التمهيد في تخريج الفروع على الأصول

الإِسْنَوي

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم قَالَ الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم الْعَلامَة فريد دهره ووحيد عصره جمال الدّين أَبُو مُحَمَّد عبد الرَّحِيم بن الْحسن الْإِسْنَوِيّ امتع الله بِبَقَائِهِ الْمُسلمين الْحَمد لله مزيل أعذار الْمُكَلّفين بإرشاد الْعُقُول وتمهيد الْأُصُول مقيل عثار الْمُجْتَهد مِنْهُم فِيمَا يعْمل بِاجْتِهَادِهِ أَو يَقُول وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة تنيل قَائِلهَا أعظم سَوَّلَ وأبلغ مأمول وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله أكْرم نَبِي وأشرف رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَأَصْحَابه ذَوي السَّيْف المسلول وَالْفضل المبذول وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا وَبعد فَإِن أصُول الْفِقْه علم عظم نَفعه وَقدره وَعلا شرفه وفخره إِذْ هُوَ مثار الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة ومنار الْفَتَاوَى الفرعية الَّتِي بهَا صَلَاح الْمُكَلّفين معاشا ومعادا ثمَّ إِنَّه الْعُمْدَة فِي الِاجْتِهَاد وأهم مَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ من الْموَاد كَمَا نَص عَلَيْهِ الْعلمَاء وَوَصفه بِهِ الْأَئِمَّة الْفُضَلَاء وَقد أوضحه الإِمَام فِي الْمَحْصُول فَقَالَ

أما علم الْكَلَام فَلَيْسَ شرطا فِي الإجتهاد لعدم ارتباطه بِهِ وَكَذَلِكَ علم الْفِقْه لِأَنَّهُ نتيجته بل يشْتَرط فِيهِ أُمُور وَهُوَ أَن يعرف من الْكتاب وَالسّنة مَا يتَعَلَّق بِالْأَحْكَامِ وَيعرف الْمسَائِل الْمجمع عَلَيْهَا والمنسوخ مِنْهَا وَحَال الروَاة لِأَن الْجَهْل بِشَيْء من هَذِه الْأُمُور قد يُوقع الْمُجْتَهد فِي الْخَطَأ وَأَن يعرف اللُّغَة إفرادا وتركيبا لِأَن الْأَدِلَّة من الْكتاب وَالسّنة عَرَبِيَّة وشرائط الْقيَاس لِأَن الِاجْتِهَاد مُتَوَقف عَلَيْهِ وَكَيْفِيَّة النّظر وَهُوَ تَرْتِيب الْمُقدمَات فَأَما الْخَمْسَة الْأَوَائِل فَيَكْفِي فِيهَا أَن يكون عِنْده تصنيف مُعْتَمد فِي كل وَاحِد مِنْهَا يرجع إِلَيْهِ عِنْد حُدُوث الْوَاقِعَة فَإِذا رَاجع ذَلِك فَلم يجد فِيهَا غلب على ظَنّه نفي وجوده حَتَّى بَالغ الرَّافِعِيّ وَقَالَ إِنَّه يَكْفِي فِي علم السّنة أَن يكون عِنْده سنَن أبي دَاوُد وَالَّذِي قَالَه مُتَّجه فَإِن ظن الْعَدَم يحصل بِعَدَمِ وجوده فِيهِ وَالظَّن هُوَ الْمُكَلف بِهِ فِي الْفُرُوع وَبَالغ النَّوَوِيّ فِي الرَّد عَلَيْهِ فِي تمثيله بسنن أبي دَاوُد لتوهمه من كَلَامه خلاف مُرَاده وَأما اللُّغَة فَالْمُعْتَبر مِنْهَا معرفَة الْمُفْردَات

الْوَاقِعَة فِي الْكتاب وَالسّنة وَمَعْرِفَة فهم التراكيب من الفاعلية والمفعولية وَالْإِضَافَة وَنَحْو ذَلِك دون دقائق العلمين وَهَذَا الْمِقْدَار يسير جدا وَمَعَ ذَلِك فَالشَّرْط هُوَ الْقُدْرَة على الِاطِّلَاع عَلَيْهِ عِنْد الِاحْتِيَاج اليه لَا حفظه وترتيب الْمُقدمَات أَيْضا يسير وَأما شَرَائِط الْقيَاس وَهُوَ الْكَلَام فِي شَرَائِط الأَصْل وَالْفرع وشرائط الْعلَّة وأقسامها ومبطلاتها وَتَقْدِيم بَعْضهَا على بعض عِنْد التَّعَارُض فَهُوَ بَاب وَاسع تَتَفَاوَت فِيهِ الْعلمَاء تَفَاوتا كثيرا وَمِنْه يحصل الِاخْتِلَاف غَالِبا مَعَ كَونه بعض أصُول الْفِقْه فَثَبت بذلك مَا قَالَه الإِمَام أَن الرُّكْن الْأَعْظَم وَالْأَمر الأهم فِي الِاجْتِهَاد إِنَّمَا هُوَ علم أصُول الْفِقْه وَكَانَ إمامنا الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ هُوَ المبتكر لهَذَا الْعلم بِلَا نزاع وَأول من صنف فِيهِ بِالْإِجْمَاع وتصنيفه الْمَذْكُور فِيهِ مَوْجُود بِحَمْد الله تَعَالَى وَهُوَ الْكتاب الْجَلِيل الْمَشْهُور المسموع عَلَيْهِ الْمُتَّصِل إِسْنَاده الصَّحِيح إِلَى زَمَاننَا الْمَعْرُوف بالرسالة الَّذِي أرسل الإِمَام عبد الرَّحْمَن بن مهْدي من خُرَاسَان إِلَيّ الشَّافِعِي بِمصْر فصنفه لَهُ وتنافس فِي تَحْصِيله عُلَمَاء عصره على أَنه قد قيل إِن بعض من تقدم على الشَّافِعِي نقل عَنهُ إِلْمَام بِبَعْض مسَائِله فِي أثْنَاء كَلَامه على بعض الْفُرُوع وَجَوَاب عَن سُؤال سَائل لَا يسمن وَلَا يُغني من جوع وَهل يُعَارض مقَالَة قيلت فِي بعض الْمسَائِل بتصنيف مَوْجُود مسموع

مستوعب لأبواب الْعلم وَكنت قَدِيما قد اعتنيت بِهَذَا الْعلم وراجعت غَالب مصنفاته المبسوطة والمتوسطة والمختصره من زمن إمامنا المبتكر لَهُ وَإِلَى زَمَاننَا حَتَّى صنفت فِيهِ بِحَمْد الله تَعَالَى مَا اجْتمع فِيهِ من قَوَاعِد هَذَا الْعلم ومسائله ومقاصده ومذاهب أئمته مَا أَظن أَنه لم يجْتَمع فِي غَيره مَعَ صغر حجمه بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا اشْتَمَل عَلَيْهِ فَإِن تَطْوِيل مبسوطاته إِنَّمَا هُوَ بِذكر أَدِلَّة أَكْثَرهَا ضَعِيف وَأما مسَائِله ومقاصده فمحصورة مضبوطة ثمَّ إِنِّي استخرت الله تَعَالَى فِي تأليف كتاب يشْتَمل على غَالب مسَائِله وعَلى الْمَقْصُود مِنْهُ وَهُوَ كَيْفيَّة اسْتِخْرَاج الْفُرُوع مِنْهَا فأذكر أَولا الْمَسْأَلَة الْأُصُولِيَّة بِجَمِيعِ أطرافها منقحة مهذبة ملخصة ثمَّ اتبعها بِذكر شَيْء مِمَّا يتَفَرَّع عَلَيْهَا ليَكُون ذَلِك تَنْبِيها على مَا لم أذكرهُ وَالَّذِي أذكرهُ على أَقسَام فَمِنْهُ مَا يكون جَوَاب أَصْحَابنَا فِيهِ مُوَافقا للقاعدة وَمِنْه مَا يكون مُخَالفا لَهَا وَمِنْه مَا لم أَقف فِيهِ على نقل بِالْكُلِّيَّةِ فأذكر فِيهِ مَا تَقْتَضِيه قاعدتنا الْأُصُولِيَّة ملاحظا أَيْضا للقاعدة المذهبية والنظائر الفروعية وَحِينَئِذٍ يعرف النَّاظر فِي ذَلِك مَأْخَذ مَا نَص عَلَيْهِ أَصْحَابنَا وأصلوه وأجملوه

أَو فصلوه ويتنبه بِهِ على اسْتِخْرَاج مَا أهملوه وَيكون سِلَاحا وعدة للمفتين وعمدة للمدرسين خُصُوصا الْمَشْرُوط فِي حَقهم إِلْقَاء العلمين وَالْقِيَام بالوظيفتين فَإِن الْمَذْكُور جَامع لذَلِك واف بِمَا هُنَالك لَا سِيمَا أَن الْفُرُوع الْمشَار إِلَيْهَا مهمة مَقْصُودَة فِي نَفسهَا بِالنّظرِ وَكثير مِنْهَا قد ظَفرت بِهِ فِي كتب غَرِيبَة أَو عثرت بِهِ فِي غير مظنته أَو استخرجته أَنا وَصورته وكل ذَلِك ستراه مُبينًا إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَقد مهدت بكتابي هَذَا طَرِيق التَّخْرِيج لكل ذِي مَذْهَب وَفتحت بِهِ بَاب التَّفْرِيع لكل ذِي مطلب فلتستحضر أَرْبَاب الْمذَاهب قواعدها الْأُصُولِيَّة وتفاريعها ثمَّ تسلك مَا سلكته فَيحصل بِهِ إِن شَاءَ الله تَعَالَى لجميعهم التمرن على تَحْرِير الْأَدِلَّة وتهذيبها والتبين لمأخذ تضعيفها وتصويبها ويتهيأ لأكْثر المستعدين الملازمين للنَّظَر فِيهِ نِهَايَة الأرب وَغَايَة الطّلب وَهُوَ تمهيد الْوُصُول إِلَى مقَام اسْتِخْرَاج الْفُرُوع من قَوَاعِد الْأُصُول والتعريج إِلَى ارتقاء مقَام ذَوي التَّخْرِيج حقق الله تَعَالَى ذَلِك بمنه وَكَرمه فَلذَلِك سميته بالتمهيد وَالله المسؤول أَن ينفع بِهِ مُؤَلفه وكاتبه والناظر فِيهِ وَجَمِيع الْمُسلمين بمنه وَكَرمه ثمَّ شرعت فِي أثْنَاء ذَلِك فِي كتاب آخر على هَذَا الأسلوب بِالنِّسْبَةِ إِلَى علم الْعَرَبيَّة مُسَمّى بالكوكب الدُّرِّي ليقوى بِهِ الاستمداد والتدريج وَيتم بِهِ الاستعداد للتخريج أعَان الله تَعَالَى على ذَلِك كُله بحوله وقوته لارب غَيره وَلَا مرجو سواهُ وَهُوَ حَسبنَا وَنعم الْوَكِيل

مسألة

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب الحكم الشَّرْعِيّ وأقسامه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَسْأَلَة 1 الحكم الشَّرْعِيّ خطاب الله تَعَالَى الْمُتَعَلّق بِأَفْعَال الْمُكَلّفين بالاقتضاء أَو التَّخْيِير وَزَاد ابْن الْحَاجِب فِيهِ أَو الْوَضع ليدْخل جعل الشَّيْء سَببا أَو شرطا أَو مَانِعا كجعل الله تَعَالَى زَوَال الشَّمْس مُوجبا لِلظهْرِ وَجعله الطَّهَارَة شرطا لصِحَّة الصَّلَاة والنجاسة مَانِعَة من صِحَّتهَا فَإِن الْجعل الْمَذْكُور حكم شَرْعِي لأَنا إِنَّمَا استفدناه من الشَّارِع وَلَيْسَ فِيهِ طلب وَلَا تَخْيِير لِأَنَّهُ لَيْسَ من أفعالنا حَتَّى يطْلب منا أَو نخير فِيهِ والأولون تكلفوا فِي إِدْخَال هَذِه الْأَشْيَاء فِي الْحَد

إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع كَون الحكم الشَّرْعِيّ لَا بُد من تعلقه بالمكلفين 1 ان وطىء الشُّبْهَة الْقَائِمَة بالفاعل وَهُوَ مَا إِذا وطىء أَجْنَبِيَّة على ظن أَنَّهَا زَوجته مثلا هَل يُوصف وَطْؤُهُ بِالْحلِّ أَو الْحُرْمَة وَإِن انْتَفَى عَنهُ الْإِثْم أَو لَا يُوصف بِشَيْء مِنْهَا فِيهِ ثَلَاثَة أوجه أَصَحهَا الثَّالِث وَبِه أجَاب النَّوَوِيّ فِي كتاب النِّكَاح من فَتَاوِيهِ لِأَن الْحل وَالْحُرْمَة من الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة وَالْحكم الشَّرْعِيّ هُوَ الْخطاب الْمُتَعَلّق بِأَفْعَال الْمُكَلّفين والساهي والمخطىء وَنَحْوهمَا لَيْسُوا مكلفين وَجزم فِي الْمُهَذّب بِالْحُرْمَةِ وَقَالَ بِهِ جمَاعَة كَثِيرَة من أَصْحَابنَا وَالْخلاف يجْرِي فِي قتل الْخَطَأ وَفِي أكل الْمُضْطَر للميتة وَمن أطلق عَلَيْهِ التَّحْرِيم أَو الْإِبَاحَة لم يُقيد التَّعَلُّق بالمكلفين بل بالعباد ليدْخل فِيهِ أَيْضا صِحَة صَلَاة الصَّبِي وَغَيرهَا من الْعِبَادَات وَوُجُوب الغرامة بإتلافه وَإِتْلَاف الْمَجْنُون والبهيمة والساهي وَنَحْو ذَلِك مِمَّا ينْدَرج فِي خطاب الْوَضع كَمَا سَيَأْتِي إيضاحه فِي أَوَاخِر هَذِه الْمُقدمَة

مسألة

مَسْأَلَة 2 الْفِقْه الْعلم بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّة العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية واحترزنا بِالْأَحْكَامِ عَن الْعلم بالذوات كزيد وبالصفات كسواده وبالأفعال كقيامه وَعبر الْآمِدِيّ بقوله هُوَ الْعلم بجملة غالبة من الْأَحْكَام وَهُوَ تَعْبِير حسن فَإِن ظَاهر إِطْلَاق الْجمع الْمحلى بأل عُمُوم الْعلم بِكُل فَرد وَذَلِكَ لَا يتَصَوَّر فِي أحد من الْمُجْتَهدين وَلَا غَيرهم واحترزنا بالشرعية عَن الْعَقْلِيَّة كالحسابيات والهندسة وَعَن اللُّغَوِيَّة كرفع الْفَاعِل وَكَذَلِكَ نِسْبَة الشَّيْء إِلَى غَيره إِيجَابا كقام زيد أَو سلبا نَحْو لم يقم واحترزنا بالعملية عَن العلمية وَهِي أصُول الدّين فَإِن الْمَقْصُود مِنْهَا هُوَ الْعلم الْمُجَرّد أَي الِاعْتِقَاد الْمسند إِلَى الدَّلِيل وبالمكتسب عَن علم الله تَعَالَى والمكتسب مَرْفُوع على الصّفة للْعلم

وبقولنا من أدلتها عَن علم الْمَلَائِكَة وَعلم الرَّسُول الْحَاصِل بِالْوَحْي فَإِن ذَلِك كُله لَا يُسمى فقها بل علما وبقولنا التفصيلية عَن الْعلم الْحَاصِل للمقلد فِي الْمسَائِل الْفِقْهِيَّة فَإِنَّهُ لَا يُسمى فقها بل تقليدا لِأَنَّهُ أَخذه من دَلِيل إجمالي مطرد فِي كل مَسْأَلَة وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إِذا علم أَن هَذَا الحكم الْمعِين قد أفتى بِهِ الْمُفْتِي وَعلم أَن كل مَا أفتاه بِهِ فَهُوَ حكم الله تَعَالَى فِي حَقه فَيعلم بِالضَّرُورَةِ أَن ذَلِك الْمعِين حكم الله تَعَالَى فِي حَقه وَيفْعل هَكَذَا فِي كل حكم وَمَا ذَكرْنَاهُ حدا وشرحا هُوَ أقرب إِلَى الصَّوَاب من غَيره وَإِن كَانَ فِيهِ أُمُور ذكرتها فِي الشَّرْح وَقد أوردوا على هَذَا الْحَد أَن غَالب الْفِقْه مظنون لكَونه مَبْنِيا على العمومات وأخبار الْآحَاد والأقيسة وَغَيرهَا من المظنونات فَكيف يعبرون عَنهُ بِالْعلمِ وَأَجَابُوا بِأَنَّهُ لما كَانَ المظنون يجب الْعَمَل بِهِ كَمَا فِي الْمَقْطُوع رَجَعَ إِلَى الْعلم بالتقرير السَّابِق إِذا علمت ذَلِك فَالَّذِي ذَكرُوهُ فِي ضَابِط الْفِقْه يتَفَرَّع عَلَيْهِ مسَائِل كَثِيرَة كالأوقاف والوصايا والأيمان وَالنُّذُور والتعليقات وَغَيرهَا فَنَقُول مثلا

إِذا وقف على الْفُقَهَاء فَقَالَ القَاضِي حُسَيْن فِي الْوَقْف من إِحْدَى تعليقتيه صرف إِلَى من يعرف من كل علم شَيْئا فَأَما من تفقه شهرا أَو شَهْرَيْن فَلَا وَلَو وقف على المتفقهة صرف إِلَى من تفقه يَوْمًا مثلا لِأَن الِاسْم صَادِق عَلَيْهِ وَقَالَ فِي التعليقة الْأُخْرَى يعْطى لمن حصل من الْفِقْه شَيْئا يَهْتَدِي بِهِ إِلَى الْبَاقِي قَالَ وَيعرف بِالْعَادَةِ وَقَالَ فِي التَّهْذِيب فِي الْوَصِيَّة إِنَّه يصرف لمن حصل من كل نوع وَكَأن هَذَا هُوَ مُرَاد القَاضِي بقوله من كل علم وَقَالَ فِي التَّتِمَّة فِي بَاب الْوَصِيَّة إِنَّه يرجع فِيهِ إِلَى الْعَادة وَعبر فِي كتاب الْوَقْف بقوله إِلَى من حصل طرفا وَإِن لم يكن متبحرا فقد رُوِيَ أَن من حفظ أَرْبَعِينَ حَدِيثا يعد فَقِيها

وَقَالَ الْغَزالِيّ فِي الْإِحْيَاء يدْخل الْفَاضِل فِي الْفِقْه وَلَا يدْخل الْمُبْتَدِي من شهر وَنَحْوه والمتوسط بَينهمَا دَرَجَات يجْتَهد الْمُفْتِي فِيهَا والورع لهَذَا الْمُتَوَسّط ترك الْأَخْذ انْتهى وَمَا ذكره الْغَزالِيّ قد نَقله عَنهُ النَّوَوِيّ فِي كتاب البيع من شرح الْمُهَذّب وَأقرهُ وغالب الْكتب المطولة كالحاوي وَالْبَحْر وتعليقة االقاضي أبي الطّيب وَغَيرهَا لَيْسَ فِيهَا تعرض لهَذِهِ الْمَسْأَلَة إِذا علمت ذَلِك فقد وَقع هُنَا للرافعي شَيْء عَجِيب تبعه عَلَيْهِ النَّوَوِيّ فِي الرَّوْضَة وَنَقله عَنهُ ايضا ابْن الرّفْعَة ساكتا عَلَيْهِ

فَقَالَ فِي بَاب الْوَقْف وَيصِح الْوَقْف على المتفقهة وهم المشتغلون بتحصيل الْفِقْه مبتديهم ومنتهيهم وعَلى الْفُقَهَاء وَيدخل فِيهِ من حصل مِنْهُ شَيْئا وَإِن قل هَذَا كَلَامه وَمَا ذكره فِي دُخُول مُحَصل الشَّيْء إِن قل فِي مُسَمّى الْفَقِيه حَتَّى يسْتَحق من حصل الْمَسْأَلَة الْوَاحِدَة مُخَالف لجَمِيع مَا سبق وَلَا أعلم أحدا ذكره وكما أَنه مُخَالف للمنقول فِي الْمَذْهَب فَهُوَ مُخَالف للقاعدة النحوية لِأَن الْفُقَهَاء جمع فَقِيه وفقيه اسْم فَاعل من فقه بِضَم الْقَاف إِذا صَار الْفِقْه لَهُ سجية وَأما الْمَكْسُورَة فَمَعْنَاه فهم والمفتوح مَعْنَاهُ أَنه سبق غَيره إِلَى الْفَهم على قَاعِدَة أَفعَال المغالبة وَقِيَاس اسْم فاعلهما فَاعل وَهُوَ فاقه وَقد أعَاد الرَّافِعِيّ الْمَسْأَلَة فِي بَاب الْوَصِيَّة وَزَاد شَيْئا آخر رددنا بعضه عَلَيْهِ أَيْضا فِي كتاب الْمُهِمَّات فليطلب مِنْهُ وَاعْلَم أَن الظَّاهِرِيَّة لَا يسْتَحقُّونَ مِمَّا هُوَ مرصد باسم الْفُقَهَاء

شَيْئا كَذَا نَقله ابْن الصّلاح فِي فَوَائِد رحلته عَن ابْن سُرَيج وَأجَاب بِهِ جمَاعَة من اصحابنا وَقد انْتهى الْكَلَام على هَذِه الْمَسْأَلَة وَأما وجوب الْعَمَل فِي الْفُرُوع بالمظنون فيتفرع عَلَيْهِ فروع كَثِيرَة بَعْضهَا مُوَافق للقاعدة كظن طَهَارَة المَاء وَالثَّوْب فِي الِاجْتِهَاد وَكَذَا اسْتِقْبَال الْقبْلَة وَدخُول وَقت الصَّلَاة وَالصَّوْم وَغير ذَلِك وَمِنْهَا إِذا جومعت الْمَرْأَة وأنزلت ثمَّ خرج مِنْهَا مَاء الرجل بعد غسلهَا فَإِن الْغسْل يجب عَلَيْهَا لِأَن الظَّاهِر اخْتِلَاط الماءين فَيخرج مِنْهَا مَاؤُهَا أَيْضا كَذَا ذكره الرَّافِعِيّ حكما وتعليلا وَمن الْفُرُوع الْمُخَالفَة مَا إِذا قَالَ لَهُ عَليّ ألف فِي علمي أَو فِي ظَنِّي لزمَه فِي الأول دون الثَّانِي كَذَا جزم بِهِ الرَّافِعِيّ فِي الْبَاب الاول من ابواب الْإِقْرَار فَلَو قَالَ فِي رَأْيِي فَجَوَابه يعلم مِمَّا أذكرهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي أول

الِاشْتِرَاك فَرَاجعه وَمِنْهَا إِذا تَيَقّن الطَّهَارَة وَظن الحَدِيث فَإنَّا لَا نَأْخُذ بِالظَّنِّ الْمَذْكُور بل يستصحب يَقِين الطَّهَارَة بِخِلَاف عَكسه وَهُوَ مَا إِذا تَيَقّن الْحَدث وَظن الطَّهَارَة فَإِنَّهُ يَأْخُذ بِالطَّهَارَةِ المظنونة لرجحانها فَإِن اسْتَوَى الطرفان وَهُوَ الشَّك لم نَأْخُذ بِهِ كَذَا جزم بِهِ الرَّافِعِيّ فِي الشَّرْح الْكَبِير وَمَا ذكره فِي الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة قد تبعه عَلَيْهِ صَاحب الْحَاوِي الصَّغِير وَمُقْتَضى كَلَام الْأَصْحَاب أَنه لَا يُؤْخَذ بِالظَّنِّ وَأَنه لَا فرق بَين التَّسَاوِي والرجحان وَبِه صرح النَّوَوِيّ فِي الدقائق وَنَقله فِي الذَّخَائِر عَن الْأَصْحَاب فَقَالَ قَالَ أَصْحَابنَا يُؤْخَذ فِي الطَّرفَيْنِ بِالْيَقِينِ لَا بِالظَّنِّ ثمَّ قَالَ وَيحْتَمل عِنْدِي تخريجهما على الْقَوْلَيْنِ فِي تعَارض الأَصْل وَالظَّاهِر

وَلأَجل ذَلِك قَالَ ابْن الرّفْعَة فِي الْكِفَايَة إِن مَا قَالَه الرَّافِعِيّ لم نره لغيره وَاعْلَم أَن صَاحب الشَّامِل وَغَيره قد قَالُوا إِنَّمَا قُلْنَا ينْتَقض الْوضُوء بِالنَّوْمِ مُضْطَجعا لِأَن الظَّاهِر خُرُوج الْحَدث وَحِينَئِذٍ يصدق أَن يُقَال رفعنَا يَقِين الطَّهَارَة بطن الْحَدث لَا بِالْعَكْسِ وَهَذَا عكس مَا يَقُول الرَّافِعِيّ وَسبب الْفرق أَن الصَّلَاة فِي ذمَّته بِيَقِين فَتَأمل مَا ذكرته نقلا واستدلالا فَإِنَّهُ مُهِمّ وَذكر أَيْضا نَحوه الْبَغَوِيّ فِي التَّهْذِيب فَقَالَ إِذا تَيَقّن الطَّهَارَة وتيقن أَنه رَأْي رُؤْيا بعْدهَا وَلَا يذكر هَل كَانَ مُضْطَجعا أم لَا فَعَلَيهِ الْوضُوء وَلَا يحمل على النّوم قَاعِدا لِأَنَّهُ خلاف الْمُعْتَاد هَذَا كَلَامه وَلَا شكّ أَن الرَّافِعِيّ قصد مَا ذكره ابْن الصّباغ وَالْبَغوِيّ فانعكس عَلَيْهِ وَيُؤَيِّدهُ أَيْضا مَا سبق نَقله عَن الرَّافِعِيّ فِي خُرُوج مَاء الْمَرْأَة بعد إنزالها واغتسالها وَقد حذف النَّوَوِيّ هَذِه الْمَسْأَلَة من الرَّوْضَة وَكَانَ الصَّوَاب ذكرهَا والتنبيه على مَا فِيهَا

مسألة

مَسْأَلَة 3 الْفَرْض وَالْوَاجِب عندنَا مُتَرَادِفَانِ وَقَالَت الْحَنَفِيَّة إنَّهُمَا متباينان فَقَالُوا إِن ثَبت التَّكْلِيف بِدَلِيل قَطْعِيّ بِالْكتاب وَالسّنة المتواترة فَهُوَ الْفَرْض كالصلوات الْخمس وَإِن ثَبت بِدَلِيل ظَنِّي كَخَبَر الْوَاحِد وَالْقِيَاس المظنون فَهُوَ الْوَاجِب ومثلوه بالوتر على قاعدتهم فَإِن ادعوا أَن التَّفْرِقَة شَرْعِيَّة أَو لغوية فَلَيْسَ فِي اللُّغَة وَلَا فِي الشَّرْع مَا يَقْتَضِيهِ وَإِن كَانَت اصطلاحية فَلَا مشاحة فِي الِاصْطِلَاح إِذا علمت ذَلِك فَمن الْفُرُوع الْمُخَالفَة لهَذِهِ الْقَاعِدَة 1 - أَنه إِذا قَالَ الطَّلَاق لَازم لي أَو وَاجِب عَليّ طلقت زَوجته للْعُرْف بِخِلَاف مَا إِذا قَالَ فرض عَليّ لعدم الْعرف فِيهِ كَذَا ذكره الرَّافِعِيّ فِي كتاب الطَّلَاق عَن زيادات الْعَبَّادِيّ وَنقل عَن البوشنجي أَن الْجَمِيع كنايات ثمَّ نقل عَن الْأَكْثَرين أَن قَوْله طَلَاقك لَازم لي صَرِيح

