التمهيد والبيان في مقتل الشهيد عثمان

المالقي، أبو عبد الله

مُقَدّمَة الْمُؤلف رب يسر بعونك. الْحَمد لله رب الْعَالمين، وَصلى الله على مُحَمَّد خَاتم النَّبِيين، وعَلى آله الطيبين الطاهرين، وعَلى أَصْحَابه المنتخبين، وأزواجه الطاهرات أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ، وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا. أما بعد فَهَذَا كتاب أذكر فِيهِ مصرع الإِمَام الشَّهِيد ذِي النورين عُثْمَان بن عَفَّان وأحواله وَبَعض سيرته متوخيا الْعدْل فِي ذَلِك من غير ميل وتعصب، بل اذكر مَا نَقله الْأَئِمَّة الْعلمَاء فِي كتبهمْ وتواريخهم مثل طَبَقَات أبي عبد الله مُحَمَّد بن سعد، وَكتاب الْفتُوح لسيف بن عمر التَّمِيمِي، وَكتاب الشَّرِيعَة لأبي بكر مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الْآجُرِيّ، وَكتاب المقتل لعمر بن شبة النميري، وَكتاب التَّارِيخ للشَّيْخ [عز الدّين عَليّ بن مُحَمَّد بن] عبد الْكَرِيم الْمَعْرُوف بِابْن الْأَثِير الْجَزرِي، وَغَيرهم من أَصْحَاب الْكتب الْمَشْهُورَة الموثوق بِصِحَّتِهَا. وَمن الله تَعَالَى، أَسْتَمدّ المعونة فِيمَا أقصده، فَهُوَ حسبي وَنعم الْوَكِيل. وَقد جعلته اثْنَي عشر بَابا: الْبَاب الأول: فِي ذكر نسبه وَأَوْلَاده وأزواجه.

الْبَاب الثَّانِي: فِي ذكر إِسْلَامه وهجرته. الْبَاب الثَّالِث: فِي ذكر بيعَته وقصة الشورى. الْبَاب الرَّابِع: فِي ذكر الْخَوْض فِي أمره وَمَا نقموه عَلَيْهِ. من الْأُمُور الَّتِي حدثت فِي خِلَافَته. الْبَاب الْخَامِس: فِي ذكر من سَار إِلَيْهِ وحصره. الْبَاب السَّادِس: فِي ذكر مَا قيل لَهُ فِي الْخلْع وَمَا قَالَ لَهُم. الْبَاب السَّابِع: فِي ذكر قَتله وَمَوْضِع قَبره. الْبَاب الثَّامِن: فِي مبلغ سنة وخلافته. الْبَاب التَّاسِع: فِي ذكر صفته ولباسه. الْبَاب الْعَاشِر /: فِي ذكر سيرته وفضائله. الْبَاب الْحَادِي عشر: فِي ذكر مَا رثي بِهِ من الْأَشْعَار. الْبَاب الثَّانِي عشر: فِي ذكر الْأَخْذ بثأره. وَالله الْمُوفق للصَّوَاب.

= التَّمْهِيد وَالْبَيَان فِي مقتل الشَّهِيد عُثْمَان

الباب الأول

الْبَاب الأول فِي ذكر نسبه وَأَوْلَاده وأزواجه هُوَ عُثْمَان بن عَفَّان بن أبي الْعَاصِ بن أُميَّة بن عبد شمس بن عبد منَاف بن قصي ويلتقي نسبه بِنسَب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي عبد منَاف وَأمه أروى بنت كريز بن ربيعَة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد منَاف بن قصي وَكَانَ يكنى فِي الْجَاهِلِيَّة أَبَا عَمْرو فَلَمَّا ولد لَهُ من رقية بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غُلَام سَمَّاهُ عبد الله وإكتنى بِهِ فكناه الْمُسلمُونَ أَبَا عبد الله فَبلغ عبد الله سِتّ سِنِين فنقره ديك على عينه فَمَرض فَمَاتَ فِي جُمَادَى الأولى سنة أَربع من الْهِجْرَة فصلى عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ لعُثْمَان رَضِي الله عَنهُ من غير رقية عبد الله الْأَصْغَر درج وَأمه فاخته بنت غَزوَان وَعمر وخَالِد وَأَبَان وَعمر وَمَرْيَم وأمهم أم عَمْرو بنت جُنْدُب بن عَمْرو والوليد بن عُثْمَان وَسَعِيد وَأم سعيد وأمهم فَاطِمَة بنت الْوَلِيد بن عبد شمس وَعبد الْملك بن عُثْمَان درج وَأمه أم الْبَنِينَ بنت عُيَيْنَة بن حصن وَعَائِشَة بنت عُثْمَان وَأم أبان وَأم عَمْرو وأمهن رَملَة بنت

شيبَة وَمَرْيَم بنت عُثْمَان وَأمّهَا نائلة بنت الفرافضة بن الْأَحْوَص وَأم الْبَنِينَ بنت عُثْمَان وَأمّهَا أم ولد وَهِي الَّتِي كَانَت عِنْد عبد الله بن يزِيد بن أبي سُفْيَان وَتزَوج رقية بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ قد تزَوجهَا عتبَة بن أبي لَهب قبل النُّبُوَّة فَلَمَّا بعث رسولالله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأنزل الله تَعَالَى {تبت يدا أبي لَهب} قَالَ لَهُ أَبوهُ أَبُو لَهب رَأْسِي من رَأسك حرَام إِن لم تطلق إبنته ففارقها وَلم يكن دخل بهَا وَأسْلمت حِين أسلمت أمهَا خَدِيجَة وبايعت هِيَ وَأَخَوَاتهَا فَتَزَوجهَا عُثْمَان رض = وَهَاجَرت مَعَه إِلَى أَرض الْحَبَشَة وَلما توفيت رقية تزوج عُثْمَان أُخْتهَا أم كُلْثُوم وَكَانَ تزَوجهَا عتيبة بن أبي لَهب قبل النُّبُوَّة وفارقها وَلم يدْخل بهَا وَلم تزل مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأسْلمت مَعَ أمهَا خَدِيجَة وبايعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَتَزَوجهَا عُثْمَان رض = وَهِي بكر وَدخل بهَا فِي جُمَادَى الْآخِرَة من سنة ثَلَاث من الْهِجْرَة فَلم تزل عِنْده إِلَى أَن توفيت فِي شعْبَان من سنة سبع من الْهِجْرَة وَلم تَلد لَهُ شَيْئا وَكَانَ صَدَاقهَا خَمْسمِائَة دِرْهَم وَكَذَلِكَ صدَاق جَمِيع بَنَات النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قيل أَنه لم يجمع أحد بَين بِنْتي نَبِي من لدن ادم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة غير عُثْمَان رض = وروى أَبُو بكر الْآجُرِيّ فِي = كتاب الشَّرِيعَة بِإِسْنَادِهِ عَن أبي عبد الرحمان الْكُوفِي قَالَ قَالَ لي حسن بن عَليّ الْجعْفِيّ يَا أَبَا عبد الرحمان لم سمي عُثْمَان بن عَفَّان ذَا النورين قلت وَالله لَا أَدْرِي قَالَ لم يجمع بَين ابْنَتي نَبِي إِلَّا عُثْمَان رض = ولهذه فَضِيلَة اكرمه الله بهَا مَعَ الكرامات الْكَثِيرَة والمناقب الْحَسَنَة الجميلة وَبشَارَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَهُ بِشَهَادَة وانه يقتل مَظْلُوما وَأمره لَهُ بِالصبرِ فَصَبر رض = حَتَّى قتل وحقن دماءالمسلمين

الباب الثاني

الْبَاب الثَّانِي فِي ذكرإسلامه وهجرته رض = قَالَ ابْن سعد أخبرنَا مُحَمَّد بن عمر قَالَ حَدثنِي مُحَمَّد بن صَالح عَن يزِيد بن رُومَان قَالَ خرج عُثْمَان بن عَفَّان وَطَلْحَة بن عبيد الله على أثر الزبير بن الْعَوام رَضِي الله عَنْهُم فدخلا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَعرض عَلَيْهِمَا الْإِسْلَام وَقَرَأَ عَلَيْهِمَا الْقُرْآن وأنبأهما بِحُقُوق الْإِسْلَام ووعدهما الْكَرَامَة من الله فَآمَنا وصدقا فَقَالَ عُثْمَان رض = يَا رَسُول الله إِنِّي قدمت حَدِيثا من الشَّام فَلَمَّا كُنَّا بَين معَان والزرقاء فَنحْن كالنيام إِذا مُنَاد ينادينا أَيهَا النيام هبوا فَأن أَحْمد قد خرج بِمَكَّة فقدمنا فسمعنا بك وَكَانَ إِسْلَام عُثْمَان رض = قَدِيما قبل دُخُول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَار الأرقم قَالَ واخبرنا مُحَمَّد بن عمر قَالَ حَدثنِي مُوسَى بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن حَارِث التَّمِيمِي عَن أَبِيه قَالَ لما أسلم عُثْمَان بن عَفَّان رض = أَخذ عَمه الحكم بن أبي الْعَاصِ بن أُميَّة فأوثقه رِبَاطًا وَقَالَ أترغب عَن مِلَّة آبَائِك إِلَى دين مُحدث وَالله لأحلك أبدا حَتَّى تدع مَا أَنْت عَلَيْهِ من هَذَا الدّين فَقَالَ عُثْمَان رض = وَالله لَا أَدَعهُ أبدا وَلَا أفارقه فَلَمَّا رأى الحكم

صلابته فِي دينه تَركه قَالُوا وَكَانَ عُثْمَان رض = الله عَنهُ مِمَّن هَاجر من مَكَّة إِلَى أَرض الْحَبَشَة الْهِجْرَة الأولى والهج الثَّانِيَة وَمَعَهُ فيهمَا جَمِيعًا امْرَأَته رقية بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انهما لأوّل من هَاجر إِلَى الله بعد لوط عَلَيْهِ السَّلَام وَلما قدم عُثْمَان الْمَدِينَة نزل على أَوْس بنت ثَابت أخي حسان بن ثَابت من بني النجار وَلما اقْطَعْ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الدّور بِالْمَدِينَةِ خطّ لعُثْمَان بن عَفَّان رض = الله عَلَيْهِ دارة وَلما آخى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين الصَّحَابَة آخى بَين عُثْمَان بن عَفا وَبَين عبد الرحمان بن عَوْف رَضِي الله عَنْهُمَا وآخى أَيْضا بَين عُثْمَان وَبَين أَوْس بن ثَابت رَضِي الله عَنْهُمَا وَيُقَال بَين أبي عبَادَة سعد بن عُثْمَان الزرقي وَالله أعلم 0

الباب الثالث

الْبَاب الثَّالِث فِي كَيْفيَّة بيعَته وقصة الشورى قَالَ ابْن سعد أخبرنَا مُحَمَّد بن عمر قَالَ حَدثنِي شُرَحْبِيل بن أبي عون عَن أَبِيه عَن الْمسور بن مخرمَة قَالَ إِن عمر بن الْخطاب رض = هُوَ صَحِيح يسْأَل أَن يسْتَخْلف فيأبى فَصَعدَ يَوْمًا الْمِنْبَر فَتكلم بِكَلِمَات وَقَالَ إِن مت فأمركم إِلَى هَؤُلَاءِ السِّتَّة الَّذين فارقوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ عَنْهُم رَاض عَليّ بن أبي طَالب وَنَظِيره الزبير بن الْعَوام وَعبد الرحمان بن عَوْف وَنَظِيره عُثْمَان بن عَفَّان وَطَلْحَة بن عبيد الله وَنَظِيره سعد بن مَالك الا واني أوصيكم بتقوى الله فِي الحكم وَالْعدْل فِي الْقسم 1 - ذكر مقتل عمر رض = وَحَدِيث الشورى عَن عَمْرو بن مَيْمُون قَالَ اني لقائم فِي الْمَسْجِد مَا بيني وَبَين عمر بن الْخطاب رض = إِلَّا عبد الله بن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا غَدَاة أُصِيب وَكَانَ إِذا مر بَين الصفين قَالَ اسْتَووا حَتَّى إِذا لم ير فيهم خللا تقدم وَكبر وَرُبمَا قَرَأَ سُورَة يُوسُف أَو النَّحْل أَو نَحْو ذَلِك فِي الرَّكْعَة الأولى حَتَّى يجْتَمع النَّاس

فَمَا هُوَ الا ان كبر فَسَمعته يَقُول قتلني أَو أكلني الْكَلْب حِين طعنه فَسَار العلج بسكين ذَات طرفين مَا يمر بِرَجُل يَمِينا وَلَا شمالا إِلَّا طعنه حَتَّى طعن ثَلَاثَة عشر رجلا مَاتَ مِنْهُم سَبْعَة قَالَ فَلَمَّا رأى ذَلِك رجل من الْمُسلمين طرح عَلَيْهِ برنسا فَلَمَّا ظن العلج أَنه مَأْخُوذ نحور نَفسه وَتَنَاول عمر يَد عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فقدمه فَمن يَلِي عمر فقد رأى الَّذِي أرى وَأما نواحي الْمَسْجِد فَإِنَّهُم لَا يَدْرُونَ غير أَنهم فقدوا صَوت عمر وهم يَقُولُونَ سُبْحَانَ الله سُبْحَانَ ألله فصلى بهم عبد الرحمان بن عَوْف صَلَاة خَفِيفَة فَلَمَّا انصرفوا قَالَ يَا ابْن عَبَّاس انْظُر من قتلني فجال سَاعَة ثمَّ جَاءَ فَقَالَ غُلَام الْمُغيرَة قَالَ الصنع قَالَ نعم قَالَ قَاتله الله وَالله لقد أمرت بِهِ مَعْرُوفا الْحَد لله الَّذِي لم يَجْعَل ميتتي بيد رجل يَدعِي الْإِسْلَام ثمَّ قَالَ لإبن عَبَّاس وَقد كنت أَنْت وَأَبُوك تحبان أَن تكْثر العلوج بِالْمَدِينَةِ وَكَانَ عَبَّاس أَكْثَرهم رَقِيقا فَقَالَ ان شِئْت فعلت أَي ان شِئْت قتلنَا قَالَ كذبت بعد مَا تكلمُوا وصلوا قبلتكم وحجوا حَجكُمْ فَاحْتمل إِلَى بَيته فَانْطَلَقْنَا مَعَه وَكَأن النَّاس لم تصبهم مُصِيبَة قبل يَوْمئِذٍ فَقَائِل يَقُول لَا بَأْس وَقَائِل يَقُول أَخَاف عَلَيْهِ فَدَعَا بنبيذ فشربه فَخرج من جَوْفه ثمَّ دَعَا بِلَبن فشربه فَخرج من جرحه فَعَلمُوا أَنه ميت فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ وَجَاء النَّاس يثنون عَلَيْهِ وَجَاء رجل شَاب فَقَالَ أبشر يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ ببشرى الله لَك من صُحْبَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقدم فِي الْإِسْلَام مَا قد علمت ثمَّ وليت فعدلت ثمَّ شَهَادَة قَالَ وددت أَن ذَلِك كفاف لَا عَليّ وَلَا لي فَلَمَّا أدبر إِذا إزَاره يمس الأَرْض قَالَ ردوا عَليّ الْغُلَام قَالَ ابْن آخى ارْفَعْ ثَوْبك فَإِنَّهُ أبقى لثوبك وَأتقى لِرَبِّك يَا عبد الله بن عمر انْظُر مَا عَليّ من الدّين فحسبوه فوجدوه سِتَّة وَثَمَانِينَ ألفا أَو نَحوه قَالَ إِن وفى لَهُ مَال آل عمر

فأده من أَمْوَالهم وَإِلَّا فسل فِي بني عدي بن كَعْب فَإِن لم تفي أَمْوَالهم فسل فِي قُرَيْش وَلَا تعدهم إِلَى غَيرهم فأد عني هَذَا المَال انْطلق إِلَى عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ فَقل يقْرَأ عَلَيْك عمر السَّلَام وَلَا تقل أَمِير الْمُؤمنِينَ فَإِنِّي لست الْيَوْم للْمُؤْمِنين أَمِيرا وَقل يسْتَأْذن عمر بن الْخطاب ان يدْفن مَعَ صَاحِبيهِ فَسلم وَاسْتَأْذَنَ ثمَّ دخل عَلَيْهَا فَوَجَدَهَا قَاعِدَة تبْكي فَقَالَ يقْرَأ عَلَيْك عمر بن الْخطاب السَّلَام ويستأذن ان يدْفن مَعَ صَاحِبيهِ فَقَالَت كنت أريده لنَفْسي ولأوثرن بِهِ الْيَوْم على نَفسِي فَلَمَّا أقبل قيل هَذَا عبد الله بن عمر قد جَاءَ قَالَ ارفعوني فأسنده رجل إِلَيْهِ فَقَالَ مَا لديك قَالَ الَّذِي تحب يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَذِنت قَالَ الْحَمد لله مَا كَانَ من شَيْء أهم إِلَيّ من ذَلِك فَإِذا أَنا قضيت فاحملوني ثمَّ سلم فَقل يسْتَأْذن عمر بن الْخطاب فَإِن أَذِنت لي فأدخلوني وَإِن ردتني ردوني إِلَى مَقَابِر الْمُسلمين وَجَاءَت أم الْمُؤمنِينَ حَفْصَة وَالنِّسَاء تسير مَعهَا فَلَمَّا رأيناها قمنا فولجت عَلَيْهِ فَبَكَتْ عِنْده سَاعَة وَاسْتَأْذَنَ الرِّجَال فولجت دَاخِلا لَهُم فسمعنا بكاءها من الدَّاخِل فَقَالُوا أوص يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ اسْتخْلف قَالَ مَا أجد أَحَق بِهَذَا الْأَمر من هَؤُلَاءِ النَّفر أَو الرَّهْط الَّذين توفّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ عَنْهُم رَاض فَسمى عليا وَعُثْمَان وَالزُّبَيْر وَطَلْحَة وسعدا وَعبد الرَّحْمَن وَقَالَ يشهدكم عبد الله بن عمر وَلَيْسَ لَهُ من الْأَمر شَيْء كَهَيئَةِ التَّعْزِيَة لَهُ فَإِن أَصَابَت الإمرة سَعْدا فَهُوَ ذَاك وَإِلَّا فليستعن بِهِ أَيّكُم مَا أَمر فَإِنِّي لم أعزله عَن عجز وَلَا خِيَانَة ثمَّ قَالَ أوصِي الْخَلِيفَة من بعدِي بالمهاجرين الْأَوَّلين ان يعرف لَهُم حَقهم ويحفظ لَهُم حرمتهم وأوصيه بالأنصار خيرا الَّذين تبوؤا الدَّار وَالْإِيمَان من قبلهم ان يقبل من محسنهم وان يعفوا عَن مسيئهم وأوصيه بِأَهْل الْأَمْصَار خيرا فَإِنَّهُم ردء الْإِسْلَام وجباة المَال وغيظ الْعَدو والا يُؤْخَذ مِنْهُم إِلَّا فَضلهمْ عَن رضاهم وأوصيه بالأعراب خيرا فَإِنَّهُم أصل الْعَرَب ومادة الْإِسْلَام ان يُؤْخَذ من حَوَاشِي أَمْوَالهم وَيرد على فقرائهم وأوصيه بِذِمَّة الله وَذمَّة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يُوفي لَهُم بعدهمْ وَأَن يُقَاتل من ورائهم وَألا يكلفوا إِلَّا طاقتهم فَلَمَّا قبض خرجنَا بِهِ فَانْطَلَقْنَا نمشي فَسلم

عبد الله بن عمر قَالَ يسْتَأْذن عمر بن الْخطاب قَالَت أدخلوه فَادْخُلْ فَوضع هُنَالك مَعَ صَاحِبيهِ فَلَمَّا فرغ من دَفنه أجتمع هَؤُلَاءِ الرَّهْط فَقَالَ عبد الرَّحْمَن أجعلوا أَمركُم إِلَى ثَلَاثَة مِنْكُم فَقَالَ الزبير قد جعلت أَمْرِي إِلَى عَليّ فَقَالَ طَلْحَة قد جعلت آمري إِلَى عُثْمَان وَقَالَ سعد قد جعلت آمري إِلَى عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فَقَالَ عبد الرَّحْمَن آيكما تَبرأ من هَذَا الْأَمر فنجعله إِلَيْهِ وَالله عَلَيْهِ وَالْإِسْلَام لينظرن أفضلهم فِي نَفسه فأسكت الشَّيْخَانِ فَقَالَ عبد الرَّحْمَن أفتجعلونه إِلَيّ وَللَّه عَليّ أَلا آلو عَن أفضلكم قَالَا نعم فَأخذ بيد أَحدهمَا فَقَالَ لَك قرَابَة من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والقدم فِي الْإِسْلَام مَا قد علمت فَالله عَلَيْك لَئِن أَمرتك لتعدلن وَلَئِن امرت عُثْمَان لتسمعن ولتطيعن ثمَّ خلا بِالْآخرِ فَقَالَ لَهُ مثل ذَلِك فَلَمَّا أَخذ الْمِيثَاق قَالَ ارْفَعْ يدك يَا عُثْمَان فَبَايعهُ وَبَايع لَهُ عَليّ وولج أهل الدَّار فَبَايعُوهُ قَالَ ابْن سعد أخبرنَا مُحَمَّد بن عمر قَالَ حَدثنِي الضَّحَّاك بن عُثْمَان بن عبد الْملك بن عبيد عَن عبد الرحمان بن سعد بن يَرْبُوع أَن عمر حِين طعن قَالَ ليصل لكم صُهَيْب ثَلَاثًا وَتَشَاوَرُوا فِي أَمركُم وَالْأَمر إِلَى هَؤُلَاءِ السِّتَّة فَمن بعل أَمركُم فاضربوا عُنُقه يَعْنِي من خالفكم قَالَ أخبرنَا مُحَمَّد بن عمر حَدثنِي مُوسَى عَن إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة عَن أنس بن مَالك قَالَ أرسل عمر بن الْخطاب إِلَى أبي طَلْحَة قبل أَن يَمُوت بساعة فَقَالَ يَا أَبَا طَلْحَة كن فِي خمسين من قَوْمك من الْأَنْصَار مَعَ هَؤُلَاءِ النَّفر أَصْحَاب الشورى فَلَا تتركهم يمْضِي الْيَوْم الثَّالِث حَتَّى يؤمروا أحدهم اللَّهُمَّ أَنْت خليفتي عَلَيْهِم قَالَ حَدثنِي إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة قَالَ أوفى أَبُو طَلْحَة فِي أَصْحَابه سَاعَة قبر عمر فَلَزِمَ أَصْحَاب الشورى فَلَمَّا جعلُوا أَمرهم إِلَى عبد الرحمان بن عَوْف يخْتَار لَهُم مِنْهُم لزم أَبُو طَلْحَة بَاب عبد الرحمان بن

عَوْف بِأَصْحَابِهِ حَتَّى بَايع عُثْمَان قَالَ أخبرنَا مُحَمَّد بن عمر قَالَ حَدثنِي سعيد المكتي عَن سَلمَة بن أبي سَلمَة بن عبد الرحمان عَن أَبِيه قَالَ أول من بَايع لعُثْمَان عبد الرحمان ثمَّ عَليّ بن أبي طَالب قَالَ أخبرنَا مُحَمَّد بن عمر قَالَ حَدثنِي عمر بن عميرَة بن هني مولى عمر بن الْخطاب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ أَنا رَأَيْت عليا بَايع عُثْمَان أول النَّاس ثمَّ تتَابع النَّاس فَبَايعُوا قَالَ أخبرنَا مُحَمَّد بن عمر قَالَ حَدثنِي إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرحمان بن عبد الله بن أبي ربيعَة المَخْزُومِي عَن أَبِيه أَن عُثْمَان لما بُويِعَ خرج إِلَى النَّاس فخطبهم فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ أَيهَا النَّاس أَن أول مركب صَعب وان بعد الْيَوْم أَيَّامًا وان أعش تأتكم الْخطْبَة على وَجههَا وَمَا كُنَّا خطباء وسيعلمنا الله قَالُوا بُويِعَ عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ يَوْم الأثنين لليلة بقيت من ذِي الْحجَّة سنة ثَلَاث وَعشْرين فَاسْتقْبل بخلافته الْمحرم سنة ارْبَعْ وَعشْرين وَوجه عُثْمَان رض = على الْحَج تِلْكَ السّنة عبد الرحمان بن عَوْف رض = فحج بِالنَّاسِ سنة أَربع وَعشْرين ثمَّ حج عُثْمَان رض = فِي خِلَافَته كلهَا بِالنَّاسِ عشر سِنِين مُتَوَالِيَة إِلَّا السّنة الَّتِي حوصر فِيهَا فَوجه عبد الله بن عَبَّاس رض = على الْحَج فَخرج فحج بِالنَّاسِ وَعَن أبي وَائِل أَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ سَار من الْمَدِينَة إِلَى الْكُوفَة ثمانيا حِين اسْتخْلف عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ فَصَعدَ الْمِنْبَر فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ أما بعد فَإِن أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر بن الْخطاب مَاتَ فَلم نر يَوْمًا أَكثر نشيجا من يَوْمئِذٍ وَأَنا اجْتَمَعنَا أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم نأل عَن خيرنا ذَا فَوق فَبَايعْنَا أَمِير الْمُؤمنِينَ عُثْمَان فَبَايعُوهُ

وَعَن الزُّهْرِيّ قَالَ لما ولي عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ عَاشَ اثْنَتَيْ عشرَة سنة أَمِيرا يعْمل سِتّ سِنِين لَا ينقم النَّاس عَلَيْهِ شَيْئا وَأَنه لأحب إِلَى قُرَيْش من عمر رَضِي الله عَنهُ لِأَنَّهُ كَانَ شَدِيدا عَلَيْهِم فَلَمَّا وليهم عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ لِأَن لَهُم ووصلهم ثمَّ توانى فِي أَمرهم وَاسْتعْمل أقرباءه وَأهل بَيته فِي السِّت الْأَوَاخِر وَكتب لمروان بِخمْس أفريقية وَأعْطى أقرباءه المَال وَتَأَول فِي ذَلِك الصِّلَة الَّتِي أَمر الله بهَا وَاتخذ الْأَمْوَال واستسلف من بَيت المَال وَقَالَ أَن أَبَا بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا تركا من ذَلِك مَا هُوَ لَهما وَأَنِّي أَخَذته فقسمته فِي أقربائي فَأنْكر النَّاس ذَلِك عَلَيْهِ وروى سيف بن عمر رَضِي الله عَنهُ عَن عبد الْملك بن جريح عَن نَافِع عَن بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قلت لعمر اسْتخْلف مَا تَقول لِرَبِّك إِذا قدمت عَلَيْهِ وَقد تركت أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا راعي لَهَا فَقَالَ إِن أستخلف فقد اسْتخْلف من هُوَ خير مني وَأَن أترك فقد ترك من هُوَ خير مني فَقلت أَرَأَيْت لَو أَن راعيك أَتَاك وَترك غنمك مَا كنت قَائِلا لَهُ فَعِنْدَ ذَلِك جعلهَا شُورَى وَعند ذَلِك قَالَ إِنِّي لأعْلم أَنهم لَا يعدلُونَ بِهَذَيْنِ الرجلَيْن وروى أَيْضا عَن مُبشر عَن جَابر قَالَ لما طعن عمر رض = عَنهُ شكوا أأصاب أقتابه شَيْء أم لَا فدعى لَهُ بنبيذ فَشرب فَلم يشفهم من علم جراحه حَتَّى دعى لَهُ بِلَبن فَخرج ببياضه مَعَ الدَّم فأوصى فِي خاصته وَجمع الْعَامَّة وَقَالَ يَا أَيهَا النَّاس أَن الْأَمر الْيَوْم فِي أمة مُحَمَّد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أَمركُم أَنْتُم شُهُود الْأمة وَأهل الشورى فَمن رَضِيتُمْ بِهِ فقد رَضوا بِهِ وَمن اجْتَمَعْتُمْ عَلَيْهِ فقد أَجمعُوا عَلَيْهِ وَأَن هَذَا الْأَمر لَا يزَال فِيكُم مَا طلبتم بِهِ وَجه الله وَالدَّار الْآخِرَة فَإِذا طلبتم بِهِ الدُّنْيَا وتنازعتم سلبكموه الله وَنَقله عَنْكُم ثمَّ لَا يردهُ عَلَيْكُم أبدا وأنكم أَن تؤمروا فِي حَيَاة مني أَجْدَر أَلا تختلفوا بعدِي هَل

تعلمُونَ أحدا أَحَق بِهَذَا الْأَمر من هَؤُلَاءِ السِّتَّة النَّفر الَّذين مَاتَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ عَنْهُم رَاض قَالُوا لَا قَالَ فَإِنِّي أرى من الرَّأْي ان باعتموني أَن نجْعَل ذَلِك بهم فيؤمروا بَعضهم قَالُوا فقد رَأينَا ذَلِك وجعلناه اليهم فَقَالَ عمر رض = ليصل بكم صُهَيْب ثَلَاثًا وأربعوا على طَلْحَة وَكَانَ بِالشَّام فان جَاءَ جَاءَ وآلا فَلَا تنتظروا بهَا أَكثر من ذَلِك فَإِن إختلفوا فكونوا مَعَ الْأَكْثَر ووكل بهم الْمِقْدَاد بن عَمْرو وَقَالَ إِن لم يجىء طَلْحَة فَابْن عمر مَكَانَهُ وَلَيْسَ لَهُ أَمر فانتظروا بعد عمر رض = ثَلَاثًا فَلَمَّا كَانَ الْيَوْم الثَّالِث جمعهم الْمِقْدَاد إِلَى بَيت عَائِشَة رض = فَقَالَ انْظُرُوا غلى هَذِه الأقبر ثمَّ انْظُرُوا فِي أَمركُم فَقَالَ عبد الرحمان بن عَوْف فَأَيكُمْ يكفينا النّظر وَيخرج نَفسه فَلم يجب أحد فَقَالَ عبد الرحمان أَنا أخرج نَفسِي وإبن عمي سعد بن أبي وَقاص وَأنْظر لكم فَقَالُوا جَمِيعًا نعم فأكفنا ذَلِك فوَاللَّه مَا حملنَا على السكت الضن وَلَكِن الضّيق بهَا فَخرج عبد الرَّحْمَن بن عَوْف رض = فَلم يدع بِالْمَدِينَةِ أحدا من السَّابِقين من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار الا وطرقه واستشاره واستكتمه فكلهم قَالَ لَهُ عُثْمَان ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْبَيْت من الْغَد وَلم يبت ليلته تِلْكَ حَتَّى أصبح فَأَتَاهُم فَاسْتَيْقَظَ نَائِما حَتَّى الظّهْر فأري فِي الْمَنَام أَن قُم فَانْظُر فِي هَذَا الْأَمر فَقَالَ وَكَيف نَنْظُر إِلَيْهِ قَالَ أَمر أقرأهم فان اسْتَووا فأفقههم فَإِن اسْتَووا فأسنهم فانتبه وَقد ذكر حَدِيث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقضى بِهِ فيهم وَحَدِيث رَسُول الله {يؤم الْقَوْم أقرؤهم فَإِن اسْتَووا فأفقههم} إِلَى آخر الحَدِيث فبدر عبد الرَّحْمَن فَخَلا بهم رجلا رجلا فَقَالَ أَرَأَيْت إِن أَنا بَايَعْتُك فخلف بك من لَهَا بعْدك فَيَقُول عُثْمَان حَتَّى قَالَهَا لعُثْمَان فَقَالَ

وعن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال قال عمر رض أيكم يحدثنا عن الفتنة فسكتوا فقال حذيفة أنا فقال

عَليّ وافتتح عبد الرَّحْمَن الْكَلَام فَقَالَ أنْشدكُمْ الله هَل تعلمُونَ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ليؤمكم أقرؤكم فَإِن كَانُوا فِي الْقِرَاءَة سَوَاء فأفقههم فَإِن كَانُوا سَوَاء فأسنهم قَالُوا نعم قَالَ هَل تعلمُونَ هَذَا اجْتمع فِي أحد مِنْكُم غير عُثْمَان فَبَايعُوهُ وأقروا واعترفوا وَخَرجُوا وَمَا مِنْهُم أحد الا وَهُوَ أسر من عُثْمَان رَضِي الله عَنْهُم فصلى بِالنَّاسِ الْعَصْر وَعَن عَمْرو بن مُحَمَّد عَن الشّعبِيّ عَن مَسْرُوق قَالَ قَالَ ابْن مَسْعُود غَدَاة أَتَتْهُ إِمَارَة عُثْمَان وَالله مَا آلوا عَن أَعلَى ذِي فَوق لقد جمع أَنه أقرؤهم لِلْقُرْآنِ وأسنهم مَعَ فقه فِي الدّين وَعَن إِبْنِ جريج عَن نَافِع عَن عبد الله بن عمر رض = قَالَ قَالَ عمر رض = أَنِّي لأعْلم أَن النَّاس لَا يعدلُونَ بِهَذَيْنِ الرجلَيْن اللَّذين كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكون نجيا بَينهمَا وَبَين جِبْرِيل يتلَقَّى عَنهُ ويميل عَلَيْهِمَا وَعَن مُبشر عَن سَالم قَالَ كَانَ أَبُو طَلْحَة الْقيم بذلك مَعَ الْمِقْدَاد فِي خمسين رجلا وَقَالَ عمر رض = أَن صَارُوا ثَلَاثَة وَثَلَاثَة فَعَلَيْكُم بِالثَّلَاثَةِ الَّذين فيهم عبد الرحمان بن عَوْف فَإِن رجح أحد الْفَرِيقَيْنِ على الْأُخَر فَعَلَيْكُم بالأرجح وَفِي صَلَاة صُهَيْب بِالنَّاسِ والشورى يُقَال ... صلى صهبب ثَلَاثًا ثمَّ أسلمها ... إِلَى ابْن عَفَّان ملكا غير مقهور وَصِيَّة من أبي حَفْص لستتهم ... كَانُوا أخلاء مهْدي وَمَنْصُور مُهَاجِرين رَأَوْا عُثْمَان إقربهم ... إِذْ بَايعُوهُ لَهَا وَالْبَيْت وَالطور ... وَعَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد عَن قيس بن أبي حَازِم قَالَ قَالَ عمر رض = أَيّكُم يحدثنا عَن الْفِتْنَة فَسَكَتُوا فَقَالَ حُذَيْفَة أَنا فَقَالَ

ذكر فضائل عمر بن الخطاب رض عن جابر بن عبد الله رض قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم دخلت الجنة فرأيت قصرا أبيض بفنائه جارية فقلت لمن هذا القصر قالت لعمر فأردت أن أدخله فأنظر إليه فذكرت غيرتك يا عمر فبكى عمر وقال بأبي أنت وأمي يا رسول الله

هَات فوَاللَّه أَنَّك مَا علمت لجريء قَالَ فتْنَة الرجل فِي نَفسه وَمَاله وَأَهله يكفرهَا الطّهُور وَالصَّلَاة فَقَالَ عر رض = لَا الَّتِي تموج موج الْبَحْر فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ بَيْنك وَبَينهَا بَاب مغلق قَالَ يفتح الْبَاب فتحا أَو يكسر كسرا قَالَ لَا بل يكسر كسرا قَالَ أَنى يكون هَذَا وَأَنا فِي جَزِيرَة الْعَرَب 2 - ذكر فَضَائِل عمر بن الْخطاب رض = عَن جَابر بن عبد الله رض = قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {دخلت الْجنَّة فَرَأَيْت قصرا أَبيض بفنائه جَارِيَة فَقلت لمن هَذَا الْقصر قَالَت لعمر فَأَرَدْت أَن أدخلهُ فَأنْظر إِلَيْهِ فَذكرت غيرتك يَا عمر فَبكى عمر وَقَالَ بِأبي أَنْت وَأمي يَا رَسُول الله أَو عَلَيْك أغار هَذَا حَدِيث مُتَّفق على صِحَّته أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيحَيْنِ وَعَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ} كَانَ فِيمَا خلا قبلكُمْ من الْأُمَم نَاس محدثون فَإِن يكن فِي أمتِي أحد فعمر بن الْخطاب مُتَّفق عَلَيْهِ أَيْضا وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله وضع الْحق على لِسَان عمر يَقُول بِهِ {وَقَالَ عَليّ رض = مَا كُنَّا نبعد أَن السكينَة تنطق على لِسَان عمر وَقَالَ ابْن عمر رض = مَا نزل بِالنَّاسِ أَمر قطّ فَقَالُوا فِيهِ وَقَالَ فِيهِ عمر إِلَّا نزل الْقُرْآن على نَحْو مَا قَالَ عمر رض = وَقَالَ ابْن مَسْعُود مَا رَأَيْت عمر قطّ آلا وَكَأن بَين عَيْنَيْهِ ملكا يسدده وَقَالَ أَيْضا أَن عمر بن الْخطاب كَانَ

حصنا حصينا لِلْإِسْلَامِ يدْخل فِيهِ وَلَا يخرج مِنْهُ فَلَمَّا مَاتَ عمر رض = انثلم من الْحصن ثلمة فَهُوَ يخرج مِنْهُ وَلَا يدْخل فِيهِ وَكَانَ إِذا سلك بِنَا طَرِيقا وَجَدْنَاهُ سهلا وَذَا ذكر الصالحون فَحَيَّهَلا بعمر كَانَ فصل مَا بَين الزِّيَادَة وَالنُّقْصَان وَالله إِنِّي لَوَدِدْت أَن أخدم مثله وَعَن ابْن عَبَّاس رض = قَالَ إِنِّي لواقف فِي قوم قد دعوا الله لعمر ابْن الْخطاب رض = وَقد وضع على سَرِيره إِذا رجل من خَلْفي وَقد وضع مرفقه على مَنْكِبي يَقُول يَرْحَمك الله إِنِّي كنت لأرجو أَن يجعلك الله مَعَ صاحبيك لِأَنِّي كنت كثيرا مَا كنت أسمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول كنت وَأَبُو بكر وَعمر وَانْطَلَقت وَأَبُو بكر وَعمر وَإِنِّي كنت لأرجوا أَن يجعلك الله مَعَهُمَا فَالْتَفت فَإِذا عَليّ بن أبي طَالب رض = أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم وَعَن انس رض = قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعمر سيدا كهول أهل الْجنَّة وَفِي رِوَايَة سيدا كهول الْجنَّة من الْأَوَّلين والآخرين آلا النَّبِيين وَالْمُرْسلِينَ قَالَ التِّرْمِذِيّ هَذَا حَيْثُ غَرِيب من هَذَا الْوَجْه رَوَاهُ عون ابْن أبي جُحَيْفَة عَن أَبِيه وَعَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَن الرجل من أهل عليين ليشرف على أهل الْجنَّة فتضيء الْجنَّة لوجهه كَأَنَّهَا كَوْكَب ردي وَإِن أَبَا بكر وَعمر مِنْهُم وأنعما وَعَن حُذَيْفَة رض = قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم} اقتدوا بالذين من بعدِي أبي بكر وَعمر رَوَاهُمَا الْحَافِظ عبد الرَّزَّاق الرَّسْعَنِي فِي مَقْتَله وروى أَيْضا بِإِسْنَادِهِ عَن شَقِيق عَن عبد الله رض = عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله تَعَالَى {فَإِن الله هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيل وَصَالح الْمُؤمنِينَ}

التَّحْرِيم قَالَ من صالحى الْمُؤمنِينَ أَبُو بكر وَعمر رض = وروى أَيْضا بِإِسْنَادِهِ عَن أبي هُرَيْرَة رض = قَالَ خرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُتكئا على عَليّ بن أبي طَالب رض = فَاسْتَقْبلهُ أَبُو بكر وَعمر رض = فَقَالَ يَا عَليّ أَتُحِبُّ هذَيْن الشَّيْخَيْنِ قَالَ نعم قَالَ بحبهما تدخل الْجنَّة وَرُوِيَ أَيْضا بِإِسْنَادِهِ عَن أبي هُرَيْرَة سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة الدوسي قَالَ كنت جَالِسا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ طلع أَبُو بك فَقَالَ الْحَمد لله الَّذِي أيدني بكما وروى أَبُو بكر مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الْآجُرِيّ فِي = كتاب الشَّرِيعَة بِإِسْنَادِهِ عَن ابْن عمر رض = قَالَ دخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَسْجِد وَأَبُو بكر عَن يَمِينه وَعمر عَن يسَاره فَقَالَ هَكَذَا نبعث يَوْم الْقِيَامَة وروى أَيْضا بِإِسْنَادِهِ عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {لقد هَمَمْت أَن أبْعث رجَالًا من أَصْحَابِي إِلَى مُلُوك الأَرْض يَدعُونَهُمْ إِلَى الْإِسْلَام كَمَا بعث عِيسَى إِبْنِ مَرْيَم الحواريين قَالُوا يارسول الله أَلا تبْعَث أَبَا بكر وَعمر فهما أبلغ قَالَ إِنَّه لَا غنى بِي عَنْهُمَا إِنَّمَا منزلتهما من الدّين بِمَنْزِلَة السّمع وَالْبَصَر من الْجَسَد وروى أَيْضا بِإِسْنَادِهِ عَن أبي سعيد قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

{مَا من نَبِي إِلَّا وَله وزيران من أهل السَّمَاء ووزيران من أهل الأَرْض فَأَما وزيراي من أهل السَّمَاء فجبريل وَمِيكَائِيل عَلَيْهِمَا السَّلَام وَأما وزيراي من أهل الأَرْض فَأَبُو بكر وَعمر رض = وروى أَيْضا بِإِسْنَادِهِ عَن أبي أُمَامَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم} رَأَيْتنِي أدخلت الْجنَّة فجزت من إِحْدَى أَبْوَابهَا الثَّمَانِية فَأتيت بكفة ميزَان فَوضعت فِيهَا وَجِيء بأمتي فَوضعت فِي الكفة الْأُخْرَى فرجحت بأمتي وَجِيء بِأبي بكر فَوضع فِي كفة ثمَّ جِيءَ بأمتي فَوضعت فِي الكفة الْأُخْرَى فرجح بهَا ثمَّ جِيءَ بعمر فَوضع فِي كفة الْمِيزَان وَجِيء بأمتي فَوضعت فِي الكفة الْأُخْرَى فرجح بهَا ثمَّ رفع الْمِيزَان إِلَى السَّمَاء وَأَنا أنظرهُ وروى بِإِسْنَادِهِ عَن أبي سعد الْخُدْرِيّ رض = قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {ان أهل الدَّرَجَات الْعلَا يراهم من تَحْتهم كَمَا يرى الْكَوْكَب الدُّرِّي الطالع من الْأُفق من أَفَاق السَّمَاء وَأَبُو بكر وَعمر وَمِنْهُم وأنعما} وروى أَيْضا بِإِسْنَادِهِ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {الْهم أعز الْإِسْلَام بِأحب هذَيْن الرجلَيْن إِلَيْك بعمر بن الْخطاب أَو بِأبي جهل بن هِشَام فَكَانَ أحبهما إِلَى الله عز وَجل عمر رَضِي الله عَنهُ فَأصْبح فَأسلم} وروى أَيْضا بِإِسْنَادِهِ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ مَا زلنا أعزة مُنْذُ أسلم عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ وروى الْآجُرِيّ أَيْضا بِإِسْنَادِهِ عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ وَافَقت رَبِّي فِي ثَلَاث قلت يَا رَسُول

ذكر بشارة كعب الأحبار عمر رض بالشهادة

الله لَو أتخذت من مقَام إِبْرَاهِيم مصلى فَنزلت {وَاتَّخذُوا من مقَام إِبْرَاهِيم مصلى} قَالَ وَقلت يَا رَسُول الله إِن نِسَاءَك يدْخل عَلَيْهِنَّ الْبر والفاجر فَلَو أمرتهن أَن يحتجبن فَنزلت أَيَّة الْحجاب قَالَ وَاجْتمعَ على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نساؤه فِي الْغيرَة فَقلت لَهُنَّ {عَسى ربه إِن طَلَّقَكُن أَن يُبدلهُ أَزْوَاجًا خيرا مِنْكُن} التَّحْرِيم 5 قَالَ فَنزلت كَذَلِك وَفِي رِوَايَة وَافَقت رَبِّي فِي أَربع وَزَاد قَالَ وَأنزل الله عز وَجل {وَلَقَد خلقنَا الْإِنْسَان من سلالة من طين} الْمُؤْمِنُونَ 12 حَتَّى بلغ الأية فَقلت أَنا {فَتَبَارَكَ الله أحسن الْخَالِقِينَ} فَنزلت {فَتَبَارَكَ الله أحسن الْخَالِقِينَ} الْمُؤْمِنُونَ 14 فِي حَدِيث أخر عَن إِبْنِ عمر رض = وَافَقت رَبِّي فِي ثَلَاث فِي الْحجاب وَفِي أُسَارَى بدر وَفِي مقَام إِبْرَاهِيم وروى أَيْضا بِإِسْنَادِهِ عَن عقبَة ابْن عَامر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {لَو كَانَ بعدِي نَبِي لَكَانَ عمر بن الْخطاب} وروى أَيْضا بِإِسْنَادِهِ عَن عبد الله بن عمر قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول بَينا أَنا أتيت بقدح من لبن فَشَرِبت مِنْهُ حَتَّى إِنِّي لأرى الرّيّ يجْرِي فِي أظفاري ثمَّ أَعْطَيْت فضلي عمر ببن الْخطاب قَالُوا فَمَا أولته يَا رَسُول الله قَالَ الْعلم وَعَن ابْن عمر رض = عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عمر بن الْخطاب سراج أهل الْجنَّة 3 - ذكر بِشَارَة كَعْب الْأَحْبَار عمر رض = بِالشَّهَادَةِ روى أَبُو بكر الْآجُرِيّ فِي كتاب الشَّرِيعَة بِإِسْنَادِهِ عَن الْمسور بن مخرمَة عَن أمه عَاتِكَة بنت عَوْف قَالَت خرج عمر بن الْخطاب رض = يَوْمًا

يطوف فِي السُّوق فَلَقِيَهُ أَبُو لؤلؤة غُلَام الْمُغيرَة بن شُعْبَة وَكَانَ نَصْرَانِيّا فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أعدني على الْمُغيرَة بن شُعْبَة فَإِن عَليّ خراجا كثيرا قَالَ فكم خراجك قَالَ دِرْهَمَانِ فِي كل يَوْم قَالَ وَأي شَيْء صناعتك قَالَ نجار نقاش حداد قَالَ مَا أرى خارجك بِكَثِير على مَا تصنع من الْأَعْمَال ثمَّ قَالَ لقد بَلغنِي أَنَّك تَقول لَو أردْت أَن أعمل رحى تطحن بِالرِّيحِ فعلت قَالَ نعم قَالَ فاعمل لي رحى قَالَ لَئِن سلمت لأعملن لَك رحى يتحدث بهَا من بالمشرق وَالْمغْرب قَالَ ثمَّ أنصرف عمر رض = إِلَى منزله فَلَمَّا كَانَ من الْغَد جَاءَ كَعْب الْأَحْبَار فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إعهد فَإنَّك ميت فِي ثَلَاثَة أَيَّام قَالَ وَمَا يدْريك قَالَ أَجِدهُ فِي = كتاب الله التَّوْرَاة قَالَ عمر رض = إِنَّك تَجِد عمر بن الْخطاب فِي التَّوْرَاة قَالَ اللَّهُمَّ لَا وَلَكِن أجد صِفَتك وحليتك وَإنَّهُ فني أَجلك قَالَ وَعمر لَا يجد وجعا وَلَا ألما قَالَ فَلَمَّا كَانَ الْغَد جَاءَهُ كَعْب فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ ذهب يَوْم وَبَقِي يَوْمَانِ قَالَ ثمَّ جَاءَهُ من الْغَد فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ ذهب يَوْمَانِ وَبَقِي يَوْم وَلَيْلَة وَهِي لَك إِلَى صبيحتها قَالَ فَلَمَّا كَانَ الصُّبْح خرج عمر بن الْخطاب إِلَى الصَّلَاة وَكَانَ يُوكل بالصفوف رجَالًا فَإِذا اسْتَووا دخل هُوَ فَكبر قَالَ وَدخل أَبُو لؤلؤة فِي النَّاس وَفِي يَده خنجر لَهُ رأسان نصابه فِي وَسطه فَضرب عمر سِتّ ضربات إِحْدَاهُنَّ تَحت سرته فَهِيَ الَّتِي قتلته فَلَمَّا وجد عمر رض = حر السِّلَاح سقط وَأمر عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فصلى بِالنَّاسِ وَعمر مطروح قَالَ ثمَّ أحتمل فَأدْخل إِلَى دَاره وَذكر الحَدِيث بِطُولِهِ ثمَّ قَالَ يَا عبد الله بن عمر ائْذَنْ للنَّاس فَجعل يدْخل عَلَيْهِ الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار يسلمُونَ عَلَيْهِ وَيَقُول لَهُم أعن مَلأ مِنْكُم كَانَ هَذَا فَيَقُولُونَ معَاذ الله قَالَ وَدخل فِي النَّاس كَعْب الْأَحْبَار فَلَمَّا نظر إِلَيْهِ عمر رض = أنشأ يَقُول ... وواعدني كَعْب ثَلَاثًا أعدهَا ... وَلَا شكّ أَن القَوْل مَا قَالَه كَعْب ...

فقيل له يا أمير المؤمنين لودعوت طبيبا فدعي طبيب من بني الحارث ابن كعب فسقاه نبيذا فخرج مع الدم فسقوه لبنا فخرج أبيض فقيل له يا أمير المؤمنين اعهد قال قد فرغت ثم توفي ليلة الأربعاء لثلاث ليال بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين قال فخرجوا به بكرة الأربعاء

.. وَمَا بِي حذار الْمَوْت إِنِّي لمَيت ... وَلَكِن حذار الذَّنب يتبعهُ الذَّنب ... فَقيل لَهُ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لودعوت طَبِيبا فدعي طَبِيب من بني الْحَارِث ابْن كَعْب فَسَقَاهُ نبيذا فَخرج مَعَ الدَّم فسقوه لَبَنًا فَخرج أَبيض فَقيل لَهُ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ اعهد قَالَ قد فرغت ثمَّ توفّي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء لثلاث لَيَال بَقينَ من ذِي الْحجَّة سنة ثَلَاث وَعشْرين قَالَ فَخَرجُوا بِهِ بكرَة الْأَرْبَعَاء فَدفن فِي بَيت عَائِشَة رض = مَعَ صَاحِبيهِ وَكَانَت ولَايَته عشر سِنِين وَخَمْسَة أشهر وَإِحْدَى وَعشْرين لَيْلَة وَهُوَ إِبْنِ ثَلَاث وَسِتِّينَ سنة 4 - ذكر نوح الْجِنّ على عمر رض = قَالَ مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الْآجُرِيّ حَدثنَا أَبُو الْعَبَّاس سهل بن أبي سهل الوَاسِطِيّ قَالَ حَدثنَا يحيى بن حبيب بن عَرَبِيّ قَالَ حَدثنَا حَمَّاد بن زيد قَالَ حَدثنَا أَيُّوب عَن عبد الله بن أبي مليكَة قَالَ ناحت الْجِنّ على عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فوصف ذَلِك فَقَالَ ... عَلَيْك سَلام من أَمِير وباركت ... يَد الله فِي ذَاك الْأَدِيم الممزق قضيت أمورا ثمَّ غادرت بعْدهَا ... بوائج فِي أكمامها لم تفتق فَمن يسع أَو يركب جناحي نعَامَة ... ليدرك مَا قدمت بالْأَمْس يسْبق أبعد قَتِيل بِالْمَدِينَةِ أظلمت ... لَهُ الأَرْض يَهْتَز الْعضَاة بأسوق ... وَفِي رِوَايَة عَن حَمَّاد بن زيد قَالَ حَدثنَا عَاصِم بن بَهْدَلَة بِأَصْلِهِ وَزَاد فِيهِ

وزاد في أخر هذه الأبيات فلقاك ربي في الجنان تحية ومن كسوة الفردوس لا تتمزق

.. وَمَا كنت أخْشَى أَن تكون وَفَاته ... بكفي سبنتي أَزْرَق الْعين مطرق ... وَفِي رِوَايَة عَن زيد الْعمي قَالَ لما مَاتَ عمر بن الْخطاب رض = سمعُوا نوح الْجِنّ عَلَيْهِ وهم يَقُولُونَ ... جزى خيرا من أَمِير وباركت ... يَد الله فِي ذَاك الْأَدِيم الممزق ... وَزَاد فِي أخر هَذِه الأبيات ... فلقاك رَبِّي فِي الْجنان تَحِيَّة ... وَمن كسْوَة الفردوس لَا تتمزق ... 5 - ذكر قتل الهرمزان روى سيف بن عمر التَّمِيمِي عَن سهل بن يُوسُف عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد قَالَ لما مَاتَ عمر رض = قَامَ على النَّاس صُهَيْب فَلَمَّا جهز عمر رض = صلى عَلَيْهِ صُهَيْب وَدفن فِي بَيت عَائِشَة رض = مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بكر رض = وَقيل لِعبيد الله بن عمر رض = بَعْدَمَا فرغ من دفن عمر رض = قد رَأينَا أَبَا لؤلؤة والهرمزان نجيا والهرمزان يقلب هَذَا الخنجر بِيَدِهِ ومعهما جفينة وَهُوَ رجل من الْعباد جَاءَ بِهِ سعد بن أبي وَقاص رض = يعلم الْكتاب بِالْمَدِينَةِ وَابْن فَيْرُوز وَابْنَته وَكلهمْ مُشْرك إِلَّا الهرمزان فَعدا عَلَيْهِم عبيد الله بن عمر بِسيف فَقتل الهرمزان وجفينة فَنَهَاهُ النَّاس فَلم ينْتَه فَقَالُوا وَقَالَ وَالله لأقتلن من يصير هَؤُلَاءِ من جنبه فانصرفوا إِلَى صُهَيْب وَأَخْبرُوهُ فَبعث إِلَيْهِ صُهَيْب عَمْرو بن الْعَاصِ فَلم يزل بِهِ حَتَّى أعطَاهُ السَّيْف ووثب عَلَيْهِ سعد بن أبي وَقاص فتناصيا وَقَالَ قتلت جاري وأخفرتني وأتى بِهِ صهيبا فحبسه على الشورى حَتَّى دَفعه إِلَى عُثْمَان

يَوْم اسْتخْلف فأقاده وروى أَيْضا عَن يحيى بن سعيد عَن سعيد بن الْمسيب أَن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر رض = غَدَاة طعن عمر رض = قَالَ مَرَرْت على أبي لؤلؤة لَعنه الله تَعَالَى عصر أمس وَمَعَهُ جفينة والهرمزان وهم نجي فَلَمَّا رهقتهم ثَارُوا وَسقط مِنْهُم خنجر لَهُ رأسان نصابه فِي وَسطه فانظروا بِأَيّ شَيْء قتل وَقد تخَلّل أهل الْمَسْجِد وَخرج رجل من بني تَمِيم فَرجع إِلَيْهِم التَّمِيمِي وَقد كَانَ ألظ بِأبي لؤلؤة مُنْصَرفه عَن عمر رض = حَتَّى أَخذه فَقتله وَجَاء بالخنجر الَّذِي وصف عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر رض = فَسمع بذلك عبيد الله فَأمْسك حَتَّى مَاتَ عمر ثمَّ أشتمل على السَّيْف فَأتى الهرمزان فَضَربهُ فَقتله فَلَمَّا عضه السَّيْف قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله ثمَّ مضى حَتَّى أَتَى جفينة وَكَانَ نصارنيا من أهل الْحيرَة ظِئْرًا لسعد بن مَالك أقدمه الْمَدِينَة للملح الَّذِي بَينه وَبَينه ليعلم بِالْمَدِينَةِ الْكِتَابَة فَلَمَّا علاهُ بِالسَّيْفِ صلب بَين عَيْنَيْهِ وَبلغ ذَلِك صهيبا فَبعث إِلَيْهِ عَمْرو بن الْعَاصِ فَلم يزل بِهِ وَيَقُول لَهُ السَّيْف بِأبي أُمِّي حَتَّى نَاوَلَهُ إِيَّاه وثاوره سعد فَأخذ بِشعرِهِ وجاؤوا إِلَى صُهَيْب وَعَن أبي الشَّهِيد الحَجبي عَن ابْن سابط قَالَ لما بُويِعَ عُثْمَان رض = دَعَا الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار فَبَدَأَ بالسابقين الْأَوَّلين فَخَطب لَهُم فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ وَقَالَ إِنَّمَا أعتبر النَّاس بكم حَتَّى لَا أجد مِنْكُم أحدا فَإِن كُنْتُم على الْأَمر عرفت أَن الله فِي خلنقه نظرة وَإِن حلتم عَن الْأَمر عرفت أَن قد دُلي

فتفرق الناس وهم موقنون بأن سيقيده

بكم النَّاس وَعلمت كَيفَ أصنع وبمنزلتكم صالحي أهل زمَان وحكمائهم فَقولُوا فِيمَا أحدث عبيد الله بن عمر فَقَالُوا الْقود الْقود ونادى جُمْهُور النَّاس وهم من وَرَاء ذَلِك لَعَلَّكُمْ تُرِيدُونَ أَن تتبعوا عمر أبنه الله الله أبعد الله الهرمزان وجفينة فَقَالَ عُثْمَان رض = متمثلا وَلم يقل لهَؤُلَاء وَلَا لهَؤُلَاء شَيْئا ... من ذَا يندد عني النَّاس معذرة ... أَن رد جَار أبي وَهُوَ مقتول يُنَازع اللَّيْل بالبطحاء طعمته ... يُقَال من جَار هَذَا غاله غول ... فَتفرق النَّاس وهم موقنون بِأَن سيقيده وَعَن سعيد بن عبد الله عَن عبد الله بن أبي مليكَة قَالَ لما ولي عُثْمَان رض = قَالَ لَهُ صُهَيْب مَا تَقول فِي عبيد الله بن عمر فتمثل بِهَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ ثمَّ حمد الله وَأثْنى عَلَيْهِ وَقَالَ أَيهَا النَّاس كتاب الله بَيْنكُم فِيهِ حَلَاله وَحَرَامه فَمن أَتَى حدا من حُدُود الله فِيهِ وَالله فَتفرق النَّاس وهم على الْيَقِين من قَتله فأقاده وَالصَّحِيح أَن عبيد الله بن عمر لم يقد مِنْهُ وَأَنه قتل يَوْم صفّين مَعَ مُعَاوِيَة كَذَا ذكره مُحَمَّد بن سعد فِي كتاب الطَّبَقَات وَذكر أَيْضا سيف بن عمر فِي = كتاب الْفتُوح بِإِسْنَادِهِ عَن أبي مَنْصُور قَالَ سَمِعت القماذيات بن الهرمزان يحدث عَن قتل أَبِيه قَالَ قد كَانَت الْعَجم بِالْمَدِينَةِ يستروح بَعْضهَا إِلَى بعض فَمر فَيْرُوز بِأبي وَمَعَهُ خنجر لَهُ رأسان فتناوله مِنْهُ وَقَالَ مَا تصنع بِهَذَا فِي هَذِه الْبِلَاد فَقَالَ آنس بِهِ فَرَآهُ رجل فَلَمَّا أُصِيب عمر رض = قَالَ قد رَأَيْته يَعْنِي الخنجر وَهُوَ مَعَ

الهرمزان دَفعه إِلَى فَيْرُوز فَأقبل عبيد الله فَقتله فَلَمَّا ولي عُثْمَان رض = دَعَاني فأمكنني مِنْهُ ثمَّ قَالَ يَا بني هَذَا قَاتل أَبِيك وَأَنت أولى بِهِ منا فَاذْهَبْ بِهِ فأقلته قَالَ فخرجته بِهِ وَمَا فِي الأَرْض أحد إِلَّا معي إِلَّا أَنهم يطْلبُونَ إِلَى فِيهِ الْعَفو فَقلت لَهُم أَلِي قَتله قَالُوا نعم وَسبوا عبيد الله وَقلت أفلكم أَن تمنعوه قَالُوا لَا وَسبوا عبيد الله فتركته الله عز وَجل وَلَهُم فاحتملوني فوَاللَّه مَا بلغت الْمنزل إلاعلى رُؤُوس الرِّجَال وأكفهم فَقَالَ النَّضر بن الْحَارِث السَّهْمِي ... آلا يَا عبيد الله مَالك ملْجأ ... وَلَا مهرب إِلَّا ابْن أروى وَلَا خفر أصبت دَمًا وَالله فِي غير كنهه ... حَرَامًا وَقتل الهرمزان لَهُ خطر عدوت عَلَيْهِ ظَالِما فَقتلته ... بأبيض مصقول صفاصقه ذكر على غير شَيْء غير أَن قَالَ قَائِل ... أتتهمون الهرمزان على عمر فَقَالَ سَفِيه والحوادث جمة ... نعم نتهمه قد أَشَارَ وَقد أَمر وَكَانَ سلَاح الْمَرْء فِي جَوف بَيته ... يقلبها وَالْأَمر بِالْأَمر يعْتَبر ... وَقَالَ زِيَاد بن لبيد البياضي ... أَبَا عَمْرو عبيد الله رهن ... فَلَا تشكك بقتل الهرمزان فَإنَّك إِن حكمت بِغَيْر حق ... فَمَا لَك بِالَّذِي حدثت يدان كَذَلِك إِن فعلت وَذَاكَ يجْرِي ... وَأَسْبَاب الخطا فرسا رهان ... وَعَن عبد الله بن سعيد بن ثَابت قَالَ بلغ عُثْمَان خوض النَّاس فِي

الهرمزان قبل أَن يُقيد عبيد الله فَقَامَ فَقَالَ أَيهَا النَّاس الْقَتْل على وَجْهَيْن وَالْإِمَام ولي قتل الْبَاغِي والعادي والمفسد دون الْآبَاء وَالْأَبْنَاء وَسَائِر الْإِخْوَة والأوليا وُلَاة مَا كَانَ فِي النائرة إِن شاؤوا تركُوا وَإِن شاؤوا باعوا وَإِن شاؤوا قتلوا لَيْسَ للْإِمَام إِلَّا المعونة وَحبس الْجَانِي ثمَّ دفع عبيد الله إِلَى ابْن الهرمزان 6 - ذكر مَا صنع عُثْمَان حِين اسْتخْلف وى صَاحب الْفتُوح عَن خُلَيْد بن زفر ومجالد قَالَا اسْتحْلف عُثْمَان رض = لثلاث مضين من الْمحرم سنة أَربع وَعشْرين بَين الصَّلَاتَيْنِ وَزَاد النَّاس مائَة مائَة وَهُوَ أول من زَاد النَّاس ووفد أهل الْأَمْصَار وَهُوَ أول من وفدهم وصنع فيهم الْمَعْرُوف وَعَن عَاصِم بن سُلَيْمَان عَن الشّعبِيّ قَالَ اسْتخْلف عُثْمَان رض = لثلاث مضين من الْمحرم سنة أَربع وَعشْرين فَخرج فصلى بِالنَّاسِ الْعَصْر وَزَاد ووفد فاستن بِهِ وَعَن عمر وَعَن الشّعبِيّ قَالَ اجْتمع أهل الشورى على عُثْمَان رض = لثلاث مضين من الْمحرم وَقد دخل وَقت الْعَصْر وَقد أذن مُؤذن صُهَيْب واجتمعوا بَين الْأَذَان وَالْإِقَامَة فَخرج فصلى بِالنَّاسِ وَزَاد النَّاس مائَة ووفد أهل الْأَمْصَار وصنع ذَلِك فيهم وَهُوَ أول من صنع ذَلِك وَعَن الْفَيْض بن مُحَمَّد بن عون بن عبد الله بن عتبَة قَالَ خطب عُثْمَان رض = النَّاس بعد مَا بُويِعَ فَقَالَ أمابعد فَإِنِّي قد كلفت وَقد قبلت أَلا وَإِنِّي مُتبع وَلست بِمُبْتَدعٍ أَلا وَإِن لكم عَليّ بعد كتاب الله وَسنة نبيه وكرم ثَلَاثًا اتِّبَاع من كَانَ قبلي فِيمَا اجْتَمَعْتُمْ عَلَيْهِ وسننتم وَسن أهل الْخَيْر فِيمَا لم تسنوا عَن مَلأ والكف عَنْكُم إِلَّا فِيمَا استوجبتم الْعقُوبَة وَإِن الدُّنْيَا خضرَة وَقد شهيت إِلَى النَّاس وَمَال إِلَيْهَا كثير مِنْهُم فَلَا تركنوا إِلَى الدُّنْيَا وَلَا تثقوا بهَا فَإِنَّهَا لَيست بِثِقَة وَاعْلَمُوا أَنَّهَا غير تاركة إِلَّا من تَركهَا

ذكر ولاية سعد بن أبي وقاص رض الكوفة

7 - ذكر ولَايَة سعد بن أبي وَقاص رض = الْكُوفَة عَن مجاليد عَن الشّعبِيّ قَالَ كَانَ عمر رض = قَالَ أوصِي الْخَلِيفَة من بعدِي أَن يسْتَعْمل سَعْدا فَإِنِّي لم أعزله عَن سوء وَقد خشيت أَن يلْحقهُ من ذَلِك فَكَانَ أول عَامل بَعثه عُثْمَان رض = سعد بن أبي وَقاص رض = على الْكُوفَة وعزل الْمُغيرَة بن شُعْبَة والمغيرة يَوْمئِذٍ بِالْمَدِينَةِ فَعمل عَلَيْهَا سعد سنة وَبَعض أُخْرَى وَأقر أَبَا مُوسَى سنوات وَعَن مبشرين سَالم قَالَ كَانَ أول عَامل أستعمله عُثْمَان سعد بن أبي وَقاص رض = عَن وَصِيَّة عمر رض = فأقرهم على أَعْمَالهم وَتقدم إِلَيْهِم وحذرهم ثمَّ ان عُمَيْر بن سعد طعن فَصَارَت طعنته ترى فِيهِ فأضني مِنْهَا فاستعفى عُثْمَان رض = واستأذنه فِي الرُّجُوع إِلَى أَهله فَأذن لَهُ وَضم حمص وقنسرين إِلَى مُعَاوِيَة رض = وَعَن أبي حَارِثَة وَأبي عُثْمَان عَن خَالِد بن معدان قَالَ لما ولي عُثْمَان رض = أقرّ عُمَّال عمر رض = على الشَّام فَلَمَّا مَاتَ عبد الرَّحْمَن ابْن عَلْقَمَة الْكِنَانِي وَكَانَ على فلسطين ضم عمله إِلَى مُعَاوِيَة وَمرض عُمَيْر بن سعد فِي إِمَارَة عُثْمَان رض = مَرضا فطال بِهِ فاستعفا وأستأذنه فَأذن لَهُ وَضم عمله إِلَى مُعَاوِيَة فَاجْتمع الشَّام على مُعَاوِيَة لِسنتَيْنِ من أَمارَة عُثْمَان رض = وَكَانَ عَمْرو بن الْعَاصِ على مصر زمَان عمر رض = مجتمعة لَهُ فأقره عُثْمَان رض = صدر إمارته 8 - ذكر وُلَاة خُرَاسَان وَمَا وَرَاء النَّهر عَن مُحَمَّد وَطَلْحَة بإسنادهما قَالَا لما ولي عُثْمَان رض = عزل الْمُغيرَة عَن الْكُوفَة وَأمر سعد بن أبي وَقاص رض = وَأقر أَبَا مُوسَى وَبعث

كتب عثمان في أول خلافته

على خُرَاسَان عمر بن عُثْمَان بن سعد فَلم يدع كورة دون النَّهر إِلَّا ونالها بعد الْأَحْنَف وَصَالح من لم يجب الْأَحْنَف وَأمر النَّاس بعبور النَّهر فَصَالحه من وَرَاء النَّهر وَكَانَ صلحهم مِمَّا جرى على يَد عُثْمَان رض = وَبعث عبد الله ابْن عَامر إِلَى كَابر وَهِي عمالة سجستان فَبلغ كابل حَتَّى استفرعها وَكَانَت عمالة سجستان أعظم من خُرَاسَان حَتَّى مَاتَ مُعَاوِيَة 9 - كتب عُثْمَان فِي أول خِلَافَته وَكَانَ أول = كتاب كتبه عُثْمَان رض = إِلَى عماله أما بعد فَإِن الله أَمر الْأَئِمَّة أَن يَكُونُوا رُعَاة وَلم يتَقَدَّم إِلَيْهِم فِي أَن يَكُونُوا جباة وَإِن صدر هَذِه الْأمة خلقُوا رُعَاة وَلم يخلقوا جباة وليوشكن أئمتكم أَن يصيروا جباة فَلَا يَكُونُوا رُعَاة فَإِذا أعادوا كَذَلِك أتقطع الْحيَاء وَالْأَمَانَة وَالْوَفَاء أَلا وَإِن أعدل السِّيرَة أَن تنظروا فِي أُمُور الْمُسلمين وَفِيمَا عَلَيْهِم فتعطفوهم مَالهم وتأخذوهم بماعليهم ثمَّ تثنوا بِأَهْل الذِّمَّة فتعطوهم الَّذِي لَهُم وتأخذوهم بِالَّذِي عَلَيْهِم الْعَدو الَّذِي تنتابون فاستفتحوا عَلَيْهِم بِالْوَفَاءِ وَكَانَ أول كتاب كتبه إِلَى أُمَرَاء الْجنُود فِي الْفروج أما بعد فَإِنَّكُم حماة الْمُسلمين وذادتهم وَقد وضع لكم عمر رض = مالم يغب عَنَّا بل كَانَ عَن مَلأ منا وَلَا يبلغنِي عَن أحد مِنْكُم تَغْيِير وَلَا تَبْدِيل فيغير الله مَا بكم ويستبدل بكم غَيْركُمْ فانظروا كَيفَ تَكُونُونَ فَإِنِّي أنظر فِيمَا الزمني الله النّظر فِيهِ وَالْقِيَام عَلَيْهِ

وَكَانَ أول كتاب كتبه عُثْمَان رض = إِلَى عُمَّال الْخراج أما بعد فَإِن الله خلق الْخلق بِالْحَقِّ وَلَا يقبل إِلَّا الْحق خُذُوا الْحق وأعطوا بِهِ وَالْأَمَانَة الْأَمَانَة قومُوا عَلَيْهَا وَلَا تَكُونُوا أول من يسلبها فتكونوا شُرَكَاء من بعدكم إِلَى مَا إكسبتم وَالْوَفَاء الْوَفَاء وَلَا تظلموا الْيَتِيم وَلَا الْمعَاهد فَإِن الله وَرَسُوله خصم لمن ظلمهم وَكَانَ كِتَابه إِلَى الْعَامَّة أما بعد فَإِنَّكُم إِنَّمَا بَلغْتُمْ مَا بَلغْتُمْ بالاقتداء والأتباع فَلَا تلفتكم الدُّنْيَا عَن أَمركُم فَإِن أَمر هَذِه الْأمة صائر إِلَى الابتداع بعد إجتماع ثَلَاث فِيكُم تَكَامل النعم وبلوغ أَوْلَادكُم من السبايا وَقِرَاءَة الْأَعْرَاب والأعاجم الْقرَان فَإِن رَسُول الله قَالَ {الْكفْر فِي العجمة فَإِذا استعجم عَلَيْهِم أَمر تكلفوا وابتدعوا} وَعَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه قَالَ قَالَ عمر بن الْخطاب رض = إِن أَمر بني إِسْرَائِيل لم يزل معتدلا حَتَّى كثر فيهم المولودون أَبنَاء سَبَايَا الْأُمَم فَقَالُوا فيهم بِالرَّأْيِ فضلوا وَضَلُّوا بني إِسْرَائِيل وَعَن عَاصِم بن سُلَيْمَان عَن عَامر الشّعبِيّ قَالَ أول خَليفَة زَاد فِي أعطيات النَّاس مائَة عُثْمَان رض = فجرت وَكَانَ عمر رض = فرض لكل نفس منفوسة من أهل الْفَيْء فِي رَمَضَان درهما فِي كل يَوْم وَفرض لِأَزْوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دِرْهَمَيْنِ فَقيل لَهُ لَو وضعت لَهُم طَعَاما وجمعتهم عَلَيْهِ فَقَالَ أشبعوا النَّاس فِي بُيُوتهم فاقر عُثْمَان رض = الَّذِي كَانَ عمر رض = صنعه وَزَاد فَوضع طَعَاما فِي رَمَضَان فَقَالَ للمتعبد الَّذِي يتَخَلَّف فِي الْمَسْجِد وَلابْن السَّبِيل والمعترين بِالنَّاسِ فِي رَمَضَان

ذكر اتخاذ عثمان رض دور الضيافة بالكوفة

10 - ذكر اتِّخَاذ عُثْمَان رض = دور الضِّيَافَة بِالْكُوفَةِ عَن النَّضر بن قَاسم عَن عون بن عبد الله قَالَ كَانَ مِمَّا أحدث عُثْمَان رض = بِالْكُوفَةِ إِلَى مَا كَانَ من الْخَيْر أَنه بلغه أَن أَبَا السماك الْأَسدي فِي نفر من أهل الْكُوفَة يُنَادي مُنَاد لَهُم إِذا قدم الميار من كَانَ هَهُنَا من كلب أَو بني فلَان وَلَيْسَ لقومهم بهَا منزل فمنزله على أبي فلَان فَاتخذ مَوضِع دَار أبي عقيل دَار الضيفان وَدَار غبن هَبَّار مُؤخر الْمَسْجِد وَكَانَ منزل عبد الله بن مَسْعُود رض = فِي هُذَيْل فِي مَوضِع الزِّيَادَة الْيَوْم بَين ثَقِيف والزياتين فتباعد عَلَيْهِ فَاسْتَأْذن فِي مَوضِع دَاره وَقَالَ أَنا من أضياف الْمُسلمين فَنزل مَوضِع دَاره وَترك دَاره دَار الضِّيَافَة وَكَانَ الأضياف ينزلون دَاره فِي هُذَيْل إِذا ضَاقَ عَلَيْهِم مَا حول الْمَسْجِد وَعَن المغير بن مقسم عَمَّن أدْرك من عُلَمَاء أهل الْكُوفَة أَن أَبَا سماك كَانَ يُنَادي مناديه فِي السُّوق والكناسة من كَانَ هَهُنَا من بني فلَان وَفُلَان مِمَّن لَيست لَهُ بهَا خطة فمنزله على أبي سماك فَاتخذ عُثْمَان رض = للأضياف منَازِل /

