوله. وقال عبد الله بن أحمد (¬4)، عن أبيه: هذا باطل، أُنكر على إسماعيل. وله شاهد من: [610]- حديث جابر رواه الدارقطني (¬5) مرفوعا. وفيه محمد بن الفضل وهو متروك. وموقوفًا (¬6)، وفيه يحيى بن أبي أنيسة وهو كذاب. وقال البيهقي: هذا الأثر ليس بالقوي وصح عن عمر: أنه كان يكره أن يقرأ القرآن وهو جنب. وساقه عنه في "الخلافيات" (¬7) بإسناد صحيح. 191 - [611]- حديث علي بن أبي طالب: لم يكن يحجب النبي - صلى الله عليه وسلم - عن القرآن شيء، سوى الجنابة. ¬
وفي رواية: (يحجزه) أحمد (¬1) وأصحاب السنن (¬2) وابن خزيمة (¬3) وابن حبان (¬4) والحاكم (¬5) والبزار (¬6) والدارقطني (¬7) والبيهقي (¬8) من طريق شعبة، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سلمة، عن علي. وفي رواية للنسائي (¬9) عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، نحوه. وألفاظهم مختلفة. وصححه الترمذي، وابن السكن، وعبد الحق (¬10)، والبغوي في "شرح السنة" (¬11) وروى ابن خزيمة (¬12) بإسناده عن شعبة، قال: هذا الحديث ثلث رأس مالي. ¬
وقال/ (¬1) الدارقطني (¬2): قال شعبة: ما أحدث بحديث أحسن منه. وقال البزار (¬3): لا يروى من حديث علي إلا عن عمرو بن مرة، عن عبد الله ابن سلمة عنه. وحكى الدارقطني في "العلل": أن بعضهم رواه عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، عن علي، وخَطَّأَ هذه الرواية. وقال الشافعي في "سنن حرملة": إن كان هذا الحديث ثابتا ففيه دلالة على تحريم القرآن على الجنب. وقال في: "جماع كتاب الطهور" (¬4): أهل الحديث لا يثبتونه. قال البيهقي: إنما قال ذلك لأن عبد الله بن سلمة راويه كان قد تغير، وإنما روى هذا الحديث بعد ما كبر قاله شعبة. وقال الخطابي (¬5): كان أحمد يوهن هذا الحديث. وقال النووي في "الخلاصة" (¬6): خالف الترمذي الأكثرون فضعفوا هذا الحديث. وتخصيصه الترمذي بذلك دليل على أنه لم ير تصحيحه لغيره، وقد قدمنا ذكر من صححه غير الترمذي. ¬
[612]- وروى الدارقطني (¬1) عن علي موقوفا: اقرءوا القرآن ما لم تصب أحدكم جنابة، فإن أصابته فلا، ولا حرفا. وهذا يعضد حديث عبد الله بن سلمة، لكن قال ابن خزيمة: لا حجّة في هذا الحديث لمن منع الجنب من القراءة؛ لأنه ليس فيه نهي، وإنما هي حكاية فعل ولم يبين النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه إنما امتنع من ذلك لأجل الجنابة. [613]- وذكر البخاري (¬2) عن ابن عباس: أنه لم ير بالقرآن للجنب بأسا. [614]- وذكر في الترجمة قالت عائشة: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يذكر الله على كل أحيانه (¬3) 192 - [615]- حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا أُحِلّ الْمَسْجِدَ لِحائضٍ ولا جُنُبٍ". أبو داود (¬4) من حديث جسرة، عن عائشة، وفيه قصة. [616]- وابن ماجه (¬5) والطبراني (¬6) من حديث جسرة، عن أم سلمة، وحديث الطبراني أتم. ¬
وقال أبو زرعة (¬1) الصحيح: حديث جسرة، عن عائشة. وضعف بعضهم هذا الحديث: بأن راويه أفلت بن خليفة مجهول الحال. وأما قول ابن الرفعة في أواخر شروط الصلاة من "المطلب": بأنه متروك؛ فمردود، لأنه لم يقله أحد من أئمة الحديث. بل قال أحمد (¬2): ما أرى به بأسا. وقد صححه ابن خزيمة (¬3) وحسنه ابن القطان (¬4). 193 - [617]- حديث عائشة: كنت أغتسل أنا والنبي - صلى الله عليه وسلم - من إناء واحد، تختلف أيدينا فيه، من الجنابة. متفق عليه (¬5) باللفظ المذكور من حديثها، ومن حديث أم سلمة (¬6) وميمونة (¬7) نحوه. 194 - [618]- حديث عائشة: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يأكل أو ينام وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة. ¬
متفق عليه (¬1) بمعناه. ولفظ مسلم (¬2) من طريق الأسود عنها: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كان جنبا وأراد أن يأكل أو ينام توضأ وضوءه للصلاة. ولهما (¬3) من طريق أبي سلمة عن عائشة: كان إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة قبل أن ينام. وللبخاري (¬4) عن عروة، عنها: إذا أراد أن ينام وهو جنب؛ غسل فرجه وتوضأ للصلاة. ورواه النسائي (¬5) بلفظه- إلى قوله-: توضأ. وهو أيضا من رواية الأسود. وروى ابن أبي خيثمة، عن القطان قال: ترك شعبة حديث الحكم في الجنب إذا أراد أن يأكل. قلت: قد أخرجه مسلم (¬6) من طريقه، فلعله تركه بعد أن كان يحدث به؛ لتفرده بذكر الأكل، كما حكاه الخلال، عن أحمد. وقد روى الوضوء عند الأكل للجنب من: [619 - 621]- حديث جابر عند ابن ماجه (¬7) وابن خزيمة (¬8)، ومن حديث أم ¬
سلمة، وأبي هريرة عند الطبراني في "الأوسط" (¬1). [622]- وقد روى النسائي (¬2) من طريق أبي سلمة، عن عائشة، بلفظ: كان إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ وضوءه للصّلاة/ (¬3)، وإذا أراد أن يأكل أو يشرب غسل يديه، ثُم يأكل أو يشرب. [623]- وأما ما رواه أصحاب السنن (¬4) من حديث الأسود أيضا، عن عائشة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان ينام وهو جنب ولا يمس ماء؛ فقد قال أحمد (¬5): إنه ليس بصحيح. وقال أبو داود (¬6): هو وهم. وقال يزيد بن هارون: هو خطأ. وأخرج مسلم (¬7) الحديث دون قوله: ولم يمس ماء. وكأنه حذفها عمدا؛ لأنه عللها في كتاب "التمييز". وقال مهنا عن أحمد بن صالح (¬8): لا يحل أن يروى هذا الحديث. وفي "علل الأثرم" (¬9): لو لم يخالف أبا إسحاق في هذا إلا إبراهيم وحده ¬
لكفى، فكيف وقد وافقه عبد الرحمن بن الأسود، وكذلك روى عروة وأبو سلمة عن عائشة. وقال ابن مفوز: أجمع المحدثون على أنه خطأ من أبي إسحاق. كذا قال! وتساهل في نقل الإجماع؛ فقد صححه البيهقي، وقال: إن أبا إسحاق قد بيّن سماعه [من] (¬1) الأسود في رواية زهير عنه. وجمع بينهما ابن سريج على ما حكاه الحاكم، عن أبي الوليد الفقيه، عنه. وقال الدارقطني في "العلل": يشبه أن يكون الخبران صحيحين. قاله بعض أهل العلم. وقال الترمذي (¬2): يرون أن هذا غلط من أبي إسحاق. وعلى تقدير صحته؛ فيحمل على أن المراد: لا يمس ماء للغسل، ويؤيده رواية عبدالرحمن بن الأسود، عن أبيه، عند أحمد (¬3) بلفظ: كان يجنب من الليل ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، حتى يصبح ولا يمس ماء. أو كان يفعل الأمرين؛ لبيان الجواز. وبهذا جمع ابن قتيبة في "اختلاف الحديث" (¬4). ويؤيده: ما رواه هشيم، عن عبد الملك، عن عطاء، عن عائشة مثل رواية أبي إسحاق، عن الأسود. ¬
[624]- وما رواه ابن خزيمة (¬1) وابن حبان (¬2) في "صحيحيهما" عن ابن عمر: أنه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - أينام أحدنا وهو جنب؟ قال: "نَعَمْ ويتَوَضأُ إِنْ شَاءَ". وأصله في "الصحيحين" دون قوله: إن شاء. كما سيأتي. 195 [625]- حديث: "إذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ، ثُم بَدَا لَهُ أَنْ يُعَاوِدَ فَلْيَتَوَضَأ بَينَهُمَا وُضُوءًا". مسلم (¬3) من حديث أبي سعيد الخدري. ورواه أحمد (¬4) وابن خزيمة (¬5) وابن حبان (¬6) والحاكم (¬7) وزاد: "فإنَّه أَنْشَطُ لِلْعَوْدِ" (¬8). وفي رواية ابن خزيمة (¬9) والبيهقي (¬10): "فَليَتَوَضَّأْ وُضُوءَهُ للصَّلَاةِ"، وقال: إن الشافعي قال: لا يثبت مثله. وقال البيهقي: لعله لم يقف على إسناد حديث أبي سعيد، ووقف على إسناد ¬
حديث غيره فقد روي (¬1) عن عمر، وابن عمر بإسنادين ضعيفين. ويؤيد هذا: 196 [626]- حديث أنس الثابت في "الصحيحين" (¬2): أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يطوف على نسائه بغسل واحد. ويعارضه: [627]- ما روى أحمد (¬3) وأصحاب السنن (¬4) من حديث أبي رافع: أنه - صلى الله عليه وسلم - طاف على نسائه ذات ليلة يغتسل عند هذه، وعند هذه، فقيل: يا رسول الله ألا تجعله غسلا واحدًا؟ فقال: "هَذا أَزْكَى وَأَطْيَبُ". وهذا الحديث طعن فيه أبو داود (¬5) فقال: حديث أنس أصح منه. وقال النووي (¬6) هو محمول على أنه فعل الأمرين في وقتين مختلفين. 197 - [628]- حديث: روي عن عمر أنه قال: يا رسول الله أيرقد أحدنا وهو جنب؟ قال: "نَعَمْ، إِذَا تَوَضَّأَ أَحُدُكمْ فَلْيَرْقُدْ". ¬
قال: ويروى أنه قال: اغسل فرجك وتوضأ. متفق عليه (¬1) من حديث عبد الله بن عمر، والأول لفظ البخاري. وفي رواية لمسلم (¬2): "نَعَمْ ليَتَوَضَّأْ ثُمَّ لِيَنَمْ حَتَّى يَغْتَسِلَ إذَا شَاء". ولابن خزيمة (¬3): أينام أحدنا/ (¬4) وهو جنب؟ قال: " يَنَامُ ويتَوَضَّأْ إنْ شَاءَ". وفي رواية للشيخين (¬5): ذكر عمر أنه تصيبه جنابة من الليل، فقال: "تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ، ثُمَّ نَمْ". [629]- وروى مالك في "الموطأ" (¬6) عن ابن عمر: أنه كان لا يغسل رجليه إذا توضأ وهو جنب؛ للأكل أو النوم. ويؤيَّده: [630]- حديث علي في "سنن أبي داود" (¬7) حيث قال: هذا وضوء من لم يحدث. [631]- ولابن حبان (¬8) من حديث ابن عباس: بت عند ميمونة فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - عليه وسلم قام فبال ثم غسل وجهه وكفه، ثم نام. ¬
198 - [632]- حديث: "تَحْتَ كلِّ شَعْرَةٍ جَنَابَةٌ، فَبُلّوا الشَّعْر، وَأَنْقُوا الْبِشْرَ". أبو داود (¬1) والترمذي (¬2) وابن ماجه (¬3) والبيهقي (¬4) من حديث أبي هريرة، ومداره على الحارث بن وجبة، وهو ضعيف جدا. قال أبو داود (¬5): الحارث حديثه منكر، وهو ضعيف. وقال الترمذي (¬6): غريب لا نعرفه إلا من حديث الحارث، وهو شيخ ليس بذاك. وقال الدارقطني في "العلل" (¬7): إنما يروى هذا عن مالك بن دينار، عن الحسن، مرسلا. ورواه سعيد بن منصور، عن هشيم، عن يونس عن الحسن، قال: نبئت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكره. ورواه أبان العطار، عن قتادة، عن الحسن، عن أبي هريرة، من قوله. ¬
وقال الشافعي (¬1): هذا الحديث ليس بثابت. وقال البيهقي (¬2): أنكره أهل العلم بالحديث البخاري، وأبو داود، وغيرهما. وفي الباب: [633]- عن أبي أيوب رواه ابن ماجه (¬3) في حديث فيه: "أَدَاءُ الأمَانَةِ غَسْلُ الْجَنَابَةِ؛ فَإنَّ تَحْتَ كُلِّ شَعْرَةٍ جَنَابَةٌ". وإسناده ضعيف. [634]- وعن علي مرفوعًا: "مَنْ تَرَكَ مَوْضِعَ شَعْرَةٍ مِن جَنَابَةٍ لَمْ يَغْسِلْها، فُعِلَ بِه كَذَا وَكَذا" الحديث. وإسناده صحيح؛ فإنه من رواية عطاء بن السائب، وقد سمع منه حماد بن سلمة قبل الاختلاط (¬4) أخرجه أبو داود، وابن ماجه، من حديث حماد لكن قيل: إن الصواب وقفه على علي. 199 - قوله: فسروا الأذى في الخبر بموضع الاستنجاء، إذا كان قد استجمر بالحجر. ¬
والخبر المشار إليه سيأتي من حديث ميمونة. 200 - [635]- حديث عائشة: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا اغتسل من الجنابة، بدأ فغسل يديه، ثم يتوضأ كما يتوضأ للصلاة، ثم يدخل أصابعه في الماء، فيخلل بها أصول شعره، ثم يفيض الماء على جلده كله. متفق عليه (¬1) من حديث هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، ومن أوجه أخر. واللفظ للبخاري، وزاد فيه: ثم يصب على رأسه ثلاث غرفات. وعلى هذا احتجاج الرافعي به على الوضوء قبل الغسل واضح، واحتجاجه به على تقديم غسل الرجلين في الوضوء على الغسل مشكل؛ فإنه ظاهر في تأخيرهما في رواية مسلم ولفظه ثم أفاض على سائر جسده ثم غسل رجليه. 201 - [636]- حديث ميمونة: أنها وصفت غسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: ثم تمضمض واستنشق، وغسل وجهه وذراعيه، ثم أفاض على سائر جسده، ثم تنحى فغسل رجليه. متفق عليه (¬2) بمعناه وفي رواية مسلم (¬3): أدنيت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - غسله من ¬
الجنابهَ، فغسل كفيه مرتين أو ثلاثا، ثم أدخل يده في الإناء، ثم أفرغ به على فرجه، وغسل بشماله ثم ضرب بشماله الأرض فدلكها دلكا شديدا، ثم توضأ وضوءه للصلاة، ثم أفرغ على رأسه ثلاث حثيات ملء كفيه، ثم غسل سائر جسده، ثم تنحى عن مقامه ذلك فغسل رجليه، ثم أتيته بالمنديل فرده. وفي لفظ للبخاري (¬1): توضأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وضوءه للصلاة غير رجليه، وغسل فرجه وما أصابه/ (¬2) من الأذى، ثم أفاض عليه، ثم تنحى فغسل رجليه. 202 - [637]. قوله: ويفيض الماء على رأسه ثم على الشق الأيمن، ثم على الشق الأيسر، وذلك في غسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. البخاري (¬3) من حديث القاسم، عن عائشة، بلفظ: فبدأ بشق رأسه الأيمن، ثم الأيسر. ورواه مسلم (¬4) أيضا بنحوه. ورواه الإسماعيلي في "صحيحه" بلفظ: فبدأ بشقه الأيمن ثم الأيسر. ورواه ابن حبان (¬5) في "صحيحه" بلفظ: يصب على شقه الأيمن، ثم يأخذ بكفه يصب على شقه الأيسر. الحديث. ¬
وللبخاري (¬1) عن عائشة، كانت إحدانا إذا أصابتها جنابة أخذت بيديها فوق رأسها، ثم تأخذ بيدها على شقها الأيمن، وبيدها الأخرى على شقها الأيسر. [638]- ولأحمد (¬2) عن جبير بن مطعم: "أمّا أَنَا فَآخذُ مِلْءَ كَفَّيَّ ثلاثًا، وَأَصُبّ عَلَى رَأْسِي، ثُم أَفِيضُ عَلى سائِرِ جَسَدِي". 203. قوله: والترغيب في التجديد؛ إنما ورد في الوضوء. والغسل ليس في معناه. كأنه يشير إلى: [639]- حديث ابن عمر: "مَنْ تَوَضَّأَ عَلَى طُهْرٍ كُتِب لَهُ عَشْرُ حَسْنَاتِ". رواه أبو داود (¬3) والترمذي (¬4)، وسنده ضعيف. * حديث: "أَمّا أنا فَأَحْثِي عَلَى رَأْسِي ثَلاثَ حَثَياتٍ، فَإذَا أَنا قَدْ طَهُرْتُ". تَقَدم في "الوضوء". 204. [640]- حديث عائشة: أن امرأة جاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تسأله عن الغسل من الحيض؟ فقال: "خُذِي فِرْصَةً مِنْ مسْكٍ ¬
تنبيه
فَتَطَهَّرِّي بِهَا". الحديث. الشافعي (¬1) والبخاري (¬2) ومسلم (¬3). وسماها مسلم (¬4) أسماء بنت شكل، وقيل: إنه تصحيف، والصواب أسماء بنت يزيد بن السكن. ذكره الخطيب في "المبهمات". وقال المنذري: يحتمل أن تكون القصة تعددت والله أعلم. 205 - [641]- وقوله: وروى: "خذي فِرْصَةً ممسَكَةً" انتهى. متفق عليه (¬5) بهذا اللفظ أيضا. تنبيه الفرصة: القطعة من كل شيء، وهي بكسر الفاء وإسكان الراء، حكاه ثعلب. وقال ابن سيده: الفرصة من القطن أو الصوف: مثلثة الفاء. والمسك: هو الطيب المعروف. وقال عياض (¬6): رواية الاكثرين بفتح الميم، وهو الجلد. وفيه نظر؛ لقوله في بعض الروايات، فإن لم تجد فطيبا غيره. كذا أجاب به الرافعي في "شرح المسند". ¬
وهو متعقب؛ فإن هذا لفظ الشافعي في "الأم". نعم في رواية عبد الرزاق (¬1): يعني بالفرصة: المسك أو الذريرة. 206 - [642]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يتوضأ بالمد، ويغتسل بالصاع. مسلم (¬2) من حديث سفينة (¬3). [643]- وأتفقا عليه (¬4) من حديث أنس، بزيادة: إلى خمسة أمداد. وله ألفاظ. [644]- ولأبي داود (¬5) والنسائي (¬6) وإبن ماجه (¬7) من حديث عائشة كحديث الباب. [645]- ولأبي داود (¬8) وابن ماجه (¬9) وابن خزيمة (¬10) من حديث جابر مثله. ¬
وصحّحه ابن القطان (¬1). 207. [646]- قوله: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "سَيَأْتِي أَقْوَامٌ يَسْتَقِلّون هَذَا، فَمَنْ رَغِبَ فِي سُنَّتِي وَتَمَسَّكَ بِهَا بَعَث مَعِي فِي حَظِيرَةِ الْقُدُس". رواه الحافظ أبو المظفر السّمعاني في أثناء الجزء الثّاني من كتابه "الانتصار لأصحاب الحديث" من حديث أم سعد بلفظ: "الْوُضوء مُدٌّ، وَالْغُسْل صَاعٌ، وَسَيَأْتِي أَقْوَامٌ يَسْتَقلُّون ذَلِكَ، أولَئِكَ خِلافُ أَهْلِ سُنَّتِي، والآخِذُ بِسُنَّتِي مَعِي فِي حَظِيرَةِ الْقُدُس". وفيه عنبسة بن عبد الرحمن وهو متروك. وفي الباب: [647]- حديث عبد الله بن مغفل: "سَيَكُونُ قَوْم يَعْتَذون فِي الطُّهُورِ وَالدُّعَاءِ". وفيه قصة، وهو صحيح، رواه أحمد (¬2) وأبو داود (¬3) وابن ماجه (¬4) وابن حبان (¬5) والحاكم (¬6) وغيرهم. وورد في كراهية الإسراف في الوضوء أحاديث منها: ¬
[648]- حديث أبي بن كعب: "إن للوُضُوءِ شَيْطانا يُقال لُه: الْوَلَهَان .... ". رواه الترمذي (¬1) وغيره. وفيه خارجة بن مصعب، وهو ضعيف. [649]- وحديث ابن عمر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر بسعد وهو يتوضأ، فقال: "مَا هَذَا السَّرَف"/ (¬2). قال: أفي الوضوء إسراف؟ قال: "نَعَمْ، وَإنْ كُنْتَ عَلى نَهْر جَارٍ". رواه ابن ماجه (¬3). وغيره، وإسناده ضعيف. [650]- وروى ابن عدي (¬4) من حديث ابن عَباس، مَرْفُوعًا: "كَانَ يَتَعَوَّذُ بِالله مِنْ وَسْوَسَةِ الْوُضُوء". وإسناده واهٍ. 208 [651]- حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - توضأ بنصف مد. الطبراني في "الكبير" (¬5) والبيهقي (¬6) من حديث أبي أمامة. وفي إسناده الصلت بن دينار، وهو متروك. وفي رواية للبيهقي (¬7): بقسط من ماء. ¬
وفي رواية له (¬1): بأقل من مد. 209 [652]- حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - توضأ بثلث مد. لم أجده. والمعروف ما أخرجه ابن خزيمة (¬2) وابن حبان (¬3) من حديث عبد الله بن زيد: توضأ بنحو ثلثي المد. ورواه أبو داود (¬4) والنسائي (¬5) من حديث أم عمارة الأنصارية. وصحّحه أبو زرعة في "العلل" (¬6) لابن أبي حاتم. **** ¬
(2) كتاب التيمم
(2) كتاب التيمم
210 - [653]- قوله: روي: أن ابن عمر أقبل من الجرف، حتّى إذا كان بالمربد، تيمّم وصلّى العصر، فقيل له: أتتيمم وجدران المدينة تنظر إليك؟ فقال: أو أحيا حتى أدخلها، ثم دخل المدينة والشمس حية مرتفعة، فلم يعد الصّلاة. هذا الأثر أصله عند الشّافعي (¬1) عن ابن عيينة، عن ابن عجلان، عن نافع، عن ابن عمر: أنّه أقبل من الجرف حتى إذا كان بالمربد تيمم، فمسح وجهه ويديه، وصلى العصر، ثم دخل المدينة والشمس مرتفعة فلم يعد الصلاة. قال الشافعي: الجرف: قريب من المدينة. انتهى. ورواه [الدّارَقطنيّ] (¬2). (¬3) من طريق فضيل بن عياض، عن ابن عجلان بلفظ: أن ابن عمر تيمم بمربد النعم وصلى، وهو على ثلاثة أميال من المدينة، ثم دخل المدينة والشمس مرتفعة فلم يُعِدْ. ورواه الدّارَقطنيّ (¬4) والحاكم (¬5) والبَيهقيّ (¬6) من طريق هشام بن حسان، عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر، مرفوعًا. ¬
قال الدّارَقطني في "العلل": الصواب ما رواه غيره عن عبيد الله موقوفًا. وكذا رواه أيوب ويحيى بن سعيد الأنصاري وابن إسحاق وابن عجلان موقوفًا. وذكره البُخاريّ في "صحيحه" (¬1) تعليقا. وعند البَيهقيّ (¬2) من طريق الوليد بن مسلم، قيل للأوزاعي: حضرت العصر والماء جائر عن الطريق أيجب على أن أعدل إليه؟ فقال: حدثني موسى بن يسار عن نافع، عن ابن عمر أنه كان يكون في السفر، فتحضر الصلاة والماء منه على غلوة (¬3) أو غلوتين، ونحو ذلك ثم لا يعدل إليه. قلت: ولم أقف على المراجعة التي زادها الرافعي. 211 - [654]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - سئل أي الأعمال أفضل؟ قال: "الصَّلاة لأَوَّلِ وَقْتِهَا". رواه الدّارَقطنى (¬4) وابن خزيمة (¬5) وابن حبان (¬6) والحاكم (¬7) من حديث عثمان ابن عمر، عن مالك بن مغول، عن الوليد بن العيزار، عن أبي عمرو الشيباني عن ابن مسعود بهذا اللفظ. ¬
وأخرج له الحاكم متابعين وصححه على شرطهما. [655 - 656]- وله شواهد من حديث ابن عمر، وأم فروة، وغيرهما. وحديث أم فروة صححه ابن السكن، وضعفه الترمذي (¬1) وأصله في "الصحيحين" (¬2) بلفظ: "عَلَى وَقْتِهَا" بدل قوله: "لأولِ وَقْتِهَا". وأغرب النووي (¬3) فقال: إن الزيادة ضعيفة. 212 [657]- قوله: المرض مبيح للتيمم في الجملة؛ قال الله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ}. نقل عن ابن عباس أن المعنى: وإن كنتم مرضى فتيمموا. لم أجده هكذا. [658]- وروى الدّارَقطنيّ (¬4) من طريق عطاء بن السائب، عن سعيد، عن ابن عباس رخص للمريض التيمم بالصعيد. قال: ورواه علي بن عاصم عن عطاء مرفوعًا، والصواب وقفه. وقال أبو زرعة وأبو حاتم (¬5): أخطأ فيه علي بن عاصم. ¬
213 - [659]- قوله: نقل عن ابن عباس في تفسير الآية: إذا كانت بالرجل جراحة في سبيل الله أو قروح أو جدري فيجنب، ويخاف أن يغتسل فيموت يتيمم بالصعيد. رواه الدّارَقطنيّ (¬1) [أيضا] (¬2) من طريق عطاء بن السائب، عن سعيد عن ابن عباس في قوله: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ} قال: إذا كانت بالرجل الجراحة في سبيل الله والقروح والجدري، فيجنب فيخاف أن يموت إن اغتسل، تيمم. وأخرجه البزار وابن خزيمة (¬3) والحاكم (¬4) والبَيهقيّ (¬5) من طريقه مرفوعًا. وقال البزار: لا نعلم رَفعَه عن عطاء من الثقات إلّا جريرا. وذكر ابن عدي (¬6) عن ابن معين أن جريرا سمع من عطاء بعد الاختلاط/ (¬7). 214 - [660]. قوله: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ عليًّا أن يمسح على الجبائر. ¬
ابن ماجه (¬1) والدارَقطنيّ (¬2) من حديثه. وفي إسناده عمرو بن خالد الواسطي وهو كذاب. ورواه الدّارَقطنيّ (¬3) والبَيهقيّ (¬4) من طريقين آخرين أوهى منه. وقال الشافعي في "الأم" (¬5) والمختصر: لو عرفت إسناده بالصّحة لقلت به، وهذا مما أستخير الله فيه. وقال الخلال في "العلل"، قال المرّذوي (¬6): سألت أبا عبد الله عن حديث عبد الرزاق، عن معمر، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي بهذا؟ فقال: هذا باطل، ليس من هذا شيء، من حدّث بهذا؟ قلت: فلان (¬7) فتكلم فيه بكلام غليظٍ. وقال في رواية ابنه عبد الله (¬8): إن الذي حدّث به هو محمّد بن يحيى، وزاد: فقال أحمد: لا والله ما حدّث به معمر قطّ. قال عبد الله بن أحمد (¬9): وسمعت يحيى بن معين: يقول على بدنة مجلّلة ¬
مقلَّدة إن كان معمر حدث بهذا، من حدث بهذا عن عبد الرزاق فهو حلال الدم. وفي الباب: [661]- عن ابن عمر رواه الدّارَقطنيّ (¬1) وقال: لا يصح وفي إسناده أبو عمارة محمّد بن أحمد وهو ضعيف جدا. [662]- وروى الطَّبرانيّ (¬2) من حديث أبي أمامة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما رماه ابن قميئة يوم أحد رأيته إذا توضأ حل إصابته، ومسح عليها بالوضوء. وإسناده ضعيف؛ وأبو أمامة لم يشهد أحدا. وقال البَيهقيّ (¬3): لا يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الباب شيء، وأصح ما فيه حديث عطاء- يعني الآتي عن جابر-. وقال النووي (¬4): اتفق الحفاظ على ضعف حديث علي في هذا. 215 - [663]- حديث جابر: في المشجوج الذي احتلم واغتسل، فدخل الماء شجته ومات. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنّما كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمم ويعَصِّبَ عَلَى رَأْسِهِ خِرْقَةً، و (¬5) يَمْسَحَ عَلَيهَا وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِه". ¬
أبو داود (¬1) من حديث الزبير بن خريق، عن عطاء، عن جابر، قال: خرجنا في سفر فأصاب رجل معنا حجر في رأسه، فشجه فاحتلم، فسأل أصحابه هل يجدون له رخصة في التيمم؟ فقالوا: ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء. فاغتسل فمات، فلما قدمنا على النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر بذلك فقال: "قَتَلُوه قَتَلَهُم الله، ألَا سَأَلُوا إذْ لَمْ يَعْلَمُوا، فَإِنَّما شِفَاءُ العِيِّ السّؤال، إنّما يَكْفِيهِ أنْ يَتَيَمَّم ويَعَصِّب عَلى جَرْحِهِ خِرْقَةً، ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهَا ويغْسِلَ سائِرَ جَسَدِه". وصححه ابن السكن. وقال ابن أبي داود (¬2): تفرد به الزبير بن خريق. [664]- وكذا قال الدّارَقطنيّ (¬3) قال: وليس بالقوي، وخالفه الأوزاعي فرواه عن عطاء عن ابن عباس، وهو الصواب. قلت: رواه أبو داود (¬4) أيضا: من حديث الأوزاعي، قال: بلغني عن عطاء عن ابن عباس. ورواه الحاكم (¬5) من حديث بشر بن بكر، عن الأوزاعي، حدثني عطاء عن ابن عباس به. وقال الدّارَقطنيّ (¬6): اختلف فيه على الأوزاعي، والصواب أن الأوزاعي أرسل آخره، عن عطاء. ¬
تنبيه
قلت: هي رواية ابن ماجه (¬1). وقال، أبو زرعة وأبو حاتم (¬2): لم يسمعه الأوزاعي من عطاء، إنما سمعه من إسماعيل بن مسلم، عن عطاء، بَيَّنَ ذلك ابنُ أبي العِشرين في روايته عن الأوزاعي. ونقل ابن السكن عن ابن أبي داود: أن حديث الزبير بن خريق أصح من حديث الأوزاعي، قال: وهذا مثل ما ورد في المسح على الجبيرة. تنبيه لم يقع في رواية عطاء هذه عن ابن عباس ذكر للتيمم فيه، فثبت أن الزبير بن خريق تفرد بسياقه، نبه على ذلك ابن القطان (¬3)، لكن روى ابن خزيمة (¬4) وابن حبان (¬5) والحاكم (¬6) من حديث الوليد بن عبيد الله بن أبي رباح عن عمه، عطاء ابن أبي رباح، عن ابن عباس: أن رجلا/ (¬7) أجنب في شتاء، فسأل فأمر بالغسل فمات، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "مَا لَهُمْ قَتَلُوهُ قَتَلَهُم الله ثلاثًا، قَدْ ¬
تنبيه آخر
جَعَل الله الصَّعِيدَ، أو التَّيمّم طَهورًا". والوليد بن عبيد الله ضعفه الدّارَقطنيّ، وقَواه من صحّح حديثه هذا. [665]- وله شاهد ضعيف جدا من رواية عطية عن أبي سعيدالخدري رواه الدّارَقطنيّ (¬1). تنبيه آخر لم يقع في رواية بن أخي عطاء أيضا ذكر المسح على الجبيرة، فهو من إفراد الزبير بن خريق كما تَقَدَّم. 216. [666 - 667]- قوله: لنا قوله تعالى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} عن ابن عمر وابن عباس ترابًا [طاهرًا] (¬2).انتهى. لم أجدهما، فأما تفسير ابن عمر؛ فلم أر عنه في ذلك شيئا. وأما تفسير ابن عباس؛ فروى البَيهقيّ (¬3) من طريق قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه عن ابن عباس قال: أطيب الصعيد حرث الأرض. ورواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (¬4) بلفظ: أطيب الصعيد تراب الحرث. ¬
وأورده ابن مردويه في "تفسيره" من حديث ابن عباس مرفوعا. وليس مطابقا لما ذكره الرافعي. بل قال ابن عبد البر في "الاستذكار" (¬1): هو يدل على أن الصعيد يكون غير أرض الحرث. 217. [668]- حديث حذيفة: "فضلْنَا عَلَى النَاسِ بثلاث: جُعِلَتْ لَنا الأَرْض مَسجدًا، وَجُعِل تُرابهَا لَنا طَهُورًا". مسلم (¬2) من حديث أبي مالك الأشجعي، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة بلفظ: "فُضِّلْنَا عَلَى الناسِ بثلاثٍ: جُعِلَتْ صُفُوفُنَا كَصُفُوفِ الْمَلائِكَةِ، وَجُعِلَتْ لنَا الأَرْضُ مَسْجدًا، وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا، إذَا لَمْ نَجِد الْمَاءَ". وذكر خصلة أخرى. كذا لفظ مسلم. والخصلة التي أبهمها قد أخرجها أبو بكر بن أبي شيبة وهو شيخه فيه (¬3) في "مسنده" ورواها ابن خزيمة (¬4) وابن حبان (¬5) في "صحيحيهما" من هذا الوجه، وفيه: "وَأُعْطِيتُ هؤلاء الآياتِ مِن آخِرِ سُورةِ الْبَقَرةِ مِنْ كَنْزِ تَحْتِ الْعَرش، لَمْ يُعْطَهُ أَحدٌ قَبْلِي ولا يُعطى أَحَدٌ بَعْدي". فهذه هي الخصلة التي لم يذكرها مسلم، ولم أره في شيء من طرق حديث حذيفة بلفظ: "جُعِل تُرَابُهَا"، ¬
وإنما عند جميع من أخرجه تربتها. قلت: كذا في الأصل وقد رواه أبو داود الطيالسي في "مسنده" (¬1) عن أبي عوانة، عن أبي مالك، بلفظ: "وَتُرَابُها طَهُورًا". وكذا أخرجه أبو عوانة في "صحيحه" (¬2) والدّارَقطنيّ (¬3) من طريق سعيد بن مسلمة، عن أبي مالك، والبَيهقيّ (¬4) من طريق عفان، وأبي كامل كلاهما عن أبي عوانة كذلك. وهذا اللفظ ثابت أيضا من: [669]- رواية علي "أخرجه أحمد (¬5) والبَيهقى (¬6) ولفظه عندهما: "أُعطِيتُ مَا لَمْ يُعْطَ أحَدٌ مِنَ الأنْبِياءِ" فقلنا: ما هو يا رسول الله؟ قال: "نُصِرْتُ بالرّعْبِ وَأُعْطِيتُ مَفَاتِيحُ الأرضِ، وَسُمِّيتُ أحمدَ، وَجُعِل لى التُّرابُ طَهورا، وَجُعلتْ أُمَّتي خَيْرَ الأمَم". وأصل حديث الباب في "الصحيحين" (¬7) من: [670]- حديث جابر: "أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُن أَحد مِنَ الأنْبِياء قَبْلِي ... ". فعد منها- "وَجُعِلَتْ لىَ الأرضُ مَسْجدًا وَطَهُورًا". ¬
[671]- وعن أبي هريرة عند مسلم (¬1) بلفظ: "فُضِّلْتُ عَلى الأنبياءِ بِسِتٍّ ... " فذكر أربعًا مما في حديث جابر، وزاد.: "وأُعْطِيتُ جَوامِعَ الْكَلِمِ، وَخُتِمَ بِي النَّبِيون"، وحذف الخامسة مما في حديث جابر وهى: "وأعطيت الشفاعة". [672]- وعن عوف بن مالك عند ابن حبان (¬2)، فذكر أربعًا مِمّا في حديث جابر بمعناه، ولم يذكر الشفاعة، بل قال بدلها: "وَسَأَلْتُ رَبي الْخَامِسَةَ؛ سَأَلْتُه أَنْ لا يَلْقَاهُ عَبْدٌ مِنْ أُمَّتِي يُوَحِّدُه إلَّا أَدْخَلَهُ الجنةَ، فَأعْطَانِيهَا". [673]- وعن أبي ذر عند أبي داود (¬3) بلفظ: "جُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا" حسب. [674]- وعن أنس عند ابن الجارود (¬4) بلفظ: "وَجُعِلَتْ لِي كُلُّ أَرضٍ طَيِّبَةٍ مَسْجِدًا وَطَهورًا" حسب. وليس في رواية أحد منهم ذكر التراب. [675]- وفي/ (¬5) "الثقفيات" عن أبي أمامة نحو الأربع المذكورة وإسناده صحيح، وأصله عند البَيهقيّ (¬6). 218. قوله: أنه - صلى الله عليه وسلم - تيمم بتراب المدينة، وأرضها سبخة. ¬
هو مستفاد من حديثين؛ أما كونه تيمم: [676]- ففي "صحيح البُخاريّ" (¬1) موصولا، وعلقه مسلم (¬2) من حديث أبي جهيم بن الحارث بن الصمة "أنه - صلى الله عليه وسلم - تيمم على الجدار"، وفي الحديث قصة. وأما كون تربة المدينة سبخة، فاستدل له (¬3) ابن خزيمة في "صحيحه" (¬4): [677]- بحديث عائشة في شأن الهجرة فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للمسلمين: "قَد أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُم، أُرِيتُ سَبِخَةً ذَاتَ النخْل بَيْن اللَّابَتَيْنِ". 219 - [678]- حديث: "لَيْس لِلْمَرْءِ مِنْ عَمَلِه إلَّا مَا نَواه". هذا الحديث بهذا اللفظ لم أجده. [679]- وللبيهقي (¬5) من حديث أنس أنه: "لا عَمَل لِمَنْ لا نيةَ لَهُ، وَلا أَجْرَ لِمْن لاحِسْبَةَ لَهُ". ذكره في باب (السواك بالإصبع). وفي سنده جهالة. [680]- وروينا في "السنّة" (¬6) لأبي القاسم اللالكائي من [طريق] (¬7) يحيى بن سليم، عن أبي حيان البصري، سمعت الحسن يعني البصري ¬
يقول: "لا يَصْلُحُ (¬1) قَوْلٌ إلَّا بِعَمَلٍ، وَلا يَصْلُحُ (¬2) قَوْلٌ وَعَمَلٌ إلَّا بِنِيةٍ، وَلا يَصِحّ قَوْلٌ وَعَمَلٌ وَنيَّةٌ إلا بِمُتَابَعَةِ السّنة". [681]- ومن طريق (¬3) وقاء بن إياس، عن سعيد بن جبير نحوه. وهذان الأثران موقوفان. [682]- وروى ابن عساكر في الأول من "أماليه" من حديث أبان وهو ابن أبي عياش عن أنس نحوه. وأبان متروك. قلت: وهو في "أمالي ابن عساكر" أيضا من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن أنس بلفظ: "لا عَمَلَ لِمَنْ لا نِيةَ لَهُ" وقال: غريب جدا. كذا قال! وهو شاذ؛ لأن المحفوظ عن يحيى بن سعيد، من حديث عمر بغير هذا السياق. * حديث: "لَا صَلاةَ إلَّا بِطَهَارَةٍ". تَقَدم في باب "الأحداث". 220 [683]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لعمرو بن العاص. وقد تيمم عن الجنابة من شدة البرد.: "يَا عَمْرُو صَلَّيتَ بِأَصْحَابِكَ وَأَنْت جُنُبٌ"، فقال عمرو: إني سمعت الله يقول: {وَلَا تقتُلُواْ أَنفُسَكُم} الآية. فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم ينكر عليه. ¬
رواه البُخاريّ (¬1) تعليقا وأبو داود (¬2) وابن حبان (¬3) والحاكم (¬4) موصولا من حديث عمرو بن العاص نحوه. وفي آخره: فضحك ولم يقل شيئا. واختلف فيه على عبد الرحمن بن جبير؛ فقيل: عنه، عن أبي قيس، عن عمرو. وقيل: عنه، عن عمرو بلا واسطة، لكن الرواية التي فيها أبو قيس ليس فيها ذكر التيمم بل فيها: إنه غسل مغابنه فقط. وقال أبو داود (¬5): روى هذه القصة الأوزاعي، عن حسان بن عطية، وفيه: فتيمم. ورجح الحاكم إحدى الروايتين على الأخرى. وقال البَيهقيّ (¬6): يحتمل أن يكون فعل ما في الروايتين جميعا؛ فيكون قد غسل ما أمكن، وتيمم للباقي. [684 - 685]- وله شاهد من حديث ابن عباس (¬7) ومن حديث أبي أمامة (¬8) عند الطَّبرانيّ. ¬
* حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - تيمم فمسح وجهه ويديه. يأتي من حديث عمار، وهو في حديث أبي الجهيم المتَقَدَّم. 221 - [686]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - تيمم بضربتين، مسيح بإحداهما وجهه. [....] وحديث: أنه تيمم فمسح وجهه وذراعيه. هذا كله موجود في حديث ابن عمر، رواه أبو داود (¬1) بسند ضعيف. ولفظه: مر رجل على النبي - صلى الله عليه وسلم - في سكة من السكك، وقد خرج من غائط أو بول، فسلم عليه فلم يرد عليه، حتى كاد الرجل يتوارى في السكك، فضرب بيده على الحائط، ومسح [بها] (¬2) وجهه، ثم ضرب ضربة أخرى، فمسح ذراعيه، ثم رد على الرجل السلام. الحديث. زاد أحمد بن عبيد الصفار في "مسنده" من هذا الوجه/ (¬3): فمسح ذراعيه إلى المرفقين. ومداره على محمد بن ثابت (¬4) وقد ضعفه ابن معين، وأبو حاتم، والبُخاريّ ¬
تنبيه
وأحمد، وقال أحمد والبُخاريّ (¬1): ينكر عليه حديث التيمم يعني هذا. زاد البُخاريّ: خالفه أيوب وعبيد الله والناس، فقالوا: عن نافع، عن ابن عمر فعله. وقال أبو داود (¬2) لم يتابع أحد محمد بن ثابت في هذه القصة على ضربتين عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورووه عن فعل ابن عمر. وقال الخطابي (¬3): لا يصح؛ لأن محمد بن ثابت، ضعيف جدا. قلت: لو كان محمد بن ثابت حافظا ما ضره وقف من وقفه على طريقة أهل الفقه، والله أعلم. وقد قال البَيهقي (¬4): رفع هذا الحديث غير منكر؛ لأنه رواه الضحاك بن عثمان، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعًا، إلا أنه لم يذكر التيمم، ورواه بن الهاد عن نافع ذكره بتمامه، إلا أنه قال: مسح وجهه ويديه، والذي تفرد بن محمد بن ثابت في هذا ذكر الذراعين. تنبيه استدل الرافعي بهذا الحديث على أن التراب لا يجب أن يصل به إلى منابت الشعر؛ للاقتصار على الضربة الواحدة. ويغني عن هذا الحديث حديث عمار في "الصحيحين" (¬5) ففيه: أنه تيمم بضربة واحدة. ¬
222 - [687]- حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "التيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ؛ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ، وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْن". الدّارَقطنيّ (¬1) والحاكم (¬2) والبَيهقيّ (¬3) من حديث علي بن ظبيان، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع عن ابن عمر، مرفوعًا. قال الدّارَقطني (¬4): وقفه يحيى القطان وهشيم وغيرهما، وهو الصواب. ثم رواه (¬5) من طريق مالك، عن نافع عن ابن عمر موقوفًا. قلت: وعلي بن ظبيان ضعفه القطان وابن معين وغير واحد (¬6) وقد تقدمت طريق محمد بن ثابت العبدي عن نافع. ورواه الدّارَقطنيّ (¬7) من طريق سالم، عن ابن عمر مرفوعًا. ولفظه: تيممنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ضربنا بأيدينا على الصعيد الطيب، ثم نفضنا أيدينا، فمسحنا بها وجوهنا، ثم ضربنا ضربة أخرى، فمسحنا من المرافق إلى الأكف. الحديث. لكن فيه سليمان بن أرقم وهو متروك. ¬
قال البَيهقيّ (¬1) رواه معمر وغيره عن الزهري موقوفًا، وهو الصحيح، ومن طريق سليمان بن أبي داود الحراني- وهو متروك أيضا- عن سالم، ونافع جميعا عن ابن عمر مرفوعًا بلفظ: "في التَّيمّمِ [ضَربَتَانِ] (¬2)؛ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إلى الْمِرْفَقَيْن". قال أبو زرعة (¬3) حديث باطل. [688]- ورواه الدارَقطنيّ (¬4) والحاكم (¬5) من طريق عثمان بن محمد الأنماطي عن [عزرة] (¬6) بن ثابت، عن أبي الزبير، عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "التَّيمّم ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةٌ لِلذِّراعَيْنِ إلَى الْمِرْفَقَيْن". ومن طريق أبي نعيم (¬7) عن عزرة (¬8) بسنده المذكور قال: جاء رجل فقال: أصابتني جنابة، وإني تمعكت في التراب، فقال: "اضْرُبْ"، فضرب بيده الأرض، فمسح وجهه، ثم ضرب يديه فمسح بهما إلى المرفقين. ضعف ابن الجوزي (¬9) هذا الحديث بعثمان بن محمد، وقال: إنه متكلم فيه. ¬
وأخطأ في ذلك. قال ابن دقيق العيد (¬1): لم يتكلم فيه أحد. نعم روايته شاذة؛ لأن أبا نعيم رواه عن عزرة موقوفًا. أخرجه الدّارَقطنيّ (¬2) والحاكم (¬3) أيضا. قلت: وقال الدّارَقطنيّ في "حاشية السنن" (¬4) عقب حديث عثمان بن محمد: [رجاله] (¬5) كلهم ثقات، والصواب موقوف. وفي الباب: [689]- عن الأسلع قال: كنت أخدم النبي - صلى الله عليه وسلم - فأتاه جبرائيل بآية الصعيد، فأراني التيمم، فضربت بيدي الأرض واحدة، فمسحت بهما وجهي، ثم ضربت بهما الأرض فمسحت بهما يدي إلى المرفقين، رواه الدّارَقطنىّ (¬6) والطَّبرانيّ (¬7). ¬
وفيه الربيع بن بدر، وهو ضعيف (¬1). [690]- وعن أبي أمامة رواه الطَّبرانيّ (¬2) وإسناده ضعيف (¬3) أيضا. [691]- ورواه البزار (¬4) وابن عدي (¬5) من حديث عائشة مرفوعًا: "التّيمّم ضَرْبَتَان؛ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ، وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إلى الْمِرْفَقَيْن". تفرد به الحريش بن الخريت عن ابن أبي مليكة، عنها. قال أبو حاتم (¬6): حديث/ (¬7) منكر، والحريش شيخ لا يحتج بحديثه. [692]- وعن عمار قال: كنت في القوم حين نزلت الرخصة، فأمرنا فضربنا واحدة للوجه، ثم ضربة أخرى لليدين إلى المرفقين. رواه البزار (¬8). 223 [693]- حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لعمار بن ياسر: "تَكْفِيكَ ضَزبَةٌ لِلْوَجْهِ، وَضَرْبَةٌ لِلْكَفين". الطَّبرانيّ في "الأوسط" (¬9) و "الكبير". ¬
وفيه إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى، وهو ضعيف، لكنه حجة عند الشافعي. ورواه الشافعي في حديث ابن الصمة. كما تَقَدَّم. وقال ابن عبد البر (¬1): أكثر الآثار المرفوعة عن عمار: ضربة واحدة. وما روي عنه من ضربتين فكلها مضطربة. وقد جمع البَيهقيّ (¬2) طرق حديث عمار فأبلغ. 224. قوله: بعد ذكر كيفية المسح.: وزعم بعضهم أنها منقولة عن فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال ابن الصلاح في "مشكله": لم يرد بها أثر ولا خبر. وقال النووي في "شرح المهذب" (¬3): لم يثبت وليس الذي قاله هذا الزاعم بشيء انتهى. وفي البُخاريّ (¬4) من حديث عمار، طرف من الكيفية؛ حيث قال: ثم مسح بها ظهر كفه بشماله، أو ظهر شماله بكفه. ولأبي داود (¬5) والنَّسائيّ (¬6): ثم ضرب شماله على يمينه، وبيمينه على شماله. وقد استدل صاحب "المهذب" بحديث الأسلع الذي قدمناه عن الطَّبرانيّ، ¬
وكيفيته مع ضعفه مخالفة للكيفية المذكورة. والله أعلم (¬1). 225 - [694]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لأبي ذر: "إذَا وَجَدْتَ الْمَاءَ فَأَمِسَّهُ جِلْدَكَ". وأعاده المصنف في آخر الباب بلفظ: قال - صلى الله عليه وسلم - لأبي ذر- وكان يقيم بالربذة، ويفقد الماء أياما، فسأل عن ذلك- فقال: "التّرَابُ كَافِيكَ، وَلَوْ لَمْ تَجِد الماءَ عَشْرَ حِجَجٍ". النسائيّ (¬2) باللفظ الأول، وأبو داود (¬3) واللفظ التام له. وباقي أصحاب "السنن" (¬4) من رواية خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن عمرو بن بُجْدَان، عن أبي ذر قال: اجتمعت غنيمة عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "يَا أَبَا ذَرٍّ ابْدُ فِيهَا"، فبدوت إلى الرّبذة .... الحديث. وفيه: "الصّعِيدُ الطَّيِّبُ وَضُوءُ الْمُسْلِمِ وَلَوْ إلى عَشْرِ سِنِينَ، فَإذَا وَجَدْتَ الْمَاءَ فَأَمِسَّه جِلْدَكَ، فإنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ". وللترمذي: "طَهُورُ الْمسْلِم". واختلف فيه على أبي قلابة، فقيل هكذا. وقيل: عنه، عن رجل من بني عامر. وهذه رواية أيوب عنه. وليس فيها مخالفة لرواية خالد. وقيل: عن أيوب عنه، عن أبي المهلب عن أبي ذر، وقيل عنه بإسقاط الواسطة. وقيل في ¬
الواسطة: محجن أو ابن محجن، أو رجاء بن عامر، أو رجل من بني عامر. وكلها عند الدّارَقطنيّ (¬1). والاختلاف فيه كله على أيوب. ورواه ابن حبان (¬2) والحاكم (¬3) من طريق خالد الحذاء، كرواية أبي داود. وصححه أيضا أبو حاتم (¬4) ومدار طريق خالد على عمرو بن بجدان، وقد وثقه العجلي (¬5)، وغفل ابن القطان (¬6) فقال: إنه مجهول. وفي الباب: [695]- عن أبي هريرة رواه البزار (¬7) قال: حدثنا مقدم بن محمد، حدّثنا عمي القاسم بن يحيى، حدّثنا هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، رفعه: "الصَّعِيدُ وَضُوءُ الْمُسْلِم وَإن لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ عَشْرَ سِنِين، فإذَا وَجَد الْمَاء فَلْيَتَّقِ الله وَلْيُمِسَّه بَشْرَتَه؛ فإنَّ ذَلِك خَيْرٌ". وقال: لا نعلمه عن أبي هريرة إلا من هذا الوجه. ورواه الطَّبرانيّ في "الأوسط" (¬8) من هذا الوجه مطولا، أخرجه في ترجمة ¬
"أحمد بن محمد بن صدقة" و [ساق] (¬1) فيه قصة أبي ذر، وقال: لم يروه إلا هشام عن ابن سيرين، ولا عن هشام إلا القاسم، تفرد به مقدم، وصححه ابن القطان (¬2). لكن قال الدّارَقطني في "العلل" (¬3): إن إرساله أصح. 226 - [696]- حديث ابن عباس: من السنة أن لا يصلى بالتيمم إلا مكتوبة واحدة، ثم يتيمم للأخرى. والسنة في كلام الصحابي تنصرف إلى سنة النبي - صلى الله عليه وسلم -. الدّارَقطنيّ (¬4) والبَيهقي (¬5) من طريق الحسن بن [عمارة] (¬6)، عن الحكم، عن مجاهد، عنه. والحسن ضعيف جدا. وفي الباب: موقوفًا عن علي، وابن عمر، وعمرو بن العاص. [697]- أما علي؛ فرواه الدّارَقطنيّ (¬7) وفيه حجاج بن أرطاة، والحارث الأعور. ¬
[698]- وأمّا ابن عمر، فرواه البَيهقيّ (¬1) عن الحاكم، من طريق عامر الأحول عن نافع، عن ابن عمر قال: يتيمم لكل صلاة وإن لم يحدث. قال البَيهقيّ (¬2): هو أصح ما في الباب. قال: ولا نعلم له مخالفا من الصحابة. [699]- وأما عمرو بن العاص، فرواه الدّارَقطني (¬3) من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة: أن عمرو بن العاص كان يتيمم لكل صلاة، وبه كان يفتي قتادة. وهذا فيه إرسال شديد بين قتادة وعمرو. 227 - [700]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال في الفائتة: "فَلْيُصَلهَا إذَا ذَكَرَها فَإن ذَلِكَ وَقْتُهَا". متفق عليه (¬4) من حديث قتادة عن أنس، دون قوله: "فإنَّ ذَلِكَ وَقْتُهَا". وعندهما بدل هذه الزيادة: "لا كَفَّارَةَ [لَهَا] (¬5) إلا ذَلِكَ". [701]- نعم رواه الدّارَقطنيّ (¬6) والبَيهقي (¬7) بنحو اللفظ الذي ذكره المصنف، من رواية حفص بن أبي العطاف، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة ¬
مرفوعًا: "مَنْ نَسِيَ صَلاةَ فَوَقْتُهَا إذَا ذَكَرَهَا". وحفص ضعيف جدا. 228. [702] حديث: أن رجلين خرجا في سفر فحضرت الصلاة وليس معهما ماء، فتيمما صعيدا طيبا وصليا، ثم وجدا الماء في الوقت فأعاد أحدهما الوضوء والصلاة، ولم يعد الآخر فأتيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرا ذلك له، فقال للذي لم يعد: "أَصْبتَ السنَّةَ وَأَجَزَأَتْكَ صَلاتكَ"، وقال للذي أعاد: "لَكَ الأَجْرُ مَرَّتَين". أبو داود (¬1) والدارمي (¬2) والحاكم من حديث أبي سعيد الخدري ورواه النَّسائيّ مسندا ومرسلا ورواه الدارَقطنيّ (¬3) موصولا، ثم قال: تفرد به عبد الله بن نافع عن الليث، عن بكر بن سوادة، عن عطاء، عنه، موصولا وخالفه بن المبارك فأرسله. وكذا قال الطَّبرانيّ في "الأوسط" (¬4) لم يروه متصلا إلا عبد الله بن نافع، تفرد به المسيبي عنه. وقال موسى بن هارون فيما حكاه محمد بن عبد الملك بن أيمن عنه: رفعه وهم من ابن نافع. ¬
وقال أبو داود (¬1) رواه غيره عن الليث عن عميرة بن أبي ناجية، عن بكر عن عطاء مرسلا. قال: وذكر أبي سعيد فيه ليس بمحفوظ. قلت: لكن هذه الرواية رواها ابن السكن في "صحيحه" من طريق أبي الوليد الطيالسي، عن الليث، عن عمرو بن الحارث، وعميرة بن أبي ناجية، جميعا عن بكر موصولا. قال أبو داود: ورواه ابن لهيعة، عن بكر فزاد بين عطاء وأبي سعيد: أبا عبد الله مولى إسماعيل بن عبيد الله انتهى. وابن لهيعة ضعيف، فلا يلتفت لزيادته، ولا يعل بها رواية الثقة عمرو بن الحارث، ومعه عميرة بن أبي ناجية، وقد وثقه النسائي ويحيى بن بكير وابن حبان وأثنى عليه أحمد بن صالح وابن يونس وأحمد بن سعد بن أبي مريم (¬2). وله شاهد من: [703]- حديث ابن عباس قال إسحاق بن راهويه في "مسنده": أخبرنا زيد ابن أبي/ (¬3) الزرقاء، حدثنا ابن لهيعة، عن ابن هبيرة، عن حنش عن ابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بال ثم تيمم، فقيل له: إن الماء قريب منك. فقال: "فَلَعَلِّي لا أَبْلُغُه". 229 - [704]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا ظُهْرَانِ فِي يَوْمِ". هو بالظاء المعجمة المضمومة. ¬
ولم أره بهذا اللفظ. [705]- لكن روى الدّارَقطنيّ (¬1) من حديث ابن عمر رفعه: "لا تُصلّوا صلاةً فِي يَوْمِ مَرتَيْنِ". وأصله عند أحمد (¬2) وأبي داود (¬3) والنسائي (¬4) وابن خزيمة (¬5) وابن حبان (¬6)، وصححه ابن السكن. وهو محمول على إعادتها منفردا، أما إن كان صلى منفردا ثم أدرك جماعة فإنه يعيد معهم. وكذا إذا كان إمامَ قوم فصلى مع قوم آخرين، ثم جاء فصلى بقومه كقصة معاذ. والله أعلم (¬7). 230. [706]- حديث: "إذَا أَمَرْتكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُم" ¬
متفق عليه (¬1) من حديث أبي هريرة، "وَفيه إذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شيْءِ فَاجْتَنِبُوه". ولأحمد (¬2) من طريق همام عن أبي هريرة: "فَأْتُوهُ مَا اسْتَطَعْتُم". * حديث ابن عمر: أنه أقبل من الجرف. تَقَدَّم. * وكذا حديث أبي ذر، وحديث جابر في المشجوج، وحديث عبد الله ابن عمرو بن العاص. تَقَدَّم الجميع. 231. قوله: اختلفت الصحابة في تيمم الجنب ولم يختلفوا في تيمم الحائض. انتهى. يشير باختلافهم في تيمم الجنب إلى: [707]- قصَّةِ عُمر وابنِ مسعود في "الصحيحين" (¬3) من رواية أبي موسى، أنه قال لابن مسعود: لو أن جنبا لم يجد الماء شهرا [كيف يصنع بالصلاة؟ فقال عبد الله] (¬4): لا يتيمم. فقال له أبو موسى: كيف تصنع بهذه الآية: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءَ فَتَيَممُوا}؟ فقال عبد الله: لو رخص لهم في هذا لأوشك إذا برد عليهم الماء أن يتيمموا بالصعيد. ¬
فقال أبو موسى: ألم تسمع قول عمار لعمر؟ فقال عبد الله: ألم تر عمر لم يقنع بقول عمار. وأما قوله: إنهم لم يختلفوا في تيمم الحائض، فإن أراد أنه لم يرد عنهم المنع ولا الجواز في ذلك فصحيح، وإن أراد أنه ورد عنهم ضد ما ورد في تيمم الجنب فغير مسلم. والله أعلم. ****
باب المسح على الخفين
باب المسح على الخفين 232 - [708]- حديث أبي بكرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرخص للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوما وليلة، إذا تطهر فلبس خفيه أن يمسح عليهما. ابن خزيمة (¬1). واللفظ له وابن حبان (¬2) وابن الجارود (¬3) والشافعي (¬4) وابن أبي شيبة (¬5) والدّارَقطنيّ (¬6) والبَيهقيّ (¬7) والترمذيّ في "العلل المفرد" (¬8) وصحّحه الخطابي (¬9) أيضا ونقل البَيهقيّ أن الشافعي صححه في "سنن حرملة". 233 - [709]- حديث صفوان بن عسال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كنا مسافرين أو سفرا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن، إلا ¬
من جنابة، لكن من غائط أو بول أو نوم. الشافعي (¬1) وأحمد (¬2) والترمذيّ (¬3) والنَّسائيّ (¬4) وابن ماجه (¬5) وابن خزيمة (¬6) وابن حبان (¬7) والدّارَقطنىّ (¬8) والبَيهقيّ (¬9). قال التّرمذيّ عن البُخاريّ: حديث حسن (¬10). وصححه التّرمذيّ، والخطابي ومداره عندهم على عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش (¬11)، عنه. وذكر ابن منده أبو القاسم أنه رواه عن عاصم أكثر من أربعين نفسا، وتابع عاصما عليه عبدُ الوهاب بن بخت، وإسماعيل بن أبي خالد، وطلحة بن مصرف، والمنهال بن عمرو، ومحمد بن سوقة. وذكر جماعة معه. ومراده أصل الحديث؛ لأنه في الأصل طويل مشتمل على التوبة، والمرء مع ¬
من أحب، وغير ذلك، لكن حديث طلحة عند الطَّبرانيّ (¬1) بإسناد لا بأس به. وقد روى الطَّبراني (¬2) أيضا حديث المسح من طريق عبد الكريم أبي أمية، عن حبيب بن أبي ثابت، عن زر/ (¬3). وعبد الكريم ضعيف. ورواه البَيهقيّ (¬4) من طريق أبي روق، عن أبي الغريف، عن صفوان بن عسال ولفظه: "لِيَمْسَحْ أَحَدُكُم إذَا كَانَ مُسافِراَ عَلَى خفَّيْهِ، إذَا أدْخَلَهما طَاهِرَتَيْن، ثلاثةَ أيَّامٍ ولَيَالِيهنَّ، وَلْيَمْسَحِ الْمُقيمُ يومًا وليلةً". ووقع في الدّارَقطنيّ (¬5) زيادة في آخر هذا المتن وهي قوله: "أو رِيحٌ"، وذكر أن وكيعا تفرد بها عن مسعر عن عاصم. 234. [710]- حديث المغيرة بن شعبة: سكبت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - الوضوء، فلما انتهيت إلى الخفين أهويت لأنزعهما، فقال: "دَعِ الْخُفَّينِ؛ فَإِني أَدْخَليتُهمَا وَهُمَا طَاهِرَتَان". متفق عليه (¬6) بلفظ: "دَعْهُما؛ فإنِّي أَدْخَلْتهمَا طَاهِرَتَيْن"، فمسح ¬
عليهما، واللفظ للبخاري. ورواه أبو داود (¬1) بنحو لفظ المصنف، وأبرز الضمير فقال: "دعَ الْخُفَّيْن؛ فإنِّي أَدْخَلْتُ الْقَدَمَيْن الْخُفَّيْن وَهُمَا طَاهِرَتَان"، فمسح عليهما. وله طرق كثيرة عن المغيرة، ذكر البزار: أنه روى عنه من نحو ستين طريقًا. وذكر ابن منده منها خمسة وأربعين. ورواه الشافعي (¬2) بلفظ: قلت يا رسول الله، أتمسح على الخفين؟ قال: "نَعَمْ، إنِّي أَدْخَلْتُهُمَا وَهُمَا طَاهِرَتَان". 235. قوله: والأحاديث في باب المسح كثيرة. هو كما قال، فقد قال الإمام أحمد: فيه أربعون حديثا عن الصحابة مرفوعة وموقوفة. وقال ابن أبي حاتم: فيه عن أحد وأربعين. وقال ابن عبد البر في "الاستذكار" (¬3) روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - المسح على الخفين نحو أربعين من الصحابة. ونقل ابن المنذر (¬4) عن الحسن البصري قال: حدثني سبعون من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يمسح على الخفين. ¬
وذكر أبو القاسم ابن منده أسماء من رواه في "تذكرته" فبلغ ثمانين صحابيا. وسرد التّرمذي (¬1) منهم جماعة والبَيهقيّ في "سننه" (¬2) جماعة. وقال ابن عبد البر (¬3). بعد أن سرد منهم جماعة-: لم يرو عن غيرهم منهم خلاف، إلا الشيء الذي لا يثبت عن عائشة، وابن عباس، وأبي هريرة. قلت: قال أحمد: لا يصح حديث أبي هريرة في إنكار المسح، وهو باطل. [711]- وروى الدّارَقطنيّ (¬4) من حديث عائشة إثبات المسح على الخفين. ويؤيد ذلك: [712]- حديث شريح بن هانئ في سؤاله إياها عن ذلك، فقالت له: سل ابن أبي طالب (¬5). وفي رواية: أنها قالت لا علم لي بذلك (¬6). [713]- وأما ما أخرجه ابن أبي شيبة (¬7) عن حاتم بن إسماعيل، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، قال: قال علي: سبق الكتاب الخفين. فهو منقطع؛ لأن محمدًا لم يدرك عليًّا. ¬
[714]- وأما ما رواه محمد بن مهاجر، عن إسماعيل بن أبي أويس، عن إبراهيم بن إسماعيل، عن داود بن الحصين، عن القاسم، عن عائشة قالت: لأن أقطع رجلي أحب إلي من أن أمسح على الخفين؛ فهو باطل عنها قال ابن حبان (¬1) محمد بن مهاجر كان يضع الحديث. وأغرب ربيعة فيما حكاه الآجري: عن أبي داود قال: جاء زيد بن أسلم إلى ربيعة فقال: أمسح على الجوربين؟ فقال ربيعة: ما صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه مسح على الخفين فكيف على خرقتين؟!. 236 - [715]- حديث المغيرة: أنه - صلى الله عليه وسلم - مسح أعلى الخف وأسفله. أحمد (¬2) وأبو داود (¬3) والتّرمذيّ (¬4) وابن ماجه (¬5) والدّارَقطنيّ (¬6) والبَيهقيّ (¬7) وابن الجارود (¬8) من طريق ثور بن يزيد، عن رجاء بن حيوة، عن كاتب المغيرة عن المغيرة. وفي رواية ابن ماجه: عن وراد كاتب المغيرة. ¬
قال الأثرم: عن أحمد: إنّه كان يضعفه، ويقول ذكرته لعبد الرحمن بن مهدي، فقال: عن ابن المبارك، عن ثور، حُدِّثْتُ عن رجاء، عن كاتب المغيرة. ولم يذكر المغيرة. قال أحمد: وقد كان نعيم بن حماد حدثني به عن ابن المبارك، كما حدثني الوليد بن مسلم به عن ثور، فقلت له: إنما يقول هذا الوليد، فأما ابن المبارك فيقول: حُدِّثت عن رجاء، ولا يذكر المغيرة، فقال لي نعيم: هذا حديثي الذي أسأل عنه، فأخرج إِليّ كتابه القديم بخط عتيق فإذا فيه ملحق بين السّطرين بخط ليس بالقديم: "عن المغيرة" فأوقفته عليه، وأخبرته أن هذه زيادة في الإسناد لا أصل لها، فجعل يقول للناس بعدُ وأنا أسمع: اضربوا على هذا الحديث. وقال ابن أبي حاتم في "العلل" (¬1) عن أبيه وأبي زرعة: حديث الوليد ليس بمحفوظ. وقال موسى ابن هارون وأبو داود (¬2): لم يسمعه ثور من رجاء. حكاه قاسم ابن أصبغ عنه. وقال البُخاريّ في "التاريخ الأوسط" (¬3): حدّثنا محمد بن الصباح، حدّثنا ابن أبي الزناد عن أبيه، عن عروة بن الزبير، عن المغيرة، رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح على خفيه ظاهرهما. ¬
ّقال: وهذا أصح من حديث رجاء، عن كاتب المغيرة. وكذا رواه أبو داود (¬1) والترمذيّ (¬2) من حديث ابن أبي الزناد، ورواه أبو داود الطيالسي (¬3) عن ابن أبي الزناد، فقال: عن عروة بن المغيرة، عن أبيه. وكذا أخرجه البَيهقيّ (¬4) من رواية إسماعيل بن موسى، عن ابن أبي الزناد. وقال التّرمذيّ (¬5): هذا حديث معلول، لم يسنده عن ثور غير الوليد. قلت: رواه الشافعي في "الأم" (¬6) عن إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى، عن ثور، مثل الوليد. وذكر الدّارَقطنيّ في "العلل" (¬7): أن محمد بن عيسى بن سميع رواه عن ثور كذلك. قال التّرمذيّ (¬8): وسمعت أبا زرعة ومحمدا يقولان: ليس بصحيح. وقال أبو داود: لم يسمعه ثور من رجاء. وقال الدّارَقطنيّ (¬9): روي عن عبد الملك بن عمير، عن وراد كاتب المغيرة، ¬
فائدة
عن المغيرة ولم يذكر أسفل الخف. وقال ابن حزم (¬1): أخطأ فيه الوليد في موضعين. فذكرهما كما تَقَدَّم. قلت: ووقع في "سنن الدّارَقطنيّ" (¬2) ما يوهم رفع العلة وهي: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، حدثنا داود بن رشيد، عن الوليد بن مسلم، عن ثور بن يزيد، حدثنا رجاء بن حيوة، فذكره. فهذا ظاهره أنّ ثورًا سمعه من رجاء؛ فتزول العلة، ولكن رواه أحمد بن عبيد الصفار في "مسنده" (¬3) عن أحمد بن يحيى الحلواني، عن داود بن رشيد، فقال:؟ عن رجاء؟. ولم يقل؟ حدثنا رجاء؟، فهذا اختلاف على داود يمنع من القول بصحة وصله، مع ما تَقَدَّم في كلام الأئمة. فائدة [716]- روى الشافعي في القديم (¬4)، وفي "الإملاء" من حديث نافع عن ابن عمر: أنه كان يمسح أعلا الخف وأسفله. وفي الباب: [717]- حديث علي: لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى من أعلاه وقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح على ظاهر خفيه. رواه أبو داود (¬5) وإسناده صحيح ¬
237. قوله: والأولى أن يضع كفه اليسرى تحت العقب، واليمنى على ظهور الأصابع، ويمر اليسرى على أطراف الأصابع من أسفل، واليمنى إلى الساق. ويروى هذه الكيفية عن ابن عمر. كذا قال! والمحفوظ عن ابن عمر أنه كان يمسح أعلى الخف وأسفله، كذا رواه الشافعي والبَيهقيّ كما قدمناه. 238. قوله: واستيعاب الكل ليس بسنة، مسح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على خفيه خطوطا من الماء. قال ابن الصلاح تبع الرافعي فيه الإمام؛ فإنه قال في "النهاية" إنه صحيح، فلذا جزم به الرافعي، وليس بصحيح، وليس له أصل في كتب الحديث/ (¬1)، انتهى. وفيما قال نظر: [718]- ففي "الطَّبرانيّ الأوسط" (¬2) من طريق جرير بن يزيد، عن محمد بن المنكدر، عن جابر قال: مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برجل يتوضأ، فغسل خفيه، فنخسه [برجله] (¬3)، وقال: "لَيسَ هَكَذا السِّنة، أُمِرْنَا بالمسْحِ هَكَذَا"، وَأَمرَّ بيديه على خفيه. ¬
وفي لفظ له: ثم أراه بيده من مقدم الخفين إلى أصل الساق مرة، وفرج بين أصابعه. قال الطَّبرانيّ: لا يروى عن جابر إلا بهذا الإسناد. وعزاه ابن الجوزي في "التحقيق" (¬1) إلى رواية ابن ماجه عن محمد بن مصفى عن بقية عن جرير، بن يزيد، عن منذر، عن المنكدر، عن جابر نحوه. ولم أره في "سنن ابن ماجه". قلت: هو في بعض النسخ دون بعض (¬2) وقد استدركه المزي على ابن عساكر في "الأطراف" (¬3). وإسناده ضعيف جدًّا. وأما قول إمام الحرمين المذكور فكأنه تبع القاضي الحسين؛ فإنه قال: روي حديث علي: كنت أرى أن باطن القدمين أحق بالمسح من ظاهرهما، قال: فحكى عنه أنه قال: ولكني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح على ظهور الخف خطوطا بالأصابع. وتبع الغزالي في "الوسيط" (¬4) إمامَه. وقال النووي: في "شرح المهذب" (¬5): هذا الحديث ضعيف. [719]- روي عن علي مرفوعًا. ¬
[720]- وعن الحسن - يعني البصري. قال: من السنة أن يمسح على الخفين خطوطا. وقال في "التنقيح": قول إمام الحرمين: إنه صحيح؛ غلط فاحش، لم نجده من حديث علي، لكن روى ابن أبي شيبة (¬1) أثر الحسن المذكور. [721]- وروى (¬2) أيضا من حديث المغيرة بن شعبة: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بال ثم جاء حتى توضأ، ومسح على خفيه، ووضع يده اليمنى على خفه الأيمن، ويده اليسرى على خفه الأيسر، ثم مسح أعلاهما مسحة واحدة، حتى كأني انظر إلى أصابعه - صلى الله عليه وسلم - على الخفين. ورواه البَيهقيّ (¬3) من طريق الحسن عن المغيرة بنحوه. وهو منقطع [722]- حديث خزيمة بن ثابت: رخص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للمسافر أن يمسح ثلاثة أيام ولياليهن، ولو أستزدناه لزادنا. أبو داود (¬4) بزيادته وابن ماجه (¬5) بلفظ: ولو مضى السائل على مسألته لجعلها خمسا. ورواه ابن حبان (¬6) باللفظين جميعا. ¬
تنبيه
ورواه التّرمذيّ (¬1) وغيره بدون الزيادة. قال الترمذي (¬2): قال البُخاريّ لا يصح عندي لأنه لا يعرف للجدلي سماع من خزيمة. وذكر (¬3) عن يحيى بن معين أنه قال: هو صحيح. وقال ابن دقيق العيد (¬4): الروايات متظافرة متكاثرة برواية التيمي له، عن عمرو بن ميمون، عن الجدلي، عن خزيمة. وقال ابن أبي حاتم في "العلل" (¬5): قال أبو زرعة: الصحيح من حديث التيمي عن عمرو بن ميمون، عن الجدلي، عن خزيمة مرفوعًا. والصحيح عن النخعي، عن الجدلي بلا واسطة. وادعى النووي في "شرح المهذب" (¬6) الاتفاق على ضعف هذا الحديث، وتصحيح ابن حبان له يرد عليه، مع نقل الترمذي عن ابن معين أنه صححه أيضا كما تَقَدَّم. والله أعلم. تنبيه رواية النخعي ليس فيها الزيادة المذكورة. وقال في "الإمام" (¬7): أصح طرقه ¬
رواية زائدة، سمعت منصورا يقول: كنا في حجرة إبراهيم النخعي- ومعنا إبراهيم التيمي- فذكرنا المسح على الخفين/ (¬1)، فقال التيمي: حدّثنا عمرو بن ميمون، عن أبي عبد الله الجدلي، عن خزيمة، فذكره بتمامه. أخرجها البَيهقيّ (¬2). ورواها حسين بن علي الجعفي، عن زائدة بلا زيادة الاستزادة. أخرجه الطبراني (¬3). [723]- حديث: أبي بن عمارة. وكان ممن صلى القبلتين. قلت: يا رسول الله أمسح على الخف؟ قال: "نَعَمْ" قلت: يومًا؟ قال: "نَعَم"، قلت: ويومين؟ قال: "نَعَمْ"، قلت: [وثلاثة] (¬4)؟ قال: "نَعَمْ، وَمَا شِئْتَ". أبو داود (¬5) وابن ماجه (¬6) والدّارَقطنيّ (¬7) والحاكم في "المستدرك" (¬8). ¬
قال أبو داود: ليس بالقوي. وضعفه البُخاريّ (¬1)، فقال: لا يصح. وقال أبو داود (¬2): اختلف في إسناده، وليس بالقوي. وقال أبو زرعة الدمشقي، عن أحمد: رجاله لا يعرفون. وقال أبو الفتح الأزدي (¬3): هو حديث ليس بالقائم. وقال ابن حبان (¬4): لست أعتمد على إسناد خبره. وقال الدّارَقطنيّ (¬5): لا يثبت، وقد اختلف فيه على يحيى بن أيوب اختلافا كثيرًا. وقال ابن عبد البر (¬6): لا يثبت وليس له إسناد قائم. ونقل النووي في "شرح المهذب" (¬7) اتفاق الأئمة على ضعفه. قلت: وبالغ [الجورقاني] (¬8) فذكره في "الموضوعات" (¬9). ¬
239. [724]- حديث علي بن أبي طالب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه جعل المسح ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويوما وليلة للمقيم. مسلم (¬1) أبو داود (¬2) والتّرمذيّ (¬3) وابن حبان (¬4) من حديث شريح بن هانئ، قال: أتيت عائشة أسألها عن المسح على الخفين، فقالت: عليك بابن أبي طالب. فذكر الحديث. **** ¬
كتاب التمييز في تلخيص تخريج أحاديث شرح الوجيز المشهور بـ التلخيص الحبير للإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني دراسة وتحقيق الدكتور محمد الثاني بن عمرو بن موسى اعتنى بإخراجه وتنسيقه وصنع فهارسه ابو محمد اشرف بن عبد المقصود الجزء الثاني أضواء السلف
"أرجو الله .. أن يكون حاويًا لجلِّ ما يستدلُّ به الفقهاءُ في مُصنَّفاتهم في الفروع" ابن حجر العسقلاني كتاب التمييز في تلخيص تخريج أحاديث شرح الوجيز الجزء الثاني
(3) كتاب الحيض
(3) كتابُ الحيْضِ
240 - [725]- حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "تَمْكُث إِحدَاكنّ شَطْرَ دَهْرِهَا لا تُصَلِّي". لا أصل له بهذا اللفظ. قال الحافظ أبو عبد الله ابن منده. فيما حكاه ابن دقيق العيد في الإمام (¬1) عنه: ذكر بعضهم هذا الحديث، [ولا يثبت بوجه] (¬2) من الوجوه. وقال البَيهقيّ في "المعرفة" (¬3): هذا الحديث يذكره بعض فقهائنا، وقد طلبته كثيرا فلم أجده في شيء من كتب الحديث، ولم أجد له إسنادا. وقال ابن الجوزي في "التحقيق" (¬4): هذا لفظ يذكره أصحابنا، ولا أعرفه. وقال الشيخ أبو إسحاق في "المهذب" (¬5) لم أجده بهذا اللفظ إلا في كتب الفقهاء. وقال النووي في "شرحه" (¬6): باطل لا يعرف. وقال في "الخلاصة" (¬7): باطل لا أصل له. وقال المنذري: لم يوجد له إسناد بحال. ¬
تنبيه
وأغرب الفخر ابن تيمية في "شرح الهداية" لأبي الخطاب فنقل عن القاضي أبي يعلى أنه قال: ذكر هذا الحديث عبد الرحمن بن أبي حاتم البستي في كتاب "السنن" [له] (¬1). كذا قال! وابن أبي حاتم ليس هو بستيًّا، وإنما هو [رازيٌّ] (¬2)، وليس له كتاب يقال له "السنن". تنبيه في قريب من المعنى: [726]- ما اتفقا عليه (¬3) من حديث أبي سعيد، قال: "أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلّ وَلَمْ تصُمْ؟ فَذلِكَ مِنْ نُقْصَان دِينِها". [727]- ورواه مسلم (¬4) من حديث ابن عمر بلفظ: "تَمْكُث اللَّيَالِي مَا تُصَلِّي وَتَفْطُر فِي شَهْر رَمَضَان؛ فَهَذا نُقْصَانُ دِينِهَا". [728]- ومن حديث أبي هريرة (¬5) كذلك. [729]- وفي "المستدرك" (¬6) من حديث ابن مسعود نحوه، ولفظه: "فإنّ إحدَاهنّ تَقْعُد مَا شَاء الله مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، لا تَسْجُد لله سَجْدَةً". قلت: وهذا وإن كان قريبا من معنى الأول لكنه لا يعطي المراد من الأول، ¬
وهو ظاهر من التفريع. والله أعلم. وإنما أورد الفقهاء هذا محتجين به على أن أكثر الحيض خمسة عشر يوما، ولا دلالة في شيء من الأحاديث التي ذكرناها على ذلك/ (¬1). والله أعلم. 241 - [730]- حديث: "تَحِيضِي فِي عِلْمِ الله ستاًّ أو سَبْعًا، كَمَا تَحِيضُ النِّسَاءِ وَيطْهُرْنَ". هذا طرف من حديث قد أعاد الرافعي منه قطعة في [موضع] (¬2) آخر من هذا الباب، وهو حديث طويل أخرجه الشافعي (¬3) وأحمد (¬4) وأبو داود (¬5) والتّرمذيّ (¬6) وابن ماجه (¬7) والدّارَقطنيّ (¬8) والحاكم (¬9) من حديث عبد الله بن محمد بن عقيل، عن إبراهيم بن محمد بن طلحة، عن عمه عمران بن طلحة، عن أمه حمنة بنت جحش، قالت: كنت أستحاض حيضة كبيرة شديدة، فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - أستفتيه .... الحديث بطوله. ¬
وفيه: "تَلَجَّمِي" قالت: هو أكثر من ذلك. قال التّرمذيّ حسن (¬1)، قال: وهكذا قال أحمد والبُخاريّ. وقال البَيهقيّ (¬2): تفرد به ابن عقيل وهو مختلف في الاحتجاج به. وقال ابن منده (¬3): لا يصح بوجه من الوجوه؛ لأنهم أجمعوا على ترك حديث بن عقيل. كذا قال! وتعقبه ابن دقيق العيد (¬4) واستنكر منه هذا الإطلاق. لكن ظهر لي أن مراد ابن منده بذلك من خرج الصّحيح، وهو كذلك. وقال ابن أبي حاتم (¬5) سألت أبي عنه فوهَّنه، ولم يقوّ إسناده. 242 - [731] قوله: وفي رواية: "تَلَجَّمِي، واسْتَثْفِرِي". ينظر فيمن زاد واستثفري، فقد ذكرنا رواية "تَلَخمِي" ثم وجدت في "المستدرك" (¬6) من طريق ابن أبي مليكة، عن عائشة، في قصة فاطمة بنت أبي حبيش قال: "وَلْتَتنَظفْ، وَلْتَحْتَشِي". ¬
تنبيه
[732]- وللبيهقي (¬1) من حديث أبي أمامة في حديث: "وَلْتَحْتَشِي كُرْسفًا". تنبيه قال ابن عبد البر (¬2): قيل: إن بنات جحش الثلاثة استحضن زينب وحمنة وأم حبيبة (¬3). ومن الغرائب ما حكاه السهيلي عن شيخه محمد بن نجاح: أن أم حبيبة كان اسمها أيضا زينب، وأن زينب زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - غلب عليها الاسم، وأن أم حبيبة غلبت عليها الكنية، وأراد بذلك تصويب ما وقع في "الموطأ" (¬4): أن زينب بنت جحش كانت عند عبدالرحمن بن عوف. 243 - [733]- قوله: قالت عائشة: كنا نؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة. متفق عليه (¬5) من حديث معاذة، عن عائشة. واللفظ لإحدى روايات مسلم (¬6). وفي رواية للترمذي (¬7) والدارمي (¬8) ¬
عن الأسود، عن عائشة: كنا نحيض عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيأمرنا بقضاء الصيام، ولا يأمرنا بقضاء الصلاة. وقال حسن. 244 - قوله: روي أن معاذة العدوية قالت لعائشة: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ فقالت: أحرورية أنت؟! ... الحديث. هو الذي قبله [في إحدى] (¬1) روايات مسلم (¬2)، وجعله عبد الغني في "العمدة" متفقا عليه (¬3). وهو كذلك، إلا أنه ليس في رواية البخاريّ تعرض لقضاء الصوم. * حديث: "إذَا أَقْبَلَتِ الْحَيضَةُ فَدَعِي الصَّلاةَ". تَقَدَّم في "الغسل". 245 - [734]- حديث: أنه قال لعائشة. وقد حاضت وهي محرمة-: "اصْنَعِي مَا يَصْنَعُ الْحَاجّ غَيرَ أنْ لا تَطُوفي بِالْبَيْت". متفق عليه (¬4) من حديث عائشة في قصة. ¬
[735]- وفي البُخاريّ (¬1) عن جابر: غير أن لا تطوفي ولا تصلي. ذكره في أواخر الكتاب. * حديث: "لا أُحِل الْمَسْجِدَ لحائض ولا جُنُب". تَقَدَّم في "الغسل". * حديث: "لا يَقْرَأُ الْجُنُبُ ولا الْحَائِضُ شيئًا مِن الْقُرْآن". تَقَدَّم فيه. * حديث أبي سعيد: "إذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ لَم تُصَل وَلَمْ تَصُمْ". تَقَدَّم التنبيه عليه في أوائل الباب، وأنه في "الصحيحين" من حديث أبي سعيد. [736 - 737]- ولمسلم من حديث ابن/ (¬2) عمر وأبى هريرة نحوه. 246 - [738]- حديث: "افْعَلُوا كلَّ شَيءٍ إلَّا الْجِمَاعَ". قاله في تفسير قوله تعالى: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} هو مختصر من حديث طويل رواه مسلم (¬3) من حديث أنس، وفيه قصة. وقيل إن: السائل عن ذلك هو أبو الدحداح، قاله الواقدي. والصواب ما في "الصحيح": أن السائل عن ذلك أسيد بن الحضير، وعباد ابن بشر. ¬
ولفظ "مسلم": "اصْنَعُوا كلَّ شَيءٍ إلا النِّكَاحَ". 247 - [739]- قوله: يستحب للواطئ في الحيض التصدق بدينار إن جامع في إقبال الدم، وبنصفه إن جامع في إدباره؛ لورود الخبر بذلك. ثم قال بعد ذلك: روي عن ابن عباس فذكر نحو ذلك. وفي رواية: "إذَا وَطِئهَا فِي إِقْبَالِ الدَّمِ فَدِينارٌ، وَإن وَطِئهَا فِي إِدْبَارِ الدَّمِ بَعْد انْقِطَاعِه، وَقبْلَ الْغُسْلِ فَعَلَيْه نِصف دِينارٌ". وفي رواية: "إذَا وَقَع بِأَهْلِه وَهِي حَائِضٌ إنْ كَان دَمًا أَحْمَرَ فَلْيَتَصَدَّقْ بِدينَارٍ، وَإنْ كَانَ أصْفَرَ فَلْيَتَصَدَّقْ بِنِصْفِ دِينَارٍ". وفي رواية: "مَنْ أَتَى حَائضاَ فَلْيَتَصَدَّق بِدِينَارٍ أَوْ بِنِصْفِ دِينَارٍ". أمَّا الرواية الأولى "فرواها البَيهقيِّ (¬1) من حديث ابن جريج، عن أبي أمية، عن مقسم عن ابن عباس مرفوعًا: "إذَا أَتَى أَحَدُكُمْ امْرَأَتَه فِي الدَّم فَلْيَصُدِّقْ بِدِينارٍ، وَإذا أَتَاها وَقَدْ رَأَتِ الطّهْرَ وَلَمْ تَغْتَسِل فَلْيُصدِّق بِنِصْفِ دِينَار". ورواها من حديث ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس موقوفًا. وأما الثانية، فرواها البَيهقيّ (¬2) من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن عبد الكريم أبي أمية، مرفوعًا. وجعل التفسير من قول مقسم، فقال: فسر ذلك مقسم. فقال: إن غشيها في ¬
الدم فدينار، وإن غشيها بعد انقطاع الدم، قبل أن تغتسل فنصف دينار. وأمّا الثّالثة؛ فرواها التّرمذيّ (¬1) والبَيهقيّ أيضا (¬2) من هذا الوجه، بلفظ: "إذَا كَانَ دَمًا أَحْمَرَ فَدِينارٌ، وَإنْ كَان دمًا أَصْفَر فَنِصْفُ دِينَارِ". ورواها الطَّبرانيّ (¬3) من طريق سفيان الثوري، عن خصيف وعلي بن بذيمة، وعبد الكريم، عن مقسم بلفظ: "مَن أَتَى امْرَأَتَه وَهِي حَائِضٌ فَعَلَيْه دِينَارٌ، وَمَنْ أَتَاها فِي الصّفْرَةِ فَنِصْفُ دِينَار". ورواها الدّارَقطنيّ (¬4) من هذا الوجه فقال في الأول في الدم. ¬
تنبيه
ورواه أبو يعلى (¬1) والدارمي (¬2) من طريق أبي جعفر الرازي، عن عبد الكريم بسنده في رجل جامع امرأته وهي حائض، فقال: "إِنْ كَانْ دَمًا عَبيطًا فَلْيُصَدِّق بِدِينارٍ ... " الحديث. وأما الرابعة فرواها ابن الجارود في "المنتقى" (¬3) من طريق عبد الحميد، عن مقسم، عن ابن عباس: "فَلْيَتَصَدقْ بدينَارِ، أَوْ نِصْفِ دِينَار". ورواه أيضا أحمد (¬4) وأصحاب السنن (¬5) والدارَقطني (¬6) وله طرق في "السنن" غير هذه، لكن شك شعبة في رفعه عن الحكم عن عبد الحميد. تنبيه قول الرّافِعيّ: جاء في رواية: "فَلْيَتَصدَّقْ بِدينَارٍ وَنصْفِ دِينار" فيه تحريف، وهو حذف الألف، والصواب: "أو نصف دينار"، كما تقدّم. وأما الرّوايات المتقدّمة كلها فمدارها على عبد الكريم أبي أمية، وهو مجمع على تركه، إلا أنّه توبع في بعضها من جهة خصيف، ومن جهة علي بن بذيمة، وفيهما مقال. وأعلت الطرق كلها بالاضطراب. وأما الأخيرة وهي رواية عبد الحميد فكل رواتها مخرج لهم في "الصحيح" إلا مقسم، فانفرد به ¬
البُخاريّ، لكنه ما أخرج له إلا حديثا واحدا في تفسير النساء قد توبع عليه. وقد صحّحه الحاكم (¬1) وابن القطان (¬2) وابن دقيق العيد (¬3). وقال الخلال (¬4): عن أبي داود، عن أحمد: ما أحسن/ (¬5) حديث عبد الحميد، فقيل له: تذهب إليه؟ قال: نعم. وقال أبو داود (¬6): هي الرواية الصحيحة، وربما لم يرفعه شعبة. وقال قاسم بن أصبغ: رفعه غندر، ثم إن هذا من جملة الأحاديث التي ثبت فيها سماع الحكم من مقسم. وأما تضعيف ابن حرم لمقسم (¬7)، فقد نوزع فيه. وقال فيه أبو حاتم (¬8): صالح الحديث وقال ابن أبي حاتم في "العلل" (¬9): سألت أبي عنه، فقال: اختلف الرواة فيه؛ فمنهم من يوقفه، ومنهم من يسنده. وأما من حديث شعبة، فإن يحيى بن سعيد أسنده، وحكى عن شعبة أنه قال: ¬
أسنده لي الحكم مرة، ووقفه مرة. وبين البَيهقيّ (¬1) في روايته أن شعبة رجع عن رفعه. ورواه الدّارَقطنيّ (¬2) من حديث شعبة موقوفا. وقال شعبة: أما حفظي فمرفوع وأما فلان وفلان وفلان فقالوا: غير مرفوع (¬3). وقال البَيهقيّ: قال الشافعي في "أحكام القرآن" (¬4): لو كان هذا الحديث ثابتا لأخذنا به. انتهى. والاضطراب في إسناد هذا الحديث ومتنه كثير جدا. وقال الخطابي (¬5): قال أكثر أهل العلم لا شيء عليه، وزعموا أن هذا الحديث مرسل أو موقوف على ابن عباس. قال: والأصح أنه متصل مرفوع، لكن الذمم بريئة، إلا أن تقوم الحجة بشغلها. وقال ابن عبد البر (¬6): حجة من لم يوجب الكفارة باضطراب هذا الحديث، ¬
وأن الذمة على البراءة، ولا يجب أن يثبت فيها شيء لمسكين ولا غيره إلا بدليل لا مدفع فيه ولا مطعن عليه، وذلك معدوم في هذه المسألة. وقد أمعن ابن القطان (¬1) القول في تصحيح هذا الحديث، والجواب عن طرق الطعن فيه بما يراجع منه. وأقر ابن دقيق العيد تصحيح ابن القطان وقواه في "الإمام" (¬2)، وهو الصواب، فكم من حديث قد احتجوا به فيه من الاختلاف أكثر مما في هذا؛ كحديث "بئر بضاعة" وحديث "القلتين" ونحوهما. وفي ذلك ما يرد على النووي في دعواه في "شرح المهذب" (¬3) و "التنقيح" و"الخلاصة" (¬4): أن الأئمة كلهم خالفوا الحاكم في تصحيحه، وأن الحق أنه ضعيف باتفاقهم، وتبع النووي في بعض ذلك ابن الصلاح. والله أعلم. 248 [740]- حديث معاذ بن جبل: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عما يحل للرجل من امرأته وهي حائض؟ فقال: "مَا فَوْقَ الإزَارِ". أبو داود (¬5) من حديثه. وقال: ليس بالقوي، وفي إسناده بقية، عن سعيد بن عبد الله الأغطش. ورواه الطَّبرانيّ (¬6) من رواية إسماعيل بن عياش، عن سعيد بن عبد الله، ¬
الخزاعي، فإن كان هو الأغطش فقد توبع بقية، وبقيت جهالة حال سعيد؛ فإنا لا نعرف أحدا وثقه، وأيضا فعبد الرحمن بن عائذ راويه عن معاذ؛ قال أبو حاتم (¬1): روايته عن علي مرسلة. فإذا كان كذلك فعن معاذ أشد إرسالا. وفي الباب: [741]- عن حرام بن حكيم، عن عمه، أنه سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يحل لي من امرأتي وهي حائض؟ قال: "لَكَ مَا فَوْقَ الإزَارِ". رواه أبو داود (¬2). 249. [742] حديث: "مَنْ رَتَعَ حَوْلَ الْحمَى يوشِكُ أَنْ يُواقِعَه". متفق عليه (¬3) من حديث النعمان بن بشير. وله عندهما وعند غيرهما عنه ألفاظ. 250. [743]- حديث: عائشة كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في الخميلة فحضت، فانسللت، فقال: "أنفِسْتِ؟ " فقلت: نعم، فقال: "خُذِي ثِيابَ حَيضَتِكِ، وَعُودِي إِلَى مَضْجَعِكِ"، ونال مني ما ينال الرّجل من امرأته، إلا ما تحت الإزار. مالك في "الموطأ" (¬4) والبَيهقيّ (¬5) من حديث عائشة بمعناه. ¬
وإسناده عند البَيهقيّ صحيح (¬1)، وليس فيه قوله: ونال مني ما ينال الرجل من امرأته. وقد أنكر ذلك النووي في "شرح المهذب" (¬2) على الغزالي حيث أوردها في "وسيطه" (¬3) وهو في ذلك تابع لإمامه في "النهاية". قال النووي: وهذه الزيادة غير معووفة فى كتب الحديث/ (¬4)، وفي "الصحيحين" (¬5) من حديثها: كانت إحّدانا إذا كانت حائضًا أمرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتأتزر بإزارها، ثم يباشرها. لفظ مسلم. 251. [744]- قوله: وروي من حديث أم سلمة مثل حديث عائشة. قلت: هو متفق عليه من حديثها (¬6) نحوه، دون الزيادة المنكرة. ولفظهما: بينا أنا مضطجعة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الخميلة إذ حضت، فانسللت فأخذت ثياب [حيضتي] (¬7)، فقال: "أَنَفسْتِ؟ " قلت: نعم. فدعاني، فاضطجعت معه في الخميلة. ¬
252 - [745]- حديث: عائشة قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله إني امرأة أستحاض فلا أطهر، أفأدع الصلاة؟ قال: "لَا إنّما ذَلِكِ عِرْقٌ، وَلَيسَتْ بِالْحَيضَةِ، فإذَا أَقْبَلَت الْحَيضَةُ فَدَيِر الصَّلاة، فَإذا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ، وَصَلِّي". لفظ التّرمذيّ (¬1) من رواية وكيع وعبدة وأبي معاوية، عن هشام، عن أبيه عنها. وزاد قال أبو معاوية في حديثه: "وَتَوَضَّئِي لِكُلّ صَلاةِ حَتَّى يَجِيءَ ذَلِكِ الْوَقْت". ورواه أبو داود (¬2) وابن ماجه (¬3) من حديث وكيع وفيه: "وَتَوضَّئِي"، ورواه ابن حبان في (صحيحه) (¬4) وأبو داود (¬5) والنسائي (¬6) من رواية محمد بن عمرو، عن الزهري عن عروة وفيه: "فَتَوَضَّئِي وَصَلِّي". ومن طريق أبي حمزة السكري، عن هشام بن عروة بلفظ: "فاغْتَسِلي وتوَضَّئِي لِكلّ صلاةٍ" (¬7). ¬
ورواه مسلم في "الصحيح" (¬1) دون قوله "وتَوضَّئِي" من حديث هشام. ثم أخرجه عن خلف، عن حماد بن زيد، عن هشام. وقال في آخره: وفي حديث حماد حرف تركنا ذكره. قال البَيهقيّ (¬2): هو قوله وتوضئي؛ لأنها زيادة غير محفوظة، وقد بَيَّنَ أبو معاوية في روايته أنها قول عروة، وكان مسلما ضعَّف هذه الرواية؛ لمخالفتها سائر الرواة عن هشام. قلت: قد زادها غيره كما تَقَدم، وكذا رواه [الدارمي] (¬3). (¬4) من حديث حماد بن سلمة، والطحاوي (¬5) وابن حبان (¬6) من حديث أبي عوانة، وابن حبان (¬7) من حديث أبي حمزة السكري. قلت: ورواية أبي معاوية المفصلة [أخرجها] (¬8) البُخاريّ (¬9) لكن سياقه لا ¬
يدل على الإدراج، كما بينته في "المدرج". وروى أبو داود (¬1) وابن ماجه (¬2) من طريق الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة، عن عائشة، لم ينسب أبو داود عروة، ونسبه ابن ماجه في روايته، فقال: ابن الزبير، وكذا الدّارَقطنيّ (¬3). وقد قال علي بن المديني وغيره (¬4): لم يسمع حبيب من عروة بن الزبير، وإنما سمع من عروة المزني. وقال الترمذي: في الحج (¬5) عن البُخاريّ: لم يسمع حبيب من عروة بن الزبير شيئا. وقد أخرج البزار وإسحاق بن راهويه (¬6) هذا الحديث في ترجمة "عروة بن الزبير عن عائشة"، فإن كان عروة هو المزني فهو مجهول، وإن كان ابنَ الزبير فالإسناد منقطع؛ لأن حبيب بن أبي ثابت مدلس. [746]- وقد روى الحاكم (¬7) من حديث ابن أبي مليكة، عن عائشة في قصة فاطمة بنت أبي حبيش، "ثُمّ لَتَغْتَسِلْ، فِي كُلِّ يَوْمٍ غُسْلٌ، ثُمّ الطُّهور عِنْد كُلِّ صَلاة". ¬
[747]- ولأصحاب "السنن" (¬1) سوى النسائي من طريق عدي بن ثابت، عن أبيه، عن جده، مرفوعًا: أنه أمر المستحاضة تدع الصلاة أيام أقرائها، ثم تغتسل، والوضوء عند كل صلاة. وإسناده ضعيف. [748]- وعن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر المستحاضة بالوضوء/ (¬2) لكل صلاة. رواه أبو يعلى (¬3) بإسناد ضعيف ومن طريقه البَيهقي (¬4). [749]- وعن سودة بنت زمعة نحوه، رواه الطَّبرانيّ (¬5). * حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لحمنة بنت جحش: "أَنْعَت لَكِ الْكُرْسُف؟ " قالت: هو أكثر من ذلك، قال. "فَاتَّخِذِي ثَوْبًا". الحديث. تَقَدَّم في أوائل الباب. * حديث عائشة: جاءت فاطمة بنت أبي حبيش ... الحديث كما تَقَدَّم في الرواية الماضية دون قوله: "وَتَوَضَّئِي" قال: أخرجاه في "الصحيحين". وهو [كما قال] (¬6)، كما تَقَدَّم. ¬
253 - [750]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لفاطمة بنت أبي حبيش: "إنَّ دَمَ الْحَيْضِ أَسْود يُعْرَف، وَإنّ لَه رائحِةً، فَإذَا كَانَ ذَلِكِ فَدَعِي الصَّلاةَ، وَإذا كَانَ الآخَر فَاغْتَسِلي وَصَلِّي". أبو داود (¬1) والنَّسائيّ (¬2) من حديث عروة، عن فاطمة بنت أبي حبيش به. وزاد النَّسائيّ: "فَإنَّما هُوَ عِرْقٌ"، إلا أنّه ليس عندهما "وإن لَه رائِحةً". وكذا رواه ابن حبان (¬3) والحاكم (¬4). تنبيه وقع في "الوسيط" تبعًا للنهاية زيادة- بعد قوله: "فإنّما هُوَ عِرْقٌ": "انْقَطَع" وأنكر قولَه "انْقَطَع" ابنُ الصّلاح والنووي (¬5) وابن الرّفعة، وهي موجودة في "سنن الدّارَقطنيّ" (¬6) والحاكم (¬7) والبَيهقيّ (¬8) من طريق ابن أبي مليكة، جاءت خالتي فاطمة بنت أبي حبيش إلى عائشة ... فذكرت الحديث. وفيه: "فإنّما هُو دَاءٌ عَرَضَ، أَوْ رَكْضَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ، أَوْ عِرْقٌ انْقَطَع". ¬
254 - قوله: ورد في صفته أنه أسود، محتدم، بحراني، ذو دفعات. هذا تبع فيه الغزالي (¬1)، وهو تبع الإمام. [751]- وفي "تاريخ العقيلي" (¬2) عن عائشة نحوه، قالت: دم الحيض أحمر بحراني، ودم الاستحاضة كغسالة اللحم. وضعفه. والصفة المذكورة وقعت في كلام الشافعي في "الأم" (¬3). [255]- قوله: وورد في صفته أنه أحمر رقيق مشرق. لم أجده، بل: [752]- روى الدّارَقطنيّ (¬4) والبَيهقيّ (¬5) والطَّبرانيّ (¬6) من حديث أبي أمامة مرفوعًا: "دَمُ الْحَيْضِ أَسْوَدُ خَاثِرٌ، تَعْلُوه حُمْرَةٌ، وَدَمُ الاسْتِحَاضَةِ أَصْفَرُ رَقِيقٌ". وفي رواية: "ودَمُ الْحَيْضِ لا يَكُونُ إلَّا أَسْوَدَ غَلِيظًا تَعْلُوه حُمْرَةٌ، وَدَمُ الاسْتِحَاضَةِ دَمٌ رَقِيقٌ تَعْلُوه صُفْرِةٌ". ¬
256 - [753]- حديث: أم سلمة: أن امرأة كانت تهراق الدّماء على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستفتيت لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: "لِتَنْظرْ عَدَدَ الأيَّامِ واللَّيَايى الَّتي كَانَتْ تَحِيضُهُنّ، مِنَ الشَّهْرِ قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهَا الَّذِي أَصَابَهَا، فَلْتَتْرِك الصَّلاةَ قَدْرَ ذَلِكِ مِنَ الشَّهْرِ، فَإذَا خَلَفَتْ ذَلِكِ فَلْتَطْهُرْ، ثُمّ لِتَسْتَثْفِرْ بِثَوْب ثُمّ لِتُصَلِّ". مالك (¬1) والشافعي (¬2) وأحمد (¬3) وأبو داود (¬4) والنَّسائيّ (¬5) وابن ماجه (¬6) وغيرهم من حديث سليمان بن يسار عنها. قال النووي (¬7) إسناده على شرطهما. وقال البَيهقيّ (¬8): هو حديث مشهور إلا أن سليمان لم يسمعه منها. ¬
وفي رواية لأبي داود (¬1) عن سليمان، أن رجلا أخبره، عن أم سلمة. وللدارقطني (¬2) عن سليمان: أن فاطمة بنت أبي حبيش، استحيضت، فأمرت أم سلمة ... وقال المنذري: لم يسمعه سليمان. وقد رواه موسى بن عقبة، عن نافع، عن سليمان، عن مرجانة، عنها. وساقه الدّارَقطنيّ (¬3) من طريق صخر بن جويرية، عن نافع عن سليمان: أنه حدّثه رجل عنها. 257 - [754]- حديث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "دعِي الصَّلاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِكِ". أبو داود (¬4) والنَّسائيّ (¬5) من حديث فاطمة بنت أبي حبيش: أنها شكت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الدم، فقال: "إذَا أَتَاكِ قُرْؤكِ فلا تُصَلِّي، [وإذَا مَرَّ] (¬6) قُرْءُكِ فَتَطَهَّرِي، ثُم صَلِّى مَا بَيْن الْقُرْءِ إِلَى الْقُرْءِ". ورواه النَّسائيّ (¬7) من حديث الزهري، عن عمرة، عن عائشة، أن أم حبيبة ¬
كانت تستحاض فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم - / (¬1) فأمرها أن تترك الصلاة قدر أقرائها وحيضها. ورواه ابن حبان (¬2) من طريق هشام، عن أبيه، عنها، بنحوه. ورواه البَيهقيّ (¬3) موقوفًا، والطَّبرانيّ في "الصغير" (¬4) مرفوعا من طريق قمير امرأة مسروق عنها بنحوه، وزاد: "إلى مِثْلِ أيَّام أَقْرَائِهَا". ورواه الدّارَقطنيّ (¬5) من طرق، عن أم سلمة، وهو في أبي داود، كما تَقَدَّم. ورواه الدارمي (¬6) من حديث عدي بن ثابت، عن أبيه، عن جده. وهو في التّرمذيّ (¬7) وأبي داود (¬8) وابن ماجه (¬9)، ولفظه في المستحاضة: "تَدَعُ الصَّلاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا الَّتِي كَانَتْ تَحِيضُ، ثُم تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي". وإسناده ضعيف. وفى الباب: [755]- عن سودة بنت زمعة نحوه، وزاد: "ثُم تَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلاةٍ"، رواه ¬
الطَّبرانيّ في "الأوسط" (¬1). [756]- وفيه (¬2) عن جابر نحوه. 258. [757]- حديث عائشة: كنا نعد الصفرة والكدرة حيضا. قال: وهذا إخبار عما عهدته في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال النووي في "شرح المهذب" (¬3): لا أعلم من رواه بهذا اللفظ. انتهى. وفي البَيهقيّ (¬4) عن عمرة، عن عائشة، أنها كانت تنهى النساء أن ينظرن إلى أنفسهن ليلا في الحيض، وتقول: إنها قد يكون الصفرة والكدرة. وفي "الموطأ" (¬5) من حديث أم علقمة، عن عائشة، في قصة النساء اللاتي كن يرسلن إليها بالكرسف فيه الصفرة من دم الحيض، فتقول: لا تعجلن حتى ترين القصَّة. وعلقه البُخاريّ (¬6) وهذا قريب مما أورده الرافعي. وقال البَيهقيّ (¬7): روي بإسناد ضعيف عن عائشة، قالت: ما كنا نعد الصفرة ¬
تنبيه
والكدرة شيئا، ونحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ثم ساقه. وفيه بحر السّقاء، وهو ضعيف. وأخرجه ابن أبي حاتم في "العلل" (¬1) من طريقه، وهو عكس ما أورده الرافعي. وفي البَيهقيّ (¬2) أيضا من وجه آخر نحوه. 259. [758]- حديث أم عطية: وكانت ممن بايع النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: كنا لا نعد الصفرة والكدرة شيئًا. البُخاريّ (¬3) بهذا من حديثها. زاد أبو داود (¬4) والحاكم (¬5) فيه: بعد الطهر شيئا. ورواه الإسماعيلي في "مستخرجه" بلفظ: كنا لا نعد الصفرة والكدرة شيئا. يعني في الحيض. وللدارمي (¬6): بعد الغسل. تنبيه وقع في "النهاية" و "الوسيط" (¬7) زيادة في هذا: وراء العادة، وهي زيادة باطلة. ¬
260 - [759]- حديث سهلة بنت سهيل: أنها استحيضت فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمرها بالغسل عند كل صلاة. أبو داود (¬1) من حديث محمد بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة بهذا. وقد قيل إن ابن إسحاق وهم فيه. 261 - [760]- حديث أم سلمة: كانت النفساء تجلس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعين يوما. أحمد (¬2) وأبو داود (¬3) والتّرمذيّ (¬4) وابن ماجه (¬5) والدّارَقطنيّ (¬6) والحاكم (¬7) من حديث أبي سهل كثير بن زياد، عن مسة الأزدية، عنها. وله ألفاظ وفيه من الزيادة: وكنا نطلي وجوهنا بالورس والزعفران. وزاد أبو داود: ولا يأمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - بقضاء صلاة النفاس. ¬
وأبو سهل وثقه البُخاريّ (¬1) وابن معين (¬2) وضعفه ابن حبان (¬3). وأم بُسّة مُسّة مجهولة الحال. قال الدّارَقطنيّ (¬4): لا تقوم بها حجة. وقال ابن القطان (¬5) لا يعرف حالها. وأغرب ابن حبان فضعفه، بكثير بن زياد (¬6)، فلم يصب. وقال النووي (¬7): قول جماعة من مصنفي الفقهاء إن هذا الحديث ضعيف مردود عليهم. [761]- وله شاهد أخرجه ابن ماجه (¬8) من طريق سلام، عن حميد، عن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقت للنفساء أربعين يوما، إلا أن ترى الطهر قبل ذلك. قال (¬9): لم يروه عن حميد غير سلام، وهو ضعيف. ورواه عبد الرزاق (¬10) من وجه آخر، عن أنس مرفوعا. ¬
[762]- وروى الحاكم (¬1) من حديث الحسن، عن عثمان بن أبي العاص قال: وقت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للنساء في نفاسهن أربعين يوما. وقال: صحيح إن سلم من أبي بلال/ (¬2) الأشعري (¬3). قلت: وقد ضعفه الدّارَقطنيّ (¬4). والحسن عن عثمان بن أبي العاص منقطع، والمشهور عن عثمان موقوف عليه (¬5). 262 - [763]- حديث: "لا تُوطَأ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، وَلا حَائِلٌ حَتَّى تَحِيضَ". أحمد (¬6) وأبو داود (¬7) والحاكم (¬8) من حديث أبي سعيد الخدري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في سبايا أوطاس: "لا توطَأُ حَامِلٌ حَتى تَضَعَ، وَلا غَيْرُ ذَاتِ حَمْلٍ حَتى تَحيضَ حَيْضَةً". وإسناده حسن (¬9). ¬
[764]- وروى الدّارَقطنيّ (¬1) من حديث عبد الله بن عمران العابدي، عن ابن عيينة، عن عمرو بن مسلم الجندي، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أَن توطأ حامل حتى تضع، أو حائل حتى تحيض. ثم نقل عن ابن صاعد: أن العابدي تفرد بوصله، وأن غيره أرسله. [765]- ورواه الطَّبرانيّ في "الصغير" (¬2) من حديث أبي هريرة، بإسناد ضعيف. [766]- وأبو داود (¬3) من حديث رويفع بن ثابت بلفظ: "لا يحلّ لامْرِئٍ يُؤْمِنُ بالله وَالْيَومِ الآخِر أن يَقَعَ عَلَى امرَأَةٍ مِنَ السَّبْيِ حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا بِحَيْضَةٍ". [767]- وروى ابن أبي شيبة (¬4) عن علي، قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن توطأ الحامل حتى تضع، أو الحائل حتى تستبرأ بحيضة. لكن في إسناده ضعف وانقطع. 263 - [768]- حديث علي: أقل الحيض يوم وليلة. كأنه يشير إلى ما ذكره البُخاريّ تعليقًا (¬5) عن علي، وشريح أنّهما جوّزا ثلاث حيض في شهر. وقد ذكرت من وصله في "تغليق التعليق" (¬6). ¬
264 - [769]- قوله: وروى مثله عن عطاء. ذكره البُخاريّ أيضا تعليقا (¬1) ووصله الدّارَقطنيّ (¬2). 265 - [770]- قوله: روي عن الأوزاعي: كانت عندنا امرأة تحيض بالغداة، وتطهر بالعشي. رواه الدّارَقطنيّ (¬3) من طريق محمد بن مصعب، سمعت الأوزاعي يقول: عندنا ههنا امرأة تحيض غدوة، وتطهر عشية. 266 - [771]- حديث علي: ما زاد على خمسة عشر فهو استحاضة. هذا اللفظ لم أجده عن علي، لكنه يخرج من قصة علي وشريح التي تقدمت. 267 - [772]- قوله: وروي مثله عن عطاء. هو عند الدّارَقطنيّ (¬4) صحيح. وعلقه البُخاريّ أيضا (¬5). 268 - [773]- قوله: مذهب عمر، من جامع في الحيض فعليه عتق رقبة. ¬
لم أجده عن عمر هكذا، لكن: [774]- روى الطَّبرانيّ (¬1) من حديث ابن عباس، جاء رجل فقال: يا رسول الله أصبت امرأتي وهي حائض، فأمره أن يعتق النسمة، وقيمة النسمة يومئذ دينار. وفي إسناده عبد الرحمن بن يزيد بن تميم وهو ضعيف. ورواه ابن حبان في الضعفاء (¬2) أيضا. وروى الدارمي (¬3) وغيره: أن القصة وقعت لعمر، كانت له امرأة تكره الجماع، فطلبها فاعتلت بالحيض، فظن أنها كاذبة فوقع عليها، فإذا هي صادقة، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمره أن يتصدق بخمس دينار. وقال ابن المنذر: هو قول سعيد بن جبير. قلت: لكن روى الدارمي (¬4) عنه أنه قال: ذنب أتاه وليس عليه كفارة. **** ¬
(4) كتاب الصلاة
(4) كِتَابُ الصَّلاة
باب [أوقات] الصلاة
باب [أوقات] (¬1) الصلاة 269 - [775]- حديث ابن عباس: "أمّني جِبْرَائِيلُ عِنْدَ بَابِ الْبَيتِ مَرَّتَين، فَصَلَّى بِي الظّهر حِين زَالَتِ الشَّمْسُ". ويروى: "حِينَ كَانَ الْفَيْءُ مِثْلَ الشِّرَاكِ ... " الحديث. وفي آخره: "ثمّ الْتَفَتَ وَقَالَ: يَا مُحمّد هَذَا وَقْتُ الأَنْبِياءِ مِنْ قَبْلِكَ، وَالْوَقْتُ فِيمَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْن". الشافعي (¬2) وأحمد (¬3) وأبو داود (¬4) والترمذيّ (¬5) وابن خزيمة (¬6) والدّارَقطنيّ (¬7) والحاكم (¬8). وفي إسناده عبد الرحمن بن الحارث بن عياش ابن أبي ربيعة، مختلف فيه، لكنه توبع أخرجه عبد الرزاق (¬9) عن العمري، عن عمر بن نافع بن جبير بن مطعم، عن أبيه، عن ابن عباس، نحوه. ¬
تنبيه
قال ابن دقيق العيد (¬1) هي متابعة حسنة. وصححه أبو بكر بن العربي (¬2) وابن عبد البر (¬3). تنبيه اعترض النووي (¬4) على الغزالي (¬5) في قوله في هذا الخبر: "عند باب البيت" وقال: المعروف "عند البيت". وليس اعتراضه جيدًا؛ لأن هذا رواه الشافعي (¬6) هكذا: [776]- قال: أخبرنا عمرو بن أبي سلمة، عن عبد العزيز، عن عبد الرحمن ابن الحارث، وفيه: "أَمَّنِي جِبرَائِيلُ عِنْدَ بَابِ الْبَيْتِ ... ". وهكذا رواه البَيهقيّ/ (¬7). (¬8) والطحاوي في "مشكل الآثار" (¬9) بهذا اللفظ. وقال ابن عبد البر (¬10): لا توجد هذه اللفظة، وهي قوله: "هَذَا وَقْتك وَوَقْتُ الأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِكَ" إلا في هذا الحديث. ¬
فائدة
قلت: وفيه من النكارة أيضا: صلاته إلى البيت، مع أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يستقبل بيت المقدس قبل الهجرة، لكن يجوز أن لا يكون حينئذ مستقبل البيت. فائدة قال في "الوسيط" (¬1): قال - صلى الله عليه وسلم - "الصلاةُ عِمَادُ الدِّين". فقال النّووي في "التنقيح": هو منكر باطل. قلت: وليس كذلك بل رواه أبو نعيم شيخ البُخاري في "كتاب الصلاة" عن حبيب بن سليم، عن بلال بن يحيى، قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله، فقال: "الصَّلاةُ عَمود الدِّين". وهو مرسل رجاله ثقات. 270 - [777]- قوله: ويروى مثل حديث ابن عباس، عن ابن عمر. هو في "سنن الدّارَقطنيّ" (¬2) بإسناد حسن، لكن فيه عنعنة ابن إسحاق. ورواه الدّارَقطنيّ (¬3) وابن حبان في "الضعفاء" (¬4) من طريق أخرى فيها محبوب بن الجهم، وهو ضعيف. وفيه من النكارة: ابتداؤه بالفجر، والصحيح خلافه. 271 - [778]- قوله: وعن أبي هريرة. ¬
رواه النّسائيّ (¬1) بإسناد حسن؛ فيه محمد بن عمرو بن علقمة. وصححه ابن السكن والحاكم (¬2). وقال الترمذيّ في "العلل" (¬3) حسن. ورواه التّرمذيّ (¬4) من وجه آخر، عن أبي هريرة لكن فيه: أن للمغرب وقتين ونقل عن البُخاريّ (¬5) أنه خطأ، وأن محمد بن فضيل أخطأ فيه حيث رواه عن الأعمش، عن أبي صالح، وإنما هو عن الأعمش، عن مجاهد، قال: كان يقال: فذكره. ورواه الحاكم (¬6) من طريق أخرى، عن محمد بن عباد بن جعفر، أنه سمع أبا هريرة. وقال: صحيح الإسناد. 272. قوله: وعن أبي موسى. رواه مسلم (¬7) إلا أن فيه: أنه أخر المغرب في اليوم الثاني، وأن ذلك كان من صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة حيث سأله سائل عن مواقيت الصلاة. وعلى هذا فليس هو مثل حديث ابن عباس من كل جهة. 273 - [779]- قوله: وعن جابر. ¬
رواه النَّسائيّ (¬1) من حديث برد، عن عطاء. ومن حديث وهب بن كيسان (¬2) كلاهما عن جابر. ورواه أحمد (¬3) والترمذيّ (¬4) وابن حبان (¬5) والحاكم (¬6) من حديث وهب بن كيسان. قال التّرمذيّ (¬7) قال محمد: حديث جابر أصح شيء في المواقيت. قال عبد الحق (¬8): يعني: في إمامة جبريل. 274 - [780]- قوله: وعن أنس. رواه الدّارَقطنيّ (¬9) وابن السكن في "صحيحه" والإسماعيلي في "معجمه" (¬10) في الأحمدين، من رواية قتادة، عن أنس. ورواه الدّارَقطنيّ (¬11) من حديث قتادة، عن الحسن مرسلا. وأشار إليه ¬
تنبيه
التّرمذيّ (¬1). وفي الباب: [781]- عن أبي مسعود الأنصاري؛ رواه إسحاق بن راهويه (¬2) نحو سياق ابن عباس. ورواه البَيهقيّ في "الدلائل" (¬3) وأصله في "الصحيحين" (¬4) من غير تفصيل، وفضلة أبو داود (¬5) أيضا. [782]- وعن عمرو بن حزم؛ رواه إسحاق بن راهويه (¬6) أيضا، وعبد الرزاق في "مصنفه" (¬7). [783]- وعن أبي سعيد؛ رواه أحمد في "مسنده" (¬8)، والطحاوي (¬9). تنبيه المشهور في الأحاديث المتقدمة الابتداء بالظهر. [784]- وروى ابن أبي خيثمة في "تاريخه" عن أحمد بن محمد، حدّثنا إبراهيم بن سعد، عن ابن إسحاق، عن عقبة بن مسلم، عن نافع بن جبير- وكان ¬
كثير الرواية- عن ابن عباس قال: لما فرضت الصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتاه جبريل فصلى به الصبح حين طلع الفجر ... الحديث. وكذلك وقع في رواية ابن عمر التي فيها محبوب بن الجهم، وفي رواية أبي هريرة عند النَّسائيّ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هَذَا جِبْرَائِيلُ جَاءَ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُم، فَصَلَّى الصّبْحَ حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ ... " الحديث. 275. [785]- حديث ابن عمر: "وَقْتُ الظُّهْرِ مَا لَمْ يَدْخُلْ وَقْتَ الْعَصْر". رواه مسلم (¬1) من حديث/ (¬2) ابن عمرو بن العاص. فكأن الواو سقطت من نسخة الرافعي، ولفظه عند مسلم: "وَقْتُ الظّهْرِ إذَا زَالَتِ الشَّمْسُ وكانَ ظِلُّ الرَّجِل كَطُولِه مَا لَمْ يَحْضُرِ الْعَصْر". وفي لفظ له (¬3): "إذَا صَلَّيْتُم الظُّهْرَ فإنَّه وَقتٌ إلى أَنْ تَحْضُر الْعَصْر". 276. [786]- حديث: "مَن أَدْرَك رَكعَةً مِن الصّبح قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَك الصّبْحَ، وَمَنْ أَدْرَكَ رَكعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَد أَدْرَكَ الْعَصْرَ". متفق عليه (¬4) من حديث أبي هريرة بهذا اللفظ. ¬
وفي لفظ لهما (¬1): "مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِن الصَّلاة فَقَدْ أَدْرك الصَّلاة". زاد النَّسائيّ (¬2): "إلا أنَّهُ يَقْضِي مَا فَاتَهُ". وفي رواية لابن حبان (¬3) "فَلْيُتِمَّ مَا بَقِي". [787]- وانفرد مسلم (¬4) بإخراجه من حديث عائشة بلفظ: "مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الْعَصْرِ سَجْدةً قَبْلَ أنْ تَغْربَ الشَّمْسُ، أَوْ مِن الصُّبْحِ قَبْلَ أن تَطْلُعَ الشَّمس فَقَدْ أَدْرَكَهَا". والسجدة إنما هي الرّكعة. قال المحب الطبري في "الأحكام": يحتمل إدراج هذه اللفظة الأخيرة. 277 - [788]- حديث: روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "تِلك صَلاةُ الْمُنَافِقِ، يَجْلِسُ يَرْقُبُ الشَمْسَ حَتَّى إذَا كَانتْ بَين قَرْنَي الشَّيطَان، قَامَ فَنَقَرَهَا أربعًا، لا يَذكُرُ الله فيهَا إلَّا قليلًا". مسلم (¬5) من حديث العلاء بن عبد الرحمن، عن أنس. ورواه أبو داود (¬6) نحوه وكرر قوله: "تِلْكَ صَلاةُ الْمُنَافِقِين". 278 - [789]- حديث: "إذا أَقْبَل الظَّلامُ مِن هَا هَنا. وأشار إلى ¬
المشرق. وَأَدْبَر النَهَارُ مِنْ هَا هُنَا. وأشار إلى المغرب. فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائم". متفق عليه (¬1) من حديث عمر بلفظ: "إذَا أَقْبَل الليْل ... ". وزادا فيه: "وَغَرَبَتِ الشَّمْس" (¬2). [790]- وروياه (¬3) من حديث عبد الله بن أبي أوفى نحوه، 279 - [791]- حديث بريدة: أن رجلا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن وقت الصلاة؟ فقال: "صَلِّ مَعَنَا هَذَيْن .. " يعني: اليومين، إلى أن قال: وصلى بي المغرب في اليوم الثّاني قبل أن يغيب الشّفق. رواه مسلم (¬4) مطولا. قال البَيهقيّ: قصّة إمامة جبرائيل بمكة، وقصة المساءلة عن المواقيت بالمدينة، والوقت الآخر لصلاة المغرب رخصة. وكذا قال الدّارَقطنيّ وغيره. 280 - [792]- حديث: روي في "الصحيح" أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "وَقْتُ صَلاةِ الْمَغْرب مَا لَمْ يَغِبِ الشَّفَقُ". ¬
رواه مسلم (¬1) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص بلفظه. وفي لفظ له (¬2) "وَقْتُ صَلاةِ الْمَغْرِب إذَا غَابَتِ الشمْسُ مَا لَمْ يَسْقُطِ الشَّفَق". 281 - [793]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - قرأ سورة الأعراف في المغرب. رواه البُخاريّ (¬3) من حديث ابن أبي مليكة عن عروة، عن مروان، عن زيد بن ثابت، أنه قال لمروان: مالك تقرأ في المغرب بقصَار المفصل، وقد سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ فيها بطولى الطّوليين؟ قال ابن أبي مليكة: الأعراف والمائدة. وللنسائي (¬4): رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في المغرب بأطول الطوليين؛ المص. وللحاكم (¬5): من حديث هشام، عن أبيه، عن زيد بن ثابت: كان يقرأ في المغرب بسورة الأعراف في الرّكعتين كلتيهما. [794]- ورواه النَّسائيّ (¬6) من وجه آخر، عن هشام عن أبيه، عن عائشة. وهو معلول. ورواه ابن السّكن من حديث أبي أيوب. 282 - [795]- حديث ابن عُمر: "الشَّفَقُ: الْحُمْرَةُ، فَإذَا غَابَ ¬
تنبيه
الشَّفَقُ وَجَبَتِ الصَّلاةُ". ابن عساكر في "غرائب مالك": حدثنا زاهر، حدّثنا البَيهقيّ: أخبرنا الحاكم حدّثنا أبو بكر بن إسحاق، حدّثنا علي بن عبد العزيز. ح/ وقال الدّارَقطنيّ في "السنن" (¬1): قرأت في أصل أحمد بن عمرو بن جابر قالا (¬2): حدّثنا عليّ بن عبد الصّمد، حَدثنا هارون بن سفيان، حدّثنا عتيق بن يعقوب، حدّثنا مالك بن أنس، عن نَافع، عن ابن عُمر، مرفوعًا/ (¬3)، باللّفظ المذكور سواء. وصحّح البَيهقيّ وقفه (¬4). ورواه ابن عساكر من حديث أبي حذافة عن مالك، وقال: حديث عتيق أمثل إسنادا. وقد ذكر الحاكم في "المدخل" حديث أبي حذافة، وجعله مثالًا لما رفعه المجروحون من الموقوفَات. تنبيه [796]- قال ابن خزيمة في "صحيحه" (¬5): حدثنا عمّار بن خالد، حدّثنا محمّد ابن يزيد. هو الواسطي- عن شعبة، عن قتادة، عن أبي أيوب، عن عبد الله بن عمرو. رفعه: "وَوَقْتُ صَلاةُ الْمَغْرِبِ إِلَى أنْ تَذْهَبَ حُمْرَةُ الشَّفَقِ". الحديث. ¬
قال ابن خزيمة: إن صحت هذه اللفظة تفرد بها محمّد بن يزيد، وإنّما قال أصحاب شعبة فيه: " [ثور] (¬1) الشفق" مكان "حمرة الشفق" (¬2). قلت: محمّد بن يزيد صدوق. وقال البَيهقيّ (¬3) روى هذا الحديث عن عمر، وعلي، وابن عباس، وعبادة ابن الصامت، وشداد بن أوس، وأبي هريرة، ولا يصح منه (¬4) شيء. 283. [797]- حديث: "لَولا أَنْ أَشُقّ عَلَى أُمَتِّي لأَمَرْتُهم بالسِّواكِ عِندْ كلِّ صَلَاةٍ، ولأخَّرْتُ الْعِشَاءَ إلى نِصْفِ اللَّيل". رواه الحاكم (¬5) من طريق عبيد الله، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة بلفظ: "لَفَرَضْتُ عَلَيهم السِّواكَ مَع الْوُضوء ... ". والباقي مثله. ورواه البَيهقيّ (¬6) مثله. ورواه التّرمذيّ (¬7) وابن ماجه (¬8) وابن حبان (¬9) من هذا ¬
الوجه، بغير ذكر السواك. ورواه البزار (¬1) من طريق صفوان بن سليم، عن حميد بن عبد الرحمن عنه، بلفظ: "لَولا أَنْ أَشُقّ عَلَى أمَّتِى لَجَعَلْتُ وَقْتَ الْعِشَاءَ، إلى نِصْفِ اللَّيْل ... ". فيه إسحاق بن أبي فروة، وهو متروك. وفي الباب: [798]- عن أبي سعيد؛ رواه أبو داود (¬2) والنَّسائيّ (¬3) وابن ماجه (¬4)، وإسناده صحيح. [799]- وعن جابر عند الطَّبرانيّ (¬5). [800]- وعن أنس رواه ابن عدي (¬6) في ترجمة "يحيى بن أيوب" من روايته، عن حميد عنه بلفظ: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخر العشاء إلى نصف الليل، ثم صلى. * حديث: "وَقْتُ الْعِشَاءِ مَا بَينَكَ وَبَيْن نِصْفِ اللَّيل". مسلم من حديث عبد الله بن عمرو، وقد تَقَدم، ولفظه: "فَإذا صَليْتُم الْعِشَاءَ فإنه وَقْتٌ إلى نِصْفِ اللَّيل". وفي رواية له: "إلى نِصْفِ اللَّيْل الأَوْسَط". ¬
[801]- وللترمذي (¬1) عن أبي هريرة، مرفوعًا: "وإنَّ أوَّلَ وَقْتِ الْعِشَاءِ حِين يَغِيبُ الشَّفَق، وإنَّ آخِرَ وقْتِهَا حِين يَنْتَصِفُ اللَّيل". وهو الذي قدمنا عن البُخاريّ: أنّ محمّد بن فضيل أخطأ في وصله. 284 - حديث: "صلاةُ اللَّيل مثنَى مَثْنَى، فإذَا خَشِيَ أحدُكمُ الصُّبح فَلْيُوتِرْ بِوَاحِدَةٍ". متفق عليه من حديث ابن عمر، وسيأتي في "باب التطوع" (¬2). 285 - [802]- حديث: "لَيسَ فِي النَّوْم تَفْرِيطٌ، إتَما التَفْريطُ فِي الْيَقَظَةِ، أنْ تُؤخَّرَ صَلاةٌ حَتَّى يَدْخُلَ وَقتُ أُخْرى (¬3) ". أبو داود (¬4) من حديث أبي قتادة، بهذا اللفظ، وإسناده على شرط مسلم. ورواه التّرمذيّ (¬5) من هذا الوجه، ولفظه مثله، إلى قوله: "في الْيَقَظَةِ" وقال بعده: "فإذَا نَسِيَ أَحَدُكُمْ صَلاةً، أَوْ نَامَ عَنْهَا فَلْيُصلّها إذَا ذَكَرَها". ثم قال: حسن صحيح. ورواه مسلم (¬6) هكذا بنحوه، في قصة نومهم عن صلاة الفجر، ولفظه: ¬
"لَيْسَ في النَّوْم تفريطٌ؛ إنَّما التَّفْرِيطُ علَى مَن لَمْ يُصَلِّ الصَّلاةَ حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الصَّلاةِ الأُخْرَى، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلْيُصَلِّهَا حِين يَنْتَبِهُ لَها، فإذَا كَانَ الْغَدُ فَلْيُصَلِّها عِنْدَ وَقْتِهَا ... ". الحديث. 286 - [853]- حديث: "لا يَغُرَنَّكمُ الْفَجْرُ الْمُسْتَطِيل، فَكُلوا وَاشْرَبُوا حَتّى يَطْلُع الْفَجْرُ الْمُسْتَطير". التّرمذيّ (¬1) من حديث سمرة بلفظ: "لا يَغُرَنَّكُمْ (¬2) من سَحُورِكُمْ أذانُ بِلالٍ، وَلا الْفَجرُ المستَطِيلُ، وَلكن الْفَجْر الْمُسْتَطِير في الأُفُق". وهو في صحيح مسلم (¬3) بألفاظ منها (¬4): "لا يَغُرَّنَّكُم مِنْ سَحُورِكُمْ أذانُ بِلالٍ وَلا بَيَاضُ الأُفقِ الْمُسْتَطِيل هَكَذا، حَتى يَسْتَطِير". ولفظ التّرمذيّ أقرب إلى سياق المصنف. [804]- ورواه الطحاوي (¬5) من حديث أنس مختصرًا. [805]- وفي "الصحيحين" (¬6) عن ابن مسعود: "إنّ الفَجْرَ لَيْسَ الَّذي يَقُول هَكَذا- وجمع أصابعه ثم نكسها إلى الأرض- وَلَكِن الّذي يَقُول/ (¬7) هَكَذَا. ¬
ووضع المسبحة على المسبحة، ومد يده-". زاد البُخاريّ: عن يمينه وشماله. وله ألفاظ. [806]- وروى أبو داود (¬1) والتّرمذي (¬2) والدّارَقطنيّ (¬3) من حديث قيس بن طلق بن علي، عن أبيه، بلفظ: "كلُوا واشْرَبُوا، ولا يَهِيدنّكُم- وفي لفظ- ولا يَغُرّنَّكُم السَّاطِع المصعَّدُ، وَكُلُوا واشْرَبُوا حَتى يَعْتَرِضَ لَكُمُ الأَحْمَر". [807]- وروى الدّارَقطنيّ (¬4) من حديث عبد الرحمن بن عايش: "الْفَجْرُ فَجْرَانِ, فَأمَّا الْمُسْتَطِيل فِي السَّمَاءِ فَلا يَمْنَعَن السَّحُور، ولا يَحِلّ فِيه الصّلاةُ، فإذَا اعْتَرَضَ فَقَدْ حَرُمَ الطَّعَام وَحَلَّت الغَداةُ. الصَّلاة". [808]- ورواه الحاكم (¬5) من حديث محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن جابر، بلفظ: "الْفَجْرُ فَجْرَانِ؛ فأمَّا الَّذِي يَكُون كَذَنْبِ السَّرْحَان فَلا يُحِلّ الصَّلاةَ، ولا يُحَرِّم الطَّعَامَ، وأمَّا الَّذي يَذْهب مُسْتَطيلًا فِي الأفق، فإنَّه يُحِلّ الصَّلاةَ، وَيُحَرِّم الطَّعامَ". قال البَيهقيّ (¬6): روي موصولا ومرسلا، والمرسل أصح. والمرسل الذي أشار إليه "أخرجه أبو داود في "المراسيل" (¬7) ¬
والدّارَقطنيّ (¬1) من حديث محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، أنه بلغه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال .... [809]- ورواه ابن خزيمة (¬2) والدّارَقطني (¬3) والحاكم (¬4) من حديث ابن عباس مثله. قال الدّارَقطنيّ: لم يرفعه غير أبي أحمد الزبيري، عن الثوري، عن ابن جريج. ووقفه الفريابي وغيره، عن الثوري. ووقفه أصحاب ابن جريج عنه، أيضا. وغلط القنازعي (¬5) في "شرح الموطأ" فزعم أنه من رواية ثوبان مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ورواه الأزهري في كتاب "معرفة وقت الصبح" من حديث ابن عباس موقوفًا بلفظ: ليس الفجر الذي يسطع في السماء، ولكن الفجر الذي ينتشر على وجوه الرجال. * حديث: "مَنْ أَدْرَك رَكعَةَ مِنَ الصُّبْحِ قَبْلَ أنْ تَطْلُعَ الشمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصبْحَ". ¬
تنبيه
تَقَدَّم في أوائل الباب. 287. [810]- حديث ابن عمر: "إنّ بلالًا يُؤذن بِلَيلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِي ابنُ أمِّ مَكْتُومٍ". متفق عليه (¬1). [811]- واتفقا عليه من حديث عائشة (¬2). وفي الباب: [812 - 813]- عن ابن مسعود، وسمرة، وصححهما ابن خزيمة (¬3). [814 - 815]- وفيه: عن أنس وأبي ذر أيضا. تنبيه [816]- روى أحمد (¬4) وابن خزيمة (¬5) وابن حبان (¬6) من حديث أنيسة بنت خبيب هذا الحديث، بلفظ: "إنّ ابنَ أمِّ مَكْتُومٍ يؤذِّنُ بِلَيلٍ، فَكُلُوا واشْرَبُوا حتَّى يُؤَذِّنَ بِلالٌ". [817]- وروى ابن خزيمة (¬7) عن عائشة مثله، وقال: إن صحّ هذا الخبر ¬
فائدة
فيحتمل أن يكون الأذان كان بين بلال وابن أم مكتوم نوبا، فكان بلال إذا كانت نوبته، هي (¬1) السّابقة، أذن بليل وكان ابن أم مكتوم، كذلك. ويقوي ذلك رواية الدراوردي، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة أخرجها ابن خزيمة أيضًا. قال: وروى أيضا أبو إسحاق عن الأسود، عن عائشة. قال: وفيه نظر، لأني لا أقف على سماع أبي إسحاق، هذا الخبر من الأسود. وتجاسر ابن حبان (¬2) فجزم بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان جعل الأذان بينهما نوبا. وأنكر ذلك عليه الضياء المقدسي. وأما ابن عبد البر (¬3) وابن الجوزي (¬4) وتبعهما المزىِ (¬5) فحكموا على حديث أنيسة بالوهم، وأنه مقلوب. فائدة قال البَيهقيّ: الأذان للصبح بالليل صحيح ثابت عند أهل العلم بالحديث، وحمله الحنفية على النداء لغير الصلاة، واحتجوا للمنع بما: [818]- رواه أبو داود (¬6) من حديث حماد بن سلمة، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر: أنّ بلالا أذن قبل طلوع الفجر، فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يرجع فينادي: "ألا إِنّ الْعَبْدَ نَامَ". ¬
قال علي بن المديني (¬1): هو غير محفوظ، أخطأ/ (¬2) فيه حماد بن سلمة انتهى. وقد تابعه سمعيد بن زربى (¬3)، عن أيوب. وهو ضعيف. والمعروف عن نافع عن ابن عمر، كان لعمر مؤذن يقال له: مسروح. قال أبو داود (¬4): هو أصح. ورواه الدّارَقطنيّ (¬5) من طريق أبي يوسف القاضي، عن سعيد، عن قتادة، عن أنس. قال الدّارَقطنيّ: تفرد به أبو يوسف، وأرسله غيره، والمرسل أصح. وروى أبو داود (¬6): عن شداد بن عياض (¬7) عن بلال: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: "لا تُؤَذِّنْ حَتى [يَتَبَيَّنَ] (¬8) لَكَ الْفَجْرُ". 288 - [819]- حديث سعد القرظ: كان الأذان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الشتاء لسبع بقي من الليل، وفي ¬
تنبيه
الصيف لنصف سبع بقي من الليل. البَيهقيّ في "المعرفة" (¬1)، قال الزعفراني: قال الشَافعي-[يعني في القديم] (¬2) - أخبرنا بعض أصحابنا، عن الأعرج، عن إبراهيم بن محمد بن عمار، عن أبيه، عن جده، عن سعد القرظ، قال: أذنا زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقباء، وفي زمن عمر بالمدينة، فكان أذاننا للصبح في وقت واحد في الشتاء؛ لسبع ونصف سبع يبقى، وفي الصيف؛ لسبع يبقى. وهذا السياق- كما قال ابن الصلاح والنووي (¬3) - مخالف لما أورده الرافعي، تبعا للغزالي (¬4)، وكذا ذكره قبلهما إمام الحرمين، وصاحب "التقريب". قال النووي (¬5): وهذا الحديث مع ضعف إسناده محرف، والمنقول مع ضعفه مخالف لما استدل به. والله أعلم. تنبيه وقع في الرافعي و "الوسيط (¬6) ": سعد القرظي- بياء النسب. وتعقبه ابن الصلاح، وقال: إن كثيرًا من الفقهاء صحفوه اعتقادًا منهم أنّه من بني قريظة، ¬
وإنما هو سعد القرظ، مضاف إلى القرظ بفتح القاف، وهو الذي يدبغ به، وعرف بذلك؛ لأنه اتجر في القرظ فربح فيه فلزمه، فأضيف إليه. والله أعلم. * حديث: "إذَا أَدْرَكَ أَحَدُكُمْ سَجْدة مِنْ صلاةِ الْعَصْر قَبْل أَنْ تَغِيبَ الشَمْسُ، فَلْيُتمَّ صَلاَته ... ". الحديث. رواه البُخاريّ (¬1) بهذا اللفظ، من حديث أبي هريرة، وقد تَقَدَّم. وفي لفظ لمسلم (¬2): "مَن أَدْرَك ركْعةً مِن الصَّلاة مَعَ الإمام فَقَدْ أَدْرَك الصَّلاةَ كُلَّها". [820]- وللطَّبرانيّ في "الأوسط" (¬3) من طريق زيد بن أسلم، عن الأعرج وغيره، عن أبي هريرة، مرفوعًا: "مَنْ أَدْرَك رَكْعَةً مِن صَلَاةِ الْفَجْر قَبْلَ أنْ تَطْلُعَ الشَّمس، لَمْ تَفُتْه، وَمَنْ أدْرَكَ رَكْعَةً مِن صَلاةِ الْعَصْر قَبْل أن تَغِيبَ الشَّمسُ، لَمْ تَفُتْه". [821]- وفي "غرائب مالك" عن نافع، عن ابن عمر مرفوعًا، نحوه. وفيه: "فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلاةَ وَوَقْتَهَا". * قوله: كان لمسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - مؤذنان، أحدهما قبل الفجر، والآخر بعده. ¬
هذا أخذه من حديث ابن عمر المتَقَدَّم. ففي مسلم (¬1) عنه: كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - مؤذنان؛ بلال وابن أم مكتوم، فقال: "إن بلالا يؤذن بليل .... ". الحديث. 289. [822]- حديث: "الصّلاةُ أوَّل الْوَقْتِ رِضْوَانُ الله، وآخِرُ الْوَقْتِ عَفْوُ الله". الترمذيّ (¬2) والدّارَقطنيّ (¬3) من حديث يعقوب بن الوليد المدني، عن عبد الله ابن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، به. ويعقوب، قال أحمد بن حنبل (¬4): كان من الكذّابين الكبار. وكذّبه ابن معين (¬5). وقال النَّسائيّ (¬6): متروك. وقال ابن حبان (¬7) كان يضع الحديث، وما روى هذا الحديث غيره. وقال الحاكم (¬8): الحمل فيه عليه. ¬
وقال البَيهقيّ (¬1): يعقوب كذبه سائر الحفاظ، ونسبوه إلى الوضع. وقال ابن عدي (¬2): كان ابن حماد (¬3) يقول في هذا الحديث: عبيد الله- يعني مصغرا- قال: وهو باطل، إن قيل فيه عبد الله/ (¬4) أو عبيد الله. وتعقّب ابن القَطّان (¬5) على عبد الحق (¬6) تضعيفه لهذا الحديث بعبد الله العمري، وتركه تعليله بيعقوب. وفي الباب: عن جرير؛ وابن عباس، وعلي بن أبي طالب، وأنس، وأبي محذورة، وأبي هريرة. [823]- فحديث جرير؛ رواه الدّارَقطنيّ (¬7). وفي سنده من لا يعرف (¬8). [824]- وأمّا حديث ابن عباس فرواه البَيهقيّ في "الخلافيات" (¬9) وفيه نافع أبو هرمز، وهو متروك. ¬
[825]- وأما حديث علي فرواه البَيهقيّ (¬1) من حديث موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده، عن علي. وقال (¬2): إسناده فيما أظن أصح ما روى في هذا الباب. يعنى على علاته مع أنه معلول؛ فإن المحفوظ روايته عن جعفر بن محمد عن أبيه موقوفًا. قال الحاكم (¬3): لا أحفظه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجه يصح، ولا عن أحد من أصحابه، وإنما الرواية فيه؛ عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر. وقال الميموني (¬4): قال أحمد: لا أعرف شيئا يثبت فيه- يعني في هذا الباب .. [826]- وأما حديث أنس فرواه ابن عدي (¬5) والبَيهقيّ (¬6) من رواية بقية، عن عبد الله مولى عثمان، عن عبد العزيز، عن محمد بن سيرين، عنه. وقال ابن عدي (¬7): تفرد به بقية، عن مجهول، عن مثله. ولا يصح. [827]- وأمّا حديث أبي محذورة؛ فرواه الدارَقطنيّ (¬8). وفي إسناده إبراهيم ابن زكريا العجلي وهو متهم. قال التيمي في "الترغيب والترهيب": ذكر أوسط الوقت لا أعرفه إلا في هذه ¬
الرواية. قال: ويروى عن أبي بكر الصديق أنه قال- لما سمع هذا الحديث: رضوان الله أحب إلينا من عفوه. [828]- وأما حديث أبي هريرة؛ فذكره البَيهقيّ (¬1) وقال: وهو معلول. * حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "أَفْضَلُ الأَعْمَالِ الصَّلاةُ لأوَّلِ وَقْتِهَا". رواه الحاكم (¬2) من حديث ابن مسعود، وقد تَقَدَّم. [829]- وأخرجه التّرمذيّ (¬3) من حديث أم فروة، بهذا اللفظ. 290. [830 - 831]- حديث: "إذَا اشْتَدّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بالصَّلاة؛ فإنَّ شِدَّة الْحَرِّ مِنْ فَيحِ جَهَنَّم". متفق عليه (¬4) من حديث أبي هريرة، وأبي ذر. [832]- والبُخاريّ (¬5) من حديث ابن عمر، ولفظ ابن ماجه (¬6) فيه: "أَبْرِدُوا بِالظهْر". وفي الباب: عن أبي موسى، وعائشة، والمغيرة، وأبي سعيد، وعمرو بن [عبسة] (¬7)، وصفوان والد القاسم، وأنس، وابن عباس، وعبد الرحمن بن ¬
علقمة، وعبد الرحمن بن جارية، وصحابي لم يسم. ورواه مالك (¬1) من رواية عطاء بن يسار مرسلا. وروي عن عمر موقوفًا. [833]- فحديث أبي موسى رواه النَّسائيّ (¬2) بلفظ: "أَبْرِدوا بِالظُّهْرِ؛ فإنَّ الَّذِي تَجِدونَهُ فِي الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنّم". [834]- وحديث عائشة رواه ابن خزيمة (¬3) بلفظ: "أَبْرِدُوا بِالظّهر فِي الْحَرِّ". [835]- وحديث المغيرة، رواه أحمد (¬4) وابن ماجه (¬5) وابن حبان (¬6)، وتفرد به إسحاق الأزرق عن شريك، عن طارق (¬7) عن قيس عنه. وفي رواية للخلال: وكان آخر الأمرين من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الإبراد. وسئل البُخاريّ (¬8) عنه؟ فعده محفوظا. وذكر الميموني، عن أحمد، أنه رجح صحته. ¬
وكذا قال أبو حاتم الرازي (¬1): هو عندي صحيح. وأعله ابن معين (¬2) بما روى أبو عوانة، عن طارق، عن قيس، عن عمر موقوفًا. وقال: لو كان عند قيس عن المغيرة مرفوعًا لم يفتقر إلى أن يحدث به عن عمر موقوفًا. وقوّى ذلك عنده أنّ أبا عوانة أثبت من شريك. والله أعلم. [836]- وحديث أبي سعيد؛ رواه البُخاريّ (¬3) بلفظ: "أَبْرِدوا بِالظّهْر". [837]- وحديث عمرو بن عبسة؛ رواه الطَّبرانيّ (¬4). [838]- وحديث صفوان؛ رواه ابن أبي شيبة (¬5)، والحاكم (¬6) والبغوي (¬7) من طريق القاسم بن صفوان، عن أبيه، بلفظ: "أَبْردُوا بِصَلاةِ الظّهر ... ". الحديث. [839]- وحديث أنس؛ رواه ....... (¬8). ¬
فائدة
[840]- وحديث ابن عباس رواه البزار بلفظ: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك يؤخر الظهر حتى يبرد، ثم يصلي الظهر والعصر ... الحديث. وفيه عمر بن صهبان، وهو ضعيف (¬1). [841]- وحديث عبد الرحمن بن جارية، رواه الطَّبرانيّ (¬2). [842]- وحديث عبد الرحمن بن علقمة، رواه أبو نعيم. [843]- وحديث الصحابي المبهم؛ رواه الطَّبرانيّ (¬3). [844]- وحديث عمر، تَقَدَّم مع المغيرة. فائدة قال ابن العربي في "القبس" (¬4): ليس في الإبراد تحديد إلا بما ورد في حديث ابن مسعود. يعني الذي: [845]- أخرجه أبو داود (¬5) والنَّسائيّ (¬6) والحاكم (¬7) من طريق الأسود، عنه: كان قدر صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر في الصيف ثلاثة أقدام إلى خمسة أقدام، ¬
تنبيه
وفي الشتاء خمسة أقدام إلى سبعة أقدام. تنبيه يعارض حديث الإبراد: [846]- ما رواه مسلم (¬1) عن خباب: شكونا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرَّ الرَّمْضاء في جباهنا وأكفنا، فلم يُشْكِنا. قيل: معناه: ولم يعذرنا، ولم يُزِلْ شكوانا. والهمزة [للسّلب] (¬2) كأَعجمت الكتاب؛ أي أزلت عجمته. وقيل: معناه: لم يُحْوجنا إلى الشكوى، بل رخص لنا في التأخير. والأول يدل عليه ما رواه ابن المنذر والبَيهقي (¬3) من حديث سعيد بن وهب، عن خباب: شكونا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرمضاء، فما أشكانا، وقال: "إذَا زَالَتِ الشَّمس فَصَلّوا". ومال الأثرم والطحاوي (¬4) إلى نسخ حديث خباب، قال الطحاوي: ويدل عليه: [847]- حديث المغيرة: كنا نصلي بالهاجرة، فقال لنا: "أَبْرِدوا"، فبين أن الإبراد كان بعد التهجير. وحمل بعضهم حديث الإبراد على ما إذا صار الظل فيئا، وحديث خباب على ما إذا كان الحصى لم يبرد؛ لأنه لا يبرد حتى تصفر الشمس، فلذلك رخص في ¬
فائدة
الإبراد، ولم يرخص في التأخير إلى خروج الوقت. * حديث: "لَولا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أمَّتِي لأَمَرْتُهُم بِتَأخِير الْعِشَاءِ إلَى ثُلُثِ اللَّيل، أَوْ نِصْفِه". تَقَدَّم. 291 - [848]- حديث عائشة: كان النساء ينصرفن من صلاة الصبح مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهن مُتَلفعات بمروطهن، ما يعرفن من الغَلَس. متفق عليه (¬1). وله ألفاظ منها: "لا يعرف بعضهن بعضا" وهي للبخاري، ومنها: من تغليس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالصلاة، وهي لمسلم. فائدة [849]- حديث رافع بن خديج: "أَسْفِرُوا بِالْفَجْر؛ فإنه أَعْظَمُ للأَجْرِ". احتج به الحنفية. رواه أصحاب السنن (¬2) وابن حبان (¬3) وغيرهم، وفي لفظ الطَّبرانيّ (¬4) وابن حبّان (¬5): "فَكُلَّمَا أَسْفَرْتُمْ بِالصُّبْحِ فإنَّه أَعْظَمُ لِلأَجْر". ¬
وأجيب عنه: بأن المعنى به تحقيق طلوع الفجر (¬1). قال التّرمذيّ (¬2): قال الشّافعي وأحمد وإسحاق: معناه: أن يضح الفجر فلا يشك فيه. قال: ولم يروا أنّ المعنى تأخير الصلاة. يقال: وضح الفجر يضح إذا أضاء، ويرده رواية ابن أبي شيبة (¬3) وإسحاق وغيرهما بلفظ: "ثَوِّب (¬4) بِصَلاةِ الصُبْحِ يَا بِلال، حَتّى يُبْصِرَ الْقَوْمُ مَوَاقِعَ نَبْلِهِمْ مِن الإسْفَار". لكن روى الحاكم (¬5) من طريق الليث، عن أبي النضر، عن عمرة، عن عائشة، قالت: ما صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالصلاة لوقتها الآخر حتى قبضه الله. 292. [850]- حديث: "المؤذِّنُون [أُمَنَاء النَّاسِ] (¬6) على صَلاتِهِمْ". البَيهقيّ (¬7) من حديث أبي محذورة، وزاد: "وسَحُورِهِمْ". ¬
وفي إسناده يحيى الحماني مختلف فيه (¬1)، وقال ابن عدي (¬2): لم أر في مسنده حديثا منكرا. [851]- وروى ابن ماجه (¬3) من حديث ابن عمر: "خَصْلَتَان مُعَلَّقَتَانِ فِي أَعْنَاقِ المؤَذِّنِينَ لِلْمُسْلمَين، صَلاتُهُمْ وَصْيَامُهُمْ"/ (¬4). وفي إسناده مروان بن سالم الجزري، وهو ضعيف (¬5). [852]- ورواه الشافعي في "الأم" (¬6) عن عبد الوهاب، عن يونس، عن الحسن، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلا. قال الدّارَقطنيّ في "العلل" (¬7): هذا هو الصحيح مرسل، وأما من رواه عن الحسن، عن أبي هريرة، فضعيف. ¬
قال البَيهقيّ: وروي عن جابر وليس بمحفوظ، وروي عن أبي أمامة من قوله. وسيأتي حديث: "الإمامُ ضَامِنٌ وَالْمُؤَذِّن مُؤْتَمَنٌ". في الأذان. * أثر عبد الرحمن بن عوف وابن عباس. يأتي في آخر الباب. 293. [853]- حديث: "رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاثٍ؛ عَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيقِظَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَى يَفِيقَ". أحمد (¬1) وأبو داود (¬2) والنَّسائيّ (¬3) وابن ماجه (¬4) وابن حبان (¬5) والحاكم (¬6) من حديث عائشة. قال يحيى بن معين: ليس يرويه إلا حماد بن سلمة، عن حماد ابن أبي سليمان يعني عن إبراهيم، عن الأسود، عنها. [854]- ورواه أبو داود (¬7) والنَّسائيّ (¬8) وأحمد (¬9) والدّارَقطنيّ (¬10) ¬
والحاكم (¬1) وابن حبان (¬2) وابن خزيمة (¬3) من طرق، عن علي. وفيه قصة جرت له مع عمر، وعلقها البُخاريّ. فمنها: عن أبي ظبيان عنهما، بالحديث والقصة. [855]- ومنها عن أبي ظبيان عن ابن عباس فذكره، وهو من رواية جرير بن حازم عن الأعمش، عنه. وذكره الحاكم عن شعبة، عن الأعمش، كذلك، لكنه وقفه. وقال البَيهقي (¬4): تفرد برفعه جرير بن حازم. قال الدّارَقطنيّ في "العلل" (¬5): وتفرد به عن جرير عبد الله بن وهب، وخالفه بن فضيل ووكيع، فروياه عن الأعمش موقوفا. وكذا قال أبو حصين، عن أبي ظبيان، أو خالفهم عمار بن رزيق؛ فرواه عن الأعمش، فلم يذكر فيه ابن عباس، وكذا قال عطاء ابن السائب، عن أبي ظبيان] (¬6)، عن علي، وعمر مرفوعا، وقول وكيع وابن فضيل أشبه بالصواب. وقال النَّسائيّ (¬7): حديث أبي حصين عثمان بن عاصم الأسدي أشبه بالصواب. ¬
قلت: ورواه أبو داود (¬1) من حديث أبي الضحى، عن علي، بالحديث دون القصة. وأبو الضحى قال أبو زرعة (¬2): حديثه عن علي مرسل. ورواه ابن ماجه (¬3) من حديث القاسم بن يزيد، عن علي، وهو مرسل أيضا، كما قاله أبو زرعة (¬4). ورواه الترمذيّ (¬5) من حديث الحسن البصري، عن علي، وهو مرسل أيضا. قال أبو زرعة (¬6): لم يسمع الحسن من علي شيئا. [856]- وروى الطَّبرانيّ (¬7) من طريق برد بن سنان، عن مكحول، عن أبي إدريس الخولاني، أخبرني غير واحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ ثوبان، ومالك بن شداد (¬8)، وغيرهما، فذكر نحوه. وفي إسناده مقال في اتصاله واختلف في برد. [857]- ورواه أيضًا من طريق مجاهد، عن ابن عباس (¬9)، ¬
تنبيه
وإسناده ضعيف (¬1) تنبيه الرفع مجازٌ عن عَدم التكليف؛ لأنه يكتب لهم فعل الخير. قاله ابن حبان (¬2). 294 - [858]- حديث: "مُروا أَوْلادَكُمْ بالصَّلاةِ وَهُم أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيها وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْر، وَفَرِّقوا بَيْنَهُم فِي الْمَضَاجِع". أبو داود (¬3) والحاكم (¬4) من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده وهما (¬5) والتّرمذيّ (¬6) والدّارَقطني (¬7) من حديث عبد الملك بن الربيع بن سبرة الجهني، نحوه. ولم يذكر التفرقة. وفي الباب: [859]- عن أبي رافع، قال: وجدنا في صحيفة في قراب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬8) بعد ¬
وفاته فيها مكتوب: "بسمِ الله الرَّحْمَن الرَّحِيم، وفرِّقوا بَيْنَ مَضَاجِع الْغِلْمَان وَالْجَوارِي، وَالإخْوَة والأَخَوَاتِ لِسَبعْ سِنينَ، واضْربوا أَبْنَاءَكم عَلَى الصَّلاةِ إذَا بَلَغوا. أظنّه- تِسْع سِنِين". [860]- وروى أبو داود (¬1) من طريق هشام بن سعد حدثني معاذ بن عبد الله بن خبيب/ (¬2) الجهني قال دخلنا عليه فقال لامرأة. وفي رواية.: لامرأته: متى يصلى الصبي؟ فقالت: كان رجل منا يذكر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذَا عَرَف يَمِينَة مِنْ شِمَالِهِ فَمروه بِالصَّلاةِ". قال ابن القطّان (¬3): لا تعرف هذه المرأة، ولا الرجل الذي روت عنه (¬4). انتهى. وقد رواه الطَّبراني (¬5) من هذا الوجه، فقال: عن معاذ بن عبد الله بن خبيب، عن أبيه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - به. وقال: لا يروى عن عبد الله بن خبيب- وله صحبة- إلا بهذا الإسناد، وتفرد به عبدالله بن نافع، عن هشام. وقال ابن صاعد: إسناد حسن غريب. [861]- وعن أبي هريرة نحو الأول؛ رواه العقيلي (¬6) في ترجمة محمد بن ¬
الحسن بن عطية العوفي، عن محمد بن عبد الرحمن، عنه. قال: وروي عن محمد بن عبد الرحمن مرسلا وهو أولى (¬1)، والرواية في هذا الباب فيها لين. [862]- ورواه أبو نعيم في "المعرفة" (¬2) من حديث عبد الله بن مالك الخثعمي. وإسناده ضعيف. [863]- وعن أنس بلفظ: "مُروهُمْ بالصَّلاةِ لِسَبع، واضْرِبُوهُم عَلَيْهَا لِثَلاثَةَ عَشَر" رواه الطَّبرانيّ (¬3). وفي إسناده داود بن المحبر، وهو متروك، وقد تفرد به فيما قاله الطَّبرانيّ. * حديث: "إذا نَسِيَ أَحَدُكُم صَلاة أو نَامَ عَنْهَا؛ فَلْيُصَلِّها إذَا ذَكرَها". تَقَدَّم في "التيمم" وهو عند الستة عن أنس، والنوم من أفراد مسلم. 295 - [864]- حديث: "لا صَلاةَ بَعْد الصّبْحِ حَتّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَلا صَلاةَ بَعْد الْعَصْر حَتى تَغْرُبَ الشمْسُ". متفق عليه (¬4) من حديث أبي سعيد: وفي لفظ للبخاري (¬5) "حَتى تَرْتَفِعَ الشَّمْس". ¬
[865]- واتفقا عليه (¬1) من حديث أبي هريرة بلفظ: نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس ... الحديث. [866 - 867]- وبنحوه عن عمر (¬2) وابن عمر (¬3). [868 - 875]- ولمسلم عن عمرو بن عبسة (¬4) وعقبة بن عامر (¬5) وعائشة (¬6). [871]- وللبخاري (¬7) عن معاوية. [872]- ولأبي داود (¬8) عن علي: "لا تُصَلّوا بَعْدَ الْعَصْرِ، إلا أَنْ تصلّوا وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ". وظاهره مخالف لما تَقَدَّم، مع صحة إسناده. قال التّرمذيّ (¬9): وفي الباب عن علي، وأبن مسعود، وأبي سعيد، وأبي ¬
هريرة، وعقبة بن عامر، وابن عمر، [وسمرة] (¬1) بن جندب، وسلمة بن الأكوع، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن عمرو، ومعاذ بن عفراء، وكعب بن مرة، وأبي أمامة الباهلي، وعمرو بن عبسة، ويعلى بن أمية، ومعاوية والصنابحي. انتهى. وفيه أيضا: عن سعد بن أبي وقاص، وعائشة، وأبي ذر، وأبي قتادة، وحفصة، وأبي الدرداء، وصفوان بن المعطل، وغيرهم. 296 - [873]- حديث: "إنّ الشَّمْسَ تَطْلَعُ وَمَعَها قَرْن الشَيْطَانِ، فَإذَا ارْتَفَعَتْ فَارَقَها، ثُمّ إذَا اسْتَوَتْ قَارَنَهَا، فَإذا زَالَتْ فَارَقَها، فَإذا دَنَتْ إلَى الْغُروبِ قَارَنَها، فَإذَا غَرَبَتْ فَارَقَهَا، فَنَهَى عَنِ الصلاةِ فِي تِلْكَ السَّاعَات". مالك في "الموطأ" (¬2) والشافعي (¬3) عنه، والنسائي (¬4) وابن ماجه (¬5) من رواية عطاء بن يسار، عن عبد الله الصنابحي. قال ابن عبد البر (¬6): اتفق جمهور رواة مالك عنه على سياقه، وقال مطرف ¬
وإسحاق بن الطباع وغيرهما: "عن أبي عبد الله الصنابحي" وهو الصواب. وهو عبد الرحمن بن عسيلة، وهو تابعي كبير لا صحبة له. وقال ابن القطان (¬1): نص حفص بن ميسرة على سماعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - وترجم ابن السكن باسمه في الصحابة. وقال عباس عن ابن معين (¬2): يشبه أن تكون له صحبة. ثم حكى (¬3) الخلاف فيه إلى أن قال: ولست أثبت أنه عبد الرحمن بن عسيلة، ولا أثبت أن له صحبة. انتهى. [874]- ورواه مسلم (¬4) من حديث عمرو بن عبسة في حديث طويل. [875]- ورواه/ (¬5) ابن حبان (¬6) وابن ماجه (¬7) والحاكم (¬8) والطَّبرانيّ من حديث أبي هريرة، قال: سأل صفوان بن المعطل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكره، في حديث طويل. [876]- ورواه الطَّبرانيّ (¬9) من حديث مرة بن كعب نحوه. ¬
297 - [877]- حديث: "مَنْ نَامَ عَنْ صَلاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصلِّهَا إذَا ذَكَرهَا، فإنّ ذَلِكَ وَقْتُهَا، لَا وَقْتَ لَهَا غَيرُه". [الدّارَقطنيّ (¬1) والبَيهقيّ في "الخلافيات" (¬2) من حديث أبي هريرة بسندٍ ضعيف (¬3) دون قوله: "لا وَقْتَ لَهَا غَيْره"] (¬4). وقد تَقَدَّم في "التيمم" وأصله في "الصحيحين"، دون قوله: "فَإنّ ذَلِكَ وَقْتهَا". 298 - [878]- حديث: "يَا عَلي لا تُؤَخِّر أربعًا: الْجَنَازَة إذَا حَضَرَتْ ... " الحديث. الذي في كتب الحديث: "لا تؤخِّر ثلاثًا: الصلاةُ إذَا أَتَتْ، وَالْجَنَازَةُ إذَا حَضَرَتْ، والأَيّمُ إذا وَجَدَتْ لَهَا كُفُؤًا" وقد أورده المصنّف في "النّكاح" على الصواب، ثم أورده كما هنا، وكذا رواه التّرمذيّ (¬5) من حديث علي. وقال: غريب وليس إسناده بمتصل، وهو من رواية ابن وهب، عن سعيد بن عبد الله الجهني، عن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن ¬
علي وسعيد مجهول (¬1) وقد ذكره ابن حبان في "الضعفاء" (¬2) فقال: سعيد ابن عبد الرحمن بن عبد الله. ورواه الحاكم (¬3) من هذا الوجه فجعل مكانه سعيد بن عبد الرحمن الجمحي، وهو من أغلاطه الفاحشة (¬4). ورواه ابن ماجه (¬5) مقصرًا على قوله: "لا تؤخِّر الْجَنَازةَ إذَا حَضَرَتْ". لكن يعارضه: [879]- ما رواه مسلم (¬6) من حديث عقبة بن عامر الجهني: ثلاث ساعات كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهانا أن نصلي فيهن، وأن نقبر فيهن موتانا حين تطلع الشمس بازغة ... الحديث. وحمله بعضهم على الدفن فقط، لكن في "الجنائز" لابن شاهين بلفظ: أن نصلي فيهن على موتانا. لكن فيه خارجة بن مصعب وهو ضعيف. وقال البَيهقيّ (¬7): أمثل ما ورد في اعتبار الكفاءة حديث على هذا. ¬
299. [880]- حديث: "إذَا دَخَل أَحَدُكُم الْمَسْجِدَ فَلا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلّي رَكعَتَين". متفق عليه (¬1) من حديث أبي قتادة. [881]- ورواه ابن عدي (¬2) من حديث أبي هريرة، وزاد: "فَإنَّ الله جَاعِلُ بِرَكَعَتَيْهِ فِي نَفْسِه خَيْرًا". وقال العقيلي (¬3): لا أصل له من حديثه. وتفرد به إبراهيم بن زيد بن قديد، عن الأوزاعي، عن يحيى عن أبي سلمة عنه. قال: ابن عدي (¬4): لا أعرفه. 300 - [882]- حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يَتَحَرَّى أَحَدُكُمْ لِصَلاتِهِ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلا غُرُوبَهَا". متفق عليه (¬5) من حديث ابن عمر بزيادة: "فإنَّهَا تَطْلَعُ بِقَرْنَي شَيْطَان". [883]- ورواه مسلم (¬6) عن عائشة نحوه. ¬
تنبيه
301 - [884]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لبلال: "حَدَّثني بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الإسْلَامِ، فَإنِّي سَمِعتُ دُف نَعَلَيكَ بَينَ يَدَيَّ فِي الجنَّةِ". فقال: ما عملت عملا أرجى عندي من أني لم أتطهر طهورا، في ساعة من ليل أو نهار، إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي. متفق عليه (¬1) من حديث أبي هريرة. [885]- وأخرجه ابن حبان (¬2) والحاكم (¬3) من حديث بريدة، بزيادة: ما أحدثت إلا توّضأت، ولا توّضأت إلّا صلّيت. تنبيه دف نعليك- بالمهملة- هو الحركة، وقيل: بالمعجمة. 302 - [886]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - دخل بيت أم سلمة بعد صلاة العصر فصلى ركلعتين، فسألته عنهما؟ فقال: "أَتَاني نَاسٌ من عَبد القيس فَشَغَلُوني عَنِ الرَّكَعَتَين اللَتَين بَعْدَ الظُّهْرِ، فَهُمَا هَاتَانِ". متفق عليه (¬4) من حديث كريب، عن أم سلمة، وفيه قصة مطولة. ¬
تنبيه
[887، 888]- وروى مسلم (¬1) من حديث عائشة، وأحمد (¬2) من حديث ميمونة: أنه داوم عليهما بعد ذلك. [889]- وروى التّرمذي (¬3) وابن حبان (¬4) من حديث ابن عباس قال: إنما صلى الرّكعتين بعد العصر؛ لأنه أتاه مال فشغله عن الركعتين بعد الظهر، فصلاهما بعد العصر، ثم لم يعد لهما. وقال التّرمذيّ (¬5): حديث ابن عباس أصح/ (¬6) حيث قال: لم يعد لهما، وقد روىِ عن زيد بن ثابت نحوه. قلت: هو عند أحمد (¬7) لكن حديث عائشة أثبت إسنادا، ولفظه عند مسلم: ثم أثبتها وكان إذا صلى صلاة أثبتها- يعني داوم عليها-. وللبخاري (¬8) من حديث عائشة أيضا: والذي ذهب به (¬9) ما تركهما حتى لقي الله. تنبيه تَقَدَّم أن شغله كان بوفد عبد قيس. ¬
[890]- وروى الطَّبرانيّ (¬1) من حديث أم سلمة: أنّ ذلك كان لما قدم عليه وفد بني المصطلق في شأن ما صنع بهم الوليد بن عقبة. وإسناده ضعيف جدًّا (¬2). ولابن ماجه (¬3): قدم عليه وفد بني تميم، أو صدقة شغله عنهما بقسمته. [891]- وروى أحمد (¬4) من حديث زيد بن ثابت: إنما كان ذلك؛ لأنّ ناسًا من الأعراب أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بهجير فقعدوا يسألونه ويفتيهم، حتى صلى العصر، فانصرف إلى بيته، فذكر أنه لم يصل بعد الظهر شيئا ... الحديث. وفيه ابن لهيعة. [892]- وللترمذي (¬5) عن ابن عباس: شغله مال كما تَقَدَّم. [893]- ولأحمد (¬6) عن ميمونة: كان يجهز بعثا، ولم يكن عنده ظهر، فجاء ظهر من الصدقة. [894]- ولمسلم (¬7) عن عائشة: فشغل عنهما، أو نسيهما. [895]- وأما ما رواه حماد بن سلمة، عن الأزرق بن قيس، عن ذكوان مولى ¬
عائشة عنها (¬1) قالت في هذه القصة: أفنقضيهما يا رسول الله إذا فاتتا؟ فقال: "لَا" أخرجه الطحاوي (¬2)؛ فقد ضعفه البَيهقيّ (¬3). 303 - [896]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - رأى قيس بن [قَهد] (¬4) يصلي ركعتين بعد الصبح فقال: "مَا هَاتَانِ الرَّكعَتَان؟ " قال: إني لم أكن صليت ركعتي الفجر. فسكت النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم ينكر عليه. الشّافعي (¬5) ومن طريقه البَيهقيّ (¬6) أخبرنا سفيان عن سعد بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم عن قيس بن قهد مثله، دون قوله: ولم ينكر عليه. وسيأتي ¬
معناها آخر الباب. ورواه أبو داود (¬1) من حديث ابن نمير، عن سعد به. لكن قال: عن قيس بن عمرو، قال: رآني النبي - صلى الله عليه وسلم - أصلي بعد صلاة الصبح ركعتين، فقال: "أصَلاةُ الصّبحِ أَرْبعًا؟ ". ورواه التّرمذيّ (¬2) من طريق عبد العزيز بن محمد، عن سعد بلفظ: فقال: "أَصَلاتَانِ مَعَا؟ ". وقال (¬3): غريب لا يعرف إلا من حديث سعد. وقال ابن عيينة: سممعه عطاء ابن أبي رباح من سعد. قال: وليس إسناده بمتصل "لم يسمع محمد بن إبراهيم من قيس. وقال أبو داود (¬4): روى عبد ربه بن سعيد ويحيى بن سعيد هذا الحديث مرسلا: أن جدهم صلى. ورواه ابن خزيمة (¬5) وابن حبان (¬6) في "صحيحيهما" والحاكم (¬7) من طريق الليث بن سعد، عن يحيى بن سعيد، عن أبيه، عن جده قيس بن قهد أنه جاء ¬
فائدة
والنبي - صلى الله عليه وسلم - في صلي صلاة الفجر، فصلى معه، فلما سلم قام فصلى ركعتي الفجر، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - ... فقال: لم أكن صليتهما قبل الفجر. فسكت. فائدة ذكر العسكري: أن قهدا لقب عمرو والد قيس، وبهذا يجمع الخلاف في اسم أبيه فقد بينا أن بعضهم قال: قيس بن قهد، وبعضهم: قيس بن عمرو، وأما ابن السكن فجعله في الصحابة اثنين. 304 - [897]- حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس، إلا يوم الجمعة. الشافعي (¬1) عن إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، عن سعيد، عن أبي هريرة. وإسحاق وإبراهيم/ (¬2) ضعيفان (¬3). ورواه البَيهقيّ (¬4) من طريق أبي خالد الأحمر، عن عبد الله شيخ من أهل المدينة، عن سعيد به. ورواه الأثرم بسند فيه الواقدي، وهو متروك. ورواه البَيهقيّ (¬5) بسند آخر فيه عطاء بن عجلان وهو متروك أيضا. ¬
قال صاحب "الإِمام": وقوى الشافعي ذلك بما رواه: [898]- عن ثعلبة بن أبي مالك عن عامة أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنهم كانوا يصلون نصفما النهار يوم الجمعة. وفي الباب: [899]- عن واثلة رواه الطَّبرانيّ (¬1) بسند واهٍ. - وعن أبي قتادة وسيأتي. ومما يؤيد أصل المسألة: [900]- ما رواه البُخاريّ (¬2) عن سلمان مرفوعا: " لا يَغْتَسِل رَخلٌ يَوْمَ الْجُمعَة وَيتَطَهَّر مَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرِ، وَيدَّهِنُ، أَوْ يَمسَّ مِن طِيبٍ، ثمّ يخرُج فلا يُفَرِّق بَيْن اثْنَيْن، ثُمَّ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ، ثُمَّ يَنْصُتُ إذا تكَلَّم الإمَامُ، إلاَّ غُفِرَ لَه مَا بَيْنَهُ وَبَيْن الْجُمعَة الأُخرى". فإنّ فيه: أنّ المانع من الصلاة خروج الإِمام انتصاف النهار (¬3). 305 - [901]- حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - كره الصلاة نصف النهار إلا يوم ¬
الجمعة، وقال: " إنَّ جَهَنَّم تُسَجَّرُ إلاَّ يَوْمَ الْجُمُعَة". أبو داود (¬1) والأثرم، من حديث أبي قتادة، وقال: مرسل أبو الخليل لم يسمع من أبي قتادة. وفيه ليث بن أبي سليم وهو ضعيف. قال الأثرم: قدم أحمد جابر الجعفي عليه في صحة الحديث. 306 - [902]- حديث مجاهد عن أبي ذر: "لَا صَلاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسِ، وَلا صَلاةَ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشمْسُ، إلاَّ بِمَكَّة". الشافعي (¬2): أخبرنا عبد الله بن المؤمل عن حميد مولى غفرة، عن قيس بن سعد، عن مجاهد. وفيه قصة. وكرّر الاستثناء ثلاثا. ورواه أحمد (¬3) عن يزيد، عن عبد الله بن المؤمل. إلا أنه لم يذكر حميدا في سنده. ورواه ابن عدي (¬4) من حديث اليسع بن طلبة، سمعت مجاهدا يقول: بلغنا أنّ أبا ذر ... فذكره. وعبد الله ضعيف. وذكر ابن عدي هذا الحديث من جملة ما أنكر عليه. وقال البَيهقيّ (¬5): تفرد به عبد الله ولكن تابعه إبراهيم بن طهمان، ثم ساقه بسنده إلى خلاد بن يحيى ى قال: حدثنا إبراهيم بن طهمان، حدّثنا حميد مولى غُفرة، عن ¬
قيس بن سعد، عن مجاهد قال: جاءنا أبو ذر فأخذ بحلقة الباب ... الحديث. وقال أبو حاتم الرازي (¬1): لم يسمع مجاهد من أبي ذر. وكذا أطلق ذلك ابن عبد البر (¬2) والبَيهقيّ (¬3) والمنذري وغير واحد. قال البَيهقيّ (¬4): قوله في رواية إبراهيم بن طهمان جاءنا أبو ذر: أي جاء بلدنا. قلت: ورواه ابن خزيمة في "صحيحه" (¬5) من حديث سعيد بن سالم، كما رواه بن عدي. وقال: أنا أشك في سماع مجاهد من أبي ذر. 307 - [903]- حديث: "يَا بَنِي عَبْدِ مَنَاف مَن وَليَ مِنْكُم مِن أُمُور النَّاسِ شيئًا، فَلا يَمْنَعَنَّ أحدًا طَافَ بِالْبَيتِ، وَصلَّى أَيَّةَ سَاعَةٍ شَاء مِنْ لَيْلٍ أَوْنَهَارٍ". الشافعي (¬6) وأحمد (¬7) وأصحاب السنن (¬8) وابن خزيمة (¬9) ¬
وابن حبان (¬1) والدّارَقطنيّ (¬2) والحاكم (¬3) من حديث أبي الزبير، عن عبد الله بن باباه، عن جبير بن مطعم، وصححه التّرمذيّ. ورواه الدّارَقطنيّ (¬4) من وجهين آخرين: عن نافع بن جبير، عن أبيه. [904]- ومن طريقين آخرين عن جابر (¬5) وهو معلول/ (¬6)، فإن المحفوظ عن أبي الزبير عن عبد الله بن باباه، عن جبير، لا عن جابر. [905]- وأخرجه الدّارَقطنيّ (¬7) أيضا عن ابن عباس، من رواية مجاهد عنه. ورواه الطَّبرانيّ (¬8) من رواية عطاء عن ابن عباس. ورواه أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" (¬9) والخطيب في "التلخيص" (¬10) من طريق ثمامة بن عبيدة، عن أبي الزبير، عن علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه وهو معلول. [906]- وروى ابن عديّ (¬11) من طريق سعيد بن أبي راشد، عن عطاء، عن ¬
تنبيه
أبي هريرة حديث: "لا صَلاةَ بَعْدَ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ ... " الحديث وزاد في آخره: "مَن طَافَ فَلْيُصَلِّ أَيَّ حِينِ طَاف". وقال: لا يتابع عليه. وكذا قال البُخاريّ (¬1). [907]- وروى البَيهقيّ (¬2) من طريق عبد الله بن باباه، عن أبي الدرداء: أنه طاف عند مغارب الشمس، فصلى الركعتين، وقال: إن هذه البلدة ليست كغيرها (¬3). تنبيه عزا المجد ابن تيمية حديث جبير لمسلم فإنه قال (¬4): رواه الجماعة إلا البُخاريّ. وهذا وهم منه، تبعه عليه المحب الطبري فقال: رواه السبعة إلا البُخاريّ، وابن الرفعة فقال: رواه مسلم، ولفظه: "لا تَمْنَعُوا أَحَدًا طَاف بِهَذا الْبَيْتِ وَصَلَّى أَيَّ سَاعةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْنَهَارٍ". وكأنّه - والله أعلم. لما رأى ابن تيمية عزاه إلى الجماعة دون البُخاريّ اقتطع مسلمًا من بينهم، واكتفى به عنهم، ثم ساقه باللّفظ الذي أورده ابن تيمية فأخطأ مكرَّرًا. ¬
فائدة
فائدة قال البَيهقيّ (¬1): يحتمل أن يكون المراد بهذه الصلاة صلاة الطواف خاصّة، وهو الأشبه بالآثار، ويحتمل جميع الصّلوات. 308 - [908]- حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا صَلاةَ بَعْدَ الْفَجْرِ إلاَّ رَكعَتَا الْفَجْرِ". أحمد (¬2) وأبو داود (¬3) والتّرمذفي (¬4) والدّارَقطنيّ (¬5) من حديث أبي علقمة، عن يسار مولى ابن عمر، عن ابن عمر. وفيه قصة. قال التّرمذيّ: غريب لا نعرفه إلا من حديث قدامة بن موسى. قلت: وقد اختلف في اسم شيخه؛ فقيل: أيوب بن حصين، وقيل. محمد بن حصين، وهو مجهول. قال التّرمذيّ (¬6): وهو مما أجمع عليه أهل العلم، كرهوا أن يصلي الرجل بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر. انتهى. ¬
وروى أبو يعلى (¬1) والطَّبرانيّ (¬2) من وجهين آخرين (¬3) عن ابن عمر نحوه. ورواه ابن عدي (¬4) في ترجمة محمد بن الحارث، من روايته عن محمد بن عبد الرحمن البيلماني، عن أبيه، عن ابن عمر. والمحمدان ضعيفان. ورواه الطَّبرانيّ أيضا (¬5) من حديث عبد الرزاق، عن أبي بكر بن محمد، عن موسى بن عقبة، عن نافع عن ابن عمر ... بالحديث دون القصة. وينظر في سنده. [909]- ورواه الدّارَقطنيّ (¬6) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، وفي سنده الإفريقي. ورواه الطَّبرانيّ (¬7) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. ¬
تنبيه
وفي سنده رواد بن الجراح (¬1). [910]- ورواه البَيهقيّ (¬2) من حديث سعيد بن المسيّب مرسلا. وقال: روى موصولا عن أبي هريرة، ولا يصحّ. ورواه موصولا الطَّبرانيّ وابن عدي (¬3) وسنده ضعيف، والمرسل أصح. تنبيه دعوى التّرمذيّ الإجماع على الكراهة لذلك عجيب؛ فإن الخلاف فيه مشهور، حكاه ابن المنذر (¬4) وغيره، وقال الحسن البصري: لا بأس به، وكان مالك يرى أن يفعله من فاتته صلاة بالليل، وقد أطنب في ذلك محمد بن نصر في "قيام الليل" (¬5). 309 - [911]- حديث أمّ سلمة: كانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدُاوم على الرَّكعتين بعد العصر. قلت: حديث أم سلمة في "الصّحيحين" وغيرهما لم يصرح فيه بالمداومة، بل عند النَّسائي (¬6) عنها/ (¬7)، أنّها قالت: ما صلاهما قبل ولا بعد. وسنده قوي. ¬
وهو عند أحمد (¬1) وابن شاهين في "الناسخ" (¬2) من وجه آخر. وعند النَّسائيّ (¬3) أيضا عنها: أنه صلى في بيتها بعد العصر ركعتين مرة واحدة. [912]- وروى التّرمذيّ (¬4) وابن حبان (¬5) من حديث ابن عباس، وفيه: ثم لم يعد لهما. وهو من رواية جرير، عن عطاء بن السائب، وإنما سمع منه بعوإلاختلاط. نعم في البُخاريّ (¬6) ومسلم (¬7) من حديث عائشة: ما تركهما قط عندها. وفي رواية (¬8): ما تركهما حتى لقي الله. كما تَقَدَّم وسيأتي عقب هذا. 310 - [913]- حديث عائشة: ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأتيني في يوم بعد العصر الأولى ركعتين. مسلم (¬9) من حديث الأسود ومسروق عنها بلفظ: ما كان يومه الذي كان يكون عندي الأصلاهما. ¬
فائدة
وللبخاري (¬1): ما ترك ركعتين بعد العصر عندي قط. وله طرق. فائدة [914]- روى أحمد (¬2) عن أم سلمة قالت: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العصر، ثم دخل بيتي فصلى ركعتين. . . الحديث. وفيه: قلت يا رسول الله: أفنقضيهما إذا فاتتنا؟ قال: "لَا". 311 - [915]- حديث عائشية: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بعد العصر وينهى عنها. أبو داود (¬3) من حديث ابن إسحاق، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن ذكران مولى عائشة عنها بلفظ: كان يصلي العصر وينهى عنها، ويواصل وينهى عن الوصال. وينظر في عنعنة محمّد بن إسحاق (¬4). 312 - [916]- حديث عبد الرحمن بن عوف في الحائض تطهير قبل طلوع الفجر بركعة: يلزمها المغرب والعشاء جميعا. رواه الأثرم والبَيهقيّ في "المعرفة" (¬5) من رواية محمد بن عثمان بن ¬
عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع، عن جده، عن مولى لعبد الرحمن بن عوف عنه بهذا. وزاد: هاذا طهرت قبل أن تغرب الشمس صلت الظهر والعصر جميعا. ومحمد بن عثمان وثقه أحمد (¬1)، ومولى عبد الرحمن لم يعرف حاله. 313 - [917]- حديث ابن عباس مثله. رواه البَيهقي (¬2) من طريق يزيد بن أبي زياد، عن طاوس عنه. وتابعه ليث بن أبي سليم، عن طاوس وعطاء. وقال قال أبو بكر بن إسحاق: لا أعلم أحدا من الصحابة خالفهما قال ورويناه عن الفقهاء السبعة من أهل المدينة، وعن جماعة من التابعين. انتهى. [918]- وروي هذا الأثر مرفوعا من حديث معاذ بن جبل، أخرجه الخطيب في "الموضح" (¬3). **** ¬
باب الأذان
باب الأذان 314 - [919]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - جمع بين الصلاتين وأسقط الأذان من الثانية. هذا مستفاد من حديث جابر الطويل عند مسلم (¬1) في صفة الحج ففيه: أنه خطب بعرفة، ثم أذن، ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ولم يصل بينهما. [920]- وروى أبو داود (¬2) من حديث ابن عمر جمع النبي - صلى الله عليه وسلم - بين المغرب والعشاء بجمع، بإقامة واحدة لكل صلاة، ولم يناد في الأولى. وفي رواية: أنه لم يناد بينهمالأولا على أثر واحدة منهما، إلا بالإقامة. وأصله في "الصحيحين" (¬3). وفي رواية للشافعي (¬4): لم يناد في واحدة منهما إلا بإقامة. وفي البُخاريّ (¬5): جمع بجمع كل واحدة منهما بإقامة. ولم يذكر الأذان. [921]- وفي رواية مسلم (¬6): أنه بإقامة واحدة. أخرجه من طريق سعيد بن ¬
جبير، عن ابن عمر. لكن بين أبو داود (¬1) في روايته: أن قوله: بإقامة واحدة؛ أي لكل صلاة. ورواه أبو الشيخ الأصبهاني (¬2) من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس. والمحفوظ عن ابن عمر. وذكر الطبري في "تهذيب/ (¬3) الآثار" أنّه صلاهما بإقامة واحدة، من حديث ابن مسعود، وأبي بن كعب، وخزيمة بن ثابت، وأسامة بن زيد، وابن عمر أيضا. قلت: وهو مما اختلف فيه عن ابن عمر وأسامة، وابن مسعود، فإنّ: [922]- حديثَ أسامة متّفق عليه (¬4) بلفظ: فصلى المغرب ثمّ أناخ كل إنسان بعيره في منزله، ثم أقيمت العشاء، فصلاها ولم يصل بينهما. [923]- وحديث ابن مسعود في البُخاريّ (¬5): أنه صلاهما بأذانين وإقامتين. 315 - [924]- حديث: "صَلّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلّي؛ فإذَا حَضَرَتِ الصَّلاةُ فَلْيُؤَذّن لَكُمْ أَحَدُكُمْ". متفق عليه (¬6) من حديث مالك بن الحويرث بألفاظ مختلفة، واللفظ المذكرر ¬
هنا للبخاري في كتاب "الأذان" وزاد في أوله قصّة، وفي آخره: "ثُمَّ لِيَؤمَّكمْ أَكْبَركم". 316 - [925]- حديث: أنّه - صلى الله عليه وسلم - قال لأبي سعيد الخدري: "إنّك رَجُلٌ تُحِبّ الْغَنَمَ وَالْبَادِيَةَ، فَإذَا دَخَلَ وَقْتُ الصَّلاة فَأَذِّنْ، وارْفَعْ صَوْتَك؛ فَإنَّه لا يَسْمَعُ صَوْتَك حَجَرٌ وَلا شَجَرٌ ولَا مَدَرٌ إلَّا شَهِدَ لَكَ يَوْمَ الْقِيَامَة". هذا السّياق تَبعَ فيه الغزالي (¬1)، والإمام، والقاضي الحسين، والماوردي، وابن داود شارح "المختصر"، وهو مغاير لما في "صحيح البُخاريّ" (¬2) و "الموطأ" (¬3) وغيرهما من كتب الحديث، ففيها: عن عبد الله بن عبد الرحمن ابن أبي صعصعة، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري، أنه قال له: إني أراك تحب الغنم والبادية، فإذا كنت في غنمك وباديتك فأذنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء، فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جنّ ولا إنسٌ إلا شهد له يوم القيامة. قال أبو سعيد: سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وكذا رواه الشافعي (¬4) عن مالك. وتعقبه الشيخ محيي الدين (¬5) وبالغ كعادته. وأجاب ابن الرفعة عن هؤلاء ¬
الأئمة الذين أوردوه مغيّرًا بأنهم لعلهم فهموا أن قول أبي سعيد: هكذا سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عائد إلى كل ما ذكره، يكون تقديره: سمعت كل ما ذكرت لك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فحينئذ يصح ما أوردوه باعتبار المعنى، لا بصورة اللفظ. ولا يخفى ما في هذا الجواب من الكلفة، والرّافعي أورده دالًّا على استحباب أذان المنفرد، وهو خلاف ما فهمه النَّسائيّ والبَيهقيّ؛ فإنهما ترجما عليه الثواب على رفع الصوت (¬1). كذا قيل! وفيه نظر؛ لأنه لا يلزم من الترجمة على بعض مدلولات الحديث، أن لا يكون فيه شيء آخر، وقد: [926]- روى النَّسائيّ (¬2) من حديث عقبة بن عامر مرفوعًا: "يَعجَبُ رَبُّكَ مِنْ رَاعِي غَنَمٍ في رَأْسِ شَظِيَّةٍ، يُؤَذِّن بِالصَّلاةِ وُيصَلِّي، فَيَقُول الله: انْظُروا إِلَى عَبْدِي ... " الحديث. 317. [927]- حديث: "إذا كَانَ أَحَدُكُمْ بِأَرْض فَلاةٍ فَدَخَلَ عَليه وَقْتُ صَلاةٍ، فإنْ صَلَّى بِغَير أَذَانٍ ولا إِقَامَةٍ صلَّى وَحْدَه، وإنْ صَلَّى بِإقَامَةٍ صَلَّى بِإقَامَتِه وصَلاتِه مَلَكَاهُ، وإنْ صَلَّى بأَذَانٍ وإِقَامَةٍ صَلَّى خَلْفَهُ صَفٌّ مِن الْمَلائِكَةِ؛ أَوَّلُهُم بِالمشْرِق وَآخِرُهم بِالْمَغْرِب". هذا الحديث بهذا اللفظ لم أره. ¬
وروى النَّسائي في "المواعظ" من "سننه" (¬1) عن سويد بن نصر، أخبرنا عبد الله بن المبارك عن سليمان التيمي عن عبد الرّحمن بن مُلّ (¬2) عن سلمان رفعه: " إذا كَانَ الرَّجُلُ في أَرْض قِيٍّ أي قفر- فَتَوَضَّأ، فَإنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ تَيَمَّم، ثُمَّ يُنَادِى بالصَّلاةِ ثُمَّ يُقِيمُها/ (¬3)، وَيُصَفيها إلاَّ أَمَّ مِن جُنود الله صَفاًّ". قال عبد الله: وزادني سفيان، عن داود، عن أبي عثمان، عن سلمان: "يَرْكَعُونَ بِرُكُوعِهِ، وَيسْجُدُون بسُجُودِه". ورواه عبد الرزاق في "مصنفه" (¬4) وابن أبي شيبة (¬5) كلاهما عن معتمر بن سليمان التيمي، عن أبيه، بلفظ: " فَحَانَتِ الصَّلاة، فَلْيَتَوَضَّأْ فَإنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً فَلْيَتَيَمَّمْ، فإنْ أَقَامَ صلى مَعَهُ مَلَكَاهُ، فَإنْ أَذن وَأَقَام صلَّى خَلْفَه مِنْ جُنُود الله مَا لا يَرَى طَرَفَاه". ورواه البَيهقيّ (¬6) من حديث عبد الوهاب بن عطاء، عن التيمي نحوه. ومن حديث يزيد بن هارون، عن التيمي موقوفًا (¬7)، ورجّحه على المرفوع. ومن رواية داود بن أبي هند (¬8) نحو ما رواه النَّسائيّ. ¬
قال سعيد بن منصور: حدّثنا هشيم، حدّثنا داود به. [928]- وروى أبو نعيم في "الحلية" (¬1) من حديث كصب الأحبار موقوفًا نحوه. [929]- ومالك في الموطأ (¬2) عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب، أنه كان يقول: من صلى بأرض فلاة صلى عن يمينه ملك، وعن شماله ملك، وإن أذن وأقام الصلاة، صلى وراءه من الملائكة أمثال الجبال. وفي رواية معن والقعنبي عنه: أذن وأقام، قال الدّارَقطنيّ في "العلل" (¬3) ورواه الليث بن سعد، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن معاذ بن جبل. وهو أصح. [930]- ورواه الطَّبرانيّ في "الكبير" من حديث المسيب بن رافع لا أعلمه إلّا عن [زرّ] (¬4). فذكر نحو حديث عبد الرزاق الماضي. 318 - [931]- حديث أبي سعيد الخدري: حُبسنا عن الصلاة يوم الخندق، حتى كان بعد المغرب هويّا من الليل فدعى النبي - صلى الله عليه وسلم - بلالا فأقام الظهر، فصلاها، ثم أقام العصر فصلاها، ثم أقام المغرب فصلاها، ثم أقام العشاء فصلاها ولم يؤذن لها مع الإقامة. ¬
الشافعي (¬1) عن ابن أبي فديك، عن ابن أبي ذئب، عن المقبري، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد، عن أبيه بهذا، وأتم منه، وليس في آخره: ذكر العشاء، ولا قوله: ولم يؤذن لها مع الإقامة. وزاد: وذلك قبل أن ينزل في صلاة الخوف: {فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا}. وقد رواه النَّسائيّ (¬2) من هذا الوجه، وفيه: فأذن [للظهر] (¬3) فصلاها في وقتها، ثم أذن للعصر فصلاها في وقتها، ثم أذن للمغرب فصلاها في وقتها. ورواه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما" (¬4) من حديث يحيى بن سعيد القطان عن ابن أبي ذئب به. وفي آخره: ثم أقام المغرب فصلى كما كان يصليها في وقتها. وصححه ابن السكن. ولذكر الأذان فيه شاهد من: [932]- حديث ابن مسعود، رواه التّرمذيّ (¬5) والنَّسائيّ (¬6)، وقال التّرمذيّ: ليس بإسناده بأس، إلّا أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه. وفي رواية النَّسائيّ (¬7): فذكر الإقامة لكل صلاة لم يذكر أذانا. ¬
تنبيه
قال النَّسائيّ (¬1): غريب من حديث سعيد، عن هشام، ما رواه غير زائدة. [933]- وله شاهد آخر من حديث جابر رواه البزار، وفي سنده عبد الكريم بن أبي المخارق، وهو متروك. تنبيه روى الطحاوي: أن الله حبس الشمس للنبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الخندق [حين] (¬2) شغلوا عن صلاة العصر حتى غربت الشمس، فردها الله عليه حتى صلى العصر. وحكى النووي عنه في "شرح مسلم" (¬3): أنّ رواته ثقات، ذكره في تحليل الغنائم. 319 - [934]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان في سفر فقال: "احْفَظُوا عَلَيْنا صَلاَتنَا" / (¬4). يعني ركعتي الفجر. فضرب صلى آذانهم، فما أيقظهم إلا حر الشمس، فقاموا فساروا هنيئة، ثم نزلوا فتوضؤوا، وأذن بلال فصلوا ركعتي الفجر، وركبوا. متفق عليه (¬5) من حديث أبي قتادة، مطولا، وله ألفاظ. [935]- ومن طريق عمران بن حصين مختصرا (¬6)، وفيه قصة، وليس فيه ذكر الأذان ولا الإقامة. ¬
ورواه أبو داود (¬1) وابن حبان (¬2) من طريق الحسن، عن عمران، وفيه ثم أمر مؤذنا فأذن فصلى ركعتين، ثم أقام ثم صلى الفجر. [936]- وصححه الحاكم (¬3). ورواه مسلم (¬4) من حديث أبي هريرة، وفيه: فأذن وأقام. وزاد فيه أبو العباس السرّاج: أنّه صلى ركعتين في مكانه، ثم قال: "اقْتَادُوا بِنَا مِن هَذا المكَان"، وصلّوا الصبح في مكان آخر. [937]- ورواه الطَّبرانيّ (¬5) والبزار (¬6) من حديث سعيد بن المسيب عن بلال، وفيه انقطاع. [938]- والنَّسائيّ (¬7) وأحمد (¬8) والطَّبرانيّ (¬9) من حديث جبير بن مطعم. [939]- وأحمد (¬10) وابن حبان (¬11) من حديث ابن مسعود. ¬
فائدة
[940، 941]- وأبو داود (¬1) من حديث عمرو بن أمية الضمري، وذي مخبر. [942]- والنَّسائيّ (¬2) من حديث أبي مريم السلولي، وفي حديثهم: ذكر الأذان والإقامة. [943]- ورواه البزار والطَّبرانيّ في "الأوسط" (¬3) من حديث ابن عباس، وفيه: فأمر مؤذنا فأذن كما كان يؤذن. فائدة [944]- أخرج مسلم (¬4) من حديث أبي هريرة ما يدل على أن القصة كانت بخيبر، وبذلك صرح ابن إسحاق وغيره من أهل المغازي، فقالوا: إنّ ذلك كان حين قُفولِه من خَيبر. وقال ابن عبد البر (¬5): هو الصحيح. وقيل: مرجعه من حنين. وفي حديث ابن مسعود: أن ذلك كان عام الحديبية. [945]- وفي حديث عطاء بن يسار مرسلا: أن ذلك كان في غزوة تبوك. قال ابن عبد البر: أحسبه وهما. وقال الأصيلي: لم يعرض ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - إلا مرة. وقال ابن الحصار: هي ثلاث نوازل مختلفة. ¬
* قوله: لحديث أبي سعيد، فإنه لم يأمر للعشاء بالأذان. تَقَدَّم حديث أبي سعيد قريبا. * حديث: أنه في - صلى الله عليه وسلم - جمع بين الظهر والعصر بعرفة في وقت الظهر بأذان وإقامتين. هو في حديث جابر الطويل عند مسلم، تَقَدَّم. * حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - جمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة في وقت العشاء بإقامتين، من غير أذان. تَقَدَّم بيانه في أول الباب. 320 - [946]- حديث ابن عمر: كان الأذان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثنى مثنى، والإقامة فرادى، إلا أن المؤذن كان يقول: قد قامت الصلاة مرتين. أحمد (¬1) والشافعي (¬2) وأبو داود (¬3) والنَّسائيّ (¬4) وأبو عوانة (¬5) ¬
والدّارَقطنيّ (¬1) وابن خزيمة (¬2) وابن حبان (¬3) والحاكم (¬4) من حديث شعبة، عن أبي جعفر المؤذن، عن مسلم [أبي المثنى] (¬5)، عنه. قال شعبة: لا يحفظ لأبي جعفر غير هذا الحديث (¬6). فقال ابن حبان: اسمه محمد بن مسلم بن مهران. وقال الحاكم: اسمه عمير بن يزيد بن حبيب الخطمي. ووهم الحاكم في ذلك. ورواه أبو عوانة (¬7) والدّارَقطنيّ (¬8) من طريق سعيد بن المغيرة الصياد، عن عيسى بن يونس، عن عبيد الله، عن نافع عن ابن عمر. وأظن سعيدًا وهم فيه، وإنما رواه عيسى، عن شعبة، كما تَقَدَّم، لكن سعيد وثقه أبو حاتم (¬9). [947]- وروى ابن ماجه (¬10) من حديث سعد القرظ مرفوعًا: كان أذان بلال مثنى مثنى، وإقامته مفردة. ¬
[948]- وعن أبي رافع نحوه (¬1). وهما ضعيفان. 321 - [949]- قوله: إن أبا محذورة لما حكى الأذان عن تلقين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر التكبير في أوله أربعا/ (¬2). هو كما قال، فقد ساقه من حديث أبي محذور 9 بتربيع التكبير في أوله الشافعي (¬3) وأبو داود (¬4) والنَّسائيّ (¬5) وابن ماجه (¬6) وابن حبان (¬7). ورواه مسلم من حديث أبي محذورة (¬8)، فذكر التكبير في أوله مرتين فقط. وقال ابن القطان (¬9): الصحيح في هذا تربيع التكبير، وبه يصح كون الأذان تسع عشرة كلمة - وقد قيد بذلك في نفس الحديث - يعني الآتي بعد قليل (¬10). قال: وقد يقع في بعض روايات مسلم بتربيع التكبير، وهي التي ينبغي أن تعد في الصحيح. انتهى. ¬
وقد رواه أبو نعيم في "المستخرج" (¬1)، والبَيهقيّ (¬2) من طريىَ إسحاق بن إبراهيم، عن معاذ بن هشام، بسنده، وفيه: تربيع التكبير. وقال (¬3) بعده: أخرجه مسلم، عن إسحاق. وكذلك أخرجه أبو عوانة في "مستخرجه" (¬4) من طريق علي بن المديني عن معاذ. 322 - [950]- حديث عبد الله بن زيد في الأذان: وفيه تربيع التكبير في أوله، وهي قصة مشهورة. أبو داود (¬5) وابن خزيمة وإبن حبان في "صحيحيهما" (¬6) والبَيهقيّ (¬7) من حديث يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن أبيه، عن [ابن] (¬8) إسحاق، حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه، حدثني أبي قال: لما أمر رسول اللهُ بعمل الناقوس ليضرب به للناس لجمع الصلاة، طاف بي ¬
وأنا نائم رجل يحمل ناقوسا. فذكر الحديث. وفيه: تربيع التكبير وإفراد الإقامة. وفيه: "فَقُمْ مَعَ بِلالٍ فَأَلْقِ عَلَيْهِ مَا رَأَيْتَ، فَلْيُؤَذنِّ بِهِ؛ فإنَّه أَنْدَى صَوْتًا مِنْكَ". وفيه: أن عمر جاء فقال: قد رأيت مثل ما رأى. ورواه أحمد (¬1) عن يعقوب به. ورواه التّرمذيّ (¬2) وابن ماجه (¬3) أيضا من حديث ابن إسحاق. ورواه أحمد (¬4) والحاكم (¬5) من وجه آخر، عن سعيد بن المسيب، عن عبد الله بن زيد. وقال: هذا أمثل الروايات في قصة عبد الله بن زيد؛ لأن سعيد بن المسيب قد سمع من عبد الله بن زيد. ورواه يونس ومعمر وشعيب وابن إسحاق عن الزهري. قال: وأما أخبار الكوفيين في هذه القصة فمدارها على حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى، واختلف عليه؛ فمنهم من قال: "عن معاذ بن جبل "ومنهم من قال: "عن عبد الله بن زيد"، ومنهم من قال غير ذلك، وأما طريق ولد عبد الله بن زيد فغير مستقيمة الإسناد. كذا قال الحاكم! وقد صحح الطريق الأولى من رواية محمد بن عبد الله بن زيد عن أبيه البُخاريّ فيما حكاه التّرمذيّ في "العلل" عنه. ¬
تنبيه
وقال محمد بن يحيى الذهلي (¬1): ليس في أخبار عبد الله بن زيد أصح من حديث محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم التيمي - يعني هذا -؛ لأن محمدا قد سمع من أبيه عبد الله بن زيد، وابن أبي ليلى لم يسمع من عبد الله. وقال ابن خزيمة في ""صحيحه" (¬2): هذا حديث صحيح ثابت من جهة النقل؛ لأن محمدا سمع من أبيه، وابن إسحاق سمع من التيمي، وليس هذا مما دلسه. وسيأتي الإشارة إلى طريق أخرى لحديث عبد الله بن زيد إن شاء الله، من عند أبي داود. تنبيه قال التّرمذيّ (¬3): لا نعرف لعبد الله بن زيد شيئا يصح إلا حديث الأذان. وكذا قال البُخاريّ. وفيه نظر؛ فإن له عند النَّسائيّ (¬4) وغيره حديثا غير هذا، في الصدقة، وعند أحمد (¬5) آخر في قسمة النبي - صلى الله عليه وسلم - شعره وأظفاره، وإعطائه لمن [لم] (¬6) تحصل له أضحية. 323 - [951]- حديث بلال: أنه أمر أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة. ¬
متفق عليه (¬1) من حديث أنس، قال: أُمِر بلال أن يشفع الأذان، ويوتر الإقامة إلا الإقامة. ورواه النَّسائيّ (¬2) وابن حبان (¬3) والحاكم (¬4) ولفظهم: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بلالا. واستدل ابن حبان على صحة ذلك، بما رواه أيضا (¬5) فيه من القصة في أوله أنهم التمسوا شيئا يؤذنون به، عَلَمًا للصلاة، فأُمر بلالٌ. قال: فدل ذلك على أن الآمر له بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - لا غير. وفي الباب: [952]- عن أبي محذورة، رواه البُخاريّ في "تاريخه" (¬6) والدّارَقطنيّ (¬7) وابن خزيمة (¬8). بلفظ: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة ¬
فائدة
فائدة ورد في تثنية الإقامة أحاديث، منها: [953]- ما روى التّرمذيّ (¬1) من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عبد الله بن زيد قال: كان أذان رسول اللهُ شفعا شفعًا في الأذان والإقامة. وقال: منقطع وقال الحاكم (¬2) والبَيهقيّ (¬3) الروايات عن عبد الله بن زيد في هذا الباب كلها منقطعة؛ لأن عبد الله بن زيد استشهد يوم أحد. ثم أسند عن الدراوردي، عن عبيد الله بن عمر، قال: دخلت ابنة عبد الله بن زيد على عمر بن عبد العزيز فقالت: يا أمير المؤمنين أنا ابنة عبد الله بن زيد، شهد أبي بدرًا، وقتل يوم أحد. وفي صحة هذا نظر؛ فإن عبيد الله بن عمر لم يدرك هذه القصة، وقد روى أبو داود (¬4) وغيره من طريق محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم عن محمد بن عبد الله بن زيد، قال: حدثني أبي. ونقل التّرمذيّ: أن البُخاريّ صحّحه. وروى الواقدي (¬5) عن محمد بن عبد الله بن زيد، قال: توفي أبي بالمدينة سنة اثنين وثلاثين. ¬
وقال ابن سعد (¬1): شهد أحدا والخندق والمشاهد كلها. ولو صحَّ ما تَقَدَّم للزم أن تكون بنتا عبد الله بن زيد صحابيّة. [954]- وروى عبد الرّزاق (¬2) والدّارَقطنيّ (¬3) والطحاوي (¬4) من حديث الأسود بن يزيد: أن بلالا كان يثني الأذان، ويثنى الإقامة، وكان يبدأ بالتكبير، ويختم بالتكبير. [955]- وروى الحاكم (¬5) والبَيهقيّ في "الخلافيات" (¬6) والطحاوي (¬7) من رواية سويد بن غفلة: أن بلالا كان يثني الأذان والإقامة. وادعى الحاكم (¬8) فيه الانقطاع. ولكن في رواية الطحاوي: سمعت بلالا. ويؤيد ذلك: ¬
[956]- ما رواه ابن أبي شيبة (¬1) عن حسين بن علي، عن شيخ يقال: له الحفص عن أبيه، عن جده، وهو سعد القرظ قال: أذن بلال حياةَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم أذن لأبي بكر في حياته، ولم يؤذن في زمان عمر. انتهى. وسويد بن غفلة هاجر في زمن أبي بكر. [957]- وأما ما رواه أبو داود (¬2) من طريق سعيد بن المسيب: أن بلالا أراد أن يخرج إلى الشام فقال له أبو بكر: بل تكون عندي، فقال: إن كنت أعتقتني لنفسك فاحبسني، وإن كنت أعتقتني لله فذرني أذهب إلى الله، فقال: اذهب. فذهب، فكان بها حتى مات. فإنه مرسل، وفي إسناده عطاء الخراساني، وهو مدلس. ويمكن التوفيق بينه وبين الأول. [958]- وروى الطَّبرانيّ في "مسند الشاميين" (¬3) من طريق جنادة بن أبي أمية، عن بلال، أنه كان يجعل الأذان والإقامة مثنى مثنى، وكان يجعل إصبعيه في أذنيه. إسناده ضعيف (¬4). ¬
فائدة
[959]- وحديث أبي محذورة في تثنية الإقامة مشهور عند النَّسائيّ (¬1) وغيره. فائدة أورد الرافعي حديث بلال المتَقَدَّم، محتجا للقديم في إفراد كلمة الإقامة/ (¬2)، لكن في "صحيح البُخاريّ" (¬3) في هذا الحديث: أن يشفع الأذان، ويوتر الإقامة، إلا الإقامة. وفيه بحث ذكرته في "المدرج". [960]- وفي رواية عبد الرزاق (¬4) عن معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس قال: كان بلال يثني الأذان، ويوتر الإقامة، إلا قوله: قد قامت الصلاة. وأخرجه أبو عوانة (¬5) والسراج كذلك. 324 - [961]- حديث أبي محذورة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - علمه الأذان تسع عشرة كلمة، والإقامة سبع عشرة كلمة. هكذا رواه الدارمي (¬6) والتّرمذيّ (¬7) والنَّسائيّ (¬8) وروياه أيضا مطولا (¬9) وتكلم ¬
البَيهقيّ (¬1) عليه بأوجه من التضعيف، ردّها ابن دقيق العيد في "الإمام" (¬2) وصحح الحديث. 325 - [962]- حديث جابر: إذا أذنت فترسل، فإذا أقمت فاحدر. التّرمذيّ (¬3) والحاكم (¬4) والبَيهقيّ (¬5) وابن عدي (¬6) وضعفوه، إلا الحاكم فقال: ليس في إسناده مطعون غير عمرو بن فائد. قلت: لم يقع إلا في روايته هو، ولم يقع في رواية الباقين، لكن عندهم فيه عبد المنعم صاحب السقاء (¬7)، وهو كاف في تضعيف الحديث. [963]- وروى الدّارَقطنيّ (¬8) من حديث سويد بن غفلة، عن علي، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرنا أن نرتل الأذان، ونحدر الإقامة. وفيه عمرو بن شمر وهو متروك. [964]- وقال البَيهقيّ (¬9) روى بإسناد آخر عن الحسن، وعطاء، عن ¬
تنبيه
أبي هريرة، ثم ساقه. وقال: الإسناد الأول أشهر. يعني: طريق جابر. [965]- وروى الدّارَقطنيّ (¬1) من حديث عمر، موقوفًا نحوه وليس في إسناده إلا أبو الزبير مؤذن بيت المقدس وهو تابعي قديم مشهور. تنبيه الترسل: التأني. والحَدَر - بالحاء والدال المهملتين -: الإسراع. ويجوز في قوله: فاحدُر - ضم الدال وكسرها -. وروي: فاحدم - بالميم - وهي الإسراع أيضا، والأول أشهر. * حديث أبي محذورة: ألقى عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التأذين بنفسه، فقال: "قُل الله أَكْبَر، الله اَكْبَرُ، الله كبَرُ، الله أَكبَرُ ... ". الحديث. وفيه الترجيع؛ رواه أبو داود (¬2) وغيره، وقد تَقَدَّم. 326. [966]- قوله: ورد الخبر بالتثويب في أذان الصبح. هو كما قال فقد روى ابن خزيمة (¬3)، والدّارَقطنيّ (¬4) والبَيهقيّ (¬5) من حديث ¬
أنس، قال: من السنة إذا قال المؤذن في أذان الفجر: حي على الفلاح، قال: الصلاة خير من النوم. وصحّحه ابن السّكن، ولفظه: كان التثويب في صلاة الغداة إذا قال المؤذن: حي على الفلاح. [967]- وروى ابن ماجه (¬1) من حديث ابن المسيب، عن بلال: أنّه أتى النبيُّ يؤذنه لصلاة الفجر، فقيل: هو نائم، فقال: الصلاة خير من النوم، مرتين. فأقرت في تأذين الفجر، فثبت الأمر على ذلك. وفيه انقطاع مع ثقة رجاله. وذكره ابن السكن من طريق أخرى عن بلال، وهو في الطَّبرانيّ (¬2) من طريق الزهري، عن حفص بن عمر، عن بلال. وهو منقطع أيضا. [968]- ورواه البَيهقيّ في "المعرفة" (¬3) من هذا الوجه، فقال: عن الزهري، عن حفص بن عمر بن سعد المؤذن، أن سعدا كان يؤذن، قال حفص: فحدثني أهلي: أن بلالا .. فذكره. [969]- وروى ابن ماجه (¬4) من حديث عبد الرحمن بن إسحاق، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه. فذكر قصة اهتمامهم بما يجمعون به الناس، قبل أن يشرع الأذان، وفي آخره: وزاد بل الذي نداء صلاة الغداة: ¬
الصلاة خير من النوم. فأقرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وإسناده ضعيف جدا. ولكن للتثويب طريق أخرى عن ابن/ (¬1) عمر؛ رواها السراج والطَّبرانيّ والبَيهقيّ (¬2) من حديث ابن عجلان، عن نافع، عن ابن عمر قال: كان الأذان الأول بعد حي على الصلاة، حي على الفلاح: الصلاة خير من النوم مرتين. وسنده حسن. وسيأتي بقية الأحاديث في ذلك. 327 - [970]- حديث بلال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُثَوِّبَنَّ فِي شَيْءٍ مِنَ الصَّلاةِ إلَّا صَلاةَ الْفَجْر". التّرمذيّ (¬3) وابن ماجه (¬4) وأحمد (¬5) من حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى عن بلال. وفيه أبو إسماعيل الملائي، وهو ضعيف مع انقطاعه بين عبد الرحمن وبلال. وقال ابن السكن: لا يصح إسناده. ثم إن الدّارَقطنيّ رواه من [طريق] (¬6) ¬
أخرى عن عبد الرحمن، وفيه [أبو سعد] (¬1) البقال وهو نحو أبي إسماعيل في الضعف. 328 - [971]- حديث أبي محذورة: علمني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأذان، وقال: " إذا كُنْتَ فِي الصُّبْحِ، فَقُلْتَ: حَيَّ عَلَى الْفَلاحِ، فَقُلْ: الصَلاةُ خَيرُ مِنَ النَّومِ مَرَتَينِ". قال الرافعي: ثبت. انتهى. رواه أبو داود (¬2) وابن حبان (¬3) مطولا من حديثه. وفيه هذه الزيادة. وفيه محمد بن عبد الملك بن أبي محذورة، وهو غير معروف الحال. والحارث بن عبيد وفيه مقال (¬4). ورواه أبو داود (¬5) من طرق أخرى عن أبي محذورة منها ما هو مختصر. وصححه ابن خزيمة (¬6) من طريق ابن جريج، قال: أخبرني عثمان بن السائب، أخبرني أبي وأم عبد الملك بن أبي محذورة، عن أبي محذورة. ¬
وقال بقي بن مخلد: حدّثنا يحيى بن عبد الحميد، حدّثنا أبو بكر بن عياش، حدثني عبد العزيز بن رفيع، سمعت أبا محذورة قال: كنت غلاما صَيِّتًا، فأذنت بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الفجر يوم حنين، فلما انتهيت إلى حي على الفلاح قال: "أَلْحِقْ فِيها: الصَّلاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ". ورواه النَّسائيّ (¬1) من وجه آخر، عن أبي جعفر، عن أبي سلمان، عن أبي محذورة. وصحّحه ابن حزم (¬2). 329 - [972]- حديث: أن الملك الذي رآه عبد الله بن زيد في المنام، كان قائمًا. أبو داود (¬3) من حديث شعبة، عن عمرو بن مرة، عن ابن أبي ليلى، قال: أحيلت الصلاة ثلاثة أحوال، حدثنا أصحابنا، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لَقد أَعْجَبَنِي أَنْ تَكُونَ صَلاةُ الْمُسْلِمِين وَاحدةً .... " فذكر الحديث. فجاء رجل من الأنصار، فقال يا رسول الله: إني رجعت لما رأيت من اهتمامك، فرأيت رجلا عليه ثوبان أخضران، فقام على المسجد فأذن، ثم قعد، ثم قام فقال مثلها، إلا أنه يقول: قد قامت الصلاة ... الحديث. ورواه الدّارَقطنيّ (¬4) من حديث الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن ابن أبي ليلى، عن معاذ بن جبل به. ¬
[973]- ورواه أبو الشيخ في "كتاب الأذان" من طريق يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن، عن عبد الله بن زيد، قال: لما كان الليل قبل الفجر، غشيني النعاس فرأيت رجلا عليه ثوبان أخضران، وأنا بين النائم واليقظان، فقام على سطح المسجد فجعل إصبعيه في أذنيه ونادى ... فذكر الحديث بطوله. وهذا حديث ظاهره الانقطاع (¬1). قال المنذري (¬2): إلا أن قوله [في رواية أبي داود] (¬3): حدثنا أصحابنا: إن أراد به الصحابة، فيكون مسندًا، وإلا فهو مرسل. قلت: في رواية أبي بكر ابن أبي شيبة (¬4) وابن خزيمة (¬5) والطحاوي (¬6) والبَيهقيّ (¬7)، حدّثنا أصحاب محمد، فتعين الاحتمال الأول، ولهذا صححها ابن حزم (¬8) وابن دقيق العيد. فائدة: ذى الفوراني والزالي (¬9): أن عبد الله بن زيد سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يأذن له في الأذان مرة واحدة، فأذن الظهر. ¬
قال النّووي: هذا باطل. وهو كما قال. وعند عبد الرزاق (¬1) من حديث سعيد بن المسيب، عن عبد الله بن زيد في قصة الرؤيا، فبلغه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمره بالتأذين. لكن يحمل ذلك على أن المأمور بلال، فلا ينتهض/ (¬2) لما ذكراه، وأيضا: ففي إسناده أبو جابر البياضي وهو كذاب. 330 - قوله: كان بلال وغيره من مؤذني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يؤذنون قياما. أما قيام بلال فثابت في "الصحيحين" (¬3) من: [974]- حديث ابن عمر، ففيه: "قُم يَا بِلال فَنَادِ بالصَّلاةِ". وفي الاستدلال به نظر؛ لأن معناه: اذهب إلى موضع بارز فناد فيه. قاله النووي. [975]- وعند النَّسائيّ (¬4) من حديث أبي محذورة، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما علمه اللأذان، قال له: "قُمْ فَأَذِّنْ بِالصَّلاة". والاستدلال به كالذي قبله. [976]- وعند أبي داود (¬5) من طريق عروة، عن امرأة من بني النجار، قالت: كان بيتي أطول بيت حول المسجد، فكان بلال يؤذن عليه الفجر، فيأتي بِسَحَرٍ ¬
فيجلس على البيت ينتظر الفجر، فإذا رآه تمطأ. وقال ابن المنذر (¬1): أجمع كل من يحفظ عنه العلم: أن السنة أن يؤذن المؤذن قائما. قال (¬2): وروينا عن أبي فلد الأنصاري الصحابي، أنه أذن وهو قاعد. قال: وثبت أن ابن عمر كان يؤذن على البعير، وينزل فيقيم. وسيأتي حديث وائل بن حجر قريبا إن شاء الله. 331 - قوله: وينبغي أن يستقبل القبلة؛ لما قدمناه. [977]- قال إسحاق في "مسنده": حدّثنا أبو معاوية، كن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: جاء عبد الله بن زيد، فقال: يا رسول الله، إني رأيت رجلا نزل من السماء، فقام على جذم حائط فاستقبل القبلة ... فذكر الحديث. [978]- وفي "الكامل" (¬3) لابن عدي من طريق عيد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد القرظ، حدثني أبي، عن آبائه: أدن بلالا كان إذا كبر بالأذان استقبل القبلة ... ورواه الحاكم في "المستدرك" (¬4) من طريق عبد الله بن كمار بن سعد القرظ، عن أبيه، عن جده نحوه. ¬
332 - [979]- حديث أبي جحيفة: رأيت بلالا خرج إلى الأبطح، فلما بلغ حي على الصلاة حى على الفلاح لوى عنقه يمينا وشمالا، ولم يستدبر. [متفق عليه (¬1) من حديثه، بدون قوله: ولم يستدبر] (¬2). ورواه أبو داود (¬3)، وعنده: "ولم يستدر" بدل "ولم يستدبر". ووواه النَّسائيّ (¬4) بلفظ: فجعل يقول في أذانه هكذا؛ في نحرف يمينا وشمالا. ورواه ابن ماجه (¬5) وعنده: فرأيته يدور في أذانه. لكن في إلشاده حجاج بن أرطاة. ورواه الحاكم (¬6) من حديثث أبي جحيفة، بألفاظ زائدة، وقال: قد أخرجاه إلا أنهما لم يذكرا فيه: إدخال الإصبعين في الأذنين. والاستدارة وهو صحيح على شرطهما. ورواه ابن خزيمة (¬7) بلفظ ت رأيت بلالا يؤذن يتبع بفيه يميل رأسه يمينا وشمالا. ¬
ورواه من طريق أخرى (¬1)، وفيه: وضع الإصبعين في الأذنين. وكذا رواه أبو عوانة في "صحيحه" (¬2)، ورواه أبو نعيم في "مستخرجه" (¬3) وعنده: رأيتُ بلا لا يؤذن، ويدور وإصبعاه في أذنيه. وكذا رواه البزار. وقال البَيهقيّ (¬4): الاستدارة، لم ترد من طريق صحيحة؛ لأن مدارها على سفيان الثوري، وهو لم يسمعه من عون، إنما رواه عن رجل عنه. والرجل يتوهم أنه الحجاج، والحجاج غير محتج به. قال: ووهم عبد الرزاق في إدراجه ... ثم بين ذلك بما أوضحته في "المدرج". وتعقبه ابن دقيق العيد في "الإمام" (¬5) بما يراجع منه. وقد وردت الاستدارة من وجه آخر؛ أخرجه أبو الشيخ في "كتاب الأذان" من طريق حماد، وهشيم جميعا، عن عون. والطَّبرانيّ (¬6) من طريق إدريس الأودي، عنه. [980]- وفي "الأفراد" للدارقطني، عن بلال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أذنا أو أقمنا أن لا نزيل أقدامنا عن مواضعها. إسناده ضعيف. ¬
333 - [981]- حديث: "يُغْفَرُ لِلْمُؤذِّن مَدَى صَوْتِه". أبو داود (¬1) والنَّسائيّ (¬2) وابن ماجه (¬3) وابن خزيمة (¬4) وابن حبان (¬5) / (¬6) من حديث أبي هريرة بهذا وزيادة: "ويَشهد لَهُ كُلّ رَطْبٍ وَيَابِسٍ". وأبو يحيى الرّاوي له عن أبي هريرة، قال ابن القطان (¬7): لا يعرف. وادعى ابن حبان في "الصحيح" (¬8) أن اسمه سمعان. ورواه البَيهقيّ (¬9) من وجهين آخرين؛ عن الأعمش، فقال تارة: عن أبي صالح، وتارة: عن مجاهد، عن أبي هريرة. [982]- ومن طريق أخرى (¬10)، عن مجاهد، عن ابن عمر. قال الدّارَقطنيّ (¬11): الأشبه أنه عن مجاهد مرسل. ¬
وفي "العلل" (¬1) لابن أبي حاتم: سئل أبو زرعة عن حديث منصور، عن يحيى بن عباد، عن عطاء، عن أبي هريرة بهذا. ورواه جرير عن منصور، فقال فيه: عن عطاء رجل من أهل المدينة، ووقفه. ورواه أبو أسامة عن الحارث بن الحكم، عن أبي هبيرة يحيى بن عباد، عن شيخ من الأنصار. فقال: الصحيح حديث منصور. قيل لأبي زرعة: رواه معمر عن منصور، عن عباد بن أنيس، عن أبي هريرة، فقال: هذا وهم. ثم ساق بإسناده عن وهيب، قال: قلت لمنصور: عطاء هذا، هو ابن أبي رباح؟ قال: لا (¬2). [983]- ورواه أحمد (¬3) والنَّسائيّ (¬4) من حديث البراء بن عازب بلفظ: "المؤذِّنُ يُغْفَرُ لَه مَدَى صَوْتِهِ، وُيصَدِّقُه مَنْ يَسْمَعُه، مِنْ رَطْبٍ وَيابِسٍ، وَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ صَلَّى مَعَهُ". وصححه ابن السكن. ورواه أحمد (¬5) والبَيهقيّ (¬6) من حديث مجاهد عن ابن عمر كما تَقَدَّم. وفي الباب: [984 - 986]- عن أنس عند ابن عدي (¬7) وأبي سعيد الخدري في "علل ¬
الدّارَقطنيّ" (¬1) وجابر في "الموضح" (¬2) للخطيب وغير ذلك. وقد تَقَدَّم من حديث ابن عمر عند البَيهقيّ، ورواه أحمد (¬3) من حديثه بلفظ: "يُغْفَرُ للْمُؤَذِّنِ مَدَى صَوْتِهِ، وَيَشْهَدُ لَهُ كُلّ رَطْبٍ وَيابِسٍ سَمِعَ صَوْتَهُ". 334 - قوله: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - علم الأذان مرتبا. هو كما قال، وهو ظاهر رواية أبى محذورة، وعبد الله بن زيد كما تَقَدَّم. 335 - [987]- حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "حَقٌّ وسنَّةٌ أن لَا يُؤَذِّنَ الرَّجُلُ إلَّا وَهُوَ طَاهِرٌ". البَيهقيّ (¬4) والدّارَقطنيّ في "الأفراد" وأبو الشيخ في "الأذان" من حديث عبد الجبار بن وائل، عن أبيه، [قال] (¬5): حقّ وسنة أن لا يؤذن إلّا وهو طاهر، ولا يؤذن إلا وهو قائم. وإسناده حسن، إلا أنّ فيه انقطاعا؛ لأن عبد الجبار ثبت عنه في "صحيح مسلم" (¬6) أنه قال: كنت غلامًا لا أعقل صلاة أبي. ¬
تنبيه
ونقل النووي (¬1) اتفاق أئمة الحديث على أنه لم يسمع من أبيه. ونقل [عن] (¬2) بعضهم أنه ولد بعد وفاة أبيه. ولا يصح ذلك لما يعطيه ظاهر سياق مسلم. تنبيه لم يقع في شيء من كتب الحديث التصريح بذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه. وقال النووي في "الخلاصة" (¬3): لا أصل له. والرافعي تبع في إيراده ابن الصباغ وصاحب "المهذب" (¬4) وشيخهما في "التعليقة"، ويحتمل أن يكون ذكره بالمعنى؛ لأنه في حكم المرفوع؛ إذ قول الصحابي: الشّيء الفلاني سنة؛ يقتضي نسبة ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فوقع التّحريف للنّاقل الأخير، وفي معناه الحديث الذي بعده: 336 - [988]- حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يُؤذِّن إلاَّ مُتَوَضِّئٌ". التّرمذيّ (¬5) من حديث الزهري، عن أبي هريرة، وهو منقطع. والرّاوي ¬
له عن الزهري ضعيف (¬1). ورواه أيضا من روايهَ يونس، عن الزهري عنه، موقوفًا وهو أصح. [989]- ورواه أبو الشّيخ في كتاب "الأذان" له من حديث ابن عباس بلفظ: "إنَّ الأَذَانَ مُتَّصِلٌ بالصَّلاةِ؛ فَلا يُؤَذِّنُ أَحَدُكُم إلَّا وَهُوَ طَاهِرٌ". وعموم: [990]- حديث المهاجر بن قنفذ عند أبي داود (¬2) حيث جاء فيه: "إنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَذْكُرَ الله إلاَّ عَلَى طَهَارَةٍ (¬3) ". وصححه ابن خزيمة وابن حبان (¬4). وفي إسناده عبد الله بن/ (¬5) هارون الفروي وهو ضعيف (¬6). * حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - الذي قصة عبد الله بن زيد: " أَلْقِهِ علَى بِلالٍ، فَإنَّه أَنْدَى صَوْتًا مِنْكَ". ¬
تقدّم في حديث عبد الله بن زيد. وهو عند أصحاب "السنن" سوى النَّسائيّ. * قوله: ولهذا يستحيب أن يضع إصبعيه في صماخي أذنيه. تَقَدَّم من طرق، وليس فيه ذكر الصماخين. كل قوله: وأن يؤذن على موضع عال. تَقَدَّم في قوله: ينبغي أن يؤذن قائما. [991]- وروى أبو الشيخ في "كتاب الأذان" من حديث أبي برزة الأسلمي قال: من السنة الأذان في المنارة، والإقامة في المسجد. وهو في "سنن سعيد بن منصور" مثله. [992]- وفي كتاب أبي الشيخ أيضا: عن ابن عمر: كان ابن أم مكتوم يؤذن فوق البيت. 337 - [993]- قوله: إنه - صلى الله عليه وسلم - اختار أبا محذورة لحسن صوته. ابن خزيمة (¬1) والدارمي (¬2) وأبو الشيخ، وغير واحد من حديث أبي محذورة في قصته، وفيه: فأعجبه صوت أبي محذورة. ولابن خزيمة (¬3) أنّه - صلى الله عليه وسلم - قال: "لَقَدْ سَمِعْتُ في هَؤلاءِ تَأْذِينَ إِنْسَانٍ حَسَن الصَّوتِ". وصححه ابن السكن. ¬
338 - [994]- حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "الأئمَّة ضمَنَاءُ، وَالْمُؤَذِّنُونَ أمَنَاءُ، فَأَرْشَدَ الله الأئمَّةَ، وَغَفَر للمؤذِّنِينَ". الشّافعي (¬1) عن إبراهيم بن أبي يحيى، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة بهذا. ورواه ابن حِبّان (¬2) من حديث الدّراوردي، عن سهيل، به. وعن سفيان عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة، يبلغ به بلفظ: "الإمَامُ ضَامِنٌ ... " الحديث. ورواه ابن خزيمة (¬3) من طريق عبد الرّحمن بن إسحاق، ومحمّد بن عمارة، عن سهيل به. وقال أحمد في "مسنده" (¬4): حدثنا قتيبة، حدّثنا عبد العزيز، عن سهيل. مثله. قال ابن عبد الهادي (¬5): أخرج (¬6) مسلم بهذا الإسناد نحوا من أربعة عشر حديثا. ¬
ورواه أحمد (¬1) وأبو داود (¬2) والترمذيّ (¬3) وابن حبان (¬4) من حديث الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة. بلفظ: " الإمَامُ ضَامِنٌ، وَالمؤَذِّن فؤْتَمَنٌ" الحديث. وفي رواية لأبي داود (¬5) عن الأعمش: نبِّئتَ عن أبي صالح، ولا أراني إلا قد سمعته منه. وعلق التّرمذيّ (¬6) مثلها دون قوله: ولا أراني ... إلى آخره. قال: ورواه نافع ابن سليمان، عن محمد بن أبي صالح، عن أبيه عن عائشة، قال: سمعت أبا زرعة يقول: حديث أبي صالح، عن أبي هريرة أصحّ من حديث أبي صالح، عن عائشة. وقال محمد عكسه، وذكر عن علي بن المديني أنه لم يثبت واحدا منهما. وقال أحمد (¬7): ليس لحديث الأعمش أصل. وقال ابن المديني (¬8): لم يسمع سهيل هذا الحديث من أبيه، إنما سمعه من الأعمش، ولم يسمعه الأعمش من أبي صالح بيقين؛ لأنه يقول فيه: نبئت عن ¬
أبي صالح. وكذا قال البَيهقيّ في "المعرفة" (¬1). وقال الدّارَقطنيّ في "العلل" (¬2) رواه سليمان بن بلال، وروح بن القاسم، ومحمد بن جعفر وغيرهم، عن سهيل، عن الأعمش قال: وقال أبو بدر، عن الأعمش، حدثت عن أبي صالح وقال ابن فضيل: عنه، عن رجل، [عن أبي صالح] (¬3). وقال عباس عن ابن معين (¬4): قال الثوري: لم يسمع الأعمش هذا الحديث من أبي صالح. ورجح العقيلي (¬5) والدّارَقطنيّ (¬6) طريق أبي صالح، عن أبي هريرة، على طريق أبي صالح، عن عائشة. كما نقل التّرمذيّ، عن أبي زرعة، وصححهما ابن حبان جميعا، ثم قال (¬7): قد سمع أبو صالح هذين الخبرين من عائشة وأبي هريرة جميعا. ومن الاختلاف على الأعمش فيه: [995]- ما رواه إبراهيم بن طهمان، عنه، عن مجاهد عن ابن عمر. ¬
تنبيه
أخرجه أبو العباس السراج من طريقه، وصححه/ (¬1) الضياء في "المختارة". وفي الباب: [996]- عن أبي أمامة عند أحمد (¬2). [997]- وعن جابر في "العلل" (¬3) لابن الجوزي. تنبيه روى البزار (¬4) هذا الحديث من رواية أبي حمزة السكري، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، فزاد فيه: قالوا يا رسول الله لقد تركتنا نتنافس في الأذان بعدك، فقال: "إنَّه يَكُونُ بَعْدَكُمْ قَوْمٌ سَفَلَتُهُمْ مُؤَذِّنُوهُم". قال الدّارَقطنيّ (¬5): هذه الزيادة ليست بمحفوظة. فأشار ابن القطان (¬6): إلى أن البزار هو المنفرد بها، وليس كذلك، فقد جزم ابن عدي (¬7) بأنها من أفراد أبي حمزة. وكذا قال الخليلي وابن عبد البر (¬8). وأخرجه البَيهقيّ (¬9) من غير طريق البزار، فبرئ من عهدتها. وأخرجها ابن ¬
فائدة
عدي أيضا في ترجمة "عيسى بن عبد الله" (¬1)، عن يحيى بن عيسى الرملي، عن الأعمش. واتَّهَمَ بها عيسى، وقال: إنما تعرف هذه الزيادة بأبي حمزة. قال ابن القطان (¬2): أبو حمزة ثقة، ولا عيب للإسناد إلا ما ذكر من الانقطاع. فائدة هذا الحديث ذكره الرّافعي مستدلا به على أفضلية الأذان. وفي الباب: [998]- عن معاوية، عند مسلم (¬3): "المؤَذِّنُون أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْناقًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ". وفيه: [999، 1000]- عن ابن الزبير، وأَبي هريرة بألفاظ مختلفة. وقال ابن أبي داود (¬4): سمعت أبي يقول: معناه أنّ الناس يعطشون يوم القيامة، فإذا عطش الإنسان انطوت عنقه، والمؤذنون لا يعطشون، فأعناقهم قائمة. [1001]- وفي صحيح ابن حبان (¬5) من حديث أبي هريرة: "يُعْرَفُون بِطُول أَعْنَاقِهِمْ يَوْمَ الْقِيامَة" (¬6). ¬
زاد السرَّاج: "لِقَوْلِهِمْ: لا إِلَه إلاَّ الله". وفيه: [1002]- عن ابن أبي أوفى: "إنَّ خِيارَ عِبَادِ الله الَّذِين يُرَاعُون الشَّمْسَ وَالْقَمْرَ والنّجُومَ والأهلَّةَ؛ لِذِكْرِ الله". صححه الحاكم (¬1). [1003]- وحديث أبي سعيد: "لا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤذِّنِ جِنٌّ ولا إِنْسٌ إلاَّ شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَة". رواه البُخاريّ (¬2). [1004]- وفي حديث أنس: "إذا أُذِّن في قَرْيةٍ آمنها الله مِنْ عَذَابه ذَلِكَ الْيَوْم". رواه الطَّبرانيّ (¬3). 399 - [1005]- حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن أَذَّن سَبْعَ سِنين مُحْتَسِبًا كُتِبَتْ لَهُ بَراءةٌ من النَّار". التّرمذيّ (¬4) وابن ماجه (¬5) من حديث ابن عباس. وفيه جابر الجعفي وهو ضعيف جدا. [1006]- ورواه ابن ماجه (¬6) والحاكم (¬7) من حديث ابن عمر بلفظ: "مَنْ أذَّن ¬
اثْنَتَيْ عَشَرَةَ سَنَةً، وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ". الحديث. وفيه عبد الله بن صالح، عن يحيى بن أيوب، عن ابن جريج، عن نافع، عنه. وهذا الحديث أحد ما أُنكر عليه. ورواه البُخاريّ في "التاريخ" (¬1) من حديث يحيى بن المتوكل، عن ابن جريج، عن صدقة، عن نافع. وقال: هذا أشبه. لكن رواه الحاكم (¬2) من طريق ابن لهيعة، عن عبيد الله بن أبي جعفر، عن نافع به. ورواه ابن الجوزي في "العلل" (¬3) نحو الأول من حديث مكحول ونافع (¬4) عن ابن عمر وفيه محمد بن الفضل بن عطية وهو ضعيف 340 - [1007]- حديث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان له مؤذنان بلال وابن أم مكتوم. متفق عليه (¬5) من حديث القاسم عن عائشة. وروى ابن السكن والبَيهقيّ (¬6) من حديث عائشة: كَانَ لَه ثَلاثَةُ مُؤَذِّنِين. فذكرهما بزيادة أبي محذورة. ¬
وجمع بينهما البَيهقيّ (¬1) بأن الأولى المراد به بالمدينة، والثاني المراد به بانضمام مكة. قلت: وعلى هذا كان ينبغي أن يصيروا أربعة؛ لأنّ سعد القرظ كان بقباء. [1008]- وروى الدارمي (¬2) وغيره في حديث أبى محذورة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر نحوا من عشرين رجلا فأذنوا. 341 - قوله: ولا يستحب أن يتراسلوا/ (¬3) الأذان، إذ لم يفعله مؤذِّنو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. هو مستفاد من: [1009]- حديث ابن عمر في "الصحيح" (¬4): كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - مؤذنان بلال وإبن أم مكتوم، لم يكن بينهما إلا أن ينزلى هذا ويرقى هذا. 342 - [1010]- حديث: "لَوْ يعْلَم النّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ والصَّفِّ الأوَّل ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إلَّا أنْ يَسْتَهمُوا عَلَيْه، لاسْتَهَمُوا عَلَيْه". متفق عليه (¬5) من حديث أبي هريرة أتم منه؛ ولابن عبد البر في ¬
"الاستذكار" (¬1) كلام حسن على هذا الحديث. 343 - [1011]- حديث زياد بق الحارث الصُّدَائي: أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أؤذن في صلاة الفجر، فأذنت فأراد بلال أن يقيم، فقال: "إنَّ أخَا صُداء قَدْ أَذَّن، وَمَنْ أذَّنَ فَفوَ يُقِيم". أحمد (¬2) وأبو داود (¬3) والتّرمذيّ (¬4) وابن ماجه (¬5) من حديث عبد الرحمن بن زياد بق أنعم الإفريقي، عن زياد بن نعيم الحضرمي، عن زياد بن الحارث الصدائي، واللفظ للترّمذي، وساقه أبو داود مطوّلا. قال التّرمذيّ (¬6) إنما يعوف من حديث الإفريقي، وقد ضمعفه القطان وغيره. قال: ورأيت محمد بن إسماعيل يقوِّي أمرَه، ويقول هو مقارب الحديث. قال: والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم. 344 - [1012]- قوله: وفي القصّة المروية كان بلال غائبًا، وزياد أذّن بإذن النبي - صلى الله عليه وسلم -. ¬
الطَّبرانيّ (¬1) والعقيلي في "الضعفاء" (¬2) وأبو الشيخ في "الأذان" من حديث سعيد بن راشد، عن عطاء، عن ابن عمر كان النبي - صلى الله عليه وسلم - في مسير (¬3) له، فحضرت الصلاة فنزل القوم فطلبوا بلالا فلم يجدوه، فقام رجل فأذن، ثم جاء بلال، فقال القوم: إن رجلا قد أذن. فسكت القوم هويا، ثم إن بلالا أراد أن يقيم، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مَهْلًا يا بِلالُ، فَإِنَّما يُقِيمُ مَنْ أَذَّن". والظّاهر أن هذا المبهم هو الصُّدَائي، وسعيد بن راشد هذا ضعيف، وضعف حديثه هذا أبو حاتم الرازي (¬4) وابن حبان في "الضعفاء" (¬5). 345 - [1013]- حديث: أن عبد الله بن زيد ألقى الأذان على بلال، قال عبد الله: أنا رأيته وأنا كنت أريده يا رسول الله. قال: " فَأَقِمْ أَنْتَ". أحمد (¬6) وأبو داود (¬7) من حديث محمد بن عمرو، عن محمد بن عبد الله، عن عمه عبد الله بن زيد، قال: أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أشياء لم يصنع منها شيئًا، فأرى عبد الله بن د يد الأذان، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - وفأخبره، قال: " أَلْقِهِ عَلَى بِلالٍ"، فأذن ¬
بلال. فقال عبد الله: أنا رأيته، وأنا كنت أريده. قال: "فَأَقِمْ أَنْتَ". ومحمد بن عمرو هو الواقفي، بينه أبو داود الطيالسي (¬1) في روايته، وهو ضعيف. واختلف عليه؛ فيه فقيل: عن محمد بن عبد الله. وقيل: عن عبد الله بن محمد. قال ابن عبد البر (¬2): إسناده أحسن من حديث الإفريقي. وقال البَيهقيّ (¬3): إن صحا لم يتخالفا؛ لأن قصة الصدائي بَعْدُ. وذكره ابن شاهين في "الناسخ" (¬4). وقال البُخاريّ (¬5): عبد الله بن محمد بن عبد الله بن زيد، عن أبيه، عن جده، لم يذكر سماع بعضهم من بعض. كأنه يشير إلى ما رواه البَيهقيّ (¬6) من طريق أبي العميس، عن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن زيد، عن أبيه، عن جده: أنه رأى الأذان والإقامة مثنى مثنى، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره فقال: "عَلَّمْهنَّ بِلالًا". قال: فتقدمت، فأمرني أن أقيم فأقمت. قال الحاكم (¬7): رواه الحفاظ من أصحاب أبي العميس، عن زيد بن محمد ¬
ابن عبد الله بن زيد. [1014]- وعند ابن شاهين (¬1): أن عمر جاء فقال: أنا رأيت الرؤيا، ويؤذن/ (¬2) بلال؟ قال: "فَأَقِمْ أَنْتَ". وقال: غريب لا أعلم أحدا قال فيه: إن الذي أقام عمر إلا في هذا، والمعروف أنه عبد الله بن زيد. وله طريق أخرى أخرجها أبو الشيخ في كتاب "الأذان" من: [1015]- حديث الحكم عن مقسم عن ابن عباس، قال: كان أول من أذن في الإِسلام بلال، وأول من أقام عبد الله بن زيد. وإسناده منقطع بين الحكم ومقسم؛ لأن هذا من الأحاديث التي لم يمسمعها منه. 346 - [1016]- قوله: من المحبوبات: أن يصلي المؤذن وسامعه على النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد الأذان، ويقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة والدرجة الرفيعة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته. أخرجه مسلم (¬3) وغيره من حديث عبد الله بن عمرو أنّه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا سَمِعْتُم الْمُؤَذّنَ فَقُولوا مِثْلَ مَا يَقُول، ثُمَّ صَلّوا عَلَيُّ ... " الحديث. ¬
[1017]- وأخرج البُخاريّ (¬1) وأصحاب السنن (¬2) من حديث جابر مرفوعًا: "مَن قَال حِين يَسْمَع النِّدَاءَ: اللِّهُمَّ رَبَّ هَذِه الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ ... " الحديث. لكن ليس فيه: (والدَّرَجَةَ الرَّفِيعَةَ) وقال: "مَقَامًا مَحْمُودًا"، وعند النَّسائيّ وابن خزيمة (¬3) بالتعريف فيهما، وليس في شيء من طرقه ذكر "الدَّرَجَة الرَّفِيعَة". وزاد الرافعي في "المحرر" في آخره: (يَا أَرْحَمَ الرّاحِمِين) وليست أيضا في شيء من طرقه. [1018]- وروى البزار (¬4) من حديث أبي هريرة: أن المقام المحمود: الشفاعة. 347 - [1019]- قوله: ويستحب لمن سمع أذان المغرب أن يقول: "اللهمّ هذا إقبالُ لَيْلِكَ وإدْبَارُ نَهَارِك" الحديث. رواه أبو داود (¬5) والتّرمذيّ (¬6) من حديث أم سلمة، وصححه الحاكم (¬7). 348 - قوله: وأن يجيب المؤذن، فيقول مثل ما يقول إلا في ¬
الحيعلتين، فإنه يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله. وإلا في كلمتي الإقامة فإنه يقول: أقامها الله وأدامها، وجعلني من صالحي أهلها. وإلا في التثويب فيقول: صدقت وبررث. [1020]- عن أبي سعيد الخدري مرفوعًا: "إذا سَمِعْتُم الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ". أخرجه الستة (¬1). [1021]- ورواه التّرمذيّ (¬2) وابن حبان (¬3) والحاكم (¬4) من حديث أبي هريرة. [1022]- وروى أبو داود (¬5) والنَّسائيّ (¬6) عن عبد الله بن عمرو، أن رجلا قال: يا رسول الله إن المؤذنين يفضلوننا، فقال: "قُلْ كمَا يَقُولُون، فإذَا انْتَهَيْتَ فَسَلْ تُعْطَه". [1023]- وعن أم حبيبة مرفوعًا من فعله. رواه ابن خزيمة (¬7) والحاكم (¬8). ¬
[1024]- وروى البُخاريّ (¬1) والنَّسائيّ (¬2) من حديث معاوية مرفوعًا: "القَوْلُ كَما يَقُول المؤذِّنُ إلَّا الْحَيْعَلَتَيْن". [1025]- وأخرجه مسلم (¬3) من حديث عمر، [1026]- والبزار (¬4) من حديث أبي رافع. وأما ما كلمتي الإقامة: [1027]- فأخرجه أبو داود (¬5) من حديث أبي أمامة، أن بلالا أخذ في الإقامة فلما بلغ: قد قامت الصلاة، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أقَامَهَا الله وَأَدَامَها". وهو ضعيف والزّيادة فيه لا أصل لها، وكذا لا أصل لما ذكره في الصّلاة خير من النوم. 349 - [1028]- حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "المؤذِّن أَمْلَكُ بالأذَان، والإمامُ أَمْلَكُ بِالإقَامَةِ". ابن عدي (¬6) في ترجمة "شريك القاضي" من روايته عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة. تفرّد به شريك، وقال البَيهقيّ (¬7): ليس بمحفوظ. ¬
[1029]- ورواه أبو الشيخ من طريقق أبى الجوزاء، عن ابن عمر. وفيه معارك ابن عباد، وهو ضعيف. [1030]- ورواه البّيهقيّ (¬1) عن علي موقوفًا. [1031]- وقد أخرج مسلم (¬2) من حديث جابر بن سمرة: كان بلال يؤذن/ (¬3) إذا دحضت الشّمس، ولا يقيم حتى يخرج النبي - صلى الله عليه وسلم -. 350 - [1032]- حديث ابن عمر: ليس على النّساء أذان، رواه البَيهقيّ (¬4) من حديثه موقعوفاً، بمسند صحيح. وزاد: ولا إقامة. وقال ابن الجوزي (¬5) لا يعرف مرفوعاً. انتهى. [1033]- ورواه ابن عدي (¬6) والبَيهقيّ مهن حديث أسماء مرفوعاً وفي إسناده الحكم بن عبد الله الأيلي وهو ضعيف جدا. 351. [1034]- حديث عائشة: أنها كانت تؤذن وتقيم. الحاكهم (¬7) والبَيهقيّ (¬8) وزاد: وتؤم النساء وسطهن. ¬
وروى البّيهقيّ (¬1) من طريق مكحول، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة: كنا نصلي بغير إقامة. 352 - [1035]- حديث عمر: لولا الخلِّيفّى (¬2) لأذّنت. أبو الشيخ في "كتاب الأذان"، والبَيهقيّ (¬3) من حمديثه، وفيه قصة. والخلِّيفى - بتشديد اللّام مع كسر الخاء المعجمة. وقال سعيد بن منصور، حدّثنا هشيم، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس قال: قال عمر: لو أطيق مع الخلِّيفّى لأذنت. 353 - [1036]- حدثنا: أنّ عثمآن اتخذ أربعة من المؤذّنين ولم تزد الخلفاء الراشدون على هذا العدد. هذا الأثر ذكره جماعة من فقهاء أصحابنا، منهم صاحب "المهذب" (¬4) وبيض له المنذري، والنووي، ولا يععرف له أصل، وقد ذكر البَيهقيّ في "المعرفة" (¬5): أنّ الشافعي احتج في "الإملاء" بقصة عثمان في جهواز أكثر من مؤذنين اثنين. 354. قوله: وأمّا الجمع بين الأذان والإمامة (¬6) فلا يستحب؛ لأنه ¬
لم يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أمر به ولا السلف الصالح بعده. كذا قال! [1037]- وقد روى التّرمذيّ (¬1) وأحمد (¬2) والدّارَقطنيّ (¬3) من حديث يعلي بن مرة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أذن وهو على راحلته، وأقام وهو على راحلته. ولفظ التّرمذيّ: أنهم كانوا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في مسير فانتهوا إلى مضيق، وحضرت الصلاة فمطروا، فأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأقام، فتَقَدَّم على راحلته فصلى بهم، يومئ إيماء. وقال: تفود به عمر بن الرماح. وقال عبد الحق (¬4): إسناده صحيح. والنووي (¬5): إسناده حسن. وضعفه البَيهقيّ (¬6) وابن العربي (¬7) وابن القطان (¬8) لحال عمرو بن عثمان. وقد رواه الدّارَقطنيّ (¬9) من هذا الوجه بلفظ: فأمر المؤذن فأذن، وأقام، أو ¬
أقام بغير أذان، ثم تَقَدَّم فصلى بنا على راحلته. ورجح السهيلي هذه الرواية؛ لأنها بينت ما أجمل في رواية التّرمذيّ، وإن كان الراوي له عن عمر بن الرّماح عنده شديد الضعف. [1038]- وقد روى ابن عدي (¬1) عن أنس مرفوعًا: "يُكْرَهُ للإمَامِ أَنْ يَكُونَ مُؤَذِّنًا". قال ابن عدي: منكر والبلاء فيه من سلام الطويل، أو زيد العمى. [1039]- وروى ابن حبان (¬2) في ترجمة " المعلي بن هلال " عن جابر مثله. والمعلى متهم بالكذب. [1040]- وروى أصحاب "السنن الأربعة" (¬3) حديث عثمان بن أبي العاص، قال: قلت: يا رسول الله اجعلني إمام قومي. قال: "أَنْتَ إِمَامُهُم، واتَّخِذْ مُؤَذِّنًا لا يَأْخُذُ عَلَى أَذَانِه أَجْرًا". وصححه الحاكم (¬4). 355 - قوله: المنقول أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في تشهده: "أَشْهَدُ أنِّي رَسُولُ/ (¬5) لله". كذا قال! ولا أصل لذلك، بل ألفاظ التشهد متواترة عنه، أنه كان يقول: ¬
"أَشْهَدُ أن مُحَمَّدًا رَسُولُ الله أَوْ عَبْدُه وَرَسُولُه". وسيأتي في التشهد. [1041]- وللأربعة (¬1) من حديث ابن مسعود في خطبة الحاجة: "وَأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله". [1042]- نعم في "البُخاريّ" (¬2) عن سلمة بن الأكوع، لما خفَّت أزواد القوم، فذكر الحديث في دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: " أَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا الله وأنِّي رَسُولُ الله". [1043]- وله شاهد عند مسلم (¬3) عن أبي هريرة. 356 - [1044]- قوله: "الدّعَاءُ بَينَ الأذَانِ وَالأقَامَةِ لا يًرَدّ". رواه النَّسائيّ (¬4) وابن خزيمة (¬5) وابن حبان (¬6) من حديث يزيد بن أبي مريم، عن أنس. وأخرجه هو (¬7) وأبو داود (¬8) والتّرمذيّ (¬9) من طريق معاوية بن قرة، ¬
عن أنس. [1045]- وروى أبو داود (¬1) وابن خزيمة (¬2) وابن حبان (¬3) والحاكم (¬4) من حديث سهل بن سعد: "قَلَّ، مَا تُرَدُّ عَلَى دَاعٍ دعوتَهُ عِند حُضُورِ النّداء". الحديث. **** ¬
باب استقبال القبلة
باب استقبال القبلة 357 - [1046]- حديث: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل البيت، ودعا في نواحيه ثم خرج وركع ركيعتين في قبل الكعبة، وقال: "هَذِهِ الْقِبْلَةُ". متفق عليه (¬1) من حديث أسامة بن زيد. [1047]- وفي رواية لهما (¬2) من حديث ابن عمر: فصلى ركعتين في وجه الكعبة. وقال الخطابي: قوله: "هَذِه الْقِبْلَة" معناه: أنّ أمرها استقر على هذه البنية فلا ينسخ أبدًا فصلّوا إليها فهي قبلتكم. وقال النووي (¬3): يحتمل أن يريد هذه الكعبة هي المسجد الحرام الذي أمرتم باستقباله، لا كل الحرم ولا مكة، ولا المسجد الذي حولها، بل نفسها فقط. وهو احتمال حسن بديع، ويحتمل أن يكون تعليمًا للإمام أن يستقبل البيت من وجهه وإن كانت الصلاة إلى [جميع] (¬4) جهاته جائزة؛ وقد: [1048]- روى البزار عن عبد الله بن حبشي: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلى إلى باب الكعبة ويقول: "أَيهَا النَّاسُ إن الْبَابَ قِبْلَة الْبَيْتِ". لكن إسناده ضعيف. ¬
تنبيه
[1049]- وروى البيهقي (¬1) عن ابن عباس مرفوعًا: "الْبَيْتُ قِبْلَةٌ لأهْلِ الْمَسْجِدِ، وَالْمَسْجِدُ قِبْلَةٌ لأَهْلِ الْحَرَمِ، وَالْحَرَمُ قِبْلَةُ أَهْلِ الأرْضِ في مَشَارِقِهَا وَمَغَارِبِهَا مِنْ أُمَّتِي". وإسنادُ كلٍّ منهما ضعيف. تنبيه حديث الباب قد يعارض: [1050]- حديث: "مَا بَيْنَ الْمَشْرِق وَالْمَغْرِب قِبْلَةٌ". رواه التِّرمذيّ (¬2) عن أبي هريرة مرفوعًا، وقال: حسن صحيح. [1051]- ورواه الحاكم (¬3) من طريق شعيب بن أيوب، عن عبد الله بن نمير، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع عن ابن عمر. وذكره الدَّارَقطنيّ في "العلل" (¬4) وقال: الصواب: عن نافع، عن عبد الله ابن عمر، عن [عمر] (¬5)، قوله. ¬
385 - [1052]- حديث: ابن عمر في قوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} قال: "مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَة أَوْ غَيْرَ مُسْتَقْبِلِيها" قال نافع: ولا أُرَاه ذكر ذلك إلا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. [رواه] (¬1) البخاري (¬2) من حديث مالك، عن نافع، هكذا في حديث في كيفية صلاة الخوف. ورواه ابن خزيمة (¬3) من حديث مالك بلا شك. وفيه ردٌّ لقول من زعم أن قوله: لا أُراه إلا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصل الحديث في كيفية صلاة الخوف، لا هذه الزيادة، واحتجاجه لذلك بأن مسلمًا ساقه من رواية موسى عن نافع، وصرح بأنّها من قول ابن عمر (¬4). ورواه البيهقي (¬5) من حديث موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر جزمًا. وقال النّووي في "شرح المهذب" (¬6): هو بيان حكمٍ من أحكام صلاة الخوف لا تفسير للآية. ¬
359 - [1053]- حديث: ابن عمر قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي في السفر على راحلته حيث توجهت به. متفق عليه (¬1). وله ألفاظ منها: [1054]- للبخاري (¬2) عن عامر بن ربيعة: كان يسبح على الراحلة. [1055]- وللبخاري (¬3) من وجه آخر عن ابن عمر: كان يسبح على ظهر راحلته حيث كان وجهه، يومئ برأسه قبل أي وجه تصوجه، ويوتر عليها، غير أنه لا يصلي عليها المكتوبة. وللبخاري (¬4) من وجه آخر: كان يسبح على ظهر رأحلته حيث كان وجهه يومئ برأسه. 360 - [1056]- قوله: وروي عن جابر مثله. متفق عليه (¬5). وله ألفاظ منها: كان يصلي على راحلته حيث توجهت به، فإذا أراد الفريضة نزل فاستقبل القبلة. لفظ البخاري (¬6)، ولم يذكر مسلم النزول. ¬
وقال الشافعي (¬1): أخبرنا عبد المجيد، عن ابن جريج، أخبرني أبو الزبير: أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي وهو على راحلته النوافل. ورواه ابن خزيمة (¬2) من حديث محمد بن بكر عن ابن جريج مثل سياقه، وزاد: ولكن يخفض السجدتين من الركعة، يومئ إيماء. ولابن حبان (¬3) نحوه. 361 - [1057]- حديث أنس: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا سافر وأراد أن يتطوع استقبل بناقته القبلة وكبر، ثم صلى حيث كان وجهه وركابه. أبو داود (¬4) من حديث الجارود بن أبي سبرة حدثني أنس وصححه ابن السكن. 362 - [1058]- حديث: أن أهل قباء صلوا إلى جيهتين. هذا مختصر من حديث ابن عمر: بينما الناس في صلاة الصبح بقباء، إذ جاءهم آت فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أنزل عليه، وقد أمران يستقبل القبلة فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشام، فاستداروا إلى الكعبة. وهو متفق عليه (¬5) من حديث ابن عمر هكذا، ومن: ¬
[1059]- حديث البراء بن عازب نحوه (¬1). [1060]- ومسلم (¬2) من حديث أنس نحوه. وللبزار من طريق ثمامة عن أنس: فصلوا الركعتين الباقيتين إلى الكعبة. 363 - [1061]- حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الصلاة فوق الكعبة. الترمذي (¬3) عن ابن عمر في حديث أوله: نهى أن يصلى في مواطن؛ في المزبلة، والمجزرة، والمقبرة، وقارعة الطريق، وفي الحمام، ومعاطن الإبل، وفوق ظهر بيت الله. [1062]- ورواه ابن ماجه (¬4) من طريق ابن عمر، عن عمر. وفي سند التِّرمذيّ زيد بن حبيرة، وهو ضعيف جداّ (¬5). وفي سند ابن ماجه عبد الله بن صالح (¬6)، وعبد الله بن عمر العمري المذكرر في سنده ضعيف أيضا. ووقع في بعض النسخ بسقوط عبد الله بن عمر بين الليث ونافع، فصار ظاهره الصحة (¬7). ¬
تنبيه
وقال ابن أبي حاتم في: "العلل" (¬1) عن أبيه: هما جميعا واهيان. وصححه ابن السكن، وإمام الحرمين. وذكر المصنف هذا الحديث في أثناء شروط الصلاة، وذكر فيه "بطن الوادي" بدل "المقبرة"، وهي فلادة باطلة لا تعرف. تنبيه لم يذكرّ الوافعي دليل جمو اؤ الصلاة في الكعبة، وهو في "الصحيحين" (¬2) عن: [1063] ابن عمر عن بلال: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى في جوف الكعبة ببن العمودين اليمانيين. [1064]- وأما حديث ابن عباس، في أسامة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما دخل البيت دعا في نواحيه ولم يصل؛ عمرواه البخاري (¬3). [1065]- لكن روى ابن حبان (¬4) عن ابن عمر، عن أسامة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى في الكعبة بين الساريتين. وجمع ابن حبان بين الحديثين بأن حديث ابن عمر كان يوم الفتح، وحديث ابن عباس كان في حجة الوداع (¬5). وفيه نظر؛ لما أخرجه أبو داود (¬6): [1066]- عن عائشة: أنا النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج من عندها مسرورا، ثم رجع إليها ¬
فائدة
وهو كئيب، فقال: "إنِّي دَخَلْتُ الْكَعْبةَ إنِّي أَخَافُ أَنْ أَكونَ شَقَقْتُ عَلَى أُمَّتِي". لكن ليس في حديثها أنّه صلّى. وجمع السهيلي (¬1) بوجط آخر، وهو: [1067]- ما رواه الدَّارَقطني (¬2) من حديث يحيى بن جعدة، عن ابن عمر: أنه دخلها يومًا فلم/ (¬3) يصل، ودخلها من الغد فصلى. ولابن حبّان نحوه (¬4). 364 - قوله: أن علياًّ هو الذي نصب قبلة الكوفة، وأن عتبة بن غزوان هو الذي نصب قبلة البصرة. أمّا قصة علي فلا تصح؛ لأنّ عليًّا إنما دخل الكوفة بعد تمصيرها بمدة طويلة. وأمّا قصّة عتبة بن غزوان، فأخرجها عمر بن شبة في "تاريخ البصرة". فائدة لم يذكر المصنف كيفية صلاته وهو بمكة إلى أي الجهات، وأصبح ما فيه: [1068]- ما رواه أحمد (¬5) وأبو داود (¬6) والبزار (¬7) من حديث الأعمش، عن ¬
مجاهد، عن ابن عباس، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي وهو بمكة نحو بيت المقدس والكعبة بين يديه ... الحديث. ويعكر عليه: حديث إمامة جبرائيل به - صلى الله عليه وسلم - عند باب البيت. وقد تَقَدَّم في "المواقيت". ****
باب صفة الصلاة
باب صفة الصلاة 365 - [1069]- حدثنا: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال للأعرابي: "ثُمّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئنَّ رَاكعًا". متفق عليه (¬1) من حديث أبي هريرة مطولا. *حدثنا: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال في الفائتة: "فَلْيُصَلِّهَا إذا ذَكَرَها". متفق عليه، وقد سبق في "التيمم". 366 - [1070]. حديث: "مِفْتَاحُ الصَّلاةِ الطَّهُور، وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبيرُ، وَتَحْلِيلُها التَّسْلِيمُ". الشّافعي (¬2) وأحمد (¬3) والبزار (¬4) وأصحاب "السّنن" (¬5) إلّا النَّسَائيّ، وصحّحه الحاكم (¬6) وابن السكن من حديث عبد الله بن محمد بن عقيل، عن ابن الحنفية، عن علي. ¬
قال البزار (¬1): لا نعلمه عن علي إلا من هذا الوجه. وقال أبو نعيم (¬2): تفرد به ابن عقيل، عن ابن الحنفية، عن علي. وقال العقيلي (¬3): في إسناده لين وهو أصلح من حديث جابر. [1071]- وحديث جابر الذي أشار إليه؛ رواه أحمد (¬4) والبزار والتِّرمذيّ (¬5) والطبراني (¬6) من حديث سليمان بن قرم، عن أبي يحيى القتات، عن مجاهد، عنه. وأبو يحيى القتات ضعيف. وقال ابن عدي (¬7): أحاديثه عندي حسان. وقال ابن العربي (¬8): حديث جابر أصح شيء في هذا الباب، كذا قال! وقد عكس ذلك العقيلي وهو أقعد منه بهذا الفنّ. ¬
[1072]- ورواه التِّرمذيّ (¬1) وابن ماجه (¬2) من حديث أبي سعيد. وفي إسناده أبو سفيان طريف وهو ضعيف. قال التِّرمذيّ: حديث علي أجو وإسنادا من هذا. ورواه الحاكم في "المستدرك" (¬3) من طريق سعيد بن مسروق الثوري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد. وهو معلول؛ قال ابن حبان في "كتاب الصلاة المفرد له": هذا الحديث لا يصح؛ لأن له طريقين: إحداهما: عن علي، وفيه ابن عقيل وهو ضعيف. والثّانية: عن أبي نضرة عن أبي سعيد، تفرّد به أبو سفيان عنه، ووهم حسّان بن إبراهيم فرواه عن سعيد بن مسروق، عن أبي نضرة عن أبي سعيد، وذلك أنّه تَوّهم أنّ أبا سفيان هو والد سفيان الثوري، ولم يعلم أنّ أبا سفيان آخر هو طريف بن شهاب، وكان واهيًا. [1073]. ورواه الدَّارَقطنيّ (¬4) من حديث عبد الله بن زيد، وفي سنده الواقدي (¬5). [1074]- ورواه الطبراني (¬6) من حديث ابن عَبّاس، وفي سنده نافع أبو هرمز وهو متروك. ¬
[1075]. وقد رواه ابن عدي (¬1) من طريقه فقال: عن أنس. [1076]- وقال أبو نعيم في "كتاب الصلاة": حدّثنا زهير حدّثنا أبو إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله. فذكره بلفظ: "مفْتَاحُ الصَّلاةِ التَّكبِيرُ، وَانْقِضَاؤُهَا التَّسْلِيم" وإسناده صحيح وهو موقوف. ورواه الطبراني (¬2) من حديث أبي إسحاق. ورواه/ (¬3) البيهقي (¬4) من حديث شعبة عن أبي إسحاق، وقال: رواه الشافعي في "القديم". 367 - قوله: أنّ النّبي - صلى الله عليه وسلم - كان يبتدئ الصّلاة يقول: "الله أَكْبر" هكذا روته عائشة. كذا قال! وليس هذا اللّفظ في حديث عائشة، بل الّذي في مسلم (¬5): [1077]- عن عائشة: كان يستفتح الصلاة بالتكبير. وهو عنده من رواية أبي الجوزاء عنها. وقال ابن عبد البر (¬6): هو مرسل لم يسمع أبو الجوزاء منها. ورواه أبو نعيم في "الحلية" (¬7) في ترجمة "أبي الجوزاء" ولفظه: إذا دخل في الصلاة قال: "الله أكبر". ¬
لكن في إسناده أبان بن أبي عياش وهو متروك. [1078]- نعم روى البخاري (¬1) من حديث ابن عمر مرفوعًا: كان إذا دخل في الصلاة كبر. [1079]- ومثله للترمذي (¬2) عن علي. [1080]- ولأحمد (¬3) والنَّسَائيّ (¬4) عن واسع بن حبان، أنه سأل ابن عمر عن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: الله أكبر كلما وضع وكلما رفع. وأما لفظ الباب: [1081] فرواه ابن ماجه (¬5) من حديث أبي حميد الساعدي قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا استفتح الصلاة استقبل القبلة ورفع يديه، وقال: "الله أَكْبر". ومن هذا الوجه؛ أخرجه ابن حبان في "كتاب الصلاة"، وأخرجه هو وابن خزيمة في ["صحيحيهما "] (¬6). (¬7). [1082]- وفي "كتاب الصلاة" لأبي نعيم، حدّثنا زهير عن العلاء بن المسيب، عن طلبة بن يزيد، عن حذيفة: أن النبي (كان يصلي من الليل فكبر فقال: "الله اكْبَر". ¬
رجاله ثقات، لكن فيه إرسال. [1083]- ورواه البزار (¬1) من حديث علي - بسند صحّحه ابن القطان (¬2) -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قام إلى الصلاة قال: "الله أَكْبَرُ وَجَّهْتُ وَجْهِي. . ." إلى آخره. قال ابن القطان (¬3): وهذا -يعني تعيين لفظ الله أكبر - عزيز الوجود، غريب في الحديث لا يكاد يوجد، حتى لقد أنكره ابن حزم، وقال (¬4): ما عرف قط. وهو في "مسند البزّار" وإسناده من الصحة بمكان. قلت: هو على شرط مسلم. * حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "صَلّوا كَمَا رَأَيْتُمُوني أُصَلِّي". رواه البخاري كما تقدم. 368 - [1084]. حدثنا: "لا يَقْبَلُ الله صلاةَ أَحَدِكُم حَتَّى يَضَعَ الْوُضُوءَ مَواضِعَه، وَيْستَقْبِلَ الْقِبْلَةَ، فَيقُول: الله أَكْبر". أبو داود (¬5) من حديث رفاعة بن رافع في قصَّة المسيء صلاته بلفظ: "لا تَتِمّ ¬
صَلاةُ أَحَدِكُمْ حتَّى يُسْبغَ الْوُضُوءَ كَمَا أَمَرَهُ الله، فَيَغْسِلَ وَجْهه وَيَدَيْه إلى الْمِرْفقَيْنِ وَيمْسَحَ بِرَأْسِهِ وَرِجْلَيْه إلى الْكَعبَيْن، ثُمَّ يُكَبِّر الله ... " فذكر الحديث. هذا أقرب ما وجدته في "السنن" إلى لفظ المصنف، وأصله عند باقي أصحاب "السنن" (¬1). ورواه الطبراني في "مسند رفاعة" (¬2) عن علي بن عبد العزيز، عن حجاج، عن حماد بن سلمة، بسنده ولفظه موافق للفظ الرّافعي. [1085]. ولمسلم (¬3) في هذه القصة من حديث أبي هريرة بلفظ: "إذا قُمْتَ إلى الصَّلاةِ فَأَسْبغِ الْوُضُوءَ، ثُمَّ اسْتَقبِلِ الْقِبْلَةَ وَكَبِّرْ". 369 - [1086]. حديث ابن عمر: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرفع يديه حذو منكبيه إذا افتتح الصلاة. متفق عليه (¬4) بزيادة: هاذا كبر للركوع، وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك، فقال: "سَمِعَ الله لِمَنْ حَمِدَه". زاد البيهقي (¬5): فما زالت تلك صلاته حتى لقي الله. ¬
وفي رواية للبخاري (¬1): ولا يفعل ذلك حين يسجد، ولا حين يرفع رأسه من السجود. قال ابن المديني: في حديث الزهري، عن سالم، عن أبيه، هذا الحديث عندي حجة على الخلق كل من سمعه فعليه أن يعمل به؛ لأنه ليس في إسناده شيء (¬2). 370 - [1078]- حديث وائل/ (¬3) بن حجر أنه - صلى الله عليه وسلم - ما كبر رفع يديه حذو منكبية. الشافعي (¬4) وأحمد (¬5) من رواية عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل به. 371 - [1088]. قوله: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - رفع يديه إلى شحمة أذنيه. رواه أبو داود (¬6) والنَّسَائيّ (¬7) وابن حبان (¬8) من حديث وائل أيضا، ولفظه: ¬
"يرفع إبهاميه إلى شحمة أذنيه". وللنسائي: حتى تكاد إبهاماه تحاذي شحمة أذنيه. وفي رواية لأبي داود (¬1): وحاذى بإبهاميه أذنيه. [1089]- وفي "المستدرك" (¬2) والدَّارَقطني (¬3) من طريق عاصم الأحول، عن أنس قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كبر فحاذى بإبهاميه أذنيه، ثم ركع حتى استقر كل مفصل منه. الحديث. ومن طريق حميد (¬4) عن أنس: كان إذا افتتح الصلاة كبر، ثم يرفع يديه حتى يحاذي بإبهاميه أذنيه. 372 - [1090]- قوله: يرفع غير مكبر، ثم يبتدئ التكبير مع ابتداء الإرسال، وينتهي مع انتهائه. روي ذلك عن أبي حميد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، رواه البخاري (¬5) والأربعة (¬6)، ولفظ أبي داود: كان إذا قام إلى الصلاة رفع يديه، حتى يحاذي بهما منكبيه، ثم كبر حتى يقر كل عضو (¬7) في موضعه معتدلا. ¬
373 - [1091]- قوله: وقيل يبتدئ بالرفع مع ابتداء التكبير. يروى ذلك عن وائل بن حجر، هو ظاهر سياق رواية أحمد بن حنبل (¬1) وأبي داود (¬2) حيث قالا: عن وائل أنه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرفع يديه مع التكبير. وللبيهقي (¬3) من وجه آخر عن عبد الرحمن بن عامر اليحصبي، عن وائل قال: صليت خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما كبر رفع يديه مع التكبير. 374 - [1092]- قوله: وقيل: يرفع غير مكبر، ثم يكبر ويداه قارتان، ثم يرسلهما، فيكون التكبير بين الرفع والإرسال. روي ذلك عن ابن عمر. لم أره من حديث ابن عمر بهذه الكيفية، لكن لفظ رواية أبي داود (¬4): إذا قام إلى الصلاة رفع يديه حتى يكونا حذو منكبيه، ثم كَبَّر وهما كذلك. وفي الباب: [1093]- عن مالك بن الحويرث، متفق عليه (¬5). ¬
[1094]- وعن علي رواه أبو داود (¬1) والتِّرمذيّ (¬2)، وصحّحه أحمد فيما حكاه الخلَّال. [1095]- وعن محمد بن عمرو بن عطاء، أنه سمع أبا حميد في عشرة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحدهم أبو قتادة [يقول: أنا أعلمكم بصلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -] (¬3). قالوا: فأعرض. فقال: كان إذا قام إلى الصّلاة اعتدل قائمًا، ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه. رواه أبو داود (¬4) والتِّرمذيّ (¬5) وصححه. [1096]. وعن أنس: أنّ النّبي - صلى الله عليه وسلم - كان يرفع يديه إذا دخل في الصّلاة، وإذا ركع، وإذا لرفع رأسه من الركوع. رواه ابن خزيمة في "صحيحه" (¬6) هكذا. ورواه البخاري في "جزئه" (¬7) وابن ماجه (¬8) والبيهقي (¬9). ¬
[1097]- وعن جابر، نحوه. رواه الحاكم (¬1) وقال: لم نكتبه من حديث سفيان عن أبي الزبير عنه إلا من حديث شيخنا أبي العباس المحبوبي وهو ثقة مأمون، وإنما نعرفه من حديث إبراهيم بن طهمان عن أبي الزبير انتهى. ومن حديث إبراهيم؛ أخرجه ابن ماجه (¬2)، وصحّحه البيهقي. [1098]- وعن أبي بكر الصّديق - رضي الله عنه -، أنّه كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة، وإذا ركع وإذا رفع رأسه من الرّكوع، وقال: صليت خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكر مثله. رواه البيهقي (¬3) ورجاله ثقات. [1099]- وعن عمر نحوه. رواه الدَّارَقطنيّ في "غرائب مالك" والبيهقي (¬4) وقال الحاكم: إنه محفوظ/ (¬5). [1100]- وعن أبي هريرة قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كبر للصّلاة جعل يديْه حذاء منكبيه، وإذا ركع فعل مثل ذلك، وإذا رفع (¬6) للسجود فعل مثل ذلك، ¬
وإذا قام من الركعتين فعل مثل ذلك. رواه أبو داود (¬1) ورجاله رجال الصحيح. وقال الدَّارَقطني في "العلل" (¬2): روى عمرو بن علي عن ابن أبي عدي عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة، عن أبي هريرة: أنه كان يرفع يديه في [كلّ] (¬3) خفض ورفع، ويقول: أنا أشبهكم صلاة برسول الله - صلى الله عليه وسلم -. [1101]- وعن أبي موسى قال: أريكم صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكبر، ورفع يديه، ثم كبر ورفع يديه للركوع، ثم قال: سمع الله لمن حمده، ورفع يديه، ثم قال: هكذا فاصنعوا. ولا يرفع بين السجدتين. رواه الدَّارَقطني (¬4)، ورجاله ثقات. [1102]- وعن عبد الله بن الزبير: أنه صلى بهم يشير بكفيه حين يقوم، وحين يركع، وحين يسجد، وحين ينهض فقال ابن عباس: من أحب أن ينظر إلى صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فليقتد بابن الزبير. [1103]- وعن طاوس عن ابن عباس في الرفع. رواه أبو داود (¬5) والنَّسَائيّ (¬6). ¬
[1104]- وعن عبيد بن عمير، عن أبيه، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرفع يديه مع كل تكبيرة في الصلاة المكتوبة. رواه ابن ماجه (¬1). [1105]- وعن البراء بن عازب قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا افتتح الصلاة رفع يديه، وإذا أراد أن يركع وإذا رفع من الركوع. رواه الحاكم (¬2) والبيهقي (¬3). [1106]. وعن حميد بن هلال قال: حدثني من سمع الأعوابي يقول: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي فيرفع. رواه أبو نعيم في "الصلاة". [1107]- وروى مالك في "الموطأ" (¬4) عن سليمان بن يسار مرسلا مثله. [1108]- وروى عبد الرزاق في "مصنفه" (¬5) عن الحسن مرسلا [مثله] (¬6). وقال الشافعي (¬7): روى الرفع جمع من الصحابة لعله لم يرو قط حديث بعدد أكثر منهم. وقال ابن المنذر (¬8): لم يختلف أهل العلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يرفع يديه. ¬
وقال البخاري في "جزء رفع اليدين" (¬1): روى الرفع سبعة عشر نفسا من الصحابة. وسرد البيهقي في "السنن" (¬2) وفي "الخلافيات" (¬3) أسماء من روى الرفع عن نحو من ثلاثين صحابيا. وقال: سمعت الحاكم يقول: اتفق على رواية هذه السنة العشوة المشهود لهم بالجنة ومن بعدهم من أكابو الصحابة. قال البيهقي (¬4): وهو كما قال. [1109]- وروى ابن عساكر في "تاريخه" (¬5) من طريق أبي سلمة الأعرج، قال: أدركت الناس كلهم يرفع يديه عند كل خفض ورفع. [1110]. وقال البخاري في "الجزء المشهور" (¬6): قال الحسن وحميد بن هلال: كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرفعون أيديهم ولم يستثن أحدا منهم. قال البخاري (¬7): ولم يثبت عن أحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه لم يرفع يديه. [1111]- وروى الإمام أحمد بيسنده (¬8) عن نافع، عن ابن عمر: أنه كان إذا رأى مصليًّا لا يرفع حَصَبه. ¬
ورواه البخاري في "جزئه" (¬1) بلفظ: رماه بالحصى. [1112]- وقال عبد الله بن أحمد (¬2): سمعت أبي يقول: يروى عن عقبة بن عامر أنه قال في من رفع يديه في الصلاة له بكل إشارة عشر حسنات. [1113]- وروى ابن عبد البر (¬3): عن عمر بن عبد العزيز أنه قال: إن كنا/ (¬4) لنؤدب عليها يعني على ترك الرفع. [1114]- وقال محمد بن سيرين: هو من تمام الصلاة. رواه الأثرم. [1115]- وقال سعيد بن جبير: هو شيء يزين به الرجل صلاته، رواه البيهقي (¬5). [1116]- وعن النعمان بن أبي عياش مثله. رواه الأثرم. [1117]- وقال عبد الرزاق (¬6): أخذت ذلك عن ابن جريج، وأخذه ابن جريج عن عطاء، وأخذه عطاء عن ابن الزبير، وأخذه ابن الزبير، عن أبي بكر، وأخذه أبو بكر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. **** ¬
فصل فيما عارض ذلك
فصل فيما عارض ذلك [1118]. حديث في ذلك عن جابر بن سمرة قال: خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "مَا لِي أَرَاكُم رَافِعِي أَيْدِيكُمْ كأنَّها أَذْنَابُ خَيْلٍ شُمُس! اسْكُنُوا في الصَّلاة". رواه مسلم (¬1). ولا دليل فيه على منع الرفع على الهيئة المخصوصة في الموضع المخصوص وهو الركوع والرفع منه؛ لأنه مختصر من حديث طويل، وبيان ذلك: أن مسلما رواه أيضا (¬2) من حديث جابر بن سمرة قال: كنا إذا صلينا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - قلنا: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله، وأشار بيديه إلى الجانبين فقال لنا النبي - صلى الله عليه وسلم -: "عَلامَ تُومِئُون بِأَيْدِيكُمْ كَأنَّها أَذْنَابُ خَيْلٍ شُمُس، إنَّما يَكْفِي أَحَدَكُمْ أن يَضَعَ يَدَهُ عَلَى فَخِذِه، ثُمّ يُسَلِّم عَلَى أَخِيهِ مِنْ عَنْ يَمِينِه وَمِنْ عَنْ شِمَالِه". وفي رواية (¬3): "إذا سَلَّم أَحَدُكُمْ فَلْيَلْتَفِتْ إِلَى صَاحِبِهِ وَلا يُومِئُ بِيَدَيْه" وقال ابن حبّان (¬4): ذكر الخبر المتقصِّي (¬5) للقصّة المختصرة المتقدمة بأن ¬
القوم إنما أمروا بالسكون في الصلاة عند الإشارة بالتسليم، دون الرفع الثابت عندالركوع. ثم رواه (¬1) كنحو رواية مسلم. قال البخاري (¬2): من احتج بحديث جابر بن سمرهَ على منع الرفع عند الركوع فليس له حظ من العلم، هذا مشهور لا خلاف فيه إنه إنما كان في حال التشهد (¬3). [1119]- حديث آخر: عن البراء بن عازب رأيت رسوله الله - صلى الله عليه وسلم - إذا افتتح الصلاة رفع يديه إلى قريب من أذنيه ثم لم يعد. رواه أبو داود (¬4) والدَّارَقطنيّ (¬5) وهو من رواية يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عنه. واتفق الحفاظ على أن قوله: (ثم لم يعد) مدرج في الخبر من قول يزيد بن أبي زياد، ورواه عنه - بدونها. شعبة والثوري وخالد الطحان وزهير وغيرهم من الحفاظ. وقال الحميدي (¬6): إنما روى هذه الزيادة يزيد، ويزيد يزيد. ¬
وقال عثمان الدارمي (¬1)، عن أحمد بن حنبل: لا يصح. وكذا ضعفه البخاري (¬2) وأحمد (¬3) ويحيى (¬4) والدارمي والحميدي (¬5) وغير واحد (¬6). وقال يحيى بن محمد بن يحيى، سمعت أحمد بن حنبل يقول: هذا حديث واهٍ، قد كان يزيد يحدث به برهة من دهره، لا يقول فيه: ثم لا يعود فلما لقنوه تلقن فكان يذكرها. وقال البيهقي (¬7): رواه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى واختلف عليه؛ فقيل: عن أخيه عيسى عن أبيهما، وقيل: عن الحكهم، عن ابن أبي ليلى. وقيل: عن يزيد بن أبي زياد. قال عثمان الدارمي (¬8): لم يروه عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أحد أقوى من يزيد بن أبي زياد. وقال البزار (¬9): لا يصح قوله في الحديث ثم لا يعود. ¬
وروى الدَّارَقطني (¬1) من طريق علي بن عاصم، عن محمّد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن يزيد بن أبي زياد، هذا الحديث/ (¬2). قال علي بن عاصم: فقدمت الكوفة فلقيت يزيد بن أبي زياد، فحدثني به وليس فيه: ثم لا يعود. فقلت له: إن ابن أبي ليلى حدثني عنك وفيه: ثم لا يعود؟! قال: لا أحفظ هذا. وقال ابن حزم (¬3): حديث يزيد إن صح دل على أنه - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك لبيان الجواز؛ فلا تعارض بينه وبين حديث ابن عمر وغيره. [1120]- حديث آخر: عن عبد الله بن مسعود قال: لأصلين بكم صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى فلم يرفع يديه إلا مرة واحدة. رواه أحمد (¬4) وأبو داود (¬5) والتِّرمذيّ (¬6) من حديث عاصم بن كليب، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن علقمة، عن ابن مسعود به. ورواه ابن عدي (¬7) والدَّارَقطنيّ (¬8) والبيهقي (¬9) من حديث محمد بن جابر، عن حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود: صليت ¬
مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر فلم يرفعوا أيديهم إلا عند استفتاح الصلاة. وهذا الحديث حسّنه التِّرمذيّ، وصححه ابن حزم. وقال ابن المبارك (¬1): لم يثبت عندي. وقال ابن أبي حاتم (¬2) عن أبيه قال: هذا حديث خطأ. وقال أحمد بن حنبل وشيخه يحيى بن آدم: هو ضعيف نقله البخاري عنهما (¬3) وتابعهما على ذلك. وقال: أبو داود (¬4): وليس هو بصحيح. وقال الدَّارَقطنيّ (¬5): لم يثبت. وقال ابن حبان في "الصلاة": هذا أحسن خبر روي لأهل الكوفة في نفي رفع اليدين في الصلاة عند الركوع وعند الرفع منه، وهو في الحقيقة أضعف شيء يعول عليه؛ لأن له عللا تبطله. وهؤلاء الأئمة إنما طعنوا كلهم في طريق عاصم بن كليب الأولى. أما طريق محمد بن جابر فذكرها ابن الجوزي في "الموضوعات" (¬6) وقال عن ¬
أحمد: محمد بن جابر لا شيء، ولا يحدث عنه إلا من هو شر منه (¬1). قلت: وقد بينت في "المدرج" حال هذا [الخبر] (¬2) بأوضح من هذا. وفي الباب: [1121]- عن ابن عمر كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرفع يديه إذا افتتح الصلاة ثم لا يعود. رواه البيهقي في "الخلافيات" (¬3) وهو مقلوب مو ضوع. [1122]. وعن أنس: "مَن رَفَع يَدَيَهُ في الصَّلاةِ فَلا صَلاةَ لَهُ". رواه الحاكم في "المدخل" وقال: إنه موضوع (¬4). [1123]. وعن أبي هريرة مثله. رواه ابن الجوزي في "الموضوعات" (¬5) سبقه بذلك الجورقاني (¬6). [1124]- وعن ابن عباس: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرفع يديه كلما ركع وكلما رفع، ثم صار إلى افتتاح الصلاة وترك ما سوى ذلك. قال ابن الجوزي. بعد أن حكاه في "التحقيق" (¬7).: هذا الحديث لا أصل له، ¬
ولا يعرف من رواه، والصحيح عن ابن عباس خلافه. [1125]- وعن ابن الزبير نحوه. [قال ابن الجوزي (¬1): لا أصل له، ولا يعرف من رواه، والصحيح عن ابن الزبير خلافه] (¬2). وقال ابن الجوزي: وما أبلد من يحتج بهذه الأحاديث ليعارض بها الأحاديث الثابتة. 375 - [1126]. حديث أبي حميد الساعدي في صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -. أبو داود (¬3) والتِّرمذيّ (¬4) وابن ماجه (¬5) وابن حبان (¬6) من حديث عيد الحميد بن جعفر، عن محمد بن عمرو بن عطاء، سمعت أبا حميد الساعدي في عشرة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منهم أبو قتادة قال أبو حميد: أنا أعلمكم بصلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالوا: فلم؟! فوالله ما كنت بأكثرنا له تبعة ولا أقدمنا له صحبة، [قال] (¬7): بلى. قالو ا: فأعرض، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام للصلاة يرفع يديه حتى ¬
يحاذي بهما منكبيه، ثم يكبر حتى يقر كل [عظم] (¬1) موضعه. . . الحديث بطوله. وأعله الطحاوي (¬2) بأن محمد بن عمرو لم يدرك أبا قتادة قال: ويزيد ذلك بيانا أن عطاف بن خالد رواه عن/ (¬3) محمد بن عمرو، قال: حدثني رجل أنه وجد عشرة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جلوسا. وقال ابن حبان (¬4): سمع هذا الحديث محمد بن عمرو من أبي حميد، وسمعه من عباس بن سهل بن سعد، عن أبيه، فالطريقان محفوظان. قلت: السياق يأبى ذلك كلَّ الإباء، والتحقيق عندي أن محمد بن عمرو الذي رواه عطاف بن خالد عنه هو: محمّد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي المدني، وهو لم يلق أبا قتادة، ولا قارب ذلك إنما يروى عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وغيره من كبار التابعين، وأما محمد بن عمرو الذي رواه عبد الحميد بن جعفر عنه، فهو محمد بن عمرو بن عطاء تابعي كبير جزم البخاري بأنه سمع من أبي حميد وغيره وأخرج الحديث من طريقه (¬5). وللحديث طرق عن أبي حميد، سُمِّيَ في بعضها من العشرة: محمد بن مسلمة، وأبو أسيد، وسهل بن سعد، وهذه رواية ابن ماجه (¬6) من حديث ¬
عباس ابن سهل بن سعد، عن أبيه. ورواها ابن خزيمة (¬1) من طرق أيضا. 376 - [1127]- حديث: " ثلاثٌ مِنْ سُنَنِ الْمُرْسَلِين: تَعْجيلُ الْفِطْرِ، وَتَأْخِيرُ السَّحُورِ، وَوَضْعُ الْيَمِينِ عَلَى الشِّمال فِي الصَّلاةِ". الدّارَقطني (¬2) والبيهقي (¬3) من حديث ابن عباس بلفظ: "إنَّا مَعَاشِرَ الأَنْبِيَاءِ أُمِرْنَا أَنْ نُؤَخِّرَ. . .". فذكره. قال البيهقي: يعرف بطلحة بن عمرو (¬4)، واختلف عليه فيه؛ فقيل: عنه عن عطاء عن ابن عباس. وقيل: عن أبي هريرة. [1128]- وروياه (¬5) أيضا من حديث محمد بن أبان عن عائشة موقوفًا. قال البيهقي: إسناده صحيح، إلّا أنّ محمد بن أبان لا يعرف سماعه من عائشة. قاله البخاري (¬6). [1129]. ورواه ابن حبان (¬7) والطّبراني في "الأوسط" (¬8) من حديث ابن ¬
وهب، عن عمرو بن الحارث أنه سمع عطاء يحدث عن ابن عباس: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يقول "إنَّا مَعْشَرَ الأَنْبِياءِ أُمِرْنَا أَنْ نؤخِّر سَحُورَنَا وَنُعَجِّلَ فِطْرَنَا، وَأَنْ نمِسَكَ بِأيمانِنَا عَلى شَمائِلِنا في صَلاتِنَا". وقال ابن حبان بعده: سمعه ابن وهب من عمرو بن الحارث، ومن طلبة بن عمرو جميعا. وقال الطبراني: لم يروه عن عمرو بن الحارث إلا ابن وهب، تفرد به حرملة. قلت: أخشى أن يكون الوهم فيه من حرملة. [1130]- وله شاهد من حديث ابن عمر، رواه العقيلي (¬1) وضعفه. ومن حديث حذيفة أخرجه الدَّارَقطني في "الأفراد". [1131]- وفي "مصنف بن أبي شيبة" (¬2) من حديث أبي الدرداء موقوفًا: من أخلاق النبيين وضع اليمين على الشمال في الصلاة. [1132]- ورواه الطبراني من حديثه موفوعًا نحو حديث أبي هريرة. 377 - [1133]- حديث وائل بن حجر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كبر ثم أخذ شماله بيمينه. أبو داود (¬3) وابن حبان (¬4) من حديث محمد بن جحادة، عن عبد الجبار بن وائل، قال: كنت غلامًا لا أعقل صلاة أبي فحدثني علقمة بن وائل (¬5)، عن ¬
وائل بق حجر قال: صليت خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكان إذا دخل في الصف رفع يديه وكبر، ثم التحف فأدخل يده في ثوبه، فأخذ شماله بيمينه، فإذا أراد أن يركع أخرج يديه ورفعهما وكبر، ثمّ ركع فإذا رفع رأسه من الركوع رفع يديه وكبر، وسجد ثم وضع وجهه بين كفيه. قال ابن جحادة: فذكرت ذلك للحسن فقال: هي صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فعله من فعله، وتركه من تركه. وأصله في "صحيح مسلم (¬1). ورواه النَّسَائيّ (¬2) بلفظ: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كان قائما قبض بيمينه على شماله. ورواه ابن خزيمة (¬3) بلفظ: وضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره. 378 - [1134]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - وضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والسّاعد. أبو داود (¬4) وابن خزيمة (¬5) وابن حبان (¬6) من حديث وائل بن حجر. اختصره أبو داود ولفظه: ثمّ ضع يده اليمنى على ظهو اليسرى والرسغ والسّاعد. ¬
تنبيه
ورواه الطبراني (¬1) بلفظ: وضع يده اليمنى على يده اليسرى في الصلاة قريبًا من الرّسغ. 379 - وقوله: عن الغزّاليّ: روى في بعض الأخبار: أنّه كان يرسل يديه إذا كبر، وإذا أراد أن يقرأ وضع يده اليمنى على اليسرى. [1135]- الطبراني (¬2) من حديث معاذ: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا كان في صلاته رفع يديه قبال أذنيه فإذا كبر أرسلهما ثم سكت وربما رأيته يضع يمينه على يساره الحديث. وفيه الخصيب بن جحدر، كذَّبه شُعبة والقطَّان (¬3). تنبيه قال الغزالي: سمعت بعض المحدثين يقول: هذا الخبر إنما ورد بأنه يرسل يديه إلى صدره، لا إنه يرسلهما، ثم يستأنف رفعهما إلى الصدر، حكاه ابن الصلاح في "مشكل الوسيط". 380 - [1136]- حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "التَّكْبيرُ جَزْمٌ والسَّلام جَزْمٌ". لا أصل له بهذا اللفظ. وإنما هو قول إبراهيم النّخعي حكاه التِّرمذيّ (¬4) عنه. ¬
تنبيه
[1137]. ومعناه عند التِّرمذيّ (¬1) وأبي داود (¬2) والحاكم من حديث أبي هريرة بلفظ: "حَذْفُ السَّلامِ سُنَّةٌ". وقال الدَّارَقطني في "العلل" (¬3): الصواب موقوف، وهو من رواية قرة بن عبد الرحمن وهو ضعيف اختلف فيه. تنبيه حذف السلام: الإسراع به، وهو المراد بقوله: "جزم". وأما ابن الأثير في "النهاية" (¬4) فقال: معناه: أن التكبير والسلام لا يمدان ولا يعرب التكبير بل يسكن آخره. وتبعه المحب الطبري، وهو مقتضى كلام الرافعي في الاستدلال به على أن التكبير جزم لا يمد. قلت: وفيه نظر؛ لأن استعمال لفظ الجزم في مقابل الإعراب اصطلاح حادث لأهل العربية، فكيف تحمل عليه الألفاظ النبوية؟! 381 - [1138]- حديث أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لعمران بن حصين: "صَلِّ قَائِمًا؛ فإنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ". ¬
البخاري (¬1) والنَّسَائيّ (¬2) وزاد: "فإنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَمُسْتَلقٍ، لا يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إلَّا وُسْعَها". واستدركه الحاكم (¬3) فوهم. 382 - [1139]- حديث: أنّه - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يقعى الرجل في صلاته. التّرمذيّ (¬4) وابن ماجه (¬5) من حديث الحارث الأعور عن علي بلفظ: "لَا تُقْعِ بَيْن السَّجْدَتَيْن". [1140]- ورواه الحاكم في "المستدرك" (¬6) من حديث سمرة بن جندب. [1141]- وروى ابن السكن في "صحيحه" عن أبي هريرة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن السدل والإقعاء في الصلاة. [1142]- وعن أنس بلفظ: نهى عن التورك والأقعاء في الصلاة. رواه ابن ¬
السكن والبيهقي (¬1). [1143]- وروى مسلم في "صحيحه" (¬2) من حديث عائشة: وكان ينهى عن عقبة الشيطان. قال أبو عبيد (¬3): هو أن يضع أليته على عقبيه بين السجدتين، وهو الذي يجعله بعض الناس الإقعاء. قال النووي في "الخلاصة": قال بعض الحفاظ: ليس في الن في عن الإقعاء حديث صحيح إلا حديث عائشة. قلت: وسيأتي فيما بعد حديث طاوس عن ابن عباس في أن الإقعاء سنة. ويأتي ذكر من جمع بينهما في المعنى. 383 - [1144]- قوله: ويروى: "لا تُقْعُوا كَإِقْعَاءِ الْكَلْب". رواه ابن ماجه (¬4) من حديث علي، وأبي موسى بلفظ/ (¬5): "لا تُقْعِ إقعاءَ الكلب". وفي إسناده الحارث الأعور وأبو نعيم النّخعي. ¬
[1145]- وروى أحمد (¬1) والبيهقي (¬2) من حديث أبي هريرة: نهاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نقرة كنقرة الديك، والتفات كالتفات الثعلب، وإقعاء كإقعاء الكلب. وفي إسناده ليث بن أبي سليم (¬3). [1146]- ورواه ابن ماجه (¬4) من حديث أنس بلفظ: "إذا رَفَعْتَ رَأْسَكَ مِنَ السُّجُود فَلا تُقْعِ كَمَا يقْعِي الْكَلْبُ، ضَعْ إِلَيْتَكَ بَيْنَ قَدَمَيْكَ، وَألْزِقْ ظَاهِرَ قَدَمَيْك بِالأرْضِ". رواه ابن ماجه، وفيه العلاء بن زيدل، وهو متروك وكذبه ابن المديني (¬5) 384 - [1147]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - لما صلى جالسا تربع. النَّسَائيّ (¬6) والدَّارَقطني (¬7) وابن حبان (¬8) والحاكم (¬9) من حديث عائشة. ¬
قال النَّسَائيّ: ما أعلم أحدا رواه غير أبي داود الحفري، ولا أحسبه إلا خطأ. انتهى. وقد رواه ابن خزيمة (¬1) والبيهقي (¬2) من طريق محمد بن سعيد [بن] (¬3) الأصبهاني بمتابعة أبي داود فظهر أنه لا خطأ فيه. [1148]- وروى البيهقي (¬4) من طريق ابن عيينة عن ابن عجلان، عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه: رأيت النبي غ في يه يدعو هكذا، ووضع يديه على ركبتيه وهو متربِّع جالس. [1149]- ورواه البيهقي (¬5) عن حميد: رأيت أنسًا يصلي متربعا على فراشه. وعلقه البخاري (¬6). 385 - [1150]. حديث روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "يُصلِّي الْمَريضُ قائمًا إِنِ اسْتَطاعَ، فَإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ صَلَّى قَاعدًا، فَإنْ لَمْ يَستَطِعْ أنْ يَسْجُدَ أَوْمَأ وَجَعَل سُجُودَه أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِه، فَإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ ¬
تنبيه
أَنْ يُصَلِّي قَاعدًا صَلَّى عَلَى جَنْبِه ألأَيْمَنِ، مُسْتَقْبِلَ انقِبْلَةِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أنْ يصَلِّيَ عَلى جَنْبِه الأَيْمَنِ صَلَّى مُسْتَلْقِيًا رِجْلَيه ممّا يَلي الْقِبْلَة". الدَّارَقطني (¬1) من حديث علي مثله. وفي إسناده حسين بن زيد ضعفه ابن المديني، والحسن بن الحسين العرني وهو متروك. وقال النووي (¬2): هذا حديث ضعيف. تنبيه زاد الرافعي في إيراد الحديث المذكرر ذكر الإيماء ولا وجود له في هذا الحديث مع ضعفه، لكن: [1151]- روى البزار والبيهقي في "المعرفة" (¬3) من طريق سفيان، حدّثنا أبو الزبير، عن جابر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عاد مريضا فرآه يصلي على وسادة، فأخذها فرمى بها، فأخذ عودا ليصلي عليه، فأخذه فرمى به، وقال: "صَلِّ عَلَى الأَرْضِ إنِ أسْتَطَعْتَ، وإلَّا فَاَوْمِ إيماءً، وأجْعَلْ شجُودَكَ أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِكَ". قال البزار (¬4): لا أعلم أحدا رواه عن الثوري [غير] (¬5) أبي بكر الحنفي. ¬
ثم غفل فأخرجه من طريق عبد الوهاب بن عطاء، عن سفيان نحوه (¬1). وقد سئل عنه أبو حاتم (¬2) فقال: الصواب عن جابر موقوف، ورفعه خطأ، قيل له فإن أبا أسامة قد روى عن الثوري في هذا الحديث مرفوعًا؟ فقال: ليس بشيء. قلت: فاجتمع ثلاثة أبو أسامة، وأبو بكر الحنفي، وعبد الوهاب. [1152]- وروى الطبراني (¬3) من حديث طارق بن شهاب، عن ابن عمر قال: عاد النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلا من أصحابه مريضًا. . . فذكره. [1153]- وروى أيضا (¬4) من حديث ابن عباس مرفوعًا: " يُصلي الْمَريضُ قائمًا، فإنْ نَالَتْهُ مَشَقَّةٌ صلَّى نَائمًا يُومِئُ بِرَأْسِهِ إيماءً، فَإنْ نَالَتْهُ مَشَقَّةً سَبَّحَ". وفي إسنادهما ضعف. * حديث: "إذا أَمَرْتكُمْ بِأَمْرِ فَاعْكلتوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُم". متفق عليه (¬5) من حديث أبي هريرة، وقد تقدم في "التيمّم". ¬
تنبيه
وفي لفظ لأحمد: "فَأْتُوهُ مَا اسْتَطَعْتُم". وللطبراني في "الأوسط" (¬1): "فاجْتَنِبُوه مَا اسْتَطَعْتُم". قاله في شقِّ النهي. تنبيه استدل به الغزّالي والإمام وتعقبه الرّافعي: بأن القعود ليس جزءا من القيام، فلا يكون باستطاعته مستطيعًا لبعض المأمور به لعدم دخوله فيه. وأجاب ابن الصّلاح عن/ (¬2) هذا: بأن الصلاة بالقعود وغيره يسمى صلاة، فهذه المذكررات أنواع لجنس الصلاة بعضها أدنى من بعض، فإذا عجز عن الأعلى واستطاع الأدنى وأتى به كان آتيا بما استطاع من الصلاة. 386 - [1154]- حديث عمران بن حصين: "مَن صلَّى قَائِمًا فَهُو أَفْضَلُ، وَمَنْ صَلَّى قَاعِدًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَائِمِ، وَمَنْ صَلَّى نَائمًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَاعِد". البخاري (¬3) بلفظ: أنه سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صلاة الرجل قاعدا؟ فقال: "إنْ صَلَّى قَائمًا فَهُو أَفْضَلُ، وَمَنْ صلى قاعدًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَائِم، وَمَن صَلى نَائمًا. . .". الحديث مثله. ¬
تنبيه
تنبيه المراد بالنائم: المضطجع، وصحّف بعضهم هذه اللفظة فقال: إنما هو صلى بإيماء، أي بالإشارة، كما روي أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى على ظهر الدابة يومئ إيماء قال: ولو كان من النوم لعارض نهيه عن الصلاة لمن غلبه النوم. وهذا إنما قاله هذا القائل بناء على أن المراد بالنوم حقيقته، وإذا حمل على الاضطجاع اندفع الإشكال. 387 - [1155]- قوله: ويروى: "صَلاةُ النَّائِم عَلى النِّصْفِ مِنْ صَلاةِ الْقَاعِد". قلت: رواه بهذا اللّفظ ابن عبد البر (¬1) وغيره. وقال [السهيلي] (¬2) في "الروض" (¬3): نسب بعض الناس النَّسَائيّ إلى التصحيف، وهو مردود؛ لأنه في الرّواية الثانية: "وَصَلاةُ النَّائِمِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلاةِ الْقَاعِدِ". قلت: وهو يدفع ما تعلّل به القائل الأوَّل. وقال ابن عبد البر (¬4): جمهور أهل العلم لا يجيزون النافلة مضطجعا، فإن أجاز أحد النافلة مضطجعا مع القدرة على القيام فهو حجة له، وإن لم يجزه ¬
أحد؛ فالحديث إما غلط أو منسوخ. وقال الخطابي (¬1): لا أحفظ عن أحد من أهل العلم أنه رخص في صلاة التطوع نائما كما رخصوا فيها قاعدا، فإن صحت هذه اللفظة ولم تكن من كلام بعض الرواة أدرجها في الحديث، وقاسه على صلاة القاعد، أو اعتبره بصلاة المريض نائما إذا عجز عن القعود، فإن التطوع مضطجعا للقادر على القعود [جائز] (¬2). انتهى. وما ادعياه من الاتفاق على المنع مردود، فقد حكاه التِّرمذيّ (¬3) عن الحسن البصري، وهو أصح الوجهين عند الشافعية. 388 - [1156]. قوله: روى عن ابن عباس. لما وقع الماء في عينيه قال له الأطباء. إن مكثت سبعًا لا تصلي إلا مستلقيا، عالجناك فسأل عائشة وأم سلمة وأبا هريرة وغيرهم من الصحابة فلم يرخصوا له في ذلك فترك المعالجة وكف بصره. رواه الثوري في "جامعه" عن جابر عن أبي الضحى، أن عبد الملك أو غيره بعث إلى ابن عباس بالأطباء على البرد، وقد وقع الماء في عينيه فقالوا: تصلي سبعة أيام مستلقيًا على قفاك فسأل أم سلمة وعائشة [فنهتاه] (¬4). ¬
ومن هذا الوجه أخرجه الحاكم (¬1) والبيهقي (¬2). [1157]- وأما استفتاؤه لأبي هريرة؛ فأخرجه ابن أبي شيبة (¬3) وابن المنذر من طريق الأعمش، عن المسيب ابن رافع عن ابن عباس في هذه القصة، قال فأرسل إلى عائشة وأبي هريرة وغيرهما، قال فكلهم قال: إن من في هذه السنة كيف تصنع بالصلاة؟ قال: فترك عينه فلم يداوها. وفي هذا إنكارٌ على النّووي (¬4) في إنكاره على الغزالي. تبعًا لابن الصلاح. ذِكْرَه لأبي هريرة في هذا، فقال: استفتاؤه لأبي هريرة لا أصل له. وقال في "التنقيح": الصحيح عن ابن عباس أنه كره ذلك، كذا رواه عنه عمرو بن دينار. قلت: والرواية المذكررة عن عمرو صحيحة؛ أخرجها البيهقي (¬5)، وليس فيها منافاة للأولى. والله أعلم. 389 - [1158]- حديث علي في دعاء الاستفتاح. رواه مسلم (¬6) بطوله. ¬
تنبيه
وزاد ابن حبان: إذا قام إلى الصلاة/ (¬1) المكتوبة (¬2). [1159]- وفي رواية النَّسَائيّ (¬3) من حديث جابر: كان إذا استفتح الصلاة قال: "إن صَلاتِي. . .". قال الشافعي: أستحب أن يأتي به المصلي بتمامه، ويجعل مكان "وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمين": "وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِين". قلت: وهذه اللفظة في رواية لمسلم أيضًا، وذكرها أبو داود (¬4) موقوفة على بعض التّابعين تنبيه زاد الرافعي في سياقه بعد "حنيفًا": "مُسلِمًا" وهو عند: [1160]- ابن حبان أيضا (¬5) من حديث عليّ، وزاد بعد قوله: "لا إِلَهَ إلَّا أَنْتَ": "سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِك"، وهو في رواية الشافعي (¬6) عن مسلم بن خالد وعبد المجيد عن ابن جريج عن موسى بن عقبة بسنده. ¬
وزاد بعد "وَالْخَيْرُ كُلّه في يَدَيْكَ (¬1) ": ["والْمَهْدِيّ مَنْ هَدَيْتَ"] (¬2)، وهو في رواية الشافعي أيضا (¬3). 390 - قوله: إن بعض الأصحاب قال: إن السنة في دعاء الاستفتاح أن يقول سبحانك اللهم وبحمدك .. الحديث. هو في الباب: [1161]- عن أبي الجوزاء، عن عائشة قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا استفتح الصلاة قال: "سُبْحَانَكَ اللَّهُمّ وَبِحَمدِكَ، وَتَبَارَكَ اسمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلا إِلَه غَيْرُكَ". رواه أبو داود (¬4) والحاكم (¬5)، ورجال إسناده ثقات، لكن فيه انقطاع، وأعله أبو داود بأنه ليس بالمشهور عن عبد السلام بن حرب (¬6)، وبأن جماعة رووا قصة الصلاة عن بديل بن ميسرة ولم يذكروا ذلك فيه. ¬
وقال الدَّارَقطني: ليس بالقوي. أنتهى. وله طريق أخرى رواها التِّرمذيّ (¬1) وابن ماجه (¬2) عن طريق [حارثة] (¬3) بن أبي الرجال عن عمرة، عن عائشة نحوه. وحارثة ضعيف. قال ابن خزيمة (¬4): حارثة مدني نزل الكوفة وليس ممن يحتج أهل العلم بحديثه، وهذا صحيح عن عمر لا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وأما قول التِّرمذيّ: لا نعرفه إلا عن هذا الوجه فمعترض بطريق أبي الجوزاء السابقة، وبما رواه الطبراني عن عطاء عن عائشة نحوه. وفي الباب: عن ابن مسعود، وعثمان، وأبي سعيد، وأنس، وأبي أمامة، والحكم بن عمير، وعمرو بن العاص، وجابر. قال الحاكم (¬5): وقد صح ذلك عن عمر ثم ساقه. [1162]- وهو في "صحيح ابن خزيمة" (¬6) كما مضى وفي "صحيح مسلم" (¬7) أيضا ذكره في موضع غير مظِنّته استطرادًا. ¬
وفي إسناده انقطاع (¬1). 391 - [1163]- حديث جبير بن مطعم: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتعوذ قبل القراءة. رواه أحمد (¬2) وأبو داود (¬3) وابن ماجه (¬4) وابن حبان (¬5) والحاكم (¬6) من حديثه بلفظ: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل في الصلاة قال: "الله أَكْبَر كبيرًا، والْحَمْدُ لله كثيرًا - ثلاثًا - سُبْحانَ الله بُكْرَةً وَأَصِيلًا- ثلاثًا - أَعُوذُ بالله مِن الشَّيْطَانِ الرَّجِيم؛ مِنْ نَفْخِه وَنَفْثِه وَهَمْزِه". لفظ ابن حبان. ولفظ الحاكم نحوه. وحكى ابن خزيمة الاختلاف فيه (¬7) وقد أوضحت طرقه في "المدرج". 392 - [1164]- قوله: وروي عن غيو جبير بن مطعم: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتعوذ قبل القراءة. ¬
رواه أحمد (¬1) وأصحاب "السنن" (¬2) والحاكم (¬3) من حديث أبي سعيد الخدري قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام إلى الصلاة بالليل كبر ثم يقول: "سُبحَانَكَ اللَّهُمّ وَبِحَمْدِك وَتَبَارَكَ اسْمُكُ وَتَعالى جَدّك وَلا إِلَه غَيْرُكَ، ثُمّ يَقُول: لا إلَهَ إلَّا الله - ثلاثًا ثم يقول: الله أَكْبر - ثلاثاً - ثمّ يقول: أَعُوذُ بالله السَّمِيعِ الْعَليمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيم؛ مِنْ هَمْزِه وَنفَخْهِ وَنَفْثِه". قال التِّرمذيّ: حديث أبي سعيد أشهر حديث في الباب، وقد تكلم في إسناده. وقال أحمد: لا يصح هذا الحديث. وقال ابن خزيمة/ (¬4). (¬5): لا نعلم في الافتتاح بـ (سُبْحَانَكَ اللهُمّ) خبرًا ثابتًا عند أهل المعرفة بالحديث، وأحسن أسانيده حديث أبي سعيد. [ثم] (¬6) قال: لا نعلم أحدا ولا سمعنا به استعمل هذا الحديث على وجهه. [1165]- ورواه أحمد (¬7) من حديث أبي أمامة نحوه، وفيه: أعوذ بالله من ¬
فائدة
الشيطان الرجيم. وفي إسناده من لم بسم. [1166]- وروى ابن ماجه (¬1) وابن خزيمة (¬2) من حديث ابن مسعود: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: "اللهُمّ إني أَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيم؛ مِنْ هَمْزِه وَنَفْخِه وَنَفْثِه". ورواه [الحاكم] (¬3) والبيهقي (¬4) بلفظ: كان إذا دخل في الصلاة. [1167]- وعن أنس نحوه، رواه الدَّارَقطني (¬5)، وفيه الحسين بن علي بن الأسود فيه مقال، وله طريق أخرى ذكرها ابن أبي حاتم في "العلل" (¬6) عن أبيه وضعفها. فائدة كلام الرافعي يقتضي أنه لم يرد الجمع بين: "وَجَّهْتُ وَجْهِي" وبين "سُبْحَانَكَ اللَّهُمّ" وليس كذلك؛ فقد جاء في: [1168]- حديث ابن عمر رواه الطبراني في "الكبير" (¬7)، وفيه عبد الله بن عامر الأسلمي راويه عن محمد بن المنكدر عنه، وهو ضعيف. [1169]- وفيه: عن جابر؛ أخرجه البيهقي (¬8) بسند جيد، لكنه من رواية ابن ¬
المنكدر عنه، وقد اختلف عليه فيه. [1170]- وفيه: عن علي، رواه إسحاق بن راهويه في "مسنده" وأعله أبو حاتم (¬1). 393 - قوله: ورد الخبو بأن صيغة التعوذ: "أَعُوذُ بالله مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيم". هو كما قال، كما تقدم. وقد ورد بزيادة كما تقدم. [1171]- وفي "مراسيل أبي داود" (¬2) عن الحسن أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يتعوذ: "أَعُوذُ بالله مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيم". 394 - قوله: وعن بعض أصحابنا أن الأحسن أن يقول: أعوذ بالله السميع العلم من الشيطان الرجيم انتهى. هو في حديث أبي سعيد الخدري الذي سبق. 395 - قوله: اشتهر من فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التعوذ في الركعة الأولى ولم يشتهر في سائر الركعات. أما اشتهاره في الأولى فمستفاد من الأحاديث المتقدمة، وأما عدم شهرة تعوذه في باقي الركعات فإنما لم يذكر في الأحاديث المذكررة؛ لأنها سيقت في دعاء ¬
الاستفتاح، وعموم قوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ [بِاللَّهِ] (¬1)} يقضي الاستعاذة في أول ركعة في ابتداء القراءة، وقد استحب التعوذ في كل ركعة الحسنُ وعطاءُ وإبراهيم. وكان ابن سيرين يستفتح في أول [كل] (¬2) ركعة. 396 - [1173]- حديث عبادة بن الصامت: "لا صَلاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتاَبِ". متفق عليه (¬3). وفي رواية لمسملم (¬4) وأبي داود (¬5) وابن حبان (¬6) بزيادة: "فَصَاعِدًا" قال ابن حبان: تفرد [بها] (¬7) معمر عن الزهري. وأعلها البخاري بني "جزء القراءة" (¬8). ورواه الدَّارَقطني (¬9) بلفظ: "لا تُجْزِئُ صَلاةٌ لا يَقْرَأُ الرَّجُلُ فِيها بِأُمِّ الْقُرْآن". ¬
فائدة
وصححه ابن القطان (¬1). [1173]- ورواه ابن خزيمة (¬2) وابن حبان (¬3) بهذا اللفظ (¬4) من حديث أبي هريرة، وفيه: قلت: وإن كنت خلف الإمام؟ قال: فأخذ بيدي وقال: اقرأ بها في نفسك. [1174]- وروى الحاكم (¬5) من طريق أشهب عن ابن عيينة، عن الزهري، عن محمود بن الربيع، عن عبادة مرفوعًا: "أمُّ الْقُرآنِ عِوَضٌ مِنْ غَيْرِهَا، وَلَيْسَ غَيْرُها عِوَضًا مِنْها". قال: وله شواهد. فساقها. فائدة احتج الحنفية على عدم تعيين الفاتحة بحديث المسيء صلاته؛ لأن فيه: " ثُمَّ اقْرَأْ بِمَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآن". وعنه للشافعية أجوبة، أقواها: حديث "لا تُخزِئُ صَلاةٌ. . ." المتقدِّم، ويحمل حديث المسيء على العاجز عن تَعَلُّمها وهو من أهل الأداء. 397 - [1175]- حديث انصرف/ (¬6) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من صلاة جهر ¬
فيها بالقراءة فقال: "هَلْ قَرَأَ مَعيِ أحدٌ"؟ فقال رجل: نعم يا رسول الله. فقال: "مَا لِي أُنازَعُ الْقُرْآن". فانتهى النّاس عن القراءة فيما يجهر فيه بالقراءة. مالك في "الموطأ" (¬1) والشافعي عنه (¬2) وأحمد (¬3) والأربعة (¬4) وابن حبان (¬5) من حديث الزهري عن ابن أكيمة عن أبي هريرة، وفيه: فانتهى الناس. وقوله: "فانتهى الناس. . ." إلى آخره مدرج في الخبر من كلام الزهري بينه الخطيب (¬6). واتفق عليه البخاري في "التاريخ" (¬7) وأبو داود (¬8) ويعقوب بن سفيان (¬9)، والذهلي (¬10) والخطابي (¬11) وغيرهم ¬
398 - [1176]- حديث: عبادة بن الصامت: كنا خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الفجر، فثقلت عليه القراءة، فلما فرغ قال: "لَعَلَّكُم تَقْرَءُونَ خَلْفِي"؟ قلنا: نعم. قال: "فَلا تَفْعَلُوا إلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، فإنَّه لا صَلاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْهَا". أحمد (¬1) والبخاري في "جزء القراءة" (¬2) - وصححه. وأبو داود (¬3) والتِّرمذيّ (¬4) والدَّارَقطني (¬5) وابن حيان (¬6) والحاكم (¬7) والبيهقي (¬8) من طريق [ابن] (¬9) إسحاق، حدثني مكحول، عن محمود بن ربيعة، عن عبادة. وتابعه زبد بن واقد وغيره، عن مكحول. ومن شواهده: [1177]- ما رواه أحمد (¬10) من طريق خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن ¬
محمد بن أبي عائشة، عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لَعَلَّكُم تَقْرَءُون والإمَامُ يَقْرَأُ؟ " قالوا: إنا لنفعل. قال: "لا إلَّا أَنْ يَقْرَأَ أَحَدُكُمْ بِفَاتِحَةِ الْكِتابِ". إسناده حسن. [1178]- ورواه ابن حبان (¬1) من طريق أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس. وزعم أن الطريقين محفوظان. وخالفه البيهقي (¬2) فقال: إن طريق أبي قلابة عن أنس ليست بمحفوظة. 399 - [1179]- حديث أبي سعيد: أَمَرَنا رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أن نقرأ بفاتحة الكتاب في كل ركعة. هذا الحديثا ذكره ابن الجوزي في "التحقيق" (¬3) فقال: روى أصحابنا من حديثا عبادة وأبي سعيد، قالا: فذكره. قال: وما عرفت هذا الحديث. وعزاها غيره إلى رواية إسماعيل بن سعيد الشَّالَنْجِي. قال ابن عبد اللهادي في "التنقيح" (¬4): رواه إسماعيل هذا، وهو صاحب الإمام أحمد من حديثهما بهذا اللفظ. ¬
فائدة
[1180]- وفي "سنن ابن ماجه" (¬1) معناه من حديث أبي سعيد ولفظه: "لا صَلاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ في كُل رَكْعَةٍ بِالْحَمْدِ وَسُورَةٍ في فَرِيضَةٍ أَوْ غَيْرِهَا". وإسناده ضعيف. ولأبي داود (¬2) من طريق همام، عن قتادة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسر. إسناده صحيح. [1181]- وفي رواية لأحمد (¬3) وابن حبان (¬4) والبيهقي (¬5) في قصة المسيء صلاته أنه قال: له في آخره: "ثمّ افْعَلْ ذَلِكَ في كُلِّ رَكْعَةٍ". [1182]- وعند البخاري (¬6) من حديث أبي قتادة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب. وهذا مع قوله: "صَلّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي" دليلٌ على وجوب التكرير. فائدة حديث: " مَنْ كَانَ لَهُ إمَامٌ فَقِرَاءَةُ الأمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ" مشهور من حديث جابر، وله طرق عن جماعة من الصحابة، وكلها معلولة. ¬
400 - [1183]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - قرأ بفاتحة الكتاب، فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم وعدها آية. الشافعي في رواية البويطي (¬1): أخبرني غير واحد، عن حفص بن غياث، عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن أم سلمة: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قرأ القرآن بدأ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، فعذها آية، ثمّ قرأ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} فعدها ستّ آيات. ورواه الطحاوي (¬2) من طريق عمر بن حفص، عن أبيه. ورواه ابن خزيمة (¬3) والدَّارَقطني (¬4) / (¬5) والحاكم (¬6) من حديث عمر بن هارون عن ابن جريج، نحوه. وعمر ضعيف. وأعل الطحاوي الخبر بالانقطاع، فقال: لم يسمعه ابن أبي مليكة من أم سلمة، واستدل على ذلك برواية الليث عن ابن أبي مليكة، عن يعلي بن مَمْلَك عن أم سلمة أنه سألها عن قراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فنعتت له قراءة مفسرةً حرفًا حرفًا. ¬
وهذا الذي أعله [به] (¬1) ليس بعلة؟ فقد رواه التِّرمذيّ (¬2) من طريق ابن أبي مليكة عن أم سلمة بلا واسطة، وصححه ورجحه على الإسناد الذي فيه يعلي بن مَملك (¬3). 401 - [1184]- حديث: "إِذَا قَرَأْتُمْ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ فَاقْرَءُوا: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم} فإنَّها أمُّ الْقُرْآن، والسَّبْعُ الْمَثَانِي و {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} إِحدَى آيَاتِهَا". الدَّارَقطني (¬4) عن ابن صاعد، وابن مخلد قالا: حدّثنا جعفر بن مكرم، عن أبي بكر الحنفي، عن عبد الحميد بن جعفر، أخبرني نوح بن أبي بلال، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، رفعه مثله سواء. قال أبو بكر: ثم لقيت نوحًا فحدثني به، ولم يرفعه. ¬
تنبيه
وهذا الإسناد رجاله ثقات، وصحح غير واحد من الأئمة وقْفَه على رفعه، وأعله ابن القطان بهذا التّردد (¬1)، وتكلم فيه ابن الجوزي (¬2) من أجل عبد الحميد بن جعفر؛ فإن فيه مقالًا، ولكن متابعة نوح له مما يقويه، وإن كان نوح وقفه، لكنه في حكم المرفوع؛ إذ لا مدخل للاجتهاد في عد آي القرآن. ورواه البيهقي (¬3) من طريق سعد بن عبد الحميد بن جعفر، حدّثنا علي بن ثابت، عن عبد الحميد بنِ جعفر، حدثني نوح بن أبي بلال، فذكره بلفظ: إنه يقول: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، سبع آيات إحداهن {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، وهي السبع المثاني، وهي أم القرآن وهي فاتحة الكتاب. ويؤيده: [1185]- رواية الدّارَقطني (¬4) من طريق أبي أويس عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي في - صلى الله عليه وسلم -: أنه كان إذا قرأ وهو يؤم الناس افتتح بـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}. قال أبو هريرة: هي الآية السابعة. تنبيه قال الإمام في "النّهاية" وتبعه الغزَّالي، في "الوسيط" (¬5) ومحمّد بن يحيى في "المحيط": روى البخاري: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - عدّ فاتحة الكتاب سبع آيات، ¬
وعدّ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} آيةً منها. وهو من الوهم الفاحش، قال النووي (¬1): ولم يروه البخاري في "صحيحه" ولا في "تاريخه". 402 - [1186]- حديث ابن عباس: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يعرف فصل السورتين، حتَى تنزل {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)} أبو داود (¬2) والحاكم (¬3) وصححه على شرطهما. وأما أبو داود (¬4) فرواه في "المراسيل" عن سعيد بن جبير مرسلا. [قال] (¬5): والمرسل أصح. 403 - قوله: محتجاَّ للقول الصحيح، إنها من القرآن؛ لأنها مثبتة في أوائلها بخطّ المصحف، فتكون من القرآن في الفاتحة، ولو لم يكن كذلك لما أثبتوها بخطّ القرآن. هو منتزَعٌ من: [1187]- حَديثِ ابن عباس: قلت لعثمان: ما حملكم إلى أن عمدتم إلى ¬
(براءة) وهي من المئين وإلى (الأنفال) وهي من المثاني فجعلتموها في السبع الطوال، ولم تكتبوا بينهما سطرًا: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}. رواه أبو داود (¬1) والتِّرمذيّ (¬2). 404 - [1188]- حديث: سورة تشفع لقائلها، وهي ثلالون آية وهي {تَبَارَكَ/ (¬3) الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ}. أحمد (¬4) والأربعة (¬5) وابن حبان (¬6) والحاكم (¬7) من رواية أبي هريرة. وأعله البخاري في "التاريخ الكبير" (¬8): بأن عباسًا الجشمي لا يعرف سماعه من أبي هريرة. ولكن ذكره ابن حبان في "الثقات" (¬9). [1189]- وله شاهد من حديث ثابت عن أنس. رواه الطبراني في ¬
"الكبير" (¬1) بإسناد صحيح. 405 - حديث ابن عمر: صليت خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر، فكانوا يجهرون ب {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}. وعن علي وابن عباس، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجهر بها في الصلاة بين السورتين. [1190]- أما حديث ابن عمر، فرواه الدَّارَقطني (¬2) من طريق [ابن] (¬3) أبي ذئب، عن نافع، عنه، به. وفيه أبو الطاهر أحمد بن عيسى [العلوي] (¬4) وقد كذبه أبو حاتم (¬5) وغيره ومن دونه أيضا ضعيف، [و] (¬6) مجهول. ورواه الخطيب في "الجهر" (¬7) من وجه آخر عن ابن عمر، وفيه: عبادة بن ¬
زياد الأسدي وهو ضعيف (¬1). وفيه مسلم بن حيان وهو مجهول (¬2)، قال: إنه صلى ابن عمر فجهر بها في السورتين، وذكر: أنه صلى خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر فكانوا يجهرون بها في السورتين. والصواب: أن ذلك عن ابن عمر غير مرفوع. [1191]- وأما حديث علي؛ فرواه الدَّارَقطني (¬3) أيضا من حديث جابر الجعفي، عن أبي الطفيل، عن علي وعمار: أن النبيء - صلى الله عليه وسلم - كان يجهر في المكتوبات بـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}. وفي لفقاله مثله، ولم يقل: (في المكتوبات). وفيه عمرو بن شمر وهو متروك، وجابر اتهموه بالكذب أيضا. وله طريق أخرى عن علي أخرجها الحاكم في "المستدرك" (¬4) لكن فيها عبد الرحمن بن سعد المؤذن، وقد ضعفه ابن معين (¬5). قال البيهقي: إسناده ضعيف إلا أنه أمثل من طريق جابر الجعفي. ورواه الدَّارَقطني (¬6) من وجهين عن علي من طريق أهل البيت، وهو بين ¬
ضعيف ومجهول. [1192]- وأما حديث ابن عباس، فرواه التِّرمذيّ (¬1) حدثنا أحمد بن عبدة الضبي، حدّثنا المعتمر بن سليمان، حدثني إسماعيل بن حماد، عن أبي خالد عنه، قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - فتتح صلاته بـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}. قال التِّرمذيّ: ليس إسناده بذاك. وقال أبو داود: حديث ضعيف. وقال البزار (¬2): إسماعيل لم يكن بالقوي. وقال العقيلي (¬3): غير محفوظ وأبو خالد مجهول. وقال أبو زرعة: لا أعرف من هو؟ وقال البزار وابن حبان (¬4): هو الوالبي. وقيل لا يصح ذلك. وله طريق أخرى رواها الحاكم (¬5) من طريق عبد الله بن عمرو بن حسان، عن شريك، عن سالم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس بلفظ: كان يجهر في الصلاة. وصححه، وأخطأ في ذلك؛ فإن عبد الله نسبه ابن المديني إلى وضع الحديث (¬6). ¬
تنبيه
وقد سرقه أبو الصلت الهروي وهو متروك، فرواه عن عباد بن العوام عن شريك أخرجه الدَّارَقطني (¬1) ورواه إسحاق بن را هويه في "مسنده" عن يحيى بن آدم، عن شريك، فلم يذكر ابن عباس في إسناده بل أرسله، وهو الصواب من هذا الوجه. وروى الدَّارَقطني (¬2) والطبراني (¬3) من طريق أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة، حدثني أبي، عن أبيه، قال صلى بنا أمير المؤمنين المهدي المغرب فجهر بالبسملة، فقلت: ما هذا؟ فقال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن ابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جهر بـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} (¬4). تنبيه ليس في هذه الطرق كلها زيادة كون ذلك بين السورتين، نعم روى الدَّارَقطني (¬5) من طريق ابن جريج، عن عطاء عن ابن/ (¬6) عباس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يزل يجهر في السّورتَيْن بـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}. وفي إسناده عمر بن حفص المكِّي، وهو ضعيف. ¬
وأخرجه أيضًا (¬1) من طريق أحمد بن رشيد بن خثيم، عن عمه سعيد بن خثيم عن الثوري، عن عاصم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس. وأحمد ضعيف جدا، وعَمّه ضعيف. 406 - قوله: كان - صلى الله عليه وسلم - يوالي في قراءة الفاتحة، وقال: "صَلّوا كمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي". أما حديث الموالاة فلم أره صريحًا، ولعله أخذ من حديث أم سلمة: كان يقطع قراءته آية آية. وقد نازع ابن دقيق العيد (¬2) في استدلال الفقهاء بهذا الحديث على وجوب جميع أفعاله أي "صَلّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي"؛ لأن هذا الخطاب وقع لمالك بن الحويرث وأصحابه، فلا يتم الاستدلال به إلا فيما ثبت من فعله حال هذا الأمر (¬3)، أفا ما لم يثبت فلا. وأما الثّاني؛ فتقدم في الأذان. * حديث: " لَا صَلَاةَ إلاَّ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ". تقدم قريبا. * حديث: أنّه عد الفاتحة سبع آيات. ¬
تقدم من حديث أبي هريرة في سياق البيهقي (¬1) من طريق سعد بن عبد الحميد بن جعفر، وروى أيضا من طريق سعيد المقبري، عن أبي سعيد، مرفوعًا نحوه. وفيه إسحاق بن عبد الواحد الموصلي وهو متروك. [1193]- وروى الحاكم (¬2) من طريق ابن جريج، أخبرني أبي، أن سعيد بن جبير أخبره في قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} قال: هي أم القرآن، وقرأ سعيد بن جبير {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} الآية السابعة. قال ابن جبير: قرأها عليَّ عبدُ الله بن عباس كما درأتها. قال ابن عباس: فأخرجها الله لكم ما أخرجها لأحد قبلكم. وإسناده صحيح. 407 - [1194]. حديث: "إذا قَامَ أَحَدُكُم إلَى الصَّلاة فَلْيَتَوَضَّأ كَمَا أَمَرَهُ الله تَعَالَى، فَإنْ كَانَ [لَا] (¬3) يحْسِنُ شَيئًا مِنَ الْقُرْآن فَلْيَحْمَدِ الله، وَلْيُكَبِّرْه". الحاكم (¬4) من حديث رفاعة بن رافع، بلفظ: "لا تَتَمّ صَلاةَ أَحَدِكمْ حَتَّى يُسْبغَ الْوُضُوءَ كَمَا أَمَرَهُ الله. . ." الحديث. بطوله، ولفظه: "فَإنْ كَانَ مَعَكَ قُرْآنٌ فَاقْرَأْ بِه، وَإلَّا فَاحْمَدِ الله، وَكَبِّرْهُ، وَهَلِّلْهُ". ¬
وقد تقدم في أوائل الباب. 408 - [1195]- حديث: أن رجلا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني لا أستطيع أن آخذ من القرآن شيئا، فعلمني ما يجزئني في صلاتي. فقال: "قُلْ: سُبْحَانَ الله، وَالْحَمْدُ لله، ولَا إلَهَ إلَّا الله، وَالله أَكبَر، ولا حَوْلَ وَلا قؤَةَ إلاَّ بِالله". أبو داود (¬1) وأحمد (¬2) والنَّسَائيّ (¬3) وابن الجارود (¬4) وابن حبان (¬5) والحاكم (¬6) والدَّارَقطني (¬7) واللفظ له من حديث ابن أبي أوفى بهذا، وأتم منه. وفيه إبراهيم السّكسكي، وهو من رجال البخاري، لكن عيب عليه إخراج حديثه، وضعفه النَّسَائيّ (¬8). وقال ابن القطان (¬9): ضعّفه قوم فلم يأتوا بحجة. وذكره النووي في "الخلاصة" (¬10) في فصل الضعيف. ¬
وقال في "شرح المهذب" (¬1): رواه أبو داود والنَّسَائيّ بإسناد ضعيف، وكان سببه كلامهم في إبراهيم. وقد قال ابن عدي (¬2): لم أجد له حديثا منكر المتن. انتهى. ولم ينفرد به بل رواه الطبراني وابن حبان في "صحيحه" (¬3) أيضا من طريق طلحة بن مصرف، عن ابن أبي أوفى. ولكن في إسناده الفضل بن موفق، ضعفه أبو حاتم (¬4). 409 - قوله: يستحب عقب الفراغ من الفاتحة آمين، ثبت ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. كأنه يشير إلى: [1196]- ما رواه الدَّارَقطنيّ (¬5) والحاكم (¬6) من طريق الزبيدي، عن الزهري عن سعيد، وأبي سلمة عن أبي هريرة قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا فرغ من قراءة أم القرآن رفع صوته، وقال: آمين. قال الدَّارَقطني: إسناده حسن. والحاكم: صحيح على شرطهما. ¬
والبيهقي: حسن صحيح. وعند النَّسَائيّ (¬1) مِن طريق نعيم المجمر، عن أبي هريرة/ (¬2)، صلى بنا أبو هريرة حتى بلغ: {وَلَا الضَّالِّينَ} قال: آمين. ثم قال: والذي نفسي بيده إني لأشبهكم صلاةً برسول - صلى الله عليه وسلم -. وعلقه البخاري (¬3). 410 - [1197]- حديث وائل بن حجر: صليت خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما قال: {وَلَا الضَّالِّينَ} قال: "آمِينَ"، ومدّ بها صوته. التِّرمذيّ (¬4) وأبو داود (¬5) والدَّارَقطني (¬6) وابن حبان (¬7) من طريق الثوري، عن سلمة بن كهيل، عن حجربن عنبس، عنه. وفي رواية أبي داود: ورفع بها صوته. وسنده صحيح، وصّححه الدَّارَقطني. وأعله ابن القطان (¬8) بحُجْر بن عنبس، وأنه لا يعرف، وأخطأ في ذلك بل هو ¬
ثقة معروف، قيل له صحبة ووثقه يحيى بن معين وغيره (¬1). وتصحّف اسم أبيه على ابن حزم فقال فيه: حجر بن قيس، وهو مجهول، وهذا غير مقبول منه. ورواه ابن ماجه (¬2) من طريق أخرِى عن عبد الجبار بن وائل، عن أبيه، قال: صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما قال: {وَلَا الضَّالِّينَ} قال؟ "آمين" فسمعناها منه. ورواه أحمد (¬3) والدَّارَقطني (¬4) من هذا الوجه بلفظ: مدّ بها صوته. قال التِّرمذيّ في "جامعه" (¬5): رواه شعبة، عن سلمة بن كهيل، فأدخل بين حجر ووائل: (علقمة بن وائل)، فقال: وخفض بها صوته. قال: وسمعت محمدا يقول: حديث سفيان أصح، وأخطأ فيه شعبة في مواضع، قال: عن حجر أبي العنبس، وإنما هو أبو السكن، وزاد فيه: (علقمة) وليس فيه علقمة، وقال: خفض بها صوته، وإنما هو: ومد بها صوته. وكذا قال أبو زرعة (¬6). قال التِّرمذيّ (¬7): وروى العلاء بن صالح، عن سلمة نحو رواية سفيان. وقال أبو بكر الأثرم: اضطرب فيه شعبة في إسناده ومتنه، ورواه سفيان ¬
فضبطه، ولم يضطرب في إسناده ولا في متنه. وقال الدَّارَقطني (¬1): يقال وهم فيه شحعبة، وقد تابع سفيان محمد بن سلمة بن كهيل عن أبيه. وقال ابن القطان (¬2): اختلف شعبة وسفيان فيه، فقال شحعبة: (خفض)، وقال الثوري: (رفع)، وقال شحعبة: (حجر [أبي] (¬3) العنبس) وقال الثوري: (حجر بن عنبس) وصوب البخاري وأبو زرعة قول الثوري، وما أدري لِمَ لم يصوبا القولين حتى يكون حجر بن عنبس، هو أبو العنبس. قلت: وبهذا جزم ابن حبان في "الثقات" (¬4): أن كنيته كاسم أبيه. ولكن قال البخاري (¬5): إن كنيته أبو السكن. ولا ماح أن يكون له كنيتان قال (¬6): واختلفا أيضًا في شيء آخر فالثوري يقول حجر عن وائل وشعبة يقول حجر عن علقمة بن وائل، عن أبيه. قلت: لم يقف ابن القطان على ما رواه أبو مسلم الكجي في "سننه": حدثنا عمرو بن مرزوق، حدّثنا شحعبة، عن سلمة بن كهيل، عن حجر، عن علقمة ابن وائل، عن وائل. قال: وقد سمعه حجر من وائل، قال صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر الحديث. ¬
تنبيه
وهكذا رواه أبو داود الطيالسي في "مسنده" (¬1) عن شعبة، عن سلمة، سمعت حجرا أبا العنبس، سمعت علقمة بن وائل، عن وائل قال: وسمعته من وائل. فبهذا تنتفي وجوه الاضطراب عن هذا الحديث، وما بقي إلا التعارض الواقع بين شعبة وسفيان فيه في الرفع والخفض، وقد رجحت رواية سفيان بمتابعة اثنين له، بخلاف شعبة فلذلك جزم النقاد بأن روايته أصح. والله أعلم تنبيه احتج الرافعي بحديث وائل على استحباب الجهر بآمين، وقال في "أماليه": يجوز حمله على أنه تكلم بها على لغة المدّ دون القصر من جهة اللفظ، ولكن رواية من قال: "رفع صوته" تبعد هذا الاحتمال، ولهذا قال التِّرمذيّ عقبه: وبه يقول غير واحد، يرون أنه يرفع صوته. فائدة قال ابن أبي حاتم في "العلل" (¬2): سالت أبي عن حديث حدثناه أحمد بن عثمان بن حكيم، حدّثنا بكر/ (¬3) بن عبد الرحمن، عن عيسى بن المختار، عن ابن أبي ليلى، عن سلمة بن كهيل، عن حجية بن عدي، عن علي: أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "آمين" حين يفرغ من قراءة فاتحة الكتاب؟ فقال: هذا عندي خطأ، إنما هو حجر بن عنبس (¬4)، عن وائل، وهذا من ابن أبي ليلى؛ ¬
تنبيه
فإنه كان سيء الحفظ. قلت: وروى المطلب بن زياد، عن ابن أبي ليلى أيضا، عن عدي بن ثابت، عن زر بن حبيش، عن علي نحوه؟ فقال: هذا خطأ. 411 - [1198]- حديث أبي هريرة: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أمّن أمّن من خلفه، حتى إن للمسجد ضجّة. لم أره بهذا اللفظ، لكن روى معناه ابن ماجه (¬1) من حديث بشر بن رافع، عن أبي عبد الله بن عمّ أبي هريرة، عن أبي هريرة، قال: ترك الناس التأمين، كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قال: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} قال: "آمِين" حتّى يسمعها أهل الصف الأول، فيرتج بها المسجد. ورواه أبو داود (¬2) من هذا الوجه بلفظ: حتى يسمع من يليه من الصف الأول، ولم يذكر قول أبي هريرة، وبشر بن رافع ضعيف، وابن عم أبي هريرة قيل: لا يعرف وقد وثقه ابن حبان (¬3) تنبيه قال ابن الصلاح في "الكلام على الوسيط" هذا الحديث أورده الغزالي هكذا تبعا لإمام الحرمين؛ فإنه أورده في "نهايته" كذلك، وهو غير صحيح مرفوعًا، وإنما رواه الشافعي (¬4) من حديث عطاء، قال: كنت أسمع الأئمّة ابن الزبير ¬
فمن بعده يقولون: آمين حتى إن للمسجد للجّةً. وقال النووي (¬1): مثل ذلك، وزاد: هذا غلط منهما. وكأنه وابن الصلاح أرادا لفظ الحديثا، والحق معهما، لكن سياق ابن ماجه يعطي بعض معناه كما أسلفناه. 412 - [1199]- حديث أبي هريرة: "إذا أَمَّنَ الإمَامُ أَمَّنَتِ الْمَلائِكَةُ فأمَّنُوا؛ فإنَّه مَنْ وَافَقَ تَأْمِينَهُ تَأْمِينَ الْمَلاِئِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقدَّم مِنْ ذَنْبه". متفق عليه (¬2)، من طريق الزّهري عن سعيد وأبي سلمة، عنه، إلا قوله: "أمنت الملائكة"، فانفرد بها البخاري، ولفظه: " إذّا أمّن الإمَامُ فأَمِّنُوا؛ فإنّ الْمَلائِكَةَ تُؤَمِّن، فَمَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ. . . .". نعم اتفقا (¬3) عليه، من طريق الأعرج، عن أبي هريرة بلفظ آخر: "إذا قاَل أَحَدُكُمْ في صَلاتِه: آمِين، وَقَالَتِ الْمَلائِكَةُ في السَّمَاء: آمِين، فَوَافَقَتْ إحدَاهُما الأُخْرَى غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّم مِنْ ذَنْبه". وفي رواية (¬4): " إذا قَال الْقَارِئُ: {وَلَا الضَّالِّينَ}، فقال مَنْ خَلْفَه: آمِين، فَوَافَقَ قَوْلُه قَوْلَ أهلِ السَّمَاءِ غُفِرَ له مَا تَقَدَّم مِنْ ذَنْبِه". وله طرق. ¬
تنبيه
تنبيه ذكر الغزالي في "الوسيط" (¬1) وفي "الوجيز" (¬2) زيادة: "مَا تَقَدَّم مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّر". قال ابن الصلاح: وهي زيادة ليست بصحيحة. وليس كما قال، كما بينته في طرق الأحاديث الواردة في ذلك. 413 - قوله: وأن يقول عقب الفراغ من قراءة الفاتحة: آمين، خارجَ الصلاة أو في الصلاة، ثبت ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قلت: روى البخاري في (الدعوات) من "صحيحه" (¬3) من: [1200]- حديث أبي هريرة رفعه: "إذا أَمَّنَ الْقَارِئُ فَأَمِّنُوا"، فالتعبير بالقارئ أعمّ من أن يكون داخل الصلاة أو خارجها. وفي رواية لهما: "إذا قَالَ الْقَارِئُ: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} فَقَال مَنْ خَلْفَه: آمِين. . ." الحديث. وقد تقدم حديث الدَّارَقطني والحاكم بلفظ: كان إذا فرغ من قراءة أم القرآن/ (¬4)، قال: "آمِين". ¬
414 - [1201]- حديث أبي سعيد: أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: كان يقرأ في صلاة الظهر في الركعتين الأوليين؛ في كل ركعة فدر ثلالين آية، وفي [الأخريين] (¬1) فدر خمس عشرة آية، أو قال: نصف ذلك، وفي العصر في الركعتين الأوليين، في كل ركعة قدر خمس عشرة آية، وفي الأخريين قدر نصف ذلك. مسلم في "صحيحه" (¬2) بهذا. وفي لفظ له: (قدر قراءةِ {الم تَنزيِلُ} السجدة) بدل (قدر ثلاثين آية)، والمعنى واحد. ووقع هذا الحديث في الأصل تبعًا للغزالي (¬3) تبعًا للإمام بلفظ: (قدر سبعين آية)، قال ابن الصلاح: وهو وهم تسلسل وتواردوا عليه. 415 - [1202]- حديث أبي قتادة: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بنا، فيقرأ في الظهر والعصر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورتين، وفي الركعتين الأخريين بفاتحة الكتاب، ويُسمعنا الآيةَ أحيانًا، وكان يطيل في الأولى مالا يطيل في الثانية. ¬
أبو داود (¬1) بهذا، وأصله في "الصحيحين" (¬2) أتم منه. وفيه ذكر الصبح، وفيه ذكر (العصر) أيضًا. ولفظ البخاري: كان يقرأ في الظهر في الأوليين بأم الكتاب وسورتين، وفي الأخريين بأم الكتاب، ويُسمعنا الآيةَ ويطوّل في الأولى مالا يطيل في الثانية، وهكذا في العصر، وهكذا في الصبح. وفي رواية لأبي داود (¬3): فظننا أنّه يُريد بذلك أن يُدرك الناس الركعة الأولى. * حديث: "إذا كُنْتُمْ خَلْفِي فَلا تَقْرءوا إلاَّ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ". تقدم من حديث عبادة بن الصامت. 416 - قوله: ولهذا الحديث سببٌ وهو أنّ أعرابيًا راسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قراءة {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} فتعسرت عليه القراءةُ، فلما تحلّل من صلاته قال ذلك. لم أجده هكذا، روى الدَّارَقطني (¬4) من حديث عمران بن حصين كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي بالناس، ورجل خلفه فلما فرغ قال: "مَنْ ذَا الَّذِي يُخَالِجُنِي سُوَرةَ (¬5) كَذَا؟ "، فنهاهم عن القراءة خلف الإمام. ¬
وعين مسلم في "صحيحه" (¬1) هذه السّورة {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} ولم يذكر فنهاهم عن ذلك، بل قال فيه: قال شعبة، قلت لقتادة كأنه كرهه، قال لو كرهه لنهى عنه. قال البيهقي (¬2): وهذا يدلّ على خطأ الرواية الأولى. 417 - قوله: يستحب أن يقرأ في الركعة الأولى من صبح يوم الجمعة: {الم تَنزيِلُ} السجدة و {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ}. قلت: فيه حديثان صحيحان؛ من: [1203]- حديث أبي هريرة، أخرجه البخاري (¬3). [1204]- ومن حديث ابن عباس أخرجه مسلم (¬4). 418 - قوله: ويستحب للقارئ في الصلاة وخارجها أن يسأل الرحمة إذا مر بآية الرحمة، وأن يتعوذ إذا مرّ بآية العذاب. في هذا حديث رواه أصحاب "السنن" (¬5) من: [1205]. حديث حذيفة، والبيهقي (¬6) نحوه من حديث عائشة. ¬
419 - [1206]. قوله، يقال: إنه ورد في الخبر: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان ينحني حتى تنال راحتاه ركبتيه. البخار (¬1) وأبو داود (¬2) وابن خزيمة (¬3) وابن حبان (¬4) في حديث أبي حميد: وإذا ركع أمكن يديه [من] (¬5) ركبتيه، ثم هصر ظهره. لفظ البخاري. ولأبي داود: ثم يركع ويضع راحتيه على ركبتيه، ثم يعتدل فلا ينصبا رأسه ولا يقنعه. وله طرق عنده وألفاظ (¬6)، والأشبه [بما] (¬7) ذكره المصنف: [1207]- ما أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (¬8) من طريق طلحة بن مصرف، عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال للأنصاري: "إذا رَكَعْتَ فَضَعْ رَاحَتَيْكَ عَلَى رُكْبَتَيْكَ، ثُمَّ فَرِّجْ بَيْنَ أَصَابِعِكَ، ثُمَّ امْكُثْ حَتَّى/ (¬9) يَأْخُذَ كُلُّ عُضْوٍ مَأْخَذَه". * حديث أبي هريرة في قصة المسيء صلاته. ¬
تقدم في أول الباب. [1208]- وروى أصحاب "السنن" (¬1) والدَّارَقطني (¬2) وصححه من طريق أبي معمر عن أبي (¬3) مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تًجْزِئُ صَلاةٌ لا يُقِيمُ الرَّجُلُ فِيهَما ظَهْرَهُ في الرُّكُوعِ والسُّجُود". 420 - [1209]- حديث روي: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يسوي ظهره في الركوع؛ بحيث لو صب الماء على ظهره لاستمسك. [1210]- ابن ماجه (¬4) من حديث راشد بن سعد سمعت وابصة بن معبد نحوه. وسيأتي. وفيه: طلبة بن زيد نسبه أحمد (¬5) وعلي بن المديني (¬6) إلى الوضع. ورواه الطبراني (¬7) من هذا الوجه إلا أنه قال: عن راشد، عن أبي راشد. ¬
[1211]. ورواه أبو داود في "مراسيله" (¬1) من حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى، ووصله أحمد في "مسنده" (¬2) عنه، عن علي. [1212]- وذكره الدَّارَقطني في "العلل" عنه، عن البراء. ورجح أبو حاتم المرسل (¬3). [1213، 1214]- ورواه الطبراني في "الكبير" (¬4) من حديث أبي مسعود، عقبة بن عمرو، ومن حديث أبي برزة الأسلمي (¬5). وإسناد كل منهما حسن (¬6). [1215، 1216]- ومن حديث أنس (¬7) وابن عباس (¬8) وإسناد كل منهما ضعيف. [وعزاه] (¬9) القاضي حسين في "تعليقته" لرواية عائشة، ولم أره من حديثها. قلت: معناه: ¬
[1217]- عند مسلم (¬1) من حديثها: كان إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه ولكن بين ذلك. وقد تقدم معنى هذا من حديث أبي حميد. 421 - [1218]- حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن التَّدْبِيح في الصّلاة. وفي رواية: نهى أن يَدَبِّحَ الرجل في الركوع، كما يدبح الحمار. الدَّارَقطني (¬2) من حديث الحارث، عن علي، ومن حديث أبي بردة، عن أبيه (¬3) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يَا عَلِي إنِّي أَرْضَى لَكَ مَا أَرْضَى لِنَفْسِي، وَاكرَهُ لَكَ مَا أَكْرَة لِنَفْسِي، لَا تَقْرَأ الْقُرْآنَ وَأَنْتَ جُنُبٌ، وَلا وَأَنْتَ رَاكِعٌ، وَلا وَأَنْتَ سَاجِدٌ، وَلَا تُصَلِّ وَأَنْتَ عَاقِصٌ شَعْرَكَ، وَلا تُدَبّح تَدْبِيحَ الحِمَار". وفيه أبو نعيم النخعي، وهو كذّاب. [1219]- ورواه الدَّارَقطني (¬4) من وجه آخر، عن أبي سعيد الخدري، قال: أراه رفعه: " إذا رَكَعَ أحَدُكم فَلا يُدَبِّحْ كَمَا يُدبِّحُ الْحِمَارُ وَلَكِنْ لِيُقِمْ صُلْبَه". وفي إسناده أبو سفيان طريف بن شهاب، وهو ضعيف. وذكره أبو عبيد في "غريب الحديث" (¬5) باللَّفظ الثَّاني سواء. ¬
تنبيه
* وروى ابن ماجه (¬1) من حديث وابصة بن معبد: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي فكان إذا ركع سوى ظهره، حتى لو صب عليه الماء لاستقر. وقد تقدم. تنبيه التدبيح - بالدال المهملة- قاله الجوهري (¬2). وقال الهروي في "غريبه" (¬3) يقال: بالمعجمة، وهو بالمهملة أعرف، أي: يطأطئ رأسه في الرّكوع حتى يكون أخفض من ظهره. وروي بالخاء المعجمة؛ ففي "الصّحاح" (¬4) في: [دبخ] (¬5) - بالمعجمة - دبَّخ تدبيخًا: إذا قبب ظهره وطأطأ رأسه، بالحاء والخاء جميعًا، عن أبي عمرو وابن الأعرابي. والله أعلم. * حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يمسك راحتيه على ركبتيه في الركوع كالقابض عليهما ويفرج بين أصابعه. أبو داود في حديث أبي حميد، وقد تقدم. 422 - [1220]. حديث: كان يجافي مرفقيه عن جنبيه في الركوع. ¬
أبو داود (¬1) في حديث إبي حميد/ (¬2)، ولفظه: ثم ركع فوضع يديه على ركبتيه كالقابض عليهما، ووتر يديه فتجافي عن جنبيه. ورواه ابن خزيمة (¬3) بلفظ: ونحى يديه عن جنبيه. [1221]- وللبخاري (¬4): عن عبد الله بن بحينة: كان إذا صلى فرّج بين يديه حتى تبدو إبطاه. 423 - قوله: والمرأة لا تجافي. [1222]- روى أبو داود في "المراسيل" (¬5) عن يزيد بن أبي حبيب: أنه - صلى الله عليه وسلم - مرّ على امرأتين تصليان فقال: "إذا سَجَدَتُّمَا [فَضُمَّا بَعْضَ اللَّحْمِ إلَى الأَرْضِ] (¬6)، فإنّ الْمَرْأَةَ، في ذَلِكَ لَيْسَتْ كَالرَّجُل". ورواه البيهقي (¬7)، من طريقين موصولين، لكن في كل منهما متروك. [1223]- حديث ابن مسعود: كان يكبر مع كل خفض ورفع وقيام وقعود. التِّرمذيّ (¬8) وزاد فيه: وأبو بكر وعمر. ¬
ورواه أحمد (¬1) والنَّسَائيّ (¬2) نحوه. [1224]- ورواه ابن خزيمة (¬3) من حديث، أبي هريرة، وأصله في "الصحيحين" (¬4) بلفظ: يكبر حين يقوم ثم يكبر حين يركع. . . الحديث. وفي رواية: يكبر كلما رفع ووضع. [1225]- ولهما (¬5) عن علي نحوه. [1226]- وعن ابن عباس نحوه، للبخاري (¬6). * حديث: "التَّكْبِيرُ جَزْمٌ". تقدّم في [أوائل] (¬7) الباب. * حديث: رفع اليدين حذو المنكبين عند الركوع والرفع منه. تقدم في [أوائل] (¬8) الباب. 424 - [1227]- حديث: روي أنّه - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا رَكع أَحَدُكمْ فَقَال: ¬
سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيم. ثلاثًا. فَقَدْ تمَّ رُكُوعُه، وَذَلِكَ أَدْنَاه وَإذَا سَجَدَ فَقَالَ: في سُجُودِهِ سُبْحَانَ رَبِّي الأَعْلَى. ثَلاثًا. فَقَدْ تَمَّ سُجُودُه [وَذَلِكَ] (¬1) أَدْنَاه". الشافعي (¬2) وأبو داود (¬3) والتِّرمذيّ (¬4) وابن ماجه (¬5)، من طريق إسحاق بن يزيد الهذلي، عن عون بن عبد الله بن عتبة، عن ابن مسعود به. وفيه انقطاع، ولأجله قال الشافعي بعد أن أخرجه: إن كان ثابتا. وأصل هذا الحديث عند أبي داود (¬6)، وابن ماجه (¬7) والحاكم (¬8) وابن حبان (¬9) من: [1228]- حديث عقبة بن عامر، قال: لما نزلت: [{فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ}] (¬10) قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اجْعَلُوهَا في رُكُوعِكِمْ"، فلما نزلت: {سَبِّحِ ¬
اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} قال: "اجْعَلُوهَا في سُجُودِكُم". 425 - قوله: واستحب بعضهم أن يضيف [إليه] (¬1) (وبِحَمْدِه)، وقال: إنه ورد في بعض الأخبار. [1229]- روى أبو داود (¬2) من حديث عقبة بن عامر في حديث فيه: فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ركع قال: "سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيم وَبِحَمْدِه". ثلاث مرّات. وإذا سجد قال: "سُبْحَانَ رَبِّي الأَعْلَى" - ثلاث مرَّات. . قال أبو داود: هذه الزّيادة نخاف أن لا تكون محفوظة. [12330]- وللدّارقطني (¬3) من حديث ابن مسعود أيضا قال: من السنة أن يقول الرجل في ركوعه: سبحان ربي العظيم وبحمده. وفي سجوده: سبحان ربي الأعلى وبحمده. وفيه السرى بن إسماعيل، عن الشعبي، عن مسروق، عنه. والسرى ضعيف. وقد اختلف فيه على الشعبي: [1231]- فرواه الدَّارَقطني (¬4) أيضًا من حديث محمّد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن الشّعبي، عن صلة، عن حذيفة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في ركوعه: ¬
"سبْحَانَ ربِّي الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِه". ثلاثًا - وفي سجوده: "سُبْحَانَ ربِّي الأَعْلَى وَبِحَمْدِه" - ثلاثًا -. ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ضعيف. وقد رواه النَّسَائيّ (¬1) من طريق المستورد بن الأحنف، عن صلة، عن حذيفة، وليس فيه: "وَبِحَمْدِه". [1232]- ورواه الطبراني (¬2) وأحمد (¬3) من حديث أبي مالك الأشعري، وهي فيه. [1233]- وأحمد (¬4) من حديث ابن السعدي: وليس فيه "وَبِحَمْدِه"، وإسناده حسن. [1234]. ورواه الحاكم من حديث أبي جحيفة في "تاريخ نيسابور" وهي فيه. وإسناده ضعيف. وفي هذا جميعه ردُّ لإنكار ابن الصّلاح وغيره هذه الزّيادة، وقد سئل أحمد بن حنبل عنه فيما [حكاه] (¬5) بن المنذر فقال: أما أنا فلا أقول: "وبحمده". قلت: وأصل هذه في "الصحيح" (¬6) / (¬7) عن: ¬
[1235]- عائشة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: "سُبْحَانَكَ اللَّهم رَبّنا وَبِحَمْدِك. . ." الحديث. 426 - [1236]- قوله: ورد في الخبر: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في ركوعه: "اللَّهُمّ لَكَ رَكعْتُ، وَلَكَ خَشَعْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، خَشَعَ لَكَ سَمْعِي، وَبَصَرِي، وَمُخِّي، وَعَظْمِي، وَعَصْبي، وشِعْرِي، وَبَشْرِي، وَمَا اسْتَقَلَّتْ بِهِ قَدَمِي لله رَبّ الْعَالَمِين". الشافعي (¬1) عن إبراهيم بن محمد، أخبرني صفوان بن سليم، عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة [به] (¬2)، وليس فيه: "وَلَكَ خَشَعْتُ وَبِكَ آمَنْتُ" ولا فيه: "وَمُخِّي وَعَصْبِي". [1237]- ورواه أيضا (¬3) من حديث علي بن أبي طالب موقوفًا، وفيه: "وَبِكَ آمَنْتُ" وفيه: "وَمُخِّي". ومن طريق أخرى (¬4) عن علي موقوفًا أيضًا وفيه: "وَلَكَ خَشَعْتُ". [1238]- ورواه مسلم (¬5) من حديث علي، ولفظه: "اللَّهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ، ¬
وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، خَشَعَ لَكَ سَمْعِي، وَبَصَرِي، وَمُخِّي، وَعَظْمِي، وَعَصْبِي". ورواه ابن خزيمة (¬1) وابن حبان (¬2) والبيهقي (¬3) وفيه: "أَنتَ ربِّي" وفي آخره: "وَمَا اسْتَقَلَّتْ بِهِ قَدَمِي لله رَبِّ الْعَالَمِينَ". [1239]- ورواه النَّسَائيّ (¬4) من حديث شعيب بن أبي حمزة، عن ابن المنكدر عن جابر. [1240]- ورواه من طريق أخرى (¬5) عن ابن المنكدر، عن الأعرج، عن محمد بن مسلمة. وقال: هذا خطأ، والصواب حديث الماجشون يعني عن الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي. 427 - [1241]- حديث: كراهة القراءة في الركوع والسجود. أخرجه مسلم (¬6) عن ابن عباس، في قصة مرفوعة فيها: "أَلا وَإنِّي نُهِيتُ أنْ أَقْرأ الْقُرآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا، فأمّا الرّكوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبّ، وَأمّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا في الدّعَاءِ، فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ". ¬
تنبيه
* حديث المسيء صلاته. تقدم أول الباب. 428 - [1242]- حديث ابن عمر: كان يرفع يديه حذو منكبيه إذا افتتح الصلاة، وإذا كبر للركوع، وإذا رفع رأسه من الرّكوع رفعهما كذلك، وقال: "سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد". قال الرافعي: وروينا في خبر ابن عمر: (ربّنا لك الحمد) بإسقاط الواو وبإثباتها. والروايتان معًا صحيحتان انتهى. فأما الرّواية بإثبات الواو؛ فمتفق عليها (¬1). وأما بإسقاطها ففي "صحيح أبي عوانة" (¬2). وذكر ابن السكن في "صحيحه" عن أحمد بن حنبل أنه قال: من قال: ربنا، قال: ولك الحمد، ومن قال: اللهم ربنا، قال: لك الحمد. تنبيه قال الأصمعي: سألت أبا عمرو بن العلاء عن الواو في قوله: ربنا ولك الحمد؟ فقال: هي زائدة. ¬
وقال النّووي في "شرح المهذب" (¬1): يحتمل أنها عاطفة على محذوف، أي: ربنا أطعناك وحمدناك ولك الحمد. 429 - [1243]- حديث عبد الله بن أبي أوفى: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا رفع رأسه من الركوع قال: "سَمِعَ الله لِمَنْ حَمِدَه، اللهُمّ رَبَّنَالَكَ الْحَمْدُ، مِلْءَ السَّمَاوَاتِ وَمِلْءَ الأَرْضِ وَمِلْءَ مَا شِئْتَ بَعْدُ". مسلم (¬2) بهذا وزاد في آخره: "اللَّهُمَّ طَهِّرْنِي بِالثَّلْجِ وَالْبَرْدِ وَالْمَاءِ الْبارِدِ". 435 - [1244]- حديث علي: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول مع الدعاء المذكرر - يعني: في حديث ابن أبي أوفى-: " أَهْل الثَّنَاء وَالْمَجْد، أَحَقّ مَا قَالَ الْعَبْدُ، كُلَّنَا لَكَ عَبْدٌ، لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيتَ ولَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدّ". لم أجده من حديث علي، بل رواه مسلم (¬3) من: [1245]- حديث أبي سعيد الخدري. [1246]- ومن حديث ابن عباس (¬4) / (¬5) بتمامه، ¬
[تنبيه]
[1247]- ورواه ابن ماجه (¬1) من حديث أبي جحيفة. وفيه قصة. [تنبيه] (¬2) وقع في "المهذّب" (¬3) كما وقع هنا بإسقاط الألف، من: (أحَق) وبإسقاط الواو قبل (كلنا). وتعقّبه النووي (¬4): بأنّ الذي عند المحدِّثين [بإثباتهما] (¬5). كذا قال! وهو في "سنن النَّسَائيّ" (¬6) بحذفهما أيضًا. 431 - [1248]- حديث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قنت شهرا يدعو على قاتلي [أصحابه ببئر] (¬7) معونة، ثم ترك، فأما في الصبح فلم يزل يقنت حتى فارق الدنيا. الدَّارَقطني (¬8) من حديث عبيد الله بن موسى، عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أنس بهذا. ومن طريق عبد الرزاق، وأبي نعيم، عن أبي جعفر مختصرًا. ¬
ورواه أحمد (¬1) عن عبد الرزاق. ورواه البيهقي (¬2) من حديث عبيد الله بن موسى وأبي نعيم، وصحّحه الحاكم في "كتاب القنوت". [1249]- وأول الحديث في "الصحيحين" (¬3) من طريق عاصم الأحول، عن ابن عباس. وأما باقيه فلا، ورواية عبد الرزاق أصح من رواية عبيد الله بن موسى؛ فقد بين إسحاق بن راهويه في "مسنده" سبب ذلك ولفظه: عن الرّبيع بن أنس قال: قال رجل لأنس بن مالك: أقنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهرًا يدعو على حي من أحياء العرب؟ قال: فزجره أنس، وقال: ما زال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقنت في الصبح حتى فارق الدنيا. وأبو جعفر الرّازي؛ قال عبد الله بن أحمد (¬4) عن أبيه: ليس بالقوي. وقال ابن أبي مريم عن ابن معين (¬5): ثقة ولكن يخطئ. وقال الدوري (¬6): ثقة ولكنه يغلط فيما يروى عن مغيرة. وحكى الساجي (¬7): أنه صدوق ليس بمتقن. ¬
وقال عبد الله بن علي بن المديني (¬1) عن أبيه هو نحو موسى بن عبيدة يخلط فيما يروي عن مغيرة، ونحوه. وقال محمّد بن عثمان بن أبي شيبة (¬2) عن علي بن المديني: ثقة. قلت: محمد بن عثمان ضعيف، [فرواية] (¬3) عبد الله بن علي عن أبيه أولى. وقال أبو زرعة (¬4): يهم كثيرًا. وقال عمرو بن علي (¬5): صدوق سَيّء الحفظ. ووثقه غير واحد (¬6). وقد وجدنا لحديثه شاهدًا: [1250]- رواه الحسن بن سفيان، عن جعفر بن مهران، عن عبد الوارث، عن عمرو، عن الحسن، عن أنس قال: صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يزل يقنت في صلاة الغداة، حتى فارقته، وخلف أبي بكر كذلك، وخلف عمر كذلك. وغَلط بعضُهم فنصيّره عن عبد الوارث، عن عوف فصار ظاهر الحديث الصخة، وليس كذلك، بل هو من رواية عمرو وهو ابن عبيد رأسُ القدرية، ولا يقوم بحديثه حجة. ¬
تنبيه
ويعكّر على هذا: [1251]- ما رواه الخطيب من طريق قيس بن الربيع، عن عاصم بن سليمان، قلنا لأنس: إنّ قوما يزعمون: أن النّبي - صلى الله عليه وسلم - لم يزل يقنت في الفجر؟ فقال: كذبوا، إنما قنت شهرًا واحدًا يدعو على حي من أحياء المشركين. وقيس وإن كان ضعيفا؛ لكنه لم يتهم بكذب. [1252]- وروى ابن خزيمة في "صحيحه" (¬1) من طريق سعيد، عن قتادة، عن أنس، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يقنت إلا إذا دعا لقوم، أو دعا على قوم. فاختلفت الأحاديث عن أنس واضطربت، فلا يقوم بمثل هذا حجة، وسيأتي ذكر من تكلف الجمع بين هذه الأحاديث. والله الموفق. تنبيه عزا هذا الحديث بعض الأئمة إلى مسلم، فوهم وعزاه النّووي إلى "المستدرك" للحاكم وليس هو فيه، وإنما أورده وصححه في جزء له مفرد "في القنوت" ونقل البيهقي تصحيحه عن/ (¬2) الحاكم، فظنّ الشيخ أنّه في "المستدرك". 432 - [1253]- قوله: وروى القنوت في الصبح عن الخلفاء الأربعة. ¬
البيهقي (¬1) من طريق العوام بن حمزة، قال: سألت أبا عثمان عن القنوت في الصبح؟ فقال: بعد الركوع. قلت: عن من؟ فقال: عن أبي بكر وعمر وعثمان. [1254]- ومن طريق قتادة (¬2) عن الحسن عن أبي رافع: أن عمر كان يقنت في الصبح. [1255]- ومن طريق حماد (¬3) عن إبراهيم، عن الأسود، قال: صليت خلف عمر في إلحضر والسفر فما كان يقنت إلا في صلاة الفجر. [1256] وروى أيضا (¬4) بسند صحيح عن عبد الله بن معقل بن مقرن قال: قنت علي في الفجر. ورواه الشّافعي أيضا (¬5). ويعارض الأول: [1257]- ما روى التِّرمذيّ (¬6) والنِّسَائيّ (¬7) وابن ماجه (¬8) من حديث أبي مالك الأشجعي، عن أبيه، قال: صليت خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر ¬
فائدة
وعثمان وعلي فلم يقنت أحد منهم، وهو بدعة. إسناده حسن. 433 - قوله: وأمّا ما عدا الصبح من الفرائض؛ فإن نزل بالمسلمين نازلة من وباء أو قحط فيقنت فيها أيضًا؛ في الاعتدال عن ركوع الأخيرة، كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث بئر معونة على ما سبق، وإن لم تنزل نازلة فالأصح لا يقنت؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - ترك القنوت فيها. أما القنوت في الصلوات [فسيأتي] (¬1) بعد. وأما تركه: [1258]- فرواه البخاري (¬2) ومسلم (¬3) عن أبي هريرة قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول حين يفرغ من صلاة الفجر. . .. فذكر الحديث. وفيه: ثم رأيته ترك الدعاء عليهم. فائدة ورد ما يدل على أنّ القنوت يختص بالنّوازل من حديث أنس أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" كما تقدم. ¬
[1259]- ومن حديث أبي هريرة؛ أخرجه ابن حبان (¬1) بلفظ: كان لا يقنت إلا أن يدعو على أحد أو يدعو لأحد. [وأصله في البخاري (¬2) من الوجه الذي أخرجه منه ابن حبان بلفظ: كان إذا أراد أن يدعو على أحد أو يدعو لأحد] (¬3) قنت بعد الركوع. 434 - [1260]- حديث: ابن عباس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قنت بعد رفع رأسه من الركوع في الركعة الأخيرة. أحمد (¬4) وأبو داود (¬5) والحاكم (¬6) من حديث هلال بن خباب، عن عكرمة، عنه، قال: قنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهرًا متتابعًا في الظهر والعصر والمغرب والعشاء وصلاة الصبح، في دبر كل صلاة، إذا قال: سمع الله لمن حمده، من الركعة الأخيرة، يدعو على أحياء من سُليم؛ على رعل وذكران وعصية، ويؤمن من خلفه. 435 - [1261]- حديث أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قنت بعد رفع رأسه من الركوع في الركعة الأخيرة. ¬
فائدة
متفق عليه (¬1) من حديثه. 436 - 1262 - حديث أنس مثل ذلك. متفق عليه (¬2) بلفظ: قنت شهرا بعد الركوع يدعو على أحياء من العرب ثم تركه. [1263، 1264]- وللبخاري مثله عن عمر (¬3)، ولمسلم (¬4) عن خفاف بن إيماء. وهذا ظاهره يعارض حديث الربيع بن أنس عنه، وجمع بينهما من أثبت القنوت: بأنّ المراد ترك الدعاء على الكفار، لا أصل القنوت. وروى البيهقي (¬5) مثل هذا الجمع عن عبد الرحمن بن مهدي بسندٍ صحيحٍ. فائدة [1265]- روى البخاري (¬6) من طريق عاصم الأحول، عن أنس: أن القنوت قبل الركوع. ¬
وقال البيهقي (¬1): رواة القنوت بعد الرّفع أكثر وأحفظ، وعليه درج الخلفاء الراشدون. [1266]- وروى الحاكم أبو أحمد في "الكنى"، عن الحسن البصري قال: صليت خلف ثمانية وعشرين بدريا كلهم يقنت في الصبح بعد الركوع. وإسناده ضعيف. وقال الأثرم: قلت لأحمد: يقول أحد في حديث أنس/ (¬2): أنه قنت قبل الركوع غير عاصم الأحول؟ قال: لا يقوله غيره، وخالفوه كلّهم؛ هشام عن قتادة، والتيمي عن أبي مجلز، وأيوب عن ابن سيرين، وغير واحد، عن حنظلة كلّهم عن أنس. وكذا روى أبو هريرة، وخفاف بن إيماء، وغير واحد. [1267]- وروى ابن ماجه (¬3) من طريق سهل بن يوسف، عن حميد، عن أنس، أنه سئل عن القنوت في صلاة الصبح؛ أقبل الركوع أم بعده؟ فقال: كلاهما، قد كنا نفعل قبلُ وبعدُ. وصححه أبو موسى المديني. 437 - [1268]- حديث: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقنت في الصبح بهذا الدعاء وهو: "اللهُمّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيتَ، ¬
وقِنِي شَرَّ مَا قَضَيتَ، إنَّك تَقْضِي ولا يُقْضَى عَلَيْكَ، وَإنَّه لا يَذِلّ مَنْ وَالَيتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيتَ". قال الرَافعي: هذا القدر يروى عن الحسن عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. قلت: نعم، هذا القدر يروى عن الحسن، لكن ليس فيه عنه أن ذلك في الصبح، بل رواه أحمد (¬1) والأربعة (¬2) وابن خزيمة (¬3) وابن حبان (¬4) والحاكم (¬5) والدَّارَقطني (¬6) والبيهقي (¬7) من طريق بريد (¬8) بن أبي مريم، عن أبي الحوراء عنه، وأسقط بعضهم: "الواو" من قوله: "وإنَّه لَا يَذِلّ" (¬9). وأثبت بعضهم "الفاء" في قوله: "فإنَّك تَقْضِي (¬10) " (¬11). وزاد التِّرمذيّ ¬
قبل "تَبَارَكْتَ": "سُبْحَانَكَ". ولفظهم عن الحسن: علمني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلمات أقولهن في قنوت الوتر. ونبّه ابن خزيمة (¬1) وابن حبان (¬2) على أن قوله: " في قنوت الوتر"؛ تفرد بها أبو إسحاق عن بريد بن أبي مريم، وتبعه ابناه يونس وإسرائيل، كذا قال! قال: ورواه شعبة وهو أحفظ من مائتين مثل أبي إسحاق وابنيه فلم يذكر فيه: القنوت ولا الوتر، وإنما قال: كان يعلمنا هذا الدعاء. قلت: ويؤيّد ما ذهب إليه ابن حبان: أنّ الدولابي رواه في "الذّرية الطّاهرة" له والطبراني في "الكبير" (¬3) من طريق الحسن بن عبيد الله، عن بريد بن أبي مريم، عن أبي الحوراء به، وقال فيه: "وكلمات علمنيهن" فذكرهن. قال بريد: فدخلت على محمد بن علي في الشعب فحدثته فقال: صدق أبو الحوراء هن كلمات علمناهن نقولهن في القنوت. وقد رواه البيهقي (¬4) من طرق قال في بعضها قال بريد بن أبي مريم: فذكرت ذلك لابن الحنفية فقال: إنه الدعاء الذي كان أبي يدعو به في صلاة الفجر. [1269]- ورواه محمد بن نصر المروزي في "كتاب الوتر" (¬5) أيضا وروى البيهقي أيضا (¬6) من طريق عبد المجيد بن أبي رواد عن ابن جريج، عن ¬
عبد الرحمن بن هرمز - وليس هو الأعرج - عن بريد بن أبي مريم سمعت ابن الحنفية وابن عباس يقولان: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقنت في صلاة الصبح، وفي وتر الليل بهؤلاء الكلمات. ورواه (¬1) من طريق الوليد بن مسلم وأبي صفوان الأموي عن ابن جريج بلفظ: يعلمنا دعاء ندعو به في القنوت من صلاة الصبح. ورواه (¬2) مخلد بن يزيد عن ابن جريج فقال: "في قنوت الوتر". وعبد الرحمن بن هرمز يحتاج إلى الكشف عن حاله. فقد رواه (¬3) أبو صفوان الأموي عن ابن جريج فقال: عبد الله بن هرمز، والأول أقوى. 438 - [1270]- قوله: وورد في حديث الحسن بن علي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال بعد "تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيتَ": "وَصَلّى الله عَلَى النَّبيَّ وآلِهِ وَسَلَّم"/ (¬4). النَّسَائيّ (¬5) من حديث ابن وهب، عن يحيى بن عبد الله بن سالم، عن موسى بن عقبة، عن عبد الله بن علي، عن الحسن بن علي قال: علمني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الوتر قال: "قُلْ اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَن هَدَيْتَ. . .". الحديث. ¬
وفي آخره: " وَصَلَّى الله عَلَى النَّبِّيِّ " ليس في السنن غير هذا، ولا فيه: "وسلم" ولا: "وآله". ووهم المحب الطبري في "الأحكام" فعزاه إلى النَّسَائيّ بلفظ: "وَصَلى الله عَلَى النَّبِّيِّ مُحَمَّدٍ" (¬1). وقال النووي في "شرح المهذب" (¬2): إنها زيادة بسند صحيح أو حسن. قلت: وليس كذلك؛ فإنه منقطع؛ فإن عبد الله بن علي وهو بن الحسين بن علي لم يلحق الحسن بن علي، وقد اختلف على موسى بن عقبة في إسناده فروى عنه شيخ بن وهب هكذا، ورواه محمد بن أبي جعفر بن أبي كثير عن موسى بن عقبة، عن أبي إسحاق، عن بريد بن أبي مريم بسنده. رواه الطبراني (¬3) والحاكم (¬4) ورواه أيضا الحاكم (¬5) من حديث إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة، عن عمه موسى بن عقبة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، عن الحسن بن علي قال: علمني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في وتري إذا رفعت رأسي ولم يبق إلا السجود. فقد اختلف فيه على موسى بن عقبة كما ترى. وتفرد يحيى بن عبد الله بن سالم عنه بقوله: "عن عبد الله بن علي" وبزيادة الصلاة فيه. ¬
تنبيه
تنبيه ينبغي أن يتأمل قوله في هذا الطريق: إذا رفعت رأسي، ولم يبق إلا السّجود فقد رأيت في "الجزء الثاني" من "فوائد أبي بكر أحمد بن الحسين بن مهران الأصبهاني"، تخريج الحاكم له قال: حدثنا محمّد بن يُونس، المقبري، قال: حدّثنا الفضل بن محمّد البيهقي، حدّثنا أبو بكر بن شيبة المدني الحزامي، حدّثنا ابن أبي، فُديك عن إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة بسنده. ولفظه: علمني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أقول في الوتر قبل الركوع، فذكره، وزاد في آخره: "لا مَنْجَا مِنْكَ إلاَّ إِلَيْكَ". . فائدة [1271]- روى محمد بن نصر المروزي (¬1) وغيره من طرق: أن أبا حليمة معاذًا القارئ كان يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - في القنوت. 439 - [2721]- قوله: وزاد بعض العلماء في قنوت الوتر: "ولا يَعِزّ مَنْ عَادَيْتَ" قبل: "تَبَارَكتَ وَتَعَالَيتَ". هذه الزيادة ثابتة في الحديث، إلا أن النووي قال في "الخلاصة" (¬2): إن البيهقي رواها بسند ضعيف. وتبعه ابن الرفعة في "المطلب" فقال: لم تثبت هذه الزيادة (¬3)، وهو معترض؛ فإن البيهقي (¬4) رواها من طريق ¬
إسرائيل بن يونس، عن أبي إسحاق، عن بريد بن أبي مريم، عن الحسن أو الحسين بن علي فساقه بلفظ التِّرمذيّ، وزاد: "ولَا يَعِزّ مَنْ عَادَيْتَ". وهذا التّردّد من إسرائيل إنما هو في الحسن أو في الحسين. وقال البيهقي (¬1): كان الشك إنما وقع في الإطلاق أو في النسبة. قلت: يؤيد رواية الشك أن أحمد بن حنبل أخرجه في "مسند الحسين بن علي" من "مسنده" (¬2) من غير تردد فأخرجه من حديث شريك، عن أبي إسحاق بسنده. وهذا وإن كان الصواب خلافه والحديث من حديث الحسن لا من حديث أخيه الحسين، فإنه يدل على أن الوهم فيه من أبي إسحاق، فلعله ساء فيه حفظه فنسي هل هو الحسن أو الحسين، والعمدة في كونه الحسن على رواية يونس بن أبي إسحاق، عن بريد ابن أبي مريم، وعلى رواية شعبة عنه، كما تقدم. ثم/ (¬3) إن الزيادة وهو قوله: "ولا يَعِزّ مَنْ عَادَيْتَ" رواها الطبراني أيضا (¬4) من حديث شريك وزهير بن معاوية، عن أبي إسحاق، ومن حديث أبي الأحوص (¬5)، عن أبي إسحاق. وقد وقع لنا عاليا جدا متصلًا بالسّماع، قرأته على أبي الفرج بن حماد: أن علي بن إسماعيل أخبره: أنّ إسماعيل بن عبد القوي أنبأنا فاطمة بنت سعد الخير، أنبأنا فاطمة بنت عبد الله، أخبرنا محمد بن عبد الله حدّثنا ¬
فائدة
سليمان بن أحمد، حدّثنا الحسن بن المتوكل البغدادي حدّثنا عفان بن مسلم، حدّثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن بريد بن أبي مريم، عن أبي الحوراء، عن الحسن بن علي قال: علمني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلمات أقولهن في قنوت الوتر: "اللهُمّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ. . .". فذكر الحديث مثل ما ساقه الرّافعي وزاد: "وَلا يَعِزّ مَنْ عَادَيْتَ". فائدة [1273]- روى الحاكم في "المستدرك" (¬1) من طريق عبد الله بن سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا رفع رأسه من الركوع في صلاة الصبح في الركعة الثانية رفع يديه فيدعو بهذا الدعاء: "اللهُمّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ، إنَّكَ تَقْضِي وَلا يُقْضَى عَلَيْكَ، إنَّه لا يَذِلّ مَنْ وَالَيْتَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ". قال الحاكم: صحيح. وليس كما قال، فهو ضعيف؛ لأجل عبد الله، فلو كان ثقة لكان [الحديث] (¬2) صحيحا، وكان الاستدلال به أولى من الاستدلال بحديث الحسن بن علي الوارد في قنوت الوتر. [1274]- وروى الطبراني في "الأوسط" (¬3) من حديث بريدة نحوه، وفي إسناده مقال أيضا. ¬
440 - [1275]- قوله: قال تعالى: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} قال المفسرون: أي لا أذكر إلا وتذكر معي. هذا التفسير حكاه الشافعي (¬1) وغيره عن مجاهد، ورواه ابن حبان (¬2) من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعًا، وهو من رواية دراج عن أبي الهيثم عنه. قلت: في الاستدلال به نظر؛ فإنه لا يسن في أذكار الركوع والسجود ولا مع القراءة في القيام، فدل على أنه عام مخصوص. وقد تقدم حديث القنوت للنازلة وحديث ترك القنوت فيها عند فقدها، وسيأتي قنوت عمر، إن شاء الله تعالى. 441 - قوله: ثم الإمام هل يجهر بالقنوت، قولان أظهرهما يجهر؛ لأنه روى الجهر به عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الجهر بالقنوت. [1276]- رواه البخاري (¬3) من حديث أبي هريرة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد أن يدعو على أحد أو يدعو لأحد قنت بعد الركوع، فربما قال - إذا قال سمع الله لمن حمده اللهم ربنا لك الحمد.: "اللهمّ أَنْجِ فُلانًا. . ." الحديث، وفي آخره: يجهر بذلك. ¬
442 - قوله: وحديث بئر معونة يدل على أنه كان يجهر به في جميع الصلوات. هو مستفاد من قول ابن عباس: إنه دعا عليهم. . . وساق لفظ الدعاء؟ لأنّ الظاهر أنه سمعه من لفظه، فدل على الجهر. قلت: ويمكن الفرق بين القنوت الذي في النوازل فيستحب الجهر فيه كما ورد وبين الذي هو راتب - إن صح - فليس في شيء من الأخبار ما يدل على أنه جهر به بل القياس أنه يُسرّ به كباقي الأذكار التي تقال في الأركان. * حديث ابن عباس: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقنت ونحن نؤمن خلفه. تقدم من حديث ابن عباس بلفظ: ويؤمِّن من خلفه. 443 - [1277]- حديث ابن عباس مرفوعًا: "إذا دَعَوْتَ فَادْعُ بِبَطْنِ (¬1) كفِّكَ، وَإذَا فَرَغْتَ فَامْسَحْ رَاحَتَيكَ/ (¬2) عَلَى وَجْهِكَ". رواه أبو داود (¬3) من طريق عبد الله بن يعقوب بن إسحاق، عن من حدثه، عن محمد بن كعب عن ابن عباس بلفظ: "سَلُوا اللهَ بِبُطُونِ أَكُفِّكُمْ، وَلا تَسْأَلُوهُ بِظُهورِهَا، فَإذَا فَرَغْتُمْ فَامْسَحُوا بِهَا وُجُوهَكُمْ". ¬
قال أبو داود: [روي] (¬1) من طرقما كلها واهية، وهذا أمثلها، وهو ضعيف. ورواه الحاكم (¬2) من طريق صالح بن حسان، عن محمد بن كعب نحوه. وخالفه ابن حبان فذكره في ترجمة "صالح" في "الضعفاء" (¬3) قال: إنه يروي الموضوعات عن الثقات. وأحسن من ذلك في الاستدلال: [1278]- ما رواه البيهقي (¬4) من حديث ثابت، عن أنس في قصة الذين قتلوا، قال: لقد رأيته كلما صلى الغداة رفع يديه يدعو عليهم. وفيه [علي] (¬5) بن الصقر وقد قال فيه الدَّارَقطني (¬6): ليس بالقوي 444 - [1279]- حديث أنس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان لا يرفع اليد إلا في ثلاثة مواطن: الاستسقاء والاستنصار، وعشية عرفة. لا أصل له من حديث أنس، بل في "الصحيحين" (¬7) عن: [1280]- أنس: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يرفع يديه في كل دعائه إلا في الاستسقاء؛ فإنه يرفع يديه حتى يرى بياض إبطيه. ¬
[1281، 1282]- وروى البيهقي (¬1) عن أنس: أنه رفع يديه في القنوت. وعن عائشة: أنه رفع يده في دعائه لأهل البقيع، رواه مسلم (¬2). [1283]- وعنده (¬3) عن عمر: أنّه رفع يده - صلى الله عليه وسلم - في دعائه يوم بدر. [1284]- وللبخاري (¬4) عن ابن عمر: أنه رفعهما في دعائه عند الجمرة الوسطى. [1285]- وعن أنس: أنه رفعهما لما صَبّح خيبر (¬5). [1286]- واتفقا (¬6) على رفع يديه في دعائه لأبي موسى الأشعري. [1287 - 1290]- وروى البخاري في "جزء رفع اليدين" رفع يديه في مواطن، من حديث عائشة (¬7) وأبي هريرة (¬8) وجابر (¬9) وعلي (¬10) ¬
وقال (¬1): هي صحيحة. فيتعين حينئذ تأويل حديث أنس: أنّه أراد الرّفع البليغ، بدليل قوله: حتى يرى بياض إبطيه، والله أعلم. 445 - [1291]- حديث ابن عمر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا سَجَدْتَ فَمَكِّنْ جَبَهَتَكَ مِنَ الأَرْضِ وَلا تَنْقُرْ نَقْرًا". ابن حبان (¬2) من حديث طلبة بن مصرف، عن مجاهد، عنه. في حديثٍ طويل. ورواه الطّبراني (¬3) من طريق ابن مجاهد عن أبيه به نحوه. وقد بيّض المنذري في كلامه على هذا الحديث في "تخريج أحاديث المهذب". وقال النووي: لا يعرف (¬4)، وذكره في "الخلاصة" (¬5) في فصل الضعيف. 446 - [1292]- حديث جابر: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسجد بأعلا جبهته، على قصاص الشعر. الدَّارَقطني (¬6) بسند فيه عبد العزيز بن عبيد الله وليس بالقوي قاله ¬
الدَّارَقطني (¬1) وقال النَّسَائيّ (¬2) متروك. وله طريق أخرى رواها الطبراني في "الأوسط" (¬3) من طريق أبي بكر بن أبي مريم، عن حكيم بن عمير، عن جابر. وأعله ابن حبان (¬4) بابن أبي مريم وقال: رديء الحفظ يحدث بالشيء ويهم فيه. 447 - [1293]- حديث ابن عباس: "أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُم؛ عَلَى الْجَبْهَةِ - وأشار بيده إلى أنفه - وَالْيَدَيْنِ، وَالرُّكْبَتَيْن، وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْن". متفق عليه (¬5). [1294]- ولمسلم (¬6) من حديث البراء: "إذا سَجَدْتَ فَضَعْ كَفَّيْكَ، وَارْفَعْ مَرْفَقَيْك". [1295]- ولأبي داود (¬7) من حديث ابن عمر: "إنَّ الْيَدَيْنِ تَسْجُدانَ كَمَا يَسْجُد ¬
الْوَجْهُ، فَإذَا وَضَع أَحَدُكمْ وَجْهَه فَلْيَضَعْهُمَا، وإذَا رَفَعَهُ فَلْيَرْفَعْهُمَا (¬1) ". 448 - [1296]- قوله: ويروى: "عَلَى سَبْعَة آرَابٍ". هي في "سنن أبي داود" (¬2) من هذا الوجه. [1297]- وعند أبي يعلى (¬3) من رواية سعد بن أبي وقاص، وزاد فيه: " فأيّهَا لَمْ يَضَعْهُ فَقَدْ انْتَقَصَ". [1298]- ولمسلم (¬4) عن العباس بن عبد المطلب، مثله. وعزاه المنذري للمتّفق عليه فوهم؛ فإنّه في بعض نسخ مسلم دون بعض، ولهذا استدركه الحاكم (¬5) ولم يذكره عبد الحق، وصحَّحه ابن حبّان (¬6)، وعزاه أصحاب "الأطراف" والحميدي في "الجمع" وابن الجوزي في "جامعه" و"تحقيقه" (¬7) والبيهقي (¬8) وابن تيمية في "المنتقى" (¬9) لتخريج مسلم. ¬
وأنكر ذلك القاضي عياض في "شرح مسلم" (¬1) فقال: لم يقع عند شيوخنا في مسلم. ولم يخرجه البخاري أصلا. وقال البزار (¬2): لا نعلم أحدا قال: الآراب إلا العباس. وهو متعقب برواية ابن عباس التي في "سنن أبي داود" (¬3). 449 - [1299]- حديث خباب بن الأرت: شَكونا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرّ الرّمضاء في جباهنا وأكفّنا فلم يُشْكِنَا. رواه الحدكم في "الأربعين" له عن أبي علي بن خزيمة، عن العباس بن الفضل الأسفاطي، عن أحمد بن يونس، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن وهب عنه بهذا، وقال: رواه مسلم (¬4) عن أحمد بن يونس، يريد أصل الحديث، وهو كذلك، إلا أنه ليس فيه: "في جباهنا وأكفنا" ولا فيه لفظ: "حر". ورواه البيهقي (¬5) من هذا الوجه، ومن طريق زكريا بن أبي زائدة، عن أبي إسحاق أيضا (¬6). ¬
فائدة
ورواه هو (¬1) وابن المنذر من طريق يونس بن أبي إسحاق، عن سعيد بن وهب نحو لفظ مسلم، وزاد: وقال "إذا زَالَتِ الشَّمْسُ فَصَلّوا". وكذا زادها الطبراني (¬2) ولفظه: فما أشكانا - أي لم يُزل شكوانَا، وأشار البيهقي (¬3) إلى أن الزيادة في قوله: وقال "إذا زَالَتِ الشَّمْسُ" إلى آخره مدرجة بَيّن ذلك زهير في روايته، عن أبي إسحاق، ورواه ابن عيينة، عن الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن أبي معمر، عن خباب. وأعله أبو زرعة (¬4) بأن هذا الإسناد إنما هو لمتن: "كنا نعرف قراءته باضطراب لحيته" وإنما روى الأعمش حديث الرّمضاء، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن وهب عن خباب. ووهم فيه وكيع فقال: (عن حارثة) بدل (سعيد بن وهب). فائدة احتج الرّافعي بهذا الحديث على وجوب كشف الجبهة في السجود، وفيه نظر؛ لحديث أنس: فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكن جبهته من الأرض بسط ثوبه فسجد عليه، فدل على أنّهم كانوا في حال الاختيار يباشرون الأرض بالجباه وعند الحاجة كالحر يتقون بالحائل، وحينئذ فلا يصح حمل الحديث على ذلك؛ لأنه لو كان مطلوبهم السجود على الحائل لأذن لهم في اتخاذ ما يسجدون عليه منفصلا عنهم. فقد ثبت أنه كان يصلي على الخمرة وعلى ¬
فائدة
الفراش فعلم أنه لم يمنعهم الحائل، وإنما طلبوا منه تأخيرها زيادة على ما كان يؤخرها، ويبرد بها فلم يجبهم. والله أعلم. وفي الباب: [1300]- عن ابن مسعود رواه التِّرمذيّ في "العلل" (¬1) من طريق زيد بن جبير عن خشف بن مالك عنه، وصحح البخاري وقفه. [1301]- وفيه عن جابر رواه الطبراني في "الصغير" (¬2) والعقيلي في "الضعفاء" (¬3) وأعله ببُلْهط راويه عن ابن المنكدر، وقال: مجهول. وقد وثّقه الطبراني، وقال: إنه لم يرو غير هذا الحديث (¬4). فائدة قال البيهقي (¬5): أحاديث كان يسجد على كور عمامته، لا يثبت منها شيء. يعني: مرفوعًا. وحكي عن الأوزاعي أنه قال: كانت عمائم القوم صغارا لينة، وكان السجود على كورها لا يمنع من وصول الجبهة إلى الأرض. [1302]- وقال الحسن: كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسجدون وأيديهم ¬
في/ (¬1) ثيابهم، ويسجد الرجل منهم على عمامته. علقه البخاري (¬2) ووصله البيهقي (¬3) وقال: هذا أصح ما في السجود على العمامة موقوفًا على الصحابة. [1303]- وأخرج أبو داود في "المراسيل" (¬4) عن صالح بن خيوان السّبائي: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلا يسجد إلى جنبه وقد اعتم على جبهته، فحسر عن جبهته. [1304] وعن عياض بن عبد الله قال: رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلا يسجد على كور العمامة، فأومأ بيده: "ارْفَعْ عِمَامَتَكَ" (¬5). وأما الأحاديث التي أشار إليها البيهقي؛ فوردت من حديث ابن عباس، وابن أبي أوفى، وجا بر، وأنس. [1305]- أمّا ابن عباس؛ ففي "الحلية" (¬6) لأبي نعيم في ترجمة "إبراهيم بن أدهم" وفي إسناده ضعف. [1306]- وأما ابن أبي أوفى، ففي الطبراني "الأوسط" (¬7)، وفيه فائد ¬
أبو الورقاء وهو ضعيف (¬1). [1307]- وأما جابر؛ ففي "كامل ابن عدي" (¬2)، وفيه عمرو بن شمر، وجابر الجعفي وهما متروكان. [1308]- وأما أنس، ففي "علل ابن أبي حاتم" (¬3)، وفيه حسان بن سياه وهو ضعيف، وقال أبو حاتم: هذا حديث منكر. [1309]- ورواه عبد الرزاق (¬4) عن عبد الله بن محرر، عن سليمان بن موسى عن مكحول مرسلا. [1310]- وعن يزيد بن الاسم (¬5) أنه سمع أبا هريرة: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسجد على كور عمامته. قال ابن أبي حاتم (¬6) قال أبي: هذا حديث باطل والله أعلم * حديث: "أَلْزِقْ جَبْهَتَكَ بِالأَرْضِ". تقدم قريبا. 450 - [1311]- حديث عائشة: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سجوده كالخرقة البالية. ¬
لم أجده هكذا، وقال المتقي ابن الصلاح في كلامه على "الوسيط": لم أجد له بعد البحث عنه صحّةً. وتبعه النووي فق الذي "التنقيح": منكر لا أصل له. نعم روى ابن الجوزي في "العلل" (¬1) له من: [1312]- حديث عائشة: لما كانت ليلة النصف من شعبان بات عندي. . . . الحديث وفيه: فانصرفت إلى حجرتي فإذا به كالثوب الساقط على وجه الأرض ساجدًا. . . . الحديث. وفي إسناده سليمان بن أبي كريمة ضعفه ابن عدي (¬2) فقال: عامة أحاديثه مناكير. وأخرجه الطبراني في كتاب "الدعاء" (¬3) له في باب القول في السجود. [1313]- وروى ابن حبان في "الضعفاء" (¬4) من حديث أم سلمة: أنه كان إذا قام يصلي ظن الظّان أنه [جسد] (¬5) لا روح فيه. قال ابن حبان: هذا باطل لا أصل له. 451 - [1314]- حديث وائل بن حجر: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا سجد وضع وكبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه. ¬
أصحاب "السنن" الأربعة (¬1) وابن خزيمة (¬2) وابن حبان (¬3) وابن السكن في "صحاحهم" من طريق شريك عن عاصم بن كليب، عن أبيه عنه. قال البخاري (¬4) والتِّرمذيّ وابن أبي داود والدَّارَقطني (¬5) والبيهقي (¬6): تفرد به شريك. قال البيهقي: وإنما تابعه همام عن عاصم عن أبيه مرسلا. وقال التِّرمذيّ: رواه همام عن عاصم مرسلا. وقال الحازمي (¬7) رواية من أرسل أصح. وقد تُعقِّب قول التِّرمذيّ بأنّ هماما إنما رواه عن شقيق يعني بن الليث عن عاصم عن أبيه مرسلا (¬8). ورواه همام أيضًا عن محمد بن جحادة عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه موصولا. وهذه الطريق في "سنن أبي داود" (¬9) إلا أن عبد الجبار لم يسمع من أبيه. ¬
وله شاهد من وجه آخر: [1315]- وروى الدَّارَقطني (¬1) والحاكم (¬2) والبيهقي (¬3) من طريق حفص بن غياث، عن عاصم الا حول، عن أنس في حديث فيه: ثم انحط بالتكبير، فسبقت ركبتاه يديه/ (¬4). قال البيهقي: تفرد به العلاء بن إسماعيل العطار وهو مجهول. * حديث ابن عمر: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يوفع يديه في السجود. تقدم في أوائل الباب. وفي رواية للبخاري (¬5): ولا يفعل ذلك حين يسجد، ولا حين يرفع رأسه من السجود. * حديث: "إذا سَجَدَ أَحَدُكمْ فَقَال فِي سُجُودِه: سُبْحَانَ رَبِّي الأعْلَى ثَلاثًا، فَقَدْ تَمَّ سُجُودُه". تقدم. 452 - [1316]- حديث علي بن أبي طالب: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ¬
يقول في سجوده: "اللهم لَكَ سَجَدْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْت، سَجَدَ وَجْهِي للذي خَلَقَه، وَصَوَّرَه، وَشَقَّ سَمْعَه وَبَصَره، تَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الْخَالِقين". الشافعي (¬1) وابن حبان (¬2) بهذا وهو في مسلم (¬3) بدون الفاء في قوله {فَتَبَارَكَ اللَّهُ}. 453 - [1317]- حديث أبي حميد: كان إذا سجد أمكن أنفه وجبهته من الأرض ونحى يديه عن جنبيه، ووضع كفيه حذو منكبيه. ابن خزيمة في "صحيحه" (¬4) بهذا، ورواه أبو داود (¬5) دون قوله: (من الأرض). 454 - [1318]- قوله: نقل في بعض الأخبار أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يفرق في السجود بين ركبتيه. ¬
أبو داود (¬1) في حديث أبي حميد: وإذا سجد فرّج بين فخذيه. [1319]- وفي البيهقي من حديث البراء (¬2): كان إذا سجد وجه أصابعه قبل القبلة فتفاج. يعني وسع بين رجليه. 455 - [1320]- حديث أبي حميد: أنّه وصف صلاةَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذكر فيها التفرقة بين المرفقين والجنبين. ابن خزيمة (¬3) وأبو داود (¬4) بلفظ: ويجافي يديه عن جنبيه. وللترمذى (¬5): ثم جافى عضديه عن إبطيه. 456 - [1321]- حديث البراء: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقل بطنه عن فخذيه في سجوده. أحمد (¬6) من حديث البراء أنه وصف سجود النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: كان إذا سجد بسط كفيه ورفع عجيزته وخوى. ورواه ابن خزيمة (¬7) والنَّسَائيّ (¬8) وغيرهما بلفظ: كان إذا صلى جخى. ¬
يقال: جخ الرّجل في صلاته: إذا مدّ ضبعيه. وقال الهروي (¬1): أي فتح عضديه. وخوى يعني جنح (¬2). [1322]- ولأبي داود (¬3) في حديث أبي حميد: كان إذا سجد فرّج بين فخذيه غير حامل بطنه على شيء من فخذيه. * حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا سجد خوى في سجوده. تقدم قبله. وفي الباب: [1323]- عن أبي حميد (¬4)، وميمونة ولفظها: كان إذا سجد خوى بيديه، حتى يرى وضح إبطيه. رواه مسلم (¬5). [1324]- وعبد الله بن أقرم: ولفظه: كنت انظر إلى عفرتي إبطيه إذا سجد. رواه الشافعي (¬6) وأصحاب "السنن" (¬7) غير أبي داود. [1325]- وعبد الله بن بحينة ولفظه: إذا صلى فرّج بين يديه حتى يبدو ¬
بياض إبطيه. متفق عليه (¬1). [1326]- وعن جابر بلفظ: جافى حتى يُرَى بياض إبطيه. رواه أحمد (¬2) وأبو عوانة في "صحيحه" (¬3). [1327]- وعن علي بن عميرة مثله. رواه الطبراني (¬4). [1328]- وعن ابن عباس قال: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من خلفه فرأيت بياض إبطيه وهو مجخ، قد فرج يديه. [1329]- رواه أحمد (¬5) من طريق أبي إسحاق عن أربد التميمي، عن ابن عباس. [1335]- ورواه ابن خزيمة (¬6) والحاكم (¬7) من حديث أبي إسحاق، عن البراء ابن عازب: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا سجد جخّ. [1331]- وعن أحمر بن جزء قال: إن كنا لنأوي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - مما يجافي مرفقيه عن جنبيه إذا سجد. رواه أحمد (¬8) وأبو داود (¬9) وابن ماجه (¬10) وصححه ¬
ابن دقيق العيد على شرط البخاري. * حديث أبي حميد: كان/ (¬1) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سجد وضع يديه حذو منكبيه. أبو داود (¬2) وابن خزيمة (¬3) كما تقدم. 457 - [1332]- حديث وائل ابن حجر: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سجد ضم أصابعه. ابن خزيمة (¬4) وابن حبان (¬5) والحاكم (¬6) في حديث بهذا. 458 - [1333]- حديث عائشة: كان إذا سجد وضع أصابعه تجاه القبلة. هذا الحديث بيض له المنذري، ولم يعرفه النووي (¬7)، بل قال: يغني ¬
تنبيه
عنه حديث أبي حميد. وقد رواه الدَّارَقطني (¬1) بلفظ: كان إذا سجد يستقبل بأصابعه القبلة. وفيه حارثة بن أبي الرجال وهو ضعيف. [1334]- لكن رواه ابن حبان (¬2) عن عائشة في حديث أوله: فَقدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان معي على فراشي، فوجدته ساجدًا راصًّا عقبيه، مستقبلا بأطراف أصابعه القبلة. تنبيه استدل الرّافعي بحديث عائشة على أنه يستحب أن تكون الأصابع منشورة ومضمومة في جهة القبلة، ومراده بذلك أصايع اليدين، ولا دلالة في حديث عائشة فيه؛ لأنه وإن كان إطلاقه في رواية الدَّارَقطني الضعيفة يقتضيه، فتقييده في رواية ابن حبان الصحيحة يخصه بالرجلين، ويدل عليه حديث أبي حميد الساعدي عند البخاري (¬3) ففيه: واستقبل بأطراف رجليه القبلة. ولم أر ذكر اليدين لذلك صريحًا، نعم في: [1335]- حديث البراء عند البيهقي (¬4): كان إذا ركع بسط ظهره، وإذا سجد وجه أصابعه قبل القبلة فتفاج. [1336]- وفي حديث أبي حميد عند البخاري (¬5): فإذا سجد وضع يديه غير ¬
مفترش ولا قابضهما إلى القبلة. * حديث المسيء صلاته أنه قال له: "ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئنَّ سَاجِدًا". وفي بعض الرِّوايات: "ثُمّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالسًا". تقدم في أوائل الباب. وفيه الأمران، ونقل الرّافعي عن إمام الحرمين في "النهاية" أنه قال: في قلبي من الطمأنينة في الاعتدال شيء؛ فإنه - صلى الله عليه وسلم - ذكرها في حديث المسيء صلاته في الرّكوع والسّجود ولم يذكرها في الاعتدال والرفع [بين] (¬1) السَّجدتين، فقال: "ارْكَع حَتَّى تَطمَئِنَّ رَاكعًا، ثُمَّ ارْفَعْ رَأْسَك حَتَّى تَعْتَدِلَ قائمًا، ثُمّ اسْجُد حَتَّى تَطْمَئِن ساجداَ، ثمَّ ارْفَعْ رَأْسَكَ حَتَّى تَعْتَدِلَ جَالسًا". ولم يتعقّبه الرّافعي وهو من المواضع العجيبة التي تقضي على هذا الإمام بأنه كان قليل المراجعة لكتب الحديث المشهورة فضلا عن غيرها، فإنّ ذكر الطمأنينة في الجلوس بين السّجدتين ثابت في "الصحيحين" (¬2) ففي "الاستئذان" من البخاري (¬3) من حديث يحيى بن سعيد القطان: "ثُمّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِن جَالسًا". وهو أيضا في بعض كتب السّنن. وأما الطمأنينة في الاعتدال فثابت في "صحيح ابن حبان" (¬4) ¬
و "مسند أحمد" (¬1) من: [1337]- حديث رفاعة بن رافع ولفظه: " فَإذَا رَفَعْتَ رَأْسَكَ فَأَقِمْ صَلْبَكَ حَتَّى تَرْجِعَ الْعِظَامُ إلى مَفَاصِلِها". ورواه أبو علي بن السكن في "صحيحه" وأبو بكر بن أبي شيبة في "مصنفه" (¬2) من حديث رفاعة بلفظ: " ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ قَائمًا". قلت: ثم أفادني شيخ الإِسلام جلال الدين - أدام الله بقاءه - أنّ هذا اللّفظ في حديث أبي هريرة في "سنن ابن ماجه" (¬3)، وهو كما أفاد زاده الله عزًّا. قلت: وإسناد ابن ماجه قد أخرجه مسلم في "صحيحه" (¬4) ولم يسق لفظه، فإن ابن ماجه رواه عن أبي بكر بن أبي شيبة عن عبد الله بن نمير، عن عبيد الله بن عمر، عن/ (¬5) سعيد عن أبي هريرة. وهذا الإسناد قد أخرجه مسلم وأحال به على حديث يحيى بن سعيد القطان عن عبيد الله، ولفظ يحيى بن سعيد: "حَتَّى تَعْتَدِل قَائمًا". وثبت في "الصحيحين" وغيرهما: أن النّبي - صلى الله عليه وسلم - طول الاعتدال والجلوس بين السّجدتين في عدة أحاديث. وأعجب من ذلك: أن ذكر الطمأنينة في الاعتدال مخرّج في "الأربعين" التي خرّجوها لإمام الحرمين، وحدث بها. ¬
قلت: وليس "في الأربعين" إلا قوله: "حَتى تَعْتَدِلَ قَائمًا" كما في "الصحيحين" فاعلم ذلك. 459 - [1338]- حديث أبي حميد: "فلما رفع رأسه من السجدة الأولى ثنّى رجله اليسرى، وقعد عليها". أبو داود (¬1) والتِّرمذيّ (¬2) وابن حبان (¬3) في حديثه الطويل. 460 - قوله: والسنة أن يرفع رأسه مكبِّرًا لما تقدّم من الخبر. يريد ما قدمّه في فصل الرّكوع: [1339]- عن ابن مسعود: أن النبيء - صلى الله عليه وسلم - كان يكبر في كل خفض ورفع وقيام وقعود. أخرجه التِّرمذيّ (¬4). 461 - قوله: وحُكي قول آخر أنّه يضع قدميه ويجلس على صدورها. روي ذلك عن ابن عباس انتهى. حكاه البيهقي في "المعرفة" (¬5) عن نص الشافعي في البويطي، قال: ولعله يريد: ¬
[1340]- ما رواه مسلم (¬1) عن طاولس قلت لابن عباس في الإقعاء على القدمين؟ فقال: هي السنة. فقلنا له: إنا لنراه جفاء بالرجل، فقال: بل هي سنة نبيك محمد - صلى الله عليه وسلم -. واستدركه الحاكم (¬2) فوهم. وقد تقدم. [1341]- وللبيهقي (¬3) عن ابن عمر أنه كان إذا رفع رأسه من السجدة الأولى يقعد على أطراف أصابعه، ويقول: إنه من السنة. [1342، 1343]- وفيه (¬4) عن ابن عمر وابن عباس: أنهما كانا يقعيان. [1344]- وعن طاوس (¬5) قال: رأيت العبادلة يقعون. أسانيدها صحيحة. واختلف العلماء في الجمع بين هذا وبين الأحاديث الواردة في النهي عن الإقعاء؛ فجنح الخطابي (¬6) والماوردي (¬7) إلى أن الإقعاء منسوخ، ولعل ابن عباس لم يبلغه النهي. وجنح البيهقي (¬8) إلى الجمع بينهما بأن الإقعاء ضربان: ¬
تنبيه
أحدهما: أن يضع إليته على عقبيه، وتكون ركبتاه في الأرض، وهذا هو الذي رواه ابن عباس وفعلته العبادلة، ونص الشافعي في "البويطي" على استحبابه بين السجدتين، لكن الصحيح أن الافتراش أفضل منه؛ لكثرة الرّواة له؛ ولأنه أعون للمصلي وأحسن في هيئة الصلاة. والثاني: أن يضع إليته ويديه على الأرض وينصب ساقيه، وهذا هو الذّي وردت الأحاديث بكراهته. وتبع البيهقي على هذا الجمع ابن الصلاح والنووي (¬1)، وأنكرا على من ادعى فيهما النسخ، وقالا: كيف يثبت النّسخ مع عدم تعذر الجمع وعدم العلم بالتاريخ. وأمّا حديث أبو الجوزاء عن عائشة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه كان ينهى عن عقب الشيطان، وكان يفرش رجله اليسرى، وينصب رجله اليمنى؛ فيحتمل أن يكون واردا للجلوس للتشهد الآخر، فلا يكون منافيا للقعود على العقبين بين السجدتين. تنبيه ضبط ابن عبد البر قولهم: جفاء بالرّجل بكسر الراء وإسكان الجيم، وغَلَّط من ضبطه بفتح الرّاء وضمّ الجيم (¬2). ¬
وخالفه الأكثرون، وقال النووي (¬1): رد الجمهور على ابن عبد البر وقالوا: الصواب الضّم، وهو الذي يليق به إضافة الجفاء إليه. انتهى. ويؤيد ما ذهب إليه أبو عمر: ما روى أحمد في "مسنده" (¬2) في هذا الحديعث بلفظ: "جفاء بالقدم". ويؤيد ما ذهب إليه الجمهور ما رواه/ (¬3) ابن أبي خيتمة بلفظ: لنراه "جفاء بالمرء" فالله أعلم بالصواب. 462 - [1345]- حديث ابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول بين السجدتين: "اللهُمّ اغْفَرْ لِي وَاجْبُرْني وَعَافِنِي وَارْزُقْني وَاهْدِنِي". ويروى: "وَارْحَمْنِي" بدل "وَاجْبُرنِي". أبو داود (¬4) والترمذيّ (¬5) وابن ماجه (¬6) والحاكم (¬7) والبيهقي (¬8)، واللفظ ¬
الأول للترمذي: إلا أنه لم يقل: " وَعَافِنِي" وأبو داود مثله إلا أنه أثبتها، ولم يقل: "وَاجْبُرْنِي" وجمع ابن ماجه بين "ارْحَمْنِي وَاجْبُرنِي" وزاد: "وَارْفَعْنِي" ولم يقل: "اهْدِنِي" ولا: "عَافِنِي"، وجمع بينها الحاكم كلها إلا أنه لم يقل: "وَعَافِنِي" وفيه كامل أبو العلاء، وهو مختلف فيه. 463 - [1346]. حديث وائل بن حجر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رفع رأسه من السجدتين استوى قائمًا. هذا الحديث بيّض له المنذري في الكلام على "المهذب" وذكره النووي في "الخلاصة" (¬1) في "فصل الضعيف" وذكره في شرح "المهذب" (¬2) فقال: غريب، ولم يخرجه. وظفرتُ (¬3) به في سنة أربعين (¬4) في "مسند البزار" في أثناء حديث طويل في صفة الوضوء والصّلاة. [1347]- وقد روى الطبراني (¬5) من معاذ بن جبل في أثناء حديث طويل: أنه كان يمكن جبهته وأنفه من الأرض، ثم يقوم كأنه السهم. ¬
وفي إسناده الخصيب بن جحدر وقد كذبه شعبة ويحيى القطان (¬1). [1348]- ولأبي داود (¬2) من حديث وائل: هاذا نهض نهض على ركبتيه، واعتمد على فخذيه. [1349]- وروى ابن المنذر من حديث النعمان بن أبي عياش قال: أدركت غير واحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فكان إذا رفع رأسه من السجدة في أول ركعة وفي الثالثة قام كما هو ولم يجلس. 464 - [1350]. حديث مالك بن الحويرث: أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي، فإذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتى يستوي قاعدًا. البخاري (¬3) وفي لفظ له: فإذا رفع رأسه من السّجدة الثّانية جلس واعتمد على الأرض ثم قام. [1351]- وللبخاري (¬4) من حديث أبي هريرة في قصة المسيء صلاته: " ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطمَئِنَّ ساجدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطمَئِنَّ جالسًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ ساجدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتى تَطمَئِنَّ جالسًا". وفي رواية أخرى له (¬5) "حَتى تَطْمَئِنَّ قَائِمًا". وهو أشبه ¬
تنبيه
465 - [1352]. حديث أبي حميد الساعدي في عشرة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنّه وصف صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ثم هوى ساجدًا، ثمّ ثنى رجله وقعد حتى يرجع كلّ عضو في موضعه، ثمّ نهض. التِّرمذيّ (¬1) وأبو داود (¬2). تنبيه أنكر الطحاوي (¬3)، أن تكون جلسة الاستراحة في حديث أبي حميد، وهو كما تراها فيه وأنكر النووي (¬4) أن تكون في (حديث المسيء صلاته)، وهي في حديث أبي هريرة في (قصة المسيء صلاته) عند البخاري في كتاب (الاستئذان) (¬5). *حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يكبر في كل خفض ورفع. تقدم، واستدل به الرّافعي على أنّه يكبر في جلسة الاستراحة فيرفع رأسه من السجود غير مكبر، ثم يبتدئ التكبير جالسًا ويمدّه إلى أن يقوم. ¬
وحديث أبي حميد في البيهقي (¬1) يدل لذلك بأصرح من الحديث الذي استدل به، وذلك أن لفظه: ثم يرفع فيقول: الله أكبر، ثمّ يثني رجله، فيقعد عليها معتدلًا حتى يرجع، ويقر كل عظم موضعه معتدلًا. قلت: إلا أنّه لا دليل فيه على أنّه يمد التكبير في جلوسه إلى أن يقوم ويحتاج دعوى استحباب مده إلى دليل والأصل خلافه. 466 - [1353]. حديث أبي حميد: أنّه وصف الصّلاة فقال: إذا جلس في الرّكعتين جلس على رجله/ (¬2) اليسرى ونصب اليمنى. البخاري (¬3) بهذا. 467 - [1354]. حديث مالك بن الحويرث في وصف الصلاة: فلما رفع رأسه من السّجدة الأخيرة في الرّكعة الأولى، واستوى قاعدًا، قام واعتمد بيديه على الأرض. الشافعي (¬4) بهذا والبخاري (¬5) بلفظ: فإذا رفع رأسه من السجدة الثّانية، ¬
جلس واعتمد على الأرض، ثم قام. ولأحمد (¬1) والطحاوي (¬2): استوى قاعدًا ثم قام. 468 - [1355]- حديث ابن عباس: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قام في صلاته وضع يده على الأرض كما يضع العاجن. قال ابن الصّلاح في كلامه على "الوسيط" هذا الحديث: لا يصح ولا يعرف ولا يجوز أن يحتج به. وقال النووي في "شرح المهذب" (¬3): هذا حديث ضعيف أو باطل لا أصل له. وقال في "التنقيح": ضعيف باطل. وقال في "شرح المهذب" (¬4) نقل عن الغزالي أنه قال في درسه: هو بالزّاء وبالنون أصحّ وهو الذي يقبض يديه، ويقوم معتمدًا عليها. قال: ولو صح الحديث لكان معناه قام معتمدًا ببطن يديه كما يعتمد العاجز وهو الشيخ الكبير، وليس المراد عاجن العجين، ثم قال: -يعني ما ذكره ابن الصلاح. أن الغزالي حكى في درسه: هل هو العاجن بالنّون أو العاجز بالزّاي. فأمّا إذا قلنا: إنّه بالنون فهو عاجن الخبز يقبض أصابع كفيه، ويضمها ويتكئ عليها ويرتفع ولا يضع راحتيه على الأرض. ¬
قال ابن الصلاح: وعمل بهذا كثير من العجم وهو إثبات هيئة شرعيّة في الصلاة لا عهد بها بحديثي لم يثبت, ولو ثبت لم يكن ذلك معناه، فإن العاجن في اللّغة هو الرّجل المسنّ، قال الشاعر: فَشَرّ خِصَالٍ الْمَرْءِ كُنْتٌ وَعَاجِن (¬1) قال: فإن كان وصف الكبر بذلك مأخوذًا من عاجن العجين؛ فالتشبيه في شدّة الاعتماد عند وضع اليدين لا في كيفية ضمّ أصابعها. قال الغزالي: وإذا قلنا بالزّاي فهو الشّيخ المسنّ الّذي إذا قام اعتمد بيديه على الأرض من الكبر. قال ابن الصلاح: ووقع في "المحكم" للمغربي الضرير المتأخّر: العاجن هو المعتمد على الأرض وجمع الكف. وهذا غير مقبول منه؛ فإنّه لا يقبل ما ينفرد به؛ لأنّه كان يغلط ويغالطونه كثيرًا؛ وكأنّه أضر به مع كبر حجم الكتاب ضرارته. انتهى كلامه. [1356]- وفي الطبراني "الأوسط" (¬2) عن الأزرق بن قيس: رأيت عبد الله بن عُمر وهو يعجن في الصلاة يعتمد على يديه إذا قام كما يفعل الذي يعجن العجين. 469 - [1357]- حديث أبي حميد: أنّه وصف صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: فإذا جلس في الرّكعتين جلس على رجله اليسرى، فإذا جلس في الركعة الأخيرة قدّم رجله اليسرى ونصب ¬
الأخرى، وقعد على معقدته. رواه البخاري في "صحيحه" (¬1) كذلك وعزاه ابن الرّفعة لمسلم فوهم. *حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - قام من اثنتين من الظّهر أو العصر فلم يجلس فسبّح النّاس به فلم يعد فلما كان آخر صلاته سجد سجدتين ثم سلم. متفق عليه، من حديث أبي هريرة، وسيأتي في "السهو". 470 - [1358]. حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا جلس في الصلاة وضع كفه اليسرى على فخذه اليسرى. مسلم (¬2) من حديث ابن عمر في حديث. [1359]. وفي "الأوسط" (¬3) للطبراني: كان إذا جلس في الصلاة للتشهد نَصب يديه على ركبتيه. وللدارقطني (¬4): وضع/ (¬5) يده اليمنى على فخذه اليمنى، وألقم كفه اليسرى على ركبته. ¬
471 - [1360]. حديث أبي حميد السّاعدي وصف صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنه كان يقبض الوسطى مع الخنصر والبنصر ويرسل الإبهام والمسبحة. لا أصل له في حديث أبي حميد، ويغنى عنه: [1361]- حديث ابن عمر عند مسلم (¬1): ووضع يده اليمنى على ركبته اليمنى وعقد ثلاثًا وخمسين. والمعروف في حديث أبي حميد: وضع كله اليمنى على ركبمَه اليمنى، وكفه اليسرى على ركبته اليسرى، وأشاو بإصبعه يعني: السبابة. رواه أبو داود (¬2) والتّرمذيّ (¬3). 472 - [1362]- حديث وائل بن حجر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يحلق بين الإبهام والوسطى. ابن ماجه (¬4) والبيهقي (¬5). بهذا. في حديثه الطويل، وأصله عند أبي داود (¬6) ¬
تنبيه
والنَّسَائيّ (¬1) وابن خزيمة (¬2). 473 - [1363]. حديث ابن عمر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا جلس في الصّلاة وضع كفّه اليمنى على فخذه اليمنى، وقبض أصابعه كلها، وأشار بالإصبع التي تلي الإبهام. مسلم في "صحيحه" (¬3) بهذا. وللطبراني في "الأوسط" (¬4): كان إذا جلس في الصّلاة للتّشهّد نصب يديه على ركبتيه، ثم يرفع إصبعه السبّابة التي تلي الإبهام وباقي أصابعه على يمينه مقبوضة كما هي. 474 - [1364]. حديث ابن الزبير: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يضج إبهامه عند الوسطى. مسلم (¬5) به في حديث بلفظ: كان يضع إبهامه على إصبعه الوسطى، ويلقم كفه اليسرى ركبته. تنبيه لفظ مسلم وغيره في هذا الحديث: "على إصبعه"، والمصنف أورده بلفظ: ¬
"عند" وبينهما فرق لطيف. 475 - [1365]. حديث ابن عمر: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قعد في التّشهد وضع يده اليمنى على ركبته اليمنى وعقد ثلاثًا وخمسين وأشار بالسبابة. مسلم (¬1). وصورتها: أن يجعل الإبهام معترضة تحت المسبحة. 476 - [1366]- حديث وائل بن حجر: أنه وصف صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذكر وضع اليدين في التشهد، قال: ثم رفع إصبعه فرأيته يحركها يدعو بها. ابن خزيمة (¬2) والبيهقي (¬3) بهذا اللفظ. وقال البيهقي (¬4): يحتمل أن يكون مراده بالتحريك الإشارة بها لا تكرير تحريكها حتى لا يعارض: [1367]- حديث ابن الزبير: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يشير بالسبابة ولا يحركها, ولا يجاوز بصره إشارته. ¬
أحمد (¬1) وأبو داود (¬2) والنسَائي (¬3) وابن حبان في "صحيحه" (¬4) وأصله في "مسلم" (¬5) دون قوله: "ولا يجاوز بصره إشارته". 477 - [1368]- حديث ابن مسعود: كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد السّلام على الله قبل عباده: السلام على جبرائيل .. الحديث. وفيه: ولكن قولوا: التّحيات. الدَّارَقطني (¬6) والبيهقي (¬7) من حديثه بتمامه، وصححاه. وأصله في "الصحيحين" (¬8) وغيرهما، دون قوله: قبل أن يفرض علينا. واستدل به على فرضية التشهد الأخير لقوله: قبل أن يفرض. ولقوله: "قولوا"، وبوبّ عليه النَّسَائيّ (¬9) "إيجاب التشهد". وساقه من طريق سفيان عن الأعمش ومنصور عن شقيق عن ابن مسعود. قال ابن عبد البر في "الاستذكار (¬10): تفرد ابن عيينة بقوله: قبل أن يفرض. ¬
478 - [1369]- حديث عائشة رضي الله عنها: "لا يُقْبَلُ صَلاة إلاَّ بِطُهُورٍ والصَّلاةِ عَلَيّ". الدَّارقطنيّ (¬1) والبيهقي (¬2) عن مسروق عنها، وفيه: عمرو بن شمر وهو متروك، رواه عن جابر الجعفي/ (¬3) وهو ضعيف. واختلف عليه فيه فقيل: عنه، عن أبي جعفر، عن أبي مسعود. رواه الدَّارَقطني أيضًا (¬4). [1370]- ولهما (¬5) وللحاكم (¬6) عن سهل بن سعد في حديث: "لا صَلاةَ لِمَنْ لَمْ يصَلِّ عَلَى نَبِيِّه". وإسناده ضعيف، وأقوى من هذا: [1371]- حديث فضالة بن عبيد: سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلًا يدعو في صلاته فلم يصل على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "عجل هذا"، ثم دعاه فقال له ولغيره: " إذًا صَلَّى أَحَدُكم فَلْيَبْدَأْ بِحَمْدِ الله وَالثَّنَاءِ عَلَيْه، ثم لِيُصَلِّ عَلَى النّبي ثُمَّ لِيَدْعُ بِمَا شَاءَ". ¬
رواه أبو داود (¬1) والنَّسَائيّ (¬2) والتِّرمذيّ (¬3) وابن خزيمة (¬4) وابن حبان (¬5) والحاكم (¬6). [1372]- وروى الحاكم (¬7) والبيهقي (¬8) من طريق يحيى بن السباق، عن رجل من آل الحارث، عن ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذَا تَشَهَّد أَحَدُكُمْ في الصَّلاة فَلْيَقُلْ: اللهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد، وَعَلى آلِ مُحَمَّدِ كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ وَتَرَحَّمْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ". رجاله ثقات إلا هذا الرجل الحارثي، فينظر فيه. 479 - [1373]- حديث روي أنّه قيل: يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ قال: " قُولوا اللهُمّ صَل عَلَى مُحَمّد وَعَلَى آلِ مُحَمَّد ... " الحديث. متفق عليه (¬9) من حديث كعب بن عجرة قال: خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلنا ¬
يا رسول الله، قد علمنا كيف نسلم عليك؟ فكيف نصّلي عليك؟ ... الحديث. [1374]. وعن أبي حميد الساعدي قال: قالوا: يا رسول الله، كيف نصلي عليك، قال: "قُولُوا اللَّهُمّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى أَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَتِه .... " الحديث. متفق عليه (¬1). وفي رواية للبخاري (¬2): قلنا: يا رسول الله، هذا السلام عليك، فكيف نصلي عليك؟ ... الحديث. [1375]- وعن أبي مسعود الأنصاري قال: أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن في مجلس سعد بن عبادة، فقال بشير بن سعد: أمرنا الله أن نسلم عليك يا رسول الله، فكيف نصلي عليك؟ رواه مسلم (¬3) وأبو داود (¬4) والنَّسَائيّ (¬5). وفي رواية لابن خزيمة (¬6) وأَبن حبان (¬7) والدارَقطني (¬8) والحاكم (¬9): قد عَلمنا ¬
كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا؟ وفي الباب: [1376]. عن أبي سعيد؛ رواه البخاري (¬1). [1377 - 1384]- وعن طلحة رواه النَّسَائيّ (¬2)، وعن سهل بن سعد رواه الطبراني (¬3)، وزيد بن خارجة رواه أحمد (¬4) والنَّسَائيّ (¬5)، وفيه أيضًا عن بريدة ورويفع بن ثابت، وجابر، وابن عباس، والنعمان بن أبي عياش. أوردها المستغفري في "الدعوات". 480 - [1385]- حديث: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الركعتين الأوليين كأنه على الرضف. الشافعي (¬6) وأحمد (¬7) والأربعة (¬8)، والحاكم (¬9) من رواية أبي عبيدة بن ¬
عبد الله بن مسعود، عن أبيه. وهو منقطع؛ لأن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه، قال شعبة: عن عمرو بن مرة سألت أبا عبيدة: هل تذكر من عبد الله شيئًا؟ قال: لا. رواه مسلم وغيره (¬1). [1386]- وروى ابن أبي شيبة (¬2) من طريق تميم بن سلمة: كان أبو بكر إذا جلس في الركعتين كأنه على الرضف. إسناده صحيح. [1387]. وعن ابن عمر نحوه (¬3). قال ابن دقيق العيد (¬4): المختار أن يدعو في التشهد الأول كما يدعو في التشهد الأخير، لعموم الحديث الصحيح: " إذا تَشَهَّد أَحَدُكُمْ فَلْيَتَعَوَّذْ بِالله مِنْ أَرْبَع". وتعقب بأنه في "الصحيح" (¬5) عن: [1388]. أبي هريرة بلفظ: " إذًا فَرِغَ أَحَدُكُم مِنَ التَّشَهّد الأخِير فَلْيَتَعَوَّذ". ¬
[1389]- وروى أحمد (¬1) وابن خزيمة (¬2) من حديث ابن مسعود: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علمه التشهد فكان يقول إذا جلس في وسط الصلاة وفي آخرها على وركه اليسرى: التحيات، إلى قوله: عبده ورسوله، قال: ثم إن كان في وسط الصلاة نهض حين يفرغ من تشهده، وإن كان في آخرها دعا بعد تشهده بما شاء الله أن يدعو، ثم يسلم. 481 - [1390]- حديث ابن عباس في التشهد. مسلم (¬3) والشافعي (¬4) والتِّرمذيّ (¬5) والدَّارَقطني (¬6) وابن ماجه (¬7) من طريق طاوس، عنه قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن فكان يقول: "التحيات الْمُبَارَكَاتُ الصَّلَوَاتُ الطيِّبَاتُ لله .... " الحديث. 482 - قوله: ووقع في رواية الشّافعي تنكير السلام في الموضعين. هو كذلك، وكذا هو عند التِّرمذيّ أيضًا. ¬
483 - قوله: وروى غيره تعريفهما، وهما صحيحان. التعريف [رواية] (¬1) مسلم، وإحدى روايتي الدَّارقطنيّ، وفي "صحيح ابن حبان" (¬2) تعريف الأول وتنكير الثاني، وعكسه الطبراني (¬3). 484 - قوله: لم يرد التّشهد بحذف التحيات ولا الصّلوات ولا الطّيبات، بخلاف باقيها. هو كما قال، وسنسوق الأحاديث الواردة فيه جميعها إن شاء الله تعالى، وهو يردّ على الشّيخ محيي الدين في "شرح المهذب" (¬4) في نقله عن الشّافعي، فإنّه قال: قال الشّافعي والأصحاب يتعين لفظ "التحيات" لثبوتها في جميع الرّوايات، بخلاف غيرها. نعم وقع في رواية ضعيفة للدّارقطني (¬5) من: [1391]- حديث ابن عمر بإسقاط (الصّلوات) وإثبات (الزاكيات) بدلها. ¬
485 - [1392]- حديث ابن مسعود في التشهد. متفق على صحته وثبوته (¬1)، وأكثر الرّوايات فيه بتعريف "السلام" في الموضعين، ووقع في رواية للنسائي (¬2): "سلام عَلَيْنَا" بالتنكير. وفي رواية للطبراني (¬3): "سلامٌ عَلَيْكَ" بالتنكير أيضًا. قال التِّرمذيّ (¬4): هو أصح حديث روي في التشهد والعمل عليه عند أكثر أهل العلم. [1393]- ثم روي بسنده (¬5) عن خصيف: أنه رأى النّبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله إنّ النّاس قد اختلفوا في التّشهد، فقال: "عَلَيْكَ بِتَشَهّدِ ابْنِ مَسْعُود". وقال البزار: أصحّ حديث في التشهد عندي حديث ابن مسعود، رُوي عنه من نيّف وعشرين طريقًا، ولا نعلم روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في التشهد أثبت منه ولا أصح أسانيد ولا أشهر رجالًا ولا أشد تظافرًا بكثرة الأسانيد والطرق. وقال مسلم (¬6): إنما اجتمع النّاس على تشهّد ابن مسعود؛ لأن أصحابه لا يخالف بعضهم بعضا، وغيره قد اختلف أصحابه. وقال محمَّد بن يحيى الذهلي (¬7): حديث ابن مسعود أصح ما روي في التشهد. ¬
وروى الطبراني في "الكبير" (¬1) من طريق عبد الله بن بريدة بن الحصيب، عن أبيه قال: ما سمعت في التشهد أحسن من حديث ابن مسعود. وقال الشافعي (¬2) لما قيل له: كيف صرت إلى إختيار حديث ابن عباس في التشهد، قال: لما رأيته واسعًا، وسمعته عن ابن عباس صحيحًا كان عندي أجمع وأكثر لفظًا من غيره فأخذت به غير مُعَنِّف لمن/ (¬3) يأخذ بغيره مما صحّ. ورجح غيرُه تشهد ابن مسعود بما تقدم، وبكون رواته لم يختلفوا في حرف منه، بل نقلوه مرفوعًا على صفة واحدة بخلاف غيره. 486 - [1394]- حديث عمر في التشهد. مالك (¬4) والشّافعي (¬5) عنه عن ابن شهاب، عن عروة، عن عبد الرحمن بن عبد، أنه سمع عمر يعلم الناس التشهد على المنبر، يقول: قولوا التحيات لله الزاكيات الطيبات الصلوات لله .... الحديث. ورواه الحاكم (¬6) والبيهقي (¬7) وروياه من طريق أخرى، عن هشام بن عروة، عن أبيه، أن عمر فذكره ... وأوله: بسم الله خير الأسماء. ¬
وهذه الرّواية منقطعة، وفي روايةٍ للبيهقي (¬1) تقديم الشهادتين على كلمتي السلام، ومعظم الروايات على خلافه. وقال الدَّارقطنيّ في "العلل" (¬2): لم يختلفوا في أن هذا الحديث موقوف على عمر، ورواه بعضُ المتأخرين عن ابن أبي أويس، عن مالك مرفوعًا، وهو وهم. 487 - [1395]- حديث: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان أول ما يتكلم به عند القعدة: التحيات لله. أبو داود (¬3) والدَّارَقطني (¬4) والطبراني (¬5) من حديث مجاهد، عن ابن عمر ولفظه: "التَّحِيَّاتُ لله الصّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ، السَّلامُ عَلَيْكَ أيها النَّبِيّ وَرَحْمَة الله". قال ابن عمر: زدت فيها وبركاته .... الحديث. وأدرج الطبراني (وبركاته) في نفس الخبر، واختلف في وقفه ورفعه كما سنذكره بعد. ورواه قاسم بن أصبغ من حديث محارب بن دثار، عن ابن عمر: كان يعلمنا التشهد كما يعلم المكتب السورة من القرآن الولدان فذكر نحو هذا الحديث. ¬
[1396]- وفي حديث أبي موسى عند مسلم (¬1): "إذًا جَلَسْتُم فَكَان عِنْدَ الْقَعْدَةِ فَلْيَكُنْ مِنْ أَوَّلِ قَوْلِ أَحَدِكُمْ: التَّحِيَّاتُ لله". 488 - [1397]- حديث جابر في أول التشهد: بسم الله خير الأسماء ... كذا وقع فيه، والمعروف في حديث جابر كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلِّمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن: "بِسْمِ الله وبِالله، التَّحِيَّاتُ لله والصَّلَواتُ والطَّيبَاتُ .... ". وفي آخره: "أَسْأَلُ الله الْجَنَّةَ، وَأَعُوذُ بِهِ مِن النّار". كذا روى النَّسَائيّ (¬2) وابن ماجه (¬3) والتِّرمذيّ في "العلل" (¬4) والحاكم (¬5) ورجاله ثقات، إلاَّ أنّ أيمن بن نابل راويه عن أبي الزبير أخطأ في إسناده، وخالفه الليث وهو من أوثق الناس في أبي الزبير (¬6)، فقال: عن أبي الزّبير، عن طاوس وسعيد بن جبير، عن ابن عباس. قال حمزة الكناني قوله: "عن جابر" خطأ، ولا أعلم أحدا قال في التشهد: "بسم الله وبالله" إلا أيمن. ¬
وقال الدَّارقطنيّ (¬1): ليس بالقوي خالف الناس، ولو لم يكن إلا حديث التشهد. وقال يعقوب بن شيبة (¬2): فيه ضعف. وقال الترمذي (¬3): سألت البخاري عنه؟ فقال: خطأ. وقال التِّرمذيّ (¬4): وهو غير محفوظ. وقال النَّسَائي (¬5): لا نعلم أحدًا تابعه وهو لا بأس به لكن الحديث خطأ. وقال البيهقي (¬6): هو ضعيف. وقال عبد الحق (¬7): أحسن حديث أبي الزبير ما ذكر فيه سماعه، ولم يذكر السماع في هذا. قلت: ليس العلة فيه من أبي الزبير، فأبو الزبير إنما حدّث به عن طاوس وسعيد بن جبير، لا عن جابر، ولكن أيمن بن نابل كأنه سلك الجادة فأخطأ. وقد جمع أبو الشيخ ابن حيان الحافظ "جزءا" (¬8) / (¬9) فيما رواه أبو الزبير عن ¬
غير جابر يتبين للناظر فيه أن جل رواية أبي الزبير إنما هي عن جابر. وأورد الحاكم في "المسندرك" (¬1) حديثًا ظاهره أن أيمن توبع عن أبي الزبير، فقال: حدّثنا أبو علي الحافظ، حدثنا عبد الله بن قحطبة، حدثنا محمد بن عبد الأعلى، حدّثنا معتمر، حدّثنا أبي، عن أبي الزبير به. قال الحاكم: سمعت أبا علي يوثق ابن قحطبة، إلا أنه أخطأ فيه؛ لأن المعتمر لم يسمعه من أبيه إنما سمعه من أيمن. انتهى. وقال أبو محمَّد البغوي: والشيخ في "المهذب" ذكر التسمية في التشهد غير صحيح. والله أعلم. وأما اللفظ الذي ذكره الرّافعي فهو في: [1398]- حديث ابن عمر عند ابن عدي في "الكامل" (¬2) وابن حبان في "الضعفاء" (¬3) في ترجمة " ثابت بن زهير"، عن نافع عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول قبل التشهد: بسم الله خير الأسماء. وقد روى التشهد من الصحابة: أبو موسى الأشعري، وابن عمر، وعائشة، وسمرة بن جندب، وعلي، وابن الزبير، ومعاوية، وسلمان، وأبو حميد، وروي عن أبي بكر موقوفًا، كما وري عن عمر. ¬
[1399]. فحديث أبي موسى رواه مسلم (¬1) وأبو داود (¬2) والنَّسَائيّ (¬3) والطبراني وأوله: "فَلْيَكنْ مِنْ قَوْلِ أَحَدِكمْ: التَّحِياتُ الطَّيِّبَاتُ الصَّلَوات لله ..... ". [1400]. وحديث ابن عمر رواه أبو داود (¬4) حدثنا نصر بن علي، حدّثنا أبي، حدّثنا شعبة، عن أبي بشر سمعت مجاهدًا يحدث عن ابن عمر، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في التشهد: "التَّحيِّاتُ الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ لله، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبيّ وَرَحْمَةُ الله - قال ابن عمر: زدت فيها: وبَرَكَاتُه. السّلامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ الله الصَّالِحِين، أَشْهَدُ أنْ لا إِلَهَ إلا الله- قال ابن عمر: زدت فيها: وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه- وَأَشْهَدُ أن مُحَمدًا عَبْدُه ورسوله". ورواه الدَّارقطنيّ (¬5) عن ابن أبي داود، عن نصر بن علي، وقال: إسناد صحيح. وقد تابعه على رفعه ابن أبي عدي، عن شعبة، ووقفه غيرهما. ورواه ابن عدي (¬6) عن أحمد بن المثنى، عن نصر بن علي، وغَيّر بعض ألفاظه. ورواه البزار: عن نصر بن علي أيضًا. وقال: رواه غير واحد عن ابن عمر، ولا أعلم أحدًا رفعه عن شعبة إلا علي بن نصر. كذا قال! وقول الدَّارقطنيّ السابق يرد عليه. ¬
وقال أبو طالب (¬1): سألت أحمد فأنكره وقال: لا أعرفه. وقال يحيى بن معين (¬2): كان شعبة يضعف حديث أبي بشر عن مجاهد، وقال: ما سمع منه شيئًا، إنما رواه ابن عمر عن أبي بكر الصديق موقوفًا. [1401]. وحديث عائشة رواه الحسن بن سفيان في "مسنده" والبيهقي (¬3) من حديث القاسم بن محمَّد قال: علمتني عائشة، قالت: هذا تشهد النبي - صلى الله عليه وسلم - "التحيات لله والصلوات والطيبات .... " الحديث. ووقفه مالك عن عبد الرحمن بن القاسم، ورجح الدَّارَقطني في "العلل" وقفه. ورواه البيهقي (¬4) من وجه آخر وفيه: التسمية. وفيه ابن إسحاق وقد صرّح بالتّحديث لكن ضعفها البيهقي لمخالفته من هو أحفظ منه. قال (¬5): وروى ثابت بن زهير عن هشام عن أبيه عن عائشة، وفيه التسمية وثابت ضعيف. ورواه ثابت أيضًا عن نافع عن ابن عمر كما سبق. [1402]- وحديث سمرة رواه أبو داود (¬6) ولفظه: "قُولُوا: التَّحِيَّاتُ لله، الطَّيِّبَاتُ والصَّلَوَاتُ وَالْمُلْكُ لله، ثُمَّ سلّمُوا عَلَى النَّبِي - صلى الله عليه وسلم -، وسلِّموا عَلَى [قَارِئِكُمْ] (¬7) وَعَلَى أَنْفُسِكُم". ¬
/ (¬1) وإسناده ضعيف. [1403]- وحديث علي رواه الطبراني في "الأوسط" (¬2) من حديث عبد الله بن عطاء، حدثني النّهدي: سألت الحسين بن علي عن تشهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: تسألني عن تشهد النبي؟ فقلت: حدثني بتشهدّ علي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "التحيَّاتُ لله وَالصَّلَواتُ وَالطيِّبَات، وَالْغَادِيَاتُ وَالرّائِحَاتُ، وَالزَّاكِيَاتُ وَالنَّاعِمَات، السَّابِغَاتُ الطَّاهِرَاتُ لله". وإسناده ضعيف. قلت: وله طريق أخرى، عن علي رواها ابن مردويه من طريق أبي إسحاق، عن الحارث عنه. ولم يرفعه، وفيه من الزيادة "مَا طَابَ فَهُوَ لله، وَمَا خَبُثَ فَلِغَيْرِه". [1404]. وحديث ابن الزبير رواه الطبراني في "الكبير" (¬3) و"الأوسط" (¬4) من حديث ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد، سمعت أبا الورد، سمعت عبد الله بن الزبير يقول: إن تشهد النبي - صلى الله عليه وسلم - "بِسْمِ الله وبالله خَيْر الأسْمَاءِ، التَّحِيَّاتُ لله، الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ، أَشْهَدُ أنْ لا إِلَه إلَّا الله وَحْدَه لا شَرِيكَ لَه، وَأَشْهَدُ أنَ مُحَمَّدًا عَبْدُه وَرَسُولُه، أَرْسَلَهُ بالحقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا، وأنَّ الساعَة آتية لا رَيْبَ فِيهَا، وأنَّ الله يَبْعَثُ مَنْ في الْقُبُور، السَّلامُ عَلَيْكَ أيّها النَّبيّ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكَاتُه، السَّلامُ عَلَيْنَا ¬
وَعَلَى عِبَادِ الله الصَّالِحِين، اللهمّ اغْفِرْ لي وَاهْدِنِي". هذا في الرّكعتين الأوليين. قال الطبراني: تفرد به ابن لهيعة. قلت: وهو ضعيف، ولا سيما وقد خالف. [1405]- وحديث معاوية؛ رواه الطبراني في "الكبير" (¬1) وهو مثل حديث ابن مسعود، وإسناده حسن. [1406]- وحديث سلمان؛ رواه الطبراني أيضًا (¬2) والبزار (¬3) وهو مثل حديث ابن مسعود، لكن زاد لله بعد: والطيبات وقال في آخره: "قلها في صلاتك ولا تزد فيها حرفًا, ولا تنقص منها حرفًا". وإسناده ضعيف (¬4). [1407]- وحديث أبي حميد رواه الطبراني ولكن زاد: "الزّاكِيَاتُ لله"، بعد: "الطيبات" وأسقط واو: الطيبات. وإسناده ضعيف. [1408]- وحديث أبي بكر الموقوف؛ رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (¬5) عن الفضل بن دكين، عن سفيان، عن زيد العمى، عن أبي الصديق الناجي، عن ابن عمر، أن أبا بكر كان يعلمهم التشهد، على المنبر، كما يعلم الصبيان في ¬
المكتب: التحيات لله، والصلوات والطيبات .... فذكر مثل حديث ابن مسعود سواء. قلت: ورواه أبو بكر بن مردويه في كتاب "التشهد" له من رواية أبي بكر مرفوعًا أيضًا. وإسناده حسن، ومن رواية عمر أيضًا مرفوعًا، وإسناده ضعيف، فيه إسحاق بن أبي فروة. ومن حديث الحسين بن علي، من طريق عبد الله بن عطاء أيضًا، عن الزهري. قال: سألت حسينًا عن تشهد علي فقال: هو تشهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فساقه. [1409 - 1411]- ومن حديث طلحة بن عبيد الله، وإسناده حسن. ومن حديث أنس وإسناده صحيح، ومن حديث أبي هريرة، وإسناده صحيح أيضًا. [1412]- ومن حديث أبي سعيد. وإسناده أيضًا صحيح. [1413 - 1417]- ومن حديث الفضل بن عباس وأم سلمة وحذيفة، والمطلب بن ربيعة، وابن أبي أوفى، وفي أسانيدهم مقال وبعضها مقارب، فجملة من رواه أربعة وعشرون صحابيًا. 489 - [1418]- حديث كعب بن عجرة: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن كيفية الصلاة عليه فقال: "قُولُوا: اللهُمّ صَلّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلى آلِ مُحَمَدٍ، كَمَا صَلَّيتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّد وَعَلى آلِ مُحَمّد، كَمَا بَارَكتُ علَى إبرَاهيم وَعلَى آلِ إِبرَاهيمَ إنَّك حَمِيدٌ مجيدٌ".