مسألة

مَسْأَلَة 4 والبطلان وَالْفساد عندنَا مُتَرَادِفَانِ فَنَقُول مثلا بطلت الصَّلَاة وفسدت وَقَالَ أَبُو حنيفَة إنَّهُمَا متباينان فالباطل عِنْده مالم يشرع بِالْكُلِّيَّةِ كَبيع مَا فِي بطُون الْأُمَّهَات وَالْفَاسِد مَا يشرع أَصله وَلَكِن امْتنع لاشْتِمَاله على وصف كالربا إِذا علمت ذَلِك فقد ذكر أَصْحَابنَا فروعا مُخَالفَة لهَذِهِ الْقَاعِدَة فرقوا فِيهَا بَين الْفَاسِد وَالْبَاطِل وَقد حصرها النَّوَوِيّ فِي تصنيفه الْمُسَمّى بالدقائق فِي أَرْبَعَة وَهُوَ الْحَج وَالْعَارِية وَالْكِتَابَة وَالْخلْع وَلم يذكر صورها فَأَما تَصْوِير الْكِتَابَة وَالْخلْع فَوَاضِح فَإِن الْبَاطِل مِنْهُم مَا كَانَ على عوض غير مَقْصُود كَالدَّمِ أَو رَجَعَ إِلَى خلل فِي الْعَاقِد كالصغر والسفه وَالْفَاسِد خِلَافه وَحكم الْبَاطِل أَنه لَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ مَال وَالْفَاسِد يَتَرَتَّب عَلَيْهِ الْعتْق وَالطَّلَاق وَيرجع الزَّوْج وَالسَّيِّد بِالْقيمَةِ وَأما الْحَج فَيبْطل بِالرّدَّةِ وَيفْسد بِالْجِمَاعِ وَحكم الْبَاطِل أَنه لَا يجب الْمُضِيّ فِيهِ بِخِلَاف الْفَاسِد هَذَا صُورَة طريان الْفساد وَأما الْفَاسِد ابْتِدَاء فصورته إِذا أحرم بِالْعُمْرَةِ ثمَّ جَامع

وَأدْخل عَلَيْهِ الْحَج فَإِن الْأَصَح أَنه ينْعَقد فَاسِدا وَقيل صَحِيحا ثمَّ يفْسد وَقيل بل صَحِيحا وتستمر صِحَّته وَقيل لَا ينْعَقد بِالْكُلِّيَّةِ وَأما إِذا أحرم مجامعا فَإِن الْأَصَح عِنْد الرَّافِعِيّ أَنه ينْعَقد أَيْضا فَاسِدا كَذَا قَالَه فِي بَاب مَوَاقِيت الْحَج قبيل الْكَلَام على الْمِيقَات المكاني وَلَكِن حذفه من الرَّوْضَة وَقد ذكره الرَّافِعِيّ فِي مَوْضِعه وَهُوَ بَاب مُحرمَات الْإِحْرَام وَلم يصحح شَيْئا وَصحح النَّوَوِيّ من زوائده عدم الِانْعِقَاد واما الْعَارِية فقد صورها الْغَزالِيّ فِي الْوَسِيط فِي بَاب الْعَارِية فَإِنَّهُ حكى الْخلاف فِي صِحَة إِعَارَة الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير ثمَّ قَالَ بعد ذَلِك مَا نَصه فَإِن أبطلناها فَفِي طَريقَة الْعرَاق أَنَّهَا مَضْمُونَة لِأَنَّهَا إِعَارَة فَاسِدَة وَفِي طَرِيق المراوزة أَنَّهَا غير مَضْمُونَة لِأَنَّهَا غير قَابِلَة للإعارة فَهِيَ بَاطِلَة وَمَا ذكره النَّوَوِيّ من حصر التَّفْرِقَة فِي الْأَرْبَعَة مَمْنُوع بل يتَصَوَّر أَيْضا الْفرق فِي كل عقد صَحِيح غير مَضْمُون كَالْإِجَارَةِ وَالْهِبَة وَغَيرهمَا فَإِنَّهُ لَو صدر من سَفِيه أَو صبي وَتَلفت الْعين فِي يَده المسأجر والمتهب وَجب الضَّمَان وَلَو كَانَ فَاسِدا لم يجب ضَمَانهَا كَمَا صرح هُوَ بِهِ فِي بَاب الْإِجَارَة وَبَاب الْهِبَة لِأَن فَاسد كل عقد كصحيحه فِي الضَّمَان وَعَدَمه فَإِن قلت بل هَذَا العقد فَاسد وَلَا أسلم فِيهِ التَّفْرِقَة قلت فَيلْزم فَسَاد هَذِه الْقَاعِدَة الْمَشْهُورَة لَا سِيمَا وَعقد السَّفِيه هُنَا كعقده للكتابة وَقد جعلوها بَاطِلَة

مسألة

ثمَّ إِن أَصْحَابنَا قد ذكرُوا فِي البيع أَيْضا هَذِه التَّفْرِقَة وَقد تعرض لَهُ النَّوَوِيّ فِي البيع من شرح الْمُهَذّب فِي بَاب مَا يفْسد البيع من الشَّرْط فَإِنَّهُ ذكر أَن البيع الْفَاسِد يملك عِنْد أبي حنيفَة حَتَّى إِذا وطىء فِيهِ فَلَا حد ثمَّ قَالَ هَذَا إِذا اشْتَرَاهُ بِشَرْط فَاسد أَو خمر أَو خِنْزِير فَإِن اشْتَرَاهُ بميتة أَو دم أَو عذرة أَو نَحْو ذَلِك مِمَّا لَيْسَ هُوَ مَالا عِنْد اُحْدُ من النَّاس لم يملكهُ أصلا هَذَا كَلَامه وَاعْلَم أَن هَذِه التَّفْرِقَة يتَّجه مَجِيء مثلهَا فِي تَفْرِيق الصَّفْقَة حَتَّى إِذا أجَاز فَلَا يُجِيز إِلَّا بِجَمِيعِ الثّمن فِي الدَّم وَنَحْوه مَسْأَلَة 5 ذهب الْجُمْهُور إِلَى أَن الْمُبَاح حسن وَقَالَ بعض الْمُعْتَزلَة لَيْسَ بِحسن وَلَا قَبِيح وَالْخلاف نَشأ من تفسيرهم للأفعال فالأشاعرة قَالُوا الْفِعْل إِن نهى الشَّارِع عَنهُ كَانَ قبيحا محرما كَانَ اَوْ مَكْرُوها

وَإِن لم ينْه عَنهُ كَانَ حسنا سَوَاء أَمر بِهِ كالواجب وَالْمَنْدُوب أم لَا كالمباح وَقَالَ جُمْهُور الْمُعْتَزلَة مَا لَيْسَ لَهُ ان يَفْعَله فَهُوَ الْقَبِيح وَإِلَّا فَهُوَ الْحق فانتظم من الحدين أَن الْمُبَاح حسن عِنْدهم وَإِن اخْتلفَا فِي الْمَكْرُوه وَقَالَ بعض الْمُعْتَزلَة إِن اشْتَمَل الْفِعْل على صفة توجب الذَّم وَهُوَ الْحَرَام فقبيح أَو على صفة توجب الْمَدْح كالواجب وَالْمَنْدُوب فَحسن وَمَا لم يشْتَمل على احدهما كالمكروه والمباح فَلَيْسَ بِحسن وَلَا قَبِيح فتلخص أَن قَائِل هَذَا مُخَالف لمن تقدم فِي دُخُول الْمُبَاح وَكَذَلِكَ فِي الْمَكْرُوه أَيْضا وَفَائِدَة الْخلاف فِيمَا إِذا قطع يَد الْجَانِي قصاصا فَمَاتَ فَإِنَّهُ لَا ضَمَان فِيهِ عندنَا لقَوْله تَعَالَى {مَا على الْمُحْسِنِينَ من سَبِيل} والمحسن من أَتَى بالْحسنِ فيندرج فِي الْآيَة عِنْد من قَالَ بِأَنَّهُ حسن وَقَالَ أَبُو حنيفَة يضمن وَكَذَلِكَ يَأْتِي هَذَا الْعَمَل فِي كل مَوضِع كَانَ الْقصاص مَكْرُوها

مسألة

مَسْأَلَة 6 الْعِبَادَة إِن وَقعت فِي وَقتهَا الْمعِين لَهَا أَولا شرعا وَلم تسبق بِأُخْرَى على نوع من الْخلَل كَانَت أَدَاء وَإِن سبقت بذلك كَانَت إِعَادَة وَإِن وَقعت بعد الْوَقْت الْمَذْكُور كَانَت قَضَاء واحترزنا بقولنَا فِي الْأَدَاء أَولا عَن قَضَاء رَمَضَان فَإِنَّهُ مُؤَقّت بِمَا قبل رَمَضَان الَّذِي بعده وَمَعَ ذَلِك هُوَ قَضَاء لِأَنَّهُ تَوْقِيت ثَان لَا تَوْقِيت أول إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا إِذا احرم بِالْحَجِّ ثمَّ أفْسدهُ فَإِن المأتي بِهِ بعد ذَلِك يكون قَضَاء كَمَا صرح بِهِ الْأَصْحَاب وَسَببه أَنه بِمُجَرَّد إِحْرَامه يضيق عَلَيْهِ الْإِتْيَان بِهِ فِي ذَلِك الْعَام اتِّفَاقًا وَلِهَذَا لَا يجوز لَهُ ابقاؤه على إِحْرَامه إِلَى عَام آخر 2 - وَمِنْهَا إِذا أحرم بِالصَّلَاةِ فِي وَقتهَا ثمَّ أفسدها وأتى بهَا ثَانِيًا فِي الْوَقْت فَإِنَّهُ يكون أَيْضا قَضَاء كَذَا صرح بِهِ القَاضِي الْحُسَيْن فِي تَعْلِيقه وَالْمُتوَلِّيّ فِي التَّتِمَّة وَالرُّويَانِيّ فِي الْبَحْر كلهم

مسألة

فِي صفة الصَّلَاة فِي الْكَلَام على النِّيَّة وَسَببه أَن وَقت الْإِحْرَام بهَا قد فَاتَ وَالدَّلِيل عَلَيْهِ أَنه لَو أَرَادَ الْخُرُوج مِنْهَا لم يجز على الْمَعْرُوف وَخَالفهُم الشَّيْخ أَبُو اسحق الشِّيرَازِيّ فَجزم بِأَنَّهَا تكون أَدَاء ذكر ذَلِك فِي كتاب اللمع لَهُ وَهُوَ من تصانيفه فِي أصُول الْفِقْه وَقِيَاس الأول أَن ذَلِك لَو وَقع فِي الْجُمُعَة لامتنع استئنافها لِأَن الْجُمُعَة لَا تقضى وَأَنه لَو وَقع ذَلِك فِي الصَّلَاة الْمَقْصُورَة لامتنع قصرهَا إِذا منعنَا قصر الْفَوَائِت مَسْأَلَة 7 إِذا ظن الْمُكَلف أَنه لَا يعِيش إِلَى آخر وَقت الْعِبَادَة الموسعة تضيقت الْعِبَادَة عَلَيْهِ وَلَا يجوز إخْرَاجهَا عَن الْوَقْت الَّذِي غلب على ظَنّه أَنه لَا يبْقى بعده لِأَن التَّكْلِيف فِي الْفُرُوع دائر مَعَ الظَّن وَقد استفدنا من هَذَا التَّعْلِيل أَن ذكر الْمَوْت وَقع على سَبِيل الْمِثَال وَأَن الضَّابِط فِي ذَلِك هُوَ ظن الْإِخْرَاج عَن وقته بِأَيّ سَبَب كَانَ إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - ان تعتاد الْمَرْأَة طرُو الْحيض عَلَيْهَا فِي أثْنَاء الْوَقْت من يَوْم معِين فَإِن الْفَرْض يتضيق عَلَيْهَا أَيْضا كَمَا نبه عَلَيْهِ إِمَام الْحَرَمَيْنِ فِي الْكَلَام

مسألة

على مبادرة الْمُسْتَحَاضَة مَسْأَلَة 8 إِذا لم يُبَادر الْمُكَلف فِي الْمَسْأَلَة السَّابِقَة وَبَان لَهُ خطأ ظَنّه بِأَن عَاشَ فَفعل بعد الْوَقْت الَّذِي ظَنّه فَقَالَ القَاضِي أَبُو بكر قَضَاء اعْتِبَارا بظنه الْمُقْتَضِي للتضييق وَقَالَ الْغَزالِيّ يكون أَدَاء لِأَن ظَنّه قد بَان لَهُ أَنه خطأ وَيتَخَرَّج على الْقَاعِدَة فروع أَحدهَا إِذا بَاعَ مَال أَبِيه مثلا على ظن أَنه حَيّ فَبَان مَيتا فَفِيهِ قَولَانِ مدركهما مَا ذَكرْنَاهُ وَالْقَوْلَان يجريان كَمَا قَالَ الرَّافِعِيّ فِيمَا إِذا زوج أمة أَبِيه أَو بَاعَ العَبْد على أَنه آبق أَو مكَاتب فَبَان رَاجعا أَو فاسخا للكتابة

الثَّانِي إِذا بَاعَ شَيْئا وَهُوَ يظنّ أَنه لغيره فَبَان لنَفسِهِ فقد جزم إِمَام الْحَرَمَيْنِ فِي كتاب الرّجْعَة من النِّهَايَة بِالصِّحَّةِ وَفرق بَين هَذَا وَبَين الْمَسْأَلَة السَّابِقَة بِأَن الْجَهْل هُنَاكَ قد اسْتندَ إِلَى أصل وَهُوَ بَقَاء ملك الْأَب فقوي فَأبْطل الثَّالِث إِذا وطىء أمة نَفسه جَاهِلا بِأَنَّهَا لَهُ فعقلت مِنْهُ فَفِي ثُبُوت الِاسْتِيلَاد وَجْهَان أصَحهمَا الثُّبُوت كَذَا ذكره الرَّافِعِيّ فِي كتاب الْغَصْب وَكتاب الْوَصِيَّة الرَّابِع إِذا وطىء زَوجته ظَانّا أَنَّهَا أَجْنَبِيَّة فَإِنَّهَا تحل لمن طَلقهَا ثَلَاثًا كَمَا جزم بِهِ الرَّافِعِيّ وَلَا نزاع فِي أَنه يَأْثَم بل يجب الْحَد على وَجه حَكَاهُ ابْن الصّلاح فِي فَوَائِد رحلته الْخَامِس إِذا حمل نَجَاسَة ظَانّا انها من الطاهرات وفيهَا قَولَانِ اصحهما بطلَان الصَّلَاة السَّادِس إِذا أكل مُعْتَقدًا أَنه ليل ثمَّ بَان أَنه نَهَار فَإِنَّهُ يلْزمه الْقَضَاء السَّابِع إِذا رَأَوْا سوادا فظنوه عدوا فصلوا صَلَاة شدَّة الْخَوْف ثمَّ بَان أَنه لَيْسَ بعدو أَو تحققوا أَنه عَدو وَلَكِن بَان أَنه كَانَ بَينهم

حَائِل من خَنْدَق أَو نَار أم مَاء أَو بَان أَنه كَانَ بقربهم حصن كَانَ يُمكنهُم التحصن فِيهِ أَو ظنُّوا أَن الْكفَّار أَكثر من الضعْف فصلوا منهزمين ثمَّ بَان خِلَافه فَفِي الْجَمِيع قَولَانِ أصَحهمَا وجوب الْقَضَاء الثَّامِن مسَائِل مُتَعَلقَة بالعدة نقدم عَلَيْهَا مُقَدّمَة وَهِي أَن الْحرَّة تَعْتَد بِثَلَاثَة أَقراء والرقيقة والمبعضة إِذا وطِئت بِنِكَاح فَاسد أَو شُبْهَة نِكَاح تَعْتَد بقرءين كَمَا لَو طلقت وَإِن وطِئت بِشُبْهَة ملك الْيَمين استبرأت بقرء وَاحِد إِذا تقرر هَذَا فَلَو وطىء أمة أَجْنَبِي يَظُنهَا أمته لَزِمَهَا قرء وَاحِد وَلَو ظَنّهَا زَوجته الْمَمْلُوكَة فَهَل يلْزمهَا قرء أم قرءان اعْتِبَارا بظنه وَجْهَان أصَحهمَا قرءان وَإِن ظَنّهَا زَوجته الْحرَّة فَهَل يجب قرء وَاحِد أم اثْنَان أم ثَلَاثَة فِيهِ اوجه أَصَحهَا الثَّالِث هَذَا كُله إِذا وطىء أمة فَإِن وطىء حرَّة نظر إِن ظَنّهَا أمته لَزِمَهَا ثَلَاثَة أَقراء لِأَن الظَّن لَا يُؤثر فِي الِاحْتِيَاط دون المساهلة وَقيل يَجِيء الْوَجْهَانِ فِي أَنا نعتبر ظَنّه أَو الْوَاقِع وَإِن ظَنّهَا زَوجته الْمَمْلُوكَة فَوَجْهَانِ أشبههما كَمَا قَالَه الرَّافِعِيّ النّظر إِلَى ظَنّه لِأَن الْعدة لحقته فعلى هَذَا يجب قرءان وَالثَّانِي ثَلَاثَة نظرا إِلَى الْوَاقِع

مسألة

مَسْأَلَة 9 الْأَمر بِالْأَدَاءِ هَل هُوَ أَمر بِالْقضَاءِ على تَقْدِير خُرُوج الْوَقْت فِيهِ مذهبان أصَحهمَا عِنْد الإِمَام فَخر الدّين والآمدي وأتباعهما أَنه لَا يكون أمرا بِهِ إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مالو قَالَ لوَكِيله أد عني زَكَاة الْفطر فَخرج الْوَقْت هَل لَهُ أَن يُخرجهَا بعده يتَّجه تَخْرِيجه على هَذِه الْقَاعِدَة 2 - وَمِنْهَا إِذا نذر أضْحِية ووكل شخصا فِي ذَبحهَا وأداها إِلَى الْفُقَرَاء فَخرج وَقتهَا وَهِي كالمسألة السَّابِقَة 3 - وَمِنْهَا وَإِن لم يُوصف بِالْأَدَاءِ وَالْقَضَاء مَا إِذا قَالَ بِعْ هَذِه السّلْعَة فِي هَذَا الشَّهْر فَلم يتَّفق بيعهَا فِيهِ فَلَيْسَ لَهُ بيعهَا بعد ذَلِك كَمَا ذكره الرَّافِعِيّ فِي الْبَاب الأول من أَبْوَاب الْوكَالَة وَزَاد فِي الرَّوْضَة

مسألة

فَقَالَ وَكَذَلِكَ الْعتْق وَأما الطَّلَاق فَفِي الشَّامِل وَغَيره عَن الداركي انه إِذا كَانَت مُطلقَة يَوْم الْجُمُعَة كَانَت مُطلقَة فِي يَوْم السبت قَالَ النَّوَوِيّ وَفِيه نظر مَسْأَلَة 10 قَالَ الْآمِدِيّ فِي الإحكام يجوز عندنَا دُخُول النِّيَابَة فِيمَا كلف بِهِ من الْأَفْعَال الْبَدَنِيَّة خلافًا للمعتزلة وَاسْتَدَلُّوا بِأَن الْوُجُوب إِنَّمَا كَانَ لقهر النَّفس وَكسرهَا والنيابة تأبى ذَلِك

مسألة

واجاب أَصْحَابنَا بِأَن النِّيَابَة لَا تأباه لما فِيهَا من بذل الْمُؤْنَة أَو تحمل الْمِنَّة وَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا اسْتدلَّ بِهِ الْآمِدِيّ وَهُوَ النِّيَابَة فِي حج الْفَرْض عَن الْمَيِّت والمعضوب وَكَذَا فِي حج النَّفْل للْوَارِث فِي أصح الْقَوْلَيْنِ 2 - وَمِنْهَا صب المَاء على أَعْضَاء المتطهر وَكَذَا الْمُتَيَمم وَقيل يمْتَنع عِنْد الْقُدْرَة 3 - وَمِنْهَا صَوْم الْوَلِيّ عَن الْمَيِّت كَمَا اخْتَارَهُ النَّوَوِيّ وَجَمَاعَة 4 - وَمِنْهَا رَكعَتَا الطّواف يفعلهما الْأَجِير عَن الَّذِي يحجّ عَنهُ تبعا للطَّواف كَذَا ذكره الرَّافِعِيّ فِي كتاب الْوَصِيَّة وَحكى مَعَه وَجها أَن الرَّكْعَتَيْنِ تقعان عَن الْأَجِير وَلَكِن تَبرأ ذمَّة المحجوج عَنهُ بِمَا فعل وَقِيَاس وقوعهما عَن الْمَيِّت عِنْد فعل الْأَجِير أَن تقعا للصَّبِيّ إِذا حج عَنهُ الْوَلِيّ مَسْأَلَة 11 الرُّخْصَة فِي اللُّغَة هِيَ التسهيل فِي الْأَمر والعزم هُوَ الْقَصْد الْمُؤَكّد

وَأما فِي الشَّرْع فالرخصة هِيَ الحكم الثَّابِت على خلاف الدَّلِيل لعذر هُوَ الْمَشَقَّة والحرج واحترزنا بالقيد الْأَخير عَن التكاليف كلهَا فَإِنَّهَا أَحْكَام ثَابِتَة على خلاف الأَصْل وَالْأَصْل من الْأَدِلَّة الشَّرْعِيَّة وَمَعَ ذَلِك لَيْسَ بِرُخْصَة لِأَنَّهَا لم تثبت لأجل الْمَشَقَّة وَمَا ذَكرْنَاهُ من كَون الرُّخْصَة والعزيمة من أَقسَام الحكم ذكره الْغَزالِيّ فِي كتبه وَصَاحب الْحَاصِل والبيضاوي فِي منهاجه وَجعلهَا الإِمَام والآمدي وَابْن الْحَاجِب من اقسام الْفِعْل إِذا علمت ذَلِك فالرخصة تَنْقَسِم إِلَى أَرْبَعَة اقسام الْقسم الأول أَن تكون وَاجِبَة فَمِنْهَا 1 - حل الْميتَة للْمُضْطَر وَقيل لَا يلْزمه الْأكل بل لَهُ أَن يصبر إِلَى الْمَوْت

2 - وَمِنْهَا التَّيَمُّم إِمَّا لفقد المَاء وَإِمَّا للخوف من اسْتِعْمَاله وَقد صرح الرَّافِعِيّ فِي الْكَلَام على جبر الْعظم بانه إِذا خَافَ من غسل النَّجَاسَة التّلف حرم عَلَيْهِ غسلهَا وَمَا نَحن فِيهِ مثله بِلَا شكّ وَمَا ذَكرْنَاهُ من كَونه رخصَة هُوَ الَّذِي جزم بِهِ الرَّافِعِيّ فِي مَوَاضِع مِنْهَا فِي الْكَلَام على تعداد رخص السّفر وَقيل إِنَّه عَزِيمَة وَهُوَ الَّذِي جزم بِهِ الْبَنْدَنِيجِيّ فِي صَلَاة الْمُسَافِر وَجزم الْغَزالِيّ فِي الْمُسْتَصْفى بتفصيل حسن فَقَالَ إِن كَانَ التَّيَمُّم عِنْد عدم المَاء فَإِنَّهُ عَزِيمَة وَإِن كَانَ مَعَ وجوده لعذر كعطش وجراحة وَنَحْوهمَا فرخصة 3 - وَمِنْهَا الْفطر للْمُسَافِر إِذا خشِي من الصَّوْم الْهَلَاك فَإِن الصَّوْم حرَام كَمَا جزم بِهِ الْغَزالِيّ فِي الْمُسْتَصْفى والجرجاني فِي التَّحْرِير فَإِن صَامَ فقد قَالَ الْغَزالِيّ يحْتَمل أَن يُقَال لَا ينْعَقد لِأَنَّهُ عَاص بِهِ فَكيف يتَقرَّب بِمَا يَعْصِي بِهِ وَيحْتَمل أَن يُقَال إِنَّمَا عصى بِجِنَايَتِهِ على الرّوح الَّتِي هِيَ حق الله تَعَالَى فَيكون كالمصلي فِي الدَّار الْمَغْصُوبَة الْقسم الثَّانِي أَن تكون مَنْدُوبَة فَمِنْهَا

1 - الْقصر إِن كَانَ سَفَره يبلغ ثَلَاثَة أَيَّام فَصَاعِدا 2 - وَمِنْهَا مسح الرَّأْس للمتوضىء فَإِنَّهُ أفضل من الْغسْل وَمَعَ ذَلِك فَإِنَّهُ رخصَة كَمَا قَالَه الْمَاوَرْدِيّ فِي الْحَاوِي وَرَأَيْت فِي شرح غنية ابْن سُرَيج لأبي الْقَاسِم الْبَغْدَادِيّ أَنه عَزِيمَة ذكره فِي الْكَلَام على اسْتِحْبَاب التَّثْلِيث فِي مسح الرَّأْس الْقسم الثَّالِث أَن تكون مَكْرُوهَة فَمِنْهَا الْقصر فِي أقل من ثَلَاث مراحل فَإِنَّهُ مَكْرُوه كَمَا قَالَه الْمَاوَرْدِيّ فِي اثناء النِّكَاح وأثناء الرَّضَاع الْقسم الرَّابِع أَن تكون مُبَاحَة وَهُوَ كل مَا رخص فِيهِ من الْمُعَامَلَات كالسلم وَالْمُسَاقَاة والقراض وَالْإِجَارَة وَمن ذَلِك الْعَرَايَا وَقد وَقع فِي الحَدِيث الصَّحِيح التَّصْرِيح بِالرُّخْصَةِ فِيهَا فَقَالَ وأرخص فِي الْعَرَايَا

مسألة

مَسْأَلَة 12 إِذا طلب الْفِعْل الْوَاجِب من كل وَاحِد بِخُصُوصِهِ اَوْ من وَاحِد معِين كخصائص النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَهُوَ فرض الْعين وَإِن كَانَ الْمَقْصُود من الْوُجُوب إِنَّمَا هُوَ إِيقَاع الْفِعْل مَعَ قطع النّظر عَن الْفَاعِل فيسمى فرضا على الْكِفَايَة وَسمي بذلك لِأَن فعل الْبَعْض فِيهِ يَكْفِي فِي سُقُوط الْإِثْم عَن البَاقِينَ مَعَ كَونه وَاجِبا على الْجَمِيع بِخِلَاف فرض الْعين فَإِنَّهُ يجب إِيقَاعه من كل عين أَي ذَات اَوْ من عين مُعينَة