الباب الرابع

الْبَاب الرَّابِع فِي ذكر الْخَوْض فِي أَمر عُثْمَان وَمَا نقموا عَلَيْهِ من الْأُمُور الَّتِي حدثت فِي خِلَافَته رَضِي الله عَنهُ وَفِي سنة سِتّ وَعشْرين أَمر عُثْمَان رض = بتجديد أنصاب الْحرم وَزَاد فِي الْمَسْجِد الْحَرَام ووسعه وابتاع من قوم وَأبي آخَرُونَ فهدم عَلَيْهِم بِغَيْر أَمرهم وَوضع الْأَثْمَان فِي بَيت المَال ثمَّ إِنَّهُم رَضوا بعد ذَلِك فَأَخَذُوهَا 11 - ذكر اسْتِعْمَال عبد الله بن أبي سرح على مصر فِي سنة سِتّ وَعشْرين عزل عُثْمَان عَمْرو بن الْعَاصِ عَن خراج مصر وَاسْتعْمل عَلَيْهِ عبد الله بن سعد بن أبي سرح وَكَانَ أَخا عُثْمَان رض = من الرضَاعَة ثمَّ سَار عبد الله إِلَى أفريقيه فَفَتحهَا بعد قتال شَدِيد وَحمل 2 خمسها إِلَى الْمَدِينَة فَاشْتَرَاهُ مَرْوَان بن الحكم بِخَمْسِمِائَة آلف دِينَار فوضعها عَنهُ عُثْمَان رض = فَكَانَ هَذَا مِمَّا أَخذه النَّاس عَلَيْهِ وَقيل بل

ذكر اتمام عثمان رضي الله عنه الصلاة بمنى

أعْطى خمسها عبد الله بن سعد ثمَّ أَن أهل أفريقيه عقدوا الصُّلْح فَسَار إِلَيْهَا مُعَاوِيَة بن حديج السكونِي فَفَتحهَا ثَانِيَة 12 - ذكر اتمام عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ الصَّلَاة بمنى قي سنة ثَمَان وَعشْرين حج عُثْمَان رض = بِالنَّاسِ وَأتم الصَّلَاة بمنى وعرفة فَتكلم النَّاس فِي عُثْمَان رض = وَعَابَ ذَلِك غير وَاحِد من الصَّحَابَة فَقَالَ لَهُ عَليّ رَضِي الله عَنهُ مَا حدث أَمر وَلَا قدم عهد وَلَقَد عهِدت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبا بكر وَعمر رض = عَنْهُمَا يصلونَ رَكْعَتَيْنِ وَأَنت أَيْضا صَدرا من خلافتك فَقَالَ عُثْمَان رض = ذَلِك رَأْي رَأَيْته وَأَتَاهُ عبد الرحمان بن عَوْف وَقَالَ لَهُ مثل ذَلِك فَقَالَ عُثْمَان رض = إِنِّي أخْبرت أَن بعض حَاج الْيمن وجفاه النَّاس قَالُوا الصَّلَاة للمقيم رَكْعَتَانِ وأحتجوا بصلاتي وَقد واتخذت بِمَكَّة أَهلا ولي بِالطَّائِف مَال فَقَالَ لَهُ عبد الرحمان مَا فِي هَذَا عذر وَقد كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينزل عَلَيْهِ الْوَحْي وَالْإِسْلَام قَلِيل ثمَّ أَبُو بكروعمر رض = عَنْهُمَا فصلوا رَكْعَتَيْنِ وَقد ضرب الْإِسْلَام بجرانه فَقَالَ لَهُ عُثْمَان رض = هَذَا رَأْي رَأَيْته وَوَافَقَهُ إِبْنِ مَسْعُود رض = على الْإِتْمَام وَقَالَ الْخلاف شَرّ وَصلى بِأَصْحَابِهِ أَرْبعا 13 - ذكر الزِّيَادَة فِي مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سنة تسع وَعشْرين عزل عُثْمَان رض = أَبَا مُوسَى عَن الْبَصْرَة وَاسْتعْمل عَلَيْهَا عبد الله بن عَامر كريز بن ربيعَة وَهُوَ ابْن خَال عُثْمَان رض =

ذكر المنافرة بين سعد ابن مسعود رضي الله عنهما

وفيهَا زَاد عُثْمَان رض = فِي مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ ينْقل الجص من بطن نخل وبناه بِالْحِجَارَةِ المنقوشة وَجعل عمده من الْحِجَارَة فِيهَا الرصاص وَجعل طوله مائَة وَسِتِّينَ ذِرَاعا وَعرضه مائَة وَخمسين وَجعل أبوابه على مَا كَانَت أَيَّام عمر رض = سِتَّة أَبْوَاب 14 - ذكر المنافرة بَين سعد ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنْهُمَا عَن عمر عَن الشّعبِيّ قَالَ كَانَ أول من نَزغ بِهِ الشَّيْطَان بَين أهل الْكُوفَة وَهُوَ أول مصر نَزغ الشَّيْطَان بَينهم فِي الْإِسْلَام إِن سعد بن أبي وَقاص رض = أستقرض من عبد الله بن مَسْعُود رض = من بَيت المَال مَالا فأقرضه فَلَمَّا تقاضاه لم يَتَيَسَّر عَلَيْهِ فارتفع بَينهمَا الْكَلَام حَتَّى اسْتَعَانَ عبد الله بأناس من النَّاس على اسْتِخْرَاج المَال واستعان سعد بأناس من النَّاس على أنظاره فافترقوا وَبَعْضهمْ يلوم بَعْضًا يلوم هَؤُلَاءِ سعد وَيَلُوم هَؤُلَاءِ عبد الله وَعَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد عَن قيس بن أبي حَازِم قَالَ كنت جَالِسا عِنْد سعد رض = وَعِنْده إِبْنِ أُخْته هَاشم بن عتبَة فَأتى عبد الله بن مَسْعُود سَعْدا رض = فَقَالَ أد المَال الَّذِي قبلك قَالَ لَهُ سعد مَا أَرَاك الا ستلقى شرا هَل أَنْت الا ابْن مَسْعُود عبد من هُذَيْل قَالَ أجل وَالله إِنِّي لِابْنِ مَسْعُود وانك لِابْنِ حمينة فَقَالَ هَاشم أجل وإنكما لصاحبا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينظر إلَيْكُمَا فَطرح سهلا عودا كَانَ فِي يَده وَكَانَ رجلا فِيهِ حِدة وَرفع يَدَيْهِ وَقَالَ اللَّهُمَّ رب السَّمَوَات وَالْأَرْض فَقَالَ لَهُ عبد الله وَيلك قل خيرا وَلَا تلعن فَقَالَ سعد رض = عِنْد ذَلِك أما وَالله لَوْلَا اتقاء الله لَدَعَوْت عَلَيْك دَعْوَة لَا تخطئك قَالَ فولى الْأُخَر سَرِيعا فَخرج

ذكر ولاية الوليد بن عقبة الكوفة

وَعَن الْقَاسِم بن الْوَلِيد عَن الْمسيب بن عبد خير عَن عبد الله بن عكيم قَالَ لما وَقع بِي عبد الله بن مَسْعُود وَسعد رض = الْكَلَام فِي قرض أقْرضهُ عبد الله إِيَّاه فَلم يَتَيَسَّر على سعد قَضَاؤُهُ غضب عَلَيْهِمَا عُثْمَان رض = وأنتزعها يَعْنِي الأمارة من سعد وعزله وَغَضب على عبد الله وَأقرهُ وَاسْتعْمل الْوَلِيد بن عقبَة وَكَانَ عَاملا لعمر رض = على ربيعَة بالجزيرة فَقدم الْكُوفَة فَلم يتَّخذ لداره بَابا حَتَّى خرج من الْكُوفَة 15 - ذكر ولَايَة الْوَلِيد بن عقبَة الْكُوفَة عَن مُحَمَّد وَطَلْحَة قَالَا لما بلغ عُثْمَان رض = الَّذِي كَانَ بَين عبد الله وَسعد رض = عَنْهُمَا فِيمَا كَانَ غضب عَلَيْهِمَا وهم بهما ثمَّ انه ترك ذَلِك وعزل سَعْدا وَأخذ مَا عَلَيْهِ من المَال وَأقر عبد الله وَتقدم إِلَيْهِ وَأمر مَكَان سعد الْوَلِيد بن عقبَة وَكَانَ على عرب الجزيرة عَاملا لعمر بن الْخطاب رض = فَقدم الْوَلِيد فِي السّنة الثَّانِيَة من إِمَارَة عُثْمَان رض = وَقد كَانَ سعد عمل عَلَيْهَا سنة وَبَعض أُخْرَى فَقدم الْكُوفَة وَكَانَ أحب النَّاس إِلَى النَّاس وأرفقهم بهم فَكَانَ كَذَلِك خمس سِنِين وَلَيْسَ على دَاره بَاب ثمَّ أَن شبَابًا من شباب أهل الْكُوفَة نقبوا على رجل من خُزَاعَة وكابروه فَنظر بهم فَخرج عَلَيْهِم بِسيف فَلَمَّا رأى كثرتهم أستصرخ فَقَالُوا لَهُ أسكت فَإِنَّمَا هِيَ ضَرْبَة حَتَّى نريحك من روعة هَذِه اللَّيْلَة وَأَبُو شُرَيْح الْخُزَاعِيّ مشرف عَلَيْهِم فصاح بهم فضربوه فَقَتَلُوهُ وأحاط النَّاس بهم فَأَخَذُوهُمْ وَفِيهِمْ زُهَيْر بن جُنْدُب الْأَزْدِيّ ومروع

ذكر القدح في الوليد

إِبْنِ آبى مورع الْأَسدي وشبيل بن أبي الْأَزْدِيّ فِي عدَّة فَشهد عَلَيْهِم أَبُو شُرَيْح وأبنه أَنهم دخلُوا عَلَيْهِ فَمنع بَعضهم بَعْضًا من النَّاس فَقتله بَعضهم فَكتب فيهم الْوَلِيد إِلَى عُثْمَان رض = فَكتب إِلَيْهِ فِي قَتلهمْ فَقَتلهُمْ على بَاب الْقصر فِي الرحب وَقَالَ فِي ذَلِك عَاصِم بن عمر التَّمِيمِي ... لَا تَأْكُلُوا أبدا جِيرَانكُمْ سَرفًا ... أهل الدعارة فِي ملك إِبْنِ عَفَّان إِن ابْن عَفَّان الَّذِي جربتم ... فطم اللُّصُوص بمحكم الْقُرْآن مَا زَالَ يعْمل بِالْكتاب مهيمنا ... فِي كل عنق مِنْهُم وبنان ... وَعَن عبد الله بن سعيد عَن أبي سعيد قَالَ أَبُو شُرَيْح الْخُزَاعِيّ من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فتحول من الْمَدِينَة إِلَى الْكُوفَة ليدنوا من الْغَزْو فَبينا هُوَ لَيْلَة على سطح دَاره إِذا إستغاث جَاره فَأَشْرَف فَإِذا شباب من أهل الْكُوفَة قد بيتوا جَاره فَجعلُوا يَقُولُونَ لَا تصح فَإِنَّمَا هِيَ ضَرْبَة حَتَّى نريحك فَقَتَلُوهُ فارتحل إِلَى عُثْمَان رض = فَرجع إِلَى الْمَدِينَة وَنقل أَهله وَلِهَذَا الحَدِيث حِين كثر أحدثت الْقسَامَة وَأخذ بقول ولي الْمَقْتُول ليفطم النَّاس عَن الْقَتْل عَن مَلأ من النَّاس يَوْم إِذن وَعَن مُحَمَّد بن كريب عَن نَافِع بن جُبَير قَالَ قَالَ عُثْمَان الْقسَامَة على الْمُدَّعِي عَلَيْهِ وعَلى أوليائه يحلف مِنْهُم خَمْسُونَ رجلا إِن لم تكن بَينه وَإِن نقصت قسامتهم أَو نكل رجل وَاحِد ردَّتْ قسامتهم ووليها المدعون وأحلفوا فَإِن حلف مِنْهُم خَمْسُونَ أستحقوا 16 - ذكر الْقدح فِي الْوَلِيد عَن مُحَمَّد وَطَلْحَة قَالَا كَانَ عمر بن الْخطاب رض = عَنهُ قد أسْتَعْمل

الْوَلِيد بن عقبَة على عرب الجزيرة فَنزل فِي بني تغلب وَكَانَ أَبُو زبيد فِي الْجَاهِلِيَّة والأسلام فِي بني تغلب حَتَّى أسلم وَكَانَت بَنو تغلب أَخْوَاله فاضطهده أَخْوَاله دينا لَهُ فَأخذ لَهُ الْوَلِيد بِحقِّهِ فشكرها لَهُ أَبُو زبيد واتقطع إِلَيْهِ وغشيه بِالْمَدِينَةِ فَلَمَّا ولي الْوَلِيد الْكُوفَة وَذَلِكَ فِي سنة ثَلَاثِينَ أَتَاهُ مُسلما ومعظما على مثل مَا كَانَ يَأْتِيهِ بالجزيرة وَالْمَدينَة فَنزل دَار الضيفان وَتلك أخر قدمه قدمهَا أَبُو زبيد على الْوَلِيد وَقد كَانَ ينتجعه وَيرجع وَكَانَ نَصْرَانِيّا قبل ذَلِك فَلم يزل الْوَلِيد بِهِ حَتَّى أسلم فِي أخر إِمَارَة الْوَلِيد وَحسن إِسْلَامه فستدخله الْوَلِيد وَكَانَ عَرَبيا شَاعِرًا حِين اقام على الْإِسْلَام فَأتى آتٍ أَبَا زَيْنَب وَأَبا مورع وجندبا وهم يحقدون للوليد مُنْذُ قتل أَبْنَاءَهُم ويضعون لَهُ الْعُيُون وَقَالَ لَهُم هَل لكم فِي الْوَلِيد يشارب أَبَا زبيد فثاروا فِي ذَلِك وَقَالَ أَبُو زَيْنَب وَأَبُو مورع وجندب لِأُنَاس من أهل الْكُوفَة هَذَا أميركم وَأَبُو زبيد خيرته وهما عاكفان على الْخمر فَقَامَ مَعَهم ومنزل الْوَلِيد فِي الرحبة مَعَ عمار بن عقبَة لَيْسَ عَلَيْهِ بَاب فاقتحموا عَلَيْهِ من الْمَسْجِد وبابه إِلَى الْمَسْجِد فَلم يفاجأ الْوَلِيد إِلَّا وهم فِي دَاره منحا شَيْء فَأدْخلهُ تَحت السرير فَأدْخل أحدهم يَده فَأخْرجهُ لَا يؤامره فَإِذا طبق عَلَيْهِ تفاريق عِنَب وَإِنَّمَا نحاه إستيحاء أَن يرى طبقه لَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا تفاريق عِنَب فَقَامُوا فَخَرجُوا على النَّاس فَأقبل بَعضهم على بعض يتلاومون وَسمع النَّاس بذلك فَأَقْبَلُوا عَلَيْهِم يسبونهم ويلعنونهم وَيَقُولُونَ أَقوام غضب لعمله وَبَعض ارغمه الْكتاب فَدَعَاهُمْ ذَلِك إِلَى التَّجَسُّس والخبث فَستر عَنْهُم الْوَلِيد ذَلِك وطواه عَن عُثْمَان رض = وَلم يدْخل بَين النَّاس فِي ذَلِك شَيْء وَكره أَن يفْسد بَينهم وَسكت عَن ذَلِك وصبر

عَن عَمْرو ومجالد عَن الشّعبِيّ أَن الْوَلِيد كَانَ يَغْزُو فِي كل عَام ثغر الْكُوفَة الْأَيْسَر ويغزو حُذَيْفَة ثغرها الْأَيْمن يَنْتَهِي هَذَا إِلَى الْبَاب وَهَذَا إِلَى الرّيّ غزا خمس غزوت وَعَن الْفَيْض بن مُحَمَّد قَالَ رَأَيْت الشّعبِيّ جلس إِلَى مُحَمَّد بن عمر بن الْوَلِيد وَهُوَ خَليفَة مُحَمَّد بن عبد الْملك فَذكر مُحَمَّد غَزْو مُسلم فَقَالَ كَيفَ لَو أدركتم الْوَلِيد وغزوه وإمارته إِن كَانَ ليغزوا فينتهي إِلَى كَذَا وَكَذَا مَا نقض وَلَا أنتقض عَلَيْهِ أحد حَتَّى عزل عَن عمله وعَلى الْبَاب يَوْمئِذٍ عبد الرحمان بن ربيعَة الْبَاهِلِيّ وَإِن كَانَ مِمَّا زَاد عُثْمَان بن عَفَّان رض = النَّاس على يَدَيْهِ إِن رد على كل مَمْلُوك فِي الْكُوفَة من فضول الْأَمْوَال ثَلَاثَة فِي كل شهر يتسعون بهَا من غير أَن ينقص مواليهم من أَرْزَاقهم عَن الْغُصْن بن الْقَاسِم عَن عمر بن عبد الله قَالَ جَاءَ جُنْدُب ورهط مَعَه إِلَى ابْن مَسْعُود رض = الله فَقَالُوا الْوَلِيد يعكف على الْخمر وأذاعوا ذَلِك حَتَّى طرح على ألسن النَّاس وَقَالَ بن مَسْعُود رَضِي = من أستتر منا بِشَيْء لم نتتبع عَوْرَته وَلم نهتك سيرته فَأرْسل إِلَى ابْن مَسْعُود فَأَتَاهُ فَعَاتَبَهُ فِي ذَلِك وَقَالَ يرضى مثلك بِأَن يُجيب أَقْوَامًا موتوريين بِمَا أجبْت عَليّ أَي شَيْء أستتر بِهِ إِنَّمَا يُقَال هَذَا للملجلج فتلاحيا واقترقا على تغاضب وَلم يكن بَينهمَا أَكثر من ذَلِك وَعَن مُحَمَّد وَطَلْحَة قَالَا وَأتي الْوَلِيد بساحر فَأرْسل إِلَى ابْن مَسْعُود رَضِي = يسْأَله عَن جده فَقَالَ وَمَا يدْريك أَنه سَاحر قَالَ زعم هَؤُلَاءِ النَّفر الَّذين جَاءُوا بِهِ أَنه سَاحر قَالُوا وَمَا يدريكم أَنه سَاحر قَالُوا

يزْعم ذَلِك فَقَالَ أساحر أَنْت قَالَ نعم قَالَ أوتدري مَا السحر قَالَ نعم وثار إِلَى حمَار فَجعل يركبه من قبل ذَنبه وَينزل من قبل رَأسه وَمن قبل رَأسه فَينزل من قبل ذَنبه وَيُرِيهمْ أَنه يخرج من فِيهِ واسته فَقَالَ إِبْنِ مَسْعُود فَقتله فَانْطَلق الْوَلِيد فَنَادوا فِي الْمَسْجِد أَن رجل يلْعَب بِالسحرِ عِنْد الْوَلِيد فَأَقْبَلُوا وَأَقْبل جنذب وأغتنمها يَقُول ايْنَ هُوَ أَيْن هُوَ حَتَّى أريه فَضَربهُ وَأجْمع عبد الله والوليد على حَبسه حَتَّى كتب إِلَى عُثْمَان رض = فأجابهم عُثْمَان رض = إِن استحلفوه بِاللَّه مَا علم برأيكم فِيهِ وَأَنه لصَادِق بقوله فِيمَا ظن من تَعْطِيل حَده وعزروه وخلوا سَبيله وَتقدم إِلَى النَّاس فِي أَن لايعملوا بالظنون أَو يقيموا الْحُدُود هُنَا السُّلْطَان فَإنَّا نقيد المخطيء ونؤدب الْمُصِيب فَفعل ذَلِك بِهِ وَترك لِأَن أصَاب حدا وَغَضب لجندب أَصْحَابه وَخَرجُوا إِلَى الْمَدِينَة وَفِيهِمْ أَبُو حشه الْغِفَارِيّ وجثمامة بن الصعب بن جثمامة وَمَعَهُمْ جُنْدُب فاسعفوا من الْوَلِيد فَقَالَ لَهُم عُثْمَان رض = تَعْمَلُونَ بظنون وتخطئون فِي الْإِسْلَام وتخرجون بِغَيْر إِذن أرجعوا فردهم إِلَى الْكُوفَة فَلم يبْق موتور فِي نَفسه إِلَّا أَتَاهُم فَاجْتمعُوا على رَأْي فأصدروه فتغفل الْوَلِيد وَكَانَ لَيْسَ عَلَيْهِ حجاب فَدخل عَلَيْهِ أَبُو زَيْنَب الْأَسدي وَأَبُو مورع الْأَسدي فسلا خَاتمه ثمَّ خرجا إِلَى عُثْمَان فشهدا عَلَيْهِ ومعهما نفر مِمَّن يعرف من أعوانهم فَبعث إِلَيْهِ عُثْمَان رض = فَلَمَّا قدم أَمر بِهِ سعيد بن الْعَاصِ فجلده فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أنْشدك الله فوَاللَّه إنَّهُمَا لخصمان موتوران فَقَالَ لَا يَضرك ذَلِك إِنَّمَا نعمل بِمَا يَنْتَهِي إِلَيْنَا فَمن ظلم فَالله ولي أنتقامه وَمن ظلم فَالله ولي جَزَائِهِ وَعَن أبي غَسَّان بن عبد الرحمان بن حُبَيْش قَالَ اجْتمع

نفر من أهل الْكُوفَة فعملوا فِي عزل الْوَلِيد فَانْتدبَ لَهُ أَبُو زَيْنَب بن عَوْف وَأَبُو مورع بن فلَان الْأَسدي للشَّهَادَة عَلَيْهِ فغشوا الْوَلِيد واكبوا عَلَيْهِ فَبينا هم مَعَه يَوْمًا فِي الْبَيْت وَله امْرَأَتَانِ فِي المخدع بَينهمَا وَبَين الْقَوْم ستر احداهما بنت ذِي الْخمار وَالْأُخْرَى بنت أبي عقيل نَام الْوَلِيد وتفرق الْقَوْم عَنهُ وَثَبت أَبُو زَيْنَب وَأَبُو مورع فَتَنَاول أحداهما خَاتمه ثمَّ خرجا فَاسْتَيْقَظَ الْوَلِيد وامرأتاه عِنْد رَأسه فَلم يجد خَاتمه فَسَأَلَهُمَا عَنهُ فَلم يجد عِنْدهمَا مِنْهُ علما فَقَالَ فَأَي الْقَوْم تخلف عَنْهُم قَالَتَا رجلَانِ لَا نعرفهما مَا غشياك إِلَّا مُنْذُ قريب قَالَ حلياهما قَالَتَا على أَحدهمَا خميصه وعَلى الْأُخَر مطرف وَصَاحب الْمطرف أبعدهُمَا مِنْك قَالَ الطول قَالَتَا نعم وَصَاحب الخميصه أقربهما إِلَيْك قَالَ الْقصير قَالَتَا نعم وَقد رَأَيْنَاهُ يَده على يدك قَالَ ذَاك أَبُو زَيْنَب والأخر أَبُو مورع وَقد أَرَادَ هنه فليت شعري مَا يُريدَان فطلبهما فَلم يقدر عَلَيْهِمَا وَكَانَ وجههما إِلَى الْمَدِينَة فَقدما على عُثْمَان رض = ومعهما نفر مِمَّن يعرف عُثْمَان رض = مِمَّن قد عزل لوليد عَن الْأَعْمَال فَقَالُوا لَهُ فَقَالَ من يشْهد مِنْكُم فَقَالُوا آبو زَيْنَب وَأَبُو مورع وكاع الأخرون فَقَالَ كَيفَ رأيتماه قَالَا كُنَّا من غاشيته فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ وَهُوَ يقيء الْخمر فَقَالَ مَا يقيء الْخمر إِلَّا شاربها فَبعث إِلَيْهِ فَلَمَّا دخل على عُثْمَان رض = رأهما عِنْده فَقَالَ متمثلا ... مَا إِن خشيت على أَمر خلوت بِهِ ... فَلم أخفك على أَمْثَالهَا حَار ... فَحلف لَهُ الْوَلِيد وَأخْبرهُ خَبره فَقَالَ نُقِيم الْحُدُود ويبؤ شَاهد الزُّور بِنَار فاصبر يَا أخي فَأمر سعيد بن الْعَاصِ فجلده فأورث عَدَاوَة بَين ولديهما حَتَّى الْيَوْم وَكَانَت على الْوَلِيد يَوْم أَمر بِهِ أَن يجلد خميصة فنزعها عَنهُ عَليّ بن أبي طَالب رض =

وَفِي روايه أُخْرَى أَن أَبَا زَيْنَب وَأَبا مورع لما قدما على عُثْمَان رض = فَأَخْبَرَاهُ الْخَبَر على رُؤُوس النَّاس فَأرْسل إِلَى الْوَلِيد فَقدم فَإِذا هُوَ بهما فَدَعَا بهما عُثْمَان رض = وفقال بِمَا تشهدان أتشهدان أنكما رأيتماه يشرب الْخمر فَقَالَا لَا وخافا قَالَ وَكَيف قَالَا أعتصرناها من لحيته وَهُوَ يقيء الْخمر فَقَالَ لم يقئها إِلَّا وَقد شربهَا فَأمر سعيد بن العَاصِي بجلده فأورث ذَلِك عَدَاوَة بَين أهليهما هَكَذَا ذكر صَاحب الْفتُوح وَالصَّحِيح أَن الَّذِي جلده عبد الله بن جَعْفَر بن آبى طَالب لِأَن عَليّ رض = أَمر بجلده فجلده أَرْبَعِينَ وَعلي رض = يعد فَقَالَ عَليّ أمسك جلد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبُو بكر أَرْبَعِينَ وَجلد عمر ثماثين وكل سنه وَهَذَا أحب إِلَيّ رَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه فَإِن قيل روى أَحْمد فِي مُسْنده بِإِسْنَادِهِ عَن عَليّ رض = أَنه قَالَ مَا من رجل أَقمت عَلَيْهِ حدا فَمَاتَ فأجد فِي نَفسِي عَلَيْهِ إِلَّا صَاحب الْخمر فَإِنَّهُ لَو مَاتَ وديته لِأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يسنه أَخْرجَاهُ وَفِي الحَدِيث الْمُتَقَدّم أَن عَليّ رض = جلد أَرْبَعِينَ وَقَالَ جلد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبُو بكر أَرْبَعِينَ وَجلد عمر ثَمَانِينَ وكل سنه فَكيف الْجمع بَينهمَا فَالْجَوَاب أَن الضَّرْب فِي الْجُمْلَة سنه وَالْعدَد مُجْتَهد فِيهِ ذكره الْحَافِظ بن الْجَوْزِيّ فِي جَامع المسانيد وَقيل أَن الْوَلِيد بن عقبه سكر وَصلى بِأَهْل الْكُوفَة رَكْعَتَيْنِ ثمَّ الْتفت إِلَيْهِم وَقَالَ أَزِيدكُم فَقَالَ لَهُ عبد الله بن مَسْعُود رض = مَا زلنا

مَعَك فِي زياده مُنْذُ الْيَوْم فَقَالَ أَبُو مورع ونحلها الحطيئه ليعاب بهَا ... شهد الحطيئه حِين يلقى ربه ... إِن الْوَلِيد أَحَق بالغدر نادا وَقد نفدت صلَاتهم ... أأزيدكم ثملا وَمَا يدْرِي ليزيدهم خيرا وَلَو قبلوا ... مِنْهُ لزادهم على الْعشْر فَأَبَوا أَبَا وهب وَلَو قبلوا ... لقرنت بَين الشفع وَالْوتر خلعوا عنانك إِذْ جريت وَلَو ... تركُوا عنانك لم تزل تجْرِي ... وَقد روى أَحْمد بِإِسْنَادِهِ أَن الْوَلِيد بن عقبَة صلى بِالنَّاسِ أَرْبعا ثمَّ الْتفت إِلَيْهِم فَقَالَ أَزِيدكُم فَرفع ذَلِك إِلَى عُثْمَان رض = فَأمر بِأَن يجلد فجلد أَرْبَعِينَ عَن عَطِيَّة عَن أبي العريف وَيزِيد الفقعسي قَالَا كَانَ النَّاس فِي الْوَلِيد فرْقَتَيْن الْعَامَّة مَعَه والخاصة عَلَيْهِ فَمَا زَالَ عَلَيْهِم من ذَلِك خشوع حَتَّى كَانَت صفّين فولي مُعَاوِيَة فَجعلُوا يَقُولُونَ عيب عُثْمَان بِالْبَاطِلِ فَقَالَ لَهُم عَليّ رض = انكم وَمَا تعيرون بِهِ عُثْمَان كالطاعن نَفسه ليقْتل ردفه وَمَا ذَنْب عُثْمَان فِي رجل قد ضربه بقولكم وعزله وَمَا ذَنْب عُثْمَان فِيمَا صنع عَن أمرنَا وَعَن مُحَمَّد بن كريب عَن نَافِع بن جُبَير قَالَ قَالَ عُثْمَان رض = إِذا جلد الرجل الْحَد ثمَّ ظَهرت تَوْبَته جَازَت شَهَادَته وَعَن أبي كبران عَن المولاه لَهُم وَأثْنى عَلَيْهَا خيرا قَالَت وَقد كَانَ

وقال أبو زبيد في الوليد من يرى العير لابن أروى على ظهر المروي حداتهن عجال مشرفات والبيت بيت أبي وهب خلاء تستن فيه الشمال يعلم الجاهل المظلل أن الدهر فيه النكر والزلزال بعدما تعلمين يا أم زيد كان زين لنا بهم وجمالوا ووجوه تودنا

الْوَلِيد أَدخل على النَّاس خيرا حَتَّى كَانَ يقسم للولائد وَالْعَبِيد وَلَقَد تفجع عَلَيْهِ الْأَحْرَار والمماليك كَانَ يسمع الولائد وعليهن الْحداد يقلن ... يَا ويلتا قد عزل الْوَلِيد ... وجائنا مجوعا سعيد يلقص فِي الصاعي وَلَا يزِيد ... قد جوعا الإيمائي وَالْعَبِيد ... وعَلى الْغُصْن بن القسام قَالَ كَانَ النَّاس يَقُولُونَ حِين عزل الْوَلِيد وَأمر سعيد ... لَا يبعد الْملك إِذا ولت شمائله ... وَلَا الرياسة لما راس كتاب ... وَقَالَ أَبُو زبيد فِي الْوَلِيد ... من يرى العير لِابْنِ أروى على ظهر ... الْمَرْوِيّ حداتهن عِجَال مشرفات وَالْبَيْت بَيت أبي وهب ... خلاء تستن فِيهِ الشمَال ... يعلم الْجَاهِل المظلل أَن ... الدَّهْر فِيهِ النكر والزلزال بَعْدَمَا تعلمين يَا أم زيد ... كَانَ زين لنا بهم وجمالوا ووجوه تودنا مشرقات ... ونوال إِذْ يُرَاد نوال ولعمر الْإِلَه لَو كَانَ لسيف ... مصال وللسان مقَال مَا تناسيتك الصفاء وَلَا الود ... وَلَا حَال دُونك الأشغال أَو لانقذت لحمك المتعضي ... ضلة من ضلالهم مَا أغتالوا ... من رجال تقارضوا مُنكرَات ... لينالواالذي أَرَادوا فنالوا قَوْلهم شربك الْحَرَام وَقد كَانَ ... شراب سوى الْحَرَام حَلَال

ذكرمقدم سعيد بن العاص الكوفة

.. من يخنك الصفاء أَو يتبدل ... أَو يزل مِثْلَمَا تَزُول الظلال فأعلمن أنني أَخُوك أَخُو الود ... حَياتِي حَتَّى تَزُول الْجبَال أصبح الدّين قد تبدل ... بالحي وُجُوهًا كَأَنَّهَا الاقتال ... غيرما طَالِبين ذحلا وَلَكِن ... مالدهر على أنَاس فمالوا كل شَيْء يحتال فِيهِ رجال ... 5 غير أَن لَيْسَ فِي المناي احتيال 17 - ذكرمقدم سعيد بن الْعَاصِ الْكُوفَة عَن مُحَمَّد وَطَلْحَة بإسنادهما قَالَا قدم سعيد بن الْعَاصِ الْكُوفَة فِي سنة سبع من إِمَارَة عُثْمَان رض = وَكَانَ عمومتة ذَوي بلَاء فِي الْإِسْلَام وسابقة حَسَنَة وَقدمه مَعَ النَّبِي وَلم يمت عمر رض = حَتَّى كَانَ سعيد من رجال النَّاس فَقدم سعيد الْكُوفَة فِي إِمَارَة عُثْمَان رض = أَمِير وَخرج مَعَه من مَكَّة أَو الْمَدِينَة الأشتر وَأَبُو خَيْثَمَة الْغِفَارِيّ وجندب بن عبد الله وَابْن مُصعب بن جثامة وَكَانُوا فِيمَن شخص مَعَ الْوَلِيد يعينون عَلَيْهِ فَرَجَعُوا مَعَ هَذَا فَصَعدَ سعيد الْمِنْبَر فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ وَقَالَ وَالله لقد بعثت وَإِنِّي لكاره وَلَكِنِّي لم أجد بدا إِذْ أمرت أَن أئتمر إِلَّا أَن الفتنه قد أطلعت خطمها وعينيها وَوَاللَّه لَأَضرِبَن وَجههَا حَتَّى أقمعها أَو تعييني وَإِنِّي لرأئد نَفسِي الْيَوْم وَنزل فَسَأَلَ عَن أهل الكوفه فأقيم على حَال أَهلهَا فَكتب إِلَى عُثْمَان رض = بِالَّذِي أنْتَهى إِلَيْهِ أَن أهل الْكُوفَة قد أَضْطَرِب أَمرهم وَغلب أهل الشّرف فيهم والبيوتات والسابقة والقدمة وَالْغَالِب على تِلْكَ الْبِلَاد ردفت وأعراب لحقت فلووا حق طاعتنا حَتَّى مَا ينظر إِلَى ذِي شرف وَلَا بلَاء من نازلتها فَكتب إِلَيْهَا عُثْمَان رض = أما بعد ففضل آهل السَّابِقَة والقدمة مِمَّن فتح الله عَلَيْهِ تِلْكَ الْبِلَاد وَليكن من نزلها بسببهم تبعا لَهُم الا أَن يَكُونُوا تثاقلوا عَن الْحق وَتركُوا الْقيام بِهِ وَقَامَ بِهِ هَؤُلَاءِ واحفظ

لكل مَنْزِلَته وأعطهم جَمِيعًا بقسطهم من الْحق فَإِن الْمعرفَة بِالنَّاسِ بهَا يصاب الْعدْل فارسل سعيد إِلَى وُجُوه النَّاس من الْأَيَّام والقادسية فَقَالَ أَنْتُم وُجُوه من وراءكم وَالْوَجْه يُنبئ عَن الْجَسَد فابلغونا حَاجَة ذِي الْحَاجة وخلة ذِي الْخلَّة وَأدْخل مَعَه من يحْتَمل ذَلِك من اللواحق والروادف وخلص بِالْقِرَاءَةِ والمسمتين فِي سمره فَكَأَنَّمَا كَانَت الْكُوفَة يبيسا شملته نَار فَانْقَطع إِلَى أُولَئِكَ الضَّرْب ضَربهمْ وفشت القالة والإذاعة وَكتب سعيد إِلَى عُثْمَان رض = بذلك فَنَادَى مُنَادِي عُثْمَان رض = الصَّلَاة جَامِعَة فَاجْتمعُوا فَأخْبرهُم بِالَّذِي كتب إِلَى سعيد وَبِالَّذِي كتب بِهِ إِلَيْهِ فيهم وَبِالَّذِي جَاءَهُم من القالة والإذاعة فَقَالُوا أصبت فَلَا تسعفهم فِي ذَلِك وَلَا تطمعهم فِيمَا لَيْسُوا بِأَهْل فَإِنَّهُ إِذا نَهَضَ فِي الْأُمُور من لَيْسَ لَهَا بِأَهْل لم يحتملها وأفسدها فَقَالَ عُثْمَان رض = يَا أهل الْمَدِينَة اسْتَعدوا واستمسكوا فقد دبت إِلَيْكُم الْفِتَن وَنزل فأوى إِلَى منزله وتمثل مثله وَمثل هَذَا الضَّرْب الَّذين أَسْرعُوا فِي الْخلاف ... أبني عبيد قد أَتَى أشياعكم ... عَنْكُم مَقَالَتَكُمْ وَقَول الشَّاعِر فَإِذا أتتكم هَذِه فتلبسوا ... إِن الرماح بَصِيرَة بالحاسر ... وَعَن سعيد بن عبد الله الجُمَحِي عَن عبيد الله بن عمر رض = عَنْهُمَا قَالَ سمعته وَهُوَ يَقُول لأبي أَن عُثْمَان رض = جمع أهل الْمَدِينَة فَقَالَ يَا أهل الْمَدِينَة إِن النَّاس يتمخضون بالفتنة وَإِنِّي وَالله لَا يخلص بكم الَّذِي لكم حَتَّى أنقله إِلَيْكُم ان رَأَيْتُمْ ذَلِك فَهَل تَرَوْنَهُ حَتَّى يَأْتِي من شهد مَعَ أهل الْعرَاق الْفتُوح فِيهِ فيقيم مَعَه فِي بِلَاده مقَام أُولَئِكَ فَقَالُوا

فَكيف تنقل لنا مَا أَفَاء الله علينا من الأَرْض يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ نبيعها من شَاءَ بِمَا كَانَ لَهُ بالحجاز فَفَرِحُوا وَفتح الله عَلَيْهِم بِهِ أمرا لم يكن فِي حسابهم فافترقوا وَقد فرجهَا الله عَنْهُم بِهِ وَكَانَ طَلْحَة بن عبد الله قد استجمع عَامَّة سَهْمَان خَيْبَر إِلَى مَكَان لَهُ سوى ذَلِك فَاشْترى طَلْحَة مِنْهُ من نصيب من شهد الْقَادِسِيَّة والمدائن من أهل الْمَدِينَة مِمَّن أَقَامَ وَلم يُهَاجر إِلَى الْعرَاق النشاستج بِمَا كَانَ لَهُ بخبير وَغَيرهَا من تِلْكَ الْأَمْوَال وَاشْترى مِنْهُ ببئر أريس شَيْئا كَانَ لعُثْمَان رض = بالعراق وَاشْترى مِنْهُ مَرْوَان بن الحكم بِمَال كَانَ أعطَاهُ إِيَّاه عُثْمَان نهر مَرْوَان وَهُوَ يَوْمئِذٍ أجمة وَاشْترى مِنْهُ رجال من الْقَبَائِل بالعراق بأموال كَانَت لَهُم فِي جَزِيرَة الْعَرَب مِنْهُم من أهل مَكَّة وَالْمَدينَة والطائف وحضرموت فَكَانَ مِمَّا اشْترى مِنْهُ الاشعث بن قيس بِمَال لَهُ فِي حَضرمَوْت مَا كَانَ لَهُ فِي طيزناباذ وَكتب عُثْمَان رض = إِلَى أهل الْآفَاق فِي ذَلِك وَبعده جربان الْفَيْء والفيء الَّذِي يتداعاه أهل الْأَمْصَار فَهُوَ مَا كَانَ للملوك نَحْو كسْرَى وَقَيْصَر وَمن تَابعهمْ من أهل بِلَادهمْ فجلا عَنهُ فَأَتَاهُم شَيْء عرفوه وَأخذ بِقدر عدَّة من شَهِدَهَا من أهل الْمَدِينَة وبقدر نصِيبهم وَأَنه والمسلمون من أهل الْمَدِينَة وبقدر نصِيبهم وَأَنه والمسلمون من أهل الْمَدِينَة شركاؤكم فِي ذَلِك الْفَيْء قد راضوهم ذَلِك إِلَيْهِم فباعوه بِمَا يليهم من الْأَمْوَال بالحجاز وَمَكَّة واليمن وحضرموت يرد على أَهلهَا الَّذين شهدُوا الْفتُوح من أهل الْمَدِينَة وَعَن مُحَمَّد وَطَلْحَة مثل ذَلِك إِلَّا أَنَّهُمَا قَالَا اشْترى هَذَا الضَّرْب رجال من كل قَبيلَة مِمَّن كَانَ لَهُ هُنَالك شَيْء فَأَرَادَ أَن يسْتَبْدل بِهِ مِمَّا يَلِيهِ وَأخذُوا وَجَاز لَهُم

ذكر حديث المصاحف وتحريفها

عَن ترَاض مِنْهُم وَمن النَّاس وَإِقْرَار بالحقوق إِلَّا أَن الَّذين لَا سَابِقَة لَهُم وَلَا قدمة لَا يبلغو مبلغ أهل السَّابِقَة والقدمة فِي الْمجَالِس والحظوة والرئاسة ثمَّ كَانُوا يعيبون التَّفْضِيل ويجعلونه جفوة وهم فِي ذَلِك يحتجون بِهِ وَلَا يكادون يظهرونه لِأَنَّهُ لَا حجَّة لَهُم وَالنَّاس عَلَيْهِم فَكَانَ إِذا لحق بهم لَاحق من ناشيء أَو أَعْرَابِي أَو مُحَرر استحلى كَلَامهم فَكَانُوا فِي زِيَادَة وَالنَّاس فِي نُقْصَان حَتَّى غلب الشَّرّ 18 - ذكر حَدِيث الْمَصَاحِف وتحريفها وَفِي سنة ثَلَاثِينَ سَار حُذَيْفَة إِلَى غَزْو الْبَاب فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ لسَعِيد ابْن الْعَاصِ لقد رَأَيْت فِي سَفَرِي هَذَا أمرا عجيبا وَلَئِن ترك النَّاس ليختلفن فِي الْقُرْآن ثمَّ لَا يقومُونَ عَلَيْهِ أبدا قَالَ وَمَا ذَاك قَالَ رَأَيْت نَاسا من أهل حمص يَقُولُونَ قراءتهم خير من قِرَاءَة غَيرهم لأَنهم أخذوها عَن الْمِقْدَاد وَأهل دمشق يَقُولُونَ مثل ذَلِك وَأهل الْكُوفَة يَقُولُونَ مثل ذَلِك لأَنهم قرأوا على ابْن مَسْعُود وَأهل الْبَصْرَة يَقُولُونَ مثل ذَلِك وَأَنَّهُمْ قرأوا على أبي مُوسَى ويسمون مصحفه لباب الْقُلُوب وَوَافَقَ حُذَيْفَة أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكثير من التَّابِعين وَخَالفهُ أَصْحَاب ابْن مَسْعُود وَجرى بَين حُذَيْفَة وَابْن مَسْعُود وَأَصْحَابه منافرة فَسَار حُذَيْفَة إِلَى عُثْمَان رض = وَأخْبرهُ بذلك وَقَالَ أَنا النذير الْعُرْيَان فَجمع عُثْمَان رض = الصَّحَابَة رض = عَنْهُم واستشارهم فَرَأَوْا مثل مَا رأى حُذَيْفَة فَأرْسل عُثْمَان رض = إِلَى حَفْصَة بنت عمر رض = عَنْهُمَا لترسل إِلَيْهِ بالصحف ينسخها وَكَانَ أَبُو بكر رض = قد جمعهَا لما كثر الْقَتْل فِي الْمُسلمين يَوْم الْيَمَامَة

فأرسلتها إِلَيْهِ فَأمر عُثْمَان رض = زيد بن ثَابت وإبن الزبير وَسَعِيد بن الْعَاصِ وَعبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام رض = عَنْهُم فنسخوها وَقَالَ لَهُم إِذا أختلفتم فِي حرف فاكتبوه بلغَة قُرَيْش فَفَعَلُوا فَأرْسل إِلَى كل مصر مُصحفا وَحرق مَا سوى ذَلِك فَشكر النَّاس هَذَا الْفِعْل إِلَّا أَصْحَاب إِبْنِ مَسْعُود وَمن وافقهم وَلما قدم عَليّ رض = الْكُوفَة قَامَ إِلَيْهِ رجل وَعَابَ عُثْمَان رض = بِجمع الْمَصَاحِف وعزله ابْن مَسْعُود رض = فصاح بِهِ عَليّ رض = قَالَ عَن مَلأ منا فعل ذَلِك وَلَو وليت مَا ولي عُثْمَان لَسَلَكْت سَبيله وروى سيف بِإِسْنَادِهِ عَن سُوَيْد بن غفله قَالَ سَمِعت عَليّ بن أبي طَالب رض = يَقُول أَيهَا النَّاس الله الله إيَّاكُمْ والغلو فِي عُثْمَان وقولكم حراق الْمَصَاحِف فوَاللَّه مَا أحرقها إِلَّا عَن مَلأ منا أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَمعنَا فَقَالَ مَا تَقولُونَ فِي هَذِه الْقِرَاءَة قد أختلف فِيهَا النَّاس يلقى الرجل الرجل فَيَقُول قراءتي خير من قراءتك وقراءتي أفضل من قراءتك وَهَذَا شَبيه بالْكفْر فَقُلْنَا مَا الرَّأْي يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ أرى أَن أجمع النَّاس على مصحف وَاحِد فَإِنَّكُم أَن اختلفتم الْيَوْم كَانَ من بعدكم أَشد اخْتِلَافا فَقُلْنَا فَنعم مَا رَأَيْت فَأرْسل إِلَى زيد بن ثَابت وَسَعِيد بن العَاصِي فَقَالَ يكْتب أَحَدكُمَا ويملي الْأُخَر فَإِذا اختلفتما فِي شَيْء فارفعاه إِلَيّ فَكتب أَحدهمَا وأمل الْأُخَر فَمَا أختلفا فِي شَيْء من كتاب الله الا فِي سُورَة الْبَقَرَة فَقَالَ أَحدهمَا التابوه بِالْهَاءِ وَقَالَ الْأُخَر التابوت بِالتَّاءِ فرفعاه إِلَى عُثْمَان رض = فَقَالَ التابوت قَالَ قَالَ عَليّ ابْن آبي طَالب رض = وَالله لَو وليت مثل الَّذِي ولي لصنعت مثل الَّذِي صنع قَالَ فَقَالَ الْقَوْم لسويد الله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ لسمعت هَذَا من عَليّ قَالَ الله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ لسمعت هَذَا من عَليّ رض = وَعَن مُحَمَّد وَطَلْحَة قَالَا بلغ عُثْمَان رض = شدَّة ذَلِك على عبد الله

فَكتب إِلَيْهِ أَن الَّذِي أَتَاك من قبلي لَيْسَ بِرَأْي أبتدعته وَلَا حدث أحدثته وَلَكِن هَذَا الْقُرْآن وَاحِد جَاءَ من عِنْد وَاحِد وَهَؤُلَاء قراء الْقُرْآن عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأهل دَار الْهِجْرَة من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار وصالحوا الْأَمْصَار قد رهصوا فِيهِ وَقَامُوا بِهِ فِي كل أفق وخافوا أَن يلبس من بعدهمْ وَأَن يَجعله النَّاس عضين وَلَيْسَ بهم أَنْت وَلَا أمثالك فَقَامَ إِبْنِ مَسْعُود رض = يَوْم خطبَته فَخَطب وحذر الْمُسلمين وَقَالَ إِن الله لَا ينْزع الْعلم إنتزاعا وَلَكِن يَنْزعهُ بذهاب الْعلمَاء وَإِن الله لَا يجمع أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على ضَلَالَة فجامعوهم على مَا أجتمعوا عَلَيْهِ فوَاللَّه مَا تَابعه أَصْحَابه وَلَكِن أستعربوا فَكتب ابْن مَسْعُود بذلك إِلَى عُثْمَان رض = عَنْهُمَا واستأذنه فِي الرُّجُوع إِلَى الْمَدِينَة وأعلمه أَنه يكره الْمقَام بِالْكُوفَةِ لما يخَاف أَن يحدث فِيهَا بعد من فشو الْأَنْبِيَاء والأذاعة والتكلف ويأبى عُثْمَان رض = أَن يَأْذَن لَهُ حَتَّى أذن لَهُ قبل مَوته بأشهر لإكثاره عَلَيْهِ وَكتب عُثْمَان رض = إِلَى الْأُمَرَاء أما بعد فَإِن الرّعية قد طغت فِي الأنتشار ونزعت إِلَى الشره وأعداها على ذَلِك ثَلَاث دنيا مُؤثرَة وَأَهْوَاء مسرعة وظعائن مَحْمُولَة ويوشك أَن تنفر فَتغير فَلَا تجْعَلُوا لَاحَدَّ عِلّة كفوا عَنْهُم مَا لم يحرفوا دينا وخذوا الْعَفو من أَخْلَاقهم وأجملوا لَهُم وَدين الله لَا تركبنه وَكتب أَيْضا للعمال أستعينوا على النَّاس فِي كل ينوبكم بِالصبرِ وَالصَّلَاة وَأمر الله أقيموه وَلَا تدهنوا فِيهِ وَإِيَّاكُم والعجلة فِيمَا سوى ذَلِك وارضوا من الشَّرّ بأيسره فَإِن قَلِيل الشَّرّ كثيروا وأعلموا أَن الَّذِي ألف بَين الْقُلُوب هُوَ الَّذِي يفرقها ويباعد بَعْضهَا من بعض سِيرُوا سيرة قوم يُرِيدُونَ الله لِئَلَّا يكون لَهُم على الله حجَّة

ذكر سقوط الخاتم في بئر اريس

وَكتب أَيْضا أَن الله ألف بَين قُلُوب الْمُسلمين على طَاعَته وَقَالَ {لَو أنفقت مَا فِي الأَرْض جَمِيعًا مَا ألفت بَين قُلُوبهم} الْأَنْفَال 63 وَهُوَ مفرقها على مَعْصِيَته فَلَا تعجلوا على أحد بِحَدّ قبل استيجابه فَإِن الله جلّ ثنائه يَقُول {لست عَلَيْهِم بمصيطر إِلَّا من تولى وَكفر} الغاشية 22 23 من كفر داويناه بدوائه وَمن تولى عَن الْجَمَاعَة أنصفناه وأعطيناه حَتَّى نقطع حجَّته وعذره إِن شَاءَ الله وَعَن مُحَمَّد وَطَلْحَة قَالَا قَامَ عُثْمَان رض = بِالْمَدِينَةِ فَقَالَ إِن النَّاس يبلغنِي عَنْهُم هناة وهناة وَإِنِّي وَالله لَا أكون أول من فتح بَابهَا وَلَا أدَار رحاها أَلا وَإِنِّي زام نَفسِي بزمام وملجمها بلجام فأقودها بزمامها وأكعمها بِلِجَامِهَا ومناولكم طرف الْحَبل فَمن أتبعني حَملته على الْأَمر الَّذِي يعرف وَمن لم يَتبعني فَفِي الله خلف مِنْهُ وعزاء عَنهُ أَلا وَإِن لكل نفس يَوْم الْقِيَامَة أئقا وشهيدا سائقا يَسُوقهَا على أَمر الله وَشَاهدا يشْهد عَلَيْهَا فَمن كَانَ يُرِيد الله بِشَيْء فليبشر وَمن كَانَ إِنَّمَا يُرِيد الدُّنْيَا فقد خسر وَعَن مُحَمَّد وَطَلْحَة قَالَا كتب عُثْمَان رض = إِلَى النَّاس اكتفوا بِاللَّه من كل أحد وَاسْتَعِينُوا بِاللَّه على النَّاس فَإِن الله يمع من شَاءَ وَيفرق من شَاءَ لَا جَامع لما فرق وَلَا مفرق لما جمع أعدُّوا لَهُ الطَّاعَة وَالْعَمَل الصَّالح وَقُولُوا حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل 19 - ذكر سُقُوط الْخَاتم فِي بِئْر اريس فِي سنة ثَلَاثِينَ وَقع خَاتم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من يَد عُثْمَان رض = فِي بِئْر أريس وَهِي على ميلين من الْمَدِينَة وَكَانَت قَليلَة المَاء فَمَا أدْرك قعرها بعد ذَلِك وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اتَّخذهُ يخْتم بِهِ الْكتب وَكَانَ من فضه نقسه مُحَمَّد رَسُول الله ثَلَاثَة أسطر فتختم بِهِ حَتَّى توفّي ثمَّ تختم بِهِ

ذكر تحرك جماعة في شأن عثمان رض

أَبُو بكر حَتَّى توفّي ثمَّ تختم بِهِ عمر حَتَّى توفّي ثمَّ تختم بِهِ عُثْمَان سِتّ سِنِين فَحَفَرُوا بِئْر بِالْمَدِينَةِ للْمُسلمين وَهِي بِئْر أريس فَقعدَ عُثْمَان رض = على رَأسهَا وَجعل يعبث بالخاتم فَسقط من يَده وطلبوه ونزحوا ماءها فَلم يقدروا عَلَيْهِ فاغتنم عُثْمَان رض = لذَلِك ثمَّ صنع خَاتمًا على شكله فَبَقيَ فِي أُصْبُعه حَتَّى هلك وفيهَا زَاد عُثْمَان رض = النداء الثَّالِث يَوْم الْجُمُعَة على الزَّوْرَاء لما كثر النَّاس 20 - ذكر تحرّك جمَاعَة فِي شَأْن عُثْمَان رض = وَفِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ تحرّك جمَاعَة فِي شَأْن عُثْمَان رض = ونقموا عَلَيْهِ أَشْيَاء مِنْهَا ولَايَة سعيد بن الْعَاصِ على الْكُوفَة وعزل الْوَلِيد وَولَايَة ابْن عَامر الْبَصْرَة وعزل أبي مُوسَى وإتمام الصَّلَاة بمنى وَولَايَة ابْن أبي سرج فِي أَشْيَاء كَثِيرَة وَكَانُوا جمَاعَة مِنْهُم مَالك الأشتر وَالْأسود بن يزِيد وعلقمة بن قيس وصعصعة وَعبد الله إِبْنِ سبأالمعروف بِابْن السَّوْدَاء وسودان بن حمْرَان وَكَانَ قد تزوج امراة فِي عدتهَا فَضَربهُ عُثْمَان رض = وَفرق بَينهمَا وَعُمَيْر بن ضابىء والكميل بن زِيَاد فتكاتبوا فِي الْخُرُوج عَلَيْهِ وَأَرْسلُوا إِلَيْهِ فِي ذَلِك فَأرْسل عُثْمَان رض = إِلَى عماله فَجَمعهُمْ واستشارهم فاختلفت أَقْوَالهم وتكاتب نفر من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَغَيرهم أَن أقدموا فَإِن الْجِهَاد عندنَا ونال النَّاس من عُثْمَان رض = وَلَيْسَ أحد يُنْهِي عَن ذَلِك وَلَا يذب إِلَّا نفر مِنْهُم زيد بن ثَابت وَأَبُو أسيد السَّاعِدِيّ وَحسان ابْن ثَابت وَكَعب بن مَالك وأجتمع النَّاس وكلموا عليل رض = فَدخل على عُثْمَان رض = فَقَالَ لَهُ إِن النَّاس ورائي وَقد كلموني فِيك ووعظه وخوفه وحذره وَذكر لَهُ ولَايَة من ولاه مثل مُعَاوِيَة وَابْن أبي سرج وَابْن عَامر وَسَعِيد بن

ذكر خبر عبد الله بن سبأ وأصحابه

الْعَاصِ وَغَيرهم ثمَّ خرج من عِنْده بعد محاورة طَوِيلَة ثمَّ خرج عُثْمَان رض = فَخَطب النَّاس ووعظهم وَاعْتذر اليهم فَقَامَ مَرْوَان فَقَالَ ان شِئْتُم وَالله حكمنَا بَيْننَا وَبَيْنكُم السَّيْف وَنحن وَالله وَأَنْتُم كَمَا قَالَ الشَّاعِر ... فرشنا لكم أعراضنا فنبت بكم ... معارسكم تبنون فِي دمن الثرى ... فَقَالَ لَهُ عُثْمَان رض = اسْكُتْ لَا سكت وَدعنِي وأصحابي فَسكت مَرْوَان وَنزل عُثْمَان رض = وَمضى وتكاتبوا للاجتماع لمناظرته فِيمَا نقموا عَلَيْهِ 21 - ذكر خبر عبد الله بن سبأ وَأَصْحَابه وَعَن عَطِيَّة عَن يزِيد الفقعسي قَالَ أسلم عبد الله بن سبأ وَهُوَ إِبْنِ السَّوْدَاء فِي إِمَارَة عُثْمَان رض = فِي سِتّ سِنِين الْبَاقِيَة وَكَانَ يَهُودِيّا فتشائم بِهِ أهل الْحَرَمَيْنِ فَلم يقدر على كيدهم فَأتى الْبَصْرَة فَنزل فِي عبد الْقَيْس فَانْقَطع إِلَيْهِ قوم مِمَّن كَانَ أعتزل سعيدا وأتاهم الأشتر وَأَبُو زَيْنَب وَأَبُو مورع وَيلك الطَّبَقَة فَبعث إِلَيْهِ سعيد فَقَالَ مَا هَذَا الَّذِي يبلغنِي أَنَّك تحدث وَقَرَأَ {وقضينا إِلَى بني إِسْرَائِيل فِي الْكتاب لتفسدن فِي الأَرْض مرَّتَيْنِ} الأسراء (ع فَقَالَ نعم أعلم بِحَدِيث بني أسرائيل مِنْكُم فَقَالَ أُولَئِكَ صدق 4 فَقَالَ سعيد كذب وكذبتم أما وَالله لَوْلَا أمرت أَن أكفكم لوجدتموني مرا وَأخرجه ومالاه على ذَلِك النَّاس فَخرج نَحْو الشَّام فَلم يقدر على مَا يُرِيد فِيهَا فَجَاز إِلَى مصر فَكثر أَصْحَابه فِيهَا وَكَاتب إخوانه من أهل الْأَمْصَار وَمد لَهُم فِي غيهم فَهُوَ أول من بَث دعاة فِي النَّاس يدعونَ إِلَى الْخُرُوج وَعَن مُحَمَّد وَطَلْحَة قَالَا كَانَ سعيد بن الْعَاصِ لَا تغشاه الا نازلة

أهل الْكُوفَة ووجوه أهل الْأَيَّام الْقَادِسِيَّة وقراء أهل الْمصر والمتسمتون فَكَانَ هَؤُلَاءِ دَخلته اذا خلا وَأما اذا جلس للنَّاس فَإِنَّهُ يدْخل عَلَيْهِ كل أحد فَجَلَسَ للنَّاس يَوْمًا فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَبَيْنَمَا هم جُلُوس يتحدثون قَالَ خُنَيْس الْأَسدي مَا أَجود طَلْحَة بن عبيد الله فَقَالَ سعيد بن الْعَاصِ إِن من لَهُ مثل النشاستج لحقيق أَن يكون جوادا وَالله لَو أَن لي مثله لأعاشكم الله عَيْشًا رغدا فَقَالَ عبد الرَّحْمَن بن خُنَيْس وَهُوَ حدث لَوَدِدْت أَن هَذ الملطاط لَك يَعْنِي مَا كَانَ لأهل كسْرَى على جَانب الْفُرَات الَّذِي يَلِي الْكُوفَة فَقَالُوا فض الله فَاك وَالله لقد هممنا بك فَقَالَ خُنَيْس غُلَام فَلَا تجازوه فَقَالُوا أَن تتمنى لَهُ من سوادنا قَالَ ويتمنى لكم أضعافه فَقَالُوا لَا تتمن لنا وَلَا لَهُ قَالَ مَا هَذَا بكم قَالَ أَنْت وَالله أَمرته بِهَذَا فثار إِلَيْهِ الأشتر وَابْن ذِي الحبكة وجندب وصعصعة وَابْن الْكواء وكميل وَعُمَيْر بن ضابىء فَأَخَذُوهُ فَذهب أَبوهُ ليمنعهم فَأَخَذُوهُ حَتَّى غشي عَلَيْهِمَا وَجعل سعيد يناشدهم ويأبون حَتَّى قضوا مِنْهُمَا وطرا وَسمعت بذلك بَنو أَسد فجائوا وَفِيهِمْ طليحة فأحاطو بِالْقصرِ وَركبت الْقَبَائِل فعاذوا بِسَعِيد وَقَالُوا أقلنا وخلصنا فَخرج سعيد فِي النَّاس قَالَ يَا أَيهَا النَّاس قوم تنازعوا وتهاووا وَقد رزق الله الْعَافِيَة وقعدوا وعادوا فِي حَدِيثهمْ وتراجعوا فسكنهم وردهم وأفاق الرّجلَانِ فَقَالَ أبكما حَيَاة قَالَا قتلتنا غاشيتك قَالَ لَا يغشوني وَالله أبدا فاحفظا عَليّ ألسنتكما وَلَا تجترئا على النَّاس ففعلا وَلما انْقَطع

رَجَاء أُولَئِكَ النَّفر من ذَلِك قعدوا فِي بُيُوتهم وَأَقْبلُوا على الأذاعة والضيعة حَتَّى لأمه أهل الْكُوفَة فِي أَمرهم فَقَالَ هَذَا أميركم قد نهاني أَن أحرك شَيْئا فَمن أَرَادَ مِنْكُم أَن يُحَرك شَيْئا فليحركه فَكتب أَشْرَاف الْكُوفَة وصلحائهم إِلَى عُثْمَان رض = فِي إخراجهم فَكتب عُثْمَان رض = إِذا اجْتمع ملؤكم على ذَلِك فألحقوهم بِمُعَاوِيَة فأخرجوهم فذلوا وانقادوا حَتَّى أَتَوْ وهم بضعَة عشر وَكَتَبُوا إِلَى عُثْمَان رض = بذلك فَكتب إِلَى مُعَاوِيَة إِن أهل الْكُوفَة قد أخرجُوا إِلَيْك نَفرا خلقُوا للفتنة فرعهم وقم عَلَيْهِم فَإِن آنست مِنْهُم رشدا فَأقبل مِنْهُم وَإِن أعيوك فارددهم عَلَيْهِم فَلَمَّا قدمُوا على مُعَاوِيَة الشَّام رحب بهم وأنزلهم كَنِيسَة تسمى بمريم وأجرى عَلَيْهِم بِأَمْر عُثْمَان رض = مَا كَانَ يجْرِي عَلَيْهِم بالعراق وَجعل يتغدى ويتحش مَعَهم فَقَالَ لَهُم يَوْمًا انكم قوم من الْعَرَب وَلكم أَسْنَان وَالسّنة وَقد أدركتم بالأسلام شرفا وغلبتم الْأُمَم وحويتم مواريثهم وَقد بَلغنِي أَنكُمْ نقمتم قُريْشًا وَإِن قُريْشًا لَو لم تكن لعدتم أَذِلَّة كَمَا كُنْتُم إِن ائمتكم لكم الْيَوْم جنَّة فَلَا تشذوا عَن جنتكم وان أئمتكم الْيَوْم يصبرون لكم على الْجور ويحتملون مِنْكُم المؤونة وَالله لتَنْتَهُنَّ أَو ليبتلينكم الله بِمن يسومكم ثمَّ لَا يحمدكم على الصَّبْر ثمَّ تَكُونُونَ شركائهم فِيمَا جررتم على الرّعية فِي حَيَاتكُم وَبعد موتكم فَقَالَ رجل من الْقَوْم أما مَا ذكرت من قُرَيْش فانها لم تكن أَكثر الْعَرَب وَلَا أمنعها فِي الْجَاهِلِيَّة فتخوفنا بهَا وَأما مَا ذكرت من الْجنَّة فَإِن الْجنَّة اذا أخترقت خلص الينا فَقَالَ مُعَاوِيَة قد عرفتكم الأن وَعلمت ان الَّذِي أعداكم على هَذَا قلَّة الْعُقُول وَأَنت خطيب الْقَوْم وَلَا أرى لَك عقلا أعظم عَلَيْك أَمر الأسلام وأذكرك بِهِ وتذكرني الْجَاهِلِيَّة وَقد وعظتك وتزعم أَن مَا يجنكم وَلَا ينشب أَن يخترق أخزى

الله قوما عظموا أَمركُم ورفعوه إِلَى خليفتكم أنتهوا وَلَا أظنكم تنتهون ان قُريْشًا لم تعز فِي جَاهِلِيَّة وَلَا إِسْلَام إِلَّا بِاللَّه لم تكن بِأَكْثَرَ الْعَرَب وَلَا أَشَّدهم وَلَكنهُمْ كَانُوا أكْرمهم أحسابا وامحضهم أنسابا وأعظمهم أخطارا وأكملهم مُرُوءَة وَلم يمتنعوا فِي الْجَاهِلِيَّة وَالنَّاس يَأْكُل بَعضهم بَعْضًا الا بِاللَّه الَّذِي لَا يستذل من أعز وَلَا يوضع من رفع فبوأهم حرما امنا يتخطف النَّاس من حَولهمْ هَل تعرفُون عربا أَو عجما أَو سُودًا أَو حمرا الا قد أَصَابَهُ الدَّهْر فِي حرمته وبده بذلة الا مَا كَانَ من قُرَيْش فانه لم يردهم أحد من النَّاس بكيد الا جعل الله خَدّه الْأَسْفَل حَتَّى أَرَادَ الله أَن ينقذ من أكم وأتبع دينه من هوان الدُّنْيَا وَسُوء مرد الأخرة فارتضى لذَلِك خير خلقه ثمَّ ارتضى لَهُ أصحابا فَكَانَ خيارهم قُرَيْش ثمَّ بنى هَذَا الْملك عَلَيْهِم وَجعل هَذِه الْخلَافَة فيهم فَلَا يصلح ذَلِك إِلَّا عَلَيْهِم فَكَانَ الله يحوطهم فِي الْجَاهِلِيَّة وهم على غير دينه فأترى أَنه لَا يحوطهم وهم على دينه أُفٍّ لَك وأف لأصحابك وَلَو أَن متكلما غَيْرك تكلم لَهُ وَلَكِنَّك أبتدأت فَأَما أَنْت يَا صعصعة فلإن قريتك شَرّ قرى عَرَبِيَّة أنتنها نبتا وأعمقها وأدواها بِالشَّرِّ والأمها جيرانا أَنه لم يسكنهَا شرِيف وَلَا وضيع إِلَّا سبّ بهَا وَكَانَت عَلَيْهِ هجنة ثمَّ كَانُوا أقبح الْعَرَب ألقابا وأجلفه اسْما وألأمة أصهارا نزاع الْأُمَم وَأَنْتُم جيران النبط وفعلة فَارس حَتَّى أَصَابَتْكُم دَعْوَة النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام ونكبتك دَعوته وَأَنت نزيع شطير فِي عمان لم تسكن الْبَحْرين فتشركهم فِي دَعْوَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَنت شَرّ قَوْمك حَتَّى إِذا أبرزك الأسلام وخلطك بِالنَّاسِ وحملك على الْأُمَم الَّتِي كَانَت عَلَيْك أَقبلت تبتغي دين الله

عوجا وتنزع إِلَى الآمة والقلة وَلنْ يضر ذَلِك قُريْشًا وَلنْ يمنعهُم من تأدية مَا عَلَيْهِم إِن الشَّيْطَان عَنْكُم غير غافل وَقد عرفكم بِالشَّرِّ من بَين أمتكُم فأغرى بكم النَّاس وَهُوَ صارعكم وَقد علم أَنه لَا يَسْتَطِيع أَن يرد بكم قَضَاء قَضَاهُ الله وَلَا آمرا أَرَادَهُ الله وَلَا تدركون بِالشَّرِّ أمرا أبدا إِلَّا فتح الله عَلَيْكُم شرا مِنْهُ وأخزى ثمَّ قَامَ وتركهم فتذامروا وتقاصرت اليهم أنفسهم وَلما كَانَ بعد ذَلِك أَتَاهُم فَقَالَ إِنِّي قد أَذِنت لكم فاذهبوا حَيْثُ شِئْتُم لَا وَالله لَا ينفع الله بكم أحدا وَلَا يضرّهُ ولستم بِرِجَال مَنْفَعَة وَلَا مضرَّة وَلَكِنَّكُمْ رجال نَكِير وَصد عَن سَبِيل الله فان اردتم النجَاة فالزموا الْجَمَاعَة وَلْيَسَعْكُمْ مَا وسع النَّاس وَلَا يبطرنكم الابقاء فان البطر لَا يعتري الْخِيَار أذهبوا حَيْثُ شِئْتُم فَانِي كَاتب إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ فِيكُم ثمَّ كتب إِلَى عُثْمَان رض = أَنه قد قدم عَليّ أَقوام لَيست لَهُم عقول وَلَا أَدْيَان أثقلهم الْإِسْلَام وأضجرهم الْعدْل لَا يُرِيدُونَ الله تَعَالَى بِشَيْء وَلَا يَتَكَلَّمُونَ بِحجَّة أمانيهم الْفِتْنَة وأموال أهل الذِّمَّة وَالله مبتليهم ومختبرهم ثمَّ قاضحهم ومخزيهم وَلَيْسوا بالذين ينكون أحدا الا مَعَ غَيرهم فانه سعيدا وَمن قبله عَنْهُم فانهم لَيْسُوا الْأَكْثَر من شغب أَو نَكِير وَخرج الْقَوْم من دمشق فَقَالُوا لَا ترجعوا إِلَى الْكُوفَة فَإِنَّهُم يشمتون بكم وميلوا بِنَا إِلَى الجزيرة ودعوا الْعرَاق وَالشَّام فأووا إِلَى الجزيرة وَسمع بهم عبد الرَّحْمَن بن خَالِد بن الْوَلِيد وَكَانَ مُعَاوِيَة قد ولاه حمص وَولى عَامل الجزيرة حران والرقة دَعَا بهم فَقَالَ يَا إخْوَان الشَّيْطَان لَا مرْحَبًا بكم وَلَا أَهلا قد رَجَعَ الشَّيْطَان محسورا وَأَنْتُم بعد نشاط خسر الله عبد الرَّحْمَن إِن لم يؤدبكم حَتَّى يحسركم يَا معشر من لَا أَدْرِي أعرب هم أم عجم وَلَكِن لَا تقولو لي مَا يبلغنِي أَنكُمْ تَقولُونَ لمعاوية أَنا إِبْنِ خَالِد بن

ذكر خبر يزيد بن قيس والأشتر كان قد وفد سعيد بن العاص على عثمان رض سنة إحدى عشر من إمارة عثمان رض وقبل مخرج سعيد من الكوفة بسنة وبعض أخرى بعث الأشعث بن قصعلى أذربيجان وسعيد بن قيس على الري وكان يزيد بن قيس على همذان فعزل وجعل عليها النسير العجلي

الْوَلِيد وَأَنا إِبْنِ من قد عجمته العاجمات أَنا إِبْنِ فاقيء الرِّدَّة وَالله لَئِن بَلغنِي يَا صعصعة بن ذل أَن أحد مِمَّن معي دق أَنْفك ثمَّ أمصك لأطيرن بك طيره بعيدَة المهوى فأقامهم أشهرا كلما ركب أَمْشَاهُم فَإذْ مر بِهِ قَالَ يَا إِبْنِ الحطئية أعلمت أَن من لم يصلحه الْخَيْر أصلحه الشَّرّ مَالك لَا تَقول كَمَا كَانَ يبلغنِي أَنَّك تَقول لسَعِيد وَمُعَاوِيَة فَيَقُول وَيَقُولُونَ نتوب إِلَى الله أقلنا أقالك الله فَمَا بِهِ حَتَّى قَالَ تَابَ الله عَلَيْكُم وسرح الأشتر إِلَى عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ لَهُم مَا شِئْتُم فَفَعَلُوا إِن شِئْتُم ماخرجوا وَإِن شِئْتُم فأقيموا وَخرج الأشتر فَأتى عُثْمَان رض = بِالتَّوْبَةِ والندم والنزوع عَنهُ وَعَن أَصْحَابه فَقَالَ سلمكم الله وَقدم سعيد بن الْعَاصِ فَقَالَ عُثْمَان رض = للأشتر أحلل حَيْثُ شيئت فَقَالَ مَعَ عبد الرَّحْمَن بن خَالِد وَذكر من فَضله وَقَالَ ذَلِك إِلَيْكُم فَرَجَعَا إِلَى عبد الرحمان 22 - ذكر خبر يزِيد بن قيس وَالْأَشْتَر كَانَ قد وَفد سعيد بن الْعَاصِ على عُثْمَان رض = سنة إِحْدَى عشر من إِمَارَة عُثْمَان رض = وَقبل مخرج سعيد من الْكُوفَة بِسنة وَبَعض أُخْرَى بعث الْأَشْعَث بن قصعلى أذربيجان وَسَعِيد بن قيس على الرّيّ وَكَانَ يزِيد بن قيس على همذان فعزل وَجعل عَلَيْهَا النسير الْعجلِيّ وعَلى أَصْبَهَان السَّائِب بن الْأَقْرَع وعَلى ماه مَالك بن حبيب الْيَرْبُوعي وعَلى الْموصل حَكِيم بن سَلامَة الجذامي وَكَانَ جرير بن عبد الله على قرقيسياء وسلمان بن ربيعَة على الْبَاب وعَلى الْحَرْب الْقَعْقَاع بن عَمْرو وعَلى حلوان عتيبة بن النهاس وخلت الْكُوفَة من الرؤساء إِلَّا منزوع أَو مفتون فَخرج يزِيد إِبْنِ قيس وَهُوَ يُرِيد خلع عُثْمَان رض = فَدخل الْمَسْجِد وَجلسَ فِيهِ وثاب

إِلَيْهِ الَّذين كَانَ إِبْنِ السَّوْدَاء يكاتبهم فنقض عَلَيْهِم الْقَعْقَاع فَأخذ يزِيد بن قيس فَقَالَ إِنَّمَا أستعي من سعيد فَقَالَ هَذَا مَا لَا يعرض لكم فِيهِ لَا تعرض لهَذَا وَلَا يجتمعنا إِلَيْك واطلب حَاجَتك فلعمري لتعطينها فَرجع إِلَى بَيته واستأجر رجل وَأَعْطَاهُ دَرَاهِم وبغلا على ان يَأْتِي المسيرين وَكتب إِلَيْهِم لَا تضعن كتابي من أَيْدِيكُم حَتَّى تجيؤوا فَإِن أهل الْمصر قد جامعونا فَانْطَلق الرجل حَتَّى أَتَا إِلَيْهِم وَقد رَجَعَ الأشتر فَدفع إِلَيْهِم الْكتاب فَقَالُوا مَا أسمك قَالَ بعثر قَالُوا مِمَّن قَالَ من كلب قَالُوا سبع ذليل يبعثر النُّفُوس لَا حَاجَة لنا فِيك وَخَالفهُم الأشتر وَرجع عَاصِيا فَلَمَّا خرج قَالَ لَهُ أَصْحَابه أخرجنَا أخرجه الله لَا نجد بدا مِمَّا صنع إِن علم بِنَا عبد الرحمان لم يصدقنا وَلم يستقلنا فتبعوه فَلم يلحقوه وَبلغ عبد الرحمان أَنهم قد اخلوا فطلبهم إِلَى السوَاد فَسَار الأشتر سبع وَالْقَوْم عشرا فَلم يفجأ النَّاس يَوْم جُمُعَة إِلَّا وَالْأَشْتَر على بَاب الْمَسْجِد يَقُول أَيهَا النَّاس قد جِئتُكُمْ من عِنْد أَمِير الْمُؤمنِينَ عُثْمَان وَتركت سعيدا يُريدهُ على نُقْصَان نِسَائِكُم إِلَى مائَة دِرْهَم ورد أهل الْبلَاء مِنْكُم إِلَى أَلفَيْنِ وَيَقُول مَا بَالا أشرف النِّسَاء وَهَذِه العلاوة بَين هذَيْن العدلين وَيَزْعُم أَن فيئكم بُسْتَان لقريش فقد سايرته مرحلة فَمَا زَالَ يرتجز بذلك حَتَّى فارقته يَقُول ... ويل لأشرف النِّسَاء مني ... صمحمح كأنني من جن ... فاستخف النَّاس وَجعل أهل الحجى ينهونهم فَلَا يسمع مِنْهُم وَخرج يزِيد فَأمر مناديا فَنَادَى من شَاءَ أَن يلْحق بِيَزِيد بن قيس لرد سعيد وَطلب أَمِير غَيره فَلْيفْعَل وَبَقِي حلماء النَّاس وأشرافهم ووجوههم فِي