النَّسَائيّ (¬1) والحاكم (¬2) بهذا السّياق، وأصله في "الصحيحين" (¬3). وقد تقدمت الإشارة إليه 490 - [1419]- حديث ابن مسعود: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في آخر التشهد: " ثُمَّ يَتَخَيَّرْ مِنَ الدُّعَاءِ أَعْجَبَة إِلَيهِ فَيَدْعُو". وفي رواية/ (¬4): "فَلْيَدْعُ بَعْدَ بِمَا شَاءَ". الرواية الأولى رواها البخاري (¬5) في آخر التشهد ولفظه: "ثُمَّ لِيَتَخَيَّرْ أَحَدُكُمْ مِنَ الدّعَاءِ أَعْجَبَهُ إِلَيْهِ فَيَدْعُو بِهِ". واتفقا (¬6) على الرواية الثانية، فلفظ مسلم: "ثُمَّ يَتَخَيَّرْ مِنَ الْمَسْأَلَةِ مَا شَاءَ". ولفظ البخاري: "ثُمَّ يَتَخَيَّرْ مِنَ الثَّنَاءِ مَا شَاءَ". [1420]. وفي رواية للنسائي (¬7) عن أبي هريرة: " ثُمَّ يَدْعُو لِنَفْسِه بِمَا بَدَا لَهُ". إسناده صحيح. [1421]. وفي حديث ابن عباس عند مسلم (¬8): "فَأَمَّا الرّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ ¬
الرَّبَّ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فيهِ مِنَ الدّعَاءِ، فَقَمِن أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ". 491 - [1422]- حديث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان من آخر ما يقول من التّشهد والتسليم: "اللهُمّ اغْفِرْ لي مَا قَدَّمْتُ وَما أَخَّرْت، وَمَا أَسْرَرْت وَمَا أَعْلَنْتُ، وَمَا أَسْرَفْت وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَالْمُؤَخِّرُ لا إِلَه إلاَّ أَنْتَ". مسلم (¬1) من حديث علي في حديث طويل، لكن عنده من طريق أخرى (¬2) وعند أبي داود (¬3): أنه كان يقول ذلك بعد التسليم. 492 - [1423]- حديث: "إذا فَرَغَ أَحَدُكُمْ مِنَ التَّشَهُّد، فَلْيَتَعَوَّذْ بِالله مِنْ أَرْبَعٍ؛ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّال". مسلم (¬4) من حديث أبي هريرة، وهو في البخاري (¬5) بغير تقييد بالتشهد، ¬
وزاد النَّسائيّ: "ثُمَّ يَدْعُو لِنَفْسِه بِمَا بَدَا لَهُ" (¬1). 493 - [1424]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو في آخر الصّلاة: "اللهُمّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ من عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، اللَّهُمّ إني أَعُوذ بِكَ مِنَ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ". متفق عليه (¬2) من حديث عائشة. 494 - [1425]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو في صلاته فيقول: "اللهُمّ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا وَلا يَغْفِرُ الذُّنوبَ إلاَّ أَنْتَ فَاغْفِرْ بي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِك، وَارْحَمْنِي إنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيم". متفق عليه (¬3) من رواية عبد الله بن عمرو بن العاص، عن أبي بكر الصّديق أنّه قال: يا رسول الله علمني دعاء أدعو به في صلاتي، فقال: " قل اللهُمّ ... " فذكره. وفي رواية لهما: عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن أبا بكر قال: فذكره. ولم أر من جعله من قوله - صلى الله عليه وسلم - ولا من رواه بعد التشهد. * حديث: "تَحْلِيلُهَا التَّسْلِيم ... ". ¬
تقدم في أول الباب، من حديث علي عند التِّرمذيّ وغيره، ومن حديث أبي سعيد عند الحاكم وغيره، وله علة ذكرها ابن عدي والدَّارَقطني، ومن حديث عبد الله بن زيد عند الدَّارَقطني، وهو ضعيف، ومن حديث ابن عباس عند الطبراني. واحتج الرّافعي في "الأمالي" بحديث عائشة الصحيح: وكان يختم الصّلاة بالتّسليم، مع قوله: "صَلّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي". *حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: " السَّلام عَلَيْكُم". يأتي في الذي بعده. 495 - [1426]. حديث ابن مسعود: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يسلم عن يمينه: "السّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَة الله"، وعن يساره: "السّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ الله". الأربعة (¬1) والدَّارَقطني (¬2) وابن حبان (¬3). واللفظ لإحدى روايات النَّسَائيّ (¬4) والدَّارَقطني وله ألفاظ. وأصله في "صحيح مسلم" (¬5) من طريق أبي معمر، أنّ ¬
أميرًا كان بمكة يسلم تسليمتين، فقال عبد الله -يعني ابن مسعود- أنى عَلِقها، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يفعله. وقال العقيلي (¬1): والأسانيد صحاح ثابتة في حديث ابن مسعود في تسليمتين ولا يصح في تسليمة واحدة شيء. 496 - [1427]- حديث عائشة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسلم تسليمة واحدة. التِّرمذيّ (¬2) وابن ماجه (¬3) وابن حبان (¬4) والحاكم (¬5) والدَّارَقطني (¬6). وقال في "العلل": رفعه عن زهير بن محمَّد، عن هشام، عن أبيه، عنها عمرو بن أبي/ (¬7) سلمة وعبد الملك الصنعاني، وخالفهما الوليد فوقفه عليه، وقال عقبهَ: قال الوليد فقلت لزهير: أبلغك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم، أخبرني يحيى بن سعيد الأنصاري، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فتبين أنّ الرواية المرفوعة وهم. ¬
وكذا رجح رواية الوقف التِّرمذيّ (¬1)، والبزار، وأبو حاتم (¬2)، وقال في المرفوع: إنه منكر. وقال ابن عبد البر (¬3): لا يَصح موفوعًا. وقال الحاكم (¬4): رواه وهيب عن عبيد الله بن عمر عن القاسم، عن عائشة موقوفًا. وهذا سند صحيح، ورواه بقي بن مخلد في "مسنده" من رواية عاصم عن هشام بن عروة به موفوعًا. وعاصم عندي هو ابن عمر، وهو ضعيف ووهم من زعم أنه ابن سليمان الأحول. والله أعلم. وروى ابن حبان في "صحيحه" (¬5) وأبو العباس السراج في "مسنده" عن عائشة من وجه آخر شيئًا من هذا، أخرجا من طريق زرارة بن أوفى، عن سعيد بن هشام، عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أوتر بتسع ركعات لم يقعد إلا في الثّامنة، فيحمد الله ويذكره، ثمّ يدعو، ثم ينهض ولا يسلِّم، ثم يصلِّي التّاسعة فيجلس ويذكر الله ويدعو، ثم يسلّم تسليمةً ثمّ يُصلِّي ركعتين، وهو جالس .... الحديث. وإسناده على شرط مسلم، ولم يستدركه الحاكم، مع أنه أخرج حديث زهير ابن محمَّد عن هشام كما قدمناه. ¬
*حديث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسلم عن يمينه: "السّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ الله" حتى يُرَى بياض خده الأيمن، السلام عليكم ورحمة الله حتى يرى بياض خده الأيسر. النَّسَائيّ من حديث ابن مسعود، وقد تقدم. ورواه أحمد (¬1) وابن حبان (¬2) والدَّارَقطني (¬3) وغيرهم. وفي الباب: عن سعد بن أبي وقاص، وعمار بن ياسر، والبراء بن عازب، وسهل بن سعد، وحذيفة، وعدي بن عميرة، وطلق بن علي، والمغيرة بن شعبة، وواثلة بن الأسقع، ووائل بن حجر، ويعقوب بن الحصين، وأبي رمثة وجابر بن سمرة. [1428]. فحديث سعد؛ رواه مسلم (¬4) والبزار (¬5) والدَّارَقطني (¬6) وابن حبان (¬7)، قال البزار: روى عن سعد من غير وجه. [1429]. وحديث عمار؛ رواه ابن ماجه (¬8) والدَّارَقطني (¬9). ¬
[1430]- وحديث البراء؛ رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (¬1) والدَّارَقطني (¬2). [1431]- وحديث سهل بن سعد؛ رواه أحمد (¬3)، وفيه ابن لهيعة. [1432]- وحديث حذيفة، رواه ابن ماجه (¬4). [1433]- وحديث عدي بن عميرة؛ رواه ابن ماجه (¬5)، وإسناده حسن. [1434]- وحديث طلق بن علي؛ رواه أحمد (¬6) والطبراني (¬7) وفيه ملازم بن عمرو. [1435]- وحديث المغيرة؛ رواه المعمري في "اليوم والليلة" والطبراني (¬8)، وفي إسناده نظر. ¬
تنبيه
[1436]- وحديث واثلة بن الأسقع، رواه الشافعي (¬1) عن ابن أبي يحيى عن إسحاق بن أبي فروة، عن عبد الوهاب بن بخت، عن واثلة. وإسناده ضعيف. [1437]- وحديث وائل بن حجر، رواه أبو داود (¬2) والطبراني (¬3) من حديث عبد الجبار بن وائل، عن أبيه، ولم يسمع منه. [1438]- وحديث يعقوب بن الحصين، رواه أبو نعيم في "المعرفة " (¬4) وفيه عبد الوهاب بن مجاهد، وهو متروك. [1439]- وحديث أبي رمثة؛ رواه الطبراني (¬5) وابن منده، وفي إسناده نظر. [1440]- وحديث جابر بن سمرة؛ رواه مسلم (¬6) في حديث في آخره: "وإنّمَا يَكْفِي أَحَدَكُمْ أَنْ يَضَع يَدَه عَلَى فَخِذِهِ ثُمَّ يُسَلِمَّ عَلَى أَخِيهِ من عَنْ يَمِينِه وَشِمَاله". تنبيه وقع في "صحيح ابن حبان" (¬7) من حديث ابن مسعود زيادة/ (¬8): وبركاته، ¬
وهي عند ابن ماجه أيضًا (¬1) وهي عند أبي داود أيضًا (¬2) في حديث وائل بن حجر فيتعجب من ابن الصلاح حيث يقول: إن هذه الزيادة ليست في شيء من كتب الحديث. 497 - [1441]. حديث سمرة بن جندب: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نسلم على أنفسنا، وأن ينوي بعضنا بعضا. أبو داود (¬3) والحاكم (¬4) بلفظ: أن نردّ على الإِمام، وأن نتحابّ، وأن يسلم بعضنا على بعض. ورواه ابن ماجه (¬5) والبزار بلفظ: أن نسلم على أئمتنا وأن يسلم بعضنا على بعض زاد البزار: في الصلاة. وإسناده حسن. وعند أبي داود (¬6) من وجه آخر عن سمرة: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا [كان] (¬7) في وسط الصّلاة، أو حين انقضائها فابدءوا قبل السلام، فقولوا: " التَّحِيَّاتُ الطّيِّبَاتُ وَالصَّلَوَاتُ وَالُمُلْكُ لله، ثُمَّ سلِّمُوا عَلَى ¬
الْيَمِين، ثُمَّ سَلِّمُوا عَلَى [قَارِئِكُمْ] (¬1). وَعَلَى أَنْفُسِكُمْ". لكنه ضعيف لما فيه من المجاهيل. 498 - [1442]- حديث علي: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي قبل الظهر أربعًا، وقبل العصر أربعًا يفصل بين كل ركعتين بالتّسليم على الملائكة المقربين، والنّبيين ومن تبعهم من المؤمنين. أحمد (¬2) والتِّرمذيّ (¬3) والبزار (¬4) والنَّسَائيّ (¬5) من حديث عاصم بن ضمرة عنه في أثناء الحديث. قال البزار: لا نعرفه إلا من حديث عاصم. وقال التِّرمذيّ: كان ابن المبارك يضعف هذا الحديث. * حديث: "مَنْ نَامَ عَنْ صَلاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إذًا ذَكَرَهَا". تقدم في "التيمم". * حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - فاتته أربع صلوات يوم الخندق فقضاهن على الترتيب. ¬
تقدم في "الأذان". [1443]- وللترمذي (¬1) والنَّسَائيّ (¬2) من طريق أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه، أن المشركين شغلوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أربع صلوات يوم الخندق حتى ذهب من الليل ما شاء الله، فأمر بلالًا فأذن ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ثم أقام فصلى المغرب، ثم أقام فصلى العشاء. فعلى هذا لم تفته إلا ثلاثة. وقول الرّاوي: إنه شغل عنها، أما في الثّلاثة فظاهر، وأمّا في العشاء فالمراد أنه أخّرها عن وقتها المعتاد. [1444]. ورواه النَّسَائيّ (¬3) وابن حبان (¬4) من طريق عبد الرحمن بن أبي سعيد، عن أبيه، قال: حبسنا يوم الخندق عن الظهر والعصر والمغرب والعشاء حتى كفينا ذلك، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمر بلالًا فأقام ..... الحديث. وفي آخره: وذلك قبل أن ينزل رجالًا وركبانًا. ¬
[تنبيه]
[تنبيه] (¬1) 499 - [1445]. حديث: "لَا صَلاةَ لِمَنْ عَلَيْهِ صَلَاةٌ". قال إبراهيم الحربي: سألت عنه أحمد فقال: لا أعرفه. وقال ابن العربي في "العارضة" (¬2): هو باطل. 500 - [1446]- حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذَا نَسِيَ أَحَدُكُمْ صَلاةً فَذَكَرهَا وَهُوَ في صَلاةٍ مَكْتُوبَةٍ فَلْيَبْدَأْ بِالَّتِي هُوَ فِيهَا، فَإذَا فَرَغَ مِنْهَا صَلَّى الَّتِي نَسِيَ". الدَّارقطنيّ (¬3) والبيهقي (¬4) من حديث ابن عباس، ومكحول لم يسمع منه، وفيه بقية عن عمر بن أبي عمر وهو مجهول. قال ابن العربي (¬5) جمع ضعفًا وانقطاعًا. وقال البيهقي (¬6): احتج بعض أصحابنا بقوله - صلى الله عليه وسلم - ما أدركتم فصلوا، ثم اقضوا ما فاتكم. [1447]- حديث علي: أنّه فسّر قوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} بوضع ¬
اليمين على الشِّمال، تحت النحر. الدَّارَقطني (¬1) من طريق عقبة بن ظهير عنه، والحاكم (¬2) من حديث عقبة بن/ (¬3) صهبان عنه. وروى أبو داود (¬4) وأحمد (¬5) من طريق أبي جحيفة، أن عليا قال: السنة وضع الكف على الكف في الصلاة تحت السرة. وفيه عبد الرّحمن بن إسحاق الواسطي، وهو متروك، واختلف عليه فيه مع ذلك. وقد روي عن ابن عباس مثل التفسير المحكي، عن علي أخرجه البيهقي (¬6). 501 - [1448]- قوله: ويروى: أنّ جبريل كذلك فسره لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -. الحاكم في (تفسير سورة الكوثر) من "المستدرك" (¬7) من حديث الأصبغ بن نباتة عن علي: لما نزلت هذه الآية قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لجبريل: "مَا هَذِه النَّحِيرَةُ؟ " قال: إنّها ليست بنحيرة، ولكن يأمرك إذا أحرمت بالصّلاة أن ترفع يديك إذا كبرت، ¬
وإذا ركعت وإذا رفعت رأسك؛ فإنّها صلاتنا وصلاة الملائكة. ورواه البيهقي (¬1) وإسناده ضعيف جدَّا، واتهَمَ به ابنُ حبان في "الضعفاء" (¬2) إسرائيلَ بن حاتم. 502 - [1449]- حديث: أن عمر بن الخطاب نسي القراءة في صلاة المغرب، فقيل له في ذلك، فقال: كيف كان الرّكوع والسّجود؟ قالوا: حسنًا، قال: فلا بأس. الشّافعي (¬3) عن مالك، عن يحيى بن سعيد، عن محمّد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، أنّ عمر فذكره، وضعّفه الشّافعي بالإرسال. وقال ابن عبد البر (¬4): ليس هذا الأثر [عند] (¬5) يحيى بن يحيى؛ لأنّ مالكًا طرحه في الآخر. والتصحيح عن عمر: أنّه أعاد الصّلاة. وروى البيهقي (¬6) من طريقين موصولين عن عمر: أنّه أعاد المغرب. 503 - حديث: رفع اليدين في القنوت، روي عن ابن مسعود ¬
وعمر وعثمان. [1450]- أما ابن مسعود فرواه ابن المنذر (¬1) والبيهقي (¬2). [1451]- وأما عمر؛ فرواه البيهقي (¬3) وغيره، وهو في "رفع اليدين للبخاري" (¬4). [1452]- وأما عثمان؛ فلم أره، وقال البيهقي (¬5) روي أيضًا عن أبي هريرة 504 - قوله: قال الصّيدلاني: ومن الناس من يزيد: وارحم محمدًا وآل محمَّد، كما رحمت على إبراهيم أو ترحمت، قال: وهذا لم يرد في الخبر، وهو غير صحيح في اللغة؛ فإنه لا يقال رحمت عليه، وإنما يقال رحمته، وأما الترحم ففيه معنى التكلف والتصنع، فلا يحسن إطلاقه في حق الله تعالى. انتهى. وقد سبقه إلى إنكار التّرحم: ابن عبد البر، فق الذي "الاستذكار" (¬6): رويت ¬
الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - من طرق متواترة وليس في شيء منها: وارحم محمدًا. قال: ولا أحب لأحد أن يقوله. وكذا قال النووي في "الأذكار" (¬1) وغيره، وليس كما قالوا، وقد وردت هذه الزيادة في الخبر، وإذا صحّت في الخبر صحّت في اللغة، فقد روى البخاري في "الأدب المفرد" (¬2) من: [1453]- حديث أبي هريرة رفعه قال: "مَنْ قَالَ: اللهمَّ صَل عَلَى مُحَمَّد وَعَلى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ علَى إِبْرَاهِيمَ وآلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّد وآلِ مُحمَّد، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إبراهِيم وآلِ إبراهِيم، وتَرَحّمْ عَلَى مُحَمَّد وَعَلى آل مُحمَّد، كَمَا تَرَحَّمْتَ عَلَى إِبْرَاهِيم وآلِ إبرَاهِيم، شَهِدْتُ لَه يَوْم الْقِيَامَة بالشفَاعَةِ" .. [1454]- ورواه الحاكم في "المستدرك" (¬3) من حديث ابن مسعود رفعه: " إذًا تَشَهَّدَ أحدُكُمْ في الصَّلاة، فَلْيَقُلْ: اللَّهُمّ صَلّ عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آلِ محمّد وَبَارِكْ عَلَى مُحَمُد وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَارْحَمْ مُحمّدًا وآلِ محمّد، كَمَا صَلّيْتَ وَبارَكْتَ وَتَرَحمْتَ عَلَى إبرَاهِيمَ وآلِ إبرَاهِيمَ إنَّك حَمِيدٌ مجيدٌ ". وفي إسناده راو لم يُسمّ كما تقدم. [1455]- وحديث علي فيه؛ رواه الحاكم/ (¬4) في "علوم الحديث" (¬5) في ¬
نوع المسلسل وفي إسناده عمرو بن خالد، وهو كذاب. [1456]- وفيه: عن ابن عباس؛ رواه ابن جرير (¬1) وفي إسناده أبو إسرائيل الملائي وهو ضعيف. ومما يشهد لجواز إطلاق الرَّحمة في حقه - صلى الله عليه وسلم - حديث أبي هريرة عند البخاري في قصة الأعرابي حيث قال: اللهم ارحَمْنِي ومحمّدًا ولا تَرحم معنا أحدًا، فقال: " لَقَدْ تَحَجَّرْتَ وَاسعًا"، ولم ينكر عليه هذا الإطلاق (¬2). (¬3). ********* ¬
باب شروط الصلاة
باب شروط الصلاة * حديث: "لا صَلاةَ إلا بِطَهَارةٍ". تقدّم في [الأحداث] (¬1). 505 - [1457]- قوله: لما يروى عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذَا فَسَا أَحَدُكُمْ في الصّلاة فلْيَنْصَرِفْ، فَلْيَتَوَضأ، وَلْيُعِدِ الصّلاة". هكذا نسبه، فقال: علي بن أبي طالب، وهو غلط، والصواب: علي بن طلق، وهو اليمامي، كذا رواه من طريقه أحمد (¬2) وأصحاب "السنن" (¬3) والدَّارَقطني (¬4) وابن حبان (¬5) وقال: لم يقل فيه: "وَلْيُعِدْ [صَلاتَهُ] (¬6) " إلاَّ جرير بن عبد الحميد. ¬
وأعله ابن القطّان (¬1) بأن مسلم بن سلام الحنفي لا يعرف. وقال التِّرمذيّ (¬2): قال البخاري: لا أعلم لعلي بن طلق غير هذا الحديث الواحد، ولا أعرف هذا من حديث طلق بن علي، كأنّه رأى أن هذا رجل آخر. ومال أحمد بن حنبل إلى أنّهما واحد. وقال أبو عبيد (¬3): أُراه والد طلق بن علي. 506 - [1458]- قوله: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن قَاءَ أَوْ رَعَفَ أَوْ أَمْذَى في صَلاتِهِ فَلْيَنْصَرِفْ وَلْيَتَوَضَّأْ، وَلْيَبْنِ عَلَى صَلاتِهِ مَالَمْ يَتَكَلَّمْ". ابن ماجه (¬4) والدارَقطني (¬5) من حديث ابن جريج، عن ابن أبي مليكة عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ أَصَابَهُ قَيْءٌ أَوْ رُعَافٌ أَوْ قَلَسٌ أَوْ مَذْيٌ فَلْيَنْصَرِفْ فَلْيَتَوَضَّأْ، وَلْيَبنِ عَلَى صَلاتِهِ، وَهُوَ في ذَلِكَ لا يَتَكَلَّمُ". لفظ ابن ماجه، وأعلّه غير واحد، بأنه من رواية إسماعيل بن عياش، عن ابن ¬
جريج. ورواية إسماعيل عن الحجازيين ضعيفهّ. وقد خالفه الحفاظ من أصحاب ابن جريج، فرووه عنه، عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا وصحّح هذه الطريق المرسلة محمَّد بن يحيى الذهلي (¬1) والدَّارَقطني في "العلل" وأبو حاتم (¬2) وقال: رواية إسماعيل خطأ. وقال ابن معين: حديث ضعيف. وقال ابن عدي (¬3): هكذا رواه إسماعيل مرة، وقال مرة: عن ابن جريج، عن أبيه، عن عائشة، وكلاهما ضعيف. وقال أحمد (¬4): الصواب عن ابن جريج، عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا. ورواه الدّارَقطنيّ (¬5) من حديث إسماعيل بن عياش أيضًا، عن عطاء بن عجلان، وعباد بن كثير، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة. وقال [بعده] (¬6): عطاء وعباد ضعيفان. وقال البيهقي (¬7): الصواب إرساله، وقد رفعه أيضًا سليمان بن أرقم عن ابن أبي مليكة وهو متروك. ¬
تنبيه
تنبيه وقع لإمام الحرمين في "النّهاية" وتبعه الغزالي في "الوسيط" (¬1) وهم عجيب؛ فإنه قال: هذا الحديث مروي في الصّحاح، وإنما لم يقل به الشّافعي لأنّه مرسل، ابن أبي مليكة لم يلق عائشة، ورواه إسماعيل بن عياش عن ابن أبي مليكة، عن عروة، عن عائشة، وإسماعيل سيء الحفظ، كثير الغلط فيما يرويه عن غير الشاميين، وابن أبي مليكة، ليس من الشاميين. فاشتمل على أوهام عجيبة: أحدها: قوله: "إن بن أبي مليكة لم يلق/ (¬2) عائشة" وقد لقيها بلا خلاف. ثانيها: "إن إسماعيل رواه عن ابن أبي مليكه"، وإسماعيل إنما رواه عن ابن جريج عنه. ثالثها: إدخاله عروة بينه وبين عائشة، ولم يدخله أحد بينهما في هذا الحديث. رابعها: دعواه أنّه مخرّج في الصّحاح، وليس هو فيها، فليته سكت! وفي الباب: [1459]- عن ابن عبّاس، رواه الدَّارَقطنيّ (¬3) وابن عدي (¬4) والطبراني (¬5). ¬
ولفظه: "إَذا رَعَفَ أَحَدُكُمْ في صَلاتِهِ، فَلْيَنْصَرِفْ فَلْيَغْسِلْ عَنْهُ الدَّمَ، ثُمَّ لِيُعِدْ ؤضُوءَهُ وَلْيَسْتَقْبِلْ صَلاتَه". وفيه سليمان بن أرقم، وهو متروك. [1460]. وعن أبي سعيد الخدري ولفظه: "إذَا قَاءَ أَحَدُكمْ أَوْ رَعَفَ وَهو في الصَّلاةِ أَوْ أَحْدَث فَلْيَنْصَرِفْ فَلْيَتَوَضَّأْ ثُمَّ لِيَجِئَ فَلْيَبْنِ عَلَى مَا مَضَى". رواه الدَّارَقطنيّ (¬1) وإسناده ضعيف أيضًا، فيه أبو بكر الداهري، وهو متروك. [1461]- ورواه عبد الرزاق في "مصنفه" (¬2) موقوفًا على على، وإسناده حَسن، وعن سلمان نحوه (¬3). [1462]- وروى "الموطأ" (¬4) عن ابن عمر أنه: كان إذا رعف رجع فتوضأ ولم يتكلم، ثم رجع وبنى. وللشافعي (¬5) من وجه آخر عنه، قال: من أصابه رعاف أو مذي أو قيء انصرف وتوضأ، ثم رجع فبنى. * قوله: ويشترط أن لا يتكلم على ما ورد في الخبر. يشير إلى ما تقدم في بعض طرقه. ¬
* حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لأسماء: "حُتِّيهِ، ثُمّ اقْرِصِيهِ، ثمّ اغْسِلِيهِ بالْمَاء، وصَلَّي فِيهِ". تقدم في "باب النّجاسات". 507 - [1463]- حديث: لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الواصلة والمستوصلة، والواشمة والمستوشمة، والواشرة والمستوشرة، ويروى: (المؤتشمة) بدل (المستوشمة) و (المؤتشرة) بدل (المستوشرة). متفق عليه (¬1). من حديث ابن عمر، واللّفظ للبخاري: إلاَّ قوله: (الواشرة والمستوشرة). وقد قال الرافعي في "التذنيب": إنها في غير الرّوايات المشهورة. وهو كما قال، فقد رويناها في "مسند عمر بن عبد العزيز" للباغندي (¬2) من: [1464]- حديث معاوية، ورواه أبو نعيم في "المعرفة " (¬3) في ترجمة "عبد الله بن عضاة الأشعري". ¬
وقال ابن الصلاح في كلامه على "الوسيط": لم أجد هذه الزّيادة بعد البحث الشديد، إلا أنّ أبا داود (¬1) والنَّسَائيّ (¬2) رويا في حديث عن: [1465]- أبي ريحانة في النهي عن الوشر انتهى. وهو في "مسند أحمد" (¬3) من: [1466]- حديث عائشة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلعن الواشمة والمؤتشمة والواشرة والمؤتشرة .... الحديث. وفي الباب: [1467]- عن ابن عباس؛ أخرجه أبو داود (¬4) من رواية مجاهد عنه، قال: لعنت الواصلة والمستوصلة، والنامصة والمتنمصة، والواشمة والمستوشمة، من غير داء. قال أبو داود: النامصة التي تنقش الحاجب حتى يرق، والمتنمصة المفعول بها ذلك. [1468]- وفيه: عن أبي هريرة؛ رواه البخاري (¬5). [1469 - 1471]. وفيه: عن عائشة (¬6). وأسماء بنت أبي بكر (¬7) وابن ¬
مسعود (¬1). متفق عليها. 508 - قوله: وفي وصل الزوجة بإذن الزوج وجهان: أحدهما المنع؛ لعموم الخبر. قلت: وفيه حديث خاص، رواه البخاري (¬2) من: [1472]- حديث عائشة: أن امرأة من الأنصار زوجت ابنتها فتمعط شعرها، فقالت للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إن زوجها أمرني أن أَصِلَ في شعرها، فقال: "لَا، إنه قد لعن الواصِلات". ولمسلم (¬3) نحوه. * حديث ابن عمر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الصلاة في سبع مواطن .... الحديث. تقدم في "باب استقبال القبلة". 509 - قوله: ويروى بدل (المقبرة) (بطن الوادي). هذه الرواية قال ابن الصلاح: لم أجد لها ثبتًا ولا ذكرًا في كتب الحديث، وكيف/ (¬4) يصح والمسجد الحرام، إنما هو في بطن وادٍ. ¬
وقال النووي في "الروضة" (¬1): لم يجيء فيه نهي أصلًا. 510 - [1473]- حديث: "إذا أَدْرَكتُم الصَلاةَ وَأَنْتُم في مَرَاحِ الْغَنَمِ فَصَلّوا فِيهَا؛ فإنّها سَكِينَةٌ، وَبَرَكَةٌ وَإذَا أَدْرَكتُمْ وَأَنْتُمْ في أَعْطَانِ الإِبِلِ، فَاخْرُجُوا مِنْهَا وَصَلّوا، فإنَّها جِنٌّ خُلِقَتْ مِنْ جِنٍّ أَلَا تَرَى إذَا نَفَرَتْ كيفَ تَشْمَخُ بِأَنْفِهَا". الشافعي (¬2) من حديث عبد الله بن مغفل المزني بهذا، وفي إسناده إبراهيم بن أبي يحيى. ورواه أحمد (¬3) والنَّسَائيّ (¬4) وابن ماجه (¬5) وابن حبان (¬6) [نحوه] (¬7). وليس عندهم ما في آخره. نعم رواه الطّبراني (¬8) نحوه بتمامه. وفي الباب: [عن أبي هريرة، وسبرة بن معبد، في "السّنن"، وقد تقدّم في ¬
"باب الأحداث" من طرق. * حديث: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " أَخْرِجُوا بِنَا مِنْ هَذا الْوَادِي؛ فَإِنْ فِيه شَيطانًا". مسلم (¬1)] (¬2) عن أبي هريرة، وقد تقدم في "الأذان". 511 - [1474]- حديث: "الأرضُ كلّها مَسْجِدٌ إلَّا الْمَقْبَرَةَ وَالْحَمَّام". الشافعي (¬3) وأحمد (¬4) وأبو داود (¬5) والتِّرمذيّ (¬6) وابن ماجه (¬7) وابن خزيمة (¬8) وابن حبان (¬9) والحاكم (¬10) من حديث أبي سعيد الخدري، ¬
واختلف في وصله وإرساله. قال التِّرمذيّ (¬1): رواه حماد بن سلمة، عن عمرو بن يحيى عن أبيه، عن أبي سعيد، ورواه الثوري، عن عمرو بن يحيى، عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وكأن رواية الثّوري أصح وأثبت، وروي عن عبد العزيز بن محمد، فيه روايتان وهذا حديث فيه اضطراب. وقال البزار: رواه عبد الواحد بن زياد وعبد الله بن عبد الرحمن ومحمد بن إسحاق عن عمرو بن يحيى موصولًا وقال الدَّارَقطني في "العلل" (¬2): المرسل المحفوظ وقال فيها: حدثنا جعفر بن محمد المؤذن، ثقة حدّثنا السرى بن يحيى، حدّثنا أبو نعيم وقبيصة، حدّثنا سفيان، عن عمرو بن يحيى، عن أبيه عن أبي سعيد به موصولًا، وقال: المرسل المحفوظ. وقال الشافعي (¬3): وجدته عندي عن ابن عيينة موصولًا ومرسلًا. ورجح البيهقي (¬4) المرسل أيضًا. وقال النووي في "الخلاصة" (¬5) هو ضعيف. وقال صاحب "الإِمام": حاصل ما علل به الإرسال، وإذا كان الواصل له ثقة فهو مقبول، وأفحش ابن دحية، [فقال] (¬6) في كتاب ¬
" التنوير" له: هذا لا يصح من طريق من الطرق. كذا قال! فلم يصب. قلت: وله شواهد منها: [1475]- حديث عبد الله بن عمرو مرفوعًا: نهى عن الصّلاة في المقبرة، أخرجه ابن حبان (¬1). ومنها: [1476]- حديث على: إن حبي نهاني أن أصلي في المقبرة. أخرجه أبو داود (¬2). 512 - [1477]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى أن تتخذ القبور محاريب. لم أره بهذه اللفظ. [1478]- وفي مسلم (¬3) من حديث أبي مرثد الغنوي رفعه: "لا تُصَلّوا إِلَى القُبُور وَلا تَجْلِسُوا عَلَيْها". وفي لفظ (¬4): "لا تَتخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجدَ إنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ". [1479]- وفي المتفق عليه (¬5) من حديث عائشة: "لعنَ الله الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ .... " الحديث. ¬
[1480، 1481]. ورواه مسلم (¬1) من حديث أبي هريرة وجندب. * حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يحمل أمامة بنت أبي العاص، وهو في صلاته. تقدّم في "باب الاجتهاد". 513 - [1482]. حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا أَصَابَ خفَّ أَحَدِكُمْ أَذىً فَلْيُدْلِكْ بالأَرْضِ، فَإِنْ التُّرابَ لَهُ طَهُور". أبو داود (¬2) وابن السكن والحاكم (¬3) والبيهقي (¬4) من حديث أبي هريرة، وهو معلول؛ اختلف فيه [على] (¬5) الأوزاعي، وسنده ضعيف. [1483]- وروى عنه من طريق عائشة أيضًا أخرجه أبو/ (¬6) داود (¬7) أيضًا. وساقه ابن عدي في "الكامل" (¬8) في ترجمة "عبد الله بن سمعان". ¬
[1484]- وفي ابن ماجه (¬1) من وجه آخر، عن أبي هريرة مرفوعًا: "الطُّرُقُ يُطَهِّرُ بَعْضُهَا بَعْضًا" وإسناده ضعيف. وفي الباب: [1485]- حديث أم سلمة: "يُطهِّرُه مَا بَعْدَهُ" رواه الأربعة (¬2). وفي الباب أيضًا: [1486]- عن أنس، رواه البيهقي في "الخلافيات" (¬3). 514 - [1487]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - خلع نعليه فخلع الناس نعالهم فلما قضى صلاته قال: "مَا حَمَلَكُمْ عَلَى صَنيعِكُمْ؟ " قالوا: رأيناك ألقيت نعليك، فألقينا نعالنا، فقال: "إنَّ جِبْريلَ أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أنَّ فِيهمَا قَذِرًا". أبو داود (¬4) وأحمد (¬5) والحاكم (¬6) وابن خزيمة (¬7) وابن حبان (¬8) من حديث أبي ¬
سعيد واختلف في وصله وإرساله، ورجح أبو حاتم في "العلل" (¬1) الموصول. [1488، 1489]- ورواه الحاكم (¬2) أيضًا من حديث أنس وابن مسعود. [1490، 1491]- ورواه الدَّارَقطنيّ (¬3) من حديث ابن عباس وعبد الله بن الشخير (¬4)، وإسناد كل منهما ضعيف. [1492]- ورواه البزار (¬5) من حديث أبي هريرة، وإسناده ضعيف ومعلول أيضًا. 515 - [1493]- حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "تُعَاد الصَّلاةُ مِنْ قَدْر الدرْهَمِ مِنَ الدَّمِ". الدَّارَقطنيّ (¬6) والبيهقي (¬7) والعقيلي في "الضعفاء" (¬8) وابن عدي في "الكامل" (¬9) من حديث أبي هريرة. ¬
وفيه روح بن غطيف، تفرد به عن الزّهري، قال ذلك ابن عدي (¬1). وغيره. وروى العقيلي (¬2) من طريق ابن المبارك، قال: رأيت روح بن غطيف صاحب الدم قدر الدرهم، فجلست إليه مجلسًا، فجعلت أستحيي من أصحابي أن يروني جالسًا معه. وقال الذهلي: أخاف أن يكون هذا موضوعًا. وقال البخاري (¬3): حديث باطل. وقال ابن حبان (¬4): موضوع. وقال البزار: أجمع أهل العلم على نكرة هذا الحديث. قلت: وقد أخرجه ابن عدي في "الكامل" (¬5) من طريق أخرى عن الزّهري لكن فيها أيضًا أبو عصمة، وقد اتهم بالكذب. * حديث: "تَنَزهُوا مِنَ الْبَوْلِ .... ". تقدم في "باب الاستنجاء.". ¬
516 - [1494]- حديث: "لا تَكشِف فَخِذَكَ، وَلا تَنْطرْ إِلَى فَخِذِ حَيٍّ وَلا مَيِّتٍ"، ويروى: "وَلا تُبْرِزْ فَخِذَكَ". أبو داود (¬1) وابن ماجه (¬2) والحاكم (¬3) والبزار (¬4) من حديث علي، وفيه ابن جريج عن حبيب. وفي رواية أبي داود، من طريق حجاج بن محمَّد عن ابن جريج قال: أُخْبِرْتُ عن حبيب بن أبي ثابت. وقد قال أبو حاتم في "العلل" (¬5) إن الواسطة بينهما هو الحسن بن ذكوان، قال: ولا يثبت لحبيب رواية عن عاصم، فهذه علة أخرى. وكذا قال ابن معين: إن حبيبًا لم يسمعه من عاصم، وإن بينهما رجلًا ليس بثقة. وبَيَّن البزار أنّ الواسطة بينهما هو عمرو بن خالد الواسطي، ووقع في "زيادات المسند" (¬6). وفي الدَّارَقطني (¬7) و"مسند الهيثم بن كليب" (¬8) تصريح ابن جريج بإخبار حبيب له، وهو وهم في نقدي وقد تكلمت عليه في "الإملاء على ¬
أحاديث مختصر ابن الحاجب" (¬1). 517 - [1495]- حديث: "فإن الله أَحَقّ أَنْ يُسْيتَحْيَ مِنْه". الأربعة (¬2) وأحمد (¬3) من حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده. وعلقه البخاري (¬4). 518 - [1496]- حديث: "لا يَقْبَلُ الله صَلاةَ حَائِضٍ إلاَّ بِخِمَارٍ". أحمد (¬5) وأصحاب "السنن" (¬6) - غير النَّسَائي- وابن خزيمة (¬7) والحاكم (¬8) من حديث عائشة. وأعله الدَّارَقطني بالوقف وقال: إن وقفه أشبه. وأعله الحاكم بالإرسال. [1497]- ورواه الطبراني في "الصغير" (¬9) و"الأوسط" (¬10) من حديث أبي ¬
قتادة بلفظ: "لا يَقْبلُ الله مِنِ امْرَأة صَلاةً حَتى تُوارِي زِينَتَها، وَلا مِنْ جَارِيَةٍ بَلَغَتْ [المَحِيضَ] (¬1) حَتَّى تَخْتَمِرَ". 519 - [1498]- حديث/ (¬2) أبي أيوب: "عَوْرَةُ الرّجُلِ مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ إلَى رُكبَتِه". الدَّارَقطني (¬3) والبيهقي (¬4) من طريق زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عنه. وإسناده ضعيف؛ فيه عباد بن كثير وهو متروك. 520 - [1499]- حديث روي: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "عَوْرَةُ الرَّجُلِ مَا بَينَ سُرَّتِه وَرُكبَتِه". الحارث بن أبي سامة في "مسنده" (¬5) من حديث أبي سعيد، وفيه شيخ الحارث داود بن المحبر، رواه عن عباد بن كثير، عن أبي عبد الله الشامي، عن عطاء، عنه. وهو سلسلة ضعفاء إلى عطاء. وفي الباب: ¬
[1500]- عن عبد الله بن جعفر رواه الحاكم (¬1) وفيه أصرم بن حوشب وهو متروك. [1501]- وفي "سنن أبي داود" (¬2) والدَّارَقطني (¬3) وغيرهما من حديث عمرو ابن شعيب، عن أبيه، عن جده في حديث: "وإذا زوّج أَحَدُكُمْ خَادمَه عَبْدَه أَوْ أَجِيره فَلا يَنْظُرُ إِلَى مَا دُونَ السّرّةَ وَفَوْقَ الرّكبَة". ورواه البيهقي أيضًا (¬4). وقال البخاري في "صحيحه" (¬5): ويُذكر عن ابن عباس وجرهد، ومحمّد ابن جحش "الفخذ عَورة". وقد ذكرت من وصلها في كتابي "تغليق التعليق" (¬6). 521 - [1502]- حديث: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن المرأة تصلي في درع وخمار من غير إزار؟ فقال: "لا بَأْسَ إذَا كَانَ الدِّرعُ سابغًا يُغَطِّي ظُهورَ قَدَمَيْهَا". ¬
أبو داود (¬1) والحاكم (¬2) من حديث أم سلمة، وأعله عبد الحق (¬3) بأن مالكًا وغيره رووه موقوفًا، وهو الصواب. 522 - [1503]- حديث روي: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في الرجل يشتري الأمة: "لا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيهَا، إلاَّ الْعَوْرَةَ، وَعَوْرَتُها مَا بَيْنَ مَعْقِدِ إزَارِهَا إِلَى رُكبَتَيهَا". البيهقي (¬4) من حديث ابن عباس، وقال: إسناده ضعيف لا تقوم بمثله الحجة. ورواه (¬5) من وجه آخر ضعيف أيضًا. وقال ابن القطان في كتاب "إحكام النظر": هذا الحديث لا يصح من طريقيه، فلا يعرج عليه. وسيأتي الكلام على حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، في المعنى بعد. 523 - [1504]- حديث سلمة بن الأكوع، قلت: يا رسول الله إني ¬
وجل أصيد أفأصلي في القميص الواحد؟ قال: "نَعَمْ، وَازْرُرْه وَلَوْ بِشَوْكَةٍ". الشافعي (¬1) وأحمد (¬2) وأصحاب "السنن" (¬3) وابن خزيمة (¬4) والطحاوي (¬5) وابن حبان (¬6) والحاكم (¬7). وعلّقه البخاري في "صحيحه" (¬8) ووصله في "تاريخه" (¬9) وقال: في إسناده نظر. وقد بينت طرقه في "تغليق التعليق" (¬10) وله شاهد مرسل، وفيه انقطاع، أخرجه البيهقي (¬11). ¬
524 - [1505]- حديث: "إنَّ صَلاَتنَا هَذِه لا يَصْلُح فِيهَا شَيءٌ مِنْ كَلامِ الآدمِيِّينَ، إنَّما هُوَ التَّسْبيحُ والتَكْبِير وَتلاوَةُ الْقُرآن". مسلم (¬1) من حديث معاوية بن الحكم، وفيه قصة ستأتي قريبًا. 525 - [1506]- حديث: "إنّ الله يُحْدِثُ مِنْ أَمْرِه مَا شَاءَ، وإن مِمَّا أَحْدَثَ أَنْ لا تَكَلَمُوا في الصَّلاة". أبو داود (¬2) وابن حبان في "صحيحه" (¬3) من حديث ابن مسعود قال: كنا نسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في الصلاة، فيرد علينا ويأمر بحاجتنا، فقدمت عليه وهو يصلي، فسلمت عليه فلم يود على السلام، فأخذني ما قدم وما حدث، فلما قضى الصلاة قال: "إنّ الله يُحْدِثُ مِنْ أَمْرِه مَا شَاءَ، وَإن الله قَدْ أَحْدَثَ أَنْ لا تَكَلَّمُوا في الصَّلاة"، فردّ عليه السَّلامَ. وأصله في "الصحيحين" (¬4) إلى قوله: فلم يرد علي، [فقلنا] (¬5): يا رسول الله كنا نسلم عليك في الصلاة فترد علينا، فقال: "إنّ في الصلاةِ لَشُغْلًا". 526 - [1507]- حديث روي: عن أبي هريرة: صلّى بنا ¬
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العصر وسلّم من ركعتين، فقام ذو اليدين فقال: يا رسول الله، أقصرت الصلاة أم نسيت؟ فقال: "كُلّ ذَلِكَ/ (¬1) لَمْ يَكُنْ"، فقال: "أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْن؟ " قالوا: نعم، فأتم ما بقي من صلاته وسجد للسهو. متفق عليه (¬2). إلى قوله: "لم يكن" فقال: قد كان بعضُ ذلك يا رسول الله، فأقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الناس فقال: "أَصَدَقَ ... "، فذكره. وفي آخره: ثم سجد سجدتين وهو جالس بعد التسليم. ولمسلم (¬3): صلى لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة العصر فسلم في ركعتين، فقام ذو اليدين فقال: أقصرت اورة أم نسيت؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كلُّ ذلكَ لَمْ يَكُنْ" فقال: قد كان بعض ذلك يا رسول الله، فأقبل على الناس فقال: "أَصَدَق ذُو الْيَدَيْن؟ " فقالوا: نعم يا رسول الله، فأتَمّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما بقي من الصّلاة، ثم سجد سجدتين، وهو جالس بعد التسليم. هذه الرواية أخرجها من طريق مالك، عن داود بن الحصين، عن أبي سفيان مولى بن أبي أحمد، وللحديث طرق في "الصحيحين" لكن هذه الرّواية أشبه بسياق الكتاب وقد جمع طرقه والكلام عليه في مصنّف ¬
مفرَد الشّيخ صلاح الدين العلائي (¬1). 527 - [1508]- حديث معاوية بن الحكم السلمي قال: لما رجعت من الحبشة صلّيت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعطس بعض القوم، فقلت: يرحمك الله، فحدقني القوم بأبصارهم، فقلت: ما شأنكم تنظرون إلي؟ فضربوا بأيديهم على أفخاذهم وهم يسكِّتونني فسكتّ، فلما فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يَا مُعَاوَيةُ، إنَّ صَلاَتنَا هَذِه لا يَصْلُحُ فِيهَا شَيءٌ مِنْ كَلامِ النَّاسِ، إنَّما هِي التَّسْبِيحُ والتكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرآن". مسلم (¬2) وأبو داود (¬3) والنَّسَائيّ (¬4) وابن حبان (¬5) والبيهقي (¬6). وليس عند واحد منهم: لما رجحت من الحبشة، بل أول الحديث عندهم: بينا أنا أصلّي. وقوله: لما رجعت من الحبشة غلط محض لا وجه له، ولم يذكر أحد معاوية بن الحكم في ¬
مهاجرة الحبشة، لا من الثقات ولا من "الضعفاء" وكأئه انتقالٌ ذهنِيٌّ من حديث ابن مسعود الّذي تقدّم، فإن فيه (لما رجعت من الحبشة) والله أعلم. 528 - [1509]- حديث روي: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "الْكلامُ يَنْقُضُ الصَّلاةَ ولا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ". الدَّارَقطنيّ (¬1) من حديث جابر بإسناد ضعيف، فيه أبو شيبة الواسطي. ورواه من طريقه بلفظ: "الضَّحِكُ" بدل "الكَلامُ"، وهو أشهر، وصحّح البيهقي (¬2) وقْفه وقد سبق في "الأحداث". 529 - [1510]- حديث: "رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَما اسْتُكْرِهُوا عَلَيه". قال النووي في (الطلاق) من "الروضة" (¬3) في تعليق الطلاق: حديث حسن. وكذا قال في أواخر "الأربعين" (¬4) له. انتهى. رواه ابن ماجه (¬5) وابن حبان (¬6) والدَّارَقطني (¬7) والطبراني (¬8) ¬
والبيهقي (¬1) والحاكم في "المستدرك" (¬2) من حديث الأوزاعي، واختلف عليه: فقيل عنه، عن عطاء، عن عبيد بن عمير، عن ابن عباس بلفظ: "إنَّ الله وَضَعَ .... ". وللحاكم والدَّارَقطني والطبراني: "تَجَاوَز" (¬3). وهذه رواية بشر بن بكر، ورواه الوليد بن مسلم عن الأوزاعي، فلم يذكر عبيد بن عمير. قال البيهقي: جوّده بشر بن بكر، وقال الطبراني في "الأوسط" (¬4): لم يروه عن الأوزاعي يعني مجودًا إلا بشر تفرد به الربيع بن سليمان. وللوليد فيه إسنادان آخران: روى عن محمَّد بن المصفى، عنه، عن مالك، عن نافع عن ابن عمر. وعن ابن لهيعة، عن موسى بن وردان، عن عقبة بن عامر. قال ابن أبي حاتم في "العلل" (¬5) سألت أبي عنها/ (¬6). فقال: "هذه أحاديث منكرة، كأنها موضوعة". وقال في موضع آخر منه (¬7): لم يسمعه الأوزاعي من عطاء، إنما سمعه ¬
من رجل لم يسمه أتوهم أنه عبد الله بن عامر الأسلمي، أو إسماعيل بن مسلم. قال: ولا يصح هذا الحديث، ولا يثبت إسناده. وقال عبد الله بن أحمد في "العلل" (¬1) سألت أبي عنه فأنكره جدًا، وقال: ليس يروى هذا إلا عن الحسن، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. ونقل الخلال عن أحمد قال: من زعم أن الخطأ والنسيان مرفوع، فقد خالف كتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن الله أوجب في قتل النفس الخطأ الكفارة، يعني من زعم ارتفاعهما على العموم في خطاب الوضع والتكليف. قال محمَّد بن نصر في كتاب "الاختلاف" (¬2) في باب طلاق المكره، يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "رَفَعَ [الله] (¬3) عَنْ هَذِه الأمَّةِ الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَما أُكْرِهُوا عَلَيْه"، إلا أنّه ليس له إسناد يحتج بمثله. ورواه العقيلي في "تاريخه" (¬4) من حديث الوليد عن مالك به. ورواه البيهقي (¬5). وقال: قال الحاكم: هو صحيح غريب تفرد به الوليد عن مالك. وقال البيهقي (¬6) في موضع آخر: ليس بمحفوظ عن مالك. ورواه الخطيب في كتاب "الرواة عن مالك" في ترجمة (سوادة بن إبراهيم) ¬
تنبيه
عنه، وقال: سوادة مجهول، والخبر منكر عن مالك. [1511]- ورواه ابن ماجه (¬1) من حديث أبي ذر، وفيه شهر بن حوشب، وفي الإسناد انقطاع أيضًا. [1512، 1513]- ورواه الطبراني (¬2) من حديث أبي الدرداء، ومن حديث ثوبان، وفي إسنادهما ضعف. وأصل الباب: [1514]- حديث أبي هريرة في الصحيح (¬3). من طريق زرارة بن أوفى، عنه بلفظ: "إنّ الله تَجَاوَزَ لأمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسُهَا مَا لَمْ تَعمَلْ بِهِ أَو تكلَّمْ بِهِ". ورواه ابن ماجه (¬4) ولفظه: "عَمَّا تُوَسْوِسُ بِهِ صُدُورُهَا" بدل "مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا"، وزاد في آخره: "وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْه"، والزّيادة هذه أظنّها مدرجة كأنّها دخلت على هشام بن عمار من حديث في حديث. والله أعلم. تنبيه تكرر هذا الحديث في (كتب الفقهاء والأصوليين) بلفظ: "رُفِعَ عَنْ أُمَّتي ... " ولم نره بها في الأحاديث المتقدمة عند جميع من أخرجه، نعم رواه ابن عدي في "الكامل" (¬5) من طريق جعفر بن جسر بن فرقد، عن أبيه، عن الحسن، عن أبي بكرة، رفعه: " رَفَعَ الله عَنْ هَذِهِ الأمَّة ثَلاثًا: الْخَطَأُ ¬
وَالنِّسْيَانُ وَالأَمْرُ يُكْرَهُون عَلَيْه". وجعفر وأبوه ضعيفان. كذا قال المصنف. وقد ذكرناه عن محمّد بن نصر بلفظه، ووجدته في "فوائد أبي القاسم الفضل بن جعفر التميمي"، المعروف بأخي عاصم، حدثنا الحسين بن محمَّد، حدّثنا محمَّد بن مصفى، حدّثنا الوليد بن مسلم، حدّثنا الأوزاعي، عن عطاء، عن ابن عباس بهذا, ولكن رواه ابن ماجه (¬1) عن محمَّد بن مصفى بلفظ: "إنَّ الله وَضَع". 530 - [1515]. حديث: "إذا نَابَ أَحَدُكمْ شَيءٌ في صَلاِتهِ فَلْيسَبِّحْ فَإنَّمَا التَّسْبِيخ لِلرَّجَال وَالتَّصْفِيق للنّسَاءِ". متفق (¬2) على صحته من حديث سهل بن سعد نحوه، في حديث طويل. [1516]- واتفقا عليه (¬3) من حديث أبي هريرة مختصرًا، بلفظ: "إنَّما التّسبيح للرِّجَال، وَالتَّصْفِيقُ للنِّسَاءِ"، زاد مسلم: "في الصَّلاةِ" 531 - قوله: وينخرط في سلك الأعذار ما يقع جوابًا للرّسول فإذا خاطب به مصليًّا في عصره وجب عليه الجواب، ولم تبطل صلاته انتهى. ومستند هذا: ¬
[1517]- حديث أبي سعيد بن المعلّى في البخاري (¬1). 532 - [1518]- حديث علي: كانت لي ساعة أدخل على النّبي - صلى الله عليه وسلم - فيها، فإن كان قائمًا يصلّي سبّح/ (¬2) لي، وكان ذلك إذنه لي، وإن لم يكن يصلي أذن لي. النَّسَائيّ (¬3) من حديث جرير، عن مغيرة، عن الحارث العكلي، عن عبد الله ابن بني عن علي، قال: كان لي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ساعة آتيه فيها، إذا أتيت استأذنت، فإن وجدته يصلي فسبح دخلت، وإن وجدته فارغًا أذن لي. ورواه (¬4) من حديث أبي بكر بن عياش، عن مغيرة بلفظ: (فتنحنح) بدل (فسبح). وكذا رواه ابن ماجه (¬5) وصححه ابن السكن. وقال البيهقي (¬6): هذا مختلف في إسناده ومتنه، قيل: (سبح) وقيل: (تنحنح) قال: ومداره على عبد الله بن نجي. قلت: واختلف عليه، فقيل: عنه، عن علي. وقيل: عن أبيه، عن علي. ¬
وقال يحيى بن معين: لم يسمعه عبد الله من علي، بينه وبين علي أبوه. 533 - قوله: في جواز الفتح على الإِمام يدل له حديث التسبيح للرجال. يعني: الذي مضى. [1519]- وعند أبي داود (¬1) وابن حبان (¬2) من حديث ابن عمر صلّى النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة فالتبس عليه، فلما فرغ قال لأبي: "أَشَهِدْتَ مَعَنَا"، قال: نعم، قال: "فَمَا مَنَعَكَ أَنْ تَفْتَحَهَا عَلَى؟! ". [1520]- وروى الأثرم وغيره من حديث المسور بن يزيد نحوه. [1521]- وروى الحاكم (¬3) عن أنس: كنا نفتح على الأئمّة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. [1522]- وقد روى عبد الرزاق في "مصنفه" (¬4) من طريق الحارث، عن علي مرفوعًا: "لا تَفْتَحَنَّ عَلى الإمَامِ وَأَدتَ في الصَّلاة". والحارث ضعيف، وقد صحّ عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: قال علي: إذا استطعمك الإِمام فأطعمه. 534 - [1523]- حديث: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلّى الظّهر خمسًا، ¬
فلما تبيّن الحال سجد للسهو، ولم يعد الصلاة. متفق على صحته (¬1) من حديث ابن مسعود. وقوله: "ولم يعد الصلاة"، من قول المصنِّف قاله تَفَقُّهًا؛ لأنه لم يرد في الحديث أنّه أعاد. * حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - حمل أمامة بنت أبي العاص في صلاته. متفق على صحته، وتقدم في "باب الاجتهاد". 535 - [15241]- حديث أنه: أمر بقتل الأسودين في الصلاة: الحية والعقرب. أحمد (¬2) وأصحاب "السنن" (¬3) وابن حبان (¬4) والحاكم (¬5) من حديث ضمضم بن جوس عن أبي هريرة بلفظ: "اقْتُلُوا الأَسْوَدَيْن في الصَّلاةِ؛ الحيَّةَ وَالْعقْرَب". [1525]- وعن ابن عباس، مرفوعًا نحوه رواه الحاكم (¬6) وإسناده ضعيف. [1526]- وفي "صحيح مسلم" (¬7) له شاهد من حديث زيد بن جبير، عن ابن ¬
عمر، عن إحدى نسوة النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يأمر بقتل الكلب العقور، والفأرة والعقرب، والحدأة والغراب والحية، وقال: في الصلاة. [1527]- وعن أبي داود (¬1) بإسناد منقطع، عن رجل من بني عدي بن كعب، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لهم: "إذا وَجَد أَحَدُكُم عَقْرَبًا وَهُو يُصَلِّي فَلْيَقْتُلْهَا بِنَعْلِه الْيُسْرَى". 536 - [1528]- حديث: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ بأذن ابن العباس وهو في الصلاة، فأداره من يساره إلى يمينه. متفق عليه (¬2) من حديث ابن عباس مطولًا. 537 - [1529]- حديث: دخل أبو بكرة المسجد والنبي - صلى الله عليه وسلم - في الرّكوع، فركع خشية أن يفوته الركوع، ثم خطا خطوة، فلما فرغ قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "زادَكَ الله حِرْصًا وَلا تَعُدْ". أحمد (¬3) والبخاري (¬4) وأبو داود (¬5) والنسَائي (¬6) وابن حبان (¬7) من حديث أبي بكرة وألفاظهم مختلفة، وليس عندهم تقييده بالخطوة. ¬
تنبيه
تنبيه اختلف في معنى قوله/ (¬1): "وَلا تَعُدْ"، فقيل: نهاه عن العود إلى الإحرام خارج الصف، وأنكر هذا ابن حبان وقال (¬2): [أراد] (¬3) لا تعد في إبطاء المجئ إلى الصلاة. وقال ابن القطان الفاسي (¬4) - تبعًا للمهلب بن أبي صفرة-: معناه: لا تَعد إلى دخولك في الصف وأنت راكع، فإنّها كمشية البهائم. ويؤيده: رواية حماد بن سلمة في "مصنفه" عن الأعلم، عن الحسن، عن أبي بكرة: أنه دخل المسجد ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي وقد ركع، فركع ثم دخل الصف وهو راكع، فلما انصرف النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أيَكُمْ دَخَلَ في الصَّفِّ وَهُوَ رَاكِعٌ؟ " فقال له أبو بكرة: أنا، فقال: "زَادَكَ الله حِرْصًا وَلا تَعُدْ". وقال غيره: بل معناه: لا تعد إلى إتيان الصلاة مسرِعًا، واحتجّ بما رواه ابن السكن في "صحيحه" بلفظ: أقيمت الصلاة فانطلقتُ أسعى، حتى دخلت في الصف، فلما قضى الصلاة قال: "مَنِ السّاعِي آنِفًا؟ " قال أبو بكرة: فقلت: أنا، فقال: "زَادَك الله حِرْصًا وَلا تَعُدْ". فائدة [1530]- روى الطّبراني في "الأوسط" (¬5) من حديث ابن الزبير ما يعارض ¬
هذا الحديث؛ فأخرج من حديث ابن وهب، عن ابن جريج، عن عطاء سمع ابن الزبير على المنبر يقول: إذا دخل أحدكم المسجد والناس ركوع فليركع حين يدخل، ثم يدب راكعًا حتى يدخل في الصف فإن ذلك السنة، قال عطاء: وقد رأيته يصنع ذلك. وقال: تفرد به ابن وهب، ولم يروه عنه غير حرملة، ولا يروي عن ابن الزبير إلا بهذا الإسناد. 538 - [1531]- حديث: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سلم عليه نفر من الأنصار وكان يردّ عليهم بالإشارة، وهو في الصّلاة. أبو داود (¬1) عن ابن عمر: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى قباء يصلّي فيه قال: فجاءت الأنصار فسلّموا عليه، فقلت لبلال: كيف رأيت رسول يردّ عليهم حين كانوا يسلمون عليه وهو يصلي؟ قال: يقول هكذا، وبسط كفه. وهكذا رواه أحمد (¬2) والتِّرمذيّ (¬3) والنَّسَائيّ (¬4) وابن ماجه (¬5) وابن حبان (¬6). ¬
ورواه ابن حبان (¬1) والحاكم (¬2) وأحمد (¬3) أيضًا من حديث ابن عمر: أنه سأل صهيبًا عن ذلك، بدل بلال وذكر الترمذيّ: أنّ الحديثين جميعًا صحيحان. 539 - قوله: دلّت هذه الأحاديث ونحوها على احتمال الفعل القليل في الصّلاة. ومرادُه بقوله: ونحوها، حديث جابر في "صحيح مسلم" (¬4) وهو في باب (سجود السهو). وفي باب (أوقات الصلاة) وحديث أم سلمة وحديث عائشة في "الصحيحين". [1532]- وروى أبو داود (¬5) وابن خزيمة (¬6) وغيرهما عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم كان يشير في الصلاة، وفي كلها إشارته وهو في الصلاةُ. 545 - [1533]- حديث: "إذا مَرَّ الْمَارُّ بَينَ يَدَي أَحَدُكُمْ وَهُو في الصَّلاةِ فَلْيَدْفَعْهُ، فَإنْ أبى فَلْيَدْفَعْه، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ؛ فَإنَّمَا هُوَ شَيطَانٌ". ثم قال بعد قليل: عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ¬
"إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إلى شَيءٍ يَسْتُرُه مِنَ النَّاسِ فَأَرَادَ أحدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْن يَدَيْهِ فَلْيَدْفَعْه، فَإنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ، فَإِنَّمَا هُو شيْطَان". روى هذا الحديث البخاري (¬1). وهو كما قال. ورواه مسلم (¬2) أيضًا. واللفظ الأول رواه البخاري في كتاب (بدء الخلق) من "صحيحه" (¬3). 541 - [1534]- حديث: أبي هريرة "إذَا صَلَى أَحَذكُم فَلْيَجْعَلْ تِلْقَاءَ وَجْهِه شَيئًا، فَإنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَنْصِبْ عَصًا، فَإنْ لَمْ يَكنْ مَعَهُ عصًا فَلْيَخُطَّ خَطًّا ثُمَّ لا يَضُرّه مَا مَرَّ بَينَ يَدَيْه". الشافعي في "القديم" (¬4) وأحمد (¬5) وأبو داود (¬6) وابن ماجه (¬7) وابن حبان (¬8) والبيهقي (¬9) وصححه أحمد وابن المديني فيما نقله ابن عبد البر ¬
في "الاستذكار" (¬1) وأشار إلى ضعفه سفيان بن عيينة (¬2) والشافعي (¬3) والبغوي وغيرهم. وقال الشافعي في "البويطي": ولا يخط المصلي بين يديه خطًّا إلا أن يكون في ذلك حديثٌ ثابتٌ. وكذا قال في "سنن حرملة". قلت: وأورده ابن الصلاح (¬4) مثالًا للمضطرب، ونوزع في ذلك، كما بينته في "النكت" (¬5) ورواه المزني في "المبسوط" عن الشافعي بسنده، وهو من الجديد فلا اختصاص له بالقديم 542 - [1535]- حديث: "لَوْ يَعْلَمُ المارُّ بَينَ يَدَيِ الْمُصَلِّي مَاذَا عَلَيه مِنَ الإثْمِ لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَيرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَينَ يَدَيْه". متفق عليه (¬6) من حديث أبي الجهم، دون قوله: "مِنَ الإثْمِ"؛ فإنها في رواية أبي ذر عن أبي الهيثم خاصة، وقول ابن الصلاح: إن العجلي وهم في قوله: إن من الإثم في "صحيح البخاري" متعقب برواية أبي ذر عن أبي الهيثم، وتبع ¬
ابن الصلاح الشيخ محيي الدين النووي في "شرح المهذب" (¬1) ثم اضطر فعزاها إلى عبد القادر الرهاوي في "الأربعين" له وفوق كل ذي علم عليم. 543 - [1536]- حديث أبي صالح قال: رأيت أبا سعيد الخدري في يوم جمعة يصلي إلى شيء يستره من الناس، فأراد شاب من بني أبي معيط أن يجتاز بين يديه، فدفع أبو سعيد في صدره ... الحديث. والقصة رواها البخاري في "صحيحه" (¬2) وهو كما قال، ورواها مسلم (¬3) نحوه أيضًا. 544 - [1537]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - ربط ثمامة بن أثال في المسجد قبل إسلامه. متفق عليه (¬4) من حديث أبي هريرة مطولًا. 545 - [1538]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - قدم عليه وقد ثقيف فأنزلهم في المسجد، ولم يُسْلِموا بعدُ. ¬
أحمد (¬1) وأبو داود (¬2) وابن ماجه (¬3) والبيهقي (¬4) من حديث الحسن، عن عثمان بن أبي العاص. واختلف فيه [على] (¬5) الحسن؛ فرواه أبو داود في "المراسيل" (¬6) أيضًا عن أشعث، عن الحسن: أن وقد ثقيف أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فضرب لهم في مؤخَّر المسجد، لينظروا إلى صلاة المسلمين، فقيل: يا رسول الله أنزلتهم في المسجد وهم مشركون؟ فقال: "إن الأرْضَ لَا تَنْجُسْ، إنما يَنْجُس ابنُ آدَم". [1539]- وله شاهد في ابن ماجه (¬7) من وجه آخر. 546 - قوله: إن الكفار كانوا يدخلون مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - ويطيلون الجلوس فيه، ولا شك أنهم كانوا [يجنبون] (¬8). هو كما قال. ¬
[1540]- وفي "الصحيحين" (¬1) عن جبير بن مطعم، أنه جاء في أسارى بدر يعني- في فدائهم- زاد البرقاني: وهو يومئذ مشرك، قال: فسمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في المغرب بالطور. ورواه البيهقي (¬2) بلفظ: أتيت المدينة في فداء أهل بدر، وأنا يومئذ مشرك، فدخلت المسجد ... الحديث. [1541]- وفي "سنن أبي داود" (¬3) من حديث أبي هريرة أن اليهود أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو جالس في المسجد في أصحابه، فقالوا: يا أبا القاسم .... الحديث. وفيه غير ذلك. 547 - [1542]- حديث ابن عمر: أنه عصر [بثرة] (¬4) عن وجهه، ودلّك بين إصبعيه بما خرج منها، وصلى ولم يعد. الشافعي (¬5) وابن أبي شيبة في "مصنفه" (¬6) والبيهقي (¬7) من حديث بكر بن عبد الله المزني، قال: رأيت ابن عمر، فذكره. وعلقه البخاري (¬8) ¬
548 - [1543]- حديث ابن عباس في قوله: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}: إن/ (¬1) المراد بها الثياب. رواه البيهقي (¬2). 549 - [1544]- حديث عمر: أنه رأى أمة ستوت وجهها فمنعها من ذلك، وقال: أتتشبهين بالحرائر. البيهقي (¬3) من طريق صفية بنت أبي عبيد، قالت: خرجت أمة مختمرة متجلببة، فقال عمر: من هذه المرأة؟ فقيل: جارية بني فلان، فأرسل إلى حفصة فقال: ما حملك على أن تخمري هذه المرأة وتجلببيها، وتشبهيها بالمحصنات حتّى همَمتُ أن أقع بها, لا أحسبها إلا من المحصنات، لا تشبهوا الإماء بالمحصنات. ... ¬
باب سجود السهو
باب سجود السهو 550 - [1545]- حديث: أنّه - صلى الله عليه وسلم - صلى بهم الظهر، فقام في الركعتين الأوليين ولم يجلس، فقام الناس معه، حتى إذا قضى الصلاة وانتظر الناس تسليمه كبر وهو جالس فسجد (¬1) سجدتين قبل أن يسلم، ثم سلم. متفق على صحته (¬2) من حديث عبد الله بن بحينة، واللفظ للبخاري. * حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر خمسًا ثم سجد للسهو ... الحديث. متفق عليه من حديث ابن مسعود. وقد سبق في "شروط الصلاة". 551 - [1546]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - قام ومضى إلى ناحية المسجد وراجع ذا اليدين، وسأل أصحابه، فأجابوا، ثم ذكر بعد ذلك أنه - صلى الله عليه وسلم - في حديث ذي اليدين تكلّم واستدبر القبلة، [ومشى] (¬3) ولم يزد على سجدتين. ¬
متفق عليه (¬1) من حديث محمَّد بن سيرين، عن أبي هريرة، قال: صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إحدى صلاتي العشاء، إما الظهر وإما العصر، فسلم في ركعتين، ثم أتى جذعًا في قبلة المسجد فاستند إليه مغضبًا، وفي القوم أبو بكر وعمر فهابا أن يكلماه، وخرج سرعان الناس فقالوا: أقصرت الصلاة؟ فقام ذو اليدين فقال: يا رسول الله أنسيت أم قصرت الصلاة؟ فنظر يمينًا وشمالًا فقال: "مَا يَقُول ذُو الْيَدَيْن؟ " قالوا: صدق، لم تصل إلا ركعتين. فصلى ركعتين وسلم، ثم كبر ثم سجد، ثم كبر فرفع، ثم كبر وسجد، ثم كبر ورفع. قال: وأخبرتُ أن عمران بن حصين قال: ثم سلم. لفظ مسلم، وله طرق كثيرة، وألفاظ وقد جمع طرقه الحافظ صلاح الدّين العلائي وتكلم عليه كلامًا شافيًا في جزء مفرد (¬2). 552 - [1547]- حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا سَهْوَ إلاَّ في قِيَامٍ عَن جُلُوس أو جُلُوسٍ عَن قيَام". الدارقطني (¬3) والحاكم (¬4) والبيهقي (¬5) من حديث ابن عمر (¬6). وفيه: أبو بكر العنسي، وهو ضعيف. ¬
وقال البيهقي: مجهول، ومقتضاه: أنه غير أبي بكر بن أبي مريم، والظّاهر أنّه هو، وهو ضعيف. 553 - حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - فعل الفعل القليل في الصلاة، ورخص فيه، ولم يسجد للسهو ولا أمر به. قد تقدم في الباب الذي قبله عدّة أحاديث تشهد لذلك. *وفيه أيضًا: حديث معاوية بن الحكم في ضرب الأفخاذ في الصّلاة لِيُسْكتوه (¬1). [1548]- وحديث ابن عباس: فأخذ بأذني يفتلها، وفيه فحولني عن يساره إلى يمينه. متفق عليه (¬2) في حديث طويل في صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بالليل. [1549]- وحديث: تأخر أبي بكر الصديق في الصّف (¬3). [1550]- وحديث: مسح الحصا واحدة؛ رواه أبو داود (¬4). [1551]- وحديث دَلْكِ البصاق في "الصحيح" (¬5). [1552]- وحديث مسح العَرق عن وجهه؛ رواه الطبراني من حديث ابن عباس. ¬
* حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى الظّهر خمسًا ثم سجد للسهو. تقدم. 554 - [1553]- حديث/ (¬1) حذيفة صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة فقرأ البقرة، وآل عمران، والنساء (¬2) في ركعة فكان ركوعه نحوًا من قيامه، ثم رفع رأسه وقام قريبًا من ركوعه، ثم سجد. مسلم (¬3) مطول السياق وفيه: ثم سجد فكان سجوده قريبًا من قيامه. وفي الباب: [1554]- عن أنس: كان إذا قال: "سَمِعَ الله لِمَنْ حَمِدَه" قام حتى نقول قد أوهم، ثم يسجد. رواه مسلم (¬4). [1555]- وللشيخين (¬5) عن أنس أيضًا: كان إذا رفع رأسه من الركوع انتصب قائمًا حتى يقول القائل قد نسي. أخرجاه من حديث ثابت عن أنس أنه وصف صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ¬
555 - [1556]- حديث المغيرة بن شعبة: "إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنَ الرَّكعَتَين فَلَمْ يَسْتَتِمَّ قائمًا فَلْيَجْلِسْ، فإنِ اسْتَتَمَّ قائمًا فلا يَجْلِسْ وَيسُجد سَجْدتَين". ثم قال: وروى في حديث المغيرة: "فإنْ ذَكَر قَبْل أنْ يَسْتَتَئم قائمًا جَلَس وَلا سَهْوَ". أبو داود (¬1) وابن ماجه (¬2) والدارقطني (¬3) والبيهقي (¬4) بلفظ: "إذَا قَام الإمامُ في الرَّكَعَتَيْنِ، فإذَا ذَكَرَ قَبْل أنْ يَسْتَوِيَ قائمًا فَلْيَجْلِسْ، أوِ اسْتَوَى قائمًا فلا يَجْلِسْ وَيسْجُدُ سجَدتَي السَّهو". وللدارقطني في رواية: "إذَا شكّ أَحدُكم فَقَام في الرَّكعتين فاستتمّ قائمًا فَلْيَمْض وَيسْجُد سجدَتَيْن، وإن لَمْ يَستَتِمَّ قائمًا فَلْيَجْلس ولا سَهْوَ عَلَيْه". ولابن ماجه: "إذَا قَامَ الإمامُ مِن الرَّكْعَتَيْن فَلَمْ يَسْتَتِم قائمًا فَلْيَجْلِسْ، فإذَا اسْتَتَمَّ قائمًا فَلا يَجْلِسْ وَيسْجُد سَجْدَتَي السَّهْو". ومداره على جابر الجعفي، وهو ضعيف جدًا. وقد قال أبو داود: لم أخرج عنه في كتابي غير هذا. ¬
وأصل الحديث في "سنن أبي داود" (¬1) والترمذي (¬2) عن المغيرة: أنه صلى فنهض في الرّكعتين فسبحوا به، فمضى، فلما أتم صلاته سجد سجدتي السهو فلما انصرف قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صنع كما صنعت. [1557، 1558]- ورواه الحاكم (¬3) من هذا الوجه، ومن حديث ابن عباس ومن حديث عقبة بن عامر مثله. * قوله: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرتبه. أي أركان الصلاة. وقال: "صَلُّوا كما رَأَيْتُمُوني أُصَلِّي". ليس هذا حديثًا، وإنما أخذه بالاستقراء من صفة صلاته. وهو كذلك، وحديث: "صلوا كما رأيتموني أصلي"، رواه البخاري من حديث مالك بن الحويرث. وقد مضى. 556 - [1559]- حديث أبي سعيد: "إذا شَكّ أَحَدُكمْ في صَلاته فَلَمْ يَدْرِ صَلَّى ثلاثًا أو أربعًا فَلْيَطْرَحِ الشَكَّ وَلْيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيقَنَ وَيَسْجُد سَجْدَتَين، فإنْ كَانت صلاته تامَّة كانت الرَّكعَةُ ¬
والسَّجْدتَانِ نَافلِةً، وإنْ كانتْ صَلاُته نَاقِصةَ كانَتْ الرَّكْعَةُ تمامًا والسَّجْدتَان تَرْغيمًا للشَّيطَان". مسلم (¬1) إلى قوله: "مَا اسْتَيْقَنَ"، وقال بعده: "ثُمَّ يَسْجُدُ سجْدَتَيْن، فَإنْ كَانَ صلَّى خَمْسًا شَفَعْنَ صَلاتَه، وَإنْ كَانَ صلى أربعًا كانَتَا تَرْغِيمًا للشّيطان". ورواه أبو داود (¬2) بلفظ: "فَلْيُلْقِ الشكَّ وَلْيَبْنِ عَلَى الْيَقِين، فإذَا اسْتَيْقَنَ التَّمَام سَجَدَ سَجْدَتَيْن، فإنْ كَانَتْ صَلاتُه تامَّةً .... " والباقي مثل ما ساقه المؤلِّف. ورواه ابن حبّان (¬3) والحاكم (¬4) والبيهقي (¬5). واختلف فيه على عطاء بن يسار فروى مرسلًا (¬6) وروي بذكر أبي سعيد فيه، وروي عنه عن ابن عباس (¬7) وهو وهم. وقال ابن المنذر (¬8): حديث أبي سعيد أصح حديث في الباب ¬
557 - [1560]- حديث عبد الرحمن بن عوف: "إذَا شَكّ أَحَدُكُمْ فَلْمَ يَدْرِ أَوَاحِدَةً صَلَّى أم اثنَتَينِ فَلْيَبن عَلى واحِدَة، وإنْ لَمْ يَدْرِ اثنَتَين صلَّى أَمْ/ (¬1) ثَلاَثةً فَلْيَبنِ عَلَى ثنْتَينِ، وِإنْ لَمْ يَدْرِ ثَلاثًا صَلِّى أَمْ أَرْبَعًا فَلْيَبْنِ عَلَى ثَلاَثةٍ، وَيَسْجُد سَجْدَتَين إِذَا سَلَّمَ". الترمذي (¬2) وابن ماجه (¬3) من حديث كريب، عن عبد الله بن عباس، عن عبد الرحمن بن عوف. وهو معلول؛ فإنه من رواية ابن إسحاق عن مكحول عن كريب، وقد رواه أحمد في "مسنده" (¬4) عن ابن علية عن ابن إسحاق، عن مكحول مرسلًا، قال ابن إسحاق: فلقيت حسين بن عبد الله فقال لي: هل أسنده لك؟ قلت: لا، فقال: لكنه حدثني أن كريبًا حدثه به. وحسين ضعيف جدًا. [1561]- ورواه إسحاق بن راهويه، والهيثم بن كليب في "مسنديهما" (¬5) من طريق الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس مختصرًا: " إذَا كَانَ أَحَدُكُم في شَكٍّ مِنَ النقْصَانِ في صَلاتِه فَلْيُصَلِّ حَتى يَكُونَ في شَكٍّ مِنَ الزِّيَادَةِ". وفي إسنادهما إسماعيل بن مسلم المكي وهو ضعيف، وتابعه بحر بن كنيز ¬
السّقاء فيما ذكر الدارقطني في "العلل" (¬1) وذكر الاختلاف [فيه] (¬2) أيضًا على ابن إسحاق في الوصل والإرسال، وذكر أن إسحاق بن البهلول رواه عن عمار بن سلام عن محمَّد بن يزيد الواسطي عن سفيان بن حسين عن الزهري، وهو وهم. ورواه إسماعيل بن هود عن محمَّد بن يزيد عن بن إسحاق عن الزهري وهو وهم أيضًا، فقد رواه أحمد بن حنبل (¬3) عن محمَّد بن يزيد عن إسماعيل بن مسلم عن الزهري، وهو الصواب، فرجع الحديث إلى إسماعيل وهو ضعيف. 558 - [1562]- حديث: روي "لَيسَ عَلَى مَنْ خَلْفَ الأمَامِ سَهْوٌ، فَإِنْ سَهَا الإمامُ فَعَلَيْه وَعَلَى مَنْ خَلْفَهُ السَّهْوُ". الدارقطني (¬4) وزاد: "والإمامُ كَافِيه". وفيه خارجة بن مصعب، وهو ضعيف. وفي الباب: [1563]- عن ابن عباس رواه أبو أحمد بن عدي (¬5) في ترجمة "عمر بن عمرو العسقلاني". وهو متروك. * حديث: معاوية بن الحكم في الكلام في الصلاة. ¬
تقدم. 559 - [1564]- حديث: "إنما جُعِلَ الإمامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ". متفق عليه (¬1) من حديث أبي هريرة. * حديث عبد الله بن بحينة: أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى بهم الظهر فقام في الركعتين الأوليين. تقدم. 560 - [1565]- حديث أنس: أنه جهر في العصر فلم يعدها ولم يسجد للسهو، ولم ينكر عليه. الطبراني في "الكبير" (¬2) من طريق سعيد بن بشير، عن قتادة: أن أنسًا جهر في الظهر أو العصر فلم يسجد. 561 - [1566]- حديث: أنّ أنسًا تحرك للقيام في الركعتين من العصر فسبّحوا به، فجلس ثم سجد للسَّهو. البيهقي (¬3) والدارقطني في "العلل" بإسناده وأشار أن في بعض الطرق زيادة فيه أنه قال: "هذا السنة". ¬
تفرد بذلك سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد، عن أنس، ورجاله ثقات. * حديث أبي سعيد وعبد الرحمن بن عوف في السهو. تقدما. 562 - قوله: سمعت بعض الأئمة يحكى أنه يستحب أن يقول فيهما: سبحان من لا ينام ولا يسهو. أي في سجدتي السّهو .. قلت: لم أجد له أصلًا. 563 - قوله: وقيل: إنه مخيّر؛ إن شاء قدّم وإن شاء أخّر؛ لثبوت الأمرين عن النّبي - صلى الله عليه وسلم -، يعني [في] (¬1) سجود السّهو، قبل السّلام أو بعده. فأما قبله؛ فقد مضى في المتفق عليه حديث بن بحينة، وحديث أبي سعيد في ذلك. وأما بعده؛ فهو في حديث ذي اليدين صريحًا. وكذا في حديث ابن مسعود. 564 - [1567]- قوله: نقل عن الزهري أنه قال: آخر الأمرين من فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السجود قبل السلام. ¬
الشافعي في القديم (¬1) عن مطرف بن مازن (¬2) عن معمر عن الزهري قال: سجد النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل السلام وبعده وآخر الأمرين قبل السلام. قال البيهقي: هذا منقطع، ومطرف ضعيف. ولكن المشهور عن الزهري من فتواه: سجود السهو قبل السلام. 565 - قوله: حيث ورد الشرع بالتطويل بالقنوت، أو في صلاة التسبيح. أما القنوت فتقدم. [1568]- وأما صلاة التسبيح؛ فرواه أبو داود (¬3) والترمذي (¬4) وابن ماجه (¬5) وابن خزيمة (¬6) كلهم عن عبد الرحمن بن بشر بن الحكم، عن موسى بن عبد العزيز، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للعباس: "يَا عَبَّاس، يَا عَمَّاه، ألا أَمْنَحُكَ؟ ألا أَحْبُوكَ؟ ... " الحديث بطوله، وصححّه أبو علي ابن السكن، والحاكم (¬7). وادعى أنّ ¬
النّسائيّ أخرجه في "صحيحه" (¬1) عن عبد الرحمن بن بشر، قال: وتابعه إسحاق بن أبي إسرائيل، عن موسى. وأن ابن خزيمة رواه عن محمَّد بن يحيي عن إبراهيم بن الحكم بن أبان عن أبيه مرسلًا. وإبراهيم ضعيف (¬2). قال المنذري: وفي الباب: عن أنس، وأبي رافع، وعبد الله بن عمر، وغيرهم. وأمثلها حديث ابن عباس. قلت: وفيه عن الفضل بن عباس. [1569]- فحديث أبي رافع رواه الترمذي (¬3). وحديث عبد الله بن عمرو رواه الحاكم (¬4) وسنده ضعيف. [1570]- وحديث أنس رواه الترمذي أيضًا (¬5) وفيه نظر؛ لأن لفظه لا يناسب ألفاظ صلاة التسبيح. وقد تكلم عليه شيخنا في "شرح الترمذي" (¬6). ¬
[1571]- وحديث الفضل بن العباس؛ ذكره الترمذي (¬1). [1572]- وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص؛ رواه أبو داود (¬2). قال الدارقطني: أصح شيء في فضائل سور القرآن: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، وأصح شيء في فضل الصلاة: صلاة التسبيح. وقال أبو جعفر العقيلي (¬3): ليس في صلاة التسبيح حديث يثبت. وقال أبو بكر بن العربي (¬4): ليس فيها حديث صحيح ولا حسن. وبالغ ابن الجوزي فذكره في "الموضوعات" (¬5). وصنّف أبو موسى المديني جزءًا في تصحيحه, فتباينا. والحق أن طرقه كلها ضعيفة، وإن كان حديث ابن عباس يقرب من شرط الحسن، إلا أنه شاذ لشدّة الفردية فيه، وعدم المتابع والشاهد من وجه معتبر، ومخالفة هيئتها لهيئة باقي الصلوات. وموسى بن عبد العزيز وإن كان صادقًا صالحًا، فلا يحتمل منه هذا التفرد. وقد ضعفها ابن تيمية (¬6) والمزي، وتوقف الذهبي. حكاه ابن عبد اللهادي عنهم في "أحكامه". ¬
وقد اختلف كلام الشيخ محيي الدين فوهّاها في "شرح المهذب" (¬1) فقال: حديثها ضعيف، وفي استحبابها عندي نظر؛ لأن فيها تغييرًا لهيئة الصلاة المعروفة، فينبغي أن لا تفعل، وليس حديثها بثابت. وقال في "تهذيب الأسماء واللغات" (¬2): قد جاء في صلاة التسبيح حديثٌ حسن في كتاب الترمذي وغيره، وذكره المحاملي وغيره من أصحابنا، وهي سنة حسنة. ومال في "الأذكار" (¬3) أيضًا إلى استحبابه. قلت: بل قوّاه واحتجّ له والله أعلم. ****** ¬
باب سجود التلاوة والشكر
باب سجود التلاوة والشكر 566 - [1573]- حديث زيد بن ثابت: قرأت على النبي - صلى الله عليه وسلم - سجدة (والنجم) فلم يسجد فيها. متفق عليه (¬1) من هذا الوجه، واللفظ للبخاري. وأخرجه أصحاب "السنن" (¬2) والدارقطني (¬3) وزاد: ولم يسجد منا أحد. 567 - قوله: ولا أمره بالسجود. ليس هو في الحديث، وإنما قاله تَفَقُّهًا. 568 - [1574]- حديث ابن عباس: أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يسجد في شيء من المفصّل منذ تحول إلى المدينة. أبو داود (¬4) / (¬5) وأبو علي بن السكن في "صحيحه" من طريق أبي قدامة الحارث بن عبيد، عن مطر الوراق، عن عكرمة. ¬
وأبو قدامة ومطر من رجال مسلم، ولكنهما مُضعَّفَان (¬1). وحديث أبي هريرة الآتي يدل على ذلك (¬2): 569 - [1575]- حديث أبي هريرة: سجدنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} و: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ}. رواه مسلم (¬3). وفي البخاري (¬4) أصله، ولم يذكر سجدة: {اقْرَأْ}. وفي رواية للبخاري (¬5) لو لم أر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سجد فيها لم أسجد. [1576]- وروى البزار (¬6) من حديث عبد الرحمن بن عوف قال. رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} عشر مرار. 570 - قوله: كان إسلام أبي هريرة بعد الهجرة بسنين. هو كما قال، فإنه أسلم عام خيبر بلا خلاف. ومن قرأه في كتاب الرافعي بسنتين على لفظ التثنية فقد صحَّف. ¬
571 - [1577]- حديث ابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد في {صَ} وقال: "سَجَدَهَا دَاوُدُ تَوْبَةً، وَنَسْجُدُها شكْرًا". الشافعي في "الأم" (¬1) عن ابن عيينة، عن أيوب، عن عكرمة، عن بن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سجدها. يعني في {صَ}. [1578]- ورواه في القديم (¬2): عن سفيان، عن عمر بن ذر، عن أبيه قال: سجدها داود توبةً ونسجدها نحن شكرًا. قال البيهقي (¬3): وروى من وجه آخر: عن عمر بن ذر، عن أبيه، عن سعيد ابن جبير، عن ابن عباس، موصولًا وليس بالقوي. قلت: رواه النّسائيّ (¬4) من حديث حجاج بن محمَّد، عن عمر بن ذر، موصولًا. ورواه الدارقطني (¬5) من حديث عبد الله بن بزيع، عن عمر بن ذر نحوه. وأعله ابن الجوزي (¬6) به، وقد توبع. وصححه ابن السكن. [1579]- وفي البخاري (¬7) عن عكرمة، عن ابن عباس: {صَ} ليس من ¬
عزائم السجود، وقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسجد فيها. وفي الباب: [1580]- عن أبي سعيد، أخرجه أبو داود (¬1) والحاكم (¬2) وذكره البيهقي (¬3) عن جماعة من الصحابة: أنهم سجدوا في {ص}. 572 - [1581]- حديث عقبة بن عامر قال: قلت يا رسول الله، فُضّلت سورة الحج بأنّ فيها سجدتين؟ قال: "نَعَمْ، وَمَن لَمْ يَسْجُدْهُمَا فَلا يَقْرَأْهُمَا". أحمد (¬4) وأبو داود (¬5) والترمذي (¬6) واللفظ له، والدراقطني (¬7) والبيهقي (¬8) والحاكم (¬9) وفيه ابن لهيعة، وهو ضعيف. وقد ذكر الحاكم أنه تفّرد به، وأكده الحاكم بأن الرواية صحّت فيه من قول عمر وابنه، وابن مسعود، وابن عبّاس، وأبي الدّرداء، وأبي موسى، ¬
وعمار ثم ساقها موقوفةً عنهم. وأكّده البيهقي بما رواه في "المعرفة" (¬1) من طريق خالد بن معدان مرسلًا. 573 - [1582]. حديث عمرو بن العاص: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقرأه خمس عشرة سجدةً في القرآن، منها ثلاث في المفصّل وفي (الحجّ) سجدتان. أبو داود (¬2) وابن ماجه (¬3) والدارقطني (¬4) والحاكم (¬5) وحسنه المنذري، والنووي، وضعفه عبد الحق (¬6) وابن القطان (¬7) وفيه: عبد الله بن منين وهو مجهول، والراوي عنه الحارث بن سعيد العتقي، وهو لا يعرف أيضًا. وقال ابن ماكولا (¬8): ليس له غير هذا الحديث. 574 - [1583]- حديث ابن عمر: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ علينا القرآن، فإذا مر بالسجدة كبر وسجد وسجدنا. ¬
أبو داود (¬1). وفيه العمري عبد الله المكبر، وهو ضعيف. وخرجه الحاكم (¬2) من رواية العمري أيضًا، لكن وقع عنده مصغّرا، وهو/ (¬3) الثّقة، فقال: إنه على شرط الشيخين. قلت: وأصله في الصحيحين (¬4) من حديث ابن عمر، بلفظ آخر. 575 - [1584]- حديث: أنّ رجلًا قرأ عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السجدة فسجد، فسجد النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثمّ قرأ آخر عنده (¬5) السجدة فلم يسجد، فلم يسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: سجدت لقراءة فلان ولم تسجد لقراءتي؟ قال: "كُنْتَ إمامًا، فَلَوْ سَجَدْتَ سَجَدْنَا". أبو داود في "المراسيل" (¬6) عن زيد بن أسلم، قال: قرأ غلام نحوه. [1585]- ورواه أيضًا عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يَسار قال: بلغني: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... وكذا رواه الشافعي (¬7). ¬
وقال البيهقي (¬1): رواه قرّة، عن/ (¬2) الزّهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. وقرة ضعيف، ونظير هذا: [1586]- عند البخاري- معلقًا (¬3) - عن ابن مسعود من قوله، وقد ذكرت من وصله في "تغليق التعليق" (¬4). 576 - [1587]- حديث: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سجد في الظهر، فرأى أصحابه أنه قرأ آية سجدة فسجدوا. أبو داود (¬5) والطحاوي (¬6) والحاكم (¬7) من حديث ابن عمر نحوه، وفيه/ (¬8) أمية شيخ لسليمان التيمي، رواه له عن أبي مجلز، وهو لا يعرف، قاله أبو داود في رواية الرملي عنه. وفي رواية الطحاوي، عن سليمان عن أبي مجلز قال: ولم أسمعه منه. لكنه عند الحاكم بإسقاطه، ودلّت رواية الطّحاوي على أنّه مدلِّس. ¬
* حديث: يكبر (¬1). رواه أبو داود من حديث ابن عمر. وقد تقدم. 577 - [1588]- حديث عائشة. كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في سجود القرآن بالليل: "سَجَدَ وَجْهي للَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَشقَّ سَمْعَه وَبَصَرَة بِحَوْلِه وَقُوَّتِه". أحمد (¬2) وأصحاب "السنن" (¬3) والدّارقطني (¬4) والحاكم (¬5) والبيهقي (¬6) وصحّحه ابن السّكن. وقال في آخره: ثلاثًا. زاد الحاكم في آخره: "فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الْخَالِقِين". وقوله فيه: "وَصَوَّرَه" عند البيهقي في هذا الحديث. [1589]- وللنسائي (¬7) من حديث جابر، مثله في سجود الصلاة. ¬
[1590]- ولمسلم (¬1) من حديث علي كذلك. 578 - [1591]- حديث ابن عباس: أنّه - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في سجود القرآن: "اللهمّ اكتُبْ لي بِهَا عِنْدَكَ أَجْرًا، وَاجْعَلْهَا لي عِنْدَكَ ذخْرًا، وَصعْ عَنِّي بِهَا وِزْرًا وَتَقبّلْهَا مِنّي كَمَا تَقبلتَهَا مِنْ عَبْدِكَ دَاوُدَ". الترمذي (¬2) والحاكم (¬3) وابن حبان (¬4) وابن ماجه (¬5). وفيه قصة، وضعّفه العقيلي (¬6) بالحسن بن محمَّد بن عبيد الله (¬7) بن أبي يزيد، فقال: فيه جهالة (¬8). وفي الباب: [1592]- عن أبي سديد الخدري، رواه البيهقي (¬9). واختلف في وصله وإرساله، وصوب الدّارقطني في "العلل" (¬10) رواية حماد، عن حميد ¬
عن بكر: أن أبا سعيد رأى فيما يرى النائم .... الحديث. * حديث: روي: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا مَرّ في قراءته بالسّجود كَبّر وسَجَد. تقدم. * حديث: "تَحْرِيمهَا التَّكْبيرُ وَتَحْلِيلُها التَّسْلِيم". تقدم في باب (صفة الصلاة). 579 - [1593]- حديث: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا نُغَاشيًّا فخرّ ساجدًا ثمّ قال: "أَسْألُ الله الْعَافِيَةَ". هَذا الحديث ذكره الشّافعي في/ (¬1) "المختصر" (¬2) بلفظ: فسجد شكرًا لله، ولم يذكر إسناده. وكذا صنع الحاكم في "المسندرك" (¬3) واستشهد به على حديث أبي بكرة، وهو في "سنن أبي داود" (¬4). [1594]. وأسنده الدارقطني (¬5) والبيهقي (¬6) من حديث جابر الجعفي، عن ¬
تنبيه
أبي جعفر محمَّد بن علي مرسلًا وزاد: أنّ اسم الرّجل زنيم، وكذا هو في "مصنف ابن أبي شيبة" (¬1) من هذا الوجه. [1595]- ووصله ابن حبان في "الضعفاء" (¬2) في ترجمة يوسف بن محمَّد بن المنكدر، عن أبيه، عن جابر. تنبيه النّغاشي- بضمّ النّون والغين والشّين معجمتان.: هو القصير جدًّا، الضعيف الحركة، الناقص الخلق، قاله ابن الأثير (¬3). [1596]- وروى البيهقي (¬4) عن البراء بن عازب: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد حين جاءه كتاب علي من اليمن بإسلام همدان. وقال: إسناده صحيح، وقد أخرج البخاري صدره (¬5). [1587]- وفي حديث توبة كعب بن مالك: أنّه خر ساجدًا لما جاءه البشير (¬6). 580 - [1598]- حديث عبد الرحمن بن عوف: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد فأطال، فلما رفع قيل له في ذلك، فقال: " أَخْبَرنِي جِبْرِيلُ أنَّ مَنْ صَلّىَ عَلَيَّ مرةً صلّى الله عَلَيه ¬
عَشْرًا، فَسَجَدْتُ شُكْرًا لله تَعالى". البزار (¬1) وابن أبي عاصم في "فضل الصلاة" والعقيلي في "الضعفاء" (¬2) وأحمد بن حنبل في "مسنده" (¬3) - من طرق- والحاكم (¬4) كلّهم من حديث عبد الرحمن بن عوف. قال البيهقي: وفي الباب: عن جابر وابن عمر وأنس وجرير وأبي جحيفة. 581 - [1599]- حديث عمر: أنه قرأ على المنبر السّجدة فنزل، وسجد الناس معه، فلما كان في الْجُمُعَة الأخرى قرأها فتهيأ الناس للسجود، فقال: على رسلكم، إن الله لم يكتبها علينا إلا أن نشاء. البخاري في "صحيحه" (¬5). وزعم المزي (¬6): أنه معلّق فوهم، وقد أوضحت ذلك بدليله في "تغليق التعليق" (¬7). ¬
ورواه البيهقي (¬1) من ذلك الوجه أيضًا موصولًا، وأبو نعيم في "مستخرجه" ورواه مالك في "الموطأ" (¬2) عن هشام بن عروة، عن أبيه: أن عمر نحوه. 582 - [1600]- حديث ابن مسعود: أنه كان لا يسجد في {ص}. الشافعي (¬3) والبيهقي من حديثه (¬4). 583 - [1601]. حديث عثمان: أنه مرّ بقاصًّ [فقرأ] (¬5) آية السّجدة ليسجد عثمان معه فلم يسجد، وقال: ما استمعنا لها. قال (¬6): لم أجده. قلت: قد رواه عبد الرزاق في "المصنف" (¬7) / (¬8) عن معمر، عن الزهري، عن ابن المسيب: أن عثمان مرّ بقاص فقرأ سجدة ليسجد معه عثمان، فقال عثمان: إنما السجود على من استمع، ثم مضى ولم يسجد. ¬
وذكره البخاري تعليقًا (¬1). [1602]- وفي ابن أبي شيبة (¬2) عن عثمان: إنما السجدة على من جلس لها. 584 - [1603]- حديث: ابن عباس أنه قال: إنما السجدة لمن جلس لها. البيهقي (¬3) من حديثه، وابن أبي شيبة (¬4) من طريق ابن جريج، عن عطاء، عنه: إنما السجدة على من جلس لها. 585 - [1604 - 1605]. حديث ثوبان وأبي الدرداء: عليك بكثرة السجود. رواهما مسلم (¬5). واستدل به من قال: بجواز التقرب بسجدة فردة، وحمله المانع على أن المراد به السجود في الصلاة والله أعلم. **** ¬
باب صلاة التطوع
باب صلاة التطوع 586 - [1606]- حديث ابن عمر: صليت مع سول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء في بيته. قال: وحدثتني أختي حفصة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يُصلّي ركعتين خفيفتين حين يطلع الفجر. متفق عليه (¬1) بزيادة: وركعتين بعد الْجُمُعَة في بيته. 587 - [1607]. حديث عائشة: "مَن ثَابَرَ عَلَى اثْنَتَي عَشَر رَكعَةً مِنَ السنَّةِ بَنَى الله لَهُ بَيتًا في الجنَّةِ؛ أَرْبَعٌ قَبلَ الظّهْر .... " والباقي كما في حديث ابن عمر. الترمذي (¬2) والنسائي (¬3) وابن ماجه (¬4) من حديث المغيرة بن زياد، عن عطاء عنها. والمغيرة، قال النّسائيّ (¬5) ليس بالقوي، وقال الترمذي: غريب، ومغيرة قد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه. ¬
وقال أحمد (¬1): ضعيف، وكل حديث رفعه فهو منكر. وقال النّسائيّ: هذا خطأ، ولعل عطاء قال عن عنبسة فتصحف بعائشة -يعني أن المحفوظ حديث عنبسة بن أبي سفيان، عن أخته، أم حبيبة. وقد أخرجه مسلم (¬2) والنسائي (¬3). وأكثر من تخريج طرقه. والترمذي (¬4) أيضأوفسره النّسائيّ وابن حبان (¬5). ولم يفسره مسلم. 588 - [1608]- حديث: "رَحِم الله امْرَأً صَلّى قَبْلَ الْعَصْرِ أربعًا". أبو داود (¬6) والترمذي (¬7) وحسّنه. وابن حبان (¬8) وصححه، وكذا شيخه ابن خزيمة (¬9) من حديث ابن عمر، وفيه محمَّد بن مهران وفيه مقال، لكن وثقه ابن حبان (¬10) وابن عدي (¬11). ¬
* حديث علي: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلّي قبل العصر أربعًا، يفصِّل بين كلِّ ركعتين بالتّسليم على الملائكة المقربين .... الحديث. تقدم في "كيفية الصلاة". * حديث أم حبيبة: "مَنْ حَافَظَ عَلى أَرْبَعِ رَكعَاتِ قَبْلَ الظّهر، وَأَرْبَعِ بَعدَهَا، حَرَّمَهُ الله عَلَى النَّارِ". أصحاب "السنن" (¬1) من حديثها وله طرق عند النّسائيّ كما تقدم. 589 - [1609]. حديث أنس: صليت الرّكعتين قبل المغوب على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قيل له: رآكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: نعم رآنا فلم يأمرنا ولم ينهانا. أبو داود (¬2) بهذا. والقائل له: رآكم؛ المختار بن فلفل. ورواه مسلم (¬3) نحوه. ¬
وللبخاري (¬1) من طريق عمرو بن عامر، عن أنس: لقد رأيت كبار أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبتدرون السواري عند المغرب، حتى يخرج النبي - صلى الله عليه وسلم -. زاد النّسائيّ (¬2): وهم يصلون. 590 - [16010]. حديث ابن عمر: ما رأيت أحدا يصلي قبل المغرب ركعتين على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. أبو داود (¬3) والبيهقي (¬4) من حديث طاوس عن ابن عمر، نحوه. 591 - [1611]- حديث عبد الله بن مغفل: "صَلّوا قَبْلَ الْمَغْرِبِ رَكَعَتَين. قال في الثالثة.: لِمَنْ شاءَ". البخاري (¬5) وأبو داود (¬6) وأحمد (¬7) وابن حبان (¬8) واتفقا عليه (¬9) بلفظ: ¬
"بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صلاةً". وفي رواية ضعيفة للبيهقي (¬1): "بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صلاةٌ مَا خَلا الْمَغْرِبِ". 592 - [1612]- حديث أبي أيوب: "مَنْ أَحَب أَنْ يُوتِرَ بِخَمْسٍ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أنْ يُوتِرَ بِثلاثٍ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِوَاحِدَةٍ فَلْيَفْعَلْ". أبو داود (¬2) والنسائي (¬3) وابن ماجه (¬4) وابن حبان (¬5) والدارقطني (¬6) والحاكم (¬7) من طريق أبي أيوب وله ألفاظ. وصحح أبو حاتم (¬8) والذهلي والدارقطني في "العلل" (¬9) والبيهقي (¬10) وغير واحد وقفه وهو الصواب/ (¬11). ¬
593 - [1613]- قوله: وروى: "الْوِتْر حَقّ، وَلَيسَ بِوَاجِب". رواه ابن المنذر (¬1) فيما حكاه مسجد الدين ابن تيمية (¬2). [1614]- وفي الدارقطني (¬3) عن أبي أيوب: " الْوِتْر حَقّ وَاجِبٌ، فَمَنْ شَاءَ فَلْيوتِرْ بِثَلاثٍ". ورجاله ثقات، وهو عند أبي داود أيضًا (¬4). وقال البيهقي: الأصح وقفه على أبي أيوب. وأعله ابن الجوزي (¬5) بمحمد بن حسان فضعفه، وأخطأ فإنه ثقة. [1615]- وفي "صحيح الحاكم" (¬6) عن عبادة بن الصّامت قال: الْوِتْرُ حَسَنٌ جَمِيلٌ، عَمِلَ بِه النّبي - صلى الله عليه وسلم - ومَن بَعده، وليس بواجب. ورواته ثقات، قاله البيهقي (¬7). 594 - [1616]- حديث: " الوتْر حَقٌّ مَسنُونٌ، فَمَنْ أَحَبَّ أن يُوتِر بثلاثٍ فَلْيَفْعَلْ". ¬
لم أر هذه اللفظة فيه، وإنما فيه: "حَقٌ وَاجِبٌ ... ". كما هو عند الدارقطني (¬1) من رواية أبي أيوب، وأقرب ما يوجد في هذا ما رواه النّسائيّ (¬2) والترمذي (¬3) من طريق عاصم بن ضمرة، عن علي، قال: "ليس الوتر بحتم كهيئة المكتوبة، ولكنه سنة سنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". وصححه الحاكم (¬4). 595 - [1617]- حديث أبي أمامة: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يوتر بسبع ركعات. أحمد (¬5) والطبراني (¬6) من حديث أبي غالب، عن أبي أمامة: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يوتر بتسع ركعات، فلما بدن وكثر لحمه أوتر بسبع، وصلى ركعتين وهو جالس، يقرأ فيهما: {إِذَا زُلْزِلَتِ} و {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}. وروى الدارقطني (¬7) عنه، قلت: يا رسول الله، بكم أوتر؟ قال؟ "بِوَاحِدَةٍ"، قلت: أَني أطيق أكثر، قال: "بثَلاثٍ"، ثمّ قَال: "بِخَمْسٍ"، ثم قال: "بِسَبْع". 596 - [1618]. حديث أبي هريرة: "أَوْتِرُوا بِخَمْسٍ، أَوْ بِسَبْعٍ، ¬
أَوْ بِتِسْعٍ، أَوْ بِإحْدَى عَشَرَة". الدارقطني (¬1) وابن حبان (¬2) والحاكم (¬3) بزيادة: "لا تُوتِرُوا بِثَلاثٍ، وَلا تَشَبَّهُوا بِصَلاةِ الْمَغْرِب". ورجاله كلهم ثقات ولا يضره وقف من أوقفه. 597 - [1619]- حديث عائشة: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُوتر بأكثرَ من ثلاثَ عشرة. أبو داود (¬4) بلفظ: كان يوتر بأربعِ، وثلاثِ، وست، وثلاثِ، وثمانِ، وثلاثَ وعشر وثلاثٍ، ولم يكن يوتر بأنقص من سبع، ولا بأكثر من ثلاثَ عشرة. 598 - [1620]- حديث أم سلمة: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوتر بثلاث عشرة، فلما كبر وضعف أوتر بسبع. أحمد (¬5) والترمذي (¬6) والنسائي (¬7) والحاكم (¬8) وصححه، من طريق عمرو ¬
ابن مرة، عن يبيح بن الجزار عنها. 599 - قوله: لم ينقل زيادة [على] (¬1) ثلاث عشرة. كأنه أخذه من رواية أبي داود الماضية عن عائشة: ولا بأكثر من ثلاث عشرة وفيه نظر؛ ففي "حواشي المنذري" قيل: أكثر ما روي في صلاة الليل سبع عشرة، وهي عدد ركعات اليوم والليلة. [1621]- وروى ابن حبان (¬2) وابن المنذر والحاكم (¬3) من طريق عراك، عن أبي هريرة مرفوعًا: "أَوْتِروا بِخَمْسٍ أَوْ بِسَبْعٍ أَوْ بِتِسْعٍ أَوْ بِإحْدَى عَشْرَةَ أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ". 600 - قوله: إن الذي واظب عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - الوتر بركعة واحدة قال: وحكى الإِمام ترددًا في ثبوت النقل في الإيتار بثلاث عشرة. فأمّا المواظبة؛ فرّدها ابن الصلاح بأن قال: لا نعلم في روايات الوتر مع كثرتها أنه عليه الصلاة والسلام أوتر بواحدة فحسب. ¬
قلت: [1622]- قد روى ابن حبّان (¬1) من طريق كريب، عن ابن عباس: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أوتر بركعة. وأمّا قول الإِمام فمعترض بما تقدّم، وبما سيأتي. 601 - [1623]. حديث عائشة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يوتر بخمس، لا يجلس إلا في آخرهن. مسلم (¬2) بلفظ: كان يصلي من الليل ثلاث عشرة، يُوتِر من ذلك بخمسٍ لا يجلس في شيء إلّا في آخرها. ورواه الشّافعي (¬3) بلفظ: كان يوتر بخمس ركعات لا يجلس ولا يسلم إلا في الأخيرة منهن. [1624]- وللبخاري (¬4) من حديث ابن عباس في صلاته في بيت ميمونة: ثم أوتر بخمس لم يجلس بينهن. 602 - [1625]- قوله: ويروى عنها: أنه أوتر بتسع لا يجلس إلا في الثّامنة والتاسعة، وبسبع لا يجلس إلا في السادسة والسابعة. ¬
مسلمًا (¬1) من حديث سعد (¬2) بن هشام، عن عائشة، وفيه قصّة. ورواه أحمد (¬3) وأبو داود (¬4) والنسائي (¬5) وابن حبان (¬6) بالروايتين معًا في حديث واحدٍ. 603 - [1626]- حدثنا: أنّه - صلى الله عليه وسلم - كان يوتر بثلاث لا يجلس إلا في آخرهن. أحمد (¬7) والنسائي (¬8) والبيهقي (¬9) والحاكم (¬10) من رواية عائشة، ولفظ أحمد/ (¬11): كان يوتر بثلاث لا يفصل بينهن. ولفظ الحاكم: لا يقعد إلا في آخرهن. * حدثنا: "لا تُوتِروا بثلاثٍ فَتَشَبَّهُوا بِصَلاةِ الْمَغْرِب". ¬
تقدم قريبًا. [1627]- وأمّا ما رواه الدارقطني (¬1) من طريق يحيى بن زكريا بن أبي الحواجب، عن الأعمش، عن مالك بن الحارث، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن ابن مسعود، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وَتْرُ الليلِ ثَلاثٌ كَوِتْرِ النَّهَارِ صَلاةِ الْمَغْرَب". فقد قال الدارقطني: تفرّد به يحيى وهو ضعيف. وقال البيهقي (¬2): الصحيح وقفه على ابن مسعود، كذا رواه الثّوري (¬3) وغيره عن الأعمش، ورفعه ابن أبي الحواجب وهو ضعيف. [1628]- وأخرجه الدارقطني أيضًا من حديث عائشة، وفيه إسماعيل بن مسلم المكي وهو ضعيف. 604 - [1629]- حديث ابن عمر: "الوِتْرُ رَكْعَةٌ مِنَ آخِرِ اللَّيلِ". مسلم (¬4). ورواه ابن ماجه (¬5) بِلْفظ: "رَكْعَةُ قَبْلَ الصَّبْح". 605 - [1630]- حديث ابن عباس، مثله. ¬
رواه مسلم (¬1) أيضًا، وليس هو في "الجمع" لا للحميدي ولا لعبد الحق، والسبب فيه أنّ مسلمًا أخرجه هو والذي قبله من طريق أبي مجلز، سألت ابنَ عباس عن الوتر؟ فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "رَكْعَةٌ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ". وسألت ابن عمر فقال: سمعت ... فذكر مثله. [1631]- وروى أبو داود (¬2) والنسائي (¬3) من طريق عبد الله بن شقيق، عن عبد الله بن عمر: أن رجلًا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صلاة الليل، فقال: "مَثْنَى مَثْنَى، وَالْوَتْرُ رَكْعَةٌ مِنْ آخِرِ اللَّيْل". 606 - [1632]- حديث ابن عمر: أنّ النّبي - صلى الله عليه وسلم - كان يفصل بين الشّفع والوتر. أحمد (¬4) وابن حبان (¬5) وابن السّكن في "صحيحيهما" والطّبراني، من حديث إبراهيم الصائغ عن نافع عن ابن عمر به. وقواه أحمد. 607 - [1633]- حديث: "إنَّ الله قَدْ أَمَدَّكمْ بِصلاةٍ هِي خَيرٌ لَكُمْ مِنْ خمُرِ النَّعَمِ، وَهِيَ الْوِتْرُ، جَعَلَهَا الله لَكُمْ فِيمَا بَينَ صَلاةِ الْعَشَاءِ إلى أنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ". ¬
أحمد (¬1) وأبو داود (¬2) والترمذي (¬3) وابن ماجه (¬4) والدارقطني (¬5) والحاكم (¬6) من حديث خارجة بن حذافة، وضعفه البخاري (¬7). وقال ابن حبان (¬8): إسناد منقطع ومتن باطل. وفي الباب: عن معاذ بن جبل، وعمرو بن العاص، وعقبة بن عامر، وأبي بصرة (¬9) الغفاري، وابن عباس، وابن عمر، وعبد الله بن عمرو. [1634]- فحديث معاذ؛ رواه أحمد (¬10). وفيه ضعف وانقطاع. [1635، 1636]- وحديث عمرو وعقبة في الطبراني (¬11) وفيه ضعف. ¬
[1637]- وحديث أبي بصرة (¬1)؛ رواه أحمد (¬2) والحاكم (¬3) والطحاوي (¬4) وفيه ابن لهيعة، وهو ضعيف، لكن توبع. [1638]- وحديث ابن عباس؛ رواه الدارقطني (¬5) وفيه النضر أبو عمر الخزاز وهو ضعيف متروك. [1639]- وحديث ابن عمر؛ رواه ابن حبان في "الضعفاء" (¬6) في ترجمة "أحمد بن عبد الرحمن بن وهب"، وادعى أنه موضوع. [1640]- وحديث عبد الله بن عمرو رواه أحمد (¬7) والدارقطني (¬8) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وإسناده موقوف ضعيف. 608 - قوله: التهجد يقع على الصلاة بعد النوم، وأمّا الصّلاة قبل النوم فلا تسمى تهجّدًا. [1641]- رواه ابن أبي خيثمة من طريق الأعرج، عن كثير بن العباس، عن الحجاج بن عمرو، قال: يحسب أحدكم إذا قام من الليل يصلي حتى يصبح أنه ¬
قد تهجد، إنما التهجد أن [يصلي] (¬1) [الصلاة] (¬2) بعد رقدة، ثم الصلاة بعد رقدة، وتلك كانت صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. إسناده حسن، وفيه أبو صالح كاتب الليث، وفيه لين. ورواه الطبراني (¬3). وفي إسناده ابن لهيعة، وقد اعتضدت روايته بالتي قبله. 609 - [1642]- حديث: "لا وِتْرَانِ في لَيلَةٍ". أحمد (¬4) وأصحاب "السنن" الثلاثة (¬5) وابن حبان (¬6) من حديث قيس بن طلق عن أبيه، وقال الترمذي: حسن. قال عبد الحق (¬7): وغيره يصحِّحه (¬8). 610 - [1643]- حديث: كان أبو بكر يوتر ثمّ ينام، ثمّ يقوم يتهجّد، وأنّ عمر كان ينام قبل أن يوتر ثم يقوم فيصلي ويوتر، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر: "أَخَذْتَ بِالْحَزْمِ"، ¬
وقال لعمر: "أَخَذْتَ بِالقُوَّة". وهو/ (¬1) خبر مشهور أبو داود (¬2) وابن خزيمة (¬3) والطبراني (¬4) والحاكم (¬5) من حديث أبى قتادة. قال ابن القطان (¬6): رجاله ثقات. [1644]- والبزار (¬7) وابن ماجه (¬8) وابن حبان (¬9) والحاكم (¬10) من حديث ابن عمر. قال البزار: لا نعلم رواه عن عبيد الله بن عمر عن نافع إلا يحيى بن سليم قال ابن القطان (¬11): هو صدوق فالحديث حسن. وله طريق أخرى ضعيفة عند البزار من حديث كثير بن مرة، عن ابن عمر. ¬
وفي الباب: عن أبي هريرة، وجابر، وعقبة بن عامر: [1645]- فحديث أبي هريرة، رواه البزار (¬1). وفيه سليمان بن داود اليمامي، وهو متروك. وله طريق أخرى عن ابن عيينة، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، ذكرها الدارقطني (¬2): وقال تفرد به محمَّد بن يعقوب الزبيري عن ابن عيينة، وغيره يرويه مرسلًا، وهو الصواب، وكذلك رواه الزبيدي، عن الزهري. قلت: وكذا رواه الشافعي (¬3) عن ابن عيينة. وكذا رواه الشافعي (¬4) أيضًا عن إبراهيم بن سعد عن أبيه، عن ابن المسيب. وكذا رواه بقي بن مخلد (¬5) عن ابن رمح، عن الليث، عن الزهري. [1646]- وحديث جابر؛ رواه أحمد (¬6) وابن ماجه (¬7). وإسناده حسن. [1647]- وحديث عقبة بن عامر رواه الطبراني في "الكبير" (¬8). وفي إسناده ضعف ¬
611 - [1648]. حديث ابن عمر: "اجْعَلُوا آخِرَ صَلاِتكمْ باللَّيلِ وِتْرًا". متفق عليه (¬1) 612 - [1649]- حديث: "مَنْ خَاف مِنْكم أَنْ لا يَسْتَيقِظَ مِنَ آخِرِ اللَّيل فَلْيُوتِرْ مِنْ أوَّلِ اللَّيلِ، وَمَنْ طَمِعَ مِنكمْ أَنْ يَسْتَيقِظَ فَليوتِرْ مِنْ آخِرِ اللَّيلِ، فإنَّ صَلاةَ آخِرِ اللَّيل مَشْهودَةٌ، وَذَلكَ أَفْضَلُ" مسلم (¬2) وأحمد (¬3) من حديث جابر. 613 - [1650]- حديث عائشة: مِن كلِّ اللّيل قد أوتر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ من أوِّل الليل وأوسطه وآخره، وانتهى وتره إلى السِّحر. متفق عليه (¬4). ¬
614 - [1651]- حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "كُتِب عَليَّ الْوِتْرُ وَهُوَ لَكُمْ سُنَّةٌ، وكتبتْ عليّ ركعَتَا الضّحَى وَهُمَا لَكُمْ سُنَّة". أحمد (¬1) والدارقطني (¬2) والحاكم (¬3) والبيهقي (¬4) من حديث ابن عباس بلفظ: "ثلاثٌ هُنَّ عَلَي فَرائِضُ وَلَكُمْ تَطَوُّعٌ: النَّحْرُ وَالْوتْرُ، وَرَكَعَتَا الضُّحَى". لفظ أحمد. وفي رواية للدارقطني: "وَرَكَعَتَا الْفَجْرِ" بدل: "وَرَكَعَتَا الضّحَى". وفي رواية لابن عدي (¬5) "الْوِتْرُ وَالضُّحَى وَرَكَعَتَا الْفَجرِ"، ومداره على أبي جناب الكلبي، عن عكرمة. وأبو جناب ضعيف ومدلس أيضًا وقد عنعنه، وأطلق الأئمة على هذا الحديث الضعف؛ كأحمد والبيهقي (¬6)، وابن الصلاح، وابن الجوزي (¬7). والنووي (¬8) وغيرهم (¬9). وخالف الحاكم فأخرجه في "مستدركه" (¬10). ¬
ولكن لم يتفرد به أبو جناب، بل تابعه أضعف منه، وهو جابر الجعفي رواه أحمد (¬1). والبزار (¬2) وعبد بن حميد (¬3). من طريق إسرائيل عنه، عن عكرمة، عنه، بلفظ: "أُمِرْتُ بِرَكْعَتِي الْفَجْرِ وَالْوِتْرُ، وَلَمْ تُكْتَبْ علَيْكُم". وله متابع آخر من رواية وضاح بن يحيى عن مندل بن علي عن يحيى بن سعيد عن عكرمة، قال ابن حبان في "الضعفاء" (¬4): وضاح لا يحتج به، كان يروي الأحاديث التي كأنها معمولة. ومندل أيضًا ضعيف. [1652]- وروى الدارقطني (¬5) من وجه آخر، من حديث أنس ما يعارض هذا ولفظه: "أُمِرْتُ بِالْوِتْر والأَضْحَى، وَلَمْ يُعْزَم عَلَيَّ"، لكنه من رواية عبد الله ابن محرر وهو ضعيف جدًا. 615 - [1653]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أوتر قنت في الركعة الأخيرة. الدارقطني (¬6) من حديث سويد بن غفلة: سمعت أبا بكر وعمر وعثمان يقولون: قنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في آخر الوتر، وكانوا يفعلون ذلك. وفي إسناده عمرو بن شمر وهو متروك. ¬
616 - [1654]- حديث أبي بن كعب: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم -كان يقنت قبل الركوع/ (¬1). أبو داود (¬2) والنسائي (¬3) وابن ماجه (¬4). وأبو علي بن السكن في "صحيحه". ورواه البيهقي (¬5) من حديث أبي بن كعب، وابن مسعود، وابن عباس، وضعفها كلها، وسبق إلى ذلك ابن حنبل، وابن خزيمة، وابن المنذر. قال الخلال: عن أحمد لا يصح فيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - شيء، ولكن عمر كان يقنت. * حديث الحسن بن علي في القنوت في الوتر. تقدم في "باب صفة الصلاة". 617 - [1655]- حديث عائشة: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في الركعة الأولى من الوتر {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} الحديث. ¬
تنبيه
أبو داود (¬1) والترمذي (¬2) وابن ماجه (¬3) عنها. وفيه خصيف، وفيه لين. ورواه الدارقطني (¬4) وابن حبان (¬5) والحاكم (¬6) من حديث يحيى بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة. وتفرد به يحيى بن أيوب عنه، وفيه مقال، ولكنه صدوق. وقال العقيلي: إسناده صالح (¬7). ولكن حديث ابن عباس وأبي بن كعب بإسقاط المعوذتين أصح. وقال ابن الجوزي (¬8): أنكر أحمد ويحيى بن معين زيادة المعوذتين. [1656]- وروى ابن السكن في "صحيحه" له شاهدًا من حديث عبد الله بن [سرجس] (¬9) بإسناد غريب. تنبيه قال إمام الحرمين: رأيت في كتاب معتمد: أنّ عائشة روت ذلك. وتبعه ¬
الغزّالي (¬1)، فقال قيل: إن عائشة روت ذلك، وهذا دليل على عدم أعتنائهما معًا بالحديث، كيف يقال ذلك في حديث في "سنن أبى داود" التي هي أمّ الأحكام. [1657]- وحديث أُبيّ بن كعب الذي أشار إليه العقيلي؛ رواه أحمد (¬2) وأبو داود (¬3) والنسائي (¬4) وابن ماجه (¬5)، وابن حبان (¬6) والحاكم (¬7) وهو الذي أشرنا إليه قبلُ أن فيه: ذكر القنوت قبل الوتر. [1658]- وحديث ابن عباس: رواه أحمد (¬8) والترمذي (¬9) والنسائي (¬10) وابن ماجه (¬11). وفي الباب: عن علي، وعائشة، وعبد الرحمن بن أبزى، وأبي أمامة، وجابر، وعمران بن حصين، وابن مسعود. ¬
[1659]- فحديث علي؛ رواه أحمد بن إبراهيم الدورقي في "مسند علي" له عن علي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يوتر بتسع سور من المفصل، يقرأ: {أَلْهَاكُمُ} و {الْقَدْرِ} و {إِذَا زُلْزِلَتِ} و {وَالْعَصْرِ} و {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} و {الْكَوْثَرَ} و {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {تَبَّتْ} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} , في كل ركعة ثلاث سور (¬1). [1660]- وحديث عبد الرحمن بن أبزى؛ رواه أحمد (¬2) والنسائي (¬3) وإسناده حسن، وهو نحو حديث عائشة. وأحاديث الباقين يراجع "اليوم والليلة" للمعمري، فإنه أخرجها. 618 - حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان ربما استسقى وربما ترك، ولم يترك الصلاة عند الخسوف بحال، ولم يداوم على التراويح، وداوم على السنن الراتبة. أما كونه استسقى، فسيأتي. وأما كونه ترك، فيعني بذلك ترك صلاة الاستسقاء, لأن التبويب يقتضي سياق متعلقات صلاة التطوع، ولا يعني أنه ترك الدعاء مطلقًا، وسيأتي في الاستسقاء أيضًا ما يدل على ذلك. وأما أنه لم يترك الخسوف بحال، فلم أجده في حديث يروى، فليتتبع. وأما كونه لم يداوم على التراويح فسيأتي في حديث عائشة. ¬
وأما كونه داوم على السنن الراتبة فمعروف بالاستقراء، وفي حديث أم سلمة وغيرها في قضائه الركعتين بعد الظهر إذ فاتتاه فقضاهما بعد العصر ما يدل على المواظبة. 619 - [1661]- حديث أبي الدرداء: أوصاني خليلي - صلى الله عليه وسلم - بثلاث لا أدعهن: أوصاني بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، ولا أنام إلا على وتر، وسبحة الضحى في السفر والحضر. أحمد (¬1) وأبو داود (¬2) والبزار بهذا. وفي روايتهم أبو إدريمس السكوني وحاله مجهولة. وأصله في "صحيح مسلم" (¬3). دون ذكر السفر والحضر. وفي الباب: [1662]- حديث أبي هريرة، متفق عليه (¬4) نحوه. وفي رواية لأبي داود (¬5) لا أدعهن في سفر ولا حضر. وفي رواية لأحمد (¬6) في حديث أبي هريرة بدل: (الضحى) (الغسل يوم الْجُمُعَة). ¬
[1663]- وكذا هو في رواية للطبراني في حديث أبي الدرداء. [1664]- وفيه حديث أبي ذر: "أوصاني حبي بثلاث لا أدعهن؛ صلاة الضحى، والوتر قبل النوم، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر". رواه النّسائيّ (¬1) وأحمد (¬2) وغيرهما. 620 - [1665]- حديث أم هانئ: أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى يوم الفتح سبحة الضحى ثمان ركعات، يسلم من كل ركعتين. أبو داود (¬3) وإسناده على شرط البخاري، وأصله في "الصحيحين" (¬4) مطوّلًا دون قوله: يسلم من كل ركعتين. 621 - قوله: وأكثر الضحى ثنتا عشرة ركعة/ (¬5) ورد في الأخبار. أما كونها هذا العدد، ففيه نظر، نعم فيه: [1666]- حديث أنس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "منْ صلى الضُّحَى ثِنْتَي عَشَرَةَ رَكَعةً بَنَى الله لَهُ قَصْرًا في الجنَّةِ مِنْ ذَهَبٍ". قال الترمذي (¬6): غريب. قلت: وإسناده ضعيف. ¬
وفي الباب: [1667]- عن أبي ذر؛ رواه البيهقي (¬1). [1668]- وعن أبي الدرداء رواه الطبراني (¬2). وإسناداهما ضعيفان. وأما كونها لا تكون أكثر؛ فلم أره في خبر. واستدل الضياء المقدسي بحديث أم حبيبة: [1669]- في مسلم (¬3): "مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمِ يُصَلِّي في يَوْمٍ ثِنْتَيْ عَشَرَةَ رَكَعَةً تَطَوعًا غَيْرَ فَرِيضَةٍ، إلاَّ بَنَى الله لَهُ بَيْتًا في الْجَنةِ". قال: فيه دليل على أن أكثر الضحى اثنا عشرة ركعة. كذا قال!. *حديث: "إذَا دَخَل أَحَدُكمْ الْمَسْجِدَ فَلا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّي رَكعَتَين". متفق على صحته من حديث أبي قتادة، وقد مضى. 622 - [1670]- حديث عائشة: لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - على شيء من النوافل أشدّ تعاهدًا منه على ركعتي الفجر. متفق عليه (¬4) بهذا اللفظ. ¬
623 - [1671]- حديث عائشة: "رَكعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا". مسلم (¬1) بهذا اللفظ. 624 - [1672]- حديث: "مَنْ لَمْ يُوتِرْ فَلَيْسَ مِنَّا". أحمد (¬2) وأبو داود (¬3) والحاكم (¬4) من حديث بريدة، وأوله: "الْوِتْرُ حَقٌّ .. ". وفيه عبيد الله بن عبد الله العتكي يكنى أبا المنيب، ضعفه البخاري (¬5) والنسائي (¬6) وقال أبو حاتم (¬7): صالح. ووثقه يبيح بن معين (¬8). وله شاهد من: [1673]. حديث أبي هريرة، رواه أحمد (¬9) بلفظ: "مَنْ لَمْ يُوتِرْ فَلَيْسَ مِنَّا". وفيه الخليل بن مرة، وهو منكر الحديث، وفي الإسناد انقطاع بين معاوية بن ¬
قرة وأبي هريرة كما قال أحمد. 625 - [1674]. حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى بالناس عشرين ركعة ليلتين، فلما كان في الليلة الثالثة اجتمع الناس فلم يخرج إليهم، ثم قال من الغد: "خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ فَلا تُطِيقُوهَا". متفق على صحته (¬1) من حديث عائشة، دون عدد الركعات. وفي رواية لهما (¬2): "خَشِيتُ أَنْ تُفْتَرَضَ عَلَيْكُمْ صَلاةُ اللَّيْلِ فَتَعْجِزُوا عَنْهَا". زاد البخاري في رواية (¬3): فتوفِّي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والأمر على ذلك. وأمّا العدد: [1675]- فَرَوى ابن حبّان في "صحيحه" (¬4) من حديث جابر: أنّه صلى بهم ثمان ركعات، ثم أوتر. فهذا مباين لما ذكر المصنف؛ نعم ذكر العشرين ورد في حديث آخر رواه البيهقي (¬5) من: [1676]- حديث ابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلى في شهر رمضان، في غير جماعة عشرين ركعةً، والوتر. زاد سليم الرازي في "كتاب الترغيب" له: ويوتر بثلاث. ¬
قال البيهقي: تفرد به أبو شيبة إبراهيم بن عثمان وهو ضعيف. [1677]- وفي "الموطأ " (¬1) وابن أبي شيبة (¬2) والبيهقي عن عمر: أنه جمع الناس على أبي بن كعب فكان يصلي بهم في شهر رمضان عشرين ركعة ... الحديث. 626 - [1678]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - خرج ليالي من رمضان وصلّى في المسجد، ولم يخرج باقي الشّهر وقال: "صَلّوا في بِيُوتِكُمْ؛ فإنَّ أَفْضَل صَلاةِ الْمَرْءِ في بَيتِه إلاَّ الْمَكْتُوبَة". متفق عليه (¬3) من حديث زيد بن ثابت بأتَمّ من هذا السِّياق. ولأبي داود (¬4) من حديثه: "صلاةُ المَرْءِ في بَيْتِه أَفْضَلُ مِن صَلاتِهِ في مَسْجِدي هَذَا إلاَّ المَكْتُوبَةِ". 627 - [1679]- حديث: "الصَّلاةُ خَيرُ مَوْضُوعٍ، فَمَنْ شَاء اسْتَقلَّ وَمَنْ شَاءَ اسْتَكْثَرَ". وهو خبر مشهور أحمد (¬5) والبزار (¬6) من حديث عبيد بن الحسحاس، عن أبي ذر. ¬
ورواه ابن حبان في "صحيحه" (¬1) من حديث أبي إدريس الخولاني، عن أبي ذر في حديث طويل جدًا. وأورده الطبراني في "الأوسط" (¬2) ورواه في "الطوالات" أيضًا من طريق أخرى، عن ابن عائذ، عن أبي ذر. ومن طريق يحيى بن سعيد السعيدي، عن ابن جريج، عن عطاء، عن عبيد بن عمير، عن أبي ذر. وأعله ابن حبان في "الضعفاء" (¬3) بيحيى بن سعيد/ (¬4). وخالف الحاكم فأخرجه في "المسندرك" (¬5) من حديثه. [1680]- وله شاهد من حديث أبي أمامة، رواه أحمد (¬6) بسند ضعيف. 628 - [1681]- حديث ابن عمر: "صَلاة اللَّيلِ وَالنَّهَار مَثْنَى مَثْنَى". أحمد (¬7) وأصحاب "السنن" (¬8) وابن خزيمة (¬9) وابن حبّان (¬10) من حديث ¬
علي بن عبد الله البارقي الأزدي عن ابن عمر، بهذا. وأصله في "الصحيحين" (¬1) [بدون ذكر "النَّهَار"] (¬2). قال ابن عبد البر (¬3): لم يقله أحد عن ابن عمر غير علي، [وأنكروه عليه] (¬4) وكان يحيى بن معين يضعف حديثه هذا ولا يحتج به، ويقول: إن نافعا وعبد الله بن دينار وجماعة رووه عن ابن عمر بدون ذكر "النَّهَار". وروى بسنده عن يحيى بن معين أنه قال: صلاة النهار أربع لا يفصل بينهن. فقيل له: فإن أحمد بن حنبل يقول: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى؟ فقال: بأي حديث؟ فقيل له: بحديث الأزدي، فقال: ومن الأزدي حتى أقبل منه، وأدع يحيى بن سعيد الأنصاري، عن نافع، عن ابن عمر: أنه كان يتطوع بالنّهار أربعًا لا يفصل بينهن؟! لو كان حديث الأزدي صحيحًا لم يخالفه ابن عمر. وقال الترمذي (¬5) اختلف أصحاب شعبة فيه؛ فوقفه بعضهم، ورفعه بعضهم، والصحيح ما رواه الثقات عن ابن عمر، فلم يذكروا فيه: "صَلاةُ النَّهَار". وقال النّسائيّ (¬6): هذا الحديث عندي خطأ. ¬
وكذا قال الحاكم في "علوم الحديث" (¬1). وقال النّسائيّ في "الكبرى" (¬2): إسناده جيد، إلا أن جماعة من أصحاب ابن عمر خالفوا الأزدي، فلم يذكروا فيه: "النَّهَار". وصححه ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم في "المسندرك" (¬3). وقال: رواته ثقات. وقال الدارقطني في "العلل": ذكر النهار فيه وهم. وقال الخطابي (¬4): روى هذا الحديث طاوس ونافع وغيرهما عن ابن عمر، فلم يذكر أحد فيه: "النَّهَار"، وإنما هو "صَلاةُ الليلِ مَثْنَى مَثْنَى"، إلا أنّ سبيل الزيادة من الثقة أن تقبل. وقال البيهقي (¬5) هذا حديث صحيح، وعلي البارقي احتج به مسلم، والزيادة من الثقة مقبولة، وقد صححه البخاري لما سئل عنه، ثم روى ذلك بسنده إليه قال: وروي عن محمَّد بن سيرين عن ابن عمر مرفوعًا، بإسناد كلهم ثقات. انتهى. وقد ساقها الحاكم في "علوم الحديث" (¬6) من طريق نصر بن علي، عن أبيه، ¬
عن ابن عون، عن محمَّد بن سيرين، به. وقال: له علة يطول ذكرها. وله طرق أخرى؛ منها ما أخرجه الطبراني في "الأوسط" (¬1) من طريق نافع، عن ابن عمر، وقال: لم يروه عن العمري إلا إسحاق الحنيني. وكذا قال الدارقطني في "غرائب مالك": تمْرد به الحنيني، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر. ومنها: ما أخرجه الدارقطني (¬2) من رواية محمَّد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن ابن عمر وفي إسناده نظر. [1682، 1683]- وله شاهد من حديث علي، وآخر من حديث الفضل بن عباس مرفوعًا. أخرجه أبو داود (¬3) والنسائي (¬4) مرفوعًا: "الصَّلاةُ مَثْنَى مَثْنَى ... " الحديث. * حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال في الوتر: "صَلّوهَا مَا بَينَ الْعِشَاءِ إِلَى صَلاةِ الْصُّبْحِ". أحمد والحاكم من حديث أبي بصرة، وقد تقدم. * حديث: "مَن نَامَ عَنْ صَلاة أَوْ نسِيَهَا فَلْيُصَلِّها إذَا ذَكَرَهَا". ¬
تقدم في "التيمم". 629 - [1684]- حديث: "إذَا أُقِيمَتِ الصَّلاةُ فَلا صَلاةَ إلَّا الْمَكْتُوبَة". مسلم (¬1) من حديث أبي هريرة. واحتج به الرافعي على أن من دخل المسجد مثلًا، والإمام في صلاة الصبح، فليس له التشاغل بركعتي الفجر ولو علم أنه يدركه، خلافًا لأبي حنيفة. وأصرح منه في الاستدلال ما رواه أحمد (¬2) بلفظ: "فلا صَلاةَ إلاَّ الَّتِي أُقِيمَتْ". 630 - حديث عمر: أنه كان يضرب على الركعتين قبل المغرب. قلت: هذا تحريف في النقل، وإنما كان يضرب على الركعتين قبل غروب الشمس، لا كما استدل به المصنف أنه كان لا يرى الصلاة قبل صلاة المغرب. وأما كونه كان يضرب على/ (¬3) الصلاة بعد العصر؛ ففي "الصحيح" (¬4). [1685]- وروى أحمد في "مسنده" (¬5) عن زيد بن خالد: أن عمر رآه يصلي بعد العصر فضربه، فلما انصرف قال: والله لقد رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يصليهما. فقال له: يا زيد لولا أنّي أخشى أن تتخذها الناس سلّما إلى الصلاة حتى الليل، لم أضرب فيهما. ¬
[1686]- وروى محمَّد بن نصر المروزي في "صلاة الليل" (¬1) من طريق زيد ابن وهب، قال: لما أذن المؤذّن بالمغرب قام رجل يصلي ركعتين، فجعل يلتفت في صلاته، فعلاه عمر بالدّرّة، فلما قضى الصلاة، سأله فقال: رأيتك تلتفت في صلاتك، ولم يعب الركعتين. 631 - [1687]- حديث ابن عمر: أنه كان يسلم ويأمر بينهما -يعني بين الشفع والوتر-. البخاري (¬2) من حديث نافع عنه به، في حديث. 632 - [1688]- حديث أبي بكر: أنه كان يوتر قبل أن ينام، فإذا قام تهجد، ولم يعد الوتر. بقي بن مخلد: حدثنا محمَّد بن رمح، حدثنا الليث، عن ابن شهاب، عن ابن المسيب: أن أبا بكر وعمر تذكرا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال أبو بكر: فأنا أصلي ثم أنام على وتر، فإذا استيقظت صليت شفعًا حتى الصباح، فقال عمر: لكني أنام على شفع، ثم أوتر من السحر. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر: "حَذِرٌ هَذَا". وقال لعمر: "قَوِيٌّ هَذَا". وقد تقدمت طرقه من غير هذه الزيادة. وفي الباب: عن عمر، وعمار، وسعد، وأبي هريرة، وابن عباس، وعائشة ¬
في عدم نقض الوتر. [1689]- ورواه البخاري في "صحيحه" (¬1) عن عائذ بن عمرو- وله صحبة-: أنّه سئل عن نقض الوتر؟ قال: إذا أوترت من أوله فلا توتر من آخره. ورواه البيهقي (¬2) من حديث ابن عمر، عن أبي بكر من فعله ذلك، موصولًا. 633 - [1690]- حديث ابن عمر: أنه كان ينقض الوتر فيوتر من أول الليل، فإذا قام ليتهجد صلى ركعة يشفع بها تلك، ثم يوتر من آخر الليل. الشافعي (¬3) عن مالك، عن نافع، عنه، بهذا. ورواه أحمد (¬4) والبيهقي (¬5) من طريق أخرى عن ابن عمر. 634 - [1691]- حديث: أنّ عمر جَمَّع النّاس على أبيّ بن كعب في صلاة التراويح ولم يقنت إلا في النّصف الثّاني. ووافقه الصّحابة. أبو داود (¬6) من حديث الحسن البصري: أن عمر بهذا، نحوه. وهو منقطع. ¬
[1692]- ورواه أيضًا (¬1) من طريق ابن سيرين، عن بعض أصحابه، عن أبي بن كعب. وليس عنده من الوجهين قوله: "ووافقه الصحابة"، فهو من كلام المصنِّف ذكره تفقهًا. وأصل جمع عمر الناس على أبي في "صحيح البخاري" (¬2) دون القنوت. [1693]- وروى البيهقي (¬3) وابن عدي (¬4): القنوت في نصف رمضان الأخير من حديث أنس مرفوعًا. وإسناده واهٍ. * قوله: يستحب الجماعة في التراويح تأسيًا بعمر. تقدم قبل. 635 - [1694]- حديث عمر: السنة إذا انتصف شهر رمضان أن يلعن الكفرة في الوتر، بعد ما يقول سمع الله لمن حمده. رويناه في "فوائد أبي الحسعن بن زرقويه"، عن عثمان بن السماك، عن محمَّد ابن عبد الرحمن بن كامل، عن سعيد بن حفص، قال: قرأنا على معقل عن الزّهري، عن عبد الرحمن بن عبد القاري: أن عمر خرج ليلة في شهر رمضان، وهو معه، فرأى أهل المسجد يصلون أوزاعًا متفرقِّين، فأمر أبي بن كعب أن يقوم بهم في شهر رمضان، فخرج عمر والناس يصلّون بصلاة قارئهم، فقال: ¬
نعمت البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون. يريد آخر اللّيل وكانوا يقومون في أوّله، وقال: السنة إذَا انتصف شهر رمضان أن يلعن الكفرة في آخر ركعة من الوتر، بعد ما يقول القارئ: سمع الله لمن حمده، ثم يقول: اللهم العن الكفرة. وإسناده حسن. 636 - [1695]- حديث عمر: أنه قنت بهذا وهو: اللهم إنا نستعينك ... الحديث بطوله. البيهقي (¬1) من حديث عطاء، عن عبيد بن عمير، عنه، بطوله. لكن فيه تقديم [قوله] (¬2): اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات ... إلى آخره، على قوله: اللهم إنا نستعينك، وقال: بسم الله الرحمن الرحيم، قبل قوله: اللهم إنا نستعينك، وقبل قوله: اللهم إياك نعبد. قال البيهقي: هذا عن عمر صحيح موصول. قال: ورواه سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه، عن عمر، فخالف في بعض هذا؛ لأنه ذكر أن ذلك قبل الرّكوع، واقتصر على قوله: اللهم إياك نعبد، وعلى قوله: اللهم إنا نستعينك، قدم وأخر، ولم يذكر الدعاء بالمغفرة. وإسناده صحيح. قال البيهقي (¬3): روى القنوت بعد الركوع عن عمر عبيدُ بن عمير وأبو عثمان النّهدي، وزيد بن وهب، وأبو رافع، والعدد أولى بالحفظ من واحد. ¬
يعني: أن ابن أبزى خالفهم في قوله: إنّه قبل الركوع. [1696]- وروى أبو داود في "المراسيل" (¬1) حديث القنوت هذا، عن خالد بن أبي عمران قال بينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو على مضر ... فذكر القصة، قال: ثم علّمه هذا القنوت: "اللهُمّ إئا نَسْتَعِينُك ... "، فذكره. [1697]- وروى الحارث بن أبي أسامة وأبو يعلى وأحمد بن منيع في "مسانيدهم" (¬2) من حديث حنظلة السدوسي، عن أنس مرفوعًا: أنه كان يدعو في صلاة الفجر بعد الركوع: "اللهُمَّ عَذِّبْ كَفَرةَ أَهْلِ الْكِتَابِ". 637 - [1698]- حديث عمر: أنه مَرِّ بالمسجد فصلى ركعة، فتبعه رجل فقال: يا أمير المؤمنين، إنما صليت ركعة، فقال: إنما هي تطوع، فمن شاء زاد، ومن شاء نقص. البيهقي (¬3). وفي إسناده قابوس بن أبي ظبيان وهو لين. 638 - [1699]- قوله: روى عن بعض السلف قال: الذي صليت له يعلم كم صليت. أحمد في "مسنده" (¬4) من حديث علي بن زيد بن جدعان، عن مطرف، قال: ¬
قعدت إلى نفر من قريش، فجاء رجل فجعل يركع ويسجد، ثم يقوم ثم يركع ويسجد، لا يقعد، فقلت: والله ما أرى هذا ما يدري، أينصرف على شفع أو وتر فقال: لكن الله يدري، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "مَنْ سَجَد لله سَجْدَةً كَتَبَ الله لَه بِهَا حَسَنَةً، وَحَطَّ عَنْة بِهَا خَطِيئةً، وَرَفَع لَه بِهَا دَرَجَةً"، فقلت: من أنت؟ فقال: أبو ذر. وعلي بن زيد بن جدعان ضعيف. [1700]- ولكن رواه أحمد أيضًا (¬1) والبيهقي (¬2) من طريق الأحنف بن قيس، عن أبي ذر نحوه. 639 - قوله: واعلم أن تجويز التشهد في كل ركعة، لم نر له ذكرًا إلا في "النهاية" وفي كتب المصنف. قلت: ولعل مستنده أثر عمر المتقدم قبل هذا. **** ¬
(5) كتاب صلاة الجماعة
(5) كتابُ صَلَاةِ الجمَاعة
640 - [1701]- حديث ابن عمر: "صَلاةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلاةَ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِين دَرَجَةً". متفق عليه (¬1) واللفظ للشافعي (¬2). والبخاري ولمسلم: "أَفْضَلُ مِنْ صَلاةِ الفَذِّ". [1702]- وروياه (¬3) عن أبي هريرة بلفظ: "ضِعْفًا". وفي رواية لمسلم (¬4) "جُزْءًا" بدل: "دَرَجَةً". وللبزار: "صَلاةً" وقال: "بضعًا وِعشرينَ" بدل: "سبعًا"، وهي رواية لمسلم (¬5). قال الترمذي (¬6): كل من رواه قالوا: "خَمْسًا وعِشْرِينَ" إلاَّ ابن عمر. [1703]- ورواه أبو داود (¬7) وابن حبان (¬8) والحاكم (¬9) من حديث أبي سعيد، ¬
نحوه، بزيادة: "فَإنْ صَلَّاهَا في فَلاةٍ فَأَتَّمَّ رُكُوعَهَا وَسُجُودَهَا، بَلَغَتْ خَمْسِينَ". وفي رواية (¬1): "صلاةُ الرّجُلِ في الْفَلاةِ، تُضْعِفُ عَلَى صَلاتِهِ في الْجَماعَةِ". [1704]- ولأحمد (¬2) وأبي يعلى (¬3) والبزار (¬4) والطبراني (¬5) من حديث ابن مسعود بلفظ: "بِضْعٌ وَعِشْرونَ دَرَجةً". وفي رواية (¬6): "كُلّها مِثْلَ صَلاتِهِ في بَيْتِه". 641 - [1705]- حديث: "صَلاةُ الرَّجُلِ مَع الرّجُلِ أَفْضَلُ مِنْ صَلاِتهِ وَحْدَة، وَصلاتُهُ مَع الرَّجُلَين أَفْضَلُ مِنْ صَلاِتهِ مَعَ الرَّجُلِ، وَمَا زَادَ فَهُو أَحَبّ إلى الله". أحمد (¬7) وأبو داود (¬8) والنسائي (¬9) وابن حبان (¬10) وابن ماجه (¬11) من حديث ¬
أبي بن كعب. وصححه ابن السكن، والعقيلي (¬1). والحاكم (¬2) وذكر الاختلاف فيه، وبسط ذلك. وقال النووي: أشار علي بن المديني إلى صحته، وعبد الله بن أبي بصير قيل: لا يعرف؛ لأنه ما روى عنه غير أبي إسحاق السبيعي. لكن أخرجه الحاكم من رواية العيزار بن حريث عنه، فارتفعت جهالة عينه. [1706]- وأورد له الحاكم (¬3) شاهدًا من حديث قباث بن أشيم، وفي إسناده نظر. وأخرجه البزار (¬4) والطبراني (¬5) / (¬6) ولفظه: "صَلاةُ الرَّجُلَيْن يَؤُمَّ أَحَدُهمَا صَاحِبَه أَزْكَى عِنْد الله مِنْ صَلاةِ أَرْبَعَةٍ تَتْرَى، وَصلاةُ أَرْبَعَةٍ يَؤُمّ أَحَدُهُم هُو أَزْكَى عِند الله مِنْ صَلاةِ ثَمَانِيَةٍ تَتْرَى، وصلاةُ ثَمَانِيةٍ يَؤُمّ أَحَدُهُم أَزْكَى عِنْد الله من صَلاةِ مِائَةٍ تَتْرَى" 642 - [1707]- حديث: "مَا مِنْ ثَلاثة في قَرْيَةٍ وَلا بَدْوٍ لا تقَامُ فِيهِم الْجَمَاعَةُ، إلاَّ اسْتَحْوَذ عَلَيهِم الشَّيطَان". ¬
أحمد (¬1) وأبو داود (¬2) والنسائي (¬3) وابن حبان (¬4) والحاكم (¬5) من حديث أبي الدرداء به، وفي آخره: "فَعَلَيْكَ بِالجمَاعَةِ؛ فإنَّما يَأْكُلُ الذِّئْب الْقَاصِيَةَ". وفي الباب: [1708]- عن أبي هريرة في الهمِّ بتحريق مَنْ تخلّف. [1709]- وعن ابن مسعود: لَقَدْ رَأَيتنا وما يتخلّف عنها إلا منافق. [1710]- وعن ابن عباس: "مَنْ سَمِعَ الْمُنَادِي فَلْم يَمْنَعْه مِن اتِّبَاعه عُذْرٌ لَمْ تُقْبَلْ مِنْهُ الصلاةُ التَّي صَلَّى". [1711]- وحديث ابن أم مكتوم المشهور أيضًا. وكلها: عند أبي داود (¬6). [1712]- وروى مسلم (¬7) والنسائي (¬8) وابن ماجه (¬9) من حديث ابن عمر وغيره مرفوعًا: "لَيَنْتَهِيَنَّ أقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِم الْجَمَاعَةَ، أَوْ لَيَخْتِمَنَّ الله عَلَى قُلُوبِهِمْ". 643 - [1713]- حديث: روي أنّه - صلى الله عليه وسلم - أمر أمَّ ورقةٍ أن تؤمّ أهل دارها. ¬
أبو داود (¬1) والدارقطني (¬2) والحاكم (¬3) والبيهقي (¬4) عن أم ورقة بنت نوفل: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما غزا بدرًا قالت: يا رسول الله ائذن لي في الغزو معك ... الحديث، وفيه: وأمرها أن تؤم أهلَ دارها. وفيه قصة، وأنها كانت تسمّى الشّهيدة. وفي إسناده عبد الرحمن بن خلاد وفيه جهالة. *حديث إمامة عائشة وأم سلمة. يأتي آخر الباب. 644 - [1714]- حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى النساء عن الخروج إلى المساجد في جماعة الرجال، إلا عجوزًا في منقلها. والمنقل: الخيف. لا أصل له، وبيض له المنذري، والنووي في كلامه على "المهذب" (¬5). لكن أخرج البيهقي (¬6) بسند فيه المسعودي (¬7) عن ابن مسعود قال: ¬
والله الذي لا إله إلاَّ هو ما صلّت امرأة صلاة خيرًا لها من صلاة تصليها في بيتها إلاَّ المسجدين، إلاَّ عجوزًا في منقلها. وكذا ذكره أبو عبيد في "غريبه" (¬1) والجوهري في "الصحاح" (¬2) عن ابن مسعود. *حديث: "صَلاةُ الرَّجُلِ في بَيتِه أَفْضَلُ إلاَّ الْمَكْتُوبَة". تقدم في الباب الذي قبله. 645 - [1715]- حديث: روي أنّه - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن صَلَّى لله أَرْبَعِينَ يَومًا في جَمَاعَةٍ، يُدْرِكُ التَّكْبِيرةَ الأُولَى كتِبَ لَهُ بَرَاءَتَانِ؛ بَراءَةٌ مِن النّار، وَبَراءَةٌ مِن النّفَاق". الترمذي (¬3) من حديث أنس، وضعفه. ورواه البزار واستغربه. قلت: روي عن أنس، عن عمر؛ رواه ابن ماجه (¬4) وأشار إليه الترمذي (¬5) وهو في "سنن سعيد بن منصور" عنه، وهو ضعيف أيضًا، ومداره على ¬
إسماعيل بن عياش وهو ضعيف في غير الشاميين، وهذا من روايته عن مدني. وذكر الدارقطني الاختلاف فيه في "العلل" (¬1) وضعفه، وذكر أن قيس بن الربيع وغيره روياه (¬2) عن أبي العلاء، عن حبيب ابن أبي ثابت، قال وهو وهم، وإنما هو حبيب الأسكاف. وله طريق أخرى؛ أوردها ابن الجوزي في "العلل" (¬3) من حديث بكر بن أحمد بن محمى الواسطي، عن يعقوب بن تحية، عن يزيد بن هارون، عن حميد، عن أنس رفعه: "مَنْ صَلَّى أَرْبَعِينَ يَوْمًا في جَمَاعَةٍ صَلاةَ الْفجْرِ، وَصَلاةَ الْعِشَاءِ، كُتِبَ لَهُ بَراءَةٌ مِنَ النَّارِ وَبراءَةٌ مِنَ النِّفاق (¬4) ". وقال: بكر ويعقوب مجهولان. 646 - قوله: ووردت أخبار في إدراك التكبيرة الأولى مع الإِمام، نحو هذا. قلت: منها: [1716]- ما رواه الطبراني في "الكبير" (¬5) والعقيلي في "الضعفاء" (¬6) والحاكم أبو أحمد في "الكنى" من حديث أبي كأهل، بلفظ المصنف. ¬
وزاد: يدرك تكبيرة الأولى. قال العقيلي: إسناده مجهول. وقال أبو أحمد الحاكم: ليس إسناده بالمعتمد عليه. [1717]- وروى العُقيلي في "الضعفاء" (¬1) أيضًا عن أبي هريرة مرفوعًا: " لِكُلً شَيْءِ صَفْوَةٌ، وَصَفْوَةُ الصَّلاةِ التكبِيرةُ الأولَى". وقد رواه البزار (¬2) وليس فيه إلا الحسن بن السكن (¬3). لكن قال: لم يكن الفلاس يَرضاه. [1718]- ولأبي نعيم في "الحلية" (¬4) من حديث عبد الله بن أبي أوفى، مثله. وفيه الحسن بن عمارة، وهو ضعيف (¬5). [1719]- وروى ابن أبي شيبة في "مصنفه" (¬6) من حديث أبي الدرداء رفعه: "لِكُلً شَيْءٍ أَنْفٌ، وإنَّ أَنْفَ الصَّلاة التَّكْبِيرةُ الأولى، فَحَافِظُوا عَلَيْها". وفي إسناده مجهول (¬7). ¬
والمنقول عن السلف في فضل التكبيرة الأولى آثار كثيرة: [1720]- وفي الطبراني (¬1) عن رجل من طيء عن أبيه: أن ابن مسعود خرج إلى المسجد فجعل يهرول، فقيل: له أتفعل هذا وأنت تنهى عنه؟ قال: إنما أردت (¬2) حد الصلاة: التكبيرة الأولى. 647 - [1721، 1722]. حديث: "إذا أُقِيمَتِ الصلاةُ فَلا تَأْتُوها وَأَنْتُمْ تَسْعَوْن، وَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَمْشُونَ، وَعَلَيْكُم السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ". متفق عليه من حديث أبي قتادة (¬3). ومن حديث أبي هريرة (¬4) وله طرق وألفاظ. [1723]- وفي "الأوسط" للطبراني (¬5) من حديث سعد بن أبي وقاص مرفوعًا: "إذَا أَتَيتَ الصَّلاةَ فَأْتِهَا بِوَقارٍ وَسَكِينَةٍ، فَصَلِّ مَا أَدْرَكْتَ وَاقْضِ مَا فَاتَكَ". [1724]- وله (¬6) عن أنس بلفظ: "إذَا أَتَيْتُم الصلاةَ فأْتُوا وَعَلَيْكُم السَّكِينَةُ، فَصَلّوا ما أَدْرَكْتُمْ، وَاقْضُوا مَا سُبِقْتُمْ". رجاله ثقات 648 - [1725]- حديث أنس: ما صليت وراء إمام قطّ أخفَّ صلاة ¬
ولا أتمّ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. متفق عليه (¬1). وفي رواية (¬2): "إنّي لأَدْخُلُ في الصَّلاة أُرِيدُ إطالتَهَا، فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيّ فَأُخَفِّفُ مِنْ شِدَّةِ وَجْدِ أُمِّهِ بِهِ". وفي رواية للبخاري (¬3): "مَخَافَةَ أنْ تُفْتَنَ أُمّه". 649 - [1726، 1727]- حديث أبي هريرة: "إذا أَمَّ أحَدُكُمُ النَّاس فَلْيُخَفِّفْ". متفق عليه (¬4) من حديث أبي هريرة. ومن حديث أبي مسعود البدري أيضًا (¬5). 650 - [1728]- قوله: وفي رواية: "إذَا أمَّ بقومٍ فَلْيُخَفِّفْ". مسلم (¬6) من حديث عثمان بن أبي العاص أتم منه. 651 - [1729]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان ينتظر في صلاته ما سمع وقع نعل. ¬
أحمد (¬1) وأبو داود (¬2) من حديث محمَّد بن جحادة، عن رجل، عن ابن أبي أوفى في حديث. والرجل لا يعرف، وسَمّاه بعضهم طرفة الحضرمي، وهو مجهول؛ أخرجه البزار (¬3) وسياقه أتم. وقال الأزدي: طرفة مجهول. * حديث: أنّه - صلى الله عليه وسلم - حمل أمامة بنت أبي العاص، فإذا سجد وضعها، وإذا قام حملها. متفق عليه من حديث أبي قتادة. وقد تقدم في "باب الاجتهاد". 652 - [1730]- حديث يزيد بن الأسود: شهدت مع النّبي - صلى الله عليه وسلم - حجته فصليت معه الصّبح في مسجد الخيف، فلما قضى صلاته وانحرف، إذا هو برجلين في آخر القوم لم يصلّيا معه قال: عليَّ بهما فجيء بهما ترعد فرائصهما، قال: "مَا مَنَعَكُمَا أن تُصَلّيَا مَعَنَا؟ " فقالا: يا رسول الله، إنا كنا قد صلينا في رحالنا، قال: "فَلا تَفْعَلا! إذَا صَلَيتمَا في رِحَالِكُمَا، ثمّ أتَيتمَا مَسْجِدَ ¬
جَمَاعةٍ، فَصَلِّيَا مَعَهُمْ فَإنَّهَا لَكُمَا نافِلَةٌ". أحمد (¬1) وأبو داود (¬2) والترمذي (¬3) والنسائي (¬4) والدارقطني (¬5) وابن حبان (¬6) والحاكم (¬7) وصححه ابن السكن، كلهم من طريق يعلي بن عطاء، عن جابر بن يزيد بن الأسود، عن أبيه. وقال الشافعي في "القديم" (¬8): إسناده مجهول. قال البيهقي (¬9): لأن يزيد بن الأسود ليس له راوٍ غير ابنه، ولا لابنه جابر راوٍ غير يعلى. قلت: يعلى من رجال مسلم، وجابر وثقه النّسائيّ وغيره، وقد وجدنا لجابر ابن يزيد راويًا غير يعلى، أخرجه ابن منده في "المعرفة" من طريق بقيَّة عن إبراهيم بن ذي حماية، عن عبد الملك بن عمير، عن جابر. وفي الباب: ¬
تنبيه
[1731]- عن أبي ذر في مسلم (¬1) في حديث أوله: "كَيْفَ أَنْتَ إذَا كَانَ عَلَيْكَ أُمَراءُ يُؤَخِّرُونَ الصلاةَ عَنْ وَقْتِهَا؟ ... " الحديث. وفيه: "فإنْ أَدْرَكْتَها مَعَهُم فَصَلِّ؛ فَإنها لَكَ نَافِلَةٌ"/ (¬2). [1732، 1733]- وأخرجه (¬3) من حديث ابن مسعود أيضًا، والبزار (¬4) من حديث شداد بن أوس. [1734]- وعن محجن الديلي في "الموطأ" (¬5) والنسائي (¬6) وابن حبان (¬7) والحاكم (¬8). تنبيه [1735]- روى أبو داود (¬9) والنسائي (¬10) وابن خزيمة (¬11) وابن حبان (¬12) من حديث سليمان بن يسار، عن ابن عمر يرفعه: "لا تُصلُّوا صَلاةً في يَومٍ مَرَّتَيْنِ". ¬
[1736]- وروى مالك في "الموطأ" (¬1) عن نافع عن ابن عمر أن رجلًا سأله فقال: إني أصلي في بيتي، ثم أدرك الصلاة مع الإِمام، أفأصلي معه؟ قال: نعم، قال: فأيتهما أجعل صلاتي؟ قال ابن عمر: ليس ذاك إليك، إنما ذلك إلى الله. قال البيهقي (¬2): فهذا يدل على أن ما رواه عنه سليمان محمول على ما إذا صُلِّيتْ في جماعة. 653 - قوله: ولو صلى في جماعة ثم أدرك أخرى أعادها معهم على الأصح، كما لو كان منفردًا؛ لإطلاق الخبر. قلت: يشير إلى حديث يزيد بن الأسود السابق. وقد ورد ما هو نصٌّ في إعادتها في جماعة لمن صلى جماعة على وجه مخصوص، وذلك: [1737]- في حديث أبي المتوكل، عن أبي سعيد، قال: صلى لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر، فدخل رجل، فقام يصلي الظهر، فقال: "ألا رَجُلٌ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا فَيُصَلِّي مَعَهُ". رواه الترمذي (¬3) وابن حبان (¬4) والحاكم (¬5) والبيهقي (¬6). ¬
654 - قوله: والجديد أنّ الفرض هي الأولى؛ لما سبق من الحديث. قلت: يعني حديث يزيد بن الأسود أيضًا. وكذلك وقع في حديث أبي ذر وغيره في آخر الحديث، حيث قال: "وَلْيَجْعَلْهَا نَافِلَةٌ". [1738]- وأما ما رواه أبو داود (¬1) من طريق نوح بن صعصعة، عن يزيد بن عامر، وفي آخره: "إذا جِئْتَ الصَّلاةَ فَوَجَدْتَ النَّاسَ فَصلّ مَعَهُم، وَإنْ كنْتَ صَلَّيْتَ وَلْتَكنْ لَكَ نَافِلَة، وَهَذِه مَكْتوبَةٌ". وقد ضعّفه النووي (¬2). وقال البيهقي (¬3): هذا مخالف لما مضى، وذاك أثبت وأولى. ورواه الدارقطني (¬4) بلفظ: "وَلْيَجْعَلِ [الَّتِي] (¬5) صَلَّى في بَيْتِهِ نَافِلَةً". قال الدارقطني: هي رواية ضعيفة شاذة. 655 - [1739]- حديث: "مَنْ سَمِع النِّدَاء فَلَمْ يَأْتِهِ، فلا صَلاةَ لَهُ إلاَّ مِنْ عُذْرٍ"، قيل: يا رسول الله وما العذر؟ قال: "خَوْفٌ أَوْ مَرَضٌ". ¬
أبو داود (¬1) والدارقطني (¬2) من حديث أبي جناب الكلبي، عن مغراء العبدي، عن عدي بن ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ سَمِعَ الْمُنَادَي فَلَمْ يَمْنَعْهُ مِن اتِّباعِهِ عُذرٌ"، قالوا: وما العذر؟ قال: "خَوْفٌ أَوْ مَرَضٌ، لَم يَقْبَلِ الله مِنْهُ الصَّلاةَ الَّتِي صَلّى". وأبو حناب ضعيف ومدلس، وقد عنعن. وقد ورآه قاسم بن أصبغ في "مسنده" (¬3) موقوفًا ومرفوعًا، من حديث شعبة عن عدي بن ثابت به، ولم يقل في المرفوع: "إلاَّ مِنْ عُذْرٍ". ورواه بقي بن مخلد وابن ماجه (¬4) وابن حبان (¬5) والدارقطني (¬6) والحاكم (¬7) عن عبد الحميد بن بيان، عن هشيم، عن شعبة بلفظ: "مَن سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يُجِبْ، فَلا صَلاةَ لَهُ إلاَّ مِنْ عُذْرٍ" مرفوعًا هكذا ... وإسناده صحيح. لكن قال الحاكم: وقفه غندر وأكثر أصحاب شعبة، ثم أخرج له شواهد: منها: [1740]- عن أبي موسى الأشعري، وهو من طريق أبى بكر بن عياش، عن أبي حصين، عن أبي بردة، عنه بلفظ: "مَن سَمِعَ النِّدَاءَ فارغًا صَحِيحًا فَلَمْ ¬
فائدة
يُجِبْ، فَلا صَلاةَ لَهُ" (¬1). ورواه البزار: من طريق قيس بن الربيع، عن أبي حصين أيضًا. ورواه من طريق سماك، عن أبي بردة، عن أبيه، موقوفًا. وقال البيهقي (¬2): الموقوف أصح. [1741]- ورواه العقيلي في "الضعفاء" (¬3) من حديث جابر، وضعفه. [1742]- ورواه ابن عدي (¬4) من حديث أبي هريرة وضعفه. فائدة [17431، 1744]- حديث: "لا صَلاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إلاَّ في الْمَسْجِد". مشهور بين الناس، وهو ضعيف ليس له إسناد ثابت، أخرجه الدارقطني (¬5). عن جابر وأبي هريرة. وفي الباب: [1745]- عن علي (¬6). وهو ضعيف أيضًا. [1746]- حديث: "إذا ابْتَلَّتِ النِّعَالُ فَالصَّلاةُ في الرِّحَال". [1747]- وحديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يأمر مناديه في الليلة الممطرة والليلة ذات ¬
الريح أن ينادي: "أَلَا صَلُّوا/ (¬1) في [رِحَالِكُم] (¬2) ". أما هذا الحديث، فرواه أحمد (¬3) والنسائي (¬4) وأبو داود (¬5) وابن ماجه (¬6) وابن حبان (¬7) والحاكم (¬8) من حديث أبي المليح، عن أبيه: أنه شهد النبي - صلى الله عليه وسلم - زمن الحديبية في يوم الْجُمُعَة، وأصابهم مطر لم يبتل أسفل نعالهم، فأمرهم أن يصلوا في رحالهم. وأصله: [1748]- في "الصحيحين" (¬9) من حديث نافع عن ابن عمر: أنه أذن في ليلة ذات برد وريح ومطر، وقال في آخر ندائه: ألا صلوا في رحالكم، ألا صلوا في الرحال ثم قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأمر المؤذن، إذا كانت ليلة باردة أو ذات مطر في السفر أن يقول: "ألَا صَلّوا في [رِحَالِكُم] (¬10) ". لفظ مسلم. ورواه البخاري نحوه. ¬
وروى بقي بن مخلد هذا الحديث في "مسنده" (¬1) بإسناد صحيح، وزاد فيه: أمر مؤذنه فنادى بالصلاة، حتى إذا فرغ من أذانه، قال: ناد إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا جَمَاعَةَ، صَلُّوا في [الرِّحَال] (¬2) ". وفي الباب: [1749 - 1752]- عن ابن عباس، متفق عليه (¬3). وعن جابر رواه مسلم (¬4) وعن نعيم بن النحام (¬5). وعن عمرو بن أوس (¬6) رواهما أحمد. وأما الحديث الأول، فلم أره بهذا اللفظ؛ بل: [1753]- رَوى أحمد (¬7) من طريق الحسن، عن سمرة، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال يوم حنين في يوم مطير: "الصّلاة في الرِّحَال". زاد البزَّار: كراهة أن يشق علينا. رجاله ثقات. وأما اللَّفظ الذي ذكره المصنف فلم أره في كتب الحديث، وقد ذكره ابن الأثير في "النهاية" (¬8). كذلك وقال الشيخ تاج الدين الفزاري في "الإقليد" لم أجده في الأصول، ¬
تنبيه
وإنما ذكره أهل العربية، والمصنف تبع الماوردي والعمراني في إيراده هكذا. وللحديث شاهد آخر: [1754]- من حديث عبد الرحمن بن سمرة بلفظ: "إذا كَان مَطَرٌ وَابِلٌ فَصَلّوا في رِحَالِكُمْ". رواه الحاكم (¬1) وعبد الله بن أحمد في "زيادات المسند" (¬2)، وفي إسناده ناصح بن العلاء، وهو منكر الحديث. قاله البخاري (¬3). وقال ابن حبان (¬4): لا يجوز الاحتجاج به. ووثقه أبو داود (¬5). تنبيه (¬6) أورد الرّافعي الحديث الثّاني؛ لأجل ذكر الريح وليس هو في طريقه المرفوعة التي في "الصحيحين"، نعم هي رواية الشافعي في "مسنده" (¬7). [1755]- عن ابن عيينة، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، ولفظه: كان يأمر مناديه في الليلة الممطرة والليلة الباردة ذات الريح: ألا صلوا في رحالكم. * قوله: قيل يا رسول الله: ما العذر؟ قال: "خوْفٌ أَوْ مَرضٌ". تقدم من حديث ابن عباس عند أبي داود. ¬
656 - [1756]- حديث: "لا يُصَلِّى أَحَدُكمْ وَهُو يَدِافِغ الأَخْبَثَينِ". رواه ابن حبان بهذا اللّفظ من حديث عائشة (¬1). وهو في "صحيح مسلم" (¬2) من حديثها بلفظ: "لا صَلاةَ بِحَضرَةِ طَعَامٍ، وَلا وَهوَ يُدافِعُه الأَخْبَثَان". 657 - [1757]- حديث: "إذا أقيمَتِ الصَّلاةُ، وَوَجَدَ أَحَدُكم الْغِائِطَ، فَلْيَبْدَأْ بِالْغَائِطِ". مالك في الموطأ (¬3) والشافعي (¬4) عنه، وأحمد (¬5) وأصحاب "السنن" (¬6) وابن خزيمة (¬7) وابن حبان (¬8) والحاكم (¬9) من رواية عبد الله بن الأرقم، واللفظ للشافعي والحاكم، والباقين بمعناه. وفيه قصة، كلهم من طريق هشام عن ¬
عروة، عن عبد الله. ورواه بعضهم: عن هشام عن عروة، عن رجل، عن عبد الله. ورجح البخاري فيما حكاه الترمذي في "العلل المفرد" (¬1) رواية من زاد فيه: "عن رجل". 658 - [1758، 1759]. حديث: "إذَا حَضَر الْعِشَاءَ، وَأُقِيمَتِ الصَّلاةَ فَابْدَؤُوا بِالْعِشَاء". متّفق عليه (¬2) من حديث ابن عمر بهذا. ومن حديث أنس (¬3). وزاد فيه الطبراني (¬4): "إذَا أُقِيمَتِ الصَّلاة وَأحَدُكُمْ صَائمٌ، فَلْيَبْدَأْ بِالْعَشَاء قَبْل صَلاةِ الْمَغْرِبِ، وَلا تعْجَلُوا عَنْ عَشَائِكُم". [1760]- واتفقا عليه أيضًا (¬5) من حديث عائشة بمعناه، وزيادة: "قَبْل أَنْ تُصَلّوا صَلاةَ الْمَغْرب". وفي الباب: [1761 - 1763]- عن أم سلمة رواه أحمد (¬6) وأبو يعلى (¬7) والطبراني (¬8). ¬
وعن ابن عباس رواه الطبراني (¬1). وعن أبي هريرة رواه الطبراني في "الأوسط" (¬2) وإسناده حسن. [1764]- وعن سلمة بن الأكوع عند مسلم (¬3). 659 - [1765]- قوله: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "ألا لا تَؤُمَنَّ امْرَأةٌ رَجُلًا، وَلا أَعْرَابيٌ مُهَاجِرًا". ابن ماجه (¬4) من حديث جابر في حديث أوله: "يَا أَيّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى رَبِّكُمْ قَبْلَ أَنْ تَمُوتُوا ... " وفيه ذكر الْجمُعَة، والتغليظ في تركها. وفيه عبد الله بن محمد العدوي, عن علي بن زيد بن جدعان، والعدوي اتهمه وكيع بوضع الحديث، وشيخه ضعيف. ورواه عبد الملك بن حبيب في "الواضحة" (¬5) من وجه آخر؛ قال: حدّثنا أسد ابن موسى، وعلي بن معبد قالا: حدثنا فضيل بن عياض، عن علي بن زيد. وعبد الملك متهم بسرقة الأحاديث، وتخليط الأسانيد قاله ابن الفرضي. قال عبد الحق في "الأحكام" رأيته في كتاب عبد الملك، وقال ابن عبد ¬
البر: أفسد عبد الملك بن حبيب إسناده، وإنما رواه أسد بن موسى، عن الفضيل بن مرزوق، عن الوليد بن بكير، عن عبد الله بن محمَّد العدوي، عن علي بن زيد، فجعل عبد الملك فضيل بن عياض، بدل: فضيل بن مرزوق، وأسقط من الإسناد رجلين. 660 - [1766]- حديث: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى قاعدًا وأبو بكر خلفه، والناس قيامًا. متفق عليه (¬1) من حديث عائشة مطولًا ولفظه: فكان يصلي بالناس جالسًا، وأبو بكر قائمًا يقتدي أبو بكر بصلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - ويقتدي الناس بصلاة أبي بكر. وللحديث عن عائشة طرق كثيرة يطول ذكرها، والمراد هنا الاحتجاج على جواز صلاة القائم خلف القاعد، وهو مبني على كونه - صلى الله عليه وسلم - كان الإِمام، وكان أبو بكر مأمومًا/ (¬2) في تلك الصلاة، وهو كذلك في الطريق المذكورة. وقد أطنب ابن حبان (¬3) في تخريج طرقه وفي الجمع بين ما اختلف من ألفاظها. والله الموفق. 661 - [1767]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - دخل في صلاته، وأحرم الناس خلفه، ثم ذكر أنه جنب فأشار إليهم: "كمَا أَنْتُمْ"، ثم خرج واغتسل ورجع ورأسه يقطر ماء. ¬
أبو داود (¬1) من حديث أبي بكرة بلفظ: دخل في صلاة الفجر فأوما بيده أن مكانكم، ثم جاء ورأسه يقطر، فصلى بهم. وفي رواية له (¬2) قال في أوله: فكبر. وقال في آخره: فلما قضى الصلاة، قال: "إنَمَا أَنَا بَشَرٌ وَإنِّي كُنْتُ جُنُبًا". وصححه ابن حبان (¬3) والبيهقي واختلف في إرساله ووصله. وفي الباب: [1768]- عن أنس رواه الدارقطني (¬4) واختلف في وصله وإرساله أيضًا. [1769]- وعن علي بن أبي طالب، رواه أحمد (¬5) والبزار (¬6) والطبراني في "الأوسط" (¬7). وفيه عبد الله بن لهيعة. [1770]- ورواه مالك (¬8) عن إسماعيل بن أبي حكيم، عن عطاء بن يسار مرسلًا. [1771]- ورواه ابن ماجه (¬9) من حديث أبي هريرة وفي آخره: "وإنِّي أُنْسِيتُ حَتَّى قُمْتُ في الصَّلاةِ". ¬
وفي إسناده نظر؛ وأصله في "الصحيحين" (¬1) بغير هذا السياق ولفظهما: أقيمت الصلاة، وعُدِّلت الصفوف، حتى قام النبي - صلى الله عليه وسلم - في مصلاه قبل أن يكبر فذكر، فانصرف وقال: "مَكانَكُمْ"، فلم نَزَلْ قيامًا حتّى خرج إلينا وقد اغتسل ينظف رأسه ماء، فكبر فصلى بنا. وزعم ابن حبان (¬2) أنهما قضيّتان (¬3). ذكر في الأولى قبل التكبير والتحريم بالصلاة وهي هذه، وفي الثانية لم يذكر إلا بعد أن أحرم، كما في حديث أبي بكرة. 662 - [1772]- حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذَا صَلّى الإمَامُ بِقَوْمٍ وَهُو عَلى غَير وُضُوءٍ أَجْزَأتْهمْ وَيُعِيدُ". الدارقطني (¬4) بهذا وأتم منه في ذكر الجنب أيضًا من حديث البراء، وفيه جويبر وهو متروك، وفي السند انقطاع أيضًا. 663 - [1773]- حديث: أن عمرو بن سلمة كان يؤم قومه على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو ابن سبع سنين. البخاري في "صحيحه" (¬5) عنه، في حديث فيه: فبادر أبي قومي بإسلامهم، ¬
تنبيه
فلما قدم قال: والله لقد جئتكم من عند النبي حقاُّ، فقال: "صَلّوا صَلاةَ كَذَا في حِين كَذَا، وَصَلاةَ كَذَا في حِين كَذَا، فإذَا حَضَرتِ الصَّلاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا"، فنظروا فلم يكن أحد أقرأ مني، لما كنت أتلقى من الرّكبان، فقدَّموني بين أيديهم وأنا ابن ستّ أو سبع سنين. ورواه النّسائيّ (¬1) بلفظ: فكنت أؤمّهم وأنا ابن ثمان سنين. وأبو داود (¬2) وأنا ابن سبع أو ثمان سنين. والطبراني (¬3): وأنا ابن ست سنين. وفي رواية لأبي داود (¬4): فما شهدت مَجْمَعًا من جَرْمٍ، إلاَّ كنت إمامهم، وكنت أصلي على جنائزهم إلى يومي هذا. تنبيه سلِمَة والد عمرو- بكسر اللام- واختلف في صحبة عمرو، وروى الطبراني (¬5). ما يدلّ على أنه وقد مع أبيه أيضًا. *حديث إمامة ذكران عبد عائشة. يأتي في آخر الباب. ¬
664 - [1774] حديث: "اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَلَوْ أُمِّر عَلَيكُمْ عَبْدٌ أَجْدَعُ، مَا أَقَامَ فيكُمُ الصَّلاةَ". هكذا أورده الماوردي (¬1) وابن الصبّاغ وغيرهما/ (¬2). وقوله في آخره: "مَا أَقَامَ فِيكُم الصَّلاة". لم أجده هكذا. وهم احتجوا به على صحة إمامة العبد في الصلاة، فيحتاج إلى صحة هذه اللفظة، والذي في البخاري (¬3) من: [1775]- حديث أنس بلفظ: "وَلَوِ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ، كَأَنَّ رَأْسهُ زَبِيبَةٌ، مَا أَقَامَ فِيكُمْ كِتَابَ الله". [1776]- وفي رواية له (¬4) أنه قال لأبي ذر: "اسمَعْ وَأَطِعْ ... " نحوه، دون الجملة الأخيرة، وقد اتفقا عليه (¬5) من حديث أبي ذرّ نفسه. [1777]- ورواه مسلم (¬6) من حديث أمّ الحصين: أنه - صلى الله عليه وسلم - خطب بذلك في حجّة الوداع، بلفظ: "وَلَوِ اسْتَعْمَلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ يَقُودُكُمْ بِكِتَابِ اللهِ". ووهم الحاكم (¬7) فاستدركه. ¬
[1778]- وفي الطبراني (¬1) من طريق مكحول، عن معاذ بن جبل، رفعه: "أَطِعْ كُلَّ أَمِيرٍ، وَصَلِّ خَلْفَ كُلِّ إِمَامٍ". وفي إسناده انقطاع. 665 - [1779]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - استخلف ابن أم مكتوم في بعف غزواته يؤم الناس وهو أعمى. أبو داود (¬2) عن أنس بهذا، وفي رواية له (¬3): مرتين. ورواه أحمد (¬4) ولفظه: فكان يصلي بهم وهو أعمى. [1780]- ورواه ابن حبان في "صحيحه" (¬5) وأبو يعلى (¬6) والطبراني (¬7) من حديث هشام عن أبيه، عن عائشة. [1781]- ورواه الطبراني (¬8) من حديث عطاء، عن ابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم استخلف ابن أمّ مكتوم على الصّلاة وغيرها من أمر المدينة. وإسناده حسن. [1782]- ومن حديث بن بحينة (¬9) بلفظ: كان إذا سافر استخلف ابن أمّ مكتوم ¬
تنبيه
على المدينة، فكان يؤذّن ويقيم ويصلي بهم. وفي إسناده الواقدي. تنبيه ذكر ابن سعد وابن إسحاق المغازي التي استخلف فيها ابن أم مكتوم واختلفا في بعضها (¬1). وفي الباب: [1783]- عن عبد الله بن عمر الخطمي: أنه كان يؤم قومه بني خطمة، وهو أعمى على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. أخرجه الحسن بن سفيان في "مسنده"، وابن أبي خيثمة، وعنه قاسم بن أصبغ في "مصنفه". 666 - [1784]- حديث: "يَؤُمّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهمْ لِكِتَابِ الله، فَإنْ كانُوا في الْقِرَاءَةِ سَواءٌ، فَأَعْلَمُهم بالسنَّةِ، فإن كانُوا في السّنَّةِ سواءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرةً، فَإنْ كانوا في الْهِجْرةِ سَوَاءً فَأكبَرُهُمْ سِنًّا". مسلم في "صحيحه" (¬2) من حديث أبي مسعود البدري، وله ألفاظ، وفيه زيادة. واستدركه الحاكم (¬3) للفظة زائدة وقعت فيه عنده، وهي: "فإنْ كَانُوا في الْقُرْآن سَوَاءً فَأَفْقَهُهُمْ فِقْهًا". وقال: هذه لفظة عزيزة، ثم ذكر لها شاهدًا. ¬
667 - [1785]- حديث: "صَلّوا خَلْفَ كُلِّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ". أبو داود (¬1) والدراقطني (¬2) واللفظ له، والبيهقي (¬3) من حديث مكحول، عن أبي هريرة، وزاد: "وَجَاهِدُوا مَع كُلِّ بَرٍ وَفَاجرٍ". وهو منقطع. وله طريق أخرى عند ابن حِبّان في "الضّعفاء" (¬4) من حديث عبد الله بن محمّد ابن يحيى بن عروة، عن هشام، عن أبي صالح عنه. وعبد الله متروك. [1786 - 1789]- ورواه الدارقطني من حديث الحارث، عن علي (¬5) ومن حديث علقمة والأسود عن عبد الله (¬6). ومن حديث مكحول أيضًا عن واثلة (¬7). ومن حديث أبي الدرداء (¬8) من طرق كلّها واهية جدًا. قال العقيلي (¬9): ليس في هذا المتن إسناد يثبت. ¬
ونقل ابن الجوزي (¬1): عن أحمد أنه سئل عنه؟ فقال: ما سمعنا/ (¬2) بهذا. وقال الدارقطني (¬3): ليس فيها شيء يثبت. وللبيهقي في هذا الباب أحاديث كلها ضعيفة غاية الضعف، وأصح ما فيه حديث مكحول عن أبي هريرة على إرساله (¬4). وقال أبو أحمد الحاكم: هذا حديث منكر. 668 - [1790]- حديث: "صَلُّوا خَلْفَ مَنْ قَالَ لا إِلَهَ إلاَّ الله، وَصَلّوا عَلَى مَنْ قَالَ لا إِلَه إلاَّ الله". الدارقطني (¬5) من طريق عثمان بن عبد الرحمن، عن عطاء، عن ابن عمر، وعثمان كذّبه يحيى بن معين. ومن حديث نافع عنه، وفيه خالد بن إسماعيل عن العمري به، وخالد متروك. ووقع في الطريق عن أبي الوليد المخزومي، فخفي حاله على الضياء المقدسي، وتابعه أبو البختري وهب وهو كذاب. ومن طريق مجاهد عن ابن عمر، وفيه محمَّد بن الفضل وهو متروك. وهو في الطبراني (¬6) أيضًا. وله رواية أخرى عن عثمان بن عبد الله العثماني، عن مالك، عن نافع، عن ¬
ابن عمر، وعثمان رماه ابن عدي (¬1) بالوضع. * حديث: "لِيَؤُمّكُمْ أَكْبَرُكمْ". تقدّم من حديث مالك بن الحويرث. 669 - [1791]- حديث: "قَدِّمُوا قُرَيْشًا ... ". الشافعي (¬2) عن ابن أبي فديك، عن ابن أبي ذئب، عن ابن شهاب، أنه بلغه، فذكره. [1792]. ورواه ابن أبي شيبة (¬3) , والبيهقي (¬4) من حديث معمر، عن الزهري عن ابن أبي حثمة، نحوه. [1793]- ورواه الطبراني، من حديث أبي معشر عن سعيد المقبري عن السائب. وأبو معشر ضعيف. [1794 - 1795]- ورواه البيهقي (¬5) من حديث علي بن أبي طالب، وجبير بن مطعم، وغيرهما. وقد جمعت طرقه في جزء كبير. 670 - قوله: ونقل الأصحاب عن بعض متقدمي العلماء: أنه يقدم أحسنهم، فقيل: وجهًا وقيل: ذكرا. ¬
قلت: مستنده: [1796]- ما أخرجه البيهقي (¬1) من حديث أبي زيد الأنصاري، رفعه: "إذَا كَانُوا ثَلاثَةً، فَلْيَؤُمَّهُم أَقْرَؤهُم، فَإنِ اسْتَوَوْا فَأَسَنُّهُمْ، فَإنِ اسْتَوَوا فَأَحْسنَهُهُمْ وَجهًا". وفيه: عبد العزيز بن معاوية، وقد غمزه أبو أحمد الحاكم بهذا الحديث. [1797]- وروى أبو عبيد عن عائشة نحوه من قولها، وقال: أرادت في حسن السمت والهدى. 671 - [1798]. حديث: "لا يَؤُمُّ الرَّجُلُ الرجلَ في سُلْطَانِه". مسلم (¬2) من حديث أبي مسعود، في الحديث الذي أَوله: "يَؤُمّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ". * حديث: كان ابن عمر يصلي خلف الحجاج ... يأتي في آخر الباب. 672 - [1799]. حديث: من السنة أن لا يؤمهم إلا صاحب البيت. الشافعي (¬3) عن إبراهيم بن محمَّد، عن معن بن عبد الرحمن، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن ابن مسعود. وفيه ضعف وانقطاع. [1800]- وله شاهد رواه الطبراني (¬4) من طريق إبراهيم النخعي، قال: أتى ¬
عبد الله أبا موسى فتحدث عنده، فحضرت الصلاة، فلما أقيمت تأخر أبو موسى، فقال له عبد الله: لقد علمت أنّ من السنة أن يتقدّم صاحب البيت. رجاله ثقات. ورواه الأثرم، وقال: لا يعارض هذا صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيت أنس؛ لأنه كان الإِمام حيث كان. * حديث: أن ابن عباس وقف عن يسار النبي - صلى الله عليه وسلم - فأداره عن يمينه. متفق عليه. وتقدم في باب "شروط الصلاة". 673 - [1801]- حديث: جابر صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فقمت عن يمينه، ثم جاء آخر/ (¬1) فقام عن يساره فدفعنا جميعًا، حتى أقامنا خلفه. مسلم (¬2) وسمى الآخر جبار بن صخر. 674 - [1802]- حديث أنس: صليت أنا ويتيم خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيتنا، وأم سليم خلفنا. متفق على صحته (¬3). 675 - [1803]- حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل صلى خلف ¬
الصف: "أَيّها الْمُصَلّي هَلَّا دَخَلْتَ في الصَفّ، أَوْ جَررْت رَجُلًا مِن الصَفِّ، أَعِدْ صَلاَتكَ". الطبراني في "الأوسط" (¬1) والبيهقي (¬2) من حديث وابصة، وفيه السرى بن إسماعيل، وهو متروك. لكن في "تاريخ أصبهان" (¬3) لأبي نعيم له طريق أخرى في ترجمة "يحيى بن عبدويه البغدادي"، وفيها قيس بن الربيع وفيه ضعف. وأصله في الترمذي (¬4) وأبي داود (¬5) والدارقطني (¬6) وابن ماجه (¬7) وابن حبان (¬8) وليس فيه مقصود الباب من قوله: "هَلَّا جَرَرْتَ رَجُلًا مِنَ الصَفِّ". [1804]- ورواه أحمد (¬9) من حديث علي بن شيبان، نحو لفظ ابن حبان (¬10). وقال الأثرم عن أحمد: هو حديث حسن. ¬
[1805]- ولأبي داود في "المراسيل" (¬1) من رواية مقاتل بن حيان، مرفوعًا: "إنْ جَاءَ رَجلٌ فَلَمْ يَجِدْ أحدًا فَلْيَخْتَلِجْ إِلَيْه رَجُلًا مِنَ الصَفِّ، فَلْيَقُمْ مَعَهُ، فَمَا أَعْظَمَ أَجْرَ الْمُخْتَلِجُ". وفي الباب: [1806]- عن ابن عباس أخرجه الطبراني في "الأوسط" (¬2) بإسناد واهٍ، ولفظه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر الآتي وقد تمت الصفوف؛ بأن يجذب إليه رجلًا، يقيمه إلى جنبه. * حديث أبي بكرة: "زَادَكَ الله حِرْصًا وَلا تَعُدْ". تقدم، ومن شواهده: [1807]- ما رواه الطبراني في "الأوسط" عن أبي هريرة نحوه، وإسناده ضعيف. * حديث أبي هريرة: أنه - صلى الله عليه وسلم - صلّى على ظهر المسجد. يأتي في آخر الباب. * حديث ابن عمر في صلاة الخوف بذات الرقاع. متفق عليه، وسيأتي في بابه. ¬
676 - [1808]- حديث جابر. كان معاذ يصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - العشاء ثم ينطلق إلى قومه، فيصليها بهم هي له تطوع، ولهم مكتوبة. الشافعي (¬1) عن عبد المجيد، عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار عنه، بهذا؟. قال الشافعي في رواية حرملة (¬2): هذا حديث ثابت، لا أعلم حديثًا يروى من طريق واحد أثبت منه. ورواه الدارقطني (¬3) من حديث أبي عاصم، وعبد الرزاق (¬4) عن ابن جريج، بالزيادة. وروإه البيهقي (¬5) أيضًا من طريق الشافعي، عن إبراهيم بن محمَّد، عن ابن عجلان، عن عبيد الله بن مقسم، عن جابر: أن معاذًا كان يصلّي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - العشاء ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم العشاء، وهي له نافلة. قال البيهقي (¬6): والأصل: أنّ ما كان موصولًا بالحديث يكون منه، وخاصة إذا روي من وجهين؛ إلا أن يقوم دليل على التمييز. كأنه يرد بهذا على من زعم أنّ فيه إدراجًا، وقد أشار إلى ذلك الطحاوي (¬7) وطائفة. ¬
وأصله في "الصحيحين" (¬1) من حديث جابر دون قوله: هي له نافلة، ولهم مكتوبة أو فريضة. [1809]- وروى الطبراني من حديث معاذ بن جبل نفسه نحوه. [1810]- وروى الإسماعيلي من حديث عائشة قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا رجع من المسجد صلى بنا. وهذا أحد الأحاديث الزائدة في "مستخرج الإسماعيلي" على ما في البخاري وقال: إنه حديث غريب. 677 - [1811]-حديث أنس: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي فوقفت خلفه، ثم جاء آخر حتى صرنا رهطا كثيرًا، فلما أحس النبي - صلى الله عليه وسلم - بنا أوجز في صلاته، ثم قال: "إنَّمَا فَعَلْتُ هَذَا لَكُمْ"/ (¬2). مسلم (¬3) عن أنس: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي في رمضان، فجئت فقمت إلى جنبه. فذكر نحوه، وقال: ثم دخل يصلي وحده، فقلنا له حين أصبحنا فقال: "نَعَمْ ذَاكَ الَّذِي حَمَلَنِي عَلَى الَّذِي صَنَعْتُ". 678 - [1812 - 1815]- حديث: "إنَّما جُعِلَ الإمَامُ لِيؤْتَمَّ بِهِ، فَلا تَخْتَلِفُوا عَلَيْه". ¬
تنبيه
متفق على صحته من حديث أبي هريرة (¬1). ومن حديث أنس (¬2) ومن حديث عائشة (¬3) ورواه مسلم (¬4) من حديث جابر. تنبيه كرره الرافعي بلفظ: "لا تَخْتَلِفُوا عَلَى إِمَامِكُمْ"، وكأنه ذكره بالمعنى، وسيأتي في موضعه. 679 - قوله: فلو صلى العشاء خلف من يصلي التراويح جاز، كلما في اقتداء الصبح بالظهر، وقد نقله الشافعي عن فعل عطاء بن أبي رباح انتهى. [1816]- قال الشافعي (¬5) أخبرنا مسلم بن خالد, عن ابن جريج, عن عطاء: أنه كان تفوته العتمة، فيأتي والناس قيام فيصلي معه ركعتين، ثم يبني عليها ركعتين، وأنه رآه يفعل ذلك ويعتد به من العتمة. 680 - [1817]- حديث: "لا تُبَادِرُوا الإمَامَ، إذَا كَبر فَكَبِّرُوا، وَإذَا ركَع فَارْكعُوا، وَإذَا قَالَ: سَمِعَ الله لِمَنْ حَمِدَه، فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، وإذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا". ¬
مسلم (¬1) وأبو داود (¬2) من حديث أبي هريرة، ورواية أبي داود أبين من رواية مسلم، فيها: " ... وَلا تَرْكَعُوا حَتَّى يَرْكَعَ" " ... ولا تَسْجُدُوا حَتَّى يَسْجُدَ". 681 - [1818]- حديث: "أَمَا يَخْشَى الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ والإمَامُ سَاجِدٌ، أَنْ يحَوِّل الله رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَار". متفق على صحّته (¬3) من حديث أبي هريرة، واللّفظ لأبي داود (¬4) وزاد: "أَوْ صُورَتَه صُورَةَ حِمَار". وللطبراني في "الأوسط" (¬5) "أنْ يُحَوِّلَ الله رَأْسَه رَأْسَ كَلْبٍ". ولابن جميع في "معجمه" (¬6): "رَأْسَ شَيْطَانِ". [1819]- وروى ابن أبي شيبة (¬7) من طريق أخرى، عن أبي هريرة: الذي يرفع رأسه ويخفضه قبل الإِمام، فإنما ناصيته بيد شيطان يخفضها ويرفعها. وأخرجه محمَّد بن عبد الملك بن أيمن في "مصنفه" من هذا الوجه مرفوعًا. 682 - [1820]- حديث البراء بن عازب: كنّا نصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فإذا قال: سمع الله لمن حمده، لم يحن أحد منا ظهره، حتى ¬
يضع النبي - صلى الله عليه وسلم - جبهته على الأرض. متفق عليه (¬1). 683 - [1821]- حديث: "لا تُبَادِرُونِي بالرّكُوع وَلا بِالسّجُود، فَمَهْمَا أَسْبِقُكُمْ بِهِ إِذَا رَكعْتُ، تُدْرِكُونِي إذَا رَفَعْتُ، وَمَهْمَا أَسْبِقُكُم بِهِ إذَا سَجَدْتُ تُدْرِكُونِي بِهِ إذَا رَفَعْتُ". أحمد (¬2) وابن ماجه (¬3) وابن حبان (¬4) من حديث معاوية * حديث: "إنما جُعِل الإمامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلا تَخْتَلِفُوا عَلَيْه". تقدم، وأنه متفق عليه عن أبي هريرة. 684 - [1822]- حديث: أنّ معاذًا أمَّ قومَه ليلةً في صلاة العشاء بعد ما صلّاها مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فافتتح سورة البقرة، فتنحى رجل من خلفه وصلى وحده، فقيل له: نافقت، ثم ذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال الرجل: يا رسول الله إنك أخرت العشاء، وإنّ معاذًا صلّى معك ثم أمنا، وافتتح سورة البقرة، وإنما نحن أصحاب ¬
تنبيه
نواضح نعمل بأيدينا، فلما رأيت ذلك تأخرت وصليت، فقال عليه الصلاة والسلام: "أَفَتَّانٌ أَنْتَ يَا مُعاذُ! اقْرَأْ سُورَةَ كَذَا، اقْرَأْ سُورَةَ كَذَا". متفق عليه (¬1) من حديث سفيان، عن عمرو بن دينار، عن جابر. وعند مسلم: قال سفيان: فقلت لعمرو: فإن أبا الزبير حدّثنا عن جابر، أنه قال: اقرأ {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} و {وَالضُّحَى} و {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} و {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}، فقال عمرو نحو هذا. وذكره البخاري (¬2) من رواية أخرى موصولًا/ (¬3) بالحديث، وليس فيه قول سفيان لعمرو. وله طرق وألفاظ، واللّفظ الذي ساقه المصنف هو لفظ الشافعي (¬4) في روايته إياه عن سفيان، وزاد الشافعي، عن سفيان روايةَ أبي الزبير في تعيين السور. تنبيه رويت هذه القصة على أوجه، مختلفة: [1823] ففي "مسند أحمد" (¬5) من حديث بريدة أنه قرأ: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ}. ¬
وفي رواية أبي داود (¬1) والنسائي (¬2) وابن حبان (¬3): أنّ الصلاة كانت المغرب. وجمع بتعدد القصّة، والدليل على ذلك الاختلاف في اسم الرّجل الذي انفرد فقيل: حرام بن ملحان، وقيل: حزم ابن أَبي كَعْب (¬4). وقيل: غير ذلك، وممن جمع بينهما بذلك ابن حبان في "صحيحه". * حديث: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة الخوف، ففارقته الفرقة الأولى بعد ما صلى بهم ركعة. متفق عليه، من حديث خوات بن جبير وسيأتي. 685 - [1824]- حديث: "لا تَخْتَلِفُوا عَلى إِمَامِكُمْ". كأنه ذكره بالمعنى، وللبزار (¬5) والطبراني (¬6) عن سمرة مرفوعًا: "لا تَسْبِقُوا إمَامَكُمْ بِالرُّكُوع، فَإنَّكُمْ تُدْركُونَ مَا سَبَقَكُم". * حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى بأصحابه، ثم تذكر في صلاته أنه جنب، فأشار إليهم: "كَمَا أَنْتُمْ ... " الحديث. ¬
تقدم في وسط الباب. 686 - [1825]. حديث: "مَنْ أَدْرَك الرُّكوعَ مِنَ الرَّكعَةِ الأخِيرَةِ يَوْمَ الْجُمُعَة فَلْيُضِفْ إليهَا أُخْرَى، وَمَنْ لَمْ يُدْرِكِ الرُّكُوعَ مِن الرَّكعَةِ الأخِيرة، فَلْيُصَلِّ الظُّهْرَ أَرْبعًا". الدارقطني (¬1) من حديث ياسين بن معاذ، عن ابن شهاب، عن سعيد (¬2). وفي رواية له (¬3): عن سعيد وأبي سلمة، عن أبي هريرة بلفظ: "إذَا أَدْرَكَ أَحَدُكُمْ الرَّكْعَتَيْن يَوْمَ الْجُمُعَة فَقَد أَدْرَكَ، وَإذَا أَدْرَك رَكْعَةً فَلْيَرْكَعْ إلَيْهَا أُخْرَى، وإنْ لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً فَلْيُصَلِّ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ". وياسين ضعيف متروك. ورواه الدارقطني أيضًا (¬4): من حديث سليمان بن أبي داود الحراني، عن الزهري، عن سعيد وحده، بلفظ المصنِّف سواء. وسليمان متروك أيضًا. ومن طريق صالح بن أبي الأخضر، عن الزهري، عن أبي سلمة وحده (¬5) , نحو الأول. وصالح ضعيف. ¬
ورواه الحاكم (¬1) من حديث الأوزاعي، وأسامة بن زيد، ومالك بن أنس، وصالح بن أبي الأخضر. ورواه ابن ماجه (¬2) من حديث عمر بن حبيب - وهو متروك - عن ابن أبي ذئب كلهم عن الزهري، عن أبي سلمة. زاد ابن أبي ذئب وسعيد، عن أبي هريرة بلفظ: "مَنْ أَدْرَكَ مِنْ صَلاةِ الْجُمًعَة رَكْعَةً فَقَدْ أَدَرَكَ الصَّلاةَ". ورواه الدارقطني (¬3) من رواية الحجاج بن أرطأة، وعبد الرزاق بن عمر، عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة كذلك، ولم يذكروا كلهم الزيادة التي فيه من قوله: "وَمَنْ لَمْ يُدْرِكْ الرَّكْعَةَ الأخيرة فَلْيُصَلّ الظُّهْرَ أَرْبعًا"، ولا قيدوه بإدراك الركوع. وأحسن طرق هذا الحديث رواية الأوزاعي، على ما فيها من تدليس الوليد، وقد قال ابن حبان في "صحيحه" (¬4): إنها كلها معلولة. وقال ابن أبي حاتم في "العلل" (¬5) عن أبيه: لا أصل لهذا الحديث، إنما المتن: "مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الصَّلاةِ رَكْعَةً فَقَدْ أَدْرَكَهَا". وذكر الدارقطني الاختلاف فيه في "علله" (¬6) وقال الصحيح: "مَن أَدْرَكَ مِنَ ¬
الصَّلاةِ رَكْعَةً". وكذا قال العقيلي (¬1). والله أعلم. وله طريق أخرى، من غير طريق الزهري، رواه الدارقطني (¬2) من حديث داود ابن أبي هند، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، وفيه يحيى بن راشد البراء وهو ضعيف. وقال الدارقطني في "العلل" (¬3): حديثه غير محفوظ، وقد روى عن يحيى ابن سعيد الأنصاري، أنه بلغه عن سعيد/ (¬4) بن المسيب قوله. وهو أشبه بالصواب. ورواه الدارقطني (¬5) أيضًا من طريق عمر بن قيس -وهو متروك- عن أبي سلمة وسعيد جميعًا، عن أبي هريرة. وفي الباب: 687 - [1826]- عن ابن عمر، رواه النّسائيّ (¬6) وابن ماجه (¬7) والدارقطني (¬8) من حديث بقية، حدثني يونس بن يزيد، ¬
عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، رفعه: "مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ صَلاةِ الْجُمُعَة أَوْ غَيْرِهَا، فَلْيُضِفْ إلَيْهَا أُخْرَى وَقَدْ تَمَّتْ صَلاُتهَ". وفي لفظ: "فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلاةَ". قال ابن أبي داود والدارقطني: تفرد به بقية عن يونس. وقال ابن أبي حاتم في "العلل" (¬1) عن أبيه: هذا خطأ في المتن والإسناد، وإنما هو عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، مرفوعًا: "مَنْ أَدْرَكَ مِنْ صَلاةٍ رَكعَةً فَقَدْ أَدْرَكَهَا"، وأمّا قوله: "مِن صَلاةِ الْجُمُعَة" فوهم. قلت: إن سلم من وهم بقية ففيه تدليسه التّسوية؛ لأنه عنعن لشيخه. وله طريق أخرى أخرجها ابن حبان في "الضعفاء" (¬2) من حديث إبراهيم بن عطية الثقفي، عن يحيى بن سعيد، عن الزهري (¬3). به. قال: وإبراهيم منكر الحديث جدًا؛ كان هشيم يدلس عنه أخبارًا لا أصل لها، وهو حديث خطأ. ورواه يعيش بن الجهم عن عبد الله بن نمير، عن يحيى بن سعيد، عن نافع، عن ابن عمر، أخرجه الدارقطني (¬4). وأخرجه أيضًا (¬5) من حديث عيسى بن إبراهيم، عن عبد العزيز بن مسلم، ¬
والطبراني في "الأوسط" (¬1) من حديث إبراهيم بن سليمان الدباس، عن عبد العزيز بن مسلم، عن يحيي بن سعيد. وادّعَى أن عبد العزيز تفرد به عن يحيي ابن سعيد، وأن إبراهيم تفرد به عن عبد العزيز، ووهم في الأمرين معا كما تراه. وذكر الدارقطني في "العلل" الاختلاف فيه وصوب وقفه. * حديث أبي بكرة: أنه دخل المسجد ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - راكع فركع، ثم دخل الصف، وأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك، ووقعت ركعة معتدا بها. متفق عليه، وقد تقدم دون قوله: (ووقعت ....) إلى آخره، فهو من كلام المصنف، قاله تفَقُّهًا. 688 - [1827]- حديث أبي هُريرة: "مَنْ أَدْرَكَ في الرُّكوعِ فَلْيَرْكَعْ مَعَهُ، وَلْيُعِدِ الرَّكعَةَ". البخاري في "القراءة خلف الإِمام" (¬2) من حديث أبي هريرة أنه قال: إذا أدركت القوم ركوعًا لم يعتدّ بتلك الرّكعة. وهذا هو المعروف موقوف (¬3). وأما المرفوع فلا أصل له، وعزاه الرافعي تبعًا للإمام: أن أبا عاصم العبادي ¬
حكى عن ابن خزيمة أنه احتج بذلك. قلت: راجعت "صحيح ابن خزيمة" (¬1) فوجدته: [1828]- أخرج عن أبي هريرة: من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدركها، قبل أن يقيم الإِمام صلبه. وترجم له: ذكر الوقت الذي يكون فيه المأموم مدركا للركعة إذ ركع إمامه قبل. وهذا مغاير لما نقلوه عنه، ويؤيّد ذلك: أنه ترجم بعد ذلك: باب إدراك الإِمام ساجدًا، والأمر بالاقتداء به في السجود، وأن لا يعتد به؛ إذ المدرك للسجدة إنما يكون بإدراك الركوع قبلها (¬2). [1829]- وأخرج فيه من حديث أبي هريرة أيضًا مرفوعًا: "إذَا جِئْتُمْ وَنَحْنُ سُجُودٌ فَاسْجُدُو, ولا تَعُدّوهَا شيئًا وَمَنْ أَدْركَ الرَّكْعَةَ، فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلاةَ". وذكر الدارقطني في "العلل" نحوه عن معاذ وهو مرسل. 689 - [1830]. حديث روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذَا أَتَى أَحَدُكُمُ الصَلاةَ وَالإمَامُ عَلَى حَالٍ، فَلْيَصْنَعْ كَمَا يَصْنَعُ الإمَامُ". الترمذي (¬3) من حديث علي ومعاذ/ (¬4) بن جبل، وفيه ضعف وانقطاع، وقال: لا نعلم أحدًا أسنده إلا من هذا الوجه، واختاره عبد الله بن المبارك، وذكر عن بعضهم أنه قال: لعله لا يرفع رأسه من تلك السجدة حتى يغفر له. انتهى. ¬
وروى أحمد (¬1) وأبو داود (¬2) من حديث بن أبي ليلى، عن معاذ، قال: أحليت الصلاة ثلاثة أحوال .... فذكر الحديث. وفيه: فجاء معاذ فقال: لا أجده على حال أبدا إلا كنت عليها، ثم قضيت ما سبقني، قال: فجاء معاذ وقد سبقه النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: فقمت معه فلما قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاته قام يقضي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قَدْ سَنَّ لَكُم معاذٌ، فَهَكَذا فَاصْنَعُوا"، وعبد الرحمن لم يسمع من معاذ. لكن رواه أبو داود (¬3) من وجه آخر، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: حدّثنا أصحابنا: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكر الحديث. وفيه: فقال معاذ: لا (¬4) أراه على حال إلا كنت عليها .... الحديث. 960 - [1831]- حديث عائشة: أنّها أمّت نساء فقامت وسطهن. رواه عبد الرزاق (¬5) ومن طويقه الدارقطني (¬6) والبيهقي (¬7) من حديث أبي حازم عن رائطة الحنفية، عن عائشة: أنها أَمَّتَهُنَّ، فكانت بينهن في صلاة مكتوبة. ¬
وروى ابن أبي شيبة (¬1) ثم الحاكم (¬2) من طريق بن أبي ليلى، عن عطاء، عن عائشة: أنها كانت تؤم النساء، فتقوم معهن في الصف. 691 - [1832]. حديث أم سلمة: أنها أمّت نساء فقامت وسطهن. الشافعي (¬3) وابن أبي شيبة (¬4) وعبد الرزاق (¬5) ثلاثتهم، عن ابن عيينة، عن عمار الدهني، عن امرأة من قومه يقال لها: حجيرة، عن أم سلمة: أنها أمّتْهُنّ فقامت وسطا. ولفظ عبد الرزاق: أمَّتْنَا أمّ سلمة في صلاة العصر فقامت بيننا. ومن طريقه رواه الدارقطني (¬6) وأخرجه ابن أبي شيبة (¬7) من طريق قتادة، عن أم الحسن: أنها رأت أم سلمة تقوم معهن في صفهن. 692 - [1833]- حديث: أن عائشة كان يؤمها عبد لها لم يعتق، يكنى أبا عمرو. الشافعي (¬8) عن عبد المجيد عن ابن جريج: أخبرني ابن أبي مليكة: أنهم كانوا ¬
يأتون عائشة بأعلى الوادي هو وعبيد بن عمير، والمسور بن مخرمة، وناس كثير فيؤمهم أبو عمرو مولى عائشة، وأبو عمرو غلامها حينئذ لم يعتق. [18341]- وروى ابن أبي شيبة في "المصنف" (¬1) عن وكيع، عن هشام، عن أبي بكر بن أبي مليكة، أن عائشة: أعتقت غلاما لها عن دبر، فكان يؤمها في رمضان في المصحف. وعلقه البخاري (¬2). 693 - [1835]- حديث: أن ابن عمر كان يصلي خلف الحجاج بن يوسف. رواه البخاري في حديث (¬3). 694 - [1836]- حديث أبي هريرة: أنّه صلى على ظهر المسجد. ¬
الشافعي (¬1) عن إبراهيم بن محمد , قال حدثني صالح مولي التوأمه: أنه رأي أبا هريرة يصلي فوق ظهر المسجد بصلاة الإِمام في المسجد. ورواه البيهقي (¬2) من حديث القعنبي، عن ابن أبي ذئب، عن صالح. ورواه سعيد بن منصور. وذكره البخاري (¬3) تعليقا. ويقويه: [1837]- حديث سهل بن سعد في "الصحيحين" (¬4) في صلاته - صلى الله عليه وسلم - بالناس وهو على المنبر. ويعارضه: [1838]. ما رواه أبو داود (¬5) من طريق همام: أن حذيفة أمّ الناس بالمدائن على دكّان، فأخذه أبو مسعود بقميصه فجبذه، فلما فرغ من صلاته قال: ألم تعلم أنّهم كانوا يُنْهَوْنَ عن ذلك؟! قال: بلى. وصححه ابن خزيمة (¬6) وابن حبان (¬7) والحاكم (¬8). وفي رواية للحاكم التصريح برفعه ¬
ورواه أبو داود (¬1) من وجه آخر، وفيه (¬2) أن الإِمام كان عمار بن ياسر والذي جبذه حذيفة، وهو مرفوع، لكن فيه مجهول، والأول أقوى. ويقويه: [1839]- ما رواه الدارقطني (¬3) من وجه آخر عن همام، عن أبي مسعود، نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقوم الإِمام فوق شيء والناس خلفه أسفل منه. 695 - [1840]- حديث عمر: أنه كان يدخله فيرى أبا بكر في الصلاة فيقتدي به، وكان أبو بكر يفعله. لم أجده. ¬
كِتابُ التَمْيِيِزَ فيِ تَلْخِيصِ تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ شَرْحِ الْوَجِيزِ الْمشهور بـ التَّلخِيص الحَبِير للإمَام الحَافِظ ابن حَجَر العَسقَلاني دِراسَة وتَحقيِق الدُكتوُر مُحمَّد الثَانِي بن عُمر بن مُوسَى اعتَنَي بإخراجُه وتَنسيقُه وصَنع فَهارِسهُ أبُو مُحمَّد أشْرَف بن عَبد المَقصود الجُزء الثَّالِث أضوَاءُ السَلَف
"أرجو الله .. أنْ يكون حَاويًا لجلِّ ما يَسْتَدلُّ بِهِ الفقهاءُ في مُصنَّفاتهم في الفروع" ابن حجر العَسْقلاني كِتابُ التَمْيِيِز فيِ تَلخِيِص تَخْرِيِج أَحَادِيث شَرْح الوَجِيز الجُزءُ الثَّالِثُ
(6) كتاب صلاة المسافرين
(6) كِتابُ صَلاَةُ المُسَافِرِينَ
* حديث يعلي بن أمية، قلت لعمر بن الخطاب: إنما قال الله عز وجل: {إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} وقد أمن الناس فقال: عجبت مما عجبت منه. الحديث. مسلم، وقد تقدم في "باب الوضوء". 696 - [1841]- حديث عائشة: سافرت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما رجعت قال: "مَا صَنَعْتِ في سَفَرِكِ؟ " قلت: أتممت الذي قصرت، وصمت الذي أفطرت. قال: "أَحْسَنْتِ". النّسائيّ (¬1) والدارقطني (¬2) والبيهقي (¬3) من حديث العلاء بن زهير، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن عائشة: أنها اعتمرت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المدينة إلى مكة، حتى إذا قدمت مكة قالت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، أتممتُ وقصرتَ، وأفطرتُ وصمتَ، فقال: "أَحْسَنْتِ يَا عَائِشَة"، وما عاب علي. وفي رواية الدارقطني (¬4): عمرة في رمضان. واستُنكر ذلك، فإنه - صلى الله عليه وسلم - لم يعتمر في رمضان، وفيه اختلاف في اتصاله، قال الدارقطني (¬5): عبد الرحمن أدرك عائشة ودخل عليها وهو مراهق. ¬
قلت: وهو كما قال، ففي "تاريخ البخاري" (¬1) وغيره ما يشهد لذلك. وقال أبو حاتم (¬2): أدخل عليها وهو صغير ولم يسمع منها. قلت: وفي ابن أبي شيبة والطحاوي ثبوت سماعه منها. وفي رواية الدارقطني، عن عبد الرحمن عن أبيه، عن عائشة، قال أبو بكر النيسابوري من قال فيه: "عن أبيه"، فقد أخطأ. واختلف قول الدارقطني فيه فال في "السنن" (¬3) إسناده حسن. وقال في "العلل": المرسل أشبه. [1842]. وللدارقطني (¬4). من طريق عطاء، عن عائشة، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقصر في السفر وتتم، ويفطر وتصوم. وصحح إسناده. ولفظ "تتم وتصوم" بالمثناة من فوق، وقد استنكره أحمد، وصحته بعيدة فإن عائشة كانت تتم، وذكر عروة أنها تأولت ما تأول عثمان، كما في "الصحيح" (¬5) فلو كان عندها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - رواية , لم يقل عروة عنها: إنها تأولت، وقد ثبت في "الصحيحين" (¬6) خلاف ذلك. ¬
697 - [1843]- حديث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن معه ومن المهاجرين لما حجوا قصروا بمكة، وكان لهم بها أهل وعشيرة. متفق عليه (¬1) بغير هذا السياق، عن أنس قال: خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - من المدينة إلى مكة، فكان يصلي ركعتين ركعتين حتى رجعنا إلى المدينة، قلت: كم أقام بمكة؟ قال: عشرا. 698 - قوله: وروي أنه - صلى الله عليه وسلم - دخل مكة عام حجة الوداع يوم الأحد، وخرج يوم الخميس إلى منى كل ذلك يقصر. لم أر هذا في رواية مصرحة بذلك، وإنما هذا مأخوذ من الاستقراء: [1844]- ففي "الصحيحين " (¬2) عن جابر: قدمنا مكة صبح رابعة. [1845]- وفي "الصحيحين" (¬3): أن الوقفة كانت الْجُمُعَة. وإذا كان الرابع يوم الأحد، كان التاسع يوم الْجُمُعَة بلا شك، فثبت أن الخروج كان يوم الخميس. وأمّا القصر: [1846]. فرواه أنس قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المدينة إلى مكة يصلي ركعتين ركعتين، حتى رجعنا إلى المدينة. ¬
متفق عليه (¬1). *حديث: أن عمر منع أهل الذمة. يأتي في آخر الباب. 699 - [1847]- حديث: يقيم المهاجر بعد قضاء نسكه ثلاثًا. متفق عليها (¬2) من حديث العلاء بن الحضرمي. 700 - [1848]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - أقام بتبوك/ (¬3) عشرين يوما. أحمد (¬4) وأبو داود (¬5) عنه، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن يحيى، عن محمَّد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن جابر بهذا. قال أبو داود: غير معمر لا يسنده. ورواه ابن حبان (¬6) والبيهقي (¬7) من حديث معمر. وصححه ابن حزم (¬8) والنووي (¬9) وأعله الدّارقطني في "العلل" بالإرسال والانقطاع، وأنّ علي بن ¬
المبارك وغيره من الحفاظ رووه عن يحيي بن أبي كثير عن ابن ثوبان مرسلا، وأن الأوزاعي رواه عن يحيى، عن أنس فقال: بضع عشرة. قلت: وبهذا اللفظ رواه جابر، أخرجه البيهقي (¬1) من طريقه بلفظ: غزوت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - غزوة تبوك فأقام بها بضع عشرة، فلم يزد على ركعتين حتى رجع. [1849]. وروى الطبراني في "الأوسط" (¬2) من حديث أنس مثل حديث الباب، وهو ضعيف، فإنه من رواية الأوزاعي، عن يحيى، عن أنس، وهو معلول بما تقدم. وقد اختلف فيه على الأوزاعي أيضًا، ذكره الدارقطني في "العلل" وقال: الصحيح عن الأوزاعي، عن يحيى: أن أنسا كان يفعل. قلت: ويحيى لم يسمع من أنس. 701 - قوله: ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - أقام عام الفتح على حرب هوازن أكثر من أربعة أيام يقصر. فروي عنه: أنه أقام سبعة عشر؛ رواه ابن عباس، وروي أنه أقام تسعة عشر، وروي أنه أقام ثمانية عشر رواه عمران بن حصين، وروى عشرين. قال في "التهذيب": اعتمد الشافعي رواية عمران لسلامتها من الاختلاف. [1850]- أما رواية ابن عباس بلفظ: سبعة عشر- بتقديم السين- فرواها ¬
أبو داود (¬1) وابن حبان (¬2) من حديث عكرمة عنه. وأمّا روايته بلفظ: تسعة عشر. بتقديم التاء - فرواها أحمد (¬3) والبخاري (¬4) من حديث عكرمة أيضًا. [1851]- وأما رواية عمران بن حصين؛ فرواها أبو داود (¬5) والترمذي (¬6) والبيهقي (¬7) من حديث علي بن زيد بن جدعان، عن أبي نضرة، عن عمران بن حصين، قال: غزوت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وشهدت معه الفتح، فأقام بمكة ثماني عشرة لا يصلي إلا ركعتين، يقول: "يا أهل البلد صلوا أربعًا؛ فإنا قوم سفر". حسنه الترمذي، وعلي ضعيف؛ وإنما حسّن الترمذيّ حديثَه لشواهده، ولم يَعتبر الاختلافَ في المدَّة، كما عرف من عادة المحدِّثين من اعتبارهم الاتِّفاقَ على الأسانيد دون السِّياق. [1852]- وأما رواية من ق الذيه:"عشرين"؛ فرواها عبد بن حميد في "مسنده" (¬8) حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا ابن المبارك، عن عاصم، عن عكرمة عن ابن عباس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما افتتح مكة أقام عشرين يوما يقصر الصلاة. ¬
تنبيه
تنبيه [1853]- روى النّسائيّ (¬1) وأبو داود (¬2) وابن ماجه (¬3) والبيهقي (¬4) من حديث ابن عباس أيضًا: أنه أقام خمسة عشر. قال البيهقي: أصحّ الرِّوايات في ذلك رواية البخاري، وهي رواية تسعة عشر. وجمع إمام الحرمين والبيهقي (¬5) بين الروايات السابقة باحتمال أن يكون في بعضها لم يعد يومي الدخول والخروج؛ وهي رواية سبعة عشر، وعدها في بعضها؛ وهي رواية تسعة عشر وعد يوم الدخول ولم يعد الخروج وهي رواية ثمانية عشر. قلت: وهو جمع متين، وتبقى رواية خمسة عشر شاذة؛ لمخالفتها ورواية عشرين وهي صحيحة الإسناد، إلا أنها شاذة أيضًا؛ اللهم إلا أن يحمل على جبر الكسر، ورواية ثمانية عشر ليست بصحيحة من حيث/ (¬6) الإسناد، كما قدمناه. ودعوى صاحب "التهذيب" أنها سالمة من الاختلاف أي على راويها وهو وجه من الترجيح يفيد لو كان راويها عمدة، وقد ادعى البيهقي أن ابن المبارك لم يختلف عليه في رواية تسعة عشر، وفيه نظر؛ لما أسلفناه من رواية عبد بن حميد، فإنها من طريقه أيضًا وهي أقام عشرين. ¬
702 - [1854]- حديث ابن عباس: "يَا أَهْلَ مَكَّةَ لا تَقْصِرُوا في أَقَلِّ مِنْ أَرْبَعِ بُرْدٍ؛ مِنْ مَكَّةَ إِلَى عُسْفَان وَإلى الطَّائِف". الدارقطني (¬1) والبيهقي (¬2) وليس في روايتهما ذكر الطائف، وكذلك الطبراني (¬3). وإسناده ضعيف، فيه عبد الوهاب بن مجاهد وهو منزوك، رواه عنه إسماعيل بن عياش، وروايته عن الحجازيين ضعيفة. والصحيح عن ابن عباس من قوله، قال الشافعي (¬4) أخبرنا سفيان، عن عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس، أنه سئل: أنقصر الصلاة إلى عرفة؟ قال: لا, ولكن إلى عسفان وإلى جدة وإلى الطائف. وإسناده صحيح. وذكره مالك في "الموطأ" (¬5) عن ابن عباس بلاغًا. 703 - [18551]- حديث: أن عمر منع أهل الذمة من الإقامة في أرض الحجاز، وجوز للمجتازين بها الإِقامة ثلاثة أيام. مالك (¬6) عن نافع، عن أسلم، عن عمر: أنه أجلى اليهود من الحجاز، ثم أذن لمن قدم منهم تاجرًا أن يقيم ثلاثة أيام. ¬
وصححه أبو زرعة (¬1). وروي عن نافع، عن ابن عمر وهو وهم. 704 - [1856]- حديث ابن عمر: أنّه أقام بأذربيجان ستة أشهر يقصر الصلاة. البيهقي (¬2) بسند صحيح. ولأحمد (¬3) من طريق ثمامة بن شراحيل: خرجت إلى ابن عمر، فقلت: ما صلاة المسافر؟ فقال:- ركعتين ركعتين، الإ صلاة المغرب ثلاثًا. قلت: أرأيت إن كنا بذي المجاز (¬4). قال: كنت بأذربيجان - لا أدري قال: أربعة أشهر أو شهرين- فرأيتهم يصلونها ركعتين ركعتين، ورأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يصليها ركعتين. 705 - [1857]- قوله: روي عن ابن عمر وابن عباس وغيرهما من الصحابة مثل مذهبنا، يعني في أربعة برد. مالك (¬5) عن نافع، عن سالم: أن أباه ركب إلى النصب، فقصر الصلاة في مسيره ذلك. قال مالك: وبين النصب والمدينة أربع برد. ¬
تنبيه
[1858]- وعن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه: أنه ركب إلى ريم فقصر الصلاة، قال: وذلك نحو أربع برد (¬1). [1859]- وروى البيهقي (¬2) من حديث معمر، عن أيوب، عن نافع: أن ابن عمر كان يقصر في أربعة برد. [1860]- وروى (¬3) من طريق يزيد بن أبي حبيب، عن عطاء بن أبي رباح: أن عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس كانا يصليان ركعتين، ويقصران في أربعة برد فما فوق ذلك. وعلق هذا الأخير البخاري (¬4). وأما قوله: وغيرهما: [1861]- فروى البيهقي (¬5) من حديث مالك، عن زيد بن أسلم، عن أبيه: أن عمر قصر الصلاة إلى خيبر. تنبيه يعارض هذا: [1862]- ما رواه مسلم (¬6) عن يحيي بن يزيد الهنائي: سالت أنس بن مالك عن قصر الصلاة؟ قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا خرج ثلاثة أميال ¬
أو ثلاثة فراسخ صلى ركعتين. وهو يقتضي الجواز في أقلّ من ثلاثة فراسخ. [1863]. وروى سعيد بن منصور، عن أبي سعيد قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سافر فرسخا يقصر الصلاة. 706 - [1864]- حديث ابن عباس أنه سئل: ما بال المسافر يصلي ركعتين إذا انفرد، وأربعا إذا ائتم بمقيم؟ فقال: تلك السنة. أحمد في "مسنده" (¬1): حدّثنا الطفاوي، حدّثنا أيوب، عن قتادة، عن موسى بن سلمة، قال: كنا مع ابن عباس بمكة، فقلت/ (¬2): إنا إذا كنا معكم صلينا أربعًا، وإذا رجعنا [إلى رحالنا] (¬3) صلينا ركعتين؟ فقال: تلك سنة أبي القاسم - صلى الله عليه وسلم -. وأصله في مسلم (¬4) والنسائي (¬5) بلفظ: قلت لابن عباس: كيف أصلي إذا كنت بمكة، إذا لم أصل مع الإِمام؟ قال: ركعتين، سنة أبي القاسم - صلى الله عليه وسلم -. ¬
باب الجمع بين الصلاتين في السفر
باب الجمع بين الصلاتين في السفر 707 - [1865]- حديث ابن عمر: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا جد به السير، جمع بين المغرب والعشاء. متفق عليه (¬1) من حديثه. 708 - [1866]- حديث أنس: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يجمع بين الظهر والعصر في السفر. متفق عليه (¬2) من حديثه. وفي رواية لمسلم (¬3): كان إذا أراد أن يجمع بين الصلاتين في السفر أخّر الظهر حتى يدخل أول وقت العصر، ثم يجمع بينهما. وزاد في رواية أخرى (¬4) ويؤخر المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء حين يغيب الشفق. 709 - قوله: ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا كان سائرا في وقت الأولى أخرها ¬
إلى الثانية، وإذا كان نازلا في وقت الأولى قدم الثانية إليها. هذا يجتمع من حديثين؛ أحدهما الحديث الذي قبله، فهو دليل الجملة الأولى، والثاني في حديث جابر الطويل في "صحيح مسلم" (¬1) وغيره، فإن فيه: ثمّ أذن ثم أقام، فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ولم يصل بينهما شيئًا. وكان ذلك بعد الزوال. وسيأتي الحديث في "الحج". وورد في جمع التقديم أحاديث: من حديث ابن عباس، ومعاذ، وعلي، وأنس. [1867]. فحديث ابن عباس؛ رواه أحمد (¬2) والدارقطني (¬3) والبيهقي (¬4) من طريق حسين، عن عكرمة، عن ابن عباس. وحسين ضعيف، واختلف عليه فيه، وجمع الدارقطني في "سننه" بين وجوه الاختلاف فيه، إلا أن علته ضعف حسين. ويقال: إن الترمذي حسنه، وكأنه باعتبار المتابعة. وغفل ابن العربي فصحح إسناده. لكن له طريق أخرى أخرجها يحيى بن عبد الحميد الحماني في "مسنده"، عن أبي خالد الأحمر، عن الحجاج، عن الحكم، عن مقسم عن ابن عباس. وروى إسماعيل القاضي في "الأحكام" عن إسماعيل بن أبي أويس، عن ¬
أخيه، عن سليمان بن بلال، عن هشام بن عروة، عن كريب، عن ابن عباس، نحوه. [1868]- وحديث معاذ رواه أحمد (¬1) وأبو داود (¬2) والترمذي (¬3) وابن حبان (¬4) والحاكم (¬5) والدارقطني (¬6) والبيهقي (¬7) من حديث قتيبة، عن الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الطفيل، عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان في غزوة تبوك إذا زاغت الشمس قبل أن يرتحل جمع بين الظهر والعصر، وإن ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر حتى ينزل العصر، وفي المغرب مثل ذلك، إن غابت الشمس قبل أن يرتحل جمع بين المغرب والعشاء، إن ارتحل قبل أن يغيب الشفق أخر المغرب حتى ينزل العشاء، ثم يجمع بينهما. قال الترمذي: حسن غريب، تفرد به قتيبة. والمعروف عند أهل العلم حديث معاذ من حديث أبي الزبير، عن أبي الطفيل عن معاذ، وليس فيه جمع التقديم. يعني الذي أخرجه مسلم. وقال أبو داود: هذا حديث منكر، وليس في جمع التقديم حديث قائم. ¬
وقال أبو سعيد بن يونس: لم يحدث بهذا الحديث إلا قتيبة، ويقال: إنه غلط فيه فغير بعض الأسماء، وإن موضع يزيد بن أبي حبيب أبو الزبير. وقال ابن أبي حاتم في "العلل" (¬1): عن أبيه: لا أعرفه من حديث يزيد، والذي عندي أنه دخل له حديث في حديث. وأطنب الحاكم في "علوم الحديث" (¬2) في بيان علة هذا الخبر، فيراجع/ (¬3) منه. وحاصله أن البخاري: سأل قتيبة مع من كتبته فقال: مع خالد المدائني، قال البخاري: كان خالد المدائني يُدخل على الشيوخ، يعني يدخل في روايتهم ما ليس منها. وأعله ابن حزم (¬4): بأنه معنعن ليزيد بن أبي حبيب، عن أبي الطفيل، ولا يعرف له عنه رواية. وله طريق أخرى عن هشام بن سعد، عن أبي الزبير، عن أبي الطفيل، عن معاذ وساقه كذلك. رواها أبو داود (¬5) والنسائي (¬6) والدارقطني (¬7) والبيهقي (¬8). وهشام لين ¬
الحديث، وقد خالف أوثق الناس في أبي الزبير، وهو الليث بن سعد. [1869]. وحديث علي؛ رواه الدارقطني (¬1) عن ابن عقدة بسند له، من حديث أهل البيت، وفي إسناده من لا يعرف، وفيه أيضًا المنذر القابوسي وهو ضعيف. وروى عبد الله بن أحمد في "زيادات المسند" (¬2) بإسناد آخر، عن علي: أنه كان يفعل ذلك. [1870]- وحديث أنس: رواه الإسماعيلي والبيهقي (¬3) من حديث إسحاق بن راهويه، عن شبابة بن سوار عن الليث، عن عقيل، عن الزهري، عن أنس، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كان في سفر فزالت الشّمس صلى الظهر والعصر جميعًا ثم ارتحل. وإسناده صحيح، قاله النووي (¬4). وفي ذهني: أن أبا داود أنكره على إسحاق، ولكن له متابع؛ رواه الحاكم في "الأربعين" له، عن أبي العباس محمَّد بن يعقوب، عن محمَّد بن إسحاق الصغاني، عن حسان بن عبد الله، عن المفضل بن فضالة، عن عقيل عن ابن شهاب، عن أنس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى وقت العصر، ثم نزل فجمع بينهما، فإن زاغت الشمس قبل أن يرتحل صلى الظهر والعصر، ثم ركب. ¬
وهو في "الصحيحين" (¬1) من هذا الوجه بهذا السياق، وليس فيهما: و"العصر" وهي زيادة غريبة صحيحة الإسناد. وقد صححه المنذري من هذا الوجه، والعلائي، وتعجب من الحاكم كونه لم يورده في "المستدرك". وله طريق أخرى؛ رواها الطبراني في "الأوسط" (¬2) حدثنا محمَّد بن إبراهيم بن نصر بن شبيب الأصبهاني، حدثّنا هارون بن عبد الله الحمال حدثّنا يعقوب بن محمَّد الزهري، حدثّنا محمَّد بن سعدان، حدثّنا ابن عجلان، عن عبد الله بن الفضل، عن أنس بن مالك: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا كان في سفر، فزاغت الشمس قبل أن يرتحل صلى الظهر والعصر جميعًا، إن ارتحل قبل أن تزيغ الشمس جمع بينهما في أول العصر، وكان يفعل ذلك في المغرب والعشاء. وقال: تفرد به يعقوب بن محمَّد. 710 - [1871]- حديث ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمع بين الظهر والعصر للمطر. ليس له أصل، وإنما ذكره البيهقي (¬3) عن ابن عمر موقوفًا عليه، وذكره بعض الفقهاء عن يحيى بن واضح، عن موسى بن عقبة، عن نافع عنه، مرفوعًا. ¬
تنبيه
711 - [1872]- حديث ابن عباس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمع بالمدينة من غير خوف ولا سفر. متفق عليه (¬1) بهذا. وله ألفاظ منها لمسلم (¬2): جمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء بالمدينة في غير خوف ولا مطر، قيل لابن عباس: ما أراد إلى ذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أمته. وفي رواية للطبراني (¬3): جمع بالمدينة من غير علة، قيل له: ما أراد بذلك، قال: التوسع على أمته. وأجاب أبو حامد عن هذا الجمع: بأنه جمع صوري، وهو أن يؤخر الأولى إلى آخر/ (¬4) وقتها، ويقدم الثانية عقبها في أول وقتها، وهذا قد جاء صريحا في "الصحيحين" (¬5) عن عمرو بن دينار قال: قلت: يا أبا الشعثاء، أظنه أخر الظهر وعجل العصر، وأخر المغرب وعجل العشاء، قال: وأنا أظن ذلك. تنبيه ادعى إمام الحرمين في "النهاية": أن ذكر نفي المطر لم يرد في متن الحديث وهو قال على عدم مراجعته لكتب الحديث المشهور، فضلا عن غيرها. ¬
712 - قوله: ولا يجوز الجمع بين الصبح وغيرها, ولا بين العصر والمغرب؛ لأنه لم يرد بذلك نقل عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. هو كما قال. 713 - [1873]- قوله: ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - جمع بين الظهر والعصر بعرفة في وقت الظهر، وجمع بين المغرب والعشاء بمزدلفة في وقت العشاء. مسلم (¬1) من حديث جابر الطويل. [1874]- وفيهما (¬2): من حديث أسامة الجمع بمزدلفة. [1875]- وللبخاري (¬3) عن ابن عمر بذلك، ورواه مسلم (¬4) بمعناه. 714 - [1876]- حديث: "لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ في السَّفَر". متفق عليه (¬5) من حديث جابر، وفيه قصة. 715 - [1877]- حديث: "خِيَارُ عِبَادِ الله الَّذين إذَا سَافَرُوا قَصَرُوا". ¬
أبو حاتم في "العلل" (¬1): حدثنا عبد الله بن صالح بن مسلم، أخبرنا إسرائيل عن خالد العبدي، عن محمَّد بن المنكدر، عن جابر رفعه: "خِيَارُكُمْ مَن قَصَرَ الصَّلاةَ فِي السَّفَر وَأَفْطَر". قال أبو حاتم: غالب بن فائد، ليس به بأس. ورواه أيضًا عن سهل بن عثمان العسكري، عن غالب نحوه. ورواه الطبراني في "الدعاء" (¬2) و "الأوسط" (¬3) من حديث ابن لهيعة عن أبي الزبير، عن جابر بلفظ: "خَيْرُ أُمَّتِي الَّذِينَ إذَا أَسَاؤُوا اسْتَغْفَرُوا، وَإِذَا أَحْسَنُوا اسْتَبْشَرُوا، وَإذَا سَافَرُوا قَصَرُوا وَأَفطَرُوا". [1878]- ورواه إسماعيل بن إسحاق القاضي في كتاب "الأحكام" له، عن نصر بن علي، عن عيسى بن يونس، عن الأوزاعي، عن عروة بن رويم، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر نحوه. وهو مرسل. [1879]- ورواه فيه أيضًا عن إبراهيم بن حمزة، عن عبد العزيز بن محمَّد، عن ابن حرملة، عن سعيد بن المسيب، بلفظ: "خَيَارُ أُمَّتِي مَنْ قَصَرَ الصَّلاةَ في السَّفَرِ وَأَفْطَر". وهذا رواه الشافعي (¬4) عن ابن أبي يحيى، عن ابن حرملة بلفظ: "خِيَارُكُم الَّذِين إذَا سَافَرُوا قَصَرُوا الصَّلاةَ وَأَفْطَرُوا، أو قال: لَمْ يَصُومُوا". ¬
تنبيه
تنبيه احتجّ به الرّافعي على أنّ القصر أفضل من الإتمام. ويدل له: [1880]- حديث ابن عمر مرفوعًا: "إنّ الله يحبَ أن تُؤتَى رُخَصُه، كَما يَكْرَهُ أن تُؤتَى مَعْصِيَتُه". أخرجه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما" (¬1). وفي الباب: [1881_1883]- عن أبي هريرة (¬2) , وابن عباس (¬3) , وعائشة (¬4) أخرجها ابن عدي. 716 - قوله: إنّه - صلى الله عليه وسلم - لما جمع بين الصلاتين والَى بينهما، وترك الرّواتب بينهما. هو مستفاد من حديث جابر في مسلم. وفي عدة أحاديث: أنَّه لم يسبح بين صلاتي الجمع، ولا على أثر واحدة منهما، منها حديث أسامة في "الصّحيحين". [177 - 1884]- قوله: إنه - صلى الله عليه وسلم - أمرنا بالإقامة بينهما. ¬
لم أر فيه الأمر بالإقامة، وإنما في حديث أسامة أنه: أقام، ولم يسبح بينهما. 718 - قوله: إن بيوت أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت مختلفة، فمنها من هو بجنب المسجد، ومنها ما هو بخلافه، قال: فلعله حين جمع بالمطر لم يكن في البيت الملاصق. انتهى. وتبعه النووي في "شرح المهذب" (¬1) فقال: كان بيت عائشة إلى المسجد، ومعظم البيوت بخلافه. وهذا يحتاج إلى نقل، وقد وجد النقل بخلافه: [1885]- ففي "الموطأ" (¬2) عن الثقة عنده: أن الناس/ (¬3) كانوا يدخلون حجر أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد وفاته، يصلون فيها الْجُمُعَة، وكان المسجد يضيق عن أهله. وحجر أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ليست من المسجد، ولكن أبوابها شارعة في المسجد. 719 - قوله: المشهور أنه لا جمع بالمرض والخوف والوحل؛ إذ لم ينقل أنه - صلى الله عليه وسلم - جمع بهذه الأشياء مع حدوثها في عصره. قلت: يمكن أن يستفاد من قول ابن عباس: أراد أن لا يحرج أمته، كما هو في "الصحيح"، وكما تقدم للطبراني: أراد التوسع على أمته؛ فإن مقتضاه الجمع ¬
عند كل مشقة، وقد أمر المستحاضة بالجمع، وجمع ابن عباس للشغل. 720 - [1886]- قوله: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - جمع بالمدينة من غير خوف ولا سفر ولا مطر. متفق عليه، وهو في "الموطأ" (¬1) دون قوله: (ولا مطر) فتفرد بها مسلم. واعلم أنه لم يقع مجموعا بالثلاثة في شيء من كتب الحديث، بل المشهور من غير خوف ولا سفر، وفي رواية من غير خوف ولا مطر، وقد تقدم الكلام عليه. ¬
(7) كتاب الجمعة
(7) كِتَابُ الجُمْعَةِ
721 - [1887]- حديث: "مَن تَرَكَ الْجُمُعَة تَهَاوُنًا بِهَا طَبَعَ الله عَلَى قَلْبِه". أحمد (¬1) والبزار وأصحاب "السنن" (¬2) وابن حبان (¬3) والحاكم (¬4) من حديث أبي الجعد الضمري. وصححه ابن السكن من هذا الوجه، ولفظ ابن حبان: "مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَة ثَلاثًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَهُو مُنَافِقٌ". وأبو الجعد؛ قال الترمذي (¬5). عن البخاري: لا أعرف اسمه، وكذا قال أبو حاتم. وذكره الطبراني في (الكنى) من "معجمه" (¬6). وقيل: اسمه أذرع، وقيل: جنادة، وقيل: عمرو، وبه جزم أبو أحمد، ونقله عن خليفة وغيره. وقال البخاري: لا أعرف له إلا هذا. وذكر له البزار حديثا آخر (¬7). وقال: لا نعلم له إلا هذين الحديثين. وأورده بقي بن مخلد أيضًا (¬8). ¬
وفي الباب: [1888]- عن جابر بلفظ: "مَنْ تَرَك الْجُمُعَة ثَلاثًا مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ، طُبَعَ عَلى قَلْبِه". رواه النّسائيّ (¬1) وابن ماجه (¬2) وابن خزيمة (¬3) والحاكم (¬4). وقال الدارقطني: إنه أصح من حديث أبي الجعد، واختلف في حديث أبي الجعد على أبي سلمة فقيل: عنه، هكذا، وهو الصحيح، وقيل: عن أبي هريرة، وهو وهم. قاله الدارقطني في "العلل". [1889]- وهو في "الأوسط" (¬5) من طريق أبي معشر، عن محمَّد بن [عمرو] (¬6) , عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، وقال: تفرد به حسان بن إبراهيم عن أبي معشر، ورواه أحمد (¬7) والحاكم (¬8) من حديث أبي قتادة. وإسناده حسن، إلاَّ أنّه اختُلف فيه على أسيد بن أبي أسيد راويه، عن عبد الله ابن أبي قتادة، فقيل: عنه، عن عبد الله، عن أبيه، وقيل: عنه، عن عبد الله عن جابر. ¬
وصححّ الدارقطني طريق جابر، وعكس ابن عبد البر. [1890]- وأبو نعيم في "المعرفة" (¬1) من حديث أبي عبس بن جَبْر. [1891]- والطبراني (¬2) من حديث أسامة، وفيه جابر الجعفي. ومن حديث ابن أبي أوفى. [1892]- ورواه أبو بكر بن علي المروزي في "كتاب الْجُمُعَة" له، من طريق محمَّد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة، عن عمه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَة ثَلاثًا طَبَعَ الله عَلَى قَلْبِه، وَجَعَل قَلْبَه قَلْبَ مُنَافِقٍ". وأخرجه أبو يعلى أيضًا. ورواته ثقات، وصحّحه ابن المنذر. [1893]- وفي "الموطأ" (¬3) عن صفوان بن سليم، قال مالك: لا أدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أم لا؟ قال: "مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَة ثَلاثَ مِرَارٍ مِنْ غَيْر/ (¬4) عُذْرٍ وَلا عِلِّةِ، طَبَع الله عَلَى قَلْبِه". واستشهد له الحاكم (¬5) بما: [1894]- رواه من حديث أبي هريرة بلفظ: "ألا هَلْ عَسَى أَنْ يَتَّخِذَ أَحَدُكُم الصبَّة مِنَ الْغَنَم عَلَى رَأْسِ مِيلٍ أَو مِيلَيْن فَيَرْتَفِعَ، حتَّى تَجِيءَ الْجُمُعَة فَلا يَشْهَدهَا، ثُمّ يُطْبَعُ عَلَى قَلْبِه". ¬
وفي إسناده معدي بن سليمان، وفيه مقال (¬1). [1895]- وعند أحمد (¬2) والطبراني (¬3) من حديث حارثة بن النعمان نحوه. [1896]- وعند الطبراني في ""الأوسط" (¬4) من حديث ابن عمر نحوه أيضًا. [1897]- وروى أبو يعلى (¬5) عن ابن عباس: "مَن تَرَكَ الْجُمُعَة ثلاثَ جُمَعٍ مَتَوَالِيَاتٍ، فَقَدْ نَبَذَ الإِسلامَ وَرَاءَ ظَهْرِه". رجاله ثقات. وفي الباب: [1898]- حديث سعيد بن المسيب، عن جابر مرفوعاً: "إن الله افْتَرَضَ عَلَيْكُمْ الْجُمُعَة في شَهْرِكُم هَذا، فَمَنْ تَرَكَهَا اسْتِخْفَافًا بِهَا وَتَهَاوُنًا، [أَلا] (¬6) فَلا جَمَعَ الله شَمْلَهُ، أَلَا وَلا بَارَكَ الله لَهُ، ألَا وَلا صَلاةَ لَهُ". أخرجه ابن ماجه (¬7). وفيه عبد الله البلوي، وهو واهي الحديث. وأخرجه البزار من وجه آخر، وفيه علي بن زيد بن جدعان، قال الدارقطني: إن الطريقين كلاهما غير ثابت. وقال ابن عبد البر: هذا الحديث واهي الإسناد. ¬
722 - [1899]- حديث أنس: أنّ النّبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي الْجُمُعَة بعد الزوال. البخاري (¬1) بلفظ: حين تميل الشمس. وعند الطبراني في "الأوسط" (¬2) عنه: كنا نجمع مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم نرجع فنقيل. وفي رواية لمسلم (¬3): كنا نجمع مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا زالت الشمس، ثم نرجع نتتبع الفيء. *حديث: "صَلّوا كمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي". تقدم في الأذان وغيره. 723 - قوله: لم تقم الْجُمُعَة في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا في عهد الخلفاء الراشدين إلا في موضع الإقامة، ولم يقيموا الْجُمُعَة إلاَّ في موضع واحد، ولم يجمعوا إلا في المسجد الأعظم، مع أنهم أقاموا العيد في الصحراء والبلد للضعفة وقبائل العرب كانوا مقيمين حول المدينة، وما كانوا يصلون الْجُمُعَة ولا أمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بها. ¬
ذكر هذا مفرَّقًا، وكلّ هذه الأشياء المنفية مأخذُها بالاستقراء، فلم يكن بالمدينة مكان يجمع فيه إلا مسجد المدينة، وبهذا صرّح الشافعي كما سيأتي، مع أنَّه قد ورد في بعض ما يخالف ذلك، وفي بعض ما يوافقه أحاديث ضعيفة يحتجّ بها الخصوم، وليست بأضعف من أحاديث كثيرة احتجّ بها أصحابنا، منها: [1900]- حديث علي: "لَا جُمُعَة وَلا تَشْرِيقَ إلاَّ في مِصْر" (¬1). ضعفه أحمد. * وحديث عبد الرحمن بن كعب: في تجميع أسعد بن زرارة بهم في [نقيع] (¬2) الخضمات. سيأتي. [1901]- وحديث الترمذي (¬3) من طريق رجل من أهل قباء، عن أبيه. وكان من الصحابة- قال: أمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن نشهد الْجُمُعَة من قباء. فيه هذا المجهول. [1902]. ومن حديث أبي هريرة: "الْجُمُعَة عَلَى مَنْ آوَاهُ اللَّيْلُ إِلَى أَهْلِه". ضعفه أحمد والترمذي (¬4). وله شاهد من حديث أبي قلابة مرسل. رواه البيهقي (¬5). ¬
والأحاديث التي تقدمت في أول الباب، فيها ما يؤخذ منه ذلك أيضاً. [1903]- وروى البيهقي في "المعرفة" (¬1) عن مغازي ابن إسحاق وموسى بن عقبة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حين ركب من بني عمرو بن عوف في هجرته إلى المدينة، مر علي بن ي سالم وهي قرية/ (¬2) بين قباء والمدينة، فأدركته الْجُمُعَة فصلى فيهم الْجُمُعَة، وكانت أول جُمُعَة صلاها حين قدم. ووصله ابن سعد من طريق الواقدي بأسانيد له، وفيه: أنهم كانوا حينئذ مائة رجل. [1954]- وذكر عبد الرزاق في "مصنفه" (¬3) عن ابن جريج: أنه - صلى الله عليه وسلم جمع في سفر، وخطب على قوس. [1905]- وروى عبد الرزاق (¬4) أيضاً: أن عمر بن عبد العزيز كان متبديا بالسويداء في إمارته على الحجاز، فحضرت الْجُمُعَة، فهيئوا له مجلسا من البطحاء، ثم أذن بالصلاة، فخرج فخطب وصلى ركعتين وجهر، وقال: إن الإِمام يجمع حيث كان. [1906]- وروى البيهقي في "المعرفة " (¬5) من طريق جعفر بن برقان: أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عدي بن عدي: انظر كل قرية أهل قرار، ¬
وليسوا بأهل عمود ينتقلون فامِّر عليهم أميرا، ثم مُرْه فليجمع بهم. وقال ابن المنذر في ""الأوسط" (¬1): روينا عن ابن عمر: أنه كان يرى أهل المياه من مكة والمدينة يجمعون فلا يعيب ذلك عليهم. وساقه موصولا. [1907]- وروى سعيد بن منصور عن أبي هريرة: أن عمر- رضي الله عنه - كتب إليهم: أن جمعوا حيث ما كنتم. 724 - قوله: قال الشافعي: ولا يجمع في مصر وإن عظم، ولا في مساجد إلا في مسجد واحد، وذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء بعده، لم يفعلوا إلا كذلك. انتهى. [1908]- وروى ابن المنذر، عن ابن عمر أنه كان يقول: لا جُمُعَة إلا في المسجد الأكبر الذي يصلي فيه الإِمام. [1909]- وروى أبو داود في "المراسيل " (¬2) عن بكير بن الأشج (¬3): أنه كان بالمدينة تسعة مساجد مع مسجده - صلى الله عليه وسلم - يسمع أهلها تاذين بلال، فيصلون في مساجدهم. زاد يحيي بن يحيي في روايته: ولم يكونوا يصلون في شيء من تلك المساجد إلا في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم -. ¬
تنبيه
أخرجه البيهقي في "المعرفة " (¬1)، ويشهد له: صلاة أهل العوالي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - الْجُمُعَة كما في "الصحيح" (¬2)، وصلاة أهل قباء معه، كما رواه ابن ماجه (¬3) وابن خزيمة (¬4). [1910]- وأخرج الترمذي (¬5) من طريق رجل من أهل قباء، عن أبيه قال: أمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن نشهد الْجُمُعَة من قباء. [1911]- وروى البيهقي (¬6): أن أهل ذي الحليفة كانوا يجمعون بالمدينة قال: ولم ينقل أنه أذن لأحد في إقامة الْجُمُعَة في شيء من مساجد المدينة، ولا في القرى التي بقربها. تنبيه قول الرّافعي والأصحاب: أن الشافعي دخل بغداد وهي تقام بها جمعتان؛ مردود بأن الجامع الآخر لم يكن حينئذ داخل سورها، فقد قال الأثرم لأحمد: أجمع جمعتين في مصر؟ قال: لا أعلم أحدا فعله. وقال ابن المنذر: لم يختلف الناس أن الْجُمُعَة لم تكن تصلى في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي عهد الخلفاء الراشدين إلا في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي تعطيل الناس مساجدهم يوم الْجُمُعَة واجتماعهم في مسجد واحد أبين البيان ¬
بأن الْجُمُعَة خلاف سائر الصلوات، وأنها لا تصلى إلا في مكان واحد. وذكر الخطيب في "تاريخ بغداد " (¬1): أن أول جُمُعَة أحدثت في الإِسلام في بلد مع قيام الْجُمُعَة القديمة في أيام المعتضد في دار الخلافة من غير بناء مسجد لإقامة الْجُمُعَة، وسبب ذلك خشية الخلفاء على أنفسهم في المسجد العام، وذلك في سنة [ثمانين]، (¬2) ومائتين. ثم بني في أيام المكتفي مسجد، فَجَّمُعوا فيه. [1912]- وذكر ابن عساكر في "مقدمة تاريخ دمشق" (¬3): أن عمر - رضي الله عنه - كتب إلى أبي موسى وإلى عمرو بن العاص، وإلى سعد بن أبي وقاص: أن يتخذ مسجداً جامعا، ومسجدا للقبائل، فإذا كان يوم الْجُمُعَة انضموا إلى المسجد الجامع، فشهدوا الْجُمُعَة. وقال ابن المنذر: لا أعلم أحداٌ قال بتعداد الْجُمُعَة غيرَ عطاء. 725 - [1913]- حديث جابر: مضت السنة أن في كل أربعين فما فوقها جُمُعَة. الدارقطني (¬4) والبيهقي (¬5) من حديث عبد العزيز بن عبد الرحمن، عن ¬
خصيف، عن عطاء عنه، بلفظ: " في كُلِّ ثَلاثَةٍ إِمَامٌ، وَفِي كُلِّ أَرْبعينَ فَما فَوْقَ ذَلك جُمُعَة، وَأَضْحى وَفِطْر". وعبد العزيز قال أحمد (¬1): اضرب على حديثه فإنها كذب أو موضوعة. وقال النسائي (¬2): ليس بثقة. وقال الدارقطني: منكر الحديث. وقال ابن حبان (¬3): لا يجوز أن يحتج به. وقال البيهقي (¬4): هذا الحديث لا يحتج بمثله. 726 - [1914]- حديث أبي الدرداء: "إذَا بَلَغ أَرْبَعِينَ رَجُلًا فَعَلَيْهِم الْجُمُعَة". أورده صاحب التتمة، ولا أصل له. 727 - [1915]- حديث أبي أمامة: "لا جُمُعَة إلاَّ بِأَرْبَعِينَ". لا أصل له، بل: [1916]- روى البيهقي (¬5) والطبراني (¬6) من حديثه: "عَلَي خَمْسِينَ جُمُعَة, لَيْس فِيمَا دُونَ ذَلِكَ". ¬
زاد الطبراني في "الأوسط" (¬1): "وَلَا تَجِبُ عَلَى مَن دُونَ ذَلِكَ". وفي إسناده جعفر بن الزبير وهو متروك، وهياج بن بسطام وهو متروك أيضاً. وفي طريق البيهقي النقاش المفسر وهو واه أيضاً. 728 - حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - جمع بالمدينة ولم يجمع بأقل من أربعين. لم أره هكذا، وفي البهيقي (¬2) من رواية ابن مسعود قال: جمعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن أربعون رجلاً. وفي رواية له (¬3): نحو أربعين، فقال: "إنّكُم مَنْصُورُونَ ... " الحديث. وليس هذا فيما يتعلق بالجمعة. [1917]- وأما ما رواه أبو داود (¬4) وابن حبان (¬5) وغيرهما حديث عبد الرحمن بن كعب بن مالك: أن أباه كان إذا سمع النّداء يوم الْجُمُعَة ترحّم لأسعد بن زرارة، قال: فقلت له: يا أبتاه رأيت استغفارك لأسعد بن زرارة كلما سمعت الأذان للجمعة ما هو؟ قال: لأنه أول من جمع [بنا] (¬6) في نقيع، يقال له: نقيع الخضمات من حرة بني بياضة. قلت: كم كنتم يومئذ؟ قال: أربعون رجلاً. ¬
وإسناده حسن. لكنه لا يدلّ لحديث الباب. [1918]- وروى الطبراني في "الكبير" (¬1) و"الأوسط" (¬2) عن أبي مسعود الأنصاري، قال: أول من قدم من المهاجرين المدينة مصعب بن عمير، وهو أول من جمع بها يوم الْجُمُعَة، جمعهم قبل أن يقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهم اثنا عشر رجلاً. وفي إسناده صالح بن أبي الأخضر، وهو ضعيف. ويجمع بينه وبين الأول: بأن أسعد كان آمرا، وكان مصعب إماما. [1919]- وروى عبد بن حميد في "تفسيره" عن ابن سيرين، قال: جمع أهل المدينة قبل أن يقدم النبي- صلى الله عليه وسلم - وقبل أن تنزل الْجُمُعَة , قالت الأنصار: لليهود يوم يجمعون فيه كل سبعة أيام، وللنصارى مثل ذلك، [فهلم] (¬3) فلنجعل يوما نجتمع فيه فنذكر الله ونشكره، فجعلوه يوم العروبة، واجتمعوا إلى أسعد/ (¬4) بن زرارة فصلى بهم يومئذ ركعتين، وذكرهم فسموا الْجُمُعَة حين اجتمعوا إليه، فذبح لهم شاة فتغدوا وتعشوا منها، فأنزل الله في ذلك بعد: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} والآية. [1920]- وروى الدارقطني (¬5) من طريق المغيرة بن عبد الرحمن، عن مالك، عن الزهري، عن عبيد الله عن ابن عباس، قال: أذن النبي- صلى الله عليه وسلم - الْجُمُعَة قبل أن يهاجر، ولم يستطع أن يجمع بمكة فكتب إلى مصعب بن عمير، أما بعد فانظر ¬
تنبيه
اليوم الذي تجهر فيه اليهود بالزبور، فاجمعوا نساءكم وأبناءكم، فإذا مال النهار عن شطره عند الزوال من يوم الْجُمُعَة فتقربوا إلى الله بركعتين، قال: فهو أول من جمع حتى قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة فجمع عند الزوال من الظهر وأظهر ذلك. تنبيه حرّة بني بياضة قرية على ميل من المدينة، وبياضة بطن الأبصار. ونقيع بالنون، وخضمات. بفتح الخاء المعجمة وكسر الضاد المعجمة -: موضع معروف. وقد وردت عدة أحاديث تدل على الاكتفاء بأقل من أربعين، منها: [1921]- حديث أم عبد الله الدّوسيّة مرفوعاً: "الْجُمُعَةُ وَاجِبةٌ عَلى كُلِّ قَرْيَةٍ فِيها إِمَامٌ، وَإن لَمْ يَكُونُوا إلاَّ أَرْبَعَة". وفي رواية: "وإنْ لَمْ يَكُونُوا إلِّا ثَلاثَة، رَابعُهُمْ إمَامُهُم". رواه الدارقطني (¬1) وابن عدي (¬2) وضعفاه، وهو منقطع أيضاً. 729 - [1922]- قوله: قال كثير من المفسرين في قوله: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} إنها نزلت في الخطبة. هذا رواه ابن أبي شيبة (¬3) وغيره، عن مجاهد. [1923]- وقد روى الدارقطني (¬4) من حديث أبي هريرة أنه قال: نزلت في ¬
رفع الصوت وهم خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة. وفي إسناده عبد الله بن عامر الأسلمي، وهو ضعيف. 730 - [1924]- حديث: أن الصحابة انفضوا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يبق منهم إلا اثنا عشر رجلاً، وفيهم نزلت: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا ...} الآية. متفق عليه (¬1) من حديث جابر، وله ألفاظ. وفي "صحيح أبي عوانة " (¬2): أن جابرا قال: كنت فيمن بقي. ورواه الدارقطني (¬3) بلفظ: فلم يبق إلا أربعون رجلاً. وإسناده ضعيف، تفرد به علي بن عاصم، وخالف أصحاب حصين فيه. وروى العقيلي (¬4) في ترجمة " [أسد]، (¬5) بن عمرو البجلي " من حديث جابر أيضاً، وزاد فيه: وكان الباقين أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وسعد، وسعيد، وأبو عبيدة، أو عمار- الشك من أسد بن عمرو. وبلال، وابن مسعود، وهؤلاء أحد عشر رجلاً. وأشار العقيلي إلى أن هذا التعديد مدرج في الخبر. ¬
قال: ورواه هشيم، وخالد بن عبد الله، عن الشيخ الذي رواه عنه أسد بن عمرو، فلم يذكرا ذلك قال: وهؤلاء قوم يصلون بالحديث، ما ليس منه فتفسد الرواية واستدل به على أن اعتبار الأربعين غير متعيّن؛ لأن العدد المعتبر للابتداء معتبر في الدوام. وأجيب بالمنع، وباحتمال أنهم عادوا، أو غيرهم فحضروا أركان الخطبة والصلاة. وصرّح مسلم في روايته: أنهّم انفضوا وهو يخطب. ورجّحها البيهقي (¬1) على رواية من روى: وهو يصلي. ويجمع بينهما/ (¬2): بأن من قال: وهو يصلي؛ أي يخطب مجازا. وقيل: كانت الخطبة إذ ذاك بعد الصلاة. * حديث: "مَنْ أَدْرَكَ مِن الْجُمُعَة رَكعَةَ فَلْيُصَلِّ إِلَيهَا أُخْرَى ". تقدم في أواخر "باب صلاة الجماعة". * حديث: " مَنْ أَدْرَكَ رَكعَةَ مِنَ الْجُمُعَة، فَقَدْ أَدْرَكها، وَمَنْ أَدْرَك دُون الرَّكْعَةِ صَلَاَّها ظُهْراً أَرْبعاً". تقدم فيه، وهو في الدارقطني (¬3) وابن عدي (¬4). ¬
731 - [1925]- قوله: روي: أنّ عليا أقام الْجُمُعَة، وعثمان محصور. مالك (¬1) والشافعي (¬2) وابن حبان (¬3) عنه، بسنده إلى أبي عبيد مولى بن أزهر، قال: شهدت العيد مع علي وعثمان، محصور. وكأن الزافعي أخذه بالقياس؛ لأنّ من أقام العيد لا يبعد أن يقيم الْجُمُعَة، فقد ذكر سيف في "الفتوح": أنّ مدّة الحصار كانت أربعين يوماً، لكن قال: كان يصلي بهم تارة طلحة، وتارة عبد الرحمن بن عديس، وتارة غيرهما. * حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - أحرم بالناس، ثم ذكر أنه جنب، فذهب فاغتسل ... الحديث. تقدم في "صلاة الجماعة". * حديث: أن أبا بكر كان يصلي بالنّاس فدخل النبي - صلى الله عليه وسلم - وجلس إلى جنبه ... الحديث تقدم فيه. 732 - [1926]. حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يصل الْجُمُعَة إلا بخطبتين. ¬
لم أره هكذا. [1927]- وفي "الصحيحين" (¬1) عن ابن عمر: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يخطب خطبتين، يقعد بينهما. وفي رواية للنسائي (¬2): كان يخطب الخطبتين قائما. [1928]- وفي أفراد مسلم (¬3) عن جابر بن سمرة: كانت للنبي - صلى الله عليه وسلم - خطبتان ... الحديث. [1929]- وفي الطبراني (¬4): عن السائب بن يزيد: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يخطب للجمعة خطبتين، يجلس بينهما. فالظاهر: أنه لم يقصد أن هذا اللفظ لفظ حديث ورد، بل هو مأخوذ من الاستقراء بأنه لم ينقل إلا هكذا. * حديث: "صَلُّوا كمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي". تقدم في قول عمر. يأتي في آخر الباب. 733 - [1930]- حديث: أنه خطب يوم الْجُمُعَة، فحمد الله وأثنى عليه. ¬
مسلم (¬1) من حديث جابر في خبر طويل أوله: كانت خطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - يحمد الله ويثني عليه ... الحديث. 734 - [1931]- حديث: أنه كان يواظب على الوصية بالتقوى في خطبته. لم أر هذا. [1932]- وفي "مسند أحمد" (¬2) عن النعمان بن بشير، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب: "أُنْذِرُكُم النَّارَ أُنْذِرُكم النَّار ... " الحديث. وفي رواية له: سمع أهل السوق صوته. [1933]- وعن علي، أو عن الزبير قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطبنا فيذكرنا بأيام الله حتى نعرف ذلك في وجهه، وكأنه نذير قوم. رواه أحمد (¬3)، ورجاله ثقات 735 - [1934]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ آيات، ويذكر الله تعالى. مسلم (¬4) من حديث جابر بن سمرة بلفظ: كانت له خطبتان، يجلس بينهما يقرأ القرآن ويذكر الناس. 736 - [9351]- حديث: أنه قرأ في الخطبة سور {ق}. ¬
مسلم (¬1) من حديث: أم هشام بنت حارثة - أخت عمرة بنت عبد الرحمن لأمها- قالت: ما حفظت {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} إلا من في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في يوم جُمُعَة وهو يقرأبها على المنبر كل جُمُعَة. وفي الباب: [1936]- عن أبي بن كعب أنه - صلى الله عليه وسلم - قرأ في الْجُمُعَة {تَبَارَكَ} وهو قائم يذكرنا بأيام الله. رواه ابن ماجه (¬2). [1937]- وفي رواية لسعيد بن منصور وللشافعي عن عم ر: أنه كان يقرأ في الخطبة {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} (¬3) ويقطع عند قوله: {مَا أَحْضَرَتْ}. وفي إسناده انقطاع. 737 - [1938]- حديث: أنه كان يخطب يوم الْجُمُعَة بعد الزوال. لم أره هكذا. [1935]- وفي "الأوسط" (¬4) للطبراني من حديث جابر: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا زالت الشمس صلى الْجُمُعَة. وإسناده حسن. وأما الخطبة؛ فلم أره. [1940]- لكن في النسائي (¬5): أنّ خروج الإِمام بعد الساعة السادسة وهو أول الزوال. ¬
ويستنبط من حديث السائب بن يزيد في البخاري (¬1): أن الخطبة بعد الزوال؛ فإنه ذكر فيه أن التأذين، كان حين يجلس الخطيب على المنبر، فإذا نزل أقام. 738 - قوله: إِن تقديم الخطبتين على الصلاة في الْجُمُعَة ثابت من فعله - صلى الله عليه وسلم - بخلاف العيدين. أما في الْجُمُعَة؛ فمتواتر عنه - صلى الله عليه وسلم -، وهو إجماع. وأما في العيدين فثابت في "الصحيحين" (¬2) من: [1941]- حديث ابن عمر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر كانوا يصلون العيدين قبل الخطبة. 739 - [1942]- حديث: أنه كان لا يخطب إلا قائما، وكذا من بعده. مسلم (¬3) وأبو داود (¬4) والنسائي (¬5) من حديث جابر بن سمرة: أنه في - صلى الله عليه وسلم - كان يخطب قائما، فمن قال: إنه كان يخطب جالسا فقد كذب. [9431]- ولهما (¬6) عن جابر بن عبد الله: أن النبي في - صلى الله عليه وسلم - كان يخطب قائما. ¬
[1944]- وعن ابن عمر نحوه، متفق عليه (¬1). [1945]- وقال الشافعي (¬2): أخبرنا إبراهيم بن محمَّد، حدثني صالح مولى التوأمة، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر، وعمر: أنهم كانوا يخطبون يوم الْجُمُعَة خطبتين قياما، يفصلون بينهما بالجلوس، حتى جلس معاوية في الخطبة الأولى، فخطب جالسا، وخطب في الثانية قائما. قال البيهقي (¬3): يحتمل أن يكون إنما قعد لضعف أو كبر. 740 - حديث: أنه كان يجلس بين الخطبتين، ومن بعده. ثبت عنه ذلك رواه مسلم، من حديث جابر بن سمرة. ولهما عن ابن عمر نحوه، وهو للشافعي عن أبي هريرة كما تقدم جميع ذلك، وتقدم حديث السائب. [1946]- ولأحمد (¬4) وأبي يعلى (¬5) والبزار (¬6) من حديث ابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يخطب يوم الْجُمُعَة قائما، ثم يقعد ثم يقوم فيخطب. لفظ أحمد. وللبزار: كان يخطب يوم الْجُمُعَة خطبتين، يفصل بينهما بجلسة. ¬
741 - قوله: واظب النبي - صلى الله عليه وسلم - على الجلوس بينهما. هو مستفاد من الذي قبله. واستشكل ابن المنذر إيجاب الجلوس بين الخطبتين، وقال: إن استفيد من فعله فالفعل بمجرده عند الشافعي لا يقتضي الوجوب، ولو اقتضاه لوجب الجلوس الأول قبل الخطبة الأولى، ولو وجب لم يدلس على إبطال الْجُمُعَة بتركه. والله أعلم. 742 - [1947]- حديث: " إذاً قُلْتَ لِصَاحِبِكَ أَنْصِتْ والإمَامُ يَخْطُب يَوم الْجُمُعَة فَقَدْ لَغَوْتَ". متفق عليه (¬1) من حديث أبي هريرة. ولفظ: "والإمَامُ يَخْطُب يَوْمَ الْجُمُعَة" للنسائي (¬2). 743 - [1948]- حديث: أن رجلاً دخل - صلى الله عليه وسلم - يخطب يوم الْجُمُعَة، فقال: متى الساعة؟ فأومأ الناس إليه بالسكوت، فلم يقبل. وأعاد الكلام، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - في الثالثة: "مَاذا أَعْدَدْتَ لَهَا؟ " قال: حب الله ورسوله، قال: " إنَّك مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ". ¬
ابن خزيمة (¬1) وأحمد (¬2) والنسائي (¬3) والبيهقي (¬4) من حديث شريك بن أبي نمر عن أنس. [1949]- وفي "الصحيحين" (¬5) من حديثه: بينما النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب في يوم الْجُمُعَة، فقام أعرابي فقال يا رسول الله هلك المال، فذكر حديث الاستسقاء. 744 - [1950]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - كلم قتلة اين أبي الحقيق وسالهم عن كيفية قتله في الخطبة. البيهقي (¬6) من طريق عبد الرحمن بن كعب أن/ (¬7) الرهط الذين بعثهم النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى ابن أبي الحقيق بخيبر ليقتلوه فقتلوه، فقدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو قائم على المنبر يوم الْجُمُعَة فقال لهم حين رآهم: "أَفْلَحَتِ الْوُجُوه"، فقالوا: أفلح وجهك يا رسول الله. قال: "أقتلتموه؟ " قالوا: نعم. فدعا بالسيف الذي قتل به وهو قائم على المنبر فسله، فقال: "أَجَلْ هَذا طَعَامُه في ذُبَابِ سَيْفِه ... " الحديث. ¬
تنبيه
قال البيهقي: مرسل جيد. وروي عن عروة نحوه ثم رواه (¬1) من طريق بن عبد الله ابن أنيس عن أبيه قال: بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى ابن أبي الحقيق ... نحوه. تنبيه أورده إمام الحرمين والغزالي (¬2) بلفظ: عجيب، قال: سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - ابن أبي الحقيق عن كيفية القتل بعد قفوله من الجهاد. وهو غلط فاحش. وأعجب منه أن الإِمام قال: صح ذلك. ويجوز أن يكون سقط من النسخة لفظ: "قتلة" قبل "ابن أبي الحقيق". وفي الباب: [1951]- ما روى مسلم (¬3) من حديث أبي رفاعة العدوي قال: انتهيت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يخطب، فقلت: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم - جل غريب جاء يسأل عن دينه؟ قال: فأقبل علي وترك خطبته، وجعل يعلمني، ثم أتى خطبته فأتم آخرها. [1952]- وروى أصحاب" السنن " الأربعة (¬4) وابن خزيمة (¬5) والحاكم (¬6) من حديث بريدة، قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب فجاء الحسن والحسين عليهما قميصان أحمران يعثران، فنزل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقطع كلامه، وحملهما ... الحديث. ¬
فائدة
745 - [1953]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - كلّم سليكا الغطفاني في الخطبة. مسلم (¬1) من حديث جابر قال: جاء سليك الغطفاني يوم الْجُمُعَة والنبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب، فجلس، فقال له: "يَا سُلَيْكُ قُمْ فَارْكَعْ رَكْعَتَيْن وَتَجَوَّزْ فِيهِمَا". الحديث. وأصله في "الصحيحين" بدون تسمية سليك. وفي الباب: [1954]- عن أبي سعيد لابن حبان (¬2) وغيره. فائدة وقع ذلك للنعمان بن قوقل: [1955]- رواه الطبراني في "الأوسط" (¬3) من حديث أبي سفيان، عن جابر. أورده في ترجمة " أحمد بن يحيي الحلواني". [1956]- ولأبي ذر أخرجه أيضاً (¬4) من طريق أبي صالح، عن أبي ذر: أنه أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يخطب، فقعد، فقال له: "هَلْ رَكَعْتَ؟ " فقال: لا. قال: "قُمْ فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ". 746 - [1957]- حديث: "إذاً جَاءَ أَحَدُكمْ والإمَامُ يَخْطُب فَلْيَرْكَعْ رَكعَتَين، وَلْيَتَحؤَزْ فِيهِمَا". ¬
مسلم (¬1) عن جابر. 747 - [1958]- قوله: روي عن الزهري، أنه قال: خروج الإِمام يقطع الصلاة. أخرجه مالك في "الموطأ " (¬2) عنه. [1959]- وأخرجه البيهقي (¬3) من طريق ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن ثعلبة بن أبي مالك. [1960]- ومن طريق معمر، عن الزهري، عن ابن المسيب، قوله. [1961]- وأخرجه (¬4) من طريق مروان بن معاوية، عن معمر، عن يحيي بن أبي كثير، عن ضمضم بن جوس، عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال: إنه خطأ. 748 - [1962]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - اتخذ منبراً وكان يخطب عليه. متفق عليه (¬5)، من حديث سهل بن سعد مطولاً. [1963]- وللبخاري (¬6) عن جابر: كان جذع يقوم إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما وضع له المنبر حن الجذع ... الحديث. ¬
فائدة
[1964]- وعن ابن عمر نحوه، رواه أيضاً (¬1). [1965، 1966]- ورواه أحمد عن ابن عباس (¬2) وأبي بن كعب (¬3). فائدة اسم صانع المنبر تميم الداري، رواه أبو داود (¬4). وقيل: باقوم الرومي مولى سعيد بن العاص (¬5). وقيل: إبراهيم في "الطبراني الأوسط" (¬6). وقيل: صباح مولى العباس (¬7)، وقيل: مينا غلام العباس (¬8). وقيل: ميمون، حكاه قاسم بن أصبغ. وقيل: قبيصة المخزومي. حكى هذه الأقوال ابن بشكوال (¬9). وهو في كتاب ابن زبالة غير مسمى. [1967]- وروى الطبراني في "الكبير " (¬10) من حديث العباس بن سهل بن سعد ¬
قال: فذهب أبي فقطع عيدان المنبر من الغابة، فلا أدري عملها أولاً. [1968]- وروى (¬1) فيه أيضاً من حديث سهل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لخال له من الأنصار: "اخْرجْ إِلَى الْغَابَةِ وَائْتِنِي مِن خَشَبِهَا، فَاعْمَلِ بي مِنْبراً، أُكَلِّم النَّاسَ عَلَيْه". فعمل له منبرا له عتبتان، وجلس عليهما. قلت: وفي "طبقات ابن سعد" (¬2): أن صانع المنبر كلاب مولى العباس. 749 - [1969]- حديث: أن النبي في بها كان إذا دنا من منبره سلم على من عند المنبر، ثم صعد فإذا استقبل الناس بوجهه سلم ثم قعد. ابن عدي (¬3) من حديث ابن عمر. أورده في ترجمة "عيسى بن عبد الله الأنصاري" وضعفه، وكذا ضعفه به ابن حبان. [1970]- وقال الأثرم: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو أسامة، عن مجالد، عن الشعبي قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صعد المنبر يوم الْجُمُعَة استقبل الناس، فقال: "السّلامُ عَلَيْكم". الحديث. وهو مرسل. 750 - قوله: كان منبر النبي - صلى الله عليه وسلم - على يمين القبلة. ¬
لم أجده حديثا ولكنه كما قال؛ فالمستند فيه إلى المشاهدة، ويؤيده: [1971]- حديث سهل بن سعد في البخاري (¬1) في قصة عمل المرأة المنبر، قال: فاحتمله النبي - صلى الله عليه وسلم - فوضعه حيث ترون. 751 - قوله: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا استوى على الدرجة التي تلي المستراح قام قائما، ثم سلم. تقدم عن ابن عمر، نحوه. وفي الباب: [1972]، عن عطاء مرسلاً (¬2). [1973]- وعن الشعبي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر. أخرجه ابن أبي شيبة (¬3). [1974]- وقال الشافعي (¬4): بلغنا عن سلمة بن الأكوع، أنه قال: خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطبتين وجلس جلستين. وحكى الذي حدثني قال: استوى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الدرجة التي تلي المستراح قائما، ثم سلم ثم جلس على المستراح حتى فرغ المؤذن من الأذان، ثم قام فخطب، ثم جلس، ثم قام فخطب الثانية. وأتبع هذا الكلام الحديث، فلا أدري أهو عن سلم ة، أو شيء فسره هو في الحديث. ¬
[1975]- ولابن ماجه (¬1) عن جابر: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا صعد المنبر سلم. إسناده ضعيف. 752 - [1976]- حديث: كان - صلى الله عليه وسلم - يخطب خطبتين، ويجلس جلستين. الحاكم في "المستدرك" (¬2) من حديث ابن عمر كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا خرج يوم الْجُمُعَة، فقعد على المنبر، أذن بلال. وفي إسناده مصعب بن سلام، ضعفه أبو داود (¬3). وقد تقدم حديث سلمة بن الأكوع من عند الشافعي. [1977]- وروى أبو نعيم في "المعرفة" (¬4) في ترجمة "سعيد بن حاطب": أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يخرج فيجلس على المنبر يوم الْجُمُعَة، ثم يؤذن المؤذن، فإذا فرغ قام يخطب. وفي الباب: عن السائب كما يأتي. 753 - [1978]- حديث السائب بن يزيد: كان النّداء يوم الْجُمُعَة، أوّله إذا جلس الإِمام على المنبر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ¬
وأبي بكر وعمر، فلما كان عثمان وكثر النّاس/ (¬1) زاد النّداء الثّالث على الزّوراء. رواه البخاري (¬2). وفي "مسند إسحاق بن راهويه" من هذا الوجه: كان النداء الذي ذكره الله في القرآن يوم الْجُمُعَة إذا جلس الإِمام على المنبر في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر، حتى خلافة عثمان، فلما كثر الناس زاد النداء الثالث على الزوراء. [1979]- وروى الشافعي (¬3) عن عطاء: أنه كان ينكر أن يكون عثمان هو الذي أحدث الأذان، والذي فعله عثمان إنما هو تذكير، والذي أمر به إنما هو معاوية. [1980]- وكذا روى عبد الرزاق (¬4) عن ابن جريج، قال: قال سليمان بن موسى: أول من زاد الأذان بالمدينة عثمان، قال: فقال عطاء: كلا إنما كان يدعو الناس دعاء ولا يؤذن غير أذان واحد. 754 - قوله: ولم يكن له - صلى الله عليه وسلم - يوم الْجُمُعَة إلا مؤذن واحد. هو في رواية البخاري في حديث السائب الذي قبله. وللحاكم من حديث ابن عمر كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا خرج يوم الْجُمُعَة فقعد على المنبر أذن بلال. وقد تقدّم قريبًا. ¬
تنبيه
755 - [1981]- حديث: قصر الخطبة وطول الصلاة مئتة من فقه الرجل. مسلم (¬1) من حديث عمار بلفظ: "إنّ طُولَ صَلاةِ الرَّجُلِ، وَقِصَرَ خُطْبَتهِ مَئِنةٌ مِنْ فِقْههِ، فَأَطِيلُوا الصَّلاةَ وَأَقْصِرُوا الْخُطْبَةَ؛ فإنَّ مِنَ الْبَيَانِ سِحْرًا". وفي رواية لأبي داود (¬2): أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإقصار الخطب. تنبيه قوله: مئنّة -بفتح الميم، وبعدها همزة مكسورة، ثم نون مشددة. أي علامة. قال الأزهري: والأكثر على أن الميم فيها زائدة، خلافا لأبي عبيد (¬3) فإنه جعل ميمها أصلية. ورده الخطابي (¬4) وقال: إنما هي فعيلة من المأن، بوزن الشأن. [1982]- وروى البزار (¬5) والحاكم (¬6) من طريق أخرى، عن عمار، أنه قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأمرنا بإقصار الخطب. 756 - [1983]- حديث: كانت صلاته - صلى الله عليه وسلم - قصدا، وخطبته قصدا. ¬
تنبيه
مسلم (¬1) عن جابر بن سمرة تنبيه القصد: الوسط، أي لا قصيرة ولا طويلة. 757 - حديث: كان محمَّد - صلى الله عليه وسلم - إذا خطب استقبل الناس بوجهه واستقبلوه، وكان لا يلتفت. هذا مجموع من أحاديث: أما استقباله الناس بوجهه؛ فتقدم. وأما استقبالهم له: [1984]- فرواه الترمذي (¬2) من حديث ابن مسعود. وفيه محمَّد بن الفضل بن عطية، وهو ضعيف، وقد تفرد به، وضعفه به الدارقطني (¬3) وابن عدي (¬4) وغيرهما. [1985]- ورواه ابن ماجه (¬5) من حديث عدي بن ثابت، عن أبيه، وقال: أرجو أن يكون متصلاً. ¬
كذا قال! ووالد عدي لا صحبة له، إلا أن يراد بأبيه جدُّه أبو أبيه، فله صحبة على رأي بعض الحفاظ من المتأخرين. وأما قوله: وكان لا يلتفت؛ فلم أره في حديث، إلا إن كان يؤخذ من مطلق الاستقبال. 758 - 19861 - حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يعتمد على قوس في خطبته. أبو داود (¬1) من حديث [الحكم]، (¬2) بن حزن الكلفي في حديث أوله: وفدت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سابع سبعة، أو تاسع تسعة، فدخلنا عليه، فقلنا: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم - زرناك فادع الله لنا بخير، فأمر لنا بشيء من التمر ... الحديث. وفيه: شهدنا الْجُمُعَة معه، فقام متوكئا على عصى أو قوس، فحمد الله وأثنى عليه كلمات خفيفات. وليس للحكم غيره. وإسناده حسن، فيه شهاب بن خراش، وقد اختلف فيه/ (¬3)؛ وا لأكثر وثقوه. وقد صححه ابن السكن وابن خزيمة (¬4). [1987]- وله شاهد من حديث البراء بن عازب، رواه أبو داود (¬5) بلفظ: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لمجيب أعطى يوم العيد قوسا فخطب عليه. ¬
وطوَّله أحمد (¬1) والطبراني (¬2). وصحّحه ابن السكن. وفي الباب: [1988]- عن ابن عباس وابن الزبير، رواهما أبو الشيخ بن حيان في "كتاب أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم - له. 597 - [1989]- ححديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يعتمد على عنزته اعتمادا. الشافعي (¬3) عن إبراهيم، عن ليث بن أبي سليم، عن عطاء مرسلاً. وليث ضعيف. 760 - [1990]- حديث: "الْجُمُعَة حَقٌ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِم في جَمَاعَةٍ , إلاَّ أَرْبَعَةً: عَبْدٌ، أَو امْرَأَةٌ، أَوْ صَبيٌّ، أَوْ مَرِيضٌ". أبو داود (¬4): من حديث طارق بن شهاب، عن النّبي - صلى الله عليه وسلم -. ورواه الحاكم (¬5) من حديث طارق هذا عن أبي موسى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وصححه غير واحد. ¬
وفي الباب: [1991 - 1993]- عن تميم الداري (¬1) وابن عمر (¬2) ومولى لآل الزبير (¬3)، رواها البيهقي. وخرج حديث تميم العقيلي (¬4) في ترجمة "ضرار بن عمر" والحاكم أبو أحمد في ترجمة " أبي [عبد الله] (¬5) الشامي". وإسناده ضعيف؛ فيه أربعة أنفس ضعفاء على الولاء. قاله ابن القطان (¬6). وحديث ابن عمر؛ رواه الطبراني في "الأوسط" (¬7) ولفظه: "لَيْسَ عَلَى مُسَافِرِ جُمُعَة". [1994]- وفيه أيضاً: من حديث أبي هريرة مرفوعاً: "خَمْسَةٌ لا جُمُعَة عَلَيْهِمْ؛ الْمَرْأَةُ، والُمُسَافِرُ، والْعَبْدُ، وَالصَّبِيُّ، وَأَهْلُ الْبَادِيةِ" (¬8). 761 - [1995]- حديث جابر: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بالله وَالْيَومِ الاَخِرِ فَعَلَيْه الْجُمُعَة، إلاَّ امْرَأة أَوْ مُسَافراً أَوْ عَبْداً أَوْ مَرِيضاً". ¬
الدارقطني (¬1) والبيهقي (¬2)، وفيه ابن لهيعة، عن معاذ بن محمَّد الأنصاري، وهما ضعيفان. [1996]- وأخرج ابن خزيمة (¬3) من حديث أم عطية: نهينا عن اتباع الجنائز، ولا جُمُعَة علينا. كذا أخرجه بهذا اللفظ، وترجم عليه "إسقاط الْجُمُعَة عن النساء". * حديث: "إذَا ابْتَلَّتِ النّعَالُ، فالصَّلاةُ في الرِّحَال". تقدم في "صلاة الجماعة". * قوله: روي أن ابن عمر تطيب للجمعة. يأتي في آخر الباب. 762 - [1997]- قوله: إنه - صلى الله عليه وسلم - لم يجمع يوم عرفة. أما كون ذلك اليوم كان يوم جُمُعَة، فثابت في "الصّحيحين" (¬4). ¬
وأما كونه لم يجمع فيه؛ فأخذوه من حديث جابر الطويل في "صفة الحج" عند مسلم، ففيه (¬1): ثم أذن بلال فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر. 763 - [1998]- حديث: "الْجُمُعَة عَلَى مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ". أبو داود (¬2) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، واختلف في رفعه ووقفه. ورواه البيهقي (¬3) من وجه آخر عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. 764 - [1999]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - بعث عبد الله بن رواحة في سرية، فوافق ذلك يوم الْجُمُعَة فغدا أصحابه، وتخلف هو ليصلي ويلحقهم، فلما صلى قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "مَا خَلَّفَكَ؟ "، قال: أردت أن أصلي معك وألحقهم؟ فقال: "لَوْ أَنْفَقْتَ مَا في الأَرْضِ جَميعًا مَا أَدْرَكْتَ فَضْل غَدْوَتِهِمْ". أحمد (¬4) والترمذي (¬5) من حديث مقسم عن ابن عباس. وفيه حجاج بن أرطاة وأعله الترمذي بالانقطاع. وقال البيهقي: انفرد به الحجاج بن أرطاة وهو ضعيف. ¬
فائدة
فائدة [2000]- في "الأفراد" للدارقطني عن ابن عمر مرفوعاً/ (¬1): "مَنْ سَافَرَ يَوْمَ الْجُمُعَة، دَعَتْ عَلَيْه الْمَلائِكَةُ أَنْ لا يصْحَبَ في سَفَرِه". وفيه ابن لهيعة. وفي مقابله: [2001]- ما رواه أبو داود في "المراسيل " (¬2) عن الزهري: أنه أراد أن يسافر يوم الْجُمُعَة ضحوة، فقيل له ذلك، فقال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - سافر يوم الْجُمُعَة. [2002]- وروى الشافعي (¬3) عن عمر: أنّه رأى رجلاً عليه هيئة السفر فسمعه يقول: لولا أن اليوم يوم جُمُعَة لخرجت! فقال له عمر: اخرج فإن الْجُمُعَة لا تحبس عن سفر. [2003]- وروى سعيد بن منصور، عن صالح بن كيسان: أن أبا عبيدة بن الجراح سافر يوم الْجُمُعَة ولم ينتظر الصلاة. 765 - قوله: إذا صلى الظهر قبل ذوات الْجُمُعَة ففي صحة ظهره قولان: القديم الصحة، والجديد لا؛ لأن الفرض الْجُمُعَة؛ للأخبار الواردة فيها. انتهى. فمن الأخبار المذكورة: ¬
[2004]- حديث عمر: صلاة الْجُمُعَة ركعتان تماما غير قصر، على لسان محمَّد - صلى الله عليه وسلم -. رواه النسائي (¬1) من حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عمر. وقال: لم يسمعه من عمر، وكان شعبة ينكر سماعه منه. وسئل ابن معين عن رواية جاء فيها في هذا الحديث عنه: "سمعت عمر" فقال: ليس شيء. وقد رواه البيهقي (¬2) بواسمطة بينهما، وهو كعب بن عجرة. وصححها ابن السكن. 766 - [2005]- حديث: "إذاً أَتَى أَحَدُكُمْ الْجُمُعَة فَلْيَغْيتَسِلْ". متفق عليه (¬3) من حديث ابن عمر. ورواه ابن حبان (¬4) واللفظ له. وله طرق كثيرة؛ وعد أبو القاسم ابن منده من رواه عن نافع، عن ابن عمر فبلغوا ثلاثمائة، وعد من رواه غير ابن عمر فبلغوا أربعة وعشرين صحابيًّا. وقد جمعتُ طرقه عن نافع فبلغوا مائةً وعشرين نفسًا. 767 - [2006]- حديث: "مَن تَوَضَّأ يَوْمَ الْجُمُعَة فِبِهَا وَنِعْمَتْ، وَمَنِ اغْتَسَلَ فَالغُسْلُ أَفْضَلُ". ¬
أحمد (¬1) وأصحاب "السنن" (¬2) وابن خزيمة (¬3) من حديث الحسن، عن سمرة. وقال الترمذي: حديث حسن ورواه بعضهم عن قتادة , عن الحسن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً. وقال في "الإمام" (¬4): من يحمل رواية الحسن عن سمرة علي الاتصال يصحح هذا الحديث. قلت: وهو مذهب علي بن المديني , كما نقله عنه البخاري (¬5)، والترمذي (¬6)، والحاكم (¬7)، وغيرهم. وقيل: لم يسمع منه إلا حديث العقيقة، وهو قول البزار (¬8) وغيره. وقيل: لم يسمع منه شيئاً أصلاً، وإنما يحدث من كتابه (¬9). ورواه أبو بكر الهذلي -وهو ضعيف- عن الحسن، عن أبي هريرة. ووهم في ذلك؛ أخرجه البزار، من طريقه، ورواه عباد بن العوام، عن سعيد عن قتادة، عن أنس، ووهم فيه، قاله الدارقطني في "العلل" (¬10)، قال: ¬
والصواب رواية يزيد بن زريع وغيره، عن سعيد، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة. ورواه أبو حرة، عن الحسن، عن عبد الرحمن بن سمرة. ووهم في اسم صحابيه. أخرجه أبو داود الطيالسي (¬1) والبيهقي (¬2) من طريقه. ورواه العقيلي (¬3) من طريق قتادة، عن الحسن، عن جابر. ومن طريق، إبراهيم بن مهاجر، عن الحسن، عن أنس. وهذا الاختلاف فيه على الحسن وعلى قتادة لا يضر؛ لضعف من وهم فيه. والصواب كما قال الدارقطني: عن قتادة عن الحسن، عن سمرة. وكذلك قال العقيلي (¬4). [2007]- ورواه ابن ماجه (¬5) - بسند/ (¬6) ضعيف- عن أنس. ورواه الطبراني من حديثه في "الأوسط" (¬7) بإسناد أمثل من ابن ماجه. ¬
تنبيه
[2008]- ورواه البيهقي (¬1) بإسناد فيه نظر، من حديث ابن عباس، وبإسناد فيه انقطاع من حديث جابر (¬2). ورواه عبد بن حميد والبزار في "مسنديهما" (¬3)، وكذلك إسحاق بن راهويه في "مصنفه" من حديثه، بإسناد فيه ضعف. [2009]- ورواه البيهقي (¬4) من حديث أبي سعيد. وله طريق أخرى في "التمهيد" (¬5) فيها الربيع بن بدر، وهو ضعيف. تنبيه حكى الأزهري: أن قوله: "فَبِهَا وَنِعْمَتْ" معناه: فبالسنة أخذ، ونعمت السنة، قاله الأصمعي. وحكاه الخطابي (¬6) أيضاً وقال: إنها ظهرت تاء التأنيث لإضمار السنة. وقال غيره: ونعمت الخصلة (¬7). وقال أبو حامد الشاركي: ونعمت الرخصة قال: لأن السنة الغسل. وقال بعضهم: معناه فبالفريضة أخذ، ونعمت الفريضة (¬8). ¬
تنبيه
تنبيه من أقوى ما يستدلّ به على عدم فريضة الغسل يوم الْجُمُعَة: [2010]- ما رواه مسلم (¬1) عقب أحاديث الأمر بالغسل، عن أبي هريرة مرفوعاً: "مَنْ تَوَضأ فأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُم أَتَى الْجُمُعَة فَاسْتَمَعَ وَأَنْصَت، غُفِرَ لَهُ ما بَيْنَ الْجُمُعَة إلى الْجُمُعَة، وَزِيَادَةُ ثلاثَةِ أَيَّامِ". *حديث: روي أنّه - صلى الله عليه وسلم - قال: "من غَسَّلَ مَيتاً فَلْيَغْتَسِلْ، وَمَنْ مَسَّهُ فَلْيَتَؤضَّاْ". تقدم في " الغسل " وأنّه ضعيف. 768 - [2011]- حديث: أنه قال: "لا غُسْلَ عَلَيكُمْ مِنْ غسْلِ الْمَيِّتِ". الدارقطني (¬2) والحاكم (¬3) مرفوعاً من حديث ابن عباس. وصحح البيهقي (¬4) وقفه وقال: لا يصح رفعه. 769 - قوله: إنّه أسلم خلق كثير، ولم يأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بالاغتسال، وأمر به قيس بن عاصم وثمامة بن أثال؛ لما أسلما، ثم أعاد الأمر لقيس وثمامة بالغسل. ¬
[2012]-أما حديث قيس بن عاصم؛ فرواه أصحاب "السنن" (¬1) وابن خزيمة (¬2) وابن حبان (¬3) من حديثه: أنه أسلم فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يغتسل بماء وسدر. وصححه ابن السكن. ووقع عنده، عن خليفة بن حصين، عن أبيه، عن جده قيس بن عاصم. وعند غيره: عن خليفة، عن جده. قال أبو حاتم في "العلل" (¬4): الصواب: هذا، ومن قال: "عن أبيه، عن جده" فقد أخطأ. [2013]- وأما حديث ثمامة بن أثال: لمحروى البزار من حديث أبي هريرة: أن ثمامة بن أثال أسلم فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يغتسل بماء وسدر. ورواه ابن خزيمة (¬5) وابن حبان (¬6) والبيهقي (¬7) مطولاً، وفيه: فأمره أن يغتسل فاغتسل. وللبزار: فقال: "اذْهَبُوا بِهِ إلَى حَائِطِ بَنِي فُلانٍ، فَمُرُوه أنْ يَغتَسِلَ". وأصله في "الصحيحين" (¬8) لكن عندهما: أنه اغتسل. وليس فيهما ¬
تنبيه
أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - محمد بذلك. تنبيه وقع الأمر بالغسل لغير الاثنين المذكورين؛ لجماعة، فمنهم: [2014]- واثلة: رواه الطبراني (¬1). [2015]- ومنهم قتادة الرهاوي: رواه الطبراني (¬2) أيضاً. [2016]- ومنهم عقيل بن أبي طالب: رواه الحاكم في "تاريخ نيسابور". وأسانيدها ضعيفة. 770 - قوله: وذكر في "التهذيب": أن في غسل الحجامة أثراً. كأنه يشير إلى: [2017]- ما رواه أبو داود (¬3) وابن خزيمة (¬4) والحاكم (¬5) من حديث عائشة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يغتسل من أربع: من الجنابة، ويوم الْجُمُعَة، ومن الحجامة، ومن غسل الميت. وله شاهد: من حديمشا عبد الله بن عمرو بن العاص، عند البيهقي (¬6)، وقد تقدم في "الغسل". ¬
[2018]- حديث أبي هريرة: "مَنِ اغْتَسَل يَوْمَ الْجُمُعَة غُسْلَ الْجَنَابَةِ، ثُمّ/ (¬1) رَاحَ، فَكأَئمَا قَرَّبَ بَدَنَةً ... " الحديث. متفق عليه (¬2) بلفظه من طريق أبي صالح عنه. وفي لفظ النسائي (¬3) قال في الخامسة: "كَالَّذِي يُهْدِي عُصْفُورًا"، وفي السادسة: "بَيْضَةَ". وفي رواية (¬4): قال في الرابعة: "كَالْمُهْدِي بَطَّةً، ثُمَّ كَالْمُهْدِي دَجَاجَةً، ثُمَّ كَالْمُهْدِيم ما بَيْضَةً". قال النووي (¬5): وهاتان الروايتان شاذتان، وإن كان إسنادهما صحيحا. انتهى. [2019]- وروى أحمد في "مسنده" (¬6) من حديث أبي سعيد نحو الراية الأولى منهما. 771 - [2020]- حديث: "مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَة، وَاسْتَنّ وَمَسَّ مِنْ طِيب إنْ كَانَ عِنْدَهُ، وَلَبِسَ أَحْسَنَ ثِيَابِه، ثمّ جَاء إلَى المسجِدِ، وَلَمْ يتخَطَّ رِقَابَ النَّاسِ ... " الحديث. ¬
أحمد (¬1) وأبو داود (¬2) وابن حبان (¬3) والحاكم (¬4) والبيهقي (¬5) من رواية أبي هريرة وأبي سعيد بهذا اللفظ. ومداره على ابن إسحاق، وقد صرح في رواية ابن حبان والحاكم بالتحديث. وفي آخره عندهم: "كَانَتْ كَفَّارَةً لما بَيْنَها وَبَيْنَ جُمْعَتِه الَّتي قَبْلهَا" ويقول أبو هريرة: "وزِيَادَة ثَلاثة أيَّام "ويقول: "إنَّ الْحَسَنةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِها". وأخرجه مسلم (¬6) من حديث أبي صالح، عن أبي هريرة مختصرا. قال أحمد: وأدرج: "وَزِيَادَةَ ثَلاثَةِ أيَّام". وفي الباب: [2021]- عن عبد الله بن عمرو بن العاص عند أبي داود (¬7). [2022]- وعن سلمان الفارسي عند البخاري (¬8). 723 - قوله: أخذ الظفر يوم الْجُمُعَة. [2023]- روى البزار (¬9) والطبراني في "الأوسط" (¬10) من طريق إبراهيم بن ¬
قدامة الجمحي، عن أبي عبد الله الأغر، عن أبي هريرة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقلم أظفاره يوم الْجُمُعَة، ويقص شاربه، قبل أن يخرج إلى الصلاة. قال البزار: لم يتابع عليه، وليس بالمشهور، وإذا انفرد لم يكن بحجة. وفي الباب: [2024]- عن أنس بن مالك في "كامل ابن عدي" (¬1). 772 - [2025]- حديث: "البَسُوا الْبَيَاضَ؛ فإنَّها خَيرُ ثِيَابِكُم". الشافعي (¬2) وأحمد (¬3) وأصحاب "السنن" (¬4) - إلا النّسائي- وابن حبان (¬5) والحاكم (¬6) والبيهقي (¬7) بمعناه من حديث ابن عباس. وفي لفظ الحاكم: "خَيْرُ ثِيابِكُم الْبَياضُ فَأَلبْسَوهُا أَحْيَاءَكُم، وَكَفِّنُوا فيها مَوْتَاكُم". صحّحه ابن القطان (¬8). ¬
[2026]- ورواه أصحاب "السنن" (¬1) [غير] (¬2) أبي داود والحاكم (¬3) أيضأ من حديث سمرة، واختلف في وصله وإرساله. وفي الباب: [2027]- عن عمران بن حصين في الطبراني (¬4). [2028]- وعن أنس في "علل ابن أبي حاتم" (¬5) و"مسند البزار" (¬6). [2029]- وروى ابن ماجه (¬7) من حديث أبي الدرداء يرفعه: " إنَّ أَحْسَنَ مَا زُرْتُم الله بِهِ في قبُورِكم وَمَساجِدِكُم الْبَيَاضُ". [2230]- وعن ابن عمر في "كامل ابن عدي" (¬8). 773 - [2031]- قوله: نقل العراقيون: أنه عليه الصلاة والسلام لم يلبس ما صبغ بعد النسج. لم أره هكذا، لكن في هذا مما يدل عليه: [2032]- حديث أنس: كان أعجب الثّياب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الْحِبَرة. ¬
رواه مسلم (¬1). والحبرة: بوزن عنبة، وإنما تصبغ بعد النسج. [2033]- وروى أيضا (¬2) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: رأى علي النبي - صلى الله عليه وسلم - ثوبين معصفرين، فقال: "يَا عَبْدَ الله بنَ عَمْرو، إنَّ هَذِه ثيابُ الْكُفِّار فَلا تَلْبَسْها". وعند أبي داود (¬3): أنه - صلى الله عليه وسلم - دخل على امرأته زينب، وهم يصبغون لها ثيابها , بالمغرة، فلما رأى الصغرة رجع، فعلمت زينب كراهته، فغسلت ثيابها بالمغرة، فلما رأي المغرة رجع , فعلمت زينب كراهته , فغسلت ثيابها , ووارت كلّ خمرة، ثمّ إنه رجع فاطلع، فلما لم ير شيئاً دخل. وإسناد ضعيف. 774 - [2034]- حديث: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يتعمم يوم الْجُمُعَة. لم أره هكذا. [2035]- وفي "صحيح مسلم" (¬4) عن عمرو بن حريث: أنه عليه السلام خطب الناس، وعليه عمامة سوداء. 775 - قوله: ويزيد الإِمام في حسن الهيئة ويتعمم ويرتدي، كذلك كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعل. انتهى. ¬
لم أره هكذا، [2036]- وفي البيهقي (¬1) عن جابر بن عبد الله أنه - صلى الله عليه وسلم - كان له برد أحمر يلبسه في العيدين والجمعة. ورواه ابن خزيمة في "صحيحه" (¬2) نحوه. ولم يذكر "الأحمر". [2037]- ولمسلم (¬3) والأربعة (¬4) عن عمرو بن حريث: أن النبي- صلى الله عليه وسلم - بمني خطب النَّاس وعليه عمامة سوداء. زاد في رواية: وأرخى طرفها بين كتفيه. [2038]- ولأبي نعيم في "الحلية" (¬5) من حديث، أبي الدرداء مرفوعاً: "إن الله وَملائِكَتَه يُصَلّون عَلَى أَصْحَابِ الْعَمَائِمِ يَومَ الْجُمُعَة". وإسناده ضعيف. [2039]- وفي أبي داود (¬6) من حديث هلال بن عامر، عن أبيه: رأيت النبي- صلى الله عليه وسلم - بمنى يخطب على بغلة، وعليه برد أحمر، وعلي أمامه يعبر عنه. [2040]- وفي الطبراني "الأوسط" (¬7) من حديث عائشة: كان ¬
لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثوبان يلبسهما في جمعته، فإذا انصرف طويناهما إلى مثله. قال: تفرد به الواقدي. [2041]- وروى ابن السكن من طريق مهدي بن ميمون، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة مرفوعاً: "مَا عَلَى أَحَدِكُم أنْ يَكُونَ لَه ثَوبَانِ سِوَى ثَوْبِ مِهْنَتِه لِجُمُعَتِه، أَوْ لِعيدِهِ". وأخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" (¬1) من طريقه. [2042]- ولأبي داود (¬2) وابن ماجه (¬3) من حديث عبد الله بن سلام، نحوه. وفيه انقطاع. 776 - [2043]- قوله: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - ما ركب في عيد ولا جنازة. رواه سعيد بن منصور، عن الزهري، مرسلاً. وقال الشافعي: بلغنا عن الزهري، فذكره. [2044 - 2046]- وروى ابن ماجه (¬4) من حديث أبي رافع، وسعد القرظ، وابن عمر: أنه كان يخرج إلى العيد ماشياً، ويرجع ماشياً. [2047]- وروى الترمذي (¬5) من حديث الحارث عن علي قال: من السنة أن يخرج إلى العيد ماشياً. ¬
فصل
[2048]- وروى البيهقي (¬1) وابن حبان في "الضعفاء" (¬2) حديث ابن عمر مرفوعاً, نحوه. [2049]- وللبزار (¬3) عن سعد نحوه. فصل وأمّا الجنازة: [2050]- فروى الأربعة (¬4) عن ابن عمر قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمشي أمام الجنازة. وصححه ابن المنذر، وابن حبان (¬5) والبيهقي، وغيرهم. [2051]- وروى مسلم (¬6) من حديث جابر بن سمرة: أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بفرس معروري فركبه حين انصرف من جنازة أبي الدحداح. [2052]- وللترمذي (¬7): أنه - صلى الله عليه وسلم - تبع جنازة ابن الدحداح ماشياً، ورجع على فرس. ¬
[2053] وروى أبو داود (¬1) عن ثوبان: أنه - صلى الله عليه وسلم -أتى بدابة وهو مع الجنازة، فأبى أن يركبها، فلما انصرف أتى بدابة فركبها، فقيل له، فقال: "إنّ الملائكةَ كَانَتْ تَمْشِي". وزاد البزّار: أنه أجاب بذلك صاحب الدابة التي لم يركبها , لما عاتبه/ (¬2) في ذلك. وصححه الحاكم (¬3) وقال البخاري (¬4) والبيهقي (¬5) وغيرهما: الصحيح وقفه على ثوبان. * حديث: "إذَا أَتَيتُم الصَّلاةَ فَأْتُوهَا تَمْشُون، وَلا تَأْتُوها تَسْعَوْن ... " الحديث. متفق عليه، وقد مضى في "صلاة الجماعة". 777 - [2054]- حديث أبي هريرة: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في الركعة الأولى من صلاة الْجُمُعَة (سورة الْجُمُعَة) وفي الركعة الثانية (المنافقين). ¬
مسلم (¬1) من حديث أبي هريرة. 778 - قوله: وروي ذلك من فعل علي، وأبي هريرة. هو عند مسلم (¬2) في الحديث الذي قبله. [2162]- وعنده عن ابن عباس مثله (¬3). 779 - [2163]- حديث النعمان بن بشير قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في العيدين، وفي الْجُمُعَة: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} ... الحديث. مسلم في "صحيحه" (¬4) بهذا. [2164]- ولأبي داود (¬5) والنسائي (¬6) وابن حبان (¬7) من حديث سمرة: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في صلاة الْجُمُعَة ب {سَبِّحِ}، و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}. 780 - قوله: وفي مندوبات الْجُمُعَة أن يحترز عن تخطي رقاب الناس إذا حضر المسجد، فقد ورد به الخبر. ¬
لفظ الخبر الوارد في ذلك: [2058]- رواه أبو داود (¬1) والنسائي (¬2) وابن حبان (¬3) والحاكم (¬4) والبزار (¬5) من حديث عبد الله بن بسر قال: جاء رجل يتخطى رقاب الناس يوم الْجُمُعَة، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب، فقال له: "اجْلس فَقَدْ آذَيْتَ". وضعفه ابن حزم (¬6) بما لا يقدح. وفي الباب: [2059]- عن عبد الله بن عمرو في حديث فيه: "وَمَنْ لَغَا وَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ كَانَتْ لَه ظُهْراً". وهو عند أبي داود (¬7). [2060]- وعن معاذ بن أنس؛ رواه أبو داود (¬8) والترمذي (¬9) وابن ماجه (¬10). ¬
[2061]- وفيه (¬1): عن الأرقم بن أبي الأرقم مرفوعاً: "الّذي يتخطَّى رِقَابَ النَّاسِ يَوْم الْجُمُعَة، ويُفَرِّقُ بَيْنَ الاثْنَيْن بَعْد خُرُوجِ الإمَامِ، كَالجارِّ قُصْبَه (¬2) في النَّار". 781 - قوله: ولا يجوز أن يقيم أحدا من مجلسه ليجلس فيه. كأنه يشير إلى: [2062]- ما رواه مسلم (¬3) عن جابر بن عبد الله مرفوعاً: "لا يُقِيمُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ يَوْمَ الْجُمُعَة ثُمّ يُخَالِفُه إلى مَقْعَدِه، وَلَكِنْ لِيَقُلْ: افْسَحُوا". 782 - قوله: ويستحب له الإكثار من الصّلاة على النّبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الْجُمُعَة، وليلة الْجُمُعَة. قلت: دليل ذلك: [2063]- ما رواه أبو داود (¬4) والنسائي (¬5) وأحمد (¬6) وا لطبراني (¬7) وابن ¬
حبان (¬1) والحاكم (¬2) من حديث أوس بن أوس مرفوعاً: "إنّ مِن أَفْضَلِ أيَّامِكُم يَوْمَ الْجُمُعَة، فَأَكْثُروا عَليَّ مِنَ الصَّلاةِ فِيهِ". [2064]- وله شاهد عند ابن ماجه (¬3) من حديث أبي الدّرداء. [2065]- وعند البيهقي (¬4) من حديث أبي أمامة، ومن حديث أبي مسعود عند الحاكم (¬5) ومن حديث أنس عند البيهقي (¬6). 783 - قوله: ويستحب قراءة سورة الكهف. انتهى. دليله: [2066]- ما رواه الحاكم (¬7) والبيهقي (¬8) من حديث أبي سعيد مرفوعاً: "مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْف يَوْمَ الْجُمُعَة أَضَاءَ لَهُ مِنَ النور مَا بَيْن الْجُمُعَتَيْن". ورواه الدارمي (¬9) وسعيد بن منصور موقوفاً. قال النسائي (¬10) بعد أن رواه مرفوعاً وموقوفاً: وقفه أصح. ¬
[2067]- وله شاهد من حديث ابن عمر في "تفسير ابن مردويه". 784 - قوله: ومن مندوباتها: أن لا [يَصِلَ] (¬1) صلاة الْجُمُعَة بنافلة بعدها, لا الراتبة ولا غيرها، ويفصل بينها وبين الراتبة بالرجوع إلى منزله، أو بالتحويل إلى موضع آخر، أو بكلام ونحوه. ذكره في "التتمة" وثبت في الخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. هذا لم أره في/ (¬2) الأحاديث هكذا , ولكن: [2068]- روى مسلم (¬3) من حديث السائب بن أخت نمر قال: صليت مع معاويهّ في المقصورة، فلما سلم الإِمام قمت في مقامي فصليت، فلما دخل أرسل إلى فقال: لا تعد لما فعلت، إذا صليت الْجُمُعَة فلا تَصِلْهَا بصلاة، حتى تكلم أو تخرج؛ فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأمرنا بذلك أن لا نُوصِلَ صلاةَ بصلاة حتى نتكلم أو نخرج. وفي الباب: [2069]- عن ابن عمر عند أبي داود (¬4) موقوفاً. [2070]- وعن عصمة مرفوعاً رواه الطبراني (¬5) بسند ضعيف. ¬
785 - [2071]- حديث عمر: "إذَ زُحِمَ أَحَدُكُمْ في صَلاِتهِ فَلْيَسْجُد عَلَى ظَهْرِ أَخِيهِ". البيهقي (¬1) من طريق أبي داود الطيالسي بسنده إلى عمر بلفظ: "فَإذَا اشْتَدَّ الزِّحامُ فَلْيَسجُدْ عَلى ظَهْرِ أَخِيه". ومن طريق أخرى (¬2) عن عمر: "إذَا اشتَدَّ الْحَرِّ فَلْيَسجُدْ عَلَى ثَوْبِه، هاذا اشتَدَّ الزِّحَام فَلْيَسْجُدْ عَلَى ظَهْرِ أَخِيهِ". وفي الباب: [2072]- عن ابن عمر مرفوعاً، رواه البيهقي (¬3) بلفظ: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقرأ النجم، فسجد فيها فأطال السجود، وكثر الناس، فصلى بعضهم على ظهر بعض. 786 - [2073]- حديث عمر وغيره: أنهم قالوا: إنما قصرت الصلاة لأجل الخطبة. [ابن حزم] (¬4). (¬5) من طريق عبد الرزاق بسند مرسل عن عمر (¬6). [2074]- ومثله لابن أبي شيبة والبيهقي (¬7) من قول سعيد بن جبير ومن قول ¬
مكحول (¬1) نحوه 787 - [2075]- حديث الزهري: "خُروجُ الإِمام يَقْطَعُ الصَّلاة، وَكلامُهُ يَقْطَعُ الْكَلامَ". مالك في "الموطأ" (¬2) عن الزهري بهذا في حديث. ورواه الشافعي (¬3)، من وجه آخر عنه. وروي عن أبي هريرة مرفوعاً. قال البيهقي (¬4): وهو خطأ، والصواب من قول الزهري. وفي الباب: [2076]- عن ابن عمر مرفوعاً فيه (¬5). 788 - قوله: ويكثر من الدعاء يوم الْجُمُعَة رجاء أن يصادف ساعة الإجابة. وهذا مقتضاه عدم تعيينها، وهو: [2077]- ما في "الصحيحين" (¬6) من حديث أبي هريرة مرفوعاً: "فِيهِ سَاعَة لا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلمٌ وَهُوَ يُصلِّي يَسألُ الله شيئاً إلا أَعْطاه إيَّاه". ¬
وفي رواية (¬1): "وَهِيَ سَاعَةٌ خَفِيفَةٌ". وفي تعيينها عشرة أقوال: [2078]- وفي مسلماً (¬2) من حديث أبي موسى: "هِي مَا بَيْنَ أَنْ يَخْرُجَ الإمامُ إِلى أن تُقْضَى الصَّلاة". [2079]- وفي النّسائي (¬3) وغيره من حديث جابر: "الْتَمسوهَا آخِرَ سًاعَةٍ بَعْد الْعَصْر". [2080]- ومثله عن عبد الله بن سلام (¬4) والله أعلم. قال البيهقي: كان عليه السلام يعلم هذه السّاعة بعينها، ثم أنسيها كما نسي ليلة القدر. [2081]- وقد روى ذلك ابن خزيمة في "صحيحه" (¬5) من طريق سعيد بن الحارث، عن أبي سلمة، عن أبي سعيد قالي: سألنا عنها النبي فقال:"إنّي كُنْتُ عَلِمْتُهَا ثُمَّ أُنْسِيتُهَا كَمَا أُنْسيتُ لَيْلَةَ الْقَدْر". وقال الأثرم: لا تخلوا هذه الأحاديث من أحد وجهين: إما أن يكون بعضها أصح من بعض. وإما أن تكون هذه الساعة تنتقل في الأوقات المذكورة، كما تنتقل ليلة القدر في ليالي العشر الأخيرة. ¬
فائدة
قلت: بَلَّغْتُها في "فتح الباري" (¬1) إلى بضعة وأربعين قولا. ونحوها في ليلة القدر. 789 - [2082]- حديث: أن ابن عمر تطيب للجمعة فأخبر: أن سعيد بن زيد منزول به، وكان قريبا له فأتاه وترك الْجُمُعَة. البخاري في "صحيحه" (¬2) من حديث نافع: أنّ ابن عمر، فذكره نحوه، دون قوله: وكان قريبا له، وهو كلام صحيح؛ إلا أنّه من قِبَل المصنِّف، ليس هو في سياق الخبر. ووصله سعيد بن منصور والبيهقي (¬3) من طريق ابن أبي نجيح، عن إسماعيل ابن عبد الرحمن: أن ابن عمر دعي يوم الْجُمُعَة وهو يستجمر للجمعة إلى سعيد ابن زيد وهو يموت، فأتاه وترك الْجُمُعَة. فائدة لم يذكر/ (¬4) الرافعي في سنة الْجُمُعَة التي قبلها حديثا، وأصح ما فيه: [2083]- ما رواه ابن ماجه (¬5) عن داود بن رشيد، عن حفص بن غياث، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة. [2084]- وعن أبي سفيان، عن جابر قال: جاء سليك الغطفاني ¬
ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب، فقال له: "أَصَلَّيْتَ رَكَعَتَيْن قَبْلَ أَنْ تَجِيء"؟ قال: لا. قال: "فَصَلِّ رَكَعَتَيْن وَتَجَوَّزْ فِيهمَا". قال المجد ابن تيمية في "المنتقى" (¬1): قوله: "قَبْل أَنْ تَجِيءَ" دليل على أنّهما سنة الْجُمُعَة التي قبلها لا تحية المسجد. وتعقبه المزي: بأن الصّواب: (أصليت ركعتين قبل أن تجلس؟) فصحّفه بعض الرواة. [2085]- وفي ابن ماجه (¬2) عن ابن عباس: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - هو يركع قبل الْجُمُعَة أربع ركعات، لا يفصل بينهن بشيء. وإسناده ضعيف جداً. وفي الباب: [2086 , 2087]- عن ابن مسعود وعلي في الطبراني "الأوسط" (¬3). [2088]- وصح عن ابن مسعود من فعله؛ رواه عبد الرزاق (¬4). [2089]- وفي الطبراني "الأوسط" عن أبي هريرة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي قبل الْجُمُعَة ركعتين وبعدها ركعتين. رواه في ترجمة "أحمد بن عمرو" (¬5). ¬
(8) كتاب صلاة الخوف
(8) كِتَابُ صَلاَةِ الْخَوْفِ
*حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يصل صلاة الخوف في غزوة الخندق. تقدم في "الأذان". *صلاة عَليّ ليلة الهرير، وصلاة أبي موسى وحذيفة. يأتي الكلام عليها آخر الباب. 790 - حديث: صلاته ببطن نخل وهي أن يصلي مرتين؛ كل مرة بفرقة. رواها جابر وأبو بكرة. [2090]- فأما حديث جابر؛ فرواه مسلم (¬1): أنَّه صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف، فصلّى بإحدى الطائفتين ركعتين، ثمّ صلى بالطّائفة الأخرى ركعتين ... الحديث. وذكره البخاري (¬2) مختصرا. ورواه الشافعي (¬3) والنسائي (¬4) وابن خزيمة (¬5) من طريق الحسن، عن جابر، وفيه: أنه سلم من الركعتين أولاً، ثم صلى ركعتين بالطائفة الأخرى. [2091]- وأما أبو بكرة فروى أبو داود (¬6) حديثه وابن حبان (¬7) ¬
تنبيه
والحاكم (¬1) والدراقطني (¬2). ففي رواية أبي داود وابن حبان: أنها الظهر. وفي رواية الحاكم والدارقطني: أنها المغرب. وأعله ابن القطان (¬3): بأن أبا بكرة أسلم بعد وقوع صلاة الخوف بمدة، وهذه ليست بعلة؛ فإنه يكون مرسل صحابي. تنبيه ليس في رواية أبي بكرة: أن ذلك كان ببطن نخل. 791 - [2092]- حديث صلاته - صلى الله عليه وسلم - بعسفان. متفق عليه (¬4) من حديث سهل بن أبي حثمة. [2093]- ورواه أبو داود (¬5) والنسائي (¬6) وابن حبان (¬7) والحاكم (¬8) من حديث أبي عياش الزرقي. 792 - قوله: اختلف الأصحاب في ذلك. ¬
يعني: في الكيفية التي ذكرها الشافعي في المختصر: أن أهل الصف الثاني يسجدون معه في الركعة الأولى، والأول في الثانية، فقال بعضهم: هذه الكيفية منقولة عن فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ومنهم من قال: هذا خلاف الترتيب في السنة، فإن الثابت في السنة أن أهل الصف الأول يسجدون معه في الركعة الأولى، وأهل الصف الثاني يسجدون معه في الثانية، والشافعي عكس ذلك، وقالوا: المذهب ما ورد في الخبر؛ لأن الشافعي قال: إذا رأيتم قولي مخالفا لما في السنة فاطرحوه. قال المصنف (¬1)،: واعلم أن مسلماً وأبا داود وابن ماجه/ (¬2) وغيرهم من أصحاب المسانيد لم يرووا إلاَّ الثّاني. نعم في بعض الروايات: أن طائفة سجدت معه، ثم في الركعة الثانية سجد معه الذين كانوا قياما، وهذا يحتمل الترتيبين معاً ولم يقل الشافعي: إن الكيفية التي ذكرتُها صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعسفان، ولكن قال: هذا نحوها. انتهى كلامه. وأشار إليه من أن الجماعة الذين ذكرهم لم يرووا الكيفية المذكورة صحيح كما ذكر، وقد بينا رواياتهم. وأمّا الرواية المبهمة التي فيها الاحتمال الذي أبداه: [2094]- فرواها البيهقي (¬3) من حديث بن إسحاق، حدثني داود بن الحصين عن عكرمة، عن ابن عباس قال: ما كانت صلاة الخوف إلا كصلاة أحراسكم ¬
هؤلاء اليوم خلف أئمتكم، إلا أنها كانت عقبا، قامت طائفة وهم جميع مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسجدت معه طائفة، ثم قام وسجد الذين كانوا قياما لأنفسهم ثم قام وقاموا معه جميعاً ... الحديث. وإسناده حسن. 793 - قوله: ومن أصحابنا من قال: يحرسون في الركوع أيضاً، ففي بعض الروايات ما يدل عليه انتهى. وهو ظاهر رواية البخاري (¬1) من طريق ابن عباس. وزعم النووى: أنه وجه شاذ، فإن أراد في صفة صلاة عسفان فصحيح؛ وإن أراد مطلقا فلا. قوله: واشتهر أن الصف الثاني يحرسون في الركعة الأولى الحديث، وفي آخره كذلك ورد في الخبر. وهو مثل حديث أبي عياش الزرقي الذي تقَدَّم، ففيه: لما حضرت العصر قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصف مستقبل القبلة والمشركون أمامه، وصف خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صف، وصف بعد ذلك الصف صف آخر، فركع وركع وركعوا جميعاً، ثم سجد وسجد الصف الذين يلونه وقام الآخرون يحرسونهم ... الحديث. 794 - [2095]- حديث: صلاته - صلى الله عليه وسلم - بذات الرقاع. رواه مالك (¬2) عن يزيد بن رومان، عن صالح بن خوات بن جبير، عمن صلى ¬
مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم ذات الرقاع. ورواها أبو داود (¬1) والنسائي (¬2) عن صالح عن سهل بن أبي حثمة. ورواها ابن عمر. أمّا حديث مالك؛ فأخرجه أيضاً الشيخان (¬3). وأمّا حديث سهل بن أبي حثمة؛ فرواه مالك (¬4) أيضاً، إلا أنه لم يرفعه. ورواه باقي الستة مطولاً ومختصراً , ولفظ النسائي (¬5) أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى بهم صلاة الخوف فصف صفا خلفه، وصفا مصافو العدو، فصلى بهم ركعة، ثم ذهب هؤلاء وجاء أولئك فصلى بهم ركعة، ثم قاموا فقضوا ركعة ركعة. ورواه البخاري (¬6) والأربعة (¬7) موقوفا أيضاً. [2096]- وأما حديث ابن عمر، فمتفق عليه (¬8) أيضاً، وأخرجه الثلاثة (¬9). ولفظه: غزوت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل نجد فوازينا العدو، فصاففناهم، ¬
فائدة
فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي لنا، فقامت طائفة معه، وأقبلت طائفة على العدو، وركع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمن معه ركعة، وسجد سجدتين ثم انصرفوا ... الحديث. لفظ البخاري. [2097]- وأخرج أبو داود (¬1) من طريق خصيف، عن أبي عبيدة عن أبيه قال: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف، فقاموا/ (¬2) صفا خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصف , مستقبل العدو، فصلى بهم ركعة، ثم جاء الآخرون فقاموا في مقامهم، واستقبل هؤلاء العدو ... الحديث. [2098]- وروى ابن حبان (¬3) من حديث عائشة في صفة صلاة الخوف بذات الرّقاع مطوَّلاً نحو حديث ابن عمر. فائدة رويت صلاة الخوف عن النبي - صلى الله عليه وسلم - على أربعة عشر نوعا؛ ذكرها ابن حزم في"جزء مفرد" وبعضها في "صحيح مسلم" ومعظمها في "سنن أبي داود" واختار الشافعي منها الأنواع الثلاث المتقدمة، ووهم من نقل عنه أنه اختار الرابعة؛ وهي غزوة ذي قرد التي أخرجها النسائي (¬4)؛ فإن الشافعي ذكرها، فقال (¬5): روي حديث لا يثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى بذي قرد، لكل طائفة ركعة، ثم ¬
تنبيه
سلموا فكانت له ركعتان، ولكل واحد ركعة فتركناه. قلت: وقد صححه ابن حبان (¬1) وغيره. وذكر الحاكم منها ثمانية أنواع، وابن حبان (¬2) تسعة. وقال: ليس بينها تضاد، ولكنه - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة الخوف مرارا، والمرء مباح له أن يصلي ما شاء عند الخوف من هذه الأنواع، وهي من الاختلاف المباح. ونقل ابن الجوزي (¬3) عن أحمد، أنه قال: ما أعلم في هذا الباب حديثاً الا صحيحا. تنبيه ذكر المصنف أن ذات الرقاع آخر غزواته - صلى الله عليه وسلم - وتبع في ذلك "الوسيط" (¬4)، وهوغلط بَيِّن نَبَّه عليه النووي في "شرح المهذب"، بل ذكر الواقدي من حديث جابر: أن أول غزوة صلى فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف غزوة ذات الرقاع. 795 - قوله: اشتهر في كتب الفقه نسبة هذه الرّواية إلى خوات بن جبير والمنقول في أصول الحديث رواية صالح عن سهل بن أبي حثمة، ورواية صالح، عن من صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: فلعل هذا المبهم هو خوات أبو صالح. انتهى. وظاهره: أنَّه لا يوجد في أصول الحديث من رواية صالح بن خوات، عن ¬
خوات والأمر بخلاف ذلك، فقد أخرجه البيهقي (¬1) من طريق الشافعي أنا بعض أصحابنا، عن عبد الله بن عمر، عن عبيد الله بن عمر، عن القاسم بن محمَّد، عن صالح بن خوات بن جبير عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بمعنى حديث يزيد بن رومان. قال البيهقي: وقد رويناه عن عبد العزيز الأويسي، عن عبد الله بن عمر بإسناده هكذا موصولا. قلت: وهو في "المعرفة" لابن منده في "ترجمة خوات". *حديث ابن عمر لمحي قوله: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} هو، قال ابن عمر: مستقبلي القبلة أو غير مستقبليها. تقدم في باب "استقبال القبلة". 796 - [2099]- حديث: "مَن قُتِلَ دُون مَالِهِ فَهُو شَهِيدٌ". متفق عليه من حديث عمرو بن العاص. قلت: بل هو من أفراد البخاري (¬2). وفي الباب: [2100]- عن سعيد بن زيد في السنن (¬3) وابن حبان (¬4) والحاكم (¬5). ¬
797 - [2101]- حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الفأرة تقع في السمن والودك؟ فقال: "اسْتَصْبِحُوا بِهِ وَلا تَأْكلُوهُ". الطحاوي في "بيان المشكل" (¬1) من طريق عبد الواحد بن زياد، عن معمر، عن الزهري، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة، وصححه. ورواه أبو داود (¬2) والترمذي (¬3) وغيرهما من حديث معمر. وقال البخاري فيما حكاه الترمذي (¬4): إنه غير محفوظ، وإنه خطأ، وإنّ الصّحيح حديث الزّهريّ، عن عبيد الله عن ابن عباس، عن ميمونة (¬5). / (¬6) وسيأتي حديث ميمونة في "البيع. [2102]- ورواه الدارقطني (¬7) من طريق ابن جريج، عن الزهري، عن سالم عن ابن عمر، وأعله عبد الحق (¬8) وابن الجوزي (¬9) بيحى بن أيوب، فقيل: إنه تفرد به عن ابن جريج. ويحيى صدوق، ولكن روايته هذه شاذة. ¬
ورواها الدارقطني (¬1) والبيهقي (¬2) من حديث عبد الجبار بن عمر عن الزهري أيضاً. وعبد الجبار، قال البيهقي: غير محتج به، قال: والصحيح عن ابن عمر موقوفاً. ثم رواه من طريق الثوري، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، قوله: وقال: هذا هو المحفوظ. وفي الباب: [2103]. عن سعيد بن المسيب، مرسلاً. وإسناده واهٍ. [2104]. وعن أبي سعيد الخدري رواه الدارقطني أيضاً (¬3)، وفي إسناده أبو هارون العبدي وهو متروك. 798 - حديث: أن عليا وأبا موسى وحذيفة وغيرهم صلوا صلاة الخوف بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. [2105]. أما حديث علي ومن معه؛ فرواه البيهقي (¬4). ورُوي أيضاً عن سعد بن أبي وقّاص، وعبد الرحمن بن سمرة، وسعيد بن ¬
العاص، وغيرهم. 799 - [2106]. حديث: أن عليا صلّى المغرب صلاة الخوف ليلة الهرير بالطائفة الأولى ركعة، وبالثانية ركعتين. قال البيهقي (¬1): ويذكر عن جعفر بن محمّد عن أبيه أن عليا صلّى المغرب صلاة الخوف ليلة الهرير. وقال الشافعي (¬2): وحفظ عن علي أنه صلى صلاة الخوف ليلة الهرير، كما روى صالح بن خوات عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. 800 - قوله: وعن أبي موسى وحذيفة. [2107]- أما أبو موسى، فرواه البيهقي (¬3) من طريق قتادة، عن أبي العالية، عن أبي موسى. [2108]. وأما حذيفة؛ فأخرجه أبو داود (¬4) والئسائي (¬5) من طريق ثعلبة بن زهدم، قال: كنا مع سعيد بن العاص، فقال: أيكم صلى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف؟ فقال حذيفة: أنا، فصلى هؤلاء ركعة وهؤلاء ركعة. ¬
801 - قوله: وأما تسميد الأرض بالزبل فجائز. قال الإِمام: لم يمنع منه أحد للحاجة القريبة من الضرورة، وقد نقله الأثبات عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. انتهى. [2109]- وقد رواه البيهقي (¬1) من حديث سعد بن أبي وقاص. [2110]- وروي عن ابن عمر خلاف ذلك عند الشافعي (¬2). [2111]- وأسنده (¬3) عن ابن عباس مرفوعاً بسند ضعيف، ولفظه: كنّا نكرى الأرض على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونشترط عليهم أن لا يزبلوها بعذرة الناس. ¬
(9) كتاب صلاة العيدين
(9) كِتَابُ صَلاَةِ العْيِدِينْ
802 - [2112]- حديث: نقل عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال عَلى الصَّفَا: " الله أَكْبَرُ، الله أَكْبَرُ كبِيراَ، وَالْحَمدُ لله كَثِيراَ ... " الحديث. مسلم (¬1) في حديث جابر الطويل في الحج. 803 - [2113]- قوله: يروى: أن أول عيد صلى فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عيد الفطر من السنة الثانية، ولم يزل يواظب على العيدين حتى فارق الدنياولم يصلها بمنى؛ لأنه كان مسافرا كما لم يصل الْجُمُعَة. هذا لم أره في حديث، لكن اشتهر في "السير": أن أول عيد شرع عيد الفطر وأنه في السنة الثانية من الهجرة، والباقي كأنه مأخوذ من الاستقراء. وقد احتج (¬2) أبو عوانة/ (¬3) الإسفراييني في "صحيحه": بأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يصل العيد بمنى، بحديث جابر الطويل، فإن فيه: أنه - صلى الله عليه وسلم - رمى جمرة العقبة، ثم أتى المنحر فنحر، ولم يذكر الصلاة. وذكر المحب الطبري: عن إمام الحرمين أنه قال: يصلي بمنى. ¬
وكذا ذكره ابن حزم في "حجة الوداع" (¬1) واستنكر ذلك منه. 804 - قوله: استحسن الشافعي في "الأم " (¬2) أن يزيد على التكبير ما روى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قاله على الصفا، وهو: الله أكبر كبيرا ... الحديث. [2114]-وهو في حديث مسلم (¬3) عن جابر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رقى على الصفا حتى رأى البيت، فاستقبل القبلة فوحد الله وكبر، وقال: (فذكره)، وبعضه صح في مسلم (¬4) عن ابن الزبير أنه - صلى الله عليه وسلم - يقوله دبر كل صلاة. 805 - قوله: قيل في قوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2)}: أراد به صلاة الأضحى. 806 - [2115]- حديث: روي. أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يخرج يوم الفطر والأضحى رافعاً صوته بالتهليل والتكبير حتى يأتي المصلى. الحاكم (¬5) والبيهقي (¬6) من حديث ابن عمر من طرق مرفوعًا وموقوفًا، ¬
وصحح وقفه. [2116]- ورواه الشافعي (¬1) موقوفاً أيضاً. وفي "الأوسط" (¬2) عن أبي هريرة مرفوعا: "زَيِّنُوا أعْيَادَكُمْ بِالتَّكْبِير". إسناده غريب. 807 - قوله: وقيل: يكبر إلى أن يفرغ الإِمام من الصلاة. قال: وهذا القول إنما يجيء في حق من لا يصلي مع الإِمام. قال: واسمتدل لذلك بما روي أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يكبر في العيد حتى يأتي المصلى ويقضي الصلاة. انتهى. وقوله في هذا الحديث: "ويقضي الصلاة" لم أره في شيء من طرقه، لكن ذكر المجد ابن تيمية في "شرح الهداية": [2117]- أن أبا بكر النجاد روى بإسناده، عن الزهري قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخرج يوم الفطر فيكبر من حين يخرج من بيته، حتى يأتي المصلى. قلت: [2118]-وهو عند ابن أبي شيبة (¬3) عن يزيد، عن ابن أبي ذئب، عن الزهري مرسلاً بلفظ: فإذا قضى الصلاة قطع التكبير 808 - [2119]- قوله: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ أَحْيَا لَيْلَتَي الْعِيد لَمْ ¬
يَمُتْ قَلْبُه يَوْمَ تَمُوتُ الْقُلُوبُ". ابن ماجه (¬1) من حديث ثور، عن خالد بن معدان، عن أبي أمامة. وذكره الدارقطني في "العلل" من حديث ثور عن مكحول، عنه، قال: والصحيح أنه موقوف على مكحول. [2120]- ورواه الشافعي (¬2) موقوفاً على أبي الدرداء. وذكره ابن الجوزي في "العلل" (¬3) من طرق. [2121]- ورواه الحسن بن سفيان من طريق بشر بن رافع، عن ثور، عن خالد، عن عبادة بن الصامت. وبشر متهم بالوضع. [2122]- وذكره صاحب "الفردوس" (¬4) من حديث محاذ بن جبل. [2123]- وروى الخلال الذي كتاب "فضل رجب" (¬5) له من طريق خالد بن معدان، قال: خَمْسُ لَيَالٍ في السَّنَةِ، مَنْ وَاظَبَ عَلَيْهِن رَجَاءَ ثَوَابِهِنَّ وَتَصْديقاً بِوَعْدِهِنّ، أَدْخَلَهُ الله الْجَنَّةَ أَؤلَ لَيْلَةِ مِنْ رَجَبِ، يَقُوم لَيْلَتَها وَيَصُومُ نَهَارَهَا، وَلَيْلَةَ الْفِطْرِ وَلَيْلَةِ الأَضْحَى، وَلَيْلَةَ عَاشورَاء وَلَيْلَةَ نِصْفِ شَعْبَان. [2124]- وروى الخطيب في "غنية الملتمس " بإسناده إلى عمر بن عبد العزيز: أنه كتب إلى عدي بن أرطاة: عليك بأربع ليالي الذي السنة، فإن الله يفرغ فيهن ¬
الرحمة، أول ليلة من رجب وليلة النصف من شعبان، وليلة الفطر، وليلة النحر. [2125]- وقال الشافعي (¬1): بلغنا أن الدعاء يستجاب في خمس ليال: في ليلة الْجُمُعَة/ (¬2)، وليلة الأضحى، وليلة الفطر (¬3)، وأول ليلة من رجب وليلة النصف من شعبان. ذكره صاحب "الروضة" (¬4) من زياداته، ووصله ابن ناصر في كتاب "فضائل شعبان" له. وفيه حديث ذكره صاحب "مسند الفردوس" (¬5) من طريق إبراهيم بن أبي يحيى، عن أبي معشر، عن أبي أمامة هو ابن سهل مرفوعاً، نحوه. وقد روى ابن الأعرابي في "معجمه" (¬6) وعلي بن سعيد العسكري في "الصحابة" من حديث كردوس، نحو حديث أبي أمامة. وفي إسناده مروان بن سالم وهو تالف. 809 - [2126,2127]- حديث روي أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يغتسل للعيدين. ابن ماجه (¬7) من حديث ابن عباس، والفاكه بن سعد. ¬
فائدة
ورواه البزار والبغوي وابن قانع (¬1) وعبد الله بن أحمد في "زيادات المسند" (¬2) من حديث الفاكه. وإسناداهما ضعيفان (¬3). [2128]- ورواه البزار (¬4) من حديث أبي رافع. وإسناده ضعيف أيضاً. وفي الباب من الموقوف: [2129]- عن علي، رواه الشافعي (¬5). [2130]- وعن ابن عمر؛ رواه مالك (¬6) عن نافع، عن ابن عمر. [2131]- ووصله البيهقي (¬7) من طريق ابن إسحاق، عن نافع. [2132]- وروى (¬8) أيضاً عن عروة بن الزبير: أنه اغتسل للعيد، وقال: إنه السنة. فائدة قال البزار: لا أحفظ في الاغتسال العيدين حديثا صحيحا. 810 - [2133]- حديث الحسن بن علي قال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نتطيب بأجود ما نجد في العيد. ¬
الطبراني في "الكبير" (¬1) والحاكم في "المستدرك " (¬2) و" فضائل الأوقات" (¬3) للبيهقي من طريق إسحاق بن بزرج، عن الحسن، وقيل: عن إسحاق، عن زيد، عن الحسن. وإسحاق مجهول قاله الحاكم وضعفه الأزدي (¬4) وذكره ابن حبان في "الثقات" (¬5). [2134]- ولابن خزيمة (¬6) من حديث جابر؟ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يلبس برده الأحمر في العيدين والجمعة. [2135]- وقال الشافعي (¬7): أخبرنا إبراهيم بن محمَّد، أخبرني جعفر بن محمَّد، عن أبيه، عن جده: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يلبس برد حبرة في كل عيد. [2136]- ورواه الطبراني في"الأوسط" (¬8) من طريق سعد بن الصلت، عن جعفر بن محمَّد، فزاد: عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن ابن عباس به. فظهر أن إبراهيم لم ينفرد [به] (¬9)، وأن رواية إبراهيم مرسلة. ¬
فائدة
811 - [2137]- حديث: "لا تَمْنَعُوا إِمَاءَ الله مَسَاجِدَ الله، وَلْيَخُرْجُنْ تَفِلاتٍ". أبو داود (¬1) وابن حبان (¬2) وابن خزيمة (¬3) من حديث محمَّد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، بتمامه. واتفق الشيخان (¬4) عليه بالجملة الأولى. [2138]- ورواه أحمد (¬5) وابن حبان (¬6) من حديث زيد بن خالد. [2140]- ولمسلم (¬7) عن زينب بنت عبد الله امرأة ابن مسعود مرفوعاً: "إذَا شَهِدَتْ إِحْدَاكُنّ الْمَساجِدَ فَلا تَمُسَنَّ طِيباً". فائدة [2246]- أخرج ابن ماجه (¬8)، والبيهقي (¬9) من حديث ابن عباس: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخرج نساءه وبناته في العيدين. ¬
812 - قوله: وذكر الصيدلاني: أن الرخصة في خروجهن وردت في ذلك الوقت، وأما اليوم فيكره؛ لأن الناس قد تغيروا. وروي هذا المعنى عن عائشة. انتهى. كأنه يشير إلى: [2141]- حديث عائشة: لو أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - ما أحدث النساء بعده لمنعهن من المساجد. وهو متفق عليه (¬1). *حديث علي: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج يوما وفي يمينه قطعة حرير، وفي شماله قطعة/ (¬2) ذهب، فقال: "هَذان حَرَامَانِ عَلى ذُكُور أمَّتِي، حِلّ لإنَاثِهَا". تقدم في "باب الاَنية". 813 - [2142]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان له جبة مكفوفة اليجيب والكمين والفرجين بالديباج. أبو داود (¬3) عن أسماء بنت أبي بكر. وفيه المغيرة بن زياد مختلف فيه، وهو في مسلم (¬4) مطول. ¬
تنبيه
تنبيه حمل بعضهم هذا على أنه كان يلبسها في الحرب، وقد وقع عند ابن أبي شيبة من: [2143]- طريق حجاج، عن ابن عمر، عن أسماء: أنها أخرجت جبة مزررة بالديباج فقالت: كان رسول الله - صلي الله عليه وسلم - يلبسها إذا لقي العدو أو جمع. ورواه النسائي (¬1) من طريق أخري. [2144]- وروى الطبراني (¬2) من حديث النهي عن المكلف بالديباج، وفي إسناده محمَّد بن جحادة، عن أبي صالح، عن عبيد بن عمير. وأبو صالح هو مولى أم هانئ، مضعف. [2145]- وروى البزار (¬3) من حديث معاذ بن جبل: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلاً عليه جبة مزررة أو مكففة بحرير، فقال: "لَه طَوْقٌ مِنْ نَارٍ". وإسناده ضعيف. 814 - [2146]- حديث علي: نهى نبي الله - صلى الله عليه وسلم - عن الحرير إلا في موضع إصبع أو إصبعين أو ثلاث، أو أوبع. مسلم (¬4) من حديث عمر، لا من حديث علي. ¬
* حديث: "حُرَّم لِبَاسُ الْحريرِ والذَّهَبِ عَلى ذُكُورِ أُمَّتِي". أبو داود والنسائي من حديث أبي موسى، وتقدم في "الأواني". 815 - [2147]- حديث حذيفة: نهانا رسول الله - صلي الله عليه وسلم - عن لبس الحرير، وأن نجلس عليه. متفق عليه (¬1) إلا أن مسلما: لم يذكر الجلوس، لكن له (¬2) عن علي: النهى عن الجلوس على المياثر. 816 - [2148]- حديث: أنه - صلي الله عليه وسلم - رخص لعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام في لبس الحرير في حكة كانث بهما. متفق عليه (¬3) عن أنس. وفي مسلم: أن ذلك كان في السفر. وزعم المحب الطبري انفراده بها، وعزاه إليهما ابن الصلاح، وعبد الحق (¬4) والنووي (¬5). 817 - [2149]- قوله: وفي بعض الروايات: أن الزبير وعبد الرحمن ¬
شكيا القمّل في بعض الأسفار فرخص لهما. متفق عليه (¬1) أيضاً من حديث أنس. 818 - قوله: لا يشترط السفر في ذلك على الأصح؛ لإطلاق الخبر. انتهى. وقد ثبت التقييد بذلك في "صحيح مسلم" وترجم عليه البخاري: الحرير في الحرب. وقال ابن دقيق العيد في "شرح الإلمام": كأن منشأ الخلاف اختلاف الرِّوايات في ذكر السَّفر وعدم ذكره , ... إلى أن قال: ويتعين اعتبار القيد في الرِّواية، ويجب اعتباره في الحكم؛ لأنه وصف عُلِّق الحكم به، ويمكن أن يكون معتبرًا فلا يلغى. والله أعلم. وقد أبعد من جعل ذلك في خصائص عبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام. 819 - [2150]- حديث أبي هريرة: أصابنا مطر في يوم عيد، فصلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة العيد في المسجد. أبو داود (¬2) وابن ماجه (¬3) والحاكم (¬4)، وإسناده ضعيف. ¬
820 - *حديث: روي أنه - صلي الله عليه وسلم - لم يوكب في عيد ولا جنازة. تقدم في "الْجُمُعَة" وأنه لا أصل له. 821 - [2151]- حديث: روي أنه - صلي الله عليه وسلم - كتب إلى عمرو بن حزم [لما] (¬1) ولاه البحرين أن عجل الأضحى وأخر الفطر، وذكر الناس. الشافعي (¬2) عن إبراهيم بن محمَّد، عن أبي الحويرث، به. وهذا مرسل. قلت: وضعيف أيضاً. وقال البيهقي: لم أر له أصلاً في حديث عمرو بن حزم. [2152]- وفي "كتاب الأضاحي "/ (¬3) للحسن بن أحمد البنا من طريق وكيع عن المعلي بن هلال، عن الأسود بن قيس، عن جندب قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي بنا يوم الفطر، والشمس على قيد رمحين، والأضحى على قيد رمح. 822 - [2153]- حديث: أنه - صلي الله عليه وسلم - كان يخرج في العيد إلى المصلى فلا يبتدئ إلاَّ بالصّلاة. متفق على صحته (¬4) من حديث أبي سعيد. ¬
823 - [2154]- حديث: أنه - صلي الله عليه وسلم - لم يتنفل قبل العيد ولا بعدها. متفق عليه (¬1) من حديث ابن عباس. [2155]- وروى ابن ماجه (¬2) والحاكم (¬3) وأحمد في "مسنده" (¬4) من حديث أبي سعيد نحوه وزاد: فإذا قضى صلاته. وفي لفظ (¬5): إذا رجع إلى منزله صلى ركعتين. [2156]- وروى الترمذي (¬6) عن ابن عمر نحوه، وصححه. وهو عند أحمد (¬7) وا لحاكم (¬8). وله طريق أخرى عند الطبراني في "الأوسط" (¬9) لكن فيه: جابر الجعفي، وهو متروك. [2157]- وأخرج البزار (¬10) من حديث الوليد بن سريع، عن علي، في قصة له: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يصل قبلها ولا بعدها، فمن شاء فعل، ومن شاء ترك. ¬
ويجمع بين هذا وبين حديث أبي سعيد: أن النفي إنما وقع [على] (¬1) الصلاة في المصلى. 824 - قوله: لا يكره للمأموم التنفل قبلها ولا بعدها. هذا مما أختلفت فيه الرواية والعمل: [2158]- فأسند البيهقي (¬2) عن جماعة منهم؛ أنس: أنهم كانوا يصلون يوم العيد قبل خروج الإِمام. [2159]- وروى أحمد (¬3) من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعاً: "لا صَلاةَ يَوْمَ الْعِيد قَبْلَها وَلا بَعْدَها". 825 - [2160]-حديث أنس: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات، ويأكلهن وترا. البخاري (¬4) إلا قوله: "ويأكلهن وترا"، فذكرها تعليقاً بلفظ: ويأكلهن أفرادًا. ووصلها أحمد في "مسنده" (¬5) والإسماعيلي وابن حبان (¬6) والحاكم (¬7). ¬
وفي الباب: عن بريدة: 826 - [2161]- حديث بريدة: كان النبي- صلي الله عليه وسلم - لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم، ولا يطعم يوم الأضحى حتى يصلي. أحمد (¬1) والترمذي (¬2) وابن حبان (¬3) وابن ماجه (¬4) والدارقطني (¬5) والحاكم (¬6) والبيهقي (¬7). وصححه ابن القطان (¬8). قال الترمذي: وفي الباب: عن علي، وأنس. قلت: فحديث أنس سيأتى بعده. [2162]- وحديث علي: رواه الترمذي أيضاً، والعقيلي (¬9) وقال: إسناده غير محفوظ. [2163]- ورواه أيضاً (¬10) عن ابن عمر وضعفه. ¬
[2164]- ورواه البزار (¬1) عن أبي سعيد. [2165]- وذكره الشافعي (¬2) مرسلاً عن صفوان بن سليم، وسعيد بن المسيب وموقوفاً على عروة. 827 - [2166]- حديث روى أنس: أنه لا يطعم في عيد الأضحى، حتى يرجع، ويطعم في عيد الفطر قبل الخروج إلى الصلاة. قلت: لم أره عن أنس، وهو في الطبراني (¬3) عن ابن عباس. 828 - [2167]- حديث ابن عباس: أنه - صلي الله عليه وسلم - صلى العيدين ثم خطب بلا أذان ولا إقامة. متفق عليه (¬4). ورواه أبو داود (¬5) وابن ماجه (¬6). [2168]- ورواه مسلم (¬7) من حديث جابر بن سمرة. واتفقا عليه (¬8) عن جابر ابن عبد الله. ¬
829 - [2169]- حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يكبر في الفطر والأضحى في الأوله سبعا، وفي الثانية خمسا. الترمذي (¬1) وابن ماجه (¬2) والدارقطني (¬3) وابن عدي (¬4) والبيهقي (¬5) من حديث كثيو بن عبد الله بن عمرو بن عوف، عن أبيه، عن جده. وكثيو ضعيف؛ وقد قال البخاري (¬6) والترمذي (¬7): إنه أصح شيء في هذا الباب. وأنكر جماعةٌ تحسينه (¬8) على الترمذي. [2170]- ورواه أحمد (¬9) وأبو داود (¬10) وابن ماجه (¬11) والدارقطني (¬12) من ¬
حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. وصححه أحمد، وعلي (¬1)، والبخاري فيما حكاه الترمذي (¬2). [2171]- ورواه (¬3) أيضاً من حديث عائشة. وفيه: ابن لهيعة، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن عروة، عنها. وذكر الترمذي في "العلل" (¬4) أن البخاري ضعفه، وفيه اضطراب، عن بن لهيعة مع ضعفه؛ قال مرة:، "عن عقيل" ومرة "عن خالد بن يزيد" وهو عند الحاكم (¬5)، ومرة: "عن يونس" وهو في "الأوسط" (¬6)؛ فيحتمل أن يكون سمع من الثلاثة، عن الزهري. وقيل عنه، عن أبي الأسود، عن عروة. وقيل: عنه، عن الأعرج، عن أبي هريرة. وهو عند أحمد (¬7). وصحح الدارقطني في "العلل" (¬8) أنه موقوف. [2172]- ورواه ابن ماجه (¬9) من حديث سعد القرظ. [2173]-ذكره هـ ابن أبي حاتم في "العلل " (¬10) عن أبي واقد الليثي، وقال: ¬
عن أبيه: إنه باطل. [2174]- ورواه البزار (¬1) من حديث عبد الرحمن بن عوف، وصحح الداراقطني (¬2) إرساله. [2175]- ورواه البيهقي (¬3) عن ابن عباس، وهو ضعيف. [2176]- ورواه الدارقطني (¬4) والبزار من حديث ابن عمر مثله، وفيه فرج بن فضالة وهو ضعيف. وقال أبو حاتم (¬5): هو خطأ. وروى العقيلي: عن أحمد أنه قال: ليس يروى في التكبير في العيدين حديث صحيح مرفوع. وقال الحاكم (¬6): الطرق إلى عائشة، وابن عمر، وعبد الله بن عمرو، وأبي هريرة فاسدة. وفي الباب: [2177 , 2178]- عن أبي جعفر عن علي مرفوعاً، رواه عبد الرزاق (¬7). وعن ابن عباس موقوفاً، رواه ابن أبي شيبة (¬8) ¬
تنبيه
تنبيه [2179]- روى أبو داود (¬1) من طريق مكحول، قال: أخبرني أبو عائشة جليس لأبي هريرة: أن سعيد بن العاص سأل أبا موسى وحذيفة، كيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكبر في الأضحى والفطر؟ فقال أبو موسى: كان يكبر أربعاً تكبيرَه على الجنائز. فقال حذيفة: صدق. فقال أبو موسى: وكذلك كنت أكبر في البصرة حيث كنت عليهم. وقال البيهقي (¬2): خولف راويه في موضعين؛ في رفعه، وفي جواب أبي موسى. وا لمشهور أنهم أسندوه إلى ابن مسعود، فأفتا هم بذلك، ولم يسنده إلي النبي - صلى الله عليه وسلم -. 830 - [2180]- قوله: ويروى أنه - صلي الله عليه وسلم - كبر اثنتي عشرة تكبيرة سوى تكبيرة الافتتاح، وتكبيرة الركوع. أبو داود (¬3) والدارقطني (¬4) والحاكم (¬5) من حديث عائشة، ومداره على ابن لهيعة وهو ضعيف، وقد تقدم القول فيه. 831 - [2181]- حديث: روي أنه - صلي الله عليه وسلم - كان يقرأ في الفطر والأضحى ¬
في الأولى بـ {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ}، وفي الثانية: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ}. مسلم (¬1) من حديث أبي واقد. وفي الباب: [2182]- عن النعمان بن بشير عند مسلم أيضًا (¬2)، لكن ذكر بـ {سَبِّحِ} {وَهَلْ أَتَاكَ} [2183]- وعن ابن عباس عند البزار (¬3) لكن {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} و {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا}. 832 - وقوله (¬4): ويقف بين كل تكبيرتين بقدر قراءة آية لاطويلة ولا قصيرة. هذا لفظ الشافعي (¬5) وقد روي مثل ذلك عن ابن مسعود قولا وفعلا. قلت: ¬