وَمَا ذَكرْنَاهُ من تعلق فرض الْكِفَايَة بِالْجَمِيعِ هُوَ الصَّحِيح عِنْد الْآمِدِيّ وَابْن الْحَاجِب وَغَيرهمَا وَقَالَت الْمُعْتَزلَة وَهُوَ مُقْتَضى كَلَام الْمَحْصُول إِنَّه يجب على طَائِفَة غير مُعينَة وَهَذَا التَّقْسِيم يَأْتِي أَيْضا فِي السّنة فَسنة الْعين كسنن الْوضُوء وَالْأُضْحِيَّة وَغير ذَلِك 3 - وَسنة الْكِفَايَة كتشميت الْعَاطِس وَابْتِدَاء السَّلَام وَالْأُضْحِيَّة فِي حق أهل الْبَيْت وَالْأَذَان وَالْإِقَامَة للْجَمَاعَة الْوَاحِدَة إِذا قُلْنَا بِالصَّحِيحِ إنَّهُمَا سنتَانِ إِذا علمت جَمِيع مَا ذَكرْنَاهُ فيتفرع عَلَيْهِ فروع مِنْهَا 1 - تَفْضِيل فرض الْكِفَايَة على فرض الْعين وَقد تعرض لَهُ فِي الرَّوْضَة من زوائده فِي كتاب السّير فَقَالَ قَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ فِي كِتَابَة الغياثي الَّذِي أرَاهُ ان الْقيام بِفَرْض الْكِفَايَة أفضل من فرض

الْعين لِأَن فَاعله ساع فِي صِيَانة الْأمة كلهَا عَن المأثم وَلَا شكّ فِي رُجْحَان من حل مَحل الْمُسلمين أَجْمَعِينَ فِي الْقيام بمهم من مهمات الدّين انْتهى مُلَخصا وإقتصار النَّوَوِيّ على النَّقْل عَن الإِمَام خُصُوصا مَعَ تَعْبِيره بقوله وَالَّذِي أرَاهُ كَذَا وَكَذَا يُوهم أَن ذَلِك لَا يعرف لغيره وَلَيْسَ كَذَلِك فقد سبقه إِلَى هَذِه الْمقَالة وَالِده فِي الْمُحِيط وَكَذَلِكَ الْأُسْتَاذ أَبُو إِسْحَق وَقد نَقله عَنْهُمَا ابْن الصّلاح فِي فَوَائِد رحلته وَلَكِن فرق النَّقْل فِي موضِعين ورأيته أَيْضا فِي أول شرح التَّلْخِيص للشَّيْخ أبي عَليّ السنجي مَجْزُومًا بِهِ وَزَاد على ذَلِك فنقله عَن أهل التَّحْقِيق

فَقَالَ قَالَ أهل التَّحْقِيق إِن فرض الْكِفَايَة أهم من فرض الْأَعْيَان والاشتغال بِهِ أفضل من الِاشْتِغَال بأَدَاء فرض الْعين هَذَا لَفظه ثمَّ ذكر مَا سبق من التَّعْلِيل وَالْكتاب الْمَذْكُور جليل الْمِقْدَار عَظِيم الْفَوَائِد وَقِيَاس مَا ذَكرُوهُ تَفْضِيل سنة الْكِفَايَة على السّنة العينية 2 - وَمِنْهَا إِذا صلى على الْجِنَازَة وَاحِد ذكر كفى على الصَّحِيح بَالغا كَانَ أَو صَبيا فَلَو صلى عَلَيْهِ أَكثر من ذَلِك أَو صلى جمَاعَة بعد جمَاعَة وَقع الْجَمِيع فرضا كَمَا جزم بِهِ الرَّافِعِيّ وَسَببه أَن الْفَرْض يتَعَلَّق بِالْجَمِيعِ كَمَا أوضحناه وَأَيْضًا لترغيب الْمُصَلِّين لِأَن ثَوَاب الْفَرْض يزِيد على ثَوَاب النَّفْل وَحكى ابْن الرّفْعَة عَن الذَّخَائِر للْقَاضِي مجلي حِكَايَة وَجه أَن الزَّائِد فِي الصَّلَاة الْوَاحِدَة

يَقع نفلا وَيلْزم اطراده فِي الطَّائِفَة الثَّانِيَة بطرِيق الأولى وَهَذَا الْوَجْه أبداه الإِمَام احْتِمَالا وَهُوَ يُوَافق الْقَائِل بتعلق الْفَرْض بِالْبَعْضِ فتفطن لذَلِك 3 - وَمِنْهَا إِذا سلم شخص على جمَاعَة فَرد عَلَيْهِ أَكثر من وَاحِد فَالْقِيَاس التحاقه بالجنازة حَتَّى يَقع الْجَمِيع فرضا على الصَّحِيح ويثاب ثَوَاب الْفَرْض وَقد اسْتندَ الإِمَام فِي الْوَجْه الَّذِي حاوله وَهُوَ حُصُول الْفَرْض لوَاحِد إِلَى الْوَجْه بِأَن الزَّائِد فِي مسح الرَّأْس على مَا ينْطَلق عَلَيْهِ الِاسْم يَقع نفلا فَألْحق من يجب عَلَيْهِ بالشَّيْء الْوَاجِب وَهُوَ مَرْدُود فَإِن حُصُول ثَوَاب الْفَرْض لشخص غير معِين لَا يعقل بِخِلَاف الثَّوَاب على فعل من أَفعَال الصَّلَاة فَإِنَّهُ مَعْقُول ثمَّ إِن تساءت فِي الثَّوَاب فَلَا كَلَام وَإِن اخْتلفت فيثاب على أَعْلَاهَا لِأَنَّهُ لَو اقْتصر عَلَيْهِ لحصل لَهُ ذَلِك فبالأولى إِذا أحسن وَزَاد عَلَيْهِ غَيره فَإِن ضايق مضايق وَقَالَ إِنَّمَا يُثَاب على أدونها فَهُوَ مَعْلُوم أَيْضا

مسألة

مَسْأَلَة 13 الْوُجُوب قد يتَعَلَّق بِشَيْء معِين كَالصَّلَاةِ وَالْحج وَغَيرهمَا وَيُسمى وَاجِبا معينا وَقد يتَعَلَّق بِأحد أُمُور مُعينَة كخصال كَفَّارَة الْيَمين وَقَالَت الْمُعْتَزلَة كل وَاحِد من هَذَا وَأَمْثَاله يُوصف بِالْوُجُوب وَلَكِن على التَّخْيِير بِمَعْنى أَنه لَا يجب الْإِتْيَان بِالْجَمِيعِ وَلَا يجوز تَركه وَقيل الْوَاجِب مُبْهَم عندنَا معِين عِنْد الله تَعَالَى إِمَّا بعد اخْتِيَاره وَإِمَّا قبله بِأَن يلهمه الله تَعَالَى إِلَى اخْتِيَاره وَهَذَا القَوْل يُسمى قَول التراجم لِأَن الأشاعرة تنسبه إِلَى الْمُعْتَزلَة والمعتزلة تنسبه إِلَى الأشاعرة وَمَا ذَكرْنَاهُ من كَون الْوَاجِب أَحدهَا نَقله الْآمِدِيّ عَن الْفُقَهَاء والأشاعرة وَاخْتَارَهُ ابْن الْحَاجِب والبيضاوي وَغَيرهمَا وَيُسمى وَاجِبا مُخَيّرا وَفِيه بحث ذكره ابْن الْحَاجِب وَغَيره فَقَالُوا أحد الْأَشْيَاء قدر مُشْتَرك بَين الْخِصَال كلهَا لصدقه على كل وَاحِد مِنْهَا وَهُوَ وَاحِد لَا تعدد فِيهِ وَإِنَّمَا التَّعَدُّد فِي محاله لِأَن المتواطىء مَوْضُوع لِمَعْنى وَاحِد صَادِق

على أَفْرَاد كالإنسان وَلَيْسَ مَوْضُوعا لمعان مُتعَدِّدَة وَإِذا كَانَ وَاحِدًا اسْتَحَالَ فِيهِ التَّخْيِير وَإِنَّمَا التَّخْيِير فِي الخصوصيات وَهُوَ خُصُوص الاعتاق مثلا اَوْ الْكسْوَة أَو الْإِطْعَام فَالَّذِي هُوَ مُتَعَلق الْوُجُوب لَا تَخْيِير فِيهِ وَالَّذِي هُوَ مُتَعَلق التَّخْيِير لَا وجوب فِيهِ وَهَذَا كَلَام مُحَقّق نَافِع إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع القَوْل الصَّحِيح وَهُوَ كَون الْوَاجِب أَحدهَا 1 - مَا إِذا أوصى فِي الْكَفَّارَة المخيرة بخصلة مُعينَة وَكَانَت قيمتهَا تزيد على قيمَة الخصلتين الْبَاقِيَتَيْنِ فَهَل يعْتَبر من رَأس المَال فِيهِ وَجْهَان أَحدهمَا نعم لِأَنَّهُ تأدية وَاجِب وَهَذَا هُوَ قِيَاس كَون الْوَاجِب أَحدهَا وأصحهما اعْتِبَاره من الثُّلُث لِأَنَّهُ غير متحتم وَتحصل الْبَرَاءَة بِدُونِهِ كَذَا ذكره الرَّافِعِيّ فِي كتاب الْوَصِيَّة قَالَ وعَلى هَذَا وَجْهَان أَحدهمَا تعْتَبر جَمِيع قيمَة الْمخْرج من الثُّلُث فَإِن لم يَفِ بِهِ عدل إِلَى غَيره

مسألة

وأقيسهما أَن الْمُعْتَبر من الثُّلُث مَا بَين الْقِيمَتَيْنِ لِأَن أقلهما لَازم لَا محَالة قَالَ وَلَو اعْتِقْ من عَلَيْهِ كَفَّارَة مخيرة فِي مرض الْمَوْت قَالَ الْمُتَوَلِي لَا تعْتَبر قيمَة العَبْد من الثُّلُث لِأَنَّهُ مؤد فرضا وَهَذَا كَأَنَّهُ تَفْرِيع على الْوَجْه الْقَائِل بِأَنَّهُ إِذا أوصى بِهِ اعْتِقْ من رَأس المَال انْتهى كَلَام الرَّافِعِيّ وَذكر فِي كتاب الْأَيْمَان كلَاما آخر مُتَعَلقا بِالْمَسْأَلَة ومخالفا للَّذي هُنَا 2 - وَمِنْهَا إِذا أَتَى بالخصال مَعًا فَإِنَّهُ يُثَاب على كل وَاحِد مِنْهَا لَكِن ثَوَاب الْوَاجِب أَكثر من ثَوَاب التَّطَوُّع وَلَا يحصل إِلَّا على وَاحِد فَقَط وَهُوَ أَعْلَاهَا إِن تفاوتت لِأَنَّهُ لَو اقْتصر عَلَيْهِ لحصل لَهُ ذَلِك فاضافة غَيره إِلَيْهِ لَا تنقصه وَإِن تَسَاوَت فعلى أَحدهَا وَإِن ترك الْجَمِيع عُوقِبَ على أقلهَا لِأَنَّهُ لَو اقْتصر عَلَيْهِ لأجزأه ذكره ابْن التلمساني فِي شرح المعالم وَهُوَ حسن مَسْأَلَة 14 يجوز عندنَا تَحْرِيم وَاحِد لَا بِعَيْنِه خلافًا للمعتزلة وَالْكَلَام فِيهِ كَالْكَلَامِ فِي الْوَاجِب الْمُخَير قَالَه الْآمِدِيّ وَابْن الْحَاجِب مِثَاله أَن يَقُول حرمت عَلَيْك أحد هذَيْن الشَّيْئَيْنِ لَا بِعَيْنِه وَلَا أحرم عَلَيْك وَاحِدًا معينا وَلَا الْجَمِيع وَلَا أبيحه

إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا إِذا كَانَ لَهُ أمتان وهما أختَان فوطىء إِحْدَاهمَا فَإِنَّهُ يحرم عَلَيْهِ وَطْء الْأُخْرَى حَتَّى تحرم الأولى عَلَيْهِ بتزويج أَو كِتَابَة وَنَحْو ذَلِك فَإِن أقدم وَوَطئهَا قبل ذَلِك فَإِنَّهُ يتَخَيَّر فِي وَطْء من شَاءَ مِنْهُمَا وَتحرم عَلَيْهِ الْأُخْرَى نَص عَلَيْهِ فِي الْبُوَيْطِيّ وَكَأن سَببه أَن الْوَطْء قد وَقع وَقد اسْتَويَا الْآن فِي سَبَب التَّحْرِيم فَأشبه استواءهما قبل الْوَطْء وَلَا سَبِيل إِلَى تحريمهما على التَّأْبِيد فَجعلنَا تَحْرِيم إِحْدَاهمَا بِعَينهَا مَنُوطًا بِاجْتِهَادِهِ 2 - وَمِنْهَا مالو اعْتِقْ إِحْدَى أمتيه وَجَعَلنَا الْوَطْء تعيينا وَهُوَ الصَّحِيح فَيصدق عَلَيْهِ مَا ذَكرْنَاهُ لِأَن كل وَاحِدَة مِنْهُمَا تحرم بِوَطْء الْأُخَر وَهُوَ مُخَيّر فِي وَطْء مَا شَاءَ مِنْهُمَا فَيكون مُخَيّرا فِي تَحْرِيم مَا شَاءَ وَهَكَذَا إِذا أسلم على خمس نسْوَة مثلا وَجَعَلنَا الْوَطْء تعيينا فَإِذا وطىء ثَلَاثًا مِنْهُنَّ بَقِي الْأَمر فِي الرَّابِعَة وَالْخَامِسَة على مَا ذَكرْنَاهُ فِي الأمتين

مسألة

مَسْأَلَة 15 الْأَمر بالشَّيْء هَل يكون أمرا بِمَا لَا يتم ذَلِك لشَيْء إِلَّا بِهِ وَهُوَ الْمُسَمّى بالمقدمة أم لَا يكون أمرا بِهِ فِيهِ مَذَاهِب أَصَحهَا عِنْد الإِمَام فَخر الدّين وَأَتْبَاعه وَكَذَا الْآمِدِيّ أَنه يجب مُطلقًا ويعبر عَنهُ الْفُقَهَاء بقَوْلهمْ مَالا يَتَأَتَّى الْوَاجِب إِلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِب وَسَوَاء كَانَ سَببا وَهُوَ الَّذِي يلْزم من وجوده الْوُجُود وَمن عَدمه الْعَدَم أَو شرطا وَهُوَ الَّذِي يلْزم من عَدمه الْعَدَم وَلَا يلْزم من وجوده وجود وَلَا عدم وَسَوَاء كَانَ ذَلِك السَّبَب شَرْعِيًّا كالصيغة بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْعتْق الْوَاجِب أَو عقليا كالنظر المحصل للْعلم الْوَاجِب أَو عاديا كحز الرَّقَبَة فِي الْقَتْل إِذا كَانَ وَاجِبا وَهَكَذَا الشَّرْط أَيْضا فالشرعي كَالْوضُوءِ والعقلي كَتَرْكِ أضداد الْمَأْمُور بِهِ والعادي

كَغسْل جُزْء من الرَّأْس فِي الْوضُوء للْعلم بِحُصُول غسل الْوَجْه مِثَال ذَلِك إِذا قَالَ السَّيِّد لعَبْدِهِ كن على السَّطْح فَلَا يَتَأَتَّى ذَلِك إِلَّا بِنصب السّلم والصعود فالصعود سَبَب وَالنّصب شَرط وَالْمذهب الثَّانِي يكون أمرا بِالسَّبَبِ دون الشَّرْط وَالثَّالِث لَا يكون أمرا بِوَاحِد مِنْهُمَا حَكَاهُ ابْن الْحَاجِب فِي الْمُخْتَصر الْكَبِير وَاخْتَارَ فِي مُخْتَصره الْمَعْرُوف فِي الشَّرْط أَنه إِذا كَانَ شَرْعِيًّا وَجب وَإِن كَانَ عقليا أَو عاديا فَلَا

إِذا علمت ذَلِك فيتخرج على هَذِه الْقَاعِدَة مسَائِل الأولى غسل جُزْء من الرَّأْس والرقبة وَنَحْوهمَا ليتيقن غسل الْوَجْه فَإِنَّهُ وَاجِب لما ذَكرْنَاهُ هَذَا هُوَ الْمَعْرُوف وَحكى الدَّارمِيّ فِي الاستذكار فِيهِ وَجْهَيْن فَقَالَ وَهل وَجب فِي نَفسه أَو لغيره على وَجْهَيْن الثَّانِيَة إِذا اشتبهت زَوجته بأجنبيه فَيجب عَلَيْهِ الْكَفّ عَن الْجَمِيع وَمثله إِذا اشتبهت محرمه بأجنبيات محصورات فَلَيْسَ لَهُ أَن يتَزَوَّج وَاحِدَة مِنْهُنَّ وسنعيد الْمَسْأَلَة مبسوطة فِي الْكَلَام على التَّخْصِيص الثَّالِثَة إِذا نسي صَلَاة من الْخمس وَلم يعلم عينهَا فَيلْزمهُ الْخمس الرَّابِعَة إِذا اخْتَلَط موتى الْمُسلمين بموتى الْكفَّار فَيجب غسل الْجَمِيع وتكفينهم وَالصَّلَاة عَلَيْهِم ثمَّ هُوَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ صلى

على الْجَمِيع دفْعَة وَاحِدَة وَيَنْوِي الصَّلَاة على الْمُسلمين مِنْهُم وَإِن شَاءَ صلى على كل وَاحِد وَيَقُول فِي نِيَّته أُصَلِّي عَلَيْهِ إِن كَانَ مُسلما وَسَتَأْتِي هَذِه الْمَسْأَلَة مَعَ فروع تتَعَلَّق بهَا فِي آخر الْكتاب قبيل الْكتاب السَّابِع الْخَامِسَة إِذا خرج مِنْهُ شَيْء وَلم يعلم هَل هُوَ منى أَو مذى فَقيل يجب الْعَمَل بموجبهما وَالصَّحِيح التَّخْيِير لِأَنَّهُ إِذا أَتَى بِمُوجب أَحدهمَا شككنا فِي الآخر هَل هُوَ عَلَيْهِ أم لَا السَّادِسَة إِذا كَانَ عَلَيْهِ زَكَاة وَلم يدر هَل هِيَ بقرة أم شَاة فَإِنَّهُ يلْزمه الْجَمِيع كَمَا قَالَه الشَّيْخ عز الدّين فِي الْقَوَاعِد وقاسه على الصَّلَاة وَالَّذِي قَالَه إِن كَانَ صورته فِيمَا إِذا وَجب عَلَيْهِ الْأَمْرَانِ وَأخرج أَحدهمَا وَشك فِيهِ فَمُسلم وَهُوَ نَظِير

الصَّلَاة وَإِن وَجب أَحدهمَا فَقَط وَشك فِي عينه فَمَمْنُوع بل يتَّجه إِلْحَاقه بِمَا إِذا شكّ فِي الْخَارِج السَّابِعَة إِذا غصب لوحا وأدخلها فِي سفينة لَهُ واشتبهت بغَيْرهَا من سفنه فَإِنَّهُ يلْزمه نزع أَلْوَاح الْجَمِيع فَلَو كَانَت السَّفِينَة فِي اللجة وفيهَا مَال للْغَاصِب فَقَط وَلم تشتبه وَكَانَ نَزعهَا يُؤَدِّي إِلَى غرق السَّفِينَة فَفِي النزع وَجْهَان أصَحهمَا لَا بل ينْتَظر وصولها إِلَى الشط وَيغرم الْغَاصِب الْقيمَة للْحَيْلُولَة فَإِن قُلْنَا بالنزع فاختلطت الَّتِي فِيهَا اللَّوْح بسفن أُخْرَى للغاضب أَيْضا بِحَيْثُ لَا يعرف ذَلِك اللَّوْح إِلَّا بِنَزْع الْجَمِيع فَفِي نَزعهَا وَجْهَان قَالَ فِي الرَّوْضَة من زوائده يَنْبَغِي أَن يكون أرجحهما عدم النزع وَالَّذِي قَالَه مُشكل وَقِيَاس مَا سبق أَنه ينْزع وَلَو كَانَت سفينة الْمَغْصُوب مِنْهُ تشرف على الْغَرق إِذا لم نجْعَل فِيهَا

اللَّوْح الَّتِي غصبهَا مِنْهَا فَالْمُتَّجه وجوب قلعهَا لحق الْمَالِك وَلَا يحضرني الْآن نَقله الثَّامِنَة إِذا نذر صَوْم بعض يَوْم لم يلْزمه شَيْء على الصَّحِيح لِأَنَّهُ غير مُعْتَد بِهِ شرعا وَقيل يجب يَوْم كَامِل لِأَن صَوْم بعض الْيَوْم مُمكن بصيام بَاقِيه وَقد الْتزم الْبَعْض فَيلْزمهُ الْجَمِيع بِنَاء على هَذِه الْقَاعِدَة وَهَذَا هُوَ الْمُتَّجه نعم إِن قُلْنَا إِن مَفْهُوم اللقب أَي الِاسْم حجَّة فَكَأَنَّهُ قَالَ عَليّ النّصْف دون غَيره كَأَن نذر نذرا فَاسِدا بِلَا شكّ لَكِن الْمَشْهُور أَنه لَيْسَ بِحجَّة التَّاسِعَة إِذا اخْتَار الإِمَام رق بعض الْأَسير فَالصَّحِيح الْجَوَاز فَإِن منعنَا سرى الرّقّ إِلَى بَاقِيه كَذَا قَالَه الْأَصْحَاب وَاسْتَشْكَلَهُ الرَّافِعِيّ فَقَالَ وَكَانَ يجوز أَن يُقَال لَا يرق شَيْء

وَهَذِه الْمَسْأَلَة تؤيد مَا أَشَرنَا إِلَيْهِ فِي الْمَسْأَلَة السَّابِقَة الْعَاشِرَة إِذا غصب صَاعا من الْحِنْطَة وخلطه بآخر وَالْقِيَاس أَنه يلْزمه إِعْطَاء الصاعين لِأَن إِعْطَاء الْمَغْصُوب لَا يُمكن إِلَّا بذلك ثمَّ يُعْطي الْمَغْصُوب مِنْهُ الْغَاصِب مثل صاعه من أَي مَوضِع أَرَادَ وَقَرِيب من هَذَا مَا إِذا نسي صَلَاة من الْخمس واشتبهت فانه يجب عَلَيْهِ الْخمس بكمالها لما ذَكرْنَاهُ ومسألتنا أولى لِأَنَّهُ يَأْخُذ عوضا عَمَّا بذله إِلَّا أَنا لَا نعلم أحدا قَالَ بِهَذِهِ الْمقَالة بل اخْتلفُوا على وَجْهَيْن أَحدهمَا وَهُوَ الَّذِي صَححهُ الشَّيْخ فِي التَّنْبِيه أَنه يجْبر الْغَاصِب على الْإِعْطَاء من الْمَخْلُوط لِأَنَّهُ أقرب إِلَى حَقه وأصحهما أَن الْغَاصِب يُعْطي مِمَّا شَاءَ وَذكر الرَّافِعِيّ فِي بَاب إحْيَاء الْموَات صُورَة هِيَ أشكل من هَذِه الصُّور جَمِيعًا فَقَالَ إِذا بَاعَ صَاعا من صبرَة وَقُلْنَا الْمَبِيع صَاعا مِنْهَا ثمَّ صب عَلَيْهَا صَاعا آخر فَالْبيع صَحِيح وَيبقى الْمَبِيع مَا بَقِي صَاع فأوجبوا عَلَيْهِ الصَّاع هَا هُنَا مَعَ الْقطع باشتماله على غير الْمَبِيع لِأَنَّهُ أقرب إِلَى حَقه الْحَادِيَة عشرَة إِذا نذر الصَّلَاة فِي وَقت لَهُ فَضِيلَة على غَيره فَإِنَّهُ يتَعَيَّن إيقاعها فِيهِ فَلَو قَالَ لله تَعَالَى عَليّ أَن أُصَلِّي لَيْلَة الْقدر تعيّنت إِلَّا أَنَّهَا محصورة فِي الْعشْر الْأَخير غير مُعينَة فِي لَيْلَة بِعَينهَا فَيلْزمهُ أَن يُصَلِّي كل لَيْلَة من ليَالِي الْعشْر الْأَخير ليصادفها كمن نسي صَلَاة من الْخمس فَإِن لم يفعل لم يقضها إِلَّا فِي مثله كَذَا ذكره الْمَاوَرْدِيّ فِي الْحَاوِي وَنَقله عَنهُ فِي الْبَحْر وَقَالَ إِنَّه حسن صَحِيح

مسألة

مَسْأَلَة 16 الْوَاجِب إِذا لم يكن مُعَلّقا بِمِقْدَار معِين بل مُعَلّقا على اسْم يتَفَاوَت بالقلة وَالْكَثْرَة كمسح الرَّأْس فِي الْوضُوء وَالْمسح على الْخُف وَنَحْوهمَا إِذا زَاد فِيهِ على الِاسْم فَهَل يَقع ذَلِك الزَّائِد نفلا أم وَاجِبا فِيهِ مذهبان الصَّحِيح فِي الْمَحْصُول وَالْحَاصِل وَغَيرهمَا الأول لِأَنَّهُ يجوز تَركه وَيتَفَرَّع على الْقَاعِدَة مسَائِل مِنْهَا 1 - إِذا مسح زِيَادَة على الْوَاجِب أَو طول الْقيام أَو الرُّكُوع أَو السُّجُود أَو لَزِمته شَاة فِي الزَّكَاة فَأخْرج عَنْهَا بَدَنَة أَو نذر التَّضْحِيَة

بهَا فضحى ببدنة عَنْهَا وَقد اخْتلف كَلَام النَّوَوِيّ فِي ذَلِك اخْتِلَافا عجيبا أوضحته فِي الْمُهِمَّات وَغَيره فصحح فِي بَاب صفة الصَّلَاة من زَوَائِد الرَّوْضَة أَن الْجَمِيع يَقع وَاجِبا وَصحح فِي أَبْوَاب كَثِيرَة أَن الزَّائِد يَقع نفلا وَكَلَامه فِي الزَّكَاة يشْعر بِأَن الصَّحِيح أَن الزَّائِد فِي بعير الزَّكَاة يَقع فرضا وَأَن الزَّائِد فِي بَاقِي الصُّور نفل وَصرح بِتَصْحِيحِهِ هُنَاكَ فِي شرح الْمُهَذّب وَادّعى اتِّفَاق الْأَصْحَاب على تَصْحِيحه وَالأَصَح كَمَا قَالَه فِي شرح الْمُهَذّب أَنه لَا فرق فِي مسح الرَّأْس بَين أَن يَقع دفْعَة وَاحِدَة أَو مترتبا 2 - وَمن فروع الْمَسْأَلَة أَيْضا مَا إِذا وقف بِعَرَفَات زِيَادَة على قدر الْوَاجِب وَقد خرجه ابْن الرّفْعَة فِي الْكِفَايَة على هَذَا الْخلاف وَمثله إِذا قُلْنَا بِوُجُوب مبيت لَيْلَة مُزْدَلِفَة فَزَاد على لَحْظَة من النّصْف الثَّانِي وبالوجوب فِي ليَالِي منى فَزَاد على الْمُعظم وَمِنْهَا إِذا زَاد فِي الْحلق وَالتَّقْصِير على ثَلَاث شَعرَات وَقِيَاسه التَّخْرِيج على مَا سبق وَأما إِذا زَاد فِي الْكَفَّارَة على الْمِقْدَار الْوَاجِب فقد جزم الرَّافِعِيّ فِيهِ فِي أَوَائِل بَاب النّذر بِوُقُوعِهِ تَطَوّعا وَتَابعه عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَة والزكوات وَالنُّذُور والديون وَنَحْوهَا بِمَثَابَة الْكَفَّارَات