الْمَسْجِد وَذهب من سواهُم وَعمر بن حُرَيْث يَوْم إِذن الْخَلِيفَة وَصعد الْمِنْبَر فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ وَقَالَ أذكروا نعْمَة الله عَلَيْكُم إِذْ كُنْتُم أَعدَاء فألف بَين قُلُوبكُمْ فأصبحتم بنعمته إخْوَانًا بعد إِن كُنْتُم على شفا حُفْرَة من النَّار فأنقذكم مِنْهَا فَلَا تعودوا فِي شَرّ قد أستنقذكم الله مِنْهُ أبعد الْإِسْلَام وهدية لَا تعرفُون حَقًا وَلَا تصيبون بَابه فَقَالَ قعقاع بن عَمْرو أترد السَّيْل عَن عبابه فأردد الْفُرَات عَن أدراجه هَيْهَات وَالله لَا يسكن الغوغاء إِلَّا المشرفية ويوشك أَن تنتضي ويعجون عجيج القعدان ويتمنون مَا هم فِيهِ الْيَوْم فَلَا يردهُ الله عَلَيْهِم أبدا فاصبر فَقَالَ أَصْبِر وتحول إِلَى منزله وَخرج يزِيد بن قيس حَتَّى نزل الجرعة وَمَعَهُ الأشتر وَقد كَانَ سعيد تلبث فِي الطَّرِيق وطلع عَلَيْهِم سعيد وهم مقيمون لَهُ معسكرون فَقَالُوا لَا حَاج لنا بك فَقَالَ أما أختلفتم إِلَّا بِي إِنَّمَا كَانَ يكفيكم أَن تبعثوا إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ رجلا أَو تضعوا لَهُ رجلا وَهل يخرج الْألف لَهُم عقول إِلَى رجل وَانْصَرف عَنْهُم فَقَالَ مولى لَهُ وَالله مَا كَانَ يَنْبَغِي أَن يرجع فَضرب الأشتر عُنُقه وَمضى سعيد فَقدم على عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ فَأخْبرهُ الْخَبَر فَقَالَ مَا يُرِيدُونَ أخلعوا يدا من طَاعَة قَالَ أظهرُوا أَنهم يُرِيدُونَ الْبَدَل قَالَ فَمن يُرِيدُونَ قَالَ ابا مُوسَى قَالَ أثبتنا أَبَا مُوسَى عَلَيْهِم وَالله لَا نجْعَل لأحد عذرا وَلَا نَتْرُك لَهُم حجَّة ولنصبرن كَمَا أمرنَا حَتَّى يبلغ الله مَا يُرِيد وَرجع من قرب عمله من الْكُوفَة وَرجع جليل من قرقيسياء وعتيبة من حلوان وَقَامَ أَبُو مُوسَى فَتكلم بِالْكُوفَةِ وَقَالَ يَا أَيهَا النَّاس لَا تنفرُوا فِي مثل هَذَا وَلَا تعودوا لمثله والزموا الطَّاعَة وَالْجَمَاعَة وَإِيَّاكُم والعجلة اصْبِرُوا فكأنكم بأمير قَالُوا فصل بِنَا قَالَ لَا على السّمع وَالطَّاعَة لعُثْمَان رض = قَالُوا على السّمع وَالطَّاعَة لعُثْمَان رض =

ذكر عزل سعيد بن العاص عن الكوفة وولاية أبي موسى الأشعري

وَعَن يحيى بن مُسلم عَن عبد الله بن عُمَيْر الْأَشْجَعِيّ أنة قَامَ فِي الْمَسْجِد فِي الْفِتْنَة فَقَالَ أَيهَا النَّاس اسْكُتُوا فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول {من خرج وعَلى النَّاس إِمَام جَامع وَالله مَا قَالَ عَادل ليشق عصاهم وَيفرق جَمَاعَتهمْ فاقتلوة هـ كَائِنا من كَانَ} وَعَن عبد الله بن عُمَيْر قَالَ قَامَ جرير بِالْكُوفَةِ فَقَالَ يَا أهل الْكُوفَة أما إِذا فَعلْتُمْ مَا فَعلْتُمْ فَاصْبِرُوا واطمئنوا فَإِنِّي لاالوكم نصحا إِنِّي جِئْت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت ابْسُطْ يَد لَا أَبَا يعك فَقَالَ على أَي شيئ فَقلت على الاسلام وعَلى النصح لكل مُسلم فو الله ماالوتكم نصحا فَاصْبِرُوا واطمئنوا إنة يُوشك أَن يأتيكم أَمِير وَعَن المجالد بن سعيد عَن أبي السّفر عَن رجل من قيس عيلان قَالَ لماخرجالناس إِلَى عُثْمَان رض = أَخذنَا نتجهز فَقَالَ لنا حذيفه مَا تُرِيدُونَ قُلْنَا نُرِيد أَن نخرج مَعَ النَّاس قَالَ إِن أول من يذل السُّلْطَان لَا يقوم لَهُ يَوْم الْقِيَامَة عِنْد الله وزن وَمَا مَشى قوم وَلَا سَارُوا مسيرًا ليذلوا سُلْطَانا أَلا أذلّهم الله فَمَا خرج منا رجل 23 - ذكر عزل سعيد بن الْعَاصِ عَن الْكُوفَة وَولَايَة أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ عَن مُحَمَّد وَطَلْحَة قَالَا لما أستغوى يزِيد بن قيس النَّاس على سعيد إِبْنِ الْعَاصِ خرج مِنْهُ ذكر العثمان رض = فَأقبل عَلَيْهِ الْقَعْقَاع بن عمر فَأَخذه فَقَالَ مَا تُرِيدُ أَلَك علينا فِي أَن نستعفي سَبِيل قَالَ فَهَل إِلَّا ذَاك قَالَ لَا قَالَ فاستعف مَا شيئت واستجلب يزِيد أَصْحَابه من حَيْثُ كَانُوا فَردُّوا سعيد وطلبوا أَبَا مُوسَى فَكتب إليكهم عُثْمَان رض = أما بعد فقد أمرت عَلَيْكُم من أخترتم وأعفيتكم من سعيد وَالله لأفرشنكم عرضي ولأبذلن

ذكر خروج إبن مسعود رض من الكوفة وكتب عثمان رض الله عنه إلى إبن مسعود رض فأذن له في الخروج فخرج لستة أشهر بقيت من إمارة عثمان رض وكان عبد الله يستعفيه أيام قدم سعيد إلى أن أذن له فلا يأذن له وكان عبد الله قد كره المقام بالكوفة للذي رأى من تمرد

لكم صبري ولأستصلحنكم بجهدي فانظروا لَا تدعوا شَيْئا مِمَّا أحببتموه لَا يَعْصِي الله فِيهِ إِلَّا سألتموه وَلَا شَيْء مِمَّا كرهتموه لَا يَعْصِي الله فِيهِ إِلَّا أستعفيتم مِنْهُ أنزل فِيهِ عِنْدَمَا أَحْبَبْتُم حَتَّى لَا تكون لكم على الله حجَّة وَكتب بِمثل ذَلِك فِي الْأَمْصَار فَقدمت إِمَارَة أبي مُوسَى وغزو حُذَيْفَة نَحْو الْبَاب فتأمر أَبُو مُوسَى وَرجع الْعمَّال إِلَى أَعْمَالهم وَمضى حُذَيْفَة إِلَى الْبَاب 24 - ذكر خُرُوج إِبْنِ مَسْعُود رض = من الْكُوفَة وَكتب عُثْمَان رض الله عَنهُ إِلَى إِبْنِ مَسْعُود رض = فَأذن لَهُ فِي الْخُرُوج فَخرج لسِتَّة أشهر بقيت من إِمَارَة عُثْمَان رض = وَكَانَ عبد الله يستعفيه أَيَّام قدم سعيد إِلَى أَن أذن لَهُ فَلَا يَأْذَن لَهُ وَكَانَ عبد الله قد كره الْمقَام بِالْكُوفَةِ للَّذي رأى من تمرد النَّاس واختلافه وَكَانَ عُثْمَان رض = قد عَزله عَن بَيت المَال وَجعل عَلَيْهِ عقب فَلم يكن فِي عمل وَلم يوله مقَاما وَعَن عَطِيَّة عَن أبي سيف قَالَ كَانَ إِبْنِ مَسْعُود رض = قد ترك عطائه حِين مَاتَ عمر رض = فَفعل ذَلِك رجال من أهل الْكُوفَة أَغْنِيَاء وأتخذ ضَيْعَة بزاذان فَمَاتَ عَن تسعين ألف مِثْقَال سوى رَقِيق وعروض وماشية بالسيليحين فَلَمَّا رأى الشَّرّ ودنوا الْفِتْنَة أَسْتَأْذن عُثْمَان رض = فَلم يَأْذَن لَهُ إِلَّا قرب مَوته فَقدم على عُثْمَان رض = فَلم يلبث أَن مَاتَ وَبَينهمَا أشهر وَعَن زيد بن وهب قَالَ لما خرج إِبْنِ مَسْعُود رض = قَالُوا لَا تخرج من بَين أظهرنَا فَقَالَ أَنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول {يأزر الأسلام إِلَى الْمَدِينَة سأترككم والفتنة وأزر إِلَى بلدي وَمَعِي ديني} 25 - ذكر خبر كَعْب بن ذِي الحبكه وضابىءبن الْحَارِث عَن مُحَمَّد وَطَلْحَة قَالَا بلغ عُثْمَان رض = أَن ابْن ذِي الحبكة

النَّهْدِيّ يعالج نيرنجا فَأرْسل إِلَى الْوَلِيد بن عقبه ليسأله عَن ذَلِك فَإِن أقرّ بِهِ أوجعهُ فَدَعَا بِهِ فَسَأَلَ فَقَالَ إِنَّمَا هُوَ رفق وَأمر يعجب مِنْهُ فَأمر بِهِ فعزر وَأخْبر النَّاس خَبره وَقَرَأَ عيهم = كتاب عُثْمَان رض = انه قد جد بكم فَعَلَيْكُم بالجد وَإِيَّاكُم والهزل فَكَانَ النَّاس عَلَيْهِ وتعجبوا من وُقُوع عُثْمَان رض = على مثل خَبره فَغَضب وَنَفر فِي الَّذين نفروا وَضرب مَعَهم فَكتب فِيهِ الى عُثْمَان رض = فَلَمَّا سير الى الشَّام من سير كَعْب ابْن ذِي البكه وَمَالك بن عبد الله وَكَانَ ذَنبه كذنبه الى دنيا وندلأنها ارْض شَجَرَة فَقَالَ فِي ذَلِك كَعْب بن ذِي الحبكة للوليد ... لعمري لَئِن أطردتني مَا الى الَّتِي ... طمعت بهَا من سقطي لسبيل ... رَجَوْت رجوعي يَا ابْن أروى ورجعي ... الى الْحق رهوا غال حلمك غول ... وان اغترابي فِي الْبِلَاد وجفوتي ... وشتمي فِي ذَات اللإله قَلِيل ... وان دعائي كل يَوْم وَلَيْلَة ... عَلَيْك بدنيا وندكم لطويل ... فَلَمَّا ولي سعيد إقفله وَأحسن إِلَيْهِ واستصلحه مكفره وَلم يَزْدَدْ إِلَّا فَسَادًا واستعار ضابىء بن الْحَارِث البرجمي وَالِد عُمَيْر فِي زمَان الْوَلِيد بن عقبه من قوم من الأ نصار كَلْبا يدعى قرحان يصيد الضباء فحبسه عَنْهُم فنافره الْأَنْصَارِيُّونَ واستعانوا عَلَيْهِ بقَوْمه فكاثروه فانتزعوه مِنْهُ وردوه على الْأنْصَارِيّ فهاجمهم فَقَالَ فِي ذَلِك ... تجشم دوني وفدقرحان خطة ... تضل لَهَا الوجناء وَهِي حسير فَبَاتُوا شباعا ناعمين كَأَنَّمَا ... حباهم بِبَيْت الْمَرْزُبَان أَمِير فكلبكم لَا تتركوه وأمكم ... فَإِن عقوق الْأُمَّهَات كَبِير ...

ذكر خبر الكميل بن زياد وعمير بن ضابىء

فَاسْتَعدوا عُثْمَان رض = فَأرْسل إِلَيْهِ فعززه وحبه كَمَا يصنع بِالْمُسْلِمين فاستثقل ذَلِك فَمَا زَالَ فِي الْحَبْس حَتَّى مَاتَ فِيهِ وَقَالَ فِي الفتك معتذرا إِلَى أَصْحَابه ... هَمَمْت وَلم أفعل وكدت وليتني ... تركت على عُثْمَان تبْكي حلائله وقائلة قد مَاتَ فِي السجْن ضابىء ... أَلا من لخصم لم يجد من يجادله ... فَكَذَلِك صَار عُمَيْر بن ضابىء سبئيا والسبئية قوم يسبون عُثْمَان رض = وينسبون إِلَى عبد الله بن سبأ 26 - ذكر خبر الكميل بن زِيَاد وَعُمَيْر بن ضابىء عَن المستنير عَن أَخِيه قَالَ لَا وَالله مَا سَمِعت وَلَا علمت بِأحد غزا عُثْمَان رض = وَلَا ركب إِلَيْهِ الا قتل لقد اجْتمع بِالْكُوفَةِ نفر فيهم الأشتر وَزيد بن صوحان وصعصعة وَكَعب بن ذِي الحبكة وَأَبُو زَيْنَب وَأَبُو مورع وكميل بن زِيَاد وَعُمَيْر بن ضابىء فَقَالُوا وَالله لَا يرفع بِنَا رَأس مَا دَامَ عُثْمَان على النَّاس فَقَالَ عُمَيْر بن ضابىء وكميل بن زِيَاد نَحن نَقْتُلهُ فَرَكبْنَا إِلَى الْمَدِينَة فَأَما عُمَيْر فَإِنَّهُ نكل عَنهُ وَأما كميل بن زِيَاد فَإِنَّهُ جسر وثاوره وَكَانَ جَالِسا يرصده حَتَّى أَتَى عَلَيْهِ عُثْمَان رض = فوجأ عُثْمَان رض = وَجهه فَوَقع على أسته فَقَالَ أوجعتني يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ أولست بفاتك قَالَ لَا قَالَ بِاللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ فَحلف وَقد اجْتمع عَلَيْهِ النَّاس فَقَالُوا نفتشه يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ لاقد رزق الله الْعَافِيَة وَلَا أشتهي أَن أطلع مِنْهُ على غير نفتشه يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَقَالَ ان كَانَ كَمَا قلت يَا كميل فاقتد

مني وَجَثَا فوَاللَّه ماحسبتك الا تريدني وَقَالَ إِن كنت صَادِقا فاجرك الله وَإِن كنت كَاذِبًا فأقادك الله وَقعد لَهُ على قَدَمَيْهِ وَقَالَ دُونك فَقَالَ قد تركت فبقيا حَتَّى اكثر النَّاس فِي نجائهما حَتَّى قدم الْحجَّاج الْعرَاق فَقَالَ من كَانَ من بعث الْمُهلب فليواف مكتبه وَلَا يَجْعَل على نَفسه سَبِيلا فَقَامَ اليه عُمَيْر فَقَالَ اني شيخ ضَعِيف ولي ابْنَانِ قويان فَأخْرج أَحدهمَا مَكَاني أوكليهما فَقَالَ من أَنْت فَقَالَ أَنا عُمَيْر بن ضابىء فَقَالَ وَالله لقدعصيت الله مُنْذُ أَرْبَعِينَ سنة وَوَاللَّه لأنكلن بك الْمُسلمين غضِبت لسارق الْكَلْب ظَالِما ان أَبَاك اذ غل لَهُم وانك هَمَمْت ونكلت واني أهم ثمَّ لَا أنكل ثمَّ أَمر بِهِ فَضربت عُنُقه قَالَ سيف بن عمر التَّمِيمِي وَحدثنَا رجل من بن أَسد قَالَ من حَدِيثه أَنه كَانَ غزا عُثْمَان رض = فِيمَن غزاه فَلَمَّا قدم الْحجَّاج ونادى بِمَا نَادَى بِهِ دخل عَلَيْهِ فَعرض عَلَيْهِ ماعرض فَقبل مِنْهُ فَلَمَّا ولى قَالَ أَسمَاء بن خَارِجَة لقد كَانَ شَأْن عُمَيْر مِمَّا يهمني فَقَالَ وَمن عُمَيْر فَقَالَ هَذَا الشَّيْخ فَقَالَ الْحجَّاج ذَكرتني الطعْن وَكنت نَاسِيا أَلَيْسَ فِيمَن خرج إِلَى عُثْمَان قَالَ بلَى قَالَ فَهَل بِالْكُوفَةِ أحد غَيره قَالَ كميل قَالَ عَليّ بعمير فَضرب عُنُقه ودعا بكميل فهرب فَأخذ النخع بِهِ فَقَالَ الْأسود بن الْهَيْثَم مَا تُرِيدُ من شيخ قد كفاكه الْكبر قَالَ أما وَالله الْكبر أما وَالله لتحبسن عني لسَانك أَو لأجتثن رَأسك بِالسَّيْفِ فَقَالَ أفعل فَلَمَّا رأى كميل مَا لَقِي قومه وهم ألف مقَاتل قَالَ الْمَوْت خير من الْخَوْف إِذا أخيف الفان فِي سببي وحرموا فَخرج حَتَّى أَتَى الْحجَّاج

فَقَالَ لَهُ الْحجَّاج أَنْت الَّذِي أردْت مَا أردْت ثمَّ لم يكشفك امير الْمُؤمنِينَ ثمَّ لم ترض حَتَّى أقعدته للْقصَاص إِذا دفعك عَن نَفسه قَالَ على أَي ذَلِك تقتلني على عَفْو أم على عافيتي قَالَ يَا أدهم بن مُحرز أَقتلهُ قَالَ وَالْأَجْر بيني وَبَيْنك قَالَ نعم قَالَ أدهم لَا بل الْأجر لَك وَمَا كَانَ من أَثم فَعَلَيهِ ثمَّ ضرب عُنُقه فَقَالَ مَا لَك بن عبد الله وَكَانَ من المسيرين وَكَانَ سبئيا ... مَضَت لِأَبْنِ أروى فِي كميل ظلامه ... عفاها لَهُ والمستقيد يلام وَقَالَ لَهُ لَا أفتح الْيَوْم مثله ... عَلَيْك أَبَا عمر وَأَنت إِمَام ووجئك رَأْسِي وَالَّذِي نسكت لَهُ ... قُرَيْش بِأَعْلَى المكتيين حرَام وللعفو أَمن يعرف النَّاس فَضله ... وَلَيْسَ علينا فِي الْقصاص أثام وَلَو علم الْفَارُوق مَا أَنْت صانع ... نهى عَنْك نهيا لَيْسَ فِيهِ كَلَام ... فَأَجَابَهُ سهم بن طريف ... كذبت وَلَكِن حاول الْمَرْء غيلَة ... وَفِي ذَلِكُم عِنْد الْإِلَه غرام ... وَلَو علم الْمَظْلُوم علمك كُله ... سما لَك أَمر لَيْسَ فِيهِ مرام وذنبك عمدا وَالَّذِي نسكت لَهُ ... قُرَيْش بِأَعْلَى المكتين حرَام لقتلك خير النَّاس عَن رَأْي قصَّة ... هتكت وَفِيمَا قد أردْت زحام وَفِي كل يَوْم للحباري خطية ... تدب بهَا يقْضِي وَنحن نيام وَلَو علم الْمَظْلُوم مَا أَنْت مصبىء ... عَلَيْهِ لكَانَتْ فِي السنين عقام ... 27 - ذكر حَكِيم بن جبله وحمران بن أبان عَن عطيه عَن يزِيد الفقعسي قَالَ لما مضى من إِمَارَة عَامر على

البصرى ثَلَاث سِنِين بلغه أَن فِي عبد القيس رجلا نازلا على حَكِيم بن جبلا وَكَانَ حَكِيم رجلا لصا إِذا قفل الجيوش خنس عَنْهُم يسْعَى فِي أَرض فَارس فيغير على أهل الذِّمَّة ويتنكر لَهُم وَيفْسد فِي الأَرْض ويصيب مَا شَاءَ ثمَّ يرجع فَشَكَاهُ أهل الذِّمَّة وَأهل الْقبْلَة إِلَى عُثْمَان رض = فَكتب إِلَى عبد الله بن عَامر أَن أحبسه وَمن كَانَ مثله فَلَا يخْرجن من البصرى حَتَّى تأنسوا مِنْهُ رشدا فحبسه فَكَانَ لَا يخرج مِنْهَا وطبقته مَعَه فَلَمَّا قدم إِبْنِ السَّوْدَاء نزل عَلَيْهِ وَكَانَ هُوَ ذَلِك الرجل وأجتمع إِلَيْهِ ذَلِك النَّفر وَطرح لَهُم إِبْنِ السَّوْدَاء وَلم يُصَرح فقبلوا مِنْهُ واستعظموه فَأرْسل إِلَيْهِ إِبْنِ عَامر فَسَأَلَهُ مَا أَنْت فَأخْبرهُ أَنه رجل من أهل الْكتاب رغب فِي الْإِسْلَام وَرغب فِي جوارك فَقَالَ إِنَّمَا يبلغنِي غير هَذَا أخرج عني فَخرج حَتَّى أَتَا الْكُوفَة فَأخْرج مِنْهَا فاستقر بِمصْر وَجعل يكاتبهم ويكاتبونه وَيخْتَلف الرِّجَال بَينهم وَأما حمْرَان فروا سيف عَن طلحا وَمُحَمّد قَالَا إِن حمْرَان بن أبان تزوج أمرأه فِي عدتهَا فنكل بِهِ عُثْمَان رض = وَفرق بَينهمَا وسيره إِلَى البصرى فَلَزِمَ إِبْنِ عَامر فتذاكروا يَوْمًا الرّكُوب والمرور بعامر إِبْنِ عبد قيس وَكَانَ منقبضا عَن النَّاس فَقَالَ حمْرَان أَلا أسبقكم إِلَيْهِ فَأخْبرهُ فَخرج فَدخل عَلَيْهِ وَهُوَ يقْرَأ فِي الْمُصحف فَقَالَ الْأَمِير أَرَادَ أَن يمر بك فَأَحْبَبْت أَن أخْبرك فَلم يقطع قرآنه وَلم يقبل عَلَيْهِ فَقَامَ من عِنْده خَارِجا فَلَمَّا أنْتَهى إِلَى الْبَاب لقِيه إِبْنِ عَامر فَقَالَ جئْتُك من عِنْد رجل لَا يرى لأل إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ فضل فَاسْتَأْذن إِبْنِ عَامر وَدخل عَلَيْهِ وَجلسَ إِلَيْهِ فأطبق عَامر الْمُصحف وحدثه سَاعَة فَقَالَ لَهُ إِبْنِ عَامر أَلا تغشانا فَقَالَ إِن سعد بن أبي العرجاء يحب الشّرف فَقَالَ أَلا نستعملك فَقَالَ حُصَيْن بن

أبي الْحر يحب الْعَمَل قَالَ أَلا نُزَوِّجك فَقَالَ ربيعَة بن عسل يُعجبهُ النِّسَاء قَالَ إِن هَذَا يزْعم أَنَّك لَا ترى لأل إِبْرَاهِيم عَلَيْك فضلا فَفتح الْمُصحف فَكَانَ أول مَا وَقع عَلَيْهِ وافتتح مِنْهُ {إِن الله اصْطفى آدم ونوحا وَآل إِبْرَاهِيم وَآل عمرَان على الْعَالمين} ال عمرَان 33 فَلَمَّا رد حمْرَان تتبع ذَلِك مِنْهُ فسعى بِهِ وَشهد لَهُ أَقوام فسيره إِلَى الشَّام فَلَمَّا علمُوا علمه أذنوا لَهُ فأبا وَلزِمَ الشَّام وَقيل أَن عُثْمَان رض = لما سير حمْرَان بن أبان إِلَى البصرى لما تزوج المرأه فِي عدتهَا وَفرق بَينهمَا وضربه فَلبث فِيهَا مَا شَاءَ الله وَأَتَاهُ عَنهُ التَّوْبَة أذن لَهُ فَقدم عَلَيْهِ الْمَدِينَة وَقدم مَعَه قوم سعوا بعامر بن عبد قيس أَنه لَا يرى التروج وَلَا يَأْكُل اللَّحْم وَلَا يشْهد الْجُمُعَة وَكَانَ من عَامر إنقباض وَكَانَ عمله كُله خُفْيَة فَكتب عُثْمَان رض = إِلَى عبد الله بن عَامر بذلك فألحقه بِمُعَاوِيَة فَلَمَّا قدم عَلَيْهِ وَافقه وَعِنْده ثريدة فأكلا أكلا غَرِيبا فَعرف أَن الرجل مَكْذُوب عَلَيْهِ وَقَالَ يَا هَذَا أَتَدْرِي فِيمَا أخرجت قَالَ لَا بلغ الْخَلِيفَة أَنَّك لَا تَأْكُل الحم وَقد رَأَيْتُك وَعرفت أَن قد كذب عَلَيْك وَأَنَّك لَا ترى التَّزْوِيج وَلَا تشهد الْجُمُعَة فَقَالَ أما الْجُمُعَة فَإِنِّي أشهدها فِي مُؤخر الْمَسْجِد ثمَّ ارْجع فِي أَوَائِل النَّاس وَأما التَّزْوِيج فَإِنِّي خرجت وَأَنا يخْطب عَليّ وَأما اللَّحْم فقد رَأَيْت وَلَكِنِّي كنت أمرءا لَا أكل ذَبَائِح القصابين مُنْذُ رَأَيْت قصابا يجر شَاة إِلَى مذبحها وَوضع السكين على حلقها فَمَا زَالَ يَقُول النِّفَاق النِّفَاق حَتَّى وَجَبت قَالَ أرجع لَا أرجع إِلَى بلد أستحل أَهله مني مَا إستحلوا وَلَكِنِّي أقيم بِهَذَا الْبَلَد الَّذِي أختاره الله لي وَكَانَ يكون فِي السواحل وَكَانَ يلقى مُعَاوِيه فيكثر وَيكثر مُعَاوِيَة أَن يَقُول حَاجَتك فَيَقُول لَا حَاجَة لي فَلَمَّا أَكثر عَلَيْهِ قَالَ لَهُ ترد عَليّ من حر البصره لَعَلَّ الصَّوْم أَن يشْتَد عَليّ شَيْئا فَإِنَّهُ يخف عَليّ فِي بِلَادكُمْ

ذكر حديث أبي ذر وخروجه إلى الربذة وفي سنة ثلاثين جرى بين معاويه وأبي ذر مناظرة في قوله تعالى والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم

ذكر خبر أهل اللأحداث عَن أبي حارثه وَأبي عُثْمَان قَالَا لم قدم مسيرَة أهل الْكُوفَة على مُعَاوِيه أنزلهم دَارا ثمَّ خلابهم فَقَالَ لَهُم وَلما فرغوا قَالَ لَهُم لم تُؤْتوا إِلَّا من الْحمق وَالله مَا أرى منطقا سديدا وَلَا عذرا مُبينًا وَلَا حلما وَلَا قُوَّة وَإنَّك يَا صعصعة لأحمقهم إصنعوا وقولو مالم تدعوا شَيْئا من أَمر الله فَإِن كل شَيْء يحْتَمل لكم إِلَّا مَعْصِيّة الله فَأَما فِيمَا بَيْننَا وَبَيْنكُم فَأنْتم أُمَرَاء أَنفسكُم فَرَآهُمْ بعد وهم يشْهدُونَ الصَّلَاة ويقفون مَعَ قاص الجماعه فَدخل عَلَيْهِم يَوْمًا وَبَعْضهمْ يقرىء بَعْضًا فَقَالَ إِن فِي هَذَا لخلفا مِمَّا قدمتم بِهِ عَليّ من النزاع إِلَى أَمر الجاهليه إذهبوا حَيْثُ شِئْتُم وَاعْلَمُوا أَنكُمْ إِن لزمتم جماعتكم سعدتم بذلك دونهم وَإِن لم تلزموها شقيتم بذلك دونهم وَلم تضروا أحدا فجزوه خيرا وأثنوا عَلَيْهِ فَقَالَ يَا إِبْنِ الْكواء أَي رجل أَنا قَالَ بعيد الثرى كثير المرعى طيب البديهة بعيد الْغَوْر الْغَالِب عَلَيْك الْحلم ركن من أَرْكَان الْإِسْلَام سدت بك فُرْجَة مخوفة قَالَ فَأَخْبرنِي عَن أهل الْأَحْدَاث من أهل الْأَمْصَار فَإنَّك اعقل أَصْحَابك قَالَ كاتبوني وكاتبتهم فأنكروني وعرفتهم فَأَما أهل الْأَحْدَاث من أهل الْمَدِينَة فهم أحرص الْأمة على الشَّرّ وأعجزه عَنهُ وَأما أهل الْأَحْدَاث من أهل الْكُوفَة فَإِنَّهُم أَنْضَرُ النَّاس فِي صَغِير وأركبه لكبير وَأما أهل الْأَحْدَاث من أهل الْبَصْرَة فَإِنَّهُم يردون جَمِيعًا وَيَصْدُرُونَ شَتَّى وَأم آهل الْأَحْدَاث من أهل مصر فَإِنَّهُم أوفى النَّاس بشر وأسرعه ندامه وَأما أهل الْأَحْدَاث من أهل الشَّام فأطوع النَّاس لمرشدهم وأعصاهم لمغويهم 29 - ذكر حَدِيث أبي ذَر وَخُرُوجه إِلَى الربذَة وَفِي سنة ثَلَاثِينَ جرى بَين مُعَاوِيه وَأبي ذَر مناظرة فِي قَوْله تَعَالَى {وَالَّذين يكنزون الذَّهَب وَالْفِضَّة وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيل الله فبشرهم بِعَذَاب أَلِيم}

التوبه (34) فَقَالَ مُعَاوِيَة نزلت فِي أهل الْكتاب وَقَالَ أَبُو ذَر بل نزلت فِينَا وَفِيهِمْ فَكَانَ بَينهمَا فِي ذَلِك كَلَام فَكتب مُعَاوِيَة إِلَى عُثْمَان رض = أَن أَبَا ذَر قد أفسد الشَّام فَكتب إِلَيْهِ عُثْمَان رض = أَن جهزه وَابعث بِهِ إِلَيّ فَفعل فَكَلمهُ عُثْمَان فِي ذَلِك فَقَالَ إيذن لي الْخُرُوج من الْمَدِينَة فَأذن لَهُ فَخرج إِلَى الربذَة وَبنى مَسْجِد وأقطعه عُثْمَان رض = صرمة من الْإِبِل واعطاه مملوكين وأجرى عَلَيْهِ جراية ثمَّ بعث مُعَاوِيَة بأَهْله إِلَى الربذَة وَأما مَا ذكر فِي سَبَب إِخْرَاجه من الْأُمُور الشنيعة وَسَب مُعَاوِيَة إِيَّاه وتهديده بألقتل وَحمله من الشَّام إِلَى الْمَدِينَة بِغَيْر وطاء ونفيه فَلَا يَصح النَّقْل بِهِ بل هُوَ من اكاذيب الرافضه قبحهم الله تَعَالَى ثمَّ لَو صَحَّ ذَلِك لَكَانَ يَنْبَغِي أَن يعْتَذر عَن عُثْمَان رض = بِأَن للأمام أَن يُؤَدب رعية لسؤء أدبه افتيات عَلَيْهِ وَغير ذَلِك من الاعذار وروى سيف فِي الْفتُوح عَن عَطِيَّة عَن يزِيد الفقعسي قَالَ لما ورد إِبْنِ السَّوْدَاء الشَّام لَقِي ابا در فَقَالَ يَا أَبَا در أَلا تعجب إِلَى مُعَاوِيَة يَقُول المَال مَال الله عز وَجل أَلا كل شىء لله كَأَنَّهُ يُرِيد أَن يحتجنه دون الْمُسلمين ويمحو إسم الْمُسلمين فَأَتَاهُ أَبُو ذَر فَقَالَ مَا يَدْعُوك إِلَى أَن تسمي مَال الْمُسلمين مَال الله فَقَالَ مُعَاوِيَة يَرْحَمك الله يَا أَبَا ذَر أَلسنا عباد الله وَالْمَال مَاله والخلق خلقه وألأمر أمره قَالَ فلاتقله قَالَ فَإِنِّي لَا اقول أَنه لَيْسَ لله وَلَكِن سأقول مَال الْمُسلمين وأنوي وأتى إِبْنِ السَّوْدَاء ابا الدَّرْدَاء فَقَالَ لَهُ مثل ذَلِك فَقَالَ لَهُ من أَنْت أَظُنك وَالله يَهُودِيّا فَأتى عبَادَة بن الصَّامِت فَتعلق بِهِ فَأتى مُعَاوِيَة فَقَالَ هَذَا وَالله الَّذِي بعث عَلَيْك ابا ذَر وَقَامَ أَبُو ذَر بِالشَّام وَجعل يَقُول يَا معشر الْأَغْنِيَاء وَاسَوْا ألفقراء بشر الَّذين يكنزون الذَّهَب وألفضة وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيل الله بمكاو و

من نَار تكوي بهَا جباههم وجنوبهم وظهورهم فَمَا زَالَ حَتَّى ولع الْفُقَرَاء بِمثل ذَلِك وأوجبوه على الْأَغْنِيَاء حَتَّى شكا الْأَغْنِيَاء مَا يلقون من النَّاس فَكتب مُعَاوِيه إِلَى عُثْمَان ر صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنهُ إِن أَبَا ذَر قد أعضل بِي وَقد كَانَ من الامر ذيت وذيت فَكتب إِلَيْهِ عُثْمَان رض = أَن الْفِتْنَة قد أخرجت خطمها وعينيها وَلم يبْق إِلَّا ان تثب فَلَا تنكأ الْقرح وجهز أَبَا ذَر إِلَى وأبعث مَعَه دَلِيلا وزوده وأرفق بِهِ وكفكف النَّاس ونفسك مَا أستطعت فَإِنَّمَا تمسك مَا أستمسكت فَبعث بِأبي ذَر وَمَعَهُ دَلِيل فَلَمَّا قدم المدينه وَرَأى الْمجَالِس فِي أصل سلع قَالَ بشر أهل المدينه بغارة شعواء وَحرب مذكار وَدخل على عُثْمَان رض = فَقَالَ يَا أَبَا ذَر مَا لأهل الشَّام يَشكونَ ذربك فأحبره انه لَا يَنْبَغِي أَن يُقَال مَال الله وَلَا يَنْبَغِي للأغنياء أَن يقتنوا مَالا فَقَالَ يَا أَبَا ذَر إِنَّمَا عَليّ أَن أَقْْضِي مَا عَليّ وأحذ مَا على الرعيه وَلَا أجبرهم على الزّهْد وان أدعهم والإجتهاد والأقتصاد قَالَ فَأذن لي فِي الْخُرُوج فَإِن الْمَدِينَة لَيست لي بدار فَقَالَ أَو تستبدل بهَا الأشر مِنْهَا قَالَ أَمرنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن اخْرُج مِنْهَا إِذْ بلغ الْبناء سلعا قَالَ فانفذ لما أَمرك بِهِ قَالَ فَخرج حَتَّى نزل الربذَة وبنا بهَا مَسْجِدا وأقطعه عُثْمَان رَضِي قطيعا من الْغنم وصرمة من الأبل وَأَعْطَاهُ مملوكين وَأرْسل إِلَيْهِ أَن يعاود الْمَدِينَة حَتَّى لَا يرْتَد أَعْرَابِيًا فَفعل قَالَ إِبْنِ عَبَّاس رض = كَانَ أَبُو ذَر رض = يخْتَلف من الربذه إِلَى الْمَدِينَة مَخَافَة الأعرابيه وَكَانَ يحب الْوحدَة وَالْخلْوَة فَدخل على عُثْمَان رض = وَعِنْده كَعْب الْأَحْبَار فَقَالَ لَا تضر من النَّاس بكف الْأَذَى حَتَّى يبذلوا الْمَعْرُوف وَقد يَنْبَغِي للمؤدي الزَّكَاة أَلا يقْتَصر عَلَيْهَا حَتَّى يحسن إِلَى الْجِيرَان والأخوان ويصل الْقرَابَات فَقَالَ كَعْب من أدّى الْفَرِيضَة قد قضى مَا عَلَيْهِ فَرفع أَبُو ذَر محجنته فَضَربهُ فَشَجَّهُ فستوهبه مِنْهُ عُثْمَان رض = فوهبه لَهُ وَقَالَ يَا أَبَا ذَر أتقي الله وكفف يدك وَلِسَانك وَقد كَانَ قَالَ لَهُ

يَا إِبْنِ اليهوديه مَا أَنْت وَهَهُنَا وَالله لتسمعن مني إِذا أَدخل عَلَيْك وَالله لَا يسمع أحذ من الْيَهُود إِلَّا فتنوه وَعَن الْأَشْعَث بن سوار عَن مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ خرج أَبُو ذَر إل الربذه من قبل نَفسه لما رأى عُثْمَان رض = لَا ينْزع لَهُ وَأخرج مُعَاوِيَة أَهله إِلَيْهِ من بعده فَخَرجُوا إِلَيْهِ وَمَعَهُمْ جراب يثقل يَد الرجل فَقَالَ أنظروا إِلَى هَذَا الَّذِي يزهد فِي الدُّنْيَا مَا عِنْده فَقَالَت أمراة أما وَالله مَا فِيهِ دِينَار وَدِرْهَم وَلكنهَا فلوس إِذا خرج عطاؤه إبتاع مِنْهُ فلوس لحوائجنا وَلما نزل أَبُو ذَر بربذة أُقِيمَت الصَّلَاة وَعَلَيْهَا رجل يَلِي الصدقه فَقَالَ تقدم يَا أَبَا ذَر فَقَالَ لَا تقدم أَنْت فَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لي أسمع وطع وَإِن كَانَ عَلَيْك عبد مجدع فَأَنت عبد وَلست بأجدع وَكَانَ من رَقِيق الصَّدَقَة وَكَانَ أسود يُقَال لَهُ مجاشع وَعَن مقسم بن الفضيل عَن جَابر قَالَ أجْرى عُثْمَان رض = على أبي ذَر رض = كل يَوْم عظما وعَلى رَافع بن خديج مثله وَكَانَا تنحيا عَن الْمَدِينَة لشَيْء سمعاه لم يُفَسر لَهما وأبصرا وَقد أوطئا وَعَن مُحَمَّد بن سوقه عَن عَاصِم بن كُلَيْب عَن سَلمَة بن نباتة قَالَ خرجنَا معتمرين فأتينا الربذَة فطلبنا ابا ذَر فِي منزله فَلم نجده وَقَالُوا ذهب إِلَى المَاء فتنحينا منزلنا قَرِيبا من منزله فَمر بِنَا وَمَعَهُ عظم جزور يحملهُ مَعَه غُلَام فَسلم وَمضى حَتَّى أَتَا منزله فَلم يمْكث إِلَّا قَلِيلا حَتَّى جَاءَ فَجَلَسَ إِلَيْنَا وَقَالَ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إسمع وأطع وَإِن كَانَ عَلَيْك عبد حبشِي مجدع فَنزلت هَذَا المَاء وَعَلِيهِ رَقِيق من رَقِيق مَال

ذكر وفاة أبي ذر رض

الله عَلَيْهِم حبشِي وَلَيْسَ بأجدع وَهُوَ مَا علمت وَأثْنى عَلَيْهِ وَلَهُم فِي كل يَوْم جزور وليا مِنْهَا عظم اكله أَنا وَعِيَاله قلت مَالك من المَال قَالَ صرمت من الأبل وقطيع من الْغنم فِي إِحْدَاهمَا غلامي وَفِي الاخر أمتِي وَغُلَامِي حر إِلَى رَأس السّنة قَالَ قلت إِن أَصْحَابك قبلنَا اكثر النَّاس أَمْوَالًا قَالَ أما أَنه لَيْسَ لَهُم فِي مَال الله حق إِلَّا لي مثله 30 - ذكر وَفَاة أبي ذَر رض = عَن إِسْمَاعِيل بن رَافع عَن مُحَمَّد بن كَعْب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قيل لَهُ عَام تَبُوك تخلف أَبُو ذَر وَهُوَ فِي الطَّرِيق فطلع فَقَالَ يرحم الله أَبَا ذَر يمشي وَحده وَيبْعَث وَحده قَالَ فَلَمَّا حضرت أَبَا ذَر الْوَفَاة وَذَلِكَ فِي ذِي الْحجَّة فن سنة ثَمَان من إِمَارَة عُثْمَان رض = نزل بِأبي ذَر فَلَمَّا أشرف قَالَ لابنته استشرقي يَا بنيه فَهَل تَرين اُحْدُ قَالَت لَا قَالَ فَمَا جَاءَت سَاعَتِي بعد ثمَّ أمرهَا فذبحت شَاة ثمَّ نصبتها ثمَّ قَالَ لَهَا إِذا جَاءَك الَّذين يدفنونني فَقولِي لَهُم إِن أَبَا ذَر يقسم عَلَيْكُم ألاتركبوا حَتَّى تَأْكُلُوا فَلَمَّا نَضِجَتْ قدرهَا قَالَ لَهَا انظري هَل تَرين أحدا قَالَت نعم هَؤُلَاءِ ركب مقبلون قَالَ استقبلي بِي الكعبه فَفعلت وَقَالَ باسم الله وعَلى مِلَّة رَسُول الله ثمَّ خرجت ابْنَته قتلقتهم وَقَالَت رحكم الله اشْهَدُوا أَبَا ذَر قَالُوا وَأَيْنَ هُوَ فاشارت لَهُم اليه وَقد مَاتَ فادفنوه قَالُوا نعم ونعمة عين لقد اكرمنا الله بذلك وَإِذا ركب من اهل الْكُوفَة فيهم ابْن مسسعود رض = فمالوا إِلَيْهِ وإبن مَسْعُود يبكي وَيَقُول صدق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَمُوت وَحده وَيبْعَث وَحده فغسلوة وكفنوة وصلواعليه ودفنوة فَلَمَّا ارادوا أَن يرتحلون قَالَت لَهُم ابْنَته ان أَبَا ذَر يقرأعليكم السَّلَام واقسم الاتركبوا حَتَّى تَأْكُلُوا فَفَعَلُوا وحملوهم حَتَّى أقدمهم إِلَى مَكَّة ونعوه إِلَى عُثْمَان

ذكر الفتنة بمصر عن عطية عن يزيد الفقعسي قال لما خرج ابن السوداء إلى مصر اعتمر فيهم فأقام فنزل على كنانة بن بشر مرة وعلى سودان بن حمران مرة

رض = فضم ابْنَته إِلَى عِيَاله فَقَالَ يرحم الله أَبَا ذَر وَيغْفر لرافع بن خديج سُكُوته عَن الْقَعْقَاع بن الصَّلْت عَن رجل عَن كُلَيْب بِمَ الحلحال عَن الحلحال بن دري قَالَ خرجنَا حجاجا مَعَ ابْن مَسْعُود رض = سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَنحن أَرْبَعَة عشر رَاكِبًا حَتَّى أَتَيْنَا على الربذَة فَإِذا امْرَأَة قد تلقتنا فَقَالَت اشْهَدُوا آبا ذَر وَلَا شعرنَا بأَمْره وَلَا بلغنَا فَقُلْنَا وَأَيْنَ أَبُو ذَر فَأَشَارَتْ إِلَى خباء فَقُلْنَا مَاله فَقَالَت فَارق المدينه لأمر قد بلغه فِيهَا ففارقها قَالَ ابْن مَسْعُود مَا دَعَاهُ إِلَى الْأَعْرَاب قَالَت اما ان أَمِير الْمُؤمنِينَ قد كره ذَلِك وَلكنه كَانَ يَقُول هِيَ بعد وَهِي مَدِينَة فَمَال إِبْنِ مَسْعُود إِلَيْهِ وَهُوَ يبكي فغسلناه وكفناه وَإِذا خباؤه منضوح بمسك فَقُلْنَا للمرأه مَا هَذَا قَالَت كَانَ مسكه فَلَمَّا حضر قَالَ ان الْمَيِّت يحضرهُ شُهُود يَجدونَ الرّيح وَلَا يَأْكُلُون فذوفي تِلْكَ المسكه بِمَاء ثمَّ رشي بهَا الخباء فاقريهم ريحًا واطبخني هَذَا اللَّحْم فانه سيشهدني قوم صَالِحُونَ يلون دفني فاقريهم فَلَمَّا دفناه دعتنا إِلَى الطَّعَام فأكلناه فأردنا احتمالها فَقَالَ ابْن مَسْعُود أَمِير المومنين قريب نستأمره فقدمنا مَكَّة فَأَخْبَرنَاهُ الْخَبَر فَقَالَ يرحم الله أَبَا ذَر وَيغْفر لَهُ نُزُوله الربذَة وَلما صدر خرج فَأخذ طَرِيق الربذَة فضم عِيَاله إِلَى عِيَاله وَتوجه نحوالمدينه وتوجهنا نَحْو الْعرَاق 21 - ذكر الْفِتْنَة بِمصْر عَن عَطِيَّة عَن يزِيد الفقعسي قَالَ لما خرج ابْن السَّوْدَاء إِلَى مصر اعْتَمر فيهم فَأَقَامَ فَنزل على كنَانَة بن بشر مرّة وعَلى سودان بن حمْرَان مرّة

وَانْقطع فشجعهة الغافقي فَتكلم وأطاف بِهِ خَالِد بن ملجم وَعبد الله بن زريرة وَأَشْبَاه لَهُم فصرف لَهُم القَوْل فَلم يجدهم يجيبون إِلَى شىء مِمَّا يجيبون ألى الْوَصِيَّة فَقَالَ لَهُم عَمْرو نَاب الْعَرَب وحجرهم ولسنا من رِجَاله فأروه أَنكُمْ تزرعون ولاتزرعون الْعَام شَيْئا حَتَّى تنكسر مصر فيشكونه فيعزل عَنْكُم ونسأل من هُوَ أَضْعَف مِنْهُ ونخلوا بِمَا نُرِيد ونظهر الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ فَكَانَ أسرعهم إِلَى ذَلِك وأعملهم فِيهِ مُحَمَّد بن ابي حذيفه وَهُوَ ابْن خَال مُعَاوِيه وَكَانَ يَتِيما فِي حجر عُثْمَان رض = فَلَمَّا ولي استأذنه فِي الْهِجْرَة إِلَى بعض الامصار فَخرج إِلَى مصر وَكَانَ الَّذِي دَعَاهُ الى ذَلِك أَنه سَأَلَ الْعَمَل فَقَالَ لست هُنَاكَ فعملوا مَا أَمرهم بِهِ أبن السَّوْدَاء ثمَّ إِنَّهُم خَرجُوا وَمن شَاءَ الله مِنْهُم فشكوا عمروبن العَاصِي واستعفوا مِنْهُ فَكلما نهنه عُثْمَان عَن عَمْرو قوما وسكنهم وأرضاهم وَقَالَ إِنَّمَا هُوَ أَمِين انْبَعَثَ اخرون بِشَيْء اخر وَكلهمْ يطْلب عبد الله ابْن سعد بن ابي سرح فَقَالَ لَهُم عُثْمَان رض = أما عَمْرو فسننزعه عَنْكُم لما زعمتم أَنه أفسد وَأما الْحَرْب فسنقره عَلَيْهَا ونولي من سَأَلْتُم فولي عبد الله بن سعدخراج مصر وَترك عمرا على صلَاتهَا فَمشى فِي ذَلِك سودان بن حمْرَان وكنانه بن بشر وخارجه وأشباههم فِيمَا بَين عمرووعبد الله بن سعد وَأغْروا بَينهمَا حَتَّى أحتمل كل مِنْهُمَا على صَاحبه وتكاتبا على قدر مَا أبلغوا كل وَاحِد مِنْهُمَا فَكتب عبد الله بن سعد إِن خراجي لايستقيم مَا دَامَ عَمْرو على الصَّلَاة وخرجو فصدقوه واستعفوا من عَمْرو وسألوا عبد الله فَكتب عُثْمَان رض = إِلَى عَمْرو انه لاخير لَك فِي صُحْبَة من يكرهك فَأقبل وَجمع مصر لعبد الله صلَاتهَا وخراجها فَقدم عَمْرو فَقَالَ لَهُ عُثْمَان رض = أَبَا عبد الله مَا شَأْنك استحيل رَأْيك فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ دَعْنِي فوَاللَّه ماادري من أَيْن أتيت وَمَا أتهم عبد الله بن سعد وان كنت لأهل عَمَلي كاالولدة وَمَا قدر الْعَارِف الشاكر على معونتي

ذكر خبر المدينة عن محمد وطلحة قالا ولي عثمان رض وهو أحب إلى قريش من عمر رض ووالله ما مات حتى مله من مله من قريش واستطالوا حياته وقالوا اللهم أرحنا منه لمنعه أياهم وحبسهم عن الذي هو خير لهم

وَعَن أبي الحارثة وَأبي عُثْمَان قَالَا لما قدم ابْن السَّوْدَاء مصر عجمهم فاستخلاهم واستخفلوه فَعرض لَهُم بالْكفْر فَأَبْعَده وَعرض لَهُم بالشاق فاطمعوة فَبَدَأَ يطعن على عَمْرو بن الْعَاصِ وَقَالَ مَا باله أَكْثَرَكُم عَطاء وَرِزْقًا أَلا ننصب رجلا من قُرَيْش يُسَوِّي بَيْننَا فاستحلوا ذَلِك مِنْهُ وَقَالُوا كَيفَ نطيق ذَلِك مَعَ عَمْرو وَهُوَ رجل الْعَرَب قَالَ تستعفون مِنْهُ ثمَّ يعْمل عَملنَا غَيره ونظهر الائتمار بِالْمَعْرُوفِ فَلَا يردهُ علينا أحد فاستعفوا مِنْهُ وسألوا عبد الله بن سعد فأشركه عُثْمَان رض = مَعَ عَمْرو فَجعله على الْخراج وَولي عمرا الْحَرْب وَلم يعزله ثمَّ دخلُوا بَينهمَا حَتَّى كتب كل وَاحِد مِنْهُمَا إِلَى عُثْمَان رض = بِالَّذِي يبلغهُ عَن صَاحبه وَركب أُولَئِكَ واستعفوا من عَمْرو وسألوا عبد الله فأعفاهم من عَمْرو فَلَمَّا قدم عَمْرو على عُثْمَان رض = قَالَ مَا شَأْنك قَالَ وَالله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا كنت مُنْذُ وليتهم اجْمَعْ أمرا وَلَا رَأيا مني مُنْذُ كرهوني وَمَا أَدْرِي من أَيْن أتيت فَقَالَ عُثْمَان رض = لكني أَدْرِي لقد دنا أَمر هُوَ الَّذِي كنت أحذره وَلَقَد جائني نفر من ركب تردد عَنْهُم عَمْرو وكرههم أَلا وَأَنه لَا بُد لما هُوَ كَائِن انه يكون فان كابرتهم كذبُوا وحتجوا وان كفكفتهم لم ينكئوا محرما لَهُم وَلم تثبت لَهُم حجَّة وَالله لأسيرن فيهم بِالصبرِ ولأتابعنهم مَا لم يعْص الله عز وَجل 32 - ذكر خبر الْمَدِينَة عَن مُحَمَّد وَطَلْحَة قَالَا ولي عُثْمَان رض = وَهُوَ أحب إِلَى قُرَيْش من عمر رض = وَوَاللَّه مَا مَاتَ حَتَّى مله من مله من قُرَيْش واستطالوا حَيَاته وَقَالُوا اللَّهُمَّ أَرحْنَا مِنْهُ لمَنعه أياهم وحبسهم عَن الَّذِي هُوَ خير لَهُم وَعَن مُحَمَّد وَطَلْحَة قَالَا لما ولي عُثْمَان رض = لم يَأْخُذهُمْ بِالَّذِي كَانَ يَأْخُذهُمْ بِهِ عمر رض = فانساحوا فِي الْبِلَاد فَلَمَّا رأوها وَرَأَوا الدُّنْيَا ورأهم النَّاس انْقَطع من لم يكن لَهُ طول وَلَا مرتبَة فِي الْإِسْلَام وَكَانَ

ذكر خبر الحكم بن أبي العاص عن مبشر عن سالم بن عبد الله قال كان عثمان رض مقتديا متبعا يمسك عما قد كفي ولا يتكلم إلا فيما يحدث

مغمورا فِي النَّاس وصاروا أوزاعا اليهم وأملوهم وتقدموا فِي ذَلِك وَقَالُوا يملكُونَ فنكون قد عرفناهم وتقدمنا فِي التَّقَرُّب والأنقطاع اليهم فَكَانَ ذَلِك أول وَهن دخل على الأسلام وَأول فتْنَة كَانَت فِي الْعَامَّة لَيْسَ إِلَّا ذَلِك وَعَن مُحَمَّد وَطَلْحَة قَالَا لم تمض سنة من إِمَارَة عُثْمَان رض = حَتَّى أَتَّخِذ رجال من قُرَيْش الْأَمْوَال فِي الْأَمْصَار وَانْقطع إِلَيْهِم النَّاس فثبتوا على الْأَمر سبع سِنِين وكل قوم يحبونَ أَن يَلِي صَاحبهمْ ثمَّ أَن إِبْنِ السَّوْدَاء أسلم وَتكلم وَقد فاضت الدُّنْيَا وطلعة الْأَحْدَاث على يَدَيْهِ فستطالوا عمر عُثْمَان رض = وَعَن عُثْمَان بن حَكِيم بن عبَادَة بن حنيف عَن أَبِيه قَالَ كَانَ أول مُنكر بِالْمَدِينَةِ ظهر حِين فاضت الدُّنْيَا وأنتهى سمن النَّاس طيران الْحمام وَالرَّمْي عَن الجلا هقات وَاسْتعْمل عَلَيْهَا عُثْمَان رض = رجلا من بَين لَيْث سنة ثَمَان وفقصها وَكسر الجلاهقات وَزَاد فِي رِوَايَة وَكَانَ بَين الْأَحْدَاث قتال بِالْعِصِيِّ فَأرْسل عُثْمَان رض = طَائِفًا فَمَنعهُمْ من ذَلِك ثمَّ إشتد النَّاس بإنشاء الْحُدُود فسَاء ذَلِك عُثْمَان رض = النَّاس فَاجْتمعُوا على أَن يجلدوافي النبيد فَأخذ نَفرا مِنْهُم فجلدهم 33 - ذكر خبر الحكم بن أبي الْعَاصِ عَن مُبشر عَن سَالم بن عبد الله قَالَ كَانَ عُثْمَان رض = مقتديا مُتبعا يمسك عَمَّا قد كفي وَلَا يتَكَلَّم إِلَّا فِيمَا يحدث وَكَانَ يكره أَن يرتقوا من ذَلِك أمرا لَيْسَ فِيهِ مرفق مِمَّا أجتمع النَّاس عَلَيْهِ يسع الْكَلَام فِيهِ فَسكت

عَن ذَلِك فَلَمَّا حدثت الْأَحْدَاث بِالْمَدِينَةِ خرج مِنْهَا رجال إِلَى الْأَمْصَار مجاهدين وليدنوا من العدوا فَمنهمْ من أَتَى البصرى وَمِنْهُم من أُتِي الْكُوفَة وَمِنْهُم من أَتَى الشَّام فَهَجَمُوا جَمِيعًا من ابناء الْمُهَاجِرين بالأمصار على مثل مَا حدث فِي أَبنَاء الْمَدِينَة إِلَّا مَا كَانَ من أَبنَاء أهل الشَّام فَرَجَعُوا جَمِيعًا إِلَى الْمَدِينَة إِلَّا من كَانَ أَتَى الشَّام فَأخْبرُوا عُثْمَان الْخَبَر فَقَامَ عُثْمَان رض = خَطِيبًا فَقَالَ يَا أهل الْمَدِينَة أَنْتُم أصل الأسلام وَإِنَّمَا يفْسد النَّاس بفسادكم ويصلحون بصلاحكم وَالله وَالله وَالله لَا يبلغنِي عَن أحد مِنْكُم حدث أحدث إِلَّا سيرته أَلا فَلَا أَعرفن أحدا عرض دون أُولَئِكَ بِكَلَام وَلَا طلب فَإِن من كَانَ قبلكُمْ كَانَت تقطع أعضاؤهم دون أَن يكلم أحد مِنْهُم بِمَا عَلَيْهِ وَلَا لَهُ وَجعل عُثْمَان رض = لَا يَأْخُذ أحدا على سوء بيات أَو سرق أَو شهر سلَاح عَصا فِيمَا فَوْقهَا أَلا سيره فَضَجَّ اباؤهم من ذَلِك حَتَّى بلغه أَنهم يَقُولُونَ مَا أَخذ التسيير إِلَّا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سير الحكم بن أبي الْعَاصِ فَجمع النَّاس ثمَّ قَالَ انه يبلغنِي أَنكُمْ تَزْعُمُونَ أَنِّي إِنَّمَا أخذت التسيير عَن الحكم بن أبي الْعَاصِ إِن الحكم كَانَ مكيا فسيره رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهَا إِلَى الطَّائِف ثمَّ رده ألى بَلَده فَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سيره بِذَنبِهِ وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رده بعفوه وَقد سير الْخَلِيفَة من بعده وَعمر من بعد الْخَلِيفَة وأيم الله لاخذن الْعَفو من أخلاقكم وَلَا بذلنه لكم من خلقي وَلَقَد دنت أُمُور وَلَا أحب أَن تحل بِنَا وبكم وَأَنا على وَجل وحذر فاحذروا واعتبروا وَعَن ابْن أبي حَارِثَة عَن أم الدَّرْدَاء قَالَت قدم أَبُو الدَّرْدَاء على عُثْمَان رض = حَاجا فَقَالَ لَهُ عُثْمَان رض = يَا أَبَا الدَّرْدَاء أَنِّي قد أستنكرت من

ذكر انحراف محمد بن أبي حذيفة وعمار بن ياسر ومحمد بن أبي بكر عن عثمان

يليني وَلم نسل أحدا من الافاق عَمَّن يَلِيهِ إِلَّا وَقد وجدته استنكر من يَلِيهِ فَمَا أعرف سَيِّئًا فَكيف بكم فَقَالَ مَا يعصينا أهل بِلَادنَا وَلَا يستبدون علينا قَالَ فالزمها فوَاللَّه لينقلن الله الْأَمر اليكم فقد استنكرت الْأَشْيَاء فَمَا يعرف إِلَّا الصَّلَاة يَا أَبَا الدَّرْدَاء وَإِنَّهَا من أَخّرهُ مَا يُنكر من هَذَا الْأَمر وان النَّاس قد دنى مِنْهُم وَأذن فيهم وأمارة ذَلِك أَن يجترئوا على ولاتهم لعدهم إِلَيّ وَأَنِّي وَالله لَا أجترىء عَلَيْهِم أبدا مَخَافَة مَا أعلم فان يقبلُوا فَإِنِّي حَرِيص شفيق وان يلجوا فَبعد قَضَاء مَا عَليّ إِن يَأْتِ هَذَا الْأَمر الَّذِي كُنَّا نَخَاف مِنْهُ عَليّ هَذَا الْأَمر قد استبان وَلَا وَالله لَا أكون أول من فَتحه 34 - ذكر انحراف مُحَمَّد بن أبي حُذَيْفَة وعمار بن يَاسر وَمُحَمّد بن أبي بكر عَن عُثْمَان عَن عبد الله بن سعيد قَالَا سَأَلَ سَائل سعيد بن الْمسيب عَن مُحَمَّد بن أبي حُذَيْفَة مَا دَعَاهُ إِلَى الْخُرُوج على عُثْمَان رض = فَقَالَ كَانَ يَتِيما فِي حجر عُثْمَان رض = فَكَانَ عُثْمَان وَالِي أَيْتَام أهل بَيته ومحتمل كلهم فَسَأَلَ عُثْمَان رض = الْعَمَل حِين ولي فَقَالَ يَا بني لَو كنت رضى ثمَّ سَأَلتنِي الْعَمَل لَا ستعملتك وَلَكِن لست هُنَاكَ قَالَ فَأذن لي فلأخرج فلأ طلب مَا يقوتني قَالَ اذْهَبْ حَيْثُ أَحْبَبْت وجهزه من عِنْده وَحمله وَأَعْطَاهُ فَلَمَّا وَقع أَمر مصر كَانَ فِيمَن يعين عَلَيْهِ أَن مَنعه الْإِمَارَة قيل فعمار بن يَاسر قَالَ كَانَ بَينه وَبَين عَبَّاس بن عتبَة بن أبي لَهب كَلَام فضربهما عُثْمَان رض = فأورث ذَلِك بَين ال عمار وَال عتبَة شرا حَتَّى الْيَوْم وَكُنَّا عَمَّا ضربا عَلَيْهِ وَفِيه قَالَ كَانَ بَينهمَا تقاذف

وَعَن مُبشر قَالَ سَأَلت سَالم بن عبد الله عَن مُحَمَّد بنأبي بكر مَا دَعَاهُ ألى ركُوب عُثْمَان رض = فَقَالَ الْغَضَب والطمع قلت مَا الْغَضَب والطمع قَالَ كَانَ من الأسلام بِالْمَكَانِ الَّذِي هُوَ بِهِ وغره أَقوام فطمع وَكَانَت لَهُ دَالَّة وَلَزِمَه حق أَي حد فَأَخذه عُثْمَان رض = من ظَهره وَلم يدهن فَاجْتمع هَذَا إِلَى هَذَا فَصَارَ مذمما بعد أَن كَانَ مُحَمَّدًا عَن سعيد بن عبد الله بن أبي مليكَة قَالَ مَا زَالَت عَائِشَة رض = عَنْهَا تَدعُوهُ مذمما وَتَدْعُو عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ فَلَمَّا مَاتَ كفت عَنهُ وَعَن مُبشر عَن سَالم بن عبد الله قَالَ لما ولي عُثْمَان رض = لَان لَهُم وانتزع الْحُقُوق وانتزاعا وَلم يعطل حَقًا فَأَحبُّوهُ على لينه فأسلمهم ذَلِك إِلَى أَمر الله عز وَجل وَعَن سهل بن يُوسُف عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد قَالَ كَانَ مِمَّا أحدث عُثْمَان رض = فَرضِي بِهِ مِنْهُ أَنه ضرب رجلا فِي مُنَازعَة استخف فِيهَا بِالْعَبَّاسِ بن عبد الْمطلب رض = فَقيل لَهُ فَقَالَ أيفخر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِعَمِّهِ وأرخص فِي الأستخفاف بِهِ لقد خَالف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من فعل ذَلِك وَرَضي بِهِ وَعَن سهل عَن الْقَاسِم قَالَ كَانَ مِمَّا سنّ عُثْمَان رض = أَن عبد الرحمان بن عَوْف رض = مَاتَ وَترك ثَلَاث نسْوَة قد كَانَ طلق أحداهن فِي مَرضه فَمَاتَ بعد مَا أنقضت عدتهَا بأشهر فأشركها مَعَ نِسَائِهِ وأنزله مِنْهُ فِرَارًا فَطلق على ذَلِك النَّاس وأتبعوه وهم متوافرون

في ذكر من سار إلى عثمان وحصره عن محمد بن نويرة الهجيمي عن عزيز بن مكنف التميمي أحد بني أسيد وعن طلحة بن الأعلم الحنفي عن المغيرة بن عتيبة بن النهاس العجلي قالا كان أول الفتنة أن من لم يكن له ميزة استطال عمر عثمان رض عنه واستثار الشر وجعلوا يجادلون

الْبَاب الْخَامِس فِي ذكر من سَار إِلَى عُثْمَان وحصره عَن مُحَمَّد بن نُوَيْرَة الهُجَيْمِي عَن عَزِيز بن مكنف التَّمِيمِي أحد بني أسيد وَعَن طَلْحَة بن الأعلم الْحَنَفِيّ عَن الْمُغيرَة بن عتيبة بن النهاس الْعجلِيّ قَالَا كَانَ أول الْفِتْنَة أَن من لم يكن لَهُ ميزة استطال عمر عُثْمَان رض = عَنهُ واستثار الشَّرّ وَجعلُوا يجادلون وأعجبهم مَا أفضوا إِلَيْهِ من الدُّنْيَا حَتَّى أبطرتهم مَعَ مَا جَاءَ فِي أختلاف هَذِه الْأمة مِمَّا لَا بُد لَهُم مِنْهُ وَعَن أبي سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة رض = قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {لتركبن سنَن الَّذين من قبلكُمْ ذِرَاعا بِذِرَاع وشبرا بشبر حَتَّى إِن من قبلكُمْ لَو دخلُوا جُحر فأره لدخلتم مثله} وَقَرَأَ {فاستمتعتم بخلاقكم} إِلَى قَوْله {كَالَّذي خَاضُوا} التوبه 69 عَن أبي أَيُّوب الهمذاني عَن عَليّ رض وَعَن الضَّحَّاك عَن أبي عَبَّاس رض = فِي قَوْله عزوجل {فاستمتعوا بخلاقهم فاستمتعتم بخلاقكم كَمَا استمتع الَّذين من قبلكُمْ بخلاقهم وخضتم كَالَّذي خَاضُوا} التوبه 69

ذكر بعث إبن السوداء دعاته في البلاد

35 - ذكر بعث إِبْنِ السَّوْدَاء دعاته فِي الْبِلَاد عَن عَطِيَّة عَن يزِيد الفقعسي قَالَ كَانَ ابْن سبأ الْمَعْرُوف بِابْن السَّوْدَاء يَهُودِيّا من أهل صنعاء أمه سَوْدَاء فَأسلم زمَان عُثْمَان بن عَفَّان رض = ثمَّ تنقل فِي بلدان الْمُسلمين يحاول ضلالتهم فَبَدَأَ بالحجاز ثمَّ الْبَصْرَة ثمَّ الْكُوفَة ثمَّ الشَّام فَلم يقدر على مَا يُرِيد عِنْد أحد من أهل الشَّام فأخرجوه حَتَّى أَتَى مصر فَاعْتَمَرَ فيهم وَقَالَ لَهُم فِيمَا كَانَ يَقُول الْعجب مِمَّن يزْعم أَن عِيسَى يرجع ويكذب بِأَن مُحَمَّدًا يرجع وَقد قَالَ الله عزوجل {إِن الَّذِي فرض عَلَيْك الْقُرْآن لرادك إِلَى معاد} الْقَصَص 85 فمحمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَحَق بِالرُّجُوعِ من عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ فَقبل ذَلِك مِنْهُ وَوضع لَهُم الرّجْعَة فتكلموا فِيهَا ثمَّ قَالَ لَهُم بعد ذَلِك إِنَّه كَانَ ألف نَبِي وَلكُل نَبِي وَصِيّ وَكَانَ عَليّ رض = وَصِيّ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ قَالَ مُحَمَّد خَاتم النَّبِيين وعَلى خَاتم الأوصياء ثمَّ قَالَ بعد ذَلِك من أظلم مِمَّن لم يجز وَصِيَّة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ووثب على وَصِيّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ تنَاول الْأمة ثمَّ قَالَ لَهُم بعد ذَلِك إِن عُثْمَان قد أَخذهَا بِغَيْر حَقّهَا وَهَذَا وَصِيّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فانهضوا فِي هَذَا الْأَمر فحركوه وابداوا بالطعن على أمرائكم وأظهروا الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر تستميلوا النَّاس وَادعوا إِلَى هَذَا الْأَمر وَبث دعاته وَكَاتب من كَانَ أستفسد فِي الْأَمْصَار وكاتبوه ودعوا فِي السِّرّ إِلَى مَا عَلَيْهِ رَأْيهمْ وأظهروا الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وَجعلُوا يَكْتُبُونَ إِلَى الْأَمْصَار بكتب يضعونها فِي عُيُوب ولاتهم ويكاتبهم وإخوانهم بِمثل ذَلِك فَكتب اهل كل مصر مِنْهُم إِلَى أهل مصر أخر بِمَا يضعون فيقرأوه أُولَئِكَ فِي أمصارهم وَهَؤُلَاء فِي أمصارهم حَتَّى تناولوا بذلك الْمَدِينَة وأوسعوا الأَرْض

إذاعة وهم يُرِيدُونَ غير مَا يظهرون ويسرون غير مَا يورون فَيَقُول أهل كل مصر إِنَّا لفي عَافِيَة مِمَّا أبتلى بِهِ هَؤُلَاءِ إِلَّا أهل الْمَدِينَة فَإِنَّهُم جَاءَهُم ذَلِك عَن جَمِيع الْأَمْصَار فَقَالُوا إِنَّا لفي عَافِيَة مِمَّا النَّاس فِيهِ قَالُوا وأجتمع أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى عُثْمَان رض = فَقَالُوا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أيأتيك عَن النَّاس الَّذِي اتانا قَالَ لَا وَالله مَا جَاءَنِي إِلَّا السَّلامَة قَالُوا فَإنَّا قد أَتَانَا وَأَخْبرُوهُ بِالَّذِي أسقطوا إِلَيْهِم قَالَ فَأنْتم شركائي وشهود الْمُؤمنِينَ فأشيروا عَليّ قَالُوا نشِير عَلَيْك أَن تبْعَث رجَالًا مِمَّن تثق بهم من النَّاس إِلَى الْأَمْصَار حَتَّى يرجِعوا إِلَيْك بأخبارهم فَدَعَا مُحَمَّد بن مسلمة فَأرْسلهُ إِلَى الْكُوفَة وَأرْسل أُسَامَة بن زيد غلى الْبَصْرَة وَأرْسل عمار بن يَاسر إِلَى مصر وَأرْسل عبد الله بن عمر إِلَى الشَّام وَفرق رجَالًا سواهُم فَرَجَعُوا جَمِيعًا قبل عمار فَقَالُوا أَيهَا النَّاس وَالله مَا أَنْكَرْنَا شَيْئا وَلَا أنكرهُ أَعْلَام الْمُسلمين وَلَا عوامهم وَقَالُوا جَمِيعًا الْأَمر أَمر الْمُسلمين أَلا أَن أمراءهم يقسطون بَينهم ويقومون عَلَيْهِم واستبطأ النَّاس عمارا حَتَّى ظنُّوا أَنه قد أغتيل فَلم يفجأهم إِلَّا كتاب من عبد الله بن سعد إِبْنِ أبي سرح يُخْبِرهُمْ أَن عمارا قد استماله قوم بِمصْر وَقد انْقَطَعُوا إِلَيْهِ مِنْهُم عبد الله بن السَّوْدَاء وخَالِد بن ملجم وسودان بن حمْرَان وكنانة بن بشر يريدونه على أَن يَقُول بقَوْلهمْ يَزْعمُونَ أَن مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَاجع ويدعونه إِلَى خلع عُثْمَان رض = ويخبروه أَن رَأْي أهل الْمَدِينَة على مثل رَأْيهمْ فَإِن رأى أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن يَأْذَن فِي قَتله وقتلهم قبل أَن يتابعهم النَّاس فَكتب غليه عُثْمَان رض = لعمري أَنَّك لجريء يَا إِبْنِ أم عبد الله لَا وَالله لَا أَقتلهُ وَلَا أنكؤه حَتَّى يكون الله ينْتَقم مِنْهُ وَمِنْهُم بِمَا أحب فَدَعْهُمْ مَا لم يخلعوا يدا

ذكر خلع عمار طاعة عثمان

طَاعَة يخوضوا ويلعبوا وَكتب ألى عمار أنْشدك الله أَن تخلع من طَاعَة أَو تفارقها فتبؤا بالنَّار ولعمري إِنِّي على يَقِين من الله لأستكمل أَجلي ولأستوفين رِزْقِي غير مَنْقُوص شَيْئا من ذَلِك فَيغْفر لَك فثار أهل مصر فَهموا قتلة وَقتل أُولَئِكَ فنهاهم عبد الله بن وأبرعمارا حَتَّى أَرَادَ القفل فحملة وجهزه بِأَمْر عُثْمَان رض = فَلَمَّا قدم على عُثْمَان رض = قَالَ لَهُ يَا أَبَا القيظان قذفت ابْن لَهب إِن قذفك وَغَضب عَليّ أَن أوطأك ففتقك وغضبت عَليّ إِن أخذت لَك بحقك وَله بِحَق اللَّهُمَّ إِنِّي قد وهبت مَا بَين أمتِي وبيني مظْلمَة اللَّهُمَّ إِنِّي متقرب إِلَيْك بِإِقَامَة حدوك فِي كل أحد لَا أُبَالِي اخْرُج عني يَا عمار فَخرج فَكَانَ إِذْ لَقِي الْعَوام نضح عَن نَفسه وَأَنْتَقِلَ ذَلِك وَإِذا لَقِي من يأمنة أقرّ بذلك وَأظْهر النَّدَم ولامه وَالنَّاس وهجروه وكرهوه 36 - ذكر خلع عمار طَاعَة عُثْمَان عَن مُبشر بن الفضيل وَسَهل بن يُوسُف عَن مُحَمَّد بن سعد بن أبي وقاد قَالَ قدم عمار من مصر وَأبي شَاك فَبَعَثَنِي إِلَيْهِ أَدْعُوهُ فَقَامَ مَعَه لَيْسَ عَلَيْهِ رِدَاء وَعَلِيهِ قلنسيه من شعر معتم عَلَيْهَا بعمامه وسخة وجبة فرو يمانيه فَلَمَّا دخل على سعيد وهومتكىء اسْتلْقى وَوضع يَده على جَبهته ثمَّ قَالَ وَيحك يَا أَبَا الْيَقظَان إِن كنت فِينَا لمن أهل الْخَيْر فَمَا الَّذِي بَلغنِي من سعيك فِي فَسَاد بَين الْمُسلمين والتأليب على أَمِير الْمُؤمنِينَ أَمَعَك عقلك أم لَا فَأَهوى عمار إِلَى عمَامَته وَغَضب وَقَالَ خلعت عُثْمَان كَمَا خلعت عمامتي هَذِه ونزعها فَقَالَ سعيد إِنَّا لله وَإِنَّا أليه رَاجِعُون وَيحك حِين كَبرت سنك ورق عظمك وَنفذ عمرك فَلم يبْقى مِنْك ظمء كظمء الْحمار خلعت ريقة الْإِسْلَام من عُنُقك وَخرجت من الدّين عُريَانا كَمَا وَلدتك أمك فَقَامَ عمار مغضبا