[2184]- رواه الطبراني (¬1) والبيهقي (¬2) موقوفًا، وسنده قوي. [2185 , 2186]- وفيه: عن حذيفة وأبي موسى مثله (¬3). 833 - [2187]- قوله: عن عمر: أنه كان يوفع يديه في التكبيرات. رواه البيهقي (¬4) وفيه ابن لهيعة. واحتج ابن المنذر والبيهقي (¬5) بحديث: [2188]- روياه من طريق بقية، عن الزبيدي، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه في الرفع عند الإحرام والركوع والرفع منه، وفي آخره: ويرفعهما في كل تكبير يكبرها قبل الركوع. 834 - [2189]- حديث: أنه - صلي الله عليه وسلم - خطب صلى راحلتة يوم العيد. النسائي (¬6) وابن ماجه (¬7) وابن حبان (¬8) وأحمد (¬9) من حديث أبي سعيد الخدري. ¬
[2190، 2191]- والطبراني (¬1) من حديث ابن عباس، والنسائي (¬2) وابن ماجه (¬3) من حديث أبي كأهل الأحمسي. [2192]- وروى أبو نعيم في ترجمة "زياد والد الهرماس" (¬4) عن الهرماس/ (¬5): رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب على راحلته بالعقبة يوم الأضحى وأنا مرتدف خلف أبي (¬6). [2193]- وفي "الصحيحين" (¬7) عن أبي بكرة: أنه خطب على راحلته يوم النحر- صلى الله عليه وسلم -. 835 - قوله: الخطبة قبل الصلاة مأخوذة من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -وخلفائه الراشدين. هو في المتفق عليه من: [2194، 2195]- حديث ابن عباس (¬8). ومن حديث ابن عمر (¬9): كان النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمر يصلون العيد قبل الخطبة. ¬
836 - قوله: ويجلس بينهما كما في الْجُمُعَة. مقتضاه: أنَّه احتج بالقياس. وقد ورد فيه حديث مرفوع: [2196]- رواه ابن ماجه (¬1) عن جابر وفيه إسماعيل بن مسلم وهو ضعيف. 837 - [2197]- قوله: يستحب أن يفتتح الخطبة بتسع تكبيرات تترى، والثانية بسبع تكبيرات تترى. رواه البيهقي (¬2) من طريق عبيد الله بن عبد الله، قال: السنة ... فذكره. ورواه ابن أبي شيبة (¬3) من وجه آخر عن عبيد الله. 838 - [2198]- حديث: أنه - صلي الله عليه وسلم - كان يغدو يوم الفطر والأضحى في طريق ويرجع في آخر. البخاري (¬4) عن جابر. [2199]- وأحمد (¬5) والترمذي (¬6) وابن حبان (¬7) والحاكم (¬8) من حديث أبي هريرة ¬
قال البخاري (¬1): حديث جابر أصح. [2200]- ورواه أبو داود (¬2) وابن ماجه (¬3) والحاكم (¬4) عن ابن عمر. وفي الباب: [2201 - 2204]- عن سعد القرظ وأبي رافع، رواهما ابن ماجه (¬5) وعن عبد الرحمن بن حاطب، رواه ابن قانع (¬6) وأبو نعيم (¬7)، وعن سعد رواه البزار (¬8) 839 - [2205]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - كبر بعد صلاة الصبح يوم عرفة، ومد التكبير إلي العصر آخر أيام التشريق. الدارقطني (¬9) والبيهقي (¬10) من حديث جابر. وفي إسناده عمرو بن شمر، وهو متروك، عن جابر الجعفي وهو ضعيف، عن عبد الرحمن بن سابط، عنه. قال البيهقي: لا يحتج به. ¬
وروى عنه من طرق أخرى مختلفة أخرجها الدراقطني (¬1) مد ارها عليه، عن جابر واختلف عليه فيها في شيخ جابر الجعفي. ورواه الحاكم (¬2) من وجه آخر، عن فطر بن خليفة، عن أبي الطفيل، عن علي وعمار. وقال: هو صحيح. وصح من فعل عمر وعلي وابن عباس وابن مسعود، وفي إسناده عبد الرحمن بن سعد، وهو ضعيف، ومسعيد بن عثمان مجهول، وإن كان هو الكريزي فهو ضعيف. 840 - [2206]- قوله: عن عثمان: أنه كان يكبر من ظهر يوم النحر إلى صيح اليوم الثالث من أيام التشريق. الدارقطني (¬3) به نحوه. 841 - [2207 , 2208] قوله: وعن ابن عمر وزيد بن ثابت: أنهما كانا يفعلان ذلك. رواهما الدارقطني (¬4) والبيهقي (¬5). ¬
[2209]- وجاء عن ابن عمر خلاف ذلك، رواه ابن أبي شيبة (¬1). 842 - [2210]- قوله/ (¬2): وعن ابن عباس مثل ذلك (¬3). رواه البيهقي، وقال: إن الرواية عنه مختلفة. انتهى. [2211]- وروى ابن أبي شيبة في "المصنف " (¬4) عن ابن عمر، وزيد بن ثابت أيضاً خلافه. *قوله: روي عن ابن عباس وابن عمر. يأتي (¬5). 4843 - [2212]- حديث: أن ركبا جاءوا إلى النبي - صلي الله عليه وسلم - يشهدون أنهم رأوا الهلال بالأمس فأمرهم أن يفطروا، وإذا أصبحوا أن يغدوا إلى مصلاهم. ¬
أحمد (¬1) وأبو داود (¬2) والنسائي (¬3) وابن ماجه (¬4) من حديث ابن أبي عمير بن أنس عن عمومة له به. وصححه ابن المنذر وابن السكن، وابن حزم (¬5). ورواه ابن حبان في "صحيحه" (¬6) عن أنس: أن عمومة له .. وهو وهم، قاله أبو حاتم في "العلل" (¬7). وعلّق الشّافعي القول به على صحة الحديث (¬8). فقال ابن عبد البر (¬9): أبو عمير مجهول. كذا قال! وقد عرفه من صحّح له. 844 - [2213]- حديث: اجْتَمَعَ عِيدانِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في يَوْم وَاحِدٍ، فَصَلَّى الْعِيدَ أَوَّلَ النهَارِ، وَقَال: "يَا أَيّها النّاسُ إنّ هذا يَوْمٌ قَد اجْتَمَع لَكُمْ فِيه عِيدَانِ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَشْهَد مَعَنا الْجُمُعَةَ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْصَرِفَ فَلْيَفْعَلْ". ¬
أبو داود (¬1) والنسحائي (¬2) وابن ماجه (¬3) وأحمد (¬4) والحاكم (¬5) من حديث زيد بن أرقم أنه - صلي الله عليه وسلم -صلى العيد ثم رخص في الْجُمُعَة، فقال:"مَن شاءَ أَنْ يُصلِّي فَلْيُصَلِّ". صحّحه علي بن المديني. [2214]- ورواه أبو داود (¬6) والنسائي (¬7) والحاكم (¬8) من حديث عطاء: أن ابن الزبير فعل ذلك، وأنه سأل ابن عباس عنه، فقال: أصاب السنة. وقال ابن المنذر: هذا الحديث لا يثبت، وإياس بن أبي رملة راويه، عن زيد مجهول. [2215]- ورواه أبو داود (¬9) وابن ماجه (¬10) والحاكم (¬11) من حديث أبي صالح عن أبي هريرة أنّه قال: قد اجتمع في يومكم هذا عيدان، فمن شاء أجزأه عن الْجُمُعَة , وإنا مجمعون. ¬
وفي إسناده بقية؛ رواه عن شعبة عن مغيرة الضبي، عن عبد العزيز بن رفيع، عن أبي صالح، به. وتابعه زياد بن عبد الله البكائي، عن عبد العزيز بن رفيع، عن أبي صالح. وصحّح الدارقطني إرساله؛ لرواية حماد عن عبد العزيز عن أبي صالح. وكذا صحّح ابن حنبل إرساله. ورواه البيهقي (¬1) من حديث سفيان بن عيينة، عن عبد العزيز موصولا؛ مقيَّداً بأهل العوالي. وإسناده ضعيف. ووقع عند ابن ماجه: "عن أبي صالح عن ابن عباس" بدل "أبي هريرة" وهو وهم، نبه هو عليه. [2216]- ورواه (¬2) أيضاً من حديث ابن عمر. وإسناده ضعيف، ورواه الطبراني (¬3) من وجه آخر، عن ابن عمر. [2217]- ورواه البخاري (¬4) من قول عثمان. [2218]- ورواه الحاكم (¬5) من قول عمر بن الخطاب. 845 - [2219] قوله: عن جابر وابن عباس: أنهما يكبران ثلاثاً ثلاثا. ¬
رواهما الدارقطني (¬1) بسندين ضعيفين. وقال ابن عبد البر في "الاستذكار": صحَّ عن عمر وعليٍّ وابنِ مسعود: أنه يكبر ثلاثاً ثلاثاً؛ الله أكبر الله أكبر الله أكبر. 846 - [2220]- حديث ابن عمر: أنه كان يرى التغليظ في لبس الصبيان الحرير. هذا لا يعرف، والمعروف عنه الجواز؛ رواه الفريابي في كتاب "تحريم الذهب والحرير". ¬
(10) كتاب صلاة الكسوف
(10) كتاب صلاة الكسوف
تنبيه
847 - [2221]- حديث أبي بكرة: كنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فانكسفت الشمس، فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - / (¬1) يجر رداءه، حتى دخل المسجد، فدخلنا فصلى بنا ركعتين، حتى انجلت الشمس فقال: "إن الشَّمْسَ والْقمرَ لا يَنكسِفَان لِمَوتِ أحدٍ؛ فإذَا رَأيتمُوهُمَا فصَلُّوا وادْعُوا حَتى يَنْكَشِف ما بكْمْ". البخاري (¬2) وابن حبان (¬3) والحاكم (¬4) ولفظهما: "فَإذا انْكَسَف أَحَدُهُمَا فَافْزَعُوا إِلَى الْمَسَاجِد". وفيه: فصلى بهم ركعتين مثل صلاتكم. وللنسائي (¬5): مثل ما تصلون. تنبيه وقع في "الخلاصة" (¬6) و"شرح المهذب" (¬7) ما يوهم أنَّه من المتفق عليه، وليس كذلك، بل لم يخرج مسلم عن أبي بكرة في الكسوف شيئاً. ¬
فائدة
848 - [2222]- حديث ابن عباس: أن النبي - صلي الله عليه وسلم - ركع أربع ركوعات في ركعتين، وأربع سجدات. مسلم (¬1) بلفظ: أربع ركعات. [2223]- واتفقا عليه من حديث ابن عباس (¬2) مطوَّلَاً مفصَّلا مبيَّناً. 849 - قوله: اشتهرت الرواية عن فعل النبي - صلي الله عليه وسلم - على أن في كل ركعتين ركلوعين. انتهى. كذا رواه الأئمة: عن عائشة، وأسماء بنت أبي بكر، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وابن عباس، وجابر، وأبي موسى الأشعري، وسمرة بن جندب. فائدة تمسك الحنفية بظاهر حديث أبي بكرة السابق في قوله: "مِثلُ صَلاتِكُم". [2224]- وبحديث عبد الرحمن بن سمرة، أخرجه مسلم (¬3)، وفيه: قرأ سورتين وصلى ركعتين. [2225]- وبحديث النعمان بن بشير وفيه: فجعل يصلي ركعتين. أخرجه أبو داود (¬4) ورواه النسائي (¬5) بلفظ: "فَصَلّوا كَأَحْدَثِ صَلاة ¬
صَلّيتُموهَا مِنَ الْمَكْتُوبَة" (¬1). وأخرجه أحمد (¬2) والحاكم (¬3) وصححّضه ابن عبد البر (¬4)، وأعله ابن أبي حاتم بالانقطاع. [2226]- وبحديث قبيصة بن المخارق، وفيه: فصلى ركعتين. أخرجه أبو داود (¬5) والحاكم (¬6). 850 - [2227]- حديث: صلى في كل ركعة ثلاث ركوعات. أخرجه مسلم (¬7) من حديث ابن جريج، عن عطاء، عن عبيد بن عمير قال: حدثني من أصدق قال: حسبته يريد عائشة.: أن الشمس انكسفت على عهد رسول الله - صلي الله عليه وسلم - فقام قياما شديداً "، يقوم قياما ثم يركع ثم يقوم ثم يركع , ثم يقوم ثم يركع؛ ركعتين في ثلاث ركعات، وأربع سجدات. ¬
ولأبي داود (¬1): في كل ركعة ثلاث ركعات. [2228]- ورواه البيهقي (¬2) من طريق عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء عن جابر قال: انكسفت الشمس يوم مات إبراهيم، فقام النبي - صلي الله عليه وسلم - فصلى بالناس ست ركعات في أربع سجدات. قال البيهقي، عن الشافعي: إنه غلط. 851 - [2229]- حديث: أنه - صلي الله عليه وسلم - صلى وكعتين في كل ركعة أربع ركوعات. مسلم (¬3) من حديث ابن عباس: أنه- صلي الله عليه وسلم - صلى في كسوف، قرأ ثم ركع، ثم قرأ ثم ركع،، أثم قرأ ثم ركع, [ثم قرأ ثم ركع] (¬4) ثم سجد، والأخرى مثلها. وصححه الترمذي (¬5) وقال ابن حبان في "صحيحه" (¬6) هذا الحديث ليس بصحيح , لأنه من رواية حبيب بن أبي ثابت، عن طاوس، ولم يمسمعه حبيب من طاوس. وقال البيهقي (¬7) حبيب وإن كان ثقة، فإنه كان يدلس ولم يبين سماعه فيه من ¬
طاوس، وقد خالفه سليمان الأحول فوقفه، وروى عن حذيفة نحوه، قاله البيهقي. [2230]- وأمّا ما رواه النسائي (¬1) عن عبدة بن عبد الرحيم، عن ابن عيينة، عن يحيي بن سعيد عن عمرة، عن عائشة أنه - صلي الله عليه وسلم - صلى في كسوف، في صفة زمزم/ (¬2) أربع ركعات في أربع سجدات. احتج به النسائي على أنه - صلي الله عليه وسلم - صلى صلاة الكسوف أكثر من مرة. وفيه نظر؛ لأن الحفاظ رووه عن يحيى بن سعيد بدون قوله: "في صفة زمزم" كذا هو عند مسلم (¬3) والنسائي (¬4) أيضاً. فهذه الزيادة شاذة. والله أعلم. 852 - [2231]- حديث: روي أنّه - صلي الله عليه وسلم - صلى ركعتين في كل ركعة خمس ركوعات. أحمد (¬5) واللفظ له، وأبو داود (¬6) والحاكم (¬7) والبيهقي (¬8) من حديث أبي بن ¬
كعب قال: انكسفت الشمس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإن رسول الله - صلي الله عليه وسلم - صلى بهم، فقرأ سورة من الطول، ثم ركع خمس ركعات وسجدتين، ثم قام الثانية، فقرأ بسورة من الطول وركع خمس ركعات وسجدتين، ثم جلس كما هو مستقبل القبلة، يدعو حتى انجلى كسوفها. 853 - [2232]- حديث الشافعي بإسناده عن ابن عباس قال: خسفت الشمس على عهد رسول الله - صلي الله عليه وسلم - فصلى والناس معه، فقام قياما طويلاً قرأ نحوا من سورة البقرة .. الحديث. هو كما قال رواه الشافعي (¬1) عن مالك، وهو في "الصحيحين" (¬2). 854 - [2233]- قوله: تطويل السّجود منقول في بعض الروايات، مع تطويل الركوع، أورده مسلم في "الصحيح". قلت: والبخاري كلا هما (¬3) عن أبي موسى، وعبد الله بن عمرو، وغيرهما. ووقع لصاحب "المهذب" (¬4) هنا وهم فاحش فإنه قال: إن تطويل السجود لم ينقل في خبر، ولم يذكره الشافعي، وهو كما ترى منقول في أخبار كثيرة في "الصحيحين" وغيرهما، وقيل ذكره الشافعي فيما حكاه الترمذي عنه، ¬
فائدة
[وكذا]، (¬1) هو في كتاب البويطي. فائدة قال النووي في "الروضة" (¬2): وأما الجلسة بين السّجدتين، فقطع الرّافعي بأنه لا يطولها، ونقل الغزّالي الاتفاق عليه، وقد صح التطويل في: [2234]- حديث عبد الله بن عمرو. قلت: أخرجه أبو داود (¬3) والنسائي (¬4) وإسناده صحيح؛ لأنه من رواية شعبة عن عطاء بن السائب، وقد سمع منه قبل الاختلاط. 855 - قوله: يستحب الجماعة في الكسوفين؛ أما كسوف الشمس؛ فقد اشتهر إقامتها بالجماعة من فعل رسول الله - صلي الله عليه وسلم - وكان ينادى لها: الصلاة جامعة. وأما خسوف القمر، فقد روي عن الحسن البصري قال: خسف القمر وابن عباس بالبصرة، فصلى بنا ركعتين؛ في كل ركعة ركعتان، فلما فرغ خطبنا، وقال: صليت بكم كما رأيت رسول الله - صلي الله عليه وسلم - يصلي بنا. انتهى. [2235]- أمّا الأول: ففي "الصحيحين" عن جماعة: أنَّه - صلى الله عليه وسلم - صلى في كسوف الشمس بالجماعة. ¬
فائدة
[2236]- وأمّا النداء لها، ففيهما (¬1) عن عائشة قالت: خسفت الشمس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبعث مناديا ينادي: الصلاة جامعة ... الحديث. [2237]- وأما حديث الحسن؛ فرواه الشعافعي (¬2)، عن إبراهيم بن محمَّد، حدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمَّد بن عمرو بن حزم، عن الحسن، فذكره وزاد: وقال: "إِنَّ الشَّمْسَ والْقَمَر آيتَانِ مِنْ آياتِ الله ... " الحديث. وإبراهيم ضعيف. وقول الحسن: خطبنا ... لا يصح؛ فإن الحسن لم يكن بالبصرة لما كان ابن عباس بها. وقيل: إن هذا من تدليساته، إن قوله: "خطبنا" أي خطب أهل البصرة. [2238]- وروى الدارقطني (¬3) من حديث عائشة: أنّ النبي- صلى الله عليه وسلم - كان يصلي في كسوف الشمس والقمر أربع/ (¬4) ركعات وأربع سجدات. وذكر "القمر" فيه مستغرب. فائدة [2239]- روى الدارقطني أيضاً (¬5) من طريق حبيب، عن طاوس، عن ابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى في كسوف الشمس والقمر ثماني ¬
فائدة
ركعات في أربع سجدات. وفي إسناده نظر، وهو في مسلم (¬1) بدون ذكر القمر. *حديث أبي بكرة في الصلاة في المسجد. تقدم. 856 - [2240]- حديث عائشة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما خسفت الشمس صلى فوصفت صلاته، ثم قالت: فلما انجلت انصرف وخطب الناس، وذكر الله وأثنى عليه. متفق عليه (¬2). فائدة قال صاحب "الهداية" (¬3) من الحنفية: ليس في الكسوف خطبة؛ لأنه لم ينقل. فيتعجب منه مع ثبوت ذلك في حديث عائشة هذا، وفي: [2241]- حديث أسماء بنت أبي بكر في "الصحيحين" (¬4). [2242]- وأخرج أحمد (¬5) من حديث سمرة بن جندب، وهو في النسائي (¬6) ¬
وابن حبان (¬1): فقام فصعد المنبر، فخطب فحمد الله وأثنى عليه ... " الحديث. *حديث ابن عباس: أنه حكى صلاة النبي - صلي الله عليه وسلم - في خسوف الشمس فقال: قرأ نحوا من سورة البقرة ... تقدم عن الشافعي. 857 - [2243]- حديث ابن عباس: كنت إلى جنب النبي - صلي الله عليه وسلم - في صلاة الكسوف فما سمعت منه حرفاً. أحمد (¬2) وأبو يعلى (¬3) والبيهقي (¬4) من حديث عكرمة عنه، وزاد في آخره: "حرفا من القرآن" وفي السند ابن لهيعة (¬5). وللطبراني (¬6) من طريق موسى بن عبد العزيز، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس، ولفظه: صليت إلى جنب النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم ¬
كسفت الشمس، فلم أسمع له قراءة. وفي الباب: [2244]- عن سمرة رواه أحمد (¬1) وأصحاب السنن (¬2) بلفظ: صلى بنا في كسوف لا نسمع له صوتا. وصححه الترمذي، وابن حبان (¬3)، والحاكم (¬4). وأعله ابن حزم (¬5) بجهالة ثعلبة بن عباد، راويه عن سمرة. وقد قال ابن المديني (¬6): إنه مجهول. وقد ذكره ابن حبان في "الثقات" (¬7) مع أنه لا راوي له إلا الأسود بن قيس. وَجَمَع بينه وبين حديث عائشة الآتي؛ بأن سمرة كان في أخريات الناس فلهذا لم يسمع صوته (¬8). لكن قول ابن عباس: "كنت إلى جنبه" يدفع ذلك، وإن صح التعداد زال الإشكال. 858 - [2245]- حديث عائشة: أن النبي - صلي الله عليه وسلم - صلى بهم في كسوف ¬
الشمس وجهر بالقراءة فيها. متفق عليه (¬1) من حديث الزهري عن عروة، عنها. ورواه ابن حبان (¬2) والحاكم (¬3). وقال البخاري (¬4): حديث عائشة في الجهر أصح من حديث سمرة. ورجح الشافعي رواية سمرة بأنّها موافقة لرواية ابن عباس المتقدمة، ولروايته أيضاً التي فيها: فقرأ بنحو من سورة البقرة. وبرواية عائشة: حزرت قراءته فرأيت أنه قرأ سورة البقرة؛ لأنها لو سمعته لم تقدره بغيره. والزهري ينفرد بالجهر، وهو وإن كان حافظاً فالعدد أولى بالحفظ من واحد. قاله البيهقي (¬5). وفيه نظر؛ لأنه مُثْبِتٌ فروايته مُقدَّمة. وجمع النووي (¬6) بأن رواية الجهر في القمر ورواية الإسرار في كسوف الشمس وهو مردود: [2246]- فقد رواه ابن حبان (¬7) من حديث عائشة بلفظ: كسفَ الشمس ¬
فائدة
فصلى بهم أربع ركعات في ركعتين، وأربع سجدات وجهر بالقراءة. فائدة في حديث عائشة المذكور عند الدارقطني (¬1) والبيهقي (¬2) من طريق موسى بن أعين، عن إسحاق بن راشد، عن الزهري: قرأ في الأولى بالعنكبوت، وفي الثانية بالروم أو لقمان. 859 - [2247]- حديث: "إذاً رَأَيْتُم ذَلِكَ فَصَلُّوا حَتَّى يَنْجَلِيَ"/ (¬3). مسلم (¬4) من حديث جابر. [2248]- وله (¬5) عن عائشة: "فَإذَا رَأَيْتُم كُسُوفاَ فَاذْكُرُوا الله حَتَّى يَنْجَلِي". واتفقا عليه من حديثها (¬6) بلفظ: "حَتَّي يَنْفَرِجَ عَنْكُمْ". [2249]- ومن حديث المغيرة (¬7) بلفظ: "فَادْعُوا الله وَصَفوا حَتى يَنْجَلِيَ". وفي رواية: "حَتِّي يَنْكَشِفَ". 860 - قوله: اعترض على تصوير الشّافعي اجتماع العيد والكسوف؛ لأن العيد إما الأول وإما العاشر، والكسوف لا يقع إلاَّ في الثّامن ¬
والعشرين أو التاسع والعشرين. وأجيب: بأن هذا قول المنجمين، وليس قطعيا، بل يجوز أن يقع في غير هذين اليومين؛ كما صحّ: أن الشمس كسفت يوم مات إبراهيم وكان موته في عاشر الشهر، كما سيأتي. 861 - [2250]- حديث: أنه استسقى في خطبته للجمعة، ثم صلى الجمعة. متفق على صحته (¬1)، من حديث أنس. 862 - [2251]- حديث ابن عباس: ما هبّت ريح قطّ إلاَّ جثا النبي - صلي الله عليه وسلم - على ركبتيه وقال: "اللهُمّ اجْعَلْهَا رَحْمَةً، وَلا تَجْعَلْها عَذاباً، اللَّهُمّ اجْعَلْهَا رِياحاً وَلا تَجْعَلْهَا ريِحاً". الشافعي في "الأم" (¬2): أخبرني من لا أتهم، عن العلاء بن راشد، عن عكرمة، عنه به، وأتم منه. وأخرجه الطبراني (¬3) وأبو يعلى (¬4) من طريق حسين بن قيس عن عكرمة (¬5). ¬
863 - قوله: وما سوى كسوف النيرين من الآيات كالزلازل، والصواعق، والرياح الشديدة، لا يصلى لها بالجماعة؛ إذ لم يثبت ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال الشافعي (¬1): لا نعلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بالصلاة عند شيء من الآيات ولا أحد من خلفائه غير الكسوفين. [2252]- والحديث المذكور أن رسول الله - صلي الله عليه وسلم - صلى يوم كسفت الشمس يوم موت إبراهيم ابنه متفق عليه؛ من حديث المغيرة بن شعبة (¬2) وأبي مسعو د (¬3) وغيرهما 864 - قوله: وعن الزبير بن بكار، أنه ق الذي "كتاب الإنساب": إن إبراهيم بن رسول الله في - صلى الله عليه وسلم - توفي في العاشر من ربيع الأول. وروى البيهقي (¬4) مثله عن الواقدي، هو كما قال. 865 - قوله: وروى البيهقي: أنه اشتهر أن قتل الحسين كان يوم عاشوراء. وأن البيهقي روى عن أبي قَبِيل: أنه لما قتل ¬
الحسين كسفت الشمس كسفة، بدت الكواكب نصف النهار حتى ظننا أنها هي. هو كما قال. [2253]- روى البيهقي (¬1): عن أبي قَبِيل وغيره: أن الشمس كسفت يوم قتل الحسين، وكان قتله يوم عاشوراء. وروى أيضاً عن أبي قَبِيل ما نقله عنه (¬2). [2254]- وروى البيهفي أيضاً (¬3) عن قتَادة: أن قتل الحسين كان يوم عاشوراء يوم الجمعة سنة إحدى وستين. 866 - [2255]- قوله: عن الشافعي أنه قال: روي عن علي: أنّه صلى في زلزلة جماعة. ثمّ قال: إن صحّ قلت به. البيهقي في "السنن" (¬4) و"المعرفة" (¬5) بسنده إلى الشافعي فيما بلغه عن [عباد] (¬6)، عن عاصم الأحول، عن قزعة، عن علي: أنه صلى في زلزلة ست ركعات في أربع سجدات خمس ركعات وسجدتين في ¬
فائدة
ركعة وركعة في سجدتين في ركعة. قال الشافعي: ولو ثبت هذا عن علي لقلت به، وهم يثبتونه ولا يأخذون به. فائدة [2256]- قال البيهقي: قد صح عن ابن عباس، ثم أخرجه (¬1) من طريق عبد الله بن الحارث عنه، أنه: صلى في زلزلة بالبصرة، فأطال فذكره إلى أن قال: فصارت صلاته ست ركعات، وأربع سجدات، ثم/ (¬2) قال: هكذا صلاة الآيات. ورواه ابن شيبة (¬3) مختصرأ من هذا الوجه: أن ابن عباس صلّى بهم في زلزلة كانت أربع سجدات ركع فيها ستاً. [2257]- وروى أيضاً (¬4) من طريق شهر بن حوشب: أن المدينة زلزلت في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "إنّ رَبّكُمْ يَسْتَعْتِبُكُمْ فَاعْتِبُوه". هذا مرسل ضعيف. [2258]- وروى أبو داود (¬5) عن ابن عباس مرفوعًا: "إذَا رَأَيْتُمْ آيةً فَاسْجُدُوا". ¬
(11) كتاب صلاة الأستسقاء
(11) كتابُ صلاة الأستسقاء
867 - قوله: هي أنواع أدناها الدعاء المجرد، وأوسطها الدعاء خلف الصلوات، وأفضلها الاستسقاء بركعتين وخطبتين، والأخبار وردت بجميعه. انتهى. [2259]- أما الأول؛ فورد في حديث آبى اللحم: أنه رأى النبي- صلي الله عليه وسلم - يستسقي عند أحجار الزيت الحديث. رواه أبو داود (¬1) والترمذي (¬2)، وسيأتي في حديث ابن عباس. [2265]- وروى أبو عوانة في "صحيحه" من زياداته، عن عامر بن خارجة: أن قوماً شكوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قحط المطر فقال: "اجْثُوا عَلَى الرُّكَبِ، ثُمَّ قُولُوا: يَا رَبِّ يَا ربِّ" الحديث ... وأمّا الثاني؛ فمتفق عليه من حديث أنسى، كماسيأتي. وأمّا الثالث؛ فهو في حديث عبد الله بن زيد الآتي. 868 - [2261]- حديث عباد بن تميم عن عمه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج بالناس يستسقي بهم فصلى بهم ركعتين جهر فيهما بالقراءة، وحوّل رداءه ودعا، واستسقى واستقبل القبلة. ¬
تنبيه
أخرجه أبو داود (¬1) هكذا، وهو متفق عليه (¬2) , لكن "الجهر" من أفراد البخاري. تنبيه عم عباد هو: عبد الله بن زيد بن عاصم المازني، كما صرح به مسلم، لكنه ليس أخاً لأبيه، وإنما قيل له عمه؛ لأنه كان زوج أمه. وقيل: كان تميم أخا عبد الله لأمه، أمهما أم عمارة نسيبة. 869 - [2262]- حديث ابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج إلى المصلى متبذلا، فصلى ركعتين كما يصلى العيد. أحمد (¬3) وأصحاب السنن (¬4) وأبو عوانة (¬5) وابن حبان (¬6) والحاكم (¬7) والدارقطني (¬8) والبيهقي كلهم من حديث هشام بن إسحاق بن كنانة، عن أبيه، عن ابن عباس به، وأتم منه يزيد بعضهم على بعض. ¬
875 - [2263]- حديث: "أَرْجَى الدُّعَاءِ دُعَاءُ الأخ لِلاخ بِظَهْرِ الْغَيْبِ". أبو داود (¬1) من حديث أبي هريرة: "إنَّ أَسْرَعَ الدُعاءِ إجابةُ دَعْوَةِ غَائِبٍ لِغَائِبٍ". [2264]- والترمذي (¬2) وابن ماجه (¬3) من حديث عبد الله بن عمرو مثله. [2265]- ولمسلم (¬4) عن أم الدّارداء، حدثني سيدي أبو الدرداء. أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "دَعْوَة الْمَرْء الْمُسْلم لأخيه بِظَهْر الغيب مُسْتجابَةٌ، عِنْد رَأْسِه مَلَك موكَّل، كلّما دعا لأخيه قَال الملَكَ الموَكّل بِه: آمِين وَلَكَ بِمْثل". [2266]- وله (¬5) عن أم الدرداء، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه. فقيل: هي الكبرى، والأصح أنها الصغرى، وروايتها إنما هي عن أبي الدرداء. 871 - [2267]- حديث: "إنّ الله يُحِبّ الْمُلِحّين في الدُّعَاء". ¬
العقيلي (¬1) وابن عدي (¬2) والطبراني في "الدعاء" (¬3) من حديث عائشة. تفرد به يوسف بن السفر عن الأوزاعي، وهو متروك، وكان بقية ربما دلّسه (¬4). [2268]- وفي "الصحيحين" (¬5) عن أبي هريرة مرفوعاً: "يُسْتَجابُ لأحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَل ... " الحديث. 872 - قوله: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يصل صلاة الاستسقاء إلا عند الحاجة. لم أجده صريحًا، لكن بالاستقراء يتبين صحّة ذلك. 873 - [2269]- حديث: أن رسول الله - صلي الله عليه وسلم - كان يخرج في صلاة الاستسقاء إلى الصحراء. هو بَيِّنٌ في حديث عبد الله بن زيد، وفي حديث ابن عبّاس. [2270]- وروى أبو داود (¬6) وأبو عوانة (¬7) وابن حبان (¬8) والحاكم (¬9) من ¬
حديث عائشة، قالت: شكى الناس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قحوط المطر فأمر بمنبر فوضع له في المصلى، فخرج حين بدا حاجب الشمس ... الحديث بطوله. وصحّحه أيضاً أبو علي بن السّكن. 874 - قوله: يأمرهم الأمام بصوم ثلاثة أيام قبل يوم الخروج، وبالخروج عن المظالم، وبالتقرب بالخير، ثم يخرجون في الرابع صياماً, ولكل واحد منها أثر في الإجابة على ما ورد في أخبار نقلت. فمنها: [2271]- حديث أبي هريرة: "ثَلاثَةٌ لا تُرَدّ دَعْوَتُهم؛ الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ وَالإمَامُ الْعَادِلُ، وَالْمَظْلُومُ". رواه الترمذي (¬1) وابن خزيمة (¬2) وابن ماجه (¬3) من طريق أبي مدلة، عن أبي هريرة. ولأحمد (¬4) وأبي داود (¬5) والترمذي (¬6) وابن ماجه (¬7) وابن حبان (¬8) من حديث ¬
تنبيه
أبي جعفر عن أبي هريرة، نحوه. وأعله ابن القطّان (¬1) بأبي جعفر المؤذن راويه عن أبي هريرة، وأنه لا يعرف. وزعم ابن حبان (¬2): أنّه أبو جعفر محمَّد بن علي بن الحسين بن علي. فإن صح قوله فهو منقطع؛ لأنه لم يدرك أبا هريرة. نعم، وقع في النسائي وغيره (¬3) تصريحه بسماعه من أبي هريرة، فثبت أنه آخر غير محمد بن علي بن الحسين. ووقع في رواية للباغندي، عن أبي جعفر محمّد بن علي، فلعله كان اسمه محمَّد بن علي وافق أبا جعفر محمَّد بن علي بن الحسين في كنيته، واسم أبيه. وقد جزم أبو محمَّد الدارمي في "مسنده" (¬4) بأنه غيره، وهو الصحيح. تنبيه ليس في حديث أبي جعفر ذكر "الصائم"، وللبيهقي (¬5) من حديث حميد، عن أنس بلفظ: "دَعْوَةُ الْوَالِدِ وَالصَّائمِ وَالْمُسَافِر". [2272]- ومنها: حديث أبي هريرة: "إنَّ الله طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إلاَّ طَيّبًا ... " الحديث، أخرجه مسلم (¬6). [2273]- وحديث ابن عمر: "لَمْ يَنْقُصْ قَومٌ الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ إلاَّ أُخِذوا ¬
بِالسِّنِينَ، وَشِدَّةِ الْمُؤْنَةِ، وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكاةَ أَمْوَالِهِمْ إلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِن السَّمَاءِ، وَلَوْلا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا". رواه ابن ماجه (¬1). [2274]- وحديث: بريدة: "مَا نَقَض قَوْمٌ الْعَهْدَ إلاَّ كَانَ الْقَتْلُ فِيهمْ، وَلا مَنَعَ قَوْمٌ الزَّكَاةَ إلاَّ حَبَس الله عَنْهُم الْقَطْر". رواه الحاكم (¬2) والبيهقي (¬3)، واختلف فيه على عبد الله بن بريدة؛ فقيل: عنه، هكذا، وقيل: عنه، عن ابن عباس. [2275]- وحديث أبي هريرة: "تُعْرَضُ الأَعْمَالُ في كلِّ اثْنَيْنِ وَخَمِيسٍ، فَيَغْفِر الله لِكُلِّ امْرِئٍ لا يُشْرِك بِالله شَيئاً، إلا امْرُؤ كانَ بَيْنَهُ وَبَيْن أَخِيهِ شَحْنَاء، فَيَقُول: اترُكُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا". أخرجه مسلماً (¬4) بهذا اللّفظ. 875 - قوله: ويخرجون الشيوخ والصبيان؛ لأن دعاءهم إلى الإجابة أقرب. انتهى. ويمكن أن يستدل له بما: [2276]- رواه البخاري عن مصعب بن سعد، قال: رأى سعد أن له فضلا على من دونه، فقال - صلى الله عليه وسلم -:"هَل تُرْزَقُون وَتُنْصَرُون إلاَّ بِضُعَفَائِكُم". وصورته مرسل. ¬
[2277]- ووصله البرقاني في "مستخرجه " والنسائي (¬1) وأبو نعيم في "الحلية" (¬2). وفي "المستدرك" (¬3) من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت عن أنس: كان أخوان أحدهما/ (¬4) يحترف، والآخر يأتي النبي - صلي الله عليه وسلم - فشكى المحترف أخاه، فقال: "لَعلك تُرْزَقُ بِه". 876 قوله: ويتقرب إلى الله بما استطاع من الخير؛ فإن له أثرا في الإجابة، على ما ورد في الخبر. انتهى. يمكن أن يستدل له بما سيأتي قريبا من قصة الثلاثة أصحاب الغار. 877 - [2278]- حديث: روي أنّ البهائم تستسقى. الدارقطني (¬5) والحاكم (¬6) من حديث أبي هريرة رفعه، قال: "خَرجَ نَبِيٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ يَسْتَسْقِي، فَإذَا هُوَ بِنَمْلَةٍ رَافِعَةِ بَعْضَ قَوائِمِهَا إِلَى السَّمَاءِ، فَقال: ارْجِعُوا فَقَدِ اسْتُجيبَ لَكُمْ مِنْ أَجْلِ شَأْنِ النمْلَةِ". وفي لفظ لأحمد (¬7): " خَرَج سُلَيْمَانُ عَليه الضلاة والسَّلام يَسْتَسْقِي .. " الحديث ¬
[2279]- ورواه الطحاوي (¬1) من طرق منها من حديث أبي الصديق الناجي قال: "خَرج سُلَيْمانُ عَلَيْهِ الصلاة وَالسَّلامُ ... " فذكره. وفي آخره: "ارْجِعُوا فَقَدْ كُفِيتُمْ بِغَيْرِكُمْ". [2280]- وفي ابن ماجه (¬2) من حديث ابن عمر في أثناء حديث: "وَلولا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا". وقد تقدم. 878 - [2281]- حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "لَولا رِجَالٌ رُكَّع، وَصِبْيان رُضَّع، وَبهَائِمُ رُتّع، لصُبَّ عليكم الْعَذابُ صَبَّا". أبو يعلى (¬3) والبزار (¬4) والبيهقي (¬5) من حديث أبي هريرة، وأوله: "مَهْلا عَنِ الله مَهْلاً، فَإنه لَولَا شَبَابٌ خُشّع، وبهائم رُتّع، وأطفال رُضَّع، لَصُبَّ عَليكُمُ الْعَذابُ صَبًّا". وفي إسناده إبراهيم بن خثيم بن عراك وقد ضعفوه. [2282]- وأخرجه أبو نعيم في "المعرفة" (¬6) في ترجمة "مسافع الدّيلي" من طريق مالك بن عبيدة بن مسافع، عن أبيه، عن جده: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لَولا عِبَادُ لله رُكَّع، وصِبْيَةٌ رُضَّع، وبَهَائِم رُتَّع، لَصُبَّ عليكم الْعَذَابُ صبًّا". ¬
وأخرجه البيهقي (¬1) وابن عدي (¬2). ومالك؛ قال أبو حاتم (¬3) وابن معين (¬4): مجهول وذكره ابن حبان في "الثقات" (¬5). وقال ابن عدي (¬6): ليس له غير هذا الحديث. [2283]- وله شاهد مرسل؛ أخرجه أبو نعيم أيضاً في "معرفة الصحابة" (¬7) من حديث معاوية بن صالح، عن أبي الظاهريّة: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَا مِنْ يَوْم إلاَّ وَيُنَاديِ مُنَادِ: مَهْلاً أيُّهَا الناسُ مَهْلاً، فَإِنْ لله سَطَواتٍ، وَلَوْلا رِجَالٌ خُشّع، وَصِبْيانٌ رُضّع، وَدَوابٌّ رُتّع، لَصُبّ عَلَيْكُم الْعَذَابُ صبًّا، ثُثم رُضِضْتُمْ بِهِ رَضًّا". 879 - قوله في تعليل كراهة خروج أهل الذمة: لأنهم ربما كانوا سببا للقحط. وفي "المهذب" (¬8) عن مجاهد في قوله {وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} قال: دواب الأرض. انتهى. [2284]- وفي ابن ماجه (¬9) من حديث البراء بن عازب، مرفوعاً مثله. ¬
880 - قوله. وقد يعجل دعاء الكافر استدراجاً. انتهى. ويشهد له: [2285]- ما في "الصّحيح" (¬1): عن أنس مرفوعاً: "إنَّ الله لَا يَظْلِمُ الْكَافِرَ [حَسَنَةَ] (¬2) يُثابُ الرِّزقُ عَلَيْهَا في الدُّنْيا ... " الحديث. 881 - قوله: ومن الآداب أن يذكر كلّ واحد من القوم في نفسه ما فعل من خير، فيجعله شافعا. انتهى. ودليله: [2286]- حديث الثلاثة في الغار وهو في "الصحيحين" (¬3) عن ابن عمر وغيره. *حديث ابن عباس: أنّ النبي - صلي الله عليه وسلم - صلّى ركعتين كما يصلّى العيد. وفي رواية: صنع في الاستسقاء كما صنع في العيد. تقدم، واللفظ الأول في "السنن"، والثّاني في "المستدرك". *حديث: روي أنه صلى صلاة الاستسقاء وقت صلاة العيد .. تقدم، من حديث عائشة: أنه خرج حين بدا حاجب الشمس، وهو ظاهر ¬
تنبيه
حديث ابن عباس، ففيه: فصلى كما يصلي في العيد. 82 - [2287]- حديث أبي هريرة: أنّ رسول الله - صلي الله عليه وسلم - خرج إلى/ (¬1) الاستسقاء، فصلى ركعتين ثم خطب. أحمد (¬2) وابن ماجه (¬3) وأبو عوانة (¬4) والبيهقي (¬5) أتم من هذا، قال البيهقي: تفرد به النعمان بن راشد. فقال في "الخلافيات" (¬6): رواته ثقات. تنبيه اختلفت الروايات في أن الخطبة قبل الصلاة أو العكس: ففي حديث عائشة بدأ بالخطبة. [2288]- وكذا لأبي داود (¬7) عن ابن عباس. [2289]- وفي حديث عبد الله بن زيد في "الصحيحين" (¬8): خرج يستسقي فتوجه إلى القبلة يدعو، ثم صلى ركعتين. لفظ البخاري. ¬
لكن روى أحمد (¬1) من حديث عبد الله بن زيد: فبدأ بالصلاة قبل الخطبة. [2290]- ولابن قتيبة في "الغريب" (¬2) من حديث أنس، نحوه. 883 - [2291]- حديث ابن عمر: أن النبي - صلي الله عليه وسلم - كان إذا استسقى قال: "اللهُمّ اسْقِنَا غَيثاً مُغيثاً، هَنيئاً مَريئاً، مَرِيعَاً غَدَقاً، مُجَلِّلاً سَحَّا طَبَقاً دَائِماً، اللهُمّ اسْقِنَا الْغَيثَ ولا تَجْعَلْنَا مِن الْقَانِطِين، اللهُمّ إن بِالْعِبَادِ والْبِلادِ مِن الَّلأْوَاء وَالْجَهْدِ والضَّنْكِ مَا لا نَشْكُوهُ إلاَّ إِلَيْكَ، اللهُمّ أَنْبِتْ لَنَا الزرْع، وَأَدِرّ لَنا الضّرْع، وَاسْقِنَا (¬3) مِن بَركاتِ الأرض، اللهُمّ ارْفَعْ عَنْا الْجَهْدَ وَالْجُوعَ والْعُرْيَ واكْشِفْ عَنَّا مِن الْبَلاءِ مَا لا يَكْشِفُه غَيرُك، اللَهُمّ إنَّا نَسْتَغْفِرُكَ إنَّك كنْتَ غَفّاراً فَأَرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَينَا مِدْرَاراً". هذا الحديث ذكره الشافعي في "الأم" (¬4) تعليقاً فقال: وروي عن سالم عن أبيه فذكره، وزاد بعد قوله: "مجللا": "عاما" وزاد بعد قوله: "والبلاد": "وَالْبَهائِمِ وَالْخَلْقِ"، والباقي مثله سواء. ¬
ولم نقف له على إسناد، ولا وصله البيهقي في "مصنفاته"، بل رواه في "المعرفة" (¬1) من طريق الشافعي قال: ويروى عن سالم به، ثم قال: وقد روينا بعض هذه الألفاظ، وبعض معانيها في حديث أنس بن مالك، وفي حديث جابر، وفي حديث عبد الله بن جراد، وفي حديث كعب بن مرة، وفي حديث غيرهم، ثم ساقها بأسانيده. *أما حديث أنس؛ فلفظه: "اللهُمّ أَغِثْنَا ... " وفي لفظ: "اللهُمَّ اسْقِنَا ... " وسيأتي. [2292]- وأمّا حديث جابر؛ فرواه أبو داود (¬2) والحاكم (¬3) من حديث جابر قال: "أتت النبي - صلي الله عليه وسلم - بواكٍ ... " ورواه أبو عوانة في"صحيحه" (¬4) ولفظه: أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - هوازن، فقال: قولوا: "اللهُمّ اسْقِنَا غَيْثاً مُغِيثاً ... " الحديث. ورواه البيهقي (¬5) بلفظ: أتت النبي - صلي الله عليه وسلم - بواكي هوازن ... ووقع عند الخطابي (¬6) في أول هذا الحديث: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يُواكىء- بضم الياء المثناة تحت، وآخره همزة- ثم فسره فقال: معناه يتحامل على يديه إذا رفعهما. ¬
وقد تعقبه النووي في "الخلاصة" (¬1)، وقال: هذا لم تأت به الرّواية، وليس هذا واضحَ المعنى. وصحّح بعضهم ما قال الخطابي (¬2). وقد رواه البزار بلفظ يزيل الإشكال وهو عن جابر: أن بواكي أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقد أعله الدارقطني في "العلل" بالإرسال، وقال: رواية من قال: عن يزيد الفقير من غير ذكر جابر أشبه بالصواب. وكذا قال أحمد بن حنبل. وجرى النووي في "الأذكار" (¬3) على ظاهره فقال: صحيح على شرط مسلم. [2293]- وأما حديث كعب بن مرة، ويقال: مرة بن كعب فرواه الحاكم في "المستدرك" (¬4). [2294]- وأما حديث عبد الله بن جراد فرواه البيهقي (¬5) وإسناده ضعيف جداً. وفي الباب: [2295]- عن ابن عباس، رواه ابن ماجه/ (¬6). (¬7) وأبو عوانة. ¬
[2296]-عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، رواه أبو داود (¬1)، ورواه مالك (¬2) مرسلاً، ورجحه أبو حاتم (¬3). [2297]- وعن محمَّد بن إسحاق: حدثني الزهري، عن عائشة بنت سعد، أن أباها حدثها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نزل وادياً دهشا لا ماء فيه ... فذكر الحديث. وفيه ألفاظ غريبة كثيرة. أخرجه أبو عوانة (¬4) بسند واهٍ. [2298]- وعن عامر بن خارجة بن سعد عن جده: أن قوما شكوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قحط المطر فقال: "اجْثُوا عَلَى الرُّكَبِ، وَقُولوا: يَا رَبِّ يَا رَبِّ .. " قال: ففعلوا، فسقوا حتى أحبوا أن يكشف عنهم. رواه أبو عوانة (¬5) وفي سنده اختلاف. [2299]- وروي (¬6) أيضاً عن الحسن عن سمرة: أنه (¬7) كان إذا استسقى قال: "أنزِلْ عَلَى أَرْضِنَا زِينَتَهَا وَسَكَنَها". وإسناده ضعيف. ¬
[2300]- وروي أيضاً عن جعفر بن عمرو بن حريث، عن أبيه عن جده، قال: خرجنا مع رسول الله - صلي الله عليه وسلم - نستسقي، فذكر الحديث. فهذه الروايات عن عشرة من الصحابة غير ابن عمر يعطي مجموعها أكثر ما في حديثه. [2301]- وعند الطبراني (¬1) من حديث أبي أمامة قال: قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضحى فكبر ثلاث تكبيرات، ثم قال: "اللهُمّ اسْقِنَا. ثلاثاً. اللهُمّ ثم ارْزُقْنَا سَمْناً وَلَبَناً، وشَحْماً وَلَحْماَ ... " الحديث. وسنده ضعيف. والله أعلم. 834 - [2302]- حديث أنس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استسقى فأشار بظهر كفيه إلى السماء. مسلم (¬2) بهذا. 84 - [2303]- قوله: السنة لمن دعا لدفع النبلاء أن يجعل ظهر كفيه إلى السماء، فإذا سأل الله شيئاً جعل بطن كفيه إلى السماء. أحمد (¬3) من حديث خلاد بن السائب، عن أبيه، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا سأل جعل باطن كفيه إليه، وإذا استعاذ جعل ظاهرهما إليه. وفيه ابن لهيعة. 885 - [2304]- قوله: ثبت تحويل الرداء عن المنبي - صلى الله عليه وسلم -. ¬
متفق عليه (¬1) من حديث عبد الله بن زيد. [2305]- وللحاكم (¬2) عن جابر: أن النبي - صلي الله عليه وسلم - استسقى وحول رداءه ليتحول القحط. 886 - [2306]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - همّ بالتنكيس، لكن كان عليه خميصة فثقلت عليه، فقلبها من الأعلى إلى الأسفل. أبو داود (¬3) والنسائي (¬4) وابن حبان (¬5) وأبو عوانة (¬6) والحاكم (¬7) من حديث عبد الله بن زيد، ولفظه: "استسقى وعليه خميصة سوداء، فأراد أن يأخذ أسفلها فيجعله أعلاها، فلما ثقلت قلبها على عاتقه". زاد أحمد في "مسنده" (¬8): وتحوّل النّاس معه. قال في"الإِمام": إسناده على شرط الشيخين. 887 - قوله: والسّبب في ذلك التفاؤل بتحويل الحال من الجدوبة ¬
إلى الخصب. انتهى. [2307]- وقد روى الحاكم (¬1) من حديث جابر ما يدل لذلك، ولفظه: استسقى، وحوّل رداءه ليتحوّل القحط. [2308]- وذكره إسحاق بن راهويه في "مسنده" من قول وكيع. [2309]- وفي "الطوالات" (¬2) للطبراني من حديث أنس بلفظ: وقلب رداءه لكي ينقلب القحط إلى الخصب. 888 - [2310]- حديث: أنه كان يحب الفأل. متفق عليه (¬3) من حديث أنس، بلفظ: يعجبه ... وهو في أثناء حديث. [2311]- ولهما (¬4) عن أبي هريرة بلفظ: "لا طِيَرَةَ، وَخَيْرُها الْفَأْلُ". وفي رواية لمسلم (¬5): ... وَأُحِبّ الْفَأْلَ". ورواه ابن ماجه (¬6) وابن حبان (¬7) بلفظ: كان يعجبه الفأل الحسن، ويكره الطيرة. [2312]- وفي "المستدرك" (¬8) من طريق يوسف بن أبي بردة، عن أبيه، عن ¬
عائشة، مرفوعاً: "الطَّيْر تَجْرِي بِقَدرِ"، وكان يعجبه الفأل الحسن. 889 - [2312]- حديث عمر: أنه استسقى بالعباس. البخاري (¬1) من حديث أنس، عن عمر. واستدركه الحاكم (¬2) فوهم. وأخرجه من وجه آخر مطولاً بسند ضعيف. 890 - [2314]- حديث/ (¬3): أن معاوية استسقى بيزيد بن الأسود. أبو زرعة الدمشقي في "تاريخه" (¬4) بسند صحيح. ورواه أبو القاسم اللالكائي في "السنة" في "كرامات الأولياء" (¬5) منه. [2315]- وروى ابن بشكوال (¬6) من طريق ضمرة، عن ابن أبي حملة قال: أصاب الناس قحط بدمشق، فخرج الضحاك بن قيس يستسقي فقال: أين يزيد بن الأسود، فقام وعليه برنس، ثم حمد الله وأثنى عليه ثم قال: أي ربّ إن عبادك تقربوا بي إليك فاسقهم، قال فما انصرفوا إلا وهم يخوضون في الماء. ¬
[2422]- وروى أحمد في "الزهد" (¬1): أن نحو ذلك وقع لمعاوية مع أبي مسلم الخولاني. ¬
(12) كتاب الجنائز
(12) كتابُ الجنائز
891 - [2317]-حديث: "أَكثِرُوا مِن ذِكْرِ هَادِمِ اللَّذَّاتِ". أحمد (¬1) والترمذي (¬2) والنسائي (¬3) وابن ماجه (¬4) وصححه ابن حبان (¬5) والحاكم (¬6) وابن السكن، وابن طاهر، كلهم: من حديث محمَّد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. وأعلَّه الدارقطني (¬7) با لإرسال. وفي الباب: [2318]- عن أنس عند البزار (¬8) بزيادة. وصحّحه ابن السكن، وقال أبو حاتم في "العلل" (¬9): لا أصل له. [2319]- وعن عمر، ذكره ابن طاهر في "تخريج أحاديث الشهاب"، وفيه: من لا يعرف وذكره البغوي (¬10) عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه مرسل. ¬
تنبيه
تنبيه " هاذم": ذكر السّهيلي في "الروض" (¬1): أن الرّواية فيه بالذال المعجمة، ومعناه القاطع. وأما بالمهملة فمعناه: المزيل للشيء، وليس ذلك مرادا هنا. وفي النفي نظر لا يخفى. فائدة استدل لتوجيه المحتضر إلى القبلة بحديث: [2325]- عمير بن قتادة مرفوعاً: "الْكَبَائِرُ تِسْعٌ ... " وفيه: "اسْتِحْلالُ الْبَيْتِ الْحَرامِ قِبْلَتِكُم أَحْيَاءً وَأَمْواتاً". رواه أبو داود (¬2) والنسائي (¬3) والحاكم (¬4). [2321]- ورواه البغوي في "الجعديّات" (¬5) من حديث ابن عمر نحوه. ومداره على أيوب بن عتبة، وهو ضعيف، وقد اختلف عليه فيه. واستدل له أيضاً بما: [2322]- رواه الحاكم (¬6) والبيهقي (¬7) عن أبي قتادة: أنّ البراء بن معرور أوصى أن يوجه للقبلة إذا احتضر، فقال رسول الله - صلي الله عليه وسلم: "أَصَابَ الْفِطْرَةَ". ¬
892 - [2323]- حديث: "إذَا نَامَ أَحَدُكمْ فَلْيَتَوَسَّدْ يَمِينَهُ". ابن عدي في الكامل (¬1) من حديث البراء بلفظ: "إذَا أَخَذ أَحَدُكُمْ مَضْجِعَه فَلْيَتَوَشدْ يَمِينَه، وَلْيَتْفُلْ عَنْ يَسَارِهِ، وَلْيَقُلْ: اللهُمَّ إِني أَسْلَمْت نَفْسِي إِلَيْكَ ... " الحديث. أورده في ترجمة "محمَّد بن عبد الرحمن الباهلي" ولم يضعفه (¬2). ورواه البيهقي في "الدعوات" (¬3) بسند حسن بلفظ: "إذَا أَويتَ إلى فِراشِكُم [طَاهراً فَتَوَسَّدْ يمِينَك، ثُم قُلْ ... ". وأصل حديث البراء في "الصحيحين" (¬4) بلفظ: "إذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ] (¬5) فَتَوَضأْ وُضوءَكَ للصَّلاةِ، ثُم اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأْيْمَنِ، وَقُلْ: اللهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكِ". وفي رواية للبخاري (¬6): "كَان إذَا أَوَى إلَى فِرَاشِهِ نَامَ عَلَى شِقِّه الأَيْمَن". وللنسائي (¬7) والترمذي (¬8) من حديث البراء أيضاً: "كَان يَتَوَسَّدُ يَمِينَهُ عِنْدَ ¬
الْمَنامِ وَيَقُولُ: "رَبِّ قِنِي عَذَابَكَ يَوْمَ تَبْعَثُ عِبَادَكَ". [2324]- ولأحمد (¬1) والنسائي (¬2) والترمذي (¬3) من حديث عبد الله بن زيد (¬4): كَان إذَا نَام وَضَع يَدَهُ الْيُمْنَى تَحْتَ خَدِّه. وفي الباب: [2325]- عن ابن مسعود عند النسائي (¬5) والترمذي (¬6) وابن ماجه (¬7). [2326]- وعن حفصة عند أبي داود (¬8). [2327]- وعن سلمى أم ولد أبي رافع في "مسند أحمد" (¬9) بلفظ: إن فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند موتها استقبلت القبلة، ثم توسدّت يمينها/ (¬10). [2328]- وعن حذيفة عند الترمذي (¬11). ¬
[2329]- وعن أبي قتادة، رواه الحاكم (¬1) والبيهقي في "الدلائل" (¬2) بلفظ: كان إذا عرَّس وعليه ليل توسّد يمينه. وأصله في مسلم (¬3). 93 - [2330]- حديث: " لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ قَوْلَ لا إِلَهَ إلاَّ الله". أبو داود (¬4) وابن حبان (¬5) من حديث أبي سعيد. [2331]- وهو في مسلم عنه (¬6)، وعن أبي هريرة (¬7) دون لفظ: "قول". وعند ابن حبان (¬8) عن أبي هريرة بمثله، وزاد: "فإنه مَنْ كَانَ آخِر كَلامِه لا إلَه إلاَّ الله دَخَلَ الْجَنَّةَ يَوماً مِنَ الدَّهْرِ، وَإنْ أصَابَهُ مَا أَصَابَهُ قَبْلَ ذَلِكَ". وغلط ابن الجوزي (¬9) فعزاه للبخاري، وليس هو فيه. وأما المحب الطبري فجعله من المتفق عليه، وليس كذلك. ¬
[2332]-وروى أبو القاسم القشيري في "أماليه" من طريق ابن سيرين عن أبي هريرة مرفوعاً: "إذَا ثَقُلَتْ مَرضَاكُمْ فَلا تملوهُمْ قولَ لا إِلَه إلاَّ الله، وَلكِنْ لَقنُوهُمْ، فإنَّه لَمْ يُخْتَمْ بِهِ لِمُنافِقِ قَطّ". وقال: غريب. قلت: فيه محمَّد بن الفضل بن عطية وهو متروك. وفي الباب: [2333]- عن عائشة رواه النسائي (¬1) بلفظ المصنف، لكن قال: "هلكاكم" بدل "موتاكم". [2334]- وعن عبد الله بن جعفر بلفظ: "لَقنُوا مَوْتَاكُمْ لا إِلَه إلا الله الْحَلِيم الْكَرِيم .... " (¬2) الحديث. [2335]- وفيه: عن جابر في "الدعاء" (¬3) للطبراني، و"الضعفاء" (¬4) للعقيلي، وفيه عبد الوهاب بن مجاهد وهو متروك. [2336]- وعن عروة بن مسعود الثقفي رواه العقيلي (¬5) بإسناده ضعيف، ثم قال: روي في الباب أحاديث صحاح، عن غير واحد من الصحابة. [2337]- ورواه ابن أبي الدنيا في "كتاب المحتضرين" من طريق عروة ابن مسعود، عن أبيه، عن حذيفة بلفظ: "لَقِّنُوا مَوْتاكُمْ لا إلَهَ إلاَّ الله، ¬
فَإنَّها تَهْدِمُ مَا قَبْلَهَا مِنَ الْخَطَايَا". وروي فيه أيضاً: عن عمر وعثمان، وابن مسعود، وأنس، وغيرهم. وفي الباب: [2338، 2339]- عن ابن عباس، وابن مسعود، رواهما الطبراني (¬1). [2340]- وروي فيه أيضاً (¬2) من حديث عطاء بن السائب، عن أبيه، عن جده بلفظ: "مَنْ لُقِّنَ عِنْدَ الْمَوْتِ شَهَادَةَ أَنْ لا إِلَه إلا الله دَخَل الْجَنَّةَ". 894 - [2341]- حديث: "مَنْ كَانَ آخِر كلامِهِ لا إِلَه إلاَّ الله دَخَل الْجَنَّةَ". أحمد (¬3) وأبو داود (¬4) والحاكم (¬5) من حديث معاذ بن جبل. وأعله ابن القطان (¬6) بصالح بن أبي عريب، وأنه لا يعرف. وتُعُقِّب: بأنه روى عنه جماعة (¬7)، وذكره ابن حبان في "الثقات" (¬8) ¬
تنبيه
تنبيه غلط ابن معن، فعزى هذا الحديث للبخاري ومسلم، وليس هو فيهما من حديث معاذ. [2342]-[نعم عند مسلم (¬1) من حديث عثمان] (¬2): "مَن مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنْ لا إِلَه إلاَّ الله دَخَل الْجَنَّةَ". وفي الباب: [2343]- عن أبي هريرة وأبي سعيد أخرجه الطبراني في "الأوسط" (¬3) من طريق أبي إسحاق، عن الأغر، عنهما , ولفظه: "مَن قَال عِنْدَ موتِهِ لا إلَهَ إلاَّ الله والله أَكْبَر وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلاَّ بالله لا تَطْعَمُه النَّارُ أَبدًا". وفيه جابر بن يحيى ى الحضرمي (¬4). ونحوه عند النّسائي (¬5) عن أبي هريرة وحده. [2344]- وعن أبي ذر قال: أتيت النبي - صلي الله عليه وسلم - وهو نائم، وعليه ثوب أبيض، ثم أتيته وقد استيقظ، فقال: "مَا مِنْ عَبدِ قَال لَا إِلَه إلاَّ الله ثُمَّ مَاتَ عَلَى ذَلِكَ إلاَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ ... " الحديث، رواه مسلم (¬6). ¬
[2345]- وعن عثمان، عن عمر مرفوعاً: "إنِّي لأعْلَمُ كَلِمةً لا يَقُولُهَا عبدٌ حَقًّا مِنْ قَلْبِه فَيَمُوتُ علَى ذَلِك إلاَّ حُرِّم عَلى النّار؛ لا إلَهَ إلاَّ الله". رواه الحاكم (¬1). وفي الباب: [23461، 2347]- عن عبادة وطلحة وعمر، وهي في "الحلية" (¬2). [2348]- وعن ابن مسعود مثل حديث الباب، رواه الخطيب في "تلخيص المتشابه" (¬3). [2349]- وفيه: عن حذيفة نحوه. [2350، 2351]- وفي "العلل" للدارقطني عن جابر وابن عمر نحوه. 895 - [2352]- حديث: روي أنه - صلي الله عليه وسلم - قال/ (¬4): "اقْرَءُوا {يس} عَلَى مَوْتَاكُمْ". أحمد (¬5) وأبو داود (¬6) والنسائي (¬7) وابن ماجه (¬8) وابن حبان (¬9) ¬
تنبيه
والحاكم (¬1) من حديث سليمان التيمي، عن أبي عثمان- وليس بالنهدي. عن أبيه، عن معقل ابن يسار. ولم يقل النسائي وابن ماجه: عن أبيه. وأعله ابن القطان (¬2) بالاضطراب، وبالوقف، وبجهالة حال أبي عثمان وأبيه. ونقل أبو بكر بن العربي عن الدارقطني أنه قال: هذا حديث ضعيف الإسناد، مجهول المتن ولا يصح في الباب حديث. [2353]- وقال أحمد في "مسنده" (¬3): حدثّنا أبو المغيرة حدثنا صفوإن قال: كانت المشيخة يقولون: إذا قرئت -يعني يس. عند الميت خفف عنه بها. [2354]- وأسنده صاحب "الفردوس" من طريق مروان بن سالم، عن صفوان ابن عمرو، عن شريح، عن أبي الدرداء وأبي ذر قالا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَا مِنْ مَيِّتٍ يَمُوتُ فَيُقْرَأُ عِنْدَه {يس} إلاَّ هَوَّنَ الله عَلَيْه". وفي الباب: [2355]- عن أبي ذر وحده، أخرجه أبو الشيخ في "فضائل القرآن". تنبيه قال ابن حبان في "صحيحه" (¬4): عقب حديث معقل قوله: "اقْرَءُوا عَلَى مَوْتَاكُمْ {يس} ": أراد به من حضرته المنيّة، لا أن الميت يقرأ عليه، قال: وكذلك: "لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لا إلَه إلا الله" .... ¬
وردَّه المحبّ الطبري في "الأحكام" وغيره في القراءة، وسلم له في التلقين. 896 - [2356]- حديث جابر: سمعت النبي - صلي الله عليه وسلم - يقول قبل موته: "لا يَمُوتُنّ أَحَدُكُمْ إلا وَهُو يُحْسِنُ الظَّنَّ بِالله". مسلم (¬1) بهذا، من طريق أبي سفيان، عن جابر. ومن طريق أبي الزبير، عنه. وفي ابن أبي شيبة من طريق أبي صالح، عن جابر. وفي "ثقات ابن حبان" (¬2): أن بعض السلف (¬3) سئل عن معناه؟ فقال: معناه أنه لا يجمعه والفجار في يد واحدة. وقال الخطابي (¬4): معناه: أحسنوا أعمالكم حتى يحسن ظنكم بربكم، فمن أحسن عمله حسن ظنه بربه، ومن ساء عمله ساء ظنه. وفي الباب: [2357]- عن أنس رويناه في "الخلعيات" بسند فيه نظر. [2358]- وفي "الصحيحين" (¬5) عن أبي هريرة مرفوعاً: "قَالَ الله: أَنَا عِنْد ظَنِّ عَبْدِي بِي". [2359]- وروى ابن أبي الدنيا في "كتاب المحتضرين" عن إبراهيم قال: ¬
فائدة
كانوا يستحبون أن يلقنوا العبد محاسن عمله عند موته، لكي يحسن ظنه بربه (¬1). [2360]- وعن سوار بن معتمر (¬2): قال لي أبي: حدثني بالرخص لعلي ألقى الله وأنا حَسَنُ الظّن به. 897 - [2361]- قوله: استحب بعض التابعين قراءة سورة الرعد إنتهي. والمبهم المذكور هو أبو الشعثاء جابر بن زيد صاحب ابن عباس، أخرجه أبو بكر المروزي في كتاب "الجنائز" له وزاد: فإن ذلك تخفيف عن الميت، وفيه أيضاً عن الشعبي قال: كانت الأنصار يستحبون أن يقرءوا عند الميت سورة البقرة. وأخرج المستغفري في "فضائل القرآن": أثر أبي الشعثاء المذكور نحوه. 898 - [2362]- حديث: أنه - صلي الله عليه وسلم - أغمض أبا سلمة لما مات. مسلم (¬3) من رواية أم سلمة قالت: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أبي سلمة وقد شق بصره فأغمضه , ثم قال: "إنّ الرُّوحَ إذا قُبِضَ تَبِعَهُ الْبَصَرُ ... " الحديث. فائدة [2363]- روى ابن ماجه (¬4) عن شداد بن أوس مرفوعاً: "إذا حَضَرتُم مَوتَاكُمْ فَأَغْمِضُوا الْبَصْرَ؛ فَإِنَّ الْبَصَر يَتْبَعُ الرُّوحَ، وَقُولُوا خَيْراً". ¬
وأخرجه أيضاً أحمد (¬1) والحاكم (¬2) وا لطبراني في "الأوسط" (¬3) والبزار (¬4)، وفيه قزعة بن سويد. 9899 - [2364]- حديث: أنه لما توفي - صلي الله عليه وسلم - سجي ببرد حبرة. متفق عليه (¬5) من حديث عائشة. وفي الباب: [2365]- حديث جابر: جيء بأبي يوم أحد وقد مثل به، فوضع بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد سُجِّي بثوب .... الحديث (¬6). 900 - حديث/ (¬7): أنّ غسله - صلي الله عليه وسلم - تولاه علي والفضل بن عباس، وأسامة بن زيد يناول الماء والعباس واقفٌ ثَمَّ. قال ابن دحية (¬8): لم يختلف في أنّ الذين غسلوه علي والفضل، واختلف في العباس وأسامة وقثم وشقران. انتهى. ¬
[2366]-فأما علي، فروى ابن ماجه (¬1) والحاكم (¬2) والبيهقي (¬3) من حديث علي قال: غسلت النبي - صلى الله عليه وسلم - فذهبت أنظر ما يكون من الميت، فلم أر شيئاً. [1367]- وأما الفضل بن عباس وغيره، فروى أحمد (¬4) من حديث ابن عباس: أن عليا أسند رسول الله - صلي الله عليه وسلم - إلى صدره وعليه قميصه، وكان العباس والفضل وقثم يقلبونه مع علي، وكان أسامة بن زيد وصالح مولاه يصبان الماء. وفي إسناده حسين بن عبد الله، وهو ضعيف. [2368]- وروى عبد الرزاق (¬5) وابن أبي شيبة (¬6) والبيهقي (¬7) من حديث ابن جريج: سمعت محمَّد بن علي أبا جعفر يقول: غسل النبي- صلى الله عليه وسلم - ثلاثاً بالسدر، وغسل وعليه قميص، وغسل من بئر يقال لها: الغرس بقباء كانت لسعد بن خيثمة، وكان يشرب منها، وولي سفلته علي، والفضل يحتضنه، والعباس يصب الماء، فجعل الفضل يقول: أرحني قطعت وتيني. وهو مرسل جيد. [2369]- وروى الطبراني في الأوسط (¬8) في ترجمة "أحمد بن يحيي ¬
الحلواني"، عن الحسن بن علي قال: غسل النبي - صلي الله عليه وسلم - علي والفضل بن العباس وكان أسامة بن زيد يصب عليه الماء. [2370]- وروى البزار (¬1) من طريق يزيد بن بلال، قال: قال علي: أوصى النبي أن لا يغسله أحد غيري. الحديث. [2371]- وروى ابن المنذر في "الأوسط" عن أبي بكر: أنه أمرهم، أن يغسل النبي - صلى الله عليه وسلم - بنو أبيه، وخرج من عندهم. 901 - [2372]- حديث: أنّه - صلى الله عليه وسلم - غُسل في قميص. الشافعي (¬2)، عن مالك، عن جعفر بن محمَّد عن أبيه بهذا. [2373]- وروى ابن ماجه (¬3) والحاكم (¬4) والبيهقي (¬5) من حديث علقمة بن مرثد، عن ابن بريدة عن أبيه، قال: لما أخذوا في غسل النبي - صلى الله عليه وسلم - ناداهم معاذ من الداخل: لا تنزعوا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قميصه ... وقد تقدم حديث ابن عباس وأبي جعفر قبل. ¬
[2374]- وروى أبو داود (¬1) وابن حبان (¬2) والحاكم (¬3) عن عائشة، قالت: لما أرادوا أن يغسلوا رسول الله - صلي الله عليه وسلم - قالوا: ما ندري أنجرّده من ثيابه كما نجرد موتانا أم نغسله وعليه ثيابه، فلما اختلفوا ألقى الله عليهم النوم، ثم كلمهم مكلَّم من ناحية البيت لا يدرون من هو: أن غسلوا النبي - صلى الله عليه وسلم - وعليه ثيابه ... الحديث. وفي رواية لابن حبان (¬4): فكان الذي أجلسه في حجره علي بن أبي طالب. [2375]- وروى الحاكم (¬5) عن عبد الله بن الحارث قال: غسل النبي - صلى الله عليه وسلم - علىٌّ وعلى يد علي خرقة يغسله فأدخل يده تحت القميصى يغسله والقميص عليه. *حديث علي: أنّ النبي - صلي الله عليه وسلم -قال: "لا تُبْرِزْ فَخِذَكَ، وَلا تَنْظُرْ إِلَى فَخِذِ حَيٍّ وَلا مَيّتٍ". تقدم في "شروط الصلاة". 902 - [2376]- حديث: أنه - صلي الله عليه وسلم - قال للواتي غسلن ابنته: "ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا وَمَواضِعَ الْوُضُوءِ مِنْهَا". متفق عليه (¬6) من حديث أم عطية، واسمها نسيبة. ¬
903 - [2377]- حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال "افْعَلُوا بِمَيّتِكُم مَا تَفْعَلُونَ بِعَرُوسِكُمْ ... ". هذا الحديث ذكره الغزّالي في "الوسيط" (¬1): بلفظ: "افْعَلُوا بِمَوْتَاكُمْ مَا تَفْعَلُونَ بِأَحْيَائِكمْ". وتعقَّبه ابنُ الصَّلاح بقوله: بعثت عنه فلم أجده ثابتا/ (¬2). وقال أبو شامة في "كتاب السِّواك": هذا الحديث غير معروف. انتهى. [2378]- وقد روى ابن أبي شيبة (¬3)، عن محمَّد بن أبي عدي، عن حميد, عن بكر هو بن عبد الله المزني، قال: قدمت المدينة فسالت عن غسل الميت؟ فقال بعضهم: اصنع بميتك كما تصنع بعروسك، غير أن لا تجلو. وأخرجه أبو بكر المروزي في كتاب "الجنائز" له وزاد فيه: فدلوني علي بني ربيعة فسألتهم، فذكره ... وقال: غير أن لا تنور. وإسناده صحيح، لكن ظاهره الوقف. [2379]- وأصحّ من ذلك ما في "الصحيحين" (¬4) عن أم عطية: لما غسلنا ابنة النبي في - صلى الله عليه وسلم - مشطناها. ¬
[2380]- وروى البيهقي (¬1) عن عائشة تحليقا، أنها قالت: علام تنصون ميتكم. قال البيهقي: أي تسرحون شعره، وكأنها كرهت ذلك إذا سرحه بمشط ضيق الأسنان. كذا قال! وقد وصله عبد الرزاق (¬2) وأبو عبيد في "غريب الحديث" (¬3) من طريق إبراهيم النخعي: أن عائشة رأت امرأة تكدرت رأسها، تمشي فقالت علام تنصون ميتكم. فكأنها أنكرت المبالغهَ في ذلك، لا أصل التسريح. * حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لغاسلات ابنته: "ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا ... ". تقدم قريبا. 904 - [2381]- حديث: أنه قال لغاسلات ابنته: "إغْسِلْنَهَا ثَلاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا". متفق عليه (¬4)، من حديث أم عطية، لكن عندهما بعد قوله: "أَوْ خَمْسًا": "أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِك ... " الحديث. وعند البخاري في رواية (¬5): "أَوْ سَبْعًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِك". ¬
تنبيه
تنبيه بنت رسول الله-صلى الله عليه وسلم- هذه هي زينب كما في "صحيح مسلم". -* حديث قال لأم عطية: "اجْعَلْنَ في الآخِرَةِ كافُورًا". متفق عليه. [2382]- وروى ابن أبي شيبة (¬1) والحاكم (¬2) من طريق أبي وائل، عن علي: أنه كان عنده مسك فأوصى أن يحني به، وقال: هو فضل حنوط النبي-صلى الله عليه وسلم -. 905 - [2383]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لعائشة: "لَوْ مِتِّ قَبلي لَغَسَّلْتُكِ، وَكَفَنْتُكِ". أحمد (¬3) والدارمي (¬4) وابن ماجه (¬5) وابن حبان (¬6) والدارقطني (¬7) والبيهقي (¬8) من حديثها، وأوله: رجع رسول الله-صلى الله عليه وسلم- من البقيع وأنا أجد صداعا في ¬
تنبيه
رأسي، وأقول وارأساه، فقال: "مَا ضَؤكِ لَوْ مِتِّ قَبْلِي فَقُمْتُ عَلَيْكِ وَغَسلْتُكِ وَكَفنْتُكِ" ... الحديث. وأعله البيهقي بابن إسحاق، ولم ينفرد به، بل تابعه عليه صالح بن كيسان عند أحمد (¬1) والنسائي (¬2). وأما ابن الجوزي (¬3) فقال: لم يقل: "غَسلْتُكِ" إلا ابن إسحاق، وأصله عند البخاري (¬4) بلفظ: "ذَاكِ لَوْ كَانَ وَأنَا حَيّ فَأَسْتَغْفِرُ لَكِ وَأَدْعُو لَكِ". تنبيه تبين أن قوله: "لغسلتك .. " باللام تحريف، والذي في الكتب المذكورة "فغسلتك" بالفاء وهو الصواب، والفرق بينهما أن الأولى شرطية، والثانية [للّتمُني] (¬5). * قوله: إن عليًّا غسل فاطمة .... يأتي آخر الباب. 906 - [23841]- حديث: أن رجلاً كان مع النبي-صلى الله عليه وسلم- فمات فوقصته ناقته وهو محرم فمات، فقال النبي-صلى الله عليه وسلم-:" اغْسُلوه بِماءٍ وَسِدْرٍ، ¬
وَكَفِّنُوه في [ثَوْبَيْهِ] (¬1)، وَلا تَمَسّوه بِطِيب، ولا تُخَمِّرُوا رَأْسَه؛ فإنَّه يُبْعَث يَوْمَ الْقِيامَةِ مُلَبِّياً". متفق على صحته (¬2) من حديث ابن عباس، وله طرق وألفاظ. ورواه أيضاً النسائي (¬3) وابن حبان (¬4) وعندهما: "ولا تُخَمِّرُوا وَجْهَهَ وَلا رَأْسَه"، وهو في رواية لمسلم أيضاً (¬5) وقال البيهقي (¬6): ذكر الوجه غريب فيه، ولعله/ (¬7) وهم من بعض رواته. * حديث: "خَير ثيابِكُمُ الْبَياضَ، فَاكسُوهَا أحيَاءَكمْ، وَكفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكمْ". تقدّم في "الجمعة". ويعارضه [3851]- حديث جابرعند أبي داود (¬8) مرفوعاً: "إذَا تُوفِّي أَحَدُكُمْ فَوَجَد شَيْئًا فَلْيُكَفَّنْ فِي ثَوْبِ حِبَرَةٍ".وإسناده حسن ¬
تنبيه
907 - [2386]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم- كُفّن في ثلاثة أثواب سحوليّة من كُرسف بيض، ليس فيها قميص ولا عمامة. متفق عليه (¬1) من حديث عائشة. وفي رواية أبي داود (¬2): في ثلاثة أثواب يمانية بيض. وفي رواية للنسائي (¬3): فذكر لعائشة قولهم: في ثوبين وبرد حبرة، فقالت: قد أتي بالبرد ولكنهم ردوه. ولمسلم (¬4): أما الحلّة فإنما شبه على النَّاس، أنها إشتريت له ليكفن فيها فتركت. تنبيه السحولية، نسبة لسحول موضع باليمن، وهو بفتح السين وضم الحاء المهملتين، ويروى بضم أوله. فائدة [2387]- روى أبو داود (¬5) عن ابن عباس أنه كفن - صلى الله عليه وسلم - في ثلاثة أثواب؛ قميصه الذي مات فيه، وحلة نجرانية. ¬
تفرد به يزيد بن أبي زياد، وقد تغير، وهذا من ضعيف حديثه. [23881]- وقد روى ابن عدي (¬1) من طريق أخرى عن ابن عباس: أنه - صلى الله عليه وسلم - كفن في قطيفة حمراء. وفيه: قيس بن الربيع وهو ضعيف، وكأنه اشتبه عليه بحديث: جعل في قبره قطيفة حمراء. فإئه مروي بالإسناد المذكور بعينه. [2389]-وروى البزار (¬2) وابن عدي في "الكامل" (¬3) من طريق جابر بن سمرة: كفن النبي-صلى الله عليه وسلم- "في ثلاثة أثواب؛ قميص، وإزار، ولفافة. تفرد به ناصح، وهو ضعيف. [2390]- وروى ابن أبي شيبة (¬4) وأحمد (¬5) والبزار (¬6) عن علي: كفن النبي-صلى الله عليه وسلم- في سبعة أثواب. وهو من رواية عبد الله بن محمَّد بن عقيل، عن ابن الحنفية، عن علي. وابن عقيل سيء الحفظ، يصلح حديثه للمتابعات، فأما إذا انفرد فيُحَسّن، وأما إذا خالف فلا يقبل، وقد خالف هو رواية نفسه؛ فروى عن جابر أنه في - صلى الله عليه وسلم - كفن في ثوب نمرة. قلت: ¬
[2391]- وروى الحاكم من حديث أيوب، عن نافع، عن ابن عمر ما يعضد رواية ابن عقيل، عن ابن الحنفية، عن علي. فالله أعلم 908 - [2392]- حديث: أن مصعب بن عمير قتل يوم أحد، فلم يخلف إلا نمرة، فكان إذا غطي بها رأسه بدت رجلاه، وإذا غطي بها رجلاه بدا رأسه، فقال النبي-صلى الله عليه وسلم-: "غَطّوا بِهَا رَأْسَهُ وَاجْعَلُوا عَلَى رِجْلَيهِ مِنَ الإذْخِر". متفق عليه (¬1) من حديث خباب بن الأرت في حديث. وفي رواية لمسلم (¬2): "بردة" بدل "نمرة". [2393]- وروى الحاكم (¬3) عن أنس في حق حمزة مثله. * حديث: أوصى أبو بكر أن يكفن في ثوبه الخلق. يأتي في آخر الباب. 909 - [2394]- حديث: "لا تُغَالُوا في الْكَفَنِ، فَإنَّه يُسْلَبُ سَلْباً سَرِيعا". أبو داود (¬4) من رواية الشعبي، عن علي. وفي الإسناد عمرو بن هاشم الجنبي ¬
مختلف فيه، وفيه انقطاع بين الشعبي وعلي؛ لأنّ الدارقطني قال (¬1): إنه لم يسمع منه سوى حديث واحد. [2395]- وفي مسلم (¬2) عن جابر: "إذَا كَفَّنَ أَحَدُكُمْ أَخَاه فَلْيُحْسِنْ كَفَنَة". وروى الترمذي (¬3): أن معناه الصفاء لا المرتفع. [2396]- روى أبو داود (¬4) وابن حبانْ (¬5) والحاكم (¬6) من حديث أبي سعيد: أنه لما حضره الموت دعا بثياب جدد فلبسها، ثم قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إنَّ الْمَيِّتَ يُبْعَثُ في ثِيَابِهِ الَّذي مَاتَ فِيهَا". ورواه ابن حبّان بدون القصّة، وقال: أراد بذلك أعماله؛ لقوله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} يريد: وعملك فأصلحه. قال: والأخبار الصحيحة صريحة أن الناس يحشرون حفاة عراة. انتهى. والقصّة التي في حديث أبي سعيد ترد ذلك، وهو أعلم بالمراد ممن بعده. وحكى الخطابي (¬7) في الجمع بينهما أنّه يبعث في ثيابه، ثم يحشر عريانا. والله أعلم. ¬
* حديث عائشة: كفن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص ولا عمامة. تقدم. وأعاده هنا للاحتجاج على الحنفية في نفي القميص، وأجابوهم باحتمال أن يكون المعنى: "ثلاثة أثواب" زيادة على القميص والعمامة، وهو خلاف صريح الخبر. ويستدل للتكفين في القميص بحديث جابر في قصة عبد الله بن أبي، فإن النبي-صلى الله عليه وسلم- أعطى ابنه القميص الذي كان على النبي-صلى الله عليه وسلم- فكفنه فيه. 910 - قوله: ويستثنى المحرم من ذلك، فلا يلبس المخيط. يشير إلى حديث ابن عباس في قصة المحرم. وقد تقدم، وفيه: "كَفِّنُوه في ثَوْبِه، وَلا تُخَمِّرُوا رَأْسَه". 911 - [2397]- حديث: أن أم عطية لما غسلت أم كلثوم، بنت رسول الله-صلى الله عليه وسلم-[كان رسول الله-صلى الله عليه وسلم] (¬1) جالساً على الباب، فناولها إزارا ودرعا، وخمارا وثوبين. كذا وقع فيه "أم عطية"، وفيه نظر؛ لما رواه أبو داود (¬2) من: [2398]- حديث ليلى بنت قانف الثقفية، قالت: كنت فيمن غسل أم كلثوم ¬
تنبيه
بنت النبي-صلى الله عليه وسلم- فكان أول ما أعطانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحقا ثم الدرع، ثم الخمار ثم الملحفة، ثم أدرجت بعد في الثوب الآخر، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس عند الباب يناولنا ثوبا ثوبا. وهو عنده من رواية محمَّد بن إسحاق، قال حدثني نوح بن حكيم، عن داود رجل من بني عروة بن مسعود، قد ولدته أم حبيبة، عن ليلى بهذا. وأعله ابن القطان (¬1) شرح وأنه مجهول، هان كان ابن إسحاق، قد قال: إنه كان قارئا للقرآن، وداود حصل له فيه تردد هل هو داود بن عاصم بن عروة بن مسعود، أو غيره، فإن يكن بن عاصم فيعكر عليه: أن ابن السّكن وغيره، قالوا: إن أم حبيبة كانت زوجا لداود بن عروة بن مسعود، فحينئذ لا يكون داود بن عاصم لأم حبيبة عليه ولادة. وما أعله به ابن القطان ليس بعلة، وقد جزم ابن حبان (¬2) بأن داود هو ابن عاصم وولادة أم حبيبة له تكون مجازية إن تعين ما قاله ابن السكن. وقال بعض المتأخرين: إنما هو ولّدته- بتشديد اللام. أي قبلته. تنبيه الحقا. بكسر المهملة وتخفيف القاف مقصور. قيل: هو لغة في الحقو، وهو الإزار. وقانف: بالنون. ولم يظهر في الخبر حضور أمّ عطية ذلك لكن وقع في ابن ماجه (¬3): ¬
[2399]- عن أبي بكر، عن عبد الوهاب، عن أيوب، عن محمَّد، عن أم عطية قالت: دخل علينا رسول الله-صلى الله عليه وسلم- ونحن نغسل ابنته أم كلثوم ... الحديث. ورواه مسلم (¬1) فقال: "زينب" ورواته أتقن وأثبت. 912 - [2400]- قوله: ليس في حمل الجنازة دناءة؛ فقد نقل ذلك من فعل رسول الله-صلى الله عليه وسلم-. الشافعي (¬2) عن بعض/ (¬3) أصحابه، عن النبي-صلى الله عليه وسلم- أنه حمل جنازة سعد بن معاذ بين العمودين. [2401]- وقد رواه ابن سعد (¬4) , عن الواقدي، عن ابن أبي حبيبة، عن شيوخ من بني عبد الأشهل. وقد ذكره الرافعي بعد. 913 - [2402]- قوله: ونقل حمل الجنازة أيضاً عن الصحابة والتابعين. الشافعي (¬5): عن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن جده، قال: رأيت سعد بن ¬
أبي وقاص في جنازة عبد الرحمن بن عوف قائما بين العمودين المقدمين، واضعا السرير على كاهله. [2403 - 2406]- ورواه الشافعي (¬1) أيضاً بأسانيده من فعل عثمان، وأبي هريرة، وابن الزبير، وابن عمر، أخرجها كلها البيهقي (¬2). [2407]- ورواه البيهقي (¬3) من فعل المطلب بن عبد الله بن حنطب وغيره. [2408]- وفي البخاري (¬4): وحنط ابن عمر ابنا لسعيد بن زيد وحمله. [2409 - 2412]- وروى ابن سعد (¬5) عن مروان وعثمان وعمر (¬6) وأبى هريرة ذلك. 914 - [2413]- حديث ابن مسعود: إذا تبع أحدكم الجنازة فلياخذ بجوانب السرير الأربع، ثم ليتطوع بعد أو ليذر؛ فإنه من السنة. أبو داود الطيالسي (¬7) وابن ماجه (¬8) والبيهقي (¬9) من رواية أبي عبيدة بن عبد الله ابن مسعود، عن أبيه، قال: من أَتبع جنازة فليحمل بجوانب السرير كلها، فإنه ¬
من السنة، ثم إن شاء فليتطوع، وإن شاء فليدع. لفظ ابن ماجه. وقال الدارقطني في "العلل" (¬1) اختلف في إسناده على منصور بن المعتمر. وفي الباب: [2414]- عن أبي الدرداء، رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (¬2). [2415، 2416]- وفي "العلل" لابن الجوزي مرفوعاً عن ثوبان (¬3) وأنس (¬4) وإسنادهما ضعيفان. وحديث أنس أخرجه الطبراني في "الأوسط" (¬5) مرفوعاً بلفظ: "مَن حَمَل جَوَانِبَ السَّرِيرِ الأرْبَع كَفَّر الله عَنْهَ أَرْبَعِين كَبِيرةً". [2417]- وروى ابن أبي شيبة (¬6) وعبد الرزاق (¬7) من طريق علي الأزدي قال: رأيت ابن عمر في جنازة يحمل جوانب السرير الأربع. [2418]- وروى عبد الرزاق (¬8) من طريق أبي المهزم: عن أبي هريرة -رضي الله عنه: من حمل الجنازة بجوانبها الأربع فقد قضى الذي عليه. ¬
915 - [2419]- حديث ابن عمر: رأيت النبي-صلى الله عليه وسلم- وأبا بكر وعمر يمشون أمام الجنازة. أحمد (¬1) وأصحاب السنن (¬2) والدارقطني وابن حبان (¬3) والبيهقي (¬4) من حديث ابن عيينة، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، به. قال أحمد: إنما هو عن الزهري مرسل، وحديث سالم فعل ابن عمر، وحديث ابن عيينة وهم. قال الترمذي: أهل الحديث يرون المرسل أصح، قاله ابن المبارك. قال: وروى معمر ويونس ومالك عن الزهري أن النبي-صلى الله عليه وسلم-كان يمشي أمام الجنازة. قال الزهري: وأخبرني سالم: أن أباه كان يمشي أمام الجنازة. قال الترمذي: ورواه ابن جريج، عن الزهري، مثل بن عيينة، ثم روي عن ابن المبارك أنه قال: أرى ابن جريج أخذه عن ابن عيينة. وقال النسائي: وصله خطأ، والصواب مرسل. [2420]- وقال أحمد (¬5) حدثنا حجاج، قرأت على ابن جريج، حدّثنا زياد ابن سعد: أن ابن شهاب أخبره حدثني سالم، عن ابن عمر: أنه كان يمشي بين ¬
يدي الجنازة، وقد كان رسول الله-صلى الله عليه وسلم- في - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمر يمشون أمامها. قال عبد الله (¬1): قال أبي ما معناه: القائل: "وقد كان رسول الله-صلى الله عليه وسلم- ... "إلى آخره؛ هو الزهري، وحديث سالم فعل ابن عمر. وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" (¬2) / (¬3) من طريق شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، عن سالم: أن عبد الله بن عمر كان يمشي بين يديها، وأبا بكر وعمر وعثمان. قال الزهري: وكذلك السُّنَّة. فهذا أصح من حديث ابن عيينة، وقد ذكر الدارقطني في "العلل" اختلافاً كثيراً فيه على الزهري، قال: والتصحيح قول من قال: عن الزّهري، عن سالم عن أبيه: أنّه كان يمشي. قال: وقد مشى رسول الله- صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمر. واختار البيهقي (¬4) ترجيح الموصول؛ لأنه من رواية ابن عيينة وهو ثقة حافظ. وعن علي بن المدين (¬5) قال: قلت لابن عيينة: يا أبا محمَّد خالفك الناس في هذا الحديث، فقال: أستيقن الزهري حدثني مرارا لست أحصيه، يعيده ويبديه سمعته مِنْ فيه عن سالم، عن أبيه. قلت: وهذا لا ينفي عنه الوهم، فإنه ضابط؛ لأنه سمعه منه، عن سالم، عن أبيه، والأمر كذلك إلا أن فيه إدراجاّ، لعل الزهري أدمجه إذ حدّث به ابن ¬
عيينة، وفصله لغيره. وقد أوضحته في "المدرج" بأتم من هذا. وجزم أيضاً بصحته ابن المنذر، وابن حزم (¬1)، وقد روي عن يونس عن الزهري عن أنس مثله، أخرجه الترمذي (¬2) وقال: سألت عنه البخاري، فقال: هذا خطأ أخطأ فيه محمَّد بن بكر. 916 - [2421]- حديث علي: قام النبي-صلى الله عليه وسلم- للجنازة حتى توضع، وقام الناس معه، ثم قعد بعد ذلك وأمرهم بالقعود. البيهقي (¬3) من طرق، وافق في بعضها هذا السياق. ولمسلم (¬4) من حديث علي قام النبي-صلى الله عليه وسلم- يعني في الجنازة- ثم قعد. مختصر. ورواه ابن حبان (¬5) بلفظ: كان يأمرنا بالقيام في الجنائز، ثم جلس بعد ذلك، وأمرنا بالجلوس. [2422]- وروى أبو داود (¬6) والترمذي (¬7) وابن ماجه (¬8) والبزار والبيهقي (¬9) ¬
تنبيه
من حديث عبادة بن الصامت: أن يهودياً قال: هكذا نفعل - يعني في القيام للجنازة. فقال النبي-صلى الله عليه وسلم-: "اجْلِسُوا خَالِفُوهُمْ". وإسناده ضعيف، قال الترمذي: غريب، وبشر بن رافع ليس بالقوي. وقال البزار: تفرد به بشر وهو لين. قال الشافعي (¬1) حديث علي ناسخ لحديث عامر بن ربيعة، وأبي سعيد الخدري وغيرهما. واختار ابن عقيل الحنبلي والنووي (¬2): أن القعود إنما هو لبيان الجواز والقيام باق على استحبابه. والله أعلم. تنبيه المراد بالوضع، الوضع على الأرض. ووقع في رواية عبادة المذكورة: حتى توضع في اللحد. ويرده: [2423]- ما في حديث البراء الطويل الذي صححه أبو عوانة (¬3)، وغيره: كنا مع رسول الله-صلى الله عليه وسلم- في جنازة، فانتهينا إلى القبر ولما يلحد، فجلس فجلسنا حوله. ¬
ووقع في رواية سهيل عن أبيه، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- اختلاف؛ فقال الثوري، عنه: حتى يوضع بالأرض. وقال أبو معاوية، عنه: حتى توضع باللّحد، حكاه أبو داود (¬1) ووهَّم رواية أبي معاوية، وكذا قال الأثرم. 917 - [2424]- حديث: أنّه - صلى الله عليه وسلم - سئل عن المشي بالجنازة فقال: "دُونَ الْخَبَبِ، فَإنْ يَكُ خَيراَ عَجَّلُوه إِلَيه، وَإنْ يَكُ شَرًّا فَبُعْدًا لأهل النَّارِ، الجنَازَةُ مَتئوعَةٌ وَلا تَتْبَعُ، لَيس مِنْهَا مَنْ تَقدَّمَهَا" .. أبو داود (¬2) والترمذي (¬3) من حديث أبي ماجدة عن ابن مسعود، قال: سألنا نبينا عن المشي خلف الجنازة قال: "مَا دُونَ الْخَبَبِ، فَإنْ كَان خَيْرًا عَجلْتُمُوهُ، وَإنْ كَان شَرًّا/ (¬4) فَلا يَبْعُد إلَّا أَهْلُ النار، الجنَازَةُ مَتبُوعَةٌ وَلا تَتْبَعُ، ولَيس مِنْهَا مَنْ تَقَدمَهَا". ورواه ابن ماجه (¬5) مختصرًا مقتصِرًا على قوله: "الجنَازَةُ مَتبُوعَةٌ"، وضعّفه ¬
تنبيه
البخاري (¬1) وابن عدى (¬2) والترمذي (¬3) والنسائي والبيهقي (¬4) وغيرهم. تنبيه أوّل الحديث في "الصحيحين" (¬5): [2425]- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- يلفظ: "أَسْرِعُوا بالجَنازَةِ؛ فَإنْ تَكُ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تقَدِّمُونَها إِلَيْه، وَأن يَكُ غَيْرَ ذلِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ، عَنْ رقابِكُمْ". [2426]- أبي في داود (¬6) نسائي (¬7) والحاكم (¬8) من حديث أبي بكرة لقد رأيتنا مع رسول الله-صلى الله عليه وسلم- وإنا لنكاد أن نرم بها رملا. [2427]-لابن ماجه (¬9) وقاسم بن أصبغ من حديث أبي موسى: "عَلَيكُمْ بِالْقَصّد في جَنائِزِكُم إذَا مَشَيْتُم". وفي إسناده ضعف. ورواه البيهقي (¬10). ثم أخرج (¬11) عن أبي موسى , من قوله: إذا انطلقتم بجنازتي، فأسرعوا ¬
بالمشي. وقال: هذا يدل على أن المراد: كراهة شدة الإسراع. * قوله: روي أنّ الصّحابة صلوا على يد عبد الرحمن بن عتاب. يأتي آخر الباب. 918 - قوله: يستحب دفن ما ينفصل من الحي، من ظفر وشعر، وغيرهما. أنتهى. قال البيهقي (¬1): وروي في ذلك أحاديث أسانيدها ضعاف. [2428]- ثم روى من طريق عبد الله بن عبد العزيز بن أبي رواد، عن أبيه، عن نافع، عن ابن عّمر مرفوعاً: "ادْفِنُوا الأَظْفَارَ وَالشَّعْرَ والدَّمَ، فإنَّهَا مَيْتَةٌ". وضَعَّفَ عبدَ الله عن [أبيه] (¬2): ابنُ عدىّ (¬3). وفي الباب: [2429]- عن تميلة بنت مسرح الأشعرية: عن أبيها: أنه قلم أظفاره فدفنها، ورفعه إلى النبي-صلى الله عليه وسلم-. أخرجه البزار والطبراني (¬4) والبيهقي في "شعب الإيمان" (¬5) وإسناده ¬
ضعيف. 919 - [2430]- حديث: "إذَا اسْتَهَلّ السَّقْطُ صُلِّي عَلَيه". الترمذي (¬1) والنسائي (¬2) وابن ماجه (¬3) والبيهقي (¬4)، من حديث جابر، وزيادة: "وَوَرِّثَ". وفي إسناده إسماعيل المكي عن أبي الزبير عنه، وهو ضعيف، قال الترمذي: رواه أشعث وغير واحد عن أبي الزبير، عن جابر مو قوفا، وكأن الموقوف أصح. وبه جزم النسائي (¬5). وقال الدارقطني في "العلل" لا يصح رفعه، وقد روي عن شريك عن أبي الزبير مرفوعاً، ولا يصح. ورواه ابن ماجه (¬6) من طريق الربيع بن بدر عن أبي الزبير، مرفوعاً. والربيع ضعيف. ورواه ابن أبي شيبة (¬7) من طريق أشعث بن سوار، عن أبي الزبير موقوفاً. ¬
ورواه النسائي (¬1) أيضاً وابن حبان في "صحيحه" (¬2) والحاكم (¬3) من طريق إسحاق الأزرق، عن سفيان الثوري، عن أبي الزبير، عن جابر. وصححة الحاكم على شرط الشيخين، ووهم؛ لأنّ أبا الزبير ليس من شرط البخاري، وقد عنعن، فهو علة هذا الخبر إن كان محفوظا عن سفيان الثوري. ورواه الحاكم (¬4) أيضاً من طريق المغيرة بن مسلم عن أبي الزبير مرفوعاً وقال: لا أعلم أحدا رفعه عن أبي الزبير غير المغيرة، وقد وقفه ابن جريج وغيره. ورواه أيضاً (¬5) من طريق بقية عن الأوزاعي عن أبي الزبير مرفوعاً. وفي الباب: [2431]- عن المغيرة بن شعبة، رواه أحمد (¬6) والترمذي (¬7) وابن حبان (¬8) وصححاه، والحاكم (¬9) بلفظ: "السَّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْه وَيُدْعى لِوَالِدَيْهِ بِالْعَافِيَةِ ¬
وَالرَّحمَةِ". قال الحاكم: صحيح على شرط البخاري. لكن رواه الطبراني (¬1) موقوفاً، على المغيرة وقال: لم يرفعه سفيان. ورجح الدارقطني في "العلل" (¬2) الموقوف. وفي الباب أيضاً: [2432]- عن علي، أخرجه ابن عدي (¬3) في ترجمة/ (¬4) "عمرو بن خالد" وهو متروك. [2432]- ومن حديث ابن عباس أخرجه ابن عدي أيضاً (¬5) من رواية شريك عن ابن إسحاق، عن عطاء، عنه. وقوّاه ابن طاهر في "الذخيرة" (¬6). وقد ذكره البخاري (¬7) من قول الزهري تعليقا. ووصله ابن أبي شيبة (¬8). [2433]- وأخرج ابن ماجه (¬9) من رواية البختري بن عبيد، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعاً: "صَلَّوا عَلى أَطْفَالِكُم؛ فَإنهُم مِن أَفْرَاطِكُمْ". إسناده ضعيف. ¬
فائدة
فائدة [2435]- روى البزار (¬1) عن عمر مرفوعاً: "اسْتِهْلالُ الصَّبِيِّ الْعِطَاسُ". وإسناده ضعيف. 920 - [2436]- حديث: روي أنّه - صلى الله عليه وسلم - أمر عليا يغسل أبيه أبي طالب. أحمد (¬2) وأبو داود (¬3) والنسائي (¬4) وابن أبي شيبة (¬5) وأبو يعلى (¬6) والبزار (¬7) والبيهقي (¬8) من حديث أبي إسحاق، عن ناجية بن كعب، عن علي قال: لما مات أبو طالب أتيت رسول الله-صلى الله عليه وسلم- فقلت: إن عمَّك الشَّيخَ الضَّال قد مات، فقال: "انْطَلِقْ فَوَارِهِ، وَلا تُخدِثَن حَدثاَ حَتَّى تَأْتِينِي". فانطلقت فواريته، فأمرني فاغتسلت، فدعا لي. ومدار كلام البيهقي على أنّه ضعيف، ولا يتبين وجه ضعفه، وقد قال الرافعي: إنه حديث ثابت مشهور، قال ذلك في "أماليه". ¬
تنبيه
تنبيه ليس في شيء من طرق هذا الحديث التّصريح بأنه غسله، إلا أن يؤخذ ذلك من قوله: فأمرني فاغتسلت، فإن الاغتسال شُرع من غسل الميت، ولم يشرع من دفنه. ولم يستدل به البيهقي وغيره إلا على الاغتسال من غسل الميت. [2437]- وقد وقع عند أبي يعلى (¬1) من وجه آخر في آخره: وكان علي إذا غسل ميتا اغتسل. قلت: وقع عند ابن أبي شيبة في "مصنفه" (¬2) بلفظ: فقلت: إن عمك الشيخ الكافر قد مات، فما ترى فيه؛ قال: "أَرَى أَنْ تَغْسِلَه وَتُجِنَّه". وقد ورد من وجه آخر أنه غسله: [2438]- رواه ابن سعد (¬3) عن الواقدي حدثني معاوية بن عبد الله بن عبيد الله ابن أبي رافع، عن أبيه، عن جده، عن علي قال: لما أخبرت رسول الله-صلى الله عليه وسلم- بموت أبي طالب بكى، ثم قال لي: "اذْهَبْ فَاغْسِلْه وَكَفِّنْه"، قال: ففعلت ثم أتيته فقال لي: "اذْهَبْ فَاغْتَسِلْ"، وكذلك رؤيناه في "الغيلانيات" (¬4). واستدل بعضهم على ترك غسل المسلم للكافر بما: [2439]- رواه الدارقطني (¬5) من طريق عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه قال: جاء ثابت بن قيس بن شماس، فقال يا رسول الله، إن أمي توفيت وهي ¬
نصرانية، هاني أحب أن أحضرها. فقال له: "ارْكَبْ دَابَّتكَ وَسِرْ أَمَامَهَا؛ فَإنَّكَ إِذَا كُنْت أَمَامَها لَمْ تَكُنْ مَعَها". قال الدارقطني (¬1): لا يثبت. قلت: وهو مع ضعفه لا دلالة فيه على الأمر بترك الغسل، ولا بفعله، والله أعلم. 921 - [2440]- قوله: ورد في الخبر أنّ الولد إذا بقي في بطن أمه [أربعة] (¬2)، أشهر نفخ فيه الروح. متفق عليه (¬3) مجمع بين أهل الحديث على صحته، من حديث زيد بن وهب عن ابن مسعود حدثني الصادق المصدوق: "إنَّ خَلْقَ أَحَدِكُمْ يُجْمَعُ في بَطْنِ أمُهِ أَرْبَعِينَ يَوماَ، ثمّ يَكُون عَلَقَةَ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةَ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يُرْسِل [الله] (¬4) إِلَيْه الْمَلَكَ فَيَنْفَخُ فِيهِ الرُّوحَ ... " الحديث. 922 - [2441]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر بإلقاء قتلى بدر بالقليب على هيئاتهم. ¬
مسلم (¬1) من حديث أنس، ومن حديث أنس أيضاً، عن عمر مطولا (¬2). 2442]- ورواه البخاري (¬3) عن أنس، عن أبي طلحة. وروى/ (¬4) ابن حبان (¬5) والحاكم (¬6) من حديث عائشة، نحوه. 923 - [2443]- قوله: روي أنه في - صلى الله عليه وسلم - أمر بمواراتهم. الحاكم (¬7) من حديث يعلي بن مرة: سافرت مع النبي-صلى الله عليه وسلم- في يه غير مرة، فما رأيته مر بجيفة إنسان إلا أمر بمواراته، لا يسأل أمسلم هو أم كافر. 924 - [2444]- حديث جابر: أن النبي-صلى الله عليه وسلم- كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد ... الحديث. وفيه: ولم يغسلوا ولم يصل عليهم. البخاري (¬8) بلفظه. وذكره الرافعي مختصراً: أنه في - صلى الله عليه وسلم - لم يصل على قتلى أحد. ¬
تنبيه
ورواه الترمذي (¬1) والنسائي (¬2) وابن حبان (¬3) وابن ماجه (¬4). تنبيه قوله: "لم يصل": هو بفتح اللام وعليه المعنى، قاله النووي (¬5) ويجوز أن يكون بكسرها ولا يفسد المعنى، لكنه لا يبقى فيه دليل على ترك الصلاة عليه مطلقا؛ لأنه لا يلزم من كوفه لم يصلّ هو عليهم أن لا يأمر غيره بالصلاة عليهم. وسيأتي حديث أنس في المعنى. 925 - [2445]- حديث أنس. أن النبي-صلى الله عليه وسلم- في ولم يصل على قتلى أحد ولم يغسلهم. أحمد (¬6) وأبو داود (¬7) والترمذي (¬8) وطوله. والحاكم (¬9). وصححه .. وقد أعله البخاري وقال: إنه غلط فيه أسامة بن زيد، فقال: عن الزهرى، عن أنس ¬
تنبيه
حكاه الترمذي (¬1). ورجح رواية الليث، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب عن جابر. تنبيه [2446]- روى أبو داود في "المراسيل" (¬2) والحاكم (¬3) من حديث أنس أيضاً، قال: مر النبي-صلى الله عليه وسلم- على حمزة، وقد مثل به، ولم يصل على أحد من الشهداء غيره. وهذا هو الذي أنكره البخاري على أسامة بن زيد. وكذا أعله الدارقطني. تنبيه ورد ما يعارض ما تقدم من نفي الصلاة على الشهداء في عدة أحاديث، فمنها: [2447]- حديث جابر قال: فقد رسول الله-صلى الله عليه وسلم- حمزة حين جاء الناس من القتال، فقال رجل رأيته عند تلك الشجيرات، فجاء نحوه فلما رآه ورأى ما مثل به شهق وبكى، فقام رجل من الأنصار فرمى عليه بثوب، ثم جيء بحمزة فصلّي عليه ... الحديث. ورواه الحاكم (¬4) وفي إسناده أبو حماد الحنفي وهو متروك. [2448]- وعن شداد بن الهاد؛ رواه النسائي (¬5) بلفظ: أن رجلاً من الإعراب جاء إلى النبي-صلى الله عليه وسلم- فآمن به واتبعه. وفي الحديث؛ أنه استشهد فصلى عليه النبي-صلى الله عليه وسلم- ¬
فحفظ من دعائه له: "اللهُمّ إنُ هَذا عَبْدُك خَرَج مُهَاجِرًا في سَبِيلِكَ، فَقُتِلَ في سَبِيلِكَ". وحمل البيهقي هذا على أنه لم يمت في المعركة (¬1). [2449]- وعن عقبة بن عامر في البخاري (¬2) وغيره: أنه صلى على قتلى أحد بعد ثماني سنين. وحمل على الدعاء؛ لأنها لو كان المراد بها صلاة الجنازة لما أخرها. ويعكر على هذا التأويل قوله: "صلاته على الميت". وأجيب: بأن التّشبيه لا يستلزم التسوية من كل وجه, فالمراد في الدعاء فقط. وقال أبو نعيم الأصفهاني: يحتمل أن يَكون هذا الحديث ناسخاَ لحديث جابر في قوله: "ولم يصل عليهم"، فإن هذا الآخر من فعله. انتهى. وفي رواية ابن حبان (¬3): ثم دخل بيته فلم يخرج حتى قبضه الله. وأطال الشافعي القول في الرد على من أثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى عليهم، ونقله [البيهقي] (¬4) في "المعرفة" (¬5). وقال ابن حزم (¬6): هو باطل بلا شك. يعني الصلاة عليهم .. ¬
وأجاب بعضهم: بأن ذلك من الخصائص؛ بدليل أنه أخر الصلاة عليهم هذه المدة الطويلة، ثم إن الذين أجازوا الصلاة على الشهيد من الحنفية وغيرهم لا يجيزون تأخيرها بعد ثلاثة أيام، فلا حجة لهم. وفي الباب أَيضا: [2450]- حديث ابن عباس رواه ابن إسحاق (¬1) قال حدثني: من لا أتهم, عن مقسم مولى بن عباس، عن ابن عباس قال: أمر رسول الله-صلى الله عليه وسلم- بحمزة فسخي ببردة، ثم صلى عليه، وكبر سبع تكبيرات، ثم أُتِي بالقتلى فيوضعون إلى حمزة فيصلى عليهم وعليه معهم، حتى صلى عليه ثنتين وسبعين صلاة. قال السهيلي (¬2): إن كان الذي أبهمه ابن إسحاق هو الحسن بن عمارة، فهو ضعيف، وإلا فمجهول لا حجهْ فيه. انتهى. قلت: والحامل للسهيلي على ذلك: [2451]- ما وقع في "مقدمة مسلم" (¬3) عن شعبة: أن الحسن بن عمارة حدثه عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس: أن النبي-صلى الله عليه وسلم- صلى على قتلى أحد فسالت الحكم، فقال: لم يصل عليهم. انتهى. لكن حديث ابن عباس، روي من طرق أخرى. ¬
منها: ما أخرجه الحاكم (¬1) وابن ماجه (¬2) والطبراني (¬3) والبيهقي (¬4) من طريق يزيد ابن أبي زياد، عن مقسم، عن ابن عباس مثله، وأتم منه. ويزيد فيه ضعف يسير. وفي الباب أيضاً: [2452]- عن أبي مالك الغفاري؛ أخرجه أبو داود في "المراسيل" (¬5) من طريقه، وهو تابعي اسمه غزوان، ولفظه: أنه في - صلى الله عليه وسلم - صلى على قتلى أحد عشرة عشرة، في كل عشرة حمزة، حتى صلى عليه سبعين صلاة. ورجاله ثقات. وقد أعله الشافعي بأنه متدافع؛ لأنّ الشهداء كانوا سبعين، فإذا أتي بهم عشرة عشرة يكون قد صلى سبع صلوات، فكيف يكون سبعين. قال: وإن أراد التكبير فيكون ثمانيا وعشرين تكبيرة لا سبعين. وأجيب: أن المراد أنّه صلى على سبعين نفسا وحمزة معهم كلهم، فكأنه صلى عليه سبعين صلاة. * حديث علي وعمار. يأتي في آخر الباب، وكذلك أسماء. ¬
* قوله: الشهداء العارون عن الأوصاف، كسائر الموتى، وإن ورد لفظ الشهادة فهم كالمبطون والغريب والغريق والميت عشقا والميتة طلقا. انتهى. سيأتي الكلام عليه في آخر الباب. * حديث: أن النبي-صلى الله عليه وسلم رجم الغامديّة وصلّى عليها. مسلم (¬1) من حديث بريدة، وقد تقدم. وليس فيه أنه - صلى الله عليه وسلم - باشر الصلاة عليها. وسيأتي في "الحدود" أيضاً. 926 - [2453]- حديث: أن حنظلة بن الراهب قتل يوم أحد وهو جنب فلم يغسله النبي-صلى الله عليه وسلم- وقال: "رَأَيْتُ الْمَلاِئكَةَ تَغْسِلُهُ". ابن حبان في "صحيحه" (¬2) والحاكم (¬3) والبيهقي (¬4) من حديث عبد الله بن الزبير: أن حنظلة لما قتله شداد بن الأسود، قال النبي-صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ صَاحِبَكُمْ تَغْسِلُه الْمَلائِكَةُ، فَسَلُوا صَاحِبَتَه"، فَقالتْ: خرج وهو جنب، لما سمع الهاتف. وهو من حديث ابن إسحاق: حدثني يحيي بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن جده: سمعت رسول الله-صلى الله عليه وسلم- يقول وقد قتل حنظلة ... الحديث. ¬
تنبيه
هذا سياق ابن حبان. وظاهره: أن الضمير في قوله: "عن جده " يعود على عباد، فيكون الحديث من مسند الزبير؛ لأنه هو الذي يمكنه أن يسمع النبي-صلى الله عليه وسلم- في تلك الحال. [2454]- ورواه الحاكم في "الإكليل" من حديث أبي أسيد، وفي إسناده ضعف. [2455]- ورواه ثابت السرقسطي في "غريبه" من طريق الزهري، عن عر وة، مرسلاً. [2456]- ورواه الحاكم في "المستدرك" (¬1) والطبراني (¬2) والبيهقي (¬3) من حديث ابن عباس. وفي إسناد البيهقي أبو شيبة الواسطي، وهو ضعيف جداً. وفي إسناد الحاكم معلي بن عبد الرحمن، وهو متروك. وفي إسناد الطبراني حجاج، وهو مدلس. رواه الثلاثة: عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس. تنبيه صاحبته: هي زوجته/ (¬4) جميلة بنت أبي أخت عبد الله بن أبي بن سلول. 927 - [2457]- حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتلى أحد أن ينزغ عنهم الحديد والجلود، وأن يدفنوا بدمائهم وثيابهم. ¬
أبو داود (¬1) وابن ماجه (¬2) من حديث ابن عباس. وفي إسنادهما ضعف؛ لأنه من رواية عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير عنه، مما حدث به عطاء يعوإلاختلاط. وفي الباب: [2458]- عن جابر قال: رمي رجل بسهم في صدره فمات فأدرج في ثيابه كما هو ونحن مع رسول الله-صلى الله عليه وسلم-. أخرجه أبو داود (¬3) بإسناد على شَرط مسلم بم حديث الصلاة على الحسن. يأتي آخر الباب. 928 - [2459]- حديث روي أنه في- صلى الله عليه وسلم - قال: "إنّ الله لَا يَرُدُّ دَعْوَةَ ذِي الْشَيْبةِ المُسْلِم". هذا الحديث ذكره الغزالي في "الوسيط " (¬4) والإمام في "النهاية"، ولا أدري من خَرّجه. [2460]- وعند أبي داود (¬5) من حديث أبي موسى الأشعري: "إنّ مِنْ إِجْلال الله إكرامُ ذِي الشَّيْبةِ الْمُسْلِم". وإسناده حسن. ¬
[2461]- وأورده ابن الجوزي في "الموضوعات" (¬1) بهذا اللفظ من حديث أنس، ونقل عن ابن حبان: أنّه لا أصل لَه، ولم يصيبا جَميعاً. وله الأصل الأصيل من حديث أبي موسى واللوم فيه على ابن الجوزي أكثر؛ لأنه خرج على الأبواب. [2462]- وفي النسائي (¬2) من حديث طلحة مرفوعاً: "لَيْسرَ، أَحَدٌ أفضلُ عِنْدَ الله مِن مِؤمِنٍ يُعَمرُ في الإسْلامِ يَكثُرُ تَكئيرُهُ وَتَسْبِيحُهُ وتَهْلِيلُه وَتَحمِيده". 929 - [2463]- حديث سمرة بن جندب: أن النبي-صلى الله عليه وسلم- صلى على امرأة ماتت في نفاسها فقام وسطها. متفق (¬3) على صحته، وسماها مسلم في روايته: أمّ كعب. 930 - [2464]- حديث أنس: أنّه قام في جنازة رجل عند رأسه، وفي جنازة امرأة عند عجيزتها، فقيل له: هل كان رسول الله-صلى الله عليه وسلم- يقوم عند رأس الرجل، وعند عجيز المرأة؛ فقال: نعم. ¬
أبو داود (¬1) والترمذي (¬2) وابن ماجه (¬3) من حديثه، نحو هذا، وفيه: أنّه كبر أربع تكبيرات. 931 - [2465]- حديث: أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- كبر على الميت أربعاً، وقرأ بأم القرآن بعد التكبيرة الأولى. الشافعي (¬4) عن إبراهيم بن محمَّد، عن عبد الله بن محمَّد بن عقيل، عن جابر بهذا، ورواه الحاكم (¬5) من طريقه. [2466]- وروى الطبراني في "الأوسط" (¬6) من طريق ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعاً: "صَلّوا عَلَى مَوْتَاكُمْ بِاللَّيْل والنَّهَارِ، الصغِيرِ وَالكَبِيرِ وَالدَّنِيء وَالأَمِيرِ أَرْبعاّ". تفرد به عمرو بن هاشم البيروتي، عن ابن لهيعة. [2467]- وروى الترمذي (¬7) وابن ماجه (¬8) من حديث ابن عباس: أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قرأ على الجنازة بفاتحة الكتاب. ¬
وفي إسنادهما إبراهيم بن عثمان، وهو أبو شيبة ضعيف جداً. قلت: [2468]- وفي البخاري (¬1) والنسائي (¬2) والترمذي (¬3) وابن حبان (¬4) والحاكم (¬5) عن ابن عباس: أنّه قرأ على الجنازة بفاتحة الكتاب، وقال: إنها سنة. فهذا يؤيد رواية أبي شيبة. ورواه أبو يعلى في "مسنده" (¬6) من حديث ابن عباس. وزاد: وسورة. قال البيهقي (¬7): ذكر السورة غير محفوظ. وقال النووي (¬8): إسناده صحيح. [2469]- وروى ابن ماجه (¬9) من حديث أم شريك، قا لت: أمرنا رسول الله-صلى الله عليه وسلم- أن نقرأ على الجنازة بفاتحة الكتاب. وفي إسناده ضعف يسير (¬10). ¬
وأما التكبير؛ فتقدم فيه حديث أنس. [2470]- وفي "الصحيحين" (¬1) عن/ (¬2) ابن عباس بلفظ: صلى على قبر وكبر أربعا. [2471]- وعن جابر في الصلاة على النجاشي: أنّه كبر أربعا. [2472]- وعن أبي هريرة -رضي الله عنه , نحوه. وروى ابن ماجه (¬3) من طريق سلمة بن كلثوم، عن الأوزاعي، أخبرني يحيي بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة: أنّ رسول الله-صلى الله عليه وسلم- صلى على جنازة فكبر أربعاً، ثم أتى القبر من قبل رأسه، فحثا فيه ثلاثا. قال ابن أبي داود: ليس في الباب أصح منه، وسلمة ثقة من كبار أصحاب الأوزاعي، والأحافى يث الصحاح وردت في الصلاة على القبر. 932 - [2473]- قوله: ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - كبر على الجنازة أكثر من أربع. مسلم (¬4) من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: كان زيد يكبر على جنائزنا أربعا، وأنه كبر خمسا، فسألته فقال: كان النبي-صلى الله عليه وسلم- يكبرها. [2474]- ولأحمد (¬5) عن حذيفة: أنه صلى على جنازة فكبر خمسا. ¬
وفيه: أنه رفعه. [2475]- وروى ابن عبد البر (¬1) من طريق عثمان بن أبي زرعة، قال: توفي أبو سريحة الغفاري، فصلى عليه زيد بن أرقم، فكبر عليه أربعا. وروى البخاري في "صحيحه" (¬2) عن علي: أنه كبر على سهل بن حنيف. زاد البرقاني في "مستخرجه": ستًّا. وكذا ذكره البخاري في "تاريخه" (¬3) وسعيد بن منصور. [24777]- ورواه ابن أبي خيثمة من وجه آخر، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الله بن معقل، فقال: خمسا. [2478]- وعنه: أنه صلى على أبي قتادة فكبر عليه سبعا. رواه البيهقي (¬4): وقال: إنه غَلط؛ لأنّ أبا قتادة عاش بعد ذلك. قلت: وهذه علة غير قادحة؛ لأنه قد قيل: إن أبا قتادة مات في خلافة علي، وهذا هو الراجح. [2479]- وروى سعيد بن منصور، من طريق الحكم بن عتيبة، أنه قال: كانوا يكبرون على أهل بدر خمساً وستاً وسبعا. [2480]- وذكره ابن أبي حاتم في "العلل" (¬5) من حديث محمَّد بن ¬
مسلمة أنه قال: السنة على الجنازة أن يكبر الإمام، ثم يقرأ أم القرآن في نفسه، ثم يدعوا ويخلص الدعاء للميت، ثم يكبر ثلاثاً، ثم يسلم وينصرف، ويفعل من وراءه ذلك. قال: سألت أبي عنه؛ فقال: هذا خطأ، إنما هو حبيب بن مسلمة. قلت: [2481]- حديث حبيب في "المستدرك" (¬1) من طريق الزهري، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف: أنه أخبره رجال من أصحاب رسول الله-صلى الله عليه وسلم- أنّ السنة في الصلاة على الجنازة أن يكبر الإمام، ثم يصلى على النبي-صلى الله عليه وسلم- ويخلص الدعاء في التكبيرات الثلاث، ثم يسلم تسليماَ خفيَّا. والستة أن يفعل من وراءه مثل ما فعل إمامه. قال الزهري: سمعه ابن المسيب منه، فلم ينكره. قال: وذكرته لمحمد بن سويد فقال: وأنا سمعت الضحاك بن قيس يحدث عن حبيب بن مسلمة في صلاة صلاها على الميت مثل الذي حدثنا أبو أمامة. 933 - قوله: وا لأربع أولى لاستقرار الأمر عليها، واتفاق الصحابة. أما استقرار الأمر: [2482]- فروى الحاكم (¬2) من حديث أنس: كبرت الملائكة على آدم أربعا، وكبر أبو بكر على النبي-صلى الله عليه وسلم- أربعا، وكبر عمر على أبي بكر أربعا، وكبر صهيب ¬
على عمر أربعا، وكبر الحسن بن علي على علي أربعا، وكبر الحسين على الحسن أربعا. قلت: وفيه موضعان منكران؛ أحدهما: أن أبا بكر كبر على النبي-صلى الله عليه وسلم-، وهو يشعر بأن أبا بكر أئم النّاس في ذلك، والمشهور أنهم صلوا على النبي-صلى الله عليه وسلم- أفرادًا كما سيأتي. والثاني: أن الحسين كبر على الحسن، والمعروف أنّ الذي أمّ في الصلاة عليه سعيد بن العاص/ (¬1)، كما سيأتي. قال الحاكم: [2483]- وله شاهد من حديث ابن عباس. وأخرجه (¬2)، وفيه الفرات بن سلمان (¬3)، ولفظه: آخر ما كبر رسول الله-صلى الله عليه وسلم- على الجنائز أربعا. فذكره، قال الحاكم: ليس من شرط الكتاب. ورواه البيهقي (¬4) من طريق عكرمة، عن ابن عباس. وقال: تفرد به النضر بن عبد الرحمن وهو ضعيف. وروى هذا اللفظ من وجوه أخر كلها ضعيفة. وقال الأثرم (¬5). ¬
[2484]- رواه محمَّد بن معاوية النيسابوري، عن أبي المليح، عن ميمون بن مهران، عت ابن عباس، وقد سالت أحمد عنه، فقال: محمَّد هذا روى أحاديث موضوعة، منها هذا. واستعظمه أبو عبد الله، وقال: كان أبو المليح [أتقى الناس] (¬1) وأصح حديثا من أن يروي مثل هذا. وقال حرب عن أحمد: هذا الحديث إنما رواه محمَّد بن زياد الطّحّان، وكان يضع الحديث. [2485]- وروى ابن الجوزي في "الناسخ والمنسوخ" له من طريق ابن شاهين (¬2)، بسنده إلى ابن عمر، وفيه: زافر بن سليمان. رواه عن أبي العلاء عن ميمون بن مهران، عن ابن عمر. كذا قال "وخالفه غيره ولا يثبت فيه شيء. ورواه الحارث بن أبي أسامة (¬3) عن جعفر بن حمزة، عن فرات بن السائب، عن ميمون بن مهرأن، عن ابن عمر، نحوه. وأما إتفاق الصحابة على ذلك: [2486]- فقال [علي] (¬4) بن الجعد (¬5) , حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة: سمعت سعيد بن المسيب، يقول: إنّ عمر قال؛ كل ذلك قد كان؛ أربعا، ¬
وخمساً، فاجتمعنا على أربع. رواه البيهقي (¬1). ورواه ابن المنذر من وجه آخر عن شعبة. [2487]- وروى البيهقي أيضا (¬2)، عن أبي وائل، قال: كانوا يكبرون على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[أربعا، وخمسا، وستا، وسبعا] (¬3). فجمع عمر أصحاب رسول الله-صلى الله عليه وسلم- فأخبر كل رجل منهم، بما رأى، فجمعهم عمر على أربع تكبيرات، ومن طريق إبراهيم النخعي: اجتمع أصحاب رسول الله-صلى الله عليه وسلم- بيت أبي مسعود، فأجمعوا على أن التكبير على الجنازة أربع. [2488]- وروى (¬4) بسنده إلى الشعبي: صلى ابن عمر على زيد بن عمر وأمّه أم كلثوم بنت علي فكبر أربعا، وخلفه ابن عباس، والحسين بن علي، وابن الحنفية بن علي. قال: وممن روينا عنه الأربع: ابن مسعود وأبو هريرة وعقبة بن عامر والبراء ابن عازب وزيد بن ثابت وغيرههم. [2489]- وروى ابن عبد البر في "الاستذكار" (¬5) من طريق أبي بكر بن سليمان ابن أبي حثمة، عن أبيه قال* كان النبي-صلى الله عليه وسلم- يكبر على الجنائز أربعا، وخمسا، وسبعا، وثمانيا، حتى جاء موت النجاشي، فخرج إلى المصلى وصف الناس وراءه وكبر عليه أربعا، ثم ثبت النبي-صلى الله عليه وسلم- على أربع حتى توفاه الله عَزَّ وَجَلَّ. ¬
[2490]- وروى ابن أبي شيبة (¬1) والطحاوي (¬2) والدارقطني (¬3) من طريق عبد خير، قال: كان علي يكبر على أهل بدر ستاَّ وعلى الصحابة، خمسا، وعلى سائر المسلمين أربعا. *حديث جابر: أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قرأ فيها بأم القرآن. تقدم من رواية الشافعي، وفيه بقية طرقه. * حديث: "صَلّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصلِّي". متفق عليه من حديث مالك بن الحويرث وقد مضى. * حديث: "لا صَلاةَ لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَيّ". تقدم في كيفية الصلاة في "صفة الصلاة". [2491]- وقال الشافعي (¬4): أخبرني مطرف، عن معمر، عن الزهري، قال: أخبرني أبو أمامة بن سهل، أنه أخبره رجل من الصحابة: أن السنة في الصلاة على الجنازة أن يكبر، ثم يقرأ بفاتحة الكتاب سرا في نفسه، ثم/ (¬5) يصلي على النبي-صلى الله عليه وسلم-، ويخلص الدعاء للجنازة في التكبيرات، لا يقرأ في شيء منهن، ثم يسلم سرًّا. ¬
وأخرجه الحاكم (¬1) وقد تقدم من وجه آخر. وضعّفت رواية الشافعي بمطرف (¬2)، لكن قَوَّاها البيهقي بما رواه في "المعرفة" (¬3) من طريق عبيد الله ابن أبي زياد الرصافي، عن الزهري، بمعنى رواية مطرف. [2492]- وقال إسماعيل القاضي في كتاب "الصلاة على النبي-صلى الله عليه وسلم-" (¬4): حدثنا محمَّد بن المثنى، [قال: حدّثنا عبد الأعلى، قال] (¬5): حدثنا معمر، عن الزهري، سمعت أبا أمامة يحدث سعيد بن المسيب، قال: إن السنة في الصلاة على الجنازة أن يقرأ بفاتحة الكتاب، ويصلي على النبي-صلى الله عليه وسلم- , ثم يخلص الدعاء للميت، حتى يفرغ، ولا يقرأ إلا مرة واحدة، ثم يسلم. وأخرجه ابن الجارود في "المنتقى" (¬6) عن محمَّد بن يحيى، عن عبد الرزاق عن معمر به. ورجال هذا الإسناد مخرفي لهم في "الصحيحين"، وقال الدارقطني: وهم فيه عبد الواحد بن زياد، فرواه عن معمر، عن الزهري، عن سهل بن سعد 934 [2493]- حديث: "إذَا صَلَّيتُم عَلَى الْمَيِّتِ فَأخْلِصُوا لَه الدعَاء". ¬
أبو داود (¬1) وابن ماجه (¬2) وابن حبان (¬3) والبيهقي (¬4) عن أبي هريرة -رضي الله عنه، وفيه ابن إسحاق، وقد عنعن، لكن أخرجه ابن حبان (¬5) من طريق أخرى عنه، مصرحاً بالسماع. 935 - [2494]-حديث عوف بن مالك صلى رسول الله-صلى الله عليه وسلم- على جنازة فحفظت من دعائه "اللَّهُمّ اغْفِرْ لَهُ وارْحَمْه ... " الحديث بتمامه. مسلم (¬6) وزاد فيه: "وَأَذخِلْه الْجَنَّةَ ... ". ورواه الترمذي (¬7) مختصرا. 936 - [2495]- حديث أبي هريرة -رضي الله عنه: قال صلى رسول الله-صلى الله عليه وسلم- على جنازة فقال: "اللهُمّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا، وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا، ... " الحديث. ¬
أحمد (¬1) وأبو داود (¬2) والترمذي (¬3) وابن ماجه (¬4) وابن حبان (¬5) والحاكم (¬6) قال: وله شاهد صحيح. فرواه من حديث أبي سلمة، عن عائشة نحوه. وأعله الترمذي (¬7) بعكرمة بن عمار، وقال: إنّه يهم في حديثه. وقال ابن أبي حاتم (¬8): سألت أبي عن حديث يحيي بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة؛ فقال: الحفاظ لا يذكرون أبا هريرة، إنما يقولون: أبو سلمة، عن النبي-صلى الله عليه وسلم- مرسلاً، ولا يوصله بذكر أبي هريرة، إلَّا غير متقن، والصحيح أنّه مرسل. قلت: روي عن أبي سلمة على أوجه. [2496]- ورواه أحمد (¬9) والنسائي (¬10) والترمذي (¬11) من حديث أبي إبراهيم الأشهل، عن أبيه، مرفوعاً، مثل حديث أبي هريرة. ¬
تنبيه
قال البخاري (¬1): أصح هذه الروايات رواية أبي إبراهيم, عن أبيه، نقله عنه الترمذي. قال: فسألته عن اسمه، فلم يعرفه. وقال ابن أبي حاتم (¬2) عن أبيه: أبو إبراهيم مجهول. وقد توهم بعض الناس أنه عبد الله بن أبي قتادة، وهو غلط، أبو إبراهيم من بني عبد الأشهل، وأبو قتادة من بني سلمة. وقال البخاري (¬3): أصح حديث في هذا الباب حديث عوف بن مالك تنبيه الدّعاء الذي ذكره الشافعي التقطه من عدة أحاديث. قاله البيهقي، ثم وردها. وقال بعض العلماء: اختلاف الأحاديث في ذلك محمول على أنه كان يدعو على ميت بدعاء، وعلى آخر بغيره، والذي أمر به أصل الدعاء. [2497]- وروى أحمد (¬4) من طريق أبي الزبير عن جابر: ما أتاح لنا في دعاء الجنازة رسول الله-صلى الله عليه وسلم- ولا أبو بكر ولا عمر. وفسر "أتاح" بمعنى قدّر. والذي وقفت عليه "باح " أي جهر والله [تعالي] (¬5) أعلم. ¬
فائدة
* حديث/ (¬1): "مَا أَدْرَكتُمْ فَصَلّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا". تقدّم في "صلاة الجماعة". 937 - [2498]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي على الجنازة جماعة. لم أجد هذا هكذا، لكنه معروف في الأحاديث، كحديث صلاته على من لا دين عليه، وصلاته على النجاشي، وغير ذلك. 938 - [2499]- قوله: وإن كان الميت طفلاّ اقتصر على المروي، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، ويضيف إليه: اللهم اجعله سلفا وفرطا لأبويه وذخرا وعظة واعتبارا وشفيعا، وثقل به موازينهما، وافرغ الصبر على قلوبهما، ولا تفتنا بعده، ولا تحر منا أجره، انتهى. روى البيهقي (¬2) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: أنه كان يصلي على المنفوس: اللهم اجعله لنا فرطا وسلفا وأجرا. [2500]- وفي "جامع سفيان" عن الحسن، في الصلاة على الصبي: اللهم اجعله لنا سلفا، واجعله لنا فرطا، واجعله لنا أجرا. فائدة ذكر الرّافعي [خلافا] (¬3) في استحباب الذكر في الرابعة، ورجح ¬
الاستحباب. وفي ليله: [2501]- ما رواه أحمد (¬1) عن عبد الله بن أبي أوفى: أنه مات له ابن، فكبر أربعاً وقام بعد الرّابعة قدر ما بين التكبييرتين يدعو، ثم قال: كان رسول الله-صلى الله عليه وسلم- يصنع هكذا. ورواه أبو بكر الشّافعي في "الغيلانيات" (¬2) من هذا الوجه، وزاد: ثم سلّم عن يمينه وشماله، ثم قال: لا أزيد على ما رأيت رسول الله-صلى الله عليه وسلم- يصنع. [2502]- وروى البيهقي (¬3) عن عبد الله: التسليم على الجنازة كالتسليم في الصلاة. 939 - [2503]. حديث: أن الصّحابة صلوا على النبي-صلى الله عليه وسلم- فرادى. ابن ماجه (¬4) والبيهقي (¬5) من حديث حسين بن عبد الله، عن عكرمة، عن ابن عباس بلفظ: ثم دخل النّاس فصلّوا عليه أرسالا، لم يؤمّهم على رسول الله-صلى الله عليه وسلم- أحد. وإسناده ضعيف. [2504]- وروى أحمد (¬6) من حديث أبي عسيب: أنه شهد الصّلاة على ¬
رسول الله-صلى الله عليه وسلم- قال: كيف نصلّي عليك؛ قال: ادخلوا أرسالا .... الحديث. [2505]- ورواه الطبراني (¬1) من حديث جابر وابن عباس، وفي إسناده عبد المنعم بن إدريس هو كذاب. [2506]- وقد قال البزار: إنه موضوع. [2507]- ورواه الحاكم (¬2) من حديث ابن مسعود بسند واهٍ. [2508]- ورواه البيهقي (¬3) من حديث نبيط بن شريط. وذكره مالك (¬4) بلاغا. قال ابن عبد البر (¬5) وصلاة الناس عليه أفذاذا مجتمع عليه عند أهل السنن وجماعة أهل النقل، لا يختلفون فيه. وتعقبه ابن دحية (¬6): بأن ابن القضار حكى الخلاف فيه: هل صلوا عليه الصلاة المعهودة أو دعوا فقط؟ وهل صقوا عليه أفذاذا أو جماعة؟. واختلفوا فيمن أمّ عليه بهم فقيل: أبو بكر. ورويمما بإسناد لا يصحّ، فيه حرام وهو ضعيف جدًا. قال ابن دحية: وهو باطل بيقين؛ لضعف رواته، وانقطاعه. قلت: وكلام ابن دحية هذا متعقب برواية الحاكم المتقدمة، هان كانت ضعيفة. ¬
قال ابن دحية: الصّحيح أن المسلمين صلوا عليه أفرادا لا يؤمّهم أحد، وبه جزم الشّافعي قال: وذلك لعظم رسول الله-صلى الله عليه وسلم- بأبي هو وأمي- وتنافسهم في أن لا يتولى الإمامة في الصلاة عليه [واحد] (¬1). * حديث: روي أنه في - صلى الله عليه وسلم - قال: "صَلّوا عَلَى مَنْ قَال لا إِلَه إلا الله". تقدم في "صلاة الجماعة". 940 [2509]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - أخبر بموت النجاشي في اليوم الذي مات فيه، فخرج بهم إلى المصلى/ (¬2) فصف بهم وكبر أربعا. متفق عليه (¬3) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- وجابر. [2510]- ولمسلم (¬4) من حديث عمران بن حصين وله طرق. 941 - [2011]- حديث ابن عباس: أن النبي-صلى الله عليه وسلم- مرّ بقبر دفن ليلًا فقال: "مَتَى دُفِنَ هَذَا؟ " قالوا البارحة قال: "أفلا آذَنْتُمُونِي؟ " قالوا: دفناه في ظلمة الليل، فكرهنا أن نوقظك، فقام فصففنا خلفه. قال ابن عباس: وأنا فيهم، فصلى عليه. ¬
متفق عليه (¬1). وفي رواية للبخاري (¬2): البارحة. وفي رواية للدارقطني (¬3): بعد ما دفن بثلاث. وفي آخر للطبراني (¬4): بليلتين. وفي الباب: [2512]- عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، متفق عليه (¬5). [2513]- وعن أنس نحوه في البزار. [2514]- وفي "الموطأ" (¬6)، عن ابن شهاب، عن أبي أمامة بن سهل نحو حديث أبي هريرة. [2515]- وعند أحمد (¬7) والنسائي (¬8) من حديث زيد بن ثابت نحوه، [2516]- وعن أبي سعيد عند ابن ماجه (¬9)، وفيه ابن لهيعة. [2517]- وعن عقبة بن عامر عند البخاري (¬10). ¬
[2518]- وعن عمران بن حصين عند الطبراني في "الأوسط" (¬1). [2519]- وعنده أيضًا عن ابن عمر، وعن كثر بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده. [2520]- وعن عبد الله بن عامر بن ربيعة عند النسائي (¬2). [2521 - 2524]- وعامر بن ربيعة، وعبادة، وأبي قتادة، وبريدة بن الحصيب، ذكرها حرب الكرماني. 942 - [2525]- حديث: أنه في - صلى الله عليه وسلم - صلى على قبر البراء بن معرور بعد شهر. البيهقي (¬3) من حديث معبد بن أبي قتادة، قال: وروي عن يحيى بن عبد الله ابن أبي قتادة، عن أبيه، عن جده موصولا، دون التأقيت. [2526]- ثمّ روى من حديث ابن عباس: أنه صلى على قبر بعد شهر. [2527]- وروى الترمذي (¬4) من حديث ابن المسيب: أن أم سعد ماتت والنبي - صلى الله عليه وسلم - غائب، فلّما قدم صلى عليها، وقد مضى لذلك شهر. ورواه البيهقي (¬5) وإسناده مرسل صحيح. [2528]- ثمّ أخرجه من طريق عكرمة، عن ابن عباس في حديث، وفي ¬
إسناده سويد بن سعيد. 943 [2529]- حديث: روي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أنَا أَكْرَمُ عَلَى رَبِّي مِنْ أَنْ يَتْرُكَنِي فِي قَبْرِي بَعْدَ ثَلاثٍ". وكذا أورده إمام الحرمين في "نهايته" ثم قال: وروي "أَكْثَر مِنْ يَوْمَيْن". لم أجده هكذا (¬1)؛ لكن روى [الثوري] (¬2) في "جامعه": [2530]- عن شيخ، عن سعيد بن المسيب قال: ما يمكث نبيّ في قبره أكثر من أربعين ليلة حتى يرفع. ورواه عبد الرزاق في "مصنفه" (¬3) عن الثوري، عن أبي المقدام، عن سعيد بن المسيب: أنه رأى قوما يسلمون على النبي-صلى الله عليه وسلم- فقال: ما مكث نبي في الأرض أكثر من أربعين يوما. وهذا ضعيف. ¬
[2531]- وقد روى عبد الرزاق عقبه (¬1) حديث أنس مرفوعًا: "مَرَرْتُ بِمُوسَى لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي وَهُوَ قَائِم يُصَلي في قَبْرِه"، وأراد بذلك ردَّ ما روي عن ابن المسيب. ومما يقدح في هذه الأحاديث: [2532]- حديث أوس بن أوس: "صَلاتكُمْ مَعْروضَة عَلَيّ ... ". الحديث (¬2). [2533]- وحديث أبي هريرة -رضي الله عنه: "أنَا أَوّل مَنْ تَنْشَقّ عَنْهُ الأَرْض ... " (¬3). والله أعلم. [2534]- وروى الطبراني وابن حبان في "الضعفاء" (¬4) وابن الجوزي في "الموضوعات" (¬5) من حديث أنس مرفوعًا، نحو الأول، قال ابن حبان: هذا باطل موضوع. وقد أفرد البيهقي جزءا في "حياة الأنبياء في قبورهم" وأورد فيه عدة أحاديث تؤيد هذا، فيراجع منه. وقال في "دلائل النبوة": الأنبياء أحياء عند ربهم، كالشهداء. ¬
تنبيه
وقال في كتاب "الاعتقاد" (¬1): والأنبياء بعد ما قبضوا ردت إليهم أرواحهم، فهم أحياء عند ربهم كالشهداء. تنبيه وقع للغزّالي في كتاب "كشف علوم الآخرة" هنا أمر يطول منه التعجّب، فإئه أورد الحديث بلفظ إمام الحرمين، ثم قال: وكأن الثّلاث عشرات؛ لأنّ الحسين قُتل على رأس الستّين، فغضب على أهل الأرض، فعزج به إلى السّماء. وهذا غلط ظاهر. 944 - [2535 , 2536]- حديث: "لَعَن الله الْيَهُودَ والنَّصَارَى، اتَخَذُوا قُبَورَ أَنْبِيائِهِمْ مَسَاجِدَ". متفق على صحته (¬2) عن عائشة وابن عباس. [2537]- ورواه مسلم (¬3) من حديث جندب قال: سمعت النبي-صلى الله عليه وسلم- قبل أن يموت بخمس وهو يقول: "ألا لَا تَتخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ إنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ". فائدة دليل الصّلاة على الجنازة في المسجد: [2538]- رواه مسلم (¬4) من حديث عائشة، وهو في "الموطأ" (¬5). ¬
[2539]- وقد ثبت: أن عمر صلى على أبي بكر في المسجد، وصهيبا صلى على عمر في المسجد، وهو في "الموطأ" (¬1) وغيره. 945 - [2540]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يدفن أصحابه في المقابر. لم أجده هكذا. لكن: [2541]- في "الصحيح" (¬2) أنه أتى المقبرة فقال: "السَّلامُ عَلَيْكُم دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنينَ". وفي هذا الباب عدة أحاديث. 946 - [2542]- حديث: أنه في - صلى الله عليه وسلم - دفن في حجرة عائشة. البخاري (¬3): عن عائشة في حديث: "قَبَضَهُ الله بين سحري ونحري، ودفن في بيتي. وفي الباب عدة أحاديث. 947 - [2543]- حديث: "احْفَرُوا، وَأَوْسِعُوا، وَأَعْمِقُوا". أحمد (¬4) وأصحاب السنن الأربعة (¬5) من حديث هشام بن عامر: أن النبي-صلى الله عليه وسلم- ¬
تنبيه
قال لهم يوم أحد ذلك. صححه الترمذي. واختُلف فيه على حميد بن هلال راويه عن هشام، فمنهم من أدخل بينه وبينه ابنه "سعد بن هشام"، ومنهم من أدخل بينهمأ أبا الدّهماء"، ومنهم من لم يذكر بينهما أحدا. [2544]- ورواه أحمد (¬1) وأبو داود (¬2) والبيهقي (¬3) من حديث عاصم بن كليب عن أبيه، عن رجل من الأنصار قال: خرجنا مع رسول الله-صلى الله عليه وسلم في جنازة، فرأيت النبي-صلى الله عليه وسلم- على القبر يوصي الحافر: "أَوْسِعْ مِن قِبَلِ رِجْلَيْهِ، أَوْسِعْ مِنْ قِبَلِ رَأْسِه". إسناده صحيح/ (¬4). تنبيه كذا وقع فيه "يوصي" بالواو والضاد، وذكر ابن الموّاق أن الصّواب "يرمي" بالرّاء والميم، وأطال في ذلك. والله أعلم. 948 - [2545]- قوله: قال عمر: أعمقوه لي قدر قامة وبسطة. أخرجه ابن أبي شيبة (¬5) وابن المنذر. 949 - [2546]- حديث ابن عباس: "اللَّحْدُ لَنَا، وَالشَّقُّ لِغَيرِنَا". ¬
أحمد (¬1) وأصحاب السنن (¬2) بهذا. وفي إسناده عبد الأعلي بن عامر وهو ضعيف. وصححه ابن السكن. وقد روي من غير حديث ابن عباس: [2547]- رواه ابن ماجه (¬3) وأحمد (¬4) والبزار والطبراني (¬5) من حديث جرير. وفيه عثمان بن عمير وهو ضعيف، لكن رواه أحمد والطبراني من طرق، زاد أحمد (¬6) في رواية بعد قوله: "لِغَيْرِنَا": "أَهْلِ الْكِتَابِ". [2548]- وروى مسلم (¬7) من حديث سعد بن أبي وقاص أنه قال في مرضه الذي مات فيه: ألحدوا لي لحدًا , وانصبوا على اللبن نصبا، كما فعل برسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وفي الباب: عن ابن عمر، وجابر، وابن مسعود، وبريدة. [2549]- فحديث ابن عمر؛ عند أحمد (¬8)، وفيه عبد الله العمري، ولفظه: أن النبي-صلى الله عليه وسلم- أُلْحِد له لحدًا. وقد ذكره ابن أبي شيبة (¬9) من طريق مالك، عن نافع، عن ابن عمر: أن النبي-صلى الله عليه وسلم- ¬
أُلْحِد له، ولأبي بكر وعمر. [2050]- وحديث جابر؛ عند ابن شاهين في "الناسخ" (¬1) بلفظ حديث الباب. [2551]- وحديث بريدة في "كامل ابن عدي" (¬2)، وحديث ابن مسعود .......... (¬3). 955 - [2552]- حديث: روي أنه كان بالمدينة رجلان أحدهما؛ يلحد والآخر يشق، فبعث الصحابة في طلبهما، وقالوا: أيهما جاء أولًا عمل عمله لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاء الذي يلحد فلحد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -. أحمد (¬4) وابن ماجه (¬5) من حديث أنس، وإسناده حسن. [2553]- ورواه أحمد (¬6) والترمذي (¬7) من حديث ابن عباس، وبَيَّن أنّ الذي كان يضرح هو أبو عبيدة، وأنّ الّذي كان يلحد هو أبو طلحة، وفي إسناده ضعف. ¬
[2554]- ورواه ابن ماجه (¬1) من حديث عائشة نحو حديث أنس، بإسناده ضعيف. وله طريق أخرى عن هشام، عن أبيه عنها. رواه أبو حاتم في "العلل" (¬2) عن أبي الوليد، عن حماد، عن هشام، وقال: إنّه خطأ، والصّواب المحفوظ مرسل. وكذا رجح الدارقطني المرسل. والله أعلم. 951 - [2555]- حديث ابن عمر: أنّ النبي-صلى الله عليه وسلم - سُلّ من قِبَل رأسه سلًّا. لم أجده عن ابن عمر، إنما هو عن ابن عباس، ولعله من طغيان القلم، فقد رواه الشافعي (¬3) عن الثقة، عن عمر بن عطاء، عن عكرمة، عنه بهذا. وقيل: إنّ الثقة هنا هو مسلم بن خالد. قال: وعن ابن جريج، عن عمران بن موسى مرسلًا، مثله. وعن بعض أصحابه، عن أبي الزّناد، وربيعة، وأبي النّضر، كذلك. قال: لا يَختلفون في ذلك، وكذا أبو بكر وعمر. ثئم وجدت عن "شرح الهداية" لأبي البركات ابن تيمية: "أنّ أبا بكر النّجاد رواه من حديث ابن عمر. [2556]- وروى ابن ماجه (¬4) عن أبي رافع قال: سل رسول الله-صلى الله عليه وسلم- سعد بن معاذ سَلًّا، ورشّ على قبره الماء. ¬
[2557]- وروى أبو داود (¬1) من طريق أبي إسحاق السبيعي: أنّ عبد الله بن زيد الخطميّ أدخل الميت القبر من قبل رجلي القبر، وقال: هذا من السنة. 952 - [2558]- حديث: أن النبي-صلى الله عليه وسلم- دفنه علي والعبّاس وأسامة/ (¬2). أبو داود (¬3) من رواية الشّعبي قال: غسل النبي-صلى الله عليه وسلم- علي والعباس وأسامة، وهم أدخلوه قبره. قال: وحدثني مرحب: أنهم أدخلوا معهم عبد الرحمن بن عوف، قال: كأني انظر إليهم أربعة. [2559]- وروى البيهقي (¬4) عن علي قال: ولي دفن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- أربعة؛ علي والعباس والفضل، وصالح. [2560]- وروى ابن حبان في "صحيحه" (¬5) عن ابن عباس قال: دخل قبر النبي-صلى الله عليه وسلم- العبّاس وعلي، والفضل، وسوّى لحده رجلٌ من الأنصار، وهو الذي سوّى لحود الأنصار يوم بدر. [2561]- وروى ابن ماجه (¬6) والبيهقي (¬7) من حديث ابن عبّاس قال: كان ¬
الذين نزلوا في قبر رسول الله-صلى الله عليه وسلم- علي والفضل وقثم وشقران، ونزل معهم [أوس ابن] خولى (¬1). قال البيهقي: وشقران هو صالح. 953 - [2561]- حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - لما دفن سعد بن معاذ ستر قبره بثوب. البيهقي (¬2) من حديث ابن عباس قال: جلل رسول الله-صلى الله عليه وسلم - قبر سعد بثوبه. قال البيهقي: لا أحفظه إلا من حديث يحيي بن عقبة بن أبي العيزار، وهو ضعيف انتهى. [2563]- وقد روى عبد الرزاق (¬3) عن ابن جريج، عن الشعبي، عن رجل: أن سعد (¬4) بن مالك قال: أمر رسول الله-صلى الله عليه وسلم- فستر على القبر حتى دفن سعد بن معاذ فيه، فكنت ممن أمسك الثوب. [2564]- ثم روى البيهقي (¬5) بإسناد صحيح إلى أبي إسحاق السبيعي: أنه حضر جنازة الحارث الأعور، فأمر (¬6) عبد الله بن يزيد أن يبسطوا عليه ثوبًا. ¬
[2565]- لكن روى الطبراني من طريق أبي إسحاق أيضًا: أن عبد الله ابن يزيد صلى على الحارث الأعور، ثم تقدّم إلى القبر فدعا بالسّرير فوضع عند رجل القبر، ثمّ أمر به غسل سلاّ، ثم لم يدعهم يمدون ثوبًا على القبر، وقال: هكذا السنة. فيُحرَّر هذا، فلعلّ الحديث كان فيه (وأمر أن لا يبسطوا) فسقطت "لا" أو كان فيه (فأبي) بدل (فأمر) (¬1). [2566]- وقد رواه ابن أبي شيبة (¬2) من طريق الثوري عن أبي إسحاق: شهدت جنازة الحارث فمدوا على قبره ثوبًا فَجَبَذَه عبد الله بن [يزيد] (¬3) وقال: إنما هو رجل. فهذا هو الصّحيح. [2567]- وروى أبو يوسف القاضي بإسناد له، عن رجل، عن علي، أنه أتاهم ونحن ندفن قيسا، وقد بسط الثوب على قبره، فجذبه وقال: إنما يصنع هذا بالنّساء. 954 - [2568]- قوله: ويستحبّ لمن يدخله القبر يقول: بسم الله وعلى ملة رسول الله-صلى الله عليه وسلم-، روي ذلك عن ابن عمر عن النبي-صلى الله عليه وسلم. ¬
أبو داود (¬1) وبقية أصحاب السنن (¬2) وابن حبان (¬3) والحاكم (¬4) من حديثه، أنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا وضع الميت في القبر قال: "بِسْمِ الله، وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ الله". وورفى الأمر به من حديثه مرفوعًا عند النّسائي، والحاكم وغيرهما، وأعلّ بالوقف وتفرَّد برفعه هفام عن قتادة، عن أبي الصّديق عن ابن عمر، ووقفه سعيد وهشام فرجّح الدّارقطني وقبله النسائي الوقف، ورجح غيرهما رفعه. [2569]- وقد رواه ابن حبان من طريق سعيد (¬5) عن قتادة مرفوعًا. [2570]- وروى البزار والطبراني (¬6) من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن أيوب عن نافع، عن ابن عمر نحوه. وقالا: تفرد به سعيد بن عامر. ويؤيده: [2571]- ما رواه ابن ماجه (¬7) من طريق سعيد بن المسيب عن ابن عمر مرفوعًا. لكن في إسناده حماد بن عبد الرحمن الكلبي وهو مجهول. واستنكره أبو حاتم من هذا الوجه. ¬
وفي الباب: [2572]- عن عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج، عن أبيه، قال: قال لي اللجلاج: يابني، إذا مت فألحدني فإذا وضعتني في لحدي فقل: بسم الله وعلى ملة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم سن علي التراب سنّا، ثم اقرأ عند رأسي بفاتحة البقرة وخاتمتها، فإني سمعت رسول الله-صلى الله عليه وسلم- يقول ذلك. رواه الطبراني (¬1). [2573]- وعن أبي حازم مولى الغفاريين، حدثني البياضي- رفعه-: "الْمَيِّتُ إِذَا وُضِعَ في قَبْرِهِ فَلْيَقُلِ الَّذينَ يَضَعُونَهُ حِينَ يُوضَعُ في اللَّحْدِ: بِسْمِ الله وَبِالله، وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ الله". رواه الحاكم (¬2). [2574]- وعن أبي أمامة رواه الحاكم (¬3) أيضًا، والبيهقي (¬4) وسنده ضعيف. ولفظه: لما وضعت أم كلثوم بنت رسول الله-صلى الله عليه وسلم- في القبر قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: " {مِنهَا خَلَقْنَكُمْ وَفِيهَا نعُيِدُكُمْ وَمِنْهَا نخُرِجُكُمْ تَارًة أُخْرَى} بِسْم الله، وَفِي سَبِيلِ الله، وَعَلَى مِلةِ رَسُولِ الله ... " الحديث. 955 - [2575]- قوله: إذا أدخل الميت القبر أضجع في اللحد على جنبه الأيمن، مستقبل القبلة، كذلك فعل برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكذلك كان يفعل. ¬
ابن ماجه (¬1) من حديث أبي سعيد الخدري: أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- أخذ من قبل القبلة، وأسند به القبلة. وإسناده ضعيف. [2576]- وروى العقيلي (¬2) من حديث بريدة: أخذ رسول الله-صلى الله عليه وسلم- من قِبَل القبلة، وألحد له، ونصب عليه اللبن نصبا. وفي إسناده عمرو بن يزيد التميمي، وقد ضعفوه. وأما قوله: إنه - صلى الله عليه وسلم - كذلك كان يفعل، فينظر. * حديث عمر: أنه أمر بدفن ذمية. يأتي في آخر الباب. 956 - [2577]- حديث ابن عباس: أنه جعل في قبر رسول الله-صلى الله عليه وسلم- قطيفة حمراء. مسلم (¬3) والنسائي (¬4) وابن حبان (¬5) من حديثه. [2578]- وروى ابن أبي شيبة (¬6) وأبو داود في "المراسيل" (¬7) عن الحسن, ¬
تنبيه
نحوه. وزاد: لأن المدينة أرض سبخة. وذكر ابن عبد البر (¬1): أن تلك القطيفة استخرجت قبل أن يهال التراب. تنبيه قوله: جُعل. هو بضم الجيم. مبني للمفعول، الجاعل لذلك هو شقران مولى رسول الله-صلى الله عليه وسلم: [2579]- وروى الترمذي (¬2) من طريقه، قال: أنا والله طرحت القطيفة تحت رسول الله-صلى الله عليه وسلم-. وقال: حسن غريب. [2580]- وروى ابن إسحاق في "المغازي" (¬3) والحاكم في "الإكليل" من طريقه، والبيهقي (¬4) عنه من طريق ابن عباس، قال: كان شقران حين وضع رسول الله-صلى الله عليه وسلم- في حفرته أخذ قطيفة قد كان يلبسها، ويفترشها فدفنها معه في القبر، وقال: والله لا يلبسها أحد بعدك. فدفنت معه. [2581]- وروى الواقدي، عن علي بن حسين: أنهم أخرجوها. وبذلك جزم ابن عبد البر (¬5). 957 - حديث سعد: اصْنَعُوا بِي كَمَا صَنعتم برسول الله ع - صلى الله عليه وسلم -. ¬
انصبوا علي اللبن، وأهيلوا علي التراب. الشافعي (¬1) قال: بلغني أنه قيل لسعد بن أبي وقاص: ألا نتخذ لك شيئًا، كأنه الصندوق من الخشب؛ فقال: بل اصنعوا ... فذكره. وهو عند مسلم موصولا عنه، دون قوله: أهيلوا علي التراب. وقد تقدم. وفي الباب: [2582,2583]- عن عائشة في ابن حبان (¬2)، وعن علي في "المسندرك" (¬3). 958 - [2584]- قوله: روي أنه في- صلى الله عليه وسلم - حتى على الميت ثلاث حثيات بيديه جميعًا. البزار والدارقطني (¬4) عن عامر بن ربيعة، قال: رأيت النبي-صلى الله عليه وسلم- حين دفن عثمان بن مظعون صلى عليه، وكَبر عليه أربعا، وحثى على قبره بيده ثلاث حثيات من التراب، وهو قائم عند رأسه. وزاد البزار: فأمر فرش عليه الماء. قال البيهقي (¬5): ¬
[2585]- وله شاهد من حديث جعفر/ (¬1) بن محمَّد، عن أبيه مرسلًا. قلت: رواه الشافعي (¬2) عن إبراهيم بن محمَّد، عن جعفر. [2586]- ورواه أبو داود في "المراسيل" (¬3) من طريق أبي المنذر: أن النبي-صلى الله عليه وسلم- حتى في قبر ثلاثًا. قال أبو حاتم في "العلل" (¬4): أبو المنذر مجهول. [2587]- وروى البيهقي (¬5): من طريق محمَّد بن زياد، عن أبي أمامة قال: توفي رجل فلم يصب له حسنة إلَّا ثلاث حَثيات حثاها في قبر، فغفرت له ذنوبه. [2588]- وروى أبو الشّيخ في "مكارم الأخلاق" عن أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعًا: "مَنْ حَثَى عَلَى مُسْلِمٍ احْتِسَابًا، كَتَبَ الله لَهُ بِكُلِّ [ثرَاةٍ] (¬6) حَسَنَةً". إسناده ضعيف. وروى ابن ماجه (¬7) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- حثى من قِبَلِ الرأس ثلاثا. وقال أبو حاتم في "العلل" (¬8) هذا حديث باطل. ¬
قلت: إسناده ظاهره الصحة. قال ابن ماجه: حدثنا العباس بن الوليد، حدثنا يحيى بن صالح، حدّثنا سلمة ابن كلثوم، حدّثنا الأوزاعي، عن يحيي بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة: أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- صلى على جنازة، ثمّ أتى قبر الميت، فحثى عليه من قبل رأسه ثلاثا. ليس لسلمة بن كلثوم في "سنن ابن ماجه" وغيرها إلَّا هذا الحديث الواحد، ورجاله ثقات. وقد رواه ابن أبي داود في "كتاب التفرد" له من هذا الوجه، وزاد في المتن: أنه كبر عليه أربعًا. وقال بعده: ليس يُروَى في حديث صحيح: أنه - صلى الله عليه وسلم - كبر على جنازة أربعًا إلا هذا. فهذا حُكمٌ منه بالصّحة على هذا الحديث، لكنْ أبو حاتم إمامٌ لم يحكم عليه بالبطلان إلا بعد أن تبين له، وأظن العلّة فيه عنعنة الأوزاعي، وعنعنة شيخه، وهذا كله إن كان يحيي بن صالح هو الوحاظي شيخ البخاري، والله أعلم 959 - [2589]- حديث جابر: أنّه ألحد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحدًا، ونصب عليه اللبن نصبًا، ورفع قبره عن الأرض قدر شبر. ابن حبان (¬1) والبيهقي (¬2) من حديث جعفر بن محمَّد، عن أبيه، عنه. ورواه البيهقي (¬3) من وجه آخر، مرسلًا؛ ليس فيه جابر. وهو عند سعيد بن ¬
منصور عن الدراوردي، عن جعفر. 960 - [2590]- حديث: عن القاسم بن محمَّد قال: دخلت على عائشة، فقلت: يا أماه اكشفي لي عن قبر رسول الله-صلى الله عليه وسلم- وصاحبيه، فكشفت لي عن ثلاث قبور، لا مشوفة ولا لاطية، مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء. أبو داود (¬1) والحاكم (¬2) من هذا الوجه، زاد الحاكم: ورأيت رسول الله-صلى الله عليه وسلم- مقدّما وأبو بكر رأسه بين كتفي رسول الله-صلى الله عليه وسلم- وعمر رأسه عند رجل رسول الله-صلى الله عليه وسلم-. [2591]- وروى البخاري (¬3) من حديث سفيان التمار: أنه رأى قبر رسول الله-صلى الله عليه وسلم- مسنما. ورواه ابن أبي شيبة من طريقه (¬4) وزاد: وقبر أبي بكر وقبر عمر كذلك. [2592]- وروى أبو داود في "المراسيل" (¬5) عن صالح بن أبي صالح، قال: رأيت قبر رسول الله-صلى الله عليه وسلم- شبرًا أو نحو شبر. قال البيهقي (¬6): يمكن الجمع بينهما بأنّه كان أؤلا مسطَّحاَ كما قال القاسم, [ثم لما سقط الجدار في زمن الوليد بن عبد الملك أصلح فجعل مسنّمًا]. ¬
قال: وحديث القاسم] (¬1) أولى وأصح. والله أعلم 961 - [2593]- حديث: أن النبي-صلى الله عليه وسلم- نهى أن يجصص القبر ويبنى عليه، وأن يكتب عليه، وأن يوطأ. الترمذي (¬2) - واللفظ له- وأبو داود (¬3) وابن ماجه (¬4) وابن حبان (¬5) والحاكم (¬6) من حديث جابر، وصرّح بعضهم بسماع أبي الزبير من جابر، وهو في مسلم (¬7) بدون الكتابة. وقال الحاكم: الكتابة على شرط مسلم، وهي صحيحة غريبة، والعمل من أئمّة المسلمين من المشرق إلى المغرب على خلاف ذلك. وفي رواية لأبي داود (¬8): أو يزاد عليه، وبوّب عليه البيهقي (¬9): (لا يُزاد في القبر أكثر من ترابه لئلا يرتفع) (¬10). ¬
[2594]- وذكر صاحب مسند "الفردوس" (¬1) عن الحاكم: أنه روي من طريق/ (¬2) ابن مسعود مرفوعًا: "لا يَزَالُ الْمَيُتُ يَسْمَعُ الأذَانَ مَا لَمْ يُطَيَّنْ قَبْرُه". وإسناده باطل، فإنه من رواية محمَّد بن القاسم الطايكاني، وقد رموه بالوضع. قال الترمذي (¬3): وقد رخص بعض أهل العلم في تطيين القبور، منهم الحسن البصري، والشافعي. [2595]- وقد روى أبو بكر النّجاد من طريق جعفر بن محمد، عن أبيه: أن النبي-صلى الله عليه وسلم- رفع قبره من الأرض شبرا، وطيّن بطين أحمر من العرصة. 962 - [2596]- حديث: روي عنه في - صلى الله عليه وسلم - أنه رش قبر ابنه إبراهيم، ووضع عليه حصباء. الشافعي (¬4) عن إبراهيم بن محمد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، مرسلًا. [2597]- وروى أبو داود في "المراسيل" (¬5) والبيهقي (¬6) من طريق الدراوردي، عن عبد الله بن محمَّد بن عمر بن علي، عن أبيه، نحوه. وزاد: وأنّه أول قبر رشّ عليه. وقال بعد فراغه: سلام عليكم، ولا أعلمه إلا قال: حتى عليه بيديه. رجاله ثقات مع إرساله. ¬
963 - [2598]- حديث بلال: أنّه رش على قبر النبي-صلى الله عليه وسلم-. البيهقي (¬1) من حديث جابر قال: رش على قبر النبي-صلى الله عليه وسلم- الماء رشًّا، وكان الذي رش على قبره بلال بن رباح، بدأ من قبل رأسه من شقه الأيمن، حتى انتهى إلى رجليه. وفي إسناده الواقدي. [2599]- وروى سعيد بن منصور، والبيهقي (¬2) من حديث جعفر بن محمد, عن أبيه، مرسلًا، بلفظ: رُشَّ على قبره الماء وَوُضعَ عليه حصًا من الحصباء، وَرُفع قبره قدر شبر. ولم يسمِّ الذي رشّ. وروي (¬3) أيضًا من هذا الوجه: أن الرّشَّ على القبركان على عهده - صلى الله عليه وسلم -. 964 - [2600]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - وضع صخرة على قبر عثمان بن مظعون، وقال: أعلم بها تبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي. أبو داود (¬4) من حديث المطلب بن عبد الله بن حنطب، وليس صحابيًّا, قال: لما مات عثمان بن مظعون، أخرج بجنازته فدُفن، فأمر النبي-صلى الله عليه وسلم- رجلًا أن يأتي بحجر فلم يستطع حمله، فقام إليه رسول الله-صلى الله عليه وسلم- وحسر عن ذراعيه، قال ¬
المطلب: قال الّذي يخبرني كأنّي انظر إلى بياض ذراعي رسول الله-صلى الله عليه وسلم- حين حسر عنهما، ثم حملها فوضعها عند رأسه. فذكره. وإسناده حسن، ليس فيه إلّا كثير بن زيد راويه عن المطلب، وهو صدوق، وقد بيّن المطلّب أنّ مخبرًا أخبره به، ولم يسمِّه، ولا يضرّ إبهامُ الصَّحابي. [2601]- ورواه ابن ماجه (¬1) وابن عدي (¬2) مختصرا، من طريق كثير بن زيد أيضًا، عن زينب بنت نبيط، عن أنس، قال أبو زرعة: هذا خطأ، وأشار إلى أن الصّواب رواية من رواه عن كثير، عن المطلب. [2602]- ورواه الطبراني في "الأوسط" (¬3) من حديث أنس، بإسناد آخر فيه ضعيف. [2603]- ورواه الحاكم في "المستدرك" (¬4) في ترجمة "عثمان بن مظعون" بإسناد آخر فيه الواقدي، من حديث أبي رافع فذكر، معناه. * حديث روي: أنّه عليه الصلاة والسلام سطّح قبر ابنه إبراهيم. تقدم قريبا، أنه وضع عليه حصباء. قال الشافعي (¬5): والحصباء لا تثبت إلا على مسطح. * حديث القاسم بن محمد: رأيت قبر رسول الله-صلى الله عليه وسلم- وقبر أبي بكر ¬
تنبيه
وقبر عمر مسطحة. تقدم أيضًا، وكذلك ما يعارضه مما ذكره البخاري ض سفيان/ (¬1) التمار. تنبيه احتجّ الشّافعي على أنّ القبور تسطّح: [2604]- بحديث [علي] (¬2): "لا تَدَعْ تِمْثَالًا إلَّا طَمَسْتَه، وَلا قَبْرًا مُشْرِفًا إلَّا سَوَّيْتَه" (¬3). [2605]- وعن فضالة بن عبيد: أن النبي-صلى الله عليه وسلم- كان يأمر بتسويتها. * حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يقوم إذا بدت جنازة، فأخبر أنّ اليهود تفعل ذلك، فترك القيام بعد ذلك، مخالفةً لهم. أبو داود، والترمذي، وابن ماجه من حديث عبادة بن الصامت. وقد تقدم في أثناء الباب. 965 - [1606]- حديث: "مَن صَلّى عَلَى الْجَنازَةِ وَرَجَع فَلَهُ قِيراطٌ، وَمَنْ صَلَّى عَلَيهَا وَلَمْ يَرْجِعْ فَلَهُ قِيراطَانِ أَصْغَرُهُمَا. ويروى: أُحدُهُمَا. مِثْلُ أُحُد". ¬
متفق (¬1) على صحته من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، واللفظ لمسلم. وله (¬2) في رواية أبي حازم قلت: يا أبا هريرة، وما القيراط؛ قال: مثل أحد. وهو للبخاري (¬3) أيضا. ولابن أيمن بإسناد الصحيح قلت: يا رسول الله وما القيراطان؟ وللبخاري (¬4): "مَنْ تَبع جَنَازَةَ مُسْلِمِ إيمانًا وَاحْتِسَابًا، وَكَانَ مَعَه حَتَّى يُصلَّى عَليها وَيُفْرَغ مِنْ دَفْنِهَا، فإئه يَرْجِع مِنَ الأَجْرِ بِقِيرَاطَيْنِ، كَلّ قِيراطْ مِثل أُحْدٍ. ومَنْ صلَّى عَلَيْها ثُمّ رَجَع قَبْلَ أنْ تُدفَن، فَإنّه يَرْجِع بِقِيراطٍ". وعندهما (¬5) تصديق عائشة لأبي هريرة، وقول ابن عمر: قرَّطنا في قراريط كثيرة. ورواه الترمذي (¬6) بلفظ: "مَن صَلَّى عَلَى جَنازَةٍ فَلَهُ قِيراطٌ، وَمَنْ تَبِعَها حَتَّى يُقْضَى دَفْنها فَلَه قِيراطَانِ؛ أحدُهما. أَوْ أَصْغَرُهُمَا. مِثْل أُحُد". ورواه الحاكم في "المسندرك" (¬7) بالقصة التي لابن عمر وعائشة مع أبي هريرة ووهم في استدراكها، إلَّا أنّه زاد فيه: فقال ابن عمر: يا أبا هريرة كنت ألزمنا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأعلمنا بحديث. وفيه من الزيادة أيضًا عنده: "فَلَه مِنَ الْقِيراطِ أَعْظَمُ مِنْ أُحُد". ¬
تنبيه
وأنكرها النّووي (¬1) على صاحب "المهذب" (¬2) فوهم. وللبزار (¬3) من طريق معدى بن سليمان، عن محمد بن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- بلفظ: "مَنْ أَتَى جَنَازَةً في أَهْلِهَا فَلَهُ قِيراطٌ، فَإنْ تَبِعَها فَلَهُ قِيراطٌ، فَإنْ صَلّى عَلَيْها فَلَهُ قِيراطٌ، فَإنِ انْتَظَرَها حَتّى تُدفَنَ فَلَهُ قِيراطٌ". ومعدى فيه مقال شئ. وفي الباب: [1607 - 1609]-عن ثوبان عند مسلم (¬4)، وعن أبي بن كدب عند أحمد (¬5). وعن أبي سعيد أخرجه البزار. تنبيه نقل الرّافعي عن الإمام: أن حصول القيراط الثّاني لمن رجع قبل إهالة التراب وقد يحتجّ له برواية مسلم: "وَمَنِ اتَّبَعَها حَتّى تُوضَعَ في الْقَبْر". قال النووي (¬6): والصحيح أنه لا يحصل إلا بالفراغ من الدفن؛ لقوله: "حَتَّى يُفْرَغ مِنْ دَفْنِهَا". ورواية: "حَتّى تُوضَع ... " محمولة عليها. وقد قرر ذلك ابن دقيق العيد بحثًا في "شرح العمدة" (¬7) ¬
966 - [1610]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا فرغ من [دفن] (¬1) الميت وقف عليه، وقال: "اسْتَغْفِروا لأَخِيكمْ، وَاسْأَلُوا لَهُ التَثَبّتَ؛ فإنّه الآن يُسْأَلُ". أبو داود (¬2) والحاكم (¬3) والبزار (¬4)، عن عثمان، قال البزار: لا يروى عن النبي-صلى الله عليه وسلم- إلا من هذا الوجه. 967 - [1611]- قوله: ويستحب أن يلقق الميت بعد الدّفن، فيقال: يا عبد الله يا ابن أمة الله، اذكر ما خرجت عليه من الدّنيا؛ شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمّدًا رسول الله-صلى الله عليه وسلم-، وأنّ الجنة حقّ وأن النار حق، وأنّ البعث حقّ، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأنّ الله يبعث من في القبور، وأنك رضيت بالله ربا، وبالِاسلام دينا، وبمحمد نبياّ، وبالقرآن إماما، وبالكعبة قبلةً وبالمؤمنين إخوانا. ورد به الخبر: عن النبي-صلى الله عليه وسلم- / (¬5) ¬
الطبراني (¬1) عن أبي أمامة: إذا أنا مت فاصنعوا بي، كما أمرنا رسول الله-صلى الله عليه وسلم- أن نصنع بموتانا، أمرنا رسول الله-صلى الله عليه وسلم- فقال: "إذَا مَاتَ أحدٌ مِنْ إِخْوَانِكُم فَسَوّيتُم الترابَ عَلَى قَبْرِه، فَلْيَقُمْ أَحَدُكُم عَلَى رَأْسِ قَبْرِه ثُمَّ لِيَقُل: يَا فُلانُ بن فُلانَة، فإنّه يَسْمَعه، ولا يُجِيبُ، ثمّ يَقُول: يَا فلان بْن فُلانَة فَإنَّه يَسْتَوِي قَاعداَ، ثُمَّ يَقول: يَا فلان بن فلانة، فإنَّه يَقُول: أَرْشَدَنا يَرْحَمُكَ الله، ولَكِنْ لا تشْعرُون، فَلْيَقُلْ: اذْكُرْ مَا خَرَجْتَ عَلَيْه مِنَ الدّنيا؛ شَهَادَةَ أن لا إِلَه إلا الله، وأنّ مُحَمَّداَ عَبْدهُ وَرَسُولُه وَأنّكَ رَضِيتَ با لله ربّا، وبِالإِسلامِ دينًا، وبِمُحَمَّدِ نبيًّا، وبالْقُرآن إمَامًا، فإنّ مُنْكرًا ونكيرًا يَأْخُذ كُلّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِيَدِ صَاحِبِه وَيقُول: انطَلِقْ بِنَا مَا يُقْعِدُنا عِنْد مَنْ لُقِّن حُجتَه". قال؛ فقال رجل: يا رسول الله فإن لم يعرف أمّه، قال: "يَنْسِبُه إِلَى أمِّهِ حوّاء يَا فُلان بْن حَوّاء". وإسناده صالح، وقد قوّاه الضّياء في "أحكامه" (¬2). وأخرجه عبد العزيز في "الشافي". والّراوي عن أبي أمامة: سعيد الأزدي بَيّض له ابن أبي حاتم (¬3). ولكن له شواهد منها (¬4). [1612]- ما رواه سعيد بن منصور من طريق راشد بن سعد، وضمرة بن حبيب، وغيرهما قالوا: إذا سؤي على الميت قبره، وانصرف النّاس عنه كانوا يستحبون ¬
أن يقال للميت عند قبره: يا فلان، قل: لا إله إلا الله، قل: أشهد أن لا إله إلا الله ثلاث مرات، قل: ربي الله وديني الإِسلام ونبيّي محمد، ثم يصرف. [1614]- وروى الطبراني (¬1) من حديث الحكم بن الحارث السّلمي أنه قال لهم: إذا دفنتموني، ورششتم على قبري الماء، فقدموا على قبري، واستقبلوا القبلة، وادعوا لي. [1614]- وروى ابن ماجه (¬2) من طريق سعيد بن المسيب، عن ابن عمر في حديث سبق بعضه، وفيه: فلمّا سوّى اللبن عليها قام إلى جانب القبر ثم قال: "اللهمَّ جَافِ الأَرْضَ عَنْ جَنْبَيْهَا، وَصَعِّدْ رُوحَهَا، وَلقِّهَا مِنْكَ رِضْوَانًا". وفيه أنه رفعه ورواه الطبراني (¬3). [1615]- وفي "صحيح مسلم" (¬4) عن عمرو بن العاص، أنه قال لهم في حديثِ عند موته: إذا دفنتموني أقيموا حول قبري قدر ما ينحر جزور، ويقسم لحمها، حتى أستأنس بكم، وأعلم ماذا أراجع رسل ربي. وقد تقدم حديث: "وَاسْاَلُوا لَه التَّثْبِتَ، فَإنَّه الآن يُسأل". وقال الأثرم: قلت لأحمد: هذا الذي يَصنعونه، إذا دفن الميت يقف الرّجلُ ويقول: يا فلان بن فلانة، قال: ما رأيت أحدًا يفعله إلَّا أهلَ الشَّام حين مات ¬
أبو المغيرة، يروى فيه عن أبي بكر بن أبي مريم، عن أشياخهم: أنهم كانوا يفعلونه. وكان إسماعيل بن عياش يرويه- يشير إلى حديث أبي أمامة .. 968 - قوله: الاختيار: أن يُدفن كلُّ ميِّت في قبر، كذلك فعل رسول الله-صلى الله عليه وسلم-. لم أره هكذا، لكنه معروف بالاستقراء. 969 - قوله: وأمر بذلك. لا أصل له من أمره، أما فعله فقد فعل ذلك، وأمر لأجل الضّرورة بخلاف ذلك، كما سيأتي. * حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال للأنصار يوم أحد: "احْفِرُوا، وَأَوْسِعوا، وَأَعْمِقُوا، وَاجْعلُوا الاثْنَين وَالثَّلاَثةَ في الْقَبْر الْوَاحِدِ، وَقَدِّمُوا أَكْثَرَهُم أَخذًا لِلْقرآن". أحمد من حديث هشام بن عامر. وقد تقدم. 970 - [1616]- حديث:" لأَنْ يْجْلِسَ أَحَدُكُمْ عَلَى جَمْرةٍ فَتُحْرِقَ ثِيَابَه، فَتَخْلُصَ إِلى جِلْدِه، خَيرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَجْلِسَ عَلى قَبْرٍ". أخرجه مسلم (¬1)، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- بهذا. وقد تقدم بلفظ آخر/ (¬2). ¬
971 - [1617]- حديث: "كُنتُ نَهَيتُكُمْ عَنْ زِيارَةِ الْقُبُور، فَزُوروهَا؛ فإنّها تُذَكِّر الاَخِرَةَ". مسلم (¬1) وأبو داود (¬2) والترمذي (¬3) وابن حبان (¬4) والحاكم (¬5) من حديث بريدة. وفي الباب: [1618]- عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. رواه مسلم (¬6) بلفظ: "اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي أنْ أَزُورَ قَبْرَ أُمِّي فَأَذِنَ لي، فَزُوروا الْقُبورَ، فَإنَّها تُذَكِّركُمُ الْمَوْتَ". ورواه الحاكم (¬7) أوابن ماجه، (¬8) وابن حبان (¬9) مختصرا. [1619]- وعن ابن مسعود؛ رواه ابن ماجه (¬10) والحاكم (¬11)، وفيه: أيّوب ابن هانئ مختلف فيه. ¬
[1620]- وعن أبي سعيد، رواه الشافعي (¬1) وأحمد (¬2) والحاكم (¬3) ولفظه: فإنّها عبرة. [1621]- وعن أنس رواه الحاكم (¬4) من وجهين، ولفظه: "كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَن زِيَارَةِ الْقُبُور، ثُمَّ بَدَا بي أنّه يُرِقّ القَلْبَ، وَيُدْمِعُ الْعَيْنَ، ويَذَكِّرَ الآخرة، فَزُوروهَا، ولا تَقُولوا هُجْرًا". [1622]- وعن أبي ذر، رواه الحاكم أيضا (¬5) لكن سنده ضعيف. [1623]- وعن علي بن أبي طالب رواه أحمد (¬6). وعن عائشة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رخص في زيارة القبور. رواه ابن ماجه (¬7) 972 - [1624]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - لعن زوّارات القبور. أحمد (¬8) والترمذي (¬9) وابن ماجه (¬10) وإبن حبان في "صحيحه" (¬11) من ¬
فائدة
حديث عمر بن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة. وفي الباب: [1625]- عن حسان، رواه أحمد (¬1) وابن ماجه (¬2) والحاكم (¬3). [1626]- وعن ابن عباس، رواه أحمد (¬4) وأصحاب السنن (¬5) والبزار وابن حبان (¬6) والحاكم (¬7) من رواية أبي صالح عنه. والجمهور على أنّ أبا صالح هو مولى أم هانئ وهو ضعيف. وأغرب ابن حبان فقال: أبو صالح راوي هذا الحديث اسمه: ميزان، وليس هو مولى أم هانئ. فائدة مما يدل للجواز بالنسبة إلى النساء: [1627]- ما رواه مسلم (¬8) عن عائشة قالت: كيف أقول يا رسول الله. تعني إذا زرت القبور قال: "قُولي السّلامُ عَلَى أَهْلِ الدِّيارِ مِنَ الْمُؤْمِنِين". ¬
[1628]- وللحاكم (¬1) من حديث علي بن الحسين، عن علي: أنّ فاطمة بنت النّبي-صلى الله عليه وسلم كانت تزور قبر عمِّها حمزة كلِّ جمعة، فتصلّي وتبكي عنده. 973 - [1629]- قوله: والسّنة أن يقول الزائر: السلام عليكم دار قوم مؤمنين ... الحديث. مسلم (¬2) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه - أن النبي-صلى الله عليه وسلم- خرج إلى المقبرة، فقال ذلك. ورواه من حديث عائشة بلفظ آخر ... كما تقدم. [1630]- ومن حديث بريدة (¬3) بلفظ آخر وهو: "السَّلامُ عَلَيْكُم أَهْلَ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنينَ واَلْمُسْلِمِينَ، وَإنّا إنْ شَاءَ الله بِكُمْ لاحِقُون، أَسْأَلُ الله لَنَا وَلَكُمُ الْعافِيَة". 974 - [2631]- حديث روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ عزّى مُصَابًا فَلَهُ مِثْل أَجْرِه". الترمذي (¬4) وابن ماجه (¬5) والحاكم (¬6) , عن ابن مسعود. ¬
والمشهور أنه من رواية علي بن عاصم، وقد ضعف بسببه؛ قال الترمذي: غريب لا نعرفه إلا من حديث علي بن عاصم. قال: وقد روي موقوفًا. قال: ويقال أكثر ما ابتلي به علي بن عاصم هذا الحديث نقموه عليه. قال البيهقي (¬1): تفرّد به علي بن عاصم، وهو أحد ما أنكر عليه. وقال ابن عدي (¬2): قد رواه مع علي بن عاصم؛ محمد بن الفضل بن عطية، وعبد الرحمن بن مالك بن مغول. وروي عن إسرائيل وقيس بن الرّبيع والثوري وغيرهم. وروى ابن الجوزي في "الموضوعات" (¬3) من طريق نصر بن حماد عن شعبة نحوه. وقال الخطيب (¬4): رواه عبد الحكم بن منصور، والحارث بن عمران الجعفري، وجماعة مع علي بن عاصم، وليس شيء منها ثابتا. ويحكى عن أبي داود أنه قال (¬5): عاتب يحيي بن سعيد القطان علي بن عاصم في وصل هذا الحديث، وإنما هو عندهم منقطع، وقال له: إن أصحابك الذين سمعوه معك لا يسندونه، فأبى أن يرجع. قلت: ورواية الثّوري مدارها على حماد بن الوليد، وهو ضعيف جدًا، وكل ¬
المتابعين لعلي بن عاصم أضعف منه بكثير، وليس فيها رواية يمكن التعلق بها إلا طريق إسرائيل، فقد ذكرها صاحب "الكمال" (¬1) من طريق وكيع عنه، ولم أقف على إسنادها بعدُ. [2632]- وله شاهد أضعف منه، من طريق محمد بن عبيد الله العرزمي، عن أبي الزبير، عن جابر. ساقها ابن الجوزي أيضًا في "الموضوعات" (¬2). ومن شواهده: [2633]- حديث أبي برزة مرفوعًا: "مَنْ عَزَّى ثَكْلَى كُسِيَ بُرْدًا في الْجَنَّة". قال الترمذي (¬3):غريب. [2634]- وعن عبد الله بن أبي بكر بن محمَّد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن جده، مرفوعًا: "مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يُعَزِّي أَخَاهُ بمُصِيبَةٍ إلَّا كَسَاه الله عَزَّ وَجَلّ مِنْ خلَلِ الْكَرَامَةِ يَوْمَ الْقِيامَة". رواه ابن ماجه (¬4) 975 - [2635]-حدثنا: روي أنه لما جاء نعي جعفر بن أبي طالب قال النبي-صلى الله عليه وسلم- "اصنَعُوا لآلِ جَعْفَرٍ طَعامًا، فَقَذ جَاءَهُمْ أَمْرٌ يُشْغِلُهُم". ¬
الشافعي (¬1) وأحمد (¬2) وأبو داود (¬3) والترمذي (¬4) وابن ماجه (¬5) والد الدراقطني (¬6) والحاكم (¬7) من حديث عبد الله بن جعفر. وصحّحه ابن السَّكن. 976 - [2637]- ورواه أحمد (¬8) والطبراني (¬9) وابن ماجه (¬10) من حديث أسماء بنت عميس، وهي والدة عبد الله بن جعفر. 976 - [2637]- حديث: "إِذَا وَجَب فَلَا تَبْكِيَنَّ بَاكيَةٌ". مالك (¬11) والشافعي (¬12) عنه، وأحمد (¬13) وأبو داود (¬14) والنسائي (¬15) وابن ¬
حبان (¬1) والحاكم (¬2) من حديث جابر بن عمّيد. وفيه قصة، وفيه قالوا: وما الوجوب؟ قال: "الْمَوْتُ". وفي رواية لأحمد (¬3) أن بعض رواته قال: الوجوب إذا أدخل قبره. والأول أصحّ. [2638]- وروى ابن ماجه (¬4) من حديث ابن عمر في قصة البكاء على حمزة، وفي آخره: "وَلَا يَبْكِينَ عَلى هَالِكٍ بَعْدَ الْيَوْم". 977 - [2639]- حديث: أنه -صلى الله عليه وسلم - جعل ابنه إبراهيم لمحي حجره وهو يجود بنفسه، فذرفت عيناه، فقيل له في ذلك، فقال: "إنَّهَا رحْمَةٌ، وَإنَّما يَرْحَمُ الله مِنْ عِبادِه الرُّحَمَاء"، ثم قال: "الْعَين تَذمَعُ، وَالْقَلْبُ يَحزَنُ، وَلا نَقُول إلَّا مَا يرْضِي رَبنَا". متفق عليه (¬5) من حديث ثابت عن أنس بهذا، وأتم منه. لكن قوله. بعد قوله: "وإنَّها رَحْمَةٌ، وإنَّما يَرْحَمُ الله مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاء". قاله في حديث أسامة بن زيد، في حق ابنته لا في هذا، وفي هذا: أن السائل له في ذلك عبد الرّحمن بن عوف [2640]- ورواه الترمذي (¬6) والبيهقي (¬7) من حديث عطاء عن جابر، نحوه. ¬
وفي الباب في مطلق البكاء على الميت: [2641 - 2642]- عن جابر في "الصحيحين" (¬1)، وعن ابن عباس في "مسند أحمد" (¬2)، وعن عائشة في قصة سعد بن معاذ فيه. [2644]- وفي قصة عثمان بن مظعون عند أبي داود (¬3) والترمذي (¬4). [2445]- وعن أبي هريرة -رضي الله عنه-، عند النسائي (¬5) وابن ماجه (¬6) وابن حبان (¬7) لفظ: مَرّ على النبي-صلى الله عليه وسلم- بجنازة، فانتهرهن عمر، فقال: "دَعْهُنّ يَا ابنَ الْخَطّاب، فإنَّ النّفْسَ مُصَابَةٌ، والْعَيِنُ دَامِعَةٌ، وَالْعَهْدُ قَرِيبٌ". [2646]- وعن بريدة عند مسلم (¬8) في زيارته قبر أمه - صلى الله عليه وسلم -. 978 - [2647]- حديث: "لَعَن الله النَّائِحَةَ وَالْمُسْتَمِعَة". وفي نسخة: لعن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-. أحمد (¬9) من حديث أبي سعيد، باللفظ الثاني. ¬
واستنكره أبو حاتم في "العلل" (¬1). [2648]- ورواه الطبراني والبيهقي (¬2) من حديث عطاء عن ابن عمر. [2649]- ورواه ابن عدي (¬3) من حديث الحسن، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-/ (¬4)، وكلها ضعيفة. 979 - [2650]- حديث: "لَيسَ مِنّا مَن ضَرَبَ الْخُدودَ، وَشَقّ الْجُيُوبَ". متفق على صحته (¬5) من حديث ابن مسعود بزيادة: "وَدَعا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّة". 980 - [2651]-حديث: "إنّ الميِّت لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِه عَلَيه". متفق عليه (¬6) من حديث ابن عمر بهذا. [2652]- ولهما (¬7) من حديث عمر: "الْمَيِّتُ يُعَذَّبُ في قَبْرِه بِمَا نِيحَ عَلَيْه". وفي رواية عنه (¬8): "إنَّ الْمَيِّتَ يُعَذّب بِبُكَاءِ الْحَيّ". ¬
تنبيه
[2653]- ولمسلم (¬1) عن أنس: أنّ عمر قال لحفصة: أما عَلمتِ أنّ رسول الله-صلى الله عليه وسلم- قال: "الْمعولُ عَلَيْهِ يُعَذبُ في قَبْرِهِ". زاد ابن حبان (¬2): قالت: بلى. تنبيه قال الخطابي (¬3): الصّواب في هذه اللّفظة أن يقال بضتم الميم، وسكون العين المهملة، وكسر الواو (¬4)، من (أعول، يعول) إذا رفع صوته بالبكاء، وهو العويل، ومن شدّده أخطأ. انتهى. وجوز بعضهم التشديد. [2654]- ورواه الشيخان (¬5) من حديث المغيرة، بلفظ: "مَن نِيحَ عَلَيْه، فَإنّه يُعَذَّب بِما نِيحَ عَلَيْه يَوْمَ الْقِيامَة". لفظ مسلم. [2655]- وروى البزار (¬6) من طريق عائشة، قالت: لما مات عبد الله بن أبي بكر خرج أبو بكر، فقال: إني أعتذر إليكم من شأن أولاء، إنهن حديث عهد بجاهلية، إني سمعت رسول الله-صلى الله عليه وسلم- يقول: "الْمَيِّتُ يُنْضَحُ عَلَيْه الْحَمِيمُ بِبُكَاءِ ¬
الْحَيِّ عَلَيْه"، انتهى. وفي إسناده محمد بن الحسن، وهو المعروف بابن زبالة قال البزار: لين الحديث. وكذبه غيره. ولقد أتى في هذه الرواية بطامة؛ لأنّ المشهور أنّ عائشة كانت تنكر هذا الإطلاق كما سيأتي. [2656]- وروى أحمد (¬1) من طريق موسى بن أبي موسى الأشعري، عن أبيه، مرفوعًا: "الْمَيِّتُ يُعَذّب بِبِكُاء الْحَيِّ، إذَا قَالَتِ الْجَماعَةُ: وا عَضُدَاه! وَا نَاصِرَاه! وَا كَاسِبَاه! جُبِذَ الْمَيِّتُ، وَقِيلَ له: أَنْتَ كَذَلِكَ". ولابن ماجه (¬2) نحوه. ورواه الترمذي (¬3) بلفظ: "مَا مِنْ مَيِّتِ يَمُوت فَيَقُوم بَاكِيهِمْ، فَيَقُول: وَا جَبَلَاه! وَا سَنَدَاه" وَنحوَه، إلَّا وَيَلْزَمُه مَلَكَانِ بِلَهَازِمِهِ: أَهَكَذا أَنْتَ؟! ". ورواه الحاكم (¬4) وصححه. [2657]- وشاهده في "الصحيح" (¬5) عن النعمان بن بشير، قال: أغمي على عبد الله بن رواحة، فجعلت أخته تبكي، وتقول: واجبلاه واكذا واكذا، فلما أفّاق قال: ما قلت شيئًا إلا قيل لي: أنت كذا؛ فلما مات لم تبك عليه. [2658]- وروى ابن عبد البر (¬6) من طريق ابن سيرين، قال: ذكروا عند ¬
فائدة
عمران بن حصين: الميت يعذب ببكاء الحي، فقالوا: كيف يعذب ببكاء الحي؟ فقال عمران: قد قاله رسول الله-صلى الله عليه وسلم-. فائدة اختلف النّاس في تأويل هذا الحديث - كما سيأتي في حديث عائشة - واختار الطبري في "تهذيبه": أن المراد بالبكاء، ما كان من النّياحة المنهي عنها، وأن المراد بالعذاب الذي يعذب به الميّت ما يناله من الأذى بمعصية أهله لله. واختار هذا جماعة من الأئمة، من اَخرهم الشّيخ تقي الدين ابن تيمية (¬1) والله أعلم. 981 - [2659]- حديث عائشة: رحم الله عمر، والله ما كذب، ولكنه أخطأ أو نسي، إنما مرّ رسول الله-صلى الله عليه وسلم- على يهودية وهم يبكون عليها، فقال: "إنّهُم يَبْكُونَ عَلَيها، وَإنَّهَا تُعَذَّبُ في قَبْرِهَا". انتهى. وهذا اللّفظ الذي أورده، إنما قالته عائشة في الزد على ابن عمر، وأما الرد على عمر فقالت: يرحم الله عمر، والله ما حدّث رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: إنّ الله يعذب المؤمنين ببكاء أحد، ولكن قال: "إنّ الله يَزِيدُ الْكَافِرَ عَذابًا بِبُكاءِ أَهْلِهِ عَلَيْه" (¬2). ¬
وقد أنكر النووي على الرافعي ما أورده، وقال/ (¬1): إنه تبع فيه الغزّالي (¬2)، وهو غلط، وقد روى عبد المحسن البغدادي، من طريق حبيب بن أبي حبيب، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن عائشة، بلغها: أن ابن عمر يحدث عن أبيه: إنّ الميت يعذب ببكاء أهله عليه، فقالت: يرحم الله عمر وابن عمر، والله ما هما بكاذبين، ولكنهما وَهمَا. ولمسلم (¬3) من طريق ابن أبي مليكة: لما بلغها قول ابن عمر: إنكم لتحدّثون عن غير كاذِبَيْن ولا مُكَذَّبَيْن، ولكن السّمع يخطئ. 982 - قوله: ورد لفظ الشهادة على المبطون، والغريق، والغريب والميت عشقًا والميتة طلقا. [2660]- أمّا المبطون والغريق فلمسلم (¬4) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعًا: "مَنْ مَاتَ بِالْبَطْنِ فَهُو شَهِيد، وَالْغَرِيقُ شَهِيدٌ". [2661]-وفي "الصحيحين" (¬5) عنه مرفوعًا: "الشّهَداء خَمْسَةٌ: الْمَطْعُون، وَالْمَبْطُونُ، والغَرِق، وَصاحِبُ الْهَدْمِ و [الشَّهِيد] (¬6) في سَبيلِ الله". ¬
ولمالك (¬1) والترمذي (¬2) وابن حبان (¬3) نحوه: والقتيل في سبيل الله. [2662]- ورواه النسائي (¬4) من حديث عقبة بن عامر. [2663]- ولأبي داود (¬5) من حديث أم حرام: "المائِدُ في الْبحْرِ الّذي يُصيبُه الْقَيْءُ، لَه أجر شَهِيدٍ، وَالْغَريق لَه أجرُ شَهِيدَيْن (¬6). [2664]-ولأبي داود (¬7) والنسائي (¬8) وابن حبان (¬9) والحاكم (¬10) من حديث جابر بن عتيك مرفوعًا: "الشهَادَة سَبْعٌ سِوَى الْقَتْل في سَبِيل الله: الْمَطْغون، وَالْغَرِق، وَصَاحِبِ، ذَاتِ الْجَنْبِ، وَالمَبْطونُ، وَصَاحِب الْحَرِيقِ وَالذي يَمُوت تَحْتَ الْهَدْمِ، وَالْمَرْأة تَمُوت بُجمْع". [2665]- وأما الغريب، فرواه ابن ماجه (¬11) من حديث عكرمة عن ابن عباس مرفوعًا: "مَوْت الْغَرِيبِ شَهَادَةٌ". وإسناده ضعيف؛ لأنه أخرجه من طريق ¬
الهذيل بن الحكم، عن عبد العزيز بن أبي رواد، عن عكرمة. والهذيل منكر الحديث، قاله البخاري (¬1). وذكر الدارقطني في "العلل" الخلاف فيه على الهذيل هذا، وصحح قول من قال: عن الهذيل، عن عبد العزيز، عن نافع، عن ابن عمر. واغتر عبد الحق بهذا، وادعى أنّ الدّارقطني صححه من حديث ابن عمر (¬2)، وتعقبه ابن القطان (¬3). فأجاد. ورواه الدارقطني في "الأفر اد" والبزار من وجه آخر، عن عكرمة، وإسناده ضعيف أيضًا، تفرد به إبراهيم بن بكر الشيباني، عن عمر بن ذر، عن عكرمة. قال ابن عدي (¬4): ان إبراهيم هذا يسرق الحديث، وأشار إلى أنه سرقه من الهذيل. ورواه العقيلي (¬5) وقال: روي عن طاوس مرسلًا. وهو أولى. [2666]- ورواه الطبراني (¬6) من طريق أخرى، [عن ابن عباس] (¬7)، وفيه: عمرو بن الحصين، وهو متروك. [2667]- ورواه العقيلي (¬8) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-, وفيه أبو رجاء الخراساني، ¬
وهو منكر الحديث. وقال ابن الجوزي في "العلل" (¬1): هذا الحديث لا يصح، قال أحمد بن حنبل: هو حل يث منكر. [2776]-[ورواه] (¬2) أبو موسى في "الذيل" في ترجمة عنترة جد عبد الملك ابن هارون بن عنترة في حديث، وهو في الطبراني، ولا يصح أيضًا. وأما الميت عشقا، فاشتهر من رواية سويد بن سعيد الحدثاني، عن علي بن مسهر، عن أبي يحيى القتات، عن مجاهد: [2669]- عن ابن عباس قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ عَشِقَ فَعَفَّ وَكَتَمَ، ثُمّ مَاتَ مَاتَ شَهِيدًا". وقد أنكره على سويد الأئمة، قاله ابن عدي في "كامله" (¬3). وكذا أنكره البيهقي وابن طاهر، وقال ابن حبان (¬4): من روى مثل هذا عن علي بن مسهر تجب مجانبة روايته. وسويد بن سعيد هذا، وإن/ (¬5) كان مسلم أخرج له في "صحيحه" فقد اعتذر مسلم عن ذلك وقال: إنه لم يأخذ عنه إلا ما كان عاليا، وتوبع عليه. ولأجل هذا أعرض عن مثل هذا الحديث. ¬
وقال أبو حاتم الرازي (¬1): صدوق. وأكثر ما عيب عليه التدليس والعمى. وقال الدارقطني (¬2): كان لما كبر يقرأ عليه حديث فيه بعض النكارة فيجيزه. وقال يحيي بن معين. لما بلغه أنّه روى أحاديث منكرة، لُقّنَها بعد عماه، فتلقن: لو كان لي فرس ورمح لكنت أغزو سويد بن سعيد (¬3). وقال الحاكم (¬4). بعد أن رواه من حديث محمد بن داود بن علي الظاهري، عن أبيه، عن سويد.: [أنا أتعجب] (¬5) من هذا الحديث، فإنه لم يحدث به غير سويد، وهو وداود، وابنه محمَّد ثقات. انتهى. وقد روي من غير حديث داود وابنه، أخرجه ابن الجوزي (¬6) من طريق محمد ابن المرزبان عن أبي بكر الأزرق عن سويد. وروي من غير حديث سويد فرواه ابن الجوزي في "العلل" (¬7) من طريق يعقوب بن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، نحوه. ويعقوب ضعّفه أحمد بن حنبل. ورواه الخطيب من طريق الزّبير بن بكار، عن عبد الملك بن الماجشون، عن عبد العزيز بن أبي حازم، عن ابن أبي نجيح، به. ¬
تنبيه
وهذه الطريق غلط فيها بعض الرواة، فأدخل إسنادا في إسناد، وقد قوّى بعضهم هذا الخبر، حتى يقال: إنّ أبا الوليد الباجي نظم في ذلك: إذَا مَاتَ الْمُحِبّ جَوّى وَعِشْقًا فَتِلْكَ ... شَهَادَةٌ يَا صَاحِ حَقَّا رَواهُ لَنَا ثِقَاتٌ عَنْ ثِقَاتٍ إِلَى الحبْرِ ... ابْنِ عبَّاسٍ تَرَقَّا وأما الميتة طلقًا: [2670]- فرواه البزار (¬1) من حديث عبادة بن الصامت في ذكر الشهداء، قال: "والنفَسَاءُ شَهِيدٌ". هإسناده ليس بالقوي. [2671]- وروى أبو داود (¬2) والنسائي (¬3) وابن حبان (¬4) والحاكم (¬5) من حديث جابر بن عتيك "الشهَادَةُ سَبْعُ ... " فذكره، وفيه: "وَالْمَرْأَة تَفوتُ بِجُمْعِ". تنبيه جُمْع. بضم الجيم وإسكان الميم بعدها مهملة - هي المرأة تموت وفي بطنها ولد، وقيل: هي البكر خاصة. [2672]- وذكر الدارقطني في "العلل" من رواية ابن المبارك، عن قيس بن الربيع، عن أبي هاشم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر مرفوعًا: "إنَّ لِلْمَرْأَةِ في حَمْلِهَا إِلَى وَضْعِهَا إِلَى فِصَالِهَا مِنَ الأَجْرِ كَمَا لِلمُرابِطِ في سَبِيل الله، فإنْ هَلَكَتْ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ فَلَهَا أَجْرُ شَهِيدٍ". ¬
983 - [2673]- حديث: أن عليًّا غسل فاطمة. الشافعي (¬1) عن إبراهيم بن محمد، عن عمارة. هو ابن المهاجر. عن أمّ محمد بنت محمد بن جعفر بن أبي طالب، عن جدتها أسماء بنت عميس، أنّ فاطمة أوصت أن تغسلها هي وعلي فغسلاها. [2675]- ورواه الدارقطني (¬2) من طريق عبد الله بن نافع عن محمد بن موسى عن عون بن محمد، عن أمه عن أسماء. وقال أبو نعيم في "الحلية" (¬3) في ترجمة "فاطمة": حدثنا إبراهيم، حدثنا أبو العباس السراج، حدثنا قتيبة، حدثنا محمد بن موسى [المخزومي] (¬4)، به. وسمى (أمّ عون): (أم جعفر بنت محمد بن جعفر). [2675]- ورواه البيهقي (¬5) من وجه آخر، عن أسماء بنت عميس. وإسناده حسن. ورواه من وجهين آخرين (¬6)، ثم تعقبه بأنّ هذا فيه نظر؛ لأنّ أسماء بنت ¬
تنبيه
عُميس في هذا الوقت كانت عند أبي بكر الصديق، وقد ثبت أنّ أبا بكر لم يَعلم بوفاة فاطمة، لما في "الصحيح" (¬1) من حديث عائشة أن/ (¬2) عليا دفنها ليلًا ولم يعلم أبا بكر، فكيف يمكن أن تغسلها زوجته ولا يعلم هو. ويمكن أن يجاب: بأنّه علم بذلك، وظنّ أنّ عليًّا سيدعوه، لحضور دفنها، وظنّ عليّ أنه يحضر من غير استدعاء منه، فهذا لا بأس به. وأجاب في "الخلافيات" (¬3): بأنه يحتمل أن أبا بكر علم بذلك، وأحب أن لا يرد غرض علي في كتمانه منه. وقد احتج بهذا الحديث أحمد وابن المنذر، وفي جزمهما بذلك دليل على صحته عندهما تنبيه هذا إن صح يبطل: [2676]- ما روي أنها غسلت نفسها وماتت، وأوصت أن لا يعاد غسلها, ففعل علىٌّ ذلك، وهو خَبْرٌ؛ رواه أحمد (¬4) من طريق أم سلمى زوج أبي رافع، كذا في "المسند" والصواب: سلمى أم رافع. وهو حديث أورده ابن الجوزي في "الموضوعات" (¬5) وفي "العلل المتناهية" (¬6) وأفحش القول في ابن إسحاق ¬
تنبيه
راويه، وغيره وقد تولى رد ذلك عليه ابن عبد الهادي في "التنقيح" (¬1). 984 - [2677]- حديث: أنّ أبا بكر أوصى أن يكفَّن في ثوبه الخلق فنفِّذَتْ وصيّته. البخاري (¬2) من طريق هشام، عن عروة، عن عائشة أن: أبا بكر قال لها في كم كفنتم النبي-صلى الله عليه وسلم-؛ قالت: في ثلاثة أثواب بِيضٍ، ليس فيها قميص ولا عمامة فنظر إلى ثوبِ كان يمرض فيه، به ردع من زعفران، فقال: اغسلوا ثوبي هذا، وزيدوا عليه ثوبين. قلت: إن هذا خَلِقٌ، قال: إن الحي أولى بالجديد من الميت، إنما هو للمهلة. الحديث. تنبيه المهلة مثلثة الميم، صديد الميت. وقد رواه الحاكم (¬3) من طريق عبد الله البهيّ، عن عائشة، قالت: لما احتضر أبو بكر. فذكر قصّة، وفيها انظروا ثوبي هذين فاغسلوهما، ثم كفنوني فيهما؛ فإن الحي أحوج إلى الجديد منهما. وكذلك رواه عبد الرزاق (¬4)، عن معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة في الثوبين. ¬
فائدة
985 - [2678]- حديث: أنّ الصّحابة صلّوا على يد عبد الرحمن بن عتّاب بن أسيد، ألقاها طائر بمكّة في وقعة الجمل وعرفوا أنها يده بخاتمه. ذكره الزبير بن بكار في "الأنساب" وزاد: أن الطائر كان نسرًا. وذكره الشافعي بلاغا (¬1)، وذكر أبو موسى في "الذيل": أنّ الطّائر ألقاها بالمدينة. وذكر ابن عبد البر: أنّ الطّائر ألقاها باليمامة. وحكى بعضهم أنّه ألقاها بالطّائف. فائدة الرّافعي ذكر ذلك في مشروعية الصلاة على بعض الأعضاء. [2679]- وقد قال الشافعي (¬2): أنا بعض أصحابنا، عن ثور، عن خالد بن معدان: أنّ أبا عبيدة، صلى على رءوس. ووصله ابن أبي شيبة (¬3) عن عيسى بن يونس، عن ثور. لكن لم يسمّ خالد بن معدان. ثم رواه (¬4) عن عمر بن هارون، عن ثور، عن خالد بن معدان، عن أبي عبيدة. [2680]- وروى الحاكم (¬5) عن الشعبي، قال: بعث عبد الملك بن مروان ¬
برأس ابن الزبير إلى عبد الله بن خازم بخراسان فكفنه عبد الله بن خازم، وصلّى عليه، وقال الشعبي: أوّل رأس صلي عليه رأس عبد الله بن الزبير. رواه ابن عدي في "الكامل" (¬1) وضعفه بصاعد بن مسلم، وهو واهٍ، كما تقدم. [2681]- وقد روى ابن أبي شيبة (¬2) عن وكيع عن سفيان عن رجل، أن أبا أيوب صلى على رِجْلٍ. 986 - [2682]- حديث: أن عليا لم يغسل من قُتل معه. قال ابن عبد البر (¬3): جاء من طرقِ صحاحِ، أن زيد بن صوحان قال: لا تنزعوا عني/ (¬4) ثوبا، ولا تغسلوا عني دما، وادفنوني في ثيابي. وقتل يوم الجمل. وروى البيهقي (¬5) من طريق العيزار بن حريث، قال: قال زيد بن صوحان، نحوه. 987 - [2683]- حديث: أنّ عمار بن ياسر أوصى أن لا يغسل. ¬
البيهقي (¬1) من حديث قيس بن أبي حازم، عنه. وصححه ابن السّكن. 988 - [2684]- حديث: أنّ أسماء بنت أبي بكر غسلت ابنها عبد الله بن الزبير، ولم ينكر عليها أحد. البيهقي (¬2) من حديث أيوب، عن ابن أبي مليكة، قال: وجاء كتاب عبد الملك بأن يدفع عبد الله بعد قتله إلى أهله، فأتيت به أسماء بنت أبي بكر فغسلته وكفنته، وحنطته، ودفنته ثم ماتت بعد ثلاثة أيام. إسناده صحيح. [2685]- وروى ابن عبد البر في "الاستيعاب" (¬3) من حديث أبي عامر، عن ابن أبي مليكة: كنت الآذن لمن بشر أسماء بنت أبي بكر بنزول ابنها عبد الله من الخشبة، فدعت بِمِرْكَنٍ (¬4) وشبّ يماني، وأمرتني بغسله. 989 - [2686]- حديث: أنّ عمر غُسّل وصُلّي عليه، وقد قتل ظلمًا بالمحدد. مالك في "الموطأ" (¬5) والشافعي (¬6) عنه. ¬
[2687]- ورواه البيهقي (¬1) ورواه الحاكم (¬2) من طريق معاوية بن عمرو، عن زائدة، عن ليث عن نافع، عن ابن عمر، قال: عاش عمر ثلاثًا بعد أن طعن، ثم مات فغسل وكفن. 990 - [2688]- حديث: أنّ عثمان غسل وصلّي عليه، وقد قتل ظلمًا بالمحدد. روى أبو نعيم في "المعرفة" (¬3) من طريق عبد الملك بن الماجشون، عن مالك، قال: أقام عثمان مطروحا على كناسة بني فلان ثلاثا، فأتاه اثنا عشر رجلًا منهم جدي مالك بن أبي عامر، وحويطب بن عبد العزى، وحكيم بن حزام، وابن الزبير، وعائشة بنت عثمان، ومعهم مصباح، فحملوه على باب وإن رأسه تقول على الباب: طق طق حتّى أتوا به البقيع، فصلوأ عليه، ثم أرادوا دفنه .... فذكر الحديث في دفنه بِحَشِّ (¬4) كوكب. ورواه من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، نحوه مختصرا، ولم يذكر الصّلاة عليه [2689]- وروى أبو نعيم أيضا (¬5) من طريق إبراهيم بن عبد الله بن فروخ، عن أبيه، قال شهدت عثمان دفن في ثيابه بدمائه. ورواه البغوي في "معجمه" فزاد: ولم يغسل. ¬
تنبيه
وكذا في زيادات "المسند" (¬1) لعبد الله بن أحمد. [2690]- وروى عبد الرزاق (¬2)، عن معمر عن قتادة، قال: صلى الزبير على عثمان ودفنه، وكان قد أوصى إليه. تنبيه اتفقت الرِّوايات كلها على أنه لم يغسل، واختلف في الصلاة، فترد على إطلاق المصنف. 991 - [2690]- حديث: أن حسين بن علي قدم سعيد بن العاص أمير المدينة، فصلّى على الحسن. البزار (¬3) والطبراني (¬4) والبيهقي (¬5) من طريق بن عيينة، عن سالم بن أبي حفصة، قال سمعت أبا حازم يقول: إني لشاهد يوم مات الحسن بن علي، فرأيت الحسين بن علي يقول لسعيد بن العاص، ويطعن في عنقه: تقدم، فلولا أنها سنة ما قدمت. وسالم ضعيف. لكن رواه النسائي (¬6) وابن ماجه (¬7) من وجه آخر، عن أبي ¬
حازم بنحوه. وقال ابن المنذر في "الأوسط" (¬1) ليس في الباب أعلى منه؛ لأنّ جنازة الحسن حضرها جماعة كثيرة من الصحابة وغيرهم. ورواه البيهقي (¬2) من طريق أخرى فيها مبهم، لم يسمّ. 992 - [2692]- حديث: أن سعيد بن العاص صلى على زيد بن عمر بن الخطاب، وأمّه أم كلثوم بنت علي، فوضع الغلام بين يديه، والمرأة خلفه، وفي القوم نحو من ثمانين نفسًا من أصحاب النبي-صلى الله عليه وسلم- فصوبوه وقالوا: هذه السنة. أبو داود (¬3) / (¬4) والنسائي (¬5) من حديث عمّار بن أبي عمار، أنه شهد جنازة أمِّ كلثوم وابنها، فجعل الغلام مما يلي الإمام، فأنكرت ذلك، وفي القوم ابن عباس وأبو سعيد وأبو قتادة وأبو هريرة، فقالوا: هذه السنة. ورواه البيهقي (¬6) فقال: وفي القوم الحسن والحسين وابن عمر وأبو هريرة، ونحو من ثمانين نفسًا من أصحاب النبي-صلى الله عليه وسلم-. ¬
تنبيه
تنبيه أبهم الإمام في هذه الرواية , وفي رواية البيهقي أنّه ابن عمر، وقد تقدمت. [2693]- وفي رواية للدارقطني (¬1) والبيهقي (¬2) من رواية نافع، عن ابن عمر: أنّه صلى على سبع جنائز جميعًا؛ رجالٍ ونساءٍ، فجعل الرجال مما يلي الإمام وجعل النساء مما يلي القبلة، وصفهم صفًّا واحدًا، ووضعت جنازة أمِّ كلثوم بنت عليِّ امرأة عمر وابنٍ لها يُقال له زيد، قال: والإمام يومئذ سعيد بن العاص وفي النَّاس يومئذ ابن عبّاس وأبو هريرة وأبو سعيد وأبو قتادة، فوضع الغلام مما يلي الإمام، فقلت ما هذا؛ فقالوا: السنة. وكذلك رواه ابن الجارود في "المنتقى" (¬3) وإسناده صحيح. فيحمل على أن ابن عمر أمُ بهم حقيقةً بإذن سعيد بن العاص، ويحمل قوله: إن الإمام كان سعيد بن العاص، يعني الأمير؛ جمعا بين الرِّوايتين، أو أن نسبة ذلك لابن عمر، لكونه أشار بترتيب وضع تلك الجنائز على الجنازة في الصلاة. * حديث: أن ابن عمر صلّى على جنائز؛ فجعل الرِّجال يلونه، والنساء يلين القبلة. تقدم قبله. 993 - [2694]- حديث ابن عمر: أنّه كان يرفع يديه في جميع ¬
تكبيرات الجنازة. البيهقي (¬1) بسند صحيح. وعلّقه البخاري (¬2)، ووصله في "جزء رفع اليدين" (¬3). وقال ابن أبي شيبة (¬4) حدثنا ابن فضيل، عن يحيي، عن نافع، به. ورواه الطبراني في "الأوسط" (¬5) في ترجمة موسى بن عيسى مرفوعا، وقال: لم يروه عن نافع إلا عبد الله بن محرر، تفرد به عباد (¬6) بن صهيب. قلت وهما ضعيفان. ويرد على إطلاقه ما رواه الدارقطني (¬7) من طريق يزيد بن هارون، عن يحيي بن سعيد، عن نافع، به مرفوعا. لكن قال في "العلل"، تفرد برفعه عمر بن شبة، عن يزيد بن هارون. ورواه جماعة عن يزيد موقوفًا، وهو الصواب. ¬
تنبيه
994 - [2695]- حديث: أنس مثل ذلك. الشافعي (¬1) عن من سمع سلمة بن وردان، يذكر، عن أنس: أنه كان يرفع يديه كلما كبر على الجنازة. 995 - [2696]- قوله: عن عروة وابن المسيب مثله. الشافعي (¬2) بلغنا عن عروة وابن المسيب مثل ذلك، وعلى ذلك أدركنا أهل العلم ببلدنا. تنبيه [2697]- روى الدارقطني (¬3) من حديث ابن عباس وأبي هريرة: أن النبي-صلى الله عليه وسلم- كان إذا صلّى على الجنازة رفع يديه في أول تكبيرة ثم لا يعود. وإسنادهما ضعيفان، ولا يصح فيه شيء. [2698]- وقد صحّ عن ابن عباس: أنه كان يرفع يديه في تكبيرات الجنازة. رواه سعيد بن منصور. 996 - [2699]- حديث: روي عن عمر أنه أمر الذّمِّية إذا ماتت وفي بطنها جنين مسلم، أن تدفن في مقابر المسلمين. ¬
الدارقطني (¬1) من حديث سفيان، عن عمرو بن دينار: أنّ امرأة نصرانية، ماتت وفي بطنها ولد مسلم، فأمر عمر أن تدفن مع المسلمين من أجل ولدها. [2700]- ورواه البيهقي (¬2) من حديث ابن جريج، عن عمرو، عن شيخ من أهل الشام، عن عمر نحوه/ (¬3). * * * * ¬
باب تارك الصلاة
باب تارك الصلاة 997 - [2701]- حديث: "خَمْسُ صَلّوَات كتَبَهُنّ الله عَلَيكُمْ في الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ ... ". الحديث. مالك في "الموطأ" (¬1) وأحمد (¬2) وأصحاب السنن (¬3) وابن حبان (¬4) وابن السكن، من طريق بن محيريز: أن رجلًا من بني كنانة يدعى المخدجي، أخبره: أنه سمع رجلًا بالشّام يكنى أبا محمَّد يقول: إن الوتر واجب. قال المخدجي: فرحت إلى عبادة فأخبرته، فقال: كذب أبو محمَّد، سمعت رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: "خَمْسُ صَلَواتٍ كَتَبَهُنّ الله عَلَى الْعِبَاد ... " الحديث. قال ابن عبد البر (¬5) هو صحيح ثابت، لم يختلف عن مالك فيه. ثم قال (¬6): والمخدجي مجهول لا يعرف إلا بهذا الحديث. قال الشيخ تقي الدين القشيري في "الإمام" (¬7): انظر إلى تصحيحه لحديثه، ¬
مع حكمه بأنه مجهول (¬1). وقيل: إن اسمه رفيع، وليس المخدجي بِنَسب، وإنما هو لقب، قاله مالك (¬2). انتهى. وذكره ابن حبان على قاعدته في "الثقات" (¬3) فقال: أبو رفيع المخدجي، من بني كنانة. وأما أبو محمد فقال ابن عبد البر (¬4): يقال: إنّ اسمه مسعود بن أوس، ويقال سعيد بن أوس، ويقال: إنه بدري. وقال ابن حبان (¬5): في الصحابة مسعود بن زيد بن سبيع الأنصاري من بني دينار بن النجار، له صحبة، سكن الشام. وقول عبادة بن الصامت: كذب أبو محمد، أراد أخطأ، وهذه لفظة مستعملة لأهل الحجاز، إذا أخطأ أحدهم يقال له: كَذَب. ويدل عليه: أنّ ذلك كان في الفتوى، ولا يقال لمن أخطأ في فتواه: كذب، إنما يقال له أخطأ. ¬
ووافق الخطّابي (¬1) ابن حبان على تسميته، وتعقبه ابن الجوزي (¬2). [2702]- وله شاهد من حديث أبي قتادة، رواه ابن ماجه (¬3)، وآخر من حديث كعب بن عجرة، رواه أحمد (¬4). 998 - [2703]- حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن تَرَك الصلاةَ فَقدْ بَرِئَتْ مِنة الذّمّة". ابن ماجه (¬5) من حديث أبي الدرداء قال: أوصاني خليلي - صلى الله عليه وسلم -: "أنْ لا تشْرِكَ بِالله شَيْئًا، وإنْ قُطعْتَ وَخرِّقْتَ، وَأَنْ لا تتْرُكَ صَلاةَ مَكْتُوبةُ متعمِّدًا، فَمَنْ تَرَكَهَا مُتَعَمِّدًا فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْه الذِّمَّةُ، ولا تَشَرَبَ الْخَمْرَ؛ فإنَّها مِفْتَاحُ كلِّ شرٍّ". وفي إسناده ضعف. [2704]- ورواه الحاكم في "المسندرك" (¬6) من طريق جبير بن نفير، عن أميمة مولاة رسول الله-صلى الله عليه وسلم- قالت: بينا رسول الله-صلى الله عليه وسلم- جالسًا إذ دخل عليه رجل فقال: إني أريد الرجوع إلى أهلي فأوصني. فذكر نحوه مطولا. [2705]- ورواه أحمد (¬7) والبيهقي (¬8) من حديث مكحول، عن أم أيمن, ¬
وفيه انقطاع. [2706]- وفي "مسند عبد بن حميد" (¬1): أن الموصَى بذلك ثوبان. [2707 , 2708]- ورواه الطبراني من حديث عبادة بن الصامت، ومن حديث معاذ بن جبل (¬2) وإسناداهما ضعيفان. 999 - [2709]- حديث: "مَن تَرَكَ صَلاةً مُتَعَمّدًا فَقَدْ كفَر". البزار من حديث أبي الدرداء بهذا اللفظ، ساقه من الوجه الذي أخرجه منه ابن ماجه باللّفظ السابق. [2710]- وله شاهد من حديث الربيع بن أنس، عن أنس، عن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: " مَنْ تَرَك الصَّلاةَ مُتَعَمِّدًا فَقَدْ كَفَر جِهَارًا". سئل الدارقطني في "العلل" عنه، فقال: رواه أبو النضر، عن أبي جعفر، عن الربيع موصولا (¬3). وخالفه علي بن الجعد، فرواه عن أبي جعفر، عن الزبيع، مرسلًا، وهو أشبه بالصواب. وفي الباب: [2711]- عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. رواه ابن حبان في "الضعفاء" (¬4) في ترجمة أحمد ¬
ابن موسى، عن محمَّد بن عمرو، عن أبي سلمة، عنه، رفعه: "تَارِكُ الصّلاةِ كَافِرٌ". واستنكره. [2712]- ورواه أبو نعيم (¬1) من طريق إسماعيل بن يحيي، عن مسعر عن/ (¬2) عطية، عن أبي سعيد، مثل حديث أنس. وعطية ضعيف، وإسماعيل أضعف منه. وأصح ما فيه: [2713]- حديث جابر بلفظ: "بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْن الْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلاةِ". رواه مسلم (¬3) والترمذي (¬4) والنسائي (¬5) وابن حبان (¬6). ورواه ابن حبان (¬7) والحاكم (¬8) من حديث بريدة بن الحصيب، نحوه. [2714]- وروى الترمذي (¬9) من طريق عبد الله بن شقيق (¬10) العقيلي، قال: ¬
فائدة
كان أصحاب رسول الله-صلى الله عليه وسلم- لا يرون من الأعمال شيئًا تركه كفر إلا الصّلاة. ورواه الحاكم (¬1) من هذا الوجه، فقال: عن عبد الله بن شقيق، عن أبي هريرة. وصخحه على شرطهما. فائدة أَوَّلَ ابنُ حبّان الأحاديث المذكورة فقال (¬2): إذا اعتاد المرء ترك الصلاة إلى ترك غيرها من الفرائض، وإذا اعتاد ترك الفرائض أداه ذلك إلى الجحد، قال: فأطلق اسم النهايهَ الّتي هي آخر شعب الكفر على البداية التي هي أولها. * حديث: النّوم عن الصلاة في الوادي. تقدّم في "الصلاة". * * * * ¬
(13) كتاب الزكاة
(13) كتاب الزكاة
باب زكاة النعم
باب زكاة النعم 1000 - [2715]- حديث: "مَانِعُ الؤّكاةِ في النَّارِ". قال ابن الصّلاح: لم أجد له أصلا. وهو عجيب منه، فقد رواه الطبراني في "الصغير" (¬1) في من اسمه محمد، فقال: حدثنا محمد بن أحمد بن أبي يوسف الخلال المصري، حدّثنا بحر بن نصر، حدثنا أشهب، عن الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سعد بن سنان عن أنس، بهذا. وزاد: "يَومَ الْقِيَامَةِ". ورويناه في "مشيخة الرّازي" (¬2) في ترجمة "أبي إسحاق الحبال" من هذا الوجه. وزاد مع الليث (ابن لهيعة)، والمحفوظ بهذا الإسناد حديث: "الْمُعْتَدِي في الصَّدَقَةِ كَمَانِعِهَا"، رواه الترمذي (¬3) وحسَّنه، فإن كان هذا محفوظاَ فهو حسن. ويؤيّده: [2716]- حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- الطويل: "مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبِ ولا فِضَّةٍ لا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا، إلَّا إذَا كَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صُفِّحَتْ لَهُ صَفَائِحُ مِنْ نَارٍ فَأُحْمِيَ عَلَيْهَا في نَارِ جَهَنَّمَ، فَيُكْوَى بِهَا جَنْبُه" الحديث. متفق عليه (¬4). ¬
فائدة
فائدة قال البيهقي (¬1): تفرد أصحابنا في تعاليقهم بإيراد حديث: "لَيْسَ في الْمَالِ حَق سِوَى الزَّكَاةِ"، ولست أحفظ له إسنادًا. انتهى. وقد أخرجه ابن ماجه (¬2) من حديث فاطمة بنت قيس بهذا اللفظ، وسيأتي. 1001 - [2717]- قوله: إن أبا بكر قاتل مانعي الزكاة. هو حديث متفق عليه، من طريق أبي هريرة -رضي الله عنه- (¬3). 1002 - [2718] حديث: "لَيْسَ عَلَى الْمسْلِمِ في عَبْدِهِ وَلا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ". متفق عليه (¬4) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، وفي لفظ مسلم (¬5) والدارقطني (¬6): "لَيْسَ في الْعَبْدِ صَدَقَةٌ إلَّا صَدَقَةَ الْفِطْرِ". [2719]- ولأصحاب السنن (¬7) عن عليّ مرفوعا: "قَدْ عَفَوْتُ لَكُمْ عَنْ صَدَقَةِ الْخَيْلِ والرْقِيقِ، فَهَاتُوا صَدَقَةَ الرِّقَّة". ¬
فائدة
فائدة [2720]- روى الدارقطني (¬1) من حديث جابر مرفوعا: "في الْخَيْلِ السائِمَةِ؛ في كُلِّ فَرَسٍ دِينَارٍ". وإسناده ضعيف جدا. 1003 - [2721]-حديث الشافعي بإسناده إلى أنس بن مالك أنه قال: هذه الصدقة، بسم الله الرحمن الرحيم، هذه فريضة الصدقة التي فرضها رسول الله-صلى الله عليه وسلم- الّتي أمر الله بها، فمن سئلها على وجهها من المؤمنين فليعطها ... الحديث بطوله. أخرجه الشافعي (¬2) عن القاسم بن عبد الله بن عمر، عن المثنى بن أنس، أو ابن فلان بن أنس، عن أنس. قال: وأخبرني عدد ثقات كلّهم عن حماد بن سلمة، عن ثمامة بن أنس، عن أنس، مثل معنى هذا لا يخالفه، إلا أني لم أحفظ فيه: أن لا يعطى شاتين أو عشرين درهما/ (¬3) لاأحفظ فيه: إن استيسر عليه. قال: وأحسب في حديث حماد بن سلمة: أن أنسا قال: دفع إلى أبو بكر الصديق كتاب الصّدقة عن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-. وهو كما حسب الشافعي، فقد رواه إسحاق بن رواهويه، عن النضر بن شميل عن حماد بن سلمة، قال: أخذنا هذا الكتاب من ثمامة يحدّثه، عن أنس عن ¬
رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لكن في قوله في الإسناد: "عن ثمامة" نظر؛ فقد رواه البيهقي (¬1) من طريق يونس بن محمَّد المؤدب، عن حماد بن سلمة، قال: أخذت هذا الكتاب من ثمامة عن أنس: أن أبا بكر كتب له. وكذا رواه أبو داود (¬2) والنسائي (¬3) من حديث حمّاد بن سلمة، قال: أخذت من ثمامة كتابا زعم أن أبا بكر كتبه لأنس. ومن طريق حماد عن ثمامة عن أنس. وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (¬4) من هذا الوجه، وقال: لم يخرجه البخاري هكذا بهذا [التمام] (¬5). ونَبّه الدارقطني على أن ثمامة لم يسمعه من أنس، وأن عبد الله بن المثنى لم يسمعه من ثمامة، كذلك قال في "التتبع والاستدراك" (¬6). ثم روى عن علي بن المديني عن عبد الصمد، حدثني عبد الله بن المثنى قال: دفع إلى ثمامة هذا الكتاب. قال: وثنا عفان، حدّثنا حماد قال: أخذت من ثمامة كتابا عن أنس. وقال حماد بن زيد: عن أيوب: أعطاني ثمامة كتابا. انتهى. قال البيهقي (¬7): قصر بعض الرواة فيه، فذكر سياق أبي داود ثمّ رجَّحَ روايةَ ¬
يونس بن محمَّد المؤدِّب، ومتابعة النضر بن شميل له، ونقل عن الدارقطني أنّه صححه (¬1). وقال ابن حزم (¬2): هذا حديثما في نهاية الصّحة، عمل به الصّديق بحضرة العلماء، ولم يخالفه أحد. انتهى. وقد رواه البخاري في مواضع من "صحيحه" (¬3) في كتاب الزكاة وغيره، مطولًا ومختصرًا بسند واحد. قال (¬4): حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، حدثني أبي حدثني ثمامة بن عبد الله، أن أنسا حدثه: أن أبا بكر كتب له هذا الكتاب لما وجهه إلى البحرين: بسم الله الرحمن الرحيم، هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المسلمين ... الحديث بطوله. وصححه ابن حبان (¬5) أيضًا، وغيره. 1004 - [2722]- قوله: ويروى: "طَرُوقَة الْفَحْل". هي رواية أبي داود (¬6). 1005 - قوله: لأنّ الزيادة على المائة وعشرين وردت مفسرّة بالواحدة في رواية ابن عمر. ¬
قلت: هو في رواية سليمان بن أرقم، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، عن عمر كما سيأتي. 1006 - [2723]- قوله: في بعض الروايات أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "فَإذَا زَادَتْ وَاحِدَة على الْمِاَئِة وَعِشْرِينَ فَفِيهَا ثَلاثُ بَنَاتِ لَبُون". انتهى. وهو في رواية الدارقطني (¬1) من طريق محمد بن عبد الرحمن: أنّ عمر بن عبد العزيز حين استخلف أرسل إلى المدينة يلتمس عهد النبي-صلى الله عليه وسلم-في الصدقات، فوجد عند آل عمرو بن حزم كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصدقات، ووجد عند آل عمر كتابه إلى عماله على ذلك، فكان فيهما صدقة الإبل. فذكر فيه: فإذا زادت على العشرين ومائة واحدة ففيها ثلاث بنات لبون. [2724]- وروى أحمد (¬2) وأبو داود (¬3) والترمذي (¬4) والدارقطني (¬5) والحاكم (¬6) والبيهقي (¬7) من طريق سفيان بن حسين عن الزهري عن سالم عن عبد الله بن عمر قال: كتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتاب الصّدقة، فلم يخرجه إلى ¬
عمّاله حتى قُبض، فقرنه بسيفه، فعمل به أبو بكر حتى قبض/ (¬1)، ثمّ عمل به عمر حتّى قبض، فكان فيه: في خمس من الإبل شاة .... الحديث بطوله، وفيه هذا وغيره. [ويقال] (¬2): تفرد بوصله سفيان بن حسين، وهو ضعيف في الزهري خاصّة والحفّاظ من أصحاب الزهري لا يصلونه. رواه أبو داود (¬3) والدارقطني (¬4) والحاكم (¬5) عن أبي كريب، عن ابن المبارك عن يونس، عن الزهري قال: هذه نسخة كتاب رسول الله-صلى الله عليه وسلم- الذي كتبه في الصّدقة، وهي عند آل عمر. قال ابن شهاب: أقرأنيها سالم بن عبد الله بن عمر فوعيتها على وجهها، وهي الّتي انتسخ عمر بن عبد العزيز من عبد الله وسالم ابني عبد الله بن عمر ... فذكر الحديث. وقال البيهقي: تابع سفيان بن حسين على وصله سليمان بن كثير. قلت: وأخرجه ابن عدي (¬6) من طريقه، وهو لين في الزهري أيضا. ورواه الدارقطني (¬7) من طريق [سليمان] (¬8) بن أرقم، عن الزهري. وهو ضعيف. ¬
1007 - قوله: هذه اللفظة لم ترد في كتاب أبي بكر. صحيح ليست فيه من الوجهين. 1008 - [2725]- قوله: وإنما نسب إلى أبي بكر؛ لأنه هو الذي كتبه لأنس، لما وجهه إلى البحرين. صحيح، ذكره هكذا البخاري في "كتاب الجهاد" (¬1). * حديث: "أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فمَا بَقِيَ فَـ[هُوَ] (¬2) لأَوْلَى رَجُل ذَكرٍ". متفق عليه (¬3) من حديث ابن عباس. وسيأتي في "الفرائض". 1009 - [2726]- حديث معاذ بن جبل: بعثني رسول الله-صلى الله عليه وسلم- إلى اليمن، فأمرني أن آخذ من كل أربعين مسنة، ومن كل ثلاثين تبيعا. أبو داود (¬4) والنسائي (¬5) من رواية أبي وائل، عن معاذ، أتم منه. ¬
ووراه النسائي (¬1) وباقي أصحاب السنن (¬2) وابن حبان (¬3) والدارقطني (¬4) والحاكم (¬5) من رواية أبي وائل عن مسروق عنه. ورجح الترمذي، والدارقطني في "العلل" (¬6) الرواية المرسلة. ويقال: إن مسروقًا أيضًا لم يسمع من معاذ. وقد بالغ ابن حزم (¬7) في تقرير ذلك. وقال ابن القطان (¬8): هو على الاحتمال، وينبغي أن يحكم لحديثه بالاتصال على رأي الجمهور. وقال ابن عبد البر في "التمهيد" (¬9) إسناده متصل صحيح ثابت. ووهم عبد الحق (¬10) فنقل عنه، أنه قال: مسروق لم يلق معاذا. وتعقّبه ابن القطّان (¬11): بأن أبا عمر إنما قال ذلك في رواية مالك عن حميد بن ¬
قيس، عن طاوس، عن معاذ؛ وقد قال الشّافعي طاوس عالم بأمر معاذ وإن لم يلقه؛ لكثرة من لقيه مِمّن أدرك معاذًا، وهذا مِمَّا لا أعلم من أحد فيه خلافًا. انتهى. [2727]- وقد رواه الدارقطني (¬1) من طريق المسعُودي، عن الحكم، عن طاوس، عن ابن عَبّاس قال: لما بعث رسول الله-صلى الله عليه وسلم- معاذا. وهذا موصول، لكن المسعُودي اختلط، وتفرد بوصله عنه بقية بن الوليد، وقد رواه الحسن بن عمارة، عن الحكم أيضا، لكن الحسن ضعيف، ويدل على ضعفه قوله فيه: إن معاذا قدم على النبي-صلى الله عليه وسلم- من اليمن فسأله ... ومعاذ لما قدم كان النّبي - صلى الله عليه وسلم - قد مات. [2728]- ورواه مالك في "الموطأ" (¬2) من حديث طاوس، عن معاذ: أنه أخذ من ثلاثين بقرة تبيعا، ومن أربعين بقرة مسنة، وأتي بما دون ذلك، فأبى أن يأخذ منه شيئا. وقال: لم نسمع فيه من رسول الله-صلى الله عليه وسلم- لي شيئًا حتى ألقاه، فتوفي رسول الله-صلى الله عليه وسلم- قبل أن يقدم/ (¬3) معاذ بن جبل. قال ابن عبد البر (¬4): ورواه قوم عن طاوس، عن ابن عباس، عن معاذ، إلا أن الذين أرسلوه أثبت من الذين أسندوه. ¬
قلت: ورواه البزار (¬1) والدارقطني (¬2) من طريق ابن عباس بلفظ: لما بعث النبي-صلى الله عليه وسلم- معاذا إلى اليمن أمره أن يأخذ من كل ثلاثين من البقر تبيعا أو تبيعة، جذعا أو جذعة. الحديث. . . لكنه من طريق بقية، عن المسعودي، وهو ضعيف كما تقدم. وقال البيهقي: طاوس وإن لم يلق معاذا إلا أنه يماني، وسيرة معاذ بينهم مشهورة. وقال عبد الحق (¬3): ليس في زكاة البقر حديث متفق على صحته -يعني في النصب. وقال ابن جرير الطبري: صيح الإجماع [المتيقّن] (¬4) المقطوع به الذي لا اختلاف فيه أن في كل خمسين بقرة بقرة، فوجب الأخذ بهذا، وما دون ذلك فمختلف فيه، ولا نص في إيجابه. وتعقبه صاحب "الإمام" بحديث عمرو بن حزم الطّويل في الديات، وغيرها؛ فإن فيه: في كل ثلاثين باقورة تبيع جذع أو جذعهّ وفي كل أربعين باقورة بقرة. وقال ابن عبد البر في "الاستذكار" (¬5): لا خلاف بين العلماء أن السنة في زكاة البقر على ما في حديث معاذ هذا، وأنه النّصاب المجمع عليه فيها. ¬
1010 - قوله: ورد في الأخبار "الجذع" مكان "التبيع". تقدم قريبا، وهو في رواية النسائي (¬1) من طريق أبي وائل عن معاذ. - حديث أنس: أن أبا بكر كتب له فريضة الصدقة التي أمر الله تعالى رسوله: وفي صدقة الغنم في سائمتها ... الحديث. البخاري وقد تقدم، لكن الرافعي أورده عن الغرالي لتفسير الزيادة بالواحدة، وليس هو فيه، وإنما هو من رواية ابن عمر عند أبي داود، كما تقدم. 1011 - [2729]- حديث سويد بن غفلة: سمعت مصَدِّقَ النبي-صلى الله عليه وسلم- يقول: أمرنا رسول الله-صلى الله عليه وسلم- بالجذع من الضأن، والثّنية من المعز. وفي رواية: إن المصدِّقَ قال: إنما حقنا في الجذعة من الضأن، والثنية من المعز. أحمد (¬2) وأبو داود (¬3) وا لنسائي (¬4) الدراقطني (¬5) والبيهقي (¬6) من حديث سويد ¬
ابن غفلة قال: أتانا مصدّق رسول الله-صلى الله عليه وسلم- فجلست إلى جنبه فسمعته يقول: إن في عهدي أن لا آخذ من راضع لبنٍ شيئًا، وأتاه رجل بناقة كوماء، فقال: خذ هذه، فأبى أن يقبلها. ولم يذكر واحدٌ منهم مقصود الباب. نعم هو في حديث آخر: [2730]- رواه أحمد (¬1) وأبو داود (¬2) والنسائي (¬3) من حديث سعر الدّيلي وفيه قصة، وفيه: أن رجلين أتياه من عند النبي-صلى الله عليه وسلم - لأخذ الصّدقة، فقلت: ما تأخذان؛ قالا: عنَاقًا؛ جذعة أو ثنية. ورواه الطبراني (¬4) بلفظ: فقلت ما تريد؛ قال: أريد صدقة غنمِك. قال: فجئته بشاة ماخض حين ولدت، فلمانظر إليها قال: ليس حقنا في هذه. قلت ففيم حقك؛ قال: في الثنية والجذعة ... الحديث. قلت: فكان الرافعي دخل عليه حديث في حديث. * حديث: في خمس من الإبل شاة. البخاري من حديث أنس الطويل، وقد تقدم. 1012 - [2731]- حديث: "إيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ". ¬
متفق عليه (¬1) من حديث ابن عباس: أن النبي-صلى الله عليه وسلم- لما بعث معاذا إلى اليمن قال/ (¬2) له ذلك. وفي رواية لمسلم: عن ابن عباس، عن معاذ، فذكره في حديث. 1013 - قوله: إن تطوع بها فقد أحسن. فيه حديث: [2732]- أخرجه أبو داود (¬3) من طريق عمارة بن عمرو بن حزم، عن أبي بن كعب، فيه قصة. وصححه الحاكم (¬4). * حديث: "في كُلِّ أَرْبَعِينَ بنْتُ لَبُون". تقدم. * حديث: "في كلِّ خَمْسِينَ حقَّة". تقدم أيضا. كل حديث: "مَنْ بَلَغَتْ صَدَقَتُه جَذَعَةً". تقدم. ¬
* حديث: "لا يُؤخَذُ فِي الزَّكَاةِ هَرِمةٌ , وَلا ذَاتُ عَوَارٍ" تقدم بلفظ: "في الصدقة" وهو المراد. * قوله: "لا يُؤخَذُ فِي الصّدَقَةِ هَرِمةٌ وَلا تَيْسٌ". تقدم أيضا. 1014 - [2733]- حديث عمر: أنه قال لمساعيه سفيان بن عبد الله الثقفي: اعتد عليهم بالسّخلة التي يروح بها على يده، ولا تأخذها، ولا تأخذ الأكولة، والربي والماخض، وفحل الغنم، وخذ الجذعة والثنية، فذلك عدل بين غذيّ المال وخياره. الشافعي (¬1) طريق بن بشر بن عاصم، عن أبيه، أنّ عمر استعمل سفيان بن الطّائف، فذكره في حديث. رواه مالك في الموطأ (¬2) والشافعي (¬3) عنه، من وجه آخر، عن سفيان بن بعثه مصدّقا. رواه ابن حزم (¬4) من طريق أيوب عن عكرمة بن خالد عن سفيان نحوه وضعفه. ¬
بعكرمة بن خالد، وأخطأ في ذلك؛ لأنه ظنه الضعيف، ولم يرو الضمعيف هذا إنما هو عكرمة بن خالد الثّقة الثّبت. وأغرب ابن أبي شيبة (¬1) فرواه مرفوعًا قال: [2734]- حدّثنا أبو أسامة، عن النهاس بن قهم، عن الحسن بن مسلم، قال بعث رسول الله-صلى الله عليه وسلم- سفيان بن عبد الله على الصدقة ... الحديث. [2735]- وروى أبو عبيد في "الأموال" (¬2) من طريق الأوزاعي، عن سالم بن عبد الله المحاربي: أن عمر بعث مصدّقًا، فأمره أن يأخذ الجذعة والثنية. ووقع في "الكفاية" لابن الرّفعة: أن اسم هذا المصدّق: سعيد بن رستم، ولم يذكر مستنده. 1015 - [2736]- حديث: النهي عن المريضة والمعيبة. أبو داود (¬3) من حديث عبد الله بن معاوية الغاضري، مرفوعا: "ثَلاثٌ مَنْ فَعَلَهنّ فَقَدْ طَعِمَ طَعْمَ الإيمانِ، مَنْ عَبَد الله وَحْدَه، وَشَهِدَ أن لا إله إلا هُو، وَأَعْطَى زَكَاةَ مَالِهِ طَيِّبةً بِهَا نَفْسَه كُلّ عَامٍ، وَلَمْ يُعْطِ الْمَرِيضَة ولا الْهَرِمَةَ وَلا الشرطَ اللَّئِيمَة ... " الحديث. ورواه الطبراني (¬4) وجوّد وإسناده، وسياقه أتم سندًا ومتنًا. * * * * ¬
باب صدقة الخلطاء
باب صدقَةِ الخُلَطاء * حديث أنس وابن عمر وغيرهما: "لايُفَرّق بَينَ مُجْتَمَعٍ، وَلا يُجْمَعُ بَين مُتَفَرِّقٍ". تقدّما. وقوله: "وغيرهما": أراد به حديث عمرو بن حزم، وهو في حديثه الطويل وحديث سعد لآتي، إن صح. 1016 - [2737]- حديث: سعد بن أبي وقاص: "لا يُجْمَعُ بَيْنَ مُفَرَّق، وَلا يُفَرّق بَينَ مُجْتَمَعٍ؛ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ. وَالْخَلِيطَانِ مَاجتمعا في الْحَوْضِ والْفَخلِ والرَّاعِي". وفي رواية: "الرَّعْي" بدل "الرَّاعِي". الدارقطني (¬1) والبيهقي (¬2) من رواية ابن لهيعة، عن يحيي بن سعيد، عن السائب بن يزيد: صحبت سعد بن أبي وقاص، وسمعته ذات يوم يقول: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم- "لا يُفَرّق ... ". فذكره. [قال البيقهي: أجمع أصحاب الحديث على ضعف ابن لهيعة، وترك الاحتجاج بما ينفرد به] (¬3). ¬
وقال ابن أبي حاتم في "العلل" (¬1) سالت أبي عنه؟ فقال: هذا حديث باطل، ولا أعلم أحدًا رواه [غير] (¬2) ابن لهيعة. قلت: وقد بين الخطيب/ (¬3) في "المدرج" (¬4) سبب وهم ابن لهيعة فيه، فذكر: عن أبي عبيد القاسم بن سلام، عن أبي الأسود النّضر بن عبد الجبار، قال: لَم يسمع ابن لهيعة من يحيى بن سعيد شيئًا، إنّما كان يرويه من كتابه. وروى عن سعيد بن أبي مريم أيضًا أنّه قال: لم يسمع ابن ل في عة من يحيى شيئًا، ولكن كتب إليه، فكان فيما كتب إليه يحيي هذا الحديث، يعني حديث السّائب ابن يزيد: صحبت سعد بن أبي وقاص كذا كذا سنةَ، فلم أسمعه يحدِّث عن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- إلّا حديثًا واحدًا، وكتب يحيى بن سعيد بعده: "لا يُفَرّق بَيْنَ مُجْتَمَعٍ، وَلا يُجْمَعُ بَيْن مُتَفَرِّقٍ"، فظن ابن لهيعة أنّه من حديث سعد، وإنما هذا كلام مبتدأ من المسائل التي كتب بها إليه. وقال ابن معي (¬5) هذا الحديث باطل، وإنما هو من قول يحيى بن سعيد، هكذا حدث به الليث بن سعد، عن يحيي بن سعيد من قوله. 1017 - [2738]- حديث: "لازَكَاةَ في مَالِ حَتَّى يَحُولَ عَلَيهِ الْحَوْل". ¬
أبو داود (¬1) وأحمد (¬2) والبيهقي (¬3) من رواية الحارث، وعاصم بن ضمرة، عن علي والدارقطني (¬4) من حديث أنس، وفيه حسان بن سياه، وهو ضعيف وقد تفرد به ثابت. [2739] وابن ماجه (¬5) والدارقطني (¬6) والبيهقي (¬7) والعقيلي في "الضعفاء (¬8) وفيه حارثة بن أبي الرّجال، وهو ضعيف. [2740] ورواه الدارقطني (¬9) والبيهقي (¬10) من حديث ابن عمر، وفيه إسماعيل بن عياش. وحديثه أهل الشّام ضعيف، وقد رواه ابن نمير ومعتمر وغيرهما، عن شيخه فيه، وهو عبيد الله بن عمر الرّاوي له، عن نافع فوقفه، وصحّح الدراقطني في "العلل" الموقوف، وله طريق أخرى تذكر بعد. 1018 - حديث عمر: اعتد عليهم يالسخلة. ¬
[2741]- وعن علي: اعتد عليهم بالكبار والصغار. أما قول عمر، فتقدم. وأما قول علي، فلم أره. [2742]- وقد روى الخطابي في "غريبه" (¬1) من طريق عطية، عن ابن عمر: أنّ عليًّا بعث إلى عثمان بصحيفة فيها: لا تأخذوا من الزخة ولا النخّة شيئاّ. قال الخطابي: الزخة: أولاد الغنم. والنخة: أولاد الإبل. قلت: وهذا معارض لما ذكر عن علي، لكن إسناده ضعيف. 1019 - [2743]- حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "لَيسَ في مَالِ الْمُسْتَفِيد زَكَاةٌ حَتّى يَحُولَ عَلَيه الْحَوْل". الترمذي (¬2) والدارقطني (¬3) والبيهقي (¬4) من حديث عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن ابن عمر، مثله. ولفظ الترمذي: "مَنِ اسْتَفَادَ مَالَا فَلا زَكَاةَ عَلَيْه حَتّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْل". وعبد الرحمن ضعيف، قال الترمذي: والصحيح عن ابن عمر موقوف. وكذا قال البيهقي، وابن الجوزي (¬5) وغيرهما. وروى الدارقطني في "غرائب مالك" من طريق إسحاق بن إبراهيم الحنيني، ¬
عن مالك، نافع عن ابن عمر نحوه، قال الدارقطني: الحنيني ضعيف، والصحيح عن مالك موقوف. [2744 - 2746]- وروى البيهقي (¬1) عن أبي بكر، وعلي، وعائشة، موقوفا عليهم مثل ما ري عن ابن عمر، قال: والاعتماد في هذا، وفي الذي قبله على الآثار عن أبي بكر وغيره. قلت: حديث علي لا بأس بإسناده، والآثار تعضده، فيصلح للحجة. والله أعلم. 1020 - [2747]- حديث: "في سَائِمَة الْغَنَمِ الزّكَاةِ". البخاري (¬2). حديث أنس بلفظ: "وَفِي/ (¬3) صَدَقَةِ الْغَنَمِ في سَائِمَتِهَا، أَرْبَعِين إِلَىِ عِشْرينَ وَمِائَة شَاةٍ". وقد ذكره المصُنِّف بعد قليل، من حديث أنس وفي رواية أبي داود (¬4): "في سَائِمَةِ الْغَنَمِ إذَا كَانَتْ ... ". فذكره، وما اقتضاه كلام الرافعي من مغايرة حديث أنس له مردود. قال ابن الصّلاح: أحسب أنّ قول الفقهاء والأصوليين: في سائمة الغنم الزكاة اختصار منهم. انتهى. ¬
[2748]- ولأبي داود (¬1) والنسائي (¬2) من حديث بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده مرفوعا: "فِي كُلِّ إِبِلٍ سَائِمَةٌ .... " الحديث. 1021 - [2749]- حديث: "لَيسَ في الْبَقَرِ الْعَوَامِلِ صَدَقَةٌ". الدارقطني (¬3) من حديث ابن عباس. وفيه سوار بن مصعب، وهو متروك، عن ليث بن أبي سليم، وهو ضعيف. ورواه من وجه (¬4) آخر عنه، وفيه الصقر بن حبيب وهو ضعيف، [2750]- ومن حديث جابر إلا أنه [قال] (¬5): "لَيْسَ في الْمُثِيرَةِ صَدَقَةٌ". وضعّف البيهقي إسناده. [2751]- ورواه موقوفا (¬6)، وصححه من طريق عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده إلا أنه قال: "الإبِلِ" بدل "الْبَقَر"، وإسناده ضعيف أيضا. قال البيهقي (¬7): وأشهر من ذلك: [2752]- ما روي مرفوعا وموقوفا، من حديث أبي إسحاق عن الحارث، وعاصم عن علي: "لَيْسَ في الْبَقَرِ الْعَوَامِلِ شَيْء". ¬
قال البيقهي: رواه النّفيليّ عن زهير بالشّك في وقفه أو رفعه، ورواه أبو بدر عن زهير مرفوعا، ورواه غير زهير عن أبي إسحاق موقوفا. انتهى. وهو عند داود (¬1) وابن حبان (¬2). وصحّحه ابن القطان (¬3) على قاعدته في توثيق عاصم بن ضمرة، وعدم التّعليل بالوقف والرفع. 1022 - [2753]- حديث: أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- قال: "فَدَيْن الله أَحَقّ بالقّضَاءِ". متفق (¬4) علي صحته من حديث ابن عباس: أن امرأة أتت رسول الله-صلى الله عليه وسلم-، إن أمي ماتت وعليها صوم شهر ... ؟ الحديث. وله طرق فيهما وألفاظ مختلفة. في رواية: جاء رجل فقال: إن أختي نذرت أن تحج ... (¬5). وفي روايه للنسائي (¬6): [إن أبي مات] (¬7) ولم يحج. وسيأتي في "الصيام". ¬
1023 - [2754]- حديث: روي أنه في - صلى الله عليه وسلم - قال: " مَنْ وَلِى يَتِيمًا فَلْيَتَّجِرْ لَهُ، وَلا يَتْرُكْه حَتّى تَأْكُلَه الصَّدَقَةُ". الترمذي (¬1) والدارقطني (¬2) والبيهقي (¬3) من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده، عبد الله بن عمرو به. وفي إسنادهم المثنى بن الصباح، وهو ضعيف. وقد قال الترمذي: إنما يروى من هذا الوجه، وقد روي عن عمرو بن شعيب، عن عمر بن الخطاب موقوفا عليه. انتهى. وقال مهنا: سألت أحمد عنه؟ فقال: ليس بصحيح، يرويه المثنى، عن عمرو. ورواه الدارقطني (¬4) من حديث أبي إسحاق الشيباني، أيضا عن عمرو بن شعيب، لكن رواه عنه مندل بن عليّ، وهو ضعيف. ومن حديث العرزمي، عن عمرو. والعرزمي ضعيف متروك. ورواه ابن عدي (¬5) من طريق عبد الله بن علي، وهو الإفريقي، وهو ضعيف. وقال الدارقطني في "العلل" رواه حسين المعلم، عن مكحول، عن عمرو ابن شعيب، عن سعيد بن المسيب، عن عمر. ورواه ابن عيينة، عن عمرو بن ¬
دينار، عن عمرو بن شعيب، عن عمر. لم يذكر ابن المسيب، وهو أصح. قلت: واياه عَنَي التّرمذي. 1024 - [2755]- حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "ابتغوا في أموال اليتامى لا تأكلها الزكاة". الشافعي (¬1) عن عبد المجيد بن أبي رواد، عن ابن جريج، عن يوسف بن ماهك/ (¬2) به مرسلا. ولكن أكّده الشافعي بعموم الأحاديث الصحيحة في إيجاب الزكاة مطلقا. وفي الباب: [2756]- أنس مرفوعًا: "اتَّجِرُوا في مَالِ الْيَتَامَى لا تَأْكُلهَا الزَّكَاة". رواه الطبراني في "الأوسط" (¬3) في ترجمة "علي بن سعيد". [2757]- وروى البيهقي (¬4) من حديث سعيد بن المسيب، عن عمر، موقوفا عليه، مثله. وقال: إسناده صحيح. [2758]- وروى الشافعي (¬5) عن ابن عيينة، عن أيوب، عن نافع عن ابن عمر موقوفا أيضا. ¬
[2759]- وروى البيهقي (¬1) من طريِق شعبة، عن حميد بن هلال سمعت: أبا محجن أو ابن محجن. وكان خادماّ لعثمان بن أبي العاص. قال: قدم عثمان بن أبي العاص على عمر فقال له عمر: كيف متجر أرضك، فإن عندي مال يتيم قد كادت الزكاة أن تفنيه؟ قال: فدفعه إليه. [2760]- وروى أحمد بن حنبل (¬2) من طريق معاوية بن قرة عن الحكم بن أبي العاص عن عمر نحوه. [2761]- ورواه الشافعي (¬3) عن ابن عيينة، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، موقوفا أيضا. [2762]- وروى مالك في "الموطأ" (¬4) عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه قال: كانت عائشة تليني وأخاّ لي يتيمًا في حجرها، وكانت تخرج من أموالنا الزكاة. [2763]- وروى الدارقطني (¬5) والبيهقي (¬6) وابن عبد البر (¬7) ذلك من طرق عن علي بن أبي طالب، وهو مشهور عنه. ¬
تنبيه
تنبيه [2764]- روى البيهقي (¬1) من طريق ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، عن ابن مسعود قال: من ولي مال يتيم فليحص عليه السنين، وإذا دفع إليه ماله أخبره بما فيه من الزكاة، فإن شاء زكى، وإن شاء ترك. وأعلّه الشافعي بالانقطاع، وبأنّ ليثًا ليس بحافظ. وفي الباب: [2765]- عن ابن عباس، وفيه ابن لهيعة. 1025 - [2766]- حديث: "لَازَكَاةَ في مَالِ الْمُكَاتبِ حَتَّى يُعْتَقَ". الدارقطني (¬2) والبيهقي (¬3) من حديث جابر، وفي إسناده ضعيفان (¬4)، ومدلس (¬5). قال البيهقي: الصحيح إنه موقوف، على جابر. وقد رواه ابن أبي شيبة (¬6) كذلك من حديثه. [2767]- وحديث ابن عمر (¬7)، ومن طريق كيسان أبي سعيد المقبري (¬8) ¬
قال: أتيت عمر بزكاة مالي مائتي درهم، وأنا مكاتب، فقال: هل عتقت؟ قلت: نعم. قال: اذهب فاقسمها. * حديث عمر فيما يؤخذ في الزكاة. تقدَّم. * حديث عثمان. يأتي بعد ورقة. * * * *
باب أداء الزكاة وتعجيلها
باب أداء الزكاة وتعجيلها 1026 - [2768]- حديث: أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- والخلفاء بعده كانوا يبعثون السعاة لأخذ الزكاة. هذا مشهور، ففي "الصحيحين" (¬1) عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: بعث (¬2) عمر على الصّدقة. [2769]- وفيهما (¬3) عن أبي حميد: استعمل رجلًا من الأزد يقال له ابن اللتبية. [2770]- وفيهما (¬4) عن عمر: أنه استعمل ابن السعدي. [2771]-وعند وأبي داود (¬5): أن النبي-صلى الله عليه وسلم- بعث أبا مسعود ساعيًا. [2772]- وفي "مسند أحمد" (¬6): أنه بعث أبا جهم بن حذيفة متصدِّقًا. [2773] وفيه (¬7): أنه بحث عقبة بن عامر ساعيا. [2774]- وفيه (¬8): من حديث قرة بن دعموص: بعث الضحاك بن قيس ساعيا. ¬
[2775]- وفي "المستدرك" (¬1): أنه بعث قيس بن سعد ساعياّ. [2776]- وفيه: من حديث عبادة بن الصامت أنه - صلى الله عليه وسلم - بعثه على أهل الصدقات ويعث الوليد بن عقبة إلى بني المصطلق ساعيا. [2777]- وروى البيهقي (¬2) عن الشافعي: أنّ أبا بكر وعمركانا يبعثان على الصدقة. وقد أخرجه الشافعي (¬3) عن إبراهيم بن سعد، عن الزهري بهذا، وزاد. ولا يؤخرون أخذها في كل عام. [2778]- وقال في "القديم": وروي عن عمر أنه أخرها عام الرّمادة، ثم بعث مصدِّقًا فأخذ عقالين عقالين. [2779]- وفي "الطبقات" (¬4) لابن سعد: أن النبي-صلى الله عليه وسلم- (¬5) بعث المصدِّقين إلى العرب في هلال الحرم، سنةَ تسع. وهو في "مغازي الواقدي" بأسانيده مفسرا. * حديث سعد وغيره في الصرف. يأتي. * حديث: "إنمَا الأَعْمَالُ بالنُيَّاتِ". ¬
متفق عليه من حديث عمر، وقد تقدم في "الوضوء". 1027 - [2780]- حديث: روي "لَيْسَ في الْمَالِ حَقّ سِوّى الزَّكَاةِ". ابن ماجه (¬1) الطبراني (¬2) من حديث فاطمة بنت قيس بهذا. وفيه أبو حمزة ميمون الأعور راويه عن الشعبي، عنها، وهو ضعيف. قال الشيخ تقي الدين القشيري في "الإمام": كذا هو في النّسخة من روايتنا عن ابن ماجه، وقد كتبه في: (باب ما أدي زكاته فليس بكنز) وهو دليل على صحة لفظ الحديث، لكن رواه الترمذي (¬3) بالإسناد الذي أخرجه منه ابن ماجه بلفظ: "إنّ في الْمَالِ حَقًا سِوَى الزَّكاةِ". وقال: إسناده ليس بذاك. ورواه بيان، وإسماعيل بن سالم، عن الشعبي قوله، وهو أصحّ. وقال البيهقي (¬4): أصحابنا يذكرونه في "تعاليقهم" ولست أحفظ له إسنادا (¬5). [2781]- ور ى في معناه أحاديث منها: ما رواه أبو داود في "المراسيل" (¬6) عن الحسن مرسلًا "مَن أَدَّى زَكَاةَ مَالِهِ فَقَدْ أَدَّى الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْهِ، وَمَنْ زَادَ فَهُوَ أَفْضَلُ" [2782]- وروى الترمذي (¬7) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعًا: "إذا أديت الزكاة فقد ¬
قضيت ما عليك". وإسناده ضعيف. [2783]- ورواه الحاكم (¬1) من حديثما جابر مرفوعا وموقوفا، بلفظ: "إِذَا أَدَّيْت زَكَاةَ مَالِكَ فَقَدْ أَذْهَبْتَ عَنْكَ شِرَّه". قال: وله شاهد صحيح عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. 1028 - [2784]- حديث: "في كُلّ أَرْبَعِين مِنَ الإبِلِ السَّائمَةِ؛ بنتُ لَبُون، مَنْ أَعْطَاهَا مُؤْتَجِرًا فَلَهُ أَجْرُهَا، وَمَنْ مَنَعَها فَإنّا آخِذُوهَا وَشْطرَ مَالِه عَزْمةً مِنْ عَزَمَاتِ رَبِّنَا، لَيْسَ لآل مُحَمَّد مِنْهَا شَيْءٌ". أحمد (¬2) وأبو داود (¬3) والنسائي (¬4) والحاكم (¬5) والبيهقي (¬6) من طريق بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده. وقد قال يحيي بن معين في هذه الترجمة: إسناد صحيح إذا كان من دون بهز ثقة (¬7). وقال أبو حاتم (¬8): هو شيخ يكتب حديثه ولا يحتج به. ¬
وقال الشافعي (¬1): ليس بحجة، وهذا الحديث لا يثبته أهل العلم بالحديث، ولو ثبت لقلنا به. وكان قال به القديم (¬2). وسئل عنه أحمد فقال: ما أدري ما وجهه؟ فسئل عن إسناده، فقال: صالح الإسناد (¬3). وقال ابن حبان (¬4):كان يخطئ كثيرًا، ولولا هذا الحديث لأدخلته في الثقات وهو ممن أستخير الله فيه (¬5). ¬
وقال ابن عدي (¬1): لم أر له حديثاّ منكرا. وقال ابن الطّلاع في أوائل "الأحكام": بهز مجهول. وقال ابن حزم (¬2): غير مشهور بالعدالة. وهو خطأ منهما، فقد وثقه خلق من الأئمة. وقد استوفيت ذلك في "تلخيص التهذيب" (¬3). وقال البيهقي وغيره (¬4): حديث بهز هذا منسوخ. وتعقبه النووي (¬5): بأن الذي ادعوه من كون العقوبة كانت بالأموال في الأموال في أول الإِسلام، ليس بثابت ولا معروف، ودعوى النسخ غير مقبولة مع الجهل بالتاريخ. والجواب عن ذلك: ما أجاب به إبراهيم الحربي، فإنه قال: في سياق هذا المتن لفظة وهم فيها الرّاوي، وإنما هو: "فإنا آخذوها من شطر ماله"، أي نجعل مالَه شطرين فيتخير عليه المصدِّق، ويأخذ الصدقة من خير الشّطرين؛ عقوبةً لمنعه الزكاة، فأما مالا يلزمه/ (¬6) فلا. نقله ابن الجوزي في "جامع المسانيد" عن الحربي. والله الموفق. 1029 - قوله: إن كانت ثرد الماء أخذت على مياههم. ¬
فيه حديث: [2785]- رواه الطبراني في "الأوسط" (¬1) من حديث عائشة. وهو في "المنتقى" لابن الجارود (¬2). ومن طريق عبد الله بن عمرو بن العاص أيضا عند أحمد (¬3) وغير. 1030 - [2786]- حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا جَلَبَ وَلا جَنَب". أحمد (¬4) وأ داود (¬5) من حديث ابن إسحاق، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده وزاد: "وَلا تُؤْخَذ صَدَقَاتُهُم إلَّا في دُورِهم". قال ابن إسحاق: معنى"لا جَلَب": أن تصدق الماشية في موضعها، ولا تجلب إلى المصدِّق. ومعنى "لَا جَنَب": أن يكون المصدِّق بأقصى مواضع أصحاب الصدقة، فتجنب إليه، فنهواعن ذلك. وفي الباب: [2787]- عمران بن حصين، رواه أحمد (¬6) وأبو داود (¬7) والنسائي (¬8) ¬
والترمذي (¬1) بزيادة عنده فيه، وابن حبان (¬2) وصححاه. وهو متوقف على صحّة سماع الحسن من عمران، وقد اختلف في ذلك. وزاد أبو داود في روايةِ. بعد قوله: "لا جَنَبَ وَلَا جَلَبَ"-: "في الرِّهَان". [2788]- وعن أنس؛ رواه أحمد (¬3) والبزار وابن حبان (¬4) وهو من أفراد عبد الرزاق (¬5) عن معمر عن ثابت عنه. قاله البخاري والبزار وغيرهما. وقد قيل: إن حديث معمر عن غير الزهري فيه لين، وقد أعلّه البخاري (¬6) والترمذي والنسائي (¬7)، فقال: هذا خطأ فاحش، وأبو حاتم (¬8) فقال: هذا منكر جدًّا وقد أخرجه النسائي (¬9) من وجه آخر، عن حميد، عن أنس: وقال: الصواب عن حميد، عن الحسن، عن عمران، وفيه أيضًا عن ابن عمر، رواه أحمد (¬10) وسنده ضعيف. ¬
تنبيه
تنبيه فسر مالكٌ الجلب، والجنب، بخلاف ما فسره به ابن إسحاق (¬1)، فقال (¬2): الجلب: أن تجلب الفرس في السباق، فيحرك وراءه الشيء، يستحث به، فيسبق. والجنب: أن يجنب مع الفرس الّذي سابق به فرسًا آخر، حتى إذا دنا تحوّل الراكب على الفرس المجنوب فيسبق. ويدل علي هذا التفسير زيادة أبي داود وهي قوله:: في الرهان" لا جرم قال ابن الأثير (¬3) له تفسيران. فذكرهما، وتبعه المنذري في حاشيته (¬4). 1031 - [2789]- حديث: ابن أبي أوفى: كان النبي-صلى الله عليه وسلم - إذا أتاه قوم بصدقتهم، قال: "اللهُمّ صَلِّ عَلَيْهِم"، فأتاه أبي بصدقته ... الحديث. متفق عليه (¬5) ¬
وفي الباب: [2790]- عن وائل بن حجر، قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم- لرجل بعث بناقة، فذكر من حُسنها، أي في الزّكاة فقال: "اللَّهُمّ بَارِكْ فِيهِ وَفِي إِبِلِه" (¬1). 1032 [2791]- حديث علي: أنّ العباس سأل رسول الله-صلى الله عليه وسلم-في تعجيل صدقته قبل أن تحل، فرخص له. أحمد (¬2) وأصحاب السنن (¬3) والحاكم (¬4) والدارقطني (¬5) والبيهقي (¬6) من حديث الحجاج بن دينار، عن الحكم، عن جحية بن عدي، عن علي. ورواه الترمذي (¬7) من رواية إسرائيل، عن الحكم، عن حجر العدوي، عن علي. وذكر الدارقطني (¬8) الاختلاف فيه على الحكم، ورّجح رواية منصور، عن الحكم عن الحسن بن مسلم بن يَناق، عن النبي-صلى الله عليه وسلم- مرسلا. وكذا رجّحه أبو داود. ¬
وقال البيقهي (¬1): قال الشافعي: روي عن النبي-صلى الله عليه وسلم- أنّه تسلّف صدقة مال العباس قبل "تحل، ولا أدري أثبت أم لا؟. قال البيهقي: عَنَى بذلك هذا/ (¬2) الحديث. ويعضده: [2792]- حديث أبي البحتري عن عليّ أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: إنا كنا احتجنا فاستسلفنا العباس صدقة عامين. رجاله ثقات إلَّا أنّ فيه انقطاعًا. وفي بعض ألفاظه: أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال لعمر: إنا كنا تعجلنا صدقة مال العباس عام أول. رواه أبو داود الطيالسي من حديث أبي رافع. 1033 - [2793]- حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - تسلف من العباس صدقة عامين". الطبراني (¬3) والبزار (¬4) من حديث ابن مسعود به، وزاد: في عام. وفي إسناده محمد بن ذكوان، وهو ضعيف. [2794]- رواه البزار (¬5) وابن عدي (¬6) والدارقطني (¬7) من حديث الحسن بن ¬
عمارة، عن الحكم، عن موسى بن طلحة، عن أبيه، نحوه. والحسن متروك، وقد خالف النَّاس، عن الحكم فيه، كما تقدم في الحديث الماضي. [2795]- ورواه الدارقطني أيضا (¬1) من حديث العرزمي، ومندل بن علي (¬2) عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس، في هذه القصة، وهما ضعيفان أيضا. والصواب: عن الحكم، عن الحسن بن مسلم بن يَنَّاق، مرسلا، كما مضى. 1034 - [2796]- حديث: "في خَمْسٍ مِنَ الإبِلِ شَاةٌ، وَلا شَيءَ في زِيَادَتِهَا حَتّى تَبْلغَ عَشْرًا". صدر الحديث من حديث أنس عند البخاري (¬3) وفي حديث غيره، وآخره في رواية الدارقطني (¬4) من طريق محمد بن عبد الرحمن الأنصاري: أن في كتاب النبي-صلى الله عليه وسلم- فذكر الزيادة. * حديث أنس: "في خَمْسٍ مِنَ الإبِلِ شَاة، فَإذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ إلى خَمْسِ وَثلاِلينَ فَفِيها بِنْتُ مَخَاضٍ ... ". ¬
وتقدم مطولا، وهو في البخاريّ وأبي داود، وغيرهما. "في أَرْبَعِينَ شاةً شاةٌ ... ". تقدم حديث ابن عمر. 1035 - [2797]- حديث عثمان: أنه قال في المحرم: هذا شهر، فمن كان عليه دين فليقض دينه، ثم لِيُزَكِّ ماله. مالك في "الموطأ" (¬1) والشافعي (¬2) عنه، عن ابن شهاب، عن السائب بن عن عثمان به. ورواه البيهقي (¬3) من طريق أخرى، عن الزهري، أخبرني السائب بن يزيد، أنه سمع عثمان بن عفان خطبنا على منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: هذا شهر زكاتكم. قال: ولم يسم لي السّائب الشَّهرَ، ولم أسأله عنه. قال؛ فقال عثمان: من دين فليقض دينه، حتى تخلص أموالكم فتؤدوا منها الزكاة. قال البيهقي: رواه البخاري، عن أبي اليمان، عن شعيب، عن الزهري. وتعقبه النووي في "شرح المهذب" (¬4) فقال: البخاري لم يذكره في "صحيحه" [هكذا] (¬5) , وإنما ذكر عن السّائب أنه سمع عثمان على منبر ¬
النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يزد على هذا. ذكره في كتاب "الاعتصام" في "ذكر المنبر" (¬1). وكذا ذكر الحميدي في "الجمع". قال: ومقصود البخاري به إثبات المنبر، قال: وكأن البيهقي أراد روى البخاري أصله، لا كله. 1036 - [2798]- حديث: أن سعد بن أبي وقاص، وأبا هريرة، وأبا سعيد الخدري، سئلوا عن الصوف إلى الولاة الجائرين؟ فأمر وا به. رواه سعيد بن منصور، عن عطاف بن خالد، وأبي معاوية، وابن أبي شيبة، عن بشر بن المفضل، ثلاثتهم عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه: اجتمع نفقة عندي فيها صدقتي -يعني بلغت نصاب الزكاة - فسالت سعد بن أبي وقاص وابن عمر وأبا هريرة وأبا سعيد الخدري: أأقسمها أو أدفعها إلى السلطانِ؟ فقالوا: ادفعها إلى السلطان/ (¬2)، ما اختلف عليّ منهم أحد. وفي رواية: قلت لهم هذا السلطان يفعل ما ترون، فأدفع إليه زكاتي؟ فقالوا: نعم ورواه البيهقي (¬3) عنهم، وعن غيرهم أيضا. [2799]- وروى ابن أبي شيبة (¬4) من طريق قزعة، قال: قلت لابن عمر: إن ¬
لي مالًا فإلى أدفع زكاته؟ قال: ادفعها إلى هؤلاء القوم. يعني الأمراء. قلت: إذًا يتخذون ثيابًا وطيِّبًا؟! قال: وإنْ (¬1). ومن طريقّ نافع قال: قال ابن عمر: ادفعوا صدقة أموالكم إلى من ولاه الله أمركم، فمن بر فلنفسه، ومن أثم فعليها. وفي الباب: عنده عن أبي بكر الصديق، وعن المغيرة بن شعبة، وعائشة. [22800]-وأما ما رواه ابن أبي شيبة أيضًا (¬2) عن خيثمة، قال: سألت ابن عمر عن الزّكاة؟ فقال: ادفعها إليهم. ثمّ سألته بعد ذلك؟ فقال: لا تدفعها إليهم، فإنهم قد أضاعوا الصلاة. فهو ضعيف؛ لأنه من رواية جابر الجعفى. وأصل هذا الباب: [2801]- ما رواه مسلم (¬3) من حديث جرير مرفوعا: "أَرْضَوا مُصَدِّقِيكم". قاله مجيبا قال له من الأعراب: إن ناسا من المصدِّقين يأتوننا فيظلموننا؟ [2802]- عند أبي داود (¬4) عن جابر بن عتيك مرفوعا: "سَيَأْتِيكمْ رَكْبٌ مُبْغَضُون ,فَإذَا أَتَوْكُمْ فَرَحِّبُوا بِهِمْ، وَخَلّوا بَيْنَهُم وَبَينَ مَا يَبْتَغُونَ، فَإِنْ عَدَلُوا فَلأنْفُسِهِمْ، ان ظَلَمُوا فَعَلّيْهَا، وَأَرْضُوهم فَإِنَّ تَمَامَ زَكَاتِكُمْ رِضَاهُمْ". [2803]- عند الطبرني في "الأوسط" (¬5) من حديث سعد بن أبي وقاص ¬
مرفوعا: "ادْفَعُوهَا إِلَيْهِمْ مَا صَلُّوا الْخَمْس". [2804]- وعند أحمد (¬1) والحارث (¬2) وابن وهب من حديث أنس، قال: أتى رجل من بني تميم فقال: يا رسول الله إذا أدْيت الزّكاة إلى رسولك فقد برئت منها إلى الله ورسوله، قال: "نَعَمْ، وَلَكَ أَجْرُهَا، وَإثْمُهَا عَلَى مَنْ بَدَّلَهَا". 1037 - [2805]- حديث: أن ابن عمركان يبعث صدقة الفطر إلى الذي تجمع عنده قبل الفطر بيومين. مالك في "الموطأ" (¬3) والشافعي (¬4) عنه، والدارقطني (¬5) وابن حبان (¬6) والبيهقي (¬7) عند بعضهم: بيومٍ أو يومين. وعند مالك والشافعي: بيومين أو ثلاثة. [2806]- وروى البخاري (¬8) من حديث ابن عمر: أنه كان يعطيها للذين يقبلونها، وكانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين. ¬
باب زكاة المعشرات
باب زكاة المعشرات 1038 - [2807]- حديث معاذ: "فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالْبَعْلُ وَالسَّيْلُ الْعُشْرُ، وَفِيمَا يسُقِيَ بِالنَّضْحِ نِضفُ الْعُشْرِ" يَكُون ذلك في التمر والحنطة والحبوب، فأما القثاء والبطيخ والرمان , والقصب والخضراوات فعفو عفا عنه رسول الله-صلى الله عليه وسلم-. الدارقطني (¬1) والحاكم (¬2) والبيهقي (¬3) من حديث إسحاق بن يحيي بن طلحة، عن عمه مو بن طلحة، عن معاذ. وفيه ضعف انقطاع. وروى الترمذي (¬4) بعضه من حديث عيسى بن طلحة، عن معاذ، وهو ضعيف أيضا. وقال الترمذي: ليس يصح عن النبي-صلى الله عليه وسلم- في هذا الباب شيء. يعني في الخضراوات. وإنما يروى عن موسى بن طلحة، عن النبي-صلى الله عليه وسلم- مرسلا. وذكره الدارقطني في "العلل" (¬5) وقال: الصواب مرسل. ¬
وروى البيهقي بعضه من حديث موسى بن طلحة، قال: عندنا كتاب معاذ. ورواه الحاكم: وقال/ (¬1): موسى تابعي كبير لا يُنكَر له لقُيُّ معاذ. قلت: قد منع ذلك أبو زرعة (¬2). وقال ابن عبد البر: لم يلق معاذا ولا أدركه، [2808]- وروى البزار (¬3) والدارقطني (¬4) من طريق الحارث بن نبهان، عن عطاء بن السائب، عن موسى بن طلحة، عن أبيه، مرفوعا: "لَيْسَ في الْخُضرَوَاتِ صَدَقَةٌ". قال البزار: لا نعلم أحدا قال فيه: "عن أبيه " إلا الحارث بن نبهان. ورواه ابن عدي (¬5) للحارث بن نبهان، وحكى تضعيفه عن جماعة، والمشهور عن موسى مرسل. ورواه الدارقطني (¬6) من طريق مروان بن محمَّد السنجاري، عن جرير عن عطاء بن السائب، فقال: "عن أنس" بدل قوله: "عن أبيه" ولعله تصحيف منه، ومروان مع ذلك ضعيف جدا. [2809]- وروى الدارقطني (¬7) من حديث علي مثله، وفيه: الصقر بن حبيب وهو ضعيف جدا. ¬
وفي الباب: [2810]-محمد بن جحش، أخرجه الدارقطني (¬1) وليس فيه سوى عبد الله بن شبيب، فقد قيل فيه: إنه يسرق الحديث. [2811]- وعن عائشة، أخرجه الدارقطني (¬2)، وفيه صالح بن موسى وفيه ضعف (¬3). [2812]- وعن علي وعمر موقوفا، أخرجهما البيهقي (¬4). 1039 - [2813]- حديث: "الصّدَقَةُ في أَرْبَعَةٍ؛ في التَّمْرِ، وَالزَّبِيبِ وَالْحِنْطةِ، وَالشَّعِير، وَلَيْسَ فِيمَا سِوَاهَا صَدَقَةٌ". الحاكم (¬5) والبيهقي (¬6) من حديث أبي بردة، عن أبي موسى، ومعاذ حين بعثهما النبي-صلى الله عليه وسلم- إلى اليمن يعلّمان الناس أمر دينهم: "لا تَأْخُذوا الصَّدَقَةَ إلَّا مِنْ هِذِهِ الأَرْبَعَةِ؛ الشَّعِير، وَالْحِنْطَةِ، وَالزَّبِيبِ، والتَّمْر". قال البيهقي: رواته ثقات، وهو متصل. [2814]-وروى الدارقطني (¬7) من حديث موسى بن طلحة، عن عمر: إنما ¬
سن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- الزكاة في هذه الأربعة ... فذكرها. وقد قال أبو زرعة: موسى عن عمر مرسل، وقد تقدم حديثه عن كتاب معاذ. [2815]- وروى ابن ماجه (¬1) والدارقطني (¬2) من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: إنما سَنّ رسول الله-صلى الله عليه وسلم- الزكاة في الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب. زاد ابن ماجه: والذرة. وإسنادهما واهٍ، هو من رواية محمد بن عبيد الله العرزمي، وهو متروك. [2816]- وروى البيهقي (¬3) من طريق مجاهد، قال: لم تكن الصدقة في عهد النبي-صلى الله عليه وسلم- إلا في خمسة .... فذكرها. [2817]- ومن طريق الحسن (¬4) قال: لم يفرض النبي-صلى الله عليه وسلم- الصدقة إلا في عشرة ... فذكر الخمسة المذكورة، وا لإبل، وا لبقر، وا لغنم، وا لذ هب, والفضة. [2818]- وعن الشعبي: كتب رسول الله- صلى الله عليه وسلم - إلى أهل اليمن: "إنَّما الصَّدَقَةُ في الْحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرِ، والتَّمْرِ، وَالزَّبِيبِ". قال البيهقي: هذه المراسيل طرقها مختلفة، وهي تؤكد بعضها بعضًا ومعها حديث أبي موسى، ومعها قول عمر، وعلي، وعائشة: ليس في الخضراوات زكاة. ¬
1040 - قوله: هذا الخبر. يعني حديث أبي موسى. منع الزكاة في غير الأربعة، لكن ثبت أخذ الصّدقة من الذرّة وغيرها بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قلت: هذا فيه نظر؛ أما الذرة؛ فقد تقدّم أن إسنادها ضعيف جدًّا. وأما/ (¬1) غيرها فوقع في رواية الحسن المرسلة، وهي من طريق عمرو بن عبيد وهو ضعيف جدًّا، فكيف ئوُخذ بهذه الزّيادة الواهية. 1041 - [2819]- حديث عمر: في الزيتون العشر. رواه البيقهي (¬2) بإسناد منقطع، والراوي له عثمان بن عطاء ضعيف، قال: وأصح ما في الباب قول ابن شهاب: مضت السنّة في زكاة الزّيتون أن تؤخذ ممن حين يعصره ... فذكر كلامه. 1042 - قوله: وغيره. أي غير عمر. ذكره صاحب "المهذب" (¬3) عن ابن عباس، وضعفة النّووي (¬4). ¬
فائدة
[2820]- وقد أخرجه ابن أبي شيبة (¬1) وفي إسناده ليث بن أبي سليم. ويحتمل أن يكون مراد الرافعي بقوله: "وغيره" ابنَ شهاب. فائدة [2821]- روى الحاكم في "تاريخ نيسابور" من طريق عروة، عن عائشة، مرفوعا: "الزّكَاةُ في خَمْسٍ؛ في الْبُرّ، وَالشَّعِيرِ، وَا لأعْنَابِ والنَّخْلِ، وَالزَّيْتُونِ" وفي إسناده عثمان بن عبد الرحمن، وهو الوقاصي، متروك الحديث. * قوله: روى أن أبا بكر. يأتي في آخر الباب. 1043 - [2722]- حديث معاذ: أنه لم يأخذ زكاة العسل، وقال: لم يأمرني رسول الله-صلى الله عليه وسلم- فيه بشيء. أبو داود في "المراسيل" (¬2) والحميدي في "مسنده" وابن أبي شيبة (¬3) والبيهقي (¬4) من طريق طاوس، عنه. وفيه انقطاع بين طاوس ومعاذ؛ لكن قال البيهقي: هو قوي؛ لأنّ طاوسا كان عارفا بقضايا معاذ. 1044 - قوله: وعن علي وابن عمر: أنه لا زكاة فيه. ¬
[2823]- أما علي؛ فرواه يحيي بن آدم في "الخراج"، وفيه انقطاع. وأما ابن عمر؛ فلم أره موقوفًا عنه، وسيأتي مرفوعًا عنه بخلاف ذلك. 1045 - [2824]- قوله: ورد في الخبر عن رسول الله-صلى الله عليه وسلم - في أخذ الزكاة من العسل. الترمذي (¬1) حديث ابن عمر [أن] (¬2) رسول الله-صلى الله عليه وسلم- قال: "في الْعَسَلِ في كلّ عَشْرةِ أَزْقَازِق, زِقٌّ". وقال: في إسناده مقال، ولا يصح. وفي إسناده صدقة السمين وهو ضعيف الحفظ، وقد خولف. وقال النسائي (¬3): هذا حديث منكر. ورواه البيقهي (¬4)، وقال: تفّرد به صدقة وهو ضعيف. وقد تابعه طلحة بن زيد عن موسى بن يسار ذكره المرُّوذي، ونقل عن أحمد تضعيفه. وذكر الترمذي (¬5): أنه سأل البخاري عنه؟ فقال: هو عن نافع عن النبي-صلى الله عليه وسلم- مرسل. ¬
ونقل الحاكم في "تاريخ نيسابور" عن ابن أبي حاتم عن أبيه، قال: حدث محمد بن يحيي الذهلي بحديث كاد أن يهلك، حدث عن عارم، عن ابن المبارك، عن أسامة بن زيد، عن أبيه، عن ابن عمر مرفوعا: "أَخَذَ مِنَ الْعَسَلِ الْعُشر". قال أبو حاتم: وإنما هو عن أسامة بن زيد، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، كذلك حدثناه عارم، وغيره. قال: ولعله سقط من كتابه "عمرو بن شعيب" فدخله هذا الوهم. قال الترمذي (¬1): وفي الباب عن عبد الله بن عمرو. قلت: [2825]- رواه أبو داود (¬2) والنسائي (¬3) من رواية عَمرو بن الحارث المصري، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: جاء هلال أحد بني متعان إلى رسول الله-صلى الله عليه وسلم- بعشور نحل له، وسأله أن يحيى واديا له يقال له: سلبة، فحماه له، فلما ولي عمر- رضي الله عنه - إلى سفيان بن وهب: إن أدى/ (¬4) إليك ما كان يؤدّي إلى رسول الله-صلى الله عليه وسلم- من عشور نحله فاحم له سلبة، وإلّا فإنما هو ذباب يأكله من يشاء. قال الدارقطني (¬5): يروى عن عبد الرحمن بن الحارث وابن لهيعة عن عمرو ¬
ابن شعيب، ورواه يحيي بن سعيد الأنصاري، عن عمرو بن شعيب، عن عمر مرسلا. قلت: فهذه علته، وعبد الرحمن وابن لهيعة ليسا من أهل الإتقان؛ لكن الحارث أحد الثقات. وتابعهما اسامة بن زيد، عن عمرو بن شعيب، عند ابن ماجه وغيره كما مضى. قال الترمذي: [2826] عن أبي سيارة. قلت: هو المتعي , قال: قلت يا رسول الله، إن لي نحلا؟ قال: "أدّ الْعُشُور" قال: قلت: يا رسول الله احم لي جبلها. فحمى لي جبلها. رواه أبو داود (1) وابن ماجه (¬2) والبيهقي من رواية سليمان بن موسى، عن أبي سيارة. وهو منقطع، قال البخاري (¬3): لم يدرك سليمان أحدا من الصحابة، وليس في زكاة العسل شيء يصح. وقال ابو عمر (¬4): لا تقوم بهذا حجة. [2827]- قال (¬5): وعن أبي هريرة. ¬
قلت: رواه البيهقي (¬1). وفي إسناده عبد الله بن محرر، وهو متروك. [2828]- ورواه أيضا (¬2) من حديث سعد بن أبي ذباب: أنّ النّبي-صلى الله عليه وسلم- استعمله على قومه، وأنه قال لهم: أدوا العشر في العسل، وأتى به عمر فقبضه فباعه, ثم جعله في صدقات المسلمين. وفي إسناده منير بن عبد الله، ضعفه البخاري والأزدي وغيرهما. قال الشافعي: وسعد بن أبي ذباب يحكي ما يدل على أن النّبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمره فيه بشيء وأنه شيء رآه هو، فتطوع له به قومه. وقال الزعفراني (¬3)، عن الشافعي: الحديث في أن العسل العشر ضعيف، واختياري أنه لا يؤخذ منه. وقال البخاري (¬4): لا يصح فيه شيء. وقال ابن المنذر: ليس فيه شيء ثابت. [2829]- وفي "الموطأ" (¬5) عن عبد الله بن أبي بكر قال: جاء كتاب عمر بن عبد العزيز إلى أبي وهو بمنى: أن لا تأخذ من الخيل ولا من العسل صدقة. 1046 - [2830]- حديث: روي أنّ أبا بكر كان يأخذ الزّكاة من حب العُصفر وهو القرطم. ¬
لم أجد له أصلا. 1047 - [2831]- حديث أبي سعيد: "لَيْس فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنَ التمر صَدَقَةٌ". هذا الحديث كرَره المصنف، وهو متفق عليه (¬1)، وفي رواية للنسائي (¬2): "لا صَدَقَةَ فيماَ دُونَ خَمْسَةِ أَوْسَاقِ مِنَ التَّمْرِ". وفي لفظ (¬3): "لَيْسَ في حَبٍّ وَلا تَمْرٍ [صَدَقَةٌ] (¬4)، حَتى تَبْلُغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ". وفي الباب: [2832]-عن جابر مثل حديث أبي سعيد، أخرجه مسلم (¬5). [2833]- وعن أبي هريرة، أخرجه أحمد (¬6) والدارقطني (¬7). [2834]- وعن عمرو بن حزم، أخرجه البيهقي (¬8) في الكتاب المشهور. ¬
1048 - حديث: روي أنه في - صلى الله عليه وسلم - قال: "الْوُسْقُ سِتّونَ صَاعًا". رواه جابر وغيره. أما رواية جابر: [2835]- ففي ابن ماجه (¬1)، وإسناده ضعيف. وأما غيره: [2836]- فرواه الدّارقطني (¬2) وابن حبان (¬3) من حديث عمرو بن يحيي، عن أبيه عن أبي سعيد، في الحديث الماضي، وفي آخره: والوسق ستّون صاعًا. ورواه أبو داود (¬4) والنسائي (¬5) وابن ماجه (¬6) من طريق أبي البختري، عن أبي سعيد: أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم قال: "الْوُسْقُ سِتّون صَاعًا". قال أبو داود: وهو منقطع؛ لم يسمع أبو البختري من أبي سعيد. وقال أبو حاتم (¬7): لم يدركه. [2837]- ورواه البيهقي (¬8) من حديث نافع، عن ابن عمر، قال: ¬
الوسق ستون صاعا. [2838 , 2839]- وفيه (¬1) عن عائشة، وعن سعيد بن المسيب. 1049 - [2840]- حديث عائشة: جرت السنّة أنه ليس فيما دون أوسق من التّمر صدقة. الدارقطني (¬2) من طريق الأسود عنها، بهذا. وزاد: والوسق ستّون صاعًا، وليس فيما أنبتت/ (¬3) الأرض من الخضر زكاة. وفي إسناده صالح بن موسى، وهو ضعيف. ورواه أبو عوانة في "صحيحه" (¬4) أيضا. 1050 - [2841]- حديث ابن عمر: "فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالْعُيون أَوْ كًانَ عَثَرِيًّا الْعُشْر، وَفِيمَا سُقِي بالنّضْحِ نِضفُ الْعُشْر". البخاري (¬5) ابن حبان (¬6) وأبو داود (¬7) والنسائي (¬8) وابن الجارود (¬9). ¬
تنبيه
وقد قال أبو زرعة: الصحيح وقفه على ابن عمر، ذكره ابن أبي حاتم عنه في "العل" (¬1). [2842]- ورواه مسلم (¬2) من حديث جابر، [2843]- والترمذي (¬3) وابن ماجه (¬4) عن أبي هريرة. [2844]- والنسائي (¬5) وابن ماجه (¬6) من حديث معاذ، وسيأتي من وجه آخر. تنبيه العثرى. بفتح المهملة والمثلثة، وحكي إسكان ثانيه. قال الأزهري وغيره: العثرى مخصوص بما سقي من ماء السيل، فيجعل عاثورًا، وهو شبه ساقية تحفر ويجري فيها الماء إلى أصوله، وسمي كذلك لأنه يتعثر به المارّ الذي لا يشعر به، والنّضح السّقي بالسَّانية. 1051 [2845]- قوله: ويروى: "وَمَا سُقِيَ بِنَضْحٍ، أَوْ غَرْبٍ فَفِيه نِضفُ العُشْرِ". أبو داود (¬7) من حديث الحارث الأعور، عن علي. ¬
تنبيه
ورواه عبد الله ابن أحمد من "زيادات المسند" (¬1) ويحيى بن آدم في "الخراج" (¬2) من طريق عاصم ابن ضمرة، عن علي. وذكر أنه عرضه على أبيه، فأنكره. وقال الدارقطني في "العلل" (¬3): الصحيح وقفه على أبي إسحاق. وأشار البزار (¬4) إلى أنّ محمد بن سالم تفرد برفعه، عن أبي إسحاق. [2846]- ورواه يحيى بن آدم في "الخراج" (¬5) من حديث أبان، عن أنس، ولفظه: فرض رسول الله-صلى الله عليه وسلم- وّفيما سقت السماء العشر، وفيما سقي بالدّوالي والسواني، والغرب والناضح نصف العشر". تنبيه الغرب بلفظ: ضد الشرق، هو الدلو الكبير. 1052 - [2847]- حديث: "خُذِ الإبِلَ مِنَ الإِبِلِ ... " الحديث. أبو داود (¬6) ابن ماجه (¬7) من حديث عطاء بن يسار، عن معاذ بن جبل، أنّ رسول الله-صلى الله عليه وسلم-. "إلى اليمن، فقال خذ الحب من الحبّ، والشّاة من الغنم، ¬
والبعير من الإبل، والبقر من البقر. وصحّحه الحاكم (¬1) على شرطهما، إن صَحّ سماع عطاء من معاذ. قلت: لم يصح؛ لأنه ولد بعد موته، أو في سنة موته، أو بعد موته بسنة. وقال البزار: لا يُعلَم أنّ عطاء سمع من معاذ. 1053. قوله: وقت وجوب الصّدقة في النخل والكرم الزهو، وهو بدو الصلاح؛ لأثه عليه الصّلاة والسلام حينئذ بعث الخارص للخرص. أمّا مطلق الخرص: [2848]- فروى أحمد (¬2) من حديث ابن عمر: أنه - صلى الله عليه وسلم - بعث عبد الله بن رواحة إلى خيبر يخرص عليهم ... الحديث. [2849]-وأبو داود (¬3) والدّارقطني (¬4) من حديث جابر: لما فتح الله على رسوله خيبر أقرّهم وجعلها بينه وبينهم، فبعث عبد الله بن رواحة فَخَرصها عليهم، .. الحديث. [2850]- ورواه ابن ماجه (¬5) من حديث ابن عباس. ¬
[2851]- وروى الدارقطني (¬1) عن سهل بن أبي حثمة: أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- بعث أباه خارِصًا , رجل فقال: يا رسول الله إن أبا حثمة قد زاد عليَّ .. الحديث [2852]- رواه أبو داود (¬2) وابن حبان (¬3) والترمذي (¬4) وابن ماجه (¬5) من حديث / (¬6) عتاب بن أسيد: أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- كان يبعث على الناس من يخرص كرومهم وثمارهم ... الحديث. وسيأتي أنّ فيه انقطاعًا. وسيأتي حديث عائشة، وهو صريح في مقصود الباب. [2853]- وفي "الصحابة" (¬7) لأبي نعيم من طريق الصلت بن زبيد بن الصلت عن أبيه , عن جده: أنّ رسول الله-صلى الله عليه وسلم- استعمله على الخرص، فقال: "أَثْبِتْ لَنَا النِّصْفَ وأبْقِ لَهُمُ النِّصْفَ، فَإنَّهُمْ يَسْرِقُونَ، وَلا نَصِلُ إِلَيْهِمْ". 1054 - [2959]- حديث: أنّه قال في زكاة الكرم: "أنها تُخْرَصُ كما تُخْرَصُ النَّخْلُ، ثُمَّ تُؤَدَّى زَكَاتُه زَبِيبًا كَمَا تُؤَدَّى زَكَاةُ النخل تَمْرًا". ¬
أبو داود (¬1) والترمذي (¬2) والنسائي (¬3)، وابن حبان (¬4) والدارقطن (¬5) من حديث عتاب بن أسيد، قال: أمر رسول الله-صلى الله عليه وسلم- أن يخرص العنب كما يخرص النخل، وتؤخذ زكاته زبيبا، كما تؤخذ صدقة النخل تمرا. ومداره على سعيد بن المسيب، عن عتاب. وقد قال أبو داود (¬6): لم يسمع منه. وقال ابن قانع (¬7): لم يدركه. وقال المنذري (¬8): انقطاعه ظاهر؛ لأنّ مولد سعيد في خلافة عمر، ومات عتاب يوم مات أبو بكر. وسبقه إلى ذلك ابن عبد البر وقال ابن السكن: لم يرو عن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- من وجه غير هذا. وقد رواه الدارقطني (¬9) بسند فيه الواقدي، فقال: عن سعيد بت المسيب، عن المسور بن مخرمة، عن عتاب. وقال أبو حاتم (¬10): الصحيح عن سعيد بن المسيب: أن النبي-صلى الله عليه وسلم- أمر عتابا، ¬
فائدة
مرسل وهذه رواية عبد الرحمن بن إسحاق، عن الزهري. فائدة قال النووي (¬1) هذا الحديث وإن كان مرسلًا لكنه اعتضد بقول الأئمة. انتهى. [2855]- قد أخرج البيهقي (¬2) من طريق يونس، عن الزهري، قال: سمعت أبا أمامة بن سهل في مجلس سعيد بن المسيب قال: مضت السنة أن لا نخل، ولا عنب، حتى يبلغ خرصها خمسة أوسق. قال الزهري: ولا نعلم يخرص من الثمر إلا التمر والعنب. 1055 - [2856]- قوله: روي في آخر هذا الحديث: "ثم يخلى بينه وبين أهله". لم أقف علي هذه الزيادة. 1056 [2857]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - خرص حديقةَ امرأة بنفسه. متفق عليه (¬3) من حديث أبي حميد الساعدي وفيه قصة. 1057 - [2858]- حديث عائشة: كان رسول الله-صلى الله عليه وسلم- يبعث عبد الله ابن رواحة خارصًا أوّل ما تطيب الثمرة. ¬
أبو داود (¬1) من حديث حجاج عن ابن جريج، أخبرت عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، قالت: وهي تذكر شأن خيبر، كان النبي-صلى الله عليه وسلم- يبعث عبد الله ابن رواحة إلى يهود، فيخرص النخل حين يطيب، قبل أن يؤكل منه، وهذا فيه جهالة الواسطة. وقد رواه عبد الرّزاق (¬2) والدّارقطني (¬3) من طريقه عن ابن جريج، عن الزهري ولم يذكر واسطة، وهو مدلس. وذكر الدارقطني الاختلاف فيه، قال: فرواه صالح بن أبي الأخضر، عن الزهري، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة. وأرسله معمر ومالك وعقيل، لم يذكروا "أبا هريرة". [2859]- وأخرج أبو داود (¬4) من طريق بن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابرا يقول: خرصها ابن رواحة أربعين ألف وسق. * حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - بعث عبد الله بن رواحة خارصا. تقدم / (¬5). ¬
1058 - [2860]- قوله: وروي أنه بعث معه غيره، فيجوز أن يكون ذلك وقتين، ويجوزأن يكون المبعوث معه معينا، أوكاتبا. قلت: لم أقف على هذه الرواية. وأما بعث عبد الله في وقت آخر؛ فمضى أيضا قريبا. [2861]- وقع في البيهقي (¬1): أن عبد الله بن رواحة كان يأتيهم كلَّ عام، فيخرصها عليهم، ثم يضمنهم الشطر. وتعقبه الذهبي: بأن ابن رواحة إنما خرصها عليهم عاماَ واحدا؛ لأنه استشهد بمؤتة بعد فتح خيبر، بلا خلاف في ذلك. 1059 - [2862]- حديث: "إذَا خَرَضتُمْ فَاتْرْكُوا لَهُمُ الثّلُثَ، فَإِنْ لَمْ تَتْرُكُوا لَهُمُ الثّلُثُ فَاتْرُكُوا لَهُمْ الرُّبعَ". أحمد (¬2) وأبي السنن الثلاثة (¬3) وابن حبان (¬4) والحاكم (¬5) من حديث سهل بن أبي حثمة، بلفظ: "إذَا خَرَضتُم فَخُذوا، وَدَعُوا الثلُث، فَإِنّ لَمْ تَدعُوا الثّلُثَ فَدَعُوا الرُّبُعَ". ¬
وفي إسناده عبد الرحمن بن مسعود بن نيار؛ الراوي عن سهل بن أبي حثمة، وقد قال البزار (¬1): إنه تفرّد به. وقال ابن القطان (¬2): لا يعرف حاله. قال الحاكم (¬3): [2863]- وله شاهد بإسناد متفق على صحته: أن عمر بن الخطاب أمر به، انتهى ومن شواهده: [2864]- ما رواه ابن عبد البر (¬4) من طريق بن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعا: "خَفِّفُوا في الْخَرْصِ؛ فإنَّ في الْمَالِ الْعَريَّةَ، وَالْوَاطِئَةَ، وَالأَكَلَةَ ... " الحديث. 1060 - [2865]- قوله: ونقل في القديم: أن أبا بكر كتب إلى بني خفاش (¬5) أن أدوا زكاة الذرّة، والورس. انتهى. هذا وقع في القديم، لكن ليس فيه ذكر الذرة؛ رواه الشافعي (¬6) فقال: أخبرني هشام بن يوسف، أن أهل خفاش أخرجوا كتابا من أبي بكر الصديق، في قطعة أديم إليهم، يأمرهم بأن يؤدوا عشر الورس. ¬
تنبيه
قال الشافعي: ولا أدري أثابت هذا أم لا، وهو يعمل به في اليمن؛ فإن كان ثابتا عشر قليله وكثيره. وقال البيهقي (¬1): لم يثبت في هذا إسناد تقوم بمثله الحجة. ونقل النووي في "شرح المهذب" (¬2) اتفاق الحفاظ على ضعف هذا الأثر. تنبيه خفاش. بضم المعجمة، وتثقيل الفاء، وقيل: بكسر المهملة والتخفيف، وصوب النووي الأول (¬3). 1061 - [2866]- حديث علي: أنه قال: ليس في العسل زكاة. البيهقي (¬4) من طريقه، وفي إسناده حسين بن يزيد، وهو ضعيف. 1062 [2867]- حديث: أن أبا بكر كان يأخذ الزّكاة في العسل. لم أجد له أصلا. * حديث عمر: أنه فتح سواد العراق، ووقفه على المسلمين، وضرب عليه خراجًا. سيأتي في بابه واضحًا إن شاء الله تعالى. ¬
باب زكاة الذهب والفضة
باب زكاة الذّهب والفضّة 1063 - [2868]- حديث أبي سعيد: "لَيسَ ليمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنَ الْوَرَقِ صَدَقَةٌ". متفق عليه (¬1). [2869]- ورواه مسلم (¬2) من حديث جابر. وقد كرَّره الرّافعي في هذا الباب. 1064 - [2870]- حديث: روي أنّه - صلى الله عليه وسلم -قال: "إذَا بَلَغ مَالُ أَحَدِكمْ خَمْسَ أَوَاقٍ؛ مِائَتِي دِرْهِمٍ فَفِيه خَمْسَةُ دَرَاهِم". الدارقطني (¬3) عن جابر بلفظ: "لا زَكَاةَ في شَيْءِ مِنَ الْفِضَّةِ حَتّى تَبْلُغَ خَمْسَ أَوَاقٍ وَالأُوقِيّة؛ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا". وفيه: يزيد بن سنان، وهو ضعيف. [2871]- وروى أبو داود (¬4) والترمذي (¬5) والنسائي (¬6) وأحمد (¬7) من حديث ¬
عاصم بن ضمرة، عن علي، بلفظ: "عَفَوْتُ لَكُمْ عَنِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ، فَهاتُوا صَدَقَةَ الرِّقَّة، مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ، وَلَيْسَ في تِسْعِين وَمائَةِ شَيْءٍ, فإذَا بَلَغْتَ فَفِيها خَمْسَةُ/ (¬1) دَرَاهِم". لفظ أبي داود. ورواه ابن ماجه (¬2) من حديث الحارث، عن علي. قال البخاري (¬3): كلاهما عندي صحيح، يحتمل أن يكون أبو إسحاق سمعه منهما. وقال الدارقطني: الصواب وقفه على علي. [2872]- وروى الدارقطني (¬4) من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، بلفظ: "لَيْسَ في أَقَلِّ مِنْ خَمْسِ ذَوْدٍ شَيْءٌ، وَلا في أَقَلِّ مِنْ عِشْرِين مِثْقالًا شَيْءٌ، وَلا في أَقَلِّ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمِ شَيْء". وإسناده ضعيف. * حديث علي: "هَائوا رُبُعَ الْعُشْرِ مِنَ الْوَرِقِ، وَلا شَيءَ فِيهِ حَتّى يَبْلُغَ مِائَتَي دِرْهَمٍ، فَمَا زَاد فَبِحِسَابِهِ". وروى مثله في الذهب. تقدم في الذي قبله. ورواه أبو داود (¬5) من حديث أبي إسحاق عن الحارث، وعاصم بن ضمرة، عن علي. ¬
فائدة
وفي رواية له: "وَلَيْسَ عَلَيْكَ شَيْءٌ -يعني في الذهب- حَتّى يَكُونَ لَكَ عِشْرُونَ دِينارًا، فَإذَا كَانتْ لَكَ عِشْرُون دِينارًا وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلط فَفِيها نِضفُ دِينارٍ، فَمَا زَادَ فَبِحِسَاب ذَلِكَ". قال: لا أَدري أعلي يقول بحساب ذلك، أو رفعه إلى النبي-صلى الله عليه وسلم-؟ وقال ابن حزم (¬1): هو عن الحارث عن علي مرفوع، وعن عاصم بن ضمرة عن علي موقوف؛ كذا رواه شعبة وسفيان ومعمر عن أبي إسحاق، عن عاصم موقوفا. قال: وكذا كل ثقة رواه عن عاصم. قلت: قد رواه الترمذي (¬2) من حديث أبي عوانة، عن أبي إسحاق، عن عاصم، عن علي مرفوعا. فائدة قال الشّافعي في "الرسالة" (¬3) في باب في الزّكاة بعد باب جمل الفرائض ما نصه: ففرض رسول الله-صلى الله عليه وسلم- في الورق صدقة، وأخذ المسلمون بعده في الذهب صدقة؛ إما بخبر عنه لم يبلغنا، وإما قياسا. وقال ابن عبد البر (¬4): لم يثبت عن النبي-صلى الله عليه وسلم- في زكاة الذهب شيء من جهة ما نقل الآحاد الثقات، لكن روى الحسن بن عمارة، عن أبي إسحاق عن عاصم, ¬
تنبيه
والحارث عن علي، فذكره. وكذا رواه أبو حنيفة. ولو صح عنه لم يكن فيه حجة؛ لأنّ الحسن بن عمارة متروك. [2873]- وروى الدارقطني (¬1) من حديث محمد بن عبد الله بن جحش عن النبي-صلى الله عليه وسلم- أنه أمر معاذا حين بعثه إلى اليمن، أن يأخذ من كل أربعين دينارًا دينارًا ... الحديث. تنبيه الحديث الذي أوردناه من أبي داود معلولٌ؛ فإنه قال: حدثنا سليمان بن داود المصري، حدّثنا ابن وهب، حدّثنا جرير بن حازم - وسمى آخر. عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة والحارث عن علي. ونبّه ابن المواق على علة خفيّة فيه، وهي أن جرير بن حازم لم يسمعه من أبي إسحاق، فقد رواه حفّاظ أصحاب ابن وهب: سحنون، وحرملة، ويونس وبحر بن نصر، وغيرهم، عن ابن وهب، عن جرير بن حازم والحارث بن نبهان، عن الحسن بن عمارة، عن أبي إسحاق، فذكره. قال ابن المواف: الحمل فيه على سليمان شيخ أبي داود؛ فإنه وهم في إسقاط رجل. 1065 - قوله: فبحساب ذلك. أسنده زيد بن حبان الرّقي، عن أبي إسحاق بسنده. ¬
[2874]- وروى الدارقطني (¬1) من طريق عبد الله/ (¬2) ومحمد ابني أبي بكر بن محمَّد بن عمرو بن حزم، عن أبيهما، عن جدهما، فذكر قصة الورق. 1066 - قوله: غالب ما كانوا يتعاملون به من أنواع الدراهم في عصره - صلى الله عليه وسلم - هو أربعة، فأخذوا واحدًا من هذه، وواحدا من هذه وقسموهما نصفين، وجعلوا كل واحد درهما. يقال: فعل ذلك في زمن بني أمية، ونسبه الماوردي إِلى فعل عمر. قلت: ذكر ذلك أبو عبيد في كتاب "الأموال"، ولم يعين الذي فعل ذلك. [2875]- وروى ابن سعد في "الطبقات" (¬3) في ترجمة "عبد الملك بن مروان" قال: حدثنا محمد بن عمر الواقدي، حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه قال: ضرب عبد الملك بن مروان الدنانير والدراهم سنة خمس وسبعين، وهو أول من أحدث ضربها، ونقش عليها. قلت: وقد بسطت القول بذلك في "كتاب الأوائل". ¬
تنبيه
1067 - [2876]- حديث: "المِيزانُ مِيزانُ أَهْلِ مَكَّةَ، وَالْمِكْيَالُ مِكْيال أَهْلِ الْمَدِينَةِ". البزار (¬1) واستغربه، وأبو داود (¬2) والنسائي (¬3) من رواية طاوس، عن ابن عمر. وصححه ابن حبان (¬4) والدارقطني، والنووي (¬5) وأبو الفتح القشيري. قال أبو داود: ورواه بعضهم من رواية ابن عباس، وهو خطأ. قلت: هي رواية أبي أحمد الزبيري، عن سفيان، عن حنظلة، عن طاوس (¬6). وذكرها الدارقطني في "العلل" ورواه من طريق أبي نعيم، عن الثوري، عن حنظلة، عن سالم، بدل (طاوس) عن ابن عباس، قال الدارقطني: أخطأ أبو أحمد فيه. وقال البيهقي: قلب أبو أحمد متنه، وأبدل ابن عمر بابن عباس. تنبيه قال الخطابي (¬7): معنى الحديث: أن الوزن الذي يتعلق به حق الزكاة وزن ¬
أهل مكة، وهي دار الإِسلام. قال ابن حزم (¬1): وبحثت عنه غاية البحث عن كل من وثقت بتمييزه، وكل اتفق لي على أنّ دينار الذهب بمكة وزنه اثنان وثمانون حبَّة، وثلاثة أعشار حبَّة بالحب من الشعير المطلق. والدرهم سبعة أعشار المثقال، فوزن الدرهم المكيّ سبعة وخمسون حبَّة وستة أعشار حبَّة وعشر عشر حبَّة، فالرطل مائة واحدة وثمانية وعشرون درهما بالدرهم المذكور. * حديث: "لَا زَكاةَ في مَالٍ حَتّى يَحُولَ عَلَيهِ الْحَوْلُ". تقدم. 1068 - [2877]- حديث: أن امرأتين أتتا رسول الله-صلى الله عليه وسلم- وفي أيديهما سواران من ذهب، فقال لهما: "أَتُؤَذيَانِ زَكاتَه؟ " قالتا: لا، فقال لهما: "أَتُحِبّان أَنْ يُسَوِّرَكُمَا الله بِسِوَارَيْنِ مِنْ نَارٍ؟ " قالتا لا. قال: "فَأَدْيَا زَكاتَه". أبو داود (¬2) والنسائي (¬3) والترمذي (¬4) من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، واللفظ للترمذي. وقال: لا يصح في الباب شيء. ¬
ولفظ الآخرين: أن امرأة أتت رسول الله-صلى الله عليه وسلم- ومعها ابنة لها، وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب، فقال لهما: "أَتُعْطِيانِ زَكَاةَ هَذِه؟ " قالتا: لا. قال: "أَيَسُرُّكِ أَنْ يُسَوِّرَكِ الله بِهِمَا يَومَ الْقِيامَة بِسِوَارينِ مِنْ نَار؟ " قال: فخلعتهما فألقتهما إلى رسول الله-صلى الله عليه وسلم-وقالت: هما لله ولرسوله. لفظ أبي داود، أخرجه من حديث حسين المعلم، وهو ثقة عن عمرو. وفيه رد على الترمذي حيث جزم بأنه لا يعرف إلَّا من حديث ابن لهيعة، والمثنى بن الصباح عن عمرو. وقد تابعهم حجاج بن أرطأة أيضا، قال البيهقي (¬1): وقد إنضم إلى حديث عمرو بن شعيب حديث أم سلمة، وحديث عائشة/ (¬2). وساقهما [2878]- وحديث عائشة أخرجه أبو داود (¬3) والحاكم (¬4) والدارقطني (¬5) والبيهقي (¬6). [2879]- وحديث أم سلمة؛ أخرجه أبو داود (¬7) والحاكم (¬8) ومن ذكر معهما (¬9) أيضا. ¬
[2880]- وروي أيضًا عن أسماء بنت يزيد؛ رواه أحمد (¬1) ولفظه عنها، قالت: دخلت أنا وخالتي على النبي-صلى الله عليه وسلم- وعلينا أساور من ذهب، فقال لنا: "أَتُعْطِيَانِ زَكَاتَه؟ " فقلنا: لا. قال: "أَمَا تَخَافَانِ أَنْ يُسَوِّرَكُمَا الله بِسِوَارٍ مِن نَارٍ، أَدِّيَا زَكَاتَه". [2881]- وروى الدارقطني (¬2) من حديث فاطمة بنت قيس نحوه. وفيه أبو بكر الهذلي وهو متروك. وقد تقدم حديث ابن مسعود. 1069 - [2882]- حديث روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا زَكَاةَ في الْحليّ". البيهقي في "المعرفة" (¬3) من حديث عافية بن أيوب، عن الليث، عن أبي الزبير عن جابر. ثم قال: لا أصل له، وإنما يروى عن جابر من قوله، وعافية قيل: ضعيف. وقال ابن الجوزي (¬4): ما نعلم فيه جرحا. وقال البيهقي: مجهول. ونقل ابن أبي حاتم (¬5) توثيقه عن أبي زرعة. * حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: في الذهب والحرير: "هَذَانِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي، حِلّ لإنَاثِهَا". تقدم في "الآنية ". ¬
فائدة
1070 - [2883]- حديث: أنّ رَجُلًا قُطِعَ أْنْفُه يَوْمَ الكُلَاب، فَاتّخذ أنفا من فضة، فأنتن عليه، فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتخذ أنفا من ذهب. أحمد (¬1) وأصحاب "السنن الثلاثة" (¬2) من حديث عبد الرحمن بن طرفة: أن جده عرفجة أصيب أنفه يوم الكُلَاب ... الحديث. وذكر ابن القطان (¬3) الخلاف فيه، وفي وصله وإوساله. وأووده ابن حبان في "صحيحه" (¬4). 1071 [2884, 2885]-حديث: أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- اتخذ خاتما من فضة. متفق عليه (¬5) من حديث أنس، وابن عمر. فائدة [2886]- وروى أبو داود (¬6) من حديث أبي ريحانة مرفوعا: نهى عن الخاتم إلا لذي سلطان". ¬
وحمله الحليمي على التحلي به، فأمّا من احتاج إلى الختم، فهو في معنى السلطان. انتهى. وفي إسناده رجل مبهم، فلم يصح الحديث. * قوله: ثيت أن قبيعة سيف رسول الله-صلى الله عليه وسلم- كانت من فضة. تقدم في "الأواني". [2887]- وروى الترمذي (¬1) من حديث مزيدة العصري، قال: دخل النبي-صلى الله عليه وسلم- يوم الفتح وعلى سيفه ذهب وفضة. 1072 - قوله: ورد في الخبر ذم تحلية المصحف بالذهب. [2888]- روى ابن أبي داود في "كتاب المصاحف" (¬2) من حديث ابن عباس أنه كان يكره أن يحفى المصحف، وقال: تغرون به السراق. [2889]- وعن أبي بن كعب (¬3) أنه قال: إذا حليتم مصاحفكم، وزوقتم مساجدكم، فعليكم الدمار. [2890 , 2891]- وعن أبي الدرداء وأبي هريرة مثله (¬4). وعزى القرطبي في "تفسيره" (¬5) حديث أبي الدرداء إلى تخريج الحكيم الترمذي في "نوادر" ¬
الأصول" (¬1) مرفوعا. [2892]- وروى ابن عساكر في "كتاب الزلازل" (¬2) من حديث ابن عباس: "إنّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ تُحَلَّى الْمَصَاحِفُ ... " الحديث. [2893]- وروى أبو نعيم في "الحلية" (¬3) من حديث حذيفة، مرفوعًا: "مِن اقْتِرَابِ السَّاعَةِ اثنتَانِ وَسبعُون خَصْلةً؛ إذَا رَأَيتْمُ النَّاسَ أَمَاتوا الصَّلاةَ، .. إلى أن قال: وَحُلِّيَتْ الْمَصَاحِفُ، وَصُوِّرَتِ الْمَساجِدُ .. " الحديث بطوله. وفي إسناده فرج بن فضالة، عن عبد الله بن عه يد بن عمير، عنه. وفيه ضعف وانقطاع. 1073 - [2894]- حديث عائشة: أنها قالت/ (¬4): لا زكاة في اللّؤلؤ. لم أجده عنها. ولكن: [2895]- رواه البيهقي (¬5) من حديث علي، موقوفًا، أيضًا. وهو منقطع. [2896]-ورواه سعيد بن منصور من قول عكرمة وسعيد بن جبير وغيرهما. ¬
فائدة
1074 - [2897]- حديث ابن عباس: "لَا شَيءَ في الْعَنْبَر". البيهقي (¬1) من طريق سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة (¬2) وأبو عبيد في "الأموال" (¬3) بسند صحيح. وعلقه البخاري (¬4) مجزومًا به. [2898]- وقال أبو عبيد أيضا (¬5): حدثنا مروان بن معاوية، عن إبراهيم المديني، عن أبي الزبير، عن جابر، نحوه. وزاد: هو للذي وجده، وليس العنبر بغنيمة. فائدة [2899]- روى عبد الرزاق (¬6) وابن أبي شيبة (¬7) من طريق سماك بن الفضل، وغيره: أن عمر بن عبد العزيز أخذ من العنبر الخُمُس. [2900]- وروى عبد الرزاق (¬8) بإسناد صحيح، عن ابن عباس: أن إبراهيم بن سعدكان عاملا بعدن، سأل ابن عباس عن العنبر؛ فقال: إن كان فيه شيء فالخمس ¬
[2901]- وروى أبو عبيد (¬1) من وجه ضعيف، عن ابن عباس، عن يعلي بن أمية، قال: كتب إلَيَّ عمر أن خذ من العنبر العُشر. 1075 - حديث عمر وابن عباس وابن مسعود: أنهم أوجبوا الزكاة في الحلى. [2902]- أما أثر عمر؛ فأخرج ابن أبي شيبة (¬2) والبيهقي (¬3) من طريق شعيب ابن يسار، قال: كتب عمر إلى أبي موسى أنْ مُر من قِبَلك من نساء المسلمين أن يصدقن من حليهن. وهو مرسل قاله البخاري. وقد أنكر الحسن ذلك فيما رواه ابن أبي شيبة (¬4) قال: لا نعلم أحدا من الخلفاء قال: في الحلى زكاة. [2903]- وأما أثر ابن عباس، فقال الشافعي (¬5) لا أدري أيثبت عنه أم لا؟ وحكاه ابن المنذر أيضا، والبيهقي (¬6) عن ابن عباس وابن عمر وغيرهما. [2904]- وأما أثر ابن مسعود؛ فرواه الطبراني (¬7) والبيهقي (¬8) من حديثه: أن ¬
تنبيه
امرأته سألته عن حلي لها، فقال: إذا بلغ مائتي درهم ففيه الزكاة، قالت: أضعها في بني أخ لي في حجري؛ قال: نعم. ورواه الدّارقطني (¬1) من حديثه مرفوعا، وقال: هذا وهم، والصو اب موقوف. تنبيه [2905]- وروى الدّارقطني (¬2) من حديث عمرو بن شعيب، عن عروة، عن عائشة، أنها قالت: لا بأس بلبس العلي إذا أعطى زكاته. ويقوِّيه: [2906]- ما رواه أبو داود (¬3) والد الدراقطني (¬4) والحاكم (¬5) والبيهقي (¬6) من حديث عائشة: أنها دخلت على رسول الله-صلى الله عليه وسلم- , فرأى في يدها فتخات من ورق، فقال "مَا هَذا يَا عَائِشَة؟ " فقالت: صنعتهن أتزين لك بهن يا رسول الله، قال: "أَتُؤَدِّينَ زكَاتَهُنّ؟! " قالت: لا، قال: "هُوَ حَسْبُكِ مِن النَّار". وإسناده على شرط الصحيح. وسيأتي عن عائشة: أنها كانت لا تخرج زكاة العلي عن يتامى في حجرها. ويمكن الجمع بينهما بأنها كانت ترى الزكاة فيها، ولا ترى إخراج الزكاة مطلقا عن مال الأيتام. ¬
1076 - حديث ابن عمر وعائشة وجابر: أنهم لم يوجبوا الزكاة في الحلى المباح. [2907]-مالك في "الموطأ" (¬1) عن نافع، عن ابن عمر: أنه كان يحلي بناته وجواريه بالذهب، فلا يخرج منه الزكاة. [2908]- وأما عائشة؛ فرواه مالك (¬2) والشافعي (¬3) عنه، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة: أنها كانت تلي بنات أخيها يتامى في حجرها، لهن الحلى فلا تخرج منها الزكاة. [2909]- وأما أثر جابر؛ فرواه الشافعي (¬4): أخبرنا سفيان، عن عمرو بن دينار، سمعت رجلًا يسأل/ (¬5) جابر بن محمد الله عن الحلي؟ فقال: زكاته عاريته. ورواه البيهقي (¬6). وروى الدارقطني (¬7) عن أبي حمزة، وهو ضعيف، عن الشعبي، عن جابر: ليس في الحلى زكاة. ¬
وفي الباب: [2910 , 2911]-عن أنس، وأسماء بنت أبي بكر، رواهما الدارقطني (¬1) والبيهقي (¬2). * * * * ¬
باب زكاة التجارة
باب زكاة التجارة 1077 - [2912]- حديث أبي ذر: أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- قال: "في الإِبِلِ صَدَقَتُها، وَفي الْبُزّ صَدقَتَهُ". الدارقطني (¬1) من حديثه من طريقين، وقال في آخره: " وَفِي الْبُزّ صَدَقَةٌ". قالها بالزاي. وإسناده غير صحيح؛ مداره على موسى بن عبيدة الربذي. وله عنده طريق ثالث (¬2) من رواية ابن جريج، عن عمران بن أبي أنس، عن مالك بن أوس، عن أبي ذر. وهو معلول؛ لأنّ ابن جريج رواه عن عمران: أنه بلغه، عنه. ورواه الترمذي في "العلل" (¬3) من هذا الوجه، وقال؛ سالت البخاري عنه؟ فقال: لم يسمعه ابن جريج من عمران. وله طريقة رابعة رواها الدارقطني (¬4) أيضا والحاكم (¬5) من طريق سعيد بن سلمة ابن أبي الحسام، عن عمران، ولفظه: "في الإِبِلِ صَدَقَتُها، وَفِي الْغَنَم صَدَقَتُها وَفي الْبَقَرِ صَدَقَتُها، وَفِي الْبُزِّ صَدَقَتُه، وَمَنْ رَفَع دَرَاهِمَ أَوْ دَنانير لا يُعِذهَا لِغَريمٍ، وَلا يُنْفِقُهَا في سَبيل الله، فَهُوَ كَنْزٌ يُكْوَى بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَة". ¬
فائدة
وهذا إسناد لا بأس به. فائدة قال ابن دقيق العيد: الذي رأيته في نسخة من "المستدرك" في هذا الحديث: البر بضمّ الموحدة، وبالرّاء المهملة. انتهى. والدارقطني رواه بالزاي، لكن طريقه ضعيفة. 1078 - [2913]-حديث سمرة بن جندب: كان رسول الله-صلى الله عليه وسلم- يأمرنا أن نخرج الزّكاة مما يُعدّ للبيع. أبو داود (¬1) والدارقطني (¬2) والبزار (¬3) من حديث سليمان بن سمرة، عن أبيه. وفي إسناده جهالة. * حديث: "لا زَكاة فِي مَالٍ حَتّى يَحُولَ محَلَ فيهِ الْحَوْل". تقدم. 1079 - قوله: لا خلاف فعي أنّ قدر الزكاة متن التجارة ربع العشر. قلت: فيه آثار، منها: [2914]- ما أخرجه أبو عبيد في "الأموال" (¬4) من طريق زياد بن حذير، قال: ¬
بعثني عمر مصدِّقًا، فأمرني أن آخذ من المسلمين، من أموالهم، إذا اختلفوا بها للتجارة ربع العشر، ومن أموال أهل الذمة نصف العشر، ومن أموال أهل الحرب العشر. [2915]- وروى عبد الرزاق (¬1) من طريق أنس بن سيرين، قال: بعثني أنس ابن مالك على الأبلة، فأخرج لي كتابا من عمر- بمعناه. ووصله الطبراني مرفوعًا من رواية محمد بن سيرين عن أنس في ترجمة محمد ابن جابان، في "الأوسط" (¬2). 1080 - [2916]- حديث أبي عمرو بن حماس: أن أباه حماسا قال: مررت على عمر بن الخطاب، وعلى عنقي أدم أحملها, فقال: ألا تؤدي زكاتك يا حماس؟ فقال: مالي غير هذا، وأهب في القرظ. قال: ذاك مال فضع، فوضعتها بين يديه فحسبها [فوجدها] (¬3) قد وجب فيهاالزكاة، فأخذ منها الزكاة. الشافعي (¬4) عن سفيان، حدّثنا يحيى عن عبد الله بن أبي سلمة، عن أبي ¬
تنبيه
عمرو بن حماس، أن أباه: قال مررت بعمر بن الخطاب ... فذكره. ورواه أحمد (¬1) وابن أبي شيبة (¬2) وعبد الرزاق (¬3) وسعيد بن منصور، عن سفيان عن يحيي بن سعيد به. ورواه الدارقطني (¬4) من حديث حماد بن زيد، عن يحيي بن سعيد، عن أبي عمرو بن حماس، أو عبد الله بن أبي سلمة، عن أبي عمرو بن حماس، عن أبيه، به، نحوه. ورواه/ (¬5) الشافعي (¬6) أيضا عن سفيان، عن ابن عجلان، عن أبي الزناد، عن أبي عمرو بن حماس، عن أبيه. تنبيه حِمَاس: بكسر الحاء وتخفيف الميم، وآخره سين مهملة. فائده [2917]- روى البيهقي (¬7) من طريق أحمد بن حنبل، حدثنا حفص بن غياث ¬
حدّثنا عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال: ليس في العروض زكاة إلا ما كان للتجارة. ****
باب زكاة المعدن والركاز
باب زكاة المعدن والركاز 1081 - [2918]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - أقطع بلال بن الحارث المزني المعادن القبلية، وأخذ منها الزكاة. مالك في "الموطأ" (¬1) عن ربيعة، عن غير واحد من علمائهم، بهذا، وزاد: وهي من ناحية الفرع، فتلك المعادن لا يؤخذ منها إلا الزكاة إلى اليوم. ورواه أبو داود (¬2) والطبراني (¬3) والحاكم (¬4) والبيهقي (¬5) موصولا، وليست فيه الزيادة. قال الشافعي (¬6): بعد أن روى حديث مالك، ليس هذا مما يثبته أهل الحديث ولم يثبتوه، ولم يكن فيه رواية عن النبي-صلى الله عليه وسلم- إلا إقطاعه، وأما الزكاة في المعادن دون الخمس فليست مروية عن النبي-صلى الله عليه وسلم-. وقال البيهقي: هو كما قال الشافعي في رواية مالك، وقد روي عن الدراوردي، عن ربيعة، موصولا. ثم أخرجه عن الحاكم. ¬
والحاكم أخرجه في "المستدرك" (¬1). وكذا ذكره ابن عبد البر (¬2) من رواية الدراوردي، قال: ورواه أبو سبرة المديني، عن مطرت، عن مالك، عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبيه، عن بلال موصولا. لكن لم يتابع عليه، قال: ورواه أبو أويس عن كثير بن عبد الله، عن أبيه، عن جده. وعن ثور بن زيد، عن عكرمة، عن ابن عباس. قلت: أخرجه أبو داود (¬3) من الوجهين. 1082 - [2919]- حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا زَكَاة في حُجرٍ". ابن عدي (¬4) من حديث عمر بن أبي عمر الكلاعي، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. ورواه البيهقي (¬5) من طريقه. وتابعه عثمان الوقاصي ومحمد بن عبيد الله العرزمي، كلاهما عن عمرو بن شعيب، وهما متروكان. *حديث: "في الرِّقَّة رُبُع الْعشر". البخاري من حديث أنس. وقد تقدم. ¬
1083 - [2920]-حديث: "في الرِّكازِ الْخُمُس، وَفي الْمَعْدن الصًّدقه". لم أجده هكذا، لكن اتفقا على الجملة الأولى من حديث أبي هريرة (¬1) وله طرق 1084 - [2921]- حديث: "وَفي الرِّكازِ الْخُمُس"، قيل: يا رسول الله وما الرّكاز؟ قال: " الذّهَبُ، وَالْفِضَّة، الْمَخْلُوقاَنِ في الأَرْضِ يَوْمَ خُلِقَ السمَاوَاتُ والأرْضُ". البيهقي (¬2) من حديث أبي يوسف، عن عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد، عن أبيه عن جده، عن أبي هريرة مرفوعًا: "في الرَّكَاز الْخُمُس"، قيل: وما الركاز يا رسول الله؟ قال: "الذَّهَبُ والْفِضّة الَّتِي خُلِقَتْ في الأرْضِ يَوْمَ خُلِقَتْ". وتابعه حبان بن علي، عن عبد الله بن سعيد. وعبد الله متروك الحديث، وحبان ضعيف، وأصله في "الصحيح" كما قدمنا. * حديث: "لَيْسَ عَلَيكُمْ في الذَّهَبِ شَيْءٌ حَتَّى يَبْلُغَ عِشْرِينَ مِثْقَالًا" تقدم. * حديث أبي هريرة: "في الرِّكازِ الْخُمُس". ¬
متفق عليه، وقد تقدم قريبا. 1085 - [2922]-حديث: أن رجلا وجد كنزا فقال له النبي-صلى الله عليه وسلم: "إنْ وَجَدْتَهُ في قَرْيَةٍ مَسْكُونَةٍ، أَوْ طَريقٍ مِيتَاء فَعرِّفه، وإنْ وَجَدْتَه في خَرِبَةٍ جَاهِلِيّة، أَوْ قَرْيَةٍ غَيْرِ مَسْكُونَةٍ، فَفِيه وَفِي الرِّكازِ الْخُمُس". الشافعي (¬1) عن سفيان/ (¬2)، عن داود بن شابور، ويعقوب بن عطاء، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال في كنز وجده رجل في خربة جاهلية: "إن وجدته .... " فذكره سواء. ورواه أبو داود (¬3) من حديث عمرو بن الحارث، وهشام بن سعد عن عمرو بن شعيب، نحوه. ورواه النسائي (¬4) من وجه آخر عن عمرو بن شعيب. [2923]- ورواه الحاكم (¬5) والبيهقي (¬6). وقال سعيد بن منصور: أخبرنا ¬
تنبيه
خالد، عن الشيباني، عن الشعبي: أن رجلًا وجد كنزا فأتى به عليا، فأخذ منه الخمس، وأعطى بقيته للذي وجده. ورواه (¬1) من وجه آخر، عن الشعبي. وكذلك ابن أبي شيبة (¬2). [2924]- وروى سعيد: عن سفيان، عن عبد الله بن بشر الخثعمي، عن رجل من قومه يقال له حممة: أن رجلاسقطت عليه جرّة من دير بالكوفة، وفيها ورق فأتى بها عليا، فقال: اقسمها أخماسا، ثم قال: خذ منها أربعة، ودع واحدا. تنبيه الْمِيتاء- بكسر الميم، وبالمد. الطريق المسلوك، مأخوذ من كثرة الإتيان. ... ¬
باب زكاة الفطر
باب زكاة الفطر 1086 - [2925]- حديث ابن عمر: فرض رسول الله-صلى الله عليه وسلم-زكاة الفطر من رمضان على الناس صاعا من تمر، أو صاعا من شعير؛ على كل حر أو عبد، ذكر أو أنثى من المسلمين. متفق عليه (¬1) من طرق تدور على نافع، والسياق لمالك، وتابعه جماعة ذكرهم الدارقطني (¬2). ورواه الدارقطني في "غرائب مالك" من طريق إسحاق بن عيسى بن الطباع، عن مالك، وزاد: على الصغير والكبير. وصحّحها 1087 - [2926]- حديث ابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فرض زكاه الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين. أبو داود (¬3) وابن ماجه (¬4) وا لدراقطني (¬5) والحاكم (¬6) من طريق عكرمة، عن ابن عباس، وفيه: من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد ¬
الصلاة فهي صدقة من الصدقات. وللحاكم (¬1) من وجه آخر، عن عطاء عن ابن عباس: أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- أمر صارخا ببطن مكة، أن ينادي: "إنَّ صَدَقَةَ الْفِطْرِ حَقٌّ وَاجِبٌ علَى كُلِّ مُسْلِمٍ، صَغِيرٍ أو كبيرٍ، ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى، حُرٍّ أو مَمْلوكٍ، حَاضرٍ أَوْ بَادٍ مُدّان مِنْ قَمْحٍ، أَوْ صَاعٍ مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ تَمْرٍ". 1088 - [2927]- حديث: أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- فرض زكاة الفطر، وأمر بها أن تؤدَّى قبل خروج الناس إلى الصلاة. متفق عليه (¬2) من حد يث ابن عمر. 1089 - [2928]- حديث: روي أنّه - صلى الله عليه وسلم - قال: "أَغْنُوهُمْ عَنِ الطَّلَبِ في هَذَا الْيَوْمِ". وأعاده في موضع آخر. الدارقطني (¬3) والبيهقي (¬4) من رواية أبي معشر، عن نافع، عن ابن عمر، قال: فرض رسول الله-صلى الله عليه وسلم - زكاة الفطر، وقال: "أَغْنُوهمْ في هَذَا الْيَوْمِ". وفي رواية البيهقي: "أَغْنوهُمْ عَنِ طَوَافِ هَذَا الْيَوْمِ". ¬
[2929]- قال ابن سعد في "الطبقات" (¬1): حدثنا محمَّد بن عمر، حدّثنا عبد الله بن عبد الرحمن الجمحي، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، وعن عبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، وعن عبد العزيز بن محمد، عن ربيح ابن عبد الرحمن بن أبي سعيد، عن أبيه، عن جده، قالوا: فرض صوم رمضان بعد ما حولت الكعبة بشهر، على رأس ثمانية عشر شهرا من الهجرة، وأمر في هذه السنة بزكاة الفطر، وذلك قبل أن تفرض الزكاة في الأموال، وأن تخرج عن الصغير والكبير، والذكر والأنثى، والحر والعبد؛ صاعا من تمر، أو صاعا من شعير، أو صاعا من زبيب، أو مدين من بر/ (¬2)، وأمر بإخراجها قبل الغدو إلى الصلاة، وقال: " أَغْنُوهُمْ -يعني المساكين- عَنْ طَوافِ هَذَا الْيَوْم". 1090 - [2930]-حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "أدّوا صَدَقَةَ الْفِطْر عَمَّن تَمُونُون". الدارقطني (¬3) والبيهقي (¬4) من طريق الضحاك بن عثمان، عن نافع، عن ابن عمر قال: أمر رسول الله-صلى الله عليه وسلم- بصدقة الفطر عن الصغير والكبير، والحر والعبد ممن تمونون. [2931]-ورواه الدارقطني (¬5) من حديث علي. وفي إسناده ضعف وإرسال. ¬
[2932]- ورواه الشافعي (¬1) عن إبراهيم بن محمد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه , مرسلا. قال البيهقي (¬2): ورواه حاتم بن إسماعيل، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي، قال: فرض رسول الله-صلى الله عليه وسلم- على كل صغير أو كبير أو عبد ممن تمونون؛ صاعا من شعير، أو صاعا من تمر، أو صاعا من زبيب، عن كل إنسان. وفيه انقطاع. وروى الثوري في "جامعه" عن عبد الأعلى، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عملي قال: من جرت عليه نفقتك: نصف صاع بر، أو صاع من تمر. وهذا موقوف، وعبد الأعلى ضعيف. * حديث ابن عمر: أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- أمر بصدقة الفطر، عن الصغير والكبير، والحر والعبد، ممن تمونون. تقدّم في الذي قبله 1091 - [2933]- حديث: "لَيَس عَلَى الْمُسْلم في عَبْدِه وَلا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ، إلَّا صَدَقَةَ الْفِطرِ عَنْه". ¬
متفق على صحته (¬1) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- بدون الإستثناء، فتفرد به مسلم (¬2) دون قوله: "عَنْه". ورواه الدراقطني (¬3) والبيهقي (¬4) من طرق أخرى، عن أبي هريرة -، وليس عند واحد منهم: "عنه". 1092 - [2934]- حديث: "ابْدَأْ يِنَفْسِك ثمّ بِمَنْ تَعُولُ". لم أره هكذا، بل في "الصحيحين" (¬5) من: [2935]- حديث أبي هريرة: "أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خْيرٌ مِن الْيَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُول". [2936]- ولمسلم (¬6) عن جابر في قصة المدبر في بعض الطرق: "ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيَها فَإنَّ فَضُلَ شَيْءٌ فَلأَهْلِكَ". ورواه الشافعي (¬7) عن مسلم، وعبدالمجيد، عن ابن جريج، أخبرني أبو الزبير: أنه سمع جابرًا يقول، فذكر قصة المدبر. وقال فيه: "إذَا كَانَ أَحَدُكُم فَقيرًا فَلْيَبْدأْ بِنَفْسِه، فَإنْ كَانَ لَه فَضْلٌ فَلْيَبْدأْ مَعَ نَفْسِه لِمَنْ يَعُول". ¬
تنبيه
وسيأتي بقية طرقه في (النفقات) إن شاء الله تعالى. 1093 - قوله: "من المسلمين". تقدم أول الباب، واشتهرت هذه الزيادة عن مالك، قال: أبو قلابة ليس أحد يقولها غير مالك. وكذا قال أحمد بن خالد، عن محمدبن وضاح. وقال الترمذي: لا نعلم كبير أحد قالها غير مالك. قال ابن دقيق العيد: ليس كما قالوا، فقد تابعه عمر بن نافع، والضحاك بن عثمان، والمعلى بن إسماعيل، وعبيد الله بن عمر، وكثير بن فرقد، والعمري ويونس بن يزيد. قلت: وقد أوردت طرقه في "النكت على ابن الصّلاح" (¬1) وزدت فيه من طريق أيوب السختياني أيضًا، ويحيى بن سعيد، وموسى بن عقبة، وابن أبي ليلى، وأيوب بن موسى. تنبيه [2937]- أخرج الدارقطني (¬2) عن ابن عمر: أنه كان يخرج عن كل حر وعبد. وفيه عثمان الوقاصي، وهو متروك. [2938]- وأخرج عبد الرزاق (¬3) عن ابن عباس، نحوه. [2939]- وأخرج الطحاوي (¬4) عن أبي هريرة , نحوه. ¬
1094 - [2940]- حديث أبي سعيد: كنا نخرج/ (¬1) زكاة الفطر إذ كان فينا رسول الله-صلى الله عليه وسلم- في صاعا من طعام، أو صاعا من تمر، أو صاعا من شعير، أو صاعا من زبيب، أو صاعا من أقط، فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه ما عشت. متفق عليه (¬2) بألفاظ منها لمسلم: كنا نخرج زكاة الفطر ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - فينا عن كل صغير وكبير، حر ومملوك، من ثلاثة أصناف، صاعا من تمر، صاعا من أقط، صاعا من شعير. قال أبو سعيد: أما أنا فلا أزال أخرجه. وفي لفظ: فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه ما عشت. وزاد في رواية أخرى: وكان طعامنا الشعير، والزبيب، وا لأقط، والتمر. 1095 - قوله في حديث أبي سعيد: في ذكر الأقط، ذكر عن أبي إسحاق: أنّ الشافعي علق القول في جواز إخراجه على صحّة الحديث، فلما صح قال به، فإن جوزنا إخراجه فاللّبن والجبن في معناه، وهذا أظهر. وفيه وجه: أن الإخراج منهما لايجزي؛ لأنّ الخبر لم يرد بهما. انتهى. ¬
وهو كما قال في الجبن. [2941]- وأما اللبن، فقد رواه الدارقطني (¬1) من حديث عصمة بن مالك في صدقة الفطر: "مدان من قمح، أو صاع من شعير، أو تمر أو زبيب، أو أقط، فمن لم يكن عنده أقط وعنده لبن فصاعين من لبن". وفي إسناده الفضل بن المختار، ضعفه أبو حاتم (¬2). قوله: لا يجزئ الدقيق، ولا السويق، ولا الخبز؛ لأن النص ورد بالحب، فلا يصلح له الدقيق فوجب اتباع مورد النص. انتهى كلامه. فأما الدقيق والسويق، فقد ورد بهما الخبر: [2942]- رواه ابن خزيمة (¬3) حدثنا نصر بن علي حدثنا عبد الأعلى، حدّثنا هشام، عن محمد بن سيرين، عن ابن عباس، قال: أمرنا رسول الله-صلى الله عليه وسلم-أن نؤدي زكاة رمضان صاعا من طعام، عن الصغير والكبير، والحر والمملوك، من أدى سلتا قُبِل منه- وأحسبه قال-: ومن أدى دقيقا قُبِل منه، ومن أدى سويقا قبِل منه. ورواه الد الدراقطني (¬4) أيضا. ولكن قال ابن أبي حاتم (¬5): سألت أبي عن هذا -يعني هذا الحديث- فقال: منكر ¬
لأن ابن سيرين لم يسمع من ابن عباس في قول الأكثر. [2943]-ورواه أبو داود (¬1) من حديث أبي سعيد الخدري، وفيه: أو صاع من دقيق. قال أبو داود: وهذه الزيادة وهم من ابن عيينة 1097 - [2944]- قوله: والدليل على أن الصاع خمسه أرطال وثلث فقط بنقل أهل [المدينه] (¬2) خلفا عن سلف، ولمالك مع أبي يوسف فيه قصة مشهورة. والقصة رواها الييهقي (¬3) بإسناد جيد. [2945]- وأخرج ابن خزيمة (¬4) والحاكم (¬5) من طريق عروة، عن أسماء بنت أبي بكر أمه: أنهم كانوا يخرجون زكاة الفطر في عهد رسول الله-صلى الله عليه وسلم- بالمدّ الذي يقتات به أهل المدينة. [2946]- وللبخاري (¬6) عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر: أنه كان يعطي زكاة رمضان على عهد النبي-صلى الله عليه وسلم- بالمد الأول. ... ¬
(14) كتاب الصيام
(14) كتابُ الصيام
1098 - [2947]- حديث: "بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ ... " الحديث. متفق عليه (¬1) من حديث ابن عمر. 1099 - [2948]-حديث: أنه قال - صلى الله عليه وسلم - للأعرابي الذي سأله عن الإِسلام، فذكر له شهر رمضان، وقال: هل على غيره، قال: "لَا إِلا أَن تَطَّوَّعَ". متفق عليه (¬2) من حديث طلحة بن عبيد الله مطولا. 1100 - [2949]- حديث ابن عمر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر رمضان/ (¬3) فقِال: "لا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهلالَ، وَلا تُفْطِروا حَتّى تَرَوْه؛ فإن غُمّ عَلَيْكُمْ فأَكملواالعدّة ثَلاثين". متفق على صحته (¬4) وله ألفاظ عندهما، وهذا لفظ البخاري. 1101 - [2950]-حديث: "صُومُوا لِرُؤْيَتِه ... ". ¬
هو طرف من حديث ابن عمر عند مسلم (¬1). 1102_[2951]_حديث: "صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِه؛ فَإنْ غُمّ عَلَيكُم فَأكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَان ثَلاثين يَوْمًا، إلا أَنْ يَشْهَد شَاهِدَان". رواه النسائي (¬2) من رواية حسين بن الحارث الجدلي، عن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب: أنّه خطب النَّاس في اليوم الذي يشكّ فيه فقال: ألا إنِّي جالست أصحاب رسول الله-صلى الله عليه وسلم- وسألتهم، وإنّهم حدّثوني أنّ رسول الله-صلى الله عليه وسلم- قال: (فذكره)، وفي آخره: "فإنْ شَهِد شَاهِدَان فَصُومُوا وَأَفْطِرُوا". ورواه أحمد (¬3) من هذا الوجه، ولفظه في آخره: "فَإنْ شَهِد شَاهِدَان فَصُومُوا وَأَفْطِرُوا". [2952]-ورواه أبو داود (¬4) من حديث أبي مالك الأشجعي، عن حسين بن الحارث، أن الحارث بن حاطب أميرمكة خطب، ثم قال: عهد إلينا رسول الله-صلى الله عليه وسلم- أن ننسك للرؤية. ورواه الدارقطني (¬5) فقال: إسناد متصل صحيح. ¬
1103 - [2953]- حديث ابن عباس: أن أعرابيا جاء إلى النبي-صلى الله عليه وسلم- فقال: إني رأيت الهلال، فقال: "أَتَشْهَدُ أَنْ لا إِلَه إلَّا الله؟ " قال: نعم. قال: "أَتَشْهَدُ أن مُحَمَّدًا رَسُولُ الله؟ " قال: نعم. قال:"فَأَذَّن في النَّاسِ يَا بِلالُ أَنْ يَصُومُوا غدًا". أصحاب السنن (¬1) وابن خزيمة (¬2) وابن حبان (¬3) والدارقطني (¬4) والبيهقي (¬5) والحاكم (¬6) من حديث سماك، عن عكرمة، عنه. قال الترمذي: روي مرسلا. وقال النسائي: إنه أولى بالصواب، وسماك إذا تفرد بأصل لم يكن حجة. 1104 - [2954]- حديث ابن عمر: تراءى الناس الهلال، فأخبرت النبي-صلى الله عليه وسلم- أني رأيته، فصام، وأمر الناس بالصيام. ¬
الدارمي (¬1) وأبو داود (¬2) والدراقطني (¬3) وابن حبان (¬4) والحاكم (¬5) وا لبيهقي (¬6) وصححه ابن حزم (¬7)، كلهم من طريق أبي بكر بن نافع، عن نافع، عنه. وأخرجه الدارقطني (¬8) والطبراني في "الأوسط" (¬9) من طريق طاوس، قال شهدت المدينة وبهاابن عمر وابن عباس، فجاء رجل إلى واليها، فشهد عنده على رؤية هلال شهر رمضان، فسأل [ابن عمر] (¬10) وابن عباس عن شهادته؟ فأمراه أن يزه، وقالا: إن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- أجاز شهادة واحد على رؤية هلال رمضان، وكان لا يجيز شهادة الإفطار إلا بشهادة رجلين. قال الدارقطني: تفرد به حفص بن عمر الأُبُلّي وهو ضعيف * أثر علي. يأتي في آخر الباب ¬
1105 - قوله: لا اعتبار بحساب النجوم, ولا بمن عرف منازل القمر ... إلى آخره. يدل له: [2955]- ما في "الصحيح" (¬1) من حديث ابن عمر: " إنّا أمّةٌ أُمِيَّةٌ لا نَكْتُب وَلا نَحسِبُ ... ". الحديث. [2956]- وروى أبو داود (¬2) عن ابن عباس مرفوعا: "مَا اقْتَبَس رَجلٌ عِلْمًا مِن النُّجومِ إلَّا اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِن السِّحْر". [2957]- وعن عمر قال: تعلموا من النجوم ما تهتدون به في ظلمات البر والبحر، ثم أمسكوا. رواه حرب الكرماني. وقال ابن دقيق العيد (¬3): الذي أقول [به]: إن الحساب لا يجوز أن يعتمد عليه في الصوم، لمقارنة (¬4) القمر للشمس، على ما يراه المنجمون؛ فإنهم قد يقدمون الشهر بالحساب على الرؤية بيوم أو يومين، وفي اعتبار ذلك إحداث شرع لم يأذن الله به/ (¬5).وأما إذا دلّ الحساب علي أنّ الهلال قد طلع علي وجه يُري لكن وجد مانع من رؤيته كالغيم، فهذا يقتضي ¬
الوجوب لوجود السبب الشرعي. قلت: لكن يتوقف قبول ذلك على صدق الْمُخْبِر به، ولا نجزم بصدقه إلا لو شاهد، والحال أنه لم يشاهد، فلا اعتبار بقوله إذًا، والله أعلم. 1106 - [2958]- حديث كريب: تراءينا الهلال بالشام ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة، فقال ابن عباس: متى رأيتم الهلال؟ قلت: يوم الجمعة. قال: أنت رأيت؟ قلت: نعم، ورآه الناس، وصاموا وصام معاوية. فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت ... الحديث. مسلم في "صحيحه" (¬1) من هذا الوجه. 1107 - قوله: ويروى أن ابن عباس أمر كريبا أن يقتدي بأهل المدينة. هو ظاهر من قوله: أَوَلَا تَكتفي برؤية معاوية وصيامه؛ قال: لا. * حديث عمر. يأتى آخر الباب. ¬
1108 - [2959]- حديث حفصة: "مَنْ لَمْ يُجْمِع الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ فلا صيَامَ لَهُ". وُيروى: "مَن لَمْ يَنْوِ الصِّيامَ مِن اللَّيلِ فَلا صِيام لَه". أحمد (¬1) وأبو داود (¬2) والنسائي (¬3) والترمذي (¬4) وابن خزيمة في "صحيحه" (¬5) وابن ماجه (¬6) والدارقطني (¬7). واختلف الأئمة في رفعه ووقفه، فقال ابن أبي حاتم (¬8)، عن أبيه: لا أدري أيهما أصح؟ -يعني رواية يحيي بن أيوب، عن عبد الله بن أبي بكر، عن الزهري عن سالم، ورواية إسحاق بن حازم، عن عبد الله بن أبي بكر، عن سالم، بغير وساطة الزهري- لكن الوقف أشبه. وقال أبو داود: لا يصح رفعه. وقال الترمذي: الموقوف أصح. ونقل في "العلل" (¬9) عن البخاري، أنه قال: ¬
تنبيه
هو خطأ، وهو حديث فيه اضطراب. والصحيح عن ابن عمر موقوف. وقال النسائي: الصواب عندي موقوف، ولم يصح رفعه. وقال أحمد: ماله عندي ذلك الإسناد. وقال الحاكم في "الأربعين": صحيح على شرط الشيخين. وقال في "المستدرك" (¬1) صحيح على شرط البخاري. وقال البيهقي (¬2): رواته ثقات، إلا أنه روي موقوفا. وقال الخطابي (¬3): أسنده عبد الله بن أبي بكر، وزيادة الثقة مقبولة. وقال ابن حزم (¬4): الاختلاف فيه يزيد الخبرقوة. وقال الدارقطني (¬5): كلهم ثقات. تنبيه اللّفظ الثّاني لم أره، لكن في الدارقطني (¬6): "لا صِيامَ لِمَنْ لَمْ يَفْرِضْه مِنَ اللَّيل". ¬
وأما اللفظ الأول، فهو عند ابن خزيمه (¬1) وغيره. وفي الباب: [2960]- عن عائشة أخرجه الدارقطني (¬2)، وفيه عبد الله بن عباد، وهو مجهول، وقد ذكره ابن حبان في "الضعفاء" (¬3). [2961]- وعن ميمونة بنت سعد، رواه أيضا (¬4)، وفيه الواقدي. 1109 - [2962]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يدخل على بعض أزواجه، فيقول: "هَلْ مِنْ غَدَاء؟ ". فإن قالوا: لا. قال: "فإنِّي صَائِمٌ" الحديث. مسلم في "صحيحه" (¬5) عن عائشة قالت: قال لي رسول الله-صلى الله عليه وسلم- ذات يوم: "يَا عَائِشَةُ هَلْ عِنْدَكُمْ شَيء؟ " فقلت: يا رسول الله ما عندنا شيء، قال: "فَإني صَائم". قالت: فخرج رسول الله-صلى الله عليه وسلم- فأهديت لنا هدية، أو جاءنا زور، قالت: فلما رجع، قلت: يا رسول الله أهديت لنا هدية أو جاءنا زور، وقد خبأت لك شيئًا، قال: "وَمَا هُوَ؟ " قلت: حيس. قال: "هَاتِيهِ"، فجئت به فأكل، ثم قال: "قَد كُنْتُ أَصبَحتُ صَائمًا". وله ألفاظ عنده. ¬
ورواه أبو داود (¬1) وابن حبان والدارقطني (¬2) بلفظ: كان النبي-صلى الله عليه وسلم- يأتينا فيقول: هل عندكم من غداء؟ " فإن قلنا: نعم، تغدى، وإن قلنا: لا قال: "إني صَائِمٌ"، وإنه أتانا ذات يوم وقد أهدى لنا حيس ... الحديث. 1110 - قوله: ويروى: "إنّي إذَا صَائم". رواها مسلم (¬3) والدارقطني (¬4) والبيهقي (¬5) بلفظ: إنه دخل عليها فقال: "هل عندكم شيء؟ " قلتُ: لا. قال: "فَإنّي إذًا أَصُومُ". قالت: ودخل علي يوما آخر فقال: "أَعِنْدَكمْ شَيءٌ؟ " قلت: نعم. قال/ (¬6): "إذًا أُفْطِر، وَإنْ كنْتُ قَدْ فَرَضْتُ الصَّوْمَ". وفي رواية للدارقطني (¬7) والبيهقي (¬8): "قَرِّبِيه وَأَقْضِى يَوْمًا مَكَانَه". قالا: وهذه الزيادة غير محفوظة. ¬
1111 - [2963]- حديث: "مَنْ ذرَعَة الْقَيءُ وَهُو صَائِمٌ فَلا قَضَاءَ عَلَيهِ، وَمَنِ اسْتَقَاء فَلْيَقْضِ". الدارمي (¬1) وأصحاب السنن (¬2) وابن حبان (¬3) والدارقطني (¬4) والحاكم (¬5). وله ألفاظ من حديث أبي هريرة. قال النسائي: وقفه عطاء، عن أبي هريرة. وقال الترمذي: لا نعرفه إلا من حديث هشام، عن محمد عن أبي هريرة , تفرد به عيسى بن يونس. وقال البخاري (¬6): لا أراه محفوظا وقد روي من غير وجه ولا يصح إسناده. وقال الدارمي (¬7): زعم أهل البصرة أن هشاما أوهم فيه (¬8). وقال أبو داود (¬9): وبعض الحفاظ لا يراه محفوظا. ¬
تنبيه
وأنكره أحمد. وقال في رواية: لبس من ذا شيء (¬1). قال الخطابي (¬2): يريد أنه غير محفوظ. وقال مهنا عن أحمد: حدث به عيسى، وليس هو في كتابه، غلط فيه وليس هو من حديثه. وقال الحاكم (¬3): صحيح على شرطهما. وأخرجه من حديث حفص بن غياث أيضا. وأخرجه ابن ماجه (¬4) أيضا. 1112 - [2964]- قوله: وروي عن ابن عمر موقوفا. مالك في "الموطأ" (¬5) والشافعي عنه (¬6)، عن نافع، عن ابن عمر: "مَن اسْتَقَاءَ وَهُو صَائمٌ فعلَيه القَضَاءُ، وَمَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَليسَ عَليه الْقَضَاءُ". تنبيه ذرعه -بفتح الذال المعجمة أي غلبه. 1113 - [2965]- حديث أبي الدرداء: أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- قاء فأفطر. أي استقاء. قال ثوبان: صدق، أنا صببت له الوضوء. ¬
أحمد (¬1) وأصحاب السنن الثلاثة (¬2) وابن الجارود (¬3) وابن حبان (¬4) والدارقطني (¬5) والبيهقي (¬6) والطبراني (¬7) وابن منده والحاكم (¬8) من حديث معدان بن أبي طلحة، عن أبي الدرداء: أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- قاء فافطر. قال معدان: فلقيت ثوبان في مسجد دمشق، فقلت له: إن أبا الدرداء أخبرني (فذكره ...) فقال: صدق، أنا صببت عليه وضوءه. قال ابن منده: إسناده صحيح متصل، وتركه الشيخان لاختلاف في إسناده. وقال الترمذي: جَوَّده حسين المعلم، وهو أصح شيء في هذا الباب. وكذا قال أحمد. وفيه اختلاف كثير قد ذكره الطبراني وغيره. وقال البيهقي (¬9): هذا حديث مختلف في إسناده، فإن صح فهو محمول على القيء عامدا, وكأنه - صلى الله عليه وسلم - كان صائما تطوعا. ¬
وقال في موضع آخر (¬1): إسناده مضطرب، ولا تقوم به حجة. وما أشار إليه قبل، رواه البزار (¬2) من طريق أبي أسماء، حدثنا ثوبان قال: كان رسول الله-صلى الله عليه وسلم- صائما في غير رمضان، فأصابه. أحسبه قيء -وهو صائم، فأفطر. الحديث. قال: لا نحفظه إلا من هذا الوجه، تفرد بهذه الزيادة عتبة بن السكن وهو يحدث عن الأوزاعي، بأشياء لا يتابع عليها. * حديث ابن عباس: الفطر مما دخل. يأتي. 1114 - [2966]-.حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - اكتحل في رمضان وهو صائم. ابن ماجه (¬3) من حديث عائشة، وفي إسناده بقية، عن الزبيدي، عن هشام بن عروة. والزبيدي المذكور اسمه سعيد بن أبي سعيد، ذكره ابن عدي (¬4)، وأورد اهذا الحديث في ترجمته. وكذا قال البيهقي (¬5) وصرح به في روايته، وزاد: إنه مجهول. ¬
وقال النووي في "شرح المهذب" (¬1): رواه ابن ماجه بإسناد ضعيف من رواية بقية، عن سعيد بن أبي سعيد، عن هشام. وسعيد ضعيف. قال: وقد اتّفق الحفاظ على أن/ (¬2) رواية بقية عن المجهولين مردودة. انتهى. وليس سعيد بن أبي سعيد بمجهول، بل هو ضعيف، واسم أبيه عبد الجبار على الصحيح، وفرق ابن عدي بين سعيد بن أبي سعيد الزبيدي، فقال: هو مجهول، وسعيد بن عبد الجبار (¬3)، فقال: هو ضعيف. وهما واحد. [2967]- ورواه البيهقي (¬4) من طريق محمد بن عبد الله بن أبي رافع، عن أبيه عن جده: أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- كان يكتحل وهو صائم. وقال ابن أبي حاتم، عن أبيه: هذا حديث منكر (¬5).وقال (¬6) في محمد: إنه منكر الحديث. وكذا قال البخاري (¬7). [2968]-ورواه ابن حبان في "الضعفاء" (¬8) من حديث ابن عمر، وسنده مقارب. ¬
[2969]-ورواه ابن أبي عاصم في كتاب " الصيام " له من حديث ابن عمر أيضا، ولفظه: خرج علينا رسول الله-صلى الله عليه وسلم- وعيناه مملوءتان من الإثمد، وذلك في رمضان وهو صائم. [2970]- ورواه الترمذي (¬1) من حديث أنس في الإذن فيه لمن اشتكت عينه، ثم قال: ليس إسناده بالقوي، ولا يصح عن النبي-صلى الله عليه وسلم- في هذا الباب شيء. [2971]- ورواه أبو داود (¬2) من فعل أنس، ولا بأس بإسناده. وفي الباب: [2972]- عن بريرة مولاة عائشة في الطبراني "الأوسط" (¬3). [2973]- وعن ابن عباس في "شعب الإيمان " للبيهقي بإسناد جيد. 1115 [2974]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - احتجم وهو صائم محرم، في حجة الوداع. البخاري (¬4) وأبو داود (¬5) والنسائي (¬6) والترمذي (¬7) من حديث ابن عباس دون ¬
قوله: "في حجة الوداع" فإنا لم نرها صريحة في شيء من الأحاديث، لكن لفظ البخّاري: احتجم وهو صائم، واحتجم وهو محرم. وله طرق عند النسائي (¬1) غير هذه، وهّاهَا وأعلّها واستشكل كونه - صلى الله عليه وسلم - جمع بين الصيام والإحرام؛ لأنه لم يكن من شأنه التطوع بالصيام في السفر، ولم يكن محرما إلا وهو مسافر، ولم يسافر في رمضان إلى جهة الإحرام إلا في غزاة الفتح، ولم يكن حينئذ محرما. قلت: وفي الجملة الأولى نظر، فما المانع من ذلك فلعله فعل مرة لبيان الجواز، وبمثل هذا لا ترد الأخبار "الصحيحة" ثم ظهر لي أن بعض الرواة جمع بين الأمرين في الذكر، فأوهم أنهما وقعا معا، والأصوب رواية البخاري: احتجم وهو صائم، واحتجم وهو محرم. فيحمل على أن كل واحد منهما وقع في حالة مستقلة، وهذا لا مانع منه: [2975]- فقد صح أنه - صلى الله عليه وسلم - صام في رمضان وهو مسافر، وهو في "الصحيحين" (¬2) بلفظ: وما فينا صائم إلا رسول الله-صلى الله عليه وسلم- وعبد الله بن رواحة. ويقوي ذلك أنّ غالب الأحاديث ورد مفصَّلًا. قال بعض الحفاظ (¬3): حديث ابن عباس روي على أربعة أوجه: الأول: احتجم وهو محرم. الثاني: احتجم وهو صائم. الثالث: احتجم وهو صائم، واحتجم وهو محرم. ¬
الرابع: احتجم وهو صائم محرم. فالأول: روي من طرق شتى عن ابن عباس. [2976]- واتفقا عليه (¬1) من حديث عبد الله بن بحينة [2977, 2978]- وفي النسائي (¬2) وغيره من حديث أنس وجابر. والثاني: [2979]- رواه أصحاب "السنن" (¬3) من طريق الحكم، عن مقسم، عنه. لكن أعل بأنه ليس من مسموع الحكم، عن مقسم. وقد رواه ابن سعد (¬4) من طريق الحجاج، [عن الحكم]، عن مقسم، وزاد في آخره: فلذلك كرهت الحجامة للصائم. والحجاج ضعيف. ورواه البزار من طريق داود بن علي، عن أبيه، عن ابن عباس، وزاد في آخره: فغشي عليه. والثالث: رواه البخاري/ (¬5). (¬6). والظاهر أن الراوي جمع بين الحديثين. كما قدمناه. ¬
والرابع: رواه النسائي (¬1) وغيره، من طريق ميمون بن مهران عنه. وأعله أحمد وعلي بن المديني وغيرهما. قال مهنا: سألت أحمد عنه؟ فقال: ليس فيه صائم، إنما هو محرم. قلت: من ذكره؟ قال ابن عيينة، عن عمرو، عن عطاء. وطاوس، وروح عن زكريا، عن عمرو عن طاوس. وعبد الرزاق، عن معمر، عن ابن خثيم، عن سعيد بن جبير. قال أحمد: فهؤلاء أصحاب ابن عباس، لا يذكرون صياما. وقال ابن أبي حاتم (¬2): سألت أبي عن حديث رواه شريك/ (¬3) عن عاصم، عن الشعبي، عن ابن عباس: أن النبي-صلى الله عليه وسلم- احتجم وهو صائم محرم؟ فقال: هذا خطأ، أخطأ فيه شريك، إنما هو احتجم وأعطى الحجام أجره، كذلك رواه جماعة، عن عاصم، وحدث به شريك من حفظه، وكان ساء حفظه فغلط فيه. وروى قاسم بن أصبغ، من طريق الحميدي، عن سفيان، عن يزيد بن أبي زياد، عن مقسم، عن ابن عباس، مثله. ثم قال: قال الحميدي: هذا رِيحٌ (¬4)؛ لأنه لم يكن صائما محرما, لأنه خرج في رمضان في غزاة الفتح ولم يكن محرما. ¬
تنبيه
تنبيه تقدم أن الذي زاده الرافعي في قوله: "في حجة الوداع" لم أره صريحا في طرق هذا الحديث، لكن ذكره الشافعي، وابن عبد البر، وغير واحد. وفيه نظر؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - كا ن مفطرًا, كما صح أن أم الفضل أرسلت إليه بقدح لبن فشربه، وهو واقف بعرفة، وعلى تقدير وقوع ذلك؛ فقد قال ابن خزيمة: هذا الخبر لا يدل على أن الحجامة لا تفطر الصائم؛ لأنه إنما احتجم وهو صائم محرم في سفر لا في حضر؛ لأنه لم يكن قط محرما مقيما ببلد، قال: وللمسافر أن يفطر ولو نوى الصوم، ومضى عليه بعض النهار، خلافا لمن أبى ذلك. ثمّ احتجّ لذلك، لكن تعقّب عليه الخطابي (¬1) بأن قوله: "وهو صائم" دالٌ على بقاء الصوم. قلت: ولا مانع من إطلاق ذلك باعتبار ما كان حالة الاحتجام؛ لأنه على هذا التأويل إنما أفطر بالاحتجام والله أعلم. ذكر الإشارة إلى طرق حديث:"أفطر الحاجم والمحجوم" باختصار فيه: عن ثوبان، وشداد بن أوس، ورافع بن خديج، وأبي موسى، ومعقل بن يسار، وأسامة بن زيد، وبلال، وعلي، وعائشة، وأبي هريرة، وأنس، وجابر وابن عمر، وسعد بن أبي وقاص، وأبي يزيد الأنصاري، وابن مسعود. ¬
[2980]- وأما حديث ثوبان وشداد فأخرجه أبو داود (¬1) والنسائي (¬2) وابن ماجه (¬3) والحاكم (¬4) وابن حبان (¬5) من طريق يحيي بن أبي كثير، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن ثوبان. قال علي بن سعيد النسوي: سمعت أحمد يقول: هو أصح ما روي فيه. وكذا قال الترمذي عن البخاري (¬6) ورواه المذكورون من طريق يحيي بن أبي كثير، أيضا، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث، عن شداد بن أوس. وصحح البخاري الطريقين تبعا لعلي بن المديني، نقله الترمذي في "العلل" (¬7). وقد استوعب النسائي طرق هذا الحديث في "السنن الكبرى" (¬8). [2981]- وأما حديث رافع بن خديج، فرواه الترمذي (¬9) من طريق معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن إبراهيم بن قارظ، عن السائب بن يزيد، عن رافع. قال الترمذي: ذكر عن أحمد أنّه قال: هو أصح شيء في هذا الباب. ¬