وَالْفرق بَين هَذِه الْأَشْيَاء وَبَين مسح الرَّأْس ونظائره مَا أَشَرنَا إِلَيْهِ فِي أول الْمَسْأَلَة أَن لَهَا قدرا مَعْلُوما محدودا مَنْصُوصا عَلَيْهِ وَقد تقدم فِي الْكَلَام على فرض الْكِفَايَة كَلَام يتَعَلَّق بِالْمَسْأَلَة فَرَاجعه وَاعْلَم أَن الْخلاف الْمَذْكُور لَهُ ثَلَاث فَوَائِد ذكرهَا فِي التَّحْقِيق وَشرح الْمُهَذّب فِي مَوَاضِع أَحدهَا جَوَاز الْأكل فَإِن قُلْنَا الزَّائِد فرض فَلَا يجوز أكله وَإِلَّا فَيجوز وَهَذِه الْفَائِدَة ذكرهَا الرَّافِعِيّ فِي بَاب الدِّمَاء وَفِي بَاب الْأُضْحِية الثَّانِيَة إِذا عجل الْبَعِير عَن الشَّاة وَاقْتضى الْحَال الرُّجُوع فَهَل يرجع بِخَمْسَة فَقَط أم بكله على هَذَا الْخلاف كَذَا ذكره النَّوَوِيّ مَعَ الْفَائِدَة الْمُتَقَدّمَة وَالَّتِي ستأتي فِي بَاب صفة الصَّلَاة من التَّحْقِيق وَشرح الْمُهَذّب الْفَائِدَة الثَّالِثَة زِيَادَة الثَّوَاب فَإِن ثَوَاب الْوَاجِب أعظم من ثَوَاب النَّفْل لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِكَايَة عَن الله تَعَالَى وَمَا تقرب إِلَيّ المتقربون بِمثل

أَدَاء مَا افترضت عَلَيْهِم وَهَذِه الْفَائِدَة ذكرهَا أَيْضا النَّوَوِيّ فِي بَاب الْأُضْحِية من زيادات الرَّوْضَة وَالْقدر الَّذِي يمتاز بِهِ الواحب هُوَ سَبْعُونَ دَرَجَة حَكَاهَا فِي الرَّوْضَة من زوائده فِي أول النِّكَاح عَن حِكَايَة الإِمَام قَالَ واستأنسوا فِيهِ بِحَدِيث وَقد أوضحت مُسْتَند ذَلِك فِي الْمُهِمَّات فَرَاجعه قلت وَفَائِدَة رَابِعَة وَهِي الحسبان من الثُّلُث إِذا أوصى بذلك أَو فعله فِي مرض مَوته فَإِن جَعَلْنَاهُ نفلا حسب من الثُّلُث وَإِن جَعَلْنَاهُ فرضا فَيتَّجه تَخْرِيجه على الْخلاف فِيمَا إِذا أوصى بِالْعِتْقِ فِي الْكَفَّارَة المخيرة هَل يحْتَسب من رَأس المَال أم لَا وَفِيه اخْتِلَاف فِي التَّرْجِيح وَفَائِدَة خَامِسَة وَهِي كَيْفيَّة النِّيَّة فِي الْبَعِير الْمخْرج عَن شَاة

مسألة

وَنَحْو ذَلِك فَإِن جعلنَا الْجَمِيع فرضا فَلَا بُد أَن يَنْوِي بِالْجَمِيعِ الزَّكَاة أَو الصَّدَقَة الْمَفْرُوضَة وَإِن قُلْنَا إِنَّه الْخمس كَفاهُ الِاقْتِصَار عَلَيْهِ فِي النِّيَّة مَسْأَلَة 17 الْأَمر بالشَّيْء هَل هُوَ نهي عَن ضِدّه أم لَا فِيهِ ثَلَاث مَذَاهِب حَكَاهَا إِمَام الْحَرَمَيْنِ فِي الْبُرْهَان وَغَيره ولنقدم على ذَلِك مُقَدّمَة وَهِي أَنه إِذا قَالَ السَّيِّد لعَبْدِهِ مثلا اقعد فَمَعْنَاه أَمْرَانِ منافيان للْمَأْمُور بِهِ وَهُوَ وجود الْقعُود أَحدهمَا منَاف لَهُ بِذَاتِهِ أَي بِنَفسِهِ وَهُوَ عدم الْقعُود لِأَنَّهُمَا نقيضان والمنافاة بَين النقيضين بِالذَّاتِ فاللفظ الدَّال على الْقعُود دَال على النَّهْي عَن عَدمه أَو على الْمَنْع مِنْهُ بِلَا خلاف وَالثَّانِي منَاف لَهُ بِالْفَرْضِ أَي بالاستلزام وَهُوَ الضِّدّ كالقيام فِي مثالنا اَوْ الِاضْطِجَاع

وضابطه أَن يكون معنى وجوديا يضاد الْمَأْمُور بِهِ وَوجه منافاته بالاستلزام أَن الْقيام مثلا يسْتَلْزم عدم الْقعُود الَّذِي هُوَ نقيض الْقعُود فَلَو جَازَ عدم الْقعُود لاجتمع النقيضان فامتناع اجْتِمَاع الضدين إِنَّمَا هُوَ لِامْتِنَاع اجْتِمَاع النقيضين لَا لذاتهما فاللفظ الدَّال على الْقعُود يدل على النَّهْي عَن الأضداد الوجودية كالقيام بالالتزام وَالَّذِي يَأْمر قد يكون غافلا عَنْهَا كَذَا ذكره الإِمَام وَغَيره وَحكى الْقَرَافِيّ عَن بَعضهم أَن الْمُنَافَاة بَين الضدين ذاتيه إِذا علمت ذَلِك فلنرجع إِلَى ذكر الْمَذْهَب فَنَقُول أَحدهَا أَن الْأَمر بِالْفِعْلِ هُوَ نفس النَّهْي عَن ضِدّه فَإِذا قَالَ مثلا تحرّك فَمَعْنَاه لَا تسكن واتصافه بِكَوْنِهِ أمرا ونهيا باعتبارين كاتصاف الذَّات الْوَاحِدَة بِالْقربِ والبعد بِالنِّسْبَةِ إِلَى شَيْئَيْنِ وَالثَّانِي وَهُوَ الصَّحِيح عِنْد الإِمَام وَأَتْبَاعه وَكَذَلِكَ الْآمِدِيّ أَنه غَيره وَلكنه يدل عَلَيْهِ بالالتزام لِأَن الْأَمر دَال على الْمَنْع من التّرْك وَمن لَوَازِم الْمَنْع من ذَلِك مَنعه من الأضداد فَيكون الْأَمر دَالا على الْمَنْع من الأضداد بالالتزام وعَلى هَذَا فَالْأَمْر بالشَّيْء نهي عَن

جَمِيع أضداده بِخِلَاف النَّهْي عَن الشَّيْء فَإِنَّهُ أَمر بِأحد أضداده كَمَا ستعرفه وَالثَّالِث وَاخْتَارَهُ ابْن الْحَاجِب أَنه لَا يدل عَلَيْهِ أصلا لِأَنَّهُ قد يكون غافلا عَنهُ كَمَا سبق ويستحيل الحكم على الشَّيْء مَعَ الْغَفْلَة عَنهُ وَإِذا قُلْنَا بِأَنَّهُ يدل فَهَل يخْتَص بِالْوَاجِبِ أم يدل أَيْضا أَمر النّدب على كَرَاهَة ضِدّه فِيهِ قَولَانِ حَكَاهُمَا الْآمِدِيّ وَابْن الْحَاجِب وَغَيرهمَا اصحهما أَنه لَا فرق وَيشْتَرط فِي كَونه نهيا عَن ضِدّه أَن يكون الْوَاجِب مضيقا

كَمَا نَقله شرَّاح الْمَحْصُول عَن القَاضِي عبد الْوَهَّاب لِأَنَّهُ لَا بُد أَن يَنْتَهِي عَن التّرْك الْمنْهِي عَنهُ حِين وُرُود النَّهْي وَلَا يتَصَوَّر الِانْتِهَاء عَن تَركه إِلَّا مَعَ الْإِتْيَان بالمأمور بِهِ فاستحال النَّهْي مَعَ كَونه موسعا إِذا علمت ذَلِك فقد ذكر الرَّافِعِيّ فِي الشَّرْح الصَّغِير فَائِدَة الْخلاف فِي هَذِه الْمَسْأَلَة وَفِي عكسها من الْفُرُوع فَقَالَ 1 - إِذا قَالَ لامْرَأَته إِن خَالَفت أَمْرِي فَأَنت طَالِق ثمَّ قَالَ لَهَا لَا تكلمي زيدا فكلمته لم تطلق لِأَنَّهَا خَالَفت نَهْيه لَا أمره هَذَا هُوَ الْمَشْهُور وَقَالَ الْغَزالِيّ أهل الْعرف يعدونه مُخَالفا لِلْأَمْرِ 2 - وَلَو قَالَ إِن خَالَفت نهيي فَأَنت طَالِق ثمَّ قَالَ لَهَا قومِي فَقَعَدت فللأصوليين من الْأَصْحَاب وَغَيرهم خلاف فِي أَن الْأَمر بالشَّيْء هَل هُوَ نهي عَن ضِدّه أم لَا

مسألة

فَذهب بعض من جعله نهيا إِلَى وُقُوع الطَّلَاق وَالْأَظْهَر عِنْد الإِمَام وَغَيره الْمَنْع مُطلقًا إِذْ لَا يُقَال فِي عرف اللُّغَة لمن قَالَ قُم إِنَّه نهي انْتهى كَلَام الشَّرْح الصَّغِير مُلَخصا وَلم يذكر الرَّافِعِيّ فِي الشَّرْح الْكَبِير شَيْئا من ذَلِك مَعَ ذكر ذَلِك فِي الْوَجِيز وَكَأن نظره انْتقل حَالَة الشَّرْح أَو سقط ذَلِك من نُسْخَة الْوَجِيز الَّذِي كَانَ ينْقل مِنْهُ وَلَو ير النَّوَوِيّ خلو الرَّوْضَة عَن هَذِه الْمَسْأَلَة فأثبتها فِيهَا نَاقِلا لَهَا من الْوَجِيز إِلَّا أَنه بسط كَلَامه وَخَالف أَيْضا مَا ذكره الرَّافِعِيّ فِي الشَّرْح الصَّغِير فِيمَا إِذا قَالَ إِن خَالَفت نهيي ثمَّ قَالَ قومِي فَقَعَدت فَإِن كَلَام الرَّافِعِيّ يَقْتَضِي أَن الْمَعْرُوف فِي النَّقْل أَنه لَا يَقع وَكَلَام الرَّوْضَة يَقْتَضِي عَكسه وَكَانَ يَنْبَغِي للنووي أَن يُنَبه على أَن هَذِه الْمَسْأَلَة من زوائده فَإِن الْوَاقِف عَلَيْهَا فِي الرَّوْضَة يتَوَهَّم أَن الرَّافِعِيّ ذكرهَا وَأَن كَلَامه قد اخْتلف على أَن بعض نساخ الرَّافِعِيّ قد أثبتها أَيْضا من الْوَجِيز مَسْأَلَة 18 الْمَطْلُوب بِالنَّهْي أَي الَّذِي تعلق النَّهْي بِهِ إِنَّمَا هُوَ فعل ضد النَّهْي عَنهُ فَإِذا قَالَ لَا تتحرك فَمَعْنَاه اسكن لَا التَّكْلِيف بِعَدَمِ

مسألة

الْحَرَكَة لِأَن الْعَدَم غير مَقْدُور عَلَيْهِ لكَونه حَاصِلا وَتَحْصِيل الْحَاصِل محَال نعم الأعدام فعل مَقْدُور عَلَيْهِ إِلَّا أَنه مُتَوَقف على وجود الْفِعْل وَقَالَ أَبُو هَاشم وَالْغَزالِيّ الْمَطْلُوب بِالنَّهْي هُوَ نفس أَن لَا يفعل وَهُوَ عدم الْحَرَكَة فِي مثالنا لِأَن الْعَدَم الَّذِي لَا يقدر عَلَيْهِ إِنَّمَا هُوَ الْعَدَم الْمُطلق لَا الْعَدَم الْمُضَاف وَهَذِه الْمَسْأَلَة ذكرهَا الْبَيْضَاوِيّ فِي الْمِنْهَاج قبيل بَاب الْعُمُوم وَالْخُصُوص وفائدتها فِي الْفُرُوع تقدّمت فِي الْمَسْأَلَة السَّابِقَة مَسْأَلَة 19 إِذا أوجب الشَّارِع شَيْئا ثمَّ نسخ وُجُوبه فَيجوز الاقدام عَلَيْهِ عملا بِالْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّة كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ فِي الْمَحْصُول فِي آخر هَذِه الْمَسْأَلَة وَصرح بِهِ غَيره وَلَكِن الدَّلِيل الدَّال على الْإِيجَاب قد كَانَ أَيْضا دَالا على الْجَوَاز دلَالَة تضمن

فَتلك الدّلَالَة هَل زَالَت بِزَوَال الْوُجُوب أم هِيَ بَاقِيَة اخْتلفُوا فِيهِ فَقَالَ الْغَزالِيّ إِنَّهَا لَا تبقى بل يرجع الْأَمر إِلَى مَا كَانَ قبل الْوُجُوب من الْبَرَاءَة الْأَصْلِيَّة أَو الْإِبَاحَة أَو التَّحْرِيم وَصَارَ الْوُجُوب بالنسخ كَأَن لم يكن كَذَا جزم بِهِ فِي الْمُسْتَصْفى وَقَالَ الإِمَام فَخر الدّين وَالْجُمْهُور إِنَّهَا بَاقِيَة ومرادهم بِالْجَوَازِ هُوَ التَّخْيِير بَين الْفِعْل وَالتّرْك وَهُوَ الَّذِي صرح الْغَزالِيّ أَيْضا بِعَدَمِ بَقَائِهِ وَحِينَئِذٍ فَيكون الْخلاف بَينهمَا معنويا على خلاف مَا ادَّعَاهُ ابْن التلمساني من أَن الْخلاف لَفْظِي وَيكون الْجَوَاز الَّذِي كَانَ فِي الْوَاجِب جِنْسا وفصله الْمَنْع من التّرْك قد صَار فَصله بعد النّسخ هُوَ التَّخْيِير بَين الْفِعْل وَالتّرْك فَإِن النَّاسِخ أثبت رفع الْحَرج عَن التّرْك فالماهية الْحَاصِلَة بعد النّسخ مركبة من قيدين أَحدهمَا زَوَال الْحَرج عَن الْفِعْل وَهُوَ مُسْتَفَاد من الْأَمر وَالثَّانِي زَوَاله عَن التّرْك وَهُوَ مُسْتَفَاد من النَّاسِخ وَهَذِه الْمَاهِيّة هِيَ الْمَنْدُوب أَو الْمُبَاح هَكَذَا قَالَه فِي الْمَحْصُول وتلخص من ذَلِك أَنه إِذا نسخ الْوُجُوب بَقِي النّدب أَو الْإِبَاحَة من الْأَمر مَعَ ناسخه لَا من الْأَمر فَقَط

وَصُورَة المسالة أَن يَقُول الشَّارِع نسخت الْوُجُوب أَو نسخت تَحْرِيم التّرْك أَو رفعت ذَلِك فَأَما إِذا نسخ الْوُجُوب بِالتَّحْرِيمِ أَو قَالَ رفعت جَمِيع مَا دلّ عَلَيْهِ الْأَمر السَّابِق من جَوَاز الْفِعْل وَامْتِنَاع التّرْك فَيثبت التَّحْرِيم قطعا وَهَذَا الْخلاف كثيرا مَا يعبر عَنهُ الْفُقَهَاء بقَوْلهمْ إِذا بَطل الْخُصُوص هَل يبطل الْعُمُوم إِذا علمت ذَلِك فللمسألة فروع أَحدهَا تَنْزِيل الْقِرَاءَة الشاذة فِي الِاحْتِجَاج بهَا منزلَة الْخَبَر وَسَيَأْتِي إِيضَاح الْمَسْأَلَة فِي أول الْكتاب الأول الْمَعْقُود للْكتاب الثَّانِي الْخلاف فِي كَرَاهَة الْحجامَة والفصد للصَّائِم فالمجزوم بِهِ فِي الرَّافِعِيّ هُوَ الْكَرَاهَة وَتَابعه فِي الرَّوْضَة عَلَيْهَا ثمَّ جزم أَعنِي النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب بِأَنَّهُمَا خلاف الأولى وَلم يذكر الْكَرَاهَة أصلا وَنَصّ الشَّافِعِي فِي الْبُوَيْطِيّ على مَا يُوَافقهُ فَإِنَّهُ قَالَ وللصائم أَن يحتجم وَتَركه أحب إِلَيّ وَكَذَلِكَ فِي الْإِمْلَاء فِي بَاب نهي الْمُعْتَكف فَقَالَ وَلَا بَأْس أَن يحتجم الصَّائِم هَذَا لَفظه أَيْضا وَمن الْبُوَيْطِيّ

والإملاء نقلت وَنقل عَن الآم كَمَا فِي الْبُوَيْطِيّ وَهُوَ الْمَعْرُوف فِي الْمَذْهَب كَمَا أوضحته فِي الْمُهِمَّات وَجه تَفْرِيع هَذِه الْمَسْأَلَة على هَذِه الْقَاعِدَة أَن قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفطر الحاجم والمحجوم يدل على التَّحْرِيم بِلَا شكّ وَلَكِن ثَبت أَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام احْتجم وَهُوَ صَائِم فَانْتفى التَّحْرِيم ثمَّ إِن قُلْنَا بِأَن الْمُتَكَلّم يدْخل فِي عُمُوم كَلَامه وَأَن كل مَا ثَبت فِي حَقه ثَبت مثله فِي حَقنا إِذا لم يقم دَلِيل على التَّخْصِيص وَهُوَ الصَّحِيح وَإِذا انْتَفَى التَّحْرِيم خَاصَّة بقيت دلَالَة اللَّفْظ الأول على الْمَنْع غير المتحتم وَتَقْرِيره كَمَا فِي عَكسه الثَّالِث لَو أَشَارَ إِلَى حَيَوَان معيب عَيْبا مَانِعا من الْأُضْحِية فَقَالَ جعلت هَذَا أضْحِية أَو نذر التَّضْحِيَة بِهِ ابْتِدَاء وَجب ذبحه لالتزامه كمن أعتق عَن كَفَّارَته معيبا يعْتق ويثاب عَلَيْهِ وَإِن كَانَ لَا يَجْزِي عَن الْكَفَّارَة وَيكون ذبحه قربَة وتفرقة لَحْمه صَدَقَة وَلَا يَجْزِي عَن الضَّحَايَا والهدايا الْمَنْذُورَة لِأَن السَّلامَة مُعْتَبرَة فِيهَا وَهل يخْتَص ذَبحهَا بِيَوْم النَّحْر وتجري مجْرى الضَّحَايَا فِي الْمصرف فِيهِ وَجْهَان أَحدهمَا لَا لِأَنَّهَا لَيست أضْحِية بل شَاة لحم

وأصحهما كَمَا قَالَه فِي أصل الرَّوْضَة وَنَقله الرَّافِعِيّ عَن تَصْحِيح الإِمَام الْغَزالِيّ نعم لِأَنَّهُ أوجبهَا باسم الْأُضْحِية وَقد بَطل الْبَعْض فثبتت بَاقِي الْأَحْكَام فَإِنَّهُ لَا محمل لكَلَامه غَيره الرَّابِع إِذا أَشَارَ إِلَى ظَبْيَة وَقَالَ جعلت هَذِه أضْحِية فَهُوَ لاغ وَإِن أَشَارَ إِلَى فصيل أَو سخلة وَقَالَ جعلت هَذِه أضْحِية فَهَل هُوَ كالظبية أم كالمعيب فِيهِ وَجْهَان أصَحهمَا الثَّانِي الْخَامِس لَو كَانَ فِي ذمَّته أضْحِية أَو هدي بِنذر أَو غَيره فعين عَمَّا عَلَيْهِ حَيَوَانا بِهِ عيب لم يتَعَيَّن وَلم تَبرأ ذمَّته بذَبْحه وَهل يلْزمه ذبح الْمعينَة بِالتَّعْيِينِ ينظر إِن قَالَ عينت هَذِه عَمَّا فِي ذِمَّتِي لم يلْزمه وَإِن قَالَ لله عَليّ أَن أضحي بِهَذِهِ عَمَّا فِي ذِمَّتِي لزمَه على الْأَصَح وَسَتَأْتِي الْإِشَارَة إِلَى هَذِه الْفُرُوع الثَّلَاثَة فِي أثْنَاء الْكتاب لمدرك آخر السَّادِس إِذا بطلت الْجُمُعَة لخُرُوج الْوَقْت أَو نُقْصَان الْأَرْبَعين وَنَحْو ذَلِك فَالْأَصَحّ انقلابها ظهرا وَالْقَائِل بِأَنَّهَا لَا تنْقَلب إِلَى ظهر تَحْتَهُ وَجْهَان

أَحدهمَا انقلابها نَافِلَة وَالثَّانِي بُطْلَانهَا بِالْكُلِّيَّةِ كَمَا لَو تحرم بِالظّهْرِ قبل الزَّوَال وَيحْتَمل مَجِيء التَّفْصِيل بَين الْعَالم بِضيق الْوَقْت وَالْجَاهِل بِهِ وَهَذَا الْكَلَام يَأْتِي نَظِيره فِيمَا إِذا خرج من الِاعْتِكَاف الَّذِي يجب فِيهِ التَّتَابُع بِلَا عذر وَاعْلَم أَنا لما أبطلنا الْخُصُوص فِي مَسْأَلَتنَا أبطلناه إِلَى خُصُوص آخر وَهُوَ الظّهْر وَلم نبطله إِلَى الْعُمُوم مُطلقًا وَهُوَ النَّافِلَة وَهِي دَرَجَة متوسطة السَّابِع يتَيَمَّم للفريضة قبل الْوَقْت فَإِنَّهُ لَا يَصح مُطلقًا على الصَّحِيح وَقيل يَصح للنفل الثَّامِن إِذا نوى الْمُحدث أَو الْجنب بتيممه رفع الْحَدث فَإِنَّهُ لَا يَصح التَّيَمُّم على الصَّحِيح وَقيل يَصح لِأَن نِيَّة الرّفْع تَسْتَلْزِم الْإِبَاحَة وَمثله إِذا نوى دَائِم الْحَدث بوضوئه ذَلِك التَّاسِع إِذا نذر صَوْم يَوْم الْعِيد فَقَالَت الْحَنَفِيَّة يَصح وَيلْزمهُ يَوْم آخر كَمَا لَو قَالَ لله عَليّ صِيَام يَوْم وَهَذَا قِيَاس بَقَاء الْعُمُوم كَمَا قُلْنَاهُ فِي مسَائِل تقدّمت

وَقد رَأَيْت فِي فروع ابْن كج فِي نَظِيره مثله فَقَالَ إِذا قَالَ لله عَليّ صِيَام يَوْم بِغَيْر نِيَّة فقد ذكرنَا أَنه على وَجْهَيْن أَحدهمَا أَنه يلْزمه صِيَامه بنية وَالثَّانِي أَن النّذر بَاطِل هَذِه عِبَارَته وَلَكِن اتّفق الْأَصْحَاب على إبِْطَال النّذر فِي الْمَسْأَلَة الْمَذْكُورَة أَعنِي يَوْم الْعِيد وبالغوا فِي الرَّد على الْحَنَفِيَّة وَفِيه مَا ذَكرْنَاهُ ثمَّ حكى ابْن كج الْوَجْهَيْنِ أَيْضا فِيمَا إِذا كَانَ بِبَغْدَاد مثلا فِي أول ذِي الْحجَّة فَقَالَ لله عَليّ أَن أحج فِي هَذَا الْعَام هَل يلْزمه حجَّة أم لَا ونباهما على مَا إِذا نذر صَوْم نصف يَوْم وَوجه الشّبَه أَن بعض الْعِبَادَة مُمكن وَهُوَ الْإِحْرَام وَإِن حكمنَا عَلَيْهِ بعد ذَلِك بالفوات وَلُزُوم حجه لكنه جزم بِبُطْلَان النّذر إِذا قَالَ لله عَليّ عتق عبد فلَان الْعَاشِر إِذا نذر صَلَاة وَعين لَهَا مَسْجِدا غير الْمَسَاجِد الثَّلَاثَة بَطل التَّعْيِين وَوَجَب الصَّلَاة بِلَا محَالة ويوقعها فِي أَي مَوضِع أَرَادَ الحادري عشر إِذا قَالَ لله تَعَالَى عَليّ أَن آتِي بَيت الله الْحَرَام لزمَه قَصده بِحَجّ اَوْ عمْرَة فَلَو صرح بِنَفْي ذَلِك فَقَالَ بِلَا حج وَلَا عمْرَة فَقيل لَا ينْعَقد نَذره بِالْكُلِّيَّةِ وَقيل ينْعَقد وَيَلْغُو مَا نَفَاهُ وَصَححهُ