ذكر كتاب عثمان رض إلى عماله بالقدوم عليه

موليا وَهُوَ يَقُول أعوذ بربي من فتْنَة سعد فَقَالَ {أَلا فِي الْفِتْنَة سقطوا وَإِن جَهَنَّم لمحيطة بالكافرين} التوبه 49 اللَّهُمَّ زد عُثْمَان بعفوه وحلمه عنْدك دَرَجَات حَتَّى خرج عمار من الْبَاب وَأَقْبل عَليّ سعد رض = يبكي حَتَّى اخضلت لحيتة وَقَالَ من يَأْمَن الفتنه يَا بني لايخرجن مِنْك مَا سَمِعت مِنْهُ فَإِنَّهُ من الأمانه وَإِنِّي أكره أَن يتَعَلَّق بِهِ النَّاس عَلَيْهِ فيتناولونه وَقد قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْحق مَعَ عمار مالم تغلب دلهة الْكبر فقد دله وخرف وَكَانَ بعد يكثر أَن يَقُول لَيْت شعري كَيفَ يصنع الله بِعَمَّار مَعَ بلائة وقدمة فِي الْإِسْلَام وحدثه الَّذِي أحدث وَعَن مُحَمَّد وطلحه قالالما رَجَعَ ابْن عَبَّاس رض = إِلَى عَليّ رض = بالْخبر وَكَانَ أرْسلهُ الى الكوفه يستنفر النَّاس لقِتَال أهل البصره فَلَمَّا رَجَعَ دَعَا الْحسن بن عَليّ رض = عَنْهُمَا فَأرْسلهُ وَأرْسل مَعَه عمار بن يَاسر فَقَالَ انْطلق فَأصْلح مَا أفسدت فَانْطَلقَا حَتَّى دخل الْمَسْجِد فَكَانَ أول من أتاهما مَسْرُوق بن الأجدع فَسلم عليهماوأقبل على عمار فَقَالَ يَا أَبَا الْيَقظَان علام قتلتم عُثْمَان قَالَ على شتم أعراضنا وَضرب أبشارنا قَالَ وَإِن ماعاقبتم بِمثل مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَكَانَ خيرا للصابرين 37 - ذكر كتاب عُثْمَان رض = إِلَى عماله بالقدوم عَلَيْهِ عَن طلحه وَمُحَمّد وعطيه قَالُوا كتب عُثْمَان رض = إِلَى أهل الْأَمْصَار أما بعد فَإِنِّي اخذالعمال بموافاتي فِي كل موسم وَقد سلطت الْأَمْن مُنْذُ وليت على الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر فلايرفع إِلَيّ شَيْء عَليّ وَلَا على أحد من عمالي إِلَّا أَعْطيته وَلَيْسَ لي وَلَا لعمالي حق قبل الرعيه إِلَّا مَتْرُوك لَهُم وَقد رفع إِلَيْهِ أهل المدينه أَن أَقْوَامًا يشتمون واخرون

يضْربُونَ فيا من ضرب سرا أوشتم سرا من أدعى شَيْئا من ذَلِك فليواف الْمَوْسِم وليأخذ بِحقِّهِ حَيْثُ كَانَ مني اَوْ من عمالي اَوْ تصدقوا فَإِن الله يَجْزِي المتصدقين فَلَمَّا قرىء فِي الْأَمْصَار أبكى النَّاس ودعوا لعُثْمَان رض = قوالوا إِن الْأمة لتمخض بشر فإلام ذَاك يُسَلِّمهَا وَمَا يَدْرُونَ مَا تِلْكَ الأذاعه وَمَا حليتها وَبعث عُثْمَان رض = إِلَى عُمَّال الْأَمْصَار فقدموا عَلَيْهِ عبد الله بن عَامر ومعاويه وَعبد الله بن سعد وَأدْخل مَعَهم فِي المشورة سعيدا وعمرا وَقَالَ وَيحكم مَا هذة الشكاه وَمَا هَذِه الإذاعة إِنِّي وَالله لخائف أَن تَكُونُوا مصدوقا عَلَيْكُم وَمَا يصعب هَذَا إِلَّا بِي فَقَالُوا لَهُ ألم نبعث ألم نرفع إِلَيْك الْخَبَر عَن الْعَوام الم يرجِعوا وَلم يشافههم أحد بِشَيْء لَا وَالله مَا صدقُوا وَلَا بروا ولانعلم لهَذَا الْأَمر أصلا وَمَا كنت لتأْخذ بِهِ أحدا ويقيمك على شَيْء وَمَا هِيَ إلاالأذاعة يحل الْأَخْذ بهَا وَلَا الِانْتِهَاء إِلَيْهَا قَالَ فأشيروا عَليّ فَقَالَ سعيد بن الْعَاصِ هَذَا امْر مَصْنُوع يصنع فِي السِّرّ فيلقي بِهِ غيرذي المعرفه فيخبر بِهِ فيتحدث بِهِ النَّاس فِي مجَالِسهمْ قَالَ فَمَا دَوَاء ذَلِك قَالَ طلب هَؤُلَاءِ الْقَوْم ثمَّ قتل الَّذين يخرج هَذَا من عِنْدهم وَقَالَ عبد الله ابْن سعد خُذ من النَّاس الَّذِي عَلَيْهِم إِذا أَعطيتهم الَّذِي لَهُم حَتَّى الْأَدَب فَإِنَّهُ خير من أَن تَدعهُمْ وَقَالَ مُعَاوِيه قد وليتني فوليت قوما لَا يَأْتِيك عَنْهُم إلاالخير والجلان أعلم بناحيتهما قَالَ فَمَا الرَّأْي قَالَ حسن اللأدب قَالَ فَمَا ترى يَا عمر قَالَ أرى أَنَّك قد لنت لَهُم وتراخيت عَنْهُم وزدتهم على مَا كَانَ يصنع عمر رض = وَرَأى أَن تلْزم طَرِيقه صاحبيك فتشد فِي مَوضِع الشدَّة وتلين فِي مَوضِع اللين إِن الشدَّة

تنبغي لَا يألوا النَّاس شرا واللين لمن يخلف النَّاس بالنصح وَقد فرشتهما جَمِيعًا اللين وَقَامَ عُثْمَان رض = فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ وَقَالَ كل مَا أشرتم بِهِ على قد سَمِعت وَلكُل أَمر بَاب يُؤْتى مِنْهُ إِن هَذَا الْأَمر الَّذِي يخَاف مِنْهُ على هَذِه الأمه كَائِن وَإِن بَابه الَّذِي يغلق عَلَيْهِ ويكفكف بِهِ اللين والمؤاتاة والمتابعه إِلَّا فِي حُدُود الله الَّتِي لَا يَسْتَطِيع أحد أَن يتمادى بِعَيْب أَحدهَا فَإِن سَده شَيْء فَذَاك وَوَاللَّه ليفتحن وَلَيْسَت لأحد عَليّ حجه حق وَقد علم الله أَنِّي لم ال النَّاس خيرا وَلَا نَفسِي وَوَاللَّه إِن رحى الفتنه لدائرة فطوبى لعُثْمَان إِن مَاتَ وَلم يحركها كفكفوا النَّاس وهبوا لَهُم حُقُوقهم واغتفروا لَهُم وَإِذا تعوطيت حُقُوق الله فَلَا تدهنوا فِيهَا فَلَمَّا نفر عُثْمَان رض = أشخص مُعَاوِيه وَعبد الله ابْن سعد مَعَه إِلَى المدينه وَرجع ابْن عَامر وَسَعِيد مَعَه وَلما اسْتَقل عُثْمَان رض = رجز بِهِ الْحَادِي ... قد علمت ضوامر الْمطِي وضمرات عوج القسي ... أَن الْأَمِير بعده عَليّ وَفِي الزبير خلف رضى وطلحه الحامي لَهَا ولي ... فَقَالَ كَعْب وهويسير خلف عُثْمَان رض = وَالله بعده صَاحب البغله وَأَشَارَ إِلَى وَعَن عُثْمَان بن قطبه الْأَسدي عَن رجل من بني أَسد قَالَ وَمَا زَالَ مُعَاوِيه يطْمع فِيهَا بعد مقدمه على عُثْمَان حِين جمعهم فَاجْتمعُوا إِلَيْهِ بِالْمَوْسِمِ ثمَّ أرتحل فحدا بِهِ الراجز

.. إِن امير بعده عَليّ ... وَفِي الزبير خلف رَضِي ... فَقَالَ كَعْب كذبت ... صَاحب الشَّهْبَاء بعده يَعْنِي مُعَاوِيه فَأخْبر مُعَاوِيه فَسَأَلَهُ عَن الَّذِي بلغَة فَقَالَ نعم أَنْت الأ مير بعده وَلكنهَا لاتصل إِلَيْك حَتَّى تكذب بحديثي هَذَا فَوَقَعت فِي نفس مُعَاوِيه مُعَاوِيَة وشاركهم م هذاالمكان أَبُو حَارِثَة وَأَبُو عُثْمَان عَن رَجَاء بن حَيْوَة وَغَيره قالوافلما ورد عُثْمَان رض = المدينه رد الْأَمر 4 اء الى اعمالهم فَمَضَوْا جَمِيعًا وَأقَام سعيد بعدهمْ فَلَمَّا ودع مُعَاوِيه عُثْمَان رض = خرج من عِنْده وَعليَّة ثِيَاب السّفر مُتَقَلِّدًا سَيْفه متنكبا قوسه فاذا هُوَ بِنَفر من الْمُهَاجِرين فيهم طلحه وَالزُّبَيْر وعَلى رض = فَقَامَ عَلَيْهِم فتوكأ على قوسه بعد مَا سلم عَلَيْهِم ثمَّ قَالَ إِنَّكُم قد علمْتُم أَن هَذَا الْأَمر كَانَ اذالناس يتغالبون إِلَى رجال فَلم يكن مِنْكُم أحد إِلَّا فِي فصيلته من يرأسه يستبد عَلَيْهِ وَيقطع الْأَمر دونه وَلَا يشهده وَلَا يَأْمُرهُ حَتَّى بعث الله نبيه مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأكْرم بِهِ من أتبعه فَكَانُوا يرأسون من جَاءَ من بعده وَأمرهمْ شُورَى بَينهم يتفاضلون فِيهِ بالسابق والقدمه والأجتهاد فَإِن أخذُوا بذلك وَقَامُوا عَلَيْهِ كَانَ الْأَمر أَمرهم وَالنَّاس لَهُم تبع وَأَن أصغوا إِلَى الدُّنْيَا طلبوها بالتغالب سلبوا ذَلِك ورده الله إِلَى من جعل لَهُ الغلب وَكَانَ يرأسهم أَولا فليحذر الْغَيْر فَإِن الله على الْبَدَل قَادر وَله الْمَشِيئَة فِي ملكه وَأمره وَأَنِّي قد خلفت فِيكُم شَيخا فَاسْتَوْصُوا بِهِ خيرا وكانفوه تكون أسعد مِنْهُ بذلك ثمَّ ودعهم وَمضى فَقَالَ عَليّ رض = مَا كنت لأرى أَن فِي هَذَا خيرا فَقَالَ لَهُ الزبير لَا وتالله مَا كَانَ قطّ أعظم فِي صدرك وصدرنا مِنْهُ غَدَاة وَقد كَانَ مُعَاوِيَة قَالَ لعُثْمَان رض = غَدَاة ودعه وَخرج يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَنطلق معي إِلَى الشَّام قبل أَن يهجم عَلَيْك من لَا قبل لَك بِهِ فَإِن

ذكر مكاتبة السبيئة اشياعهم من أهل الأمصار

أهل الشَّام على لم يزَالُوا عَنهُ قَالَ أَنا أبيع جوَار رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِشَيْء وَإِن كَانَ فِيهِ قطع خيط عنقِي فَقَالَ فَابْعَثْ إِلَيْك جندا مِنْهُم يُقيم بَين ظهراني الْمَدِينَة لنائبه إِن نابت الْمَدِينَة أَو أياك قَالَ أَنا أقتر على جيران رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الأرزاق بجند يساكنهم وأضيق على أَهلِي دَار الْهِجْرَة والنصر قَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَالله لتغتالن أَو لتغزين فَقَالَ حسبي الله وَنعم الْوَكِيل فودعه مُعَاوِيَة ثمَّ مضى 37 - ذكر مُكَاتبَة السبيئة اشياعهم من أهل الْأَمْصَار كَانَ أهل مصر قد تابعو اشياعهم من أهل الْكُوفَة واهل الْبَصْرَة وَجَمِيع من اجابهم أَن يثوروا خلاف أمرائهم واتعدوا يَوْمًا حَيْثُ شخص أمرأؤهم يستقم ذَلِك لاحدمنهم وَلم ينْهض إِلَّا أهل الكوفه فان يزِيد ابْن قيس الأرحبي ثار فِيهَا فَاجْتمع اليه أَصْحَابه وعَلى الْحَرْب يَوْمئِذٍ الْقَعْقَاع ابْن عمر فَأَتَاهُ وأحاط النَّاس بهم فناشدوهم فَقَالَ يزِيد للقعقاع مَا سَبِيلك عَليّ وعَلى هؤلأء فوَاللَّه إِنِّي سامع لمطيع وهم إِنِّي للازم لجماعتي وهم الا أَنِّي وأصحابي أستعفي من إِمَارَة سعيد فَقَالَ يستعفي الخاصه من أَمر قد رضيته العامه قَالَ فَذَاك الى أَمِير الْمُؤمنِينَ فتركهم والاستعفاء وَلم يستطيعوا أَن يظهروا غير ذَلِك فا ستقبلوا سعيدا فَردُّوهُ من الجرعة وَاجْتمعَ النَّاس على أبي مُوسَى فأقرة عُثْمَان رض = وَلما رَجَعَ الْأُمَرَاء لم يكن لسبيئه سَبِيل الى الْخُرُوج من الْأَمْصَار فكاتبوا اشياعهم من أهل الْأَمْصَار ان يتوافوابا الْمَدِينَة لينظروا فِيمَا يُرِيدُونَ واظهروا انهم يأمرون بِالْمَعْرُوفِ ويسألون عُثْمَان رض = عَن اشياء لتطير فِي النَّاس ولتحقق عَلَيْهِ الْأَمر فتوافو با لمدينه وَأرْسل عُثْمَان رض = رجلَيْنِ مخزوميا وزهريا فَقَالَ انْظُرُوا مايريدون واعلما علمهمْ وَكَانَ مِمَّن قد ناله من عُثْمَان

رض = أدب فاصطبر للحق وَلم يضطعنا فَلَمَّا رأوهما باثوهما وأخبروهما بِمَا يرودون فَقَالَ من مَعكُمْ على هَذَا من اهل المدينه قَالُوا ثَلَاثَة نفر فقالافكيف تُرِيدُونَ ان تصنعوا قالوانريد ان نذْكر لَهُ أَشْيَاء قد زرعناها فِي قُلُوب النَّاس ثمَّ نرْجِع اليهم ونزعم لَهُم انا قد قَرَّرْنَاهُ بهَا فَلم يخرج مِنْهَا وَلم يتب ثمَّ نخرج وكأنا حجاج حَتَّى نقدم فنحيط بِهِ ونخلعه فَإِن أَبى قَتَلْنَاهُ وَكَانَت إِيَّاهَا فَرَجَعَا الى عُثْمَان رض = باالخبر فَضَحِك وَقَالَ اللَّهُمَّ سلم هؤلأء النَّفر فَإنَّك إِن لم تسلمهم شَقوا العصافأماعمار فَحمل على ذَنْب ابْن ابي لَهب وعركه بِي وأمامحمد بن أبي بكر فَإِنَّهُ أعجب حَتَّى راى أَن الْحُقُوق لَا تلْزمهُ وَأما ابْن سارة فانه يتَعَرَّض للبلاء وارسل الى المصرين والكوفيين ونادى الصَّلَاة جَامعه وهم عِنْده فِي اصل المنبرفأقبل أَصْحَاب رَسُول الله حَتَّى أحاطوا بهم فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ واخبرهم خبر الْقَوْم وَقَامَ الرّجلَانِ فَقَالُوا جَمِيعًا أقتلهم فَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من دَعَا الى نَفسه أَو الى اُحْدُ وعَلى النَّاس إِمَام فَعَلَيهِ لعنة الله فَقَتَلُوهُ وَقَالَ عمر بن الْخطاب رض = لَا أحل لكم إِلَّا مَا قبلتموه وَأَنا شريككم وَقَالَ عُثْمَان رض = بل نعفوا ونقبل ونبصرهم بجهدنا وَلَا نحاد أحدا حَتَّى يركب حدا أَو يُبْدِي كفرا إِن هَؤُلَاءِ ذكرُوا أُمُور قد علمُوا مِنْهَا مثل الَّذِي علمْتُم إِلَّا أَنهم زَعَمُوا أَنهم يذكروني بهَا ليوجبوها عَليّ عِنْد من لَا يعلم وَقَالُوا أتم الصَّلَاة فِي السّفر وَكَانَت لَا تتمّ إِلَّا وَأَنِّي قدمت بلد فِيهِ أَهلِي فأتممت لهَذَا الْأَمر قَالُوا اللَّهُمَّ نعم وَقَالُوا وحميت حمى وَأَنِّي وَالله مَا حميت إِلَّا مَا حمي قبلي وَالله مَا حموا شَيْئا لأحد مَا حموا إِلَّا مَا غلب عَلَيْهِ أهل الْمَدِينَة ثمَّ لم يمنعوا من رعية أحد وأقتصروا الصَّدقَات

الْمُسلمين يحمونها لِئَلَّا يكون بَين من يَليهَا وَبَين أحد تنَازع ثمَّ مَا منعُوا وَلَا نَحوا مِنْهَا أحد إِلَّا من سَاق دهما وَمَالِي من بعير غير راحلتين وَمَالِي ثاغيتن وَلَا راغيه وَأَنِّي قد وليت وَأَنِّي لأكْثر الْعَرَب بَعِيرًا وشاه فَمَالِي الْيَوْم شاه وَلَا بعير غير بَعِيرَيْنِ لحج أَكَذَلِك قَالُوا الله هم نعم وَقَالَ وَقَالُوا وَكَانَ الْقُرْآن كتابا فتركتها إِلَّا وَاحِد أَلا إِن الْقُرْآن وَاحِد جَاءَ من عِنْد وَاحِد وأنما أَنا فِي ذَلِك تَابع لهَؤُلَاء أفكذلك قَالُوا نعم وَقَالُوا أستعملت الْأَحْدَاث وَلم أسْتَعْمل إِلَّا مجتمعا مُحْتملا مرضيا وَهَؤُلَاء أَهلِي عَمَلهم فسلوهم عَنْهُم وَهَؤُلَاء أهل بلدهم وَقد ولى من قبل أَحْدَاث مِنْهُم وَقيل فِي ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ت أَشد مَا قيل لي فِي أستعمال أُسَامَة أَكَذَلِك قَالُوا اللَّهُمَّ نعم يعيبون لناس مَا لَا يفسرون قَالُوا أَنِّي أَعْطَيْت أبن أبي سرح مَا أَفَاء الله عَلَيْهِ وَإِنِّي إِنَّمَا نقلته خمس مَا أَفَاء الله عَلَيْهِ من الْخمس مَا كَانَ مائَة الف وَقد أنفذ مثل ذَلِك أَبُو بكر وَعمر فَزعم الْجند أَنهم يكْرهُونَ ذَلِك فرددته عَلَيْهِم وَلَيْسَ ذَلِك لَهُم أَكَذَلِك فَقَالُوا نعم وَقَالُوا أَنِّي أحب أهل بَيْتِي وأعطيهم فَأَما حبي فَأَنَّهُ لم يمل مَعَهم على حق بل أحمل الْحُقُوق عَلَيْهِم وَأما إعطائهم فَأَنِّي إِنَّمَا أعطيهم من مَالِي وَلَا أستحل أَمْوَال الْمُسلمين لنَفْسي وَلَا لأحد من النَّاس وَقد كنت أعطي الْعَطِيَّة الْكثير والرغيب من صلب مَالِي زمَان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بكر وَعمر وَأَنا يَوْمئِذٍ شحيح حَرِيص أفحين أتيت على أَسْنَان أهل بَيْتِي وفني عمري ووزعت الَّذِي لي فِي أَهلِي قَالَ الْمُلْحِدُونَ مَا قَالُوا أَنِّي وَالله مَا

حملت على مصر من الْأَمْصَار فضلا فَيجوز ذَلِك لمن قَالَه وَلَقَد رَددته عَلَيْهِم وَمَا قدم عَليّ إِلَّا الْأَخْمَاس وَلَا يحل لي مِنْهَا شء فولى الْمُسلمُونَ وَضعهَا فِي أَهلهَا دوني وَلَا تبلغت من مَال الله بفلس فَمَا فَوْقه وَلَا أبتلغ بِهِ مَا أكل إِلَّا من مَالِي وَقَالُوا أَعْطَيْت الأَرْض رجَالًا وَإِن هَذِه الْأَرْضين شاركهم فِيهَا الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَار إيام أفتتحت فَمن أَقَامَ بمكانها من هَذِه الْفتُوح فَهُوَ أُسْوَة أَهله وَمن رَجَعَ إِلَى أَهله لم يذهب ذَلِك إِلَّا مَا حوا الله لَهُ فَنَظَرت فِي الَّذِي يصيبهم مِمَّا أَفَاء الله عَلَيْهِم فَبِعْته لَهُم بأمرهم من رجال أَهلِي عقار فِي بِلَاد الْعَرَب فنقلت إلهم نصِيبهم فَهُوَ فِي أَيْديهم دوني وَكَانَ عُثْمَان رض = قد قسم مَاله وأرضه فِي بني أُميَّة وَجعل وَلَده كبعض من يُعْطي فَبَدَأَ ببني الْعَاصِ فأعطا آل الحكم رِجَالهمْ عشر ألف فَأخذُوا مائَة ألف وَأعْطى بني عُثْمَان مثل ذَلِك وَقسم فِي بني الْعَاصِ وَفِي بني الْعيص وَفِي بني حَرْب ولانت حَاشِيَة عُثْمَان لأولئك الطراء وأبى الْمُسلمُونَ أَلا قَتلهمْ وَأَبا عُثْمَان رض = أَلا تَركهم فَذَهَبُوا فَرَجَعُوا إِلَى بِلَادهمْ على أَن يغزوهم مَعَ الْحجَّاج كالحجاج وتكاتبوا وَقَالُوا نوعدكم فِي الْمَدِينَة فِي شَوَّال عَن الشّعبِيّ قَالَ قَالَ عُثْمَان رض = يَوْم جمع النَّاس وَفسّر لَهُم مَا نقموه وَالله مَالِي بعير وَغير راحلتين وَمَا هَذَا الْحمى إِلَّا من فِي الْمُسلمين بِصَدقَة الْمُسلمين وَكَانُوا أذاعوا أَنكُمْ ضلمتوهم وأستأثرتم عَلَيْهِم ولستم أَحَق بالبلاد مِنْهُم فَلَمَّا كثرت فيهم الشجاج والجراح وخشينا أَن يقبلوهم إِلَى مَا ينقص من الصَّدقَات عزلناها إِلَى أقل الْفَيْء مَاء وكلأ وتسلموا

ذكر ما كتبه عثمان رض إلى الأنصر عن أبي حارث وأبي عثمان ومحمد وطلحة قالوا كتب عثمان رض إلى الناس بالذي كان وصبر عليه من الناس إلى ذلك اليوم وبما عليهم بسم الله الرحمان الرحيم من عبد الله عثمان أمير المؤمنين إلى المؤمنين والمسلمين يلام عليكم أما

38 - ذكر مَا كتبه عُثْمَان رض = إِلَى الأنصر عَن أبي حَارِث وَأبي عُثْمَان وَمُحَمّد وَطَلْحَة قَالُوا كتب عُثْمَان رض = إِلَى النَّاس بِالَّذِي كَانَ وصبر عَلَيْهِ من النَّاس إِلَى ذَلِك الْيَوْم وَبِمَا عَلَيْهِم بِسم الله الرحمان الرَّحِيم من عبد الله عُثْمَان أَمِير الْمُؤمنِينَ إِلَى الْمُؤمنِينَ وَالْمُسْلِمين يلام عَلَيْكُم أما بعد فَانِي أذكركم الله الَّذِي أنعم عَلَيْكُم وعلمكم الأسلام وهداكم من الضَّلَالَة وأنقذكم من الْكفْر وأراكم من الْبَينَات ونصركم على الْأَعْدَاء ووسع عَلَيْكُم من الرزق وأسبغ عَلَيْكُم نعْمَته فَإِن الله يَقُول {وَإِن تعدوا نعْمَة الله لَا تحصوها إِن الْإِنْسَان لظلوم كفار} أَيَّة إِبْرَاهِيم 34 وَقَالَ {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله حق تُقَاته وَلَا تموتن إِلَّا وَأَنْتُم مُسلمُونَ واعتصموا بِحَبل الله جَمِيعًا} إِلَى قَوْله {لَهُم عَذَاب عَظِيم} سُورَة ال عمرَان من 102 105 وَقَالَ {واذْكُرُوا نعْمَة الله عَلَيْكُم وميثاقه الَّذِي واثقكم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سمعنَا وأطعنا} من سُورَة المائد أيه 7 وَقَالَ {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن جَاءَكُم فَاسق بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تصيبوا قوما بِجَهَالَة فتصبحوا} إِلَى قَوْله {فضلا من الله ونعمة وَالله عليم حَكِيم} من الحجرات 6 8 وَقَالَ {إِن الَّذين يشْتَرونَ بِعَهْد الله وَأَيْمَانهمْ ثمنا قَلِيلا} إِلَى {وَلَهُم عَذَاب أَلِيم} من سُورَة ال عمرَان 77 وَقَالَ {واسمعوا وَأَطيعُوا وأنفقوا خيرا لأنفسكم وَمن يُوقَ شح نَفسه فَأُولَئِك هم المفلحون} من سُورَة التغانب 16 وَقَالَ وأوفوا بِعَهْد الله إِذا عاهدتم {إِلَى} {تَفْعَلُونَ} من سُورَة النَّحْل 97 {وَلَو شَاءَ الله لجعلكم أمة وَاحِدَة وَلَكِن ليَبْلُوكُمْ فِي مَا آتَاكُم} إِلَى {تختلفون} المائد 48 {وَلَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانكُم دخلا بَيْنكُم} إِلَى {عَظِيم} من سُورَة النَّحْل 94 وَقَالَ {وَلَا تشتروا بآياتي ثمنا قَلِيلا} للمائد 44 وَقَالَ {أطِيعُوا الله وَأَطيعُوا الرَّسُول وأولي الْأَمر مِنْكُم} النِّسَاء 59 وَقَالَ {وعد الله الَّذين آمنُوا مِنْكُم وَعمِلُوا الصَّالِحَات ليَستَخْلِفنهم فِي الأَرْض كَمَا اسْتخْلف الَّذين من قبلهم}

سُورَة النُّور 55 إِلَى أخر الأيه وَقَالَ {إِن الَّذين يُبَايعُونَك إِنَّمَا يبايعون الله يَد الله فَوق أَيْديهم فَمن نكث فَإِنَّمَا ينْكث على نَفسه وَمن أوفى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهِ الله فسيؤتيه أجرا عَظِيما} سُورَة الْفَتْح 10 وَكتب كتابا أخر بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم أما بعد فَإِن الله عزوجل رَضِي لكم السّمع وَالطَّاعَة وَكره لكم الْمعْصِيَة والفرقة والأختلاف وَقد أنبأكم فعل الَّذين من قبلكُمْ وَتقدم إِلَيْكُم فِيهِ ليَكُون لَهُ الحجه عَلَيْكُم إِن عصيتموه فقبلوا نصيحة الله تَعَالَوْا واحذروا عَذَابه فَإِنَّكُم لم تَجدوا أمتا هَلَكت إِلَّا من بعد أَن تخْتَلف فَلَا يكون لَهَا إِمَام يجمعها وَمَتى مَا تَفعلُوا ذَلِك لَا تُقِيمُوا الصَّلَاة جَمِيعًا ويصلط عَلَيْكُم عَدوكُمْ ويستحيل بَعْضكُم حرم بعض وَمَتى تَفعلُوا ذَلِك تفَرقُوا دينكُمْ وتكونوا شيعًا قَالَ الله عز وَجل لرَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {إِن الَّذين فرقوا دينهم وَكَانُوا شيعًا لست مِنْهُم فِي شَيْء إِنَّمَا أَمرهم إِلَى الله ثمَّ ينبئهم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} الْأَنْعَام 159 وَأَنِّي أوصيكم بِمَا أوصاكم الله بِهِ وأحذركم عَذَابه وَأَن القرأن نزل يعْتَبر بِهِ وَيَنْتَهِي إِلَيْهِ أَو لَا ترَوْنَ إِلَى شُعَيْب عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قوم لَا يجر مِنْكُم شقاقي أَن يُصِيبكُم مثل مَا أصابا قوم نوح أَو قوم هود أَو قوم صَالح وَمَا قوم لوط مِنْكُم بِبَعِيد وَاسْتَغْفرُوا ربكُم ثمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِن رَبِّي رَحِيم ودود {سُورَة هود من 89 90 وَكتب = كتاب أخر بِسم الله الرحمان الرَّحِيم أما بعد فَإِن أَقْوَامًا مِمَّن كَانَ يَقُول فِي هَذَا الحَدِيث أظهرُوا للنَّاس أَنما يدعونَ إِلَى كتاب الله وَالْحق وَلَا يُرِيدُونَ الدُّنْيَا وَلَا مُنَازعَة فِيهَا فَلَمَّا عرض عَلَيْهِم الْحق إِذا النَّاس فِي ذَلِك شَتَّى مِنْهُم أَخذ للحق وَنَازع عَنهُ حِين يعطاه وَمِنْهُم تَارِك للحق

ذكر حصار عثمان رض

رَغْبَة فِي الْأَمر يُرِيدُونَ ان يبتزوه بِغَيْر الْحق وَقد طَال عَلَيْهِم عمري وراث عَلَيْهِم أملهم فِي ألأمور وإستعجلوا الْقدر وَإِنِّي جمعتهم والمهاجرين وألأنصار فناشدتهم فأدوا ألذي علمُوا فَكَانَ من أول مَا شهدُوا بِهِ أَن يقتل من دَعَا إِلَى نَفسه أَو إِلَى أحد وَفسّر لَهُم مَا إعتذروا بِهِ عَلَيْهِ وَمَا أجابهم وَشهد لَهُ عَلَيْهِم وَرجع إِلَيْهِم الَّذين شخصوا لَا يَسْتَطِيعُونَ أَن يظهروا شَيْئا حَتَّى إِذا دخل شَوَّال سنة إثنتي عشرَة ضربوا كالحجاج فنزلوا قرب الْمَدِينَة 39 - ذكر حِصَار عُثْمَان رض = عَن مُحَمَّد وَطَلْحَة وَأبي عُثْمَان وَأبي حَارِثَة قَالُوا لما كَانَ فِي شَوَّال سنة خمس وَثَلَاثِينَ خرج أهل مصر فِي أَربع رفاق عَلَيْهِم أَرْبَعَة أُمَرَاء المقلل يَقُول سِتّمائَة وَالْمُكثر يَقُول ألف وعَلى الرفاق عبد الرحمان بن عديس البلوي وكنانة بن بشر اللَّيْثِيّ وسودان ابْن حمْرَان السكونِي وقتيرة بن فلَان السكونِي على الْقَوْم جَمِيعًا الغافقي بن حَرْب العكي وَلم يجترئوا أَن يعلمُوا النَّاس بخروجهم ألى الْحَرْب إِنَّمَا خَرجُوا كالحجاج وَمَعَهُمْ ابْن السَّوْدَاء وَخرج أهل ألكوفة فِي أَربع رفاق على ألرفاق زيد بن صوحان الْعَبْدي وَالْأَشْتَر النَّخعِيّ وَزِيَاد بن ألنضر الْحَارِثِيّ وَعبد الله بن الْأَصَم أحد بني عَامر بن صعصعة وَعَلَيْهِم جَمِيعًا عَمْرو بن ألأصم وعددهم كعدد أهل مصر وَخرج أهل ألبصرة فِي أَربع رفاق على ألرفاق حَكِيم بن جبلة ألعبدي وذريح إِبْنِ عباد الْعَبْدي وَبشر بن شُرَيْح بن الحطم بن ضبيعة الْقَيْسِي وَابْن محرش بن عبد عَمْرو الْحَنَفِيّ وعددهم كعدد أهل مصر

وأميرهم جَمِيعًا حرقوص بن زُهَيْر ألسعدي سوى من تلاحق بهم من النَّاس وَكَانَ أهل مصر يشتهون عليا رض = وَأهل الْبَصْرَة كَانُوا يشتهون طَلْحَة رض = وَأهل الْكُوفَة كَانَ يشتهون الزبير فَخَرجُوا وهم على الْخُرُوج جَمِيع وَفِي التأمير شَتَّى لَا تشك كل فرقة إلاأن الفلح مَعهَا وَأَن أمرهَا سيتم دون الاخريين فَخَرجُوا حَتَّى إِذا كَانُوا من ألمدينة على ثَلَاث تقدم أنَاس من أهل ألبصرة فنزلوا ذَا خشب وأناس من أهل الْكُوفَة فنزلوا الأعوص وجاءهم أنَاس من أهل مصر وَتركُوا عامتهم بِذِي الْمَرْوَة وَمَشى فِيمَا بَين أهل مصر وَأهل الْبَصْرَة زِيَاد بن النَّضر وَعبد الله بن الْأَصَم وَقَالا لَا تعجلوا وَلَا تعجلوا حَتَّى ندخل لكم الْمَدِينَة ونرتاد فَإِنَّهُ قد بلغنَا أَنهم قد عسكروا لنا فوَاللَّه إِن كَانَ أهل الْمَدِينَة قد خافونا واستحلواقت النا وَلم يعلمُوا علمنَا فَإِنَّهُم علينا إذاعلموا علمنَا أَشد وَإِن أمرنَا هَذَا لباطل وَإِن لم يستحلوا قتالنا وَوجدنَا الَّذِي بلغنَا بَاطِلا لنرجعن اليكم بالْخبر قَالُوا اذْهَبَا فَدخل الرّجلَانِ فلقيا أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر وعليا رض = وَقَالا إِنَّمَا نروم هَذَا الْبَيْت يَعْنِي مَكَّة ونستعفي هَذَا الْوَالِي من بعض عمالنا وَمَا جِئْنَا إِلَّا لذَلِك وإستأذناهم للنَّاس بِالدُّخُولِ فكلهم أَبى وَنهى وَقَالَ بيض مَا يفرخن فَرَجَعَا إِلَيْهِم فَاجْتمع من أهل مصر نفر فَأتوا عليا رض = وَمن أهل الْبَصْرَة نفر فَأتوا طَلْحَة وَمن أهل الْكُوفَة نفر أَتَوا ألزبير رض = وَقَالَ كل فريق مِنْهُم إِن بَايعُوا صاحبنا وَإِلَّا كدناهم وفرقنا جَمَاعَتهمْ ثمَّ كررنا حَتَّى نبغتهم فَأتى المصريون عليا رض = وَهُوَ فِي عَسْكَر عِنْد أَحْجَار الزَّيْت عَلَيْهِ حلَّة أفواف معتم بشقيقة حَمْرَاء يَمَانِية متقلد السَّيْف لَيْسَ عَلَيْهِ قَمِيص وَقد

سرح الْحسن إِلَى عُثْمَان رض = فِيمَن اجْتمع اليه وألحسن جَالس عِنْد عُثْمَان رض = وَعلي رض = عِنْد أَحْجَار ألزيت فَسلم عَلَيْهِ المصريون وعرضوا لَهُ بالإمارة فصاح بهم وطردهم وَقَالَ قد علم الصالحون أَن جَيش ذِي الْمَرْوَة وَذي خشب والأعوص ملعونون على لِسَان مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَارْجِعُوا لَا صحبكم الله فانصرفوا من عِنْده على ذَلِك وأتى البصريون طَلْحَة رض = وَهُوَ إِلَى جنب عل رض = وَقد أرسل ابنيه إِلَى عُثْمَان رض = فَسلم البصريون عَلَيْهِ وعرضوا لَهُ فصاح بهم وطردهم وَقَالَ لقد علم الْمُؤْمِنُونَ أَن جَيش ذِي الْمَرْوَة وَذي خشب والأعوص ملعونون على لِسَان مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأتى الْكُوفِيُّونَ الزبير رض = وَهُوَ فِي جمَاعَة أُخْرَى وَقد سرح ابْنه عبد الله إِلَى عُثْمَان رض = فَسَلمُوا عَلَيْهِ وعرضوا لَهُ فصاح بهم وطردهم وَقَالَ لقد علم الْمُسلمُونَ أَن جَيش ذِي الْمَرْوَة وَذي خشب وألأعوص ملعونون على لِسَان مُحَمَّد فَخرج الْقَوْم وأروهم أَنهم يرجعُونَ فَارْتَفعُوا عَن ذِي خشب وألأعوص حَتَّى أَتَوا إِلَى عساكرهم وَهِي ثَلَاث مراحل كي يفْتَرق أهل الْمَدِينَة ثمَّ يكرون فافترق أهل الْمَدِينَة لخروجهم فَلَمَّا بلغ الْقَوْم عساكرهم كروا بهم فبغتوهم فَلم يفجأأهل الْمَدِينَة إلاوالتكبير فِي نواحي الْمَدِينَة فنزلوا فِي مَوضِع عساكرهم وَأَحَاطُوا بعثمان رض = وَقَالُوا من كف يَده فَهُوَ امن وَصلى عُثْمَان رض = بِالنَّاسِ أَيَّامًا وَلزِمَ النَّاس بُيُوتهم وَلم يمنعوا أحدا من كَلَام فَأَتَاهُم النَّاس فَكَلمُوهُمْ وَفِيهِمْ عَليّ رض = فَقَالَ لَهُم عَليّ رض = مَا ردكم بعد ذهابكم ورجوعكم عَن رَأْيكُمْ فَقَالُوا أَخذنَا مَعَ بريد كتابا بقتلنا وأتاهم طَلْحَة رض = فَقَالَ البصريون مثل ذَلِك وأتاهم الزبير رض = فَقَالَ الْكُوفِيُّونَ مثل ذَلِك وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ والبصريون فَنحْن ننضر إِخْوَاننَا ونمنعهم وَقَالُوا جَمِيعًا كَأَنَّمَا كَانُوا على ميعاد فَقَالَ لَهُم عَليّ كَيفَ

علمْتُم يَا أهل الْكُوفَة وَيَا أهل الْبَصْرَة بِمَا لَقِي أهل مصر وَقد سِرْتُمْ مراحل ثمَّ طويتم نحونا هَذَا وَالله أَمر أبرم بِالْمَدِينَةِ قَالُوا فضعوه على مَا شِئْتُم لَا حَاجَة لنا فِي هَذَا الرجل ليعتزلنا وَهُوَ فِي ذَلِك يُصَلِّي بهم وهم يصلونَ خَلفه ويغشى من شَاءَ عُثْمَان رض = وهم فِي عينه أدق من التُّرَاب وَكَانُوا لَا يمْنَعُونَ أحدا الْكَلَام وَكَانُوا زمرا بِالْمَدِينَةِ يمْنَعُونَ النَّاس من الِاجْتِمَاع وَكتب عُثْمَان رض = إِلَى أهل الْأَمْصَار يستمدهم أما بعد فَأن الله بعث مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْحَقِّ بشيرا وَنَذِيرا فَبلغ عَن الله مَا أمره بِهِ ثمَّ مضى وَقد قضى الَّذِي عَلَيْهِ وَخلف فِينَا كِتَابه فِيهِ حَلَاله وَحَرَامه وَبَيَان الْأُمُور الَّتِي قدر فأمضاها على مَا أحب الْعباد وكرهوا فَكَانَ الْخَلِيفَة أَبُو بكر ثمَّ عمر ثمَّ أدخلت فِي الشورى عَن غير علم وَلَا مسأله عَن مَلأ الأمه ثمَّ أجتمع أهل الشورى عَن مَلأ مِنْهُم وَمن النَّاس عَن غير طلب مني وَلَا محبَّة فَعمِلت فيهم بِمَا يعْرفُونَ وَلَا يُنكرُونَ تَابعا غير مستتبع مُتبعا غير مُبْتَدع مقتديا غير متكلف فَمَا أنتهت الْأُمُور وانتكث الشَّرّ بأَهْله بَدَت ضغائن وَأَهْوَاء على غير احترام وَلَا ترة فِيمَا مضى إِلَّا أمضاء الْكتاب فطلبوا أمرا وأعلنوا غَيره بِغَيْر حجَّة وَلَا عذر فعابوا عَليّ أَشْيَاء مِمَّا كَانُوا يرضون وَأَشْيَاء عَن مَلأ من أهل الْمَدِينَة لَا يصلح غَيرهَا فَصَبَرت لَهُم نَفسِي وكففتها عَنْهُم مُنْذُ سِنِين وَأَنا أرى وأسمع فازدادوا على الله جرْأَة حَتَّى أَغَارُوا علينا فِي جوَار رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَحرمه وَأَرْض الْهِجْرَة وتابت إِلَيْهِم الاعراب فهم كالأحزاب أَيَّام الْأَحْزَاب أَو من غزانا باحد إِلَّا مَا يظهرون فَمن قدر على الحاق بِنَا فليلحق فَأتى الْكتاب أهل الْأَمْصَار فَخَرجُوا على الصعبة والذلول فَبعث مُعَاوِيَة حبيب بن مسلمة الفِهري فِي جَيش وَبعث عبد الله بن سعد مُعَاوِيَة بن حديج

السكونِي وَخرج من الْكُوفَة الْقَعْقَاع بن عَمْرو وَكَانَ المحضوضون بِالْكُوفَةِ على إغاثة أهل الْمَدِينَة عقبَة بن عَمْرو وَعبد الله بن أبي أوفى وحَنْظَلَة إِبْنِ الرّبيع التَّمِيمِي فِي أمثالهم من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ المحضوضون بِالْكُوفَةِ من التَّابِعين أَصْحَاب عبد الله بن مَسْرُوق بن الأجدع وَالْأسود بن يزِيد وَشُرَيْح بن الْحَارِث وَعبد الله بن عكيم فِي أَمْثَال لَهُم يَسِيرُونَ فِيهَا ويطوفون على مجالسها وَيَقُولُونَ يَا أَيهَا النَّاس أَن الْكَلَام الْيَوْم وَلَيْسَ غَدا وَأَن النّظر يحسن الْيَوْم ويقبح غَدا أَن الْقِتَال يحل الْيَوْم وَيحرم غَدا أنهضوا إِلَى خليفتكم وعصمت أَمركُم وَقَامَ بِالْبَصْرَةِ عمرَان بن حُصَيْن وَأنس بن مَالك وَهِشَام بن عَامر فِي أمثالهم من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُونَ مثل ذَلِك وَمن التَّابِعين كَعْب بن سور وهرم بن حَيَّان الْعَبْدي وَأَشْبَاه لَهما يَقُولُونَ مثل ذَلِك وَقَامَ بِالشَّام عبَادَة بن الصَّامِت وَأَبُو الدَّرْدَاء وابو إِمَامَة فِي أمثالهم من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُونَ مثل ذَلِك وَمن التَّابِعين شَدِيد بن حباسة النميري وَأَبُو مُسلم الْخَولَانِيّ وَعبد الرحمان بن غنم بِمثل ذَلِك وَقَالَ بِمصْر خَارِجَة بن زيد فِي أشباه لَهُ وَقد كَانَ بعض المحضضين شهد قدومهم فَلَمَّا رَأَوْا حَالهم أنصرفوا إِلَى أمصارهم بذلك فأقاموا فيهم وَلما جَاءَت الْجُمُعَة الَّتِي على أثر نزُول المصريين مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج عُثْمَان رض = فصلى بِالنَّاسِ ثمَّ قَامَ إِلَى الْمِنْبَر فَقَالَ يَا هَؤُلَاءِ الْغُزَاة الله الله الله فوَاللَّه أَن أهل الْمَدِينَة ليعلمون أَنكُمْ لملعونون على لِسَان مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فامحوا الْخَطَأ بِالصَّوَابِ فَإِن الله لَا يمحوا السيء إِلَّا بالْحسنِ فَقَامَ مُحَمَّد بن مسلمة فَقَالَ أَنا أشهد بذلك فَأَخذه حَكِيم بن جبلة فأقعده فَقَامَ زيد بن ثَابت أبغني الْكتاب فثار إِلَيْهِ من ناحيه أُخْرَى مُحَمَّد بن

أبي متيرة فأقعده وَقَالَ فأقطع وثار الْقَوْم بأجمعهم فحصبوا النَّاس حَتَّى أخرجوهم من الْمَسْجِد وحصبوا عُثْمَان رض = حَتَّى صرع عَن الْمِنْبَر مغشيا عَلَيْهِ فَاحْتمل وَأدْخل دَاره وَكَانَ المصريون لَا يطمعون فِي أحد من أهل الْمَدِينَة أَن يساعدهم إِلَّا فِي ثَلَاثَة نفر فَإِنَّهُم كَانُوا يراسلونهم مُحَمَّد بن أبي بكر وَمُحَمّد بن أبي حُذَيْفَة وعمار بن يَاسر وشمر أنَاس من النَّاس فاستقتلوا مِنْهُم سعد بن مَالك وَأَبُو هُرَيْرَة وَزيد بن ثَبت وَالْحسن بن عَليّ رض = فَبعث إِلَيْهِم عُثْمَان رض = بعزمه لما أنصرفوا فانصرفوا وَأَقْبل عَليّ رض = حَتَّى دخل على عُثْمَان رض = وَأَقْبل طَلْحَة رض = حَتَّى دخل عَلَيْهِ وَأَقْبل الزبير رض حَتَّى دخل عَلَيْهِ يعودونه من صرعته ويشكون إِلَيْهِ بثهم ثمَّ رجعُوا إِلَى مَنَازِلهمْ وَذكر إِبْنِ الْأَثِير فِي تَارِيخه أَنه لما جَاءَ عَليّ وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر إِلَى عُثْمَان رض = يعودونه من صرعته ويحكون إِلَيْهِ مَا يَجدونَ وَكَانَ عِنْده نفر من بني امية فَقَالُوا كلهم لعَلي رض = أهلكتنا وصنعت هَذَا الصَّنِيع فَقَالَ مغضبا وَعَاد هُوَ وَالْجَمَاعَة إِلَى مَنَازِلهمْ وَصلى عُثْمَان رض = ثَلَاثِينَ يَوْمًا ثمَّ منعُوهُ الصَّلَاة وَصلى بِالنَّاسِ أَمِيرهمْ الفافقي وتفرق أهل الْمَدِينَة فِي حيطانهم ولزموا بُيُوتهم ودام الْحصار أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَمن تعرض لَهُم وضعُوا فِيهِ السِّلَاح ومنعوه المَاء ثمَّ إِن عليا رض = تردد بَينهم وَبَين عُثْمَان رض = وزجرهم وَأمرهمْ بِالرُّجُوعِ فَلم يقبلُوا فَقَالَ عَليّ لعُثْمَان رض = وَالله إِنِّي لأكْثر النَّاس ذبا عَنْك وَلَكِن كلما جئْتُك بِشَيْء أَظُنهُ لَك رضى جَاءَ مَرْوَان بِأُخْرَى فَسمِعت قَوْله وَتركت قولي وأتى عَليّ رض = بَيت المَال ففتحه وَأعْطى النَّاس

فانصرفوا من طَلْحَة حَتَّى بَقِي وَحده وَكَانَ قد اجْتمع عَلَيْهِ النَّاس فسر بذلك عُثْمَان رض = وَجَاء طَلْحَة فَدخل على عُثْمَان رض = وَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أردْت أمرا فحال النَّاس بيني وَبَينه فَقَالَ لَهُ ثَمَان رض = وَالله مَا جِئْت تَائِبًا وَلَكِن جِئْت مَغْلُوبًا الله حَسبك يَا طَلْحَة وروى مُحَمَّد بن سعد فِي = كتاب الطَّبَقَات بِإِسْنَادِهِ عَن جَابر بن عبد الله رض = أَن المصريين لما أَقبلُوا من مصر يُرِيدُونَ عُثْمَان رض = فنزلوا بِذِي خشب دَعَا عُثْمَان رض = مُحَمَّد بن مسلمة وَقَالَ لَهُ اذْهَبْ إِلَيْهِم فارددهم عني وأعطهم الرِّضَا وَأخْبرهمْ أَنِّي فَاعل فَاعل بالأمور الَّتِي طلبُوا وَنَازع عَن كَذَا كَذَا للأمور الَّتِي تكلمُوا فِيهَا فَركب مُحَمَّد بن مسلمة إِلَيْهِم قَالَ جَابر وَأرْسل مَعَه عُثْمَان رض = خمسين رَاكِبًا من الْأَنْصَار أَنا فيهم وَكَانَ رؤساؤهم أَرْبَعَة عبد الرحمان بن عديس البلوي وسودان بن حمْرَان الْمرَادِي وَابْن النباع وَعَمْرو بن الْحمق الْخُزَاعِيّ فَأَتَاهُم مُحَمَّد بن مسلمة فَقَالَ إِن أَمِير الْمُؤمنِينَ يَقُول كَذَا وَيَقُول كَذَا وَأخْبرهمْ بقوله فَلم يزل بهم حَتَّى رجعُوا فَلَمَّا كَانُوا بالبويب رَأَوْا جملا عَلَيْهِ ميسم الصَّدَقَة فَأَخَذُوهُ فَإِذا غُلَام لعُثْمَان رض = فَأخذُوا مَتَاعه ففتشوه فوجدوا فِيهِ قَصَبَة من رصاص فِيهَا كتاب فِي جَوف الاداوة فِي المَاء ألى عبد الله بن سعد ان افْعَل بفلان كَذَا وبفلان كَذَا من الْقَوْم الَّذين شرعوا فِي عُثْمَان رض = فَرجع الْقَوْم ثَانِيَة حَتَّى نزلُوا بِذِي خشب فَأرْسل عُثْمَان رض = إِلَى مُحَمَّد بن مسلمة فَقَالَ اخْرُج فارددهم عني فَقَالَ لَا أفعل قَالَ فقدموا فحصروا عُثْمَان رض = قَالَ وحَدثني عبد الله بن الْحَارِث بن الْفضل عَن أَبِيه عَن سُفْيَان بن أبي العوجاء قَالَ أنكر عُثْمَان أَن

يكون كتب ذَلِك الْكتاب أرسل ذَلِك الرَّسُول وَقَالَ فعل ذَلِك دوني وَفِي رِوَايَة أُخْرَى قَالَ مُحَمَّد بن مسلمة صدق هَذَا فعل مَرْوَان وروى أَيْضا بِإِسْنَادِهِ عَن أبي إِسْحَاق عَن عَمْرو بن الصم قَالَ كنت فِيمَن أرسلو من جَيش ذِي خشب قَالَ فَقَالُوا لنا سلوا أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَاجْعَلُوا اخر من تسْأَلُون عليا رض = أنقدم قَالَ فسألناهم فَقَالُوا أقدموا إِلَّا عليا رض = قَالَ لَا امركم فَإِن أَبَيْتُم فيضى فليفرخ وروى سيف بن عمر التَّمِيمِي عَن أبي عَمْرو عَن الْحسن قَالَ قلت لَهُ شهِدت حصر عُثْمَان رض = قَالَ نعم وَأَنا يَوْمئِذٍ غُلَام فِي أتراب لي فِي الْمَسْجِد فَإِذا كثر اللَّغط جثوت على ركبتي أَو قُمْت وَأَقْبل الْقَوْم حَتَّى نزلُوا الْمَدِينَة الْمَسْجِد وَمَا حوله وَاجْتمعَ إِلَيْهِم النَّاس من أهل الْمَدِينَة يعظمون إِلَيْهِم مَا صَنَعُوا وَأَقْبلُوا على أهل الْمَدِينَة يتواعدونهم فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك فِي لغطهم حرك الْبَاب فطلع عُثْمَان رض = فَكَأَنَّمَا كَانَت نَار فأطفئت فَعمد إِلَى الْمِنْبَر فصعده فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ فثار رجل فَتكلم فأقعده رجل وَقَامَ أخر فأقعده أخر حَتَّى ثار الْقَوْم فحصبوا عُثْمَان رض = حَتَّى صرع فَحمل فَأدْخل وَصلى بهم عشْرين يَوْمًا ثمَّ منعُوهُ من الصَّلَاة وَعَن مُحَمَّد وَطَلْحَة وَأبي حَارِثَة قَالُوا صلى عُثْمَان رض = بِالنَّاسِ بعد مَا نزلُوا بِهِ فِي الْمَسْجِد ثَلَاثِينَ يَوْمًا ثمَّ إِنَّهُم منعُوهُ الصَّلَاة فصلى بِالنَّاسِ أَمِيرهمْ الغافقي دَان لَهُ المصريون والكوفيون والبصريون وتفرق أهل الْمَدِينَة إِلَى حيطانهم ولزموا بُيُوتهم لايخرج أحد مِنْهُم وَلَا يجلس إِلَّا وَعَلِيهِ سَيْفه يمْتَنع بِهِ من رهق الْقَوْم فَكَانَ الْحصار أَرْبَعِينَ وفيهن كَانَ الْقَتْل وَمن تعرض لَهُم وضعُوا فِيهِ السِّلَاح وَكَانُوا قبل ذَلِك ثَلَاثِينَ يَوْمًا يكفون عَن النَّاس ويحتملون لَهُم الْكَلَام

وَلما رأى زيد وَزِيَاد وَعَمْرو بن الْأَصَم أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ عُثْمَان رض = إِلَى وَأَنَّهُمْ لَا يجيبونهم رجعُوا من بَين أهل الْكُوفَة وَعَاد عُثْمَان رض = مكَاتبه الْأُمَرَاء فَكتب إِن أَمر هَؤُلَاءِ قد بَان وَأَنَّهُمْ قد صاولوا الْإِسْلَام وَلم يجترئوا على المباداة وان يبقوا فسيبدن مَا يكنون قد أعذرنا إِلَى الْقَوْم واحتججنا عَلَيْهِم مرّة بعد مرّة كلما ثبتَتْ عَلَيْهِم حجَّة أَو بَلغهُمْ عذر عاندوا وكابروا وهم بِالْمَدِينَةِ زمر قد خربوا وَمنعُوا منا الصَّلَاة وحالوا بيني وَبَين الْمَسْجِد وانتزوا الْأَمر وكثروا وعزوا أهل الْبَلَد فَلَمَّا لم يَجدوا جرحا أجرح بِهِ وَلَا دَمًا أقتل بِهِ وَلَا ضَرْبَة سَوط إلابحق وَلَا درهما إِلَّا بِحَق قَالُوا لَا نرضى إِلَى بِأَن تعتزلنا وهيهات لَهُم وَالله من أَمر ينَال بِهِ الشَّيْطَان فِيمَا بعد الْيَوْم من سُلْطَان الله حَاجته فأدركوا الْفِتْنَة قبل تدفقها وَلما ورد الْكتاب على مُعَاوِيَة قَامَ فِي النَّاس وَتكلم وَقَالَ إِن من الْحق المعونة على الْحق وَمن كَانَ مَعَ الْحق كَانَ الله مَعَه انهضوا إِلَى سُلْطَان الله فأعزو يعزكم الله وينصركم وَلَا تخذلوه فيستبدل الله بكم غَيْركُمْ ويدال مِنْكُم وَقد كَانَ أَقوام من أهل ألأمصار شهدُوا أول هَذَا الْأَمر بِالْمَدِينَةِ ثمَّ ضربوا إِلَى أمصارهم مِنْهُم عَمْرو بن الْعَاصِ أَتَى فلسطين وحَنْظَلَة الْكتاب أَتَى الْكُوفَة وَأَبُو أُمَامَة أَتَى الشَّام وَسمرَة بن جُنْدُب أَتَى الْبَصْرَة وَقَامَ ابْن عَامر بِالْبَصْرَةِ فَقَالَ أمدوا خليفتكم وذودوا عَن سلطانكم وسابقوا إِلَيْهِ عَدو الله وعدو الْمُسلمين فوَاللَّه لَئِن أدركتموه لتعصمن وَلَئِن سبقتم إِلَيْهِ ليبلون فَقَامَ أَبُو مُوسَى رض = فَقَالَ إِن الله قد إفترض عَلَيْكُم نصر دينه وَإِنَّمَا قوام هَذَا الدّين السُّلْطَان بَادرُوا سُلْطَان الله لَا

ذكر أمر عثمان رض الناس بالكف عن القتال

يستذل ففضل الْقَوْم عَن بلدانهم وضربوا نَحْو المدينه وَبلغ الْقَوْم بالمدينه الْخَبَر فزين لَهُم الشَّيْطَان سوء أَعْمَالهم ليغلقهم فيرتهنهم بهَا فضيقوا على عُثْمَان ر صلى الله عَلَيْهِ وَسلم واشتدو على من يعرض لَهُم بالبسط وَفتح عُثْمَان الْبَاب وَسمع بذلك أَبُو هُرَيْرَة فَقَالَ طَابَ أمضرب وَسمع بذلك زيد بن ثَابت فَقَالَ يَا معشر اللأنصار انصرو الله مرَّتَيْنِ وَسمع بذلك سعد بن مَالك فأفبل محتجزا قوسه وَالسيف فَبعث إِلَيْهِم عُثْمَان رض = إِن كُنْتُم ترَوْنَ الطَّاعَة وَالْحق فأغمدوا اسيافكم وَانْصَرفُوا عَنَّا وَلَا تستقتلوا وَجَاء كثير بن الصَّلْت فِي عديد من بني اميه فَدخل عَلَيْهِ وَقَالَ لَو خرجت فَأريت النَّاس وَجهك فقدانكسر النَّاس فَقَالَ يَا كثير البارحه رَأَيْتنِي وَكَأَنِّي دخلت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ وَأَبُو بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا فَقَالَ قد صبرت فَلم يدْرك الْمُسلمُونَ حَتَّى تقتل فَارْجِع فَإنَّك مفطر عِنْدِي يَوْم كَذَا وَكَذَا وَلنْ تغيب الشَّمْس وَالله يَوْم كَذَا ألاوأنامن أهل الاخرة وَفِي روايه قَالَ دخل عَلَيْهِ كثير بن السلط فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ اخْرُج فأجلس فِي الفناء فَيرى وَجهك النَّاس فَإِنَّهُ إِن فعلت إرتدعوا ارتدعوا فَضَحِك وَقَالَ يَا كثير رَأَيْت البالرحه وَكَأَنِّي دخلت على نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعِنْده ابو بكر وَعمر رض = عَنْهُمَا فَقَالَ إرجع فَإنَّك مفطر عِنْدِي غَدا وَلنْ تغيب الشَّمْس وَالله غَدا اَوْ يَوْم كَذَا وَكَذَا إِلَّا وَأَنا من أهل الأخرة وَوضع سعد وَأَبُو هُرَيْرَة السِّلَاح وأقبلا حَتَّى دخلا على عُثْمَان رض = عَنْهُم 40 - ذكر أَمر عُثْمَان رض = النَّاس بالكف عَن الْقِتَال قدذكر أَن عُثْمَان رض = قَالَ لابي هُرَيْرَة وَزيد بن ثَابت وَسعد بن مَالك رض = لما جاؤوا بِالسِّلَاحِ ليذبوا عَنهُ وهومحصور إِن كُنْتُم ترَوْنَ الطاعه وَالْحق فأغمدوا أسيافكم وَانْصَرفُوا عَنَّا وَلَا تستقلوا

وَعَن مُحَمَّد وطلحه وابي حارثه وَأبي عُثْمَان قَالُوا لما وضع الْقَوْم السِّلَاح ودخلوا على عُثْمَان رض = وغشيه النَّاس قَالُوا مَا رَأْيك وَقَالُوا هَلُمَّ نشري ونستقتل قَالَ فَمن للامر غَدا ورد وَالله هَؤُلَاءِ لَو عرضتكم لذَلِك لصرحوا غَدا بِمَا يكنون الْيَوْم وَإِن رَأْيِي الْيَوْم رَأْيِي أمس فدعوني واخرجوا عني فَلَمَّا جعل لايأتيه أحد للشراء ولاستقتال أحب ان يجد من يعنيه على صرفهم وَجَاء عبد الله بن سَلام حَتَّى دخل فَقَالَ يَا أبن سَلام مَا ترى فِي الشِّرَاء والاستقتال قَالَ اَوْ أمرت بِالصبرِ إِلَّا قَلِيلا إصبر فَإنَّا نجد فِي كتاب الله الْمنزل أَنَّك يَوْم القيامه أَمِير على الْقَاتِل الامر وَفِي روايه أُخْرَى لما دخل عبد الله على عُثْمَان رض = فِي أخر مَا دخل عَلَيْهِ النَّاس فَقَالَ لعُثْمَان رض = مَا ترى فِي الْقَتْل والكف قَالَ الْكَفّ أبلغ للحجه وَإِنَّا لنجد فِي كتاب الله أَنَّك يَوْم الْقِيَامَة امير على الْقَاتِل والامر وَعَن مُحَمَّد وطلحه وَأبي الحارثه وَأبي ة عُثْمَان قَالُوا لما رأى الْقَوْم أَن النَّاس قد ثابوا إِلَى عُثْمَان رض = وضعُوا على عَليّ رض = رقيبا فِي نفر ملازمه ورقيبه خَالِد بن ملجم وعَلى طلحه رض = رقيبا فِي نفر فلازمه ورقيبه سودان ابْن حمْرَان وعَلى الزبير رض = رقيبا فِي نفر فلازمه ورقيبه قتيرة وعَلى نفر بالمدينه قَالُوا لَهُم إِن تحركوا فاقتلوهم وَذكر النَّاس بهم فراسه عمر رض = أَيَّام مرورا بِهِ فتردد فِي إرْسَال بهم وَجعل يَقُول مَا مر بِي قوم من الْعَرَب أكره لي مِنْهُم فازدادالناس بَصِيرَة وبهم علما وَلما لم يَسْتَطِيع هؤلاءالنفر غشيان عُثْمَان رض = بعثوا أبنائهم الى عُثْمَان رض = فَأقبل الْحسن بن عَليّ رض = حَتَّى قَامَ علية وَقَالَ مرنا امرك فَقَالَ يَا أبن أخي اوصيك بِهِ نَفسِي وَتَأَول {واصبر وَمَا صبرك إِلَّا بِاللَّه وَلَا تحزن عَلَيْهِم وَلَا تَكُ فِي ضيق مِمَّا يمكرون} من سُورَة النَّحْل 127 وو 4 الله لأقينكم بنفسي ولأبذلنها دونكم أَو تعرضوا لَهُم فَأنْتم وَذَاكَ

فعرف الناس أنه لا يعطيهم شيئا وأفرحهم بذلك

وَجَاء النُّعْمَان بن بشير فَقَالَ مقاله الْحسن رض = ورد عَلَيْهِ عُثْمَان رض = مثل ذَلِك وَجَاء عبد الله بن الزبير رض = فَقَالَ لَهُ مثل ذَلِك وَجَاء مُحَمَّد بن طَلْحَة رض = فَقَالَ لَهُ مثل ذَلِك وَجَاء أَبُو الْهَيْثَم بن التيهَان فَقَالَ كَيفَ بت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ بِخَير قَالَ أَبُو الْهَيْثَم بِأبي أَنْت وَأمي أَصْبِر وَلَا تعط الدُّنْيَا وَلَا تهدم سُلْطَان الله فَقَالَ عُثْمَان رض = متمثلا ... لعمري لمَوْت لَا عُقُوبَة بعده ... لذِي اللب أشفى من شقا لَا يزايله ... فَعرف النَّاس أَنه لَا يعطيهم شَيْئا وأفرحهم بذلك وَعَن ابْن ابي الْقَاسِم الثنوي عَن نَافِع قَالَ ورافقني بالسَّاحل فسألة عَن امْر عُثْمَان رض = فَقَالَ سَمِعت عبد الله بن عَن عمر رَضِي الله عَنهُ يَقُول أرسل إِلَى عُثْمَان رض وَهُوَ مَحْصُور وَقد فتح الْبَاب وَدخل عَلَيْهِ النَّاس فَقَالَ مَا ترى فِيمَا يعرض هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاء الَّذين يأمرونه بالأسقتال وَالَّذين يحصرونه على الْخلْع أَو الْقَتْل فَقَالَ وَمَا يعرضون عَلَيْك فَقَالَ أما هَؤُلَاءِ فاستقتال وَوَاللَّه مَا أجد مَا أمتع بِهِ وَلَا أمنعهم بِهِ وَأما هَؤُلَاءِ فأنهم يعرضون عَليّ أَن أخلعها وَألْحق بمنزلي فوَاللَّه لَهُم أَهْون عَليّ أَن لم أوجر عَلَيْهَا من قتال فَقلت لَهُ أَن تستقتل تقتل أَعْلَام الدّين وَلَا يبْقى أحد فَلَا تفعل وَأما مَا عرض هَؤُلَاءِ فَلَا تفعل أمخلد أَنْت إِذْ أَنْت خلعتها قَالَ لَا قلت فقاتلوك أَن أَنْت لم تخلعها قَالَ زَعَمُوا ذَاك قلت يملكُونَ تَعْجِيل يَوْمك أَو تَأْخِيره قَالَ لَا قلت أيملكون لَك جنه أَو نَار قَالَ لَا قلت فَلَا أرى أَن تخلع قَمِيصًا قمصك الله فَيكون ذَلِك سنة كلما كره قوم خليفتهم أَو إمَامهمْ خلعوه حَتَّى لَا يقوم لله دينا وَلَا للْمُسلمين نظام وَأدْخل معي فِي ذَلِك غَيْرِي فَفعل فَادْخُلْ فِي ذَلِك من شهد أَو غَابَ عَنهُ فَاجْتمع الملاء بِأَن الْخَيْر فِي الصَّبْر فَقَالَ اللَّهُمَّ أَنِّي أشري بنفسي فِي صَلَاح الدّين فجاد وَالله بِنَفسِهِ نظرا لله ولدينه وحقنا لدماء الْمُسلمين

ذكر الصلاة خلف المصريين

41 - ذكر الصَّلَاة خلف المصريين عَن المبشر بن الفضيل عَن سَالم قَالَ قلت لَهُ كَيفَ صَنِيع النَّاس بِصَلَاة خلف المصريين قَالَ كرهها كلهم إِلَّا الْأَعْلَام فَإِنَّهُم خَافُوا على أنفسهم فَكَانُوا يشهدونها إِذا شهدوها ويلوذون مِنْهَا بصياعهم إِذا تركُوا وَعَن سهل بن يُوسُف عَن أَبِيه قَالَ كره النَّاس الصَّلَاة خلف االمصريين مَا خلاا عُثْمَان رض = فَإِنَّهُ قَالَ من دعَاكُمْ إِلَى الصَّلَاة فأجيبوه فَأَنَّهُ خير حَتَّى يستوجبوا حدا إِلَى أَن يُقَام عليصاحبه أَو يَتُوب وَعَن ياسين بن معَاذ الزيات عَن الزُّهْرِيّ عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن عبد الله بن عدي بن الْخِيَار قَالَ دخلت على عُثْمَان رض = فِي الدَّار وَهُوَ مَحْصُور وكنانة بن بشر يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَقلت كَيفَ ترى فِي الصَّلَاة مَعَ هَؤُلَاءِ وَأَنت الْأَمِير فَقَالَ أَن الصَّلَاة من أحسن مَا عمل النَّاس فَإِذا أَحْسنُوا فَأحْسنُوا مَعَهم وَإِذا أساؤوا فَأحْسنُوا إسائتهم وَهَذِه النُّصُوص تدل على جَوَاز الصَّلَاة خلف الْبُغَاة والمتغلبين وَلِأَن هَؤُلَاءِ الْقَوْم كَانُوا بغاة وَعَن بدر بن عُثْمَان عَن عَمه قَالَ أخر خطْبَة خطبهَا عُثْمَان رض = فِي جمَاعَة قَالَ إِن الله إِنَّمَا أَعْطَاكُم الدُّنْيَا لتطلبوا بهَا الأخرة وَلم يعطكموها لتركنوا إِلَيْهَا إِن الدُّنْيَا تفنى والأخر تبقى فَلَا تبطرنكم الفانية وَلَا تشغلنكم عَن الأخرة فأثر مَا يبْقى على مَا يفنى فَإِن الدُّنْيَا مُنْقَطِعَة وَأَن الْمصير إِلَى الله أتقوا الله فَإِن تقواه جنه من بأسه ووسيلة عِنْده وأحذروا من الله الْغَيْر وألزموا جماعتكم وَلَا تصيروا أحزابا {واذْكُرُوا نعْمَة الله عَلَيْكُم إِذْ كُنْتُم أَعدَاء فألف بَين قُلُوبكُمْ فأصبحتم بنعمته إخْوَانًا} ال عمرَان 103 إِلَى أخر الأيتين

فيما قيل لعثمان رض في الخلع وما قال لهم

الْبَاب السَّادِس فِيمَا قيل لعُثْمَان رض = فِي الْخلْع وَمَا قَالَ لَهُم عَن مُحَمَّد وَطَلْحَة وَأبي حَارِثَة وَأبي عُثْمَان قَالُوا لما أستشار عُثْمَان رض = وعزم لَهُ الْمُسلمُونَ على الصَّبْر والأمتناع عَلَيْهِم بسُلْطَان الله قَالَ إخرجوا رحمكم الله فكونوا بِالْبَابِ وليجامعكم هَؤُلَاءِ الَّذين حبسوا عني وَأرْسل إِلَيّ عَليّ وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر رض = أَن أدنوا فَاجْتمعُوا فَأَشْرَف عُثْمَان رض = فَقَالَ يَا أَيهَا النَّاس أجلسوا فجلسوا جَمِيعًا الْمُحَارب الطاريء والمسالم الْمُقِيم فَقَالَ يَا أهل الْمَدِينَة أستودعكم الله وأسأله أَن يحسن عَلَيْكُم الْخلَافَة من بعدِي إِنِّي وَالله لَا أَدخل عَليّ أحد بعد يومي هَذَا حَتَّى يقْضِي الله فِي وقضائه لأدعن هَؤُلَاءِ وَمَا وَرَاء بَابي غير معطيهم شَيْئا يتخذونه عَلَيْكُم دخلا فِي دين أَو دنيا وَحَتَّى يكون الله الصَّانِع فِي ذَلِك مَا أحب وَأمر أهل الْمَدِينَة بِالرُّجُوعِ وَأقسم عَلَيْهِم فَرَجَعُوا إِلَّا الْحسن وَمُحَمّد وَابْن الزبير رض = وَأَشْبَاه لَهُم فجلسوا بِالْبَابِ عَن أَمر أبائهم وثاب إِلَيْهِم أنَاس وَلزِمَ عُثْمَان الدَّار وروى إِبْنِ سعد فِي الطَّبَقَات بأسناده عَن إِبْنِ عمر رض = قَالَ قَالَ

لي عُثْمَان رض = وَهُوَ مَحْصُور فِي الدَّار مَا ترى فِيمَا أَشَارَ عَليّ بِهِ المغير إِبْنِ الْأَخْنَس قَالَ قلت مَا أَشَارَ بِهِ عَلَيْك فَقَالَ أَن هَؤُلَاءِ الْقَوْم يُرِيدُونَ خلعي فان خلعت تركوني وَأَن لم أَخْلَع قتلوني قَالَ فَقلت أَرَأَيْت أَن خلعة تتْرك مخلدا فِي الدُّنْيَا قَالَ لَا قَالَ قلت فَهَل يملكُونَ الْجنَّة وَالنَّار قَالَ لَا قَالَ قلت أَرَأَيْت إِن لم تخلع هَل يزِيدُونَ على قَتلك قَالَ لَا قلت فَلَا أرى أَن تسن هَذِه السّنة فِي الأسلام كلما سخط قوم على أَمِيرهمْ خلعوه فَلَا تخلع قَمِيصًا قمصك الله وَقد تقدم معنى هَذَا قَالُوا وَكَانُوا يدْخلُونَ على عُثْمَان رض = وَهُوَ مَحْصُور فَيَقُولُونَ أعتزلنا فَيَقُول لأ أنزع سرب الاسربلنيه الله وَلَكِن أنزع عَمَّا تَكْرَهُونَ وروى أَيْضا باسناده عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد عَن قيس قَالَ أَخْبرنِي أَبُو سهله مولى عُثْمَان رض = قَالَ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مَرضه وددت أَن عِنْدِي بعض أَصْحَابِي قَالَت عَائِشَة رض = فَقلت يَا رَسُول الله أدعوا لَك يَا أَبَا بكر فأسكت فَعرفت أَنه لَا يُريدهُ فَقلت أدعوا لَك عليا فأسكت فَعرفت أَنه لَا يُريدهُ قلت فأدعوا لَك إِبْنِ عَفَّان قَالَ نعم فدعوته فَلَمَّا جَاءَ أَشَارَ إِلَيّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن تباعدي فجَاء عُثْمَان رض = فَجَلَسَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لَهُ ولون عُثْمَان يتَغَيَّر قَالَ قيس فَأَخْبرنِي أَبُو سهله قَالَ لما كَانَ يَوْم الدَّار قيل لعُثْمَان رض أَن لَا تقَاتل فَقَالَ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عهد إِلَيّ عهدا وَأَنِّي صابر عَلَيْهِ قَالَ أَبُو سهلة فيرون أَنه ذَلِك الْيَوْم وروى أَيْضا بأسناده أَن أبي بكر بن أبي مَرْيَم بن عبد الرحمان بن جُبَير قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعُثْمَان رض أَن الله كساك يَوْمًا سربالا فَأن أرادك المُنَافِقُونَ على خلعه فَلَا تخلعه لظَالِم