وصححه ابن حبان (¬1) والحاكم (¬2). ورواه الحاكم (¬3) من طريق معاوية بن سلام أيضا، عن يحيى. لكن قال البخاري: هو غير محفوظ. نقله الترمذي (¬4). قال: وقلت لإسحاق بن منصور/ (¬5): ما علته؟ قال: روى هشام الدستوائي عن يحيي عن إبراهيم بن قارظ، عن السائب، عن رافع حديث: "كسب الحجام خبيث". وبذلك جزم أبو حاتم (¬6) وبالى فقال: هو عندي من طريق رافع باطل. ونقل عن يحيي بن معين أنه قال: هو أضعف أحاديث الباب. [2982]- وأما حديث أبي موسى، فرواه النسائي (¬7)، والحاكم (¬8)، وصححه علي بن المديني. وقال النسائي: رفعه خطأ. والموقوف أخرجه ابن أبي شيبة (¬9)، وعلّقه البخاري (¬10). ووصله ¬
الحاكم (¬1) أيضا بدون ذكر: "أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحجُوم". [2983]- وأما حديث معقل بن يسار، وابن سنان، فرواه النسائي (¬2) وذكر الاختلاف فيه، وكذا حديث بلال (¬3)، وحديث علي (¬4). وقال علي بن المديني: اختلف فيه على الحسن، فقال عطاء بن السائب: عنه عن معقل بن سنان، وقيل: ابن يسار. وقال أشعث: عنه، عن أسامة (¬5). وقال يونس: نحوه. وقال بعضهم: عنه، عن علي. وبعضهم عنه، عن أبي هريرة وهو أبو حرة (¬6). [2984] وأمّا حديث عائشة، فرواه النسائي (¬7) أيضا وفيه ليث بن أبي سليم وهو ضعيف. [2985]-أمّا حديث أبي هريرة , فرواه النسائي (¬8) وابن ماجه (¬9) من طريق عبد الله بن بشير، عن الأعمش، عن أبي صالح، عنه. ¬
قال (¬1): ووقفه إبراهيم بن طهمان عن الأعمش، وله طريق عن شقيق بن ثور عن أبيه، عن أبي هريرة، وكلها عند النسائي (¬2) وباقيها (¬3) في "الكامل" (¬4) وا لبزار، وغيرهما. 1116 - [2986]-حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "ثَلاثٌ لا يُفْطِرْن: الْقَيءُ، وَالْحِجَامَةُ، وَالاحْتلامُ". الترمذي (¬5) والبيهقي (¬6) من حديث أبي سعيد. وفيه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وهو ضعيف. ورواه الدارقطني (¬7) من حديث هشام بن سعد، عن زيد. وهشام صدوق، وقد تكلموا في حفظه، وقد قال الدارقطني في "العلل" (¬8): إنه لا يصح عن هشام. وقال الترمذي: هذا الحديث غير محفوظ، وقد رواه الدّراوردي وغير واحد عن زيد بن أسلم، مرسلا. ¬
ورواه أبو داود (¬1) من حديث الثوري، عن زيد بن أسلم، عن رجلٍ من أصحابه، عن رجل من أصحاب النبي-صلى الله عليه وسلم-. ورجّحه أبو حاتم وأبو زرعة وقالا (¬2): إنه أصح، وأشبه بالصواب. وتبعهما البيهقي (¬3) ثم قال؛ هو محمول إن صح على من ذرعه القيء. وسئل الدارقطني (¬4) عنه؟ فقال: حدث به أولاد زيد بن أسلم، عن أبيهم، عن عطاء، عن أبي سعيد. ورواه الدراوردي، عن زيد بن أسلم، عن من حدثه، عن النبي-صلى الله عليه وسلم-. ورواه يحيي بن سعيد الأنصاري، عن زيد بن أسلم، مرسلا. والصحيح، رواية الثوري. قلت: ذكر الترمذي (¬5): أن عبد الله بن زيد بن أسلم أيضاإنما رواه عن أبيه، مرسلا ليس فيه أبو سعيد. قال الدارقطني (¬6): رواه كامل بن طلحة، عن مالك، عن زيد، موصولا، ثم رجع عنه. وليس هو من حديث مالك. قال: وروي عن هشام بن سعد عن زيد موصولا، ولا يصح. ¬
وأخرجه في "السنن" (¬1). وفي الباب: [2987]-عن ابن عباس، عند البزار، وهو معلول. [2988]-وعن ثوبان أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (¬2) بسند ضعيف في ترجمة "محمد بن الحسن بن قتيبة". 1117 [2989]-حديث: أنه كان - صلى الله عليه وسلم - يقبل وهو صائم. مسلم (¬3) من حديث حفصة، واتفقا (¬4) عليه من حديث أم سلمة بلفظ: أنه كان يقبلها وهو صائم. 1118 - [2990]-حديث عائشة: أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- كان يقبل بعض نسائه وهو صائم، وكان أملككم لأربه. متفق عليه (¬5). وله عندهما ألفاظ. وفي رواية لأبي داود (¬6): كان يقبلني وهو صائم، ويمص لساني وهو صائم. ¬
تنبيه
وفي إسناده أبو يحيي المعرقب، وهو ضعيف، وقد وثقه العجلي (¬1). قال ابن الأعرابي: بلغني عن أبي داود أنه قال: هذه الرواية ليست بصحيحة. ولابن حبان في "صحيحه" (¬2) عنها: كان يقبل بعض نسائه وهو صائم في الفريضة والتطوع. ثم ساق بإسناده أنه - صلى الله عليه وسلم -: كان لا يمس شيئًا من وجهها، وهي صائمة. ثم ساق بإسناده، وقال (¬3): ليس بين الخبرين تضاد؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يملك أربه ونبه بفعله ذلك على جواز هذا الفعل لمن هو بمثل حاله، وتنكب (¬4) استعماله إذ كانت المرأة صائمة، علما منه بما ركب في النساء من الضعف. تنبيه قوله: لإرْبِه- هو بكسر الهمزة وإسكان الراء ومعناه: لعضوه. وروي بفتحهما، معناه: لحاجته. وفي رواية للبخاري (¬5): إنْ كان رسول الله-صلى الله عليه وسلم- ليقبل بعض أزواجه وهو صائم. ثم ضحكت. قيل: ضحكت تعجبًّا من نفسها حيث ذكرت هذا الحديث الذي يستحيي من ذكره، لكن غلب عليها تقديم مصلحة التبليغ. ¬
وقيل: ضحكت سرورا بذكر مكانها منه - صلى الله عليه وسلم -. وقيل: أرادت أن تنبه بذلك على أنها صاحبة القصة. وفي الباب: [2991]- عن أبي هريرة , أخرجه أبو داود (¬1) من طريق الأغر، عنه: أن رجلا سأل النبي-صلى الله عليه وسلم- عن المباشرة للصائم؟ فرخص له، وأتاه آخر فسأله؟ فنهاه فإذا الذي رخص له شيخ، والذي نهاه شاب. [2992]- وأخرجه ابن ماجه (¬2) من حديث ابن عباس، ولم يصرح برفعه. والبيهقي (¬3) من حديث [عائشة] (¬4)، مرفوعا. * حديث: "رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيانُ، وَمَا اسْتكْرِهُوا عَلَيْه". تقدم في "شروط الصلاة". 1119 - [2993]- حديث: "مَنْ نَسِي وَهُو صَائمٌ، فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَليُتِمَّ صَوْمَه؛ فإنَّما أَطْعَمَهُ الله وَسَقَاهُ". ¬
متفق عليه (¬1) من حديث أبي هريرة. ولابن حبان (¬2) والدارقطني (¬3) وابن خزيمة (¬4) والحاكم (¬5) والطبراني في "الأوسط" (¬6): "إذَاَ أَكَلَ الصَّائمُ نّاسيًا فإنّما هُو رِزْقٌ سَاقَة الله إِلَيْه، وَلا قَضَاءَ عَلَيْه". ولهما (¬7) وللدارقطني (¬8) والبيهقي (¬9): "من أَفْطَر في شَهْرِ رّمَضَانَ نَاسِيًا فَلا قَضَاءَعَلّيهِ وَلا كَفَّارَة". قال الدارقطني: تفرد به محمد بن مرزوق، عن الأنصاري (¬10)، وهو ثقة. وتعقب ذلك برواية أبي حاتم الرّازي، عن الأنصاري عند البيهقي. وفي الباب: [2994]- عن أم إسحاق الغنوية في "مسند أحمد" (¬11). ¬
* حديث: إنّ النَّاسَ أَفْطَروا في زَمن عُمر .... يأتي أواخر الباب. 1120 - [2995]-حديث: أن النّبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن صوم يومين؛ يوم الفطر، ويوم الأضحى. متفق عليه (¬1) من حديث أبي هريرة، وأبي سعيد، وابن عمر. وانفرد به مسلم (¬2) من حديث عائشة. 1121 - [2996]-حديث عائشة: أن النبي-صلى الله عليه وسلم- رخص للمتمتع إذا لم يجد الهدي ولم يصم الثلاثة في العشر أن يصوم أيام التشريق. الدارقطني/ (¬3). (¬4) من طريق يحيي بن سلام، عن شعبة عن عبد الله بن عيسى بن عبد الرّحمن بن أبي ليلى، عن الزهري، عن سالم عن ابن عمر. وقال: يحيي ليس بالقوي. [2997]- ورواه بمعناه من حديث عبد الغفار بن القاسم. ومن حديث يحيي ¬
ابن أبي أنيسة وهما متروكان- روياه عن الزهري، عن عروة، عن عائشة. [2998]-وأصله في "صحيح البخاري" (¬1) من حديث عروة، عن عائشة. [2999]- ومن حديث سالم، عن أبيه قالا: لم يرخص في أيّام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي. وهذا في حكم المرفوع، وهو مثل قول الصحابي: أُمِرْنا بكذا، ونُهِينا عن كذا، ورُخِّص لنا في كذا. 1122 - [3000]-حديث: "لا تَصُومُوا في هَذِه الأيَّامِ؛ فَإنَّهَا أَيّامُ أَكْل وَشرْبِ وَبِعَال". يعني أيام مني. الدارقطني (¬2) والطبراني (¬3) من حديث عبد الله بن حُذافة السهمي. وفيه الواقدي. [3001]- ومن حديث سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة - (¬4) به، وفيه: أن المنادي بديل بن ورقاء. وفي إسناده سعيد بن سلام، وهو قريب من الواقدي. وحديث أبي هريرة عند ابن ماجه (¬5) مختصرًا من وجه آخر. وأخرجه ¬
ابن حبان (¬1) [3002]- ورواه الطبراني في "الكبير" (¬2) من طريق إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، وهو ضعيف، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس: أن النبي-صلى الله عليه وسلم- أرسل أيام مني، صائحا يصيح: أن لا تصوموا هذه الأيام؛ فإنها أيام أكل وشرب وبعال. والبعال: وقاع النساء. [3003]- ومن طريق عمر بن خلدة، عن [أبيه] (¬3). وفي إسناده موسى بن عبيدة الرّبذي وهو ضعيف. وأخرجه أبو يعلى (¬4) وعبد بن حميد (¬5) وابن أبي شيبه (¬6) وإسحاق بن راهويه (¬7) في "مسانيدهم". ¬
[3004] وأخرجه النسائي (¬1) من طريق مسعود بن الحكم عن أمه: أنها رأت وهي بمنى في زمان رسول الله-صلى الله عليه وسلم-راكبًا يصيح، يقول: "يَا أَيهَا النّاسُ إنّهَا أيّام أكلٍ وَشُرْبٍ وَنسَاءٍ، وَبِعَالٍ، وذِكْرُ الله". قالت: فقلت من هذا؛ قالوا: علي ابن أبي طالب. ورواه البيهقي (¬2) من هذا الوجه، لكن قال: إن جدته حدثته. [3005] وأخرجه ابن يونس في "تاريخ مصر" من طريق يزيد بن الهاد، عن عمرو بن سليم [الزرقي] (¬3)، عن أمه. قال يزيد: فسألت عنها؟ فقيل؛ إنها جدته، وفيه: أن الصائح علي أيضا. وله طرق أخرى صحيحة، دون قوله: "وبعال" منها: [3006] في "صحيح مسلم" (¬4) من حديث نُبَيْشَة الهذلي بلفظ: أيام التشريق؛ أيام أكل، وشرب. [3007]- ومن حديث كعب بن مالك أيضا (¬5). [3008]-ولابن حبان (¬6) من حديث أبي هريرة. [3009] وللنسائي (¬7) من حديث بشر بن سحيم. ¬
[3010]- ورواه أصحاب "السنن" (¬1) وابن حبان (¬2) والحاكم (¬3) من حديث عقبة بن عامر في حديث. [3011]- ورواه البزار من طريق عبد الله بن عمرو: أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: "أيّام التشريقِ أيّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ، وَصَلاةٍ، فَلا يَصُومُهَا أَحَدٌ". وأخرجه أبو داود (¬4) من طريق أبي مرة مولى أم هانئ: أنه دخل مع عبد الله بن عمرو على أبيه عمرو بن العاص، فقرب أبيه طعاما فقال: كل، قال: إني صائم. فقال عمرو: كل، فهذه الأيام التي كان رسول الله-صلى الله عليه وسلم- يأمرنا بإفطارها وينهانا عن صيامها. قال مالك: وهي أيام التشريق. [3012]- وفيه: عن زيد بن خالد الجهني، أخرجه أبو يعلى (¬5). 1123 - [3013]-حديث عمار بن ياسر: "مَنْ صَامَ يَوْمَ الشَّك فَقَد عَصَى أَبَا الْقَاسِم - صلى الله عليه وسلم -". ¬
تنبيه
أصحاب "السنن" (¬1) وابن حبان (¬2) والحاكم (¬3) والدارقطني (¬4) والبيهقي (¬5) من حديث صلة بن زفر، قال: كنّا عند عمار، فذكره. وعلقه البخاري/ (¬6) في "صحيحه" (¬7) عن صلة وليس هو عند مسلم، بل وهم من عزاه إليه. تنبيه قال ابن عبد البر (¬8): هذا مسند عندهم مرفوع، لا يختلفون في ذلك. وزعم أبو القاسم الجوهري أنه موقوف. ورُدّ عليه. [3014]- ورواه إسحاق بن راهويه، عن وكيع، عن سفيان، عن سماك، عن عكرمة قوله. ورواه الخطيب في ترجمة "محمد بن عيسى الآدمي" (¬9) قال: حدّثنا أحمد بن عمر الوكيعي، حدثنا وكيع، فذكره، وزاد فيه ابن عباس. ¬
وفي الباب: [3015]- عن أبي هريرة؛ أخرجه ابن عدى في ترجمة "علي القرشي" (¬1) وهو ضعيف. 1124 - [3016]- حديث: "فَإِنْ غُمّ عَلَيْكُم فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَان ثَلاثينَ، وَلا تَسْتَقْبِلُوا الشَّهر اسْتِقْبالًا، وَلا تَصِلُوا شعبانَ بِصَوْمٍ يَوْمٍ مِن رَمَضَان". النسائي (¬2) من حديث سماك بن حرب، قال: دخلت على عكرمة في يوم شك وهو يأكل، فقال لي: هلم. فقلت: إني صائم، فحلف لتفطرن. قلت: سبحان الله، وتقدّمت، وقلت: هات الآن ما عندك، قال: سمعت ابن عباس يقول: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: "صُومُوا لِرؤْيَته، فَإنْ حَالَ بيْنَكُم وَبَيْنَهُ سَحَابَةٌ، أَوْ ظُلْمَةٌ، فَأَكْمِلُوا الْعِدَّة؛ عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاثينَ، ولا تَسْتَقْبِلُوا الشهر اسْتِقْبَالًا وَلا تَصِلوا رَمَضانَ بِصَوْمِ يَوْمِ مِنْ شَعْبَان". ورواه ابن خزيمة (¬3) وابن حبان (¬4) والحاكم (¬5) من هذا الوجه. وقالوا: "فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلاثِينَ"، وهو من صحيح حديث سماك، لم يدلس فيه، ولم ¬
يُلَقَّن أيضا، فإنه من رواية شعبة عنه، وكان شعبة لا يأخذ عن شيوخةما دلسوا فيه، ولا مالُقّنُوا. [3017]- وروى البخاري (¬1) من وجه آخر، عن أبي هريرة - قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم- "إذَا رَأَيْتُمُ الْهِلال فَصُومُوا، وَإذَا رَأَيْتموه فَأَفْطِروا، فَإنْ غُمّ عَلَيْكمْ فَأكمِلُوا عِدَّةَ شعْبَان ثلاثِينَ". قال الإسماعيلي: تفرد به البخاري، عن آدم، عن شعبة. وفي الباب: [3018]-عن حذيفة أخرجه أبو داود (¬2) والنسائي (¬3) وابن حبان (¬4) من طريق جرير عن منصور، عن ربعي، عن حذيفة بلفظ: "لا تقَدّمُوا الشَّهْرَ حَتى تَروا الهلالَ أوْ تُكْمِلُوا الْعِدَّة قَبْلَه" ورواه الثوري وجماعة، عن منصور، عن ربعي، عن رجل من الصحابة، غير مُسمَّى، ورجحه أحمد، على رواية جرير. [3019]-ولأبي داود (¬5) من طريق معاوية بن صالح، عن عبد الله بن أبي قيس عن عائشة: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتحفظ من هلال شعبان مالا يتحفظ من غيره، ثم يصوم رمضان لرؤيئه، فإن غم عليه عَدّ ثلاثين يوما. وإسناده صحيح. ¬
وفي الباب: في قوله: "فأتموا ثلاثين": [3020]- عن جابر عند أحمد (¬1). [3021]- وعن ناس من الصحابة عند النسائي (¬2) وغيره. 1125 - [3022]- حديث أبي هريرة: "لا تَسْتَقْبِلوا الشَّهْرَ بِصَوْمِ يَومٍ أَوْ يَوْمَينِ، إلَّا أنْ يُوافِقَ ذَلكَ صِيامًا كَان يَصُومُه أحَدُكُمْ". متفق عليه (¬3)، وله عندهما ألفاظ، واللفظ الذي ذكره المصنف في إحدى روايات النسائي (¬4). 1126 - [3023]-. حديث أبي هريرة: أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- نهى عن صيام ستة أيام أحدها، اليوم الذي يُشَكّ فيه. البزار من طريق عبد الله بن سعيد المقبري، عن جده، عنه. وعبد الله ضعيف. ¬
والدارقطني (¬1) من حديث سعيد المقبري عنه، وفي إسناده الواقدي. ورواه البيهقي (¬2) من حديث الثوري، عن عباد، عن أبيه/ (¬3)، عن أبي هريرة وعباد هذا هو عبد الله بن سعيد المقبري، منكر الحديث، قاله أحمد بن حنبل (¬4). * حديث: "فَإنْ غُمّ عَلَيكُمْ فَأكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلاِثين". ابن خزيمة وغيره، من حديث ابن عباس. كما تقدم. 1127 - [3024]-حديث: "لا يَزَالُ النّاسُ بِخَيبر مَا عَجَّلُوا الْفِطْر". متفق عليه (¬5) من حديث سهل بن سعد. وفي الباب: [3025]- عن أبي ذر عند أحمد (¬6). [3026]- وعن أبي هريرة عند الترمذي (¬7) بلفظ: "قَال الله عَزّ وجَل: أَحَبّ عِبادِي إلي أَعْجَلُهُم فِطرًا". ¬
1128 - [3027]-. حدثنا: "مَنْ وَجَد التَّمْرَ فَلْيُفْطِرْ عَلَيه، وَمَنْ لَمْ يَجِدْ التَّمْرَ فَلْيفْطِرْ عَلَى الْمَاءِ، فَإنَّه طَهُور". أحمد (¬1) وأصحاب "السنن" (¬2) وابن حبان (¬3) والحاكم (¬4) من حديث سلمان ابن عامر. واللفظ لابن حبان، وله عنده ألفاظ. وصححه أبو حاتم الرازي أيضا (¬5). [3028]- وروى ابن عدي (¬6) عن عمران بن حصين بمعناه، وإسناده ضعيف. [3029]- وروى الترمذي (¬7) والحاكم (¬8) وصححه من حديث أنس، مثل حديث الباب سواء. [3030]-ورواه أحمد (¬9) والترمذي (¬10) والنسائي (¬11) وغيرهم عن أنس من ¬
فعله - صلى الله عليه وسلم -، قال: كان رسول الله-صلى الله عليه وسلم- يفطر على رطبات قبل أن يصلي، فإن لم تكن فعلى تمرات، فإن لم تكن حسا حسوات من ماء. قال ابن عدي (¬1): تفرد به جعفر، عن ثابت. والحديث مشهور بعبد الرزاق، عنه، وتابعه عمار بن هارون، وسعيد بن سليمان النَّشيطي. قال البزار: رواه النشيطي فأنكروه عليه، وضعف حديثه. قلت: [3031]- وأخرج أبو يعلى (¬2) عن إبراهيم بن الحجاج، عن عبد الواحد بن ثابت، عن ثابت عن أنس قال: كان رسول الله-صلى الله عليه وسلم- يحب أن يفطر على ثلاث تمرات، أو شيء لم تصبه النار. وعبد الواحد قال البخاري (¬3): منكر الحديث. [3032]- وروى الطبراني في "الأوسط" (¬4) من طريق يحيى بن أيوب، عن حميد، عن أنس: كان رسول الله-صلى الله عليه وسلم- إذا كان صائما لم يصل حتى نأتيه برطب وماء فيأكل ويشرب، وإذا لم يكن رطب لم يصل حتى نأتيه بتمر وماء. وقال: تفرد به مسكين بن عبد الرحمن، عن يحيى بن أيوب، وعنه زكريا بن أيحي [يحيي] (¬5). ¬
1129 - [3033]- حديث: "تَسَحّرُوا فَإِنَ في السَّحُورِ بَرَكةً". متفق عليه (¬1) من حديث أنس. [3034]- ورواه النسائي (¬2) وأبو عوانة في "صحيحه" من حديث أبي ليلى الأنصاري. [3035]- ورواه النسائي (¬3) والبزار (¬4) من حديث ابن مسعود. [3036]-والنسائي (¬5) من وجهين، عن أبي هريرة. [3037]- وأخرجه البزار (¬6) من حديث قرة بن إياس المزني. [3038]- وروى ابن ماجه (¬7) والحاكم (¬8) من حديث ابن عباس بلفظ: "اسْتَعِينُوا بِطَعَامٍ السَّحرِ عَلَى صِيام النَّهَارِ، وَبِقَيْلُولَةِ النهار عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ". [3039]- وشاهده في "العلل" (¬9) لابن أبي حاتم، عن أبي هريرة. [3040]- وفي أبي داود (¬10) رواية ابن داسة، وفي ابن حبان (¬11) عن أبي هريرة: ¬
"نِعْمَ سُحُورُ الْمُؤْمِنِ التَّمْرُ". [3041]-وفي ابن حبان (¬1) عن ابن عمر مرفوعاٌ: "إنّ الله وَملائِكَتَه يُصَلّون عَلَى الْمُتَسَّحرِينَ". [3042]- وفيه (¬2) عنه: "تَسَحَّرُوا وَلَوْ بِجُرْعَةٍ مِنْ مَاءٍ". 1130 - [3041]- حديث: روي: أنه كان بين تسحر رسول الله-صلى الله عليه وسلم - مع زيد بن ثابت ودخوله في الصلاة قدر ما يقرأ الرجل خمسين آية. متفق عليه (¬3) من حديث قتادة، عن أنس، عن زيد بن ثابت، قال: تسحرنا مع رسول الله-صلى الله عليه وسلم- ثم قمنا إلى الصلاة. قال أنس: فقلت كم كان قدر ما بينهما؟ قال: خمسين آية. وفي رواية للبخاري (¬4) عن أنس: أن النبي (¬5) -صلى الله عليه وسلم - وزيد بن ثابت تسحرا، فلما فرغا من سحورهما قام نبي الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الصلاة فصلى. قال: قلنا لأنس: ¬
كم كان بين فراغهما من سحورهما ودخولهما في الصلاة؟ قال: قدر ما يقرأ الرجل خمسين آية. 1131 - [3042 - 3046]- حديث ابن عمر: نهى رسول الله-صلى الله عليه وسلم- عن الوصال. . فقيل: يا رسول الله إنك تواصل؟ فقال: "إنّي لَسْتُ مِثْلَكُم، إنّي أُطْعَم وَأشْقَى". متفق عليه (¬1) من حديث ابن عمر، ومن حديث أبي هريرة (¬2)، وعائشة (¬3)، وأنس (¬4)، وانفرد به البخاري (¬5) من حديث أبي سعيد. 1132 - قوله: وكراهية الوصال للتحريم للمبالغة في منع الوصال. كأنه يشير إلى: [3047]- حديث أبي هريرة: أن النبي-صلى الله عليه وسلم- لما نهى عن الوصال، فأبوا أن ينتهوا واصل بهم يوما ثم يوما، ثم رأى الهلال. فقال: لو تأخر الهلال لزدتكم؛ كالمنكِّل لهم حين أبوا أن ينتهوا. [3048]- وفيهما (¬6) من حديثه: "لَو مُدّ لنا الشّهرُ لَواصَلْتُ وِصالًا يَدَع ¬
تنبيه
الْمُتَعَمِّقُون تَعَمُّقَهُمْ". [3049]- وفي "مسند أحمد" (¬1) من حديث ليلى امرأة بشير بن الخصاصية قالت: أردت أن أصوم يومين مواصلة، فمنعني بشير وقال: إن رسول الله-صلى الله عليه وسلم - نهى عن الوصال، وقال: "إنَّما يَفْعَلُ ذَلِكَ النَّصَارَى". 1133 - [3050]- حديث: أنّ رسول الله-صلى الله عليه وسلم-كان أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان. متفق عليه (¬2) من حديث ابن عَبّاس. تنبيه قوله: وكان أجود- يُروى بضمِّ الدّال، وهو أجود، ويجوز نصبها، وكان محمد بن أبي الفضل المرّيسي يقول: لا يجوز؛ لأنّ ما مصدريةٌ مضافة، وتقدير الكلام وكان جوده الكثير في رمضان. انتهى. ويؤيده: رواية في "مسند أحمد" (¬3): وهو أجود من الريح المرسلة، لا يسأل عن شيء إلا أعطاه. * حديث: أنّ جبريل عليه السلام كان يلقى النبي-صلى الله عليه وسلم- في كل ليلة في رمضان، فيتدارسان القرآن. هو طرف من الحديث الذي قبله. ¬
1134 - [3051]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان، ويواظب عليه. متفق عليه (¬1) من حديث عائشة بلفظ: كان يعتكف العشر الأواخر، حتى توفاه الله عَزَّ وَجَلَّ، ثم اعتكف أزواجه من بعده. [3052]- وأخرجاه (¬2) من حديث ابن عمر: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان. [3053]- ومن حديث أبي سعيد الخدري (¬3): أنه اعتكف العشر الأوسط. [3054]- وفي "المستدرك" (¬4): عن أبي كعب: أن النبي-صلى الله عليه وسلم-كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان، فسافر عاما فلم يعتكف، فاعتكف من العام المقبل عشرين ليلة. 1135 - [3055]- حديث أبي هريرة: "مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزّورِ وَالْعَمَلِ بِهِ، فَلَيس لله حَاجَةٌ في أَنْ يَدَع طَعَامَه وَشَرَابَه". رواه البخاري (¬5) وأصحاب "السنن" (¬6). ¬
تنبيه
1136 - [3056]- حديث أبي هريرة: "الصِّيَامُ جُنّةٌ، فَإذَا كانَ أَحدُكُمْ صائمًا فَلا يَرفُثْ وَلا يَجْهَلْ، فَإِنْ امْرُؤٌ شَاتَمَه أَوْ قَاتَلَه فَلْيَقُلْ إِنّي صَائِمٌ". متفق عليه (¬1) بهذا اللفظ وأتم منه، لكن قوله: " الصِّيام جُنَّة" [3057 - 3059]- عند النسائي (¬2) من حديث أبي هريرة (¬3) ومن حديث معاذ ابن جبل (¬4) ومن حديث عثمان بن أبي العاص (¬5) ومن حديث أبي عبيدة بن الجراح (¬6) وزاد: ما لم يخرقه. [3060] وروى النسائي الحديث مجموعاٌ، كما ذكره الرّافعي، لكن من حديث عائشة (¬7). تنبيه اختلفوا في قوله: "فَلْيَقُل إنِّي صَائِم"؛ هل يقولها بلسانه، أو بقلبه أو يجمع بينهما؟ على أوجه. ¬
1137 - [3061]- حديث خباب: "إذَا صُمْتُم فَاستَاكوا بالْغَدَاةِ، وَلا تَسْتَاكوا بِالْعَشِيّ فَإنّه لَيسَ مِنْ صَائِم تَيْبَسُ شَفَتَاه/ (¬1) بِالعَشِيّ إلا كَانَتَا نُورًا بَيْن عَينَيه إلى يَوْمِ الْقِيامَة". الدارقطني (¬2) والبيهقي (¬3) من حديثه، وضعفاه [3062] وروياه (¬4) أيضا من حديث علي، وضعفاه أيضًا. وأخرج حديث خباب الطبراني (¬5) , وحديث علي البزار (¬6). [3063]- وأخرج الدارقطني أيضا (¬7) من طريق عمر بن قيس، عن عطاء، عن أبي هريرة قال. لك السواك إلى العصر، فإذا صليت العصر فألقه، فإني سمعت رسول الله-صلى الله عليه وسلم- يقول: "لَخلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ الله مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ". 1138 - قوله: روي عن علي وابن عمر: أنه لا بأس بالسواك الرطب. ¬
فائدة
[3064]-أما حديث عليّ فأخرجه البيهقي (¬1) بغير هذا اللفظ، ولفظه: لا يستاك الصائم بالعشي ولكن بالليل، فإن يُبُوسَ شفتي الصائم نور بين عينيه يوم القيامة. [3065]-وأما ابن عمر فرواه ابن أبي شيبة (¬2) بلفظ: لا بأس أن يستاك الصائم بالسواك الرطب واليابس. وفي الباب: [3066]- عن أنس، رواه ابن حبان في "الضعفاء" (¬3) والبيهقي (¬4) مرفوعا، وفيه إبراهيم الخوارزمي، وهو ضعيف. فائدة [3067]- روى الطبراني (¬5) بإسناد جيد، عن عبد الرحمن بن غنم، قال سألت معاذ بن جبل: أأتسوك وأنا صائم؟ قال نعم. قلت: أي النهار؛ قال: غدوة أو عشية. قلت: إن الناس يكرهونه عشية، ويقولون إن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- قال: "لَخَلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ الله مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ"؟ قال: سبحان الله لقد أمرهم بالسواك، وما كان بالّذي يأمرهم أن ييبيسوا بأفواههم عمدًا، ما في ذلك من الخير شيء، بل فيه شر. ¬
1139 - [3068, 3069]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يصبح جنبا من جماع أهله، ثم يصوم. متفق عليه (¬1) من حديث عائشة، وأم سلمة، زاد مسلم: ولا يقضي، في حديث أم سلمة. وزادها ابن حبان (¬2) في حديث عائشة. 1140 - [3070]- حديث: "مَنْ أَصْبَح جُنُبًا فَلا صَوْمَ لَهُ". متفق عليه (¬3) من حديث أبي هريرة، وفيه قصة في رجوعه عن ذلك لما بلغه حديث أم سلمة وعائشة، وأنه لم يسمع ذلك من النبي-صلى الله عليه وسلم-وإنما سمعه من الفضل. وقال ابن المنذر: أحسن ما سمعت في هذا الحديث أنه منسوخ؛ لأنّ الجماع في أول الإِسلام كان محرما على الصائم في الليل بعد النوم، كالطعام والشراب فلما أباح الله الجماع إلى طلوع الفجر جاز للجنب إذا أصبح قبل الاغتسال، وكان أبو هريرة يفتي بما سمعه من الفضل على الأمر الأول، ولم يعلم النسخ، ¬
تنبيه
فلما علمه من حديث عائشة وأم سلمة رجع إليه. قلت: وقال المصنف (¬1): إنه محمول عند الأئمة على ما إذا أصبح مجامعا واستدامه مع علمه بالفجر، والأول أولى. 1141 - [3071]- حديث معاذ: أن النبي-صلى الله عليه وسلم- كان إذا أفطر قال: "اللهُمّ لَكَ صُمْتُ وَعَلَى رِزْقِكَ أَفْطَرْتُ". أبو داود (¬2) من حديث معاذ بن زهرة أنه بلغه: أن النبي-صلى الله عليه وسلم- كان إذا أفطر قال: (فذكره)، وهو مرسل. تنبيه إطلاق المصنف قوله:"عن معاذ" يوهم أنه ابن جبل، وليس كذلك. [3072]- وقد رواه الطبراني في "الكبير" (¬3) والدارقطني (¬4) من حديث ابن عباس بسند ضعيف. [3073]-وروى أبو داود (¬5) والنسائي (¬6) والدراقطني (¬7) والحاكم (¬8) وغيرهم ¬
من حديث ابن عمر فيه كلاما آخر، وهو: "ذَهَبَ الظَّمَأُ، وَابْتَلَّتِ الْعُروقُ وَثبتَ الأَجْرُ إن شَاءَ الله". قال الدارقطني: إسناده حسن. [3074]- وعند الطبراني (¬1) عن أنس قال: كان رسول الله-صلى الله عليه وسلم- / (¬2) إذا أفطر قال: "بِسْم الله اللهُمّ لَكَ صُمْتُ، وَعَلى رِزْقِكَ أَفْطرْتُ". وإسناده ضعيف فيه داود بن الزبرقان وهو متروك. [3075]- ولابن ماجه (¬3) عن عبد الله بن عمرو مرفوعا "إنّ للصّائِمِ دعوةٌ لا تُرَدّ"، وكان ابن عمرو إذا أفطر يقول: اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن تغفر لي ذنوبي. 1142 [3076]-حديث: "إنَّ الله وَضعَ عَنِ الْمُسافِرِ الصَّوْمَ وَشَطْرَ الصلاةِ". النسائي (¬4) عن عمرو بن أمية الضمري في قصَّة. [3077]- ورواها أيضا هو والترمذي (¬5) وغيرهما من حديث أنس بن مالك الكعبي. ¬
ورواه أحمد (¬1) من حديثه كما هنا، وزاد: "وَالْحُبْلَى وَالْمُرْضِع". قال الترمذي: هذا حديث حسن، ولا يعرف لأنس هذا عن النبي-صلى الله عليه وسلم- غير هذا الحديث. قال ابن أبي حاتم في "علله" (¬2): سألت أبي عنه فقال: اختلف فيه، والصحيح عن أنس بن مالك القشيري. والله أعلم. 1143 - [3078]- حديث: أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان، فصام حتى بلغ كراع الغميم، فصام الناس، ثم دعا بقدح من ماء فرفعه حتى نظر الناس، ثم شرب. فقيل له بعد ذلك: إن بعض الناس قد صام، فقال: "أُولَئِكَ العُصَاةُ، أُولَئِكَ الْعُصَاة". مسلم (¬3) عن جابر. وفي رواية له (¬4): فقيل له: إن النَّاس قد شق عليهم الصيام، وإنما ينظرون فيمافعلت؟ فدعا بقدح من ماء بعدالعصر ... [3079]- ورواه البخاري (¬5) من حديث ابن عباس: أنه عليه الصلاة والسلام ¬
تنبيه
خرج إلى مكة في رمضان، فصام حتى بلغ الكديد أفطر، فأفطر الناس. والكديد ماء بين عسفان وقديد. تنبيه كُراع الغميم- بالغين المعجمة- وادٍ أمام عسفان. قوله: واحتج المزني لجواز الفطر للمسافر بعد أن أصبح صائمًا مقيما: بأن النبي-صلى الله عليه وسلم-صام في مخرجه إلى مكة في رمضان، حتى بلغ كراع الغميم ثم أفطر. تقدم قبل. وقد علق الشّافعي في البويطي القولَ به على ثبوت الحديث، فقال: من أصبح في حضر صائمًا ثم سافر فليس له أن يفطر إلا أن يثبت حديث النبي-صلى الله عليه وسلم-أنه أفطر يوم الكديد. وقال جماعة من الأصحاب: بين المدينةوالكديد ثمانية أيام، والمراد من الحديث أنّه صام أياما في سفره، ثم أفطر. وقد ترجم عليه البخاري (¬1) باب: "إذاصَامَ أيَّامًا مِنْ رَمَضَان، ثُمَّ سَافَرَ". وفي الباب: [3080]- حديث محمد بن كعب قال: أتيت أنس بن مالك في رمضان، وهو يريد السفر، وقد رحِّلَت دابتُه، ولبس ثياب السفر، فدعا بطعام فأكل منه، تم ركب. فقلت له: سنة قال: سنة. ثم ركب. ¬
أخرجه الترمذي (¬1). [3081]- وحديث عبيد بن جبر: كنت مع أبي بصرة الغفاري في سفينة من الفسطاط في رمضان، فرفع، ثم قرب غداءه قال: اقترب. قلت: ألست ترى البيوت؛ قال: أترغب عن سنة رسول الله-صلى الله عليه وسلم-؟ فأكل. أخرجه أبو داود (¬2). [3082]- وأخرج البيهقي (¬3) عن أبي إسحاق، عن أبي ميسرة، عمرو بن شرحبيل: أنه كان يسافر وهو صائم، فيفطر من يومه. 1144 - قوله: وقد روي: أنّ النبي-صلى الله عليه وسلم- أفطر في كراع الغميم بعد العصر. هي رواية لمسلم (¬4). 1145 - [3083]- حديث أبي سعيد: غزونا مع رسول الله-صلى الله عليه وسلم- لستَّ عشرة مضت من رمضان، فمنّا من صام، ومنّا من أفطر، فلم يعب الصائمُ على المفطر، ولا المفطرُ على الصائم. مسلم (¬5) بهذا. ¬
تنبيه
وفي رواية/ (¬1). (¬2): ويرون أن من وجد قوة فصام أن ذلك حسن، وأن من وجد ضعفا فأفطر فإن ذاك حسن. وفي الباب: [3084 ,3085]-عن جابر في مسلم أيضا (¬3)، وعن أنس في "الموطأ" (¬4) 1146 - [3086] حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لحمزة بن عمرو الأسلمي: "إنْ شِئْتَ فَصُمْ، وَإنْ شِئْتَ فَافْطُرْ". متفق عليه (¬5) من حديث عائشة: أن حمزة بن عمرو سأل النبي-صلى الله عليه وسلم- وكان كثير الصيام- أأصوم في السفر؟ فذكره. تنبيه ادّعى ابن حزم (¬6) أنه إنما سأله عن صوم التطّوع، بدليلِ قوله في روايه عندهما: إنّي أسرد الصّوم ... لكن ينتقض عليه بأنّ عند أبي داود (¬7) في رواية صحيحة، ¬
من طريق حمزة بن محمّد بن حمزة، عن أبيه، عن جده، ما يقتضي أنّه سأله عن الفرض، وصحّحها الحاكم (¬1). 1147 - [3087]-حديث جابر: كنا مع النبي-صلى الله عليه وسلم- زمانَ غزوة تبوك، فمر برجل في ظل شجرة يُرَشّ الماء عليه، فقال: "مَا بَالُ هَذَا؟ " فقالوا: صائم. فقال: "لَيْسَ مِنَ الْبرّ الصّيَامُ في السَّفَرِ". فرأى زحاما ورجلا قد ظُلّلَ عليه، فقال: "مَا هَذا؟ " قالوا: صائم. فقال: "لَيْسَ مِن الْبِرِّ الصَّوْمُ في السفَر" (¬2). زاد مسلم: قال شعبة: وكان يبلغني عن يحيي بن أبي كثير أنه كان يزيد في هذا الحديث أنه قال: "عَلَيْكُم بِرُخْصَةِ الله الَّتِي رَخصَّ لَكُمْ". فلما سألته لم يحفظه. ورواه النسائي (¬3) من حديث الأوزاعي، حدثني يحيي بن أبي كثير، أخبرني محمد بن عبد الرحمن، أخبرني جابر بن عبد الله: أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- مر برجل في ظل شجرة يُرَشّ عليه الماء، فقال: "مَا بَالُ صَاحِبَكُمْ؟ " قالوا: ¬
تنبيه
يا رسول الله صائم. قال: "إنَّه لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ أَنْ تَصُومُوا فِي السَّفَرِ، وَعَلَيْكُم بِرُخصَةِ الله الَّتي رَخَّصَ لَكُمْ، فَاقْبَلُوا". قال ابن القطان (¬1): إسنادها حسن متصل. ورواه الشافعي (¬2) عن عبد العزيز عن عمار بن غزية، عن محمد بن عبد الرحمن قال: قال جابر، فذكره باللّفظ الذي ذكره الرافعي. تنبيه قال ابن القطان (¬3): هذا الحديث يرويه عن جابر رجلان، كل منهما اسمه محمد بن عبد الرحمن، ورواه عن كل منهما يحيي بن أبي كثير، أحدهما ابن ثوبان، والآخر ابن سعد بن زرارة، فابن ثوبان سمعه من جابر، وابن سعد بن زرارة رواه بواسطة محمد بن عمرو بن حسن، وهي رواية "الصحيحين". فائدة [3088]- رواه أحمد (¬4) من حديث كعب بن عاصم الأشعري، بلفظ: "لَيْسَ مِن امْ بِرِّ امْ صِيَامِ امْ سَفَر". وهذه لغةٌ لبعض أهل اليمن، يجعلون لام التعريف ميمًا. ويحتمل أن يكون النبي-صلى الله عليه وسلم- خاطب بها هذا الأشعريَّ كذلك؛ لأنها لغته، ويحتمل أن يكون الأشعري هذا نطق بها على ما ألف من لغته، فحملها عنه الراوي عنه، وأداها ¬
باللفظ الذي سمعها به، وهذا الثاني أوجه عندي. والله أعلم. 1148 - [3089]- حديث: أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- أمر الناس بالفطر عام الفتح، وقال:"تَقَوَّوا لِعَدُوِّكُمْ". مسلم (¬1) من حديث أبي سعيد: "إنَّكُمْ قَدْ دَنوْتُم مِنْ عَذؤكُمْ، والْفِطْرُ أَقْوَى لَكُمْ"، قال: فكانت رخصة، فمنا من صام، ومنا من أفطر، ثم نزلنا منزلا آخر، فقال: "إنَّكُم مُصْبِحُو عَدُوِّكُمْ، وَالْفِطْرُ أَقْوى لَكُمْ فَأَفْطِرُوا"، فكانت عزمة، فأفطرنا. الحديثَ. [3090]- وأخرجه مالك في "الموطأ" (¬2) عن سمي مولى أبي بكر، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن بعض أصحاب النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر الناس في سفره عام الفتح بالفطر، وقال: "تَقَوَّوْا لِعَدُوِّكُم"، وصام رسو ل الله - صلى الله عليه وسلم -. وأخرجه عنه: الشافعي في "المسند" (¬3) وأبو داود (¬4) وصححه الحاكم (¬5) وابن عبد البر (¬6) ¬
1149 - [3091]- حديث: "الصَّائِمُ في السَّفَرِ كَالْمُفْطِرِ في الْحَضَرِ" ابن ماجه (¬1) والبزار/ (¬2). (¬3) من حديث عبد الرحمن بن عوف. والنّسائي (¬4) من حديثه بلفظ: كان يقال. وصوّب وقفَه على عبد الرحمن. وأخرجه ابن عدي (¬5) من وجه آخر، وضعفه. وكذا صحح كونه موقوفًا ابنُ أبي حاتم (¬6) عن أبيه، والدارقطني في "العلل" (¬7) والبيهقي (¬8). 1150 - [3092]-حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - سئل عن قضاء رمضان؟ فقال: "إن شَاءَ فَرَّقه، وَإنْ شَاءَ تَابَعُه". الدارقطني (¬9) من حديث ابن عمر، وفي إسناده سفيان بن بشر، وتفرد بوصله. قال: ورواه عطاء عن عبيد بن عمير مرسلا (¬10). وقلت: وإسناده ضعيف أيضًا. ¬
[3093]- ورواه (¬1) من حديث عبد الله بن عمرو، وفي إسناده الواقدي، ووقفه ابن لهيعة. [3094]- ورواه (¬2) من حديث محمد بن المنكدر، قال: بلغني أَن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - سئل عن تقطيع قضاء شهر رمضان؟ فقال: "ذَلِكَ إِلَيْكَ أَرَأَيْتّ لَوْ كَانَ عَلَى أحَدِكُمْ دَيْنٌ فَقَضى الدِّرْهَمَ وَالدِّرْهَمَيْنِ، أَلَمْ يَكُنْ قَضَى، فَالله أَحَقّ أَنْ يَعْفُو". وقال: هذا إسناد حسن، لكنه مرسل، وقد روي موصولا ولا يثبت. [3095] ونقل البخاري (¬3) عن ابن عباس: أنه احتج على الجواز بقول الله تعالى: {فَعِدَّةٌ مِن أَيَّامٍ أُخَرَ}. ووجهه: أنه مطلق يشتمل التفرق والتتابع. وفي الباب: [3096 - 3100]- عن أبي عبيدة، ومعاذ بن جبل، وأنس، وأبي هريرة، ورافع بن خديج، أخرجها البيهقي (¬4). 1151 - [3101]- قوله: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ كانَ عَلَيْه صَومٌ مِن رَمَضَانَ فَلْيُسْرِدْهُ، وَلا يُقَطِّعْه". ¬
الدارقطني (¬1) عن أبي هريرة، وفيه عبد الرحمن بن إبراهيم القاص، مختلف فيه؛ قال الدارقطني: ضعيف. وقد قال أبو حاتم (¬2): ليس بالقوي، روى حديثا منكرًا. قال عبد الحق (¬3): -يعني هذا-. وتعقبه ابن القطان (¬4): بأنه لم ينص عليه، فلعله حديث غيره، قال: ولم يأت من ضعفه بحجة ,والحديث حسن. قلت: قد صرح ابن أبي حاتم عن أبيه (¬5)، بأنه أنكر هذا الحديث بعينه على عبد الرحمن. *حديث: "صُومُوا لِرُؤيتِه وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِه". تقدم في أول الباب. 1152 - [3102]- حديث أبي هريرة: أن رجلا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: هلكت، قال ما شأنك؟ قال: واقعت امرأتي في رمضان ... الحديث بطوله. متفق عليه (¬6). ¬
[3103]- وأخرجاه (¬1) أيضا من حديث عائشة، وله ألفاظ عندهما. وفي حديث أبي هريرة في رواية للنسائي (¬2) وابن ماجه (¬3): " أَطْعِمْه عِيَالَكَ". وفي رواية للدارقطني في "العلل" (¬4) بإسناد جيد: أنّ أعرابيا جاء يلطم وجهه وينتف شعره، ويضرب صدره، ويقول: هلك الأبعد. ورواها مالك (¬5) عن سعيد بن المسيب مرسلا. وفي رواية الدارقطني في "السنن" (¬6) فقال: هلكت، وأهلكت. وزعم الخطابي (¬7): أن معلي بن منصور تفرد بها عن ابن عيينة. وذكر البيهقي (¬8): أن الحاكم نظر في كتاب معلي بن منصور، فلم يجد هذه اللفظة فيه. وأخرجها (¬9) من رواية الأوزاعي وذكر أنها أدخلت على بعض الرواة في حديثه، وأن أصحابه لم يذكروها. ¬
قلت: وقد رواها الدارقطني (¬1) من رواية سلامة بن روح، عن عقيل عن ابن شهاب والله أعلم. 1153 - [3104]- قوله: إنه عليه الصلاة والسلام لم يأمر الأعرابي بالقضاء مع الكفارة، وروي في بعض الرّوايات أنه قال للرجل: واقض يومًا مكانه. أبو داود (¬2) من حديث هشام بن سعد (¬3)، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. وأعله ابن حزم (¬4) بهشام، وقد تابعه إبراهيم بن سعد، كما رواه أبو عوانة في "صحيحه" (¬5). ورواه الدارقطني (¬6) من حديث أبي أويس وعبد الجبار بن عمر، عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، وهو وهم منهما في إسناده، وقد ¬
اختلف في توثيقهما، وتجريحهما. [3105]-وله طريق أخرى عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. [3106]- ومن طريق مالك، عن عطاء، عن سعيد بن المسيب مرسلا. [3107]-ومن حديث ابن جريج، عن نافع بن جبير مرسلا. [3108]- ومن حديث أبي معشر المدني، عن محمد بن كعب القرظي مرسلا (¬1). [3109]-وقال سعيد بن منصور: حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن ابن عجلان عن المطلب بن أبي وداعة، عن سعيد بن المسيب: جاء رجل إلى النبي-صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله: إني أصبت امرأتي في رمضان، فقال رسول الله-صلى الله عليه وسلم- "تُبْ إِلَى الله وَاسْتَغْفِرْه، وَتَصَدَّق وَاقْضِ يَومًا مَكَانً". 1154 - [3110] حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال للأعرابي الذي جاءه وقد واقع: "صُمْ شَهْرَيْن"، فقال: وهل أُتِيت إلَّا من قِبَل الصَّوم؟! هذا اللفظ لا يعرف، قاله ابن الصلاح. وقال: إنّ الذي وقع في الرِّوايات: أنه لا يستطيع ذلك. انتهى. وهذه غفلة عمّا أخرجه البزار من طريق محمد بن إسحاق، حدثني الزهري، عن حميد، عن أبي هريرة، فذكر الحديث، وفيه: قال: "صُمْ شَهرَيْنِ مُتَتَابِعَيْن". قال: يا رسول الله، وهل لَقيتُ ما لقيت إلّا من الصّيام. ¬
ويؤيد ذلك: [3111]- ما ورد في حديث سلمة بن صخر عند أبي داود (¬1) في قصّة المظاهِرِ زوجتَه: أنه قال: وهل أصبتُ الَّذي أصبتُ إلَّا من الصِّيام؟ - على قول من يقول: إنه هو المجامع. 1155 - قوله: لأنَّ النَّص ورد في الجماع، والأكل والشرب لا يقتضي الكفّارة. مقتضاه: أنه لم يرد فيهما نصّ ,وليس كذلك، بل: [3112]- أخرجه الدارقطني (¬2) من طريق محمد بن كعب، عن أبي هريرة: أن رجلا أكل في رمضان فأمره النبي-صلى الله عليه وسلم- أن يعتق رقبة ... الحديث. لكن إسنادَه ضعيف؛ لضعف أبي معشر راويه، عن محمد بن كعب. وقد جاء في رواية مالك وجماعة عن الزهري، في الحديث المشهور: أن رجلا قال: أفطرت في رمضان. لكن حُمِل على الفطر بالجماع جمعًا بين الرِّوايات. قال البيهقي (¬3) رواه عشرون من حفّاظ أصحاب الزُّهري بذكر الجماع. ¬
1156 - قوله: وتحمل قصة الأعرابي على خاصّته وخاصة أهله. قال الإمام: وكثيرا ما كان يفعل ذلك رسول الله-صلى الله عليه وسلم- كما في الأضحية، وإرضاع الكبير، ونحوهما. ومراده بالأضحية قصة أبي بردة بن نيار خال البراء بن عازب وسيأتي في بابه. وبإرضاع الكبير قصة سالم مولى أبي حذيفة وهي في "صحيح مسلم" (¬1): [3113]- عن عائشة قالت: جاءت سهلة بنت سهيل إلى رسول الله-صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله، إني أرى في وجه أبي حذيفة من دخول سالم عليّ، فقال النّبي - صلى الله عليه وسلم -: "أَرْضِعيه تَحْرِمِي عَلَيْه". [3114]- وفي رواية له (¬2) عن أم سلمة: أنه كانت تقول: أبى سائر أزواج النبي-صلى الله عليه وسلم- أن يُدخلن عليهن بتلك الرّضاعة أحدًا، وقلن: ما نُرَى هذه إلَّا رخصةً أرخصها رسول الله-صلى الله عليه وسلم- لسالم خاصَّةً. 1157 - قوله: في صرف الكفارة إلى عِيَاله: الأصح المنع، وأمّا الحديث فلا نسلِّم/ (¬3) أنّ الذي أمره بصرفه إليهم كفارة ... إلى آخر كلامه. ¬
تنبيه
وتعقِّب بأنّ الدارقطني (¬1) أخرج من طريق أهل البيت إلى: [3115]- عليّ بن أبي طالب أن رجلا قال: يا رسول الله هلكت ... فذكر الحديث. إلى أن قال-: فقال "أنْطَلِقْ فَكُلْه أَنْتَ وَعِيَالُك، فَقَدْكَفَّرَ الله عَنْكَ". لكن الحديث ضعيف؛ لأنّ في إسناده من لا تعرف عدالته. 1158 - قوله: في السقوط عند العجز: أحتُجَّ له بأنّه - صلى الله عليه وسلم - لما أمر الأعرابي بأن يطعمه هو وعياله، لم يأمره بالإخراج في ثاني الحال، ولو وجب لبينه. نازع في ذلك ابن عبد البر (¬2) فقال: ولم يقل له: سقطت عنك لعُسْرك بعد أن أخبره بوجوبها عليه، وكلُّ مَا وجب أداؤُه في اليسار، لزم الذِّمَّة إلى الميسرة. تنبيه سبق الزّهريُّ إلى دعوى الخصوصيّة بالأعرابي فيما أخرجه أبو داود (¬3). 1159 - [3116]-حديث ابن عمر: "مَن مَات وَعَلَيهِ صِيَامٌ فَلْيطْعَم عَنْه مَكَانَ كُلِّ يَوْمِ مِسْكِينٌ". روي مرفوعا وموقوفا. ¬
الترمذي (¬1) عن قتيبة، عن عبثر بن القاسم، عن أشعث، عن محمد، عن شافع، عن ابن عمر مرفوعا. وقال: غريب، لا نعرفه مرفوعًا إلًا من هذا الوجه. والصَّحيح أنّه موقوف على ابن عمر. قال: وأشعث هو بن سوّار، ومحمّد هو بن عبد الرحمن بن أبي ليلى. قلت: رواه ابن ماجه (¬2) من هذا الوجه، ووقع عنده: عن محمد بن سيرين، بدل: محمد بن عبد الرحمن، وهو وهم منه، أو من شيخه. وقال الدارقطني: المحفوظ وقفه على ابن عمر، وتابعه البيهقي (¬3) على ذلك. 1160 - [3117]- حديث: "مَنْ مَاتَ وعَلَيْه صَومٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّه". متفق عليه (¬4) من حديث عائشة، وصححه أحمد، وعلق الشافعي القول به على ثبوت الحديث (¬5). وفي رواية للبزار (¬6): "فَلْيَصمْ عَنْهُ وَلِيُّه إنْ شَاء". وهي ضعيفة؛ لأنها من طريق ابن لهيعة. ومن شواهده: ¬
تنبيه
[3118]- حديث بريدة: بينا أنا جالس عند النبي-صلى الله عليه وسلم- إذ أتته امرأة فقالت: إني تصدقت على أمّي بجارية، وإنها ماتت، قال: "وَجَب أَجْرُكَ، وَرَدَّها عَلَيْكَ الْمِيراثُ". قالت: يا رسول الله، إنه كان عليها صوم شهرٍ أفأصوم عنها؛ قال: "صُومِي عَنْهَا"، قالت: إنها لم تحج قط، أفأحج عنها؟ قال: "حُجِّي عَنْهَا". تنبيه [3119]- روى النّسائي في "الكبرى" (¬1) بإسناد صحيح، عن ابن عباس قال: لا يصلي أحدٌ عن أحد، ولا يصوم أحد عن أحد. [3120]-وروى عبد الرزاق (¬2) مثله عن ابن عمر من قوله. وفي البخاري (¬3): في باب النذر (¬4) عنهما تعليقا, بالأمر بالصلاة. فاختلف قولهما، والحديث الصحيح أولى بالاتباع. 1161 - [3121]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال في الحامل والمرضع: "إذا خَافَتَا عَلَى وَلَدَيْهِمَا أَفْطَرَتَا وَافْتَدَتَا". هذا الحديث بهذا اللّفظ لا أعرفه، لكن تَقدَّم حديث أنس بن مالك القشيري، وفيه: "إنّ الله وَضَعَ عَنِ الُمُسَافِرِ وَالْحَامِلِ وَالْمُرْضِع الصَّوْمَ وَشَطْرَ الصَّلاة". ¬
وهي في "السنن الأربعة" (¬1). وفي رواية النسائي (¬2): ورخص للمرضع والحبلى. وأما الفدية فالمحفوظ فيه من قول ابن عباس: [3122]- أخرجه أبو داود (¬3) ولفظه في قوله: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} قال: كانت رخصة للشّيخ الكبير، والمرأة الكبيرة، وهما يطيقان الصِّيام أن يفطرا، ويطعما مكان كلِّ يومِ مسكينًا، والحبلى والمرضع إذا خافتا. يعني على أولادهما- أفطرتا وأطعمتا. وأخرجه البزار كذلك، وزاد في آخره: وكان ابن عباس يقول لأم ولد له حبلى: أنت بمنزلة التي لا تطيقه، فعليك بالفداء، ولا قضاء عليك. وصحح الدراقطني (¬4) إسناده. 1162 - قوله: من أخر قضاء رمضان مع الإمكان كان عليه مع القضاء لكل يوم مد، روي ذلك عن ابن عمر وابن عباس. انتهى. [3123]- أما ابن عمر ففي الدارقطني (¬5) ولفظه: من أدركه رمضان وعليه/ (¬6) ¬
من رمضان شيء، فليطعم مكان كل يومِ مسكينًا مدًا من حنطة. وأخرجه الطحاوي وزاد: إنه لا يقضي. وقال ابن حزم (¬1): روينا عدم القضاء عن ابن عمر من طرق صحيحة. [3124]- وأما أثر ابن عباس؛ فأخرجه الدارقطني (¬2) من طريق مجاهد، قال: يطعم كلَّ يوم مسكينًا. وأخرجه البيهقي (¬3) من طريق ميمون بن مهران، عنه، في رجل أدرك رمضان وعليه رمضان آخر قال: يَصوم هذا، ويطعم عن [ذاك] (¬4) كل يوم مسكينا، ويقضيه. وحكى الطحاوي عن يحيى بن أكثم: أن في هذه المسألة قولَ ستّة من الصّحابة، وسمى منهم صاحب "المهذب" عليا وجابرًا والحسين بن علي. 1163 - [3125]-حديث أبي هريرة: من أدرك رمضان فأفطر لمرض ثمّ صحّ ولم يقضه حَتَّى دخل رمضان آخر صام الذي أدركه، ثم يقضي ماعليه، ثم يطعم عن كل يوم مسكينا. ¬
فائدة
الدارقطني (¬1) وفيه عمر بن موسى بن وجيه، وهو ضعيف جدا. والراوي عنه إبراهيم بن نافع ضعيف أيضا. ورواه الدارقطني (¬2) من طرق عن أبي هريرة، موقوفا، وصححها. وصح عن ابن عباس من قوله أيضا. * حديث عائشة: دخل علي رسول الله-صلى الله عليه وسلم- فقلت: إنّا خبأنا لك حيسا ... الحديث. تقدم في أوائل الباب. فائدة [3126]- روى النسائي (¬3) من حديث ابن عيينة، عن طلحة بن يحيي، عن عمته، عن عائشة في آخر هذا الحديث: فأكل، وقال: "أَصُومُ يَوْمًا مَكَانَه". وقال هي خطأ، ونسب الدّارقطني (¬4) الوهم فيها لمحمد بن عَمرو الباهلي الراوي عنده عن ابن عيينة. لكن رواها النسائي (¬5) عن محمّد بن منصور عن ابن عيينة. وكذا رواها الشافعي (¬6) عن ابن عيينة، وذكر: أنّ ¬
ابن عيينة زادها قبل موته بسنة. انتهى. وابن عيينة كان الآخر قد تغير. 1164 - [3127]-حديث أم هانئ: دخل علي النبي-صلى الله عليه وسلم -وأنا صائمة، فناولني فضل شرابه فقلت: يا رسول الله إني كنت صائمة، وإن كرهت أن أرد سؤرك، فقال: "إنْ كَانَ مِنْ قَضَاءِ رَمَضانَ فَصُومِي يَوْمًا مَكَانَه، وَإذَا كَانَ تَطَوُّعًا فَإنْ شِئْثِ فَافْضِيهِ، وإن شِئْتِ فَلا تَقْضيهِ". النَّسائي (¬1) من حديث حماد بن سلمة، عن سماك عن هارون بن أم هانئ، عن أم هانئ بهذا. ورواه من طرق أخرى (¬2)، وليس فيها قوله: "فَإنْ شِئْتِ فَاقْضِيهِ". ورواه أحمد (¬3) وأبو داود (¬4) والترمذي (¬5) والدارقطني (¬6) والطبراني (¬7) والبيهقي (¬8) من طرق عن سماك، واختلف فيه على سماك، وقال النسائي: ¬
تنبيه
سماك ليس يعتمد عليه إذا تفرد. وقال البيهقي: في إسناده مقال. وقال ابن القطان (¬1): هارون لا يعرف. تنبيه اللّفظ الذي ذكره الرّافعي أورده قاسم بن أصبغ في " جامعه " ومما يدلّ على غلط سماك فيه، أنه قال في بعض الروايات عنه: إن ذلك كان يوم الفتح، وهي عند النسائي (¬2) والطبراني (¬3)، ويوم الفتح كان في رمضان، فكيف يتصور قضاء رمضان في رمضان. 1165 - [2128]- حديث علي: أنه قال: لأنْ أصومَ يومًا من شعبان أحبّ إلى من أن أفطر يوما من رمضان. الشافعي (¬4) من طريق فاطمة بنت الحسين: أن رجلا شهد عند عليّ على رؤية الهلاله فصام وأمر النّاس أن يَصوموا، وقال: أصوم يوما من شعبان، فذكره. وفيه انقطاع. وأخرجه الدارقطني (¬5) من طريق الشّافعي/ (¬6)، وسعيد بن منصور، عن شيخ ¬
الشافعي؛ عبد العزيز بن محمّد الدراوردي. 1166 - [3129]-حديث شقيق بن سلمة: أتانا كتاب عمر بن الخطاب ونحن بخانقين: إن الأهلة بعضها كبر من بعض، فإذا رأيتم الهلال نهارا فلا تفطروا حتى تمسوا. وفي رواية له: فإذا رأيتم من أول النهار فلا تفطروا حتى يشهد شاهدان أنهما رأياه بالأمس. الدارقطني (¬1) والبيهقي (¬2) بإسناد صحيح باللفظين المذكورين، وزاد في آخر الأول: إلا أن يشهد شاهدان رجلان مسلمان أنهما أهلَّاه بالأمس عشيَّة. وأخرجه ابن أبي شيبة (¬3) وسعيد بن منصور، وعبد الرزاق (¬4) من رواية الأعمش، عن شقيق. [3130]-وقال عبد الرزاق (¬5): أخبرنا الثّوري، عن مغيرة، عن شباك، عن إبراهيم، قال: كتب عمر إلى عُتبة بن فَرقد: إذا رأيتم الهلال نهارًا قبل أن تزول الشمس لتمام ثلاثين فأفطروا وإذا رأيتموه بعد ما تزول الشمس فلا تفطروا حتى تمسوا. ¬
تنبيه
[3131] وأخرجه ابن أبي شيبة (¬1) من حديث الحارث، عن علي مثله. ومثله ما أخرجه البيهقي (¬2) من رواية مؤمَّل بن إسماعيل، عن الثوري، من رواية شقيق بن سلمة الماضية. تنبيه خانقين- بخاء معجمة ونون وقاف- بلدة بالعراق، قريب من بغداد. * حديث ابن عمر في الاستسقاء. تقدم. * حديث ابن عباس: الفطر مما دخل والوضوء مما خرج. البخاري تعليقًا، والبيهقي موصولًا وتقدّم في "الأحداث". 1167 - [3132]-حديث: إنّ الناس أفطروا في زمن عمر، فانكشف السحاب، وظهرت الشمس. الشافعي (¬3) من حديث خالد بن أسلم: أن عمر بن الخطاب أفطر في رمضان في يومٍ ذي غَيْم، ورأى أنه قد أمسى، وغابت الشمس، فجاء رجلٌ فقال: قد طلعت الشمس، فقال: الخطب يسير، وقد اجتهدنا. ¬
ورواه البيهقي (¬1) من طريقين آخرين في أحدهما، فقال عمر: ما نبالي ونقضي يومًا مكانه. ورواه من رواية زيد بن وهب، عن عمر وفيها: إنه لم يقض. ورجح البيهقي رواية القَضاء لورودها من جهات متعددة، ثم قواه بما رواه عن صهيب نحو القصة، وقال: واقضوا يوما مكانه. 1168 - قوله: يروى عن ابن عمر، وابن عباس، وأنس، وأبي هريرة، في وجوب الفدية على الهرِم، وقرأ ابن عباس: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} ومعناه: يُكلَّفون الصوم، فلا يطيقونه. [3133]- أما أثر ابن عمر فرواه الدارقطني (¬2) من رواية نافع، عنه: من أدركه رمضان ولم يكن صام رمضان الجائي، فليطعم مكان كلِّ يومِ مسكينًا مدًّا من حنطة، وليس عليه قضاء. [3134]- وأما أثر ابن عباس فرواه البخاري (¬3) من حديث عطاء، أنه سمع ابن عباس يقرأ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} قال ابن عباس: ليست منسوخة، وهو الشيخ الكبير، والمرأة الكبيرة، لا يستطيعان أن يصوما فَيُطعمان مكانَ كلِّ يومٍ مسكينًا. ¬
ورواه أبو داود (¬1) من حديث سعيد بن جبير، عن ابن عباس نحوه. وله طرق في "سنن البيهقي" (¬2). وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (¬3) من طريق عكرمة، عنه، نحوه، وزاد: ولا قضاء عليه. [3135]- وأمّا أثر أنس، فرواه الشافعي (¬4) عن مالك: أنّ أنس بن مالك كَبُرَ حتّى كان لا يقدر على الصيام، فكان يفتدي. ورواه البيهقي (¬5) من حديث قتادة، عن أنس، موصولا. قلت: وعلّقه البخاري في "صحيحه" (¬6). وذكرته من طرق كثيرة في "تغليق التعليق" (¬7). قال ابن عبد البر/ (¬8): رواه الحمادان، ومعمر، عن ثابت قال: كبر أنس حتى كان لا يطيق الصوم، فكان يفطر ويطعم. [3136]- وأما أثر أبي هريرة , فرواه البيهقي (¬9) من حديث عطاء، أنه سمعه ¬
يقول من أدركه الكبر فلم يستطع صيام شهر رمضان، فعليه لكلّ يوم مدٌّ من قمح. [3137]-وأماقراءة ابن عباس: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}. قال ابن عبد البر: رويت هذه القراءة من طرق عن ابن عباس، وعائشة، ومجاهد، وجماعة. * قوله: وعنه. أي ابن عباس. أنه قال: إنّ هذه الآية منسوخة الحكم إلا في حق الحامل والمرضع. تقدم هذا قريبا عنه. * حديث: "إلا أنْ تطَّوَّعَ ... ". سبق في أول "الصيام". واحتجوا به بأن التطوع يلزم بالشروع، بناء على أن الاستثناء متصل. وأجاب أصحابنا بأنه منقطع، والمعنى: لكن لك أن تطوع، بدليل الأحاديث الدّالة على الخروج من صوم التطوع، وقد تقدمت. ***
باب صوم التطوع
باب صوم التطوع 1169 - [3138] حديث: "صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ كفَّارَةُ سَنَتَيْن". مسلم (¬1) من حديث أبي قتادة أتم من هذا، وفيه: أنَّ "صَوْم عَاشُورَاءَ كَفارَةُ سَنَةٍ". [3139 - 3142]-ورواه الطبراني (¬2) من حديث زيد بن أرقم، وسهل بن سعد (¬3) وقتادة بن النعمان (¬4) وابن عمر (¬5). [3143]- ورواه أحمد (¬6) من حديث عائشة. وفي الباب: عن أنس وغيره. 1170 - [3144 - 3145]-حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يصم يوم عرفة بعرفة. متفق عليه (¬7) من حديث أم الفضل، ومن حديث ميمونة (¬8). ¬
[3146] أخرجه النسائي (¬1) والترمذي (¬2) وابن حبان (¬3) من حديث ابن عمر بلفظ: حججت مع النبي-صلى الله عليه وسلم- فلم يصم، ومع أبي بكر كذلك، ومع عمر كذلك ومع عثمان فلم يصم، وأنا لا أصومه، ولا آمر له، ولا أنهى عنه. [3147]-وأخرجه النسائي (¬4) من حديث ابن عباس. [3148]- وهو في "الصحيح" (¬5) من حديثه عنه، عن أمّ الفضل. 1171 - [3149] حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة. أحمد (¬6) وأبو داود (¬7) والنسائي (¬8) وابن ماجه (¬9) والحاكم (¬10) والبيهقي (¬11) من حديث أبي هريرة، وفيه مهدي الهجري مجهول. ورواه العقيلي في "الضعفاء" (¬12) من طريقه، وقال: لا يتابع عليه. ¬
قال العقيلي: وقد روي عن النبي-صلى الله عليه وسلم- بأسانيد جياد: أنه لم يصم يوم عرفة بها ولا يصح عنه النهي عن صيامه. قلت: قد صححه ابن خزيمة، ووثق مهديَّا المذكور ابن حبان (¬1). 1172 - [3150]-حديث: "صِيَامُ يَوْم عَاشُورَاءَ يُكَفِّر سَنَةً". ابن حبان (¬2) من حديث أبي قتادة، بهذا. ورواه مسلم في حديثه، كما تقدم. 1173 - [3150] حديث: "لِئِنْ عِشْتُ إِلَى قَابِل لأَصُومَنَّ التَّاسِعَ". مسلم (¬3) من حديث ابن عباس من وجهين، عنه. ورواه البيهقي (¬4) من رواية ابن أبي ليلى، عن داود بن علي، عن أبيه عن ابن عباس بلفظ: "لَئِنْ بَقِيتُ إلى قَابِل لآمُرَنّ بِصِيامِ يَوْم قَبْلَهُ، أَوْ يَوْمٍ بَعْدَه، يَوْمِ عَاشُورَاء". 1174 - قوله: وفي صوم التاسع معنيان منقولان عن ابن عباس: أحدهما الاحتياط، فإنه ربما وقع في الهلال غلط، فيظنّ العاشر التاسع. ¬
وثانيهما: مخالفة اليهود فإنّهم لا يصومون إلَّا يومًا واحدًا، فعلى هذا لو لم يصم التّاسع استحب له صوم الحادي عشر. انتهى. والمعنيان كما قال عن ابن عباس منقو لان. وكذا القياس الذي ذكره منقول عنه بل مرفوع من روايته: [3152]- وقد روى البيهقي/ (¬1). (¬2) من طريق ابن أبي ذئب، عن شعبة مولى ابن عباس قال: كان ابن عباس يصوم عاشوراء يومين، ويوالي بينهما مخافة أن يفوته. فهذا المعنى الأول. وأما المعنى- الثّاني فقال الشافعي (¬3): [3153] أخبرنا سفيان أنّه سمع عبيد الله بن أبي يزيد يقول: سمعت ابن عباس يقول: صوموا التاسع والعاشر ولا تشبهوا باليهود. وفي رواية للبيهقي (¬4) عن ابن عباس مرفوعا: (لَئِن بَقِيتُ لآمُرَنَّ بِصِيامِ يَومٍ قَبْلَهُ، أَوْ يَوْمِ بَعْدَهُ". كما تقدم. وفي رواية له (¬5): "صُومُوا عَاشُورَاء وَخَالِفُوا الْيَهُودَ صُومُوا قَبْلَهُ يَومًا أَوْ بَعْدَهُ يَوْمًا". 1175 [3154]-حديث: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، وَأَتْبَعَهُ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّال، فَكَأنَّما صَامَ الدَّهْرَ". ¬
مسلم (¬1) من حديث أبي أيوب، وجمع الدمياطي طرقه (¬2). وفي الباب: [3155] عن جابر، رواه أحمد بن حنبل (¬3) وعبد بن حميد (¬4) والبزار. [3156]- وعن ثوبان أخرجه النسائي (¬5) وابن ماجه (¬6) وأحمد (¬7) والدارمي (¬8) والبزار (¬9). [3157]- وعن أبي هريرة , رواه البزار من طريق زهير بن محمد، عن العلاء عن أبيه، عنه. ومن طريق زهير أيضا، عن سهيل، عن أبيه، عنه. وأخرجه أبو نعيم: من طريق المثنى بن الصباح. أحد الضعفاء. عن المحرر بن أبي هريرة، عن أبيه. ورواه الطبراني في "الأوسط" (¬10) من أوجه أخرى ضعيفة. ¬
[3158]- وعن ابن عباس أخرجه الطبراني في "الأوسط" (¬1) أيضا. [3159] وعن البراء بن عازب؛ أخرجه الدارقطني. 1176 - [3160]- حديث أبي هريرة: أوصاني خليلي بصيام ثلاثة أيام. متفق عليه (¬2). 1177 - [3161]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - أوصى أبا ذرّ بصيام أيّام البيض الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر. النسائي (¬3) والترمذي (¬4) وابن حبان (¬5) من حديث أبي ذر: أمرنا رسول الله-صلى الله عليه وسلم- أن نصوم من الشهر ثلاثة أيام البيض؛ ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة وفي رواية عنه (¬6)، قال لي رسول الله-صلى الله عليه وسلم-:"إذا صمْتَ مِنَ الشَّهر ثَلاثَةَ أيَّامٍ فَصُمْ ثَلاثَ عَشْرَةَ، وَأَرْبَع عَشْرَةَ، وَخَمْسَ عَشْرَة". [3162]- ورواه ابن حبان (¬7) من حديث أبي هريرة أيضًا. ¬
[3163]- ورواه ابن أبي حاتم في "العلل" (¬1) عن جرير مرفوعًا. وصحَّح عن أبي زرعة وقفه. [3164]- وأخرجه أبو داود (¬2) والنسائي (¬3) وابن ماجه (¬4) من طريق ابن ملحان القيسي، عن أبيه. [3165]-أخرجه البزار من طريق ابن البيلماني، عن أبيه، عن ابن عمر 1178 [3166]-حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يتحرّى صيامَ يوم الاثنين والخميس. الترمذي (¬5) والنسائي (¬6) وابن ماجه (¬7) وابن حبان (¬8) من حديث عائشة. وأعله ابن القطان (¬9) بالراوي عنها، وأنه مجهول وأخطأ في ذلك، فهو صحابي ¬
وفي الباب عن حفصة وأبي قتادة، وأسامة بن زيد. قاله الترمذي. [3167]-فأما حديث حفصة؛ فأخرجه أبو داود (¬1). [3168]-وأما حديث أبي قتادة؛ فأخرجه مسلم (¬2). وأما حديث أسامة؛ فأخرجه أبو داود والنسائي. وسيأتي (¬3). 1179 - [3169] حديث: "تُعرَض الأعْمَالُ عَلى الله يَوْمَ الاثنَيْن وَالْخَمِيسِ فَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ". الترمذي (¬4) وابن ماجه (¬5) عن أبي هريرة. وأبو داود (¬6) والنسائي (¬7) من حديث أسامة بن زيد قال: قلت يا رسول الله، إنك تصوم حتى تكاد لا تفطر، وتفطر حتى تكاد لا تصوم إلا يومين، إن دخلا في صيامك، وإلا صمتهما؟ قال: "أيّ يَوْمَيْن؟ " قلت: يوم الاثنين والخميس. قال: "ذَانِكَ يَوْمَانِ تُعْرَضُ الأعْمَالُ فِيهمَا عَلَى رَب الْعَالَمِين، فَأُحِبّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأنَا صائِمٌ". ورواية النسائي أتم. ورواه أحمد (¬8) به وأتم منه. ¬
1180 - [3170]-حديث: "لَا يَصُومُ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إلًاَ أَنْ يَصُومَ قَبْلَهُ أَوْ يَصُومَ بَعْدَهُ". متفق عليه (¬1) من حديث أبي هريرة. وفي رواية لمسلم (¬2): "لا تَخُصّوا/ (¬3) لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بِقَيَامِ مِن بَيْنِ اللَّيَالِى، وَلا تَخُصّوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِصِيام مِن بَيْنِ الايَّامِ إلًاَ أَنْ يَكونَ في صَوْمٍ يَصُومُه أَحَدُكُم". وروى الحاكم (¬4) من طريق أبي بشر عن عامر بن لُدَيْن الأشعري عن أبي هريرة مرفوعًا: "يَوْمَ الْجُمُعَةِ عِيدُنَا فَلا تَجْعَلُوا يَوْمَ عِيدِكُمْ يَوْمَ صِيامِكُمْ، إلًاَ أَنْ تَصُومُوا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَه". وقال: أبو بشر لا أعرفه. قلت: وقد أخرجه البزار (¬5) فقال: أبو بشر مؤذّن مسجد دمشق. [3171]-وفي رواية للشيخين (¬6) عن محمد بن عباد بن جعفر: سألت جابر ابن عبد الله وهو يطوف بالبيت: أنهى رسول الله-صلى الله عليه وسلم- عن صيام يوم الجمعة؟ فقال: نعم ورب هذا البيت. ¬
تنبيه
زاد البخاري (¬1) في رواية معلّقة ووصلها النسائي (¬2) يعني- أن ينفرد بصومه .. وفي الباب: [3172]- عن جويرية بنت الحارث، رواه البخاري (¬3). [3173]- ورواه ابن حبان (¬4) من حديث عبد الله بن عمرو قال: دخل النبي-صلى الله عليه وسلم- على جويرية. فذكره. وعن جنادة بن أبي أمية رواه الحاكم (¬5) وأحمد بن حنبل (¬6) تنبيه [3174]- روى الترمذي (¬7) عن ابن مسعود قال: كان رسول الله-صلى الله عليه وسلم- يصوم من غرة كل شهر ثلاثة أيام، وقلّ ما كان يفطر يوم الجمعة. رواه الترمذي وقال: حسن غريب. قال ابن عبد البر (¬8): وهو صحيح، ولا مخالفة بينه وبين الأحاديث السابقة فإنه محمول على أنه يصله بيوم الخميس والله أعلم (¬9). ¬
1181 - [3175]- حديث: "لا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إلَّاَ فِيمَا افْتُرِضَ عَلَيكُمْ". أحمد (¬1) وأصحاب "السنن" (¬2) وابن حبان (¬3) والحاكم (¬4) والطبراني (¬5) والبيهقي (¬6) من حديث عبد الله بن بسر عن أخته الصماء، وصححه ابن السكن. وروى الحاكم (¬7) عن الزهري: أنه كان إذا ذكر له الحديث، قال: هذا حديث حمصي (¬8). وعن الأوزاعي قال: ما زلت له كاتمًا حتى رأيته قد اشتهر. وقال أبو داود في "السنن": قال مالك: هذا الحديث كذب. قال الحاكم: وله معارض بإسناد صحيح. [3176]- ثم رَوَى عن كُريب: أنّ ناساَ من أصحاب رسول الله-صلى الله عليه وسلم- بعثوه إلى أمّ سلمة أسائلها عن الأيام التي كان رسول الله-صلى الله عليه وسلم- أكثر لها صياما، فقالت: يوم السبت والأحد، فرجعت إليهم فقاموا بأجمعهم إليها فسألوها فقالت: صدق ¬
تنبيه
وكان يقول: إنهما يوما عيد للمشركين فأنا أريد أن أخالفهم. ورواه النسائي (¬1) والبيهقي (¬2) وابن حبان (¬3). [3177]- وروى الترمذي (¬4) من حديث عائشة قالت: كان رسول الله-صلى الله عليه وسلم- يصوم من الشهر السبت والأحد والاثنين، ومن الشّهر الآخر الثلاثاء والأربعاء والخميس. تنبيه قد أعل حديث الصماء بالمعارضة المذكورة، وأعل أيضا باضطراب، فقيل: هكذا وقيل: عن عبد الله بن بسر، وليس فيه عن أخته الصماء. وهذه رواية ابن حبان. وليست بعلّة قادحة، فإنّه أيضا صحابي. وقيل: عنه، عن أبيه بسر، وقيل: عنه، عن الصماء، عن عائشة. قال النسائي: هذا حديث مضطرب. قلت: ويحتمل أن يكون عند عبد الله، عن أبيه، وعن أخته، وعند أخته بواسطة وهذه طريقة من صححّه. ورّجح عبد الحق (¬5) الرّواية الأولى، وتبع في ذلك الدارقطني (¬6). ¬
لكن هذا التلوّن في الحديث الواحد بالإسناد الواحد مع اتّحاد المخرج يُوهِن راويَه، وينبئ بقلّة ضبطه، إلا أن يكون من الحفّاظ المكثرين المعروفين بجمع طرق الحديث، فلا يكون ذلك دالا على قلّة ضبطه، وليس الأمر هنا كذا، بل اختلف فيه أيضا على الرّاوي، عن عبد الله ابن بسر أيضا، وادعى أبو داود أن هذا منسوخ/ (¬1)، ولا يتبين وجه النسخ فيه. قلت: يمكن أن يكون أخذه من كونه - صلى الله عليه وسلم - كان يحب موافقة أهل الكتاب في أول الأمر، ثم في آخر أمره قال خالفوهم فالنهي عن صوم يوم السبت يوافق الحالة الأولى، وصيامه إياه يوافق الحالة الثانية وهذه صورة النسخ. والله أعلم. 1182 - [3178]- حديث: أنّه - صلى الله عليه وسلم -قال لعبد الله بن عمرو: "لَا صَامَ مَنْ صَامَ الدَّهْرَ، صَوْمُ ثلاثةِ أَيَّامٍ مِنْ كُل شَهْرِ صَوْمُ الدَّهْرِ". متفق عليه (¬2)، بلفظ: "الأَبَد ... " بدل "الدَّهْر ... ". 1183 - [3179] حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن صيام الدّهر. مسلم (¬3) من حديث أبي قتادة: أنّ عمر قال: يا رسول الله، فكيف بمن يصوم الدهر، قال: لا صام ولا أفطر. ¬
تنبيه
[3180]- ولأحمد (¬1) وابن حبان (¬2) عن عبد الله بن الشخير: "مَنْ صَامَ الأَبَدَ فَلا صَامَ وَلا أَفْطَر". [3181]- وعن عمران بن حصين نحوه. تنبيه [3182]- روى ابن حبان (¬3) وغيره من حديث أبي موسى الأشعري: "مَنْ صَامَ الدَّهْرَ ضُيِّقَتْ عَلَيْه جَهَنم هَكَذَا". وعقد تسعين. قال ابن حبان (¬4): هو محمول على من صام الدهر الذي فيه أيام العيد والتشريق. وقال البيهقي وقبله ابن خزيمة (¬5): معنى ضيقت عليه، أي عنه فلم يدخلها. وفي الطبراني عن أبي الوليد ما يومئ إلى ذلك. وأورد أبو بكر بن أبي شيبة في "مصنفه" (¬6) هذا الحديث في باب: (من كره صوم الدهر). وقال ابن حزم (¬7): إنما أورده رواته كلهم على التشديد والنهي عن صومه، [والله أعلم] (¬8). ... ¬
(15) كتاب الاعتكاف
(15) كِتَابُ الاعتكاف
1184 - [3183]-حديث: "مَنِ اعْتَكَفَ فُوَاقَ نَاقَةٍ، فَكَأنَّمَا أَعْتَقَ نَسْمَةً". العقيلي في "الضعفاء" (¬1) من حديث أنس بن عبد الحميد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، بلفظ: "مَنْ رَابَطَ" بدل: "اعْتَكَفَ". وأنس هذا منكر الحديث. وفي الباب: [3184]- عن ابن عباس أخرجه الطبراني في "الأوسط" (¬2) في ترجمة "محمد بن العباس الأخرم" ولم أر في إسناده ضعفًا إلّاَ أنّ فيه وجادة، وفي المتن نكارة شديدة. * حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى قبضه الله. متفق عليه من حديث عائشة، وقد تقدم. 1185 - [3185] حديث: "تَحَرّوا لَيلَةَ الْقَدْرِ فِي الْوِتْرِ مِنَ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَان". متفق عليه (¬3) من حديث عائشة. ¬
وفي الباب: [3186]- عن أبي هريرة؛ أخرجه مسلم (¬1). [3187]- وعن ابن عمر متفق عليه (¬2). وعن أبي سعيد كما سيأتي. 1186 - [3188]- حديث أبي سعيد: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يعتكف العشر الأوسط من رمضان، فاعتكف عاما، فلما كانت ليلة إحدى وعشرين وهي الليلة التي يخرج في صبيحتها من اعتكافه قال: "مَنِ اعْتَكَفَ مَعِي فَلْيَعْتَكِف الْعَشْرَ الأَوَاخِر ... " الحديث. متفق عليه (¬3)، وله ألفاظ وطرق. 1187 - [3189]- حديث عبد الله بن أنيس، أنه قال: يا رسول الله، إني أكون بباديتي، وإني أصلي بهم، فمرني بليلة في هذا الشهر أنزلها إلى المسجد، فأصلي فيه قال: "أنْزِلْ في لَيلَةِ ثلاثٍ وَعِشْرِين". ¬
مسلم (¬1) وأبو داود (¬2) واللفظ له، من حديثه، وفيه قصة. 1188 - قوله: ويستحب أن يكثر فيها من قوله: اللهم إنك عفو ... انتهى. [3190]- فيه حديث لعائشة أخرجه الترمذي (¬3) والنسائي (¬4) وابن ماجه (¬5) والحاكم (¬6) والبزار. 1189 - [3191]- حديث: كان يدني رأسه لترجله عائشة وهو معتكف. متفق عليه (¬7) من حديثها. * قوله: إنه لم ينقل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- غَيَّر ثوبه للاعتكاف. كأنه أخذه بالاستقراء. ¬
1190 - [3192]- حديث عمر: أنه قال: يا رسول الله إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام؟ فقال: "أَوْفِ بِنَذْرِكَ". متفق عليه (¬1) من حديث ابن عمر. زاد الدارقطني (¬2) في رواية: نذر أن يعتكف في الشرك ويصوم. قال البيهقي (¬3): ذكر الصوم فيه غريب. وقال عبد الحق (¬4): تفرد به سعيد بن بشير وهو مختلف فيه. وضعف ابن الجوزي في "التحقيق" (¬5) هذا الحديث من أجله. 1191 - [3193]- حديث: أن نساء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كن يعتكفن في المسجد (¬6). لم أره هكذا، وإنما في المتفّق عليه (¬7) من: ¬
[3194]- حديث عائشة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر، ثم دخل معتكفه، وأنها استأذنته فضربت لها خباء، وأن زينب ضربت لها خباء، وأمر غيرها من أزواجه بذلك ... فذكر الحديث. 1192 - [3195, 3196]- حديث: "لا تُشَدّ الرِّحَالُ إلا إِلَى ثَلاثَةِ مَسَاجِدَ؛ مَسْجِدي هَذَا، وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَالْمَسْجِدِ الأَقْصَى". متفق عليه من حديث أبي سعيد (¬1)، وأبي هريرة (¬2) وغيرهما. * حديث: أنه أمر ضباعة أن تشترط. يأتي في "الحج". * حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يدني رأسه إلى عائشة. تقدم قريبا. 1193 - [3197] حديث: أنه كان إذا اعتكف لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان. متفق عليه (¬3) من حديث عائشة. ¬
وهو في "السنن" (¬1) أيضا ولفظ (الإنسان) ليس (¬2) في "صحيح البخاري". 1194 - [3198]- حديث: روي أنّه - صلى الله عليه وسلم - كان لا يسأل عن المريض إلا مارًّا في اعتكافه، ولا يعرج عليه. أبو داود (¬3) من حديث عائشة. وفيه ليث بن أبي سليم، وهو ضعيف. والصحيح عن عائشة من فعلها، وكذلك أخرجه مسلم (¬4) وغيره. وقال ابن حزم (¬5): صح ذلك عن علي. [والله سبحانه وتعالى أعلم] (¬6). ... ¬
كتاب التمييز في تلخيص تخريج أحاديث شرح الوجيز المشهور بـ التلخيص الحبير للإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني دراسة وتحقيق الدكتور محمد الثاني بن عمر بن موسى اعتنى بإخراجه وتنسيقه وصنع فهارسه أبو محمد أشرف بن عبد المقصود الجزء الرابع أضواء السلف
(16) كتاب الحج
(16) كتاب الحج
1195 - قوله: نزلت فريضته سنة خمس من الهجرة، وأخره النبي -صلى الله عليه وسلم- من غير مانع، فإنه خرج إلى مكة سنة سبع لقضاء العمرة، ولم يحج، وفتح مكة سنة ثمان، وبعث أبا بكر أميرا على الحج سنة تسع، وحج هو سنة عشر، وعاش بعدها ثمانين يوما ثم قبض. هذه الأمور التي ذكرها مجمع عليها بين أهل السير، إلا فرض الحج في سنة خمس ففيه اختلاف كثير، وقد وقع في قصة ضمام ذكر الحج، وقد نقل أبو الفرج بن الجوزي في "التحقيق" (¬1) له عقب حديث ابن إسحاق، حدثني محمد بن الوليد بن نويفع، عن كريب، عن ابن عباس في قصة ضمام: أن شريك بن أبي نمر رواه عن كريب، فقال فيه: بعثت بنو [سعد] (¬2) ضمامًا في رجب سنة خمس. قال ابن عبد الهادي (¬3): لم أقف على هذه الرواية. وقال غيره: هي رواية الواقدي في المغازي. وأما قوله: وعاش بعدها ثمانين يوما أي بالمدينة بعد عوده من الحج، فإن الحج انقضى في ثالث عشر ذي الحجة، ومات - صلى الله عليه وسلم - في ثاني عشر ربيع الأول ¬
على المشهور، أو يحمل على ظاهره، ويبنى على قول من قال: إنه مات في الثاني من ربيع الأول، وهو اختيار أبي جعفر الطبري وغيره. [3199]- وروى أبو عبيد، عن حجاج، عن ابن جريج: أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يبق بعد نزوله قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} إلا إحدى وثمانين ليلة. وأما فرض الحج فقد جزم المصنف نفسه في كتاب السير: أنه فرض سنة ست ثم قال: وقيل سنة خمس. ونقل النووي في "شرح المهذب" (¬1) عن الأصحابى: أنه فرض سنة ست. وصححه ابن الرفعة. وقيل: فرض سنة ثمان. وقيل: سنة تسع حكاه في "الروضة" (¬2). وحكاه الماوردي في "الأحكام السلطانية" (¬3). وقيل: فرض قبل الهجرة حكاه في "النهاية". وقيل: فرض سنة عشر، وقيل: غير ذلك. * حديث "بُنِيَ الإسْلامُ عَلَى خَمْسٍ". متفق عليه من حديث ابن عمر، وقد تقدم في "الصوم". 1196 - [3200]- حديث ابن عباس: خطبنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "يَا أَيّها النّاسُ إنَّ الله كَتَبَ عَلَيْكُم الْحَجَّ". فقام الأقرع بن حابس فقال: أفي كل عام يا رسول الله؟ قال: "لَوْ قُلْتُها ¬
لَوَجَبَتْ، وَلَوْ وَجَبَتْ، لَمْ تَعْمَلُوا بِهَا , وَلَمْ تَسْتَطِعُوا أنْ تَعْمَلُوا بِهَا , الحجّ مَرَّةً, فَمَنْ زَادَ فَمُتَطَوِّعٌ". أحمد (¬1) من حديث سليمان بن كثير عن الزهري، عن أبي سنان الدؤلي، عن ابن عباس، بهذا. وقال في آخره: "فَهُوَ تَطَوّع". ورواه أبو داود (¬2) والنسائي (¬3) وابن ماجه (¬4) والبيهقي (¬5) ولفظه كالذي قبله، وله طرق أخرى عن الزهري. [3201]- وروى الحاكم (¬6) والترمذي (¬7) له شاهدا من حديث علي، وسنده منقطع. [3202]- وأصله في صحيح مسلم (¬8) من حديث أبي هريرة (¬9)، ولفظه: خطبنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "يَا أَيّهَا النَّاسُ قَدْ فَرضَ الله عَلَيْكُم ¬
الْحَجّ فَحجّوا". فقال رجل: أكل عام يا رسول الله؟ فسكت، حتى [قال] (¬1) ثلاثا، فقال: "لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَمَا اسْتَطَعْتم"، ثم قال: "ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكمْ ... " الحديث. ورواه النسائي (¬2) ولفظه: "وَلَوْ وَجَبَتْ مَا قُمْتُمْ بِهَا". [3203]- وله شاهد من حديث أنس في ابن ماجه (¬3) ولفظه: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "كُتِبَ عَلَيْكُم الْحَجُّ". فقيل: يا رسول الله، الحجّ في كل عام؟ فقال: "لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَوْ وَجَبَتْ لَمْ تَقُومُوا بِهَا، وَلَوْ لَمْ تَقُومُوا بِهَا عُذّبْتُمْ". ورجاله ثقات. [3204]- وروى الحاكم (¬4) والترمذي (¬5) له شاهدًا من حديث علي وسنده منقطع. 1197 - [3205]- حديث: "أَيّما صَبِيٍّ حَجّ ثُمَّ بَلَغَ فَعَلَيهِ حَجةُ الإسْلامِ، وَأَيّما عَبْدٍ حَجّ ثُمَّ عُتِقَ فَعَلَيهِ حَجّةُ الإسْلامِ". ¬
ابن خزيمة (¬1) والإسماعيلي في "مسند الأعمش" والحاكم (¬2) والبيهقي (¬3) وابن حزم (¬4) وصحّحه، والخطيب في "التاريخط (¬5) من حديث محمّد ابن المنهال، عن يزيد بن زريع، عن شعبة، عن الأعمش عن أبي ظبيان، عنه (¬6). [قال ابن خزيمة: الصحيح موقوف. وأخرجه (¬7) كذلك من رواية ابن أبي عدي عن شعبة] (¬8). وقال البيهقي (¬9): تفرد برفعه محمد بن المنهال، ورواه الثوري عن شعبة موقوفا. قلت: لكن هو عند الإسماعيلي والخطيب، عن الحارث بن سريج، عن يزيد بن زريع متابعة لمحمد بن المنهال. ويؤيد صحّة رفعه ما رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (¬10): حدثنا أبو معاوية ¬
عن الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس، قال: احفظوا عني ولا تقولوا قال ابن عباس فذكره. وهذا ظاهره أنه أراد أنه مرفوع، فلذا نهاهم عن نسبته إليه. وفي الباب: [3206]- عن جابر أخرجه ابن عدي (¬1) بلفظ: "لَوْ حَجِّ صَغيرٌ حَجَّةً لَكَان عَلَيْه حَجَّةٌ أُخْرى" الحديث. وسنده ضعيف. [3207]- وأخرجه أبو داود في "المراسيل" (¬2) عن محمد بن كعب القرظي نحو حديث ابن عباس مرسلا. وفيه راو مبهم. 1198 - [3208]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم- سئل عن تفسير السبيل فقال: "زَادٌ وَرَاحِلَةٌ". الدارقطني (¬3) والحاكم (¬4) والبيهقي (¬5) من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة عن أنس، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} قال: قيل يا رسول الله، ما السبيل؟ قال: "الزَّادُ وَالراحِلَةُ". قال البيهقي: الصواب عن قتادة، عن الحسن مرسلا -يعني الذي خرّجه الدارقطني. وسنده صحيح إلى الحسن، ولا أرى الموصول إلا وهما. ¬
وقد رواه الحاكم (¬1) من حديث حماد بن سلمة، عن قتادة، عن أنس أيضًا إلا أن الرّاوي عن حماد هو أبو قتادة عبد الله بن واقد الحراني، وقد قال أبو حاتم (¬2): هو منكر الحديث. [3209]- ورواه الشا فعي (¬3) والترمذي (¬4) وابن ماجه (¬5) والدارقطني (¬6) من حديث ابن عمر، وقال الترمذي: حسن. وهو من رواية إبراهيم بن يزيد الخوزي، وقد قال فيه أحمد (¬7) والنسائي (¬8) متروك الحديث. [3210]-ورواه ابن ماجه (¬9) والدارقطني (¬10) من حديث ابن عباس، وسنده ضعيف أيضا. [3211]- ورواه ابن المنذر من قول ابن عباس. [3212 - 3216]. ورواه الدارقطني (¬11) من حديث جابر، ومن حديث علي ¬
ابن أبي طالب (¬1) ومن حديث ابن مسعود (¬2)، ومن حديث عائشة (¬3) ومن حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده (¬4) وطرقها كلها ضعيفة. وقد قال عبد الحق (¬5): إن طرقه كلها ضعيفة. وقال أبو بكر بن المنذر: لا يثبت الحديث في ذلك مسندًا، والصحيح من الروايات رواية الحسن المرسلة. 1199 - [3217] حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يَرْكبَنّ أَحَدٌ الْبَحْرَ إلَّا غَازِيًا أَوْ مُعْتَمِرًا أو حَاجًّا". أبو داود (¬6) والبيهقي (¬7) من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعا بزيادة: "فَإِنَّ تَحْتَ الْبحْرِ نَارًا، وَتَحْتَ النَّارِ بَحْرًا". قال أبو داود (¬8): رواته مجهولون. وقال الخطابي (¬9): ضعفوا إسناده. ¬
تنبيه
وقال البخاري (¬1): ليس هذا الحديث بصحيح. [3218]- ورواه البزار (¬2) من حديث نافع عن ابن عمر مرفوعا. وفيه ليث بن أبي سليم وهو ضعيف. تنبيه هذا الحديث يعارضه حديث أبي هريرة المذكور في أول هذا الكتاب في سؤال الصيادين: إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء. ولم ينكر عليهم. [3219]- وروى الطبراني في "الأوسط" (¬3) من طريق قتادة، عن الحسن، عن سمرة، قال: كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتجرون في البحر. 1200 - [3220]- حديث عدي بن حاتم: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له: "يَا عَدِيّ إنْ طَالَتْ بِكَ الْحَيَاةُ لَتَرَيَنَّ الظَّعِينَةَ [تَرْتَحِلُ] (¬4) مِنَ الْحِيرةِ حَتَّى تَطُوفَ بِالْكَعبَةِ، لا تَخَافُ إلَّا الله". قال عدي: فرأيت ذلك. البخاري (¬5) من حديثه بهذا السِّياق، وأتم منه. ورواه أحمد (¬6) والدّارقطني (¬7) ¬
تنبيه
والطبراني (¬1) من طرق. [3221]- ورواه أيضا أبو بكر البزار من حديث جابر بن سمرة. تنبيه هذا الحديث استدلوا به على أن المحرمية ليست بشرط، ووجَّهه ابن العربي بأنه - صلى الله عليه وسلم - لا يبشر إلا بما هو حسن عند الله، وتُعُقِّب بأن الخبر المحض لا يدل على جواز ولا غيره، وقد صحّ نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن تمني الموت، وصحَّ: [3222]- أنّه - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تقوم السَّاعَةُ حَتَّى يَمُر الرجُلُ بِقَبْرِ الرجُل فَيَقُولُ: يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَكَانَهُ"، (¬2) وهذا لا يدل على جواز التمني المنهي عنه بل فيه الإخبار بوقوع ذلك. 1201 - [3223]- حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن لَمْ يَحبِسْه مَرَضٌ أَوْ مَشَقَةٌ ظَاهِرَةٌ أَوْ سُلْطَانٌ جَائِرٌ فَلَمْ يَحُجّ فَلْيُمِتْ إنْ شَاءَ يَهُودَيَّا وإِنْ شَاءَ نَصْرَانِيًّا". هذا الحديث ذكره ابن الجوزي في "الموضوعات" (¬3). وقال العقيلي (¬4) والدارقطني: لا يصح فيه شيء. ¬
قلت: وله طرق، أحدها: [3224]- أخرجه سعيد بن منصور في "السنن" وأحمد (¬1) وأبو يعلى (¬2) والبيهقي (¬3) من طرق عن شريك، عن ليث بن أبي سليم، عن ابن سابط، عن أبي أمامة بلفظ: "مَنْ لَمْ يَحْبِسْه مَرَضٌ أَوْ حَاجَةٌ ظَاهِرَةٌ .... ". والباقي مثله لفظ البيهقي. ولفظ أحمد: "مَنْ كَان ذَا يَسَارٍ فَمَاتَ وَلَمْ يَحجّ" الحديث. وليث ضعيف، وشريك سيء الحفظ، وقد خالفه سفيان الثوري فأرسله، رواه أحمد في "كتاب الإيمان" له عن وكيع، عن سفيان، عن ليث، عن ابن سابط قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَحجّ وَلَمْ يَمْنَعْه مِنْ ذَلِكَ مَرَضٌ حَابِسٌ أَوْ سُلْطَان ظَالِمٌ أَوْ حَاجَة ظَاهِرَةٌ". فذكره مرسلا. وكذا ذكره ابن أبي شيبة (¬4)، عن أبي الأحوص، عن ليث، مرسلا. وأورده أبو يعلى من طريق أخرى عن شريك مخالفة للإسناد الأول، وراويها عن شريك: عمار بن مطر، ضعيف. الثاني: [3225]- عن علي بن أبي طالب مرفوعا: "مَنْ مَلَكَ زَادًا وَرَاحِلَةً تبْلِغْه إِلَى بَيتِ الله وَلَمْ يَحُجّ فَلا عَلَيْه أَنْ يَمُوتَ يهودِيًّا أَوْ نَصرَانيًّا، وَذَلِك لأَن الله قَالَ في ¬
كتابه: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}. رواه الترمذي (¬1) وقال: غريب، وفي إسناده مقال، والحارث يضعف، وهلال بن عبد الله الراوي له عن أبي إسحاق مجهول. وسئل إبراهيم الحربي عنه؟ فقال: من هلال؟ وقال ابن عدي (¬2): يعرف بهذا الحديث، وليس الحديث بمحفوظ. وقال العقيلي (¬3): لا يتابع عليه، وقد روي عن علي موقوفًا، ولم يرو (¬4) مرفوعًا من طريقٍ أحسن من هذا. وقال المنذري: طريق أبي أمامة على ما فيها أصلح من هذه. الثّالث: [3226]- عن أبي هريرة رفعه: "مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَحُجّ حَجةَ الإسْلامِ في غَيْرِ وَجْعٍ حَابِسٍ، أَوْ حَاجَّةٍ ظَاهِرَةٍ، أَوْ سُلْطَانٍ جَائِرٍ، فَلْيَمُتْ أَي الْمَيْتَيْنِ شَاءَ؛ إمّا يَهودِيًّا أَوْ نَصرَانِيًّا". رواه ابن عدي (¬5) من حديث عبد الرحمن القطامي، عن أبي الْمُهَزِّم (¬6) وهما متروكان، عن أبي هريرة، وله طريق صحيحة إلا أنها موقوفة، رواها سعيد بن ¬
منصور والبيهقي (¬1) عن عمر بن الخطاب قال: لقد هممت أن أبعث رجالا إلى هذه الأمصار، فينظروا كل من له جدة ولم يحج، فيضربوا عليه الجزية ما هم بمسلمين، ما هم بمسلمين. لفظ سعيد. ولفظ البيهقي: أن عمر قال: ليمت يهوديًّا أو نصرانيًّا. يقولها ثلاث مرات، رجل مات ولم يحج، ووجد لذلك سعة، وخليت سبيله. قلت: وإذا انضم هذا الموقوف إلى مرسل ابن سابط علم أن لهذا الحديث أصلا، ومحمله على من استحل الترك، وتبين بذلك خطأ من ادعى أنه موضوع. والله أعلم. 1202 - [3227]- حديث ابن عباس: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سمع رجلا يقول: لبيك عن شبرمة فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ شبْرُمَة؟ " قال: أخٌ لي، أو قريبٌ لي. قال: "أَحَجَجْتَ عَنْ نَفْسكَ؟ " قال: لا. قال: "حُجَّ عَنْ نَفْسِكَ، ثمّ عَنْ شُبْرُمَة". وفي رواية: "هَذِه عَنْكَ، ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَة". أبو داود (¬2) وابن ماجه (¬3) من حديث عبدة بن سليمان، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن عزرة بن ثابت، عن سعيد بن جبير، عنه. باللفظ الأول. ¬
والدارقطني (¬1) وابن حبان (¬2) والبيهقي (¬3) من هذا الوجه، باللفظ الثاني. قال البيهقي: إسناده صحيح وليس في هذا الباب أصح منه، وروي موقوفا رواه غندر عن سعيد كذلك. وعبدة نفسه محتج به في "الصحيحين"، وقد تابعه على رفعه محمد بن بشر ومحمد بن عبد الله الأنصاري، وقال ابن معين: أثبت الناس في سعيد عبدة. وكذا رجّح عبد الحق (¬4) وابن القطان (¬5) رفعه. وأما الطّحاوي (¬6) فقال: الصّحيح أنّه موقوف. وقال أحمد بن حنبل؛ رفعه خطأ. وقال ابن المنذر: لا يثبت رفعه. ورواه سعيد بن منصور، عن سفيان بن عيينة، عن ابن جريج، عن عطاء، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. وخالفه ابن أبي ليلى؛ ورواه عن عطاء، عن عائشة (¬7). وخالفه الحسن بن ذكوان، فرواه عن عمرو بن دينار، عن عطاء عن ابن عباس (¬8). ¬
وقال الدارقطني: المرسل أصح. قلت: وهو كما قال، لكنه يقوي المرفوع؛ لأنه عن غير رجاله. [3228]- وقد رواه الإسماعيلي في "معجمه" (¬1) من طريق أخرى، عن أبي الزبير، عن جابر. وفي إسنادها من يحتاج إلى النظر في حاله، فيجتمع من هذا صحة الحديث. وتوقف بعضهم عن تصحيحه بأن قتادة لم يصرح بسماعه من عزرة، فينظر في ذلك. وقال ابن عبد البر (¬2): روي عن قتادة، عن سعيد بإسقاط عزرة. وأعله ابن الجوزي (¬3) بعزرة، فقال: قال يحيي بن معين: عزرة لا شيء. ووهم في ذلك إنما قال يحيي ذلك في عزرة بن قيس (¬4)، وأما هذا فهو ابن عبد الرحمن، ويقال: فيه ابن يحيي، وثقه يحيي بن معين (¬5) وعلي بن المديني (¬6)، وغيرهما، وروى له مسلم (¬7). وقال الشّافعي (¬8): حدثنا سفيان، عن أيوب، عن أبي قلابة، قال: سمع ابن ¬
تنبيه
عباس رجلا يلبي عن (¬1) شبرمة ... الحديث. قال ابن المغلس: أبو قلابة لم يسمع عن ابن عباس. قلت: واستبعد صاحب "الإمام" (¬2) تعدد القصة بأن تكون وقعت في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- وفي زمن ابن عباس على سياقة واحدة. تنبيه زعم ابن باطيس أنّ اسم الملَبِّي نبيشة، وهو وهم منه، فإنّه اسم الملَبَّى عنه فيما زعمه الحسن بن عمارة، وخالفه النّاس فيه فقالوا: إنّه شبرمة. وقد قيل: إنّ الحسن بن عمارة رجع عن ذلك. وقد بَيّنه الدِّارقطني في "السنن" (¬3). 1203 - [3229]- حديث بريدة: أتت امرأة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: إن أمي ماتت ولم تحج؟ فقال: "حُجّي عَنْ أُمِّكِ". مسلم (¬4) والترمذي (¬5) في حديثٍ. ¬
1204 - [3230]- حديث ابن عباس: أن امرأة من خثعم، قالت: يا رسول الله، إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا، لا يستطيع أن يستمسك على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: "نَعَمْ". متفق عليه (¬1) بلفظ: (يثبت)، بدل: (يستمسك)، وفي رواية للبخاري (¬2): (يستوي)، وفي رواية للبيهقي (¬3): (يستمسك)، وفي رواية للنسائي (¬4): أنها سألته غداة جمعٍ، ومن الرواة من يجعله عن ابن عباس، عن أخيه الفضل. [3231]- ورواه ابن ماجه (¬5) من طريق محمد بن كريب، عن أبيه، عن ابن عباس، حدثني حصين بن عوف، قال: قلت: يا رسول الله إن أبي أدرك الحج، ولا يستطيع أن يحج إلا [معترضا؟] (¬6) فصمت ساعة، وقال: "حُجَّ عَنْ أَبِيكَ". وقد قال أحمد (¬7): محمد بن كريب منكر الحديث. ¬
تنبيه
1205 - [3232]- قوله: ويُروي: "كما لَوْ كَانَ عَلى أَبِيك دَيْنٌ فَقَضْيتَه". رواه الشّافعي (¬1). ورواه النسائي (¬2) أيضا من حديث ابن عباس بلفظ: أن رجلًا قال: يا نبي الله، إن أبي مات ولم يحج، أفأحج عنه؟ قال: "أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيكَ دَيْنٌ أَكُنْتَ قَاضِيَهِ؟ " قال: نعم. قال: "فَدَيْنُ الله أَحَق بِالْوَفَاءِ". تنبيه في رواية الدولابي: أنّ أبا الغوث، وهو رجل من خثعم، سأل. .. فذكره وأصله في ابن ماجه (¬3)، بإسناده ضعيف. وفي الباب: [3233]- عن أنس، أخرجه الطبراني (¬4) والدارقطني (¬5). 1206 - قوله: قال في "الوسيط" بالجواز. يعني: في حق من لم يجب عليه الحج, -لعدم الاستطاعة، واحتج له بما روي: أن امرأة قالت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن فريضة الحج على العباد ¬
أدركت أبي شيخًا كبيرًا لا يستطيع أن يحج , أفأحج عنه؟ قال: "نَعْم". قال الرافعي: وليس هذا الاحتجاج بقوي؛ لأنّ الحديث هو حديث الخثعمية واللفظ المشهور في حديثها هو: لا يستطيع أن يثبت على الراحلة. قلت: [3234]- رواه الترمذي (¬1) والبيهقي (¬2) من طريق زيد بن علي، عن أبيه، علي بن الحسين، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي: أن امرأة من خثعم شابةً قالت: يا رسول الله إن أبي شيخ كبير أدركته فريضة الله على عباده في الحج لا يستطيع أداءها، فيجزي عنه أن أؤديها عنه؟ قال: نعم. [3235]- وروى أحمد من حديث مجاهد، عن مولى لابن الزبير، عن ابن الزبير، عن سودة، قال: جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: إن أبي شيخ كبير لا يستطيع أن يحجّ. وإسناده صالح، ومولى ابن الزبير، اسمه يوسف، قد أخرج له النسائي. * حديث ابن عباس: أن رجلا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله إن أختي نذرت أن تحج، وماتت قبل أن تحج ... الحديث. وفيه: "فاقْضُوا الله فَهو أَحَقّ بِالْقَضاءِ". ¬
البخاري، وقد تقدّم في "الزكاة". * قوله: روي عن ابن عباس في "العمرة". سيأتي في آخر (¬1) الباب. 1207 - [3236]- حديث: "الْحَجّ وَالْعُمْرَة فَرِيضَتَان". الدارقطني (¬2) من حديث زيد بن ثابت، بزيادة: "لا يَضُرّك بِأَيهِمَا بَدَأْتَ". وفي إسناده إسماعيل بن مسلم المكي، وهو ضعيف، ثم هو عن ابن سيرين عن زيد، وهو منقطع. ورواه البيهقي (¬3) موقوفا على زيد، من طريق ابن سيرين أيضا، وإسناده أصح وصحّحه الحاكم (¬4). [3237]- ورواه ابن عدي (¬5) والبيهقي (¬6) من حديث ابن لهيعة، عن عطاء، عن جابر. وابن لهيعة ضعيف. وقال ابن عدي: [هو] (¬7) غير محفوظ، عن عطاء. ¬
وفي الباب: [3238]- عن عمر في سؤال جبريل، ففيه: "وَأَنْ تَحجّ وَتَعْتَمِر"، أخرجه ابن خزيمة (¬1) وابن حبان (¬2) والدارقطني (¬3) وغيرهم. [3239]- وعن أبي رزين العقيلي، وفيه: "احجُجْ عَنْ أَبيكَ وَاعْتَمِر". أخرجه الترمذي (¬4) وغيره. [3240]- وعن عائشة أنها قالت: يا رسول الله على النّساء جهاد؟ قال: "عَلَيْهِن جِهَادٌ لا قِتَالَ فِيهِ، الْحَجّ وَالْعُمْرَة". رواه ابن ماجه (¬5). 1208 - [3241]- حديث جابر: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سئل عن العمرة، أواجبة؟ قال: "لا، وَأَنْ تَعْتَمِرَ فَهُوَ أَوْلَى". أحمد (¬6) والترمذي (¬7) والبيهقي (¬8) من رواية الحجاج بن أرطاة، عن محمد بن المنكدر، عنه. والحجاج ضعيف. قال البيهقي: المحفوظ عن جابر موقوف، كذا رواه ابن جريج وغيره. ¬
وروي عن جابر بخلاف ذلك مرفوعًا -يعني: حديث ابن لهيعة- وكلاهما ضعيف. ونقل جماعة من الأئمة الذين صنفوا في الأحكام المجرّدة عن الأسانيد، أنّ التِّرمذي صحّحه من هذا الوجه، وقد نبه صاحب "الإمام" على أنه لم يزد على قوله: حسن، في جميع الروايات عنه، إلا في رواية الكروخى فقط، فإن فيها: حسن صحيح (¬1). وفي تصحيحه نظر كثير؛ من أجل الحجاج , فإن الأكثر على تضعيفه والاتفاق على أنه مدلّس. وقال النووي (¬2): ينبغي أن لا [يغتر] (¬3) بكلام الترمذي في تصحيحه, فقد اتفق الحفاظ على تضعيفه. وقد نقل الترمذي (¬4)، عن الشافعي أنه قال: ليس في العمرة شيء ثابت، إنها تطوع. وأفرط ابن حزم (¬5): فقال إنه مكذوب باطل. وروى البيهقي من حديث سعيد بن عفير، عن يحيى بن أيوب، عن [عبيد الله] (¬6)، عن أبي الزبير عن جابر قال: قلت يا رسول الله، العمرة فريضة كالحج؟ قال: "لا، وَأَنْ تَعْتَمِرَ فَهُو خَيْرٌ لَكَ". ¬
[وعبيد الله] (¬1) هذا هو ابن المغيرة، كذا قال يعقوب بن سفيان، ومحمد بن عبد الرحيم بن البرقي وغيرهما، عن سعيد بن عفير. وأغرب الباغندي فرواه عن جعفر بن مسافر، عن سعيد بن عفير، عن يحيى، عن عبيد الله بن عمر العمري. ووهم في ذلك، فقد رواه ابن أبي داود عن جعفر بن مسافر، فقال: عن عبيد الله بن المغيرة. ورواه الطبراني (¬2) من حديث سعيد بن عفير، ووقع [مهملا] (¬3) في روايته، وقال بعده: عبيد الله هذا هو ابن أبي جعفر. وليس كما قال! بل هو عبيد الله بن المغيرة، وقد تفرد به عن أبي الزبير، وتفرد به عنه: يحيي بن أيوب، والمشهور عن جابر حديث الحجاج. وعارضه حديث ابن لهيعة وهما ضعيفان، والصحيح عن جابر من قوله، كذلك رواه ابن جريج، عن ابن المنكدر، عن جابر كما تقدم. والله أعلم. ورواه ابن عدي (¬4) من طريق أبي عصمة، عن ابن المنكدر أيضا. وأبو عصمة كذبوه. ¬
وفي الباب: [3242]- عن أبي صالح، عن أبي هريرة رواه الدارقطني (¬1) وابن حزم (¬2) والبيهقي (¬3) وإسناده ضعيف. وأبو صالح ليس هو ذكوان السمان، بل هو أبو صالح ماهان الحنفي كذلك رواه الشافعي (¬4) عن سعيد بن سالم، عن الثوري، عن معاوية ابن إسحاق، عن أبي صالح الحنفي: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "الحجّ جِهَادٌ وَالْعُمْرَةُ تَطَوُّعٌ". [3243]- ورواه ابن ماجه (¬5) من حديث طلحة. وإسناده ضعيف. [3244]- والبيهقي (¬6) من حديث ابن عَبّاس، ولا يصح من ذلك شيء. واستدل بعضهم بما: [3245]- رواه الطبراني (¬7) من طريق يحيى بن الحارث، عن القاسم، عن أبي أمامة مرفوعا: "مَن مَشَى إلى صَلاةٍ مَكْتُوبةٍ فَأَجْرُه كَحِجةٍ، وَمَن مَشَى (¬8) ¬
إلى صلاةِ تَطَوّع فَأَجْرُه كَعُمْرَةٍ". 1209 - [3246]- حديث ابن عباس: إنها لقرينتها في كتاب الله: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}. الشافعي (¬1) وسعيد بن منصور والحاكم (¬2) والبيهقي (¬3) وعلقه البخاري (¬4). ¬
باب المواقيت
باب المواقيت 1210 - [3247]- حديث ابن عباس، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لامرأة من الأنصار سماها ابن عباس: "مَا مَنَعَكَ أنْ تَحُجِّي مَعَنَا؟ " قالت: لم يكن لنا إلا ناضحان، فحج أبو ولدها وابنها، على ناضح، وترك لنا ناضحا ننضح عليه، فقال: "إذَا جَاءَ رَمَضَانَ فَاعْتَمِرِي، فَإنَّ عُمْرَةً فِيهِ تَعْدِلُ حَجَّة". متفق عليه (¬1) واللفظ لمسلم. وفي رواية له (¬2): "تَقْضِي حَجَّةً، أَوْ حَجَّة مَعِي"، وسمى المرأة أم سنان. وكذا في رواية البخاري. ورواه الحاكم (¬3) بلفظ: "تَعْدِلُ حَجَّةً مَعِي". ورواه ابن حبان (¬4) والطبراني (¬5) من وجه آخر عن ابن عباس، قال: جاءت أم سليم فقالت: حج أبو طلحة وابنه وتركاني، فقال: "يَا أُمَّ سُلَيْم عُمْرةٌ تُجْزيكِ عَنْ حَجةٍ". فإن صحَّ حُمِلَ على تعدُّد القصة: ¬
[3248]- فقد رواه الطبراني (¬1) من حديث أبي طليق: أن امرأته أم طليق قالت: يا نبي الله ما يعدل الحج؟ قال: "عُمْرَةٌ في رَمَضَانَ". [3249]- ورواه أصحاب "السنن" (¬2) والحاكم (¬3) من حديث أم معقل، وهي التي يقال لها أم الهيثم. وفي الباب: [3250]- عن جابر أخرجه ابن ماجه (¬4) وسنده صحيح. [3251]- وعن يوسف بن عبد الله بن سلام، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لرجل من الأنصار وامرأته: "اعْتَمِرَا في رَمَضَانَ، فَإِنْ عُمْرَةً فِيهِ لَكُمَا كَحَّجَةٍ". أخرجه النسائي (¬5). [3252]- وعن أبي معقل: أنه جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر نحوه، أخرجه النّسائي أيضا (¬6). [3253]- وعن وهب بن خنبش، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "عَمْرَةُ في رَمَضَانَ تَعْدلُ حَجَّةً". أخرجه النسائي (¬7)، وأخرجه ابن ماجه (¬8) من الوجه المذكور، ¬
لكن سماه هرم بن خنبش. وعن علي مثله، أخرجه البزار (¬1). وعن أنس مثله أخرجه ابن عبد البر بإسناد ضعيف (¬2). 1211 - [3254]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - أعمر عائشة من التنعيم ليلة المحصب. متفق عليه (¬3) من حديثها. [3255]- ورواه أحمد (¬4) والطبراني من حديث عبد الرحمن بن أبي بكر، وأصله في البخاري. 1212 - [3256]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - أعمر عائشة في سنة واحدة مرتين. متفق علية (¬5) من حديث عائشة: أنها أحرمت بعمرة عام حجة الوداع، فحاضت فأمرها النبي -صلى الله عليه وسلم- أن تحرم بحج. وفي رواية: "ارْفِضِي عُمْرَتَكِ". وله عندهما ألفاظ. وقد تقدم في الذي قبله: أنه أعمرها من التنعيم، وكل ذلك كان في عام حجة الوداع. 1213 - [3257]- حديث يروى: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "أَفْضَلُ الْحَجّ أَنْ ¬
تَحْرمَ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِكِ". البيهقي (¬1) من حديث أبي هريرة، وفي إسناده جابر بن نوح، قال البيهقي: في رفعه نظر. 1214 - [3258]- حديث: أن عليًّا فسّر الإتمام في قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}: أن تحرم بهما من دويرة أهلك. الحاكم في تفسير "المستدرك" (¬2) من طريق عبد الله بن سلمة، عن علي، أنه سئل عن قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} قال: تحرم من دويرة أهلك. وإسناده قوي. 1215 - [3259]- قوله: وعن عمر كذلك. قلت: ذكره الشّافعي في "الأم" (¬3). وقال ابن عبد البر (¬4): وأما ما روي عن عمر، وعلي: أن إتمام الحج، أن تحرم بهما من دويرة أهلك؛ فمعناه أن تنشيء لهما سفرًا تقصد له من البلد، كذا فسره ابن عيينة فيما حكاه أحمد عنه. وقال عبد الرزاق: عن معمر عن الزهري، قال بلغنا: أن عمر قال في قوله ¬
تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} قال: إتمامهما أن تفرد كل واحد منهما من الآخر، وأن تعتمر في غير أشهر الحج. وروى وكيع، عن شعبة، عن الحكم (¬1) بن عيينة، عن ابن أذنيه قال: أتيت عمر فقلت له من أين أعتمر؟ قال: أئت عليا فسله، فأتيته فسألته فقال: من حيث ابتدأت. فأتيت عمر فذكرت ذلك له، فقال: ما أجد لك إلا ذلك. 1216 - [3260]- حديث ابن عباس: أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- وقت لأهل المدينة ذا الحليفة ... الحديث. متفق عليه (¬2) بلفظه. 1217 - [3261] حديث طاوس قال: لم يوقِّت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات عرق، لم يكن حينئذ أهل المشرق -يعني مسلمين. الشافعي (¬3) عن مسلم، عن ابن جريج، عن عمرو، عن ابن طاوس، عن أبيه قال: لم يوقت النبي -صلى الله عليه وسلم- ذات عرق، ولم يكن أهل مشرق حينئذ. قال ابن جريج: فراجعت عطاء فقال كذلك (¬4) سمعنا: إنه وقت ذات عرق لأهل المشرق. ¬
[3262]- ورواه البيهقي (¬1) وقال: وصله حجاج بن أرطاة، عن عطاء، عن ابن عباس، ولا يصح. 1218 - [3263]- حديث ابن عمر: لما فتح هذان المصران، أتوا عمر فقالوا: يا أمير المؤمنين، إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حَدّ لأهل نجد قرنًا، وهو جور عن طريقنا، وإنا إن أردناه يشق علينا، قال: فانظروا حذوها من طريقكم، فحد لهم ذات عرق. البخاري في "صحيحه" (¬2) بهذا، قال البيهقي: يمكن أن يكون عمر لم يبلغه توقيت النبي -صلى الله عليه وسلم-. 1219 - [3264]- حديث عائشة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقّت لأهل المشرق ذات عرق. أبو داود (¬3) والنسائي (¬4) من رواية القاسم عنها، بلفظ: "العراق" بدل "المشرق" تفرد به المعافى بن عمران، عن أفلح به، والمعافى ثقة. وفي الباب: ¬
[3265]- عن جابر؛ رواه مسلم (¬1) لكنه لم يصرح برفعه. [3266]- وعن الحارث بن عمرو السهمي، رواه أبو داود (¬2). [3267]- وعن أنس، رواه الطحاوي في "أحكام القرآن". [3268]- وعن ابن عباس، رواه ابن عبد البر في "تمهيده" (¬3). [3269]- وعن عبد الله بن عمرو رواه أحمد (¬4)، وفيه حجاج بن أرطاة. وهذه الطرق تعضد مرسل عطاء الذي تقدم. 1220 - [3270]- حديث ابن عباس: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقّت لأهل المشرق العقيق. أحمد (¬5) وأبو داود (¬6) والترمذي (¬7) من طريق يزيد بن أبي زياد، عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، عنه. قال الترمذي: حسن. قال النووي (¬8): ليس كما قال، ويزيد ضعيف باتفاق المحدثين. ¬
تنبيه
قلت: في نقل الاتفاق نظر، يعرف ذلك من ترجمته (¬1). وله علة أخرى قال مسلم في "الكنى" (¬2): لا يعلم له سماع من جده -يعني محمد بن علي. تنبيه العقيق واد يدفق ماؤه، في غوري تهامة. قال الأزهري: هو حذاء ذات عرق. 1221 - [3271] حديث ابن عباس: موقوفا عليه، ومرفوعا: "مَنْ تَرَكَ نُسْكًا فَعَلَيهِ دَمٌ". أما الموقوف، فرواه مالك في "الموطأ" (¬3) والشافعي (¬4) عنه، عن أيوب، عن سعيد بن جبير، عنه، بلفظ: "من نسي من نسكه شيئًا أو تركه فليهرق دما". وأما المرفوع فرواه ابن حزم من طريق علي بن الجعد، عن ابن عيينة، عن أيوب، به، وأعله بالراوي عن علي بن الجعد: أحمد بن علي بن سهل المروزي، فقال: إنه مجهول. وكذا الراوي عنه، علي بن أحمد المقدسي قال: هما مجهولان. ¬
1222 - [3272]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يحرم إلا من الميقات. هذا لم أجده مرويا هكذا عند أحد، وكأنه أخذ بالاستقراء من حجته، ومن عُمَرِه، وفيه نظر كبير (¬1). 1223 - [3273]-حديث: "مَنْ أَحْرَمَ مِنَ الْمَسْجِدِ الأَقْصَى إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرامِ بِحَجَّةٍ أَوْ عُمْرَةٍ، غُفِر لَه مَا تَقَدَّم مِن ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّر". رواه أحمد (¬2) وأبو داود (¬3) وابن ماجه (¬4) وابن حبان في "صحيحه" (¬5) من حديث أم سلمة أنها سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "مِنْ أَهلَّ بِحُجّةٍ أَوْ عُمْرةٍ مِن الْمَسْجِد الأقْصى إِلَى الْمَسْجِد الْحَرَامِ غُفِرَ لَه مَا تقدَّم من ذَنْبِه وَمَا تَأَخَّر، أَوْ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّة". لفظ أبي داود. ورواه الدارقطني (¬6) بلفظ: "وَوَجَبَتْ لَهُ الْجَنّة". ولفظ أحمد وابن (¬7) حبان: "مَا تَقَدَّم مِنْ ذَنْبِه فَقَطْ". ¬
ولفظ ابن ماجه: "كَان كَفّارة لِمَا قَبْلَهَا مِنَ الذنُوبِ". وقال البخاري في "تاريخه" (¬1): لا يثبت. ذكره في ترجمة "محمد بن عبد الرحمن بن يحنس" وقال حديثه -في الإحرام من بيت المقدس-: لا يثبت. والذي وقع في رواية أبي داود وغيره: (عبد الله بن عبد الرحمن)، لا (محمد ابن عبد الرحمن) وكأن الذي في رواية البخاري أصحّ. 1224 - [3274] حديث: أنّ عائشة لما أرادت أن تعتمر بعد التحلل أمرها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأن تخرج إلى الحل فتحرم. متفق عليه (¬2) من حديثها. * حديث: أنّ عائشة لما أرادت أن تعتمر أمر أخاها عبد الرحمن أن يعمرها من التنعيم، فأعمرها منه. تقدّم. 1225 - [3275] حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - أحرم عام الحديبية، وأراد الدخول منها للعمرة، وصده المشركون عنها. متفق عليه (¬3) من حديث ابن عمر: أنه عليه السلام خرج معتمرا، فحال كفار قريش بينه وبين البيت، فنحر هديه، وحلق رأسه بالحديبية. ¬
[3276]- وورد في البخاري (¬1) عن المسور، ومروان قالا: خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- عام الحديبية في بضع عشرة مائة من أصحابه، فلما كان بذي الحليفة قلد الهدي وأشعر وأحرم بالعمرة بها. 1226 - قوله: نقلوا أنه عليه السلام اعتمر من الجعرانة مرتين؛ مرة في عمرة القضاء، ومرة في عمرة هوازن. كذا وقع فيه، وهو غلط واضح، فإنه - صلى الله عليه وسلم - لم يعتمر في عمرة القضاء من الجعرانة. وكيف يتصور أن يتوجه - صلى الله عليه وسلم - من المدينة إلى جهة الطائف، حتى يحرم من الجعرانة، ويتجاوز ميقات المدينة، وكيف يلتئم هذا مع قوله: قيل إنه - صلى الله عليه وسلم - لم يحرم إلا من الميقات، بل في "الصحيحين" (¬2) من: [3277]- حديث أنس: أنه - صلى الله عليه وسلم - اعتمر أربع عمر كلهن في ذي القعدة، إلا التي مع حجته؛ عمرة من الحديبية، أو زمن الحديبية في ذي القعدة، وعمرة من العام المقبل في ذي القعدة، وعمرة من الجعرانة، حيث قسم غنائم حنين في ذي القعدة، وعمرة مع حجته. [3278]- ولأبي داود (¬3) والترمذي (¬4) وابن ماجه (¬5) وابن حبان (¬6) والحاكم (¬7) ¬
من حديث ابن عباس قال: اعتمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أربع عمر؛ عمرة الحديبية، والثانية حين تواطئوا على عمرة من قابل (¬1) .... الحديث. وذكر الواقدي: أن إحرامه من الجعرانة كان ليلة الأربعاء لاثنتي عشرة ليلة بقيت من ذي القعدة. **** ¬
باب وجوه الإحرام وآدابه وسننه
باب وجوه الإحرام وآدابه وسننه 1227 - [3279]- حديث عائشة: خرجت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- عام حجة الوداع، فمنا من أهل بالحج، ومنا من أهل بالحج والعمرة. متفق عليه (¬1) بزيادة: وأهلَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالحجّ، فأمّا من أهلَّ بعمرة فحلَّ، وأما من أهل بالحج أو جمع بين الحج والعمرة فلم يحلّوا، حتى كان يوم النحر. 1228 - [3280]- حديث أنس: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يصرخ بهما صراخًا: "لَبَّيْكَ حَجَّةً وعُمْرَةً". متفق عليه (¬2) بغير هذا اللفظ، من حديث بكر بن عبد الله، عنه: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم-: يلبي بالحج والعمرة جميعا. وفي لفظ لمسلم (¬3): "لَبَّيْكَ [عُمْرةً وحَجًّا] (¬4) ". وفي لفظ للبخاري (¬5): كنت ردف أبي طلحة ورأيتهم يصرخون بهما جميعا: الحج والعمرة. وفي لفظ: سمعتهم يصرخون بهما جميعا. ¬
ولمسلم (¬1): سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهل بهما: "لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا". وفي الباب: عن عمر وابن عمر، وعلي، وابن عباس، وجابر، وعمران بن حصين، والبراء، وأنس، وعائشة، وحفصة، وأبي قتادة، وابن أبي أوفى. قال ابن حزم (¬2): أسانيدهم صحيحة. قال: وروي (¬3) أيضًا عن سراقة، وأبي طلحة، وأم سلمة، والهرماس. قلت: وفيه أيضا عن سعد بن أبي وقاص، وعثمان وغيرهما. 1229 - [3281]- حديث: "لَوِ اسْتَقْبَلْتَ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدبَرْتَ مَا سُقْتُ الْهَدْيَ، وَلَجعَلْتهَا عُمْرةً". متّفق عليه (¬4) من حديث جابر بلفظ: "مَا أَهْدَيْتُ، وَلَولا أَنّ مَعِي الْهَدْيَ لأَحْلَلْت". لفظ البخاري 1230 - [3282]- حديث جابر: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أفرد الحج. مسلم (¬5) عن جابر: أقبلنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- مهلّين بحجّ مفرد. وفي رواية: بالحج خالصا وحده. زاد أبو داود (¬6) وابن ماجه (¬7): لا ¬
يخلطه بغيره. ذكره مسلم في حديث جابر الطويل، من رواية جعفر بن محمد , عن أبيه، عن جابر. وفي رواية لابن ماجه (¬1): أفرد الحجّ. واتفقا عليه (¬2) من طريق عطاء عنه، بلفظ: أهلَّ هو وأصحابه بالحج. وفي رواية للبيهقي (¬3) من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عنه، بلفظ: أهلَّ بالحجّ ليس معه عمرة. * قوله: ورجح الشافعي رواية جابر؛ لأنه أشد عناية بضبط المناسك، وأفعال النبي -صلى الله عليه وسلم- من لدن خروجه - صلى الله عليه وسلم - من المدينة إلى أن تحلَّل. هو كما قال، وهو بَيِّنٌ (¬4) في حديث جابر الطويل [مسلم] (¬5). 1231 - [3283]- حديث ابن عباس: أنه - صلى الله عليه وسلم - أفرد الحجَّ. مسلم (¬6) بلفظ: أهلَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالحجِّ، فقدم لأربع مضين من ذي ¬
الحجة، وقال لما صلّى الصبح: "مَنْ شَاء أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً فَلْيَجْعَلْهَا عُمْرةً". وأخرجه البخاري (¬1) في "كتاب الصلاة" بلفظ: قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه لصبح رابعة يهلون بالحج ... الحديث، 1232 - [3284]- حديث عائشة: أنه - صلى الله عليه وسلم - أفرد الحجَّ. متفق عليه (¬2) بلفظ: أهلَّ بالحجِّ. ولمسلم (¬3): أنه عليه الصلاة والسلام أفرد الحجَّ. وفي رواية لهما (¬4): خرجنا ولا نذكر إلا الحجّ. 1233 - قوله: وأما قوله: "لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِن أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ"، فإنما ذكره تطييبا لقلوب أصحابه. وتمام الخبر: ما روي عن جابر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أحرم إحرامًا مبهمًا، وكان ينتظر الوحي في اختيار الوجوه الثلاثة، فنزل الوحي، بأن من ساق الهدي، فليجعله حجًّا، ومن لم يسق فليجعله عمرة، وكان قد ساق الهدي، دون غيره فأمرهم أن يجعلوا إحرامهم عمرة ويتمتعوا ¬
وجعل إحرامه حجًّا، فشقّ عليهم , لأنهم كانوا يعتقدون من قبل أن العمرة في أشهر الحجّ من أكبر الكبائر، فأظهر النبي -صلى الله عليه وسلم- الرغبة في موافقتهم، وقال: "لَوْ لَمْ أَسُقِ الْهَديَ .... ". وهذا الحديث عن جابر لا أصل له. [3285]- نعم، رواه الشافعي (¬1) من حديث طاوس مرسلا، بلفظ: خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من المدينة لا يسمي حجًّا ولا عمرة ينتظر القضاء -يعني نزول جبريل بما يصرف إحرامه المطلق إليه. فنزل عليه القضاء بين الصفا والمروة، فأمر أصحابه من كان أهلَّ بالحج ولم يكن معه هدي أن يجعلها عمرة، وقال: "لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي ... ". الحديث. وليس فيه التعليل المذكور في آخره. وأما قوله: فشقَّ عليهم لأنهم كانوا يعتقدون .. . إلى آخره؛ فدليله ما رواه ابن عباس قال: كانوا يرون العمرة في أشهر الحجِّ من أفجر الفجور. أخرجه الشيخان. وقد سبق في "المواقيت". وقوله في هذا الحديث: وليس مع أحد منهم هدي غير النبي -صلى الله عليه وسلم-. رواه البخاري (¬2) خاصة من حديث جابر قال: أهلَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه بالحجِّ، وليس مع أحد منهم هدي غير النبي -صلى الله عليه وسلم-. ¬
1234 - [3286]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - أحرم متمتعا. متفق عليه (¬1) من حديث ابن عمر: تمتع النبي -صلى الله عليه وسلم- وأهدى، فساق الهدي من ذي الحليفة، وبدأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأهلَّ بالعمرة، ثم أهل بالحجّ. [3287]- وروى مسلم (¬2) من حديث عمران بن حصين (¬3): تمتع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتمتعنا معه. [3288]- وروى الترمذي (¬4) من حديث ابن عباس: تمتع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر وعمر وعثمان، وأول من نهى [عنها] (¬5) معاوية. 1235 - [3289]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لعائشة: "طَوَافُكِ بِالْبَيْتِ، وَسَعْيُكِ بَيْن الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ يَكْفِيكِ لِحَجَّتِكِ وَعُمْرَتِكِ". مسلم (¬6) من حديثها بلفظ: " [يُجْزِئُ عَنْكِ] (¬7) طَوَافُكِ بالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ عَنْ حَجّكِ وَعُمْرَتِكِ" ذكره في أثناء حديث. ¬
1236 - [3290]- حديث: أن عائشة أحرمت بالعمرة لما خرجت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- عام حجة الوداع، فحاضت، ولم يمكنها أن تطوف للعمرة، وخافت فوات الحج لو أخرت إِلى أن تطهر، فدخل عليها النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال لها: "مَا لَكِ؟ أنفسْتِ؟ "، قالت: بلى. قال: "ذَلكِ شَيءٌ كتَبَهُ الله عَلَى بَنَاتِ آدَم، أَهِلِّي بالْحجِّ، وَاصْنَعِي مَا يَصْنَعُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لا تَطوفِي بِالْبَيْتِ، وَطَوَافكِ يَكْفِيكِ لِحَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ". متفق عليه (¬1) من حديثها. وله ألفاظ. [3291]- ومن حديث جابر (¬2)، وزاد أبو داود (¬3) في حديث جابر: "غَيْرَ أَنْ لا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ وَلا تُصَلِّي". وذكره البخاري تعليقًا في "كتاب الحيض" (¬4) ووصله بمعناه من وجه آخر في أواخر الكتاب. ¬
1237 - [3292]- حديث عائشة: أهدى عنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقرة ونحن قارنات. لم أجده هكذا. [3293]- وفي "الصحيحين" (¬1) عنها في حديث أوله: خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لخمس بقين من ذي القعدة ... الحديث. وفيه: فدخل علينا يوم النحر بلحم بقر، فقلت: ما هذا؟ [فقيل: ذبح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أزواجه. وفي لفظ: فأتينا بلحم بقر، فقلت ما هذا؟] (¬2) فقالوا: أهدى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن نسائه البقر. وللنسائي (¬3): ذبح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عنا يوم حججنا بقرة بقرة. [3294] ولمسلم (¬4) عن جابر: ذبح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن عائشة. وفي لفظ: عن نسائه بقرة يوم النحر. [3295]- وفي "سنن ابن ماجه" (¬5) والحاكم (¬6) عن أبي هريرة: ذبح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عمن اعتمر من نسائه، في حجة الوداع بقرة بينهن. ¬
قال البيهقي (¬1): تفرد به الوليد بن مسلم، ولم يذكر سماعه فيه، ويقال: إنه أخذه عن يوسف بن السفر، وهو ضعيف (¬2). ثم رواه (¬3) من وجه آخر مصرَّحًا بسماع الوليد فيه وقال: إن كان محفوظًا فهو حديث جيد. 1238 - [3296]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم -أمر أصحابه أن يحرموا من مكة، وكانوا متمتعين. لم أجده هكذا. [3297]- وفي "الصحيحين" (¬4) عن جابر في حديث أوله: حججنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ... الحديث. وفيه: "وَأَقِيمُوا حَلالًا حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ الترْوِيةِ فَأَهِلّوا بِالْحَجِّ". ولهما من حديثه في هذه القصة: "حتّى إذَا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَة وَجَعَلْنَا مَكَّةَ بِظَهْرِ أَهْلَلْنَا بِالْحجِّ". و [لمسلم] (¬5). (¬6): أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نحرم إذا توجهنا إلى منى، قال: فأهللنا من الأبطح. ¬
[3298]- ولهما (¬1) عن سالم، عن ابن عمر قال: تمتع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج، وأهدى وساق معه الهدي، من ذي الحليفة، وبدأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأهلَّ بالعمرة، ثم أهلَّ بالحجّ، وتمتع الناس معه بالعمرة إلى الحجّ، فكان منهم من أهدى، فساق الهدي، ومنهم من لم يهد، فلما قدم مكة قال للناس: "مَنْ كَان مِنْكُمْ أَهْدَى فَإنَّه لا يَحِلّ مِنْ شَيءٍ [حَرُمَ] (¬2) مِنْهُ، حَتّى يَقْضي حَجَّه، وَمَنْ لَمْ يَكنْ مِنْكمْ أَهْدَى فَلْيَطُفْ بِالْبَيْتِ وَبالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَلْيُقَصِّرْ وَلْيُحَلِّلْ، ثُمَّ لِيهِلّ بِالْحَجِّ، وَلْيُهْدِ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ هَديًا فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ في الْحَجِّ، وَسَبْعَةٍ إذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِه .... " الحديث. * حديث جابر (¬3): "إذَا تَوَجَّهْتُم إِلَى مِنًى فَأَهِلّوا بِالْحَجّ". تقدم قبله. 1239 - [3299]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال للمتمتعين: "مَنْ كانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهْدِ، وَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَصُمْ ثَلاثةَ أَيَّامٍ في الْحَجّ وَسَبْعَةِ إذا رَجَعَ إلى أَهْلِه". متفق عليه (¬4) من حديث ابن عمر في حديث طويل. ¬
1240 - [3300]- حديث ابن عباس: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ثلاَثةُ أيّامٍ في الْحَجّ وَسَبْعَةٍ إذا رَجَعْتُم إِلَى أَمْصَارِكُمْ". البخاري (¬1) عن بعض شيوخه تعليقا بصيغة جزم. قلت: ووصله ابن أبي حاتم في "تفسيره". * حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - أحرم إحرامًا مطلقًا. تقدم قبل. * حديث جابر: قدمنا مكة ونحن نقول: لبيك بالحجّ. يأتي. 1241 - [3301]- حديث: أن عليا قدم من اليمن مهِّلًا بما أهل به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- , فلم ينكر عليه. متفق عليه (¬2) من حديث أنس: قدم علي على النبي -صلى الله عليه وسلم- من اليمن فقال: "بِمَ أَهلَلْتَ؟ " قال: بما أهل به النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: "لَوْلا أنَّ مَعِيَ الْهَدْيَ لأَحْلَلْتُ". [3302]- وللبخاري (¬3) عن جابر: أمره النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يقيم على إحرامه. ¬
وفي رواية له نحو حديث أنس، قال: فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "فَأَهْدِ وَامْكُثْ حَرامًا كَمَا أَنْتَ". 1242 - [3303]- قوله: وكذا وقع لأبي موسى. اتفقا عليه (¬1) من طريق طارق عنه، قال: قدمت على النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو منيخ بالبطحاء، فقال لي: "أَحَجَجْتَ؟ " فقلت: نعم. فقال: "بِمَا أَهْلَلْتَ؟ " قلت: لَبَّيْت بإهلالٍ كإهلال النبي -صلى الله عليه وسلم-. فقال: "أَحْسَنْتَ ... " الحديث. 1243 - [3304]- حديث سعيد بن المسيب: كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعتمرون في أشهر الحجّ، فإذا لم يحجُّوا من عامهم ذلك لم يهدوا. البيهقي (¬2) من طريقه بلفظ: يتمتعون. وزاد في آخره: لم يهدوا شيئًا. **** ¬
باب سنن الإحرام
باب سنن الإحرام 1244 - [3305]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - تجرَّد لإهلاله واغتسل. الترمذي (¬1) والدارقطني (¬2) والبيهقي (¬3) والطّبراني (¬4) من حديث زيد بن ثابت حسنه الترمذي، وضعفه العقيلي (¬5). وروى الحاكم (¬6) والبيهقي (¬7) من طريق يعقوب بن عطاء، عن أبيه، عن ابن عباس قال: اغتسل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم لبس ثيابه، فلما أتى ذا الحليفة صلى ركعتين، ثم قعد على بعيره فلما استوى به على البيداء أحرم بالحجِّ. ويعقوب ضعيف. 1245 - [3306]- حديث: أن أسماء بنت عميس امرأة أبي بكر نفست بذي الحليفة، فأمرها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن تغتسل للإحرام. مالك في "الموطأ" (¬8) عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن أسماء بنت ¬
عميس، أنها ولدت محمد بن أبي بكر الصديق بالبيداء، فذكر ذلك أبو بكر لرسول الله فقال: "مُرْهَا فَلْتَغْتَسِلْ، ثُمَّ لِتَهِلّ". وهذا مرسل، وقد وصله مسلم (¬1) من حديث عبيد الله بن عمر، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة قالت: نفست أسماء. وقال الدارقطني في "العلل": الصحيح قول مالك ومن وافقه -يعني مرسلا. ورواه النسائي (¬2) من حديث يحيى بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن أبيه، عن أبي بكر، وهو مرسل أيضا, لأن محمّدًا لم يسمع من النبي -صلى الله عليه وسلم- , ولا من أبيه. نعم يحتمل أن يكون سمع ذلك من أمه، لكن قيل: إن القاسم أيضا لم يسمع من أبيه. 1246 - [3307]- وقد أخرجه مسلم (¬3) في حديث جابر الطويل، قال: فخرجنا معه حتى أتينا ذا الحليفة فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر، فأرسلت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كيف أصنع قال: "اغْتَسِلِي وَاسْتَثْفِرِي بِثَوْبٍ وَأَحْرِمِي ... " الحديث. ¬
1247 - [3308]- حديث: الغسل لدخول مكة. متفق عليه (¬1)، من حديث ابن عمر: أنه كان إذا دخل أدنى الحرم أمسك عن التلبية، ثم يبيت بذي طوى، ثم يصلي به الصبح، ويغتسل، ويحدث: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يفعل ذلك. لفظ البخاري ولفظ مسلم نحوه. 1248 - [3309]- حديث عائشة: كنت أطيب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف (¬2) بالبيت. متفق عليه (¬3) بهذا اللفظ. وله عندهما ألفاظ غيره. 1249 - [3310]- حديثها: كأني أنظر إلى وبيص المسك في مفرق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو محرم. متفق عليه (¬4) من حديثها، واللّفظ لمسلم، ولفظ البخاري: "الطيب" بدل "المسك" و"مفارق" بدل "مفرق". وزاد النسائي (¬5) وابن حبان (¬6): بعد ثلاث وهو محرم. ¬
تنبيه
وفي رواية لمسلم (¬1): كان إذا أراد أن يحرم تطيب بأطيب ما يجد، ثم أرى وبيص الطيب في رأسه ولحيته بعد ذلك. تنبيه الوبيص -بالصاد المهملة- اللمعان. 1250 - [3311]- قوله: روي: أن من السنة أن تمسح المرأة يديها للإحرام بالحناء. الشافعي (¬2) والدارقطني (¬3) والبيهقي (¬4) من حديث عبد الله بن دينار عن ابن عمر، أنه كان يقول: من السنة أن تدلك المرأة يديها بشيء من الحناء، عشية الإحرام ... الحديث. وفي إسناده موسى بن عبيد الربذي، وهو واهي الحديث، وقد أرسله الشافعي ولم يذكر (ابن عمر). 1251 - [3312]- حديث: روي أن امرأة بايعت النبي -صلى الله عليه وسلم-، فأخرجت يدها فقال عليه السلام: "أَيْنَ الْحِنَّاء؟ ". أبو داود (¬5) وأبو يعلى (¬6) من حديث عائشة: أن هند بنت عتبة قالت: ¬
يا نبي الله بايعني؟ قال: "لا أُبَايِعُكِ حَتى تُغَيِّري كَفَّيْكَ، كَأَنَّهُمَا كَفَّا سَبُعٍ". وفي إسناده مجهولات ثلاث. [3313]- ورواه أحمد (¬1) والنسائي (¬2) وأبو داود (¬3) من وجه آخر عن صفية بنت عصمة، عن عائشة قالت: أومأت امرأة من وراء ستر بيدها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقبض يده وقال: "مَا أَدْرِي أَيَدُ رَجُلٍ أَوْ يَدُ امْرَأةٍ؟ " قالت: بل امرأة، قال: "لَوْ كُنْتِ امْرَأَةَ لَغَيَّرْتِ أَظْفَارَكِ بِالْحِنّاء". قال أحمد في "العلل" (¬4): هذا حديث منكر. [3314]- ورواه الطبراني (¬5) وأبو نعيم في "المعرفة" (¬6) من حديث سوداء بنت عاصم، قالت: أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- أبايعه، فقال: "اخْتَضِبِي"، فاختضبت، ثم جئت فبايعته. [3315]- وروى البزار (¬7) من حديث مجاهد عن ابن عباس: أن امرأة أتت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تبايعه، ولم تكن مختضبة، فلم يبايعها حتى اختضبت. وفيه عبد الله بن عبد الملك الفهري، وفيه لين. ¬
[3316]- وللطّبراني في "الأوسط" (¬1) من طريق عباد بن كثير الرّملي، عن شُمَيْسَة بنت نبهان، عن مولاها مسلم بن عبد الرحمن، قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام الفتح يبايع النساء على الصفا، فجاءت امرأة كأنّ يدها يد رجل، فأبى أن يبايعها حتى ذهبت فغيرتها بصفرة. 1252 - [3317]- قوله: وحيث يستحب الاختضاب، إنما يستحب تعميم اليد، دون النقش والتسديد والتطريف، فقد روي: أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن التطريف، هو أن تختضب المرأة أطراف الأصابع .. هذا الحديث لم أجده. [3318]- لكن روى الطبراني (¬2) في ترجمة "أم ليلى امرأة أبي ليلى" من حديث [ابن أبي ليلى] (¬3)، قالت: بايعنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكان فيما أخذ علينا أن تختضب الغمس، وتمتشط بالغسل، ولا نقحل أيدينا من خضاب. وهذا لا يدل على المنع، بل حديث عصمة عن عائشة المتقدم عند أحمد وغيره فيه لغيرت أظفارك، يدل على الجواز، إلا أنّ المصنّف نظر إلى المعنى ¬
في حال الإحرام، خاصة لأنها إنما أمرت بخضب يديها, لتستر بشرتها، فإذا أخضبت طرفا منها , لم يحصل تمام التستر. وأيضا ففي النقش والتطريف فتنة وقد أمرت بالكشف في الإحرام. 1253 - [3319]- حديث: "لِيُحْرِمْ أَحَدُكُمْ في إزَارٍ وَرِداءٍ وَنَعْلَين". هذا الحديث قد ذكره الشيخ في "المهذب" (¬1) عن ابن عمر، وكأنّه أخذه من كلام ابن المنذر، فإنّه كذلك ذكره بغير إسنادٍ، وقد بَيّض له المنذري والنّووي في الكلام على "المهذب"، ووهم من عزاه إلى الترمذي. [3320]- نعم (¬2) رواه ابن المنذر في "الأوسط" وأبو عوانة في "صحيحه" بسند على شرط الصحيح، من رواية عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري عن سالم، عن ابن عمر: أن رجلا نادى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ما يجتنب المحرم من الثياب؟ فقال: "لا يَلْبَس السَّرَاوِيلَ، وَلا الْقُمُصَ، وَلا الْبَرَانِسَ، وَلا الْعِمَامَةَ وَلا ثوبًا مَسَّهُ: زَعْفَران، وَلا وَرْسٌ، وَلْيُحْرِمْ أَحَدُكُمْ في إِزَارٍ وَرِدَاءٍ وَنَعْلَيْنِ، فَإنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَس خُفَّيْنِ، وَلْيُقَطِّعْهُمَا حَتّى يَكُونَا إِلَى الْكَعْبَيْن". وقال ابن المنذر في "مختصره": ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (فذكره). [3321]- وله شاهد عند البخاري (¬3) من طريق كريب عن ابن عباس قال: انطلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من المدينة بعد ما ترجّل وادّهن، ولبس إزاره ورداءه، هو وأصحابه، ولم ينه عن شيء من الأزر والأردية يلبس إلا المزعفر. ¬
* حديث: "أَحَبّ الثِّيَابِ إِلَى الله الْبِيضُ". سبق في "كتاب الجمعة". * حديث: رأى عمر طلحة ... يأتي في آخر الباب. 1254 - [3322]- حديث: أنّه - صلى الله عليه وسلم - صلى بذي الحليفة ركعتين ثم أحرم. مسلم (¬1) من حديث جابر نحوه، واتفقا (¬2) عليه من حديث ابن عمر: أنه كان يأتي مسجد ذي الحليفة فيصلي ركعتين، ثم يركب فإذا استوت به راحلته قائمة أحرم، ثم يقول: هكذا رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفعل. لفظ البخاري. [3323]- ورواه أحمد (¬3) وأبو داود (¬4) والحاكم (¬5) من حديث ابن عباس قال: خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حاجا، فلما صلى في مسجده بذي الحليفة ركعتيه أوجب في محله، فأهل بالحج حين فرغ من ركعتيه. ¬
1255 - [3324]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يهلّ حتي انبعثت به راحلته. متفق عليه (¬1) من حديث ابن عمر بهذا اللفظ. وفي الباب: [3325] عن جابر: إن إهلال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من ذي الحليفة حين استوت به راحلته. رواه البخاري (¬2). [3326]- وعن أنس نحوه؛ رواه أيضا (¬3). [3327]- وعن ابن عباس؛ عند الحاكم (¬4). [3328]- وعن سعد بن أبي وقاص: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أخذ طريق الفرع أهلَّ إذا استوت به راحلته. رواه أبو داود (¬5) والبزار (¬6) والحاكم (¬7). [3329]- حديث ابن عبأس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أهل في دبر الصلاة. أصحاب السنن (¬8) والحاكم (¬9) والبيهقي (¬10) مطوَّلا ومختصرًا من حديثه. ¬
وفي إسناده خصيف، وهو مختلف فيه. 1256 - قوله: حمل طائفة من الأصحاب اختلاف الرواية على أنه - صلى الله عليه وسلم - أعاد التلبية عند انبعاث الدابة، فظن من سمع أنه حينئذ لبى. قلت: [3330]- هذا رواه أبو داود أيضا (¬1) والبيهقي (¬2) في حديث ابن عباس. * حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لعائشة وقد حاضت: "افْعَلي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أنْ لا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ". متفق من حديثها، وقد تقدم "في الحيض". 1257 - [3331]- حديث جابر: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يلبي في حجِّه إذا لقي ركبا أو علا أكمة، أو هبط واديا، وفي أدبار المكتوبة، وآخر الليل. هذا الحديث ذكره الشيخ في "المهذّب"، وبيض له النووي والمنذري. وقد رواه بن عساكر في "تخريجه لأحاديث المهذب" (¬3) من طريق عبد الله بن محمد بن ناجية في "فوائده" بإسناد له إلى جابر قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يلبي ¬
إذا لقي ركبا، ... (فذكره). وفي إسناده من لا يعرف. [3332]- وروى الشافعي (¬1)، عن سعيد بن سالم، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع عن ابن عمر: أنه كان يلبي راكبًا، ونازلًا، ومضطجعًا. [3333]- وروى ابن أبي شيبة (¬2) من رواية بن سابط قال: كان السلف يستحبون التلبية في [أربعة] (¬3) مواضع: في دبر الصلاة، وإذا هبطوا واديا، أو علوه، وعند التقاء الرفاق. [3334]- وعن خيثمة نحوه (¬4)، وزاد: وإذا استقلت بالرجل راحلته. 1258 - [3335]- حديث: "أَتَانِي جِبريل فَأَمَرَنِي أَنْ آمُرَ أَصْحَابِي فَيَرْفَعُوا أَصوَاتَهُمْ بِالتَّلْبَيَةِ". مالك في "الموطأ" (¬5) والشافعي (¬6) عنه، وأحمد (¬7) وأصحاب "السنن" (¬8) ¬
وابن حبان (¬1) والحاكم (¬2) والبيهقي (¬3) من حديث خلاد بن السائب، عن أبيه. قال الترمذي: هذا حديث صحيح، ورواه بعضهم عن خلاد بن السائب، عن زيد بن خالد، ولا يصح. وقال البيهقي أيضا: الأول هو الصّحيح. وأمّا ابن حِبّان (¬4) فصحّحهما، وتبعه الحاكم، وزاد رواية ثالثة من طريق المطلب بن عبد الله بن حنطب، عن أبي هريرة. [3336]- وروى أحمد (¬5) من حديث ابن عباس: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن جِبْرِيلَ أَتَانِي وَأَمَرَنِي أَنْ أُعْلِنَ التلْبِيَة". وترجم البخاري: "رفع الصوت بالإهلال". [3337]- وأورد فيه (¬6) حديث أنس: صلى النبي -صلى الله عليه وسلم- الظهر بالمدينة أربعا، والعصر بذي الحليفة ركعتين، وسمعتهم يصرخون بهما جميعا. [3338]- وروى ابن أبي شيبة (¬7) من طريق المطلب بن عبد الله بن حنطب قال: كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يرفعون أصواتهم بالتلبية حتى تبح أصواتهم. ¬
1259 - [3339]- حديث: "أَفْضَلُ الْحَجِّ الْعَجُّ والثّجُّ". الترمذي (¬1) وابن ماجه (¬2) والحاكم (¬3) والبيهقي (¬4) من حديث أبي بكر الصديق، واستغربه الترمذي. وحكى الدارقطني (¬5) الاختلاف فيه وقال: الأشبه بالصّواب رواية من رواه عن الضحاك بن عثمان، عن ابن المنكدر، عن عبد الرّحمن بن يربوع، عن أبي بكر. وقال أحمد والبخاري والترمذي: من قال فيه: عن ابن المنكدر عن ابن عبد الرحمن بن يربوع عن أبيه، عن أبي بكر فقد أخطأ. وقال الدارقطني (¬6): قال أهل النسب: من قال سعيد بن عبد الرحمن بن يربوع فقد وهم، وإنما هو عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع. وفي الباب: [3340]- عن جابر أشار إليه الترمذي (¬7) ووصله أبو القاسم في "الترغيب والترهيب" وإسناده خطأ، وراويه متروك؛ وهو إسحاق بن أبي فروة. ¬
[3341]- وعن عبد الله بن مسعود؛ رواه [ابن] (¬1) المقري في "مسند أبي حنيفة" (¬2) من روايته عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، عنه. [3342]- وهو عند ابن أبي شيبة، عن أبي أسامة، عن أبي حنيفة. ومن طريق أبي أسامة أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (¬3). 1260 - [3343]- حديث: التلبية: لبيك اللهم لبيك ... الحديث. متفق عليه (¬4) من حديث ابن عمر. 1261 - [3344]- قوله: وكان ابن عمر يزيد فيها: لبيك لبيك وسعديك ... الحديث. رواه مسلم (¬5)، وفي رواية له ذكر الزيادة عن عمر (¬6). ¬
1262 - [3345]- قوله: ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه إذا رأى شيئًا يعجبه قال: "لَبَّيكَ، إنَّ الْعَيشَ عَيشُ الآخِرَة". ابن خزيمة (¬1) والحاكم (¬2) والبيهقي (¬3) من حديث عكرمة عن ابن عباس: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقف بعرفات، فلما قال: لبيك اللهم لبيك، قال: "إنما الْخَيْرُ خَيْرُ الآخِرَة". ورواه سعيد بن منصور من حديث عكرمة مرسلا. قال: نظر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى من حوله وهو واقف بعرفة، فقال: فذكره. [3346]- وروى الشافعي (¬4)، عن سعيد بن سالم، عن ابن جريج، عن حميد الأعرج، عن مجاهد، قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يظهر من التلبية: "لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبيْكَ ... " الحديث. قال: حتى إذا كان ذات يوم الناس يصرفون عنه كأنه أعجبه ما هو فيه فزاد فيها: "لَبَّيْكَ إِن الْعَيْشَ عَيْشُ الآخِرَةِ". 1263 - [3347]- قوله: روي في بعض الروايات أنه - صلى الله عليه وسلم - قال في التلبية: "لَبَّيْكَ حَقًّا حَقًّا تَعَبُّدا وَرِقًّا". ¬
البزار (¬1) من حديث أنس وذكر الدارقطني في "العلل" الاختلاف فيه وساقه بسنده مرفوعا ورجح وقفه. 1264 - [3348]- حديث (¬2) روي: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا فرغ من تلبيته في حج أو عمرة سأل الله رضوانه والجنة، واستعاذ برحمته من النار. الشافعي (¬3) من حديث خزيمة بن ثابت. وفيه صالح بن [محمّد] (¬4) بن أبي زائدة أبو واقد اللّيثي وهو مدني ضعيف. وأما إبراهيم بن أبي يحيي الرّاوي عنه فلم ينفرد به، بل تابعه عليه عبد الله بن عبد الله الأموي، أخرجه البيهقي (¬5) والدارقطني (¬6). 1265 - [3349]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد أن يحرم غسل رأسه بأشنان وخطمى. ¬
الدارقطني (¬1) من حديث عائشة. وفيه عبد الله بن [محمد] (¬2) بن عقيل، وهو مختلف فيه. 1266 - [3350]- حديث عمر: أنه رأى على طلحة ثوبين مصبوغين وهو حرام، فقال: أيها الرّهط إنكم أئمة يقتدى بكم، فلا يلبس أحدكم من هذه الثياب المصبغة في الإحرام. مالك في "الموطأ" (¬3) عن نافع: أنه سمع أسلم مولى عمر يحدِّث عبد الله [بن عُمر] (¬4): أنّ عمر رأى على طلحة بن عبيد الله ثوبا مصبوغا، فذكر نحوه، وأتم منه. 1267 - [3351]- حديث ابن عمر: أنه كان يقول: لا يلبي الطائف. لم أره هكذا، لكن عند البيهقي (¬5) عن مالك، عن الزهري، أنه كان يقول: كان ابن عمر لا يلبي وهو يطوف حول البيت. وروي عن ابن عمر خلاف ذلك: [3352]- أخرجه ابن أبي شيبة (¬6) من طريق ابن سيرين قال: كان ابن عمر إذا ¬
طاف بالبيت لبى. [3353]- وفي البيهقي أيضا (¬1) وابن أبي شيبة (¬2) من طريق عبد الملك بن أبي سليمان، سئل عطاء: متى يقع المعتمر التلبية؟ فقال: قال ابن عمر: إذا دخل الحرم. وقال ابن عباس: حين يمسح الحجر. **** ¬
باب دخول مكة وبقية أركان الحج إلى آخرها
باب دخول مكّة وبقيّة أركان الحجّ إلى آخرها 1268 - [3354]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - دخل مكة ثم خرج منها إلى عرفة. لم أره هكذا، لكنه الواقع، وصرّح بذلك في عدة أحاديث صحيحة بغير هذا اللفظ. * حديث ابن عمر: أنه كان لا يقدم مكة إلا بات بذي طوى حتى يصبح ... الحديث. تقدّم. 1269 - [3355]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يدخل مكة من الثنية العليا ويخرج من الثنية السفلى. متفق عليه (¬1)، من حديث ابن عمر. وله ألفاظ. [3356]- وفي الباب عندهما (¬2) عن عائشة. 1270 - [3357]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رأى البيت رفع يديه ثم قال: "اللهُمّ زِدْ هَذَا الْبَيتَ تَشْريفًا وَتَعْظيمًا وَتكْريمًا، ¬
وَمَهابةً وَزِدْ مَنْ شَرَّفَه وَعَظَّمَهُ مِمَّن حَجَّه أَوِ اعْتَمَره تَشْريفًا وَتَكْرِيمًا وَتَعْظيمًا، وَمَهابةً وَبِرًّا". البيهقي (¬1) من حديث سفيان الثوري، عن أبي سعيد الشامي، عن مكحول به مرسلا. وسياقه أتم. وأبو سعيد هو [محمّد] (¬2) بن سعيد المصلوب كذّاب. ورواه الأزرقي في "تاريخ مكة" (¬3) من حديث مكحول أيضا، وفيه: "مهابة وبرا" في الموضعين. وهو ما ذكره الغزالي في "الوسيط" (¬4)، وتعقبه الرافعي (¬5): بأن البر لا يتصور من البيت. وأجاب النووي (¬6): بأن معناه أكثر بر زائريه. [3358]- ورواه سعيد بن منصور في "السنن" له من طريق برد بن سنان، سمعت ابن قسامة يقول: إذا رأيت البيت فقل: اللهم زده .... (فذكره سواء). [3359]- ورواه الطبراني (¬7) في "مسند حذيفة" بن أسيد مرفوعا، وفي إسناده عاصم الكوزي وهو كذاب. ¬
وأصل هذا الباب: [3360]- ما رواه الشافعي (¬1) عن سعيد بن سالم، عن ابن جريج: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان .... فذكره مثل ما أورده الرافعي، إلا أنه قال: "وكرمه" بدل: "وعظمه" وهو معضل فيما بين ابن جريج والنبي - صلى الله عليه وسلم - (¬2). قال الشافعي بعد أن أورده: ليس في رفع اليدين عند رؤية البيت شيء، فلا أكرهه ولا أستحبه. قال البيهقي: فكأنه لم يعتمد على الحديث لانقطاعه. 1271 - قوله: ويستحب أن يضيف إليه: اللهم أنت السلام ومنك السلام، فحينا ربنا بالسلام. يروى ذلك عن عمر. قلت: [3361]- رواه ابن المغلس، عن هشيم، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن سعيد بن المسيب، عن أبيه: أن عمر كان إذا نظر إلى البيت قال: اللهم أنت السلام، ومنك السلام، فحينا ربنا بالسلام. كذا قال هشيم. ورواه سعيد بن منصور في "السنن" له عن ابن عيينة عن يحيى بن سعيد، فلم يذكر عمر. [3362]- ورواه الحاكم من حديث ابن عيينة، عن إبراهيم بن طريف، عن حميد بن يعقوب، سمع سعيد بن المسيب قال: سمعت من عمر يقول كلمة ما ¬
بقي أحد من الناس سمعها غيري، سمعته يقول: إذا رأى البيت فذكره. ورواه البيهقي (¬1) عنه. 1272 - [3363] قوله: ويؤثر أن يقول: اللهم إنّا [كنا] (¬2) نحلُّ عقدة، ونشد أخرى إلى آخره. الشافعي عن بعض من مضى من أهل العلم. فذكره 1273 - [3364]- حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "لَقَدْ حَجَّ هَذا الْبَيْتَ سَبْعُونَ نَبيًّا كُلّهم خَلَعُوا نِعَالَهُمْ مِنْ ذِي طوًى تعظيمًا لِلْحَرَم". الطبراني (¬3) والعقيلي (¬4) من طريق يزيد بن أبان الرقاشي، عن أبيه، عن أبي موسى، رفعه: "لَقَدْ مَرَّ بالصَّخْرَةِ مِنَ الرَّوْحَاءِ سَبْعُون نَبِيًّا حُفَاةً، عَلَيْهِم الْعَبَاءُ يَؤُمُّون الْبَيْتَ الْعَتِيقَ، فِيهِمْ مُوسى". قال العقيلي: أبان لم يصح حديثه. [3365]- ولابن ماجه (¬5) من طريق عطاء، عن ابن عباس قال: كَانَتْ الأَنْبِياءُ يَدْخُلُون الْحَرَمَ مُشَاةً حُفَاةً , [و] (¬6) يَطُوفُون بِالْبَيْت، وَيَقْضُونَ ¬
الْمَناسِكَ حُفَاةً مُشَاةً. [3366]- وقال ابن أبي حاتم في "العلل" (¬1): سألت أبي عن حديث ابن عمر: وقف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعسفان فقال: "لَقَدْ مَرّ بِهَذِه الْقَرْيَةِ سَبْعُونَ نَبِيًّا ثِيَابُهُمْ الْعَبَاءُ، وَنِعَالهُمُ الْخُوص". فقال أبي: هذا موضوع بهذا الإسناد. [3367]- وروى أحمد (¬2) من حديث ابن عباس قال: لما مر النبي -صلى الله عليه وسلم- بوادي عسفان قال: "يَا أَبَا بَكْرٍ لَقَدْ مَرَّ بِهِ هُودٌ وَصَالِحٌ عَلَى بَكَرَاتٍ حُمُرٍ، خُطُمُهَا اللِّيفُ، وَأُزرُهُمُ الْعَبَاءُ، وَأَرْدِيَتُهُم النِّمَارُ, يُلَبُّونَ نَحْوَ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ". وفي إسناده زمعة بن صالح وهو ضعيف، وأورده الفاكهي في "أوائل أخبار مكة" من طرق كثيرة. 1274 - [3368]- حديث ابن عباس: "لا يَدْخُلُ أَحَدٌ مِنْكُمْ مَكّة إلَّا محرَّمًا". البيهقي (¬3) من حديثه نحوه، وإسناده جيد. ورواه ابن عدي (¬4) مرفوعا من وجهين ضعيفين. [3369]- ولابن أبي شيبة (¬5) من طريق طلحة، عن عطاء عن ابن عباس قال: ¬
لا يدخل أحد مكة بغير إحرام، إلا الحطابين والعمّالين وأصحاب منافعها. وفيه طلحة بن عمرو، وفيه ضعف. [3370]- وروى الشافعي (¬1) عن ابن عيينة، عن عمرو، عن أبي الشعثاء: أنه رأى ابن عباس يرد من جاوز الميقات غير محرم. 1275 - [3371].- حديث: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل المسجد من باب بني شيبة. الطبراني (¬2) من حديث ابن عمر: دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ودخلنا معه من باب بني عبد مناف، وهو الذي يسميه الناس باب بني شيبة، وخرجنا معه إلى المدينة من باب الحزورة، وهو من باب [الخياطين] (¬3). وفي إسناده عبد الله بن نافع، وفيه ضعف. [3372]- وقال البيهقي (¬4): رويناه عن ابن جريج، عن عطاء قال: يدخل المحرم من حيث شاء ودخل النبي -صلى الله عليه وسلم- من باب بني شيبة، وخرج من باب بني مخزوم إلى الصّفا. ¬
1276 - [3373]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - حجَّ، فأول شيء بدأ به حين (¬1) قدم أن توضأ، ثمّ طاف بالبيت. متفق عليه (¬2) من حديث عائشة. 1277 - [3374]- حديث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل مكة عام الفتح غير محرم. مسلم (¬3) من حديث جابر: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل مكة يوم الفتح وعليه عمامة سوداء، بغير إحرام. واتفقا عليه من حديث أنس بلفظ غير هذا، وسيأتي في "الخصائص". * حديث: "الطَّوافُ بِالْبَيتِ صَلاةٌ .... " الحديث. تقدم في "باب الأحداث". 1278 - [3375]- حديث: "لَولا حَدَثَانُ قَوْمِكِ بِالشِّرْكِ لَهَدَمْتُ الْبَيْتَ، وَلَبَنَيْتُه عَلَى قَوَاعِدِ إبْرَاهِيمَ؛ فَأَلْصَقْتُه بِالأَرْضِ، وَجَعَلْتُ لَهُ بَابَينِ؛ شَرْقِيًّا وَغَرْبيًّا". ¬
متفق عليه (¬1) من حديث عائشة، وله عندهما ألفاظ كثيرة متنوعة، منها لمسلم (¬2) عن عبد الله بن الزبير، حدثتني خالتي عائشة، قالت: قال النبي -صلى الله عليه وسلم- "يا عَائِشَة لَوْلا أن قَوْمَكِ حَدِيثُو عَهْدٍ بِشِرْكٍ لَهَدَمْتُ الْكَعْبَةَ، فَأَلْزَقْتُهَا بالأرْضِ، وَجَعَلْتُ لَهَا بَابَيْنِ؛ بَابًا شَرْقِيًّا وَبابًا غَرْبيًّا، وَزِدْتُ فِيها سِتةَ أَذْرُعٍ [مِن] (¬3) الْحجرِ، فَإِنْ قرَيْشًا اقْتَصَرَتْهَا حِينَ بَنَتِ الْكَعْبَةَ". 1279 - قوله: لما استولى الحجاج هدمه، وأعاده على الصورة التي هو عليها اليوم، انتهى. وهذا يوهم أنه هدم الجميع وليس كذلك، وإنما هدم الشق الذي يلي الحجر، وقد بين ذلك الأزرقي، والفاكهي. وسياق مسلم (¬4) من طريق عطاء يقتضيه، وفي آخره: فكتب عبد الملك إلى الحجاج: أما ما زاد في طوله فأقره، وأما ما زاد فيه من الحجر، فرده إلى بنائه، وسد الباب الذي فتحه، فنقضه وأعاده إلى بنائه. 1280 - [3376]- قوله: ويجعل البيت على يسار الطائف، ويحاذي الحجر بجميع البدن، كذلك طاف - صلى الله عليه وسلم - وقال: "خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ". ¬
مسلم (¬1) عن جابر: لما قدم مكة (¬2) أتى الحجر فاستلمه، ثم مشى على يمينه فرمل ثلاثًا ومشى أربعا. [3377]- وله (¬3) عن جابر أيضا: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يرمي على راحلته يوم النحر، ويقول: "لِتَأْخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ، فَإنِّي لا أَدْرِي لَعَلِّي [لا] (¬4) أَحُجّ بَعْدَ حجَّتِي هَذِه". وفي رواية للنسائي (¬5): "يَا أيها الناسُ خُذُوا عَني مَنَاسِكَكُمْ"، بلفظ الأمر. قلت: وأما المحاذاة، فلم أرها صريحة. 1281 - [3378]- حديث عائشة: نذرت أن أصلي ركعتين في البيت، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: " [صَلّي] (¬6) في الْحِجْرِ فَإنَّ سِتَّةَ أَذْرُعٍ مِنْهُ في الْبَيْتِ". لم أره بلفظ النذر. [3379]- وفي "السنن الثلاثة" (¬7) عنها قالت: كنت أحب أن أدخل البيت فأصلي فيه، فأخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيدي فأدخلني في الحجر فقال لي: "صَلِّي ¬
فِيه إنْ أَرَدْتِ دُخُولَ الْبَيْتِ، فَإنمَا هُوَ قِطْعَةٌ مِنْه ... " الحديث. وتقدمت رواية مسلم من حديث عائشة، وفيها: "وَزِدْتُ فِيها سِتةَ أَذْرُعٍ". 1282 - قوله: ولو اتسعت خطة المسجد واتسع المطاف، وقد جعلته العباسية أوسع [مما] (¬1) كان في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- انتهى. وقد نُسِب الرّافعي في هذا إلى القصور، فإن عمر وعثمان وسعاه كما رواه الأزرقي والفاكهي من طرق، ثم زاده ابن الزبير، ثم زاده الوليد، وكل هؤلاء قبل العباسيين، لكن عند التأمل لا يرد شيء من ذلك على عبارة الرافعي (¬2). 1283 - [3380]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - طاف سبعا وقال: "خُذُوا عَنّي مَنَاسِكَكُم". أمّا الطّواف؛ فمتفق عليه (¬3) من حديث ابن عمر. والباقي تقدّم قريبًا. 1284 - [3381]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - لما فرغ من طوافه، صلّى ركعتين. ¬
متفق عليه (¬1)] (¬2) [من حديث ابن عمر] (¬3). 1285 - [3382]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - لما صلى بعد الطواف ركعتين تلا قوله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}. مسلم (¬4) من حديث جابر. وظاهره: أنه قال ذلك بعد الطواف، وقبل الصلاة، وكذا (¬5) هو مصرح به في رواية ابن حبان (¬6) والبيهقي (¬7). * حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال في حديث الأعرابي: "لا إلَّا أَنْ تَطَوَّعَ". تقدم في أول "الصيام". 1286 - [3383]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في ركعتي الطواف في الأولى: (قل يأيها الكافرون)، وفي الثانية: (قل هُوَ الله أحدٌ). ¬
مسلم (¬1) من حديث جابر على شك في وصله وإرساله، ووصله النسائي (¬2) وغيره. 1287 - [3384]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - طاف راكبا في حجة الوداع. متفق عليه (¬3) من حديث ابن عباس: أنه - صلى الله عليه وسلم - طاف في حجة الوداع على بعير، يستلم الرّكن بمحجن. واتفقا عليه (¬4) عن جابر. وفي الباب: [3385, 3386] عن عائشة (¬5)، وأبي الطفيل (¬6)، عند مسلم. [3387]- وعن صفية بنت شيبة عند أبي داود (¬7). [3388]- وعن عبد الله بن حنظلة في "علل الخلال"، ورويناه في "جزء الحوراني" و"فوائد تمام" (¬8) وغير ذلك. ¬
1288 - قوله: وكان أكثر طوافه ماشيا، وإنما ركب في حجة الوداع ليراه الناس ويستفتونه. أما قوله: كان أكثر طوافه ماشيًا: [3389]- فلما ثبت في مسلم (¬1): أنه مشى على [يمينه] (¬2) ورمل ثلاثا. وأما باقيه: [3390]- فرواه مسلم (¬3) من حديث جابر. [3391]- وروى أحمد (¬4) وأبو داود (¬5) من حديث ابن عباس أنه - صلى الله عليه وسلم - إنما طاف راكبا لشكوى عرضت له. وإسناده ضعيف. وقد أنكره الشافعي. وفي رواية لمسلم (¬6): طاف على راحلته كراهية أن يصرف عنه الناس. 1289 - [3392] حديث جابر: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بدأ بالحجر فاستلمه، وفاضت عيناه من البكاء. الحاكم (¬7) من حديث أبي جعفر عن جابر قال: دخلنا مكة عند ارتفاع الضحى ¬
فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- باب المسجد فأناخ راحلته، ثم دخل المسجد فبدأ بالحجر فاستلمه، وفاضت عيناه بالبكاء ... الحديث. [3393]- وله شاهد من حديث ابن عمر. 1290 - [3394] حديث عمر: أنه قال وهو يطوف بالركن: إنما أنت حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقبلك ما قبلتك، ثم تقدم فقبله. متفق عليه (¬1) من حديثه، واللفظ لمسلم دون قوله في آخره: ثم تقدم فقبله. وله عندهما طرق. والزيادة وهي قوله: "ثمّ تقدّم فقبله": [3395]- رواها الحاكم (¬2) من حديث أبي سعيد الخدري، عن عمر في هذا الحديث مطولًا. وفيه قصة لعلي، وفي إسناده أبو هارون العبدي وهو ضعيف جدًّا. 1291 - [3396]- حديث ابن عباس: أنه كان يقبل الحجر الأسود ويسجد عليه. الشافعي (¬3) والبيهقي (¬4) من هذا الوجه موقوفًا هكذا. ¬
[3397]- ورواه الحاكم (¬1) والبيهقي (¬2) من حديث ابن عباس قال: رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- ... فذكره مرفوعًا. [3398]- ورواه أبو داود الطيالسي (¬3) والدارمي (¬4) وابن خزيمة (¬5) وأبو بكر البزار (¬6) وأبو علي ابن السكن والبيهقي (¬7) من حديث جعفر بن عبد الله -قال ابن السكن: رجل من بني حميد من قريش حميدي، وقال البزار: مخزومي، وقال الحاكم: هو [ابن الحكم] (¬8) - عن [محمّد] (¬9) بن عباد بن جعفر، قال: رأيت محمَّد بن عباد بن جعفر قَبَّلَ الحجر وسجد عليه، ثم قال: رأيت خالك ابن عباس يقبّله ويسجد عليه، وقال ابن عباس: رأيت عمر بن الخطاب يقبّله ويسجد عليه، ثم قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فعل هذا. هو لفظ الحاكم، ووهم في قوله: "إن جعفر بن عبد الله هو ابن الحكم"، فقد نصّ العقيلي (¬10) على أنّه غيره، وقال في هذا: في حديثه وهم واضطراب. ¬
1292 - [3399]- حديث ابن عمر: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يستلم الركن اليماني والحجر الأسود في كل طوفة، ولا يستلم الركنين اللذين يليان الحجر. متفق عليه (¬1) بألفاظ ليس فيها: "في كل طوفة"، وهي عند أبي داود (¬2) والنسائي (¬3) بلفظ: كان يستلم الركن اليماني والحجر في كل طوفة. وللحاكم (¬4) بلفظ (¬5): كان إذا طاف بالبيت مسح أو قال: استلم الحجر والركن اليماني في كل طواف. 1293 - قوله: قال الأئمة: لعل الفرق ما تقدم: أنّ اليمانيين على قواعد إبراهيم دون الشاميين. انتهى. [3400]- وقد ثبت ذلك في "الصحيحين" (¬6) من قول ابن عمر. 1294 - [3401]- حديث أبي الطفيل: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يطوف بالبيت على بعير، ويستلم بمحجن، ويقبل المحجن. ¬
تنبيه
مسلم (¬1) وأبو داود (¬2) وهذا لفظه: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يطوف بالبيت على راحلته يستلم الأركان بمحجنه ثم يقبله. تنبيه المحجن: عصى محنية الرأس. 1295 - [3402]- حديث عبد الله بن السّائب: أنّه كان يقول في ابتداء الطواف: بسم الله، والله أكبر، اللهم إيمانًا بك، وتصديقًا بكتابك، ووفاءً بعهدك، واتباعًا لسنّة نبيك. لم أجده هكذا، وقد ذكره صاحب "المهذب" (¬3) من حديث جابر، وقد بيض له المنذري، والنووي (¬4). وخرّجه ابن عساكر (¬5) من طريق ابن ناجية بسند له ضعيف. [3403]- ورواه الشافعي (¬6) عن ابن أبي نجيح قال: أخبرت أن بعض أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: يا رسول الله كيف نقول إذا استلمنا قال: "قُولُوا: بِسْمِ الله وَالله أَكْبَرُ [إيمانًا بِالله] (¬7)، وَتَصديقًا بِما جَاءَ بِهِ محمَّد". ¬
قلت: وهو في "الأم" (¬1) عن سعيد بن سالم عن ابن جريج. [3404]- وروي البيهقي (¬2) والطبراني في "الأوسط" (¬3) و"الدعاء" (¬4) من حديث ابن عمر: أنه كان إذا استلم الحجر قال: "بِسْمِ الله وَالله أَكْبَر". وسنده صحيح. [3405]- وروى العقيلي (¬5) من حديثه أيضًا: أنه كان إذا أراد أن يستلم يقول: اللهم إيمانًا بِكَ، وَتَصدِيقًا بِكَتابِكَ، وَاتِّباعًا لِسنَّةِ نَبِيِّكَ، ثَم يُصلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ثم يَستَلِمُه. ورواه الواقدي في "المغازي" مرفوعًا. [3406]- ورواه البيهقي (¬6) والطبراني في الأوسط (¬7) و"الدعاء" عن الحارث الأعور، عن علي، أنه: كان إذا مر بالحجر الأسود فرأى عليه زحاما استقبله وكبر ثمّ قال: اللهم إيمانًا بك، وتصديقًا بكتابك، واتباعًا لسنة نبيك. ¬
1296 - [3407]- قوله: ويقول بين الركنين اليمانيين: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً ....} الآية. هذا هو الذي رواه عبد الله بن السائب كذلك. أخرجه أبو داود (¬1) والنسائي (¬2) من حديث عبد الله بن السائب قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول بين الركن اليماني والحجر الأسود: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً ....} الآية. وصححّه ابن حبّان (¬3) والحاكم (¬4). 1297 - [3408]. قوله: ويقول إذا انتهى إلى الركن العراقي: اللهم إني أعوذ بك من الشكّ والشرك، والنفاق والشقاق، وسوء الأخلاق. هكذا ذكره، ولم يذكر له مستندًا، وقد أخرجه البزار من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعًا، لكن لم يقيّده بما عند الرّكن، ولا بالطواف. 1298 - قوله: ولا بأس بقراءة القرآن في الطواف، بل هي أفضل من ¬
الدعاء الذي لم يؤثر، والدعاء المسنون أفضل منها تأسيا برسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وما أشار إليه من الدعاء المسنون؛ قد وردت فيه أحاديث منها: * حديث عبد الله بن السّائب المتقدم. ومنها: [3409]- حديث ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو بهذا الدّعاء بين الرّكنين: "اللهُمّ قَنِّعْنِي بِمَا رَزَقْتَنِي، وَبَارِكْ لي فِيهِ، وَاخْلُفْ عَلَى كُلِّ غَائِبَةٍ لِي بِخَيْرٍ". رواه ابن ماجه (¬1)، والحاكم (¬2). [3410]- ولابن ماجه (¬3) عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: "مَن طَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا فَلَمْ يَتَكَلَّمْ إلَّا بِسُبْحَانَ الله، وَالْحَمْدُ لله، وَلا إِلَه إلَّا الله وَالله أكبَر، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلَّا بِالله، مُحِيَتْ عَنْهُ عَشَرُ سَيِّئاتٍ، وَكُتِبَتْ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَرُفِعَتْ لَه عَشر دَرَجَاتٍ". وإسناده ضعيف. [3411]- وله (¬4) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أيضًا: "إن الله وَكّلَ بالْحَجَرِ سَبْعِين مَلِكًا فَمَنْ قَالَ: اللهُمّ إِني أَسْألك الْعَفْو وَالْعَافِيَةَ في (¬5) الدّنْيَا وَالَآخِرَة، رَبنا آتِنَا في الدّنْيَا ¬
حَسَنَةً وَفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، قَالُوا: آمِينَ". 1299 - [3412]- حديث ابن عباس: لما قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مكة لعمرة الزيارة، قالت قريش: إن أصحاب محمد قد وهنتم حمى يثرب، فأمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بالرّمل والاضطباع، لِيُرِىَ المشركين قوَّتَهم، فَفَعلوا. متفق عليه (¬1) بغير هذا اللفظ، ولفظهما: قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه مكة، وقد وهنتهم حمى يثرب، فقال المشركون: إنه يقدم عليكم قوم قد وهنتهم حمى يثرب، ولقوا منها شدة. فجلسوا بما يلي الحجر، وأمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يرملوا ثلاثة أشواط، ويمشوا ما بين الركنين ليرى المشركون جلدهم، فقال المشركون: هؤلاء الذين زعمتم أن الحمى قد وهنتهم، هؤلاء أجلد من كذا وكذا. وفي رواية لأبي داود (¬2): إن هؤلاء أجلد منا. وله (¬3): كانوا إذا تغيبوا من قريش مشوا، ثم يطلعون عليهم يرملون، تَقُول قريش: كأنهم الغزلان. وفي رواية لأحمد (¬4): فأطلع الله نبيه على ما قالوا، فأمرهم بذلك. ¬
وأمّا الاضطباع: [3413]- ففي رواية لأبي داود أيضًا (¬1) من حديث ابن عباس: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه اعتمروا من الجعرانة فرملوا بالبيت، وجعلوا أرديتهم تحت آباطهم، ثم قذفوها على عواتقهم اليسرى. وللطّبراني (¬2) من هذا الوجه: واضْطَبَعُوا. قلت: لم أقف في شيء من طُرقِه على الاضطباع بصيغة الأمر. 1300 - [3414]- حديث عمر: فِيمَ الرّمل الآن، وقد نفى الله الشّرك وأهله وأعزّ الإِسلام، ألا إني لا أحب أن أدع شيئًا كنا نفعله على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. ابن ماجه (¬3) والبزار (¬4) والحاكم (¬5) والبيهقي (¬6) من رواية أسلم مولى عمر عن عمر وأصله في "صحيح البخاري" (¬7): بلفظ ما لنا وللرمل، إنما كنا راءينا المشركين وقد أهلكهم الله، ثم قال: شيء صنعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا نحب أن نتركه. ¬
وعزاه البيهقي إليه، ومراده أصله. 1301 - [3415]- حديث جابر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم مكة أتى الحجر فاستلمه، ثم مشى على يمينه، فرمل ثلاثا ومشى أربعا. مسلم (¬1) بهذا. 1302 - [3416]- حديث: أنه صلى الله عليه وسلم رمل من الحجر إلى الحجر ثلاثًا ومشى أربعًا. متفق عليه (¬2) من رواية ابن عمر، واللفظ لمسلم، وأما البخاري فذكر معناه في حديث. [3417]- ورواه ابن ماجه (¬3) من حديث جابر باللفظ أيضًا. [3418]- وأخرجه أحمد (¬4) من حديث أبي الطفيل مثله. 1303 - [3419].حديث: أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يتئدون بين الركنين اليمانيين، وذلك أنه صلى الله عليه وسلم كان قد شرط عليهم عام ¬
تنبيه
الصد أن يتخلوا عن بطحاء مكة إذا عادوا لقضاء العمرة، فلما عادوا وفارقوا قعيقعان وهو جبل في مقابلة الحجر والميزاب فكانوا يظهرون القوة والجلادة بحيث تقع أبصارهم عليهم، فإذا صاروا بين الركنين اليمانيين كان البيت حائلا بينهم وبين أبصار الكفار. لم أجده بهذا السياق، وقد تقدم معناه عن ابن عباس. [3420]- وللبخاري (¬1) تعليقا -ووصله الطّبراني (¬2) والإسماعيلي- من حديثه: لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم لعامِه الّذي استأمن قال: "ارْمِلُوا"؛ ليُرِيَ المشركين قوَّتَهم، والمشركون من قبل قعيقعان. تنبيه قوله: يتئدون -بالتاء المثناة المثقلة، والدال المهملة- من التؤدة، ويقال: يبازون -بالباء الموحدة والزاي- يقال: تبازى في مشيته: إذا حرك عجيزته. 1304 - [3421]- قوله: اشتهر السعي من غير رقي على الصّفا (¬3): عن عثمان وغيره من الصّحابة من غير إنكار. ¬
الشافعي (¬1) والبيهقي (¬2) من طريقه عن ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن أبيه أخبرني من رأى عثمان يقوم في حوض في أسفل الصّفا ولا يصعد عليه. قلت: [3422]- وفي "صحيح مسلم" (¬3) من حديث جابر: أنه سعى راكبًا، ولا يمكن الرقي مع الركوب على الصفا، بل في سفلها. 1305 - [3423]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يرمل في طوافه بعد ما أفاض. أبو داود (¬4) والنسائي (¬5) وابن ماجه (¬6) والحاكم (¬7) من حديث ابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يرمل في السبع الذي أفاض فيه. 1306 - [3424]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - رمل في طواف عُمَرِه كلِّها، وفي بعض أنواع الطواف في الحج. أحمد (¬8): حدثنا أبو معاوية، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس ¬
قال: رمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عُمَرِه كلِّها، وفي حجِّه، وأبو بكر وعمر وعثمان والخلفاء. وأما قوله: "وفي بعض أنواع الطواف في الحجِّ" فيريد به طواف القدوم دون غيره. [3425]- وفي "الصحيحين" (¬1) عن ابن عمر: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا طاف في الحجِّ، أو العمرة أول ما يَقدم فإنّه يسعى ثلاثةَ أشواط بالبيت، ويمشي أربعًا. وقد مضى حديث ابن عباس: أنه لم يرمل في الإفاضة. 1307 - [3426]- حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو في رمله: "اللهُمّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرورًا، وَذَنْبًا مَغْفُورًا، وَسَعْيًا مَشْكورًا". لم أجده. وذكره البيهقي (¬2) من كلام الشافعي. [3427]- وروى سعيد بن منصور في "السنن" عن هشيم، عن مغيرة، عن إبراهيم قال: كانوا يحبون للرجل إذا رمى الجمار أن يقول: اللهم اجعله حجًّا مبرورا، وذنبا مغفورا. [3428، 3429]- وأسنده من وجهين ضعيفين، عن ابن مسعود وابن عمر من قولهما عند رمي الجمرة. ¬
1308 - [3430]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - بدأ بالصفا وقال: "ابْدَأُوا بِمَا بَدَأ الله بِهِ". النسائي (¬1) من حديث جابر الطويل بهذا اللّفظ. وصححه ابن حزم (¬2)، وله طرق عند الدارقطني (¬3). ورواه مسلم (¬4) بلفظ: أبدأ بصيغة الخبر. ورواه أحمد (¬5) ومالك (¬6) وابن الجارود (¬7) وأبو داود (¬8) والترمذي (¬9) وابن ماجه (¬10) وابن حبان (¬11) والنسائي (¬12) أيضًا بلفظ: "نبدأ" بالنون. قال أبو الفتح القشيري (¬13): مخرج هذا الحديث عندهم واحد، وقد اجتمع ¬
مالك وسفيان ويحيى بن سعيد القطان على رواية: "نبدأ" بالنون التي للجمع. قلت: وهم أحفظ من الباقين. * حديث: "الطَّوَافُ بالْبَيتِ صَلاةٌ". تقدم في "الأحداث". 1309 - [3431] حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - بدأ بالصفا، وختم بالمروة. مسلم (¬1) في حديث جابر. 1310 - قوله: إنه - صلى الله عليه وسلم - فمن بعده لم يسعوا إلا بعد الطواف. لم أجده هكذا في حديث مخصوص، وإنما أخذ بالاستقراء من الأحاديث الصحيحة. [3432]- وهو كذلك في "الصحيحين" (¬2) عن ابن عمر. [3433]- وفي "المعجم الصغير" (¬3) للطبراني عن جابر، وغير ذلك. 1311 - قوله في آخر الفصل المعقود للسعي: وجميع ما ذكرناه من وظائف السعي، أي من التهليل والتكبير مما يقوله على الصفا، وفي الرقي على الصفا حتى يرى الييت، والمشي ¬
بينه وبين الصفا والمروة، والعَدْو في بعضه، والدعاء في السعي، كل ذلك مشهور في الأخبار. انتهى. فأما ما يقوله على الصفا من التهليل والتكبير فهو في حديث جابر الطويل عند مسلم (¬1) بنحوه وفيه أيضًا: أنه رقى على الصفا حتى رأى البيت، وفيه أيضًا (¬2): المشي بين الصفا والمروة، والعدو في بعضه. وأما الدعاء في السعي يقول: "اللهُم اغْفِرْ وَارْحَمْ، وَتَجَاوَز عَمَّا تَعْلَمُ إنكَ أَنْتَ الأَعَزّ الأَكْرَمُ": [3434]- فرواه الطبراني في "الدعاء" (¬3) وفي "الأوسط" (¬4) من حديث ابن مسعود: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا سعى بين الصفا والمروة في بطن المسيل قال: "اللهُم اغْفِرْ وَارْحَمْ، وَأَنْتَ الأعَز الأَكْرَم". وفي إسناده ليث بن أبي سليم، وهو ضعيف. وقد رواه البيهقي (¬5) موقوفًا من حديث ابن مسعود: أنه لما هبط إلى الوادي سعى فقال: فذكره. وقال: هذا أصح الروايات في ذلك عن ابن مسعود، يشير إلى تضعيف المرفوع. ¬
[3435]- وذكره المحب الطبري في "الأحكام" من حديث امرأة من بني نوفل: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول بين الصفا والمروة: "رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ؛ إنَّكَ أَنْتَ الأعَز الأكرَم". قال المحب: رواه الملا في "سيرته". ويراجع إسناده. [3436]- وعن أم سلمة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في سعيه: "اللهُم اغْفِرْ وَارْحَمْ، وَاهْدِ السبِيلَ الأَقْوَم". رواه الملا في "سيرته" أيضًا. [3437]- وروى البيهقي (¬1) من حديث ابن عمر: أنه كان يقول ذلك بين الصفا والمروة مثل حديث ابن مسعود موقوفًا. وعلى هذا: فقول إمام الحرمين في "النهاية": صح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -كان يقول في سعيه: اللهم اغفر وارحم، واعف عما تعلم، وأنت الأعز الأكرم، {رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً ........} الآية .. " فيه نظر كبير. 1312 - [3438]- قوله: يؤثر عن ابن عمر أنه كان يقول على الصفا والمروة: اللهم اعصمني بديني وطواعيتك ... إلى آخره. البيهقي (¬2) والطبراني في "كتاب الدعاء"، و" المناسك" له من حديثه م وقوفا. قال الضياء: إسناده جيد. ¬
1313 - [3439]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - بعث أبا بكر أميرا على الحجِّ في السنة التاسعة. متفق عليه (¬1) من حديث أبي هريرة بمعناه، ولفظهما عنه: أن أبا بكر بعثه في الحجة التي أمَّره عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل حجة الوداع، في رهط يؤذنون في الناس يوم النحر: أن لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان. 1314 - [3440]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - خطب الناس قبل يوم التروية بيوم، وأخبرهم بمناسكهم. الحاكم (¬2) والبيهقي (¬3) من حديث ابن عمر: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كان قبل التروية خطب الناس فأخبرهم بمناسكهم. 1315 - [3441]- حديب: أنه - صلى الله عليه وسلم - مكث بمنى حتى طلعت الشمس ثم ركب، وأمر بقبة من شعر أن تضرب له بنمرة، فنزل بها. مسلم (¬4) في حديث جابر الطويل. ¬
1316 - [3442]- قوله: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - راح إلى الموقف فخطب الناس الخطبة الأولى، ثم أذن بلال ثم أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - في الخطبة الثانية، ففرغ من الخطبة وبلال من الأذان، ثم أقام بلال فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر. الشافعي (¬1) والبيهقي (¬2) من حديث إبراهيم بن أبي يحيى، عن جعفر بن محمَّد عن أبيه، عن جابر. قال البيهقي: تفرد به إبراهيم. وفي حديث جابر الطويل يعني الذي أخرجه مسلم (¬3) ما دل على أنه - صلى الله عليه وسلم - خطب ثم أذن بلال ليس فيه ذكر أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - في الخطبة الثانية. قلت: وفي رواية مسلم: أن الخطبة كانت ببطن الوادي، وحديث مسلم أصحّ، ويترجح بأمر معقول وهو: أن المؤذن قد أُمر بالإنصات للخطبة، فكيف يؤذِّن، ولا يَبقى للخطبة معه فائدةٌ (¬4). قاله المحب الطبري، قال: ¬
وذكر الملا في "سيرته": أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما فرغ من خطبته أذن بلال، وسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما فرغ بلال من الأذان تكلم بكلمات، ثم أناخ راحلته، وأقام بلال الصلاة. 1317 - [3443]- قوله: وليقل الإِمام إذا سلم: أتموا يا أهل مكة فإنا قوم سفر، كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬1). الشافعي (¬2) وأبو داود (¬3) والترمذي (¬4) عن ابن علية، عن علي بن زيد، عن أبي نضرة عن عمران، قال: غزوت مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلم يصل إلا ركعتين، حتى رجعنا إلى المدينة، وحججت معه فلم يصل إلا ركعتين، حتى رجع إلى المدينة، وشهدت معه الفتح، فأقام بمكة ثمان عشرة ليلة لا يصلي إلا ركعتين ثم يقول لأهل البلد: "أَتِّمُوا فَإنَّا قَوْم سَفرٌ" لفظ الشّافعي. وزاد الطبراني (¬5) في بعض طرقه: إلا المغرب. [3444]- ورواه مالك في "الموطأ" (¬6) من قول عمر بن الخطاب لما قدم مكة صلى بهم ركعتين ثم انصرف، فقال: يا أهل مكة، إنّا قوم سفر، ثمّ صلى عُمر بمنى ركعتين. ¬
تنبيه
قال مالك: ولم يبلغني أنه قال لهم شيء. انتهى. تنبيه عرف بهذا أن ذكر الرافعى له مقام في الإمام بعرفة، ليس بثابت. وكذا نقل غيره أنه يقوله الإِمام بمنى، ويمكن أن يتمسك بعموم لفظ رواية الطيالسي (¬1) ومن طريقه البيهقي (¬2) من حديث عمران بن حصين ففيه: ثم حججت معه، واعتمرت، فصلى ركعتين فقال: "يَا أَهْلَ مَكَّةَ أَتِمُّوا الصلاة، فَإنا قَوْمٌ سَفرٌ". ثم ذكر ذلك عن أبي بكر، ثم عن عمر، ثم عن عثمان، قال: ثم أتم عثمان. 1318 - قوله: يسنُّ في الحجّ أربع خطب فذكرها. والدليل على ذلك: [3445]- ما رواه النسائي (¬3) من طريق عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن أبي الزبير، عن جابر في "صفة حجّ أبي بكر الصديق" ففيها: فلما كان قبل التروية بيوم قام أبو بكر فخطب الناس، فحدثهم عن مناسكهم، حتى إذا فرغ، قام علي فقرأ على الناس {بَرَاءَةٌ} حتى ختمها ... الحديث. ¬
وفيه: أنه صنع ذلك يوم عرفة، ويوم النحر، ويوم النفر الأول. [3446]- وفي "الصحيحين" (¬1) عن عبد الله بن عمرو: ان النبي - صلى الله عليه وسلم - خطب يوم النحر. [3447]- ولأبي داود (¬2) من حديث رجلين من بني بكر قالا: رأينا النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب في أوسط أيام التشريق. [3448]- ولأبي داود (¬3) عن [العداء] بن خالد بن [هوذة] (¬4): رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب الناس يوم عرفة. وفي الباب: عن جماعة من الصحابة. 1319 - [3449]- حديث سالم بن عبد الله، أنه قال للحجّاج: إن كنت تريد تصيب السُّنَّة فاقصر الخطبة، وعجل الوقوف. فقال ابن عمر: صدق. البخاري (¬5) من حديثه وفيه قصة. ¬
1320 - [3450]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - وقف واستقبل القبلة، وجعل باطن ناقته للصخرات. مسلم (¬1) من حديث جابر الطويل. 1321 - [3451، 3452]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - وقف بعرفة راكبًا. متفق عليه (¬2) من حديث أم الفضل، وهو لمسلم (¬3) عن جابر. 1322 - [3453]- حديث: "أَفْضَلُ الدّعاءِ [دَعاءُ] (¬4) يَوْمِ عَرَفَة، وَأَفْضَلُ مَا قُلْتُ أَنا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلي: لا إِلَه إلَّا الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ". مالك في "الموطأ" (¬5) من حديث طلحة بن عبد الله بن كريز -بفتح الكاف- مرسلًا. وروي عن مالك موصولا؛ ذكره البيهقي (¬6) وضعفه، وكذا ابن عبد البر ¬
في "التمهيد" (¬1). وله طريق أخرى موصولة. [3454]- رواه أحمد (¬2) والترمذي (¬3) من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده بلفظ: "خَيْرُ الدعاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَة ... " الحديث. وفي إسناده حماد بن أبي حميد (¬4) وهو ضعيف. [3445]- ورواه العقيلي في "الضعفاء" (¬5) من حديث نافع عن ابن عمر بلفظ: "أَفْضلُ دُعَائِي وَدُعَاءِ الأَنْبِيَاءِ قَبْلِي، عَشِيَّةَ عَرَفَةَ: لا إلَهَ إلَّا الله ... " الحديث. وفي إسناده فرج بن فضالة وهو ضعيف جدًّا؛ قال البخاري: منكر الحديث. [3456]- ورواه الطبراني في "المناسك" من حديث علي نحو هذا، وفي إسناده: قيس بن الربيع. 1323 - قوله: وأضيف (¬6) إليه: له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللهم اجعل في قلبي نورًا، وفي بصري نورًا، اللهم اشرح لي صدرى، ويسر لي أمري. ¬
تنبيه
فأما قوله: له الملك ... إلى قدير -فهو بقية الحديث المتقدم عند الترمذي، ومن بعده. وأما الباقي: [3457]- فرواه البيهقي (¬1) من حديث علي في الحديث المذكور بهذا وأتم منه وهو من رواية موسى بن عبيدة [الربذي، وهو ضعيف، وتفرد به عن أخيه، عبد الله عن علي، قال البيهقي: ولم يدرك عبد الله بن عبيدة] (¬2) أخو موسى عليا. 1324 - [3458]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يسير حين دفع من حجِّة الوداع العَنَق، فإذا وجد فجوة نَصّ (¬3). متفق عليه (¬4) من حديث أسامة بن زيد. تنبيه وقع في الرافعي "فرجة" بدل: "فجوة"، وهو تحريف. 1325 - [3459 - 3463]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - أتى المزدلفة فجمع بها بين المغرب والعشاء. ¬
متفق عليه من حديث ابن مسعود (¬1)، وابن عمر (¬2)، وأبي أيوب (¬3)، وابن عباس (¬4)، وأسامة بن زيد (¬5). [3464]- ولمسلم (¬6) عن جابر. 1326 - قوله: ويسلك الناس من طريق المأزمين؛ وهو الطريق الضيق بين الجبلين؛ اقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - والصحابة. أما المرفوع: [3465]- فمتفق عليه (¬7) بمعناه من حديث أسامة قال: دفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عرفة، حتى إذا كان بالشعب نزل، فبال وتوضأ. وفي رواية لهما (¬8): ردفت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عرفات، فلما بلغ الشعب الأيسر الذي دون المزدلفة أناخ راحلته فبال. .. الحديث. وأما [الموقوف] (¬9) عن الصحابة، فلم أره منصوصا عن معين إلا أنّه ثبت في "الصحيح" أنهم كانوا معه - صلى الله عليه وسلم -. ¬
1327 - (3466). حديث: الحجُّ عرفة، فمن أدرك عرفة فقد أدرك الحج. أحمد (¬1) وأصحاب "السنن" (¬2) وابن حبان (¬3) والحاكم (¬4) والدراقطني (¬5) والبيهقي (¬6) من حديث عبد الرحمن بن يعمر قال: شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو واقف بعرفات، وأتاه ناس من أهل نجد فقالوا: يا رسول الله كيف الحج فقال: "الحجُّ عَرَفَةٌ، مَنْ جَاء قَبْلَ صَلاةِ الْفَجْرِ مِنْ لَيْلَةِ جَمْعٍ فَقَدْ تَمَّ حَجُّه". لفظ أحمد. وفي رواية لأبي داود (¬7): من أدرك عرفة قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك الحج. وألفاظ الباقين نحوه. وفي رواية للدارقطني (¬8) والبيهقي (¬9): "الحجُّ عَرَفَة الْحَجّ عَرَفَة". ¬
[3467]- حديث: "عَرَفَةُ كلّهَا مَوْقِفٌ". مسلم (¬1) في حديث جابر الطويل: "وَقَفْتُ هَهُنَا وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ". 1328 - [3468]- حديث: "عَرَفَةُ كُلّهَا مَوْقِفٌ، وَارْتَفِعُوا عَنْ وَادِي عُرَنَة". ابن ماجه (¬2) من حديث جابر بلفظ: "بطن عرنة" وفي إسناده القاسم بن عبد الله ابن عمر العمري كذبه أحمد، ورواه مالك في "الموطأ" (¬3) بلاغا بهذا اللفظ. [3496]- ورواه ابن حبان (¬4) والطبراني (¬5) والبيهقي (¬6) والبزار (¬7) وغيرهم من حديث جبير بن مطعم بلفظ: "كُل عَرَفَات مَوْقِفٌ، وَارْفَعُوا عَنْ مُحَسِّر ... " الحديث. وفي إسناده انقطاع، فإنه من رواية عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين عن جبير بن مطعم، ولم يلقه. قاله البزار. [3470]- ورواه البيهقي (¬8) عن ابن المنكدر مرسلًا، ووصله عبد الرزاق، ¬
عن معمر عن ابن المنكدر، عن أبي هريرة. ذكره ابن عبد البر (¬1). [3471]- ورواه الحاكم (¬2) من حديث ابن عباس بلفظ: "ارْفَعُوا عَنْ بَطْنِ عُرَنَة، وَارْفَغوا عَنْ بَطْنِ مُحَسِّر". [3471]- ورواه من وجه آخر عن ابن عباس (¬3) قال: كان يقال: "ارْتَفِعُوا عَنْ مُحَسّر، وَارْتَفِعُوا عَنْ عُرَنَة، ورواه البيهقي (¬4) موقوفًا ومرفوعا. ورواه الطحاوي (¬5) والطبراني (¬6) أيضًا من حديث ابن عباس أيضًا. [3472]- ورواه بن قانع في "معجم الصحابة" (¬7) من حديث حبيب بن خماشة. وفي إسناده الواقدي. [3474]- ورواه ابن وهب في "موطئه" (¬8) عن يزيد بن عياض، عن إسحاق بن عبد الله، عن عمرو بن شعيب، وسلمة بن كهيل مرسلًا، نحو حديث جابر. ويزيد وإسحاق متروكان. [3475]- وأخرجه أبو يعلى (¬9). (¬10) من حديث أبي رافع ¬
1329 - [3476]- حديث عروة بن مضرس الطائي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من صَلّى مَعَنَا هَذِه الصلاة. يعني الصّبح يوم النحر. وَأَتَى عَرَفاتٍ قَبْلَ ذَلِكَ لَيلًا أَوْ نَهارًا فَقَدْ تَم حَجُّه وَقَضَى تَفَثَهُ". أحمد (¬1) وأصحاب السنن (¬2) وابن حبان (¬3) والحاكم (¬4) والدارقطني (¬5) والبيهقي (¬6) من حديثه بألفاظ مختلفة، وأقربها للسّياق الّذي هنا لفظ أبي داود: قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالموقف -يعني بجمع- قلت: جئت يا رسول الله من جبلي طي، فأكللت مطيتي، وأتعبت نفسي، والله ما تركت من جبل إلا وقفت عليه، فهل لي من حج؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَدْرَكَ مَعَنَا هَذه الصَّلاةَ، وَأَتَى عَرَفاتٍ قَبْلَ ذَلِكَ لَيْلًا أَوْ نَهارًا فَقَدْ تَم حَجُّه، وَقَضَى تَفَثَهُ". وفي رواية لأبي يعلى في "مسنده" (¬7): "وَمَنْ لَمْ يُدْرِكْ جَمْعًا فَلا حَجَّ لَه". وصحّح هذا الحديث الدارقطني، والحاكم، والقاضي أبو بكر بن العربي على شرطهما. ¬
تنبيه
تنبيه التفث إذهاب الشعث. قاله النضر بن شميل. 1330 - [3477]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - وقف بعد الزوال. مسلم (¬1) في حديث جابر الطويل. * حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: 4"مَن تَركَ نُسُكًا فَعَلَيه دَمٌ". هذا لم أجده مرفوعًا. وقد تقدم من قول ابن عباس في "باب المواقيت". 1331 - [3478]- حديث: "يَوْمُ عَرَفَةَ الْيَوْمُ الَّذِي يُعَرِّف النَّاسُ فِيهِ". أبو داود في "المراسيل" (¬2) من رواية عبد العزيز بن عبد الله بن خالد بن أسيد. وعبد العزيز تابعي. قال ابن شاهين، عن ابن أبي داود: اختلف فيه. ورواه أبو نعيم في "معرفة الصحابة" (¬3) في ترجمة "عبد الله بن خالد" والد عبد العزيز هذا من رواية ابنه عبد العزيز عنه. [3479]- ورواه الشافعي (¬4) عن مسلم بن خالد، عن ابن جريج قال: قلت لعطاء (¬5): رجل حجَّ أول ما حجَّ فأخطأ الناس بيوم النحر، أيجزيء عنه؟ قال: نعم. قال: وأحسبه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فِطْرُكُمْ يَوْمَ تُفْطِرُون، ¬
وَأَضْحَاكُمْ يَوْمَ تُضحُّون". قال: وأراه قال: "وَعَرَفَةُ يَوْمَ تُعرِّفون". [3480]- ورواه الترمذي (¬1) واستغربه وصحّحه، والدارقطني (¬2) من حديث عائشة مرفوعًا. وصوب الدارقطني وقفه في "العلل". [3481]- ورواه أبو داود (¬3) من حديث محمَّد بن المنكدر، عن أبي هريرة مرفوعًا بلفظ: "الْفِطْرُ يَوْمَ تُفْطِرُون، والأَضْحَى يَوْمَ تُضَحُّون". وابن المنكدر لم يسمع من أبي هريرة. ورواه الترمذي (¬4) من حديث المقبري عنه وابن ماجه من حديث ابن سيرين، عنه. [3482]- ورواه مجاهد بن إسماعيل، عن سفيان، عن ابن المنكدر، عن عائشة مرفوعًا بلفظ: "عَرَفَةُ يَوْمَ يُعَرِّفُ الإمَامُ". تفرد به مجاهد قاله البيهقي (¬5) قال: ومحمد بن المنكدر عن عائشة مرسل. كذا قال! وقد نقل الترمذي (¬6) عن البخاري: أنه سمع منها. وإذا ثبت سماعه منها أمكن سماعه من أبي هريرة؛ فإنه مات بعدها. ¬
1332 - [3483]- قوله: روي أنه صلى الله عليه وسلم قال: "حَجّكُم يَوْمَ تَحُجُّونَ". لم أجده هكذا، وبمعناه الحديث الذي قبله. 1333 - [3484]- قوله: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ تَرَكَ الْمَبِيتَ بِمُزْدَلِفَةَ فَلا حَجَّ لَه". لم أجده. وقال النووي (¬1): ليس بثابت ولا معروف. وقال المحب الطبري (¬2): لا أدري من أين أخذه الرافعي. وقد تقدم من حديث أبي يعلى: "وَمَنْ لَمْ يُدْرِكْ جَمْعاَ (¬3) فَلا حَجَّ لَه " وبه يحتج لابن خزيمة وابن بنت الشافعي في قولهما: إن المبيت بمزدلفة ركن. [3485]- وللنسائي (¬4): "مَنْ أَدْرَكَ جَمْعًا مَعَ الإمَامِ وَالنَّاسِ حَتَّى يَفِيضُوا فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ، وَمَنْ لَمْ يُدْرِكْ مَعَ الإمَامِ وَالنَّاسِ فَلَمْ يُدْرِكْ". وهي من رواية مطرف، عن الشعبي. وصنَّف أبو جعفر العقيلي جزءا في إنكارها، وذكر أن مطرفا كان يهم في المتون. والله (¬5) أعلم. ¬
* حديث: "الحجّ عَرَفَة، فَمَنْ أَدْرَكهَا فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ". تقدم قريبا. 1334 - [3486]- حديث: أن سودة بنت زمعة أفاضت في النّصف الأخير من مزدلفة بإذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يأمرها بالدم ولا النفر الذين كانوا معها. متفق عليه (¬1) من حديث عائشة، قالت: استأذنت سودة رسول - صلى الله عليه وسلم - ليلة جمع وكانت ثقيلة ثبطة، فأذن لها. وأما قوله: ولم يأمرها ... إلى آخره؛ فلم أره منصوصًا، إلَّا أنه مأخوذ بدليل العدم. 1335 - [3487]- حديث: أن أم سلمة أفاضت في النصف الأخير من مزدلفة [بإذن رسول الله صلى الله عليه وسلم] (¬2)، ولم يأمرها ولا من معها بالدم. أبو داود (¬3) والحاكم (¬4) والبيهقي (¬5) من حديث الضحاك بن عثمان، عن هشام ¬
عن أبيه عن عائشة: أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأم سلمة ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر، ثم مضت فأفاضت، وكان ذلك اليوم اليوم الذي يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم -يعني عندها-. ورواه الشافعي (¬1): أخبرنا داود بن عبد الرحمن والدراوردي، عن هشام، عن أبيه، مرسلًا. قال: وأخبرني من أثق به، عن هشام، عن أبيه، عن زينب بنت أبي سلمة، عن أم سلمة مثله. [3488]- ورواه البيهقي (¬2) من طريق أبي معاوية، عن هشام، عن أبيه، عن زينب، عن أم سلمة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرها أن توافيه صلاة الصبح بمكة يوم النحر. قال البيهقي (¬3): هكذا رواه جماعة عن أبي معاوية، وهو في آخر حديث الشافعي المرسل، وقد أنكره أحمد بن حنبل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الصبح يومئذ بالمزدلفة، فكيف يأمرها أن توافي معه صلاة الصبح بمكة. وقال الروياني في "البحر": قوله: "وكان يومها"، فيه معنيان: أحدهما: أن تريد يومها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأحب أن يوافي التحلل، وهي قد فرغت. ثانيهما: أنه أراد وكان يوم حيضها، فأحب أن توافي التحلل قبل أن تحيض، قال: فيقرأ على الأول بالمثناة تحت، وعلى الثاني بالمثناة فوق. ¬
تنبيه
قلت: وهو تكلف ظاهر، ويتعين أن يكون المراد بيومها الذي يكون فيه عندها صلى الله عليه وسلم، وقد جاء مصرحًا بذلك في رواية أبي داود التي سبقت وهي سالمة من الزيادة التي استنكرها أحمد. وسيأتي قريبا قول أم سلمة: إنه صلى الله عليه وسلم كان عندها ليلة النحر ليلتها التي كان يأتيها فيها. والله أعلم. تنبيه وأما قوله: "ولم يأمرها ولا من معها بالدم" فلم أره صريحا، بل هو كما تقدم في الذي قبله. 1336 - [3489]- حديث عمر: من أدركه المساء في اليوم الثاني من أيام التشريق، فليقم إلى الغد حتى ينفر مع الناس. مالك في "الموطأ" (¬1) عن نافع عن ابن عمر أنه كان يقول: من غربت عليه الشمس وهو بمنى، فلا ينفرن حتى يرمي الجمار من الغد، من أوسط أيام التشريق. ورواه البيهقي (¬2) من حديث الثوري، عن [عبيد الله] (¬3)، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال عمر: (فذكره) قال: وروي عن ابن المبارك، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعًا، ولا يصح رفعه. ¬
1337 - [3490]- حديث ابن عباس: كنت فيمن قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ضعفة أهله إلى منى. متفق عليه (¬1) من طريق عبيد الله بن أبي يزيد، عنه. ورواه الشافعي (¬2) واللفظ له ومن طريقه البيهقي (¬3). ورواه النسائي (¬4) بلفظ: أرسلني رسول (¬5) الله صلى الله عليه وسلم مع ضعفة أهله، فصلينا الصبح بمنى ورمينا الجمرة. 1338 - [3491]- حديث أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى منى فأتى الجمرة فرماها، ثم أتى منزله بمنى، ونحر ثم قال للحلاق: خذ وأشار إلى جانبه الأيمن، ثم الأيسر، ثم جعل يعطيه (¬6) الناس. متفق عليه (¬7). ¬
تنبيه
تنبيه الحالق معمر بن عبد الله بن نضلة رواه الطبراني (¬1) من حديثه. وقيل: خراش ابن أمية بن ربيعة الكلبي منسوب إلى كلب بن حنيفة، ذكره الواقدي. 1339 - قوله: فإذا [انتهوا] (¬2) إلى وادي محسر فالمستحب للراكبين أن يحركوا دوابهم، وللماشين أن يسرعوا قدر رمية بحجر. [3492]- روي ذلك عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم مسلم (¬3) في حديث جابر الطويل: أنه صلى الله عليه وسلم أتى بطن محسر، فحرك قليلًا ثم سلك الطريق التي تخرج على الجمرة الكبرى. 1340 - قوله: وقيل: إنّ النصارى كانت تقف ثم فأمر بمخالفتهم. انتهى. احتجّ له بما: [3493]- روي عن عمر أنه كان يقول وهو يُوضِعُ في وادي محسر: إِلَيْكَ تَعْدُو قَلِقًا وَضِينها مُخَالِفًا دَينَ النَّصَارَي دينُها. ¬
أخرجه البيهقي (¬1). 1341 - قوله: ولا ينزل الراكبون حتى يرموا كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم. هو ظاهر حديث جابر الطويل عند مسلم. [3494]- وروى الشيخان (¬2) من حديث جابر: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي على راحلته يوم النحر وهو يقول: "خُذُوا عَنِّي مَناسِكَكُم، لا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَحُجّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ". وسيأتي حديث أم الحصين في أول "باب محرمات الإحرام". وفي الباب في رميه - صلى الله عليه وسلم - راكبًا: [3495]- عن قدامة بن عبد الله العامري، رواه النسائي (¬3) والترمذي (¬4) والحاكم (¬5). [3496]- وعن ابن عباس، رواه أحمد (¬6) والترمذي (¬7)، وفيه الحجاج بن أرطاة. ¬
* قوله: والسنّة أن يكبر مع كل حصاة. هو في حديث جابر الطويل عند مسلم. 1342 - [3497]- قوله: نقل أنه من تقبل حجه رفع حجره، وما بقي فهو مردود. الحاكم (¬1) والدارقطني (¬2) والبيهقي (¬3) من حديث أبي سعيد الخدري، أنهم قالوا: يا رسول الله، هذه الجمار التي يرمى بها كل عام؟ قال: "أمَا إِنَّه مَا تُقِبِّلَ مِنْهَا رُفِعَ، وَلَوْلا ذَلِكَ لَرَأَيْتَها أَمْثَالَ الْجِبَالِ". قال البيهقي: وروي عن أبي سعيد موقوفًا، وعن ابن عمر مرفوعًا من وجه ضعيف، ولا يصح مرفوعًا، وهو مشهور: [3498]- عن ابن عباس موقوفًا عليه: مَا تُقِبِّلَ مِنْهَا رُفِعَ، وما لم يقبل ترك، ولولا ذلك لسد ما بين الجبلين (¬4). وأخرجه إسحاق بن راهويه. 1343 - [3499]- حديث: أنه صلى الله عليه وسلم قطع التلبية عند أول حصاة رماها. لم أجده هكذا، لكن: ¬
[3500]- روى البيهقي (¬1) من حديث الفضل بن عباس: فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة، وكبر مع كل حصاة. قال البيهقي: وتكبيره مع أول كل حصاة دليل على قطع التلبية بأول حصاة. انتهى. [3501]- وهو في "الصحيحين" (¬2) من حديث ابن عباس: أن أسامة بن زيد كان ردف النبي صلى الله عليه وسلم من عرفة إلى مزدلفة، ثم أردف الفضل إلى منى، وكلاهما قال: لم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يلبي حتى رمى جمرة العقبة. وفي رواية (¬3): حتى بلغ الجمرة. لكن في رواية النسائي (¬4): فلم يزل يلبي حتى رمى، فلما رمى قطع التلبية. 1344 - [3502]- حديث روي أنه صلى الله عليه وسلم قال: "إذَا رَمَيتُم وَحَلَقْتُم (¬5) حَلَّ لَكُمْ كُلُّ شَيءٍ إلَّا النِّسَاء". أحمد (¬6) وأبو داود (¬7) والدارقطني (¬8) والبيهقي (¬9) من حديث الحجاج بن ¬
أرطاة، عن أبي بكر بن محمَّد بن عمرو بن حزم، عن عمرة، عن عائشة موفوعا "إذَا رَمَيْتمْ وَحَلَقْتُم فَقَدْ حَلَّ لَكم الطِّيبَ، والثِّيَابَ، وَكلّ شيْءٍ إلَّا النِّسَاءَ". لفظ أحمد. ولأبي داود: "إذا رَمَى أَحدُكُمْ جَمْرَةَ الْعَقَبَة، فَقَدْ حَلَّ لَه كل شيْءٍ إلَّا النِّسَاءَ". وفي رواية للدارقطني (¬1): "إذا رَمَيْتم وَحَلَقْتُم وَذَبَحْتمْ فَقَدْ حَلَّ لَكُمْ كُلّ شَيْءٍ إلَّا النِّسَاءَ". ومداره على الحجاج وهو ضعيف ومدلس. وقال البيهقي (¬2): إنه من تخليطاته. قال البيهقي: وقد روي هذا في حديث لأم سلمة مع حكم آخر لا أعلم أحدا من الفقهاء قال به. وأشار بذلك إلى: [3503]- ما رواه أبو داود (¬3) والحاكم (¬4) والبيهقي (¬5) من طريق محمَّد بن إسحاق، حدثني أبو عبيدة بن عبد الله بن زمعة، عن أبيه، عن أمه زينب، عن أم سلمة قالت: كانت الليلة التي يدور إلى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم مساء ليلة النحر، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم عندي، فدخل علي وهب بن زمعة ورجل من بني أمية، متقمِّصَيْن، فقال لهما: "أَفَضْتُمَا؟ " قالا: لا. قال: "فَانْزِعَا قَمِيصَكُمَا". فنزعا. فقال وهب: ولم يا رسول الله؟ فقال: "هَذا يَوْمٌ رُخِّصَ فِيهِ لَكُم إذا ¬
رَمَيْتُم الْجَمْرَةَ، وَنَحَرْتم الْهَدْيَ إنْ كَان لَكُمْ فَقَدْ حَلَلْتُمْ مِن كل شَيْءٍ حُرِمْتُمْ مِنْه إلَّا النِّسَاءَ، حَتى تَطُوفُوا بِالْبَيْت، وَإذا أَمْسَيْتُم وَلَمْ تُفِيضُوا صِرْتُمْ حُرُمًا كَمَا كُنْتُمْ أَوَّلَ مَرّة حَتى تَفِيضُوا بِالْبَيْتِ". قال البيهقي: لا أعلم أحدا من الفقهاء قال بهذا الحديث. وذكر ابن حزم (¬1) أنه مذهب عروة بن الزبير. [3504]- وروى أبو داود (¬2) وأحمد (¬3) والنسائي (¬4) وابن ماجه (¬5) من حديث الحسن العرني، عن ابن عباس: "إذا رَمَيْتُم الْجَمْرَةَ فَقَدْ حَلَّ لَكُمْ كُلُّ شَيءٍ إلَّا النِّسَاءَ"، فقال رجل: يا ابن عباس والطيب؟ فقال: أما أنا فقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يضمخ رأسه بالطيب. [3505]- وللنسائي (¬6) من طريق سالم عن ابن عمر قال: إذا رمى وحلق حلَّ له كل شيء إلا النساء والطيب. فقال سالم: وكانت عائشة تقول: حلَّ له كلّ شيء إلا النساء، أنا طيبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. [3506]- وروى الحاكم (¬7) من حديث ابن الزبير أنه قال: من سنة الحجّ أن يصلي الإِمام الظهر والعصر والمغرب، والعشاء الآخرة، والصبح بمنى، ثم ¬
يغدو إلى عرفة، فيقيل: حيث قضي له، حتى إذا زالت الشمس خطب الناس، ثم صلى الظهر والعصر جميعًا، ثم وقف بعرفات حتى تغيب الشمس، ثم يفيض فيصلي بالمزدلفة، أو حيث قضى الله له، ثم يقف بجمع حتى إذا أسفر دفع قبل طلوع الشمس، فإذا رمى الجمرة الكبرى حل له كل شيء حرم عليه إلا النساء والطيب حتى يزور البيت. 1345 - [3507]- حديث: "لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ حَلْقٌ، وإنَّمَا يُقَصِّرْنَ". أبو داود (¬1) والدارقطني (¬2) والطبراني (¬3) من حديث ابن عباس، وإسناده حسن وقواه أبو حاتم في "العلل" (¬4) والبخاري في "التاريخ" (¬5)، وأعله ابن القطان (¬6)، ورد عليه ابن المواق فأصاب. 1346 - [3508]- حديث جابر: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه أن يحلقوا أو يقصروا. هذا اللفظ لم أره. لكن: ¬
[3509]- في البخاري (¬1) عن جابر. "أَحِلّوا مِنْ إِحْرَامِكُمْ بِطَوافٍ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ وَقَصِّرُوا". 1347 - قوله: وإذا حلق فالمستحب أن يبدأ بالشق الأيمن، ثم الأيسر، وأن يكون مستقبل القبلة، وأن يكبر بعد الفراغ، وأن يدفن شعره. انتهى. أما البداءة: [3510]- ففي "الصحيحين" (¬2) عن أنس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتى جمرة العقبة فرماها، ثم أتى منزله بمنى ونحر، ثم قال للحلاق (¬3): "خُذْ"، وأشار إلى جانبه الأيمن، فلما فرغ منه قسم شعره بين من يليه، ثم أشار إلى الحلاق فحلق الأيسر. . الحديث. وأما استقبال القبلة، فلم أره في هذا المقام صريحا، وقد استأنس له بعضهم بعموم: [3511]- حديث ابن عباس مرفوعًا: "خَيْرُ الْمَجَالِسِ مَا اسْتُقْبِلَتْ بِهِ الْقِبْلَةُ". أخرجه أبو داود (¬4). وهو ضعيف. وأمّا التكبير بعد الفراغ، فلم أره أيضًا. ¬
وأما دفن الشّعر فقد سبق في "الجنائز"، ولعلّ الرّافعي أخذه من قصّة أبي حنيفة، عن الحجّام، ففيها: أنّه أمره أن يتوجه قبل القبلة، وأمره أن يكبر، وأمره أن يدفن، وهي مشهورة أخرجها ابن الجوزي في "مثير العزم السّاكن" بإسناده إلى وكيع عنه. 1348 - قوله: والأفضل حلق جميع الرأس تأسيًّا بالنّبي - صلى الله عليه وسلم -. يؤخذ من حديث أنس المذكور. 1349 - [3513, 3512]- حديث: "رَحِمَ الله الْمُحَلِّقِينَ ... " الحديث. متفق عليه (¬1) من حديث ابن عمر، ومن حديث أبي هريرة (¬2). [3514]- ولمسلم (¬3) عن أم الحصين. [3515]- ولأحمد (¬4)، عن أبي سعيد. 1350 - [3516]- حديث: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أول ما قدم منى رمى جمرة العقبة، ثم ذبح، ثم حلق، ثم طاف للإفاضة. ¬
هو في حديث جابر الطويل، سوى ذكر الحلق فهو في المتفق عليه (¬1) عن أنس. 1351 - [3517, 3518]- حديث عبد الله بن عمرو: وقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع بمنى للناس يسألونه، فقال رجل: يا رسول الله إني حلقت قبل أن أرمي؟ ... الحديث. متفق عليه من حديثه (¬2)، ومن حديث ابن عباس (¬3) نحوه * حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر أم سلمة ليلة النحر فرمت جمرة العقبة قبل الفجر، ثم أفاضت. تقدم. * حديث: "إذَا رَمَيتم وَحَلَقْتم، فَقَدْ حَلَّ لَكمُ الطّيبَ وَاللّبَاسَ، وَكُلُّ شَيءٍ إلَّا النّسَاءَ". تقدم. * حديث عائشة: طيبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت. ¬
متفق عليه، وقد تقدم. * حديث: "مَن تَرَكَ نُسُكًا فَعَلَيهِ دَمٌ". تقدم في "المواقيت"، وأنه موقوف. 1352 - [3519]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - بات بمنى ليالي التشريق، وقال: "خُذُوا عَنّي مَنَاسِكَكُمْ". أما مبيته بمنى فمشهور، وقد بينه حديث أبي داود (¬1) وابن حبان (¬2) عن عائشة قالت: أفاض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من آخر يوم النحر حين صلى الظهر ثم رجع إلى منى فمكث بها ليالي أيام التشريق، يرمي الجمرة إذا زالت الشمس. . . الحديث وأما قوله: "خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ"، فتقدم في أوائل الكتاب. 1353 - [3520]- حديث ابن عمر: أن العباس استأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبيت بمكة ليالي منى لأجل سقايته، فأذن له. متفق عليه (¬3). ¬
1354 - [3521]- حديث عاصم بن عدي: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رخص للرعاء أن يتركوا المبيت بمنى، ويرموا يوم النحر جمرة العقبة، ثم يرموا يوم (¬1) النفر الأول. مالك (¬2) والشافعي (¬3) عنه، وأحمد (¬4)، وأصحاب "السنن" (¬5) وابن حبان (¬6) والحاكم (¬7) من حديث مالك، عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم، عن أبيه، عن أبي البداح بن عاصم بن عدي، عن أبيه، به. ورواه الترمذي (¬8) من حديث ابن عيينة، عن عبد الله بن أبي بكر، عن أبيه، عن أبي البداح بن عدي، عن أبيه، ثم قال: رواه مالك فقال: عن أبي البداح ابن عاصم بن عدي، وحديث مالك أصح. وقال الحاكم: من قال عن أبي البداح بن عدي، فقد نسبه إلى جده. انتهى. ولفظ مالك: أرخص لرعاء الإبل في البيتوتة عن منى، يرمون يوم النحر، ثم ¬
تنبيه
يرمون الغد ومن بعد الغد؛ ليومين، ثم يرمون يوم النفر. ولأبي داود (¬1) والنسائي (¬2) في رواية: رخص للرعاء أن يرموا يوما ويدعوا يوما. تنبيه أبو البداح ذكره ابن حبان في "التابعين" (¬3)، وقال يقال: إن له صحبة، وفي القلب منه شيء، لكثرة الاختلاف في إسناده. وصحح ابن عبد البر في "الاستذكار" (¬4): أن له صحبة. وفي كتاب أبي موسى المديني: أنه زوج جُمَيْل بنت يسار أخت معقل بن يسار التي عضلها. وفي الباب: [3522]- عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رخص للرعاء أن يرموا بالليل، وأية ساعة شاءوا من النهار. رواه الدارقطني (¬5) وإسناده ضعيف. [3523]- وعن ابن عمر؛ رواه البزار (¬6) بإسناد حسن والحاكم (¬7) والبيهقي (¬8). ¬
1355 - [3524]- حديث جابر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رمى الجمرة يوم النحر ضحى، ولم يرم في سائر الأيام حتى زالت الشمس. مسلم (¬1) من حديث أبي الزبير عنه معنعنًا. وعلّقه البخاري (¬2)، ورواه أبو ذرّ الهرويّ في "مناسكه" من حديث أبي الزبير قال: سمعت جابرا. ورواه الحاكم في "المستدرك" (¬3) من حديث ابن جريج، عن عطاء، عن جابر نحوه ووهم في استدراكه. 1356 - [3525]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - رمى بالأحجار، وقال: "بِمِثْلِ هَذَا فَارْمُوا". لم أره هكذا، لكن: [3526]- في "صحيح مسلم" (¬4) عن الفضل بن عَبّاس: أنَّه كان رديفَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -. . . فذكر الحديث. وفيه: فقال: "عَلَيْكُمْ بِحَصَى الْخَذف الّذي يُرْمَى بِه الْجَمْرة". ¬
[3527]- ورواه النسائي (¬1) وابن ماجه (¬2) وابن حِبّان (¬3) والحاكِم (¬4) من حديثِ ابن عَبّاس بلفظ: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غداة العقبة، وهو على راحلته: "هَاتِ، الْقِطْ لِي"، فلقطت له حصيات مثل حصى الخذف، فلما وضعتهن في يده قال: "بِأَمْثَالِ هَؤُلاءِ فَارْمُوا، وَإيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ في الدِّينِ، فَإنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِالْغُلُوِّ في الدِّينِ". [3528]- ورواه ابن حبان أيضًا (¬5) والطبراني (¬6) من حديث ابن عباس، عن الفضل بن عباس. قال الطبراني: رواه جماعة عن عوف، منهم سفيان الثوري فلم يقل أحد منهم عن أخيه الفضل، إلا جعفر بن سليمان، ولا رواه عنه إلا عبد الرزاق. قلت: وروايته في نفس الأمر، هي الصواب، فإن الفضل هو الذي كان مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حينئذ. وسيأتي صريحا في حديث [أمّ سليمان] (¬7). [3529]- وفي حديث جابر عند مسلم (¬8) رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرمي الجمرة بمثل حصى الخذف. ¬
[3530]- وروى أحمد في "مسنده" (¬1) من حديث حرملة بن عمرو الأسلمي قال: حججت حجة الوداع فأردفني عمي سنان (¬2) بن سنة، فلما وقفنا بعرفات رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واضعًا إحدى إصبعيه على الأخرى، فقلت لعمِّي: ماذا يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: يقول: "ارْمُوا الْجَمْرَةَ بِمِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ". ورواه البزار، وقال: لا نعلم لحرملة غيره. [3513]- ورواه أبو داود (¬3) وأحمد (¬4) وإسحاق، من حديث سليمان بن عمرو ابن الأحوص، عن أمه، قالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي الجمرة من بطن الوادي وهو راكب، يكبر مع كل حصاة، ورجل خلفه يستره، فسألت عن الرجل؟ فقالوا: الفضل بن العباس. وازدحم الناس فقال: "أيّهَا النَّاسُ لَا يَقْتَل بَعْضُكُم بعضًا، وإذَا رَمَيْتُم الْجَمْرةَ فَارْمُوا بِمِثْل حَصَى الْخَذْفِ". * قوله: روي عن عمر أنه قال. من أدرك المساء ... إلى آخره. تقدم. * قوله: وجملة ما يرمى به في الحج سبعون حصاة، يرمى إلى جمرة العقبة بسبع حصيات يوم النحر، وإحدى وعشرين في كل يوم من أيام التشريق إلى الجمرات الثلاث، إلى كلِّ ¬
واحدة سبع. تواتر النقل بذلك قولا وفعلا. انتهى، كلامه. وهو كما قال (¬1)، وفي الأحاديث التي [ذكرها] (¬2) ما يصرح بذلك، كما سيأتي. 1357 - حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - رمى الحصيات في سبع رميات، وقال: "خُذُوا عَنّي مَنَاسكَكُمْ". أمّا الأول: [3532]- ففي حديث جابر في "صحيح مسلم" (¬3): أنه - صلى الله عليه وسلم - أتى الجمرة التي عند الشجرة فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة. وأما قوله: "خُذُوا عَنّي مَنَاسِكَكُمْ"، فتقدم، وقد كرره المؤلف. 1358 - حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - وقف بين الجمرات الثلاث، وقال: "خُذُوا عَنّي مَنَاسِكَكُمْ". أما الوقوف بينها: [3533]- فرواه البخاري (¬4) من حديث ابن عمر: أنه كان يرمي الجمرة الدنيا ¬
بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاة، ثم يتقدم فَيُسْهِل (¬1) فيقوم مستقبل القبلة طويلًا، ويدعو ويرفع يديه، ثم يرمي الوسطى، ثم يأخذ ذات الشمال فيسهل فيقوم مستقبل القبلة، ثم يدعو ويرفع يديه ويقوم طويلًا، ثم يرمي الجمرة ذات العقبة من بطن الوادي ولا يقف عندها، ثم ينصرف ويقول: هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعل. ورواه النسائي (¬2) والحاكم (¬3)، ووهم في استدراكه. وروى أحمد (¬4) وأبو داود (¬5) وابن حبان (¬6)، والحاكم (¬7) من حديث عائشة، قالت: أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم من آخر يومه يوم النحر حين صلى الظهر، ثم رجع إلى منى فمكث بها ليالي أيام التشريق، يرمي الجمرة إذا زالت الشمس؛ كل جمرة بسبع حصيات، يكبر مع حصاة، ويقف عند الأولى والثانية ويتضرع ويرمي الثالثة ولا يقف عندها. وأما قوله: خذو عني ... فتقدم. 1359 - قوله: والسنة: أن يرفع اليد عند الرمي، فهو أهون عليه، وأن يرمي أيام التشريق مستقبل القبلة، وفي يوم النحر ¬
مستدبرها. كذا ورد في الخبر انتهى. أما رفع اليد؛ فتقدم في حديث ابن عمر. [وأما رمي أيام التشريق مستقبل القبلة؛ فسلف من حديثه أيضًا] (¬1). وأما رمي يوم النحر مستدبر القبلة، فليس كما قال. والحديث الوارد فيه موضوع: [3534]- رواه ابن عدي (¬2) من حديث عاصم بن سليمان الكوزي، عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي الجمرة يوم النحر، وظهره مما يلي مكة. وعاصم، قال ابن عدي: كان ممن يضع الحديث. والحق أن البيت يكون على يسار الرامي، كما هو متفق عليه، من: [3535]- حديث ابن مسعود (¬3): أنه انتهى إلى الجمرة الكبرى فجعل البيت على يساره، ومنى عن يمينه، ورمى بسبع، وقال: هكذا رمى الذي أنزلت عليه سورة البقرة. 1360 - قوله: والسُّنَّة إذا رمى الجمرة الأولى أن يتقدم قليلًا قدر ما لا يبلغه حصيات الرامين، ويقف مستقبل القبلة، ويدعو ويذكر الله طويلًا بقدر قراءة البقرة، وإذا رمى الثانية فعل مثل ذلك، ولا يقف إذا رمى الثالثة. ¬
يستفاد ذلك: من: [3536]- حديث ابن عمر عند البخاري (¬1). 11361 - [3537]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالبطحاء، ثم هجع بها هجعة، ثم دخل مكة، البخاري (¬2) من حديث أنس بلفظ: ثم رقد رقدة بالمحصب. ورواه من حديث ابن عمر (¬3) بمعناه، وفيه: ثم ركب إلى البيت فطاف به. 1362 - [3538]- حديث [عائشة] (¬4): نزل النبي صلى الله عليه وسلم المحصب وليس بسنة، فمن شاء نزله، ومن شاء فليتركه. لم أره هكذا. [3539]- ولمسلم (¬5) عنها: نزول الأبطح ليس بسنة. [3540]- وللبخاري ومسلم عن عروة (¬6): أنها لم تكن تفعل ذلك، يعني نزول الأبطح، وتقول: إنما نزله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنه كان أسمح لخروجه (¬7). ¬
وفي الباب: [3541]- عن أبي رافع؛ أخرجه مسلم (¬1). * حديث: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما فرغ من أعمال الحج طاف للوداع. هو معنى حديث ابن عمر المتقدم. 1363 - قوله: طواف الوداع ثابت عنه قولا وفعلا. أما الفعل فظاهر؛ أي من الأحاديث. وأما القول ففي حديث ابن عباس وغيره. 1364 - [3542]- حديث ابن عباس: لا ينفرن أحدكم حتى يكون آخر عهده بالبيت إلا أنه رخص للحائض. مسلم (¬2) دون الاستثناء، واتفقا عليه (¬3) بلفظ: أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خفف عن المرأة الحائض. وللبخاري (¬4): رخّص للحائض أن تنفر إذ أفاضت. * حديث: "لا يَنْصَرِفَنَّ أَحَدٌ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ". مسلم -كما تقدّم- من حديث ابن عباس. ¬
وروى أبو داود (¬1): حتى يكون آخر عهده الطواف بالبيت. [3543]- حديث: أن صفية حاضت فأمرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تنصرف بلا وداع. لم أره بهذا اللفظ. [3544]- وفي "الصحيحين" (¬2) عن عائشة، في هذه القصة معناه، بلفظ: حاضت صفية بنت حيي بعد ما أفاضت قالت عائشة: فذكرت حيضها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "أَحَابِسَتُنَا هِيَ؟ " قالت: فقلت يا رسول الله: إنها قد أفاضت وطافت بالبيت، ثم حاضت فقال: "فَلْتَنْفِرْ". وله طرق عندهما وألفاظ. 1365 - حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ زَارَنِي بَعْدَ مَوْتِي فَكأنَّما زَارَنِي في حَيَاتِي، وَمَنْ زَارَ قَبْرِي فَلَهُ الْجَنَّة". هذان حديثان مختلفا الإسناد. أمّا الأول: [3545]- فرواه الدارقطني (¬3) من طريق هارون أبي قزعة، عن رجل من آل حاطب، عن حاطب، قال: قال (فذكره). وفي إسناده الرجل المجهول. ¬
ورواه أيضًا (¬1): من حديث حفص بن أبي داود، عن ليث بن أبي سليم، عن مجاهد عن ابن عمر، بلفظّ: "وفاتي" بدل "موتي". ورواه أبو يعلى في "مسنده" (¬2) وابن عدي في "كامله" (¬3) من هذا الوجه. ورواه الطبراني في "الأوسط" (¬4) من طريق الليث بن بنت الليث بن أبي سليم عن عائشة بنت يونس امرأة الليث بن أبي سليم، عن ليث بن أبي سليم. وهذان الطريقان ضعيفان؛ [أما حفص فهو ابن سليمان ضعيف الحديث، وإن كان أحمد قال فيه: صالح. وأما رواية الطبراني] (¬5) ففيها من لا يعرف. [3546]- ورواه العقيلي (¬6) من حديث ابن عباس، وفي إسناده فضالة بن سعيد المازني، وهو ضعيف. وأما الثاني: [3547]- فرواه [الدّارقطني] (¬7). (¬8) أيضًا من حديث موسى بن هلال العبدي عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر بلفظ: "مَنْ زَارَ قَبْرِي وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتِي". ¬
وموسى قال أبو حاتم (¬1): مجهول. أي العدالة. ورواه ابن خزيمة في "صحيحه" (¬2) من طريقه، وقال: إن صحّ الخبر، فإن في القلب من إسناده. ثم رجح أنه من رواية عبد الله بن عمر العمري المكبر الضعيف، لا المصغر الثقة، وصرح بأن الثقة لا يروي هذا الخبر المنكر. وقال العقيلي (¬3): لا يصح حديث موسى، ولا يتابع عليه، ولا يصح في الباب شيء. وفي قوله: "لا يتابع عليه" نظر؛ فقد رواه الطبراني (¬4) من طريق مسلمة بن سالم الجهني، عن عبد الله بن عمر بلفظ: "مَن جَاءَنِي زَائِرًا لا تُعْمِلُه حَاجَةٌ إلَّا زَيارَتِي كَانَ حَقًّا عَلَيَّ أَنْ أَكُونَ لَه شَفيعًا يَوْم الْقِيَامَةِ". وجزم الضياء في "الأحكام"، وقبله البيهقي بأن عبد الله بن عمر المذكور في هذا الإسناد هو المكبر. ورواه الخطيب في "الرواة عن مالك" في ترجمة "النعمان بن شبل" وقال: إنه تفرد به عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر بلفظ: "مَنْ حَجَّ وَلَمْ يَزُرْنِي فَقَدْ جَفَانِي". وذكره ابن عدي (¬5) وابن حبان (¬6) في ترجمة "النعمان"، والنعمان ضعيف جدًّا ¬
وقال الدارقطني: الطعن في هذا الحديث على ابنه، لا على النعمان. ورواه البزار (¬1). (¬2) من حديث زيد بن أسلم، عن ابن عمر. وفي إسناده عبد الله بن إبراهيم الغفارى، وهو ضعيف. [3548]- ورواه البيهقي (¬3) من حديث أبي داود الطيالسي (¬4)، عن سوار بن ميمون، عن رجل من آل عمر، عن عمر. قال البيهقي (¬5): إسناده مجهول. وفي الباب: [3549]- عن أنس أخرجه ابن أبي الدنيا في "كتاب القبور" قال: أخبرنا سعيد بن عثمان الجرجاني، أخبرنا ابن أبي فديك، أخبرني أبو المثنى سليمان ابن يزيد الكعبي، عن أنس بن مالك مرفوعًا: "مَنْ زَارَنِي بِالْمَدِينةِ مُحْتَسِبًا كُنْتُ لَهُ شَفيعًا وَشَهيدًا يَوْمَ الْقِيامَةِ". وسليمان ضعفه ابن حبان (¬6) والدارقطني. ¬
فائدة
فائدة طرق هذا الحديث كلها ضعيفة، لكن صححه من حديث ابن عمر؛ أبو علي ابن السكن في إيراده إيّاه في أثناء "السنن الصحاح" له، وعبد الحق في "الأحكام" (¬1) في سكوته عنه، والشيخ تقي الدين السبكي (¬2) من المتأخّرين باعتبار مجموع الطرق. وأصح ما ورد في ذلك: [3550]- ما رواه أحمد (¬3) وأبو داود (¬4) من طريق أبي صخر حميد بن زياد، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط، عن أبي هريرة مرفوعًا: "مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إلَّا ردَّ الله عَلَيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلامُ". وبهذا الحديث صدر البيهقي الباب. 1366 - قوله: ويستحب الشرب من ماء زمزم. يعني: للأثر فيه، وقع في آخر: [3551]- حديث جابر الطويل عند مسلم (¬5): ثم شرب من ماء زمزم بعد فراغه. ¬
[3552]- وروى أحمد (¬1) وابن أبي شيبة (¬2) وابن ماجه (¬3) والبيهقي (¬4) من حديث عبد الله بن المؤمل، عن أبي الزبير، عن جابر رفعه: "مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ". قال البيهقي (¬5): تفرد به عبد الله، وهو ضعيف. ثم رواه البيهقي (¬6) بعد ذلك من حديث إبراهيم بن طهمان، عن أبي الزبير. ولا يصح عن إبراهيم. قلت: إنما سمعه إبراهيم من ابن المؤمل. ورواه العقيلي (¬7) من حديث ابن المؤمل، وقال: لا يتابع عليه. وأعله ابن القطان به (¬8)، وبعنعنة أبي الزبير، لكن الثانية مردودة؛ ففي رواية ابن ماجه التصريح. ورواه البيهقي في "شعب الإيمان" (¬9) والخطيب في "تاريخ بغداد" (¬10) من حديث سويد بن سعيد، عن ابن المبارك، عن ابن أبي الموال، عن محمَّد بن ¬
المنكدر، عن جابر. كذا أخرجه في ترجمة "عبد الله بن المبارك". قال البيهقي: غريب تفرد به سويد. قلت: وهو ضعيف جدًّا، وإن كان مسلم قد أخرج له فإنما أخرج في المتابعات، وأيضًا فكان أخذه عنه قبل أن يعمى ويفسد حديثه، وكذلك أمر أحمد بن حنبل ابنه بالأخذ عنه، كان قبل عماه ولما أن عمي صار يلقن فيتلقن حتى قال يحيى بن معين (¬1): لو كان لي فرس ورمح لغزوت سويدا. من شدة ما كان يذكر له عنه من المناكير. قلت: وقد خلط في هذا الإسناد، وأخطأ فيه على ابن المبارك، وإنما رواه ابن المبارك عن ابن المؤمل، عن أبي الزبير كذلك. رويناه في "فوائد أبي بكر بن [المقري] (¬2) " من طريق صحيحة، فجعله سويد عن ابن أبي الموالي، عن ابن المنكدر، واغتر الحافظ شرف الدين الدّمياطي بظاهر هذا الإسناد فحكم بأنه على رسم الصحيح؛ لأن ابن أبي الموال انفرد [به] (¬3) البخاري، وسويدًا انفرد به مسلم، وغفل عن أنّ مسلما إنما أخرج لسويد ما توبع عليه لا ما انفرد به، فضلا عما خولف فيه. وله طريق أخرى من حديث أبي الزبير، عن جابر، أخرجها الطبراني في "الأوسط" (¬4) في ترجمة علي بن سعيد الرازي، وله طريق أخرى من غير ¬
حديث جابر. [3553]- رواه الدارقطني (¬1) والحاكم (¬2) من طريق محمَّد بن حبيب الجارودي، عن سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬3) قال: "مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شرِبَ لَهُ، فَإنْ شَرِبْتَهُ تَسْتَشْفِي بِهِ شَفَاكَ الله ... " الحديث. قلت: والجارودي صدوق، إلا أن روايته؛ شاذة فقد رواه حفاظ أصحاب ابن عيينة كالحميدي، وابن أبي عمر، وغيرهما عن ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله (¬4). ومما يقوي رواية ابن عيينة: [3554]- ما أخرجه الدينوري في "المجالسة" من طريق الحميدي، قال: كنّا عند ابن عيينة، فجاء رجل فقال: يا أبا محمّد الحديث الذي حدثتنا عن ماء زمزم صحيح؟ قال: نعم. قال: فإني شربته الآن، لتحدثني مائة حديث. فقال: اجلس. فحدثه مائة حديث. [3555]- وروى أبو داود الطّيالسي في "مسنده" (¬5) من حديث أبي ذر، رفعه ¬
قال: "زَمْزَمُ مُبَارَكَةٌ، إنها طَعَامُ طُعْمٍ، وَشَفَاءُ سُقْمٍ". وأصله في "صحيح مسلم" (¬1) دون قوله: "وشفاء سقم". [3556]- وفي الدارقطني (¬2) والحاكم (¬3) من طريق ابن أبي مليكة، جاء رجل إلى ابن عباس، فقال: من أين جئت؟ قال: شربت من ماء زمزم. قال ابن عباس: أشربت منها كما ينبغي؟ قال: وكيف ذاك يا ابن عباس؟ قال: إذا شربت منها فاستقبل القبلة، واذكر اسم الله وتنفس ثلاثًا، وتضلع منها فإذا فرغت فاحمد الله، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "آيَةُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمُنافِقِين أنَّهم لا يَتَضَلَّعُون مِنْ زَمْزَمَ". 1367 - قوله: استحب الشّافعي للحاج إذا طاف أن يقف عند الملتزم بين الركن والمقام، ويقول: فذكر الدعاء، ولم يسنده. وقد ورد في الوقوف عند الملتزم: [3557]- ما رواه أبو داود (¬4) من طريق المثنى بن الصباح، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه شعيب قال: طفت مع عبد الله فلما جئنا دبر الكعبة، قلت: ألا نتعوذ؟ قال: تعوذ بالله من النار، ثم مضى حتى استلم الحجر، وأقام بين ¬
الركن والباب، فوضع صدره ووجهه وذراعيه وكفيه هكذا، وبسطهما بسطا، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعله. ورواه الدراقطني (¬1) بلفظ: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلزق وجهه وصدره بالملتزم وقال فيه: عن أبيه، عن جده. ويؤيده: [3558]- ما رواه عبد الرزاق (¬2) عن ابن جريج، عن عمرو بن شعيب، قال: طاف جدي محمَّد بن عبد الله بن عمرو، مع أبيه عبد الله بن عمرو. [3559]- وفي "شعب الإيمان" (¬3) للبيهقي، من طريق أبي الزبير، عن عبد الله بن عباس مرفوعًا قال: "مَا بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابُ مُلْتَزَمٌ". ورواه عبد الرزاق (¬4) موقوفًا، بإسنادٍ أصحّ منه. **** ¬
باب حج الصبي
باب حجّ الصّبي 1368 - [3560]- حديث ابن عباس: أنه صلى الله عليه وسلم مر بامرأة وهي في محفتها فأخذت بعضد صبي كان معها، فقالت: ألهذا حجّ؟ فقال: "نَعَمْ، وَلَكِ أجْرٌ". مالك في "الموطأ" (¬1) ومسلم (¬2) وأبو داود (¬3) والنسائي (¬4) وابن حبان (¬5) من حديث كريب، عنه. وله ألفاظ عندهم. [3561]- ورواه الترمذي (¬6) من حديث جابر، واستغربه. تنبيه ذكر الرافعي: أن الأصحاب احتجوا بأن الأم تحرم عن الصبي؛ لخبر ابن عباس هذا، وقالوا: الظاهر أنها كانت أمه، وأنها هي أحرمت عنه. انتهى. فأما كونها أمه فهو ظاهر، من رواية ابن حبان (¬7)، والطبراني (¬8) في قولهما: فرفعت صبيا لها. ¬
وأما كونها أحرمت عنه، فلم أره صريحا. وقد قال ابن الصباغ: ليس في الحديث دلالة على ذلك. 1369 - [3562]- حديث جابر: حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا النساء والصبيان، فلبينا عن الصبيان، ورمينا عنهم. ابن ماجه (¬1). (¬2) وأبو بكر بن أبي شيبة (¬3) وفي إسنادهما أشعث بن سوار، وهو ضعيف. ورواه الترمذي (¬4) من هذا الوجه، بلفظ آخر، قال: كنا إذا حججنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكنا نلبي عن النساء، ونرمي عن الصبيان. قال ابن القطان (¬5) ولفظ ابن أبي شيبة أشبه بالصواب؛ فإن المرأة لا يلبي عنها غيرها، أجمع أهل العلم على ذلك. والله أعلم. **** ¬
باب محرمات الإحرام
باب محرمات الإحرام * حديث: المحرم الذي خرَّ من بعيره. تقدم في "الجنائز". 1370 - [3563]- حديث أم الحصين: حججت حجة الوداع، فرأيت أسامة بن زيد وبلالا، أحدهما آخذ بخطام ناقة النبي - صلى الله عليه وسلم - والآخر رافع ثوبه يستره من الحر، حتى رمى جمرة العقبة. وفي رواية: على رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[يظله] (¬1) من الشمس. مسلم (¬2) والنسائي (¬3) وأبو داود (¬4). وضعفه ابن الجوزي في "التحقيق" (¬5) فأخطأ، وقد أوضح ابن عبد الهادي (¬6) خطأه فيه فشفى وكفى. 1371 - [3564]- قوله: ولو وضع زنبيلا على رأسه، فقد ذكر: أن الشّافعي حكى عن عطاء: أنه لا بأس به. قلت: لم أقف عليه بعد. ¬
* حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - احتجم على رأسه وهو محرم. متفق عليه (¬1) من حديث ابن بحينة. ومن حديث ابن عباس (¬2) واستدركه الحاكم (¬3) من حديثه فوهم في زعمه: أنّ ذكر الرأس غير مخرج عندهما. وقد تقدمت له طرق في "الصيام". 1372 - [3565]- حدثنا ابن عمر: سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عما يلبس المحرم من الثياب الحديث. متفق عليه (¬4). *قوله: قدم الصحابة مكة. يأتي في آخر الباب. وكذلك أثر عائشة، وابن عباس في الهميان وغيره. 1373 - [3566]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال في المحرم الذي خرَّ عن بعيره ومات: "خَمّروا وَجْهَهُ وَلا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ". الشافعي (¬5) والبيهقي (¬6) من حديث إبراهيم بن أبي حرة، عن سعيد بن جبير، ¬
عن ابن عباس. وإبراهيم مختلف فيه. [3567]- ورواه البيهقي (¬1) من حديث عطاء، عن ابن عباس مرفوعًا: "خَمِّرُوا وُجُوهَ مَوْتَاكُمْ، وَلا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ". وقال: هو شاهد لحديث إبراهيم. إلا أن عبد الله بن أحمد (¬2) حكى عن أبيه أنه قال: أخطأ فيه حفص فوصله، ورواه الثوري عن ابن جريج مرسلًا. وتابع علي بن عاصم حفصا في وصله، إلا أن علي بن عاصم كثير الغلط، وزاد فيه: "في المحرم يموت". وقال ابن أبي حاتم (¬3) عن أبيه في الحديث الماضي: هذا حديث منكر. وقال الحاكم في "علوم الحديث" (¬4) بعد أن رواه من طريق عمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أن محرما .... الحديث وفيه: "ولا تُخَمّرُوا وَجْهَهُ": هذا تصحيف من بعض الرواة؛ لإجماع حفاظ أصحاب عمرو بن دينار على روايته عنه بلفظ: "وَلا تُغَطّوا رَأْسَهُ". قلت: وهو كذلك في "الصحيحين"، وقد تقدم. وفي الباب: [3568]- عن عثمان: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخمر وجهه وهو محرم. رواه ¬
الدارقطني في "العلل" (¬1) من طريق ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن أبان بن عثمان، عن عثمان. وقال: الصواب إنه موقوف. 1374 - [3569]- حديث: "لا تَتَنْقِبِ الْمَرْأَةُ الْمُحْرِمَةُ، وَلا تَلْبَسِ الْقَفَّازَيْنِ". البخاري (¬2) من حديث نافع عن ابن عمر. ونقل البيهقي عن الحاكم، عن أبي علي الحافظ: أن لا تتنقب المرأة من قول ابن عمر أدرج في الخبر. وقال صاحب "الإِمام": هذا يحتاج إلى دليل، وقد حكى ابن المنذر أيضًا الخلاف: هل هو من قول ابن عمر أو من حديثه؟ وقد رواه مالك في "الموطأ" (¬3) عن نافع عن ابن عمر موقوفًا، وله طرق في البخاري موصولة ومعلقة. 1375 - [3570]- حديث (¬4): أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى النساء في إحرامهن عن النقاب، وليلبسن بعد ذلك ما أحببن من ألوان الثياب؛ معصفرا، أو خزا، أو حليا، أو سراويل، أو قميصا أو خفا. ¬
أبو داود (¬1) والحاكم (¬2) والبيهقي (¬3) من حديث ابن عمر، واللفظ لأبي داود، وزاد فيه بعد قوله عن النقاب: "وما مس الزعفران، والورس من الثياب، وليلبسن بعد ذلك". ورواه أحمد (¬4) إلى قوله: "من الثياب" * قوله: وإن تأتى اتخاذ إزار من السراويل [فلبسه] (¬5) على هيئته، هل تلزمه الفدية؟ وجهان: أحدهما: لا؛ لإطلاق الخبر. يعني بذلك: [3571]- ما اتفقا عليه (¬6) من حديث ابن عباس: "وَمَنْ لَمْ يَجِدْ إزارًا فَلْيَلْبَسْ سَرَاوِيلَ". وفي رواية لهما (¬7): أنَّه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب ذلك بعرفات. [3572]- ورواه مسلم (¬8) من حديث جابر. 1376 - قوله: ولو احتاجت المرأة إلى ستر الوجه لضرورة فإنه يجوز، ولكن تجب الفدية. ¬
فيه نظر لما: [3573]- رواه أبو داود (¬1) وابن ماجه (¬2) من طريق مجاهد، عن عائشة قالت: كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات، فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه. وأخرجه ابن خزيمة (¬3) وقال: في القلب من يزيد بن أبي زياد، ولكن ورد من وجه آخر. [3574]- ثمّ أخرج (¬4) من طريق فاطمة بنت المنذر، عن أسماء بنت أبي بكر وهي جدّتها نحوه، وصححه الحاكم (¬5). قال المنذري: قد اختار جماعة العمل بظاهر هذا الحديث، وذكر الخطابي (¬6): أنّ الشّافعي علق القول فيه على صحّة الحديث. [3575]- وروى ابن أبي خيثمة من طريق إسماعيل بن أبي خالد، عن أمه قالت: كنا ندخل على أم المؤمنين يوم التروية فقلت لها: يا أم المؤمنين [هنا امرأة تأبى] (¬7) أن تغطي وجهها وهي محرمة، فرفعت عائشة خمارها من صدرها فغطت به وجهها. ¬
11377 - [3576]- قوله: روي أنه صلى الله عليه وسلم قال: إحرام المرأة في وجهها. الدارقطني (¬1) والطبراني (¬2) والعقيلي (¬3) وابن عدي (¬4) والبيهقي (¬5) من حديث ابن عمر بلفظ: "لَيْسَ عَلَى الْمَرْأَةِ حَرَمٌ إلَّا في وَجْهِهَا". وفي إسناده أيوب بن محمَّد أبو الجمل وهو ضعيف، قال ابن عدي: تفرد برفعه. وقال العقيلي: لا يتابع على رفعه، إنما يروى موقوفًا. وقال الدارقطني في "العلل" الصواب وقفه. وقال البيهقي (¬6): قد روي من وجه آخر مجهول، والصحيح وقفه. [3577]- وأسنده في "المعرفة" (¬7) عن ابن عمر قال: إحرام المرأة في وجهها وإحرام الرجل في رأسه. 1378 - [3578]- حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الذي المحرم: "لا يَلْبَسْ مِنَ الثِّيَابِ شَيئًا مَسَّهُ زَعْفَرانٌ أَوْ وَرْسٌ". متفق عليه (¬8) من حديث ابن عمر. ¬
* [قوله: سئل عثمان عن المحرم هل يدخل البستان. يأتي بعد. * حديث المعصفر. تقدم] (¬1). * قوله: والحناء ليس بطيب. يأتي بعد. 1379 - [3579]- حديث: أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم وعليه جبة وهو متضمخ بالخلوق، فقال: "إني أَحْرَمْتُ بِالْعُمْرَةِ وَهَذِه عَليَّ ... ". الحديث. متفق عليه (¬2) من حديث يعلى بن أمية، وله ألفاظ وزاد النسائي في رواية: ثم أحدث إحراما، وقال: لا أحسب هذه الزيادة محفوظة. وقال البيهقي: رواه جماعات [غير] (¬3) نوح بن حبيب، فلم يذكروها ولم يقبلها أهل العلم بالحديث من نوح. ¬
1380 - [3580]- حديث أبي أيوب: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يغتسل وهو محرم. متفق عليه (¬1) وفيه قصة للمسور وابن عباس. * حديث دخول ابن عباس الحمام بالجحفة. يأتي. 1381 - قوله: كانت الشّاة تقوَّم على عهد النّبي صلى الله عليه وسلم بثلاثة دراهم. قلت: أنكر ذلك النووي في "شرح المهذب" (¬2) وقال: إنها مجرد دعوى. وقد تقدم في "الزكاة": أن المصدق يعطي شاتين أو عشرين درهما. فهذا يدل على أنها كانت بعشرة. [3581]- نعم، روى (¬3) السَّاجي في "أحكامه" من طريق الحسن البصري أن رجلًا شكا إليه، أن المصدقين يغيرون عليهم، ويقومون الشاة بعشرة وهي تَسْوَي ثلاثةَ دراهم. وأخرجه ابن عبد البر في "الاستذكار". ¬
1382 - [3582]- حديث كعب بن عجرة: أنه كان يوقد تحت قدر، والهوام تنتثر من رأسه فمرَّ به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّ رَأْسِكَ؟ " قال: نعم، قال: "فَاحْلِقْ رَأْسَكَ ... " الحديث. متفق عليه (¬1) من طرق وله ألفاظ عندهما وعند غيرهما. * قوله: فساد الحج بالجماع ... يروى عن علي وذكر جماعة. يأتي في باب قريب. * حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم -، فاتته صلاة الصبح، فلم يصلها حتي خرج من الوادي. تقدم في "الأذان". * حديث: أنه صلى الله عليه وسلم قال الذي الفائتة: "فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَها". تقدم في "التيمم" وفي "الصلاة". * أثر علي، وابن عباس في الشاة. يأتي بعد. ¬
1383 - [3583]- حديث: إنه صلى الله عليه وسلم قال في الحرم: "لا يُنَفَّرُ صَيْدُه". متفق عليه (¬1) من حديث ابن عباس. 1384 - [3584]- حديث كعب بن عجرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في بيض نعامة أصابه المحرم بقيمته. عبد الرزاق (¬2) والدارقطني (¬3) والبيهقي (¬4) من حديث إبراهيم بن أبي يحيى، عن حسين بن عبد الله، عن عكرمة، عن ابن عباس عنه، به. وحسين ضعيف. [3585]- ورواه ابن ماجه (¬5) والدارقطني (¬6) من حديث أبي المهزم. وهو أضعف من حسين أو مثله - عن أبي هريرة. وقال الربيع: قلت للشافعي: هل تروي في هذا شيئًا؟ فقال: أما شيء يثبت مثله فلا. فقلت: [ما هو] (¬7)؟ قال: أخبرني الثقة، عن أبي الزناد مرسلًا (¬8). ¬
[3586]- ورواه أبو داود (¬1) والدارقطني (¬2) والبيهقي (¬3) من رواية ابن جريج، عن زياد بن سعد، عن أبي الزناد، عن رجل عن عائشة. قال أبو داود: وقد أسند هذا الحديث ولا يصح. وقال البيهقي: الصحيح إنه عن رجل عن عائشة، قاله أبو داود، وغيره. وقال عبد الحق (¬4): لا يسند من وجه صحيح، وكأنهم أشاروا إلى ما رواه الدارقطني (¬5) من حديث أبي الزناد، عن عروة، عن عائشة. وقال ابن أبي حاتم في "العلل" (¬6): سألت أبي عن حديث الوليد بن مسلم، عن ابن جريج، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة: في بيض النعام في كل بيضة صيام يوم، أو إطعام مسكين؟ فقال: ليس بصحيح عندي، ولم يسمع ابن جريج، من أبي الزناد شيئًا يشبه، أن يكون ابن جريج أخذه من إبراهيم بن أبي يحيى. قلت: رواه الدارقطني في "السنن" (¬7) من حديث الوليد، به. وقال: اختلف فيه على أبي الزناد. وقال الطبراني في "الأوسط" (¬8) تفرد به الوليد بن مسلم. ¬
وقال الدارقطني في "العلل" (¬1) ذكر هذا الحديث لأحمد بن حنبل وقال: لم يسمعه ابن جريج، من أبي الزناد، إنما يروى عن زياد بن سعد، عن أبي الزناد. قلت: فرجع الحديث إلى ما رواه أبو داود، وفيه رجل لم يسم، فهو في حكم المنقطع. 1385 - [3587]. قوله: روي أنه صلى الله عليه وسلم قال: "يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ السَّبُعَ الْعِادِيَّ". أحمد (¬2) وأبو داود (¬3) والترمذي (¬4) وابن ماجه (¬5) من حديث أبي سعيد الخدري، في حديث وفيه يزيد بن أبي زياد، وهو ضعيف، وإن حسنه الترمذي وفيه لفظة منكرة وهي قوله: "وَيرْمِي الْغُراب، ولا يَقْتُلُه". قال النووي في "شرح المهذب" (¬6): إن صحّ هذا الخبر حمل قوله هذا على أنه لا يتأكد ندب قتله كتأكّده في الحية وغيرها. [3588]- وفي "سنن سعيد بن منصور" عن حفص بن ميسرة، عن زيد بن أسلم، عن ابن سيلان، عن أبي هريرة قال: الكلب العقور الأسد. ¬
تنبيه
1386 - [3589]- حديث: "خَمْسُ فَوَاسِقَ يُقْتَلْنَ في الْحَرَمِ ... " الحديث. متفق عليه (¬1) من حديث عائشة. وفي رواية لهما (¬2): يقتلن في الحل والحرم. 1387 - [3590]- حديث: "خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِ لَيسَ (¬3) عَلَى الْمُحْرِم في قَتْلِهِنَّ جُنَاحٌ" .. الحديث. متفق عليه (¬4): من حديث ابن عمر. وفي وراية لمسلم (¬5) عن ابن عمر حدثتني إحدى نسوة النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان يأمر بقتل الكلب ... فذكر الخمسة. وزاد: والحية، قال: "وفي الصلاة أيضًا". تنبيه وقع عند مسلم (¬6) في بعض طرقه الجمع بين الحديثين من طريق ابن عمر بلفظ: "خَمْسٌ لا جُنَاحَ عَلَى مَنْ قَتَلَهُنّ في الْحَرَمِ وَالإحْرَامِ". ¬
1388 - قوله: وفي معنى المذكورات: الحية، والذئب، والأسد ... إلى آخره. قلت: هذا قصور عظيم من العدول إلى القياس مع وجود النص في الحية، وفي الذئب. وقد تقدم ما في السبع. أمّا الحية؛ فقد روى مسلم كما ترى. [3591]- وروى مسلم (¬1) أيضًا من حديث ابن مسعود: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل حية وهو بمنى. وهو [أي ذكر الحية] (¬2) من حديث أبي سعيد الماضي عند أبي داود وغيره. [3592]- وعند أحمد (¬3) من حديث ابن عباس. [3593]- ورواه أبو داود في "المراسيل" (¬4) من حديث سعيد بن المسيب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ الذّئْبَ". [3594]- ووصله الدارقطني (¬5) من حديث ابن عمر بإسناد آخر ضعيف. 1389 - [3595]- قوله: ورد النّهي عن قتل النحل والنمل. ¬
أحمد (¬1) وأبو داود (¬2) وابن ماجه (¬3) وابن حبان (¬4) من حديث ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل أربع من الدواب؛ النملة، والنحلة، والهدهد، والصرد. رجاله رجال الصحيح. قال البيهقي: هو أقوى ما ورد في هذا الباب. [3596]- ثم رواه (¬5) من حديث سهل بن سعد، وزاد فيه: والضفدع. وفيه عبد المهيمن بن عباس بن سهل وهو ضعيف. 1390 - [3597]- قوله: ورد النهي عن قتل الخطاف. أبو داود في "المراسيل" (¬6) من حديث عباد بن إسحاق، عن أبيه، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل الخطاطيف. [3598]- ورواه البيهقي (¬7) معضلا أيضًا من حديث أبي الحويرث، عن النبي صلى الله عليه وسلم. [3599]- ورواه ابن حبان في "الضعفاء" (¬8) من حديث ابن عباس، وفيه ¬
الأمر بقتل العنكبوت. وفيه عمرو بن جميع وهو كذاب. وقال البيهقي (¬1): روي فيه حديث مسند، وفيه حمزة النصيبي وكان يرمى بالوضع. وسيأتي في "الأطعمة" إن شاء الله تعالى. 1391 - [3600]- قوله: ورد النهي عن قتل الضفدع. أحمد (¬2) وأبو داود (¬3) والنسائي (¬4) والحاكم (¬5) والبيهقي (¬6) من حديث عبد الرحمن بن عثمان (¬7) التيمي قال: ذكر طبيب عند رسول الله صلى الله عليه وسلم دواء, وذكر الضفدع يجعل فيه، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل الضفدع. قال البيهقي (¬8): هو أقوى ما ورد في النهي. [3601]- وروى البيهقي من حديث أبي هريرة: النهي عن قتل الصرد والضفدع [والنملة] (¬9) والهدهد. وفي إسناده إبراهيم بن [الفضل] (¬10)، وهو متروك. وقد تقدّم حديث سهل بن سعد قريبًا. ¬
[3602]- ورواه البيهقي (¬1) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص موقوفًا: لا تقتلوا الضفدع فإن نقيقها تسبيح، ولا تقتلوا الخفاش فإنه لما خرب بيت المقدس قال: يا رب سلطني على البحر حتى أغرقهم. قال البيهقي: إسناده صحيح. 1392 - [3603]- حديث: "لَحْمُ الصَّيْدِ حَلالٌ لَكمْ في الإحْرَامِ مَا لَمْ تَصْطَادُوهُ، أَوْ لَمْ يُصَدْ لَكُمْ". أصحاب السّنن (¬2) وابن خزيمة (¬3) وابن حبان (¬4) والحاكم (¬5) والدارقطني (¬6) والبيهقي (¬7) من حديث عمرو بن أبي عمرو (¬8) مولى المطلب بن عبد الله بن حنطب، عن مولاه المطلب، عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صَيْدُ الْبَرِّ لَكُمْ حَلالٌ مَا لَمْ تَصِيدوه أو يُصَاد (¬9) لَكُمْ". ¬
وفي رواية للحاكم (¬1): "لَحْمُ صَيْدِ الْبَرِّ لَكُمْ حَلالٌ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ مَا لَمْ تَصِيدُوهُ أَوْ يُصَدْ لَكُمْ". وعمرو مختلف فيه، وإن كان من رجال "الصحيحين"، ومولاه: قال الترمذي: لا يعرف له سماع من جابر. وقال في موضع آخر (¬2): قال محمَّد: لا أعرف له سماعا من أحد من الصحابة، إلا قوله حدثني من شهد خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسمعت عبد الله بن عبد الرحمن يقول: لا نعرف له سماعا من أحد من الصحابة. وقد رواه الشافعي (¬3) عن الدراوردي، عن عمرو، عن رجل من الأنصاري، عن جابر. قال الشافعي: إبراهيم بن محمَّد بن أبي يحيى أحفظ من الدراوردي ومعه سليمان بن بلال. يعني أنهما قالا فيه: عن المطلب. قال الشافعي: وهذا الحديث أحسن شيء في هذا الباب. قلت: [3604]- ورواه الطبراني في "الكبير" (¬4) من رواية يوسف بن خالد السمتي عن عمرو، عن المطلب، عن أبي موسى. ويوسف متروك. ¬
ووافقه إبراهيم بن سويد عن عمرو عند الطحاوي (¬1). وقد خالفه إبراهيم بن أبي يحيى، وسليمان بن بلال، والدراوردي، ويحيى بن عبد الله بن سالم، ويعقوب بن عبد الرحمن، ومالك فيما قيل وآخرون، وهم أحفظ منه وأوثق. ورواه الخطيب في "الرواة عن مالك" من رواية عثمان بن خالد المخزومي، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر، وعثمان ضعيف جدًّا. وقال الخطيب: تفرد به عن مالك. وهو في "كامل ابن عدي" (¬2) وضعفه بعثمان. 1393 - [3605]- حديث: أنه صلى الله عليه وسلم أرخص في لحم الصيد للمحرم. أخرجه البزار (¬3) من طريق عبد الله بن الحارث، عن ابن عباس، عن علي هذا وفي إسناده ضعف. 1394 - [3606]- حديث: أبي قتادة: أنه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتخلف مع بعض أصحابه وهو حلال، وهم محرمون، فرأوا حمر وحش، فاستوى على فرسه ثم سأل أصحابه، أن يناولوه سوطا فأبوا فسألهم رمحه فابوا، فأخذه وحمل على الحمر فعقر منها أتانا، فأكل منها بعضهم، وأبى بعضهم، ¬
فلما أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم سألوه فقال: "هَلْ مِنْكُمْ أحدٌ أَمَرَهُ أنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا، أَوْ أَشَارَ إِلَيهَا؟ " قالوا: لا. قال: "فَكُلُوا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِهَا". متفق عليه (¬1) وله عندهما ألفاظ كثيرة. وفي لفظ لمسلم (¬2) والنسائي (¬3): "هَلْ أَشَرْتُمْ؟ هَلْ أَعَنْتُمْ؟ " قالوا: لا. قال: "فَكُلُوا". وفي رواية لمسلم (¬4): فناولته العضد فأكلها. وفي رواية [له] (¬5). (¬6) قالوا: معنا رجله. فأخذها فأكلها. وفي رواية للطحاوي في "شرح الآثار" (¬7): أنه صلى الله عليه وسلم بعث أبا قتادة على الصدقة وخرج صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه وهم محرمون حتى نزلوا عسفان، وجاء أبو قتادة وهو حلّ ... الحديث. وفي رواية للدارقطني (¬8) والبيهقي (¬9): أنه قال حين اصطاد الحمار الوحشي: ¬
تنبيه
قال: فذكرت شأنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم, وذكرت له أني لم أكن أحرمت، وأني إنما اصطدته لك، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه فأكلوا, ولم يأكل حين أخبرته أني اصطدته له. قال الدارقطني: قال أبو بكر النيسابوري قوله: "إنما اصطدته لك" وقوله: "لم يأكل منه" لا أعلم أحدا ذكره في هذا الحديث غير معمر. وقال البيهقي: هذه الزيادة غريبة، والذي في "الصحيحين": أنه أكل منه. وقال النووي: في "شرح المهذب" (¬1) يحتمل أنه جرى لأبي قتادة في تلك السفرة قضيتان. وهذا الجمع نفاه قبله أبو محمَّد ابن حزم (¬2) فقال: لا يشك أحد في أن أبا قتادة لم يصد الحمار إلا لنفسه، ولأصحابه وهم محرمون، فلم يمنعهم النبي صلى الله عليه وسلم من أكله. وخالفه ابن عبد البر (¬3): فقال: كان اصطياد أبي قتادة الحمار لنفسه لا لأصحابه. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم (¬4) وجَّه أبا قتادة على طريق البحر مخافة العدو، فلذلك لم يكن محرما إذ اجتمع مع أصحابه؛ لأن مخرجهم لم يكن واحدا. تنبيه قال الأثرم: كنت أسمع أصحاب الحديث يتعجبون من هذا الحديث، ويقولون: كيف جاز لأبي قتادة مجاوزة الميقات بغير إحرام، ولا يدرون ما ¬
وجهه، حتى رأيته مفسَّرًا في حديث عياض عن أبي سعيد قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحرمنا، فلما كان مكان كذا وكذا إذا نحن بأبي قتادة، كان النبي صلى الله عليه وسلم بعثه في شيء قد سماه ... فذكر حديث الحمار الوحشي. 1395 - [3607]- حديث: أن الصعب بن جثامة أهدى النبي صلى الله عليه وسلم حمارا وحشيا ... الحديث. متفق عليه (¬1) من حديثه. * حديث: "رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ ... " الحديث، تقدم في "شروط الصلاة" وفي "الصوم". 1396 - [3608]- حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في الضبع بكبش. أصحاب "السنن" (¬2) وابن حبان (¬3) وأحمد (¬4) والحاكم في "المستدرك" (¬5) من طريق عبد الرحمن بن أبي عمار، عن جابر بلفظ: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الضبع فقال: "هُو صَيْدٌ وَيُجْعَلُ فِيهِ كَبْشٌ، إذَا أَصَابَهُ الْمُحْرِم". ¬
ولفظ الحاكم: جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في الضبع [يصيبه] (¬1) المحرم كبشا نجديا وجعله من الصيد. وهو عند ابن ماجه (¬2): إلا إنه لم يقل نجديا. قال الترمذي (¬3): سألت عنه البخاري فصححه. وكذا صححه عبد الحق (¬4) وقد أُعِلّ بالوقف. وقال البيهقي (¬5): هو حديث جيد تقوم به الحجة، ورواه البيهقي (¬6) من طريق الأجلح، عن أبي الزبير، عن جابر، عن عمر قال: لا أراه إلا قد رفعه: إنه حكم في الضبع بكبش ... الحديث. ورواه الشافعي (¬7) عن مالك، عن أبي الزبير به، موقوفًا. وصحح [وقفه] (¬8) من هذا الوجه الدارقطني. ورواه الدارقطني (¬9) والحاكم (¬10) من طريق إبراهيم الصائغ، عن عطاء، عن ¬
جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الضَّبُعُ صَيْدٌ، فَإذَا أَصَابَهُ الْمُحْرِمُ فَفِيه كَبْشٌ مُسِنٌّ، وَيُؤْكَلُ". وفي الباب. [3609]- عن ابن عباس رواه الدارقطني (¬1) والبيهقي (¬2) من طريق عمرو بن أبي عمرو، عن عكرمة، عنه. وقد أعل بالإرسال. رواه الشافعي (¬3) من طريق ابن جريج عن عكرمة، مرسلًا. وقال: لا يثبت مثله، لو انفرد ثم أكده بحديث ابن أبي عمار. وقال البيهقي: روي موقوفًا، عن ابن عباس أيضًا. * حديث: "إنّ الله حَرَّمَ مَكَّة ... ". تقدم في هذا الباب من حديث أبي هريرة، وغيره وسيأتي. 1397 - قوله: وفي وجه اختاره صاحب "التتمة" إنها مضمونة أي الشّوك لإطلاق الخبر. يريد قوله: "لا يُعْضَدُ شْوْكُهَا" وهو في الحديث المذكور .. [3610]- وقد روى مسلم (¬4) من حديث أبي سعيد رفعه: "إنَّ إبْرَاهِيمَ حَرَّمَ ¬
مَكَّةَ، وَإنِّي حَرَّمْتُ المدِينَةَ ... " الحديث. وفيه: "وَلا يُخْبَط بِهَا شَجَرةٌ إلا لِعَلَفٍ". قلت: لكن في الاستدلال به على العلف من حرم مكة نظر؛ لأنه إنما ورد في علف حرم المدينة. 1398 - [3611]- حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم استهدى ماء زمزم من سهيل بن عمرو، عام الحديبية. البيهقي (¬1) من طريق عبد الله بن المؤمل، عن ابن محيصن، عن عطاء، عن ابن عباس، وليس فيه عام الحديبية. [3612]- ومن طريق أبي الزبير، عن جابر: أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل وهو بالحديبية قبل أن يفتح مكة إلى سهيل بن عمرو: "أَنِ اهْدِ لَنَا مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ"، فبعث إليه بمزادتين. وسيأتي موقوف عائشة. 1399 - [3613]- حديث: "إنَّ إبرَاهيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ، وَإنِّي حَرَّمْتُ (¬2) الْمَدِينَةَ مِثْلَ مَا حَرَّمَ إبرَاهِيمُ مَكَّةَ لا يُنَفَّرُ صَيدُهَا، وَلا يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلا يُخْتَلَى خَلاهَا". متفق عليه (¬3) من حديث عبد الله بن زيد بن عاصم، دون قوله: "لا ينفر صيدها ... " إلى آخره. ¬
[3614]- ولمسلم (¬1) عن أبي سعيد وفيه: "ولا يُخْبَطُ فِيها شَجَرَةٌ إلَّا لِعَلَفٍ" كما تقدم. [3615]- وله (¬2) من حديث جابر: "لا يُقْطَعُ عِضَاهُهَا، وَلا يُصَادُ صَيْدُها". [3616]- ومن حديث سعد بن أبي وقاص (¬3): "أن [يُقْطَعَ] (¬4) عِضَاهُهَا، أَوْ يُقْتَلَ صَيْدُهَا". [3617]- ولأبي داود (¬5): من حديث علي: "لا يُخْتَلَى خَلاهَا، وَلا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا ... " الحديث. * حديث: "إنِّي أُحَرِّمُ مَا بَينَ لابَتَي الْمَدِينَةِ ... " الحديث. تقدم، وهو في لفظ حديث سعد. 1400 - [3618]- حديث: أن سعد بن أبي وقاص أخذ سلب رجل قتل صيدا في المدينة ... الحديث. ورفعه مسلم (¬6) من حديثه. ووقع هنا للحاكم وهم، وللبزار وهم آخر. ¬
أما الحاكم؛ فأخرجه في "المستدرك" (¬1) وزعم أنهما لم يخرجاه، وهو في مسلم. وأما البزار (¬2) فقال: لا نعلم رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا سعد، ولا عنه إلا عامر بن سعد. وسيأتي ما يرد عليه [في] (¬3) هذا الحصر. طريق أخرى: [3619]-[روي] (¬4) أنهم كلموا سعدا في هذا السلب، فقال: ما كنت لأرد طعمة أطعمنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم. أبو داود (¬5) من طريق سليمان بن أبي عبد الله، عن سعد. وأخرجه الحاكم (¬6) بلفظ: أن سعدًا كان يخرج من المدينة، فيجد الحاطب من الحطاب معه شجر رطب قد عضده من شجر المدينة، فيأخذ سلبه فيكلم فيه فيقول: لا أدع غنيمة غنمنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم, وإنى لمن أكثر الناس مالًا. وصححه. وسليمان، قال أبو حاتم (¬7): ليس بالمشهور. ¬
1401 - [3620]- حديث: روي أنه صلى الله عليه وسلم قال: "صَيْدُ وَجِّ مُحَرَّمٌ لله تَعَالى". أبو داود (¬1) من حديث الزبير بن العوام، وسكت عليه. وحسّنه [المنذري] (¬2) وسكت عليه عبد الحق (¬3). فتعقّبه ابن القطّان (¬4) بما نقل عن البخاري أنه لم يصح، وكذا قال الأزدي (¬5). وذكر الذهبي (¬6): أن الشافعي صححه. وذكر الخلال: أن أحمد ضعفه. وقال ابن حبان (¬7): في راويه المنفرد به، وهو محمَّد بن عبد الله بن إنسان الطائفي، كان يخطيء. ومقتضاه: تضعيف الحديث، فإنه ليس له غيره، فإن كان أخطأ فيه فهو ضعيف. وقال العقيلي (¬8): لا يتابع إلا من جهة تقاربه في الضعف. ¬
تنبيه
وقال النووي في "شرح المهذب" (¬1): إسناده ضعيف. قال: وقال البخاري في "صحيحه": لا يصح. كذا قال! والظاهر أنه أراد في "تاريخه" (¬2) فإنه قال ذلك في ترجمة "عبد الله ابن إنسان"، وإلا فالبخاري لم يتعرض لهذا في "صحيحه" والله أعلم (¬3). تنبيه وَجّ. بفتح الواو، وتشديد الجيم - أرض بالطّائف. وقيل: وادٍ بها. وقيل: كلّ الطائف. 1402 - [3621]- حديث: أن النّبي صلى الله عليه وسلم حمى النّقيع لإبل الصّدقة ونعم الجزية. البخاريّ (¬4) من طريق ابن عيينة، عن الزّهريّ عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عَبّاس، عن الصّعب بن جثّامة، أنّ النّبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا حِمَى إلَّا لله وَلِرَسُولِه". قال: وبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حمى النقيع، وأن عمر حمى السرف والربذة، هكذا. أخرجه البخاري [معقِّبًا] (¬5) لحديث: "لا حِمَى إلَّا لله وَلِرَسُولِه"، وهو ¬
المتّصل منه، والباقي من مراسيل الزّهريّ. قال البيهقي (¬1): قوله: "حمى النقيع" هو من قول الزهري، وكذا رواه ابن أبي الزناد عن عبد الرحمن بن الحارث، عن ابن شهاب معضلا. ورواه أحمد (¬2) وأبو داود (¬3) والحاكم (¬4) من طريق عبد العزيز الدراوردي، عن عبد الرحمن بن الحارث، فأدرجوه كله. وحكم البخاري أن حديث من أدرجه وهم. ورواه النسائي (¬5) من حديث (¬6) مالك، عن الزهري، فذكر الموصول فقط. وأغرب عبد الحق في "الجمع" فجعل قوله: وبلغنا من تعليقات البخاري وتبعه على ذلك ابن الرفعة. ويكفي في الرد عليه أن أبا داود (¬7) أخرجه من حديث ابن وهب، عن يونس، عن الزهري، فذكره. وقال في آخره: قال ابن شهاب: وبلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم حمى النقيع. ووهم الحاكم في قوله: إنها اتفقا على إخراج حديث: "لا حِمَى إلَّا لله وَلِرَسُولِه". وهو من أفراد البخاري، وتبع الحاكم في وهمه أبو الفتح القشيري ¬
فائدة
في "الإلمام" (¬1) وابن الرفعة في "المطلب". وفي الباب: [3622]- عن ابن عمر أخرجه أحمد (¬2) وابن حبان (¬3) من حديث ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم حمى النقيع لخيل المسلمين. فائدة تبين بهذا أن قولَه لإبل الصدقة: "ونعم الجزية"؛ مدرج ليس هو في أصل الخبر. تنبيه النقيع -بالنّون- جزم به الحازمي وغيره، وهو من ديار مزينة، وهو في صدر وادي العقيق، ويشتبه بالبقيع -بالباء الموحدة- وزعم البكري أنهما سواء، والمشهور الأول. 1403 - [3623 , 3624]- حديث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسوق الهدي. متفق عليه من حديث علي (¬4) وعائشة (¬5) وغيرهما. ¬
1404 - قوله: وما كانت تسد أفواهها في الحرم. لم ينقل صريحا، وإنما هو الظاهر؛ لأنه لم ينقل. آثار الباب: 1405 - [3625]- قوله: إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قدموا مكّة متقلِّدين بسيوفهم، عام عمرة القضاء. الشافعي (¬1) عن إبراهيم بن أبي يحيى، عن عبد الله بن أبي بكر بهذا مرسلًا. ويشدّه: [3626]- ما رواه البخاري (¬2) من حديث ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج معتمرا، فحال كفار قريش بينه وبين البيت ... الحديث. وفيه: ولا يحمل عليهم سلاحًا إلا سيوفًا. وفي الباب: [3627]- حديث البراء في قصة الصلح، قال: ولا يدخلها إلا بجلبان السِّلاح القراب بما فيه. أخرجاه (¬3). وفي رواية لمسلم (¬4): "السّيف [والقوس] ". ¬
1406 - قوله: ولا بأس بشد الهميان والمنطقة على الوسط؛ لحاجة النفقة، روي عن عائشة وابن عباس. [3628]- أما أثر عائشة؛ فرواه أبو بكر بن أبي شيبة (¬1) والبيهقي (¬2) من طريق القاسم عنها، أنها سئلت عن الهميان للمحرم؟ فقالت: أوثق نفقتك في حقويك. [3629]- وروى ابن أبي شيبة (¬3) نحو ذلك عن سالم وسعيد بن جبير وطاوس وابن المسيب وعطاء وغيرهم. [3630]- وأما أثر ابن عباس (¬4)؛ فرواه ابن أبي شيبة والبيهقي (¬5) من طريق عطاء عنه، قال: لا بأس بالهميان للمحرم. ورفعه الطبراني في الكبير (¬6) وابن عدي (¬7) من طريق صالح مولى التوأمة عن ابن عباس، وهو ضعيف. 1407 - [3631]- قوله: والحناء ليس بطيب، كان نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم يختضبن وهن محرمات. ¬
الطبراني في "الكبير" (¬1) من طريق يعقوب بن عطاء، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس، قال: كن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بالحناء يختضبن بالحناء وهن محرمات، ويلبسن المعصفر وهن محرمات. ويعقوب مختلف فيه. وذكره البيهقي في "المعرفة" (¬2) بغير إسناد، فقال: روينا عن ابن عباس فذكره، ثم قال أخرجه ابن المنذر. ولما ذكره النووي في "شرح المهذب" (¬3) قال: غريب. وقد ذكره ابن المنذر في "الإشراف" بغير إسناد -يعني أنه لم يقف على إسناده. وذكره أبو الفتح القشيري في "الإِمام" ولم يعزه أيضًا. [3632]- قال البيهقي (¬4): روينا عن عائشة، أنها سئلت عن خضاب الحناء؟ فقالت: كان خليلي لا يحب ريحه. قال: ومعلوم أنه كان يحب الطيب، فيشبه أن يكون الحناء غير داخل في جملة الطيب. وهذا يعكر عليه: [3633]- ما روى أحمد في "مسنده" (¬5) من حديث أنس: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم تعجبه الفاغية. ¬
قال الأصمعي: هو نور الحناء، كذا نقله الهروي في "الغريب" (¬1). وقال ابن جرير: الفاغية ما أنبتت الصحراء من الأنوار الطيبة الرائحة التي لا تزرع. فعلى هذا لا يرد. قلت: ولا يرد الأول أيضًا؛ لإمكان الجمع بين محبته لرائحة النور وبغضه لرائحة الخضاب. وعدّ أبو حنيفة الدينوري في "النبات" الحناء من أنواع الطيب. [3634]- وعند البيهقي في "المعرفة" (¬2) بسند ضعيف، عن خولة بنت حكيم، عن أمها مرفوعًا: "لَا تطَيّبِي وَأَنْتِ مُحْرِمَةٌ، وَلا تَمُسِّي الْحِنَّاءَ فإنَّه طِيبٌ". 1408 - [3635]- حديث: عثمان أنه سئل عن المحرم هل يدخل البستان؟ قال: نعم، ويشم الريحان. رويناه مسلسلا من طريق الطبراني وهو في "المعجم الصغير" (¬3) بسنده إلى جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران، عن أبان بن عثمان، [عن عثمان] (¬4). ¬
وأورده المنذري (¬1) في "تخريج أحاديث المهذب"مسندا أيضًا. وقال النووي في "شرح المهذب" (¬2): إنه غريب -يعني: إنه لم يقف على إسناده. 1409 - [3636]- حديث ابن عباس: أنه دخل حمام الجحفة وهو محرم، وقال: إن الله لا يعبأ بأوساخكم شيئًا. الشافعي (¬3) والبيهقي (¬4) وفيه إبراهيم بن أبي يحيى. قال الشافعي: وأخبرني الثقة، إما سفيان، وإما غيره، فذكر نحوه بسند إبراهيم. 1410 - قوله: وللجماع في الحج والعمرة نتائج، فمنها فساد النسك، يروى ذلك عن عمر وعلي وابن عباس وأبي هريرة وغيرهم من الصحابة. انتهى. [3637 - 3639]- أمّا أثر عمر وعليّ وأبي هريرة فذكره مالك في "الموطأ" (¬5) بلاغًا عنهم. وأسنده البيهقي (¬6) من حديث عطاء عن عمر، وفيه إرسال. ورواه سعيد بن ¬
تنبيه
منصور من طريق مجاهد، عن عمر، وهو منقطع. وأخرجه ابن أبي شيبة (¬1) أيضًا. وعن علي (¬2)، وهو منقطع أيضًا بين الحكم وبينه. [3640]- وأما أثر ابن عباس؛ فرواه البيهقي (¬3) من طريق أبي بشر، عن رجل من بني عبد الدار، عن ابن عباس. وفيه: أن أبا بشر قال: لقيت سعيد بن جبير فذكرت ذلك له، فقال: هكذا كان ابن عباس يقول. وأما غيرهم: [3641]- فعند أحمد (¬4): عن ابن عمر سئل عن رجل وامرأة حاجين وقع عليها قبل الإفاضة؟ فقال: ليحجا قابلا. وللدارقطني (¬5) والحاكم (¬6) والبيهقي (¬7) من حديث شعيب بن محمَّد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن جده، وابن عمر، وابن عباس نحوه. تنبيه [3642]- روى أبو داود في "المراسيل" (¬8) من طريق يزيد بن نعيم، أن رجلًا ¬
من جُذَام جامع امرأته وهما محرمان، فسألا النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: "اقْضِيَا نُسُكًا، وَأَهْدِيَا هَدْيًا". رجاله ثقات مع إرساله. ورواه ابن وهب في "موطئه" من طريق سعيد بن المسيب، مرسلًا أيضًا. 1411 - قوله: روي عن عمر وعلي وابن عباس وأبي هريرة أنهم قالوا: من أفسد حجه قضى من قابل. هو في بلاغ مالك المتقدم قبله. 1412 - [3643]. قوله: عن ابن عباس: أنه قال في المجامع امرأته في الإحرام: إذا أتيا المكان الذي أصابا فيه ما أصابا يفترقان. البيهقي (¬1) من طريق عكرمة عنه. وروى ابن وهب في "موطئه" (¬2) عن سعيد ابن المسيب مرفوعًا مرسلًا نحوه، وفيه ابن لهيعة. وهو عند أبي داود في "المراسيل" (¬3) بسند معضل. 1413 - قوله: عن علي: أنه أوجب في القبلة شاة. وعن ابن عباس مثله. ¬
[3644]- أما أثر علي؛ فرواه البيهقي (¬1) -وفيه جابر الجعفي وهو ضعيف- عن أبي جعفر، عن علي. ولم يدركه. [3645]- وأما أثر ابن عباس، فذكره البيهقي (¬2) ولم يسنده. 1414 - قوله: عن ابن عمر: أنه أوجب الجزاء بقتل الجراد. وعن ابن عباس مثله. [3646]- أما ابن عمر؛ فرواه ابن أبي شيبة (¬3) من طريق علي بن عبد الله البارقي قال: كان ابن عمر يقول: في الجراد قبضة من طعام. [3647]- وسعيد بن منصور، من طريق أبي سلمة، عن ابن عمر: أنه حكم في الجراد بتمرة. [3648]- وأما ابن عباس؛ فرواه الشافعي (¬4) والبيهقي (¬5) من طريق القاسم بن محمَّد، قال: كنت عند ابن عباس فسأله رجل عن جرادة قتلها وهو محرم؟ فقال ابن عباس: فيها قبضة من طعام. ورواه سعيد بن منصور من هذا الوجه. وسنده صحيح. 1415 - [3649]- حديث: أن الصحابة قضوا في النعامة ببدنة. ¬
البيهقي (¬1) عن ابن عباس بسند حسن. [3650]- ومن طريق عطاء الخراساني، عن عمر، وعلي، وعثمان، وزيد ابن ثابت، ومعاوية، وابن عباس: قالوا: في النعامة يقتلها المحرم بدنة. وأخرجه الشافعي (¬2)، وقال: هذا غير ثابت عند أهل العلم بالحديث، وبالقياس قلنا في النعامة بدنة لا بهذا. [3651]- ومن طريق أبي المليح، عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، مكاتبة عن ابن مسعود. وقال مالك: لم أزل أسمع أن في النّعامة إذا قتلها المحرم بدنةً. * حديث: أنهم قضوا في حمار الوحش وبقره ببقرة، وفي الغزال بعنز، وفي الأرنب بعناق، وفي اليربوع بجفرة. البيهقي (¬3) عن ابن عباس. وسيأتي. وروى مالك عن هشام بن عروة، عن أبيه، مثله. 1416 - [3652]- حديث: أنهم قضوا في الغزال بعنز، وفي الأرنب بعناق، وفي اليربوع بجفرة. مالك (¬4) والشافعي (¬5) بسند صحيح، عن عمر. ¬
[3653]- وروى البيهقي (¬1) عن عكرمة، قال: جاء رجل إلى ابن عباس فقال: إني قتلت أرنبا وأنا محرم، فكيف ترى؟ قال: هي تمشى على أربع، والعناق تمشي على أربع، وهي تجتر والعناق تجتر، وتأكل الشجر، وكذا العناق اهد مكانها عناقا. [3654]- والشافعي (¬2) من طريق الضّحاّك، عن ابن عَبّاس: في الأرنب شاة. [3655]- والبيهقي (¬3) من طريق أبي عبيدة بن عبد الله، عن أبيه: أنه قضى في اليربوع بجفرة. ورواه الشافعي (¬4) من طريق مجاهد، عن ابن مسعود. [3656]- ولأبي يعلى (¬5) عن جابر، عن عمر- لا أراه إلا رفعه.: أنه حكم في الضبع شاة، وفي الأرنب عناق، وفي اليربوع جفرة، وفي الظبي كبش. [3657]- وقال ابن أبي شيبة (¬6) حدثنا يزيد بن هارون، عن ابن عون، عن أبي الزبير، عن جابر: أن عمر قضى في الأرنب ببقرة. [3658]- ولإبراهيم الحربي في "الغريب" من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس: في اليربوع حمل (¬7). قال: والحمل ولد الضأن الذكر. ¬
تنبيه
تنبيه الجفرة -بفتح الجيم- هي الأنثى من ولد الضأن التي بلغت أربعة أشهر، وفصلت عن أمها. 1417 - [3659]- حديث عثمان: أنه قضى في أم حبين بحلان من الغنم. الشافعي (¬1) والبيهقي (¬2) من طريق ابن عيينة، عن مطرف، عن أبي السفر، عنه وفيه انقطاع. تنبيه أم حُبَيْن -بضم الحاء المهملة، وتخفيف الباء الموحدة المفتوحة، بعدها ياء آخر الحروف ساكنة، وآخره نون دابة على خلقة الحرباء عظيمة البطن. والحلان -بضم المهملة وتشديد اللام- هي الحمل، أي الجدي. ووقع عند البغوي بحلام آخره ميم، وقال: الحلام ولد المعزى. 1418 - [3660, 3661]-[قوله: وعن عطاء ومجاهد أنهما: حكما في الوبر بشاة] (¬3). ¬
تنبيه
الشافعي (¬1) عن سعيد بن سالم، عن ابن جريج، عن عطاء، أنه قال: في الوبر شاة، إن كان يؤكل. وبه، عن مجاهد نحوه. وروى ابن أبي شيبة (¬2) من طريق مجاهد، عن عبد الله قال: في الضب يصيبه المحرم حفنة من طعام. 1419 - [3662]- حديث: أنه صلى الله عليه وسلم قال لبلال. وقد تدحرج بطنه (¬3): يا أم حُبَيْن. ذكره ابن الأثير في "نهاية الغريب" (¬4) ولم أقف على سنده بعد. 1420 - [3663]- حديث عمر: في الضب جدي. الشافعي (¬5) بسند صحيح إلى طارق قال: خرجنا حجاجا فأوطأ رجل منا يقال له أربد ضبا، ففزر ظهره، فأتى عمر فسأله فقال عمر: احكم يا أربد، قال: أرى فيه جديا، قد جمع الماء والشجر، قال عمر: فذلك فيه. تنبيه وقع في بعض النسخ: عن عثمان، وهو غلط من النساخ، والصواب عمر. ¬
تنبيه
1412 - [3664]- قوله: وعن عطاء: أن في الثعلب شاة. قلت: ذكره الشافعي (¬1) فقال: روي عن عطاء. وأخرجه أيضًا بإسناد صحيح عن شريح. 1422 - [3665]- قوله: وعن بعضهم. أي بعض الصّحابة: في الأيل بقرة. الشافعي (¬2) من طريق الضحاك، عن ابن عباس، وهو منقطع. قال الشافعي في موضع آخر: الضحاك لم يثبت سماعه من ابن عباس عند أهل العلم، وغفل النووي (¬3) فقال: إسناده صحيح. تنبيه الأيل -بفتح الهمزة، ويقال: بكسرها، والياء المثناة من تحت- ذكر الوعول. * حديث: أن رجلًا قتل صيدًا، فسأل عمر فقال: احكم فيه، قال: أنت خير مني وأعلم، قال: إنما أمرتك أن تحكم ... الحديث. هو أربد المقدم قبلُ بحديثين في قصة الضب. ¬
1423 - [3666]- حديث عمر: أنه أوجب في الحمامة شاة. وعن عثمان مثله. الشافعي (¬1) من طريق نافع بن عبد الحارث، قال: قدم عمر مكة، فدخل دار الندوة يوم الجمعة، فألقى رداءه على واقف في البيت، فوقع عليه طير، فخشي أن يسلح عليه فأطاره فوقع عليه، فانتهزته حية فقتلته، فلما صلى الجمعة دخلت عليه أنا وعثمان فقال: احكما علي في شيء صنعته اليوم، فذكر لنا الخبر قال: فقلت لعثمان: كيف ترى في عنز ثنية عفراء؟ قال: أرى ذلك. فأمر بها عمر. إسناده حسن. ورواه ابن أبي شيبة (¬2) عن غندر، عن شعبة، عن شيخ من أهل مكة: أن عمر فذكره مرسلًا (¬3) مبهما. [3667]- وروى ابن أبي شيبة (¬4) من طريق صالح بن المهدي، عن أبيه: أن ذلك وقع لعثمان بمعناه، لكن فيه أنه هو الذي أطارها عن ثياب عثمان، فقال له عثمان: أدّ عنك شاة فقلت: إنما أطرتها من أجلك، قال: وعني شاة. [3668]- وروى ابن أبي شيبة (¬5) من طريق جابر، عن عطاء: أول من فدى طير الحرم بشاة عثمان. ¬
وجابر وهو الجعفي ضعيف. وأما الرواية فيه عن عثمان فتقدم. 1424 - [3669]- حديث علي: أنه أوجب في الحمامة شاة. لم أقف عليه، ولا ذكره الشافعي عنه. 1425 - [3670]- حديث ابن عمر: أنه أوجب في الحمامة شاة. ابن أبي شيبة (¬1) من طريق عطاء: أن رجلًا أغلق بابه على حمامة وفرخيها، وانطلق إلى عرفات ومنى، فرجع وقد ماتت، فأتى ابن عمر فجعل عليه ثلاثًا من الغنم، وحكم معه رجل. وأخرجه البيهقي (¬2) من هذا الوجه. 1426 - [3671]- حديث ابن عباس مثله. الثوري (¬3)، وابن أبي شيبة (¬4)، والشافعي (¬5)، والبيهقي (¬6) من طرق. 1427 - حديث نافع بن الحارث مثله. كذا وقع في الأصل (¬7)، والصواب: نافع بن عبد الحارث كما تقدم في أثر ¬
عمر، وكذا هو عند الشافعي (¬1) 1428 - [3672]- قوله: عن عطاء: أنه أوجب في حمام الحرم شاة. رواه ابن أبي شيبة (¬2): حدّثنا أبو خالد الأحمر، عن أشعث، وابن جريج -فرقهما (¬3) - عن عطاء قال: من قتل حمامة من حمام مكة فعليه شاة. 1429 - قوله: وروي عن عاصم بن عمر، وسعيد بن المسيب. مثله. [3673]- أما أثر عاصم بن عمر، فذكره الشافعي (¬4) ثم البيهقي في "الخلافيات" (¬5) بغير إسناد. وقد وجدناه عن ابنه حفص بن عاصم بن عمر، أخرجه ابن أبي شيبة (¬6) من طريق عبد الله بن عمر العمري، عن أبيه، قال: قدمنا ونحن غلمان مع حفص ابن عاصم، وهو والد عمر المذكور، فأخذنا فرخا بمكة في منزلنا، فلعبنا به حتى قتلناه، فقالت له امرأته عائشة بنت مطيع بن الأسود، فأمر بكبش فذبح ¬
وتصدق به. [3674]- وأما ابن المسيب؛ فرواه البيهقي (¬1) من طريق مالك، عن يحيى بن سعيد، عنه: أنه كان يقول: في الحمام بمكة إذا قتلن شاة. ورواه ابن أبي شيبة (¬2) عن أبي خالد الأحمر، وعن عبدة كلاهما عن يحيى بن سعيد نحوه. 1430 - [3675]- حديث: أن الصحابة حكموا في الجراد بالقيمة، ولم يقدروا. مالك (¬3) عن زيد بن أسلم، عن عمر، وسعيد بن منصور، عن الدراوردي، عن زيد، عن عطاء بن يسار، عن عمر: في الجرادة تمرة. [3676]- وعن هشيم (¬4)، عن أبي بشر، عن يوسف بن ماهك، عن كعب، عن عمر: أنه سأله عن قتل جرادتين فقال: كم نويت في نفسك؟ قال: درهمين. قال: إنكم كثيرة دراهمكم. لتمرتين (¬5) أحب إليَّ من جرادتين. ثم قال: امض الذي نويت. ¬
ورواه ابن أبي شيبة (¬1) عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود عن عمر نحوه. [3677]- ورواه الشافعي (¬2) من طريق أخرى، عن عمر، وفيه: درهمان خير من مائة جرادة. [3678]- وعن عبدة، عن محمَّد بن عمرو عن أبي سلمة، عن ابن عمر: أن محرما [أصاب جرادة، فحكم عليه عبد الله بن عمر] (¬3) ورجل آخر حكم عليه أحدهما تمرة، والآخر كسرة (¬4). [3679]- وللشافعي (¬5) بسند صحيح عن ابن عباس: في الجرادة قبضة من طعام، ولتأخذن بقبضة جرادات. 1431 - [3680]- حديث ابن الزبير: في الشجرة الكبيرة النامية بقرة، وفي الصغيرة شاة. قال الشافعي (¬6): روي هذا عن ابن الزبير وعطاء. والقياس: أنه يفديه بقيمته، ولم يذكر إسناد ذلك عنهما. [3681]- وقد روى سعيد بن منصور، عن هشيم، عن شيخ، عن عطاء: أنه ¬
كان يقول المحرم إذا قطع شجرة عظيمة من شجر الحرم فعليه بدنة، وعن هشيم عن حجاج هو ابن أرطاة، عن عطاء قال: يستغفر الله ولا يعود. 1432 - حديث ابن عباس، مثله. ويروى عن غيرهما. [3682]- أما أثر ابن عباس فسبقه إلى نقله إمام الحرمين. وذكره أيضًا أبو الفتح القشيري في "الإِمام" ولم يعزه. وأما المبهم؛ فتقدم عن عطاء. [3683]- ونقل الماوردي (¬1): أن سفيان بن عيينة روى عن داود بن شابور، عن مجاهد، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: في الدوحة الكبيرة إذا قطعت من أصلها بقرة. قال الماوردي: ولم يذكره الشافعي. 1433 - [3684]- حديث: أن عائشة كانت تنقل ماء زمزم. الترمذي (¬2) والحاكم (¬3) والبيهقي (¬4) من حديث عروة عنها: أنها كانت تحمل ماء زمزم، وتخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعله. حسنه الترمذي، وصححه الحاكم، وفي إسناده خلاد بن يزيد، وهو ضعيف وقد تفرد به فيما يقال. ¬
1434 - قوله: أوجبنا في الشعرة الواحدة درهمًا، وفي الشعرتين درهمين؛ لأن الشاة كانت تقوَّم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاثة دراهم تقريبا. أنكر النووي هذا في "شرح المهذب" (¬1) وقال: هذه دعوى مجردة لا أصل لها، ويدل على بطلانها أن النبي صلى الله عليه وسلم عادل بينها وبين عشرة دراهم في الزكاة، فجعل الجبران شاتين أو عشرين درهما. وكذا أنكر ذلك المتولي، وقال: إنه باطل؛ لأوجه. فذكرها (¬2) (¬3). قلت: وقد ورد ما ذكره الرافعي في أثر موقوف: [3685]- أخرجه ابن عبد البر في "الاستذكار" من طريق زكريا السّاجي قال: أخبرنا عبد الواحد بن غياث، أخبرنا أشعث بن بزار، قال: جاء رجل إلى الحسن فقال: إني رجل من أهل البادية، وإنه يبعث علينا عمال يصدقوننا، فيظلمونا، ويعتدون علينا، ويقوّمون الشاة بعشرة وثمنها ثلاثة. ¬
باب الإحصار
باب الإحصار 1435 - [3686]- حديث: أنه صلى الله عليه وسلم أحصر هو وأصحابه بالحديبية، فأنزل الله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}. متفق عليه (¬1) من رواية جماعة من الصحابة. وذكر الشّافعي (¬2): أنّه لا خلاف في ذلك في تفسير الآية. 1436 - [3687]- حديث: أنه صلى الله عليه وسلم تحلل بالإحصار عام الحديبية، وكان محرما بعمرة. متفق عليه (¬3) من حديث ابن عمر. 1437 - [3688]- حديث ابن عباس: لا حصر إلا حصر العدو. الشافعي (¬4) بإسناد صحيح. ¬
1438 - [3689]- حديث: أنه قال لضباعة بنت الزبير: "أَتُرِيدِينَ الْحَجّ؟ " فقالت: أنا شاكية. فقال: "حُجّي وَاشْتَرِطِي ... " الحديث. متفق عليه (¬1) من حديث عائشة. [3690]- ولمسلم (¬2) عن ابن عباس، نحوه. [3691]- ولأبي داود (¬3) والترمذي (¬4) والنسائي (¬5): أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إني أريد الحج، أفأشترط؟ قال: "نَعَمْ". قالت: كيف أقول؟ قال: "قُولِي: لَبَّيْكَ اللهُمَّ لَبَّيْكَ، مَحِلِّي مِنَ الأَرْضِ حَيْثُ تَحْبِسُنِي، فَإِنَّ لَكَ عَلَى رَبّكَ مَا اسْتَثْنَيْتَ". لفظ النسائي. وصححه الترمذي، وأعل بالإرسال. وزعم الأصيلي أنه لا يثبت في الاشتراط حديثٌ، وهو زلل منه [عما] (¬6) في "الصحيحين". وقال الشّافعي: لو ثبت حديث عائشة في الاستثناء لم أعده إلى غيره؛ لأنه لا يحل عندي خلاف ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال البيهقي: قد ثبت هذا الحديث من أوجه. ¬
تنبيه
وقال العقيلي (¬1): روى ابن عباس قصة ضباعة بأسانيد ثابتة جياد. [3692]- وأخرجه ابن خزيمة (¬2) من حديث ضباعة نفسها. [3693 , 3694]- ومن حديث أنس، وجابر. ورواه البيهقي. [3695 - 3697]- وأخرج أيضًا عن ابن مسعود (¬3) وعائشة (¬4) وأم سليم (¬5): الاشتراط. تنبيه قوله: محلي -هو بكسر الحاء- وضباعة: بضم المعجمة بعدها موحدة. وقال الشافعي: كنيتها أم حكيم، وهي بنت عم النبي صلى الله عليه وسلم أبوها الزبير بن عبد المطلب بن هاشم. ووهم الغزالي (¬6) فقال: الأسلمية. وتعقبه النووي (¬7) [وقال: صوابه الهاشمية] (¬8). فائدة كان ابن عمر ينكر الاشتراط فتمسك به مَنْ لم يقل بالاشتراط، ولا حجة فيه لمخالفة الأحاديث الثابتة، وادعى بعضهم أن الاشتراط منسوخ. ¬
روي ذلك عن ابن عباس أيضًا، لكن فيه الحسن بن عمارة، وهو متروك. * حديث: أنه أحصر عام الحديبية، فذبح بها وهي من الحلّ. متفق عليه كما سبق. [3698]- ولمسلم (¬1) عن جابر: نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية البدنة عن سبعة ... الحديث. 1439 - وقوله: وهي من الحلِّ. من كلام الرافعي، وقد قال الشافعي (¬2): الحديبية موضع، منه ما هو في الحلِّ، ومنه ما هو في الحرم، وإنما نحو الهدي عندنا في الحلِّ ففيه المسجد الذي بايع فيه تحت الشجرة. [3699]- ووقع عند البخاري (¬3) في حديث المسور الطويل: والحديبية خارج الحرم. 1440 - [3700]- حديث: أنه أمر سعدا أن يتصدق عن أمه بعد موتها. الطبراني في "الكبير" (¬4) من طريق سعيد بن المسيب، عن سعد بن عبادة: أنه ¬
أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن أمي ماتت أفأتصدق عنها؟ قال: "نَعَمْ" قال: فأيّ الصدقة أفضل؟ قال: "سَقْيُ الْمَاءِ". وهو عند النسائي (¬1) وابن ماجه (¬2) وابن حبان في "صحيحه" (¬3) والحاكم (¬4) بلفظ: قلت: يا رسول الله أي الصدقة أفضل؟ ... الحديث. وهو مرسل؛ لأن سعيدا ولد سنة مات سعد. وأما تصحيح ابن حبان له؛ فمتعقب على شرطه في الاتصال، وكذا الحاكم. وله طريق أخرى عند أبي داود (¬5) والنسائي (¬6) من طريق الحسن، عن سعد، نحو الأول. وهو منقطع أيضًا. وله طريق أخرى عند الطبراني (¬7) من حديث حميد بن أبي الصعبة، عن سعد ابن عبادة. وهو منقطع أيضًا، وضعيف. [3701]- وقد أخرجه البخاري (¬8) من حديث ابن عباس ولفظه: أن سعد بن عبادة أخا بني ساعدة توفيت أمه وهو غائب عنها، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن أمي توفيت وأنا غائب عنها، فهل ينفعها شيء إن تصدقت عنها ¬
؟ قال: "نَعَمْ". قال: فإني أشهدك أن حائطي المخراف صدقة عنها. 1441 - [3702]- حديث: أنه قال في امرأة لها زوج، ولها مال، ولا يأذن لها زوجها في الحج: "لَيْسَ لَهَا أَنْ تَنْطَلِقَ إلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا". الدارقطني (¬1) والطبراني في "الصغير" (¬2) والبيهقي (¬3) كلهم من طريق العباس ابن محمَّد بن مجاشع، عن محمَّد بن أبي يعقوب الكرماني، عن حسان بن إبراهيم، عن إبراهيم الصائغ، عن نافع عن ابن عمر. قال الطبراني: لم يروه عن إبراهيم إلا حسان. وقال البيهقي: تفرد به حسان. وأعله عبد الحق (¬4) بجهل حال محمَّد. قال ابن القطان (¬5): تبع في ذلك أبا حاتم (¬6) نصًّا، والبخاريَّ (¬7) إشارة وقد بَيَّنَ الخطيب (¬8): أن البخاري وهم في جعله إياه ترجمتين؛ فإنه فرق بين محمَّد بن أبي يعقوب الكرماني، ومحمد بن إسحاق بن يعقوب الكرماني، وهو واحد. ¬
وقد أخرج هو عنه في "صحيحه" (¬1). قال ابن القطّان. وإنما علّته الجهل بحال العباس. قلت: لم ينفرد به، فقد رواه البيهقي (¬2) من طريق أحمد بن محمَّد الأزرقي وغيره، عن حسان. وقال: تفرد به حسان. قلت: [3703]- وروى ابن حبان (¬3) في "النّوع الحادي والسبعين" من "القِسْم الثّاني" من "صحيحه" عن عمر بن محمَّد الهمداني، عن محمّد بن عبد الله بن بزيع، عن حسان بن إبراهيم -بهذا الإسناد- حديث: "لا يَحِلُّ للمَرْأَةِ أن تُسَافِرَ ثلاثًا إلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَم تَحْرِمُ عَلَيْهِ". واحتج البيهقي (¬4). (¬5) لمن قال: ليس له منعها من حجّ الفرض بحديث: "لا تَمْنَعُوا إِمَاءَ الله مَسَاجِدَ الله". وتعقب: بأنه ورد في الصلاة. وأجيب: بأن العبرة بعموم اللفظ. وتعقب: بأن محلّ ذلك إذا لم يُعارض العموم نص آخر. ¬
1422 - [3704]- حديث: أن رجلًا استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في الجهاد, فقال: "أَلَكَ أَبَوَانِ؟ " قال: نعم. قال: "اسْتَأْذَنْتهُمَا؟ " قال: لا. قال: "فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ". متفق عليه (¬1) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، بلفظ: "أحَيٌّ وَالِدَاكَ؟ " قال: "نَعَمْ"، قال: "فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ". [ولابن حبان] (¬2). (¬3): "اذْهَبْ فَبِرَّهُمَا". ولأبي داود (¬4) والنسائي (¬5) وابن ماجه (¬6): ولقد أتيت وإن والدي يبكيان، قال: "فَارْجِعْ إِلَيْهِمَا، فَأَضْحِكهمَا كَمَا أَبْكَيْتَهُمَا". واستدركه الحاكم (¬7) بهذا اللفظ، وهو من حديث عطاء بن السائب، لكنه عند أبي داود والنسائي من رواية الثوري [عنه] (¬8)، وعند الحاكم من رواية شعبة عنه، وقد سمعا منه قبل الاختلاط. والسائل (¬9): جاهمة ¬
تنبيه
أو معاوية بن جاهمة رواه النسائي (¬1) والحاكم (¬2). تنبيه تبين أن قوله: (قال: استأذنتهما؟ قال: لا) مدرجٌ في الخبر. [3705]- لكن روى أبو داود (¬3) من طريق دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد: أن رجلًا هاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم من اليمن قال: "هَلْ لَكَ أحدٌ بِالْيَمَنِ؟ " قال: أبواي. قال؟ "أَذِنَا لَكَ؟ " قال: لا. قال: "ارْجِعْ إِلَيْهِمَا، فَاسْتَأْذِنْهُمَا فإنْ أَذِنَا لَكَ فَجَاهِدْ، وَإلَّا فَبِرَّهُمَا". وهذا أقرب إلى سياق الرافعي. 1443 - حديث: روي أنه صلى الله عليه وسلم قال: "الْحَجّ عَرَفَةُ، مَنْ لَمْ يُدْرِكْ عَرَفَةَ قَبْلَ أَنْ يَطْلعَ الْفَجْرُ، فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجّ". قلت: هما حديثان. [3706]- أما حَديثُ "الْحَجّ عَرَفَة"؛ فرواه أصحاب "السنن" (¬4) وغيرهم من حديث عبد الرحمن بن يعمر الدِّيلي. [3707]- وأما حديث: "مَنْ لَمْ يُدْرِكْ ... "؛ فأخرجه الدارقطني (¬5) من ¬
طريق محمَّد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عطاء، عن ابن عباس. رفعه بلفظ: "مَنْ أَدْرَكَ عَرَفَات فَوَقَفَ بِهَا وَالْمُزدَلِفَةَ فَقْدَ تَمّ حَجّه، وَمَنْ فَاتَة عَرَفات فَقَدْ فَاتَة الْحَجّ، فَلْيَتَحَلَّلْ بِعُمْرَةٍ، وَعَلَيْه اِلْحَجّ مِنْ قَابِلٍ". وابن أبي ليلى سيِّئ الحفظ. ورواه الطبراني (¬1) من طريق عمر بن قيس المعروف بسندل، عن عطاء. وسندل ضعيف (¬2) أيضًا. وفي الباب: [3708]- عن ابن عمر أخرجه الدارقطني (¬3) بسند ضعيف أيضًا. وقد رواه الشافعي (¬4) عن أنس بن عياض، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر نحوه، مطولًا. وهذا إسناد صحيح. 1444 - قوله: إن الذين صُدّوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية كانوا ألفا وأربعمائة، والذين اعتمروا معه في عمرة القضاء كانوا نفرًا يسيرًا، ولم يأمر الناس بالقضاء. أما كونهم بهذه العدة: ¬
[3709]- فمتفق عليه (¬1) من حديث (¬2) جابر: أن النبي صلى الله عليه وسلم أحرم بالعمرة، ومعه ألف وأربعمائة. وبذلك احتج ابن الجوزي في "التحقيق" (¬3) على عدم القضاء، قال: كانوا ألفا وأربعمائة حيث أحصروا، ثم عاد في السنة الأخرى ومعه جمع يسير، فلو وجب عليهم القضاء لعادوا كلهم. وقد سُبِق إلى ذلك، قال الشافعي (¬4): قد علمنا في متواطيء أحاديثهم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذ اعتمر عمرة القضية تخلف بعضهم من غير ضرورة، ولو لزمهم القضاء لأمرهم به إن شاء الله. وقال الماوردي (¬5): أكثر ما قيل: إن الذين اعتمروا معه في العام القابل سبعمائة. قلت: وهذا مغاير لما رواه الواقدي في "المغازي" عن جماعة من مشايخه قالوا: لما دخل هلال ذي القعدة سنة سبع أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يعتمروا قضاء عمرتهم التي صدوا عنها، وأن لا يتخلف أحد ممن شهد الحديبية فلم يتخلف أحد ممن شهدها إلا من قتل بخيبر أو مات. وخرج معه ناس ممن لم يشهد الحديبية، فكان عدة من معه من المسلمين ألفين. ¬
والواقدى إذا لم يخالف الأخبار الصحيحة ولا غَيْرَه من أهل المغازى مقبول في المغازي عند أصحابنا. والله تعالى أعلم * حديث كعب بن عجرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم رآه ورأسه تتهافت قملا. متفق عليه، كما سبق في الباب قبله. * حديث: "مَن رَاحَ في السَّاعةِ الأُولَى، فَكَأنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً". متفق عليه. وقد تقدم في "الجمعة". 1445 - [3710]- حديث: أنه صلى الله عليه وسلم أشار إلى موضع النحر من منى، وقال: "هَذا الْمَنْحَرُ (¬1)، وَكلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ مَنْحَرٌ". مسلم (¬2) عن جابر بمعناه وأتم منه، ولفظه: "نَحَرْتُ هَهُنَا، وَمِنًى كُلّهَا مَنْحَرٌ فَانْحَرُوا في رِحَالِكُمْ". وقد رواه أبو داود (¬3) بنحو من اللفظ المذكور في الباب. آثار الباب * حديث ابن عباس: "لا حَصْرَ إلَّا حَصْرَ الْعَدُوّ". الشافعي بإسناد صحيح، وقد تقدم. ¬
تنبيه
1446 - [3711]- حديث سليمان بن يسار: أنّ [أبا أيوب] (¬1) خرج حاجًّا، حتى إذا كان بالنازية من طريق مكة ضلت راحلتة، فقدم على عمر يوم النحر، فذكر ذلك له، فقال: اصنع كما تصنع يوم النحر ... الحديث. مالك (¬2) والشافعي (¬3) والبيهقي (¬4) (¬5) ورجال إسناده ثقات، لكن صورته منقطع؛ لأن سليمان وإن أدرك أبا أيوب لكنه لم يدرك زمن القصة، ولم يقل إن أبا أيوب أخبره بها لكنه على مذهب ابن عبد البر موصول. تنبيه النّازية: بنون وزاي -موضع بئر الروحاء والصفراء. ولهذا الأثر عن عمر طرق أخرى منها: [3712]- ما رواه أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود: سألت عمر عمن فاته الحجُّ؟ فقال: يهلُّ بعمرة، وعليه الحجُّ من قابل. قال: ثم لقيت زيد بن ثابت فقال مثله. أخرجه البيهقي (¬6). ¬
[3713]- وأخرج أيضًا (¬1) من طريق أيوب، عن سعيد بن جبير، عن الحارث ابن (¬2) عبد الله بن أبي ربيعة قال: سمعت عمر وجاءه رجل في أوسط أدام التشريق، وقد فاته الحجُّ، فقال عمر: طف بالبيت وبين الصفا والمروة، وعليك الحجُّ من قابل. 1447 - [3714]- حديث عمر: أنه أمر الذين فاتهم الحجُّ بالقضاء من قابل، وقال: فمن لم يجد (¬3) فصيام ثلاثة أيام في الحجِّ، وسبعة إذا رجع. مالك (¬4) من حديث سليمان بن يسار: أن هبار بن الأسود جاء يوم النحر وعمر ابن الخطاب ينحر هديه، فقال: يا أمير المؤمنين أخطأنا العدة، .. الحديث. وصورته منقطع؛ لكن رواه إبراهيم بن طهمان، عن موسى بن عقبة، عن نافع عن سليمان بن يسار، عن هبار بن الأسود أنه حدثه. فذكره موصولا. أخرجه البيهقي (¬5). وروى البيهقي (¬6) عن الأسود بن يزيد، قال: سألت عمر ... فذكره كما تقدم ¬
قال (¬1): وقال الشافعي: الحديث المتصل عن عمر يوافق حديثنا، ويزيد حديثنا عليه الهدي، والذي يزيد في الحديث أولى بالحفظ من الذي لم يأت بالزيادة. 1448 - [3715]- حديث ابن عباس: الأيام المعلومات: أيام العشر. والمعدودات: أيام التشريق. الشافعي (¬2) بسند صحيح. وصححه أبو علي بن السكن، وعلقه البخاري (¬3) بصيغة الجزم. **** ¬
باب الهدي
باب الهدي 1449 - [3716 , 3717]- حديث: أنه صلى الله عليه وسلم أهدى مائة بدنة. البخاري (¬1) من حديث علي. مسلم (¬2) من حديث جابر. 1450 - [3718]- حديث ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر بذي الحليفة، ثمّ دعا بِبُدْنِه فأشعرها في صفحة سنامها الأيمن. أخرجه مسلم (¬3). 1451 - [3719]- حديث: أنّه صلى الله عليه وسلم أهدى مرة غنما مقلدة. متفق عليه (¬4) من حديث عائشة، واللفظ لمسلم. 1452 - [3720]- حديث: أنه قال في الهدي: "إذَا عَطِب، لَا تَأْكُلْ مِنْهَا وَلا أَحَدٌ مِنْ أَهْل رِفْقَتِكَ" (¬5). ¬
مسلم (¬1) من حديث ابن عباس، أن ذؤيبا أبا قبيصة حدثه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبعث معه بالبدن، ثم يقول: "إنْ عَطِبَ مِنْهَا شَيْءٌ فَخِشيتَ عَلَيْها مَوْتًا فَانْحَرْهَا، ثُمَّ اغْمِسْ نَعْلَهَا في دَمِهَا، ثُمَّ اضْرِبْ بِهِ صَفْحَتَهَا، وَلا تَطْعَمْهَا أَنْتَ وَلا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ رِفْقَتِكَ". وله طرق أخرى في مسلم (¬2) عن ابن عباس. [3721]- ولأصحاب "السنن" (¬3) وابن حبان (¬4) والحاكم (¬5) وأبي ذر (¬6) من حديث ناجية الأسلمي؟ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث معه بهدي وقال: "إنْ عَطِبَ فَانْحَرْهُ، ثُم اصْبغْ نَعْلَهُ في دَمِهِ، ثُم خَلّ بَيْنَهُ وَبَيْن النَّاسِ". ورواه الواقدي في "المغازي" من حديث ناجية بن جندب الأسلمي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمله على هديه. قال: وكان سبعين بدنة قال ناجية: فعطب منها بعير، فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأبواء فأخبرته، فقال: "انْحَرْهُ، وَاصْبغْ قلَائِدَهُ في دَمِهَ، وَلا تَأْكُلْ أَنْتَ وَلا ¬
أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ رُفْقَتِكَ مِنْهُ شيئًا، وَخَلِّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ" (¬1). **** ¬
(17) كتاب البيوع
(17) كتاب البيوع
باب ما يصح في البيع
باب ما يصحّ في البيع 1453 - [3722]- حديث رافع بن خديج: أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن أطيب الكسب؟ فقال: "عَمَلُ الرّجُل بِيدِهِ وَكُلّ بَيْعٍ مَبْرُور". الحاكم (¬1) من حديث المسعودي، عن وائل بن داود، عن عباية بن رافع بن خديج، عن أبيه، قال: قيل يا رسول الله أي الكسب أطيب؟ فذكره. ورواه الطبراني (¬2) من هذا الوجه إلا أنّه قال: عن جده وهو صواب، فإنّه عباية ابن رفاعة بن رافع بن خديج. وقول الحاكم: "عن أبيه" فيه تجوز. وقد اختلف فيه على وائل بن داود، فقال شريك: عنه، عن جميع بن عمير، عن خاله [أبي بردة (¬3)] (¬4). وقال الثوري (¬5): عنه، عن سعيد بن عمير، عن عمه. رواهما الحاكم (¬6) أيضًا وأخرج البزار الأول لكن قال: عن عمه، قال (¬7): وقد ذكر ابن معين: أن عم سعيد بن عمير البراء بن عازب. قال: وإذا اختلف الثوري وشريك فالحكم للثوري. قلت: وقوله "جميع بن عمير" وهم، وإنما هو سعيد، والمحفوظ رواية من ¬
رواه عن الثوري، عن وائل عن سعيد مرسلًا. قاله البيهقي (¬1) [وقاله] (¬2) قبله البخاري. وقال أبو حاتم في "العلل" (¬3): المرسل أشبه. وفيه على المسعودي اختلاف آخر، أخرجه البزار (¬4) من طريق إسماعيل بن عمرو عنه، عن وائل بن داود، عن عبيد بن رفاعة عن أبيه. والظاهر أنه من تخليط المسعودي، فإن إسماعيل أخذ عنه بعد الاختلاط. وفي الباب [3723 , 3724]- عن علي، وابن عمر ذكرهما ابن أبي حاتم في "العلل" (¬5). وأخرج الطبراني في "الأوسط" (¬6) حديث ابن عمر في ترجمة "أحمد بن زهير" ورجاله لا بأس بهم. 1454 - [3725 - 3727]- حديث: أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب. متفق عليه (¬7) من حديث [أبي] (¬8) مسعود، وعن جابر، ورافع بن خديج في مسلم (¬9). ¬
تنبيه
ورواه النسائي (¬1) بلفظ: نهى عن ثمن السنور والكلب إلا كلب صيد. ثم قال: هذا منكر. وفي الباب: [3728 - 3730]- عن أبي هريرة وابن عمر وابن عباس أخرجها الحاكم (¬2). وأخرج أبو داود (¬3) حديث ابن عباس، وحديث أبي هريرة ولفظه: "لَا يَحِلّ ثَمَنُ الْكَلْب ... " الحديث. ورجالهما ثقات (¬4). تنبيه (¬5) روى الترمذي (¬6) من وجه آخر عن أبي هريرة (¬7): (استثناء كلب الصيد) لكنه من رواية أبي المهزم عنه، وهو ضعيف. ¬
وورد الاستثناء من حديث جابر (¬1) ورجاله ثقات. 1455 - [3731]- حديث جابر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ الله عَزَّ وجَلَّ وَرُسُولَهُ حَرَّمَ. وفي رواية: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم بَيعَ الْخَمْرِ وَالْمَيتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالأصنَامِ". متفق عليه (¬2) باللّفظين. [3732]- ولأحمد (¬3) عن ابن عمر مثله (¬4) إلا أنه لم يذكر الأصنام. [3733]- ولأبي داود (¬5) عن ابن عباس نحوه. وزاد: "وَإنَّ الله إِذَا حَرَّمَ عَلَى قَوْمٍ أَكْلَ شَيْءٍ حَرَّمَ عَلَيْهِمْ ثَمَنَه". ¬
1456 - [3734]- حديث: أنَّه سئل عن الفأرة تقع في السمن فقال: "إنْ كانَ جَامدًا فَأَلْقُوهَا وَمَا حَولَهَا، وإنْ كانَ ذَائبًا فَأَرِيقُوه". ابن حبان في "صحيحه" (¬1) من حديث أبي هريرة بلفظ: "وَكُلُوه، وإنْ كَانَ ذَائبًا فَلا تقْرَبُوه". وأما قوله: (فأريقوه)؛ فذكر الخطابي: أنها جاءت في بعض الأخبار، ولم يسندها. وأصله في "صحيح البخاري (¬2) " (¬3) ولفظه: "خُذُوها وَمَا حَوْلَهَا وَكُلُوا سَمْنَكُم" وفي لفظ: "أَلْقُوهَا". ورواه أحمد (¬4) وأبو داود (¬5) والترمذي (¬6) وابن حبان في "صحيحه" (¬7) من حديث معمر عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة مفصلًا، لكن قال الترمذي: سمعت البخاري يقول: هو خطأ، والصواب: الزهري، عن عبيد الله، عن ابن عباس، عن [ميمونة] (¬8) انتهى. ¬
وممن خطأ رواية معمر أيضًا الرازيان (¬1)، والدارقطني، وأمّا الذهلي فقال: طريق معمر محفوظة، لكن طريق مالك أشهر، ويؤيد ذلك: أن أحمد وأبا داود ذكرا في روايتهما عن معمر الوجهين، [فدل] (¬2) على أنه حفظه من الوجهين، ولم يَهم فيه. وكذلك أخرجه بن حبان في صحيحه (¬3). وفيه اختلاف آخر رواه يحيى بن أيوب، عن ابن جريج، عن الزهري عن سالم عن أبيه وتابعه عبد الجبار الأيلي، عن الزهري (¬4)، قال الدارقطني (¬5): [وخالفهما] (¬6) أصحاب الزهري فرووه، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، وهو الصحيح. وقد أنكر جماعة فيه التفصيل اعتمادًا على عدم وروده في طريق مالك، ومن تبعه لكن ذكر الدارقطني في "العلل" أن يحيى القطان رواه عن مالك، وكذلك النسائي (¬7) رواه من طريق عبد الرحمن عن مالك مقيدا (بالجامد) وأنه أمران تقوَّر وما حولها، فيرمَى به. وكذا ذكره البيهقي (¬8) من طريق حجاج بن منهال، عن ابن عيينة مقيدا بـ (الجامد) ¬
وكذلك أخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" عن ابن عيينة ووهم من [غَلَّطه] (¬1) فيه، ونسبه إلى التغير في آخر عمره، فقد تابعه أبو داود الطيالسي فيما رواه في "مسنده" (¬2) عن ابن عيينة. والله أعلم. 1457 - [3735]- حديث أنه صلى الله عليه وسلم قال لحكيم بن حزام: "لا تَبعْ مَا لَيسَ عِنْدَكَ". أحمد (¬3) وأصحاب "السنن" (¬4) وابن حبان في "صحيحه" (¬5) من حديث يوسف بن ماهك، عن حكيم بن حزام مطولًا ومختصرًا. وصرح همام عن يحيى ابن أبي كثير: أن يعلى بن حكيم حدثه أن يوسف حدته، أن حكيم بن حزام حدثه. ورواه هشام الدستوائي، وأبان العطار وغيرهما، عن يحيى بن أبي كثير، فأدخلوا بين يوسف، وحكيم (عبد الله بن عصمة). قال الترمذي: حسن صحيح (¬6) وقد روي من غير وجه عن حكيم. ورواه ¬
عوف عن ابن سيرين عن حكيم، ولم يسمعه ابن سيرين منه إنما سمعه من أيوب عن يوسف بن ماهك عن حكيم، بَيَّن ذلك الترمذي وغيره. وزعم عبد الحق (¬1): أن عبد الله بن عصمة ضعيف جدًّا، ولم يتعقبه ابن القطان (¬2) بل نقل عن ابن حزم (¬3) أنه قال: هو مجهول وهو جرح مردود، فقد روى عنه ثلاثة واحتج به النسائي. 1458 - [3736]- حديث: أنه صلى الله عليه وسلم دفع دينارا إلى عروة البارقي ليشتري به شاة، فاشترى به شاتين، وباع أحدهما بدينار، وجاء بشاة ودينار، فقال: "بَارَك الله لَكَ في صَفَقَةِ يَمِينِكَ". أبو داود (¬4) والترمذي (¬5) وابن ماجه (¬6) والدارقطني (¬7) من حديث عروة البارقي. وفي إسناده سعيد بن زيد أخو حماد -مختلف فيه- عن أبي لبيد لمازة ابن زبار، وقد قيل: إنه (¬8) مجهول، لكن وثقه ابن سعد (¬9) وقال حرب ¬
سمعت أحمد أثنى عليه (¬1). وقال المنذري والنووي (¬2): إسناده حسن، صحيح لمجيئه من وجهين. وقد رواه البخاري (¬3) من طريق ابن عيينة، عن شبيب بن غرقدة: سمعت الحي يحدثون عن عروة به. ورواه الشافعي (¬4): عن ابن عيينة، وقال: إن صح قلت به. وقال في البويطي: إن صح حديث عروة، فكل من باع أو أعتق ثم رضي فالبيع والعتق جائز. ونقل المزني عنه: أنه ليس بثابت عنده. قال البيهقي (¬5) إنما ضعفة لأن الحي غير معروفين. وقال في موضع (¬6): هو مرسل, أن شبيب بن غرقدة لم يسمعه من عروة إنما سمعه من الحي. وقال الخطابي (¬7): هو غير متصل؛ لأن الحي حدثوه عن عروة. وقال الرافعي في "التذنيب": هو مرسل. قلت: والصواب أنه متصل في إسناده مبهم. وروى أبو داود (¬8) من طريق شيخ من أهل المدينة عن حكيم بن حزام نحوه. ¬
قال البيهقي: ضعيف، من أجل هذا الشيخ. وقال الخطابي (¬1): هو غير متصل؛ لأن فيه مجهولا لا يدري من هو. 1459 - [3737]- حديث: أنّه نهى عن الثّنيا في البيع. مسلم (¬2) من حديث جابر: نهى عن بيع الثنيا. زاد الترمذي (¬3) والنسائي (¬4) وابن حبان في "صحيحه" (¬5): إلا أن تعلم. ووهم ابن الجوزي فذكر في "جامع المسانيد": أنه متفق عليه من حديث جابر ولم يذكر البخاري في كتابه (الثنيا). 1460 - [3738]- حديث: نهى عن بيع الغرر. مسلم (¬6) وأحمد (¬7) وابن حبان (¬8) من حديث أبي هريرة. [3739]- وابن ماجه (¬9) وأحمد (¬10) من حديث ابن عباس. وعده تفسير الغرر من قول يحيى بن أبي كثير. ¬
فائدة
وفي الباب: [3740]- عن سهل بن سعد عند الدارقطني (¬1) والطبراني (¬2). [3741]- وأنس عند أبي يعلى (¬3). [3742]- وعلي عند أحمد (¬4) وأبي داود (¬5). وعمران بن حصين عند ابن أبي عاصم (¬6) كما سيأتي. [3743]- وفيه: عن ابن عمر أخرجه البيهقي (¬7) وابن حبان (¬8) من طريق معتمر، عن أبيه، عن نافع، عن ابن عمر. وإسناده حسن صحيح ورواه مالك (¬9) والشافعي (¬10) عنه من حديث ابن المسيب مرسلًا. فائدة قيل: المراد بالغرر: الخطر. وقيل: التردد بين جانبين الأغلب منهما أخوفهما وقيل: الذي ينطوي عن الشخص عاقبته. ¬
1461 - [3744]- حديث: "مَنِ اشْتَرَى مَا لَمْ يَرَهُ فَلَهُ الْخِيَارُ إِذَا رَآه". الدارقطني (¬1) والبيهقي (¬2) من حديث أبي هريرة. وفيه عمر بن إبراهيم الكردي مذكور بالوضع، وذكر الدّارقطني: أنه تفرد به. قال الدارقطني والبيهقي: المعروف أن هذا من قول ابن سيرين. [3745]- وجاء من طريق أخرى مرسلة عن مكحول، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أخرجها ابن أبي شيبة والدارقطني (¬3) والبيهقي (¬4)، والراوي عنه أبو بكر بن أبي مريم ضعيف. وقد علّق الشّافعي القول به على ثبوته. ونقل النووي (¬5): اتفاق الحفاظ على تضعيفه. وطريق مكحول المرسلة على ضعفها أمثل من الموصولة. [3746]- وأخرجه الطحاوي (¬6) والبيهقي من طريق علقمة بن وقاص: أن طلحة اشترى من عثمان مالًا، فقيل لعثمان: إنك [قد] (¬7) غُبنت. فقال عثمان: لي الخيار؛ لأني بعت ما لم أره. وقال طلحة: لي الخيار لأني اشتريت ما لم أره. فحكَّما بينهما جبير بن مطعم فقضى أنّ الخيار لطلحة، ولا خيار لعثمان. ¬
فائدة
فائدة يدل على ضعف الحديث: [3747]- ما رواه البخاري (¬1): "لا تَنْعَتِ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ لِزَوْجِهَا حَتَّى كَأنه يَنْظُرُ إِلَيْهَا"؛ يدل على أن الوصف يقوم مقام العيان. قلت: وأخذ هذا من هذا (¬2) في غاية البعد. والله أعلم 1462 - [3748]- حديث ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يباع صوف على ظهر أو لبن في ضرع. الدارقطني (¬3) والبيهقي (¬4) من طريق عمر بن فروخ، عن حبيب بن الزبير، عن عكرمة عنه. قال البيهقي: تفرد به عمر، وليس بالقوي. قلت: قد وثقه ابن معين (¬5) وغيره. قال: ورواه وكيع مرسلًا. قلت: كذا في "المراسيل" (¬6) لأبي داود، و"مصنف ابن أبي شيبة" (¬7). ¬
قال: ووقفه غيره على ابن عباس، وهو المحفوظ. قلت: وكذا أخرجه أبو داود (¬1) أيضًا من طريق أبي إسحاق، عن عكرمة. وكذا أخرجه الشافعي (¬2) من وجه آخر عن ابن عباس. وليس في رواية وكيع المرسلة ذكر (اللبن). وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (¬3) من رواية عمر المذكور، وقال: لا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد. 1463 - [3749]- حديث ابن مسعود: "لا تَشْتَروا السَّمَكَ في الماءِ، فَإِنّه غَرَرٌ". موقوف، أحمد (¬4) مرفوعًا وموقوفًا، من طريق يزيد بن أبي زياد عن المسيب ابن رافع، عنه. قال البيهقي: فيه إرسال بين المسيب وعبد الله، والصحيح وقفه وقال الدارقطني في "العلل" (¬5) اختلف فيه، والموقوف أصح. وكذا قال الخطيب وابن الجوزي (¬6). وفي الباب: [3750]- عن عمران بن حصين مرفوعًا، رواه أبو بكر بن أبي عاصم في ¬
"كتاب البيوع" له ولفظه: نهي عن بيع ما في ضروع الماشية قبل أن تحلب وعن الجنين في بطون الأنعام، وعن بيع السمك في الماء، وعن المضامين والملاقيح، وحبل الحبلة، وعن بيع الغرو. 1464 - [3751]- حديث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن آكل الربا ومؤكله، وكاتبه وشاهده. مسلم (¬1) من حديث جابر، لكن قال: (وشاهديه) بالتثنية، وزاد: وقال: "هُمْ سَوَاءٌ". [3752]- وله (¬2) عن ابن مسعود ببعضه، وهو عند أحمد (¬3) والترمذي (¬4) والنسائي (¬5) وابن حبان (¬6) وابن ماجه (¬7) والحاكم (¬8) مطولًا ومختصرًا. وعند أبي داود (¬9): "وَشَاهِدَه". وللبيهقي (¬10) "وشاهديه، أو شاهده" (¬11) ¬