فِي الرَّوْضَة من زوائده وَالَّذِي ذكره غير مُنْتَظم كَمَا أوضحته فِي الْمُهِمَّات الثَّانِي عشر قَالَ إِن شفا الله مريضي فَللَّه عَليّ أَن أَتصدق بِعشْرَة على فلَان فشفاه الله تَعَالَى لزمَه التَّصَدُّق عَلَيْهِ فَإِن لم يقبل لم يلْزمه شَيْء كَذَا جزم بِهِ الرَّافِعِيّ قَالَ وَهل لفُلَان مُطَالبَته بالتصدق بعد الشِّفَاء يحْتَمل أَن يُقَال لَهُ ذَلِك كَمَا يُطَالب العَبْد الْمَنْذُور اعتاقه ومستحقو الزَّكَاة إِذا كَانُوا مَحْصُورين انْتهى وَلم يَقُولُوا يبْقى عُمُوم النّذر حَتَّى يصرفهُ إِلَى غَيره وَلم يَقُولُوا أَيْضا بإجباره على الْقبُول كَمَا يجْبر المستحقون المحصورون وَالْفرق أَن النَّاذِر هُوَ الَّذِي كلف نَفسه بذلك وَأما الزَّكَاة فأوجبها الشَّارِع ابْتِدَاء فالامتناع مِنْهَا يُؤَدِّي إِلَى تَعْطِيل أحد الْأَركان الَّتِي بني عَلَيْهَا الْإِسْلَام وَلَو أجَاب زيد بعد الِامْتِنَاع فتعبير الرَّافِعِيّ مشْعر بِأَن الْإِعْطَاء لَهُ لَا يجب وَهُوَ مُتَّجه فَإِنَّهُ إِعْرَاض عَن حق ثَبت لَهُ وَيُؤَيِّدهُ أَنه إِذا وقف على معِين ورد الْمعِين الْقبُول فَإِن الْوَقْف يرْتَد وَإِن قُلْنَا لَا يحْتَاج إِلَى الْقبُول الثَّالِث عشر إِذا بَاعَ السَّيِّد العَبْد الْمَأْذُون أَو أعْتقهُ فَفِي انعزاله وَجْهَان أصَحهمَا كَمَا قَالَه الرَّافِعِيّ فِي بَاب مداينة العبيد أَنه يَنْعَزِل فَلَو قَالَ لَهُ السَّيِّد إِن شِئْت فبع هَذَا وَإِن شِئْت فَلَا ثمَّ اعتقه أَو بَاعه فَلَا يبطل الْإِذْن بِلَا خلاف فَإِن عبر بقوله بِعْ هَذَا أَو بقوله

وَكلتك فِي بَيْعه فَثَلَاثَة أوجه حَكَاهَا الرَّافِعِيّ فِي الْكَبِير من غير تَرْجِيح ثَالِثهَا إِن كَانَ بِلَفْظ الْوكَالَة لم يَنْعَزِل وَإِن كَانَ بِلَفْظ الْأَمر انْعَزل وَقَالَ فِي الشَّرْح الصَّغِير إِن هَذَا الثَّالِث هُوَ أقرب الْوُجُوه وَصحح النَّوَوِيّ فِي تَصْحِيح التَّنْبِيه انعزاله مُطلقًا وَنَقله فِي الرَّوْضَة من زوائده عَن تَصْحِيح الْمَاوَرْدِيّ والجرجاني وَسكت عَلَيْهِ الرَّابِع عشر إِذا فرعنا على أَن الْوَقْف على نَفسه لَا يَصح وعَلى أَن الْوَقْف الْمُطلق وَهُوَ الَّذِي لم يذكر مصرفه يَصح فَقَالَ وقفت على نَفسِي فَالْأَصَحّ بُطْلَانه وَقيل يَصح وَيَلْغُو التَّقْيِيد قَالَ الرَّافِعِيّ وَيَنْبَغِي اطراده فِي الْوَقْف على من لَا يجوز مُطلقًا الْخَامِس عشر قَالَ لزوجته طَلِّقِي نَفسك فَقَالَت أَنا طَالِق إِذا قدم زيد لم يَقع بِهِ شَيْء لِأَن التَّنْجِيز لم توقعه وَالتَّعْلِيق لم يملكهَا إِيَّاه وَقيل يَقع بعد وجود الصّفة كَذَا قَالَه الرَّافِعِيّ قَالَ وَكَذَا حكم تَفْوِيض الْإِعْتَاق إِلَى العَبْد وَلَو خرجوه على قاعدتنا لَكَانَ يَقع الْمُنجز على الصَّحِيح أَو على وَجه السَّادِس عشر إِذا أعتق عبدا عَن كَفَّارَته وَكَانَ بِهِ مَا يمْنَع من الْإِجْزَاء فَإِن الْعتْق ينفذ لَا عَن الْكَفَّارَة كَمَا ذكره الرَّافِعِيّ فِي كتاب الظِّهَار حَتَّى بَالغ فَقَالَ إِذا قَالَ لمكاتبه إِذا عجزت عَن النُّجُوم فَأَنت حر عَن كفارتي

فعجز عتق وَلَا يَجْزِي عَن الْكَفَّارَة لِأَنَّهُ حِين علق لم يكن بِصفة الْإِجْزَاء قَالَ وَكَذَا إِذا قَالَ لكَافِر إِذا أسلمت أَو علق بِخُرُوج الْجَنِين سليما السَّابِع عشر إِذا نذر صَلَاة فَاسِدَة هَل تلْزمهُ صَلَاة صَحِيحَة فِيهِ وَجْهَان فِي بَاب الْإِحْرَام بِالْحَجِّ من زَوَائِد الرَّوْضَة أصَحهمَا وَهُوَ مَا جزم بِهِ فِي كتاب النّذر عدم الِانْعِقَاد وَمثله إِذا نذر أَن يقْرَأ الْقُرْآن جنبا فَإِن نَذره لَا يَصح كَمَا ذكره الرَّافِعِيّ فِي أَوَاخِر كتاب الْأَيْمَان الثَّامِن عشر إِذا قَالَ اعْتِقْ مستولدتك على ألف فَأعْتقهَا نفذ الْعتْق وَثبتت الْألف وَكَانَ ذَلِك افتداء من السَّائِل كاختلاع الْأَجْنَبِيّ وَلَو قَالَ أعْتقهَا عني على ألف فَقَالَ اعتقها عَنْك نفذ الْعتْق ولغت الْإِضَافَة وَهِي التَّعْبِير بقوله عَنْك وعني وَهل يسْتَحق عوضا على وَجْهَيْن أَحدهمَا نعم على إِلْغَاء الْإِضَافَة وَالصَّحِيح أَنه لَا يسْتَحق لِأَنَّهُ الْتَزمهُ على تَقْدِير حُصُول الْعتْق عَنهُ وَلم يحصل

مسألة

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب أَرْكَان الحكم وَهِي الْحَاكِم والمحكوم عَلَيْهِ وَبِه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَسْأَلَة 1 الْأَفْعَال الصادرة من الشَّخْص قبل بعثة الرُّسُل إِن كَانَت اضطرارية كالتنفس فِي الْهَوَاء وَأكل مَا تقوم بِهِ البنية فَهِيَ غير مَمْنُوع مِنْهَا وَأما الاختيارية وَأكل الْفَاكِهَة وَنَحْوهَا فَثَلَاثَة أَقْوَال للشَّافِعِيَّة وَغَيرهم أَحدهَا أَنَّهَا على الْإِبَاحَة وَالثَّانِي على الْحَظْر

وَالثَّالِث وَهُوَ رَأْي الْأَشْعَرِيّ التَّوَقُّف بِمَعْنى عدم الْعلم وَاخْتَارَهُ الصَّيْرَفِي وَالْإِمَام فَخر الدّين

فَإِن قيل قد ذكر الإِمَام أَيْضا فِي آخر الْمَحْصُول وَكَذَلِكَ أَتْبَاعه أَن الأَصْل فِي الْمَنَافِع هُوَ الْإِبَاحَة على الصَّحِيح قُلْنَا الْخلاف هُنَاكَ فِيمَا بعد الشَّرْع بأدلة سمعية إِذا علمت ذَلِك فللمسألة فروع مِنْهَا 1 - إِذا وَقعت وَاقعَة وَلم يُوجد من يُفْتِي فِيهَا فَحكمهَا كَمَا قَالَ فِي الرَّوْضَة فِي كتاب الْقَضَاء حكم مَا قبل وُرُود الشَّرْع قَالَ وَالصَّحِيح فِي ذَلِك أَنه لَا حكم فِيهَا وَلَا تَكْلِيف أصلا وَلَا يُؤَاخذ صَاحب الْوَاقِعَة بِمَا يَفْعَله 2 - وَمِنْهَا لَو خَفِي عَلَيْهِ الْمِقْدَار المعفو عَنهُ من النَّجَاسَة أَو خَفِي عَلَيْهِ جنسه وَلم يجد من يعرفهُ فَيتَّجه بِنَاؤُه على هَذَا الأَصْل لَكِن قَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ فِي أَوَاخِر كِتَابه الْمُسَمّى بالغياثي الْوَجْه أَن يُقَال إِن كَانَ التشاغل بإزالته يُفْضِي إِلَى مشقة تذهله عَن مهمات دينه ودنياه لم تجب إِزَالَته وَإِلَّا وَجَبت وَاعْلَم أَن الْمَاوَرْدِيّ وَالرُّويَانِيّ فِي كتاب الْقَضَاء قد بنيا على هَذَا الْخلاف أَيْضا تَقْرِير النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غَيره على فعل من الْأَفْعَال هَل يدل على الْجَوَاز من جِهَة الشَّرْع أَو من جِهَة الْبَرَاءَة الْأَصْلِيَّة وَكَون الأَصْل هُوَ الْإِبَاحَة

مسألة

فان قُلْنَا أصل الْأَشْيَاء على التَّحْرِيم دلّ التَّقْرِير على الْجَوَاز شرعا وان قُلْنَا أَصْلهَا على الْإِبَاحَة فَلَا وَمن فَوَائِد هَذَا الْخلاف الْأَخير أَن رَفعه هَل يكون نسخا أم لَا فَإِن رفع الْبَرَاءَة الْأَصْلِيَّة بابتداء شَرْعِيَّة الْعِبَادَات لَيْسَ بنسخ على مَا أوضحناه فِي مَوْضِعه مَسْأَلَة 2 هَل يَصح تَعْلِيق التَّكْلِيف بايقاع الْفِعْل مِمَّن لَا يفهم ويعبر عَنهُ بالغافل كَالسَّكْرَانِ وَالْمَجْنُون والنائم وَغَيرهم فِيهِ خلاف مَبْنِيّ على التَّكْلِيف بالمحال فَإِن منعنَا ذَلِك منعنَا هَذَا بطرِيق الأولى وَإِن جوزناه فللأشعري هَهُنَا قَولَانِ نقلهما ابْن التلمساني وَغَيره قَالُوا وَالْفرق أَن التَّكْلِيف هُنَاكَ فِيهِ فَائِدَة وَهِي ابتلاء الشَّخْص واختباره وَفرقُوا بَين التَّكْلِيف بالمحال وتكليف الْمحَال أَي بِإِسْقَاط الْبَاء فَقَالُوا

الأول أَن يكون الْخلَل رَاجعا إِلَى الْمَأْمُور بِهِ وَالثَّانِي ضابطه رُجُوع الْخلَل إِلَى الْمَأْمُور نَفسه كتكليف الغافل إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - أَن السَّكْرَان هَل هُوَ مُكَلّف حَتَّى تصح تَصَرُّفَاته كلهَا سَوَاء كَانَت لَهُ أَو عَلَيْهِ وَإِقَامَة الْحُدُود عَلَيْهِ والتعازير وَنَحْو ذَلِك أم لَا فِيهِ ثَلَاثَة أوجه الصَّحِيح أَنه مُكَلّف وَحكمه حكم الصاحي فِي هَذِه الْأُمُور كلهَا وَثَانِيها لَا وَثَالِثهَا يصلح مَا عَلَيْهِ دون مَاله مُؤَاخذَة وتغليظا وَقد نَص الشَّافِعِي فِي الْأُم فِي بَاب طَلَاق السَّكْرَان على الأول فَقَالَ مَا نَصه فَإِن قَالَ قَائِل فَهَذَا مغلوب على عقله وَالْمَرِيض وَالْمَجْنُون مغلوب على عقله قيل الْمَرِيض مأجور وَيكفر عَنهُ بِالْمرضِ مَرْفُوع عَنهُ الْقَلَم إِذا ذهب عقله وَهَذَا إِثْم مَضْرُوب على السكر غير مَرْفُوع عَنهُ الْقَلَم فَكيف يُقَاس من عَلَيْهِ الْعقَاب بِمن لَهُ الثَّوَاب

هَذَا لَفظه بِحُرُوفِهِ وَمن الْأُم نقلته وَنَقله أَيْضا الرَّوْيَانِيّ فِي الْبَحْر وَهَذَا النَّص الَّذِي ذكرته صَرِيح أَيْضا فِي رد مَا قَالَه الشَّيْخ عز الدّين فِي الْقَوَاعِد إِنَّه لَا ثَوَاب على حُصُول المصائب والآلام وَإِنَّمَا الثَّوَاب على الصَّبْر عَلَيْهَا أَو الرضى بهَا فَإِنَّهُ حكم بأجره مَعَ زَوَال عقله

وَإِذا علمت مَا ذَكرْنَاهُ علمت أَن الصَّحِيح عِنْد الْفُقَهَاء خلاف مَا صَححهُ الأصوليون وَقد غلط النَّوَوِيّ فِي مَوَاضِع من الرَّوْضَة وَغَيرهَا غَلطا فَاحِشا فِي هَذِه الْمَسْأَلَة فَإِن الرَّافِعِيّ قد قَالَ فِي البيع وَالطَّلَاق وَغَيرهمَا إِنَّه يشْتَرط فِي نفوذها التَّكْلِيف فَاعْترضَ النَّوَوِيّ عَلَيْهِ فَقَالَ لَا بُد من اسْتثِْنَاء السَّكْرَان فَإِنَّهُ غير مُكَلّف كَمَا بَينه أَصْحَابنَا فِي الْأُصُول وَمَعَ ذَلِك تصح تَصَرُّفَاته على الصَّحِيح وَالَّذِي قَالَه ذُهُول عَجِيب وغفلة فَاحِشَة فالفقهاء قد قَالُوا بتأثيمه وَإِيجَاب الْحُدُود والتعازير عَلَيْهِ ونفوذ تَصَرُّفَاته كلهَا سَوَاء كَانَت عَلَيْهِ أَو لَهُ فَأَي معنى للتكاليف غير هَذَا وَحَاصِله أَنه غفل فاشتبهت عَلَيْهِ طَريقَة الْفُقَهَاء بطريقة الْأُصُولِيِّينَ

مسألة

مَسْأَلَة 3 لَا يشْتَرط التَّكْلِيف فِي خطاب الْوَضع كجعل الْإِتْلَاف مُوجبا للضَّمَان وَنَحْو ذَلِك وَلِهَذَا تجب الزَّكَاة فِي مَال الصَّبِي وَالْمَجْنُون وَالضَّمان بفعلهما وَفعل الساهي والبهيمة بِالشّرطِ الْمَعْرُوف فِي بَابه وَيتَفَرَّع على ذَلِك أَيْضا فروع فِيهَا نظر مِنْهَا 1 - إِذا جن الْمحرم فَقتل صيدا فَإِن الْجَزَاء لَا يجب فِي أصح الْقَوْلَيْنِ فِي زيادات الرَّوْضَة 2 - وَمِنْهَا إِذا أخرج الْوَدِيعَة من الْحِرْز فَتلفت فَإِن ظن أَنَّهَا ملكه فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ وَإِن كَانَ عَالما ضمن كَذَا ذكره الرَّافِعِيّ وَمثله الِاسْتِعْمَال والخلط وَنَحْوهمَا 3 - وَمِنْهَا إِذا اسْتعْمل الْمُسْتَعِير الْعَارِية بعد رُجُوع الْمُعير جَاهِلا فَلَا أُجْرَة عَلَيْهِ كَمَا نَقله الرَّافِعِيّ فِي آخر كتاب الْعَارِية عَن الْقفال وارتضاه

4 - وَمِنْهَا إِذا أَبَاحَ لَهُ ثَمَرَة بُسْتَان ثمَّ رَجَعَ فَإِن الْآكِل لَا يغرم مَا أكله بعد الرُّجُوع وَقبل الْعلم كَمَا ذكره فِي الْحَاوِي الصَّغِير وَحكى الرَّافِعِيّ فِيهِ وَجْهَيْن من غير تَصْرِيح بتصحيح 5 - وَمِنْهَا إِذا وهبت الْمَرْأَة نوبتها من الْقسم لضرتها ثمَّ رجعت فِي الْهِبَة فَإِنَّهَا لَا تعود إِلَى الدّور من الرُّجُوع على الصَّحِيح بل من حِين الْعلم بِهِ 6 - وَمِنْهَا إِذا رمى إِلَى مُسلم تترس بِهِ الْمُشْركُونَ فَإِن علم إِسْلَامه وَجَبت دِيَته وَإِلَّا فَلَا 7 - وَمِنْهَا إِذا بَاشر الْوَلِيّ الْقصاص من امْرَأَة حاملة جَاهِلا بحملها فَتلف الْحمل فَإِن الْأَصَح فِي الرَّوْضَة وَغَيرهَا أَن الدِّيَة على السُّلْطَان لتَقْصِيره فِي الْبَحْث ثمَّ تحملهَا الْعَاقِلَة 8 - وَمِنْهَا إِذا قتل مُسلما بدار الْحَرْب ظَانّا كفره فَلَا قصاص قطعا وَفِي الدِّيَة قَولَانِ أظهرهمَا عدم الْوُجُوب 9 - وَمِنْهَا إِذا أَمر السُّلْطَان رجلا بقتل رجل بِغَيْر حق والمأمور لَا يعلم فَلَا دِيَة على الْقَاتِل

مسألة

مَسْأَلَة 4 شَرط التَّكْلِيف بِالْفِعْلِ حُصُول التَّمَكُّن مِنْهُ فَإِذا كلفه بِهِ فَلَا بُد أَن يمْضِي زمَان فعله فَإِن كَانَ الْوَقْت ينقص عَن الْفِعْل لم يكن مُكَلّفا بِهِ إِلَّا على القَوْل بِجَوَاز التَّكْلِيف بالمحال قَالَه فِي الْمَحْصُول إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا إِذا دخل وَقت الصَّلَاة وجن أَو حَاضَت الْمَرْأَة أَو نفست وَنَحْو ذَلِك قبل مُضِيّ زمن يَسعهَا فَإِن الْقَضَاء لَا يجب عَلَيْهِ 2 - وَمِنْهَا إِذا أيسر من لم يحجّ ثمَّ مَاتَ من تِلْكَ السّنة قبل التَّمَكُّن من الْحَج فَلَا يجب قَضَاء الْحَج عَنهُ لعدم وُجُوبه عَلَيْهِ بِسَبَب مَا ذَكرْنَاهُ سَوَاء كَانَ يسَاره أَو مَوته فِي أشهر الْحَج أم لَا وَرَأَيْت فِي تَعْلِيق مُحَمَّد ابْن يحيى فِي الْخلاف أَن الْحَج يسْتَقرّ إِذا أيسر فِي

شَوَّال وَمَات فِيهِ ذكره فِي الْكَلَام على أَن الْإِحْرَام بِالْحَجِّ قبل أشهره لَا ينْعَقد 3 - وَمِنْهَا إِذا نذر التَّضْحِيَة فَمَاتَ الْحَيَوَان يَوْم النَّحْر قبل إِمْكَان ذبحه فَلَا ضَمَان أَو بعده وَقبل إنقضاء أَيَّام التَّشْرِيق فَوَجْهَانِ أرجحهما فِي زَوَائِد الرَّوْضَة أَنه لَا ضَمَان كَمَا لَا إِثْم فِي الصَّلَاة 4 - وَمِنْهَا إِذا أحرم وَفِي ملكه صيد وفرعنا على وجوب إرْسَاله فَمَاتَ الصَّيْد قبل التَّمَكُّن مِنْهُ فَفِي ضَمَانه وَجْهَان أصَحهمَا فِي أصل الرَّوْضَة أَنه يجب وَهُوَ مُشكل لعدم تَقْصِيره وَيشْهد لَهُ مَا سبق لَا سِيمَا أَنه لَا يجب عَلَيْهِ إرْسَاله قبل الاحرام بِلَا خلاف كَمَا قَالَه الرَّافِعِيّ وَغَيره 5 - وَمِنْهَا إِذا جَامع فِي رَمَضَان ثمَّ مَاتَ فِي ذَلِك الْيَوْم أَو جن فَلَا كَفَّارَة فِي اصح الْقَوْلَيْنِ للقاعدة الْمَذْكُورَة وَلِهَذَا صححوا أَنه لَا يجب الْقَضَاء وَلَا إمْسَاك على الْحَائِض إِذا طهرت وَالْكَافِر إِذا أسلم وَالْمَجْنُون إِذا أَفَاق وَالصَّبِيّ إِذا بلغ وَهُوَ مفطر وَلَو طَرَأَ الْمَرَض بعد الْوَطْء لم تسْقط الْكَفَّارَة فِي أصح الْوَجْهَيْنِ لِأَن الْمَرَض غير منَاف للصَّوْم

مسألة

مَسْأَلَة 5 الْإِكْرَاه إِن كَانَ ملجئا وَهُوَ الَّذِي لَا يبْقى للشَّخْص مَعَه قدرَة وَلَا اخْتِيَار كالإلقاء من شَاهِق فَلَا يَصح مَعَه تَكْلِيف لَا بِالْفِعْلِ الْمُكْره عَلَيْهِ لضَرُورَة وُقُوعه وَلَا بضده لامتناعه والتكليف بِالْوَاجِبِ وُقُوعه والممتنع وُقُوعه محَال لِأَن التَّكْلِيف شرطة الْقُدْرَة والقادر هُوَ الَّذِي إِن شَاءَ فعل وَإِن شَاءَ ترك وَإِن كَانَ غير ملجىء كَمَا لَو قَالَ إِن لم تكفر أَو تقتل زيدا وَإِلَّا قتلتك وَعلم أَو غلب على ظَنّه أَنه إِن لم يفعل وَإِلَّا قَتله فَلَا يمْتَنع مَعَه التَّكْلِيف بل يَصح أَن يُكَلف وَيدل عَلَيْهِ بَقَاء تَحْرِيم الْقَتْل وَالزِّنَا مَعَ الْإِكْرَاه وَقَالَت الْمُعْتَزلَة يمْتَنع التَّكْلِيف فِي الشَّيْء الْمُكْره عَلَيْهِ لأَنهم يشترطون فِي الْمَأْمُور بِهِ أَن يكون بِحَال يُثَاب عَلَيْهِ وَالْمكْره أَتَى بِالْفِعْلِ لداعي الْإِكْرَاه لَا لداعي الشَّرْع فَلَا يُثَاب عَلَيْهِ وَلَا يمْتَنع فِي نقيضة لِأَنَّهُ إِذا أَتَى بِهِ كَانَ أبلغ فِي إِجَابَة دَاعِي الشَّرْع

وَقَالَ الْغَزالِيّ إِن أَتَى بِهِ لداعي الشَّرْع صَحَّ أَو لداعي الْإِكْرَاه فَلَا إِذا علمت ذَلِك فللمسألة فروع أَحدهَا الْمُكْره على تعَاطِي مبطلات الصَّلَاة وَالصَّوْم الْأَصَح بطلَان الصَّلَاة لندور الْإِكْرَاه فِيهَا وَأما الصَّوْم فَلم يُصَرح الرَّافِعِيّ فِيهِ بتصحيح وَصحح النَّوَوِيّ أَنه لَا يبطل فَاعْلَم ذَلِك كُله الثَّانِي إِكْرَاه الصَّائِم وَالْمحرم على الزِّنَا الْمُتَّجه أَنه يَقْتَضِي فَسَاد عِبَادَته لِأَنَّهُ لَا يحل بِالْإِكْرَاهِ وَلَا يحضرني الْآن فِيهَا نقل إِلَّا أَن عدم وجوب الْحَد قد يرجح عدم الْإِفْسَاد الثَّالِث الْإِكْرَاه على الْإِقَامَة بعد طواف الْوَدَاع وَالْقِيَاس أَنه يكون عذرا الرَّابِع إِذا قُلْنَا يجب التَّصَدُّق على واطىء الْحَائِض فأكره عَلَيْهِ فَالْقِيَاس أَنه لَا يلْزمه شَيْء

الْخَامِس إِذا أكره على ترك الْوضُوء فَتَيَمم نقل الرَّوْيَانِيّ عَن وَالِده أَنه لاقضاء قَالَ النَّوَوِيّ فِي الرَّوْضَة وَغَيرهَا وَفِيه نظر قَالَ لَكِن الرَّاجِح مَا ذكره لِأَنَّهُ فِي معنى من غصب مَاؤُهُ قلت وَالْمُتَّجه خِلَافه لِأَن الْغَضَب كثير مَعْهُود بِخِلَاف الْإِكْرَاه على ترك الْوضُوء السَّادِس إِذا خرج من الْمُعْتَكف أَو من مجْلِس العقد مكْرها لم يبطل تتابعه وخياره على الْمَذْهَب فيهمَا وَهَذَا إِذا منع الْفَسْخ بِأَن حمل من الْمجْلس وسد فَمه فَإِن لم يمْنَع فَوَجْهَانِ أصَحهمَا لَا يَنْقَطِع أَيْضا السَّابِع الْإِكْرَاه على الدّباغ وَالذّبْح يكون محصلا للمقصود وَأما الْإِكْرَاه على تَخْلِيل الْخمر بِلَا عين فَيحْتَمل إِلْحَاقه بتخليل الْمُخْتَار وَيحْتَمل الْقطع بِالطَّهَارَةِ الثَّامِن قبُول الْقَضَاء عِنْد الْإِكْرَاه عَلَيْهِ صَحِيح إِن تعين عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إِكْرَاه بِحَق وَإِن لم يتَعَيَّن فكإكراه الْمَالِك أَجْنَبِيّا على بيع سلْعَته التَّاسِع إِذا أكره المُشْتَرِي على قبض الْمَبِيع هَل يدْخل فِي ضَمَانه وَالْقِيَاس أَنه يدْخل إِن كَانَ الْمُكْره هُوَ البَائِع وَكَانَ ذَلِك فِي حَالَة يجب عَلَيْهِ قَبضه مِنْهُ وَإِن لم يكن كَذَلِك فَلَا

الْعَاشِر إِكْرَاه الْمَغْصُوب مِنْهُ على أكل الْمَغْصُوب أَو إِتْلَافه هَل يبرأ الْغَاصِب يَنْبَنِي على قولي الْغرَر والمباشرة وَالصَّحِيح مِنْهُمَا تَقْدِيم الْمُبَاشرَة الْحَادِي عشر إِذا وقف على سكان مَوضِع فَأخْرج بَعضهم مكْرها فَفِي بطلَان اسْتِحْقَاقه نظر وَلَا يحضرني الْآن نَقله وَلَا يبعد بَقَاء الِاسْتِحْقَاق الثَّانِي عشر إِكْرَاه الذِّمِّيّ على التَّلَفُّظ بِالشَّهَادَتَيْنِ لَا يحصل بِهِ الاسلام فِي الْأَصَح بِخِلَاف الْحَرْبِيّ وَالْمُرْتَدّ الثَّالِث عشر إِذا فعل الْمَحْلُوف عَلَيْهِ مكْرها وَفِيه قَولَانِ أصَحهمَا عدم الْحِنْث مُطلقًا الرَّابِع عشر الْإِكْرَاه بِغَيْر حق على الْعُقُود كَالْبيع وَنَحْوه مَانع لصحتها عندنَا الْخَامِس عشر التَّلَفُّظ بِكَلِمَة الْكفْر تُبَاح بِالْإِكْرَاهِ وَالْأَفْضَل أَن لَا يتَلَفَّظ السَّادِس عشر إِذا أكره على الْقَتْل وَالْقطع وَنَحْو ذَلِك فَإِنَّهُ لَا يُبَاح بِالْإِجْمَاع كَمَا أَشَرنَا إِلَيْهِ وَيجب بِهِ أَيْضا الْقصاص على الْمَشْهُور وَقيل لَا لكَون الْإِكْرَاه أورث شُبْهَة وَلَا شكّ أَن