روى أَبُو أَمَامه بن سهل بن حنيف قَالَ كنت مَعَ عُثْمَان رض = فِي الدَّار وَهُوَ مَحْصُور قَالَ فَكُنَّا ندخل مدخلًا إِذا دَخَلنَا سمعنَا كَلَام من عَليّ البلاط قَالَ فَدخل عُثْمَان رض = يَوْمًا لحجة فَخرج إِلَيْنَا منتقعا لَونه فَقَالَ أَنهم ليتوعدونني بِالْقَتْلِ أنفًا قَالَ قُلْنَا يكفيكهم الله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ وَلنْ يقتلونني وَقد سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لايحل دم إمرى مُسلم الا فِي إحد ثَلَاث رجل كفر بعد إيمَانه أَو زني بعد إحْصَانه أَو قتل نفس بِغَيْر نفس فو الله مَا زَنَيْت فِي جاهليه وَلَا إِسْلَام قطّ وَلَا تمنيت ان لي بديني بَدَلا مُنْذُ هَدَانِي الله وَلَا قتلت نفسا فَفِيمَ يقتلونني وَعَن مُجَاهِد قَالَ أشرف عُثْمَان رض = على الَّذين حاصروة فَقَالَ يَا قوم لاتقتلوني فَإِنِّي وأل = وَأَخ مُسلم فوَاللَّه إِن أردْت أَلا ألإصلاح مَا إستطعت أصبت أم أَخْطَأت وأنكم إِن تقتلوني لَا تصلو جَمِيعًا أبدا وَلَا تغزو جَمِيعًا أبدا وَلَا يقسم فيئكم قَالَ فَلَمَّا أَبَوا قَالَ أنْشدكُمْ الله هَل دعوتم عِنْد وَفَاة أَمِير الْمُؤمنِينَ بِمَا دعوتم بِهِ وأمركم جَمِيعًا لم يفْتَرق وَأَنْتُم أهل دينه وَحقه فتقولون ان الله لم يجب دعوتكم أم تَقولُونَ هان الَّذين على الله أم تَقولُونَ إِنِّي أخذت هَذَا الْأَمر بِالسَّيْفِ وَالْغَلَبَة وَلم اخذه عَن مشورة من الْمُسلمين أم تَقولُونَ إِن الله لم يعلم من أول أَمْرِي شَيْئا لم يُعلمهُ من اخر فَلَمَّا أَبُو قَالَ اللَّهُمَّ أحصهم عددا واقتلهم بددا ولاتبق مِنْهُم أحدا قَالَ مُجَاهِد فَقتل الله مِنْهُم من قتل فِي الْفِتْنَة وَبعث يزِيد إِلَى الْمَدِينَة عشْرين ألفا فأباحوا الْمَدِينَة ثَلَاثًا يصنعون مَا شَاءُوا لمداهنتهم فِي أَمر عُثْمَان رض =

وروى أَيْضا باسناده عَن عَمْرو بن عُثْمَان بن أبي لَبِيبَة إِن عُثْمَان بن عَفَّان رض = لما حصر أشرف عَلَيْهِم من كوَّة فِي الدَّار فَقَالَ أنْشدكُمْ بِاللَّه هَل فِيكُم طَلْحَة قَالُوا نعم قَالَ أنْشدك الله هَل تعلم أَنه لما اخى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار اخى بيني وَبَين نَفسه فَقَالَ طَلْحَة اللَّهُمَّ نعم فَقيل لطلْحَة فِي ذَلِك فَقَالَ نشدني وَأمر رَأَيْته أَلا أشهد بِهِ وَعَن رَاشد بن كيسَان الْعَبْسِي أَن عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ بعث إِلَى عَليّ رض = وَهُوَ مَحْصُور فِي الدَّار أتني فَقَامَ غلي رض = لياتيه فَقَامَ بعض ال عَليّ رض = حَتَّى حَبسه وَقَالَ أَلا ترى إل مَا بَين يَديك من الْكَتَائِب لَا تخلص اليه وعَلى عَليّ رض = عِمَامَة سَوْدَاء فنفضها عَن رَأسه ثمَّ رمى بهَا إِلَى رَسُول عُثْمَان رض = وَقَالَ أخبرهُ بِالَّذِي قد رَأَيْت ثمَّ خرج عَليّ رض من الْمَسْجِد حَتَّى انْتهى إِلَى أَحْجَار الزَّيْت فِي سوق الْمَدِينَة فَأَتَاهُ قَتله فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي ابرأاليك من دَمه أَن أكون قتلت أَو مالأت على قَتله وَعَن عَلْقَمَة بن وَقاص قَالَ قَالَ عمر بن الْعَاصِ لعُثْمَان رض = وَهُوَ على الْمِنْبَر يَا عُثْمَان إِنَّك قد ركبت بِهَذِهِ الْأمة نهابير من الْأَمر أَي شَدَائِد فتب وليتوبوا مَعَك قَالَ فحول وَجهه إِلَى الْقبْلَة فَرفع يَدَيْهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ أستغفرك وَأَتُوب إِلَيْك وَرفع النَّاس أَيْديهم عَن سبابة بن سوار الْفَزارِيّ قَالَ حَدثنِي إِبْرَاهِيم بن سعد عَن أَبِيه عَن جده قَالَ سَمِعت عُثْمَان بن عَفَّان رض = يَقُول إِن وجدْتُم فِي كتاب الله أَن تضعوا رجْلي فِي قيود فضعوها وروى سيف بن عمر عَن الضريس بن مُعَاوِيَة بن صعصعة عَن هِلَال بن

ذكر منع عثمان رض من الماء

جاوان عَن صعصعة بن مُعَاوِيَة التَّمِيمِي قَالَ أرسل عُثْمَان رض = وَهُوَ مَحْصُور ألى عَليّ وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر وأقوام من الصَّحَابَة رض = فَقَالَ أحضروا غَدا وَكُونُوا حَيْثُ تَسْمَعُونَ مَا أَقُول لهَذِهِ الْخَارِج فَفَعَلُوا وأشرف عَلَيْهِم عُثْمَان رض = فَقَالَ أنْشدكُمْ الله من سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من يَشْتَرِي هَذَا المربد ويزيده فِي مَسْجِدنَا وَله الْجنَّة وأجره فِي الدُّنْيَا مَا بَقِي دَرَجَات لَهُ فاشتريته بِعشْرين الْفَا وزدته فِي الْمَسْجِد قَالُوا اللَّهُمَّ نعم وَقَالَ الْخَوَارِج صدقُوا وَلَكِن غيرت قَالَ أنْشدكُمْ الله من سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من يُجهز جَيش الْعسرَة وَله الْجنَّة فجهزته حَتَّى مَا فقدوا عقَالًا وَلَا خطاما قَالُوا نعم فَقَالَ الْخَوَارِج صدقُوا وَلَكِنَّك غيرت قَالَ أنْشدكُمْ الله من سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من يَشْتَرِي بِئْر رومة وَله الْجنَّة فاشتريتها فَقَالَ أجعلها للْمَسَاكِين وَلَك أجرهَا قَالُوا اللَّهُمَّ نعم وَقَالَ الْخَوَارِج صدقُوا وَلَكِنَّك غيرت وَعدد أَشْيَاء وَقَالَ الله أكبر وَيْلكُمْ خصمتم وَالله كَيفَ يكون من يكون هَذَا لَهُ مغيرا يَا أَيهَا النَّفر من أهل الشورى أعلمُوا أَنهم سيقولون لكم غَدا كَمَا قَالُوا لي الْيَوْم فَلَمَّا خَرجُوا بعد على عَليّ رض = جعل ينشد النَّاس عَن مثل ذَلِك وَيشْهد لَهُ بِهِ وَيَقُولُونَ صدقُوا وَلَكِنَّك غيرت فَقَالَ مَا الْيَوْم قلت وَلَكِنِّي قتلت يَوْم قتل إِبْنِ بَيْضَاء يَعْنِي عُثْمَان رض = رَوَاهُ أَحْمد فِي الْمسند 43 - ذكر منع عُثْمَان رض = من المَاء عَن أبي حَارِث وَأبي عُثْمَان وَمُحَمّد وَطَلْحَة قَالُوا كَانَ الْحصْر أَرْبَعِينَ لَيْلَة وَالنُّزُول سبعين فَلَمَّا مَضَت من الْأَرْبَعين ثَمَانِيَة عشرَة لَيْلَة قدم ركبان من الْوُجُوه فَأخْبرُوا خبر من قد تهيء إِلَيْهِم من الأفاق حبيب من الشَّام

وَمُعَاوِيَة من مصر والقعقاع من الْكُوفَة ومجاشع من البصره فَعندهَا حالوا بَين النَّاس وَبَين عُثْمَان رض = ومانعوه كل شَيْء حَتَّى المَاء وَقد كَانَ يدْخل عَلَيْهِ بالشَّيْء مِمَّا يُرِيد فطلبوا الْعِلَل فَلم تطلع عَلَيْهِم عله فعثروا فرموا بِالْحِجَارَةِ فِي دَاره بالحجاره ليرموا فيقولوا قوتلنا وَذَلِكَ لَيْلًا فناداهم أَلا تَتَّقُون الله أما تعلمُونَ أَن فِي الدَّار غَيْرِي قَالُوا لَا وَالله مَا رميناك قَالَ فَمن رمانا قَالُوا الله قَالَ كَذبْتُمْ إِن الله لَو رمانا لم يخطئنا وَأَنْتُم تخطئوننا ثمَّ أشرف عُثْمَان رض على أل حزم وهم جِيرَانه فسرح إبنان لعمر بن حزم إِلَى عَليّ رض = أَنهم منعونا المَاء فان قدرتم أَن تُرْسِلُوا إِلَيْنَا بِمَاء فَفَعَلُوا وَإِلَى طَلْحَة وَالزُّبَيْر رض = وَإِلَى عَائِشَة رض = وأواج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَانَ أَوَّلهمْ إنجادا لَهُ عَليّ وَأم حبيب رض = جَاءَ عَليّ فِي الْغَلَس فَقَالَ يَا ايها النَّاس ان الَّذِي تَصْنَعُونَ لَا يشبه امْر الْمُؤمنِينَ وَلَا أَمر الْكَافرين لَا تقطعوا عَن هَذَا الرجل الْمَادَّة فَإِن الرّوم وَفَارِس لتأسر فتطعم وتسقي وَمَا تعرض لكم هَذَا الرجل فِي شَيْء فيمَ تستحلون حصره وَقَتله فَقَالُوا لَا وَالله وَلَا نعْمَة عين لَا نتركه يَأْكُل وَلَا يشرب فَرمى بعمامته فِي الدَّار بِأَنِّي قدا نهضت فِيمَا أنهضتني لَهُ فَرجع وجأت ام حَبِيبه رض = على بغلة لَهَا برحاله مُشْتَمل على أدوات فَقيل أم الْمُؤمنِينَ أم حبيب فَضربُوا وَجه بغلتها فَقَالَت أَن وَصَايَا بني أُميَّة إِلَى هَذَا الرجل وَأحب أَن القاه وأسأله عَن ذَلِك كي لَا تهْلك أَمْوَال أَيْتَام وأرامل فَقَالُوا كَاذِب وأهوو لَهَا فَقطعُوا حَبل البغلت بِسيف فندت بِأم حَبِيبه فتلقاها النَّاس وَقد مَالَتْ رحالتها فتعلقوا بهَا فَأَخَذُوهَا وَقد كَادَت تهْلك فَذَهَبُوا بهَا إِلَى بَيتهَا وتجهزة عَائِشَة رض = خَارِجَة إِلَى الْحَج هاربه وَقد أستتبعت أخاها فابى فَقَالَت أما وَالله لَان أستطعت أَن يحرمهم الله مَا يحاولون لَأَفْعَلَنَّ وَجَاء حَنْظَلَة الْكَاذِب حَتَّى قَامَ على مُحَمَّد بن أبي بكر فَقَالَ يَا

مُحَمَّد تستتبعك أم الْمُؤمنِينَ فَلَا تتبعها وتدعوك ذؤبان الْعَرَب إِلَى مَا لَا يحل فتتبعهم فَقَالَ مَا أَنْت وَذَاكَ يَا إِبْنِ التميمة فَقَالَ يَا إِبْنِ الختعمية أَن هَذَا الْأَمر أَن صَار إِلَى التغالب غلبك عَلَيْهِ بنوا عبد منَاف وأنصرف عَنهُ وَهُوَ يَقُول ... عجبت لما يَخُوض النَّاس فِيهِ ... يرْمونَ الْخلَافَة أَن تَزُولَا وَلَو زَالَت لزال الْخَيْر عَنْهُم ... وَلَا قوا بعْدهَا ذلا ذليلا وَكَانُوا كاليهود أَو النَّصَارَى ... سَوَاء كلهم ضلوا السَّبِيل وَلحق بِالْكُوفَةِ وَخرجت عَائِشَة رض = وَهِي ممتلئة غيضا على أهل مصر وجاءها مَرْوَان بن الحكم فَقَالَ ياأم الْمُؤمنِينَ لَو أَقمت كَانَ أَجْدَر أَن يراقبوا هَذَا الرجل فَقَالَت أَتُرِيدُ أَن يصنع بِي كَمَا صنع بِأم حبيب ثمَّ لَا أحد من يَمْنعنِي لَا وَالله لَا أغتر وَلَا أَدْرِي إلام يسلم هَذَا أَمر هَؤُلَاءِ وَبلغ طَلْحَة وَالزُّبَيْر مَا لَقِي عَليّ وَأم حَبِيبَة رض = عَنْهُم فلزموا بُيُوتهم وَبَقِي عُثْمَان رض = يسْقِيه أل حزم فِي الغفلات وَعَلَيْهِم الرقباء وأشرف عُثْمَان رض = على النَّاس فَقَالَ يَا عبد الله بن عَبَّاس فدعي لَهُ فَقَالَ أذهب فَأَنت على الْمَوْسِم وَكَانَ مِمَّا لزم الْبَاب فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لجهاد هَؤُلَاءِ أحب إِلَى من الْحَج فأقسم عَلَيْهِ لينطلقن فَانْطَلق إِبْنِ عَبَّاس رض على الْمَوْسِم تِلْكَ السّنة وَرمى عُثْمَان رض = عَنهُ إِلَى الزبير بوصيته فأنصرف بهَا وَفِي الزبير أختلاف أأدرك مَقْتَله أَو خرج قبله فَقَالَ عُثْمَان رض = {وَيَا قوم لَا يجرمنكم شقاقي أَن يُصِيبكُم مثل مَا أصَاب قوم نوح أَو قوم هود أَو قوم صَالح وَمَا قوم لوط مِنْكُم بِبَعِيد} سُورَة هود 89 اللَّهُمَّ حل بَين الْأَحْزَاب وَبَين مَا يأملون كَمَا فعل بأشياعهم من قبل عَن عبد الْملك بن أبي سُلَيْمَان عَن رجل عَن أبي ليلى الْكِنْدِيّ قَالَ

فأجابه سعيد بن العاص متمثلا ترون إذ ضربا صميما من الذي له جانب ناء عن الحزم معور

كنت غُلَاما لرجل من كنده فادركت عُثْمَان رض = وَأَنا محتلم فرأيته اشرف على النَّاس وَهُوَ مَحْصُور فَقَالَ يَا قوم لَا تقتلوني يَا قوم لَا يجر مِنْكُم شقاقي {يَا قوم إِن قتلتموني كُنْتُم هَكَذَا وَشَبك بَين اصابعه وخنس} عَن عمر وبن مُحَمَّد بعثت ليلى بنت عُمَيْس الى مُحَمَّد بن ابي بكر وَمُحَمّد بن جَعْفَر فَقَالَت ان الْمِصْبَاح يَأْكُل نَفسه ويضيء للنَّاس فَلَا تأثما فِي أَمر تسوقانه إِلَى من الا ياثم فِيهِ فَإِن هَذَا الْأَمر الَّذِي تحاولون الْيَوْم لغيركم غَدا فَاتَّقُوا أَن يكون عَمَلكُمْ الْيَوْم حسر عَلَيْكُم غَدا فلجا وخرجا مغضبين يَقُولَانِ لَا ننسا مَا صنع بِنَا عُثْمَان وَتقول مَا صنع بكما إِلَّا مَا ألزمكما الله فلقيهما سعيد بن الْعَاصِ وَقد كَانَ بَين مُحَمَّد بن أبي بكر وَبَينه شَيْء فَأنكرهُ حِين لقِيه خَارِجا من عِنْد ليلى فتمثل لَهُ فِي تِلْكَ الْحَال بَيْتا ... أستبقي ودك للصديق وَلَا تكن ... قتبا يعَض بغاربي ملحاحا ... فَأَجَابَهُ سعيد بن الْعَاصِ متمثلا ... ترَوْنَ إِذْ ضربا صميما من الَّذِي ... لَهُ جَانب ناء عَن الحزم معور ... 44 - ذكر بذل عُثْمَان رض = نَفسه دون دِمَاء الْمُسلمين قَالُوا جَاءَ زيد بن ثَابت الى عُثْمَان رض = فَقَالَ هَذِه الانصار بِالْبَابِ يَقُولُونَ إِن شِئْت كُنَّا أنصار الله مرَّتَيْنِ فَقَالَ عُثْمَان رض = أما الْقِتَال فَلَا وَعَن أبي صَالح عَن أبي هريره رض = قَالَ دخلت على عُثْمَان رض = يَوْم

الدَّار فَقلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ طَابَ أمضرب فَقَالَ يَا أَبَا هريره أَيَسُرُّك أَن تقتل النَّاس جَمِيعًا وإياي قَالَ قلت فأنك وَالله إِن قتلت رجل فأنك قتلت النَّاس جَمِيعًا قَالَ رجعت وَلم أقَاتل وَعَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عبد الله بن الزبير رض = قَالَ قلت لعُثْمَان يَوْم الدَّار قَاتلهم فوَاللَّه لقد احل الله لَك قِتَالهمْ فَقَالَ لَا وَالله لَا أقاتلهم أبدا قَالَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ وَهُوَ صَائِم قَالَ وَقد كَانَ عُثْمَان رض = عَنهُ أَمر عبد الله بن الزبير رض = على الدَّار قَالَ عُثْمَان رض = من كَانَت لي عَلَيْهِ طَاعَة فليطع عبد الله بن الزبير وَعَن أبن أبي مليكَة عَن عبد الله بن الزبير رض = قَالَ قلت لعُثْمَان رض = يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن مَعَك فِي الدَّار عصباية مستنصرة ينصر الله بأ قل مِنْهُم فَأذن لي فلأقاتل فَقَالَ عُثْمَان رض = أشدك الله رجل أوقال اذكر بِاللَّه رجلا أهراق فِي دَمه أَو قَالَ أهراق فِي دم وَعَن ابْن عون عَن ابْن سِيرِين قَالَ كَانَ مَعَ عُثْمَان رض = يَوْمئِذٍ فِي الدَّار سبعمائه لَو يدعهم لضربوهم إِن شَاءَ الله حَتَّى يخرجوهم من أقطارها مِنْهُم إِبْنِ عمر وَالْحسن إِبْنِ عَليّ وَعبد الله بن الزبير رضى الله عَنْهُم قَالُوا وَأخرج رَأسه من كوَّة يَقُول {أَيهَا النَّاس لَا تقتلوني وإستتيبوني فوَاللَّه لَئِن قتلتموني لَا تصلونَ جَمِيعًا أبدا وَلَا تجاهدون عدوا جَمِيعًا أبدا} ثمَّ قَالَ {وَيَا قوم لَا يجرمنكم شقاقي أَن يُصِيبكُم مثل مَا أصَاب قوم نوح أَو قوم هود أَو قوم صَالح وَمَا قوم لوط مِنْكُم بِبَعِيد} هود 89 وَأرْسل إِلَى عبد الله بن سَلام فَقَالَ مَا ترى قَالَ الْكَفّ الْكَفّ فَإِنَّهُ أبلغ لَك فِي الْحجَّة وروى إِبْنِ سعد بِإِسْنَادِهِ عَن أبي جَعْفَر القارىء مولى ابْن عَبَّاس المَخْزُومِي قَالَ كَانَ المصريون الَّذين حصروا عُثْمَان رض = سِتّمائَة رَأْسهمْ

عبد الرَّحْمَن بن عديس البلوي وكنانة بن بشر بن عتاب الْكِنْدِيّ وَعَمْرو بن الْحمق الْخُزَاعِيّ وَالَّذين قدمُوا من الْكُوفَة مِائَتَيْنِ رَأْسهمْ مَالك الأشتر النَّخعِيّ وَالَّذين قدمُوا من الْبَصْرَة مائَة رجل رَأْسهمْ حَكِيم إِبْنِ جبلة الْعَبْدي وكانو يدا وَاحِدَة فِي الشَّرّ وَكَانَ حثالة من النَّاس قد ضووا إِلَيْهِم قد مرجت عهودهم وأماناتهم مفتونون وَكَانَ أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّذين خذلوه كَرهُوا الْفِتْنَة وظنوا أَن الْأَمر لَا يبلغ إِلَى قَتله فَنَدِمُوا على مَا صَنَعُوا فِي أمره ولعمري لَو قَامُوا أَو قَامَ بَعضهم فَحَثَا فِي وُجُوههم التُّرَاب لَا نصرفوا خاسرين وَلَكِن ليقضي الله أَمر كَانَ مَفْعُولا قَالَ إِبْنِ سعد حَدثنِي الحكم بن الْقَاسِم عَن أبي عون مولى الْمسور إِبْنِ مخرمَة قَالَ مَا زَالَ المصريون كافين عَن دَمه وَعَن الْقِتَال حَتَّى قدمت أَمْدَاد الْعرَاق من الْكُوفَة وَمن الْبَصْرَة وَمن الشَّام فَلَمَّا جَاءُوا شجع الْقَوْم حِين بَلغهُمْ أَن الْبعُوث قد فصلت من الْعرَاق من عِنْد ابْن عَامر وَمن مصر من عِنْد عبد الله بن سعد فَقَالُوا نعاجله قبل أَن تقدم الأمداد قَالُوا وَخرج سعد بن أبي وَقاص رض = حَتَّى دخل على عُثْمَان رض = وَهُوَ مَحْصُور ثمَّ خرج من عِنْده فَرَأى عبد الرَّحْمَن بن عديس ومالكا الأشتر وَحَكِيم بن جبلة فَصَفَّقَ بيدَيْهِ إِحْدَاهمَا على الْأُخْرَى ثمَّ أظهر الْكَلَام فَقَالَ وَالله إِن أمرا هَؤُلَاءِ رؤساؤه لأمر سوء

الْبَاب السَّابِع فِي ذكر قتل عُثْمَان رض = قد ذكرنَا انه لما عَاد المصريون ألى المدينه خرج أليهم مُحَمَّد بن مسلمه فَسَأَلَهُمْ عَن سَبَب عودهم فأخرجواصحيفه فِي أنبوب رصاص وَقَالُوا وجدناها مَعَ غُلَام لعُثْمَان يَأْمر فِيهَا بجلد عبد الرَّحْمَن بن عديس وَعمر بن الاحمق وَعُرْوَة بن النباع وحبسهم وَحقّ رؤوسهم ولحاهم وصلب بَعضهم وَلما عَادوا عَاد الْكُوفِيُّونَ والبصريون وَدخل على وَمُحَمّد بن مسلمه على عُثْمَان رض = عَنْهُم فَأَخْبَرَاهُ بقول المصرين فأقسم بِاللَّه مَا كتب وَلَا علم ولاأمرى بِهِ فَقَالَ مُحَمَّد صدق هَذَا منفعل مَرْوَان وَدخل عَلَيْهِ المصريون فَلم يسلمُوا عَلَيْهِ بالخلافه قَالُوا لَهُ أَخْلَع نَفسك فَقَالَ لَا أنزع قَمِيصًا البسنيه الله وَلَكِنِّي أَتُوب وَكَثُرت الْأَصْوَات واللغط فَقَامَ عَليّ رض = فَخرج وَأخرج المصريون وحصروا عُثْمَان رض = فَكتب الى مُعَاوِيه الى أبن عَامر وأمرأء الأجناد يستنجدهم وَيَأْمُرهُمْ بالتعجيل وإرسال الْجنُود إِلَيْهِ فَتوجه جنود الشَّام نَحوه فَلَمَّا كَانُوا بوادي الْقرى بَلغهُمْ قَتله فَرَجَعُوا وَسَار جند الْبَصْرَة مَعَ مجاشع بن مسعودفبلغوا الربذَة وَبَلغت

مقدمتهم صرارا من نَاحيَة المدينه وأتاهم قَتله فَرَجَعُوا وَقيل أَن عُثْمَان امْر عليا رض = عَنْهُمَا أَن يردهم ويعطيهم كل مَا يرضيهم ليطاولهم فَأَجَابَهُ وَكَتَبُوا بَينهم كتابا على رد كل مظْلمَة وعزل كل عَامل كرهوه فَكف النَّاس فَجعل يستعد ويتأهب لِلْقِتَالِ وَاتخذ جندا وَمضى الْأَجَل وَلم يُغير شَيْئا وَخرج عَمْرو بن حزم الأنصري الى المصريين واعلمهم الْحَال وهم بِذِي خشب فقدموا المدينه وحصروه وأشتد الْحصار ومنعوهم المَاء فَأَشْرَف عَلَيْهِم فَسلم عَلَيْهِم ثمَّ قَالَ أنْشدكُمْ الله هَل تعلمُونَ أَنِّي أشتريت بِئْر رومة مَالِي ليستعذب بهَا وَجعلت رشائي فِيهَا كَرجل من الْمُسلمين فَقَالُوا نعم قَالَ فَلم تَمْنَعُونِي أَن أشْرب مِنْهَا حَتَّى أفطر على مَاء الْبَحْر ثمَّ قَالَ انشدكم الله هَل تعلمُونَ أَنِّي أشتريت ارْض كَذَا فزدتها فِي الْمَسْجِد قَالُوا نعم قَالَ فَهَل علمْتُم أَن أحدا منع ان يُصَلِّي فِيهِ قبلي ثمَّ قَالَ أنْشدكُمْ الله هَل تعلمُونَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ عني كَذَا وَكَذَا لِأَشْيَاء فِيهِ شانه فَجعل النَّاس يَقُولُونَ مهلا عَن أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَامَ الأشتر فَقَالَ قد مكر بِهِ وبكم فجدوا فِي قِتَاله روى مُحَمَّد بن سعد بِإِسْنَادِهِ عَن أبي عون عَن الْحسن قَالَ أنبأني وثاب وَكَانَ مِمَّن أدْركهُ عتق أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر رض = فَكَانَ بَين يَدي عُثْمَان قَالَ دَعَاني عُثْمَان رض = فدعوت لَهُ الأشتر فجَاء قَالَ أَبُو عون أَظُنهُ قَالَ فطرحت لأمير الْمُؤمنِينَ وسَادَة وَله وسَادَة فَقَالَ يَا اشْتَرِ مَا يُرِيد النَّاس مني قَالَ ثَلَاث لَيْسَ لَك من أحداهن بُد فَقَالَ مَا هن قَالَ يخيرونك بَين أَن تخلع لَهُم أَمرهم ققول هَذَا أَمركُم فَاخْتَارُوا لَهُ من شِئْتُم وَبَين أَن تقص من نَفسك فَإِن أَبيت هَاتين فَإِن الْقَوْم قاتلوك قَالَ

أما من أحداهن بُد قَالَ لَا من أحداهن بُد قَالَ عُثْمَان رض = اما أَن أَخْلَع لَهُم امرهم فَمَا كنت لأخلع سربالا سربلنيه الله وَفِي روايه قَالَ وَالله لِأَن أقدم فَتضْرب عنقِي أحب الي من أَن أَخْلَع أمتة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَعْضهَا على بعض وَأما أَن أقص من نسي فوَاللَّه لقد علمت أَن صَاحِبي بَين يَدي قد كَانَا يعاقبان وَمَا يقوم بدني للْقصَاص وأماأن يقتلوني فوَاللَّه لَئِن يقتلوني لَا يتحابوا بعدِي أبدا وَلَا يصلوا بعدِي جَمِيعًا ابدا وَلَا يقاتلوا بعد ي عدوا جَمِيعًا ابدا ثمَّ قَامَ فَانْطَلق وَعَن مُحَمَّد وطلحه وابي حارثه وَأبي عُثْمَان قَالُوا لما قدم السَّابِق الَّذِي مضى ليكشف خبر النَّاس واخبرهم عَن اهل الْمَوْسِم أَنهم يُرِيدُونَ جَمِيعًا المصريين واشياعهم وَأَنَّهُمْ يُرِيدُونَ أَن يجمعوا ذَلِك الى حجهم فَلَمَّا اتاهم ذَلِك عَنْهُم مَعَ مَا بَلغهُمْ من نفور اهل الامصار أعلقهم الشَّيْطَان وَقَالُوا لَا يخرجنا مِمَّا وقعنا فِيهِ إِلَّا قتل هَذَا الرجل فيشتغل بذلك النَّاس عَنَّا وَلم تبْق خصْلَة يرجون بهَا النجَاة إِلَّا قَتله فراموا الْبَاب فَمَنعهُمْ من ذَلِك الْحسن وَابْن الزبير وَمُحَمّد بن طَلْحَة ومروان بن الحكم وَسَعِيد بن الْعَاصِ وَمن كَانَ من ابناء الصحابه وَمن قَامَ مَعَهم واجتلدوا أوقتتلوا فَنًّا داهم عُثْمَان رض = الله الله انتم فِي حل من نصرتي فأبواففتح الْبَاب وَخرج وَمَعَهُ الترس وَالسيف ليمنعهم فَلَمَّا رَأَوْهُ أدبر المصريون وركبهم هَؤُلَاءِ فزجرهم فتراجعوا وَعظم على الْفَرِيقَيْنِ وَأقسم على أَصْحَابه ليدخلن إِذا أَبَوا أَن ينصرفوا ودخلوا فأغلق الْبَاب دون المصريين وَقد كَانَ الْمُغيرَة بن الْأَخْنَس بن شريق فِيمَن حج ثمَّ تعجل فِي نفر حجُّوا مَعَه فَأدْرك عُثْمَان رض قبل أَن يقتل وَشهد المناوشة وَدخل

الدَّار فِيمَن دخل وَجلسَ على الْبَاب من دَاخل وَقَالَ مَا عذرنا عِنْد الله إِن نَحن تَرَكْنَاهُ وَنحن نستطيع أَلا ندعهم حَتَّى نموت وَاتخذ عُثْمَان رض = الْقُرْآن الْكَرِيم تِلْكَ الْأَيَّام نجيا يُصَلِّي وَعِنْده الْمُصحف فَإِذا أعيا جلس فَقَرَأَ فِيهِ وَكَانُوا يعدون الْقِرَاءَة فِي الْمُصحف من الْعِبَادَة وَكَانَ الْقَوْم الَّذِي كفكفهم بَينه وَبَين الْبَاب فَلَمَّا بَقِي المصريون لَا يمنعهُم أحد من الْبَاب وَلَا يقدرُونَ على الدُّخُول جَاءُوا بِنَار فأحرقوا الْبَاب والسقيفة فتأجج الْبَاب والسقيفة حَتَّى إِذا أحترق الْخشب خرت السَّقِيفَة على الْبَاب وثار أهل الدَّار وَعُثْمَان رض = يُصَلِّي حَتَّى منعوهم من الدُّخُول وَكَانَ عُثْمَان رض = قد أفْتَتح طه مَا شغله مَا سمع مَا يخطىء وَلَا يتتعتع حَتَّى أَتَى عَلَيْهَا فَلَمَّا فرغ جلس إِلَى الْمُصحف يقْرَأ فِيهِ {الَّذين قَالَ لَهُم النَّاس إِن النَّاس قد جمعُوا لكم فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُم إِيمَانًا وَقَالُوا حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل} ال عمرَان 173 وَقَالَ لمن عِنْده إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عهد إِلَى عهدا فَأَنا صابر عَلَيْهِ وَلم يحرقوا الْبَاب إِلَّا وهم يطْلبُونَ مَا هُوَ أعظم مِنْهُ وَأقسم على من عِنْده أَلا يقاتلوا وَأمرهمْ بِالْخرُوجِ فَخرج الْحسن بن عَليّ رض = وَهُوَ يَقُول ... لَا دينهم ديني وَلَا أَنا مِنْهُم ... حَتَّى نصير إِلَى طمار شمام ... ثمَّ خرج مُحَمَّد بن طَلْحَة رض = وَهُوَ يَقُول ... أَنا ابْن من حامي عَلَيْهِ بِأحد ... ورد أحزابا على رغم معد ... وَخرج سعد بن الْعَاصِ وَهُوَ يَقُول ... صَبرنَا غَدَاة الدَّار وَالْمَوْت واقب ... بأسيافنا دون أبن أروى نضارب وَكُنَّا غَدَاة الروع فِي الدَّار نصْرَة ... نشافههم بِالضَّرْبِ وَالْمَوْت ثاقب ...

وَكَانَ آخر من خرج عبد الله بن الزبير رض = أرْسلهُ عُثْمَان رض = إِلَى أَبِيه فِي وَصيته وَأمره أَن يَأْتِي أهل الدَّار فيأمرهم بالانصراف ألى مَنَازِلهمْ فَخرج عبد الله آخِرهم وَكَانَ يحدث النَّاس بآخر مَا كَانَ عَلَيْهِ قَالَ آخر وَصِيَّة أوصى بهَا عُثْمَان رض = اللَّهُمَّ إِنِّي أوصِي من أَطَاعَنِي بتقواك وطاعتك والأستقام حَتَّى الْمَمَات والأستعانة بك والأستغناء والتعري عَن الدُّنْيَا والأكتفاء بِاللَّه يَا عباد الله إِن الله جَاعل ل برهانا يسْتَدلّ بِهِ على مَا لدي ومهلك قاتلي لِأَنِّي لم أت شَيْئا وَلم أَدَعهُ إِلَّا أردْت بِهِ الله أثرت فِيهِ ديني وخلقه على نَفسِي اللَّهُمَّ أياك أعبد وأياك أدعوا وأستعين وأياك أشكر وَبِك أكتفي فَإِن عجلت لَهُم عذَابا دون الْعَذَاب الْأَكْبَر فابلهم بِالْحيرَةِ حَتَّى لَا يهتدوا لأمر دنيا وَلَا أَخّرهُ وأغر بهم خلقك وأرهم أَعْمَالهم حسرات عَلَيْهِم وَنكل بهم من بعدهمْ وَأَقْبل أَبُو هُرَيْرَة رض = وَالنَّاس محجمون عَن الدَّار إِلَّا أُولَئِكَ العصبية فدسروا وأقتتلوا فَقَامَ مَعَهم فَقَالَ هَذَا يومم طابم ضرابم وَهَذِه لُغَة دوس ونادى {وَيَا قوم مَا لي أدعوكم إِلَى النجَاة وتدعونني إِلَى النَّار} غَافِر 41 وبارز مَرْوَان يَوْمئِذٍ ونادى رجلا رجلا فبرز لَهُ رجل من بني لَيْث يدعى النباع فاختلفا ضربتين فَضَربهُ مَرْوَان أَسْفَل رجلَيْهِ وضربه الْأُخَر على أصل الْعُنُق فانكب مَرْوَان واستلقى الْأُخَر فاجتر هَذَا أَصْحَابه وأجتر الْأُخَر أَصْحَابه عَن مُحَمَّد بن أسحق عَن يَعْقُوب بن عتبَة بن الْمُغيرَة بن الْأَخْنَس عَن الْحَارِث أبن أبي بكر عَن أَبِيه أبي بكر بن الْحَارِث بن هِشَام قَالَ إِنِّي وَالله لقائم انْظُر عُثْمَان رض = محصورا فِي الدَّار إِذْ حرق الْبَاب فَخرج أهل الدَّار على الْقَوْم بِأَيْدِيهِم السيوف ففتحوا وَقَالَ مَرْوَان من يبارز وَعبد الرَّحْمَن بن عديس جَالس لأَصْحَابه فَقَالَ لشاب جسيم أحد بني النباع من

ذكرهجوا القوم على عثمان رض

بني لَيْث قُم إِلَيْهِ فبارزه فَوَثَبَ الرجل فَاسْتَوَى قَائِما كَأَنِّي أنظر إِلَيْهِ قد أَخذ أَسْفَل درعه فَجعله فِي منطقته فَخرجت سَاقه وَأبْصر مَرْوَان سَاقه وعورته وَخرجت أم إِبْرَاهِيم بن عدي الْكِنَانِي يَوْمئِذٍ فِيمَا حَدثنَا اسماعيل تَقول إِن أَمِير الْمُؤمنِينَ يقسم عَلَيْك لترجعن فَلم يفعل وأهوى لساقه فَضَربهُ الْأُخَر على عُنُقه فَاسْتَدَارَ فَوَقع وَوَقع الْأُخَر على أسته فَلَمَّا وَقع مَرْوَان وثب عَلَيْهِ عبيد بن أم رَافع ليدفف عَلَيْهِ فأكبت عَلَيْهِ أم إِبْرَاهِيم وَكَانَت قد أرضعت عبد الْملك بن مَرْوَان فَقَالَت مَا تُرِيدُ إِلَى الحم أَن تقطعه إِن كُنْتُم تُرِيدُونَ قَتله فقد قَتَلْتُمُوهُ فاستحيا الْأُخَر وَانْصَرف واحتملت الْأُخْرَى مَرْوَان فأدخللته بَيتهَا وَعَن غبن أسحق قَالَ أقبل الْمُغيرَة بن الْأَخْنَس فَقَالَ مَا عُذْري عندالله إِذا لَقيته وَقد خذلتك وَكَانَ قد حج فتعجل فِي يَوْمَيْنِ فَأقبل فَأدْرك عُثْمَان رض = وَهُوَ مَحْصُور فنصره وَفِي رِوَايَة فأستاذنه فِي الْقِتَال فَأبى وَعَن أبي عمر عَن الْحسن قَالَ قلت أتعقل مقتل عُثْمَان رض = قَالَ نعم قلت فَهَل تعرف أحدا قَامَ بذلك قَالَ نعم قهر الرجل فَلم يجد ناصرا فجَاء أَبُو هُرَيْرَة وَسعد بن مَالك رض = فجثيا بحياله وناديا يَا عُثْمَان أَبَد لنا صفحتك فَأَشْرَف عَلَيْهِمَا وَقَالَ وَالله لَا تقتلان نفسيكما إِن رَأَيْتُمَا الطَّاعَة فانصرفا فَقَالَ وَالله ليضربنهم الله بذل وَلَا ينَال بهم إِبْلِيس مني أمرا يدْخل بِهِ على سُلْطَان الله عز وَجل دخلا بَينهم 46 - ذكرهجوا الْقَوْم على عُثْمَان رض = عَن مُحَمَّد وَطَلْحَة وَأبي حَارِث وَأبي عُثْمَان قَالُوا قَالَ المصريون أما وَالله لَوْلَا أَن تَكُونُوا حجَّة علينا فِي الْأمة لقد قتلناكم بعد تنحوا فَقَالَ

فأجابه صاحبه وقال الناس قتل المغيرة بن الأخنس فقال الذي قتله إنا لله فقال عبد الرحمان بن عديس مالك فقال إني اتيت فيما يرى النائم فقيل لي بشر قاتل الاخنس بالنار وابتليت به وقتل قباث الكناني نيار بن عبد الله الاسلمي قالوا واقتحم الناس الدار من الدور

الْمُغيرَة بن الْأَخْنَس من يبارز فبرز لَهُ رجل فاجتلد وَهُوَ يَقُول ... اضربهم باليابس ضرب غُلَام عَابس من الْحَيَاة ايس ... فَأَجَابَهُ صَاحبه وَقَالَ النَّاس قتل الْمُغيرَة بن الْأَخْنَس فَقَالَ الَّذِي قَتله إِنَّا لله فَقَالَ عبد الرحمان بن عديس مَالك فَقَالَ إِنِّي اتيت فِيمَا يرى النَّائِم فَقيل لي بشر قَاتل الاخنس بالنَّار وابتليت بِهِ وَقتل قباث الْكِنَانِي نيار بن عبد الله الاسلمي قَالُوا واقتحم النَّاس الدَّار من الدّور الَّتِي حولهَا دخلُوا من دَار عمر وبن حزم حَتَّى ملأوها وَلَا يشْعر الَّذين بِالْبَابِ وَغلب النَّاس على عُثْمَان رض = واقبلت الْقَبَائِل على ابنائهم فَذَهَبُوا بهم إِذْ غلبوا على أَمِيرهمْ وَندب لَهُ رجل يقْتله فَانْتدبَ رجل فَدخل عَلَيْهِ الْبَيْت فَقَالَ أخلعها وَنَدَعك وَقَالَ لَهُ وَيحك وَالله مَا كشفت أمرأه فِي جاهليه وَلَا أسلم وَلَا تَغَنَّيْت وَلَا تمنيت وَلَا وضعت يَمِيني على عورتي مُنْذُ بَايَعت رَسُول الله وَلست خالعا قَمِيص كسانيه الله وَأَنا على مَكَاني حَتَّى يكرم الله أهل السعاده ويهين أهل الشقاوه وفخرج فَقَالُوا مَا صنعت فَقَالَ علقنا وَالله مَا يحل لنا قَتله وَلَا ينجينا من النَّاس إِلَّا قَتله فأدخلوا عَلَيْهِ رجلا من بني لَيْث فَقَالَ لَهُ عُثْمَان مِمَّن الرجل ليثي فَقَالَ لست صَاحِبي قَالَ وَكَيف فَقَالَ أَلَسْت الَّذِي دَعَا لَك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي نفر أَن تحفظُوا فِي يَوْم كَذَا وَكَذَا قَالَ بِلَا قَالَ فَلم تصنع فَرجع وَفَارق الْقَوْم فأدخلوا عَلَيْهِ رجل من قُرَيْش فَقَالَ يَا عُثْمَان إِنِّي قَاتلك قَالَ كلا يَا فلَان لَا تقتلني قَالَ كَيفَ قَالَ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أسْتَغْفر لَك يَوْم كَذَا وَكَذَا فَلَنْ تقارف دَمًا حرَام فَاسْتَغْفر وَرجع وَفَارق أَصْحَابه وَأَقْبل عبد الله بن سَلام حَتَّى قَامَ على بَاب الدَّار يُنْهِي عَن قَتله وَقَالَ يَا قوم لَا تسلوا سيف الله عَلَيْكُم فوَاللَّه إِن

سللتموه لَا يغمد وَيْلكُمْ أَن سلطانكم الْيَوْم يقوم بِالدرةِ وَإِن قَتَلْتُمُوهُ لم يقم إِلَّا بِالسَّيْفِ وَيْلكُمْ أَن مدينتكم هَذِه محفوفه بملائكة الله وَالله لَئِن قَتَلْتُمُوهُ ليتركنها فَقَالُوا يَا بن الْيَهُودِيَّة وَمَا أَنْت وَهَذَا فَرجع عَنْهُم وَعَن يُونُس الطنافسي عَن مُحَمَّد بن يُوسُف بن جد عبد الله بن سَلام قَالَ قلت للمصريين لَا تقتلوه فَأن الله قد رفع عَنْكُم سيف الْفِتْنَة مُنْذُ بعث نَبينَا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَا يزَال مَرْفُوعا عَنْكُم حَتَّى تقتلُوا إمامكم فَأن قَتَلْتُمُوهُ سل الله عَلَيْكُم سيف الْفِتْنَة ثمَّ لَا يرفعهُ عَنْكُم حَتَّى يخرج عِيسَى بن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام والثانيه مدينتكم لم تزل محفوفة بملائكة مُنْذُ نزلها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَئِن قَتَلْتُمُوهُ ليرتفعن عَنْهَا ثمَّ لَا يحفونها حَتَّى تلتقوا عِنْد الله وَالثَّالِث تالله لقد حق لَهُ عَلَيْكُم مَا يحِق للوالد على ولد هـ أَن رأه نَائِما لَا يوقظه وَالرَّابِعَة لتستكمل الْحجَّة حِين يُؤْتى على أَجله وَلَوْلَا مَا على الْعلمَاء لعَلِمت أَن مَا هُوَ كَائِن سَيكون فَشَتَمُوهُ وهموا بِهِ فَانْصَرف عَنْهُم عَن مُحَمَّد وَطَلْحَة وَأبي حارثه وَأبي عُثْمَان قَالُوا كَانَ أخر من دخل عَلَيْهِ مِمَّن رَجَعَ إِلَى الْقَوْم مُحَمَّد بن أبي بكر فَقَالَ لَهُ عُثْمَان رض = وَيلك أَعلَى الله تغْضب هَل لي إِلَيْك جرم إلاحقه الَّذِي أَخَذته مِنْك فنكل وَرجع وَعَن الْغُصْن بن الْقَاسِم عَن رجل عَن خنساء مولاة أُسَامَة بن زيد وَكَانَت تكون مَعَ نائله بنت الفرافضة أمْرَأَة عُثْمَان رض = أَنَّهَا كَانَت فِي الدَّار يَوْمئِذٍ فَدخل عَلَيْهِ مُحَمَّد بن أبي بكر فَأخذ بلحيته وأهوى بمشاقص مَعَه ليجأ بهَا فِي حلقه فَقَالَ مهلا إِبْنِ أخي فوَاللَّه لقد أخذت مأخوذا مَا كَانَ أَبوك ليَأْخُذ بِهِ فَتَركه وأنصرف مستحيا نَادِما فستقبله الْقَوْم على بَاب

الصّفة فردهم طَويلا حَتَّى غلبوه فَدَخَلُوا عَلَيْهِ وَخرج مُحَمَّد رَاجعا فَأَتَاهُ رجل بِيَدِهِ حَدِيد يقدمهم حَتَّى قَامَ على عُثْمَان رض = فَضرب بهَا رَأسه فَشَجَّهُ فقطر دَمه على الْمُصحف حَتَّى لطخه ثمَّ تعاوروا عَلَيْهِ فَضَربهُ على الثدي بِالسَّيْفِ فَسقط وَوَثَبْت نائله بنت الفرافصه الكلبيه فصاحت وَأَلْقَتْ نَفسهَا عَلَيْهِ وَقَالَت يَا بنت شيبا أيقتل أَمِير الْمُؤمنِينَ وَأخذت السَّيْف فَقطع الرجل يَدهَا وانتهبوا مَتَاع الْبَيْت وَمر رجل على عُثْمَان رض = وَرَأسه على الْمُصحف فَضرب رَأسه بِرجلِهِ ونحاه عَن الْمُصحف وَقَالَ مَا رَأَيْت كَالْيَوْمِ وَجه كَافِر أحسن وَلَا مَضْجَع كَافِر أكْرم فَلَا وَالله مَا تركُوا فِي دَاره شَيْئا حَتَّى الأقداح أَلا ذَهَبُوا بِهِ وَقَالَ مُحَمَّد بن سعد فِي = كتاب الطَّبَقَات أَنهم لما دخلُوا على عُثْمَان رض = جَاءَ رويجل كَأَنَّهُ ذِئْب فَأطلع فِي الْبَاب ثمَّ رَجَعَ فجَاء مُحَمَّد بن أبي بكر فِي ثَلَاثَة عشر رجلا حَتَّى أنْتَهى إِلَى عُثْمَان رض = فَأخذ بلحيته فَقَالَ بهَا حَتَّى سمع وَقع أَضْرَاسه وفقال مَا أغْنى عَنْك مُعَاوِيَة مَا أغْنى عَنْك إِبْنِ عَامر مَا أغنت عَنْك كتبك فَقَالَ أرسل لي لحيتي يَا إِبْنِ أخي أرسل لي لحيتي يَا بن أخي أرسل لحيتي يَابْنَ أخي قَالَ فاستعدى عَلَيْهِ رجل من الْقَوْم بِعَيْنِه فَقَامَ إِلَيْهِ بمشقص حَتَّى وجأ بِهِ فِي رَأسه ثمَّ أعتوروا عَلَيْهِ فَقَتَلُوهُ وروى أَيْضا عَن مُحَمَّد بن عمر قَالَ حَدثنِي عبد الرحمان بن عبد الْعَزِيز عَن عبد الرحمان بن مُحَمَّد بن عبد أَن مُحَمَّد بن أبي بكر تسور على عُثْمَان رض = من دَار عَمْرو بن حزم وَمَعَهُ كنَانَة بن بشر بن عتاب وسودان ابْن حمْرَان وَعَمْرو بن الْحمق فوجدوا عُثْمَان رض عِنْد أمْرَأَته نائله وَهُوَ يقْرَأ الْمُصحف فِي سُورَة الْبَقر فتقدمه مُحَمَّد بن أبي بكر

فَأخذ بلحية عُثْمَان رض = فَقَالَ قد أخزاك الله يَا نعثل فَقَالَ عُثْمَان رض = لست بنعثل وَلَكِنِّي عبد الله وأمير الْمُؤمنِينَ وَقَالَ مُحَمَّد ماأغنى عَنْك مُعَاوِيَة وَفُلَان وَفُلَان فَقَالَ عُثْمَان رض يَا بن أخي دع عَنْك لحيتي فماكان أَبوك ليقْبض على مَا قبضت عَلَيْهِ فَقَالَ مُحَمَّد مَا أُرِيد بك أَشد من قبضي على لحيتك فَقَالَ عُثْمَان رض أستنصر الله عَلَيْك وأستعين بِهِ ثمَّ طعن جَبينه بمشقص فِي يَده وَرفع كنَانَة بن بشر مشاقص كَانَت فِي يَد هـ فوجأ فِي أصل أذن عُثْمَان رض = فمضت حَتَّى دخلت فِي حلقه ثمَّ علاهُ بِالسَّيْفِ حَتَّى قَتله وَهَذَا يدل على أَن مُحَمَّد بن أبي بكر بَاشر قتل عُثْمَان رض = بِنَفسِهِ وَقَالَ إِبْنِ أبي عون ضرب كنَانَة بن بشر جَبينه ومقدم رَأسه بعمود حَدِيد فَخر لجنبه وضربه سودان بن حمْرَان الْمرَادِي بَعْدَمَا خر لجنبه فَقتله وَأما عَمْرو بن الْحمق الْحمق فَوَثَبَ على عُثْمَان رض = فَجَلَسَ على صَدره وَبِه رَمق فطعنه تسع طعنات وَقَالَ أما ثَلَاث مِنْهُنَّ فَإِنِّي طعنتهن لله وَمَا سِتّ فَإِنِّي طعنته أياهن لما كَانَ فِي صَدْرِي عَلَيْهِ وَقَالَ مُحَمَّد بن عمر حَدثنِي الزبير إِبْنِ عبد الله عَن جدته قَالَت لما ضربه كنانه بن بشر بالمشاقص قَالَ عُثْمَان رض بِسم الله توكلت على الله وَإِذا الدَّم يسيل على لحيته يقطر والمصحف بَين يَدَيْهِ فاتكأعلى شقَّه الْأَيْسَر وَهُوَ يَقُول سُبْحَانَ الله الْعَظِيم وَهُوَ فِي ذَلِك يقْرَأ الْمُصحف وَالدَّم يسيل على الْمُصحف حَتَّى وقف الدَّم عِنْد قَوْله تَعَالَى {فَسَيَكْفِيكَهُم الله وَهُوَ السَّمِيع الْعَلِيم} سُورَة الْبَقر 137 وأطبق الْمُصحف وضربوه جَمِيعًا ضَرْبَة وَاحِدَة فَقَتَلُوهُ الله بِأبي هُوَ يحيي اللَّيْل فِي ركعه ويصل الرَّحِم وَيطْعم الملهوف وَيحمل الْكل فرحمه الله عَن عبد الله بن سعيد بن ثَابت قَالَ رَأَيْت مصحف عُثْمَان رض =

ونضح الدِّمَاء فِيهِ على أَشْيَاء من الْوَعْد والوعيد وَكَانَ ذَلِك عِنْد النَّاس من الأيات وروى سيف بن عمر بِإِسْنَادِهِ قَالَ لما خرج مُحَمَّد بن أبي بكر من عِنْد عُثْمَان رض وَعرفُوا انكسار ثار قتيرة وسودان بن حمْرَان السكونيان والغافقي فَضَربهُ الغافقي بحديدة مَعَه وَضرب الْمُصحف بِرجلِهِ فَاسْتَدَارَ الْمُصحف وانتشر فاستقر بَين يَدي عُثْمَان رض = وسالت عَلَيْهِ الدِّمَاء وَجَاء سودان بن حمْرَان ليضربه فأكبت عَلَيْهِ نائله واتقت السَّيْف بِيَدِهَا فتعمدها ونفح أصابعها فأطن أَصَابِع يَدهَا فَوَلَّتْ فغمز أوراكها وَقَالَ إِنَّهَا لكبيرة العكيزة يَعْنِي العجيزة وَهَذَا يدل على أَن مُحَمَّد بن أبي بكر لم يُبَاشر الْقَتْل وَكَانَ قد دخل مَعَ الْقَوْم غلمة لعُثْمَان لِيَنْصُرهُ وَكَانَ عُثْمَان رض = قد أعتق من كف مِنْهُم فَلَمَّا رأى أحد العبيد سودان قد ضربه أَهْوى إِلَيْهِ فَضرب عُنُقه ووثب قتيرة على الْغُلَام فَقتله وأنتبهوا مَا فِي الْبَيْت وأخرجوا من فِيهِ ثمَّ أغلقوه على ثَلَاثَة قَتْلَى فَلَمَّا دخلُوا الدَّار وثب غُلَام أخر لعُثْمَان رض = على قطير فَضَربهُ فَقتله وَدَار الْقَوْم فَأخذُوا مَا وجد حَتَّى تناولوا مَا على النِّسَاء وَأخذ رجل ملاءة نائله وأسم الرجل كُلْثُوم التجِيبِي فتنحت نائله فَقَالَ وَيْح أمك من عكيز مَا أتمك فَضَربهُ غُلَام أخر لعُثْمَان فَقتله وَقتل الْغُلَام أَيْضا فتنادى الْقَوْم فِي الدَّار أدركوا بَيت المَال لَا تسبقوا إِلَيْهِ وَسمع أَصْحَاب بَيت المَال اصواتهم وَلَيْسَ فِيهِ إِلَّا غِرَارَتَانِ فَقَالُوا النَّجَاء أَن الْقَوْم أَنما يحاولون الدُّنْيَا فَهَرَبُوا وأتو بَيت المَال فانتهبوه وماج النَّاس فَمنهمْ

ذكر المال الذي خلفه رضي الله عنه

من يسترجع ويبكي وَمِنْهُم من يسْعَى ويفرح قَالَ إِبْنِ ألاثير وَلما قَتَلُوهُ أَرَادو حز رَأسه فَوَقَعت عَلَيْهِ نائلة وَأم الْبَنِينَ يصحن ويضربن الْوُجُوه فَقَالَ عبد الرحمان بن عديس إتركوه وَأَقْبل عُمَيْر بن ضابىء فَوَثَبَ عَلَيْهِ فَكسر ضلعا من أضلاعه وَقَالَ سجنت أبي حَتَّى مَاتَ فِي السجْن قَالَ وَالَّذِي قَتله سودان بن حمْرَان وَقيل قَتله كنانه ابْن بشر التجِيبِي لَعنه الله وَلعن أَصْحَابه وَجَمِيع من اعان على قتل عُثْمَان رض = أورضى بِهِ وَكَانَ عُثْمَان رأى النَّبِي صلى الله عَليّ وَسلم تِلْكَ الليله يَقُول لَهُ إِنَّك تفطر الليله عندنَا وَكَانَ قتل عُثْمَان رض = لثماني عشرَة حلت من ذِي الحجه سنة وَخمْس وَثَلَاثِينَ وَقيل سنه سِتّ وَثَلَاثِينَ قَالَ الزُّهْرِيّ قتل عُثْمَان رض = عِنْد صَلَاة الْعَصْر وَقيل بل قبل أَيَّام التَّشْرِيق وَكَانَ عمره أثنتين وَثَمَانِينَ سنه وَقيل ثمانيا وَثَمَانِينَ وَقيل تسعين سنه وَقيل سِتا وَثَمَانِينَ سنه وَقيل خمْسا وَسبعين وَكَانَت خِلَافَته أثنتي عشر سنه إلاأثني عشر طيوما وَقيل أَلا ثمانيه أَيَّام وَالله أعلم بذلك وَعَن سهل عَن الْقَاسِم قَالَ ماأراد القومأ الا خلعه فَلَمَّا مغثوه مَاتَ فضربوه باسيافهم 47 - ذكر المَال الَّذِي خَلفه رَضِي الله عَنهُ لما قتل عُثْمَان رض = دخل الغوغاء دَاره فصاح إِنْسَان مِنْهُم أَيحلُّ دم عُثْمَان ولايحل مَاله فانتهبوا مَتَاعه فَقَامَتْ نائلة وَقَالَت لصوص وَرب الْكَعْبَة يَا أَعدَاء الله مَا ركبتم من دم عُثْمَان أعظم وَالله لقد قَتَلْتُمُوهُ صواما قواما يقرآ القرأن فِي رَكْعَة ثمَّ خرج النَّاس من دَار عُثْمَان رض وأغلق الْبَاب على ثَلَاثَة قَتْلَى عُثْمَان رض = وَعبد عُثْمَان الْأسود وكنانة بن بشر

ذكر الصلاة عليه ودفنه رض

وروى إِبْنِ سعد فِي الطَّبَقَات باسناده عَن الزُّهْرِيّ عَن عبيد الله بن عبد الله ب عتبَة قَالَ كَانَ لعُثْمَان بن عَفَّان رض = عِنْد خازنة يَوْمًا قتل ثَلَاثُونَ ألف ألف دِرْهَم وَخَمْسمِائة الْفَا دِرْهَم وَخَمْسُونَ وَمِائَة ألف دِينَار فانتهبت وَذَهَبت وَترك ألف بعير بالربذة وَترك صدقَات كَانَ تصدق بهَا ببئر أريس وبئر رومة وخيبر ووادي الْقرى بِقِيمَة مِائَتي ألف دِينَار 48 - ذكر الصَّلَاة عَلَيْهِ وَدَفنه رض = قتل عُثْمَان رض يَوْم الْجُمُعَة بعد الْعَصْر وَدفن لَيْلَة السبت من تِلْكَ اللَّيْلَة هَذَا هُوَ الصَّحِيح الَّذِي ذكره أهل التواريخ وَالسير وَقَالَ إِبْنِ الْأَثِير فِي تَارِيخه قيل بَقِي عُثْمَان رض = ثَلَاثَة أَيَّام لَا يدْفن وَالْأول أثبت ثمَّ أَن حَكِيم بن حزَام وَجبير بن مطعم كلما عليا رض = فِي دَفنه فَفعل فَلَمَّا سمع بذلك من قَتله قعدوا لَهُ فِي الطَّرِيق بِالْحِجَارَةِ وَخرج بِهِ نَاس يسير من أَهله وَالزُّبَيْر وَالْحسن بن عَليّ وَأَبُو جهم ومروان بن الحكم بَين العشائين فَأتوا بِهِ حَائِطا من حيطان الْمَدِينَة يُقَال لَهُ حش كَوْكَب خَارج البقيع فصلى عَلَيْهِ جُبَير بن مطعم وَقيل حَكِيم بن حزَام وَقيل مَرْوَان وَقيل صلى عَلَيْهِ الزبير كَذَا ذكره الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند وَأرْسل عَليّ رض = إِلَى الَّذين قعدوا فِي طَرِيقه يُرِيدُونَ رجم سَرِيره فَمَنعهُمْ من ذَلِك وَدفن فِي حش كَوْكَب فَلَمَّا ظهر مُعَاوِيَة على النَّاس أَمر بذلك الْحَائِط فهدم وَأدْخل فِي البقيع وَأمر النَّاس بدفن موتاهم حول قَبره حَتَّى أتصل الدّفن بمقابر الْمُسلمين وَقيل شهد جنَازَته عَليّ وَطَلْحَة وَزيد بن ثَابت وَكَعب بن مَالك وَعَامة من كَانَ ثمَّ من أَصْحَابه وَقيل أَنه لم يغسل وَدفن فِي ثِيَابه لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة الشَّهِيد لِأَنَّهُ قتل مَظْلُوما رض =

ذكر العبيد الذين قتلوا مع عثمان رض

وروى أبن سعد باسناده عَن الرّبيع بن مَالك بن أبي عَامر عَن أَبِيه قَالَ كَانَ النَّاس يتوقون أَن يدفنوا موتاهم فِي حش كَوْكَب فَكَانَ عُثْمَان بن عَفَّان رض = يَقُول يُوشك أَن يهْلك رجل صَالح فيدفن هُنَالك فيتأسى النَّاس بِهِ قَالَ مَالك إِبْنِ أبي عَامر فَكَانَ عُثْمَان رض = أول من دفن هُنَاكَ وَقَالَ أَيْضا بُويِعَ رض الله عَنهُ أول يَوْم من الْمحرم سنة أَربع وَعشْرين وَقتل رَحمَه الله يَوْم الْجُمُعَة بعد الْعَصْر لثماني عشرَة لَيْلَة خلت من ذِي الْحجَّة سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَكَانَ يَوْمئِذٍ صَائِما وَدفن لَيْلَة السبت بَين الْمغرب وَالْعشَاء فِي حش كَوْكَب بِالبَقِيعِ فَهِيَ مَقْبرَة بني أُميَّة الْيَوْم وَكَانَت خِلَافَته أثنتي عشرَة سنة غير أثنى عشر يَوْمًا فَقتل أبن أثنتين وَثَمَانِينَ سنة وَقَالَ أَبُو معشر إِبْنِ خمس وَسبعين قَالُوا لما حج مُعَاوِيه نظر إِلَى بيُوت أسلم شوارع فِي السُّوق فَقَالَ أظلموا عَلَيْهِم بُيُوتهم أظلم الله عَلَيْهِم قُبُورهم قتلة عُثْمَان رض = قَالَ نيار بن مكرم فَخرجت إِلَيْهِ فَقلت الله إِن بَيْتِي يظلم عَليّ وَأَنا رَابِع أَربع حملنَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وقبرناه وصلينا عَلَيْهِ فَعرفهُ مُعَاوِيَة فَقَالَ أقطعوا الْبناء لَا تبنوا على وَجه دَاره قَالَ وَدَعَانِي خَالِيا فَقَالَ مَتى حملتموه وَمَتى قبرتموه وَمن صلى عَلَيْهِ فَقلت حملناه رَحمَه الله لَيْلَة السبت بَين الْمغرب وَالْعشَاء فَكنت أَنا وَجبير بن مطعم وَحَكِيم بن حزَام وَأَبُو جهم بن حذيف الْعَدوي وَتقدم جُبَير بن مطعم فصلى عَلَيْهِ فَصدقهُ مُعَاوِيَة وَكَانُوا هم الَّذين نزلُوا فِي حفرته 49 - ذكر العبيد الَّذين قتلوا مَعَ عُثْمَان رض = روى سيف بن عمر التَّمِيمِي عَن أبي حَارِثَة وَأبي عُثْمَان وَمُحَمّد وَطَلْحَة قَالُوا قتل عُثْمَان رض = لثماني عشرَة لَيْلَة خلت من ذِي الْحجَّة

يَوْم الْجُمُعَة وَفِي أخر سَاعَة دخلُوا عَلَيْهِ وَهُوَ يدعوا اللَّهُمَّ لَا تَكِلنِي إِلَى نَفسِي فتعجز عني وَلَا إِلَى الدُّنْيَا فتغري بِي وَلَا إِلَى النَّاس فيخذلوي وَلَكِن تول أَنْت صَلَاح أخرتي الَّتِي أصير إليهاوأخرجني من الدُّنْيَا سالما اللَّهُمَّ حل بَينهم وَبَين مَا يشتهون من الدُّنْيَا وبغضهم إِلَى خلقك وجعلهم شينا على من تولاهم أما وَالله لَوْلَا ساعت الجمعه وَأمرت أَن أدعوا عَلَيْكُم لما فعلت ولصبرت فَقتل رض = وَقتل قَاتله وَقتل ناصره وأغلق الْبَاب على ثَلَاثَة قَتْلَى وَفِي الدَّار أحد المصريين وَقَاتل قَاتله فَقَالَت نائله لعبد الرحمان بن عديس أَنَّك أمس الْقَوْم بِي رحما وأولاهم بِأَن تقوم بأَمْري أغرب عني هَؤُلَاءِ الْأَمْوَات فشتمها وزجرها حَتَّى إِذا كَانَ فِي جَوف اللَّيْل خرج مَرْوَان حَتَّى أَتَا دَار عُثْمَان رض فَأَتَاهُ زيد بن ثَابت وَطَلْحَة بن عبيد الله وَعلي وَالْحسن وَكَعب بن مَالك وعامتا من الصحابه رض = فتوافى إِلَى مَوضِع الْجَنَائِز صبيان وَنسَاء فأخرجوا عُثْمَان رض = فصلى عَلَيْهِ مَرْوَان ثمَّ خَرجُوا بِهِ حَتَّى أَتَوْ بِهِ إِلَى البقيع فدفنوه فِيهِ مِمَّا يَلِي حش كَوْكَب حَتَّى إِذا إصبحوا أَتَوا أعبد عُثْمَان رض = الَّذين قتلوا مَعَه فأخرجوهم فرأهم الْقَوْم فمنعوهم من أَن يدفنوهم فأدخلوهم حش كَوْكَب فَلَمَّا أَمْسوا خَرجُوا بعبدين مِنْهُم فدفنوهما إِلَى جنب عُثْمَان رض مَعَ كل وَاحِد مِنْهُم خَمْسَة نفر وأمرأة فَاطِمَة ام إِبْرَاهِيم بن عدي ثمَّ رجعُوا فَأتوا كنَانَة بن بشر فَقَالُوا أَنَّك أمس الْقَوْم بِنَا رحما فَأمر بِهَاتَيْنِ الجيفتين اللَّتَيْنِ فِي الدَّار أَن تخرجا فَكَلَّمَهُمْ فِي ذَلِك فَأَبَوا فَقَالُوا أَن جَار لال عُثْمَان من أهل مصر وَمن لف لَهُم فأخرجوهما فرموا بهما فجرا بِأَرْجُلِهِمَا فرما بهما فِي البلاط فأكلهم الْكلاب وَكَانَ

ذكر ندم الناس بعد قتل عثمان رض

العبدان اللَّذَان قتلايوم الدَّار يُقَال لَهما نجيح وصبيح فَكَانَ اسماهما الْغَالِب على أَسمَاء الرَّقِيق لفضلهما وبلائهما وَلم يحفظ النَّاس اسْم الثَّالِث وَقتل عُثْمَان رض = يَوْم الْجُمُعَة وَدفن لَيْلَة السبت فِي جَوف اللَّيْل وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَثَمَانِينَ سنة وَكَانَ شَهِيدا فَلم يغسل وكفن فِي ثِيَابه ودمائه وَلَا غسل غلاماه وَترك الْقَوْم الأخرون بالبلاط حَتَّى أكلتهم الْكلاب فِي هَذِه الْقِصَّة دَلِيل على أَن كنَانَة بن بشر لم يقتل لأَنهم أَتَوْهُ وسالوه دفن الجيفتين يَعْنِي الْعَبْدَيْنِ وفيهَا دَلِيل أَيْضا على أَن الْعَبْدَيْنِ اللَّذين أكلتهما الْكلاب غير الْعَبْدَيْنِ اللَّذين دفنا مَعَ عُثْمَان وَعَن سهل بن يُوسُف عَن عبد الرحمان بن كَعْب قَالَ دفن عُثْمَان رض = لَيْلَة السبت لم يغسل وَلم يمْتَنع أحد أَن يُصَلِّي عَلَيْهِ من شىء وَصلى عَلَيْهِ مَرْوَان فَخَرجُوا بِهِ حَتَّى دفنوه مِمَّا يلى حش كَوْكَب من البقيع وَمنع البقيع من غلاميه من الْغَد فَلَمَّا ذَهَبُوا دفنوهما الى جنب عُثْمَان رض = وَقد كَانَا أدخلاحين منعا حش كَوْكَب وَهُوَ حَائِط لرجل من أهل الْمَدِينَة إسمه كَوْكَب وَكَانَ الْقَوْم يتخذون الْحَشِيش فِي ذَلِك الزَّمَان كَمَا يتَّخذ أهل الزَّمَان الأرياف وَأهل الأرياف الْقَرْض والفصافص وَحمل الْعَبْدَيْنِ عشرَة رَهْط وَمَعَهُمْ أمرأه فاطمه أم إِبْرَاهِيم بن عدي وَعَن الشّعبِيّ قَالَ دفن عُثْمَان رض = من اللَّيْل وَصلى عَلَيْهِ مَرْوَان وَخرجت أبنته تبْكي فِي أَثَره ونائلة بنت الفرافصة 50 - ذكر نَدم النَّاس بعد قتل عُثْمَان رض = لما قتل عُثْمَان رض = بَقِي النَّاس فوضى وَنَدم الْقَوْم وتخلى عَنْهُم

الشَّيْطَان وأتا الزبير الْخَبَر بمقتل عُثْمَان رلاض = وَهُوَ حَيْثُ هُوَ وَقَالَ أَنا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون رحم الله عُثْمَان وانتصر لَهُ وَقيل لَهُ أَن الْقَوْم نادمون فَقَالَ ذئروا {وحيل بَينهم وَبَين مَا يشتهون كَمَا فعل بأشياعهم من قبل إِنَّهُم كَانُوا فِي شكّ مريب} سبأ 54 وأتى الْخَبَر طَلْحَة فَقَالَ يرحم الله عُثْمَان وانتصر لَهُ وللأسلام وَقيل لَهُ الْقَوْم نادمون فَقَالَ تَبًّا لَهُم وَقَرَأَ {فَلَا يَسْتَطِيعُونَ توصية وَلَا إِلَى أهلهم يرجعُونَ} ياسين 50 وأتى عليا الْخَبَر بمقتل عُثْمَان رض = فَقَالَ رحم الله عُثْمَان وَخلف علينا بِالْخَيرِ فَقيل لَهُ قد نَدم الْقَوْم فَقَرَأَ {كَمثل الشَّيْطَان إِذْ قَالَ للْإنْسَان اكفر فَلَمَّا كفر قَالَ إِنِّي بَرِيء مِنْك إِنِّي أَخَاف الله رب الْعَالمين} الْحَشْر 16 وَطلب سعد فَإِذا هُوَ فِي حَائِط لَهُ وَقَالَ لَا أشهد قَتله فَلَمَّا جَاءَهُ قَتله قَالَ فَرَرْنَا إِلَى الْمَدِينَة بديننا وضرنا الْيَوْم نفر مِنْهَا بديننا وَقَرَأَ {الَّذين ضل سَعْيهمْ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وهم يحسبون أَنهم يحسنون صنعا} الْكَهْف 104 اللَّهُمَّ أندمهم ثمَّ خُذْهُ وَكَانَ الزبير رض = أَيْضا قد خرج لِئَلَّا يشْهد قَتله وَكره أَن يُقيم بِالْمَدِينَةِ فَأَقَامَ على طَرِيق مكه وَعَن أبي عمر الْمدنِي عَن زيد بن أسلم عَن إِبْنِ عَبَّاس رض = فِي قَول الله عز وَجل {إِن الَّذين يكفرون بآيَات الله وَيقْتلُونَ النَّبِيين بِغَيْر حق وَيقْتلُونَ الَّذين يأمرون بِالْقِسْطِ من النَّاس فبشرهم بِعَذَاب أَلِيم} ال عمرَان 21 قَالَ الَّذين يأمرون بِالْقِسْطِ من النَّاس ولات الْأَمر عُثْمَان وَأَضْرَابه وَعَن مُحَمَّد بن كريب بن نَافِع بن عمر رض قَالَ لقِيت أبن عَبَّاس رض = وَكَانَ خَليفَة عُثْمَان رض على الْمَوْسِم عَام قتل فَأَخْبَرته بقتْله

فَعظم أمره وَقَالَ وَالله أَنه لمن الَّذين يأمرون بِالْقِسْطِ فتمنيت أَن أكون قتلت يَوْمئِذٍ أذ وَعَن عبد الله بن سعيد بن ثَابت عَن أَبِيه قَالَ دفن عُثْمَان رض = من ليلته وحضره من أَرَادَ الْمقَام وَالْخُرُوج وَنَدم الْقَوْم وَسقط فِي أَيّدهُم وَلما صلى عَلَيْهِ خرج من خرج وَأقَام من أَقَامَ وَأَزْوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هاجم الْبلَاء وأنكفأ الأسلام وَعَن خُلَيْد بن زفر عَن أَبِيه قَالَ خرج سعد من الْمَدِينَة وَمضى الزبير وَخرج الْوَلِيد نَحْو مَكَّة فَأتبعهُ سعيد بن الْعَاصِ وَخرج من أستقتل وَبَقِي الْقَوْم والغافقي يُصَلِّي بهم وكنان بن بشر خَلِيفَته يَلْتَمِسُونَ رجلا يرأسهم فَلم يجدوه وعلقوا وَعرفُوا أَنهم لَا يصلحهم إِلَّا إِمَام يقوم بهم

الْبَاب الثَّامِن فِي مبلغ سنّ عُثْمَان وَمِقْدَار خِلَافَته رض = كَانَ قتل عُثْمَان رض = لثماني عشر خلت من ذِي الْحجَّة يَوْم الْجُمُعَة بعد الْعَصْر سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَقيل سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَقيل بل كَانَ قَتله فِي أَيَّام التَّشْرِيق وَأنْشد حسان ... ضحوا بأمشط عنوان السُّجُود بِهِ يقطع اللَّيْل تسبيحا وقرآنا ... وَالصَّحِيح الأول وأنما قيل ذَلِك لقرب الْيَوْم الَّذِي قتل فِيهِ من أَيَّام التَّشْرِيق وَالله أعلم وَكَانَ عمره يَوْمئِذٍ أثنتين وَثَمَانِينَ سنة وَقيل سِتّ وَثَمَانِينَ وَقيل ثمانيه وَثَمَانِينَ وَقيل تسعين سنه وَقَالَ أَبُو معشر كَانَ عمره خمْسا وَسبعين سنة وَكَانَت خِلَافَته اثْنَتَيْ عشرَة سنه ألاإثنا عشر يَوْمًا وَقيل إلاثمانيه أَيَّام وَالله أعلم بذلك وروى سيف بن عمر التَّمِيمِي عَن مُحَمَّد بن عبد الله عَن أبي عُثْمَان قَالَ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد بَعثه الى عمان فَسمع هُنَالك من حبر شَيْئا فَلَمَّا رأى مصداقه وَهُوَ هُنَالك أرسل الى الحبر فَقَالَ حَدثنِي بوفاة النَّبِي وَأَخْبرنِي من يكون بعده قَالَ الَّذِي كتب اليك يكون بعده ومدته قصيره قَالَ ثمَّ من قَالَ رجل من قومه مثله فِي الْمنزلَة قَالَ فَمَا مدَّته