[3753]- وللنسائي (¬1) من حديث الحارث، عن علي، نحوه. [3754]- وللبخاري (¬2) في باب (ثمن الكلب) من البيوع، من طريق عون بن أبي جحيفة، عن أبيه -في أثناء حديث أوله: نهى عن ثمن الدم- وفيه: ولعن الواشمة والمستوشمة، وآكل الربا ومؤكله. 1465 - [3755]- حديث: عبادة بن الصامت: "لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ ... " الحديث. عزاه المصنف للشافعي (¬3) , بسنده من طريق مسلم بن يسار، وغيره عنه. ولمسلم (¬4) من حديث أبي قلابة، عن أبي الأشعث، عن عبادة. وقد قيل: إن مسلم بن يسار لم يسمعه من عبادة، ويدل عليه: رواية مسلم (¬5) من طريق أبي قلابة: كنت بالشام في حلقة فيها مسلم بن يسار، فجاء أبو الأشعث فجلس فقالوا له: حدث أخانا حديث عبادة .. فذكره قوله، وفي آخر حديث عبادة: "فَبيعُوا كَيْفَ شِئْتُم إذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ"، وفي رواية -بعد ذكر النّقدين وغيرهما- "إلَّا يَدًا بِيَدٍ". قلت: هو في حديث مسلم، الرواية الأخرى هي رواية الشافعي. ¬
1466 - قوله: واختلفوا في قوله: "فَمَنْ زَادَ أَوِ اسْتَزَادَ .... " إلى آخره. قلت: قد رواه مسلم (¬1) من حديث أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم بغير تردد، وزاد: "الآخِذُ وَالْمُعْطِي سَواءٌ". وهذا يرفع الإشكال. وفي الباب: [3756]- عن عمر في الستة (¬2). [3757]- وعن علي في "المستدرك" (¬3). [3758]- وعن أبي هريرة في مسلم (¬4). [3759 - 3762]- وعن أنس (¬5) في الدارقطني وعن بلال البزار (¬6) وعن أبي بكرة متفق عليه (¬7) وعن ابن عمر في البيهقي (¬8)، وهو معلول والأحاديث كلها صريحة في أن الربا يجري في الفضل وفي النسيئة وفي اليد والله أعلم. ¬
1467 - [3763]- حديث: "الرَّاشِي أَوِ الْمُرْتَشِي في النَّار". كذا ذكره بلفظ: "أو" ولم أره، وإنما: [3764]- رواه الطبراني في "الصغير" (¬1) في ترجمة "أحمد بن سهيل بن أيوب" من حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن ابن عمر، بواو العطف وليس في إسناده من ينظر في أمره سوى شيخه، والحارث بن عبد الرحمن شيخ ابن أبي ذئب، وقد قوَّاه النسائي (¬2). [3765]- وروى الحاكم (¬3) في أواخر الفضائل من "المستدرك" من طريق عطاء عن ابن عباس مرفوعًا: "مَنْ وَلِيَ عَلَى عَشْرَةٍ فَحَكَم بَيْنَهُم [بِمَا أَحَبُّوْا أَوْ كَرِهُوا] (¬4) جَاء يَوْمَ الْقِيامَةِ مَغْلُولَةً يَدُه إِلى عُنُقِهِ، فإنْ حَكَم بِما أَنْزَل الله وَلَمْ يَرْتَشِ في حُكْمِهِ وَلَمْ يَحِفْ ... ". الحديث وفي إسناده سعدان بن الوليد البجلي كوفي قليل الحديث. قاله الحاكم. 1468 - [3766]- حديث: معمر بن عبد الله: كنت أسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ، مَثلًا بِمَثَلٍ". مسلم في "صحيحه" (¬5) وفيه قصة. ¬
1469 - [3767]- حديث: "الذهَبُ بالذهَبِ وَزْنًا بِوَزْنٍ، وَالْبُرِّ بِالْبُرِّ كيلًا بِكَيلٍ". البيهقي (¬1) بهذا اللفظ بسند صحيح. وأصله عند النسائي (¬2) بزيادة فيه، كلاهما من حديث عبادة بن الصّامت. 1470 - [3768]- حديث عبد الله بن عمرو: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أشتري بعيرا ببعيرين إلى أجل. أبو داود (¬3) والدارقطني (¬4) والبيهقي (¬5) من طريقه، وفيه قصة. وفي الإسناد ابن إسحاق، وقد اختلف عليه فيه. ولكن أورده البيهقي في "السنن" (¬6) وفي "الخلافيات" (¬7) من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده، وصححه. ¬
تنبيه
1471 - [3769، 3770]- حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عامل خيبر أن يبيع الجمع بالدراهم، ثم يبتاع بها جنيبا. متفق عليه (¬1) من حديث أبي سعيد الخدري، وأبي هريرة، وفيه قصة. تنبيه الجَنِيب: نوع من التمر وهو أجوده. والجمْع. بإسكان الميم -تمر رديء يختلط لرداءته. وعامل خيبر: هو سواد بن غزية، حكاه: ابن مجلى (¬2) عن الدّارقطني (¬3)، وذكره الخطيب في "مبهماته"، قال: وقيل مالك بن صعصعة. 1472 - [3771]- حديث: أنه نهى عن بيع الصبرة من التمر، لا يعلم مكيلها بالكيل المسمى من التمر. مسلم (¬4) من حديث جابر، ووهم الحاكم (¬5) فاستدركه. ¬
ورواه النسائي (¬1) بلفظ: "لا تُبَاعُ الصُّبْرَةُ مِنَ الطَّعَامِ بِالصُّبْرَةِ مِنَ الطَّعَامِ، وَلا الصُّبْرَةُ مِنَ الطَّعَامِ بِالْكَيْلِ الْمُسَمَّى مِنَ الطعَامِ". 1473 - [3772]- حديث فضالة بن عبيد: أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو بخيبر بقلادة فيها خرز ... الحديث. مسلم (¬2) وأبو داود (¬3) وعزى البيهقي (¬4) لفظ أبي داود لتخريج مسلم، وليس بصواب، وإن كان مراده أصل الحديث. وله عند الطبراني في "الكبير" (¬5) طرق كثيرة جدًّا في بعضها، "قِلادَةٌ فِيهَا خَرَزٌ وَذَهَبٌ" وفي بعضها: "ذَهَبٌ وَجَوْهَرٌ" وفي بعضها: "خَرَزٌ ذَهَب" وفي بعضها "خَرَزٌ مُعَلّق بِذَهَب" وفي بعضها: "باثني عشر دينارا" وفي أخرى: "بتسعة دنانير" وفي أخرى: "بسبعة دنانير". وأجاب البيهقي عن هذا الاختلاف: بأنها كانت بيوعا شهدها فضالة. [قلت] (¬6): والجواب المسدد عندي أن هذا الاختلاف لا يوجب ضعفا، بل المقصود من الاستدلال محفوظ لا اختلاف فيه، وهو النهي عن بيع ما لم يفصل، وأما جنسها وقدر ثمنها، فلا يتعلق به في هذه الحالة ما يوجب الحكم (¬7) ¬
بالاضطراب، وحينئذ فينبغي الترجيح بين رواتها، وإن كان الجميع ثقات فيحكم بصحة رواية أحفظهم وأضبطهم، ويكون رواية الباقين بالنسبة إليه شاذة. وهذا الجواب هو الذي يجاب به في حديث جابر، وقصة جمله، ومقدار ثمنه. والله الموفق. 1474 - [3773]- حديث سعد بن أبي وقاص: أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن بيع الرطب بالتمر؟ فقال: "أَيَنْقصُ الرَّطْبُ إذَا يَبِسَ؟ " قالوا: نعم. قال: "فَلَا إذًا". ويروى: نهى عن ذلك. مالك (¬1) والشافعي (¬2) وأحمد (¬3) وأصحاب السنن (¬4) وابن خزيمة (¬5) وابن حبان (¬6) والحاكم (¬7) والدارقطني (¬8) والبيهقي (¬9) والبزار (¬10) كلهم من حديث ¬
زيد أبي عياش: أنه سأل سعد بن أبي وقاص عن البيضاء بالسلت؟ فقال: أيهما أفضل؟ قال: البيضاء. فنهاه عن ذلك .. وذكر الحديث. وفي رواية لأبي داود (¬1) والحاكم (¬2) مختصرة: نهى عن بيع الرطب بالتمر نسيئة وذكر الدارقطني في "العلل" (¬3): أن إسماعيل بن أمية وداود بن الحصين والضحاك بن عثمان وأسامة بن زيد وافقوا مالكا على إسناده. وذكر ابن المديني أن أباه حدث به عن مالك، عن داود بن الحصين عن عبد الله بن يزيد، عن زيد أبي عياش. قال: وسماع أبي من مالك قديم. قال: وكأن مالكا كان علقه عن داود، ثم لقي شيخه فحدثه به، فحدث به حرة، عن داود، ثم استقر رأيه على التحديث به عن شيخه. ورواه البيهقي (¬4) من حديث ابن وهب، عن سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد، عن عبد الله بن أبي سلمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مرسلًا، وهو مرسل قوي. وقد أعله جماعة منهم الطحاوي (¬5)، والطبري (¬6)، وأبو محمَّد بن حزم (¬7)، وعبد الحق (¬8)، كلهم أعله بجهالة حال زيد أبي عياش. ¬
فائدة
والجواب: أن الدارقطني قال: إنه ثقة ثبت. وقال المنذري (¬1): قد روى عنه اثنان ثقتان، وقد اعتمده مالك مع شدة نقده، وصححه الترمذي والحاكم. قال: ولا أعلم أحدا طعن فيه. وجزم الطحاوي بوهم من زعم أنه هو أبو عياش الزرقي؛ زيد بن الصامت. وقيل: زيد بن النعمان الصحابي المشهور، وصحح أنه غيره، وهو كما قال. فائدة روى أبو داود (¬2) والطحاوي (¬3) والحاكم (¬4) من طريق يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن يزيد، عن زيد أبي عياش، عن سعد: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الرطب بالتمر نسيئة. قال الطحاوي: هذا هو أصل الحديث، فيه ذكر النسيئة. ورد ذلك الدارقطني (¬5) وقال: خالف يحيى مالكا وإسماعيل بن أمية والضحاك بن عثمان وأسامة بن زيد، فلم يذكروا: النسيئة. قال البيهقي (¬6): وقد رواه عمران بن أبي أنس، عن زيد أبي عياش -بدون الزيادة أيضًا. ¬
تنبيه
تنبيه قال فى "الغريبين": البيضاء حب بين الحنطة والشعير. وفي "الصحاح" (¬1): إنه ضرب من الشعير، ليس له قشر. 1475 - [3774]- حديث: روي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع اللحم بالحيوان. مالك (¬2) وعنه الشافعي (¬3) من حديث سعيد بن المسيب مرسلًا، وهو عند أبي داود في "المراسيل" (¬4) ووصله الدارقطني في "الغرائب" عن مالك، عن الزهري، عن سهل بن سعد، وحكم بضعفه، وصوب الرواية المرسلة التي في "الموطأ" وتبعه ابن عبد البر (¬5) وابن الجوزي (¬6). [3775]- وله شاهد من حديث ابن عمر؛ رواه البزار (¬7)، وفيه ثابت بن زهير وهو ضعيف. وأخرجه من رواية أبي أمية بن يعلى عن نافع أيضًا. وأبو أمية ضعيف (¬8). ¬
[3776]- وله شاهد أقوى منه من رواية الحسن، عن سمرة وقد اختلف في صحة سماعه منه، أخرجه الحاكم (¬1) والبيهقي (¬2) وابن خزيمة (¬3). 1476 - [3777]- قوله: روي أن جزورا نحرت على عهد أبي بكر فجاء رجل بعناق فقال: أعطوني منها، فقال أبو بكر: لا يصلح هذا. الشافعي في "الأم" (¬4) عن إبراهيم بن أبي يحيى، عن صالح مولى التوأمة، عن ابن عباس. * حديث حكيم بن حزام: "لا تَبعْ مَا لَيسَ عِنْدَكَ ... ". تقدم قبل ببابين. **** ¬
باب البيوع المنهي عنها
باب البيوع المنهي عنها 1477 - [3778]- حديث: أنّه صلى الله عليه وسلم نهى عن عسب الفحل. وروي: أنه نهى عن ثمن عسب الفحل. وهي رواية الشافعي في "المختصر". البخاري (¬1) وأبو داود (¬2) والترمذي (¬3) والنسائي (¬4) من حديث ابن عمر باللفظ الأول. ووهم الحاكم فاستدركه (¬5). ورواه الشافعي (¬6) من طريق أخرى عن نافع باللّفظ الثاني. [3779]- ورواه أيضًا في "الأم" (¬7) و"المختصر" و"السّنن المأثورة" (¬8) من حديث شبيب بن عبد الله البجلي، عن أنس. وأعلّه أبو حاتم (¬9) بالوقف قال: ورواه ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن ابن شهاب، عن أنس مرفوعًا أيضًا. ¬
[3780]- ولمسلم (¬1) من حديث أبي هريرة وجابر: نهى عن بيع ضراب الجمل. [3781]- وللنسائي (¬2) من حديث أبي هريرة: نهى عن ثمن الكلب وعسب التيس. ورواه الدارمي في "مسنده" (¬3) من حديث ابن فضيل، [عن الأعمش، عن أبي حازم، عن أبي هريرة. قال ابن حاتم (¬4) سألت أبي عنه، فقال تفرد به ابن فضيل] (¬5)، وأخشى أن يكون أراد الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر. وله طريق أخرى عن أبي هريرة. [3782]- وللدارقطني (¬6) عن أبي سعيد كالأول، وصححه ابن السكن، وابن القطان. وفي الباب: [3783]- عن علي عند الحاكم في "علوم الحديث" (¬7)، وأخرجه ابن حبان (¬8) والبزار. ¬
تنبيه
[3784، 3785]- وعن البراء بن عازب وابن عباس في "المعجم الكبير" (¬1) للطبراني. 1478 - [3786]- حديث ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع حبل الحبلة. متفق عليه (¬2)، وفيه تفسيره، وفصله بعضهم من قول نافع. وهو في "المدرج" للخطيب (¬3). ووهم ابن الجوزي في "جامع المسانيد" فزعم أنه من أفراد مسلم. تنبيه الحبل والحبلة -بفتح الباء- فيهما، وغلط من سكنها. واختلف في "تفسيره" فوافق مالك والشافعي، وغيرهما لما وقع في الرواية. وفسره أبو عبيدة وأبو عبيد (¬4) وغيرهما من أهل اللغة (¬5): ببيع ولد الناقة الحامل في الحال. وبه قال أحمد وإسحاق. ويؤيد الأول: رواية البزار، قال فيها: وهو نتاج النتاج. وأغرب ابن كيسان فقال: المراد بيع العنب قبل أن يشتد، والحبلة الكرم، حكاه السهيلي وادعى تفرده به. وليس كذلك فقد وافقه ¬
ابن السكيت في "كتاب الألفاظ" ونسبه صاحب "المفهم" إلى المبرد. 1479 - [3787]- حديث أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الملاقيح والمضامين. إسحاق بن راهويه، والبزار (¬1)، من حديث سعيد بن المسيب، [عن] (¬2) أبي هريرة. وفي إسناده صالح بن أبي الأخضر، عن الزهري، وهو ضعيف. وقد رواه مالك في "الموطأ" (¬3)، عن الزهري، عن سعيد. مرسلًا. قال الدارقطني في "العلل" (¬4): تابعه معمر، ووصله عمر بن قيس (¬5)، عن الزهري والصحيح قول مالك. وفي الباب: * عن عمران بن حصين وهو في "البيوع" لابن أبي عاصم، كما تقدم. [3788]- وعن ابن عباس في "الكبير" (¬6) للطبراني والبزار (¬7). [3789]- وعن ابن عمر، أخرجه عبد الرزاق (¬8) وإسناده قوي. ¬
1480 - [3790، 3791]- حديث (¬1) أبي هريرة: أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الملامسة والمنابذة. متفق عليه (¬2) من حديثه ومن حديث أبي سعيد (¬3). [3792]- وللبخاري عن أنس (¬4). [3793]- وللنسائي عن ابن عمر (¬5) نحوه. 1481 - [3794]- حديثه: أنه نهى عن بيع الحصاة. مسلم (¬6) بهذا اللفظ. وللبزار من طريق حفص بن عاصم عنه: نهى عن بيع الحصاة -يعني: إذا قذف الحصاة فقد وجب البيع. 1482 - [3795]- حديثه: أنه نهى عن بيعتين في بيعة. الشافعي (¬7) وأحمد (¬8) والترمذي (¬9) والنسائي (¬10) من حديث محمَّد بن عمرو ¬
عن أبي سلمة، عنه. وهو في "بلاغات مالك" (¬1). قال الترمذي: حسن صحيح. وفي الباب: عن ابن عمر، وابن عمرو، وابن مسعود. [3796]- وحديث ابن مسعود؛ رواه أحمد (¬2) من طريق عبد الرحمن، ابنه عنه بلفظ: نهى عن صفقتين في صفقة. [3797]- وحديث ابن عمر؛ رواه ابن عبد البر (¬3) من طريق ابن أبي خيثمة، عن يحيى معين، عن هشيم، عن يونس بن عبيد، عن نافع، عن ابن عمر. مثله. [3798]- وحديث ابن عمرو، رواه الدارقطني (¬4) في أثناء حديث. 1483 - [3799]- حديث: روي أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع وشرط. بيض له الرّافعي في "التذنيب" واستغربه النووي (¬5)، وقد رواه ابن حزم في "المحلي" (¬6) والخطابي في "المعالم" (¬7) والطبراني في "الأوسط" (¬8) والحاكم في "علوم الحديث" (¬9) من طريق محمَّد بن سليمان الذهلي، عن ¬
عبد الوارث بن سعيد، عن أبي حنيفة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، به، في قصة طويلة مشهورة. ورُويناه في الجزء الثالث من "مشيخة بغداد" للدمياطي، ونقل فيه عن ابن أبي الفوارس، أنه قال: غريب. [3800]- ورواه أصحاب "السنن" (¬1) إلا ابن ماجه وابن حبان (¬2) والحاكم (¬3) من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، بلفظ: "لا يَحِلّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ وَلا شَرْطَانِ في بَيْع". 1484 - [3801]- حديث: أنه صلى الله عليه وسلم قال: "مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيسَ في كتَابِ الله فَهُو بَاطِلٌ". متفق عليه (¬4) من حديث عائشة في قصة بريرة. 1485 - [3802]- حديث: أن عائشة اشترت بريرة وشرط مواليها أن تعتقها، ويكون ولاؤها لهم، فلم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم إلَّا شرط الولاء، وقال: "شَرْطُ الله أَوْثَقُ ... " الحديث. ¬
متفق عليه (¬1) من حديثها، لكن ليس فيه التصريح بأنهم اشترطوا العتق، إلا أنه حاصل من اشتراطهم الولاء. * حديث: أنه صلى الله عليه وسلم خطب وقال: "مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشتَرِطونَ شُروطًا لَيستْ في كتابِ الله ... " الحديث. متفق عليه من حديث عائشة، كما تقدم. * حديث: أن عائشة أخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أن مواليها لا يبيعونها إلا بشرط أن يكون لهم الولاء، فقال لها: "اشْتَرِي، وَاشْتَرِطِي لَهُم الْوَلاءَ ... " الحديث. متفق عليه أيضًا بهذا اللفظ. قال الرافعي (¬2): قالوا: إن هشام بن عروة تفرد بقوله: "اشترطي لهم الولاء" ولم يتابعه سائر الرواة. والله أعلم. وقد قيل: إن عبد الرحمن بن نمر تابع هشامًا على هذا، فرواه عن الزّهري عن عروة، نحوه. 1486 - [3803]- حديث: "المتَبَايِعَان بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفرَّقا، إلا بَيْعَ الْخِيَارِ". ¬
وفي رواية: "مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا أَوْ يَتَخَايَرَا". متفق عليه (¬1) من حديث ابن عمر باللفظين. 1487 - [3804]- حديث: "لَا يَحْتَكِرُ إلَّا خَاطِيءٌ". مسلم (¬2) والترمذي (¬3) وغيرهما من حديث معمر بن عبد الله بن نضلة العدوي. وفي الباب: [3805]- عن أبي هريرة، أخرجه الحاكم (¬4) من طريق حماد بن سلمة، عن محمَّد بن عمرو، عن أبي سلمة، عنه بلفظ: "مَنِ احْتَكَرَ يُريدُ أَنْ يُغَالِيَ بِهَا الْمُسْلِمِينَ فَهُو خَاطِيءٌ، وَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ الله تَعَالَى". 1488 - [3806]- حديث: "الجالِبُ مَرْزوقٌ، وَالمحتَكِرُ مَلْعُونٌ". ابن ماجه (¬5) والحاكم (¬6) وإسحاق والدارمي (¬7) وعبد بن حميد (¬8) وأبو يعلى ¬
والعقيلي في الضعفاء (¬1) من حديث عمر بسند ضعيف. 1489 - [3807]- حديث: "مَن احْتَكَر الطعام أربعِينَ لَيْلةً فَقد بَرِيء مِنَ الله، وبَرِيء الله مِنْه". أحمد (¬2) والحاكم (¬3) وابن أبي (¬4) شيبة (¬5) والبزار (¬6) وأبو يعلى (¬7) من حديث ابن عمر. زاد الحاكم: "وَأَيّما أَهلُ عَرْصَةٍ أَصْبَحَ فِيهِم امْرُؤٌ جَائِعٌ، فَقَد بَرِئَتْ مِنْهُمْ ذِمَّةُ الله". وفي إسناده أصبغ بن زيد، اختلف فيه، وكثير بن مرة جهّله ابن حزم (¬8)، وعَرَفه غيره؛ وقد وثقه ابن سعد (¬9) وروى عنه جماعة، واحتج به النسائي (¬10) ووهم ابن الجوزي فأخرج هذا الحديث في "الموضوعات" (¬11). وأما ابن أبي ¬
حاتم (¬1) فحكى عن أبيه أنه قال: هو حديث منكر. 1490 - [3808]- حديث: أن السعر غلا، فقالوا: يا رسول الله سعر لنا، فقال: "إنّ الله هُو الْمُسَعِّر". الحديث. أحمد (¬2) وأبو داود (¬3) والترمذي (¬4) وابن ماجه (¬5) والدارمي (¬6) والبزار وأبو يعلى (¬7) من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت، وغيره، عن أنس. وإسناده على شرط مسلم. وقد صححه ابن حبان (¬8) والترمذي (¬9). [3809]- ولأحمد (¬10) وأبي داود (¬11) من حديث أبي هريرة: جاء رجل فقال: يا رسول الله سعر. فقال: "بل أَدعُو". ثم جاء آخر فقال: يا رسول الله سعر، ¬
فقال: "بَلِ الله يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ ... " الحديث. وإسناده حسن. [3810]- ولابن ماجه (¬1) والبزار والطبراني في "الأوسط" (¬2) من حديث أبي سعيد نحو حديث أنس. وإسناده حسن أيضًا. [3811]- وللبزار (¬3) من حديث علي نحوه. [3812]- وعن ابن عباس في الطبراني "الصغير" (¬4). [3813]- وعن أبي جحيفة في "الكبير" (¬5). [3814]- وأغرب ابن الجوزي فأخرجه في "الموضوعات" (¬6) من حديث علي، وقال: إنه حديث لا يصح. 1491 - [3815]- حديث جابر: "لَا يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ". مسلم (¬7) من حديث أبي الزبير عنه. [3816]- حديث أبي هريرة مثله. متفق عليه (¬8). ¬
[3817، 3818]- واتفقا عليه من حديث أنس (¬1) وابن عباس (¬2). [3819]- وللبخاري (¬3) عن ابن عمر. 1492 - [3820]- حديث: "دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقُ اللهُ بَعْضهُمْ مِنْ بَعْضٍ". مسلم (¬4) من حديث جابر. 1493 - [3821]- حديث: "لا تَلَقَّوا الرّكبَانَ لِلْبَيْع". قال: وفي بعض الروايات: "فَمَنْ تَلَقَّاهَا فَصَاحِبُ السِّلْعَةِ بِالْخِيَارِ بَعْدَ أَنْ يَقْدُمَ السّوقَ". مسلم (¬5) من حديث أبي هريرة بهذا. [3822 - 3824]- وله في "الصحيحين" (¬6) وغيرهما طرق -بغير هذا اللفظ- عن ابن عمر، وابن مسعود (¬7) وابن عباس (¬8). ¬
والزِّيادة التي أشار إليها هي عند مسلم (¬1)، وأبي داود (¬2) والنسائي (¬3) والترمذي (¬4) من حديث أبي هريرة، لكن حكى ابن أبي حاتم في "العلل" (¬5) عن أبيه، أنه أومأ إلى أن هذه الزيادة مدرجة، وتحتاج إلى تحرير. 1494 - [3825]- حديث أبي هريرة: "لا يَسُومُ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ". متفق عليه (¬6) من حديثه. 1495 - [3826]- حديث ابن عُمر مثله، رواه الدّارقطني (¬7) في حديث بمعناه. وفي "الرِّسالة" (¬8) للشافعي: لا أحفظه ثابتا. وتعقبه البيهقي (¬9)، بأنّه روي من أوجه كثيرة فذكرها. ¬
تنبيه
1496 - [3827]- حديث: أنه صلى الله عليه وسلم نادى على قدح، وحِلْسٍ لبعض أصحابه، فقال رجل: هما علي بدرهم. ثم قال آخر: عليّ بدرهمين. . . الحديث. أحمد (¬1) وأبو داود (¬2) عن أنس بنحوه مطولًا. وفيه: "إن الْمَسْألةَ لَا تَحِلّ إلَّا لأَحَدِ ثَلاثَةٍ ... " الحديث. ورواه أبو داود أيضًا (¬3) والترمذي (¬4) والنسائي (¬5) مختصرا. قال الترمذي: حسن لا نعرفه إلا من حديث الأخضر بن عجلان، عن أبي بكر الحنفي عنه، وأعله ابن القطان (¬6) بجهل حال أبي بكر الحنفي، ونقل عن البخاري أنه قال: لم يصح حديثه. تنبيه الْحِلْس بِكسر المهملة، وإسكان اللام كساءٌ رقيقٌ يكون تحت برذعة البعير. قاله الجوهري (¬7). ¬
1497 - [3828]- حديث: ابن عمر: "لَا يَبعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيعِ بَعْضٍ". متفق عليه (¬1). [3829] ولهما من حديث أبي هريرة نحوه (¬2). [3830]- ولمسلم (¬3) عن عقبة بن عامر. وزاد النسائي (¬4) في حديث ابن عمر: "حَتَّى يَبْتَاعَ أَوْ يَذَرَ". 1498 - قوله: وفي معناه: الشِّرا (¬5) عَلى الشِّرا. قلت: ورد فيه في: [3831]- حديث عقبة بن عامر: "المْؤمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ، فَلا يَحِلّ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَبْتَاعَ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ، وَلا يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَتِهِ". 1499 - [3832]- حديث ابن عمر: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النجش. متفق عليه (¬6). ¬
1500 - [3833]- حديث: "لا تُولَّه وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا". البيهقي (¬1) من حديث أبي بكر بسند ضعيف. [3834]- وأبو عبيد في "غريب الحديث" (¬2) من مرسل الزهري، وراويه عنه ضعيف. [3835]- والطبراني في "الكبير" من حديث نَقَادَة في حديث طويل. وقد ذكر ابن الصلاح في "مشكل الوسيط" أنه يروى عن أبي سعيد، وهو غير معروف، وفي ثبوته نظر. كذا قال! وقال في موضع آخر: إنه ثابت. قلت: [3836]- عزاه صاحب "مسند الفردوس" للطبراني من حديث أبي سعيد، وعزاه الجيلي (¬3) في "شرح التنبيه" لرزين. وفي الباب: [3837]- عن أنس؛ أخرجه ابن عدي في ترجمة "مبشر بن عبيد" (¬4) أحد الضعفاء. ورواه في ترجمة "إسماعيل بن عياش" (¬5) عن الحجاج بن أرطاة، ¬
عن الزهري عن أنس بلفظ: "لا يوَلَهَنَّ والِدٌ عَنْ وَلَدِه". قال: ولم يحدث به [غير] (¬1) إسماعيل وهو ضعيف في غير الشاميين. 1501 - [3838]- حديث أبي أيوب: "مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا فَرَّقَ الله بَينَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ". أحمد (¬2) والترمذي (¬3) وحسّنه. والدارقطني (¬4) والحاكم (¬5) وصححه. وفي سياق أحمد فيه قصّة. وفي إسنادهم حيي بن عبد الله المعافري مختلف فيه. وله طريق أخرى عند البيهقي (¬6) غير متصلة؛ لأنها من طريق العلاء بن كثير الإسكندراني، عن أبي أيوب، ولم يدركه. وله طريق أخرى عند الدارمي في "مسنده" (¬7) في كتاب السير منه. 1502 - [3839]- حديث عبادة بن الصامت: "لا يُفَرَّقُ بَينَ الأمّ وَوَلَدِهَا". قيل: إلى متى؟ قال: "حَتَّى يَبْلُغَ الْغُلامُ، وَتَحيض الْجَارِيَةُ". ¬
الدارقطني (¬1) والحاكم (¬2) وفي سنده عندهما عبد الله بن عمرو، الواقعي (¬3) وهو ضعيف رماه علي بن المديني بالكذب (¬4)، وتفرد به عن سعيد بن عبد العزيز، قاله الدارقطني. [3840]- وفي صحيح مسلم (¬5) من حديث سلمة بن الأكوع في الحديث الطويل الذي أوله: خرجنا مع أبي بكر فغزونا فزارة ... الحديث، وفيه: وفيهم امرأة ومعها ابنة لها من أحسن العرب، فنفلني أبو بكر ابنتها. فيستدل [به] (¬6) على جواز التفريق. وبوب عليه أَبو داود (¬7): باب التفريق بين المدركات. 1503 - [3841]- حديث علي: أنه فرق بين جارية وولدها، فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم، ورد البيع. أبو داود (¬8) وأعله بالانقطاع بين ميمون بن أبي شبيب (¬9) وعلي، ¬
والحاكم (¬1) وصحح إسناده. ورجحه البيهقي (¬2) لشواهده. لكن رواه الترمذي (¬3) وابن ماجه (¬4) من هذا الوجه. وأحمد (¬5) والدارقطني (¬6) من طريق الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن علي، بلفظ: قدم على النبي صلى الله عليه وسلم بسبي فأمرني ببيع أخوين، فبعتهما ... الحديث. وصحح ابن القطان (¬7) رواية الحكم هذه. لكن حكى ابن أبي حاتم عن أبيه في "العلل" (¬8): أن الحكم إنما سمعه من ميمون بن أبي شبيب، عن علي. وقال الدارقطني في "العلل" (¬9) بعد حكاية الخلاف فيه لا يمتنع أن يكون الحكمُ سمعَه من عبد الرحمن، ومن ميمون، فحدث به مرة عن هذا ومرة عن هذا. 1504 - [3842]- قوله: روي أنّه عليه السلام نَهى عن بيع المجر. البيهقي (¬10) من حديث ابن عمر بسند فيه موسى بن عبيدة الربذي، وقال: إنه تفرد به، وإنه ضُعِّف بسببه. ¬
تنبيه
ورواه البزار (¬1) من هذا الوجه مطولًا، وفيه: والمجر ما في الأرحام. وأشار إلى (¬2) تفرد موسى به، وهو معترض بما أخرجه عبد الرزاق (¬3) عن الأسلمي عن عبد الله بن دينار، لكن الأسلمي، أضعف من موسى عند الجمهور. وذكر البيهقي: أن ابن إسحاق رواه عن نافع عن ابن عمر أيضًا. تنبيه المجر بفتح الميم، وإسكان الجيم آخره راء مهملة، قال أبو عبيد (¬4): هو أن يباع البعير أو غيره بما في بطن الناقة. وكذا نقله البيهقي (¬5) عن أبي زيد. وقال النووي في "تهذيب الأسماء واللغات" (¬6): المشهور في اللغة أنه اشتراء ما في بطن الناقة خاصة. 1505 - [3842]- قوله: روي أنّه صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع العربان. مالك (¬7) وأبو داود (¬8) وابن ماجه (¬9) من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، ¬
تنبيه
عن جده. وفيه راو لم يسم. وسمي في رواية لابن ماجه (¬1) ضعيفة: عبد الله ابن عامر الأسلمي، وقيل: هو ابن لهيعة، وهما ضعيفان. ورواه الدارقطني (¬2) والخطيب في "الرواة عن مالك" من طريق الهيثم بن اليمان، عنه، عن عمرو بن الحارث، عن عمرو بن شعيب. وعمرو بن الحارث ثقة، والهيثم ضعفه الأزدي، وقال أبو حاتم (¬3) صدوق. وذكر الدارقطني: أنه تفرد بقوله: "عن عمرو بن الحارث". قال ابن عدي (¬4): يقال: أَن مالكا سمع هذا الحديث من ابن لهيعة. ورواه البيهقي (¬5) من طريق عاصم بن عبد العزيز، عن الحارث بن عبد الرحمن، عن عمرو بن شعيب. [3844]- وقال عبد الرزاق في "مصنفه" (¬6): أخبرنا الأسلمي، عن زيد بن أسلم: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: عن العربان في البيع فأحله. وهذا ضعيف مع إرساله. والأسلمي هو إبراهيم بن محمَّد بن أبي يحيى. تنبيه ذكر مالك (¬7): أن المراد أن يشتري الرجل العبد أو الأمة، أو يكتري ثم ¬
يقول: الذي اشترى أو اكترى أعطيك دينارا أو درهما على إن أخذت السلعة فهو من ثمن السلعة، وإلا فهو لك. وكذلك فسره عبد الرزاق، عن الأسلمي، عن زيد بن أسلم. 1506 - [3845]- حديث: نهى عن بيع السنين. مسلم (¬1) وأبو داود (¬2) والنسائي (¬3) والترمذي (¬4) وابن حبان (¬5) من حديث جابر. 1507 - [3846]- حديث: نهى عن سلف وبيع. رواه مالك (¬6) -بلاغا- والبيهقي (¬7) موصولا من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. وصححه الترمذي (¬8). وله طريق أخرى عند النّسائي (¬9) في العتق، والحاكم (¬10) من طريق عطاء، عن عبد الله بن عمرو، أنه قال: يا رسول الله إنا نسمع منك أحاديث أفتأذن لنا أن نكتبها؟ قال: "نَعَمْ". ¬
فكان أول [ما] (¬1) كتب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة: "لا يَجُوزُ شَرْطَانِ في بَيْعٍ وَاحِدٍ وَلا بَيْعٌ وَسَلَفٌ جَميعًا، ولا بَيْعُ مَا لَمْ يَضْمَنْ، وَمَنْ كَان مُكاتَبًا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ فَقَضاهَا إلَّا عَشْرَةَ دَراهِم فَهُو عَبْدٌ، أَوْ عَلَى مِائَةِ أُوقِيَّة فَقَضاها إلَّا أُوقِيّة فَهُو عَبْدٌ". قال النسائي: عطاء هو الخراساني، ولم يسمع من عبد الله بن عمرو. [3847]- وفي البيهقي (¬2) من حديث ابن عباس أيضًا بسند ضعيف. [3848]- وفي الطبراني (¬3) من حديث حكيم بن حزام. 1508 - [3849]- حديث: نهى عن ثمن الهرة. مسلم (¬4) وأصحاب "السنن" (¬5) عن أبي الزبير، عن جابر. والترمذي (¬6) ¬
والحاكم (¬1) عن أبي سفيان، عن جابر، وأبو عوانة في "صحيحه" (¬2) من طريق عطاء عنه، وهي طريق معلولة. وزعم ابن عبد البر (¬3): أن حماد بن سلمة تفرد به عن أبي الزبير، ولم يصب فهو في مسلم من حديث معقل، عنه، وعند عبد الرزاق من حديث عمر بن [زيد] (¬4) الصنعاني عنه. وأومأ الخطابي (¬5) إلى ضعف الحديث، وتعقبه النووي (¬6). وقد (¬7) قدمنا أنّ النسائي قال: إنه منكر. وقال ابن وضاح في طريق الأعمش عن أبي سفيان عن جابر: الأعمش يغلط فيه، والصواب موقوف. 1509 - قوله: وذكر بعضهم: أنه ورد في ذلك. يعني: النّهي عن بيع السلاح لأهل الحرب. ¬
قلت: قال ابن حبان في "صحيحه" (¬1): قد يفهم من: [3850]- حديث خباب بن الأرت قال: كنت قينا بمكة فعملت للعاص بن وائل سيفا، فجئت أتقاضاه ... الحديث. إباحةُ بيع السلاح لأهل الحرب، وهو فَهْمٌ ضعيف؛ لأن هذه القصة كانت قبل فرض الجهاد. انتهى. وفي الباب: [3581]- عن عمران بن حصين: نهى عن بيع السلاح في الفتنة. رواه ابن عدي (¬2) والبزار والبيهقي (¬3) مرفوعًا. وهو ضعيف، والصواب وقفه، وكذلك ذكره البخاري تعليقا (¬4). 1510 - [3852]- حديث: عن بيع الحبِّ حتى يفرك. البيهقي (¬5) من طريق حماد بن سلمة، عن حميد، عن أنس، في حديث. قال: وقد رواه جماعة عن حماد بلفظ: حتى يشتد. قال البيهقي (¬6): قوله "حتى يفرك" إن كان بخفض الرّاء على إضافة الإفراك إلى الحب، كان بمعنى حتى يشتد، وإن كان بفتح الرّاء وضمّ أوله على البناء للمفعول خالف ذلك، والأشبه الأول. ¬
قلت: الرواية الثانية: حتى يشتد، لأحمد (¬1) وأبي داود (¬2) والترمذي (¬3) وابن حبان (¬4) والحاكم (¬5) وغيرهم. 1511 - [3853]- حديث: نهى عن بيع العنب حتى يسود. أحمد (¬6) وأبو داود (¬7) والترمذي (¬8) وابن حبان (¬9) وابن ماجه (¬10) والحاكم (¬11) وصححه، من حديث حماد عن حميد، عن أنس، وقال الترمذي والبيهقي: تفرد به حماد. 1512 - [3854]- حديث: نهى عن بيع الثمار حتى تنجو من العاهة. مالك في "الموطأ" (¬12) من مرسل عمرة. ووصله الدارقطني في "العلل" من ¬
طريق أبي الرجال، عن عمرة، عن عائشة (¬1). [3855]- وفي "الصحيحين" (¬2) من حديث ابن عمر: "لا تَبِيعُوا التمْرَ حَتى يَبْدُوَ صَلَاحُه". [3856]- وللدولابي (¬3) من طريق أخرى، عن ابن عمر، بلفظ: نهى عن بيع الثمار حتى تذهب العاهة، قال: فسألت عبد الله: متى ذاك؟ قال: طلوع الثريا. 1513 - [3857]- حديث: نهى عن بيع العنب من عاصره. أخرجه الطبراني في "الأوسط" (¬4) عن محمَّد بن أحمد بن أبي خيثمة، بإسناده، عن بريدة مرفوعًا: "مَنْ حَبَسَ الْعِنَبَ أَيَّامَ الْقِطَافِ حَتى يَبِيعَهُ مِنْ يَهودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ، أَوْ مِمَّنْ يَتخِذهُ خَمْرًا فَقَدْ تَقَحَّم النَّارَ عَلَى بَصِيرةٍ". [3858]- وفي "الصحيحين" (¬5) بلغ عمر بن الخطاب: أن فلانا -يعني سمرة ابن جندب- باع خمرا، فقال: قاتل الله فلانا ... الحديث. وفي الباب: الأحاديث الواردة في لعن بائع الخمر ومبتاعها، وحاملها والمحمولة إليه. 1514 - قوله: وليس من المناهي بيع العينة. يعني: ليس ذلك عندنا من المناهي، وإلا فقد ورد النهي عنها من طرق، عقد ¬
لها البيهقي في "سننه" (¬1) بابًا ساق فيه ما ورد من ذلك بعلله. وأصح ما ورد في ذم بيع العينة: [3859]- ما رواه أحمد (¬2) والطبراني (¬3) من طريق أبي بكر بن عياش، عن الأعمش، عن عطاء، [عن] (¬4) ابن عمر، قال: أتى علينا زمان، وما يُرى أحدنا أنه أحق بالدنيار والدرهم من أخيه المسلم، ثم أصبح الدينار والدرهم أحب إلى أحدنا من أخيه المسلم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا ضَنَّ النَّاسُ بالدِّينارِ والدِّرْهَم، وَتَبَايَعُوا بِالْعِينَةِ، واتَّبَعُوا أَذْنَابَ الْبَقَرِ (¬5)، وَتَركوا الْجِهَادَ في سَبِيلِ الله، أَنْزَل الله بِهِمْ ذُلًّا فَلَمْ يَرْفَعْهُ عَنْهُمْ حَتَّى يُرَاجِعُوا دِينَهُمْ". صححه ابن القطان (¬6) بعد أن أخرجه من ["الزهد"] (¬7) لأحمد، كأنه لم يقف على "المسند" وله طريق أخرى عند أبي داود (¬8) وأحمد (¬9) أيضًا من طريق عطاء الخراساني، عن نافع، عن ابن عمر. قلت: وعندي أن إسناد الحديث الذي صحّحه ابن القطان معلول؛ لأنه لا يلزم من كون رجاله ثقات أن يكون صحيحا؛ لأن الأعمش مدلِّس ولم يذكر ¬
باب تفريق الصفقة
سماعه من عطاء، وعطاء يحتمل أن يكون هو عطاء الخراساني، فيكون فيه تدليس التسوية، بإسقاط نافع بين عطاء و [[بن] (¬1) عمر، فرجع الحديث إلى الإسناد الأول، وهو المشهور. 1515 - قوله: و [ليس] (¬2) من المناهي بيع رباع مكة. لنا اتفاق الصحابة ومن بعدهم عليه. [3860]- روى البيهقي (¬3) عن عمر: أنه اشترى دارا للسجن بمكة، وأن ابن الزبير اشترى حجرة سودة (¬4)، وأن حكيم بن حزام باع دار الندوة (¬5). وأورد البيهقي في "الخلافيات" (¬6) الأحاديث الواردة في النهي عن بيع دورها وبَيّن علَلَها ولعلّ مراده بنقل الاتفاق: أن عمر اشترى الدور من أصحابها حتى وسع المسجد، وكذلك عثمان، وكان الصحابة في زمانهما متوافرين، ولم ينقل إنكار ذلك. باب تفريق الصّفقة * حديث: أبي هريرة: في بيع المصراة. متفق عليه. وسيأتي. ¬
باب خيار المجلس والشرط
باب خيار المجلس والشّرط 1516 - [3861]- حديث ابن عمر: "الْمُتَبَايِعَان كُلُّ وَاحدٍ مِنهُمَا بِالْخِيَارِ عَلَى صَاحِبِه مَا لَمْ يَتفَرَّقَا، إلَّا بَيْعَ الْخِيَار". متفق عليه (¬1) بهذا اللفظ. وله عندهم ألفاظ أخرى، وقال ابن المبارك: هو أثبت من هذه الأساطين (¬2). وله في "الصحيحين" و"السنن" (¬3) طرق. [3862]- ورواه أبو داود (¬4) والبيهقي (¬5) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، وزاد: "لا يَحِلّ لَهُ أنْ يُفَارِقَ صَاحِبَه خَشْيَة أنْ يَسْتَقِيلَه". تنبيه لم يبلغ ابن عمر النهي المذكور، فكان إذا بايع رجلًا فأراد أن يتم بيعه قام فمشى هنيهة ثم رجع إليه. ¬
وقد ذكره الرّافعي أيضًا، وهو متفق عليه أيضًا. وللترمذي (¬1): فكان ابن عمر إذا ابتاع بيعا وهو قاعد قام ليجب له. وللبخاري قصّة لابن عمر مع عثمان في ذلك (¬2). وفي الباب: [3863]- عن حكيم بن حزام أخرجه الخمسة (¬3). [3864]- وعن أبي برزة أخرجه أبو داود (¬4). [3865]- وعن سمرة أخرجه النسائي (¬5). [3866]- وعن ابن عباس أخرجه ابن حبان (¬6) والحاكم (¬7) والبيهقي (¬8) من طريق أخرى. ¬
[3867]- وعن جابر أخرجه البزار، وصححه الحاكم وغيره. 1517 - [3868]- حديث أبي هريرة: "لَن يُجزِي وَلَدٌ عَن وَالدِه إلَّا أن يجدَه مملوكًا فَيشتَرِيه فَيُعْتِقَه". مسلم (¬1) بلفظ: "لا يُجْزِي .. ". 1518 - [3869]- حديث: "الخيار ... ". في بعض الروايات: "أَوْ يَقُولَ أَحَدُهُمْا لِلآخَرِ: اخْتَرْ". متفق عليه من حديث ابن عمر بهذا اللفظ (¬2). 1519 - [3870]- حديث ابن عمر: أن رجلًا كان يخدع في البيوع، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذَا بَايَعْتَ فَقُلْ: لا خِلابَةَ". متفق عليه (¬3). ولأحمد (¬4) وأصحاب السنن (¬5) والحاكم (¬6) من حديث أنس: أن رجلًا من الأنصار كان يبايع على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان في عقدته ضعف ... الحديث. ¬
تنبيه
تنبيه العقدة: الرأي. والخلابة: كالخداع، ومنه برق خالب: لا مطر فيه. 1520 - قوله: وذكر: أن ذلك الرجل كان حبّان بن منقذ أصابته آفة في رأسه فكان يخدع في البيع .. الحديث. كذلك صرح به الشافعي، ووقع التصريح به في رواية ابن الجارود (¬1) والحاكم (¬2) والدارقطني (¬3) وغيرهم. [3871]- وكذلك أخرجه (¬4) الدارقطني (¬5) والطّبراني في "الأوسط" (¬6) من حديث عمر بن الخطاب. وقيل: إن القصة لمنقذ والد حبان. قال النووي: وهو الصحيح. قلت: وهو في ابن ماجه (¬7) و"تاريخ البخاري" (¬8). وبه جزم عبد الحق (¬9). وجزم ابن الطَّلَّاع في "الأحكام" بالأول، وتردد في ذلك الخطيب في ¬
"المبهمات" وابن الجوزي في "التلقيح" (¬1). 1521 - قوله: وجعل لك ذلك ثلاثة أيام. وفي رواية: "ولَكَ الْخِيَارُ ثَلاثًا". وفي رواية: "قُلْ: لَا خِلابَةَ وَاشْتَرِطِ الْخِيَارَ ثَلاثًا". قال الرّافعي: وهذه الرّوايات [كلّها] (¬2) في كتب الفقه، وليست في كتب الحديث المشهورة سوى قوله: "لا خلابة". انتهى. وأما قوله: "وَلَكَ الْخِيَارُ ثَلاثًا": [3872]- فرواه الحميدي في "مسنده" (¬3) والبخاري في "تاريخه" (¬4) والحاكم في "مستدركه" (¬5) من حديث محمَّد بن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر. ولفظ البخاري: "إذَا بِعْتَ فَقُلْ: لا خِلَابةَ، وَأَنْتَ في كُلّ سِلْعَةٍ ابْتَعْتَهَا بِالْخِيَارِ ثَلاثَ لَيَالٍ". وصرح بسماع ابنُ إسحاق. وأما قوله: "وَلَكَ الْخِيَارُ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ": ¬
[3873]- فروى الدارقطني (¬1) من حديث طلحة بن يزيد بن ركانة: أنه كلم عمر في البيوع، فقال: لا أجد لكم شيئًا أوسع مما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم لحبان ابن منقذ، إنّه كان ضرير البصر فجعل له رسول الله صلى الله عليه وسلم عهدة ثلاثة أيام. وفيه ابن لهيعة. [3874]- وكذا هو في رواية ابن ماجه والبخاري في "تاريخه" من طريق محمَّد بن يحيى بن حبان قال: كان جدي منقذ بن عمرو، فذكر الحديث، وفيه: "ثُمَّ أَنْتَ في كلِّ سِلْعَةٍ ابْتَعْتَهَا بِالْخِيارِ ثَلاثَ لَيَالٍ". وأما رواية الاشتراط، فقال ابن الصلاح: منكرة لا أصل لها. انتهى. [3875]- وفي "مصنف عبد الرزاق" (¬2) عن أنس، أن رجلًا اشترى من رجل بعيرا واشترط الخيار أربعة أيام فأبطل رسول الله صلى الله عليه وسلم البيع، وقال: "الْخِيَارُ ثَلاثةُ أَيَّامٍ". * حديث: أنه صلى الله عليه وسلم قال في المتخايرين: "لَا بَيْعَ بَينَهُمَا حَتَّى يَتَفَرَّقَا". تقدّم معناه، وهو متفق عليه من طريق عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كُلّ بَيِّعَيْنِ لا بَيْعَ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَتَفَرَّقَا إلَّا بَيْعَ الْخِيَار". ¬
1522 - [3876]- حديث: أن رجلًا اشترى غلاما في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان عنده ما شاء الله، ثم رده من عيب وجده فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم برده بالعيب، فقال المقضي عليه: قد استغله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الْخَراجُ بِالضَّمَانِ". الشافعي (¬1) وأحمد (¬2) وأصحاب "السنن" (¬3) والحاكم (¬4) من طريق عروة، عن عائشة مطولا، ومختصرا. وصحّحه ابن القطان (¬5). وقال ابن حزم: لا يصح (¬6). 1523 - [3877]- حديث: "لَيس مِنَّا مَنْ غَشَّنَا". مسلم (¬7) وأبو داود (¬8) من حديث أبي هريرة نحوه. ورواه الحاكم (¬9) بهذا اللفظ. وفيه قصة، وادعى أن مسلمًا لم يخرجها فلم يصب. وفي الباب: ¬
[3878]- عن ابن عمر عند أحمد (¬1) والدارمي (¬2). [3879]- وعن أبي الحمراء عند ابن ماجه (¬3). [3880]- وعن ابن مسعود عند الطبراني (¬4) وابن حبان في "صحيحه" (¬5). [3881]- وعن أبي بردة بن نيار عند أحمد (¬6) أيضًا بلفظ المصنّف. [3882]- وعن عمير بن سعيد عن عمه، عند الحاكم (¬7). 1524 - [3883]- حديث عقبة بن عامر: "الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمُ، لا يَحِلّ لِمَنْ بَاعَ مِنْ أَخِيهِ بَيعًا يِعِلْم فِيه عَيبًا إلَّا بَيَّنَه لَه". أحمد (¬8) وابن ماجه (¬9) والدارقطني (¬10) والحاكم (¬11) والطبراني (¬12) من ¬
حديث ابن شماسة عنه، ومداره على يحيى بن أيوب، وتابعه ابن لهيعة. وفي الباب: [3884]- عن واثلة في "المستدرك" (¬1) (¬2) وابن ماجه (¬3). * حديث: أن ابن عمر: كان إذا باع شيئًا وأراد أن يوجب البيع قام ومشى قليلًا. متفق عليه. كما تقدم. ... ¬
باب المصراة والرد بالبيع
باب المصرَّاة والردّ بالبيع 1525 - [3885]- حديث: أبي هريرة: "لَا تُصَرُّوا الإبلَ والغَنَمَ لِلبَيع فَمَن ابْتَاعَها بَعدَ ذلك فَهُو بِخَير النَّظَرَيْنِ مِن بَعدِ أن يَحْلِبَها، إن رَضِيها أَمْسَكها، وإنْ سَخِطَها رَدَّها وَصاعًا من تمْرٍ". متفق عليه (¬1) من حديث مالك عن أبي الزناد، عن الأعرج، عنه. واللفظ لمسلم نحوه، ورواه الشافعي (¬2) عنه بهذا اللفظ. وليس فيه "من". وله طرق وألفاظ واختلاف على محمَّد بن سيرين فيه، بينه البخاري ومسلم. 1526 - [3886]- قوله: وروى "بَعْد أَنْ يَحْلِبَها ثلاثًا". هذا اللفظ ذكره القاضي حسين، نقلا عن ابن داود شارح "المختصر"، وتبعه إمام الحرمين، وتبعهم الغزالي (¬3)، وكأنها مركبة من المعنى، والتقدير: فهو بخير النّظرين ثلاثًا، بعد أن يحلبها. تنبيه قوله: "لا تُصَرُّوا": بضم التاء على وزن (لا تُزَكّوا)، والإبل منصوب على المفعولية، هذا هو الصحيح. ومنهم من يرويه: "لا تَصُرّوا" بفتح التاء، ¬
وضم الصاد. والمصراة: هي التي تربط أخلافها [فيتجمع] (¬1) اللبن. 1527 - [3887]- حديث أبي هريرة: "مَن اشتَرَى مُصَرَّاةً فهو بالخِيَار ثلاثةَ أيَّام، فإنْ ردَّها ردَّ معها صاعًا مِن تمر لا سَمْرَاء". مسلم (¬2) من حديث ابن سيرين، عنه. وعلقه البخاري (¬3). 1528 - [3888]-[حديث ابن عمر: "مَن ابتَاعَ محفَّلَةً فهو بِالخيَار ثَلاثةَ أيَّام، فإنْ ردَّها ردَّ مَعَها مِثْلَ أَوْ مِثْلَي لَبَنِها قَمْحًا". أبو داود (¬4) به وابن ماجه (¬5) والبيهقي (¬6) بلفظ: "مثل" وضعّفه بجميع بن عمير، وهو مختلف فيه] (¬7). * حديث حبان بن منقذ. تقدم قريبا. ¬
1529 - [3889]- حديث: "المؤْمنُون عِندَ شُروطِهِمْ". أبو داود (¬1) والحاكم (¬2)، من حديث الوليد بن رباح، عن أبي هريرة. وضعفه ابن حزم (¬3) وعبد الحق (¬4) وحسنه الترمذي. [3890]- ورواه الترمذي (¬5) والحاكم (¬6) من طريق كثير بن عبد الله بن عمرو، عن أبيه، عن جده. وزاد: "إلَّا شَرْطًا حَرَّمَ حَلالًا أَوْ أَحَلَّ حَرامًا". وهو ضعيف. [3891]- والدارقطني (¬7) والحاكم (¬8) من حديث أنس، ولفظه في الزيادة: "مَا وَافَقَ الْحَقَّ مِنْ ذَلِكَ". وإسناده واهٍ. [3892]- والدارقطني (¬9) والحاكم (¬10) من حديث عائشة. وهو واهٍ أيضًا. [3893]- وقال ابن أبي شيبة (¬11) حدثنا يحيى بن أبي زائدة، عن عبد الملك -هو ابن أبي سليمان- عن عطاء، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا. ¬
تنبيه
تنبيه الذي وقع في جميع الروايات: "المسلمون" بدل "المؤمنون". 1530 - [3894]- حديث: أن مخلد بن خفاف ابتاع غلاما فاستغله، ثم أصاب به عيبا، فقضى له عمر بن عبد العزيز برده ورد غلته، فأخبره عروة عن عائشة: أن رسول صلى الله عليه وسلم قضى في مثل هذا: أنّ الخراج بالضمان، فرد عمر قضاه، وقضى لمخلد بالخراج. الشافعي (¬1) وأبو داود الطيالسي (¬2) والحاكم (¬3) من طريق ابن أبي ذئب، عن مخلد. وقد تقدم من وجه آخر، ورواه الترمذي (¬4) وغيره مختصرا أيضًا. 1531 - [3895]- حديث: "مَنْ أَقَالَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ صَفَقَةً كَرِهَهَا أَقَالَهُ الله عَثْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ". ¬
أبو داود (¬1) وابن ماجه (¬2) وابن حبان (¬3) والحاكم (¬4) وصححه، من حديث الأعمش عن أبي صالح، عن أبي هريرة، بلفظ: "مَنْ أَقَالَ مُسْلمًا أَقَالَهُ الله عَثْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ". قال أبو الفتح القشيري (¬5): هو على شرطهما. وصححه ابن حزم (¬6). وقال ابن حبان: ما رواه عن الأعمش إلا حفص بن غياث، ولا عن حفص إلا يحيى ابن معين، ورواه عن الأعمش أيضًا مالك بن [سعير] (¬7)، تفرد به عنه زياد بن يحيى [الحسّاني] (¬8). وأخرجه البزار ثم أورده من طريق إسحاق الفروي عن مالك عن سمي عن أبي صالح بلفظ: "مَن/ (¬9) أَقَال نَادمًا"، وقال: إن إسحاق تفرد به. وذكره الحاكم في "علوم الحديث" (¬10) من طريق معمر عن محمَّد بن واسع، عن أبي صالح وقال: لم يسمعه معمر من محمَّد، ولا محمَّد من أبي صالح. ¬
1532 - [3896]- حديث: أن ابن عمر باع عبدا من زيد بن ثابت بثمانمائة درهم بشرط البراءة، فأصاب زيد به عيبا، فأراد رده على ابن عمر، فلم يقبله، وترافعا إلى عثمان، فقال لابن عمر: أتحلف أنك لم تعلم بهذا العيب. فقال: لا، فرده عليه فباعه ابن عمر، بألف درهم. مالك في "الموطأ" (¬1) عن يحيى بن سعيد، عن سالم، عن أبيه، ولم يسم زيد بن ثابت، وفيه: أنه باعه بألف وخمسمائة درهم. وصححه البيهقي (¬2). وأخرجه أبو عبيد عن يزيد بن هارون، عن يحيى بن سعيد، وابن أبي شيبة (¬3) عن عباد بن العوام، عنه. وعبد الرزاق (¬4) من وجه آخر، عن سالم، ولم يسم أحد منهم المشتري. وتعيين هذا المبهم (¬5) ذكره في "الحاوي" للماوردي، وفي "الشامل" لابن الصباغ بغير إسناد، وزاد: أن ابن عمر كان يقول: تركت اليمين لله فعوضني الله عنها. ¬
باب القبض وأحكامه
باب القبض وأحكامه 1533 - [3897]- حديث: ابن عمر: "مَنِ ابْتَاعَ طَعامًا فلا يَبِعْه حَتَّى يَسْتَوْفِيَه". متفق عليه (¬1)، بهذا اللفظ وغيره، زاد ابن حبان (¬2): نهى أن يبيعه حتى يحوله. [3898]- وللحاكم (¬3) وابن حبان (¬4) وأبي داود (¬5) من حديث ابن عمر، عن زيد ابن ثابت بلفظ: نهى أن تباع السلع بحيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم. 1534 - [3899]- حديث ابن عباس: أمّا الّذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو الطّعام أن يباع حتى يستوفى. قال ابن عباس: ولا أحسب كل شيء إلا مثله. البخاري (¬6) بلفظ: قبل أن يقبض. ومسلم (¬7) بلفط: وأحسب كل شيء بمنزلة الطعام. ¬
تنبيه
تنبيه يدل على صحة قياس ابن عباس حديث حكيم بن حزام المتقدم في أول "البيع". 1535 - [3900]- حديث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع ما لم يقبض وربح ما لم يضمن. ابن ماجه (¬1) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بلفظ: "لا يَحِلّ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَك، وَلا رِبْحَ مَا لَمْ يَضْمَنْ". والبيهقي (¬2) من هذا الوجه في حديث. وقد تقدم. 1536 - [3901]- حديث: أنه لما بعث عتاب بن أسيد إلى أهل مكة قال له: "انْهَهُمْ عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يَقْبِضُوا، وَرِبْحِ مَا لَمْ يَضْمَنُوا". البيهقي (¬3) من حديث ابن إسحاق، عن عطا، عن صفوان بن يعلى بن أمية، عن أبيه، قال: استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم عتاب بن أسيد على أهل مكة فقال: "إنِّي أَمَّرْتُكَ عَلى أهلِ الله بِتقَوى الله، لا يَأكُل أحدٌ مِنكُمْ مِن رِبْحِ مَا لَمْ يَضمَنْ وَانْهَهُمْ عَنِ سَلَفٍ وَبَيْعٍ، وَعَنْ الصَّفَقَتَيْنِ في الْبَيْعِ الْوَاحِدِ، وَأنْ يَبِيعَ أَحَدُهُمْ مَا لَيْسَ عِنْدَه". ¬
[3902]- ومن حديث إسماعيل بن أمية، عن عطاء، عن ابن عباس نحوه، وفيه يحيى بن صالح الأيلي، وهو منكر الحديث. ولابن ماجه (¬1) من حديث ليث بن أبي سليم، عن عطاء، عن عتاب بن أسيد: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعثه إلى أهل مكة نهاه عن سلف ما لم يضمن. فهذا قد اختلف فيه على عطاء. ورواه الحاكم (¬2) وغيره من حديث عطاء الخراساني، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، في حديث. 1537 - [3903]- حديث أبي سعيد: "مَن أَسْلَف في شَيءٍ فلا يَصْرِفه إلى غَيْرِه". أبو داود (¬3) وابن ماجه (¬4) وفيه عطية بن سعد العوفي، وهو ضعيف (¬5) وأعله أبو حاتم (¬6) والبيهقي (¬7) وعبد الحق (¬8) وابن القطّان (¬9) بالضّعف والاضطراب ¬
1538 - [3904]- حديث ابن عمر: كنت أبيع الإبل بالبقيع بالدنانير وآخذ مكانها الورق، وأبيع بالورق وآخذ مكانها الدنانير، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فسألته عن ذلك؟ فقال: "لا بَأْسَ بِهِ بِالْقِيمَةِ" (¬1). وفي رواية: "لا بَأْسَ إذَا تَفَرَّقْتمَا وَلَيْس بَيْنَكُما شَيْءٌ". أحمد (¬2) وأصحاب "السنن" (¬3) وابن حبان (¬4) والحاكم (¬5) من طريق سماك بن حرب، عن سعيد بن جبير عنه. ولفظ أبي داود: "لا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَهَا بِسِعْرِ يَوْمِهَا مَا لَمْ تَفْتَرِقَا وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ". وفي لفظ لأحمد (¬6): "لا بَأْسَ به بِالْقِيمَةِ". ولفظ النسائي: "لا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَ بِسِعْرِ يَوْمِهَا مَا لَمْ تَتَفَرَّقَا وَبَيْنَكَمَا شَيْءٌ". ¬
تنبيه
وفي لفظ له (¬1): "مَا لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَكُمَا شَيءٌ". قال الترمذي والبيهقي: لم يرفعه غير سماك. وعلق الشافعي في "سنن حرملة" القول به على صحة الحديث. وروى البيهقي (¬2) من طريق أبي داود الطيالسي، قال: سئل شعبة عن حديث سماك هذا؟ فقال شعبة: سمعت أيوب (¬3)، عن نافع، عن ابن عمر ولم يرفعه. وحدثنا قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن ابن عمر، ولم يرفعه. وأخبرنا [يحيى] (¬4) بن أبي إسحاق، عن سالم، عن ابن عمر ولم يرفعه، ورفعه لنا سماك بن حرب، وأنا أفرقه (¬5). تنبيه البقيع المذكور -بالباء الموحدة- كما وقع عند البيهقي (¬6): "في بقيع الغرقد". قال النووي (¬7): ولم تكن كثرت إذ ذاك فيه القبور. وقال ابن باطيش (¬8): لم أر من ضبطه، والظاهر أنه بالنون. ¬
* [3905] حديث: روي أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الكاليء بالكاليء. الحاكم (¬1) والدارقطني (¬2) من طريق عبد العزيز الدراوردي، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر. ومن طريق ذؤيب بن عمامة، عن حمزة بن عبد الواحد، عن موسى بن عقبة، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر. وصححه الحاكم على شرط مسلم فوهم؛ فإن راويه موسى بن عبيدة الربذي لا موسى بن عقبة. قال البيهقي (¬3): والعجب من شيخنا الحاكم كيف قال في روايته: عن موسى ابن عقبة، وهو خطأ، والعجب من شيخ عصره أبي الحسن الدارقطني حيث قال في روايته: "عن موسى بن عقمة" وقد حدثنا به أبو الحسين بن بشران، عن علي بن محمَّد المصري شيخ الدارقطني فيه، فقال: "عن موسى". غير منسوب (¬4). ثم رواه المصري أيضًا بسنده فقال: عن أبي عبد العزيز الربذي، وهو موسى بن عبيدة. وقد رواه ابن عدي (¬5) من طريق الدراوردي، عن موسى بن عبيدة، وقال: تفرد به موسى بن عبيدة. ¬
تنبيه
وقال أحمد بن حنبل (¬1): لا تحل عندي الرواية عنه، ولا أعرف هذا الحديث عن غيره. وقال أيضًا: ليس في هذا حديث يصح، لكن إجماع الناس على أنه لا يجوز بيع دين بدين. وقال الشافعي (¬2): أهل الحديث يوهنون هذا الحديث. وقد جزم الدارقطني في "العلل" بأن موسى بن عبيدة تفرد به، فهذا يدل على أن الوهم في قوله: "موسى بن عقبة" من غيره. [3906]- وفي الطبراني (¬3) من طريق عيسى بن سهل بن رافع بن خديج، عن أبيه، عن جده: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة والمزابنة، ونهى أن يقول الرجل: أبيع هذا بنقدٍ وأشتريه بنسيئةٍ، حتى يبتاعه ويحرزه، ونهى عن كاليء (¬4) بكاليء دين بدين. وهذا لا يصلح شاهدا لحديث ابن عمر؛ فإنه من طريق موسى بن عبيدة أيضًا عن عيسى بن سهل. وكان الوهم فيه من الرّاوي عنه، محمَّد بن يعلى زنبور. تنبيه الكاليء -مهموز- قال الحاكم: عن أبي الوليد حسان: هو بيع النسيئة بالنيسئة، وكذا نقله أبو عبيد في "الغريب" (¬5). وكذا نقله الدارقطني (¬6) عن أهل اللغة ¬
وروى البيهقي (¬1) عن نافع قال: هو بيع الدين بالدين. ويؤيد هذا نقل أحمد الإجماع الماضي. وقد رواه الشافعي في "باب الخلاف فيما يجب به البيع" (¬2) بلفظ: نهى عن بيع الدين بالدين. * حديث ابن عمر: كنا نشتري الطعام من الركبان جزافا، فنهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نبيعه حتى ننقله من مكانه. متفق عليه. وله طرق، وقد تقدم. 1539 - [3907]- قوله: روي مرسلا ومسندا: أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان؛ صاع البائع وصاع المشتري. ابن ماجه (¬3) والدارقطني (¬4) والبيهقي (¬5) عن جابر، وفيه ابن أبي ليلى، عن أبي الزبير. [3908]- قال البيهقي: وروي من وجه آخر عن أبي هريرة، وهو في البزار (¬6) من طريق مسلم الجرْمي عن مخلد بن حسين، عن هشام بن حسان، عن محمَّد عن أبي هريرة. ¬
وقال: لا نعلمه إلا من هذا الوجه. وفي الباب: [3909، 3910]- عن أنس، وابن عباس، أخرجهما ابن عدي (¬1) بإسنادين ضعيفين جدًّا. [3911]- وروى عبد الرزاق (¬2) عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير: أن عثمان وحكيم بن حزام كانا يبتاعان التمر، ويخلطانه في غرائر، ثم يبيعانه بذلك الكيل فنهاهما النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك أن يبيعا حتى يكيلاه لمن ابتاعه منهما. [3912]- ورواه الشّافعي (¬3) وابن أبي شيبة (¬4) والبيهقي (¬5) عن الحسن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا، وقال في آخره: "فَيكونُ لَه زِيادَتُه وَعَلَيْه نُقْصَانُه". قال البيهقي (¬6): روي موصولا من أوجه إذا ضم بعضها إلى بعض قوي، [مع] (¬7) ما ثبت عن ابن عمر وابن عباس. * * * * ¬
باب الأصول والثمار
باب الأصول والثمار 1540 - [3913]- حديث: "مَن بَاع نَخْلًا بَعدَ أَن تُؤَبَّر فَثَمَرتُهَا للبائِعِ، إلَّا أَنْ يَشْتِرطَ الْمُبْتَاعُ". الشّافعي (¬1) عن ابن عيينة، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه. رواه مسلم (¬2) واتفقا (¬3) عليه من حديث مالك، عن نافع عن ابن عمر، بلفظ: "قَدْ أُبِّرَتْ". وأخرجه الشافعي (¬4) أيضًا عن مالك. قال الشافعي. هذا الحديث ثابت عندنا وبه نأخذ. تنبيه وقع في بعض نسخ الرافعي: "قبل أن تؤبر" وهو غلط من الناسخ، وكذا عزاه ابن الرفعة في "المطلب" للمختصر فوهم. وقد ذكره إمام الحرمين في "النهاية" عن "المختصر" على الصواب. 1541 - [3914]- حديث: روي أن رجلًا ابتاع نخلا من آخر واختلفا، فقال المبتاع: أنا أبرته بعد ما ابتعت. قال البائع: ¬
أنا أبرته قبل البيع. فتحاكما إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقضى بالثمرة لمن أبر منهما". البيهقي في "المعرفة" (¬1) من طريق الشافعي، من مرسل عطاء. وعزاه ابن الطّلاع في "الأحكام" إلى "الدلائل" للأصيلي مسندا عن ابن عمر. * حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الثمار حتى تنجو من العاهة. رواه الشافعي وغيره، وقد تقدم. 1542 - [3915]- حديث: أن النّبي - صلى الله عليه وسلم - (¬2) نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها. متفق عليه (¬3) من حديث مالك عن نافع عن ابن عمر. وأخرجه عنه الشافعي (¬4). وفي رواية لمسلم (¬5) حتى يبدو صلاحه حمرته وصفرته. وفي رواية له (¬6) قال: ما صلاحه قال: "تَذْهَبُ عَاهَتُه". ¬
وفي رواية لهما (¬1) قيل: لابن عمر. [3916، 3917]- وأخرجه مسلم عن جابر (¬2) وأبي هريرة (¬3). [3918]- وفي البخاري (¬4) عن سهل بن أبي حثمة وغيره، عن زيد بن ثابت، وفيه قصّة. 1543 - [3919]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "أَرَأَيْتَ إذَا مَنَعَ الله الثَّمَرَةَ، فَبِمَ يَسْتَحِلّ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ"؟ متفق عليه (¬5) من حديث أنس. وقد بينت في "المدرج": أن هذه الجملة موقوفة من قول أنس، وأن رفعها وهم، وبيانها عند مسلم. 1544 - [3920]- حديث: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الثمار حتى تزهى، فقيل: يا رسول الله وما تزهى، قال: "تَحْمَرُّ أَوْ تَصْفَرّ". متفق عليه (¬6) ولفظ مسلم: "حَتى تَحْمَارَّ وَتَصْفَارَّ". ¬
تنبيه
[3921]- وللبخاري (¬1) عن جابر بلفظ: "حَتَّى تَشْقَحَ" قيل: وما تشقح؟ قال: "تَحْمَارّ وَتَصْفَارّ، ويُؤْكَلُ مِنْهَا". وَبيّن في مسلم: أن السائل عن ذلك غير سعيد بن ميناء راويه عن جابر. [3922]- وللبزار بإسناد صحيح، عن طاوس، عن ابن عباس، بلفظ: "نَهَى عَنْ بَيْع الثِّمَار حَتَّى تُطْعَم". تنبيه تزهى: من أزهى. وتزهو من زها؛ وكلاهما مسموع، حكاهما الجوهري. * حديث: نهى عن بيع الحبّ حتى يشتدّ. تقدم في أوائل "البيوع" عن أنس. * حديث: نهى عن المحاقلة والمزابنة. يأتي. 1545 - [3923]- حديث جابر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المحاقلة والمزابنة. والمحاقلة: أن يبيع الرّجلُ الرجلَ الزَّرعَ بمائة فرق من الحنطة، والمزابنة: أن يبيع التمر على رءوس النخل بمائة فوق من تمر. ¬
الشافعي في "المختصر" (¬1) عن سفيان، عن ابن جريج، عن عطاء، عنه. قال ابن جريج: قلت لعطاء: أَفَسَّرَ لكم جابر المحاقلة، كما أخبرتني، قال: نعم. وهو متفق عليه (¬2) من حديث سفيان نحوه. [3924]- واتفقا (¬3) عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر، بلفظ: نهى عن المزابنة، والمزابنة بيع التمر بالتمر كيلا، وبيع الكرم بالزبيب كيلا. وأخرجه عنه الشافعي في "الأم" (¬4) قال الشافعي: وتفسير المحاقلة والمزابنة في الأحاديث يحتمل أن يكون عن النبي - صلى الله عليه وسلم - منصوصا، ويحتمل أن يكون من رواية من رواه. انتهى. وفي الباب: [3925 - 3929]- عن أبي سعيد (¬5) وابن عمر (¬6) وابن عباس (¬7) وأنس (¬8) وأبي هريرة (¬9)، وكلها في "الصحيحين"، أو أحدهما. ¬
تنبيه
[3930، 3931]- وعن رافع بن خديج في النسائي (¬1)، وسهل بن سعد في الطبراني (¬2). تنبيه المحاقلة مأخوذة من الحقل، جمع حقلة، قاله الجوهري (¬3). وهي الساحات جمع ساحة. 1546 - [3932]- حديث جابر: نهى عن المزابنة، وهي بيع الثمر بالتمر، إلا أنه رخص في العرية. الشافعي (¬4) عن سفيان، عن ابن جريج، عن عطاء، عنه. واتفق الشيخان عليه (¬5)، عن ابن عيينة. 1547 - [3933]- حديث سهل بن أبي حثمة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الثمر بالتمر، إلا أنه رخص في العريّة أن تباع بخرصها تمرًا، يأكلها أهلها رطبًا. ¬
الشافعي (¬1) وأحمد (¬2) والشيخان (¬3) وغيرهما [عنه] (¬4). 1548 - [3934]- حديث: روى الشافعي عن مالك، عن داود وهو ابن (¬5) الحصين، عن أبي سفيان مولى بن أبي أحمد، عن أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرخص في بيع العرايا بخرصها فيما دون خمسة أوسق -أو في خمسة أوسق- شك داود. هو في "الأم" (¬6) و"المختصر" (¬7) كذلك. ورواه البخاري (¬8) عن عبد الله بن عبد الوهاب الحجبي: سمعت مالكا، وسأله عبيد الله بن الرّبيع: أحدثك داود عن أبي سفيان عن أبي هريرة، فذكره دون ما في آخره، وذكر في "كتاب الشرب" من "صحيحه" (¬9) ذلك. ورواه مسلم (¬10) عن يحيى بن يحيى، عن مالك. ¬
1549 - [3935]- حديث زيد بن ثابت: أنه [سَمّى] (¬1) رجالا محتاجين من الأنصار شكوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أن الرّطب يأتي، ولا نقد بأيديهم يبتاعون به رطبا، يأكلونه مع الناس وعندهم فضول قوت من ثمر فرخص لهم أن يبتاعوا العرايا بخرصها من التمر. هذا الحديث ذكره الشافعي في "الأم" (¬2) و"المختصر" (¬3). بغير إسناد، فقال: قيل لمحمود بن لبيد، أو قال محمود بن لبيد لرجل من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -إما زيد بن ثابت وإمّا غيره-: ما عراياكم هذه؟ قال فلان وفلان -وسمى رجالا محتاجين-. . . فذكره. وذكره في "اختلاف الحديث" (¬4). فقال: والعرايا التي أرخص فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما ذكره محمود بن لبيد قال: سألت زيد بن ثابت فقلت: ما عراياكم هذه؟ فذكر نحوه. وذكره البيهقي في "المعرفة" (¬5) عن الشافعي معلقا أيضًا. وقد أنكره محمَّد بن داود على الشّافعي، ورد عليه ابنُ سريج إنكاره، ولم ¬
تنبيه
يذكر له إسنادًا وقال ابن حزم (¬1): لم يذكر الشّافعي له إسنادًا فبطل أن يكون فيه حجة. وقال الماوردي (¬2): لم يسنده الشّافعي؛ لأنه نقله من "السير". تنبيه قال الشيخ الموفق في "الكافي" (¬3) بعد أن ساق هذا الحديث: متفق عليه. وهو وهم منه. 1550 - [3936]- حديث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بوضع الجوائح. مسلم (¬4) عن جابر. وفي لفظ للنسائي (¬5): أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وضع الجوائح (¬6). 1551 - [3937]- حديث: أن رجلًا ابتاع تمرة فأذهبتها الجائحة، فسأله أن يضع عنه، فأبى أن لا يفعل. فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "يَأبي أَنْ لا يَفْعَلَ خَيرًا". فأخبر البائع بما ذكر النبي (¬7) - صلى الله عليه وسلم - فسمح به للمبتاع. ¬
الشافعي (¬1) عن مالك، عن أبي الرجال، عن أمه عمرة، به نحوه مرسل، والبيهقي (¬2) من طريق حارثة بن أبي الرجال، عن أبيه، عن عمرة، عن عائشة موصولًا. وقال حارثة ضعيف. وهو في "الصحيحين" (¬3) من طريق يحيى بن سعيد، عن عمرة عن عائشة. مختصرا. * * * * ¬
باب معاملات العبيد
باب معاملات العبيد 1552 - [3938]- حديث: "مَن بَاعَ عبدًا وَلَه مَالٌ ... " الحديث. متفق عليه (¬1) من حديث ابن عمر. [3939]- ولأبي داود (¬2) وابن حبان (¬3) عن جابر نحوه. [3940]- والبيهقي من حديث عبادة بن الصامت نحوه. * * * * ¬
باب اختلاف المتبايعين
باب اختلاف المتبايعين 1553 - [4041]- حديث ابن مسعود: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذَا اخْتَلفَ المتَبَايِعَان فالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِع، والْمُبْتَاعُ بالخِيَار". الشّافعي (¬1) عن سعيد (¬2) بن سالم، عن ابن جريج، عن إسماعيل بن أمية، عن عبد الملك بن عمير، عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، قال: أتى عبد الله بن مسعود [في مثل هذا] (¬3) فقال: حضرت النّبي - صلى الله عليه وسلم - فأمر [بـ] (¬4) البائع أن يُستَحلف، ثمّ يخير المبتاع إن شاءَ أخذ وإن شاء ترك. رواه أحمد (¬5) عن الشّافعي، والنسائي (¬6) والدّارقطني (¬7) من طريق أبي عبيدة أيضًا. وفيه انقطاع على ما عرف من اختلافهم في صحة سماع أبي عبيدة، من أبيه، واختلف فيه على إسماعيل بن أمية، ثمّ على ابن جُريج في تسميّة والد عبد الملك هذا الرّاوي عن أبي عبيدة، فقال: يحيى بن سليم عن إسماعيل بن أمية: "عبد ¬
الملك بن عمير" كما قال سعيد بن سالم. ووقع في النسائي "عبد الملك بن عبيد" ورجح هذا أحمد والبيهقي (¬1)، وهو ظاهر كلام البخاري (¬2). وقد صححه ابن السكن، والحاكم (¬3). وروى الشّافعي في "المختصر" (¬4) عن سفيان، عن ابن عجلان، عن عون ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن ابن مسعود نحوه، بلفظ الباب، وفيه انقطاع. ورواه الدارقطني (¬5) من طريق القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه، عن جده. وفيه إسماعيل بن عياش، عن موسى بن عقبة (¬6). 1554 - [4042]- قوله: وفي رواية: "إذَا اخْتَلَف الْمُتَبَايعَان تَحَالَفَا". وفي رواية أخرى "تَحَالَفَا"، "أو ترادّا". أمّا رواية التحالف، فاعترف الرّافعي في "التذنيب" أنه لا ذكر لها في شيء من كتب الحديث. وإنما توجد في "كتب الفقه" وكأنه عنى الغزالي ¬
فإنّه ذكرها في "الوسيط" (¬1)، وهو تبع إمامه في "الأساليب". وأمّا [رواية التراد] (¬2): [4043]- فرواها مالك بلاغًا (¬3) عن ابن مسعود. ورواها أحمد (¬4) والترمذي (¬5) وابن ماجه (¬6) بإسناد منقطع. وقال الطبراني في "الكبير" (¬7) أخبرنا محمَّد بن هشام المستملي، أخبرنا عبد الرحمن بن صالح، أخبرنا فضيل بن عياض، أخبرنا منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله. مرفوعًا: "البَيِّعَان إذَا اخْتَلَفَا في الْبَيْعِ تَرَادَّا". رواته ثقات؛ لكن اختلف في عبد الرحمن بن صالح وما أظنه حفظه؛ [فقد] (¬8) جزم الشّافعي أن طرق هذا الحديث عن ابن مسعود ليس فيها شيء موصول. وذكره الدارقطني في "علله" (¬9) فلم يعرج على هذه الطريق. ¬
وله طريق أخرى عند أبي داود (¬1) والنسائي (¬2) والحاكم (¬3) والبيهقي (¬4) من طريق عبد الرّحمن بن قيس بن محمّد بن الأشعث، عن أبيه، عن جدّه، قال: قال عبد الله بن مسعود، فذكر الحديث. وصحّحه من هذا الوجه الحاكم (¬5) وحسّنه البيهقي (¬6). وقال ابن عبد البر (¬7): هو منقطع، إلا أنّه مشهور الأصل عند جماعة العلماء تلقوه بالقبول، وبنوا عليه كثيرا من فروعه. وأعله ابن حزم بالانقطاع (¬8). وتابعه عبد الحق (¬9). وأعله ابن القطان (¬10) بالجهالة في عبد الرحمن، وأبيه، وجده. وله طريق أخرى رواها الدارقطني (¬11) من طريق القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه قال: باع عبد الله بن مسعود سبيا من سبي الإمارة ¬
بعشرين ألفا -يعني من الأشعث بن قيس- فذكر القصة، والحديث. ورجاله ثقات إلَّا أنّ عبد الرّحمن اختلف في سماعه من أبيه. 1555 - [4044]- قوله: وفي رواية: "إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَان والسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ ولا بَيِّنَةَ لأحَدِهِمَا، تَحَالَفَا". رواها عبد الله بن أحمد في "زيادات المسند" (¬1) من طريق القاسم (¬2) بن عبد الرحمن، عن جده. ورواها الطبراني (¬3) والدارمي (¬4) من هذا الوجه، [فقال] (¬5): عن القاسم، عن أبيه، عن ابن مسعود. وانفرد بهذه الزيادة، وهي قوله: "والسلعة قائمة" ابن أبي ليلى، وهو محمَّد بن عبد الرّحمن الفقيه، وهو ضعيف سيء الحفظ. وأما قوله فيه: "تحالفا" فلم يقع عند أحد منهم، وإنما عندهم: "فَالقوْلُ (¬6) قَوْلُ الْبَائِعِ، أَوْ [يَتَرَادَّنِ] (¬7) الْبَيْع". * * * * ¬
[باب] السلم
[باب] (¬1) السّلم 1556 - [4045]- قوله: عن ابن عباس: إن المراد بقوله تعالى: {إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} السّلم. الشّافعي (¬2) والطبراني (¬3) والحاكم (¬4) والبيهقي (¬5) من طريق قتادة، عن أبي حسان الأعرج، عن ابن عباس قال: أشهد أنّ السّلف المضمون إلى أجل مسمى مما أحل (¬6) الله فهي [الكتاب] (¬7)، وأذن فيه، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى. . .} الآية. وقد علّقه البخاري (¬8) وأوضحته في "تغليق التعليق" (¬9). 1557 - [4046]- حديث: أنّه - صلى الله عليه وسلم - قدم المدينة وهم يُسلفون في التمر السنة والسنتين، وربما قال: والثلاث، فقال: " ¬
مَن أَسْلَف فَلْيُسْلِفْ في كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ، إلى أَجَلٍ مَعْلُومٍ". الشّافعي (¬1) عن ابن عيينة، عن عبد الله بن كثير، عن أبي المنهال، عن ابن عبّاس. ولفظه: في التمر السنة والسنتين، وربما قال: السنتين والثلاث. واتفقا عليه (¬2) من حديث سفيان. 1558 - [4047]- حديث: أنه اشترى من يهودي إلى ميسرة. الترمذي (¬3) والنسائي (¬4) والحاكم (¬5) من حديث عكرمة، عن عائشة. وفيه قصة. قال الحاكم: صحيح على شرط البخاري (¬6). [4048]- ورواه أحمد (¬7) من طريق الربيع بن أنس، عن أنس بن مالك، بإسناد ضعيف. قال أبو حاتم (¬8): هو منكر وهو عند الطبراني في "الأوسط" (¬9) ¬
تنبيه
من طريق عاصم الأحول، عن أنس. تنبيه أعل ابن المنذر فيما نقله ابن الصبّاغ في "الشّامل" حديث عائشة بحرمى بن عمارة، وقال: إنّه رواه عن شعبة، وقد قال فيه أحمد بن حنبل: إنّه صدوق، إلا أن فيه غفلة. قال ابن المنذر: وهذا لم يتابع عليه، فأخاف أن يكون من غفلاته. انتهى. وهذا في الحقيقة من غفلات المعلِّل، ولم ينفرد به حرمى، بل لم نره من [روايته] (¬1) إنما رواه شعبة عن والده عمارة، عن عكرمة، وكان حرمى حاضرا في المجلس. بينه الترمذي والبيهقي. * حديث عبد الله بن عمر: أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أشتري له بعيرا ببعيرين إلى أجل ... أخرجه أبو داود. وقد تقدم في "الربا". 1559 - [4049]- حديث ابن عمر: أنه اشترى راحلة بأربعة أبعرة يوفيها صاحبها بالربذة. ¬
تنبيه
علقه البخاري (¬1) ورواه مالك في "الموطأ" (¬2) عن نافع عن ابن عمر، والشافعي عن مالك كذلك. تنبيه روي عن ابن عمر ما يعارض هذا. [4050]- رواه عبد الرزاق (¬3) عن معمر عن ابن طاوس، عن أبيه أنه سأل ابن عمر، عن بعير ببعيرين، فكرهه. [4051]- ورواه ابن أبي شيبة (¬4) عن ابن أبي زائدة، عن ابن عون، عن ابن سيرين. قلت لابن عمر "البعير بالبعيرين إلى أجل؟ فكرهه. ويمكن الجمع بأنه كان يرى فيه الجواز، وإن كان مكروها على التنزيه لا على التحريم. [4052]- وروى الحاكم (¬5) والدارقطني (¬6) (¬7) من حديث ابن عباس: ¬
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن السلف في الحيوان. وفي إسناده إسحاق بن إبراهيم ابن جوثى (¬1) وهاه ابن حبان (¬2). 1560 - [4053]- حديث علي: أنه باع بعيرًا بعشرين بعيرا إلى أجل. مالك في "الموطأ" (¬3) عن صالح، عن الحسن بن محمد بن علي، عن علي وفيه انقطاع بين الحسن، وعلي. وقد روي عنه ما يعارض هذا: [4054]- روى عبد الرزاق (¬4)، من طريق ابن المسيب، عن علي: أنه كره بعيرا ببعيرين نسيئة. روى ابن أبي شيبة نحوه عنه. 1561 - [4055]- حديث: أن أنسا كاتب عبدا له على مال، فجاء العبد بالمال فلم يقبله أنس، فأتى العبد عمر فأخذه منه، ووضعه في بيت المال. هذا الأثر ذكره الشّافعي في "الأم" (¬5) بلا إسنادٍ. ¬
وقد رواه البيهقي (¬1) من طريق أنس بن سيرين، عن أبيه، قال: كاتبني أنس على عشرين ألف درهم، فكنت فيمن فتح تستر فاشتريت رقة فربحت فيها فأتيت أنسا بكتابتي. . . فذكره، [وعلّقه البخاريّ (¬2) مختصرًا] (¬3). * * * * ¬
باب القرض
باب القرض 1562 - [4056]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - استقرض بَكْرًا وردَّ بازلا. هذا اللفظ تبع فيه الغزّالي في "الوسيط" (¬1)، وهو تبعَ الإمامَ في "النهاية" وزاد: إنه صحّ. [4057]- والذي في "الصحيحين" (¬2) عن أبي هريرة كان لرجل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حقّ فأغلظ له، فهمَّ به أصحابه فقال: "دَعُوهُ فإنّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقالًا". فقال لهم: "اشتَرَوْا لَهُ سِنّا فَأعْطُوه إيَّاه". فقالوا: إنا لا نجد إلا سنّا هو خير من سنّه. قال: "فَاشتَرُوه فَأَعْطُوه إيَّاه؛ فإنَّ مِنْ خَيْرِكُمْ -أوْ خَيْرَكُمْ- أَحْسَنُكُمْ قَضاءً". [4058]- وأخرج مسلم (¬3) عن أبي رافع: أنه - صلى الله عليه وسلم - استسلف من رجل بَكرا، فقدمت عليه إبل من الصدقة، فأمر أبا رافع أن يعطي الرجل بكره، فرجع إليه أبو رافع فقال: لم أجد فيها إلا خيارا رَبَاعِيّا. فأمره أن يعطيه. . . الحديث. وقد ذكره الرافعي بعد. تنبيه البكر: الصغير من الإبل. والرَّباعي -بفتح الرّاء- ما له ست سنين. وأما البازل: فهو ما له ثمان سنين ودخل في التاسعة. فتبين أنّهم لم يوردوا الحديث بلفظه ولا بمعناه. ¬
[4059]- وقد أخرج النسائي (¬1) والبزار من حديث العرباض بن سارية قال: بعت من النبي - صلى الله عليه وسلم - بكرا فأتيته أتقاضا، فقلت: اقضني ثمن بكري؟ قال: "لا أَقْضِيكَ إلَّا نَجِيبةً"، فدعاني فأحسن قضائي، ثم جاء أعرابي فقال: اقضني بكري. فقضاه بعيرًا. . . الحديث. 1563 - [4060]- حديث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن قرض جرّ منفعة. وفي رواية: "كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ مَنْفَعَةً فَهُو رِبًا". قال عمر بن بدر في "المغني" لم يصح فيه شيء. وأما إمام الحرمين فقال: إنه صح، وتبعه الغزالي (¬2). وقد رواه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" (¬3) من حديث علي باللفظ الأول. وفي إسناده سوار بن مصعب وهو متروك. [4061]- ورواه البيهقي في "المعرفة" (¬4) عن فضالة بن عبيد موقوفًا، بلفظ: كل قَرْضٍ جَرَّ مَنْفَعَةً فَهُوَ وَجْهٌ مِنْ وُجُوهِ الرِّبَا. [4062 - 4065]- ورواه في "السنن الكبرى" (¬5) عن ابن مسعود، وأبي كعب، وعبد الله بن سلام، وابن عباس،، موقوفًا عليهم. ¬
* حديث عبد الله بن عمرو: أمرني النبي - صلى الله عليه وسلم - أن أجهز جيشا، فنفدت الإبل، فأمرني أن آخذ بعيرا ببعيرين إلى أجل. تقدم في "الربا". * حديث: "خِيَارُكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً". تقدم من حديث أبي هريرة (¬1) قريبا. * حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن سلف وبيع. البيهقي وغيره من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. وقد تقدم. 1564 - [4066]- قوله: نهى السّلف عن إقراض الولائد. وكأنه تبع إمام الحرمين؛ فإنه كذا قال، بل زاد: إنه صح عنهم. وأمّا الغزالي في "الوسيط" (¬2) فعزاه إلى الصحابة، وقد قال ابن حزم (¬3): ما نعلم في هذا أصلًا من كتاب ولا من رواية صحيحة، ولا سقيمة ولا من قول صاحب، ولا من إجماع ولا من قياس. * * * * ¬
(18) كتاب الرهن
(18) كتابُ الرَّهن
تنبيه
1565 - [4066]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - رهن درعه من يهودي، فمات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودرعه مرهونة عنده. متفق عليه (¬1) من حديث عائشة. [4067]- وللبخاري (¬2) عن أنس قال: رهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - درعا له عند يهودي بالمدينة، وأخذ منه شعيرا لأهله. [4068]- وأحمد (¬3) والترمذي (¬4) وصححه. والنسائي (¬5) وابن ماجه (¬6) من حديث ابن عباس. وقال صاحب "الاقتراح" (¬7): هو على شرط البخاري. تنبيه اسم اليهودي: أبو الشحم الظفري. [4069]- ورواه الشافعي (¬8) والبيهقي (¬9) من طريق جعفر بن محمَّد عن أبيه، مرسلا ¬
تنبيه
ووقع في كلام إمام الحرمين: أنه أبو شحمة، وهو تصحيف. 1566 - [4070]- حديث أنس: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنتخذ الخمر خلا؟ قال: "لا". مسلم (¬1) من حديثه. 1567 - [4071]- حديث: أن أبا طلحة سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: عندي خمور لأيتام. فقال: "أَرِقْها". قال: ألا أخللها؟ قال: "لا". (¬2) أحمد (¬3) وأبو داود (¬4) والترمذي (¬5) من حديث أنس. [4072]- وقد روي من حديث أنس، عن أبي طلحة (¬6)، وأصله في مسلم (¬7). تنبيه [4073]- روى البيهقي (¬8) من حديث جابر مرفوعًا: "مَا [أَقْفَرَ] (¬9) أَهْلُ بَيْتٍ ¬
مِنْ أُدُمٍ فِيهِ خَلٌّ، وَخَيْرُ خَلِّكُمْ خَلُّ خَمْرِكُمْ". وفي سنده المغيرة بن زياد، وهو صاحب مناكير، وقد وثق، والراوي عنه حسن بن قتيبة، قال الدارقطني (¬1) متروك. وزعم الصغاني: أنه موضوع وتعقبته عليه. وقال ابن الجوزي في "التحقيق" (¬2): لا أصل له. قال البيهقي (¬3): أهل الحجاز يسمون خل العنب خل الخمر. 1568 - [4074]- حديث: "الظّهْرُ يُرْكَبُ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا، وَعَلَى الَّذِي يَرْكبُه نَققَتُه". البخاري (¬4) من حديث الشعبي، عن أبي هريرة، به، وأتم منه، ولفظه: "الظهر يركب بنفقته إذا قال مرهونا، ولبن الدر يشرب بنفقته إذا كان مرهونا، وعلى الذي يركب ويشرب النفقة". ورواه أبو داود (¬5) بلفظ: "يحلب" مكان: "يشرب". 1569 - [4075]- حديث: "الرَّهْنُ مَرْكُوبٌ وَمَحْلُوبٌ". ¬
الدارقطني (¬1)، والحاكم (¬2) من طريق الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، وأعل بالوقف. وقال ابن أبي حاتم (¬3): قال أبي: رفعه مرة، ثم ترك الرفع بعد. ورجح الدارقطني ثم البيهقي رواية من وقفه على من رفعه، وهي رواية الشّافعي، عن سفيان، عن الأعمش،، عن أبي صالح، عن أبي هريرة. 1570 - [4076]- حديث: "لَا يُغْلَقُ الرَّهنُ مَن راهنَهُ، لهُ غُنْمُه وَعَلَيْهِ غُرْمُه". ابن حبان في "صحيحه" (¬4) والدارقطني (¬5) والحاكم (¬6) والبيهقي (¬7) من طريق زياد بن سعد، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، مرفوعًا: "لا يُغْلَقُ الرَّهْنُ، لَه غنْمُه وَعَلَيْه غُرْمِه". وأخرجه ابن ماجه (¬8) من طريى إسحاق بن راشد، عن الزهري. وأخرجه الحاكم (¬9) من طرق عن الزهري (¬10) موصولة، أيضًا. ¬
ورواه الأوزاعي ويونس وابن أبي ذئب، عن الزهري، عن سعيد مرسلًا. ورواه الشّافعي (¬1) عن بن أبي فديك، وابن أبي شيبة (¬2) عن وكيع، وعبد الرزاق (¬3) عن الثوري كلهم، عن ابن أبي [ذئب] (¬4)، كذلك. ولفظه: "لا يُغلَقُ الرَّهْنُ مِنْ صَاحِبِهِ الَّذِي رهَنَه، لَهُ غُنْمه وَعَلَيْه غُرْمُه". قال الشّافعي (¬5): غنمه زياده وغرمه هلاكه. وصحح أبو داود (¬6) والبزار والدراقطني (¬7) وابن القطان (¬8) إرساله. وله طرق في الدارقطني (¬9) والبيهقي (¬10) كلها ضعيقة. وروى ابن حزم (¬11) من طريق قاسم بن أصبغ، أخبرنا محمَّد بن إبراهيم، أخبرنا يحيى بن أبي طالب الأنطاكي وغيره من أهل [الثقة] (¬12)، أخبرنا نصر بن ¬
عاصم الأنطاكي، أخبرنا شبابة عن ورقاء عن ابن أبي ذئب، عن الزّهري، عن سعيد بن المسيب، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لَا يُغْلَق الرَّهْنُ، الرّهنُ لِمَنْ رَهَنه، لَه غنْمُه وَعليْه غُرْمه". قال ابن حزم: هذا سند حسن. قلت: أخرجه الدارقطني (¬1) من طريق عبد الله بن نصر (¬2) الأصم الأنطاكي، عن شبابة به. وصحّحها عبد الحق (¬3). وعبد الله بن نصر له أحاديث منكرة، ذكرها ابن عدي (¬4). وظهر: أن قوله في رواية ابن حزم: نصر بن عاصم تصحيف، وإنما هو عبد الله بن نصر الأصم، سقط عبد الله وحَرّف الأصمّ، بعاصم. وصحح ابن عبد البر (¬5) وعبد الحق (¬6) وصله. وقوله: له غنمه وعليه غرمه، قيل: إنها مدرجة، من قول ابن المسيب، فتحرر طرقه. قال ابن عبد البر (¬7): هذه اللفظة اختلف الرواة في رفعها ووقفها، فرفعها ابن أبي ذئب ومعمر وغيرهما، مع كونهم أرسلوا الحديث، على اختلاف على ابن ¬
أبي ذئب، ووقفها غيرهم، وقد روى ابن وهب هذا الحديث فجوَّده، وبَيّن أن هذه اللفظة من قول سعيد بن المسيب. وقال أبو داود في "المراسيل" (¬1) قوله: له غنمه وعليه غرمه: من كلام سعيد ابن المسيب نقله عنه الزهري. وقال عبد الرزاق (¬2): أخبرنا معمر عن الزهري، عن ابن المسيب: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لَا يُغْلَق الرّهْنُ مِمَّن رَهَنَهُ". قلت للزهري: أرأيت قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يُغْلَقُ الرّهْنُ. . ." أهو الرجل يقول: إن لم آتك بمالك فالرهن لك؟ قال نعم. قال معمر: ثم بلغني عنه أنه قال: إن هلك لم يذهب حق هذا، إنما هلك من رب الرهن له غنمه وعليه غرمه. 1571 - قوله: روي أن عطاء بن أبي رباح كان يجوز وطأ الجارية المرهونة بإذن مالكها. [4078]- قال عبد الرزاق (¬3): حدثنا ابن جريج أخبرني عطاء، قال: يحل الرجل وليدته لغلامه، أو ابنه، أو أخيه، أو أبيه، [والمرأة] (¬4) لزوجها، وما أحب أن يفعل ذلك وما بلغني عن ثبت. وقد بلغني أنّ الرجل يرسل وليدته إلى ضيفه. ¬
[4079]- ثم روى (¬1) بسنده عن طاوس أنه قال: هو أحل من الطعام، فإن ولدت فولدها للذي أحلت له، وهي لسيدها الأول. [4080]- أخبرنا ابن جريج أخبرني عمرو بن دينار: أنّه سمع طاوسًا يقول: قال ابن عَبّاس: إذا أحلت المرأة للرّجل (¬2) أو ابنتُه أو أختُه لَه جاريتَها (¬3)، فليصبها وهي لها (¬4). وأخبرنا معمر قال: قيل لعمرو بن دينار في ذلك؟ "فقال: لا تُعار الفروج. * * * * ¬
(19) كتاب التفليس
(19) كتاب التَّفليس
تنبيه
1572 - [4081]- حديث كعب بن مالك: أنه - صلى الله عليه وسلم - حجر على معاذ وباع عليه ماله. الدارقطني (¬1) والحاكم (¬2) والبيهقي (¬3) من طريق هشام بن يوسف، عن معمر، عن الزهري عن ابن كعب بن مالك، عن أبيه، بلفظ: حجر عن معاذ ماله وباعه في دين كان عليه. وخالفه عبد الرزاق (¬4) وعبد الله بن المبارك، عن معمر فأرسلاه. ورواه أبو داود في "المراسيل" (¬5) من حديث عبد الرّزاق مرسلًا مطوَّلًا، وسمي ابن كعب: عبد الرحمن. قال عبد الحق (¬6): المرسل أصح من المتصل. وقال ابن الطلاع في "الأحكام": هو حديث ثابت وكان ذلك في سنة تسع وحصل لغرمائه خمسة أسباع حقوقهم، فقالوا: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعه لنا، قال: "ليس لكم إليه سبيل". تنبيه قوله: و"باعه" -الضمير يعود على المال. ¬
وأخرجه البيهقي (¬1) من طريق الواقدي، وزاد: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بعثه بعد ذلك إلى اليمن ليجبره. [4082]- وروى الطبراني في "الكبير" (¬2): أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما حج بعث معاذا إلي اليمن، وأنه أول من تجر في مال الله. وفي الباب: [4083]- عن أبي سعيد: أصيب رجل في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ثمار ابتاعها فكثر دينه، فقال: "تَصَدَّقوا عَلَيْه"، فلم يبلغ وفاء دينه، فقال: "خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ وَلَيْسَ لَكُمْ إلَّا ذَلَكَ". أخرجه مسلم (¬3). 1573 - [4084]- حديث أبي هريرة: "إذَا أفْلَسَ الرجل وَقَدْ وَجَدَ الْبَائِعُ سِلْعَتَه بعَينِهَا فَهُوَ أَحَقّ بِهَا مِنْ الْغرَمَاءِ". متفق عليه (¬4)، ومعظم اللّفظ لمسلم من طريق بشير بن نهيك، عنه. ولهما (¬5) من طريق أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث وغيره بلفظ: "مَنْ أَدْرَكَ مَالَه بِعَيْنِه عِندَ رَجُلٍ قَدْ أَفْلَسَ أَوْ إِنْسَانٍ قَدْ أَفلَسَ فهُو أَحَقّ بِهِ مِنْ غَيْرِه". ¬
وروى ابن حبان (¬1) والدارقطني (¬2) وغيرهما من طريق الثوري، في حديث أبي بكر عن أبي هريرة؛ اللفظ الذي ذكره المصنف. 1574 - [4085]- حديث أبي هريرة أنه قال في مفلس أتوه به: هذا الذي قضى فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيما رجل مات أو أفلس فصاحب المتاع أحق بمتاعه. . . الحديث. أبو داود (¬3) والشافعي (¬4) والحاكم (¬5) من طريق ابن أبي ذئب عن أبي المعتمر، عن عمر بن خلدة، عنه. وأبو المعتمر؛ قال أبو داود (¬6) والطحاوي (¬7) وابن المنذر: هو مجهول. ولم يذكر ابن أبي حاتم (¬8) له إلا راويًا واحدًا وهو ابن أبي ذئب. وذكره ابن حبان في "الثّقات" (¬9) وهو للدارقطني (¬10) والبيهقي (¬11)، من ¬
فائدة
طريق أبي داود الطيالسي، عن ابن أبي ذئب. فائدة قال ابن عبد البر (¬1): هذا الحديث لا يرويه غير أبي هريرة. وحكى البيهقي مثل ذلك عن الشّافعي، ومحمد بن الحسن، وفي إطلاق ذلك نظر؛ لما: [4086]- رواه أبو داود (¬2) والنسائي (¬3) عن سمرة بلفظ: "مَنْ وَجَدَ مَتَاعَهُ عِنْدَ مُفْلِسٍ بِعَيْنِهِ فَهُو أَحَقّ بِهِ". [4087]- ولابن حبان في "صحيحه" (¬4) من طريق فليح، عن نافع، عن ابن عمر بلفظ: "إذا عُدِمَ الرّجُلِ فَوَجَدَ الْبَائِعُ مَتَاعَهُ بِعَيْنِه فَهُوَ أَحَقّ بِهِ". 1575 - قوله: روي: أنّه - صلى الله عليه وسلم - إنما حجر على معاذ بالتماس منه دون طلب الغرماء. قلت: هذا شيء ادعاه إمام الحرمين، فقال في "النهاية": قال العلماء: ما كان حجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على معاذ من جهة استدعاء غرمائه، والأشبه أن ذلك جرى باستدعائه. وتبعه الغزالي (¬5). وهو خلاف ما صح من الروايات المشهورة؛ ¬
ففي "المراسيل" (¬1) لأبي داود التصريح بأن الغرماء التمسوا ذلك. وأمّا ما رواه الدارقطني: أن معاذا أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكلمه ليكلم غرماءه، فلا حجة فيها أن ذلك لالتماس الحجر، وإنما فيها (¬2) طلب معاذ الرفق منهم، وبهذا تجتمع الروايات. * حديث عمر: في أسيفع جهينة. يأتي قريبا. 1576 - [4088]- حديث: "أَيُّمَا رَجُلٍ بَاعَ مَتاعًا فَأَفْلَس الَّذي ابْتَاعَهُ وَلَمْ يَقْضِ الْبَائِعَ مِن ثَمَنِه شَيئًا فَوجَدَهُ بِعَينِه فَهُو أَحَقُّ بِه، وإن كَانَ قَدِ اقْتَضَى مِنْ ثَمَنِه شَيئًا فَهُو أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ". ذكر الرافعي بعدُ أنّه حديث مرسل. وهو كما قال، فقد أخرجه مالك (¬3) وأبو داود (¬4) من حديث أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، مرسلًا. ووصله أبو داود (¬5) من طريق أخرى، وفيها إسماعيل بن عياش إلا أنه رواه عن الزبيدي، وهو شامي، قال أبو داود: المرسل أصحّ. ¬
قلت: واختلف على إسماعيل؛ فأخرجه ابن الجارود (¬1) من وجه آخر عنه، عن موسى بن عقبة، عن الزهري موصولا. وقال الشّافعي (¬2): حديث أبي المعتمر أولى من هذا، وهذا منقطع. وقال أبو حاتم (¬3) والبيهقي (¬4): لا يصح وصله. ووصله عبد الرزاق في "مصنفه" (¬5) عن مالك. وذكر ابن حزم (¬6): أن عراك ابن مالك رواه أيضًا عن أبي هريرة. وفي "غرائب مالك" وفي "التمهيد" (¬7): أن بعض أصحاب مالك وصله عنه. 1577 - [4089]- حديث: "لَيُّ الوَاجِدِ ظُلْمٌ، وَعُقُوبتُه حَبْسُه". أحمد (¬8) وأبو داود (¬9) والنسائي (¬10) وابن ماجه (¬11) وابن حبان (¬12) ¬
فائدة
والحاكم (¬1) والبيهقي (¬2) من حديث عمرو بن الشريد، عن أبيه. وعلقه البخاري (¬3) ولكن لفظه عندهم: "لَيُّ الْواجِدِ يحلّ عِرْضَه وَعُقُوبَتَه". وقال الطبراني "الأوسط" (¬4): لا يروى عن الشريد، إلا بهذا الإسناد تفرد به ابن أبي دليلة. 1578 - [4090]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - حبس رجلًا أعتق شقصا له في عبد في قيمة الباقي. البيهقي (¬5)، من طريق أبي مجلز: أنّ عبدا كان بين رجلين فأعتق أحدهما نصيبه فحبسه النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى باع فيه غنيمة له. قال: وهذا منقطع. [4091]- وقال: وروي من وجه آخر عن القاسم بن عبد الرحمن، عن جده عبد الله بن مسعود، وهو ضعيف؛ لأنه من طريق الحسن بن عمارة. قال: ورواه الثوري عن ابن أبي ليلى، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبي مجلز. فائدة في مشروعية الحبس: ¬
[4092]- حديث أخرجه أبو داود (¬1) والنسائي (¬2) من طريق بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حبس رجلًا في تهمة ساعة من نهار ثم خلى سبيله. 1579 - [4093]- حديث: أن رجلًا ذكر للنبي - صلى الله عليه وسلم - جائحة أصابته، فسأله أن يعطيه من الصدقة فقال: "حَتَّى يَشْهَد ثَلاثَةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَى مِنْ قَوْمِه. . ." الحديث. مسلم (¬3) من حديث قبيصة بن مخارق الهلالي، قال: تحملت حمالة فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - أسأله فيها فقال: أقم يا قبيصة حتى تأتينا الصدقة، فنأمر لك بها ثم قال: "يَا قَبِيصَةُ إن المسْأَلَةَ لَا تَحِلّ إلَّا لأَحَدِ ثَلاثَةٍ. . . .". فذكره مطولًا، وفيه: ". . . وَرَجُلٍ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ حَتى يَقومَ ثَلاثَةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَى مِنْ قَوْمِه: لَقَدْ أَصَابَتْ فلانًا فَاقَةٌ فَحَلَّتْ لَه الْمَسْأَلَة". 1580 - [4094]- حديث: أن عمر خطب الناس وقال: ألا إنّ الأُسَيفع أُسَيْفِعُ جهينَة، قد رضي من دِينه وأمانته أن يقال: سبق الحاجّ ... الحديث. ¬
مالك في "الموطأ" (¬1) بسند منقطع: أن رجلًا من جهينة كان يشتري الرَّواحلَ فيغالي بها ثم يسرع السير فيسبق الحاج، فأفلس فرفع أمره إلى عمر بن الخطاب فقال: أما بعد، أيها الناس فإن الأسيفع. . . . فذكره. وفيه: إلا أنه [ادَّانَ] (¬2) معرضا، فأصبح وقد رين به، فمن كان له عليه دين فليأتنا بالغداة نقسم ماله بين غرمائه، ثم إياكم والدين فإن أوله هم وآخره [حرب] (¬3). ووصله الدارقطني (¬4) في "العلل" (¬5) من طريق زهير بن معاوية، عن عبيد الله بن عمر، عن عمر بن عبد الرحمن بن عطية بن [دلاف] (¬6)، عن أبيه عن بلال بن الحارث، عن عمر. وهو عند مالك عن ابن [دلاف]، عن أبيه: أن رجلًا. ولم يذكر بلالًا. قال الدارقطني: والقول قول زهير ومن تابعه (¬7). وقال ابن أبي شيبة (¬8): عن عبد الله بن إدريس، عن العمري، عن عمر بن ¬
عبد الرحمن بن دلاف، عن أبيه، عن عمه، بلال بن الحارث المزني. فذكر نحوه. . . وقال البخاوي في "تاريخه" (¬1): عمر بن عبد الرحمن بن عطية بن [دلاف] المزني المدني، روى عن أبي أمامة وسمع أباه. انتهى. وأخرج (¬2) البيهقي (¬3) القصة من طريق مالك، وقال: رواه ابن علية، عن أيوب قال: نبئت عن عمر، فذكر نحو حديث مالك. وقال فيه: فقسم ماله بينهم بالحصص. قلت: وقد رواه عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، قال: ذكر بعضهم كان رجل من جهينة، فذكره بطوله. . ولفظه: كان رجل من جهينة يبتاع الرواحل فيغلي بها، فدار عليه دين حتى أفلس، فقام عمر على المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ألا لا يغرنّكم صيام رجل ولا صلاته، ولكن انظروا إلى صدقه إذا حدث، وإلى أمانته إذا أؤتمن، وإلى ورعه إذا استغنى، ثم قال: ألا إن الأسيفع أسيفع جهينة. . . فذكر نحو سياق مالك. قال عبد الرزاق: وأنا ابن عيينة أخبرني زياد عن ابن دلاف، عن أبيه، مثله. وروى الدارقطني في "غرائب مالك" من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن مالك، عن عمر بن عبد الرحمن بن عطية بن دلاف، عن أبيه عن جده قال: ¬
قال عمر: فذكره نحو سياق أيوب إلى قوله: استغنى. ولم يذكر ما بعده من قصة الأسيفع. وقال رواه ابن وهب عن مالك، فلم يقل في الإسناد عن جده (1). * * *
باب الحجر
باب الحجر * قصّة عبد الله بن جعفر. تأتي بعد قليل. 1581 - [4095]- حديث ابن عمر: عُرضت على النّبي - صلى الله عليه وسلم - في جيشٍ وأنا ابن أربع عشَرَة فلم يقبلني ولم يرني بلغت، وعُرضت عليه من قابل وأنا ابن خمس عشرة فأجارني ورآني بلغت. متفق عليه (¬1) وعندهما في الأول: يوم أحد، وفي الثاني: في الخندق، دون قوله: ولم يرني بلغت (¬2). وقد رواه ابن حبان في "صحيحه" (¬3) والبيهقي (¬4) بالزيادة. ونقل عن ابن صاعد: أنه استغربها. وفي رواية للبيهقي (¬5): عرضت على النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر وأنا ابن ثلاث عشرة ... والباقي نحو "الصحيحين". والمراد بقوله: وأنا ابن أربع عشرة: أي طعنت فيها (¬6). وبقوله: وأنا ابن خمس عشرة أي استكملتها؛ لأن غزوة أحد كانت في شوال سنة ثلاث، ¬
والخندق كان في جمادى سنة خمس. وقيل: كانت الخندق في شوال سنة أربع وقال الواقدي في "المغازي": كان ابن عمر في الخندق ابن خمس عشرة، وأشف منها. 1582 - [4096]- حديث أنس: "إذَا اسْتَكْملَ المولُودُ خمسَ عشرةَ سنةً كُتب مَا لَه وما عَليه، وأُقِيمت عليه الحدُود". البيهقي في "الخلافيات" (¬1) من طريق عبد العزيز بن صهيب، عنه، بسند ضعيف. وقال الغزالي في "الوسيط" (¬2) -تبعا للإمام في "النهاية"-: رواه الدارقطني [بإسناده، فلعله في "الأفراد" أو غيرها، فإنه ليس في "السنن" مذكورا. وذكره البيهقي] (¬3) في "السنن الكبرى" (¬4) عن قتادة، عن أنس، بلا إسناد، وقال: إنه ضعيف. * حديث: "رُفع القَلَمُ عن ثَلاثةٍ؛ عن الصَّبي حتّى يَبلغ ... " الحديث. أبو داود وغيره، عن علي. وتقدم في "الصّلاة". ¬
تنبيه
1583 - [4097]- حديث: أنّ سعد بن معاذ حكم في بني قريظة، فقتل مقاتلتهم وسبي ذراريهم، فكان يكشف عن مؤتزر المراهقين، فمن أثبت منهم قتل، ومن لم ينبت جعل في الذراري. متفق عليه (¬1) دون قصة الإنبات من حديث أبي سعيد. [4098]- وروى البزار (¬2) من حديث سعد بن أبي وقاص: أن سعد بن معاذ حكَم على بني قريظة أن يقتل كل من جرت عليه المواسي. وسيأتي في الذي بعده. تنبيه ينبغي أن يقرأ قوله. " يُكشف" -بالضّمّ على البناء (¬3) لما لم يسم فاعله؛ لأن سعدا مات عقب الحكم ولم يتول تفتيشهم؛ ويؤيِّد ذلك: [4099]- أنّ الطّبراني روى في "الكبير" (¬4) و"الصغير" (¬5) من حديث أسلم الأنصاري، قال: جعلني النبي - صلى الله عليه وسلم - على أسارى قريظة، فكنت أنظر في فرج الغلام؛ فإن رأيته قد أثبت ضربت عنقه، وإن لم أره قد أنبت جعلته في مغانم ¬
المسلمين. زاد في "الصغير": لا يروى عن أسلم إلا بهذا الإسناد. قلت: وهو ضعيف. 1584 - [4100]- حديث عطية القرظي: عرضنا على النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم قريظة وكان من أنبت قتل، ومن لم ينبت خلي سبيله، فكنت ممن لم ينبت فخلي سبيلي. أصحاب "السنن" (¬1) من حديث عبد الملك بن عمير عنه بلفظ: ومن لم ينبت لم يقتل. وفي رواية: جعل في السبي. وللترمذي: خلي سبيله. وله طرق أخرى عن عطية، وصحّحه الترمذي، وابن حبان (¬2) والحاكم (¬3) وقال: على شرط الصحيح. وهو كما قال، إلا أنهما لم يخرجا لعطية، وما له إلا هذا الحديث الواحد. 1585 - [4101]- حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لأسماء بنت أبي بكر: "إنَّ الْمَرْأَةَ إذا بَلَغَتِ الْمَحِيض لا يَصْلُح أنْ يُرى مِنْهَا إلَّا هذَا". وَأَشَار إِلَى الْوجه والكفين. ¬
أبو داود (¬1) من حديث خالد بن دريك، عن عائشة: أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها، وقال: فذكره. وقد أعله أبو داود بالانقطاع، وقال: إن خالد بن دريك لم يدرك عائشة. ورواه في "المراسيل" (¬2) من حديث هشام عن قتادة مرسلا، لم يذكر خالدا، ولا عائشة. وتفرد سعيد بن بشير -وفيه مقال- عن قتادة بذكر خالد فيه. وقال ابن عدي (¬3): إن سعيد بن بشير قال فيه مرة: "عن أم سلمة" بدل "عائشة". ورجح أبو حاتم (¬4): أنه عن قتادة، عن خالد بن دريك، أن عائشة (¬5) مرسل وله شاهد أخرجه البيهقي (¬6) من طريق ابن لهيعة، عن عياض بن عبد الله، سمع إبراهيم بن عبيد بن رفاعة، عن أبيه، أظنه عن أسماء بنت عميس أنها قالت: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على عائشة وعندها أختها عليها ثياب شامية .... الحديث. * حديث: "لَا يَقبلُ الله صَلاةَ حائضٍ إلَّا بخمَارٍ". تقدّم في "الصّلاة" في "الشّروط". ¬
1586 - [4102]- حديث: رُوي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يَشْتر الْوَصيّ مِن مال الْيَتِيم". لم أجده. [4103]- وقد أخرج البيهقي (¬1) من طريق زهير بن أبي إسحاق، عن صلة بن زفر، قال: كنت جالسًا عند ابن مسعود، فجاء رجلٌ من همدان على فرس أبلق فقال: يا أبا عبد الرّحمن آشتري هذا؟ قال: ماله؛ قال: إنّ صاحبه أوصى إلي. قال: لا تشتره ولا تستقرض من ماله. 1587 - [4104]- حديث: أن عبد الله بن جعفر اشترى أرضا سبخة بثلاثين ألفا، فبلغ ذلك عليا فعزم على أن يسأل عثمان الحجر عليه، فجاء عبد الله بن جعفر إلى الزبير فذكر ذلك له فقال الزبير: أنا شريكك، فلما سأل علي عثمان الحجر على عبد الله قال: كيف أحجر على من كان شريكه الزبير. البيهقي (¬2) من طريق أبي يوسف القاضي، عن هشام بن عروة، عن أبيه به. ولم يذكر المبلغ، ورواه الشّافعي (¬3) عن محمد بن الحسن، عن أبي يوسف به ¬
تنبيه
قال البيهقي: يقال: إن أبا يوسف تفرد به، وليس كذلك. ثم أخرجه (¬1) من طريق الزبيري المدني القاضي، عن هشام نحوه، لكن عَيَّنَ أنّ الثمن ستمائة ألف. [4105]- وروى أبو عبيد في "كتاب الأموال" (¬2) عن عفان، عن حماد بن زيد، عن هشام بن حسان، عن ابن سيرين قال: قال عثمان لعلي: ألا تأخذ على يدي ابن أخيك، يعني عبد الله بن جعفر، وتحجر عليه اشترى سبخة بستين ألف درهم، ما يسرني أنها لي بنعلي. تنبيه قول المصنف: "ثلاثين ألفا" لعله من النساخ، والصواب: ستين. 1588 - [4106]- حديث ابن عباس في قوله تعالى: {فإنْ آنسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} معناه: رأيتم منهم صلاحا في دينهم، وحفظا لأموالهم. البيهقي (¬3) من طريق علي بن أبي طلحة، عنه، أتم من هذا. 1589 - قوله: وروي مثله عن مجاهد والحسن. [4107]- أمّا أثر مجاهد فرواه [الثوري] (¬4) في "جامعه" عن منصور عنه. ¬
[4108]- وأما أثر الحسن؛ فأسنده البيهقي (¬1) من طريق يزيد بن هارون، عن هشام بن حسان عنه. 1590 - [4109]- حديث: أن غلاما من الأنصار شبب بامرأة في شعره، فرفع إلى عمر فلم يجده أنبت، فقال لو أنبت الشعر حددتك. قال أبو عبيد في "الغريب" (¬2): حدثّنا ابن علية، عن إسماعيل بن أمية، [عن] (¬3) محمد بن يحيى بن حبان: أنّ عمر رفع إليه غلام ابتهر جارية في شعره فقال: انظروا إليه، فلم يجدوه أنبت فدرأ عنه الحد. قال أبو عبيد: والابتهار أن يقذفها بنفسه فيما فعل بها كاذبًا. [4108]- ورواه عبد الرزاق (¬4) عن الثّوري، عن أيوب بن موسى، عن محمد ابن يحيى بن حِبَّان قال: ابتهر ابن أبي الصّعبة بامرأة في شعره، فذكر نحوه، وذكر الدَّارقطني في "التصحيف": أنّ الثوري صحَّف فيه، وأن الصّواب: أن غلاما لآل أبي صعصعة. * * * * ¬
(20) كتاب الصلح
(20) كتابُ الصُّلح
1591 - [4109]- حديث: أبي هريرة: "الصّلحُ جائزٌ بَيْنَ المسلِمين إلا صُلْحًا (¬1) أَحّلَّ حَرامًا أو حَرّم حلالًا". أبو داود (¬2) وابن حبان (¬3) والحاكم (¬4) من طريق الوليد بن رباح، عنه بتمامه. ورواه أحمد (¬5) من حديث سليمان بن بلال، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة دون الاستثناء. وفي الباب: عن عمرو بن عوف وغيره، كما سيأتي قريبا. 1592 - [4110]- قوله: ووقف هذا الحديث على عمر أشهر. البيهقي في "المعرفة" (¬6) من طريق أبي العوام البصري، قال: كتب عمر إلى أبي موسى ... فذكر الحديث. وفيه: "والصّلح جائزٌ. . ." فذكره بتمامه. ورواه في "السنن" (¬7) من طريق أخرى إلى سعيد بن أبي بردة، قال: هذا كتاب عمر إلى أبي موسى. . . فذكره فيه. وسيأتي في "كتاب القضاء" تامًّا إن شاء الله. ¬
* حديث: كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ. . ." الحديث. تقدم في "باب المصراة والرد بالعيب" وأنه للترمذي وغيره. 1593 - [4111]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - نصب بيده ميزابا في دار العباس. أحمد (¬1) من حديث عبيد الله بن عباس قال: كان للعباس ميزاب على طريق عمر، فلبس ثيابه يوم الجمعة فأصابه منه ماء بدم، فأمر بقلعه، فأتاه العباس فقال: والله إنه للموضع الذي وضعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: اعزم عليك لما صعدت على ظهري حتى تضعه في الموضع الذي وضعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وذكر ابن أبي حاتم (¬2): أنه سأل أباه عنه فقال هو خطأ. ورواه البيهقي (¬3) من أوجه أخر ضعيفة أو منقطعة، ولفظ أحدها: والله ما وضعه حيث كان إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده. . وأورده الحاكم في "المستدرك" (¬4) وفي إسناده عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وهو ضعيف. وسيأتي في "الديات" إن شاء الله. ¬
تنبيه
1594 - [4112]- حديث أبي هريرة: لا يمنعن أحدكم جاره أن يضع خشبه على جداره. قال. فنكس القوم فقال أبو هريرة: ما لي أراكم عنها معرضين والله لأرمين بها بين أكتافكم. أي لأرمين هذه السنة بين أظهركم. متفق عليه (¬1) ورواه الشّافعي (¬2) من ذلك الوجه. ورواه أبو داود (¬3) والترمذي (¬4) وابن ماجه (¬5)، قال الترمذي: حسن صحيح. وفي الباب: [4113، 4114]- عن ابن عباس، ومجمع بن جارية. قلت: وهما في ابن ماجه (¬6). تنبيه قال عبد الغني بن سعيد: كل الناس يقول خشبه -بالجمع- إلا الطحاوي فإنه يقول بلفظ الواحد. ¬
قلت: لم يقله الطحاوي إلا ناقلا عن غيره قال: سمعت يونس بن عبد الأعلى، يقول: سألت ابن وهب، عنه، فقال: سمعت من جماعة خشبة على لفظ الواحد قال: وسمعت روح بن الفرج يقول: سألت أبا يزيد والحارث بن مسكين، ويونس بن عبد الأعلى عنه، فقالوا "خشبةًّ" بالنصب والتنوين واحدة. [4115]- ورواية مجمع تشهد لمن رواه بلفظ الجمع، ولفظه: أن أخوين من بني المغيرة لقيا مجمع بن جارية الأنصاري ورجالا كثيرا، فقالوا: نشهد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لَا يَمْنَعُ جَارٌ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبًا في جِدَارِه"، وكذلك رواية ابن عباس. [4116]- وقد أخرجها البيهقي (¬1) من طريق شريك، عن سماك، عن عكرمة عنه، بلفظء "إذَا سَأَلَ أَحَدَكُمْ جَارُه أَنْ يَدْعَمَ جُذُوعَهُ عَلَى حَائِطِهِ فَلا يَمْنعْه". 1595 - [4117]- حدثنا: "لا يَحِلّ مَالُ امْرِيءٍ مُسْلِمٍ إلَّا (¬2) بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ". الحاكم (¬3) من حديث عكرمة، عن ابن عباس: "لا يَحِل لامْرِيءٍ مِنْ مَالِ أَخِيهِ إلَّا مَا أعْطَاهُ بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْه" ذكره في حديث طويل. ورواه الدارقطني (¬4) من طريق مقسم عن ابن عباس، نحوه في حديث، وفي إسناده العرزمي وهو ضعيف. ¬
[4118]- ورواه ابن حبان في "صحيحه" (¬1) والبيهقي (¬2) من حديث أبي حميد السّاعدي بلفظ: "لَا يَحِلّ لامْريء أنْ يَأْخُذَ عَصَى أَخِيهِ بِغَيْرِ طِيبِ نفْسٍ مِنْه، وَذَلِكَ لِشِدَّةِ مَا حَرَّمَ الله مَالَ الْمُسْلِم عَلَى الْمُسْلِم". وهو من رواية سهيل بن أبي صالح، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد، عن أبي حميد، وقيل: عن عبد الرحمن عن عمارة بن حارثة، عن عمرو بن يثربي؛ رواه أحمد (¬3) والبيهقي (¬4) وقوى ابن المديني رواية سهيل. وفي الباب: [4119]- عن ابن عمر بلفظ: "لَا يَحْلِبَنَّ أحدٌ مَاشِيةَ أَحَدٍ بِغَيْرِ إِذْنِه. . ." الحديث. متفق عليه (¬5). [4120]- وعن عبد الله بن مسعود، رفعه: "حُرْمَةُ مالِ الْمُؤمِن كَحُرْمَةِ دَمِهِ. . .". أخرجه البزار (¬6) من رواية عمرو بن عثمان عن أبي شهاب عن الأعمش، عن أبي ائل عنه، وقال: تفرد به أبو شهاب. [4121]- وروى الدارقطني (¬7) من حديث أنس بلفظ المصنف، وفيه الحارث ¬
ابن محمَّد الفهري، [راويه] (¬1) عن يحيى بن سعيد الأنصاري مجهول. وله طريق أخرى عنده (¬2) عن حميد عن أنس. والرّاوي عنه داود بن الزبرقان متروك الحديث. [4122]- ورواه أحمد (¬3) والدارقطني (¬4) أيضًا من حديث أبي حرّة الرقاشي، عن عمه، وفيه علي بن زيد بن جدعان، وفيه ضعف. [4123]- ورواه أبو داود (¬5) والترمذي (¬6) والبيهقي (¬7) من حديث عبد الله بن السّائب بن يزيد عن أبيه عن جده بلفظ: "لا يَأْخَذُ أَحَدُكُمْ مَتَاعَ أَخِيهِ لاعِبًا وَلا جَادًّا. . . " الحديث. قال أحمد: هو يزيد بن أخت نمر، لا أعرف له غيره. نقله الأثرم. وقال البيهقي: إسناده حسن، وحديث أبي حميد أصح ما في الباب. * * * * ¬
(21) كتاب الحوالة
(21) كتاب الحُوالة
1596 - [4124]- حديث الشّافعي، عن مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ، وَإذَا أُتْبعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ". متفق عليه (¬1) من حديث مالك. ورواه أصحاب "السنن" (¬2) إلا الترمذي من حديث أبي الزِّناد أيضًا (¬3). [4125]-[وأخرجوه (¬4) من طريق همام عن أبي هريرة] (¬5). [4126]- ووواه أحمد (¬6) والترمذي (¬7) من حديث ابن عمر نحوه. 1597 - قوله: ويروى: "فَإذَا أُحِيلَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَحْتَل". ويروى: "وإذَا أُحِيلَ. . ." بالواو، وهو أشهر، وهو بمعنى الأول. ¬
تنبيه
هي رواية لأحمد (¬1) صحيحة، وأما بالواو فهي في مسلم وغيره. تنبيه قال الخطابي (¬2): أصحاب الحديث يقولونه: (فليتَّبع) بالتشديد، وهو غلط وصوابه: (فَلْيَتبعْ) [بتاء] (¬3) ساكنة خفيفة. * حديث: "الْعَارِيَةُ مَرْدُودَةٌ، وَالزَّعِيمُ غَارِمٌ". سيأتي بعد قليل * حديث: النهي عن بيع الدين بالدين. تقدم في "القبض". * * * * ¬
(22) كتاب الضمان
(22) كتاب الضَّمَان
1598 - [4127]- حديث أبي أمامة: "الْعَارَيةُ مَرْدُودَهٌّ، وَالدَّيْنُ مَقْضِيّ، والزَّعِيمُ غَارِمٌ". أحمد (¬1) وأصحاب "السنن" (¬2) إلا النّسائي، وفيه إسماعيل بن عياش، رواه عن شامي، وهو ابن شرحبيل بن مسلم، سمع أبا أمامة. وضعفه ابن حزم (¬3) بإسماعيل ولم يصب، وهو عند الترمذي في "الوصايا"، (¬4) أتم سياقا، واختصره (¬5) ابن ماجه (¬6). وله في النّسائي طريقان، من روايهّ غيره؛ إحداهما: من طريق أبي عامر الوصابي (¬7)، والأخرى: من طريق حاتم بن [حريث] (¬8) كلاهما عن أبي أمامة. وصحّحه ابن حبان (¬9) من طريق حاتم هذه، وقد وثقه عثمان الدارمي (¬10). ¬
تنبيه
تنبيه أكثر ألفاظهم: "الْعَارِيَةُ مؤَدَّاةٌ. . ."، وفي لفظ بعضهم زيادة: "والمنِحَةُ مَرْدُودَةٌ"، ولم أره عندهم بلفظ: "الْعَارِيَةُ مَرْدُودَةٌ"، كما كرره المصنف. ووقع في بعض النّسخ: (عن أبي قتادة)، بدل: (أبي أمامة)، وهو من تحريف النّساخ. [4128]- وقد رواه ابن ماجه (¬1) والطبراني في "مسند الشاميين" (¬2) من طريق سعيد بن أبي سعيد، عن أنس. [4129]- وأخرجه ابن عدي (¬3) من حديث ابن عباس، في ترجمة "إسماعيل ابن زياد [السكوني] (¬4) "، وضعّفه؟ [4130]- ورواه أبو موسى المديني في "الصحابة" من طريق سويد بن جبلة. وقد قال الدارقطني: لا تصح له صحبة، وحديثه مرسل. قال: وبعضهم يقول: له صحبة. [4131]- ورواه الخطيب في "التلخيص" (¬5) من طريق ابن لهيعة، عن عبد الله بن حيان الليثي، عن رجل آخر منهم، قال: إني لتحت ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصيبني لعابها، ويسيل علي جرتها حين قال: (فذكره). ¬
تنبيه
1599 - [4132]- حديث أبي سعيد: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جنازة، فلما وضعت قال: "هَلْ عَلَى صَاحِبِكُمْ مِنْ دَيْنٍ"؟ قالوا: نعم، درهمان. قال: "صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ". فقال علي: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، هما علي، وأنا لهما ضامن، فقام [فصلى] (¬1) عليه، ثم أقبل على علي وقال: "جَزَاكَ الله عَنِ الإسْلامِ خيرًا، وَفُكَّ رِهَانَكَ كمَا فَكَكْتَ رِهَانَ أَخِيكَ". الدارقطني (¬2) والبيهقي (¬3) من طرق بأسانيد ضعيفة، وفي آخره: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ فَكَّ رِهَانَ أَخِيهِ إلَّا فَكَّ الله رِهَانَه يَوْمَ الْقِيامَةِ". وفي جميعها: أن الدين كان دينارين، وفيه زيادة، فقال بعضهم: هذا (¬4) لعلي خاصة أم للمسلمين عامة؟ فقال: "بَلْ لِلْمُسْلِمين عَامّة". تنبيه وَضُحَ أنّ قوله: (درهمان) وَهَمٌ، لكن وقع في "المختصر" بغير إسناد أيضًا (درهمان). ¬
1600 - قوله: وجاء في رواية: أن عليا لما قضى عنه دينه قال: "الآن بَرَّدْتَ عَلَيْه جِلْدَه". قلت: المعروف أن ذلك قيل لأبي قتادة، كما سيأتي. 1601 - [4133]- حديث: أن النبي أُتِيَ بجنازة ليصلي عليها، فقال: "هلْ عَلَى صَاحِبِكمْ من دَيْنٍ؟ " قالوا: فعم، ديناران. فقال أبو قتادة: هما عليّ يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال: فصلّى عليه. البخاري (¬1) من حديث سلمة بن الأكوع، مطولًا. وفيه: أنّ الذين كان ثلاثة دنانير. [4134]- ورواه أحمد (¬2) وأبو داود (¬3) والنسائي (¬4) وابن حبان (¬5) من حديث جابر، وفيه: أن الدين كان دينارين، وزاد أحمد (¬6) والدارقطني (¬7) والحاكم (¬8): أن النبي قال له لما قضى دينه: "الآن ¬
بَرَّدْتَ عَلَيْهِ جِلْدَه". وفي رواية: ". . . قَبْرَه". [4135]- ورواه النسائي (¬1) والترمذي (¬2) وصحّحه من حديث أبي قتادة، بدون تعيين الدين. وابن ماجه (¬3) وأحمد (¬4) وابن حبان (¬5) من حديثه بتعيينه سبعة عشر درهما. وفي رواية لابن حبان (¬6) ثمانية عشر، وروى ابن حبان أيضًا (¬7) من حديث أبي قتادة: أن الدين كان دينارين. وروى في "ثقاته" (¬8) من حديث أَبي أمامة نحو ذلك، وأبهم القائل؛ قال: فقال رجل من القوم: أنا أقضيهما (¬9) عنه. 1602 - [4136]- قوله: وفي رواية: أنه لما ضمن أبو قتادة الدينارين عن الميت، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "هُمَا عَلَيْكَ حَقّ الْغَرِيم، وَبَرِيءَ الْمَيّت". قال: نعم. فصلى عليه. ¬
رواه الدارقطني (¬1) بنحوه، والبيهقي (¬2) بلفظه، وفي آخره عنده: "الآن بَرَّدْتَ عَلَيْه جِلْدَه". 1603 - قوله: ثم نقل العلماء: أن هذا كان في أول الإسلام، فلما فتح الله الفتوح، قال: "أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ". سيأتي واضحًا من حديث أبي هريرة، وهو عند أحمد في حديث جابر المتقدم. 1604 - [4137]-[قوله] (¬3): ونقل عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال في خطبته: "مَنْ خَلَّفَ مَالًا أَوْ حَقًّا فَلِوَرَثَتِهِ، وَمَنْ خَلَّف كَلًّا أَوْ دَيْنًا فكَلُّه إِلَيّ، ودينُه عَلَيَّ". قيل: يا رسول الله، وعلى كل إمام بعدك؟ قال: "وَعَلَى كلّ إِمَامٍ بَعْدِي". صدر هذا الحديث ثابت في "الصحيحين" (¬4) من حديث أبي هريرة. ومن قوله: قيل يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... إلى آخره؛ سبق المصنِّفَ إلى ذكره: القاضي حسين والإمامُ، والغزَّالي. وقد وقع معناه في "الطبراني الكبير" (¬5) من: ¬
[4138]- حديث زاذان عن سلمان، قال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نفدي سبايا المسلمين، ونعطي سائلهم، ثم قال: "مَنْ تَرَكَ مَالًا فِلَوَرَثَتِهِ، وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا فَعَليّ وَعَلَى الْوُلاةِ مِنْ بَعْدي مِنْ بَيْت مَالِ الْمُسْلِمِين". وفيه: [عبد الغفور] (¬1) بن سعيد الأنصاري متروك ومتهم أيضًا. * * * * ¬
(23) كتاب الشركة
(23) كتاب الشركة
1605 - [4139]- حديث أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يَقُولُ الله تعالى: أَنَا ثَالِثُ الشَّرِيكَينِ مَا لَمْ يَخُنْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَه، فَإذا خَانَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَه خَرَجْتُ مِنْ بَيْنِهِمَا". أبو داود (¬1) من حديث أبي هريرة، وصحّحه الحاكم (¬2) وأعله ابن القطان (¬3) بالجهل بحال سعيد بن حيان والد أبي حيان. وقد ذكره ابن حبان في "الثقات" (¬4) وذكر أنه روى عنه أيضًا الحارث بن يزيد. لكن أعله الدارقطني بالإرسال، فلم يذكر فيه أبا هريرة، وقال: إنه الصواب، ولم يسنده غير أبي همام بن الزبرقان. وفي الباب: [4140]- عن حكيم بن حزام رواه أبو القاسم الأصبهاني في "الترغيب والترهيب". 1606 - [4141]- حديث: أن السائب بن يزيد كان شريك النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل المبعث، وافتخر بشركته بعد المبعث. ¬
كذا وقع عنده، وقوله: (ابن يزيد) وهم وإنما هو السائب بن أبي السائب، رواه أبو داود (¬1) والنسائي (¬2) وابن ماجه (¬3) والحاكم (¬4) عنه: أنه كان شريك النبي - صلى الله عليه وسلم - في أول الإِسلام في التجارة، فلما كان (¬5) يوم الفتح قال: "مَرْحَبًا بِأَخِي وَشَرِيكِي، لا يُدَارِي وَلا يُمَارِي". لفظ الحاكم، وصحّحه. ولابن ماجه: "كنتَ شَرِيكِي في الْجَاهِلِيّة". ورواه أبو نعيم في "المعرفة" (¬6) والطبراني في "الكبير" (¬7) من طريق قيس بن السائب، وروي أيضًا عن عبد الله بن السائب، قال أبو حاتم في "العلل" (¬8)، وعبد الله ليس بالقديم (¬9). ¬
تنبيه
1607 - [4142]- حديث: أن البراء بن عازب وزيد بن أرقم كانا شريكين. أحمد (¬1) من طريق عمرو بن دينار، عن أبي المنهال: أن زيد بن أرقم والبراء ابن عازب كانا شريكين، فاشتريا فضة بنقد ونسيئة، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأمرهما أن ما كان بنقد فأجيزوه (¬2)، وما كان بنسيئة فردوه. وهو عند البخاري (¬3) متصل الإسناد بغير هذا السّياق (¬4). تنبيه في سياقه دليل على ترجيح صحة تفريق الصفقة. وفي الباب: [4143]- عن عبد الله: اشتركت أنا وعمار وسعد فيما نصيب يوم بدر ... الحديث، أخرجه أبو داود (¬5) والنسائي (¬6). * * * * ¬
(24) كتاب الوكالة
(24) كتاب الوَكالة
* حديث: أن - صلى الله عليه وسلم - وكل السُّعاة لأخذ الصدقات. تقدم في "الزكاة". * حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - وكل عروة البارقي ليشتري له أضحية. تقدم في أول "البيع". 1608 - [4144]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - وكل عمرو بن أمية الضمري في قبول نكاح أم حبيبة بنت أبي سفيان. قال البيهقي في "المعرفة" (¬1): روينا عن أبي جعفر محمَّد بن علي، أنه حكى ذلك، ولم يسنده البيهقي في "المعرفة". وكذا حكاه في "الخلافيات" (¬2) بلا إسناد. وأخرجه في "السنن" (¬3) من طريق ابن إسحاق حدثني أبو جعفر قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمرو بن أمية الضّمري إلى النجاشي فزوجه أم حبيبة، ثم ساق عنه أربعمائة دينار. واشتهر في "السير" (¬4): أنه - صلى الله عليه وسلم - بعث عمرو بن أمية إلى النجاشي فزوجه أم حبيبة ¬
وهو محتمل أن يكون هو الوكيل في القبول أو النجاشي. وظاهر ما في أبي داود (¬1) والنسائي (¬2) أن النجاشي عقد عليها عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وولى النكاح خالد بن سعيد بن العاص، كما في "المغازي". وقيل: عثمان بن عفان (¬3)، وهو وهم. 1609 - [4145]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - وكل أبا رافع قبول نكاح ميمونة. مالك في "الموطأ" (¬4) والشافعي (¬5) عنه، عن ربيعة، عن سليمان بن يسار، مرسلًا: أنه بعث أبا رافع مولاه ورجلا من الأنصار، فزوجاه ميمونة بنت الحارث، وهو بالمدينة قبل أن يخرج. ووصله أحمد (¬6) والترمذي (¬7) والنسائي (¬8) وابن حبان (¬9) عن سليمان، عن أبي رأفع: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوج ميمونة حلالًا، وبنى بها حلالًا، وكنت أنا الرّسول بينهما. ¬
تنبيه
وتعقبه ابن عبد البر (¬1) بالانقطاع بأن سليمان لم يسمع من أبي رافع، لكن وقع التصريح بسماعه منه في "تاريخ بن أبي خيثمة" (¬2) في حديث نزول الأبطح. ورجح ابن القطان (¬3) اتصاله، ورجّح أن مولد سليمان سنة سبع وعشرين، ووفاة أبي رافع سنة ست وثلاثين، فيكون سنه ثمان سنين. تنبيه الرجل الأنصاري المبهم يحتمل تفسيره بأوس بن خولى: [4146]- فقد روى الواقدي -وفيه ما فيه- من طريق علي بن عبد الله بن عباس قال: لما أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخروج إلى مكة بعث أوس بن خولى وأبا رافع إلى العباس، فزوجه ميمونة. 1610 - [4147]- حديث: جابر أردت الخروج إلى خيبر فذكرته لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "إذَا لَقِيتَ وَكيلي فَخُذْ مِنْه خَمْسةَ عَشَرَ وُسْقًا، فَإنِ ابْتَغَى مِنْكَ آيةً فَضَعْ يَدَكَ عَلَى تَرْقُوَتِه". أبو داود (¬4) من طريق وهب بن كيسان، عنه، بسند حسن. ورواه الدارقطني (¬5) لكن قال: "خذْ مِنْهُ ثَلاثِينَ وُسْقًا، فَوالله مَا لِمُحَمَّدٍ ثَمَرَةً غَيْرَهَا" ¬
وعلق البخاريّ (¬1). (¬2) طرفا منه في أواخر "كتاب الخمس". 1611 - [4148]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - استناب في ذبح الهدايا والضحايا. متفق عليه (¬3) من حديث علي: أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أقوم على بُدُنِه ... الحديث. [4149]- وفي حديث جابر الطّويل في مسلم (¬4): وأمر عليا أن يذبح الباقي. 1612 - [4150]- حديث: أنّه قال في قصة ماعز: "اذْهَبُوا [بِهِ] (¬5) فَارْجُمُوه". متفق عليه (¬6) من حديث أبي هريرة قال: أتى رجل من أسلم فقال: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إني زنيت ... الحديث. وفي آخره، فقال: "اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوه". وصرّح في الترمذي (¬7) وغيره (¬8): أنه ماعز بن مالك. وسيأتي في "الضحايا" ¬
تنبيه
1613 - [4151، 4152]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "واغْدُ يَا أَنِيسِ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَإنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا". متفق عليه (¬1) من حديث أبي هريرة وزيد بن خالد، وسيأتي في "الحدود" بتمامه. 1614 - [4153]- حديث: قال: "فإنْ أُصِيبَ زَيْدٌ فَجَعْفَرٌ". استدل به الرّافعي على أن عقد الإمارة يقبل التعليق. البخاري (¬2) من حديث عبد الله بن عمر قال: أَمَّرَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة مؤتة زيد بن حارثة، وقال: "إن قُتِلَ زَيْدٌ فَجَعْفَرٌ. ." الحديث. وسيأتي في "الوصايا". [4154]- ورواه أحمد (¬3) وابن حبان (¬4) من حديث أبي قتادة مطولًا. تنبيه مُوتَة -بضمّ الميم- تهمز ولا تهمز، وهو موضع من عمل البلقاء، وهو قريب من الكرك. ¬
1615 - [4155]- حديث: "لا نِكَاحَ إلَّا بِأَرْبَعَةٍ؛ بِخَاطِبِ، وَوَلِيٍّ، وَشَاهِدَيْنِ". روي مرفوعا وموقوفًا. انتهى. الدارقطني (¬1) من حديث هشام، عن أمه، عن عائشة بلفظ: "لا بُدّ في النِّكَاحِ مِنْ أَرْبَعَةٍ؛ الْوَلِيّ، وَالزَّوْجِ، وَالشَّاهِدَيْن". وفي إسناده أبو الخصيب، وهو مجهول، وسيعاد في "النكاح". * * * * ¬
(25) كتاب الإقرار
(25) كِتَابُ الإِقْرار
1616 - [4156]- حديث: "قولُوا الْحَقَّ وَلَو عَلَى أَنْفسِكُمْ". رويناه في "جزء من حديث أبي علي بن شاذان" عن أبي عمرو بن السماك، من حديث علي بن الحسين بن علي، عن جده علي بن أبي طالب، قال: ضممت إلى سلاح النبي - صلى الله عليه وسلم - فوجدت في قائم سيفه رقعة فيها: "صِلْ مَنْ قَطَعَكَ وأَحِسِنْ إِلَى مَنْ أَسَاءَ إِلَيْكَ، وَقُلِ الْحَقَّ وَلَوْ عَلَى نَفْسِكَ". قال ابن الرفعة في "المطلب": ليس فيه إلا الانقطاع، إلا أنه يقوى بالآية (¬1). وفيما قال نظر؛ لأن في إسناده الحسين بن زيد بن علي، وقد ضعفه ابن المديني وغيره (¬2). [4157]- وروى أحمد (¬3) والطبراني (¬4) وابن حبان في "صحيحه" (¬5) من حديث عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال: أوصاني خليلي - صلى الله عليه وسلم - بخصال من الخير. . . فذكرها. وفيها: وأوصاني أن أقول الحق وإن كان مرًّا. * حديث: "أُغْد يا أُنيس عَلَى امْرَأَةِ هَذا. . . ." الحديث. تقدّم قبلُ. ¬
1617 - قوله: وتبرئة الله موسى عن عيب الأدرة. يشير إلى: [4158]- ما أخرجه الشيخان (¬1) من حديث أبي هريرة: "أن بَنِي إْسَرَائِيلَ قَامُوا يَغْتَسِلُونَ عُرَاةً، وَكَانَ مُوسَى يَغْتَسِل وَحْده، فَقَالُوا: وَالله مَا يَمْنَعُ مُوسَى أَنْ يَغتَسِل مَعَنَا إلَّا أنّه آدَر (¬2) .... " الحديث. 1575 - [4159]- حديث: أن عليّا قطع عبدا بإقراره. ينظر فيه. * * * * ¬
(26) كتاب العارية
(26) كتابُ العارية
* حديث: "العاريّة مَضْمُونَة، والزَّعِيم غارِم". تقدم في الضمان، من حديث أبي أمامة، لكن بلفظ: "العاريَّةُ مؤدَّاة. . ." وأما بلفظ "مضمونة" فهو في الحديث (¬1) الآتي: 1618 - [4160]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - استعار من صفوان أَدْرُعًا يوم حنين فقال: أَغَصْبًا يا محمَّد؟! فقال: "بل عارَيّةٌ مضمونة". أبو داود (¬2) من حديث صفوان وقال: " [لا] (¬3)، بَل عَارِيَّةٌ مَضْمُونَةٌ". وأخرجه أحمد (¬4) والنسائي (¬5) والحاكم (¬6)، وأورد له شاهدًا من: [4161]- حديث ابن عباس، ولفظه: "بل عَارِيَّةٌ مُؤَدَّاة". وزاد أحمد والنسائي: فضاع بعضُها، فعرض عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يضمنها له، فقال: أنَا اليوم يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الإِسلام أرغب. وفي رواية لأبي داود (¬7): أن الأدراع كانت ما بين الثلاثين إلى الأربعين. وزاد فيه معنى ما تقدم. ¬
[4162]- ورواه البيهقي (¬1) من حديث جعفر بن محمَّد، عن أمية بن صفوان مرسلًا. وبَيَّن أنّ الأدراع كانت ثمانين. [4163]- ورواه الحاكم (¬2) من حديث جابر، وذكر أنّها مائة درع وما يصلحها أخرجه في "أول المناقب". وأعل ابن حزم (¬3) وابن القطان (¬4) طرق هذا الحديث، زاد ابن حزم: إن أحسن ما فيها حديث يعلى بن أمية -يعني: الذي رواه أبو داود. وفي الباب: [4164]- عن ابن عمر أخرجه البزار (¬5) بلفظ: "العَارِيَّة مؤدَّاة. . .". وفيه العمري وهو ضعيف. [4165]- وعن أنس أخرجه الطبراني في "الأوسط" (¬6) بلفظ: إن بعض أهل النَّبي - صلى الله عليه وسلم - استعار قصعةً فضيّعها، فضمنها له النبي - صلى الله عليه وسلم -. تفرد به سويد بن عبد العزيز، وهو ضعيف. 1619 - [4166]- حديث: "عَلَى اليدِ مَا أَخذتْ حتّى تؤَدِّيه". ¬
أحمد (¬1) والنسائي (¬2) وابن ماجه (¬3) والحاكم (¬4) من حديث الحسن عن سمرة. ورواه أبو داود (¬5) والترمذي (¬6) بلفظ: "حَتى تُؤَدِّي. . .". والحسن مختلف في سماعه من سمرة. وزاد فيه أكثرُهم: ثمَّ نَسي الحسن، فقال: هو أمينك فلا ضمان عليه. * * * * ¬
(27) كتاب الغصب
(27) كتاب الغصب
1620 - [4167]- حديث: أبي بكرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في خطبته يوم النحر: "إنَّ دِمَاءَكم وأموالَكُم وأعراضَكُم عليكم حرَامٌ كحُرْمَة يومكم هذَا، في شَهْرِكم هَذا، في بَلَدِكم هَذَا". متفق عليه (¬1) بهذا، وأتمّ منه من طريق عبد الرّحمن بن أبي بكرة عن أبيه. * حديث أبي طلحة: أنه سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: عندي خمور أيتام؟ فقال: "أَرِقْهَا". فقال: ألا أخللها؟ قال: "لَا". تقدم في "الرهن". * حديث سمرة: "على اليَدِ مَا أخَذَتْ حتَّى تؤَدِّيه". تقدم في الباب قبله. 1621 - [4168]- حديث أبي هريرة: "مَن غَصَب شِبْرًا مِن أَرْضٍ طَوَّقَه من سَبع أَرَضِين يومَ الْقِيامَة". مسلم (¬2) بلفظ: "مَنْ أخذ. . ."، وفي رواية: "مَن اقْتَطَع. . .". وزاد: ". . . بِغَيْر حقِّه. . .". ¬
[4169]- واتفقا عليه (¬1) من حديث عائشة بلفظ: "مَنْ ظَلَم. . .". [4170]- وعن سعيد بن زيد بلفظ: "مَنِ اقْتَطَع. . .". [4171]- والبخاري (¬2) عن ابن عمر. وله عندهما ألفاظ. وفي الباب: [4171]- عن يعلى بن مرة في "صحيح بن حبان" (¬3) ومسندي أبي بكر بن أبي شيبة وأبي يعلى. [4172]- والمسور بن مخرمة، رواه العقيلي في "تاريخ الضعفاء" (¬4). [4173]- وشداد بن أوس في "الطبراني الكبير" (¬5)، وحكم أبو زرعة بأنه خطأ (¬6). [4174]- وسعد بن أبي وقاص في الترمذي (¬7). [4175، 4176]- والحكم بن الحارث السلمي في الطبراني أيضًا (¬8)، وأبي شريح الخزاعي فيه (¬9). ¬
تنبيه
[4177، 4178]- وابن مسعود عند أحمد (¬1) وابن عباس في الطبراني (¬2). تنبيه لم يروه أحد منهم بلفظ: "مَن غَصَب. . ."، نعم: [4179]- في الطبراني (¬3) من حديث وائل بن حجر: "مَن غَصَبَ رجلًا أرضًا لَقي (¬4) الله وَهُو عَليه غَضْبَان". 1622 - [4180]- حديث: "لَيْس لِعِرْقٍ ظالِمٍ حَقٌّ". أبو داود (¬5) من حديث سعيد بن زيد في آخر الحديث الذي قبل هذا. ورواه النسائي (¬6) والترمذي (¬7)، وأعله الترمذي بالإرسال. ورجّح الدَّارقطني إرساله أيضًا. واختلف فيه على هشام بن عروة اختلافا كثيرا. [4181]- ورواه أبو داود الطيالسي (¬8) من حديث عائشة، وفي إسناده [زمعة] (¬9)، وهو ضعيف. ¬
تنبيه
[4182]- ورواه ابن أبي شيبة، وإسحاق بن راهويه في "مسنديهما" من حديث كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف، عن أبيه، عن جده. وعلّقه البخاري (¬1) بقوله: ويُروى عن عمرو بن عوف. ورواه البيهقي (¬2) من حديث الحسن عن سمرة، والطبراني من حديث عبادة، وعبد الله بن عمرو. تنبيه قوله: لعرق ظالم: هو بالتّنوين، وبه جزم الأزهري وابن فارس وغيرهما، وغَلَّط الخطابي من رواه بالإضافة. تنبيه آخر قال أبو عبيد في "كتاب الأموال" (¬3): جاء ما يخالف ذلك، ثم أخرج ما أخرجه أبو داود (¬4) والترمذي (¬5) من: [4183]- حديث رافع بن خديج مرفوعًا: "مَن زَرَع في أَرضِ قَومٍ بغير إِذْنِهم فَلَيس له مِنَ الزَّرع شَيْءٌ، وَلَه نَفَقَتُه". ¬
ورواه ابن أيمن في "مصنفه" بلفظ: إنّ رجلًا غَصَب رجلًا أرضًا فَزَرع فِيها، فَارتفعوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقضى لصاحب الأرض بالزرع، وقضى للغاصبة بالنفقة. 1623 - [4184]- حديث: "كسْرُ عَظْمِ الْمَيتِ كَكَسْرِ عَظْمِ الْحَيِّ". أحمد (¬1) وأبو داود (¬2) وابن ماجه (¬3) والبيهقي (¬4) من حديث عائشة، حسنّه ابن القّطان (¬5). وذكر القشيري (¬6) أنه على شرط مسلم. ورواه الدارقطني (¬7) من وجه آخر عنها، وزاد: ". . . في الإثْمِ". وفي رواية (¬8): يعني في الإثم (¬9). وذكره مالك في "الموطأ" (¬10) بلاغا عن عائشة موقوفا. ¬
تنبيه
[4185]- ورواه ابن ماجه (¬1) من حديث أم سلمة. تنبيه في "الإلمام" (¬2): أنّ مسلمًا رواه، وليس كذلك. 1624 - [4186]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ذبح الحيوان إلا لأكله. أبو داود (¬3) في المراسيل عن القاسم بن عبد الرحمن الشّامي في حديث قال فيه: "وَلا تَقْتُل مجثِّمَة (¬4) لَيْستْ لَك بِهَا حَاجَةٌ". وفي "الموطأ" (¬5) عن أبي بكر في قوله، كلفظ الأصل. 1625 - قوله: وروي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا مَهْرَ لِبَغِيٍّ". قال الرافعي (¬6): المشهور في لفظ هذا الخبر: أنّه نَهي عن مهر البغي، لا كما في الكتاب -يعني "الوجيز" (¬7). ¬
[4187]- وحديث النهي عن مهر البغي، متفق عليه (¬1) من حديث أبي مسعود. * حديث: النهي عن عسب الفحل. تقدم في "باب البيوع المنهي عنها". 1626 - قوله: في أثر عن الصحابة أن في عين الفرس والبقرة الربع. [4188]- سعيد بن منصور (¬2) عن ابن علية، عن أيوب، عن أبي قلابة: أنّ عمر قضى في عين الدابة ربع قيمتها. ورواه البيهقي (¬3) وقال: هذا منقطع. قال: وروي عن عمر أنه كتب به إلى شريح، ووصله جابر الجعفي، عن الشعبي، عن شريح، عن عمر، وجابر ضعيف. [4189]- ورواه الدمياطي "في كتاب الخيل" (¬4) من حديث عروة البارقي، قال: كانت لي أفراس فيها فحل [شراؤه] (¬5) عشرون ألف درهم، ففقأ عينه ¬
دهقان، فأتيت عمر فكتب إلى سعد بن أبي وقاص أن خير الدهقان بين أن يعطيه عشرين ألف درهم ويأخذ الفرس، وبين أن يأخذ ربع الثمن ... الحديث. وإسناده قوي. [4190]- وروى (¬1) الطبراني في "الكبير" (¬2) من حديث زيد بن ثابت: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى في عين الفرس بربع ثمنه. وفي إسناده أبو أمية بن يعلى وهو ضعيف. * * * * ¬
(28) كتاب الشفعة
(28) كتاب الشُّفعَةِ
1627 - [4191]- حديث: "لا شُفْعَةَ إلَّا في رَبعٍ أَو حَائط". البزار من حديث جابر بسند جيد. [4192]- والبيهقي (¬1) من حديث أبي حنيفة، عن عطاء، عن أبي هريرة مرفوعًا: "لا شُفْعَة إلَّا في دَارٍ أَو عَقَار". 1628 - [4193]- حديث جابر: إنما جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الشفعة فيما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق فلا شفعة. البخاري (¬2) بهذا من طريق أبي سلمة عنه. ولمسلم (¬3) نحوه بمعناه من طريق أبي الزبير عن جابر. وقال ابن أبي حاتم في "العلل" (¬4) عن أبيه: عندي أنّ من قوله "إذا وقعت. ." إلى آخره، من قول جابر، والمرفوع منه إلى قوله: "لم يقسم". وأعلّه الطحاوي (¬5) بأن الحفاظ من أصحاب مالك أرسلوه، ورد عليه بأنها ليست بعلّة قادحة. وسيأتي الكلام عليه بعد حديث آخر. ¬
تنبيه
1629 - [4194]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - قضى بالشفعة في كل [شِرك] (¬1) ربعة أو حائط، لا يحل له أن يبيعه حتى يؤذن شريكه، فإن شاء أخذ، وإن شاء ترك، وإن باعه ولم يؤذنه فهو أحق به. وروى: "الشّفعَةُ في كلِّ شِرْكٍ؛ رَبْعٍ أو حَائِط". مسلم (¬2) من حديث جابر بهما. وله طرق. تنبيه الرَّبْعة -بفتح الراء وإسكان الموحدة-: تأنيث ربع. 1630 - [4195]- حديث: "الشّفعَةُ فِيمَا لَمْ يُقسَم، فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ فَلا شُفْعَةَ". الشّافعي (¬3) عن سعيد بن سالم، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر بهذا. ورواه (¬4) عن مالك، عن الزهري، عن ابن المسيب مرسلًا. وهو في "الموطأ" (¬5) كذلك. ووصله عن مالك: ابن الماجشون وأبو عاصم وغيرهما، بذكر أبي هريرة فيه. ¬
تنبيه
ورواه ابن جريج وابن إسحاق عن الزهري، عن سعيد وأبي سلمة، عن أبي هريرة، وإنما كان ابن شهاب يرويه عن أبي سلمة، عن جابر وعن سعيد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا. بيّن ذلك كله البيهقي (¬1). ووصله الشّافعي (¬2) عن الزهري، عن أبي سلمة، عن جابر. * حديث: "مَن تَرَك مالًا فَلِوَرَثَتِه. . .". تقدم في "الضمان". تنبيه أورده الرّافعي هنا بلفظ: "مَن تَرك حقًّا. . ."، ولم أره كذلك. 1631 - [4196]- حديث: "الشّفَعَةُ كَحَلِّ الْعِقَال". ابن ماجه (¬3) والبزار من حديث ابن عمر بلفظ: "لَا شُفَعة لِغَائب وَلَا لِصَغيرٍ" و: "الشُّفَعة كحلِّ الْعِقَال". وإسناده ضعيف جدًّا. وقال البزار في رواية: راويه محمّد بن عبد الرّحمن بن البيلماني مناكيره كثيرة. وأورده ابن عدي (¬4) في ترجمة" محمَّد بن الحارث" راويه عن ابن البيلماني، ¬
وحكى تضعيفه، وتضعيف شيخه. وقال ابن حبان (¬1): لا أصل له. وقال أبو زرعة (¬2): منكر. وقال البيهقي (¬3): ليس بثابت. 1632 - [4197]- حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "الشّفعَة لمن وَاثَبَها (¬4) ". ويروى: "الشُّفْعَة كنَشْطِ عِقالٍ، إنْ قُيِّدتْ ثَبتتْ وإلَّا فاللَّوْمُ على مَن تَركها". هذا الحديث ذكره القاضي أبو الطَّيِّب وابن الضبّاغ والماوردي (¬5) هكذا بلا إسناد، وذكره ابن حزم (¬6) من حديث ابن عمر بلفظ: "الشّفعة كحَلِّ الْعِقالِ، فإنْ قيّدها مَكَانَه ثَبَت حقُّه، وإلا فاللَّوْم عليه". ذكره عبد الحق في "الأحكام" (¬7) عنه، وتعقّبه ابن القطان (¬8) بأنه لم يره في "المحلى". ¬
[4198]- وأخرج عبد الرزاق (¬1) من قول شريح: إنما الشفعة لمن واثبها. وذكره قاسم بن ثابت في "دلائله". 1633 - [4199]- قوله: السنة السّلام (¬2) قبل الكلام. الترمذي (¬3) من حديث جابر وقال: إنه منكر. وحكم عليه ابن الجوزي (¬4) بالوضع. وذكره ابن عدي (¬5) في ترجمة "حفص بن عمر الأيلي"، وهو متروك بلفظ: "السّلامُ قبل السُّؤال، من بَدأكم بالسُّؤال قَبل فَلا تُجيبوه". * * * * ¬
(29) كتاب القراض
(29) كتاب القِراض
تنبيه
* حديث عروة البارقي في شراء الشّاتين. تقدم في "أوائل البيع". 1634 - [4200]- حديث: أن عمر أعطى مال يتيم مضاربة. البيهقي بسنده إلى الشّافعي في "كتاب اختلاف العراقيين" أنّه بلغه عن حميد ابن عبد الله بن عبيد الأنصاري، عن أبيه، عن جده به. تنبيه قال ابن داود شارح "المختصر": الرّجل الذي أعطاه عمر المال هو عبيد الأنصاري. قلت: وعبيد هو راوي الخبر، ولم أر في طريق الشّافعي التصريح بأنه هو الذي أعطاه عمر، [ولكنه عند ابن أبي شيبة (¬1) عن وكيع وابن أبي زائدة، عن عبد الله بن حميد بن عبيد، عن أبيه، عن جده: أن عمر دفع إليه مال يتيم مضاربةً] (¬2). 1635 - [4201]- حديث: أن عبد الله وعبيد الله ابني عمر بن الخطاب لقيا أبا موسى الأشعري بالبصرة، مصرفهما من غزوة نهاوند، فتسلفا منه مالًا، وابتاعا به متاعا، وقدما به المدينة فباعاه، وربحا فيه، فأراد عمر أخذ رأس المال ¬
تنبيه
والربح كلَّه، فقالا له: لو تلف كان ضمانه علينا، فكيف لا يكون ربحه لنا؟! فقال رجل لأمير المؤمنين: لو جعلته قراضا؟ فقال قد جعلته، وأخذ منهما نصف الرّبح. مالك في "الموطأ" (¬1) والشافعي (¬2) عنه، عن زيد بن أسلم، عن أبيه به، أتم من هذا السياق. وإسناده صحيح. ورواه الدارقطني (¬3) من طريق عبد الله بن زيد بن أسلم، عن أبيه. 1636 - قوله: الرّجل الذي قال لعمر ذلك، قيل: إنه عبد الرحمن بن عوف. هذا حكاه ابن داود شارح "المختصر"، وتبعه القاضي حسين والإمام الغزالي (¬4)، و [ابن الصلاح] (¬5). قال ابن داود: وكان المال مائة ألف درهم. تنبيه قال الطحاوي: يحتمل أن يكون عمر شاطرهما فيه، كما كان يشاطر عماله أموالهم. ¬
وقال البيهقي (¬1): تأول المزني هذه القصة بأنه سألهما لِبِرّه الواجب عليهما أن يجعلا كله للمسلمين فلم يجيباه، فلما طلب النصف أجاباه عن طيب أنفسهما. 1637 - [4202]- حديث العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه: أن عثمان أعطاه مالًا مقارضةً. مالك (¬2) عن العلاء، عن أبيه، عن جده: أنه عمل في مال لعثمان على أن الربح بينهما. ورواه البيهقي (¬3) من طريق ابن وهب عن مالك، وليس فيه عن جدّه، إنما فيه: "أخبرني العلاء، عن أبيه قال: جئت عثمان. . ." فذكر قصةً فيها معنى ذلك. 1638 - قوله: روي عن علي، وابن مسعود، وابن عباس، وجابر، وحكيم بن حزام تجويز المضاربة. [4203]- أما علي فروى عبد الرزاق (¬4) عن قيس بن الربيع، عن أبي حصين، عن الشعبي عنه: في المضاربة الوضيعة على المال، والربح على ما اصطلحوا عليه. [4204]- وأما ابن مسعود فذكره الشّافعي في "كتاب اختلاف العراقيين" عن أبي ¬
حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم، عنه: أنه أعطى زيد بت خليدة مالًا مقارضةً. وأخرجه البيهقي في "المعرفة" (¬1). [4205]- وأما ابن عباس فلم أره عنه، نعم رواه البيهقي (¬2) عن أبيه العباس، بسند ضعّفه. وأخرج الطبراني في "الأوسط" (¬3) من طريق حبيب ابن يسار، عن ابن عبّاس قال: كان العباس إذا دفع مالًا مضاربة. . . فذكر القصة. وفيه: أنه رفع الشرط إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأجازه. وقال: لا يروى إلا بهذا الإسناد، تفرّد به محمد بن عقبة، عن يونس بن أرقم عن الجارود، عنه. [4206]- وأما جابر، فرواه البيهقي (¬4) [بلفظ: أنه سئل عن ذلك؟ فقال: لا بأس بذلك. وفي إسناده ابن لهيعة. [4207]- وأما حكيم بن حزام، فرواه البيهقي (¬5)] (¬6) بسند قويّ: أنه كان يدفع المال مضاربةً إلى أجل، ويشترط عليه أن لا يمر به بطن واد، ولا يبتاع به حيوانا، ولا يحمله في بحر، فإن فعل شيئا من ذلك فقد ضمن [ذلك] (¬7) المال. ¬
تنبيه
تنبيه (¬1) قال ابن حزم في "مراتب الإجماع" (¬2): كل أبواب الفقه لها أصل من الكتاب أو السنة، حاشا القراض فما وجدنا له أصلًا فيهما الْبتّة، ولكنه إجماع صحيح مجرد والذي نقطع به أنه كان في عصره - صلى الله عليه وسلم - فعلم به وأقره، ولولا ذلك لما جاز. 1639 - قوله: السنة الظاهرة وردت في المساقاة. سيأتي بعد هذا. * * * * * ¬
(30) كتاب المساقاة والمزارعة
(30) كتاب المساقاة والمزارعة
1640 - [4208]- حديث ابن عمر: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من تمر أو زرع. متفق عليه (¬1) بألفاظ متعددة، منها: لما افتتحت خيبر سألت يهود النّبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقرهم فيها على أن يعملوا على نصف ما يخرج منها ... الحديث. 1641 - [4209]- حديث: أنّه عامل أهل خيبر بالشطر مما يخرج من النخل والشجر. الدارقطني (¬2) من حديث ابن عمر. وحكي عن شيخه ابن صاعد: أن شيخه وهم في ذكر الشجر، ولم يقله غيره. 1642 - [4210]- حديث ابن عمر: كنا نخابر ولا نرى بذلك بأسا، حتى أخبرنا رافع بن خديج: أنّ النّبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عنه، فتركناه لقوله. الشافعي (¬3) عن ابن عيينة، عن عمرو سمعه يقول: سمعت ابن عمر بهذا. ورواه مسلم (¬4) بمعناه عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره، عن ابن عيينة. ¬
1643 - [4211]- حديث جابر وغيره: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المخابرة. متفق عليه (¬1) من حديث جابر. [4212]- وأخرجه أبو داود (¬2) من حديث زيد بن ثابت. 1644 - [4213]- حديث ثابت بن الضحاك: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المزارعة. مسلم (¬3) به، وأتم منه. * حديث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ساقى أهل خيبر على نصف التمر والزرع. تقدم في "أول الباب". * حديث: أنه خرص على أهل خيبر. تقدم في "الزكاة". * * * * * ¬
(31) كتاب الإجارة
(31) كتاب الإجارة
1645 - [4214]- حديث: "أعطوا الأجِيرَ أَجْرَه قَبْلَ أنْ يَجفَّ عِرْقُه". ابن ماجه (¬1) من حديث ابن عمر. وفيه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم. [4215]-[والطبراني في ["الصغير" (¬2)] (¬3) من حديث جابر، وفيه شرقي بن قطامي، وهو ضعيف. ومحمد بن زياد الراوي عنه. [4216]- وأبو يعلى (¬4) وابن عدي (¬5) والبيهقي (¬6) من حديث أبي هريرة. وهذا الحديث ذكره البغوي في "المصابيح" في قسم [الحسان] (¬7). وغلط بعض المتأخرين من الحنفية فعزاه لـ "صحيح البخاري" وليس هو فيه، وإنما فيه من: [4217]- حديث أبي هريرة مرفوعًا (¬8): "ثَلَاثة أنا خَصْمُهم. . . -فذكر فيه-: وَرجل اسْتَأْجَر أجيرًا فاسْتَوفى مِنه ولَمْ يُعْطِه أَجْرَه". ¬
1646 - [4218]- حديث: "مَن استأجَرَ أجيرًا فَلْيُعْطِه أَجْرَه". البيهقي (¬1) من حديث الأسود، عن أبي هريرة في حديث أوله: "لَا يُسَاوِم الرجُل عَلَى سَوْمِ أَخِيه. . . .". رواه من طريق عبد الله بن المبارك (¬2)، عن أبي حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم عنه. قال: وخالفه حماد بن سلمة، فرواه عن حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم عن أبي سعيد الخدري، وهو منقطع. وتابعه معمر عن حماد مرسلًا أيضًا. وقال عبد الرزاق (¬3) عن الثوري، ومعمر، عن حماد، عن إبراهيم، عن أبي هريرة وأبي سعيد أو أحدهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن اسْتَأجَر أجيرًا فَليُسمِّ له أُجْرَته". وأخرجه إسحاق في "مسنده" عن عبد الرزاق، وهو عند أحمد (¬4) وأبي داود في "المراسيل" (¬5) من وجه آخر، وهو عند النسائي في "المزارعة" (¬6) غير مرفوع. ¬
1647 - [4219]- حديث: نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن قفيز الطحان. الدارقطني (¬1) والبيهقي (¬2) من حديث أبي سعيد؛ نهي عن عسب الفحل، وقفيز الطحان. وقد أورده عبد الحق في "الإحكام" (¬3) بلفظ: نَهَى النبي - صلى الله عليه وسلم -. وتعقبه ابن القطان (¬4) بأنه لم يجده إلا بلفظ البناء لما لم يسم فاعله (¬5). وفي الإسناد هشام أبو كليب، راويه عن [ابن أبي نعم] (¬6)، عن أبي سعيد، ¬
فائدة
لا يعرف قاله ابن القطان، والذهبى (¬1) وزاد: وحديثه منكر، وقال مغلطاي؛ هو ثقة. فينظر فيمن وثقه (¬2) ثم وجدته في "ثقات ابن حبان" (¬3). فائدة ووقع في "سنن البيهقي" (¬4) مصرحًا برفعه لكنه لم يسنده. وقفيز الطحان: فسره ابن المبارك أحد رواة الحديث بأن صورته: أن يقال للطحان: اطحن بكذا وكذا [بزيادة] (¬5) قفيز من نفس الطحين. وقيل: هو طحن الصبرة لا يعلم مكيلها بقفيز منها. 1648 - [4220]- حديث جابر: أنه باع بعض الأسفار بعيرًا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أن يكون له ظهره إلى المدينة. متفق عليه (¬6)، وله طرق وفي بعضها: أن ذلك كان في رجوعهم من غزوة تبوك. ¬
1649 - [4221]- حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال في قصة التي عرضت نفسها عليه لبعض القوم: "أُرِيدُ أَنْ أزَوِّجَكِ هَذَا إِنْ رَضِيت؟ " قالت: ما رضيتَ لي يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد رضيتُ. فقال للرجل: "هَلْ عِنْدَكَ شَيءٌ؟ " قال: لا. قال: "أَتَحْفَظُ شيئًا مِن الْقرآن؟ " قال: سورة البقرة والّتي تليها. قال: "فَعَلِّمْهَا عِشْرينَ آية وَهيَ امْرَأَتُكَ". النّسائي (¬1) من حديث أبي هريرة. وفيه عسل (¬2) راويه عن عطاء عنه، وفيه ضعف وساقه النسائي بتمامه، ولخصه أبو داود (¬3) من هذا الوجه، وأصله في "الصحيحين" (¬4)، من حديث سهل بن سعد. وسيأتي في "النكاح "إن شاء الله. 1650 - [4222]- حديث علي: أنه آجر نفسه من يهودي يستقي له كل دلو بتمرة. ¬
ابن ماجه (¬1) والبيهقي (¬2) من حديث ابن عباس، وفيه حنش راويه عن عكرمة عنه وهو مضعَّف، وسياق البيهقي أتم. وعندهما: أن عدد التمر سبعة عشر. [4223]- ورواه أحمد (¬3) من طريق علي بسند جيد (¬4). ورواه ابن ماجه (¬5) بسندٍ صحّحه ابن السّكن مختصَرًا، قال: كنت أدلو الدّلو بتمرة، واشترط أنها جلدة. 1651 - حديث عمر وعلي: في تضمين الأجير. [4224]- أما عمر: فأخرجه عبد الرزاق (¬6) بسند منقطع عنه: أن عمر ضمن [الصباغ] (¬7). [4225]- وأما علي: فروى البيهقي (¬8) من طريق الشّافعي، عن علي بسند ضعيف، قال الشّافعي: هذا لا يثبت أهل الحديث مثله. ولفظه: أن عليا ضمن الغسّال والصبّاغ. قال الشّافعي: لا يصلح النَّاس إلا ذلك. ¬
[4226]- وروي عن عثمان من وجه (¬1) أضعف من هذا. وروى البيهقي (¬2) من طريق جعفر بن محمَّد، عن أبيه، عن علي: أنه كان يضمن الصبّاغ والصائغ وقال: لا يصلح الناس إلا ذاك. وعن خلاس: أنّ عليًّا كان يضمن الأجير (¬3). * * * * * ¬
(32) كتاب الجعالة
(32) كتاب الجعالة
1652 - [4227]- حديث: أبي سعيد الخدري في أخذ الجعل على الرقية الحديث. متفق عليه (¬1) كما قال. * * * * * ¬
(33) كتاب إحياء الموات
(33) كتاب إحياء الموات
تنبيه
* حديث سعيد بن زيد: "مَنْ أَحْيَى أَرْضًا مَيتَةَ فَهِيَ لَهُ، وَلَيْسَ لِعِرْقِ ظَالِمٍ حَقٌّ". تقدم في "الغصب" 1653 - [4228]- حديث عائشة: "مَنْ عَمَرَ أَرْضًا لَيسَتْ لأَحَدٍ فَهُو أَحَقُّ بِهَا". البخاري (¬1) وأحمد (¬2) والنسائي (¬3). تنبيه عَمَر -بفتح العين، وتخفيف الميم- ووقع في البخاري: "مَن أَعْمَر. . ." بزيادة ألف في أوله، وخُطِّيء راويها. وقال ابن بطال (¬4): يمكن أن يكون: (اعتمر) فسقطت التاء من النسخة. وفي الباب: [4229، 4230]- عن فضالة بن عبيد ومروان عند الطبراني (¬5). [4231]- وعن عمرو بن عوف المزني عند البزار (¬6) وغيره. ¬
1654 - [4232]- حديث سمرة: "مَنْ أَحَاطَ حَائِطًا عَلَى أَرْضٍ فَهِي لَه". أحمد (¬1) وأبو داود (¬2) عنه والطبراني (¬3) والبيهقي (¬4) من حديث الحسن عنه، وفي صحة سماعه منه خُلْفٌ. ورواه عبد بن حميد (¬5) من طريق سليمان اليشكري، عن جابر. 1655 - [4233]- حديث: "عَادِيُّ الأَرْض لله وَرَسولِه، ثمَّ هِي لَكم مِنّي". وروى: "مَوَتَان الأرضِ لله وَرسولِه، ثمّ هِي لكُم منّي أيّها المسلِمون". الشّافعي (¬6) عن سفيان عن ابن طاوس مرسلًا، باللفظ الأول، وزاد: "مَن أَحْيى شيئًا من مَوَتَان الأرض فَلَه رَقَبَتُها". والبيهقي (¬7) من طريق قبيصة عن سفيان باللفظ الثاني، لكن قال: ". . . فله رَقَبَتُها". ¬
تنبيه
قال: ورواه هشام بن حجير عن طاوس فقال: "ثُمَّ هِي لَكُمْ مِنِّي. . .". ثمَّ ساقه من طريق أبي كريب، نا معاوية بن هشام، نا سفيان، عن ابن طاوس عن أبيه، عن ابن عباس رفعه: "مَوَتَان الأَرْضِ لله وَلِرَسولِه، فَمن أَحْيَى مِنْهَا شَيئًا فَهُو لَه". تفرد به معاوية متصلًا، وهو مما أنكر عليه. تنبيه قوله في آخره: ". . . أيّها المسلِمُون". مدرج ليس هو في شيء من طرقه، وقد استدل بها الرّافعي فيما بعد على أنّ الإحياء مختصّ بالمسلمين، وهو متوقّف عن ثبوتها في الخبر، وقد تبع في إيرادها البغوي في "التهذيب" والإمام في "النهاية". وقوله: عاديّ الأرض: بتشديد الياء المثناة -يعني: القديم الذي من عهد عَادٍ وهلُمّ جرّا. ومَوَتَان -بفتح الميم والواو- قاله ابن برّي وغيره، وغلط من قال فيه (مُوتان) بالضم. 1656 - [4234]- حديث جابر: "مَن أَحْيى أرضًا مَيْتَةً فَله بِها أجرٌ، وما أكلتِ الْعَوَافي مِنها فَهو لَه صَدَقة". أحمد (¬1) والنسائي (¬2) وابن حبان (¬3) من طريق عبيد الله بن عبد الرحمن عنه، ¬
تنبيه
وصرّح عند ابن حبان بسماع هشام بن عروة منه، وبسماعه من جابر، ورواه أيضًا (¬1) من طريق وهب بن كيسان، عن جابر الجملة الأولى. واستدل به ابن حبان على أن الدّمي لا يملك الموات؛ لأن الأجر إنما يكون للمسلم (¬2). وتعقّبه المحب الطبري: بأن الكافر يتصدق ويجازى عليه في الدنيا، كما ورد به الحديث. قلت: وقول ابن حبان أقرب للصّواب، وظاهر الحديث معه، والمتبادر إلى اللهم منه أن إطلاق الأجر إنما يراد به الأخروي، والله أعلم (11604). تنبيه العوافي -جمع عافية- وهم طلاب الرّزق. * حديث (¬3) (¬4): روي: أنه قال: "عاديّ الأرضِ لله وَلِرَسولِه". تقدّم قريبًا. 1657 - [4235]- حديث: "مَن أحيى أرضًا ميتةً في غير حقّ مسلمٍ فهي لَه". ¬
البيهقي (¬1) من حديث كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف، وقد تقدم عزوه لغيره. 1658 - [4236]- حديث: "مَنْ سبق إِلَى مَا لَمْ يَسْبِقْ إِلَيْه مُسْلِم فَهُو لَه". أبو داود (¬2) من حديث أسمر بن مضرس. قال البغوي: لا أعلم بهذا الإسناد غير هذا الحديث، وصحّحه الضياء في "المختارة" (¬3). 1659 - [4237]- حديث: عبد الله بن مغفل: "مَنِ احْتَفَر بِئْرًا فَلَه أَربعون ذِرَاعًا حَولَها لِعَطَنِ مَاشِيَتِه". ابن ماجه (¬4) وفي سنده إسماعيل بن مسلم وهو ضعيف، وقد أخرجه الطبراني من طريق أشعث، عن الحسن. وفي الباب: [4238]- عن أبي هريرة عند أحمد (¬5). ¬
تنبيه
1660 - [4239]- حديث أبي هريرة: "حَريمُ الْبِئر البَدِيءُ خَمْسَةٌ وعشرون ذراعًا، وحَرِيم الْبئرِ العادِيَّة خَمسون ذِراعًا". الدارقطني (¬1) من طريق سعيد بن المسيب عنه، وأعله بالإرسال، وقال: من أسنده فقد وهم. وفي سنده محمَّد يوسف المقري وهو متهم بالوضع، وأطلق عليه ذلك الدارقطني وغيره. ورواه البيهقي (¬2) من طريق يونس، عن الزهري، عن ابن المسيب مرسلًا. وزاد: "وَحَرِيمُ بئرِ الزّرع ثلاثمائةِ ذراعٍ مِنْ نواحيها كلّها". ورواه (¬3) من طريق "مراسيل أبي داود" أيضًا. وأخرجه الحاكم (¬4) من حديث أبي هريرة موصولا ومرسلا، والموصول من طريق عمر بن قيس، عن الزهري، وعمر فيه ضعيف (¬5). ورواه البيهقي (¬6) من وجه آخر، عن أبي هريرة، وفيه رجل لم يسمّ. تنبيه البَدِيء -بفتح الموحدة وكسر الدال، بعدها مَدّة وهمزة- هي: التي ابتدأتَها أنتَ والعادِيَّة: القديمة. ¬
1661 - [4240]- حديث: أقطع النبي - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن مسعود الدور، وهي بين ظهراني عمارة الأنصار من المنازل. وقال في موضع آخر منه: أنّه - صلى الله عليه وسلم - أقطع الدور. البيهقي (¬1) من طريق الشّافعي، عن ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن يحيى بن جعدة، أتم منه. وهو مرسل. ولا يقال: لعل يحيى سمعه من ابن مسعود؛ فإنه لم يدركه. نعم وصله الطبراني في "الكبير" (¬2) من طريق عبد الرحمن بن سلام، عن سفيان، فقال: عن يحيى بن جعدة (¬3)، عن هبيرة بن يريم، عن ابن مسعود قال: لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة أقطع الدور وأقطع ابنَ مسعود فيمن أقطع، فقال له أصحابه: يا رسول الله نكبه عنا؟ قال: "فَلِمَ بَعَثَنِي الله إذًا؛ إنّ الله لا يُقَدِّسُ أُمَّةً لَا يُعْطُونَ الضَّعيفَ مِنْهم حَقَّه". وإسناده قوي. [4241]- وعند أبي داود (¬4)، عن عمرو بن حريث، انطلق بي أبي إلى ¬
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا غلام شاب، فدعا لي بالبركة، ومسح برأسي، وخط لي دارًا بالمدينة بقوس، وقال: "أَزِيدُكَ عَليه" (¬1). إسناده حسن (¬2). [4242]- وفي "الصحيحين" (¬3) عن أسماء بنت أبي بكر، قالت: كنت أنقل النوى في أرض الزبير التي أقطعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. 1662 - [4243]- حديث وائل بن حجر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقطعه أرضا بحضر موت. أحمد (¬4) وأبو داود (¬5) والترمذي (¬6) وصححه، والبيهقي (¬7)، وعنده قصة لمعاوية معه في ذلك. وكذا رواه ابن حبان (¬8) والطبراني (¬9). ¬
تنبيه
1663 - [4244]- حديث: أنه أقطع الزبير حُضْرَ فَرَسِه، فأجرى فرسه (¬1) حتى قام، ثم رمى بسوطه فقال: "اعْطُوهُ مِنْ حَيثُ بَلَغَ السَّوْطُ". أحمد (¬2) وأبو داود (¬3) من حديث ابن عمر. وفيه العمري الكبير وفيه ضعف. [4245]- وله أصل في "الصحيح" (¬4) من حديث أسماء بنت أبي بكر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقطع الزبير أرضًا من أموال بني النضير. تنبيه حُضْرَ فَرَسِه: -بضم الحاء وإسكان الضّاد المعجمة-: هو الْعَدْو. * حديث: أنه حمى [النّقيع] (¬5) لإبل الصدقة، ونعم الجزية، وخيل المجاهدين في سبيل الله. تقدم في أواخر "باب محرمات الإحرام" وأن فيه إدراجا. ¬
* حديث: "لَا حِمَى إلَّا لله وَلِرسولِه". تقدم في الباب المذكور. 1664 - [4246]- حديث: "إذَا قَامَ أَحدُكم في المَسْجِدِ عَن مَجْلِسِه؛ فَهُوَ أَحَقّ بِه (¬1) إذَا عَاد إِلَيه". مسلم (¬2) من حديث أبي هريرة دون التقييد بالمسجد، وقد أورده بالزيادة إمام الحرمين في "النهاية"، وصحّحه وأقره في "الروضة" (¬3) على ذلك، وعزاه في "المطلب" إلى البخاري وليس هو فيه، وقد نَصّ على أنه من أفراد مسلم عبدُ الحق، والحميدي. [4247]- وفي ابن خزيمة (¬4) وغيره من طريق ابن جريج، سمعت نافعا: أن ابن عمر قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لَا يُقِمْ أحدُكُم أَخَاه مِن مَجْلِسِه ثُمَّ يَخْلُفْهُ فِيه". فقلت له في يوم الجمعة؟ قال: "فِيهِ وَفِي غَيْرِه". * حديث: "مَنْ سَبَق إِلَى مَا لَمْ يُسبَقْ إلَيه فَهُو لَه". تقدم في أوائل الباب. ¬
تنبيه
1665 - [4248]- حديث: أنّ أبيض بن حمال المازني استقطع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ملح مارب فأراد أن يقطعه. ويروى: فأقطعه. فقيل: [إنه] (¬1) كالماء الْعِدِّ، قال: "فَلَا إِذًا". الشّافعي (¬2) عن ابن عيينة، عن معمر، عن رجل من أهل مارب، عن أبيه أن الأبيض بن حمال، سأل فذكره سواء. ورواه أصحاب "السنن الأربعة" (¬3) من طريق محمَّد بن يحيى بن قيس المازني عن أبيه عن سمي بن قيس، عن شمير، عن أبيض. وطَرَّقَه النّسائي، وصححه ابن حبان (¬4) وضعفه ابن القطان (¬5). تنبيه العِدّ -بكسر العين المهملة-: الدائم الذي لا انقطاع لمادته، وجمعه أعداد. وقيل العِدّ: ما يجمع ويُعدّ. وردّه الأزهري، ورجح الأول. ومارب -غير مهموز، على وزن ضارب-: موضع بصنعاء. ¬
فائدة
فائدة الذي قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك هو الأقرع بن حابس، بينه الدارقطني في روايته (¬1). 1666 - [4249]- حديث: "النّاسُ شُرَكاءُ في ثَلاثٍ: في الْمَاءِ، وَالْكَلإ، وَالنَّارِ". وكرره في الباب. ابن ماجه (¬2) من حديث ابن عباس، بلفظ: "الْمُسْلِمُون. . .". وفيه عبد الله بن خراش، متروك، وقد صححه ابن السكن. [4260]- ورواه الخطيب في "الرواة عن مالك" عن نافع، عن ابن عمر، وزاد: ". . . والملِح"، وفيه عبد الحكم بن ميسرة راويه عن مالك. (¬3). وهو عند الطبراني بسند حسن، عن زيد بن جبير، عن ابن عمر، كالأول. وله عنده طرق أخرى. [4261]- ولابن ماجه (¬4) من حديث أبي هريرة، بسند صحيح: "ثَلاثٌ لَا يُمَنَعَنَّ: الماءُ، وَالْكَلأ، وَالنَّار". [4262]- ولأبي داود (¬5) من حديث بهيسة، عن أبيها، أنه قال: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما الشيء الذي لا يحل منعه؟ قال: "الْمَاءُ"، ثم أعاد، فقال: "الْمِلْحُ". ¬
وفيه قصة، وأعله عبد (¬1) الحق (¬2) وابن القطان (¬3) بأنها لا تعرف، لكن ذكرها ابن حبان (¬4)، وغيره في الصحابة (¬5). [4262]- ولابن ماجه (¬6) من حديث عائشة أنها قالت: يا رسول الله -، ما الشيء الذي لا يحل منعه؟ قال: "الْمَاءُ، وَالْمِلْحُ، وَالنَّار". الحديث. وإسناده ضعيف (¬7). [4263]- وللطبراني في "الصغير" (¬8) من حديث أنس: "خَصْلَتَانِ لَا يُحِلّ مَنْعُهُما: الْمَاءُ، والنَّارُ". قال أبو حاتم في "العلل" (¬9): هذا حديث منكر. [4264]- وللعقيلي في "الضعفاء" (¬10) عن عبد الله بن سرجس، نحو حديث بهيسة. ¬
[4265]- وروى أبو داود في "السنن" (¬1) وأحمد في "المسند" (¬2) من حديث أبي خداش: أنه سمع رجلًا من المهاجرين من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: غزوت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثًا أسمعه يقول: "الْمسْلِمُون شرَكَاءُ في ثَلاثٍ: الْمَاءِ وَالْكَلإ وَالنَّار". ورواه أبو نعيم في "معرفة الصحابة" (¬3) في ترجمة" أبي خداش" ولم يذكر الرجل. وقد سئل أبو حاتم عنه؟ فقال: أبو خداش لم يدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬4). وهو كما قال؛ فقد سماه أبو داود في روايته: حبان بن زيد وهو الشَّرْعَبي، وهو تابعي معروف. 1667 - [4266]- حديث عبادة بن الصامت: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى في شرب النخل؛ للأعلى أن يسقى قبل الأسفل، ثم يرسل الأعلى إلى الأسفل، ولا يحبس الماء في أرضه. وفي رواية: أنه يجعل الماء إلى الكعبين. وفي أخرى: يرسل الماء حتى ينتهي (¬5) إلى الأراضي. ¬
تنبيه
ابن ماجه (¬1) والبيهقي (¬2) والطبراني. وفيه انقطاع. تنبيه الرواية التي أشار إليها بقوله: حتى ينتهي إلى الأراضي. لم يوجد لفظها. نعم عند المذكورين في رواية إسحاق بن يحيى عن جده عبادة: حتى تنقضي الحوائط. 1668 - [4267]- حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى في السيل أن يمسك حتى يبلغ إلى الكعبين، ثم يرسل الأعلى إلى الأسفل. أبو داود (¬3) وابن ماجه (¬4) من هذا الوجه بلفظ: قضى في السيل المهزور. [4268]- ورواه الحاكم في "المستدرك" (¬5) من حديث عائشة: أنه قضى في سيل مهزور ومذنب: أَن الأعلى يرسل إلى الأسفل، ويحبس قدر الكعبين. وأعله الدارقطني بالوقف. [4269]- ورواه ابن ماجه (¬6) من حديث ثعلبة بن أبي مالك. ¬
تنبيه
[4270]- ورواه عبد الرزاق في "مصنفه" (¬1) عن أبي حاتم القرظي، عن أبيه عن جده. تنبيه مهزور -بتقديم الزاي المضمومة على الراء-: وادٍ بالمدينة. ومذنب: اسم موضع بها. 1669 - [4271]- حديث: أنّه - صلى الله عليه وسلم - قال للزبير حين خاصمه الأنصاري في شراج الحرة التي يسقون بها النخل: "اسْقِ يَا زُبَيْر ثُمَّ أَرْسِلِ الْمَاءَ إِلَى جَارِكَ. . .". الحديث. متفق عليه (¬2). تنبيه الشِّراج -بكسر المعجمة وتخفيف الراء وآخره جيم-: جمع شَرَجَة -بفتح الشين والراء- وهي مسيل الماء. واسم الأنصاري: ثعلبة بن حاطب. وقيل: حميد. وقيل: حاطب بن أبي بلتعة؛ ولا يصح؛ لأنه ليس أنصاريًّا. وحكى ابن بشكوال (¬3) عن شيخه أبي الحسن بن مغيث، أنه: ثابت بن قيس بن شماس. ¬
1670 - [4271]- حديث: "مَنْ مَنَعَ فَضْلَ الْمَاءَ لِيمْنَعَ بهِ الْكَلأَ مَنَعَهُ الله فَضْلَ رَحْمَتِهِ يَومَ الْقِيَامَةِ" (¬1). كرّره في الباب. الشّافعي (¬2) عن مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، وهو متفق عليه (¬3) بلفظ: "لَا يُمْنَعُ فَضْلُ الماءِ لِيُمْنَعَ بِه فَضْلُ الْكَلإ". زاد ابن حبان في "صحيحه (¬4) ": ". . فَيَهْزُلَ المالُ وتَجُوعَ العيالُ". قال البيهقي (¬5): هذا هو الصحيح بهذا اللفظ، وكذا رواه الزعفراني عن الشّافعي، وأما اللفظ المذكور أوّلا فهو مما لم يقرأ على الشّافعي، وحمله الربيع على الوهم، ولو قريء على الشّافعي لغَيّره إن شاء الله تعالى. ثم قال: وهذا اللفظ في حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، وروي من وجه آخر ضعيف، عن أبي هريرة، ومن مرسل الحسن. ويشبه أن يكون الشّافعي ذكر بعض هذه الأسانيد، فأدخل الكاتب حديثا في حديث. انتهى. [4273]- وحديث عمرو بن شعيب؛ رواه أحمد (¬6)، وفي إسناده ليث بن أبي سليم. ورواه الطبراني في "الصغير" (¬7) من حديث الأعمش، عن عمرو بن ¬
شعيب. وقال: لم يرو الأعمش عن عمرو غيره. [4274]- ورواه في "الكبير" (¬1) من حديث واثلة بلفظ آخر، وإسناده ضعيف. 1671 - [4275]- حديث جابر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع فضل الماء. مسلم (¬2) من حديثه وأصحاب "السنن" (¬3) من حديث إياس بن عبد. وصحّحه الترمذي، وقال أبو الفتح القشيري (¬4): هو على شرطهما. 1672 - [4276]- حديث: أن عمر حمى واستعمل مولى له يقال له: هني، وقال: يا هني اضمم جناحك للمسلمين. . . الحديث. البخاري (¬5) به وأتم منه من حديث زيد بن أسلم، عن أبيه، ورواه الشّافعي (¬6) عن الدراوردي، عن زيد مثل ما في الكتاب. وأخرجه عبد الرزاق (¬7) عن معمر عن الزهري، مرسلًا. ¬
1673 - [4277]- قوله: روي عن عثمان أنه رأى خياطا في المسجد. فأخرجه ابن عدي في "الكامل" (¬1) في ترجمة "محمَّد بن [مجيب] (¬2) " ونقل تكذيبه عن ابن معين، وزاد: أنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ صِبْيَانَكُمْ. . .". الحديث. ورويناه عاليا في "جزء بيبى" (¬3) عن ابن أبي شريح عن ابن صاعد. * * * * * ¬
(34) كتاب الوقف
(34) كتاب الوقف
تنبيه
1674 - [4278]- حديث: أن عمر ملك مائة سهم من خيبر، اشتراها فلما استجمعها قال: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصبت مالًا لم أصب مثله قط وقد أردت أن أتقرب به إلى الله، فقال: "حَبِّسِ الأَصْلَ، وَسبِّل الثَّمَرة". ويروى: فجعلها عمر صدقة، لا تباع ولا تورث ولا توهب. الشّافعي (¬1) عن سفيان، عن العمري، عن نافع، عن ابن عمر، به. ورواه في "القديم" عن رجل، عن ابن عون، عن نافع، باللفظ الثاني، وهو متفق عليه (¬2) من حديثه، وله طرق عندهما غيره. تنبيه الرجل الذي أبهمه الشّافعي هو: عمر بن حبيب القاضي، بينه البيهقي في "المعرفة" (¬3) من طريقه، في هذا الحديث. 1675 - قوله: إن المائة سهم كانت مشاعة. لم أجده صريحا بل في "مسلم" ما يشعر بغير ذلك، فإنه قال: إن المال المذكور يقال له: ثمغ، وكان نخلا (¬4). ¬
1676 - [4279]- حديث: "إذَا مَاتَ ابن آدَمَ انْقَطَع عَمَلُه إلَّا من ثَلَاثَةٍ. . . ." الحديث. مسلم (¬1) من حديث أبي هريرة، وقال فيه: (أو. . أو. . .). [4279]- وله (¬2) وللنسائي (¬3) وابن ماجه (¬4) وابن حبان (¬5) من طريق أبي قتادة: "خَيْرُ مَا يُخَلِّفُ الرَّجلُ مِنْ بَعْدِه ثَلاثٌ: وَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَه، وَصَدَقةٌ تَجْرِي يَبْلُغُه أجْرُهَا، وَعِلْمٌ يُعْمَل بِه مِن بَعْدِه". 1677 - [4280]- حديث: "وَأَمَّا خَالِدٌ؛ فإنَّه قَد احْتَبَس أَدْرَاعَهُ وأَعْتُدَه في سَبيل الله". متفق عليه (¬6) من حديث الأعرج (¬7) عن أبي هريرة في حديث. ¬
تنبيه
تنبيه قوله: وأَعْتُدَه -بضمّ التاء المثناة فوق- جمع (عَتَد) بفتحتين، وهو الفرس الصلب، أو المعد للركوب. 1678 - [4281]- حديث: أنّ عثمان وقف بئر رومة، وقال دلوي فيها كدلاء المسلمين. البخاري تعليقا (¬1) والنسائي (¬2) والترمذي (¬3) من حديثه. تنبيه قال أبو عبيد البكري (¬4): رومة كانت رَكِيّة ليهودي اسمه رومة فسمِّيت به. وزعم ابن منده أنّه صحابي، وقد وهم، كما بينته في "معرفة الصحابة" (¬5). واختلف في مقدار الثمن، ففي الطبراني: أنه عشرون ألف [درهم] (¬6). وعند أبي نعيم: أنه اشترى النصف الأول باثني عشر ألفا، والثاني بسبعمائة. وفي "تاريخ المدينة" لابن زبالة: أنه اشترى النصف الأول بمائة بكرة، والثاني بشيء يسير. ¬
وقيل: اشتراها بخمسة وثلاثين ألفا، حكاه الحازمي في "المؤتلف". ورواه الطبراني (¬1) أيضًا. وقيل: بأربعمائة دينار. حكاه ابن سعد (¬2). * حديث: "جُعلَتْ لي الأَرْضُ مسجدًا. .". متفق عليه، وقد تقدم في "التيمم". * حديث: أنه قال لعمر: "حَبِّس الأَصْلَ وَسَبِّل الثَّمَرة". تقدم في أول الباب. 1679 - [4282]- حديث: أنه قال الذي الحسن: "إنّ ابنِي هَذا سَيِّدٌ. . .". البخاري (¬3) من حديث أبي بكرة بهذا، وأتم منه. 1680 - قوله: اشتهر اتفاق الصحابة على الوقف قولا وفعلا. تقدم وقف عمر، ووقف عثمان. [4283]- وفي "الصحيحين" (¬4): وقف أبي طلحة بيرحاء. ¬
[4284]- وروى البيهقي (¬1) عن أبي بكر، والزبير، وسعيد، وعمرو ابن العاص، وحكيم بن حزام، وأنس: أنهم وقفوا. قال: وحَبس زيد بن ثابت داره. [4285]- وعن علي أنه وقف أرضا بينبع (¬2). وسيأتي عن فاطمة أيضًا. وقال البخاري: حبس ابن عمر داره، ووقف الزبير داره على [بناته] (¬3). 1681 - [4286]- قوله: الأصل أن شروط الواقف مرعيّة ما لم يكن فيها ما ينافي الوقف ويناقضه، وعليه جرت أوقاف الصحابة، وقف عمر وشرط: أن لا جناح على من وليه أن يأكل منها بالمعروف، وأن التي تليه بنته حفصة في حياتها، فإذا ماتت فذو الرأي من أهلها. أبو داود (¬4) بسند صحيح به وأتم منه. 1682 - [4287]- قوله: ووقفت فاطمة على نساء النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفقراء بني هاشم والمطلب. ¬
الشّافعي (¬1) بسند فيه انقطاع، إلا أنهم من أهل البيت. 1683 - [4288]- قوله: العشيرة: العترة، قاله زيد بن أرقم. لم أره هكذا، وإنما في النسائي (¬2): أن زيد بن أرقم قيل له: مَن آل محمَّد؟ قال: عترته. * * * * * ¬
(35) كتاب الهبة
(35) كتاب الهبة
1684 - [4289]- حديث: عائشة: "تَهادَوْا؛ فَإِنَّ الْهَدِيَّةَ تُذْهِبُ الضَّغَائِن". هو من أحاديث "الشهاب" (¬1) ومداره على محمد بن عبد النّور، عن أبي يوسف الأعشى، عن هشام، عن أبيه عنها. والراوي له عن محمَّد هو: أحمد ابن الحسن المقري دبيس (¬2) قال الدارقطني: ليس بثقة. وقال ابن طاهر: لا أصل له عن هشام. [4290]- ورواه ابن حبان في "الضعفاء" (¬3) من طريق بكر بن بكار، عن عائذ ابن شريح، عن أنس، بلفظ: "تَهَادَوْا؛ فَإِنَّ الهدِيةَ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ تذْهِبُ السَّخِيمَةَ" وضعّفه بعائذ. قال ابن طاهر: تفرد به عائذ، وقد رواه عنه جماعة، قال: ورواه كوثر ابن (¬4) حكيم عن مكحول، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا. وكوثر متروك. [4291]- وروى الترمذي (¬5) من حديث أبي هريرة، بلفظ: "تَهَادَوْا؛ فإنّ ¬
الهدِيَّةَ تُذْهِبُ وَحْرَ الصَّدْر". وفي إسناده أبو معشر المدني، وتفرد به وهو ضعيف. ورواه ابن طاهر في "أحاديث الشهاب" (¬1) من طريق عصمة بن مالك بلفظ: "الهديَّة تُذهِب بالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ". [4292]- ورواه ابن حبان في "الضعفاء" (¬2) من حديث ابن عمر بلفظ: "تَهَادَوْا؛ فإن الهديَّةَ تُذهِب الغِلَّ". ورَدّه بمحمد بن [أبي] (¬3) الزّعَيْزعة، وقال: لا يجوز الاحتجاج به. وقال فيه البخاري (¬4): منكر الحديث. [4293]- وروى أبو موسى المديني في "الذيل" في ترجمة "زعبل" يرفعه: "تزاوَرُوا، تَهَادَوْا؛ فَإنَّ الزِّيارة تُنبِت الوُدَّ، والهديَّة تُذهِب السَّخِيمَة" (¬5). وهو مرسل، وليست لزعبل صحبة. 1685 - [4294]- حديث: "تَهَادَوْا تَحَابّوا". رواه البخاري في "الأدب المفرد" (¬6) والبيهقي (¬7) وأورده ابن طاهر في "مسند الشهاب" من طريق محمَّد بن [بكير] (¬8)، عن ضمام بن إسماعيل، عن موسى ¬
ابن وردان، عن أبي هريرة. وإسناده حسن. وقد اختلف فيه على ضمام، فقيل: عنه، عن أبي قبيل، عن عبد الله بن عمرو (¬1). وأورده ابن طاهر. [4295]- ورواه في "مسند الشهاب" (¬2) من حديث عائشة، بلفظ: "تَهَادَوْا تَزدَادُوا حُبًّا". وإسناده غريب، فيه محمَّد بن سليمان، قال ابن طاهر: لا أعرفه. [4296]- وأورده أيضًا من وجه آخر، عن أم حكيم بنت وداع الخزاعية، قال ابن طاهر: إسناده أيضًا غريب، وليس بحجة. [4297]- وروى مالك في الموطأ (¬3) عن عطاء الخراساني، رفعه: "تَصَافَحُوا يَذهَب الغِلُّ، وتَهَادَوْا تَحابّوا، [وتذهب الشَّحْنَاء] (¬4) ". ذكره في أواخر "الكتاب". [4298]- وفي "الأوسط" للطبراني (¬5) من طريق عائشة، رفعه: "تَهادَوْا تحابوا، وَهاجَرُوا تُوَرِّثُوا أَوْلادَكُم مجدًا، وَأقِيلُوا الكِرامَ عَثَراتِهِمْ". وفي إسناده نظر. 1686 - [4299]- حديث: "لَوْ دُعِيتُ إِلى كرَاعٍ لأَجَبْتُ، وَلَوْ أُهْدِيَ إِلَيَّ ذِراعٌ لَقَبِلْتُ". ¬
تنبيه
البخاري (¬1) من حديث أبي هريرة في "النكاح". وأورده في "الهدية" من حديثه بلفظ: "لَو دُعِيتُ إِلَى ذِرَاعٍ أَو كُرَاعٍ لأجَبْتُ". [4300]- ورواه الترمذي (¬2) من حديث أَنس بلفظ: "لَوْ أُهْدِيَ إلَيّ كُراعٍ لَقَبِلْتُ، وَلَو دُعِيتُ عَلَيْه لأَجَبْتُ" وصححه. 1687 - [4301] حديث: "لا تَحْقِرَنَّ جَارَةً لجارَتِها، ولَوْ فَرْسن شَاةٍ". متفق عليه (¬3) من حديث أبي هريرة. تنبيه فَرسن الشّاة: ظلفها، وهو في الأصل: خف البعير، فاستعير للشاة، ونونه زائدة. 1688 - [4302]- حديث: أنه كان - صلى الله عليه وسلم - تحمل إليه الهدايا فيقبلها من غيره. لفظ الترمذي (¬4) وأحمد (¬5) والبزار (¬6) من حديث علي: أن كسرى أهدى إلى ¬
النبي - صلى الله عليه وسلم - هدية، فقبل منه، وأن الملوك أهدوا إليه فقبل منهم. [4303]- وفي النسائي (¬1) عن عبد الرحمن بن علقمة الثقفي، قال: لما قدم وفد ثقيف قدموا معهم بهدية، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أَهَدِيَّةٌ أم صَدقةٌ؛ فإن كانت هديَّةً فإنَّمَا يُبتَغى بها وجهُ رَسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وقضاءَ الحاجَةِ، وإن كانت صَدَقةً فَإنما يُبْتَغى بها وَجْهُ الله". قالوا (¬2): لا بل هدية. فقبلها منهم. الحديث. [4304]- وللبخاري (¬3) عن عائشة: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أتي بطعام سأل: "أَهَدِيةٌ أَوْ صَدَقةٌ؟ ". فإن قيل: صدقة. قال لأصحابه: "كُلُوا". وإن قيل: هدية، ضرب بيده، فأكل معهم. والأحاديث في ذلك شهيرة. 1689 - قوله: واشتهر وقوع الكسوة والدواب في هدايا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأن أم ولده مارية كانت من الهدايا. [4305]- أَما الكسوة ففي "الصحيحين" (¬4) عن أنس: أن أكيدر دومة أهدى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - جبة سندس. . . الحديث. ¬
ورواه أحمد (¬1) والنسائي (¬2) والترمذي (¬3) أتم من سياقه. ولأبي داود (¬4): أن ملك الروم أهدى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - مشيقة سندس، فلبسها. . . الحديث. وفيه قصة. [4306]- وفيه (¬5): عن أنس: أن ملك ذي يزن أهدى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حلة أخذها بثلاثة وثلاثين بعيرا، فقبلها. [4307]- وفيهما (¬6): عن علي: أن أكيدر دومة أهدى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ثوب حرير، فأعطاه عليا، فقال: "شقِّقْه خُمُرًا بَيْنَ الْفَوَاطِمِ". [4308]- وأما الدواب فروى البخاري (¬7) عن أبي حميد الساعدي، قال: غزونا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - تبوك، وأهدى ابن الْعَلْمَاء للنبي - صلى الله عليه وسلم - بردًا، وكتب له ببحرهم، وجاء رسول صاحب أيلة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكتاب، وأهدى إليه بغلة بيضاء .. الحديث. [4309]- وفي "كتاب الهدايا "لإبراهيم الحربي: أهدى يوحنا بن رؤبة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بغلته البيضاء. ¬
[4310]- وفي مسلم (¬1): أهدى فروة الجذامي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بغلة بيضاء ركبها يوم حنين. [4311]- وروى الحربي أيضًا، وأبو بكر بن خزيمة، وابن أبي عاصم (¬2) من حديث بريدة: أن أمير القبط أهدى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاريتين وبغلة، فكان يركب البغلة بالمدينة، وأخذ إحدى الجاريتين لنفسه، فولدت له إبراهيم، ووهب الأخرى لحسان. وأما مارية؛ فهي المشار إليها في هذا الحديث. 1690 - [4312]- حديث: جابر: "أَيّما رَجُلٍ أَعمَرَ عُمْرى لَه ولِعَقِبِه؛ فإنّها لِلَّذي [أُعْطِيَها] (¬3) لا تَرْجِعُ إِلَى الَّذِي أَعْطَاهَا؛ لأَنَّهُ أَعْطَى عَطاءً وَقَعَتْ فِيهِ الموَارِيثُ". مسلم (¬4) بهذا. 1691 - [4313]- حديث: "الْعُمْرَى مِيرَاثٌ لأَهْلِهَا". مسلم (¬5) عن جابر، وأبي هريرة مثله. ¬
[4314]- ولأحمد (¬1) والترمذي (¬2) عن سمرة. [4315]- ولابن حبان (¬3) من حديث زيد بن ثابت: "الْعُمْرَى سَبِيلُها سَبِيلُ الْمِيرَاث". 1692 - [4316]- حديث جابر: "لَا تُعْمِرُوا، وَلا تُرْقِبُوا؛ فَمَنْ أَعْمَر شَيئًا أَو أَرْقَبَه فَسَبِيلُه سَبِيلُ الْمِيراث". وكرره في الباب. الشافعي (¬4) وأبو داود (¬5) والنسائي (¬6)، وصححه أبو الفتح القشيري على شرطهما. 1693 - [4317]- حديث جابر: إنما العمرى التي أجاز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقول: هي لك، ولعقبك من بعدك، فأما إذا قال: هي لك ما عشت؛ فإنها ترجع إلى صاحبها. مسلم في "صحيحه" (¬7) دون قوله: (من بعدك). ¬
1694 - [4318]- حديث النعمان بن بشير: أن أباه أتى به النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني نَحّلت ابني هذا غلامًا كان لي. فقال: "أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَّلْتَ مِثْلَ هذا؟ " قال: لا. قال: "أَيَسُرّكَ أَن يَكونُوا لَك في الْبِرِّ سواء؟ (¬1) " قال: نعم. قال: "فَلَا إذًا". ويروى أنّه قال: "فَارْتَجِعْه". ويروى أنه قال: "اتَّقُوا الله وَاعْدِلُوا بَيْن أَوْلَادِكمْ". الشّافعي في "الأم" (¬2) والبيهقي (¬3) من طريقه باللفظ الثاني، وهو في "الصحيحين" (¬4) كذلك. واللفظ الثالث عند البخاري (¬5). وقوله: "أَيَسُرّكَ أَن يَكونُوا لَك في الْبِرّ سواءً" هو في رواية داود بن أبي هند، [عن] (¬6) الشعبي، عنه. أخرجه البيهقي (¬7) وغيره. ¬
تنبيه
تنبيه وقع في "الوسيط" (¬1) للغزالي: أنّ الواهب هو النعمان بن بشير، وهو غلط ظاهر. 1695 - [4319]- حديث: "سَوُّوا بَيْن أَوْلَادِكم في الْعَطِيَّة، فلو كنتُ مُفَضِّلًا أحدًا لفضَّلْتُ البناتِ". الطبراني (¬2) من حديث ابن عباس، إلا أنه قال: (النساء) بدل (البنات)، وفي إسناده سعيد بن يوسف وهو ضعيف، وذكر ابن عدي في "الكامل" (¬3): أنه لم [يَرَ] (¬4) له أنكرَ من هذا. فائدة زاد القاضي حسين في هذا الحديث بعد قوله: (العطية): ". . . حَتَّى في الْقُبَل". وهي زيادة منكرة. 1696 - [4320]- حديث: "لَا يَحِلّ لِواهبٍ أنْ يَرجِع فِيما وَهَب، إلَّا الوَالِدَ؛ فإنّه يَرجِعُ فِيما وَهَب لِوَلَدِه". الشّافعي (¬5) عن مسلم بن خالد عن ابن جريج، عن الحسن بن ¬
[مسلم] (¬1)، عن طاوس به مرسلًا. وقال: لو اتصل لقلت به. انتهى. وقد رواه أبو داود (¬2) والترمذي (¬3) وابن ماجه (¬4) [وابن حبان (¬5)] (¬6) والحاكم (¬7) من حديث طاوس، عن ابن عباس، وهو عنده من رواية عمرو بن شعيب، عن طاوس، وقد اختلف عليه فيه، فقيل عنه، عن أبيه، عن جده رواه النسائي (¬8) وغيره. 1697 - قوله: "لَا يَحِلّ لِرجُلٍ أن يُعْطِيَ عَطِيَّةً، أو يَهَبَ هِبَةً، فَيَرْجِعَ فِيها إلاَّ الْوَالِدَ فيمَا يُعْطِي وَلَدَه، وَمَثَلُ الَّذي يُعْطِي الْعَطِيَّةَ، ثُمَّ يَرْجِعُ فيها كمَثَلِ الْكَلْب يأكُل، فَإِذَا شَبعَ قَاءَ ثُمَّ عَادَ فِيهِ". هو بتمامه هكذا عند أبي داود، ومن ذكر معه في الحديث الذي قبله. ¬
1698 - [4321]- حديث: أن أعرابيا وهب للنبي - صلى الله عليه وسلم - ناقة فأثابه عليها، وقال: "أَرَضِيتَ؟ " قال: لا. فزاده، وقال: "رَضِيتَ؟ " قال: نعم. قال: "لَقَدْ هَمَمْتُ أَن لَا أَتّهِبَ إلَّا مِن قُرَشِيٍّ أو أَنْصَارِيٍّ أو ثَقَفِيٍّ". أحمد (¬1) وابن حبان في "صحيحه" (¬2) من حديث ابن عباس. [4322]- ولأبي داود (¬3) والنسائي (¬4) عن أبي هريرة بالمتن، دون القصة، وطَوَّله الترمذي (¬5). ورواه (¬6) من وجه آخر، وبَيّن أن الثواب كان ستّ بكرات. وكذا رواه الحاكم (¬7)، وصححه على شرط مسلم. 1699 - [4323]- حديث: أن أبا بكر نَحّل عائشة جذاذ عشرين وسقا، فلما مرض قال: وددت أنك حُزْتِيه أو قبضتِيه، وإنما هو اليوم مال الوارث. ¬
فائدة
مالك في "الموطأ" (¬1) عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، به، وأتم منه. ورواه البيهقي (¬2) من طريق ابن وهب، عن مالك وغيره، عن ابن شهاب، وعن حنظلة بن أبي سفيان عن القاسم بن محمَّد نحوه. فائدة استدل [الرّافعي] (¬3) بذلك على أن الهبة لا تملك إلا بالقبض. [4324]- وقد روى الحاكم (¬4): أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أهدى إلى النجاشي، ثم قال لأم سلمة: "إنِّي لأَرى النَّجَاشِيَّ قد مَات، ولا أَرَى الْهَدِيّة التي أَهْديتُ إِليه إلا سَتُرَدّ فإِذا رُدَّتْ إلَيَّ فَهي لَكِ". فَكان كَذلكَ .. الحديث. 1700 - [4325]- حديث عمر: من وهب هبة يرجو ثوابها؛ فهو رد على صاحبها ما لم (¬5) يُثَبْ منها. مالك (¬6) عن داود بن الحصين، عن أبي غطفان بن طريف: أن عمر قاله، وأتم منه. ورواه البيهقي (¬7) من حديث ابن وهب، عن حنظلة، عن سالم بن ¬
عبد الله، عن عمر، نحوه. قال: ورواه عبيد الله بن موسى عن حنظلة، مرفوعا. وهو وهم. قلت: صححه الحاكم (¬1) وابن حزم (¬2) قال: وقيل: عن عبيد الله بن موسى، عن إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع، عن عمرو بن دينار، عن أبي هريرة مرفوعًا: "الوَاهِبُ أَحَق بِهِبَتِه مَا لَم يُثَبْ مِنها". قلت: ورواه ابن ماجه (¬3) من هذا الوجه، والمحفوظ عن عمرو بن دينار، عن سالم، عن أبيه، عن عمر. قال البخاري: هذا أصح. ورواه الدارقطني (¬4) من هذا الوجه. [4326]- ورواه الحاكم (¬5) من حديث الحسن، عن سمرة، مرفوعًا: "إذَا كَانَتِ الْهِبَةُ لِذِي رَحِمٍ مُحَرَّمٍ لَمْ يَرْجِعْ". [4327]- ورواه الدارقطني (¬6) من حديث ابن عباس، وسنده ضعيف. * * * * * ¬
(36) كتاب اللقطة
(36) كتاب اللُّقَطة
تنبيه
1701 - [4328]- حديث: زيد بن خالد الجهني، جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله عن اللقطة؟ فقال: "اعْرفْ عِفاصَهَا وَوِكَاءَهَا ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً، فإنْ جَاء [صَاحِبُهَا] (¬1) وإلَّا فَشَأْنُكَ بِهَا". قال: فضالّة الغنم؟ قال: "هِيَ لَك، أَوْ لأَخِيكَ، أَوْ للذّئْبِ". قال: فضالّة الإبل؟ قال: "مَا لَكَ وَلَها! دَعْهَا، مَعَها حِذَاؤُها وَسِقَاؤُهَا تَرِدُ الْمَاءَ، وَتأْكل الشَّجَرَ حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّها". مالك في "الموطأ" (¬2) والشافعي (¬3) عنه من طريقه، وهو متفق علي (¬4)، من طرق بألفاظ. والسائل: قيل: هو زيد بن خالد الرَّاوي. وقيل: بلال. وقيل: عمير والد مالك. قلت: وقيل سويد الجهني والد عقبة. تنبيه قال الأزهري: أجمع الرّواة على تحريك القاف من (اللّقَطة) في هذا الحديث وإن كان القياس التسكين. ¬
[4329]- حديث عياض بن [حمار] (¬1): "مَنِ الْتَقَط لُقَطَةً، فَلْيُشْهِدْ عَليها ذَا عَدْلٍ أَوْ ذَوَيْ عَدْلٍ". أبو داود (¬2) والنسائي (¬3) وابن ماجه (¬4) وابن حبان (¬5) به، وزيادة: ". . . ثُمَّ لَا يَكْتُم وَلَا يُغَيِّب، فإنْ جَاء صَاحِبُها فَهُو أَحَقُّ بِها، وإلَّا فَهُو مَال الله يؤْتِيه مَن يَشَاء". ولفظ البيهقي (¬6): ". . . ثُمَّ لَا يَكْتُم وَلْيُعَرِّفْ". ورواه الطبراني (¬7) وله طرق. وفي الباب: [4330]- عن مالك بن عمير عن أبيه؛ أخرجه أبو موسى المديني في "الذيل". 1702 - [4331]- قوله: روي في بعض الأخبار: "مَنِ التَقَط لُقَطَةً يَسِيرَةَ فَلْيعَرِّفْهَا ثَلاثةَ أيَّامٍ". ¬
تنبيه
أحمد (¬1) والطبراني (¬2) والبيهقي (¬3)، واللفظ لأحمد، من حديث عمر بن عبد الله بن يعلى، عن جدته حليمة، عن يعلى بن مرة، مرفوعًا: "مَنِ الْتَقَط لُقَطَةً يَسِيرَةَ حَبْلًا أَوْ دِرْهَمًا أَوْ شِبْهَ ذَلك فَلْيعَرِّفْهَا ثَلاثَةً، فإنْ كَان فَوْقَ ذَلِكَ فَلْيُعَرّفْه ستنَّةَ أَيَّامٍ زاد الطبراني فَإنْ جَاء صَاحِبُها وإلَّا فَلْيَتَصَدَّقْ بِها، فإنْ جَاء صَاحِبُها فَلْيُخَبِّرْهُ". وعمر مضعّف، قد صرح جماعة [بضعفه] (¬4). نعم أخرج له ابن خزيمة متابعة، وروى عنه جماعات، وزعم ابن حزم (¬5) أنه مجهول، وزعم هو (¬6) وابن القطان (¬7): أن [حكيمة] (¬8) ويعلى مجهولان. وهو عجيب منهما؛ لأن يعلى صحابيٌّ معروف الصحبة. تنبيه إنما قال الرافعي: "روي في بعض الأخبار"؛ لأن إمام الحرمين قال في ¬
تنبيه
"النهاية": "ذكر بعض المصنِّفين هذا الحديث"، وعنى بذلك الفوراني (¬1)؛ فإنه قال: فإن صحّ فهو معتمد ظاهر. قلت: لم يصح؛ لضعف عمر. 1703 - [4332]- حديث عائشة: ما كانت الأيدي تقطع في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الشيء التافه. ابن أبي شيبة في "مسنده" (¬2) بلفظ: إن يد السارق لم تكن تقطع، فذكره في حديث أوله: لم تكن تقطع يد السارق على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أدنى من ثمن المجن؛ ترس أو جحفة، وكل واحد منهما ذو ثمن. وهو في "الصحيحين" (¬3) إلى قوله: ذو ثمن. والباقي بَيّن البيهقي (¬4): أنه مدرج من كلام عروة. تنبيه عزا ابن [معن] (¬5) حديث عائشة هذا إلى مسلم، وليس هو فيه، إنما فيه أصله ¬
وعزاه القرطبي "شارح مسلم" (¬1) إلى البخاري وليس هو فيه أيضًا. 1704 - [4333]- حديث: أن عليا وجد دينارًا فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: "هُو رِزقٌ". فأكل منه هو وعلي وفاطمة، ثم جاء صاحب الدينار ينشد الدينار فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يَا عَليّ أَدِّ الدّينارَ". أبو داود (¬2) من حديث عبيد الله بن مقسم عن رجل، عن أبي سعيد نحوه. ورواه الشّافعي (¬3) عن الدراوردي، عن شريك بن أبي نمر، عن عطاء بن يسار عنه، وزاد: أنه أمره أن يعرّفه، فلم يُعرِّف. ورواه عبد الرزاق (¬4) من هذا الوجه، وزاد: فجعل أَجَلَ الدّينار وشبهه ثلاثة أيام. وهذه الزيادة [لا تصلح] (¬5)؛ لأنها من طريق أبي [بكر] (¬6) بن أبي سبرة وهو ضعيف جدا (¬7). ¬
ورواه أبو داود (¬1) أيضًا من طريق بلال بن يحيى العبسي، عن علي بمعناه، وإسناده حسن. وقال المنذري: في سماعه من علي نظر. قلت: قد روى عن حذيفة، ومات قبل علي. [4334]- ورواه أبو داود أيضًا (¬2) من حديث سهل بن سعد مطولًا، وفيه موسى بن يعقوب الزمعي مختلف فيه. وأعلّ البيهقي (¬3) هذه الروايات؛ لاضطرابها ولمعارضتها لأحاديث اشتراط السنة في التعريف؛ لأنها أصح، قال: ويحتمل أن يكون إنما أباح له الأكل قبل التعريف [للاضطرار] (¬4)، والله أعلم. 1705 - [4335]- حديث: "مَن وَجَد طَعامًا فَلْيَاكُلْه ولا يُعرِّفْه". هذا حديث لا أصل له، قال المصنف في "التذنيب": هذا اللفظ لا ذكر له في الكتب. نعم قد يوجد في "كتب الفقه" بلفظ أنه قال: "مَن وَجَد طعامًا أَكَلَه ولم يُعرِّفْه". قال: والأكثرون لم ينقلوا في الطعام حديثًا، بل أخذوا حكم ما يَفسد من الطعام من قوله: "إنَّما هِيَ لَك أو لأخِيك أو للذِّئبِ". وعكس الغزَّالي (¬5) القضيّة فجعل الحديث في الطعام، ثم قال: وفي معناه الشاة. ¬
وقال ابن الرِّفعة: لم أره فيما وقفت عليه من كتب أصحابنا. * حديث زيد بن خالد: "إنْ جَاء صَاحِبُها وإلَّا فَشَأنُكَ بِها". تقدم. 1706 - [4336]- قوله: روي: أن أبي بن كعب وجد صُرّة فيها دنانير، فأتى بها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره، فقال: "عَرِّفها حَوْلًا، فَإنْ جَاءَ صَاحِبُها فَعَرفَ عَدَدها، وَوِكاءَها، فَادْفَعْها إِلَيْه، وإلّا فَاسْتَمْتِعْ بِهَا". متفق على المتن (¬1) من حديث أُبي، والسياق لمسلم، وفيه تعيين الدنانير أنها مائة، وفيه أنه أمره أن يعرفها حولًا، ثم أتاه فأمره أن يعرفها حولًا، ثلاثًا. وفي رواية لمسلم: [عامين أو ثلاثًا] (¬2). وفي رواية لهما: قال شعبة: سمعت سلمة ابن كهيل يقول بعد ذلك: عرفها عاما واحدًا، وفي رواية: عامين أو ثلاثًا. قال البيهقي (¬3): كان سلمة يشك فيه ثم ثبت على (¬4) واحد، وهو أوفق للأحاديث الصحيحة. ¬
1707 - قوله -عقب هذا الحديث-: وكان أُبي من المياسير. هذا حكاه الترمذي عقب حديث أُبَي (¬1) عن الشّافعي، قال: وقال الشّافعي: كان أُبيّ كثير المال، من مياسير الصحابة. انتهى. وتُعُقِّب بحديث أبي طلحة الذي في: [4337]- "الصحيحين" (¬2) حيث استشار النبي - صلى الله عليه وسلم - في صدقته، فقال: "اجْعَلْها في فُقَراء أَهْلِك"، فجعلها أبو طلحة في أُبَيّ بن كعب وحسان، وغيرهما. ويجمع: بأن ذلك كان في أول الحال، وقول الشّافعي بعد ذلك حين فُتحت الفتوح. 1708 - [4338]- حديث: أن رجلًا قال: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما نجد في السبيل العامر من اللّقطة؟ قال: "عَرِّفْهَا حَوْلًا، فإنْ جَاءَ صَاحِبُها وإلَّا فَهِيَ لَكَ". أحمد (¬3) وأبو داود (¬4) والنسائي (¬5) من حديث عمر وبن شعيب، عن أبيه، عن جده ¬
تنبيه
* حديث: "إنّ هذَا الْبَلدَ حَرَّمَه الله يَوْمَ خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لا يُعْضَدُ شَوْكُه وَلَا يُنَفَّرُ صَيدُهُ ولا تُلْتَقُط لُقَطَتُه، إلَّا مَن عَرَّفَها". متفق عليه، من حديث ابن عباس وقد تقدم في "محرمات الإحرام". 1709 - [4339]- قوله: ويروى: "لَا تُحِلّ لُقَطَتُه إلَّا لِمُنْشِدٍ" (¬1). رواها البخاري (¬2). تنبيه المنشد -قال الشّافعي: هو الواجد. [والناشد: المالك. أي لا تحل إلا لمعرِّف يعرِّفها، ولا يملكها] (¬3). وقال أبو عبيد (¬4): المنشد الطالب. والناشد: الواجد. والأوّل أشهر. * حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "فَإنْ جَاء بَاغِيها فَعَرِّف عِفَاصَهَا وَوِكَاءَها فَادْفَعْهَا إليه". تقدم من حديث أُبي بن كعب، وزيد بن خالد، وهذا اللفظ عند ¬
مسلم (¬1) وأبي داود (¬2) من حديث زيد بن خالد وقال: إن هذه الزيادة غير محفوظة (¬3)، يعني قوله: "إنْ جَاء بَاغِيهَا فَعَرِّف"، وأشار إلى أن حماد بن سلمة تفرد بها وليس كذلك، بل في رواية مسلم، أن الثوري وزيد بن أبي أنيسة [وَافَقَا] (¬4) حمادًا (¬5). ورواها البخاري أيضًا في حديث زيد بن خالد، ورواها مسلم، وأحمد، والنسائي، والبيهقي، وغيرهم من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، في الحديث الماضي. * قوله: روي أنّه - صلى الله عليه وسلم - أمر عليا أن يغرم الدينار الذي وجده، لما جاء صاحبه. تقدم. 1710 - قوله: إنما جاز أكل الشاة؛ للحديث. يشير إلى قوله في حديث زيد بن خالد، وسأله عن الشاة؟: فقال: "خُذْهَا فَإِنَّما هِيَ لَكَ أَوْ لأَخِيكَ أَوْ للذِّئْبِ". لكن ليس فيه التصريح بتملكها في الحال. ¬
1711 - [4340]- حديث: أن عمر كانت له حظيرة يحفظ فيها الضوّال. رواه مالك في "الموطأ" (¬1). 1712 - [4341]- حديث عائشة: "لَا بَأْسَ بِمَا دُونَ الدِّرْهَم أَنْ يَسْتَنْفِعَ بِه". لم أجده. [قلت: أخرجه ابن أبي شيبة (¬2) من رواية جابر الجعفي، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عائشة: أنها أرخصت في اللقطة في درهم] (¬3). * * * * * ¬
(37) كتاب اللقيط
(37) كتاب اللَّقيط
1713 - [4342]- حديث سُنَينٍ أبي جميلة: أنه وجد منبوذا فجاء به إلى عمر، فقال: ما حملك على أخذ هذه النسمة؟ فقال: وجدتها ضائعة فأخذتها. فقال عريفه: يا أمير المؤمنين، إنه رجل صالح. فقال: اذهب فهو حر، ولك ولاؤه، وعلينا نفقته. مالك في "الموطأ" (¬1) والشافعي (¬2) عنه، عن ابن شهاب به. وزاد عبد الرزاق (¬3) عن مالك: وعلينا نفقته من بيت المال. وعلقه البخاري (¬4) بمعناه. وأخرجه البيهقي (¬5) من طريق ابن عيينة، عن الزهري أنه: سمع سُنَيْنا أبا جميلة يحدث سعيد بن المسيب، قال: وجدت منبوذا على عهد عمر، [فَـ] (¬6) ـذَكره عريفي لعمر، فأرسل إلَيّ فدعاني والعريف عنده، فلما رآني مقبلا قال (¬7): عسى الغوير أبؤسا. قال التعريف: يا أمير المؤمنين: إنه ليس بمتَّهَم ¬
تنبيهان
قال: على ما أخذت هذه النسمة؟ قال: وجدتها بمضيعة فأحببتُ أن يأجرني الله فيها. قال: هو حر، وولاؤه لك، وعلينا رضاعه. تنبيهان الأول: يقع في نسخ الرافعي: (سُنَين بن جميلة)، والصواب: (سُنَيْن أبو جميلة)، وهو صحابي مشهور معروف (¬1)، لم يصب من قال: إنه مجهول. الثاني: اسم التعريف المذكور: سنان، أفاده الشيخ أبو حامد في "تعليقه". 1714 - [4343]- حديث علي: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعاه إلى الإِسلام قبل بلوغه فأجابه. قال ابن سعد في "الطبقات" (¬2): أَخبرنا إسماعيل بن أبي أويس، حدثني أبي عن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي، قال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا عليا إلى الإِسلام وهو ابن سبع سنين، أو دونها، فأجاب، ولم يعبد وثنا قط؛ لصغره. وروى البيهقي (¬3) -بسند ضعيف- عن علي، أنه كان يقول: سبقتكم إلى الإِسلام طرًّا صغيرا ما بلغت أوان حلمي. [4344]- وروى الحاكم في "المستدرك" (¬4) عن ابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دفع الراية إلى علي يوم بدر، وهو ابن عشرين سنة. ¬
وكانت بدر بعد المبعث بأربع عشرة سنة، فيكون سنّه في المبعث ستة أو سبعة أعوام. [4345]- وفي "المستدرك" (¬1) أيضًا من [طريق] (¬2) ابن إسحاق: أن عليا أسلم وهو ابن عشر سنين. [4346]- وقال ابن أبي خيثمة: أخبرنا قتيبة، حدّثنا الليث، عن أبي الأسود عمن حدثه: أن عليا أسلم وهو ابن ثمان سنين. [4347]- وأما ما روي عن الحسن: أن عليا كان له حين أسلم خمس عشرة سنة، فقد ضعفه ابن الجوزي (¬3)؛ لاتفاقهم على أنه لما مات لم يجاوز ثلاثًا وستين، واختلف فيما دونها، فلو صح قول الحسن لكان عمره ثمانيا وستين. قلت: قد قيل: إن عمره كان خمسًا وستين، فإذا قلنا بما رواه ربيعة، عن أنس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقام بمكة بعد المبعث عشر سنين، فيتخرج قول الحسن على وجه من الصحة، وإن كان الأصح غيره. وقال البيهقي (¬4): يحتمل أن يكون قول الصبي المميز في أول البعثة كان محكوما بصحته، ثم ورد الحكم بغير ذلك، وأما على قول الحسن: فلا إشكال. وأغرب من ذلك قول جعفر بن محمَّد، عن أبيه: أنه لما مات كان عمره ثماني وخمسين سنة. فإن قلنا بالمشهور كان عمره عند المبعث خمس سنين أو ست، ¬
وإن قلنا بقول ربيعة، عن أنس كان ابن ثمان أو تسع. والله أعلم. واحتج البيهقي (¬1) على صحة إسلام الصبي: [4348]- بحديث أنس: كان غلام يهودي يخدم النبي - صلى الله عليه وسلم - ... الحديث. وفيه أنه مرض فعرض عليه الإِسلام فأسلم. وأخرجه البخاري (¬2). [4349]- وبحديث ابن عمر: أنه عرض الإِسلام على ابن صياد وهو لم يبلغ الحلم. متفق عليه (¬3). * وبحديث: "مُروهُم بالصَّلاةِ لِسَبْعٍ". أخرجه أصحاب "السنن". وقد تقدم. 1715 - [4350]- حديث عمر: أنه استشار الصحابة في نفقة اللقيط، فقالوا: في بيت المال. وكذا أورده الماوردي في "الحاوي" (¬4)، والشيخ في "المهذب" (¬5) ولم [أقف] (¬6) له على أصل، وإنما يعرف ما تقدم من قصة أبي جميلة: أن عمر قال: وعلينا نفقته من بيت المال، ولم يُنقل أن أحدًا من الصّحابة أنكر عليه. ¬
1716 - [4351]- حديث: أن عمر قال لغلام ألحقه القافة بالمتنازَعَين معًا: انتسب إلى (¬1) أيّهما شئتَ. الشّافعي (¬2) ومن طريقه البيهقي (¬3) عن أنس بن عياض، عن هشام، عن أبيه، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب: أن رجلين تداعيا ولدًا، فدعا له عمر القافة، فقالوا: لقد اشتركا فيه. فقال عمر: [والِ] (¬4) أيهما شئتَ. ورواه البيهقي (¬5) من طريق أخرى، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، عن أبيه، فوصله. [4352]- ورواه مالك في "الموطأ" (¬6) والشافعي (¬7) عنه عن يحيى بن سعيد، عن سليمان بن يسار عن عمر، نحوه. [4353]- ورواه البيهقي من وجه آخر (¬8) عن سليمان بن يسار، عن عمر، بقصة مطوَّلة. ¬
[4354]- ومن طريق مبارك بن فضالة (¬1)، عن الحسن، عن عمر في رجلين وطئا جارية في طهر واحد، فجاءت بغلام فارتفعا إلى عمر، فذكر نحوه. وفي الباب: [4355]- عن علي، أخرجه الطحاوي (¬2) وغيره. ***** ¬
(38) كتاب الفرائض
(38) كتاب الفرائض ¬
1717 - [4356]- حديث ابن مسعود: "تَعَلّمُوا الْفَرَائِضَ وَعَلِّمُوهَا النَّاسَ؛ فَإِنِّي امْرُؤٌ مَقْبُوضٌ، وَإِنَّ الْعِلْمَ سَيُقْبَضُ، وَتَظْهَرُ الْفِتَن، حَتَّى يَخْتلِفَ الإثْنَان في [الْفَرِيضَةِ] (¬1) فَلا يَجِداَن مَنْ يَفْصِلُ بَينَهما". أحمد (¬2) من حديث أبي الأحوص، عنه، نحوه بتمامه. والنسائي (¬3) والحاكم (¬4) [والدارمي] (¬5). (¬6) والدارقطني (¬7) كلهم من رواية عوف، عن سليمان بن جابر، عن ابن مسعود. وفيه انقطاع. وفي الباب: [4357]- عن أبي بكرة، أخرجه الطبراني في "الأوسط" (¬8) في ترجمة "علي ابن سعيد الرازي". ¬
تنبيه
[4358]- وعن أبي هريرة، رواه الترمذي (¬1) من طريق عوف، عن شهر، عنه. وهما مما يعلل به طريق ابن مسعود المذكورة؛ فإن الاختلاف فيه على عوف الأعرابي، قال الترمذي: فيه اضطراب. 1718 - [4359]- حديث أبي هريرة: "تَعَلَّمُوا الْفَرائِضَ؛ فإنَّها مِنْ دِينِكُم، وَإنَّه نِصْفُ الْعِلْمِ، وإنَّه أَوَلُ مَا يُنْزَعُ مِن أُمَّتِي". ابن ماجه (¬2) والحاكم (¬3) والدارقطني (¬4)، ومداره على حفص بن عمر بن أبي العطاف، وهو متروك. تنبيه قال ابن الصلاح: لفظ (النصف) هنا عبارة عن القسم الواحد، وإن لم يتساويا. وقال ابن عيينة (¬5): إنما قيل له نصف العلم؛ لأنه يبتلى به الناس كلهم. * حديث عمر. يأتي في آخر الباب. ¬
1719 - [4360]- حديث: "أَفْرَضكُمْ زَيْدٌ". أحمد (¬1) والترمذي (¬2) والنسائي (¬3) وابن ماجه (¬4) وابن حبان (¬5) والحاكم (¬6) من حديث أبي قلابة، عن أنس: "أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكَر .... " الحديث. [وفيه: "وَأَعْلَمُهَا بِالْفَرائِضِ زَيْد بن ثَابِت". صححه الترمذي، والحاكم، وابن حبان] (¬7). وفي رواية للحاكم (¬8): "أَفْرَضُ أُمَّتِي زيدُ". وصححها أيضًا. وقد أعل بالإرسال، وسماع أبي قلابة من أنس صحيح؛ إلا أنه قيل: لم يسمع منه هذا. وقد ذكر الدارقطني الاختلاف فيه على أبي قلابة في "العلل"، ورجح هو وغيره كالبيهقي (¬9) والخطيب في "المدرج" (¬10): أن الموصول منه ذكر أبي عبيدة، والباقي مرسل. ورجح ابن المواق وغيره رواية الموصول. ¬
وله طريق أخرى عن أنس، أخرجها الترمذي (¬1) من رواية داود العطار، عن قتادة، عنه. وفيه سفيان بن وكيع، وهو ضعيف. ورواه عبد الرزاق (¬2) عن معمر، عن قتادة، مرسلًا. قال الدارقطني: هذا أصح وفي الباب: [4361]- عن جابر، رواه الطبراني في "الصغير" (¬3) بإسناد ضعيف، في ترجمة "علي بن جعفر". [4362]- وعن أبي سعيد، رواه قاسم بن أصبغ، عن ابن أبي خيثمة، والعقيلي في "الضعفاء" (¬4)، عن علي بن عبد العزيز، كلاهما عن أحمد بن يونس، عن سلام (¬5)، عن زيد العمى، عن أبي الصديق، عنه. وزيد وسلام ضعيفان. [4363]- وعن ابن عمر، رواه ابن عدي (¬6) في ترجمة " [كوثر] (¬7) بن حكيم" ¬
تنبيه
وهو متروك. وله طريق أخرى في "مسند أبي يعلى" (¬1) من طريق ابن البيلماني عن أبيه، عنه. [4364]- وأورده ابن عبد البر في "الاستيعاب" (¬2) من طريق أبي سعد البقال عن شيخ من الصحابة، يقال له: محجن أو أبو محجن. 1720 - [4365]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - ورث بنت حمزة من مولى لها. النسائي (¬3) وابن ماجه (¬4) من حديثها، وفي إسناده ابن أبي ليلى القاضي. وأعله النسائي بالإرسال، وصحح هو والدارقطني [الطريق] (¬5) المرسلة. وفي الباب: [4366]- عن ابن عباس، أخرجه الدارقطني (¬6). تنبيه صرح الحاكم في "المستدرك" (¬7) في هذا الحديث بأن اسمها أمامة. ورواه ¬
أحمد في "مسنده" (¬1) من طريق قتادة، عن سلمى بنت حمزة. فذكره. قال البيهقي (¬2): اتفق الرواة على أن ابنة حمزة هي المعتقة. وقال إبراهيم النخعي: توفي مولى لحمزة بن عبد المطلب فأعطى النبي - صلى الله عليه وسلم - ابنة حمزة النصف طعمة. [قال: وهو غلط. قلت: [4367]- قد روى الدارقطني (¬3) من حديث جابر بن زيد، عن ابن عباس: أنّ مولى لحمزة توفي وترك ابنته وابنة حمزة، فأعطى النبي - صلى الله عليه وسلم - وابنته النصف، وابنة حمزة النصف] (¬4). وجاء في "مصنف ابن أبي شيبة" (¬5) أنها فاطمة. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (¬6) أيضًا. 1721 - [4368]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "أنا وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَه، أَعْقِلُ عَنْه وَأَرِثُه". ¬
أبو داود (¬1) والنسائي (¬2) وابن ماجه (¬3) والحاكم (¬4) وصححه، وابن حبان (¬5) من حديث المقداد بن معديكرب في حديث فيه: "والْخَالُ وَارِثٌ". وحكى ابن أبي حاتم (¬6) عن أبي زرعة: أنه حديث حسن. وأعله البيهقي (¬7) بالاضطراب، ونقل عن يحيى بن معين: أنه كان يقول: ليس فيه حديث قوي. وفي الباب: [4369]- عن عمر؛ رواه الترمذي (¬8) بلفظ: "الله وَرسُولُه مَولَى مَنْ لَا مَوْلَى لَهُ وَالْخَالُ وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَه". 1722 - [4370]- وعن عائشة، رواه الترمذي (¬9) والنسائي (¬10) ¬
والدارقطني (¬1) من حديث طاوس، عنها بقصة الخال، حسب. وأعله النّسائي بالاضطراب. ورجح الدارقطني والبيهقي (¬2) وقفه. وقال البزار: أحسن إسناد فيه حديث أبي أمامة بن سهل. قال: كتب عمر بن الخطاب إلى أبي عبيدة، فذكره، كما تقدم قبل. 1723 - [4371]- قوله: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "سَأَلتُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ مِيراثِ الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ، فَسَارَّني جِبْرِيلُ: أَنْ لَا مِيرَاثَ لَهُمَا". أبو داود في "المراسيل" (¬3) والدارقطني (¬4) من طريق الدراوردي، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار به، مرسلًا. وأخرجه النسائي (¬5) من مرسل زيد بن أسلم، ووصله الحاكم في "المستدرك" (¬6) بذكر أبي سعيد، وفي إسناده ضعف، ووصله الطبراني ¬
في "الصغير" (¬1) أيضًا من حديث أبي سعيد، في ترجمة "محمَّد بن الحارث المخزومي" شيخه، وليس في الإسناد من ينظر في حاله غيره. [4372]- ورواه الدارقطني (¬2) من حديث أبي سلمة، عن أبي هريرة، وضعفه بمسعدة بن اليسع الباهلي، راويه عن محمَّد بن عمرو. [4373]- ورواه الحاكم (¬3) من حديث عبد الله بن دينار، عن ابن عمر وصححه. وفي إسناده عبد الله بن جعفر المديني، وهو ضعيف. [4374]- وروى له الحاكم (¬4) شاهدا من حديث شريك بن عبد الله بن أبي نمر: أن الحارث بن [عبد] (¬5) أخبره: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن ميراث العمة والخالة. (فذكره). وفيه سليمان بن داود الشاذكوني وهو متروك. وأخرجه الدارقطني (¬6). (¬7) من وجه آخر، عن شريك مرسلًا. * حديث: أنه ركب إلى قباء يستخير الله في العمّة والخالة، ثم قال: "أُنْزِلَ عَلَيَّ أَنْ لَا مِيرَاثَ لَهُمَا". ¬
أصل الحديث، تقدم كما ترى. والقصّة في "المراسيل" (¬1) لأبي داود. 1724 - [4375]- حديث: "أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لأَوْلَى رَجُلٍ ذَكرٍ". متفق عليه (¬2). 1725 - قوله: وفي رواية: "فلأَوْلىَ عَصَبَةٍ ذَكرٍ". وقال -بعد أوراق- اشتهر عن النّبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (فذكره) بهذا اللفظ. والثابت في "الصحيحين" من حديث ابن عباس: "فَمَا أَبْقَتِ الْفَرَائِضُ فَلأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ". وهذا اللفظ تبع فيه الغزَّالي (¬3)، وهو تبع إمامه. وقد قال ابن الجوزي في "التحقيق" (¬4): إن هذه اللفظة لا تحفظ. وكذا قال المنذري. وقال ابن الصلاح: فيها بُعْد عن الصّحة من حيث اللغة، فضلا عن الرواية؛ فإن العصبة في اللغة اسم للجمع لا للواحد. انتهى. ¬
[4376]- لكن في "الصحيح" (¬1) عن أبي هريرة حديث: "أَيّمَا امْرِيءٌ تَرَكَ مَالًا فَلْيَرِثْهُ عَصَبَتُه مَن كَانُوا". فشمل الواحدَ وغيرَه. 1726 - [4377]- حديث: "الاثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ". ابن ماجه (¬2) والحاكم (¬3) من حديث أبي موسى الأشعري، وفيه الربيع بن بدر وهو ضعيف. وأبوه مجهول. [4378]- ورواه البيهقي (¬4) من حديث أنس، وقال: هو أضعف من حديث أبي موسى. [4379]- والدارقطني (¬5) من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. وفيه عثمان الوابصي، وهو متروك. [4380]- وابن عدي (¬6) وابن أبي خيثمة من حديث الحكم بن عمير. وإسناده واهٍ. وله طريقان آخران: ¬
أحدهما: [4381]- رواه بن المغلس في "الموضح" عن علي بن يونس، عن إبراهيم ابن عبد الرزاق الضرير، عن علي بن [بحر] (¬1)، عن عيسى بن يونس، عن محمَّد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، به. ومن دون علي بن بحر مجهولان. والثانية: [4382]- روى أحمد (¬2) من طريق عبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد عن القاسم، عن أبي أمامة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا يصلي فقال: "أَلَا رَجُلٌ يَتَصَدَّق عَلَى هَذَا فَيُصَلِّي مَعَه؟ " فقام رجل يصلي معه، فقال "هَذَان جَماعَةٌ". هذا عندي أمثل طرق هذا الحديث؛ لشهرة رجاله. وإن كان ضعيفًا (¬3). [4383]- وقد رواه الطبراني (¬4) من وجه آخر عن القاسم عن أبي أمامة. [4384]- وقال البخاري (¬5) في "الصلاة" من "صحيحه" باب: "اثنان فما ¬
فوقهما جماعة"، ثم أخرج حديث مالك بن الحويرث: "فَأَذِّنَا وَأَقِيمَا، وَلْيَؤُمَكُمَا أَكْبَرُكُمَا". 1727 - [4385]- حديث قبيصة بن ذؤيب: جاءتَ الجدّة إلى أبي بكر تسأله ميراثها؟ فقال لها: ما لك في كتاب الله شيء، وما علمت لك في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[شيئا] (¬1)، فارجعي حتى أسأل الناس. فسأل الناس، فقال المغيرة: شهدت النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطاها السدس. فقال: هل معك غيرك؟ فقام محمَّد بن مسلمة فقال مثل ما قال المغيرة. فأنفذه لها أبو بكر ... الحديث. وفيه قصة عمر. مالك (¬2) وأحمد (¬3) وأصحاب السنن (¬4) وابن حبان (¬5) والحاكم (¬6) من هذا الوجه، وإسناده صحيح؛ لثقة رجاله، إلا أن صورته مرسل؛ فإن قبيصة لا يصح له سماع من الصديق، ولا يمكن شهوده القّصةَ، قاله ابن ¬
تنبيه
عبد البر (¬1) بمعناه. وقد اختلف في مولده، والصحيح أنه ولد عام الفتح فيبعد شهوده القصة. وقد أعله عبد الحق تبعًا لابن حزم (¬2) بالانقطاع. وقال الدارقطني (¬3) في "العلل" (¬4) بعد أن ذكر الاختلاف [على] (¬5) عن الزهري: يشبه أن يكون الصواب قول مالك ومن تابعه. تنبيه ذكر القاضي الحسين: أن التي جاءت إلى الصديق أم الأم، والتي جاءت إلى عمر أم الأب. [وفي رواية ابن ماجه ما يدل له (¬6)] (¬7)، وسيأتي فيما بعد: أنهما معا أتتا أبا بكر. وقد ذكر أبو القاسم بن منده في "المستخرج من كتب الناس للتذكرة": أنه روى أيضًا من حديث معقل بن يسار، وبريدة، وعمران بن حصين [كلهم عن النبي - صلى الله عليه وسلم -] (¬8). ¬
1728 - [4386] حديث بريدة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل للجدة السدس إذا لم تكن دونها أمّ. أبو داود (¬1) والنسائي (¬2)، وفي إسناده عبيد الله العتكي مختلف فيه، وصححه ابن السكن. * قوله: روي أن ابن عباس احتج على عثمان. يأتي في آخر الباب. * قوله: روى القاسم قال: جاءت الجدتان. يأتي آخر الباب. 1729 - [4387]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - أعطى السدس ثلاث جدات من قبل الأب، وواحدة من قبل الأم. الدارقطني (¬3) بسند مرسل. ورواه أبو داود في "المراسيل" (¬4) بسند آخر، عن إبراهيم النخعي، والدارقطني (¬5) والبيهقي (¬6) من مرسل الحسن أيضًا. ¬
وذكر البيهقي عن محمَّد بن نصر: أنه نقل اتفاق الصحابة والتابعين على ذلك إلا ما روي عن سعد بن أبي وقاص أنه أنكر ذلك، ولا يصح إسناده عنه. 1730 - [4388]- حديث: أن امرأة من الأنصار أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعها ابنتان، فقالت: يا رسول الله هاتان بنتا سعد بن الربيع قتل أبوهما معك يوم أحد، وأخذ عمهما ماله، ووالله لا ينكحان ولا مال لهما، فقال: "يَقْضِي الله في ذَلكِ". فأنزل الله: (فَإِنْ كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَينِ ...) الآية. فدعاهم، فأعطى البنتين الثلثين، والأم (¬1) الثمن، وقال: للعم: "خُذِ الْبَاقِي". أحمد (¬2) وأبو داود (¬3) والترمذي (¬4) وابن ماجه (¬5) والحاكم (¬6) من حديث عبد الله بن محمَّد بن عقيل، عن جابر. ¬
تنبيه
ووقع في رواية لأبي داود: هاتان بنتا ثابت بن قيس. قال أبو داود (¬1): وهو خطأ. 1731 - [4389]- حديث هزيل بن شرحبيل: سئل أبو موسى عن بنت، وبنت ابن، وأخت ... الحديث. وفيه قول ابن مسعود: للابنة النصف، ولابنة الابن السدس؛ تكملة الثلثين، وما بقي فللأخت. أحمد (¬2) والبخاري (¬3) وأبو داود (¬4) والترمذي (¬5) وابن ماجه (¬6) والحاكم (¬7) من هذا الوجه، زاد من عدا البخاري: جاء رجل إلى أبي موسى وسلمان بن ربيعة، والباقي نحوه. تنبيه هزيل: قيّده الرافعي في الأصل بالزّاي، وإنما صنع ذلك مع وضوحه؛ لأنه ¬
وقع في كلام كثير من الفقهاء هذيل -بالذّال، وهو تحريف. 1732 - [4390]- حديث علي: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أَعْيَانُ بَنِي الأُمِّ يَتَوَارَثُونَ دُون بَنِي الْعَلَّات، يَرِثُ الرَّجلَ أَخُوهُ لأَبِيهِ وَأمّهِ دُونَ أَخِيه لأَبِيه". الترمذي (¬1) وابن ماجه (¬2) والحاكم (¬3) من حديث الحارث، عن علي. والحارث فيه ضعف، وقد قال الترمذي: إنه لا يعرف إلا من حديثه، لكن العمل عليه. وكان عالمًا بالفرائض، وقد قال النسائي: لا بأس به. 1733 - [4391]- حديث: روي أن رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - برجل فقال: إني اشتريته وأعتقته، فما أمر ميراثه؟ قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إَنْ تَرَكَ عَصَبَةً فَالْعَصَبَةُ أَحَقُّ وَإلَّا فَالْوَلَاءُ لَكَ". ¬
البيهقي (¬1) وعبد الرزاق (¬2) -واللفظ له- وسعيد بن منصور من مرسل الحسن: أن رجلًا (¬3) أراد أن يشتري عبدا ... فذكر الحديث. وفيه: أنه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ميراثه فقال: "إِنْ لَمْ يَكُن لَهُ عَصَبَة فَهُوَ لَكَ". * حديث: "إِنما الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ". متفق عليه، كما تقدم في "البيوع". 1734 - [4392]- حديث [أسامة] (¬4) بن زيد: "لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ". متفق عليه (¬5) وأخرجه أصحاب السنن (¬6) أيضًا، وأغرب ابن تيمية في "المنتقى" (¬7) فادعى أن مسلما لم يخرجه. وكذا ابن الأثير في "الجامع": ادّعى أن النسائي لم يخرجه. 1735 - [4393]- حديث: "لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَينِ شَتَّى". ¬
أحمد (¬1) والنسائي (¬2) وأبو داود (¬3) وابن ماجه (¬4) والدراقطني (¬5) وابن السكن، من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. [4394]- ورواه ابن حبان (¬6) من حديث ابن عمر في حديث. [4395]- ومن حديث جابر؛ رواه الترمذي (¬7) واستغربه، وفيه ابن أبي ليلى. [4396]- وأخرجه البزار (¬8) من حديث أبي سلمة، عن أبي هريرة، بلفظ: "لَا تَرِثُ مِلَّةٌ مِنْ مِلَّةٍ". وفيه عمر بن راشد، قال: إنه تفرد به، وهو لين الحديث. [4397]- ورواه النّسائي (¬9) والحاكم (¬10) والدارقطني (¬11) بهذا اللفظ، من حديث أسامة بن زيد. قال الدارقطني: هذا اللفظ في حديث أسامة غير محفوظ. ¬
ووهم عبد الحق (¬1) فعزاه لمسلم. 1736 - [4398]- قوله: روي في بعض الروايات: "لَا يَتَوارثُ أهل مِلَّتَين لا يَرِثُ المُسْلِمُ الكافرَ". فجعل الثاني بيانا للأول، فدل على أن المراد بالملتين: الإِسلام والكفر. البيهقي (¬2) بلفظ: "لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ، وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ، وَلَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْن". وفي إسنادها الخليل بن مرة، وهو واهٍ. 1737 - [4399]- حديث: "لَيسَ لِلْقَاتِلِ مِيرَاثٌ". النسائي (¬3) بهذا اللفظ، من رواية عمرو بن شعيب، عن عمر، مرفوعًا، في قصة، وهو منقطع. [4400]- ورواه ابن ماجه (¬4)، والموطأ (¬5) والشافعي (¬6) وعبد الرزاق (¬7) والبيهقي (¬8)، قال البيهقي: ورواه محمَّد بن راشد، عن سليمان بن موسى، ¬
عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، مرفوعًا. قلت: وكذا أخرجه النسائي (¬1) من وجه آخر، عن عمرو، وقال: إنه خطأ. وأخرجه ابن ماجه (¬2) والدارقطني (¬3) من وجه آخر، عن عمرو، في أثناء حديث. وفي الباب: [4401]- عن عمر بن شيبة بن أبي كثير الأشجعي، أخرجه الطبراني (¬4) في قصة، وأنه قتل امرأته خطأً فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اعْقِلْهَا، وَلَا تَرِثْهَا". و [4402]- عن عدي الجذامي نحوه، أخرجه الخطابي (¬5). وسيأتي له طريق أخرى. 1738 - [4403]- حديث ابن عباس: "لَا يَرِثُ الْقَاتِلُ شيئًا". الدارقطني (¬6) وفي إسناده كثير بن سليم، وهو ضعيف. ¬
1739 - [4404]- قوله: يروى: "مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا؛ فَإنَّه لَا يَرِثُه، وإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وِارِث غَيره". البيهقي (¬1) من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن رجل، عن عكرمة، عن ابن عباس، مرفوعا، فذكره بزيادة: "وإنْ كَانَ وَالِده أَوْ وَلَدَه". والرّجل المذكور هو عمرو بن برق قاله عبد الرزاق راوي الحديث، وهو ضعيف عندهم. 1740 - [4405]- حديث أبي هريرة: "القَاتِلُ لَا يَرِثُ". الترمذي (¬2) وابن ماجه (¬3) وفي إسناده: إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، تركه أحمد [بن حنبل] (¬4)، وغيره (¬5)، وأخرجه النسائي في "السنن الكبرى" (¬6) وقال: إسحاق متروك. 1741 - [4406]- حديث عمر: "إذا تَحَدَّثْتُم فَتَحدَّثُوا في الْفَرائِضِ، وإذَا لَهَوْتُم فَالْهَوْا بِالرَّمْيِ". ¬
موقوف، الحاكم (¬1) والبيهقي (¬2)، ورواته ثقات إلا أنه منقطع. 1742 - [4407]- حديث ابن عباس: أنه دخل على عثمان فقال له -محتجا عليه- كيف تَرُدّ الأمَّ إلى السدس بالأخوين، وليسا بإخوة؟ فقال عثمان: لا أستطيع ردَّ شيء كان قبلي، [ومضى] (¬3) في البلدان، وتوارث عليه الناس. الحاكم (¬4) وصححه، وفيه نظر، فإن فيه شعبة مولى ابن عباس، وقد ضعفه النسائي (¬5). 1743 - [4407]- قوله: روى القاسم بن محمَّد، قال: جاءت الجدتان إلى أبي بكر، فأعطى أم الأم الميراث، دون أم الأب، فقال له بعض الأنصار: أعطيت التي لو (¬6) ¬
ماتت لم يرثها، ومنعت التي لو ماتت ورثها، فجعل أبو بكر السدس بينهما. مالك في "الموطأ" (¬1) عن يحيى بن سعيد، عن القاسم، وهو منقطع. ورواه الدارقطني (¬2) من حديث ابن عيينة، وبَيَّن أن الأنصاري هو: عبد الرحمن بن سهل بن حارثة. 1744 - [4409]- قوله: وعن زيد بن ثابت في أم أبي الأب، وأم من فوقه من الأجداد، وأمهاتهن؛ روايتان. انتهى. روى الدارقطني (¬3) من طريق أبي الزناد، عن [خارجة] (¬4) بن زيد بن ثابت، عن أبيه، أنه كان يورِّث ثلاث جدّات إذا استوَيْنَ؛ ثنتان من قبل الأب، وواحدة من قبل الأم. وروى (¬5) من حديث قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن زيد نحوه، لكن قال: ثنتين من قبل الأم، وواحدة من قبل الأب. ورواه البيهقي (¬6) من طرق، عن زيد بن ثابت، نحو الأول، وكلها منقطعة. ¬
1745 - قوله: كان علي وابن مسعود وزيد بن ثابت وابن عباس [تكلموا] (¬1) في جميع أصول الفرائض، وكان أبو بكر وعمر ومعاذ بن جبل [تكلموا] (¬2) في معظمها، وكان عثمان [تكلم] (¬3) في مسائل معدودة. لم أقف على ذلك منقولًا بإسناد. 1746 - [4410]- قوله: كان مذهب ابن عباس في زوج وأبوين: أن لها الثلثَ كاملًا. البيهقي (¬4) من رواية عكرمة: أرسلني ابن عباس إلى زيد بن ثابت أسأله عن زوج وأبوين؟ فقال زيد: للزوج النصف، وللأم ثلث ما بقي، وللأب بقية المال. فقال ابن عباس للأم الثلث كاملا. [4411]- ثم روى (¬5) عن إبراهيم النخعي قال: خالف ابن عباس جميع أهل الفرائض في ذلك. ¬
1747 - [4412] قوله: اختلفت الرواية عن زيد بن ثابت في المشركة وهي: زوج، وأم، وأخوان لأم، وأخوان لأب، وأم. فللزوج النصف، وللأم السدس، وللأخوين للأم الثلث والأخوان للأم والأب يشاركانهما في الثلث، لا يسقطان. البيهقي (¬1) من طريقين ثم قال: والصحيح عن زيد بن ثابت التشريك، والرواية الأخرى تفرد بها محمَّد بن سالم، وليس بقوي. 1748 - [4413]- قوله: وتسمى: حمارية؛ لأن عمر كان يسقطهم، فقالوا: هب أن أبانا كان حمارا، ألسنا من أم واحدة؟ فشَرَّكهم. الحاكم في "المستدرك" (¬2) والبيهقي في "السنن" (¬3) من حديث زيد بن ثابت وصححه الحاكم، وفيه أبو أمية بن يعلى الثقفي، وهو ضعيف. ورواه (¬4) من حديث الشعبي، عن عمر، وعلي، وزيد [بن ثابت] (¬5): لم يزدهم الأب إلا قربا. ¬
فائدة
وذكر الطحاوي: أن عمر كان لا يشَرِّك حتى ابتلي بمسألةٍ فقال له: الأخ والأخت من الأب والأم: يا أمير المؤمنين، هب أن أبانا كان حمارا، ألسنا من أم واحدة. فائدة أصل التشريك؛ أخرجه الدارقطني (¬1) من طريق وهب بن منبه، عن مسعود ابن الحكم الثقفي، قال: أتى عمر في امرأة تركت زوجها، وأمها، وإخوتها لأمها، وإخوتها لأبيها وأمها، فشرَّك بين الإخوة للأم، وبين الإخوة للأب والأم، فقال له رجل: إنك لم تشرِّك بينهم عام كذا. فقال عمر: تلك على ما قضينا، وهذه على ما قضينا. [و] (¬2) أخرجه عبد الرزاق (¬3). وأخرجه البيهقي (¬4) من طريق ابن المبارك، عن معمر، لكن قال: عن الحكم بن مسعود. وصوَّبه النسائي. وأخرج البيهقي (¬5) (¬6) أيضًا: أن عثمان شرّك بين الإخوة، وأن عليا لم يشرك. 1749 - [4414]- حديث ابن مسعود: أنه قرأ: {وِإنْ كَانَ لَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ مِن أمٍّ}. ¬
البيهقي (¬1) من رواية سعد، قال الراوي -أظنه ابن أبي وقاص- إنه كان يقرأها كذلك. وكذا رواه أبو بكر بن المنذر، عن سعد. وحكاه الزمخشري عنه، وعن أبي ابن كعب، ولم أره عن ابن مسعود. 1750 - قوله: إن الإخوة يسقطون بالجد؛ لأن ابن السابق نازل منزلة السابق في إسقاط الإخوة والأخوات، وغير ذلك، فليكن أب الأب نازلا منزلة الأب. يروى هذا التوجيه عن ابن عباس. لم أره كذلك، لكن: [4415]- في البيهقي (¬2) من طريق عبد الله (¬3) بن معقل، جاء رجل إلى ابن عباس فقال له: كيف تقول في الجد؟ قال: إنه لا جد أي أب لك أكبر. فسكت الرجل فلم يجبه. فقلت أنا: آدم. قال: أفلا تسمع إلى قول الله تعالى: (يا بني آدم). 1751 - قوله: أجمع الصحابة على أن الأخ لا يسقط الجد. انتهى. ¬
وفيه نظر؛ لأن ابن حزم (¬1) حكى أقوالًا: أن الأخوة تقدم على الجد، فأين الإجماع؟! 1752 - قوله: بأن الجد أكثر فيه الصحابة. قلت: في البخاري تعليقا (¬2) يروى عن عمر، وعلي، وزيد بن ثابت، وابن مسعود في الجد، قضايا مختلفة. وقد بينت أسانيد ذلك في "تغليق التعليق" (¬3). وقد ذكر البيهقي في ذلك آثارا كثيرة (¬4). [4416]- وروى الخطابي في "الغريب" (¬5) بإسناد صحيح، عن محمَّد بن سيرين قال: سألت عَبيدة عن الجد؟ فقال: ما تصنع بالجد، لقد حفظت عن عمر فيه مائة قضية يخالف بعضها بعضا. ثم أنكر الخطابي هذا إنكارًا شديدًا بما لا محصَّل له (¬6). [وسبقه إلى ذلك ابن ¬
قتيبة في مقدمة "مختلف الحديث" (¬1)] (¬2)، وما المانع أن يكون قول عبيدة: "مائة قضية" على سبيل المبالغة. وقد أوَّلَ البزار كلام عبيدة هذا، كما حكيته في "تغليق التعليق" (¬3). 1753 - [4417]- قوله: وجعله ابن عباس كالأب. وصله البيهقي (¬4) عنه وعن غيره أيضًا. 1754 - [4418]- قوله: شبه علي الجد بالبحر، أو النهر الكبير، والأب كالخليج المأخوذ منه، والميت وإخوته كالساقيتين الممتدتين من الخليج، والساقية إلى الساقية أقرب منها إلى البحر، ألا ترى إذا شقت إحداهما أخذت الأخرى ماءها ولم يرجع إلى البحر. وشبهه زيد بن ثابت بساق الشجرة وأصلها، والأب كغصن منها، والإخوة ¬
كغصنين تفرعا من ذلك الغصن، وأحد الغصنين إلى الآخر أقرب منه إلى أصل الشجرة، ألا ترى أنه إذا قطع أحدهما امتص الآخر ما كان يمتصه المقطوع، ولا يرجع إلى الساق. البيهقي (¬1) من طريق الشعبي، قال: كان من رأي أبي بكر وعمر أن يجعل الجد أولى من الأخ، وكان عمر يكره الكلام فيه، فلما ولي عمر قال: "هذا أمر لا بد للناس من معرفته". فأرسل إلى زيد بن ثابت .. (فذكره) وأرسل إلى علي (فذكره) كما تقدم. وذكره عنه بلفظ آخر. وأخرجه من طرق أخرى. [4419]- ورواه الحاكم (¬2) بغير هذا السياق. وأخرجه ابن حزم في "الإحكام" (¬3) من طريق إسماعيل القاضي، عن إسماعيل بن أبي أويس، عن ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن خارجة بن زيد بن ثابت، عن أبيه: أن عمر بن الخطاب استشار ... فذكر قضية تشبيه زيد بن ثابت. 1755 - قوله في المسألة المعروفة بالخرقاء: مذهب زيد: للأم الثلث، والباقي يقسم بين الجد والأخت أثلاثا. وعند عثمان: لكل واحد (¬4) منهم الثلث. وعند علي: للأخت النصف، ¬
وللأم الثلث، وللجد السدس. وعند عمر: للأخت النصف، وللجد الثلث، وللأم السدس. وعند ابن مسعود: للأخت النصف، والباقي بين الجد والأم بالسوية. وعنه: كمذهب عمر. وعند أبي بكر: للأم الثلث، والباقي للجد. [4420]- أما مذهب زيد وعثمان وعلي وابن مسعود؛ فرواه البيهقي (¬1) عن الشعبي: أن الحجاج سأله عن أم وأخت وجد؟ فقال: اختلف فيها خمسة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ عثمان، وعلي، وابن مسعود، وزيد بن ثابت، وابن عباس، قال: فما قال فيها عثمان؟ قلت: جعلها أثلاثا. قال: فما قال فيها أبو تراب؟ قلت: جعلها من ستة أسهم؛ للأخت ثلاثة، وللأم سهمين، وللجد سهما. قال: فما قال فيها ابن مسعود؟ قلت: جعلها من ستة؛ فأعطى الأخت ثلاثة، والجد سهمين، والأم سهما. قال: فما قال فيها زيد بن ثابت؟ قلت: جعلها من تسعة، أعطى الأم ثلاثة، والجد أربعة، والأخت سهمين ... الحديث. [4421]- وأما مذهب عمر، ومتابعة ابن مسعود له؛ فرواه البيهقي (¬2) من طريق إبراهيم النخعي، قال: كان عمر وعبد الله لا يفضلان أمًّا على جدٍّ. وعن عمر أيضًا في هذه المسألة: للأخت النصف، وللأم السدلس، وللجد ما بقي. وكذا رواه ابن حزم من طريق إبراهيم، عن عمر. ¬
[4422]- وأما الرواية عن أبي بكر، فقال البزار: حدثنا روح بن الفرج المصري -ويقال: ليس بمصر أوثق منه- حدثنا عمرو بن خالد، أخبرنا عيسى ابن [يونس] (¬1)، حدثنا عباد بن موسى، عن الشعبي قال: أتى بي الحجاج مُوثَقًا .... فذكر القصة. وأوردها أبو الفرج المعافى في "الجليس والأنيس" بتمامها. 1756 - قولى: الأكدرية: وهي زوج، وأم، وجد، وأخت من الأبوين، أو من الأب؛ للزوج النصف، وللأم الثلث، وللجد السدس، ويفرض للأخت النصف، وتعول من ستة إلى تسعة، ثم يضم نصيب الأخت إلى نصيب الجد، ويجعل [بينهما] (¬2) أثلاثا. وتصح من سبعة وعشرين. قال الرافعي: أنكر [قبيصة] (¬3) قضاءَ زيد فيها بما اشتهر عنه. قلت: بوب عليه البيهقي (¬4) وأورد أقوال الصحابة فيها. [4423]- وأخرج ابن عبد البر من طريق بَقيّ بن مخلد، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا وكيع، عن سفيان، قلت للأعمش: لم سميتِ الأكدريّة؟ قال ¬
طرحها عبد الملك على رجل يقال له الأكدر، كان ينظر في الفرائض، فأخطأ فيها. قال وكيع: وكنا نسمع [قبلَ] (¬1) ذلك أن قول زيد بن ثابت تكَدَّر فيها. 1757 - قوله: فسروا الكلالة بأنها: غير الولد والوالد. قلت: فيه حديث مرفوع: [4424]- أخرجه الحاكم (¬2) من طريق عمار بن رزيق، عن أبي إسحاق، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. ورواه ابن أبي عاصم من وجه آخر، عن أبي إسحاق، عن البراء. [4425]- وروى البيهقي (¬3) من طريق الشعبي، سئل أبو بكر عن الكلالة؟ فقال: سأقول فيها برأيي، فإن كان صوابا فمن الله، وإن كان خطأ فمني، أراه: ما خلا الولد والوالد. فلما استخلف عمر وافقه. رجاله ثقات؛ إلا أنّه منقطع. [4426]- ورواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" والحاكم (¬4). (¬5) بإسناد صحيح عن ابن عباس، عن عمر، قوله. ¬
1758 - [4427]- حديث علي: أنه كان يقول في المبعَّض: يحجب بقدر ما فيه من الرق. كذا ذكره عنه، والمحفوظ عنه خلاف ذلك: [4428]- روى البيهقي (¬1) عنه أنه قال: المملوكون وأهل الكتابة بمنزلة الأموات. 1759 - [4429]- قوله: قول زيد في الجد والإخوة حيث كان ثلث الباقي بعد الفرض خيرا له في القسمة. البيهقي (¬2) من طريق إبراهيم النخعي عن زيد بن ثابت. 1760 - قوله: اتفق الصحابة على العول في زمن عمر حين ماتت امرأة في عهده عن زوج وأختين؛ فكانت أول فريضة عائلة في الإِسلام، فجمع الصحابة، وقال: فرض الله للزوج النصف، وللأختين الثلثين، فإن بدأت بالزوج لم يبق للأختين حقهما، وإن بدأت بالأختين لم يبق للزوج حقه، فأشيروا علي فأشار عليه العبّاس بالعول، فقال: أرأيت لو مات رجل وترك ستة ¬
دراهم، ولرجل عليه ثلاثة، وللآخر أربعة، أليس يجعل المال سبعة أجزاء. فأخذت الصحابة بقوله. ثم أظهر ابن عباس الخلاف بعد ذلك، ولم يأخذ بقوله إلا قليل. هكذا أورده، وهو مشهور في "كتب الفقه"، والذي في "كتب الحديث" خلاف ذلك: [4430]- فقد رواه البيهقي (¬1) من طريق محمَّد بن إسحاق، حدثني الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، [قال] (¬2): دخلت أنا وزفر بن أوس بن الحدثان على ابن عباس بعد ما ذهب بصره، فتذاكرنا فرائض الميراث، فقال: ترون الذي أحصى رمل عالج عددا، يجعل في مال (¬3) نصف ونصفا وثلثا، إذا ذهب نصف ونصف فأين موضع الثلث؟! فقال له زفر: يا ابن عباس من أول من أعال الفرائض؟ قال؟ عمر. قال: لِمَ؟ قال: لما تدافعت عليه، وركب بعضها بعضا، قال لهم: والله ما أدري كيف أصنع بكم، والله ما أدري أيكم أقدم، ولا أيكم أؤخر؟ قال: وما أجد في هذا شيئًا أحسن (¬4) من أن أقسم عليكم بالحصص. ثم قال: قال ابن عباس: وايْم الله، لو قدّم من قدّم الله، ¬
تنبيه
وأخَّر من أخّر الله ما سألت فريضة. ثمّ ذكر تفسير التقديم والتأخير. قال: فقال له زفر: ما منعك أن تشير على عمر بذلك؟ فقال: هبته والله. وأخرجه الحاكم مختصرا (¬1). تنبيه قول ابن الحاجب: انفرد ابن عباس بإنكار العول، مراده بذلك: من الصحابة وإلا فقد تابعه محمّد بن علي بن أبي طالب المعروف بابن الحنفية، وعطاء بن أبي رباح، وهو قول داود وأتباعه. 1761 - [4431]- قوله: المنبرية؛ سئل عنها علي وهو على المنبر، وهي: زوجة وأبوان، وبنتان؟ فقال مرتجلا: صار ثمنها تسعًا. رواه أبو عبيد والبيهقي (¬2) وليس عندهما، أن ذلك كان على المنبر. وقد ذكره الطحاوي من رواية الحارث، عن علي، فذكر فيه المنبر. 1762 - [4432]- قوله: عن ابن عباس: من شاء باهلته: أن الفريضة لا تعول. قال ابن الصلاح: الذي رويناه في البيهقي: من شاء باهلته؛ أن الذي أحصى رملَ عالِج عددًا لم يجعل في نصف ونصفا وثلثا. قال: وذكره الفُورَاني، ¬
والإمام، والغزّالي في "البسيط" بلفظ: نصف وثلثين. وقال ابن الرّفعة: كذلك كانت الواقعة في زمن عمر، وكذ هو في "الحاوي" (¬1). لكن ذكر القاضي أبو الطّيب اللفظين، فيحتمل تعدد الواقعة. ***** ¬
(39) كتاب الوصايا
(39) كتاب الوصايا
1763 - [4433]- حديث أبي قتادة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قدم المدينة فسأل عن البراء بن [معرور] (¬1)، فقيل: هلك، وأوصى لك بثلث ماله. فقبله ثمّ رده إلى ورثته. الحاكم (¬2) والبيهقي (¬3) عنه، من حديثه. وفي الإسناد نُعيم بن حمّاد. ورواه الطبراني (¬4) في ترجمة "البراء بن معرور" من طريق أبي قتادة عن البراء بن معرور، به. 1764 - [4434]- حديث سعد بن أبي وقاص: جاءني النبي - صلى الله عليه وسلم - يعودني من وجع اشتد بي، فقلت يا رسول الله، إني قد بلغ بي من الوجع ما ترى ... الحديث. كرره المصنف. وهو متفق عليه (¬5). 1765 - [4435]- حديث: "إنّ الله أَعْطَاكُم ثُلُثَ أمْوالِكُمْ آخِرَ أَعْمَارِكمْ زِيَادَةً في أَعْمَالِكُم .. ". ¬
كرره المصنف. الدارقطني (¬1) والبيهقي من حديث أبي أمامة، [عن معاذ] (¬2) بلفظ: "إنّ الله تَصدَّق عَلَيْكُم بِثُلُثِ أَمْوالِكُمْ عِندَ وَفَاتِكُمْ، زِيَادةً لكم في حَسَنَاتِكُم؟ لِيَجْعَلَ لَكُمْ زَكَاةً في أَمْوَالِكُمْ". وفيه إسماعيل بن عياش، وشيخه عتبة بن حميد، وهما ضعيفان. [4436]- ورواه أحمد (¬3) من حديث أبي الدرداء، ولفظه: "إنّ الله تَصَدَّقَ عَلَيْكُمْ بِثُلُثِ أَمْوَالِكُمْ عِنْدَ وَفَاتِكُمْ". [4437]- ورواه ابن ماجه (¬4) والبزار، والبيهقي (¬5) من حديث أبي هريرة بلفظ: "إنّ الله تَصَدَّقَ عَلَيكْم عِنْدَ وَفَاتِكُمْ بِثُلُثِ أَمْوَالِكُم زِيادَةً لَكُمْ في أَعْمَالِكُم". وإسناده ضعيف. وفي الباب: [4438]- عن أبي بكر الصديق؛ رواه العقيلي في "تاريخ الضعفاء" (¬6) من طريق حفص بن عمر بن ميمون وهو متروك. ¬
[4439]- عن خالد بن عبد الله السلمي، وهو مختلف في صحبته، رواه عنه ابنه الحارث، وهو مجهول. 1766 - [4440]- حديث ابن عمر: "ما حَقّ امْريء لَه مَالٌ يُريد أن يُوصي فيه -وفي لفظ- لَه شَيءٌ يُوصِي فيه يَبيتُ لَيْلَتَيْن. وفي رواية لمسلم. ثلاثَ لَيَالٍ إلا وَوَصيَّتَه مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ". متفق عليه (¬1)، ولمسلم كما قال. 1767 - [4441]- حديث: "حَقّ عَلَى كلّ مُسلمٍ أن يَغْتَسلَ في الأُسبُوعِ مَرَّةً". متفق عليه (¬2) من حديث أبي هريرة بلفظ: "حَقّ لله عَلَى كل مُسْلِمٍ أَن يَغْتَسِلَ في سَبْعَةِ أيَّامٍ يَومًا يَغْسِلُ رَأْسَة وَجَسَدَهُ". زاد النسائي (¬3): "وَهُو يَوْمُ الْجُمُعَة". 1768 - [4442]- حديث: "أفضَلُ الصّدَقَةِ أَنْ تَصَّدَقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ، تَأْمَلُ الْغِنَى، وَتَخْشَى الْفَقْرَ، وَلَا تُمْهِلْ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ قُلْتَ: لِفُلانٍ كذَا ... " الحديث. متفق عليه (¬4) من حديث أبي هريرة. ¬
1769 - [4443]- حديث: "في كلّ كبِدٍ حَرَّى أجْرٌ". متفق عليه (¬1) في قصة الرجل الذي سقى الكلب العطشان، لكن بلفظ: (رَطْبَةٍ) بدل (حَرَّى). [4444]- ورواه الطبراني في الكبير (¬2) من حديث سراقة بن جعشم بلفظ: "في كُلِّ كَبِدٍ حَرَّى سَقَيْتَهَا أجْرٌ". وفي رواية له: "في كُلِّ [ذَاتِ] (¬3) كَبِدٍ حَرَّى أجْرٌ". وأصله من حديث سراقة عند أحمد (¬4) وابن حبان (¬5) وابن ماجه (¬6). [4445]- ورواه أبو يعلى الموصلي (¬7) من حديث القاسم بن مخول (¬8) السلمي، عن [أبيه] (¬9)، قلت: يا رسول الله الضّوال ترد علينا، هل لنا أجر أن ¬
نسقيها؟ قال: "نعَمْ في كلّ كبدٍ حَرَّى أَجْرٌ". وصححه ابن حبان (¬1). [4446]- ورواه أحمد (¬2) من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن رجلًا قال: (فذكر نحوه). وصححه ابن السكن. 1729 - [4447]- حديث (¬3): "لَيسَ لِلْقَاتِلِ وَصِيَّةٌ". الدارقطني (¬4) والبيهقي (¬5) من حديث علي. وإسناده ضعيف جدًّا، [قاله] (¬6) عبد الحق (¬7)، وابن الجوزي. وأما قول إمام الحرمين: ليس هذا الحديث في الرتبة العالية من الصحة فعجيب؛ فإنه ليس له في أصل الصحة مدخل، فمداره علي مبشر بن عبيد، وقد اتهموه [بوضع] (¬8) الحديث. 1770 - [4448]- حديث: لا وصية لوارث، وأعاده بزيادة: "إنّ الله قَد أعطى كلّ ذي حقٍّ حقَّه". ¬
أحمد (¬1) وأبو داود (¬2) والترمذي (¬3) وابن ماجه (¬4) من حديث أبي أمامة، باللفظ التام، وهو حسن الإسناد. [4448]- وكذا رواه أحمد (¬5) والترمذي (¬6) والنسائي (¬7) [وابن ماجه (¬8)] (¬9) من حديث عمرو بن خارجة. [4449]- ورواه ابن ماجه (¬10) من حديث سعيد بن أبي سعيد، عن أنس. [4450]- ورواه البيهقي (¬11) من طريق الشّافعي، عن ابن عيينة، عن سليمان الأحول، عن مجاهد: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ". قال الشّافعي: وروى بعض الشاميين حديثًا ليس مما يثبته أهل الحديث؛ فإنّ بعض رجاله مجهولون، فاعتمدنا على المنقطع مع ما انضم إليه من حديث المغازي، وإجماع العلماء على القول به. وكأنه أشار إلى حديث أبي أمامة المتقدم. ¬
[4451]- ورواه الدارقطني (¬1) من حديث جابر وصوّب إرساله من هذا الوجه. [4452، 4453]- ومن حديث علي (¬2)، وإسناده ضعيف. ومن طريق ابن عباس (¬3) بسند حسن. وفي الباب: [4454]- عن معقل بن يسار؛ عند ابن عدي (¬4). [4455]- ومن حديث خارجة بن عمرو عند الطبراني في "الكبير" (¬5)، ولعلّه عمرو بن خارجة انقلب. 1771 - [4456]- حديث ابن عباس: "لا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ لِوَارثٍ إلَّا أنْ يَشاءَ الْوَرَثَةُ". ويروى: "إلَّا أَنْ [يُجِيزَهَا] (¬6) الْوَرَثَةُ". الدارقطني (¬7) من حديث ابن عباس باللفظ الأول. وأبو داود في "المراسيل" (¬8) من مرسل عطاء الخراساني، به. ¬
ووصله يونس بن راشد؛ فقال: عن عطاء، عن عكرمة عن ابن عباس. أخرجه الدارقطني (¬1) والمعروف المرسل. [4457]- ورواه الدارقطني (¬2) من حديث عمرو [بن شعيب، عن أبيه، عن جده. وإسناده واهٍ. [4458]- ورواه الدارقطني (¬3) أيضًا من حديث عمرو] (¬4) بن خارجة، باللفظ الثاني، [وهو عند البيهقي (¬5)] (¬6). 1772 - [4459] حديث عمران بن حصين: أنّ رجلًا أعتق ستةً مملوكين لم يكن له مال غيرهم، فدعاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجزَّأهم أثلاثًا، ثم أقرع بينهم، فأعتق اثنين وأَرَقَّ أربعةً. مسلم (¬7) والنسائي (¬8) وأبو داود (¬9) وزاد: أنّ الرَّجل كان من الأنصار، وأنه قال: "لَوْ شَهِدْتُه قَبْلَ أَنْ يُدَّفَنَ لَمْ يُقْبَرْ في مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ". ¬
وقد أبهم مسلم هذه المقالة، فذكره بلفظ: فقال له قولًا شديدًا. * حديث: في أربعين شاة شاة. تقدم في الزكاة. 1773 - [4460]- حديث: "مَن أَعْتَق رَقَبَةً سَلِيمَةً أَعْتَقَ الله بِكُلِّ عُضْوٍ منهَا عُضْوًا منه مِن النَّارِ". متفق عليه (¬1) من حديث أبي هريرة. وفي رواية لهما: "مَنْ أعْتَقَ رَقَبَةً مؤْمِنَةً". وفي الباب: [4461]- عن أبي أمامة، صحّحه الترمذي (¬2). [4462]-[و] (¬3) عن كعب بن مرة، أخرجه أحمد (¬4) وأصحاب السنن (¬5). 1774 - [4463]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - سئل عن أفضل الرقاب؟ فقال: "أَكثَرهَا ثَمَنًا وَأَنْفَسُهَا عِنْد أَهْلِهَا". متفق عليه (¬6) من حديث أبي ذر بلفظ: (أَغْلَاهَا) بدل (أَكْثَرُهَا)، ¬
[4464]- وهو في "الموطأ" من حديث عائشة، بلفظ المصنف. 1775 - [4465] حديث: "حَقّ الْجِوَارِ أَرْبَعُونَ دَارًا؛ هَكَذا وَهَكَذَا وَهَكَذَا وَهكَذَا"، وأشار قدّاما وخلفا ويمينا وشمالا (¬1). أبو داود في "المراسيل" (¬2) بسند رجاله ثقات إلى الزهري، بلفظ: "أرْبَعونَ دارًا جارٌ". قال الأوزاعي: فقلت لابن شهاب: كيف؟ قال: الأربعون عن يمينه ... الحديث (¬3). [4466]- قال البيهقي (¬4): وروي من حديث عائشة أنها قالت: يا رسول الله ما حد الجوار؟ قال: "أَرْبَعُونَ دَارًا". [4467]- وفي رواية عنها: "أَوْصَانِي جِبريلُ بالجارِ إِلَى أَرْبَعِينَ دَارًا؛ عشرةٌ مِن هَهُنَا ... " الحديث. قال البيهقي: وكلاهما ضعيفٌ، والمعروف المرسل الذي أخرجه أبو داود. انتهى. [4468]- ورواه ابن حبان في "الضعفاء" (¬5) [مثل ما ذكره الرافعي سواء] (¬6)، ¬
من حديث أبي هريرة، وفي إسناده عبد السلام بن أبي الجنوب، وهو متروك. [4469]- ورواه الطبراني (¬1) من حديث كعب بن مالك، نحو سياق أبي داود. وينظر في إسناده (¬2). 1776 - [4470]- حديث: "مَنْ حَفِظَ عَلَى أُمَّتِي أَرْبَعِينَ حَدِيثًا كُتِب فَقِيهًا". الحسن بن سفيان في "مسنده" وفي "أربعينه" من حديث ابن عباس. وروي من رواية ثلاثة عشر من الصحابة، أخرجها بن الجوزي في "العلل المتناهية" (¬3) وبيّن ضعفها كلّها، وأفرد ابن المنذر الكلام عليه في "جزء مفرد". وقد لخصت القول فيه في المجلس السادس عشر من "الإملاء"، ثم جمعت طرقه في جزء ليس فيها طريق تسلم من علة قادحة. 1777 - [4471]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "سَعْدٌ خَالي، فَلْيُرِنِي امْرِؤٌ خَالَهُ". ¬
تنبيه
الترمذي (¬1) والحاكم (¬2) من حديث جابر، قال: أقبل سعد -يعني بن أبي وقاص- (فذكره). تنبيه خؤلة سعد للنبي - صلى الله عليه وسلم - من جهة أمّه آمنة؛ لأنها من فخذه بني زهرة، وقد وقع مثل هذا في حق أبي طلحة الأنصاري، رواه الحاكم (¬3) عن أنس نحوه. وخؤلة أبي طلحة له؛ من جهة أم والده عبد الله بن عبد المطلب؛ لأنها من فخذه بني النجار. * حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - سمى ولد الرجل [سبه] (¬4). يأتي في "النفقات". * حديث: "إذا مَات ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلَّا مِن ثَلاثٍ". الحديث. رواه مسلم، وقد مضى في "كتاب الوقف". 1778 - [4472]- حديث: أنّ رجلًا قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إنّ أبي مات وترك مالًا ولم يوص، فهل يكفي عنه أنّ أتصدّق عنه؟ قال: "نعَمْ". ¬
رواه النسائي (¬1) بسند صحيح من حديث أبي هريرة، وهو في مسلم بدون قوله: (وترك مالًا). 1779 - قوله: رأيت العبادي أطلق القول بجواز التضحية عن الغير، وروى فيه حديثًا. كأنه يريد: [4473]- ما رواه أبو داود (¬2) والترمذي (¬3) والحاكم (¬4) من حديث علي: أنه كان يضحِّي بكبش عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وبكبش عن نفسه ... الحديث. وفيه: [أنه] (¬5) أمرني أن أضحي عنه أبدا. صححه الحاكم، وقال في "علوم الحديث" (¬6): تفرد به أهل الكوفة. وفي إسناده حنش بن ربيعة -وهو غير حنش بن الحارث- وهو مختلف فيه، وكذا شريك القاضي النخعي. وقال ابن القطان (¬7): شيخه فيه أبو الحسناء؛ لا يعرف حاله. قلت: وفي الباب حديث آخر: ¬
[4474]- عن أبي رافع، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ضحَّى بكبشٍ عنه وبكبشٍ عن أمَّته. أخرجه البزار (¬1) وغيره. 1780 - [4475]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لهند: "خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ". متفق عليه (¬2) من حديث عائشة. * حديث ابن عمر: أمَّرَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة مؤتة زيد بن حارثة، وقال: "إنْ قُتِلَ فَجَعْفَرٌ، فَإِنْ قُتِلَ جَعْفَرٌ فَعَبْدُ اللهِ بْن رَوَاحَة". رواه البخاري، وتقدم في "الوكالة". 1781 - [4476]- حديث: أن غلامًا (¬3) من غسان حضرته الوفاة، وله عشر سنين، فأوصى لبنت عم له وله وارث، فرُفِعَت القضية (¬4) إلى عمر، فأجاز وصيته. مالك (¬5) من حديث عمرو بن سليم [الزرقي] (¬6)، أنه قال لعمر بن الخطاب: ¬
إن ههنا غلاما لم يحتلم من غسان، ووارثه بالشام، وهو ذو مال وليس له ههنا إلا ابنة عم، فقال عمر: فليوص لها ... الحديث. ورواه أيضًا من وجه آخر (¬1)، وفيه: أن الغلام كان ابن اثنتي عشرة سنة، أو عشر سنين. وقال البيهقي (¬2): علق الشّافعي القول بجواز وصية الصبي، وتدبيره بثبوت الخبر عن عمر؛ لأنه منقطع، وعمرو بن سليم لم يدرك عمر. قلت: ذكر ابن حبان في "ثقاته" (¬3): أنه كان يوم قتل عمر جاوز الحلم. وكأنه أخذه من قول الواقدي (¬4): إنه كان حين قتل عمر راهق الاحتلام. 1782 - [4477]- حديث: أن عثمان أجاز وصية غلام ابن إحدى عشرة سنة. لم أجده. ¬
قلت: قد أخرجه ابن أبي شيبة (¬1) من طريق الزهري: أن عثمان أجاز فذكر مثله سواء. 1783 - [4478]- حديث: أن صفية أوصت لأخيها وكان يهوديا بثلاثين ألفا. البيهقي (¬2) من حديث عكرمة: أن صفية قالت لأخٍ لها [يهوديٍّ] (¬3) أسلم: ترثني. فَرُفِع ذلك إلى قومه، فقالوا: أتبيع دينك بالدنيا؟! فأبى أن يُسلم. فأوصت له بالثلث (¬4). ومن طريق أم علقمة (¬5): أن صفية أوصت لابن أخٍ لها يهوديٍّ، وأوصت لعائشة بألف دينار، وجعلت وصيتها إلى عبد الله بن جعفر (¬6)، فطلب [ابن] (¬7) أخيها الوصية، فوجد عبد الله (¬8) قد أفسده، فقالت عائشة: أعطوه الألف دينار التي [أوصت] (¬9) لي بها عمته. ¬
1784 - [4479]- حديث [علي] (¬1): لأن أوصي بالخمس أحب إلي من أن أوصى بالربع، ولأن أوصى بالربع أحب إلي من أن أوصي بالثلث. البيهقي (¬2) من حديث الحارث عن علي، بالجملة الثانية، وزاد: فمن أوصى بالثلث فلم يترك. والحارث ضعيف. [4480]- وروى أيضًا (¬3) عن ابن عباس [أنه] (¬4) قال: الذي يوصي بالخمس أفضل من الذي يوصي بالربع. الحديث. 1785 - [4481]- حديث علي: أنه قضى بالدين قبل التركة. أحمد (¬5) وأصحاب السنن (¬6) من حديث الحارث عنه. وعلقه البخاري (¬7)، ولفظهم: (قبل الوصية). ¬
تنبيه
والحارث وإن كان ضعيفًا؛ فإن الإجماع [منعقدٌ] (¬1) على وفق ما روى. * حديث عائشة مع أبي بكر في الهبة المقبوضة. تقدم في "كتاب الهبة". 1786 - [4482]- حديث معاذ: أنه قال في مرض موته، زوجوني لا ألقى الله عزبا. البيهقي (¬2) من حديث الحسن عنه، مرسلًا. وذكره الشّافعي (¬3) بلاغا. تنبيه وقع في بعض نسخ الرافعي: (معاوية) بدل (معاذ)، وهو غلط. 1787 - [4483]- حديث [ابن] (¬4) عمر: يبدأ في الوصايا بالعتق. البيهقي (¬5) من حديث أشعث عن نافع عنه، به موقوفًا. 1788 - [4484]- حديث سعيد بن المسيب: أنه قال مضت السنة أن يبدأ بالعَتَاقَة في الوصية. البيهقي (¬6). ¬
1789 - [4485]- حديث عمر: أنه حكم في الرجل يوصي بالعتق وغيرِه بالتّحَاصّ. البيهقي (¬1) من حديث مجاهد، عن عمر قال: إذا كانت وصية وعتاقة تحاصوا. وفي إسناده ليث بن أبي سليم، وهو ضعيف. وأخرج مثله عن ابن سيرين. 1790 - [4486]- حديث: أن أمامة بنت أبي العاص أسكتت فقيل لها: لفلانٍ كذاَ، ولفلانٍ كذا, ولفلان كذا؟ فأشارت أنْ نعم. فجعل ذلك (¬2) وصيةً. ذكره الشّافعي، والمزني عنه. وفي الباب: [4487]- حديث أنس في "الصحيحين" (¬3): أن يهوديا رض رأس جارية، فقيل: قتلكِ فلانٌ؟ ... الحديث. 1791 - [4488]- حديث عمر: يغير الرجل من وصيته ما شاء. ابن حزم (¬4) من طريق الحجاج بن منهال، عن همام، عن قتادة، عن عمرو ¬
ابن شعيب، عن عبد الله بن أبي ربيعة: أن عمر قال: يحدث الرجل في وصيته ما شاء، وملاك الوصية آخرها. 1792 - [4489]- حديث عائشة مثله. الدارقطني (¬1) والبيهقي (¬2) من طريق القاسم، عنها، قالت: ليكتب الرجل في وصيته إن حدث بي حدث قبل أن أغير وصيتي هذه. 1793 - [4490]- حديث ابن مسعود: أنه أوصى فكتب: وصيّتي هذه إلى الله تعالى، وإلى الزبير، وابنه عبد الله. البيهقي (¬3) بإسناد حسن عنه، بهذا وزيادة. * حديث: أن عمر أوصى إلى حفصة. أبو داود من طريق نافع، عن ابن عمر، تقدم في أول "الوقف". 1794 - [4491] حديث: أن فاطمة أوصت إلى علي، فإن حدث به حادث فإلى [ابنيها] (¬4). لم أره. ¬
* حديث عمر وعلي أنهما قالا: إتمام الحج والعمرة أن تحرم بهما من دُوَيرة أهلك. تقدم في "كتاب الحج". 1795 - [4492]- قوله: ولو كان له ابن، وثلاث بنات، وأبوان، وأوصى بمثل نصيب الابن، فالمسألة تصح من ثلاثين بلا وصية، [فتكون] (¬1) حصّة الابن ثمانية، فتقسم على ثمانية وثلاثين سهما. قال: وتروى هذه الصورة عن علي. قلت: لم أره. * حديث عمر: أنه أضعف الصدقة على نصارى بني تغلب. يأتي في "الجزية". 1796 - [4493]- قوله: في العثمانية لما ذكر طريقة الدينار والدرهم، ذكر عن الأستاذ أبي منصور إنما سميت العثمانية؛ لأن عثمان بن أبي ربيعة الباهلي كان يستعملها. لم أقف على إسناده. ¬
1797 - قوله: وفي بعض التسبيحات: سبحان من يعلم حيدر الأصم. لم أر هذا أيضًا. ****
كتابُ التمييز في تلخيص تخريج أحاديث شرح الوجيز المشهور بـ التَّلخيص الحبير للإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني دراسة وتحقيق الدكتور محمد الثاني بن عمر بن موسى اعتنى بإخراجه وتنسيقه وصنع فهارسه أبو محمد أشرف بن عبد المقصود الجزء الخامس أضواء السلف
(40) كتاب الوديعة
(40) كتاب الوديعة
1798 - [4490]- حديث: "أدّ الأمانةَ إلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ". أبو داود (¬1) والترمذي (¬2) والحاكم (¬3) من حديث أبي هريرة، تفرد به طلق بن غنام عن شريك. واستشهد له الحاكم بحديث أبي التياح عن أنس، وفيه أيوب ابن سويد مختلف فيه، وذكر الطبراني (¬4): أنه تفرد به. وفي الباب: [4491]- عن أبي بن كعب؛ ذكره ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (¬5)، وفي إسناده من لا يعرف. [4492]- وروى أبو داود (¬6) والبيهقي (¬7) من طريق يوسف بن ماهك، عن فلان، عن آخر. وفيه هذا المجهول، وقد صححه ابن السكن. [4493]- ورواه البيهقي (¬8) من طريق أبي أمامة، بسند ضعيف. ¬
تنبيه
[4494]- ومن طريق الحسن مرسلًا (¬1). قال الشّافعي: هذا الحديث ليس بثابت. وقال ابن الجوزي (¬2): لا يصح من جميع طرقه، وَنَقَل عن الإِمام أحمد أنه قال: هذا حديث باطل، لا أعرفه من وجه يصح. 1799 - [4495]- حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: "لَيْسَ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ ضَمَانٌ". الدارقطني (¬3) بلفظ: "لَيْسَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ غَيْرِ الْمُغِلّ ضَمانٌ وَلا عَلَى الْمُسْتَوْدعِ غَيْرِ الْمُغِلِّ ضَمَانٌ". وفي إسناده ضعيفان. قال الدارقطني: وإنما يروى هذا عن شريح غير مرفوع. ورواه (¬4) من طريق أخرى ضعيفة، بلفظ: "لَا ضَمَانَ عَلَى مُؤْتَمَنٍ". تنبيه (¬5) المغل: هو الخائن. وكذا فَسّر في آخر رواية الدّارقطني، وقيل: هو مدرج (¬6). وقيل: القابض. ¬
1800 - [4396]- حديث: "مَنْ أُوْدِعَ وَدِيعةً فَلَا ضَمَانَ عَلَيهِ". ابن ماجه (¬1) عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، وفيه المثنى بن الصباح، وهو متروك. وتابعه ابن لهيعة فيما ذكره البيهقي (¬2). 1801 - قوله: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - كانت عنده ودائع، فلما أراد الهجرة سلمها إلى أم المؤمنين، وأمر عليا بردها. أمّا تسليمها إلى أم المؤمنين؛ فلا يعرف، بل لم تكن عنده في ذلك الوقت، إن كان المراد بها عائشة. نعم كان قد تزوج سودة بنت [زمعة] (¬3) قبل الهجرة، فإن صح فيحتمل أن تكون هي. [4397]- وأمّا أمره عليًّا بردّها؛ فرواه ابن إسحاق بسند قوي (¬4)، فذكر حديث الخروج إلى الهجرة، قال: فأقام علي بن أبي طالب خمس ليال وأيامها حتّى أدّى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الودائع التي كانت عنده للناس. 1802 - [4398]- حديث: "إنّ المُسَافِرَ وَمَالَه لَعَلَى قَلَتٍ إلَّا مَا وَقَى الله". ¬
رواه السِّلفي في "أخبار أبي العلاء المعرِّي" قال: أخبرنا الخليل بن عبد الجبار، أخبرنا أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان المعري بها، حدثنا أبو الفتح أحمد بن الحسن بن روح، حدثنا خيثمة بن سليمان، حدثنا أبو عتبة، حدثنا بشير بن زاذان [الدارسي] (¬1)، عن أبي علقمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لَو عَلِمَ النّاسُ رَحْمَةَ اَلله بِالْمُسافِر لأَصْبَحَ الناس وَهُم عَلَى سَفَرٍ، إن المسافِرَ وَرَحْلَه عَلى قَلَتٍ إلَّا مَا وَقَى الله". قال الخليل: والقَلَتُ: الهلاك. قلت: وكذا أسنده أبو منصور الديلمي في "مسند الفردوس" (¬2) من هذا الوجه من غير طريق المعري. وكذا ذكره أبو الفرج المعافى القاضي النهرواني في كتاب "الجليس والأنيس" له بعد أن ذكره مرفوعًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، لكن لم [يسق] (¬3) له إسنادا، أورده في "المجلس الخامس والعشرين" عقب قول كُثَيّر: بُغَاث الطّير أَكْثَرُها فِرَاخًا ... وأمّ الصّقْر مِقْلاَتٌ نَزُورُ قال: الْمِقْلاتُ: التي لا يعيش لها ولد. والقلَت -بفتح اللام-: الهلاك. ومنه ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "المسَافِرُ وأهلُه عَلَى قَلَتٍ إلَّا مَا وَقَى الله". وقد أنكره النّووي في "شرح المهذب" فقال: ليس هذا خبرًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإنما هو من كلام بعض السلف. قيل: إنه علي بن أبي طالب. ¬
قلت: وذكره ابن قتيبة في "غريب الحديث" (¬1) عن الأصمعي، عن رجل من الأعراب (¬2). * حديث: "عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَت حَتَّى تُؤَدِّيهِ". تقدم في "باب العارية". 1803 - قوله: عن أبي بكر، وعلي، وابن مسعود، وجابر: إنّ الوديعة أمانة. [4399]- أمّا أبو بكر، فرواه سعيد بن منصور, حدثنا أبو شهاب، عن حجاج بن أرطاة، عن أبي الزبير، عن جابر: أنّ أبا بكر قضى في وديعة كانت في جراب فضاعت: أن لا ضمان فيها. وإسناده ضعيف. [4400]- وأمّا علي وابن مسعود: فرواه الثوري في "جامعه" والبيهقي (¬3) من طريقه، عن جابر الجعفي، عن القاسم بن عبد الرحمن: أن عليا وابن مسعود قالا: ليس على المؤتمن ضمان. وأمّا جابر؛ فالظاهر (¬4) أنه لَمَّا رواه عن أبي بكر، ولم ينكره جعل كأنّه قال به. والله أعلم. ¬
1804 - قوله: من أداب التختم أن يجعل الفصّ إلى بطن الكف. قلت: فيه عدة أحاديث: [4401]- منها عن أنس في مسلم (¬1). [4402]- ومنها في ابن حبان (¬2) عن ابن عمر، وغير ذلك. **** ¬
(41) كتب قسم الفيء والغنيمة
(41) كتب قسم الفيء والغنيمة
1805 - [4403]- حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - صالح - أي بني النضير- على أن يتركوا الأراضي، والدور، ويحملوا كل صفراء وبيضاء وما تحمله الركائب. أبو داود في "السنن" (¬1) والبيهقي (¬2) وهو في "مغازي موسى بن عقبة"، عن ابن شهاب بنحوه. وفي "تاريخ البخاري" (¬3)، وأخرجه منه البيهقي (¬4) من حديث صهيب: لما فتح الله بني النضير أنزل الله: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ ...} (¬5) الآية. 1806 - [قوله: الفيء: مال يقسم خمسة أسهم متساوية، ثم يؤخذ سهم فيقسم خمسة أسهم متساوية، فتكون القسمة من خمسة وعشرين سهما. هكذا كان يقسم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -] (¬6). ¬
1807 - وقوله: كانت أربعةُ أخماسِ الْفيء لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - مضمومةً إلى خُمُس الخمسِ، فجملة ما كان له أحدٌ وعشرون سهما، من خمسة وعشرين سهما، وكان يصرف الأخماس الأربعة إلى المصالح. ثم قال في موضع آخر: [و] (¬1) كان ينفق من سهمه على نفسه، وأهله، ومصالحه، وما فضل جعله في السلاح عدة في سبيل الله، وفي سائر المصالح. ثم قال بعد أن قرر أن سهم النبي - صلى الله عليه وسلم - هو خمس الخمس، وأن هذا السهم كان [له] يعزل [منه] (¬2) نفقة أهله، إلى آخره- قال: ولم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يملكه، ولا ينتقل منه إلى غيره إرثا، بل ما يملكه الأنبياء لا يورث عنهم كما اشتهر في الخبر. أما مصرف أربعة أخماس الفيء؛ فبوَّب عليه البيهقي (¬3) واستنبطه من حديث مالك بن أوس، عن عمر. وورد ما يخالفه: [4404]- ففي "الأوسط" للطبراني (¬4)، و" تفسير ابن مردويه" من حديث ابن عباس: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا بعث سرية قسموا خمس الغنيمة، فضرب ¬
ذاك الخمس في خمسة، ثم قرأ: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} الآية (¬1). فجعل سهم الله، وسهم رسوله واحد، وسهم ذي القربى [هو] (¬2) والذي قبله في الخيل والسلاح، وجعل سهم اليتامى، وسهم المساكين، وسهم ابن السبيل لا يعطيه غيرهم، ثمّ جعل الأربعة أسهم الباقية؛ للفرس سهمان، ولراكبه سهم، وللراجل سهم. وروى أبو عبيد في "الأموال" (¬3) نحوه. وأما نفقته من سهمه على الوجه المشروح: [4405]- فمتفق عليه (¬4) من حديث ابن عمر (¬5)، قال: كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله، مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب، فكانت للنبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة، وكان ينفقه على نفسه وأهله نفقة سنة، وما بقي جعله في الكراع والسلاح عدَّة في سبيل الله. وأما قوله: إنه كان يصرفه في سائر المصالح؛ فهو بَيِّنٌ في حديث عمر الطّويل. وأمّا كونه: كان لا يملكه؛ فلا أعرف من صرَّح به في الرِّواية، وكأنه استنبطه من كونه لا يُورَث (¬6) عنه. ¬
[4406]- وأما حديث: "إنَّ الأنْبَيَاءَ لَا يُورَثُون". فمتفق عليه (¬1) من حديث أبي بكر: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقةٌ". وللنسائي (¬2) في "أوائل الفرائض" من "السنن الكبرى": "إنا مَعْشَرَ الأنْبِيَاءِ لا نُورَث مَا تَرَكْنَا صَدَقةٌ". وإسناده على شرط مسلم. [ورواه] (¬3) الطبراني في "الأوسط" (¬4) من وجه آخر، من طريق عبد الملك بن عمير، عن الزهري بالسند المذكور، ولفظه لفظ الباب (¬5). ويستدل له أيضًا بما: [4407]- رواه النسائي في "مسند حديث مالك" (¬6) عن قتيبة، عنه، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة: أن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - لما توفي أردن أن يبعثن عثمان إلى أبي بكر فيسألنه ميراثهن من رسول الله، فقالت لهن عائشة: أليس قد قال رسول الله: "لَا يُورَثُ نَبِيٌّ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ". لكن رواه في الفرائض من "السنن الكبرى" (¬7) عن قتيبة بهذا الإسناد بلفظ: ¬
"لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ". ليس فيه "نَبِيّ". فالله أعلم. وكذا هو في "الصحيحين" (¬1). [4408]- ورواه أحمد (¬2) من طريق محمَّد بن عمرو، عن أبي سلمة، أن فاطمة قالت لأبي بكر: ما لنا لا نَرِث النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: سمعته يقول: "إن النَّبِيَّ لا يُورَث". [4409]- وفي "الصحيحين" (¬3) مثل حديث أبي بكر، عن عمر، أنه قال لعثمان، وعبد الرحمن بن عوف، والزبير، وسعد، وعلي، والعباس: أنشدكم بالله ... (فذكره) وفيه: أنهم قالوا: نعم. زاد النسائي (¬4) فيهم: طلحة. [4410]- وعندهما (¬5) عن أبي هريرة: "لَا يَقْتَسِمُ وَرَثَتِي دِينارًا ولَا دِرْهمًا، مَا تَرَكْتُ بَعد نَفَقَةِ نِسَائِي وَمؤْنَةِ عَامِلِي فَهُو صَدَقَةٌ". [4411]- وأخرجه الحميدي في "مسنده" (¬6) عن سفيان، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّا مَعشرَ الأنبياءِ لا نُورَث مَا تَرَكْنَا فَهُو صَدَقةٌ". [4412]- وذكر الدارقطني في "العلل" (¬7) حديث الكلبي، عن أبي صالح، ¬
تنبيه
عن أم هانيء، عن فاطمة، أنها دخلت على أبي بكر فقالت: لو مت من كان يرثك؟ قال: ولدي وأهلي. قالت: فما لنا لا نرث النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: سمعته يقول: "إن الأَنْبياءَ لَا يُورَثُون مَا تَركُوه فَهو صَدَقةٌ". وفي الباب: [4413]- عن حذيفة، أخرجه أبو موسى في كتاب له اسمه "براءة الصديق" من طريق فضيل بن سليمان، عن أبي مالك الأشجعي، عن ربعي، عنه. وهذا إسناد حسن. تنبيه نقل القرطبي وغيره اتفاق النقلة على أن قوله: (صدقةٌ) بالرّفع، على أنه الخبر. وحكى ابن مالك في "توضيحه" جوازَ النّصب على أنّها حال سَدَّت مسدَّ الخبر، واستبعده غيره. 1808 - [4414]- حديث جبير بن مطعم: لما قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سهم ذوي القربى، أتيته أنا وعثمان بن عفان فقلنا: يا رسول الله، إخواننا بنو هاشم لا ننكر فضلَهم؛ لمكانك الذي وضعك الله به منهم، فما بال إخواننا من بني المطلب أعطيتهم وتركتنا (¬1)، وقرابتُهم واحدة. فقال: "إنَّما بَنُو هَاشِمٍ وبنُو الْمُطَّلِب شَيءٌ واحدٌ". وَشَبَّكَ بين أصابعه. ¬
البخاري (¬1) باختصار سياق، ورواه الشّافعي (¬2) وأحمد (¬3) وأبو داود (¬4) والنسائي (¬5). قال البرقاني: وهو على شرط مسلم. 1809 - [4415]- قوله: ويروى أنه قال: "لَم يُفَارِقُونَا في جَاهِلِيَّةٍ وَلا إِسْلَامٍ". ذكره (¬6) الشّافعي في روايته، وهو في "السنن" (¬7) أيضًا. 1810 - [4416]- قوله: كان عثمان من بني عبد شمس، وجبير من بني نوفل، فأشار النبي - صلى الله عليه وسلم - بما ذكره، إلى شأن الصّحيفة القاطعة التي كتبتها قريش على أن لا يجالسوا بني هاشم، ولا يبايعوهم ولا يناكحوهم، وبقوا على ذلك سنة، ولم يدخل في بيعتهم بنو المطلب، بل خرجوا مع بني هاشم في بعض الشعاب. ¬
تنبيه
هذا مشهور في "السير" و"المغازي"، ورواه البيهقي في "الدلائل" (¬1) و"السنن" (¬2). تنبيه المشهور في الرواية في قوله: "إنّما بَنُو هَاشِم وبنو المطَّلب شَيْءٌ واحدٌ". بالشين المعجمة. قال الخطابي (¬3): وكان يحيى بن معين يرويه: (سَيٌّ واحد). بالسّين المهملة وتشديد الياء قال: وهو أجود. 1811 - [4417]- حديث: "لَا يُتْم بَعد احْتِلامٍ". أبو داود (¬4) عن علي في حديث. وقد أعله العقيلي (¬5) وعبد الحق (¬6) وابن القطان (¬7) والمنذري (¬8) وغيرهم، وحسنه النووي (¬9) متمسِّكًا بسكوت أبي داود عليه. ¬
[4418]- ورواه الطبراني في "الصغير" (¬1) بسند آخر عن علي. ورواه أبو داود الطيالسي في "مسنده" (¬2). وفي الباب: [4419]- حديث حنظلة بن حنيفة عن جده، وإسناده لا بأس به، وهو في الطبراني (¬3) وغيره. [4420]- وعن جابر، رواه ابن عدي في "ترجمة حرام بن عثمان" (¬4) وهو متروك. [4421]- وعن أنس (¬5). 1812 - [4422]- حديث: "نُصِرْتُ بالرُّعب مَسِيرةَ شَهْرٍ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الغَنَائِم وَلَمْ تُحِلّ لأَحَدٍ قَبْلي". متفق عليه (¬6) من حديث جابر في حديث. ¬
[4423]- ولهما (¬1) من حديث أبي هريرة: "لم تَحِلّ الْغَنائِم لأَحَدٍ قَبْلَنَا". الحديث. وفيه قصة. 1813 - [4424]- قوله: كانت الغنائم له في أول الأمر خاصة، يفعل فيها ما يشاء، وفي ذلك نزل قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} (¬2) لما تنازع فيها المهاجرون والأنصار. البيهقي في "السنن" (¬3) من طريق معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: كانت الأنفال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ليس لأحد فيها شيء، ما أصابت سرايا المسلمين أتوه به، فمن حبس منه شيئًا فهو [غلول] (¬4)، فسألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يعطيهم، فنزلت: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ}، وعليه يحمل عطاؤه لمن لم يشهد [الوقعة] (¬5). 1814 - قوله: ثم نسخ ذلك فجعل خُمُسها مقسومًا خمسةَ أسهُمٍ، وجعل أربعة أخماسها للغانمين لحديث: "الْغَنِيمةُ لِمَنْ شَهِد الْوَقْعَةَ". ¬
هذا الحديث بهذا اللفظ إنما يعرف موقوفًا، كما سيأتي، لكن في هذا المعنى حديثان: أحدهما: [4425]- عن أبي موسى: [أنه] (¬1) لما وافى هو وأصحابه -أي النبي - صلى الله عليه وسلم - حين افتتح خيبر أَسْهَم لهم مع من شهدها, ولم يسهم لمن غاب عنها غَيْرَهم. متفق عليه (¬2). والثاني: [4426]- حديث أبي هريرة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث أبان بن سعيد بن العاص في سرية قِبَل نجد، فقدم أبان بعد خيبر، فلم يسهم له. رواه البخاري (¬3) وأبو داود (¬4). [4427]- وأما لفظ (¬5) "الْغَنِيمةُ لِمَنْ شَهِد الْوَقْعَةَ" فرواه ابن أبي شيبة (¬6): حدثنا وكيع، حدثنا شعبة، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب الأحمسي: أن أهل البصرة غزوا نَهاوَنْد ... -فذكر القصة- فكتب عمر: إن الغنيمة لمن شهد الوقعة. وأخرجه الطبراني (¬7) والبيهقي (¬8) مرفوعًا [وموقوفا] (¬9)، وقال الصحيح: موقوف. ¬
[4428]- وأخرجه ابن عدي (¬1) من طريق بختري بن مختار، عن عبد الرحمن ابن مسعود، عن علي، موقوفًا. 1815 - [4429]- قوله: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - عرف عام حنين على كل عشرة عريفا، وذلك لاستطابة قلوبهم في سبي هوازن. الشّافعي في "الأم" (¬2) نقلًا من "سير الواقدي" بهذا. وأصل القصة في "صحيح البخاري" (¬3) من حديث المسور دون قوله: إن العرفاء كان كل واحد على عشرة. [4430]- وفي البخاري أيضًا (¬4) في قصة أضياف أبي بكر، من رواية عبد الرحمن بن أبي بكر: وعرفنا [مع كل عريف جماعة] (¬5) ... الحديث. * حديث: "قَدِّمُوا قُرَيْشًا وَلا تَقْدِمُوها". تقدم في "باب صلاة الجماعة". 1816 - [4431]- حديث: أنه كان - صلى الله عليه وسلم - في حلف الفضول. البيهقي (¬6) من حديث طلحة بن عبد الله بن عوف الزهري، وفيه إرسال. ¬
تنبيه
ورواه الحميدي في "مسنده" (¬1) عن سفيان، عن عبد الله بن أبي بكر، به، مرسلًا. ورواه الحارث بن أبي أسامة أيضًا. وذكر ابن قتيبة في "الغريب" (¬2) تفسير الفضول. تنبيه [4432 , 4433]- ما رواه أحمد (¬3) وابن حبان (¬4) والبيهقي (¬5) من حديث عبد الرحمن بن عوف، ومن حديث أبي هريرة، مرفوعًا: "شَهِدتُ وَأَنَا غُلَامٌ حِلْفُ الْمُطَيّبِين". وفي آخره: لم يشهد حلف المطيبين؛ لأنه كان قبل مولده، وإنما شهد حلف الفضول، وهم كالمطيبين. قال البيهقي: لا أدري هذا التفسير من قول أبي هريرة، أو من دونه (¬6). وقال محمَّد بن نصر: قال بعض أهل المعرفة بالسير: قوله في الحديث (حلف المطيبين) غلط، إنما هو حلف الفضول؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يدرك حلف المطيبين؛ لأنه كان قديمًا قبل مولده بزمان، وبهذا أعل ابن عدي (¬7) الحديث المذكور. ¬
تنبيه
1817 - [4434] حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - نفل في بعض الغزوات دون بعض. [4435]- في "الصحيحين" (¬1) من حديث ابن عمر (¬2): أنه كان ينفل بعض من يبعث من السرايا. وقال الترمذي (¬3): قال مالك: بلغني أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نفل في بعض مغازيه، ولم ينفل في مغازيه كلِّها. 1818 - [4436]- حديث عبادة بن الصامت: أنه - صلى الله عليه وسلم - نفل في الْبَدْأَةِ الرّبعَ، وفي الرَّجْعة الثّلث. الترمذي (¬4) وابن حبان في "صحيحه" (¬5). وفي الباب: [4437]- عن حبيب بن مسلمة، أخرجه أبو داود (¬6) وغيره. تنبيه فسره الخطابي (¬7) بما حاصله: أن للسرية إذا ابتدأت السّفر نفلها الربع، فإذا ¬
قفلوا ثم رجعوا إلى العدو ثانية كان لهم الثلث؛ لأن نهوضهم بعد القفول أشق عليهم وأخطر. * حديث: "الْغَنِيمةُ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ". تقدم قريبا. 1819 - قوله: إذا قال الإِمام: "من أخذ شيئًا فهو له" [فعلى] (¬1) قولين: أحدهما أنه يصح شرطه؛ لما روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك يوم بدر. وأصحهما: المنع، والحديث تكلموا في ثبوته، وبتقدير ثبوته؛ فإن غنائم بدر كانت له خاصة يضعها حيث شاء. [4438]- أما الحديث؛ فروى الحاكم (¬2)، من حديث عبادة بن الصامت: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين التقى الناس ببدر نفل كل امريء ما أصاب. وهو من رواية مكحول، عن (¬3) أبي أمامة، عنه. وقيل: لم يسمع منه. [4439]- وروى أبو داود (¬4) والحاكم (¬5) من حديث عكرمة، عن ابن عباس: ¬
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال يوم بدر: "مَن قَتَل قَتِيلًا فَلَه كَذَا، وَمَنْ أَسَرَ أسِيرًا فَلَهُ كَذا ... ". فذكر الحديث بطوله. وصحَّحه أيضًا أبو الفتح في "الاقتراح" على شرط البخاري. قال البيهقي (¬1): وروينا في حديث سعد بن أبي وقاص في سرية عبد الله بن جحش. قال: وكان الفيء إذ ذاك من أخذ شيئًا فهو له. وأما الجواب الثاني فمستقيم؛ لأن الأحاديث كلها بينة ظاهرة في أن ذلك قبل بدر، وأما ما بعد بدر فصار الأمر في الغنيمة إلى القسمة، وذلك بين في الأحاديث حديث ابن عباس المتقدم ذكره وغيره. 1820 - [4440] حديث ابن عباس: أنه سئل عن النساء هل كن يشهدن الحرب مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ وهل كان يضرب لهن بسهم؟ فقال: كنّ يشهدْن الحربَ (¬2)، فأما أن يضرب لهن بسهم فلا. مسلم (¬3) وأبو داود (¬4) من حديثه مطولًا، وفيه: ويُحذَيْنَ مِن الغنيمة. وفي رواية لأبي داود (¬5): قد كان يرضخ لهن. ¬
ويعارضه: [4441]- حديث حشرج بن زياد، عن جدته: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أَسْهم لهن كما أسهم للرجال. أخرجه أبو داود (¬1) والنسائي (¬2) في حديثٍ. وحشرج مجهول. [4442]- وروى أبو داود في "المراسيل" (¬3) من طريق مكحول: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أسهم للنساء، والصبيان، والخيل. وهذا مرسل. 1821 - [4443]- حديث: أنّه - صلى الله عليه وسلم - أعطى سلب مَرْحب يومَ خيبر مَنْ قتله. الحاكم (¬4) بإسناد فيه الواقدي: ضرب محمَّد بن مسلمة ساقي مرحب فقطعهما, ولم يجهز عليه، فمر به علي فضرب عنقه، فأعطى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سلبه محمّد بن مسلمة. [4444]- وروى الحاكم أيضا (¬5) -بسند منقطع فيه الواقدي أيضًا- أن أبا دجانة قتله. [4445]- وجزم ابن إسحاق في "السيرة" (¬6): بأنَّ محمدَ بن مسلمَة هو الذي قتله ¬
والصحيح: أن علي بن أبي طالب هو الذي قتله، كما ثبت في: [4446]- "صحيح مسلم" (¬1) من حديث سلمة بن الأكوع. [4447]- وفي "مسند أحمد" (¬2) عن علي: لما قتلت مرحبا أتيت برأسه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. 1822 - [4448]- حديث أبي قتادة: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين فرأيت رجلًا من المشركين علا رجلًا من المسلمين، فاستدرت له حتى أتيته من ورائه فضربته على حبل عاتقه ... الحديث. متفق عليه (¬3). 1823 - [4449]- حديث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يُعْطِ ابنَ مسعود سَلَب أبي جهل؛ لأنه كان قد أثخنه فتيان من الأنصار، وهما معوِّذ ومعاذ ابنا عفراء. متفق عليه (¬4) من حديث أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ينظر ما صنع أبو جهل، فانطلق ابن مسعود فوجده قد ضربه ابنا عفراء حتى بَرُدَ، فأخذه ¬
بلحيته فقال: أنت أبو جهل؟ ... الحديث. [4450]- ولهما (¬1) من حديث، عبد الرحمن، في قصة قتْل أَبي جهل مطولًا، وفيه: فانصرفا إلى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم - فقال: أيكما قتله؟ قال: كل واحد منهما أنا قتلته، فنظر إلى السَّيْفَيْن فقال: "كِلَاكمَا قَتَلَهُ". وقضى بسلبه لمعاذ بن عمرو ابن الجموح، وكان الآخر معا بن عفراء. [4451]- وفي "مسند أحمد" (¬2) عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه: أنه (¬3) وجد أبا جهل يوم بدر وقد ضربت رجله، وهو صريع وهو يذب الناس عنه بسيف له، فأخذته فقتلته به، فنفلني النبي - صلى الله عليه وسلم - سلبه. وهو معارض: لما في "الصحيح"، ويمكن الجمع: بأن يكون نفل ابن مسعود سيفه الذي قتله به فقط (¬4). 1824 - [4452]- حديث: "من قتل قتيلا فله سلبه". متفق عليه (¬5) من حديث أبي قتادة. [4453]-[و] (¬6) في "مسند أحمد" (¬7) عن سمرة بن جندب مثله، كالذي هنا ¬
فائدة
سواء، وسنده لا بأس به. فائدة وقع في كتب بعض أصحابنا: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك يوم بدر، وهو وهم، وإنما قاله يوم حنين، وهو صريح عند مسلم. نعم وقع ذلك في "تفسير ابن مردويه" في أول الأنفال، من طريق الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس. وروى أبو داود (¬1) من حديث ابن عباس أنه - صلى الله عليه وسلم - قال يوم بدر: "مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا [فَلَهُ كَذَا وَكَذَا". وقد تقدم. وقال مالك في "الموطأ" (¬2): لم يبلغني أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن قَتَلَ قَتِيلًا] (¬3)، فَلَه سَلَبُه إلَّا يَومَ حُنَيْن". قلت: [4454]- وفي "الصحيحين": أنه - صلى الله عليه وسلم - قضى بالسلب للقاتل (¬4). 1825 - [4455]- حدثنا عوف بن مالك وخالد بن الوليد: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى بالسلب للقاتل، ولم يخمِّس السلب. ¬
أحمد (¬1) وأبو داود (¬2) وابن حبان (¬3) والطبراني (¬4) من حديث عوف. وهو ثابت في "صحيح مسلم" (¬5) في حديث طويل فيه قصة لعوف بن مالك مع خالد ابن الوليد. 1826 - [4456]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - قسم غنائم بدر بشعب من شعاب الصفراء، قريب من بدر، وقسم غنائم بني المصطلق على مياههم، وقسم غنائم حنين بأوطاس، وهو وادي [حنين] (¬6). أما قسمة غنائم بدر: [4457]- فرواه البيهقي (¬7) من طريق ابن إسحاق، وهو في "المغازي". وأما قسمة غنائم بني المصطلق؛ فذكره الشّافعي في "الأم" (¬8) هكذا، واستنبطه البيهقي (¬9) من: [4458]- حديث أبي سعيد، قال: غزونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غزوة بني ¬
المصطلق فسبينا كرائم العرب، فطالت علينا العزبة، ورغبنا في الفداء، وأردنا أن [نستمتع] (¬1) ونعزل ... فذكر الحديث. قال: وفيه دليل على أنه قسم غنائمهم قبل رجوعه إلى المدينة. وأما قسمة غنائم حنين؛ فغير معروف. والمعروف: [4459]- ما في "صحيح البخاري" (¬2) وغيره من حديث أنس: أنه قسمها بالجعرانة. وفي الطبراني "الأوسط" (¬3)، (¬4) من حديث قتادة عن أنس: لما فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غزوة حنين والطائف، أتى الجعرانة فقسم الغنائم بها، واعتمر [منها] (¬5). 1827 - [4460]- حديث: أن السرايا كانت تخرج من المدينة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتغنم ولا يشاركهم المقيمون فيها. الشّافعي في "الأم" (¬6) والبيهقي من طريقه في "المعرفة" (¬7). ¬
1828 - [4461]- حديث: روي أن جيش المسلمين تفرتوا فغنم بعضهم بأوطاس، وبعضهم بحنين، فشركوهم. متفق عليه (¬1) من حديث أبي موسى: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما فرغ من حنين بعث أبا عامر الأشعري على جيش إلى أوطاس، فلقي دريد بن الصَّمَّة ... فذكر الحديث. وقال الشّافعي في "الأم" (¬2): مضت خيل المسلمين فغنمت بأوطاس غنائم كثيرة، وأكثر العسكر بحنين فشركهم. ورواه البيهقي (¬3) عنه. 1829 - [4462]- حديث ابن عمر: ضرب للفرس سهمين وللفارس بسهم. متفق عليه (¬4). 1830 - [4463، 4465]- حديث: "الْخَيْلُ مَعْقُودٌ في نوَاصِيهَا الخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، الأَجْر وَالْمَغْنَم". متفق عليه من حديث عروة بن الجعد البارقي (¬5) وابن عمر (¬6). (¬7). ¬
وأنس (¬1). وفي الباب: [4466]- عن أبي هريرة في الترمذي (¬2) والنسائي (¬3). [4467]- وعتبة بن عبد عند أبي داود (¬4). [4468]- وجرير عند مسلم (¬5) وأبي داود (¬6). [4469، 4470]- وجابر (¬7) وأسماء بنت يزيد (¬8) عند أحمد. [4471]- وحذيفة عند أحمد (¬9)، والبزار (¬10). وله طرق أخرى جمعها الدمياطي في "كتاب الخيل"، وقد لخصته وزدت عليه في جزء لطيف. 1831 - [4472]- قوله: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يعط الزبير إلا لفرس واحد، وقد حضر يوم خيبر بأفراس. ¬
الشّافعي (¬1) من حديث الزبير بسند منقطع. وَرَدَّ (¬2) حديثَ مكحول: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطاه خمسةَ أسهم لما حضر خيبر بفرسين؛ بأنه منقطع (¬3)، وولد الرجل أعرف بحديثه. قلت: [4473]- لكن أحمد (¬4) والنسائي (¬5) من طريق يحيى بن عباد بن عبد الله ابن الزبير، عن جده قال: ضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين للزبير أربعة أسهم ... الحديث. [4474]- وروى الواقدي عن عبد الملك بن يحيى، عن عيسى بن معمر، قال: كان مع الزبير يوم خيبر فرسان، فأسهم له النبي - صلى الله عليه وسلم - خمسة أسهم. وهذا يوافق مرسل مكحول، لكن الشّافعي كَذَّب الواقدي. 1832 - قوله: قال أحمد: يُعطَى لفرسين ولا يزاد؛ لحديثٍ وَرَد فيه. قلت: فيه أحاديث منقطعة، أحدها: ¬
[4475]- عن الأوزاعي: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يُسْهِم للخيل، ولا يسهم للرّجل فوق فرسين، وإن كان معه عشرة أفراس. رواه سعيد بن منصور (¬1) عن إسماعيل بن عياش، عنه. وهو معضل. [4476]- ورواه سعيد من طريق الزهري: أن عمر كتب إلى أبي عبيدة: أَنْ أَسْهِم للفرس سهمين، وللفرسين أَربعةَ أسهم، ولصاحبه سهمًا، فذلك خمسةَ أسهم، ولصاحبه سهمًا، فذلك خمسةُ أَسْهُم، وما كان فوق الفرسين فهي جنايب. [4477]- وروى عن الحسن (¬2) عن بعض الصحابة قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يُقسَم إلَّا لفرسين. 1833 - [4478]- حديث: أن العباس كان يأخذ من سهم ذوي القربى، وكان غنيًّا، وكذلك ابن عباس. ذكره الشافعي (¬3). 1834 - [4479]- حديث: وروى أنّ الزبير كان يأخذ لأمه. أمّا المقبوض؛ فذكره ابن إسحاق في "السيرة" في مقاسم خيبر، ولأم ¬
الزبير أربعين وسقا. وأما كون الزبير كان يقبضه، فينظر. 1835 - [4480]-[حديث] (¬1) ابن عباس: أن أهل الفيء كانوا في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمعزل عن الصدقة، وأهل الصدقة بمعزل عن الفيء. البيهقي (¬2) من طريق المزني به، قال: وروينا عن عثمان ما دل على ذلك. 1836 - [4481]- حدثنا سعيد بن المسيب: كان الناس يُعطَوْن النَّفل من الخمس. الشّافعي (¬3) عن مالك، عن أبي الزناد، عنه، بهذا. [4482]- ورواه ابن أبي شيبة (¬4) عن حفص عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، قال: ما كانوا ينَفِّلون إلَّا من الخُمُس. [4483]- وروى (¬5) من طريق الحكم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه (¬6): أن ¬
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان ينفّل قبل أن ينزل فريضة الخمس من المغنم .. الحديث. وهو مرسل. 1837 - [4484]- حديث عمر: في تدوين الدواوين. البيهقي في "المعرفة" (¬1) من طريق الشّافعي. 1838 - [4485]- حديث: أن أبا بكر و [عليا] (¬2) ذهبا إلى التسوية بين الناس في القسمة، وأن عمر كان يفضِّل. الشّافعي في "الأم" (¬3). [4486]- وروى البزار (¬4) والبيهقي (¬5) من طريق أبي معشر، عن [زيد] (¬6) بن أسلم، عن أبيه، قال: قدم على أبي بكر مال من البحرين فقال: من كان له على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عِدَةٌ فليأت ... فذكر الحديث بطوله، في تسويته النّاس في القسمة، وفي تفضيل عمر النَّاسَ على مراتبهم. [4487]- وروى البيهقي (¬7) من وجه آخر من طريق عيسى بن عبد الله (¬8) ¬
الهاشمي، عن أبيه، عن جده قال: أتت [عليا] (¬1) امرأتان ... فذكر قصة. وفيها: إني نظرت في كتاب الله فلم أر فيه فضلًا لولد إسماعيل على ولد إسحاق. [4488]- قوله: وعن عمر مثله. قال البيهقي: روينا ذلك عن عثمان. 1839 - [4489]- حديث أبي بكر وعمر: الغنيمة لمن شهد الوقعة. موقوف. الشّافعي (¬2) من طريق يزيد بن عبد الله بن قسيط: أن أبا بكر بعث عكرمة بن أبي جهل في خمسمائة من المسلمين مددًا لزياد بن لبيد ... فذكر القصة، وفيها: فكتب أبو بكر: "إنما الغنيمة لمن شهد الوقعة". وفيه انقطاع. [4490]- ومن طريق طارق بن شهاب: أمد أهل الكوفة أهل البصرة وعليهم عمار بن ياسر، فجاءوا وقد غنموا ... فذكر القصة، وفيها: فكتب عمر: إنّ الغنيمة لمن شهد الوقعة. وإسناده صحيح. وقد تقدم مرفوعًا وموقوفًا. ويعارضه: [4491]- ما روى أبو يوسف، عن مجالد، عن الشعبي وزياد بن علاقة: أنّ عمر كتب إلى سعد قد أمددتك بقوم، فمن أتاك منهم قبل أن تفنى القتلى فأشركه في الغنيمة. ¬
قال الشّافعي: هذا غير ثابت. قال الشّافعي: وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - شيء لا يثبت في معنى ما روي عن أبي بكر وعمر، لا يحضرني حفظه، انتهى. وقد تقدَّم المرفوع من ذلك قَبْلُ. *****
(42) كتاب قسم الصدقات ومصارفها الثمانية
(42) كتاب قسم الصدقات ومصارفها الثمانية
تنبيه
1840 - [4492]- حديث: أن رجلين أتيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسألانه الصدقة، فقال: "إنْ شِئتمَا أَعْطَيتُكُمَا وَلَاحَظَّ فِيها لِغَنِيٍّ وَلَا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ". ويروى: "وَلَا لِذِي قُوَّةٍ مكتَسِبِ". الشّافعي (¬1) وأحمد (¬2) وأبو داود (¬3) والنسائي (¬4) والدارقطني (¬5) من حديث عبد الله بن عدي بن الخيار: أن رجلين أخبراه أنهما أتيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسألانه الصدقة، فقلَّبَ فيهما النَّظرَ، فرآهما [جَلْدَيْن] (¬6)، فقال: "إنْ شِئْتُمَا أَعْطَيْتُكُمَا وَلَا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ وَلَا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ". لفظ أحمد. زاد الطّحاوي في "بَيان المشكل": أنّ رَجلَيْن مِن قومه ... قال أحمد بن حنبل (¬7): ما أَجودَه من حديث. تنبيه تَبَيَّنَ بهذا: أن قوله: "وَلَا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ" ليس هو في هذا المتن. نعم، ¬
روي في حديث آخر: [4493]- رواه أحمد (¬1) والنسائي (¬2) وابن ماجه (¬3) وابن حبان (¬4) والحاكم (¬5) من حديث أبي هريرة بلفظ: "لَا تَحِلّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ وَلَا [لِذِي] (¬6) مِرَّة سَوِي". [4494]- وأبو داود (¬7) والترمذي (¬8) والحاكم (¬9) من حديث عبد الله بن عمرو ابن العاص، بسند حسن، ولفظه: "لِذِي مِرَّةٍ قَوِي". وفي الباب: [4495]- عن طلحة مثل حديث أبي هريرة، ذكره الدارقطني في "العلل" (¬10). ورواه أبو يعلى. [4496]- وعن ابن عمر في "كامل ابن عدي" (¬11). [4497]- وعن حبشي بن جنادة في الترمذي (¬12). ¬
[4498]- وعن جابر عند الدارقطني (¬1). [4499]- ورواه أحمد (¬2) من طريق أبي زميل، عن رجل من بني هلال به. [4500]- وعن عبد الرحمن بن أبي بكر في الطبراني (¬3). 1841 - [4501]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - أعطى من سأل الصدقة وهو [غير زمن] (¬4). مسلم (¬5) من حديث أنس: كنت أمشي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليه رداء نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذةً شديدةً ... الحديث. وفيه: ثم أمر له بعطاء. [وأكثر] (¬6) أحاديث الباب له شاهدة لذلك. * حديث: "لَا تَحِل الصّدَقَةُ إلا لِثَلاثةٍ ... ". الحديث. مسلم (¬7) كما سبق في "التفليس" (¬8). ¬
وفي الباب: [4502]- عن ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن سَأل وَلَه مَا يُغْنِيهِ جَاءَت يَومَ الْقِيَامَةِ خُمُوشٌ أَوْ خُدُوشٌ أَوْ كُدُوحٌ في وَجْهِهِ". فقيل يا رسول الله: وما الغنى؟ قال: "خَمْسُونَ دِرْهَمًا أَوْ قِيمَتُهَا مِنَ الذَّهَب". أخرجه أصحاب "السنن" (¬1). 1842 - حديث: أنّه استعاذ من الفقر، وقال: "اللهُمّ أحْيِنِي مِسكِينًا ... ". هذان حديثان: [4503]- أمّا الأول فمتفق عليه (¬2) من حديث عائشة أتم منه. وفي الباب: [4504]- عن أبي هريرة في أبي داود (¬3) والنسائي (¬4) وصحيحي ابن حبان (¬5) والحاكم (¬6). ¬
تنبيه
[4505 - 4507]- وعندهما من حديث أبي بكرة نفيع بن الحارث (¬1)، وأبي سعيد (¬2) وأنس (¬3) نحوه. [4508]- وأمّا الثاني فرواه الترمذي (¬4) من حديث أنس، أتم منه أيضًا، واستغربه، وإسناده ضعيف. وفي الباب: [4509]- عن أبي سعيد رواه ابن ماجه (¬5)، وفي إسناده ضعف أيضًا. [4510]- وله طريق [أخرى] (¬6) في "المستدرك" (¬7) من حديث عطاء عنه، وطوَّله البيهقي (¬8). [4511]- ورواه البيهقي (¬9) من حديث عبادة بن الصامت. تنبيه أسرف ابن الجوزي (¬10) فذكر هذا الحديث في "الموضوعات"، وكأنّه أقدم ¬
عليه لما رآه مباينا للحال التي مات عليها النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه كان مكفيا. قال البيهقي: ووجهه عندي: أنه لم يسأل حال المسكنة التي يرجع معناها إلى القلّة، وإنما سأل المسكنة التي يرجع معناها إلى [الإخبات و] (¬1) التواضع. 1843 - [4512]- قوله: يستدل على أن الفقير أحسن حالًا من المسكين بما نقل: "الْفَقْرُ فَخْرِي، وَبِهِ أَفْتَخِر". [و] (¬2) هذا الحديث سئل عنه الحافظ ابن تيمية فقال: هو كذب لا يعرف في شيء من كتب المسلمين المرويَّة (¬3). وجزم الصغاني بأنه موضوع. * قوله: إنه والخلفاء بعده بعثوا السعاة لأخذ الصدقات. تقدَّم في "الزكاة". 1844 - [4513]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يعطي المؤلفة قلوبهم من خمس الخمس. ¬
مسلم (¬1) من حديث رافع بن خديج وغيره: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطى المؤلفة قلوبهم يوم حنين مائة من الإبل ... الحديث. قلت: إلا أنه ليس فيه أن ذلك كان من خُمُس الْخُمُس، وليس فيه ما يدل على المنع من أنهم يُعطَوْن من الزكاة. * [حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لمعاذ: "إنَّكَ سَتَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كتَاب ... " الحديث. متفق عليه، وسبق في "الزكاة"] (¬2). 1845 - [4514]- حديث: أنّه أعطى عيينة بن [حصن] (¬3)، والأقرع ابن حابس، وأبا سفيان بن حرب، وصفوان بن أمية. مسلم (¬4) من حديث رافع بن خديج، وزاد: وعلقمة بن [علاثة] (¬5)، وأعطى عباس بن مرداس دون ذلك، فذكر الحديث. 1846 - [4515]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - أعطى عدي بن حاتم هذا. عدّه النَّووي من أَغلاط "المهذّب" ولا يعرف مرفوعًا، وإنما يُعرف عن ¬
عمر. ووهم ابن معن فزعم أنه في "الصحيحين". 1847 - [4516]- حديث: أنه أعطى الزبرقان بن بدر. وهذا عده النّووي من أغلاط "الوسيط" ولا يعرف. وَوَهِم ابن مَعْنٍ فزعم أنّه في "الصّحيحين". وقد عدّ ابن الجوزي في "التنقيح" ثمّ الصّغَاني في جزء مفرد "أسامي المؤلفة" مجموعا من كلام ابن إسحاق ومقاتل، ومحمد بن حبيب، وابن قتيبة [والطبري] (¬1) وغيرهم، فَبَلغوا بهم نحو الخمسين نفسًا، فلم يذكر فيهم الزبرقان، ولا عدي بن حاتم. وفي "الصحيحين" ما يدل على أنه أسلم طوعًا، وثبت على إسلامه في الردة. والله أعلم (¬2). 1848 - [4517]- حديث: أنه أعطى الأربعة الأولين؛ لضعف نيتهم في الإِسلام، وهم: عيينة، والأقرع، وأبو سفيان، وصفوان وأعطى عَدِيًّا والزبرقان رجاء رغبة نظرائهما في الإِسلام. أما الأول؛ فصحيح في حقهم إلا صفوان بن أمية؛ فإنه إنما أعطاه قبل أن يسلم. وقد صرح بذلك المصنف في "السير"، ونص عليه الشّافعي في ¬
"الأم" (¬1) ونقله عنه البيهقي في "المعرفة" (¬2) فقال: أعطى صفوان قبل أن يسلم، وكان كأنه لا يشك في إسلامه. وقال الغزالي في "الوسيط" (¬3): أعطى صفوان بن أمية في حال كفره ارتقابًا لإسلامه. وتعقبه النووي بقوله: هذا صريح بالاتفاق من أئمة النقل والفقه، بل إنما أعطاه بعد إسلامه. انتهى. وتعقبه ابن الرفعة فقال: هذا عجيب من النّووي، كيف قال ذلك وفي "صحيح مسلم" (¬4) والترمذي (¬5) عن سعيد بن المسيب، عن صفوان بن أمية في هذه القصة، فقال: أعطاني النّبي - صلى الله عليه وسلم - وإنه لأبغض الناس إلَيّ، فما برح يعطيني حتى إنه [لأحب] (¬6) الناس إِليَّ. قال ابن الرفعة: وفي هذا احتمالان: أحدهما: أن يكون أعطاه قبل أن يسلم وهو الأقوى. والثاني: أن يكون بعد إسلامه. وقد جزم ابن الأثير في "الصحابة" أن الإعطاء كان قبل الإِسلام. وكذلك قاله ¬
فائدة
النّووي في "التهذيب" (¬1) في ترجمة "صفوان". وقال في "شرح المهذب" (¬2): أعطى النبي - صلى الله عليه وسلم - صفوان بن أمية من غنائم حنين، وصفوان يومئذ كافر. والله أعلم. ويكفي في الرَّدِّ على النّووي في هذا نَصُّ الشّافعي الذي نقله البيهقي، والله الموفِّق. وأمّا إعطاء عديّ والزبرقان فتقدم الكلام عليهما. فائدة دعوى الرافعي أنه - صلى الله عليه وسلم - أعطى صفوان ذلك من الزكاة وَهمٌ، والصّواب: أنه من الغنائم، وبذلك جزم البيهقي، وابن سَيِّد الناس، وابن كثير، وغيرهم. 1849 - [4518]- حديث: "لَا تَحِلّ الصَّدَقَةُ إلا لِخَمْسَةٍ .... فذكر منهم. الغَارم". مالك في "الموطأ" (¬3) من مرسل عطاء بن يسار، واختلف فيه على زيد بن أسلم عنه، فقال أكثر أصحابه عنه: هكذا. ورواه الثوري، فقيل عنه، هكذا. وقيل: عن عطاء، حدثني الثّبت. وقيل: عن عطاء عن أبي سعيد الخدري. ¬
ورواه معمر، عن زيد بن أبي أسلم، عن عطاء، عن أبي سعيد، من غير خلاف فيه؛ أخرجه أبو داود (¬1) وابن ماجه (¬2) وأحمد (¬3) والبزار، والحاكم (¬4) والبيهقي (¬5)، وصححه جماعة. 1850 - [قوله] (¬6): جرى الأمر في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لا يصرف شيء من الصدقات إلى المرتزقة، ولا إلى المتطوعة -إلى أن قال-: وعنه أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّمَا [هَذِه] (¬7) الصَّدَقَةُ أَوْسَاخُ النَّاسِ، وَإنَّهَا لَا تَحِلّ لِمُحَمّدٍ وَلَا لآلِ مُحَمَّدٍ". أما الأول؛ فأخذه بالاستقراء، ولم أره صريحا. وأما تحريم الصّدقة على آل محمَّد: [4519]- فرواه مسلم (¬8) من حديث عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، في حديث طويل، وفيه هذا اللفظ، وفي لفظ لأبي نعيم في "معرفة ¬
الصحابة" من حديث نوفل بن الحارث: "إن لَكُمْ (¬1) في خُمُسِ الْخُمُسِ مَا يَكْفِيكمْ أَوْ يُغْنِيكمْ". [4520]- وفي الطبراني (¬2) من طريق حنش، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: بعث نوفل بن الحارث ابنيه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... الحديث. فذكر نحوه. وقد استدل به الرافعي للأصطخري في أنّ خمُسَ الخُمُس إذا مُنِعَه أهل البيت حلت لهم الصّدقة. * حديث: "نَحْنُ وَبنُو الْمُطَّلِبِ (¬3) شَيءٌ وَاحدٌ". تقدم قريبا. * حديث: أن الفضل بن عباس، وعبد المطلب بن ربيعة سألا ... الحديث. تقدّم قَبْلُ. 1851 - [4521]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - بعث عاملا فقال لأبي رافع: اصحبني [كيما] (¬4) تصيب من الصدقة، فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "إنَّ الصدَقَةَ لَا تَحِلّ لَنَا وِإنَّ مَوْلَى الْقَوْمِ مِن أَنْفُسِهِم". ¬
تنبيه
أحمد (¬1) وأبو داود (¬2) والترمذي (¬3) والنسائي (¬4) وابن حبان (¬5) والحاكم (¬6) من حديث أبي رافع. قلت: [4522]- وهو في الطبراني (¬7) من حديث ابن عباس. تنبيه اسم الرجل الذي استتبع أبا رافع: الأرقم بن أبي الأرقم، صرح به النّسائي والطبراني. * حديث: إن رجلين سالاه الصدقة، فقال: "إنْ شُئْتُمَا أَعْطَيتُكُمَا ولَا حَظَّ فِيها لِغَنِيٍّ ... ". الحديث، تقدم. * حديث: أنّه قال في حديث قبيصة: "حَتَّى يَشْهَدَ أَوْ يَتَكَلَّمَ ثَلَاثةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَى مِنْ قَوْمِهِ ... " الحديث. ¬
الشّافعي، ومسلم، وأحمد، وقد تقدم في "التفليس". * حديث: بعث معاذا إلى اليمن. تقدم. 1852 - قوله: يجب استيعاب الأصناف لقوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ ...}. تعقب بأنه ليس في الآية ما يدل على عدم [الاجتزاء] (¬1) بإعطاء صنف من الثمانية، بل ليس فيها ما يدل على وجوب استيعاب الثمانية، أو ما وجد من الثمانية، بل وردت أحاديث تدل على خلاف ذلك. [4523]- وذكر الطبري في ["تفسيره" (¬2)] (¬3) من طريق عطاء، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، في هذه الآية، قال: في أي صنف وضعته أجزأك. ورواه عبد الرزاق (¬4) من وجه آخر. [4524]- ورواه الطبري (¬5) عن عمر، وجماعة من التابعين بأسانيد صحيحة. ويدل على ذلك: حديث معاذ بن جبل: "خُذْهَا مِنْ أَغْنِيَائِهِم فَضَعْهَا في فُقَرَائِهِمْ". ¬
[4525]- وفي النسائي (¬1) عن عبد الله بن هلال الثقفي قال: جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: كدت أن أقتل بعدك في عِنَاق أو شاة من الصّدقة. فقال: "لَوْلَا أَنَّهَا تعْطَى فُقَراءَ الْمُهَاجِرِينَ مَا أَخَذْتُهَا". 1853 - [4526] حديث أنس: غدوت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعبد الله ابن أبي طلحة ليحنّكه، فوافيتة في يده الميسم يسم إبل الصدقة. متفق عليه (¬2). 1854 - [4527]- حديث جابر: في النهي عن الوسم في الوجه. أبو داود (¬3) في التصريح بالنهي. وعنده (¬4) وعند مسلم (¬5): لعن من فعل ذلك من حديث جابر. [4528]- ولمسلم (¬6) من حديث ابن عباس. وفي الباب: عن طلحة، والعباس، ونَقَادَة، وجنادة، وأبي سعيد، وأبي هريرة، وعبادة بن الصامت، وأنس. ¬
1855 - [4529]- حديث [عمر] (¬1): أنه شرب لبنا فأعجبه، فأُخبر أنه من نَعَم الصّدقة فاستقاه. مالك في "الموطأ" (¬2) والشافعي (¬3) عنه، عن زيد بن أسلم، به. وجاء عن أبي بكر أيضًا: [4530]- قال سعيد بن منصور، أخبرنا سفيان، عن ابن المنكدر: أنّ أبا بكر شرب لبنًا، فقيل له: إنّه من الصدقة فتقيَّأه. [4531]- وقال سعيد بن منصور: أخبرنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث: أنّ بكيرا حدّثه، عن سليمان بن يسار: أنّ ابن أبي ربيعة جاء بصدقات سَعَى عليها، فلما كان بالحرة خرج إليه عمر بن الخطاب فقرب إليه تمرا ولبنا وزبدا فأكلوا، وأبي عمر أن يأكل منه، فقال له ابن أبي ربيعة: والله أصلحك (¬4) الله إنا نشرب ألبانها. قال: إني لست كهيئتك، إنك تتبع أذنابها، وتعمل فيها. 1856 - [4532]- حديث: أبي بكر أنه أعطى عدي بن حاتم كما أعطاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ¬
أمّا إعطاء النبي - صلى الله عليه وسلم - لعدي؛ فتقدم أنه لا يعرف. أمّا إعطاء أبي بكر له فذكره الشّافعي (¬1) والبيهقي من طريقه (¬2) قال: الذي أحفظ فيه من متقدمي الأخبار: أن عدي بن حاتم جاء إلى أبي بكر بثلاثمائةٍ من صدقات قومه، فأعطاه منها ثلاثين. لكن ليس في الخبر إعطاءه إيّاها من أين، غير أنّ الذي يكاد أن يعرف بالاستدلال أنه أعطاه إياها من سهم المؤلّفة؛ ليزيده رغبة فيما صنع، وليتألف من قومه من لا يثق منه بما وثق به من عدي. انتهى. [4533]- وذكر أبو الربيع بن سالم في "السيرة" له: أنّ عديًّا لما أسلم وأراد الرجوع إلى بلاده، اعتذر إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الزاد وقال: "وَلَكِنْ تَرْجِعُ فَيَكُونُ خَيْرٌ"، فَذلك أعطاه الصديق ثلاثين من إبل الصدقة. 1857 - [4534]- حديث: أن مشركا جاء إلى عمر يلتمس منه مالًا فلم يعطه، وقال: مَن شَاء فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُر. وهذا الأثر لا يعرف. وقد ذكره الغزالي في "الوسيط" (¬3) وزاد: إنَّا لَا نُعْطِي عَلَى الإِسْلَامِ شَيْئًا. وذكره أيضًا صاحب "المهذب" (¬4)، وعزاه النووي (¬5) إلى تخريج البيهقي، وليس فيه إلا قصة الأقرع وعيينة مع أبي بكر وعمر، حين سألا أبا بكر أن يقطع ¬