مَحل الْخلاف فِي غير الْأَنْبِيَاء فَإِن أكره على قتل نَبِي وَجب الْقصاص اتِّفَاقًا وَكَلَامهم فِي الْمُضْطَر يدل عَلَيْهِ السَّابِع عشر الزِّنَا لَا يحل أَيْضا بالِاتِّفَاقِ كَمَا قَالَه الرَّافِعِيّ فِي كتاب الْجِنَايَات وَصرح فِي كتاب الْجِهَاد بِأَنَّهُ لَا فرق فِي عدم الْإِبَاحَة بذلك بَين الرجل وَالْمَرْأَة فاعلمه فَإِنَّهُ مُشكل وَقد جزم الرَّافِعِيّ فِي الْقَضَاء بِمَا يُخَالِفهُ وَتَبعهُ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَة فَقَالَ فصل حكم القَاضِي ضَرْبَان ثمَّ قَالَ فَإِن أكرهت الْمَرْأَة حَتَّى وطِئت فَلَا إِثْم عَلَيْهَا هَذَا كَلَامه وَيَنْبَغِي حمله على مَا إِذا ربطت ووطئت نعم اخْتلفُوا فِي وجوب الْحَد إِن فعل وَالأَصَح كَمَا قَالَه الرَّافِعِيّ فِي كتاب الْحُدُود عدم وُجُوبه وَيحْتَمل جَرَيَان هَذَا الْخلاف فِي تَعْزِير الصَّبِي الْمُمَيز وَإِذا لم يُوجب الْحَد وَاقْتضى الْحَال وجوب الْمهْر فَالْقِيَاس أَن يَأْتِي فِيهِ مَا يَأْتِي فِي إِتْلَاف المَال الثَّامِن عشر السّرقَة وَشرب الْخمر يباحان بِالْإِكْرَاهِ وَقيل لَا يسْقط الْحَد عَن السَّارِق مكْرها حَكَاهُ الرَّافِعِيّ فِي بَاب حد الْخمر

التَّاسِع عشر إِتْلَاف المَال يُبَاح بذلك وَأما الضَّمَان فَيجب على الْآمِر وَهل يُطَالب الْمَأْمُور أَيْضا قَولَانِ أصَحهمَا نعم لَكِن يرجع على الْآمِر إِذا غرم وَقيل لَا رُجُوع لَهُ مُطلقًا وَقيل يرجع بِالنِّصْفِ لِأَنَّهُمَا كالشريكين وإكراه الْمحرم على إِتْلَاف الصَّيْد حكمه كَحكم الْإِكْرَاه على إِتْلَاف مَال الْغَيْر الْعشْرُونَ الْإِكْرَاه على الْإِرْضَاع ولاخلاف فِي ثُبُوت التَّحْرِيم بِهِ وَأما غَرَامَة الْمهْر إِذا انْفَسَخ بِهِ النِّكَاح فَهَل هُوَ على الْمُرضعَة أَو على الْمُكْره فِيهِ وَجْهَان أصَحهمَا الأول كَذَا نَقله الرَّافِعِيّ عَن الرَّوْيَانِيّ وَأقرهُ وَتَبعهُ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَة وَفِيه نظر الْحَادِي وَالْعشْرُونَ إِكْرَاه الزَّوْج على الْوَطْء يُفِيد التَّحْلِيل واستقرار الْمهْر على مَا يَقْتَضِيهِ إِطْلَاق الرَّافِعِيّ وَغَيره وَهُوَ مُتَّجه الثَّانِي وَالْعشْرُونَ إِرْث الْقَاتِل مكْرها فِيهِ خلاف وَالصَّحِيح الْمَنْع

مسألة

مَسْأَلَة 6 الْكفَّار هَل هم مكلفون بِفُرُوع الشَّرِيعَة فِيهِ مَذَاهِب أصَحهمَا نعم قَالَ فِي الْبُرْهَان وَهُوَ ظَاهر مَذْهَب الشَّافِعِي فعلى هَذَا يكون مُكَلّفا بِفعل الْوَاجِب وَترك الْحَرَام وبالاعتقاد فِي الْمَنْدُوب وَالْمَكْرُوه والمباح وَالثَّانِي لَا وَاخْتَارَهُ أَبُو إِسْحَق الإِسْفِرَايِينِيّ

وَالثَّالِث مكلفون بالنواهي دون الْأَوَامِر وَالرَّابِع أَن الْمُرْتَد مُكَلّف دون الْكَافِر الْأَصْلِيّ حَكَاهُ الْقَرَافِيّ عَن الملخص للْقَاضِي عبد الْوَهَّاب قَالَ وَمر بِي فِي بعض الْكتب الَّتِي لَا أستحضرها الْآن أَنهم مكلفون بِمَا عدى الْجِهَاد أما الْجِهَاد فَلَا لِامْتِنَاع قِتَالهمْ أنفسهم وَهَذِه الْمَسْأَلَة مِثَال لقاعدة وَهِي أَن حُصُول الشَّرْط الشَّرْعِيّ هَل هُوَ شَرط فِي صِحَة التَّكْلِيف أم لَا لَا جرم أَن الْآمِدِيّ وَابْن الْحَاجِب وَغَيرهمَا عبروا بالقاعدة الْأَصْلِيَّة إِذا علمت ذَلِك فللمسألة فروع أَحدهَا إِذا زنى الذِّمِّيّ فَإِن فِي وجوب الْحَد عَلَيْهِ وَجْهَيْن حَكَاهُمَا الدَّارمِيّ فِي الاستذكار

وَالصَّحِيح الْوُجُوب وَبِه جزم فِي الرَّوْضَة وَنقل عَن ابْن الْمُنْذر أَن الشَّافِعِي نَص عَلَيْهِ وعَلى أَنه يسْقط عَنهُ بِالْإِسْلَامِ ذكر ذَلِك قبيل عقد الْجِزْيَة قَالَ بِخِلَاف كَفَّارَة الظِّهَار وَالْقَتْل وَالْيَمِين وَنَحْوهَا فَإِنَّهَا لَا تسْقط بِالْإِسْلَامِ على الصَّحِيح وَالْفرق تعلق حق الْآدَمِيّ الثَّانِي إِذا تعاطى شَيْئا يُوجب الْكَفَّارَة على الْمُسلم وَجَبت عَلَيْهِ كَمَا إِذا حلف بَين يَدي القَاضِي مثلا على حق ثمَّ قَامَت فِيهِ عَلَيْهِ الْبَيِّنَة فَإِنَّهُ يلْزمه الْكَفَّارَة كَمَا جزم بِهِ فِي الرَّوْضَة وَتَقَدَّمت الْإِشَارَة إِلَيْهِ الثَّالِث إِذا نذر شَيْئا فَإِنَّهُ لَا يلْزمه الْقيام بِهِ وَقيل يلْزمه إِذا أسلم وَالْوُجُوب فِي المالي هُوَ الْقيَاس سَوَاء أسلم أم لَا فَإِن النِّيَّة لَا تجب فِيهِ وَلِهَذَا يَصح مِنْهُ الْعتْق وَالصَّدَََقَة وَالْوَقْف وَنَحْوهَا

الرَّابِع أَنه هَل يمْنَع من تَعْظِيم الْمُسلم بحني الظّهْر إِذا منعنَا الْمُسلم مِنْهُ قَالَ الرَّافِعِيّ لَا يمْنَع وَخَالفهُ النَّوَوِيّ فَقَالَ إِن مَا قَالَه الرَّافِعِيّ لَا يُوَافق عَلَيْهِ وَلم يذكر غير ذَلِك ومستنده مَا قُلْنَاهُ الْخَامِس إِذا أسلم فَهَل لَهُ أَن يُصَلِّي على قبر من مَاتَ من الْمُسلمين فِي كفره إِذا قُلْنَا لَا يُصَلِّي عَلَيْهِ إِلَّا من كَانَ من أهل الْفَرْض قَالَ صَاحب الذَّخَائِر يَنْبَنِي على أَن الْكفَّار مكلفون أم لَا وَتَبعهُ ابْن الرّفْعَة فِي الْكِفَايَة وَقَالَ الإِمَام الَّذِي أرَاهُ أَنه يُصَلِّي لِأَنَّهُ كَانَ مُتَمَكنًا بِالْإِسْلَامِ فَهُوَ كالمحدث وَقَالَ الْمُتَوَلِي لَا يُصَلِّي ومدرك هَذَا الْخلاف هُوَ ماسبق نعم إِن لم يكن أحد قد صلى على هَذَا الْمَيِّت بِأَن كَانَ الْكَافِر الْمَذْكُور ولدا لَهُ وَلم يكن عِنْده غَيره فَغسله وَدَفنه فَيتَّجه الْجَزْم بِوُجُوب الصَّلَاة وَكَذَا إِذا بلغ الصَّبِي السَّادِس اسْتِئْجَار الذِّمِّيّ للْجِهَاد وَالصَّحِيح جَوَازه السَّابِع جَوَاز إِعَانَة الْمُسلم لَهُ على مَا لَا يحل عندنَا كَالْأَكْلِ وَالشرب فِي نَهَار رَمَضَان بضيافة أَو غَيرهَا فَإِن قُلْنَا لَيْسَ مُكَلّفا بالفروع فَلَا يحرم على الْمُسلم ذَلِك وَإِن قُلْنَا إِنَّه مُكَلّف بهَا فيتخرج على الْخلاف فِيمَا إِذا كَانَ

الزَّوْج مِمَّن يحرم عَلَيْهِ الْوَطْء كالمحرم والصائم فرضا فَأَرَادَ وَطْء زَوجته هَل يجوز لَهَا التَّمْكِين فِيهِ وَجْهَان أصَحهمَا كَمَا قَالَه الرَّافِعِيّ فِي كتاب الْإِيلَاء أَنه لَا يجوز لِأَنَّهُ إِعَانَة على الْحَرَام وَالثَّانِي يجوز وَيجب وَكَذَا لَو تبَايع بعد النداء للْجُمُعَة من عَلَيْهِ الْجُمُعَة مَعَ من لَا تجب عَلَيْهِ وَفِيه وَجْهَان حَكَاهُمَا جمَاعَة وَالأَصَح المجزوم بِهِ فِي الرَّافِعِيّ هُوَ التَّحْرِيم أَيْضا الثَّامِن إِذا قتل الْحَرْبِيّ مُسلما أَو أتلف عَلَيْهِ مَالا ثمَّ اسْلَمْ فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ وَنقل الرَّافِعِيّ عَن أبي إِسْحَق الإِسْفِرَايِينِيّ أَنه يجب ضمانهما إِذا قُلْنَا إِن الْكفَّار مكلفون بالفروع قَالَ وَذكر أَبُو الْحسن الْعَبَّادِيّ أَنه يعزى أَيْضا ذَلِك إِلَى الْمُزنِيّ فِي المنثور قلت نقل العبادى فِي الطَّبَقَات ذَلِك عَن الآستاذ فِيمَا إِذا صَار ذِمِّيا وَأَن الْمُزنِيّ فِي المنثور قَالَ لَو لم يصر ذِمِّيا وَلَكِن غنمنا مَاله فَيقدم دين الْمُسلم ثمَّ قَالَ فَإِن أتلف واسلم فَلَا شَيْء عَلَيْهِ لِأَن الْإِسْلَام يجب مَا قبله هَذَا كَلَام الْعَبَّادِيّ وَهُوَ مُخَالف لنقل الرَّافِعِيّ وَالرَّوْضَة من وَجْهَيْن فقد

يكون الْخلَل حصل فِي نقل أبي الْحسن عَن وَالِده أبي عَاصِم وَقد يكون فِي نقل الرَّافِعِيّ عَن أبي الْحسن بن ابي عَاصِم التَّاسِع إِذا جَاوز الْكَافِر الْمِيقَات مرِيدا للنسك وَأسلم وَأحرم دونه فَإِنَّهُ يجب عَلَيْهِ الدَّم خلافًا للمزني كَذَا ذكره النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب الْعَاشِر إِذا تبَايع ذميان خمرًا بِحُضُور مُسلم لَهُ دين على البَائِع فَأعْطَاهُ الثّمن عَن دينه لم يجْبر على قبُوله فِي الْأَصَح بل لَا يجوز كَمَا قَالَه الرَّافِعِيّ فِي عقد الْجِزْيَة الْحَادِي عشر إِذا قتل الْكَافِر صيدا فِي الْحرم فالمعروف وجوب الْكَفَّارَة عَلَيْهِ وَقَالَ فِي الْمُهَذّب يحْتَمل أَن لايجب وَحَكَاهُ فِي الْبَيَان وَجها وَرجحه الفارقي تلميذ الشَّيْخ الثَّانِي عشر إِذا غصب خمرًا من ذمِّي وَجب ردهَا على الصَّحِيح وَعَلِيهِ مُؤنَة الرَّد الثَّالِث عشر خلْطَة الزَّكَاة لَا أثر لَهَا كَمَا جزم بِهِ الرَّافِعِيّ فِي كتاب

الطَّهَارَة فَإِذا خالطه مُسلم لكل مِنْهُمَا عشرُون مثلا فَالْقِيَاس أَنه يجب على الْمُسلم نصف شَاة لِأَن الزَّكَاة قد وَجَبت عَلَيْهِمَا إِلَّا أَن شَرط الْإِخْرَاج وجد فِي الْمُسلم دون الْكَافِر فنأمره بذلك بِخِلَاف شريك الْمكَاتب االرابع عشر هَل لَهُ نِكَاح الْأمة مَعَ الْيَسَار فِيهِ وَجْهَان أصَحهمَا الصِّحَّة حَتَّى لَو أعْسر ثمَّ اسلما أقررناه على النِّكَاح الْخَامِس عشر إِذا كَانَ جنبا فَلَا يمْنَع من اللّّبْث فِي الْمَسْجِد السَّادِس عشر أصح الْوَجْهَيْنِ أَنه لَا يمْنَع من لبس الْحَرِير فَلَو مَاتَ الذِّمِّيّ وَأَرَادَ قَرِيبه الْمُسلم تكفينه فَهَل لَهُ ذَلِك لِأَن لبسه إِيَّاه فِي حَال الْحَيَاة جَائِز فِيهِ نظر السَّابِع عشر اخْتلفُوا فِي أَن أنكحه الْكفَّار صَحِيحَة أَو فاسده على ثَلَاثَة أَقْوَال أَصَحهَا أَنَّهَا صَحِيحَة وَالثَّانِي فَاسِدَة وَالثَّالِث إِن اجْتمعت شَرَائِط الْمُسلمين كَانَت صَحِيحَة وَإِلَّا ففاسدة وَهَذَا الْخلاف يتَّجه تَخْرِيجه على هَذِه الْقَاعِدَة وَيَنْبَغِي جَرَيَانه فِي الْعُقُود كلهَا

= الكتا ب الأول فِي الْكتاب وَفِيه أَبْوَاب=

الأول في الوضع

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْبَاب الأول فِي اللُّغَات وَفِيه فُصُول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الأول فِي الْوَضع مَسْأَلَة 1 الْكَلَام وَنَحْوه كالقول والكلمة تطلق على اللساني وَهُوَ اللَّفْظ وَتطلق على النفساني وَهُوَ الْمَعْنى الْقَائِم بِالنَّفسِ ثمَّ اخْتلفُوا فَذهب الْمُحَقِّقُونَ كَمَا قَالَه فِي الْمَحْصُول هُنَا إِلَى أَنه مُشْتَرك بَينهمَا وَخَالف فِي بَاب الْأَوَامِر والنواهي

فَقَالَ إِنَّه حَقِيقَة فِي النفساني فَقَط وَذكر ابْن الْحَاجِب فِي بَاب الْأَخْبَار مَا يُوَافق الأول إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - اخْتِلَاف اصحابنا فِي قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام فَإِذا كَانَ يَوْم صِيَام أحدكُم فَلَا يرْفث وَلَا يجهل فَإِن امْرُؤ شاتمه أَو قَاتله فَلْيقل إِنِّي صَائِم هَل يَقُوله بِقَلْبِه أَو لِسَانه وَفِيه وَجْهَان جزم الرَّافِعِيّ بِالْأولِ فَقَالَ قَالَ الْأَئِمَّة كَذَا وَكَذَا وَمَعْنَاهُ أَنه يذكر نَفسه بذلك لينزجر فَإِنَّهُ لَا معنى لذكره بِاللِّسَانِ إِلَّا إِظْهَار الْعِبَادَة وَهُوَ رِيَاء وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي الْأَذْكَار وَفِي لُغَات التَّنْبِيه أظهر الْوَجْهَيْنِ أَنه يَقُوله بِلِسَانِهِ وَقَالَ فِي شرح الْمُهَذّب إِنَّه الْأَقْوَى قَالَ فَإِن جمع بَينهمَا

مسألة

فَحسن وَقَالَ إِنَّه يسْتَحبّ تكراره مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا لِأَن ذَلِك أقرب إِلَى إمْسَاك صَاحبه عَنهُ وَحكى الرَّوْيَانِيّ فِي الْبَحْر وَجها وَاسْتَحْسنهُ أَنه إِن كَانَ صَوْم رَمَضَان فيقوله بِلِسَانِهِ وَإِن كَانَ نفلا فبقلبه وَحذف فِي الرَّوْضَة مَا نَقله الرَّافِعِيّ عَن الْأَئِمَّة 2 - وَمِنْهَا إِذا حلف أَن لَا يتَكَلَّم أَو لَا يقْرَأ أَو لَا يذكر فَإِنَّهُ لَا يَحْنَث إِلَّا بِمَا يتَكَلَّم بِهِ بِلِسَانِهِ دون مَا يجْرِي على قلبه 3 - وَمِنْهَا قَالُوا فِي حد الْغَيْبَة إِنَّهَا ذكر الشَّخْص بِمَا يكرههُ بِشُرُوطِهِ الْمَعْرُوفَة ثمَّ قَالَ الْغَزالِيّ فِي الْإِحْيَاء وَتَبعهُ عَلَيْهِ النَّوَوِيّ فِي الْأَذْكَار إِنَّهَا تحصل بِالْقَلْبِ كَمَا تحصل بِاللَّفْظِ 4 - وَمِنْهَا صِحَة النّذر بِدُونِ لفظ فِيهِ وَجْهَان وَالأَصَح عدم الصِّحَّة مَسْأَلَة 2 ذهب الشَّيْخ أَبُو الْحسن الْأَشْعَرِيّ إِلَى أَن اللُّغَات توقيفية وَمَعْنَاهُ أَن الله تَعَالَى وَضعهَا ووقفنا عَلَيْهَا أَي أعلمنَا بهَا وَاخْتَارَهُ ابْن الْحَاجِب وَصَاحب الْمَحْصُول فِي الْكَلَام على الْقيَاس فِي اللُّغَات وَقَالَ الْآمِدِيّ إِنَّه الْحق

وَذهب أَبُو هَاشم إِلَى أَنَّهَا اصطلاحية وَقَالَ الْأُسْتَاذ أَبُو اسحاق الإِسْفِرَايِينِيّ الْأَلْفَاظ الَّتِي يَقع بهَا التَّنْبِيه إِلَى الِاصْطِلَاح توقيفية وَالْبَاقِي مُحْتَمل وَفِي الْمَحْصُول قَول رَابِع أَن ابْتِدَاء اللُّغَات اصطلاحي وَالْبَاقِي مُحْتَمل وَتوقف القَاضِي أَبُو بكر فِي الْمَسْأَلَة وَنَقله فِي الْمَحْصُول عَن جُمْهُور الْمُحَقِّقين وَذهب عباد بن سُلَيْمَان وَطَائِفَة إِلَى أَن الْأَلْفَاظ لَا تحْتَاج إِلَى وضع بل تدل بذاتها لما بَينهَا وَبَين مَعَانِيهَا من الْمُنَاسبَة كَذَا نَقله فِي الْمَحْصُول وَمُقْتَضى كَلَام الْآمِدِيّ فِي النَّقْل عَنهُ أَن الْمُنَاسبَة مَشْرُوطَة لَكِن لَا بُد من الْوَضع إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - الْمَعْرُوفَة بِمهْر السِّرّ وَالْعَلَانِيَة وَهِي مَا إِذا تزوج الرجل امْرَأَة بِأَلف وَكَانَا قد اصطلحا على تَسْمِيَة الْألف بِأَلفَيْنِ فَهَل الْوَاجِب ألف وَهُوَ مَا يَقْتَضِيهِ

الِاصْطِلَاح اللّغَوِيّ أَو أَلفَانِ نظرا إِلَى الْوَضع الْحَادِث فِيهِ خلاف وَالصَّحِيح اعْتِبَار اللُّغَة 2 - وَمِنْهَا إِذا قَالَ يَا حَلَال يَا ابْن الْحَلَال وهما فِي الْخُصُومَة وَنوى الزِّنَا فَلَا حد عَلَيْهِ على الصَّحِيح لِأَن اللَّفْظ لَا يحْتَملهُ وَإِنَّمَا هُوَ من بَاب التَّعْرِيض هَكَذَا قَالُوهُ وَمَا ذَكرُوهُ فِيهِ وَفِي أَمْثَاله يَصح على قَوْلنَا إِنَّهَا توقيفية وَهُوَ الصَّحِيح فَإِن قُلْنَا اصطلاحية فَلَا وَلقَائِل أَن يَقُول لم لَا وَجب مُطلقًا لِأَن اللَّفْظَيْنِ بَينهمَا علاقَة صَحِيحَة وَهِي المضادة فَيكون مجَازًا صَحِيحا مُعْتَبرا فِي كَلَام الْعَرَب وَقد اعْترف بِهِ الْمُتَكَلّم 3 - وَمِنْهَا إِذا قَالَ لزوجته أَنْت عَليّ حرَام اَوْ قَالَ حَلَال الله عَليّ حرَام أَو الْحَرَام يلْزَمنِي وَنَحْو ذَلِك فَهَل هُوَ صَرِيح أَو كِنَايَة فِيهِ وَجْهَان صحّح الرَّافِعِيّ الأول وَالنَّوَوِيّ الثَّانِي فَإِن قُلْنَا اللُّغَات اصطلاحية كفى اشتهارها فِي الْعرف والاستعمال الْعَام عَن النِّيَّة فَتكون صَرِيحَة وَهُوَ مَا صَححهُ الرَّافِعِيّ وَإِن قُلْنَا إِنَّهَا توقيفية فَلَا تخرج عَن وَضعهَا بل تسْتَعْمل فِي غَيره على سَبِيل التَّجَوُّز فَإِن نوى وَقع وَإِلَّا فَلَا وَهُوَ الصَّحِيح عِنْد النَّوَوِيّ 4 - وَمِنْهَا البيع الْمُسَمّى يالتلجئة بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة وَالْجِيم وَصورته أَن يخَاف غصب مَاله أَو الْإِكْرَاه على بَيْعه فيلجأ إِلَى إِنْسَان فيتفق مَعَه على صُدُور لفظ الْإِيجَاب وَالْقَبُول لَا لحقيقة البيع وَلَكِن لدفع المتغلب عَلَيْهِ ثمَّ يَبِيعهُ بيعا مُطلقًا وَفِيه وَجْهَان أصَحهمَا الصِّحَّة اعْتِبَار بِالْوَضْعِ

5 - وَمِنْهَا حَيْثُ قُلْنَا إِن من طلق أَو أعتق أَو حلف بِالطَّلَاق أَو غَيره لَا يدين فِي إِرَادَة الْمَعْنى من اللَّفْظ إِنَّمَا يَصح على القَوْل بِأَن اللُّغَات توقيفية وَأما على الِاصْطِلَاح فَيتَعَيَّن الرُّجُوع إِلَيْهِم 6 - وَمِنْهَا إِذا غلط الإِمَام فنبه الْمَأْمُوم بقوله سُبْحَانَ الله قَاصِدا للتّنْبِيه فَقَط أَو توقفت عَلَيْهِ الْقِرَاءَة فَردهَا بِهَذَا الْقَصْد أَو كبر الْمبلغ قَاصِدا التَّبْلِيغ وَنَحْو ذَلِك فَإِن صلَاته تبطل كَذَا ذكره الرَّافِعِيّ فِي بَاب شُرُوط الصَّلَاة من الْمُحَرر والشرحين وَإِن كَانَ كَلَام الْمِنْهَاج وَالرَّوْضَة لَا يُؤْخَذ مِنْهُ ذَلِك وَمَا قَالَه الرَّافِعِيّ فِي التَّسْبِيح وَنَحْوه ظَاهر على قَوْلنَا إِن اللُّغَات اصطلاحية فَإِن قُلْنَا إِنَّا توقيفية فتتجه الصِّحَّة لِأَن الْفظ مَوْضُوع للتنزيه وَمُجَرَّد الْقَصْد لَا أثر لَهُ وَقد يُوَجه الْبطلَان بِأَنَّهُ إِذا صرفه إِلَى خطاب الْآدَمِيّين امْتنع الثَّوَاب عَلَيْهِ والتحق بالْكلَام نعم اشكل من هَذَا كُله مَا إِذا لم يقْصد شَيْئا بِالْكُلِّيَّةِ فَإِن النَّوَوِيّ فِي دقائق الْمِنْهَاج قد جزم فِيهِ بالإبطال وَقَالَ فِي شرح الْمُهَذّب إِنَّه ظَاهر كَلَام المُصَنّف وَغَيره لِأَنَّهُ يشبه كَلَام الْآدَمِيّين قَالَ وَيَنْبَغِي ان يُقَال إِن انْتهى الرَّاد فِي مَوضِع قِرَاءَته إِلَيْهِ لم تبطل وَإِلَّا بطلت وَالصَّوَاب وَهُوَ حَاصِل كَلَام الْحَاوِي الصَّغِير أَنَّهَا لَا تبطل مُطلقًا وَبِه جزم الْحَمَوِيّ فِي

مسألة

شرح الْوَسِيط 7 - وَمِنْهَا هَل تجوز التَّلْبِيَة بلغَة غير الْعَرَبيَّة مَعَ مَعْرفَتهَا يَنْبَنِي على الْخلاف فِي نَظِيره من تسبيحات الصَّلَاة لِأَنَّهُ ذكر مسنون كَذَا قَوْله الْمُتَوَلِي فِي التَّتِمَّة وَالصَّحِيح فِي التسبيحات وَسَائِر الْأَذْكَار المستحبة كالتشهد الأول والقنوت وتكبيرات الِانْتِقَالَات والأدعية المأثورة مَنعه للقادر بِخِلَاف الْعَاجِز فَإِنَّهُ يجوز على الْأَصَح وَحِينَئِذٍ فتمتنع التَّلْبِيَة للقادر على مَا قَالَه فِي التَّتِمَّة وَيتَّجه بِنَاء الْخلاف على أَن اللُّغَات توقيفية أم لَا لَكِن الْأَقْوَى جَوَازًا التَّلْبِيَة مُطلقًا بِخِلَاف أذكار الصَّلَاة فَإِن الْكَلَام فِيهَا مُفسد من حَيْثُ الْجُمْلَة فَأمكن التحاق ذَلِك بِهِ عِنْد الْقَائِل بالتوقيف بِخِلَاف الْكَلَام فِي الْحَج مَسْأَلَة 3 الْقِرَاءَة الشاذة كَقِرَاءَة ابْن مَسْعُود فِي كَفَّارَة الْيَمين فَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام متابعات هَل تنزل منزلَة الْخَبَر أم لَا وَالصَّحِيح عِنْد الْآمِدِيّ وَابْن الْحَاجِب أَنه لَا يحْتَج بهَا وَنَقله الْآمِدِيّ عَن الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ

وَقَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ فِي الْبُرْهَان إِنَّه ظَاهر مَذْهَب الشَّافِعِي لِأَن الرَّاوِي لم ينقلها خَبرا وَالْقُرْآن يثبت بالتواتر لَا بالآحاد وَخَالف أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ فَذهب الى الِاحْتِجَاج بهَا وَبنى عَلَيْهِ وجوب التَّتَابُع فِي كَفَّارَة الْيَمين لقِرَاءَة ابْن مَسْعُود ثَلَاثَة أَيَّام متابعات وَجزم النَّوَوِيّ فِي شرح مُسلم بِمَا قَالَه الإِمَام ذكر ذَلِك فِي الْكَلَام على قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام شغلونا عَن الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر وَفِي غَيره أَيْضا وَمَا قَالُوهُ جَمِيعه خلاف مَذْهَب الشَّافِعِي وَخلاف قَول جُمْهُور أَصْحَابه فقد نَص الشَّافِعِي فِي موضِعين من مُخْتَصر الْبُوَيْطِيّ على أَنَّهَا حجَّة ذكر ذَلِك فِي بَاب الرَّضَاع وَفِي بَاب تَحْرِيم الْحَج وَجزم بِهِ الشَّيْخ أَبُو حَامِد فِي الصّيام وَفِي الرَّضَاع وَالْمَاوَرْدِيّ فِي الْمَوْضِعَيْنِ ايضا وَالْقَاضِي ابو الطّيب فِي موضِعين من تعليقته أَحدهمَا الصّيام وَالثَّانِي فِي بَاب وجوب الْعمرَة وَالْقَاضِي الْحُسَيْن فِي الصّيام والمحاملي فِي الْأَيْمَان من كِتَابه الْمُسَمّى عدَّة الْمُسَافِر وكفاية الْحَاضِر وَابْن يُونُس شَارِح التَّنْبِيه فِي كتاب

مسألة

الْفَرَائِض فِي الْكَلَام على مِيرَاث الْأَخ للْأُم وَجزم بِهِ الرَّافِعِيّ فِي بَاب حد السّرقَة وَالَّذِي وَقع للْإِمَام فقلده فِيهِ النَّوَوِيّ مُسْتَنده عدم إِيجَابه للتتابع فِي كَفَّارَة الْيَمين بِالصَّوْمِ مَعَ قِرَاءَة ابْن مَسْعُود السَّابِقَة وَهُوَ وضع عَجِيب فَإِن عدم الْإِيجَاب يجوز أَن يكون لعدم ثُبُوت ذَلِك عَن الشَّافِعِي أَو لقِيَام معَارض مَسْأَلَة 4 الإنشاءات يَتَرَتَّب مَعْنَاهَا على تَرْتِيب لَفظهَا فَإِذا قَالَ لغير الْمَدْخُول بهَا أَنْت طَالِق وَطَالِق وَطَالِق لم تقع إِلَّا وَاحِدَة لِأَنَّهَا بَانَتْ بِالْأولَى إِذا تقرر ذَلِك فَمن فروعه المشكلة عَلَيْهِ

1 - مَا إِذا قَالَ لزوجته الَّتِي لم يدْخل بهَا إِن دخلت الدَّار فَأَنت طَالِق وَطَالِق وَطَالِق أَو قدم الْجَزَاء فَقَالَ أَنْت طَالِق وَطَالِق وَطَالِق إِن دخلت الدَّار فَدخلت وَقعت الثَّلَاث فِي أصح الْأَوْجه وَسَيَأْتِي إِيضَاح بَاقِي الْفُرُوع فِي الْفَصْل الثَّامِن

الفصل الثاني في تقسيم الألفاظ

الْفَصْل الثَّانِي فِي تَقْسِيم الْأَلْفَاظ مَسْأَلَة 1 الْفِعْل الْمُضَارع الْمُثبت كَقَوْلِنَا زيد يقوم فِيهِ خَمْسَة أَقْوَال حَكَاهَا أَبُو حَيَّان الْمَشْهُور مِنْهَا وَهُوَ ظَاهر كَلَام سِيبَوَيْهٍ أَنه مُشْتَرك بَين الْحَال والاستقبال قَالَ ابْن مَالك إِلَّا أَن الْحَال يتَرَجَّح عِنْد التجرد وَفِيه نظر

وَالثَّانِي حَقِيقَة فِي الْحَال مجَاز فِي الِاسْتِقْبَال وَالثَّالِث عَكسه وَالرَّابِع أَنه فِي الْحَال حَقِيقَة وَلَا يسْتَعْمل فِي الِاسْتِقْبَال اصلا لَا حَقِيقَة وَلَا مجَازًا وَالْخَامِس عَكسه إِذا علمت ذَلِك فيتخرج على الْمَسْأَلَة فروع الأول قَالَ لزوجته طَلِّقِي نَفسك فَقَالَت أطلق فَلَا يَقع فِي الْحَال شَيْء لِأَن مطلقه للاستقبال فَإِن قَالَت الْمَرْأَة أردْت الْإِنْشَاء وَقع فِي الْحَال كَذَا نَقله الرَّافِعِيّ عَن البوشنجي زَاد فِي الروضه فَقَالَ هُوَ كَمَا قَالَ وَلَا يُخَالِفهُ قَول النجَاة إِن الْحَال أولى بِهِ إِذا تجرد لِأَنَّهُ لَيْسَ صَرِيحًا فِي الْحَال وعارضه أصل بَقَاء النِّكَاح هَذَا كَلَامه قلت وَمَا ذكره كَلَام نَاقص لِأَنَّهُ إِذا لم يكن صَرِيحًا فِي الْحَال فَلَا يلْزم تعين الِاسْتِقْبَال لِأَن الْمُشْتَرك لَا يتَعَيَّن أحد محمليه إِلَّا بمرجح فَيَنْبَغِي الِاقْتِصَار على التَّمَسُّك بِأَن الأَصْل بَقَاء النِّكَاح نعم لقَائِل أَن يَقُول مَذْهَب الشَّافِعِي حمل الْمُشْتَرك على جَمِيع مَعَانِيه فَإِذا قَالَ مثلا وَالله لَأَضرِبَن زيدا فَلَا يبر إِلَّا بضربه الْآن وضربه بعد ذَلِك وَلَا شكّ فِي جَرَيَان مَا ذكره الرَّافِعِيّ فِي سَائِر الْعُقُود والفسوخ الثَّانِي إِذا قَالَ أقسم بِاللَّه لَأَفْعَلَنَّ وَأطلق فَالْأَصَحّ أَنه يكون يَمِينا وَلَا يحمل على الْوَعْد

الثَّالِث إِذا قيل للْكَافِرِ آمن بِاللَّه أَو أسلم لله فَأتى الْكَافِر بِصِيغَة الْمُضَارع فَقَالَ أومن أَو أسلم فَإِنَّهُ يكون مُؤمنا وَلَا نحمله أَيْضا على الْوَعْد قِيَاسا على مَا سبق فِي أقسم كَذَا نَقله الرَّافِعِيّ عَن الْمِنْهَاج للحليمي وَأقرهُ الرَّابِع إِذا قَالَ الْمُدعى عَلَيْهِ أَنا أقرّ بِمَا يَدعِيهِ وَقِيَاس مَا سبق أَن يُقَال إِن قُلْنَا إِن الْمُضَارع حَقِيقَة فِي الْحَال فَقَط كَانَ إِقْرَارا وَإِن قُلْنَا فِي الْمُسْتَقْبل فَقَط فَلَا لِأَنَّهُ وعد فَإِن قُلْنَا إِنَّه مُشْتَرك وحملنا الْمُشْتَرك على جَمِيع مَعَانِيه إِذا لم تقم قرينَة كَانَ ايضا إِقْرَارا وَإِن قُلْنَا لَا يحمل فَإِن جَوَّزنَا الِاسْتِعْمَال سُئِلَ عَن المُرَاد وَعمل بِهِ فَإِن تعذر فَلَا شَيْء عَلَيْهِ عملا بِالْأَصْلِ إِذا علمت ذَلِك كُله فقد حكى الرَّافِعِيّ فِي الْمَسْأَلَة وَجْهَيْن وَاقْتضى كَلَامه أَن الْأَكْثَرين على أَنه لَيْسَ بِإِقْرَار وَهُوَ مُوَافق للصحيح وَهُوَ كَونه مُشْتَركا لَكِن إِذا قُلْنَا بِأَنَّهُ لَا يحمل عَلَيْهِمَا الْخَامِس إِذا أوصى بِمَا تحمله هَذِه الشَّجَرَة أَو الْجَارِيَة فَإِنَّهُ يعْطى الْحمل الْحَادِث دون الْمَوْجُود فَحَمَلُوهُ هُنَا على الِاسْتِقْبَال خَاصَّة السَّادِس إِذا قَالَ الْكَافِر أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله إِلَى آخِره فَإِنَّهُ يكون مُسلما بالِاتِّفَاقِ حملا لَهُ على الْحَال

السَّابِع إِذا أَتَى الشَّاهِد عِنْد الْحَاكِم بِصِيغَة اشْهَدْ فَإِنَّهَا تقبل بالِاتِّفَاقِ حملا أَيْضا على الْحَال الثَّامِن إِذا أسلم الْكَافِر على ثَمَان نسْوَة مثلا فَقَالَ لأَرْبَع أريدكن ولأربع لَا اريدكن حصل التَّعْيِين بذلك كَذَا نَقله الرَّافِعِيّ عَن الْمُتَوَلِي ثمَّ زَاد عَلَيْهِ فَقَالَ وَقِيَاس مَا سبق أَن التَّعْيِين يحصل بِمُجَرَّد قَوْله أريدكن قلت وَلَا يخفى قِيَاس الْفُرُوع من النَّظَائِر السَّابِقَة ثمَّ إِن حُصُول التَّعْيِين بِمُجَرَّد الْإِرَادَة فِيهِ نظر فَإِن الْإِرَادَة هِيَ ميل الْقلب ونجد النَّاس كثيرا مَا يُرِيدُونَ الشَّيْء وَلَا يبرزونه فِي الْخَارِج التَّاسِع إِذا قَالَ امْرَأَة من يَشْتَهِي أَن يفعل كَذَا طَالِق تعلّقت الْيَمين بشهوته فِي الْحَال لَا فِي الْمُسْتَقْبل قَالَه الْغَزالِيّ فِي فَتَاوِيهِ الْعَاشِر لَو قَالَ لشخص أَتُرِيدُ أَن أطلق زَوجتك فَقَالَ نعم كَانَ توكيلا فِي طَلاقهَا قَالَه القَاضِي الْحُسَيْن قبيل طَلَاق الْمَرِيض من تَعْلِيقه وَفِيه مَا سبق إِلَّا أَن الْإِرَادَة من الوجدانيات الَّتِي لَا قدرَة لَهُ على تَحْصِيلهَا فإخباره بهَا يدل على وُقُوعهَا الْآن

مسألة

مَسْأَلَة 2 الْمُضَارع الْمَنْفِيّ بِلَا يتَخَلَّص إِلَى الِاسْتِقْبَال عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَقَالَ الْأَخْفَش إِنَّه بَاقٍ على صلاحيته للأمرين وَاخْتَارَهُ ابْن مَالك فِي التسهيل فَإِن دخلت عَلَيْهِ لَام الِابْتِدَاء أَو حصل النَّفْي بليس أَو مَا أَو إِن مضارعا كَانَ أَو غَيره فَفِي تَعْيِينه للْحَال مذهبان الْأَكْثَرُونَ كَمَا قَالَه فِي أَوَائِل التسهيل على أَنه يتَعَيَّن ثمَّ صحّح فِي الْكَلَام على مَا الحجازية خِلَافه إِذا علمت ذَلِك فينبني على هَذِه الْمسَائِل مسَائِل 1 - مِنْهَا إِذا حلف بِهَذِهِ الصِّيَغ وَلَا يخفى وَجه التَّفْرِيع وَمن هَذِه التفاريع مَا إِذا قَالَ لَا أنكر مَا تدعيه وَالْقِيَاس وَهُوَ مَا أجَاب بِهِ الْهَرَوِيّ فِي الإشراف أَنا إِن قُلْنَا النكرَة فِي سِيَاق النَّفْي تعم كَانَ إِقْرَارا لِأَن الْفِعْل نكرَة وَإِن قُلْنَا لَا تعم لم يكن إِقْرَارا وَقد أجَاب الرَّافِعِيّ بخلاصة هَذَا فَجزم بِأَنَّهُ يكون إِقْرَارا

مسألة

وَلم يحملهُ على الْوَعْد وَسَيَأْتِي أَيْضا مثله فِي اسْم الْفَاعِل 2 - وَمِنْهَا إِذا أذن الْمُرْتَهن للرَّاهِن فِي عتق الْمَرْهُون ورد الرَّهْن الاذن وَقَالَ لَا أعْتقهُ ثمَّ أعْتقهُ قَالَ فِي الْبَحْر قَالَ وَالِدي رَحمَه الله يحْتَمل وَجْهَيْن انْتهى وَقَرِيب من هَذَا وَجْهَان ذكرهمَا ابْن الرّفْعَة فِي بَاب الْوكَالَة من الْكِفَايَة فِي أَن إِبَاحَة الطَّعَام هَل ترد بِالرَّدِّ أم لَا وَمِنْهَا إِذا قَالَ الْوَصِيّ لَا أقبل هَذِه الْوَصِيَّة فَإِنَّهُ يكون ردا لَهَا كَمَا جزم بِهِ الرَّافِعِيّ فِي نَظِيره من الْوكَالَة مَسْأَلَة 3 الْكَلَام هَل يشْتَرط فِيهِ أَن يكون من نَاطِق وَاحِد فِيهِ مذهبان الصَّحِيح كَمَا قَالَ شَيخنَا فِي الارتشاف إِنَّه لَا يشْتَرط إِذا علمت ذَلِك فَمن فَوَائده 1 - مَا إِذا كَانَ لَهُ وكيلان أَو وصيان مستقلان فَنَطَقَ أَحدهمَا بِلَفْظ وكمله الآخر أَو كَانَ لَهُ وَكيل وَاحِد فَنَطَقَ بذلك وكمله الْمُوكل كَمَا لَو وَكله بِطَلَاق زَوجته فَقَالَ الْوَكِيل أَنْت وَقَالَ الْمُوكل طَالِق

مسألة

2 - وَمِنْهَا إِذا قَالَ لي عَلَيْك ألف فَقَالَ الْمُدعى عَلَيْهِ إِلَّا عشرَة أَو غير عشرَة وَنَحْو ذَلِك فَقَالَ فِي التَّتِمَّة الْمَذْهَب أَنه لَا يكون مقرا بِالْبَاقِي ومدرك الْخلاف مَا قُلْنَاهُ وَعلل فِي التَّتِمَّة عدم الْإِقْرَار بِأَنَّهُ لم يصدر مِنْهُ إِلَّا نفي بعض مَا قَالَه خَصمه وَنفي الشَّيْء لَا يدل على ثُبُوت غَيره وَلم يُعلل الْوَجْه الآخر مَسْأَلَة 4 إِذا أمكن إِعْمَال اللَّفْظ فَهُوَ أولى من إلغائه إِذا علمت ذَلِك فَمن فروعه 1 - مَا إِذا قَالَ لزوجته إِن دخلت الدَّار أَنْت طَالِق أَعنِي بِحَذْف الْفَاء من أول الْجَزَاء وَهُوَ أَنْت فَإِن الطَّلَاق لَا يَقع قبل الدُّخُول وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن يَقع لعدم صَلَاحِية الْجَزَاء بِسَبَب عدم صَلَاحِية الْفَاء فَحمل على الِاسْتِئْنَاف وَدَلِيلنَا مَا تقدم

كَذَا ذكره الطَّبَرِيّ أَبُو عبد الله الْحُسَيْن فِي عدته حكما وتعليلا وَنقل الرَّافِعِيّ عدم الْوُقُوع عَن جمَاعَة ثمَّ نقل عَن البوشنجي أَنه يسْأَل فَإِن قَالَ أردْت التَّنْجِيز حكم بِهِ وَمَا قَالَه البوشنجي لَا إِشْكَال فِيهِ إِلَّا أَنه يشْعر بِوُجُوب سُؤَاله 2 - وَمِنْهَا إِذا قَالَ وقفت هَذَا على أَوْلَادِي وَلَيْسَ لَهُ إِلَّا أَوْلَاد أَوْلَاد حمل عَلَيْهِم كَمَا جزم بِهِ الرَّافِعِيّ لتعذر الْحَقِيقَة وصونا للفظ عَن الْإِبْطَال 3 - وَمِنْهَا إِذا كَانَ لَهُ زقان أَحدهمَا خمر وَالْآخر خل فَقَالَ أوصيت لزيد بِأَحَدِهِمَا صَحَّ وَحمل على الْخلّ كَذَا ذكره القَاضِي الْحُسَيْن فِي تَعْلِيقه وأيده بِمَا نَص عَلَيْهِ الشَّافِعِي فِي الْوَصِيَّة فِيمَا إِذا أوصى بطبل من طبوله وَله طبل لَهو وطبل حَرْب إِنَّهَا تصح وَيحمل على الْجَائِز وَكَذَا لَو قَالَ لزوجته وحمار إِحْدَاكُمَا طَالِق بِخِلَاف زَوجته وأجنبيته فَإِن فِي تعْيين الزَّوْجَة وَجْهَيْن لكَون الْأَجْنَبِيَّة من حَيْثُ الْجُمْلَة قَابِلَة

الفصل الثالث في الاشتقاق

الْفَصْل الثَّالِث فِي الِاشْتِقَاق مَسْأَلَة 1 إِطْلَاق الْمُشْتَقّ كاسم الْفَاعِل وَاسم الْمَفْعُول بِاعْتِبَار الْحَال حَقِيقَة بِلَا نزاع وإطلاقه بِاعْتِبَار الْمُسْتَقْبل كَقَوْلِه تَعَالَى {إِنَّك ميت وَإِنَّهُم ميتون} مجَاز قطعا وَإِن كَانَ بِاعْتِبَار الْمَاضِي فَفِيهِ مَذَاهِب أَصَحهَا عِنْد الإِمَام فَخر الدّين واتباعه أَنه مجَاز سَوَاء أمكن مقارنته لَهُ كالضرب وَنَحْوه أَو لم يُمكن كَالْكَلَامِ وَطَرِيق من أَرَادَ الاطلاق الْحَقِيقِيّ فِي الْكَلَام وَنَحْوه كالشعر وَالْخطْبَة وَالْخَبَر أَن يَأْتِي بِهِ مُقَارنًا لآخر جُزْء وَالثَّانِي أَنه حَقِيقَة مُطلقًا

وَالثَّالِث التَّفْصِيل بَين الْمُمكن وَغَيره وَتوقف الْآمِدِيّ وَابْن الْحَاجِب فَلم يصححا فِي الْمَسْأَلَة شَيْئا وَمحل الْخلاف فِيمَا إِذا لم يطْرَأ على الْمحل وصف وجودي يُنَاقض الْمَعْنى الأول أَو يضاده وَذَلِكَ كَالزِّنَا وَالْقَتْل وَالْأكل وَالشرب فَإِن طَرَأَ من الموجودات مَا يُنَاقض أَو يضاد كالسواد مَعَ الْبيَاض وَالْقِيَام مَعَ الْقعُود فَإِنَّهُ يكون مجَازًا إتفاقا هَذَا حَاصِل مَا ذكره الإِمَام الْآمِدِيّ وَغَيرهمَا وَصرح بن التبريزي فِي اخْتِصَار الْمَحْصُول وَضَبطه بالضابط الْمُتَقَدّم وَهَذَا كُله إِذا كَانَ الْمُشْتَقّ مَحْكُومًا بِهِ كَقَوْلِك زيد مُشْرك أَو قَاتل أَو مُتَكَلم فَإِن كَانَ مَحْكُومًا عَلَيْهِ كَقَوْلِه تَعَالَى {الزَّانِيَة وَالزَّانِي فاجلدوا} {وَالسَّارِق والسارقة فَاقْطَعُوا} {فَاقْتُلُوا الْمُشْركين} وَنَحْوه فَإِنَّهَا حَقِيقَة مُطلقًا سَوَاء كَانَ للْحَال أم لم يكن وَقد اسْتدلَّ عَلَيْهِ الْقَرَافِيّ بِأَنَّهُ لَو لم يكن كَذَلِك لامتنع الِاسْتِدْلَال

بالنصوص السَّابِقَة فِي زَمَاننَا لِأَنَّهَا مُسْتَقْبلَة بِاعْتِبَار زمن الْخطاب عِنْد إِنْزَال الْآيَة وَالْأَصْل عدم التَّجَوُّز وَلَا قَائِل بامتناع الِاسْتِدْلَال إِذا علمت ذَلِك فيتفرع عَلَيْهِ مسَائِل الأولى لَو عزل عَن الْقَضَاء فَقَالَ امْرَأَة القَاضِي طَالِق فَفِي وُقُوع الطَّلَاق عَلَيْهِ وَجْهَان حَكَاهُمَا الرَّافِعِيّ فِي آخر تَعْلِيق الطَّلَاق عَن أبي الْعَبَّاس الرَّوْيَانِيّ وَالْمَسْأَلَة لَهَا الْتِفَات إِلَى قَوَاعِد أَحدهَا مَا ذَكرْنَاهُ وَالثَّانيَِة الْمُفْرد الْمحلى بأل هَل يعم أم لَا وَالثَّالِثَة الْمُتَكَلّم هَل يدْخل فِي عُمُوم كَلَامه أم لَا وَالرَّابِعَة إِقَامَة الظَّاهِر مقَام الْمُضمر وَالْمَسْأَلَة الثَّانِيَة إِذا قَالَ الْكَافِر أَنا مُسلم هَل يحكم بِإِسْلَامِهِ أم لَا فِيهِ اخْتِلَاف وَقع فِي كَلَام الرَّافِعِيّ وَالرَّوْضَة أوضحته فِي الْمُهِمَّات فَإِن جَعَلْنَاهُ حَقِيقَة فِي الْحَال كَانَ مُؤمنا وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ لَو قَالَ أَنا أسلم بعد ذَلِك لم يلْزم بِالْإِسْلَامِ وَوجه عدم إِسْلَامه مُطلقًا أَنه قد يُسَمِّي دينه الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ إسلاما الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة إِذا قَالَ أَنا مقرّ بِمَا يَدعِيهِ أَو لست مُنْكرا فَإِنَّهُ يكون إِقْرَارا بِخِلَاف مَا لَو قَالَ أَنا مقرّ وَلم يقل بِهِ فَإِنَّهُ لَا يكون إِقْرَارا لاحْتِمَال أَن يُرِيد اقرار بِأَنَّهُ لَا شَيْء عَلَيْهِ وَبِخِلَاف

مَا لَو أَتَى بالمضارع فَإِنَّهُ لَا يكون إِقْرَارا وَإِن أَتَى بالضمير مَعَه فِي أصح الْوَجْهَيْنِ وَذَلِكَ بِأَن يَقُول أقرّ بِهِ وَسَببه أَن الْمُضَارع مُشْتَرك على الْمَعْرُوف كَمَا تقدم إيضاحه فِي الْفَصْل قبله الرَّابِعَة إِذا نَادَى زَوجته فَقَالَ يَا طَالِق فَإِنَّهُ صَرِيح نعم لَو ادّعى أَنه أَرَادَ الْمَاضِي فَيقبل إِذا ثَبت وُقُوع ذَلِك مِنْهُ لِأَنَّهَا قرينَة دَالَّة على مَا ادَّعَاهُ من التَّجَوُّز الْخَامِسَة قَالَ وقفت على سكان مَوضِع كَذَا فَغَاب بَعضهم سنة وَلم تبع دَاره وَلَا استبدل دَارا فَإِن حَقه لَا يبطل كَذَا نَقله الرَّافِعِيّ عَن الْعَبَّادِيّ وَأقرهُ هُوَ وَالنَّوَوِيّ عَلَيْهِ مَعَ أَن السكان جمع اسْم فَاعل وَهُوَ سَاكن وَلَيْسَ الْوَصْف قَائِما بِهِ فِي هَذِه الْحَالة وَيُؤَيِّدهُ مَا قَالُوهُ فِي الْأَعْيَان لَو حلف لَا يسكن هَذِه الدَّار فَخرج مِنْهَا بِنَفسِهِ لم يَحْنَث سَوَاء كَانَ بنية التَّحَوُّل أم لَا وَمُقْتَضى تَعْبِير الرَّافِعِيّ أَنه لَا فرق فِي ذَلِك بَين الْغَيْبَة حَال الْوَقْف أَو بعْدهَا السَّادِسَة أَن أَصْحَابنَا لما قَالُوا بِكَرَاهَة السِّوَاك للصَّائِم بعد الزَّوَال مستدلين بقوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لخلوف الحَدِيث اخْتلفُوا

فِي أَن كَرَاهَة السِّوَاك للصَّائِم تَنْتَهِي بالغروب أم تبقى إِلَى الْفطر فالأكثرون على الأول وَقَالَ الشَّيْخ أَبُو حَامِد بِالثَّانِي كَذَا نَقله النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب وَالْخلاف مَبْنِيّ على مَا ذَكرْنَاهُ وَذكر الْمُحب الطَّبَرِيّ فِي شرح التَّنْبِيه أَن يكره للصَّائِم إِذا أَرَادَ الشّرْب أَن يتمضمض ويمجه لِأَنَّهُ إِزَالَة أثر يُحِبهُ الله تَعَالَى وَالَّذِي قَالَه يَقْتَضِي بَقَاء الْكَرَاهَة إِلَى الْإِفْطَار وَهُوَ أوضح مِمَّا قَالَه النَّوَوِيّ إِلَّا أَنه يَقْتَضِي كَرَاهَة إِزَالَته فِي النَّهَار ضحى بالمضمضة فِي الْوضُوء وَفِيه نظر السَّابِعَة قَالَ وقفت على حفاظ الْقُرْآن الْكَرِيم لم يدْخل فِيهِ من كَانَ حَافِظًا ونسيه قَالَه فِي الْبَحْر الثَّامِنَة وقف على وَرَثَة زيد وَزيد حَيّ لم يَصح لِأَن الْحَيّ لَا وَرَثَة لَهُ قَالَه فِي الْبَحْر وَلَو قيل يَصح حملا للفظ على الْإِضْمَار وَالتَّقْدِير على ورثته لَو مَاتَ الْآن لَكَانَ مُحْتملا التَّاسِعَة قَالَ لزوجاته الْأَرْبَع كلما ولدت وَاحِدَة مِنْكُن فصواحباتها طَوَالِق فولدن كُلهنَّ فَلَهُنَّ أَحْوَال إِحْدَاهَا ان يلدن مَعًا قتطلق كل وَاحِدَة ثَلَاثًا وعدة جَمِيعهنَّ بِالْأَقْرَاءِ