ذكر ولاة البلاد في زمانه

قَالَ طَوِيلَة ثمَّ يقتل قَالَ أغيلة أم عَن مَلأ قَالَ غيلتة قَالَ فَمن بلي بعده قَالَ رجل من قومه مثله فِي المنزله قَالَ فَمَا مدَّته قَالَ طويله ثمَّ يقتل قَالَ أغيلة أم عَن مَلأ قَالَ عَن مَلأ قَالَ ذَاك أَشد قَالَ من يَلِي بعده قَالَ رجل من قومه ينتشر عَلَيْهِ النَّاس وَيكون على رَأسه حَرْب شَدِيدَة بَين النَّاس ثمَّ يقتل قبل أَن يجتمعوا عَلَيْهِ قَالَ أغيلة أم عَن مَلأ قَالَ لَا بل غيلَة ثمَّ لَا يرَوْنَ مثله قَالَ فَمن يَلِي بعده قَالَ أَمِير الارض المقدسه فَيطول ملكه ثمَّ يَمُوت فيجتمع أل تِلْكَ الْفرق وَذَلِكَ الإنتشار عَلَيْهِ 52 - ذكر وُلَاة الْبِلَاد فِي زَمَانه عَن عطيه قَالَ مَاتَ عُثْمَان رض = وعَلى الْكُوفَة على صلَاتهَا أبوموسى وعَلى خراج السوَاد جَابر بن فلَان الْمُزنِيّ وَهُوَ صَاحب المسناة إِلَيّ جنب الكوفه وَسماك الْأنْصَارِيّ وعَلى حربها الْقَعْقَاع بن عَمْرو وَكَانَ صَاحب الْحَرْب فِي كل مصر رجل مُسَمّى وَقوم مسمون فَإِن حدث حدث نَهَضَ بهم وهوالذي أجَاب أهل حمص حِين كتب إِلَيْهِم عمر رض = فِي إعانتهم وَهُوَ اذي منع يزِيد ولأشتر من خلع عُثْمَان ر وَكَانَ على الْموصل حَكِيم بن سَلَامه وعَلى قرقيساء جرير بن عبد الله وعَلى أذربيجان الْأَشْعَث بن قيس وعَلى حلوان وتيبه بن النهاس وعَلى ماه مَالك بن حبيب وَهُوَ الَّذِي قَالَ لَهُ زِيَاد هَل بَقِي فِي الأَرْض مائَة لَا يبالون فِي الله لومة لائم قَالَ لَا قَالَ فَأَنا قَالَ قد كنت قَالَ فَأَنت ذَاك وعَلى همذان النسير وعَلى الرّيّ سعيد بن قيس وعَلى أَصْبَهَان السَّائِب بن الْأَقْرَع وعَلى سبذان حُبَيْش وعَلى قومس جبله بن حَيْوَة الْكِنَانِي وعَلى جرجان ذُو الجوشن الضبابِي وعَلى بَيت المَال عقبَة بن عَمْرو

وَقد كَانَت الذِّمَّة تنْتَقض فَإِذا فعلت ذَلِك غزيت فغزا سعيد طبرستان بَعْدَمَا انتقضوا حَتَّى أعْطوا مَا كَانُوا أعْطوا أول وخلع صول بجرجان فغزاه حَتَّى اعطى صول مَا كَانَ يُعْطي وَكَانَ صَاحب فتوح الَّذِي على حَرْب هَذِه الامم وَكَانَ عَامله على مكه عبد الله بن الْحَضْرَمِيّ على الطَّائِف الْقَاسِم أبن رَبِيعه الثَّقَفِيّ وعَلى صنعاء يعلى بن منيه وعَلى الْجند عبد الله بن رَبِيعه وعَلى الْبَصْرَة عبد الله بن عَامر وعَلى الشَّام مُعَاوِيه وعامل مُعَاوِيه على حمص عبد الرحمان بن خَالِد وعَلى قنصرين حبيب بن مسلمه وعَلى الْأُرْدُن ابو الْأَعْوَر السّلمِيّ وعَلى فلسطين علقمه بن حَكِيم الْكِنَانِي وعَلى الْبَحْر عبد الله بن قيس الْفَزارِيّ وعَلى القضاه أَبُو الدَّرْدَاء وَتُوفِّي قبل قتل عُثْمَان رض = عَنْهُمَا

الْبَاب التَّاسِع فِي ذكر صفة عُثْمَان ولباسه وخضابه وتختمه رض = عَن مُحَمَّد بن عمر قَالَ سَأَلت عَمْرو بن عبد الله بن عنبسه وعروه بن خَالِد بن عبد الله بن عَمْرو بن عُثْمَان وَعبد الرحمان بن أبي الزِّنَاد عَن صفة عُثْمَان رض = فَلم أرى بَينهم إختلافا قَالُوا كَانَ رجلا لَيْسَ بالقصير وَلَا بالطويل حسن الْوَجْه رَقِيق البشره بِوَجْه أثر الجدري كَبِير اللحيه عظيمها أسمر اللَّوْن عَظِيم الكراديس بعيد مابين الْمَنْكِبَيْنِ كثير شعر الراس يصفر لحيته وَقيل كَانَ كثير شعر الرَّأْس أروح الرجلَيْن وَعَن وَاقد بن أبي بشر أَن عُثْمَان كَانَ يشد أَسْنَانه بِالذَّهَب وَعَن مَحْمُود بن لبيد أَنه رأى عُثْمَان بن عَفَّان على بغله لَهُ عَلَيْهِ ثَوْبَان أصفران لَهُ غديرتان

وَعَن الصَّلْت قَالَ رَأَيْت عُثْمَان رض = يخْطب وَعَلِيهِ خميصه سَوْدَاء وَهُوَ مخصوب بحناء وَعَن سليم بن أبي عَامر قَالَ رايت على عُثْمَان بردا يَمَانِيا ثمنه مَائه دِرْهَم وَعَن مُحَمَّد بن رَبِيعه بن الْحَارِث قَالَ كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُوسعُونَ على نِسَائِهِم فِي اللبَاس الَّذِي يصان ويتجمل بِهِ ثمَّ يَقُول رَأَيْت على عُثْمَان مطرف خَز ثمنه مِائَتَا دِرْهَم فَقَالَ هَذَا لنائله كسوتها إِيَّاه فأناألبسه أسرها بِهِ وروى مُحَمَّد بن عَم عَن إِسْحَاق بن يحيى عَن عَمه مُوسَى بن طلحه قَالَ رَأَيْت عُثْمَان رض = يخرج الجمعه وَعَلِيهِ ثَوْبَان أصفران فيجلس على المنبرفيؤذن الْمُؤَذّن وَهُوَ يتحدث يسْأَل النَّاس عَن أسعارهم وَعَن قدامهم وَعَن مرضاهم ثمَّ إِذا سكت الْمُؤَذّن قَامَ فتوكأعلى عَصا عقفاء فيخطب وَهِي بِيَدِهِ ثمَّ يجلس جلْسَة فيبتدىء كَلَام النَّاس فيسألهم كمسألته الأولى ثمَّ يقوم وفيخطب ثمَّ ينزل وَيُقِيم الْمُؤَذّن وَعَن وَاقد بن أبي بشر أَن عُثْمَان رض = قد سَلس بَوْله عَلَيْهِ فدواه ثمَّ أرْسلهُ فَكَانَ يتَوَضَّأ لكل صَلَاة وَعَن جعفربن مُحَمَّد عَن أَبِيه أَن عُثْمَان رض = كَانَ يتختم فِي الْيَسَار وَكَذَلِكَ عَليّ رض = كَانَ يتختم فِي الْيَسَار وَعَن أبي أسَامَه حَمَّاد بن أسَامَه عَن عَليّ بن مسْعدَة عَن عبد الله الرُّومِي قَالَ كَانَ عُثْمَان رض = يَلِي وضوء اللَّيْل بِنَفسِهِ فَقيل لَهُ لوأمرت بعض الخدم فكفوك فَقَالَ لاالليل لَهُم يستريحون فِيهِ

عَن مجمد بن رَبِيعه الْكلابِي عَن أم غراب عَن بنانه قَالَت كَانَ عُثْمَان رض = يتنشف بعدالوضوء وَعَن عَبَّاس رض = فِي قَوْله تَعَالَى {هَل يَسْتَوِي هُوَ وَمن يَأْمر بِالْعَدْلِ وَهُوَ على صِرَاط مُسْتَقِيم} النَّحْل 76 قَالَ عُثْمَان بن عَفَّان رض =

الْبَاب الْعَاشِر فِي ذكر سيرة عُثْمَان وفضائله رض = كَانَ عُثْمَان رض = يكنى أَبَا عبد الله بِولد لَهُ من رقِيه بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ يلقب ذَا النورين لِأَنَّهُ جمع بَين أبنتي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقيل أَنه لم يجمع اُحْدُ بَين أبنتي بنى قطّ من لدن أَدَم عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى يَوْم القيامه غير عُثْمَان رض = وَاشْترى بِئْر روما وسبلها على الْمُسلمين وَكَانَ فِيهَا كأحدهم وَاشْترى أَرضًا فزادها فِي الْمَسْجِد وَبَايع عَنهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقسم لَهُ سَهْمه من الْفَيْء وجهز جَيش العسره وَسَنذكر ذَلِك مفصلاأن شَاءَ الله تَعَالَى قَالَ حسان بن زيد سَمِعت عليا رض = وهويخطب النَّاس وَيَقُول بِأَعْلَى صَوته يَا أَيهَا النَّاس إِنَّكُم تكثرون فِي وَفِي عُثْمَان فَإِن مثلي وَمثله كَمَا قَالَ الله تَعَالَى {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورهمْ من غل إخْوَانًا على سرر مُتَقَابلين} الْحجر 47 وَكَانَ إِسْلَامه قَدِيما قبل دُخُول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَار الأرقم وَهَاجَر الى الحبشه وَمَعَهُ رقِيه رض = عَنهُ

ذكر تزويج النبي عليه السلام عثمان رض بابنتيه

54 - ذكر تَزْوِيج النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام عُثْمَان رض = بابنتيه قَالَ مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الاجرى أول فَضَائِل عُثْمَان بن عَفَّان رض = بعد الْإِيمَان بِاللَّه عز وَجل وبرسوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن الله عز وَجل أكْرمه بِأَن زوجه إبنتي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَاحِدَة بعد وَاحِدَة وَلم يجمع بَين إبنتي نَبِي مُنْذُ خلق الله عز وَجل ادم عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى قيام السَّاعَة إِلَّا عُثْمَان بن عَفَّان رض = مَعَ الكرامات الْكَثِيرَة والمناقب الجميلة والفضائل الْحَسَنَة وَبشَارَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَهُ بِأَن يقتل مَظْلُوما وَأمره بِالصبرِ فَصَبر حَتَّى قتل وحقن دِمَاء الْمُسلمين وروى بِإِسْنَادِهِ عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس رض = عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {إِن الله تبَارك وَتَعَالَى أوحى إِلَيّ أَن أَزوَاج كَرِيمَتي من عُثْمَان بن عَفَّان} وروى أَيْضا بِإِسْنَادِهِ عَن عبد الْكَرِيم بن روح بن عَنْبَسَة بن سعيد قَالَ حَدثنِي أبي عَن أَبِيه عَن أم عَيَّاش قَالَت سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول مَا زوجت أم كُلْثُوم إِلَّا بِوَحْي من السَّمَاء وروى أَيْضا بِإِسْنَادِهِ عَن أُسَامَة بن زيد قَالَ بَعَثَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بصحفة فِيهَا لحم إِلَى عُثْمَان رض = فَدخلت عَلَيْهِ فَإِذا هُوَ جَالس مَعَ رقية رض = فَمَا رَأَيْت زوجا أحسن مِنْهُمَا فَجعلت مرّة أنظر إِلَى عُثْمَان وَمرَّة أنظر إِلَى رقية فَلَمَّا رجعت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ دخلت عَلَيْهِمَا قلت نعم قَالَ هَل رَأَيْت زوجا أحسن مِنْهُمَا قلت لَا يَا رَسُول الله لقد جعلت مرّة أنظر إِلَى رقية وَمرَّة أنظر إِلَى عُثْمَان رض = وروى أَيْضا بِإِسْنَادِهِ عَن الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة رض = أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَقِي عُثْمَان بن عَفَّان رض = عِنْد بَاب الْمَسْجِد فَقَالَ يَا بن عَفَّان هَذَا جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام يُخْبِرنِي أَن الله عز وَجل قد زَوجك أم

ذكر شرائه رض بئر رومة وتسبيلها للمسلمين عن عثمان رض أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وليس بها ماء يستعذب غير بئر رومة فقال من يشتري بئر رومة فيجعل فيها دلوه مع دلاء المسلمين بخير له منها في الجنة ماشتريها من صلب مالي رواه النسائي

كُلْثُوم بِمثل صدَاق رقية على مثل مصاحبتها وَعَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة رض = أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقف على قبر إبنته الثَّانِيَة الَّتِي كَانَت عِنْد عُثْمَان رض = فَقَالَ أَلا أَبُو أيم ألاأخو أيم يُزَوّجهَا عُثْمَان فَلَو كن لي عشرَة لزوجتهن عُثْمَان وَمَا زوجت إِلَى بِوَحْي من السَّمَاء وَفِي رِوَايَة أُخْرَى لَو كَانَ لنا ثَالِثَة لزوجناك بهَا يَا عُثْمَان 55 - ذكر شِرَائِهِ رض = بِئْر رومة وتسبيلها للْمُسلمين عَن عُثْمَان رض = أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قدم الْمَدِينَة وَلَيْسَ بهَا مَاء يستعذب غير بِئْر رومة فَقَالَ من يَشْتَرِي بِئْر رومة فَيجْعَل فِيهَا دلوه مَعَ دلاء الْمُسلمين بِخَير لَهُ مِنْهَا فِي الْجنَّة ماشتريها من صلب مَالِي رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن وَفِي هَذَا الحَدِيث من الْفِقْه جَوَاز إنتفاع الواقت بوقفه لِأَن عُثْمَان رض = كَانَ يَسْتَقِي من بِئْر رومة وَيشْرب مِنْهَا وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من يحْفر بِئْر رومة فَلهُ الْجنَّة فحفرها عثماان رض = وَقَالَ من جهز جَيش الْعسرَة فَلهُ الْجنَّة فجهزه عُثْمَان رض = رَوَاهُ البُخَارِيّ تَعْلِيقا يَعْنِي رَوَاهُ بِغَيْر إِسْنَاد وَذَلِكَ لشهرته 56 - ذكر مبايعة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن عُثْمَان رض = يَوْم بيعَة الرضْوَان روى الإِمَام أَحْمد رَحمَه الله فِي مُسْنده أَن عُثْمَان رض = أشرف من الْقصر وَهُوَ مَحْصُور فَقَالَ أنْشد بِاللَّه من سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول يَوْم

حراء إِذا أهتز الْجَبَل فركله فِي بِرجلِهِ ثمَّ قَالَ أسكن حراء فَلَيْسَ عَلَيْك إلانبي أَو صديق أَو شَهِيد وَأَنا مَعَه فانتشد لَهُ رجال فَقَالَ أنْشد بِاللَّه من شهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من يُوسع لنا بِهَذَا الْبَيْت فِي الْمَسْجِد بِبَيْت لَهُ فِي الْجنَّة فابتعته من مَالِي فوسعت بِهِ فِي الْمَسْجِد فانتشد لَهُ رجال فَقَالَ أنْشد بِاللَّه من شهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم بيعَة الرضْوَان إِذْ بَعَثَنِي إِلَى الْمُشْركين إِلَى أهل مَكَّة قَالَ هَذِه يَدي وَهَذِه يَد عُثْمَان فَبَايع لي فانتشد لَهُ رجال قَالَ فَأَنْشد الله من شهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم جَيش الْعسرَة يَقُول من ينْفق الْيَوْم نَفَقَة متقبلة فجهزت نصف الْجَيْش من مَالِي قَالَ فانتشد لَهُ رجال قَالَ وَأنْشد بِاللَّه من شهد رومة يُبَاع مَائِهَا إِبْنِ السَّبِيل فأبتعتها من مَالِي فأبحتها إِبْنِ السَّبِيل قَالَ فانتشد لَهُ رجال طَرِيق أخر روى أَحْمد بأسناده عَن الْأَحْنَف قَالَ أنطلقنا حجاجأ فمررنا بِالْمَدِينَةِ فَبَيْنَمَا نَحن فِي منزلنا أذ جَاءَنَا أت فَقَالَ النَّاس من فزع فِي الْمَسْجِد فَانْطَلَقت أَنا وصاحبي فَإِذا النَّاس مجتمعون على نفر فِي الْمَسْجِد قَالَ فتخللتهم حَتَّى قُمْتُم عَلَيْهِم فَإِذا عَليّ بن أبي طَالب وَالزُّبَيْر وَطَلْحَة وَسعد بن أبي وَقاص رض = قَالَ فَلم يكن ذَلِك بأسرع من أَن جَاءَ عُثْمَان رض // يمشي فَقَالَ أههنا عَليّ قَالُوا نعم قَالَ أههنا الزبير قَالُوا نعم قَالَ أههنا طَلْحَة قَالُوا نعم قَالَ أنْشدكُمْ بِاللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ أتعلمون أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من يبْتَاع مربدي بني فلَان غفر الله لَهُ فابتعته فَأتيت رَسُول الله فَقلت أَنِّي قد أبتعته فَقَالَ أجعله فِي مَسْجِدنَا وأجره لَك قَالُوا نعم قَالَ أنْشدكُمْ بِاللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ أتعلمون أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من يبْتَاع بِئْر رومة فابتعتها بِكَذَا وَكَذَا فَأتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت أَنِّي قد أبتعتها فَقَالَ أجعلها سقايا للْمُسلمين

ذكر سبب تخلف عثمان رض عن بيعة الرضوان

وأجرها لَك قَالُوا نعم قَالَ أنْشدكُمْ بِاللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ أتعلمون أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نظر فِي وُجُوه الْقَوْم يَوْم جَيش االعسرة فَقَالَ من يُجهز هَؤُلَاءِ غفر الله لَهُ فجهزتهم حَتَّى مَا يفقدون خطاما وَلَا عقَالًا قَالُوا نعم قَالَ اللَّهُمَّ اشْهَدْ اللَّهُمَّ اشْهَدْ ثمَّ أنصرف وروى أَحْمد أَيْضا بِإِسْنَادِهِ عَن أبي أُمَامَة بن سهل قَالَ كُنَّا مَعَ عُثْمَان رض = وَهُوَ مَحْصُور فِي الدَّار فَدخل مدخلًا كَانَ إِذا دخله سمع كَلَامه من على البلاط قَالَ فَدخل ذَلِك الْمدْخل وَخرج إِلَيْنَا فَقَالَ إِنَّهُم يتوعدونني بِالْقَتْلِ آنِفا قَالَ قُلْنَا يكفيهم الله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ وَلم يقتلونني إِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لَا يحل دم أمرىء مُسلم إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاث رجل كفر بعد إِسْلَامه أَو زنى بعد إحْصَانه أوقتل نفسا فَيقْتل بهَا فوَاللَّه مَا أَحْبَبْت أَن لي بديني بَدَلا بعد أَن هَدَانِي الله وَلَا زَنَيْت فِي جَاهِلِيَّة وَلَا أسلام قطّ وَلَا قتلت نفسا فَبِمَ يقتلونني وَعَن سعيد بن أبي عرُوبَة ععن قَتَادَة عَن أنس قَالَ صعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحدا وَأَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان رض = فَرَجَفَ بهم فَقَالَ أثبت أحد فَإِنَّمَا عَلَيْك نَبِي وصديق وشهيدان وَعَن أبن عَبَّاس رض = قَالَ لَو أجمع النَّاس على قتل عُثْمَان رض = لرجموا بِالْحِجَارَةِ كَمَا رجم قوم لوط 57 - ذكر سَبَب تخلف عُثْمَان رض = عَن بيعَة الرضْوَان روى الْأَمَام أَحْمد فِي مُسْنده بأسناده قَالَ لَقِي عبد الرحمان بن

عَوْف الْوَلِيد بن عقبَة فَقَالَ لَهُ الْوَلِيد ى مَالِي أَرَاك قد جفوت أَمِير الْمُؤمنِينَ عُثْمَان رض = فَقَالَ لَهُ عبد الرحمان أبلغه أَنِّي لم أفر يَوْم أحد وَلم أَتَخَلَّف يَوْم بدر وَلم أترك سنة عمر قَالَ فَانْطَلق فخبر بذلك عُثْمَان رض = قَالَ فَقَالَ أما قَوْله إِنِّي لم أفر يَوْم أحد فَكيف يعيرني بذلك وَقد عَفا الله عَنهُ فَقَالَ {إِن الَّذين توَلّوا مِنْكُم يَوْم التقى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا استزلهم الشَّيْطَان بِبَعْض مَا كسبوا وَلَقَد عَفا الله عَنْهُم} آل عمرَان 155 وَأما قَوْله إِنِّي تخلفت يَوْم بدر فَإِنِّي كنت أمرض رقية بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى مَاتَت وَقد ضرب لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بسهمي وَمن ضرب لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بسهمه فقد شهد وَأما قَوْله إِنِّي لم أترك سنة عمر رض = فَإِنِّي لَا أطيقها وَلَا هُوَ فأته فحدثه بذلك قَوْله وَمن ضرب لَهُ رَسُول الله بسهمه فقد شهد أَي كَانَ فِي حكم من شهد الْقِتَال وَقد أخرج البُخَارِيّ فِي صَحِيحه باسناده عَن عُثْمَان بن عبد الله بن موهب قَالَ جَاءَ رجل من أهل مصر يُرِيد حج الْبَيْت فَرَأى قوما جُلُوسًا فَقَالَ من هَؤُلَاءِ الْقَوْم قَالُوا هَؤُلَاءِ قُرَيْش قَالَ فَمن الشَّيْخ فيهم قَالُوا عبد الله بن عمر رض = قَالَ يَا بن عمر إِنِّي سَائِلك عَن شىء فَحَدثني عَنهُ هَل تعلم أَن عُثْمَان رض = فر يَوْم أحد قَالَ نعم قَالَ هَل تعلم أَنه تغيب عَن بدر وَلم يشْهد قَالَ نعم قَالَ هَل تعلم أَنه تغيب عَن بيعَة الرضْوَان فَلم يشْهد هَا قَالَ نعم قَالَ الله أكبر قَالَ ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا تعال أبين لَك أما فراره يَوْم أحد فَأشْهد أَن الله عَفا عَنهُ وَغفر لَهُ وَأما تغيبه عَن بدر فَإِنَّهُ كَانَت تَحْتَهُ بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَت مَرِيضَة فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن لَك أجر رجل مِمَّن شهد بَدْرًا وسهمه وَأما تغيبه عَن بيعَة الرضْوَان فَلَو كَانَ أحد أعز بِبَطن

ذكر حياة عثمان رض وأحترام النبي صلى الله عليه وسلم إياه

مَكَّة من عُثْمَان لبعثه مَكَانَهُ فَبعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عُثْمَان وَكَانَت بيعَة الرضْوَان بَعْدَمَا ذهب عُثْمَان رض = إِلَى مَكَّة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِيَدِهِ الْيُمْنَى هَذِه يَد عُثْمَان فَضرب بهَا على يَده وَقَالَ هَذِه لعُثْمَان ثمَّ قَالَ ابْن عمر رض = أذهب بهَا مَعَك وروى البُخَارِيّ أَيْضا باسناده عَن سعد بن عُبَيْدَة قَالَ جَاءَ رجل إِلَى أبن عمر رض = فَسَأَلَهُ عَن عُثْمَان رض = فَذكر محَاسِن عمله وَقَالَ لَعَلَّ ذَلِك يسوءك قَالَ نعم قَالَ فأرغم الله أَنْفك ثمَّ سَأَلَهُ عَن عَليّ رض = فَذكر محَاسِن عمله وَقَالَ هُوَ ذَاك بَيته أَوسط بيُوت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ قَالَ لَعَلَّ ذَلِك يسوءك قَالَ أجل قَالَ فأرغم الله أَنْفك أَنطلق فأجهد على جهدك 58 - ذكر حَيَاة عُثْمَان رض = وأحترام النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِيَّاه روى الإِمَام أَحْمد فِي مُسْنده بِإِسْنَادِهِ قَالَ أَسْتَأْذن أَبُو بكر على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ مُضْطَجع على فرَاشه لابس مرط عَائِشَة رض = فَأذن لأبي بكر وَهُوَ كَذَلِك فَقضى إِلَيْهِ حَاجته ثمَّ أنصرف ثمَّ أَسْتَأْذن عُثْمَان فَأذن لَهُ وَهُوَ على تِلْكَ الْحَال فَقضى اليه حَاجته ثمَّ انْصَرف ثمَّ أَسْتَأْذن عُثْمَان فَجَلَسَ وَقَالَ لعَائِشَة رض = أجمعي عَلَيْك ثِيَابك فَقضى إِلَيْهِ حَاجته ثمَّ أنصرف قَالَت عَائِشَة رض يَا رَسُول الله مَا لي لم أَرَاك فزعت لأبي بكر وَعمر مَا فزعت لعُثْمَان قَالَ رَسُول الله أَن عُثْمَان رجل حييّ وَإِنِّي خشيت أَن أذن لَهُ على تِلْكَ الْحَال أَن لَا يبلغ إِلَيّ فِي حَاجته

ذكر مناشدة عثمان طلحة والزبير رض وهو محصور

قَالَ اللَّيْث وَقَالَ جمَاعَة النَّاس ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لعَائِشَة رض = أَلا أستحي مِمَّن تَسْتَحي مِنْهُ الْمَلَائِكَة أنفرد بأخراجه مُسلم وَلم يذكر قَول اللَّيْث وروى البُخَارِيّ فِي صَحِيحه أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ قَاعِدا فِي مَكَان فِيهِ مَاء قد أنكشف عَن رُكْبَتَيْهِ أَو ركبته فَلَمَّا دخل عُثْمَان غطاها 59 - ذكر مناشدة عُثْمَان طَلْحَة وَالزُّبَيْر رض = وَهُوَ مَحْصُور عَن زيد بن أسلم عَن أَبِيه قَالَ شهِدت عُثْمَان رض = يَوْم حوصر فِي مَوضِع الْجَنَائِز وَلَو ألقِي حجر لم يَقع إِلَّا على رَأس رجل فَرَأَيْت عُثْمَان رض = أشرف من الخوجة الَّتِي تلِي مقَام جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ أَيهَا النَّاس أفيكم طَلْحَة فَسَكَتُوا ثمَّ قَالَ أَيهَا النَّاس أفيكم طَلْحَة فَقَالَ طَلْحَة نعم فَقَالَ عُثْمَان رض = أَلا أَرَاك هَهُنَا مَا كنت أرى أَنَّك تكون مَعَ قوم تسمع ندائي أخر ثَلَاث مَرَّات ثمَّ لَا تُجِيبنِي أنْشدك الله يَا طَلْحَة أَتَذكر يَوْم كنت أَنا وَأَنت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مَوضِع كَذَا وَكَذَا لَيْسَ مَعَه أحد من أَصْحَابه غَيْرِي وَغَيْرك فَقَالَ نعم قَالَ فَقَالَ لَك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا طَلْحَة أَنه لَيْسَ من نَبِي إِلَّا وَمَعَهُ من أَصْحَابه رَفِيق من أمته مَعَه فِي الْجنَّة وَإِن عُثْمَان بن عَفَّان هَذَا يعنيني رفيقي معي فِي الْجنَّة قَالَ طَلْحَة اللَّهُمَّ نعم ثمَّ أنصرف وروى أَحْمد بأسناده قَالَ أشرف عُثْمَان رض = على الَّذين حصروه فَسلم عَلَيْهِم فَلم يردوا عَلَيْهِ فَقَالَ عُثْمَان رض = أَفِي الْقَوْم طَلْحَة قَالَ طَلْحَة نعم قَالَ فَإنَّا لله وَإِنَّا اليه رَاجِعُون أسلم على قوم أَنْت فيهم فَلَا

ذكر محاورة عثمان رض لأبن مسعود وعمار

تردون قَالَ قد رددت قَالَ مَا هَكَذَا الرَّد أسمعك وَلَا تسمعني يَا طَلْحَة أنْشدك الله أسمعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لَا يحل دم أمرىء مُسلم إِلَّا بأحدى ثَلَاث أَن يكفر بعد إِيمَان أَو يَزْنِي بعد أحصان أَو يقتل نفسا فَيقْتل بهَا قَالَ اللَّهُمَّ نعم فَكبر عُثْمَان رض = وَقَالَ وَالله مَا أنْكرت الله مُنْذُ عَرفته وَلَا زَنَيْت فِي جَاهِلِيَّة وَلَا فِي أسلام وَقد تركته فِي الْجَاهِلِيَّة تكرها وَفِي الأسلام تعففا وَمَا قتلت نفسا يحل بهَا قَتْلِي وروى أَحْمد أَيْضا فِي مُسْنده أَن عُثْمَان رض = أشرف على النَّاس وَهُوَ مَحْصُور فَقَالَ من يعذرني فِي هذَيْن الرجلَيْن اللَّذين ألبا عَليّ النَّاس يحْتَمل أَن يُرِيد بِالرجلَيْنِ طَلْحَة وَالزُّبَيْر فانهما كَانَا فِي جملَة الَّذين تكلمُوا فِي شَأْن عُثْمَان رض = ثمَّ بَان لَهما الْحق فانصرفا عَنهُ وندما على ذَلِك وَلِهَذَا قَالَ طَلْحَة لما طعن اللَّهُمَّ خُذ لعُثْمَان مني حَتَّى ترْضى وَيحْتَمل أَن يُرِيد بِالرجلَيْنِ مَالِكًا الأشتر وعمار بن يَاسر فأنهما كَانَا حنقين عَلَيْهِ يحرضان النَّاس عَلَيْهِ وَالله أعلم 60 - ذكر محاورة عُثْمَان رض = لِأَبْنِ مَسْعُود وعمار روى الإِمَام أَحْمد فِي مُسْنده قَالَ دَعَا عُثْمَان رض = نَاسا من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيهم عمار بن يَاسر فَقَالَ إِنِّي سَائِلكُمْ وَإِنِّي أحب أَن تصدقوني نشدتكم الله أتعلمون أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُؤثر قُريْشًا على سَائِر النَّاس ويؤثر بني هَاشم على سَائِر قُرَيْش فَسكت الْقَوْم فَقَالَ عُثْمَان رض = لَو أَن بيَدي مَفَاتِيح الْجنَّة لأعطيتها بني أُميَّة حَتَّى يدخلُوا من عِنْد آخِرهم

وَبعث إِلَى طَلْحَة وَالزُّبَيْر رض = فَقَالَ الا أحدثكما عَنهُ يَعْنِي عمارا اقبلت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخذا بيَدي نمشي فِي الْبَطْحَاء حَتَّى أَتَى على أَبِيه وَأمه وَعَلِيهِ يُعَذبُونَ فَقَالَ أَبُو عمار يَا رَسُول الله الدَّهْر هَكَذَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَصْبِر اللَّهُمَّ أَغفر لال يَاسر وَقد فعلت وروى أَحْمد أَيْضا فِي مُسْنده إِن عُثْمَان بن عَفَّان رض قَالَ لِأَبْنِ مَسْعُود رَضِي عَنهُ هَل أَنْت منته عَمَّا بَلغنِي عَنْك فأعتذر بعض الْعذر فَقَالَ عُثْمَان رض = وَيحك أَنِّي قد سَمِعت وحفظت وَلَيْسَ كَمَا سَمِعت إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ سيقتل أَمِير وينتزي منتز وَإِنِّي أَنا الْمَقْتُول وَلَيْسَ هُوَ عمر وَإِنَّمَا قتل عمر وَاحِد وَأَنه يجْتَمع عَليّ وروى أَيْضا بأسناده عَن عباد بن زَاهِر قَالَ سَمِعت عُثْمَان رض يخْطب فَقَالَ إِنَّا وَالله قد صَحِبنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي السّفر والحضر فَكَانَ يعود مرضانا وَيتبع جنائزها ويغزومعنا ويواسينا بِالْقَلِيلِ وَالْكثير وَإِن نَاسا يعلمونني بِهِ عى أَلا يكون أحدهم رَاه قطّ وروى أَيْضا بأسناده أَن عبيد الله بن عدي بن الْخِيَار قَالَ أَن عُثْمَان بن عَفَّان رض = عَنهُ قَالَ لَهُ يَا بن أخي أدْركْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فَقلت لَا وَلَكِن خلص الي من علمه مَا يخلص إِلَى الْعَذْرَاء فِي سترهَا قَالَ فَتشهد ثمَّ قَالَ أما بعد فَإِن الله تَعَالَى بعث مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْحَقِّ فَكنت مِمَّن أستجاب لله وَلِرَسُولِهِ ص وآمن بِمَا بعث بِهِ مُحَمَّدًا ثمَّ هَاجَرت الهجرتين وصحبت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وبايعته فوَاللَّه مَا عصيته وَلَا غششته حَتَّى توفاه الله ثمَّ أَبُو بكر مثله ثمَّ عمر مثله ثمَّ

ذكر خوف عثمان وخشوعه رض

إستخلفت أفليس لي من الْحق مثل الَّذِي لَهُم قلت بلَى قَالَ فَمَا هَذِه الْأَحَادِيث الَّتِي تبلغني عَنْكُم انْفَرد بِهِ البُخَارِيّ 61 - ذكر خوف عُثْمَان وخشوعه رض = روى عبد الله بن أَحْمد فِي الْمسند بِإِسْنَادِهِ عَن هانىء مولى عُثْمَان رض = اذا وقف على قبر بَكَى حَتَّى يبل لحيته فَقيل لَهُ أَتَذكر الْجنَّة وَالنَّار فَلَا تبْكي وتبكي من ذَا فَقَالَ إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْقَبْر أول منَازِل الأخرة فان تنج مِنْهُ فَمَا بعده أيسر مِنْهُ وَإِن لم تنج مِنْهُ فَمَا بعده أَشد مِنْهُ قَالَ وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالله مَا رَأَيْت منْظرًا قطّ إِلَّا الْقَبْر أفظع مِنْهُ نَعُوذ بِاللَّه من عَذَاب الْقَبْر 62 - ذكر مَا أَشَارَ بِهِ الْمُغيرَة على عُثْمَان رض = روى الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بأسناده قَالَ دخل الْمُغيرَة بن شُعْبَة على عُثْمَان رض = وَهُوَ مَحْصُور فَقَالَ أَنَّك إِمَام الْعَامَّة وَقد نزل بك مَا ترى وَأَنِّي أعرض عَلَيْك خِصَالًا ثَلَاثًا أختر أحداهن أما أَن تخرج فتقاتلهم فان مَعَك عددا وَقُوَّة وَأَنت على الْحق وهم على الْبَاطِل وَأما أَن تخرق لَك بَابا سوى الْبَاب الَّذِي هم عَلَيْهِ فتقعد على رواحلك فتلحق بِمَكَّة فانهم لن يستحلوك وَأَنت بهَا وَأما أَن تلْحق بِالشَّام فأنهم أهل الشَّام وَفِيهِمْ مُعَاوِيَة فَقَالَ عُثْمَان رض = أما أَن أخرج فأقاتل فَلَنْ أكون أول من خلف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أمته بسفك الدِّمَاء وَأما أَن أخرج إِلَى مَكَّة فأنهم لن يستحلوني بهَا فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول يلْحد رجل من قُرَيْش بِمَكَّة عَلَيْهِ نصف عَذَاب الْعَالم فَلَنْ أكون أَنا أَيَّاهُ وَأما أَن ألحق

بِالشَّام فأنهم أهل الشَّام وَفِيهِمْ مُعَاوِيَة فَلَنْ أُفَارِق دَار هجرتي ومجاورة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَوْله يلْحد رجل من قُرَيْش بِمَكَّة فان أهل الشَّام كَانُوا يَقُولُونَ هُوَ عبد الله بن الزبير 63 ذكر بِشَارَة لنَبِيّ عَلَيْهِ السَّلَام لعُثْمَان رض = بِالْجنَّةِ روى البُخَارِيّ فِي صَحِيحه باسناده عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ أَخْبرنِي أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ رض = أَنه تَوَضَّأ فِي بَيته ثمَّ خرج فَقلت لألزمن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ولأكونن مَعَه يومي هَذَا قَالَ فجَاء الْمَسْجِد فَسَأَلَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا خرج وَوجه هَهُنَا فَخرجت على أَثَره أسأَل عَنهُ حَتَّى دخل بِئْر أريس فَجَلَست عِنْد الْبَاب وبابها من جريد حَتَّى قضى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَاجته فَتَوَضَّأ فَقُمْت إِلَيْهِ فَإِذا هُوَ جَالس على بِئْر أريس قد توَسط قفها وكشف عَن سَاقيه ودلاهما فِي الْبِئْر فَسلمت عَلَيْهِ ثمَّ أنصرفت فَجَلَست عِنْد الْبَاب فَقلت لأكونن بواب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْيَوْم فجَاء أَبُو بكر فَدفع الْبَاب فَقلت من هَذَا فَقَالَ أَبُو بكر فَقلت على رسلك ثمَّ ذهبت فَقلت يَا رَسُول الله هَذَا أَبُو بكر يسْتَأْذن فَقَالَ ائْذَنْ لَهُ وبشره بِالْجنَّةِ فَأَقْبَلت حَتَّى قلت لأبي بكر أَدخل وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يبشرك بِالْجنَّةِ فَدخل أَبُو بكر فَجَلَسَ عَن يَمِين رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَه فِي القف ودلى رجلَيْهِ فِي الْبِئْر كَمَا صنع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وكشف عَن سَاقيه ثمَّ رجعت فَجَلَست وَقد تركت أخي يتَوَضَّأ ويلحقني فَقلت إِن يرد الله بفلان خيرا يُرِيد أَخَاهُ يَأْتِ بِهِ فاذا أنسان يُحَرك الْبَاب فَقلت من هَذَا فَقَالَ عمر ابْن الْخطاب فَقلت على رسلك ثمَّ جِئْت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسلمت عَلَيْهِ وَقلت هَذَا عمر بن الْخطاب يسْتَأْذن فَقَالَ ائْذَنْ لَهُ وبشره بِالْجنَّةِ فَجئْت فَقلت أَدخل ويبشرك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْجنَّةِ

ذكر فضل عثمان بعد أبي بكر وعمر رض عن نافع عن أبن عمر رض

فَدخل فَجَلَسَ مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي القف عَن يسَاره ودلى رجلَيْهِ فِي الْبِئْر ثمَّ رجعت فَجَلَست فَقلت أَن يرد الله بفلان خيرا يَأْتِ بِهِ فجَاء انسان يُحَرك الْبَاب فَقلت من هَذَا فَقَالَ عُثْمَان بن عَفَّان فَقلت عل رسلك وَجئْت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته فَقَالَ ائْذَنْ لَهُ وبشره بِالْجنَّةِ على بلوى تصيبه فَجِئْته فَقلت لَهُ أَدخل وبشرك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على بلوى تصيبك فَدخل فَوجدَ القف قد ملىء فَجَلَسَ وجاهه من الشق الْأُخَر قَالَ شريك قَالَ سعيد فَأَوَّلتهَا قُبُورهم وروى البُخَارِيّ أَيْضا باسناده عَن أنس بن مَالك رض = ان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صعد أحدا وَأَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان رض = فَرَجَفَ بهم فَقَالَ أثبت أحد فانما عَلَيْك نَبِي وصديق وشهيدان وَفِي رِوَايَة فَضَربهُ بِرجلِهِ وَقَالَ اثْبتْ فَمَا عَلَيْك الا نَبِي وصديق وشهيدان وروى البُخَارِيّ أَيْضا باسناده عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ عَن أبي مُوسَى قَالَ كنت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَائِط من حيطان الْمَدِينَة فجَاء رجل فَاسْتَفْتَحَ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفتح لَهُ وبشره بِالْجنَّةِ ففتحت لَهُ فاذا أَبُو بكر فبشرته بِمَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَحَمدَ الله ثمَّ جَاءَ رجل فَاسْتَفْتَحَ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفتح لَهُ وبشره بِالْجنَّةِ ففتحت لَهُ فاذا عمر فَأَخْبَرته بِمَا قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَحَمدَ الله ثمَّ أستفتح رجل فَقَالَ لي أفتح لَهُ وبشره بِالْجنَّةِ على بلوى تصيبه فاذا عُثْمَان فَأَخْبَرته بِمَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَحَمدَ الله ثمَّ قَالَ الله الْمُسْتَعَان 64 - ذكر فضل عُثْمَان بعد أبي بكر وَعمر رض = عَن نَافِع عَن أبن عمر رض = عَن نَافِع عَن أبن عمر رض = قَالَ كُنَّا نخير بَين النَّاس فِي زمن

ذكر مصاهرة عثمان رض رسول الله صلى الله عليه وسلم

رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فنخير أَبَا بكر ثمَّ عمر ثمَّ عُثْمَان رض = وَفِي رِوَايَة أُخْرَى عَن ابْن عمر رض = قَالَ كُنَّا فِي زمن الني صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا نفاضل بَينهم رَوَاهُمَا البُخَارِيّ وَعَن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة قَالَ قلت لأبي أَي النَّاس خير بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَبُو بكر قلت ثمَّ من قَالَ عمر قَالَ وخشيت أَن أَقُول ثمَّ من فَيَقُول عُثْمَان قلت ثمَّ أَنْت فَقَالَ مَا أَنا إِلَّا رجل من الْمُسلمين أنفرد بِهِ البُخَارِيّ قَالَ الإِمَام أَحْمد رض = أذهب فِي التَّفْضِيل إِلَى حَدِيث ابْن عمر رض = وَفِي الْخلَافَة الى حَدِيث سفينة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْخلَافَة بعدِي ثَلَاثُونَ ثمَّ تصير ملكا وَأخر الْخلَافَة إِلَى أخر خلَافَة عَليّ بن أبي طَالب رض = وَعَن أَحْمد رِوَايَة أُخْرَى التربيع بعلي رض = فَيَقُول خير النَّاس بعدرسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبُو بكر ثمَّ عمر ثمَّ عُثْمَان ثمَّ عَليّ رضوَان الله عَلَيْهِم 65 - ذكر مصاهرة عُثْمَان رض = رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ عُثْمَان رض صهر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أبنتيه رقية وَأم كُلْثُوم فَلهَذَا كَانَ يُقَال لعُثْمَان رض = ذُو النورين وَهَذَا من أعظم الفظائل وَلم يجمع إِبْنِ إبنتي نَبِي مُنْذُ خلق الله أَدَم عَلَيْهِ السَّلَام إِلَيّ قيام السَّاعَة إِلَّا عُثْمَان ابْن عَفَّان رض = وَكَانَ عَليّ رض = أَيْضا صهر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أبنته فَاطِمَة رض = وَكَانَ أَبُو الْعَاصِ بن الرّبيع أَيْضا صهر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أبنته زَيْنَب وَهِي أكبر بَنَاته وَكَانَ تزَوجهَا أَبُو الْعَاصِ بن الرّبيع قبل النُّبُوَّة فَلَمَّا بعث مُحَمَّد عَلَيْهِ

السَّلَام فَارقهَا الْعَاصِ بن الرّبيع ثمَّ أَنه أسلم فَردهَا عَلَيْهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد سنتَيْن بنكاحها الأول وَلم يحدث شَيْئا وَقد روى أَنه ردهَا عَلَيْهِ وَكَانَ أسلامها قبل أسلامه بست سِنِين بِالنِّكَاحِ الأول وَلم يحدث شَهَادَة وَلَا صَدَاقا رَوَاهُ الْأَمَام أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَقَالَ ردهَا عَلَيْهِ بِنِكَاح جَدِيد وَمهر جَدِيدا وَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يثني على صحبته خيرا وروى البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بأسناده عَن الْمسور بن مخرم قَالَ أَن عليا رض = خطب بنت أبي جهل فَسمِعت بذلك فَاطِمَة رض فَأَتَت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت يزْعم قَوْمك أَنَّك لَا تغْضب لبناتك وَهَذَا عَليّ ناكح بنت أبي جهل فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَمعته حِين يشْهد يَقُول دأما بعد أنكحت أَبَا الْعَاصِ بن الرّبيع فَحَدثني وصدقني وَأَن فَاطِمَة بضعَة مني وَأَنِّي أكره أَن يسوءها شَيْء وَالله لَا تَجْتَمِع بنت رَسُول الله وَبنت عَدو الله عز وَجل عِنْد رجل وَاحِد فَترك عَليّ الْخطْبَة وَفِي روايه أُخْرَى عَن الْمسور قَالَ سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكر صهرا لَهُ من بني عبد شمس فَأثْنى عَلَيْهِ فِي مصاهرته أَيَّاهُ فَأحْسن قَالَ حَدثنِي فصدقني ووعدني فوفى لي رَوَاهُ البُخَارِيّ قلت يحْتَمل أَن يكون معنى قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَعَدَني فوفى أَنه وعده أَنه لَا يتَزَوَّج عَليّ أبنته زَيْنَب رض = عَنْهَا وَهَذَا شَرط صَحِيح يلْزم الْوَفَاء بِهِ ليقول عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أَن أَحَق مَا وفيتم بِهِ من الشُّرُوط مَا أستحللتم بِهِ الْفروج رَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو دَاوُد

ذكر تجهيز عثمان رض جيش العسرة من ماله قال الني صلى الله عليه وسلم من يجهز جيش العسرة وله الجنة فجهزه عثمان رض من ماله فروى عبد الرحمن بن سمرة قال جاء عثمان بن عفان رض إلى النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وفي كمه ألف دينار فصبها في حجر

66 - ذكر تجهيز عُثْمَان رض = جَيش الْعسرَة من مَاله قَالَ الني صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من يُجهز جَيش الْعسرَة وَله الْجنَّة فجهزه عُثْمَان رض = من مَاله فروى عبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة قَالَ جَاءَ عُثْمَان بن عَفَّان رض = إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة تَبُوك وَفِي كمه ألف دِينَار فصبها فِي حجر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ عبد الرحمان فَرَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقلبها بِيَدِهِ فِي حجره وَيَقُول مَا ضرّ عُثْمَان مَا فعل بعد هَذَا أَبَد وَعَن قادة أَن عُثْمَان بن عَفَّان رض = جهز فِي جَيش الْعسرَة تِسْعمائَة وَثَلَاثِينَ بَعِيرًا وَسبعين فرسا وَعَن ابْن شهَاب وَهُوَ الزُّهْرِيّ قَالَ حمل عُثْمَان بن عَفَّان رض فِي غَزْوَة تَبُوك على تِسْعمائَة وَأَرْبَعين بَعِيرًا ثمَّ جَاءَ بستين فرسا فَأَتمَّ بهَا الْألف وَعَن الْأَحْنَف بن قيس قَالَ نَشد عُثْمَان بن عَفَّان رض = عليا وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر وسعدا رَضِي الله عَنْهُم هَل تعلمُونَ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَوْم جَيش الْعسرَة من يجهزه غفر الله لَهُ فجهزتهم حَتَّى مَا يفقدون خطاما وَلَا عقَالًا هَل تعلمُونَ أأن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من يَشْتَرِي بِئْر رومة فيجعلها سِقَايَة للْمُسلمين غفر الله لَهُ فإشتريتها ثمَّ ذكرتها لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ {إجعلها سِقَايَة للْمُسلمين وَلَك أجرهَا} قَالُوا أللهم نعم قَالَ فنشدتكم بِاللَّه هَل تعلمُونَ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ {من اشْترى بَيْتا فزاده فِي الْمَسْجِد غفر الله لَهُ} فابتعته ثمَّ ذكرت ذَلِك لَهُ فَقَالَ {زده فِي الْمَسْجِد وأجره لَك فَفعلت ذَلِك} قَالُوا اللَّهُمَّ نعم ذكر هَذَا الاجري فِي كِتَابه 67 - ذكر كَلَام أَحْمد بن حَنْبَل فِي التَّفْضِيل قَالَ عبد الله بن أَحْمد سَأَلت أبي عَن الشَّهَادَة لأبي بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا بِأَنَّهُمَا فِي الْجنَّة فَقَالَ نعم أذهب الى حَدِيث سعيد بن زيد

قَالَ وَكَذَلِكَ أَصْحَاب النَّبِي الثَّمَانِية وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَصْحَاب الْجنَّة عشرُون وَمِائَة صنف ثَمَانُون مِنْهَا من أمتِي فَإِذا لم يكن أَصْحَاب النَّبِي مِنْهُم فَمن يكون وَقَالَ أَحْمد فِي رِوَايَة الْمَيْمُونِيّ إِذا رَأَيْت الرجل يذكر أحد من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِسوء فاتهمه على الأسلام قَالَ عبد الله بن أَحْمد قلت لأبي من الرافضي الَّذِي يشْتم ويسب أَبَا بكر وَعمر رض = قَالَ وَسَأَلت أبي عَن رجل يشْتم رجلا من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا أرَاهُ على الأسلام وَقَالَ الْمروزِي قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل رَحمَه الله لما مرض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قدم أَبَا بكر ليُصَلِّي بِالنَّاسِ وَقد كَانَ فِي الْقَوْم من هُوَ أَقرَأ مِنْهُ وأنما أَرَادَ الْخلَافَة وَقَالَ عَبدُوس بن مَالك الْعَطَّار سَمِعت أَحْمد بن حَنْبَل يَقُول خير هَذِه الْأمة بعد نبيها أَبُو بكر الصّديق ثمَّ عمر بن الْخطاب ثمَّ عُثْمَان بن عَفَّان رض = نقدم هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة كَمَا قدمهم أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يَخْتَلِفُوا فِي ذَلِك ثمَّ بعد هَؤُلَاءِ أَصْحَاب الشورى الْخَمْسَة عَليّ وَالزُّبَيْر وَطَلْحَة وَعبد الرحمان بن عَوْف وَسعد رض = كلهم يصلح للخلافة وَكلهمْ إِمَام وَنَذْهَب فِي ذَلِك إلأى حَدِيث أبن عمر رض كُنَّا نعد وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَيّ وَأَصْحَابه متوفرون أَبُو بكر ثمَّ عمر ثمَّ عُثْمَان ثمَّ نسكت ثمَّ بعد أَصْحَاب الشورى أهل بدر من الْمُهَاجِرين ثمَّ أهل بدر من الْأَنْصَار من أَصْحَاب رَسُول الله على قدر الْهِجْرَة والسابقة أَولا فأولا ثمَّ أفضل النَّاس بعد هَؤُلَاءِ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم االقرن الَّذِي بعث بَينهم كل من صَحبه سنة أَو شهر أَو يَوْمًا أَو سَاعَة أَو رأه فَهُوَ من أَصْحَابه لَهُ من الصُّحْبَة على قدر مَا صَحبه وَكَانَت سابقته مَعَه وَسمع مِنْهُ وَنظر إِلَيْهِ نظرة فأدناهم صَحبه أفضل من الْقرن الَّذين لم يروه وَلَو لقوا الله بِجَمِيعِ الْأَعْمَال كَانَ

هاؤلاء الَّذين صحبوا النَّبِي وراوه وَسعوا مِنْهُ أفضل لصحبتهم من التَّابِعين وَلَو عمِلُوا كل أَعمال الْخَيْر وَمَا أنتقض أحد من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو أبغضه لحَدث كَانَ مِنْهُ أَو ذكر مساوئة كَانَ مبتدعا حَتَّى يترحم عَلَيْهِم جَمِيعًا وَيكون قبله لَهُم سليما وَقَالَ صَالح بن أَحْمد سُئِلَ أبي وَأَنا شَاهد عَمَّن يقدم عليا على عُثْمَان يبدع قَالَ هَذَا أهل أَن يبدع أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قدمُوا عُثْمَان وَعَن عمر بن عُثْمَان الحمقي قَالَ لما حمل أَحْمد بن حَنْبَل من الْعَسْكَر الى الرّوم نزل هَهُنَا حمص فَدخلت عَلَيْهِ فَقلت يَا أَبَا عبد الله مَا تَقول فِي عَليّ وَعُثْمَان وفقال عُثْمَان ثمَّ عَليّ ثمَّ قَالَ يَا أَبَا حَفْص من فضل عليا على عُثْمَان فقد أزرى بأصحاب الشورى وَعَن مُحَمَّد بن عَوْف قَالَ سَأَلت أَحْمد بن حَنْبَل عَن التَّفْضِيل فَقَالَ من فضل عليا على أبي بكر فقد طعن عَليّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من عليا عَليّ على عمر فقد طعن على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعَلى أبي بكر وَمن قدم عَليّ على عُثْمَان فقد طعن على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بكر وَعمر وعَلى الْمُهَاجِرين وَلَا أَحسب يصلح لَهُ عمل وَعَن عبد الله قَالَ حدث أبي بِحَدِيث سفينة فَقلت يَا أَبَت مَا تَقول فِي التَّفْضِيل قَالَ فِي الْخلَافَة أَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان فَقلت وَعلي بن أبي طَالب قَالَ يَا بني عَليّ بن أبي طَالب من أهل بَيت لَا يُقَاس بهم أحد وَقَالَ عبد الله سَمِعت أبي يَقُول مَا لأحد من الصَّحَابَة من الْفَضَائِل بالأحاديث الصِّحَاح مَا لعَلي رض = وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل من لم يثبت الإِمَام لعَلي رض = فَهُوَ أضلّ من حمَار أَهله

ذكر أن عثمان رض وأصحابه برءاء من الفتن وأنه يقتل مظلوما رض

قَالَ الْمروزِي قيل لأبي عبد الله وَنحن فِي الْعَسْكَر وَقد جَاءَ بعض رسل الْخَلِيفَة يَا أَبَا عبد الله مَا تَقول فِيمَا كَانَ بَين عَليّ وَمُعَاوِيَة وفقال مَا أَقُول عَنْهُم الا الْحسنى قَالَ الْمروزِي وَسمعت أَبَا عبد الله وَذكر لَهُ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وفقال رَحِمهم الله أَجْمَعِينَ وَمُعَاوِيَة وَعمر بن الْعَاصِ وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ والمغيرة كلهم وَصفهم الله فِي كِتَابه فَقَالَ {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههم من أثر السُّجُود} الْفَتْح 29 وَسَأَلَ رجل عَمَّا جرى بَين عَليّ وَمُعَاوِيَة فاعرض عَنهُ وَقيل لَهُ يَا أَبَا عبد الله هُوَ رجل من بني هَاشم فَأقبل عَلَيْهِ فَقَالَ أَقرَأ {تِلْكَ أمة قد خلت} الْبَقر 141 68 - ذكر أَن عُثْمَان رض = وَأَصْحَابه برءاء من الْفِتَن وَأَنه يقتل مَظْلُوما رض = عَن أبي الْأَشْعَث الصَّنْعَانِيّ قَالَ شهِدت خطباء فِي أول الْفِتْنَة بِالشَّام قَالَ فَقَامَ رجل فِي أخرهم يُقَال لَهُ مرّة بن كَعْب فَقَالَ لَوْلَا حَدِيث سمعته من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا قُمْت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكر يَوْمًا فتْنَة فَمر رجل مقنع فَقَالَ هَذَا وَأَصْحَاب على الْحق فَأَتْبَعته فَإِذا هُوَ عُثْمَان رض = وَعَن أبن عمر رض = قَالَ ذكر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فتْنَة فَمر رجل مقنع فَقَالَ يقتل هَذَا الْمقنع مَظْلُوما قَالَ فَنَظَرت إِلَيْهِ فَإِذا هُوَ عُثْمَان بن عَفَّان رض = وَعَن مُجَاهِد عَن عَائِشَة رض = قَالَت دخل عُثْمَان بن عَفَّان رض = على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فناجاه طَويلا فَمَا فجأت الا وَعُثْمَان رض = عَنهُ جاث على رُكْبَتَيْهِ يَقُول ظلما وعدوانا يَا رَسُول الله قَالَت عَائِشَة رض = فَظَنَنْت أَنه أخبرهُ بقتْله عَن يزِيد بن أَرقم قَالَ بَعَثَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أَنطلق حَتَّى

ذكر أنكار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل عثمان رض

تَأتي السُّوق فَتلقى عُثْمَان فِيهَا يَبِيع ويبتاع فَقل لَهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ عَلَيْك السَّلَام وَيَقُول أبشر بِالْجنَّةِ بعد بلَاء شَدِيد فَانْطَلَقت حَتَّى أتيت السُّوق فَلَقِيت عُثْمَان رض = يَبِيع ويبتاع كَمَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ عَلَيْك السَّلَام وَيَقُول أبشر بِالْجنَّةِ بعد بلَاء شَدِيد قَالَ وَأَيْنَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قلت بمَكَان كَذَا وكذ فَأخذ بيَدي فَجِئْنَا جَمِيعًا حَتَّى أَتَيْنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ عُثْمَان يَا رَسُول الله إِن زيدا أَتَانِي فَقَالَ لي إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ عَلَيْك السَّلَام وَيَقُول أبشر بِالْجنَّةِ بعد بلَاء شَدِيد فَأَي بلَاء يُصِيبنِي يَا رَسُول الله فوالذي بَعثك بِالْحَقِّ مَا تَغَنَّيْت وَلَا تمنيت وَلَا مسست ذكري مُنْذُ بَايَعْتُك فَقَالَ هُوَ ذَاك هُوَ ذَاك وَفِي رِوَايَة أُخْرَى قَالَ زيد بن أَرقم بَعَثَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى عُثْمَان رض = فبشرته بِالْجنَّةِ على بلوى تصيبه فَأخذ عُثْمَان بيَدي فَانْطَلق بِي حَتَّى أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله مَا هَذِه الْبلوى الَّتِي تصيبني فوَاللَّه مَا تَغَنَّيْت وَلَا تمنيت وَلَا مسست فَرجي بيميني مُنْذُ أسلمت وبايعت رَسُول الله وَلَا زَنَيْت فِي جَاهِلِيَّة ولااسلام فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن الله عز وَجل مقصمك قَمِيصًا فَإِن أرادك المُنَافِقُونَ على خلعه فَلَا تخلعه وَعَن عبد الرَّحْمَن بن مهْدي قَالَ لَو لم يكن فِي عُثْمَان رض = الا هَاتَانِ الخصلتان كفتاه بذلة دَمه دون دِمَاء الْمُسلمين وَجمعه الْمُصحف وَعَن أَيُّوب السجسْتانِي عَن نَافِع عَن أبن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن عُثْمَان رض = أصبح يحدث النَّاس فَقَالَ رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا عُثْمَان أفطر عندنَا فَأصْبح صَائِما ثمَّ قتل من يَوْمه رَحمَه الله 69 - ذكر أنكار أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قتل عُثْمَان رض = لما قتل عُثْمَان رض = عظم ذَلِك على أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأنكروه أَشد

الأنكار فروى عَن عبد الرحمان بن أبي ليلى قَالَ رَأَيْت عَليّ رض = عِنْد أَحْجَار الزَّيْت رَافعا أصبعيه أَو قَالَ مَادًّا أصبعيه يَقُول اللَّهُمَّ أَنِّي أبرء إِلَيْك من دم عُثْمَان وَعَن حبيب بن ثَابت عَن مُحَمَّد بن عَليّ لما كَانَ يَوْمًا الدَّار أرسل عُثْمَان إِلَى عَليّ رض = يَدعُوهُ فَأَرَادَ أتيانه فتعلقوا بِهِ ومنعوه فَألْقى عمام سَوْدَاء عَن رَأسه ونادى ثَلَاثًا اللَّهُمَّ إِنِّي لَا أرْضى قَتله وَلَا أَمر بِهِ وَعَن مبارك بن فضاله عَن الْحسن قَالَ كَانَ الْحسن بن عَليّ رض = يرد النَّاس عَن عُثْمَان رض = يَوْم الدَّار بسيفين يضْرب بيدَيْهِ جَمِيعًا وَعَن مَوْلَاهُ حُذَيْفَة قَالَ لما بلغ حُذَيْفَة بن اليمام قتل عُثْمَان رض = جعل يتَرَدَّد فِي الدَّار قَائِما وذاهبا كَهَيئَةِ النادم وَهُوَ يَقُول اللَّهُمَّ إِنِّي أَخَاف أَن يكون أَمِير الْمُؤمنِينَ مضى وَهُوَ عَليّ ساخط وَعَن زيد بن عَليّ أَن زيد بن ثَابت بكا عُثْمَان رض = يَوْم الدَّار وَعَن قيس بن أبي حَازِم قَالَ سَمِعت سعيد بن زيد بن عمر بن نفَيْل يَقُول لَو أنقض أحدا فِيمَا فَعلْتُمْ بِابْن عَفَّان لَكَانَ محقوقا أَن ينْقض وَفِي لفظ قَالَ سعيد بن زيد للْقَوْم لَو أَن أحد أنقض لما صَنَعْتُم بعثمان لَكَانَ محقوقا أَن ينْقض وَفِي روايه لَو أرفض أَو أنقض أحد فِيمَا صَنَعْتُم بإبن عَفَّان لَكَانَ محقوقا أَن يرفض أَو ينفض بِالْفَاءِ فِي ينفض وَقد روى بِالْقَافِ وَمَعْنَاهُ زَالَ عَن مَكَانَهُ وَمن رَوَاهُ بِالْفَاءِ فَمَعْنَاه تهدم وتفرق وتقطع وَعَن أبن سِيرِين قَالَ بعث عُثْمَان رض = سليط بن سليط وَعبد

الرحمان بن عتاب أبن أسيد فَقَالَ اذْهَبَا إِلَى إِبْنِ سَلام فتنكر لَهُ وقولا لَهُ أَنه قد كَانَ من امْر النَّاس مَا قد ترى فَمَا تَأْمُرنَا قَالَ فَأتيَا إِبْنِ سَلام فَقَالَا لَهُ نَحوا من مقَالَته فَقَالَ لأَحَدهمَا أَنْت فلَان بن فلَان وَقَالَ للْآخر أَنْت فلَان بن فلَان بعثكما أَمِير الْمُؤمنِينَ فأقرئاه السَّلَام وأخبراه أَنه مقتول فلكيف فَإِنَّهُ أقوى لحجته يَوْم الْقِيَامَة عِنْد الله عز وَجل فَأتيَاهُ فَأَخْبَرَاهُ فَقَالَ عُثْمَان رض = عزمت عَلَيْكُم أَن يُقَاتل معي مِنْكُم أحد وَعَن قَتَادَة قَالَ عبد الله بن سَلام وَالله لَئِن كَانَ قتل هدى لتحلبن لَبَنًا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَلَئِن كَانَ قَتله ضَلَالَة لتحلبن لبن إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَعَن عبد الْملك بن عُمَيْر أبن أخي عبد الله بن سَلام قَالَ لما أُرِيد عُثْمَان رض = جَاءَ عبد الله بن سَلام رض = فَقَالَ لَهُ عُثْمَان رض مَا جَاءَ بك قَالَ جِئْت فِي نصرتك قَالَ أخرج إِلَى النَّاس فَخرج عبد الله إِلَى النَّاس فَقَالَ يَا أَيهَا النَّاس أَنه كَانَ لي أسم فِي الْجَاهِلِيَّة فسماني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عبد الله وَنزلت فِيهِ الأيه {وَشهد شَاهد من بني إِسْرَائِيل على مثله فَآمن وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِن الله لَا يهدي الْقَوْم الظَّالِمين} الْأَحْقَاف 10 وَنزل فِي {قل كفى بِاللَّه شَهِيدا بيني وَبَيْنكُم وَمن عِنْده علم الْكتاب} الرَّعْد 43 إِن لله سيف مغمودا عَنْكُم وَأَن الْمَلَائِكَة جاورتكم فِي بلدكم هَذَا الَّذِي نزل فِيهِ نَبِيكُم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَالله الله فِي هَذَا الرجل أَن تقتلوه فوَاللَّه لَئِن قتلتموة لتطتردن جِيرَانكُمْ من الْمَلَائِكَة وليسن سيف الله المغمود عَنْكُم فَلَا يغمد إِلَى يَوْم القيامه وَعَن حميد بن هِلَال قَالَ قَالَ لَهُم عبد الله بن سَلام ان الملائكه لم تزل محيطه بمدينتكم مُنْذُ قدمهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى الْيَوْم فو الله لَئِن قَتَلْتُمُوهُ ليذهبن ثمَّ لايعودون أبدا وَوَاللَّه لايقتله مِنْكُم رجل الا بَقِي أَجْذم لَا يَد لَهُ وان سيف الله لم يزل مغمودا عَنْكُم وانكم وَالله لَئِن قَتَلْتُمُوهُ ليسلنه الله

ثمَّ لَا يغمد عَنْكُم أبدا مَا قتل نَبِي قطّ إِلَّا قتل لَهُ سَبْعُونَ الْفَا وماقتل خليفه إِلَّا قتل بِهِ خَمْسَة وَثَلَاثُونَ الْفَا وَأَن يجتمعوا وَذكر أَنه قتل على دم يحيى بن زَكَرِيَّا عَلَيْهِمَا السَّلَام سَبْعُونَ الف قلت ولعمري ألقا قتل بِسَبَب عُثْمَان رض = فِي وقْعَة الْجمل وصفين أَكثر من خمس وَثَلَاثِينَ الف وَلَا أجتمعت كلمتهم أبدا وَلَا أقتسموا فَيْئا وَلَا غزوا عدوا جَمِيعًا وَلَقَد أحتلبوا بعده الدَّم لَا اللَّبن وَقد ذكرنَا أَن أَبَا هُرَيْرَة دخل على عُثْمَان رض = يَوْم الدَّار لِيَنْصُرهُ فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا هُرَيْرَة أَيَسُرُّك أَن تقتل النَّاس جَمِيعًا وأياي قَالَ لَا قَالَ فَإنَّك وَالله لَئِن قتلت رجلا وَاحِدًا فَكَأَنَّمَا قتلت النَّاس جَمِيعًا قَالَ فَرجع وَلم يُقَاتل قَالَ الْأَعْمَش عَن أبي صَالح قَالَ كَانَ أَبُو هُرَيْرَة إِذا ذكر مَا صنع بعثمان رض = بَكَى فَكَأَنِّي أسمعهُ يَقُول هاه هاه ينتحب وَعَن أبي الْمليح عَن إِبْنِ عَبَّاس رض قَالَ لَو أجتمعوا على قتل عُثْمَان لرجموا بِالْحِجَارَةِ كَمَا رجم قوم لوط وَعَن أبي صَالح عَن كَعْب الْأَحْبَار قَالَ لاتقتلوا عُثْمَان فوَاللَّه لَئِن قَتَلْتُمُوهُ ليستحلن الْقَتْل مابين دروب الرّوم الى صنعاء ولتكونن فتن وضغائن

ذكر الأختلاف في قتلة عثمان رض عنه وخاذلته

70 - ذكر الأختلاف فِي قتلة عُثْمَان رض = عَنهُ وخاذلته وَكَانَ بَنو أُمِّيّه وأتباعهم من أهل الشَّام يتهمون عليا بالرضى بقتل عُثْمَان رض = حَتَّى كتب مُعَاوِيَة إِلَى عَليّ رض = يَقُول لَهُ قتل أَمِير الْمُؤمنِينَ عُثْمَان مَعَك فِي الْمحلة وَأَنت تسمع الهائعة فَلم تنصره وَلم تذب عَنهُ بيد وَلَا لِسَان وَكتب عَليّ رض = أَنِّي مَا قتلت عُثْمَان وَلَا مَلَأت على قَتله وَلَا رضيت بِهِ وَقَالَ الجاحظ وَسَأَلت عَن أَمر عَليّ وَعُثْمَان رض عَنْهُمَا وَقلت إِن النَّاس قدد أَكْثرُوا فِي قاتليه وخاذليه فِي وَذَلِكَ الْعَصْر وَذَلِكَ الدَّهْر وَقَالُوا أَن عليا سم أَبَا بكر ودس لعمر حَتَّى قتل وَأَنه أعلن فِي أَمر عُثْمَان حَتَّى قتل عنوه وجهرة وأستشهدوا فِي ذَلِك بقول الشُّعَرَاء فِي ذَلِك الزَّمَان والدهر وأحتجوا بِأَن الشّعْر ديوَان الْعَرَب وتاريخ الْأُمَم وَأَنه الْحجَّة القاطعة أَكْثرُوا من الرِّوَايَة الْمُخْتَلف فِيهَا فَمن ذَلِك قَول حسان ... يَا لَيْت شعري وليت الطير تُخبرنِي مَا كَانَ شَأْن عَليّ وأبن عَفَّان لتسمعن وشيكا فِي دِيَارهمْ ... الله أكبريا ثَارَاتِ عثمانا ... وَقَالَ حَكِيم بن حزَام ... أيا من ذَا عذيري من عَليّ ... طوى كشحا وَعُثْمَان قَتِيل ... تعاوره السيوف وناصروه من الْأَحْيَاء كلهم قَلِيل تبر النَّاس مِنْهُ غير رَهْط أجابوه عزيزهم ذليل ... تواصوا بالحفاظ فأدركتهم مناياهم وأنفسهم تسيل ...

وقال سعيد بن العاص ثلاثة رهط شاربو كأس علقم بقتل إمام بالمدينة محرم هم قتلوا عثمان من غير ردة ولا رجم أحصان ولا قتل مسلم تعالوا فعايونا فإن كان قتله لواحدة منها فحل لكم دمي وإلا فاعظم بالذي جئتم به ومن يأت ما لم يرضه الله يظلم

وَقَالَ يحيى بن الحكم بن مَرْوَان ... قولا لطلحه وَالزُّبَيْر خطئتما ... بقتلكما عُثْمَان خير قَتِيل رميتم أَبَا عَمْرو بِكُل عَظِيمَة على غير شَيْئا غير قَالَ وَقيل فإمَّا جدعتم بِابْن أروى أنوفنا ... وَلم تظفروا من قَتله بقتيل ... وَقَالُوا عَليّ لَازم قَعْر بَيته ... فَمَا أمره بِمَا أَتَا بجميل وَلَو قَالَ كفوا عَنهُ شاموا سيوفهم ... وولوا بغم فِي النُّفُوس بنفوس طَوِيل وَلكنه أغضى وَكَانَ سَبيله سلبهم وَالظُّلم شَرّ سَبِيل فَكل لَهُ ذَنْب إِلَيْنَا نعده ... وذنب عَليّ فِيهِ غير قَلِيل ... وَقَالَ سعيد بن الْعَاصِ ... ثَلَاثَة رَهْط شاربو كأس علقم ... بقتل إِمَام بِالْمَدِينَةِ محرم هم قتلوا عُثْمَان من غير ردة ... وَلَا رجم أحصان وَلَا قتل مُسلم تَعَالَوْا فعايونا فَإِن كَانَ قَتله ... لوَاحِدَة مِنْهَا فَحل لكم دمي وَإِلَّا فاعظم بِالَّذِي جئْتُمْ بِهِ ... وَمن يَأْتِ مَا لم يرضه الله يظلم فَقَالُوا قتلنَا كَافِرًا حل قَتله ... وَلَا شَيْء أعمى للقلوب من الدَّم فَلَا يهنئن الشامتين مصابه فقصدهم من قَتله حَرْب جرهم ... وَقَالَ عَمْرو بن الْعَاصِ ... أَتَتْنِي امور فصدقتها وَكنت لَهَا إِذْ أَتَت قَائِلا بِأَن الزبير رمى رمية ... وَطَلْحَة هدا بهَا الكاهلا وَإِن عليا يُدِير الْأُمُور ... أيقتل أم يمْنَع القاتلا وَكَيف يؤمل نصر الْقَتِيل ... وَكَانَ لعثماننا خاذلا سيسحب فِيهَا لَهُم ذيله ... وَيَمْشي لَهُم حافيا ناعلا ...