لهما، وفيه تخريق عمر الصحيفة، وقوله لهما: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتألفكما والإسلامُ يومئذٍ ذليل، وإن الله قد أعز الإِسلام فاذهبا (¬1). [4535]- لكن في "تفسير الطبري" (¬2): حدثنا القاسم، حدثنا الحسن، أخبرنا هشيم، عن عبد الرحمن بن يحيى، عن حبان بن أبي جبلة، قال: قال عمر وقد أتاه عيينة بن حصن: {الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} -يعني ليس اليوم مؤلفة-. [4536]- وروى الطبري (¬3) من طريق الشعبي قال: لم يبق في الناس اليوم من المؤلفة أحد، إنما كانوا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. [4537]- وأخرج (¬4) عن الحسن، نحوه. * حديث: بعث معاذ بن جبل، وفيه: "وَأَنْبِئْهُم أَنَّ عَلَيهِمْ صَدَقَةٌ تُؤْخَذُ مِن أَغنيَائِهِم ... " الحديث. تقدم. 1858 - [4538]- حديث معاذ: من انتقل من مخلاف عشيرته إلى مخلاف غير عشيرته؛ فصدقتُه وعُشُرُه في مخلاف عَشِيرته. ¬
تنبيه
أخرجه سعيد بن منصور بإسناد متصل صحيح إلى طاوس، قال: في كتاب معاذ (فذكره). 1859 - [4539]- حديث معاذ: أنه قال لأهل اليمن: ائتوني بكل [خميس ولبيس] (¬1)، آخذه منكم مكان الصدقة؛ فإنه أرفق بكم وأنفع للمهاجرين والأنصار بالمدينة. البيهقي (¬2) من رواية إبراهيم بن ميسرة، عن طاوس، عن معاذ، وهو منقطع. وعلقه البخاري (¬3). وقال الإسماعيلي: هو مرسل لا [حجة] (¬4) فيه، وقد قال فيه بعضهم: "من الجزية" مكان "الصدقة". تنبيه قوله: خميس، قال أبو عبيد في "غريبه" (¬5): المراد به الثّوب الذي طوله خمسة أذرع. كأنه عني الصّغير من الثياب، وقيل هو منسوب إلى خميس مَلِكٍ كان أمر عمل تلك الثياب باليمن (¬6). ¬
وقال المحب الطبري: روي بدل "بخميس" بخميص" (¬1) - بالصّاد، فإن صح فهو تذكير خميصة. **** ¬
باب صدقة التطوع
باب صدقة التطوع 1860 - [4540]- حديث: "لِيَتَصَدَّق الرَّجُلُ مِنْ دِينَارِهِ وَلِيَتَصَدَّقْ مِن دِرْهَمِهِ وَلِيَتَصَدَّقْ مِنْ صَاعِ بُرِّهِ". مسلم (¬1) عن جرير بن عبد الله البجلي في حديث طويل، لكن لم يكرر قوله: (ليتصدق). 1861 - [4541]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يمتنع من قبول الصدقة. متفق عليه (¬2) من حديث أبي هريرة. [4542]- والترمذي (¬3) والنسائي (¬4) عن بهز بن حكيم، عن أبيه عن جده، نحوه. 1862 - [4543]- حديث: "إنّا أَهْلَ بَيتٍ لَا تَحِلّ لَنَا الصَّدَقةُ". متفق عليه (¬5) من حديث أبي هريرة، في قصة الحسن. 1863 - [4544]- حديث: إنَّ صَدَقَةَ السِّرِّ تطْفِيء غَضَبَ الرَّبّ". ¬
الحاكم في "المستدرك" في "كتاب الفضائل (¬1) منه في ترجمة "عبد الله بن جعفر بن أبي طالب" من رواية أبي جعفر محمَّد بن علي بن الحسين، عنه. وإسناده ضعيف. وفي الباب: [4545]- عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده، رواه الطبراني (¬2) وفي إسناده صدقة السّمين، وهو ضعيف. [4546]- وعن أبي أمامة فيه (¬3) في أثناء حديث طويل. [4547]- وعن أبي سعيد في "الشعب" (¬4) للبيهقي، فيه الواقدي. [4548]- وعن ابن عباس فيه، واتّهم أحد رواته (¬5). [4549]- وعن أنس رواه الترمذي (¬6) وابن حبان (¬7) وصححاه بلفظ: "إنَّ الصَّدَقَة لَتُطْفِىءُ غَضَبَ الرَّبّ، وَتَدْفَعُ مِيتَةَ السُّوءِ". ¬
تنبيه
وأعله ابن حبان في "الضعفاء" (¬1) والعقيلي (¬2)، وابن طاهر، وابن القطان (¬3). [4550]- وعن ابن مسعود في "مسند الشهاب" (¬4) للقضاعي، وفي إسناده من لا يعرف، ولفظه: "صِلَةُ الرَّحِم تَزيدُ في الْعُمُر، وَصَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفِيءُ غَضَب الرب". تنبيه الرَّافعي استدل به على أن صدقة السر أفضل من صدقة العلانية. وأولى منه: [4551]- حديث أبي هريرة، المتفق عليه (¬5): "سَبْعَةٌ يُظِلّهم الله .... وفيه وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأخْفَاهَا". 1864 - [4552]- حديث عائشة: أنها قالت: يا رسول الله: إن لي جارين، فإلى أيِّهما أُهدي؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إلَى أَقْرَبِهِمَا مِنْكِ بَابًا". البخاري (¬6) وأبو داود (¬7) والبيهقي (¬8) من حديث طلحة، عنها. ¬
1865 - [4553] حديث: "الصَّدقَةُ علَى الْمِسْكِيِن صَدَقَةٌ وَعَلَى ذِي الرَّحِمِ اثْنَتَان صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ". أحمد (¬1) والنسائي والترمذي (¬2) وابن ماجه (¬3) وابن حبان (¬4) والدارقطني (¬5) والحاكم (¬6) من حديث سلمان الضبي. وفي الباب: [4554 , 4555]- عن أبي طلحة (¬7)، وأبي أمامة (¬8) رواهما الطبراني. 1866 - [4556]- حديث: كان - صلى الله عليه وسلم - أجود ما يكون في رمضان. متفق عليه (¬9)، عن ابن عباس. ¬
1867 - [4557]- حديث: أن أبا بكر تصدق بماله كلّه. أبو داود (¬1) والترمذي (¬2) والحاكم (¬3) والبزار (¬4) من حديث عمر: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نتصدق فوافق ذلك مالًا عندي، فقلت: اليوم أسبق أبا بكر، فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَا أَبْقَيْتَ لأَهْلِكَ؟ " فَقلت: مثله. فأتى أبو بكر بكل ماله .... الحديث. صحّحه الترمذي والحاكم، وقوّاه البزّار، وضعّفه ابن حزم (¬5) بهشام بن سعد، وهو صدوق. 1868 - [4558] حديث: أن رجلا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بصدقة مثل البيضة من الذهب، فقال: خذها فهي صدقة، وما أملك غيرها. فأعرض عنه ... الحديث. أبو داود (¬6) وابن حبان (¬7) والحاكم (¬8) من حديث جابر. ¬
1869 - [4559]- حديث جعفر بن محمَّد، عن أبيه: أنه كان يشرب من سقايات بين مكّة والمدينة، فقيل (¬1): أتشرب من الصدقة؟ فقال: إنما حرم علينا الصدقة المفروضة. الشّافعي (¬2) عن إبراهيم بن محمَّد عنه، وأخرجه البيهقي (¬3) من طريقه. ***** ¬
(43) كتاب النكاح
(43) كتاب النكاح
1870 - [4560]- قوله روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "تَناكحُوا تَكْثُرُوا أُبَاهِي بِكُمْ الأمم يَومَ القِيامَة". أخرجه صاحب "مسند الفردوس" (¬1) من طريق محمَّد بن الحارث، عن محمَّد بن عبد الرحمن البيلماني، عن أبيه، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "حجوا تَسْتَغْنَوْا، وَسَافِرُوا تَصِحُّوا، وَتَنَاكَحوا تَكْثُرُواْ، فَإنِّي أبَاهِي بِكمْ الأمَمَ". والمحمدان ضعيفان. وذكر البيهقي (¬2) عن الشّافعي: أنه ذكره بلاغا، وزاد في آخره: "حَتَّى بِالسَّقْطِ". وفي الباب: [4561]- عن أبي أمامة أخرجه البيهقي (¬3) بلفظ: "تَزَوَّجُوا؛ فِإنِّي مُكَاثِرٌ بِكم الأمَمَ، وَلَا تَكونوا كَرُهْبَانِيَّةِ النَّصَارَى". وفيه محمَّد بن ثابت وهو ضعيف. [4562]- وعن أنس -صححه ابن حبان (¬4) - بلفظ: "تَزَوَّجُوا الوَلودَ الوَدُودَ؛ فَإِنّي مكَاثِرٌ بِكم الأَنْبِيَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ". [4563]- وعن حرملة بن النعمان، أخرجه الدارقطني في "المؤتلف"، وابن قانع في "الصحابة" (¬5)، بلفظ: "امْرَأَةٌ وَلودٌ أَحَبُّ إِلَى الله مِنِ امْرَأَةٍ حَسْنَاءَ لَا ¬
تَلِدُ؛ إِني مُكَاثِرٌ بِكُمُ الأُمَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ". [4564]- وفي مسند ابن مسعود من "علل الدارقطني" (¬1) نحوه. [4565]- وعن عياض بن غنم، أخرجه الحاكم (¬2) بلفظ: "لَا [تَزَّوَّجَنَّ] (¬3) عَاقرًا وَلَا عَجُوزًا؛ فَإنّي مُكاثرٌ بِكُمْ". وإسناده ضعيف. * وعن معقل بن يسار، كما يأتي في باب "صفة المخطوبة". * وعن عائشة. وسيأتي قريبا. 1871 - [4566] حديث: "النّكَاحُ سُنَّتِي فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي". ابن ماجه (¬4) عن عائشة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "النِّكَاحُ مِنْ سُنتِي فَمَنْ لَمْ يَعْمَلْ بِسُنَّتِي فَلَيْس مِنِّي، وَتَزَوَّجُوا فَإنّي مُكَاثِرٌ بِكُم الأُمَمَ، وَمَن كَان ذَا طَوْلٍ فَلْيَنكِحْ، وَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَعَلَيْه بِالصَّوْمِ فَإِنَّ الصَّوْمَ لَه وِجَاءٌ". وفي إسناده عيسى بن ميمون، وهو ضعيف. [4567]- وفي "الصحيحين" (¬5) حديث أنس في ضمن حديث: "لَكِنّي ¬
أَصُومُ وَأُفْطِر، وَأُصَلي وَأَنَامُ، وَأَتَزَوَّجُ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سنّتِي فَلَيْس مِنِّي". 1872 - قوله: ونحوهما من الأخبار. فمنها: [4568]- عن سعيد بن جبير قال: قال لي ابن عباس: تَزوجتَ؟ قلت: لا. قال: تزوج؛ فإنّ خير هذه الأمّة أكثرهم نساء -يعني النّبي - صلى الله عليه وسلم -. رواه البخاري (¬1). [4569]- وعن عمرو بن العاص مرفوعًا: "الدُّنْيَا مَتَاعٌ، وَخَيْرُ مَتَاعِهَا الْمَرْأَةُ الصَّالحةُ". رواه مسلم (¬2). [4570]- وعن أنس مرفوعًا: "حُبِّب إلي مِن الدُّنيا النّسَاءُ والطيبُ وَجُعِلَ قُرَّةُ عَيْنِي في الصلاة". رواه النسائي (¬3) وإسناده حسن. ورواه الطبراني (¬4) وزاد في: أوله: "إنمَا". وقد اشتهر على الألسنة بزيادة: (ثلاث)، وشرحه الإِمام أبو بكر بن فورك في "جزء مفرد" على ذلك. وكذلك ذكره الغزالي في "الإحياء" (¬5) ولم نجد لفظ ثلاث في شيء من طرقه المسندة. * عن أبي أَيُّوب مرفوعا: "أرْبعٌ مِنْ سُنَن المرْسلين ... "، فذكر منها: ¬
النكاح. رواه الترمذي (¬1) وقد تقدم في "الطهارة". [4571]- وعن الحسن، عن سمرة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬2) نهى عن التبتل. رواه الترمذي (¬3) وابن ماجه (¬4). [4572]- وعن عائشة مثله. رواه الترمذي (¬5) والنسائي (¬6). [4573]- وعنها مرفوعًا: "تَزَوَّجُوا النِّسَاء؛ فَإنهُن يَأتِيَنكُم بِالمالِ". [4574]- رواه الحاكم (¬7) موصولا، من طريق [سَلْم] (¬8) بن جنادة، وقال: إنه تفرد بوصله. [4575]- وأخرجه أبو داود في "المراسيل" (¬9) بغير ذكر عائشة، ورجّحه الدّارقطني على الموصول. [4576]- وعن أبي هريرة رفعه: "ثَلَاثَةٌ حَق عَلَى الله إِعَانَتُهُم: المجاهدُ في ¬
سَبِيل الله، والناكِحُ يُريدُ أن يَسْتَعِفَّ، والْمُكَاتَبُ يُريد الأداءَ". رواه النسائي (¬1) والترمذي (¬2) والدارقطني (¬3)، وصحّحه الحاكم (¬4). [4577]- وعن أنس رفع: "مَن رَزَقُه الله امْرَأةً صَالحةً فَقد أَعَانَهُ علَى شَطْرِ دِينِه، فَلْيَتَّقِ الله في الشَّطْرِ الثَّانِي". رواه الحاكم (¬5) وسنده ضعيف. [4578]- وعنه، رفعه: "مَن تَزَوَّجَ امرأَةً فَقَد أُعْطِي نُصْفَ الْعِبَادةِ". إسناده ضعيف، فيه زيد العمى. [4579]- وعن ابن عباس رفعه: "ألَا أُخْبِرُكُم بِخَيْر مَا [يُكْنَز المرء] (¬6): المرأةُ الصَّالِحةُ إذا نَظَر إلَيْها سَرَّتْه، وَإذَا غَابَ عَنْهَا حَفِظَتْهُ، وإذَا أَمَرها أَطَاعَتْهُ". رواه أبو داود (¬7) والحاكم (¬8). [4580]- وعن ثوبان نحوه. رواه الترمذي (¬9) والروياني (¬10)، ورجاله ثقات، إلا أنّ فيه انقطاعا. [4581]- وعن أبي نجيح رفعه: "مَن كَانَ مُوسِرًا فَلَمْ يَنكِحْ فَلَيْس مِنَّا". ¬
رواه البغوي في "معجم الصحابة" والبيهقي (¬1) وقال: هو مرسل. وكذا جزم به أبو داود (¬2) والدولابي، وغيرهما. [4582]- وعن ابن عباس رفعه: "لَم يُرَ لِلمُتَحَابَّيْن مِثْلُ التَّزْوِيج". رواه بن ماجة (¬3) والحاكم (¬4). [4583]- وعنه رفعه: "لَا صَرُورَةَ في الإسْلامِ"، رواه أحمد (¬5) وأبو داود (¬6) والحاكم (¬7) والطبراني (¬8). وهو من رواية عطاء، عن عكرمة، عنه. ولم يقع منسوبا، [فقال ابن طاهر: هو ابن وراز] (¬9)، وهو ضعيف. لكن في رواية الطّبراني: ابن أبي الخوار، وهو موثق (¬10). ¬
باب الخصائص في النكاح وغيره
باب الخصائص في النكاح وغيره وذُكرتْ في النّكاح لكونها فيه أكثر، وقد نبهت على جميع ما ذكره، وإن لم يذكر له خبرًا خاصًّا؛ لأن مضمنها النّقل المحض، إذ لا مجال للاجتهاد في ذلك، فما وجدت له دليلًا من النقل الحديثيّ ذكرتُه، وما ذكره هو من أدلة القرآن لم أتعرض له إلا إن وجدت عن المفسرين ما يخالفه، فأُشير إلى ذلك، وما لم أجد له دليلًا قلتُ: لم أجد على ذلك دليلًا. ****
باب الواجبات
باب الواجبات 1873 - قوله: والحكمة فيه زيادة الزلفى، فلم يتقرب المتقربون إلى الله بمثل أداء ما افترض عليهم. هذا طرف من حديثٍ: [4584]- أخرجه البخاري (¬1) من طريق عطاء بن يسار، عن أبي هريرة مرفوعًا: "إنَّ الله قَاَل: مَن عَادَى لِي وَلِيًّا فقدآذنتُهُ بالحرْبِ ومَا تقَرَّبَ إَلَيَّ عبدِي بِشَيءٍ أحبَّ إِليَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عليهِ ... " الحديث. فائدة نقل النووي في "زيادات الرّوضة" (¬2) عن إمام الحرمين، عن بعض العلماء: أنّ ثواب الفريضة يزيد على ثواب النّافلة بسبعين درجة. قال النووي: "واستأنسوا فيه بحديثٍ". انتهى. والحديث المذكور ذكره الإِمام في "نهايته" وهو حديث سلمان مرفوعًا في شهر رمضان: "مَن تَقرَّب فيه بِخَصْلَةٍ مِن خصال الْخَيْر كَان كَمَنْ أذى فَرِيضةً فيما سِوَاه (¬3)، ومن أدَّى فريضةً فيه كَان كَمَن أَدَّى سبعينَ فَرِيضةً في غَيْره". انتهى. وهو حديث ضعيف، أخرجه ابن خزيمة (¬4)، وعلق القول بصحّته (¬5). ¬
واعترض على استدلال الإِمام به، والظاهر أنّ ذلك من خصائص رمضان، ولهذا قال النووي: "استأنسوا". والله أعلم. 1874 - [4585]- قوله: فمنها صلاة الضحى؛ روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "كُتب عليَّ رَكعَتا الضُّحى وَهُما لكم سُنَّة". أحمد (¬1) من طريق إسرائيل، عن جابر، عن عكرمة، عن ابن عباس بلفظ: "أمِرْتُ برَكَعتَي الضُّحَى ولم تُؤمَرُوا بِها، وَأُمِرْت بالأَضْحَى ولم تكْتَبْ". وإسناده ضعيف من أجل جابر الجعفي. ورواه أبو يعلى من طريق شريك بلفظ: "كُتِبَ عَلَى النّحْرُ ولم يُكْتَبْ عَلَيْكُم، وَأُمِرْتُ بصلاة الضحَى وَلَمْ تُؤمَرُوا بِهَا". ورواه البزار بلفظ: "أُمِرْتُ بِرَكعَتَي الْفَجر وَالْوِتْرِ وَلَيْسَ عَلَيْكُم". ومن طريق أبي جناب الكلبي، عن عكرمة، عنه بلفظ: "ثَلاثٌ هنّ عليَّ فرائضُ وَلَكُم تَطَوُّعٌ: [النَّحْرُ] (¬2) والْوِتْرُ، وَرَكعَتَا الضحَى". ورواه الحاكم (¬3) وابن عدي (¬4) من هذا الوجه، ولفظه: "الأضحى" بدل: ["النحر"] (¬5) و"ركعتا الفجر" بدل "الضحى". وكذلك رواه ¬
الدراقطني (¬1) والبيهقي (¬2). ورواه ابن حبان في "الضعفاء" (¬3) وابن شاهين في "ناسخه" (¬4) من طريق وضاح بن يحيى، عن مندل، عن يحيى بن سعيد، عن عكرمة عنه، بلفظ: "ثلاثٌ عَلَيَّ فَريضةٌ وهُنَّ لَكم تَطوعٌ: الوِترُ، ورركعتا الْفَجْر، ورَكَعتا الضُّحَى". والوضاح ضعيف، فتلخص ضعف الحديث من جميع طرقه، ويلزم من قال به؛ أن يقول بوجوب ركعتي الفجر عليه، ولم يقولوا بذلك، وإن كان قد نقل ذلك عن بعض السلف، ووقع في كلام الآمدي وابن الحاجب. وقد ورد ما يعارضه: [4586]- فروى الدارقطني (¬5) وابن شاهين في "ناسخه" (¬6) من طريق عبد الله ابن [محرر] (¬7)، عن قتادة، عن أنس مرفوعًا: "أُمِرْتُ بالوِتْرِ والأَضْحَى، ولم يُعزَمْ عليَّ". ولفظ ابن شاهين: "وَلَمْ يُفْرضْ عَليَّ". وعبد الله بن محرر متروك. ¬
فائدة
فائدة اختار شيخنا شيخ الإِسلام القولَ بعدم وجوب الضحى، وأدلته ظاهرة في "الصحيحين"، منها: [4587]- لمسلم (¬1) عن عائشة: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يصلي الضحى إلا أن يجيء من مغيبه. [4588]- وفي "الصحيحين" (¬2) عنها: ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي سُبْحةَ الضحى قطّ، وإني لأُسَبِّحُها. [4589]- وللبخاري (¬3) عن ابن عمر نحوه. [4590]- وله (¬4) عن أنس، وقيل له: هل كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الضحى؟ قال: ما رأيته صلاها غير هذا اليوم. [4591]- وللترمذي (¬5) عن أبي سعيد: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي الضحى حتى نقول لا يدعها، ويدعها حتى نقول لا يصليها. وقال حديث حسن. [4592]- ولأبي داود (¬6) عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: ما أخبرنا أحد أنه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى الضحى غير أم هانيء؛ فإنها أَخبرتْ بها يوم الفتح، ولم يَره أحدٌ صلَّاهن بعدُ. ¬
فائدة
وهذا يرد على الماوردي دعواه: أنه واظب عليها بعد يوم الفتح إلى أن مات. وذكر النووي في "شرح المهذب" (¬1) عن بعض العلماء: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان لا يداوم على صلاة الضحى مخافةَ أن تُفرض على الأمّة فيعجزوا عنها، وكان يفعلها في بعض الأوقات. ولعله أراد بذلك: إظهارها في وقت دون وقت [ليجمع] (¬2) بين كلاميه. 1875 - [4593]- قوله: ومنها الأضحية؛ روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "ثلاثٌ كُتِبَتْ عَليَّ ولَمْ تُكتَبْ عليكُمْ: السِّواكُ، والوِتْرُ، والأُضْحِيَةُ". لم أجده هكذا، والمختصّ بالأضحية يوجد من الحديث الذي قبله من طرق فيها ذكر الأضحى والنحر ونحو ذلك. وأما الوتر والسواك؛ فسيأتي في الحديث الذي بعده. فائدة نقل المصنِّف عن أبي العباس الرّوياني (¬3): أنها لم تكن واجبة عليه. 1876 - قوله: ومنها: الوتر، والتهجد، قال الله سبحانه: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} أي زيادةً على الفرائض. ¬
[4594]- وعن عائشة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ثلاثٌ هُنَّ عَليَّ فرِيضة ولكم سنة: الْوِتْر، والسِّواك، وقِيامُ الليْلِ". أما احتجاجه بالآية؛ فسبقه إليه البيهقي (¬1). ووجهه: أن النّافلة لغةً الزيادةُ، وظاهر الأمر بالتّهجد الوجوب. قال إمام الحرمين: فإن قيل: النّافلة هي السنّة. قلنا: بل النّافلة هنا هي الزِّيادةُ، وقد قيل: ما يزيده العبد من تطوّعاته يُجبَر به نقصانُ مفروضاتِه، وصلاته - صلى الله عليه وسلم - معصومةٌ فكان تهجده زائدًا على مفروضاته. وهكذا قال البغوي في "تفسيره" نحوه. لكن يتعقّب ذلك بأن مقتضاه: أن الرواتب التي واظب عليها كانت واجبةً في حقِّه، ولا قائل بذلك. وحكى النووي في "زياداته" (¬2) عن الشيخ أبي حامد: أن الشّافعي نصّ على أنه نسخ وجوبه في حقه، كما نسخ في حق غيره، قال: وهذا هو الأصح أو الصحيح. وفي "صحيح مسلم" (¬3) ما يدل عليه. انتهى. وأما الحديث الذي احتجوا به؛ فهو ضعيف جدًّا؛ لأنه من رواية موسى بن عبد الرحمن الصنعاني، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة مثله. أخرجه الطبراني في "الأوسط" (¬4) والبيهقي (¬5) وقد قال الطبراني: إن موسى ¬
تفرّد به، وأشار النووي إلى ما أخرجه مسلم في قصة قيام الليل، فصار قيام الليل تطوّعا بعد فريضة. وفي سياقه أيضًا دلالة على أنه حين وجب لم يكن من خصائصه. واستدل غيره على عدم الوجوب أيضًا بحديث: [4595]- جابر الطويل في مسلم (¬1) في صفة الحج، ففيه: ثم أتى المزدلفة فصلى بها المغرب، والعشاء، بأذان وإقامتين، ولم يسبح بينهما شيئًا، ثم اضطجع حتّى طلع الفجر، فصلّى حين تَبَين له الصّبح. وقد نصّ الشّافعي في "الأم" على أن السنَّة تركُ التنفل بعد العشاء للبائت بمزدلفة. وقد صرّح به الماوردي وغيره. واستدل أيضًا بأنه كان يصلي التطوع في الليل على الرَّاحلة في السفر، ويصليه في الحضر جالسا. وقد استدل الشّافعي على عدم وجوب الوتر [عليه] (¬2) بذلك، وقيل: كان ذلك واجبًا عليه في حال الحضر، وفي حال عدم المشقة. وهذا يحتاج إلى نقل خاصٍّ، وإن كان الحليمي، وابن عبد السلام، والقرافي قد صرحوا: بأن الوتر كان واجبًا عليه في الحضر دون السفر. وذكر النووي في "شرح المهذب" (¬3) بأن من خصائصه فعل هذا الواجب من الوتر والتهجد على الراحلة. 1877 - قوله: ومنها السواك، كان واجبا عليه للخبر. ¬
يعني به. الخبر الذي ذكرناه عن عائشة قبله، وهو واهٍ جدًّا، لا يجوز الاحتجاج به. ويمكن أن يستدل لوجوبه: [4596]- بحديث عبد الله بن حنظلة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بالوضوء لكل صلاة طاهرًا وغيرَ طاهرٍ، فلمّا شق عليه ذلك أمر بالسواك لكل صلاة (¬1). وفي لفظ (¬2): وضع عنه الوضوء إلَّا من حَدَث. وإسناده حسن. ووجه التمسك به: أنّ الأمر للوجوب، والمشقة إنما تلزم عن الواجب، فكان الوضوء واجبا عليه أوّلًا، ثم (¬3) أنسخ، (¬4) إلى السواك، والوجه الذي حكاه أوضحُ. [4597]- وقد ورى ابن ماجه (¬5) عن أبي أمامة مرفوعًا: "مَا جَاءَنِي جبريلُ إلَّا أوصانِي بالسواك حَتى لَقَد خَشيتُ أنْ يُفرَض عَلَيَّ، وعلى أُمَّتِي". وهو ضعيف (¬6). [4598]- ولأحمد (¬7) من حديث واثلة مرفوعًا: "أُمِرْتُ بالسّواكِ حتى خَشيتُ أنْ يُكْتَب عَليَّ". ¬
1878 - قوله: كان يجب عليه إذا رأى منكرًا أن ينكر عليه، ويغيّره. اعتِرضَ: بأن كل مكلف إذا تمكن من إزالة المنكر لزمه تغييره. ويُمكن أن يحمل على أنه لا يسقط عنه للخوف؛ لثبوت العصمة، لقوله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} (¬1) بخلاف غيره، فلو أقرّ على المنكر لاستفيد من تقريره أنّه جائز. نَبَّه على ذلك ابن الصبَّاغ. 1879 - قوله: لأنّ الله وعده بالعصمة. يشير إلى الآية التي في المائدة، أو إلى: [4599]- ما رواه الترمذي (¬2) عن عبد الله بن شقيق، عن عائشة: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُحرَس، حتى نزلت: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} فأخرج رأسَه من القبّة، فقال لهم: أيها الناس انصرفوا، فقد عصمني الله. واحتجّ البيهقي للمسألة بما: [4600]- في "الصحيحين" (¬3) عن عائشة: ما خُيِّر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أمريْن إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثمًا، فإذا كان إثمًا كان أبعدَ النّاس منه، وما انتقم رسول الله لنفسه إلَّا أن تُنتَهك حرمةُ الله فينتقم لله. 1880 - قوله: كان يجب عليه مصابرة العدو، وإن كثر عددهم. ¬
لم يبوب له البيهقي، وكأنّه يشير إلى: [4601]- ما وقع في يوم أحد، فإنه أُفْرِد في اثني عشر رجلًا؛ كما رواه البخاري (¬1)، وفي يوم حنين [فإنه] (¬2) أفرِدَ في عشرة رواه البخاري أيضًا. * قوله: كان يجب عليه قضاء دين من مات معسرا من المسلمين. تقدم في آخر "باب الضمان". 1881 - [4602]- قوله: وقيل: كان يجب عليه إذا رأى شيئًا يعجبه أن يقول: "لَبَّيكَ إنَّ الْعَيْشَ عَيشُ الآخرة". هذا بوب عليه البيهقي في "الخصائص" (¬3). وقد روى الشّافعي (¬4) عن سعيد بن سالم، عن ابن جريج، عن حميد الأعرج، عن مجاهد قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُظهر من التلبية ... فذكر الحديث، حتّى إذا كان ذات يوم والنّاس يَصرفون عنه، فكأنه أعجبه ما هو فيه، فزاد فيها: "لَبيْكَ إن الْعَيْشَ عَيْشُ الآخِرَة". قال ابن جريج: [وأحسب] (¬5) أنّ ذلك كان يوم عرفة. قلت: وليس في ذلك ما يدل على الوجوب. ¬
[تتمة] (¬1): مما لم يذكره الرافعي مما ادعى بعضهم وجوبه عليه: كان عليه إذا فرض الصلاة كاملة لا خلل فيها. قاله الماوردي. وكان يجب عليه أن يدفع بالتي هي أحسن. حكاه ابن القاصّ، وكذا ما بعده. قال: ومنها: أنه كلف من العلم وحده بما كلف به الناس بأجمعهم. ومنها: أنه كان يغان على قلبه فيستغفر الله ويتوب إليه في اليوم سبعين مرة. ومنها: أنه كان يؤخذ عن الدنيا عند نزول الوحي وهو مطالب بأحكامها عند الأخذ بها. ومنها: أنه كان مطالبا برؤية مشاهدة الحق، مع معاشرة (¬2) الناس بالنفس والكلام. انتهى. وهذه الأمور تحتاج دعوى وجوبها إلى أدلَّةٍ، وكيف بها، فالله المستعان. ومن خصائصه في واجبات النكاح: وجوب تخيير نسائه للآية، واختلف في سبب نزولها على أقوال؟ أحدها: ما سيذكره المصنف من أنَّ الله خَيَّره بين الغَنَاء والفقر، فاختار الفقر، فأمره الله بتخيير نسائه؛ لتكون من اختارته منهن موافقةً لاختياره. وهذا يعكر عليه: أنَّ الأكثرَ من أهل العلم بالمغازي على أنَّ إيلاءَه من نسائه كان سنة تسع، وأن تخييرهن وقع بعد ذلك، وقد كان - صلى الله عليه وسلم - في آخر [عمره] (¬3) قد وُسِّع له في العيش بالنسبة لما كان فيه قبل ذلك، قالت عائشة: ما شبعنا ¬
من التمر حتى فتحت خيبر (¬1). ثانيها: أنهن تغايرن عليه، فحلف أن لا يكلمهن شهرًا، ثم أُمر بأن يخيِّرهن. حكاه الغزالي. ثالثها: أنّهن طالبنه من الحلي والثياب بما ليس عنده، فتأذى بذلك، فَأُمِر بتخييرهن. وقيل: إنّ ذلك كان بسبب طلب بعضهن منه خاتَمًا من ذهب، فأعد لها خاتمًا من فضّة وصَفَّره بالزعفران، فتسخطت. رابعها: أن الله امتحنهن بالتخيير؛ ليكون لرسوله خيرةُ النساء. خامسها: أنّ سبب نزولها قصّة مارية في بيت حفصة، أو قصّة العسل الذي شربه في بيت زينب بنت جحش. وهذا يقرب من الثاني. قوله: لأنه - صلى الله عليه وسلم - آثر لنفسه الفقر والصبر عليه. وأعاده بعد في الكلام على أنّ اليسار ليس بشرطٍ في الكفاءة. ويدل عليه: [4603]- ما رواه النّسائي (¬2) من حديث ابن عباس: إن الله تعالى خَيّره بين أن يكون عبدًا نبيًّا، وبين أن يكون ملكا، فاختار أن يكون عبدًا نبيًّا. [4604]- ولمسلم (¬3) عن ابن عباس عن عمر، فدخلت عليه وهو مضطجع على حصير فجلست، فإذا عليه إزاره وليس عليه غيره، هاذا الحصير قد أثَّرَ في ¬
جنبه، فنظرت في خزانته وإذا بقبضة من شعير نحو الصّاع، ومثلها قرط في ناحية الغرفة، فابتدرت عيناي .... الحديث. وفيه: "أَلا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَنا الآخِرَةُ، وَلَهُمْ الدُّنْيا". وأخرجاه (¬1) من طريق أخرى، عن ابن عباس، عن عمر، وفيه: "أُولئكَ عجلَتْ لَهم طَيِّبَاتُهم". [4605]- وفي "الصحيحين" (¬2) عن عائشة: كان فراش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أُدُم، وَحشوه لِيف. [4606]- ومن حديثها (¬3): ما شبع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة أيام تباعًا حتّى مضى لسبيله. وفي رواية (¬4): منذ قدم المدينة من طعام بُرّ حتى قبض. [4607]- وفيهما (¬5): عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "اللهمّ اجْعَل رِزْقَ آلِ محمَّدٍ قوتًا". فإن قيل: فما وجه استعاذته - صلى الله عليه وسلم - من الفقر كما تقدم الحديث في قسم الصدقات؟ فالجواب: أن الذي استعاذ منه وكرهه فقر القلب، والذي اختاره وارتضاه طرح المال. ¬
وقال ابن عبد البر (¬1): الذي استعاذ منه هو الذي لا يدرك معه القوت والكفاف، ولا يستقر معه في النفس غنى؛ لأنّ الغنى عنده - صلى الله عليه وسلم - غنى النّفس، وقد قال تعالى: {وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى} (¬2). (¬3) ولم يكن غناه أكثر من ادخاره قوت سنة لنفسه وعياله، وكان الغنى محلّه في قلبه، ثقةً بربّه وكان يستعيذ من فقر منسيّ، وغنًى مطغي. وفيه دليل على أن للغنى والفقر طرفَيْن مذمومَيْن، وبهذا تجتمع الأخبار في هذا المعنى. 1882 - [4608]- حديث عائشة: ما مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أُحِلَّ له النّساء اللاتي حُظِرْنَ عليه. كذا وقع فيه. وقوله: "اللاتِي حُظِرْنَ عليه" مدرج في الحديث. قال الشّافعي (¬4): أخبرنا ابن عيينة، عن عمرو، عن عطاء، عن عائشة، قالت: ما مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أُحِلّ له النّساء. قال الشّافعي: كأنّها تعني: اللّاتي حُظِرْن عليه في قوله تعالى: {لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ} (¬5) الآية. وهكذا ساقه القاضي أبو الطيب عن الشّافعي. وأخرجه أحمد (¬6) ¬
والترمذي (¬1) والنسائي (¬2) من حديث سفيان دون الزيادة. ورواه الدارمي (¬3) وابن خزيمة وابن حبان (¬4) والحاكم (¬5) والنسائي (¬6) من طريق ابن جريج، عن عطاء، عن عبيد بن عمير، عن عائشة بلفظ: ما توفي رسول الله حتى أحل الله له أن يتزوج من النساء ما شاء. [4609]- وروى الترمذي (¬7) من طريق شهر، عن ابن عباس قال: نهى رسول الله عن أصناف النساء إلا ما كان من المؤمنات المهاجرات، فقال: {لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ} الآية. فأحل الله فتيات المؤمنات، وامرأةً مؤمنةً إن وهبت نفسها للنبي، وحرم كل ذات دين غيرِ الإِسلام، وقال: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ} إلى قوله {خَالِصَةً لَكَ} (¬8)، وحرّم ما سوى ذلك من أصناف النساء. قال: حديث حسن. 1883 - [4610]- حديث: لما نزلت آية التخيير بدأ بعائشة. متفق عليه (¬9) من طريق الزهري، عن أبي سلمة، عن عائشة، قالت: لما أمر ¬
تنبيه
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتخييره أزواجه بدأ بي، وقال: "إنّي ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا فَلا عَلَيْكِ ألا تَعْجِلِي ... الحديث. وفيه: ثم قال: "إن الله قال: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا ...} (¬1) الآية". وفيه: فإني أريد الله وَرسوله والدار الآخرة. [4611]- واتفقا (¬2) على طريق مسروق عنها: خيّرنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فاخترناه، فلم يعددها علينا. وفي رواية (¬3): فلم يَعُدَّ ذلك طلاقا. [4612]- ولمسلم (¬4) من حديث جابر، نحو الأول، وزاد في آخره: وأسألك لا تخبر امرأةً من نسائك بالّذي قلتُ. قال: "لا تَسْأَلْنِي امْرَأةٌ مِنهنّ إلَّا أخبرتها". وفي بعض طرقه (¬5): أنّ هذا الكلام منقطع، فإنّ فيه: قال معمر: وأخبرني أيوب، قال: قالت عائشة: لا تقل إنّي اخترتك. تنبيه احتج بهذا الحديث على أن جوابهن ليس على الفور. واعترض الشيخ أبو حامد: بأنه صرّح لعائشة بالإمهال إلى مراجعة الأبوين. ¬
قال ابن الرفعة: وفي طرد ذلك في بقية أزواجه نظرٌ؛ لاحتمال أن يكون ذلك مختصًّا بعائشة؛ لميله إليها، وصغر سنِّها، فكأنه قال لها: لا تبادري بالجواب خشيةَ أن (¬1) تبتدر، فتختار الدنيا. وعلى هذا فلا يطرد ذلك في غيرها، انتهى. ولا يخفى ما فيه. 1884 - قوله: وهل حرّم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طلاقهنّ بعد ما اختَرْنَه، كما لو رغبت عنه امرأة حرم عليه إمساكها. قلت: وهذا يحتاج إلى دليل خاص. * قوله: القسم الثاني من المحرمات: الزكاة والصدقة. تقدم ذلك في "قسم الصّدقات". 1885 - قوله: ما كان له أن يأكل البصل والثوم والكراث، وهل كان حرامًا عليه؟ فيه وجهان، أشبههما: لا. وقوله: والأشبه إلى آخره، يؤخذ مما: [4613]- رواه ابن خزيمة (¬2) وغيره من طريق جابر بن سمرة، عن أبي أيوب، نحو ما أخرجه مسلم، وزاد: "إنّي أَستَحْيِي مِن مَلائِكَةِ الله، وَلَيْس بِمُحَرَّم". [4614]- وللحاكم (¬3) من طريق سفيان بن وهب، عن أبي أيوب، أنه أرسل ¬
إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بطعام من خضرة فيه بصل، أو كراث، فلم ير فيه أثر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأبى أن يأكله، فقال رسول الله: "إنّي أستحيي مِنْ مَلَائِكةِ الله، وَلَيْس بِمُحَرَّم". [4615]- ولابن خزيمة (¬1) من حديث أبي سعيد: لم نعد أن فتحت خيبر وقعنا في تلك البقلة: الثوم، فأكلنا أكلًا شديدًا، قال: وناس جياع، ثمّ قمنا إلى المسجد فوجَد رسولُ الله الرِّيحَ، فقال: "مَن أَكَل مِن هذه الشجَرةَ الخَبِيثَةَ فَلا يَقْرِبَنا في مَسْجِدنَا". فقال الناس: حرمت، حرمت. فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "يَا أيّها النًاس، إنَّه ليس لي تَحْريمُ مَا أَحَلّ الله، ولكنها شَجرةٌ أَكْرَهُ ريحَهَا، وإنه يَأتيني أنحاءٌ (¬2) مِن الملائكَة فَأكرَه أن يَشُمّوا رِيحهَا". وهذه الأحاديث تدل على أن النهي المطلق في: [4616]- حديث ابن عمر الذي أخرجه البخاري (¬3): أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى يوم خيبر عن أكل الثوم محمول على من أراد حضور المسجد. وقد زاد يزيد بن الهاد، عن نافع: أن ابن عمر كان يأكله إذا طبخ. وظاهر الأحاديث أن أكل ذلك لم يكن بحرام عليه على الإطلاق، بل في أبي داود (¬4) والنسائي (¬5) من حديث عائشة: أن آخر طعام أكله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طعام فيه بصل. ¬
زاد البيهقي (¬1): إنّه كان مشويًّا في قِدْر. ويؤيده: [4617]- حديث عمر، عند مسلم (¬2): "فَمَنْ كَان آكِلَهُمَا لا بُدَّ فَلْيُمِتْهُمَا طبخًا". [4618]- ولأبي داود (¬3) والترمذي (¬4) عن علي: نهى عن أكل الثّوم إلَّا مطبوخًا. 1886 - [4619]- حديث: أنه أتي بقدر فيها بقول فوجد لها ريحا، فقرّبها إلى بعض أصحابه، وقال: "كُلْ فَإِنّي أُناجِي مَن لَا تُنَاجِي". متفق عليه (¬5) من حديث جابر. 1887 - [4620]- حديث: كان لا يأكل متكئا. البخاري (¬6) وأصحاب "السنن" (¬7) عن أبي جحيفة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لَا آكُلُ مُتَّكِئًا". ¬
1888 - [4621]- حديث: "إنّما آكُلُ كمَا يَأكلُ الْعَبْدُ، وَأَجْلِسُ كمَا يَجْلِسُ الْعَبْدُ". البيهقي في "الشعب" (¬1) من طريق يحيى بن أبي كثير مرسلًا. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (¬2) عن معمر، عن يحيى، ولفظه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "آكُلُ كَما يَأكُلُ الْعَبْدُ، وَأَجْلِسُ كَمَا يَجْلِسُ الْعَبْدُ فَإنَّما أَنَا عبدٌ". [4622]- وقال البزار (¬3): حدثنا أحمد بن المعلى الآدمي، حدثنا حفص بن عمار الطاحي، حدثنا مبارك بن فضالة، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر بلفظ: "إنّما (¬4) أَنَا عبدٌ آكُلُ كمَا يَأكُل الْعَبْد". وقال: لا نعلم يروى بإسناد متصل إلا من هذا الوجه، ولا نعلم رواه إلا ابن عمر، ولا عن عبيد الله إلا مبارك، ولا عن مبارك إلا حفص، ولا يتابع عليه. قلت: وحفص فيه مقال. [4623]- ووصله ابن شاهين في "ناسخه" (¬5) من حديث أنس. وفيه قصة. [4624]- ولأبي الشيخ في "كتاب أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم -" (¬6) من حديث جابر، نحوه. ¬
[4625]- ومن حديث عائشة (¬1) وإسنادهما ضعيف. [4626]- ولابن شاهين (¬2) من طريق عطاء بن يسار مرسلًا، نحوه. [4627]- وفي ابن أبي شيبة (¬3) من حديث مجاهد مرسلًا أيضًا، قال: ما أكل رسول الله متكئا قط إلا مرّة، وقال: "اللهم إني عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ". [4628]- وقال ابن سعد (¬4): أخبرنا [أبو النضر] (¬5)، حدثنا أبو معشر، عن سعيد، عن عائشة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها: "يَا عَائشَة، لَوْ شِئْتُ لسَارَتْ مَعِي جِبالُ الذَّهب، أتَانِي ملكٌ إنّ حُجْزَتَه لَتُسَاوِي الْكَعْبَةَ، فقال: إنّ رَبك يُقْرِئُكَ السلَامَ وَيقُول: لَك إن شِئْتَ كُنْتَ نَبِيًّا مَلِكًا، وإنْ شْئتَ عَبْدًا. فَأشارَ إِلَيّ جِبْريلُ أنْ ضَعْ نَفْسَكَ، فَقُلْت نَبِيًّا عَبْدًا". فكان بعد ذلك لا يأكل متّكئا، ويقول: "آكُلُ كَمَا يَأكُلُ الْعَبْدُ، وَأَجْلِسُ كَمَا يَجْلِسُ الْعَبْدُ". [4629]- وللبيهقي في "الشعب" (¬6) و"الدلائل" (¬7) من حديث ابن عباس في قصة، قال فيها: فما أكل النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد تلك الكلمة طعامًا متكئًا حتّى لقي الله. ¬
فائدة
ورواه النسائي (¬1) بلفظ: (قط) بدل (حتى لقي الله). وإسناده حسن؛ فإنه من رواية بقية عن الزبيدي، وقد صرّح (¬2)، ووافقه معمر عن الزهري، أخرجه عبد الرزاق (¬3) أيضا. فائدة (¬4) لم يثبت دليل الخصوصية في ذلك، وإنما هو أدب من الآداب، وممن صرح بأنه كان غير محرم عليه ابن شاهين في "ناسخه" (¬5). تنبيه قال الخطابي (¬6): المتكيء، هو الجالس معتمدًا على وِطَاء. وقال ابن الجوزي: المراد بالاتكاء على أحد الجانبين. 1889 - قوله: ومما عدّ من المحرَّمات: الخطّ والشِّعْر. وإنما يتجه القول بتحريمها ممن يقول: إنّه كان يحسنهما. ثمّ استدل لذلك بقوله تعالى: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ} (¬7) وبقوله: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} (¬8). ¬
وفي الاستدلال بالآية الأولى على ذلك نظر. واستدل غيره بـ: [4630]- حديث ابن عمر المخرّج في "الصحيح" (¬1) بلفظ: "إنّا أمّة أمِيّة لا نَكْتب وَلا نَحْسِب ... " الحديث. وقال البغوي في "التهذيب": [قيل] (¬2): كان يحسن الخط ولا يكتب، ويحسن الشعر ولا يقوله. والأصح: أنه كان لا يحسنهما, ولكن كان يميز بين جيد الشعر ورديئه. انتهى. وادعى بعضهم: أنه صار يعلم الكتابة بعد أن كان لا يعلمها، وأن [عدم] (¬3) معرفته كان بسبب المعجزة، لقوله تعالى: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} (¬4)، فلما نزل القرآن، واشتهر الإِسلام وكثر المسلمون، وظهرت المعجزة، وأمن الارتياب في ذلك، عَرَف حينئذ الكتابة. وقد روى ابن أبي شيبة وغيره من طريق (¬5) مجالد، عن عون بن عبد الله، عن أبيه، قال: ما مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى كتب وقرأ. قال مجالد: فذكرت ذلك للشعبي، فقال: صدق، قد سمعت أقواما يذكرون ذلك (¬6). انتهى. قال: وليس في الآية ما ينافي ذلك. ¬
[4631]- وروى ابن ماجه (¬1) وغيره عن أنس، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "رأيت ليلةَ أُسِريَ بِي عَلى بَابِ الْجَنَّة مَكْتُوبًا: الصَّدَقَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَالقَرْض بثمانيةَ عَشَر .. ". قال: والقدرة على قراءة المكتوب فرع معرفة الكتابة. وأجيب: باحتمال إقدار الله له على ذلك بغير تقدّم معرفة الكتابة، وهو أبلغ في المعجزة. وباحتمال أن يكون حذف منه شيء، والتقدير: فسألت عن المكتوب، فقيل لي: هو كذا. [4632]- ومن حديث محمَّد بن المهاجر، عن يونس بن ميسرة، عن أبي كبشة السّلولي، عن سهل بن الحنظلية: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أمر معاوية أن يكتب للأقرع بن حابس، وعيينة بن حصن، قال عيينة: أتراني أذهب إلى قومي بصحيفة كصحيفة الملتمس؟ فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصحيفة، فنظر فيها فقال: "قَدْ كَتَب لَكَ بِهَ أَمَرنَا فِيها" (¬2). قال يونس بن ميسرة أحد رواته: وَيُروى (¬3) أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كَتب بعدما أُنزل عليه. ومن الحجة في ذلك ظاهرا: [4633]- ما أخرجه البخاري (¬4) في قصة صلح الحديبية، من حديث البراء: فأخذ الكتاب فكتب: "هَذا مَا قَاضَى علَيه محمد بن عَبد الله .... " الحديث. ¬
وكذا أخرجه الإسماعيلي في "مستخرجه". وقال أبو الخطاب ابن دحية: صار بعض الناس إلى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كَتَب، منهم أبو ذرّ الهروي، وأبو الفتح النيسابوري، وأبو الوليد الباجي، وصنَّفَ فيه كتابًا. قلت: وسبق إلى ذلك عمر بن شَبّة في "كتاب الكُتّاب" له؛ فإنه قال فيه: كتب النبي - صلى الله عليه وسلم - بيده يوم الحديبية. وقال أبو بكر بن العربي في "سراجه": لما قال أبو الوليد ذلك طعنوا عليه، ورموه بالزندقة، وكان الأمير مُتَثَبِّتًا، فأحضرهم للمناظرة، فاستظهر الباجي ببعض الحجة، وطعن على من خالفه، ونسبهم إلى عدم معرفة الأصول، وقال: اكتب إلى العلماء بالآفاق، فكتب إلى إفريقية، وصقلية، وغيرهما، فجاءت الأجوبة بموافقة الباجي. ومحصَّل ما تواردوا عليه: أنّ معرفته الكتابة بعد أميَّته لا ينافي المعجزة، بل تكون معجزة أخرى؛ لأنهم بعد أن تحققوا أميّته، وعرفوا معجزته بذلك -وعليه تُنزل الآية السابقة- صار بعد ذلك يَعلم الكتابة بغير تقدم تعليم، فكانت معجزة أخرى، وعليه يُنزّل حديث البراء. انتهى. وقد ردّ أبو محمّد بن مفوِّز على أبي الوليد الباجي، وبَيَّن خطأه في هذه المسألة في تصنيف مفرد. ووقع لأبي محمد الهواري معه قصّة في منام رآه، ملَخّصه: أنّه كان يرى بما قاله الباجي، فرأى في النوم قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - ينشق ويميد، ولا يستقر، فاندهش لذلك، وقال في نفسه: لعل هذا بسبب اعتقادي (¬1)، قال ثمّ: عقدتُ التّوبة مع نفسي، فسكن واستقر، فلما استيقظ قصّ الرؤيا علي بن مفوّز فعبَّرها له ¬
كذلك، واستظهر بقوله تعالى: {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا} الآيات. ومحصّل ما أُجيبَ به الباجي عن ظاهر حديث البراء: أنّ القصة واحدة، والكاتب فيها كان عليّ بن أبي طالب، وقد وقع في رواية أخرى للبخاري (¬1) من حديث البراء أيضا بلفظ: لما صالح النبي - صلى الله عليه وسلم - أهلَ الحديبية، كتب عليّ بينهم كتابًا، فكتب: "محمّد رسول الله ... ". فتحمَل الروايةُ الأولى على أن معنى قولِه: (فكتب) أي فأمر الكاتبَ، ويدل عليه رواية المسور في "الصحيح" (¬2) أيضًا في هذه القصة ففيها: "والله إنِّي لرسول الله، وإن كَذَّبْتمُونِي، اكْتُبْ: مُحمّد بن عبد الله". وقد ورد في كثير من الأحاديث في "الصحيح" وغيره إطلاقُ لفظ: (كتب) بمعنى (أمر)، منها: [4634]- حديث ابن عباس: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى قيصر (¬3). [4635]- وحديث: كتب إلى النجاشي (¬4). [4636]- وحديث: كتب إلى كسرى (¬5). [4637]- وحديث عبد الله بن عكيم: كتب إلينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... ¬
فصل
وغير هذه الأحاديث، كلّها محمولة على أنّه أمر الكاتب، ويشعر بذلك هنا: قوله في بعض طرقه. لما أمتنع الكاتب أن يمحو لفظ "محمَّد رسول الله" قال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أَرِني" فمحاه. فإن ظاهره: أنَّه لو كان يعرف الكتابة لما احتاج إلى قوله: "أَرِني"، فكأنه أراه الموضع الّذي أبى أن يمحوه، فمحاه هو - صلى الله عليه وسلم - بيده، ثُمّ ناوله لعلي فكتب بأمره: (ابن عبد الله) بدل (رسول الله). وأجاب بعضهم -على تقدير حمله على ظاهره-: أنه كتب ذلك اليومَ غيرَ عالِمٍ بالكتابة، ولا بتمييز حروفها، لكنه أخذ القلم بيده فخطّ به فإذا هو كتابة ظاهرة، على حسب المراد. وذهب إلى هذا القاضي أبو جعفر السّمناني (¬1). وأجاب بعضهم بأنه ليس في ظاهر الحديث إلا أنه كتب محمَّد بن عبد الله، وهذا لا يمتنع أن يكتبه الأمي، كما يكتب الملوك علامتهم وهم أميون. فصل وأما الشعر فكان نظمه محرما عليه باتفاق، لكن فرق البيهقي (¬2) وغيره بين الرجز وغيره من البحور، فقالوا: يجوز له قول الرّجز دون غيره. وفيه نظر؛ فإن الأكثر على أن الرجز ضرب من الشعر، وإنما ادعى أنه ليس بشعر الأخفش وأنكره ابن القطَّاع وغيره. وإنما جَرّ البيهقي لذلك ثبوت قوله - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين: أَنَا النّبِيّ لَا كَذِبْ أَنَا ابنُ عَبدِ الْمُطَّلِبْ. ¬
فإنه من مجزوء الرّجز (¬1)، ولا جائز أن يكون مما تمثّل به كما سيأتي؛ لأن غيره لا يقول: أنا النبي. ويزيل عنه الإشكال أحد أمرين: إما أنه لم يقصد الشعر فخرج موزونا، وقد ادعى ابن القطّاع -وأقره النووي. الإجماعَ على أن شرط تسمية الكلام شعرًا أن يقصد له قائله، وعلى ذلك يحمل ما ورد في القرآن والسنة. وإمّا أن يكون القائل [الأول] (¬2) قال: (أنت النبي لا كذب)، فلمّا تمثّل به النبي - صلى الله عليه وسلم - غَيَّره. والأول أولى. هذا كله في إنشائه، [ويؤيد (¬3) ما ذهب إليه البيهقي بما: [4638]- أخرجه ابن سعد (¬4) بسند صحيح] (¬5) عن معمر (¬6)، عن الزهري، قال: لم يقل النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئًا من الشعر إلا شيئًا قِيل قَبله، أو يُروى عن غيره إلا هذا. وهذا يعارض: [4639]- ما في الصحيح (¬7) عن الزهري أيضًا: لم يبلغنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تمثل ¬
ببيت شعر تامٍّ غيرِ هذه الأبيات. زاد ابن عائذ من وجه آخر عن الزهري: إلا الأبيات التي كان يرتجز بها، وهو ينقل اللبن لبناء المسجد. وأما إنشاده (¬1) متمثّلًا فجائز، ويدل عليه: [4640]- حديث عبد الله بن عمرو، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَا أُبَالِي شَرِبْتُ تِرْياقًا، أَوْ تَعَلّقتُ تَمِيمَةً (¬2)، أو قلتُ الشّعر (¬3) من قِبَل نَفْسِي" (¬4). أخرجه أبو داود (¬5) وغيره. فقوله: "مِن قِبَلِ نَفْسِي" احترازٌ عمّا إذا أنشده متمثلًا. وقد وقع في الأحاديث الصحيحة من ذلك: [4641]- كقوله: "أَصْدقُ كَلِمَةٍ قَالها الشَّاعِرُ قولُ لبيد: ألَا كُلّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللهَ بَاطِلٌ". متفق عليه (¬6) من حديث أبي هريرة. [4642]- وحديث عائشة: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتمثّل بشعر ابن رواحة (¬7). ¬
[4643]- وحديثها: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا [استراب] (¬1) الخبر: يتمثل بقول طُرْفَة: وَيأتِيكَ بِالأَخْبَارِ مَنْ لَمْ تُزَوِّدِ صححه الترمذي (¬2). [4644]- وأخرجه البزار (¬3) من حديث ابن عباس أيضًا. [4645]- وأما ما أخرجه ابن أبي حاتم (¬4) وغيره من مرسل الحسن البصري: أنّه - صلى الله عليه وسلم - كان يتمثل بهذا البيت: كَفَى بِالإِسْلَامِ وَالشَّيْبِ نَاهِيًا فقال له أبو بكر: كَفَى الشَّيْبُ وَالإِسْلَامُ لِلْمَرْءِ نَاهيًا فأعادها كالأول، فقال: أشهد أنك رسول الله، {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ}، فهو -مع إرساله- فيه ضعيف، وهو راويه عن الحسن، علي بن زيد بن جدعان. [4646]- وأما ما رواه البيهقي في "الدلائل" (¬5): أنه - صلى الله عليه وسلم - قال للعباس بن مرداس: أنت القائل: ¬
أَتَجْعَلُ نَهْبِي وَنَهْبَ الْعَبيدِ بَين الأَقْرَعِ وعُيَيْنَةَ. فقال (¬1): إنما: هو: بَينَ عُيَيْنَةَ وَالأَقْرَعِ فقال: "هُمَا سَواءٌ". فإن السهيلي قال في "الروض" (¬2): إنه - صلى الله عليه وسلم - قدم الأقرع على عيينة؛ لأن عيينة وقع له أنه ارتد، ولم يقع ذلك للأقرع. [4647]- وروى الحاكم والبيهقي (¬3) والخطيب (¬4) من طريق عبد الله بن مالك النحوي مؤدب القاسم بن عبيد الله، عن علي بن عمرو الأنصاري، عن بن عيينة، عن الزهري، عن عروة عن عائشة قالت: ما جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيت شعر قط إلا بيتًا واحدًا: تَفَاءَلْ بِمَا تَهْوَى يَكُنْ فَلَقَلَّمَا ... يُقَالُ لِشَيْء كَانَ إِلَّا تَحَقَّقُ قالت عائشة: لم يقل: (تحققَّا) لئلا يُعربه فيصير شعرًا. قال البيهقي: لم أكتبه إلا بهذا الإسناد، وفيه من يجهل حاله. وقال الخطيب: غريب جدًّا. والله أعلم. 1890 - [4648]- قوله: كان يحرم عليه إذا لبس لأمته أن ينزعها حتى يلقى العدو. ¬
فائدة
علقه البخاري (¬1) مختصرًا، ووصله أحمد (¬2) والدارمي (¬3) وغيرهما من حديث جابر: "أنه لَيس لِنَبِيّ إذا لَبِسَ لأمَتَهُ أَنْ يَضَعَهَا حَتى يُقاتِل" (¬4). وفيه قصة. [4649]- وأخرجها أصحاب "المغازي": موسى بن عقبة، عن بن شهاب، وابن إسحاق، عن شيوخه، وأبو الأسود، عن عروة. وفيه من الزيادة: "لا يَنْبَغِي لِنَبِيّ إذا أَخَذ لَأْمَةَ الْحَرْبِ واكتفى النَّاسُ بالخروج إلى العدوّ أن يَرجِع حَتّى يُقاتِل". [4650]- وله طريق أخرى بإسناد حسن عند البيهقي (¬5) والحاكم (¬6) من حديث ابن عباس. فائدة اللأْمَةُ -مهموزة ساكنة-: الدّرع، والجمع: لأْمٌ، كتمرة، وتمر. 1891 - [4651]- حديث: "مَا يَنبغي لِنَبِي خائنةُ الأَعْيُن". ¬
أبو داود (¬1) والنسائي (¬2) والبزار (¬3) والحاكم (¬4) والبيهقي (¬5) من حديث سعد بن أبي وقاص في حديث فيه قصّة الّذين أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقتلهم يوم فتح مكة، وفيه: أن عبد الله بن سعد بن أبي سرح منهم، وأن عثمان استأمن له النبي - صلى الله عليه وسلم - فأبى أن يبايعه ثلاثًا، ثمّ بايعه، ثم قال لأصحابه: "أَمَا كانَ فِيكم رَجُلٌ رشيدٌ يقومُ إِلى هَذا، حَيْث رَآني كَفَفْتُ يَدِي عنه فَيَقْتُلَه؟ ". قالوا: وما يدرينا ما في نفسك يا رسول الله؟ هلا أومأت إلينا بعينك. قال: "إنّه لا يَنْبَغِي لِنَبِيّ أَنْ تَكونَ لَه خَائِنَةُ الأَعْيُنِ". إسناده صالح. [4652]- وروى أبو داود (¬6) والترمذي (¬7) والبيهقي (¬8) من طريق أخرى عن أنس قال: غزوت مَع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فحمل علينا المشركون، حتى رأينا خيلنا وراء ظهورنا، وفي القوم رجل يحمل علينا، فيدقنا ويحطمنا، فهزمهم الله تعالى، فقال رجل: إن عليّ نذرًا إن جاء الله بالرجل أن أضرب عنقه، فجاء الرجل تائبًا، فأمسك رسول الله لا يبايعه، فجعل الرجل الذي حلف يتصدى له، ويهابه أن يقتل الرجل، فلما رأى رسول الله أنه لا يصنع شيئًا بايعه. فقال الرجل: نذري. ¬
فائدة
فقال: "إنّي لَمْ أُمْسِكْ عنه مُنْذ اليومَ إلَّا لِتُوفِي بِنَذْرِكَ". فقال يا رسول الله: ألا أومضت إلي؟ فقال: "إنّه لَيس لِنَبِيٍّ أن يُومِضَ". [4653]- وروى ابن سعد (¬1) من طريق علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب، قال: أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقتل بن أبي سرح، وابن الزبعري، وابن خطل. فذكر القصة. قال: وكان رجل من الأنصار نذر إن رأى ابن أبي سرح أن يقتله، فذكر قصة استئمان عثمان له، وكان أخاه من الرضاعة، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للأنصاري: "هَلَّا وَفَّيْتَ بِنَذْرِكَ؟ " قال: يا رسول الله انتظرتك، فلم تُومض لي. فقال: "الإيمَاءُ خِيَانَةٌ، وَلَيس لِنَبِيٍّ أنْ يُومِيءَ". فائدة حكى سبط ابن الجوزي في "مرآة الزمان": أن الأنصاري عبّاد بن بِشر. 1892 - [4654]- حديث: كان إذا أراد سفرا ورَّى بغيره. متفق عليه (¬2) من حديث كعب بن مالك. 1893 - قوله: وقيل -بناءً عليه-: إنه كان لا يبتديء متطوّعا إلا لزمه إتمامه. قلت: لم أر لهذا دليلًا إلا إن كان يؤخذ من حديث صلاته الركعتين بعد العصر، وقول عائشة: كان إذا عمل عملا أثبته. وفي الاستدلال بذلك نظر. ¬
1894 - قوله عن صاحب "التلخيص" (¬1): إنه لم يكن له أن يَخْدَع في الحرب. مردود بما اتفق الشيخان (¬2) عليه من: [4655]- حديث جابر: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "الْحَرْبُ خُدْعَةٌ". 1895 - قوله: يجوز له أن يصلي على من عليه دين مطلقا، أو مع وجود ضامن. قال النووي: في ["زياداته" (¬3)] (¬4): الصواب الجزم بجوازه مع الضامن، ثم نسخ التحريم مطلقا. إلى أن قال: والأحاديث مصرِّحةٌ بذلك. انتهى. وكذا قال البيهقي (¬5) كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يصلي على من عليه دين لا وفاء له، ثم نسخ. واحتج بما في "الصحيحين" (¬6): [4656]- عن أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يؤتى بالمتوفى عليه الدَّيْن، ¬
فيسأل: "هَل تَرَك لِدَيْنِه مِن قَضاءٍ؟ " (¬1) فإن قيل: إنه ترك وفاء، صلّى عليه، وإلا فلا. فلما فتح الله عليه الفتوح قام، فقال: "أنَا أَوْلَى بالمؤْمِنينَ مِن أَنْفسِهم، فَمَنْ تُوفِّيَ وَتركَ دَيْنًا فَعَلَى وَفاؤُهُ، ومَن تَرك مالًا فَلِوَرَثَتِه". وفي الباب: [4657]- عن سلمة بن الأكوع عند البخاري (¬2). [4658]- وعن أبي قتادة في أبي داود والترمذي (¬3). [4659]- وعن ابن عمر في "الطبراني الأوسط" (¬4). [4660]- وعن أبي أمامة وأسماء في "الكبير" (¬5). [4661]- وعن ابن عباس في "الناسخ" (¬6) للحازمي. [4662]- وعن أبي سعيد عند البيهقي (¬7). [4663]- وفي حديث سلمة: أن الضامن كان أبا قتادة. وفي حديث أبي سعيد: أنّ الضامن كان عليًّا. ويحمل على تعدّد القصّة. واختلف في الحكمة في ذلك، فقيل: كان تأديبا للأحياء لئلا يستأكلوا أموال الناس. ¬
وقيل: لأن صلاته تطهير للميت، وحق الآدمي ثابت فلا تطهير منه، فيتنافيان. وقيل: كانت عقوبة في أمر الدين أصلها المال، ثم نسخ التأديب بالمال وما تفرع [عنه] (¬1). 1896 - [4664]- قوله: قال المفسرون: ذاك خاص بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، يعني: تحريم المن ليستكثر. قلت: هو قول الضحاك بن مزاحم (¬2). ورواه [ابن أبي حاتم] (¬3) وغيره من طريق سفيان الثوري، عن رجل، عنه. قال: هي للنبي - صلى الله عليه وسلم - خاصّة، وللنّاس (¬4) موسَّع عليهم. قال: وروي عن ابن عباس، وعطاء، ومجاهد، وطاوس، وأبي الأحوص، وإبراهيم النخعي، وقتادة، والسدي، ومطر، والضحاك في إحدى الروايتين عنه: أن المراد لا يهدي الهديَّةَ فينتظر بمثلها. ثمّ ساق عن غيرهم أقوالًا مختلفة في المراد بذلك. ومن خصائصه في محرمات النكاح: 1897 - [4665]- إمساك من كرهت نكاحه، واستشهد له بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نكح امرأة ذات جمال، فَلُقِّنَتْ أن تقول له: ¬
أعوذ بالله منك. فلما قالت ذلك قال: "لَقَدْ اسْتَعَذْتِ بِمُعَاذٍ الْحِقِي بِأَهْلِكِ". انتهى. قال ابن الصلاح في "مشكله": هذا الحديث أصله في البخاري (¬1) من: حديث أبي سعيد الساعدي، دون ما فيه: أن نساءه علَّمْنَها ذلك. قال: وهذه الزّيادة باطلة، وقد رواها ابن سعد في "الطبقات" (¬2) بسند ضعيف. انتهى. قلت: فيه الواقدي، وهو معروف بالضعف. ومن الوجه المذكور أخرجه الحاكم (¬3) ولفظه: عن حمزة بن أبي أسيد، عن أبيه قال: تزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسماء بنت النعمان الْجَوْنِيّة، فأرسلني، فجئت بها، فقالت حفصة لعائشة: اخضبيها أنت، وأنا أمشطّها. ففعلتا، ثم قالت لها إحداهما: إنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعجبه من المرأة إذا دخلت عليه أن تقول: أعوذ بالله منك. فلما دخلت عليه، أغلق الباب، وأرخى الستر، ثم مدّ يده إليها، فقالت: أعوذ بالله منك. فقال بكمه على وجهه، فاستتر به، وقال: "عُذْتِ بِمُعَاذٍ". ثم خرج علي (¬4) فقال: "يا أبا أَسِيد، أَلْحِقْهَا بِأَهْلِهَا وَمَتِّعْهَا بِرَازِقِيَّيْن". فكانت تقول: ادعوني الشقيّة. [4666]- وفي رواية للواقدي أيضًا منقطعة (¬5): أنه دخل عليها داخلٌ من النّساء وكانت من أجمل النساء، فقالت: إنكِ من الملوك، فإن كنت تريدين أن ¬
تَحظَيْ عنده فاستعيذِي منه .. الحديث. وأصل حديث أبي أسيد عند البخاري، كما قال ابن الصلاح، وعنده (¬1) وعند مسلم (¬2) من حديث سهل بن سعد، نحوه. وسَمّاها أميمة بنت النعمان (¬3) بن شراحيل، وفي ظاهر سياقه مخالفة لسياق أبي أسيد، ويمكن الجمع بينهما، وهو أولى من دعوى التّعدد في الْجَوْنِية. [4667]- وللشيخين (¬4) أيضًا من حديث عائشة: أن ابنة الجون لما دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودنا منها، قالت: أعوذ بالله منك. وسماها ابن ماجه (¬5) من هذا الوجه: عمرة. ووجح ابن منده: أن اسمها أميمة. وقيل: اسمها العالية. وقيل: فاطمة. ووقع نحو هذه القصّة في النسائي (¬6) وقال: إنها من بني كلاب. والحقّ أنها غيرها؛ لأنّ الجونيّه كنديّة بلا خلاف. وأما الكلبية: فهي سناء بنت سفيان بن عوف بن كعب بن عبيد بن أبي بكر بن كلاب حكاه الحاكم وغيره. 1898 - [4668]- حديث: "زَوجَاتِي في الدُّنْيَا زَوْجَاتِي في الآخِرَة". ¬
لم أجده بهذا اللفظ (¬1). [4669]- وفي البخاري (¬2): عن عمار أنه ذكر عائشة، فقال: إني لأعلم أنها زوجة نبيكم في الدنيا والآخرة. وأخرجه أبو الشيخ في كتاب "السنة" من حديثه مرفوعًا. [4670]- وفي البيهقي (¬3): عن حذيفة أنه قال لامرأته: إن سرّك أن تكوني زوجتي في الجنّة فلا تتزوجي بعدي، فإن المرأة لآخر أزواجها في الدنيا، فلذلك حرّم على أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ينكحن بعده؛ لأنّهن زوجاته في الجنة. [4671]- وفي "المستدرك" (¬4) عن عبد الله بن أبي أوفى مرفوعًا: "سألتُ ربِّي أن لَّا أُزَوِّجَ أحدًا من أمّتِي، ولا أَتَزَوَّجَ إليه، إلَّا كان معي في الجنَّةِ، فَأعطانِي". أخرجه في "ترجمة علي". [4672]- وفي الطبراني في "الأوسط" (¬5) من طريق عروة، عن عبد الله بن عمر، مثله. وفي ملاقاته لحديث الباب تكلّف. القسم الثالث: المباحات: 1899 - قوله: فمنه الوصال. ¬
قلت: سبق حديثه في "الصيام"، وهو في "الصحيحين": عن أنس (¬1) وابن عمر (¬2) وأبي سعيد (¬3) وأبي هريرة (¬4) وعائشة (¬5). وليس المراد بخصوصيته بإباحته: مطلقَ الوصال؛ لأن في بعض طرقه: "فَأيّكم أَرَادَ أن يواصِلَ فَلْيُواصِلْ إلى السَّحْرِ". ولا ينتهض دليل تحريم الوصال أيضًا، وإنّما حرف المسألة: أنه كان له أن يتقرّب به، وليس ذلك لغيره والله أعلم. 1900 - قوله: ومنه اصطفاء ما يختاره من الغنيمة قبل القسمة؛ من جارية وغيرها -إلى أن قال- ومن صفاياه: صفية بنت حيي، اصطفاها، وأعتقها، فتزوجها، وذو الفقار، انتهى. أما الأول: [4673]- فروى أبو داود (¬6) والنسائي (¬7) من طريق عامر الشعبي، مرسلًا، قال: كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - سهم يدعى الصّفي إن شاء عبدًا، وإن شاء أمةً، وإن شاء فرسًا يختاره قبل الخمس. ¬
[4674]- ومن طريق ابن عون (¬1): سألت ابن سيرين عن سهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وسهم الصفي، قال: كان يضرب للنبي - صلى الله عليه وسلم - بسهم مع المسلمين، وإن لم يشهد، والصّفي يؤخذ له رأس من الخمس قبل كل شيء. وهذا مرسل [أيضًا] (¬2). وأمّا الثاني، فقال ابن عبد البر (¬3): سهم الصفي مشهور في صحيح الآثار, معروف عند أهل العلم، ولا يختلف أهل السير في أن صفيّة منه، وأجمعوا على أنه خاصّ به. انتهى. ونقل القرطبي (¬4) عن بعض العلماء: أنّه للإمام بعده. [4675]- وروى أبو داود (¬5) من طريق هشام، عن أبيه، عن عائشة، قالت: كانت صفية من الصفي. وأخرجه (¬6) ابن حبان (¬7) والحاكم (¬8). [4676]- وفي "الصحيحين" (¬9) عن أنس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعتق صفية وجعل عتقها صداقها. ¬
[4677]- وفي البخاري (¬1): عن عمرو بن أبي عمرو، عن أنس، في قصة، قال: فاصطفاها لنفسه. [4678]- ومن طريق حماد بن زيد (¬2) عن ثابت، عن أنس: كانت صفيّة في السبي، فصارت إلى دحية، ثم صارت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. [4679]- ومن طريق عبد العزيز بن صهيب عن أنس (¬3) في قصّة خيبر، وأخذ دحية صفية، فجاء رجل .. (فذكر الحديث) فدعاها، فقال لدحية: "خُذْ جَارِيَةً من السَّبْيِ غيرَها". [4680]- وفي مسلم (¬4) من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس: أنه اشتراها من دحية بسبعة أرؤس. وقال النووي في "شرحه" (¬5): يحمل على أنه اصطفاها لنفسه من بعد ما صارت لدحية جمعا بين الأحاديث. والله أعلم. [و] (¬6) قال المنذري: والأولى أن يقال كانت صفية فيئًا؛ لأنها كانت زوج كنانة بن الربيع، وكانوا صالحوا رسول الله وشرط عليهم أن لا يكتموه كنزا، فإن كتموه فلا ذمة لهم، ثم عثر عليهم فاستباحهم وسباهم، ذكر ذلك أبو عبيد وغيره. قال: وصفية ممن سبي من نسائهم بلا شك، وممن دخل أولًا في ¬
صلحهم، فقد صارت فيئا لا يخمس، وللإمام وضعه حيث أراه الله. وأما ذو الفقار: [4681]- فرواه أحمد (¬1) - (¬2) والترمذي (¬3) وابن ماجه (¬4) والحاكم (¬5) من حديث ابن عباس: أنه - صلى الله عليه وسلم - تنفّل (¬6) سيفَه ذا الفقار يوم بدر، وهو الذي رأى فيه الرؤيا يوم أحد. [4682]- وفي الطبراني (¬7) عن ابن عباس: أن الحجاج بن علاط أهدى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - سيف هذا الفقار. إسناده ضعيف. واعترض على الرافعي هنا: بأنه يرى أن غنيمة بدر كانت كلها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -[يقسمها] (¬8) برأيه، فكيف يلتئم مع قوله: إن ذا الفقار كان من صفاياه، والكلام في الصفي إنما هو بعد فرض الخمس، وعلى هذا فيحمل قول ابن عباس: "تنفّل" بمعنى أنه أخّره لنفسه، ولم يعطه أحدا. ¬
1901 - قوله: ومنه خمس الخمس، كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - الاستبداد به، وأربعة أخماس الفيء، على ما تقدم في "قسمة الفيء أو الغنيمة". 1902 - قوله: دخول مكة بغير إحرام. تقدم في "باب دخول مكة". ويمكن أن يقال: إن دخولها إذ ذاك كان للحرب، فلا يعد ذلك من الخصائص. نعم، يعد من خصائصه القتال فيها؛ لقوله في الحديث الصحيح (¬1): "فَقُولُوا إنّ الله أَذِن لِرَسولِه وَلم يَأْذَنْ لكُمْ". * قوله: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنّا مَعْشَرَ الأَنْبِياءِ لَا نُورَث". تقدم في "باب القسم والغنيمة"، وهذا اللفظ أيضًا في "الأوسط للطبراني" (¬2). [4683]- وقال الحميدي في "مسنده" (¬3): حدثنا سفيان بن عيينة، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنّا مَعْشَرَ الأَنْبِياءِ لَا نُورَث مَا تَرَكْنَا فَهُوَ صَدَقَةٌ". ¬
فائدة
فائدة نقل ابن عبد البر عن قوم من أهل البصرة، منهم إبراهيم بن علية: أن هذا من خصائص النبي - صلى الله عليه وسلم -، والصحيح: أنّه عام في جميع الأنبياء؛ لهذا الحديث (¬1). وتمسك المذكورون بظاهر قوله تعالى: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} (¬2)، وبقوله حكايته عن يعقوب: {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا} (¬3). وأجيب: بأنه محمول على وراثة النبوة والعلم والدين، لا في المال. والله أعلم. 1903 - قوله: كان له أن يقضى بعلم نفسه. استدل له البيهقي بحديث عائشة في قصة هند بنت عتبة، وقوله: لَها: "خُذِي مِن مَالِه مَا يَكْفِيكِ". وسيأتي الكلام عليه في "باب القضاء على الغائب" إن شاء الله تعالى. 1904 - قوله: وأن يحكم لنفسه ولولده، وأن يشهد لنفسه ولولده. استدلوا له بعموم العصمة، ويلتحق بذلك: حكمُه وفتواه في حال الغضب، وقد ذكره النووي في "شرح مسلم" (¬4). ¬
ويمكن أن يؤخذ الحكم من حديث خزيمة الآتي قريبا. 1905 - قوله: وأن يقبل شهادة من يشهد له ولولده. استدلوا لذلك بـ: [4684]- قصة خزيمة بن ثابت، وهي شهيرة؛ أخرجها أبو داود (¬1) والحاكم (¬2)، وأعلها ابن حزم (¬3). وأغرب ابن الرفعة، فزعم أنها مشهووة، وأنها في "الصحيح"، وكأنّ مراده بذلك: [4685]- ما وقع في البخاري (¬4) من حديث زيد بن ثابت، قال: فوجدتها مع خزيمة الذي جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهادته بشهادة رجلين، ذكرها في "تفسير الأحزاب". * قوله: وكان له أن يحمي لنفسه، والأئمّةُ بعده لا يحمون لأنفسهم. ¬
كما سبق في "إحياء الموات". قلت: أما حماه لنفسه؛ فلم أره في شيء من الأحاديث. 1906 - قوله: وأن يأخذ الطعام والشراب من المالك وإن احتاج إليهما، وعليه البذل، ويفدي [بمهجته مهجةَ] (¬1) النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ [لأنه] (¬2) أولى بالمؤمنين من أنفسهم. قلت: لم أر وقوع ذلك في شيء من الأحاديث صريحا، ويمكن أن يستأنس له بأن طلحة وقاه بنفسه يوم أحد (¬3)، وبأن أبا طلحة كان يتقي بترسه دونه (¬4)، ونحو ذلك من الأحاديث (¬5). 1907 - قوله: وكان لا ينتقض وضوءه بالنوم. يدل عليه: [4686]- ما في "الصحيحين" (¬6) عن عائشة مرفوعًا: "إنّ عَينيِ تَنَامَانِ، وَلَا يَنَامُ قَلْبِي". ¬
[4687]- وعن ابن عباس: أنه - صلى الله عليه وسلم - نام حتى نفخ، ثم قام [فَصَلّى] (¬1) ولم يتوضأ (¬2). [4688]- وفي البخاري (¬3) في حديث الإسراء، من طريق شريك، عن أنس: "وَكَذلكَ الأَنْبَياءُ تَنَام أَعْيُنُهم ولَا تَنامُ قُلُوبهم". 1908 - قوله: وفي انتقاض وضوئه باللمس وجهان، قال النووي في "زياداته" (¬4): المذهب الجزم بانتقاضه. قلت: أجاب به بعض الشافعية على ما أورده [عليهم] (¬5) الحنفيّة [في أنّ اللّمس لا ينقض مطلقا: بأن ذلك من خصائصه؛ لأن] (¬6) الحنفية احتجوا بأحاديث، منها: [4689]- في "السنن الكبرى" (¬7) بإسناد صحيح، عن القاسم، عن عائشة، قالت: إنْ كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصلّي وإني لمعترضة بين يديه اعتراضَ الجنازة، حتى إذا أراد أن يوتر مسّني برجله. [4690]- وفي البزار: من طريق عبد الكريم الجزري، عن عطاء، عن عائشة: ¬
أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقبِّل بعضَ نسائه، ثم يخرج إلى الصلاة ولا يتوضأ. وإسناده قويّ. نعم احتجّ بعض الشافعية (¬1) بهذا الحديث على أنّ وضوء الملموس لا ينقض، وهو قول قوي في المذهب. 1909 - قوله: وفيما حكى صاحب (¬2) "التلخيص" أنه كان يجوز له أن يدخل المسجد جنبًا. قال: ولم يسلمه القفال، وقال لا إخاله صحيحًا. انتهى. استدل له النووي (¬3) بما: [4691]- رواه الترمذي (¬4) -وحسّنَه- من حديث أبي سعيد الخدري: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لعلي: "لا يَحِلّ لأحدٍ يُجنِبُ في هذَا المسجِد غَيْرِي وَغيرَك". وحَكى (¬5) عن ضرار بن صُرَد: أن معناه لا يستطرقه جنبا غيري وغيرك. ¬
وتُعقِّب: بأنه حينئذ لا يكون فيه اختصاص؛ فإنّ [الأمة] (¬1) كذلك بنص الكتاب. قلت: ويمكن أن يدعى أن ذلك خاص بمسجده، فلا يحلّ لأحد أن يستطرقه جنبا ولا حائضا إلا النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك علي؛ لأنّ بيته كان مع بيوت النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويدل على ذلك: [4692]- قول ابن عمر في "الصحيح" (¬2) [للذي] (¬3) سأله عن علي: انظر إلى بيته (¬4). [4693]- وروى النسائي (¬5) من حديث ابن عباس في "فضائل علي" قال: وكان يدخل المسجد وهو جنب، وهو طريقه ليس له طريق غيرِه. وضعّف بعضهم حديث أبي سعيد بأن راويه عنه عطية، وهو ضعيف، وفيه سالم بن أبي حفصة وهو ضعيف أيضًا. وأجيب: بأنه يقوى بشواهده: [4694]- ففي "مسند البزار" (¬6) من حديث خارجة بن سعد، عن أبيه ما يشهد له. ¬
[4695]- وفي ابن ماجه (¬1) والطبراني (¬2) من حديث أم سلمة مرفوعًا: "إن هذَا الْمَسْجدَ لَا يَحِلّ لِجنُبٍ ولا حَائِضٍ" (¬3). وأخرجه البيهقي (¬4) بلفظ: "إن مَسجدِي حَرامٌ علَى كل حائضٍ مِن النساء وَجنُبِ من الرِّجال إلَّا على محمد وأهل بَيْتِه". * قوله: كان يجوز له القتل بعد الأمان. قلت: لم أر لذلك دليلًا. 1910 - [4696]- حديث أبي هريرة: "اللهم إنّي اتّخذتُ عندكَ عهدًا لن تُخْلِفَنِيهِ، فإنّما أنا بَشر فأيّ المؤمِنين آذيتُه أو شَتَمْتُه أو لَعَنْتُه فاجْعَلْها صلاةً وصدقةً وزكاةً وقربةً تُقرّبُه بها إليكَ يَومَ القيامَةِ". انتهى. وهو حديث صحيح أخرجه مسلم (¬5) هكذا من طريق الأعرج، عنه. وفي "الصّحيحين" (¬6) من طريق سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة بلفظ: "اللهم فَأيُّمَا مؤمنٍ سَبَبْته فاجْعَلْ ذلكَ لَه قرْبةً يومَ القِيامة". ¬
وفي الباب: [4697]- عن جابر أخرجه مسلم (¬1) بلفظ: "إنّما أنَا بَشَر، وإنّي اشْتَرطْتُ على ربي أيّ عَبدٍ مِن المسلمينَ سَبَبْتُه أو شَتَمْتُه أن يَكونَ ذَلك [له] (¬2) زَكاةً وأجرًا" وفي رواية (¬3): "وَرَحْمَةً" بدل "وأجرًا". [4698 , 4699]- وعن عائشة (¬4) وأنس (¬5) أخرجه مسلم أيضًا. [4700]- وعن أبي سعيد عند أحمد بن حنبل (¬6). 1911 - قوله: وهذا قريب من جعل الحدود كفارات لأهلها. [4701]- فيه حديث عبادة: "فَمن أَصابَ مِنْ ذَلكَ شيئًا فَعُوقِبَ بِه فَهُو كَفَّارةٌ له" مخرج في "الصحيحين" (¬7). 1912 - [4702]- وعند أبي داود (¬8) من حديث أبي هريرة مرفوعا: "لا أَدْري الحدُودَ كفَّارات لأهلِهَا أم لَا". ¬
وأجيب عنه: بأنه عَلِم ذلك بعد أن كان لا يعلمه، فإمّا أن يكون أبو هريرة أرسلَه وإمّا أن يكون حديثُ عبادة متأخِّرًا. وقد بَيّنت ذلك في "شرح البخاري" (¬1). فصل في التّخفيف في النّكاح 1913 - قوله: مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن تسع نسوة. قلت: هو أمر مشهور لا يحتاج إلى تكلّف تخريج الأحاديث فيه، وهن: عائشة، ثم سودة، ثمّ حفصة، ثم أم سلمة، ثم زينب بنت جحش، ثمّ صفية، ثم جويرية، ثمّ أم حبيبة، ثم (¬2) ميمونة. واختلف في ريحانة: هل كانت [زوجةً] (¬3) أو سُرِّيّة؟ وهل ماتت في حياته أو بعده؟ ودخل أيضًا بخديجة، ولم يتزوج عليها حتى ماتت، وبزينب أمّ المساكين وماتت في حياته، قبل أن يتزوج صفية ومن بعدها. [4703]- وأمّا حديث أنس: أنّه تزوج خمس عشرة، ودخل منهن بإحدى عشرة، ومات عن تسع؛ فقد قوّاه الضياء في "المختارة" (¬4) وفي بعضه مغايرة لما تقدم. وأما من عقد عليها ولم يدخل بها، أو خطبها ولم يعقد عليها، فضبطنا منهن نحوًا من ثلاثين امرأة. وقد حرّرت ذلك في كتابي في الصحابة. ¬
فائدة
1914 - قوله: الأصحّ جواز الزيادة على التسع؛ لأنه مأمون الجور. قلت: إن ثبت ما ذكرناه في ريحانة كان دليلًا على الوقوع. فائدة ذكر في حكمة تكثير نسائه، وحبه فيهن أشياء: الأول: زيادة في التكليف حتى لا يلهو بما حُبّب إليه منهن عن التبليغ. الثاني: ليكون مع من يشاهدها، فيزول عنه ما يرميه به المشركون من كونه ساحرًا الثالث: الحثّ لأمّته على تكثير النسل. الرّابع: لتتشرف به قبائل العرب بمصاهرته (¬1) فيهم. الخامس: لكثرة العشيرة من جهة نسائه، عونًا على أعدائه. السادس: نقل الشّريعة التي لا يطلع عليها الرجال. السابع: نقل محاسنه الباطنة؛ فقد تزوّج أمّ حبيبة وأبوها في ذلك الوقت عدُّوه، وصفيةَ بعد قتل أبيها وزوجها، فلو لم يطلعن من [باطنه] (¬2) على أنه أكمل الخلق لنفرن منه. 1915 - قوله: في انعقاد نكاحه بلفظ الهبة؛ لظاهر الآية. وهل يجب المهر؟ وجهان، حكى الحنّاطي الوجوب. قال: وخاصّة النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الانعقاد بلفظ الهبة. ¬
فائدة
قلت: قد ذكر الرافعي في أواخر الكلام أن (¬1) أكثر المسائل التي ذكرها هنا مخرَّجَةٌ على أصلٍ وهو: أنّ النكاح (¬2) في حقّه هل هو كالتسرّي في حقنا؟ إن قلنا: نعم، لم ينحصر [عدد] (¬3) منكوحاته ... إلى آخر كلامه. قلت: ودليل هذا الأصل: وقوعُ الجواز في الزّيادة على الأربع، والباقي ذكروه إلحاقا. والله أعلم. فائدة اختلف في الواهبة؛ فقيل: خولة بنت حكيم، وقع ذلك في: [4704]- رواية أبي سعيد المؤدِّب، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، أخرجه البيهقي (¬4) وابن مردويه، وعلقه البخاري (¬5) ولم يسق لفظه. وبه قال عروة (¬6) وغيره. وقيل: أمّ شريك: [4705]- رواه النّسائي (¬7) من طريق حماد بن سلمة، عن هشام، عن أبيه، عن أمّ شريك، وبه قال علي بن الحسين (¬8) والضحاك ومقاتل. ¬
وقيل: هي زينب بنت خزيمة أمّ المساكين، قاله الشعبي، وروي ذلك عن عروة أيضًا. وقيل: ميمونة بنت الحارث الهلاليّة، روي ذلك عن ابن عباس، وقتادة (¬1). 1916 - [4706] قوله: استشهد بقصّة زيد بن حارثة حين طلّق زيد زوجتَه وتزوّجها النّبي - صلى الله عليه وسلم -. البخاري (¬2) ومسلم (¬3) من حديث أنس [مطولا] (¬4)، ومسلم من حديث عائشة مختصرا. 1917 - قوله: كان [يجوز] (¬5) له تزويج المرأة ممن شاء بغير إذنها، وإذن وليها. قلت: قصة زينب بنت جحش. * حديث: أنّه - صلى الله عليه وسلم - تزوج ميمونة وهو محرم. متفق عليه، من حديث ابن عباس، وقد تقدم. ¬
1918 - [4707]- حديث: أنه كان يطاف به في المرض على نسائه. الحارث بن [أبي] (¬1) أسامة في "مسنده" (¬2) عن محمَّد بن سعد، عن أنس بن عياض، عن جعفر بن محمَّد، عن أبيه: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يحمل في ثوب [يطاف] (¬3) به على نسائه وهو مريض، يقسم لهن. ورجاله ثقات، إلَّا أنّه منقطع. [4708]- وفي "الصحيحين" (¬4) عن عائشة: لما ثقل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬5) استأذن أزواجه أن يمرَّض في بيتي. وفي رواية لمسلم (¬6): إنه لما كان في مرضه جعل يَدور في نسائه ويقول: "أَيْنَ أنَا غَدًا؟ أيْن أنَا غَدًا؟ " حرصا على بيت عائشة. وفي صحيح ابن حبان" (¬7) عنها: أنه لما اشتكى، قلن له: انظر حيث تحبّ أن تكون، فنحن نأتيك، فانتقل إلى عائشة. ¬
1919 - [4709]- حديث: أنّه كان يقول: "اللهمّ هَذا قَسْمي فِيما أَملِك، فلا تَلُمْنِي فِيما تَمْلِك، وَلا أَمْلِكُ". أحمد (¬1) والدارمي (¬2) وأصحاب "السنن" (¬3) وابن حبان (¬4) والحاكم (¬5) عن عائشة. وأعله النّسائي، والتّرمذي، والدارقطني بالإرسال، وقال أبو زرعة (¬6)، لا أعلم أحدا تابع حماد بن سلمة على وصله. * حديث: أنّه أعتق صفيّة وجعل عتقها صداقها. متفق عليه عن أنس، وقد مضى. 1920 - قوله: منهم من قال: أعتقها على شرط أن ينكحها، [فلزمها] (¬7) الوفاء به، بخلاف باقي الأمّة. ¬
قلت: هو ظاهرُ حديث أنس في "الصحيحين" (¬1) في قوله: أصدقها نفسها. لكن ليس فيه أنّه من خصائصه. القسم الرابع في الفضائل والكرامات 1921 - [4710]- قوله: روي أنّه تزوج امرأة فرأى بكشحها بياضًا، فقال: "الْحَقِي بِأَهْلِكَ". الحاكم في "المستدرك" (¬2) من حديث كعب بن عجرة. وفيه: أنّها من بني غفار، وفي إسناده جميل بن زيد، وقد اضطرب فيه (¬3)، وهو ضعيف، فقيل: عنه هكذا، وقيل: عن ابن عمر. وقيل: عن زيد بن كعب أو كعب بن زيد. وأخرجه ابن عدي (¬4) والبيهقي (¬5). وقال الحاكم: اسمها أسماء بنت النعمان. قلت: والحقّ أنها غيرها، فإن بنت النعمان هي الْجَوْنِيّة، كما مضى. ¬
1922 - [4711] حديث الأشعث بن قيس: أنه نكح المستعيذةَ في زمان عمر بن الخطاب، فأمر برجمها (¬1)، فأُخبِر أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - فارقها قبل أن يمسّها، فخلاهما. هذا الحديث تَبع في إيراده هكذا الماوردي والغزَّاليَّ وإمامَ الحرمين والقاضيَ الحسين، ولا أصل له في كتب الحديث. [4712]- نعم روى أبو نعيم في "المعرفة" في ترجمة "قُتَيْلَة (¬2) " من حديث داود، عن الشّعبي مرسلًا: [أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - طلق قُتَيْلة بنت قيس أخت الأشعث طلقها قبل الدخول، فتزوجها عكرمة بن أبي جهل، فشقّ ذلك على أبي بكر، فقال له عمر: يا خليفة رسول الله، إنها ليست من نسائه، لم يحزها النّبي - صلى الله عليه وسلم - وقد بَرَّأَها الله [منه بالرّدّة] (¬3). وكانت قد ارتدّت مع قومها ثمّ أسلمت، فَسكن أبو بكر] (¬4). وأخرجه البزار من وجه آخر، عن داود، عن عكرمة، عن ابن عباس موصولا. وصحّحه ابن خزيمة والضّياء من طريقه في "المختارة". ¬
[4713]- وروى الحاكم (¬1) من طريق هشام بن الكلبي، عن أبيه، عن أبي صالح، عن ابن عباس قال: خَلَف على أسماء بنت النعمان المهاجرُ بن أبي أمية فأراد عمر أن يعاقبها، فقالت: ولله ما ضرب عليّ الحجاب، ولا سُمِّيت أم المؤمنين. فكفَّ عنها. [4714]- وروى الحاكم (¬2) بسنده إلى أبي عبيدة معمر بن المثنى: أنه تزوج حين قدم عليه وفدُ كندة قُتَيْلة بنت قيس أخت الأشعث, ولم تُدْخَل عليه، فقيل: إنه أوصى أن تخيّر فاختارت النكاح، فتزوّجها عكرمة بن أبي جهل بحضرموت، فبلغ ذلك أبا بكر فقال: لقد هممت أن أحرق عليهما (¬3). فقال عمر: ما هي من أمهات المؤمنين، ولا دخل بها (¬4)، ولا ضرب عليها الحجاب، فسكن. [4715]- وروى البيهقي (¬5) بإسناده إلى الزهري قال: بلغنا أنّ العالية بنت ظبيان التي طلقها تزوجت قبل أن يُحرِّمَ الله نساءه، فنكحت ابن عَمٍّ لها، وولدت فيهم. 1923 - قوله: ولا يُقال لبناتهن: أخوات المؤمنين، ولا لأخواتهن خالات المؤمنين. قلت: فيه أثر. ¬
[4716]- عن عائشة قالت: أنا أمّ رجالكم، ولست أمَّ نسائكم. أخرجه البيهقي (¬1). 1924 - قوله: وأمّا غيرهن فيجوز أن يسألن مشافهةً بخلافهن. قلت: إن كان المراد السؤال عن العلم فمردود؛ فإنه ثابت في "الصحيح": أنهم كانوا يسألون عائشة عن الأحكام والأحاديث مشافهةً، أو لعلّه أراد بقوله: "مشافهة" مواجهةً فيتجّه. والله أعلم. 1925 - [4717]- قوله: ونُصِرَ بالرعب على مسيرة شهر. هو في حديث جابر وغيره في "الصحيحين" (¬2). وفي الطبراني (¬3): "مَسيرَةَ شَهريْن". والجمع بينهما بما ورد في "مسند أحمد" (¬4): "شَهرًا وراءَهُ، وَشَهْرًا أَمَامَه". وكذا قوله: "وَجُعِلَتْ [لِيَ] (¬5) الأَرْضُ مَسْجدًا". لَكن قوله: "وَترَابُها طَهُورًا" من أفراد مسلم (¬6) من حديث حذيفة. 1926 - قوله: وَأُحِلَّتْ له الغنائم. ¬
هو في الأحاديث المذكورة، وفيها: "وَلَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ قَبْلِي". 1927 - قوله: ويَشفع في أهل الكبائر. [4718]- فيه حديث أنس: "شَفَاعَتِي لأَهْلِ الكَبَائِرِ مِن أمَّتِي". أخرجه أبو داود (¬1) والترمذي (¬2)، فرواه مسلم (¬3) بدون ذكر: (الكبائر)، وعلّقه البخاري (¬4) من حديث سليمان التيمي عنه. وفي الباب: [4719]- عن جابر في "صحيح ابن حبان" (¬5) - وشواهده كثيرة. 1928 - قوله: [وبُعث] (¬6) إلى النّاس عامّة. هو في الأحاديث المذكورة. 1929 - [4720]- قوله: وهو سيد ولد آدم. هو في ["الصحيحين" (¬7)] (¬8) في حديث الشّفاعة الطّويل. ¬
1930 - [4721]- قوله: وأوّل من تَنشق عنه الأرض. رواه مسلم (¬1) من طريق عبد الله بن فروخ، عن أبي هريرة. ورواه الشيخان (¬2) من وجه آخر. * قوله: وأول شافع وأول مشفَّع. هو في الحديث الذي قبله، عند مسلم. 1931 - [4722]- قوله: وهو أكثر الأنبياء تبعًا. رواه مسلم (¬3) أيضا. 1932 - [4723]- قوله: وأول من يَقْرع باب الجنّة. رواه مسلم (¬4) من حديث أنس. [4724]-[وللدارقطني في "الأفراد" من حديث عمر مرفوعًا: "إنّ الجنَّةَ حُرِّمت عَلى الأَنبياءِ حَتَّى أَدْخُلَهَا، وَحُرِّمَتْ عَلى الأُمَمِ حَتَّى يَدْخُلَها أُمَّتِي" (¬5)] (¬6). ¬
1933 - قوله: وأمته معصومة؛ لا تجتمع على الضلالة. هذا حديث مشهور؛ له طرق كثيرة لا يخلو واحد منها من مقال، فمنها: [4725]- لأبي داود (¬1) عن أبي مالك الأشعري، مرفوعا: "إنّ الله أَجَارَكُم مِن ثَلاثِ خِلالٍ: أنْ لاَ يَدعُو عليكم نَبِيُّكُم فَتَهلِكُوا جميعًا، وألّا يَظْهَرَ أهلُ الْباطل على أهل الحق، وأن لا تجتمعوا على ضَلَالةٍ". وفي إسناده انقطاع. [4726]- وللترمذي (¬2) والحاكم (¬3) عن ابن عمر مرفوعًا: "لاَ تَجْتَمِعُ هذهِ الأمّةُ عَلى ضَلالةٍ أبَدًا". وفيه سليمان بن سفيان المدني وهو ضعيف. وأخرج الحاكم له شواهد. ويمكن الاستدلال له بـ: [4727]- حديث معاوية مرفوعًا: "لا يَزالُ مِن أُمَّتي أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأمْرِ الله لاَ يَضُرّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلاَ مَنْ خَالَفَهُم حَتَّى يَأْتِي أَمْرُ الله". أخرجه [الشيخان] (¬4). وفي الباب: [4728، 4729]- عن سعد وثوبان في مسلم (¬5). ¬
[4730]- وعن قرة بن إياس في الترمذي (¬1) وابن ماجه (¬2). [4731]- وعن أبي هريرة في ابن ماجه (¬3). [4732]- وعن عمران في أبي (¬4) داود (¬5). [4733]- وعن زيد بن أرقم عند أحمد (¬6). ووجه الاستدلال منه: أنّ بوجود هذه الطائفة القائمة بالحق إلى يوم القيامة لا يحصل الاجتماع على الضلالة. [4734]- وقال ابن أبي شيبة (¬7): حدثنا أبو أسامة، عن الأعمش، عن المسيب بن رافع، عن يسير بن عمرو، قال: شيّعنا أبا مسعود حين خرج، فنزل في طريق القادسية، فدخل بستانا فقضى حاجته، ثم توضأ ومسح على جوربيه، ثم خرج، وإن لحيته ليقطر منها الماء، فقلنا له: اعهد إلينا فإن الناس قد وقعوا في الفتن، ولا ندري هل نلقاك أم لا. قال: اتقوا الله واصبروا حتى يستريح بَرّ أو يستراح من فاجر، وعليكم بالجماعة؛ فإن الله لا يَجْمَع أمَّةَ محمد على ضلالة. إسناده صحيح، ¬
ومثله لا يقال من قِبَل الرّأي. [4735]- وله طريق أخرى عنده (¬1) عن يزيد بن هارون، عن التيمي، عن نعيم بن أبي هند: أن أبا مسعود خرج من الكوفة، فقال: عليكم بالجماعة، فإن الله لم يكن ليجمع أمّة محمّد على ضلالة. * قوله: وصفوفهم كصفوف الأنبياء. هو في حديث حذيفة المتقدم من عند مسلم، لكن بلفظ: "الملائكة". * قوله: وكان لا ينام قَلْبُه. تقدّم قريبا. 1934 - [4736]- قوله: ويرى من وراء ظهره كما يرى من قدّامه. هو في "الصحيحين" (¬2) وغيرهما من حديث أنس، وغيره. والأحاديث الواردة في ذلك مقيّدة بحالة الصّلاة، وبذلك يُجمَع بين هذا وبين قوله: "لاَ أَعْلَمُ مَا وَرَاء جِدَارِي هَذَا" (¬3). ¬
1935 - قوله: وتطوعه بالصلاة قاعدا كتطوعه قائما، وإن لم يكن له عذر. فيه: [4737]- حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، وهو في "الصحيح" لمسلم (¬1) بلفظ: أتيت رسول الله فوجدته يصلي جالسًا فقلت: حدِّثتُ أنك قلت: "صَلَاةُ الرّجُلِ قَاعدًا عَلَى نِصْفِ الصَّلاة"، وأنت تصلي قاعدًا؟ قال: "أَجَلْ، ولَكِنْ لَسْتُ كَأَحَدِكُمْ". 1936 - قوله: ومخاطبة المصلّي له بقوله: السّلام عليك أيها النبي. يعني: في التّشهد، ووجه الدلالة: أنه منع من مخاطبة الآدمي بـ: 1937 - [4738]- قوله: "إنّ هِذه الصَلاةَ لاَ يَصْلُحُ فِيها شَيْءٌ مِنْ كلامِ النَّاسِ". أخرجه مسلم (¬2). * قوله: ويجب على المصلي إذا دعاه أن يجيبه، ولا تبطل صلاته. ¬
تقدّم في "الصلاة". ويلتحق بدعائه الشّخص المصلي ووجوب إجابته ما إذا سأل مصليَّا عن شيءٍ، فإنّه تجب عليه إجابته، ولا تبطل صلاته. وهنا فرع حسن، وهو: أنه لو كلّمه مصلٍّ ابتداءً هل تفسد صلاته أو لا؟ محل نظر. 1938 - قوله: ولا يجوز لأحد رفع صوته [فوق صوته] (¬1)، لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} (¬2). وجه الدّلالة: أنه توعّد على ذلك بإحباط العمل، فدل على التّحريم، بل على أنه من أغلظ التحريم. [4739]- وفي "الصحيح" (¬3): أن عمر قال له: لا أُكَلِّمك بعد هذا إلا كأخي السِّرار. وفيه قصة ثابت [بن قيس] (¬4). [4740، 4741]- وأمّا حديث ابن عباس وجابر في "الصحيح" (¬5): أن نسوة كن يكلمنه عالية أصواتهن؛ فالظّاهر أنّه قبل النهي. ¬
1939 - قوله: وأن يناديه من وراء الحجرات. دليله الآية أيضا. ووجه الدلالة من قوله: بأنّهم لاَ يَعْقِلُونَ (¬1)، أي الأحكام الشّرعيّة، فدل على أن من الأحكام الشرعية أن لا يفعل ذلك. أهمل التّقدم بين يديه، والجهر له بالقول؛ وهما مستفادان من (¬2) الآية أيضا. 1940 - قوله: وأن يناديه باسمه. دليله: آية النور: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ} (¬3). وعلى هذا فلا يناديه بكنيته. وأمّا ما وقع من ذلك لبعض الصّحابة؛ فإمّا أن يكون قبل أن يُسلِم القائل، وإمّا أن يكون قبل نزول الآية. 1941 - قوله: وكان يستشفي ويتبرك ببوله ودمه. تقدم ذلك مبسوطا في "الطهارة". قال الرافعي في قصة أم أيمن: من الفقه أنّ بوله ودمه يخالفان غيرهما في التّحريم؛ لأنه لم ينكر ذلك، وكان السّر في ذلك ما تقدم من صنيع الملَكَيْن حين غسلا جوفه. 1942 - قوله: ومن زنى بحضرته، أو استهان به، كفر. أمّا الاستهانة؛ فبالإجماع. ¬
وأمّا الزنا؛ فإن أريد به أنّه يقع بحيث يشاهده فممكن؛ لأنّه يلتحق بالاستهانة، وإن أريد بحضرته أن يقع في زمانه فليس بصحيح؛ لقصة ماعز والغامديَّة. 1943 - قوله: وأنّ أولاد بناته ينتسبون إليه. فيه: [4742]- حديث أبي بكرة: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إنّ ابْنِي هَذا سَيِّدٌ". يعني الحسن بن علي. أخرجه البخاري (¬1). [4743]- وفي "معرفة الصحابة" لأبي نعيم في ترجمة "عمر" من طريق شبيب ابن غرقدة، عن [المستظل] (¬2) بن حصين، عن عمر -في أثناء حديث-: "وَكُلّ وَلَدِ آدمَ فَإِنَّ عَصَبَتَهُم لأبيهِمْ، مَا خَلا وَلَدَ فَاطِمَةَ فَإِنِّي أَنَا أَبُوهُمْ وَعَصَبَتُهم" (¬3) ¬
1944 - [4744]- حديث: "كُلّ سَبَبٍ وَنَسَبٍ يَوم الْقِيامَةِ يَنْقَطِعُ إلَّا سَبَبِي وَنَسَبِي". البزار (¬1) والحاكم (¬2) [والطبراني (¬3)] (¬4) من حديث عمر. وقال الدارقطني في "العلل" (¬5): رواه ابن إسحاق عن جعفر بن محمَّد، عن أبيه، عن جده، عن عمر. وخالفه الثوري، وابن عيينة، وغيرهما عن جعفر، لم يذكروا: (عن جده) وهو منقطع. انتهى. ورواه الطبراني (¬6) من حديث جعفر بن محمَّد، عن أبيه، عن جابر: سمعت عمر. ورواه ابن السكن في "صحاحه" من طريق حسن بن حسن بن علي، عن أبيه، عن عمر في قصة خطبته أمّ كلثوم بنت علي. ورواه البيهقي (¬7) أيضا. ورواه أبو نعيم في "الحلية" (¬8) من حديث يونس بن أبي يعفور، ¬
[عن أبيه] (¬1)، عن ابن عمر، عن عمر. [4745]- ورواه أحمد (¬2) والحاكم (¬3) من حديث المسور بن مخرمة، رفعه: "إنَّ الأَسْبَابَ تَنْقَطِعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غَيرَ نَسَبِي وَسَبِبي وَصِهْرِي". [4746]- ورواه الطبراني في "الكبير" (¬4) من حديث ابن عباس. [4747]- ورواه في "الأوسط" (¬5) من طريق إبراهيم بن يزيد الخوزي، عن محمَّد بن عباد بن جعفر: سمعت عبد الله بن الزبير يقول: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "كلُّ نَسَبٍ وَصِهْرٍ مُنقَطِعٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلَّا نَسَبِي وَصِهْرِي". وإبراهيم ضعيف (¬6). [4748]- ورواه عبد الله بن أحمد في "زيادات المسند"، من حديث ابن عمر. 1945 - [4749، 4751]- حديث: "تَسَمَّوْا بِاسْمِي وَلا تَكنوا بِكُنْيَتِي". متفق عليه من حديث جابر (¬7) وأبي هريرة (¬8) وأنس (¬9). ¬
تنبيه
وفي الباب: [4752]- عن ابن عباس، رواه ابن [أبي] (¬1) خيثمة، وفي إسناده إسماعيل بن مسلم وهو ضعيف. 1946 - [4753]- قوله: فمن رواية الرّبيع، عن الشافعي. قلت: أخرجه البيهقي (¬2) عن الحاكم، عن أبي العباس محمَّد بن يعقوب، عن الربيع، عنه. وهكذا رواه أبو نعيم في "الحلية" (¬3) عن عثمان بن محمَّد العثماني، عن محمَّد بن يعقوب، به. وكذا قال طاوس وابن سيرين. تنبيه [4754]- وأما ما رواه أبو داود (¬4) من حديث صفية بنت شيبة (¬5)، عن عائشة قالت: جاءت امرأة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله إني قد ولدت غلاما، فسميته محمّدًا، وكنيته أبا القاسم، فذكر لي أنك تكره ذلك، فقال: "مَا الذِي أحلَّ اسْمِي وَحرَّم كُنْيَتي؟! " أو "ما الّذي حرَّم كُنْيَتِي وأحلّ اسمي". فيشبه -إن صح- أن يكون قبل النهي؛ لأن أحاديث النهي أصح. ¬
فائدة
1947 - قوله: ومنهم من حمله على كراهة الجمع. قلت: وبذلك جزم ابن حبان في "صحيحه" (¬1). 1948 - [4755]- وروى أبو داود (¬2) عن مسلم بن إبراهيم، عن هشام عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعًا: "مَن تَسَمَّى بِاسْمِي فَلا يَكْتَنِي بِكنْيَتِي، وَمَنِ اكتَنَى بِكُنْيَتِي فَلا يَتَسَمَّى بِاسْمِي". ورواه الترمذي (¬3) من طريق الحسين بن واقد، عن أَبي الزبير به، وحسنه. وصححه ابن حبان (¬4). وفي الباب: [4756]- عن أبي حميد عند البزار في "مسنده" (¬5). فائدة وقيل: إن النهي مخصوص بحياته - صلى الله عليه وسلم -، ويدل عليه: [4757]- ما رواه أبو داود (¬6) والترمذي (¬7) من طريق فطر، عن منذر الثوري، ¬
عن ابن الحنفية، عن علي، قلت: يا رسول الله، أرأيت إن ولد لي بعدك أسَمِّيه محمدًا، وأكنيه بكنيتك؟ قال: "نَعَمْ". قال: فكانت لي رخصة. صحّحه التّرمذي والحاكم قال البيهقي (¬1): هذا يدلّ على أنّه سمع النّهي فسأل الرخصة له وحده. وقال حميد بن زنجويه (¬2): سألت ابن أبي أويس: ما كان مالك يقول في الرجل يجمع بين كنية النبي - صلى الله عليه وسلم - واسمه؟ فأشار إلى شيخٍ جالسٍ معنا، فقال هذا محمّد بن مالك، سماه أبوه محمّدًا، وكناه أبا القاسم، وكان مالك يقول: إنما نهى عن ذلك في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - كراهيَّةَ أن يُدعى أحد باسمه أو كنيته فيلتفت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأمّا اليوم فلا. وهذا كأنه استنبطه من [سياق] (¬3) الحديث الذي في "الصحيح" في سبب النهي عن ذلك. والله أعلم. **** ¬
باب ما جاء في استحباب النكاح وصفة المخطوبة وغير ذلك
باب ما جاء في استحباب النكاح وصفة المخطوبة وغير ذلك 1949 - [4758]- حديث: "يَا مَعْشَرَ الشَّباب مَن اسْتَطاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ ... " الحديثَ. متفق عليه (¬1) من حديث ابن مسعود، زاد مسلم (¬2) في رواية: فلم ألبث حتى تزوجت. وزاد ابن حبان في "صحيحه" (¬3) -بعد قوله: "فَإنَّه لَه وِجَاء"-: وهو الإخصاء. وهو مدرج. والوِجاء -بكسر الواو والمد- رضّ الخصيَتَيْن، فإن نزعا نزعا فهو الإخصاء، قال في "المحكم". وفي الباب: [4759]- عن أنس؛ رواه البزار (¬4) من طريق سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عنه. والطبراني في "الأوسط" (¬5) من طريق بقية، عن هشام، عن الحسن، عنه. ¬
تنبيه
1950 - [4760]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لجابر: "هَلَّا تَزَوَّجْتَ بِكْرًا تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُكَ". متفق عليه (¬1) من حديث جابر. زاد في رواية لمسلم (¬2): "وَتُضَاحِكُهَا وَتُضاحِكُكَ". وفي روايةٍ: "مَا لَكَ ولِلْعَذَارَى وَلعَابهَا" (¬3). تنبيه قال القاضي عياض (¬4): الرواية (ولِعابها) بكسر اللام لا غير، وهو من اللعب. كذا قال! وقد ثبت لبعض رواة البخاري: بضمّ اللام -أي ريقها. [4761]- ولابن أبي خيثمة من حديث كعب بن عجرة، أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل: فذكر نحوه، وفيه: "فَهلَّا بِكْرًا تَعُضّها وَتَعُضُّكَ". وفي الباب: [4762]- عن عويم بن ساعدة، في ابن ماجه (¬5) والبيهقي (¬6) بلفظ: "عَلَيكُمْ ¬
بِالأَبْكَارِ فَإِنَّهُنّ أعْذَبُ أفواهًا، وَأَنْتَقُ أَرْحَامًا، وَأَرْضَى بِالْيَسِيرِ". [4763]- وعن ابن عمر نحوه. وزاد: "وَأَسْخَنُ إقبالًا". رواه أبو نعيم في "الطب"، وفيه: عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وهو ضعيف. * حديث: "تَزوَّجُوا الوَدُودَ الْولُودَ؛ فإنِّي مُكاثِرٌ بِكمُ الأُمَمَ يَوْم الْقِيَامَةِ". تقدم من حديث معقل بن يسار. وقد تقدمت طرقه أيضا في "باب فضل النكاح". 1951 - [4764]- حديث: روي: أنّه قَال - صلى الله عليه وسلم -: "إيَّاكُمْ وَخَضْرَاءَ الدِّمن". قالوا: يا رسول الله [و] (¬1) ما خضراء الدّمن؟ قال: "الْمَرْأَة الْحَسنَاءُ في الْمَنْبَتِ السَّوْءِ". الرامهرمزي (¬2) والعسكري في "الأمثال" وابن عدي في "الكامل" (¬3) والقضاعي في "مسند الشهاب" (¬4) والخطيب في "إيضاح الملتبس" (¬5) كلهم ¬
تنبيه
من طريق الواقدي، عن [يحيى] (¬1) بن سعيد بن دينار، عن أبي وجزة، يزيد بن عبيد، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري. قال ابن عدي: تفرد به الواقدي. وذكره أبو عبيد في "الغريب" (¬2) فقال: يروى عن يحيى بن سعيد بن دينار، قال ابن طاهر وابن الصلاح: يعد في أفراد الواقدي. وقال الدارقطني: لا يصح من وجه. تنبيه الدّمن: البعر تجمعه الريح، ثم يركبه الساقي، فإذا أصابه المطر ينبت نبتا ناعما يهتز، وتحته الدّمن الخبيث، والمعنى: لا تنكحوا المرأة لجمالها، وهي خبيثة الأصل؛ لأن عرق السوء لا ينجب. قال الشاعر: وقَدْ يَنْبُتُ الْمَرْعَى عَلَى دِمَنِ الثَّرَى تنبيه الرّافعي احتج به على استحباب النسبية، وأولى منه: [4765]- ما أخرجه ابن ماجه (¬3) والدارقطني (¬4) عن عائشة مرفوعًا: "تَخَيَّروا لِنُطفِكُمْ، وَأَنْكِحُوا الأَكْفَاءَ، وأَنكِحُوا إِلَيْهم". ¬
ومداره علي أناسٍ ضعفاء، رووه عن هشام، أمثلُهم صالح بن موسى الطلحي، والحارث بن عمران الجعفري، وهو حسن (¬1). 1952 - [4766]- حديث: "لا تَنكِحُوا الْقَرَابَةَ القريبةَ فإنّ الْولَد يُخلَق ضاويًّا". هذا الحديث تَبع في إيراده إمام الحرمين، هو والقاضي الحسين، وقال ابن الصلاح: لم أجد له أصلا معتمدًا انتهى. وقد وقع في "غريب الحديث" (¬2) لابن قتيبة، قال: جاء في الحديث "اغْربوا لا تَضوُوا"، وفسره فقال: هو من الضّاويّ (¬3)، وهو النحيف الجسم، يقال: أَضوت المرأة، إذا أتت بولد ضاوٍ، والمراد: أنكحوا في الغرباء، ولا تنكحوا في القريبة. وروى ابن يونس في "تاريخ الغرباء" في ترجمة الشافعي، عن شيخ له، عن المزني، عن الشافعي قال: أيّما أهل بيت لم تخرج نساؤهم إلى رجال غيرهم، كان في أولادهم حمق. ¬
وروى إبراهيم الحربي في "غريب الحديث" عن عبد الله بن المؤمل، عن ابن أبي ملكية، قال: قال عمر لآل السّائب: قد أضوأتم، فأنكحوا في النوابغ. قال الحربي: يعني تزوجوا الغرائب. 1953 - [4767]- حديث: "المرأةُ تُنكَح لأربعٍ: لمالِهَا ولِحَسَبِها، ولجمالها ولدينها؛ فاظْفَرْ بِذاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ". متفق عليه (¬1)، من حديث سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة. [4768]- ولمسلم (¬2) عن جابر: "إنَّ المرأَةَ تُنكَحُ عَلَي دِينِهَا وَمَالِهَا وَجَمَالِهَا، فَعلَيْكَ بِذَاتِ الدِّينَ تَرِبَتْ يَدَاكَ". [4769]- وللحاكم (¬3) وابن حبان (¬4) من حديث أبي سعيد: "تُنكَح المرأةُ عَلى إحْدَى ثَلاثِ خِصَالٍ؛ جَمالِهَا وَدِينِهَا وَحُلُقِهَا، فَعَليْك بِذَاتِ الدِّينِ وَالخْلُقِ". [4770]- وروى ابن ماجه (¬5) (¬6) والبزار (¬7) والبيهقي (¬8) من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعا: "لا تنكحوا النِّساءَ لِحُسْنِهِنَّ، فلَعَلَّه يُرْديهنَّ ¬
وَلاَ لِمَالِهِنَّ، فَلَعلَّه يُطْغِيهِنَّ، وانْكِحُوهُنَّ لِلدّينٍ، ولأَمَّةٌ سَوْدَاءُ حَرْقَاءُ ذَاتُ دينٍ أَفْضَلُ" (¬1). [4771]- وروى النسائي (¬2) من طريق سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال: قيل: يا رسول الله، أيّ النساء خير؟ قال: "الّتي تَسُره إذا نَظَر، وتُطِيعُه إذا أَمَرَ، ولاَ تُخَالِفه في نَفْسِهَا وَمَالِهَا بِما يَكْرَه". 1954 - [4772]- حديث: أنّه - صلى الله عليه وسلم - قال للمغيرة -وقد خطب امرأة- "انظر [إليها] (¬3) فَإنَّه أَحْرَى إَنْ يُؤْدَمَ بَيْنكُمَا". النّسائي (¬4) والتّرمذي (¬5) وابن ماجه (¬6) أو الدارمي (¬7) وابن حبان (¬8) من حديث المغيرة، وذكره الدارقطني في "العلل" (¬9) وذكر الخلاف فيه، وأثبت سماع بكر بن عبد الله المزني من المغيرة. ¬
وقوله: يؤدم بينكما: أي تدوم المودة (¬1). وفي الباب: [4773]- عن أبي هريرة عند مسلم (¬2). وأنس، وجابر، ومحمد بن مسلمة، وأبي حميد: [4774]- فحديث أنس؛ صححه ابن حبان (¬3) والدارقطني (¬4) والحاكم (¬5) وأبو عوانة، وهو في قصة المغيرة أيضا. * وحديث جابر يأتي. [4775]- وحديث محمَّد بن مسلمة رواه ابن ماجه (¬6) وابن حبان (¬7). ¬
[4776]- وحديث أبي حميد رواه أحمد (¬1) والطبراني (¬2) والبزار (¬3) ولفظه: "إذَا خَطَب أحدُكُمْ امْرَأةً فَلا جُنَاحَ عَلَيْه أَن يَنظرَ إلَيها إذَا كَان إنّما يَنظر إِلَيها للخِطْبَة". 1955 - [4777]- حديث جابر: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذَا خَطب أحدُكُم المرأةَ فَإنْ اسْتَطاع أنْ يَنْظُر إِلَى [مَا يَدعُوه إلى] (¬4) نِكَاحِها فَلْيَفْعَل". قال: فخطبت جاريةً فكنت أتخبّأ لها حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها، فتزوجتها. الشافعي (¬5) وأبو داود (¬6) والبزَّار (¬7) والحاكم (¬8) من حديث ابن إسحاق عن داود بن الحصين عن واقد بن عبد الرحمن عنه. ورواه أحمد (¬9) من هذا الوجه، وفيه: أنها من بني سلمة. وأعله ابن القطان (¬10) بواقد بن عبد الرحمن، وقال: المعروف واقد بن عمرو. ¬
فائدة
قلت: رواية الحاكم فيها عن واقد بن عمرو، وكذا هو عند الشافعي، وعبد الرزاق (¬1). فائدة [4778]- روى عبد الرّزاق (¬2) وسعيد بن منصور (¬3)، وابن أبي عمر، من طريق عمرو بن دينار، عن محمَّد بن علي بن الحنفية: أنّ عمر خطب إلى علي ابنته أمِّ كلثوم فذكر له صغرها، فقال: أبعث بها إليك، فإن رضيت فهي امرأتك، فأرسل بها إليه، فكشف عن ساقها فقالت له: لولا أنك أمير المؤمنين لصككت عينك. وهذا يشكل على من قال: إنه لا ينظر غير الوجه والكفين (¬4). 1956 - [4779]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - بعث أم سليم إلى امرأة فقال: "انظُري إلى عُرْقُوبِها وَشُمِّي مَعَاطِفِهَا". أحمد (¬5) والطبراني (¬6) والحاكم (¬7) والبيهقي (¬8) من حديث أنس. واستنكره أحمد، والمشهور فيه طريق عمارة، عن ثابت، عنه. ¬
تنبيه
ورواه أبو داود في "المراسيل" (¬1) عن موسى بن إسماعيل، عن حماد، عن ثابت، ووصله الحاكم (¬2) من هذا الوجه بذكر أنس فيه. وتعقبه البيهقي بأن ذكر أنس فيه وهم، قال: ورواه أبو النعمان عن حماد مرسلا، قال ورواه محمّد ابن كثير الصنعاني، عن حماد موصولا. تنبيه قوله: و"شُمِّى مَعَاطِفَها" في رواية الطبراني (¬3)، وفي رواية أحمد وغيره: "شُمِّي عَوَارِضَها". 1957 - [4780]- حديث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - / (¬4) أتى فاطمة بعبد قد وهبه لها وعلى فاطمة ثوب إذا قنَّعت به رأسَها لم يبلغ رجليها ... الحديث. أبو داود (¬5) من حديث أنس، وفيه سالم بن دينار أبو جميع، مختلف فيه. فائدة حمل الشّيخ أبو حامد هذا على أنه كان صغيرا؛ لإطلاق لفظ الغلام، ولأنها واقعة حال. ¬
واحتج من [أجاز ذلك] (¬1) أيضا بقوله تعالى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}. وتعقّب بما: [4781]- رواه ابن أبي شيبة (¬2) من طريق طارق، عن سعبد بن المسيب قال: لا يغرنكم هذه الآية، إنما يعني بها الإماء لا العبيد. لكن يشكل على ذلك: [4782]- ما رواه أصحاب "السنن" (¬3) من طريق الزهري، عن نبهان مكاتب أم سلمة، عنها، قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا كَان لإحْدَاكُنّ مُكَاتَبٌ وَكان عِندَه مَا يؤدِّي فَلْتَحْتَجِبْ مِنْه" (¬4). انتهى. ومفهومه أنها لا تحتجب منه قبل ذلك. 1958 - [4783]- حديث: أنّ وفدا قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعهم غلام حسن الوجه، فأجلسه من ورائه، وقال: "أَنا [أَخْشَى] (¬5) مَا أَصَابَ أَخِي دَاودَ". قال ابن الصلاح: ضعيف لا أصل له. [4784]- ورواه ابن شاهين في "الأفراد" من طريق مجالد، عن الشعبي، ¬
قال: قدم وفد عبد القيس على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفيهم غلام أمرد، ظاهر الوضاءة، فأجلسه النبي - صلى الله عليه وسلم - وراء ظهره، وقال: كانت خطية داود النظر، ذكره ابن القطان في كتاب "أحكام النظر" وضعفه. ورواه أحمد بن إسحاق بن إبراهيم بن نبيط بن شريط في "نسخته"، ومن طريقه أبو موسى في ["الترهيب"] (¬1) وإسناده واهٍ. 1959 - [4785]- حديث: أم سلمة: كنت مع ميمونة عند النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ أقبل ابن أمِّ مكتوم، فقال: "احْتَجِبَا مِنْهُ". فقلت: يا رسول الله أليس هو أعمى لا يبصر؟ قال: "أَفَعْمَيَاوَانِ أَنْتمَا أَلَسْتُما تُبْصِرَانِه؟ ". أبو داود (¬2) والنسائي (¬3) والترمذي (¬4) وابن حبان (¬5)، وليس في إسناده سوى نبهان مولى أم سلمة شيخ الزهري، وقد وثّق. [4786]- وعند مالك عن عائشة: أنها احتجبت من أعمى، فقيل لها: إنه لا ينظر إليك، قالت: لكني أنظر إليه. ¬
تنبيه
وقال ابن عبد البر (¬1): حديث فاطمة بنت قيس يدلّ على جواز نظر المرأة إلى الأعمى وهو أصح من هذا. وقال أبو داود (¬2): هذا لأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة بدليل حديث فاطمة. قلت: وهذا [جمع] (¬3) حَسن، وبه جمع المنذري في "حواشيه"، واستحسنه شيخنا. تنبيه لما ذكر الإمام تبعا للقاضي الحسين حديث الباب جعل القصّة لعائشة وحفصة وتعقّبه شيخنا في "تصحيح المنهاج" بأن ذلك لا يعرف، لكن وجد في "الغيلانيات" (¬4) من حديث أسامة، على وفق ما نقله القاضى والإمام، فإما أن يحمل على أن الرّاوي قَلَبَه؛ لأن ابن حبان (¬5) [وصف] (¬6) راويه بأنّه كان شيخا مغَفَّلا يقلب الأخبار، وهو وهب بن حفص الحرّاني، وإمّا أن يحمل على التّعدّد، ويؤيده أثرُ عائشة الذي قدَّمته. 1960 - [4387]- قوله: روي أنّه - صلى الله عليه وسلم - قال: "النَّظَرُ في الْفرج يُورِثُ الطَّمْسَ". ¬
رواه ابن حبان في "الضعفاء" (¬1) من طريق بقية، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس بلفظ: "إذَا جَامع الرّجل زوجتَه فَلا يَنظُر إلى فَرْجِهَا؛ فإنّ ذَلك يُورِث الْعَشَا". قال: وهذا يمكن أن يكون بقية سمعه في بعض شيوخه الضعفاء، عن ابن جريج فدلّسه. وقال ابن أبي حاتم في "العلل" (¬2) سألت أبي عنه فقال: موضوع، وبقيّة مدلّس. وذكر ابن القطّان في [كتاب] (¬3) "أحكام النظر": أنّ بقي بن مخلد رواه عن هشام بن خالد، عن بقيّة، قال: حدثنا ابن جريج. وكذلك رواه ابن عدي (¬4) عن ابن قتيية، عن هشام، فما بقي فيه إلا التّسوية. وقد ذكره ابن الجوزي في "الموضوعات" (¬5)، وخالفه ابن (¬6) الصلاح فقال: إنه جيد الإسناد، كذا قال! وفيه نظر. وفي الباب: عن أبي هريرة. ¬
* حديث: عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده رفعه: "إذَا زَوَّجَ أحدُكُم عَبْدَه جَارِيتَهُ أَو أَجِيرَه، فلا يَنظر إِلَى مَا بَيْنَ السّرَّةِ والرُّكْبَة". تقدم في "شروط الصلاة". 1961 - [4788]- حديث: "لا يُفضي الرَّجلُ إلى الرَّجُلِ في الثّوبِ الوَاحِد، ولا تُفْضِي المرْأَةُ إِلى المرأَةِ في الثَّوبِ الوَاحد". مسلم (¬1) من حديث أبي سعيد. [4789]- وأحمد (¬2) والحاكم (¬3) من حديث جابر بلفظ: "لا تُبَاشِر ... ". [4790]- وأحمد (¬4) وابن حبان (¬5) والحاكم (¬6) من حديث ابن عباس مثله. [4791]- والطبراني في "الأوسط" (¬7) من حديث أبي موسى الأشعري. [4792]- وروى البزار (¬8) من حديث سمرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان ينهى ¬
النساء أن يضطجع بعضهن مع بعض إلا وبينهما ثوب، ولا يضطجع الرّجل مع صاحبه إلا وبينهما ثوب. * حديث: "مُروا أَولادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُم أَبناءُ سبعٍ، وَاضْرِبُوهم عَليها وَهُم أَبْنَاءُ عَشرٍ، وَفَرِّقُوا بَينَهُم في المضَاجِع". تقدم في "الصلاة". 1962 - [4793]- حديث: أنّ - صلى الله عليه وسلم - سُئل عن الرَّجل يلقى أخاه أو صديقه أينحني له؟ قال: "لا"، قيل: أفيلتزمه ويقبله؟ قال: "لا"، قيل: أفيأخذ بيده ويصافحه؟ قال: "نعم". أحمد (¬1) والترمذي (¬2) وابن ماجه (¬3) والبيهقي (¬4) من حديث أنس، وحسَّنه الترمذي، واستنكره أحمد (¬5)؛ لأنه من رواية حنظلة السّدوسي (¬6) وقد اختلط، وتركه يحيى القطان (¬7). ¬
فائدة
فائدة سيأتي في "السّير" حديث لأبي ذر يعارض هذا الحديث في مسألة المعانقة. 1963 - [4794]- حديث عمر: يستحبّ للمرأة أن تنظر إلى الرّجل؛ فإنّه يعجبها ما يعجبه منها. لم أجده (¬1). 1964 - قوله: في قوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}؛ هو مفسَّر بالوجه والكفَّين انتهى. [4795]- ووى البيهقي (¬2) من طريق عبد الله بن مسلم بن هرمز، عن سعيد بن جبير، عن ابن عَبّاس في قوله: (إلَّا مَا ظَهَر مِنها) قال: الوجه والكفَّان. [4796]- ومن طريق عطاء عن عائشة بنحوه (¬3). [4797]- وروى الطبراني (¬4) من طريق مسلم الأعور، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: هي الكحل. وتابعه خصيف، عن عكرمة، عن ابن عباس عند البيهقي. ¬
تنبيه
تنبيه احتجّ الرّافعي بهذا على منع [البالغ من] (¬1) النّظر إلى الأجنبية، وأولى منه: [4798]- ما رواه البخاري (¬2) ومسلم (¬3) عن ابن عباس: أردف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الفضل بن عبّاس يوم النّحر خلفه ... الحديث. وفيه قصة المرأة الوضيئة الخثعمية، فطفق الفَضْل ينظر إليها، فأخذت بيده، فأخذ بذقن الفضل، فعدل وجهه عن النظر إليها. [4799]- ورواه الترمذي (¬4) من حديث علي نحوه، وزاد: فقال العباس: لويتَ عنقَ ابن عَمِّك، فقال له: "رأَيتُ شابًّا وشابَّةً فَلم آمن عليهما الشَّيطانَ". صحَّحه الترمذي، واستنبط منه ابن القطّان جوازَ النَّظر عند أَمْن الفتنة، من حيث إنّه لم يأمرها بتغطية وجهها، ولو لم يَفهم العبّاس أنّ النّظر جائزٌ ما سأل، ولو لم يكن ما فَهمه جائزًا لما أقرّه عليه. فائدة اختار النّووي أنّ الأمَة كالحرة في تحريم النظر إليها، لكن يعكّر عليه ما في "الصحيحين" (¬5) في قصة صفيّة، فقلنا: إن حجبها فهي زوجه، وإن لم يحجبها فهي أمّ ولد. ¬
كذا اعترضه ابن الرِّفعة، وتعقِّب بأنه يدلّ على أنّ الأمة تخالف الحرّة فيما تُبديه أكثر مما تبديه الحرّة، وليس فيه دلالة على جواز النّظر إليها مطلقا. ****
باب النهي عن الخطبة على الخطبة
باب النّهي عن الخِطبة على الخِطْبة 1965 - قوله: الخِطْبَة مستحبةٌ. يمكن أن يحتجّ له بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم -. انتهى. هو موجود في الأحاديث. وسيأتي. 1966 - [4800]- حديث ابن عمر: "لا يَخطُبُ على خِطْبَة أخِيه إلَّا بإذنه". متّفق عليه، واللّفظ لمسلم، إلا أنّ في آخره: "إلا أن يأذن له". تنبيه زعم ابن الجوزيّ أنّ مسلمًا تفرّد بذكر الإذن فيه وليس كذلك، بل هو للبخاري أيضًا (¬1). وفي الباب: [4801]- عن أبي هريرة، متفق عليه (¬2) بلفظ: "لا يَخطب أحدُكم عَلَى خِطْبَة أَخِيه". زاد البخاري: "حَتى يَتركَ أَو يَنكِحَ". [4802]- وعن عقبة بن عامر عند مسلم (¬3) بلفظ: "المؤْمِن أَخُو الْمُؤمِنِ؛ ¬
فَلا يَحلّ لَه أن يَبْتَاعَ [عَلَى] (¬1) بَيْعِ أخِيه، وَلا يَخْطُب على خِطْبة أَخيه، حتَّى يَذَر". وهذا أدلّ على التّحريم. [4803]- وعن الحسن عن سمرة: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يخطب الرّجل على خطبة أخيه، أو يبتاع على بيعه. رواه أحمد (¬2). 1967 - [4804]- حديث فاطمة بنت قيس: أنّ زوجها طلّقها فَبتّ طلاقها، فأمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تعتد في بيت بن أم مكتوم، وقال لها: "إذا حَلَلْتِ فَآذِنِينِي"، فلَمَّا حَلَّت أخبرته أن معاوية وأبا جهم خطباها ... الحديث. رواه مسلم (¬3) من حديثها، وله طرق وألفاظ. 1968 - [قوله: اختلف في معاوية هذا: هل هو ابن أبي سفيان أو غيره؟ قلت: هو هو؛ ففي "صحيح مسلم" التصريح بذلك] (¬4). ¬
1969 - قوله: اختلف في معنى قوله عن أبي جهم: "إنّه لا يَضَعُ عَصَاهُ عَن عَاتِقِه". قلت: قد صرَّح مسلم بالمعنى في رواية له (¬1) قال فيها: "وَأمَّا أبو جَهْمٍ فَضَرَّابٌ للنِّسَاءِ". 1970 - [4805]- حديث: روي أنّه قال: "إذَا اسْتنْصَحَ أَحَدُكم أخَاه فَلْيَنْصَحْ لَه". البيهقي (¬2) من حديث أبي الزبير، عن جابر، بسند حسن. وفي الباب: [4806]- عن حكيم بن أبي يزيد، عن أبيه، عند أحمد (¬3) والحاكم (¬4) والبيهقي (¬5) وعند الطبراني (¬6) من طرق، ومداره على عطاء بن السائب، وقد قيل: عنه، عن أبيه، عن جده، وهو غَلط، بيّنته في "تغليق ¬
التعليق" (¬1) وفي "معرفة الصحابة" (¬2). [4807]- وعن أبي طيبة الحجام، رواه أبو نعيم في "المعرفة" (¬3) في حرف الميم، في ترجمة ميسرة. [4808]- وروى مسلم في "صحيحه" (¬4) عن أبي هريرة: "حَقّ المسْلِم عَلَى المسْلِمِ ستَّةٌ ... " فذكرها، وفيها: "وإذَا اسْتَنْصَحَك فَانْصَحْ لَه". **** ¬
باب استحباب خطبة النكاح
باب استحباب خُطْبة النّكاح 1971 - [4809]- حديث أبي هريرة: "كلّ كَلامٍ لاَ يُبْدَأُ فِيهِ بِالْحَمْدِ فَهُوَ أَجْذَمُ". أبو داود (¬1) والنسائي (¬2) وابن ماجه (¬3) وأبو عوانة، والدارقطني (¬4) وابن حبان (¬5) والبيهقي (¬6) من طريق الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. واختلف في وصله وإرساله؛ فرَجّح النّسائي والدّارقطني الإرسال. 1972 - [4810]- قوله: ويروى: "كلّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لاَ يُبْدَأُ فِيهِ بِحمْدِ اللهِ فَهُوَ أَبْتَر". هو عند أبي داود والنسائي كالأول، وعند ابن ماجه كالثاني، لكن قال: "أَقطع" بدل "أبتر"، وكذا عند ابن حبان. وله ألفاظ أُخَرى أوردها الحافظ عبد القادر الرّهاوي في أول "الأربعين البلدانيّة" له. ¬
1973 - [4811]- حديث ابن مسعود موقوفا ومرفوعا: "إذَا أَرَادَ أَحَدُكُم أَن يَخْطبَ لِحاجَةٍ مِن النّكَاحِ أَو غَيرِه فَليَقُلْ الحمْدُ لله نَحمَده وَنستعينه ... ". الحديث، وفيه (¬1) الآيات. البيهقي (¬2) من حديث أبي داود الطيالسي، عن شعبة، حدثنا أبو إسحاق، سمعت أبا عبيدة بن عبد الله يحدث عن أبيه قال: علّمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خُطْبة الحاجة: "الحمْدُ لله أَو إِنَّ الْحَمْدَ لله (¬3)، نَسْتَعِينُه وَنَسْتَغْفِرُه ... " فذكره، وفي آخره: قال شعبة: قلت لأبي إسحاق: هذه في خطبة النّكاح أو في غيرها؟ قال: في كلِّ حاجةٍ. ولفظ ابن ماجه في أول هذا الحديث من هذا الوجه: إنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُوتِيَ جَوامِعَ الْخَيْرِ وخوَاتِيمَه، فَعلَّمَنا خُطْبَةَ الصلاة، وَخُطْبَةَ الْحَاجَةِ ... فذكر خطبة الصلاة، ثم خطبة الحاجة. ورواه أبو داود (¬4) والنسائي (¬5) والترمذي (¬6) والحاكم (¬7) - وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه إلَّا أنّ الحاكم رواه من طريق أخرى، عن قتادة، عن عبد ربّه، عن أبي ¬
تنبيه
عياض، عن ابن مسعود. وليس فيه الآيات. ورواه أيضا من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص وأبي عبيدة: أنّ عبد الله قال: (فذكر نحوه). ورواه البيهقي (¬1) من حديث واصل الأحدب، عن شقيق، عن ابن مسعود بتمامه. تنبيه الرواية الموقوفة رواها أبو داود والنسائي أيضا عن هذا الوجه. فائدة [4812]- أخرج أبو داود (¬2) من طريق إسماعيل بن إبراهيم، عن رجل من بني سليم، قال: خطبتُ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أمَامةَ بنتَ عبد المطلب، فأنكحني من غير أن يتشهَّد. وذكره البخاري في "تاريخه" (¬3) وقال: إسناد مجهول. ووقع عنده في روايته: أمامة بنت ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، فكأنّها نُسبت إلى جدّها الأعلى. * حديث: "تَناكحُوا تَكَاثَرُوا ... ". * وحديث: "النّكاح سُنَّتِي ... ". تقدما في (أوائل النكاح). ¬
1974 - [4813]- قوله: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يقول للإنسان إذا تزوج: "بَارك الله لَكَ وَبَارَكَ عَلَيكَ وَجَمَع بَينَكُمَا في خَيرٍ". أحمد (¬1) والدارمي (¬2) وأصحاب "السنن" (¬3) وابن حبان (¬4) والحاكم (¬5) من حديث أبي هريرة، وصحّحه أيضًا أبو الفتح في "الاقتراح" على شرط مسلم. وفي الباب: [4814]- عن عقيل بن أبي طالب؛ رواه الدّارمي (¬6) وابن السني (¬7) وغيرهما من طريق الحسن، قال: تزوج عقيل بن أبي طالب امرأة من بني جشم، فقيل له: بالرّفاه والبنين. فقال: قولوا كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بَارَك الله فيكم، وَبَارَك لَكُم". واختلف فيه على الحسن، أخرجه بقي بن مخلد من طريق غالب عنه، عن ¬
رجل من بني تميم، قال: كنا نقول في الجاهلية بالرّفاه والبنين، فعلّمنا نبينا - صلى الله عليه وسلم - فقال: "قولُوا .... " فذكره. 1975 - [4815]- حديث جابر: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تزوجت؟ " قلت: نعم. قال: "بَارَك الله لَكَ". رواه مسلم (¬1). وفي الباب: حديث أنس في قصة عبد الرّحمن بن عوف. **** ¬
باب أركان النكاح
باب أركان النكاح 1976 - [4816]- قوله: إنّ الأعرابي الّذي خطب الواهبة قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: زوجنيها، قال: زوَّجْتُكَها". ولم يُنقل أنه قال بعد ذلك: قَبلت. متفق عليه (¬1) من حديث سهل بن سعد، وعند غيرهما بألفاظ كثيرة -وهو- كما قال- ليس في شيء من الطّرق أنّه قال: قبلتُ. فائدة جاء في بعض طرقه: "ملّكتكها"، و"ملّكناكها"، و"أمكنّاكَها"، و"أنكحنَاكها"، و"زوّجناكها" (¬2)، و"أبحناكها"، وغير ذلك، واحتجّ به من أباحه بغير لفظ النكاح والتزويج، وردّه البغوي بأنه اختلاف من الرّواة في قصة واحدةٍ ولم يقع التعدد فيه، فدلّ على أنّ من روى بخلاف لفظ التّزويج لم يراع اللّفظ الواقع في العقد، ولفظ التزويج روايةُ الأكثر والأحفظ فهي المعتمدة، والله أعلم. 1977 - [4817]- حديث ابن عمر: في النّهي عن نكاح الشِّغار والشِّغار أن يزوّج [الرّجل] (¬3) ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته وليس بينهما صداق. ¬
متفق عليه (¬1) من حديث نافع عنه. وفي رواية لهما: عن عبيد الله بن عمر، قلت لنافع: ما الشِّغار؟ 1978 - [4818]- قوله: ويُروى: وبُضْعُ كل واحدةٍ منهما مهر الأخرى. لم أجد هذا في الحديث، وإنما هو تفسير ابن جريج كما بَيّن ذلك البيهقي (¬2). 1979 - [4819] قوله: وورد في بعض الرِّوايات: أَنه نهى عن الشِّغار، وهو أن يزوّج الرّجل ابنتَه على أن يزوجه صاحبه ابنتَه. ولم يذكر فيه أنّ بُضْع كلِّ واحدةٍ منهما صداقًا للأخرى. مسلم (¬3) حديث أبي هريرة بنحو ما قال. وفي الباب: [4820]- عن جابر؛ رواه مسلم (¬4). ¬
[4821]- وعن أنس؛ رواه أحمد (¬1) والترمذي (¬2) وصحّحه، [و] (¬3) النسائي (¬4). [4822]- وعن معاوية؛ رواه أبو داود (¬5). [1980]- قوله: قال الأئمّة: وتفسير الشّغار يجوز أن يكون مرفوعًا، ويجوز أن يكون من قول ابن عمر. هو مأخوذ من كلام الشافعي (¬6) وفي كلامه زيادة، قال الشافعي: لا أدري تفسير الشّغار من النبي - صلى الله عليه وسلم - أو من ابن عمر، أو من نافع، أو من مالك. انتهى. قال الخطيب في "المدرج" (¬7) هو من قول مالك، بَيَّنه وفصّله القعنبي، وابن مهدي، ومحرز بن عون، عنه. ¬
قلت: ومالكٌ إنما تلّقاه من نافع؛ بدليل ما في "الصحيحين" من طريق عبيد الله بن عمر، قلت لنافع: ما الشّغار؟ فذكره. وقال القرطبي في "المفهم": التّفسير في حديث ابن عمر جاء من قول نافع، ومن قول مالك، وأمّا في حديث أبي هريرة فهو على الاحتمال، والظاهر أنه من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإن كان من تفسير أبي هريرة فهو مقبول؛ لأنّه أعلم [بما سمع] (¬1)، وهو من أهل اللّسان. قلت: [4823]- وفي الطبراني (¬2) من حديث أبي بن كعب مرفوعا: "لاَ شِغَار"، قالوا يا رسول الله، وما الشغار؟ قال: "نكَاحُ المرأةِ بِالمرْأَةِ (¬3)، لا صداقَ بَينهُمَا". وإسناده وإن كان ضعيفًا لكنّه يستأنس به في هذا المقام. 1981 - [4824]- حديث علي: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نَهى عن نكاح المتعة. متّفق عليه (¬4). 1982 - قوله: كان ذلك جائزًا في ابتداء الإِسلام ثم نسخ. ¬
[4825]- روى [الشيخان (¬1)] (¬2) من حديث سلمة إباحةَ ذلك، ثمّ نَسْخَه. [4826]- وروى مسلم (¬3) من حديث الربيع بن سبرة، عن أبيه، نحو ذلك. وقال البخاري: بَيّن عليٌّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنّه منسوخ. [4827]- وفي ابن ماجه (¬4) عن عمر -بإسناد صحيح- أنّه خطب فقال: إنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أذن لَنا في المتعة ثلاثًا ثمّ حرّمها، والله لا أعلم أحدًا تَمَتَّع وهو محصَن إلَّا رجمتُه بالحجارة. [4838]- وروى الطبراني (¬5) في "الأوسط" (¬6) من طريق إسحاق بن راشد، عن الزهري، عن سالم قال: أُتِي ابن عمر فقيل له: إنّ ابن عباس يأمر بنكاح المتعة، فقال: معاذ الله ما أظنّ ابن عبّاس يفعل هذا، فقيل بلى، قال: وهل كان ابن عباس على عهد رسول الله إلَّا غلاما صغيرًا، ثمّ قال ابن عمر: نهانا عنها رسول الله، وما كُنّا مسافحين، إسنادُه قَويٌّ. [4829]- وروى الدارقطني (¬7) عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "هَدَم (¬8) المتعَةَ الطلاقُ والعدَّةُ والميراثُ". إسناده حسن. ¬
فائدة
فائدة حكى العبادي في "طبقاته" عن الشّافعي قال: ليس في الإِسلام شيء أُحلّ ثمّ حُرِّم، ثمّ أحلّ ثم حُرِّم إلا المتعة. وقال بعضهم: نُسخت ثلاثَ مرّات. وقيل: أكثر، ويدل على ذلك اختلاف الرِّوايات في وقت تحريمها، وإذا صحّت كلُّها فطريق الجمع بينهما العمل على التعدّد، والأجود في الجمع ما ذهب إليه جماعة من المحقِّقين أنها لم تُحَلَّ قطّ في حال الحضر والرفاهية، بل في حال السفر والحاجة، والأحاديث ظاهرة في ذلك، ويبين ذلك: [4830]- حديث ابن مسعود: كنّا نغزو وليس لَنا نساءٌ فرخّص لنا أنّ ننكح المرأة بالثوب إلى أجل ... الحديث، وهو متفق عليه (¬1). فعلى هذا كلّ ما ورد من التحريم في المواطن المتعدّدة يحمل على أن المراد بتحريمها في ذلك الوقلت: أنّ الحاجة انقضت، ووقع العزم على الرّجوع إلى الوطن، فلا يكون في ذلك تحريمٌ أبديٌّ إلَّا الّذي وقع آخِرًا. وقد اجتمع من الأحاديث في وقت تحريمها أقوال ستة أو سبعة، نذكرها على الترتيب الزماني: الأول: عمرة القضاء: [4831]- قال عبد الرزاق في "مصنفه" (¬2) عن معمر، عن عمرو، عن الحسن قال: ما حلّت المتعة قطّ إلا ثلاثًا في عمرة القضاء، ما حلّت قبلها ولا بعدها. ¬
وشاهده: [4832]- ما رواه ابن حبان في "صحيحه" (¬1) من حديث سبرة بن معبد، قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلمّا قَضينا عمرتنا، قال لنا: "ألَا تَسْتَمْتِعُوا مِنْ هَذِه النِّسَاءِ" فذكر الحديث. الثّاني: خيبر: [4833]- متفق عليه (¬2) عن علي بلفظ: نهي عن نكاح المتعة يوم خيبر. واستشكله السّهيلي وغيره، ولا إشكال فيه (¬3)، وقد وقع في "مسند ابن وهب" من حديث ابن عمر مثله، وإسناده قوي، أخرجه البيهقي (¬4) وغيره. الثالث: عام الفتح: [4834]- رواه مسلم (¬5) من حديث سبرة بن معبد: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى في يوم الفتح عن متعة النّساء. وفي لفظ له (¬6): أَمَرَنا بالمتعة عام الفتح حين دخلنا مكة، ثم لم يخرج حتى نَهَانا عنها. وفي لفظ له (¬7): أن رسول الله قال: "يا أيها النَّاس إنِّي كُنتُ أَذِنْتُ لَكُمْ في ¬
الاسْتِمْتَاعِ مِنَ النِّسَاءِ، وإنَّ اللهَ قَدْ حَرَّمَ ذَلكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ". الرَّابع: يوم حنين: [4835]- رواه النسائي (¬1) من حديث علي. والظّاهر أنّه تصحيف من "خَيبر" وذكر الدارقطني: أنّ عبد الوهاب الثّقفي تفرّد عن يحيى بن سعيد، عن مالك بقوله: "حنين" (¬2) في رواية لسلمة بن الأكوع: أنّ ذلك كان في عام أوطاس. قال السهيلي: هي موافقة لِروايةِ من روى عامَ الفتح، فإنهما كانا في عام واحدٍ. الخامس: غزوة تبوك: [4836]- رواه الحازمي (¬3) من طريق عبّاد بن كثير عن ابن عقيل، عن جابر قال: خرجنا مع رسول الله إلى غزوة تبوك حتى إذا كنا عند الثنيّة مما يلي الشام، جاءتنا نسوةٌ تَمَتَّعنا بهن، يطفن برحالنا، فَسَأَلَنَا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عنهنّ، فأخَبَرْنَاه، فغضب وقام فينا خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه، ونهى عن المتعة، فتوادعنا يومئذٍ ولم نَعُدْ ولا نعود فيها أبدًا، [فبها] (¬4) سُمِّيت يومئذ ثنيّة الوداع. وهذا إسنادٌ ضعيف. [4837]- لكن عند ابن حبان في "صحيحه" (¬5) من حديث أبي هريرة ما يشهد له وأخرجه البيهقي (¬6) من الطريق المذكورة بلفظ: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ¬
غزوة تبوك، فنزلنا ثنيّة الوداع ... فذكره. ويمكن أن يحمل على أن من فعل ذلك لم يبلغه النّهي الذي وقع يوم الفتح، ولأجل ذلك غضب - صلى الله عليه وسلم -. السّادس: حجّة الوداع: [4838]- رواه أبو داود (¬1) من طريق الربيع بن سبرة، قال: أشهد على أبي أنّه حدّث أن رسول الله نهى عنها في حجّة الوداع. ويجاب عنه بجوابين: أحدهما: أن المراد بذكر ذلك في حجّة الوداع إشاعةُ النّهي والتحريمِ؛ لكثرة من حضرها من الخلائق. والثّاني: احتمال أن يكون انتقل ذِهن أَحَدِ رُواته من "فتح مكة" إلى "حجة الوداع"؛ لأنّ أكثر الرّوايات عن سبرة: أنّ ذلك كان في الفتح. والله أعلم. 1983 - [4839]- حديث عمران بن حصين: "لا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَي عَدْلٍ". أحمد (¬2) والدارقطني (¬3) والطبراني (¬4) والبيهقي (¬5) من حديث الحسن عنه. ¬
وفي إسناده عبد الله بن محرَّر، وهو متروك (¬1). ورواه الشّافعي (¬2) من وجه، آخر عن الحسن مرسلا. وقال: وهذا وإن كان منقطعا فإن أكثر أهل العلم يقولون به. 1984 - [4840]- حديث أبي موسى: "لا نِكَاح إلَّا بِوَلِيٍّ". أحمد (¬3) وأبو داود (¬4) والترمذي (¬5) وابن ماجه (¬6) وابن حبان (¬7) والحاكم (¬8)، وأطال في تخريج طرقه. وقد اختلف في وصله وإرساله، قال الحاكم: وقد صحت الرّواية فيه عن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - عائشة، وأم سلمة، وزينب بنت جحش. قال: وفي الباب عن علي وابن عباس. ثمّ سرد تمام ثلاثين صحابيًّا. وقد جمع طرقَه الدِّمياطي من المتأخِّرين (¬9). ¬
1985 - [4841]- حديث ابن عباس: "لا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ". أحمد (¬1) وابن ماجه (¬2) والطبراني (¬3) وفيه الحجاج بن أرطاة، وهو ضعيف، ومداره عليه، وغلط بعض الرّواة فرواه عن ابن المبارك، عن خالد الحذاء، عن عكرمة، والصّواب "الحجاج" بدل "خالد". 1986 - [4842]- حديث عائشة: "أيّمَا امْرَأةٍ أَنْكَحَتْ نَفْسَها بِغَير إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكاحُها بَاطلٌ، فَنِكاحُها باطلٌ، فَنِكاحُها باطلٌ؛ فإن دَخل بها فَلَها المهر؛ لِما استحلّ مِن فَرجِهَا، فإن اشتَجَروا فالسّلطانُ وَلِيّ مَن لا وَلِيَّ لَه". الشافعي (¬4) (¬5) وأحمد (¬6) وأبو داود (¬7) والترمذي (¬8) وابن ماجه (¬9) وأبو عوانة ¬
وابن حبان (¬1) والحاكم (¬2) من طريق ابن جريج، عن سليمان بن موسى، عن الزهري، عن عروة عنها. وأعلّ بالإرسال، قال الترمذي: حديث حسن، وقد تكلّم فيه بعضهم من جهة [أنّ] (¬3) ابن جريج قال: ثمّ لقيت الزهري فسألته عنه، فأنكره، قال: فضعف الحديث من أجل هذا، لكن ذُكِر عن يحيى بن معين أنه قال: لم يذكر هذا عن ابن جريج غير ابن علية، وضعّف يحيى روايةَ ابنَ علية عن ابن جريج. انتهى. وحكاية ابن جريج هذه وصلها الطحاوي (¬4) عن ابن أبي عمران، عن يحيى بن معين، عن بن علية، عن ابن جريج. ورواه الحاكم (¬5) من طريق عبد الرزاق، عن ابن جريج: سمعت سليمان: سمعت الزّهري. وعدّ أبو القاسم ابن منده عِدَّةَ من رواه عن ابن جريج فبلغوا عشرين رجلًا، وذكر أنّ معمرًا وعبيد الله بن زَحر تابعا ابن جريج على روايته إيّاه عن سليمان بن موسى، وأن قرة، وموسى بن عقبة، ومحمّد بن إسحاق، وأيوب بن موسى، وهشام بن سعد، وجماعة تابعوا سليمانَ بن موسى عن الزّهري. قال: ورواه أبو مالك الجنبي، ونوح بن دراج، ومندل، وجعفر بن برقان، ¬
وجماعة عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة. ورواه الحاكم (¬1) من طريق أحمد عن بن علية، عن ابن جريج، وقال في آخره: قال ابن جريج: فلقيت الزّهري فسألته عن هذا الحديث، فلم يعرفه، وسألته عن سليمان بن موسى فأثنى عليه، قال: وقال ابن معين: سماع ابن عليّة من ابن جريج ليس بذاك. قال: وليس أحد يقول فيه هذه الزيادة (¬2) غير ابن علية. وأعل ابن حبان (¬3) وابن عدي (¬4) وابن عبد البر (¬5). (¬6) والحاكم وغيرهم الحكاية عن ابن جُريج. وأجابوا عنها على تقدير الصحة؛ بأنه لا يلزم من نسيان الزّهري له أن يكون سليمان بن موسى وَهِمَ عليه. وقد تكلّم عليه أيضًا الدارقطني في "جزء من حدّث ونسي" والخطيب بعده، وأطال في الكلام عليه البيهقيّ في "السنن" (¬7) وفي "الخلافيات" (¬8) وابن الجوزي في "التحقيق" (¬9) وأطال الماوردي في "الحاوي" (¬10) في ذكر ما دلّ ¬
تنبيه
عليه هذا الحديث من الأحكام نصًّا واستنباطًا، فأفاد. 1987 - [4843]- حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تُنكِحُ المرأَةُ المرأةَ ولا نفسَها، إنمّا الزَّانيةُ التي تُنكِح نَفْسَها". ابن ماجه (¬1) والدارقطني (¬2) من طريق ابن سيرين، عن أبي هريرة. وفي لفظ: وكنا نقول: إنّ التي تزوِّج نفسَها هي الزّانية. ورواه الدارقطني (¬3) أيضًا من طريق أخرى إلى ابن سيرين، فَبَيّن أن هذه الزيادة من قول أبي هريرة. ورواه البيهقي (¬4) من طريق عبد السّلام بن حرب، عن هشام، عنه بها موقوفا. ومن طريق محمَّد بن مروان عن هشام مرفوعا (¬5) قال: ويشبه أن يكون عبد السّلام حفظه، فإنه مَيّز المرفوع من الموقوف. تنبيه قول الرّافعي: ولهذا قال: الزانية هي التي تنكح نفسها، ولم يقل التي تُنكح نفسها هي الزّانية (¬6). ¬
يعكِّر عليه: أنه وقع عند الدارقطني (¬1) بلفظ: "إنَّ الّتي تُنكِحُ نَفْسَها هِي الزَّانيةُ". 1988 - [4844]- حديث ابن عباس: أنّه كان يجوِّزُ نكاح المتعةِ ثمّ رجع عنه. رواه الترمذي (¬2) وعقد له بابا مفردا (¬3)، وفي إسناده موسى بن عبيدة الرَّبَذي، وهو ضعيف. وأغرب المجد ابن تيمية (¬4) فذكر عن أبي جمرة الضبعي: أنّه سأل ابن عباس عن متعة النّساء فرخص فيه، فقال له مولاه: إنّما ذلك في الحال الشّديد، وفي النّساء قلَّة، فقال: نعم. رواه البخاري. انتهى. وليس هذا في "صحيح البخاري" بل استغربه ابن الأثير في "جامع الأصول" فعزاه إلى رزين وحده. قلت: قد ذكره المزي في "الأطراف" في ترجمة أبي جمرة عن ابن عباس، وعزاه إلى البخاري في "النكاح" (¬5) باللّفظ الذي ذكره ابن تيمية سواء، ثمّ راجعته من الأصل فوجدته في (باب النهي عن نكاح المتعة أخيرًا) فساقه بهذا الإسناد والمتن، فاعلم ذلك. ¬
وقد أخرجه الإسماعيلي في "مستخرجه" بلفظ "الجهاد" بدل "الحال الشديد"، ويَا عَجبا من المصنِّف (¬1) كيف لم يراجع "الأطراف" وهي عنده إن كان خفي عليه [موضعه] (¬2) من الأصل؟! [4845]- وروّينا في "كتاب الغرر من الأخبار" لمحمد بن خلف القاضي، المعروف بوكيع: حدثنا علي بن مسلم، حدثنا أبو داود الطيالسي، حدثنا حويل أبو عبد الله، عن داود بن أبي هند، عن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس: ما تقول في المتعة، فقد أكثر الناس فيها، حتى قال فيها الشّاعر قال: وما قال الشاعر؟ قلت: قال: قَد قُلتُ لِلشَّيخِ لَمَّا طَالَ مَجلسُهُ (¬3) ... يَا صَاحِ هَلْ لَكَ فيِ فَتْوَى ابْنِ عَبَّاسِ هَلْ لَكَ فيِ رُخْصةِ الأَطْرَافِ آنِسَةٌ (¬4) ... تَكونُ مَثْوَاكَ حَتَّى مَصْدَرِ النَّاسِ قال: وقد قال فيها الشاعر؟! قلت: نعم. قال: فكرهها، أو نهى عنها. [4846]- وقال الخطابي (¬5): حدثنا [ابن] (¬6) السّماك، حدثنا الحسن بن سلام، حدثنا الفضل بن دكين، حدثنا عبد السّلام، عن الحجّاج، عن [أبي] (¬7) خالد، عن المنهال، عن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عبّاس: لقد ¬
فائدة
سارت بفتياك الرّكبان، وقالت فيها الشّعراء، قال: وما قالوا؟ فذكر البيتين. قال: فقال: سبحان الله! والله ما بهذا أفتيتُ، وما هي إلَّا كالميتة لا تحلّ إلا للمضطر. [4847]- وأخرج البيهقي من طريق الزهري قال: ما مات ابن عبّاس حتى رجع عن هذه الفتيا. وذكره أبو عوانة في "صحيحه" أيضا. [4848]- وروى عبد الرزاق في "مصنفه" (¬1) عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس: أنه كان يراها حلالا، ويقرأ: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ} قال: وقال ابن عباس: في حرف (¬2) أبيّ بن كعب: إلى أجل مسمّى. قال: وكان يَقول يرحم الله عمر ما كانت المتعة إلا رحمة من الله، رحم بها عبادَه ولولا نهي عمر ما احتيج إلى الزّنا أبدًا. [4849]- وذكر ابن عبد البر (¬3) عن الليث بن سعد، عن بكير بن الأشج، عن عمّار مولى الشّريد: سألت ابن عباس عن المتعة؛ أَسِفَاحٌ هِي أم نِكَاحٌ؟ قال: لا سفاح ولا نكاح. قلت. فما هي؟ قال: المتعة كما قال الله. قلت: هل عليها حيضة؟ قال: نعم. قلت: يتوارثان؟ قال: لا. فائدة كلام الرّافعي يُوهم أن ابن عَباس (¬4) انفرد عن غيره من الصّحابة بتجويز ¬
المتعة؛ لقوله إن صحّ رجوعه وجب الحد للإجماع. ولم ينفرد ابن عبّاس بذلك، بل هو منقول عن جماعة من الصّحابة غيره، قال ابن حزم في "المحلى" (¬1)؛ مسألة ولا يجوز نكاح المتعة، وهي النكاح إلى أجل، وقد كان ذلك حلالًا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثمّ نسخها الله تعالى على لسان رسوله عليه السّلام إلى يوم القيامة. ثمّ احتج بـ: [4850]- حديث الرّبيع بن سبرة، عن أبيه، وفيه: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المنبر يخطب ويقول: "مَن كَان تَزَوَّج امرَأَةً إلى أجلٍ فَلْيُعْطِهَا مَا سَمَّى لَهَا، وَلا يَسْتَرْجِعُ مِمَّا أعطاهَا شيئًا، ويُفارِقُها، فإن الله عَزّ وجَلَّ قد حَرَّمها عَلَيْكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ". قال ابن حزم: وما حرمه الله علينا إلى يوم القيامة فقد أمِنّا نسخَه. قال: وقد ثبت على تحليلها بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جماعةٌ من السّلف، منهم من الصحابة: أسماء بنت أبي بكر، وجابر بن عبد الله، وابن مسعود، وابن عباس، ومعاوية، وعمرو بن حريث، وأبو سعيد، وسلمة ومعبد ابنا أمية بن خلف. قال: ورواه جابر عن الصّحابة مدَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومدَّةَ أبي بكر، ومدَّة عمر إلى قُرب آخر خلافته. قال: وروي عن عمر أنه إنما أنكرها إذا لم يشهد عليها عدلان فقط. وقال به من التابعين: طاوس، وعطاء، وسعيد بن جبير، وسائر فقهاء مكة. قال: وقد تقصّينا الآثار بذلك في "كتاب الإيصال" انتهى كلامه. فأمّا ما ذكره عن أسماء: ¬
[4851]- فأخرجه النّسائي (¬1) من طريق مسلم القري قال: دخلت على أسماء بنت أبي بكر فسألناها عن متعة النساء؟ فقالت: فعلناها على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. [4852]- وأمّا جابر؛ ففي مسلم (¬2) من طريق أبي نضرة عنه: فعلناها مع رسول الله، ثمّ نهانا عنها عمر، فلم نعد لها. [4853]- وأمّا بن مسعود ففي "الصحيحين" (¬3): عنه قال: رخص لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ننكح المرأة إلى أجل بالشيء، ثم قرأ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ}. وأما ابن عباس؛ فقد تقدم. [4854]- وأمّا معاوية؛ فلم أر ذلك عنه إلى الآن، ثم وجدته في "مصنف عبد الرزاق" (¬4) عن ابن جريج، عن عطاء، قال: أول من سمعنا منه المتعة صفوان بن يعلى بن أمية، قال: أخبرني يعلى: أنّ معاوية استمتع بامرأة في الطّائف، فأنكرتُ ذلك عليه، فدخلنا على ابن عباس فذكرنا له ذلك، فقال: نعم. [4855]- وأما عمرو بن حريث؛ فوقعت الإشارة إليه فيما رواه مسلم (¬5) من طريق أبي الزبير: سمعت جابر يقول: كنّا نستمتع بالقبضة من الدقيق والتمر الأيام، على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأبي بكر، حتى نهانا عنها عمر في شأن عمرو بن حريث. ¬
[4856]- وأما معبد وسلمة ابنا أميّة؛ فذكر عمر بن شبّة في "أخبار المدينة" بإسناده: أنّ سلمة ابن أميّة بن خلف استمتع بامرأةٍ فبلغ ذلك عمر، فتوعده على ذلك. [4857]- وأما قصّة أخيه معبد، فلم أرها. ثم وجدتها في "مصنف عبد الرزاق" (¬1)، وكذلك قضة عمرو بن حريث (¬2). [4858]- وأما رواية جابر؛ عن الصحابة فلم أرها صريحا، وإنما جاء عنه أنه قال: تمتعنا على عهد رسول الله (¬3) - صلى الله عليه وسلم -، وأبي بكر وصدرًا من خلافة عمر (¬4). وفي رواية (¬5): فلما كان في آخر خلافة عمر ... وفي رواية (¬6): تمتعنا على عهد رسول الله وأبي بكر، وعمر. وكل ذلك في مسلم و"مصنف عبد الرزاق". ومن المشهورين بإباحتها: ابن جريج فقيه مكة، ولهذا قال الأوزاعي فيما ¬
رواه الحاكم في "علوم الحديث" (¬1): يترك من قول أهل الحجاز خمس ... فذكر منها متعة النساء من قول أهل مكّة، وإتيان النّساء في أدبارهن من قول أهل المدينة. ومع ذلك فقد روى أبو عوانة في "صحيحه" عن ابن جريج أنه قال لهم بالبصرة: اشهدوا أني قد رجحت عنها - بعد أن حدثهم بثمانية عشر حديثًا فيها أنّها لا بأس بها. 1989 - [4859]- قوله: روي أنّ امرأة كانت في ركب فجعلت أمرَها إلى رجلٍ فزَوَّجها، فبلغ ذلك عمر فجلد النّاكح والمنكِح. الشّافعي (¬2) والدارقطني (¬3) والبيهقي (¬4) من طريق ابن جريج، عن عبد الحميد، عن عكرمة بن خالد، به. وفيه انقطاع؛ لأن عكرمة لم يدرك ذلك. **** ¬
باب الأولياء وأحكامهم
باب الأولياء وأحكامهم 1990 - [4860]- حديث: "الثّيِّبُ أَحَقَ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّها وَالْبِكْرُ يُزَوِّجُهَا أَبُوهَا". الدارقطني (¬1) من حديث ابن عباس بهذا اللفظ، لكن قال: "يستأمرها" بدل "يزوجها". وحكى البيهقي (¬2) عن الشافعي: أن ابن عيينة زاد: "والْبِكْرُ يُزَوّجُهَا أَبُوها". قال الدارقطني (¬3): لا نعلم أحدًا وافقه على ذلك. وهو في مسلم (¬4) بألفاظ منها: "الثِّيِّبُ أَحَقّ بِنَفْسِهَا مِن وَلَيِّهَا، وَالْبِكُرُ يَسْتَأْذِنُهَا أَبُوهَا في نَفْسِهَا". وقال أبو داود -بعد أن أخرجه بلفظ: "وَالْبِكرُ يَسْتَأْمِرُهَا أَبُوهَا"-: "وأبوها" غير محفوظ، هو من قول سفيان بن عيينة. فائدة يعارض الحديثَ: [4861]- ما رواه ابن أبي شيبة (¬5)، عن حسين بن محمَّد، عن جرير بن حازم، ¬
عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس: أنّ جاريةً بكرًا أتت النّبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت: أنّ أباها زوَّجها وهي كارهة، فخَيَّرها النبي - صلى الله عليه وسلم -. رجاله ثقات، وأُعِلّ بالإرسال، وبتَفَرُّدِ جرير بن حازم عن أيوب، وبتَفَرُّدِ حسين عن جرير. وأجيب: بأن أيوب بن سويد رواه عن الثوري، عن أيوب موصولا. وكذلك رواه معتمر بن جدعان الرّقي عن زيد بن حبان، عن أيوب موصولا، وإذا اختُلف في وصل الحديث وإرساله حُكِم لمن وصله على طريقة الفقهاء. وعن الثّاني: بأن جريرًا توبع عن أيوب، كما ترى. وعن الثّالث: بأن سليمان بن حرب تابع حسينَ بن محمّد عن جرير. وانفصل البيهقي (¬1) عن ذلك: بأنه محمول على أنّه زوَّجها من غير كُفؤ. والله أعلم. وفي الباب: [4862، 4863]- عن جابر عند النسائي (¬2)، وعن عائشة عنده أيضا (¬3). 1991 - [4864]- حديث: "لَيس للولِيّ مَع الثّيبِ أَمْرٌ". أبو داود (¬4) والنسائي (¬5) وابن حبان (¬6) من حديث معمر، عن صالح بن كيسان، ¬
عن نافع بن حبيب، عن ابن عباس، وزاد: "وَالْيَتِيمَةُ تُسْتَأْمَرُ، وصمتها إِقْرَارُهَا". ورواته ثقات قاله أبو الفتح القشيري (¬1). ويقال: إنّ معمرًا أخطأ فيه -يعني أنّ صالحًا إنّما حمله عن عبد الله بن الفضل، عن نافع بن جبير، وهو قول الدراقطني (¬2). * حديث علي: "ثَلاثٌ لاَ تُؤَخَّر: الصَّلاةُ إذَا أَتَت، وَالجَنَازَةُ إذَا حَضَرَتْ، والأَيْمُ إذَا وَجَدَتْ لَهَا كُفْؤًا". تقدم في "الصّلاة" وأنّه في التّرمذي. 1992 - [4865]- حديث: "لا تَنكِحُوا الْيَتَامَى، حَتَّى تَسْتَأمِرُوهُنَّ". الحاكم (¬3) من حديث نافع عن ابن عمر، وزاد: "فَإِنْ سَكَتْنَ فَهَو إِذْنُهُنَّ". وفي الحديث قصّة، والدارقطني (¬4) أتم منه، وبَيّن أن الذي زوّجها عمّها. [4866]- ورواه أبو داود (¬5) والترمذي (¬6) والنسائي (¬7) وابن حبان (¬8) ¬
تنبيه
والحاكم (¬1) من حديث أبي هريرة بلفظ: "اليَتِيمَةُ تُستَأْمَرُ في نَفْسِها، فَإنْ صَمَتتْ فَهُو إذْنُهَا، فَإِنْ أَبَتْ فَلا جَوازَ عَلَيْهَا" (¬2). وفي راية لأبي داود (¬3): "فَإِنْ بَكَتْ أَو سَكَتَتْ فَهو رِضَاهَا". قال أبو داود: وهم إدريس الأودي في قوله "بكت"، وليس بمحفوظ. [4867]- وروى ابن حبان (¬4) والحاكم (¬5) من حديث أبي موسى الأشعري بلفظ: "تُسْتَأْمَرُ الْيَتِيمَةُ في نَفْسِها، فَإِنْ سَكتَتْ فَهُو رِضَاها، وإن كَرِهَتْ فَلا كُرْهَ عَلَيهَا". تنبيه قال الرّافعي -بعد سياقه الحديثَ- الّذي أوردنا لفظه من عند الحاكم: هذا ونحوه من الأخبار. فلهذا حَسُن إيرادُ حديثي أَبي هُريرة وأبي مُوسى مَعه لاحتمال أن يكون أشار إليهما. وفي الباب: [4868]- عن عائشة بلفظ: "تستَأْمَر النِّساء في أَبْضَاعِهِن ... " الحديث، أخرجه مسلم (¬6). ¬
* حديث: "الثّيب أحقُّ بنفسِها مِن وَلِيِّهَا، والْبِكرُ تُستَأْذَن، وإذْنُها صِمَاتُها". مسلم بهذا اللفظ من حديث ابن عباس، وقد تقدم. وفي الباب: [4869]- عن أبي هريرة بلفظ: "لا تُنكَحُ الْبِكْر حَتى تُسْتَأْذَنَ" قالوا: يا رسول الله كيف إذنها؟ قال: "أَن تَسكُت". متفق عليه (¬1). [4870]- وعندهما (¬2): عن عائشة: قلتَ: يا رسول الله إنّ البكر تستحيي، فقال: "إذْنُهَا صَمْتُهَا". 1993 - [4871]- حديث: "الْوَلَاء لُحْمَةٌ كلُحْمَةِ النَّسَب". الشَّافعي (¬3) وابن حِبَّان (¬4) والحاكم (¬5) من حديث أبي يوسف القاضي، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر. وسيأتي في "باب الولاء" إن شاء الله تعالى. 1994 - [4872]- حديث: "السُّلطَان وَليّ مَن لا وَلِيَّ لَه". ¬
الشافعي (¬1) وأبو داود (¬2) وابن حبان (¬3) وغيرهم من حديث عائشة، في آخر حديث تقدم في الباب الذي قبله .. 1995 - [4873]- حديث: أنّ شعيبًا عليه السّلام زوّج وهو مكفوف البصر. الحاكم في "المستدرك" (¬4) من حديث ابن عباس بإسناد لا بأس به، أنه قال: في قوله تعالى: {وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا} قال: كان مكفوفَ البصر. وذكر الرويّاني في "كتاب الشهادات" من "البحر": أنه لم يكن أعمى، وإنما طرأ عليه ذلك بعد النبوة وأداء الرسالة وفراغها. ومال إلى هذا شيخ شيوخنا تقي الدّين السبكي ونصرَه، وردّ ما يخالفه، وحديث ابن عَبّاس الذي أوردناه يَردّ عليه. والله أعلم. وقد اختُلف في الذي زوّج موسى واستأجره: هل هو شعيب أو غيره؟ فالأكثر على أنه شعيب. [4874]- وعن ابن عباس: هو يثري صاحب مدين، رواه ابن جرير (¬5)، ورجاله ثقات، إلا شيخه سفيان بن وكيع. ¬
فائدة
[4875]- وعن الحسن (¬1): هو سيّد أهل مدين. [4876]- وعن ابن إسحاق: أنّه حبر أهل مدين وكاهنهم. [4877]- وعن أبي عبيدة (¬2): أنّه يترون بن أخي شعيب. [4878]- وفي "مسند الدارمي" (¬3) و"الحلية" (¬4) عن أبي حازم، سلمة بن دينار التّصريح بأنّه شعيب النّبي عليه السلام. فائدة اسم ابنة شعيب الّتي تَزَوّجها موسى صفورا، وأختها شرقاء، رواه الحاكم في "المستدرك" (¬5) أيضا. 1996 - [4879]- حديث: ابن عباس: "لاَ نِكَاحَ إلَّا بِولِيٍّ مُرشِدٍ، وشَاهِدَيْ عَدْلٍ". الشافعي (¬6) والبيهقي (¬7) من طريق بن خثيم عن سعيد بن جبير عنه، موقوفا. وقال البيهقي (¬8). بعد أن رواه من طريق أخرى عن ابن خثيم بسنده مرفوعا بلفظ: ¬
"لاَ نِكَاحَ إلَّا بِإذن وَلِيٍّ مُرشِدٍ أَو سُلْطَانٍ". قال: والمحفوظ الموقوف. ثمّ رواه (¬1) من طريق الثّوري عن ابن خثيم به. ومن طريق عدي بن الفضل عن ابن خثيم بسنده (¬2) مرفوعًا بلفظ: "لاَ نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وشَاهِدَيْ عَدْلٍ؛ فإنْ أَنْكَحَها وَليٌّ مَسْخُوطٌ (¬3) عَلَيْه فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ". وعدي ضعيف. 1997 - [4880]- حديث عثمان: "لاَ يَنكِح المحرِمُ وَلا يُنْكِح". مسلم (¬4) من حديث أبان بن عثمان، عن عثمان، وفيه قصة، وزاد: "وَلا يَخْطُب" وابن حبان (¬5) وزاد: "ولا يَخْطُب عَلَيْه". 1998 - قوله: وفي بعض الروايات: "ولا يشهد". قال النووي في "شرح المهذب" (¬6)، قال الأصحاب: هذه الرواية غير ثابتة. وبهذا جزم ابن الرِّفعة. والظاهر أنّ الذي زادها من الفقهاء أخذها استنباطًا من فعل أبان بن عثمان، لما امتنع [من] (¬7) حضور العقد، فليتأمل. ¬
1999 - [4881]- حديث: "لا نِكاحَ إلَّا بِأَرْبَعَةٍ: خاطبٍ وَوَلِيٍّ وَشاهِدَيْنِ". روي مرفوعا وموقوفا البيهقي (¬1) من حديث أبي هريرة مرفوعا، وفي إسناده المغيرة بن موسى البصريّ قال البخاري (¬2): إنّه منكر الحديث. [4882]- ورواه الدّارقطني (¬3) من حديث عائشة بلفظ: "لا بُدَّ في النِّكاح مِن أربعةٍ: الولِيِّ والزَّوج والشَّاهِدَيْنِ". وفي إسناده أبو الخصيب نافع بن ميسرة مجهول. وأمّا الموقوف: [4883]- فرواه البيهقي في "الخلافيات" (¬4) عن ابن عباس، وصححّه، وهو عند ابن أبي شيبة (¬5): حدثنا معاوية بن هشام، عن سفيان، عن أبي يحيى، عن الحكم بن ميناء، عن ابن عباس قال: أدنى ما يكون في النّكاح أربعةٌ: الذي يزوِّج، والذي يتزوَّج، وشاهدان. * قوله: روي أن - صلى الله عليه وسلم - قال لعلي: "لا تؤَخِّرْ أَرْبعًا .... "، فذكر منها تزويج الْبكر إذا وجدت لها كفؤًا. ¬
تقدم لكن بلفظ: " [لا تؤخر] (¬1) ثلاثًا" فينظر في الرّابعة، فالظّاهر أنّها سبق قَلَم. * حديث: "نَحْن وَبنُو المطلِب شَيءٌ واحدٌ ... ". تقدم في "قسم الصدقات". 2000 - [4884]- قوله: روي أنّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنّ الله اصطَفَى كنَانَةَ من ولد إسماعيل، واصطفى من بَنِي كنانةَ قريشًا، واصطفى من قُريشٍ بَني هَاشِمٍ". مسلم (¬2) والبخاري في "التاريخ" (¬3) والترمذي (¬4) من حديث واثلة بن الأسقع. وفي رواية الترمذي (¬5)، وهي لأحمد (¬6): "إن الله اصطفى مِن وَلَدِ إبراهيم إسماعيلَ، ومن ولد إِسماعِيل كِنَانَة ... ". الحديث. قلت: وله طرقٌ جمعها شيخُنا العراقي في كتاب "محجة القرب في محبة العرب". ¬
تنبيه
تنبيه لا يعارض هذا: [4885]- ما رواه التّرمذي (¬1)، عن أبي هريرة مرفوعًا: "لَيَنْتَهِيَّنَّ أقوامٌ يَفتَخرون بآبائِهِم الّذين مَاتُوا في الْجَاهِلِيَّةِ .... " الحديث؛ لأنّه محمول على المفاخرة المفضية إلى احتقار المسلم، وعلى البطر وغمض الناس. وحديث واثلة تستفاد منه الكفاءة، ويُذكر على سبيل الشّكر المنعم. 2001 - [4886]- قوله: روي أنّه - صلى الله عليه وسلم - قال: "الْعَرَبُ أَكفَاءٌ بَعضُهمْ لِبَعضٍ، قبيلةٌ لِقبيلَةٍ، وحَيٌّ لِحَيٍّ، وَرَجُلٌ لِرَجُلٍ، إلَّا حَائِكٌ أو حَجَّامٌ". الحاكم (¬2) من حديث ابن جريج، [عن ابن أبي مليكة، عن ابن عمر به. والراوي عن ابن جريج] (¬3) لم يسمّ، وقد سأل ابن أبي حاتم (¬4) عنه أباه فقال: هذا كذب لا أصل له. ¬
وقال في موضع آخر (¬1) باطل. ورواه ابن عبد البر في "التمهيد" (¬2) من طريق بقية، عن زرعة، عن عمران بن أبي الفضل، عن نافع، عن ابن عمر. قال الدارقطني في "العلل": لا يصح. وقال ابن حبان (¬3): عمران بن أبي الفضل يروي الموضوعات عن الثقات. وقال ابن أبي حاتم (¬4): سألت أبي عنه؟ فقال: منكر، وقد حدّث به هشام بن عبيد الله الرّازي فزاد فيه -بعد أو حجام-: "أو دبّاغ "، (¬5) قال: فاجتمع عليه الدبّاغون، وهمّوا به (¬6). وقال ابن عبد البر (¬7): هذا منكر موضوع. وذكره ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (¬8) من طريقين إلى ابن عمر، في أحدهما علي بن عروة، وقد رماه ابن حبان (¬9) بالوضع. وفي الآخر محمَّد بن الفضل بن عطيّة وهو متروك. ¬
تنبيه
والأولى في ابن عديّ (¬1)، والثّانية في الدّارقطني. وله طريق أخرى عن غير ابن عمر: [4887]- رواه البزار في "مسنده" (¬2) من حديث معاذ بن جبل رفعه: "الْعَرَبُ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ أَكْفَاءْ، وَالموَالِي بَعْضُهَا لِبَعْضٍ أَكْفَاءٌ". وفيه سليمان بن أبي الجون، قال ابن القطَّان (¬3): لا يُعرَف. ثمّ هو من رواية خالد بن معدان، عن معاذ، ولم يسمع منه. تنبيه يعارض (¬4) هذا الحديث الضعيف: [4888]- ما روى أبو داود (¬5) والحاكم (¬6) من طريق محمَّد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعًا: "يَا بَنِي بَيَاضَةَ أَنْكِحُوا أَبَا هِنْدٍ، وَأَنْكِحُوا عَلَيْه". قال: وكان حجَّامًا. إسنادُه حَسَن. 2002 - [4889]- حديث: أن - صلى الله عليه وسلم - اختار الفقر على الغنى. هذا التخيّر لا أصل له، لكن يستأنس له بما ثبت في: ¬
فائدة
[4890]- "الصحيح" (¬1) أنه أتي بمفاتيح كنوز الأرض فَرَدَّها، لكنه لا ينفي مطلق الغنى المذكور في قوله تعالى: {وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى}. وقد ثبت في السّير كلّها: أنّه لما مات كان مكفيًّا. وثبت أنه استعاذ من الفقر، كما تقدم في باب "قسم الصدقات". وقد ذكرنا شيئًا من هذا أيضًا في (الخصائص). فائدة قال الشّافعي: أصل الكفاءة في النكاح حديث بريرة؛ لما خُيِّرت لأنّها إنما خُيِّرت؛ لأنّ زوجها لم يكن كفؤًا. انتهى. وقد اختلف السّلف: هل كان عبدًا أو حُرًّا، وذكر البخاري الخلاف في ذلك، والراجح أنه كان عبدا، وسيأتي. 2003 - [4891]- حديث: "الْعُلَمَاءُ وَرَثَةُ الأنَبِيَاءِ". أحمد (¬2) وأبو داود (¬3) والترمذي (¬4) وابن حبان (¬5) من حديث أبي الدرداء، وضعفه الدارقطني في "العلل" (¬6)، وهو مضطرب الإسناد؛ قاله المنذري (¬7). ¬
وقد ذكره البخاري في "صحيحه" (¬1) بغير إسناد. * حديث: أنه قال لفاطمة بنت قيس: "انْكِحِي أسامةَ". فنكحته وهو مولى وهي قرشيّة. مسلم من حديثها. وقد تقدم في "باب النهي أن يخطب الرّجل على خِطْبة أخيه". 2004 - [4892]- حديث: "إذا أنكح الوَلِيَّان فالأوّل أحقّ". ويروى: "أيّما امْرَأةٍ زَوَّجَهَا وَلِيَّانِ، فَهِيَ لِلأَوَّلِ مِنهما". أحمد (¬2) والدارمي (¬3) وأبو داود (¬4) والترمذي (¬5) والنسائي (¬6) من حديث قتادة، عن الحسن، عن سمرة، باللّفظ الثاني، حسّنه التّرمذي، وصحّحه أبو زرعة (¬7) وأبو حاتم (¬8) والحاكم في "المستدرك" (¬9)، وذكره في النكاح بألفاظٍ توافق اللّفظ ¬
الأوّل، وصحّته متوقِّفة على ثبوت سماع الحسن من سمرة، فإن رجاله ثقاتٌ، [لكن] (¬1) قد اختلف فيه على الحسن. ووواه الشافعي (¬2) وأحمد (¬3) والنسائي (¬4) من طريق قتادة أيضا، عن الحسن، عن عقبة بن عامر، قال الترمذي: الحسن عن سمرة في هذا أصحّ. وقال ابن المديني: لم يَسمع الحسن من عقبة شيئًا. وأخرجه ابن ماجه (¬5) من طريق سعيد، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة، أو عقبة بن عامر. 2005 - [4893]- حديث: "أَيّما مَمْلُوكٍ نَكَحَ بِغَيْرِ إِذْنِ مَولَاهُ فَهُو عَاهِرٌ". ويروى (¬6): "فَنِكاحُهُ بَاطِلٌ". أحمد (¬7) وأبو داود (¬8) والترمذي (¬9) وحَسّنه، والحاكم (¬10) وصححه، من ¬
حديث ابن عقيل، عن جابر باللّفظ الأول. [4894]- وأخرجه ابن ماجه (¬1) من رواية ابن عقيل، عن ابن عمر. وقال الترمذي: لا يصح، إنما هو عن جابر. وأبو داود (¬2) من حديث العمري، عن نافع، عن ابن عمر باللّفظ الثاني، وتعقّبه بالتّضعيف وبتصويب وقفه. [4895]- ورواه ابن ماجه (¬3) من حديث ابن عمر بلفظ ثالث: "أَيّما عبدٍ تَزَوَّجَ بِغيْرِ إذنِ مَوالِيهِ فَهو زانٍ". وفيه مندل بن علي وهو ضعيف. وقال أحمد بن حنبل: هذا حديث منكر. وصوّب الداّرقطني في "العلل" وقف هذا المتن على ابن عمر. ولفظ الموقوف: [4896]- أخرجه عبد الرزاق (¬4) عن معمر، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر: أنه أخذ عبدًا له تزوّج بغير إذنه، ففرّق بينهما، وأبطل صداقه، وضربه حدًّا. 2006 - [4897]- حديث: أن بلالا نكح هالة بنت عوف أخت عبد الرّحمن بن عوف. ¬
باب موانع النكاح
الدارقطني (¬1) من حديث حنظلة بن أبي سفيان، عن أمه قالت: رأيت أخت عبد الرحمن بن عوف تحت بلال. وفي الباب: [4898]- عن زيد بن أسلم في "مراسيل أبي داود" (¬2). * قوله في شرف النّسب: ومنه الانتماء إلى شجرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعليه بني عمر ديوان المرتزقة. الشافعي، وقد تقدم في "قسم الفيء والغنيمة". * وسبق حديث: "كلّ نَسَبٍ وَسَبَبٍ مُنْقَطِعٌ إلَّا سَبَبِي وَنَسَبِي". باب موانع النكاح 2007 - [4899]- حديث: "يَحرُمُ من الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِن الْوِلَادَةِ". ويروى: " ... مَا يَحْرُم مِنَ النسَبِ". متفق عليه (¬3) من حديث عائشة باللّفظ الأول. وللبخاري (¬4) من حديثها: "حَرِّمُوا مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِن النَّسَبِ". ¬
وفي لفظ للنسائي (¬1): " ... مَا حَرَّمَتْهُ الوِلَادَةُ حَرَّمَه الرِّضَاعُ". وفي الباب: [4900]- عن ابن عبّاس في قصّة بنت حمزة فقال: "وإنّه يَحرُمُ من الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ". متفق عليه (¬2)، ولمسلم: " ... من الرّحَم". 2008 - قوله في حِلّ زوجة من تبنى أجنبيا؛ لأنّه - صلى الله عليه وسلم - زوّج [زيدًا] (¬3) زينب بنت جحش، وكان تبنّاه، ثم تزوجها. أمَّا قضة تزويج زينب فتقدمت. [4901]- وأمّا كونه - صلى الله عليه وسلم - كان تبنى زيدًا فرواه الحاكم في ترجمة زيد من "مستدركه" (¬4). 2009 - [4902]- حدثنا ابن عمر: "مَن نَكَحَ امرأةً ثُمَّ طَلَّقَها قَبل أن يَدخل بِهَا حَرُمت عليه أمّهاتُها، ولم تَحرُم عَليه بِنْتُها". الترمذي (¬5) من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، بمعناه. وقال: لا يصح، وإنما رواه عن عمرو بن شعيب [عن أبيه] (¬6): المثنّى بْنُ الصّباح وابن ¬
تنبيه
لهيعة، وهما ضعيفان. وقال غيره: يشبه أن يكون ابن لهيعة أخذه عن المثنّى ثم أسقطه، فإنّ أبا حاتم قد قال: لم يسمع ابن لهيعة من عمرو بن شعيب. تنبيه تَبين أنّ قول الرّافعي: "ابن عمر" فيه تحريف، لعله من الناسخ والصواب "ابن عمرو" بزيادة "واو". وفي الباب: [4903]- عن ابن عباس من قوله، أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (¬1) بإسناد قوي إليه، أنه كان يقول: إذا طلق الرّجل امرأة قبل أن يدخل بها، وماتت، لم تحل له أمُّها. ونقل الطبري (¬2) فيه الإجماع. [4904]- لكن في ابن أبي شيبة (¬3) عن زيد بن ثابت، أنه كان لا يرى بأسا إذا طلقها، ويكرهها إذا ماتت عنه. [4905]- وروى مالك (¬4) عن يحيى بن سعيد عنه: أنه سئل عن رجل تزوّج [امرأة] (¬5) ثم ماتت قبل أن يصيبها، هل تحل له أمها؟ قال: لا الأم مبهمة، ¬
وإنما الشرط في الرّبائب. 2010 - [4906]- قوله: روي أنّه - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ كَان يُؤمِن بالله وَاليومِ الآخرِ فلا يَجمَعُ ماءَهُ في رَحِمِ أُخْتَينِ". ويروى: "مَلْعُونٌ مَنْ جَمَع مَاءه في رَحِمِ أُخْتَيْنِ". لا أصل له باللّفظيْن، وقد ذكر ابن الجوزي (¬1) اللّفظ الثّاني ولم يعزه إلى كتاب من كتب الحديث. وقال ابن عبد الهادي (¬2): لم أجد له سندًا بعد أن فتشت عليه في كتُبٍ كثيرةٍ. وفي الباب: [4907]- حديث أمّ حبيية في "الصّحيحين" (¬3) (¬4) أنها قالت: يا رسول الله، أَنكح أختي، قال: "لاَ تَحِلّ لِي ... " الحديث. [4908]- ولأبي داود (¬5) من حديث فيروز الديلمي قال: قلت يا رسول الله، إني أسلمت وتحتي أختان، قال: "طَلِّقْ أيَّهمَا شِئْتَ". ¬
وللترمذي (¬1) في روايته: "اخْتَرْ أَيَّهَمُا شِئْتَ". وسيأتي في "باب نكاح المشرك". * حديث علي: في الأختين. سيأتي أواخر الباب. 2011 - [4909]- حديث أبي هريرة: "لا تنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا، وَلاَ الْعَمَّةُ عَلَى ابنة أَخِيهَا (¬2)، وَلاَ الْمَرْأَةُ عَلَى خَالَتِهَا، وَلاَ الْخَالَةُ عَلَى بِنْتِ أُخْتِهَا، لا الْكُبْرَى عَلَى الصُّغْرَى وَلاَ الصُّغْرَى عَلَى الْكُبْرَى". أبو داود (¬3) والترمذي (¬4) والنسائي (¬5) من حديث داود بن أبي هند، عن الشعبي، عنه. وليس في رواية النّسائي: "لا تُنكَحُ الْكُبْرَى عَلَى الصُّغْرَى ... " إلى آخره. وصحّحه التّرمذي، وأصلُه في "الصّحيحين" (¬6) من طريق الأعرج، عن أبي هريرة. بلفظ: "لاَ يُجَمَعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا وَلاَ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا". ¬
ولمسلم (¬1) من طريق قبيصة، عن أبي هريرة بلفظ: "لا تُنْكَحُ الْعَمَّةُ عَلَى بِنْتِ الأخِ، وَلا ابْنَةُ الأُخْتِ عَلَى الْخَالَةِ". وله من طريق أبي سلمة (¬2) عنه: "لاَ تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَلاَ عَلَى خَالَتِهَا". وفي رواية (¬3): "لا يُجْمَعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا، وَلاَ الْمَرْأةِ وَخَالَتِهَا". [4910]- ورواه البخاري (¬4) بنحوه عن جابر، وقيل: إنّ راويه عن الشّعبي أخطأ في قوله: "عن جابر" وإنما هو أبو هريرة، لكن أخرجه النّسائي (¬5) من طريق أبي الزّبير، عن جابر أيضا. وقال ابن عبد البر (¬6): طرق حديث أبي هريرة متواترة عنه، وزعم قوم أنّه تفرّد به وليس كذلك. ثم ساق له طرقًا عن غيره. وفي الباب: [4911]- عن ابن عبّاس، رواه أحمد (¬7) وأبو داود (¬8) والترمذي (¬9) وابن حبان (¬10). ¬
تنبيه
[4912]- وعن أبي سعيد، رواه ابن ماجه (¬1) بسند ضعيف. [4913]- وعن علي، رواه البزار (¬2). [4914]- وعن ابن عمر، رواه ابن حبان (¬3). وفيه أيضا: عن سعد بن أبي وقاص، وعن زينب امرأة ابن مسعود، وأبي أمامة، وعائشة، وأبي موسى، وسمرة بن جندب. تنبيه قال الشافعي (¬4): لم يُروَ هذا الحديث من وجه يُثبِته أهل العلم بالحديث، إلَّا عن أبي هريرة، قال البيهقي (¬5): قد روي عن جماعةٍ من الصّحابة إلَّا أنّه ليس على شرط الشّيخين. قلت: قد ذكرنا أن البخاريّ أخرجه عن جابر. 2012 - [4915]- قوله: روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أشار إلى علّة النهي، فقال: "إنّكم إذَا فَعَلْتم ذَلِكَ قَطَعْتُم أَرْحَامَهنَّ". ابن حبان في "صحيحه" (¬6) وابن عدي (¬7) من حديث أبي حريز، عن محكرمة، ¬
تنبيه
عن ابن عباس، بنحو ما تقدم. وزاد في آخره هذه الزيادة. ورواه ابن عبد البر في "التمهيد" (¬1) من هذا الوجه. وأبو (¬2) حريزٍ -بالمهملة والراء ثم الزّاي- اسمه عبد الله بن حسين، علّق له البخاري (¬3) ووثقه ابن معين (¬4) وأبو زرعة (¬5) وضعفه جماعة (¬6)، فهو حسن الحديث. وفي الباب: [4916]- ما أخرجه أبو داود في "المراسيل" (¬7) عن عيسى بن طلحة، قال: نهى رسول الله عن أن تُنكَح المرأةُ عَلى قَرابتها مخافةَ القطيعة. تنبيه رواية ابن حبان: بالنّون بلفظ الخطاب للنساء في المواضع كلّها: "إنكُنَّ إِذَا فَعَلْتُنَّ ذَلِكَ قَطَعْتُنَّ أَرْحَامَهُنَّ". ورواية (¬8) ابن عدي: بلفظ الخطاب للرّجال، وبالميم في المواضع كلّها، ¬
وما أورده المصنِّف لا يوافق واحدًا منهما. * قوله: "لا يُحَرِّمُ الْحَرَامُ الْحَلالَ". هو لفظ حديث أخرجه ابن ماجه من حديث ابن عمر، وقد تقدم. 2013 - [4917]- حديث: أنّ غيلان أسلم وتحته [عشر] (¬1) نسوة، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اخْتَرْ أَرْبَعًا مِنهنّ، وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ". الشافعي (¬2) عن الثقة، عن معمر، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، [نحوه] (¬3). ورواه ابن حبان (¬4) بهذا اللّفظ، وبألفاظ أخر. ورواه أيضًا التّرمذي (¬5) وابن ماجه (¬6) كلهم من طرق، عن معمر، منهم ابن علية، وغندر، ويزيد بن زريع، وسعيد، وعيسى بن يونس، وكلّهم من أهل البصرة. قال البزار: جوَّدَه معمر بالبصرة، وأفسده باليمن فأرسله. وقال الترمذي (¬7) قال البخاري: هذا الحديث غير محفوظ، والمحفوظ: ما رواه ¬
شعيب عن الزّهري، قال: حُدِّثت عن محمّد بن سويد الثقفي: أنّ غيلان أسلم ... الحديث. قال البخاري: وأمّا حديث الزّهري عن سالم عن أبيه، فإنما هو: أنّ رجلًا من ثقيف طلّق نساءه، فقال له عمر: لَتَرْجِعَنّ نساءَك أو لأرجمنك (¬1). وحكم مسلم في "التمييز" على معمر بالوهم فيه (¬2). وقال ابن أبي حاتم (¬3) عن أبيه وأبي زرعة: المرسل أصح. وحكى الحاكم (¬4) عن مسلم أنّ هذا الحديث مما وهم فيه معمر بالبصرة، قال: فإن رواه عنه ثقة خارج البصرة حكمنا له بالصحّة. وقد أخذ ابن حبان والحاكم والبيهقي (¬5) بظاهر هذا الحكم (¬6)، فأخرجوه من طرق، عن معمر، من حديث أهل الكوفة، وأهل خراسان، وأهل اليمامة، عنه قلت: ولا يفيد ذلك شيئًا؛ فإن هؤلاء كلّهم إنما سمعوا منه بالبصرة، وإن كانوا من غير أهلها. وعلى تقدير تسليم أنهم سمعوا منه بغيرها فحديثه الّذي حدث به في غير بلده مضطرب؛ لأنه كان يحدّث في بلده من كتبه على الصحّة وأما إذ رَحل فحدّث من حفظه بأشياء وَهم فيها، اتفق على ذلك أهل العلم به، كابن المديني والبخاري وأبي حاتم (¬7) ويعقوب بن شيبة (¬8) وغيرهم. وقد قال ¬
فائدة
الأثرم عن أحمد: هذا الحديث ليس بصحيح، والعمل عليه. وأعله بتفرد معمر بوصله، وتحديثه به في غير بلده هكذا. وقال ابن عبس البر (¬1): طرقُه كلّها معلولة. وقد أطال الدارقطني في "العلل" تخريج طرقه. ورواه ابن عيينة ومالك عن الزهري مرسلًا. وكذا رواه عبد الرزاق (¬2) عن معمر، وقد وافق معمرًا على وصله بحر بن كثير السقّا، عن الزهري، لكن بحر ضعيفٌ. وكذا وصله يحيى بن سلام، عن مالك، ويحيى ضعيف. فائدة قال النّسائي: أخبرنا أبو بريد عمرو بن يزيد الجرمي، أنا سيف بن عبد الله، عن سرار بن مجشر، عن أيوب، عن نافع، وسالم عن ابن عمر: أنّ غيلان بن سلمة الثققي أسلم، وعنده عشر نسوة ... الحديث. وفيه: فأسلم وأسلمن معه. وفيه: فلما كان زمن عمر طلّقهن، فقال له عمر: راجعهن، ورجال إسناده ثقات. ومن هذا الوجه أخرجه الدارقطني (¬3). واستدل [به] (¬4) ابن القطان (¬5) على ¬
صحة حديث معمر. قال ابن القطان (¬1): وإنّما اتّجهت تخطئتهم حديثَ معمر؛ لأن أصحاب الزهري اختلفوا عليه، فقال مالك وجماعة عنه: بلغني، فذكره. وقال (¬2) يونس عنه: عن عثمان بن محمّد بن أبي سويد. وقيل: عن يونس، عنه، بلغني عن عثمان بن أبي سويد. وقال شعيب: عنه، عن محمَّد بن أبي سويد. ومنهم من رواه عن الزّهري قال: أسلم غيلان ... فلم يذكر واسطة. قال: فاستبعدوا أن يكون عند الزهري عن سالم عن ابن عمر مرفوعًا، ثم يحدّث به على تلك الوجوه الواهية، وهذا عندي غير مستبعَد. والله أعلم. قلت: ومما يقوي نظر ابن القطان: أنّ الإمام أحمد أخرجه في "مسنده" (¬3) عن ابن عليّة ومحمد بن [جعفر] (¬4) جميعا: عن معمر، بالحديثين معا؛ حديثِه المرفوع، وحديثِه الموقوف على عمر، ولفظه: أن ابن سلمة الثقفي أسلم وتحته عشر نسوة، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اخْتَر مِنهُنّ أربعًا". فلما كان في عهد عمر طلّق نساءه، وقسم ماله بين بنيه، فبلغ ذلك عمر فقال: إني لأظن الشّيطان مما يسترق من السمع، سمع بموتك فقذفه في تفسك، وأعلمك أنك لا تمكث إلا قليلًا، وايْم الله، لتُرَاجعنّ نساءَك، ولَترجِعنّ مالَك، أو لأورثهن منك، ولآمُرنّ بقبرك فَيُرجَم كما رُجم قبر أبي رِغال. ¬
تنبيه
قلت: والموقوف على عمر هو الذي حكم البخاري بصحّته عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، بخلاف أوّل القصّة. والله أعلم. وفي الباب: [4918]- عن قيس بن الحارث، أو الحارث بن قيس، عند أبي داود (¬1) وابن ماجه (¬2). [4919، 4920]- وعن عروة بن مسعود وصفوان بن أمية ذكرهما البيهقي (¬3). تنبيه وقع عند الغزّالي في كتبه تبعًا لشيخه في "النهاية" في هذا الحديث: "أنّ ابن غيلان"، وهو خطأ. 2014 - [4921]- حديث: أنّ نوفل بن معاوية أسلم وتحته خمس نسوة، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أَمْسِكْ أربعًا، وَفارِقِ الأُخْرَى". الشافعي (¬4): أخبرنا بعض أصحابنا، عن أبي الزناد، عن عبد المجيد بن سهيل، عن عوف بن الحارث، عن نوفل بن معاوية، قال: أسلمت ... فذكره. وفي آخره: قال: فعمدت إلى أقدمهن صحبةً عجوز عاقر معي منذ ستين سنة، فطلّقتها. ¬
2015 - [4922]- حديث عائشة: جاءت امرأةُ رفاعة القرظي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إني كنت عند رفاعة فطلّقني، فَبتَّ طلاقي ... الحديث. متفق عليه (¬1). وفي رواية للبخاري (¬2) قالت عائشة: فصار ذلك سنة بعده. [4923]- ولأحمد (¬3) من حديث عائشة مرفوعا: "الْعُسَيلَةُ هِيَ الْجِمَاعُ". وبهذا قال أكثر أهل العلم. [4924]- وعن الحسن البصري: هي الإنزال. 2016 - [4925]- حدثنا: "لَعَنَ الله الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَه". الترمذي (¬4) والنسائي (¬5) من حديث ابن مسعود، وصححه ابن القطّان (¬6) وابن دقيق العبد (¬7) على شرط البخاري. ¬
وله طريق أخرى أخرجها عبد الرّزاق (¬1) عن معمر، عن الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن الحارث، عن ابن مسعود. وأخرى أخرجها إسحاق في "مسنده" عن زكريا ابن عدي، عن [عبيد الله بن عمرو] (¬2)، وعن عبد الكريم الجزوي، عن أبي الواصل، عنه. وفي الباب: [4926]- عن ابن عباس أخرجه ابن ماجه (¬3) أو في إسناده زمعة بن صالح، وهو ضعيف. [4927]- ورواه أحمد (¬4) وأبو داود (¬5) وابن ماجه (¬6) والترمذي (¬7) من حديث علي، وفي إسناده مجالد، وفيه ضعف، وقد صحَّحه ابن السَّكَن، وأعله الترمذي، وقال: رُوي عن مجالد، عن الشعبي، عن جابر، وهو وهم. [4928]- ورواه أحمد (¬8) وإسحاق والبيهقي (¬9) والبزار (¬10) وابن أبي حاتم في ¬
"العلل" (¬1) والترمذي في "العلل" (¬2) من حديث أبي هريرة (¬3)، وحسّنه البخاري. [4929]- ورواه ابن ماجه (¬4)، والحاكم (¬5) من حديث الليث، عن [مشرح] (¬6) بن هاعان، عن عقبة بن عامر. وأعلّه أبو زرعة وأبو حاتم (¬7) بأن الصواب رواية الليث عن سليمان بن عبد الرّحمن مرسلا. وحكى الترمذي (¬8) عن البخاري أنه استنكره. وقال أبو حاتم (¬9) ذكرته ليحيى بن بكير فأنكره إنكارا شديدًا، وقال: إنّما حدّثنا به اللّيثُ، عن سليمان، ولم يسمع اللّيث من مشرح شيئًا. قلت: ووقع التصريح بسماعه في رواية الحاكم، وفي رواية ابن ماجه عن اللّيث "قال لي مشرح". [4930]- ورواه ابن قانع في "معجم الصحابة" (¬10) من رواية عبيد بن عمير، عن أبيه، عن جده. وإسناده ضعيف. ¬
فائدة
فائدة استدلّوا بهذا الحديث على بطلان النكاح إذا شرط الزّوج أنّه إذا نكحها بانت منه، أو شرط أن يطلّقها، أو نحو ذلك، وحملوا الحديث على ذلك، ولا شكّ أنّ إطلاقَه يَشمل هذه الصّورة وغيرها. [4931]- لكن روى الحاكم (¬1) والطّبراني في "الأوسط" (¬2) من طريق أبي [غسّان] (¬3) عن عمر بن نافع، عن أبيه، قال: جاء رجل إلى ابن عمر فسأله عن رجل طلق امرأته ثلاثةً، فتزوّجها أخ له من غير مؤامرة ليحلّها لأخيه، هل يحل للأوّل قال: لا إلا بنكاح رغبة، كنّا نَعُدّ هذا سفاحًا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقال ابن حزم (¬4): ليس الحديث على عمومه في كل محلِّل؛ إذ لو كان كذلك لَدخل فيه كلّ واهب، وبائع، ومزوِّج، فصحّ أنّه أراد به بعضَ المحلِّلين، وهو من أحلّ حراما لغيره بلا حجة، فتعيّن أن يكون ذلك فيمن شرط ذلك؛ لأنّهم لم يختلفوا في أنّ الزوج إذا لم ينوِ تحليلَها للأوَّل، ونوتْه هي أنّها لا تدخل في اللّعن، فدلّ على أن المعتبَر الشّرط. والله أعلم. 2017 - [4932]- حديث: روي أنّه - صلى الله عليه وسلم - نهى أن تنكح الأمة على الحرّة. ¬
سعيد بن منصور في "السنن" (¬1) عن ابن علية، عمن سمع الحسن بهذا مرسلا. [ورواه] (¬2) البيهقي (¬3) والطبري في "تفسيره" (¬4) بسند متّصل إلى الحسن، واستغربه، من حديث عامر الأحول عنه، وإنما المعروف: رواية عمرو بن عبيد، عن الحسن، وهو المبهم في رواية سعيد بن منصور. 2018 - قوله: ويروى عن علي وجابر موقوفا مثله. [4933]- أما علي؛ فرواه ابن أبي شيبة (¬5) والبيهقي (¬6) عن علي: أنّ الأمَة لا ينبغي لها أن تُزوَّج على الحرّة ... الحديث موقوف، وسنده حسن. وفي لفظ: لا تُنكَح الأمةُ على الحرة. [4934]- وأما جابر، فرواه عبد الرزاق (¬7) من طريق أبي الزبير، أنه سمع جابرًا يقول: لا تُنكَحُ الأمة على الحرّة، وتنكح الحرّة على الأمة. وللبيهقي (¬8) نحوه، وزاد: ومن وجد صداقَ حرّة فلا ينكحنَّ أمةً أبدًا. وإسناده صحيح. وهو عند عبد الرزاق أيضًا مفردا. ¬
2019 - [4935]- حديث: "سُنُّوا بِهِمْ سنَّةَ أَهلِ الْكِتَابِ". يعني المجوس. مالك في "الموطأ" (¬1) والشافعي (¬2) عنه، عن جعفر، عن أبيه، عن عمر، أنه قال: ما أدرى ما أصنع في أمرهم؟ فقال له عبد الرحمن بن عوف: أشهد لَسمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ". قال مالك: يعني في الجزية. وكذا رواه يحيى القطان، عن جعفر، أخرجه أبو عبيد في "كتاب الأموال" (¬3) وهو منقطع؛ لأنّ محمَّد بن علي لم يلق عمر، ولا عبد الرحمن، وقد رواه أبو علي الحنفي، عن مالك عن جعفر، عن أبيه، عن جده. قال الخطيب في "الرواة (¬4) عن مالك": تفرد بقوله "عن جده" أبو علي. قلت: وسبقه إلى ذلك الدارقطني في "غرائب مالك" وهو مع ذلك منقطع؛ لأنّ علي بن الحسين لم يلق عمر، ولا عبد الرّحمن، إلا أن يكون الضّمير في جده يعود على محمّد، فجده حسين سمع منهما، لكن في سماع محمّد من حسين نظر كبير. [4936]- ورواه ابن أبي عاصم في "كتاب النكاح" بسند حسن قال: حدثنا إبراهيم بن الحجّاج، حدثنا أبو رجاء -جارٍ لحمّاد بن سلمة- حدثنا الأعمش، ¬
عن زيد بن وهب قال: كنت عند عمر بن الخطاب فذكر من عنده المجوس، [فوثب عبد الرّحمن بن عوف فقال: أشهد بالله على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لسمعتُه يقول: "إنّما الْمَجُوس] (¬1) طَائِفَةٌ مِن أَهلِ الكِتَاب فَاحْمِلوهمْ عَلَى مَا تَحْمِلُون عَلَيْهِ أهلُ الْكِتَابِ". * قوله: روي عن عبد الرحمن بن عوف أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ غَيرَ نَاكحِي نِسَائِهِمْ، وآكِلِي ذَبَائِحِهِمْ". تقدم دون الاستثناء، لكن: [4937]- روى عبد الرزاق (¬2) وابن أبي شيبة (¬3) والبيهقي (¬4) من طريق الحسن ابن محمَّد بن علي، قال: كتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى مجوس هجر يعرض عليهم الإِسلام، فمن أسلم قُبِل، ومن أصرّ ضُربت عليه الجزية، على أن لا تؤكل لهم ذبيحةٌ، ولا تنكح لهم امرأةٌ. وفي رواية عبد الرزاق: غير ناكحي نسائهم ولا آكلي ذبائحهم. وهو مرسل، وفي إسناده قيس بن الربيع، وهو ضعيف. قال البيهقي (¬5): وإجماع أكثر المسلمين عليه يؤكِّده. ¬
تنبيه
تنبيه (¬1) تَبَيّن أن الاستثناء في حديث عبد الرحمن مدرج، ونقل الحربي الإجماع على المنع، إلَّا عن أبي ثور. ورده ابن حزم (¬2) بأن الجواز ثبت عن سعيد بن المسيب أيضًا، وأخرج ابن أبي شيبة (¬3) من طريقه: جواز التَّسرِّي من المجوس، بإسناد صحيح. وعن عطاء وطاوس وعمرو بن دينار كذلك. 2020 - قوله فيما إذا استبهم الحال: يؤخذ في نكاحهم بالاحتياط، وتقريو الجزية تغليبًا للحقّ، وبذلك حكمت الصحابة في نصارى العرب، وهم بَهْرَاء وتَنوخ وتَغْلِب. كذا قال! والمنقول عن كثير من الصحابة خلاف ذلك: [4938]- قال ابن أبي شيبة (¬4): حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: كلوا ذبائحَ بني تغلب، وتزوّجوا نساءَهم، فإن الله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}، فلو لم يكونوا منهم إلَّا بالولاية ¬
لكانوا منهم (¬1). [4939]- وقال البخاري (¬2): قال الزهري: لا بأس بذبيحة نصارى العرب، وإن سمعتَه يسمِّي لغير الله فلا تأكل، وإن لم تسمعه فقد أحلّه الله لك، وعلم كُفْرَهم. انتهى. وهذا وصله عبد الرزاق (¬3). [4940]- نعم فيه (¬4) من طريق إبراهيم النخعي، عن علي، أنه: كان يكره ذبائح نصارى بني تغلِب ونساءَهم، ويقول: هم من العرب. [4941]- وعن جابر بن زيد أحد التّابعين نحوه. [4942]- وروى الشافعي (¬5) -بإسنادٍ صحيح- عن علي قال: لا تأكلوا ذبائح نصارى بني تغلب. نعم أخذ الصحابة الجزية من نصارى بني تغلِب وغيرهم، كما سيأتي في "الجزية"، وإنما تكلّمنا على التّفصيل الّذي ذكره، فظاهر كلامه: أنهم أخذوا منهم الجزيةَ، ومنعوا من ذبائحهم، وفيه ما ذكرنا. 2021 - [4943]-[حديث] (¬6): "من بدَلَّ دِينَه فَاقتلوه". ¬
البخاري في "صحيحه" (¬1) من حديث ابن عَبّاس في قصّةٍ. [4944]- حديث الحكم بن عتيبة: أجمع الصَّحابة على أن لا ينكح العبد أكثر من اثنتين. ابن أبي شيبة (¬2) والبيهقي (¬3) من طريقه. [4945]- وروى الشافعي (¬4) عن عمر قال: ينكح العبد امرأتين. [4946]- ورواه عن علي وعبد الرحمن بن عوف (¬5). قال الشافعي: ولا يعرف لهم من الصحابة مخالفٌ. [4947]- وأخرجه ابن أبي شيبة (¬6) عن عطاء، والشعبي، والحسن، وغيرهم. 2022 - [4948]- حديث علي: مَن وطيء إحدى الأختين فلا يطأ الأخرى حتى يخرج الموطوءةَ عن ملكة. موقوف، ابن أبي شيبة (¬7): حدثنا ابن المبارك، عن موسى بن أيوب، عن عمّه إياس بن عامر، عن علي قال: سألته عن رجل له أمتان أختان، وطيء ¬
إحداهما، ثم أراد أن يطأ الأخرى؟ قال: لا حَتّى يخرجها عن ملكه. قلت: فإن زوّجها عبدَه؟ قال: لا حتى يُخرجها عن ملكه. زاد ابن عبد البر في "الاستذكار" (¬1) من طريق أبي عبد الرحمن المقري، عن موسى: أرأيت إن طلّقها زوجها، أو مات عنها، أليس ترجع إليك؟ لأن تَعتقها أسلمُ لك. قال: ثمّ أخذ عليّ بيدي، فقال: إنه يحرم عليك مما ملكت يمينك ما يحرم عليك من الحرائر إلا العدد. [4949]- وروي عن علي: أنّه سُئل عن ذلك؟ فقال: أحلَّتهما آيةٌ وحَرّمتهما آية. أخرجه البزار (¬2) وابن أبي شيبة أيضا (¬3) وابن مردويه، من طرق عنه، والمشهور أنّ المتوقِّف فيه عثمان أخرجه مالك (¬4) عن الزهري، عن قبيصة عنه. وفيه: أنّه لقي رجلًا فقال لو كان لي من الأمر شيء لجعلته نكالًا. قال الزهري: أراه علي بن أبي طالب. [4950]- وروى عبد الرزاق (¬5) عن معمر، عن الزهريّ، عن عبيد الله قال: سأل رجل عثمان ... فذكره، وصرح به عليٌّ. وفي الباب: ¬
[4951]- عن ابن مسعود، أخرجه ابن أبي شيبة (¬1) من طريق ابن سيرين، عنه قال: يحرم من الإماء ما يحرم من الحرائر إلا العدد. وإسناده منقطع، وفيه أيضا [عبدة] (¬2) عن عمّار، وعن النّعمان بن بشير وابن عمر، وجماعةٌ من التَّابعين. 2023 - [4952]- حديث ابن عباس في قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ} [الآية] (¬3). ابن أبي حاتم وغير واحد في التفسير (¬4) من طريق معاوية بن صالح، عن علي ابن أبي طلحة، عنه. 2024 - [4953]- حديث: أنّ الصّحابة تزوجوا الكتابيات ولم يبحثوا. البيهقي (¬5) عن عثمان أنه نكح ابنة الفرافصة الكلبية -وهي نصرانيّة- على نسائه، ثمّ أسلمت على يديه. ¬
[4954]- وله (¬1) عن حذيفة: أنه تزوج كتابية. [4955]- وفي رواية له (¬2): أنّ عمر أمره أن يفارقها. [4956]- وفي رواية له (¬3): أن حذيفة كتب إليه؛ أحرام هو؟ قال: لا. [4957]- وروى الشافعي (¬4) عن جابر: أنّه سئل عن ذلك فقال تزوجناهن في زمن الفتح بالكوفة مع سعد بن أبي وقاص. فذكر قصّة وفيها: نساؤُهم لنا حِلّ ونساؤنا عليهم حرام. ورواه ابن أبي شيبة بنحوه (¬5). [4958]- وروى البيهقي (¬6) من حديث هبيرة، عن علي: تزوج طلحة يهوديّةً. ورواه ابن أبي شيبة (¬7) بلفظ: تزوج رجلٌ من الصّحابة. [4959]- وروي أيضا (¬8) بسند لا بأس به، عن شقيق قال: تزوج حذيفة امرأة يهوديَّةً فكتب إليه عمر خَلِّ سبيلَها، فكتب إليه: إن كانت حرامًا فعلتُ. فكتب عمر: إني لا أزعم أنها حرام لكن أخاف (¬9) أن تكون مومسةً. ¬
فائدة
[4960]- وفي البيهقي (¬1) عن أبي الحويرث: أنّ طلحة نكح امرأَةً من كلب (¬2) نصرانيّة. فائدة قال أبو عبيد: نكاح الكتابيات جائز بالإجماع، إلا عن ابن عمر. 2025 - [4961]- حديث علي: أنّه كان للمجوس كتابٌ فأصبحوا وقد أسري به. الشافعي (¬3) عن سفيان، عن سعيد بن المرزبان، عن نصر بن عاصم قال: قال فروة بن نوفل: عَلَامَ تؤخذ الجزية من المجوس، وليسوا بأهل كتاب (¬4)؟ فذكر القصة في إنكار المستورد عليه ذلك، وفيها: فقال علي: أنا أعلم النّاس بالمجوس، قال لهم علم يعلمونه، وكتاب يدرسونه، وان ملكهم سَكِر فوقع على ابنته، أو أخته، فاطلع عليه بعض أهل مملكته، فلما أصبح جاءوا ليقيموا عليه الحد فامتنع منهم، فدعا أهل مملكته فقال: تعلمون دينا خيرا من دين آدم قد كان آدم يُنكِحُ بنيه من بناته، فأنا على دين آدم، وما يرغب بكم عن دينه، [فتايعوه] (¬5) على ذلك، وقاتلوا من خالفهم؛ فأصبحوا وقد أسري على كتابهم ¬
فرفع من بين أظهرهم، وذهب العلم الذي في صدورهم، وهم أهل كتاب، وقد أخذ رسول الله منهم الجزية. قال ابن خزيمة: وهم فيه ابن عيينة فقال: "نصر بن عاصم" وإنما هو "عيسى ابن عاصم" قال: وكنت أظن أن الخطأ من الشّافعي إلى أن وجدت غيره قد تابعه عليه، وقد رواه محمَّد بن فضيل، والفضل بن موسى، عن سعيد بن المرزبان، عن عيسى بن عاصم. قال الشافعي: وحديث علي هذا متصل، وبه نأخذ. وهذا كالتوثيق منه لسعيد بن المرزبان، وهو أبو سعد البقال، وقد ضعّفه البخاريّ (¬1) وغيره (¬2). وقال يحيى القطان: لا أستحلّ الرِّواية عنه، ثم هو بعد ذلك منقطع؛ لأنّ الشّافعي ظنّ أن الرِّواية [متقنة، وأنها] (¬3) عن نصر بن عاصم، وقد سمع من علي، وليس كذلك وإنما هي عن عيسى بن عاصم، كما بيناه. وهو لم يلق عليًّا ولم يسمع منه، ولا ممن دونه، كابن عباس وابن عمر. نعم له شاهد يعتضد به: [4962]- أخرجه عبد بن حميد في "تفسيره" عن الحسن الأشيب عن يعقوب القمّي، عن جعفر بن [أبي] (¬4) المغيرة، عن عبد الرحمن بن أبزى، قال: قال ¬
علي كان المجوس أهل كتاب، وكانوا متمسكين به، فذكر القصة. وهذا إسناد حسن. وحكى ابن عبد البر (¬1) عن [أبي] (¬2) عبيد أنه قال: لا أرى هذا الأثر محفوظا. قال ابن عبد البر: وأكثر أهل العلم يأبون ذلك، ولا يصححون هذا الحديث، والحجة لهم قوله تعالى: {أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا ...} الآية. **** ¬
باب نكاح المشركات
باب نكاح المشركات 2026 - [4963]- حديث: أنّ عكرمة ابن أبي جهل وصفوان بن أمية هربا كافرين إلى السّاحل [حين] (¬1) فتح مكة، وأسلمت امرأتاهما بمكة، وأخذا الأمان لزوجيهما، فقدما وأسلما، فرد النبي - صلى الله عليه وسلم -[امرأتيهما] (¬2). مالك في "الموطأ" (¬3) عن ابن شهاب، أنه بلغه أنّ نساء في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره مطولا، لكن ليس فيه: أن امرأة صفوان هي التي أخذت له الأمان. [4964]- نعم روى ابن سعد في "الطبقات" (¬4) عن معن بن عيسى، حدثنا مالك، عن الزهري: أن صفوان (¬5) بن أمية أسلمت امرأته ابنة الوليد بن المغيرة زمن الفتح فلم يفرق النبي - صلى الله عليه وسلم - بينهما، [واستمرت] (¬6) عنده حتى أسلم صفوان، وكان بين إسلامهما نحو من شهر. [4965]- وبهذا السند (¬7): أن أم حكيم بنت الحارث بن هشام كانت تحت ¬
عكرمة بن أبي جهل فأسلمت يوم الفتح بمكة، وهرب زوجها عكرمة بن أبي جهل، حتى قدم اليمن، [فارتحلت] (¬1) إليه امرأته، ودعته إلى الإِسلام، فأسلم، وقدم وبايع، وثبتا على نكاحهما. [4966]- وفي "صحيح البخاري" (¬2) عن ابن عباس: كان المشركون على منزلتين من النبي - صلى الله عليه وسلم -، والمؤمنين (¬3) كانوا مشركي أهل حرب، يقاتلهم ويقاتلونه، ومشركي أهل عهد لا يقاتلهم ولا يقاتلونه، وكان (¬4) إذا هاجرت امرأة من أهل الحرب لم تخطب حتى تحيض وتطهر، فإذا طهرت حلّ لها النّكاح، فإن هاجر زوجها قبل أن تنكح رُدّت إليه. 2027 - [4967]- حديث: أنّ أبا سفيان وحكيم بن حزام أسلما بِمَرِّ الظّهران -وهو معسكر المسلمين- وامرأتاهما بمكّة، وهي يومئذ دار حرب، ثم أسلما بعد، فأقر النكاح. البيهقي (¬5) عن الشافعي، عن جماعة من أهل العلم من قريش، وأهل المغازي، وغيرهم، عن عدد مثلهم: أن أبا سفيان أسلم بِمَرّ الظهران، وامرأته هند بنت عتبة كافرة بمكّة، ومكة يومئذ دار حرب، وكذلك حكيم بن حزام. ورواه المزني عن الشافعي بنحوه في "السنن". ¬
2028 - [4968]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لفيروز الديلمي وقد أسلم على أختين: "اخْتَرْ إِحداهما". الشّافعي (¬1) وأحمد (¬2) وأبو داود (¬3) والترمذي (¬4) وابن ماجه (¬5) وابن حبان (¬6) من حديثه، وصححه البيهقي (¬7) وأعله العقيلي (¬8) وغيره. 2029 - [4969]- حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "وُلِدْت مِن نِكَاح، لا مِن سِفَاح". الطبراني (¬9) والبيهقي (¬10) من طريق أبي الحويرث، عن ابن عباس، وسنده ضعيف. [4970]- ورواه الحارث بن أبي أسامة، ومحمد بن سعد (¬11) من طريق عائشة، ¬
تنبيه
وفيه الواقدي. [4971]- ورواه عبد الرزاق (¬1) عن ابن عيينة، عن جعفر بن محمَّد، عن أبيه مرسلا، بلفظ: "إنّي خَرَجْتُ مِن نِكَاحٍ، وَلَم أَخْرُجْ مِن سِفَاحٍ". ووصله ابن عدي (¬2) والطّبراني في "الأوسط" (¬3) من حديث علي بن أبي طالب، وفي إسناده نظر. [4972]- ورواه البيهقي (¬4) من حديث أنس. وإسناده ضعيف. تنبيه ذكر الزّبير بن بكار (¬5) وغيره: أنّ كنانة بن خزيمة بن مدركة خَلف على زوجة أبيه خزيمة بعد موته، فولدت له ابنه النضر، واسمها بَرّة بنت أد بن طابخة. فحكى السهيلي عن ابن العربي: أنّ هذا كان جائزا قبل الإِسلام، وهو نكاح المقت، كنكاح الأختين معا. انتهى. وليس هذا برافع للإشكال على الحديث السّابق. وادعى الجاحظ: أن برّة لم تلد لكنانة ذكرًا ولا أنثى، وأن ابنه النضر من برّة بنت مُرّ بن أد، وهي بنت أخي برّة بنت أد، قال: ومن ثَمّ اشتبه على الناس ذلك. قلت: فإن صح ما ذكره أزال الإشكال. ¬
* حديث: أن غيلان أسلم على عشر (¬1) نسوة، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أَمْسِكْ أَرْبَعًا مِنْهُنَّ وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ". تقدم. * حديث: نوفل بن معاوية في المعنى. تقدّم أيضًا. * قوله: روي في قصّة فيروز الدّيلمي: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: "طلِّق أيّتهما شئتَ". تقدم. وهو لفظ أبي داود (¬2)، وابن حبان (¬3)، وغيرهما. **** ¬
باب مثبتات الخيار
باب مثبتات الخيار * حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - تَزَوَّج بامرأةٍ، فلما دخلت عليه رأى بكشحها وضحًا، فردّها إلى أهلها وقال: "دَلَّسْتُمْ عَلَيَّ". أبو نعيم في "الطب" والبيهقي (¬1) هن حديث ابن عمر بهذا اللفظ. وقد تقدّم في "الخصائص"، وفيه اضطراب كثير على جميل بن زيدٍ راويه. 2030 - [4973]- قوله: روي عن عمر أيّما رجل تزوّج امرأةً وبها جنون أو جذام أو بوص، فمسّها، فلها صداقها، وكذلك لزوجها غُرْم على وليِّها. سعيد بن منصور، عن هشيم، عن يحيى بن سعيد، عن ابن المسيب، عنه، بنحوه، وهو في "الموطأ" (¬2) عن يحيى. وعند الشافعي (¬3) عن مالك، وعند ابن أبي شيبة (¬4) عن ابن إدريس، عن يحيى. وفي الباب: [4974]- عن عليّ، أخرجه سعيد أيضًا. ¬
2031 - [4975]- حديث: أن بَريرة أعتقت فَخَيّرها النّبي - صلى الله عليه وسلم -، فاختارت نفسها، ولو كان حرًّا لم يخيرها. النسائي (¬1) وابن حبان (¬2) والطحاوي (¬3) وابن حزم (¬4) من حديث عائشة، بهذا. قال الطحاوي: يحتمل أن يكون من كلام عروة. قلت: وقع التصريح بذلك في "سنن النسائي". وقال ابن حزم (¬5): يحتمل أن يكون ذلك من كلام عائشة أو من دونها. والتخيير ثابت في "الصحيحين" (¬6) من حديث عائشة أيضًا من طرق. [4976]- وفي "الطبقات" (¬7) لابن سعد عن عبد الوهاب بن عطاء، عن داود ابن أبي هند، عن عامر الشعبي: أنّ النّبي - صلى الله عليه وسلم - قال لبريرة لما أعتقت: "قَد عتَقَ بُضْعُكِ مَعَكِ، فَاخْتَارِي". هذا مرسل، ووصله الدارقطني (¬8) من طريق أبان بن صالح، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة. ¬
2032 - قوله: وكان زوجها على ما روي عن عائشة، وابن عمر، وابن عباس عبدًا. [4977]- أمّا رواية عائشة؛ فرواها مسلم (¬1) من حديث عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عنها. وعنده (¬2)، وعند النسائي (¬3)، من طريق يزيد بن رومان، عن عروة، عنها: كان زوج بريرة عبدًا، وقد اختلف فيه على عائشة. فروى الأسود بن يزيد عنها: أنّه كان حرًّا. قال إبراهيم بن أبي طالب (¬4): خالف الأسود النّاس. وقال البخاري (¬5): هو من قول الحكم، وقول ابن عباس: أنه كان عبدًا أصحّ. وقال البيهقي (¬6): روينا عن القاسم، وعروة، ومجاهد، وعمرة، كلّهم عن عائشة: أنّه كان عبدًا. وروى شعبة عن عبد الرحمن بن القاسم: أنّه قال: ما أدري أَحُرّ أم عَبد. ورواه البيهقي (¬7) عن سماك، عن عبد الرحمن بن القاسم، فقال: كان عبدًا. [4978]- وكذا رواه أسامة بن زيد، عن القاسم، عن عائشة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لَها: "إنْ شِئْتِ أَن تَثْوِيَ تَحْتَ الْعَبْدِ". ¬
قال المنذري (¬1): روي عن الأسود أنه قال: كان عبدًا. فاختلف فيه عليه، مع أنّ بعضهم يقول (¬2): "قوله: كان حرًّا" من قول إبراهيم. وقيل: من قول الحكم. [4979]- وأما رواية ابن عمر؛ فرواها الدارقطني (¬3) والبيهقي (¬4) من حديث نافع عن ابن عمر، قال: كان زوج بريرة عبدًا. وفي إسناده ابن أبي ليلى. [4980]- وقد رواه البيهقي (¬5) من رواية نافع، عن صفية بنت أبي عبيد، وإسناده أصح. وهو في النسائي (¬6) أيضا. [4981]- وأمّا رواية ابن عباس، فرواها البخاري (¬7) من رواية القاسم بن محمَّد، عنه: أنّ زوج بريرة كان عبدًا، يقال له: مغيث، كأني أنظر إليه يطوف خلفها يبكي ... الحديث. ورواه أحمد (¬8) وأبو داود (¬9) والترمذي (¬10) والطّبراني (¬11). ¬
[4982]- وفي رواية للتّرمذي (¬1): أن زوج بريرة كان عبدًا أسودَ لبني المغيرة يوم أعتقت. * حديث: أنّ زوج بريرة كان يطوف خلفها ويبكي .. الحديث. أحمد والبخاري وغيرهما، من حديث ابن عباس، وقد تقدم. 2033 - [4983]- حديث: أنه قال لبريرة: "إنّ كَانَ قَرُبَكِ فلَا خِيَارَ لَكِ". أبو داود (¬2) عن عائشة بهذا، والبزار من وجه آخر عنها. 2034 - [4984]- قوله: وعن حفصة مثل ذلك. مالك في "الموطأ" (¬3) عن ابن شهاب، عن عروة: أنّ مولاة لبني عدي يقال لها زبراء، أخبرته أنّها كانت تحت عبدٍ وهي أمة نوبية، فعتقت، قالت: فأرسلتُ إلى حفصة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -، فدعتني فقالت: إنّي مخبِرَتُكِ خبرًا ولا أحب أن تصنعي شيئًا، إن أمرك بيدك ما لم يمسك زوجك. قالت: ففارقته. 2035 - [4985]- حديث: أن عمر أجّل العنّين سنة. البيهقي (¬4) من رواية ابن المسيب، عنه. ¬
2036 - قوله: وتابعه العلماء عليه. [4986، 4987]- نقله البيهقي (¬1) عن علي، والمغيرة، وغيرهما. [4988]- وكذا أخرجه ابن أبي شيبة (¬2) عنهما، وعن ابن مسعود. **** ¬
تنبيه
الفصل الخامس 2037 - [4989]- قوله: والإتيان في الدبر حرام؛ لما روي أنّه سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فقال: "في أيّ الْخُرْبَتَينِ؛ أَمِنْ دُبُرِهَا في قُبُلِهَا فنعم، أَو مِن دُبُرِهَا في دُبُرهَا فَلاَ، إنّ الله لا يَستحيي من الحقِّ، لا تأتوا النّساءَ في أَدْبَارِهِنَّ". قال: والْخُرْبَة: الثُّقبة. الشّافعي (¬1) من حديث خزيمة بن ثابت: أنّ رجلًا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن إتيان النساء في أدبارهن -أو إتيان الرجل امرأته في دبرها-؟ فقال: "حَلَالٌ". فَلَمَّا الرجل وَلَّى دعاه أو أمر به فدعي، فقال: "كيف قلتَ؟ في أيِّ الْخُرْبَتين- أو في أَيِّ الْخُرْزَتَيْنِ، أَو في أيّ الْخَصَفَتَيْنِ؛ أَمِنْ دُبُرِهَا في قُبُلِهَا فَنَعَمْ، أَمْ مِنْ دُبُرِهَا في دُبُرِهَا فَلاَ، إنّ الله لا يَسْتَحْيي مِن الْحَقِّ لاَ تَأْتُوا النِّسَاءَ في أَدْبَارِهِنَّ". تنبيه الْخُربتَيْن: تثنية خُربة -بضمّ المعجمة وسكون الرّاء بعدها موحّدة. والْخُرْزَتَيْن تثنية خُرزَة بوزن الأولى لكن بزاي، بدل الموحدة. والْخَصَفَتَيْن: تثنية خَصَفَة بفتحات والخاء معجمة أيضًا والصاد مهملة، بعدها فاء. وقال الخطابي (¬2): كلّ ثقب مستديرة خُرْبَة، والجمع خُرَب -بضمةٍ ثمّ فتحٍ. ¬
وقال الأزهري (¬1): أراد بالخربتين: المسلكين. وقال ابن داود: خرب الفاس ثقبه الذي فيه النصاب، والخرزتين تثنية خرزة، وهي الثقب (¬2) الذي يثقبه الخرَّاز، [ليخرز] (¬3)، كَنَى به عن المأتي. والخصفتين: تثنية خَصفة من قولك: خصفت الجلد على الجلد إذا خرزته مطابقًا (¬4). وفي هذا الإسناد عمرو بن أحيحة (¬5) وهو مجهول الحال، واختلف في إسناده اختلافا كثيرا، وقد أطنب النسائي في تخريج طرقه، وذكر الاختلاف فيه، وهو من رواية عبد الله بن علي بن السائب، يرويه عنه: محمّد بن علي بن شافع، ورواه عن محمَّد بن علي: الشّافعِيُّ الإمامُ، وابن عمِّه إبراهيم بن محمَّد بن العباس. [4990]- وقد روى الدارقطني في "فوائد أبي الطاهر الذهلي" من طريق إبراهيم بن محمَّد هذا، عن محمَّد بن علي، قال: جاء رجل إلى محمَّد بن كعب فسأله عن هذه المسألة؟ فقال: هذا شيخُ قريشٍ فاسأله -يعني: عبد الله بن علي بن السّائب- فسأله فقال عبد الله: اللهم قَذِرًا ولو كان حلالًا. انتهى. ¬
وقد اختلف فيه على عبد الله بن السائب، فرواه النسائي (¬1) من طريق بن وهب، عن سعيد بن أبي هلال، عن عبد الله بن علي بن السائب، عن حصين ابن محصن، عن هرمي بن عبد الله، عن خزيمة بن ثابت. ومن طريق هرمي أخرجه أحمد (¬2) والنسائي وابن حبان (¬3). وهرمي لا يعرف حاله أيضا. وقد قال الشافعي: غلط ابن عيينة في إسناد حديث خزيمة -يعني حيث رواه. وقال البزار (¬4): لا أعلم في الباب حديثًا صحيحًا؛ لا في الحظر، ولا في الإطلاق، وكلما روى فيه عن خزيمة بن ثابت من طريق فيه؛ فغير صحيح. انتهى وكذا روى الحاكم، عن الحافظ أبي علي النيسابوري، ومثله عن النسائي. [وقاله] (¬5) قبلهما البخاري. 2038 - [4991]- قوله: وعن أبي هريرة: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَلْعُونٌ مَن أَتَى امْرَأَةً في دُبُرِهَا". أحمد (¬6) وأبو داود (¬7) وبقية أصحاب السنن (¬8) من طريق سهيل بن أبي صالح، ¬
عن الحارث بن مخلد، عن أبي هريرة مرفوعًا. لفظ أبي داود والنسائي وابن ماجه: "لاَ يَنْظُرُ الله يَومَ الْقِيَامَةِ إِلَى رَجُلٍ أَتَى امْرَأَتَه في دُبُرِهَا". وأخرجه البزار، وقال: الحارث بن مخلد ليس بمشهور. وقال ابن القطان (¬1): لا يُعرف حاله. وقد اختلف فيه على سهيل؛ فرواه إسماعيل بن عياش، عنه، عن محمّد بن المنكدر، عن جابر، أخرجه الدارقطني (¬2) وابن شاهين. ورواه عمر مولى غفرة، عن سهيل، عن أبيه، عن جابر، أخرجه ابن عدي (¬3) وإسناده ضعيف. ولحديث أبي هريرة طريقٌ أخرى أخرجها، أحمد (¬4) والترمذي (¬5) من طريق حماد بن سلمة، عن حكيم الأثرم، عن أبي تميمة، عن أبي هريرة بلفظ: "مَن أَتَى حَائضًا أَو امْرَأةً في دُبُرهَا أَوْ كَاهِنًا فَصَدَّقَه بما يَقُول فَقَدْ كَفَرَ بِما أُنزِل عَلى مُحَمَّد". قال الترمذي: غريب لا نعرفه إلا من حديث حكيم. وقال البخاري (¬6): لا يعرف لأبي تميمة سماع من أبي هريرة. ¬
وقال البزار: هذا حديث منكر، وحكيم لا يحتج به، وما [تفرد] (¬1) به فليس بشيء. وله طريق ثالث أخرجها النّسائي (¬2) من رواية الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. قال حمزة الكناني الرّاوي عن النسائي (¬3): [هذا] (¬4) حديث منكر (¬5)، ولعل عبد الملك بن محمّد الصنعاني سمعه من سعيد بن عبد العزيز بعد اختلاطه، قال: وهو باطل من حديث الزّهريّ، [و] (¬6) المحفوظ: عن الزهريّ، عن أبي سلمة: أنّه كان ينهى عن ذلك. [انتهى] (¬7). وعبد الملك قد تكلم فيه دُحَيْم، وأبو حاتم وغيرهما. وله طريق رابعة؛ أخرجها النّسائي أيضا (¬8) من طريق بكر بن [خنيس] (¬9)، عن ليث، عن مجاهد، عن أبي هريرة بلفظ: "مَن أَتَى شَيْئًا مِنَ الرّجَال أو النِّسَاء في الأَدْبَارِ فَقَدْ كَفَر". و [بكر] (¬10) وليث ضعيفان. وقد رواه الثوري عن ليث ¬
بهذا السّند موقوفا، ولفظه: إتيان الرّجال والنِّساء في أدبارهن كفرٌ. وكذا أخرجه أحمد (¬1) عن إسماعيل، عن ليث، والهيثم بن خلف، في "كتاب ذم اللواط" من طريق محمّد بن فضيل، عن ليث. وفي رواية: "مَن أَتَى امْرَأَتَهُ في دُبِرِهَا فَتِلْكَ كَفْرَةٌ (¬2) ". وله طريق خامسة (¬3) رواها عبد الله بن عمر بن أبان، عن مسلم بن خالد الزنجي، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، بلفظ: "مَلْعُونٌ مَنْ أَتَى النسَاءَ في أَدْبَارِهِن". ومسلم فيه ضعف، وقد رواه يزيد بن أبي حكيم عنه، موقوفًا. وفي الباب: [4992]- عن ابن عباس أخرجه الترمذي (¬4) والنسائي (¬5) وابن حبان في صحيحه (¬6) وأحمد (¬7) والبزار من طريق كريب، عن ابن عباس. قال البزار: لا نعلمه يروى عن ابن عباس بإسناد أحسن من هذا، تفرد به أبو ¬
خالد الأحمر، عن الضحاك بن عثمان، عن مخرمة بن سليمان، عن كريب. وكذا قال ابن عدي (¬1). [ورواه] (¬2) النسائي (¬3) عن هناد، عن وكيع، عن الضحاك، موقوفا، وهو أصح عندهم من المرفوع. [4993]- وعن ابن عباس من طريق أخرى موقوفة، رواها عبد الرزاق (¬4) عن معمر، عن [ابن] (¬5) طاوس، عن أبيه: أنّ رجلًا سأل ابن عبّاس، عن إتيان المرأة في دبرها، فقال: تسألني عن الكفر؟! وأخرجه النسائي (¬6) من رواية ابن المبارك، عن معمر، وإسناده قويّ. وسيأتي له طريق أخرى بعد قليل. وفي الباب أيضا: [4994]- عن عليّ بن طلق أخرجه الترمذي (¬7) والنسائي (¬8) وابن حبان (¬9) بلفظ: "إنَّ الله لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ لاَ تَأْتُوا النسَاءَ في أَعْجَازِهِنَّ". ¬
[4995]- وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده، أخرجه أحمد (¬1) بلفظ: سئل عن الرّجل يأتي المرأة في دُبرها؟ فقال: "هِي اللّوطِيَّةُ الصُّغْرَى". وأخرجه النسائي أيضا (¬2) وأعله، والمحفوظ: عن عبد الله بن عمرو من قوله، كذا أخرجه عبد الرّزاق (¬3) وغيره. [4996]- وعن أنس؛ أخرجه الإسماعيلي في "معجمه" (¬4) وفيه يزيد الرقاشي، وهو ضعيف. [4997]- وعن أبي بن كعب؛ في "جزء [الحسن] (¬5) بن عرفة" (¬6) بإسناد ضعيف جدًّا. [4998]- وعن ابن مسعود؛ عند ابن عدي (¬7) بإسناد واهٍ. [4999]- وعن عقبة بن عامر؛ عند أحمد (¬8)، وفيه ابن لهيعة. ¬
[5000]- وعن عمر؛ أخرجه النّسائي (¬1) والبزار (¬2) من طريق زمعة بن صالح، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن الهاد (¬3)، عن عمر. وزمعة ضعيف. وقد اختلف عليه في وقفه ورفعه. 2039 - قوله: وحكى ابن عبد الحكم، عن الشّافعي أنه قال: لم يصحّ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تحريمه ولا في تحليله شيء، والقياس أنّه حلال. قلت: هذا سمعه ابن أبي حاتم من محمّد (¬4)، وكذلك الطّحاوي (¬5). وأخرجه عنه ابن أبي حاتم في "مناقب الشافعي" (¬6) له وأخرجه الحاكم في "مناقب الشافعي" عن الأصم، عنه. وأخرجه الخطيب عن أبي سعيد بن موسى، عن الأصم. وروى الحاكم (¬7) عن نصر بن محمَّد المعدّل، عن محمَّد بن القاسم بن شعبان الفقيه، قال: حدثنا الحسن بن عياض، ومحمّد بن أحمد بن حماد، قالا: ¬
حدثنا محمَّد بن عبد الله -يعنيان ابنَ عبد الحكم، قال: قال الشافعي كلامًا كلَّم به محمّد بن الحسن في مسألة إتيان المرأة في دبرها، قال: سألني محمّد بن الحسن، فقلت له: إن كنت تريد المكابرة وتصحيح الرّوايات وإن لم تصح، فأنت أعلم، وإن تكلّمت بالمناصفة كلَّمتُك. قال: على المناصفة. قلت: فبأي شيء حَرَّمته؟ قال: بقول الله عَزَّ وَجَل: {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ}، وقال: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}، وَالحرث لا يكون إلَّا في الْفَرْجِ، قلت: أفيكون ذلك محرَّمًا لما سواه؟ قال: نعم. قلت: فما تقول لو وطئها بين ساقيها، أو في أعكانها، أو تحت إبطها، أو أخذت ذكره بيدها؟ أفي ذلك [حرث] (¬1)؟ قال: لا. قلتُ: أفيحرم ذلك؟ قال: لا. قلت: فلم تحتجّ بما لا حجّة فيه. قال: فإن الله قال: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} [الآية] (¬2). قال: فقلت له: إنّ هذا مما يحتجّون به للجواز، إن الله أثنى على من حفظ فرجه من غير زوجته [وما] (¬3) ملكت يمينه. فقلت: أنت [يتحفّظ من زوجته ومما ملكت يمينه] (¬4). قال الحاكم: لعلّ الشّافعي كان يقول بذلك في القديم، فأما في الجديد؛ فالمشهور أنّه حرَّمه. ¬
2040 - قوله: قال الربيع: كذب والله الذي لا إله إلا هو قد نصّ الشافعي على تحريمه في ستَةِ كُتب. هذا سمعه أبو العباس بن الأصمّ من الربيع، وحكاه عنه جماعة، منهم: الماوردي في "الحاوي" (¬1) وأبو نصر بن الصباغ في "الشامل" وغيرهما. وتكذيب الرّبيع لمحمد لا معنى له؛ لأنه لم ينفرد بذلك، فقد تابعه عبد الرّحمن ابن عبد الله أخوه عن الشّافعي، أخرجه أحمد بن أسامة بن أحمد بن أبي السّمح المصري، عن أبيه، قال: سمعت عبد الرحمن، فذكر نحوه عن الشّافعي، وأخرج الحاكم عن الأصمّ عن الربيع، قال: قال الشافعي: قال الله: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} احتملت الآية معنيين: أحدهما: أن تُؤتى المرأةُ [من] (¬2) حيث شاء زوجها؛ لأنّ {أَنَّى شِئْتُمْ} يَأتي بمعنى: أين شئتم. ثانيهما: أن الحرث إنما يراد به النّبات في موضعه دون ما سواه. فاختلف أصحابنا في ذلك، وأحسب كلا من الفريقين تأوّلوا ما وصفتُ من احتمال الآية، قال: فطلبنا الدِّلالَةَ من السنّة فوجدنا حديثَيْن مختلِفَيْن؛ أحدهما ثابتٌ وهو حديث خزيمة في التحريم. قال: فأخذنا به. ¬
2041 - قوله: وفي "مختصر الجويني" أن بعضهم أقام ما رواه -أي ابن عبد الحكم- قولًا. انتهى. وإن كان كذلك فهو قولٌ قديمٌ، وقد رجع عنه الشّافعي كما قال الرّبيع، وهو أولى من إطلاق الرّبيع تكذيب محمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم؛ فإنه لا خلاف في ثقته وأمانته، وإنما اغتر محمّد يكون الشّافعي قصّ له القصّة الّتي وقعت له بطريق المناظرة [بينه وبين محمَّد بن الحسن، ولا شكّ أن العالم في المناظرة يتقلّد القولَ وهو لا يختاره، فيذكر أدلّته إلى أن ينقطع خصمُه، وذلك غير مستنكر في المناظرة] (¬1)، والله أعلم. 2042 - قوله: وروي عن مالك. وقال بعد ذلك: ويعلم قوله الإتيان في الدبر بالميم؛ لما روي عن مالك قال: وأصحابه العراقيون لم يثبتوا الرِّواية. انتهى. قرأت (¬2) في "رحلة ابن الصلاح" أنه نقل ذلك من كتاب "المحيط" للشّيخ أبي محمَّد الجويني، قال: وهو مذهب مالك، وقد رجع متأخرو أصحابه عن ذلك، وأفتوا بتحريمه، إلا أن مذهبه الجواز، قال: وكان عندنا قاضٍ يُقال له أبو واثلة، وكان يرى بجوازه، فرفعت إليه امرأةٌ زوجها، واشتكت منه أنه يطلب منها ذلك، فقال: قد ابتليتِ فاصبري. ¬
وقال القاضي أبو الطيب في "تعليقه" نصّ في "كتاب السر" عن مالك على إباحته. ورواه عنه أهلُ مصر وأهل المغرب. قلت: و"كتاب السر" وقفت عليه في كراسة لطيفة، من رواية الحارث بن مسكين، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن مالك، وهو يشتمل على نوادر من المسائل، وفيها كثير مما يتعلّق بالخلفاء، ولأجل هذا سمي كتابَ السرِّ (¬1)، وفيه هذه المسألة (¬2). وقد رواه أحمد بن أسامة التجيبي، وهذّبه ورتبة على الأبواب، وأخرج له أشباهًا ونظائرَ في كلِّ باب. وروى فيه من طريق معن بن عيسى قال: سألت مالكا عنه؟ فقال: ما أعلم فيه تحريمًا. وقال ابن رشد في كتاب "البيان والتحصيل في شرح العتبية": روى العتبي عن [ابن] (¬3) القاسم، عن مالك أنه قال له. وقد سأله عن ذلك مُخْلِيًا (¬4) به ¬
فقال: حلال، ليس به بأس. قال ابن القاسم: ولم أدرك أحدًا أقتدي به في دين يشكّ فيه، والمدنيّون يروون فيه الرّخصة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. يشير بذلك إلى ما روي عن ابن عمر، وأبي سعيد. أمّا حديث ابن عمر؛ فله طرقٌ رواه عنه نافع، وزيد بن أسلم، وعبيد الله بن عبد الله بن عمر، وسعيد بن يسار، وغيرهم. أمَّا نافع فاشتهر عنه من طرق كثيرة جدًّا، منها: رواية مالك، وأيوب، وعبيد الله بن عمر العمري، وابن أبي ذئب، وعبد الله بن عون، وهشام بن سعد، وعمر بن محمّد بن زيد (¬1)، وعبد الله بن نافع، وأبان بن صالح، وإسحاق بن عبد الله بن أبي فروة. [5001]- قال الدارقطني في "أحاديث مالك التي رواها خارج الموطأ": حدثنا أبو جعفر الأسواني المالكي بمصر، حدثنا محمَّد بن أحمد بن حماد، حدثنا أبو الحارث أحمد بن سعيد الفهري، حدثنا أبو ثابت محمَّد بن عبيد الله (¬2)، حدّثني الدراوردي، عن عبيد الله بن عمر بن حفص، عن نافع قال: قال لي ابن عمر: أمسك على المصحف يا نافع، فقرأ حتى أتى على هذه الآية: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ}، فقال: تدري يا نافع فيم أُنزلتْ هذه الآية؟ قال: قلت لا، قال: فقال لي: في رجل من الأنصار أصاب امرأته في دبرها، فأعظم النّاس ذلك، فأنزل الله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ}. الآية. قال نافع: فقلت لابن عمر: من دبرها في قبلها؟ قال: لا، [إلاّ في] (¬3) دبرها. قال أبو ¬
ثابت: وحدّثني به الدَّراوردي عن مالك، وابن أبي ذئب، وفيهما: عن نافع مثله. وفي تفسير البقرة من "صحيح البخاري" (¬1): [5002]- حدثنا إسحاق، أخبرنا النضر أخبرنا ابن عون، عن نافع، قال: كان [ابن] (¬2) عمر إذا قرأ القرآن لم يتكلم حتى يفرغ منه، قال: فأخذت عليه يومًا، فقرأ سورةَ البقرة، حتى انتهى إلى مكان فقال: تدري فيم أنزلت؟ فقلت: لا. قال: نزلت في كذا وكذا، ثمّ مضى. [5003]- وعن عبد الصمد، حدثني أبي -يعني عبد الوارث- حدثني أيوب، عن نافع، عن ابن عمر في قوله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} قال: يأتيها في ... (¬3). قال: ورواه محمّد بن يحيى بن سعيد، عن أبيه، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع عن ابن عمر، هكذا (¬4) وقع عنده. والرّواية الأولى في "تفسير إسحاق بن راهويه" مثل ما ساق، لكن عين الآية وهي: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} وعَيَّنَ قولَه: "كذا وكذا"، فقال: نزلت في إتيان النساء في أدبارهن. وكذا رواه الطبري (¬5) من طريق بن علية، عن ابن عون. وأمّا رواية عبد الصمد فهي في "تفسير إسحاق" أيضا عنه، وقال فيه: يأتيها ¬
في الدبر. [5004]- وأما رواية محمَّد؛ فأخرجها الطبراني في "الأوسط" (¬1) عن علي ابن سعيد، عن أبي بكر الأعين، عن محمَّد بن يحيى بن سعيد بلفظ: إنما نزلت {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} رخصةً في إتيان الدبر. وأخرجه الحاكم في "تاريخه" من طريق عيسى بن مثرود، عن عبد الرحمن ابن القاسم، ومن طريق سهل بن عمار، عن عبد الله بن نافع. ورواه الدارقطني في "غرائب مالك" من طريق زكريا السّاجي عن محمَّد بن الحارث المدني، عن أبي مصعب. ورواه الخطيب في "الرواة عن مالك" من طريق أحمد بن الحكم العبدي. ورواه أبو إسحاق الثعلبي في "تفسيره" والدارقطني أيضا من طريق إسحاق بن محمّد الفروي. ورواه أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" من طريق محمَّد بن صدقة الفدكي، كلهم عن مالك. قال الدارقطني: هذا ثابت عن مالك. [5005]- وأما زيد بن أسلم؛ فروى النّسائي (¬2) والطبري (¬3) من طريق أبي بكر ابن أبي أويس، عن سليمان بن بلال، عنه، عن ابن عمر: أنّ رجلًا أتى امرأته في دبرها على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فوجد من ذلك [وجدًا] (¬4) شديدًا، ¬
فأنزل الله عَزَّ وَجَلَّ: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} الآية. [5006]- وأمّا عبيد الله بن عبد الله بن عمر، فروى النسائي (¬1) من طريق يزيد ابن رومان، عنه: [أن] (¬2) ابن عمر كان لا يرى به بأسا. موقوف. [5007]- وأما سعيد بن يسار؛ فروى النسائي (¬3) والطحاوي (¬4) والطبري (¬5) من طرق عن عبد الرحمن بن القاسم، قال: قلت لمالك: إنّ عندنا بمصر الليث بن سعد يحدّث عن الحارث بن يعقوب، عن سعيد بن يسار، قال: قلت لابن عمر: إنا نشتري الجواري (¬6) فنحمض (¬7) لهن -والتحميض الإتيان في الدبر- فقال: أفٍّ! أَوَ يَفعل هذا مسلم؟! قال ابن القاسم: فقال لي مالك: أشهد على ربيعة يحدثني (¬8) عن سعيد بن يسار، أنه سأل ابن عمر عنه؟ فقال: لا بأس به. [5008]- وأما حديث أبي سعيد، فروى أبو يعلى (¬9) وابن مردويه في ¬
"تفسيره" والطبري (¬1) والطحاوي (¬2) من طرق، عن عبد الله بن نافع، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري: أن رجلًا أصاب امرأةً في دبرها، فأنكر الناس ذلك عليه، وقالوا: أثفرها (¬3). فأنزل الله عَزَّ وَجَلَّ: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}. ورواه أسامة بن أحمد التجيبي من طريق يحيى بن أيوب، عن هشام بن سعد، ولفظه: كنّا نأتي النّساء في أدبارهنّ، ويسمى ذلك الإثفار، فأنزل الله الآية. ورواه من طريق معن بن عيسى، عن هشام، ولم يسمّ أبا سعيد، قال: كان [رجل] (¬4) من الأنصار ... قلت: وقد أثبت ابن عباس الرواية في ذلك عن ابن عمر، وأنكر عليه في ذلك، وبين أنه أخطأ في تأويل الآية: [5009]- فروى أبو داود (¬5) من طريق (¬6) محمَّد بن إسحاق، عن أبان بن صالح، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: إن ابن عمر -والله يغفر له- أوهم، إنما كان هذا الحي من الأنصار، وهم أهل وثن مع هذا الحي من يهود، وهم أهل كتاب، [و] (¬7) كانوا يرون لهم فضلا عليهم من العلم، فكانوا يقتدون ¬
بكثير من فعلهم، وكان من أمر أهل الكتاب لا يأتون النساء إلا على حرف، وذلك أستر ما تكون المرأة، فكان هذا الحي من الأنصار قد أخذوا بذلك من فعلهم، وكان هذا الحي من قريش يشرحون النساء شرحا منكرا، ويتلذذون منهن مقبلات، ومدبرات، ومستلقيات، فلما قدم المهاجرون المدينة تزوج رجل امرأةً من الأنصار، فذهب يصنع بها ذلك، فأنكرته عليه، وقالت: إنما كنّا نُؤتَى على حرف، فاصنع ذلك وإلا فاجتنبني. فَسرى أمرُهما حتى بلغ ذلك رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فأنزل الله: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} -أي مقبلات، ومدبرات، ومستلقيات، يعني بذلك: موضعَ الولد. وله شاهد من حديث أم سلمة: [5010]- قال الإمام أحمد (¬1): حدثنا عفان، حدثنا وهيب، حدثنا عبد الله ابن عثمان بن خثيم، عن عبد الرحمن بن سابط، قال: دخلت على حفصة بنت عبد الرّحمن فقلت: إنّي سائلكِ عن أمرٍ وأنا أستحيي أن أسألك، قالت: فلا تستحيي يا ابن أخي، قال: عن إتيان النساء، [في أدبارهن؟ فقالت: حدثتني أمّ سلمة قالت: كانت الأنصار لا تجبي، وكانت المهاجرون تجبي] (¬2)، وكانت اليهود تقول: إنه من جَبى امرأتَه كان ولده أحول، فلما قدم المهاجرون المدينة نكحوا في نساء الأنصار، فجبوهن فأبت امرأةٌ أن تطيع زوجَها، وقالت: لن نفعل ذلك حتى آتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فدخلت على أمِّ سلمة فذكرت لها ذلك ¬
تنبيه
فقالت: اجلِسي حتّى يأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استحيت الأنصاريّة أن تسأله، فخرجت، فحدّثت أمُّ سلمةَ رسولَ الله، فقال: "ادعي (¬1) الأنصاريَّة". فدُعيت فتلا عليها هذه الآية: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} صمامًا واحدًا. تنبيه [5011]- روى النّسائي (¬2) من طريق بكر بن مضر، عن يزيد بن الهاد، عن عثمان بن كعب القرظي، عن محمَّد بن كعب القرظي: أنّ رجلا سأله عن المرأة تُؤتى في دبرها، فقال: ابن عباس كان يقول: اسْقِ حرثَك من حيث نباتُه. كذا في بعض النسخ، وفي بعضها: "مِنَ حيث شئت". وكذا حكاه أبو الفضل بن حنزابة، عن محمَّد بن موسى المأموني، عن النسائي، والثانية أشبه بمذهب ابن عباس. [5012]- وروى جابر: أن سبب نزول هذه الآية المذكورة: أن اليهود كانت تقول: إذا أَتى الرّجل امرأته من خَلفها في قُبُلِها جاء الولد أحول، فأنزلها الله تعالى. أخرجه الشيخان في "الصحيحين" (¬3) وغيرهما. وفي رواية آدم (¬4) عن شعبة، عن محمَّد بن المنكدر: سمعت جابر بن عبد ¬
فائدة
الله يقول في قول الله عَزَّ وَجَلَّ: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} قال: قالت اليهود: إذا أن الرّجل امرأته باركةً كان الولدُ أحولَ، فأكذبهم الله عَزَّ وَجَلَّ فأنزل (¬1) {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} يقول: كيف شئتم؛ في الفرج يريد بذلك: موضعَ الولد للحرث، يقول: ائت الحرثَ كيف شئتَ. ومن قوله (¬2): " [يقول] (¬3): كيف شئتم" يحتمل أن يكون من كلام جابر أو من دونه. فائدة ما تقدم نقله عن المالكيّة لم يُنقل عن أصحابهم إلَّا عن ناس قليلٍ، قال القاضي عياض: كان القاضي أبو محمد عبد الله بن إبراهيم الأصيلي يجيزه، ويذهب فيه إلى أنّه غير محرَّم. وصنّف في إباحته محمّد بن سحنون، ومحمّد بن شعبان، ونقلَا ذلك عن جمعٍ كثير من التّابعين. وفي كلام ابن العربي والمازري ما يومي إلى جواز ذلك أيضا. وحكى ابن بزيزة في "تفسيره" عن عيسى بن دينار، أنه كان يقول: هو أحلّ من الماء البارد. وأنكره كثير منهم أصلًا، وقال القرطبي في "تفسيره" (¬4) وابن عطية قبله: لا ينبغي لأحد أن يأخذ بذلك، ولو ثبتت الرواية فيه؛ لأنها من الزلَّات. وذكر الخليلي في "الإرشاد" (¬5) عن ابن وهب: أن مالكًا رجع عنه. ¬
وفي "مختصر ابن الحاجب" عن ابن وهب، عن مالك إنكار ذلك، وتكذيب من نقله عنه. لكن الذي روى ذلك عن ابن وهب غير موثوق به. والصواب ما حكاه الخليلي، فقد ذكر الطّبري، عن يونس بن عبد الأعلى، عن ابن وهب، عن مالك أنه أباحه. وروى الثعلبي في "تفسيره" من طريق المزني قال: كنت عند ابن وهب وهو يقرأ علينا رواية مالك، فجاءت هذه المسألة، فقام رجل فقال: يا أبا محمَّد، ارو لنا ما رَويت. فامتنع أن يروي لهم ذلك، وقال: أحدكم يصحبُ العالِمَ، فإذا تعلم منه لم يوجب له من حقِّه ما يمنعه من أقبح ما يُروى عنه. وأبى أن يروي ذلك. وروي عن مالك كراهته وتكذيب من نقله عنه من وجه آخر؛ أخرجه الخطيب في "الرواة عن مالك" من طريق إسماعيل بن حصن، عن إسرائيل بن روح، قال: سألت مالكًا عنه، فقال: ما أنتم قوم عرب؟! هل يكون الحرث إلا موضعَ الزَّرع. قلت: يا أبا عبد الله إنهم يقولون ذلك، قال: يكذبون [عليّ] (¬1). والعهدة في هذه الحكاية على إسماعيل، فإنه واهي الحديث. وقد روينا في "علوم الحديث" (¬2) للحاكم قال: حدثنا أبو العباس، محمَّد بن يعقوب، حدثنا العباس بن الوليد البيروتي، حدثنا أبو عبد الله بشر بن بكر: ¬
سمعت الأوزاعي، يقول: يجتنب أو يترك من قول أهل الحجاز خمسٌ، ومن قول أهل العراق خمس، من أقوال أهل الحجاز: استماع الملاهي، والمتعة، وإتيان النّساء في أدبارهن، والصّرف (¬1)، والجمع بين الصلاتين بغير عذر، ومن أقوال أهل العراق: شرب النبيذ، وتأخير العصر حتى يكون ظل الشّيء أربعة أمثاله، ولا جمعة إلا في سبعة أمصار، والفرار من الزحف، والأكل بعد الفجر في رمضان. وروى عبد الرزاق (¬2) عن معمر، قال: لو أنّ رجلًا أخذ بقول أهل المدينة في استماع الغناء، وإتيان النساء في أدبارهن، وبقول أهل مكة في المتعة والصرف وبقول أهل الكوفة في المسكر، كان شرَّ عباد الله. وقال أحمد بن أسامة التجيبي أخبرنا أبي، سمعت الرّبيع بن سليمان الجيزي يقول: أخبرنا أصبغ، قال: سئل ابن القاسم عن هذه المسألة وهو في الجامع؟ فقال: لو جُعل لي ملء هذا المسجد ذهبًا ما فعلته. قال: حدثنا (¬3) أبي: سمعت الحارث بن مسكين يقول: سألت ابن القاسم عنه، فكرهه لي، قال: وسأله غيري [فقال] (¬4): كرهه مالك. * حديث: "حَتَّى تَذُوقِي عُسَيلَتَه ... ". تقدم. ¬
2043 - [5013]- حديث: "الْعزلُ هو الْوَأْد الْخَفِيّ". مسلمٌ (¬1) مِن رِوَاية جَدامة بنت وهب في حديثٍ. والظاهر أنّه منسوخ؛ فقد روى أصحاب السنن (¬2) من: [5014]- حديث أبي سعيد، قال: قيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنّ اليهود زعموا: أن العزل الموءودة الصّغرى، فقال: كذبت يهودٌ، لو أراد الله أن يخلقه لم يستطع أن يصرفه. [5015، 5016]- ونحوه للنَّسائي (¬3) عن جابر، وعن أبي هريرة. وجزم الطحاوي (¬4) بكونه منسوخًا، وتُعُقِّبَ. وعكسه ابن حزم (¬5). 2044 - [5017]- حديث جابر: كنا نعزل، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم ينهنَا. مسلم (¬6) باللفظ المذكور، واتفقا عليه (¬7) بلفظ: كنّا نعزل والقرآن ينزل. ¬
2045 - [5018]- حديث: "مَلْعُونٌ مَنْ نَكَحَ يَدَه". الأزدي في "الضعفاء"، وابن الجوزي (¬1) من طريق الحسن بن عرفة في "جزئه المشهور" (¬2) من حديث أنس بلفظ: "سَبْعَةٌ لاَ يَنْظُرُ الله إِلَيْهِمْ ... " فذكر منهم: "النَّاكِح يَدَه". وإسناده ضعيف. [5019]- ولأبي الشيخ في "كتاب الترهيب" من طريق أبي عبد الرحمن الحبلي. [5020]- وكذلك رواه جعفر الفريابي من حديث عبد الله بن عمرو، وفيه ابن لهيعة، وهو ضعيف. 2046 - [5021]- حديث: كان يطوف على نسائه بغُسْلٍ واحدٍ، وهن تِسعٌ. متفق عليه (¬3) من حديث أنس. وفي رواية لأبي نعيم في "معرفة الصحابة" (¬4): [في ضحوة] (¬5). ¬
2047 - حديث ابن مسعود وابن عباس: تستأذن الحرة في العزل. [5022]- أما أثر ابن مسعود؛ فرواه ابن أبي شيبة (¬1) من طريق يحيى بن أبي كثير، عن سوار الكوفي عنه، قال: تستأمر الحرّة، ويعزل عن الأمة. [5023]- وأما أثر ابن عباس، فرواه عبد الرزاق (¬2) والبيهقي (¬3) من طريق عطاء، عنه، قال: نهى عن عزل الحرّة إلَّا بإذنها. ورواه ابن أبي شيبة (¬4) من طريق ابن أبي مليكة، عنه: أنه كان يعزل عن أَمَتِه. [5024]- وفيه: عن ابن عمر، أنه قال: يعزل عن الأمة، وتستأذن الحرة. وعن عمر مثله رواهما البيهقي (¬5) وفيه ابن لهيعة، وهو معروف (¬6). وروي مرفوعًا أخرجه ابن ماجه (¬7) من طريق المحرر بن أبي هريرة، عن أبيه، عن عمر: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن أن يعزل عن الحرّة إلا بإذنها. وفيه ابن لهيعة، قال الدارقطني في "العلل" (¬8): وهم فيه، والصواب: عن الزهري، عن حمزة، عن عمر. ليس فيه ابن عمر. ¬
باب [في وطء الأب جارية ابنه]
باب [في وطء الأب جارية ابنه] (¬1) * حديث عائشة: أنها اشترت بريرة ولها زوج، فأعتقتها، فخيَّرَها النبي - صلى الله عليه وسلم -. تقدم في "مثبتات الخيار". 2048 - [5025]- حديث: "أَنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيكَ". ابن حبان (¬2) من حديث عطاء، عن [عائشة] (¬3) وابن ماجه (¬4) وبقي بن مخلد، والطحاوي (¬5) من طريق يوسف بن أبي إسحاق، عن ابن المنكدر، عن جابر. قال الدارقطني في "الأفراد": غريب من حديث يوسف، تفرّد به عيسى بن يونس. ورواه البزار من طريق هشام بن عروة، عن ابن المنكدر، وقال: إنما يُعرف عن هشام عن ابن المنكدر، مرسلا. وكذا أخرجه الشافعي (¬6)، عن ابن عيينة، ¬
عن ابن المنكدر، مرسلًا. وقال: ابن المنكدر غاية في الفضل و [الثقة] (¬1)، ولكنّا لا ندري عمّن قَبِل حديثه هذا. قال البيهقي (¬2): قد روي من أوجه أخر موصولا لا يثبت مثلها، وأخطأ من وصله عن جابر. وقال ابن أبي حاتم (¬3): عن أبيه نحوه. [5026]- وروى الطبراني في "الصغير" (¬4) من طريق حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل: "أَنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيكَ". وفيه معاوية بن يحيى، وهو ضعيف. وقال ابن (¬5) أبي حاتم (¬6) [عن أبيه] (¬7): إنما هو حمّاد عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، بلفظ: "إنّ أَطْيَبَ ما أَكلَ الرَّجُلُ من كَسْبِهِ، وِإنَّ ابْنَهُ مِنْ كَسْبِهِ". فَأَخْطَأ فيه إسنادًا ومتنًا. انتهى. وحديث الأسود؛ أخرجه أبو داود (¬8) وابن حبان (¬9) والحاكم (¬10) كما سيأتي ¬
في "النفقات". [5027]- وروى ابن أبي حاتم في "العلل" (¬1) من طريق أخرى، عن عائشة مرفوعًا: "إنما أَنْتَ وَمَالُكَ سَهْمٌ مِن كِنَانَتِهِ". ونقل عن أبيه، أنه منكر. وقال الدارقطني: رُوِي موصولًا ومرسلًا، والمرسلُ أصحّ. [5028، 5029]- ورواه الطبراني في "الكبير" (¬2) والبزار (¬3) من حديث ابن عمر، وسمرة بن جندب. وقال العقيلي (¬4) -بعد تخريجه من حديث سمرة (¬5) -: في الباب أحاديث، وفيها لين، وبعضها أحسن من بعض. [5030]- وأخرج أبو يعلى (¬6) حديث ابن عمر أيضا. [5031]- ورواه أحمد (¬7) وأبو داود (¬8) وابن ماجه (¬9) والبزار (¬10) من حديث ¬
مطر، عن عمرو بن شعيب، عن سعيد بن المسيب، عن عمر (¬1). قال البزار (¬2): لا نعلمه يُروى عن عمر إلا من هذا الوجه، وقد رواه غير مطر عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. [5032]- وروى البيهقي (¬3) من طريق قيس بن أبي حازم، قال: حضرت أبا بكر الصّديق، قال له رجل: يا خليفة رسول الله، إن هذا يريد أن يأخذ مالي كلَّه ويجتاحه، فقال له أبو بكر: إنما لَكَ من ماله ما يكفيكَ ... الحديث. وفيه: "أَنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيكَ" مرفوعًا. وفي إسناده المنذر بن زياد الطّائي، متروك. **** ¬
(44) كتاب الصداق
(44) كتاب الصَّدَاق
2049 - [5033]- حديث أنس: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى عبد الرّحمن بن عوف، وعليه رَدع زعفران، فقال: "مَهْيَمْ؟ " قال: تزوجت امرأة من الأنصار، فقال: "مَا أَصْدَقْتَها؟ " فقال: وزن نَواة من ذهب. وفي رواية: على نواة من ذهب. فقال: "بَارَكَ الله لَكَ، أَوْلمْ وَلَوْ بِشَاةٍ". متفق عليه (¬1) وله طرق في "الصحيحين" و"السنن" (¬2). * حديث: إنه قال في الخبر المشهور: "فإنْ مَسَّهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا". تقدم في باب "أركان النكاح". 2050 - [5034]- قوله: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "أدّوا العلائقَ" قيل: وما العلائق؛ قال: "مَا تَرَاضَى بِه الأَهْلُونَ". الدارقطني (¬3) والبيهقي (¬4) من حديث ابن عباس بلفظ: "أَنْكِحُوا الأَيَامَى، ¬
وَأَدُّوا الْعَلَائِقَ ... " الحديث. وزاد في آخره: "وَلَوْ بِقَضِيبٍ مِن أَرَاكٍ". وإسناده ضعيف جدا؛ فإنه من رواية محمّد بن عبد الرّحمن [البيلماني] (¬1)، عن أبيه، عنه. واختلف فيه، فقيل: عنه، عن ابن عمر أخرجه الدارقطني أيضا (¬2) والطبراني (¬3). ورواه أبو داود في "المراسيل" (¬4) من طريق عبد الملك بن المغيرة الطائفي، عن عبد الرحمن بن [البيلماني] (¬5)، مرسلا. وحكى عبد الحقّ أن المرسل أصح. [5035]- ورواه الدارقطني (¬6) من حديث أبي سعيد الخدري، وإسناده ضعيف أيضا. [5036]- وأخرجه البيهقي (¬7) من حديث عمر بإسناد ضعيف أيضا. 2051 - [5037]- حديث: "مَن اسْتَحلَّ بِدِرْهَمَينِ فَقَدِ اسْتَحَلَّ" -أي طلب الحلَّ. ¬
البيهقي (¬1) من رواية يحيى بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة، عن جده، بلفظ: "مَنِ اسْتَحَلَّ بدِرْهَمٍ ... " (¬2). وأخرجه ابن شاهين في "كتاب النكاح" له من طريق جارية بن هزم، عن يحيى، عن أبيه، عن جده بلفظ: "يُسْتَحَلّ النِّكَاحُ بِدِرْهَمَيْن فَصَاعِدًا". وفي الباب: [5038]- عن جابر، أخرجه أبو داود (¬3) بلفظ: "مَن أَعْطَى في صَدَاقِ امْرَأَةٍ سُوَيْقًا أَوْ تَمْرًا فَقَدْ استَحَلَّ". وفي إسناده مسلم بن رومان، وهو ضعيف، وروي موقوفًا وهو أقوى. 2052 - [5039]- حديث أبي سلمة: سألت عائشة ما كان صداق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قالت: كان صداقه لأزواجه اثنتي عشرة أوقيّة ونشًّا، أتدري ما النّشّ؟ قلت: لا. قالت: نصف أوقيّة. مسلم في "صحيحه" (¬4)، واستدركه الحاكم (¬5) فوهم. وفي الباب: ¬
تنبيه
[5040]- عن عمر عند مسلم أيضا (¬1). [5041]-[وعن] (¬2) أم حبيبة عند النسائي (¬3). تنبيه إطلاقه أنّ جميع الزّوجات كان صداقهن كذلك محمولٌ على الأكثر، وإلّا فخديجة وجويرية بخلاف ذلك، وصفيّة كان عتقها صداقَها. [5042]- وأمّ حبيبة أصدقها عنه النّجاشي أربعة آلاف، كما رواه أبو داود (¬4) والنسائي (¬5). [5143]- وقال ابن إسحاق عن أبي جعفر: أصدقها أربعمائة دينار. وأخرجه ابن أبي شيبة (¬6) من طريقه. [5044]- وللطبراني عن أنس: مائتي دينار، ولكن إسناده ضعيف. * حديث: "كلّ شَرْطٍ لَيسَ في كِتَابِ الله فَهُوَ بَاطِلٌ". متفق عليه من حديث عائشة. وقد تقدم. ¬
2053 - [5045]- حديث: أنّ النّبي - صلى الله عليه وسلم - قضى في بروع بنت واشق، وقد نكحت بغير مهر، فمات زوجها بمهر نسائها والميراث. أحمد (¬1) وأصحاب "السنن" (¬2) وابن حبان (¬3) والحاكم (¬4) من حديث معقل ابن سنان الأشجعي، وصححه ابن مهدي، والترمذي. [و] (¬5) قال ابن حزم (¬6): لا مغمز فيه لصحة إسناده. والبيهقي في "الخلافيات" (¬7). وقال الشافعي (¬8): لا [أحفظه] (¬9) من وجه يثبت مثله. وقال: لو ثبت حديث بروع لقلت به. ¬
2054 - قوله: في راوي هذا الحديث اضطراب، قيل: عن معقل بن سنان، وقيل: عن رجل من أشجع، أو ناس من أشجع، وقيل غير ذلك. وصححه بعض أصحاب الحديث، وقالوا: إن الاختلاف في اسم راويه لا يضر؛ لأن الصّحابة كلهم عدول ... إلى آخر كلامه. وهذا الذي ذكره؛ الأصل فيه ما ذكر الشافعي في "الأم" (¬1) قال: قد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -بأبي هو وأمي- أنه قضى في بروع بنت واشق، وقد نكحت بغير مهر، فمات زوجها، بمهر نسائها، وقضى لها بالميراث، فإن كان يثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو أولى الأمور بنا، ولا حجة في قول أحد دون النبي - صلى الله عليه وسلم - وإن كبر، ولا شيءَ في قوله، إلا طاعة الله بالتسليم له، ولم أحفظه عنه من وجه يثبت مثله، مرة يقال عن معقل بن سنان، ومرة عن معقل بن يسار، ومرة عن بعض أشجع، لا يسمى. قال البيهقي (¬2): قد سمى فيه معقل بن سنان، وهو صحابي مشهور، والاختلاف فيه لا يضر؛ فإنّ جميع الرّوايات فيه صحيحة، وفي بعضها ما دل على أن جماعة من أشجع شهدوا بذلك. وقال ابن أبي حاتم (¬3): قال أبو زرعة (¬4): الّذي قال: "معقل بن سنان" أصح. ¬
تنبيه
وروى الحاكم في "المستدرك" (¬1): سمعت أبا عبد الله محمد بن يعقوب يقول: سمعت الحسن بن سفيان يقول: سمعت حرملة بن يحيى قال: سمعت الشّافعي يقول: إن صحّ حديث بروع بنت واشق قلت به. قال الحاكم: فقال شيخنا أبو عبد الله: لو حضرتُ الشافعي لقمتُ على رءوس النّاس وقلت: قد صح الحديث فقل به. وذكر الدارقطني الاختلاف فيه في "العلل" ثم قال: وأحسنها إسنادًا حديث قتادة، إلا أنه لم يحفظ اسمَ الصّحابي. قلت: وطريق قتادة عند أبي داود (¬2) وغيره (¬3). [5046]- وله شاهد من حديث عقبة بن عامر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - زوّج امرأةً رجلًا، فدخل بها، ولم يفرض لها صداقا، فحضرته الوفاة فقال: أشهدكم أن سهمي الذي بخيبر لها ... الحديث. أخرجه (¬4) أبو داود (¬5) والحاكم (¬6). تنبيه اسم زوج بروع بنت واشق: هلالُ بن مرّة، ذكره ابن منده في "المعرفة" وهو في "مسند أحمد" أيضا (¬7). ¬
2055 - [5047]- حديث: أنّ امرأة أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله وهبت نفسي لك، وقامت قيامًا طويلًا، فقام رجلٌ فقال: يا رسول الله زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة ... الحديث بطوله. متفق عليه (¬1) من حديث سهل بن سعد. واللّفظ الذي ساقه الرّافعي أخرجه البخاري في "باب السلطان ولي". وفي رواية لمسلم (¬2): "زَوَّجْتُكَهَا تُعَلِّمُهَا (¬3) مِنَ الْقرْآن". وفي أخرى لأبي داود (¬4): "عَلِّمْهَا عِشْرينَ آيةً، وَهِي امْرَأَتكَ". ولأحمد (¬5): "قَدْ (¬6) أَنْكَحْتكَهَا عَلَى مَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآن". 2056 - [5048]- حديث عمر أنه قال: فيها عقر نسائها (¬7). لم أجده، ولكن تقدم في "باب الخيار" قول عمر فيمن تزوج امرأة بها جنون ¬
أو جذام أو برص فمسها: فلها صداقها، وذلك لزوجها غرْم على وليها. فيمكن أن يكون ورد [عنه] (¬1) بلفظ: "لها [عقر] (¬2) نسائها" (¬3)، وأنّ [العقر] (¬4) هو الصّداق، أو لمن وطئت بشبهة. 2057 - [5049]- حديث ابن مسعود فيمن خلا بامرأة ولم يحصل وطأ: لها نصف الصّداق. موقوف، البيهقي (¬5) عن الشعبي، عنه، وهو منقطع. 2058 - [5050]- حديث ابن عباس مثله. الشافعي (¬6) عن مسلم، عن ابن جريج، عن ليث، عن طاوس، عنه، به. وفي إسناده ضعف. وأخرجه ابن أبي شيبة (¬7) من وجه آخر عن ليث -وهو ابن أبي سليم-. ورواه البيهقي (¬8) من حديث علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس أيضا. ¬
2059 - [5051]- حديث عمر وعلي أنّهما قالا: إذا أغلق بابًا، وأرخى سترًا، فلها الصّداق كاملًا، وعليها العدّة. البيهقي (¬1) عن الأحنف عنهما، وفيه انقطاع. [5052]- وفي "الموطأ" (¬2) عن يحيى بن سعيد، عن ابن المسيب، عن عمر في المرأة يتزوجها الرجل إذا [أرخيت] (¬3) الستور فقد وجب الصداق. [5053]- وروى عبد الرزاق في "مصنفه" (¬4) عن أبي هريرة، قال: قال عمر: إذا أرخيت الستّور، وغلّقت الأبواب، فقد وجب الصداق. [5054]- وفي الدارقطني (¬5) من طريق عباد بن عبد الله، عن علي، قال: إذا أغلق بابًا، وأرخى سترًا، ورأى عورةً، فقد وجب عليه الصّداق. [5055]- ورواه أبو عبيد في "كتاب النكاح " من رواية زرارة (¬6) بن أوفى، قال: قضى الخلفاء الرّاشدون المهديون أنّه إذا أغلق البابَ، وأرخى السِّتر، فقد وجب الصَّدَاق. [5056]- وفي الدارقطني أيضا (¬7) من طريق محمّد بن عبد الرّحمن بن ثوبان، ¬
قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن كَشَفَ خُمُرَ امْرَأةٍ، وَنَظَر إِلَيْها، فَقَدْ وَجَبَ الصِّدَاقَ، دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُل". وفي إسناده ابن لهيعة مع إرساله، لكن أخرجه أبو داود في "المراسيل" (¬1) من طريق ابن ثوبان، ورجاله ثقات. 2060 - [5057]- حديث ابن عباس: إن المراد بقوله تعالى: {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ}: إنّه الوليّ. الدارقطني (¬2) والبيهقي (¬3) من طرق عنه. [5058 - 5060]- وروى ابن أبي شيبة (¬4) مثله، عن عطاء، والحسن، والزهري. [5061]- وروى البيهقي (¬5) عنه أيضا: أنّه الزّوج. من وجهين ضعيفَيْنِ. 2061 - [5062]- حديث علي: أنه كان يقول: الذي بيده عقدة النّكاح هو الزّوج. ¬
ابن أبي شيبة (¬1) والدارقطني (¬2) والبيهقي أيضا (¬3) عنه. [5063 - 5065]- ورواه ابن أبي شيبة (¬4) أيضا عن شريح، وسعيد بن جبير، ونافع بن [جبير] (¬5)، وغيرهم. وفيه حديث مرفوع: [5066]- أخرجه الطبراني في "الأوسط" (¬6) والدارقطني (¬7) والبيهقي (¬8) كلّهم من حديث ابن لهيعة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، مرفوعًا. وابن لهيعة مع ضعفه قد تقدّم أنّه لم يسمع من عمرو، وقد قال الطبراني (¬9): إنه تفرد به. **** ¬
باب المتعة
باب المتعة 2062 - [5067]- حديث ابن عمر: لكلّ مطلقة متعة إلَّا الّتي فرض لها ولم يدخل بها فحسبها نصف المهر. موقوف الشافعي (¬1) عن مالك، عن نافع، عنه، بهذا. ورواه البيهقي (¬2) من طريقه، وقال: رويناه عن جماعة من التابعين؛ القاسم ابن محمّد، ومجاهد، والشعبي. [5068]- وفي ابن ماجه (¬3) عن عائشة: أنّ عمرة بنت الْجَوْن تعوذّت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "لَقَدْ عُذْتِ بِمُعَاذٍ"، [فطلّقها] (¬4) ومتَّعَها بثلاثة أثواب رازقيَّةٍ. وفيه عبيد بن القاسم، وهو واهٍ، وأصل قصة الْجَونيّة في "الصّحيح" (¬5) بدون قوله: "ومَتّعها" وإنما فيه: وأمر أبَا أسيد أن يكسوها بثوبين رازقِيَّيْنِ. 2063 - [5069]- حديث ابن عمر: المتعة هي ثلاثون درهمًا. موقوف، البيهقي (¬6) من رواية موسى بن عقبة، عن نافع: أن رجلًا أتى ابن ¬
عمر، فذكر أنه فارق امرأته، فقال: اعطها كذا، فحسبنا فإذا نحو مِن ثلاثين. [5070]- وروى عبد الرزاق (¬1) عن ابن جريج، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، قال: أدنى ما أرى يجزي من مُتعة النِّساء ثلاثون درهما، أو ما أشبهها. قال الشافعي (¬2): لا أعرف في المتعة قدرًا مؤقتًا إلا أنّي أستحسن ثلاثين درهما؛ لما روي عن ابن عمر. 2064 - [5071]- حديث ابن عباس مثله. نقله الماوردي وابن الصباغ، عن الشافعي أنه قال: أكثر المتعة خادم، وأقلّها ثلاثون درهما. وقال البيهقي (¬3): رُوِّينَا عن ابن عباس أنّه قال: المتعة على قَدر يُسْره وعُسْرِه، فإن كان موسرًا [متَّعها بخادمٍ] (¬4) أو نحوِه، وإن كان مُعْسِرًا فثلاثةُ أثوابٍ أو نحوُ ذلك. وقد أخرجه ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة، عنه. [5072]-[وقد روي عن الحسن بن علي عليه السلام أنه متع بعشرة آلاف درهم (¬5). ¬
[5073]- وروي: أن زوجته لما دفع إليها المال قالت: متاعٌ قليل من حبيب مفارق. وكانت عادته إذا طلق ألا يرتجع فلما بلغه قولها قال: لو كنت أرتجع امرأة طلقتها لأرجعتها (¬1). [5074]- وروي عن عبد الرحمن أنه أمتع بجارية سوداء (¬2)] (¬3). **** ¬
باب الوليمة والنثر
باب (¬1) الوليمة والنثر 2065 - [5075]- حديث: أنّ النّبي - صلى الله عليه وسلم - أَوْلَم على صفيّة بسويق وتمر. أحمد (¬2) وأصحاب السنن (¬3) وابن حبان (¬4) من حديث أنس. [5076]- وفي "الصحيحين" (¬5) عن أنس في قصّة صفية: أنه جعل وليمتها ما حصل من السّمن والتّمر والأَقْط؛ لما أمر بلالا بالأنطاع فبُسِطتْ، فألقى عليها ذلك. وفي رواية لمسلم (¬6): "مَن كَانَ عِنْدَهُ شَيْءٌ فَلْيَجِىءْ بِهِ"، قال: وبسط نِطْعًا. * حديث. أنه قال لعبد الرحمن بن عوف: "أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ". سبق في "الصداق". ¬
2066 - [5077]- حديث ابن عمر: "مَن دُعِيَ إِلَى الْوَلِيمَةِ فَلْيَأْتِهَا". متفق عليه (¬1) من حديث مالك، عن نافع، عنه بلفظ: "إذَا دُعِي أَحَدُكُمْ ... ". [5078]- ولمسلم (¬2) عن جابر مرفوعًا: "إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى طَعَامٍ فَليُجِبْ، فَإِنْ شَاءَ طَعَمَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ". 2067 - [5079]- قوله: ويروى: مَن دُعِيَ فَلم يجب فقد عصى الله ورسوله. متفق عليه (¬3) من حديث أبي هريرة بلفظ: من لم يأت الدعوة فقد عصى الله ورسولَه. وله ألفاظ عندهما. [5080]- ولأبي داود (¬4) من حديث ابن عمر باللفظ الذي ذكره المصنِّف في صدر حديثٍ. وأخرجه أبو يعلى (¬5) بإسناد صحيح جامعًا بين اللّفظين اللّذين ذكرهما المصنِّف؛ فإنّه قال: ¬
[5081]- حدثنا زهير، حدثنا يونس بن محمد، أخبرنا عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، عن النّبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى وَلِيمَةِ فَلْيُجِبْهَا، وَمَن لَمْ يُجِب الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى الله وَرَسُولَه". 2068 - [5082]- حديث: "شَرّ الْوَلائِمِ وَلِيمَةُ الْعُرْسِ يُدْعَى إليهَا الأَغْنِيَاءُ، وَيُتْرَكُ الْفُقَرَاءُ". البخاري (¬1) ومسلم (¬2) عن أبي هريرة بلفظ: "شَرّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ يُدعَى إِلَيهَا الأَغْنِيَاءُ، وَيُتْرَكُ (¬3) الْفُقَراءُ". وهو بعض الحديث الذي قبله، وصدره موقوف. وفي رواية [لمسلم] (¬4). (¬5) التّصريح برفع جميعه، وتعقّبها الدارقطني في "العلل" (¬6). وفي الباب: [5083]- عن ابن عمر عند أبي الشّيخ. [5084]- وعن ابن عباس عند البزّار، ولم أره بلفظ: (شرّ الوَلائِم). ¬
2069 - [5085]- حديث: "الْوَليمَةُ في الْيَومِ الأوَّلِ حَقٌّ، وَفي الثَّانِي مَعْروفٌ، وفي الثَّالثِ ريَاءٌ وسُمْعَة". أحمد (¬1) والدارمي (¬2) والبزار، وأبو داود (¬3) والنسائي (¬4) من حديث رجل من ثقيف، يقال: اسمه زهير. وغلط ابن قانع فذكره في "الصحابة" (¬5) فيمن اسمه: معروف، وذلك أنّه وقع في "السنن" وفي "المسند" عن رجل من ثقيف يقال: له معروف، أي يثني عليه خيرًا. قال قتادة: [إن لم] (¬6) يكن اسمه زهير، فلا أدري ما اسمه (¬7). وأخرجه البغوي في "معجم الصحابة" فيمن اسمه زهير، وقال: لا أعلم له غيره. وقال ابن عبد البر (¬8) يقال: إنه مرسل. وقال البيهقي: عن البخاري (¬9): لا يصح إسناده، ولا تعلم له صحبة. ¬
وأغرب أبو موسى المديني، فأخرج الحديث في ترجمة "عبد الله بن عثمان الثقفي" في "ذيل الصحابة"، وإنما رواه عبد الله عن هذا الرّجل. وقد أعله البخاري في "تاريخه" (¬1) وأشار إلى ضعفه في "صحيحه" (¬2). وقد أخرج أبو داود (¬3) من طريق قتادة، عن سعيد بن المسيب، موقوفًا عليه، مثله. وفي الباب: [5086]- عن أبي هريرة رواه (¬4) ابن ماجه (¬5)، وفي إسناده عبد الملك بن حسين النّخعي الواسطي ضعيف. [5087]- وعن ابن مسعود رواه الترمذي (¬6) بلفظ (¬7): "طَعَامُ أَوّلِ يَومٍ حَقّ، والثَّانِي سُنَّةٌ، والثَّالِثُ سُمْعَةٌ"، واستغربه. وقال الدارقطني: تفرد به زياد بن عبد الله، عن عطاء بن السائب، عن أبي [عبد الرحمن] (¬8) السّلمي عنه. ¬
قلت: وزياد مختلف في الاحتجاج به، ومع ذلك فسماعه من عطاء بعد الاختلاط. [5088]- و [فيه] (¬1) عن أنس رواه البيهقي (¬2) من رواية أبي سفيان، عنه، وفي إسناده [بكر بن خنيس] (¬3)، وهو ضعيف. وذكره ابن أبي حاتم (¬4) والدارقطني في "العلل" من حديث الحسن، عن أنس. ورجحا روايةَ من أرسله، عن الحسن. [5089، 5090]- وعن وحشي بن حرب، وابن عباس، رواهما الطبراني في الكبير (¬5) وإسنادهما ضعيف. 2070 - [5091]- حديث: "إذَا اجْتَمَع دَاعِيَانِ فَأَجِب أقَرْبَهُمَا إِلَيكَ بَابًا، فَإِنّ أَقْرَبَهُمَا إِلَيكَ بابًا أَقْرَبُهُمَا إِلَيكَ جِوَارًا، وإنْ سَبَقَ أَحَدُهُما فَأَجِبْ الَّذي سَبَق". أبو داود (¬6) وأحمد (¬7) عن حميد بن عبد الرحمن، عن رجل، من الصحابة. وإسناده ضعيف. ¬
ورواه أبو نعيم في "معرفة الصحابة" (¬1) من رواية حميد بن عبد الرحمن، عن أبيه، [به] (¬2). [5092]- وله شاهد في البخاري (¬3) من حديث عائشة قيل: يا رسول الله، إن لي جاريْن، فإلى أيِّهما أُهدِي؟ قال: "إِلَى أَقْرَبِهِمَا [مِنْك] (¬4) بَابًا". * حديث: "أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ". * وحديث: أنّه أولم بسَوِيقٍ وتمرٍ. تقدما. 2071 - [5093]- حديث: "مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِالله والْيَومِ الآخِر فَلاَ يَقْعُدَنَّ عَلَى مَائِدة يُدارُ عَلَيهَا الْخَمْرُ". أحمد (¬5) والنسائي (¬6) والترمذي (¬7) والحاكم (¬8) من طريق أبي الزبير، عن جابر، به، في حديث. ¬
ورواه الترمذي (¬1) من طريق ليث بن أبي سليم، عن طاوس، عن جابر نحوه. [5094]- ورواه أبو داود (¬2) والنسائي (¬3) والحاكم (¬4) من حديث جعفر بن برقان، عن الزّهريّ، عن سالم، عن أبيه، بلفظ: نهي عن مطعمين؛ عن الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر. الحديث. وأعله أبو داود والنسائي وأبو حاتم (¬5): بأنّ جعفرًا لم يسمعه من الزّهري. وقد جاء التّصريح عنه بقوله: إنّه بلغه عن الزّهري. [5095]- ورواه البزار (¬6) من حديث أبي سعيد. [5096، 5097]، ورواه الطبراني (¬7) من حديث ابن عباس، ومن حديث عمران بن حصين. [5098]- ورواه أحمد (¬8) من حديث عمر بن الخطاب، وأسانيدها ضعاف. ¬
2072 - [5099]-حديث عائشة-: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قَدم مِن سَفَرٍ وقد سَترتْ على صفةٍ لها سترًا فيه الخيل ذوات الأجنحة، فأمر بنزعها. وفي رواية: قطعنا منه وسادةً أو وسادَتَيْن، فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يرتَفِق بِهما. أمَّا اللّفظ الأوّل فأخرجه البخاري (¬1) بلفظ: وقد سترتُ على بأبي دُرْنُوكًا. وأمّا الثاني؛ فهو متفق عليه (¬2) بألفاظ، منها: قدم من سفر، وقد سترتُ بسَهْوَةٍ لي بِقِرَامٍ فيه تماثيل، فلما رآه هَتَكه، وتلوَّن وجهُه وقال: "يَا عَائِشَةُ أَشَدّ النَّاسِ عَذابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ [الَّذِينَ] (¬3) يُضَاهُونَ بِخَلْقِ الله"، قَالت عائشة: فقطعناه، فجعلنا منه وسادةً أو وسادتين. وفي رواية لمسلم (¬4): خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزاةٍ، فأخذت نَمَطًا فسترتُه على الباب، فلما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى ذلك النَّمَط، فرأيت الكراهيَّة في وجهه، فجذبَه حتّى هتكه، أو فقطعه (¬5)، وقال: "إن الله لَمْ [يَأْمُرْنَا] (¬6) أَنْ نَكسُوَ الْحِجَارَةَ والطينَ". قالت: فقطعنا منه وسادَتَيْنِ، وحشوتُهما ليفًا، فلم يَعِبْ ذلك عَليّ. ¬
تنبيه
وفي لفظ (¬1): فأخذتها فجعلتُها (¬2) مرفقتين (¬3)، فكان يرتفق عليهما في البيت. وفي رواية للبخاري (¬4): فكانتا في البيت يجلس عليهما. تنبيه ورد قولها: الخيل ذوات الأجنحة في: [5100]- حديث آخر لعائشة أيضا: أنّها كانت تَلعب بذلك وهي شابة، لما دخل عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قدومه من غزاة. أخرجه أبو داود (¬5) والنسائي (¬6) والبيهقي (¬7). 2073 - [5101]- حديث أبي هريرة: أنّ جبريل جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَعَرف صَوْتَه، وهو خارجٌ فقال: "ادْخُلْ". فقال: "إنّ في البيت سِتْرًا فيه تماثيل، فاقطعوا رؤوسَهَا (¬8)، واجعلوه بُسُطًا، أو وسائدَ". ¬
فائدة
البيهقي (¬1) من طريقه، وزاد في آخره: "فَأَوْطِئُوه، فَإنَّا لا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ تَصَاوِير". ورواه ابن حبان في "صحيحه" (¬2) بلفظ: "إنا لاَ نَدْخُلُ بَيْتًا فيهِ تَمَاثِيلُ، فَإِنْ كُنْتَ لاَ بُدَّ جاعلًا في بَيتِكَ فَاقْطَعْ رُؤُوسَهَا، وَاجْعَلْهَا وَسَائِدَ أَو اجْعَلْهَا بُسُطًا". وروى نحوه أبو داود (¬3) والنسائي (¬4) والترمذي (¬5) وابن حبان (¬6) بسياقٍ آخر. ورواه مسلم (¬7) مختصرا جدًّا: "لاَ تَدْخُل الملَائِكَةُ بيتًا فيهِ تَصَاوِيرُ، أَوْ (¬8) تَمَاثِيلُ". ولم يذكر من القصّة شيئًا. فائدة ادعى ابن حبان (¬9): أن عدَمَ دخولِ الملائكةِ مختصّ ببيتٍ يوحى فيه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأمّا غيره فإن الحافظَيْن لا يفارقان العبد. وأطال في ذلك، ويشبه أن يُستدلّ له: [5102]- بما رواه البخاري (¬10) من طريق بسر بن سعيد، عن زيد بن خالد ¬
الجهني، عن أبي طلحة مرفوعا: "إنَّ الملائِكَةَ لاَ تَدْخُلُ بَيْتًا فيِّهِ صُورةٌ". قال بسر: ثم اشتكى زيدٌ فَعُدناه، فإذا على بابه ستر فيه صور، قال بسر: فقلت لعبيد الله الخولاني: ألم يخبرنا زيد عن الصّوَر يوم الأول؟ قال عبيد الله: ألم تسمعه قال: إلَّا رَقْمًا في ثَوْب؟ قال: لا. قال: بلى، قد ذكر ذلك. 2074 - [5103]- حديث ابن عباس: أنّه لما روي أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن صَوَّر صُورةً [عُذِّبَ] (¬1)، وَكُلِّف أن يَنْفُخَ فِيها الرُّوحَ وَلَيْس بِنَافِخٍ" أتاه رجل مصوِّر فقال: ما أعرف صَنْعة غيرَها. فقال ابن عباس: إن لم يكن لك بُدّ فصوِّر الأشجار. متفق عليه (¬2) من حديث سعيد بن أبي الحسن، قال: جاء رجل إلى ابن عباس فقال: إنّي رجل أصوِّر هذه الصوَر فأفتني فيها، فقال: ادن منّي، فدنا حتّى وضع يدَه على رأسه، فقال: أنبئك بما سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "كُلّ مُصَوِّرِ في النَّارِ يُجَعلُ لَه بِكُلِّ صُورَةٍ صَوَّرَهَا نَفَسٌ فَيُعَذِّبُهُ في جهنَّم". فَإِنْ كُنتَ لاَ بُدَّ فاعلًا فَاصنع الشجر وما لا نَفْس لَه. [5104]- ورواه مسلم (¬3) من حديث النّضر بن أنس، عن ابن عباس، نحوه. ¬
2075 - [5105]- قوله: وفي نسج الثّياب المصوّرة وجهان، ثانيهما المنع تمسّكًا بما ورد في الخبر من لعن المصورين. البخاري (¬1) عن أبي جحيفة: لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الواشمةَ والمؤتشِمَة، وآكل الربا وموكِلَه، ونهى عن ثمن الكلب، وكسب البغي، ولعن المصوِّرين. 2076 - [5106]- حديث: إذَا دُعيَ أحدُكُم إلى طعامٍ فَلْيُجِبْ فَإنْ كَان مُفطِرًا فَلْيَطْعَمْ، وإن كان صائمًا فَلْيصَلِّ". أي: فَلْيَدْعُ. مسلم (¬2) من حديث أبي هريرة. وفي رواية له (¬3): "وإنْ كَانَ صَائمًا دَعَا بِالْبَرَكَةِ". 2077 - [5107]- قوله: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - (¬4) حضر دار بعضهم، فلما قُدّم الطعام أمسك بعضُ القوم، وقال: إني صائم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يَتَكَلَّف لَكَ أخوكَ الْمُسْلِم وَتَقُول إنِّي صَائِمٌ، أَفْطِرْ ثمّ اقْضِ يومًا مكانَه". ¬
الدارقطني (¬1) والبيهقي (¬2) من حديث محمد بن أبي حميد، عن إبراهيم بن عبيد بن رفاعة، قال: صنع أبو سعيد طعامًا فدعا النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ... فذكر الحديث. وفي روايةٍ للبيهقي (¬3): "وَصُمْ يومًا مَكانَه إنْ شِئْتَ". وهو مرسل؛ لأن إبراهيم تابعي، ومع إرساله فهو ضعيف؛ لأن محمد بن أبي حميد متروك. وقد رواه أبو داود الطيالسي (¬4) من هذا الوجه، فقال: عن إبراهيم، عن أبي سعيد، وصححه ابن السكن. وهو متعقّب بضعف ابن أبي حميد. [5108]- لكن له طريق أخرى عند ابن عدي (¬5) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، عن أبيه، عن ابن النكدر، عن أبي سعيد، وفيه لين، وابن النكدر لا يعرف له سماع من أبي سعيد. [5109]- ورواه ابن عدي (¬6) وابن حبان في "الضعفاء" (¬7) والدارقطني (¬8) والبيهقي (¬9) من حديث جابر، وفيه عمرو بن خليف، وهو وضاع. ¬
2078 - [5110]- حديث: "إذَا دُعِىَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ، فَإِنْ شَاءَ طَعَمَ، وإن شَاء ترَكَ". مسلم في "صحيحه" (¬1) عن جابر. 2079 - قوله: وكان السّلف يأكلون من طعام إخوانهم عند الانبساط وهم غُيَّب. [5111]- في "المراسيل" لأبي داود (¬2) وتفسير ابن أبي حاتم وغيره (¬3) عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، قال: لما نزلت: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ} كان المسلمون إذا غزوا خلفوا زَمْنَاهم في بيوتهم، فدفعوا إليهم مفاتيح أبوابهم، وقالوا: قد أحللناكم أن تأكلوا، فكانوا يتحرّجون من ذلك، فنزلت هذه الآية رخصةً لهم. قال (¬4): وروي عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، والمرسل أصح. [5112]- وذكر عبد الرزاق (¬5) عن معمر، عن قتادة، في قوله: {أَوْ صَدِيقِكُمْ} قال: إذا دخلت بيت صديقِك من غير مؤامرتِه لم يكن بذلك بأس. ¬
2080 - [5113]- قوله: ومن آداب الأكل أن يقول في الأول: بسم الله، فإن نسي فتذكّر فليقل: بسم الله أوّلَه وآخرَه. لم يذكر دليله، وهو عند أبي داود (¬1) وغيره من حديث عائشة. 2081 - [5114]- قوله: وأن يغسل يده قبل الأكل وبعده. لم يذكر دليله أيضا، وهو عند أبي داود (¬2) من حديث سلمان. 2082 - [5115]- قوله: وأن يأكل بالأصابع الثلاث. لم يذكر دليله أيضا، وهو عند مسلم (¬3) من حديث كعب بن مالك. 2083 - [5116]- حديث: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - طَعَم عند سعد بن عبادة، فلما فرغ قال: "أَكَلَ طَعَامَكُمُ الأَبْرَارُ، وَصَلَّتْ عَلَيكُم الملائِكَة، وَأَفطَرَ عِندَكُمْ الصَّائِمُون". أحمد (¬4) وأبو داود (¬5) والدارقطني (¬6) من طريق معمر، عن ثابت، عن أنس. ¬
وإسناده صحيح. لكن في "مصنف عبد الرزاق" (¬1) عن معمر، عن ثابت، عن أنس، أو غيره. ورواه ابن السكن من طريق يحيى بن أبي كثير، عن أنس، وقال: منقطع. ثمّ رواه من وجه آخر، عن يحيى، قال: حُدّثت عن أنس. [5117]- ورواه ابن ماجه (¬2) (¬3) وابن حبان (¬4) من حديث عبد الله بن الزبير أنه قال: أفطر النبي - صلى الله عليه وسلم - عند سعد بن معاذ، فقال: "أَفْطَر عِنْدَكُم الصَّائِمُون ... " الحديث. وفي الباب: [5118]- عن عبد الله بن بسر أخرجه مسلم (¬5) بلفظ: نزل على أبي -يعني والده بسرا- فقرّبوا له طعامًا، فأكل وشرب، فقال أبي -وأخذ بلجام دابته-: ادع الله لنا، فقال: "اللهُمّ بَارِكْ لَهُمْ فِيمَا رَزَقْتَهُم، وَاغْفِرْ لَهُمْ وَارْحَمْهُمْ". * قوله: ويكره أن يأكل متكئا. تقدم في "أوائل النكاح". ¬
2084 - [5119]- قوله: وأن يأكل مما يلي أكيله. فيه حديث عمر بن أبي سَلِمَة في "الصحيحين" (¬1) بلفظ: "سَمِّ الله وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ". 2085 - [5120]- قوله: وأن يأكل من وسط القصعة. فيه حديث ابن عباس في "السنن الأربعة" (¬2). 2086 - [5121]- قوله: وأن يقرن بين التّمرتين. [فيه حديث ابن عمر في "الصحيحين" (¬3)] (¬4). 2087 - [5122]- قوله: وأن يعيب الطعام. فيه حديث أبي حازم عن أبي هريرة في "الصحيحين" (¬5): ما عاب رسول الله طعامًا قطّ. 2088 - [5123]- قوله: وأن يأكل بشماله. ¬
فيه حديث جابر عند مسلم (¬1). 2089 - [5124]- قوله: وأن يتنفس في الإناء، وأن ينفخ فيه. فيه حديث أبي قتادة في "الصحيحين" (¬2). [5125]- وأمّا ما رواه أنس (¬3): أنّه - صلى الله عليه وسلم - كان يتنفس في الإناء ثلاثًا؛ فهو محمولٌ على خارج الإناء. 2090 - قوله: ولا يكره الشّرب قائما، ويحمل ما ورد من النهي على حالة السَّيْر. [5126]- أمّا النّهي فعند مسلم (¬4)، عن ثابت عن أنس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن أن يَشرب الرجل قائمًا. [5227]- وعنده (¬5) عن أبي هريرة قال: "لا يَشْرَبَنَّ مِنكم أَحَدٌ قائمًا، فَمَنْ نَسِيَ فَلْيَسْتَقِىءْ". [5128]- وروى البيهقي (¬6) من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن الزّهري، عن عُبيد الله بن عبد الله، عن أبي هريرة يرفعه: "لَو يَعْلَمُ الَّذِي يَشْرَبُ وَهُوَ ¬
قَائِمٌ مَا فِي بَطْنِهِ لَاسْتَقَاء". وفي مسلم (¬1) نحوه من طريق أبي غطفان المرّي، عن أبي هريرة. [5129]- واتفقا (¬2) على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - شرب قائمًا من حديث ابن عباس. [5130]- وللبخاري (¬3) من حديث علي. وحمل البيهقي (¬4) النهي على التّنزيه، ثمّ ادعى النسخ بهذين الحديثين. وفي الباب: [5131]- عن كبشة قالت: دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فشرب من في قِرْبةٍ معلَّقة قائمًا. أخرجه الترمذي (¬5). [5132]- وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَشرب قائمًا وقاعدًا. أخرجه الترمذي أيضا (¬6). [5133]- وعن عائشة بنت سعد، عن أبيها قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشرب قائما. رواه البزار (¬7). وفي باب النهي أيضا: ¬
[5134]- حديث الجارود، رواه الترمذي (¬1) بلفظ: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الشّرب قائمًا. وجمع بينهما ابن جرير على كراهية التّنزيه، وأَنكر على من ادّعى النّسخ. وكذا قال النووي (¬2). وأعجب من ذلك: أنّ الطحاوي (¬3) حمل أحاديث الشّرب قائمًا على أصل الإباحة، وأحاديث النّهي متأخِّرةٌ، فيعمل بها. والله أعلم. 2091 - [5135]- حديث جابر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حضر في إملاك، فأُتِي بأطباق عليها جوز، ولوز، وتمر، فنثرت، فقبضنا أيدينا، فقال: "مَا بَالُكمْ لاَ تَأْخُذونَ؟ " فقالوا: لأنك نهيت عن النُّهبى. فقال: "إنّما نَهَيتُكُمْ عَن نُهْبَى الْعَسَاكِر، خُذوا عَلَى اسْمِ الله" فَجاذَبَنَا وجَاذَبْنَاه. هذا لا نعرفه من حديث جابر، وتبع في إيراده عنه الغزَّالي، والإمام، والقاضي الحسين. [5136]- نعم رواه البيهقي (¬4) عن معاذ بن جبل، وفي إسناده ضعف وانقطاع. ¬
[5137]- ورواه الطبراني في "الأوسط" (¬1) من حديث عائشة، عن معاذ، نحوه. وفيه بشر بن إبراهيم، ومن طريقه ساقه العقيلي (¬2) وقال: لا يثبت في الباب شيء. وأورده ابن الجوزي في "الموضوعات" (¬3). [5138]- ورواه فيها أيضا من حديث أنس، وفيه خالد بن إسماعيل، وهو كذاب. وأغرب إمام الحرمين فصححّه من حديث جابر، وهو لا يوجد ضعيفًا فضلا عن صحيح. [5139]- وفي "مصنف ابن أبي شيبة" (¬4) عن الحسن والشعبي: أنهما كانا لا يريان بأسًا بالنَّهْبِ في العرسات والولائم. وكرهه أبو مسعود (¬5). (¬6) وإبراهيم (¬7)، وعطاء وعكرمة (¬8). **** ¬
(45) كتاب القسم والنشوز
(45) كتابُ القسم والنُّشُوز
2092 - [5140]- حديث أبي هريرة: "إذا كانَتْ عِنْدَ الرَّجُلِ امْرَأَتَانِ فَلَمْ يَعْدِلْ بَينَهُمَا جَاءَ يَومَ الْقِيَامَةِ وَشِقُّه مَائِلٌ أَوْ سَاقِطٌ". أحمد (¬1) والدارمي (¬2) وأصحاب "السنن" (¬3) وابن حبان (¬4) والحاكم (¬5) واللفظ له، والباقون نحوه. وإسناده على شرط الشيخين، قاله الحاكم، وابن دقيق العبد (¬6). واستغربه التّرمذي مع تصحيحه. وقال عبد الحق (¬7): [هو] (¬8) خبر ثابت لكن علّته أن هماما تفرّد به، وأنّ هشامًا رواه عن قتادة، فقال: كان يقال. وفي الباب: [5141]- عن أنس؛ أخرجه أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" (¬9). ¬
* حديث: أنّه - صلى الله عليه وسلم - كان يَقسم بين نسائه، فيعدل، ويقول: "اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَملِكُ فَلا تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلاَ أَمْلِكُ". تقدم في "باب الخصائص" وأنه في "الأربعة" عن عائشة. * حديث: كان يمضي إلى نسائه لأجل الْقَسْم. تقدم، ويأتي. 2093 - [5142]- حديث عائشة: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يطوف علينا جميعًا فَيقبِّل ويَلمس، فإذا جاء وقت التي هو في بيتها أقام عندها. أحمد (¬1) وأبو داود (¬2) والبيهقي (¬3) وصححه الحاكم (¬4). ولفظ أحمد: ما مِن يَومٍ إلَّا وَهُو يطوف علينا جميعًا؛ امرأةً امرأةً، فيدنو ويلمَس من غير مَسِيسٍ، حتّى يفضي إلى التي هو يومها، فيبيت عندها. زاد أبو داود في أوله: كان لا يفضّل بعضنا على بعض في الْقَسْم من مكثه عندنا، وكان قلّ يوم إلا وهو يطوف علينا جميعا، فيدنو من كل امرأةٍ من غير مسيس، حتى يبلغ الّتي هو يومها فيبيت عندها. ¬
2094 - قوله: والأولى أن لا يزيد على ليلةٍ واحدةٍ اقتداءً برسول الله - صلى الله عليه وسلم -. [5143]- فيه قصة سودة بنت زمعة: أنها وهبت يومها وليلتها لعائشة. رواه البخاري (¬1). * حديث: تنكح الأمَةُ على الحرّة، وللحرّة ثلثان من الْقَسْم. روي مرسلًا، تقدّم (¬2) في "باب ما يحرم من النكاح". 2095 - [5144]- وقوله: وللحرّة ثلثان من القَسْم. رواه البيهقي (¬3) من حديث سليمان بن يسار قال: من السنّة أن الحرّة إن أقامت على ضرارٍ فلها يَومان، وللأمة يوم. [5145]- وروى أبو نعيم في "المعرفة" (¬4) من حديث الأسود بن عويم: سألت النّبي - صلى الله عليه وسلم - عن الجمع بين الحرّة والأمة؟ فقال: "للحُرَّةِ يَومَانِ ولِلأَمَةِ يَومٌ". وفي إسناده (¬5) علي بن قُرين وهو كذّاب. * قوله: وروي ذلك عن علي، فاعتضد به المرسل. ¬
تنبيه
تقدم من عند البيهقي، عن علي. 2096 - [5146]- حديث أنس: للبكر سَبعٌ وللثَّيِّب ثلاث. موقوف البخاري (¬1) من حديث أنس قال: من السنّة ... فذكره. قال أبو قلابة: ولو شئت لقلت: إن أنسا رفعه. ورواه مسلم (¬2) بنحوه. تنبيه قوله: "إن هذا موقوف" خلاف ما عليه الأكثر من أهل العلم بالحديث؛ حيث قالوا: إنّ قول الرّاوي: "من السنة كذا" كان مرفوعًا، على أنّ ابن ماجه (¬3) والدارمي (¬4) وابن خزيمة، والإسماعيلي، والدراقطني (¬5) والبيهقي (¬6) وابن حبان (¬7) أخرجوا هذا الحديث عن أنس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "سَبْعٌ لِلْبِكْرِ، وثَلَاثٌ للثَّيِّبِ". 2097 - [5147]- حديث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأم سلمة: "إنْ شِئتِ سَبَّعْتُ لَكِ وَسَبَّعْتُ عِنْدَهُنَّ، وَإنْ شِئْتِ ثَلَّثْتُ عِنْدَكِ وَدُرْتُ". ¬
مسلم (¬1) من حديثها، وفيه قصة. ورواه مالك في "الموطأ" (¬2) بلفظ الرّافعي. [5148]- قوله: روي أنّه قال لها: "إن شِئْتِ أَقَمْتُ عِنْدَكِ ثلاثًا خالصَةً لَكِ، وَإن شِئْتِ سبَّعْتُ لَكِ وَسبَّعْتُ لِنِسَائِي". الدارقطني (¬3). (¬4) به، وأتم منه، وفيه الواقدي. 2098 - قوله. رادًّا على الغزَّالي حيث قال في "الوجيز": قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد الْتَمسَتْ أمّ سلمة ... إلى آخره -: هذا يُشعر بتقديم التماس أمّ سلمة على تخييره إيّاها، وكذلك نقل الإمامُ، لكن لا تصريح بذلك في كتب الحديث، ثم ساق من سنن أبي داود (¬5) التصريح بأن النّبي - صلى الله عليه وسلم - هو الذي خَيَّرها. وردُّه هذا متعقَّب بما: رواه الحاكم في "المستدرك" (¬6): أنها أخذت بثوبه مانعةً له من الخروج من بيتها، فقال لها: "إنْ شِئْتِ .... ". ¬
[5149]- وأصله في "صحيح مسلم" (¬1) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين تزوّج أمِّ سلمة فدخل عليها، فأراد أن يخرج قالت: .... وفي "مسند ابن وهب" نحوه. ويحتمل أن يقال: إن أخذها بطرف ثوبه يحتمل الالتماس، ويحتمل غيره. 2099 - [5150]- قوله: ونقل أنّ أمّ سلمة اختارت الاقتصار على الثّلاث. هو ثابت في "صحيح مسلم" (¬2) من حديثها حيث قالت: [ثلِّث] (¬3). والدارقطني (¬4): ثَلِّثْ لي يا رسول الله. 2100 - [5151]- حديث: أنّ سودة لما كبُرت جعلت يومها لعائشة، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يَقسِم لها يومَها ويومَ سودة. متفق عليه (¬5). ورواه الشافعي (¬6) عن ابن عيينة، عن هشام بن عروة، عن أبيه: أنّ سودة وهبت يومها لعائشة. ورواه البيهقي (¬7) من حديث عقبة بن خالد، عن هشام موصولا. ¬
2101 - [5152]- حديث: أنّه - صلى الله عليه وسلم - همّ بطلاقِ سودة، فوهبت يومها لعائشة. أبو داود (¬1) والترمذي (¬2) عن ابن عباس: خشيتْ سودةُ أن يطلقها فقالت: يا رسول الله لا تطلِّقني، وأمسكني، واجعل يومي لعائشة. ففعل. [5153]- ورواه أبو داود أيضا (¬3) من حديث ابن أبي الزناد، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، نحوه، وزاد: وفي ذلك أنزل: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا ...} الآية. ورواه الحاكم (¬4) من حديث عائشة أيضا. [5154]- وأخرج (¬5) البيهقي (¬6) من وجه آخر، عن عروة: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طلّق سودةَ، فلما خرج إلى الصلاة أمسكت بثوبه، فقالت: والله ما لي في الرِّجال من حاجةٍ، ولكني أريد أن أحشر (¬7) في أزواجك. قال: فراجَعَها، وجعلتْ يومَها لعائشة. وهو مرسل. [5155]- ومثله في "معجم أبي العباس الدّغولي" من طريق هشام الدستوائي، ¬
عن القاسم بن أبي بزّة، نحوه. 2102 - [5156]- حديث [عائشة] (¬1): أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد سفرًا أقرع بين أزواجه، فأيّتهن خرج سهمُها خرج بها. البخاري (¬2) بهذا واتفقا عليه (¬3) بنحوه. 2103 - [5157]- قوله: روي عن بعضهم: أنّ عائشة قالت: ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقضي إذا عاد. لا يعرف (¬4). 2104 - [5158]- قوله: ورد في الخبر النّهي عن ضرب الزّوجات. أبو داود (¬5) والنسائي (¬6) وابن ماجه (¬7) والحاكم (¬8) والبيهقي (¬9) من حديث إياس ¬
ابن عبد الله بن أبي ذباب، مرفوعًا: "لاَ تَضْرِبُوا إمَاءَ الله ... ". الحديث. 2105 - قوله: أشار الإمام إلى أنّ هذا الخبر منسوخ بالآية أو بالخبر. كأنه يشير إلى حديث جابر الطويل في الحج؛ فإن فيه: "فَاضْرِبُوهُنَّ ضَربًا غَيْرَ مُبَرِّح". [5159]- وروى البيهقي (¬1) عن مكحول، عن أم أيمن: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أوصى بعض أهل بيته ... فذكر حديثًا وفيه: "وَلا تَرْفَعْ عَصَاكَ عَنْهُمْ". وهو مرسل، أو معضل. [5160]- وفي "الأربعة" (¬2) منَ حديث بهز عن أبيه، عن جده: "وَلاَ تَضْرِبِ الْوَجْهَ وَلاَ تُقَبِّحْ". [5161]- وفي أبي داود (¬3) والنسائي (¬4) عن أشعث بن قيس، عن عمر، رفعه: "لا يُسْألُ الرَّجُلُ فِيمَ ضَرَب امْرَأَتَه". 2106 - [5162]- حديث علي: أنه بعث حكمَيْن، فقال: تدريان ما عليكما؟ إن رأيتما أن تجمعا فجمّعا، وإن رأيتما أن تفرِّقا ¬
ففرِّقَا. فقالت الزوجة: رضيت بما في كتاب الله عليَّ وَلي، فقال الرّجل: أمّا الفرقة فلا. قال علي: كذبت، لا والله، حتّى تقرّ بمثل الّذي أقرّت به. الشافعي (¬1) أخبرنا الثقفي، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن عبيدة، قال: جاء رجل وامرأةٌ إلى عليّ ومع كلّ واحدٍ منهما فئامٌ من النَّاس ... فذكر القصّة والحديث. ورواه النسائي في "الكبرى" (¬2) والدارقطني (¬3) والبيهقي (¬4)، وإسناده صحيح. [5163]- وروى عبد الرزاق (¬5) عن معمر، عن ابن طاوس، عن عكرمة بن خالد، عن ابن عباس قال: بعثت أنا ومعاوية حكمين، قال معمر: بلغني أنّ عثمان بعثهما، وقال: إن رأيتما أن تجمّعا جمَّعتُما، وإن رأيتما أن تفرِّقا ففرِّقَا. [5164]- وعن ابن جريج: حدثني ابن أبي مليكة: أن عقيل بن أبي طالب تزوج فاطمة بنت عتبة، فذكر قصة. فيها: أنّ عثمان بعث معاوية وابن عبّاس ليصلحا بينهما ... ¬
(46) كتاب الخلع
(46) كتاب الخُلْع
2107 - [5165]- حديث ابن عباس: جاءت امرأة ثابت بن قيس بن شَمّاس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله، ما أنقم على ثابت في دِينٍ ولا خُلُق ... الحديث. البخاري (¬1) وأبو داود (¬2). 2108 - قوله: ويروى: أنّه كان أصدقها تلك الحديقةَ فخالعها عليها. هو صريح في رواية أبي داود. 2109 - [5166]- قوله: ويقال: إنّه أول خلع (¬3) في الإِسلام. هو في "المعرفة" (¬4) لأبي نعيم في آخر حديث. [5167]- وكذا عند أحمد (¬5) من حديث سهل بن أبي حثمة. [5168]- وعند البزار (¬6) عن عمر. ¬
2110 - [5169]- قوله: ويحكى أنّ ثابتا كان ضَرَب زوجته [و] (¬1) لذلك افتدت. هو في رواية أبي داود أيضا (¬2)، وهو عند النسائي (¬3) من رواية الربَيِّع بنت معوّذ. 2111 - قوله: ويروى عن عمر، وعثمان، وعلي، وابن مسعود: أن الخلع طلاقٌ. ويروى: عن ابن عمر، وابن عباس: أنه فسخ لا ينقص عددًا. وعن ابن خزيمة: أنه لا يثبت (¬4) عن أحدٍ أنه طلاق. وعن ابن المنذر (¬5): أنّ الرّواية عن عثمان ضعيفة، وأنه ليس في الباب أصحّ من حديث ابن عباس. أمَّا مذهب عمر فلا يعرف، وقد اعترف بذلك الرّافعي في "التذنيب". [5170]- وأما عثمان؛ فرواه مالك في "الموطأ" (¬6) والشافعي (¬7) عنه، عن هشام، عن أبيه، عن جمهان، عن أم بكرة الأسلميّة: أنها اختلعت من زوجها ¬
عبد الله بن خالد بن أسيد، ثم أتيا عثمان في ذلك فقال: هي تطليقة، إلا أن تكون سَمَّيتَ شيئًا، فهو ما سَمَّيت. وضعفه أحمد بجمهان (¬1). [5171]- وأمّا علي؛ فحكاه ابن حزم (¬2) وقال: إنّه لا يصحّ. وهو عند ابن أبي شيبة (¬3) عن ابن إدريس عن موسى بن [مسلم] (¬4) عن مجاهد، عن علي (¬5) قال: لا تكون طلقة بائنة إلا في فدية أو إيلاء. [5172]- وروى عبد الرزاق (¬6) عن هشيم، عن حجاج، عن [الحصين الحارثي] (¬7)، عن الشعبي: أن عليًّا قال: إذا أخذ للطّلاق ثمنًا، فهي واحدة. وفيه ابن أبي ليلى. [5173]- وأمّا الرواية في ذلك عن ابن عمر، فرواها ابن حزم (¬8) من حديث ¬
اللّيث عن نافع، أنه سمع الرّبيع بنت معوذ: أنها اختلعت من زوجها على عهد عثمان، فجاءت إلى ابن عمر [فقال] (¬1): عدّتها عدة المطلقة. [5174]- وكذا رواه مالك في "الموطأ" (¬2) عن نافع، نحوه، فذكر الحديث. [5175]- وأمّا ابن عباس، فرواه أحمد (¬3) عن يحيى بن سعيد، عن سفيان، عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن عباس، قال: الخلع تفريقٌ وليس بطلاق. وإسناده صحيح. قال أحمد: ليس في الباب أصحّ منه (¬4). **** ¬
(47) كتاب الطلاق
(47) كتاب الطَّلاق
2112 - [5176]- قوله: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "أَبْغَضُ الْمُبَاحِ إِلَى الله الطَلَاقُ". أبو داود (¬1) وابن ماجه (¬2) والحاكم (¬3) من حديث محارب بن دثار، عن ابن عمر بلفظ: "الحلال" بدل "المباح". ورواه أبو داود (¬4) والبيهقي (¬5) مرسلا ليس فيه ابن عمر، ورجّح أبو حاتم (¬6) والدارقطني في "العلل" والبيهقي المرسل. وأورده ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (¬7) بإسناد ابن ماجه، وضعّفه بعبيد الله بن الوليد الوصافي، وهو ضعيف، ولكنه لم ينفرد به فقد تابعه مُعرِّف بن الواصل، إلا أنَّ المنفرد عنه بوصله محمّد بن خالد الوهبي. [5177]- ورواه الدارقطني (¬8) من حديث مكحول، عن معاذ بن جبل، بلفظ: "مَا خَلَق الله شَيئًا أَبْغَضَ إِليه مِن الطَّلاق". وإسناده ضعيف، ومنقطع أيضا. ¬
[5178]- ولابن ماجه (¬1) وابن حبان (¬2) من حديث أبي موسى مرفوعًا: "مَا بَالُ أَحَدِكُمْ يَلْعَبُ بِحُدِودِ اللهِ؛ يَقول: قَد طَلَّقْتُ، قَد رَاجَعْتُ". بوب عليه ابن حبان (¬3): ذكر الزّجر عن أن يطلِّق المرءُ النّساءَ ثمّ يرتجعهنّ حتى يَكثر ذلك منه. انتهى. والذي يظهر لي من سياق الحديث خلاف ما فهمه ابن حبّان، والله أعلم. 2113 - [5179]- قوله: روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قرأ: (فَطَلِّقُوهُنَّ لِقُبُلِ عِدَّتِهِنَّ) وتكلموا في أنه قراءة أو تفسير. هو في حديث ابن عمر في طلاق امرأته في بعض طرق مسلم (¬4) من طريق [أبي] (¬5) الزبير أنّه سمع عبد الرحمن بن أيمن يسأل ابن عمر: كيف ترى في رجلٍ طلّق امرأتَه ... الحديث. وفيه (¬6) هذا. وأما اختلافهم في أنّه قراءة أو تفسير فقال الروياني في "البحر": لعله قرأ ذلك على وجه التّفسير لا على وجه التلاوة. وقال ابن عبد البر: هي قراءة ابن عمر، وابن عباس وغيرهما، لكنها شاذّة لكن لصحّة إسنادها يحتج بها، وتكون مفسّرة لمعنى القراءة المتواترة. ¬
2114 - [5180]- حديث: أن ابن عمر طلّق امرأته وهي حائض، فسأل عمر عن ذلك رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: "مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ... ". الحديث. متفق عليه (¬1)، واللّفظ للبخاري. وله عندهما ألفاظ، منها: عند مسلم (¬2) وحسبت لها التطليقة التي طلقتها. وفي رواية (¬3): فقلت لابن عمر: وحسبت تلك التطليقة؟ قال: فمه؟! وفي رواية لأبي داود (¬4) من طريق أبي الزبير، عن ابن عمر: فردّها عليّ ولم يَرها شيئًا. قال أبو داود: الأحاديث كلُّها على خلاف هذا. يعني: أنها حُسبت عليه بتطليقةٍ، وقد رواه البخاري (¬5) مصرّحًا بذلك، ولمسلم نحوه كما تقدم. لكن لم ينفرد أبو الزبير؛ فقد رواه عبد الوهاب الثقفي، عن عبيد الله، عن نافع: أنّ ابن عمر قال في الرجل يطلق امرأته وهي حائض. قال ابن عمر: لا يعتد بذلك. أخرجه محمّد بن عبد السّلام الخشّني، عن بندار، عنه. وإسناده صحيح. لكن يحمل قوله: "لا يعتد بذلك" على معنى: أنّه خالف السنّة، لا على معنى أنّ الطّلْقَة لا تُحسب جمعًا بين الرّوايات القويّة. والله أعلم. ¬
تنبيه
تنبيه اسم امرأته آمنة بنت غفار، قاله ابن باطيش (¬1). قلت: وهو كذلك في "تكملة الإكمال" (¬2) لابن نقطة، عزاه لابن سعد (¬3) من طريق ابن لهيعة، عن عبد الرحمن الأعرج، فذكره مرسلًا، ووقع فيه تصحيف. ورّويناه في "حديث قتيبة" جمع الْعَيّار بهذا السّند الذي فيه ابن لهيعة: أنّها آمنة بنت عفار. [5181]- وفي "مسند أحمد" (¬4) من حديث نافع: أن عمر قال: يا رسول الله إن عبد الله طلّق امرأته النّوار ... ويحتمل أن يكون هذا لقبها، وذاك اسمها. 2115 - قوله: وإذا خالع الحائض لا يحرم؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أطلق الأذن لثابت بن قيس في الخلع من غير بحث واستفصال عن حال الزوجة. أمَّا الحديث، فسبق في الخلع. ¬
وأما استدلاله ففيه نظر؛ لأن في رواية الشافعي (¬1) وغيره: أنّه - صلى الله عليه وسلم - خرج إلى الصّبح فوجد حبيبة بنت سهل عند بابه في الغلس .. انتهى. وبابه الذي يخرج منه إلى المسجد من لازم مَن يجيء إليه أن يدخل المسجد، ففي دخولها المسجد دليلٌ على كونها طاهرًا غيرَ حائضٍ. قلت: هكذا بحث المخرِّجُ (¬2) تبعًا لغيره، وفيه نظر لا يخفى على ذي فهم، بل لا يلزم من إطلاق الإذنِ بالنّسبة إلى زمنِ السنَّةِ والبدعةِ عمُومَه في [الحالتين] (¬3)، وأيضًا فإطلاق الإذن في الاختلاع يعارضه إطلاقُ المنعِ من طلاق الحائض، فبينهما عموم وخصوص وَجْهِي، فَتَعَارَضَا. * حديث: ابن عمر: "مُره فَلْيُرَاجِعْهَا". متفق عليه، وقد تقدم. * حديث: أن عويمر العجلاني لاعن امرأته، وقال: كذبتُ عليها إن أمسكتُها، هي طالقٌ. يأتي في "اللعان". 2116 - قوله: روي (¬4) في قصّة ابن عمر في بعض الرِّوايات أنّه - صلى الله عليه وسلم - قال: "مُرْه فَلْيُراجِعْهَا حتّى تَحيضَ، ثُمَّ تَطْهُرَ". ¬
والرواية المشهورة: "فَلْيُمْسِكْهَا إِلَى أَنْ تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ وَتَطْهُرَ مَرَّة أُخرَى". قلت: [5182]- الرّواية الأولى في الدارقطني (¬1) -بسند صحيح- من طريق معتمر، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عنه. وأقرب منه رواية النسائي (¬2) من طريق سالم: أن ابن عمر قال: طلقت امرأتي وهي حائض، فذكر ذلك عمرُ للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "لِيُرَاجِعْهَا ثُمَّ يُمْسِكْهَا حَتَّى تَحيضَ حيضَةً وتَطْهُرَ". والمشهورة متفق عليها (¬3). [5183]- والثانية لفظ لمسلم (¬4): فَأَمَره أن يراجعها، ثم يمسكَها حتّى تطهر، ثم تحيض، ثم يمهلها حتى تطهرَ من حيضها. [5184]- وفي مسلم (¬5) من طريق سالم أيضا عن ابن عمر: طلقت امرأتي وهي حائض، فذكر ذلك عمر للنبي - صلى الله عليه وسلم - فتغيظ فيه، ثمّ قال: مره فليراجعها حتى تحيض حَيضةً مستقبلِةً سوى حيضتها التي طلقها فيها. [5185]- ومن طريق عبد الله بن دينار (¬6) عن ابن عمر بلفظ: "مُرْهُ فَلْيُراجِعْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحيضُ حيضةً أخرى ثمّ تَطْهُر، ثمّ تطلَّق بعدُ أو تُمسَك". ¬
وفي هذا ما يقتضي إمكان ردّ رواية نافع إلى رواية سالم بالتّأويل، فالجمع بين الرّوايتين أولى، ولا سيما إذا كان الحديث واحدًا، والأصل عدم التعدد. 2117 - [5186]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - سئل عن قوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} فأين الثّالثة يا رسول الله؟ فقال: {أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}. الدارقطني (¬1) من طريق حماد بن سلمة، عن قتادة، عن أنس. وصحّحه ابن القطان (¬2). وقال البيهقي (¬3): ليس بشيء. ورواه الدارقطني أيضًا (¬4) والبيهقي (¬5) من حديث عبد الواحد بن زياد، عن إسماعيل بن سميع، عن أنس. وقالا جميعا: الصواب: عن إسماعيل، عن أبي رزين، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا. قال البيهقي: كذا رواه جماعة من الثقات. قلت: وهو في "المراسيل" (¬6) لأبي داود كذلك. قال عبد الحق (¬7): المرسل أصح. ¬
وقال ابن القطان (¬1): المسند أيضًا صحيح، ولا مانع أن يكون له في الحديث شيخان. 2118 - [5187] حديث: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى منزلَ حفصة فلم يجدها، وكانت قد خرجت إلى منزل أبيها، فدعا مارية إليه، وأتت حفصة فعرفت الحال، فقالت: يا رسول الله في بيتي، وفي يومي، وعلى فراشي. فقال -يسترضيها-: "إنّي أُسِرّ إليك سِرًّا فَاكتُمِيه هي عليَّ حَرَامٌ" فنزل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} الآيةَ. سعيد بن منصور (¬2) والبيهقي (¬3) من طريقه، عن هشيم، عن عبيدة، عن إبراهيم. [5188]- وعن جويبر، عن الضحاك: أنّ حفصة أم المؤمنين زارت أبَاها ذات يومٍ، وكان يومها، فلمّا جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يَرها في المنزلِ أرسل إلى أَمَتِه مارية القبطيّة، فأصاب منها في بيت حفصة، فجاءت حفصةُ على تلك الحال، فقالت: يا رسول الله أتفعلُ هذا في بيتي، في يَومي؛ قال: "فَإنَّها حَرَامٌ عَلَيَّ لاَ تُخْبِري بِذلكِ أحدًا". فانطلقت حفصة إلى عائشة فأخبرتْها بذلك، فأنزل الله ¬
تعالى في كتابه: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ ...} (¬1) إلى قوله: {وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} فَأُمِر أن يكفِّر عن يمينه، ويراجعَ أمَتَه. [5189]- ورواه الدارقطني (¬2) من حديث عمر، ولفظه: دخل النّبي - صلى الله عليه وسلم - بأمِّ وَلده مارية في بيت حفصة، فوجدته حفصة معها ... ثم ساقه بنحوه. وقال في آخره: فذكرته لعائشة، فآلى أن لا يدخل عليهنّ شهرًا. وأصل هذا الحديث: [5190]- رواه النسائي (¬3) والحاكم (¬4) وصححه من حديث أنس، قال: كانت للنبي - صلى الله عليه وسلم - أمَةٌ يطؤُها، فلم تزل به عائشة وحفصة حتى حرَّمها على نفسه، فأنزل الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ ...} الآية. [5191]- وروى أبو داود في "المراسيل" (¬5) عن قتادة قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيت حفصة، فدخلت فرأت معه فتاتَه، فقالت: في بيتي ويومي، فقال: "اسْكُتِي فَوالله لا أَقْرُبُهَا (¬6)، وَهي عَلَيَّ حَرامٌ". وبمجموع هذه الطّرق يتبيّن أن للقصَّة أصلًا أَصيلًا، لا كما زعم القاضي عياض (¬7): أنّ هذه القصّة لم تأتِ من طريق صحيحٍ، وغفل - رحمه الله - عن ¬
طريق النّسائي الّتي سَلَفَتْ، فكفى بها صحَّةً، والله الموفق. 2119 - [5192]- حديث ابن عباس: أنّ النّبي - صلى الله عليه وسلم - حرّم مارية على نفسه، فنزل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} الآية، فأَمَر النبي - صلى الله عليه وسلم - كلَّ من حرَّم على نفسه ما كان حلالا أن يعتق رقبةً أو يُطعم عشرةَ مساكين، أو يكسوهم. البيهقي (¬1) من رواية علي بن أبي طلحة، عنه، دون أوله، وزاد في آخره، وليس يدخل في ذلك طلاق. * حديث: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - خَيّر نساءَه بين المقام معه وبين مفارقته؛ لما نزل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ ...} وَالتي بعدها. متفق عليه (¬2) من حديث عائشة. وقد تقدم في "الخصائص". [5193]- وروى أحمد في "مسنده" (¬3) من حديث علي: أنّه خَيّر نساءَه بين الدّنيا والآخرة، ولم يخيِّرهن الطّلاق. ¬
* حديث: أنه قال لعائشة. لما أراد تخيير نساءِه.: "إنِّي ذَاكرٌ لَكِ أَمْرًا، فلا تُبادِرِيني بالجوَاب حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْكِ ... ". هو طرف من الذي قبله. ولم أر في شيء من طرقه قوله: "فلا تبادريني بالجواب" نعم جاء بمعناه (¬1). * حديث: "رُفِعَ الْقَلَمُ عَن ثَلَاثٍ ... ". تقدم في "الصلاة" من حديث علي وغيره. 2120 - [5194]- حديث: "ثَلاثٌ جدُّهنّ جدٌّ وَهَزْلُهنَّ جدٌّ: الطَّلَاقُ وَالنِّكَاحُ والْعَتَاقُ". الطبراني (¬2) من حديث فضالة بن عبيد، بلفظ: "ثَلاثٌ لا يَجُوزُ اللَّعِبُ فِيهِنَّ: الطَّلَاقُ، والنِّكَاحُ، والْعِتقُ". وفيه ابن لهيعة. [5195]- ورواه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" (¬3) عن بشر بن عمر، عن ابن لهيعة، عن عبيد الله بن أبي جعفر، عن عبادة بن الصامت رفعه: "لاَ يَجُوزُ اللعِبُ في ثَلاثٍ: الطَّلَاقُ، والنِّكَاحُ، والْعَتَاقُ، فَمَن قَالَهُن فَقَدْ وَجَبْنَ". [وهذا منقطع] (¬4). ¬
وفي الباب: [5196]- عن أبي ذر رفعه: "مَنْ طَلَّقَ وَهُو لَاعِبٌ فَطلاقُه جائزٌ، وَمَن أَعْتقَ وَهُو لاعِبٌ فَعَتَاقُهُ جائِزٌ، وَمَن نَكَحَ وَهُوَ لاَعِبٌ فَنِكَاحُهُ جَائِزٌ". أخرجه عبد الرزاق (¬1) عن إبراهيم بن محمَّد، عن صفوان بن سليم، عنه. وهو منقطع (¬2). [5197، 5198]- وأخرج عن علي (¬3) وعمر (¬4) نحوه موقوفًا. وفي هذا ردّ على ابن العربي وعلى النّووي حيث أنكرا على الغزَّالي إيرادَ هذا اللفظ. قال النووي: المعروف اللّفظ الأول بالرّجعة، بدل "الطلاق". وقال أبو بكر بن العربي: لا يصح. 2121 - [5199]- قوله: ويروى بدل "العتاق" "الرجعة". قلت: هذا هو المشهور فيه، وكذا رواه أحمد (¬5) وأبو داود (¬6) والترمذي (¬7) ¬
تنبيه
وابن ماجه (¬1) والحاكم (¬2) والدارقطني (¬3) من حديث عطاء، عن يوسف بن ماهك، عن أبي هريرة باللفظ المذكور أوّلًا، وفيه بدل "العتاق" "الرجعة". قال الترمذي: حسن. وقال الحاكم: صحيح. وأقره صاحب "الإلمام" (¬4) وهو من رواية عبد الرحمن بن حبيب بن أردك، وهو مختلف فيه، قال النسائي (¬5): منكر الحديث. ووثّقه غيره (¬6). فهو على هذا حَسَنٌ. تنبيه عطاء المذكور فيه، هو ابن أبي رباح، صرّح به في رواية أبي داود، والحاكم، ووهم ابن الجوزي (¬7) فقال: هو عطاء بن عجلان، وهو متروك (¬8). ¬
* حديث: "رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطأَ وَالنِّسْيَان ... ". الحديث. تقدم في "شروط الصلاة" وفي "كتاب الصيام". 2122 - [5200]- حديث عائشة: "لاَ طَلَاقَ في إِغْلَاقٍ". أحمد (¬1) وأبو داود (¬2) وابن ماجه (¬3) وأبو يعلى (¬4) والحاكم (¬5) والبيهقي (¬6) من طريق صفية بنت شيبة، عنها، وصححه الحاكم، وفي إسناده محمَّد بن عبيد ابن أبي صالح، وقد ضعفه أبو حاتم الرازي (¬7). ورواه البيهقي (¬8) من طريق ليس هو فيها، لكن لم يذكر عائشة. وزاد أبو داود وغيره: "ولا إِعْتَاق". 2123 - قوله: وفسره علماء الغريب بالإكراه. قلت (¬9): هو قول ابن قتيبة، والخطابي، وابن السيد، وغيرهم. ¬
وقيل: الجنون واستبعده المطرزي. وقيل الغضب: وقع في "سنن أبي داود" في رواية ابن الأعرابي. وكذا فسره أحمد، وردّه ابن السيد، فقال: لو كان كذلك لم يقع على أحد طلاقٌ؛ لأن أحدا لا يطلق حتى يغضب. وقال أبو عبيد: الإغلاق التضيق. 2124 - [5201، 5202]- قوله: ورد في الخبر: "أنّ مَنْ أَعْتَق شَقِيصًا مِنْ عَبْدٍ، أُعْتِق كُلُّه، إن كان لَه مالٌ وإلّا اسْتُسْعي غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْه". متفق عليه من حديث أبي هريرة (¬1)، وابن عمر (¬2)، وسيأتي. وفيه: عن أبي المليح، عن أبيه. 2125 - [5203]- حديث: "لاَ طَلاقَ إلَّا بَعْدَ نِكَاحٍ، وَلاَ عِتْقَ إلَّا بَعد مِلْكٍ". هذا الحديث أخرجه الحاكم في "المستدرك" (¬3)، وصححه من حديث جابر، وقال: أنا متعجِّب من الشّيخين كيف أهملاه فقد صح على شرطهما من حديث ابن عمر، وعائشة، وعبد الله بن عباس، ومعاذ بن جبل، وجابر. انتهى. ¬
[5204]- وأما حديث ابن عمر؛ فرواه نافع عنه بلفظ: "لاَ طَلَاقَ إلَّا بَعْد نِكَاحٍ". وإسناده ثقات، أخرجه ابن عدي (¬1) عن ابن صاعد. قال ابن صاعد: غريب لا أعرف له علّة. قلت: وقد بين ابن عدي علّته. [5205]- وأمّا حديث عائشة، فمن رواية الزّهري عن عروة، عنها. قال ابن أبي حاتم في "العلل" (¬2) عن أبيه: حديث منكر (¬3). قلت: وسيأتي له طرق في الكلام على حديث المسور، وقد رواه الحاكم (¬4) من طريق حجاج بن منهال، عن هشام الدستوائي، عن هشام، عن عروة، عن عائشة مرفوعا. [5206]- وأما حديث ابن عباس، فمن رواية عطاء بن أبي رباح، عنه، أخرجه الحاكم (¬5) من رواية أيوب بن سليمان الجزري، عن ربيعة، عنه. وفيه من لا يعرف. وله طريق أخرى عند الدارقطني (¬6) من طريق سليمان بن أبي سليم، عن يحيى ابن أبي كثير، عنه، وسليمان ضعيف. ¬
[5207]- وأما حديث معاذ؛ فمن رواية طاوس، عن معاذ (¬1)، وهو مرسل. وله طريق أخرى عند الدارقطني (¬2) عن سعيد بن المسيب، عن معاذ، وهي منقطعة أيضا، وفيها يزيد بن عياض، وهو متروك. [5208]- وأما حديث جابر، فمن رواية محمَّد بن المنكدر (¬3). وله طرق عنه، بينتها في "تغليق التعليق" (¬4). وقد قال الدارقطني: الصحيح مرسل، ليس فيه جابر. وأعله ابن معين وغيره بشيء آخر سيأتي. ومن رواية أبي الزبير؛ رواه أبو يعلى الموصلي (¬5)، وفي إسناده مبشر بن عبيد، وهو متروك. قلت: وفي الباب: [5209]- عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال الترمذي: هو أحسن شيء روي في هذا الباب، وهو عند أصحاب "السنن" (¬6) بلفظ: "لَيس عَلَى رَجُلٍ طَلاقٌ فِيما لاَ يَمْلِكُ ... " الحديث. ورواه البزار من [طريقه] (¬7) بلفظ: "لاَ طَلاقَ قَبْل نِكِاحٍ وَلاَ عِتْقَ قَبل مِلْكٍ". ¬
وقال البيهقي في "الخلافيات" (¬1): قال البخاري: أصحّ شيء فيه وأشهره: حديثُ عمرو بن شعيب، وحديث الزهري، عن عروة، عن عائشة. [5210]- وعن علي، ومداره على جويبر، عن الضحاك، عن النّزال بن سبرة، عن علي (¬2). وجويبر متروك. ورواه ابن الجوزي في "العلل" (¬3) من طريق أخرى، عن علي، وفيه عبد الله ابن زياد بن سمعان، وهو متروك. وفي الطبراني من طريق عبيد الله بن أبي أحمد بن جحش، عن علي. وقد سبق في "باب الفيء والغنيمة". [5211]- وعن المسور بن مخرمة، رواه ابن ماجه (¬4) بإسناد حسن، وعليه اقتصر صاحب "الإلمام" (¬5). لكنه اختلف فيه على الزهري فقال: علي بن الحسين بن واقد، عن هشام بن سعد، عنه، عن عروة عن المسور. وقال حماد بن خالد: عن هشام بن سعد، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة. [5212 - 5216]- وعن أبي بكر الصديق، وأبي هريرة، وأبي موسى الأشعري، وأبي سعيد الخدري، وعمران بن حصين، وغيرهم، ذكرها ¬
البيهقي في "الخلافيات" (¬1). [5217]- وروى الحاكم (¬2) من طريق ابن عباس قال: ما قالها ابن مسعود، وإن كان قالها فزلّة من عالِم في الرّجل يقول: إن تزوجت فلانة فهي طالق، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} , ولم يقل: إذا طلّقتموهن، ثم نكحتموهن. ورواه عنه بلفظ آخر (¬3) وفي آخره: فلا يكون طلاق حتى يكون نكاحٌ. وهذا علقه البخاري (¬4)، وقد أوضحته في "تغليق التعليق" (¬5)، وسيأتي في الحديث الذي بعده من [طريق] (¬6) أخرى. ومقابل تصحيح الحاكم قولُ يحيى بن معين (¬7): لا يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "لاَ طَلَاقَ قَبْل نِكَاح" وأصح شيء فيه: حديث ابن المنكدر، عمن سمع طاوسا، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، مرسلًا. [5218]- وقال أبو داود الطيالسي (¬8): حدثنا ابن أبي ذئب، حدثني من سمع عطاء، عن جابر، نحوه. ¬
ورواه ابن أبي شيبة (¬1) عن وكيع، عن ابن أبي ذئب، عن عطاء، وابن المنكدر، عن جابر. واستدركه الحاكم (¬2) من حديث وكيع، وهو معلول. ورواه أبو قرة في "سننه" عن ابن جريج، عن عطاء، عن جابر مرفوعا. وقال ابن عبد البر في "الاستذكار" (¬3): روي من وجوه إلاّ أنّها عند أهل العلم بالحديث (¬4) معلولة. 2126 - [5219]- حديث عبد الرحمن بن عوف: دعتني أمّي إلى قريب لها، فراودني في المهر، فقلت: إنْ نكحتها فهي طالق ثلاثًا، ثم سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "انْكِحْهَا؛ فَإنَّه لاَ طَلَاقَ قَبْلَ نِكَاح". لم أجد له أصلًا من حديث عبد الرحمن بن عوف، لكن قريب من هذه القصّة: [5220]- ما أورده الدّارقطني (¬5) من حديث زيد بن علي بن الحسين، عن آبائه: أن رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إن أمي عرضت علي قرابة لها أن أتزوجها، فقلت: إن تزوجتها فهي طالق ثلاثا، فقال: "هَل كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ ¬
مِلْكٍ؟ " قال: لا. قال: "لاَ بَأْسَ تَزَوَّجْهَا". وإسناده ضعيف. [5221]- وأورد أيضا (¬1) عن أبي ثعلبة الخشني قال: قال عم لي: اعمل لي عملًا حتى أزوّجك ابنتي، فقلت: إن تزوجتها فهي طالق ثلاثًا، ثم بدا لي أن أتزوّجها، فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ... فذكر الحديث. وفيه علي بن قرين، وهو متروك. 2127 - [5222]- قوله: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "الطَّلاقُ بِالرِّجَالِ والْعِدَّةُ بِالنِّسَاء". الدارقطني (¬2) والبيهقي (¬3) من حديث ابن مسعود، موقوفا. [5223]- والبيهقي (¬4) عن ابن مسعود وابن عباس موقوفا أيضا. [5224]- وقال أحمد في "العلل" (¬5): أخبرنا محمَّد بن جعفر، أخبرنا همام، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب: أنّ عليا قال: البتّ (¬6) بالنّساء -يعني الطلاق- والعدة. قلت لهمام: ما يرويه أحد غيرك؟ قال: ما أشك فيه. ¬
2128 - [5225]- قوله: روي عن ابن عمر مرفوعًا وموقوفا: "الْعَبْدُ يطلّقُ تَطْلِيقَتَيْن". مالك في "الموطأ" (¬1) والشافعي (¬2) عنه، عن نافع، عن ابن عمر، موقوفا. ورواه ابن ماجه (¬3) والدارقطني (¬4) والبيهقي (¬5) من وجه آخر عن ابن عمر مرفوعا: "طَلاقُ الأَمَةِ اثنتَان، وعدَّتُها حَيْضتَان". وفي إسناده عمر بن شبيب، وعطية العوفي وهما ضعيفان، وصحّح الدارقطني (¬6) والبيهقي (¬7) الموقوف، ولفظه عندهما: إذا طلق العبد امرأته تطليقتين فقد حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره؛ حرَّةً كانت أو أمةً، وعدة الحرّة ثلاثُ حيض، وعدّة الأَمَة حيضتان. [5226]- وفي "السنن" (¬8) من طريق مظاهر بن أسلم، عن القاسم، عن عائشة مرفوعا: "طلَاقُ الأَمَةِ تَطْلِيقَتَان وَعِدَّتُهَا حَيْضَتَان". ورواه البيهقي (¬9) من طريق عطية، عن ابن عمر أيضا. ¬
2129 - [5227]- حديث: أنّ ركانة بن عبد يزيد أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني طلّقت امرأتي سُهيمة البتّة، ووالله ما أردت إلا واحدةً، فرَّدَهَا عليه. الشافعي (¬1) وأبو داود (¬2) والترمذي (¬3) وابن ماجه (¬4). واختلفوا هل هو من مسند ركانة أو مرسل عنه، وصححه أبو داود (¬5) وابن حبان (¬6) والحاكم (¬7). وأعلّه البخاري (¬8) بالاضطراب. وقال ابن عبد البر في "التمهيد" (¬9): ضعفوه. وفي الباب: [5228]- عن ابن عباس، رواه أحمد (¬10) والحاكم (¬11)، وهو معلول أيضا. ¬
2130 - [5229]- حديث: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ طَلَّقَ أَوْ أَعْتَقَ وَاسْتَثْنَى فَلَهُ ثُنْيَاهُ". أبو موسى المديني في "ذيل الصحابة" من حديث معدي كرب. [5230]- وروى البيهقي (¬1) من حديث ابن عباس: "مَنْ قَالَ لامْرَأَتِه: أَنْتِ طَالِقٌ إِن شَاء الله، فَلا شَيْءَ عَلَيْه، وَمَنْ قَال لِغُلامِه: أَنْتَ حُرٌّ إِنْ شاءَ الله، أَوْ عَلَيْه الْمَشْيُ إِلى بَيْتِ الله فَلاَ شَيْءَ عَلَيْه". وفي إسناده إسحاق بن أبي يحيى الكعبي، وفي ترجمته أورده ابن عدي في "الكامل" (¬2) وضعفه. [5231]- قال البيهقي (¬3): وروي عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده. والرّاوي عنه الجارود بن يزيد ضعيف (¬4). وفي الباب: عن ابن عمر، سيأتي في "كتاب الإيمان والنذور". 2131 - قوله: الاستثناء معهود، وفي القرآن والسنة موجود. هو كما قال، أمَّا آيات القرآن فكثيرة، ووقع في "كتاب الاستثناء" للقرافي عَدُّ آيات الاستثناء الواقعة فيه. وأمّا السنّة؛ فكثيرة، كحديث: "لاَ صَلاَةَ إلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ". ¬
[5232]- وحديث أبي داود في قصة الفتح: "والله لأَغْزُوَنَّ قُرَيشًا، والله لأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا -ثلاثًا، ثمّ قَال-: إنْ شَاءَ الله". أخرجه أبو داود (¬1) وابن حبان (¬2). [5233]- وفي "السنن الأربعة" (¬3) عن ابن عمر مرفوعا: "مَن حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فقال: إنْ شَاء الله لَمْ يَحْنَثْ". [5234]- وفي "الكامل" (¬4) لابن عدي حديث ابن عباس، المتقدم قبله. 2132 - قوله: وكثيرا ما وقع في كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنّه كرّر اللّفظ الواحِدَ. هو كما قال؛ [5235]- ففي البخاري (¬5) عن أنس: أنّ النّبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا تَكلّم بكلمةٍ أعادها ثلاثًا، وإذا سلّم سلم ثلاثًا. [5236]- وفي مسلم (¬6) عن ابن مسعود: كان إذا دعا دعا ثلاثًا، وإذا سَأل سأل ثلاثًا. ¬
ولأحمد (¬1) وابن حبان (¬2) عنه: كان يعجبه أن يدعو ثلاثًا، ويستغفر ثلاثا. * وتقدم قوله: " ... فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ" في حديث: "لاَ نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ ... ". * وفي حديث ذكر الكبائر قال: " ... ألاَ وَقَوْلُ الزّورِ"، فما زال يكرّرها. * وفي قصة الفتح قال. "وَالله لأَغزُوَنَّ قُرَيشًا". ثلاثًا .. 2133 - قوله -مستدلًا على إمكان الصّعود إلى السّماء والطّيران عقلا- بأنّه قد أسري برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ورفع عيسى عليه السلام إلى السّماء، وأعطي جعفر جناحين يطير بهما. أمَّا الإسراء بالنبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فمبني على أن ذلك كان بجسده، وهو قول الأكثر، كما قاله عياض (¬3) -قال: وسياق مسلم (¬4) من طريق حماد عن ثابت، عن أنس ابن مالك بن صعصعة دالّ عليه- والله أعلم. وأمّا رفع عيسى؛ فاتفق أصحاب الأخبار والتفسير على أنّه رفع ببدنه حيًّا، ¬
وإنما اختلفوا هل مات قبل أن يرفع أو نام فرفع؟ وأمّا قصة جعفر بن أبي طالب؛ فالأحاديث متفقة على أنّه لم يُعطَ الجناحين إلا بعد موته، فلا يتمّ الاستدلال به: [5237]- ففي الترمذي (¬1) وابن حبان (¬2) من حديث أبي هريرة مرفوعا: "أُرِيتُ جَعْفَرًا مَلَكًا يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ". [5238]- وللطبراني (¬3) من حديث ابن عباس مرفوعا: "إنَّ جَعْفَر بن أَبِي طَالِبٍ يَمُرّ (¬4) مَعَ جِبْرِيلَ ومِيكَائِيلَ، لَهُ جَنَاحَانِ عَوَّضَهُ الله مِنْ يَدَيْهِ ... ". الحديث. [5239]- وفي البخاري (¬5) عن الشعبي: أنّ ابن عمر كان إذا سلم على ابن جعفر قال: السَّلام عليك يا ابن ذي الجناحَيْنِ. [5240]- وأورده الحاكم (¬6) من طرق، عن البراء، وعن ابن عباس، وإسنادهما ضعيف. [5241]- وروي عن علي في "الكامل" (¬7) لابن عدي. ¬
* حديث: "الْمُؤْمِنُونَ عِنْد شُرُوطِهِمْ". تقدم في "البيوع". * حديث: "صُوموا لِرُؤيتِه ... ". تقدم في "الصّوم". ****
ذكر الآثار التي في كتاب الطلاق
ذكر الآثار التي في كتاب الطلاق 2134 - [5242]- حديث: أنّ رجلًا على عهد عُمر قال لامرأته: حَبلك عَلى غَارِبكِ، فقال الرجل: أردت الفراق، قال: هو ما أردت. مالك في "الموطأ" (¬1) والشافعي (¬2) عنه، أنه بلغه: أنّه كتب إلى عمر من العراق، أن رجلا (¬3) قال لامرأته: حبلك على غاربك، فكتب عمر إلى عامله: أن مُرْه فليوافِنِي في الموسم، فذكره ... وفيه: أنّه استحلفه عند البيت، فقال: أردت الفراق، فقال: هو ما أردت. [5243]- ورواه البيهقي (¬4) من طريق غسان بن مضر، عن سعيد بن زيد، عن أبي الحلال العتكي: قال: جاء رجل إلى عمر، فقال عمر: واف معنا الموسم، فأتاه الرّجل في المسجد الحرام، فقال: أترى ذلك الأصلع الّذي يطوف، اذهب إليه فَسَلْه، ثمّ ارجع. فذهبت إليه، فإذا هو علي .. فذكر الحديث، وأنه قال له: استقبل البيت واحلف ما أردت طلاقا، فقال الرجل: أنا أحلف بالله ما أردت إلا الطّلاق، فقال: بانت منك. ¬
وفي الباب: [5244]- حديث عائشة في قصّة بنت الْجَوْن، حيث قال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الْحَقِي بِأَهْلِكِ". أخرجه البخاري (¬1)، قال البيهقي: زاد ابن أبي ذئب، عن الزهري، وفيه: "الْحَقِي بِأَهلك" جعلها تطليقةً. قال: وهذا من قول الزهري. [5245]- وفي "الصحيحين" (¬2) حديث كعب بن مالك في تخلّفه عن تبوك، فقيل له: اعتزل امرأتك، قال: أطلقها أم ماذا أفعل؟ قال: "بَل اعْتَزِلْهَا"، فقال لها: الْحَقي بأهلكِ فكوني عندهم. فلم يرد الطّلاقَ، فلم تُطلَّق. 2135 - [5246]- حديث: أنّ رجلًا أتى ابن عباس فقال: إنّي جعلت امرأتي عليّ حرامًا، قال: كذبتَ ليستْ عليك بحرامٍ، ثم تلا: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ...} الآية. النسائي (¬3) بهذا، وزاد في آخره: عليك أغلظ الكفارة؛ عتق رقبة. [5247]- وفي "الصحيحين" (¬4) عن ابن عباس: في الحرام يَمينٌ يكفِّرها. [5248]- وللبخاري (¬5): إذا حرّم امرأته فليس بشيء، وقال: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ ¬
فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ}. 2136 - [قوله] (1): اختلفت الصّحابة في لفظ: الحرام؛ فذهب أبو بكر وعائشة إلى أنه يمين، وكفارته كفارة يمين، وذهب عمر إلى أنّه صريح (2) في الطّلقات، وبه قال علي، وزيد، وأبو هريرة، وذهب ابن مسعود إلى أنّه ليس بيمين، وفيه كفارة يمين. [5249]- أمَّا أبو بكر؛ فقال ابن أبي شيبة (3): حدثنا عبد الرّحمن بن سليمان، عن جويبر، عن الضحاك: أنّ أبا بكر وعمر وابن مسعود قالوا: من قال لامرأته هي عليّ حرام فليست بحرام، وعليه كفارة يمين. وهذا ضعيف، ومنقطع أيضا. [5250]- وأمّا عائشة، فرواه البيهقي (4) والدارقطني (5) من طريق مطر الوراق، عن عطاء، عنها: أنها قالت: في الحرام يمين تكفّر. وأمّا عمر؛ فقال البيهقي: اختلفت الرواية فيه عن عمر: [5251]- فروى عنه أنّه قال فيه: هو يمين يكفّرها.
[5252]- وروي عنه: أنّه أتاه رجل قد طلّق امرأته تطليقةً، فقال: أنت عليّ حرام، فقال عمر: لا أردّها إليك. ثم ساق الإسناد إليه، فالأول: من طريق جابر الجعفي عن عكرمة، عن ابن عباس، وهو ضعيف. لكن له شاهد: [5253]- أخرجه عبد الرزاق (¬1) عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، عن عمر منقطعا. والثّاني من طريق النّخعي عنه، وهو منقطع. وأمّا علي وزيد بن ثابت؛ فقال البيهقي (¬2): روّينا عن علي وزيد بن ثابت في البريّة والبتة والحرام: أنّها ثلاث ثلاث. [5254]- قال: وروى مطرّف عن الشعبي في الرّجل يجعل (¬3) امرأته عليه حراما قال: يقولون: إنّ عليًّا قال: لا أحلّها ولا أحرّمها. ثم ساق سنده. [5255]- وفي "الموطأ" (¬4) عن مالك: أنّه بلَغه عن عليٍّ: أنه قال في قول الرّجل لامرأته: أنت عليّ حرام ثلاث تطليقات. [5256]- وروى عبد الرزاق (¬5)، عن معمر، عن الزّهري، عن زيد بن ثابت، ¬
قال: هي ثلاث. [5257]- ورواه ابن أبي شيبة (¬1) من طريق قتادة، عنه. وعن عبد الوهاب الثقفي، عن شعبة، عن مطر، عن حميد بن هلال، عن سعد بن هشام، عن زيد بن ثابت، قال: هي ثلاث، لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره. وهذه الرواية أوصلُ الرّوايات عنه. [5258]- وجاء عنه من طريق قبيصة بن ذؤيب، قال: سألت زيد بن ثابت، وابن عمر عمّن قال لامرأته: أنت عليَّ حرام؟ قالا جميعًا: كفارة يمين. وسندها صحيح، أخرجه ابن حزم (¬2). * وأما أبو هريرة؛ فحكاها أيضًا أبو بكر بن العربي، ولم أقف على إسنادها. وأما ابن مسعود؛ فرواه البيهقي (¬3) من طرق. [5259]- منها: نيّته في الحرام ما نَوى، إن لم يكن نوى طلاقا؛ فهي يمين. وهذه رواية الشافعي (¬4) من طريق الحكم، عن إبراهيم، عنه. [5260]- وفي لفظ: إن نَوى يمينًا فيمين، وإن نوى طلاقا؛ فطلاق. وهذه رواية الثوري، عن أشعث، عن الحكم. [5261]- وفي رواية: إن نوى؛ فهي تطليقة رجعيّة، وإن لم ينو طلاقا؛ فيمين يكفرِّها. وهذه رواية عبد الرزاق (¬5) عن الثوري. ¬
تنبيه
[5262]- وعن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن مسعود قال: هي يمين يُكفِّرها. وكل هذا مخالف لما نقل المصنِّف. 2137 - [5263]- قوله: عن قدامة بن إبراهيم: أنّ رجلا على عهد عمر بن الخطاب تدلّى بحبل ليشتارَ عسلًا، فأقبلت امرأته فجلست على الحبل، وقالت: تطلقني ثلاثًا، وإلا قطعت الحبل فذكَّرَها بالله والإِسلام، فأبت، فطلقها ثلاثًا، ثمّ خرج إلى عمر، فذكر ذلك له، فقال: ارجع إلى أهلك فليس بطلاق. البيهقي (¬1) من طريق عبد الملك بن قدامة بن محمَّد بن إبراهيم بن حاطب الجمحي، عن أبيه، وهو منقطع؛ لأن قدامة لم يدرك عمر. وفي الباب: [5264]- عن ابن عباس، وعلي، وابن عمر، وابن الزبير، وغيرهم قالوا: ليس على مكَره طلاقٌ. أخرجه ابن أبي شيبة (¬2) وغيره. تنبيه [5265]- روى العقيلي (¬3) من حديث صفوان بن عمران الطائي نحو هذه ¬
القصّة مرفوعا، قال: فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا قيلولة في الطّلاق"، ذكره ابن أبي حاتم في "العلل (¬1)، عن أبي زرعة، وأنه واهٍ جدًّا. 2138 - [5266]- حديث: أنّ عمر سُئل عمّن طلّق طلقتَيْن فانقضت عدَّتُها، فتزوّجها غيره، وفارقها، ثمّ تزوَّجها الأوّل، فقال: هي عنده على ما بقي من الطلاق. رواه البيهقي (¬2) من طريق الحميدي، عن سفيان، عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحين، وعبيد الله بن عبد الله، وسليمان بن يسار، عن أبي هريرة. وعن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، قال: سألت عمر عن رجل ... فذكره. وإسناده صحيح. 2139 - [5267]- حديث: أنّ نُفيعا -وكان عبدًا لأمّ سلمة- سأل عثمان وزيدًا فقال: طلّقت امرأتي وهي حُرّة تطليقتَيْن؟ فقالا: حرمت عليك. مالك في "الموطأ" (¬3) والشافعي (¬4) عنه، به، وأتم منه. ¬
[5268]- ورواه (¬1) عبد الرزاق (¬2) من وجه آخر، عن أم سلمة: أنّ غلامًا لها طلّق امرأةً لَه حرّة تطليقتَيْن، فاستفتت أمّ سلمة النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "حَرُمَتْ عَلَيْه". وفي إسناده عبد الله بن زياد بن سمعان، وهو متروك. 2140 - [5269]- حديث: أنّ عبد الرحمن بن عوف طلّق امرأتَه الكَلْبيّة في مرض موته، فورَّثَها عثمان. عبد الرزاق في "مصنفه" (¬3) عن ابن جريج: أخبرني بن أبي مُليكة أنّه سأل عبد الله بن الزّبير فقال له: طلّق عبد الرّحمن بن عوف بنت الأصبغ الكلبيّة، فبتَّها، ثمّ مَات، فورّثها عثمان في عدَّتها. ورواه الشافعي (¬4) عن مسلم، عن ابن جريج، به، وسَمَّاها تُمَاضر، وقال: هذا حديث متّصل. وزاد: قال ابن الزبير: وأما أنا فلا أرى أن تَرث مبتوتةٌ. [5270]- ورواه مالك في "الموطأ" (¬5) عن ابن شهاب، عن طلحة بن عبد الله ابن عوف. وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن: أنّ عبد الرحمن بن عوف طلق امرأته البتّة، وهو مريض، فورَّثَها عثمان بن عفان منه بعد انقضاء عدّتها. قال الشافعي: هذا منقطع، وحديث ابن الزبير متصل. ¬
تنبيه
2141 - [5271]- قوله: وكان الطلاق في هذه القصّة بسؤالها. مالك (¬1) عن ربيعة: بلغني أنّ عبد الرحمن بن عوف سألته امرأته أن يطلِّقَها، فقال: إذا حِضت ثمّ طهرت فآذنيني، فلم تحض حتى مَرِض عبد الرحمن بن عوف، فلما طهرت آذنته فطلَّقها البتَّة، أو تطليقةً لم يكن بقي له عليها من الطلاق غيرها. تنبيه تماضر - بضمّ التّاء المثناة. والأصبغ: بغين معجمة. 2142 - قوله: وقال الفرزدق يمدح عبد الملك بن هشام بن هشام: وَمَا مِثْلُهُ فيِ النَّاسِ إلَّا مُمَلَّكَا ... أَبُو أُمِّهِ حَيٌّ أَبُوهُ يُقَارِبُه (¬2) كذا وقع فيه وفي "المهذب" (¬3): قال يمدح هشام بن إبراهيم، خال هشام بن عبد الملك! قال النووي (¬4): الصّواب: يمدح إبراهيمَ بن هشام بن إبراهيم بن المغيرة خال هشام بن عبد الملك. انتهى. وهو صوابٌ لكن فيه خطأ أيضا، والصّواب: أنّه إبراهيم بن هشام بن إسماعيل ¬
ابن هشام بن الوليد بن المغيرة، وخبره في "أنساب الزبير" (¬1) وغيرها. 2143 - [5272]- حديث ابن عباس: أنّه سئل عن رجل قال لامرأته: أنت طالق إلى سنةٍ، فقال: هي امرأته يستمتع بها إلى سنة. الحاكم (¬2) والبيهقي (¬3) عن ابن عباس، أنه قال: إذا حلف الرّجل على يمين؛ فله أن يستثني ولو إلى سنة. [5273]- وروى البيهقي (¬4) عن حماد، عن إبراهيم في رجل قال لامرأته: هي طالق إلى سنة، قال: هى امرأته يستمتع منها إلى سنة. قال: روي مثله عن ابن عباس، 2144 - قوله. لما ذكر المسألة السُّرَيْجِيّة (¬5) -: أنّه وجد في بعض التعاليق: أنّ مذهب زيد بن ثابت: أنه لا يقع الطلاق في المسألة السُّريجيَّة. لا أصل له عن زيد ولا عمرو؛ فقد قال الدارقطني: كان ابن سريج رجلًا ¬
فاضلًا لولا ما أحدث في الإسلام من مسألة الدّور في الطلاق. وهذا من الدّارقطني دالٌّ على أنّه لم يُسبق ابن سُريج إلى ذلك. قلت: وكذا قول جماعة من الشّافعية: أن ذلك في النّصّ أو مقتضى النَّصِّ؛ ليس بصحيح، والذي وقع في النَّصِّ قول الشافعي: لو أَقرّ الأخُ الشّقيق بابن لأخيه الميت؛ ثبت نسبُه، ولم يَرث؛ لأنه لو وَرث لخرج المقِرّ عن أن يكون وارثًا، ولو لم يكن وارثًا لم يقبل إقرارُه بوارثٍ آخر، فتوريث الابن يُفضي إلى عدم توريثِه، فَتَساقَطاَ. فأخذ ابن سُريج من هذا النّص مسألة الطلاق المذكورة، ولم ينصّ الشّافعي عليها في وِرْدٍ ولا صَدْر. **** ¬
(48) كتاب الرجعة
(48) كِتَابُ الرَّجْعَةِ
* حدثنا ابن عمر في قصة طلاقه: "مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا". تقدم. وفي الباب: 2145 - [5274]- حديث ابن عباس، عن عمر: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - طلق حفصة، ثمّ راجعها. أخرجه (¬1) أبو داود (¬2) والنسائي (¬3) وابن ماجه (¬4) والحاكم (¬5). وأخرج (¬6) له شاهدا، عن أنس. * حديث: أنّه قال لركانة: "ارْدُدْهَا ... ". تقدم، لكن بلفظ: "ارْتَجِعْهَا". 2146 - [5275]- حديث: "يُجَمَعُ خَلْقُ أَحَدِكُمْ في بَطْنِ أُمِّهِ؛ أَرْبَعُونَ يَومًا نُطْفَةً، وَأَرْبَعُونَ يَوْمًا عَلقَةً، وَأَرْبَعُونَ يَومًا مُضْغةً، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ". ¬
متفق على صحّته (¬1) عن ابن مَسعود. 2147 - [5276]- حديث: أن عمران بن حصين سُئل عمّن راجع امرأةً ولم يشهد؟ فقال: راجع في غير سنة، فيشهد الآن. أبو داود (¬2) وابن ماجه (¬3) والبيهقي (¬4) واللفظ له، وهو أتم. زاد الطبراني (¬5) في رواية: واستغفر الله. 2148 - [5277]- حديث: أنّ عثمان أتى بامرأة وَلدتْ لستّة أشهر، فتشاور القوم في رَجمها، فقال ابن عباس: أنزل الله: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا}، والفصال في عامَيْن، فكان أقلَّ الحمل ستّة أشهر. مالك في "الموطأ" (¬6): أنّه بلغه: أن عثمان ... لكن فيه: أنّ المناظر في ذلك عليّ لا ابن عباس. [5278]- ورواه ابن وهب -بسندٍ صحيح- عن عثمان، وأنّ المناظر له ابن عباس، وكذا أخرجه إسماعيل القاضي في "أحكام القرآن" من طريق ¬
الأعمش، أخبرني صاحبٌ لابن عباس، قال: تزوجت امرأةً فولدت لستّة أشهر من يوم تزوّجت، فأُتِي بها عثمان، فأراد أن يرجمها، فقال ابن عباس لعثمان: إنّها إن تخاصمكم بكتاب الله تَخْصِمْكم. [5279]- ورواه الحاكم في "المستدرك" (¬1) من حديث أبي حرب بن أبي الأسود، عن أبي الأسود، عن عمر. والمناظر له في ذلك علي بن أبي طالب. والله أعلم. 2149 - قوله: وحكى القُتَيبي وغيره: أنّ عبد الملك بن مروان وُلِد لستّة أشهر. هكذا ذكر ابن قتيبة في "المعارف" (¬2)، وذكر ابن دريد في "الوشاح": أنّه ولد لسبعة أشهر. **** ¬
(49) كتاب الإيلاء
(49) كِتَابُ الإِيلاءِ
* حديث: "مَن حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأى غَيرهَا خَيرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِي هُو خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ عَن يَمِينِه". متفق عليه (¬1) من حديث عبد الرحمن بن سمرة. وسيأتي في "الأيمان". 2150 - [5280]- حديث: "الطَّلَاقُ لِمَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ". ابن ماجه (¬2) عن ابن عباس بلفظ: "إنّمَا الطَّلَاقُ ... ". وفيه قصة، وفي إسناده ابن لهيعة، وهو ضعيف. وله طريق أخرى عند الطبراني في "الكبير" (¬3) وفيه يحيى الحماني. ورواه ابن عدي (¬4)، والدّارقطني (¬5) من حديث عصمة بن مالك، وإسناده ضعيف. 2151 - [5281]- قوله: رووا: أنّ عمر كان يطوف ليلًا فسمع امرأة تقول في طرف بيتها: أَلاَ طَالَ هَذَا اللَّيْلُ وَازْوَرَّ جَانِبُه ... وَأَرَّقَنِي أَنْ لاَ خَلِيلَ أُلَاعِبُه ¬
الحديث، وفيه: فسأل عمر من النّساء: كم تصبر المرأةُ (¬1) عن زوجها، تصبر شهرًا؟ فقلن: نعم، قال: تصبر شهرين؟ فقلن: نعم. قال: ثلاثة أشهر؟ قلن: نعم، ويقلّ صبرها، قال: أربعة أشهر؟ قلن: نعم ويَفنى صبرُها -فكتب إلى أمراء الأجناد في رجال غابوا عن نسائهم أربعة أشهر، أن يردّوهم. 2152 - [5282]- ويروى: أنّه سأل عن ذلك حفصة، فأجابت بذلك. قلت: لم أقف عليه مفَّصلا هكذا، وإنما: [5283]- روى البيهقي في أوائل "كتاب السير" (¬2) من رواية مالك، عن عبد الله ابن دينار، عن ابن عمر، فذكره بمعناه، وفيه الشعر. فقال عمر لحفصة: كم أكثر ما تصبر المرأة عن زوجها؟ قالت: ستّة أشهر، أو أربعة أشهر. كذا ذكره بالشّك، ورواه ابن وهب، عن مالك، عن عبد الله بن دينار، فأرسله، وجزم بستة أشهر. قال ابن وهب: وأخبرني رجالٌ من أهل العلم، منهم ابن سمعان قال: بلغنا أنّ عمر ... فذكره، وقالت: نصف سنة، فكان يجهّز البعوثَ ويُقْفِلُهم في ستّة أشهر. [5284]- ورواه الخرائطي في "اعتلال القلوب" من طرقٍ منها: عن سعيد بن جبير، وفيها يقولون: إنّ هذه المرأة هي أمّ الحجاج بن يوسف. قلت: ولا يصح ذلك. ¬
[5285]- وروى عبد الرزاق (¬1) عن ابن جريج، أخبرني من أصدّق: أنّ عمر بينا هو يطوف سَمع امرأةً ... فذكره. فقال: مَا لكِ؟ قالت: أَغْزَيْتَ زوجي منذ أربعةِ أشهر. فسأل حفصة، فقالت: ثلاثة أشهر، وإلا فأربعة. فكتب عمر لا يحبس أكثر من أربعة. [5286]- ورواه سعيد بن منصور من وجه آخر، عن زيد بن أسلم، فقالت حفصة: أربعة أشهر، أو خمسة أشهر، أو ستة أشهر. **** ¬
(50) كتاب الظهار
(50) كِتَابُ الظِّهَارِ
2153 - [5287]- حديث: أنّ أوس بن الصّامت ظاهر من زوجته خَوْلة بنت ثعلبة -على اختلاف في اسمها ونسبها- فأتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تشتكيه، فأنزل الله عَزَّ وَجَلَّ: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا}. الحاكم (¬1) وابن ماجه (¬2) من حديث عروة، عن عائشة، قال: تبارك الذي وسع سمعُه كل شيء؛ إنِّي لأسمع كلامَ خولة بنت ثعلبة، ويخفى عليَّ بعضُه، وهي تشتكي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكر الحديث. وفي آخره: قال: وزوجها ابن الصّامت. وأصله في البخاري (¬3) من هذا الوجه، إلا أنّه لم يسمِّها. [5288]- ورواه أبو داود (¬4) من رواية يوسف بن عبد الله بن سلام، عن خويلة بنت مالك بن ثعلبة، قالت: ظاهر مِنّي زوجي أوس بن الصّامت .. فذكر الحديث. [5289]- ورواه الحاكم أيضا (¬5) وأبو داود (¬6) من رواية عروة أيضا، من وجه آخر، عنه، عن عائشة قالت: كانت جميلهُ امرأة أوس بن الصّامت وكان امرءًا بِه لَمَم، فإذا اشتد به لممُه ظاهر من امرأته. ¬
وفي رواية لأبي داود (¬1) عن عطاء، عن أوس بن الصامت، أخي عبادة ... فذكر طرفا منه، وقال: هذا مرسل، لم يدركه عطاء. وفي "تفسير ابن أبي حاتم": خولة بنت الصامت، وهو وهم، والصّواب زوج ابن الصّامت، ورجّح غير واحد أنها: خولة بنت ثعلبة. [5290]- وروى الطبراني في "الكبير" (¬2) والبيهقي (¬3) من حديث ابن عباس: أن المرأة خويلة بنت خويلد، وفي إسناده أبو حمزة الثمالي ضعيف. 2154 - [5291]- حديث: أن سلمة بن صخر جعل امرأته على نفسه كظهر أمه إن غشيها، حتى ينصرف رمضان، فذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "اعْتقْ رَقَبَةً". ثمّ أعاده في موضع آخر بلفظ: ظاهر من امرأته حتى ينسلخ رمضان، ثم وطئها في المدّة، فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - بتحرير رقبة. أمّا اللفظ الأول، فرواه الحاكم (¬4) والبيهقي (¬5) من طريق محمّد بن عبد الرّحمن ابن ثوبان، وأبي سلمة بن عبد الرحمن: أن سلمة بن صخر البياضي جعل امرأته عليه كظهر أمّه إن غشيها، حتى يمضي رمضان ... الحديث. ¬
تنبيه
وأمّا اللفظ الثاني فرواه أحمد (¬1) والحاكم (¬2) وأصحاب (¬3) "السنن" (¬4) إلا النّسائي من حديث سليمان بن يسار، عن سلمة بن صخر، قال: كنت امرأ أصيب من النساء ما لا يصيب غيري، فلما دخل شهر رمضان خِفت أن أصيب من امرأتي شيئًا، فظاهرتُ منها حتى ينسلخ شهر رمضان، فبينا هي تخدمني ذات ليلة تَكَشَّف لي منها شيءٌ، فما لبثت أن نَزوت عليها ... فذكر الحديث. وأعله عبد الحق (¬5) بالانقطاع، وأن سليمان لم يدرك سلمة. قلت: حكى ذلك الترمذي (¬6) عن البخاري. تنبيه نصّ الترمذي (¬7) على أنّ سلمة بن صخر يقال له: [سلمان] (¬8) بن صخر أيضا. وهذا الحديث استدل به الرافعي على صحة تعليق الظهار، وتعقبه ابن الرِّفعة بأن الّذي في السنّن لا حجّة فيه على جواز التعليق، وإنما هو ظهار مؤقَّت لا معلّق، واللفظ المذكور عن البيهقي يشهد لصحّة ما قال الرّافعي. والله أعلم. ¬
2155 - [5292]: حديث: أنّه - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل ظاهر من امرأته وواقعها: "لا تَقْرَبْهَا حَتّى تُكَفِّر" .. ويروى: "اعتَزِلْهَا حَتَّى تُكَفِّر" .. أصحاب "السنن" (¬1)، وصححه التّرمذي، والحاكم (¬2) من حديث ابن عباس: أنّ رجلًا ظاهر من امرأته فوقع عليها قبل أن يكفّر، فقال: "لاَ تَقْرَبْهَا حَتَّى تَفْعَلَ مَا أَمرَكَ الله"، لفظ النسائي. وفي روايةٍ له (¬3): "اعْتَزِلْهَا حَتى تَقْضِي مَا عَلَيْكَ". وفي رواية لأبي داود (¬4) قال: "فَاعْتَزِلْهَا حَتَّى تُكَفِّر عَنكَ". ورجاله ثقات، لكن أعلّه أبو حاتم (¬5) والنسائي بالإرسال. وقال ابن حزم (¬6): رواته ثقات، ولا يضره إرسال من أرسله. [5293]- وفي "مسند البزار" طريق أخرى شاهدةٍ لهذه الرّواية، من طريق خصيف، عن عطاء، عن ابن عباس: أنّ رجلًا قال: يا رسول الله، إني ظاهرت من امرأتي، رأيت ساقَها في القمر فواقعتُها قبل أن أكفِّر، قال: "كَفِّرْ وَلاَ تَعُدْ". ¬
وفي الباب: [5294]- عن سلمة بن صخر عند الترمذي أيضًا (¬1) باختصار، ولفظه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في المظاهر يواقع قبل أن يكفر، قال: "كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ". وقال: حسن غريب. وبالغ أبو بكر بن العربي (¬2) فقال: ليس في الظهار حديث صحيح. 2156 - [5295]- حديث عمر: إذا ظاهر الرَّجل من أربع نسوة بكلمة واحدة، ثم أمسكهن، فعليه كفارة واحدة. البيهقي (¬3) من رواية سعيد بن المسيب، عن عمر. [5296]- ومن رواية مجاهد عن ابن عباس، وعن عمر جميعا، في رجل ظاهر من أربع نسوة ... -وفي رواية ابن المسيب- من ثلاث نسوة، قال: عليه كفارة واحدة. قال البيهقي: وبه قال عروة، والحسن، وربيعة، وقال مالك: هو الأمر عندنا. **** ¬
(51) كتاب الكفارات
(51) كِتَابُ الكفَّارَاتِ
* حديث: "إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّات ... ". تقدم في "الوضوء" وفي غيره. 2157 - [5297]- حديث: روي أنّ رجلًا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعه أعجميّة أو خرساء، فقال: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليّ عتق رقبة؟ فهل يجزي عنّي؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لها: "أَيْنَ الله؟ " فأشارت إلى السّماء، ثم قال لها: "مَنْ أنا؟ " فأشارت إلى أنّه رسول الله، فقال: "أَعْتقْهَا فَإنَّهَا مُؤْمِنَةٌ". مالك في "الموطأ" (¬1) من حديث معاوية بن الحكم -وأكثر الرّواة عن مالك يقولون: عمر بن الحكم، وهو من أوهام مالك في اسمه- قال: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: إنّ جارية لي كانت تَرعى لي غنمًا، فجئتها وقد أكل الذّئب منها شاة، فلطمتُ وجههَا، وعليّ رقبة أفأعتقها؟ فقال لها رسول الله: "أَيْنَ الله؟ " قالت: في السّماء، قال: "مَنْ أَنَا؟ " قالت: أنت رسول الله. قال: "فَأَعْتقْهَا". [5298]- وروى أحمد (¬2) عن عبد الرّزاق، عن معمر، عن الزّهريّ، عن عبيد الله، عن رجل من الأنصار أنّه جاء بأَمَةٍ له سوداء، فقال: يا رسول الله، ¬
إنَّ عليَّ عتقَ رقبة مؤمنةٍ، فإن كنتَ ترى هذه مؤمنة، أعتقها، فقال لها: "أَتَشْهَدِينَ أنْ لاَ إِلَهَ إلَّا الله؟ " قالت: نعم. قال: "أَتَشْهَدِينَ أنّي رَسولُ الله؟ " قالت: نعم. قال: "أَتُؤْمِنينَ بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ؟ " قالت: نعم. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فَأَعْتِقْهَا". وهذه الرّواية تدلّ على استحباب امتحان الكافر عند إسلامه بالإقرار بالبعث، كما قال الشافعي (¬1). [5299]- ورواه أبو داود (¬2) من حديث عون بن عبد الله، [عن عبد الله] (¬3) بن عتبة، عن أبي هريرة: أنّ رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بجاريةٍ سوداءَ فقال: يا رسول الله إنّ عليّ رقبة مؤمنةً، فقال لها: "أَيْنَ الله؟ " فأشارت إلى السّماء بإصبعها. فقال لها: "فَمَنْ أنَا؟ " فأشارت إلى النّبي - صلى الله عليه وسلم - وإلى السّماء -يعني أنت رسول الله- فقال: "أَعتِقْهَا فَإِنَّها مُؤْمِنَةٌ". ورواه الحاكم في "المستدرك" (¬4) من حديث عون بن عبد الله بن عتبة، حدثني أبي، عن جدي، فذكره. وفي اللّفظ مخالفة كثيرة، وسياق أبي داود أقرب إلى ما ذكره المصنف، إلا أنّه ليس في شيء من طرقه: أنها خرساء. [5300]- وفي "كتاب السنة" لأبي أحمد العسّال من طريق أسامة بن زيد، ¬
عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، قال: جاء حاطب إلى رسول الله بجارية له فقال: يا رسول الله، إنّ عليَّ رقبةً، فهل يجزي هذه عني؟ قال: "أَيْنَ رَبُّكِ؟ " فأشارت إلى السماء، فقال: "أعْتِقْهَا؛ فإنَّهَا مُؤْمِنَةٌ". [5301]- وروى أحمد (¬1) وأبو داود (¬2) والنسائي (¬3) وابن حبان (¬4) من حديث الشّريد بن سويد، قال: قلت: يا رسول الله، إن أمي أوصت أن يُعتَق عنها رقبةٌ، وعندي جاريَةٌ سوداء، قال: "ادْعُ بِهَا .... ". الحديث. [5302]- وفي الطبراني "الأوسط" (¬5) من طريق ابن أبي ليلى، عن المنهال، والحكم، عن سعيد، عن ابن عباس: أن رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنّ علي رقبةً، وعندي جارية سوداء أعجميّة ... فذكر الحديث. وهو عند أحمد (¬6) من حديث أبي هريرة نحوه. * قوله: ولأنه لا عتق فيما لا يملك ابن آدم. هو حديث تقدم ذكره، من رواية عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده. ¬
* قوله: والاعتبار بمدّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو رطل وثلث، والصاع أربعة أمداد. تقدم في "باب زكاة الفطر". * قوله: واحتجّ أصحابنا بما روي في حديث الأعرابي الّذي جامع في نهار رمضان، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أَتَى بعَرَق من تمر، فيه خمسة عشر صاعا ... الحديث. أخرجه أبو داود، وقد تقدم في "كتاب الصيام" (¬1). [5303]- وأخرج أبو داود (¬2) من حديث عائشة: فأَتى بَعَرَق فيه عشرون صاعًا. [5304]- وفي الترمذي (¬3) من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن: أن سلمان بن صخر، فذكر القصّة وفيه: وهو مكتل يأخذ خمسة عشر أو ستة عشر صاعًا. **** ¬
(52) كتاب اللعان
(52) كِتَابُ اللِّعَان
2158 - [5305]- حديث ابن عباس: أنّ هلال بن أميّة قذف امرأتَه عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشريكٍ بن سحماء، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الَبيِّنَة أَوْ حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ ... ". الحديث، وفي آخره: فنزل جبريل بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ ...} الآيات. البخاري (¬1) بهذا اللفظ سوى (¬2) قوله: فنزل جبريل، قال: فنزلت: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ ...} فقرأ إلى أن بلغ {مِنَ الصَّادِقِينَ} فذكر الحديث بطوله. وفي رواية أخرى (¬3): فنزل جبريل. وفي الباب: [5306]- عن أنس رواه مسلم (¬4) من طريق ابن سيرين: أنّ أنس بن مالك قال: إن هلال بن أمية قذف امرأته بشريكٍ بن السّحماء، وكان أخا البراء بن مالك لأمه وكان أوّل من لاَعَن ... الحديث. 2159 - [5307]- قوله: وهذا المرمي بالزّنا سُئل فأنكر، ولم يحلِّفه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ¬
هذا رواه البيهقي (¬1) من طريق مقاتل بن حيان في "تفسيره" مرسلًا أو معضلًا في قوله: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ...} قال: فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الزّوج والخليل والمرأة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ويْحَكِ مَا يَقُول ابنُ عَمِّكِ؟ " فقال: أُقسم بالله إنّه ما رأى ما يَقول، وإنه لمن الكاذبين. ثم لم يذكر أنّه أَحلَفه. قال البيهقي: فلعلّ الشّافعي أخذه من هذا التفسير، فإنّه كان مسموعًا له، ولم أجده موصولا. 2160 - [5308]- قوله: قال عمر -لزانٍ قُدِّم لِيقام عليه الحد وادّعى أنه أوّل ما ابتلي به-: إن الله تعالى كريمٌ لا يَهتك السّتر أوّل مرّة. هذا لم أره في حقّ الزّاني، إنما: [5309]- أخرجه البيهقي (¬2) من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت عن أنس: أنّ عمر أُتيَ بسارقٍ فقال: والله ما سرقت قطّ قبلها. فقال: كذبت ما كان الله ليسلم عبدًا عند أوّل ذنب، فقطعه. إسناده قوي. 2161 - [5310]- حديث سهل بن سعد: أن عويمر العجلاني قال: يا رسول الله أرأيتَ رجلًا وَجد مع امرأته رجلًا فيقتله فتقتلونه، أم كيف يفعل؟ قال: "قَد أُنْزِلَ فِيك وَفِي صَاحِبَتِكَ، فَاذْهَبْ فَأْتِ ¬
بِهَا". قال سهل: فتلاعنا في المسجد، وأنا مع النَّاس عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. متفق عليه (¬1) من حديثه وفي آخره قال: فلما فرغا قال عويمر: كذبتُ عليها يا رسول الله إن أمسكتها، فطلّقها ثلاثًا قبل أن يأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. 2162 - [5311]- حديث: "الْعَينَانِ تَزنِيَان، وَالْيَدَانِ تَزْنِيَانِ". مسلم (¬2) من حديث ابن عباس: عن أبي هريرة مرفوعا، قال: "كُتِبَ عَلَى ابنِ آدَمَ حَظّه مِنَ الزِّنَا أدْرَكَ ذَلِكَ لاَ مَحَالَة؛ الْعَيْنَانِ زِنَاهُمَا النَّظَرُ، وَالْيَدَانِ زِنَاهُمَا الْبَطْشُ". الحديث. [5312]- ورواه ابن حبّان (¬3) من حديث أبي هريرة أيضا بلفظ: "الْعَيْنَانِ تَزْنِيَان، واللِّسانُ يَزْنِي، والْيَدَانِ تَزْنِيَانِ". [5313]- وأصله في "البخاري ومسلم" (¬4) أيضا من طريق ابن عبّاس: ما رأيت أشبهَ باللَّمَم مما قال أبو هريرة: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنّ الله كَتَب عَلى ابنِ آدَمَ حَظّه مِنَ الزِّنَا أَدْرَكَ ذَلِكَ لاَ مَحَالَةَ؛ فَزِنَا الْعَيْنِ النظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانُ النُّطْقُ، والنَّفْسُ تَتَمَنَّى وَتَشْتَهِي، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُه". ¬
[5314]- وروى أحمد (¬1) والطبراني (¬2) من حديث مسروق، عن عبد الله (¬3)، نحوه. 2163 - [5315]- حديث: أنّ رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن امرأتي لا تَردّ يدَ لامسٍ، قال: "طَلِّقْهَا"، قال: إنّي أحبّها، قال: "أَمْسِكْهَا". الشافعي (¬4) من طريق عبد الله بن عبيد بن عمير، قال: جاء رجل ... فذكره مرسلًا، وأسنده النسائي (¬5) من رواية عبد الله المذكور، عن ابن عباس، فذكره بمعناه. واختلف في إسناده وإرساله؛ قال النسائي: المرسل أولى بالصواب. وقال في الموصول: إنه ليس بثابت. لكن رواه هو أيضا (¬6) وأبو داود (¬7) من رواية عكرمة عن ابن عباس، نحوه، وإسناده أصحّ. ¬
تنبيه
وأطلق النووي عليه الصحّة (¬1)، ولكن نقل ابن الجوزي (¬2) عن أحمد بن حنبل أنه قال: لا يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الباب شيءٌ، وليس له أصل. وتمسك بهذا ابن الجوزي فأورد الحديث في الموضوعات, مع أنّه أورده بإسناد صحيح. وله طريق أخرى: [5316]- قال ابن أبي حاتم (¬3): سألت أبي عن حديثٍ رواه معقل، عن أبي الزّبير، عن جابر، فقال (¬4): حدثنا محمّد بن كثير، عن معمر، عن عبد الكريم، حدّثني أبو الزّبير، عن مولى لبني هاشم قال: جاء رجلٌ ... فذكره. ورواه الثّوري، فسمَّى الرّجلَ هشامًا مولى بني هاشم. [5317]- وأخرجه الخلال (¬5) والطبراني (¬6) والبيهقي (¬7) من وجه آخر، عن عبيد الله بن عمرو، فقال: عن عبد الكريم بن مالك، عن أبي الزبير، عن جابر، ولفظه: لاَ تَمْنَعُ يَدَ لاَمِسٍ. تنبيه اختلف العلماء في معنى قوله: "لا ترد يد لامس" فقيل: معناه الفجور، ¬
وأنها لا تمتنع ممن يطلب منها الفاحشة، وبهذا قال أبو عبيد (¬1)، والخلال، والنّسائي (¬2)، وابن الأعرابي (¬3)، والخطابي (¬4)، والغزّالي والثّوري (¬5)، وهو مقتضى استدلال الرّافعي به هنا. وقيل: معناه التبذير، وأنها لا تمنع أحدًا طلب منها شيئًا من مال زوجها، وبهذا قال أحمد (¬6)، والأصمعي، ومحمّد بن ناصر (¬7)، ونقله عن علماء الإِسلام، وابن الجوزي، وأنكر على من ذهب إلى القول الأوّل. وقال بعض حذّاق المتأخرين (¬8): قوله - صلى الله عليه وسلم - له "أمسكها" معناه: أمسكها عن الزّنا أو عن التّبذير، إما بمراقبتها، أو بالاحتفاظ على المال، أو بكثرة جماعها. ورجح القاضي أبو الطيب الأول بأنّ السخاء مندوب إليه، فلا يكون موجِبًا لقوله "طلقها"، ولأن التّبذير إن كان من مالها فلها التصرّف فيه، وإن كان من ماله فعليه حفظُه، ولا يوجب شَيءٌ من ذلك الأمرَ بطلاقها. [قيل] (¬9): والظّاهر أنّ قوله: "لا ترد يد لامس" أنها لا تمتنع ممن يمد يده ¬
ليتلذذ بلمسها, ولو كان كَنّى به عن الجماع لَعُدّ قاذفًا، أو أن زوجها فهم من حالها أنها لا تمتنع مِمّن أراد منها الفاحشة، لا أنّ ذلك وقع منها. 2164 - [5318]- حديث: "أيّما امْرَأةٍ أَدْخَلَتْ عَلَى قَوْمٍ مَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ فَلَيْسَتْ مِن الله في شَيْءٍ، وَلَمْ يُدخِلْهَا جَنَّتَه". الشافعي (¬1) وأبو داود (¬2) والنسائي (¬3) وابن حبان (¬4) والحاكم (¬5) من حديث سعيد المقبري، عن أبي هريرة: أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول حين نزلت آية الملاعنة ... فذكره. وزاد: "وأَيما رجلٍ جَحَد (¬6) ولَدَه وَهُوَ يَنْظُرُ إلَيْه احْتَجَب الله مِنْهُ، وَفَضَحَه عَلَى رُءُوسِ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ". وصححه الدّارقطني في "العلل" مع اعترافه بتفرد عبد الله بن يونس به، عن سعيد المقبري، وأنه لا يعرف إلا بهذا الحديث. وفي الباب: [5319]- عن ابن عمر في "مسند البزار" وفيه: إبراهيم بن يزيد الخوزي، وهو ضعيف. ¬
فائدة
* حديث: "أَيُّمَا رَجُلٍ جَحَدَ وَلَدَهُ .... " الحديث. تقدم قبل. [5320]- ورواه أحمد (¬1) من طريق مجاهد، عن ابن عمر نحوه، أخرجه الطبراني في "الأوسط" (¬2) عن عبد الله بن أحمد، عن أبيه، عن وكيع. وقال: تفرد به وكيع. 2165 - [5321]- حديث أبي هريرة: أن رجلًا قال للنّبيّ - صلى الله عليه وسلم -: إن امرأتي ولدت غلامًا أسودَ قال: "هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ ... ؟ " [الحديث] (¬3). متفق عليه (¬4). فائدة [5322]- روى عبد الغني في "المبهمات" من طريق قطبة بنت هرم: أن مدلوكا حدّثهم: أنّ ضمضم بن قتادة وُلد له مولودٌ أسود من امرأة له من بني عجل ... فذكر الحديث، وفي آخره: فقدم عجائز من بني عجل فأخبرن أنّه كان للمرأة جدّة سوداء. ¬
2166 - [5323]- حديث: أنّه - صلى الله عليه وسلم - قال لهلال بن أميّة: "احْلِفْ بِالله الَّذِي لاَ إلَهَ إلَّا هُوَ إِنَّكَ لَصَادِقٌ". الحاكم (¬1) والبيهقي (¬2) عنه من حديث ابن عباس، قال: لما قذف هلال بن أميّة امرأتَه قيل له: ليَجلدنّك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكر الحديث. وفيه: فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "احْلِفْ بالله الَّذِي لاَ إِلَهَ إلَّا هُوَ إِنِّي لَصادِق" -يقول ذلك أربع مرات .... الحديث بطوله. قال الحاكم: صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجه بهذه السّياقة. [5324]- وفي البخاري (¬3) من طريق نافع عن ابن عمر: أنّ رجلًا من الأنصار قذف امرأته، فأحلفهما النّبي - صلى الله عليه وسلم -، ثمّ فَرّق بينهما. 2167 - [5325]- حديث: أنّه - صلى الله عليه وسلم - قال لما أتت المرأة بالولد على النّعت المكروه، قال: "لَولاَ الأَيْمَانُ لَكَان لِي وَلَهَا شَأْنٌ". أحمد (¬4) وأبو داود (¬5) من حديث ابن عباس هكذا، ورواه البخاري (¬6) بلفظ: "لَولاَ مَا مَضَى مِنْ كِتَابِ الله ... "، وهو طرف من حديث ابن ¬
عباس في قصّة هلال. 2168 - [5326]- حديث: "المتلاَعِنَانِ لا يَجْتَمِعَان أَبدًا". الدارقطني (¬1) والبيهقي (¬2) من حديث ابن عمر: "المتَلاعِنَان إِذَا تَفَرَّقَا لاَ يَجْتَمِعَان أَبدًا". [5327]- ومن حديث سهل بن سعد (¬3): ففرَّق بينهما، وقال: "لا يَجْتَمِعَان أَبَدًا". وأصله عند أبي داود (¬4) بلفظ: مضت السنّة بعدُ في المتلاعنين أن يفرَّق بينهما، ثم لا يجتمعان. وفي الباب: [5328، 5329]- عن عليّ وعمر، وابن مسعود، في مصنف عبد الرزاق (¬5) وابن أبي شيبة (¬6). 2169 - [5330]- حديث: أنّه - صلى الله عليه وسلم - فرّق بين المتلاعنين، وقضى بأن لا تُرمى ولا ولدها. ¬
أبو داود (¬1) بهذا اللفظ، من حديث ابن عباس، في آخر قصة هلال، وفي إسناده عباد بن منصور. [5331]- وفي "علل الخلال" من طريق ابن إسحاق، ذكر عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، نحوه. * حديث أبي بكرة: في تكريره قذف المغيرة. يأتي في "كتاب القذف" إن شاء الله. 2170 - قوله: واحتجّ لقولنا: بأنّه لا يُخبَر المقذوف؛ بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينبّه شريك بن سحماء، ولم يخبره بالقذف. انتهى. وهو يناقض (¬2) ما تقدّم نقله عن الشّافعي أنه سُئل فأنكر، فلم يحلفه، لكن الحجة في ذلك حديث عمران بن حصين: أن امرأة من جهينة أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - ... فذكر القصّة، وليس فيه أنه سألها عمّن زنى بها, ولا أرسل إليه، وكذلك في قصة الغامديّة. 2171 - [5332]- حديث أبي هريرة، وزيد بن خالد الجهني قالا: جاء أعرابي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو جالسٌ فقال: يا رسول الله أنشدك الله ألا قضيت لي بكتاب الله؟ ... الحديث بطوله. ¬
متفق عليه (¬1) بتمامه، ورواه الترمذي (¬2) والنسائي (¬3) وابن ماجه (¬4) أيضا. 2172 - [5333]- حديث أبي هريرة: "ثَلاثةٌ لا يُكلِّمُهم الله، ولا يَنْظُر إِلَيهِمْ، وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ؛ رَجُلٌ حَلَفَ يَمِينًا عَلى مَالِ مُسْلِمٍ فَاقْتَطَعَهُ، وَرَجُلٌ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْر، لَقَدْ أَعْطَى سِلْعَتَه اَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَى (¬5)، وَرَجلٌ مَنَعَ فَضْلَ الْمَاءِ". البخاري (¬6) بهذا، إلَّا أنّه جعل الذي بعد العصر هو الذي يقتطع، ومسلم (¬7) بنحو مما ذكره المصنف. 2173 - [5334]- قوله: وفسروا قوله تعالى: {تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ} بِأنَّهَا صلاة العصر. رواه عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن عبيدة، به. قال معمر: وقال قتادة مثله. ¬
[5335]- ورواه عبد بن حميد من وجه آخر، عن قتادة، وزاد كان يقال: عندها تصبر الأيمان (¬1). 2174 - [5336] حديث: "فِي يَوْمِ الْجُمَعةِ ساعةٌ (¬2) لا يُوَافِقهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ يُصَلّي يَسْألُ الله شيئًا إلَّا أَعْطَاهُ". اشتهر هذا الحديث متفق عليه (¬3) من حديث أبي هريرة. 2175 - [5337]- قوله: قال كعب الأحبار: هي السَّاعةُ الّتي بعد العصر. فاعترض عليه بأنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "يصَلِّي ... " والصّلاة بعد العصر مكروهة، فأجاب: بأن العبد في الصّلاة ما دام ينتظر الصّلاة. انتهى. وهذا يخالف الموجود في كتب الحديث؛ لأنّ هذه المراجعة إنما صدرت بين أبي هريرة وعبد الله بن سلام، كذا هو عند مالك (¬4) وأصحاب "السنن" (¬5) والحاكم (¬6). والظاهر أنّه انتقال ذهني؛ لأن في الحديث أنّ أبا هريرة سأل كعب ¬
الأحبار أوَّلًا، ثم سأل عبد الله بن سلام ثانيا، وحصلت المراجعة بينهما في ذلك، فكأنه سقط من نسخته. وفي الباب: [5338]- عن أنس رفعه: "التَمِسُوا السَّاعةَ الَّتي تُرْجَى في يَوْمِ الْجُمُعَة بَعَد الْعَصْر إِلَى غَيْبُوبَةِ الشَّمْسِ"، [أخرجه الترمذي] (¬1). (¬2)، وسنده ضعيف. 2176 - قوله: إنّ اللّعان حضره على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابن عَبّاس وابن عمر وسهل بن سعد. قلت: أمَّا ابن عَبّاس فثبت حضورُه لذلك بِقَوله: شهدت وهو في "الصحيح" (¬3) وكذا سهل بن سعد (¬4). وأما ابن عمر (¬5) فقد روى القصّة، والظاهر أنه شهدها. 2177 - [5339] قوله: ورد: "أنّ الْيَمِينَ الْفَاجِرَةَ تَدَعُ الدِّيَارَ بَلاقِعَ". البيهقي (¬6)، وأخرجه الإسماعيلي في "مسند حديث يحيى بن أبي كثير" (¬7) ¬
من طريق علي بن ظبيان، عن أبي حنيفة، عن ناصح أبي عبد الله، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. وأخرجه صاحب "مسند الفردوس" من طريق محمَّد بن الحسن، عن أبي حنيفة، به، في حديث. وذكره الترمذي [وأعله] (¬1) بالإرسال. [5340]- وأروده ابن طاهر بسند شامي، من حديث أبي الدرداء. [5341]- ورواه البزار (¬2) من حديث عبد الرحمن بن عوف، بلفظ: "الْيَمِينُ الْفَاجِرَة تُذْهِبُ الْمَالَ". وقال: لا نعلم أسند هشام بن حسّان، عن يحيى بن أبي كثير غير هذا الحديث، ولا نعلم رواه عن هشام إلا ابن علاثة، وهو لين الحديث. قلت: اختلف فيه على أبي سلمة بن عبد الرحمن، فقال هذا عنه، عن أبيه، والأكثر على أنه لم يسمع منه. وقال ناصح بن عبد الله (¬3): عن يحيى بن أبي كثير، عنه، عن أبي هريرة. وأصح من ذلك ما رواه عبد الرزاق عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير، روايةً, فذكره مرسلا أو معضلا. [5342]- وروى عبد الرزاق أيضا (¬4) عن معمر، أخبرني شيخ من بني تميم، ¬
عن شيخ يقال له أبو سويد: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن الْيَمِينَ الْفَاجِرَةَ تَعْقِمُ الرَّحِمَ". قال معمر: وسمعت غيره يذكر فيه:" ... وتُقِلُّ الْعَدَدَ، وَتَدَعُ الدِّيارَ بَلَاقِعَ". 2178 - [5343]- حديث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للمتلاعنين: "حِسَابُكُمَا عَلَى اللهِ، وَاللهُ يَعْلَمُ أنّ أَحَدَكمَا كَاذِبٌ، فَهل مِنْكُمَا تَائِبٌ". متفق عليه (¬1) من حديث ابن عمر. * حديث التلاعن علي المنبر. يأتي بعد. 2179 - [5344]- حديث أبي هريرة: "مَن حَلَف على مِنْبَرِي عَلَى يَمِينٍ آثمةٍ، ولَوْ بِسِوَاكٍ وَجَبَتْ لَهُ النّار". أحمد (¬2) وابن ماجه (¬3) والحاكم (¬4) بلفظ: "لا يَحْلِفُ عَلَى هَذا الْمِنْبَرِ عَبْدٌ وَلاَ أَمَةٌ عَلَى يَمِينٍ آثِمَةٍ وَلَوْ [عَلَى سِوَاكِ] (¬5) رُطْبٍ إلَّا وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ". ¬
تنبيه
تنبيه سقط لفظ "رطب" من كلام الرافعي، فوهم صاحب "المهمات" (¬1) فضبط قوله ["سواك"] (¬2) -بشين معجمة- وقال: يعني شراك النّعل، وليس كما قال. وقد وقع في رواية جابر الآتية: " ... وَلَو عَلى سِوَاكٍ أَخْضَر". 2180 - [5345]- حديث جابر: "مَن حَلَف عَلَى مِنْبَرِي هَذَا بِيَمِينٍ آثِمَةٍ تَبَوَّأَ مَقْعَدَهُ من النَّارِ". مالك (¬3) وأبو داود (¬4) والنسائي (¬5) وابن حبان (¬6) وابن ماجه (¬7) والحاكم (¬8)، واللّفظ له، إلَّا أنه قال: "فلْيَتَبَّوأْ" بدل "تَبَوَّأ". وله طرق. وفي الباب: [5346]- عن سلمة بن الأكوع في الطبراني (¬9). ¬
تنبيه
[5347]- وعن أبي أمامة بن ثعلبة في "الكنى" (¬1) للدولابي، وفي ابن ماجه (¬2) والحاكم (¬3). 2181 - [5348] قوله: روي أنّه - صلى الله عليه وسلم - لاَعَنَ بين العجلاني وامرأته على المنبر. البيهقي (¬4) من حديث عبد الله بن جعفر، وفي إسناده الواقدي. [5349]- ورواه ابن وهب في "موطئه" عن يونس، عن ابن شهاب، أو غيره: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر الزّوج والمرأة فحلفا بعد العصر عند المنبر. تنبيه هذه الرّواية تُغني عن تأويل الرّافعي أنّ "على" في الحديث بمعنى "عند" بل تؤيده. 2182 - [5350]- حديث: "مَا بَينَ قَبْرِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجنَّةِ". متفق عليه (¬5) من حديث حفص بن عاصم، عن أبي هريرة. ¬
ورواه النّسائي (¬1) من طريق أبي سلمة، عنه. وفي الباب عن أبي بكر، وعمر، وعلي، والزبير، وسعد بن أبي وقاص، وابن عمر، وعبد الله بن زيد المازني، وأبي سعيد الخدري، وجبير بن مطعم، وأبي واقد الليثي، وزيد بن ثابت، وزيد بن خارجة، وأنس، وجابر، وسهل بن سعد، وعائشة، ومعاذ بن الحارث أبي حليمة القاري، وغيرهم. ذكرهم أبو القاسم ابن مندة في "تذكرته". [5351]- وحديث عبد الله بن زيد؛ متفق عليه (¬2) بلفظ: "مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجنَّةِ". [5352]- وحديث أنس؛ أخرجه الطبراني في "الأوسط" (¬3) من طريق علي بن الحكم، عنه، بلفظ: "مَا بَيْنَ حُجْرَتِي وَمُصَلَّايَ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجنَّةِ". 2183 - قوله: وإذا فَرَغ من الكلمات الأربع بالغ القاضي في تخويفه وتحذيره، وأمر رجلًا أن يضع يَدَه على فِيه فلعلّه أن ينزجر ويمتنع، ويقول له الحاكم أو صاحب مجلسه: اتق الله، فقدلك: فعليّ لعنة الله؛ يوجب اللّعنة إن كنت كاذبا. وتضع المرأةُ يدَها على فم المرأة إذا انتهت إلى كلمة ¬
الغضب، فإن أبت إلا المضي لقّنها الكلمةَ الخامسة، ورد النقل بذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في رواية ابن عباس. هو كما قال (¬1). [5353]- فقد رواه أبو داود (¬2) من رواية عباد بن منصور، عن عكرمة عن ابن عباس، مطوَّلًا, وليس عنده: أنه أمر رجلًا أن يضع يده على فم الرّجل، ولا امرأة أن تضع يدها على فم المرأة. نعم عنده (¬3) من وجه آخر، وهو عند النسائي أيضا (¬4) من حديث كليب بن شهاب، عن ابن عباس أيضا: أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر رجلا حين أمر المتلاعنين أن يتلاعنا، أن يضع يده عند الخامسة على فيه، فيقول: إنها موجبة. وأما في المرأة؛ فلم أره. * حديث: "المتَلَاعِنَانِ لاَ يَجْتَمِعَان أَبَدًا". تقدم. 2184 - [5354]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - لاعن بين هلال بن أميّة وزوجته وكانت حاملًا ونفى الحمل. ¬
متفق عليه (¬1) من حديث ابن عباس، وليس بصريح، بل يؤخذ من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم بَيِّن". فجاءت بولدٍ يُشبه الذي رُمِيَتْ به. وفي "الصحيحين" (¬2) عن سهل بن سعد في قصة عويمر العجلاني، وكانت حاملًا. لكن بَيّن البخارِي أنّه مِن قَول الزّهري. 2185 - قوله: ورد الوعيد في نفي من هو منه، واستلحاق من ليس منه. أما الأول؛ فتقدم الكلام عليه، في حديث: "أَيّمَا رَجُلِ جَحَدَ وَلَدَه". وأما الاستلحاق؛ فلم أر حديثا فيه التصريح بالوعيد في حق من استلحق ولدا ليس منه، وإنما الوعيد في حق المستَلْحَق إذا علم بطلان ذلك، فمن ذلك: [5355]- في المتفق عليه (¬3) حديث سعد: "مَن ادَّعَى أبًا في الإِسلامِ غَيْرَ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّه غَيْرُ أَبِيهِ فَالجنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ". [5356]- وعندهما (¬4) عن أبي ذر: "لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ادَّعى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُه إلَّا كَفَر". [5357]- ولأبي داود (¬5) عن أنس: "مَن ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ أَوِ (¬6) انْتَمَى إِلَى ¬
غَيْرِ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ الله". [5358]- ولابن حبان في "صحيحه" (¬1) وابن ماجه (¬2) من حديث ابن عباس: "مَن انتَسَب إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ ... " نحوه. وفي الباب عدة أحاديث. 2186 - [5359]- حديث عمر: إذا أقرّ الرّجل بولده طرْفَةَ عَينٍ لم يكن له نفيه. موقوف، البيهقي (¬3) من رواية مجالد، عن الشعبي، عن شريح، عن عمر. ومن طريق قبيصة بن ذؤيب: أنَّه كان يحدِّث عن عمر: أنّه قضي في رجل أنكر ولدًا من المرأة، وهو في بطنها، ثم اعترف به، وهو في بطنها، حتى إذا ولدت أنكره، فأمر به عمر فجلد ثمانين جلدة، لفريته عليها، ثم ألحق به الولد. إسناده حسن. **** ¬
(53) كتاب العدد
(53) كِتَابُ العِدَد
* حديث: أنّه - صلى الله عليه وسلم - قال لفاطمة بنت أبي حبيش: "دَعِي الصَّلاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِكِ". تقدم في "الحيض". * حديث: أنّه قال لابن عمر وقد طلق امرأته في الحيض: "إنّ السنّةَ أَنْ تَسْتَقْبِلَ بِهَا الطُّهْرَ، ثمّ تُطَلِّقُها في كُلِّ قُرْءٍ طَلْقَةً". تقدم في "الطلاق". وله طرق، وهذا السّياق بهذا اللَّفظ لم أره. نعم هو بالمعنى موجود، وأقرب ما يوجد فيه: [5459]- ما رواه الدارقطني (¬1) من طريق مُعلَّى بن منصور، عن شعيب ابن رزيق: أنّ عطاء الخراساني حدّثهم، عن الحسن قال: حدثنا عبد الله ابن عمر: أنّه طلق امرأته تطليقةً وهي حائض، ثمّ أراد أن يتبعها بتطليقتَيْن أُخْرَيَيْن عند القُرْءَيْن، فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "يا ابنَ عُمَر مَا هَكذا أَمَرك الله، إنَّكَ قَد أَخْطَأْتَ السنَّةَ والسّنَّةُ أَن تَسْتَقْبِلَ الطُّهْرَ، فَتُطَلِّقَ لِكُلِّ قُرْءٍ". * حديث: أنه قرأ: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}. تقدم أيضا فيه. ¬
فائدة
2187 - [5361]- قوله: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "لاَ تَسْقِ مَاءَكَ (¬1) زَرْعَ غيرِكَ". أحمد (¬2) وأبو داود (¬3) والترمذي (¬4) وابن حبان (¬5) من حديث رويفع بن ثابت، بلفظ: "لاَ يَحِلّ لأحَدٍ يُؤمِنُ باللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أنْ يَسْقِيَ مَاءَهَ زَرْعَ غَيْرِه". وللحاكم (¬6) من حديث ابن عباس في خبرِ أوله: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى يوم خيبر عن بيع المغانم حتى تُقسم، وقال: "لا تَسْقِ مَاءَكَ زَرْعَ غَيْرِكَ". وأصله في النّسائي (¬7). فائدة هذا الحديث احتجّ به الحنابلة على امتناع نكاح الحامل من الزّنا، واحتجّ به الحنفيّة على امتناع وَطئها. وأجاب الأصحاب عنه بأنه ورد في السَّبْي لا في مطلق النِّساء. وتعُقِّب بأنّ العبرةَ بعموم اللفظ، ويؤيّد العمومَ حديثُ سعيد بن المسيّب عن بصرة رجل من الأنصار قال: تزوجت امرأة بكرًا في سترها، فدخلت عليها فإذا ¬
هي حُبلى ... فذكر الحديث، قال: فَفَرّق بينهما. أخرجه أبو داود (¬1). 2188 - [5362] قوله: ثبت أنّ سبيعة الأسلميّة وَلَدَتْ بعد وفاة زوجها بنصف شهرٍ، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: "حَلَلْتِ، فَانْكِحِي مَنْ شئتِ مِنَ الأَزْوَاجِ". متفق عليه (¬2) من حديثها، ومن حديث أم سلمة. واللفظ الذي هنا أخرجه مالك في "الموطأ" (¬3) برمّته، وكذا رواه النّسائي (¬4)، وليس في "الصحيحين" تقدير المدة بنصف شهر، بل عند البخاري (¬5): أنها وضعت بعده بأربعين ليلة. وفي رواية (¬6): فمكثتْ قريبًا من عشر ليال. ولهما (¬7): فوضعتْ بعده بليالٍ - من غير عدد. [5363]- ورواه أحمد (¬8) من حديث ابن مسعود فقال: بعده بخمسَ عشرةَ ليلةً. وهذا موافق لما في الأصل. ¬
وفي رواية للنسائي (¬1) بثلاث وعشرين ليلة. وفي أخرى (¬2): قريبًا من عشرين ليلةً. وفي رواية للبيهقي (¬3): بشهرٍ أو أقلّ. وفي رواية للطبراني (¬4): بشهرين. 2189 - [5364]- حديث المغيرة بن شعبة: "امْرَأَةُ الْمَفْقُودِ تَصْبِرُ حَتَّى يَأْتِيهَا يَقِينُ مَوْته، أو طَلاقُهُ". الدارقطني (¬5) من حديثه بلفظ: "حَتَّى يَأْتِيَهَا الْخَبَرُ". والبيهقي (¬6) بلفظ: "حَتّى يَأْتِيَهَا الْبَيَانُ". وإسناده ضعيف، وضعفه أبو حاتم (¬7) والبيهقي (¬8) وعبد الحق (¬9) وابن القطان (¬10) وغيرهم. ¬
2190 - قوله: ووي عن عائشة، وزيد بن ثابت أنهما قالا: إذا طعنت المطلقة في الدّم من الحيضة الثّالثة فقد برئت منه. [5365]- أمّا عائشة فقال مالك في "الموطأ" (¬1): عن ابن شهاب، عن عروة، عنها، وفيه قصّة، وفيه قولها: الأقراء الأطهار. [5366]- وعن ابن شهاب، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، قال: ما أدركت أحدًا من فقهائنا إلَّا وهو يقول هذا. [5367]- وللبيهقي (¬2) من طريق سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة: إذا دخلت المطلقة في الحيضة الثّالثة فقد برئت منه. [5368]- وأمّا زيد بن ثابت؛ فرواه مالك أيضا (¬3) والشافعي (¬4) عنه، عن نافع وزيد بن أسلم، عن سليمان بن يسار: أن الأحوص هلك بالشّام حين دخلت امرأته في الدّم من الحيضة الثالثة، وقد كان طلّقها، فكتب معاوية إلى زيد بن ثابت، فكتب إليه أنها إذا دخلت في الدّم من الحيضة الثّالثة فقد برئت منه، وبريء منها, ولا ترثه، ولا يرثها. [5369]- ورواه الحاكم (¬5) من حديث ابن عيينة، عن الزّهري، عن سليمان ابن يسار، نحوه. ¬
فائدة
2191 - [5370]- قوله: وعن عثمان، وابن عمر أنهما قالا: إذا طعنت في الحيضة الثّالثة فلا رَجْعَة. أمَّا عثمان، فلم أقف عليه. [5371]- وأما ابن عمر؛ فرواه مالك (¬1) والشافعي (¬2) عنه، عن نافع عنه: أنّه كان يقول: إذا طلّق الرجل امرأته، فدخلت في الدم من الحيضة الثالثة، فقد بريء منها، وبرئت منه، ولا ترثه، ولا يرثها. ورواه البيهقي (¬3) من هذا الوجه، ومن طريق أيوب عن نافع، عنه: إذا دخلت في الحيضة الثالثة فلا رَجْعَةَ له عليها. فائدة [5372]- أخرج البيهقي (¬4) من طريق يحيى بن معين، حدثنا عبد (¬5) الوهاب الثقفي، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر قال: إذا طلّقها وهي حائض لا تعتد بتلك الحيضة. تفرد به الثقفي، قاله يحيى (¬6). ¬
قاله البيهقي (¬1): وقد جاء عن يحيى بن أيوب، عن عبيد الله، نحوه. [5373]- وعن زيد بن ثابت (¬2): إذا طلق امرأته وهي نفساء لا تعتدّ بدم نفاسها. [5374]- وعن ابن أبي الزناد (¬3) عن الفقهاء، من أهل المدينة. 2192 - [5375]- حديث عمر: يطلِّق العبدُ تطليقتَيْن، وتعتدّ الأمَةُ بقرءَيْنِ. موقوف، البيهقي (¬4) من طريق الشافعي، بسند متصل صحيح إليه. ورواه البيهقي من وجه آخر (¬5). [5376]- ورواه الشافعي (¬6) من وجه آخر، عن رجل من ثقيف: أنه سمع عمر يقول: لو استطعت لجعلتها حيضةً ونصفًا، فقال له رجل: فاجعلها شهرًا ونصفًا، فسكت عمر. * قوله: ويروى هذا عن ابن عمر، مرفوعا وموقوفا. تقدم. ¬
2193 - [5377]- حديث عمر: أنّها تتربص لنفي الحمل تسعةَ أشهر ثمّ تعتدّ بالأشهر. مالك (¬1) والشافعي (¬2) عنه، عن يحيى بن سعيد، عن ابن المسيب، أنه قال: قال عمر: أيما امرأة طلّقت فحاضت حيضةً، أو حيضتين، ثمّ رفعتها (¬3) حيضة فإنّها تنتظر تسعة أشهر. 2194 - [5378] حديث حبان بن منقذ: أنه طلق امرأته طلقة واحدة وكانت لها منه بُنيّة صغيرة تُرضعها فتباعد حيضها، ومرض حبان، فقيل له: إنك إن متَّ ورثتْك، فمضى إلى عثمان وعنده زيد، فسأله عن ذلك، فقال لعلي وزيد: ما تَريان؟ فقالا: نرى أنه إن ماتت ورِثَها، وإن مات ورثتْه؛ لأنّها ليست من القواعد اللّائي يئسن من المحيض، ولا من اللّواتي لم يحضن. فحاضت حيضتَيْن، ومات حبّان قبل انقضاء الثّالثة فورَّثَها عثمان. ¬
الشّافعي (¬1)، عن سعيد بن سالم، عن ابن جريج، عن عبد الله بن أبي بكر: أنّ رجلا من الأنصار يقال له: حبّان بن منقذ، طلق امرأته وهو صحيح، وهي تُرضع ابنتَه، فذكره بتمامه. وأخرجه البيهقي (¬2) من هذا الوجه. ورواه مالك في "الموطأ" (¬3)، عن يحيى بن سعيد، عن محمّد بن يحيى بن حبان: أنّه كانت عند جده حبّان امرأتان: هاشميّة، وأنصاريّة، فطلّق الأنصاريّة، وهي تُرضع، فمرّت بها سنة، ثمّ هلك عنها, ولم تحض، فقالت: أنا أَرِثه، فاختصما إلى عثمان بن عفّان، فقضى لها بالميراث، فلامَت الهاشميةُ عثمانَ، فقال لها: ابنُ عمّك أشار بهذا: يعني: علي بن أبي طالب. وأخرجه البيهقي أيضا (¬4). 2195 - [5379]- حديث: أنّ علقمة طلّق امرأته طلقةً أو طلقتَيْن، فحاضت حيضةً، ثمّ ارتفع حيضُها سبعةَ عشر شهرًا، ثم ماتت، فأتى ابنَ مسعود فقال: حبس الله عليك ميراثَها، وورَّثه منها. ¬
البيهقي (¬1) من طريقه بسندٍ صحيحٍ، لكن قال: سبعة عشر شهرًا أو ثمانية عشر. * قوله: مذهب عمر في تربّصها تسعةَ أشهر، ثمّ تعتد بثلاثة أشهر. تقدم قريبا. * قوله: روي عنه أي عن عمر: أيّما امرأة طُلّقت، فحاضت حيضةً أو حيضتين، ثم ارتفع حيضها، فإنّها تنتظر تسعةَ أشهر، فإن بان بها حَمْل فذاك، وإلّا اعتدت بثلاثة أشهر وحلّت. تقدم من "الموطأ". 2196 - [5380]- حديث عمر في أمّهات الأولاد: كيف نبيعهن، وقد خالطت لحومنا لحومهن، ودماؤنا دماءهن. مَنْعُ عمرَ من بيعهن مشهور، وأمّا كلامه هذا فلم أجده إلَّا في رواية أخرجها عبد الرزاق (¬2)، عن عمر بن ذرّ قال: [5381]- حدثني محمَّد بن عبيد الله الثقفي: أن أبانا اشترى جارية بأربعة آلاف، قد أسقطت لرجل سِقْطًا، فسمع عمر بن (¬3) الخطاب بذلك، فأرسل ¬
إليه وكان صديقًا له، فلامَه لومًا شديدًا، وقال: إن كنت لأنزهك عن هذا، أو عن مثل هذا، قال: وأقبل على الرّجل ضربًا بالدرّة، وقال: الآن حين اختلطت لحومكم، ولحومهن، ودماؤكم ودماؤهن، تبيعونهن، تأكلون أثمانهن، قاتل الله اليهود حرِّمت عليهم الشّحوم فباعوها، ارددْها، قال: فردَدْتُها، وأدركتُ من مالي ثلاثة آلاف درهم. 2197 - [5382]- قوله: عن مالك أنه قال: هذه جارتنا امرأة عجلان امرأة صدق، وزوجها رجل صدق، حملت ثلاثة أبطن في اثنتي عشرة سنة. الدارقطني (¬1) من طريق الوليد بن مسلم، قال: قلت لمالك: إني حدّثت عن عائشة أنها قالت: لا تزيد المرأة في حملها على سنتين قدرَ ظل المغزل، فقال: سبحان الله، من يقول هذا؟ هذه جارتنا، امرأة محمد بن عجلان امرأة صدقٍ، وزوجها رجل صدق، حملت ثلاثةَ أَبْطُنٍ في اثنتي عشرةَ سنة كلّ بطن في أربع سنين. انتهى. [5383]- وحديث عائشة قالت: ما تَزيد المرأة في العمل أكثر من سنتين قدر ما يتحول ظلّ عمود المغزل. أخرجه الدّارقطني (¬2) أيضا. 2198 - [5384]- قوله: وروى القُتَبِي: أنّ هرم بن حيّان حملت به أمه أربع سنين. ¬
هكذا ذكره ابن قتيبة في "المعارف" (¬1) وزاد: ولذلك سمي هرمًا، وتبعه ابن الجوزي في "التلقيح". وذكر ابن حزم في "المحلى" (¬2): أنّه يروى أنها حملت به سنتين. 2199 - [5385]- حديث عمر: أنّه قال في امرأة المفقود تتربص أربع سنين ثمّ تعتدّ بعد ذلك. مالك في "الموطأ" (¬3) والشافعي (¬4) عنه، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن عمر: أيّما امرأةٍ فَقَدَتْ زَوْجَها فلم تدر أين هو فإنها تنتظر أربع سنين، ثم تنتظر أربعة أشهر وعشرًا. [5386]- ورواه عبد الرزاق (¬5) عن ابن جريج عن يحيى به ورواه أبو عبيد، عن محمَّد بن كثير، عن الأوزاعي، عن الزهري، عن سعيد، عن عمر، وعثمان به. وسيأتي له طريق أخرى. ورواه البيهقي (¬6) من طرق أخرى، عن عمر. وقال ابن أبي شيبة (¬7): حدثنا غندر، حدثنا شعبة، عن منصور، عن مجاهد، ¬
عن ابن أبي ليلى، عن عمر، نحوه. [5387]- وللدارقطني (¬1) من طريق عاصم الأحول، عن أبي عثمان، وقال: أتت امرأة عمر بن الخطاب، فقالت: استهوت الجنّ زوجها، فأمرها أن تتربص أربع سنين، ثم أمر ولي الذي استهوته الجن أن يطلِّقَها، ثم أمرها أن تعتدّ أربعة أشهرٍ وعشرًا. 2200 - حديث عمر وعلي، أنهما قالا: إذا كان على المرأة عدّتان من شخصين، فإنهما لا يتداخلان. [5388]- أمَّا قول عمر؛ فرواه مالك (¬2) والشافعي (¬3) عنه، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار: أنّ طليحة كانت تحت رشيد الثقفي، فطلَّقها البتة، فنكحت في عدّتها، فضربها عمر، وضرب زوجها بالدرّة ضربات، وفرق بينهما، ثم قال عمر: أيّما امرأة نكحت في عدّتها، فإن كان زوجها الذي تزوّجها لم يدخل بها فرّق بينهما، ثم اعتدّت بقية عدّتها من زوجها الأوّل، وكان خاطبا من الخطّاب، وإن كان دخل فرّق بينهما ثم اعتدت بقية عدّتها من زوجها الأول، ثم اعتدّت من الآخر، ثم لم ينكحها أبدًا. قال ابن المسيّب: ولها مَهرها بما استحلّ منها. قال البيهقي: وروى الثّوري، عن أشعث، عن الشعبي، عن مسروق، عن ¬
عمر: أنّه رجع، فقال: لها مهرها ويجتمعان، إن شاء. [5389]- وأمّا قول علي: فرواه الشّافعي (¬1) من طريق في زاذان عنه، أنّه قضى في الّتي تُزَوَّجُ في عدّتها أنّه: يفرق بينهما, ولها الصدّاق بما استحلّ من فرجها، وتكمل ما أفسدت من عدّة (¬2) الأوّل، وتعتد من الآخر. ورواه الدارقطني (¬3) والبيهقي (¬4) من حديث ابن جريج، عن عطاء، عن علي، نحوه. 2201 - [5390]- حديث عمر: أنه قال: لو وضعت وزوجها على السّرير حلّت. مالك (¬5) والشافعي (¬6) عنه، عن نافع، عن ابن عمر، أنه سئل عن المرأة يتوفّى عنها زَوجها، وهي حامل، فقال ابن عمر: إذا وضعت حملها، فقد حلت. فأخبره رجل من الأنصار أن عمر بن الخطاب قال: لو ولدت وزوجها على السرير لم يدفن حَلَّت. ورواه عبد الرزاق (¬7) عن معمر، عن أيوب، عن نافع، مثله. ¬
ورواه هو (¬1) وابن أبي شيبة (¬2) عن ابن عيينة، عن الزهري، عن سالم: سمعت رجلًا من الأنصار، يحدث ابن عمر يقول: سمعت أباك يقول: لو وضعت المتوفّى عنها وزوجها على السرير؛ لقد حلّت. 2202 - [5391]- حديث عائشة: لو استقبلنا من أمرنا ما استدبرنا ما غسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلَّا نساؤُه. رواه أبو داود (¬3) وابن ماجه (¬4) والحاكم (¬5) , وإسناده صحيح. 2203 - [5392]- حديث: أنّ أسماء بنت عميس زوج أبى بكر غسلته، كان أوصى بذلك. البيهقي (¬6) من طريق الواقدي، عن ابن أخي الزهريّ، عن الزهريّ، عن عروة، عن عائشة: أن أبا بكر أوصى أن تغسله أسماء بنت عميس فضعفت، فاستعانت بعبد الرّحمن. [5393]- وروى مالك في "الموطأ" (¬7) عن عبد الله بن أبي بكر: أن أسماء ¬
بنت عميس غسلت أبا بكر. قال البيهقي (¬1): وله شواهد عن ابن أبي مليكة، وعن عطاء، وعن سعد بن إبراهيم، وكلها مراسيل. وقد تقدم في "الجنائز". 2204 - قوله: ويروى عن عمر، وعثمان، وابن عباس: أنّ امرأة المفقود تتربص (¬2) أربع سنين، وتعتد عدّة الوفاة، ثم تنكح. وعن علي: هذه امرأة ابتُلِيَت فلتصبر. * أمّا أثر عمر؛ فتقدم قبلُ بأحاديث، ومعه أثر عثمان. [5394]- وقال ابن أبي شيبة (¬3) حدثنا عبد الأعلى، عن معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيّب: أنّ عمر بن الخطّاب وعثمان بن عفان قالا في امرأة المفقود: تتَربّص أربعَ سنين، وتعتد أربعة أشهر وعشرًا. [5395]- وأمّا ابن عباس، فقال أبو عبيد (¬4) أخبرنا يزيد بن هارون، عن ابن أبي عروبة، عن جعفر بن أبي وحشية، عن عمرو بن هرم، عن جابر بن زيد، أنه شهد ابن عباس، وابن عمر تذاكرا امرأة المفقود، فقالا: تتربَّصُ بنفسها (¬5) ¬
أربعَ سنين، ثم تعتدّ عدَّةَ الوفاة. ورواه ابن أبي شيبة عن عبدة، عن سعيد به. [5396]- وأمّا أثر علي؛ فرواه الشّافعي (¬1) من طريق المنهال بن عمرو، عن عباد بن عبد الله، عن علي أنه قال في امرأة المفقود: إنها لا تتزوّج. [5397]- وذكره في مكان آخر تعليقًا (¬2) فقال: وقال علي في امرأة المفقود: امرأة ابتُلِيتْ فلتصبر، لا تنكح حتى يأتيها يقينُ مَوته. وقال البيهقي (¬3) هو عن علي مشهور، وروي عنه من وجه ضعيف ما يخالفه، وهو منقطع. [5398]- قال عبد الرزاق (¬4) عن محمَّد بن عبيد الله العرزمي، عن الحكم بن عتيبة: أنّ عليًّا قال في امرأة المفقود: هي امرأةٌ ابتُلِيتْ فلتصبر حتى يأتيها موتٌ أو طلاقٌ. [5399]- أخبرنا الثوري (¬5)، عن منصور، عن الحكم، عن علي قال: تتربصّ حتى تعلم أحي هو أم ميّت. [5400]- قال (¬6): وأخبرنا ابن جريج قال: بلغني أنّ ابن مسعود وافق عليًّا. ¬
2205 - [5401]- حديث عمر: أنّه لما عاد المفقود مكّنه من أخذ زوجته. عبد الرزاق (¬1) من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى، عنه بأتم من هذا، وفيه انقطاع مع ثقة رجاله. وقال عبد الرزاق (¬2): أخبرنا الثّوري، عن يونس بن خباب، عن مجاهد، عن الفقيد الذي أفقد قال دخلت الشعب فاستهوتني الجنّ فمكثت أربع سنين، ثم أتت امرأتي عمر بن الخطاب فأمرها أن تتربَّص أربع سنين من حين رفعت أمرها إليه، ثم دعا وليّه فطلّقها، ثم أمرها أن تعتدّ أربعةَ أشهر وعشرًا، ثم جئت بعد ما تزوّجت، فخَيّرني عمر بينها وبين الصداق الذي أصدقتها. ورواه ابن أبي شيبة (¬3) من طريق يحيى بن جعدة، عن عمر، به (¬4). [5402]- وروى البيهقي (¬5) من طريق سعيد عن قتادة، عن أبي نضرة، عن ابن أبي ليلى: أن رجلًا من قومه من الأنصار خرج يصلِّي مع قومه العشاء ففقد، فانطلقت امرأته إلى عمر فقضت عليه، فسأل قومه عنه، فقالوا: نعم خرج يصلّي العشاء، ففقد، فأمرها أن تتربص أربعَ سنين، فتربّصتْها ثم أتته، فسأل ¬
قومها، قالوا: نعم، فأمرها أن تتزوج، [فتزوجت] (¬1)، ثم جاء زوجها يخاصمه في ذلك إلى عمر، فقال عمر: يغيب أحدكم الزمان الطّويل لا يعلم أهلُه حياته. فقال: إنّ لي عذرًا، خرجت أصلي العشاء، فأخذني الجنّ فلبثت فيهم زمانًا طويلًا، فغزاهم جِنّ مؤمنون، فقاتلوهم، فظهروا عليهم، فسبوني فيما سبوا منهم، فقالوا: نَراك رجلًا مسلمًا، ولا يحل لنا سباؤُك، فخيّروني بين المقام، وبين القفول إلى أهلي، فاخترت القفول إلى أهلي، فأقبلوا معي، أمّا بالليل فلا يحدّثونني، وأمّا بالنّهار فعصار ريح اتّبعها. قال: فما كان طعامك إذ [كنت] (¬2) فيهم. قال: القول، وما لا يذكر اسم الله عليه، والشراب ما لا يخمر. قال: فخيّره عمر بين الصداق، وبين امرأته. قال سعيد: وحدثني مطر عن أبي نضرة: أنه أمرها بعد التربّص أن تعتد أربعة أشهر وعشرًا. * حديث عمر: أنه قضى للمفقود في امرأته بالخيار بين أن ينزعها من الثّاني، وبين أن يتركها. هو في الّذي قبله. [5403]- وفي البيهقي (¬3) من طريق داود، عن الشعبي، عن مسروق قال: ¬
لولا أن عمر خَيّر المفقودَ بين امرأته أوّ الصداق لرأيت أنّه أحقّ بها. 2206 - قوله: العدّة من وقت الطّلاق أو الموت، لا من وقت بلوغ الخبر. وعن بعض الصحابة خلافه. [5404]- البيهقي (¬1) من حديث شعبة، عن الحكم، عن أبي صادق، أن عليا قال: تعتدّ من يوم يأتيها الخبر. قال البيهقي (¬2) وهو مشهور عنه. وكذا رواه الشعبي عن علي. [5405]- ورواه الشافعي (¬3) من حديث أبي صادق، عن ربيعة بن ناجد، عن علي قال: العدّة مِن يوم يموت أو يطلّق. قال البيهقي: الرّواية الأولى أشهر عنه. **** ¬
باب الإحداد
باب الإحداد 2207 - [5406]- حديث أم عطية: "لاَ تحِدَّ المرأَة فَوْقَ ثَلاَثٍ إلَّا عَلَى زَوْجٍ .... ". الحديث. متفق عليه (¬1)، والإيراد للفظ مسلم وأبي داود (¬2) أقرب. 2208 - قوله في آخره: من قُسْط أو أظفار. وقد يروى: من قُسْط وأظفار. وهذه الرّواية الثانية في النّسائي (¬3). ورواه البخاري (¬4) بالواو. وقال المنذري: رواية الواو على العطف، وبـ"أو" على الإباحة والتسوية. 2209 - [5407]- حديث أم سلمة: "الْمُتَوَفَّى عَنْها زَوْجُهَا لاَ تَلْبَسُ الْمُعَصْفَر مِنَ الثِّيَابِ، وَلاَ الْمُمَشَّقَةَ، وَلاَ الْحُليَّ وَلاَ تَخْتَضِبُ وَلاَ تَكْتَحِلُ". ¬
أحمد (¬1) وأبو داود (¬2) والنسائي (¬3) من حديثها. قال البيهقي (¬4): وروي موقوفًا عليها. قلت: هي رواية معمر، عن بديل، عن الحسن بن مسلم، عن صفية بنت شيبة، عنها. وقد وصله الطبراني في "الكبير" (¬5) من حديثه. والمرفوع رواية إبراهيم بن طهمان, عن بديل، وإبراهيم ثقة، من رجال "الصّحيحين"، فلا يلتفت إلى تضعيف أبي محمّد بن حزم له (¬6)، وإن من ضعّفه إنما ضعّفه من قِبَلِ الإرجاء، كما جزم بذلك الدارقطني، وقد قيل: إنّه رجع عن الإرجاء (¬7). [5408]- حديث عائشة وحفصة: "لاَ يَحِلّ لامْرَأَةٍ تُؤمِنُ بِالله وَالْيَوْمِ والآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاثٍ إلَّا عَلَى زوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا". مسلم (¬8) من حديثهما، ورواه بالشك عن عائشة أو حفصة (¬9). * حديث أم عطية. ¬
تقدم، لكن قال هنا: "وَأَنْ تَلْبَسَ ثَوْبًا مُعَصْفَرًا"، والَّذي في "الصحيح": "إلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ". 2210 - [5409]- حديث: أنّه - صلى الله عليه وسلم - دخل على أمّ سلمة وهي حادّة على أبي سلمة، وقد جعلت على عينها صبرًا، فقال: "مَا هَذا يَا أُمَّ سَلَمة؟ " فقالت: هو صبر لا طيب فيه. قال: "اجْعَلِيهِ بِاللَيلِ، وَامْسَحِيهِ بِالنَّهَار". رواه الشافعي (¬1) عن مالك: أنّه بلغه، فذكره. ورواه أبو داود (¬2) والنسائي (¬3) من حديث ابن وهب، عن مخرمة بن بكير، عن أبيه، عن المغير بن الضحاك، عن أمّ حكيم بنت أسيد، عن أمّها، عن مولى لها، عن أم سلمة، به، وأتم منه. وفيه قصّة، وأعله عبد الحق (¬4) والمنذري (¬5) بجهاله حال المغيرة، ومن فوقه. وأعل بما في "الصحيحين" (¬6): [5410]- عن زينب بنت أم سلمة: سمعت أمّ سلمة تقول: جاءت امرأة إلى ¬
فائدة
رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: يا رسول الله، إن ابنتي توفي عنها زوجها، وقد اشتكت عينُها أفتكحلها، قال: "لا" - مرتين أو ثلاثا. فائدة المرأة هي عاتكة بنت نعيم، أخت عبد الله بن نعيم العدوي، وزوجها: هو المغيرة المخزومي، وقع مسمى في "موطإ ابن وهب". 2174 - قوله: قضية قوله: "لاَ يَحِلّ لامْرَأَةٍ ... " إلى آخره، جوازُ الإحداد ثلاثة أيام فما دونها على غير الزوج. انتهى. وقد ورد فيه: [5411]- حديث أسماء بنت عميس، قالت: لما أصيب جعفر قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم -: "تَسَلَّبِي (¬1) ثَلاثًا، ثمّ اصْنَعِي مَا شِئْتِ". أخرجه ابن حبان (¬2) وغيره. **** ¬
باب السكنى للمعتدة
باب السكنى للمعتدّة 2211 - [5412]- حديث: أنّ فُريعة بنت مالك أخت أبي سعيد الخدري قُتل زوجها، فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ترجع إلى أهلها، وقالت: إن زوجي لم يتركني في منزل يملكه، فأذن لها في الرجوع، قالت: فانصرفت، حتى إذا كنت في الحجرة، أو في المسجد دعاني، فقال: "امْكُثِي في بَيْتِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَه". قالت: فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرًا. مالك في "الموطأ" (¬1) والشافعي (¬2) عنه، عن سعد بن إسحاق، عن عمّته زينب، عن الفريعة. ورواه أحمد (¬3) وأبو داود (¬4) والترمذي (¬5) والنسائي (¬6) وابن ماجه (¬7) ¬
وابن حبان (¬1) والحاكم (¬2) والطبراني (¬3) كلهم من حديث سعد بن إسحاق، به، يزيد بعضهم على بعض في الحديث. وسياق ابن ماجه مثل ما هنا، وفي أوله زيادة. وأعلّه عبد الحق (¬4) تبعًا لابن حزم (¬5) بجهالة حال زينب، وبأن سعد بن إسحاق غير مشهور بالعدالة. وتعقبه ابن القطان (¬6) بأن سعدًا وثّقه النّسائي (¬7)، وابن حبان (¬8)، وزينب وثقها الترمذي (¬9). قلت: وذكرها ابن فتحون (¬10) وابن الأمين (¬11) في "الصحابة". ¬
وقد روى عن زينب غير سعد: [5413]- ففي "مسند أحمد" (¬1) من رواية سليمان بن محمَّد بن كعب بن عجرة، عن عمته زينب، وكانت تحت أبي سعيد، عن أبي سعيد، حديث في فضل علي بن أبي طالب. * حديث: أنّ فاطمة بنت أبي حبيش بتّ زوجُها طلاقَها، فأمرها أن تعتدّ في بيت ابن أمّ مكتوم. هذا مما في هذا الكتاب من الأوهام الواضحة، والقصة إنما هي لفاطمة بنت قيس، كما تقدم في "النهي عن الخِطبة على الخِطْبة" على الصّواب، والحديث في "صحيح مسلم" (¬2). 2212 - [5414] حديث مجاهد: أنّ رجالا استُشهدوا بأُحد، فقال نساؤهم: يا رسول الله إنّا نستوحش في بيوتنا، أفنبيت عند إحدانا، فأذن لهن أن يتحدثن عند إحداهن، فإذا كان وقت النّوم تأوي كل امرأة إلى بيتها. الشافعي (¬3) عن عبد المجيد، عن (¬4) ابن جريج، أخبرني إسماعيل بن كثير، عن مجاهد، به. ¬
تنبيه
ورواه عبد الرزاق في "مصنفه" (¬1) عن ابن جريج، عن عبد الله بن كثير، عن مجاهد، نحوه. ووقع في نسخةٍ: "إسماعيل بن كثير" على الصواب، وفي نسخة: بين عبد الرزاق وابن جريج "محمَّد بن عمرو" وهو اليافعي. وروى البيهقي (¬2) عن علقمة: أن نساء من همدان نُعي لهن أزواجُهن، فسألن ابن مسعود، فذكر نحو هذه القصّة. 2213 - [5415]- حديث جابر: طلّقت خالتي ثلاثًا، فخرجتْ تَجُدّ نخلا لها، فنهاها رجل، فأتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك له، فقال: "اخْرُجِي فَجُدِّي نَخْلَكِ لَعَلَّكِ أَنْ تَصَّدقِي مِنْهُ أَوْ تَفْعَلِي مَعْرُوفًا". أبو داود (¬3) وابن حبان (¬4) والحاكم (¬5) وأصله في "صحيح مسلم" (¬6). تنبيه خالة جابر ذكرها أبو موسى في "ذيل الصحابة" في المبهمات. ¬
* حديث: أنّ الغامديّة لما أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واعترفت بالزنا، رجمها بعد وضع الحمل. مسلم (¬1) من حديث بريدة. وسيأتي في الحدود. * حديث: أنه قال في قصة العسيف: "اغْدُ يَا أنيسُ إِلى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارجُمْهَا". وَلَمْ يَأْمُر بِإحْضَارِهَا. متفق عليه (¬2)، وقد تقدم في "اللعان". 2178 - [5416]- حديث: "لا يَخْلُوَن رَجُلٌ بِامْرأَةٍ، فَإنَّ ثَالِثَهمَا الشيطَانُ (¬3) ". وقد اشتهر هذا الحديث. أحمد (¬4)، وابن حبان (¬5)، والحاكم، من حديث عامر بن ربيعة. [5417]- ورواه ابن حبان (¬6) من حديث جابر (¬7). ¬
[5418]- والطبراني في "الأوسط" (¬1) من حديث ابن عمر. [5419]- وأحمد (¬2) من حديث عمر. وأصله في "الصحيحين" (¬3) بلفظ: "لا يخلُوَنَّ رَجلٌ بِامْرَأةٍ إلَّا وَمَعَها ذُو مَحْرَمٍ" ولم يذكره آخره. 2214 - [5420]- حديث: أنّ عليًّا نقل أمّ كلثوم بعد ما استشهد عمر بسبع ليال. الشافعي (¬4)، والبيهقي (¬5) من حديث فراس، عن الشعبي، بهذا. ورواه الثوري في "جامعه" عن فراس، وزاد: لأنها كانت في دار الإمارة. [5421]- والشّافعي (¬6) من وجه آخر، عن الشعبي: أن عليا كان يرحل (¬7) المتوفى عنها لا ينتظر بها. 2215 - [5422]- حديث ابن عمر: لا يصلح أن تبيت ليلة واحدة إذا كانت في عدة طلاق أو وفاة إلا في بيتها. ¬
موقوف، الشافعي (¬1)، عن عبد المجيد، عن ابن جريج، عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه به. 2216 - قوله: روي عن ابن عباس، أنه فسّر الفاحشة في قوله تعالى: {إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} بأن تبذو وتستطيل بلسانها على أحمائها. وكذا هو في تفسير غيره. [5423]- أمّا ابن عباس؛ فرواه الشافعي (¬2)، عن الدراوردي، عن محمَّد بن عمرو، عن محمَّد بن إبراهيم التيمي، عن ابن عباس، في قوله تعالى: {إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} قال: أن تبذو على أحمائها. ورواه البيهقي (¬3) من طريق عمرو بن أبي عمرو، عن عكرمة، عنه، بنحوه. وأما غيره: [5424]- فذكره ابن أبي حاتم عن أبي بن كعب، وعكرمة في أحد قوليه، والقول الثاني: أنّه الزّنا، وهو عن ابن عبّاس أيضا في رواية مجاهد (¬4)، وعَلى من قال به غيرهما فبلغوا ثلاثةَ عشر نفسًا. 2217 - [5425]- حديث سعيد بن المسيب: أنه كان في لسان فاطمة بنت قيس ذرابة، فاستطالت على أحمائها. ¬
[تنبيه]
البيهقي (¬1) من حديث عمرو بن ميمون، عنه، في قصّة، وقد تقدّمت الإشارة إليها. [تنبيه] (¬2) هذا الأثر من سعيد موافق لتفسير ابن عباس الماضي. والذَّرابَة -بفتح الذّال المعجمة- هي الحدّة. **** ¬
باب الاستبراء
باب الاستبراء * حديث: أنّه قال في سبايا أوطاس: "لا تُوطَأ حَامِلٌ حَتّى تَضَعَ ولا حِايِلٌ حَتّى تَحيضَ". وكرّره (¬1) في الباب المذكور، وقد تقدم مبيَّنًا في "كتاب الحيض". * حديث: "لا تَسْقِ مَاءَكَ زَرْعَ غَيرِك". تقدّم في "العدد". 2218 - [5426]- حديث: أن سعد بن أبي وقاص وعبد بن زمعة تنازعا عام الفتح في ولد وليدة زمعة، وكان زمعة قد مات، فقال سعد: يا رسول الله إنّ أخي كان عهد إلَيّ، وذكر أنه ألَمّ بها في الجاهلية، وقال عبد: هو أخي وابن وليدة أبي، ولد على فراشه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هُو لَكَ يَا عَبْدُ بن زَمْعَةَ الْوَلَدُ لِلْفِراشِ ولِلْعَاهِرِ الْحَجَر". متفق عليه (¬2) من حديث عائشة. وفي الباب: ¬
[5427]- عن أبي هريرة بلفظ: "الْوَلد لِلْفِراشِ وللْعَاهِر الْحَجَر". متفق عليه أيضا (¬1). 2219 - [5428]- حديث ابن عمر: وقعت في سهمي جاريةٌ من سبي جلولاء، فنظرت إليها فإذا عنقها مثل إبريق الفضّة، فلم أتمالك أن وقعت عليها، فقبلتها والناس ينظرون، ولم ينكر علي أحد. قال ابن المنذر في الكتاب "الأوسط": حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا حجاج، حدثنا حماد، أخبرنا علي بن زيد، عن أيوب بن عبد الله اللّخمي، عن ابن عمر قال: وقعت في سهمي جارية يوم جلولاء ... فذكره. قال المصنف (¬2): أقمت عشرين سنة أبحث عمّن خرّج هذا الأثر فلم أظفر به إلا بعد ذلك. قلت: وقد أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (¬3) عن زيد بن الحباب، عن حماد بن سلمة. ورواه الخرائطي في "اعتلال القلوب" من طريق هشيم، عن علي بن زيد، نحوه ¬
2220 - [5429]- حديث ابن عمر: عدّة أم الولد إذا هلك سيدها بحيضة، واستبراؤها بقُرْءٍ واحد. موقوف، مالك في "الموطّأ" (¬1) عن نافع، عن ابن عمر، قال: عدة أم الولد يتوفى عنها سيدها تعتد بحيضة. ورواه البيهقي (¬2) من طريق ابن نمير وأبي أسامة، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، نحوه، زاد أبو أسامة: وكذا إن عتقت أو وهبت. 2221 - [5430]- حديث عمر: لا تأتيني أمّ ولد يعترف سيدها أنّه قد ألَمّ بها إلا ألحقت به ولدَها، فأرسلوهن بعد أو أمسكوهن. الشافعي (¬3) عن مالك، عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه: أن عمر قال: ما بال رجال يطئون ولائدهم، ثم يعتزلوهن. فذكر نحوه. [5431]- وعن نافع عن صفية بنت أبي عبيد، عن عمر في إرسال الولائد يوطئن، بمعنى حديث سالم، ولفظه: ما بال رجال يطئون ولائدهم، ثم يدعوهن يخرجن، لا تأتيني وليدة يعترف سيدها أن قد ألم بها إلا ألحقت به ولدها، فأرسلوهن بعد أو أمسكوهن. ¬
2222 - قوله: المنصوص وظاهر المذهب: أنّ الولد لا يلحقه إذا نفاه، واحتُجّ له بأن عمر وزيد بن ثابت وابن عباس نفوا أولاد جوارٍ لهم. هذا ذكره الشافعي عنهم بلا إسناد في "الأم" (¬1) وكذا ذكره البيهقي (¬2) عنه، فينظر في [أسانيده] (¬3). قلت: [5432]- أخرجها عبد الرزاق؛ أما عمر (¬4) فعن ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن رجل من أهل المدينة: أن عمر كان يعزل عن جارية له فحملت، فشقّ ذلك عليه، فقال: اللهم لا تُلحق بآل عمر من ليس منهم، قال: فولدت غلاما أسود فسألها فقالت: من راعي الإبل فاستبشر. [5433]- وأما زيد (¬5)؛ فعن الثوري عن ابن ذكوان (¬6)، عن خارجة بن زيد قال: كان زيد بن ثابت (¬7) يقع على جارية له بطيب نفسها، فلما ولدت انتفى ¬
من ولدها، وضربها مائة، ثم أعتق الغلام. أخبرنا ابن عيينة، عن أبي الزناد، عن خارجة مثله. [5434]- وأما ابن عباس (¬1)، فعن محمَّد بن عمرو، عن عمرو بن دينار: أنّ ابن عَبّاس وقع على جارية له، وكان يعزل عنها فولدت، فانتفى من ولدها. وعن الثوري (¬2) عن عبد الكريم الجزري، عن زياد قال: كنت عند ابن عباس ... فذكر قصّةً فيها أنّه انتفى من ولد جاريته. **** ¬
(54) كتاب الرضاع
(54) كِتَابُ الرَّضَاع
* حديث عائشة: "يَحْرُم مِن الرّضَاعِ مَا يَحْرُم مِن النّسَب". متفق عليه (¬1) وقد تقدم في "باب ما يحرم من النكاح". 2223 - [5435]- حديث: "الإرْضَاعُ مَا أَنْبَتَ اللَّحْمَ وَأَنْشَرَ الْعَظْمَ". أبو داود (¬2) من حديث أبي موسى الهلالي، عن أبيه، عن ابن مسعود، بلفظ: "لا رَضَاعَ (¬3) [إلَّا] (¬4) ... " وفيه قصة له مع أبي موسى (¬5) في رضاع الكبير، وأبو موسى (¬6) وأبوه؛ قال أبو حاتم (¬7): مجهولان. لكن أخرجه البيهقي (¬8) من وجه آخر، من حديث أبي حصين، عن أبي عطية، قال: جاء رجل إلى أبي موسى ... فذكره بمعناه. 2224 - [5436]- حديث: "لاَ رَضَاعَ إلَّا مَا كَانَ في الْحَوْلَينِ". ¬
الدارقطني (¬1) من حديث عمرو بن دينار، عن ابن عباس وقال: تفرّد برفعه الهيثم بن جميل، عن ابن عيينة، وكان ثقة حافظًا. وقال ابن عدي (¬2): يعرف بالهيثم، وغيره لا يرفعه، وكان يغلط (¬3). ورواه سعيد ابن منصور (¬4)، عن ابن عيينة، فوقفه. وقال البيهقي (¬5): الصحيح موقوف. [5437]- وروى البيهقي (¬6) عن عمر وابن مسعود: التحديد بالحولين، قال: ورويناه عن سعيد ابن المسيب، وعروة، والشعبي. ويحتجّ له: [5438]- بحديث فاطمة بنت المنذر، عن أمّ سلمة: "لا يُحَرِّم مِن الرَّضَاع إلَّا مَا فَتَقَ الأَمْعَاءَ وَكَان قَبْل الْفِطَام". 2225 - [5439]- حديث عائشة: كان فيما أنزل من القرآن عَشر رَضعاتٍ يحرِّمن، ثم نُسِخْن بخمسٍ معلوماتٍ، فتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهنّ فيما يقرأ من القرآن. ¬
مسلم (¬1) من حديثها. 2226 - قوله: وحمل ذلك على قراءة حكمها، أي أنّ ظاهر قولها وهن فيما يقرأ من القرآن: أنّ التلاوة باقية، وليس كذلك، فالمعنى قراءة الحكم. وأجاب غيره: بأن المراد بقولها: (تُوُفِّي): قاربَ الوفاة، [أو أنه لم يبلغ النّسخ من استمرّ على التلاوة] (¬2). 2227 - [5440، 5441]- حديث: "لا تحَرِّم المصَّة ولاَ الْمَصَّتَان، ولا الرَّضعَة ولاَ الرَّضْعَتَان". مسلم (¬3) والنسائي (¬4) من حديث عائشة، وأمّ الفضل بنت الحارث، وفيه قصة. [5442]- ورواه أحمد (¬5) والنسائي (¬6) وابن حبان (¬7) والترمذي (¬8) من حديث ¬
عبد الله بن الزبير، وقال: الصحيح عند أهل الحديث من رواية ابن الزبير، عن عائشة - يعني كما رواه مسلم. وأعله ابن جرير الطّبري بالاضطراب؛ فإنّه رُوِي عن ابن الزبير، عن أبيه. وعنه: عن عائشة. وعنه: عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، بلا واسطة. وجمع ابن حبان (¬1) بينها بإمكان أن يكون ابن الزبير سمعه من كلّ منهم. وفي ذلك الجمع بُعْدٌ على طريقة أهل الحديث. [5443]- ورواه النّسائي (¬2) من حديث أبي هريرة. وقال ابن عبد البر (¬3): لا يصح مرفوعًا. 2228 - [5444]- حديث عائشة: أنّ أفلح أخا أبا القعيس جاء يستأذن عليها، وهو عمّها من الرّضاعة بعد أن أنزلت آية الحجاب ... الحديث. متفق عليه (¬4). 2229 - قوله: ولبن الفحل يُحرِّم على قول عامّة العلماء، وعن بعض الصحابة خلافُه، وبه قال أبو عبد الرحمن بن بنت الشافعي. ¬
هذا المبهم (¬1) هو ابن الزبير (¬2): [5445]- رواه الشافعي (¬3) عن الدراوردي، بسنده إلى زينب بنت أبي سلمة، قالت: كان الزّبير يدخل علي وأنا أمتشط، أرى أنه أبي، وأن ولده إخوتي؛ لأن أسماء بنت أبي بكر أرضعتني، قال: فلما كان بعد الحرّة أرسل إلَيّ عبد الله ابن الزبير يخطب ابنتي أمّ كلثوم على أخيه حمزة بن الزبير، وكان للكلبية، فقلت: وهل تحل له؟ فقال: إنه ليس لك بأخٍ أما أنا وما ولدت أسماء فهم إخوتك، وما كان من ولد الزبير من غير أسماء فما هم لك بإخوة، قالت: فأرسلت فسألت والصحابة متوافرون، وأمهات المؤمنين فقالوا: إن الرّضاع من قِبل الرجل لا يُحرِّم [شيئًا] (¬4) فأنكحتها إياه. 2230 - [5446]- قوله: وروى الشافعي: أنّ ابن عبّاس سئل عن رجل له امرأتان، أرضعت إحداهما غلاما والأخرى جارية أينكح الغلام الجارية؟ فقال: لا، اللّقاح واحد، إنهما أخوان لأب. وهذا رواه الشافعي (¬5) -كما قال- عن مالك، عن ابن شهاب، عن عمرو بن ¬
الشّريد، عن ابن عباس. ورواه الترمذي في "جامعه" (¬1) من هذا الوجه. 2231 - قوله: روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنّه قال: "أَلا سيِّدُ وَلَدِ آدَمَ، بَيدَ أنِّي مِنْ قُريشٍ، وَنشأْتُ في بَنِي سَعْدٍ، واسْتُرْضِعْتُ في بَنِي زُهْرَةَ". ويروى: "أَنَا أَفْصَحُ الْعَرَبِ بَيْدَ أَنِّي مِنْ قُرَيشٍ ... " إلى آخره. كأن اللّفظ الأول مقلوب، فإنه نشأ في بني زهرة، وارْتَضَع في بني سعد: [5447]- وقد روى الطبراني في "الكبير" (¬2) من حديث أبي سعيد الخدري رفعه: "أنا النّبي لا كَذِب أَنَا ابْن عَبْدِ المطَّلِب، أنا أَعْرَبُ الْعَرَبِ، وَلَدَتْنِي قُرَيْشٌ، وَنَشَأْتُ في بَنِي سَعدٍ بْن بَكْرٍ، فأنَّى يَأتِيني اللَّحْنُ". وفي إسناده مبشر بن عبيد، وهو متروك. [5448]- وروى ابن أبي الدنيا في كتاب "المطر" وأبو عبيد في "الغريب"، والرّامهرمزي في "الأمثال" (¬3) من حديث موسى بن محمّد بن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن جده، قال: كانوا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في يوم دجن، فقال: "مَا تَرَوْنَ بَواشقَهَا؟ " فذكر الحديث ... إلى أن قال: فقال له رجل: يا رسول الله ما رأينا الذي هو أعرب أو أفصح منك؟ فقال: "حُقَّ لِي، وإنَّمَا نَزَلَ الفرآنَ بِلِسَانٍ ¬
عَرَبِيٍّ مُبِين". 2232 - [5449]- حديث عقبة بن الحارث: أنّه نكح بنتا لأبي إهاب بن عزيز، فأتته امرأة فقالت: قد أرضعت عقبة والتي نكحها، فقال لها عقبة: لا أعلم أنّك أرضعتيني، ولا أخبرتيني، فأرسل إلى آل أبي إهاب فسألهم، فقالوا: ما علمناها أرضعت صاحبتك، فركب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة فسأله عن ذلك، فقال: "كَيْفَ وَقَدْ قِيلَ". ففارقها ونكحت زوجا غيره. رواه البخاري في "كتاب الشهادات" من "صحيحه" (¬1) بهذا السياق سواء. ورواه فيه من طرق أخرى (¬2)، وسمى في بعضها الزوجة أم يحيى (¬3). وقال ابن ماكولا (¬4): اسمها غنية -بالغين المعجمة- ووهم من ذكر هذا الحديث في المتفق (¬5). **** ¬
(55) كتاب النفقات
(55) كِتَابُ النَّفَقَاتِ
2233 - [5450]- حديث: أنّ هند بنت عتبة زوج أبي سفيان جاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل [شحيح؛ لا] (¬1) يعطيني من النفقة ما يكفيني وولدي إلا ما أخذته منه سرًّا وهو لا يعلم، فهل عليّ [في ذلك شيء؟] (¬2) فقال: "خُذي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالمعْرُوفِ". متفق عليه (¬3) من حديث عائشة (¬4). وله عندهما ألفاظ. [5451]- ورواه الطبراني (¬5) من حديث عروة بن الزبير، عن هند. * حديث: "إنّ الله أَعْطَاكُمْ ثُلَثَ أَمْوَالِكُمْ في آخِرِ أَعْمَارِكُم". تقدم في "الوصايا". 2234 - [5452]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - سئل عن حقّ الزوجة على الزوج؟ فقال: "أنْ تُطْعِمَهَا إذا طَعِمْتَ، وَتَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ". ¬
أبو داود (¬1) والنسائي (¬2) وابن ماجه (¬3) والحاكم (¬4) من حديث معاوية بن حيدة، وزادوا في آخره: " ... ولاَ تُقَبِّحْ وَلاَ تَهْجُرْ إلَّا في الْبَيْتِ". وقد علّق البخاري هذه الزيادة حسب، وصححه الدارقطني في "العلل" (¬5). * حديث: أنه قال لفاطمة بنت قيس: "لاَ نَفَقَةَ لَكِ عَلَيهِ"، وكانت مبتوتةً. مسلم عنها، وقد تقدم. * حديث: "ألاَ لاَ تُوطَأ حَامِلٌ حَتَى تَضَع". تقدم في "الاستبراء". 2235 - [5453]- حديث أبي بن كعب: أنه علّم رجلًا القرآن أو شيئًا منه فأهدى له قوسًا، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنْ أَخَذْتَها أخذتَ قوسًا مِن النَّارِ". احتج به القاضي الحسين على أنّه إذا سلم النفقة على ظنِّ الحمل فبان خلافُه أنّ له الرّجوع. ¬
والحديث؛ رواه ابن ماجه (¬1)، والرّوياني (¬2) في "مسنده" (¬3) والبيهقي (¬4) كلهم من رواية عبد الرحمن بن سلم، عن عطية الكلاعي، عن أبي بن كعب. قال البيهقي وابن عبد البر (¬5): هو منقطع - يعني بين عطية وأبي. وقال المزي: أرسل عن أبي. وكأنه تبع في ذلك البيهقي، وإلا فقد قال أبو مسهر: إن عطية ولد في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬6)، فكيف لا يلحق أُبيًّا؟! وأعله ابن القطان (¬7) وابن الجوزي (¬8) بالجهل بحال عبد الرحمن، وله طرق عن أبيّ، قال ابن القطان: لا يثبت منها شيء. وفيما قال نظر. ¬
وذكر المزي في "الأطراف" (¬1) له طرقا، منها ما بين أن الذي أقرأه أبيّ هو الطفيل بن عمرو. وفي الباب: [5454]- عن عبادة بن الصامت رواه أحمد (¬2) وأبو داود (¬3) وابن ماجه (¬4) من حديث مغيرة بن زياد، عن عبادة بن نُسَيّ، عن الأسود بن ثعلبة، عنه قال: علّمت أناسا من أهل الصفة الكتابة والقرآن، فأهدى إلى رجل منهم قوسا ... الحديث. ومغيرة مختلف فيه، واستنكر أحمد حديثه (¬5). وناقض الحاكم فصحح حديثه في "المستدرك" (¬6) واتهمه به في موضع آخر (¬7) فقال: يقال: إنه حدث عن عبادة بن نسي بحديث موضوع. والأسود بن ثعلبة؛ قال ابن المديني (¬8) في كلامه على هذا الحديث: إسناده معروف إلا الأسود؛ فإنه لا يحفظ عنه إلا هذا الحديث. كذا قال! مع أن له حديث آخر من روايته عن عبادة بن الصامت أيضا، رواه أبو ¬
الشيخ في كتاب "ثواب الأعمال" (¬1)، وثالث أخرجه الحاكم (¬2) في النفساء تطهر، ورابع أخرجه البزار (¬3) في الفتن كلاهما من حديث معاذ بن جبل. ولم ينفرد به عن عبادة، بل تابعه جنادة بن أبي أمية؛ رواه أبو داود (¬4) والحاكم (¬5) والبيهقي (¬6)، لكن قال البيهقي (¬7): اختلف فيه على عبادة؛ فقيل: عنه عن الأسود بن ثعلبة. وقيل: عنه، عن جنادة. [5455]- ورواه الدارمي (¬8) بسند على شرط مسلم، من حديث أبي الدرداء، لكن شيخه عبد الرحمن بن يحيى بن إسماعيل لم يخرج له مسلم، وقال فيه أبو حاتم (¬9): [ما به بأس] (¬10). وقال دحيم (¬11): حديث أبي الدرداء في هذا ليس له أصل. ¬
2236 - [5456]- حديث أبي هريرة أنه - صلى الله عليه وسلم - قال في الرجل لا يجد ما ينفق على امرأته: "يُفَرَّقُ بَينَهُمَا". ويروى: "مَن أَعْسَرَ بِنَفَقَةِ [امرأتِهِ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا"] (¬1). وسئل سعيد بن المسيب عن ذلك؟ فقال: يُفَرَّق بينهما. فقيل له: سنة؟ فقال: نعم (¬2) سنة. أما حديث أبي هريرة؛ فرواه الدارقطني (¬3) والبيهقي (¬4) من طريق عاصم عن أبي صالح عن أبي هريرة، وأعلّه أبو حاتم (¬5). [5457]- وأما قول سعيد بن المسيب؛ فرواه الشافعي (¬6) عن سفيان، عن أبي الزناد، قال: قلت لسعيد بن المسيب، فذكره. قال الشافعي: والذي يشبه أن يكون قول سعيد: "سنة" سنةَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ورواه عبد الرزاق (¬7)، عن الثوري، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب قوله (¬8)، ولم يقل من السنّة. ¬
وأما لفظ الرواية الأخرى المشار إليها فلم أره. قلت: للرواية الأولى علة بينها ابن القطان وابن المواق، وذلك: أنّ الدّارقطني أخرج من طريق شيبان، عن حماد، عن عاصم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "المرْأَةُ تَقولُ لزوجِهَا أَطْعِمْني أو طَلِّقْني ... " الحديث. [5458]- وعن حماد، عن يحيى بن سعيد، عن ابن المسيب أنه قال: في الرّجل يعجز عن نفقة امرأته، قال: إن عجز فُرّق بينهما. ثم أخرج من طريق إسحاق بن منصور، عن حماد، عن يحيى، عن سعيد بذلك. وبه إلى حماد، عن عاصم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، مثله. قال ابن القطان: ظنّ الدّارقطني لما نقله من كتاب حماد بن سلمة: أنّ قوله مثله يعود على لفظ سعيد بن المسيب، وليس كذلك وإنما يعود على حديث أبي هريرة. وتعقبه ابن المواق بأن الدارقطني لم يهم في شيء، وغايته: أنّه أعاد الضّمير إلى غير الأقرب؛ لأنّ في السياق ما يدل على صرفه للأبعد. انتهى. وقد وقع البيهقي (¬1) ثم ابن الجوزي (¬2) فيما خشيه ابن القطّان، فنسبا لفظ ابن المسيب إلى أبي هريرة، مرفوعًا، وهو خطأ بَيِّن؛ فإن البيهقي أخرج أثر ابن المسيب، ثم ساق رواية أبي هريرة فقال: مثله، وبالغ في "الخلافيات" (¬3) فقال: وروي عن أبي هريرة مرفوعًا في الرجل لا يجد ما ينفق على امرأته: ¬
"يفرق بَيْنَهُمَا ... " كذا قال! واعتمد على ما فهمه من سياق الدّارقطني. والله المستعان. 2237 - [5459]- حديث: "طَعَامُ الْوَاحِدِ يَكْفِي الاثْنَيْنِ". مسلم (¬1) والترمذي (¬2) وابن ماجه (¬3) عن جابر أتم منه، وله طرق. 2238 - [5460]- حديث: "إنّ أَطْيَبَ مَا أَكَلَ الرَّجُل مِنْ كَسْبِه، وَوَلَدُه مِنْ كَسْبِه، فَكلُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ". أحمد (¬4) وأصحاب السنن (¬5) وابن حبان (¬6) والحاكم (¬7) من حديث عائشة، واللفظ لابن ماجه سوى قوله: "فكلوا من أموالهم". وفي رواية أبي داود وغيوه: "أَطْيَبُ مَا أَكَلْتُمْ مِن كَسْبِكم وَإنَّ أولادَكُم مِن كسْبِكُم". وفي رواية له (¬8) وللحاكم (¬9): "وَلَد الرَّجُلِ مِنْ كَسْبِهِ، فَكُلُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ". ¬
وفي رواية للحاكم (¬1) مثل سياق المصنّف إلا قوله: "فكلوا من أموالهم"، وصححه أبو حاتم وأبو زرعة فيما نقله ابن أبي حاتم في "العلل" (¬2). وأعله ابن القطان (¬3) بأنّه عن عمارة عن عمّته، وتارة عن أمّه، وكلتاهما لا تعرفان. وزعم الحاكم في موضع آخر من "مستدركه" (¬4) بعد أن أخرجه من طريق حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، بلفظ: "وَأَمْوَالُهُمْ لَكُمْ إذَا احْتَجْتُم إِلَيْهَا" أنّ الشيخين أخرجاه باللّفظ الأوّل، ووهم في ذلك وهمًا لا ينفكّ عنه لأنه قد استدركه فيما قَبْلُ. وقال أبو داود (¬5) في هذه الزيادة وهي "إذا احتجتم إليها" إنها منكرة، ونقل عن ابن المبارك عن سفيان قال: حدّثني به حماد ووهم فيه. وفي الباب: [5461]- عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أنّ أعرابيًّا أتى النّبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنّ لي مالًا وولدًا ووالدي يريد أن يجتاح مالي، قال: "أَنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيكَ، إن أولادَكُمْ مِنْ أَطْيَب كَسْبِكُم فَكُلُوا مِن كَسْبِ أوْلادِكُم". أخرجه أحمد (¬6) وأبو داود (¬7) وابن خزيمة وابن الجارود (¬8) (¬9). ¬
2239 - [5462]- حديث: أنّ رجلًا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: يا رسول الله، معي دينار فقال: "أَنْفِقْه عَلَى نَفْسِكَ ... " الحديث. الشّافعي وأحمد (¬1) والنسائي (¬2) وأبو داود (¬3) وابن حبان (¬4) والحاكم (¬5) من حديث أبي هريرة. قال ابن حزم (¬6): اختلف يحيى القطان، والثوري، فقدم يحيى الزوجة على الولد وقدم سفيان الولد على الزوجة، فينبغي أن لا يقدم أحدهما على الآخر بل يكونان سواء؛ لأنه قد صح: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا تكلّم تكلّم ثلاثًا (¬7) فيمكن أن يكون في إعادته إياه قدم الولد مرّة، ومرة قدم الزوجة فصارا سواء. قلت: [5463]- وفي "صحيح مسلم" (¬8) من رواية جابر تقديم الأهل على الولد من ¬
غير تردد، فيمكن أن ترجح به إحدى الروايتين. 2240 - [5464]- حديث: أنّ رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: من أبر؟ قال: "أمّكَ"، قال: ثم من؟ قال: "أمّك"، قال: ثم من؟ [قال: "أمك". قال: ثم من؟] (¬1) قال: "أباك". متفق عليه (¬2) من حديث أبي هريرة نحوه. [5465]- ورواه باللفظ المذكور هنا: أبو داود (¬3) والترمذيّ (¬4) والحاكم (¬5) من حديث بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده معاوية بن حيدة. [5466]- ورواه أبو داود (¬6) من طريق كليب بن منفعة عن جده نحوه. [5467]- وعن المقدام بن معدي كرب: سمعت النَّبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إنّ الله يُوصِيكُمْ بأمَّهاتِكُمْ ثُمَّ يُوصِيكُمْ بآبَائِكُم، ثمّ بالأقرب فالأقْرَب". أخرجه البيهقي (¬7) بإسناد حسن. 2241 - قوله: نفقة الولد على الأب منصوص عليها في قصة هند وغيرها. ¬
قد تقدم حديث هند، وأما الغير المبهم فكأنه يشير إلى حديث أبي هريرة المتقدم؛ فإنّ فيه: ولدك يقول: إلى من تتركني. [5468]- حديث عمر: أنّه كتب إلى أمراء الأجناد في رجال غابوا عن نسائهم؛ إمّا أن ينفقوا، وإما أن يطلِّقوا ويبعثوا نفقة ما حبسوا. الشافعي (¬1) عن مسلم بن خالد، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، به. ورواه ابن المنذر من طريق عبد الرزاق، عن عبيد الله بن عمر به وأتم سياقا، وهو في مصنّف عبد الرزاق (¬2)، وذكره أبو حاتم في "العلل" (¬3) عن حماد بن سلمة، عن عبيد الله، به. وقال وبه نأخذ. وقال ابن حزم (¬4) صح عن عمر إسقاط طلب المرأة للنفقة إذا أعسر بها الزوج. 2242 - [5469]- قوله: إن زيد بن أسلم فسر قوله تعالى: {ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} أي لا يكثر عيالكم. ¬
هو كما قال، رواه الدارقطني (¬1) والبيهقي (¬2) من طريق سعيد بن أبي هلال، عنه، في قوله: {ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا}، قال: ذلك أدنى أن لا يكثر من تعولونه. **** ¬
باب الحضانة
باب الحضانة 2243 - [5470]- حديث عبد الله بن عمرو: أن امرأة قالت: يا رسول الله إن ابني هذا بطني له وعاء، وثدي له سقاء، وحجري له حواء، وإن أباه طلقني وأراد أن ينزعه مني، فقال: "أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحي". أحمد (¬1) وأبو داود (¬2) والبيهقي (¬3) والحاكم (¬4) من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. تنبيه وقع في الأصل (¬5): ابن عُمر بضم العين، وهو وهم، وإنما هو ابن عمرو بن العاص. 2244 - [5471]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - خَيّر غلامًا بين أبيه المسلم وأمّه المشركة فمال إلى الأم فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اللهُمَّ اهْدِهِ"، فمال إلى الأب. ¬
تنبيه
أحمد (¬1) والنسائي (¬2) وأبو داود (¬3) وابن ماجه (¬4) والحاكم (¬5) والدراقطني (¬6) من حديث رافع بن سنان، وفي سنده اختلاف كثير وألفاظ مختلفة، ورجح ابن القَطّان (¬7) رواية عبد الحميد بن جعفر. وقال ابن المنذر (¬8): لا يثبته أهل النقل وفي إسناده مقال. تنبيه وقع عند الدّارقطني: أن البنت المخيَّرة (¬9) اسمها عُميرة. وقال ابن الجوزي (¬10) رواية من روى أنه كان غلاما أصح. وقال ابن القطان (¬11)؛ لو صح رواية من روى أنها بنت لاحتمل أن يكون قصتين (¬12)؛ لاختلاف المخْرَجَيْن (¬13). ¬
تنبيه
تنبيه آخر احتج به الإصطخري على أنه يثبت [به] (¬1) للأم حقّ الحضانة ورد عليه بأجوبة: منها لإمام الحرمين: أن هذه القصة كانت في مولود غير مميّز. ومنها: دعوى النسخ، وبالغ الشيخ أبو إسحاق فادعى الإجماع على أنه لا يسلم للكافر. قال القاضي مجلى: ولعل النّسخ وقع بقوله تعالى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا}. ومنها: ردّ الحديث بالضَّعف. 2245 - قوله: فلو نكحت أجنبيًّا سقطت حضانتها؛ لما سبق في الخبر. يعني: الحديث الأول؛ فإن فيه: "أَنتِ أحقّ بِه ما لم تَنْكِحِي". 2246 - [5472]- حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "الأمُّ أحقُّ بِولَدِها مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ". الدارقطني (¬2) من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، وفيه المثنى ابن الصباح وهو ضعيف. ويقويه: ¬
[5473]- ما رواه عبد الرزاق (¬1) عن الثوري، عن عاصم عن عكرمة، قال: خاصمت امرأة عمر عمرَ إلى أبي بكر، وكان طلّقها، فقال أبو بكر: هي أعطف، وألطف، وأرحم، وأحنأ، وأرأف، وهي أحق بولدها ما لم تتزوج. 2247 - [5474]- قوله: روي أن عليًّا وجعفرا وزيد بن حارثة تنازعوا في حضانة بنت حمزة بعد أن استشهد، فقال علي: بنت عمي وعندي بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال زيد: بنت أخي، وكان عليه السلام آخى بين زيد وحمزة، وقال جعفر: الحضانة لي هي بنت عمّي وعندي خالتها، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "الخالَةُ أمٌّ". وفي رواية: "الخالةُ بمنزِلَةِ الأمِّ"، وسلّمها إلى جعفر، وجعل لها الحضانة، وهي ذات زوج. البخاري في "صحيحه" (¬2) من حديث البراء بغير لفظه. [5475]- ورواه أبو داود (¬3) والحاكم (¬4) والبيهقي (¬5) من حديث علي بلفظ: "إنّما الْخَالَةُ أمٌّ". ¬
تنبيه
تنبيه الخالة المذكورة هي أسماء بنت عميس. وفي الباب: [5476]- عن ابن مسعود مرفوعًا: "الخالَةُ وَالِدَةٌ". أخرجه الطبراني (¬1). [5477]- وعن أبي هريرة مرفوعًا مثله، أخرج العقيلي (¬2). [5478]- وعن الزهري قال: بلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "العمُّ أبٌّ إذا لَم يَكُن دُونه أَبٌ، والخالَةُ والدةٌ إذا لم يكُن دونَهَا أمُّ". أخرجه ابن المبارك في "البر والصلة". 2248 - [5479]- حديث أبي هريرة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: خَيّر غلاما بين أبيه وأمه. وعنه: أنه اختصم رجل وامرأة في ولده منها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت المرأة: يا رسول الله، إن ابني هذا قد نفعني وسقاني من بئر أبي عنبة، وإن أباه يريد أن يأخذه مني، فقال الأب: لا أحد يحاقُّني في ابني، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يَا غُلَامُ هَذِه أمُّك وهذا أَبُوك فاتَّبعْ أيَّهُمَا شِئْتَ، فاتَّبَعَ أمَّه". ويروى: أنّ رجلًا وامرأةً أتيا أبا هريرة يختصمان في ابن لهما، فقال أبو هريرة: لأقضِيَنَّ بينكما بما شهدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقضي به، يا غلام: هذا أبوك وهذه أمّك، فاختر أيَّهما شئت. ¬
رواه باللّفظ الأول؛ أحمد (¬1) وأبو داود (¬2) وابن ماجه (¬3) والترمذي (¬4) من حديث هلال ابن أبي ميمونة، عن أبيه (¬5)، عن أبي هريرة، وقال: حسن. ورواه ابن حبان في "صحيحه" (¬6) باللفظ الثاني، ورواه (¬7) هو أيضا والنسائي (¬8) بنحوه مختصرا ومطولا. ورواه بالقصة ابن حبان أيضا وغيره. ورواه أبو بكر بن أبي شيبة (¬9) عن وكيع، عن علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي ميمونة، عن أبي هريرة، قال: جاءت امرأة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "اسْتَهِمَا فِيه". وصححه ابن القطان (¬10). 2249 - [5480]- حديث: أن عمر خير غلاما بين أبويه. ¬
الشافعي في القديم، ومن طريقه البيهقي (¬1)، قال: أخبرنا ابن عيينة، عن يزيد بن يزيد بن جابر، عن إسماعيل بن عبد الله بن أبي المهاجر، عن عبد الرّحمن بن غنم: أن عمر بن الخطّاب خَيّر غلامًا بين أبيه وأمه. 2250 - [5481]- حديث عمارة الجرمي: خَيّرني علي بين أمّي وعمِّي وأنا ابن سبع سنين أو ثمان. الشافعي في "الأم" (¬2) عن ابن عيينة، عن يونس بن عبد الله الجرمي، عن عمارة الجرمي، قال: خَيّرني علي بين أمّي وعمّي، وقال لأخ لي أصغر مني: وهذا لو بلغ مبلغَ هذا خَيَّرتُه. ورواه أيضا عن إبراهيم بن محمّد بن أبي يحيى عن يونس، وزاد فيه: وكنت ابن سبع سنين أو ثمان سنين. وذكر ابن أبي حاتم (¬3) عن أبيه: أنّ أبا داود (¬4) رواه عن شعبة، عن يونس الجرمي، عن علي بن ربيعة، عن علي، وهو خطأ، والصواب: عمارة. **** ¬
باب نفقة الرقيق
باب نفقة الرقيق 2251 - [5482]- حديث أبي هريرة: "لِلْمَمْلُوكِ طعامُه وَكسْوتُه بِالمعْرُوفِ، ولا يُكلَّف مِن العملِ ما لاَ يطِيق". الشافعي (¬1) ومسلم (¬2) من هذا الوجه، وفيه محمَّد بن عجلان. 2252 - [5483]- حديث: "إخْوانُكم خَوَلُكُم جَعَلهُم الله تعالى تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَمَن كَان أَخُوه تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْه مِمَّا يَأْكُلُ وَيُلْبِسْه مِمَّا يَلْبَس". متفق عليه (¬3) من حديث المعرور بن سويد، عن أبي ذر نحوه، وفيه قصة. 2253 - [5484]- حديث: "إذا أَتَى أَحَدَكم خادمُه بطعامِه وقَدْ كفاهُ حَرَّه وَعَمَلَه فَلْيقْعِدْه فَليَأكُلْ مَعَه وإلَّا فَلْيُنَاوِلْه أكلةً مِنْ طَعَامِه". وفي رواية: "إذَا كَفَى أحدَكُم خادِمُه طعامَه؛ حَرَّهُ وَدُخانَه فَلْيُجْلِسْه مَعَه، فإن أَبي فَلْيُرَوِّغْ لَه لُقْمَةً". ¬
متفق عليه (¬1) من حديث أبي هريرة. وأخرجه الشافعي (¬2) ثم البيهقي (¬3) باللفظ الثاني، وإسناده صحيح. 2254 - [5485]- قوله: ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنّه قال: "عُذّبَت امْرَأةٌ في هِرَّةٍ سَجَنَتْهَا حَتَّى مَاتتْ ... " الحديث. متفق عليه (¬4) وله طرق من حديث أبي هريرة. [5486]- ورواه مسلم (¬5) من حديث جابر. وفي الباب: [5487، 5488]- عن عقبة بن عامر وعبد الله بن عمرو، رواهما ابن حِبّان في ""صحيحه" (¬6). 2255 - [5489]- حديث عثمان أنه قال: "لا تُكلِّفوا الصَّغِير الكَسْبَ فَيَسْرِقْ ولا الأَمَةَ غَيرَ ذاتِ الصَّنْعَةِ فَتَكسِبُ بِفَرْجِها". ¬
مالك في الموطأ (¬1) والشافعي (¬2) عنه، عن أبي سهيل، عن أبيه، أنه سمع عثمان بهذا. قال البيهقي (¬3): رفعه بعضهم ولا يصح مرفوعًا. [5490]- ثم أخرجه (¬4) من طريق مسلم بن خالد، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعًا، ومسلم ضعيف عند بعضهم. **** ¬
(56) كتاب الجراح
(56) كِتَابُ الجِرَاح
باب ما جاء في التشديد في القتل
باب ما جاء في التشديد في القتل 2256 - [5491]- حديث: أنّ النّبي - صلى الله عليه وسلم - سئل: أي الذنب أكبر عند الله؟ فقال: "أَنْ تَجْعَلَ لله نِدًّا وَهُو خَلَقَكَ ... ". الحديث. الشافعي (¬1) من حديث ابن مسعود، وهو متفق عليه (¬2). 2257 - [5492]- حديث عثمان: "لا يَحِلّ قَتْلُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا بِإحْدَى ثَلاثٍ؛ كفْرٍ بَعْدَ إِيمَانٍ، وزِنًى بَعْدَ إِحْصَانٍ وَقَتْلِ نَفْسٍ بِغَيرِ حَقٍّ". الشافعي (¬3) وأحمد (¬4) والترمذي (¬5) وابن ماجه (¬6) والحاكم (¬7) من حديث أبي أمامة بن سهل عنه. ¬
وفي الباب: [5493]- عن ابن مسعود، متفق عليه (¬1). [5494]- وعن عائشة عند مسلم (¬2) وأبي داود (¬3) وغيرهما. 2258 - [5495]- حديث: "لَقَتْلُ مُؤمنٍ (¬4) أعْظَمُ عند الله مِن زَوالِ الدُّنْيا وَمَا فِيهَا". النسائي (¬5) من حديث بريدة بلفظ: "قَتْلُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ الله مِنْ زَوَالِ الدُّنْيَا". [5496]- وابن ماجه (¬6) من حديث البراء بلفظ: "لَزوالُ الدنيَا أَهْونُ عِند الله مِنْ قَتْلِ مُؤْمِنٍ بِغَيْر حَقٍّ". [5497]- والنسائي (¬7) من حديث عبد الله بن عمرو مثله، لكن قال: "مِن قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ ... ". ورواه الترمذي (¬8) وقال: روي مرفوعًا وموقوفا. ¬
2259 - [5498]- حديث: "مَن أَعَانَ عَلَى قَتْلِ مُسْلِمٍ وَلَوْ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ لَقِيَ الله وَهوَ مَكْتُوبٌ بَين عَينَيهِ آيِسٌ مِنْ رَحْمَةِ الله". ابن ماجه (¬1) من حديث الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة. ورواه البيهقي (¬2) وفي إسناده يزيد بن زياد، وهو ضعيف. وقد روي عن الزهري معضلا، أخرجه البيهقي (¬3) من طريق فرج بن فضالة، عن الضحاك، عن الزهري، يرفعه. وفرج ضعيف. وبالغ ابن الجوزي فذكره في "الموضوعات" (¬4). لكنه تبع في ذلك أبا حاتم فإنه قال في "العلل" (¬5): إنه باطل موضوع. [5499]- وقد رواه أبو نعيم في "الحلية" (¬6) من طريق حكيم بن نافع، عن خلف بن حوشب، عن الحكم بن عتيبة، عن سعيد بن المسيب: سمعت عمر فذكره. وقال: تفرد به حكيم عن خلف. ¬
تنبيه
[5500]- ورواه الطبراني (¬1) من حديث ابن عباس نحوه. وأورده ابن الجوزي (¬2) من طريق أخرى: منها: [5501]- عن أبي سعيد الخدري بلفظ: "يَجِيءُ الْقَاتِلُ يَومَ الْقِيامةِ مَكتُوبًا بَيْن عَيْنيْه آيِسٌ مِنْ رَحْمَةِ الله". وأعلّه بعطية ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة، ومحمّد لا يستحق أن يحكم على أحاديثه بالوضع، وأمّا عطية فضعيف؛ لكن حديثه يحسنّه الترمذي إذا توبع. تنبيه قال الخطابي (¬3): قال ابن عيينة: شطر الكلِمَة مثل أن يقول: (اق) من قوله: اقتل. 2260 - قوله: الأصحّ عدم وجوب التّلفظ بكلمة الكفر؛ للأحاديث الصحيحة في الحث على الصبر على الدّين. سيأتي في الباب الآتي. **** ¬
باب ما يجب به القصاص
باب ما يجب به القصاص 2261 - [5502]- حديث: أن الربَيّع بنت النضر عمة أنس بن مالك كسرت ثنيّة جاريةٍ فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالقصاص ... الحديث. وأعاده في موضع آخر من هذا الباب، وهو عند البخاري (¬1) على هذا اللفظ من حديث أنس. ورواه مسلم (¬2) عن أنس: أن أخت الربَيّع أمّ حارثة جرحت إنسانًا فاختصموا ... فذكره. ورجح بعضهم رواية البخاري. وقال البيهقي: الأظهر أنهما قضيتان. وكذا قال الرّافعي في "أماليه". 2262 - [5503]- حديث: "قَتيلُ السَّوْطِ والعَصَا فيه مِائةٌ مِن الإبِلِ". أبو داود (¬3) والنسائي (¬4) وابن ماجه (¬5) من حديث عبد الله بن عمرو في حديث، ¬
وصحّحه ابن حبّان (¬1)، وقال ابن القطّان (¬2): هو صحيح، ولا يضرّه الاختلاف. 2263 - [5504]- حديث: أنّ يهوديًّا رضّ رأس جارية بين حجرين فقتلها، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - برَضّ رأسه بين حجرين. وأعاده الرافعي في آخر الباب، وهو متفق عليه (¬3) من حديث أنس. 2264 - [5505]- حديث: "يُقتلُ القاتلُ ويُصبَرُ الصَّابِرُ". الدارقطني (¬4) والبيهقي (¬5) من حديث الثوري، عن إسماعيل بن أمية، عن نافع، عن ابن عمر. ورواه معمر وغيره عن إسماعيل مرسلًا؛ قال الدارقطني: والإرسال فيه أكثر. وقال البيهقي (¬6): إنه موصول غير محفوظ. وصححه ابن القطان (¬7). 2265 - [5506]- حديث: "كَانَ الرَّجلُ مِمَّن كانَ قَبْلَكُم يُحفَر لَه في الأرضِ فَيُجعلُ فيه، فَيُجاءُ بالمنْشَار فَيُوضَعُ عَلى رأسه" ... الحديث. ¬
البخاري (¬1) وأبو داود (¬2) من حديث خباب بن الأرتّ، واللفظ لأبي داود. 2266 - [5507]- حديث: "ألاَ لاَ يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ". البخاري (¬3) وأبو داود (¬4) والنسائي (¬5) من حديث علي في حديث، ولفظ البخاري: "مسلم"، بدل "مؤمن". [5508]- ورواه أحمد (¬6) وأصحاب السنن (¬7) إلَّا النّسائي من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. [5509]- ورواه ابن ماجه (¬8) من حديث ابن عبّاس. [5510]- ورواه ابن حبان في "صحيحه"، (¬9) من حديث ابن عمر. [5511]- وروى الشافعي (¬10) من رواية عطاء، وطاوس، ومجاهد، والحسن مرسلًا: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال يوم الفتح: "لاَ يُقتَل مُؤمِنٌ بِكافِرٍ". ¬
[5512، 5513]- ورواه البيهقي (¬1) من حديث عمران بن حصين، وعائشة، وحديث عائشة عند أبي داود (¬2) والنسائي (¬3)، وحديث عمران عند البزار (¬4). [5514]- وروى عبد الرزاق (¬5) عن معمر عن الزهري، عن سالم، عن أبيه: أن مسلما قتل رجلًا من أهل الذمة فرفع إلى عثمان فلم يقتله به، وغلَّظ عليه الدّية. قال ابن حزم (¬6): هذا في غاية الصحة، ولا يصح عن أحد من الصحابة فيه شيء غير هذا، إلاّ ما رويناه: [5515]- عن عمر: أنه كتب في مثل ذلك أن يقاد به، ثم ألحقه كتابا، فقال: لا تقتلوه، ولكن أعقلوه (¬7). 2267 - [5516]- حديث ابن عباس: "لا يقتل حُرّ بعبدٍ". الدارقطني (¬8) والبيهقي (¬9) من حديث ابن عباس، وفيه: جويبر وغيره من المتروكين. ¬
[5517]- ورويا (¬1) أيضا عن علي قال: من السنة أن لا يُقتل حرّ بعبد. وفي إسناده جابر الجعفي. [5518]- وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أنّ أبا بكر وعمر كانا لا يَقتلان الحرِّ بقتل العبد (¬2). ورواه أحمد (¬3) أيضًا. [5519]- وروى الدارقطني (¬4) من هذا الوجه مرفوعًا بلفظ: إن رجلًا قتل عبده متعمدًا فجلده النبي - صلى الله عليه وسلم -، ونفاه سنة، ومحا سهمه من المسلمين، ولم يقده به. وفي طريقه إسماعيل بن عيّاش؛ لكن رواه عن الأوزاعي، وروايته عن الشّاميين [قويّة] (¬5)، لكن من دونه: محمّد بن عبد العزيز الشّامي قال فيه أبو حاتم (¬6): لم يكن عندهم بالمحمود وعنده غرائب. [5520]- ورواه ابن عدي (¬7) من حديث عمر مرفوعًا، وفيه: عمر بن عيسى الأسلمي، وهو منكر الحديث. ¬
2268 - [5521]- حديث: "لا يُقتَل الوَالِدُ بِالوَلَدِ". الترمذي (¬1) عن عمر، وفي إسناده الحجاج بن أرطاة. وله طريق أخرى عند أحمد (¬2) وأخرى عند الدارقطني (¬3) والبيهقي (¬4) أصح منها، وفيه قصّة. وصحّح البيهقي سنده؛ لأنّ رواته ثقات. [5522]- ورواه الترمذي (¬5) أيضًا من حديث سراقة، وإسناده ضعيف، وفيه اضطراب واختلاف على عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. فقيل: عن عمرو، وقيل: عن سراقة، قيل: بلا واسطة وهي عند أحمد (¬6)، وفيها ابن لهيعة. [5523]- ورواه الترمذي أيضا (¬7) وابن ماجه (¬8) من حديث ابن عباس، وفي إسناده إسماعيل بن مسلم المكي، وهو ضعيف، لكن تابعه الحسن بن عبيد الله ¬
العنبري، عن عمرو بن دينار؛ قاله البيهقي (¬1). وقال عبد الحق (¬2): هذه الأحاديث كلّها معلولة لا يصحّ منها شيء. وقال الشافعي (¬3): حفظت عن عددٍ من أهل العلم لقيتُهم: أن لا يقتلَ الوالِد بالولد، وبذلك أقول. قال البيهقي (¬4): طرق هذا الحديث منقطعة، وأكده الشافعي بأن عددًا من أهل العلم يقولون به. 2269 - [5524]- قوله: روي عن عمر بن حزم: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب في كتابه إلى أهل اليمن أنّ الذكر يُقتل بالأنثى (¬5). هذا طرف من كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو مشهور قد رواه مالك (¬6) والشافعي (¬7)، عنه، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه: أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعمرو بن حزم في العقول (¬8) ... ¬
ووصله نعيم بن حماد (¬1)، عن أن المبارك، عن معمر، عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم، عن أبيه، عن جده. وجده: محمَّد بن عمرو بن حزم ولد في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولكن لم يسمع منه. وكذا أخرجه عبد الرزاق (¬2) عن معمر، ومن طريقه الدارقطني (¬3). ورواه أبو داود (¬4) والنسائي (¬5) من طريق ابن وهب، عن يونس، عن الزهري، مرسلًا. ورواه أبو داود في "المراسيل" (¬6) عن ابن شهاب، قال: قرأت في كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعمرو بن حزم حين بعثه إلى نجران، وكان الكتاب عند أبي بكر بن حزم. ورواه النسائي (¬7) وابن حبان (¬8) والحاكم (¬9) والبيهقي (¬10) موصولا [مطوّلا] (¬11) من حديث الحكم بن موسى، عن يحيى بن حمزة، عن ¬
سليمان بن داود، حدثني الزهري، عن أبي بكر بن محمَّد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن جده، وفرّقه الدّارمي في "مسنده" (¬1) عن الحكم مقَطَّعًا. وقد اختلف أهل الحديث في صحة هذا الحديث؛ فقال أبو داود في "المراسيل" (¬2): قد أُسند هذا الحديث، ولا يصحّ، والذي في إسناده سليمان ابن داود وَهمٌ، إنما هو سليمان بن أرقم. وقال في موضع آخر (¬3): لا أحدّث به، وقد وهم الحكم بن موسى في قوله: سليمان بن داود، وقد حدّثني محمّد بن الوليد الدّمشقي أنه قرأه في أصل يحيى ابن حمزة سليمان بن أرقم. وهكذا قال أبو زرعة الدمشقي (¬4): إنه الصّواب، وتبعه صالح بن محمَّد جزرة، وأبو الحسن الهروي، وغيرهما. وقال جزرة (¬5): حدثنا دحيم، قال: قرأت في كتاب يحيى بن حمزة حديث عمرو بن حزم فإذا هو: عن سليمان بن أرقم. قال صالح: كتب هذه الحكاية عنّي مسلمُ بن الحجّاج. قلت: ويؤكّد هذا (¬6) ما رواه النسائي (¬7) عن الهيثم بن مروان، عن محمّد بن ¬
بكار، عن يحيى بن حمزة، عن سليمان بن أرقم، عن الزهري .. وقال: هذا أشبه بالصّواب. وقال ابن حزم (¬1): صحيفة عمرو بن حزم منقطعة لا تقوم بها حجة، وسليمان ابن داود متفق على تركه. وقال عبد الحق (¬2): سليمان بن داود هذا الذي يروي هذه النسخة عن الزهري ضعيف، ويقال: إنه سليمان بن أرقم. وتعقّبه (¬3) ابنُ عدي (¬4)، فقال: هذا خطأٌ إنما هو سليمان بن داود، وقد جوَّدَه الحكم بن موسى. انتهى. وقال أبو زرعة: عرضته على أحمد فقال: سليمان بن داود هذا ليس بشيء (¬5). وقال ابن حبان (¬6): سليمان بن داود اليمامي ضعيف، وسليمان بن داود الخولاني ثقة، وكلاهما يروي عن الزّهري، والذي روى حديث الصّدقات هو الخولاني، فمن ضعّفه فإنما ظنّ أنّ الرّاوي له هو اليمامي. ¬
قلت: ولولا ما تقدّم من أنّ الحكم بن موسى وهم في قوله: "سليمان بن داود" وإنما هو سليمان بن أرقم لكان لكلام ابن حبّان وجه. وصححّه (¬1) الحاكم وابن حبان -كما تقدّم- والبيهقي (¬2) ونقل عن أحمد بن حنبل أنه قال: أرجو أن يكون صحيحا. قال: وقد أثنى على سليمان بن داود الخولاني هذا أبو زرعة، وأبو حاتم، وعثمان بن سعيد، وجماعة من الحفاظ. قال الحاكم (¬3): وحدثني (¬4) أبو أحمد الحسين بن علي، عن ابن أبي حاتم، عن أبيه، أنه سئل عن حديث عمرو بن حزم فقال: سليمان بن داود عندنا ممن لا بأس به. وقد صحح الحديث بالكتاب المذكور جماعة من الأئمّة، لا من حيث الإسناد بل من حيث الشهرة؛ فقال الشافعي في "رسالته" (¬5): لم يقبلوا هذا الحديث حتى ثبت عندهم أنّه كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقال ابن عبد البر (¬6): هذا كتاب مشهور عند أهل السير، معروف ما فيه عند أهل العلم معرفةً يستغنى بشهرتها عن الإسناد؛ لأنه أشبه التواتر في مجيئه لتلقي الناس له بالقبول والمعرفة. قال: ويدل على شهرته ما روى ابن وهب، عن مالك، عن الليث بن سعد، ¬
عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، قال: وجد كتاب عند آل حزم يذكرون أنه كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقال العقيلي (¬1): هذا حديث ثابت محفوظ، إلا أنا نرى أنه كتاب غير مسموع عمن فوق الزهري. وقال يعقوب بن سفيان (¬2): لا أعلم في جميع الكتب المنقولة كتابًا أصحّ من كتاب عمرو بن حزم هذا؛ فإن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والتابعين يرجعون إليه ويدعون رأيهم. وقال الحاكم (¬3): قد شهد عمر بن عبد العزيز وإمام عصره الزهري لهذا الكتاب بالصحّة ... ثم ساق ذلك بسنده إليهما. * حديث: "في كلِّ إِصبُعٍ عَشَرٌ مِنَ الإبِلِ". هو طرف من الكتاب المتقدم. [5525]- وقد رواه أبو داود (¬4) من حديث أبي موسى، ومن حديث ابن عباس أيضا. [5526]- وأخرجه أبو داود (¬5) والنسائي (¬6) وابن ماجه (¬7) من طريق عمرو ¬
ابن شعيب، عن أبيه، عن جده. * حديث: "إذَا قَتَلْتُم فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ وَإذَا ذَبَحْتُم فَأَحْسِنوا الذِّبْحَةَ". مسلم (¬1) وأحمد (¬2) وأبو داود (¬3) والنسائي (¬4) وابن ماجه (¬5) من حديث شداد ابن أوس. وسيأتي في "الضحايا". * حديث: أنّ الغامدية أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: زنيت فطهِّرني، والله إني لحبلى، قال: "اذْهَبِي حَتَّى تَلِدِي ... " الحديث. مسلم (¬6) من حديث بريدة. وسيعاد في "الحدود". 2270 - [5527]- حديث: "من حَرّقَ حَرَّقْنَاهُ، وَمَن غَرَّقَ غَرَّقْنَاه". البيهقي في "المعرفة" (¬7) من حديث عمران بن نوفل بن يزيد بن البراء، عن أبيه، عن جده، وقال: في الإسناد بعض من يجهل، وإنما قاله زياد في خطبته. ¬
* حديث: أنّ يهوديًّا رَضّ رأسَ جارية. تقدم. 2271 - [5528]- حديث: "لا قَوَدَ إلَّا بِالسَّيْفِ". ابن ماجه (¬1) من حديث النعمان بن بشير. ورواه البزار، والطحاوي (¬2) والطبراني والدراقطني (¬3) والبيهقي (¬4) وألفاظهم مختلفة، وإسناده ضعيف. [5529]- ورواه ابن ماجه (¬5) والبزار (¬6)، والبيهقي (¬7) من حديث أبي بكرة، قال البزار (¬8): تفرد به الحر بن مالك، والناس يروونه مرسلًا. وقال أبو حاتم (¬9): هذا حديث منكر. وأفاد ابن القطان (¬10): أن الوليد بن صالح تابع الحرّ بن مالك، عليه وهو عند ¬
الدراقطني (¬1)، وأعله البيهقي (¬2) بمبارك بن فضاله راويه عن الحسن، عن أبي بكرة. وقال البزار (¬3): أحسبه خطأً؛ لأن (¬4) الناس يروونه عن الحسن مرسلا. انتهى. وكذا أخرجه ابن أبي شيبة (¬5) من طريق أشعث وغيره، عن الحسن، مرسلا. وفي الباب: [5530]- عن أبي هريرة رواه الدارقطني والبيهقي (¬6)، وفيه سليمان بن أرقم وهو متروك. [5531]- وعن علي رواه الدارقطني (¬7) وفيه معلى بن هلال وهو كذّاب. [5532]- وعن ابن مسعود رواه الطبراني (¬8)، والبيهقي (¬9) وإسناده ضعيف جدًّا. قال عبد الحق (¬10): طرقه كلها ضعيفة. وكذا قال ابن الجوزي (¬11). ¬
وقال البيهقي (¬1): لم يثبت له إسناد. 2272 - [5533]- حديث: أن رجلين شهدا عند عليٍّ على رجل بسرقة فقطعه، ثم رجعا عن شهادتهما، فقال: لو أعلم أنكما تعمدتما لقطعت أيديكما. الشافعي (¬2) ومن طريقه البيهقي (¬3): أخبرنا سفيان، عن مطرف، عن الشعبي، بهذا. وإسناده صحيح، وقد علقه البخاري (¬4) بالجزم فقال: وقال مطرف ... ورواه الطبري، عن بندار، عن غندر، عن شعبة، عن مطرف، نحوه. 2273 - [5534]- حديث: أنّ رجلا قتل آخر في عهد عمر فطالب أولياؤه بالقود، ثم قالت أخت القتيل -وكانت زوجة القاتل-: قد عفوت عن حقِّي، فقال عمر: عتق الرّجل. عبد الرزاق (¬5): عن معمر، عن الأعمش، عن زيد بن وهب، به. ورواه البيهقي (¬6) من حديث زيد بن وهب، وزاد: فأمر عمر لسائرهم بالديّة، وساقه من وجه آخر نحوه. ¬
2274 - [5535]- قوله: قد عهد عمر وأوصى في تلك الحالة -أي حالة الهلاك- فعمل بعهده ووصاياه، وذكر أنّ الطبيب سقى عمر لبنا فخرج من جروحه لما أصاب أمعاه من الخرق، فقال الطبيب: اعهد يا أمير المؤمنين. البخاري (¬1) عن عمرو بن ميمون، في قصة قتل عمر مطوّلًا. [5536]- ورواه الحاكم (¬2) ثم البيهقي (¬3) من طريق جعفر بن سليمان، عن ثابت، عن أبي رافع، قال: قال أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة .... (فذكره) مطولا. 2275 - [5537]- حديث عطاء والحسن: أنهما قالا: إذا قتل الرّجلُ المرأة يخير وليها بين أن يأخذ جميع ديتها وبين أن يقتله ويبذل نصف ديته، هذا قتلت المرأة الرجل يخير وليه بين أن يأخذ جميع ديته من مالها، وبين أن يقتلها ويأخذ نصف ديته، قال: ويروى في مثله عن علي في رواية. ¬
لم أجده (¬1). 2276 - [5538]- حديث عمر: أنه قتل خمسة أو سبعة برجل قتلوه غيلةً، وقال: لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعا. مالك في "الموطأ" (¬2) عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب بهذا. ورواه البخاري (¬3) من وجه آخر. [5539]- ورواه البيهقي (¬4) من حديث جرير بن حازم، عن المغيرة بن حكيم الصنعاني، عن أبيه، مطولًا، وقال البخاري: قال لي ابن بشار: حدثنا يحيى عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر: أنّ غلامًا قتل غيلةً، فقال عمر: لو اشترك فيه أهل صنعاء لقتلتهم به. 2277 - [5540]- قوله -حكاية عن الشيخ أبي إسحاق-: أنه لا يقتص من اللطمة، وهو قول علي. ¬
لم أجده، والصحيح عن علي خلافه: [5541]- وقد قال البخاري (¬1): أقاد أبو بكر وعلي من لطمة. وقد بينته في "تغليق التعليق" (¬2). 2278 - [5542]- قوله: روي عن عمر وعلي قالا: من مات من حدٍّ وقصاص فلا دية له، الحد قتله. البيهقي (¬3) من حديث عبيد بن عمير، عن عمر وعلي أنهما قالا: الذي يموت في القصاص لا دية له. قال ابن المنذر: ورويناه عن أبي بكر أيضًا. [5543]- وفي (¬4) "الصحيحين" (¬5) عن علي قال: ما كنت لأقيم على أحد حدًّا فيموت فأجد في نفسي إلاّ صاحب الخمر؛ فإنه لو مات وديته. 2279 - قوله: عن عمر وابن مسعود فيما إذا عما بعض المستحقّين عن القصاص [سقط] (¬6). ¬
أما عمر فتقدم قريبا. [5544]- وأمّا ابن مسعود فأخرجه البيهقي (¬1) من طريق إبراهيم، عن عمر، وابن مسعود، وفيه انقطاع. **** ¬
باب العفو عن القصاص
باب العفو عن القصاص 2280 - [5545]- حديث: "في الْعَمْدِ الْقَوَدُ". الشافعي (¬1) وأبو داود (¬2) والنسائي (¬3) وابن ماجه (¬4) من حديث ابن عباس في حديث طويل، واختلف في وصله وإرساله، وصحح الدارقطني في "العلل" (¬5) الإرسال. [5546]- ورواه الطبراني من طريق عبد الله بن أبي بكر بن محمَّد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن جده مرفوعًا: "الْعَمْدُ قَوَدٌ، والخطَأُ دِيَةٌ". وفي إسناده ضَعف. 2281 - [5547]- حديث أبي شريح الكعبي: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لهم: "أنتُمْ يَا خُزَاعَة قَتَلْتُم هَذا القَتِيلَ مِن هُذيْل، وَأنا واللهِ عَاقِلُه". الترمذي (¬6) وصححه، وأصله متفق عليه (¬7). ¬
* حديث عمر وعبد الله بن مسعود أنهما قالا: إذا عفا بعض المستحقين للقصاص أن القصاص يسقط، وإن لم يرض الآخرون، ولا مخالف لهما من الصحابة. رواه البيهقي (¬1) وقد تقدم في آخر الباب الذي قبله. **** ¬
(57) كتاب الديات
(57) كِتَابُ الدِّياتِ
* حديث أبي بكر بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن جده: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى أهل اليمن بكتاب ذكر فيه الفرائض والسنن والديات، وفيه: أنّ في النفس المؤمنة مائة من الإبل. تقدم في "باب ما يجب به القصاص". 2282 - [5548]- قوله: احتج الأصحاب بما روي عن ابن مسعود: أن النّبي - صلى الله عليه وسلم - قضى في دية الخطأ بمائة من الإبل مخمَّسَةً؛ عشرون بنت مخاضٍ وعشرون بنت لبون، وعشرون ابن لبون، وعشرون حقّة، وعشرون جذعة. قال: ويروى عن ابن مسعود [موقوفا] (¬1)، وعن سليمان بن يسار نحوه. أحمد (¬2) وأصحاب السنن (¬3) والبزار (¬4) والدراقطني (¬5) والبيهقي (¬6) من حديث ابن مسعود مرفوعًا، لكن فيه: "بني مخاض" بدل "ابن لبون"، وبسط ¬
الدارقطني القول في "السنن" (¬1) في هذا الحديث، ورواه من طريق أبي عبيدة، عن إليه موقوفا، وفيه: "عشرون بني لبون" وقال: هذا إسناد حسن. وضعَّفَ الأوّل من أوجه عديدة، وقَوَّى رواية أبي عبيدة بما رواه عن إبراهيم النخعي عن ابن مسعود على وَفْقِه. وتعقبه البيهقي (¬2): بأن الدراقطني وهم فيه، والجواد قد يعثر، قال: وقد رأيته في "جامع سفيان الثوري" عن منصور، عن إبراهيم، عن عبد الله، وعن أبي إسحاق، عن علقمة، عن عبد الله، وعن عبد الرحمن بن مهدي، عن يزيد بن هارون، عن سليمان التيمي، عن أبي مجلز، عن أبي عبيدة، عن عبد الله. وعند الجميع: "بني مخاض". قلت: وقد رَدّ على نفسه بنفسه، فقال (¬3): وقد رأيته في "كتاب ابن خزيمة". وهو إمام -من رواية وكيع، عن سفيان، فقال: "بني لبون" كما قال الدارقطني. قلت: فانتفى أن يكون (¬4) الدارقطني غَيَّره، فلعل الخلاف فيه من فوق (¬5). 2283 - [5549]- حديث: "إنَّ أَعْتَى النَّاسِ عندَ الله ثَلاَثةٌ: رجلٌ قَتَل في الحرَمِ، وَرجُل قَتَل غَيْرَ قاتِلِه، ورجلٌ قَتَل بِذَحْلِ الْجَاهِلِيَّة". ¬
أحمد (¬1) وابن حبان (¬2) من حديث عبد الله بن عمرو. [5550]- ورواه الدارقطني (¬3) والطبراني (¬4) والحاكم (¬5) من حديث أبي شريح. [5551]- ورواه الحاكم (¬6) والبيهقي (¬7) من حديث عائشة بمعناه. [5552]- وروى البخاري في "صحيحه" (¬8) عن ابن عباس مرفوعًا: "أَبغَضُ النَّاسِ إلى الله ثَلاثةٌ مُلْحِدٌ في الحرَمِ، ومُبْتَغٍ في الإسلام سُنَّةَ الجاهليَّةِ، وَمطَلِّبُ دمِ امْريءٍ بِغَيْر حَقٍّ لِيُهرِيقَ دَمَه". * حديث عبد الله بن عمرو: "ألا إنَّ قَتْلَ الْعَمْدِ الخطَأِ قَتِيلِ السَّوْطِ وَالعَصَى مِائةٌ مِن الإبل مَغَلَّظةٌ أربَعونَ خَلِفَةً في بُطونِها أوْلاَدُها ... " الحديث. أبو داود (¬9) والنسائي (¬10)، وقد تقدم في "باب ما يجب فيه القصاص". ¬
تنبيه
2284 - [5553]- حديث عبد الله بن عمرو: "مَن قَتَلَ مُتَعَمّدًا سُلِّم إِلى أَوْلِيَاءِ المقْتُولِ، فَإِنْ أَحَبَّوا قَتَلُوا، وِإنْ أَحَبَّوا أَخَذُوا الْعَقلَ ثَلاثِينَ حِقَّةً وَثلاِثينَ جَذَعَةً، وَأَرْبَعينَ خَلِفَةً في بُطونِها أَوْلادُهَا". الترمذي (¬1) وابن ماجه (¬2) من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه في حديث. تنبيه وقع في الأصل (¬3) ابن عمر، والصواب: عبد الله بن عمرو، وهو ابن العاص. 2285 - [5554]- حديث: أن امرأتين ضرّتين اقتتلتا، فضربت إحداهما الأخرى بعمود فسطاط فماتت، فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالدية على عاقلتها. متفق عليه (¬4) مطولا من حديث أبي هريرة، والمغيرة بن شعبة (¬5). ¬
* حديث: "الْعَمْدُ وَالخطإ ... ". تقدم. 2286 - [5555]- حديث عبادة بن الصامت: "ألاَ إنَّ في الدِّية الْعُظْمَى مائةً من الإبل، منها أربعُونَ خَلِفَةً في بُطونِها أَوْلادُهَا". الدارقطني (¬1) والبيهقي (¬2) وفي إسناده انقطاع، وفيه: قصة لعمر في تقويمها. * حديث: "في النَّفْسِ مِائَةٌ مِنَ الإِبِل". * وحديث: "في قَتِيلِ السّيف والعصا مائة مِن الإبِلِ". تقدما. 2287 - [5556]- حديث مكحول وعطاء قالا: أدركنا النّاس على أن دية الحر المسلم على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مائةً من الإبل، فقدَّمَها عمر بألف دينار واثني عشر ألف درهم. الشافعي (¬3) عن مسلم، عن عبيد الله بن عمر، عن أيوب بن موسى، عن ابن شهاب. ¬
وعن مكحول وعطاء به قالوا (فذكره). ورواه البيهقي (¬1). [5557]- وروى (¬2) أيضا من طريق الشافعي عن مسلم، عن ابن جريج، قال: قلت لعطاء: الدية الماشية أو الذهب؟ قال: كانت الإبل، حتى كان عمر فَقَوَّم الإبلَ عشرين ومائة [كلّ] (¬3) بعير، فإن شاء القروي [أعطاه] (¬4) مائة مائة، ولم يعطه ذهبا، كذلك الأمر الأول. [5558]- وفي "المراسيل" (¬5) لأبي داود من طريق ابن إسحاق، عن عطاء، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى في الدّية على أهل الإبل مائة من الإبل، وعلى أهل البقر مائتي بقرة، وعلى أهل النساء ألفي شاة، وعلى أهل الحلل مائتي حلة. [5559]- ثم أسنده من طريق أخرى، عن ابن إسحاق، عن عطاء، عن جابر مرفوعًا (¬6). 2288 - حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - قضى في الدية بألف دينار أو اثني عشر ألف درهم. وروي عن ابن عباس: أنّ رجلًا قتل على عهد ¬
رسول الله (¬1) - صلى الله عليه وسلم - فجعل ديته اثني عشر ألف درهم. أما قضاؤه في الدية بألف دينار؛ فهو في حديث عمرو بن حزم الطويل. وأما قضاؤه في الدّية باثني عشر ألفا؛ فهو [في] (¬2): [5560]- حديث ابن عباس بعينه، وقد رواه أصحاب "السنن" (¬3) من حديث عكرمة. واختلف فيه على عمرو بن دينار، فقال محمَّد بن مسلم الطائفي: عنه عن عكرمة، هكذا. وقال ابن عيينة: عن عمرو بن دينار، مرسلا. قال ابن أبي حاتم (¬4) عن أبيه: المرسل أصح. وتبعه عبد الحق (¬5)، وقد رواه الدارقطني (¬6) من حديث محمَّد بن ميمون، عن ابن عيينة، موصولا. قال محمَّد بن ميمون: وإنما قال لنا فيه: "ابن عباس" مرة واحدة، وأكثر ذلك كان يقول: عن عكرمة (¬7). ¬
ورواه عبد الرزاق في "مصنفه" (¬1) عن ابن عيينة، عن عمرو، عن عكرمة، مرسلا. قال ابن حزم (¬2): وهكذا رواه مشاهير أصحاب ابن عيينة. 2289 - [5561]- حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أنّ النّبي - صلى الله عليه وسلم - كان يُقوِّم الإبل على أهل القرى، فإذا غلت رفع في قيمتها، وإذا هانت نقص من قيمتها. الشافعي (¬3) عن مسلم، عن ابن جريج، عن عمرو بن شعيب. ورواه أبو داود (¬4) والنسائي (¬5) من حديث محمَّد بن راشد، عن عمرو بن شحيب أتمّ منه. وعن محمَّد بن راشد، عن سليمان بن موسى، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده بطوله. 2290 - [5562]- حديث عمرو بن حزم: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال "دِيَةُ الْمَرْأَةِ نِصْفُ دِيَةِ الرَّجُلِ". هَذِهِ الجملة ليست في حديث عمرو بن حزم الطويل، وإنما أخرجها ¬
البيهقي (¬1) من حديث معاذ بن جبل، وقال: إسناده لا يثبت مثله. 2291 - قوله: وروي ذلك عن عمر، وعثمان، وعلي، والعبادلة؛ ابن مسعود، وابن عمر، وابن عباس. أما أثر عمر؛ فتقدم في أثر عطاء ومكحول، ويأتي مع علي. وأما أثر عثمان؛ فلم أره. [5563]- وأما أثر علي؛ فرواه البيهقي (¬2) من طريق إبراهيم النخعي، عنه، وفيه انقطاع، لكن أخرجه ابن أبي شيبة (¬3) من طريق الشعبي، عن علي. وأخرجه أيضا (¬4) من وجه آخر، عن إبراهيم، عن عمر وعلي. [5564]- وأمّا ابن مسعود؛ فأخرجه البيهقي (¬5) من طريق الحكم، عن الشعبي، عن زيد بن ثابت، أنه قال: في جراحات الرجال والنساء سواء إلى الثّلث، فما زاد فعلى النصف. وقال ابن مسعود: إلا السنّ والموضِحَة؛ فإنهما سواء، وما زاد فعلى النصف. وقال علي: على النصف في الكلّ. قال: وأعجبها إلى الشّعبي قولُ عَلِيّ. ¬
تنبيه
وأما ابن عمر، وابن عباس؛ فلم أره عنهما. تنبيه مراده بقوله: "العبادلة" جميع الثلاثة لاَ أنّ الّذين اشتهروا بهذا اللّقب هم هؤلاء الثلاثة، ولا معنى لاعتراض من اعترض عليه بذلك. ووقع في "المبهمات" للنووي (¬1): أنّ الجوهري (¬2) قال: في مادة (عبد) في ذكر العبادلة أنه عدّ فيهم ابن مسعود، وحذف ابن عمر، وليس كما قال (¬3) فالّذي في "الصحاح" حذف "ابن الزبير" والاقتصار على ثلاثة، ولم يذكر ابن مسعود (¬4). ووقع في "شرح الكافية " لابن مالك: العبادلة خمسة، فذكر الأربعة، وابن مسعود فيهم. وعدّ الزمخشري في "الكشاف" ابنَ مسعود فيهم أيضا، وحذف ابن عمرو، وتُعقِّب. والله أعلم. ¬
2292 - [5565]- حديث: "عَقلُ المرأة كَعَقْلِ الرَّجُلِ إلى ثُلث الدِّية". النّسائي (¬1) من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، وهو من رواية إسماعيل بن عياش، عن ابن جريج، قال الشافعي: وكان مالك يَذكر أنه السنّة وكنت أتابعه عليه، وفي (¬2) نفسي منه شيء، ثمّ علمت أنه يريد سنّة أهل المدينة، فرجحت عنه. 2293 - [5566]- حديث عبادة بن الصامت: دية اليهودي والنصراني أربعة آلاف. لم أجده من حديث عبادة (¬3) إلا فيما ذكره أبو إسحاق الإسفرائيني في "كتاب أدب الجدل" له، فإنه قال: رواه موسى بن عقبة، عن إسحاق بن يحيى بن عبادة، به. [5567]- ورواه الشّافعي (¬4) عن فضيل بن عياض، عن منصور بن المعتمر، عن ثابت الحدّاد، عن ابن اليسيب: أنّ عمر قضى في دية اليهوديّ والنصرانيّ بأربعة آلاف، وفي دية المجوسي ثمانمائة درهم. ¬
[5568]- وروى البيهقي (¬1) من طريق الشافعي، عن سفيان، عن صدقة بن يسار، قال: أرسلنا إلى سعيد بن المسيب نسأله عن دية المعاهد؟ فقال: قضى فيه عثمان بأربعة آلاف. [5569]- وروى عبد الرزاق في "مصنفه" (¬2) عن رباح بن عبيد الله، عن حميد، عن أنس: أن يهوديًّا قُتل غِيلةً فقضى فيه عمر باثني عشر ألف درهم. ورباح ضعيف. [5570]- وروى الطحاوي والحاكم (¬3) من حديث جعفر بن عبد الله بن الحكم: أنّ رفاعة بن السموأل اليهودي قتل بالشام فجعل عمر ديته ألف دينار. 2294 - [5571]- حديث: "أُمرتُ أَنْ أُقاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أنْ لا إِلَهَ إلَّا الله، وَأَن مُحَمَّدًا رسولُ الله ويُقِيمُوا الصَّلاةَ، ويُؤْتوا الزَّكَاةَ ... " الحديث. متفق عليه (¬4)، عن ابن عمر، وله ألفاظ. ¬
[5572]- وللبخاري (¬1) عن أنس: "مَن شَهِدَ أن لاَ إِلَه إلَّا الله، وأنَّ محمدًا رسولُ الله، واستقبَلَ قِبْلَتَنَا، وَأكَلَ ذَبِيحَتَنَا، وصلى صَلاتَنَا، حَرُم عَلَيْنا دَمُه ومالُه، وَله ما لِلمسلمين وعَلَيْه مَا عَلَيْهم". * حديث عمرو بن حزم في الكتاب: "في الموضِحَةِ خَمْسٌ مِن الإبلِ". تقدم في أول الباب. * حديث عمر مثله. البزار (¬2) وسيأتي بعد قليل. وفي الباب: [5573]- عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده في السنن الأربعة (¬3). ورواه عبد الرزاق (¬4) عن ابن جريج، عن عمرو بن شعيب، مرسلا. * حديث عمرو بن حزم: "في المنَقّلَةِ خَمْسَ عَشَرَة مِنَ الإبِلِ ... ". تقدم. ¬
2295 - [5574]- حديث زيد بن ثابت: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أوجب في الهاشمة عشرًا من الإبل. وروي موقوفا. وقيل: لا يصح مرفوعًا. هو في الدارقطني (¬1) موقوف، وكذا أخرجه عبد الرزاق (¬2) والبيهقي (¬3). * حديث عمرو بن حزم: "في الْمَأْمُومَةِ ثُلُث الدِّيَة ... ". تقدم. 2296 - [5575]- حديث عمر مثله. البيهقي (¬4) وسنده ضعيف. [5576]- لكنه في "سنن أبي داود" (¬5) من رواية عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. وقال ابن المنذر (¬6): أجمع أهل العلم على القول به إلا مكحولا؛ فإنه فرّق بين العمد والخطإ، فقال: الثلث في الخطأ، وفي العمد ثلثا الدية. ¬
2297 - [5577]- حديث مكحول: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل في الموضحة خمسًا من الإبل، ولم يوجب فيما دون ذلك شيئا. ابن أبي شيبة (¬1) والبيهقي (¬2) من طريق ابن إسحاق، عنه، به وأتم منه. [5578]- وروى عبد الرزاق (¬3) عن شيخ له، عن الحسن: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يقض فيما دون الموضحة بشيء. [5579]- ورواه البيهقي (¬4) عن ابن شهاب، وربيعة، وأبي الزناد، وإسحاق ابن أبي طلحة، مرسلا (¬5). * حديث عمرو بن حزم: "في الْجَائِفَةِ ثُلُثُ الدّيَة". تقدم. 2298 - [5580]- حديث عمر: "في الْجَائِفَةِ ثُلُثُ الدِّيَة". البزار (¬6) من حديث أبي بكر عبد الله بن عمر، عن أبيه، عن عمر رفعه: "في الأَنْفِ إِذَا اسْتُوعِبَ جَدْعُه الدِّيَةُ، وفي العين خَمْسُون، وَفي اليَدِ خَمْسُون، وفي ¬
الرّجْلِ خَمْسُون، وفي الجائِفَةِ ثُلُث، وفي المنَقِّلَةِ خَمْسَ عَشَرة، وَفِي الْمُوضِحَةِ خَمْسٌ، وَفِي السِّنِّ خَمْسٌ، وَفِي كُلِّ إِصْبعٍ مِمَّا هُنَاكَ عَشْرٌ عَشْرٌ". وفي إسناده ضعف من جهة محمَّد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى. ورواه البيهقي (¬1) من وجه آخر أضعف منه، وزاد: "في الْجَائِفَةِ ثُلُثُ النَّفْسِ، وَفي المأْمُومَةِ ثُلُثُ النفْسِ". 2299 - [5581]- حديث عمرو بن حزم: "في الأذنِ خَمْسُون مِن الإبِلِ". لَيْس هَذا في الحديث الطويل الذي صحّحه ابن حبان (¬2) وتقدم الكلام عليه، وقد اعترف المصنِّف بذلك تبعًا لإمام الحرمين حيث قال: روى بعضهم عن القاضي الحسين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك قال ... وهو مجازفة في الرواية, ولم يصحّ عندنا بذلك خبر في كتب الحديث. انتهى كلامه. وقد أفصح بقلّة الاطلاع؛ لأنّه قد رواه الدارقطني (¬3) والبيهقي (¬4) في نسخة عمرو بن حزم من طريق يونس، عن ابن شهاب، وهي مع إرسالها أصح إسنادًا من الموصول، كما تقدم. 2300 - [5582]- قوله: روي عن أبي بكر أنّه قضى فيه بثُلثي الدّية. ¬
أخرجه عبد الرزاق (¬1) عن ابن جريج، عن داود ابن أبي عاصم، سمعت سعيد ابن المسيب يقول: قضى أبو بكر في الجائفة إذا نفذت في الجوف من الشفتين بثلثي الدية. ورواه هو (¬2) وابن أبي شيبة (¬3) من طريق عمرو بن شعيب، عن سعيد، عن أبي بكر، نحوه. ورواه الطبراني في "مسند الشاميين" من طريق محمَّد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن أبيه، ومكحول كلاهما عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عمرو: أنّ أبا بكر (فذكره). * أثر عمر وعلي. يأتي بعد. * حديث عمرو بن حزم: "وَفِي الْعَين خَمْسُونَ مِنَ الإبِلِ". تقدم أيضا، وهو لفظ مالك، وأبي داود. * حديثه: "في الْعَينَين الدِّيَة". تقدم، ورواه البزار (¬4) من حديث عمر بن الخطاب، وعبد الرزاق (¬5) عن ابن ¬
جريج، عن عمرو بن شعيب، في حديث مرسل. * حديثه: أنّه قال في كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وَفي الأَنْفِ إِذَا أوعى جَدْعًا الدِّيَةُ". أي استوعب، تقدم. 2301 - [5583]- قوله: وحمل ذلك على المارن دون جميع الأنف؛ لما روي عن طاوس أنه قال: عندي كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفيه: "وَفِي الأَنْفِ إِذَا قُطِعَ مَارِنُه مِائَةٌ مِن الإبِلِ". عبد الرزاق في "مصنفه" (¬1) عن ابن جريج، عن ابن طاوس، عن أبيه، به. [5584]- وذكره الشافعي تعليقا (¬2). ورواه البيهقي (¬3) من طريق عكرمة بن خالد عن رجل من آل عمر نحوه. 2302 - [5585]- قوله: ويروى: "في الأنْفِ إذا اسْتُؤْصِلَ المارِنُ الدِّيَةُ كامِلَةً". البيهقي (¬4) من حديث أبي بكر بن محمَّد بن عمرو بن حزم، قال: كان في كتاب عمرو بن حزم حين بعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى نجران: "وفِي الأنْفِ إذا ¬
اسْتُؤْصِلَ المارِنُ الدِّيَةُ كَامِلَةً". * حديث عمرو بن حزم: "وَفِي الشَّفَتَيْنِ الدِّيَة". تقدم. * حديثه: "وَفِي اللِّسَانِ الدِّيَةُ". تقدم أيضا. 2303 - [5586]- حديث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سُئل عن الجمال فقال: "هُو اللِّسَانُ". الحاكِم في "المستدرك" (¬1) من طريق أبي جعفر بن علي بن الحسين، عن أبيه، قال: أقبل العباس إلى (¬2) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليه حلّتان وله ظفيرتان، وهو أبيض، فلما رآه تبسم فقال: يا رسول الله ما أضحكك أضحك الله سنّك؟ فقال: "أَعْجَبَنِي جَمَالُ عَمِّ النَّبِّي - صلى الله عليه وسلم - "، فقال العباس: ما الجمال؟ قال: "اللِّسانُ". وهو مرسل. وقال ابن طاهر (¬3): إسناده مجهول. ورواه العسكري في "أمثاله" من حديث آل بيت العباس، عن العباس. وفي إسناده محمَّد بن زكريا الغلابي وهو ضعيف جدا. ورواه أيضا عن ابن عائشة (¬4)، عن أبيه، معضلا. ¬
[5587]- ورواه الخطيب وابن طاهر من حديث ابن المنكدر، عن جابر، بلفظ: "جمَال الرَّجُلِ فَصَاحَةُ لِسَانِه" (¬1). وفي إسناده أحمد بن عبد الرحمن ابن الجارود الرقّي وهو كذّاب. وأخرجه العسكري في "الأمثال" من وجه آخر بلفظ: "إنّ جَمَال ... " (فذكره). وفي إسناده عبد الله بن إبراهيم الغفاري، وهو ضعيف. * حديث عمرو بن حزم: "وفِي السِّنّ خَمْسٌ مِنَ الإِبِلِ". تقدم، وهو عند أبي داود. * حديث عبد الله بن عمرو بن العاص: "في كلّ سِنٍّ خمَسٌ مِن الإبِل". الشافعي وأبو داود وغيرهما، وقد تقدم في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. 2304 - [5588]- حديث ابن عباس: جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصابع اليد والرّجل سواء. وقال: "الأَسْنَانُ سَواءٌ، الثّنِيَّةُ والضِّرْسُ سَواءٌ، وَهذِه وَهَذِه سَوَاءٌ". ¬
أبو داود (¬1) والبزار بتمامه، وابن ماجه (¬2) مختصرًا، وابن حبان (¬3) وهو في "صحيح البخاري" (¬4) مختصرا بلفظ: هَذِهِ وَهَذِهِ سَوَاءٌ"، يعني: الخنصر والإبهام. [5589]- ولأبي داود (¬5) والنسائي (¬6) وابن ماجه (¬7) من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده بلفظ: "الأَصَابعُ والأسْنَانُ سَواءٌ، في كلِّ إِصْبعٍ عَشْرٌ مِن الإبِلِ، وَفِي كُلِّ سِنٍّ خَمْسٌ مِن الإبِلِ". [5590]- ولهم (¬8) من حديث أبي موسى: "إن الأَصِابعَ سَوَاءٌ؛ عَشْرًا عَشْرًا مِن الإبِلِ". [5591]- وأخرجه ابن حبان (¬9) وهو في كتاب عمرو بن حزم أيضا. * حديث معاذ: "في الْيَدَيْنِ والرِّجْلَينِ الدِّيَةُ، وَفِي إِحْدَاهُمَا نِصْفُهَا". لم أجده من حديث معاذ، وهو في حديث عمرو بن حزم، وعمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده. ¬
* حديث عمرو بن حزم: "في الْيَدَيْنِ مائَةٌ مِن الإبِلِ، وَفِي الْيَدِ خَمْسُونَ، وَفِي كُل إِصْبعٍ مِنَ أَصَابعِ الْيَدِ والرّجْلِ عَشرٌ مِنَ الإبِلِ" وفي لفظ: "كلّ إِصْبعٍ مِمَّا هُنَالِكَ عَشْرٌ مِنَ الإبِلِ". تقدم من حديثه. 2305 - [5592]- قوله: قضى عمر في كسر الترقوة بجمل. رواه مالك في "الموطأ" (¬1) عن زيد بن أسلم، عن مسلم بن جندب، عن أسلم مولى عمر: أنّ عمر قضى في الضّرس بجمل، وفي الترقوة بجمل، وفي الضلع بجمل. ورواه الشافعي (¬2) عن مالك، وقال (¬3): وبه أقول؛ لأني لا أعلم له مخالفًا من الصّحابة. 2306 - [5593]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - قطع السارق من الكوع. الدارقطني (¬4) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده، بلفظ: أمر بِقطع السَّارِق من المفصل. ¬
[5594]- ورواه البيهقي (¬1) بمثله من حديث جابر وغيره، ومن حديث عبد الله بن عمر، وفي إسناده عبد الرحمن بن سلمة مجهول. * حديث عمرو بن حزم: "وَفي الذَّكَرِ الدِّيَةُ، وفي الإِلْيَتَينِ الدِّيَة"، ويروى: "وفِي الْبَيضَتَينِ ... ". تقدم بطوله في "باب ما يجب فيه (¬2) القصاص". [5595]- وفي "مراسيل أبي داود" (¬3) من حديث الزهري: قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الذكر الدية. وعن مكحول مرسلا مثله، وزاد: وفي الإليتين الدية. * حديث عمرو بن حزم: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "في الرّجلَين الدّيَةُ، وَفِي الْوَاحِدَةِ نِصْفُهَا ... ". تقدم. 2307 - [5596]- حديثه: "في الْعَقْلِ الدِّيَةُ .. ". ليس هذا في نسخة عمرو بن حزم، لكن رواه البيهقي (¬4) من حديث معاذ، وسنده ضعيف، قال: وروينا عن عمر، وزيد بن ثابت مثله. ¬
2308 - [5597]- حديث معاذ: "في الْبَصَرِ الدِّيَةُ". لم أجده (¬1)، وإنما الذي وجدت من حديثه: "في السَّمْعِ الدِّيَةُ". وهو موجود في حديث عمرو بن حزم. [5598]- وقد رواه البيهقي (¬2) من طريق قتادة، عن ابن المسيب، عن علي (¬3). 2309 - [5599]- حديث عمرو بن حزم: "في الشّمِّ الدّيَةُ .. ". لم أجده في النّسخة (¬4)، وإنما فيها: "وفي الأَنْفِ إِذَا أُوعِبَ جَدْعًا مِائَةٌ مِن الإبِلِ". وفي رواية: "وفي الأَنْفِ إذَا اسْتُؤْصِلَ المارِنُ الدِّيَةُ كَامِلَةً". وأخرجه البيهقي (¬5) من طريق عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده بلفظ: "في الأَنْفِ إذَا جُدِعَ الدِّيَةُ كَامِلَةً ... ". وقد تقدم. ¬
* حديثه: "في الصُّلْبِ الدّيَةُ .. ". تقدم، وهو [في] (¬1) "مراسيل أبي داود" (¬2) من حديث يزيد بن الهاد، وسيأتي أثر زيد بن أسلم ومن معه بعد. 2310 - [5600]- حديث: "البئْرُ جُبَارٌ". متفق عليه (¬3) من حديث أبي هريرة. * أثر عمر في المرأة الحامل. يأتي. * حديث عمر: أنّه مرّ تحت ميزاب العبّاس بن عبد المطلب فقطر عليه قطرات، فأمر بنزعه ... الحديث. تقدم في "الصلح" من حديث ابن عباس. [5601]- ورواه أبو داود في "المراسيل" (¬4) من حديث أبي هارون المدني، قال: كان في دار العباس ميزاب. ¬
ورواه الحاكم (¬1) في "ترجمة العباس" من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، بسنده: أن عمر دخل المسجد فإذا ميزاب ... (فذكر نحوه)، وقال: لم يحتجّ الشيخان بعبد الرحمن، وقد وجدت له شاهدًا من حديث أهل الشّام. 2311 - [5602]- حديث: روي أنّ ناسا من (¬2) اليمن حفروا زُبْيَة للأسد فوقع الأسد فيها، فازدحم الناس عليها، فتردى فيها واحد فتعلق بواحد فجذبه، وجذب الثاني ثالثًا، والثالث رابعا، فرفع ذلك إلى علي، فقال: للأوّل ربع الدّية، وللثاني الثلث، وللثالث النصف، وللرابع الجميع، فرفع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمضى قضاءَه. أحمد (¬3) والبزار (¬4) والبيهقي (¬5) من حديث حنش بن المعتمر، عن علي، قال البزار: لا نعلمه يروى إلا عن علي، ولا نعلم له إلا هذا الطريق. وحنش ضعيف. ¬
2312 - [5603]- حديث: أنّ امرأتين من هذيل اقتتلتا فَرَمَتْ إحداهما الأخرى بحجر. ويروى: بعمود فسطاط فقتلتها، فأسقطت جنينا، فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالدية على عاقلة القاتلة، وفي الجنين بغرةٍ عبدٍ أو أمة. متفق عليه (¬1) من حديث المغيرة بن شعبة وأبي هريرة. 2313 - [5604]- حديث أبي هريرة: أنّ امرأتين من هذيل بنحوه، وزاد: ولكل واحدة منهما زوج، فبرأ الزّوج والولد، ثم ماتت القاتلة فجعل النبي (¬2) - صلى الله عليه وسلم - ميراثها لبنيها، والعقل على العصبة. الشافعي (¬3) والشيخان (¬4) وغيرهما من حديث أبي هريرة دون الزيادة. ورواه أبو داود (¬5) بلفظ: ثمّ إنّ المرأة التي قضى عليها بالغرّة توفيت فقضى ¬
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن ميراثها لبنيها، وأن العقل على عصبتها. [5605]- ورواه أبو داود (¬1) وابن ماجه (¬2) من حديث جابر، وفيه: ولكل واحدة منهما زوج وولد بنحوه. وفي إسناده مجالد، وصححه النووي في "الروضة" (¬3) بهذا اللفظ، وفيه ما فيه؛ لأن مجالدًا ضعيف لا يحتج بما ينفرد به. [5606]- وروى ابن أبي شيبة (¬4) من طريق عبيد بن نضلة، عن المغيرة، قال: قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على عاقلتها بالدية، وغرة في العمل. 2314 - قوله: لم يكن في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ديوان ولا زمن أبي بكر، وإنما وضعه عمر حين كثر الناس ... إلى آخره. قال ابن عبد البر: أجمع أهل العلم على أنّ عُمر أوّل من جعل الدّيوان. [5607]- وفي ابن أبي شيبة (¬5) من طريق الشعبي والنخعي قالا: أوّل من فرض العطاء عمر. [5608]- ومن طريق أبي نضرة، عن جابر: أوّل من فرض الفرائض، ودوّن الدّواوين، وعرف العرفاء عمر. ¬
2315 - [5609]- حديث: أنّ رجلا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعه ابنه فقال: "مَنْ هَذَا؟ " قال: ابني، فقال: "إنَّه لا يَجْنِي عَلَيْكَ وَلَا تَجْنِي عَلَيْه". أحمد (¬1) وأبو داود (¬2) والنسائي (¬3) والحاكم (¬4) من رواية أبي رمثة بنحوه. [5610]- وأحمد أيضًا (¬5) وأبو داود (¬6) والترمذي (¬7) وابن ماجه (¬8) من حديث عمرو بن الأحوص، أنه شهد حجة الوداع مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "لَا يَجْنِي جَانٍ إلَّا عَلَى نَفْسِه لَا يَجْنِي جَانِ عَلَى وَلَدِهِ". [5611]- وأحمد (¬9) وابن ماجه (¬10) من رواية الخشخاش العنبري نحو حديث أبي رمثة. ¬
[5612]- ولأحمد (¬1) والنسائي (¬2) معناه من رواية ثعلبة بن زهدم. [5613]- والنسائي (¬3) وابن ماجه (¬4) وابن حبان (¬5) من رواية طارق المحاربي. [5614]- ولابن ماجه (¬6) من رواية أسامة بن شريك. * حديث عائشة: ما كانت تقطع اليد في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الشيء التافه. تقدم في "اللقطة". * حديث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل الدّية على العاقلة. هو مختصر من حديث المغيرة وأبي هريرة، وقد تقدم. 2316 - حديث: "لا تَحْمِل العَاقِلَة عَمْدًا وَلَا اعْتِرَافًا". قال إمام الحرمين في "النهاية": روى الفقهاء ... فذكر هذا الحديث بلفظ: "لَا تَحْمِل العَاقِلَةُ عبدًا ولا اعْتِرافًا". قال: وغالب ظنّي أنّ الصّحيح الّذي أورده أئمّة الحديث: "لَا تَحمل العَاقِلَةُ عمدًا ولا اعْتِرافًا"، وقال ¬
الرّافعي في أواخر الباب: هذا الحديث تكلّموا في ثبوته. وقال ابن الصباغ: لم يثبت متّصلا، وإنما هو موقوف على ابن عبّاس، انتهى. وفي جميع هذا نظر: [5615]- فقد روى الدّارقطني (¬1) والطبراني في "مسند الشاميين" من حديث عبادة بن الصامت: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تَجْعَلُوا عَلى الْعَاقِلَةِ مِن دِيَةِ المعْتَرِفِ شيئًا". وإسناده واهٍ، فيه محمَّد بن سعيد المصلوب وهو كذاب، وفيه الحارث بن نبهان، وهو منكر الحديث. [5616]- وروى الدارقطني (¬2) والبيهقي (¬3) من حديث عمر موقوفًا: "العَمْدُ وَالْعَبْدُ، وَالصُّلحُ (¬4) والاعترافُ، لا تَعْقِلُه العَاقِلَةُ". وهو منقطع. وفي إسناده عبد الملك بن حسين، وهو ضعيف. قال البيهقي: والمحفوظ أنّه عن عامر الشعبي من قوله. [5617]- وروى (¬5) أيضًا عن ابن عباس: لَا تَحمل العاقلة عمدا ولا صلحا ولا اعترافا, ولا ما جنى المملوك. [5618]- وفي "الموطأ" (¬6) عن الزهري: مضت السنّة: أن العاقلة لا تحمل شيئًا من ذلك. ¬
[5619]- وروى البيهقي (¬1) عن أبي الزناد، عن الفقهاء، من أهل المدينة، نحوه. * قوله: تؤجل الدّية على العاقلة ثلاث سنين. يأتي. * حديث: أنّ النّبي - صلى الله عليه وسلم - قضى بالغرة على العاقلة. تقدم من حديث المغيرة. 2317 - قوله: قال الشافعي في "المختصر" (¬2): لا أعلم مخالفًا أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى بالدية على العاقلة في ثلاث سنين. قال الرافعي: تكلم أصحابنا في ورود الخبر بذلك، فمنهم من قال: ورد، ونسب إلى رواية علي، ومنهم من قال: ورد أنه - صلى الله عليه وسلم - قضى بالدّية على العاقلة. وأما التأجيل؛ فلم يرد به الخبر، وإنما أخذ ذلك من إجماع الصّحابة: [5620]- وروي (¬3) ذلك عن عمر وعلي وابن عباس: أنهم أجلوا الدّية ثلاث سنين. أمّا الحديث: [5621]- فروى البيهقي (¬4) من طريق الشافعي أنه قال: وجدنا عامًّا في أهل ¬
العلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى في جناية الحر المسلم، على الحر خطأ مائة من الإبل على عاقلة الجاني، وعامًّا فيهم أيضًا أنها تمضى لثلاث سنين، في كل سنة ثلثها وبأسنان معلومة. وقال ابن المنذر (¬1): ما ذكره الشافعي لا يعرف له أصل من كتاب ولا سنة. وسئل عنه أحمد بن حنبل فقال: لا أعرف فيه شيئًا. فقيل له: إنّ أبا عبد الله (¬2) رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: لعلّه سمعه من ذلك المدني، فإنّه كان حسن الظن به -يعني إبراهيم بن أبي يحيى-. وتعقبه ابن الرّفعة بأنّ من عَرفه حجّة على من لم يعرفه. [5622]- وروى البيهقي (¬3) من طريق ابن لهيعة، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، قال: من السنّة أن تنجّم الدّية في ثلاث سنين. وأمّا الإجماع؛ فيستفاد مما حكيناه عن الشّافعي، وكذلك نقله (¬4) الترمذي في "جامعه" (¬5)، وابن المنذر (¬6). وأما الرواية عن عمر في ذلك: ¬
[5623]- فرواها ابن أبي شيبة (¬1) وعبد الرزاق (¬2) والبيهقي (¬3) من طريق الشعبي، عن عمر، وهو منقطع. [5624]- وقال عبد الرزاق (¬4) عن ابن جريج: أُخبرت عن أبي وائل: أنّ عمر ابن الخطاب جعل الدية الكاملة في ثلاث سنين، وجعل نصف الدية في سنتين وما دون النصف في سنة. وأما الرواية بذلك عن علي: [5625]- فرواها البيهقي (¬5) أيضا من رواية يزيد بن أبي حبيب، عن علي، وهو منقطع، وفيه ابن لهيعة. وأما الرّواية بذلك عن ابن عباس؛ فلم أقف عليها. * حديث: "لَا تَحْمِل العَاقِلَةُ عَمْدًا وَلا عَبْدًا ولا اعْتِرَافًا". تقدم. [5626]- وروى أبو عبيد في "الغريب" (¬6) عن محمَّد بن الحسن، حدّثني عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، عن عبيد الله هو ابن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس قال: لا تعقل العاقلة عمدا ولا صلحا ولا اعترافا ولا ما جنى المملوك. ¬
* حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - قضى بالدّية على عاقلة الجاني (¬1). تقدَّم قريبًا. * حديث أبي هريرة: أنّ امرأتين من هُذيل رمت إحداهما الأخرى ... [الحديث. متفق عليه، وقد تقدم. * قوله: ويروى: فضربت إحداهما الأخرى] (¬2) بحجر فقتلتها وما في جوفها .. الحديث. متفق عليه بهذا أيضا. * قوله: ويروى فيه: فقضى بديّة جنينها غرّة عبدٍ أو أمة، فقال بعضهم: كيف نَدِي من لَا أكل ... الحديث. متفق عليه (¬3) من حديث أبي هريرة أيضا، ومن حديث المغيرة بن شعبة. وفي الباب: ¬
[5627]- عن أبي المليح، عن أبيه، رواه الطبراني (¬1): وسَمّى في روايته المرأتين (¬2). * حديث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى في الجنين بغرة. تقدم. * حديث: "الغُرَّةُ عَلى الْعَاقِلَة". تقدم أيضا. * حديث ابن مسعود: في تخميس الدّية. موقوفا، سلف في أول الباب. * حديث سليمان بن يسار: أنّهم كانوا يقولون: دية الخطأ مائة من الإبل. تقدم أيضا. 2318 - [5628]- قوله: روي عن عمر ما يدل على أنه لا تغلظ بمجرد القرابة، بل يعتبر معها المحرميّة. ¬
البيهقي (¬1) من حديث مجاهد، عن عمر: أنه قضى فيمن قتل في الحرم أو في الشهر الحرام، أو وهو محرم بالدية وثلث الدية. وهو منقطع، وراويه ليث بن أبي سليم ضعيف. قال البيهقي (¬2): وروى عكرمة عن عمر ما دل على التغليظ في الشهر الحرام. وكذا قال ابن المنذر: روينا عن عمر بن الخطاب: أنّه من قتل في الحرم، أو قتل محرما، أو قتل في الشهر الحرام فعليه الدّية وثلث الدية. 2319 - قوله: تمسك الأصحاب بالآثار عن عمر وعثمان وابن عباس، يعني: في تغليظ الدّية. أما أثر عمر؛ فتقدم. [5629]- وأما أثر عثمان؛ فرواه الشافعي (¬3) والبيهقي (¬4) من حديث ابن أبي نجيح، عن أبيه: أنّ رجلا أوطأ امرأةً بمكة فقتلها، فقضى فيها عثمان بثمانية آلاف درهم دية وثلثا. لفظ الشافعي. [5630]- وأما أثر ابن عباس؛ فرواه البيهقي (¬5) وابن حزم (¬6) من طريق نافع بن جبير، عنه، قال: يزاد في دية المقتول في الأشهر الحرم: أربعة آلاف، وفي ¬
دية المقتول في الحرم: أربعة آلاف. 2320 - قوله: يروى عن ابن عباس فيما إذا تعدد سبب التغليظ؛ فإنه يزاد لكل سبب ثلث الدية. قلت: هو ظاهر رواية البيهقي السالفة. [5631]- لكن روى ابن حزم (¬1) عنه من ذلك الوجه: أنّ رجلا قتل في البلد الحرام في الشهر الحرام، فقال ابن عباس: ديته اثنا عشر ألفا، وللشهر الحرام والبلد الحرام أربعة آلاف، فظاهر هذا عدم التعدد. 2321 - قوله: اشتهر عن عمر، وعثمان، وعلي، والعبادلة؛ ابن مسعود، وابن عمر، وابن عباس: أنّ دية المرأة على النّصف من دية الرجل، ولم يخالفوا، فصار إجماعًا. [5632]- أمّا أثر عمر؛ فرواه سعيد بن منصور (¬2)، عن هشيم، أخبرني مغيرة عن إبراهيم، قال: كان فيما جاء به عروة البارقي إلى شريح من عند عمر: أن الأصابع سواء؛ الخنصر والإبهام، وأن جراح الرِّجال والنساء سواء في السنن والموضحة، وما خلا ذلك فعلى النّصف. [5633]- ورواه البيهقي (¬3) من حديث سفيان، عن جابر، عن الشعبي، عن ¬
شريح قال: كتب إلى عمر، وذكر نحوه. وأما أثر عثمان؛ فلم أجده. [5634]- وأما أثر علي؛ فقال سعيد بن منصور (¬1): أخبرنا هشيم، عن زكريا وغيره، عن الشعبي: أن عليا كان يقول: جراحات (¬2) النساء على النصف من دية الرجل فيما قلّ أو كثر. [5635]- ورواه الشافعي (¬3) عن محمَّد بن الحسن، عن أبي حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم، عن علي، قال: عقل المرأة على النصف من عقل الرجل؛ في النفس وما دونها. [5636]- ورواه البغوي في "الجعديات" (¬4) عن علي بن الجعد، عن شعبة، عن الحكم، عن الشعبي، عن زيد بن ثابت قال: جراحات الرِّجال والنساء سواءٌ إلى الثلث، فما زاد فعلى النصف. وقال ابن مسعود: إلا السن والموضحة فهما سواء، وما زاد فعلى النصف. وقال علي: على النصف في كل شيء، قال: وكان قول عليّ أعجبها إلى الشعبي. وأما أثر ابن مسعود؛ فتقدّم كما ترى مع أثر علي. وأخرجه البيهقي أيضا (¬5). ¬
وأما أثر ابن عمر؛ فلم أَرَه. وكذا أثر ابن عباس. 2322 - حديث عمر وعثمان وعلي: أنّ دية المجوسي ثلثا عشر دية المسلم ولم يخالفوا، فصار إجماعا. [5637]- أما أثر عمر؛ فرواه البيهقي (¬1) من طريقين عن عمر، في الثانية: والمجوسية أربعمائة. ورواه الدارقطني أيضا (¬2). [5638]- وأما أثر عثمان؛ فرواه ابن حزم في "الإيصال" من طريق ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن عقبة بن عامر: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "دِيَةُ المجوسيّ ثمانمائَةِ دِرْهَم". قال عقبة: وقتل رجل في خلافة عثمان كلبًا لصيدٍ لا يُعرف مثلُه في الكلاب فَقُوِّمَ بثمانمائة دِرهم فألزمه عثمان تلك القيمة، فصارت دية المجوسي دية الكلب. انتهى. والمرفوع منه: أخرجه الطحاوي وابن عدي (¬3) والبيهقي (¬4) وإسناده ضعيف من أجل ابن لهيعة. ¬
[5639]- وأما أثر ابن مسعود؛ فرواه البيهقي (¬1) من طريق ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن ابن شهاب: أن عليا وابن مسعود كانا يقولان: في دية المجوسي ثمانمائة درهم. [5640]- قال البيهقي (¬2): ورواه أبو صالح كاتب الليث، عن ابن لهيعة، عن يزيد، عن أبي الخير، عن عقبة بن عامر مرفوعًا. وتفرد به أبو صالح، والأول أشبه. 2323 - [5641]- قوله: يُروى عن أبي بكر فيما إذا نفذت الطعنة من البطن حتى خرجت من الظّهر: أنّه قضى فيه بثلثي الدية. سعيد بن منصور (¬3) عن هشيم، عن حجاج، عن عمرو بن شعيب، عن سعيد بن المسيب: أن أبا بكر قضى في الجائفة بثلثي الدية. ورواه البيهقي (¬4) من طريق أخرى، عن عمرو بن شعيب نحوه. وهو منقطع؛ لأن سعيدًا لم يدرك أبا بكر. 2324 - [5642]- حديث عمر وعلي: أنّهما قالا في الأذنين الدِّية. رواه البيهقي (¬5) عنهما، وفي الطريق عن عمر انقطاع. ¬
2325 - [5643]- حديث عمر: أنّه قضى في التّرقوة بجمل، وفي الضلع بجمل. الشافعي (¬1) عن مالك، عن زيد بن أسلم، عن مسلم بن جندب، عن أسلم، عن عمر، به. وزاد: في الضرس جمل. قال الشافعي (¬2): أمّا [في] (¬3) الترقوة والضلع فأنا أقول بقول عمر؛ لأنه لم يخالفه غيره من الصحابة فيما علمت، وأما الضرس؛ ففيه خمس؛ لما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. ثمّ أوَّلَ قولَ عمر. * حديث عمر وزيد بن ثابت: في ذهاب العقل الدية. البيهقي عنهما، وقد تقدم. 2326 - [5644]- حديث زيد بن أسلم: مضت السنّة في النطق الدية. وفي نسخة: في إيجاب الدية فيما إذا جنى على لسانه فأبطل كلامه. البيهقي (¬4) من طريق زيد بن أسلم بلفظ (¬5): مضت السنة في أشياء من ¬
الأسنان ... إلى أن قال: وفي اللسان الدية، وفي الصوت إذا انقطع الدية. 2327 - [5645]- حديث أبي بكر وعمر وعلي: إذا جنى إنسان على آخر في صلبه، فذهب جماعة: أنّ الدّية تلزمه. أما أبو بكر؛ فليس هو الصديق، وإنما هو أبو بكر بن محمّد بن عمرو بن حزم، كما سيأتي. [5646]- وأما عمر؛ فروى ابن أبي شيبة (¬1) عن أبي خالد، عن عوف: سمعت شيخا في زمن الجماجم (¬2) وهو أبو المهلب عم أبي قلابة قال: رمى رجل رجلا بحجر في رأسه في زمن عمر فذهب سمعُه وعقلُه ولسانُه وذكرُه فلم يقرب النساء، فقضى فيه عمر بأربع ديّات وهو حي. [5647]- وأمّا علي؛ فذكره ابن المنذر في "كتابه الكبير" عنه قال: في الصلب الدية إذا منع الجماع. وروى البيهقي (¬3) من طريق الزهري، عن أبي بكر بن محمَّد بن عمر وابن حزم عن أبيه، عن جده: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: وفي الصلب الدية. 2328 - [5648]- حديث زيد بن أسلم: في الإفضاء الدّية. ¬
لم أجده عنه، ولا عن غيره. [5649]- وقد أخرج ابن أبي شيبة (¬1) عن عمر: أنّه حكم فيه بثلث الدّية، وكذا عن أبان بن عثمان، وعمر بن عبد العزيز. [5650]- وأخرج أيضا (¬2) عن وكيع، عن شيخ، عن قتادة، عن زيد في الرجل يعقر المرأة، قال: إذا أمسك أحدهما عن الآخر فالثلث، وإن لم يمسك فالدية. قلت: وهذا موافق للأصل. 2329 - حديث عمر وعلي: إن جراح العبد من ثمنه كجراح الحر من ديته. [5651]- أما الأثر عن عمر وعلي؛ فروى البيهقي (¬3) عنهما أنهما قالا في الحر يقتل العبد: ثمنه بالغا ما بلغ. [5652]- وروى عبد الرزاق (¬4) عن ابن جريج، عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز: أنّ عمر جعل في العبد ثمنَه، كعقل الحر في ديته. فيه انقطاع إلا إن أراد عمر بن عبد العزيز. [5653]- وروى ابن أبي شيبة (¬5) عن حفص، عن حجاج، عن حصين ¬
الحارثي، عن الشعبي، عن الحارث، عن علي قال: ما جنى العبد ففي رقبته، ويخير مولاه إن شاء فداه، وإن شاء دفعه. 2330 - [5654]- قوله: وعن سعيد بن المسيب: أنّ جراح العبد من ثمنه كجراح الحر من ديته. أخرجه الشافعي (¬1) بإسناد صحيح إلى الزهري عنه، وفي وراية قال الزهري: وكان رجال سواه يقولون: يقوم سلعة. 2331 - [5655]- حديث عمر: أنه أرسل إلى امرأة ذكرت عنده بسوء، فأجهضت ما في بطنها، فقال عمر للصحابة: ما ترون؟ فقال عبد الرحمن بن عوف: إنما أنت مؤدّب لا شيء عليك، فقال لعلي: ماذا تقول؟ فقال: إن لم يجتهد فقد غشّك، وإن اجتهد فقد أخطأ، أرى أن عليك الدية، فقال عمر: أقسمت عليك لتفرقنها في قومك. البيهقي (¬2) من حديث سلام، عن الحسن البصري قال أرسل عمر إلى امرأة مغيبة كان يدخل عليها، فأنكر ذلك فقيل لها: أجيبي عمر، قالت: ويلها مالها ولعمر؟! فبينما هي في الطريق ضربها الطلق، فدخلت دارا فألقت ولدها، ¬
فصاح صيحتين ومات، فاستشار عمر الصحابة، فأشار عليه بعضهم أن ليس عليك شيء، إنما أنت والٍ ومؤدّب، فقال عمر: ما تقول يا علي؟ فقال: إن كانوا قالوا برأيهم فقد أخطئوا، وإن كانوا قالوا في هواك فلم ينصحوا لك، أرى أن ديته عليك؛ لأنّك أنت أفزعتها فألقت ولدها من سببك، فأمر عليا أن يقيم عقله على قريش. وهذا منقطع بين الحسن وعمر. ورواه عبد الرزاق (¬1) عن معمر، عن مطر الوراق، عن الحسن، به. وقال: إنه طلبها في أمرٍ ... فذكر نحوه. وذكره الشافعي (¬2) بلاغا عن عمر مختصرا. 2332 - [5656]- قوله: روي أن بصيرا كان يقول أعمى، فوقع البصير في بئر فوقع الأعمى فوقه فقتله (¬3)، فقضى عمر بعقل البصير على الأعمى. فذكر أن الأعمى كان ينشد في الموسم: يَا أيّها النّاسُ رأيتُ منكرا ... هلْ يَعقِلُ الأعْمَى الصَّحِيحَ الْمُبْصِرا خَرَّا مَعًا كلاهُمَا تَكَسَّرا ¬
الدارقطني (¬1) والبيهقي (¬2) من حديث موسى بن عُلي بن رباح، عن أبيه: أنّ أعمى كان ينشد في الموسم، فذكره، وفيه انقطاع. 2333 - [5657]- قوله: لا يتحمل الدّيوان بعضهم عن بعض إلا إذا كان قرابة، خلافا لأبي حنيفة، واحتج هو بما ورد من قضاء عمر، واحتجّ الأصحاب بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى بالدية على العاقلة، ولم يكن في عهده ديوانٌ ولا في عهد أبي بكر، وإنما وضعه عمر حين كثر الناس واحتاج إلى ضبط الأسماء والأرزاق، فلا يترك ما استقر في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما أحدث بعده، ويحتمل أن يكون قضاء عمر كان في الأقارب من أهل الديوان. أما قضاء عمر؛ فرواه الشافعي (¬3). [5658]- وروي (¬4) من حديث جابر: أوّل من دوّن الدّواوين وعرف العرفاء عمر. ¬
[5659]- وروى الحاكم (¬1) من حديث ابن إسحاق، حدثني عمر بن عثمان بن محمّد بن الأخنس بن شريق، قال: أخذت من آل عمر هذا الكتاب كان مقرونًا بكتاب الصدقة الذي كتب للعمال: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب محمد رسول الله بين المسلمين والمؤمنين؛ من قريش والأنصار ومن تبعهم، فلحق بهم، وجاهد معهم، إنهم أمة واحدة؛ المهاجرين من قريش على ربعتهم يتعاقلون بينهم، والأنصار على ربعتهم يتعاقلون ... الحديث. [5660]- وفي "صحيح مسلم" (¬2) من حديث أبي الزّبير أنّه سمع جابرًا يقول: كتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على كلّ بطن عقوله. 2334 - [5661]- حديث عمر: أنه قضى على علي أن يعقل عن مولى صفية بنت عبد المطلب، وقضى بالميراث لابنها الزبير، ولم يضرب الدّية على الزبير، وضربها على علي؛ لأنه كان ابن أخيها. البيهقي (¬3) من حديث سفيان، عن حماد، عن إبراهيم: أن عليًّا والزبير اختصما في موالي صفية إلى عمر، فقضى بالميراث للزبير، والعقل على علي. وهو منقطع. 2335 - قوله: وسها الإِمام، والغزالي فجعلا عليًّا ابنَ عمِّها. ¬
هو كما قال، وهو أشهر وأوضح من أن يحتجّ له. 2336 - [5662]- حديث عمر: أنّه قال في دية المرأة: تضرب في سنتين؛ يؤخذ في آخر السنة الأولى ثلث الدّية، والباقي في آخر السنة الثانية. البيهقي (¬1) من طريق الشعبي، عن عمر. وهو منقطع. 2337 - [5663]- حديث ابن عباس: أنّه قال: العبد لا يغرم سيده فوق نفسه شيئا. البيهقي (¬2) من حديث مجاهد عنه بهذا، وزاد: وإن كان المجروح أكثر من ثمن العبد فلا يزاد له. 2338 - [5664]- حديث عمر: أنّه قوّم الغُرّة بخمس من الإبل. [5665]- وعن زيد بن ثابت مثله. وفي رواية عنه: أن ذلك عند عدم الغرة. لم أجده عنهما. [5666]- بل روى البيهقي (¬3) عن عمر: أنه قَوَّم الغُرة خمسين دينارا. لكن لا منافاة بينه وبين ما ذكره المصنف في المعنى. **** ¬
(58) كتاب كفارة القتل
(58) كتاب كفَّارة القتل
2339 - [5667]- حديث واثلة بن الأسقع: أتينا النبي - صلى الله عليه وسلم - في صاحب لنا قد استوجب النار بالقتل، فقال: اعتقوا عنه رقبة، يعتق الله بكل عضو منها عضوا منه من النار. أحمد (¬1) وأبو داود (¬2) والنسائي (¬3) وابن حبان (¬4) والحاكم (¬5) من حديثه، ولفظهم: قد "استوجب" فقط، ولم يقولوا: "النار بالقتل". 2340 - [5668]- قوله: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "للْقَتْلِ كَفَّارَةٌ". أبو نعيم في "المعرفة" (¬6) من حديث خزيمة بن ثابت، وفيه ابن لهيعة، لكنه من حديث ابن وهب عنه، فيكون حسنًا (¬7). [5669]- ورواه الطبراني في "الكبير" (¬8) عن الحسن بن علي، موقوفا عليه. والأصل فيه: ¬
[5670]- حديث عبادة بن الصَّامت في "صحيح مسلم" (¬1): "مَن أَتَى مِنْكُمْ حَدًّا فَأُقِيم عَليه فَهُو كَفارَةٌ ... ". الحديث. وهو في البخاري (¬2) بلفظ: "فهو كَفَّارتُه". * حديث عمر: أنّه صاح بامرأة فأسقطت جنينا، فأعتق عمر غرّة عبد. البيهقي (¬3) بسند ضعيف، وقد تقدم. **** ¬
كتابُ التَّمييز في تلخيص تخريج أحاديث شرح الوجيز المشهور بـ التلخيص الحبير للإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني دراسة وتحقيق الدكتور محمد الثاني بن عمر بن موسى اعتنى بإخراجه وتنسيقه وصنع فهارسه أبو محمد أشرف بن عبد المقصود الجزء السادس أضواء السلف
(59) كتاب دعوى الدم والقسامة
(59) كتاب دعوى الدم والقسامة
2341 - [5671]- حديث سهل بن أبي حثمة: أنّ عبد الله بن سهل ومحيّصة بن مسعود خرجا إلى خيبر فتفرقا لحاجتهما، فقُتل عبدُ الله، فقال محيصة لليهود: أنتم قتلتموه، قالوا: ما قتلناه ... الحديث بطوله. متفق عليه (¬1) من حديث سهل: انطلق عبد الله بن سهل ومحيّصة بن مسعود إلى خيبر -وهي يومئذ صلح- فتفرقا، فأتى محيّصة إلى عبد الله بن سهل وهو يتشحط في دمِه قتيلا فدفنه، ثم قدم المدينة ... الحديث بطوله في القسامة. وأخرجاه أيضا (¬2) من حديث سهل بن أبي حثمة ورافع بن خديج. وفي رواية لمسلم (¬3) عن سهل، عن رجل من كبراء قومه، به. وله ألفاظ عندهما (¬4). وذكر البيهقي (¬5): أن البخاري ومسلما أخرجاه من رواية الليث وحماد بن زيد وبشر بن المفضل، كلهم عن يحيى بن سعيد، واتفقوا كلهم على البداءة بالأنصار. ورواه أبو داود (¬6) من رواية ابن عيينة، عن يحيى بلفظ: "أَفَتبْرِئُكُمْ يَهودُ ¬
فائدة
بِخَمْسِينَ يَمِينًا يَحْلِفُونَ أَنَّهُم لَمْ يَقْتُلُوه؟ "، فبدأ بذكر اليهود. وقال: إنّه وَهم من ابن عيينة. وأخرجه البيهقي (¬1) من طريقه، وقال: إنّ مسلمًا أخرجه ولم يسق متنه. وقد وافق وهيب بن خالد ابن عيينة على روايته، أخرجه أبو يعلى. فائدة استدل الرّافعي بعد ذلك على وجوب القصاص بها. وهو القول القديم -بقوله في رواية: "يَحْلِفُ خَمْسُونَ مِنْكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ، فَيُدْفَعُ إِلَيْكُمْ بِرُمَّتِه"، وهو متفق عليه. واستدل على المنع -وهو الجديد- بقوله في رواية لمسلم (¬2): "إمَّا أنْ [يَدُوا] (¬3) صَاحِبَكُمْ، وَإمَّا أَنْ [يُؤذَنُوا] (¬4) بِحَرْبٍ". 2342 - [5672]- قوله: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "البيّنة على منِ ادّعى، واليمِينُ عَلَى من أَنْكَر إلَّا في الْقَسَامَةِ". الدارقطني (¬5) والبيهقي (¬6) وابن عبد البر (¬7) من حديث مسلم بن خالد، عن ابن ¬
جريج، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، [به] (¬1). قال أبو عمر: إسناده لَيّن. وقد رواه عبد الرزاق (¬2) عن ابن جريج، عن عمرو، مرسلا. وعبد الرزاق أحفظ من مسلم بن خالد وأوثق. [5673]- ورواه ابن عدي (¬3) والدارقطني (¬4) من حديث عثمان بن محمَّد، عن مسلم، عن ابن جريج، عن عطاء، عن أبي هريرة، وهو ضعيف أيضا. وقال البخاري (¬5). (¬6): ابن جريج لم يسمع من عمرو بن شعيب. فهذه علّة أخرى. 2343 - قوله: لو وجد قتيل بين قريتين ولم يعرف بينه وبين واحد منهما عداوة، فلا يجعل قربه من إحداهما لوثا؛ لأنّ العادة جرت بأن يبعد القتيل القاتل عن بقاعه دفعا للتهمة، وما روي في الخبر وفي الأثر على خلاف ما ذكرناه فإن الشافعي لم يُثْبِت إسناده. انتهى. وكأنه يشير إلى: [5674]- حديث أبي إسرائيل، عن عطية عن أبي سعيد قال: وجد رسول الله ¬
- صلى الله عليه وسلم - قتيلا بين قريتين، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذرع ما بينهما. رواه أحمد (¬1) والبيهقي (¬2) وزاد: أن يقاس إلى أيتهما أقرب، فوجد أقرب إلى أحد الحيَّيْن بشبرٍ، فألقى ديته عليهم. قال البيهقي: تفرد به أبو إسرائيل، عن عطية، ولا يحتج بهما. وقال العقيلي (¬3): هذا الحديث ليس له أصل. [5675]- وأما الأثر؛ فروى الشافعي (¬4) عن سفيان، عن منصور، عن الشعبي: أنّ عمر كتب في قتيل وُجد بين خيوان ووادعة: أن يقاس ما بين القريتين (¬5) ... الحديث. قال الشافعي: ليس بثابت، إنما رواه الشعبي، عن الحارث الأعور. وقال البيهقي (¬6): روي عن مجالد، عن الشعبي، عن مسروق عن عمر، قال .. [5676]- وروي عن مطرّف، عن أبي إسحاق، عن الحارث بن الأزمع، عن عمر، لكن لم يسمعه أبو إسحاق من الحارث، فقد روى علي بن المديني، عن أبي زيد، عن شعبة: سمعت أبا إسحاق يحدّث حديث الحارث بن الأزمع -يعني هذا- قال: فقلت يا أبا إسحاق من حدّثك؟ قال: حدثني مجالد، عن الشعبي، عن الحارث بن الأزمع به. فعادت رواية أبي إسحاق إلى حديث مجالد، ومجالد غير محتج به. ¬
باب السحر
باب السحر 2344 - [5677]- حديث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سُحِرَ حتى كان يخيَّل إليه أنّه يفعل الشيء ولم يفعله. متفق عليه (¬1) من حديث عائشة. 2345 - [5678]- قوله: وفي ذلك نزلت المعوذتان. انتهى. وهذا ذكره الثعلبي في "تفسيره" (¬2) من حديث ابن عباس، تعليقا. [5679]- ومن حديث عائشة أيضا تعليقا. وطريق عائشة صحيح، أخرجه سفيان بن عيينة في "تفسيره" (¬3) رواية أبي عبيد الله، عنه، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، فذكر الحديث، وفيه: [فنزلت] (¬4): {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1)}. تنبيه ذكر السّهيلي (¬5): أن عقد السحر كانت إحدى عشرة عقدة، فناسب أن يكون عدد المعوذتين إحدى عشرة آية، فانحلت بكل آية عقدة. ¬
[قلت: [5680]- أخرج البيهقي في "الدلائل" (¬1) معنى ذلك بسند ضعيف، في القصة التي ذكر فيها: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - ... وفي آخر الحديث: أنهم وجدوا وترًا فيه إحدى عشرة عقدة، وأنزلت سورة الفلق والناس، فجعل كلّما قرأ آية انحلّت عقدة. [5681]- وعند ابن سعد (¬2) -بسند منقطع- عن ابن عباس: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث عليًّا وعمَّارًا فوجدا طلعة فيها إحدى عشرة عقدة. فذكر نحوه] (¬3). 2346 - [5682]- قوله: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "لَيسَ منَّا مَنْ سحَرَ أو سُحِرَ لَهُ أَوْ تَكَهَّنَ أَوْ كُهِنَ لَه". الطبراني (¬4) من حديث الحسن، عن عمران بن حصين. [5683]- وأبو نعيم (¬5) من حديث علي بن أبي طالب. [5684]- والطبراني في "الأوسط" (¬6) من حديث ابن عباس. وفي الأول إسحاق بن الربيع، ضعّفه الفلاس، والراوي عنه أيضا لين. وفي حديث علي: مختار بن غسان، وهو مجهول، وعبد الأعلى بن عامر، ¬
وهو ضعيف، وعيسى بن مسلم وهو لين. وفي حديث ابن عباس: زمعة بن صالح، عن سلمة بن وهرام، وهما ضعيفان. وفي الباب: [5685]- عن أبي هريرة رفعه: "مَن عَقَد عُقْدَةً ثُمَّ نَفَثَ فِيهَا فَقَدْ سَحَرَ، وَمَنْ سَحَر فَقَدْ أَشْرَكَ وَمَنْ تَعَلقَ بِشَيْءٍ وُكِلَ إِلَيْهِ"، رواه النسائي (¬1) وابن عدي (¬2) في ترجمة "عباد (¬3) بن ميسرة" عن الحسن، عن علي. 2347 - [5686]- حديث: أنّ مدبّرةً لعائشة سحرتها استعجالا لعتقها، فباعتها عائشة ممن يسيء ملكها من الأعراب. مالك (¬4) والشافعي (¬5) والحاكم (¬6) والبيهقي (¬7) من رواية عمرة، عنها، وإسناده صحيح. ¬
(60) كتاب الإمامة وقتال البغاة
(60) كتاب الإمامة وقتال البغاة
وقدمنا الكلام على المرفوعات، فلما انتهت أتبعناها الموقوفات. 2348 - [5687]- حدثنا: أنّ الأنصار وقع بينهم قتال؛ فأنزل الله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا ...} الآية، فقرأها عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأقلعوا. متفق عليه (¬1) من حديث أنس، وفيه قصة، ولفظه: قيل يا رسول الله، لو أتيت عبد الله بن أبيّ، فانطلق إليه وركب حماره، فركب معه قوم من أصحابه، فلما أتاه قال له عبد الله: تَنَحَّ فَقد آذاني نتن حمارك. فقال رجل: والله لحمار رسول الله أطيب ريحا منك، فغضب لكل منهما قومٌ فتضاربوا بالجريد والنعال، فبلغنا أنها نزلت فيهم هذه الآية: {وإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا}. 2349 - [5688]- حديث عبادة بن الصامت: بايعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على السمع والطاعة، في المنشط والمكره، وأن لا ننازع الأمر أهله. متفق عليه (¬2) بهذا وأتم منه. 2350 - [5689]- حديث: "مَن فَارقَ الجماعَةَ قَدْرَ شِبْرٍ فَقد خَلَع رِبْقَةَ الإِسلامِ مِن عُنُقِه". ¬
أحمد (¬1) وأبو داود (¬2) والحاكم (¬3) من حديث أبي ذر بلفظ: "شبرًا"، ولم يقل أبو داود "قدر شبر" (¬4) وقال الحاكم في روايته: "قِيدَ شِبْرٍ ... ". [5690]- ورواه الحاكم (¬5) من حديث ابن عمر بلفظ: "مَن خَرج عَنِ الجمَاعَةِ قِيدَ شِبْرٍ فَقَد خَلَع رِبْقَةَ الإسْلامِ مِن عُنُقِه حَتى يُراجِعَه، وَمَنْ مَات وَلَيْسَ عَلَيْه إمام جَمَاعَةٍ فإنَّ مَوْتَتَهُ مَوْتَةً جَاهِليَّةً". [5691]- ورواه أحمد (¬6) والترمذي (¬7) وابن خزيمة (¬8) وابن حبان في "صحيحه" (¬9) من حديث الحارث الأشعري. [5692]- ورواه الحاكم (¬10) من حديث معاوية أيضا. [5693]- والبزار (¬11) من حديث ابن عباس. [5694, 5695]- حديث: "مَن حَمَل عَلَينا السِّلاحَ فَلَيْسَ منَّا". ¬
متفق عليه من حديث أبي موسى الأشعري (¬1)، وابن عمر (¬2). [5696, 5697]- وأخرجه مسلم من حديث أبي هريرة (¬3) وسلمة بن الأكوع (¬4). 2351 - [5698]- حديث: "مَن خَرَج مِن الطَّاعَةِ وَفارَقَ الجمَاعَةَ فَمِيتَتُه جاهليّةٌ". مسلم (¬5) من حديث أبي هريرة، به وأتم منه. [5699]- واتفقا عليه (¬6) من حديث ابن عباس بلفظ: "مَن رَأى مِنْكُم مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فَكَرِهَهُ فَلْيَصْبِر فَإنَّه لَيْسَ أحد يُفَارِقُ الْجَماعَةَ شِبْرًا فَيَمُوتُ إلَّا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً". ورواه مسلم (¬7) عن ابن عمر وفيه قصة. 2352 - [5700]- حديث: "الأئمّة من قُريشٍ". النسائي (¬8) عن أنس. ¬
ورواه الطبراني في "الدعاء" (¬1) والبزار (¬2) والبيهقي (¬3) من طرق، عن أنس. قلت: وقد جمعت طرقه في "جزء مفرد" عن نحو من أربعين صحابيا. [5701]- ورواه الحاكم (¬4) والطبراني (¬5) والبيهقي (¬6) من حديث علي، واختلف في وقفه ورفعه، ورجح الدارقطني في "العلل" (¬7) الموقوف. [5702]- ورواه أبو بكر بن أبي عاصم (¬8)، عن أبي بكر بن أبي شيبة، من حديث أبي برزة الأسلمي، وإسناده حسن. وفي الباب: [5703]- عن أبي هريرة، متفق عليه (¬9) بلفظ: "النّاس تَبَعٌ لِقُريشٍ". [5704]- وعن جابر لمسلم (¬10) مثله. [5705]- وعن ابن عمر متفق عليه (¬11) بلفظ: "لا يَزالُ هَذا الأمْرُ في قُرَيْشٍ مَا بَقِيَ مِنْهُم اثنَان". ¬
[5706]- وعن معاوية بلفظ: "إنّ هَذا الأمْرَ في قُرَيْشٍ"، رواه البخاري (¬1). [5707]- وعن عمرو بن العاص بلفظ: "قُريشٌ وُلاةُ النَّاسِ في الخيرِ والشرِّ إلى يوم الْقِيَامَةِ". رواه الترمذي (¬2). (¬3) والنسائي (¬4). 2353 - [5708]- قوله: وقد احتج بهذا أبو بكر على الأنصار يوم السقيفة فتركوا ما توهموه. البخاري (¬5) عن عمر في حديث طويل، ذكر فيه قصة سقيفة بني ساعدة وبيعة أبي بكر، وقال فيه عن أبي بكر: ولن تعرف العرب هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريشهم أوسط العرب نسبا ودارا. وفيه قول الأنصار: منا أمير ومنكم أمير. [5709]- ورواه (¬6) من حديث عائشة أخصر منه. [5710]- ورواه أحمد (¬7) من حديث حميد بن عبد الرحمن، عن أبي بكر بهذا اللفظ. وأغرب الحافظ صلاح الدين العلائي فأنكر على الرافعي إيراده إيّاه بهذا اللفظ، أعني لفظ: "الأئمَّةُ مِن قُرَيْشٍ"، وقال: لم أجده هكذا في شيء من كتب الحديث والسير. ¬
وكأنه غفل عما في [النسائي] (¬1) الذي ذكرناه، ورواه البيهقي أيضا (¬2) لكن لفظه: وإن هذا الأمر في قريش ما أطاعوا الله واستقاموا. * حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - أمّر في غزوة مؤتة زيد بن حارثة وقال: "إنْ قُتل زَيدٌ فَجَعْفَرٌ، وإن قُتِلَ جَعْفَرٌ فعبد الله بن رواحة". رواه البخاري (¬3) من حديث عبد الله بن عمر، وقد تقدم في "الوكالة". وفي الباب: عن أنس. 2354 - [5711]- حديث: "اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وإن أُمِّر عَليكم عبدٌ حَبَشيٌّ مجدَّعُ الأطْرَافِ". مسلم (¬4) من حديث أم الحصين بهذا، وأتم منه. 2355 - [5712]- ومن حديث أبي ذر (¬5): أوصاني خليلي - صلى الله عليه وسلم -: "أنْ أَسْمَعَ وَأطِيعَ ولَو لِعَبْدٍ مجدَّع" (¬6). ¬
2356 - [5713]- حديث: "مَن نَزَعَ يَدَهُ مِنْ طَاعَة إمَامه فَإنَّه يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا حُجَّةَ لَهُ". مسلم (¬1) من حديث ابن عمر. 2357 - [5714]- حديث: "مَن ولي عَليه والٍ فَرآه يَأتي شَيْئًا مِن مَعصيةِ الله فَلْيَكْرهْ مَا يَأتِي مِن مَعْصِيَة الله، ولا يَنْزعَنَّ يَدَه مِن طَاعتِه". مسلم (¬2) من حديث عوف بن مالك بهذا وأتم منه. [5715]- وفي المتفق عليه (¬3) من حديث ابن عباس بلفظ: "مَن كَرِهَ مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فَلْيَصْبِرْ فَإنَّه مَن خَرج مِن السّلطَان شِبْرًا ماتَ مِيتةً جَاهِليَّة". 2358 - [5716]- حديث: "إذَا بُويعَ لِخَلِيفَتَين فَاقْتُلُوا الآخِرَ مِنْهُمَا". مسلم (¬4) عن أبي سعيد. 2359 - [5717, 5719] حديث أنّه - صلى الله عليه وسلم - قال لعمار: "تَقتُله الْفِئَةُ الْبَاغِيَة". وهو خبر مشهور. ¬
مسلم (¬1) من حديث أبي قتادة، وأبي سعيد الخدري، وأم سلمة، وأصل حديث أبي سعيد عند البخاري (¬2) إلا أنّه لم يذكر مقصود الترجمة كما نبه على ذلك الحميدي، ووهم من زعم أنه ذكره، وقد أخرجه الإسماعيلي والبرقاني من الوجه الذي أخرجه منه البخاري فذكراها. [5720]- وأخرجه الترمذي (¬3) من حديث خزيمة بن ثابت. [5721, 5731]- والطّبراني من حديث عمر (¬4) وعثمان (¬5) وعمار (¬6) وحذيفة (¬7) وأبي أيوب (¬8) [وزناد] (¬9). (¬10) وعمرو بن حزم (¬11) ومعاوية (¬12) وعبد الله بن عمرو (¬13) وأبي رافع (¬14) ومولاة لعمار بن ياسر (¬15) وغيرهم. ¬
وقال ابن عبد البر (¬1): تواترت الأخبار بذلك، وهو من أصح الحديث. وقال ابن دحية (¬2) لا مطعن في صحته، ولو كان غير صحيح لرده معاوية وأنكره. ونقل ابن الجوزي (¬3): عن الخلال في "العلل": أنّه حكى عن أحمد أنه قال: قد روي هذا الحديث من ثمانية وعشرين طريقا ليس فيها طريق صحيح. وحكى أيضًا (¬4) عن أحمد، وابن معين، وأبي خيثمة أنهم قالوا: لم يصح. 2360 - [5732]- قوله: روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لابن مسعود: "يَا ابنَ أمِّ عَبْدٍ مَا حُكم مَن بَغَى مِن أُمَّتِي؟ " قال: الله ورسوله أعلم. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"لا يُتْبَعُ مُدبِرُهُم ولا يُجَاز على جَريحِهم، ولا يُقتل أسيرُهم". الحاكم (¬5) والبيهقي (¬6) من حديث ابن عمر، نحوه. وفي لفظ: "ولا [يُدفّف] (¬7) عَلى جَرِيحهِمْ" (¬8). وزاد: "وَلا يُغْنَم فَيئُهُمْ". ¬
سكت عنه الحاكم. وقال ابن عدي (¬1): هذا الحديث غير محفوظ، وقال البيهقي (¬2): ضعيف. قلت: في إسناده كوثر بن حكيم، وقد قال البخاري (¬3): إنه متروك. 2361 - قوله: إن أبا بكر قاتل مانعي الزكاة، وسببه: أن بعضهم قالوا له: أمرنا [بدفع] (¬4) الزكاة إلى من صلاته سكن لنا، وهو رسول الله على ما قال الله: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} إلى قوله: {سَكَنٌ لَهُمْ}، قالوا: وصلوات غيره ليست سكنا لنا. انتهى. أما قتال أبي بكر لمانعي الزكاة؛ فمشهور، وقد اتفقا عليه من حديث أبي هريرة وغيره، وتقدم في "الزكاة". وأما هذا السبب؛ فلم أقف له على أصل (¬5). 2362 - [5733]- قوله: إنّ عليًّا قاتل أصحاب الجمل، وأهل الشام والنهروان، ولم يتبع بعد الاستيلاء ما أخذوه من الحقوق. وهذا معروف في التواريخ الثابتة، وقد استوفاه أبو جعفر ابن جرير الطبري ¬
فائدة
وغيره، وهو غني عن تكلّف إيراد الأسانيد له. وقد حكى عياض عن هشام وعباد: أنهما أنكرا وقعة الجمل أصلا ورأسا. وكذا أشار إلى إنكارها أبو بكر بن العربي في "العواصم" (¬1) وابن حزم، ولم ينكرها هذان أصلا ورأسا وإنما أنكرا وقوع الحرب فيها على صفةٍ مخصوصة، وعلى كل حال فهو مردود؛ لأنه مكابرة لما ثبت بالتواتر المقطوع به. فائدة كانت وقعة الجمل في سنة ستٍّ وثلاثين، وكانت وقعة صفين في ربيع الأول سنة سبع وثلاثين، واستمرت ثلاثة أشهر، وكانت النهروان في سنة ثمان وثلاثين. 2363 - قوله: ثبت أنّ أهل الجمل وصفّين والنهروان بغاة. هو كما قال، ويدل عليه: [5734]- حديث علي: أمرت بقتال الناكثين، والقاسطين، والمارقين. رواه النسائي في "الخصائص" (¬2) والبزار (¬3) والطبراني (¬4). والناكثين: أهل الجمل؛ لأنهم نكثوا بيعته، والقاسطين: أهل الشام؛ لأنهم جاروا عن الحق في عدم مبايعته. والمارقين: أهل النهروان؛ لثبوت الخبر الصحيح فيهم أنهم: "يَمرُقُونَ مِن الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِن الرَّمِيَّة". ¬
وثبت في أهل الشام حديث: "عَمّار تَقتُلُه الْفِئَةُ البَاغِيَةُ"، وقد تقدم، وغير ذلك من الأحاديث. * حديث: أن عمر أول من بايع أبا بكر، ثم بايعه باقي الصحابة. تقدم في حديث السقيفة، ولفظ البخاري: قال عمر: بل نبايعك، أنت سيدنا وخيرنا وأحبنا إلى رسول الله، فأخذ عمر بيده فبايعه، وبايعه الناس. 2364 - [5735]- حديث: أن أبا بكر عهد إلى عمر. هو صحيح مشهور في التواريخ الثابتة. [5736]- وفي البخاري (¬1) عن ابن عمر، أن عمر قال: إني إن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني -يعني أبا بكر ... الحديث. ولمسلم (¬2) مثله. [5737]- وللبيهقي (¬3) من طريق ابن أبي مليكة، عن عائشة، قالت: لما ثقل أي دخل عليه فلان وفلان قالوا: يا خليفة رسول الله، ماذا تقول لربك غدا إذا قدمت عليه وقد استخلفت علينا ابن الخطاب، .. الحديث. 2365 - [5738]- حديث: إنّ أبا بكر قال: أقيلوني من الخلافة. رواه أبو الخير الطالقاني في "السنة" من طريق شبابة بن سوار، عن شعيب بن ¬
ميمون، عن محمَّد بن بكير، عمن حدثه، عن أبي بكر. وهو منكر متنا (¬1)، ضعيف منقطع سندًا. 2366 - [5739]- حديث: إن عليًّا سمع رجلًا من الخوارج يقول: لا حكم إلا لله ولرسوله، وتعرض بتخطئته في التحكيم، فقال علي: كلمة حقٍّ أريد بها باطل، لكم علينا ثلاث، لا نمنعكم مساجد الله أن تذكروا فيها اسمه، ولا نمنعكم الفيء ما دامت أيديكم معنا, ولا نبدأكم بقتال. الشّافعي (¬2) بلاغًا، وابن أبي شيبة (¬3) والبيهقي (¬4) موصولا: أن عليا بينما هو يخطب إذ سمع من ناحية المسجد قائلا يقول: لا حكم إلا لله ... فذكره إلى آخره وفيه: ثم قاموا من نواحي المسجد يحكمون الله، فأشار إليهم بيده: اجلسوا، نعم لا حكم إلا لله، كلمة حق يبتغى بها باطل، حكم الله ننتظر فيكم، إلا أن لكم عندي ثلاث خلال ما كنتم معنا، لن نمنعكم مساجد الله، ولا نمنعكم فيئًا ما كانت أيديكم مع أيدينا, ولا نقاتلكم حتى تقاتلونا. [5740]- وأصله في مسلم (¬5) من حديث عبيد الله بن أبي رافع: أن الحرورية لما ¬
خرجت على علي وهو معه (¬1)، فقالوا: لا حكم إلا لله، فقال علي: كلمة حق أريد بها باطل، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصف ناسا إني لأعرف صفتهم في هؤلاء، يمرقون من الدين ... الحديث بطوله. 2367 - قوله: الخوارج فرقة من المبتدعة، خرجوا على علي حيث اعتقدوا أنه يعرف قتلة عثمان، ويقدر عليهم، ولا يقتص منهم؛ لرضاه بقتله ومواطأته إياهم، ويعتقدون أن من أتى كبيرة فقد كفر واستحق الخلود في النار، في طعنون لذلك في الأئمة، ولا يجتمعون معهم في الجمعة والجماعات أعاذنا الله من شرِّهم. قال الشافعي (¬2): وابن ملجم المرادي قتل عليًّا متأولا. قال الرافعي: أراد الشّافعي: أنّه قتله زاعما أن له شبهة وتأويلا باطلا، وحكى أن تأويله أن امرأةً من الخوارج تسمى قطام خطبها ابن ملجم، وكان علي قتل أباها في جملة الخوارج، فوكلته في القصاص، وشرطت له مع ذلك ثلاثة آلاف درهم وعبدا وقينة لتحببه في ذلك، وفي ذلك قيل: فَلَمْ أَرَ مَهْرًا سَاقَهُ ذُو سَمَاحَةٍ ... [لِمِثْلِ] (¬3) قَطَامٍ مِن فَصِيحٍ وَأَعْجَمِ ¬
ثلاثةُ آلافٍ وَعَبْدٌ وَقَيْنَةٌ ... وَقَتْلُ عليٍّ بِالْحُسَامِ [المصمَّم] (¬1). انتهى (¬2). أما ما ذكره من اعتقاد الخوارج؛ فأوله ليس بصوابٍ، فإن الاعتقاد المذكور هو اعتقاد معاوية وأهل الشام. وأما الخوارج فكانوا أوّلا من رءوس أصحاب علي، وكانوا من أشدّ الناس نكيرًا على عثمان، بل الغالب أنهم ما كانوا يعتقدون أن قتله كان ظلمًا، ولم يزالوا مع علي في حروبه في الجمل وصفِّين إلى أن وقع التحكيم، وذلك أن أهل صفين لما كادوا أن يغلبوا أشار عليهم بعضهم برفع المصاحف والدّعاء إلى التحكيم، فنهاهم علي عن إجابتهم إلى ذلك، فقال لهم: أنا على الحق. فأبى أكثرهم، فأجابهم علي لتحققه أن الحق بيده، فحصل من اختلاف الحكمين ما أوجب رجوع أهل الشام مع معاوية، ورجوع أهل العراق مع علي بعد التحكيم، فأنكرت الخوارج التحكيم، وقالوا: لا حكم إلا لله، وحكموا بكفر علي وجميع من أجاب إلى التحكيم إلا من تاب ورجع، وقالوا لعلي: أَقِرَّ على نفسك بالكفر ثم تب ونحن نطاوعك، فأبى، فخرجوا عليه، وقاتلهم، وهذا أمر مشهور عنهم، مصرَّح به في التواريخ الثابتة، والملل والنحل. وقد استوفى أخبارهم وما كانوا يعتقدون (¬3) أبو العباس المبرد في "كامله" (¬4) ¬
وغيره، وصنف في أخبارهم محمَّد بن قدامة الجوهري كتابا حافلًا، وقفت عليه في نسخة كتبت عنه، وتاريخها سنة أربعين ومائتين وهو أقدم خَطٍّ وقفت عليه، ولم تعتقد الخوارج قط أنّ عليا أخطأ قبل التحكيم، كما أنهم من جملة ما اعتقدوا من الاعتقادات الفاسدة: أنّ عثمان كان مصيبًا ست سنين من خلافته، ثم كفر بزعمهم أعاذه الله من ذلك. نعم الذين كانوا يتأوّلون في قتال علي بسبب عدم اقتصاصه من قتلة عثمان، ويظنون فيه سائر ما ذكره المؤلف قبل قوله: "ويعتقدون" هم أهل الجمل وأهل صفين، وهذا ظاهر في مكاتباتهم له، ومخاطباتهم. وأما سائر ما ذكر بعد ذلك عن الخوارج من الاعتقاد فهو كما قال، وبعض منه اعتقادهم كفر من خالفهم، واستباحة ماله ودمه ودماء أهله وولده، ولذلك كانوا يقتلون من قدروا عليه. وأما ما ذكره من أمر ابن ملجم في تأويله فهو كما قال، وبالغ ابن حزم (¬1) فقال: لا خلاف بين أحد من الأئمة في أن ابن ملجم قتل عليًّا متأوِّلًا مجتهدًا مقدِّرًا أنه على الصّواب. كذا قال! وهذا الكلام لا خلاف في بطلانه، إلا إن حمل على أنه كذلك كان عند نفسه فنعم، وإلا فلم يكن ابن ملجم قط من أهل الاجتهاد ولا كاد، وإنما كان من جملة الخوارج، وقد وصفنا سبب خروجهم على علي واعتقادهم فيه وفي غيره. ¬
وأما قصة قتله لعلي وسببها: [5741]- فقد رواها الحاكم في "المستدرك" (¬1) في ترجمة علي بإسناد فيه انقطاع، وهي مشهورة بين أهل التاريخ, وساقه ابن عبد البر في "الاستيعاب" (¬2) مطوِّلًا. 2368 - [5742]- حديث: أنّ أبا بكر قال للذين قاتلهم بعد ما تابوا: تَدُون قتلانا, ولا نَدِي قتلاكم. البيهقي (¬3) من حديث أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، (فذكره) في حديث. [5743]- وروى البخاري (¬4) من طريق طارق بن شهاب قال: جاء وقد بُزاخَة أسد وغطفان إلى أبي بكر يسألونه الصلح، فخيّرهم بين الحرب المجلية والسلم المخزية، قالوا: ما السلم المخزية؟ قال: تؤدون الحلقة والكرع وتتركون أقواما يتبعون أذناب الإبل، وتدون قتلانا ولا ندي قتلاكم ... الحديث. ذكر منه البخاري طرفا، وساقه البرقاني في "مستخرجه" بطوله، وفيه: أن عمر وافق أبا بكر على ذلك، إلا على قوله: "تدون قتلانا ولا ندي قتلاكم" واحتجّ بأن قتلانا قُتلوا على أمر الله فلا ديّات لهم، قال: فتتابع الناس على ذلك. ¬
تنبيه
تنبيه بُزاخة -بضم الباء الموحدة ثم زاي وبعد الألف خاء معجمة- هو: موضع قيل بالبحرين، وقيل: ماء لبني أسد. 2369 - [5744]- حديث: أن عليا نادى: من وجد ماله فليأخذه. قال الراوي: فمر بنا رجل فعرف قِدرًا نطبخ فيها، فسألناه أن يصبر حتى نطبخ فلم يفعل. ابن أبي شيبة (¬1) والبيهقي (¬2) من حديث عرفجة، عن أبيه قال: لما جيء علي بما في (¬3) عسكر أهل النهروان قال: من عرف شيئا فليأخذه، قال: فأخذوا إلا قدرا، قال: ثم رأيتها بعد أخذت. وأخرجه البيهقي (¬4) من طرق. * حديث: أن عليا قاتل أهل البصرة ولم [يتتبع] (¬5) بعد الاستيلاء ما أخذوه من الحقوق. تقدم، والمراد بأهل البصرة: أصحاب الجمل. ¬
تنبيه
2370 - [5745]- حدثنا: أن عليا أمر بحبس ابن ملجم، وقال: إن قتلتموه فلا تمثلوا به، ورأى عليه القتل، فقتله [الحسن] (¬1) ابن علي. رواه الشافعي انتهى. وهذا رواه الشافعي (¬2) -كما قال- عن إبراهيم بن محمَّد، عن جعفر بن محمَّد، عن أبيه، به. وأتم منه. [5746]- ورواه البيهقي (¬3) من حديث الشعبي: أن ابن ملجم لما ضرب عليا تلك الضربة، أوصى فقال: قد ضربني، فأحسنوا إليه، وألينوا فراشه، فإن أعش فعفو أو قصاص، وإن أمت فعاجلوه، فإني مخاصمه عند ربي عَزَّ وَجَلَّ. تنبيه هذا يرد على من زعم أنّ الحسن بن علي قتله لكونه من السّاعين في الأرض فسادًا لا قصاصا؛ لقول علي في هذا الأثر عاجلوه. 2371 - [5747]- حدثنا: أن عليا بعث ابن عبّاس إلى أهل النهروان فرجع بعضهم إلى الطاعة. ¬
أحمد (¬1) والنسائي في "الخصائص" (¬2) والبيهقي (¬3) في حديث طويل من حديث ابن عباس قال: لما خرجت الحروريّة اعتزلوا في دار، وكانوا ستة آلاف، فقلت لعلي: يا أمير المؤمنين أبرد بالصلاة لعلّي أكلم هؤلاء القوم، قال: إني أخافهم عليك، قال: كلا، فلبست ثيابي ومضيت حتى دخلت عليهم في الدار، فقالوا: مرحبا بك يا ابن عباس، فما جاء بك؟ قلت: أتيتكم من عند أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أبلغكم ما يقولون، وأبلغهم ما تقولون، فانتدب لي نفر منهم، قلت: ما نقمتم على ابن عمّ رسول الله وختنه؟ قالوا: ثلاث. قالوا: حكّم الرّجال في دين الله، وقد قال تعالى: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} ... فذكر الحديث. 2372 - [5748]- حديث: نَادى منادي علي يوم الجمل: ألا لا يتبع مدبرهم، ولا يدفف على جريحهم. ابن أبي شيبة (¬4) وسعيد بن منصور (¬5) والحاكم (¬6) والبيهقي (¬7) من حديث ¬
عبد خير، عن علي. * حديث: أن عليا قتل ليلة هرير ألفا وخمسمائة. تقدم في "صلاة الخوف". ****
(61) كتاب الردة
(61) كتابُ الرِّدة
* حديث: "لَا يَحِلّ دَمُ امْرِيء مُسْلِمٍ إلَّا بإحدَى ثَلاثٍ ... ". تقدم في "الجراح". 2373 - [5749]- حديث ابن عباس: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن بَدَلّ دِينَه فَاقْتُلُوه". البخاري (¬1) من حديثه وفيه قصة لعلي بن أبي طالب. وفي الباب: [5750]- عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده، في الطبراني "الكبير" (¬2). [5751]- وعن عائشة في "الأوسط" (¬3). 2374 - [5752, 5753]- حديث: "مَن قَال لأخِيه يَا كَافِرُ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أحدُهُما". متفق عليه من حديث ابن عمر (¬4)، ومن حديث أبي ذر (¬5). [5754]- والبخاري (¬6) من حديث أبي هريرة. ¬
[5755]- وابن حبان (¬1) من حديث أبي سعيد. 2375 - [5756]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - لحس أصابعه الثلاث. مسلم (¬2) من حديث كعب بن مالك: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأكل بثلاث أصابع، فإذا فرغ لعقها. [5757]- وله (¬3) من حديث أنس مثله. [5758]- وجاء الأمر بذلك عندهما (¬4) عن ابن (¬5) عباس. [5759]- وعند مسلم عن جابر (¬6) وأبي هريرة (¬7). * حديث: "ماَ بَينَ قَبْرِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِن رِيَاضِ الجنَّةِ". تقدم في "اللعان". 2376 - [5760]- حديث جابر: أن امرأةً يقال لها أمّ رومان ارتدّت، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن يعرض عليها الإِسلام فإن تابت وإلا قتلت. ¬
تنبيه
الدارقطني (¬1) والبيهقي (¬2) من طريقين، وزاد في أحدهما: فأبت أن تسلم، فقُتلت. وإسناداهما ضعيفان. تنبيه وقع في الأصل: "أم رومان" وهو تحريف، والصواب (أم مروان). [5761]- قال البيهقي (¬3): وروي من وجه آخر ضعيف، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة: أن امرأة ارتدت يوم أحد، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تستتاب، فإن تابت وإلا قتلت. واحتج به ابن الجوزي في "التحقيق" (¬4). 2377 - [5762]- حديث: "أمرتُ أنْ أُقاتِل النَّاسَ حتَّى يَقولُوا لا إله إلَّا الله ... ". الحديث. متفق عليه (¬5) من حديث ابن عمر. 2378 - [5763]- قوله: اشتد نكير النبي - صلى الله عليه وسلم - على أسامة حين قتل من تكلّم بالإِسلام، وقال: إنما قالا فَرَقًا مني، فقال: "هَلَّا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ". ¬
تنبيه
متفق عليه (¬1) من حديث أسامة بمعناه. 2379 - [5764]- حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - استتاب رجلا أربع مرات. رواه أبو الشيخ في "كتاب الحدود" من طريق المعلي بن هلال -وهو متروك- عن عبد الله بن محمَّد بن عقيل، عن جابر. [5763]- ورواه البيهقي (¬2) من وجه آخر من حديث عبد الله بن وهب، عن الثوري عن رجل، عن عبد الله بن عبيد بن عمير، مرسلا، وسمى الرّجل نبهان. 2380 - [5765]- حديث: أن أبا بكر استتاب امرأة من بني فزارة ارتدت. البيهقي (¬3) من طريق ابن وهب، عن الليث بن سعد، عن سعيد بن عبد العزيز: أن امرأة يقال لها أم قرفة كفرت بعد إسلامها، فاستتابها أبو بكر فلم تتب، فقتلها. قال الليث: هذا رأيي. قال ابن وهب: وقال لي مالك مثل ذلك. قال البيهقي (¬4): ورويناه من وجهين مرسلين. ورواه الدارقطني (¬5) أيضًا. تنبيه [5766]- في السير: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قتل أمّ قرفة يوم قريظة، وهي غير تلك. ¬
[5767]- وفي "الدلائل" (¬1) لأبي نعيم: أن زيد بن حارثة قتل أمّ قرفة في سريته إلى بني فزارة. 2381 - [5768]- حديث: أن رجلا وفد على عمر، فقال له عمر: هل من مغربة خبر؟ فأخبره أن رجلا كفر بعد إسلامه، فقال: ما فعلتم به؟ فقال قربناه وضربنا عنقه، فقال: هلا حبستموه ثلاثا، وأطعمتموه كل يوم رغيفا، وأسقيتموه، لعله يتوب اللهم إني لم أحضر ولم آمر، ولم أرض إذ بلغني. مالك (¬2) والشافعي (¬3) عنه، عن عبد الرحمن بن محمَّد بن عبد الله بن عبد القاري، عن أبيه، بهذا. قال الشافعي (¬4): من لا يتأنى بالمرتد (¬5) زعموا أن هذا الأثر ليس بمتصل. [5769]- ورواه البيهقي (¬6) من حديث أنس، قال: لما نزلنا على تستر ... فذكر الحديث، وفيه: فقدمنا على عمر فقال: يا أنس ما فعل الستّة رهط من بكر بن وائل الذين ارتدوا عن الإِسلام فلحقوا بالمشركين، قال: يا أمير ¬
تنبيه
المؤمنين قُتلوا في المعركة، فاسترجع (¬1)، قلت: وهل كان سبيلهم إلا القتل؟ قال: نعم كنت أعرض عليهم الإِسلام فإن أبوا، أودعتهم السجن. تنبيه قوله: من مُغْرِبة، يقال بكسر الرّاء وفتحها مع الإضافة فيهما، معناه: هل من خبر جديدٍ جاء من بلاد بعيدة. وقال الرافعي: شيوخ الموطأ فتحوا الغين وكسروا الراء وشددوها. 2382 - [5770]- حديث: أن أم محمَّد بن الحنفية كانت مرتدة، فاسترقها عليّ واستولدها. الواقدي في "كتاب الردة" من حديث خالد بن الوليد: أنه قسم سهم بني (¬2) حنيفة خمسة أجزاء، وقسم على الناس أربعة، وعزل الخمس حتى قدم به على أبي بكر، ثم ذكر من عدة طرق: أن الحنفية كانت من ذلك السبي. [5771]- وروينا في "جزء ابن علم": أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى الحنفية في بيت فاطمة فأخبر عليا أنها ستصير له، وأنه يولد له منها ولد اسمه محمَّد. * حديث أبي بكر: أنه قال لقوم من أهل الردة جاءوا تائبين: تدون قتلانا ولا ندي قتلاكم. تقدم في "كتاب البغاة". ¬
(62) كتاب حد الزنا
(62) كتابُ حدِّ الزِّنا
* حديث ابن مسعود: قلت: يا رسول الله أي الذنب أعظم عند الله؟ قال: "أن تَجْعَلَ لله نِدًّا وَهُو خَلَقَكَ .. ". الحديث. متفق عليه، وقد تقدم في أول "باب الجراح". 2383 - [5772]- حديث عبادة بن الصامت: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "خُذوا عَنِّي، خُذُوا عَنِّي، قَد جَعَل الله لَهُنَّ سَبيلًا، الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، والثَّيِّبُ بالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ". مسلم (¬1) من حديثه بهذا. 2384 - [5773]- حديث عمر: أنه قال في خطبته: إن الله بعث محمدًا نبيًّا، وأنزل عليه كتابًا، وكان فيما أنزل عليه آية الرّجم، فتلوناها ووعيناها: (الشَّيخُ وَالشَّيخَةُ إذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ نَكَالًا مِنَ اللهِ وَالله عَزِيزٌ حَكِيمٌ) وقد رجم النبي - صلى الله عليه وسلم - ورجمنا بعده ... الحديث. وفي آخره: ولولا أني أخشى أن يقول الناس: زاد في كتاب الله؛ لأثبته على حاشية المصحف. ¬
قال المصنف (¬1): وكان ذلك بمشهد من الصحابة فلم ينكر عليه أحد. متفق عليه (¬2) من حديث ابن عباس، عن عمر مطولا، وليس فيه: في حاشية المصحف، وقال: آية الرجم، ولم يذكر الشيخ والشيخة. ورواه البيهقي (¬3) بتمامه، وعزاه للشيخين، ومراده أصل الحديث. وفي رواية للترمذي (¬4): لولا أني أكره أن أزيد في كتاب الله لكتبته في المصحف، فإني قد خشيت أن يجيء قوم فلا يجدونه في كتاب الله فيكفرون به. وفي الباب: [5774]- عن أبي أمامة بنت سهل، عن خالته العجماء، بلفظ: (الشّيخُ والشَّيْخَةُ إذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ لِمَا قَضَيَا مِن اللَّذَّةِ). رواه الحاكم (¬5) والطبراني (¬6). [5775]- وفي "صحيح ابن حبان" (¬7) من حديث أبي بن كعب، أنه قال لزر ابن حبيش: [كم] (¬8) تعدون سورة الأحزاب من آية؟ قال: قلت ثلاثًا وسبعين. ¬
قال: والذي يحلف به كانت سورة الأحزاب توازي (¬1) سورة البقرة، وكان فيها آية الرّجم: (الشّيخُ والشَّيْخَةُ ...) الحديث. * حديث أبي هريرة وزيد بن خالد: أنّ رجلين اختصما إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال أحدهما: يا رسول الله اقض بيننا بكتاب الله ... الحديث. متفق عليه، وقد تقدم في "اللعان". 2385 - قوله: روي أنّ ماعز بن مالك الأسلمي اعترف بالزنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرجمه. وعن بريدة: أن امرأة اعترفت بالزنا فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برجمها. وعن عمران بن حصين مثل ذلك في امرأة من جهينة. انتهى. [5776, 5778]- أما حديث ماعز؛ فأصله في "الصحيحين" من حديث أبي هريرة (¬2) وابن عباس (¬3) وجابر (¬4) ولم يسم. [5779]- ورواه مسلم (¬5) من حديث بريدة فسماه، قال: جاء ماعز بن مالك ¬
إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله طهِّرني ... الحديث وفيه: فأمر به فرجم. وأما حديث بريدة؛ فرواه مسلم (¬1) مطولا. وقد تقدم في "باب السكنى للمعتدة"، واستنكره أبو حاتم (¬2). [5780]- وأما حديث عمران بن حصين؛ فرواه مسلم أيضا (¬3). * قوله: والرجم مما اشتهر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قصة ماعز والغامدية واليهوديين وعلى ذلك جرى الخلفاء بعده فبلغ حد التواتر انتهى. فأما ماعز والغامدية؛ فتقدما. وأما قصة اليهوديين؛ فسيأتي قريبا. وأما عمل الخلفاء؛ فسيأتي عن علي وغيره. 2386 - قوله: ويروى أنّ عليا كرم الله وجهه جلد شراحة الهمدانية ثم رجمها، وقال: جلدتها بكتاب الله ورجمتها بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وروي عن جابر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رجم ماعزًا ولم يجلده ورجم الغامدية ولم يرد أنه جلدها. وحديث عبادة منسوخ بفعله هذا، وما نقل عن علي فعن عمر خلافه. انتهى. ¬
فأما حديث عبادة؛ فتقدم. وأما حديث الغامدية، فتقدم قبله أيضا. [5781]- وأما حديث جابر؛ فهو ابن سمرة، وقد رواه أحمد (¬1) والبيهقي (¬2) عنه بلفظ: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجم ماعز بن مالك، ولم يذكر جلدا. [5782]- وأما قصة علي مع شراحة؛ فرواها أحمد (¬3) والنسائي (¬4) والحاكم (¬5) من حديث الشعبي، عن علي، وأصله في "صحيح البخاري" ولم يسمها. وأما قوله: فعن عمر خلافه، يعني أنّ عليا فعل ذلك مجتهدًا، وأن عمر تركه مجتهدًا فتعارضا؛ ولم أره عن عمر صريحًا، وقد يجوز أن يكون عنى به حديث عمر المتقدم، فإنه لم يذكر فيه إلا الرّجم، وكذا ما أخرجه الطحاوي (¬6) من رواية أبي واقد الليثي: أنّ عمر قال: فإن اعترفت فارجمها. 2387 - [5783]- حديث هند بنت عتبة في البيعة، وفيه: أو تزني الحرة؟ ¬
الحازمي في "الناسخ والمنسوخ" (¬1) من طريق خالد الطحان، عن حصين، عن الشعبي في قصة مبايعة هند بنت عتبة، وفيه: فلما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وَلا يَزْنِينَ". قالت: أو تزني الحرة؟ لقد كنا نستحيي من ذلك في الجاهلية، فكيف في الإِسلام. وهذا مرسل. [5784]- وأسنده أبو يعلى الموصلي (¬2) من طريق أم عمرو المجاشعية، قالت: حدثتني عمّتي، عن جدتي، عن عائشة قالت: جاءت هند بنت عتبة تبايع، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"أُبَايِعُكِ عَلى أن لَا تُشرِكي بالله شَيئًا، وَلا تَسْرِقِي، ولا تَزْنِي"، قالت: أو تزني الحرة؟ قال: "وَلا تَقْتُلِي وَلَدَكِ"، قالت: وهل تركت لنا أولادًا فنقتلهم، قال: فبايعتْه ... الحديث. وفي إسناده مجهولات. [5785]- وروى ابن منده في "معرفة الصحابة" من طريق يعقوب بن محمَّد، عن عبد الله بن محمَّد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: قالت هند لأبي سفيان: إني أريد أن أبايع محمَّدًا، قال: فإن فعلت فاذهبي معك برجل من قومك. قال: فذهبت إلى عثمان فذهب معها فدخلت متنقِّبةً، فقال: "تُبايِعِي عَلى أنْ لا تُشْرِكِي بالله شيئًا وَلا تَسْرِقِي وَلا تَزْنِي"، فقالت: أو هل تزني الحرة؟ قال: "وَلا تَقْتلِي وَلَدَكِ". فقالت: إنّا ربيناهم صغارًا وقتلتَهم كبارًا. قال: "قَتلهم الله يَا هِندُ". فلما فرغ من الآية بايعته، وقالت: يا رسول الله، إنّ أبا سفيان رجل بخيل ولا يعطيني ما يكفيني إلا ما أخذت منه من غير علمه. ¬
قال: "مَا تَقُول يَا أبَا سُفْيَان؟ " فقال أبو سفيان: أمّا يابسًا فلا، وأما رطبًا فأحلّه. قال عروة: فحدثتني (¬1) عائشة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لها: "خُذي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بالْمَعْرُوف". وقال أبو نعيم في "المعرفة" (¬2): أيضًا تفرد به عبد الله بن محمّد بهذا السياق. قلت: وهو ضعيف جدًّا، قال أبو حاتم الرازي (¬3): متروك الحديث. ونسبه ابن حبان (¬4) إلى الوضع. وظاهر (¬5) سياقه أوّلا أن أبا سفيان لم يكن حاضرًا، وفي آخره: أنه كان حاضرًا، فيحمل -إن صحّ- على أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أرسل إليه فجاء فقال ذلك، ويدل على ذلك: [5786]- ما روى الحاكم في "المستدرك" (¬6) من طريق فاطمة بنت عتبة ابن ربيعة أخت هند: أن أبا حذيفة بن عتبة ذهب بها وبأختها هند تبايعان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما اشترط عليهن قالت هند: أو تعلم في نساء قومك من هذه الهنات شيئا؟ فقال لها أبو حذيفة: بايعيه؛ فإنه هكذا يشترط. [5787]- ورواه في تفسير سورة الامتحان (¬7) من حديث فاطمة أيضا، وفيه: ¬
فقالت هند: لا أبايعك على السّرقة؛ إني أسرق من زوجي. فكفّ حتى أرسل إلى أبي سفيان يتحلّل لها منه، فقال أبو سفيان: أمّا الرطب فنعم، وأمّا اليابس فلا ولا نعمة (¬1). قالت: فبايعناه. وساق السهيلي في "الروض" (¬2) هذه القصة على خلاف هذا، فينظر من أين نقله. ثم وجدته في "مغازي الواقدي" وأنه بايعهن وهو على الصّفا، وعمر يكلمهن عنه، والذي في "الصحيح" أصحّ، وليس فيه أن سؤالها عن النفقة كان حال المبايعة، ولا أنّ أبا سفيان كان شاهدًا لذلك منها. وقد احتج به جماعة من الأئمّة على جواز القضاء على الغائب، وفيه نظر؛ لأنه كان حاضرًا في البلد قطعًا، ولكن الخلاف الّذي في الأحاديث: هل شهد القصّة حالةَ المبايعة أو لا؟ والراجح: أنه لم يشهدها. والله سبحانه وتعالى أعلم. 2388 - [5788]- حديث: "لا تُسَافِر المرْأَةُ إلَّا وَمَعَها زَوْجُهَا أَوْ مَحْرَمٌ لَهَا". مسلم (¬3) من حديث ابن عمر بلفظ: "لا تُسَافِر المرْأَةُ يَومَيْنِ مِنَ الدَّهْرِ إلَّا وَمَعَها ذُو مَحْرَمٍ منها أَوْ زَوْجُها". ¬
وفي رواية له (¬1): "لا يَحِلّ لامْرَأةٍ تُؤمن بالله واليومِ الآخرِ أن تُسَافِرَ سَفَرًا يَكُون ثَلاثَةَ أيَّامٍ فَصاعِدًا إلَّا وَمَعَها أبُوها أو أَخُوها أَو ابْنُهَا أو زَوْجُها أو ذُو مَحْرَمٍ منها". وهو من المتّفَق عليه بألفاظ أخرى من: [5789, 5791]- حديث أبي سعيد (¬2)، وابن عمر (¬3) أيضا، وأبي هريرة (¬4). 2389 - [5792]- حديث: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجم يهوديين زنيا، وكانا قد أحصنا. أبو داود (¬5) من حديث ابن إسحاق، عن الزهري، عن رجل من مزينة سمعه يحدث سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة قال: زنى رجل وامرأة من اليهود وقد أحصنا، حين قدم عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة، وقد كان الرجم مكتوبا عليهم ... فذكر باقي الحديث. [5793]- ورواه الحاكم (¬6) من حديث ابن عباس: أُتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيهوديٍّ ويهوديّة قد أحصنا، وسألوه أن يحكم فيما بينهم، فحكم عليهما بالرجم. ¬
فائدة
[5794]- ورواه البيهقي (¬1) من حديث عبد الله بن الحارث [الزبيدي] (¬2): أنّ اليهود أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيهودي ويهودية زنيا، قد أحصنا، فأمر بهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرجما. قال عبد الله: فكنت فيمن رجمهما (¬3). وإسناده ضعيف. [5795]- وأصل قصة اليهوديين في الزنا والرجم دون ذكر الإحصان في "الصحيحين" (¬4) من حديث ابن عمر. فائدة تمسك الحنفية في أن الإِسلام شرط في الإحصان بـ: [5796]- حديث روي عن ابن عمر مرفوعًا وموقوفًا: "مَن أَشْرَكَ بالله فَلَيْسَ بِمُحْصِنٍ". ورجح الدارقطني (¬5) وغيره الوقف. وأخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" على الوجهين. ومنهم من أول الإحصان في هذا الحديث بإحصان القذف. ¬
2390 - [5797]- حديث: "مَن وَجَدْتُمُوه يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ". أحمد (¬1) وأبو داود (¬2) واللفظ له، والترمذي (¬3) وابن ماجه (¬4) والحاكم (¬5) والبيهقي (¬6) من حديث عكرمة، عن ابن عباس، واستنكره النّسائي (¬7). [5798]- ورواه ابن ماجه (¬8) والحاكم (¬9) من حديث أبي هريرة. وإسناده أضعف من الأول بكثير. وقال ابن الطّلاع في "أحكامه": لم يثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه رجم في اللّواط، ولا أنه حكم فيه، وثبت عنه أنه قال: "اقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ"، رواه عنه ابن عباس وأبو هريرة. وفي حديث أبي هريرة: "أحْصَنَا أم لَمْ يُحْصِنَا". كذا قال! وحديث أبي هريرة لا يصح، وقد أخرجه البزار من طريق عاصم بن عمر العمري، عن سهيل، عن أبيه، عنه. وعاصم متروك. ¬
وقد رواه ابن ماجه (¬1) من طريقه بلفظ: "فَارجُمُوا الأَعْلَى وَالأَسْفَلَ". وحديث ابن عباس مختلف في ثبوته كما تقدم. 2391 - [5799]- قوله: روي أنّه - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذَا أَتَى الرّجُلُ الرّجُلَ فَهُمَا زَانِيَانِ". البيهقي (¬2) من حديث أبي موسى، وفيه محمَّد بن عبد الرحمن القشيري، كذبه أبو حاتم (¬3) ورواه أبو الفتح الأزدي في "الضعفاء" والطبراني في "الكبير" من وجه آخر، عن أبي موسى، وفيه بشر بن الفضل البجلي، وهو مجهول. وقد أخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده" (¬4) عنه. 2392 - [5800]- حديث ابن عباس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن أَتَى بَهِيمَةً فَاقْتُلُوه وَاقْتُلُوا الْبهِيمَةَ". قيل لابن عباس: فما شأن البهيمة؟ قال: ما أُراه قال ذاك إلا أنه كره أن يؤكل لحمها وقد عمل بها ذلك العمل. ويروى أنه قال في الجواب: إنها تُرى فيقال: هذه التي فعل بها ما فعل. وفي إسناد هذا الحديث كلام. ¬
أحمد (¬1) وأصحاب "السنن" (¬2) من حديث عمرو بن أبي عمرو وغيره، عن عكرمة، عن ابن عباس باللفظ الأوّل. وأما الرّواية الأخرى؛ فهي عند البيهقي (¬3) بلفظ: "مَلعونٌ مَن وَقَع عَلى بَهِيمَةٍ" وقال: "اقْتُلُوه وَاقْتُلُوهَا، لا يُقال: هذه الّتى فُعل بها كَذا وكذا". قال أبو داود (¬4): وفي رواية عاصم عن أبي رزين عن ابن عباس: "لَيس عَلَى الذّي يَأتِي الْبَهيمَةِ حَدٌّ". فهذا يضعف حديث عمرو بن أبي عمرو. وقال الترمذي: حديث عاصم أصح. ولما رواه الشافعي في "كتاب اختلاف علي وعبد الله" من جهة عمرو بن أبي عمرو قال: إن صح قلتُ به. ومال البيهقي (¬5) إلى تصحيحه؛ لما عَضَد طريقَ عمرو بن أبي عمرو. وعنده (¬6) من رواية عباد بن منصور، عن عكرمة. [5801]- وكذا أخرجه عبد الرزاق (¬7) عن إبراهيم بن محمَّد، عن داود بن الحصين، عن عكرمة. ويقال: إن أحاديث عباد بن منصور عن عكرمة إنما سمعها من إبراهيم بن أبي يحيى، عن داود، عن عكرمة، فكان يدلسها بإسقاط ¬
رجلين، وإبراهيم ضعيف عندهم، وإن كان الشافعي يقوّي أمره. والله أعلم. 2393 - [5802]- حديث أبي هريرة: "مَن وَقع عَلَى بَهيمةٍ فَاقتلُوه وَاقتلُوا الْبهيمَةَ". وفي إسناده كلام (¬1). أبو يعلى الموصلي (¬2): حدثنا عبد الغفار بن عبد الله بن الزبير، عن علي بن مسهر، عن محمَّد بن عمرو، عن أبي سلمة، عنه، بهذا. ورواه ابن عدي (¬3) عن أبي يعلى، ثم قال: قال لنا أبو يعلى: بلغنا أنّ عبد الغفار رجع عنه. وذكر ابن عدي أنّهم كانوا لقنوه (¬4). * قوله: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ذبح الحيوان إلا لمأكله. تقدم في كتاب "الغصب". 2394 - [5803]- حديث: "ادْرَءُوا الحدُودَ بالشّبُهَات". الترمذي (¬5) والحاكم (¬6) والبيهقي (¬7) من طريق الزهري، عن عروة، عن ¬
عائشة، بلفظ: "ادرَءُوا الحدُودَ عَن المسْلِمِينَ مَا اسْتَطَعْتُم، فإن كَان لَهُ مَخرَجٌ فَخَلّوا سَبِيلَه، فإنَّ الإمامَ أَنْ يُخطِيءَ في الْعَفْوِ خَيرٌ مِن أن يُخطِيءَ في الْعُقوبَة". وفي إسناده يزيد بن زياد الدمشقي وهو ضعيف، قال فيه البخاري (¬1): منكر الحديث. وقال النسائي (¬2): متروك. ورواه وكيع عنه موقوفا، وهو أصح. قاله الترمذي (¬3). قال: وقد روي عن غير واحد من الصحابة أنهم قالوا ذلك. وقال البيهقي في "السنن" (¬4): رواية وكيع أقرب إلى الصواب. قال: ورواه رشدين عن عقيل، عن الزهري. ورشدين ضعيف أيضا. [5804]- ورويناه عن علي مرفوعًا: "ادْرَءُوا الْحُدودَ وَلا يَنْبغِي للإمَامِ أن يُعَطِّلَ الْحُدودَ". وفيه المختار بن نافع، وهو منكر الحديث قاله البخاري (¬5). قال: وأصح ما فيه: [5805]- حديث سفيان الثوري، عن عاصم، عن أبي وائل، عن عبد الله بن مسعود قال: "ادْرَءوا الْحُدودَ بالشُّبُهاتِ، ادفعوا الْقَتْلَ عَن ¬
الْمُسْلِمِين مَا اسْتَطَعْتُم". وروي عن عقبة بن عامر ومعاذ أيضا، موقوفا. وروي منقطعًا وموقوفًا على عمر. قلت: ورواه أبو محمَّد بن حزم في "كتاب الإيصال" من حديث عمر موقوفا عليه بإسناد صحيح. [5806]- وفي ابن أبي شيبة (¬1) من طريق إبراهيم النخعي، عن عمر: لأن أخطيء في الحدود بالشّبهات أحبّ إلي من أن أقيمها بالشبهات. [5807]- وفي "مسند أبي حنيفة" للحارثي (¬2) من طريق مقسم، عن ابن عباس بلفظ الأصل مرفوعًا. * حديث: "رُفع عَن أمّتي الخطأُ والنِّسيان ... ". الحديث. تقدم في "الصيام" وغيره. 2395 - [5808]- حديث أبي هريرة: جاء ماعز بن مالك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله إني قد زنيت، فأعرض عنه ... الحديث. الترمذي (¬3) بتمامه دون قوله: فقال: "أَحْصَنْتَ؟ "، وهو في ¬
"الصحيحين" (¬1) بغير تسميةٍ، وفي رواية (¬2): رجلٌ من أسلم، وفيها قوله: قال: "هَلْ أَحْصَنْتَ؟ " إلا أنّه ليس عندهما قوله: فانطلقوا، فلما مسته الحجارة أدبر يشتدّ ... إلى آخره. [5809]- نعم هذا اتفقا عليه من حديث جابر. وروى أحمد (¬3) هذا الحديث بتمامه من حديث جابر. * قوله: والإقرار مرّةً واحدةً كافٍ بدليل ما روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لأنيس: "اغْدُ عَلى امْرَأَةِ هَذا فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا". تقدم في قصة العسيف. 2396 - [5810]- حديث: "مَن أَتى مِن هَذِه القَاذُورَات شَيئًا فَليَسْتَتِر بِسِتْرِ الله، فإنَّ مَن أَبدى لَنا صَفْحَتَهُ أَقَمْنَا عَليه الحَدَّ". وفي رواية: "حَدّ الله". مالك في "الموطأ" (¬4) عن زيد بن أسلم: أن رجلا اعترف على نفسه بالزنا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فدعا له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسوط ... الحديث. وفيه: ثمّ قال: "أَيّها النَّاس قَد آنَ لَكُم أَن تَنْتَهوا عَنْ حُدُود الله، فَمن أَصَاب ¬
تنبيه
مِنْ هَذِه القَاذوراتِ ... " فذكره. وفي آخره: "نُقِمْ عَليه كِتَابَ الله". ورواه الشافعي (¬1) عن مالك، وقال: هو منقطع. وقال ابن عبد البر (¬2): لا أعلم (¬3) هذا الحديث أسند بوجه من الوجوه. انتهى. ومراده بذلك: من حديث مالك، وإلا: [5811]- فقد روى الحاكم في "المستدرك" (¬4) عن الأصم عن الرّبيع، عن أسد بن موسى، عن أنس بن عياض، عن يحيى بن سعيد، وعبد الله بن دينار، عن ابن عمر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال بعد رجمه الأسلمي: فقال: "اجْتَنِبُوا هَذِه القَاذُورَات ... " الحديث. ورويناه في "جزء هلال الحفار" عن الحسين بن يحيى القطّان، عن حفص بن عمرو الربالي، عن عبد الوهاب الثقفي، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، به، إلى قوله: "فَلْيَستَتِرْ بِسِتْر الله". وصححه ابن السكن، وذكره الدارقطني في "العلل" وقال: روي عن عبد الله بن دينار مسندا ومرسلا، والمرسل أشبه. تنبيه لما ذكر إمام الحرمين هذا الحديث في "النهاية" قال: إنه صحيح متفق على صحّته. ¬
وتعقبه ابن الصلاح فقال: هذا مما يتعجب منه العارف بالحديث، وله أشباه بذلك كثيرة (¬1)، أوقعه فيها اطراحه صناعة الحديث التي يفتقر إليها كل فقيه وعالم. 2397 - [5812]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال في قصّة ماعز: "لَعَلَّك قَبَّلْتَ، لَعلَّكَ لَمَسْتَ". البخاري (¬2) من حديث ابن عباس بلفظ: "لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ أَوْ غَمَزْتَ أَوْ نَظَرْتَ؟ ". قال: لا، قال: "أَنَكْتَهَا؟ " -لا يكنى (¬3) - قال: نَعَم. ورواه الحاكم (¬4) من وجه آخر، عن ابن عباس بلفظ: "لَعلك قَبَّلتَها؟ " قال: لا. قال: "لعلَّكَ مَسَسْتَهَا"، قال: لا. قال: "فَفَعَلْتَ بِهَا كَذَا وَكَذَا؟ " -ولم يَكْنِ (¬5) - قال: نعم. * قوله: وجاء في رواية في قصة ماعز: "فَهَلَّا تَرَكتُمُوه". تقدم من حديث جابر. 2398 - [5813]- قوله: وروي: "هَلَّا رَدَدتُمُوه إلَيَّ لَعَلَّهُ يَتُوبُ". ¬
أبو داود (¬1) من حديث يزيد بن نعيم بن هزال عن أبيه، قال: كان ماعز بن مالك يتيمًا في حجر أبي فأصاب جارية من الحيّ فقال له أبي: ائْتِ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بما صنعت لعله يستغفر لك ... فذكر الحديث. وفيه: فلما رجم فوجد مسّ الحجارة جزع فخرج يشتدّ، فلقيه عبد الله بن أُنيس فنزع له بوظيف، فرماه به فقتله، ثم أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له فقال: "هَلّا تَرَكْتُمُوه، لَعَله يَتُوب فَيَتُوبُ الله عَلَيْه". وإسناده حسن. 2399 - قوله: وحد الأحرار إلى الإِمام. قلت: [5814]- فيه أثر؛ أخرجه ابن أبي شيبة (¬2) من طريق عبد الله بن محيريز، قال: الجمعة والحدود والزكاة والفيء إلى السّلطان. * حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر برجم ماعز والغامدية، ولم يحضر. هو كما قال في ماعز؛ لم يقع في طرق الحديث أنه حضر بل في بعض الطرق ما يدل على أنه لم يحضر، وقد جزم بذلك الشافعي. وأمّا الغامدية؛ ففي "سنن أبي داود" (¬3) أو غيره ما يدل على ذلك. 2400 - [5815]- حديث أبي سعيد في قصة ماعز: أمرنا رسول الله ¬
تنبيه
- صلى الله عليه وسلم - برجمه، فانطلقنا به إلى أن وصلنا إلى بقيع الغرقد، مما أوثقناه ولا حفرنا له، ورميناه بالعظام والمدر والخزف، ثم اشتدّ (¬1) واشتددنا إليه إلى عرض الحرّة فانتصب لنا فرميناه بجلاميد الحرة حتى سكن. مسلم (¬2) من حديث أبي سعيد. 2401 - [5816]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - حفر للغامدية. مسلم من حديث (¬3) بريدة (¬4) بلفظ: ثم أمر بها فَحُفِر لها إلى صدرها وأمر الناس فرجموها. تنبيه ثبوت زنا الغامدية كان بإقرارها، والأصحاب يفرقون، فيلزمهم الجواب. * قوله: وروي أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يحفر للجُهنيّة. هو ظاهر الحديث كما سلف عن عمران بن حصين، لكنه استدلال بعدم الذّكر ولا يلزم منه عدم الوقوع. ¬
2402 - [5817]- حديث أبي أمامة بن سهل بن حنيف: أن رجلا مقعَدًا زنى بامرأة، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يجلد بأثكال النخل. ويروى: أنه أمر أن يأخذوا مائة شمراخ فيضربوه بها ضربةً واحدةً. الشافعي (¬1) عن سفيان، عن يحيى بن سعيد، وأبي الزناد كلاهما عن أبي أمامة. ورواه البيهقي (¬2) وقال: هذا هو المحفوظ عن أبي أمامة مرسلا. ورواه أحمد (¬3) وابن ماجه (¬4) من حديث أبي الزناد، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن سعيد بن سعد بن عبادة قال: كان بين أبياتنا رجل مخدج ضعيف فلم يُرَعْ إلا وهو على أمة من إماء الدار يخبث بها، فرفع شأنه سعد بن عبادة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "اجْلُدوه مِائَةَ سَوْطٍ"، فقال: يا نبي الله هو أضعف من ذاك، لو ضربناه مائة سوط لمات، قال: "فَخُذوا لَه عِثْكَالًا فيه مِائة شِمْرَاخ فَاضْرِبُوه واحدةً وخلُّوا سبيلَه". ورواه الدارقطني (¬5) من حديث فليح، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، وقال: وهم فيه فليح، والصواب: عن أبي حازم، عن أبي أمامة بن سهل. ¬
ورواه أبو داود (¬1) من حديث الزهري، عن أبي أمامة، عن رجل من الأنصار. ورواه النسائي (¬2) من حديث أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن أبيه. ورواه الطبراني (¬3) من حديث أبي أمامة بن سهل عن أبي سعيد الخدري. فإن كانت الطرق كلها محفوظة فيكون أبو أمامة قد حمله عن جماعة من الصحابة وأرسله مرة. 2403 - [5818]- حديث: روي أنّه - صلى الله عليه وسلم - قال: "أَقيمُوا الْحُدودَ عَلى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ". أبو داود (¬4) والنسائي (¬5) والبيهقي (¬6) من حديث علي، وأصله في مسلم (¬7) موقوف من لفظ علي في حديث، وغفل الحاكم (¬8) فاستدركه. 2404 - [5819]- حديث أبي هريرة: "إذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا فَلْيَجْلِدْهَا ... " الحديث. ¬
فائدة
متفق عليه (¬1). 2405 - [5820]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر بالغامديّة فرجمت، وصلى عليها ودفنت. مسلم (¬2) من حديث بريدة في قصتها، وفيه: ثم أمر بها فصلى عليها ودفنت. فائدة قال القاضي عياض (¬3) قوله: "فصَلّى عليها" -هو بفتح الصاد والسلام عند جمهور رواة مسلم، ولكن في رواية ابن أبي شيبة (¬4) وأبي داود (¬5): فَصُلِّي. بضم الصّاد على البناء للمجهول، ويؤيده رواية أبي داود (¬6) الأخرى: ثُمّ أمرهم فصلوا عليها. 2406 - [5821]- حديث الصلاة على الجهنية. رواه مسلم (¬7) من حديث عمران بن حصين، وفيه: فقال عمر: [أتصلي] (¬8) ¬
تنبيه
عليها؟ فقال: "لَقد تَابتْ تَوبةً لَو قُسِمَتْ بَيْن سَبْعِينَ مِن أَهْلِ الذَّنْبِ لَوَسعَتْهُم". تنبيه كلام الرّافعي يعطي أنه - صلى الله عليه وسلم - صلّى على الغامدية وأمر بالصلاة على الجهنية، والذي في مسلم كما ترى أنّه صلى على الجهنيّة (¬1)، وأمّا الغامديّة فمحتملة. 2407 - قوله: ورد الخبر بنفي المخنّثين. [5822]- البخاري (¬2) عن ابن عباس: لعن النبي - صلى الله عليه وسلم - المخنثين من الرّجال والمترجلات من النساء، وقال: "أَخْرِجُوهنَّ مِن بُيُوتِكُمْ" قال: فأخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - فلانًا وأخرج فلانةً. ورواه البيهقي (¬3) وزاد: وأخرج عمر مخنّثًا. وفي رواية له (¬4): وأخرج أبو بكر آخر. [5823]- ولأبي داود عن أبي هريرة: أتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمخنث قد خضب يديه ورجليه بالحناء فقال: "مَا بَالُ هَذَا؟ " فقيل: يا رسول الله يتشبه بالنساء. فأمر به فنفي إلى النّقيع ... الحديث. [5824]- وروى البيهقي (¬5) من حديث محمّد بن إسحاق بسنده: كان ¬
تنبيه
المخنثون على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة: ماتع، وهدم، وهيت، وكان ماتع لفاختة بنت عمرو بن عائد، فمنعه النبي - صلى الله عليه وسلم - من الدخول على نسائه، ومن الدخول إلى المدينة، ثم أذن له في يوم من الجمعة يسأل ثم يذهب، ونفى معه صاحبه هدم والآخر هيت. تنبيه هيت: بكسر الهاء بعدها ياء مثناة من أسفل وآخره تاء مثناة من فوق، وقيل صوابه: بنون وباء موحدة، قاله ابن درستويه. وقال: إن ما سواه تصحيف. [5825]- وروى الطبراني (¬1) من حديث واثلة بن الأسقع في حديث فيه: وأخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - الخُنيث وأخرج فلانًا. الآثار: 2408 - [5826]- حديث: أنّ أمَة لابن عمر زنت فجلدها وغربها إلى فدك. ابن المنذر في "الأوسط" (¬2) عن ابن عمر: أنه حدّ مملوكة له في الزنا، ونفاها إلى فدك. 2409 - [5827]- قوله: سئل عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن الأمة هل تحصن الحر، قال: نعم. قيل: عمّن؟ قال: ¬
أدركنا أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقولون ذلك. البيهقي (¬1) من طريق ابن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب: أنه سمع عبد الملك يسأل عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ... فذكر مثله. قال البيهقي (¬2): وبلغني عن محمد بن يحيى أنه قال: وجدت عن الأوزاعي مثل ما قال يونس. ورواه البيهقي (¬3) من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، قال: سأل عبد الملك بن مروان عبد الله بن عتبة عن الأمة ... فذكره. 2410 - [5828]- حديث: أنّ عمر غَرّب إلى الشام. قال سعيد بن منصور: حدثنا هشيم، حدثنا أبو سنان والأحلج، عن عبد الله ابن أبي الهذيل: أن عمر بن الخطاب أتي برجل شرب الخمر في رمضان، فأمر به فضرب ثمانين سوطًا، ثم سيره إلى الشّام. وعلّق البخاري (¬4) طرفًا منه. ورواه البغوي في "الجعديات" (¬5) وزاد: وكان إذا غضب على رجل سَيّره إلى الشام. ¬
[5829]- وروى البيهقي (¬1) عن عمر: أنه كان ينفي إلى البصرة. قلت: وروى عبد الرزاق (¬2) عن معمر، عن أيوب، عن نافع: أن عمر نفى إلى فدك. [5830]- وروى النسائي (¬3) والترمذي (¬4) والحاكم (¬5) والدارقطني (¬6) من حديث ابن عمر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ضرب وغَرّب، وأن أبا بكر ضرب وغرّب، وأن عمر ضرب وغرّب. وصححه ابن القطّان (¬7) ورجّح الدارقطني (¬8) وقفه. 2411 - [5831]- حديث: أنّ عثمان (¬9) غرَّب إلى مصر. لم أجده. [5832]- وروى ابن أبي شيبة (¬10) بإسناد فيه مجهول: أنّ عثمان جلد امرأة في زنا ثمّ أرسل بها إلى خيبر فنفاها. ¬
2412 - [5833]- حديث: أنّ عليًّا قال: يرجم اللّوطي. البيهقي (¬1) من طرق مِنْ فِعْله أنّه رجم لوطيًّا. 2413 - [5834]- حديث: أنّ رجلا قال: إني زنيت البارحة، فسئل فقال: ما علمنا أن الله حرّمه، فكُتب بذلك إلى عمر، فكتب عمر رضي الله عنه: إن كان علم أنّ الله حرّمه فَحُدّوه، فإن لم يعلم فأعلموه، فإن عاد فارجموه .. البيهقي (¬2) من رواية بكر بن عبد الله عن عمر: أنه كتب إليه في رجل قيل له: متى عهدك بالنساء؟ فقال: البارحة. قيل: بمن؟ قال: بأم مثواي. يعني ربة منزلي، فقيل له: قد هلكت، قال: ما علمت أن الله حرم الزنا، فكتب عمر أن يستحلف، ثم يُخْلَى سبيلُه. [5835]- وروينا في "فوائد عبد الوهاب بن عبد الرحيم الجوبري". قال: أخبرنا سفيان، عن عمرو بن دينار: أنه سمع سعيد بن المسيب يقول: ذكر الزنا بالشام فقال رجل: قد زنيت البارحة، فقالوا: ما تقول؟ فقال: أو حَرَّمه الله؟ ما علمت أن الله حرمه فَكُتب إلى عمر فقال: إن كان علم أنّ الله حرّمه فَحُدّوه، وإن لم يكن علم فعلِّموه، فإن عاد فَحُدّوه. ¬
وهكذا أخرجه عبد الرزاق (¬1) عن ابن عيينة. وأخرجه أيضا (¬2) عن معمر، عن عمرو بن دينار وزاد: إنّ الذي كتب إلى عمر بذلك هو أبو عبيدة بن الجراح. وفي رواية له: أن عثمان هو الذي أشار بذلك على عمر رضي الله عنهما. [5836]- وروى البيهقي (¬3) من طريق يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب قصة لعمر وعثمان في جارية زنت وهي أعجمية، وادّعت أنّها لم تعلم تحريمه. * قوله: حكي عن عطاء بن أبي رباح: أنه أباح وطأ الجارية المرهونة. تقدم في "كتاب الرهن". 2414 - [5837]- حديث: أن ابن عمر قطع عبدًا له سرق. الشافعي (¬4) عن مالك، عن نافع: أن عبدا لابن عمر سرق وهو آبق، فأرسل به عبد الله إلى سعيد بن العاص وهو أمير المدينة ليقطع يده، فأبى سعيد أن يقطع يده، وقال: لا تقطع يد العبد إذا سرق، فقال له ابن عمر: في أيّ كتاب وجدت هذا؟ فأمر به ابن عمر فقطعت يده. ورواه عبد الرزاق في "مصنفه" (¬5) عن معمر، عن أيوب، عن نافع: ¬
أن ابن عمر، قطع يد غلام له سرق، وجلد عبدا له زنى من غير أن يرفعهما إلى الوالي. [5838]- ورواه من وجه آخر (¬1)، وفيه قصة لعائشة. ورواه سعيد بن منصور (¬2) عن هشيم عن ابن أبي ليلى عن نافع نحوه. 2415 - [5839]- حديث: أن عائشة قطعت أمة لها سرقت. مالك في "الموطأ" (¬3) والشافعي (¬4) عنه، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عمرة، قالت: خرجت عائشة إلى مكّة ومعها غلام لبني عبد الله بن أبي بكر الصّديق، فذكر قصّة فيها أنّه سرق واعترف، فأمرت به عائشة فقطعت يده. 2416 - [5840]- حديث: أنّ حفصة قتلت أمة لها سحرتها. مالك في "الموطأ" (¬5) عن محمد بن عبد الرَّحمن بن سعد بن زُرارة أنّه (¬6) بلغه: أنّ حفصة قتلت جارية لها سحرتها، وكانت قد دبّرتها. ورواه عبد الرزاق من وجه آخر (¬7) وفيه: فأمرت بها عبد الرحمن بن زيد بن ¬
الخطاب فقتلها، فأنكر ذلك عثمان بن عفان فقال له ابن عمر: ما تنكر على أمّ المؤمنين امرأة سحرت واعترفت. 2417 - [5841]- حديث: أن فاطمة جلدت أمة لها زنت. الشافعي (¬1) وعبد الرزاق (¬2) عن سفيان، عن عمرو بن دينار، عن الحسن بن محمَّد بن علي: أن فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جلدت (¬3) جاريةً لها زنت. [5842]- ورواه ابن وهب، عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار: أنّ فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت تجلد وليدتها خمسين إذا زنت. **** ¬
(63) كتاب حد القذف
(63) كِتَابُ حدِّ القَذْفِ
2418 - [5843]- حديثث أبي هريرة: "اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الموبِقَاتِ ... ". الحديث. وفيه: "وَقَذْفُ المحصَنَاتِ الغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ". متفق عليه (¬1) من طريق أبي الغيث عنه. 2419 - [5844]- حديث: يروى أنه قال - صلى الله عليه وسلم -: "مَن أَقَام الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، وَاجْتَنَبَ الكَبَائِرَ السَّبْعَ، نُودِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِيَدْخُلَ مِن أيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شَاءَ"، وذكر من السّبع: قذف المحصنات. الطبراني (¬2) من طريق عبيد بن عمير الليثي، عن أبيه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع: "إن أَوْلِياءَ الله الْمُصَلُّون، وَمن يُقِيم الصَّلَواتِ الْخَمْسَ الَّتِي كَتَبهُنَّ الله عَلَى عِبَادِهِ، ويَجتَنِبُ الكَبَائِرَ الَّتي نَهَى الله عنْها"، فقال رجل من أصحابه: وكم الكبائر يا رسول الله؟ قال: "هُن سَبعٌ؛ أَعظَمُهُنَّ الإشْرَاكُ بالله، وَقَتْلُ الْمُؤْمِنِ بِغير حَقٍّ، والْفِرَارُ مِن الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ، وَالسِّحْرُ، وأكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَأكْلُ الرِّبَا، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ، وَاسْتِحْلَالُ الْبَيْتِ الْحَرَامِ، لا يَمُوتُ رَجُلٌ لَم يَعْمَلْ هَؤلاءِ الْكَبَائِرَ، ويُقِيمُ الصلاة ويُؤتِي الزكاةَ إلَّا رَافَقَ مُحَمَّدًا في بَحْبُوحَةِ جَنَّةٍ أَبْوابُهَا مَصارِيعُ الذَّهَبِ". ¬
وفي إسناده العباس بن الفضل الأزرق، وهو ضعيف. [5845]- وروى النسائي (¬1) أصلَه من حديث أبي أيوب بلفظ: "مَن جَاءَ يَعْبُد الله لَا يُشْرِك بِهِ شَيْئًا، وَيُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَيُؤتِي الزَّكَاةَ، وَيَجتَنِبُ الْكَبائِرَ كانَ لَهُ الْجَنَّة، فَسَألُوهُ عَنِ الْكَبَائِرِ؟ فقال: الإشْرَاكُ بِالله، وَقَتْلُ النفْسِ المسْلِمَةِ، وَالْفِرَارُ يَوْمَ الزحْفِ". [5846]- وله (¬2) ولابن حبان (¬3) والحاكم (¬4) من طريق صهيب مولى العتواريين: أنه سمع أبا هريرة وأبا سعيد يقولان: خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "مَا مِنْ عَبدٍ يُصلِّي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، وَيَصُومُ رمضانَ، ويُخرِج الزَّكَاةَ، ويَجْتَنِبُ الْكَبائِرَ السَّبْعَ إلَّا فُتِحتْ لَهُ أَبْوابُ الْجَنَّةِ". [5847]- وأخرجه ابن مردويه من طريق المطلب بن عبد الله بن حنطب، عن عبد الله بن عمرو قال: صعد النبي - صلى الله عليه وسلم - المنبر فقال: "مَن صَلَّى الصَّلَواتِ الْخَمْسَ، وَاجْتَنَبَ الكَبائِرَ السَّبْعَ نُودِيَ مِنْ أَبْوَابِ الجنَّةِ .... " الحديث. 2420 - [5848]- حديث عبد الله بن عامر بن ربيعة: أدركت أبا بكر وعمر وعثمان ومن بعدهم من الخلفاء، فلم أرهم يضربون المملوك إذا قَذف إلَّا أربعين (¬5) سوطًا. ¬
مالك في "الموطأ" (¬1) بهذا إلا أنّه ليس فيه ذكر أبي بكر. ورواه البيهقي (¬2) من وجه آخر كما قال المصنف. 2421 - [5849]- قوله: روي أنه شهد عند عمر على المغيرة بن شعبة بالزّنى: أبو بكرة ونافعٌ ونُفيعٌ، ولم يصرِّح به زياد، وكان رابعَهم فجلد عمر الثلاثة، وكان من الصحابة، ولم ينكر عليه أحد. الحاكم في "المستدرك" (¬3) والبيهقي (¬4) وأبو نعيم في "المعرفة" (¬5) وأبو موسى في "الذيل" من طرق. وعلّق البخاري (¬6) طرفا منه، وجميع الروايات متفقة على أنهم: أبو بكرة، ونافع، وشبل بن معبد. وقول المصنف: (نفيع) بدل (شبل) وَهمٌ، فنفيع اسم أبي بكرة لم يختلف في ذلك أصحاب الحديث. وأفاد الواقدي: أن ذلك كان سنة سبع عشرة، وكان المغيرة أميرًا يومئذ على ¬
البصرة فعزله عمر، وولى أبا موسى. وأفاد البلاذري (¬1). (¬2): أن المرأة التي رمي بها أمّ جميل بنت محجن بن الأفقم الهلاليّة. وقيل: إن المغيرة كان تزوّج بها سرًّا، وكان عمر لا يجيز نكاح السرّ ويوجب الحد على فاعله، فلهذا سكت المغيرة، وهذا لم أره منقولًا بإسنادٍ وإن صح كان عذرًا حسنًا لهذا الصَّحَابي. 2422 - [5850]- قوله: إن عمر عرّض لزياد بالتوقّف في الشّهادة على المغيرة قال: أرى وجه رجل لا يفضح رجلًا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. روي ذلك في هذه القصة من طرق بمعناه، منها: رواية البلاذري عن وهب بن بقية عن يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد. ومنها: [5851]- رواية عبد الرزاق (¬3) عن الثوري، عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي، قال: شهد أبو بكرة، وشبل بن معبد، ونافع على المغيرة، أنهم: نظروا إليه كما ينظرون إلى المرود في المكحلة، ونكل زياد، فقال ¬
عمر: هذا رجل لا يشهد إلا بحقٍّ، ثم جلدهم الحد. ومنها: [5852]- رواية أبي أسامة، عن عوف، عن قسامة بن زهير في هذه القصة، فقال عمر: إني لأرى رجلًا لا يشهد إلا بحقٍّ، فقال زياد: أما الزنا فلا. أخرجه البيهقي (¬1). **** ¬
(64) كتاب حد السرقة
(64) كتاب حد السرقة
2423 - [5853]- حديث عائشة: "تُقْطَعُ الْيَدُ في رُبُعِ دِينارٍ فَصاعِدًا". ويروى: "لا تُقْطَعُ الْيَدُ إلَّا في رُبُع دِينارٍ". متفق عليه (¬1) باللفظين معًا. وفي لفظ (¬2): لم تقطع يد السارق على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أدنى من ثمن المجنّ. وفي لفظ لمسلم (¬3): "لا تُقْطَعُ الْيَدُ إلَّا في رُبُعِ دِينَارٍ فَمَا فَوْقَه". 2424 - [5854]- حديث: أنّ صفوان بن أمية نام في المسجد فتوسّد رداءه، فجاء سارق فأخذه من تحت رأسه، فأخذ صفوان السارق، وجاء به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمر بقطع يده. فقال صفوان: إني لم أرد هذا، وهو عليه صدقة، فقال: "هَلَّا كَانَ قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِه". مالك (¬4) والشافعي (¬5) واللفظ له، وأصحاب "السنن" (¬6) ¬
والحاكم (¬1) من طرق، منها: عن طاوس، عن صفوان، ورجحها ابن عبد البر (¬2) وقال: إن سماع طاوس من صفوان (¬3) ممكن؛ لأنه أدرك زمن عثمان. وقال البيهقي: روي عن طاوس، عن ابن عباس وليس بصحيح. ورواه مالك (¬4) عن الزهري، عن عبد الله بن صفوان، عن أبيه: أنه طاف بالبيت وصلّى، ثم لفّ رداءً له من برد، فوضعه تحت رأسه فنام، فأتاه لص فاستلّه من تحت رأسه، فأخذه ... فذكر الحديث. أخرجه ابن ماجه (¬5). [5855]- وله شاهد في الدارقطني (¬6) من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه, عن جده. وسنده ضعيف. 2425 - [5856]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - سئل عن التمر المعلّق فقال: "مَن سَرَقَ مِنْه شيئًا بَعْدَ أَنْ يَأْوِيَهُ الْجَرِينُ فَبَلَغ ثَمَن الْمِجَنِّ فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ". ¬
أبو داود (¬1) والنسائي (¬2) وابن ماجه (¬3) والحاكم (¬4) من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن التّمر المعلَّق ... فذكره أتم منه. 2426 - [5857]- قوله: وكان ثمن المجنّ عندهم ربع دينار أو ثلاثة دراهم. متفق عليه من حديث ابن عمر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قطع في مجن قيمته ربع دينار (¬5). وفي رواية (¬6): ثمنه ثلاثة دراهم. 2427 - [5858]- حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا قَطْعَ في ثمرٍ وَلا كثَرٍ". ¬
تنبيه
مالك (¬1) وأحمد (¬2) وأصحاب "السنن" (¬3) وابن حبان (¬4) والحاكم (¬5) والبيهقي (¬6) من حديث رافع بن خديج، واختلف في وصله وإرساله، وقال الطحاوي (¬7): هذا الحديث تلّقت العلماء متنه بالقبول. [5859]- ورواه أحمد (¬8) وابن ماجه (¬9) من حديث أبي هريرة، وفيه سعد بن سعيد المقبري (¬10) وهو ضعيف. تنبيه الكثير بفتح الكاف والثاء المثلثة: الجمار، كما وقع في رواية النّسائي (¬11). ¬
* حديث عبد الله بن عمرو. "لا قَطْعَ في تَمْرٍ مُعَلَّقٍ ... ". الحديث. تقدم قريبا. [5860]- ولابن أبي شيبة (¬1) وفي "الموطأ" (¬2) عن عبد الله ابن عبد الرحمن بن أبي حسين: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لَا قَطْعَ في تَمْرٍ مُعَلَّقٍ، وَلَا في حَرِيسَة جَبَلٍ". وهو معضل. 2428 - [5861]- حديث البراء بن عازب: "مَن نَبَّشَ قَطَّعْنَاهُ". البيهقي في "المعرفة" (¬3) من حديث بشر بن حازم، عن عمران بن يزيد بن البراء، عن أبيه، عن جده في حديث ذكره، فقال فيه: "وَمَنْ نَبَّشَ قَطَعْنَاهُ". وقال: في هذا الإسناد بعض من يجهل حاله. [5862]- وقال البخاري في "التاريخ" (¬4) قال: هشيم: حدثنا سهل: شهدت ابن الزبير قطع نبّاشًا. 2429 - [5863]- حديث: "لَيسَ عَلَى الْمُخْتَلِسِ والْمُنْتَهِبِ وَالْخَائِنِ قَطْعٌ". ¬
أحمد (¬1) وأصحاب "السنن" (¬2) والحاكم (¬3) وابن حبان (¬4) والبيهقي (¬5) من حديث أبي الزبير عن جابر. وفي رواية لابن حبان (¬6) عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار وأبي الزبير، عن جابر، وليس فيه ذكر (الخائن). ورواه ابن الجوزي في "العلل" (¬7) من طريق مكي بن إبراهيم، عن ابن جريج، وقال: لم يذكر فيه (الخائن) غير مكي. قلت: وقد رواه ابن حبان (¬8) من غير طريقه أخرجه من حديث سفيان، عن أبي الزبير، عن جابر بلفظ: "لَيس عَلَى الْمُخْتَلِسِ ولا عَلَى الْخَائِنِ قَطْعٌ". وقال ابن أبي حاتم في "العلل" (¬9) عن أبيه: لم يسمعه ابن جريج من أبي الزبير، إنما سمعه من ياسين الزيات وهو ضعيف. وكذا قال أبو داود (¬10) وزاد: وقد رواه المغيرة بن مسلم عن أبي الزبير، عن جابر ¬
[5864]- وأسنده النسائي (¬1) من حديث المغيرة. ورواه (¬2) عن سويد بن نصر، عن ابن المبارك، عن ابن جريج، أخبرني أبو الزبير. قال (¬3) النّسائي (¬4): رواه عيسى بن يونس، والفضل بن موسى، وابن وهب، ومخلد بن يزيد وجماعة، فلم يقل واحد منهم: عن ابن جريج: حدثني أبو الزبير، ولا أحسبه سمعه منه. وأعله ابن القطّان (¬5) بأنّه من معنعن أبي الزبير عن جابر، وهو غير قادح، فقد أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (¬6) عن ابن جريج، وفيه التصريح بسماع أبي الزبير له [من] (¬7) جابر. [5865]- وله شاهد من حديث عبد الرحمن بن عوف، رواه ابن ماجه (¬8) بإسناد صحيح. [5866]- وآخر من رواية الزهري، عن أنس، أخرجه الطبراني في "الأوسط" (¬9) في ترجمة "أحمد بن القاسم". ¬
[5867]- ورواه ابن الجوزي في "العلل" (¬1) من حيث ابن عباس، وضعفه. 2430 - [5868]- حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - أتي بجارية سرقت فوجدها لم تحض فلم يقطعها. هذا الحديث تبع المصنّف في إيراده صاحب "المهذب" (¬2) "فإنّه ذكره وعزاه إلى رواية ابن مسعود، وإنما رواه البيهقي (¬3) من حديث ابن مسعود، موقوفا عليه. * حديث: "مَن أَبْدَى لَنَا صَفْحَتَهُ أَقَمْنَا عَلَيهِ كِتَابَ الله ... ". تقدم بلفظ: "نُقِمْ عَلَيْه كِتابَ الله". 2431 - [5869]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - أتي بسارق فقال: "مَا إِخَالكَ سَرَقْتَ؟ " قال: بلى سرقت، فأمر به فَقُطع. أبو داود في "المراسيل" (¬4) من حديث محمَّد بن عبد الرحمن بن ثوبان، بهذا نحوه، وزاد: فقطعوه، وحسموه، ثم أتوه به فقال: "تُبْ إلَى اللهِ"، فقال: تبت إلى الله، فقال: "اللهُم تُبْ عَلَيْه". ¬
ووصله الدارقطني (¬1) والحاكم (¬2) والبيهقي (¬3) بذكر أبي هريرة فيه، ورجح ابن خزيمة وابن المديني وغير واحد إرساله. وصحح ابن القطان (¬4) الموصول. [5870]- ورواه [أبو داود في "السنن" (¬5)] (¬6) والنسائي (¬7) وابن ماجه (¬8) من طريق أبي أمية المخزومي: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتي بلص قد اعترف اعترافًا، ولم يوجد معه متاع، فقال له: "مَا إِخالُكَ سَرَقْتَ ... ". الحديث. قال الخطابي (¬9): في إسناده مقال، قال: والحديث إذا رواه مجهول لم يكن حجّة، ولم يجب الحكم به. 2432 - [5871]- حديث: "مَن سَتَر مُسْلِمًا سَتَرَهُ الله في الدُّنْيَا والآخِرَةِ". ¬
الترمذي (¬1) عن أبي هريرة في حديث أوله: "مَن نَفَّسَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدّنْيَا نَفَّسَ الله عَنْه كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الآخِرَةِ، وَمَن سَتَرَ عَلَى مُسْلِمٍ سَتَرَهُ الله في الدّنْيَا والآخِرَةِ ... ". الحديث. وقال: رواه غير واحد عن الأعمش، قال: حُدِّثت عن أبي صالح، وكان هذا أصح. ورواه الحاكم (¬2) من طريقين غير طريق الأعمش، وقال: هذا يصحِّح الموصول. [5872]- ورواه الترمذي (¬3) من حديث ابن عمر في حديث أوله: "الْمُسلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ ... ". الحديث. وفيه: "وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَة الله يَوْمَ الْقِيَامَةِ". [5873]- ورواه أبو نعيم في "معرفة الصحابة" (¬4) من حديث مسلمة بن مخلد مرفوعًا: "مَن ستَرَ مُسْلِمًا في الدّنيَا ستَرَه الله في الدّنيَا والآخِرَة". [5874]- وعن ابن عباس مرفوعًا: "مَنْ سَتَرَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ سَتَرَ الله عَوْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ كَشَفَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ كَشَف الله عَوْرَتَهُ حَتَّى يَفْضَحَهُ في بَيْتِهِ". رواه ابن ماجه (¬5). ¬
* حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لماعز: "لَعَلّكَ قَبَّلْتَ أَوْ غَمَزْتَ أَوْ نَظَرْتَ". تقدم في "باب حد الزنا". 2433 - [5875]- قوله: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال للسارق: "أَسَرَقْتَ؟ قل: لا". ولم يصححوا هذا الحديث. هذا الحديث تبع فيه الغزّالي في "الوسيط" (¬1)؛ فإنه قال: وقوله: "قُل: لا" لم يصحِّحه الأئمّة. وسبقهما الإِمام في "النهاية" فقال: سمعت بعض أئمّة الحديث لا يصحِّح هذا اللّفظ وهو: قل لا، فيبقى اللّفظ المتفق على صحته وهو قوله: "مَا إِخَالُكَ سَرَقْتَ". وقال في موضع آخر (¬2): غالب ظني أن هذه الزّيادة لم تصح عند أئمّة الحديث. قال الرافعي: ورأيت في تعليق الشيخ أبي حامد وغيره: أنّ أبا بكر قاله لسارق أقَرّ عنده. انتهى. والحديث؛ قد رواه البيهقي (¬3) موقوفا على أبي الدرداء، أنه أتي بجارية سرقت فقال لها: أسرقت؟ قولي لا. فقالت: لا. فخلَّى سبيلها. ¬
ولم أره عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا عن أبي بكر، إلا أن في "مصنّف عبد الرزاق" (¬1): [5876]- عن ابن جريج قال: سمعت عطاء يقول: كان من مضى يؤتى إليهم بالسارق فيقول: أسرقت؟ قل: لا, وسمى أبا بكر وعمر. [5877]- وعن معمر (¬2) عن ابن طاوس عن عكرمة بن خالد قال: أتي عمر بن الخطاب برجل فسأله: أسرقت؟ قل: لا. فقال: لا. فتركه. [5878]- وروى ابن أبي شيبة (¬3) من طريق أبي المتوكل: أنّ أبا هريرة أتي بسارقٍ وهو يومئذ أمير، فقال: أسرقت؟ قل: لا -مرتين أو ثلاثا-. [5879]- وفي "جامع سفيان" عن حماد، عن إبراهيم قال: أتي أبو مسعود الأنصاري بامرأة سرقت جملًا، فقال: أسرقتِ؟ قولي: لا. وأمّا حديث: "ما إِخَالُكَ سَرَقْتَ ... "؛ فتقدم، وليس هو من المتفق عليه اصطلاحا. وفي الباب: [5880]- حديث أبي بكر قال: كنت عند النبي - صلى الله عليه وسلم - جالسًا فجاء ماعز بن مالك فاعترف عنده .... الحديث. وفيه: "إنّكَ إِن اعْتَرَفْتَ الرَّابِعَةَ رَجَمْتُكَ". أخرجه أحمد (¬4). وفي "الموطأ" (¬5) من طريق أبي واقد: أنّ عمر أتاه رجل فذكر له أنّه وجد مع امرأته رجلًا فبعث عُمر أبا واقد إلى امرأته فسألها عن ذلك ¬
وذكر لها أنها لا تؤخذ بقوله، وجعل يلقّنها لتنزع فأبت أن تنزع، وتمت على الاعتراف. * قوله: وعرَّض عمر رضي الله عنه لزياد بالتوقف في الشهادة على المغيرة بن شعبة. قلت: قد تقدم. * حديث: أنّ ماعًزا لما ذَكر لهزال أنه زنى قال له: بادر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل أن ينزل الله فيك قرآنًا، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "هَلَّا سَتَرْتَهُ بِثَوْبِكَ يَا هَزَّال". قلت: حديث هزال رواه أحمد (¬1) وأبو داود (¬2) كما تقدم، وليس فيه قوله: (قبل أن ينزل الله فيك قرآنا)، لكن في الطبراني (¬3) من طريق محمد بن المنكدر، عن ابن هزّال، عن أبيه، أنه قال لماعز: اذهب إلى رسول الله فأخبره خبرك، فإنّك إن لم تخبره أنزل الله على رسوله خبرك. 2434 - [5881]- حديث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتي بسارق فقطع يمينه. البغوي وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (¬4) من حديث الحارث بن عبد الله بن ¬
أبي ربيعة، وفيه قصة، وفي إسناده عبد الكريم بن أبي المخارق. 2435 - [5882]- حديث أبي هريرة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في السارق: "إن سَرَقَ فَاقْطَعُوا يَدَهُ، ثُمَّ إن سَرَقَ فَاقْطَعُوا رِجْلَه، ثمِّ إنْ سَرَق فَاقْطَعُوا يَدَهُ، ثمّ إن سَرَق فاقْطَعُوا رِجْلَه". الدارقطني (¬1) وفي إسناده الواقدي. ورواه الشافعي (¬2) عن بعض أصحابه، عن ابن أبي ذئب، عن الحارث بن عبد الرحمن، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، مرفوعًا: "السَّارقُ إذَا سَرَقَ فَاقْطَعُوا يَدَهُ، ثُمَّ إنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا رِجْلَه، ثمّ إنْ سَرَق فَاقْطَعُوا يَدَهُ، ثمّ إن سَرَق فاقْطَعُوا رِجْلَه". وفي الباب: عن عصمة بن مالك؛ رواه الطبراني (¬3)، والدارقطني (¬4) وإسناده ضعيف. 2436 - [5883]- حديث جابر: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أتي بسارقٍ فقَطع يده، ثم أتي به ثانيا فَقَطع رجلَه، ثم أتي به ثالثا فَقَطع يدَه، ثم أُتي به رابعًا فقطع رجله، ثم أتي به خامسا فقتله. ¬
الدارقطني (¬1) بهذا، وفيه محمَّد بن يزيد بن سنان، قال الدارقطني: هو ضعيف (¬2). [5884]- ورواه أبو داود (¬3) والنسائي (¬4) أيضا بغير هذا السياق بلفظ: جيء بسارقٍ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "اقْتُلُوهُ"، فقالوا: يا رسول الله إنما سرق، قال: "اقْطَعُوه"، فَقُطع، ثم جيء به الثانية، فقال: "اقْتُلُوهُ"، فقالوا: يا رسول الله إنما سرق، قال: "اقْطَعُوه"، فذكره كذلك، قال: فجيء به الخامسة فقال: "اقْتُلُوهُ"، قال جابر: فانطلقنا إلى مربد النعم فاستلقى على ظهره، فقتلناه ثم اجتررناه فألقيناه في بئر، ورمينا عليه الحجارة. وفي إسناده مصعب بن ثابت، وقد قال النسائي: ليس بالقوي، وهذا الحديث منكر (¬5)، ولا أعلم فيه حديثا صحيحا (¬6). وفي الباب: [5885]- عن الحارث بن حاطب الجمحي عند النسائي (¬7) والحاكم (¬8). ¬
[5886]- وعن عبد الله بن زيد الجهني عند أبي نعيم في "الحلية" (¬1). وقال ابن عبد البر (¬2): حديث القتل منكر لا أصل له. وقد قال الشافعي: هذا الحديث منسوخ لا خلاف فيه عند أهل العلم. قال ابن عبد البر: وهذا يدل على أن ما حكاه أبو مصعب عن عثمان وعمر بن عبد العزيز أنه يقتل لا أصل له. * حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال في سارق سرق شملة: "اذْهَبُوا بِهِ فَاقطَعُوهُ ثُمَّ احْسِمُوهُ". الدارقطني (¬3) وغيره، وقد تقدم. 2437 - [5887]- حديث فضالة بن عبيد: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أُتِي بسارق فأمر به فقطعت يده، ثم علقت في رقبته. أصحاب "السنن" (¬4) من حديثه، وحسّنه الترمذي، وقال: غريب لا نعرفه إلا من حديث عمر بن علي المقدَّمي، عن حجاج بن أرطاة. قلت: وهما مدلِّسان، وقال النسائي (¬5): الحجاج ضعيف ولا يحتج بخبره. ¬
قال هذا بعد أن أخرجه من طريقه. 2438 - قوله: وذكر الإِمام أن من الأصحاب من لم ير التّعليق، ولم يصحح الخبر فيه. قلت: هو كما قال لا يبلغ درجة الصحيح ولا يقاربها. 2439 - [5888]- حديث: أنّ رجلا سرق من بيت المال، فكتب بعض عمال عمر إليه بذلك، فقال: لا قطع عليه، ما من أحد إلا وله فيه حقّ. لم أجده عنه (¬1). قلت: أخرج ابن أبي شيبة (¬2) عن وكيع، عن المسعودي، عن القاسم: أن رجلا سرق من بيت المال، فكتب فيه سعد إلى عمر ... فذكره بلفظه. [5889]- وروى البيهقي (¬3) من طريق الشعبي، عن علي أنه كان يقول: ليس على من سرق من بيت المال قطع. وفي الباب حديث مرفوع: [5890]- أخرجه ابن ماجه (¬4) من رواية ابن عباس: أن عبدا من رقيق الخمس ¬
سرق من المغنم، [فرفع] (¬1) إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يقطعه، وقال: "مَالُ الله سَرَقَ بَعْضُه بَعْضًا". إسناده ضعيف. 2440 - [5891]- حديث عثمان: أنه سرق في عهده ثوب من منبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فقطع السارق، ولم ينكر عليه أحد. لم أجده عنه أيضا. 2441 - [5892]- حديث: أن عمر أتي بعبد لرجلٍ سرق مرآة لزوجة الرجل قيمتها ستون درهما فلم يقطعه، وقال: خادمكم أخذ متاعكم. مالك في "الموطأ" (¬2) والشافعي عنه (¬3) عن ابن شهاب، عن السائب بن يزيد: أنَّ عبد الله بن عمرو الحضرمي جاء بغلام إلى عمر بن الخطاب فقال له: اقطع هذا. فذكره. ورواه الدارقطني (¬4) من حديث سفيان عن الزهري. 2442 - [5893]- حديث عثمان: أنه قطع سارقا في أترجة قوِّمت بثلاثة دراهم. ¬
الشافعي (¬1) عن مالك في "الموطأ" (¬2) عن عبد الله بن أبي بكر، عن أبيه، عن عمرة: أن سارقًا سرق أترجة في عهد عثمان، فأمر بها عثمان فقوِّمت بثلاثة دراهم من صرف اثني عشر بدينار، فقطع يده. قال مالك: وهي الأترجة التي يأكلها (¬3) الناس. وقال ابن كنانة (¬4): كانت أترجة من ذهب قدر الحمصة يجعل فيها الطيب. ورُدّ عليه: بأنها لو كانت من ذهب لم تقوّم. 2443 - [5894]- حديث عائشة: سارق موتانا كسارق أحيائنا. الدارقطني (¬5) من حديث عمرة عنها. ¬
2444 - [5895]- حديث: لَا قَطْعَ في عَامٍ. إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني (¬1) في "جامعه" عن أحمد بن حنبل، عن هارون ابن إسماعيل، عن علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، عن حسان بن أزهر: أن ابن حدير حدثه، عن عمر قال: لا تقطع اليد في عذق ولا عام سنة. قال: فسألت أحمد عنه فقال: العذق: النخلة، وعام سنة: عام المجاعة. فقلت لأحمد: تقول به؟ قال: إي لعمري. 2445 - [5896]- حديث جابر: أن رجلا أنزل ضيفا في مشربة له، فوجد متاعا قد أخفاه، فأتى به أبا بكر، فقال: خلِّ عنه، فليس بسارق، وإنما هي أمانة أخفاها. لم أجده. 2446 - [5897]- حديث: أن رجلا مقطوع اليد والرجل قدم المدينة فنزل بأبي بكر، وكان يكثر الصلاة في المسجد، فقال أبو بكر: ما ليلك بليل سارق، فلبثوا ما شاء الله ... الحديث. وفي آخره: فبكى أبو بكر، وقال: أبكي لغرته بالله، ثم أمر به فقطعت يده. ¬
مالك في "الموطأ" (¬1) والشافعي (¬2) عنه، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه: أنّ رجلا من أهل اليمن أقطع اليد والرجل، فذكره، وفيه: أن الحلي لأسماء بنت عميس امرأة أبي بكر، وفي آخره: فقال أبو بكر: والله لدعاؤه على نفسه أشد عندي من سرقته. وفي سنده انقطاع. [5898]- ورواه الدارقطني (¬3) من طريق أيوب، عن نافع: أنّ رجلا أقطع اليد والرجل نزل على أبي بكر، فذكره مثل ما عند المصنف. [5899]- ورواه سعيد بن منصور من حديث موسى بن عقبة، عن نافع، عن صفية بنت أبي عبيد في هذه القصة. ورواه عبد الرزاق (¬4) عن معمر، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر. [5900]- وعن معمر عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: كان رجل أسود يأتي أبا بكر فيدنيه ويقريه القرآن، حتى بعث ساعيا أو قال: سرية فقال: أرسلني معه، فقال: بل تمكث عندنا، فأبى فأرسله واستوصاه به خيرا، فلم يعبر إلا قليلا حتى جاء قد قطعت يده، فلما رآه أبو بكر فاضت عيناه، فقال: ما شأنك؟ قال: ما زدت على أنه كان يوليني شيئا من عمله، فخنت فريضة (¬5) واحدة فقطع يدي، فقال أبو بكر: تجدون الذي قطع هذا يخون أكثر من ¬
عشرين فريضة، والله لإن كنت صادقًا لأقيدنك منه، ثم أدناه فكان يقوم بالليل فيقرأ، فإذا سمع أبو بكر صوته قال: بالله لرجل قَطع هذا لقد اجترأ على الله، قال: فلم يلبث إلا قليلًا حتى فقد آل أبي بكر حليا لهم ومتاعا، فقال أبو بكر: طُرق الحي اللَّيلة فقام الأقطع فاستقبل القبلة ورفع يده الصحيحة والأخرى التي قطعت فقال: اللهم أظهر على من سرقهم، أو تخونهم، فما انتصف النهار حتى عثروا على المتاع عنده، فقال له أبو بكر: ويلك إنك لقليل العلم بالله، فأمر به فقطعت يده. وقال عبد الرزاق (¬1) عن ابن جريج: كان اسمه جبرا أو جبيرًا. * حديث أبي بكر: أنه قال لسارق: أسرقت؟ قل: لا. لم أجده هكذا. وقد تقدم في (¬2) أوائل الباب، وهو في البيهقي (¬3) عن أبي الدرداء. 2447 - [5901]- حديث: أن ابن مسعود قرأ: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}. البيهقي (¬4) رواية مجاهد، قال في قراءة ابن مسعود، فذكره. وفيه انقطاع وعن إبراهيم النخعي قال: في قراءتنا: والسّارق والسارقة تقطع أيمانُهم. ¬
2448 - [5902]- حديث: أبي بكر وعمر أنهما قالا: إذا سرق السّارق فاقطعوا يدَه من الكوع. لم أجده عنهما. [5903]- وفي كتاب "الحدود" لأبي الشيخ من طريق نافع، عن ابن عمر: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يقطعون السارق من المفصل. [5904]- وفي البيهقي (¬1) عن عمر: أنّه كان يقطع السّارق من المفصل. واحتج الشيخ نصر للقطع من الكوع بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وَفي الْيَدِ خَمْسُونَ مِن الإبِلِ". وأجمعوا على أن المراد به هناك من الكوع، فيحمل المطلق هنا على المقيد هناك. **** ¬
(65) كتاب حد قاطع الطريق
(65) كتابُ حدِّ قاطِعِ الطَّرِيق
* حديث: "لَا تُقْطَعُ الْيَدُ إلَّا فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا". تقدم في الباب الذي قبله. 2449 - قوله: وقد جاء النهي عن تعذيب الحيوان. انتهى. كأنه يشير إلى: [5905]- حديث: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن تعذيب الحيوان، وهو عند البخاري (¬1) من حديث أبي هريرة، وفيه قصة. 2450 - [5906]- حديث ابن عباس في قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ...} الآية: إنها في حق قُطّاع الطريق من المسلمين. قال: وفَسّر ابن عَباس الآية فيما رواه الشافعي على مراتب، والمعنى: أن يُقتلوا إن قَتلوا، أو يُصلَّبوا إن أخذوا المال وقَتلوا، أو تُقَطَّع أيديهم وأرجلُهم من خلاف إن اقتصروا على أخذ المال. قال: وقال ابن عباس: معنى نفيهم من الأرض: أنهم إذا هربوا من حبس الإِمام يتبعون ليردوا، ويتفرق جمعهم وتبطل شوكتهم، فذكره. الشافعي (¬2) عن إبراهيم بن محمَّد بن أبي يحيى، عن صالح مولى التوأمة، ¬
عن ابن عباس في قطاع الطريق: إذا قَتلوا قُتِلوا، وإذا أَخذوا المال ولم يَقتلوا قُطعت أيديهم وأرجلُهم من خلاف، وإذا أَخافوا السبيل ولم يَأخذوا مالا نُفُوا من الأرض. [5907]- ورواه البيهقي (¬1) من طريق محمَّد بن سعد العوفي عن آبائه (¬2) إلى ابن عباس في قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ...} الآية قال: إذا حَارب فقَتل فعليه القتل إذا ظُهر عليه قبل توبته، وإذا حارب وأخذ المال وقَتل فعليه الصَّلب، وإن لم يَقتل فعليه قَطع اليد والرِّجْل من خلاف وإذا حارب وأخاف السبيل فإنما عليه النَّفي. ورواه أحمد بن حنبل في "تفسيره" عن أبي معاوية (¬3) عن حجاج، عن عطية به، نحوه. قال الشافعي: واختلاف حدودهم باختلاف أفعالهم على ما قال ابن عباس إن شاء الله. 2451 - قوله: وهذا قول أكثر العلماء، وفيهم ابن عباس. قلت: ونقله ابن المنذر عن مالك وأصحاب الرأي. وجاء عن ابن عباس خلافه: ¬
[5908]- ففي "سنن أبي داود" (¬1) بإسناد حسن، عن يزيد النحوي، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ...} الآية، قال: نزلت في المشركين، فمن تاب منهم قبل أن يقدر عليه لم يمنعه ذلك أن يقام عليه (¬2) الحدّ الّذي أصابه. [5909]- وعن ابن عمر: إنها نزلت في المرتدّين. ونقله ابن المنذر عن الحسن، وعطاء، وعبد الكريم. **** ¬
(66) كتاب حد شارب الخمر
(66) كتاب حد شارب الخمر
2452 - قوله: قيل إن المراد بالإثم في قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ ...} أي: الخمر. قال الشاعر: شرِبْتُ الإِثْمَ حَتى ضَلَّ عَقْلِي ... كَذَاكَ الإِثْمُ [تذْهَبُ] (¬1) بِالْعُقُولِ انتهى. وقد نص على ذلك القزاز في "جامعه" وأنكره النحاس. 2453 - [5910]- حديث ابن عمر: "كلّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكلّ خَمْرٍ حَرَامٌ". مسلم (¬2) بلفظ: "كُلّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُل مُسْكِرٍ حَرَامٌ". ورواه من وجه آخر بهذا (¬3) وفي رواية له بالتقديم والتأخير (¬4) وفي رواية ¬
لأحمد (¬1) كذلك، 2454 - [5911]- حديث ابن عمر: "لَعَن الله الْخَمْرَ، وَشَارِبَهَا، وَسَاقِيَهَا، وَبَائِعَهَا، وَمُبْتَاعَهَا، وَمُعْتَصِرَهَا، وَعَاصِرَهَا، وَحَامِلَهَا، وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ". أبو داود (¬2) بهذا. وفيه: عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي وصححّه ابن السّكن. ورواه ابن ماجه (¬3) وزاد: "وَآكِلَ ثَمَنَهَا". وفي الباب: [5912]- عن أنس بن مالك به، وفيه: "وَعَاصِرَهَا وَالْمُشْتَرِي لَهَا وَالْمُشْتَرى لَهُ". رواه الترمذي (¬4) وابن ماجه (¬5) ورواته ثقات. [5913]- وعن ابن عباس؛ رواه أحمد (¬6) وابن حبان (¬7) والحاكم (¬8). ¬
[5914]- وعن ابن مسعود، ذكره ابن أبي حاتم في "العلل" (¬1). [5915]- وعن أبي هريرة مرفوعًا: "إنّ الله حَرَّمَ الْخَمْرَ وَثَمَنَهَا، وَحَرَّم الْمَيْتَةَ وَثَمَنَهَا، وَحَرّم الْخِنْزِيرَ وَثَمَنَهُ". [5916]- ورواه أبو داود (¬2) عن عبد الله بن عمرو بن العاص. 2455 - [5917]- حديث جابر: "مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَالْفَرَق مِنْهُ حَرَامٌ". ابن ماجه (¬3) من حديث سلمة بن دينار، عن ابن عمر، وفي إسناده ضعف وانقطاع. [5918]- ورواه أبو داود (¬4) والترمذي (¬5) وابن ماجه (¬6) أيضا من حديث جابر، لكن لفظه: "مَا أَسْكَرَ كَثِيرهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ". حسنه الترمذي ورجاله ثقات. [5919]- ورواه النسائي (¬7) والبزار (¬8) وابن حبان (¬9) من طريق عامر بن سعد ¬
ابن أبي وقاص عن أبيه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نَهى عن قليل ما أسكر كثيره. وفي الباب: عن عليّ، وعائشة، وخوات بن جبير، وسعد، وعبد الله بن عمرو، وابن عمر، وزيد بن ثابت. [5920]- فحديث علي؛ في الدّارقطني (¬1). وحديث عائشة؛ سيأتي بعده. [5921]- وحديث خوات في "المستدرك" (¬2). [5922]- وحديث سعد؛ في النسائي (¬3). [5923]- وحديث ابن عمرو في ابن ماجه (¬4) والنسائي أيضًا (¬5). [5924, 5925]- وحديث ابن عمر وزيد في الطبراني (¬6). 2456 - [5926]- حديث: "مَا أَسْكَرَ مِنْهُ الْفَرقُ فِمِلْءُ الْكَفِّ مِنْهُ حَرَامٌ". ¬
أحمد وأبو داود (¬1) والترمذي (¬2) وابن حبان (¬3) من حديث عائشة. وأعله الدارقطني بالوقف. ورواه أحمد في "كتاب الأشربة" (¬4). بلفظ: "فَالوَقِيَّةُ مِنْهُ حَرَامٌ". 2457 - [5927]- حديث عمر: أنه قال في خطبته: نزل تحريم الخمر وهي من خمسة أشياء: العنب، والتمر، والحنطة، والشعير، والعسل. متفق عليه (¬5) من حديث ابن عمر، عن عمر. وفي آخره: والخمر ما خامر العقل. [5928]- ورواه أحمد في "مسنده" (¬6) عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مِنَ الْحِنْطَةِ خَمْرٌ، وَمِنَ الشَّعِيرِ خَمْرٌ، وَمِنَ التمْرِ خمرٌ، [وَمِنَ الزَّبِيبِ خَمْرٌ] (¬7)، وَمِنَ الْعَسَلِ خَمْرٌ". ¬
2458 - قوله: وما لا يسكر لا يحرم شربه، لكن يكره شرب المنصف والخليطين، لورود النهي عنهما في الحديث. قال: والمنصِّف ما عمل من تمر ورطب، والخليطان من بسر ورطب. وقيل: ما عمل من التّمر والزبيب. كأنّه يشير إلى: [5929]- حديث جابر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن ينبذ التمر والزبيب جميعًا، وأن ينبذ الرطب والبسر جميعا. متفق عليه (¬1). وفي لفظ (¬2): أن يخلط الزبيب والتمر، والبسر والرطب. وفي لفظ: نهى عن الخليطين أن يشربا، قال: قلنا يا رسول الله وما هما؟ قال: "التَّمْرُ وَالزَّبِيبُ" (¬3). وفي الباب: [5930, 5933]- عن أبي هريرة وأبي سعيد (¬4) وابن عمر وابن عباس؛ ¬
رواها مسلم (¬1). [5934]- وعن أنس، رواه النسائي (¬2) وغيره. [5935]- واتفقا (¬3) على حديث أبي قتادة: نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يجمع بين التّمر والزهو، والتمر والزبيب، ولينبذ كل واحد منهما على حدة. 2459 - [5936]- قوله: وهذا كالنهي عن الظروف التي كانوا ينبذون فيها؛ كالدباء -وهو القرع-، والحنتم -وهي الجرار الخضر-، والنقير -وهو أصل الجذع ينقر ويتخذ مثله الإناء-، والمزفت -وهو المطلي بالزّفت- وهو المقير يطلى بالقار .. مسلم (¬4) من حديث أبي هريرة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لوفد عبد القيس: "أَنْهَاكُمْ عَنِ الدُّبَّاءِ، وَالْحَنْتَمِ، وَالنَّقِيرِ، وَالْمُقَيَّرِ". [5937]- ورواه البخاري ومسلم (¬5) من حديث ابن عباس في قصة وفد عبد القيس. [5938]- ولهما (¬6) عن أنس: نهى عن الدبّاء والمزفّت. ¬
وزاد في رواية: والحنتم. [5939]- وعن ابن أبي أوفى: نهى عن المزفّت والحنتم والنقير. رواه البخاري (¬1) وله طرق: فمنها فيما اتفقا (¬2) عليه عن الحارث بن سويد، عن علي في النهي عن الدباء والمزفت. [5940]- ولمسلم (¬3) عن عائشة: نهى وفد عبد القيس أن ينبذوا في الدباء، والنقير، والمزفت، والحنتم. 2460 - [5941, 5943]- حديث: "كلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ". مُسْلِم عَن عائشة (¬4) وابن عمر (¬5) وبريدة (¬6). 2461 - [5944]- حديث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن التداوي بالخمر؟ فقال: "إنَّ الله لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكمْ فِيمَا حَرَّم عَلَيْكُمْ". ويروى أنه قال: "إنَّمَا ذَلِكَ دَاءٌ وَلَيْسَ بِشِفَاءٍ". ¬
ابن حبان (¬1) والبيهقي (¬2) من حديث أم سلمة: نبذت نبيذًا في كوز فدخل النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يغلي فقال: "مَا هَذَا؟ " قلت: اشتكت ابنة لي فنُعتَ لها هذا، فقال:"إن الله لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِيمَا حَرَّم عَلَيْكُمْ"، لفظ البيهقي. ولفظ ابن حبان: "إنّ الله لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ في حَرَامٍ". [5945]- وذكره البخاري (¬3) تعليقًا عن ابن مسعود. وقد أوردته في "تغليق التعليق" (¬4) من طرق إليه صحيحة. وأما اللفظ الثاني: [5946]- فرواه مسلم (¬5) وأحمد (¬6) وأبو داود (¬7) وابن ماجه (¬8) وابن حبان (¬9) من حديث علقمة بن وائل، عن وائل بن حجر: أن طارق بن سويد الجعفي سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الخمر؟ فنهاه عنها، وكره أن يصنعها، فقال: "إنّه لَيْسَ بِدواءٍ وَلكنَّه دَاءٌ". وفي رواية ابن حبان (¬10): "إنّما ذَلِكَ دَاءٌ وَلَيْسَ بِشِفَاءٍ". ¬
وقال بعضهم: عن علقمة بن وائل، عن طارق بن سويد. وصحَّحَه ابنُ عبد البر (¬1). 2462 - [5947]- قوله (¬2): وأيضا فالخمر أمّ الخبائث. يشير إلى حديث عثمان رواه النسائي (¬3) موقوفا. ورواه ابن أبي الدنيا في "كتاب ذم المسكر" مرفوعًا. * حديث: "الْعَيْنَانِ تَزْنِيَانِ وَالْيَدان تَزْنِيَانِ". تقدم في "اللعان". 2463 - [5948]- حديث عبد الرحمن بن أزهر: أتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشارب فقال: "اضْرِبُوهُ" فَضَرَبُوه بِالأَيْدِي وَالنِّعَالِ .. الحديث. رواه الشافعي (¬4). هو كما قال، ورواه أيضا أبو داود (¬5) والنسائي (¬6) من طرق، والحاكم (¬7). ¬
وقال ابن أبي حاتم في "العلل" (¬1): سألت أبي عنه وأبا زرعة؟ فقالا: لم يسمعه الزهري من عبد الرحمن بن أزهر. 2464 - [5949]- حديث عمر: أنه استشار فقال علي: أرى أن يجلد ثمانين؛ لأنه إذا شرب سكر، وإذا سكر هذى، وإذا هذى افترى، وحدُّ المفتري ثمانون، فجلد عمر ثمانين. مالك في "الموطأ" (¬2) والشافعي (¬3) عنه، عن ثور بن زيد (¬4) الديلي: أنّ عمر فذكره، وهو منقطع؛ لأنّ ثورًا لم يلحق عمر بلا خلاف، لكن وصله [النّسائي في "الكبرى" (¬5) و] (¬6) الحاكم (¬7) من وجه آخر، عن ثور، عن عكرمة، عن ابن عباس. ورواه عبد الرزاق (¬8) عن معمر، عن أيوب، عن عكرمة: لم يذكر ابن عباس. وفي صحَّتِه نظر؛ لما ثبت في "الصحيحين" (¬9): ¬
تنبيه
[5950]- عن أنس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جلد في الخمر بالجريد والنعال، وجلد أبو بكر أربعين، فلما كان عمر استشار الناس، فقال عبد الرحمن: أخف الحدود ثمانون. فأمر به عمر. ولا يقال: يحتمل أن يكون عبد الرحمن وعلي أشارا بذلك جميعا؛ لما ثبت في "صحيح مسلم" (¬1): [5951]- عن علي في جلد الوليد بن عقبة: أنه جلده أربعين، وقال: جلد رسول الله أربعين، وأبو بكر أربعين، وعمر ثمانين، وكل سنة، وهذا أحب إلي. فلو كان هو المشير بالثّمانين ما أضافها إلى عمر، ولم يعمل بها، لكن يمكن أن يقال: إنه قال لعمر باجتهاد، ثم تغيّر اجتهاده. تنبيه قال ابن دحية في "كتاب وهج الجمر في تحريم الخمر": صحّ عن عمر أنه قال: لقد هممت أن أكتب في المصحف: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جلد في الخمر ثمانين. وهذا لم يسبق هذا الرجل إلى تصحيحه, نعم حكى ابن الطّلّاع أنّ في "مصنف عبد الرزاق" (¬2): أنه عليه السلام جلد في الخمر ثمانين. قال ابن حزم في "الإعراب" (¬3): صحَّ أنّه - صلى الله عليه وسلم - جلد في الخمر أربعين، وورد ¬
من طريق لا يصحّ: أنّه جلد ثمانين. * قوله: روي أنّه عليه الصلاة والسلام أمر بجلد الشارب أربعين. هو لفظ أبي داود (¬1) في حديث عبد الرحمن بن أزهر المتقدم. قلت: ليس فيه صيغة أمر، ولا ذكر أربعين، بل لفظه: أتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشارب وهو بحنين، فحثى في وجهه التراب، ثم أمر الصّحابة فضربوه بنعالهم وما كان في أيديهم، حتى قال لهم: "ارْفَعُوا"، فرفعوا، ثم جلد أبو بكر أربعين، ثم جلد عمر أربعين صدرا من خلافته، ثم جلد ثمانين في آخر خلافته ثم جلد عثمان الحدَّيْن -ثمانين وأربعين (¬2) - ثم أثبت معاوية الحدّ ثمانين. 2465 - [5952]- حديث أنس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أُتي بشاربٍ فأَمر عشرين رجلا فضربه كلّ واحد ضربتين؛ بالجريد والنعال. لم أره هكذا، بل في البيهقي (¬3) من: [5953]- حديث قتادة، عن أنس: أن رجلا رفع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قد سكر، فأمر قريبًا من عشرين رجلا فجلدوه بالجريد والنعال. وفي رواية له (¬4): أن يجلده كل رجل جلدتين بالنّعال والجريد. ¬
[5954]- وأصله عند مسلم (¬1) وأبي داود (¬2) من طريق قتادة أيضا، عن أنس: جلده بجريدتين نحوًا من أربعين. قال أبو داود: ورواه شعبة، عن قتادة، عن أنس: ضربه بجريدتين نحوًا من أربعين. قال: ورواه ابن أبي عروبة، عن قتادة، نحوه مرسلا. [5955]- وفي البخاري (¬3) من طريق هشام، عن قتادة، عن أنس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ضرب في الخمر بالجريد والنعال، وجلد أبو بكر أربعين. 2466 - قوله: هل يتعيّن الضّرب بالأيدي والنعال؟ أو يجوز العدول إلى السياط؟ وجهان، وظاهر المذهب أن كلًّا منهما جائز. أما الأول؛ فلأنه الأصل، وبه وردت الأخبار. وأما الثاني؛ فبفعل الصحابة، واستمرارهم عليه. انتهى. فأما الأول؛ فقد مضى في حديث عبد الرحمن بن أزهر، وفي حديث (¬4) أنس وهو في حديث السائب بن يزيد في البخاري (¬5). وسيأتي في حديث علي. ¬
وأما الثاني؛ فهو صحيح عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود، وقد ذكر المصنف عنهم ذلك، وسيأتي. 2467 - [5956]- حديث علي: ضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالنعال وأطراف الثياب، وضرب أبو بكر أربعين سوطا، وعمر ثمانين، والكل سنة. مسلم (¬1) من حديث أبي ساسان حضين بن المنذر، قال: شهدت عثمان أتي بالوليد بن عقبة، فذكر القصّة، فقال: يا علي قم فاجلده، فقال: يا حسن قم فاجلده، فأبى، فقال: يا عبد الله بن جعفر قم فاجلده، فجلده، وعلي يَعدّ حتى بلغ أربعين، فقال: أمسك، جلد النبي - صلى الله عليه وسلم - أربعين، وأبو بكر أربعين، وعمر ثمانين، وكلٌّ سنة، وهذا أحب إِلَيّ. انتهى. ولم أر ما ذكره المصنف في صدر الحديث. 2468 - [5957]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يجلد رجلا فأُتِي بسوطٍ خَلِقٍ، فقال: "فَوْقَ هَذَا"، فأُتِي بسوطٍ جديد، فقال: "بَيْنَ هَذَيْنِ". لم أره هكذا في الشّارب. نعم هو بهذا اللفظ عن عمر، وسيأتي. ووقع نحوه مرفوعًا في قصة حد الزاني، رواه مالك في "الموطأ" (¬2) عن زيد بن أسلم: أنّ ¬
رجلا اعترف على نفسه بالزّنا، فدعى له رسول الله بسوطٍ فأُتي بسوطٍ مكسورٍ، فقال: "فَوْقَ هَذَا"، فأُتي بسوطٍ جديد، فقال: "بَيْنَ هَذَيْنِ"، فأتي بسوطٍ قد ركب به (¬1) ولان، فأَمر به فجُلِد به. وهذا مرسل. [5958]- وله شاهد عند عبد الرزاق (¬2) عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير، نحوه. وآخر عند ابن وهب من طريق كريب مولى ابن عباس بمعناه، فهذه المراسيل الثّلاثة يشدّ بعضها بعضا. 2469 - [5959] حديث: "إذَا ضَرَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَّقِ الْوَجْهَ". مسلم (¬3) وأبو داود (¬4) واللفظ له من حديث أبي هريرة. ورواه البخاري (¬5) بلفظ آخر. [5960]- ورواه أيضا (¬6) عن ابن عمر بلفظ: نهى أن تُضرب الصورة. [5961]- ومسلم (¬7) عن جابر، بمعناه. ¬
2470 - [5962]- حديث ابن عباس: "لا تُقَامُ الْحُدُودُ في الْمَسَاجِدِ". الترمذي (¬1) وابن ماجه (¬2) من حديث ابن عباس. وفيه إسماعيل بن مسلم المكي وهو ضعيف. [5963]- ورواه أبو داود (¬3) والحاكم (¬4) وابن السكن وأحمد بن حنبل (¬5) والدارقطني (¬6) والبيهقي (¬7) من حديث حكيم بن حزام، ولا بأس بإسناده. [5964]- ورواه البزار (¬8) من حديث جبير بن مطعم، وفيه الواقدي. [5965]- ورواه ابن ماجه (¬9) من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، بلفظ: نهى أن يجلد الحد في المسجد. وفيه ابن لهيعة. ¬
2471 - [5966]- حديث عمر وعلي وابن مسعود أنهم قالوا للجلاد: لا ترفع يدك حتى يُرى بياض إبطك. البيهقي (¬1) من حديث عاصم الأحول، عن أبي عثمان، قال: أتى رجل عمر ابن الخطاب في حد فأتي بسوطٍ فيه شدة، فقال: أريد ألين من هذا. ثم أتي بسوط فيه لين، فقال: أريد أشد من هذا، فأتي بسوط بين السوطين، فقال: اضرب ولا يُرى إبطك، وأعطِ كلَّ عضوٍ حقَّه. [5967]- ورواه أيضا (¬2) من حديث ابن مسعود، نحوه في قصة. وأما أثر علي؛ فلم أره (¬3). (¬4). 2472 - [5968]- حديث علي أيضا: أنه قال: سوط الحدّ بين سوطيْن، وضرب الحدّ (¬5) بين ضربين. لم أره عنه هكذا. 2473 - [5969]- حديث علي: أنه قال للجلاد: أعط كلَّ عضو حقَّه، واتّق الوجة والمذاكير. ¬
ابن أبي شيبة (¬1) وعبد الرزاق (¬2) وسعيد بن منصور (¬3)، والبيهقي (¬4) من طرق عن علي. 2474 - [5970]- حديث عمر: سوط الحد بين سوطين. البيهقي (¬5) نحوه. 2475 - [5971]- حديث أبي بكر: أنّه قال للجلّاد: اضرب الرأس، فإن الشيطان فيه. ابن أبي شيبة (¬6)، وذكره أبو بكر الرازي في "كتاب أحكام القرآن" (¬7) من طريق المسعودي، عن القاسم، فقال: أتي أبو بكر برجل انتفى من ابنه، فقال أبو بكر (¬8): اضرب الرأس فإن الشيطان في الرأس. وفيه ضعف وانقطاع. ¬
وفي الباب: [5972]- قصة عمر مع صبيغ وهي في أوائل "مسند الدارمي" (¬1). 2476 - قوله: روي عن عمر وعلي: لا يجلد إلا بالسّوط. يؤخذ مِن الذي مضى أنهم قالوا للجلاد: لا ترفع يدك. * حديث علي: أنه رجع عن رأيه في أن الجلد ثمانين، وكان يجلد في خلافته أربعين. أما رجوعه عن رأيه؛ فتقدم ذكره في حديث أبي ساسان، وأنه قال في الأربعين: وهذا أحب إلي. ولكن كان ذلك في خلافة عثمان لا في خلافته. نعم الظّاهر أنّه ثبت على ذلك. **** ¬
باب التعزير
باب التعزير * حديث: "سَرِقَةُ التَمْرِ إذَا أَوَاهُ الْجَرِينُ فِيهِ الْقَطْعُ، وإذَا كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَفِيهِ الْغُرْمُ وَجَلَدَات نكَال". تقدم في السرقة، وأن النسائي (¬1) رواه. 2477 - [5973]- قوله: روي التعزير من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -. أبو داود (¬2) والترمذي (¬3) والنسائي (¬4) والبيهقي (¬5) من حديث بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حبس رجلا في تهمة. وصححه الحاكم (¬6). وأخرج له شاهدًا من حديث أبي هريرة. وسيأتي في "السير" تحريق متاع الغال، ومضى في حد الزنا نفي المخنثين. 2478 - [5974]- حديث أبي بردة بن نيار: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يُجلد فَوْقَ عَشَرَةِ أَسْوَاطٍ إلَّا في حَدٍّ مِن حُدُودِ الله". مُتَّفَقٌ عَلَيْه (¬7). ¬
وتكلم في إسناده ابن المنذر والأصيلي من جهة الاختلاف فيه (¬1). وقال البيهقي: قد أقام عمرو بن الحارث إسناده فلا يضر تقصير من قصر فيه. وقال الغزالي (¬2): صحّحه بعض الأئمّة. وتعقَّبه الرافعي في "التذنيب" فقال: أراد بقوله: بعض الأئمة صاحب التقريب، ولكن الحديث أظهر من أن تضاف صحّته إلى فرد من الأئمّة، فقد صححه البخاري ومسلم. 2479 - قوله: والأظهر أنّه تجوز الزّيادة على العشر وإنما المراعى النّقصان عن الحد، وأمّا الحديث المذكور فمنسوخٌ على ما ذكره بعضهم واحتجّ بعمل الصّحابة بخلافه من غير إنكار. انتهى. وقد قال الإصطخري: أحبّ أن يضرب بالدّرّة فإن ضرب بالسياط فأحب أن لا يزاد على العشرة؛ فإن ضرب بالدرة فلا يزاد على التسعة والثلاثين. انتهى. وتفريقه بين السياط والدرة مستفاد من تقييد الخبر بالأسواط، وفيه نظر. وقال البيهقي (¬3): روي عن الصحابة في مقدار التعزير آثار مختلفة، وأحسن ما يصار إليه في هذا ما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم ذكر حديث أبي بردة بن نيار من طرق، ثم روي بإسناده إلى: ¬
[5975]- مغيرة بن مقسم قال: كتب عمر بن عبد العزيز أن لا يبلغ في التعزير أدنى الحدود أربعين سوطا (¬1). قلت: فتبين بما نقله البيهقي من اختلاف الصحابة أن لا اتفاق على عمل في ذلك فكيف يدعي نسخ الحديث الثابت، ويصار إلى ما يخالفه من غير برهان. وسبق إلى دعوى عمل الصحابة بخلافة: الأصيلى وجماعة، وعمدتهم كون عمر جلد في الخمر ثمانين، وأنّ الحد الأصلي أربعون، [والباقية] (¬2) ضربها تعزيرا، لكن حديث علي المتقدم دال على أن عمر أنما ضرب ثمانين معتقدا أنها الحد، وسيأتي قريبا ما يؤيد ذلك. وأما النسخ فلا يثبت إلا بدليل، نعم لو ثبت الإجماع لدلّ على أن هناك ناسخًا. وذكر بعض المتأخرين أنّ الحديث محمول على التّأديب الصّادر من غير الولاة كالسيد يضرب عبده، والزوج امرأته، والأب ولده. والله أعلم. 2480 - [5976]- حدثنا: "أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ إلَّا في الْحُدُودِ". أحمد (¬3) وأبو داود (¬4) والنسائي (¬5) وابن عدي (¬6) ¬
والعقيلي (¬1) من حديث عمرة، عن عائشة. وقال العقيلي: له طرق وليس فيها شيء يثبت. وذكره ابن طاهر (¬2) من رواية عبد الله بن هارون بن موسى الفروي، عن القعنبي، عن ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن أنس. وقال: هو بهذا الإسناد باطل، والحمل فيه على الفروي. ورواه الشافعي (¬3) وابن حبان في "صحيحه" (¬4) وابن عدي أيضا (¬5) والبيهقي (¬6) من حديث عائشة بلفظ: "أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ زَلَّاتِهمْ". ولم يذكر ما بعده. قال الشافعي (¬7): وسمعت من أهل العلم من يعرف هذا الحديث ويقول: "يُتَجَافَى للرَّجُل ذِي الهيئَةِ عَن عَثْرَتِه مَا لَمْ يَكُن حَدًّا". وقال عبد الحق (¬8): ذكره ابن عدي في باب واصل بن عبد الرحمن الرقاشي، ولم يذكر له علة. ¬
[قلت] (¬1): وواصل هو أبو حرة ضعيف، وفي إسناد ابن حبان أبو بكر بن نافع، وقد نصّ أبو زرعة على ضعفه في هذا الحديث. وفي الباب: [5977]- عن ابن عمر رواه أبو الشيخ في "كتاب الحدود" بإسناد ضعيف، وعن ابن مسعود رفعه: "تَجاوَزُوا عَنْ ذَنْبِ السَّخِيِّ، فإنَّ الله يَأْخذُ بِيَدِهِ عِند عَثَرَاتِه". رواه الطبراني في "الأوسط" (¬2) بإسناد ضعيف. قال الشافعي: وَذُووا الهيئات الذين يُقالُون عثراتهم هم الذين ليسوا يُعرفون بالشرّ، فيزل أحدهم الزّلّة. وقال الماوردي (¬3): في عثراتهم وجهان: أحدهما: الصغائر. والثاني: أول معصية زل فيها مطيع. 2481 - قوله: كتب عمر إلى أبي موسى لا يبلغ النّكال أكثر من عشرين سوطًا. ويُروى ثلاثين إلى أربعين. أمّا الأول؛ فرواه ابن المنذر قال: وروينا عنه: أن لا يبلغ بعقوبة أربعين. ¬
فائدة
2482 - قوله: وقد أعرض النبي - صلى الله عليه وسلم - عن جماعة استحقوا التعزير كالذي غل في الغنيمة، وكالذي لوى شدقه بيده حين حكم النبي - صلى الله عليه وسلم - للزّبير في شراج الحرّة (¬1)، وأساء الأدب. انتهى. فأما الغال: [5978]- فروى أبو داود (¬2) وابن حبان (¬3) وأحمد (¬4) والحاكم (¬5) حديثه من طريق عبد الله بن عمرو بن العاص قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أصاب (¬6) غنيمةً أمر بلالا فنادى في النّاس فيجيئون بغنائمهم فيخمسه ويقسمه، فجاء رجل يوما بعد النداء بزمام من شعر، فقال: هذا كان فيما أصبناه، فقال: سمعت بلالا ينادي ثلاثا؟ قال: نعم. قال: فما منعك أن تجيء به، فاعتذر، فقال: كلا كن أنت تجيء به يوم القيامة، فلن أقبله منك. فائدة يعكر على هذا: [5979]- ما رواه أبو داود (¬7) من حديث عبد الله بن عمرو: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حرّق متاع الغال. ¬
لكن قال البخاري (¬1): إنه لا يصحّ. * وأما حديث شراج الحرة؛ فتقدم في "باب إحياء الموات"، ولا أعلم من الذي روى فيه أن الأنصاري لوى شدقه أو يده. 2483 - حديث عمر: أنّه عزّر من زوَّر كتابًا. لم أجده. [5980]- لكن في "الجعديات" (¬2) للبغوي قال: حدثنا علي بن الجعد، حدثنا شريك، عن عاصم بن عبيد الله، عن عبد الله بن عامر قال: أتي عمر بشاهد زور، فوقفه للناس يومًا إلى اللّيل يقول: هذا فلان شهد بزور فاعرفوه، ثمّ حبسه. وعاصم فيه لين. 2484 - [5981]- حديث علي: أنه سئل عن قول الرجل للرجل: يا فاسق، يا خبيث؟ فقال: هن فواحش فيهن تعزير، وليس فيهن حد. البيهقي (¬3): من حديث عبد الملك بن عمير، عن أصحابه، عن علي في الرجل يقول للرجل: يا فاسق، يا خبيث، ليس عليه حدّ معلوم، يعزره الوالي بما يرى. ¬
وله طريق أخرى عنده عن عبد الملك، عن شيخ من أهل الكوفة، عن علي نحوه، وزاد: وإنما فيه عقوبة من السلطان فلا يعودوا. ورواه سعيد بن منصور (¬1). **** ¬
(67) كتاب ضمان الولاة
(67) كتاب ضمان الولاة
* حديث: حَدُّ الشَّارِبِ أَربِعين. تقدم. 2485 - [5982]- حديث علي: ليس أحد أقيم عليه الحد فيموت، فأجد في نفسي منه شيئا إلا حد الخمر؛ فإنّه شيء رأيناه بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولئن مات منه وَدَيْتُه -إما قال-: في بيت المال -وإما قال-: على عاقلة الإِمام، شك فيه الشّافعي. هو كما قال، رواه الشافعي (¬1) من حديث علي بن أبي طالب. وأخرجه البيهقي (¬2) من طريقه لكن في سنده [ضعف] (¬3). وأصله في "الصحيحين" (¬4) من حديث عمير بن سعيد، عن علي أنه سمعه يقول: ما كنت لأقيم على أحد حدًّا فيموت فأجد في نفسي منه شيئا، إلا صاحب الخمر؛ فإنه لو مات وديته، وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يسنه. ورواه أبو داود (¬5) بلفظ: لم يَسنّ فيه شيئا، إنما قلناه نحن. قال البيهقي (¬6): أراد -والله أعلم- أنه لم يسنّه بالسياط، وقد سنّه بالنعال ¬
وأطراف الثياب. وقال المجد ابن تيمية في "الأحكام" (¬1): معناه لم يقدّره. قلت: ورواية أبي داود ظاهرة في تأويل المجد رحمة الله عليه. * حديث عمر في التي أرسل إليها لريبة فأجهضت ذا بطنها: أن الصحابة حكموا على عمر بوجوب دية الجنين. وهذا تقدم في "الديات"، وأن الذي تولى الحكم في ذلك علي. **** ¬
(68) كتاب الختان
(68) كتاب الخِتَان
تنبيه
2486 - [5983]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر رجلا أسلم بالاختتان. أحمد (¬1) وأبو داود (¬2) والطبراني (¬3) (¬4) وابن عدي (¬5) والبيهقي (¬6) من رواية ابن جريج: أُخْبِرتُ عن عثيم بن كليب، عن أبيه، عن جده: أنّه جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأسلم، فقال له: "أَلْقِ عَنْكَ شَعْرَ الْكُفْرِ واخْتَتِنْ". وفيه انقطاع، وعثيم وأبوه مجهولان، قاله ابن القطان (¬7)، وقال: عبدان هو عثيم بن كثير بن كليب، والصحابي هو كليب، وإنما نسب عثيم في الإسناد إلى جده. قلت: وهذا قد وقع مبيَّنًا في رواية الواقدي، أخرجه ابن منده في "المعرفة". وقال ابن عدي (¬8): الذي أَخْبَر ابنَ جريج به هو إبراهيمُ بن أبي يحيى. تنبيه عُثَيم -بضم العين المهملة ثم ثاء مثلثة- بلفظ التّصغير. ¬
وفي الباب: [5984]- عن أبي برزة قال: سألنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن رجل أقلف يحجّ بيت الله؟ قال: "لَا حَتَّى يَخْتَتنَ". رواه ابن المنذر. [5985]- وعن الزهري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"مَن أَسْلَم فَلْيَخْتَتِنْ وَلَوْ كَانَ كَبِيرًا". رواه حرب بن إسماعيل. 2487 - [5986]- قوله: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "الْخِتَانُ سُنَّةٌ في الرِّجَالِ مَكْرُمَةٌ في النِّسَاءِ". أحمد (¬1) والبيهقي (¬2) من حديث الحجاج بن أرطاة، عن أبي المليح بن أسامة، عن أبيه، به. والحجاج مدلّس، وقد اضطرب فيه؛ فتارة رواه كذا. وتارةً: رواه بزيادة شدّاد بن أوس بعد والد أبي المليح، أخرجه ابن أبي شيبة (¬3)، وابن أبي حاتم في "العلل" (¬4) والطبراني في "الكبير" (¬5). وتارةً: رواه عن مكحول، عن أبي أيوب، أخرجه أحمد (¬6) وذكره ابن أبي ¬
حاتم في "العلل" (¬1) وحكى عن أبيه أنه خطأ من حجاج، أو من الراوي عنه؛ عبد الواحد بن زياد. وقال البيهقي (¬2): هو ضعيف منقطع. وقال ابن عبد البر في "التمهيد" (¬3): هذا الحديث يدور على حجاج بن أرطاة، وليس ممن يحتجّ به. قلت: وله طريق أخرى من غير رواية حجاج: [5987]- فقد رواه الطبراني في "الكبير" (¬4) والبيهقي (¬5) من حديث ابن عباس مرفوعًا، وضعّفه البيهقي في "السنن". وقال في "المعرفة" (¬6): لا يصحّ رفعه. وهو من رواية الوليد، عن ابن ثوبان، عن ابن عجلان، عن عكرمة، عنه، ورواته موثّقون إلّا أنّ فيه (¬7) تدليسًا (¬8). ¬
2488 - [5988]- حديث: أنّ النّبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأم عطية. وكانت خافضة (¬1). "أَشِمِّي ولا تَنْهَكِي (¬2) ". الحاكم في "المستدرك" (¬3) من طريق عبيد الله بن عمرو، عن زيد بن أبي أسيد، عن عبد الملك بن عمير، عن الضحاك بن قيس: كان بالمدينة امرأة يقال لها: أمّ عطيّة تخفض الجواري، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"يَا أُمَّ عَطِيَّةِ اخْفِضِي وَلَا تُنْهِكِي، فإنَّهُ أَنْضَرُ للْوَجْهِ، وَأَحْظَى عِنْدَ الزَّوْجِ". ورواه الطبراني (¬4) وأبو نعيم في "المعرفة" والبيهقي (¬5) من هذا الوجه، عن عبيد الله بن عمرو، قال: حدّثني رجل من أهل الكوفة، عن عبد الملك بن عمير، به. وقال المفضل الغلابي (¬6): سألت ابن معين عن هذا الحديث؟ فقال: ¬
الضحاك بن قيس هذا ليس [بالفهري] (¬1). قلت: أورده الحاكم وأبو نعيم في ترجمة الفهري. وقد اختلف فيه على عبد الملك بن عمير؛ فقيل عنه كذا. وقيل: عنه، عن عطية القرظي، قال: كانت بالمدينة خافضة يقال لها أمّ عطية، فذكره. رواه أبو نعيم في "المعرفة". وقيل: عنه، عن أم عطية، رواه أبو داود في "السنن" (¬2)، وأعله بمحمّد بن حسان، فقال: إنّه مجهول ضعيف. وتبعه ابن عدي (¬3) في تجهيله والبيهقي (¬4). وخالفهم عبد الغني بن سعيد (¬5) فقال: هو محمَّد بن سعيد المصلوب، وأورد هذا الحديث من طريقه في ترجمته من "إيضاح الشّكّ". وله طريقان آخران: [5989]- رواه ابن عدي (¬6) من حديث سالم بن عبد الله بن عمر. ورواه البزار من حديث نافع، كلاهما عن عبد الله بن عمر رفعه: "يَا نِسَاءَ الأَنْصَارِ اخْتَضِبْنَ غَمْسًا، وَاخْفِضْنَ (¬7) وَلا تَنْهكْنَ، فإنّه أَحْظَى عِنْدَ ¬
أَزْوَاجِكُنَّ، وَإيَّاكُنَّ وكُفْرَانَ النِّعمِ". لفظ البزار. وفي إسناده مندل (¬1) بن علي وهو ضعيف. وفي إسناد ابن عدي: خالد بن عمرو القرشي وهو أضعف من مندل. [5990]- ورواه الطبراني في "الصغير" (¬2) وابن عدي (¬3) أيضا عن أبي خليفة، عن محمّد بن سلام الجمحي، عن زائدة بن أبي الرقاد، عن ثابت، عن أنس نحو حديث أبي داود. قال ابن عدي: تفرد به زائدة عن ثابت. وقال الطبراني: تفرد به محمّد بن سلام. وقال ثعلب (¬4): رأيت يحيى بن معين في جماعة بين يدي محمّد بن سلام، فسأله عن هذا الحديث (¬5). وقد قال البخاري (¬6) في زائدة: إنّه منكر الحديث. وقال ابن المنذر: وليس في الختان خبر يرجع إليه، ولا سند يتبع. 2489 - حديث: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ختن الحسن والحسين يوم السّابع من ولادتهما. ¬
الحاكم والبيهقي من حديث عائشة. [5991]- والبيهقي (¬1) من رواية جابر، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عقّ عن الحسن والحسين، وختنهما لسبعة أيام. * حديث عمر في قصة المرأة التي أجهضت. تقدم في "الديات". **** ¬
(69) كتاب الصيال
(69) كتاب الصِّيال
2490 - [5992]- حديث: "انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظلُومًا". الحديث. البخاري (¬1) من حديث أنس، ومسلم (¬2) من حديث جابر. وفي الباب: [5993]- عن عائشة عند الطبراني في "الأوسط" (¬3). * حديث سعيد بن زيد: "مَنْ قُتِل دُون أَهلِه فَهو شَهِيدٌ، وَمَن قُتِل دُونَ مَالِهِ فَهُو شَهِيد". تقدم في "صلاة الخوف"، وهو في "السنن الأربعة". 2491 - [5994]- حديث حذيفة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في وصف الفتن: "كُنْ عَبدَ الله المقْتُولَ وَلَا تَكنْ عَبْدَ اللهِ الْقَاتِلَ". هذا الحديث لا أصل له من حديث حذيفة، وإن زعم إمام الحرمين في "النهاية" أنه صحيح، فقد تعقبه ابن الصّلاح وقال: لم أجده في شيء من الكتب المعتمدة، وإمام الحرمين لا يعتمد عليه في هذا الشّأن. انتهى. [5995]- وقد أخرج مسلم (¬4) من طريق أبي سلام، عن حذيفة قال: قلت يا ¬
رسول الله، إنّا كنّا بِشَرٍّ فجاءنا الله بخير فنحن فيه، فهل من وراء هذا الخير شرّ؟ قال: "نَعَمْ ... "، الحديث. وفيه: "تَسْمَعُ وَتُطِيعُ، وَإنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ". [5996]- وقد روى الطبراني (¬1) من حديث شهر بن حوشب عن جندب بن سفيان في حديث، قال في آخره: "فَكُنْ عَبْدَ الله الْمَقْتولَ". [5997]- من حديث خباب (¬2) مثل هذا، وزاد: "وَلَا تَكُنْ عَبْدَ الله الْقَاتِلَ". ورواه أحمد (¬3) والحاكم (¬4) والطبراني (¬5) أيضًا، وابن قانع (¬6) من حديث حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أبي عثمان، عن خالد بن عرفطة بلفظ: "سَتَكُونُ فِتْنَةٌ بَعْدِي وَأَحْدَاثٌ واخْتِلَافٌ، فَإِن اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ عَبْدَ الله الْمَقْتُولَ لَا الْقَاتِلَ فَافْعَلْ". وعلي بن زيد هو ابن جدعان ضعيف [لكن اعتضد بما ترى] (¬7). 2492 - [5998]- قوله: وفي بعض الأخبار: "كُن خَيرَ ابْنَيْ آدَمَ". يعني قابيل وهابيل. ¬
أحمد (¬1) والترمذي (¬2) من حديث سعد بن أبي وقاص أنه قال عند فتنة عثمان (¬3): أشهد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّها سَتَكونُ فِتْنَةٌ القَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ ... " الحديث وفيه: فَإِن دَخَل عَلى بَيْتِي وَبَسَط يَدَه إِلَيَّ لِيقتُلَنِي؟ قال: " [كُن] (¬4) كَابْنِ آدَمَ". [5999]- ورواه أحمد (¬5) من حديث ابن عمر بلفظ: "مَا يَمْنَعُ أَحَدَكُم إِذَا جَاءَ أَحَدٌ يُريد قَتْلَه أنْ يَكونَ مِثْلَ ابْنِ آدَمَ؛ الْقَاتِلُ في النّار والْمَقْتُولُ في الجنَّة". [6000]- وروى أحمد (¬6) وأبو داود (¬7) والترمذي (¬8) وابن ماجه (¬9) وابن حبان (¬10) من حديث أبي موسى الأشعري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في الفتنة: "كَسِّرُوا فِيهَا قِسِيَّكُمْ، وَأَوْتَارَكُمْ وَاضْرِبُوا سيُوفَكُمْ بِالْحِجَارَةِ، فَإِن دُخِل عَلَى أَحَدِكُمْ بَيْتَهُ فَلْيَكُنْ كَخَيْرِ ابْنَيْ آدَمَ". وصححه القشيري في آخر "الاقتراح" (¬11) على شرط الشّيخين. ¬
2493 - [6001]- قوله: روي أن سعد بن عبادة قال: يا رسول الله، أرأيت إن وجدت مع امرأتي رجلًا أُمهله حتّى آتي [معي] (¬1) بأربعة شهداء، قال: "كَفَى بِالسَّيْفِ شَا". أراد أن يقول: شاهدًا فقطع الكلمة. ثمّ قال: "حَتَّى تَأتِي بِأَرْبَعَةِ شُهدَاء". عبد الرزاق في "مصنفه" (¬2) عن معمر، عن كثير بن زياد، عن الحسن: أنّه سئل عن الرجل يجد مع امرأته رجلًا؟ فقال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كَفَى بِالسَّيْفِ شَا" يريد أن يقول: شاهدا، فلم يُتمّ الكلمة. وعن معمر عن الزهري أنه ذكر قول سعد بن عبادة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يَأَبَى الله إلَّا الْبَيِّنَة". [6002]- وأصل الحديث في "صحيح مسلم" (¬3) من حديث أبي هريرة، أن سعد بن عبادة قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لو أني وجدت مع امرأتي رجلًا أمهله حتى آتي بأربعة شهداء؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "نَعَمْ ... " الحديث. [6003]- ورواه أبو داود (¬4) من حديث عبادة بن الصامت، ولفظه: قال ناس لسعد بن عبادة: يَا أبا ثابت، قد نزلت الحدود، فلو أنك وجدت مع امرأتك رجلًا كيف كنت صانعًا؟ قال: كنت ضاربَهما بالسيف حتى يسكنا، أفأنا ذاهب ¬
فأجمع أربعة شهداء، فإذا ذلك قد قضى الآخر حاجته وانطلق، فاجتمعوا عند رسول الله فقالوا: ألم تر ما قال أبو ثابت؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كَفَى بِالسَّيْفِ شَاهِدًا"، ثم قال: لا أخاف أن يتتابع فيه السكران والغيران. وأحمد (¬1) من حديث سعيد بن سعد بن عبادة، ولم أر قوله: "كَفَى بالسَّيْف شَا" على الاكتفاء كما سبق إلا في مرسل الحسن المتقدم. 2494 - [6004, 6005] حديث يعلى بن أمية: غزوت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جيش العسرة، وكان لي أجير، فقاتل إنسانًا فعضّ أحدُهما يدَ الآخر ... الحديث. متفق عليه (¬2) من حديث يعلى، ومن حديث عمران بن حصين، وعند مسلم (¬3) تسمية الرجل العاضّ بأنّه يعلى. 2495 - [6006]- حديث سهل بن سعد: [أنّ رجلًا اطّلع من جحر] (¬4) في حجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - ومع النبي - صلى الله عليه وسلم - مِدْرًى يُرجِّل به (¬5) رأسه فلما] (¬6) رآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لَو أَعْلَمُ أَنَّكَ ¬
تَنْظُرُنِي [لَطَعَنْتُ بِهِ في عَيْنِكَ] (¬1)، إِنَّما جَعَل الاسْتِئذَان مِنْ أَجَلِ النَّظَرِ". متفق (¬2) عليه (¬3) وله ألفاظ. 2496 - [6007]-[قوله: ويروى أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يخاتله النّظر ليرمي عينه بالمدرى. متفق عليه (¬4) من حديث أنس، وله ألفاظ أيضًا] (¬5). 2497 - [6008]- حديث أبي هريرة: "لَوِ اطّلَع أَحَدٌ في بَيْتِكَ وَلَمْ تَأْذَنْ لَهُ، فَخَذَفْتَهُ بِحَصَاةٍ فَفَقَأْتَ عَيْنَهُ، مَا كَانَ عَلَيكَ مِنْ جُنَاح". متفق عليه (¬6) من حديثه من رواية أبي الزّناد عن الأعرج، عنه. ¬
تنبيه
تنبيه قوله: خذفته -هو بالخاء المعجمة. 2498 - [6009]- قوله: ويروى: "وَلَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ". وهذه الرّواية أخرجها أحمد (¬1) والنسائي (¬2) وأبو داود (¬3) وابن حبان (¬4) والبيهقي (¬5) من حديث أبي هريرة أيضًا، من رواية قتادة، عن النضر بن أنس، عن بشير بن نهيك، عنه، بلفظ: "وَلَا قِصاصَ" بدل: "قَوَد". [6010]- وفي رواية للبيهقي (¬6) من حديث ابن عمر: "مَا كَانَ عَلَيْهِ فِيهِ شَيْءٌ". 2499 - [6011]- حديث: أنّ جارية كانت تحتطب فراودها رجلٌ عن نفسها، فرمته بفِهرٍ فقتلته، فوفع ذلك إلى عمر فقال: قتيل الله، والله لا يُودَى أبدًا. البيهقي (¬7) من حديث عبيد بن عمير: أن رجلًا أضاف إنسانًا (¬8) من هذيل، ¬
فذهبت جاريةٌ لهم تحتطب، فراودها رجل عن نفسها ... الحديث. وأورده من وجه آخر عن عبد الله بن عبيد بن عمير، فذكره مطولًا، وفيه انقطاع. وسَمّى المقتول: غُفْل -بضم الغين المعجمة وسكون الفاء- فقال: هو كاسمه. وأبطل دمه. 2500 - [6012]- حديث: أن عثمان منع من عنده من الدّفع يوم الدار، وقال: من ألقى سلاحه فهو حرّ. لم أجده. [6013]- وفي ابن أبي شيبة (¬1) من طريق [عبد الله] (¬2) بن عامر سمعت عثمان يقول: إن أعظمكم عندي حقًا من كفّ سلاحه ويده. **** ¬
باب ضمان ما تتلفه البهائم
باب ضَمان ما تُتلفه البهَائِم 2501 - [6014]- حديث حرام بن سعد بن محيصة: أنّ ناقة للبراء دخلت حائط قوم فأفسدت فيه، فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن على أهل الأموال حفظها بالنهار، وما أفسدته المواشي بالليل فهو ضامن على أهلها. مالك في "الموطأ" (¬1) والشافعي (¬2) عنه وأحمد (¬3) وأبو داود (¬4) والنسائي (¬5) وابن ماجه (¬6) والدارقطني (¬7) وابن حبان (¬8) والحاكم (¬9) والبيهقي (¬10). وقال الشافعي (¬11): أخذنا به لثبوته واتصاله، ومعرفة رجاله. قلت: ومداره على الزهري واختلف عليه؛ فقيل هكذا، وهذه رواية الموطأ، ¬
وكذلك رواية الليث عن الزهري عن ابن محيصة لم يسمه: أن ناقة ... ورواه معن بن عيسى (¬1) عن مالك، فزاد فيه: عن جده محيصة. ورواه معمر عن الزهري، عن حرام، عن أبيه، ولم يتابع عليه، أخرجه أبو داود (¬2) وابن حبان (¬3). ورواه الأوزاعي وإسماعيل بن أمية وعبد الله بن عيسى، كلُّهم عن الزّهري، عن حرام، عن البراء. وحرام لم يسمع من البراء، قاله عبد الحق (¬4) تبعًا لابن حزم (¬5). ورواه النسائي (¬6) من طريق محمَّد بن أبي حفصة، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن البراء. ورواه ابن عيينة، عن الزهري، عن حرام وسعيد بن المسيب: أنّ البراء. ورواه ابن جريج، عن الزهري: أخبرني أبو أمامة بن سهل: أنّ ناقةً للبراء. ورواه ابن أبي ذئب، عن الزهري قال: بلغني أنّ ناقة للبراء ... **** ¬
(70) كتاب السير
(70) كتاب السِّيَر
قال رَحِمه اللهُ: ترجم الكتاب بالسير: لأن الأحكام المودعة فيه متلقاة من سير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزواته. قلت: فمقتضى هذا أن (¬1) يُتَتَبّع ما ذُكر فيه، ويُعزى إلى من خرَّجه إن وُجد. ¬
باب وجوب الجهاد
باب وجوب الجهاد * حديث: "أُمِرْتُ أنْ أُقاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَه إلَّا الله .. "، الحديث. متفق عليه من حديث عمر (¬1) وأبي هريرة (¬2) وابن عمر (¬3). وتقدم في "الديات". * حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - سئل: أيّ الأعمال أفضل؟ فقال: "الصَّلاةُ لِوَقْتِهَا"، قيل: ثمّ أيّ؟ قال: "بِرّ الْوَالِدَيْن" قيل: ثمّ أيّ؟ قال: "الْجِهَادُ في سَبِيلِ الله". متفق عليه من حديث ابن مسعود وقد تقدم في "التيمم". 2502 - [6015, 6016]- حديث: "والَّذي نَفْسِي بِيَدِه لَغَدْوَةٌ في سَبِيلِ الله أَوْ رَوْحَةٌ خيرٌ مِنَ الدّنْيَا وَمَا فِيهَا". متفق عليه (¬4) من حديث أنس وسهل بن سعد. ¬
[6017]- ولمسلم (¬1) عن أبي أيوب الأنصاري. 2503 - [6018، 6019]- حديث: "لَا هجرةَ بَعْدَ الفتح". متفق عليه (¬2) من حديث ابن عباس، ومن حديث عائشة. [6020]- وأخرجه النسائي (¬3) عن صفوان بن أمية. 2504 - قوله: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لما بعث أمر بالتبليغ والإنذار بلا قتال. هذا مستفاد من: [6021]- حديث ابن عباس: أنّ عبد الرحمن بن عوف وأصحابا له أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: يا نبي الله كنا في عِزٍّ ونحن مشركون، فلما أسلمنا صرنا أذلّة. فقال: "إنّي أُمِرْتُ بِالْعَفْوِ فَلا تُقَاتِلُنَّ الْيَوْمَ"، فلما حوّله إلى المدينة أمر بالقتال. أخرجه الحاكم (¬4) وقال: على شرط البخاري. 2505 - [6022]- قوله: وتبعه قوم بعد قوم. ابن سعد (¬5): أخبرنا الواقدي، عن معمر، عن الزهري قال: دعا رسول الله إلى الإِسلام سرًّا وجهرًا، فاستجاب الله من شاء من أحداث الرّجال وضعفاء النّاس، حتى كثر من آمن به. ¬
2506 - قوله: وفرضت الصّلاة عليه بمكّة. هذا مستفاد من حديث الإسراء؛ لأنه كان بمكة باتفاق الأحاديث. 2507 - قوله: وفرض عليه الصوم بعد سنتين. هذا تَبع فيه القاضي أبا الطيب وصاحبَ "الشامل"، وجزم في "زوائد الروضة" (¬1): أنه فرض في السنة الثانية، وفرضت زكاة الفطر معه قبل العيد بيومين، وبه جزم الماوردي، وزاد: أنه صلى فيها العيدين؛ الفطر والأضحى. [6023]- وهذا أخرجه ابن سعد (¬2) عن شيخه الواقدي، من حديث عائشة وابن عمر وأبي سعيد قالوا: نزل فَرْضُ رمضان بعد ما صُرفت القبلة إلى الكعبة بشهرٍ في شعبان، على رأس ثمانية عشر شهرًا من مهاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأمر في هذه السنة بزكاة الفطر، وذلك قبل أن تفرض الزكاة في الأموال، وصلى يوم الفطر بالمصلى قبل الخطبة، وصلى العيد يوم الأضحى، وأمر بالأضحية. 2508 - قوله: واختلفوا هل فرضت الزّكاة قبل الصوم أو بعده. قلت: تقدّم قول من قال بعده. وأما قبله؛ فقيل: قبل الهجرة. * قوله: وفرض الحج سنةَ ستٍّ، وقيل: سنة خمسٍ. تقدم الكلام عليه في "الحج". ¬
* قوله: وكان القتال ممنوعًا عنه في ابتداء الإسلام. تقدم قريبا. 2509 - قوله: ولما هاجر النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬1) إلى المدينة وجبت الهجرة إليها على من قدر على ذلك. استدل المصنف لذلك بقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا ...} الآية. 2510 - [6024]- قوله: فلما فُتحت مكة ارتفعت فريضة الهجرة عنها إلى المدينة، وعلى ذلك يحمل قوله: "لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتحِ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ". هذا متفق عليه (¬2) من حديث ابن عباس. [6025]- وفي البخاري (¬3) عن عائشة، قالت: انقطعت الهجرة منذ فتح الله على نبيّه مكّة. 2511 - قوله: وبقي وجوب الهجرة عن دار الكفر في الجملة. ¬
هو مستفاد من: [6026]- حديث عبد الله بن السّعدي رفعه: "لَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ مَا قُوتِلَ الْعَدُوّ". رواه النسائي (¬1) وابن حبان (¬2). [6027]- ولأبي داود (¬3): عن معاوية مرفوعًا: "لَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ حَتى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ، وَلَا تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتَّى تَطْلَعَ الشَمْسُ مِن مَغْرِبِهَا". 2512 - قوله: لم يعبد النبي - صلى الله عليه وسلم - صنمًا قطّ، وورد عنه أنَّه قال - صلى الله عليه وسلم -: "مَ اكفَر بِاللهِ نَبِيٌّ قَطّ". أما الأول؛ فمستفاد من حديث علي الذي أخرجه ابن حبان .... (¬4). وأمَّا الثاني؛ فرواه ... 2513 - قوله: وفي البيان: أنَّه قبل أنَّ يبعث كان متمسكا بشرع إبراهيم الخليل عليه السلام. لم أَرَ هَذَا. ¬
2514 - [6028]- حديث: "مَن جَهَّزَ غَازِيًا فَقَدْ غَزَا، وَمَن خَلَفَ غَازِيًا في أَهْلِهِ وَمَالِهِ فَقَدْ غَزَا". متفق عليه (¬1) من حديث زيد بن خالد دون قوله: "وماله". [6029]- وروى مسلم (¬2) من حديث أبي سعيد: "أَيّكُمْ خَلَفَ الْخَارِجَ في أَهْلِهِ وَمَالِهِ كَانَ لَهُ مِثْلُ نِصْفِ أَجْرِ الْخَارجِ". واستدركه الحاكم (¬3) فوهم. 2515 - [6030]- حديث: أنَّه - صلى الله عليه وسلم - غزا بدرًا في السنّة الثانية من الهجرة، وأحدًا في الثّالثة، وذات الوقاع في الرّابعة، وغزوة الخندق في الخامسة، وغزوة بني النضير في السادسة، وفتح خيبر في السابعة، وفتح مكة في الثامنة، وغزوة تبوك في التاسعة. أما غزوة بدر في الثانية؛ فمتفق عليه بين أهل السير: ابن إسحاق وموسى بن عقبة وأبو الأسود وغيرهم. واتفقوا على أنها كانت في رمضان. قال ابن عساكر (¬4): والمحفوظ أنها كانت يوم الجمعة، وروي: أنها كانت يوم الإثنين وهو شاذ. ¬
تنبيه
ثم الجمهور على أنها كانت سابع عشرة (¬1)، وقيل: تاني عشرة (¬2)، وجمع بينهما: بأن الثاني ابتداء الخروج، والسابع عشر يوم الوقعة (¬3). [6031]- وأما غزوة أحد في الثالثة؛ فمتفق عليه أيضا، وأنها كانت في شوال، لكن عند ابن سعد (¬4): كانت لسبعٍ خَلَوْن منه. وعند ابن عائذ: لإحدى عشرة ليلة خلت منه. وأما غزوة ذات الرقاع؛ فهو قول الأكثر، وبه جزم ابن الجوزي في "التلقيح"، وقال النووي (¬5): الأصح أنها كانت في أوّل المحرم، سنة خمس. قلت: فيجمع بينهما على أنَّ الخروج إليها كان في أواخر الرابعة، والانتهاء في أول المحرم. لكن عند ابن إسحاق: أنها كانت في جمادى سنة أربع. تنبيه قيل: كانت غزوة (¬6) ذات الرقاع وقعت مرتين؛ الأولى هذه، وفيها صَلَّى النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف كما تقدم. والثانية: بعد خيبر، وشهدها أبو موسى الأشعري، كما ثبت في "الصحيحين" (¬7)، وسميت الأولى ذاتَ الرقاع بجبل صغير، والثانية -كما ¬
قال (¬1) أبو موسى- بالرقاع التي لفوا بها أرجلهم من الحفاء، وبهذا يرتفع الإشكال الذي أشار إليه البخاري (¬2) وأحوجه إلى أنَّ يقول: إن ذات الرقاع كانت سنة سبع. وأما غزوة الخندق؛ فبهذا جزم ابن الجوزي في "التلقيح"، وعند ابن إسحاق: كانت في شوال سنة خمس. وعند ابن سعد (¬3) في ذي القعدة، والأصح أنها كانت في سنة أربع، وبه جزم موسى بن عقبة، وأبو عبيد في "كتاب الأموال"، واحتج له النّووي (¬4) بحديث ابن عمر (¬5): عرضت على النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة فلم يجزني، وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة فأجازني. قال: وقد أجمعوا على أنَّ أُحدا في الثالثة. قلت: ولا حجّة فيه؛ لأن أحدا كانت في شوال؛ فيحمل على أنَّه كان في أحد طعن في الرابعة عشر، وفي الخندق استكمل الخامسة عشر، فلعله كان في أحد في نصف الرابعة عشر مثلا، فلا يستكمل خمس عشرة إلا أثناء سنة خمس، إلا أنَّه يعكر على هذا الجمع ما جزموا به من أنها كانت أيضا في شوال. ¬
تنبيه
تنبيه صحَّح الحافظ شرف الدين الدمياطي: أنَّ غزوة المريسيع كانت في سنة خمس، وأما ابن دحية فصحّح أنّها كانت في سنة ست. وأمّا غزوة بني النضير، فتبع فيه إمام الحرمين وهو غلط: [6032]- ففي "صحيح البخاري" (¬1) عن عروة بن الزبير: أنها كانت بعد بدر بستة أشهر. [6033]- وعن ابن شهاب: أنها كانت في المحرّم سنة ثلاث. وبه جزم ابن الجوزي في "التلقيح" والنووي في "الروضة" (¬2) وغيرها. وقال الماوردي (¬3): كانت في ربيع الأول سنة أربع. وهذا قول ابن إسحاق. فائدة كانت الحديبية في سنة ستّ بلا خلاف. وأما غزوة خيبر في السابعة؛ فهو المشهور الذي عليه الجمهور من أهل المغازي. ونقل ابن الطّلّاع عن ابن هشام: أنها في سنة ستّ وهو نقل شاذ، وإنما ذكر ابن إسحاق ومن تبعه: أنها كانت في بقية المحرم سنة سبع. وأما فتح مكة؛ فمتفق عليه، وأنه كان في رمضان سنة ثمان. وأما غزوة تبوك؛ فمتفق عليه بيت أهل المغازي، وكان في رجب، وخالف الزمخشري فذكر في "الكشاف" (¬4) في سورة براءة: أنها كانت في العاشرة. ¬
تنبيه
تنبيه هذا الذي ذكره المصنّف يوهم أنّ هذا جميع ما غزاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وليس كذلك؛ فإنه غزا - صلى الله عليه وسلم - بنفسه غزوات أخرى، لكن غالبها لم يقع فيه قتال، فممّا قاتل فيه: بني قريظة، وحنين، والطائف. ومما لم يقاتل فيه: بني غطفان، وقرقرة الكدر، وبني لحيان، وبدر الموعد، ودومة الجندل، وغير ذلك. * حديث: أنَّه - صلى الله عليه وسلم - أنكر على معاذ طول الصلاة. تقدم في أواخر "كتاب صلاة الجماعة". * حديث: "رُفِعَ الْقَلَمُ عَن ثَلَاثٍ ... ". تقدم في أثناء "باب المواقيت". 2516 - [6034]- حديث ابن الزبير: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - ردّ يوم بدر نفرًا من أصحابه استصغرهم. لم أره عن ابن الزبير. [6035]- وقد روى البخاري (¬1) عن البراء بن عازب قال: استُصْغِرتُ (¬2) أنا وابنُ عمر يوم بدر. ¬
[6036]- وروى الحاكم في "المستدرك" (¬1) من حديث سعد بن أبي وقاص: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - عرض جيشًا فردّ عمير بن أبي وقاص فبكى، فأجازه. [6037]- وروى (¬2) في مناقب سعد بن خيثمة: أنَّه استصغر هو وزيد بن حارثة يوم بدر. [6038]- وروى الحاكم (¬3) والبيهقي (¬4): أنّه رد أيضا أبا سعيد الخدري وجابر ابن عبد الله. وفي ابن ماجه (¬5): أنَّه رد ابن عمر. 2517 - [6039]- حديث عائشة: أنّها سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - هل على النّساء جهاد؟ قال: "نَعَمْ جِهَادٌ لَا شَوْكَ فيه: الحجُّ وَالْعُمْرَةُ". ابن ماجه (¬6) والبيهقي (¬7) من حديثها بلفظ: "لَا قِتالَ فِيه". وأصله في ¬
تنبيه
"صحيح البخاري" (¬1). وفسّر الرافعي قوله: "لا شَوْكَ فِيهِ" يعني: لا سلاح فيه، وغلط في عزو هذا المتن إلى عائشة، وإنما هو من: [6040]- حديث الحسين بن علي كذا رواه الطبراني في "الكبير" (¬2) من حديثه، قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنّي جبان، وإني ضعيف، فقال: "هَلُمّ في جِهَادٍ لَا شَوْكَ فيه ... ". الحديث. تنبيه [6041]- روى النّسائي (¬3) عن أبي هريرة: "جِهَادُ الْكَبِيرِ وَالضَّعِيفِ وَالْمَرْأَةِ الْحَجّ وَالْعُمْرَةُ". [6042]- وروى ابن ماجه (¬4) عن أم سلمة: "الْحَجّ جِهَادُ كُلّ ضَعِيفٍ". 2518 - [6043]- قوله: روي أنَّه - صلى الله عليه وسلم - كان يبايع الأحرار على الإسلام والجهاد، والعبيد على الإسلام دون الجهاد. النسائي (¬5) من حديث جابر: أنّ عبدًا قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - فبايعه على الجهاد والإِسلام، فقدم صاحبه فأخبره أنّه مملوك فاشتراه - صلى الله عليه وسلم - منه بعبدين، فكان بعد ¬
ذلك إذا أتاه من لا يعرفه ليبايعه سأله: أحر هو أم عبد؟ فإن قال حر بايعه على الإِسلام والجهاد، وإن قال: مملوك؛ بايعه على الإِسلام دون الجهاد. وأصله في "صحيح مسلم" (¬1). [6044]- وعن الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان في بعض مغازيه فمَرّ بأناس من مزينة، فأتبعه عبد لامرأة منهم، فلما كان في بعض الطّريق سلم عليه، فقال: "فُلَانٌ؟ " قال: نعم. قال: "مَا شَأْنُكَ؟ " قال: أجاهد معك. قال: "أَذِنَتْ لَكَ سيِّدَتُكَ؟ " قال: لا. قال: "ارْجِعْ إِلَيْها، فإن مَثَلَكَ مَثَلُ عبدٍ لا يُصلِّي إنْ متَّ قَبل أنَّ تَرْجِع إِلَيْهَا، اقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلام"، فرجع إليها فأخبرها الخبر، فقالت: آلله هو (¬2) أمرك أنَّ تقرأ علي السلام؟ قال: نعم، قالت: ارجع فجاهد معه. أخرجه الحاكم (¬3). * حديث عبد الله بن عمر: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فاستأذنه في الجهاد؟ فقال: أَحَيٌّ وَالِدَاكَ؟ قال: نَعَم، قال "ففِيهِمَا فَجَاهِدْ". متفق عليه (¬4)، وقد تقدم في "باب الإحصار والفوات". ¬
2519 - [6045]- قوله: ويروى: أنّ رجلا جاء فاستأذنه فقال: إني أريد الجهاد معك، فقال: "أَلَكَ أَبَوَانِ؟ " قال: نعم، قال: "كيفَ تَرَكتَهمَا؟ " قال: تركتهما وهما يبكيان، فقال: "فارْجِعْ إِلَيهِمَا فَأَضْحِكْهُمَا كما أَبْكَيْتَهُمَا". رواه أبو داود (¬1) والنسائي (¬2) وابن ماجه (¬3) من حديث ابن عمر أيضًا. وفي الباب: [6046]- عن أبي أَسيد قال: جاء رجل من الأنصار وأنا جالس، فقال: يا رسول الله، هل بقي علي من بِرّ أبوي شيء بعد موتهما أبرهما به؟ قال: "نَعَمْ خِصَالٌ أَرْبَعٌ: الصَّلاةُ عَليهِمَا، وَالاسْتِغْفَارُ لَهمَا، وَإنْفَاذُ عَهْدِهِمَا، وَإكْرَامُ صَدِيقِهِمَا، وَصِلَةُ الرَّحِمِ الَّتي لَا رَحِمَ لَكَ إلَّا مِن قِبَلِهمَا هُو الَّذي بَقِيَ عَلَيْكَ مِنْ بِرِّهِمَا بَعْد مَوْتِهِمَا". رواه أحمد (¬4) وأبو داود (¬5) وابن ماجه (¬6). 2520 - قوله: وكان عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول يغزو مع ¬
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬1)، ومعلومٌ أنَّ أباه كان يكره ذلك، فإنه كان يخَذِّل الأجانبَ ويمنعهم من الجهاد. أما غزو عبد الله بن عبد الله فقد عدّه ابن إسحاق وغيره فيمن شهد بدرًا وأحدًا وما بعدهما. وأما تخذيل عبد الله بن أبي؛ فوقع في غزوة أحد وغيرها، كما ذكره ابن إسحاق وغيره. 2521 - [6047]- حديث: أنّ أعرابيًّا قعد عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واستحسن كلامه، فاستأذنه في أن يقبِّل وجهه، فأذن له، ثم استأذن أن يقبِّل يده، فأذن له، ثم استأذن في أن يسجد له، فلم يأذن له. الحاكم (¬2) وأبو نعيم في "دلائل النبوة" (¬3) من حديث بريدة مطوّلا، من رواية حبان بن علي العنزي -وهو ضعيف- عن صالح بن حيان (¬4) -وهو ضعيف-. ¬
وتابعه تميم بن عبد المؤمن عن صالح بن حيان، قاله أبو نعيم. وفي تقبيل اليد أحاديث جمعها أبو بكر بن المقري في جزء سمعناه، منها: [6048]- حديث ابن عمر في قصة قال: فدنونا من النبي - صلى الله عليه وسلم - فقبَّلْنَا يدَه، ورجلَه. رواه أبو داود (¬1). ومنها: [6049]- حديث صفوان بن عسال قال: قال يهوديّ لصاحبه: اذهب بنا إلى هذا النَّبي ... الحديث، وفيه: فقبّلا يده ورجله، وقالا: نشهد أنّك نبي. رواه أصحاب "السنن" (¬2) بإسناد قوي. [6050]- ومنها: حديث الزّارع أنَّه كان في وفد عبد القيس قال: فجعلنا نتبادر من رواحلنا فنقبل يد النبي - صلى الله عليه وسلم - ... الحديث. رواه أبو داود (¬3). [6051]- وفي حديث الإفك: عن عائشة قالت: فقال لي أبو بكر: قومي فقبِّلِي رأسَه (¬4). [6052]- وفي "السنن الثلاثة" (¬5) عن عائشة قالت: مَا رأيت أحدًا كان أشبه ¬
سَمتا وهديًا ودَلّا (¬1) برسول الله - صلى الله عليه وسلم - من فاطمة، وكان إذا دخلت عليه قام إليها فأخذ بيدها، فقبَّلَها وأجلسها في مجلسه، وكانت إذا دخل عليها قامت إليه فأخذت بيده فقبلته، وأجلسته في مجلسها (¬2). 2522 - قوله: وردت أخبارٌ كثيرة مشهورة في السلام وإفشائه. هو كما قال، فمنها: [6053]- حديث عبد الله بن عمرو بن العاص: أنَّ رجلًا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - أي الإِسلام خير؟ قال: "تُطْعِمُ الطَّعامَ، وَتَقْرَأُ السَّلامَ عَلَى مَنْ عَرفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ". متفق عليه (¬3). [6054]- ومنها: حديث أبي هريرة: "لَا تَدْخُلُون الجنَّةَ حَتى تُؤْمِنُوا، وَلا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إذَا فَعَلْتُموهُ تَحَابَبْتُمْ؛ أَفْشُوا السَّلامَ بَيْنَكُمْ". أخرجه مسلم (¬4) وأصحاب "السنن" (¬5) غير النّسائي. ¬
[6055]- وعن الزبير بن العوام عند البزار (¬1) بإسناد حسن. [6056]- ومنها: حديث البراء: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسبع: إفشاء السلام ... الحديث. متفق عليه (¬2). [6057]- ولابن حبان (¬3) من حديثه: "أَفْشُوا السَّلامَ تَسْلَمُوا". [6058]- ومنها: حديث عبد الله بن عمر: "واعْبُدوا الرَّحْمَن، وأَفْشُوا السَّلامَ، وَأَطْعِمُوا الطعَامَ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ". رواه ابن حبان (¬4) والترمذي (¬5). [6059]- ومنها: حديث عبد الله بن سلام: "يَا أَيُّها النّاسُ أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطعَامَ وَصِلُوا الأَرْحَامَ، وَصلّوا بِاللَّيْلِ وَالناسُ نِيَامٌ تَدْخُلُوا الْجَنَّة بِسَلَامٍ". رواه أصحاب "السنن" (¬6) وابن حبان (¬7) والحاكم (¬8). [6060]- ومنها: حديث أبي شريح باللّفظ المذكور، رواه ابن حبان (¬9) أيضا. [6061]- وعن أبي هريرة قال: "إذَا لَقِيَ أَحَدُكُمْ أَخَاه فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ (¬10)، ¬
فَإِنْ حَالَتْ بَيْنَهُمَا شَجَرَةٌ أَوْ جِدَارٌ أَوْ حَجَرٌ ثُمَّ لَقِيَه فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ أيضًا". رواه أبو داود (¬1) من رواية أبي مريم عنه موقوفا، ومن رواية عبد الوهاب بن بخت، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة مرفوعًا. [6062]- وعن أنس بن مالك قال: كنا إذا كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتفرق بيننا شجرة، فإذا التقينا سَلّم بعضنا على بعض. رواه الطبراني (¬2) بإسناد حسن. [6063]- ومنها: حديث أبي أمامة، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنّ أَوْلَى النَّاسِ بِالله مَنْ بَدَأَهُم بِالسَّلَام". رواه أبو داود (¬3) والترمذي (¬4) وحسنه. ومنها: أحاديث أبي أيوب، وعبد الله بن عمرو، وعلي، وأبي هريرة، وستذكر بعد قليل. [6064]- وعن أبي شريح أنَّه قال: يا رسول الله أخبرني بشيءٍ يُوجب الجنّة قال: "طِيبُ الْكَلَامِ وَبَذْلُ السَّلَامِ وإِطْعَامُ الطَّعَام". رواه ابن حبان (¬5)، والطبراني (¬6) والحاكم (¬7). وفي رواية للطبراني (¬8): قلت: يا رسول الله دلني على عمل يدخلني الجنة، ¬
قال: "إنَّ مِنْ مُوجِبَات الْمَغْفِرَةِ بَذْلَ السَّلامِ وَحُسْنَ الْكَلَامِ". [6065]- وعن أبي الدرداء قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَفْشُوا السَّلامَ كَيْ تَسْلَمُوا" (¬1). [6066]- وعن ابن مسعود مرفوعًا، قال: "السَّلامُ اسْمٌ مِن أسْمَاءِ الله تَعَالَى وَضَعَهُ في الأَرْضِ، فَأَفْشُوه بَيْنَكُم، فَإِن الرَّجُلَ الْمُسْلِمَ إذَا هُو تَقَدَّمَ فَسَلَّم عليهم فَرَدُّوا عَلَيْه كَانَ لَهُ عَلَيْهم فَضْلُ دَرَجَةٍ بِتَذْكِيرِه إيَّاهُم السَّلامَ، فإنْ لَمْ يَرُدُّوا عَلَيْهِ رَدَّ عَلَيْه مَنْ هُو خيرٌ مِنْهُمْ". رواه البزار (¬2) بإسناد جيد. [6067]- وعن عبد الله بن مغفل قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَبْخَلُ النَّاسِ مَنْ بَخِلَ بِالسَّلَامِ". رواه الطبراني في "معجميه" (¬3). [6068]- وله في "الأوسط" (¬4) من حديث أبي هريرة مرفوعًا: "أَعْجَزُ النَّاسِ مَنْ عَجِزَ في الدُّعَاءِ، وَأَبْخَلُ النَّاسِ مَنْ بَخِلَ بِالسَّلَامِ". 2523 - [6069]- قوله: ورد في الخبر: النّهي عن السّلام على قاضي الحاجة. ¬
ابن ماجه (¬1) من حديث جابر: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - مَرّ عليه رجل وهو يَبول فسلَّم عليه فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذَا رَأَيْتَنِي عَلى مِثْلِ هَذِه الْحَالَةِ فَلا تُسَلِّمْ عَلَيَّ، فَإِنَّكَ إِنْ فَعَلْتَ لَمْ أَرُدَّ عَلَيْكَ". [6070]- وروى مسلم (¬2) من حديث الضحاك بن عثمان، عن نافع، عن ابن عمر: أنَّ رجلًا سلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يبول فلم يردّ عليه. [6071]- ورواه البزار وأبو العباس السراج، وأبو محمَّد بن الجارود (¬3) من رواية سعيد بن سلمة بن أبي الحسام، عن أبي بكر بن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر -نسبه السّراج (¬4) - عن نافع، عن ابن عمر: أنَّ رجلا سلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يبول فردّ عليه، ثمّ قال له: "إذَا رَأَيْتَنِي هَكَذَا فَلَا تُسَلِّمُ عَلَيَّ، فَإِنَّكَ إِنْ تَفْعَلْ لَا أَرُدَّ عَلَيْكَ". زاد السراج: "إنه لَمْ يَحْمِلْنِي عَلَى السَّلامِ عَلَيْكَ إلَّا أَنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ السّلامَ". ورواه الشافعي (¬5) عن إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، نحوه. وقال عبد الحق (¬6): حديث مسلم أصحّ، ثم قال: لعلّه كان ذلك في موطنين. [6072]- وعن المهاجر بن قنفذ قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يبول فسلّمت عليه، ¬
فلم يردّ عليّ حتى توّضأ، ثم اعتذر إلَيّ فقال: "إنِّي كَرِهْتُ أنَّ أَذْكَر الله إلَّا عَلَى طُهْرٍ". رواه أبو داود (¬1) والنسائي (¬2) والحاكم (¬3). 2524 - [6073]- قوله: والمستحب أنَّ يسلم الرّاكب على الماشي، والماشي على القاعد، والطائفة القليلة على الكثيرة. قلت (¬4): هو لفظ حديث أخرجاه في "الصّحيحين" (¬5) من حديث أبي هريرة بلفظ: "وَالْقَلِيلُ عَلَى الْكَثِيرِ". وفي رواية (¬6): "يُسلِّم الصَّغِيرُ عَلَى الْكَبِير". 2525 - قوله: والانحناء لا أصل له في الشّرع. كأنّه يشير إلى: [6074]- حديث أنس، قال: قال رجل يا رسول الله، الرّجل منّا يلقى أخاه أو صديقه أينحني له؟ قال: "لَاَ"، قال: أفيلتزمه ويقبله؟ قال: "لَا"، قال: فيأخذ بيده ويصافحه؟ قال: "نَعَمْ". رواه الترمذي (¬7) وحسنه. ¬
فائدة
فائدة قال في "الروضة" (¬1) -من زياداته-: وأمّا حديث السّلام قبل الكلام؛ فضعيف. انتهى. وله طريقان: [6075]- أحدهما: في الترمذي (¬2) عن جابر وقال: منكر. [6076]- وثانيهما: عن ابن عمر، أخرجه ابن عدي في "الكامل" (¬3) وإسناده لا بأس به. 2526 - قول الرافعي: وتسن المصافحة. انتهى. ورد في ذلك أحاديث، منها: [6077]- للبخاري (¬4) عن قتادة، قلت لأنس: أكانت المصافحة على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم. [6078]- وروى الترمذي (¬5) وحسنه عن البراء رفعه: "مَا مِنْ مُسْلِمَيْن يَلْتَقِيَان فَيَتَصَافَحَانِ إلَّا غُفر لَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا". وأخرجه أبو داود (¬6) أيضا. ¬
2527 - [6079]- حديث: "حقُّ الْمُؤْمِنِ عَلَى الْمُؤمِنِ سِتٌّ: أَنْ يُسَلّمَ عَلَيْهِ إذَا لَقِيَه، وَأن يُجِيبَه إذَا دَعَاهُ، وَأنْ يُشمِّتَه إذَا عَطَسَ، وأن يَعُودَه إذَا مِرض، وَأن يُشَيِّعَ جَنَازَتَهُ إذا مَاتَ، وأن لا يَظُنَّ فِيه إلَّا خَيرًا". إسحاق بن راهويه في "مسنده" من حديث أبي أيوب مثله، إلا الأخيرة فقال بدلها: "وَيَنْصَحَهُ إذَا اسْتَنصَحَهُ". وقال في أوله: "لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ ..... ". [6080]- ولأحمد (¬1) عن ابن عمر بلفظ: "لِلْمُسْلِمِ عَلَى أَخِيهِ سِتَّةٌ مِن الْمَعْرُوفِ ... " فذكرها، وقال بدل الأخيرة: "وَيَنْصَحَهُ إذَا غَابَ أَوْ شَهِدَ". [6081]- وللترمذي (¬2) وابن ماجه (¬3) من حديث علي بلفظ: "لِلْمُسْلِم عَلَى الْمُسْلِمِ سِتةٌ بِالْمَعْرُوفِ .... ". وقال بدل الأخيرة: "ويُحبّ لَهُ مَا يُحِبّ لِنَفْسِه". وأسانيدها ضعيفة؛ في الأول الإفريقي، وفي الثاني ابن لهيعة، وفي الثالث الحارث الأعور. ولكن له أصل صحيح رواه مسلم (¬4) من: [6082]- حديث أبي هريرة بلفظ: "لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتَّةٌ: إذَا لَقِيتَهُ ¬
فَسَلِّمْ عَلَيْهِ". وساقها كما عند إسحاق بلفظ الأمر. 2528 - [6083]- حديث: أنّ جعفر بن أبي طالب لما قدم من الحبشة عانقه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. الدارقطني (¬1) من حديث عمرة، عن عائشة، قالت: لما قدم جعفر من أرض الحبشة خرج إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - فعانقه. وفي إسناده أبو قتادة الحرّاني، وهو ضعيف. ورواه العقيلي (¬2) من حديث محمَّد بن عبيد بن عمير، وهو ضعيف أيضا. [6084]- ورواه أبو داود (¬3) مرسلا، والطبراني في "الكبير" (¬4) من حديث الشعبي: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - تلَقّى جعفر بن أبي طالب فالتزمه، وقَبّل ما بين عينيه. ووصله العقيلي من حديث عبد الله بن جعفر (¬5)، ومن حديث جابر بن عبد الله (¬6)، وهما ضعيفان. [6085]- ورواه الحاكم (¬7) من حديث ابن عمر، وفيه: أحمد بن داود الحرّاني، وهو ضعيف جدًّا، اتّهموه بالكذب. ¬
[6086]- وعن أبي جحيفة قال: قدم جعفر من أرض الحبشة فقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - ما بين عينيه ... الحديث. رواه الطبراني (¬1). وفي الباب: [6087]- عن عائشة قالت: استأذن زيد بن حارثة أن يدخل على النبي - صلى الله عليه وسلم - فاعتنقه وقَبَّلَه. أخرجه الترمذي (¬2). 2529 - قوله: ويكره للدّاخل أنَّ يطمع في قيام القوم، ويستحب لهم أن يكرموه. انتهى. كأنه أراد أن (¬3) يجمعَ بين الأخبار الواردة في الجواز والكراهة؛ فأمّا الأول ففيه: [6088]- حديث معاوية: "مَنْ سَرَّه أَنْ يَتَمَثَّلَ لَهُ الرِّجالُ قيامًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقعَدَهُ مِن النَّارِ" (¬4). وأما الثاني؛ ففيه: [6089]- حديث أبي سعيد: "قُومُوا إِلَى سيِّدكُمْ". رواه البخاري (¬5). ¬
[6090]- وحديث جرير: "إذَا أَتَاكُمْ كَرِيمُ قَوْمٍ فَأَكْرِمُوه". رواه البيهقي (¬1) والطبراني (¬2) والبزار، وإسناده أقوى من إسنادهما. ***** ¬
باب كيفية الجهاد
باب كيفية الجهاد 2530 - [6091]- قوله: ويستحب للإمام أن يفعل ما اشتهر في سير النبي - صلى الله عليه وسلم - ومغازيه: إذا بعث سريّة أنَّ يؤمِّر عليها أميرًا، ويأمرهم بطاعته، ويوصيهم. روى الشيخان (¬1) من حديث علي قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سرية، واستعمل عليهم رجلًا من الأنصار، وأمرهم أن يسمعوا له ويطيعوا ... الحديث. [6092]- وعن بريدة قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أمَّر أميرًا على جيشٍ أو سريّة أوصاه في خاصّته بتقوى الله تعالى، وبمن معه من المسلمين خيرًا، ثمّ قال: "اغْزُوا بِسْمِ الله، وَفِي سَبِيل اللهِ قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِالله، اغْزُوا وَلا تَغُلّوا ولا تَغْدِرُوا، وَلا تُمَثّلُوا, ولَا تَقْتُلُوا ... ". وهذا الحديث بطوله أخرجه مسلم (¬2). 2531 - [6093]- قوله: وأن يأخذ البيعة على الجند حتى لا يفرّوا. مسلم (¬3) وابن حبان (¬4) من حديث معقل بن يسار: بايع النّاسُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - زمن الحديبية وهو تحت الشجرة، وأنا رافع غصنا من أغصانها عن وجهه، لم ¬
نبايعه على الموت ولكن بايعناه على أن لا نفرّ. [6094]- وروياه (¬1) من حديث جابر أيضًا. ومسلم (¬2) من حديث سلمة بن الأكوع، والبخاري (¬3) من حديث عبد الله بن عمر. 2532 - [6095]- قوله: وأن يبعث الطّلائع. مسلم (¬4) عن أنس: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بَسْبَسةَ عينًا ينظر ما صنعت عير أبي سفيان ... الحديث بطوله. ووهم الحاكم (¬5) فاستدرك طرفًا منه. 2533 - [6096]- قوله: ويتجسّس أخبار الكفار. مسلم (¬6) من حديث حذيفة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة الأحزاب: "ألَا رَجُلٌ يَأْتِينَا بِخَبْرِ الْقَوْمِ ... " الحديث بطوله. 2534 - [6097]- قوله: ويستَحَبّ الخروج يوم الخميس. البخاري (¬7) عن كعب بن مالك: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم -: خرج يوم الخميس في غزوة ¬
تبوك، وكان يحب أن يخرج يوم الخميس. 2535 - [6098]- قوله: في أوّل النّهار. أحمد (¬1) والأربعة (¬2) وابن حبان (¬3) عن صخر بن وداعة الغامدي رفعه: "اللهُمَّ بَارِكْ لأمَّتِي في بُكُورِهَا". قال ابن طاهر في "تخريج أحاديث الشهاب (¬4) ": هذا الحديث رواه جماعة من الصّحابة، ولم يخرَّج شيء منها في الصحيح، وأقربها إلى الصّحة والشّهرة هذا الحديث. وذكره عبد القادر الرهاوي في "أربعينه" من حديث علي، والعبادلة، وابن مسعود، وجابر، وعمران بن حصين، وأبي هريرة، وعبد الله بن سلام، وسهل بن سعد، وأبي رافع، وعمارة بن وَثِيمة، وأبي بكرة، وبريدة بن الحصيب، وحديث بريدة صحَّحه ابن السّكن، وزاد ابن منده في "مستخرجه": واثلةَ بن الأسقع، ونُبَيط بن شريط. وزاد ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (¬5) عن أبي ذر، وكعب بن مالك، وأنس، ¬
والعُرْس بن عميرة، وعائشة. وقال: لا يثبت منها شيء. وضعَّفها كلَّهَا. وقد قال أبو حاتم (¬1): لا أعلم في: "اللَّهُم بَارِكْ لأمَّتِي في بُكُورِهَا". حديثًا صحيحًا. [6099]- ورواه البزار (¬2) من حديث ابن عباس وأنس بلفظ: "اللَّهُمَّ بَارِكْ لأمَّتِي في بُكُورِهَا يَوْمَ خَمِيسِهَا". وفي الأول: عنبسة (¬3) بن عبد الرحمن، وهو كذاب. وفي الثاني: عمرو ابن مساور، وهو ضعيف. وروي أيضًا: "اللَّهُمَّ بَارِكْ لأمَّتِي في بُكُورِهَا يَوْمَ سَبْتهَا وَيوْمَ خَمِيسِهَا" (¬4). وسئل أبو زرعة عن هذه الزيادة فقال هي مفتعلة (¬5). 2536 - قوله: وأن يَعقِد الرّايات. في هذا عدة أحاديث، منها: [6100]- حديث سلمة -وهو في "الصحيحين" (¬6) - بلفظ: "لأُعْطِيَّنَ الرَّايةَ رَجُلًا يُحبُّ الله وَرَسُولَه ويحبُّه الله وَرَسُولَه، فأعْطَاهَا لِعَلِيٍّ". ¬
وروى الترمذي (¬1) وابن ماجه (¬2) عن ابن عباس قال: كانت راية النبي - صلى الله عليه وسلم - لواء أبيض (¬3). ورواه الحاكم (¬4) بلفظ: كان لواؤه أبيض، ورايته سوداء. [6101]- وفي "السنن" (¬5) عن البراء: كانت رايته سوداء مربعة من نمرة. [6102]- ولأبي داود (¬6) من حديث سماك بن حرب، عن رجل من قومه، عن آخر منهم، قال: رأيت راية النبي - صلى الله عليه وسلم - صفراء (¬7). [6103]- وروى ابن السكن من حديث العصري قال: عقد النبي - صلى الله عليه وسلم - رايات الأنصار، وجعلهن صفراء. [6104]- وروى الحاكم (¬8) وأصحاب "السنن" (¬9) وابن حبان (¬10) عن جابر: ¬
أنَّ النّبي - صلى الله عليه وسلم - دخل مكّة عام الفتح، ولواؤه أبيض. [6105]- وفي النّسائي (¬1) عن أنس: أنّ ابن أمّ مكتوم كانت معه راية سوداء في بعض مشاهد النّبي - صلى الله عليه وسلم -. قال ابن القطان (¬2): إسناده صحيح. 2537 - [6106]- قوله: ويجعل كل أمير تحت راية. البخاري (¬3) في حديث عروة، عن مروان والمسور في قصة الفتح، وقصة أبي سفيان، قال: ثم مرت كتيبة لم ير مثلها. قال: من هذه؟ قال: هؤلاء الأنصار عليهم سعد بن عبادة، ومعه الراية. وفيه: ثم جاءت كتيبة النبي - صلى الله عليه وسلم - ورايته مع الزبير ... الحديث بطوله. 2538 - [6107]- قوله: ويجعل لِكلّ طائفة شعارًا حتّى لا يقتل بعضهم بعضا بياتا. النسائي (¬4) والحاكم (¬5) عن البراء: "إنّكُمْ سَتَلْقَوْنَ الْعَدُوّ غدًا، فَلْيَكُنْ شِعَارُكُمْ: حم لَا يُنصَرونَ". ¬
[6108]- ورواه الحاكم (¬1) أيضًا من حديث المهلّب بن أبي صفرة عمّن سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله. وقال: صحيح. قال: والرجل الذي لم يسمه المهلب هو البراء. [6109]- ورواه النسائي (¬2) من هذا الوجه بلفظ: حدثني رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -. [6110]- وفي "السنن" (¬3) من حديث سلمة بن الأكوع: كان شعارنا ليلة بيتنا هوزان: أمت أمت. [6111]- ورواه الحاكم (¬4) من حديث عائشة: جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شعار المهاجرين يوم بدر: (عبد الرحمن) والخزرج: (عبد الله) ... الحديث (¬5). [6112]- وعن ابن عباس رفعه: جعل شعار الأزد: يا مبرور يا مبرور (¬6). 2539 - [6113]- قوله: ويستحبّ أن يدخل دار الحرب بتعبية ¬
الحرب؛ لأنّه أحوط وأهيب. الترمذي (¬1) والبزار (¬2) من حديث عكرمة عن ابن عباس، عن عبد الرحمن بن عوف قال: عبّأنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر. * وفي حديث عروة الطويل المتقدم: أنّهم مرّوا قبيلة قبيلة. 2540 - [6114]- قوله: وأن يستنصر بالضّعفاء. البخاري (¬3) والنسائي (¬4) عن سعد بن أبي وقاص: أنه رأى أن له فضلا على من دونه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"هَل تُرْزَقُون وَتُنْصَرُون إلَّا بضُعَفَائِكُمْ". [6115]- ورواه أحمد (¬5) وأصحاب "السنن الثلاثة" (¬6) وابن حبان (¬7) والحاكم (¬8) من حديث أبي الدرداء. ¬
2541 - [6116]- قوله: وأن يدعو عند التقاء الصّفين. أبو داود (¬1) (¬2) وابن حبان (¬3) والحاكم (¬4) عن سهل بن سعد: "سَاعَتَانِ تُفْتحُ فِيهِمَا أَبْوابُ السَّمَاءِ؛ عِنْد حُضُور الصَّلاةِ وَعنْد الصَّفِّ في سِبيل الله". وفي رواية لابن حبان (¬5): "عِندَ النّداءِ بالصَّلَاةِ وَالصَّفِّ في سَبِيلِ الله". [6117]- وللحاكم (¬6) عن ابن عباس: "إذَا نَادَى الْمُنَادِي فُتِحَتْ أبوابُ السَّماءِ، واستُجِيب الدّعَاءُ، فَمَن نَزَلَ بِهِ كَرْبٌ أَوْ شِدَّةٌ فَلْيَتَحَيَّنِ الْمُنَادِي". [6118]- وروى البيهقي (¬7) عن أبي أمامة: "الدعَاءُ يُستَجَاب وَتُفْتَح أَبْوابُ السَّماءِ في أَرْبَعَةِ مَواطِنَ: عِند الْتِقَاءِ الصّفُوفِ، وَنُزولِ الْغَيْثِ، وَإِقامِ الصَّلاةِ، وَرُؤْيَةِ الْكَعْبَةِ". وإسناده ضعيف. [6119]- والطبراني في "الصغير" (¬8) من حديث ابن عمر، فذكر نحوه، ¬
وقال بدل رؤية الكعبة: "دَعْوة الْمَظْلُوم" وزاد: "وَقِرَاءَة الْقُرآن". 2542 - قوله. وأن يكبر من غير إسراف في رفع الصوت. أما التكبير: [6120]- ففي "الصحيحين" (¬1) عن أنس: صبّح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيبر فقالوا: محمّد والخميس، فقال: "الله أَكْبَرُ خَرِبَتْ خَيْبَرُ ... " الحديث. وأما عدم رفع الصوت: [6121]- ففي "الصحيحين" (¬2) عن أبي موسى: "إنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلا غَائِبًا .... ". الحديث. 2543 - [6122]- قوله: وأن يحرّض الناس على القتال، وعلى الصبر، وعلى الثبات. متفق عليه (¬3) من حديث ابن أبي أوفى. [6123]- ولمسلم (¬4) عن أبي موسى: "الجنَّةُ تَحْتَ ظِلالِ السُّيُوف". * قوله: ولا يقاتل من لم تبلغه الدعوة حتى يدعوه إلى الإسلام. سبق في حديث بريدة الذي أخرجه مسلم (¬5)، ففيه: "وَإذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ ¬
فَادْعُهُمْ إِلى أَنْ يَشْهَدُوا أنْ لَا إِلَه إلا الله ... ". الحديث. [6124]- وروى أحمد (¬1) والحاكم (¬2) عن ابن عباس، قال: ما قاتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قومًا حتى دعاهم -وهو من طريق عبد الله بن أبي نجيح، عن أبيه، عنه. [6125]- ولأحمد (¬3) من حديث فروة بن مُسَيك قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُقاتِلْهُمْ حَتَّى تَدعُوَهم إِلَى الإسْلَامِ". 2544 - [6126]- حديث: روي أنَّه - صلى الله عليه وسلم - استعان بيهود بني قينقاع في بعض الغزوات، وورضخ لهم. أبو داود في "المراسيل" (¬4)، والترمذي (¬5) عن الزهري: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استعان بناس من اليهود في حربه، وأسهم لهم. والزهري مراسيله ضعيفة. ورواه الشافعي (¬6): أخبرنا (¬7) أبو يوسف، أخبرنا الحسن بن عمارة، عن ¬
الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس: استعان ... فذكر مثل ما ذكره المصنّف، وزاد: ولم يسهم لهم. قال البيهقي (¬1): لم أجده إلا من طريق الحسن بن عمارة، وهو ضعيف، والصحيح: [6127]- ما أخبرنا الحافظ أبو عبد الله ... فساق بسنده إلى أبي حميد الساعدي، قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا خلف ثنية الوداع إذا كتيبة، قال: "مَن هَؤلاءِ"؟ قالوا: بني قينقاع؛ وهي عبد الله بن سلام، قال: "وَأَسلَمُوا؟ " قالوا: لا، قال: "قُلْ لَهم: فَلْيَرجِعُوا فَإنَّا لَا نَسْتَعِين بِالْمُشْرِكِينَ". * حديث: أنّ صفوان شهد مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حرب حنين وهو مشرك. تقدم في "قسم الصدقات". 2545 - [6128]- حديث عائشة: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج إلى بدر، فتبعه رجل من المشركين، فقال: "تُؤمِنُ بالله وَرَسُولِه؟ " قال: لا، قال: "فَارْجِعْ فَلَنْ نَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ ... " الحديث. مسلم (¬2) من حديثها. [6129]- وعن خبيب بن عبد الرحمن بن خبيب، عن أبيه، عن جده ¬
خبيب بن (¬1) إساف، قال: أقبلتُ أنَا ورجلٌ من قوْمِي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو يريد غَزوًا، فقلت: يا رسول الله، إنا نستحي أن يشهد قومنا مشهدا لا نشهده معهم، فقال: "أَسْلَمْتُمَا؟ " فقلنا: لا، قال: "فإنّا لَا نَسْتَعِينَ بِالمشْرِكين ... " الحديث (¬2). ويجمع بينه وبين الذي قبله بأوجه ذكرها المصنف (¬3). منها: -وذكره البيهقي (¬4) عن نصّ الشافعي-: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - تفرّس فيه الرّغبة في الإِسلام، فردّه رجاء أن يسلم، فصدَقَ ظنُّه. وفيه نظر من جهة التنكير في سياق النّفي (¬5). ومنها: أن الأمر فيه إلى رأي الإِمام. وفيه النظر بعينه. ومنها: أن الاستعانة كانت ممنوعة، ثم رخص فيها، وهذا أقربها. وعليه ¬
نص الشّافعي. * حديث: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يخرج إلى الغزو ومعه عبد الله بن أبي بن سلول. تقدم. * حديث: "مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا في سَبِيلِ الله فَقَدْ غَزَا". تقدم في الباب قبله من حديث زيد بن خالد. 2546 - [6130]- قوله: ويروى: "مَن جَهَّزَ غَازِيًا أَوْ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِه". الطبراني (¬1) وابن قانع (¬2) من حديث زيد بن خالد بلفظ: "مَن جَهَّزَ غَازِيًا أَو حاجًّا أَوْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا". وسياق ابن قانع أتم. [6131]- وأما زيادة المعتمر؛ فرواها الحافظ أبو محمَّد بن عساكر في "كتاب الجهاد" له من حديث أبي سعيد الخدري بسند واهٍ. 2547 - [6132]- حديث: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - مَنع أبا بكر يوم أحد عن قتل ابنه عبد الرّحمن، وأبا حذيفة بن عتبة عن قتل أبيه يوم بدر. ¬
تنبيه
الحاكم (¬1) والبيهقي (¬2) من طريق الواقدي، عن ابن أبي الزّناد عن أبيه قال: شهد أبو حذيفة بدرًا ودعا أباه عتبة إلى البِراز، فمنعه عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال الواقدي: ولم يزل عبد الرحمن بن أبي بكر على دين قومه في الشّرك حتى شهد بدرًا مع المشركين، ودعا إلى البِراز، فقام إليه أبو بكر ليبارزه، فذكر أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لأبي بكر: "مَتِّعْنَا بِنَفْسِكَ (¬3) ". ثمّ إن عبد الرحمن أسلم في هدنة الحديبية. تنبيه قال ابن داود شارح "المختصر": ابن أبي بكر هذا المراد به غير عبد الرّحمن ومحمّد، فإنّهما ولدا في الإِسلام. انتهى. وقد عرفت ما يرد عليه؛ إلا أن الواقدي ضعيف. وقول ابن داود: إنّ عبد الرّحمن ولد في الإِسلام؛ مردود: [6133]- وقد روى ابن أبي شيبة (¬4) من رواية أيوب قال: قال عبد الرحمن بن أبي بكر لأبيه: قد رأيتك يوم أحد فضفت عنك، فقال أبو بكر: لو رأيتك لم أضف عنك. وأخرجه الحاكم (¬5) من وجه آخر، عن أيوب أيضًا، ورجاله ثقات مع إرساله. ¬
تنبيه آخر
تنبيه آخر تفطّن الرّافعي لما وقع للغزالي في "الوسيط" (¬1) من الوهم في قوله: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حذيفة وأبا بكر عن قتل أبويهما. وهو وهم شنيع، تعقبه ابن الصّلاح والنووي (¬2). قال النووي (¬3): ولا يخفى هذا على من عنده أدنى علم من النّقل. أي لأن والد حذيفة كان مسلمًا، ووالد أبي بكر لم يشهد بدرًا. 2548 - [6134]- حديث: روي: أنّ أبا عبيدة بن الجرّاح قتل أباه حين سمعه يسبّ النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم ينكر النبي - صلى الله عليه وسلم - صُنْعه. أبو داود في "المراسيل" (¬4) والبيهقي (¬5) من رواية مالك بن عمير قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إني لقيت العدوّ ولقيت أبي فيهم، فسمعت منه مقالة قبيحة، فطعنته بالرّمح فقتلته، فلم ينكر النبي - صلى الله عليه وسلم - صُنْعه. هذا مبهم. [6135]- وروى الحاكم (¬6) والبيهقي (¬7) منقطعًا عَن عَبد الله بن شوذب قال: ¬
جعل أبو أبي عبيدة (¬1) بن الجرّاح ينصب [الألّة] (¬2) لأبي عبيدة يوم بدر، وجعل أبو عبيدة يحيد عنه، فلما أكثر قَصده أبو عبيدة، فقتله. وهذا معضل، وكان الواقدي ينكره ويقول: مات والد أبي عبيدة قبل الإِسلام. 2549 - [6136]- حديث: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن قتل النّساء والصبيان. متفق عليه (¬3) من حديث ابن عمر. 2550 - [6137]- حديث: أنّه - صلى الله عليه وسلم -: مَرّ بامرأة مقتولة في بعض غزواته، فقال: "مَا بَالُ هَذِه تُقْتَلُ وَلا تُقَاتِلُ". أحمد (¬4) وابن حبان (¬5) والحاكم (¬6) وأبو داود (¬7) والنسائي (¬8) والبيهقي (¬9) من ¬
تنبيه
حديث رياح بن الربيع بلفظ: "مَا كَانَتْ هَذِه لِتُقَاتِل". ثم قال لرجل: "انْطَلِقْ إَلَى خَالِدٍ فَقُلْ لَهُ: إنّ رَسولُ الله يَأْمُرُكَ أَنْ لَا تَقْتُلَ ذُرِّيَةً وَلَا عَسِيفًا". واختلف فيه على المرقع بن صيفي؛ فقيل: عن جده رياح. وقيل: عن حنظلة بن الربيع. وذكر البخاري (¬1) وأبو حاتم (¬2): إنّ الأول أصح. تنبيه رياح -بالياء المثناة تحت- وقيل: بالموحدة، ورجحّه البخاري (¬3). 2551 - [6138]- حديث: روي أنَّه - صلى الله عليه وسلم - مَرّ بامرأة مقتولة يوم حنين فقال: "مَن قَتَل هِذِهِ؟ " فقال رجل: أنا يا رسول الله، غنمتها فأردفتها خلفي، فلما رأت الهزيمة فينا أهوت إلى قائم سيفي لتقتلني فقتلتها، فلم ينكر عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. أبو داود في "المراسيل" (¬4) من رواية عكرمة: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى امرأة مقتولةً بالطّائف ... فذكر نحوه. ووصله الطبراني في "الكبير" (¬5) من حديث مقسم عن ابن عباس. وفيه: ¬
تنبيه
الحجّاج بن أرطاة. [6139]- وروى ابن أبي شيبة (¬1): من طريق عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري، نحوه. وهو مرسل أيضا. 2552 - [6140]- حديث: روي أنَّه - صلى الله عليه وسلم - قال: "اقْتُلوا شُيوخَ الْمُشْرِكينَ وَاسْتَحْيوا شَرْخَهم". أحمد (¬2) والترمذي (¬3) من حديث الحسن عن سمرة بلفظ: "واستَبقُوا". تنبيه الشرخ -بالخاء المعجمة-: الشّباب. قال أحمد بن حنبل (¬4): الشيخ لا يكاد يسلم، والشّاب أقرب إلى الإِسلام. 2553 - [6141]- قوله: روي أنَّه - صلى الله عليه وسلم -: قال: لا تَقتلوا النّساء ولا أَصحَاب الصوامع. أحمد (¬5) من حديث ابن عباس: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم -: كان إذا بعث جيوشه قال: "اخرُجوا بِسْمِ الله، قَاتِلُوا في سَبِيلِ الله .. ". الحديث. وفيه: "وَلَا تَقْتُلُوا ¬
الْوِلْدَانَ وَلَا أَصْحَابَ الصَّوَامِعِ". وفي إسناده إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، وهو ضعيف. [6142]- وروى البيهقي (¬1) من حديث علي، نحوه. وفيه: "وَلَا تَقْتُلُوا وَليدًا وَلا طِفْلًا وَلَا امْرَأَةً وَلَا شَيْخًا كَبِيرًا". وفي إسناده ضعف وإرسال. ورواه (¬2) من وجه آخر منقطعا، وفيه: "وَلَا تَقْتُلُوا امْرَأَةً وَلَا صَغِيرًا". [6143]- وَرواه ابن أبي حاتم في "العلل" (¬3) من حديث جرير بلفظ: "ولا تُمثِّلُوا وَلَا تَقْتُلُوا الْوِلْدَان". وقال: هذا حديث منكر. * حديث: أنَّه - صلى الله عليه وسلم - قال لخالد بن الوليد: "لَا تَقْتُلْ عَسِيفًا وَلا امْرَأةً ... ". تقدم. 2554 - [6144]- حدثنا: أنَّه - صلى الله عليه وسلم - قطع نخل بني النّضير. متفق عليه (¬4) من حديث ابن عمر بهذا، وأتم منه، وفيه الشعر (¬5). 2555 - [6145]- حديث: أنّ دريد بن الصمّة قتل يوم حنين، وقد ¬
نيّف على المائة، وكانوا قد استحضروه ليدبر لهم (¬1) الحرب، فلم ينكر النبي - صلى الله عليه وسلم -. في "الصحيحين" (¬2) من حديث أبي موسى الأشعري قال: لما فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حنين بعث أبا عامر على جيش إلى أوطاس، فلقي دريد بن الصمّة فقتله، فهزم الله أصحابه. وباقي القصة ذكرها ابن إسحاق في "السيرة" (¬3) مطولا. 2556 - [6146]- حديث ابن مسعود: أنّ رجلين أتيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رسولين لمسيلمة، فقال لهما: "أَتَشْهَدانِ أَنِّي رَسُولُ الله؟ " فَقالا: نشهد أنَّ مسيلمة رسول الله. فقال: "لَوْ كُنْتُ قاتلًا رَسولًا لَضَرَبْتُ أَعْنَاقَكمَا"، فجرت السنة أن لا تقتل الرسل. أحمد (¬4) والحاكم (¬5) من حديث ابن مسعود. ورواه أبو داود (¬6) مختصرًا، وكذا النسائي (¬7). ¬
[6147]- ولأبي داود (¬1) من طريق ابن إسحاق، عن شيخ من أشجع يقال له سعد بن طارق، عن سلمة بن نُعيم بن مسعود الأشجعي، عن أبيه نعيم: سمعت رسول الله يقول لهما -حين قرأ كتاب مسيلمة: "مَا تَقُولانِ أَنْتُمَا؟ " قالا: نقول كما قال، قال: "أَمَا لَوْلَا أَنَّ الرُّسُلَ لَا تُقتل لَقَتَلْتُكُمَا". [6148]- وروى أبو نعيم في "معرفة الصحابة" (¬2) في ترجمة "وبير بن شهر الحنفي": أنَّ مسيلمة بعثه هو وابن شغاف الحنفي، وابن النوّاحة، وأما وبير فأسلم، وأما الآخران فشهدا أنَّه رسول الله، وأن مسيلمة من بعده، فقال: "خُذُوهُمَا". فأخذا، فأُخرج بهما إلى البيت، فحبسا. فقال رجل؟ هبهما لي يا رسول الله ففعل (¬3). 2557 - [6149]- حديث: أنّه - صلى الله عليه وسلم - حاصر أهل الطّائف شهرًا. متفق عليه (¬4) من حديث عبد الله بن عمرو، دون ذكر الشهر. [6150]- ولمسلم (¬5): عن أنس: أنّ المدّة كانت أربعين ليلةً. [6151]- وروى أبو داود في "المراسيل" (¬6): عن ثور، عن مكحول: أنّ ¬
النبي - صلى الله عليه وسلم - على أهل الطائف المنجنيق. ورواه الترمذي (¬1) فلم يذكر مكحولا، ذكره معضلا عن ثور. [6152]- وروى أبو داود (¬2) من مرسل يحيى بن أبي كثير قال: حاصرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهرًا. قال الأوزاعي: فقلت ليحيى: أبلغك أنه رماهم بالمجانيق، فأنكر ذلك، وقال: ما نعرف ما هذا؟! [6153]- وروى أبو داود في "السنن" (¬3) من طريقين: أنه حاصرهم بضع عشر ليلة. قال السهيلي: ذكره الواقدي كما ذكره مكحول، وزعم أنّ الذي أشار به سلمان الفارسي. [6154]- وروى ابن أبي شيبة (¬4) عن عبد الله بن سنان: أنَّه - صلى الله عليه وسلم - حاصر أهل الطائف خمسة وعشرين يومًا. [6155]- وفي حديث عبد الرحمن بن عوف شيئًا (¬5) من ذلك. 2558 - [6156]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - شنّ الغارة علي بني المصطلق. ¬
متفق عليه (¬1) من حديث ابن عمر: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أغار على بني المصطلق وهم غارون، وأنعامهم تسقى على الماء، فقتل مقاتلَهم وسبى ذراريهم. 2559 - [6157]- حديث: أنّه - صلى الله عليه وسلم - أمر بالبيات. هذا الأمر لا أعرفه. [6158]- وإنما اتفقا في "الصحيحين" (¬2) على حديث الصّعب بن جثّامة: أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُسأَل عن أهل الدار من المشركين يبيَّتون، فيصاب من نسائهم وذراريهم؟ فقال: "هُمْ مِنْهُمْ". قال البيهقي (¬3): هذا ما ورد في إباحة التبييت، وكان الزهري يدّعي أنه منسوخ، وأنكره الشافعي عليه. وقال ابن الجوزي (¬4): النهي محمول على التعمّد، وحديث الصّعب فيما لم يتعمّد فلا تناقض. * حديث: أنّه نصب المنجنيق على أهل الطّائف (¬5). تقدم قريبا. [6159]- ورواه ابن سعد (¬6) عن قبيصة، عن سفيان، عن ثور، عن ¬
مكحول، مرسلا. وأخرجه أبو داود أيضا. ووصله العقيلي (¬1) من وجه آخر، عن علي. * حديث: سئل عن المشركين يبيَّتُون فيصاب من نسائهم وذراريهم؟ فقال: "هُمْ مِنْهُمْ". تقدم قريبا. * حديث: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن قتل النّساء والصبيان. متفق عليه، من حديث ابن عمر، وقد تقدم. * حديث: "لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عِنْدَ الله مِن قَتْل مُسْلِم". تقدم في "أول الجراح" ويأتي. * حديث: أنّه - صلى الله عليه وسلم - عد الفرار من الزّحف من الكبائر. تقدم في "باب حد القذف". * [أقول عمر -يأتي- وكذا قول ابن عباس] (¬2). 2560 - [6160]- حديث: أنّ رجلًا قال يا رسول الله: أرأيت لو انغمست في المشركين فقاتلتهم، حتى قتلت أَلِيَ الجنّة؟، ¬
قال: "نَعَمْ"، فانغمس الرّجل في صف المشركين، فقاتل حتّى قتل. الحاكم (¬1) من حديث ثابت عن أنس: أنَّ رجلا أسود أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - ... الحديث. نحوه. ولم يذكر الانغماس. [6161]- وفي "الصحيحين" (¬2) عن جابر قال: قال رجل: أين أنا يا رسول الله إن قُتلتُ؟ قال: "في الجنَّةِ" فألقى تمرات كنّ في يده، ثمّ قاتل حتى قتل. [6162]- وروى ابن إسحاق في "المغازي" عن عاصم بن عمر بن قتادة قال: لما التقى النّاس يوم بدر، قال عوف بن الحارث: يا رسول الله ما يضحك الرّبّ تعالى من عبده؟ قال: "أَنْ يَرَاه غَمَسَ يَدَهُ في الْقتَالِ يُقاتِلُ حَاسِرًا". فنزع عوف درعه، ثمّ تقدّم فقاتل حتى قُتل. 2561 - [6163]- حديث: أنّ عليا وحمزة وعبيدة بن الحارث بارزوا يوم بدر عتبةَ وشيبةَ ابني ربيعة، والوليدَ بن عتبة بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - لما طلبوا أولئك ذلك. أبو داود (¬3) من حديث عليّ، وهو عند البخاري (¬4) مختصرٌ. ¬
تنبيه
[6164]- واتفقا عليه (¬1) من حديث قيس بن عبّاد عن أبي ذر مختصرًا أيضًا. 2562 - [6165]- قوله: وروي أن عليًّا بارز يوم الخندق عمرو بن عبد وُدّ. ابن إسحاق في "المغازي" منقطعًا. [6166]- ووصله الحاكم (¬2) من حديث ابن عباس. تنبيه وقع في الرّافعي: عمرو بن عبيد، وهو تحريف. 2563 - [6167]- قوله: وبارز محمّد بن مسلمة يوم خيبر مرحبًا. ابن إسحاق في "المغازي": حدثني عبد الله بن سهل أخو بني حارثة، عن جابر، قال: خرج مرحب اليهودي من حصن خيبر، قد جمع سلاحه وهو يرتجز .. فذكر الشعر، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مَن لِهَذَا؟ " فقال محمَّد بن مسلمة: أنا يا رسول الله ... فذكر الحديث والقصة. ورواه أحمد (¬3) والحاكم (¬4) بنحوه. وقال الحاكم: صحيح الإسناد، على أنّ الأخبار متواترة بأن عليًّا هو الذي قتل مرحبا. ¬
2564 - [6168]- قوله: ويروى أنه بارزه عليّ. مسلم في ""صحيحه" (¬1) من حديث سلمة بن الأكوع مطولا، وفيه: فخرج مرحب وهو يقول: قَد عَلِمَتْ خَيْبَرُ أنّي مَرْحَبُ ... شاكِي السِّلاحِ بَطَلٌ مُجَرِّبُ فقال علي: أَنَا الَّذِي سَمَّتْنِي أُمِّي حيْدَرَهْ ... كَلَيْثِ غَابَاتٍ كَرِيهِ الْمَنْظَرَهْ فضرب رأس مرحب فقتله. 2565 - [6169]- قوله: وبارز الزّبير ياسرًا. ابن إسحاق في "المغازي" (¬2) والبيهقي (¬3) منقطعا. [6170]- وفي البخاري (¬4) من رواية هشام بن عروة، عن أبيه، قال: قال الزبير: لقيت يوم بدر عبيدة بن سعيد بن العاص ... فذكر قصة قتله له. * قوله: وروي أنّ عوفًا ومعوِّذًا ابني عفراء خرجا يوم بدر، فلم ينكر عليهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. متفق عليه، من حديث عبد الرحمن بن عوف. وقد تقدم في "قسم الفيء ¬
والغنيمة". وسيأتي في الذي بعده. 2566 - [6171]- قوله: وروي أنّ عبد الله بن رواحة خرج يوم بدر إلى البراز، ولم ينكر عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ابن إسحاق في "المغازي" (¬1) عن عاصم بن عمر بن قتادة: أنَّ عتبة بن ربيعة خرج بأخيه شيبة وابنه الوليد، حتى وصل إلى الصفّ فدعا إلى المبارزة، فخرج إليه ثلاثةُ نفر من الأنصار: عبد الله بن رواحة، ومعوذ وعوف ابنا عفراء، فذكر القصَّة. 2567 - قوله: لا يكره حمل رءوس الكفار؛ لأن أبا جهل لما قُتل حُمِل رأسُه. وقال العراقيون: ما حُمل رأسُ كافرٍ قطّ إلى رسول (¬2) الله - صلى الله عليه وسلم -، وحمل إلى عثمان رُءوس جماعةٍ من المشركين، فأنكره، وقال: ما فُعل هذا في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا في أيام أبي بكر ولا عمر. قالوا: وما روي من حمل الرأس إلى أبي بكر فقد تُكلِّم في ثُبوته. انتهى. [6172]- أما حمل رأس أبي جهل؛ فرواه أبو نعيم في "المعرفة" (¬3) من طريق ¬
الطبراني في ترجمة "معاذ بن عمرو بن الجموح"، وأن ابن مسعود حزّها، وجاء بها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. [6173]- ورواه ابن ماجه (¬1) من حديث ابن أبي أوفى: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - صلّى يومَ بُشِّر برأس أبي جهل ركعتين. إسناده حسن، واستغربه العقيلي (¬2). [6174]- وروى البيهقي (¬3) عن علي قال: جئت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - برأس مرحب. [6175]- وفي "مراسيل أبي داود" (¬4) عن أبي نضرة العبدي قال: لقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العدوّ، فقال: "مَن جَاءَ بِرَأْسٍ فَلَهُ على الله ما تَمَنَّى" فجاءه رجلان برأس ... الحديث. قال أبو داود: في هذا أحاديث، ولا يصح منها شيء. قال البيهقي (¬5): وهذا إن ثبت فإن فيه تحريضًا على قتل العدوّ، وليس فيه حمل الرأس من بلاد الشرك إلى بلاد الإِسلام. [6176]- ثم روى عن الزهري (¬6) قال: لم يكن يحمل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة رأس قط، ولا يوم بدر، وحمل إلى أبي بكر رأس فأنكر ذلك، قال: وأول من حملت إليه الرءوس عبد الله بن الزبير. قلت: ¬
[6177]- وقد روى النسائي (¬1) وغيره من حديث عبد الله بن فيروز الديلمي، عن أبيه قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - برأس الأسود العنسي. وقال أبو أحمد الحاكم في "الكنى": هو وهم؛ لأن الأسود قتل سنة إحدى عشرة على عهد أبي بكر، وأيضًا فالنبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر خروج الأسود صاحب صنعاء بعده، لا في حياته. وتعقبه ابن القطان (¬2): بأن رجاله ثقات، وتفرد ضمرة به لا يضره، ويحتمل أن يكون معناه أنه أتى به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاصدًا إليه، وافدا عليه، مبادرا بالتبشير بالفتح فصادفه قد مات - صلى الله عليه وسلم -. قلت: وقول الحاكم إن الأسود لم يخرج في حياته غير مسلَّم، فقد ثبت أنَّ ابتداء خروجه كان في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإنما معنى قوله - صلى الله عليه وسلم - إنّه يخرج بعده اشتدادُ شوكته، واشتهارُ أمره، وعظم الفتنة به، وكان كذلك، وقُتل في إِثْر ذلك، ومع ذلك فلا حجّة فيه؛ إذ ليس فيه اطّلاع النّبي - صلى الله عليه وسلم - على (¬3) ذلك وتقريره وقد ثبت عن أبي بكر إنكار ذلك. [6178]- وروى ابن شاهين في "الأفراد" له. ومن طريقه السِّلَفي في "الطيوريات" (¬4) - قال: حدثنا محمّد بن هارون، حدثنا محمَّد بن يحيى ¬
القطعي حدّثني عبد الله بن إسحاق بن الفضل بن عبد الرحمن، حدّثني أبي، عن صالح ابن خوّات، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن أبي سعيد الخدري: أنَّ أوّل رأس عُلق في الإِسلام رأسُ أبي عزة الجمحي، ضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنقه ثم حمل رأسه على رمح، ثم أرسل به إلى المدينة. وأما الحمل إلى عثمان؛ فلم أره، نعم ورد في حمل الرؤوس إلى أبي بكر، لكنه أنكره، كما تقدّم. [6179]- وأخرج البيهقي (¬1) من حديث (¬2) عقبة بن عامر: أن عمرو بن العاص وشرحبيل بن حسنة بعثا عقبة بريدًا إلى أبي بكر برأس يناق بِطْريق الشّام فلما قدم على أبي بكر أنكر ذلك، فقال له عقبة: يا خليفة رسول الله، فإنهم يصنعون ذلك بنا قال: أَتَأَسِّيًا بفارس والروم؟! لا يحمل إلي برأسٍ، وإنما يكفي الكتاب والخبر. إسناده صحيح. قلت: رواه النسائي في "الكبرى" (¬3). [6180]- وروى البيهقي (¬4) من طريق معاوية بن خديج، قال: هاجرنا على عهد أبي بكر، فبينما نحن عنده إذ طلع المنبر فحمد الله وأثنى عليه، قال: إنّه قدم علينا برأس يناق الْبِطْريق، ولم يكن لنا به حاجة، إنما هذه سنّة العجم. قلت: ¬
[6181]- ورأيت في "كتاب أخبار زياد" لمحمد بن زكريا الغلابي الأخباري البصريّ, بسنده إلى الشّعبي قال: لم يحمل إلى رسول الله، ولا إلى أبي بكر ولا إلى عمر، ولا إلى عثمان، ولا إلى علي برأس، وأوّل من حُمِل رأسُه عمرو بن الحمق، حُمِل إلى معاوية. 2568 - [6182]- قوله: قتل يوم بدر عقبة بن أبي معيط، والنضر بن الحارث. قال الشافعي (¬1): أخبرنا عدد من أهل العلم من قريش وغيرهم، من أهل العلم بالمغازي: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أسر النضر بن الحارث العبدري يوم بدر، وقتله صبرًا، وأسر عقبة بن أبي معيط يوم بدر وقتله صبرًا. [6183]- وروى البيهقي (¬2) من طريق محمَّد بن يحيى بن سهل بن أبي حثمة، عن أبيه، عن جده: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما أقبل بالأسارى وكان بعرق الظبية، أمر عاصم بن ثابت فضرب عنق عقبة بن أبي معيط صبرًا، فقال: من للصبية يا محمّد؟ قال: "النَّارُ". ورواه الدارقطني في "الأفراد" (¬3) وزاد: فقال: "النَّارُ لَهُمْ وَلأَبِيهِمْ". [6184]- وفي "المراسيل" لأبي داود (¬4) عن سعيد بن جبير: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قتل يوم بدر ثلاثة من قريش صبرًا؛ المطعم بن عدي، والنضر بن الحارث، ¬
وعقبة بن أبي معيط. انتهى. وفي قوله: "المطعم بن عدي" تحريفٌ، والصواب: "طعيمة بن عدي"، وكذا أخرجه ابن أبي شيبة (¬1)، ووصله الطبراني في "الأوسط" (¬2) بذكر ابن عباس. 2569 - [6185]- قوله: ومَنَّ على أبي عَزّة الجمحي على أنَّ لا يقاتله فلم يوف، فقاتله يوم أحد، فأسر وقتل. البيهقي (¬3) من طريق سعيد بن المسيب، بهذه القصّة مطولا، وفيه: فقال له: "أَيْنَ مَا أَعْطَيْتَنِي مِنَ الْعَهدِ والميثَاق، والله لا تَمْسَح عَارِضَيْكَ بِمَكَّة، تَقولُ: سَخِرْتُ بِمُحَّمَدٍ مَرَّتَيْن". قال سعيد: فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنّ الْمُؤْمِنَ لا يُلْدَغُ مِن جُحْرٍ مَرَّتَيْن". وفي إسناده الواقدي. 2570 - [6186]- حديث عمران بن حصين: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - فادى رجلا أسره أصحابه برجلين أسرتهما ثقيف من الصّحابة. مسلم في "صحيحه" (¬4) مطولا. ورواه أحمد (¬5) والترمذي (¬6) وابن حبان (¬7) ¬
مختصرًا نحو ما هنا. 2571 - قوله: وأخذ المال في فداء أسرى بدر مشهور. قلت: فيه عدّة أحاديث، منها: [6187]- حديث ابن عباس قال: لما كان يوم بدر، نظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المشركين وهم ألف، وإلى أصحابه وهم ثلاثمائة وسبعة عشر (¬1) رجلا ... الحديث، وفيه: فقال أبو بكر: يا رسول الله، بنو العمّ والعشيرة، أرى أن تأخذ منهم الفدية فتكون لنا قوَّةً على الكفار، فعسى الله أنَّ يهديهم للإسلام، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَا تَرَى يَا ابنَ الْخَطَّابِ؟ " قال: فقلت: لا، والله ما أرى الذي رأى أبو بكر، ولكني أرى أنَّ تُمكِّنَّا فنضرب أعناقهم. قال: فَهَوِي ما قال أبو بكر، ولم يهوَ ما قلت ... الحديث بطوله، أخرجه أحمد (¬2) ورواه الحاكم (¬3) بألفاظ أخرى. [6188]- وروى أحمد (¬4) من حديث أنس: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استشار النّاس في أسارى بدر، فقال أبو بكر: نرى أن تعفو عنهم، وتقبل منهم الفداء. [6189]- وروى أبو داود (¬5) والنسائي (¬6) والحاكم (¬7) من حديث ابن عباس، ¬
قال: جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فداء أهل الجاهلية يومئذ أربعمائة. [6190]- وعن أنس: أنَّ رجالا من الأنصار استأذنوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: ائذن لنا فلنترك لابن أختنا عَبّاس فداءَه، فقال: "لَا تَدَعُون مِنْهُ دِرْهَمًا". رواه البخاري (¬1). وقد ساق ابن إسحاق في "المغازي" (¬2) تفصيل أمر فداء أسرى بدر، فشفى وكفى. 2572 - [6191]- قوله: ومَنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أبي العاص بن الرّبيع. أحمد (¬3) وأبو داود (¬4) والحاكم (¬5) من حديث عائشة: لما بعث أهل مكّة في فداء أساراهم، بعثتْ زينبُ بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في فداء زوجها أبي العاص بن الربيع بمالٍ، وبعثتْ فيه بقلادةٍ لها كانت خديجة أدخلتها بها على أبي العاص، فلما رآها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رَقّ لها رقَّة شديدة، وقال: "إنْ رَأَيْتُم أَنْ تُطْلِقُوا لَهَا أَسِيرَهَا، وَتَرُدُّوا عَلَيْهَا الذي لَهَا" فقالوا: نعم. فأطلقوه، وردّوا عليه الّذي لها. لفظ أحمد. 2573 - [6192]- قوله: ومَنَّ على ثُمَامة بن أُثَال. ¬
مسلم (¬1) عن أبي هريرة: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيلا قِبَل نَجْد، فجاءت برجلٍ من بني حنيفة يقال: له ثمامة بن أُثَال، فربطوه بساريةٍ من سواري المسجد، فخرج إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "مَاذَا عِندَك يَا ثُمامَة؟ " فقال: يا محمد عندي خير، إن تقتل تقتل ذا دمٍ، وإن تُنعِم تُنعِم على شاكر، وإن كنت تريد المال فَسَلْ تعْطَ منه ما شئت ... الحديث. وفيه: "أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ". وأصله في البخاري (¬2). 2574 - [6193]- حديث ابن عباس: أنَّه قال في قوله تعالى: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ}: أنّ ذلك كان يوم بدرٍ، وفي المسلمين قلّة، فلما كثروا واشتدّ سلطانهم أنزل الله تعالى بعدها في الأسارى: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} فجعل النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين بالخيار فيهم؛ إن شاءوا قتلوهم، وإن شاءوا استعبدوهم، وإن شاءوا فادوهم. البيهقي (¬3) من حديث علي بن أبي طلحة، عنه، نحوه. وعلي؛ يقال: لم يسمع من ابن عباس، لكنه إنما أخذ التفسير عن ثقات أصحابه؛ مجاهد وغيره، وقد اعتمده البخاري وأبو حاتم وغيرهما في التفسير. ¬
[6194]- وقال أبو داود (¬1): حدثنا أحمد، حدثنا أبو نوح، حدثنا عكرمة بن عمار، حدثنا سماك الحنفي، حدثنا ابن عباس: حدثني عمر بن الخطاب قال: لما كان يوم بدر فَأَخَذ -يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - الفداءَ أنزل الله تعالى: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى} إلى قوله: {عَذَابٌ عَظِيمٌ} (¬2)، ثم أُحلَّ لهم الغنائم. 2575 - [6195]- حديث معاذ: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال يوم حنين: "لَو كَانَ الاسْتِرقَاقُ جَائزًا عَلى الْعَرَبِ لَكَان الْيَوْمَ، إنَّما هُو أَسْرٌ أَو فِداءٌ". ذكر البيهقي (¬3): أنّ الشافعي ذكره في "القديم" من حديث معاذ بن جبل، عن الواقدي، عن موسى بن محمَّد بن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن السلولي، عن معاذ. وأخرجه البيهقي من طريق الواقدي أيضًا. ورواه الطبراني في "الكبير" (¬4) من طريق أخرى فيها يزيد بن عياض، وهو أشد ضعفًا من الواقدي. * حديث: "أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَه إلَّا الله". تقدم. 2576 - [6196]- حديث: "إنَّ الْقَوْمَ إذَا أَسْلَمُوا أَحْرَزُوا دِمَاءَهُمْ ¬
فائدة
وَأَمْوَالَهُمْ". أبو داود (¬1) من حديث صخر بن العيلة، وفيه قصة. فائدة العَيْلَة -بفتح المهملة وسكون التحتانية-: هي أمّ صخر. وفي الباب: [6197]- عن أبي هريرة مرفوعًا: "مَن أَسْلَم عَلَى شَيْءٍ فَهُو لَهُ". أخرجه أبو يعلى (¬2)، وضعفه ابن عدي (¬3) بياسين الزيّات راويه عن الزهري. قال البيهقي (¬4): وإنما يُروى عن ابن أبي مليكة، وعن عروةَ مرسلًا. ومرسل عروة؛ أخرجه سعيد بن منصور برجال ثقات. 2577 - [6198]- حديث: أنّ النّبي - صلى الله عليه وسلم - حاصر بني قريظة، فأسلم ثعلبة وأسد ابنا سعية، فأحرز لهما إسلامهما أموالهما وأولادهما الصغار. ابن إسحاق في "المغازي" (¬5) حدثني عاصم بن عمر بن قتادة، عن شيخ من بني قريظة، أنه قال له: هل تدري كيف كان إسلام ثعلبة، وأسد ابني سعية، ¬
تنبيه
وأسد بن عبيد نفر من هذيل؟ لم يكونوا من بني قريظة ولا النضير، كانوا فوق ذلك (¬1). قلت: لا، قال: فإنّه قدم علينا رجل من الشام من يهود يقال له: ابن الهيبان، فأقام عندنا، فوالله ما رأينا رجلا قطّ لا يصلي الخمس خيرًا منه، فقدم علينا قبل مبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - بسنتين، وكان يقول: إنه يتوقع خروج نبي قد أظلّ زمانه ... فذكر الحديث، وفية: فلما كانت تلك الليلة التي افتتحت فيها قريظة، قال أولئك الفتية الثلاثة: يا معشر يهود، والله إنه للرَّجل الذي كان ذَكر لكم ابنُ الهيبان، فقالوا: ما هو (¬2). قالوا: بلى والله، إنه لهو. قال: فنزلوا وأسلموا، وكانوا شبّانًا فخلوا أموالهم وأولاهم وأهليهم في الحصين مع المشركين، فلما فُتح رُدّ ذلك عليهم. ورواه البيهقي (¬3). تنبيه سعية -بفتح السين- وقيل: بضمها وهو تحريف -وإسكان العين، وفتح الياء المثناة تحت، وقيل بالنون بدل الياء، قال النووي (¬4): وهو تصحيفٌ من بعض الفقهاء- وهو غير والد زيد بن سعنة. قلت: ويؤيده: أنَّ في الخبر المتقدّم أنَّه كان شابًّا فكيف يكون له ابنٌ مثل زيد. قال: وقيل: شعبة (¬5) - بالمعجمة والموحدة، وهو خطأ. ¬
وأسيد: بفتح الهمزة وكسر السين، وقيل: بفتحها بغير ياء، وقيل: بضم الهمزة مصغّر. والْهَيْبَان: بفتح الهاء والياء المثناة تحت، والباء الموحدة، ضبطه (¬1) المطرِّزي في "المغرب". * حديث: أنَّه - صلى الله عليه وسلم - قال يوم أوطاس: "أَلَا لا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، وَلَا حَائِلٌ حَتَّى تَحِيضَ". تقدم في "الاستبراء". 2578 - [6199]- حديث أبي سعيد: أصبنا نساء يوم أوطاس فكرهوا أنَّ يقعوا عليهن من أجل أزواجهن من المشركين، فأنزل الله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} فَاسْتَحْلَلْنَاهُن. مسلم (¬2) نحوه، وفي آخره: "فَهُنَّ لَكُمْ حَلَالٌ إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ". * حديث ابن عمر: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قطع نخل بني النضير وحرّق ... الحديث. تقدم. ¬
2579 - [6200]- حديث: أنّه - صلى الله عليه وسلم - قطع على أهل الطّائف كرومًا. ابن إسحاق في "المغازي" (¬1): أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - سار إلى الطائف فأمر بقصر مالك ابن عوف فهدم، وأمر بقطع الأعناب. [6201]- ورواه أبو الأسود عن عروة قال: نزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالأكمة عند حصن الطائف، فحاصرهم، وقطع المسلمون شيئًا من كروم ثقيف ليغيظوهم. رواه البيهقي (¬2). [6202]- ورواه أيضا من حديث موسى بن عقبة في "المغازي". 2580 - قوله: وذكر أنّ الطائف كان آخر غزواته. قلت: معناه الّتي غزاها بنفسه، والتي قاتل فيها, لا بدّ من هذين القيدين، وإلا فغزوة تبوك بعدها بلا خلاف، لكنه لم يقاتل فيها. والله أعلم. 2581 - [6203]- حديث: أنّ أبا بكر بعث جيشًا إلى الشّام فنهاهم عن قتل الشّيوخ, وأصحاب الصوامع، وقطع الأشجار المثمرة. البيهقي (¬3) من حديث يونس عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي بكر، مطولًا. ¬
وَرَوى (¬1) عن أحمد: أنه أنكره. [6204]- ورواه مالك في "الموطأ" (¬2) عن يحيى بن سعيد: أنَّ أبا بكر ... نحوه. [6205]- ورواه سيف (¬3) في "الفتوح" من وجه آخر، عن الحسن بن أبي الحسن، مرسلًا أيضا. 2582 - [6206]- حديث: أنّ حنظلة الراهب عقر بأبي سفيان فرسه يوم أحد فسقط عنه، فجلس حنظلة على صدره ليذبحه، فجاء ابنُ شَعُوب وقتل حنظلة، واستنقذ أبا سفيان، ولم ينكر النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل حنظلة. البيهقي (¬4) من طريق الشافعي بغير إسناد. وقد ذكره الواقدي في "المغازي" عن شيوخه، فذكره مطوَّلًا. وذكره ابن إسحاق في "المغازي" (¬5) دون ذكر العقر. * حديث: روي النهي عن ذبح الحيوان إلا لمأكله. ¬
تقدم. 2583 - [6207]- حديث: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قتل الحيوان صبرًا. مسلم (¬1) عن جابر. [6208]- ولهما (¬2) عن ابن عمر: نهي أن تصبر البهائم. [6209]- ولأحمد (¬3) عن أيوب: نهى عن قتل الصبر. [6210]- وروى العقيلي (¬4) من حديث الحسن، عن سمرة قال: نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تصبر البهيمة، وأن يؤكل لحمها إذا صبرت. قال العقيلي: روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في النهي عن صبر البهائم أحاديثُ بأسانيدَ جيادٍ (¬5)، وأمَّا أكل لحمها فلا يحفظ إلا في هذا الحديث. 2584 - [6211]- حديث ابن عمر: أنّ جيشًا غنموا طعامًا وعسلًا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يأخذ منهم الخمس. ¬
أبو داود (¬1) وابن حبان (¬2) والبيهقي (¬3) من حديث ابن عمر. ورجح الدراقطني (¬4) وقفه. 2585 - [6212]- حديث ابن عمر: كنا نصيب في مغازينا العسل والعنب فنأكله ولا نرفعه. البخاري (¬5) بهذا. 2586 - [6213]- حديث ابن أبي أوفى: أصبنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخيبر طعامًا، فكان كل واحد منا يأخذ منه قدر كفايته. أبو داود (¬6) والحاكم (¬7) والبيهقي (¬8). 2587 - [6214]- حديثه: كنا نأخذ من طعام المغنم ما نشاء. قال ابن الصلاح في كلامه على "الوسيط": هذا الحديث لم يذكر في كتب الأصول. انتهى. ¬
[6215]- وقد رواه الطبراني في "الكبير" (¬1) من حديثه بلفظ: لم يخمس الطعام يوم خيبر. [6216]- وفي "الصحيحين" (¬2) عن عبد الله بن مغفل قال: أصبت جرابا يوم خيبر من شحم ... الحديث، فالتفت فإذا رسول الله فاستحييت منه. زاد الطيالسي في "مسنده" (¬3) بإسناد صحيح، فقال: "هُوَ لَكَ". 2588 - [6217]- حديث رويفع بن ثابت: "مَن كَان يُؤمِنُ بالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلا يَلْبَسْ ثوبًا مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِين حَتَّى إذَا أَخْلَقَ رَدَّهُ". وفيه: "وَمَن كَان يُؤمِنُ بالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلا يَرْكَبَنَّ دَابةً مِن فَيْءِ الْمُسْلِمينَ حَتَّى إذَا أَعْجَفَهَا ردَّهَا إِليْهِ ... ". الحديث. أحمد (¬4) وأبو داود (¬5) وابن حبان (¬6) وزاد: وذلك يوم حنين. * حديث: أنَّه - صلى الله عليه وسلم - حين سئل عن ضالة الغنم؟ فقال "هِيَ لَكَ أَوْ ¬
لأَخِيكَ أو لِلذِّئْبِ ... ". تقدم في "اللقطة". * حديث: "مَن قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُه ... ". تقدم في "قسم الفيء". 2589 - [6218]- حديث: روي أنّ رجلا غلّ في الغنيمة، فأحرق النبي - صلى الله عليه وسلم - رَحْلَه. أبو داود (¬1) والحاكم (¬2) والبيهقي (¬3) من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر أحرقوا متاع الغال، وضربوه، ومنعوا سهمه. وهو من رواية زهير بن محمّد عنه، وهو الخراساني نزيل مكّة. وقال البيهقي: يقال هو غيره، وأنه مجهول. [6219]- وله طريق آخر؛ رواه أحمد (¬4) وأبو داود (¬5) والترمذي (¬6) ¬
والحاكم (¬1) والبيهقي (¬2) من حديث أبي واقد صالح بن محمّد بن أبي زائدة المدني، عن سالم، عن أبيه، عن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذَا وَجَدْتُم الرَّجُلَ قَد غَلَّ فَاحْرِقُوا مَتَاعَهُ، وَاضْرِبُوه". وفيه قصة. وصالح ضعيف، وقال البخاري (¬3): عامة أصحابنا يحتجّون به، وهو باطل. وصحح أبو داود وقفه. وقال الدارقطني (¬4): أنكروه على صالح، ولا أصل له، والمحفوظ أن سالما أمر بذلك. [6220]- ورواه أبو داود (¬5) من وجه آخر عن صالح بن محمّد قال: غزونا مع الوليد بن هشام ومعنا سالم بن عبد الله وعمر بن عبد العزيز، فغلَّ رجل متاعًا، فأمر الوليد بمتاعه فأحرق، وطِيفَ به، ولم يعطه سهمَه. قال أبو داود (¬6): هذا أصح، ورواه غير واحد: أن الوليد بن هشام حرَّق رَحلَ زياد شغر (¬7)، وكان قد غلّ، وحرمه. قال أبو داود: شغر لقبه (¬8). ¬
2590 - قوله: وقال الشافعي: لو صح هذا الحديث قلت به. قال الرّافعي: يريد: أنه لم يظهر له صحّته، قال وبتقدير الصحّة يحمل على أنه (¬1) كان في ابتداء الأمر ثم نسخ. قلت: لم يصحّ، فلا حاجة إلى الحمل. وقد أشار البخاري في "الصحيح" (¬2) إلى أنّه ليس بصحيح. وأورد ما يخالفه، ثم إنّ الحمل المذكور مما ينازع فيه؛ لأن النسخ لا يثبت بالاحتمال. * حديث: أنّ أبا بكر بعث جيشًا فنهاهم عن قتل الشيوخ .. الحديث. تقدم قريبا. 2591 - [6221]- حديث عمر: أنا فئة لكل مسلم، وكان بالمدينة وجنوده بالشام والعراق. الشافعي (¬3) عن ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: أن عمر قال: أنا فئة لكل مسلم. ¬
[6222]- ورواه هو (¬1) وأحمد (¬2) والترمذي (¬3) والبيهقي (¬4) من حديث ابن عمر، مرفوعًا. 2592 - [6223]- حديث ابن عباس: أنه قال: من فر من ثلاثة لم يفر، ومن فر من اثنين فقد فرَّ. الشافعي (¬5) والحاكم (¬6) عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن عطاء، عن ابن عباس. ورواه الطبراني (¬7) من رواية الحسن بن صالح، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس، مرفوعًا. * حديث: أن أبا بكر حملت إليه رؤوس. تقدم. 2593 - [6224]- حديث عثمان: أنّه قال: لا يُفرَّق بين [الوالد وولده] (¬8). ¬
البيهقي (¬1) من طريق معمر، عن أيوب، قال: أمر عثمان أن يشترى له رقيق، وقال: لا يفرق بين الوالد وولده. ورواه الثوري موصولا. 2594 - حديث: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - ترك عقار مكة بأيدي أهلها. مستفاد من الأصل (¬2)، ومن: [6225]- قوله: "وَمَن دَخَل دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ، وَمن دَخَلَ دَارَ حَكِيم ابن حزام فَهُو آمِن". ذكره ابن إسحاق في "السيرة" (¬3) وفي "الصحيحين" (¬4) من حديث أسامة بن زيد: "وَهَل تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مَنْ رِبَاعٍ؟ ". 2595 - [6226]- حديث: أن عمر فتح السواد عنوة، وقسمه بين الغانمين، ثم استطاب قلوبهم واستردّه. [6227]- وقال جرير بن عبد الله البجلي: كانت بجيلة رُبُعَ الناس يوم القادسية، فقسم لهم عمر رُبُعَ السواد، فاستغلوا ثلاث سنين أو أربعا، ثم قدمت على عمر فقال: لولا أني قاسم مسئول لتركتكم على ما قسم ... فذكر الحديث. [6228]- وعن عتبة بن فرقد: أنَّه اشترى أرضا من أرض السواد، فأتى عمر ¬
فأخبره فقال: ممن اشتريتها؟ فقال: من أهلها. فقال: "فَهَؤلاءِ الْمُسْلِمُونَ (¬1)، أَبِعْتُمُوه شَيْئًا؟ " قالوا: لا، قال: "فَاذْهَبْ واطْلُبْ مَالَكَ". [6229]- وعن سفيان الثوري، أنّه قال: جعل عمر السواد وقفًا على المسلمين ما تناسلوا. [6230]- وعن ابن شبرمة قال: لا أجيز بيع أرض السواد ولا هبتها ولا وقفها. [6231]- وعن عمر قال: لولا أخشى أن يبقى آخر الناس بَبَانًا لا شيء لهم؛ لتركتكم وما قسم لكم، ولكني أحب أن يلحق آخر الناس أولهم. وتلا قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ}. [6232]- وعن أبي الوليد الطيالسي قال: أدركت النَّاس بالبصرة، وإنه ليجاء بالتمر فما يشتريه إلا أعرابي، أو من يتخذ النبيذ. يريد: أنهم كانوا يتَحرَّون عنه، وأن ذلك كان مشهورًا فيما بينهم. أما أثر عمر في فتح السواد؛ فقال أبو عبيد في "كتاب الأموال" حدثنا هشيم، أخبرنا العوام بن حوشب، عن إبراهيم التيمي، قال: لما افتتح المسلمون السواد قالوا لعمر: اقسمه بيننا، فإنا فتحناه عنوة، قال: فأبى، ثمّ أقرّ أهل السّواد على أرضهم، وضرب على رءوسهم الجزية، وعلى أرضهم الخراج (¬2). ورواه سعيد بن منصور: عن هشيم مثله. وأما أثر جرير؛ فرواه الشافعي (¬3)، عن الثّقة، عن إسماعيل بن أبي خالد، ¬
عن قيس بن أبي حازم، عن جرير، مثله. وأما أثر عتبة بن فرقد؛ فأخرجه البيهقي من طريقين في "السّنن" (¬1). وروا الخطيب في "تاريخ بغداد" (¬2) من طريق "الخراج" (¬3) ليحيى بن آدم عن عبد السلام بن حرب، عن بكير بن عامر، عن عامر -هو الشعبي- قال: اشترى عتبة بن فرقد ... فذكره وقال يحيى بن آدم أيضا (¬4): حدثنا حسن بن صالح، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب قال: أسلمت امرأة من أهل نهر الملك، فكتب عمر بن الخطاب إن اختارت أرضها وأدت ما على أرضها فخلوا بينها وبين أرضها، وإلا فخلوا بين المسلمين وبين أرضهم. وأما قول سفيان الثوري؛ فرواه يحيى بن آدم في "كتاب الخراج" (¬5) له عنه. وأما قول ابن شبرمة: فرواه يحيى بن آدم أيضا. وأما حديث عمر؛ فرواه البخاري (¬6) في غزوة خيبر، من رواية زيد بن أسلم، عن أبيه: أنه سمع عمر. ¬
ورواه الطّبراني في "الكبير" أيضا. وقوله: ببَّانًا -بموحدتين، الثّانية مشددّة، وبعد الألف نون خفيفة-: أي شيئا واحدًا. كذا قيل في تفسيره (¬1). وأما قول أبي الوليد الطيالسي؛ فهو في "كتاب الأحكام" لزكريا بن يحيى الساجي، عنه. وكذا نسبه إليه صاحب "البحر". 2596 - [6233]- قوله: وروى الشّعبي: أنّ عمر بن الخطاب بعث عثمان بن حنيف ماسحًا ففرض على كل جريب شعير درهمين ... الحديث. رواه البيهقي (¬2) من طريقين، وهو في "الخراج" (¬3) ليحيى بن آدم. [6234]- وقال أبو عبيد في "الأموال" حدثنا الأنصاري محمَّد بن عبد الله ولا أعلم إسماعيل بن إبراهيم، إلا حدّثناه أيضًا عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة عن أبي مجلز: أن عمر بن الخطاب بعث عمار بن ياسر إلى أهل الكوفة على صلاتهم وحربهم (¬4)، وعبد الله بن مسعود على قضائهم وبيت مالهم، وعثمان ابن حنيف على مساحة الأرض، ثم فرض لهم في كل يوم شاة ... الحديث. ¬
وفيه: فمسح عثمان بن حنيف الأرض، فجعل على جريب الكرم عشرة دراهم، وعلى جريب النخل خمسة، وعلى جريب القصب ستة، وعلى جريب البر أربعة، وعلى جريب الشعير درهمين. ورواه عبد الرزاق عن معمر عن قتادة. 2597 - [6235]- قوله: يذكر أن الحاصل من أرض العراق على عهد عمر بن الخطاب، كان مائة ألف ألف وسبعة وثلاثين ألف ألف. وقيل: مائة ألف ألف وستين ألف ألف، ثم كان يتناقص حتى عاد في زمن الحجاج إلى ثمانية عشر ألف ألف، فلما ولي عمر بن عبد العزيز ارتفع في السنة الأولى إلى ثلاثين ألف ألف، وفي الثانية إلى ستين ألف ألف، وقيل: فوق ذلك، وقال: لئن عشت لأبلغنه إلى ما كان في أيام عمر بن الخطاب، فمات في تلك السنة. يحيى بن آدم في "كتاب الخراج" (¬1) من طريق قتادة، عن أبي مجلز. وقال ابن سعد (¬2): أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء، عن سعيد، عن قتادة، عن أبي مجلز. ومن طريق محمَّد بن المنتشر: أن عمر بن الخطاب وجه عثمان بن حنيف على ¬
خراج السواد ... الحديث، وفيه: فَحُمِل من خراج سواد الكوفة (¬1) إلى عمر في أول سنة ثمانون ألف ألف درهم، وقيل: مائة وعشرون ألف ألف. والذي في الرافعي عزاه صاحب "المهذب" (¬2) إلى رواية عباد بن كثير، عن قحذم. وعباد ضعيف. 2598 - [6236]- قوله: اشتهر أن أرض البصرة كانت سبخة فأحياها عثمان بن أبي العاص، وعتبة بن غزوان بعد الفتح. قلت: هو كما قال، رواه عمر بن شبة في "أخبار البصرة"، وكان ذلك سنة أربع عشرة، وكان السابق إلى ذلك عتبة بن غزوان. * قوله: روي أن عمر اشترى حجرة سودة بمكّة، وأن حكيم بن حزام باع دار النّدوة من معاوية. أما حجرة سودة؛ فالمعروف أن الذي اشتراها ابن الزبير، وقد تقدم في "البيوع"، وكذا تقدّم فيه قصّة حكيم. **** ¬
باب الأمان
باب الأمان 2599 - [6237]- حديث أبي هريرة: قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة، فبعث الزبير على إحدى المجنبتين، وبعث خالدًا على المجنبة الأخرى ... الحديث بطوله. رواه مسلم (¬1). قال صاحب "الحاوي": الذي عندي أن أسفل مكة دخله خالد بن الوليد عنوة، وأعلاها دخله الزبير صلحا، ومن جهته دخلها النبي - صلى الله عليه وسلم -، فصار حكم جهته الأغلب. كأنه انتزعه من هذا الحديث. 2600 - [6238]- حديث: أنَّه - صلى الله عليه وسلم - استثنى يوم فتح مكة رجالا مخصوصين، فأمر بقتلهم. أبو داود (¬2) والنّسائي (¬3) من حديث سعد بن أبي وقاص: لما كان فتح مكّة آمن رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - النَّاسَ إلا أربعة وامرأتين، وقال: اقتلوهم وإن وجدتموهم معلقين بأستار الكعبة: عكرمة بن أبي جهل، وعبد الله بن خطل، ومقيس بن ضبابة، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح. فأما عبد الله بن خطل؛ فأدرك وهو ¬
معلق بأستار الكعبة، فاستبق إليه سعيد بن حريث وعمار بن ياسر، فسبق سعيد عمارا وكان أشبّ الرجلين فقتله ... الحديث، بطوله. [6239]- ورواه البيهقي (¬1) من طريق عمر بن عثمان بن عبد الرحمن بن سعيد المخزومي، عن جده، عن أبيه، نحوه. وفيه: وأما ابن خطل؛ فقتله الزبير ابن العوام. وجزم أبو نعيم في "المعرفة" (¬2) بأن الذي قتله هو أبو برزة. وذكر ابن هشام (¬3) أن عبد الله بن خطل قتله سعيد بن حريث، وأبو برزة الأسلمي اشتركا في دمه. وذكر ابن حبيب: أنه أمر بقتل هند بنت عتبة، و [قُرَيبة] (¬4)، وسارة (¬5)، فقُتلتا، وأسلمت هند. وذكر ابن إسحاق (¬6): أن سارة آمَنها النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد أن استؤمن لها، فبقيت حتى أوطأها رجل فرسًا في زمن عمر بن الخطاب بالأبطح فقتلها. 2601 - [6240]- حديث: أنّ رجلا أجار رجلًا من المشركين، ¬
فقال عمرو بن العاص وخالد بن الوليد: لا نجيز ذلك، فقال أبو عبيدة بن الجراح: ليس كما [قلتما] (¬1)، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "يُجِيرُ عَلى الْمُسْلِمِينَ بَعْضُهُمْ"، فأجاروه. أحمد (¬2) من حديث أبي أمامة، نحوه بهذه القصة. [6241]- وقال ابن أبي شيبة (¬3) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان، عن حجاج، عن الوليد بن أبي مالك، عن عبد الرحمن بن سلمة: أنّ رجلا آمن قوما وهو مع عمرو بن العاص وخالد بن الوليد وأبي عبيدة بن الجراح، فقال عمرو وخالد: لا نجير من أجار (¬4). فقال أبو عبيدة: ليس كما قال، سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "يُجِيرُ عَلى الْمُسْلِمِينَ بَعْضُهُمْ". حجاج هو ابن أرطاة، وفيه ضعف، وهو مدلس، والمعروف عن عمرو بن العاص خلاف ذلك، فقد روى الطيالسي في "مسنده" (¬5) عنه فرفعه: "يُجِيرُ عَلى الْمُسْلِمِينَ أَدْنَاهُم". [6242]- ورواه أحمد (¬6) من حديث أبي هريرة رفعه: "يُجِيرُ عَلى الْمُسْلِمِينَ أَدْنَاهُم". ¬
[6243]- ورواه أحمد (¬1) من حديث أبي عبيدة: "يُجِيرُ عَلى الْمُسْلِمِينَ بَعْضُهُمْ". 2602 - [6244]- حديث علي: أنَّه قال: ما عندي إلا كتاب الله وهذه الصّحيفة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ ذِمّةَ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ، فَمَنْ أَخْفَرَ (¬2) مُسْلِمًا فَعَلَيهِ لَعْنَةُ الله وَالْمَلَائِكَةِ والنَّاسِ أَجْمَعِينَ". متفق عليه (¬3) من حديثه، وأتم من هذا السياق. [6245]- ورواه باللفظ دون أوله مسلم (¬4) من حديث أبي هريرة. [6246]- والبخاري (¬5) عن أنس. 2603 - [6247]- حديث: "الْمُسْلِمُون تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَيسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ". أبو داود (¬6) والنسائي (¬7) والحاكم (¬8) عن علي به. ¬
[6248]- وأحمد (¬1) وأبو داود (¬2) وابن ماجه (¬3) من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، مرفوعًا: "يَدُ الْمُسْلِمينَ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ تَتَكَافَأُ دِمَاؤهُمْ، وَيُجِيرُ عَلَيْهِم أَدْنَاهُمْ، وَيرُدّ عَلَيهُم أَقْصَاهُمْ، وَهُمْ يدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ". [6249]- ورواه ابن حبان في "صحيحه" (¬4) من حديث ابن عمر [مطوّلا. [6250]- ورواه ابن ماجه (¬5) من حديث معقل بن يسار مختصرًا: "الْمُسْلِمُون يدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ تَتَكافَأُ دِمَاؤُهمْ". [6251]- ورواه الحاكم (¬6) عن أبي هريرة مختصرًا: "الْمُسْلِمُون تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ"] (¬7). 2604 - [6252]- حديث أم هانئ: أجرت رجلين من أحمائي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "آمَنَّا مَنْ آمَنْتِ". الترمذي (¬8) من حديثها بهذا، وأصله في "الصحيحين" (¬9) أتمّ من هذا، وفيه قصة، ولفظه: "قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أمَّ هَانِئ". ¬
تنبيه
واستدل به على أنّ مكة فتحت عنوة، إذ لو فتحت صلحًا ما احتيج إلى هذا. تنبيه الرجلان هما الحارث بن هشام، وعبد الله بن أبي ربيعة، كذا ساقه الحاكم (¬1) في ترجمة "الحارث بن هشام" بسندٍ فيه الواقدي. وكذا رواه الأزرقي (¬2) عن الواقدي، عن ابن أبي ذئب، عن المقبري، عن أبي مُرّة (¬3)، عن أم هانئ ... فذكر الحديث، وفي آخره: وكان الذي أجارت عبد الله بن أبي ربيعة، والحارث ابن هشام. ورواه "الموطأ" (¬4) و"الصحيحان" (¬5) وفيه: قاتلٌ (¬6) رجلًا أجَرَتْه، فلان بن هبيرة. واسم أم هانئ: فاختة، كذا في الطبراني (¬7): أنَّه محمد قال لها: مرحبا بفاختة أم هانئ. وادعى الحاكم (¬8) تواتره. وقيل: اسمها هند، قاله الشافعي. وقيل: فاطمة، حكاه ابن الأثير (¬9). ¬
وقيل: عاتكة، حكاه ابن حبان (¬1) وأبو موسى. وقيل: جمانة، حكاه الزبير بن بكار (¬2). وقيل: رملة، حكاه ابن البرقي (¬3). وقيل: إن جمانة أختها، وقيل: ابنتها. 2605 - [6253]- حديث: أنَّه - صلى الله عليه وسلم - قال: "أَنَا بَريءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ مَعَ مُشْرِكٍ". أبو داود (¬4) والترمذي (¬5) وابن ماجه (¬6) من حديث جرير، وفيه قصة. وصحّح البخاري (¬7) وأبو حاتم (¬8) وأبو داود والترمذي والدارقطني: إرسالَه إلى قيس بن أبي حازم. ورواه الطبراني (¬9) بلفظ المصنف موصولًا. 2606 - [6254]- حديث عدي بن حاتم: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ¬
"كَأنِي بِالْحِيرَةِ قَدْ فُتِحَت"، فقال رجل: يا رسول الله، هب لي منها جاريةً، فقال: "قَدْ فَعَلْتُ"، فلما فتحت الحيرة بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُعطى الجاريةَ الرَّجُلُ، فاشتراها منه بعضُ أقاربها بألف درهم. ابن حبان (¬1) والبيهقي (¬2) من طريق بن أبي عمر، عن سفيان، عن ابن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن عدي بن حاتم، مطوَّلًا، ورجاله ثقات، لكن قال البيهقي: تفرَّد ابن أبي عمر عن سفيان بهذا، وقال غيره: عنه، عن علي بن زيد بن جدعان. وقد أنكره أبو حاتم في "العلل" (¬3). [6255]- ورواه البيهقي في "كتاب الدلائل" (¬4) من حديث خريم بن أوس، وبين أنَّه هو الذي طلب المرأة، واسمها الشّيماء بنت بقيلة. وهو في "معجم ابن قانع" (¬5)، والطبراني (¬6) وأبي نعيم في "المعرفة" (¬7) مطوَّلًا. ¬
2607 - [6256]- قوله: روي أنّ ثابت بن قيس بن شَمّاس آمن الزّبير بن باطا يوم قريظة، فلم يَقبله (¬1)، ثم سأله [فقتله] (¬2). رواه ابن لهيعة في "المغازي" لعروة (¬3)، عن أبي الأسود، من طريقه أخرجه البيهقي (¬4). 2608 - [6257]- حديث: أن بني قريظة نزلوا على حكم سعد بن معاذ، وهو قتل مقاتلهم، وسبي ذراريهم، وأخذ أموالهم. كرره المصنّف وهو في "الصحيحين" (¬5) من حديث أبي سعيد، وفيه قصة. [6258]- ورواه أحمد (¬6) من حديث اللّيث، عن أبي الزّبير عن جابر. قوله: فيه سبعة أرقعة -بالقاف- قال الخطابي (¬7): من قاله بالفاء غَلط. 2609 - [6259]- حديث بريدة: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له: "وَإنْ حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ فَأَرَادُوكَ أَنْ تُنْزِلَهُم عَلَى حكْمِ الله فَلَا ¬
تُنْزِلْهُم عَلَى حُكْمِ الله، وَلَكِنْ أَنْزِلْهِمْ عَلى حُكْمِكَ؛ فإنَّكَ لَا تَدْرِي أَتُصِيبُ حُكْمَ اللهِ فِيهِمْ أَمْ لَا". مسلم (¬1) بهذا وأتم منه. 2610 - [6260]- قوله: روي: أن سعد بن معاذ لما حكم بقتل الرّجال، استوهب ثابت بن قيس الزّبير بن باطا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فوهبه له. البيهقي (¬2) من طريق عروة بن الزبير مطوّلًا، وفيه: أن الزبير قتله. وذكر ذلك ابن إسحاق، وموسى بن عقبة في "المغازي". وقد أعاده المؤلف في موضع آخر من هذا الباب مختصرًا كما سبق. * حديث: أنّ رجلًا أَسَرتْه الصّحابة، فنادى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يمرّ به: إني مسلم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لَوْ أَسْلَمْتَ وَأَنْت تَمْلِكُ أَمْرَكَ أَفْلَحْتَ كلَّ الْفَلاحِ". ثم فداه برجلين من المسلمين أسرتهما ثقيف. مسلم (¬3) عن عمران بن حصين. وقد تقدم في الباب قبله. ¬
* حديث عمران بن حصين: أنّ المشركين أغاروا على سرح (¬1) المدينة، وذهبوا بالعضباء، وأسروا امرأةً ... الحديث، وفيه: "لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ في مَعْصِيةٍ وَلَا فِيمَا لا يَمْلِكُهُ ابنُ آدَم". مسلم، وهو طرف من الحديث الذي قبله. 2611 - [6261]- حديث: روي أنّه - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ أَسْلَم عَلَى شَيْءٍ فَهُو لَهُ". ابن عدي (¬2) والبيهقي (¬3) عن أبي هريرة، وفيه ياسين الزيات، وهو منكر الحديث، متروك. وقال أبو حاتم في "العلل" (¬4): لا أصل له. قال البيهقي: وإنما يروى هذا (¬5) عن ابن أبي مليكة، وعن عروة مرسلا. [6262]- وروى أحمد (¬6) من حديث صخر بن العَيْلة: أنّ قوما من بني سليم فرّوا عن أرضهم، حتى جاء الإِسلام فأخذتُها، فأسلموا فخاصموني فيها، فزدها عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال: "إذَا أَسْلَم الرجُلُ فَهُو أَحَقُّ بِأَرْضِه وَمَالِه". ¬
2612 - [6263]- حديث: أن الهرمزان لما حمله أبو موسى الأشعري إلى عمر، قال له عمر: تكلّم لا بأس عليك، ثم أراد قتله، فقال أنس: ليس لك إلى قتله سبيل، قلتَ له: تكلم لا بأس. الشافعي (¬1): أخبرنا الثقفي، عن حميد، عن أنس قال: حاضرنا تستر فنزل الهرمزان على حكم عمر، فقدمت به على عمر، فلما انتهينا إليه قال له عمر: تكلم، قال: كلام حي أو كلام ميت، قال: تكلم لا بأس. فذكر القصّة. ورواه ابن أبي شيبة (¬2) ويعقوب بن سفيان في "تاريخه" والبيهقي (¬3). ورويناه في "نسخة إسماعيل بن جعفر" عن حميد بطوله، وعلقه البخاري (¬4) مختصرًا. 2613 - [6264]- قوله: يروى في الخبر: "الدُّعَاءُ وَالْبَلَاءُ يَعْتَلِجَانِ" -أي يتدافعان. البزار (¬5) والحاكم (¬6) من حديث عائشة رفعه: "لَا يَنْفَعُ حَذْرٌ مِنْ قَدَرٍ، ¬
وَالدُّعَاءُ يَنفَعُ -أحسبه قال-: مَا لَمْ يَنْزِلِ الْقَدَر، وَإِنَّ الدّعَاءَ لَيَلْقَى الْبَلَاءَ فَيَتَعَالَجَان إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَة". وفي إسناده زكريا بن منظور، وهو متروك. [6265]- ورواه البزار من حديث أبي هريرة، وفي إسناده إبراهيم بن خثيم بن عراك، عن أبيه. قال: لا يروى عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد. [6266]- وروى الترمذي (¬1) عن سلمان: "لا يَرُدّ الْقَضَاءَ إلَّا الدُّعَاءَ، ولا يَزِيد في الْعُمُرِ إلَّا البِرّ". [6267]- ورواه أحمد (¬2) وابن حبان (¬3) والحاكم (¬4) عن ثوبان مثله، وزاد: "إنَّ الرجُلَ لَيُحْرَمُ الرزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُه". 2614 - [6268]- حديث ابن مسعود أنَّه قال: إن الله يعلم كلّ لسان، فمن كان منكم أعجميًّا فقال: مَتَرْس؛ فقد آمنتُه. لم أره عنه، وإنما هو عن عمر، كذا ذكره البخاري (¬5) تعليقًا، والبيهقي (¬6) موصولا من حديث أبي وائل قال: جاءنا كتاب عمر، وإذا قال: الرجل للرّجل: لا تخفَ، فقد آمنه، وإذا قال: مَتَرْس (¬7)، فقد آمنه، فإن الله يعلم الألسنة. ¬
تنبيه
ورواه مالك في "الموطأ" (¬1) بلاغًا عن عمر. [6269]- وروي عن أبي موسى الأشعري أيضا؛ قال ابن أبي شيبة (¬2): حدثنا ريحان بن سعيد، حدثني مرزوق بن عمرو، حدثني أبو فرقد، قال: كنا مع أبي موسى الأشعري يوم فتحنا سوق الأهواز، فسعى رجل من المشركين، وسعى رجلان من المسلمين خلفه، فقال أحدهما له: مَتَرْس، فقام الرجل فأخذاه، فجاءا به أبا موسى وهو يضرب أعناق الأسارى، فأخبر أحدهما أبا موسى، فقال أبو موسى: وما مَتَرْس؟ قال: لا تخاف. قال: هذا أمان خليا سبيله، فَخُلِّي. تنبيه مترس: بِفَتْحِ الميم والتّاء المثناة فوق، وسكون الرّاء (¬3). 2615 - [6270]- حديث فضيل الرقاشي، قال: جهّز عمر جيشًا كنت فيهم، فحصرنا قرية رَامَهُرمز، فكتب عبد أمانًا في صحيفة شدّها مع سهم رمى به إلى اليهود، فخرجوا بأمانه، فكُتب إلى عمر فقال: العبد المسلم رجل من المسلمين، ذمَّتُه ذمَّتُهم. البيهقي (¬4) بسند صحيح إلى فضيل، قال: كنا نصاف العدو، قال: فكتب ¬
عبدٌ في سهم له أمانًا ... فذكر نحوه. [6271]- قال البيهقي: ويروي مرفوعًا (¬1) من حديث علي من طريق أهل البيت بلفظ: "أَمَانُ الْعَبْدِ جَائِزٌ". 2616 - [6272]- حديث عمر: أنّه قال: والذي نفسي بيده لو أن أحدكم أشار بإصبعه إلى مشرك، فنزل على ذلك، ثم قتله، لقتلته. سعيد بن منصور (¬2): حدثنا أبو عوانة، عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، قال: قال عمر بن الخطاب: والله لو أنّ أحدكم أشار بإصبعه إلى السماء إلى مشرك، فنزل إليه على ذلك، فقتله، لقتلته به. [6273]- وروى ابن أبي شيبة (¬3) عن وكيع، عن أسامة بن زيد، عن أبان بن صالح، عن مجاهد قال: قال عمر: أيما رجل من المسلمين أشار إلى رجل من العدو إن نزلت لأقتلنّك، فنزل وهو يُرَى أنه أمان، فقد آمنه. 2617 - [6274]- حديث: أنّ أبا موسى الأشعري حاصر مدينة السّوس وصالحه دهقانها على أنَّ يؤمِن مائة رجل من أهلها، فقال أبو موسى: إني لأرجو أن يخدعه الله عن نفسه، قال: ¬
اعزلهم، فلما عزلهم، قال له أبو موسى: أفرغت؟ قال: نعم، فآمنهم وأمر بقتل الدهقان، فقال: أتغدر بي وقد آمنتني؟ فقال: آمنت العدد الذي سميت ولم تسم نفسك. رواه أحمد بن يحيى البَلاذُري في كتابه "الفتوح والمغازي" (¬1) بإسناده. **** ¬
(71) كتاب الجزية
(71) كتابُ الجزية
* حديث بريدة: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أمَّر أميرًا على جيشٍ أو سريَّةٍ أوصاه وقال: "إذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ فَادْعُهُمْ إلَى الإسْلَامِ، فَإِنْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُم، فَإِنْ أَبَوْا فَاسْأَلْهُمُ الْجِزْيَةَ، فَإنْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ بِالله وَقاتِلْهُمْ". مسلم عن بريدة، وقد تقدم. 2618 - حديث: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لمعاذ لما بعثه إلى اليمن: "إنَّكَ سَتَرِدُ عَلَى قَوْمٍ أَكثُرُهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ فَاعْرِضْ عَلَيْهِم الإسَلامَ، فَإنِ امْتَنعُوا فَاعْرِضْ عَلَيْهِم الْجِزْيَةَ، وَخُذْ مِن كُلِّ حَالِمٍ دِينارًا فَإِنِ امْتَنَعُوا فَقاتِلْهُم". وسبق إلى إيراده [هكذا] (¬1) الغزّالي في "الوسيط" (¬2)، وتعقّبه ابن الصّلاح. قلت: والظّاهر أنَّه ملَفّق من حديثين: [6275]- الأوّل في "الصحيحين" (¬3) من حديث ابن عباس بأوله، إلى قوله: "فَادْعُهُمْ إِلَى الإسْلَامِ". وفيه بعد ذلك زيادة ليست هنا. ¬
[6276]- وأما الجزية؛ فرواها أحمد (¬1) وأبو داود (¬2) والنسائي (¬3) والترمذي (¬4) والدارقطني (¬5) وابن حبان (¬6) والحاكم (¬7) والبيهقي (¬8) من حديث مسروق، عن معاذ: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لما وجّهه إلى اليمن أمره أن يأخذ من كلِّ حالِمٍ دينارا أو عَدْلَه مِن المعافر -ثياب تكون باليمن-. وقال أبو داود (¬9): هو حديث منكر، قال: وبلغني عن أحمد أنَّه كان ينكره (¬10). وذكر البيهقي (¬11) الاختلاف فيه؛ فبعضهم رواه عن الأعمش، عن أبي وائل عن مسروق، عن معاذ. وقال بعضهم: عن الأعمش، عن أبي وائل، عن مسروق: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لما ¬
تنبيه
بعث معاذا ... وأعله ابن حزم (¬1) بالانقطاع، وأنّ مسروقًا لم يلق معاذا، وفيه نظر. وقال التّرمذي: حديث حسن، وذكر أنّ بعضهم رواه مرسلا، وأنه أصح. 2619 - [6277]- حديث: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث خالد بن الوليد إلى أكيدر دومة، فأخذوه فأتوا به، فَحَقَن دمه، وصالحه على الجزية. أبو داود (¬2) والبيهقي (¬3) من حديث محمَّد بن إسحاق، حدثني يزيد بن رومان، وعبد الله بن أبي بكر: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث خالد بن الوليد إلى أُكَيْدر بن عبد الملك -رجل من كندة- كان ملكا على دومة، وكان نصرانيا ... فذكره مطولًا. [6278]- ورواه أبو داود (¬4) من حديث أنس بن مالك، كما ساقه المؤلف مختصرًا. تنبيه إن ثبت أنَّ أُكَيْدر كان كنديًّا؛ ففيه دليل على أن الجزية لا تختصّ بالعجم من أهل الكتاب؛ لأن أكيدر عربي، كما سبق. ¬
2620 - [6279]- حديث: روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأهل الكتاب في جزيرة العرب: "أُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمُ الله". وقيل: إن هذا جرى في المهادنة حين وادع يهود خيبر لا في عقد الذمة. قلت: الثّاني هو الصحيح، وهو في البخاري (¬1) عن ابن عمر. [6280]- وفي "الموطأ" (¬2) عن سعيد بن المسيب. * حديث: أنّه - صلى الله عليه وسلم - كان يقول لمن يؤمِّره: "إذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِن المشْرِكينَ فَادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلَامِ ... " الحديث. مسلم، من حديث بريدة كما تقدم. * حديث: أنه قاله لمعاذ: "خُذْ مِنْ كلِّ حَالِمٍ دِينارًا ... ". تقدم قريبا. 2621 - [6281]- قوله: وكتب عمر إلى أمراء الأجناد: أن لا يأخذوا الجزية من النساء والصبيان. البيهقي (¬3) من طريق زيد بن أسلم، عن أبيه: أنّ عمر كتب إلى أمراء الأجناد: ¬
أن لا يضربوا الجزية إلا على من جرت عليه الموسى، فكان لا يضرب على النساء والصبيان. ورواه (¬1) من طريق أخرى بلفظ: ولا تضعوا الجزية على النساء والصبيان، وكان عمر يختم أهل الجزية في أعناقهم. 2622 - [6282]- حديث: "لَا جِزْيَةَ عَلَى الْعَبْد"، روي مرفوعًا وروي موقوفًا على عمر. ليس له أصل، بل المروي عنهما خلافه، قال أبو عبيد في "الأموال" (¬2): عن عثمان بن صالح، عن ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة، قال: كتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أهل اليمن أنَّه: "مَن كَانَ عَلَى يَهودِيَّتِهِ أَوْ نَصْرَانِيَّتِهِ فَإنَّه لَا يُفْتَنُ عَنْهَا، وَعَلَيْه الْجِزْيَةُ؛ علَى كُلِّ حَالِمٍ ذَكَرٍ أو أُنْثَى، عَبْدٍ أوْ أَمَةٍ دينارٌ وافٍ، أو قِيمَتُه". [6283]- ورواه ابن زنجويه (¬3) في "الأموال" (¬4) عن النضر بن شميل، عن عوف، عن الحسن، قال: كتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. وهذان مرسلان يقوِّي أحدهما الآخر. [6284]- وروى أبو عبيد في "الأموال" (¬5) أيضًا عن يحيى بن سعيد، عن ¬
سعيد، عن قتادة، عن شقيق العقيلي، عن أبي عياض، عن عمر قال: لَا تَشتَرُوا رَقِيقَ أهْلِ الذِّمَّة، فإنَّهُم أَهْلُ خَرَاجٍ يُؤَدِّي بَعضُهم عن بَعْضٍ. 2623 - [6285]- حديث عمر: أنه كان لا يأخذ الجزية من المجوس، حتى شهد له عبد الرحمن بن عوف أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذها من مجوس هجر. البخاري (¬1) أتم من هذا من طريق بجالة بن عبدة، قال: أتانا كتاب عمر قبل موته بسنة ... فذكره. وقد اختلف كلام الشافعي في بجالة؛ فقال في "الحدود" (¬2): هو مجهول. وقال في "الجزية" (¬3): حديثه ثابت. 2624 - [6286]- حديث: "لَا يَجْتَمِعُ دِينَانِ في جَزِيرَةِ الْعَرَب". مالك في "الموطأ" (¬4) عن ابن شهاب، فذكره مرسلا. قال ابن شهاب: ففحص عمر عن ذلك حتى أتاه الثلج (¬5) واليقين، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذا، فأجلى يهود خيبر. قال مالك: وقد أجلى عمر يهود نجران وفدك. ¬
[6287]- ورواه مالك أيضا (¬1) عن إسماعيل بن أبي حكيم: أنّه سمع عمر بن عبد العزيز يقول: بلغني أنه كان من آخر ما تكلم به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن قال: "قَاتَلَ الله الْيَهُودَ والنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبورَ أَنبيائِهِمْ مسَاجِدَ، لَا يَبْقَيَنَّ دِينانِ بِأرضِ الْعَرَب". ووصله صالح بن أبي الأخضر، عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة، أخرجه إسحاق في "مسنده". ورواه عبد الرزاق (¬2) عن معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، فذكره مرسلا، وزاد: فقال عمر لليهود: من كان منكم عنده عهد من رسول الله فليأت به، وإلا فإني مُجْلِيكم. [6288]- ورواه أحمد في "مسنده" (¬3) موصولا عن عائشة، فلفظه عنها، قالت: آخر ما عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لا يترك بجزيرة العرب دينان. أخرجه من طريق ابن إسحاق، حدثني صالح بن كيسان، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن عائشة. 2625 - [6289]- حديث: " [لَئِنْ] (¬4) عِشْتُ إلى قَابلٍ لأُخْرِجَنَّ اليَهودَ والنَّصارَى مِنْ جَزِيرة الْعَرَب". ¬
أحمد (¬1) والبيهقي (¬2) من حديث عمر، وفي آخره: " ... حَتَّى لَا أَدَعَ فِيهَا إلّا مُسْلِمًا". وأصله في مسلم (¬3) دون قوله: "لَئِنْ عِشْتُ إلى قَابلٍ". وقد أعاده المؤلف بعد في هذا الباب فعزاه إلى رواية جابر عن عمر دون الزيادة التي في أوله، وبالزيادة التي في آخره، كما أخرجه مسلم. 2626 - قوله: سئل ابن سُرَيج عما يدَّعونه -يعني يهود خيبر-: أنّ عليا كتب لهم كلتابًا بإسقاطها، فقال: لم ينقل ذلك أحد من المسلمين. هو كما قال، ثمّ إنهم أخرجوا الكتاب المذكور سنةَ سبعٍ وأربعين وأربعمائة، وصنَّف رئيسُ الرؤساء أبو القاسم على وزير القائم في إبطاله جزءًا، وكتب له عليه الأئمة أبو الطيّب الطبري، وأبو نصر ابن الصبّاع، ومحمّد بن محمد البيضاوي، ومحمد بن علي الدامغاني، وغيرهم. قال الرّافعي: وفي "البحر": عن ابن أبي هريرة أنَّه قال: تسقط الجزية عنهم؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ساقاهم، وجعلهم بذلك خَوَلًا, ولأنّه قال: "أُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمُ الله"، فآمنهم بذلك. انتهى. وقد ظنّ بعضهم أنه من عجيب البحر، وليس كذلك، فقد ذكره الماوردي في "الحاوي"، وقال: لا أعرف أحدا وافق أبا علي ابن أبي هريرة على ذلك. ¬
2627 - [6290]- حديث ابن عباس: أنّ النّبي - صلى الله عليه وسلم - أوصى فقال: "أَخْرِجُوا الْيَهُودَ والنَّصارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَب". متفق عليه (¬1) بلفظ: اشتَدّ الوجع برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأوصى عند موته بثلاث: "أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِن جَزِيرَةِ الْعَرَب ... " الحديث. 2628 - [6291]- حديث أبي عبيدة بن الجراح: آخر ما تكلم به النبي - صلى الله عليه وسلم - أن قال: "أَخْرِجُوا الْيَهُودَ مِنَ الْحِجازِ، وَأهْلِ نَجْرَان من جَزِيرَةِ الْعَرَب". أحمد (¬2) والبيهقي (¬3) بلفظ: "أَخْرِجُوا يَهُودَ أَهْل الْحِجَازِ ... ". والباقي مثله، وهو في "مسند مسدد"، وفي "مسند الحميدي" (¬4) أيضًا. 2629 - [6292]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - صالح أهل نجران على أن لا يأكلوا الربا، فنقضوا العهد وأكلوه. أبو داود (¬5) من حديث ابن عباس: صالح النبي - صلى الله عليه وسلم - أهل نجران على ألفي حلّة؛ ¬
النّصف في صفر، والنصف في رجب، يؤدونها إلى المسلمين ... الحديث، وفي آخره: ما لم يُحدِثوا حدثًا أو يأكلوا الرِّبا. قال إسماعيل -وهو السُدِّي راويه عن ابن عباس-: فقد أكلوا الرِّبا- انتهى. وفي سماع السُدِّي من ابن عباس نظر، لكن له فيه شواهد: [6293]- قال ابن أبي شيبة (¬1): حدثنا عفان، حدثنا عبد الواحد، حدثنا مجالد، عن الشعبي: كتب رسول الله إلى أهل نجران وهم نصارى: "إنَّ مَن بَايَعَ مِنْكمْ بالرِّبَا فَلا ذِمَّةَ لَهُ". [6294]- وقال أيضًا (¬2): حدثنا وكيع، حدثنا الأعمش، عن سالم قال: إن أهل نجران قد بلغوا أربعين ألفًا، قال: وكان عمر يخافهم أن يميلوا على المسلمين، فتحاسدوا بينهم، فأتوا عمر فقالوا: أَجِلْنَا، قال: وكان رسول الله قد كتب لهم كتابًا أن لا يجلوا، فاغتنمها عمر فأجلاهم، فندموا، فأتوه فقالوا: أَقِلْنَا، فأبى أن يقيلهم، فلما قام علي أتوه فقالوا: إنا نسألك بحظ يمينك وشفاعتك عند نبيك إلّا أقلتنا، فأبى، وقال: إن عمر كان رشيد الأمر. 2630 - [6295]- حديث: أنَّه - صلى الله عليه وسلم - أخذ من مجوس هجر ثلاثمائة دينار، وكلانوا ثلاثمائة نفر. لم أجده. [6296]- وقد قال الشافعي: سمعت بعض أهل العلم من أهل نجران يذكر: ¬
أنَّ قيمة ما أخذ من كل واحدٍ أكثر من دينار. رواه البيهقي (¬1). 2631 - [6297]- حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - صالح أهل أيْلَة على ثلاثمائة دينار، وكانوا ثلاثمائة رجل، وعلى ضيافة من يمرّ بهم من المسلمين. البيهقي (¬2) من طريق الشافعي، عن إبراهيم بن محمَّد بن أبي يحيى، عن أبي الحويرث، به، مرسلا. وزاد: وأن لا يغشوا مسلمًا. قال: وأخبرنا إبراهيم، عن إسحاق بن عبد الله: أنّهم كانوا ثلاثمائة. 2632 - [6298]- قوله: إن الصّحابة أخذوا الجزية من نصارى العرب. البيهقي (¬3) عن الشافعي، قال: (فذكره). 2633 - [6299]- قوله: يروى في الخبر: أنّ الضيافة ثلاثة أيام. متفق عليه (¬4) من حديث أبي شريح أتَمّ منه. وزاد في آخره: " ... فَمَا كَانَ وَرَاءَ ذَلِكَ فَهُو صَدَقَةٌ عَلَيْه". ¬
وفي الباب عن جابر، وأبي هريرة، وعائشة، وأبي سعيد، وابن عمر، وعقبة بن عامر، وغيرهم. 2634 - [6300]- حديث: "الإسْلَامُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ". الدارقطني (¬1) من حديث عائذ المزني، وعلّقه البخاري (¬2). [6301]- ورواه الطبراني في "الصغير" (¬3) من حديث عمر مطوَّلا في قصة الأعرابي والضّبّ. وإسناده ضعيف جدًّا. 2635 - [6302]- حديث: "لَا تَبْدَؤُا الْيَهُودَ وَالنصَارَى بِالسَّلامِ ... ". الحديث. مسلم (¬4) عن أبي هريرة. 2636 - [6303]- حديث: "إذَا لَقِيتمُوهُمْ فَاضْطَرُّوهُمْ إِلَى أَضْيَقِ الطَّرِيقِ". مسلم (¬5) عن أبي هريرة في حديث. ¬
ورواه أبو داود (¬1) بلفظ: "إذَا لَقِيتُمُوهُمْ في الطرِيقِ فَاضْطَرُّوهُمْ إِلَى أَضْيَقِ الطَّرِيقِ". 2637 - [6304]- حديث: "أَيُّمَا امْرَأَةٍ خَلَعَتْ ثِيَابَهَا في غَيْرِ بَيْتِ زَوْجِهَا فَهِيَ مَلْعونَةٌ". الدارمي (¬2) وأبو داود (¬3) والترمذي (¬4) وابن ماجه (¬5) والحاكم (¬6) من حديث عائشة. * حديث: أنَّه - صلى الله عليه وسلم - قتل ابن خطل والقينتين، ولم يؤمنهم. تقدّم. 2638 - [6305]- حديث: روي أنّ رجلا انطلق إلى طائفة من العرب وأخبرهم أنّه رسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم فأكرموه، ثم ظهر الحال فأمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتله. قال إمام الحرمين: هذا محمول على أن الرجل كان كافرًا. ¬
البغوي في "معجمه" عن يحيى بن عبد الحميد الحماني، عن علي بن مسهر عن صالح بن حبان، عن ابن بريدة، عن أبيه قال: كان حي من بني ليث من المدينة على ميلين، وكان رجل قد خطب منهم في الجاهلية فلم يزوجوه، فأتاهم وعليه حلّة، فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كساني هذه الحلّة، وأمرني أن أحكم في أموالكم ودمائكم، ثم انطلق فنزل على تلك المرأة التي كان يخطبها، فأرسل القوم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "كَذَب عَدُوّ اللهِ"، ثمّ أرسل رجلًا فقال: "إنْ وَجَدْتَهُ حَيًّا -وَمَا أُرَاكَ تَجِدُهُ حَيًّا- فَاضْرِبْ عُنُقَهُ، وَإنْ وَجَدْتَهُ مَيِّتًا فَأَحْرِقْهُ بِالنَّارِ"، قال: فجاءه فوجده قد لدغته أفعى فمات، فحرّقه بالنّار. قال: فذلك قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن كَذَب عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ". وصالح بن حيان ضعفوه، وأمّا يحيى الحماني فهو وإن كان ضعيفا، فلم ينفرد به، فقد رواه حجاج بن الشاعر عن زكري ابن عدي، عن علي بن مسهر. وروى سويد بن سعيد عن علي بن مسهر قطعة منه. [6306]- وله شاهد من حديث محمد بن الحنيفة عن صهر لهم من أسلم: سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .. وفيه قصّة. رواه أحمد (¬1) والطبراني (¬2). [6307]- ورواه الطبراني (¬3) من طريق عطاء بن السائب، عن عبد الله بن الحارث. وقيل: عن عطاء، عن عبد الله بن الزبير (¬4). ¬
وادّعى الذهبي في "الميزان" (¬1): أنّه لا يصح بوجه من الوجوه، ولا شك أنّ طريق أحمد ما بها بأس، وشاهدها حديث بريدة، فالحديث حسن. * حديث عمر: أنّه أجلى اليهود من الحجاز، ثمّ أذن لمن قدم منهم تاجرًا أنَّ يقيم ثلاثًا. مالك في "الموطأ" عن نافع، عن أسلم به. وقد مضى في "صلاة المسافر". 2639 - [6308]- حديث عمر: أنه قال: دينار الجزية اثنا عشر درهما. البيهقي (¬2) به (¬3)، قال: ويروى عنه بإسناد ثابت: عشرة دراهم. قال: ووجهه (¬4) التقويم باختلاف السعر. 2640 - [6309]- حديث عمر: أنه ضرب في الجزية على الغني ثمانية وأربعين درهما، وعلى المتوسط أربعة وعشرين، وعلى الفقير المكتسب اثني عشر. البيهقي (¬5) من طرق مرسلة. ¬
2641 - [6310]- حديث عمر: أنه وضع على أهل الذهب أربعة دنانير، وعلى أهل الورق ثمانية وأربعين. البيهقي (¬1) به. 2642 - [6311]- حديث: يروى أن جماعة من أهل الذمة أتوا عمر فقالوا: إن المسلمين إذا مرّوا بنا كلّفونا ذبائح الغنم والدجاج، فقال: أطعموهم مما تأكلون، ولا تزيدوهم عليه. لم أجده (¬2)، وذكر ابن أبي حاتم (¬3) من طريق صعصعة بن يزيد، أو يزيد بن صعصعة، عن ابن عباس، من قوله. 2643 - [6312]- حديث عمر: أنه طلب الجزية من نصارى العرب؛ تنوخ، وبهرا، وبنو تغلب، فقالوا: نحن عرب لا نؤدي ما يؤدي العجم، فخذ منا ما يأخذ بعضكم من بعض - ¬
يعنون الزكاة-، فقال عمر: هذا فرض الله على المسلمين، فقالوا: زدنا ما شئت بهذا الاسم، لا باسم الجزية، فراضاهم على أن يضعف عليهم الصدقة، وقال: هؤلاء حمقى رضوا بالاسم، وأبوا المعنى. الشافعي (¬1) قال: ذكر حفظة المغازي، وساقوا أحسن سياقه: أن عمر طلب ... فذكره إلى قوله: عليهم الصدقة، ولم يذكر قوله: هؤلاء حمقى ... إلى آخره. [6313]- وقال ابن أبي شيبة (¬2) حدثنا علي بن مسهر، عن الشيباني، عن السفّاح بن مطر، عن داود بن كُرْدوس، عن عمر: أنه صالح نصارى بني تغلب على أن يضعف عليهم الزكاة مرتين. وعلى أن لا ينَصِّروا صغيرًا، وعلى أن لا يُكرِهوا على دين غيرَهم. قال داود بن كُرْدُوس: فليست لهم ذمة فقد نصّروا. ورواه البيهقي (¬3) من طريق أبي إسحاق الشيباني نحوه، وأتم منه. 2644 - [6314]- حديث عمر: أنّه أذن للحربي في دخول دار الإِسلام بشرط أخذ عشر ما معه من أموال التجارة. ¬
البيهقي (¬1) عن محمَّد بن سيرين (¬2)، عن أنس بن مالك، أنه قال له: أبعثك على ما بعثني عليه عمر، فقلت: لا أعمل لك حتى تكتب لي عهد عمر الذي عهد إليك، فكتب لي: أن تأخذ من أموال المسلمين ربع العشر، ومن أموال أهل الذمة إذا اختلفوا فيها للتجارة نصف العشر، ومن أموال أهل الحرب العشر. [6315]- وقال سعيد بن منصور: حدثنا أبو عوانة وأبو معاوية، عن الأعمش عن إبراهيم بن مهاجر، عن زياد بن حدير قال: استعملني عمر بن الخطاب على العشور، وأمرني أن آخذ من تجار أهل الحرب العشر، ومن تجار أهل الذمة نصف العشر، ومن تجار المسلمين ربع العشر. 2645 - [6316]- قوله: وفي رواية: أنّه شرط في الميرة نصف العشر، وشرط العشر في سائر التجارات، قصد بذلك تكثير الميرة. مالك (¬3) عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه، كان عمر يأخذ من القبط من الحنطة والزيت نصف العشر -يريد بذلك: أن يكثر الحمل إلى المدينة، ويأخذ من القِطنيّة العشر من تجاراتهم. ¬
* قوله: العشر لم يرو فيه حديث، وإنما هو عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الضيافة، وإنما العشر عن عمر. أمَّا الضّيافة؛ فتقدّم الكلام عليها، وكذلك الكلام على العشر. 2646 - حديث عمر وابن عباس: لا يمكَّن أهل الذمة من إحداث بيعة في بلاد المسلمين، ولا كنيسة ولا صومعة راهب. [6317]- أما عمر؛ فرواه البيهقي (¬1) من طريق حرام بن معاوية قال: كتب إلينا عمر: أن أدِّبوا الخيل، ولا يُرفَعَنَّ بين ظهرانيكم الصليبُ، ولا تجاوِرَنَّكم الخنازير ... الحديث. ورواه مطوَّلًا من حديث عبد الرحمن بن غنم، عن عمر، وفي إسناده ضعف. وقد أخرجه أيضًا أبو علي محمَّد بن سعيد الحافظ الحراني (¬2) في "تاريخ الرقة" من هذا الوجه. [6318]- وروى ابن عدي (¬3) عن عمر مرفوعًا: "لا تُبْنَى كَنِيسَةٌ في الإِسلَامِ، وَلَا يُجَدَّدُ مَا خَرُبَ مِنْهَا". [6319]- وأمَّا أثر ابن عباس؛ فروى البيهقي (¬4) عن ابن عباس: كل مصر ¬
مَصَّره المسلمون لا يبنى فيه بيعة ولا كنيسة، ولا يضرب فيه ناقوس، ولا يباع فيه لحم خنزير. وفيه حنش، وهو ضعيف. 2647 - [6320]- حديث عمر: أنه شرط على أهل الذمّة من أهل الشام أن يركبوا عرضا على الأكفّ. أبو عبيد في "كتاب الأموال" (¬1) حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن العمري، عن نافع، عن أسلم: أن عمر أمر في أهل الذمة أن تُجَزَّ نواصيهم، وأن يركبوا على الأكفّ عرضا, ولا يركبون كما يركب المسلمون، وأن يوثقوا (¬2) المناطق. قال أبو عبيد: يعني الزنانير. ورواه (¬3) عن عمر بن عبد العزيز، مثله. * حديث عمر: أنه كتب إلى أمراء الأجناد: أن يختموا رقاب أهل الذمّة بخاتم الرّصاص، وأن يجزّوا نواصيهم، وأن يشدّوا المناطق. تقدم قبله. ¬
ورواه البيهقي (¬1) بالزيادة التي في أول هذا مفردة، من طريق الثوري، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن أسلم قال: كتب عمر ... فذكره. 2648 - [6321]- حديث: أنّ نصرانيًّا استكره مسلمة على الزنا، فرفع إلى أبي عبيدة بن الجراح فقال: ما على هذا صالحناكم، وضرب عنقه. قال عبد الرزاق (¬2): عن ابن جريج: أُخبرتُ أنّ أبا عبيدة بن الجراح وأبا هريرة قتلا كتابيين أرادا امرأة على نفسها مسلمة. [6322]- وروى البيهقي (¬3) من طريق الشعبي، عن سويد بن غَفَلة، قال: كنّا عند عمر وهو أمير المؤمنين بالشّام، فأتاه نبطي مضروبٌ مُشَجَّجٌ يستعدي، فغضب وقال لصهيب: انظر من صاحب هذا؟ ... فذكر القصة. فجاء به، وهو عوف بن مالك، فقال: رأيته يسوق بامرأة مسلمة، فنخس الحمار ليصرعها فلم تصرع، ثم دفعها فخرت عن الحمار، فغشيها، ففعلت به ما ترى، قال: فقال عمر: والله ما على هذا عاهدناكم، فأمر به فصلب، ثم قال: أيها الناس فُوا بذمّة محمد - صلى الله عليه وسلم -، فمن فعل منهم هذا فلا ذمّة له. 2649 - قوله: قال أبو بكر الفارسي: إن من شَتَم منهم النبي - صلى الله عليه وسلم - قُتل حدًّا؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قتل ابنَ خطل. ¬
تقدم حديث ابن خطل، وقد تعقبه ابن عبد البر (¬1) على من قاله، قال: لأن ابن خطل كان حربيًّا في دار حرب. **** ¬
(72) كتاب المهادنة
(72) كتاب المهادنة
2650 - [6323]- حديث: أنّه - صلى الله عليه وسلم - صالح سهيل بن عمرو بالحديبية على وضع القتال عشر سنين. وأعاده في موضع آخر وزاد: وكان قد خرج ليعتمر لا بأهبة القتال، وكان بمكة مستضعفون، فأراد أن يظهروا (¬1) ... الحديث. البخاري (¬2) من حديث عروة، عن المسور، ومروان مطوَّلًا في قصة الحديبية، من غير ذكر المدّة. [6324]- وكذا ثبت في "الصحيحين" (¬3) من حديث أبي سفيان الطويل في سفره إلى الشّام إلى هرقل في المدّة المذكورة، ولم يعينها. وقال البيهقي (¬4): والمحفوظ أن المدة كانت عشر سنين، كما رواه ابن إسحاق. [6325]- وروى في "الدلائل" عن موسى بن عقبة، وعروة في آخر الحديث: فكان الصلح بينه وبين قريش سنتين، وقال: هو محمول على أن المدّة وقعت هذا القدر، وهو صحيح. وأما أصل الصلح، فكان على عشر سنين، قال: ورواه عاصم العمري عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر: أنها كانت أربع سنين، وعاصم ضعّفه البخاري وغيره. ¬
قلت: وصحّحه من طريقه الحاكم (¬1). 2651 - قوله: وحكي عن الشعبي وغيره قال: لم يكن في الإِسلام كصلح الحديبية. [6326]- أمَّا الشعبي؛ فأخرجه الطبري (¬2) من طريق مغيرة، عن الشعبي، قال: أصاب -يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذه الغزوة -يعني الحديبية- ما لم يصب في غزوة مثله، أصاب أن بويع بيعة الرضوان، وغُفِر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر، وفرح المؤمنون بنصر الرّوم على فارس؛ لما في ذلك من تصديق قول النّبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله: وهم من بعد غلبهم سيَغلبون في بضع سنين. قلت: وكأنّ ذلك بعد دخول السنّة السّادسة من الهجرة، والبضعُ يتناول ذلك. [6327]- وأمَّا غيره، فذكر ابن إسحاق في "المغازي" عن الزهري قال: ما فتح في الإِسلام فتح كان أعظم من فتح الحديبية ... وذكر دليل ذلك مطوَّلًا. 2652 - [6328]- حديث: أنَّه - صلى الله عليه وسلم - قال. لما بلغه تألّب العرب واجتماع الأحزاب -قال للأنصار: "إن الْعَرَبَ قَدْ رَمَتْكُمْ عَنْ قَوْسٍ وَاحِدَةٍ، فَهَل تَرَوْنَ أنْ نَدْفَعَ إِلَيهِمْ شَيئًا مِن ثمار المدينة؟ " قالوا: يا رسول الله، إن قلت عن وحي فسمع وطاعة، وإن قلت عن رأي فرأيك متّبع، كنا لا ندفع إليهم ¬
تمرة إلا بشرى أو قرى ونحن كفار، فكيف وقد أعزنا الله بالإِسلام. فَسُرَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بقولهم. ابن إسحاق في "المغازي" (¬1): حدّثني عاصم بن عمر بن قتادة ومن لا أتهم عن الزّهري قال: لما اشتد على النّاس البلاء، بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر، وإلى الحارث بن أبي عوف المرِّي، وهما قائدا غطفان، فأعطاهما ثلث ثمار المدينة، على أن يرجعا بمن معهما عنه وعن أصحابه، فجرى بينه وبينهما الصلح ولم تقع الشهادة، فلما أراد ذلك بعث إلى سعد بن معاذ وسعد بن عبادة، فاستشارهما فيه ... فذكره مطوَّلًا. [6329]- ورواه الطبراني (¬2) من طريق عثمان بن عثمان الغطفاني، عن محمَّد ابن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: جاء الحارث الغطفاني إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا محمَّد شاطرنا ثمار المدينة، قال: "حَتَّى أَسْتَأْمِرَ السّعُود"، فبعث إلى سعد بن معاذ، وسعد بن عبادة، وسعد بن الربيع، وسعد بن خيثمة، وسعد بن مسعود، فقال لهم: "قَدْ عَلِمْتُم أنَّ العَرَبَ قَد رَمَتْكُمْ عَنْ قَوْسٍ وَاحِدَةٍ .... " الحديث، وفيه شِعرُ حسَّان في الحارث. * حديث: أنّه - صلى الله عليه وسلم - هادن صفوان بن أميّة أربعة أشهر، فأسلم قبل مضيّ المدّة. ¬
تقدّم في قوله: سَيِّرني شهرين، فقال: "بَلْ لَكَ أَرْبَعَةُ أَشْهُر". * حديث: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - هادن قريشًا، ثم أبطل العهد قبل تمام المدّة. تقدم، وسيأتي سبب ذلك. 2653 - [6330]- قوله: وإنما أبطل العهد لأنه وقع شيء بين حلفاء النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهم خزاعة، وبين حلفاء قريش وهم بنو بكر، فأعان قريش حلفاءَها على حلفاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فانتقضت هدنتهم. ثم قال بعد ذلك: وروي أنّه لما هادن قريشًا عام الحديبية دخل بنو خزاعة في عهده، وبنو بكر في عهد قريش، ثم عَدَى بنو بكر على خزاعة، وأعانهم ثلاثة من قريش، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك نقضًا للعهد، وسار إلى مكة وفتحها. البيهقي (¬1) من حديث ابن إسحاق، حدثني الزهري، عن عروة بن الزبير، ومروان بن الحكم: أنّهما حدثاه جميعا قال: كان في صلح النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الحديبية بينه وبين قريش: أنه من شاء أن يدخل في عقد محمّد وعهده دخل، ومن شاء أن يدخل في عهد قريش وعقدها دخل، فتواثبت خزاعة فقالوا: نحن ندخل في عقد محمّد وعهده، وتواثبت بنو بكر فقالوا: نحن ندخل في عقد قريش وعهدهم، فمكثوا في تلك الهدنة نحو سبعة عشر أو ثمانية عشر شهرًا، ¬
ثم إنّ بني بكر وثبوا على خزاعة ليلًا بماء لهم (¬1) قريب من مكة، فأعانتهم قريش بالكراع والسلاح، فركب عمرو بن سالم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حتى قدم المدينة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنشده: اللَّهُمَّ إِنِّي نَاشِدٌ مُحَمَّدًا ... حِلْفَ أَبِينَا وَأَبِيهِ الأَتْلَدَا الأبيات والقصة بطولها. ورواه ابن حبان في "صحيحه" (¬2) من حديث مجاهد عن ابن عمر بمعناه. وذكرها موسى بن عقبة في "المغازي" (¬3)، وفيها: أن أبا بكر الصّدّيق قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أتريد قريشًا؟ قال: "نَعَمْ"، قال: أليس بينك وبينهم مدّة؟ قال: "أَلَمْ يَبْلُغْكَ مَا صَنَعُوا بِبَنِي كَعْب؟ ". * حديث: أنّه وادع يهود خيبر وقال: "أُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمْ الله". تقدم. 2654 - حديث: أنَّه - صلى الله عليه وسلم - وادع بني قريظة، فلما قصد الأحزاب المدينة آواهم سيد بني قريظة، وأعانهم بالسلاح، ولم ينكر الآخرون ذلك، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - كذلك نقضًا للعهد من الكل، وقتلهم، وسبى ذراريهم، إلا ابني سعية؛ فإنّهما فارقاهم، وأسلما. ¬
[6331]- أما الموادعة؛ فرواها أبو داود (¬1) في حديث طويل، من طريق عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن رجل من الصحابة. [6332]- وأما النّقض؛ فرواه ابن إسحاق في "المغازي" (¬2) قال: حدثني يزيد بن رومان، عن عروة بن الزبير، وعن يزيد بن زياد، عن محمَّد بن كعب القرظي، وعثمان بن يهوذا أحد بني عمرو بن قريظة، عن رجال من قومه قالوا: كان الذين حزبوا الأحزاب نفرًا من بني النضير، فكان منهم حيي بن أخطب، وكنانة بن أبي الحقيق، ونفر من بني وائل ... فذكر الحديث. قال: وخرج حيي بن أخطب حتى أتى كعب بن أسد صاحب عقد بني قريظة، فلما سمع به أغلق حصنه، وقال: إنّي لم أَرَ من محمد إلا صدقًا ووفاءً، وقد وادعني ووادعته، فدَعْني وارجع عنِّي، فلم يزل به حتى فتح له، فقال له: ويحك يا كعب جئتك بعزّ الدّهر؛ بقريشٍ ومن معها، أنزلتها برومة، وجئتك بغطفان على قادتها وسادتها، أنزلتها إلى جانب أُحد، جئتك ببحر طامٍّ لا يرده شيء، فقال: جئتني والله بالذلّ، فلم يزل به حتى أطاعه فنقض العهد، وأظهر البراءة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. [6333]- قال ابن إسحاق: فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة قال: لما بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خبر كعب ونقض بني قريظة العهد، بعث إليهم سعد بن عبادة وغيره، فوجدوهم على أخبث ما بلغه. [6334]- قال: وحدثني عاصم بن عمر، عن شيخ من بني قريظة، فذكر قصة إسلام ثعلبة وأسد ابني سَعْيَة، ونزولِهِم عن حصن بني قريظة. ¬
[6335]- وفي البخاري (¬1) من طريق موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر: أن يهود بني النضير وقريظة حاربوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأجلى بني النضير، وأقرّ قريظة ومن عليهم، حتى حاربوا بعدُ، فقتل رجالهم، وقسم أموالهم وأولادهم بين المسلمين، إلا بعضهم لحقوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فآمَنهم وأسلموا. 2655 - [6336]- حديث: أنه كان في مهادنة النبي - صلى الله عليه وسلم - قريشًا عام الحديبية، وقد جاء سهيل بن عمرو رسولًا منهم (¬2): "مَن جَاءَنَا مِنْكُم مُسْلِمًا رَدَدْنَاه، وَمَن جَاءَكُم منّا فَسُحْقًا سُحْقًا". مسلم في "صحيحه" (¬3) عن أنس: أنّ قريشًا صالحوا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فيهم سهيل ابن عمرو ... فذكر الحديث. وفيه: فاشترطوا في ذلك أنّ من جاءنا منكم لم نردّه عليكم، ومن جاءكم منا رددتموه علينا، فقالوا: يا رسول الله أنكتب هذا؟ قال: "نَعَم، إنَّ مَنْ ذَهَب مِنَّا إِلَيْهِم فَأبْعَدَهُ الله ... ". [6337]- وَأصل الحديث في صحيح البخاري (¬4) من حديث المسور، دون هذه الزّيادة. 2656 - [6338]- حديث: أنّ أمّ كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط جاءت مسلمةً في مدّة الهدنة، وجاء أخوها في طلبها، ¬
تنبيه
فأنزل الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ ...} إلى قوله: {فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يردّ النساء، ويغرم مهورهنّ. البخاري (¬1) من حديث المسور في الحديث الطويل، في صلح "الحديبية". 2657 - [6339]- حديث: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ردَّ أبا جندل وهو يرسف في قيوده إلى أبيه سهيل بن عمرو، وأبا بصير، وقد جاء في طلبه رجلان فردّه إليهما، فقتل أحدهما، وأفلت الآخر. هذا طرف من حديث المسور، وقد رواه البخاري (¬2) بطوله. تنبيه يرسف -بالرّاء والسّين المهملتين-: أي يمشي في قيده. 2658 - [6340]- قوله: ويروى أنّ عمر قال لأبي جندل حين رُدّ إلى أبيه: إنّ دَمَ الكافر عند الله كدم الكلب. يَعَرِّض له بقتل أبيه. أحمد في "مسنده" (¬3) من حديث ابن إسحاق، عن الزهري، عن عروة، عن المسور في الحديث الطويل، وفيه: قال: فوثب عمر فقال: اصبر أبا جندل، ¬
فإنما هم المشركون، وإنما دم أحدهم كدم كلب. قال: ويدني قائم السيف منه. قال: رجوت أن يأخذ السيف فيضرب به أباه، قال: فضنّ الرّجل بأبيه. ****
(73) كتاب الصيد والذبائح
(73) كتاب الصيد والذبائح
2659 - [6341]- حديث: أنَّه - صلى الله عليه وسلم - قال لعدي بن حاتم: "إذَا أَرْسَلْت كلَبَكَ الْمُعَلَّمَ وَذَكَرْتَ اسْمَ الله عليه فَكُلْ". متفق عليه (¬1) من حديث عدي بن حاتم، وله ألفاظ وطرق. * حديث: "مَا أُبِينَ مِن حَيٍّ فَهُوَ مَيِّتٌ". تقدم في "النجاسات" في أوائل الكتاب. 2660 - [6342]- حديث أبي ثعلبة الخشني أنه قال: قلت يا رسول الله إنّ لي كلابًا مكلِّبَةً، فأفتني في صيدها؟ فقال: "كل مَا أَمْسَكْنَ". قلت: ذَكِيّ وغير ذكي؟ [قال: "ذَكِيٌّ وَغير ذَكيٍّ"] (¬2). رواه أبو داود (¬3) باللّفظ المذكور، وزيادة: قال: وإن أكل منه؟ قال: "وَإنْ أَكَل مِنْهُ". وسيأتي. 2661 - [6343]- حديث: أن بعيرا نَدّ، فرماه رجل بسهم فحبسه الله، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنّ لِهَذِهِ الْبَهَائِمِ أَوَابِدَ كأَوَابِدِ الْوَحْش، فَمَا غَلَبَكُمْ مِنْهَا فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا". ¬
تنبيه
متفق عليه (¬1) من حديث رافع بن خديج. تنبيه نَدّ -بالنون وتشديد الدّال-: أي هرب. والأوابد: النوافر، من النفور والتوحّش. 2662 - [6344]- حديث أبي العشراء (¬2) الدّارمي، عن أبيه، أنه قال: يا رسول الله، أما تكون الذكاة إلا في الحلق واللبَّة؟ فقال: "وَأَبِيكَ، لَو طَعَنْتَ في فَخْذِهَا لأَجْزَأَكَ". أحمد (¬3) وأصحاب "السنن الأربعة" (¬4) من حديث حماد بن سلمة، عنه، به، دون القسم. وقد أخرجه أبو موسى المديني في "مسند أبي العُشْراء" تصنيفه (¬5). وأبو العشراء مختلف في اسمه وفي اسم أبيه، وقد تفرد حَمّاد بن سلمة بالرّواية عنه على الصحيح، ولا يعرف حاله. 2663 - قوله: ويروى أنَّه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بعير نادٍّ؟ ويروى: أنه تردّى له بعير في بئر. ¬
هذا تبع فيه الرافعيّ إمام الحرمين، فإنّه ذكره كذلك، ونقله ابن الصلاح عن الشيخ أبي حامد أنه قال: وفي بعض الأخبار: أنه سئل عن بعير تردّى في بئر، فقيل له: أما تصلح الذّكاة إلا في اللّبة والحلق؟ قال ابن الصلاح: هذا باطل لا يعرف، وإنما هو تفسيرٌ من أهل العلم بالحديث، قالوا هذا عند الضرورة في التردّي في البئر وأشباهه. وهو كما قاله، فإن أبا داود بعد أن أخرجه قال: هذا لا يصلح إلاّ في المتردِّية والنّافرة والمتوحِّش. 2664 - [6345]- قوله: ويروى: أنه قال له: "لَوْ طَعَنْتَ في خَاصِرَتِه لَحَلَّ لَكَ". أنكر ابن الصّلاح لفظ الخاصرة على الغزّالي، والغزّالي تبع فيه إمامَه ولا إنكار؛ فقد رواه الحافظ أبو موسى في "مسند أبي العشراء" له بلفظ: "لَوْ طَعَنْتَ في فَخْذهَا أَوْ شَاكِلَتِهَا وَذَكرْتَ اسْمَ الله لأَجْزَأَ عَنْكَ". والشاكلة: الخاصرة. وقال الشافعي (¬1): تردّى بعير في بئر فَطُعن في شاكلته، فسئل ابن عمر عن أكله؟ فأمر به (¬2). وروى ابن الجارود (¬3) وابن خزيمة من حديث رافع بن خديج في حديثه ¬
تنبيه
المشهور الآتي. قال: ثمّ إن ناضحًا تردى في بئر بالمدينة، فذُكِّي من قِبَل شاكلته، فأخذ منه ابن عمر عشيرًا بدرهمٍ. تنبيه وقع لإمام الحرمين فيه وَهْمٌ غير هذا؛ فإنه جعل أبا العشراء الدّارمي هو المخاطَب بذلك، ويجوز أن يكون ذلك من النّسّاخ، كأن يكون سقط من النسخة "عن أبيه". 2665 - [6346]- حديث: كل إنسيّة توحشت فذكاتها ذكاة الوحشيّة. ابن عدي (¬1) من حديث إسماعيل بن عياش، عن حرام بن عثمان، عن أبي عتيق، عن جابر به، وحرام متروك. قال الشافعي (¬2): الرواية عن حَرامٍ حرامٌ. قال عبد الحق: هو كما قال الشافعي عند أهل الحديث. ورواه البيهقي (¬3) من وجه آخر، عن حرام أيضا، عن عبد الرحمن ومحمد ابني جابر، عن أبيهما به، نحوه، وفيه قصة. ¬
تنبيه
2666 - [6347]- حديث عدي بن حاتم: قلت: يا رسول الله، أرأيت أحدنا إذا صاد صيدًا وليس معه سكّين، أيذبح بالمروة (¬1)؟ قال: "أَمْرِر الدَّمَ بِما شِئْتَ، وَاذْكُرِ اسْمَ الله". أبو داود (¬2) به، وزاد بعد المروة: وشقة العصا. ورواه أحمد (¬3) والنسائي أيضًا (¬4) وابن ماجه (¬5) والحاكم (¬6) وابن حبان (¬7)، ومداره على سماك بن حرب، عن مرى بن قطري، عنه. تنبيه شِقَّة العصا -بكسر الشين المعجمة-: أي ما يشق منها، ويكون محدَّدًا. وأمرر: براءين مهملتين، الأولى مكسورة. وقال الخطابي (¬8): صوابه: "أمِرِ الدم" براء خفيفة واحدة، وغَلَّط من ثقَّلها. وأجيب عن الثقيل: بأنه يكون أدغم إحدى الرّاءين في الأخرى على الرواية الأولى. ¬
2667 - [6348]- حديث رافع بن خديج، قلت: يا رسول الله، إنا لاقوا العدو غدًا، وليس معنا مدى، أفنذبح بالقصب؟ فقال: "مَا أَنْهَر الدَّمَ وَذُكرَ اسْمُ الله عَلَيهِ فَكُلْ، لَيسَ السِّنَّ وَالظُّفرَ ... "، الحديث. متفق عليه (¬1) من حديثه. 2668 - [6349]- حديث عدي بن حاتم: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صيد المعراض (¬2)؟ فقال: "إن قَتَل بِحَدّه فَكُلْ، وَإنْ قَتَل [بِنَصْلهِ] (¬3) فَلا تَأْكُلْ". وروي: "إذَا أَصَبْتَ بِحَدِّهِ فَكُلْ، وَإذَا أَصَبْتَ بِعَرْضِهِ فَلَا تَأْكُلْ؛ فَإنَّه وَقِيذٌ". متفق عليه (¬4) باللفظ الثاني. وروياه أيضًا (¬5) باللّفظ الأوّل إلّا قولَه: "وَإنْ قَتَل [بِنصله] (¬6) فَلا تَأْكلْ". ¬
2626 - [6350]- حديث عدي بن حاتم: "مَا عَلَّمْتَ مِنْ كَلْبٍ أَوْ بَازٍ ثُمَّ أَرْسَلْتَ وَذَكَرْتَ اسْمَ الله تَعَالَى فَكُلْ مَا أَمْسَكَ عَلَيْكَ". أَبو داود (¬1) والبيهقي (¬2) من رواية مجالد، عن الشعبي، عنه. وقال البيهقي: تفرد مجالد بذكر "الباز" فيه، وخالف الحفّاظ. وأعاده المؤلف بعد قليل. 2669 - [6351]-[حديث أبي ثعلبة الخشني: قلت: يا رسول الله، إني أصيد بكلبي المعلَّم، وبكلبي الذي ليس بمعلَّم؟ فقال: "مَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ الْمُعَلَّمِ فَاذْكُر اسْمَ الله وَكُلْ، وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ الَّذِي لَيْسَ بِمُعَلَّمٍ فَأَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ فَكُلْ". متفق عليه (¬3) بزيادة وأعاده المؤلف بعد قليل] (¬4) بلفظ: "إذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ الْمعَلَّم، وَذَكَرْتَ اسْمَ الله فَكُلْ"، قال: وإن قتل؟ قال: "وَإن قَتَل"، قال: وإن أكل؟ قال: "وإنْ أَكَلَ". أبو داود (¬5) والنسائي (¬6) وابن ماجه (¬7) من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، ¬
عن جده، عن أبي ثعلبة، به. وأعلّه البيهقي (¬1). 2670 - [6352]- حديث عدي: "إذَا أَرْسَلْتَ كلْبَكَ وَسَمَّيْتَ وَأَمْسَكَ وَقَتَلَ فَكُلْ، وَإنْ أَكلَ فَلا تَأْكُلْ فَإِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِه". متفق عليه (¬2)، وأعاده المؤلف بلفظ: وفي الخبر: "فَإِن أَكَلَ فَإِنمَا أَمْسَك عَلَى نَفْسِه". 2671 - [6353]- حديث: "كلْ مَا رَدَّ عَلَيْكَ قَوْسُكَ". أبو داود (¬3) من حديث أبي ثعلبة. ورواه أحمد (¬4) من حديث عقبة بن عامر، وحذيفة بن اليمان، مثله. وفيهما ابن لهيعة. 2672 - [6354]- حديث أبي ثعلبة: "إذَا رَمَيتَ بِسَهْمِكَ فَغَابَ عَنْكَ فَأَدْرَكتَهُ فَكُلْ مَا لَمْ يَنْتِنْ". مسلم (¬5) وأبو داود (¬6)، وأعله ابن حزم (¬7) بمعاوية بن صالح. وقال ¬
البيهقي (¬1): حمل أصحابنا النهي على التنزيه. 2673 - [6355]- حديث عدي بن حاتم مثله، إلّا أنّه قال: "كُلْه إلّا أَنْ تَجِدَه وَقَعَ في مَاءٍ". متفق عليه (¬2). 2674 - [6356]- حديثه: قلت: يا رسول الله، إنا أهل صيد، وإنّ أحدنا يرمي الصيد فيغيب عنه اللّيلتين والثلاث، فيجده ميتا؟ فقال: "إذا وَجَدْتَ فِيهِ أَثَرَ سَهْمِكَ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ أَثَرُ سَبُعٍ، وَعَلِمْتَ أَنَّ سَهْمَكَ قَتَلَهُ فَكُلْ". أبو داود (¬3) والترمذي (¬4) نحوه. 2675 - [6357]- حديث ابن عباس أنه قال: كلْ ما أصميت، ودع ما أنميت. البيهقي (¬5) موقوفًا من وجهين، قال: وروي مرفوعًا وسنده ضعيف، فيه ¬
عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي، وهو ضعيف. [6358]- ورواه أبو نعيم في "المعرفة" من حديث عمرو بن تميم، عن أبيه، عن جده مرفوعًا. وفيه محمَّد بن سليمان بن مشمول، وقد ضعّفوه. وقال الربيع: قال الشافعي (¬1): ما أصميت: ما قتله الكلاب وأنت تراه، وما أنميت: ما غاب عنك مقتله. 2676 - [6359]- حديث عائشة: قلت: يا رسول الله، إنّ قوما حديث عهد بجاهلية يأتونا بلحمان، لا ندري: أذكروا اسم الله عليها أم لم يذكروا، أنأكل منها أم لا؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اذْكُرُوا اسْمَ الله وَكُلُوا". البخاري (¬2) وأبو داود (¬3) والنسائي (¬4) وابن ماجه (¬5)، وأعلّه بعضهم بالإرسال، قال الدارقطني: الصواب مرسل. 2677 - [6360]- حديث البراء بن عازب: "الْمُسْلِمُ يَذْبَحُ عَلَى اسْمِ الله، سَمَّى أَوْ لَمْ يُسَمِّ". ¬
لم أره من حديث البراء، وزعم الغزّالي في "الإحياء" (¬1): أنّه حديث صحيح. [6361]- وروى أبو داود في "المراسيل" (¬2) من جهة ثور بن يزيد، عن الصلت، رفعه: "ذَبِيحَةُ الْمُسْلِمِ حَلالٌ؛ ذَكَرَ اسْمَ الله أَوْ لَمْ يَذْكُرْ؛ لأنّه إنْ ذَكَر لَمْ يَذْكُرْ إلَّا اسْمَ الله". وهو مرسل. ورواه البيهقي (¬3) من حديث ابن عباس موصولا، وفي إسناده ضعف. وأعله ابن الجوزي (¬4) بمعقل بن عُبيد الله، فزعم أنّه مجهول، فأخطأ، بل هو ثقة من رجال مسلم، لكن قال البيهقي (¬5): الأصح وقفه على ابن عباس. وقد صحّحه ابن السكن، وقال: [6362]- وروي عن أبي هريرة وهو منكر (¬6). أخرجه الدارقطني (¬7)، وفيه مروان بن سالم، وهو ضعيف. 2678 - [6363]- حديث: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه مرّوا بظبي حاقف، فهمّ أصحابه بأخذه، فقال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: "دَعُوه حَتَّى يَجِيءَ صَاحِبُه". ¬
مالك (¬1) والنسائي (¬2) وابن حبان (¬3) والحاكم (¬4) وأحمد بن حنبل في "مسنده" (¬5) من حديث عيسى بن طلحة، عن عمير بن سلمة، عن البهزي، واسمه: زيد بن كعب، وفيه قصة. ورواه ابن ماجه (¬6) من حديث عيسى بن طلحة، عن أبيه، به. وتعقَّبه يعقوب بن شَيبة (¬7): بأنّ ابن عيينة خالف النّاس فيه، وإنما هو عن عيسى، عن عمير، عن البهزيّ. ***** ¬
(74) كتاب الضحايا
(74) كتاب الضَّحَايا
فائدة
2679 - [6364]- حديث أنس: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يضحي بكبشين أملحين أقرنين. متفق عليه (¬1). فائدة الأملح: الذي فيه بياض وسواد. 2680 - [6365]- حديث عائشة: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بكبشٍ أقرن يطأ في سواد، وينظر في سواد، ويبرك في سواد، فأتي به ليضحّى به، فقال: "يَا عَائِشة هَلُمِّي الْمُدْيَةَ"، ثمّ قَال "اشْحَذِيها بِحَجَرٍ". ففعلت، ثم أخذها وأخذ الكبش فأضجعه، ثم ذبحه، ثم قال: "بسْمِ الله، اللَّهُمَّ تَقَبلْ مِن مُحَمَّد، ومِنْ أمَّةِ محمَّد"، ثمّ ضحَّى. مسلم (¬2) بهذا، وزاد النسائي (¬3): ويأكل في سواد. [6366]- ورواه أصحاب "السنن" (¬4) من حديث أبي سعيد، وصحّحه ¬
التّرمذي وابن حبان (¬1)، وهو على شرط مسلم، قاله صاحب "الاقتراح" (¬2). 2681 - [6367]- حديث: "عَظِّمُوا ضحَايَاكُمْ فَإنَّهَا عَلَى الصِّراطِ مَطايَاكُمْ". لم أره، وسبقه إليه في "الوسيط" (¬3) وسبقهما في "النهاية"، وقال: معناه: إنها تكون مراكبَ للمضحِّين. وقيل: إنها تسهِّل الجواز على الصّراط. قال ابن الصلاح: هذا الحديث غير معروف ولا ثابت فيما علمناه. انتهى. وقد أشار ابن العربي إليه في "شرح الترمذي" (¬4) بقوله: ليس في فضل الأضحية حديثٌ صحيحٌ، ومنها قوله: "إنّها مَطايَاكُمْ إلَى الْجَنَّة". قلت: أخرجه صاحب "مسند الفردوس" (¬5) من طريق ابن المبارك، عن يحيى بن عبيد الله بن موهب، عن أبيه، عن أبي هريرة رفعه: "اسْتَفْرِهُوا ضَحَايَاكُمْ؛ فَإنَّها مَطايَاكُمْ عَلَى الصِّراطِ". ويحيى ضعيف جدًّا. * حديث: "ثَلاثٌ هِي عَلَيَّ فَرائِضُ وَلَكُمْ تَطَوّعٌ: النَّحْرُ، والْوِتْرُ، ¬
وَرَكعَتَا الضُّحَى". قال: ويروى: "ثَلاثٌ كُتِبَتْ عَلَيَّ وَلَمْ تُكْتَبْ عَلَيْكُمْ: الضّحَى، وَالأَضْحَى، وَالْوِتْرُ". تقدم في "صلاة التطوع" وفي "الخصائص". 2682 - [6368]- حديث: "إذَا دَخَل الْعَشْرُ وَأَرادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّي فَلَا يَمَسّ مِنْ شَعْره وَبِشْرِهِ شَيْئًا". مسلم (¬1) من حديث أم سلمة، بهذا، وله عنده ألفاظ. واستدركه الحاكم (¬2) فوهم، وأعله الدارقطني بالوقف. ورواه الترمذي (¬3) وصححه. 2683 - قوله: لَمْ يُؤْثَر عَنِ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أصحابه التضحية بغير الإبل والبقر والغنم. يعكر عليه: [6369]- ما ذكره السهيلي عن أسماء قالت: ضحينا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالخيل. [6370]- وعن أبي هريرة: أنه ضحى بديك. ¬
2684 - [6371]- قوله: ورد أن الله يعتق بكل عضو من الضحية عضوًا من المضحِّي. لم أره هكذا، وقال ابن الصلاح: هذا حديث غير معروف، ولم نجد له سندًا يثبت به. انتهى. 2685 - [6372]- حديث: أنَّه - صلى الله عليه وسلم - قال في العقيقة: لا يَضُرّكمْ ذُكرَانًا كُنَّ أَمْ إِنَاثًا". أبو داود (¬1) والترمذي (¬2) والنسائي (¬3) والدارقطني (¬4) والحاكم (¬5) وابن حبان (¬6) من حديث أم كرز الكعبية: أنّها سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن العقيقة؟ فقال: "عَنِ الْغُلَام شَاتَانِ، وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ، لَا يَضُرّكُمْ ذُكرانًا كُنَّ أَمْ إِنَاثًا". لفظ الترمذي. 2686 - [6373]- حديث: "ضَحّوا بالجذع مِن الضَّأن". ¬
أحمد (¬1) وابن جرير الطبري (¬2) والبيهقي (¬3) من حديث أم بلال قالت: قال رسول الله .. (فذكره). ورواه ابن ماجه (¬4) من حديث أم بلال بنت هلال، عن أبيها، بلفظ: "يَجُوزُ الْجَذَعُ مِن الضَّأن أُضْحِيةً". وأشار الترمذي (¬5) إلى هذه الرواية. 2687 - [6374]- حديث: "نِعْمَت الأُضْحِيةُ الْجَذَعُ مِن الضّأن". الترمذي (¬6) من حديث أبي هريرة، وفيه قصة، وقال: غريب وقد روي موقوفا. وفي الباب: عن جابر وعقبة بن عامر، وأم بلال بنت هلال، عن أبيها. [6375]- وحديث عقبة رواه ابن وهب بلفظ: ضحينا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بِجَذَع من الضّأن (¬7). [6376]- حديث البراء بن عازب: [خطبنا] (¬8) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم النحر بعد ¬
الصَّلاة، فقال: "مَن صَلَّى صَلاتَنَا، وَنَسَك نُسُكَنَا فَقَدْ أَصَابَ النُّسُكَ، وَمَن نَسَك قَبْلَ الصَّلاةِ فَلا (¬1) نُسُكَ لَه". فقام أبو بردة بن نيار، خال البراء بن عازب فقال: يا رسول الله، لقد نسكت قبل أن أخرج إلى الصلاة؟ فقال: "تِلْكَ شَاةُ لَحْمٍ"، قال: فإنّ عندي عناقا جذعة هي خير من شاتي لحم، فهل تجزيء عني؟ فقال: "نَعَمْ وَلَنْ تُجْزِيءَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ". متفق عليه (¬2)، واللفظ هنا لرواية أبي داود (¬3) إلا أنَّه قال بدل: "فَلا نُسُكَ لَه": "فِتِلْكَ شَاةُ لَحْمٍ". 2688 - [6377]- حديث عقبة بن عامر: قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضحايا، فصارت لي جَذَعة، فقلت: عَنَاق، فقال: "ضَحِّ بِهِ". متفق عليه (¬4) بلفظ: قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أصحابه ضحايا، فصارت لعقبة جَذَعة، فقلت: يا رسول الله أصابني جَذَع، فقال: "ضَحِّ بِهِ أَنْتَ". وفي رواية (¬5): فبقي عتود. ¬
وللبيهقي (¬1): ولا رخصة لأحد فيها بعدك. 2689 - [6378]- حديث البراء بن عازب: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عما لا يجزي من الضّحايا؟ فقال: "الْعَرْجَاءُ الْبَيِّن عَرَجُهَا. ويروى: الْبَيِّن ضِلْعُهَا. وَالْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا، وَالْعَجْفَاءُ الَّتي لَا تُنْقِى". مالك (¬2) وأحمد (¬3) وأصحاب "السنن" (¬4) وابن حبان (¬5) والحاكم (¬6) والبيهقي (¬7). وادعى الحاكم أنَّ مسلمًا أخرجه، وأنّه مما أخذ عليه؛ لأنه من رواية سليمان ابن عبد الرحمن عن عبيد بن فيروز، وقد اختلف النقّالون عنه فيه هذا كلام الحاكم في "كتاب الضحايا"، وساقه في آخر "كتاب الحج" من طريق سليمان ابن عبد الرحمن، عن عبيد بن فيروز، عن البراء، وقال: "صحيح، ولم ¬
تنبيه
يخرجاه"، وهو مصيب هنا، مخطيء هناك. ولفظ أبي داود والنسائي في هذا الحديث: عن عبيد بن فيروز: سألنا البراء بن عازب عمّا لا يجوز في الأضاحي، فقال: قام فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصابعي أقصر من أصابعه، وأناملي أقصر من أنامله، فقال: "أَرْبعٌ -وأشار بأربع أصابعه- لَا تَجُوزُ في الأضَاحِي الْعَوْرَاءُ بَيِّنٌ عَوَرُهَا، وَالْمَرِيضَةُ بَيِّنٌ مَرَضُهَا، وَالْعَرْجَاءُ بَيِّنٌ ظَلْعُها وَالْكَسِيرُ الَّتِي لَا تُنْقِى". قال: قلت: فإني أكره أن يكون في السنّ نقص، قال: "مَا كَرِهتَ فَدَعْهُ، وَلَا تُحَرِّمْه عَلَى أَحَدٍ". وفي رواية للنسائي (¬1): "وَالْعَجْفَاءُ ... " بدل: "الْكَسِيرُ". تنبيه قوله: لا تنقى -بضم التّاء المثناة فوق، وإسكان النون، وكسر القاف- أي الَّتي لا نِقْي لها -بكسر النون وإسكان القاف- وهو المخ، يقال: هذه ناقة منقية، أي فيها نِقْي، وهو المخ. 2690 - [6379]- قوله: ورد في النهي عن التّضحية بالثّولاء. قال ابن الصلاح في "كلامه على الوسيط": هذا الحديث لم أجده ثابتا. قلت: وفي "النهاية في غريب الحديث" (¬2) عن الحسن: لا بأس أن يضحى بالثولاء -مثلثة الثاء، مفتوحة، مأخوذ من الثّول وهو الجنون (¬3). ¬
2691 - [6380]- حديث علي: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّ نستشرف العين والأذن، وأن لا بمقابلة، ولا مدابرة، ولا شرقاء، ولا خرقاء. أحمد (¬1) وأصحاب "السنن" (¬2) والبزار (¬3) وابن حبان (¬4) والحاكم (¬5) والبيهقي (¬6)، واللّفظ للنّسائي، وأعله الدارقطني (¬7). 2692 - [6381]- حديث: أنَّه - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يضحى بالمصفرة. أبو داود (¬8) والحاكم (¬9) من حديث عتبة بن عبد السلمي، بهذا وأتم منه .. والمصفرة -بضم الميم وإسكان الصاد المهملة، وفتح الفاء-: المهزولة (¬10) ¬
2693 - [6382]- حديث: أنّه - صلى الله عليه وسلم - ضحّى بكبشين موجوءين. أحمد (¬1) وابن ماجه (¬2) والبيهقي (¬3) من حديث عبد الله بن محمَّد بن عقيل، عن عائشة أو أبي هريرة. هذه رواية الثوري. [6383]- ورواه زهير بن محمَّد، عن ابن عقيل، عن أبي رافع، أخرجه الحاكم (¬4). [6384]- ورواه حماد بن سلمة (¬5) عن ابن عقيل، عن عبد الرحمن بن جابر، عن أبيه. [6385]- وله شاهد من حديث أبي عياش عن جابر؛ رواه أبو داود (¬6) والبيهقي (¬7). [6386]- ورواه أحمد (¬8) والطبراني من حديث أبي الدرداء. والموجوءين: المنزوعي الأنثيين. 2694 - [6387]- حديث: "خَيرُ الضَحِيَّةِ الْكَبْشُ الأَقْرَنُ". ¬
أبو داود (¬1) وابن ماجه (¬2) والحاكم (¬3) والبيهقي (¬4) من حديث عبادة بن نسي، عن أبيه، عن عبادة بن الصامت، وزاد: "وَخَيْرُ الْكَفَنِ الْحُلَّةُ". [6388]- ورواه الترمذي (¬5) وابن ماجه (¬6) والبيهقي (¬7) من حديث أبي أمامة، نحو الجملة الأولى، وفي إسناده عفير بن معدان، وهو ضعيف. 2695 - [6389]- حديث: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن التّضحية بالهتماء. لم أره هكذا، لكن في "غريب الحديث" (¬8) لأبي عبيد: [6390]- عن طاوس: في الهتماء يضحّى بها، فهي المكسورة الأسنان. قلت: وفي حديث عتبة بن عبد السلمي الذي تقدم عند أبي داود (¬9): أنّه قال للذي سأله عن الثرماء؟ ألا جئتني أضحي بها. ¬
والثرماء: الّذي ذهب بعض أسنانها. ونقل القاضي الحسين، عن الشافعي أنه قال: لا يُحفظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في نقص الأسنان شيء، يعني في النهي عنه. * حديث عائشة: أتى بكبش أقرن فأضجعه. تقدم. 2696 - [6391]- حديث جابر: نحونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة. مسلم (¬1) وأصحاب "السنن" (¬2). [6392]- وروى أحمد (¬3) عن حذيفة: أنّه - صلى الله عليه وسلم - أشرك بين المسلمين في البقرة عن سبعة. 2697 - [6393]- قوله: ويروى أنه قال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نشترك كلّ سبعة في بدنة ونحن متمتعون. مسلم (¬4) في حديث لجابر قال: خرجنا مع رسول الله مهلين بالحج، فأمرنا أن نشترك في الإبل والبقر، كل سبعة منا في بدنة. ¬
وفي رواية (¬1) قال: اشتركنا كل سبعة في بدنة. 2698 - قوله: وفسر بعضهم"الشعائر" في قوله تعالى: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ} باستسمان الهدي واستحسانه. قلت: [6394]- في البخاري (¬2): عن مجاهد: سميت البدن؛ لاستسمانها. وصله الفريابي في "تفسيره" من طريقه كما بينته في "التغليق" (¬3). [6395]- وله شاهد من رواية عثمان بن زفر، عن أبي الأسود الأنصاري، عن أبيه رفعه: "أَحَبُّ الضَّحَايَا إِلَى الله أَغْلَاهَا وَأَسْمَنُها" (¬4). 2699 - [6396]- حديث: "لَا تَذْبَحُوا إلا الثَنِيَّةَ إلَّا أَنْ يُعْسَر عَلَيْكُمْ، فَاذْبَحُوا الْجَذَعَ مِنَ الضَّأْنِ". مسلم (¬5) وأبو داود (¬6) والنسائي (¬7) وابن ماجه (¬8) من حديث جابر، وقالوا ¬
تنبيه
كلهم: "لَا تَذْبَحُوا إلَّا مُسِنَّةً"، وكأن المصنِّف ساقه بالمعنى؛ فقد قال النووي في "شرح مسلم" (¬1) نقلًا عن العلماء: المسنة: الثّنيّة من كل شيء؛ من الإبل، والبقر، والغنم فما فوق ذلك. وقال المنذري (¬2): المسنة التي لها ثلاث ودخلت في الرابعة. وقيل: التي دخلت في الثالثة. تنبيه ظاهر الحديث يقتضي أنّ الجذع من الضأن لا يجزيء، إلا إذا عجز عن المسنة والإجماع على خلافه، فيجب تأويله بأن يحمل على الأفضل، وتقديره: المستحبّ أن لا يذبحوا إلا مسنَّةً. * حديث: "مَن رَاحَ في السَّاعَةِ الأولَى فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً ... " الحديث. تقدم في "الجمعة". 2700 - [6397]- حديث (¬3): "دَمُ عَفْرَاءَ أَحَبُّ إلى الله مِن دَمِ سَوْدَاوَيْنِ". ¬
أحمد (¬1) والحاكم (¬2) والبيهقي (¬3) من حديث أبي هريرة. [6398]- ورواه الطبراني في "الكبير" (¬4) من حديث ابن عباس: "دَمُ الشَّاةِ الْبَيْضَاءِ عِنْدَ الله أَزْكَى مِنْ دَمِ السَّوْدَاوينِ". وفيه حمزة النصيبي، قيل: كان يضع الحديث. [6399]- ورواه الطبراني (¬5) وأبو نعيم (¬6) من حديث كبيرة بنت سفيان نحو الأول. [6400]- ورواه البيهقي موقوفًا (¬7) على أبي هريرة، ونقل عن البخاري: أنّ رَفْعه لا يصحّ. 2701 - [6401]- حديث أنس. "مَن ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَإِنَّمَا يَذْبَحُ لِنَفْسِه، وَمَن ذَبَحَ بَعْد الصَّلَاة فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ، وَأصابَ سُنَّةَ الْمُسْلِمِينَ". البخاري (¬8) بهذا اللفظ. ولمسلم (¬9) نحوه. ¬
* قوله: وفي رواية: "مَن صَلَّى صَلاَتنَا هَذِهِ، وَذَبَحَ بَعْدَها فَقَدْ أَصَابَ النُّسُكَ ... ". تقدم من حديث البراء، وأنه متفق عليه، لكن ليس فيه لفظة "هذه" من قوله: "صَلَاتَنَا هَذِهِ". * قوله: وكان - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في الأولى {ق}، وفي الثانية {اقْتَرَبَتِ} ويخطب خطبة متوسطة. أما القراءة؛ فتقدم ذكرها في "صلاة العيدين". وأما الخطبة؛ فتقدم في "الجمعة". * قوله: وكان لا يطوّل الصّلاة. تقدم في "صلاة الجماعة". 2702 - حديث: "عَرَفَةُ كُلّهَا مَوْقِفٌ وَأَيَّامُ مِنًى كلّهَا مَنْحَرٌ". ابن حبان (¬1) والبيهقي (¬2) من حديث جبير بن مطعم بلفظ: "في كُلِّ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ذَبْحٌ". وذكر البيهقي الاختلاف في إسناده، وقد تقدم في "الحج" أصله، وهذه الزّيادة ليست بمحفوظة، والمحفوظ: "مِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ"، يعني: البقعة. ¬
[6402]- ورواه ابن عدي (¬1) من حديث أبي هريرة، وفيه: معاوية بن يحيى الصّدفي، وهو ضعيف. [6403]- وذكره ابن أبي حاتم (¬2) من حديث أبي سعيد، وذكر عن أبيه: أنّه موضوع. 2703 - [6404]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الذّبح ليلًا. الطبراني (¬3) من حديث ابن عباس، وفيه سليمان بن سلمة الخبائري، وهو متروك، وذكره عبد الحق (¬4) من حديث عطاء بن يسار مرسلا، وفيه مبشر بن عبيد، وهو متروك. قلت: [6405]- وفي البيهقي (¬5) عن الحسن: نهى عن جداد الليل، وحصاد الليل، والأضحى (¬6) بالليل. * حديث: أنّه - صلى الله عليه وسلم - أهدى مائة بدنة، فنحر منها بيده ثلاثًا وستّين، وأمر عليًّا فنحر الباقي. ¬
مسلم (¬1) في حديث جابر الطويل في الحج. 2704 - [6406]- حديث ابن عمر: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يذبح أضحيته بالمصلَّى. البخاري (¬2) وأبو داود (¬3) والنسائي (¬4). 2705 - [6407]- حديث عائشة: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يأمر نساءه أن يلين ذبح هديهنّ. لم أره مرفوعًا، وصحّ ذلك عن أبي موسى الأشعري، وقد ذكرته في "تعاليق البخاري" (¬5). 2706 - [6408, 6409] حديث: روى أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لفاطمة: "قُومِي إِلَى أُضْحِيَتِكِ فَاشْهَدِيهَا؛ فَإِنَّه بِأَوَّلِ قَطْرَةٍ مِنْ دَمِهَا يُغْفَرُ لَكِ مَا سَلَفَ مِن ذُنُوبِكِ". الحاكم (¬6) من حديث أبي سعيد الخدري، ومن حديث عمران بن حصين. ¬
وفي [الأوّل] (¬1) عطية، وقد قال ابن أبي حاتم في "العلل" (¬2) عن أبيه: إنه حديث منكر. وفي حديث عمران: أبو حمزة الثّمالي وهو ضعيف جدًّا. [6410]- ورواه الحاكم (¬3) أيضًا والبيهقي (¬4) من حديث علي، وفيه: عمرو بن خالد الواسطي، وهو متروك. 2707 - [6411]- حديث شداد بن أوس: "إنّ الله كتَب الإحْسَانَ في كُلِّ شَيءٍ؛ فَإذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإذَا ذَبَحْتُم فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَه". مسلم (¬5) وأصحاب "السنن" (¬6) (¬7) بلفظ: "إنّ الله كَتَب الإحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ ... "، والباقي سواء. ¬
وفي الباب: [6412]- حديث ابن عباس: أنّ رجلا أضجع شاةً يريد أن يذبحها، وهو يحدّ شفرته، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أَتُرِيدُ أَنْ تُمِيتَهَا مَوْتَاتٍ، هَلَّا حَدَّدْتَ شَفْرَتَكَ قَبْلَ أَنْ تُضْجِعَهَا؟! ". أخرجه الحاكم (¬1) من رواية حماد بن زيد، عن عاصم، عن عكرمة، عنه. ورواه عبد الرزاق (¬2) عن معمر، عن عاصم، عن عكرمة، مرسلا. 2708 - [6413]- حديث جابر: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - ضحّي بكبشين أملحَين، فلمّا وجههما قال: {وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ...} الآيَتَين. أحمد (¬3) وأبو داود (¬4) وابن ماجه (¬5) والبيهقي (¬6) من رواية أبي عياش، عن جابر به وأتَمّ منه. وأبو عياش لا يعرف. وقد تقدمت الإشارة إليه في حديث: ضحى بكبشين موجوءين. * حديث: أنَّه - صلى الله عليه وسلم - قال عند التضحية بذلك الكبش: "اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ ¬
مِنْ مُحَمَّد وَآلِ مُحمَّدٍ". تقدم، وهو في الذي قبله، وفي الحديث السابق عن أبي رافع، رواه أحمد (¬1). * حديث أم سلمة: "إذَا دَخَلَ الْعَشْرُ، وَأرَادَ أَحَدُكُم أَنْ يُضَحِّي فَلَا يَمسَّ مِنْ شَعْرِهِ". تقدم. * حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - أهدى ... حديث. تقدم في "الحج". 2709 - [6414]- حديث عائشة: كنت أفتل قلائد هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم يقلّدها هو بيده، ثم يبعث بها، فلا يحرم عليه شيء أحلّه الله له حتى ينحر الهدي. متفق عليه (¬2). 2710 - [6415]- حديث عمر، قلت: يا رسول الله, إني أوجبت ¬
على نفسي بدنةً، وهي تُطلَب منِّي (¬1)؟ فقال: "انْحَرْهَا وَلَا تَبِعْهَا وَلَوْ طُلِبَتْ بِمِائَةِ بعيرٍ". لم أره هكذا. [6416]- نعم روى أبو داود (¬2) وابن خزيمة في "صحيحه" (¬3) وابن حبان في "صحيحه" (¬4) من رواية جهم بن الجارود، عن سالم عن أبيه: أهدى عمر نجيبًا فأُعطي بها ثلاثمائة دينار، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر له ذلك، فقال: "لَا، انْحَرْهَا إِيَّاهَا". 2711 - [6417]- حديث أبي سعيد: اشتريت كبشًا لأضحِّي به، فعدا الذّئب فأخذ منه الألية، فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "ضَحِّ بِه". أحمد (¬5) وابن ماجه (¬6) والبيهقي (¬7) من حديثه، ومداره على جابر الجعفي، وشيخه محمَّد بن قرظة غير معروف، ويقال: إنه لم يسمع من أبي سعيد. ¬
قال البيهقي: ورواه حماد بن سلمة، عن الحجاج بن أرطاة، عن عطيّة، عن أبي سعيد: أنَّ رجلًا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن شاةٍ قُطع ذَنَبُها يضحّى بها؟ [قال: "ضَحِّ بِهَا"] (¬1). * حديث جابر: أنّ عليًّا قدم ببدن من اليمن، وساق النبي - صلى الله عليه وسلم - مائة بدنة، فنحر منها ثلاثا وستين ... الحديث. مسلم (¬2) في حديثه الطويل في الحج. 2712 - [6418]- حديث علي: أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أقوم على بدنه، وأقسم جلودها وجلالها، وأن لا أعطي الجزّار منها شيئًا، وقال: نحن نعطيه من عندنا. متفق عليه (¬3). * قوله: روي أنَّه - صلى الله عليه وسلم - كان يأكل من كبد أضحيته. تقدم في "صلاة العيدين". 2713 - [6419]- قوله: قال العلماء: كان ادخار الأضحية فوق ¬
تنبيه
الثلاث منهيًّا عنه، ثم أذن فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - لما راجعوه، وقال: "كُنتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ مِن أَجْلِ الدَّافَّةِ". مسلم (¬1) من حديث عائشة، قالت: دف ناس من أهل البادية حضرة الأضحى في زمان النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ادَّخِرُوا ثَلاثًا -وَفي رواية: لِثَلاثٍ- ثمّ تَصَدَّقُوا بِمَا بَقِيَ"، فَلما كان بعد ذلك قالوا (¬2): يا رسول الله إنّ الناس يتخذون الأسقية من ضحاياهم، ويجملون منها الودك، فقال: "إنما نَهَيْتُكُمْ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ التي دفّت، فَكُلُوا وَتَصَدَّقُوا وادّخَرُوا". وفي الباب: [6420]- عن جابر وسلمة بن الأكوع، متفق عليهما (¬3). [6421، 6422]- وعن بريدة وأبي سعيد عند مسلم (¬4). تنبيه دَفّ -بتشديد الفاء- أي جاء، قال أهل اللغة: الدّافّة قوم يسيرون جماعةً سيرًا ليس بالشديد. ويجملون -بالجيم- أي يذيبون. 2714 - [6423]- قوله: وجاء في رواية: "كُلُوا وَادَّخِرُوا واتَّجِرُوا". ¬
فائدة
أحمد (¬1) وأبو داود (¬2) من حديث نبيشة الهذلي به، في حديث. فائدة قال الرافعي: قوله: "اتجروا" هو بالهمز، أي أطلبوا الأجر بالصّدقة. قال: وذكر الادخار؛ لأنهم سألوه عنه، فقال: كلوه في الحال إن شئتم، أو ادّخروا إن شئتم أو تصدّقوا. وأنكر ابن الأثير (¬3) أن يكون من التجارة. وقال ابن الصلاح: اتجروا: بوزن اتخذوا الأجر، وهو بمعنى (ائتجروا) بالهمز، وكقولك في الإزار: (ائتزر، واتزر)، وصحّح ذلك الخطابي (¬4) والهروي (¬5) وغيرهما. 2715 - [6424]- حديث: أنّه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ذبائح الجن. ابن حبان في "الضعفاء" (¬6) وابن الجوزي في "الموضوعات" (¬7) من حديث أبي هريرة، وفي إسناده عبد الله بن أذينة، وهو شيخ لا يجوز الاحتجاج به بحال. ¬
[6425]- ورواه أبو عبيد في "الغريب" (¬1) والبيهقي (¬2) من طريق يونس عن الزهري، مرفوعًا. وهو من رواية عمر بن هارون، وهو ضعيف مع انقطاعه. 2716 - [6426]- حديث أبي بكر وعمر: أنهما كانا لا يضحِّيان مخافةَ أنَّ يعتقد الناس وجوبها. ذكره الشافعي (¬3) بلاغا والبيهقي (¬4) من حديث أبي شريحة الغفاري، قال: أدركت أبا بكر وعمر لا يضحّيان كراهةَ أنَّ يقتدى بهما. وهو في "تاريخ ابن أبي خيثمة" و"كتاب الضحايا" لابن أبي الدنيا. [6427، 6428]- وروي مثل ذلك عن ابن عباس، وأبي مسعود البدري، وهو في "سنن سعيد بن منصور" (¬5) عن أبي مسعود بسند صحيح. 2717 - [6429]- حديث علي: "مَن عَيَّنَ أُضْحِيَتَهُ فَلَا يَسْتَبْدِلْ بِهَا". لم أجده (¬6). قلت: أخرجه حرب الكرماني، من طريق سلمة بن كهيل، عن خال له: أنَّه سأل عليًّا عن أضحية اشتراها، فقال: أو عينتها للأضحية؟ فقال: نعم، ¬
فكرهه (¬1). 2718 - [6430]- حديث عائشة: أنها أهدت هديين فأضلتهما، فبعث ابن الزبير إليها بهديين، فنحرتهما، ثم عاد الضّالان فنحرتهما، وقالت: هذه سنة الهدي. الدارقطني (¬2) من حديث القاسم بن محمد، عنها، وصححه ابن القطان (¬3). [6431]- وقال ابن أبي شيبة (¬4): حدثنا حفص بن غياث، عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة وعطاء: أنّ عائشة اشترت بدنة فأضلتها، فاشترت مكانها، ثم وجدتها فنحرتهما جميعًا، ثم قالت: كان في علم الله أن أنحرهما جميعًا. 2719 - [6432]- حديث علي: أنَّه رأى رجلًا يسوق بدنة معها ولدها فقال: لا تشرب من لبنها إلا ما فضل عن ولدها. البيهقي (¬5) من رواية المغيرة بن حذف العبسي، قال: كنا مع علي بالرّحبة فجاء رجل من همدان يسوق بقرة معها ولدها، فقال له: إني اشتريتها أضحي بها، وإنها ولدت، قال فلا تشرب من لبنها إلا فضلا عن ابنها، فإذا كان يوم ¬
النحر فانحرها هي وولدها عن سبعة. وذكره ابن أبي حاتم في "العلل" (¬1)، وحكى عن أبي زرعة أنَّه قال: هو حديث صحيح. 2720 - [6433]- حديث علي أيضًا: أنَّه قال في خطبته بالبصرة: إنّ أميركم هذا قد رضي من دنياكم بطمريه، وإنه لا يأكل اللحم في السنة إلا الفلذة من كبد أضحيته. لم أجده، وقال ابن الصلاح في "الكلام على الوسيط": إن صحّ فمعناه: أنَّه رضي بثوبيه الخلِقَيْن (¬2). **** ¬
(75) كتاب العقيقة
(75) كتابُ العقيقة
2721 - [6434]- حديث عائشة: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نعق عن الغلام بشاتين، وعن الجارية بشاة. الترمذي (¬1) وابن ماجه (¬2) وابن حبان (¬3) والبيهقي (¬4)، واللفظ لابن ماجه، وزاد (¬5): شاتين [مكافئتين] (¬6). 2722 - [6435]- حديث سمرة: "الْغُلَامُ مُرْتَهَن بِعَقِيقَتِهِ، [تُذْبَحُ] (¬7) عَنْهُ في الْيَوْمِ السَّابعِ، وَيُحْلَقُ رَأْسُهُ، وَيُسَمَّى". أحمد (¬8) وأصحاب "السنن" (¬9) والحاكم (¬10) والبيهقي (¬11) من حديث ¬
الحسن، عن سمرة، وصححه الترمذي، والحاكم، وعبد الحق (¬1). وفي رواية لهم: ويُدَمَّى. قال أبو داود: (ويسمَّى) أصح، (ويُدَمَّى) غلط من همام. قلت: يدل على أنَّه ضبطها (¬2): أنَّ في رواية بهز عنه ذكر الأمرين: التدمية، والتسمية، وفيه: أنهم سألوا قتادة عن هيئة التدمية؟ فذكرها لهم، فكيف يكون تحريفًا من التّسمية، وهو يضبط أنّه سأل عن كيفيّة التّدمية. وأعلّ بعضهم الحديث بأنه من رواية الحسن (¬3) عن سمرة، وهو مدلِّس. لكن روى البخاري في "صحيحه" (¬4) من طريق الحسَن: أنّه سمع حديث العقيقة من سمرة، كأنّه عَنى هذا. * حدث: أمّ كرز: "عَنِ الْغُلامِ شَاتَانِ، وَعَنِ الجَارَيةِ شَاةٌ". النّسائي، وابن ماجه، وابن حبّان. وقد تقدّم في "الذّبائح"، وله طرق عند الأربعة (¬5) والبيهقي (¬6). 2723 - [6436]- حديث: روي أنّه - صلى الله عليه وسلم - عَقّ عن نفسه بعد النّبوّة. ¬
البيهقي (¬1) من حديث قتادة، عن أنس، وقال: منكر. وفيه عبد الله بن محرر، وهو ضعيف جدًّا. وقال عبد الرزاق (¬2): إنما تكلموا فيه لأجل هذا الحديث. قال البيهقي (¬3): وروي من وجه آخر عن قتادة، ومن وجه آخر عن أنس، وليس بشيء. قلت: أمّا الوجه الآخر عن قتادة، فلم أره مرفوعًا، وإنما ورد أنَّه كان يُفتى به كما حكاه ابن عبد البر، بل جزم البزار وغيره بتفرد عبد الله بن محرر به، عن قتادة. وأما الوجه الآخر عن أنس؛ فأخرجه أبو الشيخ في "الأضاحي" وابن أيمن في "مصنفه" والخلال من طريق عبد الله بن المثنى، عن ثمامة بن عبد الله بن أنس، عن أبيه. وقال النووي في "شرح المهذب" (¬4): هذا حديث باطل. 2724 - [6437]- حديث: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - عقّ عن الحسن والحسين. أبو داود (¬5) والنسائي (¬6) من حديث ابن عباس، وزاد: كبشا كبشا. ¬
وصححه عبد الحق (¬1) وابن دقيق العيد (¬2). [6438]- ورواه ابن حبان (¬3) والحاكم والبيهقي (¬4) من حديث عائشة بزيادة: يوم السابع وسماهمّا، وأمر أن يماط عن رؤوسهما الأذى. وصححه ابن السكن بأتم من هذا، وفيه: وكان أهل الجاهلية يجعلون قطنة في دم العقيقة، ويجعلونها على رأس المولود، فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يجعلوا مكان الدم خلوقا (¬5). [6439]- ورواه أحمد (¬6) والنسائي (¬7) من حديث بريدة، وسنده صحيح. [6440]- ورواه الحاكم (¬8) من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جد5. [6441]- والطبراني في "الصغير" (¬9) من حديث قتادة، عن أنس. [6442]- والبيهقي (¬10) من حديث فاطمة. ¬
[6443]- ورواه الترمذي (¬1) والحاكم (¬2) والبيهقي (¬3) من حديث علي. ولفظ حديث عبد الله بن بريدة، عن أبيه: كنا في الجاهلية إذا ولد لأحدنا غلام ذبح شاة، ولطخ رأسه بدمها، فلما جاء الله بالإِسلام كنا نذبح شاة ونحلق رأسه، ونلطخه بزعفران. 2725 - [6444]- حديث (¬4): روي أنَّه - صلى الله عليه وسلم - قال: "سمُّوا السَّقْطَ". لم أره [هكذا] (¬5)، لكن: [6445]- في "الطّيوريّات" (¬6) من حديث أبي هُرَيرة: "إذَا اسْتَهَلّ الصَّبِيُّ صَارِخًا سُمِّي وَصُلِّيَ عَلَيْه، وتَمَّتْ دِيَتُه، وَوَرِثَ، وَإنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ لَا". وفي إسناده عبد الله بن شبيب، وهو ضعيف. [6446]- وفي "عمل يوم وليلة" لابن السني (¬7) من حديث هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: أسقطت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سقطًا فسمّاه عبد الله، وكنّاني بأم عبد الله. ¬
وفي إسناده داود بن المحبر وهو كذاب. [6447]- وقد روى عبد الرزاق في "مصنفه" (¬1) عن معمر، عن هشام بن عروة، عن أبيه: أنّ النّبي - صلى الله عليه وسلم - كناها أمّ عبد الله فكان يقال لها: أمّ عبد الله حتّى ماتت، ولم تسقط. [6448]- وروى الطبراني (¬2) من وجه آخر؛ عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: كناني النبي - صلى الله عليه وسلم - أمَّ عبد الله، ولم يكن لي ولد ولا سقط. [6449]- وفي " [سنن] (¬3) أبي داود" (¬4) -بسند صحيح- عنها قالت: يا رسول الله، كل صواحبي لهن كنى غيري، قال: "فَاكْتَنِي بِابْنِكِ عَبدِ الله بْنِ الزّبَير"، فكانت تكنى أمّ عبد الله. وهذا الحديث فيه اختلاف في إسناده. وهذا كلّه مما يضعّف رواية داود بن المحبّر. 2726 - [6450]- حديث: أنّ فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -ورضي عنها- وزنت شعر الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم، فتصدقت بوزنه فضّة. ¬
[فائدة]
مالك (¬1) وأبو داود في "المراسيل" (¬2) والبيهقي (¬3) من حديث جعفر بن محمَّد زاد البيهقي: عن أبيه، عن جده، به. [6451]- ورواه الترمذي (¬4) والحاكم (¬5) من حديث محمَّد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، عن محمَّد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي قال: عقّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الحسن شاةً، وقال: "يَا فَاطِمَةُ احْلِقِي رَأْسَهُ، وَتَصَدَّقِي بِزِنَةِ شَعْرِهِ فِضَّةً"، فوزنّاه فكان وزنه درهما أو بعض درهم. [6452]- وروى البيهقي (¬6) من حديث عبد الله بن محمّد بن عقيل، عن علي ابن الحسين، عن أبي رافع قال: لما ولدت فاطمة حسنًا قالت: يا رسول الله، ألا أعق عن ابني بدم؟ قال: "لَا، وَلَكِنْ احْلِقِي شَعْرَه، وَتَصَدَّقِي بِوَزْنْه مِنَ الْوَرَقِ عَلَى الأَوْفَاضِ"، يعني: أهل الصفة. قال البيهقي: تفرد به ابن عقيل. [فائدة] (¬7) الأوفاض -بفاء ومعجمة-: [المتفرقون] (¬8)، وأصله من وفضت الإبل، ¬
تنبيه
إذا تفرقت. [6453]- وروى الحاكم (¬1) من حديث علي قال: أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاطمة، فقال: "زِنِي شَعْرَ الْحُسَيْنِ وَتَصَدَّقِي بِوَزْنِه فِضَّةً، وَأَعْطِي الْقَابِلَةَ رِجْلَ الْعَقِيقَةِ". ورواه حفص بن غياث، عن جعفر بن محمَّد، عن أبيه، مرسلا (¬2). وهو في "سنن أبي داود" (¬3). تنبيه الرّوايات كلّها متفقة على ذكر التّصدق بالفضّة، وليس في شيء منها ذكر الذهب، بخلاف ما قال الرافعي: أنَّه يستحب أن يتصدق بوزن شعره ذهبًا، فإن لم يفعل ففضَّةً. [6454]- وفي "الأحمدين" من "معجم الطبراني الأوسط" (¬4) في ترجمة "أحمد بن القاسم" من حديث عطاء، عن ابن عباس قال: سَبعة من السنّة في الصبي يوم السابع: يسمى، ويختن، ويماط عنه الأذى، وتثقب أذنه، ويعق عنه، ويحلق رأسه، ويلطخ بدم عقيقته، ويتصدق بوزن شعر رأسه ذهبا أو فضة. وفيه داود بن الجراح، وهو ضعيف. وقد تعقبه (¬5) بعضهم فقال: كيف تقول: "يماط عنه الأذى" مع قوله "يلطخ ¬
رأسه بدم عقيقته"؟! قلت: ولا إشكال فيه، فلعل إماطة الذي تقع بعد [اللّطخ] (¬1)، والواو لا تستلزم الترتيب. وأما زنة شعر زينب (¬2) وأمّ كلثوم؛ فلم أره. 2727 - [6455]- حديث: أنَّه - صلى الله عليه وسلم - أذَّنَ في أذن الحسين حين ولدته فاطمة. أحمد (¬3) وأبو داود (¬4) والترمذي (¬5) والحاكم (¬6) والبيهقي (¬7) من حديث أبي رافع. ورواه الطبراني (¬8) وأبو نعيم (¬9) من حديثه بلفظ: أذن في أذن الحسن والحسين. ومداره على عاصم بن عبيد الله، وهو ضعيف. * حديث فاطمة: في إعطاء القابلة رِجْل العقيقة. ¬
تقدم. 2728 - [6456]- حديث: "لَا فَرْعَ وَلَا عَتيرَةَ". متفق عليه (¬1) من حديث أبي هريرة. وقد ورد الأمر بالعتيرة في أحاديث كثيرة، وصحّح ابن المنذر منها حديثًا، وساق البيهقي (¬2) منها جملةً، والجمع بين هذا وبين حديث أبي هريرة: أن المراد الوجوب، أي لا فرع واجب، ولا عتيرة واجبة، قاله الشافعي، ونص في رواية حرملة: أنّهما إن تيسرا كل شهر كان حسنًا. 2729 - [6457]- حديث عمر بن عبد العزيز: أنَّه كان إذا ولد له ولد أذن في أذنه اليمنى، وأقام في أذنه اليسرى. لم أره عنه مسندا، وقد ذكره ابن المنذر عنه. وقد روي مرفوعًا: [6458]- أخرجه ابن السني (¬3) من حديث الحسين بن علي بلفظ: "مَن وُلِدَ لَهُ مَولُودٌ فَأَذَّنَ فِي أُذْنِه الْيُمْنَى، وَأَقَام في الْيُسْرَى؛ لَمْ تَضُرَّهُ أُمُّ الصِّبْيَان". وأم الصبيان: هي التابعة من الجن. **** ¬
(76) كتاب الأطعمة
(76) كتاب الأطعمة
2730 - [6459]- حديث: "أيّ لَحْمٍ نَبَتَ مِنْ حَرامٍ فالنَّارُ أَوْلَى بِه". الترمذي (¬1) من حديث كعب بن عجرة، بلفظ: "إنَّه لَا يَرْبُو لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ إلَّا كَانَت النَّارُ أولَى بِه". والحديث طويل عنده، أوله: "أُعيذُكَ بِالله مِنْ أُمَراءَ يَكُونُون بَعْدِي ... ". [6460]- ورواه ابن حبان في "صحيحه" (¬2) من حديث جابر بلفظ: "يَا كَعْبَ بْن عُجْرَةَ، إنّه لَا يدخلُ الْجَنَّةَ لَحْمٌ نَبَتَ مِن سُحْتٍ ... ". الحديث. [6461 - 6464]- ورواه الحاكم (¬3) من حديث جابر أيضًا، ومن حديث عبد الرحمن بن سمرة، وعن أبي بكر الصديق مرفوعًا، وعن عمر بن الخطاب موقوفًا، ورفعه الطبراني في "الكبير" وفي "الصغير" (¬4). [6465]- وعن ابن عباس في "الأوسط" (¬5) ولفظه: تليت هذه الآية عند النبي - صلى الله عليه وسلم - {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا} فَقَام سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فَقَال: يا رسولَ الله، ادْعُ الله أَنْ يَجْعَلَنِي مُسْتَجَابَ الدَّعْوَةِ، فقال: يا سعدُ، "طَيِّبْ مَطْعَمَكَ تَكُنْ مُستَجَابَ الدَّعْوَةِ، وَالذي نَفْسُ مُحَّمَدٍ بِيَدِه إنَّ الْعَبْدَ لَيَقْذِفُ بِلُقْمَةِ الْحَرَامِ في جَوْفِهِ فَلَا يُتَقَبَّلُ مِنْهُ عَمَلُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَأَيّما عَبْدٍ نَبَتَ لَحْمُهُ مِنَ السّحْتِ وَالرِّبَا فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ". ¬
وأعلّه ابن الجوزي (¬1). [6466]- وذكره ابن أبي حاتم في "العلل" (¬2) من حديث حذيفة، وصحّح عن أبيه وقفَه. 2731 - [6467]- حديث علي: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عام خيبر عن نكاح المتعة، وعن لحوم الحمر الأهلية. متفق عليه (¬3). 2732 - [6468 - 6475]- قوله: ويروى ذلك -يعني تحريم لحوم الحمر الأهلية- من حديث جابر، وجماعة من الصحابة. قلت: وهو متفق عليه من حديث جابر (¬4)، وابن عمر (¬5)، وابن عباس (¬6)، وأنس (¬7)، والبراء بن عازب (¬8)، وسلمة بن الأكوع (¬9)، وأبي ثعلبة (¬10)، ¬
وعبد الله بن أبي أوفى (¬1). [6476]- وأخرجه البخاري (¬2) من حديث زاهر الأسلمي. [6477, 6478]- والترمذي (¬3) عن أبي هريرة والعرباض بن سارية. [6479, 6480]- وأبو داود (¬4) والنسائي (¬5) عن خالد بن الوليد، وعمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده. [6481]- وأبو داود (¬6) والبيهقي (¬7) من حديث المقدام بن معدي كرب. [6482]- ورواه الدارمي (¬8) من طريق مجاهد (¬9)، عن ابن عباس قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية. [6483]- وفي "الصحيحين" (¬10) من رواية الشعبي، عن ابن عباس: لا أدري أنهى عنها من أجل أنها كانت حمولة الناس، أو حرمه. ¬
[6484]- وفي البخاري (¬1) عن عمرو بن دينار، قلت لجابر بن زيد: يزعمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن لحوم الحمر الأهلية؟ فقال: قد كان يقول ذلك الحكم بن عمرو الغفاري عندنا بالبصرة، ولكن أبى ذلك الْبَحْرُ -يعني ابن عباس. * حديث أبي قتادة: أنه رأى حمارا وحشيا في طريق مكة فقتلة .. الحديث. متفق عليه، وقد تقدم في "باب محرمات الإحرام". 2733 - [6485]- حديث جابر: ذبحنا يوم خيبر الخيل والبغال والحمير، فنهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن البغال والحمير، ولم ينهنا عن الخيل. أبو داود (¬2) وابن حبان في "صحيحه" (¬3). 2734 - [6486]- قوله: وفي رواية عن جابر: أطعمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحوم الخيل، ونهانا عن لحوم الحمر. الترمذي (¬4) والنسائي (¬5) من حديث عمرو بن دينار عنه، ورجاله رجال ¬
الصحيح، وأصله متفق عليه (¬1) وله طرق في "السنن" (¬2). 2735 - [6487]- حديث أسماء بنت أبي بكر: نحرنا فرسا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأكلناه. متفق عليه (¬3) بزيادة: ونحن بالمدينة. وزاد أحمد (¬4) فيه: نحن وأهل بيته. 2736 - [6488]- حديث علي: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكل كلِّ ذي ناب من السِّباع، وذي مخلب من الطير. عبد الله بن أحمد في "زيادات المسند" (¬5) من حديث عاصم بن ضمرة، عنه، بهذا وأتم منه. وإسناده حسن، إلا أنّ له علةً؛ فقد رواه إسحاق بن راهويه، وأبو يعلى (¬6) في "مسنديهما". ووقع عندهما: "عن الحسن بن ذكوان، عن حبيب بن أبي ثابت"، وهو ¬
الصواب، بخلاف ما وقع في "المسند": "حسين بن ذكوان" (¬1)، وقد قال يحيى بن معين (¬2): الحسن بن ذكوان لم يسمع من حبيب بن أبي ثابت، إنما سمع من عمرو بن خالد، وعمرو كذاب مدلس (¬3). وكذا قال أحمد بن حنبل (¬4). وقال علي بن المديني (¬5): لم يرو حبيب عن عاصم إلا حديثًا واحدًا. وقال أبو حاتم: لا يثبت له عن عاصم شيء. فهاتان علتان خفيتان قادحتان. وجزم الحاكم في "علوم الحديث" (¬6) بأن الصواب رواية من روى عن الحسن، عن عمرو بن خالد، عن حبيب. * حديث ابن عباس في ذلك. أخرجه مسلم كما سيأتي. 2737 - [6489]- حديث أبي هريرة: "كُلّ ذي نَابٍ مِن السّباع فَأكْلُه حَرَامٌ". ¬
مسلم (¬1) بهذا. قال ابن عبد البر (¬2): مجمع على صحّته. 2738 - [6490]- حديث: روي أنَّه - صلى الله عليه وسلم - أمر خالد بن الوليد عام خيبر، حتى نادى: "أَلَا لَا يَحِلّ لَكُم الْحِمَارُ الأَهْليُّ وَلَا كُلُّ ذِي نَابٍ من السِّبَاعِ". أحمد (¬3) من حديث خالد بن الوليد: غَزَوْنَا مَع رَسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - غزوة خيبر، فأسرع النّاس في حظائر يهود، فأمرني أن أنادي: "الصّلاة جامعة، ولا يدخل الجنّة إلا مُسْلِمٌ" ثم قال: "يَا أَيّهَا النَّاسُ إنَّكم قَد أَسْرَعْتُم في حَظَائِرِ يَهُود، ألَا لَا تَحِلّ أَمْوالُ الْمُعَاهَدِينَ إلا بِحَقِّهَا، وَحَرامٌ عَلَيْكُم لُحُومُ الْحُمُر الأَهْلِيَّةِ وَخَيْلِهَا وبِغَالِهَا، وكلِّ ذِي نَاب مِنَ السِّبَاعِ وَكُلّ ذِي مَخْلِبٍ مِن الطّير". [6491]- وثبت في "صحيح مسلم" (¬4) و"مسند أبي يعلى" (¬5) من حديث أنس: أنّ الّذي نادى بتحريم الحمر الأهلية، هو أبو طلحة. [6492]- وفي "مسند أحمد" (¬6): أنَّه عبد الرحمن بن عوف، ذكره (¬7) من ¬
حديث أبي ثعلبة. قلت: فيحتمل أن يكون أمر جماعة بالنداء بذلك، وحديث خالد لا يصح؛ فقد قال أحمد (¬1): إنه حديث منكر. وقال أبو داود (¬2): إنه منسوخ. 2739 - [6493]- حديث ابن عباس: نَهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كلّ ذي ناب من السّباع، وكلّ ذي مخلب من الطّير. مسلم (¬3) من رواية ميمون بن مهران، عنه. قال ابن القطان (¬4): لم يسمعه ميمون من ابن عباس، بل بينهما فيه سعيد بن جبير، كذلك رواه أبو داود (¬5) والبزار. وقد خالف الخطيب هذا الكلام، فقال: الصحيح عن ميمون، ليس بينهما أحد. 2740 - [6494]- حديث ابن عمر: سأل رجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكل الضّب؟ فقال: "لَا آكُلُه، وَلَا أُحَرِّمُهُ". ¬
متفق عليه (¬1) من حديثه. 2741 - [6495]- حديث ابن عباس: دخلت أنَا وخالد بن الوليد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيت ميمونة، فأُتي بضبٍّ محنوذ، فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده، فقلت: أحرام هو يا رسول الله؟ قال: "لَا وَلَكِنه لَم يَكُن بِأَرْضِ قَوْمِي فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ". قال خالد: فاجتررته فأكلته، والنبي - صلى الله عليه وسلم - ينظر. متفق عليه (¬2). 2742 - [6496]- حديث جابر: أنَّه سئل عن الضبع، أسيد هو؟ قال: نعم. قيل: أيؤكل؟ قال: نعم. قيل: أسمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم. الشافعي (¬3) والترمذي (¬4) والنسائي (¬5) وابن ماجه (¬6) والبيهقي (¬7) وصححه ¬
البخاري (¬1) والترمذي (¬2) وابن حبان (¬3) وابن خزيمة، والبيهقي (¬4). وأعله ابن عبد البر (¬5) بعبد الرحمن بن أبي عمار، فوهم؛ لأنّه وثقه أبو زرعة (¬6)، والنسائي (¬7)، ولم يتكلم فيه أحد، ثم إنه لم ينفرد به. وقال البيهقي (¬8): قال الشافعي: وما يباع لحم الضباع إلا بين الصّفا والمروة. ورواه أبو داود (¬9) بلفظ: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الضبع؟ فقال: "صَيْدٌ ويُجْعَلُ فِيهِ كَبْشٌ إِذَا صَادَهُ الْمُحْرِمُ". [6497]- وأما ما رواه الترمذي (¬10) من حديث خزيمة بن جزء قال: "أَيَأْكُلُ الضَّبُعَ أَحَدٌ؟ "؛ فضعيف؛ لاتفاقهم على ضعف عبد الكريم أبي أمية، والراوي عنه إسماعيل بن مسلم. ¬
2743 - [6498]- حديث أنس: أنفجنا أرنبا بمر الظهران، فأدركتها فأتيت بها أبا طلحة فذبحها، وبعث بفخذها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقبله. متفق عليه (¬1) بأتم من هذا السياق. * قوله: وفي رواية: فأكل منه. هي عند البخاري (¬2). وقوله: أنفجنا، معناه: أثرنا. 2744 - [6499]- حديث بعض الصحابة: أنَّه قال اصطدنا أرنبين فذبحتهما بمروة، وسألت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمرني بأكلهما. أحمد (¬3) وأصحاب "السنن" (¬4) وابن حبان (¬5) والحاكم (¬6) من حديث محمَّد ابن صفوان. ¬
وفي رواية: محمَّد بن صيفي، قال الدارقطني (¬1): من قال محمَّد بن صيفي فقد وهم. [6500]- وروى الترمذي (¬2) وابن حبان (¬3) والبيهقي (¬4) من حديث جابر، نحوه. [6501]- وروى النسائي (¬5) وابن حبان (¬6) من حديث زيد بن ثابت: أنّ ذئبا نَيّب في شاةٍ فذبحوها بمروة، فسألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأمر بأكلها. وهذا في البخاري (¬7) من حديث كعب بن مالك. [6502]- ورواه أحمد (¬8) وابن حبان (¬9) من حديث عمر، وهو معلول، والصّواب ما في البخاري؛ لأنَّه عن نافع، عن رجل من الأنصار: حدّث ابن عمر، عن كعب بن مالك، فجعله بعض الرّواة عن نافع عن ابن عمر. * قوله: ورد في بعض الأخبار: "الْهِرَّةُ سَبُعٌ". تقدم في "باب النجاسات". ¬
[6503]- حديث البراء: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان (¬1) يكره لحم ما يأكل الميتة. وأعاده المصنف في موضع آخر. لم أجده. 2745 - [6504]- قوله: ويذكر عن مجاهد: أنهم -يعني الصحابة- كانوا يكرهون ما يأكل الجيف. لم أجده أيضًا، ولكن أخرج ابن أبي شيبة (¬2) من طريق إبراهيم النخعي مثله سواء. [6505]- ومن طريق مجاهد (¬3): أنَّه سئل عنه فعافه. * حديث عائشة: "خمسُ فَوَاسِقَ يُقْتَلْنَ في الْحِلِّ وَالْحَرَمِ: الْحَيَّةُ وَالْفَأْرَةُ، وَالْغَرُابُ الأَبْقَع، والكَلْبُ، والْحَدْأَةُ". ويروى: تقييد الكلب بالعقور. متفق عليه، وقد تقدم في "الحج" في "باب محرمات الإحرام". * قوله: وفي رواية أبي هريرة بدل (الغراب): (العقرب). ¬
أبو داود بإسناد حسن، وهو في "الصَّحيحين" في حديث حفصة وابن عمر كما تقدم في "الحج". * قوله: وفي رواية: "وَكُلُّ سبُعٍ عَادٍ ... ". تقدم أيضًا فيه. 2746 - [6506]- حديث ابن عباس: أنَّ النّبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن أكل الرَّخَمة. ابن عدي (¬1) والبيهقي (¬2)، وفي إسناده خارجة بن مصعب، وهو ضعيف جدًّا. * حديث: أنّه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن قتل الخطاف. تقدم في "الحج". * حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن قتل النّملة والنّحلة والصّرد. تقدم أيضًا فيه. [6507]- وروى الطبراني (¬3) عن ابن عمر: "الذُّبَابُ كُلُّه في النَّارِ إلَّا النحْلَةُ" وَكان ينهى عن قتلهنّ. 2747 - [6508]- حديث: نهى عن قتل الخفاش. ¬
لم أجده مرفوعًا، لكن: [6509]- روى البيهقي (¬1) من طريق حنظلة بن أبي سفيان، عن القاسم، عن عائشة قالت: كانت الأوزاغ يوم أحرق بيت المقدس تنفخ النار بأفواهها، والوطواط تطفيها بأجنحتها. قال البيهقي: هذا موقوف صحيح. قلت: وحكمه الرفع؛ لأنَّه لا يقال بغير توقيف، وما كانت عائشة ممن تأخذ عن أهل الكتاب. [6510]- وقد روى البيهقي أيضا (¬2) من رواية زرارة بن أوفى، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: لا تقتلوا الضفادع؛ فإن نقيقهن تسبيح، ولا تقتلوا الخفاش، فإنه لما خرب بيت المقدس قال: يا رب سلِّطني على البحر حتى أغرقهم. فهو وإن كان إسناده صحيحًا؛ لكن عبد الله بن عمرو كان يأخذ عن الإسرائيليات (¬3). 2748 - [6511]- حديث: روي أنّه - صلى الله عليه وسلم - قال: "كُلْ مَا دَفَّ وَدَعْ مَا صَفَّ". يقال: دف الطائر في طيرانه: إذا حرَّك جناحيه، كأنه يضرب بهما دفّه، وصفّ إذا لم يتحرّك؛ كالجوارح. ¬
هذا الحديث، لم أر من خرَّجه، إلَّا أنّ الخطّابي ذكره في "غريب الحديث" (¬1) وفسَّرَه. 2749 - [6512]- حديث: "مَا مِنْ إنسَانٍ يَقْتُلُ عُصْفورًا ممَّا فَوْقَهَا بِغَيرِ حقها إلا سَأَلَه الله عَزَّ وَجَلَّ عنْهَا" قَال: وما حقها؟ قال: "يَذْبَحُهَا وَيَأْكُلُهَا, ولا يَقْطَعُ رَأْسَهَا فَيَطْرَحُهَا". الشافعي (¬2) وأبو داود (¬3) والحاكم (¬4) من حديث عبد الله بن عمرو، وقال: صحيح الإسناد. وأعله ابن القطان (¬5) بصهيب مولى ابن عامر الرّاوي عن عبد الله، فقال: لا يعرف حاله. [6513]- ورواه الشافعي (¬6) وأحمد (¬7) والنسائي (¬8) وابن حبان (¬9) عن عمرو ابن الشّريد، عن أبيه، مرفوعًا: بلفظ: "مَن قَتَلَ عُصْفُورًا عَبَثًا عَجَّ إلى الله يَوْمَ ¬
الْقِيَامَةِ يَقُول: إِنَّ فلاناَ قَتَلَنِي عَبَثًا وَلِمَ يَقْتلْنِي مَنْفَعَةً". 2750 - [6514]- حديث أبي موسى: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأكل الدّجاج. متفق (¬1) عليه في قصّة. 2751 - [6515]- حديث المغيرة بن شعبة: أكلت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحم حبارى. هذا الحديث وقع فيه تحريف من النّساخ، فقد وقع في نسخة: "عن شعبة"، والصواب: "عن سفينة"، ومن طريقه رواه أبو داود (¬2) والترمذي (¬3) وإسناده (¬4) ضعيف، ضعّفه العقيلي (¬5) وابن حبان (¬6). * حديث: أنّه - صلى الله عليه وسلم - قال في البحر: "هُو الطّهُور مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ". تقدم في "الطهارة". ¬
* حديث: أحلت لنا ميتتان ودمان ... تقدم في "باب النجاسات". 2752 - [6516]- حديث: أنّ طائفة من أصحاب النّبي - صلى الله عليه وسلم - أصابتهم المجاعة في غزاة، فلفظ البحر حيوانًا عظيمًا يسمّى العنبر، فأكلوا منه، ثم أخبروا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قدموا، فلم ينكر عليهم، وقال: "هَلْ حَمَلْتُمْ لي مِنْهُ؟ ". متفق عليه (¬1) من حديث جابر، قال: بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن ثلاثمائة راكب، وأميرنا أبو عبيدة بن الجراح، نرصد عيرا لقريش، فأقمنا بالساحل نصف شهر، وأصابنا جوع شديد ... فذكر الحديث بطوله، وله عندهما ألفاظ. وأما قوله في آخره: "هَلْ حَمَلْتُم لي مِنْه؟ "؛ فرواه البخاري (¬2) بلفظ: "أَطْعِمُونَا إِنْ كَان مَعَكُمْ"، فأتاه بعضهم بشيء فأكله. وفي رواية (¬3): "فَهَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ فَتُطْعِمُونَا؟ " قال: فأرسلنا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - منه فأكله. ¬
* قوله: ورد النهي عن أكل الضفدع. تقدم في "محرمات الإحرام". 2753 - قوله: وفي النهي عن قتل الوزغ دليل على تحريم أنواع الحشرات. هذا من أعجب المواضع التي وقعت لهذا المصنف مع جلالته؛ فإنه خلاف المنقول: [6517]- ففي "صحيح مسلم" (¬1) عن سعد بن أبي وقاص: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتل الوزغ وسماه فُوَيْسِقًا. [6518]- وللبخاري (¬2) ومسلم (¬3) عن أم شريك: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرها بقتل الأوزاغ. وفي الباب عدة أحديث، بل ورد الحديث بالترغيب في قتله: [6519]- ففي "صحيح مسلم" (¬4) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن قَتَل وَزَغَةً في أَوَّلِ ضَرْبَةٍ فَلَهُ كَذَا وَكَذا حَسَنَةً ... " الحديث. ولعله رحمه الله أراد أن يكتب: "وفي الأمر بقتله" فكتب: "وفي النّهي عن قتله". ¬
ووقع في "صحيح ابن حبان" (¬1) ما يشعر بأن من العلماء من كره قَتل الأوزاغ فإنه قال: "ذكر الأمر بقتل الأوزاغ ضدّ قول من كره قتلها"، ثم ساق حديث أمِّ شريك المتقدم. 2754 - [6520]- قوله: روى في الخبر أنّه -يعني القنفذ- من الخبائث قال: ويروى عن ابن عمر: أنَّه سئل عن القنفذ، فقرأ هذه الآية -يعني قوله: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا ...} الآية. فقال شيخ عنده: سمعت أبا هريرة يقول: ذكر القنفذ عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "خَبِيثَةٌ مِنَ الْخَبَائِثِ". فقال ابن عمر: إن كان النبي - صلى الله عليه وسلم - قاله فهو كما قال. قال القفال: إن صحّ الخبر فهو حَرام، وإلا رجعنا إلى العرب، والمنقول عنهم أنهم يستطيبونه. وقال غيره: هذا الشيخ مجهول فلم نر بقبول روايته. انتهى. وقد أخرجه أبو داود (¬2) من حديث عيسى بن نميلة -بالنون- عن أبيه، قال: كنت عند ابن عمر ... فذكره. قال الخطابي (¬3): ليس إسناده بذاك. ¬
وقال البيهقي (¬1): فيه ضعف، ولم يرو إلا بهذا الإسناد. 2714 - [6521]- حديث ابن عمر: أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن أكل الجلّالة، وشرب ألبانها، حتى تحبس. الحاكم (¬2) والدارقطني (¬3) والبيهقي (¬4) من حديث ابن عمرو بن العاص، نحوه وقال: حتى تُعلف أربعين ليلة. [6522]- ورواه أحمد (¬5) وأبو داود (¬6) والنسائي (¬7) والحاكم (¬8) من (¬9) حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده بلفظ: نهى عن لحوم الحمر الأهليّة، وعن الجلالة، وعن ركوبها. [6523]- ورواه أبو داود (¬10) والترمذي (¬11) وابن ماجه (¬12) من حديث عبد الله ابن عمر بن الخطاب: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن أكل لحوم الجلالة، وألبانها. ¬
ولأبي داود (¬1): أن يركب عليها، أو تشرب ألبانها. وهو عندهم من رواية ابن إسحاق، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد عنه. واختلف فيه على ابن أبي نجيح؛ فقيل: عنه، عن مجاهد، مرسلا. وقيل: عن مجاهد، عن ابن عباس. [6524]- ورواه البيهقي (¬2) من وجه آخر، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر. [6525]- ولحديث ابن عباس طريق أخرى؛ رواها أصحاب "السنن" (¬3) وأحمد (¬4) وابن حبان (¬5) والحاكم (¬6) والبيهقي (¬7) بلفظ: نهى عن أكل المجثّمة. وهي المصبورة للقتل -وعن أكل الجلالة، وشرب ألبانها. وفي رواية (¬8): والشرب من في السقا. صحّحه ابن دقيق العيد (¬9). ¬
[6526]- وروى الحاكم (¬1) والبيهقي (¬2) من حديث أبي هريرة النهي عن أن يشرب من في السقا، وعن المجثمة، والجلالة، وهي التي تأكل العذرة. إسناده قوي. 2755 - [6527]- حديث أبي سعيد الخدري: قلنا يا رسول الله، إنّا لننحر الإبل، ونذبح البقر والشاة، فنجد في بطنها الجنين، أفنلقيه أم نأكله؟ فقال: "كُلُوهُ إِنْ شِئْتمْ، فَإِنّ ذَكَاتَهُ ذَكَاةُ أُمّهِ". الترمذي (¬3) من طريق مجالد، عن أبي الوداك، عن أبي سعيد، بهذا. ورواه أبو داود (¬4) مثله، إلا أنّه قال: (النّاقة) بدل (الإبل). ورواه الدارقطني (¬5) بلفظ: "إذَا سَمَّيْتُم عَلَى الذَّبِيحَةِ فَإِنّ ذَكَاتَهُ ذَكَاةُ أمِّهِ". قال عبد الحق (¬6): لا يحتجّ بأسانيده كلّها. وخالف الغزّالي في "الإحياء" (¬7) فقال: هو حديث صحيح، وتبع في ذلك ¬
إمامَه (¬1)؛ فإنّه قال في "الأساليب": هو حديث صحيح، لا يتطرق احتمال إلى متنه، ولا ضعف إلى سنده. وفي هذا نظر، والحق أنّ فيها ما تنتهض به الحجة، وهو مجموع طرق حديث أبي سعيد، وطرق حديث جابر، على ما سيأتي بيانه. وقال ابن حزم (¬2): هو حديث واهٍ، فإنّ مجالدًا ضعيف، وكذا أبو الودّاك. قلت: قد رواه الحاكم (¬3) من حديث عبد الملك بن عمير، عن عطية، عن أبي سعيد. وعطية؛ وإن كان لين الحديث، فمتابعته لمجالد معتبرة. وأما أبو الوداك؛ فلم أر من ضعّفه، وقد احتج به مسلم (¬4)، وقال يحيى بن معين (¬5): ثقة. على أن أحمد بن حنبل قد رواه في "مسنده" (¬6) عن أبي عبيدة الحداد، عن يونس بن أبي إسحاق، عن أبي الوداك. فهذه متابعة قويّة لمجالد ومن هذا الوجه صححه ابن حبان (¬7) وابن دقيق العيد (¬8). ¬
وفي الباب: عن جابر، وأبي أمامة، وأبي الدرداء، وأبي هريرة. قاله الترمذي (¬1). وفيه أيضا: عن علي بن أبي طالب، وابن مسعود، وأبي أيوب، والبراء بن عازب، وابن عمر، وابن عباس، وكعب بن مالك. [6528]- أما حديث جابر؛ فرواه الدارمي (¬2) وأبو داود (¬3) بلفظ: "ذَكاةُ الْجنِين ذَكَاةُ أُمّهِ". وفيه عبيد الله بن أبي زياد القدّاح، عن أبى الزبير، والقداح ضعيف. ورواه الدارقطني (¬4) من طريق بن أبي ليلى، عن أبي الزبير، والحاكم (¬5) من طريق زهير بن معاوية، عن أبي الزبير. فهؤلاء ثلاثة رووه عن أبي الزبير، وتابعهم حماد بن شعيب، عن أبي الزبير، عند أبي يعلى (¬6)، ولو صح الطريق إلى زهير؛ لكان على شرط (¬7) مسلم، إلا أن راويه عنه استنكر أبو داود حديثه. [6529]- وأما حديث أبي أمامة وأبي الدرداء؛ فرواهما الطبراني (¬8) من طريق راشد بن سعد، عن أبي أمامة وأبي الدرداء جميعا، وفيه ضعف وانقطاع. ¬
[6530]- وأما حديث أبي هريرة؛ فرواه الدارقطني (¬1) من طريق عمر بن قيس عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن أبي هريرة. وعمر بن قيس ضعيف، وهو المعروف بسندل (¬2). وأخرجه الحاكم (¬3) من طريق أخرى، عن المقبري، عن أبي هريرة، والراوي له عن أبي سعيد المقبري حفيده عبد الله بن سعيد، وهو متروك. [6531]- وأما حديث علي؛ فأخرجه الدارقطني (¬4)، وفيه الحارث الأعور، والراوي عنه أيضًا ضعيف. [6532]- وأما حديث ابن مسعود؛ فرواه الدارقطني (¬5) بسند رجاله ثقات، إلا أحمد بن الحجّاج بن الصّلت، فإنه ضعيف جدا، وهو علته. [6533]- وأما حديث أبي أيوب؛ فرواه الحاكم (¬6) من طريق محمّد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أخيه عيسى، عن أبيه عبد الرّحمن، عن أبي أيوب. ومحمّد ضعيف. [6534]- وأمّا حديث البراء؛ فذكره البيهقي (¬7). وأمّا حديث ابن عمر؛ فله طرق منها: ¬
[6535]- ما رواه الحاكم (¬1) والطبراني في "الأوسط" (¬2) وابن حبان في "الضعفاء" (¬3) في ترجمة "محمد بن الحسن الواسطي"، عن محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر، مرفوعًا: "إذَا أَشْعَرَ الْجَنِينُ فَذَكَاتُهُ ذَكَاةُ أُمِّهِ". فيه عنعنة ابن إسحاق، ومحمد بن الحسن ضعّفه ابن حبّان. ورواه الخطيب في "الرواة عن مالك" عن أحمد بن عصام، عن مالك، عن نافع به، وقال: تفرد به أحمد بن عصام، وهو ضعيف. وهو في "الموطأ" (¬4) موقوف، وهو أصح، ولفظه: إذا نحرت النّاقة فذكاة ما في بطنها في ذكاتها، إذا كان قد تم خلقه، ونبت شعره، فإذا خرج من بطن أمّه ذبح، حتى يخرج الدم من جوفه. ورواه الطّبراني في "الأوسط" (¬5) في ترجمة " أحمد بن يحيى الأنطاكي" من حديث العمري، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعًا. وروي أيضًا من طريق مبارك بن مجاهد، عن ابن عمر. ومن طريق أيوب بن موسى (¬6) قال: ذكر عن ابن عمر. وقال ابن عدي (¬7): اختلف في رفعه ووقفه على نافع، ثم قال: ورواه أيوب. ¬
فائدة
وعدّد جماعة. عن نافع، عن ابن عمر، موقوفا، وهو الصحيح. [6536]- وأمّا حديث ابن عباس؛ فرواه الدارقطني (¬1) من حديث موسى بن عثمان الكندي، عن ابن إسحاق، عن عكرمة، عن ابن عباس بلفظ: "ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمَّهِ". وموسى مجهول. [6537]- وأما حديث كعب بن مالك؛ فرواه الطبراني في "الكبير" (¬2) من طريق إسماعيل بن مسلم، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب، عن كعب به. وإسماعيل ضعيف. وذكره ابن حبان في "الضعفاء" (¬3) فيما أُنكر على إسماعيل، وقال: إنما هو عن الزّهري قال: كان الصحابة. . . فذكره. وروى ابن حزم (¬4) من طريق سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن ابن كعب بن مالك، قال: كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقولون: ذكاة الجنين ذكاة أمه. [6538]- ورواه البيهقي (¬5) عن جماعة من الصحابة، موقوفا. والله أعلم. فائدة قال ابن المنذر: لم يرو عن أحد من الصحابة وسائر العلماء: أنّ الجنين لا يؤكل إلا باستئناف الذكاة فيه، إلا ما روي عن أبي حنيفة (¬6). ¬
2756 - [6539]- حديث: أنّ أبا طيبة حجم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأمر له بصاع من تمر، وأمر أهله أن يخففوا من خراجه. متفق عليه (¬1) من حديث أنس، وعندهما: بصاع أو صاعين. وفي رواية لأبي داود (¬2) مثل ما هنا (¬3). [6540]- وروى ابن حبان في "صحيحه" (¬4) من حديث جابر قال: أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا طيبة أن يأتيه مع غيبوبة الشمس، فأمره أن يضع المحاجم مع إفطار الصائم، [فَحجمه] (¬5) ثمّ سأله كم خراجه؟ فقال: صاعين، فوضع النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه صاعا. [6541]- وروى الطبراني (¬6) من حديث ابن عباس: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعث إلى أبي طيبة ليلًا فحجمه، وأعطاه أجره. 2757 - [6542]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - سئل عن كسب الحجّام، فنهى عنه وقال: "أَطْعِمْهُ رَقِيقَكَ وَاعْلِفْهُ نَاضِحَكَ". ¬
مالك (¬1) وأبو داود (¬2) والترمذي (¬3) وابن ماجه (¬4) من حديث محيصة. [6543]- وروى أحمد في "مسنده" (¬5) عن سفيان، عن أبي الزبير، عن جابر: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن كسب الحجّام؟ فقال: "اعْلِفْهُ نَاضِحَك". 2758 - [6544]- حديث: روي في الخبر: "إنّ مِنَ الذّنُوبِ مَا لَا يُكَفّرُهُ صَومٌ ولا صَلاةٌ، وَيُكفّرُه عِرْقُ الْجَبِين في الْحِرْفَةِ". الطبراني في "الأوسط" (¬6) والخطيب في "تلخيص المتشابه" (¬7) من طريق يحيى بن بكير، عن مالك، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة بلفظ: "إنَّ مِنَ الذُّنُوبِ ذنوبًا لَا يُكَفرُهَا الصَّلاةُ وَلا الْوُضُوءُ وَلا الْحَجُّ وَلَا الْعُمرَةُ" قيل: فما يكفرها؟ قال: "يُكَفرُهَا الْهُمُومُ في طَلَبِ الْمَعِيشَةِ". وإسناده إلى يحيى واهٍ. * حديث: "كسْرُ عِظَامِ الْمَيّت كَكَسْرِ عِظَامِ الْحَيِّ". تقدم في آخر "كتاب الغصب". ¬
2759 - [6545]- حديث: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر الرهط العُرَنِيِّين أن يشربوا من أبوال الإبل. متفق عليه (¬1) من رواية أنس، وله طرق وألفاظ. وفي "الصحيح" لمسلم: أنهم كانوا ثمانية. ووقع في "مصنف عبد الرزاق" (¬2) بإسناد ضعيف جدًّا: أنهم كانوا من بني فزارة. وقال ابن الطلاع: روي في حديث آخر: أنهم كانوا من بني سليم. قلت: لم أر لذلك إسنادا. * حديث: أنّه - صلى الله عليه وسلم -: "مَا جَعَل الله شفَاءَكُمْ فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ". تقدم في "حد الشرب". 2760 - قوله: إذا استضاف مسلم -لا اضطرارَ بِه- مسلمًا، لم تجب عليه ضيافته، والأحاديث الواردة في الباب محمولة على الاستحباب. انتهى. فمن الأحاديث: ¬
* حديث أبي شريح: "الضِّيَافَةُ ثَلاَثةُ أَيَّامٍ. . .". تقدم في "الجزية". [6546]- وحديث أبي هريرة مثله. رواه أبو داود (¬1) والحاكم (¬2) بسند صحيح. [6547]- وحديث المقدام بن معدي كرب: "لَيلَةُ الضّيفِ حَقٌّ عَلَى كُلَّ مُسْلِمٍ فَمَن أَصْبَحَ بِبَابِهِ فَهُوَ دَيْنٌ عَلَيْهِ، إن شَاءَ اقْتَضَى وَإنْ شَاءَ تَرَكَ". رواه أبو داود (¬3) وإسناده على شرط الصحيح. [6548]- وله (¬4) من حديثه: "أَيّما رَجُلٍ أَضَافَ قوْمًا فَأَصْبَح الضيْفُ مَحْرُومًا فَإنَّ نَصْرَهُ حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ حَتَّى يَأْخُذَ لَيْلَةً مِنْ مَالِهِ". وإسناده صحيح أيضا. [6549]- وحديث عقبة بن عامر: قلنا: يا رسول الله، إنك تبعثنا، فننزل بقومٍ فلا يقرونا، فما ترى؟ فقال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنْ نَزَلْتُمْ بِقَوْمٍ فَأَمَرُوا لَكُمْ بِمَا يَنْبَغِي لِلضيْفِ فَاقْبَلُوهُ، فَإنْ لَمْ يَفْعَلوا فَخُذُوا [مِنْهم] (¬5) حَقَّ الضيْفِ الَّذي يَنْبَغِي لَهُمْ". رواه مسلم (¬6). ¬
[6550]- وفي "الأوسط" (¬1) عن شقيق بن سلمة، قال: دخلنا على سلمان فدعا بما كان في البيت، وقال: لولا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهانا عن التكلف للضّيف لتكلّفت لكم. * قوله: وردت أخبار في النّهي عن الطين الذي يؤكل، ولا يثبت منها شيء. قلت: جمع أبو القاسم (¬2) ابن منده في ذلك جزءًا، فيه أحاديث ليس فيها ما يثبت، وعقد لها البيهقي (¬3) بابًا وقال: لا يصح منها شيء، وروى فيها: [6551]- عن ابن عباس: "مَنِ انْهَمَك عَلَى أَكْلِ الطِّينِ فَقَد أَعَانَ عَلَى قَتْلِ نَفْسِهِ". وفي إسناده عبد الله بن مروان ضعفه ابن عدي (¬4) وابن حبان (¬5). [6552]- وعن أبي هريرة مثله (¬6). وفيه: سهل بن عبد الله المروزي، قال العقيلي (¬7): صاحب مناكير. ¬
قال البيهقي (¬1): وقيل لعبد الله بن المبارك: حديث "إنَّ أَكْلَ الطَّينِ حَرَامٌ"؟ فأنكره. * حديث مجاهد: أنهم كانوا يكرهون ما يأكل الجيف -يعني الصحابة. تقدم. 2761 - [6553]- حديث أبي بكر: ما في البحر من شيء إلاّ قد ذكاه الله لكم. البيهقي (¬2) من حديث حماد بن سلمة، عن عمرو بن دينار: سمعت شيخًا يكنى أبا عبد الرحمن: سمعت أبا بكر يقول:. . . فذكره. ورواه أبو عبيد في "كتاب الطهور" (¬3) من طريق أبي الزبير، عن عبد الرحمن مولى بني مخزوم: أن أبا بكر الصديق قال. . . فذكره. [6554]- وروى البيهقي (¬4) من طريق شريك، عن ابن أبي بشر، عن عكرمة، عن ابن عباس: سمعت أبا بكر يقول: إن الله ذكّى لكم صيد البحر. 2762 - قوله: وكان الصحابة يكتسبون بالتجارة. ¬
قلت: منها: [6555]- حديث عمر: ألهاني الصّفق بالأسواق، في "الصحيحين" (¬1). [6556]- وفي البخاري (¬2) منها: حديث أبي هريرة: أما إخواني من المهاجرين فكان يشغلهم الصفق بالأسواق. . . الحديث. [6557]- وروى الزبير بن بكار في آخر "كتاب الفكاهة والمزاح" له من حديث أمّ سلمة في قصة سويبط بن حرملة والنعمان: أنّ أبا بكر خرج في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - تاجرًا إلى بصرى. **** ¬
(77) كتاب السبق والرمي
(77) كتابُ السَّبْقِ والرَّمِي
2763 - [6558]- حديث ابن عمر: أنّ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - سابق بين الخيل التي قد ضُمِّرت من الحفيا إلى ثنية الوداع، وسابق بين الخيل التي لم تضمر من الثنية إلى مسجد بني زريق. متفق عليه (¬1). 2764 - [6559]- قوله: ويقال: إنّ بينهما خمسة أميال أو ستة. هو في البخاري (¬2) من قول سفيان. 2765 - [6560]- حديث: روي أنّ العضباء ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت لا تسبق، فجاء أعرابي على قعود له فسبقها، فاشتدّ ذلك على المسلمين، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ حقًّا عَلى الله أَنْ لَا يَرْفَع شَيئًا مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا وَضَعَه". البخاري (¬3) من حديث حميد عن أنس. ¬
2766 - [6561]- حديث سلمة بن الأكوع: خرج النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - على قوم من أسلم يتناضلون في السوق، فقال: "ارْمُوا بَنِي إِسْمَاعِيلَ فَإِنَّ أَبَاكمْ كَانَ رَامِيًا". متفق عليه (¬1). 2728 - [6562]- حديث عقبة بن عامر في الرمي. رواه الحاكم (¬2) وأصله في "الصحيحين" (¬3). 2767 - [6563]- حديث أبي هريرة: "لَا سَبَقَ إلَّا في خُفٍّ أَوْ نَصْلٍ أَوْ حَافِرٍ". أحمد (¬4) وأصحاب "السنن" (¬5) والشافعي (¬6) والحاكم (¬7) من طرق. ¬
تنبيه
وصححه ابن القطان (¬1) وابن دقيق العيد، وأعل الدارقطني (¬2) بعضها بالوقف. [6564]- ورواه الطبراني (¬3) وأبو الشيخ من حديث ابن عباس. تنبيه قوله: لا سَبَق -هو بفتح السّين والباء الموحدة مفتوحة أيضًا-: ما يجعل للسّابق على سبقه من جُعْلٍ. قاله الخطابي (¬4) وابن الصلاح وحكى ابن دريد (¬5) فيه الوجهين (¬6). 2768 - [6565]- قوله: روي أنّ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم- قال: "رِهَانُ الْخَيْلِ طَلْقٌ". أي حلال. أبو نعيم في "معرفة الصحابة" (¬7) من طريق يزيد بن عبد الرحمن، عن يحيى ابن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة (¬8)، عن أمّه حُميدة أو عُبيدة، عن أبيها، بهذا ¬
قال أبو نعيم: اسم أبيها رفاعة بن رافع. 2769 - [6566]- حديث عثمان: أنّه قيل له: أكنتم تراهنون على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: نعم. لم أره من حديث عثمان. [6567]- ورواه البيهقي (¬1) من طريق سليمان بن حرب، عن حماد بن زيد، أو سعيد بن زيد، عن واصل مولى أبي عيينة، حدثني موسى بن عبيد قال: كنا في الحجر بعد ما صلينا الغداة، فلما أسفرنا إذا فينا عبد الله بن عمر، فجعل يستقرينا رجلا رجلا يقول: صليت يا فلان، قال: يقول ههنا، حتى أتى عليّ فقال: أي صليت يا ابن عبيد؟ قلت: ههنا. فقال: بخ بخ ما نعلم صلاة أفضل عند الله من صلاة الصبح جماعة يوم الجمعة، فسألوه أكنتم تراهنون على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم-؟ قال: نعم، لقد راهن على فرس يقال لها سَبْحَة، فجاءت سابقة. [6568]- ورواه أحمد (¬2) والدارمي (¬3) والدراقطني (¬4) والبيهقي (¬5) من حديث أبي لبيد: أتينا أنس بن مالك، فقلنا: أكنتم تراهنون على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم، لقد راهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على فرس يقال لها: سبحة جاءت ¬
سابقةً، فَبَهِش لذلك وأعجبه. 2770 - [6569]- قوله: سَبْحَة، من قولهم: فرس سَبَّاخ، إذا كان حسن مد اليدين في الجري. وقوله: فَبَهِش -بالباء الموحدة والشين المعجمة-: أي هَشّ وفَرِح. 2771 - [6570]- حديث: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تسابق هو وعائشة. الشّافعي (¬1) وأبو داود (¬2) والنّسائي (¬3) وابن ماجه (¬4) وابن حبّان (¬5) والبيهقي (¬6) من حديث هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: سابقت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسبقته، فلما حملت اللّحم سابقته فسبقني، فقال: "هَذِهِ بِتِلْكَ". واختلف فيه على هشام؛ فقيل: هكذا. وقيل: عن رجل، عن أبي سلمة. وقيل: عن أبيه، وعن أبي سلمة، عن عائشة. 2772 - [6571]- حديث: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صارع ركانةَ على شياه. ¬
أبو داود (¬1) والترمذي (¬2) من حديث أبي الحسن العسقلاني، عن أبي جعفر بن محمد بن ركانة: أن ركانة صارع النّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، قال ركانة: وسمعت النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: "فَرْقُ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ أَهْلِ الْكِتَابِ الْعَمَائِمُ عَلى الْقَلَانِسِ". وقال الترمذي: غريبٌ وليس إسناده بالقائم. [6572]- وروى أبو داود في "المراسيل" (¬3) عن سعيد بن جبير قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالبطحاء، فأتى عليه يزيد بن ركانة أو ركانة بن يزيد، ومعه أعنز له، فقال له: يا محمّد، هل لك أن تصارعني، قال: "مَا تَسْبِقُنِي؟ " قال: شاة من غنمي، فصارعه فصرعَه، فأخذ شاةً، فقال ركانة: هل لك في العود؟ ففعل ذلك مرارًا فقال: يا محمد والله ما وضع جنبي أحد إلى الأرض، وما أنت بالذي تصرعني، -يعني فأسلم (¬4) - فردّ عليه النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - غنمه. إسناده صحيح إلى سعيد بن جبير، إلا أنّ سعيدًا لم يدرك ركانة. قال البيهقي (¬5): وروي موصولا. قلت: هو في "أحاديث أبي بكر الشافعي" وفي "كتاب السبق والرمي" (¬6) لأبي الشّيخ من رواية عبد الله بن يزيد المقرئ، عن حماد، عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مطوّلًا. ¬
تنبيه
[6573]- ورواه أبو نعيم في "معرفة الصحابة" (¬1) من حديث أبي (¬2) أمامة مطوّلا، وإسناداهما ضعيفان. [6574]- وروى عبد الرزاق (¬3)، عن معمر، عن يزيد بن أبي زياد -أحسبه عن عبد الله بن الحارث- قال: صارع النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - أبا ركانة في الجاهلية، وكان شديدًا فقال: شاة بشاة، فصرعه النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: عاودني في أخرى، فصرعه النّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: عاودني، فصرعه الثالثة، فقال أبو ركانة: ماذا أقول لأهلي شاة أكلها الذئب، وشاة نشزت، فما أقول في الثالثة؟ فقال النّبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَا كُنَّا لِنَجْمَعَ عَلَيْكَ أَنْ نَصْرَعَك وَنغَرِّمَكَ، خُذْ غَنَمَكَ". هكذا وقع فيه: "أبو ركانة"، وكذا أخرجه أبو الشيخ (¬4) من طريقه، ويزيد فيه ضعف، والصواب: ركانة. تنبيه قال الحافظ عبد الغني بن سعيد: ما روي من مصارعة النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - أبا جهل لا أصل له، وحديث ركانة أمثل ما روي في مصارعة النّبيّ - صلى الله عليه وسلم -. 2773 - [6575]- حديث: "مَنْ أَدْخَلَ فَرَسًا بَينَ فَرَسَيْنِ وَقَدْ أَمِنَ أنْ يَسْبِقَهُمَا فَهُوَ قِمَارٌ، وإن لَمْ [يَأمَن] (¬5) أنْ يَسْبقَهُمَا فَلَيْسَ بِقمَارٍ" ¬
أحمد (¬1) وأبو داود (¬2) وابن ماجه (¬3) والحاكم (¬4) والبيهقي (¬5) وابن حزم (¬6) وصحَّحه من حديث أبي هريرة. قال الطبراني في "الصغير" (¬7): تفرَّد به سعيد بن بشير، عن قتادة، عن سعيد ابن المسيب، وتفرد به عنه الوليد، وتفرد به عنه هشام بن خالد. قلت: رواه أبو داود: عن محمود بن خالد، عن الوليد، لكنه أبدل قتادة بالزهري (¬8). ورواه أبو داود (¬9) وباقي من ذُكِر قَبْلُ من طريق سفيان بن حسين، عن الزهري. وسفيان هذا ضعيف في الزهري، وقد رواه معمر، وشعيب، وعقيل عن الزهري، عن رجال من أهل العلم. قاله أبو داود (¬10)، قال: وهذا أصح عندنا. ¬
تنبيه
وقال أبو حاتم (¬1): أحسن أحواله أن يكون موقوفًا على سعيد بن المسيب، فقد رواه يحيى بن سعيد، عن سعيد قولَه. انتهى. وكذا هو في "الموطأ" (¬2) عن الزهري، عن سعيدٍ قولَه. وقال ابن أبي خيثمة: سألت ابن معين عنه؟ فقال: هذا باطل، وضرب على أبي هريرة. وقد غَلَّط الشّافعي (¬3) سفيانَ بن حسين في روايته عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة حديثَ: "الرَّجْلُ جُبَارٌ" (¬4). وهو بهذا الإسناد أيضًا. تنبيه وقع في "الحلية" (¬5) لأبي نعيم من حديث الوليد، عن سعيد بن عبد العزيز، عن الزهري. وقوله: "ابن عبد العزيز" خطأ، قال الدارقطني (¬6): والصّواب سعيد بن بشير. كما عند الطبراني والحاكم. وحكى الدارقطني في "العلل" (¬7): أنّ عبيد بن شريك رواه عن هشام بن عمّار ¬
عن الوليد، عن سعيد بن بشير، عن قتادة، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة، وهو وهم أيضًا، فقد رواه أصحاب هشام، عنه، عن الوليد، عن سعيد، عن الزهري. قلت: وقد رواه عبدان، عن هشام، مثل ما قال عبيد؛ أخرجه ابن عدي (¬1) عنه، وقال: إنّه غلط، فتبيّن بهذا أنّ الغلط فيه من هشام، وذلك أنّه تغيّر حفظه في الآخر. 2774 - [6576]- حديث: روي أنّ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - سابق بين الخيل وجعل بينهما سَبَقا. ابن حبان (¬2). وابن أبي عاصم (¬3) في "الجهاد" من حديث عاصم بن عمر، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، به. وزاد: وجعل بينهما محلّلًا. ورواه ابن أبي عاصم من طريق عاصم بن عمر (¬4) هذا، عن نافع، عن ابن عمر. وعاصم هذا ضعيف، واضطرب فيه رأي ابن حبان، فصحّح حديثَه تارةً، وقال في "الضّعفاء" (¬5): لا يجوز الاحتجاج به. ¬
وقال في "الثقات" (¬1): يخطيء ويخالف. [6577]- وفي الكتاب المترجَم لأبي إسحاق الجوزجاني (¬2)، وابن أبي عاصم في "الجهاد" من طريق أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لَا جَلَبَ وَلَا جَنَبَ، وَاِذَا لَمْ يُدْخِل الْمُتَرَاهِنَان فَرَسًا يَسْتَبِقَانِ عَلَى السَّبَقِ بِهِ فَهُوَ حَرَامٌ". وفي إسناده رجل مجهول. [6578]- وروى أحمد (¬3) وابن أبي عاصم من حديث نافع، عن ابن عمر: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سابق بين الخيل وراهن. وهو أقوى من الّذي قبله، ويدل على أنّه لا يشترط المحلّل. [6579]- وكذا أخرج أحمد (¬4) حديث أنس: لقد راهن رسول الله على فَرَسٍ يقال له سبحة، فسبق الناس، فبهش لذلك وأعجبه. * حديث: روي: أنّ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - مرّ بحزبين من الأنصار يتناضلون، وقد سبق أحدهما الآخر، فأقرّهما على ذلك. [يأتي] (¬5). ¬
2775 - [6580]- قوله: وقد روي عن بعض أصحاب النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنّه قيل له: كيف كنتم تقاتلون العدوّ؟ فقال: إذا كانوا على مائتين وخمسين ذراعا قاتلناهم بالسِّهام، ثم بالحجارة، وإذا كانوا على أقلّ من ذلك قاتلناهم بالسّيف. الطبراني (¬1) وأبو نعيم في "المعرفة" (¬2) من طريق حسين بن السائب بن أبي لبابة، عن أبية، قال: لما كان ليلة بدر، قال النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - لمن معه: "كيف تقاتلون؟ " فقام عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح، فأخذ القوس وأخذ النبل، فقال: أي رسول الله، إذا كان القوم قريبًا من مائتي ذراع أو نحو ذلك كان الرمي بالقسي، وإذا دنا القوم حتّى تنالهم الحجارة كانت المراضخة (¬3)، فإذا دنوا حتى تنالهم الرّماح كانت المداعسة، حتى تنقصف الرّماح، ثمّ كانت المجالدة بالسيوف، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "بِهَذا أُنْزِلَتِ الْحَرْبُ، مَنْ قَاتَلَ فَلْيُقَاتِلْ قِتَالَ عَاصِمٍ". السّياق لأبي نُعيم. 2776 - [6581]- قوله: رووا: أنّه لم يرم إلى أربعمائة إلّا عقبة بن عامر. لم أر هذا. ¬
2777 - [6582]- حديث: "مَا بَيْنَ الْهَدَفَيْنِ رَوْضَةٌ مِن رَياضِ الْجَنَّة". لم أجده هكذا إلّا عند صاحب "مسند الفردوس" (¬1) من جهة ابن أبي الدنيا بإسناده، عن مكحول، عن أبي هريرة، رفعه: "تَعَلَّمُوا الرَّمْيَ؛ فَإنَّ مَا بَيْنَ الْهَدَفَيْنِ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةَ". وإسناده ضعيف مع انقطاعه. [6583]- وروى البيهقي (¬2) من حديث جابر بلفظ: "وَجَبَتْ مَحَبَّتِي عَلَى مَنْ سَعَى بَيْنَ الْغَرَضَيْنِ". [6584]- وفي "سنن سعيد بن منصور" (¬3) عن إبراهيم بن يزيد التيمي، عن أبيه، قال: رأيت حذيفة بالمدائن يشتَدّ بين الهدفين. [6585]- وروى الطبراني في "فضل الرمي" من طريق سعيد بن المسيب، عن أبي ذر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن مَشَى بَيْنَ الْغَرَضَيْنِ كَان لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ حَسَنَةٌ". 2778 - [6586]- حديث: أنّه - صلى الله عليه وسلم - مَرّ بحزبين من الأنصار يتناضلون فقال: "أَنَا مِنَ الْحِزْبِ الَّذِي فِيهِ ابنُ الأَدْرَعِ". لم أره هكذا، وإنما هذا: ¬
فائدة
[6587]- حديث سلمة بن الأكوع: أنّ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - مَرّ على ناس من أسلم يتناضلون، فقال: "ارْمُوا وَأَنَا مَع ابْنِ الأَدْرَعِ. . ." الحديث. وفيه: "ارْمُوا وَأَنَا مَعَكُمْ كُلِّكُمْ". وقد تقدم، وهو متفق عليه (¬1). وفي رواية للحاكم (¬2) والبيهقي (¬3): ولقد رموا عامّة يومهم، ثم تفرّقوا على السّواء ما نضل بعضهم بعضا. [6588]- ورواه الحاكم أيضا (¬4) من حديث ابن عباس. [6589]- ورواه هو (¬5) وابن حبان (¬6) من حديث أبي هريرة، بلفظ: خرج النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - وقوم من أسلم يرمون، فقال: "ارْمُوا بَنِي إِسمَاعِيلَ فَإنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا، ارْمُوا وَأَنَا مَعَ ابنِ الأَدْرَعِ"، فَأَمْسَكَ الْقَوْمُ فَقَالُوا: يا رَسُولَ الله مَنْ كُنْتُ مَعه غَلب. قال: "ارْمُوا وَأَنَا مَعَكُمْ كُلكُمْ". فائدة اسم ابن الأدرع: محجن، سَمّاه ابن أبي خيثمة في روايته من طريق ابن إسحاق، عن سفيان بن فروة الأسلمي، عن أشياخ من قومه من أصحاب النّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: مَرّ بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن نتناضل، فينا محجن بن ¬
الأدرع. . . الحديث. وليس في طريق من طرقهم: أنهم من الأنصار. * حديث: "لَا جَلَبَ وَلَا جَنَبَ في الرِّهَان". تقدم في "الزكاة". ومن طرقه الّتي لم تتقدم الدالة على أنّه في الرّهن: [6590]- ما رواه ابن أبي عاصم في "الجهاد" من حديث الأعرج، عن أبي هريرة بلفظ: "لَا جَلَبَ وَلَا جَنَبَ، وَإِذَا أَدْخَلَ الْمُرْتَهِنَان فَرَسًا يَسْتَبِقَانِ عَلَى سَبَقِهِ فَهُو حَرَامٌ". وقد تقدم أنّ الجوزجاني أخرجه أيضا، ولا دلالة فيه لاحتمال افتراق الحكمين. 2779 - [6591]- حديث: "مَن أَجْلَبَ عَلَى الْخَيْلِ يَوْمَ الرِّهَانِ فَلَيْس مِنَّا". ابن أبي عاصم والطبراني (¬1) من حديث ابن عباس، وإسناد ابن أبي عاصم لا بأس به. 2780 - [6592]- حديث عمر: "عَلِّمُوا أَوْلَادَكُمُ الرَّمْيَ وَالْمَشْيَ بَيْنَ الْغَرَضَيْنِ". لم أجده هكذا. ¬
[6593]- وفي ابن حبان (¬1) والبيهقي (¬2) من طريق شعبة، عن عاصم، عن أبي عثمان: أتانا كتاب عمر ونحن مع عتبة بن فرقد بأذربيجان. . . فذكر الحديث، وفيه: "وارْمُوا الأَغْرَاضَ وامْشُوا بَيْنَ الْهَدَفَيْنِ". [6594]- وروى البيهقي (¬3) بإسنادٍ ضعيفٍ عن أبي رافع رفعه: "حَقّ الْوَلَدِ عَلَى الْوَالِدِ أنْ يَعَلِّمَه الْكِتَابَةَ والسِّبَاحَةَ وَالرَّمْيَ". 2781 - قوله: ويروى الرَّمْي بين الغرضين عن عقبة بن عامر، وابن عمر، وأنس. انتهى. [6595]- أما حديث عقبة بن عامر؛ فرواه مسلم (¬4) من طريق عبد الرّحمن بن شماسة المهري: أنِّ رجلا قال لعقبة بن عامر: تختلف بين هذين الغرضين وأنت كبير يشقّ عليك؟ فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "مَنْ عَلِمَ الرَّمْيَ ثُمَّ تَرَكَهُ فَلَيْسَ مِنَّا". [6596]- وأمّا حديث ابن عمر؛ فَرواه الطَّبراني (¬5) وسعيد بن منصور (¬6)، من طريق مجاهد، قال: رأيت ابن عمر يشتدّ بين الغرضين، ويقول: [أنا] (¬7) بها ¬
فائدة
وإسناده حسن. [6597]- وأما حديث أنس؛ فأخرجه الطّبراني في "كتاب الرَّمي" -بسند صحيح- عن ثمامة بن عبد الله بن أنس قال: كان أنس يجلس ويطرح له الفراش ويرمي ولده بين يديه، فخرج علينا يوما ونحنُ نرمي فقال: يا بني بئس، ما ترمون، ثمّ أخذ القوس فرمى فما أخطأ القرطاس. وروّيناه بعلوّ في "جزء الأنصاري" (¬1). فائدة [6598]- روى النّسائي (¬2) من حديث عطاء بن أبي رباح: رأيت جابر بن عبد الله وجابر بن عمير الأنصاري يرميان، فمَلّ أحدهما فجلس، فقال الآخر: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "كُل شَيْءٍ لَيْسَ مِنْ ذِكْرِ الله فَهُوَ لَغْوٌ وَسَهْوٌ إلَّا أَرْبَع خِصَالٍ؛ مَشْيُ الرَّجُلِ بَيْنَ الْغَرَضَيْنِ، وَتَأْدِيبُ فَرَسِهِ، وَملَاعَبَتُه أَهْلَه، وَتَعْلِيمُ السِّبَاحَةِ". **** ¬
(78) كتاب الأيمان
(78) كَتابُ الأيمان
2782 - [6599]- حديث: أنّه - صلى الله عليه وسلم - قال: "وَالله لأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا". وفي رواية: قال ذلك ثلاثا، ثُمّ قَال في الثالثة. "إنْ شَاء الله". وأعاده في موضع آخر. ابن حبان (¬1) من حديث مسعر (¬2)، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس مثله إلا أنه قال في آخره: ثمّ سكت، فقال: "إنْ شَاءَ الله". ورواه أبو داود (¬3) من حديث عكرمة مرسلا. ورواه البيهقي (¬4) موصولا ومرسلًا. قال ابن أبي حاتم في "العلل" (¬5) عن أبيه: الأشبه إرساله. وقال ابن حبان في "الضعفاء" (¬6): رواه مسعر وشريك، عن سماك أرسلاه مرَّةً، ووصلاه أخرى. 2783 - [6600]- حديث ابن عمر: كان النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - كثيرًا ما يحلف فيقول: "وَلَا، وَمُقَلِّب الْقُلُوبِ". ¬
مالك (¬1) والبخاري (¬2) وأصحاب "السنن" (¬3) وله ألفاظ. 2784 - [6601]- حديث: أنّه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا اجتهد في اليمين فقال: "لا، والَّذِي نَفُس أَبِي الْقَاسِمِ بِيَدِهِ -أو- نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ". أحمد (¬4) وأبو داود (¬5) من رواية أبي سعيد باللّفظ الثّاني، وبلفظ: "والّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ". 2785 - [6602] حديث: "الْكَبَائِرُ الإِشْرَاكُ بِاللهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ". البخاري (¬6) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، بهذا. [6603]- ورواه الترمذي (¬7) وابن حبان (¬8) والحاكم (¬9) من حديث عبد الله بن ¬
أنيس الجهني، بلفظ: "مِن أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ" ولم يذكر: "قتل النفس"، وزاد: "مَا حَلَف حَالِفٌ بِالله يَمِينَ صَبْرٍ [فأدخل فِيهَا] (¬1) مِثْلَ جُنَاحِ الْبَعُوضَةِ إلَّا جَعَلَها الله في قَلْبِهِ كَيَّةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ". 2786 - [6604]- حديث: "الْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ". البيهقي (¬2) من حديث ابن عباس: أنّ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "لَو أُعْطِي النَّاسُ بِدَعْوَاهمْ لادَّعَى رِجَالٌ دِمَاءَ قَوْمٍ وَأَمْوَالَهِمْ، وَلكِن الْبَيِّنَة عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ". وهو في "الصحيحين" (¬3) بلفظ: "وَلكِن الْيَمِين عَلَى المدَّعَى عَلَيْهِ". وسيأتي في "الدعاوى". 2787 - [6605]- حديث عائشة مرفوعا وموقوفا: "إنَّ لَغْوَ الْيَمِينِ: لَا وَاللهِ، وَبَلَى وَالله". أبو داود (¬4) والبيهقي (¬5) وابن حبان (¬6) من حديث عطاء بن أبي رباح عنها: أنَّ ¬
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَال في اللّغو: "هُو قَولُ الرَّجُلِ في بيته (¬1) كَلَّا والله، وَبَلى وَالله". قال أبو داود: رواه غير واحد عن عطاء، عنها موقوفا. وصحّح الدارقطني الوقف. ورواه البخاري (¬2) والشافعي (¬3) ومالك (¬4) عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة موقوفا. ورواه الشافعي (¬5) من حديث عطاء أيضًا موقوفًا. * حديث البراء بن عازب: أن النّبي - صلى الله عليه وسلم - أمرهم بسبع. . . فذكر منها: إبرار القسم. متفق عليه، وقد تقدم في "السير": * حديث: "لأَغَزْوُنَّ قُرَيْشًا". تقدم في أول الباب. 2788 - [6606]- حديث: أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَقَال: إن شَاء الله لَمْ يَحْنَثْ". ¬
الترمذي (¬1) واللفظ له، والنسائي (¬2) وابن ماجه (¬3) وابن حبان (¬4) من حديث عبد الرزاق عن معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعا بهذا. قال البخاري فيما حكاه الترمذي (¬5): أخطأ فيه عبد الرزاق، اختصره من حديث: "إنّ سُلَيْمان بن دَاوُدَ قَال: لأَطُوفَنَّ اللَّيلَةَ عَلى سَبْعِينَ امْرَأَةً. . .". الحديث، وفيه: فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لَوْ قَالَ إِنْ شَاءَ الله لَمْ يَحْنَثْ"، وهو عنده بهذا الإسناد. قلت: هو في "الصحيحين" (¬6) بتمامه. [6607]- وله طريق أخرى؛ رواها الشافعي (¬7) وأحمد (¬8) وأصحاب "السنن" (¬9) وابن حبان (¬10) والحاكم (¬11) من حديث ابن عمر بلفظ: "مَن حَلَفَ ¬
فَاسْتَثْنَى، فَإِنْ شَاءَ مَضَى، وَإنْ شَاءَ تَرَكَ مِنْ غَيْرِ حِنْثٍ"، لفظ (¬1) النسائي. و [لفظ] (¬2) الترمذي فقال: "إنْ شَاءَ الله، فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ". ولفظ الباقين: "فَقَدِ اسْتَثْنَى". قال الترمذي: لا نعلم أحدًا رفعه غير أيوب السّختياني. وقال ابن علية: كان أيوب تارة يرفعه، وتارة لا يرفعه. قال: ورواه مالك وعبيد الله بن عمر (¬3) وغير واحد موقوفًا. قلت: هو في "الموطأ" (¬4) كما قال. وقال البيهقي (¬5): لا يصح رفعه إلّا عن أيوب، مع أنّه [يشكّ] (¬6) فيه، وقد تابعه على رفعه العُمري عبد الله، وموسى بن عقبة، وكثير بن فرقد (¬7)، وأيوب ابن موسى (¬8). 2789 - [6608]- حديث: "لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ وَلَا بِأُمَّهَاتِكمْ وَلَا تَحْلِفُوا إلَّا بِالله". ¬
أبو داود (¬1) والنسائي (¬2) وابن حبان (¬3) والبيهقي (¬4) من حديث أبي هريرة، بلفظ: "لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ وَلَا بِأُمَّهَاتِكُمْ، وَلَا بِالأَنْدَادِ، وَلَا تَحْلِفوا بِالله إلَّا وَأَنْتُمْ صَادِقُونَ". [6609]- وفي "الصحيحين" (¬5) عن ابن عمر رفعه: "مَن كَانَ حَالِفًا فَلَا يَحْلِفْ إلَّا بِالله". الحديث. 2790 - [6610] حديث: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أدرك عمر بن الخطّاب وهو يسير في ركب، فسمعه وهو يحلف [بأبيه] (¬6)، فقال: "إنّ الله يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، فَمَن كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِالله أَوْ لِيَصْمُتْ"، قال عمر: فما حلفت بها بعد ذلك ذاكرًا ولا اَثرًا -أي حاكيا عن غيري-. متفق عليه (¬7). ¬
* حديث: أنّه - صلى الله عليه وسلم - قال للأعرابي الّذي قال: لا أزيد عليها ولا أنقص: "أَفْلَحَ -وَأَبِيهِ- إنْ صَدَقَ" (¬1). متفق عليه من حديث طلحة كما تقدم في "الصيام". 2791 - [6611]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم- قال: "مَن حَلَف بِغَيرِ الله فَقَد كفَر". أبو داود (¬2) والحاكم (¬3) واللفظ له، من حديث سعد بن عبيدة، عن ابن عمر بهذا. وفي رواية له أيضا (¬4): "كل يَمِينٍ يُحْلَفُ بِها دُونَ الله شِرْكٌ". 2792 - قوله: وروي أنّه قال: ". . . فَقَدْ أَشْرَكَ". هو عند أحمد (¬5) من هذا الوجه، وكذا عند الحاكم. ورواه الترمذي (¬6) وابن ¬
حبان (¬1) من هذا الوجه أيضًا بلفظ: "فَقَدْ كَفَرَ أو أَشْرَكَ". قال البيهقي (¬2): لم يسمعه سعد بن عبيدة من ابن عمر. قلت: قد رواه شعبة، عن منصور، عنه، قال: كنت عند ابن عمر. ورواه الأعمش عن سعد، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن ابن عمر (¬3). * حديث: أنّه - صلى الله عليه وسلم - قال في حديث ركانة: "آلله مَا أَرَدْتَ إلا وَاحِدَةً". تقدم في "الطلاق". قال الرافعي: ذكره صاحب "البيان" بالرّفع، والرّوياني بالجرّ. قلت: لم يقع في شيء من نُسخ كتب الحديث مضبوطًا بالحروف، ووقع في أصل جيِّدٍ من "مسند أحمد" بالنّصب (¬4) لكن الجر (¬5) هو المعتمد، ويدلّ على ذلك (¬6) رواية الترمذي بلفظ: فقال: "والله؟ " قلت: والله. . 2793 - [6612]- قوله: روي أنّه - صلى الله عليه وسلم - قال لابن مسعود: "آلله قَتَلْتَ أَبَا جَهْل" بالنصب. ¬
قلت: لم أره بالنصب، بل رواه أحمد (¬1) والطبراني (¬2) من طريق أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه، في قصة قتله أبا جهل، قال: فقلت يا رسول الله لقد قتل الله أبا جهل، قال: "الله الَّذِي لَا إِلَه إلَّا هُوَ؟ " فقلت: الله الذي لا إله إلا هو لقد قتلتُه. [6613]- ورواه الطبراني (¬3) من حديث عمرو بن ميمون، عن ابن مسعود، بلفظ فقال: "آلله". قُلْت: الله، حتّى حلفني ثلاثًا. ورواه بألفاظ أخرى وظاهرها الجر. 2794 - [6614]- حديث: أنّه - صلى الله عليه وسلم - قال: "وَايمُ الله إنَّه لَخَلِيقٌ لِلإِمَارَةِ". متفق عليه (¬4) من حديث ابن عمر: بعث رسول الله (¬5) - صلى الله عليه وسلم - بعثًا، وأمَّر عليهم أسامةَ بن زيد. . . الحديث. وقع في أصل المصنّف (¬6) تخبيط في لفظ: (لخليق). 2795 - [6615]- حديث عقبة بن عامر: "كَفَّارَةُ النَّذْرِ كفَّارَةُ الْيَمِينِ" ¬
وأعاده في موضع آخر، وهو صحيح؛ رواه مسلم (¬1) وأبو داود (¬2) والترمذي (¬3) والنسائي (¬4). 2796 - قوله: وردت أحاديث في وجوب الوفاء بالنّذر. قلت: فمنها: [6616]- حديث عمران بن حصين رفعه "خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي ... " الحديث وفيه: "ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ يَنْذُرُونَ وَلا يُوفُونَ. . ." الحديث. 2797 - [6617]- قوله: كانت المبايعة في زمن النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - بالمصافحة. أبو نعيم في "المعرفة" (¬5) من حديث بُهَيَّة (¬6) بنت عبد الله البكريّة، قالت: وفدت مع أبي على النبي - صلى الله عليه وسلم - فبايع الرّجال وصافحهم، وبايع النساء ولم يصافحهن، ونظر إلى فدعاني، ومسح على رأسي، ودعا لي ولولدي، قال: فولد لها ستون ولدًا، أربعون رجلًا وعشرون امرأة، استشهد منهم عشرون. ¬
[6618]- وفي "الصحيحين" (¬1) عن عائشة: أن النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يصافح النّساء. [6619]- ورواه أحمد (¬2) من حديث ابن عمر (¬3) كذلك. [6620]- وروى الطبراني (¬4) من حديث معقل بن يسار: أنّ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - كان يصافح النساء (¬5) في بيعة الرّضوان من تحت الثوب. [6621]- وروى ابن حبان (¬6) من حديث أميمة بنت رقيقة مرفوعًا: "إنِّي لَا أصَافِحُ النِّسَاءَ". [6622]- وروى أحمد (¬7) من حديث أبي عبد الرحمن الجهني قال: بينا نحن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ طلع راكبان ... الحديث. وفيه: إن كلا منهما قال: أرأيت من آمن بك، وصدّقك، واتّبعك، ولم يرك، قال: "طُوبَى لَه ثمَّ طوبَى ¬
لَهُ". فمسح على يده وانصرف. 2798 - قوله: فلما أتى الحِجَاج (¬1) رتّبها على أيمان تشتمل على ذكر الله وعلى الطلاق والعتاق والحج وصدقة المال. قلت: ذكر ذلك .... (¬2). 2799 - [6623]- حديث عبد الرحمن بن سمرة: "يَا عَبْدَ الرَّحْمّن لَا تَسْأَلِ الإمَارَةَ ... ". الحديث المشهور. وفيه: "فَائْتِ الَّذِي هُوَ خَيرٌ وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ". متفق عليه (¬3). ورواه أبو داود (¬4) والنسائي (¬5) بتقديم التكفير. وفي رواية لهما (¬6): "فَكَفِّر عَنْ يَمِينِكَ ثُمَّ ائْتِ الذي هُوَ خَيْرٌ". 2800 - [6624]- قوله: وفي رواية: "مَن حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا منهَا، فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَليُكَفِّر عَنْ يَمِينِه". ¬
مسلم (¬1) من حديث أبي هريرة، وفيه قصة. [6625]- ورواه أحمد (¬2) وابن حبان (¬3) من حديث ابن عمر (¬4) مثل ما هنا. وفي الباب: [6626]- عن أم سلمة مرفوعا: "مَن حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى خَيْرًا منْهَا، فَلْيُكَفِّر عَنْ يَمِينِه ثُمَّ لْيَفْعَلْ"، وفيه قصة. أخرجه الطبراني (¬5). 2801 - [6627]- حديث أبي موسى الأشعري: "لا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَها خَيْرًا مِنْهَا إلَّا أَتيْت الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَتَحَلَّلْتُ عَنْ يَمِينِي". متفق عليه (¬6)، وفيه قصة. 2802 - [6628]- حديث: "ألَا وِإنَّ في الْجَسَد مُضْغَةً إِذَا صَلُحَتْ صَلُحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ ... " الحديث. ¬
متفق عليه (¬1) من حديث النعمان بن بشير. * حديث: أُحِلَّتْ لَنَا مَيتَتَانِ وَدَمَان ... تقدّم في "النجاسات". 2803 - [6629]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان لا يأكل الصّدقة ويَقبل الهدية. متفق عليه (¬2) من حديث أبي هريرة: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أُتي بطعامٍ سأل (¬3) عنه، فإن قيل: هدية، أكل منها، وإن قيل: صدقة، لم يأكل منها. [6630]- وروى أحمد (¬4) والطبراني عن عبد الله بن بسر: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبل الهدية، ولا يقبل الصدقة. وقد تقدم من هذا المعنى في "كتاب الهبة" وفي "قسم الصدقات". * حديث: "الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيهِ دِرْهَمٌ". يأتي في "كتاب الكتابة". 2804 - [6631]- حديث: "لَا يَحِلّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ ... ". ¬
متفق عليه من حديث أبي أيوب (¬1) وأنس (¬2). [6632]- ولمسلم (¬3) عن ابن عمر: "لَا يَحِلُّ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهَ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ". [6633]- ومن حديث أبي هريرة (¬4): "لَا هِجْرَةَ بَعْد ثَلَاثٍ". وللترمذي (¬5) عن أبي هريرة نحو الحديث الأول. [6634]- ولأبي داود (¬6) عن عائشة نحوه. [6635]- وله (¬7) عن أبي خراش مرفوعا: "مَنْ هَجَرَ أَخَاهُ سَنَةً فَهُوَ كَسَفْكِ دَمِهِ". 2805 - [6636]- حديث: يروى: أنّ جبرائيل علّم آدم هذه الكلمات: الحمد لله حمدًا يوافي نعمه، ويكافيء مزيده. وقال: علمتك مجامع الحمد. قال ابن الصلاح في "كلامه على الوسيط": ضعيف الإسناد، منقطع غير ¬
متصل. قلت: فكأنّه عثر عليه حتى وصفه. وأما النووي فقال في "الروضة" (¬1) في مسألة أجل الحمد: ما لهذه المسألة دليل معتمد. ثم وجدته عن ابن الصلاح في "أماليه" بسنده إلى عبد الملك بن الحسن، عن أبي عوانة، عن أيوب بن إسحاق بن سافدي، عن أبي نصر التمار، عن محمد ابن النضر قال: قال آدم: يا رب شغلتني بكسب يدي، فعلّمني شيئًا فيه مجامع الحمد والتسبيح، فأوحى الله إليه: يا آدم، إذا أصبحت فقل ثلاثا، وإذا أمسيت فقل ثلاثا: الحمد لله رب العالمين حمدًا يوافي نعمه، ويكافيء مزيده، فذلك مجامع الحمد، والتسبيح. وهذا معضل. * حديث إمامة جبريل بالنبي - صلى الله عليه وسلم -. تقدم في "الصلاة". * حديث: "رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنّسْيَانُ وَمَا اسْتكْرهُوا عَلَيْه .. ". تقدم في آخر "باب شروط الصلاة" وفي "الطلاق". [6637]- حديث: روي أنّه - صلى الله عليه وسلم - قال: "لَيْسَ عَلَى مَقْهُورٍ يَمِينٌ". الدارقطني (¬2) من حديث واثلة بن الأسقع، وأبي أمامة. وفيه الهياج بن بسطام ¬
وهو متروك، وشيخه عنبسة متروك أيضا مكذب، ثم هو من رواية الدارقطني عن شيخه أبي بكر محمد بن الحسن النقاش المقريء المفسِّر، وهو ضعيف عنده وقد كُذِّب أيضًا. واحتج البيهقي (¬1) في هذه المسألة بحديث عائشة: "لَا طَلَاقَ وَلَا عِتَاقَ في إِغْلَاقٍ". 2806 - [6638]- حديث عائشة: أنها سُئلت عن رجل جعل ماله في رتاج الكعبة إن كلم ذا قرابة له؟ فقالت: يكفر اليمين. مالك (¬2) والبيهقي (¬3) بسند صحيح، وصحّحه ابن السّكن. [6639]- وروى أبو داود (¬4) عن عمر نحوه، من قوله. 2807 - [6640]- حديث: أنّ عمر بن الخطّاب، قيل له: لو لينت طعامَك وشرابَك؟ فقال: سمعت الله يقول لأقوام: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكم في حَيَاتِكُمُ الدّنْيَا}. الحاكم في "العلم" من "المستدرك" (¬5) من حديث مصعب بن سعد: أنّ ¬
حفصة قالت لعمر: (فذكره) مطوَّلًا، وظاهره الإرسال، فإن كان مصعب سمعه من حفصة فهو متصل. 2808 - [6641]- حديث عمران بن حصين: أنه سُئل هل (¬1) تجزيء القلنسوة في الكفارة؟ فقال: إذا وفد على الأمير فأعطاه قلنسوته، قيل: قد كساه. البيهقي (¬2) من حديث محمّد بن الزبير الحنظلي، عن أبيه: أنّ رجلًا حدّثه: أنّه سأل عمران بن حصين، عن رجل حلف أنّه لا يصلِّي في مسجد قومه، فقال عمران: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لَا نَذْرَ في مَعْصِيَةٍ وَكَفَّارَتُه كَفَّارَةُ يَمِينِ"، فقلت: يا أبا نجيد، إن صاحبنا ليس بالموسِر فَبِم يكفر؟ فقال: لو أنّ قوما قاموا إلى أميرٍ من الأمراء فكساهم كلّ إنسان قلنسوةً لقال الناس: قد كساهم الأمير. وإسناده ضعيف. 2809 - قوله: روي عن بعض التصانيف: أنّ الحلف بأي اسم كان من الأسماء التّسعة والتّسعين التي ورد بها الخبر صريحٌ. أصل الحديث بهذه العدّة متفق عليه (¬3) من: ¬
[6642]- حديث أبي هريرة بلفظ: "إن لله تِسْعَةً وَتِسعِينَ اسْمًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ". وفي رواية (¬1): "مَنْ حَفِظَها". وفي رواية (¬2): "لَا يَحْفَظُهَا أَحَدٌ". وله طرق. ورواه ابن خزيمة وابن حبان (¬3) والترمذي (¬4)، والحاكم (¬5)، من حديث الوليد، عن شعيب، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة. وسرد الأسماء. قال الترمذي: لا نعلم في كبير شيءٍ من الرّوايات ذكر الأسماء إلَّا في هذا الحديث، وذكر آدم بن أبي إياس هذا الحديث بإسناد آخر عن أبي هريرة، وذكر فيه الأسماء، وليس له إسناد صحيح. قلت: ورواه ابن ماجه (¬6) من طريق زهير بن محمّد عن موسى بن عقبة، عن الأعرج، وساق الأسماء، وخالف سياق الترمذي في الترتيب، والزيادة، والنقص. فأما الزيادة؛ فهي: "الْبَارّ، الرَّاشِدُ، الْبُرْهَانُ، الشَّدِيدُ، الوَاقِي، القَائِمُ، الْحَافِظُ، الفَاطِرُ، السَّامِعُ، الْمُعْطِي، الأَبَدُ، الْمُنِيرُ، التَّامّ". ¬
والطريق التي أشار إليها الترمذي؛ رواها الحاكم في "المستدرك" (¬1) من طريق عبد العزيز بن الحصين، عن أيوب، وعن هشام بن حسان، جميعا عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، وفيها أيضا زيادة ونقصان. وقال: المحفوظ عن أيوب وهشام بدون ذكر الأسامي. قال الحاكم: وعبد العزيز ثقة. قلت: بل متفق على ضعفه، وهّاه البخاري (¬2) ومسلم (¬3) وابن معين (¬4)، وقال البيهقي (¬5) هو ضعيف عند أهل النقل. قال البيهقي (¬6): ويحتمل أن يكون التّفسير وقع من بعض الرّواة، ولهذا الاحتمال ترك الشيخان إخراج حديث الوليد في "الصحيح". وقال القاضي أبو بكر بن العربي: لا نعلم هل تفسير هذه الأسامي في الحديث أو من قول الراوي؟ قلت: والدليل على ذلك (¬7) اختلافها، وإن كان حديث الوليد أرجحها من حيث الإسناد. ¬
وقال أبو محمد ابن حزم (¬1): جاء في إحصائها أحاديث مضطربة، لا يصح منها شيء أصلا. وقال ابن عطية (¬2): حديث التّرمذي ليس بالمتواتر، وفي بعض الأسماء الّتي فيه شذوذ، وقد ورد في دعاء النّبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "يَا حَنّانُ يَا مَنَّانُ"، وليس في حديث الترمذي واحد منها. انتهى. وقال الغزالي: لم أعرف أحدًا من العلماء اعتنى بطلب الأسماء وجمعها من الكتاب (¬3) سوى رجل من حفّاظ أهل المغرب، يقال له: علي بن حزم؛ فإنّه قال: صحّ عندي قريب من ثمانين اسمًا اشتمل عليها الكتاب، قال: فليتطلّب الباقي من الصّحاح من الأخبار. قال الغزالي: وأظنّه لم يبلغه الحديث الذي في عدد الأسماء، أَو بلغه واستضعف إسناده. انتهى. وقد قدّمنا قوله الدّال على أنّه لم يصحّ عنده. وقال القرطبي (¬4) في "شرح الأسماء الحسنى" له: العجب من ابن حزم ذكر من الأسماء الحسنى نيِّفًا وثمانين فقط، والله يقول: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}. ثمّ ساق ما ذكره ابن حزم، وهو: الله، الرحمن، الرحيم، العلم، الحكيم، الكريم، العظيم، الحليم، القيوم، الأكرم، السلام، التواب، الرب، الوهاب، الإله، القريب، المجيب، السميع، الواسع، العزيز، ¬
الشاكر، االقاهرة، الآخِر، الظاهر، الكبير، الخبير، القدير، البصير، الغفور الشكور، الغفار، القهار، الجبار، المتكبر، المصوّر، البر، المقتدر، الباريء، العلي، الولي، القوي، الغني، المحيي، المجيد، الحميد، الودود، الصمد، الأحد، الواحد، الأول، الأعلى، المتعال، الخالق، الخلاق، الرزاق، الحق، اللطيف، الرءوف، العفو، الفتاح، المبين، المتين، المؤمن، المهيمن، الباطن، القدوس، الملك، المليك، الأكبر، الأعز، السيد، السبوح، الوتر، المحسن، الجميل، الرفيق، المعز، القابض، الباسط، الباقي، المعطي، المقدِّم، المؤخِّر، الدهر. فهذه أحد وثمانون اسمًا. قال القرطبي: وفاته: الصادق، المستعان، المحيط، الحافظ، الفعال، الكافي، النور، الفاطر، البديع، الفالق، الرافع المخرِج. قلت: وقد عاودت تتبّعها من الكتاب العزيز إلى أن حرّرتها منه تسعةً وتسعين اسمًا، ولا أعلم من سبقني إلى تحرير ذلك، فإنّ الذي ذكره ابن حزم لم يقتصر فيه على ما في الكتاب العزيز، بل ذكر ما اتّفق له العثور عليه منه، وهو سبعة وستون اسمًا متواليةً، مما نقلته عنه آخرها: الملك، وما بعد ذلك التقطه من الأحاديث. فمما لم يذكره وهو في القرآن: المولى، النصير، الشهيد، الشديد، الحي (¬1)، الحفي، الكفيل، الوكيل، الحسيب، الجامع، الرقيب النور، البديع، الوارث، السريع، المقيت، الحفيظ، المحيط، القادر، ¬
الغافر، الغالب، الفاطر، العالم، القائم، المالك، الحافظ، المنتقم، المستعان، الحكَم، الرفيع، الهادي، الكافي. فهذه اثنان وثلاثون اسمًا جميعها واضحة في القرآن إلا الحفي؛ فإنه في سورة مريم في قوله إبراهيم عليه السلام: {إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا}. فهذه تسعة وتسعون: اسمًا منتزعةً من القرآن، منطبقة، على قوله عليه الصلاة والسلام: "إنّ لله تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا" مُوافِقة؛ لقوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} فلله الحمد على جزيل عطائه، وجليل نعمائه، وقد رتبتها على هذا الوجه ليدعى بها الله، الرب، [الإله، الواحد] (¬1)، الرحمن، الرحيم، الملك، القدوس، السلام، المؤمن، المهيمن، العزيز الجبار، المتكبر، الخالق، البارئ، المصوّر، الأول، الآخر، الظاهر، الباطن، الحيّ، القيوم، العلي، العظيم، التواب، الحليم، الواسع، الحكيم، الشاكر، العليم، الغني، الكريم، العفو، القدير، اللطيف، الخبير، السميع، البصير، المولى، النصير، القريب، المجيب، الرقيب، الحسيب، القوي، الشهيد، الحميد، المجيد، المحيط، الحفيظ، الحق، المبين، الغفار، القهار، الخلاق، الفتاح، الودود، الغفور، الرءوف، الشكور، الكبير، المتعال، المقيت، المستعان، الوهاب، الحفي، الوارث الولي، القائم، القادر، الغالب، القاهر، البر، الحافظ، الأحد، الصمد، المليك، المقتدر، الوكيل، الهادي، الكفيل، الكافي، الأكرم، الأعلى، الرزاق، ذو القوة المتين، غافر الذنب، قابل التوب، شديد العقاب، ذو ¬
تنبيه
الطول، رفيع الدرجات، سريع الحساب، فاطر السماوات والأرض، بديع السماوات والأرض، نور السماوات والأرض، مالك الملك، ذو الجلال والإكرام. تنبيه في قوله: "مَن أحصاها" أربعة أقوال (¬1): أحدها: "من حفظها" فسره به البخاري في "صحيحه"، وتقدمت الرواية الصريحة به، وأنها عند مسلم. ثانيها: من عرف معانيها، وآمن بها. ثالثها: مَن أطاقها بحسن الرّعاية لها، وتخلق بما يمكنه من العمل بمعانيها. رابعها: أن يقرأ القرآن حَتّى يختمه؛ فإنّه يستوفي هذه الأسماء في أضعاف التلاوة، وذهب إلى هذا أبو عبد الله الزبيري. وقال النووي: الأول هو المعتمد. قلت: ويحتمل أن يراد من تتبعها من القرآن، ولعله مراد الزبيري. تنبيه آخر ظاهر كلام ابن كجّ (¬2) حصر أسماء الله في العدد المذكور، وبه جزم ابن حزم ونوزع، ويدل على صحة ما خالفه: [6643]- حديث ابن مسعود في الدعاء الذي فيه: "أَسْأَلُكَ بِكُل اسْمٍ سَمَّيْتَ ¬
بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ في عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ. . ." الحديث. وقد صححه ابن حبان (¬1) وغيره، ويدل على عدم الحصر أيضا: اختلافُ الأحاديث الواردة في سردها، وثبوت أسماء غير ما ذكرته في الأحاديث الصحيحة/ (¬2). (¬3). **** ¬
(79) كتاب النذور
(79) كتاب النُّذُور
[6644]- حديث: "مَن نَذَر أَنْ يُطِيعَ الله فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِي الله فَلَا يَعْصِهِ". البخاري (¬1) عن عائشة. وزاد الطّحاوي (¬2) في هذا الوجه: "وَليُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ". قال ابن القطان (¬3): عندي شك في رفع هذه الزيادة. 2810 - [6645]- حديث: "لا نَذْرَ في مَعْصِيةِ [الله] (¬4)، وَلَا فِيمَا لا يَمْلِكُه ابنُ آدَمَ". مسلم (¬5) من حديث عمران بن حصين. [6646]- ولأبي داود (¬6) عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده مرفوعا: "لَا نَذرَ لابْنِ آدَمَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ، وَلَا عِتْقَ لَهُ فِيمَا لَا يَمْلِكُ، وَلا طَلَاقَ لَهُ فِيمَا لا يَملِكُ". [6647]- وللدارقطني (¬7) عن ابن عباس، نحوه. ¬
* حديث: أنّ عمر قال له رسول الله: "أَوْفِ بِنَذْرِكَ". تقدم في "الاعتكاف". 2811 - [6648]- حديث: "إنَّمَا النَّذْرُ مَا ابْتُغِي بِهِ وَجْهُ الله". أحمد (¬1) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، بهذا. وفيه قصة الرّجل الذي نذر أن يقوم في الشّمس. ورواه أبو داود (¬2) بلفظ: "لا نَذْرَ إلا فِيمَا ابْتُغِي بِهِ وَجْهُ الله". ورواه البيهقي (¬3) من وجه آخر كرواية أحمد في قصة أخرى. 2812 - [6649]- حديث: "لا نَذْرَ في مَعْصِيَةِ الله، وَكفَّارَتُه كفَّارَةُ يَمِينٍ". هذا الحديث بهذه الزِّيادة رواه النسائي (¬4) والحاكم (¬5) والبيهقي (¬6) ومداره على محمّد بن الزبير الحنظلي، عن أبيه، عن عمران بن حصين. ومحمد ليس بالقوي، وقد اختلف عليه فيه؛ ورواه ابن المبارك عن عبد الوارث، عنه، عن ¬
أبيه: أن رجلا حدّثه أنّه سأل عمران، فذكر حديثًا تقدم في "الأيمان" قبل، وفيه قصة. [6650]- وله طريق أخرى إسنادها صحيح (¬1) إلَّا أنّه معلول؛ رواه أحمد (¬2) وأصحاب "السنن" (¬3) والبيهقي (¬4) من رواية الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، وهو منقطع لم يسمعه الزّهري من أبي سلمة. ورواه ابن المبارك عن يونس عن الزهري قال: حدثت عن أبي سلمة. [6651]- وقد رواه أبو داود (¬5) والترمذي (¬6) والنسائي (¬7) وابن ماجه (¬8) من حديث سليمان بن بلال، عن موسى بن عقبة، ومحمد بن أبي عتيق، عن الزهري، عن سليمان بن أرقم، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن عائشة. قال النسائي (¬9): سليمان بن أرقم متروك، وقد خالفه غير واحد من أصحاب ¬
يحيى بن أبي كثير -يعني-: فرووه عن يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن الزبير الحنظلي، عن أبيه، عن عمران. فرجع إلى الرّواية الأولى. قلت: [6652]- ورواه عبد الرزاق (¬1) عن معمر، عن يحيى أبي كثير، عن رجل من بني حنيفة وأبي سلمة، كلاهما عن النّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، مرسلا. والحنفي: هو محمد بن الزبير، قاله الحاكم (¬2)، وقال: إن قوله: من بني حنيفة؛ تصحيف، وإنما هو من بني حنظلة. [6653]- وله طريق أخرى عن عائشة؛ رواه الدارقطني (¬3) من رواية غالب بن عبيد الله الجزري، عن عطاء، عن عائشة، مرفوعا: "مَن جَعَل عَلَيْه نَذْرًا في مَعْصِيةٍ فَكَفارَتُه كَفَّارَة يَمِينٍ". وغالب متروك. [6654]- وللحديث طريق أخرى، رواها أبو داود (¬4) من حديث كريب، عن ابن عباس، وإسناده حسن؛ فيه طلحة بن يحيى وهو مختلف فيه، وقال أبو داود: روي موقوفا -يعني-: وهو أصح. وقال النووي في "الروضة" (¬5): حديث "لا نَذْرَ في مَعْصِيَةِ الله، وَكَفَّارَتُه ¬
كَفَّارَةُ يَمِينٍ" ضعيف باتّفاق المحدِّثين. قلت: قد صحَّحه الطحاوي، وأبو علي بن السّكن، فأين الاتفاق؟! * حديث: أنّه - صلى الله عليه وسلم - قال في القصر: "إنَّ الله تَصَدَّقَ عَلَيكُم فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ". مسلم (¬1) من حديث يعلى بن أمية، عن عمر، وفيه قصة، وقد تقدم (¬2) في "الوضوء" وفي "صلاة المسافر". * قوله: رُغِّب في عيادة المريض. تقدم من ذلك في "الجنائز"، ومن ذلك مما لم يتقدّم: [6655]- حديث أبي هريرة: "مَن عَادَ مَرِيضًا نَادَى مُنَادٍ مِن السَّمَاءِ: طِبْتَ وَطَابَ مَمْشَاكَ، وَتَبَوَّأْتَ مِنَ الْجَنّةِ مَنْزِلًا". رواه الترمذي (¬3) وابن ماجه (¬4). [6656]- وحديث ثوبان: "إن المؤمِنَ إذا عَادَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ لَمْ يَزَلْ في خُرْفَةِ الجنَّةِ". رواه مسلم (¬5). [6657]- وحديث جابر: "مَنْ عَاد مَرِيضًا لَمْ يَزَلْ يَخُوضُ في الرَّحْمَةِ، فَإذَا ¬
جَلَسَ انْغَمَسَ فِيهَا". ورواه أحمد (¬1). [6658]- وحديث علي: "مَن أتَى أَخَاه الْمُسْلِمَ عَائدًا مَشَى في خُرْفَةِ الْجَنَّةِ، فَإذَا جَلَس غَمَرَتْهُ الرَّحْمَةُ" الحديث. رواه ابن ماجه (¬2)، وفي الترمذي (¬3) بعضه. * قوله: وفي إفشاء السّلام على المسلمين. تقدم الكثير منه في أوائل "كتاب السير". 2813 - قوله: وفي زيارة القادمين. قد وردت أحاديث في مطلق زيارة الإخوان، منها: [6659]- حديث أبي هريرة عند مسلم (¬4): أنّ رجلًا زار أخًا له في قرية أخرى ... الحديث. [6660]- وحديثه عند الترمذي (¬5): "مَن عَادَ مَرِيضًا، أَوْ زَارَ أَخًا لَهُ في الله نَادَاه مُنَادٍ: طِبْتَ وَطَابَ مَمْشَاك، وَتَبَؤأْتَ مِنَ الْجَنّةِ مَنْزِلًا". ورواه ابن ماجه أيضا (¬6). وأمّا تقييدها بالقادمين فينظر. ¬
[6661]- حديث ابن عباس: بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يخطب إذا هو برجل قائم في الشمس، فسأل عنه فقالوا: أبو إسرائيل نذر أن يقوم ولا يقعد، ولا يستظل ولا يتكلم، ويصوم، فقال: "مُرُوه فَلْيَتَكَلَّمْ، وَلْيَسْتَظِلَّ، وَلْيَقْعُدْ، وَليُتِمَّ صَوْمُهُ". البخاري (¬1) بهذا. وليس فيه: [في] (¬2) الشمس. ورواه أبو داود (¬3) وابن ماجه (¬4) وابن حبان (¬5) بها. ورواه مالك في "الموطأ" (¬6) عن حميد بن قيس، وثور بن زيد، مرسلا. وفيه: فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإتمام ما كان لله طاعةً، وترك ما كان معصية، ولم يبلغني أنّه أمره بكفارة. [6662]- ورواه أحمد في "مسنده" (¬7) عن عبد الرزاق، عن ابن جريج، أخبرني ابن طاوس، عن أبيه، عن أبي إسرائيل قال: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسجد وأبو إسرائيل يصلي، قيل: يا رسول الله هو ذا لا يقعد، ولا يكلم الناس ... الحديث. وقوله: "عن أبي إسرائيل" لم يقصد به الرّواية عنه، على ما بينته في "النكت ¬
على علوم الحديث" (¬1) والتقدير: عن طاوس، أنه حدّثهم عن قصّة أبي إسرائيل، فذكرها مرسلةً (¬2)، ويدل على ذلك الالتفات الذي في السياق، وأنّ عمرو بن دينار رواه عن طاوس مرسلا، كذا أخرجه الشافعي (¬3) عن سفيان، عنه، عن طاوس: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرّ بأبي إسرائيل ... الحديث. وفي آخره: ولم يأمره بكفارة. ورواه البيهقي (¬4) من حديث محمد بن كريب، عن أبيه، عن ابن عباس، وفيه الأمر بالكفارة، ومحمد بن كريب ضعيف، قال البيهقي: وهو خطأ وتصحيف. * حديث: إن المشركين استاقوا سرح المدينة، وفيه العضباء ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... الحديث. مسلم من حديث عمران بن حصين، وقد تقدم في "باب الأمان". 2814 - [6663]- حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - حجّ راكبًا. البخاري (¬5) من حديث أنس بلفظ: حج على رَحل. 2815 - [6664]- قوله: اشتهر أن النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال لعائشة: "أَجْرُكِ عَلَى قَدْرِ نَصَبِكِ". ¬
تنبيه
متفق عليه (¬1) عنها، واستدركه الحاكم (¬2) (¬3) فوهم. 2816 - [6665]- حديث: أن أخت عقبة نذرت أن تحجّ ماشيةً، فسئل النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فقيل: إنها لا تطيق ذلك، فقال: "فَلْتَرْكَبْ وَلْتُهْدِ هَدْيًا". وفي رواية أبي داود (¬4) من حديث عكرمة، عن ابن عباس: أنّ أخت عقبة بن عامر نذرت أن تمشي إلى البيت، فأمرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تركب وتُهدي هديًا. وإسناده صحيح. ثمّ قال بعد ذلك: وروي أن النّبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أخت عقبة بن عامر وقد نذرت أن تمشي بحجٍّ أو عمرة. لم أجده هكذا، وهو متفق عليه (¬5) من حديث عقبة بن عامر، بلفظ: نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله، وأمرتني أن أستفتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "لِتَمْشِ وَلْتَرْكَبْ" (¬6). تنبيه أخت عقبة هي أم حِبَّان -بكسر الحاء والباء الموحدة- أسلمت وبايعت، أفاده ¬
المنذري في "حواشي السنن" (¬1)، وهو مذكور في "الإكمال" (¬2) لابن ماكولا، لكن قال: إنّها أخت عقبة بن عامر بن نابي الأنصاري البدري. فعلى هذا من زعم أنّها أخت عقبة بن عامر الجهني راوي هذا الحديث فقد وهم. [6666]- قوله: في بعض الروايات "وَلْتُهْدِ بَدَنَةً". عند أبي داود (¬3) من طريق مطر، عن عكرمة، عن ابن عباس: أن أخت عقبة نذرت أن تحجّ ماشيةً فقال النّبي - صلى الله عليه وسلم -: "فَلْتَرْكَبْ وَلْتُهْدِ بَدَنَةً". 2817 - [6667]- حديث: "لَا تُشَدّ الرِّحَالُ إلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ ... ". الحديث. متفق عليه (¬4) من حديث أبي هريرة وغيره. 2818 - [6668]- حديث جابر: أنّ رجلا قال: يا رسول الله، إني نَذرت إن فتح الله عليك مكّة أن أصلي في بيت المقدس ركعتين، فقال: "صَلّ هَهُنَا ... " الحديث. ¬
أبو داود (¬1) والحاكم (¬2) والبيهقي (¬3)، وصحّحه أيضًا ابن دقيق العيد في "الاقتراح" (¬4). 2819 - [6669]- قوله: ورد النّهي عن طروق المساجد إلا لحاجة. ابن عدي (¬5) من حديث ابن عمر: أنّه - صلى الله عليه وسلم - نهى أن تُتخذ المساجد طرقًا، أو يقام فيها الحدّ، أو تنشد فيها الأشعار، أو ترفع فيها الأصوات. وفيه عَرَابة بن السائب، وهو منكر الحديث. وقال عبد الحق (¬6): لا يصح. ورواه الحاكم (¬7) والبيهقي (¬8) بلفظ: "لَا تَقومُ السَّاعَة حَتى تُتخَذَ المسَاجِدَ طُرُقًا"، من طريق أخرى. [6670]- ورواه بهذا اللفظ الدارقطني (¬9) من حديث أنس، وهو معلول. ¬
[6671]- ورواه البيهقي في "كتاب الصلاة" (¬1) في "باب ما يجوز من قراءة القرآن والذكر في الصلاة" من حديث خارجة بن الصلت قال: دخلنا مع عبد الله -يعني ابن مسعود- المسجد ... فذكر الحديث، وفيه: كان يقال: من أشراط الساعة أن يسلم الرّجل على الرّجل بالمعرفة (¬2)، وأن تتخذ المساجد طرقا. 2820 - [6672]- حديث: روي أنّه - صلى الله عليه وسلم - قال: "صَلَاةٌ في مَسْجِدَي هَذَا تَعْدِلُ أَلْفَ صَلَاةٍ في غَيْرِه، وَصَلاةٌ في مَسْجِد إِيلِيَاء تَعدِلُ خَمْسَمِائَةِ صَلَاةٍ فَي غَيرِهِ، وَصَلَاةٌ في الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ تَعْدِلُ مِائَةَ أَلْفِ صَلَاةٍ في غَيْرِه". هذا الحديث ذكره الغزّالي في "الوسيط" (¬3) هكذا، وتعقّبه ابن الصلاح بأن قال: هو هكذا غير ثابت. قلت: معناه في "معجم الطبراني الكبير" من: [6673]- حديث أبي الدرداء (¬4) رفعه: "الصَّلاة في الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ (¬5) بِمِائَةِ أَلْف صَلَاةٍ، وَالصَّلَاةُ في مَسْجِدِي بِألْفِ صَلَاةٍ، وَالصَّلَاةُ في بَيْتِ الْمَقْدِسِ بِخَمْسِمِائةِ صَلَاةٍ". ¬
[6674]- ورواه ابن عدي (¬1) من حديث يحيى بن أبي حية، عن عثمان بن الأسود، عن مجاهد، عن جابر بلفظ: "الصلاة في الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بمائةِ أَلْفِ صَلَاةٍ، وَالصَّلاة في مَسْجِدي بِأَلفِ صَلَاةٍ، وَفِي مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ بِخَمْسِمِائَةِ صَلَاةٍ". وإسناده ضعيف. وقد ورد ذلك في أحاديث متفرقة، فأمّا الصلاة في مسجد المدينة؛ فمتفق عليه (¬2) من: [6675]- حديث أبي هريرة بلفظ؛ "صَلاةٌ في مَسْجِدي هَذَا أَفْضَل مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سَواهُ مِنَ الْمَسَاجِدِ إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ". [6676، 6677] ولمسلم (¬3) عن ابن عمر، وعن ميمونة مثله. [6678]- ولأحمد (¬4) عن جابر مثله. وأمّا الصّلاة في مسجد إيلياء، وهو بيت المقدس: [6679]- فروى ابن ماجه (¬5) من حديث ميمونة بنت سعد: "فَإِن صَلاةً فيه -يعني بيت المقدس- كَأَلْفِ صَلَاةٍ في غَيْرِهِ". [6680]- وروى ابن ماجه (¬6) من حديث أنس: "وَصلَاةٌ في الْمَسْجِدِ الأَقْصَى بِخَمْسِينَ أَلْفَ صَلاة". وإسناده ضعيف. ¬
[6681]- وروى الدارقطني في "العلل" (¬1) والحاكم في "المستدرك" (¬2) من حديث أبي ذر: "صَلَاةٌ في مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَرْبَعِ صَلَواتٍ في بَيْتِ الْمَقْدِسِ". وأما الصلاة في المسجد الحرام؛ فرواه أبو هريرة في المتفق كما تقدم. وتقدم عن ابن عمر وميمونة. [6682]- وروى أحمد (¬3) وابن حبان (¬4) والبيهقي (¬5) من حديث عبد الله بن الزبير: "صَلاةٌ في مَسْجِدي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلاةٍ فِيمَا سِوَاه مِنَ المسَاجِدِ، إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، وَصَلَاةٌ في الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ صَلاةٍ في مَسْجِدي". [6683]- وروى ابن عبد البر في "التمهيد" من حديث الأرقم (¬6) "صَلاةُ هُنَا خَيْرٌ مِن أَلْفِ صَلَاةٍ" -يعني: في مسجد بيت المقدس. قال ابن عبد البر: هذا حديث ثابت. ¬
تنبيه
[6684]- وقال أحمد (¬1) حدثنا أحمد بن عبد الملك، حدثنا عبيد الله ابن عمرو، عن عبد الكريم -هو الجزري- عن عطاء، عن جابر رفعه: "صَلَاةٌ في مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنَ ألْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، وَصَلَاةٌ في الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَلَاةِ فِيمَا سِوَاهُ". وإسناده صحيح إلّا أنّه اختلف فيه على عطاء. تنبيه ذكر إمام الحرمين عن أبيه: أن الحديث الّذي فيه: "وَصَلاةٌ في الْكَعْبَةِ تَعْدِلُ مِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ في الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ" لم يصححها الأثبات، فلا تعويل عليها. قلت: لم أجد لها أصلًا فضلًا عن أن تصحّح، والصّلاة في الكعبة ثابت في "الصحيحين" (¬2) لكن لم يثبت أن النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - صلّى فيها الفرض. 2821 - [6685]- حديث: أنّ رجلا نذر أن ينحر إبلًا في موضع سمّاه، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "هَلْ فِيهِ وَثَنٌ مِنْ أَوْثَانِ الْجَاهِلِيَّةِ يُعْبَدُ؟ " قال: لا، قال: "أَوْفِ بِنَذْرِكَ". أبو داود (¬3) من حديث ثابت بن الضحاك، بسند صحيح. [6686]- ومن حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده (¬4)، وسمي ¬
تنبيه
الموضع بوانة. [6687]- ورواه ابن ماجه (¬1) من حديث ابن عباس. ويشبه أن يسمى الرجل كردم: [6688]- فقد رواه أحمد في "مسنده" (¬2) من حديث عمرو بن شعيب، عن ابنة (¬3) كردم، عن أبيها: أنه سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني نذرت أن أنحر ثلاثة من إبلي؟ فقال: "إنْ كَانَ عَلَى وَثَنٍ مِنْ أَوْثَانِ الْجَاهِلِيَّة فَلَا ... " الحديث. وفي لفظ لابن ماجه (¬4) عن ميمونة بنت كردم الثقفية: أنّ أباها لقي النّبيّ - صلى الله عليه وسلم -وهي رديفة كردم- فقال: إني نذرت أن أنحر ببوانة؟ فقال: "هَلْ فِيهَا وَثَنٌ؟ " قَال: لَا، قال: "فَأَوْفِ بِنَذْرِكَ". تنبيه بوانة -بضم الباء الموحدة، وبعد الألف نون-: موضع بين الشّام وديار بكر، قاله أبو عبيد (¬5). وقال البغوي: أسفل مكة دون يلملم. وقال المنذري (¬6): هضبة من وراء ينبع. ¬
* حديث: "مَنْ رَاحَ في السَّاعَةِ الأولَى فَكَأنمَّا قَرَّبَ بَدَنَةً ... " الحديث. متفق عليه من حديث أبي هريرة، وقد تقدم في "صلاة الجمعة". 2822 - [6689]- قوله: ورد بأن من أصبح مفطرًا يوم الشّك، ثمّ بان أنّه من رمضان يؤمر بالإمساك. البخاري (¬1) عن سلمة بن الأكوع، ومسلم عن بريدة (¬2). [6690]- واتفقا عليه (¬3) من حديث الربيع بنت معوذ، وليس فيه التقييد برمضان. **** ¬
(80) كتاب القضاء
(80) كتابُ القضاء
2823 - [6691، 6692]- حديث: "إذَا اجْتَهَد الْحَاكِمُ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ، وِإنْ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ". متفق عليه (¬1) من حديث عمرو بن العاص (¬2) وأبي هريرة. [6693]- ورواه الحاكم (¬3) والدارقطني (¬4) من حديث عقبة بن عامر وأبي هريرة، وعبد الله بن عمرو بلفظ: "إذَا اجْتَهَد الْحَاكِمُ فَأَخْطَأَ فَلَه أَجْرٌ، وَإنْ أصَابَ فَلَه عَشْرَةُ أُجُورِ". وفيه: فرج بن فضالة وهو ضعيف. وتابعه ابن لهيعة بغير لفظه. [6694]- ورواه أحمد (¬5) من حديث عمرو بن العاص بلفظ: "إنْ أَصَبْتَ الْقَضَاءَ فَلَكَ عَشْرَةُ أُجُورِ، وإنَ أَنْتَ اجْتَهَدْتَ فَأَخْطَأْتَ فَلَكَ حَسَنَةٌ". وإسناده ضعيف أيضا. 2824 - [6695]- قوله: روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "السَّابِقُون إِلَى ظِلِّ الله يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ إِذَا أُعْطُوا الْحَقَّ قَبِلُوهُ، وإذَا سُئِلُوه بَذَلُوهُ، وَإذَا حَكَمُوا بَينَ النَّاسِ حَكَمُوا كحُكْمِهِمْ لأَنْفُسِهُمْ". ¬
أحمد في "مسنده" (¬1) من حديث ابن لهيعة، عن خالد بن أبي عمران، عن القاسم بن محمد، عن عائشة. ورواه أبو نعيم في "الحلية" (¬2) وقال: تفرد به ابن لهيعة، عن خالد. قلت: وتابعه يحيى بن أيوب، عن عبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، وهو بن عبد الرحمن، عن عائشة. رواه أبو العباس بن القاص في "كتاب أدب القضاء" له. [6696]- ولمسلم (¬3) من حديث عبد الله بن عمرو: "الْمُقْسِطُونَ عِنْدَ الله عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ، وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ، الَّذينَ يَعْدلُون في حُكْمِهم وَأَهْلِهِمْ وَمَا وُلوا". قال ابن أبي حاتم في "العلل" (¬4) عن أبيه: الصحيح أنّه موقوف. 2825 - [6697]- حديث: "إذَا جَلَسَ الْحَاكمُ لِلْحُكْمِ بَعَثَ الله لَه مَلَكَينِ يُسَدِّدَانِهِ، وَيُوفِّقَانِه، وَيُرْشِدَانِهِ مَا لَمْ يَجُرْ، فَإذَا جَارَ عَرَجَا وَتَركاهُ". ورواه البيهقي (¬5) من طريق الأشعري يحيى بن بريد، عن ابن جريج، عن عطاء ¬
عن ابن عباس رفعه: "إذَا جَلَس الْقَاضِي في مَكانِه هَبَطَ عَلَيْه مَلَكَانِ يسَدّدَانِهِ، ويُوفقَانِه، ويُرْشِدَانِهِ مَا لَمْ يَجُرْ، فَإذَا جَارَ عَرَجَا وَتَركَاهُ". وإسناده ضعيف. قال صالح جزرة (¬1): هذا الحديث ليس له أصل. [6698]- وروى الطبراني (¬2) معناه من حديث واثلة بن الأسقع. [6699]-[وفي البزار (¬3) من رواية إبراهيم بن خثيم بن عراك، عن أبيه، عن أبي هريرة] (¬4) مرفوعا: "مَن وَلِي مِن أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا وَكَّلَ الله بِهِ مَلَكًا عَنْ يَمِينِه -أحسبه قال:- وَملَكًا عَنْ شِمَالِهِ يُوَفقَانِه وَيسَدِّدَانِهِ إَذَا أُريدَ بِهِ خَيرًا، وَمَن وَلِيَ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ شيْئًا فَأرِيدَ بِه غَيْرُ ذَلِكَ وُكِلَ إِلَى نَفْسِهِ". قال: ولا نعلمه يروى بهذا اللفظ إلا من (¬5) حديث عراك (¬6)، وإبراهيم ليس بالقوي. [6700]- وروى الترمذي (¬7) وابن ماجه (¬8) وابن حبان (¬9) ¬
والحاكم (¬1) والبيهقي (¬2) من حديث عبد الله بن أبي أوفى: "إنَّ الله مَعَ الْقَاضِي مَا لَمْ يَجُرْ". زاد البيهقي: "فَإذَا جَارَ تَخَلَّى عَنْهُ وَلَزِمَهُ الشَّيْطَانُ". وزاد ابن ماجه: "فَإذا جَارَ وَكَلَه الله إِلَى نَفْسِهِ". وللحاكم: "فَإذَا جَارَ تَبَرَّأَ الله مِنْهُ". وقال الترمذي: حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث عمران القطان. قلت: وفيه مقال، إلا أنّه ليس بالمتروك، وقد استشهد به البخاري (¬3) وصحح له ابن حبان (¬4) والحاكم (¬5). [6701]- وروى الطبراني في "الأوسط" (¬6) من رواية عبد الأعلى الثعلبي، عن بلال بن أبي بردة الأشعري، عن أنس: أنّ الحجاج أراد أن يجعل إليه قضاء البصرة، فقال أنس: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "مَن طَلَب الْقَضاءَ وَاستَعَانَ عَلَيْه وُكِلَ إِلى نَفْسِهِ، وَمَن لَمْ يَطْلُبه وَلَمْ يَسْتَعنْ عَلَيْه أَنْزَل الله عَلَيه مَلكًا يُسَدِّدُه". وقال: لا يروى عن أنس إلا بهذا الإسناد تفرّد به عبد الأعلى. انتهى. وقوله: "بلال بن أبي بردة" فيه نظر؛ فقد أخرجه البزار من طريق عبد الأعلى عن بلال بن مرداس، عن خيثمة، عن أنس، وقال: لا نعلمه عن أنس إلا من هذا الوجه. قال: وروي عن عبد الأعلى بغير ذكر خيثمة. ¬
قلت: ومن طريق خيثمة أخرجه أبو داود (¬1) والترمذي (¬2) والحاكم (¬3). 2826 - [6702]- حديث: أنه -صلى الله عليه وسلم- بعث عليا إلى اليمن قاضيًا فقال: يا رسول الله بعثتني أقضي بينهم، وأنا شاب لا أدري ما القضاء؟ قال: فضرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في صدري وقال: "اللَّهُمَّ اهْدِهِ، وَثَبِّتْ لِسَانَه"، فَوَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ مَا شَكَكْتُ في قَضَاءٍ بَينَ اثْنَينِ. أبو داود (¬4) والحاكم (¬5) وابن ماجه (¬6) والبزار (¬7) والترمذي (¬8) من طرق، عن علي، أحسنها رواية البزار، عن عَمرو بن مرة، عن عبد الله بن سلمة، عن علي. وفي إسناده عمرو بن أبي المقدام. واختلف فيه على عمرو بن مرة؛ فرواه شعبة، عنه، عن أبي البختري، قال: حدّثني من سمع عليا. أخرجه أبو يعلى (¬9)، وإسناده صحيح لولا هذا المبهم. ¬
ومنهم من أخرجه عن أبي البختري، عن علي، كما سيأتي. ومنها: ما رواه البزار أيضا (¬1) عن حارثة بن مضرب، عن علي، قال: وهذا أحسن أسانيده. ومنها: وهي أشهرها؛ رواية أبي داود (¬2) وغيره (¬3) من طريق سماك عن حنش ابن المعتمر عن علي. وأخرجها النسائي في "الخصائص" (¬4) والحاكم (¬5) والبزار (¬6). وقد رواه ابن حبان (¬7) من طريق سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن علي. ومنها: رواية ابن ماجه (¬8) من طريق أبي البختري، عن علي، وهذا منقطع. وأخرجها البزار (¬9) والحاكم (¬10). 2827 - [6703]- حديث: روي أنه -صلى الله عليه وسلم- لما أراد أن يبعث معاذًا إلى اليمن قال له: "كيف تَقْضِي إذَا غَلَبَك قَضَاءٌ؟ " قال: أقضي ¬
بكتاب الله، قال: "فَإنْ لَمْ تَجِدْ في كِتَابِ الله؟ " قَال: بسنة رسول الله. قال: "فَإنْ لَمْ تَجِدْ؟ " قال: أجتهد رأيي ولا آلو فضرب صدره وقال: "الْحَمْدُ لله الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِ الله لِمَا يَرْضَاه رَسُولُ الله". أحمد (¬1) وأبو داود (¬2) والترمذي (¬3) وابن عدي (¬4) والطبراني (¬5) والبيهقي (¬6) من حديث الحويرث بن عمرو، عن ناس من أصحاب معاذ، عن معاذ. قال الترمذي (¬7): لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وليس إسناده بمتصل. وقال البخاري في "تاريخه" (¬8): الحارث بن عمرو، عن أصحاب معاذ، وعنه أبو عون، لا يصح، ولا يعرف إلا بهذا. وقال الدارقطني في "العلل" (¬9): رواه شعبة، عن أبي عون، هكذا، وأرسله ابن مهدي وجماعات عنه، والمرسل أصح. ¬
قال أبو داود (¬1): أكثر ما كان يحدّثنا شبعة، عن أصحاب معاذ: أن رسول الله ... وقال مرة: عن معاذ. وقال ابن حزم (¬2): لا يصحّ؛ لأنّ الحارث مجهول، وشيوخه لا يعرفون. قال: وادعى بعضهم (¬3) فيه التواتر، وهذا كذب، بل هو ضد التّواتر؛ لأنه ما رواه أحد غير أبي عون، عن الحارث، فكيف يكون متواترًا! وقال عبد الحق (¬4): لا يسند، ولا يوجد من وجه صحيح. وقال ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (¬5): لا يصح وإن كان الفقهاء كلهم يذكرونه في كتبهم، ويعتمدون عليه، وإن كان معناه صحيحًا. وقال ابن طاهر في تصنيف له مفرد في الكلام على هذا الحديث: اعلم أني فحصت عن هذا الحديث في المسانيد الكبار والصغار، وسألت عنه من لقيته من أهل العلم بالنّقل، فلم أجد له غير طريقين: أحدهما طريق شعبة، والأخرى عن محمد بن جابر، عن أشعث بن أبي الشعثاء، عن رجل من ثقيف عن معاذ، وكلاهما لا يصح. قال: وأقبح ما رأيت فيه قول إمام الحرمين في كتاب "أصول الفقه" (¬6): والعمدة في هذا الباب على حديث معاذ. قال: وهذه زلة منه، ولو كان عالما بالنقل لما ارتكب هذه الجهالة. ¬
قلت: أساء الأدب على إمام الحرمين، وكان يمكنه أن يعبِّرَ بألين من هذه العبارة، مع أنّ كلام إمام الحرمين أشدّ مما نقله عنه؛ فإنه قال: والحديث مدوّن في الصحاح، متفق على صحّته، لا يتطرق إليه التأويل. كذا قال رحمه الله! وقد أخرجه الخطيب في "كتاب الفقيه والمتفقه" (¬1) من رواية عبد الرحمن بن غنم، عن معاذ بن جبل. فلو كان الإسناد إلى عبد الرحمن ثابتا لكان كافيا في صحّة الحديث. وقد استند أبو العباس ابن القاصّ في صحّته إلى تلقي أئمّة الفقه والاجتهاد له بالقبول، قال: وهذا القدر مُغْنٍ عن مجرّد الرواية. وهو نظير أخذهم بحديث: "لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ" مَع كون راويه إسماعيل بن عياش. 2828 - [6704]- حديث: "إنّ الله لا يُقدِّس أمّة لَيس فيهِمْ مَنْ يأخذ للضَّعِيفِ حَقَّه". ابن خزيمة (¬2) وابن ماجه (¬3) وابن حبان (¬4) من حديث جابر بلفظ: "كَيفَ تُقَدَّسُ أُمَّةٌ لَا يُؤخَذُ لِضَعِيفِهْم مِنْ شَدِيدِهِمْ". وفيه قصة. ¬
وفي الباب: [6705]- عن بريدة، رواه البيهقي (¬1). [6706]- وعن أبي سعيد؛ رواه ابن ماجه (¬2). [6707]- وعن قابوس بن المخارق، عن أبيه، رواه الطبراني (¬3) وابن قانع (¬4). [6708]- وعن خولة غير منسوبة (¬5)، يقال: إنها امرأة حمزة، رواه الطبراني (¬6) وأبو نعيم (¬7). [6709]- وروى الحاكم (¬8) والبيهقي (¬9) من حديث عثمان بن جبلة، عن سماك، عن شيخ، عن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب رفعه: "إن الله لَا يُقَدِّسُ أُمةً لَا تَأْخُذُ للضَّعِيفِ مِنَ القَوِيِّ حَقَّه وَهُو غَيْرُ مُتَعْتِعٍ". ورواه الحاكم (¬10) من حديث شعبة، عن سماك، عن عبد الله بن أبي سفيان ابن الحارث، به في قصة. ¬
قال البيهقي (¬1): المرسل أصح. وقال الحاكم: الموصول صحيح، والمرسل مفسِّرٌ لاسم المبهم الّذي في الموصول. هذا معنى كلامه، وفيه نظر. 2829 - [6710]- حديث: "مَنْ جُعل قَاضِيًا بَيْن النَّاسِ فَقَدْ ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ". أصحاب (¬2) "السنن" (¬3) والحاكم (¬4) والبيهقي (¬5) من حديث أبي هريرة، وله طرق. وأعله ابن الجوزي (¬6) فقال: هذا حديث لا يصح. وليس كما قال، وكفاه قوَّةً تخريج النّسائي له. وذكر الدارقطني (¬7) الخلاف فيه على سعيد المقبري، قال: والمحفوظ عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة. ¬
تنبيه
تنبيه قال ابن الصلاح: معناه ذبح من حيث المعنى؛ لأنّه بين عذاب الدنيا إن رَشد وبين عذاب الآخرة إن فَسد. وقال الخطابي (¬1) ومن تبعه: إنما عدل عن الذّبح بالسكين ليعلم أنّ المراد ما يخاف من هلاك دينه دون بدنه، والثاني: أنّ الذبح بالسكين يريح، وبغيرها؛ كالخنق وغيره يكون الألم فيه أكثر، فذكر ليكون أبلغ في التحذير. ومن الناس من فتن بمحبة القضاء فأخرجه عما يتبادر إلى الفهم من سياقه، فقال: إنما قال: "ذُبحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ" ليشير إلى الرّفق به، ولو ذبح بالسّكِّين لكان أشقّ عليه. ولا يخفى فساد هذا. 2830 - [6711]- حديث: "إنَّه ليُجَاءُ بِالْقَاضِي الْعَدْلِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَيلْقَى مِن شِدَةِ الْحِسَابِ مَا يَتَمَنَّى أَنَّه لَمْ يَقْضِ بَيْنَ اثْنَينِ في تَمْرَةٍ قَطّ". أحمد (¬2) والعقيلي (¬3) وابن حبان (¬4) والبيهقي (¬5) من حديث عائشة. قال العقيلي: عمران بن حطّان الراوي عن عائشة لا يتابع عليه، ولا يتبين لي ¬
سماعه منها. قلت: وقع في رواية الإِمام أحمد (¬1) من طريقه قال: دخلت على عائشة فذاكرتُها، حتى ذكرنا القاضي ... فذكره. * حديث عبد الرحمن بن سمرة: "لَا تَسْأَلِ الإِمَارَةَ ... " الحديث. تقدم. 2831 - [6712]- حديث: روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنّا لَا نُكْرِهُ أَحَدًا عَلَى الْقَضَاءِ". لم أجده هكذا، وفي المعنى: [6713]- حديث أبي مسعود: بعثني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ساعيًا، وقال: "لا أَلْقِيَنَّكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَجِيءُ وَعَلَى ظَهْرِكَ بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ قَد غَلَلْتَهُ"، قال: إذًا لا أنطلق، قال: "إذًا لا أُكْرِهَك". أخرجه أبو داود (¬2). [6714]- حديث: "لَنْ يُفلِحَ قَوْمٌ وَلِيَتْهُمُ امْرَأَةٌ". البخاري (¬3) من حديث أبي بكرة. 2832 - [6715]- حديث: "الْقضَاةُ ثَلَاَثةٌ: وَاحِدٌ في الْجَنَّةِ وَاثْنَانِ في ¬
النَّارِ، فَأمَّا الَّذِي في الْجَنَّةِ فَرجُلٌ عَرَفَ الْحَق فَقَضَى بِه، واللَّذَانِ في النَّارِ رَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَجَارَ في الْحُكْمِ، وَرَجُلٌ قَضَى في النَّاس عَلَى جَهْلٍ". أصحاب "السنن" (¬1) والحاكم (¬2) والبيهقي (¬3) من حديث بريدة. قال الحاكم في "علوم الحديث" (¬4): تفرّد به الخراسانيّون، ورواته مراوزة. قلت: له طرق غير هذه، قد جمعتها في "جزء مفرد". 2833 - [6716]- حديث: أن ابن عمر: امتنع من القضاء؛ لما استقضاه عثمان. الترمذي (¬5) وأبو يعلى (¬6) وابن حبان (¬7) من حديث عبد الملك بن أبي جميل، عن عبد الله بن موهب: أنّ عثمان قال لابن عمر: اذهب فاقض، قال: أو تعفيني يا أمير المؤمنين؟ قال: عزمت عليك إلّا ذهبت فقضيت، قال: لا ¬
تعجل، أما سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "مَن عَاذَ بِالله فَقَد عَاذَ بِمُعَاذٍ؟ " قال: نعم، قال: فإني أعوذ بالله أن أكون قاضيًا. قال: وما يمنعك وقد كان أبوك يقضي؟ قا ل: لأني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "مَن كَانَ قَاضِيًا فَقَضَى بِالْجَوْرِ كَانَ مِنْ أَهْلِ النّارِ، وَمَنْ كَان قَاضِيًا عَالِمًا فَقَضى بِحَقٍّ أَوْ بِعَدْلٍ سَأَلَ التَّفَلُّتَ كِفَافًا"، فَمَا أَرْجُو مِنْهُ بَعْدَ هَذَا؟ لفظ ابن حبان. ووقع في روايته "عبد الله بن وهب" وزعم: أنه عبد الله بن وهب بن زمعة بن الأسود القرشي، ووهم (¬1) في ذلك، وإنما هو عبد الله بن موهب، وقد شهد الترمذي، وأبو حاتم في "العلل" (¬2) تبعًا للبخاري أنه غير متصل، ورواه أحمد (¬3) من وجه آخر؛ عن ابن عمر، وعثمان بغير تمامه. 2834 - [6717]- حديث: "مَن سُئِل فَأَفْتَى بِغَيْرِ علْمٍ فَقَدْ ضَلَّ وَأَضَلَّ". لم أره هكذا، وهو مأخوذ من "المتفق عليه" (¬4) من: [6718]- حديث عبد الله بن عمرو: "إن الله لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزاعًا ... ". ففي آخره: "فَيَأْتِي نَاسٌ جُهَّالٌ يُسْتَفْتَون فَيُفْتُونَ بِرَأْيِهِمْ فَيَضِلُّون وَيضِلُّونَ". لفظ إحدى روايات البخاري. ¬
ولهما (¬1): "اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤَسَاءَ جُهَّالًا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمِ فَضَلّوا وَأَضَلُّوا". وهي أشهر (¬2). 2835 - [6719]- حديث: "مَنْ حَكَمَ بَينَ اثْنَين تَرَاضَيَا بِهِ فَلَمْ يَعْدِلْ فَعَلَيه لَعْنَةُ الله". ابن الجوزي في "التحقيق" (¬3) قال: ذكر عبد العزيز من أصحابنا من نسخه (¬4) عبد الله بن جراد، فذكره. وتعقبه صاحب "التنقيح" (¬5)، فقال: هي نسخة باطلة، كما صرح هو به في "الموضوعات"، وبالغ في الحطّ على الخطيب؛ لاحتجاجه بحديث منها فيما مضى من "كتاب التحقيق" (¬6). 2836 - [6720]- قوله: روي: أنّ عمر وأبي بن كعب: تحاكما إلى زيد بن ثابت. ¬
البيهقي (¬1) من حديث عامر الشّعبي قال: كان بين عمر وأبي خصومة في حائط فقال عمر: بيني وبينك زيد بن ثابت، فانطلقا، فطرق عمر الباب، فعرف زيد صوته فقال: يا أمير المؤمنين، ألا بعثت إلي حتى آتيك، فقال: في بيته يؤتى الحكم. 2837 - [6721]- حديث: يروى: أنّ عثمان وطلحة تحاكما إلى جبير بن مطعم. البيهقي (¬2) من رواية ابن أبي مليكة: أنّ عثمان ابتاع من طلحة أرضًا بالمدينة، بأرض له بالكوفة، ثم ندم عثمان، فقال: بعتك ما لم أره، فقال طلحة: إنما النّظر لي لأنك بعت ما رأيت، وأنا ابتعت مغيبا، فجعلا بينهما جبير بن مطعم حكما، فقضى على عثمان أنّ البيع جائز، وأن النظر لطلحة؛ لأنه ابتاع مغيبا. * حديث: أن النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- اختبر معاذًا. تقدم. 2838 - [6722]- قوله: هرب أبو قلابة من القضاء. أبو بكر بن أبي خيثمة حدثنا مسدد، حدثنا ابن علية، عن أيوب، قال: لما مات عبد الرحمن بن أذينة، ذُكر أبو قلابة للقضاء، فهرب إلى الشام. ¬
2839 - قوله: وهرب الثوري وأبو حنيفة. [6723]- أمّا الثوري؛ فروى الخطيب في "ترجمته" (¬1): أنه دخل على المهدي فأظهر التجانن، فجعل يمسح البساط، ويقول: ما أحسن بساطكم هذا؟ بكم أخذتم هذا؟ ثم قال: البول، البول، فلما خرج اختفى. فقال الشاعر: تَحَرَّزَ سُفْيَانٌ فَفَرَّ بِدِينِهِ ... وَأَمْسَى شَرِيكٌ مَرْصَدًا للدَّرَاهِمِ [6724]- وأما أبو حنيفة؛ فأخرج البيهقي (¬2) من طريق أبي يوسف قال: لما مات سوار قاضي البصرة، دعا أبو جعفر أبا حنيفة فقال: إنّ سوارا قد مات، وإنه لا بدّ للمصر من قاض، فأقبل القضاء، فقد ولّيتك قضاء البصرة. فذكر القصة في امتناعه. 2840 - قوله: روي أن الشّافعي أوصى المزني في مرض موته [بأن] (¬3) لا يتولّى القضاء. 2841 - وقوله: عرض على الشافعي في كتاب الرشيد بالقضاء، فلم يجبه البتة. لم أقف عليهما. ¬
2842 - وقوله: انتهى امتناع أبي علي بن خيران لما استقضاه الوزير بن الفرات حتّى خُتمت دورُه بالطّين أيامًا. قلت: ذكره الشيخ أبو إسحاق في "طبقاته". 2843 - [6725]- حديث: سئلت (¬1) عائشة عن القاضي العادل إذا استقضاه الأمير الباغي، هل يجيبه؟ فقالت: إن لم يقض لكم خيارُكم، قضى لكم شراركم. قال عمر بن شبة: في "كتاب السلطان" له حدثنا محمد بن حاتم، حدثنا إبراهيم ابن المنذر، حدثنا إبراهيم بن محمّد بن عبد العزيز، عن أبيه، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: اجتمعت أنا ونفر من أبناء المهاجرين، فقلنا: لو رحلنا إلى معاوية، ثّم قلنا: لو استشرنا أمَّنا عائشةَ، فدخلنا عليها، فذكرنا لها العيال والدَّيْن، فقالت: سبحان الله، ما للناس بد من سلطانهم. قلنا: إنا نخاف أن يستعملنا، قالت: سبحان الله! فإذا لم يستعمل خيارَكم يستعمل شرارَكم. 2844 - [6726]- حديث ابن عباس: أنه سئل عمّن قَتَل، أله توبة؟ فقال -مرة-: لا، وقال -مرة-: نعم، فسئل عن ذلك؟ فقال: رأيت في عيني الأوّل أنّه يقصد القتل فقمعته، وكان الثاني صاحب واقعة يطلب المخرج. ¬
ابن أبي شيبة (¬1) حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا أبو مالك الأشجعي، عن سعد ابن عبيدة، قال: جاء رجل إلى ابن عباس، فقال: ألمن قتل مؤمنا توبة؟ قال: لا إلى النّار (¬2). فلما ذهب قال له جلساؤه: ما هكذا كنت تفتينا، فما بال هذا اليوم؟ قال: إنّي أحسبه مغضَبًا، يريد أن يقتل مؤمناً، قال: فبعثوا في أثره فوجدوه كذلك رجاله ثقات. [6727]- وروى سعيد بن منصو ر، حدثنا سفيان، قال: كان أهل العلم إذا سُئلوا عن القاتل قالوا: لا توبة له، وإذا ابتلي رجل قالوا له: تب. وفي المعنى: [6728]- ما أخرجه أبو داود (¬3) عن أبي هريرة: أنّ رجلًا سأل النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- عن المباشرة للصّائم فرخص له، وأتاه آخر فسأله فنهاه، فإذا الذي رخص له شيخ، وإذا الذي نهاه شاب. 2845 - [6729]- قوله: كان الصّحابة يحيلون في الفتاوى، بعضهم على بعض مع مشاهدتهم التنزيل، ويحيدون عن استعمال الرّأي والقياس. ابن أبي خيثمة (¬4)، والرامهرمزي (¬5) من طريق عطاء بن السائب: سمعت ¬
عبد الرّحمن بن أبي ليلى، يقول: لقد أدركت في هذا المسجد عشرين ومائة من الأنصار، ما منهم أحد يحدّث إلا ودَّ أن أخاه كفاه الحديث، ولا يسئل عن فتيا إلا ودّ أن أخاه كفاه الفتيا (¬1). [6730]- ومن طريق داود بن أبي هند، قلت للشعبي: كيف كنتم تصنعون إذا سئلتم؟ قال: على الخبير سقطت، كان إذا سئل الرجل قال لصاحبه: افتهم فلا يزال حتى يرجع إلى الأول (¬2). وأخرجه عبد الغني بن سعيد في "أدب المحدّث" من هذا الوجه. [6731]- وفي مسلم (¬3) حديث أبي المنهال: أنّه سأل زيد بن أرقم عن الصرف؟ فقال: سل البراء بن عازب، فسأل البراء، فقال: سل زيدًا ... الحديث. **** ¬
>باب أدب القضاء< * حديث: أنّه -صلى الله عليه وسلم- كتب كتابا لعمرو بن حزم لما وجهه إلى اليمن. تقدّم في "الديات". * حديث: كتب أبو بكر لأنس كتابا. . الحديث. تقدم في "الزكاة". 2846 - [6732]- حديث عائشة: أنّ النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- دخل دار الهجرة يوم الاثنين. البخاري (¬1) عن عائشة، في حديث الهجرة، وهو طويل. 2847 - [6733]- حديث: أنّه -صلى الله عليه وسلم- دخل يوم الفتح وعليه عمامة سوداء. مسلم (¬2) عن جابر. 2848 - [6734]- قوله: كان لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- كُتّاب منهم زيد بن ثابت. ¬
ذكره البخاري تعليقا (¬1) ووصله أبو داود (¬2) عن زيد بن ثابت قال: لما قدم النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- المدينة ... فذكر قصّة، فيها: فكنت أكتب (¬3) له إلى اليهود، وأقرأ كتبهم إليه. [6735]- وفي "الصحيح" (¬4) من حديث أبي بكر: أنه قال لزيد بن ثابت: إنّك شاب عاقل، لا نتهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ... الحديث. وقال القضاعي: كان زيد بن ثابت يكتب عنه للملوك، مع ما كان يكتب من الوحي، وكان الزبير وجُهَيْم يكتبان أموال الصدقات. 2849 - [6736]- حديث: "أَيّما عَامِلٍ اسْتَعْمَلْنَاه وَفَرَضْنَا لَهُ رِزْقًا فَمَا أَصَابَ بَعْدَ رِزْقِه فَهُوَ غُلولٌ". أبو داود (¬5) والحاكم (¬6) من حديث بريدة. 2850 - [6737]- حديث: روي أنّه -صلى الله عليه وسلم- قال: "جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُم صِبيَانَكُم، وَمَجَانِينَكُمْ، وسَلَّ سُيُوفِكُمْ وَخُصُومَاتِكُمْ، وَرَفْعَ أَصْوَاتِكُمْ". ¬
ابن ماجه (¬1) من حديث مكحول عن واثلة به، وأتم منه. وقد تقدم للبيهقي (¬2) عنه عن أبي أمامة وواثلة جميعا. قال البيهقي (¬3): وروي عن مكحول، عن يحيى بن العلاء، عن معاذ، وليس بصحيح. وقال ابن الجوزي (¬4): إنه حديث لا يصح. [6738]- ورواه البزار (¬5) من حديث ابن مسعود، وقال: ليس له أصل من حديثه. [6739]- وله طريق أخرى عن أبي هريرة واهية. 2851 - [6740]- حديث: "مَن وَلِىَ مِنْ أمُورِ النَّاسِ شَيئًا فَاحْتَجَبَ حَجَبَهُ الله يَوْمَ القِيَامَةِ". أبو داود (¬6) والحاكم (¬7) من حديث القاسم بن مخيمرة، عن أبي مريم، وفيه قصّة له مع معاوية. ¬
[6741]- وأورد الحاكم (¬1) له شاهدًا عن عمرو بن مرة الجهني، وعنه رواه أحمد (¬2) والترمذي (¬3). [6742]- ورواه الطبراني في "الكبير" من حديث ابن عباس بلفظ: "أَيّما أَمِيرٍ احْتَجَبَ عَنِ النَّاسِ فَأَهَمَّهُم احْتَجَب الله عَنْهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ". قال ابن أبي حاتم عن أبيه في "العلل" (¬4): هذا حديث منكر. 2852 - [6743]- حديث: "لَا يَقْضِي الْقَاضِي إلَّا وَهُو شَبْعَان رَيَّان". الطبراني في "الأوسط" (¬5) والحارث في "مسنده" (¬6) والدارقطني (¬7) والبيهقي (¬8) من حديث أبي سعيد، وفيه: القاسم العمري، وهو متّهم بالوضع. 2853 - [6744]- حديث: روي: أنّه -صلى الله عليه وسلم- قال: "لَا يَقضِي الْقَاضِي بَينَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَان". ¬
متفق عليه (¬1) من حديث أبي بكرة، بمعناه. ورواه ابن ماجه (¬2) باللّفظ المذكور. * حديث الزبير والأنصاري اللّذين اختصما في شراج الحرّة. متفق عليه، وتقدم في "إحياء الموات". 2854 - قوله: كان النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- ومن بعده من الأئمّة يحكمون ولا يكتبون المحاضر والسجلات. هو مستفاد من الأحاديث السابقة في هذا الكتاب، لكن قد كتب النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- لجماعةٍ أقطع لهم. [6745]- وفي البخاري (¬3) من حديث أنس: أنّه دعا الأنصار؛ ليقطع لهم وأراد أن يكتب لهم كتابا. 2855 - [6746]- حديث أبي هريرة: "لَعَن الله الرّاشِي وَالْمُرْتَشِي". أحمد (¬4) والترمذي (¬5) وابن حبان (¬6)، قال الترمذي: وفي الباب عن عبد الله ¬
ابن عمرو، وعائشة، وأم سلمة. قلت: وفيه أيضا: عن عبد الرحمن بن عوف، وثوبان. [6747]-أمّا حديث عبد الله بن عمرو؛ فرواه أحمد (¬1) وأبو داود (¬2) وابن ماجه (¬3) وابن حبان (¬4). قال الترمذي (¬5): وقوّاه الدّارمي. [6748]- وأما حديث عائشة وأم سلمة؛ فينظر من أخرجهما (¬6). [6749]- أما حديث عبد الرحمن بن عوف؛ فرواه الحاكم (¬7) من حديث أبي سلمة، عن أبيه، وروي عن أبي سلمة، عن عبد الله بن عمرو، وهو أصح قاله الدارقطني في "العلل" (¬8). ¬
وقال الترمذي (¬1): لا يصح عن أبيه. [6750]- وأما حديث ثوبان؛ فرواه أحمد (¬2) والحاكم (¬3)، وفي إسناده ليث ابن أبي سليم، وذكر البزار (¬4) أنه تفرد به. 2856 - [6751]- حديث: "هَدَايَا الأُمَرَاءِ غُلُولٌ". البيهقي (¬5) وابن (¬6) عدي (¬7) من حديث أبي حميد، وإسناده ضعيف. [6752]- والطبراني في "الأوسط" (¬8) من حديث أبي هريرة، وإسناده أشدّ ضعفا. [6753]- وفيه (¬9): عن جابر، أخرجه سنيد بن داود في "تفسيره" عن عبدة ابن سليمان، عن إسماعيل بن مسلم، عن الحسن، عن جابر، وإسماعيل، ضعيف. ¬
2857 - [6754]- قوله: ويروى: "هَدايَا الْعُمَّالِ سُحْتٌ". الخطيب في "تلخيص المتشابه" (¬1) من حديث أنس. 2858 - [6755]- حديث: "عَدَلَتْ شَهَادَةُ الزُّورِ الإِشْرَاكَ بِالله"، وتلا قوله تعالى {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} الآية. أحمد (¬2) وأبو داود (¬3) وابن ماجه (¬4) من حديث خريم بن فاتك، بهذا، وأتم منه، وإسناده مجهول. [6756]- ورواه أحمد (¬5) أيضًا والترمذي (¬6) من حديث أيمن بن خريم، وقال: لا نعرف لأيمن سماعًا من النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: وإنما نعرفه. . . وأشار إلى حديث خريم. 2859 - [6757]- حديث: "اقْتَدُوا باللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ". ¬
أحمد (¬1) والترمذي (¬2) وابن ماجه (¬3) وابن حبان (¬4) والحاكم (¬5) من حديث عبد الملك بن عمير، عن ربعي، عن حذيفة. واختلف فيه على عبد الملك. وأعله ابن أبي حاتم (¬6) عن أبيه. وقال العقيلي (¬7) -بعد أن أخرجه من حديث مالك، عن نافع، عن ابن عمر-: لا أصل له من حديث مالك، وهو يُروى عن حذيفة بأسانيد جياد تثبت. وقال البزار وابن حزم (¬8): لا يصح؛ لأنّه عن عبد الملك، عن مولى ربعي -وهو مجهول- عن ربعي. ورواه وكيع، عن سالم المرادي، عن عمرو بن [هرم] (¬9)، عن ربعي، عن رجل من أصحاب حذيفة، عن حذيفة (¬10). فتبين أنّ عبد الملك لم يسمعه من ربعي، وأن ربعيا لم يسمعه من حذيفة. ¬
قلت: أما مولى ربعي؛ فاسمه هلال وقد وُثِّقَ (¬1) وقد صرّح ربعي بسماعه من حذيفة في رواية. [6758]- وأخرج له الحاكم (¬2) شاهدًا من حديث ابن مسعود، وفي إسناده يحيى بن سلمة بن كهيل، وهو ضعيف. ورواه الترمذي (¬3) من طريقه، وقال: لا نعرفه إلا من حديثه. 2860 - [6759]- حديث: "عَلَيكُمْ بِسُنَّتِي وَسنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مِنْ بَعدِي". أحمد (¬4) وأبو داود (¬5) والترمذي (¬6) وابن ماجه (¬7) وابن حبان (¬8) والحاكم (¬9) من حديث العرباض بن سارية. قال البزار (¬10): هو أصح سندًا من حديث حذيفة. ¬
قال ابن عبد البر (¬1): هو كما قال. وطرَّقَه (¬2) الحاكم في "العلم" من "مستدركه" (¬3) وقال: قد استقصيت في تصحيح هذا الحديث بعض الاستقصاء. 2861 - [6760]- حديث: "أصحَابِي كَالنُّجُوم بِأَيِّهِم اقْتَدَيْتُمْ اهْتَدَيْتُمْ". عبد بن حميد في "مسنده" (¬4) من طريق حمزة النصيبي، عن نافع، عن ابن عمر، وحمزة ضعيف جدا. ورواه الدارقطني في "غرائب مالك" من طريق جميل بن زيد، عن مالك، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر. وجميل لا يعرف، ولا أصل له في حديث مالك ولا من فوقه. وذكره البزار (¬5) من رواية عبد الرحيم بن زيد العمّي، عن أبيه، عن سعيد بن المسيب، عن عمر. وعبد الرحيم كذّاب. [6761]- ومن حديث أنس أيضا، وإسناده واهٍ. [6762]- ورواه القضاعي في "مسند الشهاب" (¬6) له من حديث الأعمش، ¬
عن أبي صالح، عن أبي هريرة. وفي إسناده جعفر بن عبد الواحد الهاشمي، وهو كذاب. [6763]- ورواه أبو ذرّ الهروي في "كتاب السنة" من حديث مندل، عن جويبر، عن الضحاك بن مزاحم، منقطعا. وهو في غاية الضعف. قال أبو بكر البزار: هذا الكلام لم يصحّ عن النّبيّ (¬1) -صلى الله عليه وسلم-. وقال ابن حزم: هذا خبر مكذوب موضوع باطل. وقال البيهقي في "الاعتقاد" (¬2) عقب: [6764]- حديث أبي موسى الأشعري الذي أخرجه مسلم (¬3) بلفظ: "النُّجُومُ أَمَنَةُ السَّمَاءِ، فَإذَا ذَهَبَتِ النُّجُومُ أَتَى أَهْلَ السُّماءِ مَا يُوعَدُونَ، وَأَصحَابِي أَمَنَةٌ لأمَّتي فَإذَا ذَهَب أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِي مَا يُوعَدُونَ". قال البيهقي: روي في حديث موصول بإسناد غير قوي -يعني: حديث عبد الرحيم العمى-. وفي حديث منقطع -يعني: حديث الضحاك بن مزاحم-: "مَثَلُ أَصْحَابِي كَمَثَلِ النُّجُومِ في السَّمَاءِ مَنْ أَخَذ بِنَجْمٍ مِنْهَا اهْتَدَى". قال: والذي رويناه ههنا من الحديث الصحيح يؤدّي بعضَ معناه. قلت: صدق البيهقي هو يؤدِّي صحّة التشبيه للصّحابة بالنجوم خاصّة، أمّا في الاقتداء فلا يظهر في حديث أبي موسى. ¬
نعم يمكن أن يتلمّح ذلك من معنى الاهتداء بالنجم، وظاهر الحديث إنما هو إشارة إلى الفتن الحادثة بعد انقراض عصر الصحابة، من طمس السنن وظهور البدع، وفشو الجور في أقطار الأرض. والله المستعان. * حديث: أنه -صلى الله عليه وسلم- سئل عن الفأرة تقع في السمن. . . الحديث. تقدم في "البيوع". * حديث: النهي عن التّضحية بالعوراء. تقدم في بابه. * حديث: "لَا يَقْضِي الْقَاضِي وَهُوَ غَضْبَان". تقدم. * حديث: "لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ في الْمَاءِ الرَّاكِدِ". تقدم في "الطهارة". * حديث: "إنَّما نَهَيتُكُمْ مِنْ أَجْلِ الدَّافّة". تقدم في "الأضاحي". * حديث: أنه -صلى الله عليه وسلم- سها فسجد. تقدم في "الصلاة". * حديث: أنّ ماعزًا زنا فَرُجم.
تقدم في "الحدود". * حديث: أنّ بريرة عتقت فخُيِّرت. تقدم في "النكاح". * حديث: "إذا حَكَم الْحَاكِمُ فَاجْتَهَد ... ". تقدم قريبا. 2862 - [6765]- حديث: "إنَّما أنَا بَشَرٌ وإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُون إِلَيّ، وَلَعلَّ بَعْضُكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِه مِن بَعْض ... " الحديث. متفق عليه (¬1) من حديث أمّ سلمة، وله ألفاظ. 2863 - [6766]- حديث: روي أنّه -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنَّمَا نَحْكُمُ بِالظَّاهِرِ وَالله يَتَوَلَّى السَّرَائِر". هذا الحديث استنكره المزني فيما حكاه ابن كثير عنه في "أدلة التنبيه". وقال النسائي (¬2): في "سننه": "باب الحكم بالظاهر" ثمّ: أورد حديث أمّ سلمة الذي قبله. ¬
وقد بَيّنتُ "تخريج أحاديث المنهاج" للبيضاوي سبب وقوع الوهم من الفقهاء في جعلهم هذا حديثًا مرفوعًا، وأن الشّافعي قال في كلام له: وقد أمر الله نبيه أن يحكم بالظّاهر والله متولي السرائر. وكذا قال ابن عبد البر في "التمهيد" (¬1): أجمعوا أنّ أحكام الدّنيا على الظّاهر وأنّ أمر السرائر إلى الله. وأغرب إسماعيل بن علي بن إبراهيم بن أبي القاسم الْجَنْزَوِي في كتابه "إدارة الأحكام" فقال: إن هذا الحديث ورد في قصهّ الكندي والحضرمي اللّذين اختصما في الأرض، فقال المقضي عليه: قضيت عليّ والحقّ لي فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّما أَقضي بالظّاهر والله يتولَّى السَّرائرَ". وفي الباب: [6767]- حديث عمر: إنما كانوا يؤخذون بالوحي على عهد النّبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وإن الوحي قد انقطع، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم. أخرجه البخاري (¬2). [6768]- وحديث أبي سعيد رفعه: "إنِّي لَمْ أُؤمَرْ أَنْ أُنَقِّبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ". وهو في "الصحيح" (¬3) في قصة الذّهب الذي بعث به علي. * وحديث أمّ سلمة الذي قبله، وحديث ابن عباس (¬4) الذي بعده. ¬
2864 - [6769]- حديث: أنّه -صلى الله عليه وسلم- قال في قصّة الملاعنة: "لَو كُنْتُ رَاجمًا أَحَدًا مِن غَير بَيِّنَةٍ رَجَمْتُهَا". مسلم (¬1) من حديث ابن عباس، وفيه قصة. 2865 - [6770]- حديث أبي هريرة: أن النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- قضى بالشّاهد واليمين. الشافعي (¬2) وأصحاب "السنن" (¬3) وابن حبان (¬4). وقال ابن أبي حاتم في "العلل" (¬5) عن أبيه، هو صحيح. ورواه البيهقي (¬6) من حديث مغيرة بن عبد الرحمن، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة. ونَقَل (¬7) عن أحمد: أن حديث الأعرج ليس في الباب أصحّ منه. ¬
2866 - قوله: واشتهر أن سهيلا رواه عن أبيه، وسمعه منه ربيعة، ثم اختلط حفظه لشجّة أصابته، فكان يقول: أخبرني ربيعة: أنّي أخبرتُه، عن أبي هريرة. قلت: هذه القصه ذكرها الشافعي (¬1) عن الدّراوردي، عن سهيل، به. ولكن فيه: وكان قد أصاب سهيلا علّة أذهبت عقله، ونسي بعض حديثه. وذكرها الدارقطني والخطيب في كتاب "من حدَّث فنسي" (¬2). ورواه الحاكم (¬3) والبيهقي (¬4) من طرق. [2867]-[6771]- حديث: أنّه -صلى الله عليه وسلم- قضى أن يجلس الخصمان بين يدي القاضي. أحمد (¬5) وأبو داود (¬6) والبيهقي (¬7) والحاكم (¬8) من حديث عبد الله بن الزبير، وفيه قصة، وفي إسناده مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير وهو ضعيف. ¬
وقد تقدم حديث علي: "إذَا جَلَس إِلَيْك الْخَصمَانِ ... ". [6772]- وروى أبو يعلى (¬1) والدارقطني (¬2) والطبراني في "الكبير" (¬3) من حديث أم سلمة: "مَنِ ابْتُلِي بِالْقَضَاءِ بَيْن الْمُسْلِمِين فَلْيَعْدِلْ بَيْنَهُم في لَحْظِهِ وإشَارَتِه وَمَقْعَدِه وَمَجْلِسِه، وَلَا يَرْفَعُ صَوْتَه عَلى أحدِ الْخَصْمَيْن مَا لَا يَرْفَعُ عَلى الآخَر". لفظ الطبراني والدارقطني. وقد فرقاه حديثين، وجمعه أبو يعلى بمعناه، وفي إسناده عبّاد بن كثير، وهو ضعيف. 2868 - [6773]- حديث علي: أنه جلس بجنب شريح في خصومة له مع يهودي، فقال: لو كان خصمي مسلما جلست معه بين يديك، ولكني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "لَا تسَاوُوهُمْ في الْمَجَالِسِ". أبو أحمد الحاكم في "الكنى" في ترجمة "أبي سمير" عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي قال: عرف علي درعًا له مع يهودي، فقال: يا يهودي درعي سقطت مني .. فذكره مطوَّلا. وقال: منكر. وأورده ابن الجوزي في "العلل" (¬4) من هذا الوجه، وقال: لا يصح، تفرد به ¬
أبو سمير. [6774]- ورواه البيهقي (¬1) من وجه آخر من طريق جابر، عن الشعبي، قال: خرج عَلِي إلى السّوق فإذا هو بنصراني يبيع درعا، فعرف عَلِيّ الدرع .. فذكره بغير سياقه. وفي رواية له (¬2): لولا أن خصمي نصراني لجثيت بين يديك. وفيه عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي وهما ضعيفان. وقال ابن الصلاح في "الكلام على أحاديث الوسيط": لم أجد له إسنادًا يثبت. وقال ابن عساكر في "الكلام على أحاديث المهذب": إسناده مجهول. 2869 - [6775]- حديث علي: "لَا يُضَيِّفُ أحَدُكُمْ أَحَدَ الْخَصْمَيْنِ إلَّا أنْ يَكُونَ خَصْمُه مَعَه". البيهقي (¬3) بإسناد ضعيف منقطع، وهو في "مسند إسحاق بن راهويه" قال: أخبرنا محمد بن الفضل، عن إسماعيل بن مسلم، عن الحسن قال: جاء رجل فنزل على عليّ فأضافه، فلما فرغ قال إني أريد أن أخاصم، فقال: تحول، فإن النّبي -صلى الله عليه وسلم- نهانا أن (¬4) نضيّف الخصم إلَّا ومعه خصمه. ¬
وأخرجه عبد الرزاق (¬1) من هذا الوجه. [6776]- ولكن رواه ابن خزيمة في "صحيحه" (¬2) عن موسى بن سهل الرملي عن محمد بن عبد العزيز الرملي، عن القاسم بن غصن، عن داود بن أبي هند، عن أبي حرب بن أبي الأسود، عن أبيه، عن علي، قال: كان النّبيّ - صلى الله عليه وسلم -: لا يُضيِّف الخصم إلا وخصمه معه، ذكره البيهقي أنّه قرأه في كتابه. وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (¬3) عن علي بن سعيد الرازي، عن موسى بن سهل الرملي، به، بلفظ: نهى النّبي -صلى الله عليه وسلم- أن يضيف أحد الخصمين دون الآخر، وقال: تفرد به الواسطي. انتهى. والقاسم بن غصن مضعّف (¬4). * حديث: أنّ أعرابيًّا شهد عند النّبي -صلى الله عليه وسلم- برؤية الهلال، فسأل عن إسلامه وقبل شهادته. تقدم في "الصيام". ¬
2870 - [6777]- حديث: أوّل من فرق الشّهود دانيال شُهِدَ عنده بالزّنا على امرأة، ففرقهم وسألهم، فقال أحدهم: زنت بشابّ تحت شجرة كمثرى، وقال الآخر: تحت شجرة تفاح فعرف كذبهم. البيهقي (¬1) من رواية أبي إدريس قال: كان دانيال أوّل من فرق بين الشّهود ... فذكره مطوّلا. [6778]- وقد روى الحسن بن سفيان في "مسنده" وابن عساكر في ترجمة "سليمان" (¬2) من طريقه من حديث ابن عباس قصّة طويلةً لسليمان بن داود في الأربعة الّذين شهدوا على المرأة بالزّنا؛ لكونها امتنعت منهم أن يزنوا بها، فأمر داود برجمها فمرّوا على سليمان، ففرق بين الشّهود ودرأ الحدّ عنها. فعلى هذا هو أوّل من فرّق. 2871 - [6779]- حديث: أنّ عمر لما بعث ابن مسعود قاضيا على الكوفة كتب له كتابًا. أخرجه البيهقي (¬3) من طريق ابن عيينة، عن عامر بن شقيق: أنه سمع أبا وائل يقول: إن عمر استعمل ابن مسعود على القضاء، وبيت المال ... وذكر القصّة. ¬
2872 - [6780]- حديث: أنّ أبا بكر كان يأخذ من بيت المال كلّ يوم درهمين. لم أره هكذا، وروى ابن سعد (¬1) بسند صحيح إلى ميمون الجزري والد عمرو قال: لما استخلف أبو بكر جعلوا له ألفين، قال: زيدوني فإن لي عيالا، وقد شغلتموني عن التجارة، فزادوه خمسمائة. 2873 - [6781]- حديث: أنّ عمر كان يرزق شريحا في كل شيهر مائة درهم. لم أره هكذا. [6782]- وروى عبد الرزاق في "مصنفه" (¬2) عن الحسن بن عمارة، عن الحكم: أنّ عمر رزق شريحا وسلمان بن ربيعة الباهلي على القضاء. وهذا ضعيف منقطع. [6783]- وفي البخاري (¬3) تعليقا: كان شريح يأخذ على القضاء أجرًا. وقد ذكرت من وصله في "تغليق التعليق" (¬4). ¬
2874 - [6784]- حديث الحسن البصري في قوله: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ}، قال: كان -صلى الله عليه وسلم- غنيا عن مشاورتهم، وإنما أراد بذلك أن يستنّ الحكام بعدُ بهذا الأمر. سعيد بن منصور، عن سفيان، عن ابن شبرمة، عن الحسن، نحوه. [6785]- ورواه السلمي في "أدب الصحبة" من حديث طاوس، عن ابن عباس، مرفوعا، وفيه: عباد بن كثير وهو ضعيف جدا. 2875 - [6786]- حديث شريح: اشترط علي عمر حين ولّاني القضاء أن لا أبيع ولا أبتاع، ولا أقضي وأنا غضبان. لم أجده (¬1). 2876 - [6787]- حديث (¬2) مالك: عن يحيى بن سعيد: سمعت القاسم بن محمّد يقول: أتت امرأة إلى عبد الله بن عبّاس، فقالت: إنّي نذرت أن أنحر ابني فقال ابن عباس: لا تنحري ابنك، [و] (¬3) كفّري عن يمينك. . الحديث. ¬
البيهقي في "الخلافيات" (¬1) من طريق مالك بهذا. 2877 - [6788]- حديث أبي بكر: أنّه قال في الكلالة: أقول فيها برأيي، فإن كان صوابا فمن الله، وإن كان خطأ فمني، وأستغفر الله. عبد الرحمن بن مهدي، عن حماد بن زيد، عن سعيد، عن محمّد بن سيرين قال: لم يكن أَهْيَبَ لما لا يعلم (¬2) بعد رسول الله من أبي بكر، ولا بعد أبي بكر من عمر، وإنّها نزلت بأبي بكر فريضة فلم يجد لها في كتاب الله أصلا، ولا في السنة أثرا، فقال: أقول فيها برأيي، فإن يكن صوابا فمن الله، وإن يكن خطأ فمنِّي وأستغفر الله. أخرجه قاسم بن محمد في "كتاب الحجة والرد على المقلّدين"، وهو منقطع (¬3). 2878 - قوله: وروي عن عمر وعلي وابن مسعود مثله، في وقائع مختلفة. ¬
[6789]- أما عمر: ففي البيهقي (¬1) من طريق الثّوري عن الشيباني، عن أبي الضّحى، عن مسروق، قال: كتب كاتب لعمر: هذا ما أرى الله أمير المؤمنين عمر، فانتهره، وقال: لا، بل اكتب هذا ما رأى عمر، فإن كان صوابا فمن الله، وإن كان خطأ فمن عمر. إسناده صحيح. وأمّا عليّ: ففي قصة أمهات الأولاد، نحوه. كما سيأتي. وأما ابن مسعود: ففي قصّة بروع بنت واشق، رواه النسائي (¬2) وغيره. وقد تقدم في "الصداق". * قوله: خالفت الصحابة أبا بكر في الجدّ، وعمر في المشركّة. تقدما في "الفرائض". 2879 - [6790]- حديث: عمر أنّه كان يفاضل بين الأصابع في "الديات" لتفاوت منافعها، حتى روي له في الخبر التّسوية بينها فنقض حكمه. الخطابي في "المعالم" (¬3) عن سعيد بن المسيب: أنّ عمر كان يجعل في الإبهام خمسة عشر، وفي التي تليها عشرة، وفي الوسطى عشرين، وفي الّتي تلي الخنصر بسبع، وفي الخنصر بست، حتى وجد كتابًا عند عمرو بن حزم عن ¬
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: إن الأصابع كلّها سواء، فأخذ به. وروى الشافعي في "الرسالة" (¬1) عن سفيان، والثقفي (¬2) عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب، مثله، لا من قوله: حتى وجد ... إلى آخره، فذكره في "اختلاف الحديث" (¬3). 2880 - [6791]- حديث عمر: أنه كتب إلى أبي موسى: لا تَدَعنّ قضاء قضيته، ثم راجعت فيه نفسك، فهديت لرشدك أن تنقضه، فإن الحق قديم لا ينقضه شيء، والرجوع إلى الحق خير من التّمادي في الباطل. الدارقطني (¬4) والبيهقي (¬5) من حديث عمر أتمّ منه. وساقه ابن حزم من طريقين (¬6) وأعلّهما بالانقطاع، لكن اختلاف المخرج فيهما مما يقوّي أصل الرّسالة، لا سيما وفي بعض طرقه: أنّ راويه أخرج الرسالة مكتوبة. ¬
2881 - [6792]- حديث علي: أنه نقض قضاء شريح: بأن شهادة المولى لا تقبل بالقياس الجلي، وهو أن ابن العمِّ تقبل شهادته مع أنه أقرب من المولى. لم أجده. 2882 - [6793]- حديث عمر: إذ حكم بحرمان الأخ من الأبوين في المشرَّكَة، ثم شرَّك بعد ذلك، فقال: ذاك على ما قضينا، وهذا على ما نقضى، ولم ينقض قضاءه الأوّل. الدارمي (¬1) والدارقطني (¬2) والبيهقي (¬3) من حديث الحكم بن مسعود. ووقع في "النهاية" و" الوسيط" (¬4) على العكس: أنه قضى بإسقاط الأخ من الأبوين بعد أن شرَّك في العام الماضي. قال ابن الصلاح: وهو سهو قطعًا، وإنما هو على العكس: شرّك بعد أن لم يُشرِّك، كذا رواه والبيهقي والناس. ووقع في البحر قصة الحمارية ولم يعزه (¬5). ¬
2883 - حديث: أن عمر كان له دِرَّة يؤدِّب بها. هذا تكرر في الآثار ومنه: [6494]- ما روى الخطيب في "الرواة عن مالك" في ترجمة "أحمد بن إبراهيم الموصلي" عن مالك، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن سعيد بن المسيب (¬1) عن أبيه: أن مسلما ويهوديًّا اختصما إلى عمر، فذكر قصة فيها: فعلاه بالدِّرَّة. قلت: [6795]- وفي البخاري تعليقا في أواخر "العتق" (¬2): أن أنسا لما أبى أن يكاتب سيرين علاه عمر بالدِّرَّة، ويتلو عمر: (فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهم خَيْرًا). وقد ذكرت من وصله في "تغليق التعليق" (¬3). وفي المسألة -أعني اتخاذ الدِّرَّة-: [6796]- حديثٌ مرفوعٌ عند أبي داود (¬4) من رواية ميمونة بنت كردم، عن أبيها (¬5). ¬
2884 - [6797]- حديث: أنّ عمر اشترى دارًا بأربعة آلاف، وجعلها سجنا. البيهقي (¬1) من حديث نافع بن عبد الحارث: أنه اشترى من صفوان بن أمية دارا للسّجن لعمر بن الخطاب بأربعة آلاف، وعلقه البخاري (¬2). 2885 - [6798]- حديث أبي بكر: لو رأيت أحدا على حدّ لم أحدّه حتى يشهد عندي شاهدان بذلك. أحمد (¬3) بسند صحيح إلا أن فيه انقطاعا: لو رأيت رجلًا على حدّ من حدود الله ما أخذته، ولا دعوت له أحدا حتى يكون معي غيري. وأخرجه البيهقي (¬4) من وجه آخر منقطعا. قلت: [6799]- وفي البخاري تعليقا (¬5) قال عمر لعبد الرحمن بن عوف: لو رأيت رجلًا على حدّ؟ قال: أرى شهادتك شهادة رجل من المسلمين، قال: ¬
أصبت. ووصله البيهقي (¬1). 2886 - [6800]- حديث: أنّ شاهدين شهدا عند عمر، فقال لهما: إني لا أعرفكما, ولا يضركما أن لا أعرفكما، ائتيا بمن يعرفكما، فأتيا برجل، فقال: كيف تعرفهما؟ قال: بالصّلاح والأمانة، قال: كنت جارًا لهما؟ قال: لا. قال: صحبتهما في السفر الذي يسفر على أخلاق الرجال؟ قال: لا. قال: فأنت لا تعرفهما، ائتيا بمن يعرفكما. العقيلي (¬2) والخطيب في "الكفاية" (¬3) والبيهقي (¬4) من طريق داود بن رشيد، عن الفضل بن زياد، عن شيبان، عن الأعمش، عن سليمان بن مسهر، عن خرشة بن الحرّ قال: شهد رجل عند عمر ... فذكره أتَمّ من هذا. قال العقيلي: الفضل مجهول، وما في هذا الكتاب حديث لمجهول أحسن من هذا (¬5) وصحّحه أبو علي ابن السّكن. **** ¬
باب القضاء على الغائب
باب القضاء على الغائب * حديث هند بنت عتبة: أنّها قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجلٌ شحيح ... الحديث. تقدم في "النفقات" * حديث: "اغْدُ يَا أُنَيْسُ عَلَى امْرَأَةِ هَذا فَإِن اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا". تقدم في "حد الزنا". * حدثنا عمر في قصة أسيفع جهينة: "مَنْ كَان لَهُ عَلَيْه دَيْنٌ فَلْيَأْتِنَا غدًا فَإنَّا بَايِعُو مَالِه". تقدم في "الحجر" وهو في "الموطأ". ****
باب القسمة
باب القسمة * حديث: أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يقسم الغنائم بين المسلمين. متفق عليه من حديث جابر، ومن حديث ابن مسعود، وغيرهما، وقد تقدم في "قسم الفيء والغنيمة" عدّة أحاديث. * حديث: أنه -صلى الله عليه وسلم- جزَّأ العبيد الستّة الذين أعتقهم الأنصاري في مرض موته ثلاثة أجزاء. مسلم (¬1). وسيأتي في "العتق". 2887 - حديث: "لَا ضَرَرَ ولَا ضِرَارَ". ابن ماجه (¬2) والدارقطني (¬3) من حديث أبي سعيد. ورواه مالك (¬4) مرسلا. **** ¬
(81) كتاب الشهادات
(81) كتاب الشهادات
2888 - [6801]- حديث: أنّه -صلى الله عليه وسلم- سئل عن الشهادة؟ فقال للسائل: "تَرَى الشَّمْسَ؟ " قال: نعم، فقال: "عَلَى مِثْلِها فَاشْهَدْ أَوْ دَعْ". العقيلي (¬1) والحاكم (¬2) وأبو نعيم في "الحلية" (¬3) وابن عدي (¬4) والبيهقي (¬5) من حديث طاوس، عن ابن عباس. وصححه الحاكم، وفي إسناده محمَّد بن سليمان بن مسمول، وهو ضعيف. وقال البيهقي: لم يرو من (¬6) وجه يعتمد عليه. 2889 - [6802]- حديث: "أَكْرِمُوا الشُّهُودَ". العقيلي في "الضعفاء" (¬7) من حديث ابن عباس، وقال: لا يعرف إلَّا من رواية عبد الصّمد بن علي، وتفرد به إبراهيم بن عبد الصمّد، عن أبيه عبد الصمد بن موسى، عن إبراهيم بن محمَّد الإِمام، عنه. انتهى. ¬
وقال ابن طاهر في "التذكرة": رواه ابن [أبي] (¬1) مسرّة، عن عبد الصمد بن موسى أيضا. وقال العقيلي (¬2): هذا الحديث غير محفوظ. وأورده في ترجمة "إبراهيم بن محمَّد الهاشمي" وصرح الصغاني بأنه موضوع. * حديث: "لَيس لَكَ إلا شاهداكَ أَوْ يَمِينُه". متفق عليه (¬3) من حديث الأشعث بن قيس دون قوله: "ليس لك إلا". وسيأتي في "الدعوى والبينات". 2890 - [6803]- حديث: روي أنّه -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تُقْبَلُ شَهادَةُ أهْلِ دِينٍ عَلى غَير أَهل دِينٍ إلَّا الْمُسْلِمُون، فإنَّهم عُدولٌ على أَنْفُسِهم وَعلَى غيرهِمْ". البيهقي (¬4) من طريق الأسود بن عامر شاذان (¬5): كنت عند سفيان الثوري، فسمعت شيخا يحدث: عن يحيى أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، نحوه وأتم منه. قال شاذان: فسألت عن اسم الشّيخ فقالوا: عمر بن راشد. قال البيهقي: وكذا رواه الحسن بن موسى، وعلي بن الجعد، عن عمر بن ¬
راشد، وعمر ضعيف، وضعفه أبو حاتم (¬1). وفي معارضه (¬2): [6804]- حديث جابر: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أجاز شهادة أهل الكتاب بعضهم على بعض. أخرجه ابن ماجه (¬3)، وفي إسناده مجالد، وهو سيء الحفظ. 2891 - [6805]- حديث: "لا تُقْبَل شَهَادَةُ خَائنٍ وَلا خَائِنَةٍ، ولا زَانٍ وَلا زَانِيةٍ". أبو داود (¬4) وابن ماجه (¬5) والبيهقي (¬6) من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، وسياقهم أتم، وليس فيه ذكر "الزاني والزانية" إلا عند أبي داود، وسنده قوي. [6806]- ورواه الترمذي (¬7) والدارقطني (¬8) والبيهقي (¬9) من حديث عائشة بلفظ: "لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ خَائِنٍ وَلا خَائِنَةٍ، وَلا ذِي غَمْرٍ لأخِيهِ، وَلا ظِنِّينٍ ¬
وَلا قَرَابَة". وفيه يزيد بن زياد الشامي، وهو ضعيف. وقال الترمذي: لا يعرف هذا من حديث الزّهريّ إلَّا من هذا الوجه، ولا يصح عندنا إسناده. وقال أبو زرعة في "العلل" (¬1): منكر. وضعفه عبد الحق (¬2) وابن حزم (¬3) وابن الجوزي (¬4). [6807]- ورواه الدارقطني (¬5) والبيهقي (¬6) من حديث عبد الله بن عمرو، وفيه عبد الأعلى، وهو ضعيف، وشيخه يحيى بن سعيد الفارسي ضعيف. قال البيهقي: لايصحّ من هذا شيءٌ عن النّبيّ -صلى الله عليه وسلم-. 2892 - [6808]- قوله: اشتهر في الخبر: "مَا مِنَّا إلَّا مَنْ عَصَى أَوْ هَمَّ بِمَعْصِيَةٍ إلَّا يَحْيَى بن زَكريَا". قلت: المشهور بلفظ: "مَا مِنْ آدَميٍّ إلَّا وَقَدْ أَخْطَأ أَوْ هَمَّ بِخَطِيئَةٍ أَوْ عَمِلَهَا إلَّا يَحْيىَ بن زَكَرِيَّا، لَمْ يَهِمَّ بِخَطِيئَةٍ وَلَمْ يَعْمَلْهَا". ¬
رواه أحمد (¬1) وأبو يعلى (¬2) والحاكم (¬3). وهذا لفظه -من حديث ابن عباس، ولفظهما: "مَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ وَلَدِ آدَمَ إلَّا وقَدْ أَخْطَأَ أَوْ هَمَّ بِخَطيَئَةٍ لَيْس يَحْيَى بن زَكَرِيّا". وهو من رواية علي بن زيد بن جدعان، عن يوسف بن مهران، وهما ضعيفان. وله طريق أخرى عند البزار، من رواية محمد بن عون الخراساني، وهو ضعيف. وفي الباب: [6809]- عن أبي هريرة في "الطبراني الأوسط" (¬4) و"كامل ابن عدي" في ترجمة "حجاج بن سليمان" (¬5). [6810]- وأخرجه البيهقي (¬6) بإسناد صحيح إلى الحسن، عن النّبيّ -صلى الله عليه وسلم-، مرسلًا. [6811]- وأخرجه عبد الرّزاق من طريق سعيد (¬7) بن المسيب مرسلًا أيضا. 2893 - [6812]- حديث: "مَنْ لَعِبَ بالنَّرْدِ فَقَدْ عَصَى الله وَرَسولَه". ¬
مالك (¬1) وأحمد (¬2) وأبو داود (¬3) وابن ماجه (¬4) والحاكم (¬5) والدارقطني (¬6) والبيهقي (¬7) من حديث أبي موسى الأشعري. ووهم من عزاه إلى تخريج مسلم (¬8). 2894 - [6813]- حديث: "مَن لَعِبَ بِالنَّرْدَشِير فَكَأنَّمَا صَبَغَ يَدَه في لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَدَمِهِ". مسلم (¬9) بلفظ: "غمس" بدل "صبغ" (¬10). وقال أحمد (¬11): حدثنا مكي بن إبراهيم، حدثنا الجعيد، عن موسى بن عبد الرحمن، الخطمي: أنّه سمع محمّد بن كعب يسأل عبد الرحمن: أخبرني ما سمعت أباك؟ فقال: سمعت أبي يقول: سمعت النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- يقول: "مَثَلُ الَّذِي ¬
تنبيه
يَلْعَبُ بِالنَّرْدِ ثُمَّ يَقُوم فَيُصَلِّي مَثَلُ الَّذِي يَتَوَضَّأُ بِالْقَيْحِ وَدَمِ الْخِنْزِيرِ، ثُمّ يَقُوم فَيُصَلِّي". 2895 - [6814]- حديث: "الْغِنَاء يُنْبِتُ النِّفَاقَ في الْقَلْبِ كَما ينْبِتُ الْمَاءُ الْبَقْلَ". أبو داود (¬1) بدون التشبيه، والبيهقي (¬2) من حديث ابن مسعود مرفوعا، وفيه شيخ لم يسمّ. ورواه البيهقي (¬3) أيضا موقوفا. وفي الباب: [6815]- عن أبي هريرة؛ رواه ابن عدي (¬4). وقال ابن طاهر: أصحّ الأسانيد في ذلك أنّه من قول إبراهيم. تنبيه قال بعض الصوفية: إنما المراد بالغناء هنا، غنى المال - ورده بعض الأئمة (¬5): بأن الرّواية إنما هي الغناء -بالمد-. وأمّا غنى المال؛ فهو مقصور. قلت: ويدلّ عليه حديث ابن مسعود الموقوف؛ فإن فيه: والذكر ينبت الإيمان في القلب كما ينبت الماء البقل. ¬
ألا تراه جعل ذكرا الله مقابلا للغناء؛ لكونه ذكر الشيطان، كما قابل الإيمان بالنفاق. 2896 - [6816]- حديث ابن مسعود في قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ}. قال: هو والله الغناء. ابن أبي شيبة (¬1) بإسناد صحيح: أن عبد الله سئل عن قوله تعالى {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} قال: الغناء والذي لا إله غيره. وأخرجه الحاكم (¬2) وصححه البيهقي (¬3). 2897 - [6817]- قوله: وعن ابن عباس قال: هو الملاهي. رواه البيهقي (¬4) بلفظ: هو الغناء وأشباهه. 2898 - [6818]- حديث عائشة: دخل عليَّ أبو بكر وعندي جاريتان من جواري الأنصار تغنيان بما تقاولت به الأنصار يوم بعاث، وليستا بمغَنِّيَتَين، فقال أبو بكر: أبمزامير الشّيطان في بيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ وذلك في يوم عيد، فقال: "يَا أَبَا بَكْرٍ لِكُلِّ قَوْمٍ عيدٌ وَهَذَا عيدُنَا". ¬
متفق عليه (¬1) من طرق. 2899 - [6819]- قوله: روي عن عمر: أنّه كان إذا خلا في بيته تَرنّم بالبيت والبيتين. ذكره المبرد في "الكامل" في قصّة. وذكره البيهقي في "المعرفة" عن عمر وغيره. ورواه المعافى النهرواني في "كتاب الجليس والأنيس" وابن منده في "المعرفة" في ترجمة "أسلم الحادي" في قصّة. وروى أبو القاسم الأصبهاني في "الترغيب" شيئًا من ذلك في قصة. 2900 - قوله: من لا حياء له يصنع ما شاء، على ما ورد معناه في الحديث. كأنه يشير إلى: [6820]- حديث: "إذا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ". رواه البخاري (¬2) وأحمد (¬3) والطبراني (¬4) من حديث أبي مسعود البدري. ¬
2901 - [6821]- حديث: أنّه -صلى الله عليه وسلم- قال لعبد الله بن رواحة: "حَرّكْ بِالْقَوْمِ" فاندفع يرتجز. النّسائي (¬1) من حديث قيس بن أبي حازم، عن عمر بن الخطاب. ورواه أيضا (¬2) من حديث قيس، عن ابن رواحة، مرسلا. 2902 - [6822]- حديث: "زَيّنُوا الْقُرآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ". أحمد (¬3) وأبو داود (¬4) والنسائي (¬5) وابن ماجه (¬6) وابن حبان (¬7) والحاكم (¬8) من حديث البراء بن عازب. قلت: وعلّقه البخاري (¬9) بالجزم. [6823]- ولابن حبان (¬10) عن أبي هريرة. ¬
[6824]- وللبزار (¬1) عن عبد الرحمن بن عوف. [6825]- وللحاكم (¬2) (¬3) من طريق أخرى، عن البراء: "زَيِّنُوا أَصوَاتَكُمْ بالْقُرآن". [6826]- وهي في "الطبراني" (¬4) من حديث ابن عباس. ورجّح هذه الرواية الخطابي (¬5) وفيه نظر؛ لما رواه الدارمي (¬6) والحاكم (¬7) بلفظ: "زَيِّنُوا الْقُرْآن بِأَصْوَاتِكُمْ؛ فَإِنَّ الصَّوْتَ الْحَسَنَ يَزِيدُ الْقُرآنَ حُسنًا". فهذه الزيادة تؤيد معنى الرّواية الأولى. 2903 - [6827]- حديث: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سمع عبد الله بن قيس يقرأ فقال: "لَقَدْ أوتِيَ هَذَا مِزْمارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ". متفق عليه (¬8) من حديث أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري بنحوه. [6828]- ورواه الحاكم (¬9) من حديث بريدة بن الحصيب، بلفظ أقرب إلى اللفظ الذي ذكره المصنف. ¬
2904 - [6829]- حديث: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ". البخاري (¬1) وأحمد (¬2) من حديث أبي هريرة. وأحمد (¬3) وأبو داود (¬4) وابن ماجه (¬5) والحاكم (¬6) وابن حبان (¬7) من حديث سعد بن أبي وقاص. وفي الباب: [6830، 6831]- عن ابن عباس، وعائشة في الحاكم (¬8). [6832]- وعن أبي لبابة في "سنن أبي داود" (¬9). قال الشافعي (¬10): معنى هذا الحديث: تحسين الصّوت بالقرآن. وفي رواية أبي داود (¬11): قال ابن أبي مليكة: يحسنه ما استطاع. وقال ابن عيينة: يجهر به. ¬
وقال وكيع (¬1) يستغني به. وقيل غير ذلك في تأويله (¬2). 2905 - [6833]- حديث: روي أن داود النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- كان يضرب باليراع في غنمه. لم أجده. 2906 - قوله: روي عن الصحابة التّرخيص في اليراع. يذكر فيه: [6834]-[ما أخرجه أحمد (¬3) وأبو داود (¬4) وابن ماجه (¬5) من] (¬6) حديث نافع: أن ابن عمر سمع مزمارًا فوضع إصبعيه في أذنيه، ونأى عن الطريق، وقال لي: يا نافع، هل تسمع شيئًا؟ قلت: لا. قال: فرفع إصبعيه عن أذنيه، وقال: كنت مع النبّيّ -صلى الله عليه وسلم- فصنع مثل هذا. وجه الدلالة: أنه لم يأمر ابنَ عمر بأن يصنع ما صنع، وكذا لم يأمر ابنُ عمر بذلك نافعًا. ¬
2907 - [6835]- حديث: روي أنّه -صلى الله عليه وسلم- قال: "أَعْلِنُوا النّكَاحَ واضْرِبُوا عَليه بِالْغِرْبَال". أي الدف. الترمذي (¬1) وابن ماجه (¬2) والبيهقي (¬3) عن عائشة. وفي إسناده خالد بن إلياس، وهو منكر الحديث، قاله أحمد (¬4). وفي رواية الترمذي؛ عيسى بن ميمون، وهو يضعَّفُ، قاله الترمذي. وضعّفه ابن الجوزي من الوجهين (¬5). [6836]- نعم روى أحمد (¬6) وابن حبان (¬7) والحاكم (¬8) من حديث عبد الله بن الزبير: "أَعْلِنُوا النِّكَاحَ". [6837]- وروى أحمد (¬9) والنسائي (¬10) والترمذي (¬11) وابن ماجه (¬12) ¬
تنبيه
والحاكم (¬1) من حديث محمد بن حاطب: "فَصْل مَا بْيَن الْحَلالِ وَالحرَامِ الضَّرْبُ بِالدُّفِّ". تنبيه ادعى الكمال جعفر الأدفوي في كتاب "الإمتاع بأحكام السماع": أنّ مسلمًا أخرج حديث الباب في "صحيحه" ووهم في ذلك وهمًا قبيحًا. 2908 - [6838]- حديث: أنّ امرأة أتت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله، إني نذرت أن أضرب بالدّف بين يديك، إن رجعت من سفرك سالمًا؟ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أَوْف بِنَذْرِكِ". أحمد (¬2) والترمذي (¬3) وابن حبان (¬4) والبيهقي (¬5) من حديث بريدة، وسياق أحمد أتم. وفي الباب: [6839]- عن عبد الله بن عمرو، رواه أبو داود (¬6). ¬
[6840]- وعن عائشة؛ رواه الفاكهي (¬1) في "تاريخ مكة" (¬2) بسند حسن. وقد تقدم في "باب النذر". 2909 - [6841]- قوله: روي أنّه -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنّ الله حَرَّم عَلَى أُمَّتي الْخَمْرَ وَالْمَيسِرَ وَالْكُوبَةَ. . ." في أَشياء عدَّدها. أحمد (¬3) وأبو (¬4) داود (¬5) وابن حبان (¬6) والبيهقي (¬7) من حديث ابن عباس، بهذا، وزاد: وهي الطّبل، وقال: "كُلّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ". وَبين في رواية أخرى (¬8): أنّ تفسير الكوبة من كلام راويه علي بن بذيمة. [6842]- ورواه أبو داود (¬9) من حديث ابن عمرو وزاد: "وَالْغُبَيرَاء". وزاد أحمد (¬10) فيه: "وَالْمَزْر". ¬
تنبيه
[6843]- ورواه أحمد (¬1) من حديث قيس بن سعد بن عبادة. تنبيه الغبيراء؛ اختلف في تفسيرها (¬2)، فقيل: الطنبور. وقيل: العود. وقيل: البربط. وقيل: السُّكُرْكَة -بضم الكاف الأولى وتسكين الراء- مِزر يصنع من الذّرة أو من القمح. * حديث: أنّه -صلى الله عليه وسلم- قال لفاطمة بنت قيس: "أَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ". تقدم في "النكاح". 2910 - [6844]- قوله: اشتهر أن النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- وقف لعائشة يسترها، حتّى تنظر إلى الحبشة وهم يلعبون، ويزفنون. والزفن: الرقص. متفق عليه (¬3) عن عائشة من طرق. ¬
2911 - قوله: أنّه -صلى الله عليه وسلم- كان له شعراء يصغي إليهم، منهم: حسان بن ثابت، وعبد الله بن رواحة، واستنشد شعر أمية بن أبي الصلت من الشريد، واستمع إليه. [6845]- أما حسان؛ ففي "الصحيح" عن عائشة: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: اهجوا قريشًا؛ فإنه أشدّ عليها من رشق النّبل، فأرسل إلى ابن رواحة، فقال: "أهْجُ"، فَهَجَاهم فلم يرض، فأرسل إلى كعب بن مالك، ثم أرسل إلى حسان ابن ثابت، فلما دخل عليه قال حسان: قد آن لكم أن ترسلوا إلى هذا الأسد الضَّاري، ثم ادّلع لسانه فجعل يحركه، ثم قال: والذي بعثك بالحق لأفرينهم بلساني فري الأديم، فقال: "لا تَعْجَلْ، فَاِنَّ أَبَا بَكْرٍ أَعْلَمُ قُرَيشٍ بِأَنْسَابِهَا، وإنَّ لي فِيهِمْ نسبًا، حَتَّى يُخَلِّصَ لَكَ نَسَبِي"، فأتاه حسان ثم رجع، فقال يا رسول الله، قد لخص لي نسبك والّذي بعثك بالحقّ لأسلنك منهم كما تسل الشعرة من العجين. . الحديث بطوله، وفيه الشعر. رواه مسلم (¬1) بطوله. [6846]- وأما ابن رواحة؛ ففي البخاري (¬2) عن أبي هريرة، أنه كان يقول في قصصه، يذكر رسوله الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ أَخًا لَكمْ لَا يَقُولُ الرَّفَثَ" -يعني بذلك عبد الله بن رواحة- قال: وَفِينَا رَسُولُ الله يَتْلُو كِتَابَهُ ... إِذَا انْشقَّ مَعْرُوفٌ مِن الْفَجْرِ سَاطِعُ الحديث. ¬
[6847]- وروى الترمذي (¬1) من طريق ثابت، عن أنس "أنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- دخل مكّة في عمرة القضاء، وعبد الله بن رواحة بين يديه وهو يقول: خَلُّوا بَنِي الكُفّارِ عَنْ سَبِيلِه الأبيات. [6848]- وأما الشريد؛ فرواه مسلم (¬2) من حديث عمرو بن الشريد، عن أبيه، قال: أردفني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "هَلْ مَعَكَ مِنْ شِعْرِ أُمَيَّةَ بْنِ أَبي الصَّلْتِ شَيْءٌ؟ " قال: نعم، قال: "هِيهِ"، قال: فأنشدتُه بيتًا، فقال: "هِيهِ" قال: فأنشدته حتى بلغت مائة بيت. وفي رواية (¬3): "إنْ كَادَ في شِعْرِهِ لَيُسْلِمُ". 2912 - [6849]- قوله: وقال الشافعي: الشِّعر كلام، فَحَسنُه كحَسَنِه، وقبيحُه كقبيحه. هو كما قال، وقد روي مرفوعا، أخرجه الدارقطني (¬4) من حديث عائشة، وفيه عبد العظيم بن حبيب، وهو ضعيف. * حديث ابن عمر: "لا نَقبل شهادةَ ظِنِّين وَلا خَصْمٍ". ¬
تقدم من طريق عبد الله بن عمرو -بزيادة واو- بمعناه (¬1). [6850]- ورواه مالك (¬2) من حديث عمر (¬3) موقوفا، هو منقطع. وقال الإمام في "النهاية": اعتمد الشّافعي خبرًا صحيحًا، وهو أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تقْبَلُ شَهَادَةُ خَصْمٍ عَلَى خَصْمٍ". قلت: ليس له إسناد صحيحٌ، لكن له طرق يقوّي بعضُها ببعض. [6851]- وروى أبو داود في "المراسيل" (¬4) من حديث طلحة بن عبد الله بن عوف: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعث مناديًا: "إنَّه لا تَجُوزُ شَهَادَة خَصْمٍ وَلا ظِنِّينِ". [6852]- وروى أيضا (¬5) والبيهقي (¬6) من طريق الأعرج مرسلا: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ ذِي الظِّنَّةِ والْحِنَة". يعني: الذي بينك وبينه عداوة. [6853]- وروى الحاكم (¬7) من حديث العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، رفعه مثله. وفي إسناده نظر. ¬
* وفي الترمذي (¬1) من حديث عائشة في حديث أوله: "لا تَجُوزُ شَهَادَةُ خَائِنٍ. . ." الحديث، وفيه: "وَلَا ذِي غَمْرٍ عَلى أَخِيهِ". * ولأبي داود (¬2) من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، مثله. وقد تقدمّا في "أوائل الباب". * حديث: روي أنّه -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تُقْبَلُ شَهَادَة خَائنٍ وَلَا خَائِنَةٍ وَلا ذِي غَمْرٍ عَلى أَخِيهِ وَلَا ظِنِّينٍ في رِوَايَتِه". تقدم من حديث عائشة وغيرها. 2913 - [6854]- حديث: "يَجِيءُ قَوْمٌ يُعْطُونَ الشَّهادَةَ قَبْلَ أَنْ [يُسْتَشْهَدُوا] (¬3) ". قاله في معرض الذم. الترمذي (¬4) من حديث عمران بلفظه. ¬
فائدة
وهو متفق عليه (¬1) من حديث عمران بن حصين بلفظ: "خَيْرُ القرونِ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُم ثُّمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُم ثُمَّ يَأْتيِ مِنْ بَعْدِهِمْ قَومٌ يَشْهَدُون وَلَا يُتَشْهَدُون ... " الحديث. [6855]- وروى ابن حبان في "صحيحه" (¬2) من حديث عمر في خطبته، وفيه: "ثُمَّ يَفْشُوا الْكَذِبُ حَتَّى يَحْلِفَ الرَّجُلُ عَلَى الْيَمِينِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَحْلَفَ عَلَيْهَا، وَيَشْهَدَ عَلى الشَّهَادَةِ قَبْل أَنْ يُسْتَشْهَدَ عَلَيْهَا ... " الحديث. 2914 - [6856]- حديث: "ألا أُخبِرَكُم بخير الشُّهَداءِ الَّذي يَأتي بِشَهادَتِه قَبل أن يُسْتَشْهَد". مسلم (¬3) من حديث زيد بن خالد الجهني. فائدة جمع بين هذا الحديث والذي قبله بحمل الأوّل على حقوق الآدميين، والثّاني على حقوق الله. أو حمل الأول على شاهد الزّور، والثاني على الشّاهد على الشّيء يؤدي شهادته، ولا يمنع من إقامتها. أو الأول على الشّهادة في الأيمان، كمن يقول: أشهد بالله ما كان كذَا، ووجه ¬
كراهة ذلك أنّه نظير الحلف، وإن كان صادقًا، وقد كُره، والثّاني على ما عدا ذلك أو الأوّل على الشّهادة على المسلمين بأمر مغيَّب، كما يشهد أهل الأهواء على مخالفيهم أنّهم من أهل النار، والثاني على من استعد للأداء، وهي أمانة عنده. أو الأوّل على ما يعلم بها صاحبها فَيُكرَه التسرع إلى أدائها، والثّاني على ما إذا كان صاحبها لا يعلم بها. 2915 - [6857]- قوله: روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "تَوبَةُ الْقَاذِفِ إِكْذَابُه نَفْسَه". لم أره مرفوعا. [6858]- وفي البخاري معلقا (¬1) عن عمر: أنه قال لأبي بكرة: تب نقبل شهادتك. ووصله البيهقي (¬2)، كما سيأتي في آخر الباب. [6859]- وفيهما (¬3): أيضا عن أبي الزناد قال: الأمر عندنا إذا رجع عن قوله، وأكذب نَفْسَه، واستغفر ربَّه قُبلت شهادته. * حديث: أن سعد بن أبي وقاص قال: يا رسول الله، أرأيت لو وجدت مع امرأتي رجلًا أمهله حتى آتي بأربعة شهداء؟ قال: "نعم". ¬
هذا (¬1) من طغيان القلم، والصواب: سعد بن عبادة، كما مضى في "كتاب الصيال". * حديث: أنه -صلى الله عليه وسلم- أمر عامل خيبر ببيع الجمع بالدراهم. . الحديث. تقدم "في الربا". * قوله: ورد في الخبر: "زِنَا الْعَينَين النَّظَرُ". مسلم (¬2) من حديث أبي هريرة، وقد مضى في "اللعان". 2916 - [6860]- حديث ابن عباس: أن النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- قضى بشاهد ويمين. مسلم (¬3) وأبو داود (¬4) والنسائي (¬5) وابن ماجه (¬6) والحاكم والشافعي (¬7)، وزاد فيه: عن عمرو بن دينار أنه قال: وذلك في الأموال. قال الشافعي (¬8): وهذا الحديث ثابت لا يرده أحد من أهل العلم لو لم يكن فيه غيره، مع أن معه غيره ¬
مما يشده. وقال النسائي (¬1): إسناده جيد. وقال البزار: في الباب أحاديث حسان أصحها حديث ابن عباس. وقال ابن عبد البر (¬2): لا مطعن لأحد في إسناده. كذا قال! وقد قال عباس الدوري في "تاريخ يحيى بن معين" (¬3) عنه: ليس بمحفوظ. وقال البيهقي (¬4): أعلّه الطّحاوي بأنّه لا يعلم قيسا يحدّث عن عمرو بن دينار بشيء، قال: وليس ما لا يعلمه الطحاوي لا يعلمه غيره، ثمّ روى بإسناده حديثا من طريق وهب بن جرير، عن أبيه، عن قيس بن سعد، عن عمرو بن دينار، بحديث الذي وقصته ناقته وهو محرم، قال: وليس من شرط قبول الأخبار كثرة رواية الرّاوي عمن روي عنه، بل إذا روى الثّقة عمّن لا ينكر سماعه منه حديثًا واحدًا وجب قبوله، وإن لم يروه عنه غيره. على أنّ قيسًا قد توبع عليه؛ رواه عبد الرزاق، عن محمد بن مسلم الطائفي، عن عمرو بن دينار، أخرجه أبو داود (¬5). وتابع عبد الرزاق أبو حذيفة (¬6). ¬
تنبيه
وقال الترمذي في "العلل" (¬1): سألت محمّدًا عن هذا الحديث؟ فقال: لم يسمعه عندي عمرو من ابن عباس. قال الحاكم (¬2): قد سمع عمرو من ابن عباس عدّة أحاديث، وسمع من جماعة من أصحابه، فلا ينكر أن يكون سمع منه حديثًا، وسمعه من بعض أصحابه عنه. وأمّا رواية عصام البلخي وغيره ممن زاد فيه بين عمرو وابن عباس طاوسًا فهم ضعفاء، قال البيهقي (¬3): ورواية الثقات لا تعلل برواية الضعفاء. تنبيه تقدمت طريقة لحديث أبي هريرة في "أدب القضاء" فلتستحضر هنا. 2917 - [6861]- حديث جابر: أن النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- قضى بالشّاهد الواحد مع يمين الطّالب. أحمد (¬4) والترمذي (¬5) وابن ماجه (¬6) والبيهقي (¬7) من حديث جعفر بن محمد، عن أبيه، عنه، دون آخره. قال الترمذي: رواه الثوري وغيره، عن جعفر، ¬
فائدة
عن أبيه مرسلا، وهو أصحّ. وقيل: عن أبيه، عن علي. وقال ابن أبي حاتم في "العلل" (¬1) عن أبيه وأبي زرعة: هو مرسل. وقال الدارقطني في "العلل": كان جعفر ربما أرسله، وربما وصله. وقال الشافعي والبيهقي (¬2): عبد الوهاب وصله وهو ثقة. قال البيهقي (¬3): رواه إبراهيم بن أبي حيّة، عن جعفر، عن أبيه، عن جابر رفعه: "أَتَانِي جِبْرائِيلُ وَأَمَرَنِي أَنْ أَقْضِيَ بالْيَمِين مَع الشاهِد، وَقَالَ: إنَّ يَومَ الأربِعَاء يَومُ نحس مُسْتَمِرّ". وإبراهيم ضعيف جدا، رواه ابن عدي (¬4) وابن حبان (¬5) في ترجمته. فائدة ذكر ابن الجوزي في "التحقيق" (¬6) عَدَدَ مَن رواه، فزادوا على عشرين صحابيًّا وأصحّ طرقه حديث ابن عباس، ثمّ حديث أبي هريرة، أخرجه أبو داود (¬7) وحسنه الترمذي، وقد تقدم في "أدب القضاء". ¬
2918 - [6862]- حديث أبي هريرة: أن النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "اسْتَشَرْتُ جِبرِيل في الْقَضَاءِ بِالْيَمِينِ والشَّاهِدِ، فَأَشار عَلَيَّ بِالأَمْوَالِ لا تَعْدُو ذَلِكَ". الدارقطني (¬1) بإسناد ضعيف. 2919 - [6863]- حديث علي: أنه مرّ بقوم يلعبون بالشّطرنج فقال: ما هذه التماثيل الّتي أنتم لها عاكفون؟. ابن أبي الدنيا في "ذم الملاهي" من طريق ميسرة بن حبيب، عنه. ورواه البيهقي (¬2) وله طرق عنده وألفاظ مختلفة، وحمله الصولي (¬3) في "جزئه المشهور" على أنه كان تماثيل. 2920 - [6864]- حديث سعيد بن جبير: أنه كان يعلب بالشّطرنج استدبارًا. ¬
الشافعي (¬1) وحكاه أيضا عن محمّد بن سيرين، وهشام بن عروة. 2921 - حديث ابن الزبير وأبي هريرة: أنّهما كانا يلعبان بالشّطرنج. [6865]- أمّا ابن الزبير؛ فلم أره، ويحتمل أن يريد به هشام بن عروة بن الزبير، كما ذكره الشافعي عنه. [6866]- وأمّا أبو هريرة؛ فرواه أبو بكر الصولي في كتابه في الشطرنج، بسنده إليه. 2922 - [6867]- حديث عثمان: أنه كانت له جارية تغنِّي، فإذا جاء وقت السَّحر قال: أمسكي فهذا وقت الاستغفار. لم أجده موصولا. 2923 - [6868]- حديث عمر: [أنّة كان إذا سمع الدفّ بعث، فإذا كان في النكاح أو الختان سكت، وإن كان في غيرهما عمل بالدّرَّة. أبو بكر بن أبي شيبة في "مصنفه" (¬2) من حديث ابن سيرين: نُبِّئت أنّ عمر كان إذا سمع صوتًا أنكره، فإن كان عرسًا أو ختانا أقرّه. ¬
2924 - [6869]- حديث عمر: أنّه قال في القصّة المشهورة لأبي بكوة: تب أقبل شهادتك. وكانت الصحابة يروون عنه ولم يتب. البيهقي (¬1) من طريق الشّافعي: أخبرنا سفيان: سمعت الزّهري يقول: زعم أهل العراق أنّ شهادة المحدود لا تجوز، فأشهد لقد أخبرني فلان: أنّ عمر بن الخطاب قال لأبي بكرة: تب نقبل شهادتك، أو إن تبت قبلت شهادتك. قال سفيان: سمى الزّهري الذي أخبره فحفظته، ونسيته، وشككت فيه، فلما قمنا سألت من حضر؟ فقال لي عمر بن قيس: هو سعيد بن المسيب. قال الشافعي: فقلت: فهل شككت فيما قال لك؟ قال: لا، هو سعيد بن المسيب من غير شكٍّ. وقد رواه غيره من أهل الحفظ عن سعيد بلا شكّ، ورواه البيهقي (¬2) من طرق، وعلقه البخاري بالجزم (¬3). وأما قول الرافعي: وكان الصحابة يروون عنه ولم يتب: [6870]- فقد روى عنه عمر بن شبة في "أخبار البصرة": أنّه أبى أن يتوب من ذلك. [6871]- وروى محمَّد بن إسحاق عن الزّهري عن سعيد بن المسيب، قال: جلد عمر بن الخطاب أبا بكرة، ونافعا، وشبلا، ثم استتاب نافعًا وشبلًا فتابا، ¬
فقبل شهادتهما، واستتاب أبا بكرة فأبى وأقام، فلم يقبل شهادته، وكان أفضلَ القوم. [6872]- وروى أبو داود الطيالسي: عن قيس بن الربيع، عن سالم الأفطس، عن سفيان بن عاصم قال: كان أبو بكرة إذا أتاه رجل ليشهده، قال: أشهد غيري (¬1). وأما قوله: وكانت الصّحابة يرون عنه؛ ففيه نظر، فإني لم أقف في شيء من الأسانيد على رواية أحد من الصحابة عن أبي بكرة، وأكبر من روى عنه أبو عثمان النّهدي، والأحنف بن قيس. 2925 - [6873]- حديث الزهري: مضت السنّة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والخليفتين من بعده أن لا تقبل شهادة النّساء (¬2) في الحدود. روي عن مالك عن عقيل عن الزهري بهذا (¬3) وزاد: ولا في النكاح ولا في الطلاق. ولا يصح عن مالك. ورواه أبو يوسف في "كتاب الخراج" (¬4) عن الحجاج، عن الزهري، به. ومن هذا الوجه أخرجه ابن أبي شيبة (¬5) عن حفص بن غياث، عن حجاج به. ¬
2926 - [6874]- حديث الزهري أيضا: مضت السنة بأنّه تجوز شهادة النساء في كل شيء لا يليه غيرهن. ابن أبي شيبة (¬1): حدثنا عيسى بن يونس، عن الأوزاعي، عن الزهري، به بلفظ: فيما لا يطلع عليه غيرهن. ورواه عبد الرزاق (¬2) عن ابن جريج، عن ابن شهاب قال: مضت السنّة أن تجوز شهادة النساء فيما لا يطلع عليه غيرهن، من ولادات النساء وعيوبهن. 2927 - قوله: كانت عائشة وسائر أمّهات المؤمنين يروين من وراء الستر، ويروى السامعون عنهن. هو أمر مشهور في "كتب المسانيد" و"السنن"، ولجميع أمّهات المؤمنين رواية، حتى خديجة التي ماتت في حياته -صلى الله عليه وسلم-، إلّا زينب بنت خزيمة أم المساكين، فلم أجد عنها شيئًا من رواية أحد عنها، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهذا فيمن دخل بهن. وأما غير من دخل بهن ففيهن من روت، وفيهن من لم ترو، والله أعلم. **** ¬
(82) كتاب الدعوى والبينات
(82) كتاب الدعوى والبيِّنات
2928 - [6875]- حديث ابن عباس: "البَيِّنَةُ عَلَى المدَّعِي، وَاليَمِينُ عَلَى المدَّعَى عَلَيه". البيهقي (¬1) من طريق الفريابي، عن سفيان، عن نافع بن عمر، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس، وفيه قصة. وهو في المتفق (¬2) عليه بلفظ: "الْيَمِينُ عَلَى المدَّعَى عليه" حَسْبُ. وعزاه (¬3) ابن الرّفعة لمسلم فوهم. وزعم الأصيلي: أنّ قوله "لكن البينة ... " إلى آخره من قول ابن عباس أُدرج في الخبر، حكاه القاضي عياض (¬4). وفي الباب: [6876، 6877]- عن مجاهد عن ابن عمر، لابن حبان (¬5) في حديث. [6878]- وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، للترمذي (¬6) والدارقطني (¬7)، وإسناده ضعيف. ¬
* حديث: "لَو يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهم لادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالهُمْ". هو أوّل حديث ابن عبّاس المذكور في "الصحيحين". 2929 - [6879]- حديث: أنّ رجلًا من حضرموت، وآخر من كندة أتيا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال الحضرمي: يا رسول الله، إنّ هذا قد غلبني على أرض كانت لأبي. . . الحديث. مسلم (¬1) من حديث وائل بن حجر بتمامه. والحضرمي هو وائل المذكور، والكندي هو امرؤ القيس بن عابس، واسمه ربيعة. * حديث: قوله لهند بنت عتبة. تقدم في "النفقات". * قوله في قصة ركانة: كانت امرأته تدَّعِي أنّه أراد أكثر من تطليقة، وكان عليه أن يحلف فلم يعتد بيمينه قبل التحليف، فأعاد عليه. قد تقدم الحديث في "الطلاق" وفيه التحليف. ¬
2930 - [6880]- حديث ابن عباس: أن النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- ألزم رجلًا بعد ما حلف بالخروج عن حقّ صاحبه، كأنه عَرَف كَذِبَه. أحمد (¬1) والنسائي (¬2) والحاكم (¬3) من حديث عطاء بن السائب، عن أبي يحيى الأعرج، عن ابن عباس قال: جاء رجلان يختصمان في شيء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال للمدِّعي: "أَقِم البَيِّنَةَ"، فلم يُقمها، فقال للآخر: "احْلِفْ"، فحلف بالله الّذي لا إله إلا هو، ما له عندي شيء، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "بَلَى قَدْ فَعَلْتَ (¬4)، وَلَكِنْ غُفِرَ لَكَ بِإخْلَاصِ قَوْلِ لا إلَهَ إلا الله". وفي رواية الحاكم: فقال: "بَلْ هُو عِنْدَكَ، ادْفَعْ إِلَيْهِ حَقَّهُ"، ثُمَّ قال: "شَهَادَتُكَ أنْ لَا إِلَهَ إلَّا الله كَفَّارَةُ يَمِينِكَ". وفي رواية أحمد: فنزل جبريل على النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- فقال: إنه كاذب، إن له عنده حقَّه، فأمره أن يعطيه، وكفارة يمينه معرفته لا إله إلا الله. وأعله ابن حزم (¬5) بأبي يحيى، قال: وهو مِصْدع الْمُعَرْقَب، وكذا قال ابن عساكر: إنه مِصْدع. وتعقّبه المزي (¬6) بأنّه وهم، قال: بل اسمه زياد، كذا سَمّاه ¬
أحمد (¬1) والبخاري (¬2) وأبو داود (¬3) في هذا الحديث. وأعله أبو حاتم (¬4) برواية شعبة، عن عطاء بن السائب، عن البختري بن عبيد، عن ابن الزبير مختصرا: أنّ رجلا حلف بالله كاذبًا فَغُفر له. قال: وشعبة أقدم سماعًا من غيره. وفي الباب: [6881]- عن أنس من طريق الحارث بن عبيد، عن ثابت، عنه. قال أبو حاتم (¬5): ورواه حماد بن سلمة، عن ثابت، عن ابن عمر. قلت: أخرجهما البيهقي (¬6). والحارث بن عبيد: هو أبو قدامة. 2931 - [6882]- حديث ابن عمر: أن النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- ردّ اليمين على طالب الحقِّ. الدارقطني (¬7) والحاكم (¬8) والبيهقي (¬9)، وفيه محمّد بن مسروق، لا يعرف، ¬
وإسحاق بن الفرات مختلف فيه. ورواه تمام في "فوائده" (¬1) من طريق أخرى عن نافع. 2932 - [6883]- حديث أبي موسى: أن رجلين اختصما إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بعير، فأقام كلّ واحدٍ منهما بينةً أنه له، فجعله النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- بينهما. أحمد (¬2) وأبو داود (¬3) والنسائي (¬4) والحاكم (¬5) والبيهقي (¬6) وذكر الاختلاف فيه على قتادة، وقال: هو معلول؛ فقد رواه حماد بن سلمة، عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن بشر بن نهيك، عن أبي هريرة. ومن هذا الوجه أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (¬7)، واختلف فيه على سعيد ابن أبي عروبة؛ فقيل: عنه، عن قتادة، عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، عن أبي موسى (¬8). وقيل: عنه، عن سماك بن حرب، عن تميم بن طرفة، قال: أنبئت أنّ رجلا ... ¬
قال البخاري (¬1): قال سماك بن حرب: أنا حدَّثتُ أبا بردة بهذا الحديث. فعلى هذا لم يسمع أبو بردة هذا الحديث من أبيه. ورواه أبو كامل مظفر بن مدرك (¬2)، عن حماد، عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن أبي بردة مرسلا. قال حماد: فحدثت به سماك بن حرب، فقال: أنا حدثت به أبا بردة. وقال الدارقطني (¬3) والبيهقي (¬4) والخطيب: الصحيح أنه عن سماك مرسلا. [6884]- ورواه ابن أبي شيبة (¬5) عن أبي الأحوص، عن سماك، عن تميم بن طرفة: أن رجلين ادّعيا بعيرًا فأقام كل واحد منهما البيّنة أنه له، فقضى النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- به بينهما. ووصله الطبراني (¬6) بذكر جابر بن سمرة فيه، بإسنادين في أحدهما: حجاج ابن أرطاة، والراوي عنه سويد بن عبد العزيز، وفي الآخر: ياسين الزيات، والثلاثة ضعفاء. 2933 - [6885]- حديث: أنّ رجلين تداعيا دابَّةً وأقام كلّ واحد منهما بيّنةً أنّها دابّتُه، فقضى بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للتي هي في يده. ¬
الدارقطني (¬1) والبيهقي (¬2) من حديث جابر، وإسناده ضعيف. 2934 - [6886]- حديث: أنّ خصمين أتيا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأتى كلّ واحد منهما بالشّهود، فأسهم بينهما، وقضى لمن خرج له السهم. أبو داود في "المراسيل" (¬3) عن سعيد بن المسيب، نحوه. ووصله الطبراني في "الأوسط" (¬4) بذكر أبي هريرة فيه، وفيه شيخه علي بن سعيد الرازي، وهو من أوهامه. ورواه البيهقي (¬5) مرسلا، وقال: اعتضد هذا المرسل بطريق أخرى، ثم ساقه (¬6) من طريق ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة وسليمان بن يسار، نحوه. [6887]- وأخرج أيضا (¬7) (¬8) من جهة أبان، عن قتادة، عن خلاس، عن أبي رافع، عن أبي هريرة، نحوه، موقوفا. ¬
2935 - [6888]- حديث عمر في تحويل اليمين على المدّعي. ذكره الشافعي (¬1) عن مالك، عن ابن شهاب، عن سليمان بن يسار: أن رجلا من بني سعد بن ليث أجرى فرسًا فوطئ على إصبع رجل من جهينة، فبرىء منها، فمات، فقال عمر للذي ادعى عليهم: تحلفون خمسين يمينا ما مات منها، فأبوا وتحرجوا، فقال للآخرين: احلفوا أنتم فأبوا. [6889]- وروى عبد الملك بن حبيب في "الواضحة": أخبرنا أصبغ، عن ابن وهب، عن حيوة بن شريح: أن سالم بن غيلان التُّجيبي أخبره: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَن كَانَتْ لَهُ طِلْبَةٌ عِند أَحَدٍ فَعَلَيْه الْبَينَةُ، وَالْمَطْلُوبُ أَوْلى بِالْيَمِيِن، فَإِن نَكَل حَلَف الطَّالِبُ وَأَخَذَه". وهذا مرسل. 2936 - [6890]- حديث: تغليظ اليمين عن عبد الرحمن بن عوف. الشافعي (¬2) من حديث عكرمة بن خالد: أن عبد الرحمن بن عوف رأى قوما يحلفون بين المقام والبيت، فقال: أعلى دم؟ قالو: لا، قال: فعلى عظيمٍ من الأموال؟ قالوا: لا، قال: خشيت أن يتهاون الناس بهذا المقام. وإسناده منقطع. [6891]- وروى عبد الرزاق (¬3) من رواية سعيد بن المسيب: أن معاوية أحلف مصعب بن عبد الرحمن بن عوف وغيره بين الركن والمقام على دم. ¬
باب القافة
باب القافة 2937 - [6892]- حديث عائشة: دخل عليّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مسرورًا تبرق أسارير وجهه فقال: "أَلَمْ تَرَيْ [أَنَّ] (¬1) مُجَزِّزًا المدْلَجِي نَظَر إِلَى زَيْدِ بن حَارِثَةَ وَأُسامةَ بن زَيدٍ قَد غَطَّيَا رُؤوسَهُمَا بِقَطيفَةٍ، وبدَتْ أقدامُهُمَا فقال: إنّ هَذِه الأقدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ". متفق عليه (¬2). 2938 - قال الرافعي: كان المشركون يطعنون في نسب أسامة؛ لأنه كان طويلًا، أقنى الأنف، أسود، وكان زيد قصيرا، أخنس الأنف، بين السواد والبياض، وقصدوا بالطعن مغايظة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنهما كانا حِبَّه، فلما قال المدلجي ذلك، ولا يرى إلّا أقدامهما، سرّه ذلك. انتهى. فأما ألوانهما؛ فقال أبو داود (¬3): كان زيد أبيض، وكان أسامة أسود. ¬
ونقل عبد الحق عن أبي داود أنه قال: كان زيد شديد البياض (¬1). وقال إبراهيم بن سعد: كان زيد أبيض أشقر، وكان أسامة أسود كالليل. وأما كونهما؛ كانا حبه: [6893]- ففي "صحيح مسلم" (¬2) من حديث ابن عمر في بعث أسامة، وأنه -صلى الله عليه وسلم- قال في خطبته: "وَإنْ كَان أَبُوه لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَإنَّ هَذا لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ بَعْدَه". ونقل عياض: أن زيدًا كان أزهر اللّون، وكان ابنُه أسامة أسود. 2939 - [6894]- قوله: يروى عن عمر: أنه دعا قائفا في رجلين ادّعيا مولودًا. الشافعي (¬3) والبيهقي (¬4) بسند صحيح إلى عروة: أن عمر دعا قائفًا، فذكره. وعروة عن عمر منقطع. 2940 - [6895]- حديث: أن أنس بن مالك شكّ في ابنٍ له فدعا القائف. ¬
الشافعي (¬1) وابن أبي شيبة من رواية حميد، عن أنس، به. 2941 - [6896]- قوله: يروى عن الصحابة أنهم رجعوا إلى بني مدلج دون سائر الناس. لم أجد له أصلا. **** ¬
(83) كتاب العتق
(83) كتاب العتق
2942 - [6897]- حديث: "مَنْ أَعْتَق نَسْمَةً أَعْتَقَ الله بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضوًا مِنْه مِن النَّار حَتَّى فَرْجَه بِفَرْجِهِ". متفق عليه (¬1) من حديث أبي هريرة، وفيه تقييد الرّقبة (¬2) بكونها مسلمة. [6898]- وأخرجه الحاكم (¬3) من حديث عقبة بن عامر، وواثلة. * وأحمد (¬4) من حديث مالك بن الحارث، ومرة بن كعب، وعمرو بن عبسة. وتقدم في "الوصايا". 2943 - [6899]- قوله: وروي: "مَن أَعْتَقَ رَقَبَة مُؤْمِنَة كَانَ فِدَاءَهُ مِن النَّار". أحمد (¬5) من حديث عقبة بن عامر. 2944 - [6900]- حديث: "أيّمَا امْرِئٍ مُسْلِمٍ أَعْتَق امْرَأً مُسْلِمًا كَان فِكَاكهُ مِن النَّارِ" الحديث. ¬
أبو داود (¬1) والترمذي (¬2) من حديث عمرو بن عبسة. [6901]- وأحمد (¬3) والنسائي (¬4) من حديث أبي موسى. 2945 - [6902]- حديث: "مَن أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ في عَبْدٍ فَكان لَهُ مَالٌ يَبْلُغ ثَمَنَ الْعَبْد قُوِّمَ عَلَيه الْعَبْدُ قِيمَةَ عَدْلٍ، فَأُعْطِى شُرَكاءُه حِصَصَهُمْ وَعُتِقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ، وإلَّا فَقَد عَتق مِنْه مَا عَتَق". وفي رواية: "مَن أَعْتَق شِرْكًا لَه في عَبْد عتَق مَا بَقِي في مَالِه إذَا كَان لَهُ مَالٌ يَبلُغ ثَمَن الْعَبْدِ". وفي رواية: "إذَا كَانَ الْعَبْد بَيْنَ اثْنَيْنِ فَعَتَق أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ، وَكَان لَه مَالٌ فَقَدْ عَتَقَ كُلّه". وفي رواية: "مَن أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ في عَبْدٍ وَكَان لَه مَالٌ يَبْلُغُ قِيمَةَ الْعَبْدِ فَهُو عَتِيقٌ". متفق عليه (¬5) بهذه الألفاظ كلّها وزيادة. * حديث أبي هريرة: "لا يُجزِي وَلَدٌ وَالِدَه إلَّا أَن يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيْشَتَرِيَهُ فَيُعْتِقَه". ¬
مسلم (¬1)، وتقدم في "خيار المجلس". 2946 - [6903]- حديث الحسن، عن سمرة: "مَن مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ فَهُو حُرٌّ". أحمد (¬2) والأربعة (¬3). قال أبو داود والترمذي: لم يروه إلا حَمّاد بن سلمة، عن قتادة، عن الحسن، ورواه شعبة عن قتادة، عن الحسن مرسلا، وشعبة أحفظ من حماد. وقال علي بن المديني: هو حديث منكر. وقال البخاري (¬4): لا يصح. [6904]- ورواه ابن ماجه (¬5) والنسائي (¬6) والترمذي (¬7) والحاكم (¬8) من طريق ¬
ضمرة، عن الثوري، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر. قال النسائي (¬1): حديث منكر. وقال الترمذي (¬2): لم يتابع ضمرة عليه، وهو خطأ. وقال [البيهقي] (¬3): وهم فيه ضمرة، والمحفوظ بهذا الإسناد: نهى عن بيع الولاء وعن هبته. ورد الحاكم هذا (¬4): بأنّه روى من طريق ضمرة الحديثين بالإسناد الواحد. وصححه ابن حزم (¬5) وعبد الحق (¬6) وابن القطان (¬7). 2947 - [6905]- حديث: روي أنّه -صلى الله عليه وسلم- أقرع في قسمة بعض الغنائم بالبعر. وروي: أنّه أقرع مرّة بالنّوى. قال ابن الصلاح في كلامه عن "الوسيط" ليس لهذا صحة. * حديث: عمران بن حصين: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دعا بستّة مملوكين أعتقهم رجل عند موته، فجزَّأهم ثلاثة أجزاء. ¬
مسلم (¬1)، وقد تقدم في "الوصايا"، وكرره المؤلف في هذا الباب. 2948 - قوله: وفي حديث عمران أن قيمتهم كانت متساوية. لم أره. 2949 - [6906]- قوله: أجمع الصّحابة على وجوب الضّمان على من غَرّ بحرية أمة رجلًا حتي نكحها، وأتت منه بولد، فإن الولد ينعقد حرا، ويجب على المغرور قيمتة لمالك الأمة. البيهقي (¬2) من حديث الشافعي، عن مالك أنه: بلغه عن عمر وعثمان ذلك. وإطلاق الإجماع باعتبار أنّهما لا يُعرَف لهما في ذلك مخالف. **** ¬
باب الولاء
باب الولاء 2950 - [6907]- حديث: "الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ". متفق (¬1) عليه من حديث عائشة. 2951 - [6908]- حديث: "الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كلُحْمَةِ النَّسَبِ لَا يُبَاعُ ولَا يُوهَبُ". الشافعي (¬2) عن محمّد بن الحسن، عن أبي يوسف، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، بهذا. ورواه ابن حبان في "صحيحه" (¬3) (¬4) من طريق بشر بن الوليد، عن أبي يوسف، لكن قال: عن عبيد الله بن عمر، عن عبد الله بن دينار. وكذلك رواه البيهقي (¬5). وقال في "المعرفة" (¬6): كأنّ الشّافعي حدّث به من حفظه، فنسي "عبيد الله ابن عمر" من إسناده، وقد رواه محمد بن الحسن في "كتاب الولاء" له عن أبي ¬
يوسف، عن عبيد الله بن عمر، عن عبد الله بن دينار، [به] (¬1). وقال أبو بكر النيسابوري (¬2): هذا خطأ؛ لأن الثقات رووه عن عبد الله بن دينار بغير هذا اللفظ، وهذا اللفظ إنما هو رواية الحسن المرسلة، ثم ساقه الدارقطني (¬3) من طريق يزيد بن هارون، عن هشام بن حسان، عن الحسن، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. قال البيهقي (¬4): ورويناه من طريق ضمرة، عن الثوري، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر. قال الطبراني (¬5) تفرد به ضمرة -يعني باللفظ المذكور-. قال البيهقي (¬6): وقد رواه إبراهيم بن محمد بن يوسف الفريابي، عن ضمرة، على الصواب كرواية الجماعة، فالخطأ فيه ممن دونه. وقد جمع أبو نعيم طرق حديث النهي عن بيع الولاء وعن هبته في "مسند عبد الله ابن دينار" له، فرواه عن نحو من خمسين رجلا أو أكثر من أصحابه، عنه. ورواه الترمذي (¬7) من حديث يحيى بن سليم، عن عبيد الله بن عمر، عن ¬
نافع، عن ابن عمر. وقال: أخطأ فيه يحيى بن سليم، وإنما رواه عبيد الله عن عبد الله بن دينار. وروى الحاكم (¬1) من طريق محمد بن مسلم الطائفي، عن إسماعيل بن أمية، عن نافع، عن ابن عمر، مثل لفظ أبي يوسف. والطائفي فيه مقال، وتابعه يحيى بن سليم، عن إسماعيل بن أمية. قال البيهقي (¬2): ويحيى بن سليم ضعيف سيء الحفظ. [6909]- ورواه أبو جعفر الطبري في "تهذيبه" وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (¬3) والطبراني في "الكبير" من حديث عبد الله بن أبي أوفى. وظاهر إسناده الصحّة، وهو يعكّر على البيهقي، حيث قال عقب حديث أبي يوسف (¬4): يروى بأسانيد أخر كلها ضعيفة. * حديث: النهى عن بيع الولاء وعن هبته. تقدمت الإشارة إليه، وهو في "الموطأ" (¬5) و"المسند" (¬6) و "الستة" (¬7) وغيرها. ¬
* حديث: "لَنْ يُجِزِيَ وَالِدٌ وَلَدَه إلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَه فَيُعْتِقَه". تقدم. 2952 - [6910]- حديث: "مَولَى الْقَوْمِ مِنهُمْ". أصحاب "السنن" (¬1) وابن حبان (¬2) من حديث أبي رافع، وفيه قصة. وفي الباب: [6911]- عن عتبة بن غزوان عند الطبراني (¬3). [6912]- وعمرو بن عوف عنده، وعند إسحاق، وابن أبي شيبة. [6913]- وعن أبي هريرة عند البزار. [6914]- وعن رفاعة بن رافع عند أحمد (¬4) والحاكم (¬5) وفي "الأدب المفرد" (¬6) للبخاري. * حديث: "كُلُّ شَرْطٍ لَيْس في كِتَابِ الله فَهُوَ بَاطِلٌ". الحديث (¬7). ¬
متفق عليه من حديث عائشة في قصة بريرة، وقد تقدّم. * حديث: أنّ بنتًا لحمزة أعتقت جارية، فماتت الجارية عن بنت وعن المعتقة، فجعل النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- نصف ميراثها للبنت، والنصف للمعتقة. تقدم في "الفرائض". * حديث: "ثَلاثٌ جِدُّهُنّ جِدٌّ، وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ ... " الحديث. تقدم في "الطلاق" وأن لفظ "العتاق" لا يصح. 2953 - [6915]- حديث الأعمش، عن إبراهيم عن، عمر: إذا كانت الحرّة تحت المملوك فولدت ولدًا، فإنه يعتق بعتق أمّه، وولاؤه لموالي أمّه، فإذا أُعتق الأبُ جر الولاء إلى موالي أبيه. البيهقي (¬1)، وقال: هذا منقطع، وروي موصولا، ورواه (¬2) بذكر (¬3) الأسود بين إبراهيم وعمر. 2954 - [6916]- حديث هشام بن عروة، عن أبيه: أن الزبير ¬
ورافع بن خديج اختصما إلى عثمان في مولاة كانت لرافع بن خديج، كانت تحت عبدٍ فولدت منه أولادًا، فاشترى الزبير العبد فأعتقه، فقضى عثمان بالولاء للزبير. البيهقي (¬1) كما عزاه إليه، وذكر عن عثمان في ذلك اختلافا (¬2). 2955 - [6917]- حديث: أنّ عليًّا قضى في عبدٍ كانت تحته حرّة فولدت أولادا، فعتقوا بعتاقة أمّهم، ثم أعتق أبوهم بعد أنّ ولاءهم لعصبة أمّهم. البيهقي (¬3) به. 2956 - [6918]- حديث ابن مسعود: أنه قال: العبد يجرّ ولاءه إذا أعتق. البيهقي (¬4) به. ¬
2957 - [6919]- قوله: وروي عن زيد بن ثابت مثل مقالتهم. لم أره. 2958 - [6920]- حديث عمر وعثمان: أنّ الولاء للكبر. رواهما البيهقي (¬1) من طريق سعيد بن المسيب، عنهما. ورواه عبد الرزاق (¬2) عن الثوري، عن منصور، عن إبراهيم: أنّ عمر وعليًّا وزيد بن ثابت كانوا يجعلون الولاء للكبر. وعن يزيد، عن أشعث، عن الشعبي عن الثلاثة مثله (¬3). ورواه سعيد بن منصور، من طريق مغيرة، عن إبراهيم، عن علي وزيده وعبد الله (¬4). 2959 - [6921]- حديث: لا يرثن إلا من أعتقن. ابن أبي شيبة (¬5) من طريق الحسن قوله. والبيهقي (¬6) من طريق إبراهيم: كان عمر وعلي وزيد بن ثابت لا يورثون النّساء من الولاء إلا ما أعتقن. ¬
(84) كتاب التدبير
(84) كتاب التدبير
2960 - [6922]- حديث جابر: أن رجلا دبّر غلامًا له ليس له مال غيره، فقال النّبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي؟ " فَاشْتَراة نُعَيْم بن النحَّام. وفي رواية: أن رجلا من الأنصار أعتق عبدًا له عن دُبُر منه، لا مال له غيره، وعليه دَين، فبلغ ذلك النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- فباعه، وقضى الدين منه، ودفع الفضل إليه. أما الرواية الأولى؛ فمتفق عليها (¬1) من طرق. ورواه الأربعة (¬2) وابن حبان (¬3) والبيهقي (¬4) من طرق كثيرة بألفاظ متنوعة. وأمّا الرواية الأخرى؛ فلم أرها في شيء من طرقه. نعم في النسائي (¬5) أن النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- لما دفع ثمنه إليه قال: "اقْضِ دَيْنَكَ". 2961 - [6923]- حديث: ابن عمر مرفوعًا وموقوفًا: "الْمُدَبَّرُ مِنَ الثُّلُث". ¬
البيهقي (¬1) من حديث نافع، عنه. وفيه علي بن ظبيان، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع. ورواه الشافعي (¬2) عن علي بن ظبيان، وقال: قلت لعلي: كيف هو؟ فقال: كنت أحدث به مرفوعًا، فقال لي أصحابي: ليس هو بمرفوع، فوقفته. قال الشافعي: والحفاظ يقفونه على ابن عمر. [6924]- ورواه الدارقطني (¬3) من حديث عبيدة بن حسان، عن أيوب، عن نافع، مرفوعا بلفظ: "المدَبَّرُ لَا يُبَاعُ وَلا يُوهَبُ، وَهُو حُرٌّ مِنَ الثُّلُث". قال أبو حاتم (¬4): عبيدة منكر الحديث. وقال الدارقطني في "العلل": الأصح وقفه. وقال العقيلي (¬5): لا يعرف إلّا بعلي بن ظبيان، وهو منكر الحديث. وقال أبو زرعة (¬6): الموقوف أصحّ. وقال ابن القطّان (¬7): المرفوع ضعيف. وقال البيهقي (¬8): الصحيح موقوف كما رواه الشافعي. ¬
[6925]- وروى (¬1) من وجه آخر عن أبي قلابة مرسلًا: أن رجلًا أعتق عبدًا له عن دُبر فجعله النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - من الثّلث. [6926]- وعن علي كذلك موقوفًا عليه (¬2). [6927]- وروى (¬3) بسنده عن عثمان بن أبي شيبة (¬4) أنه قال: حديث علي بن ظبيان خطأ. * حديث عمر: أنّه أجاز (¬5) وصية غلام ابن عشر سنين. تقدم في "الوصايا". * حديث عائشة: أنها باعت مدَّبرة سحرتها. الشافعي والحاكم. وتقدم في "باب دعوى الدم والقسامة". 2962 - [6928]- حديث ابن عمر: أنّه دَبّر جاريتين، وكان يطأهما. مالك في "الموطأ" (¬6) عن نافع، عنه، بهذا. والشافعي عنه به (¬7). ¬
(85) كتاب الكتابة
(85) كتاب الكتابة
2963 - [6929]- حديث: "مَنْ أَعَانَ غَارِمًا أَوْ غَازِيًا أَوْ مُكَاتَبًا في كتَابَتِهِ، أَظَلَّه الله في ظِلِّه يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلّه". الحاكم (¬1) من حديث سهل بن حنيف به بلفظ: "مَن أَعَانَ مُجَاهِدًا في سَبيلِ الله أَوْ غَارِمًا في عُسْرَتِه أَوْ مُكَاتَبًا في رَقَبَتِه أَظلَّه الله يَوْمَ لَا ظِلَّ إلا ظِلُه"، والبيهقي (¬2) عنه به. 2964 - [6930]- حديث: "الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ". يأتي، وقد رواه مالك في "الموطأ" (¬3) عن نافع، عن ابن عمر، موقوفًا. ورواه ابن قانع من طريق أخرى، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعًا، وأعله (¬4). ¬
2965 - [6931]- حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: "الْمُكَاتَبُ قِنٌّ مَا بَقِيَ عَلَيْه مِنْ كِتَابَتِه دِرْهَمٌ". أبو داود (¬1) والنسائي (¬2) والحاكم (¬3) من طرق. رواه النسائي (¬4) وابن حبان (¬5) من وجه آخر، من حديث عطاء، عن عبد الله ابن عمرو بن العاص، في حديث طويل. ولفظه: "وَمَن كَانَ مُكَاتَبًا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ فَقَضاهَا إلَّا أُوقِيَّة فَهُو عَبْدٌ". قال النسائي: هذا حديث منكر، وهو عندي خطأ. وقال ابن حزم (¬6): عطاء هذا هو الخراساني، ولم يسمع من عبد الله ابن عمرو. وقال الشافعي (¬7) في حديث عمرو بن شعيب: لا أعلم أحدًا روى هذا إلَّا عمرو بن شعيب، ولم أرَ من رضيتُ من أهل العلم يُثبته، وعلى هذا فتيا المفتين. ¬
2966 - [6932]- حديث بريرة: أنّها استعانت بعائشة في كتابتها، فقالت: إن باعوك ويكون لي الولاء صببتُ لهم صبًّا، فراجعتهم، فأبوا أن يبيعوا إلا أن يكون لهم الولاء ... الحديث. متفق عليه (¬1) من حديث عائشة. [6933]- ورواه النسائي (¬2) من حديث بريرة نفسها. 2967 - [6934]- حديث عثمان: أنّه غضب على عبد له فقال: لأعاقبنّك، أو لأكاتبنك على نجمين. البيهقي (¬3) من طريق مسلم بن أبي مريم، عن رجل قال: كنت مملوكا لعثمان ... فذكره مطولًا، وفيه قصّة للزّبير معه. 2968 - [6935]- حديث علي: الكتابة على نجمين. قال ابن أبي شيبة (¬4): حدثنا عباد بن العوام، عن حجاج، عن حصين الحارثي، عن علي قال: إذا تتابع على المكاتب نجمان فلم يؤدّ نجومه؛ رُدّ إلى الرِّقِّ. ¬
2969 - [6936]- قوله: اشتهر عن الصّحابة ومن بعدهم قولا وفعلا الكتابة على نجمين. رواه البيهقي (¬1) من فعل عثمان، وابن عمر، وقد ذكره المصنف عن علي كما ترى. 2970 - [6937]- حديث علي: "يُحَطّ عَنِ الْمُكَاتَبِ قَدْرَ رُبُعِ كِتَابَتِه". النسائي (¬2) والحاكم (¬3) من طريق أبي عبد الرحمن السلمي، عن علي، مرفوعًا وموقوفًا (¬4). وصحّح الموقوف النسائي، كذا قال البيهقي (¬5) والدارقطني (¬6). وقال عبد الحق (¬7): رواه ابن جريج، عن عطاء بن السائب، عن السلمي مرفوعًا، وابن جريج: إنما سمع من عطاء بعد الاختلاط، ورواية [الوقف] (¬8) أصحّ. ¬
2971 - [6938]- حديث ابن عمر: أنّه كاتب عبدًا له على خمسة وثلاثين ألف درهم، وحطّ عنه خمسة آلاف. مالك في "الموطأ" (¬1) بهذا. وأخرجه البيهقي (¬2) من طريق أيّوب، عن نافع، عن ابن عمر. 2972 - [6939]- حديث أبي سعيد المقبري: اشترتني امرأةٌ من بني ليث بسوق ذي المجاز بسبع (¬3) مائة درهم ... الحديث. رواه البيهقي (¬4) بتمامه. 2973 - [6940]- قوله: روي عن عمر إجبار السيّد فيما إذا عجّل المكاتب النّجوم قبل الْمَحِلّ. الدارقطني (¬5) من طريق سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه قال: اشترتني امرأة من بني ليث ... فذكر قصّته مع عمر في إلزامها بأخذ مال الكتابة منه معجَّلًا. **** ¬
(86) كتاب السير
(86) كتاب السِّيَر
2974 - [6941]- حديث ابن عباس: "أَيّمَا امْرَأَةٍ وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا فَهِي حُرَّةٌ عَن دُبُرٍ مِنْهُ". أحمد (¬1) وابن ماجه (¬2) والدارقطني (¬3) والحاكم (¬4) والبيهقي (¬5) وله طرق. وفي إسناده الحسين بن عبد الله الهاشمي، وهو ضعيف جدًّا. [6942]- وفي رواية للدارقطني (¬6) والبيهقي (¬7) من حديث ابن عباس أيضًا: "أمّ الْوَلَدِ حُرّةٌ وإنْ كَانَ سقطًا". وإسناده ضعيف أيضًا. والصحيح أنّه من قول ابن عمر. 2975 - [6943]- حديث ابن عمر: "إذَا أَوْلَدَ الرَّجُل أَمَتَة وَمَاتَ عَنْهَا فَهِيَ حُرَّةٌ". الدارقطني (¬8) والبيهقي (¬9) مرفوعًا وموقوفًا. قال الدارقطني: الصحيح وقفه ¬
عن ابن عمر عن عمر، وكذا قال البيهقي، وعبد الحق (¬1) وكذا رواه مالك في "الموطأ" (¬2) موقوفًا على عمر. وقال صاحب "الإلمام": المعروف فيه الوقف، والذي رفعه ثقة. قيل: ولا يصح مسندًا. 2976 - [6944]- حديث: أنَّه - صلى الله عليه وسلم - قال في مارية: "أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا" ابن ماجه (¬3) من حديث ابن عباس بلفظ: ذكرت أمّ إبراهيم عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا". وفي إسناده حسين بن عبد الله، وهو ضعيف جدًّا. قال البيهقي (¬4): وروي عن ابن عباس من قوله. قال: وله علة، رواه مسروق، عن عكرمة، عن عمرو، عن خصيف، عن عكرمة، عن ابن عمر، عن عمر. قال: فعاد الحديث إلى عمر. وله طريق أخرى رواه البيهقي (¬5) من حديث ابن لهيعة، عن عبيد الله بن أبي جعفر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لأم إبراهيم: "أَعْتَقَكِ وَلَدُكِ". وهو معضل. وقال ابن حزم (¬6): صحّ هذا بسندٍ، رواته ثقات، عن ابن عباس. ¬
ثم ذكره (¬1) من طريق قاسم بن أصبغ، عن محمَّد بن مصعب، عن عبيد الله بن عمرو، وهو الرقي، عن عبد الكريم الجزري، عن عكرمة، عن ابن عباس. وتعقّبه ابن القطان (¬2): بأن قوله: "عن محمَّد بن مصعب" خطأ، وإنما هو "عن محمّد". وهو ابن وضاح. عن مصعب -وهو ابن سعيد المصيصي- وفيه ضعف. 2977 - [6945]- حديث ابن عمر: "أُمُّ الْوَلَدِ لَا تُبَاعُ، وَتَعْتِقُ بِمَوْتِ سيّدِهَا". الدارقطني (¬3) بمعناه وقد سبق إسناده. 2978 - [6946]- حديث جابر: كنّا نبيع أمّهات الأولاد على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لا نرى بذلك بأسًا. أحمد (¬4) والشافعي (¬5) والنسائي (¬6) وابن ماجه (¬7) والبيهقي (¬8) من حديث أبي ¬
الزبير: أنه سمع جابرًا يقول: كنا نبيع سرارينا أمهات الأولاد، والنّبي - صلى الله عليه وسلم - حي لا نرى بذلك بأسًا. [6947]- ورواه أبو داود (¬1) وابن حبان (¬2) والحاكم (¬3) من حديث جابر أيضًا وزاد: وفي زمن أبي بكر. وفيه (¬4): فلما كان عمر نهانا فانتهينا. [6948]- ورواه الحاكم (¬5) من حديث أبي سعيد، وإسناده ضعيف. قال البيهقي (¬6): ليس في شيء من الطّرق أنّه اطّلع على ذلك وأقرّهم عليه - صلى الله عليه وسلم -. قلت: نعم، قد روى ابن أبي شيبة في "مصنفه" من طريق أبي سلمة، عن جابر ما يدل على ذلك. وقال الخطابي (¬7): يحتمل أن يكون (¬8) بيع الأمهات كان مباحًا ثمّ نهى عنه النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - في آخر حياته، ولم يشتهر ذلك النهي، فلما بلغ عمر نهاهم. 2979 - [6949]- قوله: خالف ابن الزبير في ذلك. البيهقي (¬9) من طرق، منها: عن الثوري، عن عبد الله بن دينار قال: جاء ¬
رجلان إلى ابن عمر فقال: من أين أقبلتما؟ قالا: من قبل ابن الزبير، فأحل لنا أشياء كانت تحرم علينا. قال: ما أحل لكم؟ قال: أحل لنا بيع أمهات الأولاد. قال: أتعرفان أبا حفص عمر فإنه نهى أن تباع، أو توهب، أو تورث، يستمتع بها ما كان حيًّا، فإذا مات فهي حرّة. 2980 - قوله: إنّ الصّحابة اتّفقت على أنّه لا يجوز بيع أمّهات الأولاد، في عهد عمر وعثمان. قال: ومشهور عن علي أنه قال: اجتمع رأيي ورأي عمر على أنّ أمهات الأولاد لا يُبَعن ثم رأيت بعد ذلك أن أبيعهن، فقال له عبيدة بن عمرو: رأيك مع رأي عمر أحبّ إلينا من رأيك وحدك. فيقال: إنه رجع عن ذلك. قلت: الأوّل ذكره مستنبطا من حديث علي، وحديث علي: [6950]- أخرجه عبد الرزاق (¬1) عن معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن عَبيدة السلماني: سمعت عليًّا يقول: اجتمع رأيي ورأي عمر في أمّهات الأولاد أن لا يُبَعن، ثم رأيت بعدُ أن يُبعَن. فقال عبيدة: فقلت له: فرأيك ورأي عمر في الجماعة أحبّ إلَيّ من رأيك وحدك في الفرقة. ¬
وهذا الإسناد معدود في أصحّ الأسانيد. ورواه البيهقي (¬1) من طريق أيوب. [6951]- وقال ابن أبي شيبة: حدثنا أبو خالد الأحمر، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن عبيدة، عن علي قال: استشارني عمر في بيع أمهات الأولاد، فرأيت أنا وهو أنها إذا ولدت عتقت، فعمل به عمر حياتَه، وعثمان حياتَه، فلما وليت رأيت أن أُرِقَّهن. قال الشعبي: فحدثني ابن سيرين أنه قال لعبيدة: فما ترى أنت؟ قال رأي علي وعمر في الجماعة أحَبّ إلى من قول عليّ حين أدرك الاختلاف. وقوله: فيقال: إن عليا رجع عن ذلك. قلت: [6952]- أخرجه عبد الرزاق (¬2) بإسناد صحيح. والله أعلم. **** ¬
آخر الكتاب
آخر الكتاب تم مختصر تخريج أحاديث الرافعي رضي الله عنه لسيدنا ومولانا الشيخ الإمام العالم العامل العلامة رحلة الحفاظ حافظ العصر، فريد الدهر، عمدة الحفاظ والمُحَدِّثين، شهاب المِلَّة والدين أبي الفضل أحمد بن علي بن محمَّد العسقلاني الشافعي، الشهير بابن حجر رحمه الله تعالى (¬1). على يد العبد الفقير إلى الله تعالى أحمد بن عبد الله المقري مؤدب الممالك بالشام ... في شهر ذي الحجة سنة خمس وخمسين وثمان مئة. ثم جاء بعد هذا ما نَصُّه: قال -رحمه الله-: فرغه مختصره أحمد بن علي بن حجر تعليقا في شوال سنة ثلاثة عشر وثمان مئة، حامدا لله ومصليًّا على نبيه محمَّد وعلى آله وصحبه ومسلما. ثم فرغ منه تتبعا في جمادى الآخرة سنة عشرين وثمان مئة. ثم جاء في آخر النسخة ما نصه (¬2): قوبلت هذه النسخة المباركة على نسخة قرأت على المؤلف. وكتب رحمه الله عليها بخطه بعد فراغه من القراءة عليه: الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى، أما بعد: فقد قرأ علي جميع هذا الكتاب، وهذا المجلد هو الرابع منه صاحبه السيد الشريف العالم العلامة صدر المدرسين، ومفيد الطالبين، تاج الدين عبد الله ابن عمر بن الحسين بن أحمد بن الحسن بن حمزة بن محمَّد بن ناصر بن علي بن الحسين بن إسماعيل بن الحسن بن ¬
أحمد بن محمَّد بن إسماعيل بن جعفر الصادق الشافعي الحسيني، وقابله بأصلي الذي بخطي، وقد أذنت له أن يرويه عني بروايتي له لأصله عن شيخنا الحافظ العلامة سراج عمر بن علي بن أحمد الأنصاري، الشهير بابن الملقن وروايتي عن غيره من المشايخ، وأن يروي عني جميع ما تجوز عني روايته من المسموعات والمجازات، وما جمعته في الفنون، وما لي من نظم ونثر. وكان ذلك في مجالس آخرها في الثامن والعشرين من جمادى الأولى سنة تسع وثلاثين وثمان مئة. قاله وكتبه أحمد بن علي بن محمَّد بن محمَّد بن علي بن أحمد العسقلاني الأصل، المصري حامدا مصليا مسلما. انتهى ..... وصلى الله على سيدنا محمَّد وآله وصحبه وسلم. ثم ختمت بهذا النص: وفرغ من مقابلته على هذه النسخة المباركة في ثاني شهر الله المحرم الحرام من .... أحيا الله صاحبها في خير وعافية بمنه وكرمه وبجاه محمّد نبيه - صلى الله عليه وسلم -. **** قال العبد الفقير إلى الله أبو عبد الرحمن محمّد الثّاني بن عُمر -عامله الله بِلُطفه وعَفوه-: تَم -بِعون الله وتوفِيقِه- توثيقُ نصوص هذا الكِتَاب في ليلة الاثنين الثّالث من شهر الله الحرام ذي الحجّة، لعام أربعةٍ وعشرين وأربعمائة بعد الألف من هجرة المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، ثمّ انتهيت من مقابلته عَلى أصوله الخطيّة، في صباح يوم السّبت، غُرّة ربيع الأوّل، سنةَ ستٍّ وعشرين وأربعمائة بعد الألف، وذلك بالمدينة النّبويّة على ساكنها أفضل الصّلاة وأتَمّ التّسليم. ****