وَقَالَ مَرْوَان بن الحكم ... أَن تكن يَا عَليّ لم تصب الْمَقْتُول ... جَهرا أصبته أَنْت سرا إِن عمارا الَّذِي قتل الشَّيْخ ... وَهَذَا مُحَمَّد قد أقرا بِالَّذِي يُوجب الْقصاص على النَّاس ... وَلَو حاذر الْقصاص لفرا يَا بن أبي طَالب جدعت بِهِ الْأنف وأبقيت بعد شرا شمرا قتلوا وَالَّذِي يحجّ لَهُ النَّاس ... بريا من الْفَوَاحِش برا أقرب النَّاس بِالْمَدِينَةِ خيرا ... لقريب وَأبْعد النَّاس شرا أَن أعش أَو يَعش مُعَاوِيَة الْعَام ... تذق طعم مَا جنوا لَك مرا ... وَقَالَ صَفْوَان بن أُميَّة بن صَفْوَان الجُمَحِي يُخَاطب عليا ... إِن بني عمك عبد الْمطلب هم قتلوا عُثْمَان من غير كذب ظلما وعدوانا بِلَا دم طلب ... وَأَنت أولى النَّاس بالوثب فثب ... قَالَ والروافص تشهد أَن عليا رض = سم أَبَا بكر ودس لعمر أَبَا لؤلؤة حَتَّى قَتله وَقَالُوا دجى بِهِ وَقَالُوا لَهُ سر طوى الله لَك الْبعيد وَإنَّهُ جاهر فِي أمرر عُثْمَان حَتَّى قتل فيمدحونه بذلك ويجعلونه منقبة وديانة وفضيلة لعَلي رض = فَأَما أَصْنَاف الْخَوَارِج والزيدية فأنهم يُنكرُونَ أَمر أبي بكر وَعمر رض = ويبرئونه مِنْهُمَا ويثبتون قتل عُثْمَان رض = عَلَيْهِ ويصححونه وَيَقُولُونَ نَحن كُنَّا أعوانه على قَتله عُثْمَان رض = وإخوانه ويتقلدون دَمه ويجعلونه أفضل أَعْمَالهم وأعماله وَقَالُوا لَو لم يقْتله لغلب الدّين وَذهب الأسلام وَقَالُوا هَذَا بعد تحريق الْمَصَاحِف وتمزيقها وَبعد تَعْطِيل الْحُدُود وَالْأَحْكَام الَّتِي فِي الْقُرْآن والحمى والقطائع والجوائز وإيواء الطريد وَأخذ الْفَيْء وَأكله وَمنع الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار حُقُوقهم وتفرقهم خَاصَّة وَقتل الرِّجَال وتسيير الصَّحَابَة من دِيَارهمْ شَيْء يخَاف مِنْهُ على الأسلام

وَقَالَت الْخَوَارِج فِي قتال الفئة الباغية نسير فيهم بالاكفار وَقَالَت المرجئة لَا قتال بَين الْمُؤمنِينَ وَلَا امْتنَاع بسلاح لأَنهم أهل لَا إِلَه إِلَّا الله وَقَالَت الْمُعْتَزلَة بِإِيجَاب الْقِتَال على جِهَة الدّفع لَا على جِهَة الْقَصْد لِلْقِتَالِ والسبي قَالَ الجاحظ وَهُوَ خير الْأَقَاوِيل وأعدلها وأرضاها عِنْد الله قَالَ الله {فبشر عباد الَّذين يَسْتَمِعُون القَوْل فيتبعون أحْسنه} الزمر 17 18 قَالَ وَالْأَصْل الَّذِي عندنَا فِيمَن لَيْسَ كعلي رض وسابقيه وتكامل خصاله بل فِي أدنى رجل أَلا يسْتَحل أَن يظنّ بِهِ ذَلِك وَإِن كَانَ النَّاس قد قرفوه بقتل عُثْمَان وَأَنه قد أَوَى قتلته ومنعهم وَقد أختلف النَّاس فِي الله وَصِفَاته أَشد الأختلاف فَكيف بعلي وَعُثْمَان رض = الله عَنْهُمَا وعَلى أَن بعض أهل الْعلم قد قَالَ لقد عجز عَن معرفَة أَمر عُثْمَان رض = من شهده فَكيف من غَابَ عَنهُ لِأَنَّهُ أَمر مُشكل قَالَ وَلَو كَانَ مُعَاوِيَة الْقَائِم بثأره الطَّالِب بدمه هُوَ الْقَائِم بعده بالحجاز وَالْعراق لوجدت من يَقُول أَنه كَانَ دسيسا مِنْهُ وَهُوَ الَّذِي أفسد عَلَيْهِ الْأَمر فَإِن لم تَجِد ذَلِك فاشيا ظَاهرا فَفِي الْخفية وَهَكَذَا النَّاس مُنْذُ كَانُوا وَأعظم مَا أَبْتَلِي بِهِ عَليّ دم عُثْمَان والتهمة لَهُ بِهِ فِيهِ أَن دهماء الْأمة كَانُوا يعظمون شَأْن دَمه ويرئون عليل رض = مِنْهُ مَا خلا قُريْشًا كلهَا فَإِنَّهَا تلْزمهُ دَمه وَكَانُوا هم أَكثر أجناد الْخلَافَة والقواد والرؤساء فَكَانَ رض = أَن هُوَ أظهر الْولَايَة الصَّحِيحَة فِي البرائت من قَاتله خَافَ أَن يفْسد عَلَيْهِ جنده ويفارقوه إِلَى غَيره لِأَن أَكْثَرهم كَانَ مِمَّن فِي قلبه عَليّ عُثْمَان رض = حنق فَكَانَ يكره أَن يبوح بِهِ وَكَانَ يمسك عَن ذكره مَا أمكنه فَإِذا أضطر القَوْل قَالَ قولا يحْتَمل رضَا الْفَرِيقَيْنِ ويعلق قَوْله تَعْلِيقا يحْتَمل التَّأْوِيل نَحْو قَوْله نَحن دليناه للمقتل وَكَقَوْلِه أَيهَا السَّائِل عَن دم عُثْمَان دم عُثْمَان فِي جمجمتي هَذِه وَمَا أمرت بقتْله وَلَا نهيت عَنهُ وَكَقَوْلِه وَالله مَا سرني قَتله وَلَا سَاءَنِي فِي كَلَام طَوِيل

ذكر عذر عثمان رض عند أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

وَكَقَوْلِه ويل لي أَن قتلت عُثْمَان وويل لعُثْمَان أَن قتلته مَعَ أَنه بَرِيء من دَمه 71 - ذكر عذر عُثْمَان رض = عِنْد أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن مسعر بن كدام عَن أبي عون عَن مُحَمَّد بن حَاطِب قَالَ ذكر عُثْمَان رض = عِنْد الْحسن وَالْحُسَيْن رض فَقَالَا هَذَا أَمِير الْمُؤمنِينَ يأتيكم الأن وَيُخْبِركُمْ عَنهُ فجَاء عَليّ رض = فَسَأَلُوهُ فَقَالَ عُثْمَان من الَّذين أتقوا وأمنوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات ثمَّ أتقوا وأمنوا ثمَّ أتقوا وأحسنوا وَالله يحب الْمُحْسِنِينَ وَعَن عَطِيَّة عَن أبي أَيُّوب عَن عَليّ رض عَنهُ فِي قَوْله عز وَجل {وقضينا إِلَى بني إِسْرَائِيل فِي الْكتاب} إِلَى قَوْله {فَإِذا جَاءَ وعد أولاهما} الأسراء من 4 5 قَالَ قتل زَكَرِيَّا {فَإِذا جَاءَ وعد الْآخِرَة} الأسراء 7 مقتل يحيى عَلَيْهِ السَّلَام وَالْأولَى من فَسَاد هَذِه الْأمة مقتل عُثْمَان والأخرة النَّفس الَّتِي تُبَاح لَهَا قُرَيْش قلت المرادبه مقتل الْحُسَيْن ررض = وَعَن عَطِيَّة عَن أبي أَيُّوب عَن عَليّ رض = قَالَ أَتَاهُ رجل فَقَالَ إِنِّي أبْغض عُثْمَان فَقَالَ مهلا فأنهم يَعْنِي أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والكافرين الَّذين أنزل الله فيهم {الَّذين يحملون الْعَرْش وَمن حوله يسبحون بِحَمْد رَبهم ويؤمنون بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ للَّذين آمنُوا} أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {فَاغْفِر للَّذين تَابُوا} غَافِر 7 من الشُّكْر وأبتعوا الرَّسُول إِلَى قَوْله {إِن الَّذين كفرُوا ينادون} غَافِر 10 فإياكم أَن تَكُونُوا ببغضه مِنْهُ وَعَن مجَالد عَن الشّعبِيّ عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة قَالَ قلت لعَلي أَن هَذَا الرجل مقتول هُوَ أَنه أَن قتل وَأَنت بِالْمَدِينَةِ الحدوا فِيك فَأخْرج فَكُن فِي مَكَان كَذَا وَكَذَا فأنك إِن فعلت فَكنت فِي غَار بِالْيمن طَلَبك النَّاس فَأبى

حصر عُثْمَان رض 22 اثْنَتَيْنِ وَعشْرين يَوْم ثمَّ قتل وَعَن سعيد إِبْنِ عبد الله الجُمَحِي عَن عبد الرَّحْمَن وَمُحَمّد بن أبي حَاطِب أَن رجل أَتَى عَليّ رض = يسْأَله عَن عُثْمَان رض = وَعِنْده أَصْحَابه فكلهم قَالَ كَافِر فَقَالَ الرجل أَنِّي لست أَسأَلكُم أسأَل أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ عَليّ رض = فِي عُثْمَان رض = وَأَصْحَابه نزلت {إِن الَّذين سبقت لَهُم منا الْحسنى أُولَئِكَ عَنْهَا مبعدون} الْأَنْبِيَاء 101 وروى الأجري بِإِسْنَادِهِ عَن يُوسُف بن سعد قَالَ قدم مُحَمَّد بن عَليّ الْبَصْرَة فَقلت حَدثنِي قَالَ شهِدت عليا رض = وَهُوَ على سَرِير وَعِنْده عمار بن يَاسر وَزيد بن صوحان وصعصعة فَذكر عُثْمَان رض = قَالَ وَعلي رض ينْكث فِي الأَرْض بِعُود مَعَه فَقَرَأَ {إِن الَّذين سبقت لَهُم منا الْحسنى أُولَئِكَ عَنْهَا مبعدون} قَالَ نزلت فِي عُثْمَان فَقلت لمُحَمد بن عَليّ أروي هَذَا عَنْك قَالَ نعمف وَعَن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة قَالَ لَو كَانَ عَليّ ذَاكِرًا لعُثْمَان بِسوء ذكره يَوْم جَاءَ نَاس يَشكونَ إِلَيْهِ سَعَادَة عُثْمَان فَقَالَ لي عَليّ إذهب بِهَذَا الْكتاب إِلَى عُثْمَان وَأخْبرهُ أَن فِيهِ صَدَقَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمر سعاتك يعْملُونَ بهَا فَأَتَيْته بهَا فَقَالَ أعنها عَنَّا فَأتيت بهَا عَليّ فَقَالَ لَا عَلَيْك ضعها حَيْثُ وَجدتهَا قَالَ بعض الروَاة عَن سُفْيَان بن عيينه لم يجد عَليّ بدا حِين كَانَ عِنْده علم مِنْهُ أَن ينهيه إِلَيْهِ قَالَ وَيرى عُثْمَان أَنما رده أَن عِنْده علم من ذَلِك فاستغنى عَنهُ حَكَاهُ أَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِي فِي الْأَطْرَاف وَذكره الْحميدِي فِي الْجمع بَين الصَّحِيحَيْنِ وروى أَيْضا بِإِسْنَادِهِ عَن سَالم بن عبد الله بن عمر قَالَ قَالَ عبد الله بن عمر رض = جَاءَنِي رجل فِي خلَافَة عُثْمَان رض = فكلمني بِكَلَام طَوِيل يُرِيد أَن أعيب على عُثْمَان رض = وَهُوَ أمرؤ فِي لِسَانه ثقل لَا يكَاد يقْضِي كَلَامه فِي سريع فَلَمَّا قضي كَلَامه قلت قد كُنَّا نقُول وَرَسُول الله حَيّ أفضل أمة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعده أَبُو بكر ثمَّ عمر ثمَّ عُثْمَان

ذكر الأسباب التي نقموها على عثمان والجواب عنها والأعتذار لعثمان رض

وَأَنا وَالله مَا نعلم عُثْمَان قتل نفسا بِغَيْر نفس وَلَا جَاءَ من الْكَبَائِر شَيْئا وَلَكِن إِنَّمَا هُوَ هَذَا المَال فَإِن أعطاكموه رَضِيتُمْ وَأَن أعطا أولى قرابتة سخطتم إِنَّمَا تُرِيدُونَ أَن تَكُونُوا كفارس وَالروم لَا يتركون لَهُم أَمِيرا إِلَّا قَتَلُوهُ قَالَ فَفَاضَتْ عَيناهُ بِأَرْبَع من الدمع ثمَّ قَالَ اللَّهُمَّ لَا نُرِيد ذَلِك وَعَن سَالم عَن أبن عمر رَضِي الله عَنْهُم قَالَ لقد عابوا على عُثْمَان أَشْيَاء لَو فعل بهَا عمر رض = لما عابوها عَلَيْهِ 72 - ذكر الْأَسْبَاب الَّتِي نقموها على عُثْمَان وَالْجَوَاب عَنْهَا والأعتذار لعُثْمَان رض = أعلم رَحِمك الله أَن الرافظة والملحدة قد طعنوا على عُثْمَان رض عَنهُ وتعلقوا عَلَيْهِ بأَشْيَاء فعلهَا لَا تثبت لَهُم عَلَيْهِ بهَا حجَّة قد ذكرنَا أَكْثَرهَا فِيمَا مضى وَنَذْكُر الأن مِنْهَا طرفا وَنَذْكُر الْجَواب عَنْهَا بِحَسب الْإِمْكَان فَنَقُول فَإِن قيل فَإِن أبن مَسْعُود رض = أنكر على عُثْمَان رض = فِي امْر الْمَصَاحِف وَتَحْرِيقهَا فَالْجَوَاب أَن أبن مَسْعُود دونه فِي الْفضل والمرتبه فَكَانَ عُثْمَان رض أعلم بِمَا فعل وَلِأَن الرجل كَانَ يَقُول للرجل قراءتنا خير من قرائتك فأزال عُثْمَان رض = هَذَا وجمعهم على شَيْء وَاحِد كَانَ قد ولي زيد بن ثَابت أَمر الْمَصَاحِف وَلَو كَانَ ذَلِك مُتَوَجها إِلَى عُثْمَان رض = لَكَانَ ذَلِك طَعنا على من قبله من الصَّحَابَة وَقد روى أَن عَليّ رض = قَالَ عَن ملأء منا أَصْحَاب رَسُول الله فعل ذَلِك عُثْمَان لَو كَانَ مُنْكرا لَكَانَ عَليّ غَيره لما صَار الْأَمر إِلَيْهِ فَلَمَّا يُغَيِّرهُ علم أَن عُثْمَان رض = كَانَ مصيبا فِيمَا فعل فَإِن قيل أَنه أعتدى بتولية الْوَلِيد بن عقبَة وَأَنه سكر فصلى بهم الْفجْر رَكْعَتَيْنِ ثمَّ الْتفت فَقَالَ أَزِيدكُم فَالْجَوَاب أَنه قد ولى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

بعض النَّاس على الصَّدَقَة ففسق فَأنْزل الله {إِن جَاءَكُم فَاسق بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} الحجرات 6 فَلَيْسَ يلْحق عُثْمَان رض = إِلَّا مَا لحق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَولي عمر بن الْخطاب رض = قدامَة بن مَظْعُون الْبَحْرين فَشرب الْخمر متأولا فجلده عمر رض وقدامه بَدْرِي من أولى السَّابِقَة وَالْفضل وَكَذَلِكَ عُثْمَان وَولي عَليّ رض = الْمُخْتَار بن أبي عبيد الْمَدَائِن فَأَتَاهُ بصرة فَقَالَ هَذَا من أجور المومسات قَالَ عَليّ رض = قَاتله الله لَو شقّ عَن قلبه لوجد ملْء حب الأت والعزى وَهُوَ أفسق من الْوَلِيد فَأخذ الْمُخْتَار المَال وَلحق بِمُعَاوِيَة وَكَانَ عَليّ رض = يلقى من ولاته وعماله الْأَمر الشَّديد فَكَانَ يَقُول وليت فلَانا فَأخذ المَال وَوليت فلَانا فخانني إِلَى غير ذَلِك ذكر هَذَا أَبُو نعيم فِي كتاب الْأمة فَإِن قيل فقد أنكر ابْن مَسْعُود وَأَبُو ذَر إتْمَام عُثْمَان الصَّلَاة بمنى وَأَنه صلى أَرْبعا فَالْجَوَاب أَنه قد إعتذر عَن ذَلِك قَالَ ذَاك رَأْي رَأَيْته ثمَّ لَو كَانَ فعله خلاف الْحق لما تباعه ووافقاه فَقيل لَهما فِي ذَلِك فَقَالَا الْخلاف شَرّ وَقد روى عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة إتْمَام الصَّلَاة فِي السّفر مِنْهُم عَائِشَة وسلمان وَأَرْبَعَة عشر من الصَّحَابَة رض = وَالَّذِي حمل عُثْمَان رض = على إتْمَام الصَّلَاة أَنه بلغه أَن قوما من الْأَعْرَاب شهدُوا الصَّلَاة مَعَه بمنى فَرَجَعُوا إِلَى قَومهمْ فَقَالُوا الصَّلَاة رَكْعَتَانِ كَذَلِك صليناها مَعَ عُثْمَان بمنى فلأجل ذَلِك صلاهَا أَرْبعا ليعلمهم مَا بنوا بِهِ الْخلاف وألإشتباه وَكَذَلِكَ فعل عمر رض = فِي أَمر الْحَج وَأَن يجمعوا بَين الْحَج وَالْعمْرَة فِي أشهر الْحَج وَخَالفهُ إبنه عبد الله وَقَالَ سنة رَسُول الله أَحَق أَن تتبع وَتَابعه أَبُو مُوسَى وَجَمَاعَة من الصَّحَابَة على ترك الْجمع بَين الْحَج وَالْعمْرَة مَعَ علمهمْ بِفعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وإقامته على ألإحرام حَتَّى دخل

مَكَّة مُعْتَمِرًا حَتَّى فرغ من الْمَنَاسِك وَلم ينكروا ذَلِك على رض = وَلَو كَانَ مُنْكرا لماتابعوه على رَأْيه فَإِن قيل إِنَّه إعطى من مَال الصَّدَقَة ووفر أقرباءه فَالْجَوَاب أَن عُثْمَان رض = أعلم مِمَّن أنكر عَلَيْهِ وَالْإِمَام إِذا رأى الْمصلحَة فِي فعل شَيْء فعله فَلَا يكون إِنْكَار من جهل الْمصلحَة فِي ذَلِك حجَّة على من عرفهَا فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو زمَان من قوم يجهلون وَيُنْكِرُونَ الْحق من حَيْثُ لَا يعرفونه فقد فرق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غَنَائِم خَيْبَر فِي الْمُؤَلّفَة قُلُوبهم يَوْم الْجِعِرَّانَة وَترك الْأَنْصَار لما رأى فِي ذَلِك من الْمصلحَة حَتَّى قَالُوا تقسم غنائمنا فِي النَّاس وسيوفنا تقطر من دِمَائِهِمْ وجهلوا مَا رأه النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام من الْمصلحَة وَذَلِكَ أعظم مِمَّا فعله عُثْمَان رض = وَلِأَن مَال الْمُؤَلّفَة من الْغَنِيمَة فَلَا يلْزم عُثْمَان من أنكر عَلَيْهِ إِلَّا مَا لزم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين رأى الْمصلحَة فِيمَا فعل إقتداء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِن قيل الَّذِي أعْطى رَسُول الله كَانَ من الْخمس قيل لَهُ لَو كَانَ من الْخمس لما أنْكرت الْأَنْصَار ذَلِك وَلما قَالَت غنائمنا ولقال رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا أعطيتم من مَال الله أَلا ترَاهُ إستمال قُلُوبهم بقوله أَلا ترْضونَ أَن يذهب النَّاس بالأموال وَتَذْهَبُونَ برَسُول الله إِلَى بُيُوتكُمْ قَالُوا رَضِينَا والْحَدِيث مَشْهُور فَإِن قيل بِأَن عُثْمَان رض = ضرب عمارا قيل هَذَا لَا يثبت وَلَو ثَبت فَإِن للْإِمَام أَن يُؤَدب بعض رَعيته بِمَا يرَاهُ وَإِن كَانَ خطأألاترى أَن النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أقص من نَفسه وأقاد وَكَذَلِكَ أَبُو بكر وَعمر رض = أدبارعيتهما باللطم والدرة وأقادا من أَنفسهمَا وَذَلِكَ لما أصَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بطن رجل بخشبه فجرحه فَرفع قَمِيصه وَقَالَ تعال فاقتص فَعَفَا عَنهُ وَجَاء رجل إِلَى أبي بكر رض = يستحمله فَلَطَمَهُ فَأنْكر ذَلِك النَّاس فَقَالَ أَبُو بكر رض = أَنه إستحملني فحملتة فبلغني أَنه بَاعه ثمَّ قَالَ لَهُ

دُونك فاستقد فَعَفَا عَنهُ وَضرب عمر رض = جَارِيَة لسعد بِالدرةِ فسَاء ذَلِك سَعْدا فَنَاوَلَهُ عمر رض = الدرة وَقَالَ لَهُ اقْتصّ فَعَفَا فَإِن قيل عُثْمَان رض = لم يقد من نَفسه قيل لَهُ كَيفَ ذَلِك وَقد بذل من نَفسه مَا لم يبذله أحد خُصُوصا يَوْم الدّرّ فَإِنَّهُ قَالَ يَا يقوم إِن وجدْتُم فِي كتاب الله أَن تضعوا رجْلي فِي قيد فضعوهما وَقد ذكرنَا أَن عمارا تقاذف هُوَ وَرجل أخر فجلدهما عُثْمَان رض = حد الْقَذْف فَإِن قيل أعْطى عُثْمَان رض من بَيت المَال من لَيْسَ لَهُ فِيهِ حق قيل لَا يثبت ذَلِك عَنهُ وَكَيف نقبل هَذَا وَعُثْمَان رض = من أَكثر النَّاس مَالا وَأَكْثَرهم عطيتة ومعروفا مَعَ أَن الْعَصْر لَا يخلوا من جهال يَقُولُونَ مَا لَا يعلمُونَ فقد قسم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم قسما فَقَالَ لَهُ رجل هَذِه قسْمَة مَا أُرِيد بهَا وَجه الله فَبلغ ذَلِك النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فَغَضب ثمَّ قَالَ رحم الله مُوسَى لقد أوذي بِأَكْثَرَ من ذَلِك فَصَبر وَقسم يَوْم حنين تبرا فَقَالَ لَهُ رجل أعدل يَا مُحَمَّد فَقَالَ لَهُ وَيحك وَمن يعدل إِذا لم أعدل فَهَذَا رَسُول الله كَانَ يلقى من الْجُهَّال هَذَا فَكيف بعثمان رض = فَإِنَّهُ قيل إِنَّه ولى أَقْوَامًا لَا يتحقون الْولَايَة مِنْهُم الْوَلِيد بن عقبَة وَسَعِيد بن الْعَاصِ وَعبد الله بن عَامر وَغَيرهم قيل فَمن أَيْن لكم أَن هَؤُلَاءِ لم يعدلُوا وَلَئِن جَازَ لكم ادِّعَاء الْفسق فِي وُلَاة عُثْمَان رض = لجَاز ذَلِك فِي وُلَاة عمر وعي رض = فقد ولي عمر الْمُغيرَة الْبَصْرَة فَرمى بِمَا لَا يثبت وَولى أَبَا هُرَيْرَة الْبَحْرين فَقَالُوا خَان مَال الله وَولى قدامَة الْبَحْرين فَشرب الْخمر متأولا وَولى عَليّ الأشتر وَأمره ظَاهر وَولى أبن مخنف فَأخذ المَال وهرب فَلم خصصتم عُثْمَان بالطعن مَعَ النَّبِي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ولى زيد بن حَارِثَة فطعن النَّاس فِيهِ حَتَّى قَامَ خَطِيبًا مُنْكرا عَلَيْهِم فِيمَا طعنوا عَلَيْهِ وَقَالُوا فِيهِ وَفِي أُسَامَة أبنه والْحَدِيث مَشْهُور وَإِنَّمَا طعن النَّاس على عُثْمَان رض للينه

وحيائه وَكثر فِي أَيَّامه من لم يصحب النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَمن جهل فضل الصَّحَابَة رض = فَإِن قيل فقد نفى أَبَا ذَر إِلَى الربذَة فَردا قيل لم يكن ذَلِك نفيا وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِك تخييرا لَهُ لِأَنَّهُ كَانَ كثير الخشونة لم يكن يُدَارِي من النَّاس مَا يُدَارِي غَيره فخيره عُثْمَان رض = بعد أستئذانه فِي الْخُرُوج من الْمَدِينَة فَاخْتَارَ الربذَة ليبعد عَن النَّاس ومعاشرتهم وَذَلِكَ أَنه كَانَ بِالشَّام فَجرى بَينه وَبَين مُعَاوِيَة مناظرة فِي هَذِه الأية {وَالَّذين يكنزون الذَّهَب وَالْفِضَّة وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيل الله} التَّوْبَة 34 فَقَالَ مُعَاوِيَة هِيَ فِي أهل الْكتاب وَقَالَ أَبُو ذَر هِيَ فهم وَفينَا فَكتب مُعَاوِيَة إِلَى عُثْمَان رض = فِي ذَلِك فَكتب إِلَى أبي ذَر أَن أقدم عَليّ قَالَ فَقدمت عَلَيْهِ فانثال على النَّاس كَأَنَّهُمْ لم يعرفوني فَشَكا ذَلِك إِلَى عُثْمَان رض = وأستأذنه فِي الْخُرُوج من الْمَدِينَة فخيره فَاخْتَارَ نزُول الربذَة لما يلقى من النَّاس وأجتماعهم عَلَيْهِ فخاف الأفتتان بهم هَذَا هُوَ الصَّحِيح فَأَما الرافضة فيضعون عَلَيْهِ أَشْيَاء لَا أصل لَهَا فَإِن جعل أشخاص أبي ذَر رض = من الشَّام وحبسه فِي الْمَدِينَة طَعنا على عُثْمَان رض = قيل الْأَئِمَّة إِذْ خَشوا الْفِتْنَة والأختلاف فَلهم أَن يبادروا إِلَى حسمة وَقد فعل عمر رض مثل ذَلِك حبس جمَاعَة من الصَّحَابَة عِنْده بِالْمَدِينَةِ لأجل أَحَادِيث حدثوا بهَا النَّاس ومنعهم من الْخُرُوج ومنعهم من لبس أَشْيَاء كَانَت لَهُم مُبَاحَة خوفًا أَن يتأسى بهم من لَا علم لَهُ وَلَا ورع عِنْده فيرتكب بذلك مَا لَيْسَ لَهُ مَعَ أَن الْأَمَام أَن يَنْفِي أَقْوَامًا إِذا خَافَ الأفتتان بهم فقد رُوِيَ أَن عمر بن الْخطاب رض = نفي نصر بن حجاج لما خَافَ أَن يفتتن بِهِ النِّسَاء لحسن صورته وقصته مَعَ أم الْحجَّاج بن يُوسُف مَشْهُورَة وشعرها فِيهِ

ونفى علي رض النعمان عن ملأ من الصحابة ونفى حسأن أيضا والله أعلم فإن قيل إن جماعة وافقوا على حصره وقتله فقد روى أن حذيفة وعمارا قالا قتلناه كافرا وأن طلحة كان فيمن حصره وأن عليا أعان على قتله وأن الناس خذلوه وأسلموه إلى غير ذلك من الأمور قيل هذا لا

.. هَل من سَبِيل إِلَى خمر فأشربها أم هَل سَبِيل إِلَى نصر بن الْحجَّاج ... وَنفى عَليّ رض = النُّعْمَان عَن مَلأ من الصَّحَابَة وَنفى حسأن أَيْضا وَالله أعلم فَإِن قيل إِن جمَاعَة وافقوا على حصره وَقَتله فقد روى أَن حُذَيْفَة وَعمَّارًا قَالَا قَتَلْنَاهُ كَافِرًا وَأَن طَلْحَة كَانَ فِيمَن حصره وَأَن عليا أعَان على قَتله وَأَن النَّاس خذلوه وأسلموه إِلَى غير ذَلِك من الْأُمُور قيل هَذَا لَا يَصح عَن حُذَيْفَة وَإِنَّمَا الْمَنْقُول عَنهُ خلاف ذَلِك وَإِنَّمَا هَذَا من كَلَام الرافضة وَأَن نقل ذَلِك فَإِنَّهُ لَا يخلوا أحد من الصَّحَابَة من حَاسِد وَمِمَّنْ يبغضه فَكيف بعثمان رض = وَهُوَ من أهل السَّابِقَة وَالْفضل والكمال والطعن على عُثْمَان رض = طعن على من تقدمه وَأما طَلْحَة فَإِنَّهُ كَانَ يَقُول يَوْم الْجمل اللَّهُمَّ خُذ لعُثْمَان مني حَتَّى ترْضى وَأما عَليّ رض = فَإِنَّهُ قَالَ غير مرّة اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأ إِلَيْك من دم عُثْمَان وَقَالَ وَالله مَا قتلت عُثْمَان وَلَا مالأت على قَتله وَلما بلغه قَتله قَالَ اللَّهُمَّ أَنِّي لم أَرض بقتْله وَلم أَمر وَقَالَ فِيهِ كَانَ عُثْمَان من الَّذين أمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات ثمَّ أتقوا وأمنوا ثمَّ أتقوا وأحسنوا وَالله يحب الْمُحْسِنِينَ وسئلت عَائِشَة عَن عُثْمَان فَقَالَت قتل مَظْلُوما لعن الله قَاتله أقاد الله من أبن أبي بكر وسَاق الله إِلَى أغر بني تَمِيم هوانا وأهرق الله دِمَاء ابْن بديل وسَاق الله إِلَى الأشتر سَهْما من سهامه فوَاللَّه مَا من الْقَوْم أحد

إِلَّا أَصَابَته دعوتها وَأما ترك الصَّحَابَة الْإِنْكَار على من حصره فَلَقَد ناصحوا عَنهُ وَلم يَظُنُّوا أَن الْأَمر يبلغ إِلَى قَتله وَإِنَّمَا ظنُّوا أَنَّهَا تكون معتبة وَمَعَ ذَلِك فَإِن عُثْمَان رض = كَانَ يعزم عَلَيْهِم ليكفوا عَن اقتال وَلَقَد أَنْكَرُوا وبالغوا فِي الأنكار مِنْهُم على وَزيد بن ثَابت وَعبد الله بن سَلام وأبن عمر وَأَبُو هُرَيْرَة والمغيرة وَالزُّبَيْر وأبن عَامر وَحمل الْحسن بن عَليّ يَوْمئِذٍ جريحا وَلبس أبن الزبير الدرْع مرَّتَيْنِ رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ وَعَن أبن عون لقد قتل عُثْمَان رض = وان فِي الدَّار لسبعمائة رجل مِنْهُم االحسن وأبن الزبير رض = وَلَو أذن لَهُم لضربوهم حَتَّى أخرجوهم من الْمَدِينَة وَأما طَلْحَة فَإِنَّهُ أنصرف وَلم يكن فِيمَن حصره كَيفَ وَهُوَ يلعن قَاتله مَعَ عَائِشَة رض = صباحا وَمَسَاء وَكَانَ هُوَ وَالزُّبَيْر وَعَائِشَة وَمُعَاوِيَة يطْلبُونَ بدمه فَكيف يعينون عَلَيْهِ وَيطْلبُونَ بدمه هَذَا خلف وَمَعَ هَذَا فَيَنْبَغِي الْكَفّ عَمَّا شجر بَين الصَّحَابَة والأستغفار لَهُم والإمساك عَمَّا نسب إِلَيْهِ من الرذائل وَكَذَلِكَ تبَاع الْأَنْبِيَاء إِنَّمَا تذكر محاسنهم الَّتِي مدحوا عَلَيْهَا ويمسك عَمَّا سواهَا فَإِن قيل إِن عُثْمَان رض = حمى الْحمى وَمنع مِنْهُ النَّاس قيل روى أَن المصريين جَاءُوا إِلَى عُثْمَان رض = فَقَالُوا أدع بالمصحف فَدَعَا بِهِ ففتحوا سُورَة يُونُس هَذِه الأية {قل أَرَأَيْتُم مَا أنزل الله لكم من رزق فجعلتم مِنْهُ حَرَامًا وحلالا} يُونُس 59 فَقَالُوا لَهُ أَرَأَيْت مَا حميت من الْحمى الله أذن لَك أم على الله تفتري فَقَالَ هَذِه الأية نزلت فِي كَذَا وَكَذَا وَأما الْحمى فقد حمى الْأَئِمَّة قبل لإبل الصَّدَقَة فَلَمَّا زَادَت أبل الصَّدَقَة زِدْت فِي الْحمى فَجعلُوا لَا يأخذونه بِآيَة إِلَّا قَالَ نزلت فِي كَذَا

وَكَذَا حَتَّى أَخذ عَلَيْهِم أَلا يشقوا عَصا الْمُسلمين فَأَقْبَلُوا رَاجِعين إِلَى بِلَادهمْ راضين فَرَأَوْا فِي الطَّرِيق غُلَاما مَعَه كتاب فَرَجَعُوا إِلَيْهِ فَقَالَ إِنِّي لم أَمر بِهِ وَلَا شَعرت بِهِ فحصروه باغين عَلَيْهِ ظالمين لَهُ وَقد حمى النبيي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَقِيع الْخضمات لخيل الْمُسلمين وَقَالَ البُخَارِيّ بلغنَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حمى النقيع وَحمى عمر رض = عَنهُ السَّرف والربذة وأستعمال على الْحمى مولى لَهُ يدعى هَنِيئًا فَلم يثبت على عُثْمَان رض = ذَنْب وَلَو ثَبت لما أستحق بذلك الْقَتْل وأنتهاك الْحَرِيم وشق الْعَصَا وتفريق الْجَمَاعَة وَلَكِن الله أكْرمه بِالشَّهَادَةِ وألحقه بِالنَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَام وصاحبيه فِي الْجنَّة حَافِظًا لوَصِيَّة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي خلع الْقَمِيص وخطا قَاتلُوهُ بالخزي واللعنة وأنتهاك حُرْمَة الْمَدِينَة فِي الشَّهْر الْحَرَام فَإِن قيل فقد رويتم عَن االنبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه ذكر فتْنَة تكون بعده وَقَالَ فِي عُثْمَان رض = فاتبعوا هَذَا وَأَصْحَابه فَإِنَّهُم على هدى فَأخْبرنَا من أَصْحَابه قيل أَصْحَابه أَصْحَاب رَسُول الله الْمَشْهُود لَهُم بِالْجنَّةِ الْمَذْكُور بَعضهم فِي التَّوْرَاة والأنجيل الَّذين من أحبهم سعد وَمن أبْغضهُم شقي مثل عَليّ بن أبي طَالب وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر وَسعد وَسَعِيد وَغَيرهم من الصَّحَابَة مِمَّن كَانَ فِي وقتهم رض = فَإِنَّهُم كلهم كَانُوا على هدى كَمَا قَالَ النَّبِي صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِ وَكلهمْ أنكر قَتله وَكلهمْ أستعظم مَا جرى على عُثْمَان رض = وشهدوا على قتلته أَنهم فِي النَّار وهم الَّذين تجمعُوا وتألبوا عَلَيْهِ مثل عبد الله بن سبأ وَأَصْحَابه الَّذين أشقاهم الله بقتْله حسدا مِنْهُم لَهُ وبغيا عَلَيْهِ وَإِرَادَة الْفِتْنَة وَأَن يوقعوا الضغائن بَين أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما سبق عَلَيْهِم من الشَّقَاء فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُم فِي الأخرة من الْعَذَاب الْأَلِيم

وأجتهد الصَّحَابَة فِي نصرته والذب عَنهُ وبذلوا أنفسهم دونه فَأَمرهمْ بالكف عَن الْقِتَال وَقَالَ إِنِّي أحب أَن القى الله سالما مَظْلُوما وَلَو أذن لَهُم لقاتلوا عَنهُ قَالَ إِبْنِ سِيرِين كَانَ مَعَه الدَّار جمَاعَة من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار وَأَبْنَائِهِمْ فَقَالُوا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ خل بَيْننَا وَبينهمْ فعزم عَلَيْهِم أَن يقاتلوا فَإِن قيل فقد علمُوا أَنه مظلوم وَقد أشرف على الْهَلَاك فَكَانَ يَنْبَغِي عَلَيْهِم أَن يقاتلوا عَنهُ ينصروه وَإِن كَانَ قد مَنعهم قيل أَن الْقَوْم كَانُوا أهل طَاعَة لإمامهم وَقد وفقهم الله تَعَالَى للصَّوَاب من القَوْل وَالْعَمَل وَقد فعلوا مَا يجب عَلَيْهِم بقلوبهم وألسنتهم وعرضهم لنصرته على حِسَاب طاقتهم فَلَمَّا مَنعهم من نصرته علمُوا أَن الْوَاجِب عَلَيْهِم السّمع وَالطَّاعَة لَهُ وَلَا يسعهم مُخَالفَته وَكَانَ الْحق عِنْدهم فِيمَا رَآهُ عُثْمَان رض = فَإِن قيل فَلم مَنعهم عَن نصرته وَهُوَ مظلوم وَقد علم أَن قِتَالهمْ عَنهُ نهى عَن الْمُنكر وَإِقَامَة حق يقمونه فَالْجَوَاب أَن مَنعه أياهم يحْتَمل وُجُوهًا كلهَا محمودة أَحدهَا علمه بِأَنَّهُ مقتول مَظْلُوما لَا شكّ فِيهِ لِأَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام قد أعلمهُ أَنه يقتل مَظْلُوما وَأمره بِالصبرِ فَقَالَ أَصْبِر فَلَمَّا أحاطو بِهِ تحقق أَنه مقتول وَأَن الَّذِي قَالَه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَهُ حق لَا بُد أَن يكون ثمَّ علم أَنه قد وعد من نَفسه الصَّبْر فَصَبر كَمَا وعد وَكَانَ عِنْده أَن من طلب الأنتصار لنَفسِهِ والذب عَنْهَا فَلَيْسَ هَذَا بصابر إِذْ وعده من نَفسه الصَّبْر الْوَجْه الثَّانِي أَنه كَانَ قد علم أَن فِي الصحابه قلَّة عدد وَأَن الَّذين يُرِيدُونَ قَتله كثير عَددهمْ فَلَو أذن لَهُم بِالْقِتَالِ لم يَأْمَن أَن يتْلف من أَصْحَابه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِسَبَبِهِ كثير فوقاهم بِنَفسِهِ إشفاقا مِنْهُ عَلَيْهِم لِأَنَّهُ رَاع عَلَيْهِم والراعي يجب عَلَيْهِ أَن يحفظ رَعيته بِكُل مَا أمكنه وَمَعَ ذَلِك فقد علم مقتول فصانهم بِنَفسِهِ

ذكر ما فعله الصحابة لما بلغهم حصر عثمان وقتله رض

الْوَجْه الثَّالِث أَنه لما علم أَنَّهَا فتْنَة وَأَن الْفِتْنَة إِذا سل فِيهَا السَّيْف لم يُؤمن أَن يقتل فِيهَا من لَا يسْتَحق الْقَتْل فَلم يخْتَر لأَصْحَابه أَن يسلوا السَّيْف فِي الْفِتْنَة إشفاقا عَلَيْهِم نعم وَتذهب فِيهَا الْأَمْوَال ويهتك فِيهَا الْحَرِيم فصانهم عَن جَمِيع هَذَا وَوجه رَابِع وَهُوَ أَنه يحْتَمل أَن يكون رض = صَبر عَن لانتصار لتَكون الصَّحَابَة رض = شُهُودًا على من ظلمه وَخَالف أمره وَسَفك دَمه بِغَيْر حق لِأَن الْمُؤمنِينَ شُهَدَاء الله فِي أرضه وَمَعَ ذَلِك فَلم يحب أَن يهرق بِسَبَبِهِ دم مُسلم وَلَا يخلف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أمته بسفك دم رجل مُسلم وَكَانَ عُثْمَان رض = بِهَذَا الْفِعْل موفقا مَعْذُورًا رشيدا محبورا وَكَانَ الصَّحَابَة فِي عذر وشقي قَاتله وخاذله وَالله أعلم 73 - ذكر مَا فعله الصَّحَابَة لما بَلغهُمْ حصر عُثْمَان وَقَتله رض = قَالَ عبد الله بن سعد بن أبي سرح وبلغه حصر عُثْمَان رض = ... أرى الْأَمر لَا يزْدَاد إِلَّا تفاقما وأنصارنا بالمكتين قَلِيل تدابر أَهلِي بِالْمَدِينَةِ والهوى هوى أل مصر والذليل ذليل ... فَكيف أَبَا عَمْرو نجاؤك مِنْهُم وَلم يشف من غيظ عَلَيْك غليل فَإِن يشغل الْقَوْم الشعاب فعله ستنجو وَإِلَّا لَا فَأَنت قَتِيل ... وَقَالَ الْمُغيرَة بن الْأَخْنَس وهم يُقَاتل ... لما تهدمت الْأَبْوَاب واحترقت تيممت مِنْهُم يَا غبن محترق شدا أَقُول لعبد الله آمره إِن لم يُقَاتل كَذَا عُثْمَان فَانْطَلق هَذَا أَمِيري فلست الْيَوْم أخذله ... أَن الْفِرَار على الْيَوْم كالسرق وَالله أبرحه مَا دَامَ لي رَمق حَتَّى يزايل بَين الرَّأْس والعنق ... وَعَن مُحَمَّد وَطَلْحَة قَالَا وَبلغ عَائِشَة رض = مقتل عُثْمَان رض = فاسترجعت واستغفرت وتلهفت وتمثلت

يعني الشام ومصر والخلافة يؤيس منها من تعرض لها ووضع لهم الأرصاد فلم يخبر الناس بالخبر مع أول ما جاء فاستراب علقمة بن حكيم الكناني بالمسالح وكان لا يزال يستخبره كل يوم أتاه الخبر الصريح فيخبره بما بلغه حتى أتاه موته فاستخبره فعرض له فلما قال له هل بلغك

.. لَو كَانَ فِي الدُّنْيَا كريم مخلدا خلدت وَلَكِن لَيْسَ حَيّ بِخَالِد ... وَبلغ مُعَاوِيَة أَن الَّذين تولوه أهل مصر فَقَالَ ... يَا أخوينا من أَبينَا وَأمنا إِلَيْكُم إِلَيْكُم لَا سَبِيل إِلَى حسر ... يَعْنِي الشَّام ومصر والخلافة يؤيس مِنْهَا من تعرض لَهَا وَوضع لَهُم الأرصاد فَلم يخبر النَّاس بالْخبر مَعَ أول مَا جَاءَ فاستراب عَلْقَمَة بن حَكِيم الْكِنَانِي بالمسالح وَكَانَ لَا يزَال يستخبره كل يَوْم أَتَاهُ الْخَبَر الصَّرِيح فيخبره بِمَا بلغه حَتَّى أَتَاهُ مَوته فاستخبره فَعرض لَهُ فَلَمَّا قَالَ لَهُ هَل بلغك شَيْء تمثل لَهُ مُعَاوِيَة رض = ... ألم تسمع بمعركة الْيَهُود وَقتل أذينه بن أبي الكتود ... فلقنها عَلْقَمَة فَسكت حَتَّى أظهر مُعَاوِيَة ذَلِك بعد وَبلغ جَيْشه الْخَبَر وَقد قطعُوا وَادي الْقرى وَبلغ أوائلهم إِلَى السقيا فَرَجَعُوا وَبلغ مجاشع أبن مَسْعُود النباج وعَلى مقدمته زفر بن الْحَارِث أستقبله رجل مِمَّن كَانَ شخص من أهل الْبَصْرَة فَقَالَ مَا وَرَاءَك قَالَ قتل نعثل قَالَ وَمَا نعثل قَالَ عُثْمَان فَأَخذه فأضجعه ثمَّ ذبحه فَكَانَ ذَلِك الرجل أول من قتل على ذمّ عُثْمَان رض = بعد يَوْم الدَّار وَبلغ الْقَعْقَاع فبد وبلغه الْخَبَر فَرجع وَكَانَ أول مَا عمل بِهِ مُعَاوِيَة أَن أَخذ بالطرق وَترك أَن يعرض فِي شَيْء إِلَّا فِي محاولة قتلة عُثْمَان رض = فَلَمَّا سمع عَلْقَمَة مُعَاوِيَة تمثل ذَلِك الشّعْر علم أَن الْخَبَر قد بلغه وَأَنه يُرِيد بكتمانه شَيْئا فَلم يعد يسْأَله وأجتزا بكتبه وَقد أطرق مُعَاوِيَة كَيْلا ينذر المصريون ويدعوا الْمُرُور فَلَمَّا مر أوائلهم

وَأخذُوا وَحبس الأخرون علق الْقَوْم فَمَا أستطاعوا أَن يرجِعوا إِلَى مصر لَا أمنُوا حَتَّى بُويِعَ عَليّ وَمَا أستطاع أحد مِنْهُم أَن يرجع إِلَّا أهل الْكُوفَة وَأهل الْبَصْرَة وَأما أهل مصر فَإِنَّهُم عَلقُوا قتل أوائلهم وعلق أخرهم وَعَن مُحَمَّد وَطَلْحَة وَأبي حَارِثَة وَأبي عُثْمَان قَالُوا لما أستولى الْقَوْم على الْمَدِينَة وَكتب عُثْمَان رض = إِلَى النَّاس يستمدهم فِي أمصارهم ويخبرهم الْخَبَر خرج عَمْرو بن الْعَاصِ من الْمَدِينَة مُتَوَجها نحوالشام فَقَالَ يَا أهل الْمَدِينَة وَالله لَا يُقيم بهَا أحد فيدركه قتل هَذَا الرجل إِلَّا ضربه الله بذل من لم يَسْتَطِيع نَصره فليهرب فَسَار وَسَار مَعَه أبناه عبد الله وَمُحَمّد وَخرج بعده حسان بن ثَابت وتتابع على ذَلِك من شَاءَ الله وَخرج أخرون نَحْو مَكَّة وَمضى عَمْرو فَلَمَّا أنْتَهى إِلَى العجلان من أَرض فلسطين نزله وأنتظر الْأَخْبَار وَالطَّرِيق عَلَيْهِ فَلَمَّا قدمت الرُّسُل على أهل الْأَمْصَار وأجتمعوا جَمِيعًا على الإغاثة وأنتدب لذَلِك الرِّجَال فَكَانَ مِمَّن أنتدب بِالشَّام حبيب ابْن مسلمة الفِهري وَيزِيد بن شجعة الْحِمْيَرِي وَكَانَ من المحضضين على ذَلِك بِالشَّام عبَادَة بن الصَّامِت وَأَبُو الدَّرْدَاء وَأَبُو أُمَامَة وَعَمْرو بن عبسة فِي أشباه لَهُم من الصَّحَابَة رض = وَمن التَّابِعين شريك بن خباشة وَأَبُو مُسلم وَعبد الرَّحْمَن بن غنم فِي أشباههم من التَّابِعين رَحِمهم الله وَعَن سهل بن يُوسُف عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد قَالَ كَانَ رَسُول عُثْمَان رض = إِلَى مُعَاوِيَة الْمسور بن مخرمَة الزُّهْرِيّ وَإِلَى أبن عَامر عبد الله ابْن أبي بكر فَأَما مُعَاوِيه فَإِن الْكتاب لما أنْتَهى إِلَيْهِ وَهُوَ مَعَ الْمسور قبل قبل أَن يقرأه أَو يَأْخُذهُ ثار قَائِما فَمشى حَتَّى بلغ بَاب دَاره وَتَبعهُ الْمسور وَجعل يَقُول مَا لَك مَا لَك فَقَالَ قد فتن الصَّادِر والوارد واتسع الْخرق وضل الناشد ثمَّ رَجَعَ إِلَى مَجْلِسه قَالَ الْمسور قد كنت لَهُ مستصغرا قبل ذَلِك

فَلَمَّا رَأَيْت مِنْهُ مَا رَأَيْت وَسمعت عَنهُ مَا سَمِعت علمت أَنه رجل النَّاس وَعظم وَالله فِي صَدْرِي وتذكرت رَأْي الْوُلَاة فِيهِ وأيقنت أَن الله عز وَجل لم يُوقع ذَلِك لَهُ إِلَّا وَقد قضى لَهُ بشىء وَعَن سعيد بن عبد الله الجُمَحِي قَالَ قَالَ حبيب بن مسلمة أريت فِيمَا يرى النَّائِم أَن بَعِيرًا عَرَبيا سمينا بَينا هُوَ قَائِم أنْتَهى إِلَيْهِ أَعْرَاب هزلى فأطافوا بِهِ فخفتهم عَلَيْهِ وَصحت بهم فبادروه فعقروه ثمَّ أنتهبوه فَلَمَّا أَصبَحت أَتَانِي أَصْحَابِي وَإِنِّي لأقصها عَلَيْهِم إِذْ جَاءَنِي رَسُول مُعَاوِيَة فَأَتَيْته فَقَالَ يَا حبيب إِن عُثْمَان قد ترك منزولا بِهِ وَلَا أَدْرِي إلام يترامى هَذَا الْأَمر فتجهز وَأعجل فَرَجَعت إِلَى أَصْحَابِي فَأَخْبَرتهمْ الْخَبَر وأستكتمتهم الرُّؤْيَا فَبينا نَحن فِي ذَلِك قدم عَلَيْهِ كتاب أخر قد حصر فَأرْسل إِلَيّ وَأَخْبرنِي الْخَبَر وأخرجني فَخرجت فأقمت لِأَصْحَابِي بِالطَّرِيقِ حَتَّى يلْحقُوا بِي عَن أبي حَارِثَة وَأبي عُثْمَان قَالَا لما أَتَى مُعَاوِيَة الْخَبَر أرسل إِلَى حبيب بن مسلمه الفِهري فَقَالَ إِن عُثْمَان رض = قد حصر فأشر عَليّ بِرَجُل ينفذ لامري وَلَا يقصر فَقَالَ مَا أعرف ذَلِك غَيْرِي قَالَ أَنْت لَهَا فأشر على بِرَجُل أبعثه على مقدمتك لَا يهتم رَأْيه وَلَا نصيحته أعجله فِي سرعَان النَّاس فَقَالَ أَمن جندي أم من غَيرهم قَالَ قَالَ من أهل الشَّام فَقَالَ إِن أردته من جندي أَشرت بِهِ عَلَيْك وَإِن كَانَ من غَيرهم فَإِنِّي أكره أَن أغرك بِمن لَا علم لي بِهِ فَقَالَ فهاته من جندك قَالَ يزِيد بن شجعة الْحِمْيَرِي فَإِنَّهُ كَمَا تحب فَإِنَّهُم لفي ذَلِك إِذْ قدم الْكتاب بالحصر فدعاهما ثمَّ قَالَ لَهما النَّجَاء سيرا فأغيثا أَمِير الْمُؤمنِينَ وتعجل أَنْت يَا يزِيد فَإِن قدمت يَا حبيب وَعُثْمَان حَيّ فَهُوَ الْخَلِيفَة وَالْأَمر أمره فأنفذ لما يَأْمُرك بِهِ وَإِن وجدته قتل فَلَا تدعن أحدا أَشَارَ إِلَيْهِ وَلَا أعَان عَلَيْهِ إِلَّا قتلته وَإِن أَتَاك شَيْء قبل أَن تصل فأقم حَتَّى أرى من رَأْيِي وَبعث يزِيد بن شجعة فأمضاه على الْمُقدمَة فِي الف فَارس

على البغال يقودون الْخَيل مَعَهم الْإِبِل عَلَيْهَا الروايا وأتبعهم حبيب بن مسلمة وَهُوَ على النَّاس وَخَرجُوا جَمِيعًا وأغذ يزِيد السّير فَانْتهى إِلَى مَا بَين خَيْبَر والسقيا فَلَقِيَهُ الْخَبَر ثمَّ لقِيه النُّعْمَان بن بشير مَعَه الْقَمِيص الَّذِي قتل فِيهِ عُثْمَان رض = مخضبا بالدماء وأصابع أمْرَأَته وَأخْبرهُ الْخَبَر فَرجع يزِيد إِلَى حبيب وَمَعَهُ النُّعْمَان فَأمْضى حبيب إِلَى النُّعْمَان إِلَى مُعَاوِيَة وَأقَام فَأَتَاهُ بِرَأْيهِ فَرجع حَتَّى قدم دمشق وَلما قدم النُّعْمَان على مُعَاوِيَة أخرج الْقَمِيص وأصابع نائلة بنت الفرافصة إصبعان قد قَطعنَا ببراجمهما وَشَيْء من الْكَفّ وأصبعان مقطوعتان من أَصلهمَا مفترقتان وَنصف الأبهام وَأخْبرهُ الْخَبَر فَوضع مُعَاوِيَة الْقَمِيص على الْمِنْبَر وَكتب بالْخبر إِلَى الأجناد وثاب إِلَيْهِ النَّاس وَبكوا سنة وَهُوَ على الْمِنْبَر والأصابع معلقَة فِيهِ وَالرِّجَال من أهل الشَّام لَا يأْتونَ النِّسَاء وَلَا يمسهم الْغسْل إِلَّا من الأحتلام وَلَا يتامون على الْفرش حَتَّى يقتلُوا قتلة عُثْمَان رض = وَمن عرض دونهم بِشَيْء أَو تفنى أَرْوَاحهم فَمَكَثُوا يَبْكُونَ حول الْقَمِيص سنة والقميص يوضع كل يَوْم على الْمِنْبَر ويجلله أَحْيَانًا فيلبسه وعلق فِي أردانه أَصَابِع نائلة عَن أبي حَارِثَة وَأبي عُثْمَان قَالَا بَيْنَمَا عَمْرو بن الْعَاصِ جَالس بعجلان وَمَعَهُ أبناه إذقدم عَلَيْهِ رَاكب فَقَالُوا من أَيْن فَقَالَ من الْمَدِينَة فَقَالَ عَمْرو مَا أسمك قَالَ حَصِير قَالَ حصر الرجل أَو قتل فَمَا الْخَبَر قَالَ تركت الرجل محصورا فَقَالَ عَمْرو يقتل ثمَّ مَكَثُوا أَيَّامًا فَمر بهم رَاكب فَقَالُوا من أَيْن قَالَ من الْمَدِينَة قَالَ عَمْرو مَا أسمك قَالَ قتال قَالَ عمر قتل الرجل فَمَا الْخَبَر قَالَ قتل الرجل ثمَّ لم يكن إِلَّا ذَلِك إِلَى أَن خرجت ثمَّ مَكَثُوا أَيَّامًا فَمر بهم رَاكب فَقَالُوا من أَيْن قَالَ من الْمَدِينَة قَالَ عَمْرو مَا أسمك قَالَ حَرْب قَالَ عَمْرو يكون حَرْب فَمَا الْخَبَر قَالَ قتل عُثْمَان وبويع عَليّ رض = قَالَ عَمْرو وَأَنا أَبُو عبد الله

ثم ارتحل داخلا إلى الشام ومعه أبناة يبكي كما تبكي المرأة ويقول واعثماناه أنعي الحياء والذين حتى قدم دمشق وقد كان سقط أليه من الذي يكون علم فعمل عليه

تكون حَرْب من حك فِيهَا فَرح نكأها رحم الله عُثْمَان وَغفر لَهُ فَقَالَ سَلامَة بن زنباع الجذامي يَا معشر قُرَيْش أَنه قد كَانَ بَيْنكُم بَين الْعَرَب بَاب فاتخذوا بَابا إِذْ كسر الْبَاب فَقَالَ عَمْرو ذَلِك الَّذِي نُرِيد وَلَا يصلح الْبَاب إِلَّا أشاف يخرج الْحق من خاصرة الْبَاطِل وَيكون النَّاس فِي الْعدْل سَوَاء وتمثل عَمْرو فِي بعض ذَلِك ... يَا لهف نَفسِي على مَالك وَهل يصرف اللهف خبط الْقدر أنزع من الْجِنّ أزرى بهم فأعذرهم أم بقومي سكر ... ثمَّ ارتحل دَاخِلا إِلَى الشَّام وَمَعَهُ أبناة يبكي كَمَا تبْكي الْمَرْأَة وَيَقُول واعثماناه أنعي الْحيَاء وَالَّذين حَتَّى قدم دمشق وَقد كَانَ سقط أليه من الَّذِي يكون علم فَعمل عَلَيْهِ وَعَن مُحَمَّد بن عبد الله عَن أبي عُثْمَان قَالَ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد بَعثه إِلَى عمان فَسمع هُنَاكَ من حبر شَيْئا فَلَمَّا رأى مصداقه هُنَالك أرسل إِلَى ذَلِك الحبر فَقَالَ حَدثنِي بوفاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَخْبرنِي من يكون بعده قَالَ الَّذِي كتب إِلَيْك بعده ومدته قَصِيرَة قَالَ ثمَّ من قَالَ رجل من قومه مثله فِي الْمنزلَة قَالَ فَمَا مدَّته قَالَ طويله يقتل قَالَ أغيله أم عَن مَلأ قَالَ عَن مَلأ قَالَ ذَاك أَشد قَالَ فَمن يَلِي بعده قَالَ رجل من قومه ينتشر عَلَيْهِ النَّاس وَيكون على رَأسه حَرْب شديده بَين النَّاس ثمَّ يقتل قبل أَن يجتمعوا قَالَ أغيلة أم عَن مَلأ قَالَ لَا غيله ثمَّ لَا يرَوْنَ مثله قَالَ فَمن يَلِي من بعده قَالَ أَمِير الأَرْض المقدسة فَيطول ملكه ثمَّ يَمُوت فيجتمع أهل تِلْكَ الْفرْقَة وَذَلِكَ الأنتشار عَلَيْهِ يَعْنِي بذلك امارة مُعَاوِيَة والارض المقدسة ارْض الشَّام

فأجابه رجل من اهل الشام كلا ورب الذاريات البيد لا تنزلون سند الصعيد مااهتز فيها خضر الجريد

وَقَالَ عبد الرَّحْمَن بن عديس البلوي يَوْم الدَّار ... خرجن من إليون والصعيد مستحقبات حلق الْحَدِيد نُرِيد حق اللة فِي الْوَلِيد وَفِي ابْن عَفَّان وَفِي سعيد ... حَتَّى رجعن بِالَّذِي نُرِيد ... فَأَجَابَهُ رجل من اهل الشَّام ... كلا وَرب الذاريات البيد لَا تَنْزِلُونَ سَنَد الصَّعِيد ... مااهتز فِيهَا خضر الجريد ... قَالَ وَبلغ مُعَاوِيَة أَن مُحَمَّد بن أبي بكر يطْلب مَرْوَان ويتوعد وَيَقُول متمثلا ... لأعرفنك إِذْ نيرانها اضطرمت تعوذ من شَرها إِذْ قُمْت تبتهل حَتَّى يصبيك منا فرط سَابِقَة انت المبان وانت الْخَائِف الوجل وانت إِن تلقنا عَن غب معركة لَا تلفنا من دِمَاء الْقَوْم ننتفل ... فَقَالَ مُعَاوِيَة ... لقد لعمري رام النَّاس قبلكُمْ عيداننا فعست إِذْ عضها الثقف ... وَقَالَ فِي المصريين سعد بن مَالك ... الم تعجبوا وَذُو الرَّأْي مهما يقل يصدق وَلَو شِئْت قد مطرَت دِيمَة شابيب من غيثه تصعق ... وَقتل يَوْم الدَّار من قُرَيْش ثمَّ من بني اسد بن عبد الْعزي عبد الله وههب إِبْنِ ربيعَة وَشَيْبَة بن ربيعَة وعبد اللة بن عبد الرَّحْمَن بن الْعَوام وَمن

بني عبد الدَّار عبد الله بن أبي هُبَيْرَة بن عَوْف بن السباق وَمن بني زهرَة الْمُغيرَة أبن الْأَخْنَس بن شريق وَقتل من المصريين من مَا لَا يُسمى أنَاس فَلَمَّا سمع حمْرَان ابْن سودان بِمَا لَقِي أَبوهُ وَعَمه من الضَّيْعَة وَكَانَ مِمَّن يرقب الزبير أَخذ سَيْفه وَمَا كَانَ لَهُ وَالْحق بِمُعَاوِيَة بن حديج عَن عبد الله بن سعيد بن ثَابت قَالَ رَأَيْت مصحف عُثْمَان رض = ونضح الدِّمَاء فِيهِ على أَشْيَاء من الْوَعْد والوعيد وَكَانَ ذَلِك عِنْد النَّاس من الْآيَات عَن مُحَمَّد وَطَلْحَة وَأبي عُثْمَان وَأبي حارثه قَالُوا وَبعثت نائلة بنت الفرافصة بأصابعها وبقميص عُثْمَان إِلَى الْمُسلمين بِالشَّام فَلَمَّا أنتهت إِلَى مُعَاوِيَة مَعَ الرَّسُول البس مِنْبَر دمشق قَمِيص عُثْمَان رض = وعلق بِهِ أَصَابِع الْمَرْأَة وَقَرَأَ عَلَيْهِم كتابها أَنهم لم يدعوا لنا أناء فَمَا سواهُ وَإِنَّهُم بِالْمَدِينَةِ متجبرون فَأَجْمعُوا جَمِيعًا على طلب بدمه وأقادتهم

في ذكر ما رثي به عثمان من الأشعار

الْبَاب الْحَادِي عشر فِي ذكر مَا رثي بِهِ عُثْمَان من الْأَشْعَار 74 لما قتل عُثْمَان رض = قَالَ فِيهِ الشُّعَرَاء فَمن مادح وهاج وَمن ناع باك وَمن سَار فَرح فَمِمَّنْ مدحه حسان بن ثَابت رض = وَكَعب أبن مَالك وَغَيرهمَا فَمن ذَلِك قَول حسان بن ثَابت رض = هجاء لغزاة عُثْمَان رض = وأرضاه ... أتركتم غَزْو الدروب وراءكم وغزوتمونا عِنْد قبر مُحَمَّد فلبئس هدي الْمُسلمين هديتم ... ولبئس أَمر الْفَاجِر الْمُتَعَمد إِن تقدمُوا نجْعَل قرى سرواتكم ... حول الْمَدِينَة كل لدن مذود أَو تدبروا فلبئس مَا سافرتم ... ولمثل أَمر أميركم لم يرشد وَكَأن أَصْحَاب الني عَشِيَّة ... بدن تنحر عِنْد بَاب الْمَسْجِد أبْكِي أَبَا عَمْرو وَحسن بلائه أَمْسَى مُقيما فِي بَقِيع الْغَرْقَد ... وَقَالَ كَعْب بن مَالك الْأنْصَارِيّ

وقال الوليد بن عقبة ألم تر للأنصار فضت جموعها لتكشف يوما لا توارى كواكبه وان قريشا وزعتها عصابة سما لهم فيها الدميم وصاحبه وصاحب عثمان المشير بقتله تدب الينا كل يوم عقاربه وإن وليما يظهر اليوم عذره وفي نفسه الأمر الذي هو

.. يَا للرِّجَال لَهُم هاج لي حزني وَقد عجبت لمن يبكي على الدمن أَنِّي رَأَيْت أَمِين الله مُضْطَجعا عُثْمَان يهدي إِلَى ى الْأَحْدَاث فِي كفن يَا قَاتل الله قوما كَانَ أَمرهم قتل الإِمَام الزكي الطّيب الفطن 33 - قد قَتَلُوهُ وَأَصْحَاب النَّبِي مَعًا لَوْلَا الَّذِي فعلوا لم نبل بالفتن قد قَتَلُوهُ نقيا غير ذِي أبن ... صلى الآله على وَجه لَهُ حسن قد جمع الْحلم وَالتَّقوى لمعصمة ... مَعَ الْخلَافَة أمرا كَانَ لم يَشن هَذَا بِهِ كَانَ رَأْي فِي قرَابَته لم يحظ شَيْئا من الدُّنْيَا وَلم يخن ... وَقَالَ الْوَلِيد بن عقبَة ... ألم تَرَ للْأَنْصَار فضت جموعها لتكشف يَوْمًا لَا توارى كواكبه وان قُريْشًا وزعتها عِصَابَة سما لَهُم فِيهَا الدميم وَصَاحبه وَصَاحب عُثْمَان المشير بقتْله تدب الينا كل يَوْم عقاربه وَإِن وليما يظْهر الْيَوْم عذره وَفِي نَفسه الْأَمر الَّذِي هُوَ رَاكِبه هم زجروا من عَابَ عُثْمَان بَينهم وَأولى بني العلات بِالْعَيْبِ عائبه وَقد سرني كَعْب وَزيد بن ثَابت ... وَطَلْحَة والنعمان لَا جب غاربه ... وَقَالَ النَّضر بن الْحَارِث السَّهْمِي ... لعمر أَبِيهِم لقد أوردوا وَلَا يصلح الْورْد الا الصَّدْر ونالوا دَمًا أَن يكن سفكه ... حَرَامًا فقد حل فِيهِ الْغَيْر وَأَن يَك كَانَ لَهُم سفكه ... حَلَال فقد حَال فِيهِ الْبَصَر وَقد عَابَ قوما وَلم يأمروا ... وسيان من عابه أَو أَمر ثَلَاثَة رَهْط هم أنغلوا علينا الْمَدِينَة دون الْبشر هم أنهبوها بأبصارها وهم كسفواشمسها وَالْقَمَر

وقال وليد بن عقبة قولا لعمرو والدميم خطئتما بقتل أبن عفان بغير قتيل ورمي أبي عمرو بكل عظيمة على غير شيء قال وقيل وأصبحتما والله بالغ أمره ولم تظفروا من عيبه بفتيل فإما جدعتم بأبن أروى أنوفنا وجئتم بأمر كان غير جميل فإنا

.. وهم حملون على شبهه وَقد ضربونا بِخَير وَشر ... وَقَالَ وليد بن عقبَة ... قولا لعَمْرو والدميم خطئتما بقتل أبن عَفَّان بِغَيْر قَتِيل وَرمي أبي عَمْرو بِكُل عَظِيمَة ... على غير شَيْء قَالَ وَقيل وأصبحتما وَالله بَالغ أمره وَلم تظفروا من عَيبه بفتيل فإمَّا جدعتم بأبن أروى أنوفنا وجئتم بِأَمْر كَانَ غير جميل فَإنَّا وَأَنْتُم فِي البلية عصبَة على صَبر أَمر من شنا وذحول فَإنَّا وَأَنْتُم فِي البلية عصبَة على صَبر أَمر من شنا وذحول نلاحظكم فِي كل يَوْم وَلَيْلَة بِطرف على مَا فِي النُّفُوس دَلِيل إِلَى أَن يرى مَا فِيهِ للعين قُرَّة وَتلك الَّتِي فِيهَا شِفَاء غليل وَقَالُوا دليم لَازم قَعْر بَيته وَمَا امْرَهْ فِيمَا أتاى بجميل وَمَا كَانَ بِالْأَمر الْخَفي مكانة وَمَا كَانَ فِيمَا قد مضى بضليل وَلَو قَالُوا كفوا عَنهُ شاموا سيوفهم وولوا بغم فِي النُّفُوس طَوِيل وَلكنه أغضى وَكَانَت سَبيله سبيلهم وَالظُّلم شَرّ سَبِيل فَكل لَهُ ذَنْب إِلَيْنَا نعده وذنب دليم فِيهِ غير قَلِيل ... وَعَن خُلَيْد بن زفر قَالَ قدم الْمُغيرَة بن الْأَخْنَس بن شريق على عُثْمَان رض = من الْحَج فَدخل عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ ائْذَنْ لي فِي الْقِتَال فَقَالَ ... وَلَا تبعثوا حَربًا دروسا مضيرة فتلقح كشافا عَن حِيَال بهيطل ... قَالَ فَلَمَّا حادهم الْقَوْم وأشرف عَلَيْهِم قَالَ ... أبلغ بني سعد فَلَا يَك كيدهم كَمَا أجتذب الأحلاف من حَرْب نهشل بني عمنَا رموا الصدوع وسلموا ... بني عمنَا أَن السَّلامَة أجمل ...

وقال حسان بن ثابت من سره الموت صرفا لا مزاج له فليأت مأسدة في دار عثمانا مستشعري حلق الماذي قد سفعت قبل المخاطم بيض زان أبدانا صبرا فدى لكم أمي وما ولدت قد ينفع الصبر في المكروه أحيانا فقد رضينا بأهل الشام نافرة وبالأمير

وَنزل فَقَالَ يَا مغير ... أرقب الله وخليت لَهُم عِبْرَة جَاءَ بهَا رحب الزَّمن ... وَقَالَ حسان بن ثَابت ... من سره الْمَوْت صرفا لَا مزاج لَهُ فليأت مأسدة فِي دَار عثمانا مستشعري حلق الماذي قد سفعت قبل المخاطم بيض زَان أبدانا صبرا فدى لكم أُمِّي وَمَا ولدت ... قد ينفع الصَّبْر فِي الْمَكْرُوه أَحْيَانًا فقد رَضِينَا بِأَهْل الشَّام نافرة وبالأمير وبالأخوان أخوانا أَنِّي لمنهم وَأَن غالوا وَأَن شهدُوا ... مَا دمت حَيا وَمَا سميت حسانا ضحوا بأشمط عنوان السُّجُود بِهِ يقطع اللَّيْل تسبيحا وقرآنا لتسمعن وشيكا فِي دِيَارهمْ الله أكبر يَا ثَارَاتِ عثمانا ... فَلَمَّا سمع أهل الشَّام زَاد فِيهَا ... يَا لَيْت شعري وليت الطير تُخبرنِي مَا كَانَ شَأْن عَليّ وأبن عفانا ... وَقَالَ حَنْظَلَة بن الرّبيع التَّمِيمِي وبلغه قتل عُثْمَان وتنحل شعره هَذَا حسان أبن ثَابت ... أوفت بنوا عمر بن عَوْف عهدها وتلونت غدرا بَنو النجار جِيرَانه الأدنون حول بيوته غدروا بِهِ وَالْبَيْت ذِي الأستار وتبدلوا يَوْم الحفيظة أَنهم لَيْسُوا هُنَا لكم من الأخيار ونسوا وصاة مُحَمَّد فِي صهره وتبدلوا بالعز دَار بوار ...

.. وتركتموه مجدلا بمضيعة تنتابه بالغوغا من الْأَمْصَار لهفان يَدْعُو غَائِبا أنصاره ... يَا وَيحكم يامعشر الْأَنْصَار هلا وفيتم عِنْدهَا بعهودكم ... وفديتم بِالسَّمْعِ والأبصار ... وَقَالَ حسان بن ثَابت ان تمس دَار ابْن أروى الْيَوْم خاويه بَاب صديع وَبَاب محرق خرب فقد يُصَادف باغي الْخَيْر حَاجته فِيهَا ويهوي اليها الذاكر والحسب ياأيها النَّاس أبدو انفسكم لَا يَسْتَوِي الصدْق عِنْد الله وَالْكذب قو بِحَق مليك النَّاس تعترفوا بغارة عصب من خلفهاعصب فيهم حبيب شهَاب الْمَوْت يقدمهم مستلئما قد بدا فِي وَجهه الْغَضَب وَقَالَ الْوَلِيد بن عقبه تبدلت من عُثْمَان عمرا وفاتني ... فَللَّه من مولى وَمن نَاصِر وَعَمْرو ألأ أَن خير النَّاس بعد ثلَاثه قَتِيل التجِيبِي الَّذِي جَاءَ من مصر فَأن يَك ظَنِّي بأبن امي صادقي ... عمَارَة لَا يدْرك بذحل وَلَا وتر يظل وأوتار أبن عَفَّان عندة ... مخيمة بَين الخورنق والجسر ... وَقَالَ أَيْضا ... ضرب التجِيبِي المضلل ضربه ردَّتْ بنانا فِي بني شيبانا والعائدي لمثلهَا متوقع لما يكن وَكَأَنَّهُ قد كَانَا

وقال كعب بن مالك يا للرجال للبك المخطوف ولدمعك المترقرق المنزوف ويح لامرقد أتاني رائع هد الجبال فأنغضت برجوف قتل الخليفة كان أمرا مفظعا قامت بذاك بلية التخويف قتل الأمام له النجوم خواضع والشمس بازغة له بكسوف يا لهف نفسي

وَقَالَ الْوَلِيد بن عقبه بني هَاشم ردوا سلَاح ابْن أختكم ... وَلَا تنبهوه لَا يحل تناهبه بني هَاشم إِلَّا تردوا فإننا سَوَاء علينا قاتلاه وسالبه ... بني هَاشم كَيفَ الهواده بَيْننَا ... وَسيف ابْن أروى عنْدكُمْ وحرائبه قتلتم أَمِير الْمُؤمنِينَ جِنَايَة كَمَا غدرت يَوْمًا بكسرى مرازبه جنيتم بقتل الكهل حَربًا طَوِيلَة وشرا طَويلا مَا تغيب كواكبه فوَاللَّه لَا انس ابْن أُمِّي معيشتي وَهل ينسين المَاء من كَانَ شَاربه هُوَ الْأنف والعينان مني فَلَيْسَ لي ... سوى الْأنف والعينين وَجها أعاتبه ... وَقَالَ كَعْب بن مَالك ... يَا للرِّجَال للبك المخطوف ولدمعك المترقرق المنزوف ... وَيْح لامرقد أَتَانِي رائع هد الْجبَال فأنغضت برجوف قتل الْخَلِيفَة كَانَ أمرا مفظعا قَامَت بِذَاكَ بلية التخويف قتل الْأَمَام لَهُ النُّجُوم خواضع ... وَالشَّمْس بازغة لَهُ بكسوف يَا لهف نَفسِي إِذْ توَلّوا غدْوَة بالنعش فَوق عواتق وكتوف ... ولوا ودلوا فِي الضريح أَخَاهُم مَاذَا أجن ضريحه المسقوف من نائل أَو سؤدد وحمالة سبقت لَهُ فِي النَّاس أَو مَعْرُوف كم من يَتِيم كَانَ يجْبر عظمه امسى بِمَنْزِلَة الضّيَاع يطوف فرجتها عَنهُ برحمك بَعْدَمَا كَادَت وأيقن بعْدهَا بحتوف مَا زَالَ يقبلهم ويراب ظلمهم حَتَّى سَمِعت برنة التلهيف ...

وقال أيضا يرثي عثمان رض من بلغ الأنصار عني أية رسلا تقص عليهم التبيانا رسلا تخبركم بما أوليتم أن البلاء يكشف الأنسانا أن قد فعلتم فعلة مذكورة رمت الشيوخ وأبدت الشنانا بقعودكم في داركم وأميركم تغشى ضواحي داره النيرانا

.. أَمْسَى مُقيم بِالبَقِيعِ وَأَصْبحُوا مُتَفَرّقين قد أَجمعُوا بحفوف النَّار موعدهم بقتل إمَامهمْ عُثْمَان طهر فِي الْبِلَاد عفيف جمع الْحمالَة بعد حلم رَاجِح وَالْخَيْر فِيهِ مُبين مَعْرُوف يَا كَعْب لَا تنفك تبْكي هَالكا مَا دمت حَيا فِي الْبِلَاد تَطوف فابكي أَبَا عَمْرو عفيفا واصلا ولرأيه اذ كَانَ غير سخيف وليبكه عِنْد الْحفاظ لمعظم وَالْخَيْل بَين مقانب وصفوف قتلوك يَا عُثْمَان غير مدنس قتلا لعمرك وَاقعا بسقيف ... وَقَالَ أَيْضا يرثي عُثْمَان رض = ... من بلغ الْأَنْصَار عني أَيَّة ... رسلًا تقص عَلَيْهِم التبيانا رسلًا تخبركم بِمَا أوليتم أَن الْبلَاء يكْشف الأنسانا أَن قد فَعلْتُمْ فعلة مَذْكُورَة رمت الشُّيُوخ وأبدت الشنانا بقعودكم فِي داركم وأميركم تغشى ضواحي دَاره النيرانا حَتَّى اذا خلصوا الى أبوابه دخلُوا عَلَيْهِ صَائِما عطشانا أنسيتم عهد النَّبِي فِيكُم ... وَلَقَد ألظ ووكد الأيمانا بمنى غَدَاة تَلا الصَّحِيفَة فِيكُم فأهجتم وقبلتم الاديانا إِلَّا توالوا مَا تغور رَاكب أخزى الْمنون مواليا أعوانا وَالله لَو شهد أبن قيس ثَابت ومعاشر كَانُوا لَهُ إخْوَانًا وَرِفَاعَة الْعمريّ وَابْن معاذهم وأخو الْمشَاهد من بني العجلانا ...

والعمري رفاعة بن عبد المنذر وأبن معاذ سعد بن معاذ وأخو المشاهد معن بن عدي وأبو دجانة سماك بن خرشة وابن أقرم ثابت ابن أقرم قتله طلحة بن خويلد وأخو معونة المنذر بن عمرو وقال حسان بن ثابت يرثي عثمان بن عفان رض الامن بلغ الأنصار عني رسالة ناصح من

وَأَبُو دُجَانَة وَابْن أقرم ثَابت وأخو مَعُونَة لم يخف خذلانا كَانُوا يرَوْنَ الْحق نصرا مَا يهم ويرون طَاعَة امْرَهْ لرعايا لَا يجنبون عَن الْعَدو وَلَا ترى يَوْم الْحفاظ جموعهم تيهانا وقوام أَمر الْمُسلمين إمَامهمْ يَزع السَّفِيه ويقمع العدوانا فوددت لَو كُنْتُم بذلتم عهدكم لبقي أميركم على مَا كَانَا وكررتم كرّ المحافظ إِنَّمَا يسْعَى الْحَلِيم لمثله أَحْيَانًا فمنعتموه أَو قتلتم حوله ... متلبين الْبيض والأبدانا وَلَقَد عتبت على معاشر مِنْكُم ... يَوْم الوقيعة أَسْلمُوا عثمانا وليعلين الله كَعْب وليه وليجعلن عده الذلانا إِنِّي رَأَيْت مُحَمَّدًا إختاره صهرا وَكَانَ لنَفسِهِ خلصانا مَحْض الضرائب ماجدا أعراقه من خير خَنْدَق منصبا ومكانا عرفت لَهُ عليا معد كلهَا بعد النَّبِي الْمجد والسلطانا من معشر لَا يغدرون بجارهم كَانُوا بِمَكَّة يرتعون زَمَانا يُعْطون سائلهم ويأمن جارهم فيهم ويردون الكماة طعانا ... والعمري رِفَاعَة بن عبد الْمُنْذر وأبن معَاذ سعد بن معَاذ وأخو الْمشَاهد معن بن عدي وَأَبُو دُجَانَة سماك بن خَرشَة وَابْن أقرم ثَابت ابْن أقرم قَتله طَلْحَة بن خويلد وأخو مَعُونَة الْمُنْذر بن عَمْرو وَقَالَ حسان بن ثَابت يرثي عُثْمَان بن عَفَّان رض = ... الامن بلغ الْأَنْصَار عني رِسَالَة نَاصح من أبي الْوَلِيد فَإِنِّي خَائِف شفق عَلَيْك مغبة رَأْيكُمْ غير الرشيد ...

فأجابه أزهر بن سيحان المحاربي يقول رجال قد دعاك فلم تجب وذاك دعاء من خليلى رائع فان كان نادى دعوة فسمعتها فشلت يدي وأستك مني المسامع وألا فكانت بالذي هو قالها ودأرت عليه الدائرات القوارع تلومونني أن جلت في الدار حاسرا وقد

فررتم من زعانف عاندوه فَعِنْدَ الله عادات الشَّهِيد فعثمان بن عَفَّان سلوة تصيبوا أَمركُم لَا من بعيد وَقومُوا دونه بالبيض شهرا ... كَمَا زحفت بخفان أسود فأنكم على أثباج أَمر ... ورأي غير معتدل رشيد فوَاللَّه فِي عُثْمَان حَقًا وَمَا أعطيتموه من العهود مهلا لَا تَقولُوا لليالي وللأيام فِي عمياء عودي فانا لن نعود إِلَى أنيس بِخَير غير معترك العبيد وَأَنِّي قد أرى رَأيا وأمرا سيكشف بعد عَن أَمر شَدِيد سيوشك أَن يكْشف عَن قَلِيل ... لأهل الرَّأْي عَن أَمر حميد فَبَصر أَهلهَا واعن بِرَأْي ... يعاش بفضله رَأْي سعيد ... وَقَالَ خَالِد بن عقبَة بن أبي معيط لأزهر بن سيحان الْمحَاربي وَكَانَ من أَصْحَاب عُثْمَان يَوْم الدَّار وأنفلت يَوْمئِذٍ لعمرك مَا نَادَى وَلَكِن رأيتة بِعَيْنَيْك أذ مسعاك فِي الدَّار وَاسع ... فَأَجَابَهُ أَزْهَر بن سيحان الْمحَاربي ... يَقُول رجال قد دعَاك فَلم تجب وَذَاكَ دُعَاء من خليلى رائع فان كَانَ نَادَى دَعْوَة فسمعتها فشلت يَدي وأستك مني المسامع وَألا فَكَانَت بِالَّذِي هُوَ قَالَهَا ودأرت عَلَيْهِ الدائرات القوارع تَلُومُونَنِي أَن جلت فِي الدَّار حاسرا وَقد فر عَنهُ خَالِد وَهُوَ دارع ... ونادى رجل منى قتلة عُثْمَان يُقَال لَهُ خَلِيل بن لخم من يبارز ... فيا لَيْتَني ألقا فوارس ناعق ... وأثبته الْأَزْدِيّ ثمَّ أَمُوت ... فَحمل عَلَيْهِ أثْبته بن عبد الله الْأَزْدِيّ فَضَربهُ فَقتله وَقَالَ فِي ذَلِك ... ألم يَأْتِ عُثْمَان الْخَلِيفَة مقدمي ... على البطل اللَّخْمِيّ وَالْجمع حَابِس

وقال عبد الله بن وهب بن زمعة بن الأسود أليت جهدا لا أبايع بعده أماما ولا أرعى لما قال قائل ولا أبرح البابين ما هبت الصبا بذي رنق قد أخلصته الصياقل حسام كلون الملح ليس بعائد إلى الجفن ما هبت رياح شمائل نقاتل من دون أبن عفان أنه

.. وأثبتت فِيهِ زاعبيا كَأَنَّهُ شهَاب أضائة للْمُغِيرَة قابس فلولا ثَلَاث هن من عيشة الْفَتى ... وَجدك لم أحفل مَتى قَامَ رامس ... وَقَالَ عبد الله بن وهب بن زَمعَة بن الْأسود ... أليت جهدا لَا أبايع بعده ... أماما وَلَا أرعى لما قَالَ قَائِل ... وَلَا أَبْرَح الْبَابَيْنِ مَا هبت الصِّبَا بِذِي رنق قد أخلصته الصياقل حسام كلون الْملح لَيْسَ بعائد ... إِلَى الجفن مَا هبت ريَاح شمائل نُقَاتِل من دون أبن عَفَّان أَنه ... أَمَام وَقد جَاشَتْ عَلَيْهِ الْقَبَائِل ... وَقَالَ الْمُغيرَة بن الْأَخْنَس ... وكف يَدَيْهِ ثمَّ أغلق بَابه ... وأيقن أَن الله لَيْسَ بغافل وَقَالَ لأهل الدَّار لَا لَا تقاتلوا عَفا الله عَن كل أمرىء لم يُقَاتل ... فَكيف رَأَيْت الله ألْقى عَلَيْهِم الْعَدَاوَة والبغضاء بعد التواصل ... وَكَيف رَأَيْت الْخَيْر أدبر بعده عَن النَّاس أدبار النعام الجوافل وَكَيف رَأَيْت الشَّرّ يقبل نحوهم وَيكْتب عَن أَيْمَانهم وَالشَّمَائِل ... وَقَالَ حسان بن ثَابت رض = ... مَاذَا أردتم من أخي الدّين باركت يَد الله فِي ذَاك الْأَدِيم المقدد قتلتم ولي الله فِي جَوف دَاره وجئتم بِأَمْر جَائِر غير مهتد ...

.. فَهَلا رعيتم ذمَّة الله بَيْنكُم وأوفاكم قدما لَدَى كل مشْهد فَلَا ظَفرت أَيْمَان قوم تتابعوا على قتل عُثْمَان الرشيد الْمسند ... وَقَالَ كَعْب بن مَالك يرثي عُثْمَان رض = ... فان أمس قد أنْكرت جسمي وقوتي وأدركني مَا يدْرك الْمَرْء فِي الْعُمر فَلَا ضير أَن الله أعْطى ونالني مَوَاقِف ترجى غير من وَلَا فَخر واني من الْقَوْم الَّذين سَمِعْتُمْ ... أجابوا وليا دَعْوَة الله فِي الْأَمر أنابوا وَلم يفتنهم مَا أَصَابَهُم من النكث فِيهَا وَالْبَلَاء بل الْوتر فجادوا بحوباء النُّفُوس وَلم يرَوا ... لَهُم هَذِه الدُّنْيَا كعاقبة الدَّهْر وَمَا جعلُوا من دون أَمر رسولهم لدن أزروه من وُرُود وَلَا صدر وَيَأْمُرهُمْ أَمْثَال سعد وَمُنْذِر وأمثال عبد الْحَارِث الْحسن الذّكر ونعمان وأبن الْجد معن وثابت بن قيس وأمثال ابْن عفراء بِالصبرِ وَمثل ابْن عَمْرو وأمرىء الْقَيْس مِنْهُم وأمثال مَحْمُود وَمثل أبي عَمْرو وَمثل رجال فيهم لم أُسَمِّهِم وَكم من نجيب فِي طوائفهم شمر ورهط مَعَ الْفَارُوق والمرء عَامر وَزيد وَزيد والأمير أبي بكر مَعَ ابْن كنُود وَابْن جحش وَمصْعَب وَذي العاتق الْمَضْرُوب يَوْم رحى بدر وَطَلْحَة وَالْحجاج مِنْهُم وحاطب وَلَيْسَ ابْن عوام بناس وَلَا عَمْرو وَعَمْرو وَعُثْمَان بن عَفَّان والفتى ... أَبُو مرْثَد سقيا لذَلِك من ذكر أُولَئِكَ أَقوام لَهُم مَا تقدمُوا هم مهلوا قبل الْبَريَّة فِي الْأجر تضَاعف مَا أسدا من الْخَيْر كُله ... وَمَا أَمر مَعْرُوف الْمشَاهد كالنكر ...

وَقَالَ رجل من الْعَرَب ... هلا على عُثْمَان يبكي مدفع عَن الْبَاب أنباه الْحجاب غَرِيب وهلا على عُثْمَان تبْكي أرمل ... ظلمن فَمَا يعْطى لَهُنَّ نصيب ... وَقد ذكر عمر بن شبة النميري فِي مَقْتَله أبياتا لحسان بن ثَابت وَهِي ... خذلته الأنصا إِذا حضر الْمَوْت وَكَانَت ثقاته الْأَنْصَار من عذيري من الزبير وَمن طَلْحَة ... هاجا أمرا لَهُ إعصار فَوَلِيه مُحَمَّد بن أبي بكر ... جهارا وَخَلفه عمار وَعلي فِي بَيته يسْأَل النَّاس بِظهْر وَعِنْده الْأَخْبَار ينظر الْأَمر أَن يزف اليه ... كَالَّذي سببت لَهُ الأقدار ... 75 - ذكر نوح الْجِنّ على عُثْمَان رض = قَالَ مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الأجري فِي = كتاب الشَّرِيعَة لما قتل عُثْمَان رض = بَكَى عَلَيْهِ كثير من الصَّحَابَة وَلزِمَ قوم بُيُوتهم فَمَا خَرجُوا إِلَّا إِلَى قُبُورهم وبكته الْجِنّ وناحث عَلَيْهِ فروى عُثْمَان بن مرّة قَالَ حَدَّثتنِي أُمِّي قَالَت لما قتل عُثْمَان رض = بَكت الْجِنّ على مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثًا وَكَانَت تنشدنا مَا قَالَت الْجِنّ على عُثْمَان رض = وأرضاه ... لَيْلَة الْمَسْجِد اذ ... ير مون بالصم الصلاب ثمَّ قَامُوا بكرَة ينعون صقرا كالشهاب زينهم فِي الْحَيّ والمجلس ... فكاك الرّقاب ... قَالَ الأجري وَحدثنَا أبن أبي دَاوُد وَقَالَ حَدثنَا عبد الله بن سعيد قَالَ حَدثنَا أَبُو نميلَة قَالَ ذكر مُحَمَّد بن أسْحَاق قَالَ سمع صَوت الْجِنّ ... تبكيك نسَاء الْحَيّ يبْكين شجيات ويخشمن وُجُوهًا كالدنانير نقيات ويلبس ثِيَاب السود بعد القصبيات ...

الْبَاب الثَّانِي عشر فِي ذكر الْأَخْذ بثأر عُثْمَان رض = مِمَّن بَاشر قَتله أَو أعَان عَلَيْهِ 76 - أعلم أَنه لما قتل عُثْمَان رض = أنتدب لأخذ ثَأْره من قتلته مُعَاوِيَة رض = وَترك عَلَيْهِم المراصد وجد فِي طَلَبهمْ وحرض أهل الشَّام وألبس مِنْبَر دمشق قَمِيص عُثْمَان رض = الَّذِي قتل فِيهِ وعلق أَصَابِع نائلة بنت الفرافصة زَوْجَة عُثْمَان رض = على الْقَمِيص وَمكث أهل الشَّام يَبْكُونَ حول الْقَمِيص سنة يوضع كل يَوْم على الْمِنْبَر ويجلله أَحْيَانًا فيلبسه وعلق فِي أردانه أَصَابِع نائلة وَكَانَ أول من قتل مِنْهُم رجل من أهل الْبَصْرَة وَذَلِكَ أَن مُعَاوِيَة كَانَ قد كتب إِلَى أُمَرَاء الأجناد ليوافوه بالعساكر لما حصر عُثْمَان رض = وَسَارُوا نَحوه فَسَار مجاشع بن مَسْعُود فَبلغ النباج وَهُوَ مَوضِع وعَلى مقدمته زفر بن الْحَارِث فَاسْتَقْبلهُ رجل مِمَّن كَانَ شخص من أهل الْبَصْرَة فَقَالَ مَا وَرَاءَك قَالَ قتل نعثل قَالَ مَا نعثل قَالَ عُثْمَان فَأَخذه فأضجعه ثمَّ ذبحه فَكَانَ ذَلِك الرجل أول من قتل على دم عُثْمَان رض = بعد يَوْم الدَّار وَقد ذكرنَا ذَلِك فِيمَا تقدم

ذكر مقتل مالك الأشتر

أما سودان بن حمْرَان عَلَيْهِ الْعنَّة فانه هُوَ الَّذِي ضرب عُثْمَان رض = فَقتله فَلَمَّا رَآهُ عبد لعُثْمَان رض = وثب عَلَيْهِ فَقتله فَوَثَبَ قتيرة على الْغُلَام فَقتله فَوَثَبَ عبد آخر لعُثْمَان رض = على قتيره فَقتله فَكَانَ سودان بن حمْرَان أول من قتل يَوْم الدَّار 77 - ذكر مقتل مَالك الأشتر كَانَ مُحَمَّد بن أبي بكر عَاملا على مصر من قبل عَليّ بن أبي طَالب رض = فاضطربت عَلَيْهِ وَذَلِكَ سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ فَبعث عَليّ رض = الأشتر ليَكُون عَاملا عَلَيْهَا فَعظم ذَلِك على مُعَاوِيَة وَعلم أَنه أَن قدم الأشتر مصر كَانَ أَشد عَلَيْهِ من مُحَمَّد فَبعث مُعَاوِيَة إِلَى الْمُقدم على الْخراج بالقلزم وَقَالَ إِن كفيتني الأشتر لم آخذ مِنْك خراجا مَا بقيت وَبقيت وَخرج الأشتر من الْعرَاق يُرِيد مصر فَلَمَّا أنْتَهى إِلَى القلزم أستقبله ذَلِك الرجل وَعرض عَلَيْهِ النُّزُول فَنزل عِنْده فَأَتَاهُ بِطَعَام فَأكل وَأَتَاهُ بشراب من عسل وَقد سمه فَلَمَّا شربه مَاتَ فِي الْحَال وَكَانَ مُعَاوِيَة يَقُول لأهل الشَّام إِن عليا قد بعث الأشتر إِلَى مصر فَادعوا الله عَلَيْهِ فَكَانُوا يدعونَ الله عَلَيْهِ كل يَوْم فَأقبل الَّذِي سقَاهُ إِلَى مُعَاوِيَة فَأخْبرهُ بمهلك الأشتر فَخَطب مُعَاوِيَة النَّاس وأعلمهم بذلك لما بلغ عليا رض = مَوته قَالَ لِلْيَدَيْنِ والفم وَكَانَ قد ثقل عَلَيْهِ الأشتر لِأَشْيَاء نقلت عَنهُ وَقيل أَنه لما بلغ مَوته أسترجع ونعاه إِلَى النَّاس وَكَانَ هَذَا هُوَ الصَّحِيح لِأَنَّهُ لَو كَانَ كَارِهًا لَهُ لما ولاه مصر وَكَانَ الأشتر قد روى الحَدِيث عَن عمر وَعلي خَالِد بن الْوَلِيد وَأم ذَر وروى عَنهُ جمَاعَة لكنه كَانَ منحرفا عَن عُثْمَان وَكَانَ مِمَّن ألب النَّاس عَلَيْهِ وَمِمَّنْ سَار إِلَيْهِ فَقتله وَقد ذكرنَا ذَلِك

ذكر مقتل محمد بن أبي بكر وكنان بن بشر التجيبي

78 - ذكر مقتل مُحَمَّد بن أبي بكر وكنان بن بشر التجِيبِي ثمَّ أَن مُعَاوِيَة بعث عَمْرو بن الْعَاصِ إِلَى مصر لقِتَال جندها فَخرج وَسَار فَنزل قَرِيبا مِنْهَا وراسل مُحَمَّدًا وَأمره بِالْخرُوجِ عَن مصر فَبعث مُحَمَّد إِلَى عَليّ رض = يُخبرهُ بذلك ويستمده فَكتب إِلَيْهِ عَليّ رض = يَأْمُرهُ بِالصبرِ والقتال ويعد أنفاذ الجيوش ثمَّ خرج مُحَمَّد لقِتَال عَمْرو وعَلى مقدمته كنَانَة بن بشر التجِيبِي فِي أَلفَيْنِ وَمَعَ مُحَمَّد أَيْضا أَلفَانِ فاقتتل كنَانَة بن بشر هُوَ وعسكر عَمْرو قتالا شَدِيدا فَقتل كنَانَة بن بشر وَكَانَ مِمَّن دخل على عُثْمَان رض = وباشر قَتله وَقيل أَنه قتل يَوْم الدَّار ولأول أصح وَلما بلغ قَتله مُحَمَّد بن أبي بكر تفرق عَنهُ أَصْحَابه وَأَقْبل نَحوه عَمْرو أبن الْعَاصِ وَمَا بَقِي مَعَه أحد فَخرج مُحَمَّد يمشي فِي الطَّرِيق فأنتهى إِلَى خربة فِي نَاحيَة الطَّرِيق فأوى إِلَيْهَا وَسَار عَمْرو حَتَّى دخل فسطاط مصر وَخرج مُعَاوِيَة بن حديج السكونِي فِي طلب مُحَمَّد فَانْتهى على جمَاعَة على قَارِعَة الطَّرِيق فَسَأَلَهُمْ عَنهُ فَقَالَ أحدهم دخلت تِلْكَ الخربة فَرَأَيْت فِيهَا رجلا جَالِسا فَقَالَ أبن حديج هُوَ هُوَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فاستخرجوه وَقد كَاد يَمُوت عطشا وَأَقْبلُوا بِهِ نَحْو الْفسْطَاط فَقَالَ أَخُوهُ عبد الرحمان بن أبي بكر رض لعَمْرو بن الْعَاصِ أتقتل أخي صبرا أبْعث إِلَى ابْن حديج فانهه عَنهُ فَبعث اليه عَمْرو يَأْمُرهُ أَن يَأْتِيهِ بِمُحَمد فَقَالَ قتلتم كنَانَة بن بشر وأخلي أَنا مُحَمَّدًا هَيْهَات هَيْهَات فَقَالَ مُحَمَّد أسقوني مَاء فَقَالَ مُعَاوِيَة بن حديج أَنكُمْ منعتم عُثْمَان المَاء وَالله لأَقْتُلَنك حَتَّى يسقيك الله من الْحَمِيم فَسَبهُ فَغَضب مِنْهُ وَقَتله ثمَّ أدخلهُ فِي جيفة حمَار ثمَّ أحرقه بالنَّار فَلَمَّا بلغ ذَلِك عَائِشَة رض = جزعت عَلَيْهِ جزعا شَدِيدا وقنتت فِي

ذكر مقتل طلحة والزبير رض

دبر الصَّلَاة تدعوا على مُعَاوِيَة بن حديج وَعمر بن الْعَاصِ وَأخذت عِيَال مُحَمَّد اليها وَلم تَأْكُل شواء من ذَلِك الْوَقْت حَتَّى توفيت وَكَانَت رض = تَقول لَهُ مذمما بدل مُحَمَّد وَملك عَمْرو مصر وسر أهل الشَّام بقتل مُحَمَّد وَلما بلغ خبر قَتله إِلَى عَليّ رض = حزن عَلَيْهِ حزنا شَدِيدا ونعاه وَلَام أَصْحَابه فِي ترك النفير اليه ومساعدته وَكَانَ مُحَمَّد منحرفا عَن عُثْمَان رض = لأجل الْحَد الَّذِي أَخذه مِنْهُ وَكَانَ مِمَّن دخل على عُثْمَان رض = وَقَتله وَقيل أَنه ناشده فاستحيا وَتَركه وَخرج وَلم يُبَاشر قَتله وَكَانَ مُحَمَّد يَدعِي مذمما لقبته بذلك عَائِشَة رض = لسوء صَنِيعه فلقي عُقُوبَة ذَلِك فِي الدُّنْيَا من الْقَتْل والحرق وَعند الله يجْتَمع الْخُصُوم 79 - ذكر مقتل طَلْحَة وَالزُّبَيْر رض = كَانَت عائشه رض = لما قتل عُثْمَان رض = عظم ذَلِك عَلَيْهَا وَرَأَتْ أمورا مُنكرَة وَرَأَتْ قتلة عُثْمَان رض = وَالَّذين حصروه قد أنضموا إِلَى عَسْكَر عَليّ رض = فساءها ذَلِك فَخرجت تُرِيدُ مَكَّة وأنضم إِلَيْهَا طَلْحَة وَالزُّبَيْر رض = فِي جمَاعَة ثمَّ أَنهم سَارُوا نَحْو الْبَصْرَة مطالبين بِدَم عُثْمَان رض = يتتبعون قتلته فَبلغ خبرهم عليا رض = فَبعث عمارا إِلَى الْكُوفَة يستنفر النَّاس لقتالهم فَسَار إِلَيْهِم إِلَى الْبَصْرَة فَلَمَّا ترَاءى الْجَمْعَانِ عَليّ وَعَسْكَره وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر وعسكرهما وَركبت عَائِشَة الْجمل وألبسوا الهودج الأدراع وَأَقْبَلت حَيْثُ تسمع الغوغاء واقتتل النَّاس أَتَى طَلْحَة سهم غرب فَشك

رجله بصفحة الْقوس وَهُوَ يُنَادي إِلَى عباد الله الصَّبْر الصَّبْر فَقَالَ لَهُ الْقَعْقَاع إِنَّك لجريح وَإنَّك عَمَّا تُرِيدُ لعليل فَادْخُلْ الْبيُوت فَدخل وَهُوَ يبكي وَيَقُول اللَّهُمَّ خُذ لعُثْمَان مني حَتَّى ترْضى فَلَمَّا أمتلأ خفه دَمًا قَالَ لغلامه أردفعني وأمسكنى وأبغني مَكَانا أنزل فِيهِ فَأدْخلهُ الْبَصْرَة وأنزله فِي دَار خربة فَمَاتَ فِيهَا وَلما مَاتَ رض = دفن فِي بني سعد وَقَالَ قبل مَوته لم أر شَيخا أضيع دَمًا مني وَقيل أَن الَّذِي رمى طَلْحَة كَانَ مروآن بن الحكم وَقيل غَيره قَالَ أبن سعد أَخْبرنِي من سمع أسماعيل بن أبي خَالِد يخبر عَن حَكِيم أبن جَابر الأحمسي قَالَ قَالَ طَلْحَة بن عبيد الله رض = يَوْم الْجمل إِنَّا داهنا فِي أَمر عُثْمَان فَلَا نجد الْيَوْم شَيْئا مثل الْيَوْم شَيْئا أمثل من أَن نبذل دماءنا فِيهِ اللَّهُمَّ خُذ خُذ لعُثْمَان مني الْيَوْم حَتَّى ترْضى وَقَالَ قيس بن أبي حزَام روى مَرْوَان بن الحكم يَوْم الْجمل طَلْحَة رض = فِي ركبة فَجعل الدَّم يسيل فَقَالَ وَالله مَا بلغت إِلَيْنَا سِهَامهمْ بعد دَعْوَة أَنما هُوَ سهم أرْسلهُ الله فَمَاتَ فدفنوه على شط الكلاء فَرَأى بعض أَهله أَنه قَالَ لَا تريحونني من هَذَا المَاء فَإِنِّي قد غرقت ثَلَاث مَرَّات يَقُولهَا فنبشوه من قَبره أَخْضَر كَأَنَّهُ السلق فنزعوا عَنهُ المَاء ثمَّ أستخرجوه فَإِذا مَا يَلِي الأَرْض من لحيته وَوَجهه قد أَكلته الأَرْض فاشتروا دَارا من دور آل أبي بكرَة فدفنوه فِيهَا وَعَن قَتَادَة قَالَ رمي طَلْحَة فأعنق فرسه فركض فَمَاتَ فِي

بني تَمِيم فَقَالَ يَا الله مصرع شيخ أضيع وَعَن نَافِع قَالَ كَانَ مَرْوَان مَعَ طَلْحَة فِي الْخَيل فَرَأى فُرْجَة فِي درع طَلْحَة رض = فَرَمَاهُ بِسَهْم فَقتله رض = وَكَانَ عمره رض = يَوْم قتل أَرْبعا وستن سنة وَفِي رِوَايَة وَهُوَ أبن اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ سنة وَأما الزبير رض = فَإِنَّهُ قَاتل يَوْمئِذٍ فَحمل عَلَيْهِ عمار بن يَاسر فَجعل يحوزه بِالرُّمْحِ وَالزُّبَيْر كَاف عَنهُ يَقُول أتقتلني يَا أَبَا الْيَقظَان فَيَقُول لَا يَا أَبَا عبد الله وأنما كف عَن الزبير ر = لقَوْل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تقتل عمارا الفئة الباغية وَلَوْلَا ذَلِك لقَتله ثمَّ أَنَّهَا كَانَت الْهَزِيمَة فَمضى الزبير رض = من وَجهه إِلَى وَادي السبَاع وأنما فَارق المعركة لِأَنَّهُ قَاتل تعذيرا فَمر الزبير رض = بعسكر الْأَحْنَف فَقَالَ الْأَحْنَف من يأتنبي بِخَبَرِهِ فَقَالَ عمر بن جرموز أَنا فَأتبعهُ فَلَمَّا لحقه نظر إِلَيْهِ الزبير رض = إِنَّه معد قَالَ مَا يهولك من رجل وَحَضَرت الصَّلَاة فَقَالَ أبن جرموز الصَّلَاة فَقَالَ الزبير رض = الصَّلَاة فَلَمَّا نزلا أستدبره أبن جرموز فطعنه فِي جربان درعه فَقتله فَأخذ فرسه وسلاحه وخاتمه فدفنه الْغُلَام بوادي السبَاع وَرجع إِلَى النَّاس بالْخبر وأتى أبن جرموز عليا رضى فَقَالَ لحاجبه أَسْتَأْذن لقِتَال الزبير فَقَالَ عَليّ رض = ائْذَنْ لَهُ وبشره بالنَّار وأحضر سيف الزبير عِنْد عَليّ

وقالت زوجته عاتكة بنت زيد

رض = فَأَخذه ونضر إِلَيْهِ وَقَالَ طالما جلى بِهِ الكرب على وَجه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَكِن الْحِين مصَارِع السود وَلم يقده بِهِ وأنما ذكرنَا هَهُنَا طَلْحَة وَالزُّبَيْر رض = لِأَنَّهُمَا كَانَا من جملَة من حضر حِصَار عُثْمَان رض = قيل وَكَانَ طَلْحَة رض = يَوْم الدَّار عَلَيْهِ درع فَأَشْرَف عُثْمَان رض = على الْقَوْم فَقَالَ أفيكم طَلْحَة فَقَالُوا نعم فَنَاشَدَهُ الله فَرجع طَلْحَة تَائِبًا هُوَ وَالزُّبَيْر رض = وَلم يشهدَا قَتله وَلِهَذَا قَالَ طَلْحَة عِنْد مَوته اللَّهُمَّ خُذ لعُثْمَان مني حَتَّى ترْضى مَعَ أَنَّهُمَا من جملَة الْعشْرَة الَّذين شهد لَهُم رسولالله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْجنَّةِ شهد الزبير رض = بَدْرًا وَهُوَ أبن تسع وَعشْرين سنة وَقتل وَهُوَ أبن ارْبَعْ وَسِتِّينَ سنة وَدفن بوادي السبَاع وَجلسَ عَليّ رض = يبكي عَلَيْهِ هُوَ وَأَصْحَابه وَعَن قبيصَة بن عقبَة عَن سُفْيَان عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه قَالَ قَالَ عَليّ رض = ابْن لأرجو أَن أكون أَنا وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر من الَّذين قَالَ الله {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورهمْ من غل إخْوَانًا على سرر مُتَقَابلين} الْحجر 47 وَقَالَ جرير بن الخطفي يرثيه ... أَن الرزية من تضمن قَبره وَادي لكل جنب مصرع لما أَتَى خبر الزبير تواضعت سور الْمَدِينَة وَالْجِبَال الخشع وَبكى الزبير بَنَاته فِي مأتم مذا يرد بكاء من لَا يسمع ... وَقَالَت زَوجته عَاتِكَة بنت زيد

ذكر قتل عمار بن ياسر وبيده حربة يهزها وهو يرجف من القبر وهو يقول الجنة تحت ظلام السيوف والموت تحت أطراف الأسل وقد فتحت أبواب السماء وزينت الحور العين اليوم القى الأحبة محمدا وحزبه وتقدم فقاتل حتى قتل رض وكان يقول والله لو ضربونا حتى يبلغوا بنا

.. غدر ابْن جرموز بِفَارِس بهمة ... يَوْم اللِّقَاء وَكَانَ غير معرد ... يَا عَمْرو لَو نبهته لوجدته ... لَا طائشا رعش الْجنان وَلَا الْيَد شلت يَمِينك أَن قتلت لمسلما حلت عَلَيْك عُقُوبَة الْمُتَعَمد ثكلتك أمك هَل ظَفرت بِمثلِهِ ... فِيمَن مضى فِيمَا تروح وتغتدي كم غمرة قد خاضها لم يثنه ... عَنْهَا طرادك يَا أبن فقع القردد ... 80 - ذكر قتل عمار بن يَاسر وَبِيَدِهِ حَرْبَة يهزها وَهُوَ يرجف من الْقَبْر وَهُوَ يَقُول الْجنَّة تَحت ظلام السيوف وَالْمَوْت تَحت أَطْرَاف الأسل وَقد فتحت أَبْوَاب السَّمَاء وزينت الْحور الْعين الْيَوْم القى الْأَحِبَّة مُحَمَّدًا وَحزبه وَتقدم فقاتل حَتَّى قتل رض = وَكَانَ يَقُول وَالله لَو ضربونا حَتَّى يبلغُوا بِنَا سعفات هجر لعَلِمت أننا على الْحق وَأَنَّهُمْ على الْبَاطِل قيل قَتله أَبُو الغادية الْمُزنِيّ وأحتز رَأسه أبن حوي السكْسكِي وَقيل ضربه مَرْوَان على ركبته فكبا ثمَّ قَتَلُوهُ وَكَانَ عمره لما قتل قد جَاوز الثَّمَانِينَ سنة وَعَن حُذَيْفَة وَعَمْرو بن الْعَاصِ قَالَا سمعنَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لعمَّار رض = تقتلك الفئة الباغية والبغاة هم الَّذين يخرجُون على الْأَمَام بِتَأْوِيل سَائِغ فِي الشَّرْع وَيجب على الإِمَام أَن ينظر فِي حَالهم فَإِن ذكرُوا لَهُ مظْلمَة أزالها أَو شُبْهَة كشفها لَهُم وَقَالَ أبن عقيل فِي = كتاب الأرشاد أَن الباغية هِيَ الطالبة بِدَم عُثْمَان

ذكر مقتل عمر وبن الحمق الخزاعي

رض = وَحَكَاهُ عَن أَحْمد وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نبغي} يُوسُف 65 أَي مَا نطلب وَقد سماهم الله مُؤمنين فِي حَال قِتَالهمْ فَقَالَ {وَإِن طَائِفَتَانِ من الْمُؤمنِينَ اقْتَتَلُوا فأصلحوا بَينهمَا} إِلَى قَوْله {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إخْوَة فأصلحوا بَين أخويكم} الحجرات 9 10 وَكَانَ مُعَاوِيَة وَأَصْحَابه وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر وَعَائِشَة رض = قد خَرجُوا يطْلبُونَ بِدَم عُثْمَان الْمَظْلُوم رض = وَقَالُوا لعَلي رض = ادْفَعْ إِلَيْنَا قَتله عُثْمَان رض = وَكَانُوا جمَاعَة مُعينين فَلم يفعل فَيحْتَمل أَن يكون مذْهبه أَن الْجَمَاعَة لَا تقتل بِالْوَاحِدِ وَقد رُوِيَ أَنه قتل أهل النهروان لأَنهم قتلوا عبد لله بن حنيف وَفِي هَذِه الْمَسْأَلَة خلاف بَين أهل الْعلم وأنما ذكرنَا عمارا هَهُنَا لِأَنَّهُ كَانَ منحرفا عَن عُثْمَان رض = وخلعه وألب النَّاس عَلَيْهِ كَمَا ذكرنَا وَقد ذكر الجاحظ أَن عمارا قَامَ وسط مَسْجِد الْمَدِينَة فَقَالَ نَحن قتلنَا عُثْمَان كَافِرًا وَكَانَ يمْنَع أَن يدْفن فِي مَقَابِر الْمُسلمين وَأَن يُصَلِّي عَلَيْهِ فِي مصلاهم حَتَّى ترك على مزبلة ثَلَاثَة أَيَّام لم يدْفن فدفنه أبن االزبير فِي خُفْيَة فِي بِئْر فِي حش كَوْكَب وَمُحَمّد بن أبي بكر فِي بني تَمِيم يعاونون عمارا 81 - ذكر مقتل عمر وبن الْحمق الْخُزَاعِيّ كَانَ عَمْرو بن الْحمق الْخُزَاعِيّ من أَصْحَاب حجر بن عدي الْكِنْدِيّ وَكَانَ حجر مِمَّن يعيب عُثْمَان وَمُعَاوِيَة رض = وَيَزْعُم أَن هَذَا الْأَمر لَا يصلح الا فِي أل عَليّ بن أبي طَالب رض = وَكَانَ زِيَاد بن أبي سُفْيَان يَوْم جُمُعَة يخْطب فَأطَال الْخطْبَة وَأخر الصَّلَاة فَلَمَّا خشِي حجر فَوت الصَّلَاة أَخذ كفا من حَصى وَرمى بِهِ زيادا وَقَامَ إِلَى الصَّلَاة وَقَامَ النَّاس مَعَه فَنزل زِيَاد وَصلى بِالنَّاسِ وَكتب إِلَى مُعَاوِيَة يُخبرهُ فَكتب إِلَيْهِ مُعَاوِيَة أَن أبْعث بِهِ

ذكر قتل عمير بن ضابيء وكميل بن زياد

الى فشده فِي الْحَدِيد وَحمله إِلَى مُعَاوِيَة فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ قَالَ السَّلَام عَلَيْك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ مُعَاوِيَة أأنا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَنا وَالله لَا أقيلك وَلَا أستقيلك ثمَّ أَمر بِهِ فَضربت عُنُقه وَكَانَ قَتله سياسة لَا لافتئاته على الإِمَام وَيجوز للْإِمَام قتل بعض رَعيته لصلاح الباقى وَلما قبض زِيَاد على حجر بن عدي طلب أَصْحَابه فَخرج عَمْرو بن الْحمق فَأتى الْموصل وَمَعَهُ رِفَاعَة بن شَدَّاد فاختفيا بجبيل هُنَاكَ فَرفع أَمرهمَا إى عَامل الْموصل عبد الرَّحْمَن بن عُثْمَان الثَّقَفِيّ وَيعرف بأبن أم الحكم وَهُوَ أبن أُخْت مُعَاوِيَة فَأرْسل إليهماا من يَأْتِيهِ بهما وَكَانَ عَمْرو قد أستسقى بَطْنه وَلم يكن عِنْده أمتناع وَكَانَ رِفَاعَة قَوِيا فَركب فرسه لِيُقَاتل عَن عَمْرو فَقَالَ لَهُ عَمْرو مَا يَنْفَعنِي قتالك عني انج بِنَفْسِك فَحمل عَلَيْهِم فأفرجوا لَهُ فنجا وَأخذ عَمْرو أَسِيرًا فَسَأَلُوهُ من أَنْت فَلم يُخْبِرهُمْ فبعثوه إِلَى عَامل الْموصل فَعرفهُ فَكتب فِيهِ إِلَى مُعَاوِيَة فَكتب إِلَيْهِم مُعَاوِيَة انه زعم أَنه طعن عُثْمَان تسع طعنات بمشاقص فاطعنوه كَمَا طعن عُثْمَان رض = فَأخْرج فطعن فَمَاتَ فِي الأولى مِنْهُنَّ أَو الثَّانِيَة فذاق وبال أمره وقبره ظَاهر بالموصل وَكَانَ قَتله فِي سنة أحدى وَخمسين 82 - ذكر قتل عُمَيْر بن ضابيء وكميل بن زِيَاد لما ولى عبد الْملك بن مَرْوَان الْحجَّاج بن يُوسُف الثَّقَفِيّ الْعرَاق وَذَلِكَ فِي سنة خمس وَسبعين أرسل إِلَيْهِ بعهده وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ وَأمره بِالْمَسِيرِ إِلَى الْعرَاق فَسَار فِي أثني عشر رَاكِبًا على النجائب حَتَّى دخل الْكُوفَة وَبَدَأَ بِالْمَسْجِدِ وَصعد الْمِنْبَر وَأمر بعهده فقريء على النَّاس ثمَّ نزل وَدخل منزله ثمَّ دَعَا بالعرفاء وَقَالَ ألْحقُوا النَّاس بالمهلب بن أبي صفرَة وَكَانَ يُقَاتل الْخَوَارِج وأتوني بالبراءات بموافاتهم وَلَا تغلقن أَبْوَاب الجسر لَيْلًا

قال نعم ثم قال ما حملك على ذلك قال إنه حبس أبي حتى مات في الحبس فقال الحجاج ابنك خير لنا منك وأني لأحسب في قتلك صلاح المصرين وأمر به فضربت عنقه وأنهب ماله

وَلَا نَهَارا حَتَّى تَنْقَضِي هَذِه الْمدَّة فَقَامَ إِلَيْهِ عُمَيْر بن ضابىء الْحَنْظَلِي وَقَالَ أَنا فِي هَذَا الْبَعْث وَأَنا شيخ كَبِير عليل وَابْني هَذَا أشب مني فَقَالَ من أَنْت قَالَ أَنا عُمَيْر بن ضابيء قَالَ أسمعت كلامنا بالْأَمْس قَالَ نعم قَالَ أَنْت الَّذِي غزا عُثْمَان بن عَفَّان قَالَ بلَى قَالَ يَا عَدو الله أَفلا إِلَى عُثْمَان بعث بَدَلا ثمَّ قَالَ لَهُ أَنْت الْقَائِل ... هَمَمْت وَلم أفعل وكدت وليتني ... تركت على عُثْمَان تبْكي حلائله ... قَالَ نعم ثمَّ قَالَ مَا حملك على ذَلِك قَالَ إِنَّه حبس أبي حَتَّى مَاتَ فِي الْحَبْس فَقَالَ الْحجَّاج ابْنك خير لنا مِنْك وَأَنِّي لأحسب فِي قَتلك صَلَاح المصرين وَأمر بِهِ فَضربت عُنُقه وأنهب مَاله وَكَانَ عُمَيْر بن ضابىء فِيمَن دخل على عُثْمَان رض = فَوَثَبَ عَلَيْهِ فَكسر ضلعا من أضلاعه وَقَالَ سجنت أبي حَتَّى مَاتَ فِي السجْن ثمَّ سَأَلَهُ الْحجَّاج فَقَالَ هَل بِالْكُوفَةِ أحد غَيره قيل نعم كميل بن زِيَاد فَطَلَبه فهرب فَأخذ النخع بِهِ وضيق عَلَيْهِم فَلَمَّا رأى كميل مَا لَقِي قومه خرج حَتَّى أَتَى الْحجَّاج فَقَالَ لَهُ الْحجَّاج أَنْت الَّذِي أردْت مَا أردْت من أَمِير الْمُؤمنِينَ عُثْمَان ثمَّ لم ترض حَتَّى اقعدته للْقصَاص ودفعك عَن نَفسه قَالَ على أَي ذَلِك تقتلني على عَفوه أم على عافيتي فَأمر بِهِ فَضربت عُنُقه وَكَانَ عُمَيْر بن ضابىء وكميل بن زِيَاد قد سارا من الْكُوفَة إِلَى الْمَدِينَة ليقتلا عُثْمَان رض = فَأَما عُمَيْر فَإِنَّهُ نكل عَنهُ وَأما كميل بن زِيَاد فانه اجترا عَلَيْهِ وثاوره وَكَانَ جَالِسا فوجأ عُثْمَان رض = وَجهه فَوَقع على استه فَقَالَ أوجعتني يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ أولست بفاتك قَالَ لَا وَحلف بِاللَّه وَوَقع عَلَيْهِ النَّاس فَقَالُوا نفتشه يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ لَا

ذكر قتل جماعة ممن غزا عثمان رض

قد رزق الله الْعَافِيَة وَلَا أشتهي أَن أطلع مِنْهُ على غير مَا قَالَ وَقَالَ أَن كَانَ كَمَا قلت فاقتد مني وَجَثَا فوَاللَّه مَا حسبتك إِلَّا تريدني ثمَّ قَالَ ان كنت صَادِقا فأجرك على الله وان كنت كَاذِبًا فأقادك الله وَقعد لَهُ على قَدَمَيْهِ وَقَالَ دُونك يَا كميل فَقَالَ قد تركت عَن المستنير عَن أَخِيه قَالَ ل وَالله مَا سَمِعت وَلَا علمت بِأحد غزا عُثْمَان رض = وَلَا ركب إِلَيْهِ إِلَّا قتل 83 - ذكر قتل جمَاعَة مِمَّن غزا عُثْمَان رض = لما سَارَتْ عَائِشَة وَالزُّبَيْر وَطَلْحَة رض = إِلَى الْبَصْرَة يطْلبُونَ بِدَم عُثْمَان رض = وأجتمعت الْقَبَائِل من أهل الْبَصْرَة مَعَ حَكِيم بن جبلة وَمن تبعه من عبد الْقَيْس وَمن نزع إِلَيْهِم من أفناء ربيعَة ثمَّ سَارُوا نَحْو دَار الرزق قَالَت عَائِشَة رض = لَا تقتلُوا إِلَّا من قاتلكم وَنَادَوْا من لم يكن من قتلة عُثْمَان فليكفف عَنَّا فانا لَا نُرِيد إِلَّا قَتله إِلَّا عُثْمَان رض = وَلَا نبدأ أحدا بِقِتَال وَجَاء طَلْحَة وَالزُّبَيْر رض = وَمن تابعهما وأصطفوا لِلْقِتَالِ وَكَانَ حَكِيم بحيال طَلْحَة رض = وذريح بحيال الزبير رض = وأبن المحرش بحيال عبد الرحمان بن عتاب وحرقوص بن زُهَيْر بحيال عبد الرحمان بن الْحَارِث بن هِشَام وأقتتلوا قتالا شَدِيدا فَضرب رجل رجل حَكِيم فقطعها فَأتى عَلَيْهِ رجل فَقَالَ مَا لَك يَا حَكِيم قَالَت قتلت قَالَ من قَتلك قَالَ وِسَادِي وَكَانَ قد أَخذ رجله المقطوعة فَرمى بهَا صَاحبهَا فَأصَاب أحشاءه فصرعه ثمَّ اتاه فَقتله ثمَّ أتكأ عَلَيْهِ ثمَّ أحتمل حَكِيم فضم إِلَى أَصْحَابه فَمَاتَ وَكَانَ حَكِيم بن جبلة فِيمَن غزا عُثْمَان رض = وَكَانَ يسب عَائِشَة رض = فاق وبال أمره وَقتل يَوْمئِذٍ ذريح وَمن مَعَه وَابْن المحرش وَمن مَعَه وأفلت حرقوص بن زُهَيْر فِي نفر من اصحابه

ذكر قتل حرقوص بن زهير

ونادى مُنَادِي الزبير وَطَلْحَة بِالْبَصْرَةِ أَلا من كَانَ فيهم من قبائلهم أحد مِمَّن غزا عُثْمَان رض = بِالْمَدِينَةِ فليأتنا بهم فجيء بهم كَمَا يجاء بالكلاب فَقتلُوا وَلم يفلت مِنْهُم من أهل الْبَصْرَة جَمِيعًا إِلَّا حرقوص بن زُهَيْر فان بني سعد منعُوهُ وَكَانَ من بني سعد وَقَالَ طَلْحَة وَالزُّبَيْر رض = الْحَمد لله الَّذِي جمع لنا ثَأْرنَا من أهل الْبَصْرَة اللَّهُمَّ لَا تبْق مِنْهُم أحدا وأقدهم الْيَوْم فاقتلهم 84 - ذكر قتل حرقوص بن زُهَيْر ثمَّ إِن حرقوص بن زُهَيْر قتل بعد ذَلِك وَذَلِكَ أَنه كَانَ قد مَنعه بَنو سعد فاختفى ثمَّ أَنه لحق بعد ذَلِك بالخوارج من أهل النهروان فَلَمَّا حاربهم على رض = وقتلهم حمل جَيش بن ربيعَة الْكِنَانِي وَكَانَ من أَصْحَاب عَليّ رض = على حرقوص بن زُهَيْر فَقتله فذاق وبال أمره وَكَانَ عَاقِبَة أمره خسرا وَلم يفلت مِمَّن قتل عُثْمَان رض = أَو أعَان على قَتله أحد إِلَّا هلك وَذَلِكَ جَزَاء الْبَغي فَإِن الْبَغي مصرعة وَأنْشد فِي ذَلِك ... يَا صَاحب الْبَغي أَن الْبَغي مصرعة ... أقصر فَخير فعال المرىء أعدله فَلَو بغا جبل يَوْمًا على جبل ... لأندك مِنْهُ أعالية وأسفله 85 - ذكر تَعْظِيم شَأْن قتل عُثْمَان رض = أعلم رحكم الله أَن شَأْن قتل عُثْمَان عَظِيم وَأَنه كَانَ هُوَ أساس الْفِتَن الَّتِي جرت من بعده من الْحَرْب بَين عَليّ رض = وَمُعَاوِيَة وَبَين طَلْحَة وَالزُّبَيْر وَعَائِشَة رض = بَين أهل الْبَصْرَة إِلَى غير ذَلِك من الْفِتَن والأختلاف

وَأهل الألحاد والرفض والزيغ يَقُولُونَ أَن قَتله كَانَ رضالله وطعنوا عَلَيْهِ بأَشْيَاء صنعها لَا يتوج إِلَيْهِ مِنْهَا طعن وَلَا يثبت لَهُم بهَا عَلَيْهِ حجَّة وَقد ذكرنَا ذَلِك وأجبنا عَنهُ بِمَا يسره الله وَمَا وصل علمنَا إِلَيْهِ وَعَن مُوسَى بن يزِيد بن رِفَاعَة قَالَ أَتَى عَليّ رض = وَأَنه ليَأْكُل على ترس فَقيل لَهُ قتل عُثْمَان وَكَانَ قَتله رضَا فَقَالَ أَن كَانَ قَتله رضَا أحتلبتم بِهِ لَبَنًا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأَن كَانَ هُوَ سخطا أحتلبتم بِهِ دَمًا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة قَالَ فاحتلبوا وَالله بِهِ دَمًا وَعَن سهل بن يُوسُف عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد قَالَ مر عَليّ رض = على فئتين بِالْمَدِينَةِ بَعْدَمَا قتل عُثْمَان وَقبل بيعَته وهما يَقُولَانِ قتل أبن بَيْضَاء ومكانه من الأسلام وَالْعرب ثمَّ وَالله مَا أنتطح فِيهِ غنزان فَقَالَ عَليّ مَا قلتما فَأَعَادُوا عَلَيْهِ فَقَالَ بلَى وَالله وَرِجَال بعد رجال وكتائب بعد كتائب وزحوف بعد زحوف وَرِجَال وكتائب وزحوف فِي أصلاب رجال حَتَّى يُنَادي أَو يخرج أبن مَرْيَم وَعَن مجَالد عَن الشّعبِيّ قَالَ بلغ عدي بن حَاتِم حضر عُثْمَان رض = فَقَالَ علام يحصرونه فوَاللَّه لَو قَتَلُوهُ مَا حبقت فِيهِ عنَاق فَلَمَّا أُصِيب أبناه وفقئت عينه قتل خَاله وَلم يَزْدَدْ الْأَمر إِلَّا شدَّة قيل لَهُ يَا أَبَا طريف هَل حبقت فِيهِ عنَاق قَالَ أَي وَأَمَانَة الله أَي وَأَمَانَة الله والتيس الْأَكْبَر وَعَن عبد الله بن سعيد قَالَ قَالَ عبد الله بن سَلام يَوْم الدَّار يَا قوم لَا تقتلُوا عُثْمَان فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي هَذِه الْأمة دَمًا أغْلى من دَمه فَردُّوا رَأْيه فَرجع وَلم يعرفوا قَوْله إِلَّا بعد حِين تعبقه النَّاس وَعَن سعيد بن عبد الله بن أَبِيه قَالَ جَاءَ المصريون إِلَى عَليّ رض = فَقَالُوا أبسط يدك نُبَايِعك فَلَقَد كَانَ قتل عُثْمَان رض = لله رضَا فَقَالَ كَذبْتُمْ واللعه مَا كَانَ قَتله لله رضَا لقد قَتَلْتُمُوهُ بِلَا ترة وَلَا درة وَلَا حُدُود وَلَا عذر وَالله أعلم

ذكر ما روى من ذم قتله عثمان رض

86 - ذكر مَا روى من ذمّ قَتله عُثْمَان رض = روى أَبُو بكر مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الأجري فِي = كتاب الشَّرِيعَة بِإِسْنَادِهِ عَن أبن عون عَن الْوَلِيد أبي بشر عَن جُنْدُب عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان رض = قَالَ سَارُوا إِلَيْهِ وَالله لقيتلنه قَالَ قلت فَأَيْنَ هُوَ قَالَ فِي الْجنَّة قَالَ قلت فَأَيْنَ قتلته قَالَ فِي النَّار وَالله وروى أَيْضا بِإِسْنَادِهِ عَن زِيَاد بن أبي مليح عَن أَبِيه عَن ابْن عَبَّاس رض = قَالَ لَو أجتمعوا على قتل عُثْمَان لرجموا بِالْحِجَارَةِ كَمَا رجم قوم لوط وَعَن أبن الْمُبَارك أبن لَهِيعَة عَن يزِيد بن بِي حبيب قَالَ بَلغنِي أَن عَامَّة الركب الَّذين سَارُوا إِلَى عُثْمَان رض = جنوا قَالَ أبن الْمُبَارك وَكَانَ الْجُنُون لَهُم قَلِيلا وَفِي لفظ أَن عَامَّة الركب الَّذين خَرجُوا إِلَى عُثْمَان رض = جنوا قَالَ أبن الْمُبَارك الْجُنُون أيسره وروى بِإِسْنَادِهِ عَن سُلَيْمَان بن يسَار ان جَهْجَاه الْغِفَارِيّ أَخذ عَصا عُثْمَان رض = الَّتِي كَانَ يتخصر بهَا فَكَسرهَا على ركبته فَوَقَعت فِيهِ ركبت الْأكلَة وَفِي رِوَايَة عَن نَافِع أَن رجل يُقَال لَهُ جَهْجَاه تنَاول عَصا من عُثْمَان رض = فَكَسرهَا على ركبته فَرمى ذَلِك الْمَكَان بِأَكْلِهِ وروى بِإِسْنَادِهِ عَن الْأَعْمَش عَن أبي أسْحَاق عَن زيد بن تبيع قَالَ تجهز النَّاس إِلَى عُثْمَان رض = فَتَلقاهُمْ حُذَيْفَة رض = وَقَالَ مَا مَا سعى قوم إِلَى ذِي سُلْطَان لَهُم فِي الأَرْض ليذلوه إِلَّا أذلّهم الله عز وَجل قبل أَن يَأْتُوا وروى أَيْضا بأسناده عَن الْحسن بن عَليّ رض = أَنه يَقُول مَا كنت لأقاتل بعد رُؤْيا رَأَيْتهَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُتَعَلقا بالعرش وَرَأَيْت أَبَا بكر

رض = وَاضِعا يَده على منْكب النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَرَأَيْت عمر رض = وَاضِعا يَده على منْكب أبي بكر وَرَأَيْت عُثْمَان رض = وَاضِعا يَده على منْكب عمر وَرَأَيْت دونهم دَمًا فَقلت مَا هَذَا فَقيل هَذَا الله عز وَجل يطْلب بِدَم عُثْمَان رض = وَفِي رِوَايَة عَن عبد الْعَزِيز بن الْوَلِيد بن سُلَيْمَان بن أبي السَّائِب قَالَ سَمِعت أبي بِذكر عَن الْحسن بن عَليّ رض = أَنه سمع أعمى يذكر عُثْمَان رض = ويتناوله فَقَالَ الْحسن رض = ألعثمان يَقُولُونَ لقد قتل عُثْمَان رَحمَه الله وَمَا على الأَرْض أفضل مِنْهُ وَمَا على الأَرْض من الْمُسلمين أعظم حرمه مِنْهُ فَقيل لَهُ قد كَانَ فيهم أَبوك فَقَالَ ذروني من أبي لقد قتل عُثْمَان يَوْم قتل وَمَا من رجل أعظم على الْمُسلمين حرمه مِنْهُ لولم يكن إِلَّا مَا رَأَيْت فِي مَنَامِي لكفاني فَإِنِّي رَأَيْت السَّمَاء أنشقت فَإِذا انا برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبُو بكر عَن يَمِينه وَعمر عَن يسَاره وَالسَّمَاء تمطر دَمًا فَقلت مَا هَذَا فَقيل هَذَا دم عُثْمَان قتل مَظْلُوما وروى الأجري بِإِسْنَادِهِ عَن أبي سعيد مولى أبي أسيد قَالَ سمع عُثْمَان رض = أَن وَفْدًا من أهل مصر قد أَقبلُوا فَخرج فَتَلقاهُمْ وَذكر قصَّة قَتله ثمَّ قَالَ دخل عَلَيْهِ رجل من بني سدوس يُقَال لَهُ الْمَوْت الْأسود فخنقه وخنقه ثمَّ خرج فَقَالَ مَا رَأَيْت أَلين من حلقه لقد خنقته حَتَّى نظرت إِلَى نَفسه تردد فِي جسده كَأَنَّهَا نفس جَان ثمَّ دخل عَلَيْهِ رجل وَفِي يَده السَّيْف وَقَالَ بيني وَبَيْنك كتاب الله عز وَجل فَضَربهُ ضَرْبَة فاتقاها بِيَدِهِ فقطعها لَا أَدْرِي أَبَانهَا أم لَا ثمَّ دخل عَلَيْهِ التجِيبِي فأشعره مشقصا فانتضح الدَّم على هَذِه الأية {فَسَيَكْفِيكَهُم الله وَهُوَ السَّمِيع الْعَلِيم} الْبَقَرَة 137 فَإِن رَأَيْتهَا لفي الْمُصحف حكت وَذكر الحَدِيث وروى الجورقاني فِي تَارِيخ قَالَ قَتله المحمدون مُحَمَّد بن أبي

فصل فيمن يشنأ عثمان رض

بكر وَمُحَمّد بن أبي حُذَيْفَة وَمُحَمّد بن عَمْرو بن حزم وَمُحَمّد بن عمار وَمُحَمّد بن حبيب بن نهشل وَولي قَتله كنَانَة بن بشر التجِيبِي 87 - فصل فِيمَن يشنأ عُثْمَان رض = روى مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الأجري بسناده عَن أبي الزبير عَن جَابر بن عبد الله عَن النَّبِي أَنه أَتَى بِجنَازَة رجل ليُصَلِّي عَلَيْهِ فَلم يصل عَلَيْهِ فَقَالُوا يَا رَسُول الله مَا رَأَيْنَاك تركت الصَّلَاة على أحد إِلَّا على هَذَا فَقَالَ أَنه كَانَ يبغض عُثْمَان أبغضه الله وروى ايضا بِإِسْنَادِهِ عَن هِلَال بن يسَار عَن حَيَّان بن غَالب قَالَ جَاءَ رجل إِلَى عيد بن زيد فَقَالَ أَنِّي أبغضت عُثْمَان بغضا لم أبغضه أحدا فَقَالَ بئس مَا صنعت اتبغض رجلا من أهل الْجنَّة وَذكر قصَّة حراء قَالَ مُحَمَّد بن الْحُسَيْن كفى شقوة لمن سبّ عُثْمَان من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام من سبّ أَصْحَابِي فَعَلَيهِ لعنة الله وَالْمَلَائِكَة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ وَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام الله الله فيأ أَصْحَابِي لَا تتخذوهم بعدِي غَرضا فَمن أحبهم فبحبي أحبهم وَمن أبْغضهُم فببغضى أبْغضهُم وَمن أذاهم فقد أذاني وَمن آذَانِي فقد آذَى الله عز وَجل وَمن آذَى الله فيوشك أَن يَأْخُذهُ وَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {لَا تسبوا أَصْحَابِي فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ لوأنفق أحدكُم مثل أحد ذَهَبا مَا أدْرك مد أحدهم وَلَا نصيفه} قَالَ وَالَّذِي يسب عُثْمَان رض = لَا يضر عُثْمَان وانما يضر نَفسه فان عُثْمَان رض قد شهد لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْجنَّةِ وَبِأَنَّهُ يقتل شَهِيدا

فصل

وَقد روى عَليّ بن أبي طَالب وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَجَمَاعَة من الصَّحَابَة رض = فِي غير حَدِيث أَن عُثْمَان رض من أهل الْجنَّة على رغم أنف كل مُنَافِق ذليل مهين فِي الدُّنْيَا والأخرة 8 - فصل وَقد اتَّخذت الرافضة الْيَوْم الَّذِي قتل فِيهِ عُثْمَان رض = عيدا وَقَالُوا هُوَ يَوْم عيد الغدير الَّذِي أخى النَّبِي فِيهِ بَين الصَّحَابَة وأخى بَين نَفسه وَبَين عَليّ رض = وَقَالُوا هُوَ الْيَوْم الَّذِي نزل فِيهِ قَوْله تَعَالَى {الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ وَأَتْمَمْت عَلَيْكُم نعمتي ورضيت لكم الْإِسْلَام دينا} المائده وَقَالُوا النَّفَقَة فِيهِ مخلوفة قلت وَلَيْسَ الْأَمر كَمَا زَعَمُوا فَإِن الْيَوْم الَّذِي أخى النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فِيهِ بَين الصَّحَابَة كَأَن حِين قدم الْمَدِينَة مُهَاجرا فِي صدر الأسلام فأخى بَين الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار ليؤلف بَينهم فيرتفقوا ويتحابوا وَأما يَوْم الغدير فانه كَانَ فِيمَا زَعَمُوا فِي حجَّة الْوَدَاع قبل مَوته فِي ذِي الْقعدَة سنة عشر من الْهِجْرَة فروى أَحْمد بأسناده أَن عليا رض = قَالَ فِي الرحبة وَهُوَ ينشد النَّاس من شهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم غَدِير خم وَهُوَ يَقُول من كنت مَوْلَاهُ فعلي مَوْلَاهُ فَشهد لَهُ رجال الْمَعْنى من كنت ناصره فعلي ناصره فلفظة الْمولى ترد على وُجُوه وَقيل كَانَ سَبَب فِي ذَلِك أَن أُسَامَة بن زيد قَالَ لعَلي رض = لست مولَايَ أَنما مولَايَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام من كنت مَوْلَاهُ فعلي مَوْلَاهُ وَأما الْيَوْم الَّذِي نزل فِيهِ قَوْله تَعَالَى {الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ وَأَتْمَمْت عَلَيْكُم نعمتي} فَهُوَ يَوْم عَرَفَة

فصل

فروى الْأَمَام أَحْمد فِي مُسْنده باسناده قَالَ جَاءَ جلّ من الْيَهُود إِلَى عمر رض = فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَنكُمْ تقرأون آيَة فِي كتابكُمْ لَو علينا معشر الْيَهُود نزلت لاتخذنا ذَلِك الْيَوْم عيدا قَالَ وَأي أَيَّة قَالَ قَوْله {الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ وَأَتْمَمْت عَلَيْكُم نعمتي} قَالَ فَقَالَ عمر رض = وَالله أَنِّي لأعْلم الْيَوْم الَّذِي نزلت فِيهِ على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والساعة الَّتِي نزلت فِيهَا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نزلت عَشِيَّة عَرَفَة فِي يَوْم الْجُمُعَة أَخْرجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ أما قَوْلهم النَّفَقَة فِيهِ مخلوفة فَلم يرد بذلك أثر انما الْمَأْثُور أَن النَّفَقَة مخلوفة فِي يَوْم عَاشُورَاء قَالَ أسْحَاق بن أبراهيم سَأَلت أَبَا عبد الله أَحْمد بن حَنْبَل رَحمَه الله قلت هَل سَمِعت فِي الحَدِيث أَنه من وسع على عِيَاله فِي يَوْم عَاشُورَاء وسع الله عَلَيْهِ سَائِر السّنة قَالَ نعم شَيْء رَوَاهُ سُفْيَان عَن جَعْفَر الْأَحْمَر عَن أبراهيم بن مُحَمَّد بن المبشر قَالَ سُفْيَان وَكَانَ من أفضل مَا روينَاهُ أَنه بلغه أَن من وسع على عِيَاله يَوْم عَاشُورَاء وسع الله عَلَيْهِ سَائِر السّنة قَالَ سُفْيَان بَين عُيَيْنَة قد جربناه مُنْذُ خمسين أَو سِتِّينَ سنة فَمَا رَأينَا الا خيرا 89 - فصل فان قيل لم كَانَ مصاب عُثْمَان رض = وَقَتله أعظم من مصاب عمر بن الْخطاب رض = وَقَتله وَهُوَ أفضل مِنْهُ وَلم كَانَ رزء الْحُسَيْن بن عَليّ رض = أعظم من رزء عَليّ رض = وَهُوَ خير مِنْهُ

فَالْجَوَاب عَن ذَلِك أَن قتل عُثْمَان رض كَانَ جَهرا عَن مَلأ وَجمع من النَّاس وطالت مُدَّة حصاره أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَقيل أَكثر من ذَلِك وَالَّذين قَتَلُوهُ كَانُوا مُسلمين حملهمْ الْهوى والحنق والحسد على أرتكاب الْفِعْل الْمحرم فِي الْبَلَد الْحَرَام فِي الشَّهْر الْحَرَام فَكَانَ أعظم وأشنع من قتل عمر رض = فَإِن قَتله كَانَ على يَد رجل وَاحِد قَتله غيلَة وَلم يكن من الْمُسلمين انما كَانَ يبطن الْكفْر وَالدَّلِيل على كفره قَول عمر رض = لما طعنه العلج يَا ابْن عَبَّاس انْظُر من قتلني فجال سَاعَة ثمَّ جَاءَ فَقَالَ غُلَام الْمُغيرَة قَالَ الْحَمد لله الَّذِي لم يَجْعَل منيتي بيد رجل يَدعِي الله الأسلام وَأَيْضًا فانه لما ظن العلج أَنه مَأْخُوذ نحر نَفسه وَقد قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قتل نَفسه بحديدة فَهُوَ يتوجأ بهَا فِي نَار جَهَنَّم وَمن قتل نَفسه بِسم فَهُوَ يتحساه فِي النَّار وَأما قتل الْحُسَيْن رض = فَإِنَّمَا كَانَ أعظم من قتل عَليّ رض = الأن قتل الْحُسَيْن رض = كَانَ أَيْضا جهارا عَن مَلأ وَتجمع وعصبية وَكَانَ على يَدي قوم يدعونَ الأسلام فَكَانَ أشنع وَلِهَذَا لما بلغ يزِيد بن مُعَاوِيَة قتل الْحُسَيْن رض = أنكرهُ وَلعن عبيد الله بن زِيَاد فروى الرَّسْعَنِي فِي مَقْتَله أَن عبيد الله بن زِيَاد بعث بحرم الْحُسَيْن رض = فِي حَالَة سَيِّئَة مَعَ شمر بن ذِي الجوشن وزحر بن قيس ومخفر بن ثَعْلَبَة وَمَعَهُمْ رَأس الْحُسَيْن رض = فَلَمَّا دخلُوا على يزِيد تكلم زحر بن قيس فَقَالَ أبشر يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ بِفَتْح الله وَنَصره ورد علينا الْحُسَيْن ابْن عَليّ رض = فِي ثَمَانِيَة عشر رجلا من أهل بَيته وَسِتِّينَ من شيعته فسرنا اليهم فسألناهم أَن يستسلموا أَو ينزلُوا على حكم الْأَمِير عبيد الله أَو الْقِتَال فَاخْتَارُوا الْقِتَال على الأستسلام فعدونا عَلَيْهِم مَعَ شروق الشَّمْس فأحطنا بهم من كل جَانب فَلَمَّا أخذت السيوف مِنْهُم مأخذها جعلُوا يهربون إِلَى غير وزر ويلوذون منا بالآكام والحفر كَمَا تلوذ الحمائم من الصقور فوَاللَّه مَا

باب ذكر أركم النبي عليه الصلاة والسلام لعثمان رض

كَانَ الا جزر أَو نومَة قَائِل حَتَّى أَتَيْنَا على آخِرهم فهاتيك أَجْسَادهم بالعراق مُجَرّدَة وخدودهم معفرة تصهرهم الشَّمْس وتسفي عَلَيْهِم الرّيح زوارهم العقبان والرخم بَقِي قرق سبسب لَا مكفنين وَلَا موسدين فَدَمَعَتْ عينا يزِيد وَقَالَ قد كنت أرْضى من طاعتكم بِدُونِ قتل الْحُسَيْن لعن الله ابْن سميَّة أما وَالله لَو أَنِّي صَاحبه ثمَّ لم أقدر على دفع الْقَتْل عَنهُ الا بِبَعْض عمري لأحببت أَن أدفَع عَنهُ وَأما قتل عَليّ رض = فانما كَانَ على يَد رجل من الْخَوَارِج مارق من دينه فاستحل قَتله فَكفر بذلك وَالدَّلِيل على انه قَتله لكفره لَا قصاصا أَنه كَانَ فِي وَرَثَة عَليّ رض = صغَار وكبار فَقتله وَلم ينْتَظر بُلُوغ الصغار لَو كَانَ قَتله قصاصا لانتظر بِهِ بُلُوغ الصغار وَلما جَازَ قَتله وَلِأَن عبد الرحمان أبن ملجم قتل عليا رض = غيلَة فَلم يكن مثل قتل الْحُسَيْن رض = 90 - بَاب ذكر أركم النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لعُثْمَان رض = روى ابْن عَبَّاس رض = عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ أَلا أستحيي مِمَّن تستحيي مِنْهُ الْمَلَائِكَة إِن الْمَلَائِكَة لتستحيي من عُثْمَان بن عَفَّان وروى الأجري باسناده عَن عَطاء وَسليمَان أبني يسَار وَأبي سَلمَة بن عبد الرحمان أَن عَائِشَة رض = قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مصطجعا كاشفا عَن سَاقيه فَاسْتَأْذن أَبُو بكر فَأذن لَهُ وَهُوَ على تِلْكَ الْحَالة فَتحدث ثمَّ أَسْتَأْذن عمر فَأذن لَهُ وَهُوَ كَذَلِك ثمَّ أَسْتَأْذن عُثْمَان فَجَلَسَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَسوى ثِيَابه فَتحدث فَلَمَّا خرج قَالَت عَائِشَة رض = يَا رَسُول الله دخل أَبُو بكر فَلم تباله ثمَّ دخل عمر فَم تباله ثمَّ دخل عُثْمَان فَجَلَست وسويت ثِيَابك فَقَالَ لَا أستحيي من رجل تستحيي مِنْهُ الْمَلَائِكَة وَلِهَذَا الحَدِيث طرق جمَاعَة

شفاعة عثمان رض يوم القيامة

قَالَ مُحَمَّد بن الْحُسَيْن وَقد رُوِيَ من غير وَجه عَن النَّبِي أَنه قَالَ أرْحم أمتِي بأمتي ابو بكر وَأَقْوَاهُمْ فِي دين الله عمر وأصدقهم حَيَاء عُثْمَان وأقضاهم عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ وَعَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لكل نَبِي رَفِيق فِي الْجنَّة ورفيقي فِيهَا عُثْمَان بن عَفَّان وَعَن عَطاء بن جَابر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لعُثْمَان رض = أَنْت وليي فِي الدُّنْيَا والأخرة وَعَن عبد الله بن شَقِيق عَن عبد الله بن حِوَالَة قَالَ قَالَ لنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تهجمون على رجل يُبَايع هُوَ معتجر بِبُرْدَةٍ حبرَة من أهل الْجنَّة فهجمنا على عُثْمَان رض = وَهُوَ معتجر بِبُرْدَةٍ يُبَايع النَّاس يَعْنِي البيع وَالشِّرَاء 91 - شَفَاعَة عُثْمَان رض = يَوْم الْقِيَامَة روى أَبُو بكر الأجري باسناده عَن عبد الرحمان بن ميسرَة قَالَ سَمِعت أَبَا أُمَامَة الْبَاهِلِيّ رض = يَقُول قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يدْخل الْجنَّة بشفاعة رجل من أمتِي مثل أحد الْحَيَّيْنِ ربيعَة وَمُضر قَالَ فَكَانَ المشيخة يرَوْنَ أَن ذَلِك الرجل هُوَ عُثْمَان بن عَفَّان رض = وَرُوِيَ أَيْضا بأسناده عَن أبي جَعْفَر عَن الْحسن قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يشفع عُثْمَان يَوْم الْقِيَامَة بِمثل ربيعَة وَمُضر وَعَن الْأَوْزَاعِيّ عَن حسان بن عَطِيَّة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غفر الله لَك يَا عُثْمَان مَا قدمت وَمَا أخرت وَمَا أسررت وَمَا أعلنت وَمَا أخفيت وَمَا أبديت وَمَا هُوَ كَائِن إِلَى يَوْم الْقِيَامَة

ذكر سخائه وكرمه رض

92 - ذكر سخائه وَكَرمه رض = روى الأجري فِي = كتاب الشَّرِيعَة باسناده عَن مَيْمُون بن مهْرَان عَن أبن عَبَّاس رض = عَنْهُمَا قَالَ قحط الْمَطَر على عهد أبي بكر الصّديق رض = فَاجْتمع النَّاس إِلَى أبي بكر رض = فَقَالُوا السَّمَاء لم تمطر وَالْأَرْض لم تنْبت وَالنَّاس فِي شدَّة شَدِيدَة فَقَالَ أَبُو بكر الصّديق رض = انصرفوا وأصبروا فانكم لَا تمسون حَتَّى يفرج الله الْكَرِيم عَنْكُم فَمَا لبثنا إِلَّا قَلِيلا أَن جَاءَ أجراء عُثْمَان رض = من الشَّام فَجَاءَتْهُ مائَة رَاحِلَة برا أَو قَالَ طَعَاما فَاجْتمع النَّاس إِلَى بَاب عُثْمَان رض = فقرعوا عَلَيْهِ الْبَاب فَخرج اليهم عُثْمَان رض = فِي ملأمن النَّاس فَقَالَ مَا تشاءون قَالُوا الزَّمَان قد قحط السَّمَاء لَا تمطر وَالْأَرْض لَا تنْبت وَالنَّاس فِي شدَّة شَدِيدَة وَقد بلغنَا أَن عنْدك طَعَاما فَبِعْنَاهُ حَتَّى نوسع على فُقَرَاء الْمُسلمين فَقَالَ عُثْمَان رض = حبا وكرامة ادخُلُوا فاشتروا فَدخل التُّجَّار فاذا الطَّعَام مَوْضُوع فِي دَار عُثْمَان رض = فَقَالَ رض = معشر التُّجَّار كم تربحوني على شرائي من الشَّام قَالُوا للعشرة أثنا عشر فَقَالَ عُثْمَان رض = قد زادوني قَالُوا للعشرة خَمْسَة عشر قَالَ عُثْمَان رض قد زادوني قَالَ التُّجَّار يَا أَبَا عمر مَا بَقِي فِي الْمَدِينَة تجار غَيرنَا فَمن الَّذِي زادك قَالَ زادني الله عز وَجل كل دِرْهَم عشرَة أعندكم زِيَادَة قَالُوا اللَّهُمَّ لَا قَالَ فَانِي أشهد الله إِنِّي قد جعلت هَذَا الطَّعَام صَدَقَة على فُقَرَاء الْمُسلمين قَالَ ابْن عَبَّاس رض = عَنْهُمَا فَرَأَيْت من لَيْلَتي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَعْنِي فِي الْمَنَام وَهُوَ على برذون أبلق عَلَيْهِ حلَّة من نور وَهُوَ مستعجل فَقلت يَا رَسُول الله قد أَشْتَدّ شوقي إِلَيْك وألى كلامك فَأَيْنَ تبادر فَقَالَ يَا أبن عَبَّاس أَن عُثْمَان بن عَفَّان تصدق بصدقه وَأَن الله عزوجل قد قبلهَا مِنْهُ وزوجه بهَا عروسا فِي الْجنَّة وَقد عينا إِلَى عرسه

أخر الْكتاب وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَالصَّلَاة وَالسَّلَام عَليّ خير خلقه وَمُحَمّد وعَلى اله وَأَصْحَابه وأزواجه وذرياته أَتْبَاعه وَسلم تَسْلِيمًا دَائِما كثيرا كثيرا وَفرغ من جمعه وتأليفه الْفَقِير إِلَى الله مُحَمَّد بن يحيى بن أبي بكر غفر الله لَهُ ولوالديه وَلِجَمِيعِ الْمُسلمين وَذَلِكَ فِي يَوْم الثُّلَاثَاء خَامِس عشر فِي الْقعدَة من سنة تسع وَتِسْعين وسِتمِائَة وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد النَّبِي واله وَسلم

§1/1