الثَّانِي أَن يلدن مُرَتبا فِيهِ وَجْهَان الْأَصَح مِنْهُمَا أَنه إِذا ولدت الأولى طلقت كل وَاحِدَة من الْبَاقِيَات طَلْقَة فَإِذا ولدت الثَّانِيَة انْقَضتْ عدتهَا وَبَانَتْ وَتَقَع على الأولى بِوِلَادَة هَذِه طَلْقَة وعَلى كل وَاحِدَة من الآخرتين طَلْقَة إِن بقيت عدتهَا فَإِذا ولدت الثَّالِثَة انْقَضتْ عدتهَا عَن طَلْقَتَيْنِ وَوَقع على الأولى طَلْقَة ثَانِيَة إِن بقيت فِي الْعدة أَو على الرَّابِعَة طَلْقَة ثَالِثَة فَإِذا ولدت الرَّابِعَة انْقَضتْ عدتهَا عَن ثَلَاث طلقات وَوَقعت ثَالِثَة على الأولى وعدة الأولى بِالْأَقْرَاءِ وَفِي استئنافها الْعدة للطلقة الثَّانِيَة وَالثَّالِثَة الْخلاف فِي طَلَاق الرَّجْعِيَّة وَالْوَجْه الثَّانِي أَن الأولى لَا تطلق أصلا وَتطلق كل وَاحِدَة من الأخريات طَلْقَة وَاحِدَة وتنقضي عددهن بولادتهن لِأَن الثَّلَاث فِي وَقت ولادَة الأولى صواحبها لِأَن الْجَمِيع زَوْجَات فيطلقن طَلْقَة طَلْقَة فَإِذا طلقن خرجن عَن كونهن صَوَاحِب الأولى وَكَون الأولى صَاحِبَة لَهُنَّ فَلَا يُؤثر بعد ولادتهن فِي حَقّهَا وَلَا فِي حق بَعضهنَّ وَمن قَالَ بِطَلَاق زَوْجَاته دخلت الرَّجْعِيَّة فِيهِ الثَّالِث أَن تلدن ثِنْتَانِ مَعًا ثمَّ ثِنْتَانِ مَعًا فعلى الْوَجْه الأول تطلق كل وَاحِدَة فِي من الأولتين بِوِلَادَة الْأُخْرَى طَلْقَة وكل وَاحِدَة من الآخرتين بِوِلَادَة الأولتين طَلْقَتَيْنِ فَإِذا ولدت الآخرتان طلقت كل وَاحِدَة من الأولتين طَلْقَتَيْنِ آخرتين وَلَا يَقع على الآخرتين

شَيْء آخر وتنقضي عدتهما بولادتهما على الْمَذْهَب وعَلى نَصه فِي الْإِمْلَاء يَقع على كل وَاحِدَة مِنْهُمَا طَلْقَة وَاحِدَة وتعتدان بِالْأَقْرَاءِ وعَلى الْوَجْه الثَّانِي تطلق كل وَاحِدَة من الأولتين طَلْقَة وكل وَاحِدَة من الآخرتين طَلْقَتَيْنِ فَقَط وتنقضي عدَّة الآخرتين بِالْولادَةِ وَتعْتَد الأولتان بِالْأَقْرَاءِ على الْوَجْهَيْنِ الرَّابِع أَن تَلد ثَلَاثًا مِنْهُنَّ مَعًا ثمَّ الرَّابِعَة فَتَقَع على الرَّابِعَة ثَلَاث تَطْلِيقَات بِلَا خلاف وَتطلق كل وَاحِدَة من الأوليات على الْوَجْه الأول ثَلَاثًا مِنْهَا طَلْقَتَانِ بِوِلَادَة اللَّتَيْنِ ولدتا مَعًا وثالثة بِوِلَادَة الرَّابِعَة إِن بَقينَ فِي الْعدة وعَلى الْوَجْه الثَّانِي لَا تطلق كل وَاحِدَة من الثَّلَاث إِلَّا طَلْقَتَيْنِ وَلَو كَانَ الْأَمر بِالْعَكْسِ ولدت وَاحِدَة ثمَّ ولدت الثَّلَاث مَعًا فعلى الْوَجْه الأول تطلق كل وَاحِدَة من الثَّلَاث طَلْقَة بِوِلَادَة الأولى ثمَّ تَنْقَضِي عدتهن بولادتهن فَلَا يَقع عَلَيْهِنَّ شَيْء آخر على الْمَذْهَب وعَلى نَصه فِي الْإِمْلَاء يَقع على كل وَاحِدَة طَلْقَتَانِ آخرتان ويعتدون بِالْأَقْرَاءِ وَالْأولَى تطلق بولادتهن ثَلَاثًا وعَلى الْوَجْه الثَّانِي لَا يَقع على الأولى شَيْء وَيَقَع على كل وَاحِدَة من الْبَاقِيَات طَلْقَة فَقَط الْخَامِس أَن تَلد ثِنْتَانِ على التَّرْتِيب ثمَّ ثِنْتَانِ مَعًا فَتَقَع على الأولى ثَلَاث بولادتهن وعَلى كل وَاحِدَة من الْبَاقِيَات طَلْقَة بِوِلَادَة الأولى فَإِذا ولدت الثَّانِيَة انْقَضتْ عدتهَا وَوَقعت على كل وَاحِدَة من الآخرتين طَلْقَة أُخْرَى فَإِذا ولدت الآخرتان انْقَضتْ عدتهما بولادتهما وَلَا يَقع على وَاحِدَة مِنْهُمَا شَيْء بِوِلَادَة صاحباتها على الْمَذْهَب هَذَا قِيَاس الْوَجْه الأول وعَلى الْوَجْه الثَّانِي لَا يَقع على الأولى شَيْء وَلَا على

كل وَاحِدَة الْبَاقِيَات إِلَّا طَلْقَة وَلَو ولدت ثِنْتَانِ مَعًا ثمَّ ثِنْتَانِ مُرَتبا فعلى قِيَاس الْوَجْه الأول تطلق كل وَاحِدَة من الأولتين بولادتهما طَلْقَة وكل وَاحِدَة من الآخرتين طَلْقَتَيْنِ فَإِذا ولدت الثَّالِثَة انْقَضتْ عدتهَا وَطلقت كل وَاحِدَة من الأولتين طَلْقَة أُخْرَى إِن بَقِيَتَا فِي الْعدة وَطلقت الرَّابِعَة طَلْقَة ثَالِثَة فَإِذا ولدت انْقَضتْ عدتهَا وَطلقت كل وَاحِدَة من الأولتين طَلْقَة ثَالِثَة إِن بَقِيَتَا فِي الْعدة وعَلى قِيَاس الْوَجْه الثَّانِي لَا تطلق كل وَاحِدَة من الأولتين إِلَّا طَلْقَة وَلَا كل وَاحِدَة من الآخرتين إِلَّا طَلْقَتَيْنِ

الفصل الرابع في الترادف والتأكيد

الْفَصْل الرَّابِع فِي الترادف والتأكيد مَسْأَلَة 1 هَل يلْزم إِقَامَة كل من المترادفين مقَام الآخر حَيْثُ يَصح النُّطْق بِأَحَدِهِمَا فِي تركيب يلْزم أَن يَصح النُّطْق فِيهِ بِالْآخرِ فِيهِ مَذَاهِب

أَصَحهَا عِنْد ابْن الْحَاجِب اللُّزُوم لِأَن الْمَقْصُود من التَّرْكِيب إِنَّمَا هُوَ الْمَعْنى دون اللَّفْظ فَإِذا صَحَّ النُّطْق مَعَ أحد اللَّفْظَيْنِ وَجب بِالضَّرُورَةِ أَن يَصح مَعَ اللَّفْظ الآخر لِأَن مَعْنَاهُمَا وَاحِد وَالثَّانِي لَا يجب مُطلقًا وَاخْتَارَهُ فِي الْحَاصِل والتحصيل وَقَالَ فِي الْمَحْصُول إِنَّه الْحق لِأَن صِحَة الضَّم قد تكون من عوارض الْأَلْفَاظ أَيْضا لِأَنَّهُ يَصح قَوْلك خرجت من الدَّار مَعَ أَنَّك لَو أبدلت لَفْظَة من وَحدهَا بمرادفها بِالْفَارِسِيَّةِ لم يجز قَالَ وَإِذا عقلنا ذَلِك فِي لغتين لم يمْتَنع وُقُوع مثله فِي اللُّغَة الْوَاحِدَة وَالثَّالِث وَصَححهُ الْبَيْضَاوِيّ أَنَّهُمَا إِن كَانَا من لُغَة وَاحِدَة وَجب لما قُلْنَاهُ أَولا وَإِن كَانَا من لغتين فَلَا لِأَن إِحْدَى اللغتين بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأُخْرَى مُهْملَة فاختلاط اللغتين يسْتَلْزم ضم مهمل إِلَى مُسْتَعْمل قلت وَالْحق مَا قَالَه الإِمَام لِأَن التَّرْكِيب الْخَاص قد يَقع فِيهِ مَا يمْنَع من اسْتِعْمَال الآخر فِي مَوْضِعه وَبَيَانه من وُجُوه

مِنْهَا أَنه يَصح قَوْلك مَرَرْت بِصَاحِب زيد وَلَا يَصح مَرَرْت بِذِي زيد وَإِن كَانَت ذُو مرادفة لصَاحب لِأَن صِيغَة ذِي لَا تُضَاف إِلَّا إِلَى اسْم جنس ظَاهر وَأَجَازَ بَعضهم إِضَافَته إِلَى الْمُضمر وَمِنْهَا أَن اسْم الْفِعْل للْغَائِب كهيهات بِمَعْنى بعد بِضَم الْعين فَلَا يَقع فَاعله ضميرا مُنْفَصِلا وَلَا ظَاهرا بعد إِلَّا فَلَا نقُول مَا هَيْهَات إِلَّا زيد وَلَا زيد مَا هَيْهَات إِلَّا هُوَ وَيصِح ذَلِك مَعَ بعد وَمِنْهَا الَّذِي مَعَ أل الموصولة وَكَذَلِكَ جَاوز مَعَ مر إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - تَكْبِيرَة الْإِحْرَام تصح بِغَيْر الْعَرَبيَّة إِن لم يحسن الْعَرَبيَّة وَإِن أحْسنهَا فَلَا لما فِي الصَّلَاة من التَّعَبُّد بل لَو أَتَى بِالْعَرَبِيَّةِ وَلَكِن عبر بالرحمن أَو بالرحيم فَإِنَّهُ لَا يَصح أَيْضا على الصَّحِيح وَأما التَّرْجَمَة فِي النِّكَاح وَالرَّجْعَة وَالسَّلَام فَفِيهَا ثَلَاثَة أوجه أَصَحهَا فِي الْأَوَّلين الصِّحَّة مُطلقًا وَفِي السَّلَام التَّفْصِيل بَين من يحسن الْعَرَبيَّة وَمن لَا يحسنها إِلَّا أَن التَّصْحِيح فِي السَّلَام من زَوَائِد الرَّوْضَة فَإِن صححنا فِي النِّكَاح فَحَمله إِذا فهم كل مِنْهُمَا لفظ الآخر فَإِن لم يفهمهُ وَلَكِن أخبرهُ ثِقَة عَن معنى لَفظه فَفِي الصِّحَّة وَجْهَان وَيصِح الْخلْع وَالطَّلَاق والبياعات وَغَيرهَا من الْمُعَامَلَات وَيصِح

اللّعان بِغَيْر الْعَرَبيَّة إِن لم يحسن الْعَرَبيَّة فَإِن أحْسنهَا فَكَذَلِك فِي الْأَصَح وَأما الْإِسْلَام فَيصح مُطلقًا وَفِي بَاب الظِّهَار من زَوَائِد الرَّوْضَة وَجه فِي اشْتِرَاط الْعَرَبيَّة للقادر عَلَيْهَا 2 - وَمِنْهَا مَا قَالَه الرَّافِعِيّ فِي كتاب الدَّعَاوَى أَنه إِذا قَالَ القَاضِي قل وَالله فَقَالَ والرحمن لم يَقع الْموقع حَتَّى لَو صمم عَلَيْهِ كَانَ ناكلا وَلَو أبدل الْحَرْف كَمَا لَو قَالَ قل بِاللَّه فَقَالَ وَالله أَو تالله فَفِي الحكم بِنُكُولِهِ وَجْهَان 3 - وَمِنْهَا رِوَايَة الحَدِيث بِالْمَعْنَى للعارف وَفِيه مَذَاهِب أَصَحهَا عِنْد الإِمَام فَخر الدّين والآمدي وَغَيرهمَا الجوازا وَالثَّانِي الْمَنْع وَالثَّالِث نَقله الْمَاوَرْدِيّ وَالرُّويَانِيّ كِلَاهُمَا فِي بَاب الْقَضَاء أَنه يجوز للصحابي وَلَا يجوز لغيره بل جزما بِأَنَّهُ لَا يجوز لغير الصَّحَابِيّ وَجعل مَحل الْخلاف فِيهِ وَالرَّابِع وَهُوَ الَّذِي رأى الْمَاوَرْدِيّ فَقَالَ الَّذِي أرَاهُ أَنه إِن كَانَ يحفظ اللَّفْظ لم يجز أَن يرويهِ بِغَيْرِهِ لِأَن فِي كَلَام الرَّسُول من الفصاحة مَا لَا يُوجد فِي غَيره وَإِن لم يحفظه جَازَ لِأَنَّهُ قد تحمل اللَّفْظ والمعني وَعجز عَن احدهما فَلَزِمَهُ أَدَاء الآخر لَا سِيمَا ان تَركه قد يكون تركا للْأَحْكَام ثمَّ قَالَا أَعنِي الْمَاوَرْدِيّ وَالرُّويَانِيّ إِنَّا إِذا جَوَّزنَا فشرطه أَن يكون مُسَاوِيا لَهُ فِي الْجلاء والخفاء وَإِلَّا فَيمْتَنع كَقَوْلِه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام

لَا طَلَاق فِي إغلاق فَلَا يجوز التَّعْيِين عَنهُ بِالْإِكْرَاهِ وَإِن كَانَ هُوَ مَعْنَاهُ لِأَن الشَّارِع لم يذكرهُ كَذَلِك إِلَّا لمصْلحَة فنكل استنباطه للْعُلَمَاء ثمَّ جعلا مَحل الْخلاف فِي غير الْأَوَامِر والنواهي وجزما بِالْجَوَازِ فيهمَا ومثلا الْأَوَامِر بقوله عَلَيْهِ السَّلَام اقْتُل الأسودين الْحَيَّة وَالْعَقْرَب فَيجوز أَن يُقَال أَمر بِقَتْلِهِمَا وَالنَّهْي بقوله لَا تَبِيعُوا الذَّهَب بِالذَّهَب إِلَّا سَوَاء بِسَوَاء فَيجوز أَن يُقَال نهى عَن كَذَا وَكَذَا لِأَن افْعَل أَمر وَلَا تفعل نهي قلت وَمَا ذكرَاهُ بَاطِل مَرْدُود لِأَن لفظ افْعَل للْوُجُوب بِخِلَاف لفظ الْأَمر وَلَا تفعل للتَّحْرِيم بِخِلَاف لفظ النَّهْي كَمَا أوضحته فِي شرح منهاج الْأُصُول وستعرفه أَيْضا فِي مَوْضِعه 4 - وَمِنْهَا أَن قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام أمرت أَن أقَاتل النَّاس حَتَّى

يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا الله وَمُقْتَضَاهُ تعْيين هَذَا اللَّفْظ وَلَكِن ذكر الْحَلِيمِيّ فِي الْمِنْهَاج أَنه يقوم مقَامه أَلْفَاظ أُخْرَى ونقلها عَنهُ الرَّافِعِيّ فِي آخر كتاب الرِّدَّة وأقرها وَفِي بَعْضهَا نظر لكَونه لَيْسَ مرادفا حَقِيقَة فَقَالَ وَيحصل الْإِسْلَام بقوله لَا إِلَه غير الله وَلَا إِلَه سوى الله وَمَا عدا الله وَلَا إِلَه إِلَّا الرَّحْمَن أَو الْبَارِي أَو لَا رَحْمَن وَلَا باري إِلَّا الله أَو لَا ملك أَو لَا رَازِق إِلَّا الله وَكَذَا لَو قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الْعَزِيز أَو الْعَظِيم أَو الْحَلِيم أَو الْكَرِيم وبالعكوس وَلَو قَالَ أَحْمد أَبُو الْقَاسِم رَسُول الله فَهُوَ كَقَوْلِه مُحَمَّد هَذَا آخر كَلَام الْحَلِيمِيّ وَذكر النَّوَوِيّ فِي التَّحْقِيق والأذكار وَغَيرهمَا أَنه لَو قَالَ فِي التَّشَهُّد اللَّهُمَّ صل على أَحْمد لم يكف بِخِلَاف النَّبِي وَالرَّسُول وَمُقْتَضى كَلَامهم أَنه لَو عبر فِي التَّشَهُّد أَيْضا بالرسول عوضا عَن النَّبِي الْمَذْكُور فِي أَوَائِله وبالنبي عوضا عَن الرَّسُول الْمَذْكُور فِي آخِره لم يكف وَفِي صَحِيح البُخَارِيّ أَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لما علم الصَّحَابِيّ الذّكر الْمَعْرُوف الَّذِي فِي أَثْنَائِهِ آمَنت بكتابك الَّذِي أنزلت وَنَبِيك الَّذِي

مسألة

أرْسلت فشرع الصَّحَابِيّ يُعِيد مَا سَمعه ليحفظه فَعبر بقوله وبرسولك الَّذِي أرْسلت فَقَالَ لَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لَا قل وَنَبِيك الَّذِي أرْسلت أما إِذا لم يقل أَيهَا النَّبِي بل عبر بمحمدا وَأحمد فَلَا شكّ أَنه لَا يَكْفِي لفَوَات الْإِقْرَار بالرسالة أَو النُّبُوَّة مَسْأَلَة 2 التوكيد تَقْوِيَة مَدْلُول مَا ذكر بِلَفْظ آخر وَهُوَ إِمَّا معنوي كَقَوْلِك جَاءَ الْقَوْم كلهم أَجْمَعُونَ وَقد يكون لفظيا أَي بِإِعَادَة اللَّفْظ الأول بِعَيْنِه كَقَوْلِك جَاءَ الْقَوْم جَاءَ الْقَوْم أَي بالتكرار وَفِيه مسَائِل الأولى اتَّفقُوا على أَن التَّأْكِيد على خلاف الأَصْل لِأَن الأَصْل فِي وضع الْكَلَام إِنَّمَا هُوَ إفهام السَّامع مَا لَيْسَ عِنْده فَإِذا دَار اللَّفْظ بَين التأسيس والتأكيد تعين حمله على التأسيس وفروع الْمَسْأَلَة كَثِيرَة وَاضِحَة وَلَكِن للنَّظَر مجَال فِي مسَائِل 1 - مِنْهَا إِذا كرر الْمُنجز فَقَالَ أَنْت طَالِق أَنْت طَالِق وَلم ينْو شَيْئا فَفِيهِ قَولَانِ أصَحهمَا حمله على الِاسْتِئْنَاف وَلَو

كرر طَالقا فَقَط فَقَالَ الْجُمْهُور إِنَّه على الْقَوْلَيْنِ وَالصَّحِيح كَمَا تقدم وَقَالَ القَاضِي حُسَيْن تقع وَاحِدَة قطعا 2 - وَمِنْهَا إِذا كرر الْجُمْلَة الشّرطِيَّة كلهَا بِأَن قَالَ إِن دخلت الدَّار فَأَنت طَالِق ثمَّ أعَاد اللَّفْظ ثَانِيًا وثالثا فَدخلت قَالَ الرَّافِعِيّ فِي بَاب تعدد الطَّلَاق ينظر إِن قصد التأكد فَوَاحِدَة وَإِن قصد الِاسْتِئْنَاف فَثَلَاث وَإِن أطلق فعلى أَيهمَا يحمل قَالَ الْبَغَوِيّ فِيهِ قَولَانِ بِنَاء على مَا لَو حنث فِي أَيْمَان بِفعل وَاحِد هَل تَتَعَدَّد الْكَفَّارَة وَقَالَ الْمُتَوَلِي يحمل على التَّأْكِيد إِذا لم يحصل فصل أَو حصل وَلَكِن اتَّحد الْمجْلس فَإِن اخْتلف فعلى أَيهمَا يحمل فِيهِ وَجْهَان وَإِذا حمل على التَّأْكِيد فَيَقَع عِنْد الدُّخُول طَلْقَة أم تعدد فِيهِ وَجْهَان بِنَاء على تعدد الْكَفَّارَة وَعدمهَا وَلَا فرق فِي الصُّور كلهَا بَين الْمَدْخُول بهَا وَغَيرهَا لأَنا إِذا قُلْنَا بالتعدد فَيَقَع الْجَمِيع دفْعَة وَاحِدَة حَال الدُّخُول وَالَّذِي

نَقله الرَّافِعِيّ عَن التَّتِمَّة فِيهِ غلط نبهت عَلَيْهِ فِي الْمُهِمَّات 3 - وَمِنْهَا إِذا كرر الْجُمْلَة الشّرطِيَّة فَقَط أَي دون الْجَزَاء كَقَوْلِه إِن دخلت الدَّار إِن دخلت الدَّار فَأَنت طَالِق فَهَل يكون تأسيسا حَتَّى لَا تطلق إِلَّا بِالدُّخُولِ مرَّتَيْنِ وَيصير كَأَنَّهُ قَالَ إِن دخلت بعد أَن دخلت الدَّار كَمَا لَو اخْتلف الشَّرْط فَقَالَ إِن دخلت هَذِه إِن دخلت تِلْكَ أَو تَأْكِيدًا لِأَنَّهُ الْمُتَبَادر فِي مثل ذَلِك وَأَيْضًا فَلِأَن أَصَالَة التأسيس عارضها أَصَالَة بَقَاء الْعدَد فِيهِ نظر وَالْمَنْقُول عَن مُحَمَّد بن الْحسن صَاحب أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ هُوَ الثَّانِي وَيَأْتِي هَذَا النّظر أَيْضا فِيمَا إِذا أخر الشَّرْطَيْنِ أَو فرقهما فَقَالَ إِن دخلت الدَّار فَأَنت طَالِق إِن دَخَلتهَا نعم إِن ادّعى الْمُعَلق أَنه أَرَادَهُ فَيقبل مِنْهُ كَمَا لَو كرر أَنْت طَالِق 4 - وَمِنْهَا إِذا كرر الْمُتَكَلّم مَا النافية فَقَالَ مثلا مَا مَا قَامَ زيد فالمفهوم من كَلَام الْعَرَب كَمَا قَالَه شَيخنَا أَبُو حَيَّان أَن الْكَلَام بَان على النَّفْي وَأَن مَا الثَّانِيَة توكيد لَفْظِي للأولى وَيتَفَرَّع على ذَلِك فروع كَثِيرَة تجْرِي فِي أَبْوَاب مُتَفَرِّقَة كَقَوْلِه مَا مَاله عِنْدِي شَيْء وَمَا مابعته

هَذِه الْعين وَنَحْو ذَلِك فعلى مَا قَالَه الشَّيْخ لَا يَتَرَتَّب على هَذَا الْكَلَام شَيْء لَكِن ذكر الرَّافِعِيّ فِي آخر الْبَاب الأول من أَبْوَاب الْإِقْرَار أَن نفي النَّفْي إِثْبَات ذكره فِي الْكَلَام على نعم وبلى وَحِينَئِذٍ يصير التَّقْدِير فِي المثالين الْمَذْكُورين لَهُ عِنْدِي شَيْء وبعته هَذَا الْعين وَسَببه أَن التأسيس خير من التَّأْكِيد نعم إِن ادّعى الْمقر أَنه أَرَادَهُ فَيقبل مِنْهُ كَمَا لَو كرر أَنْت طَالِق الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة أَنه لَا يجوز الْفَصْل بَين التَّأْكِيد والمؤكد فَمن فروعه 1 - مَا إِذا كرر قَوْله أَنْت طَالِق ثَلَاث مَرَّات فَإِن قصد بالآخرين تَأْكِيد الأول وَقعت وَاحِدَة وَإِن قصد الِاسْتِئْنَاف وَقع الثَّلَاث وَإِن أطلق فَكَذَلِك فِي أظهر الْقَوْلَيْنِ وَالثَّانِي تقع وَاحِدَة حملا على التوكيد وَلَو قَالَ قصدت بالثالثة تَأْكِيد الثَّانِيَة أَو بِالثَّانِيَةِ تَأْكِيد الأولى وبالثالثة الِاسْتِئْنَاف وَقع طَلْقَتَانِ وَلَو قصد بالثالثة تَأْكِيد الأولى وَقعت الثَّلَاث لِأَن الْفَصْل يمْنَع التَّأْكِيد وَقيل يَقع طَلْقَتَانِ وَلَا يقْدَح هَذَا الْفَصْل لكَونه يَسِيرا وَإِن قصد بِالثَّانِيَةِ الِاسْتِئْنَاف وَلم يقْصد بالثالثة شَيْئا أَو عكس وَقعت الثَّلَاث فِي أظهر الْقَوْلَيْنِ وَالثَّانِي طَلْقَتَانِ

الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة لَا يشْتَرط فِي التَّأْكِيد اتِّفَاق الْأَلْفَاظ قتقول مَرَرْت بالقوم كلهم أَجْمَعِينَ فَمن فروعه 1 - مَا إِذا قَالَ لزوجته أَنْت مُطلقَة أَنْت مسرحة أَنْت مُفَارقَة قَالَ الرَّافِعِيّ فِي بَاب تعدد الطَّلَاق فَيكون كَمَا لَو كرر قَوْله أَنْت طَالِق ثَلَاث مَرَّات فِي أصح الْوَجْهَيْنِ وَقد تقدم حكمه وَقيل لَا بل يَقع الثَّلَاث هَهُنَا على كل حَال وَذكر الرَّافِعِيّ فِي أَوَائِل بَاب أَرْكَان الطَّلَاق عَن حِكَايَة القَاضِي شُرَيْح الرَّوْيَانِيّ وَلم يجالفه أَنه إِذا كرر كِنَايَة وَنوى فَإِن كَانَت الْأَلْفَاظ متحدة كَقَوْلِه اعْتدي اعْتدي اعْتدي فَإِن نوى التَّأْكِيد وَقعت وَاحِدَة أَو الِاسْتِئْنَاف فَثَلَاث وَإِن لم ينْو شَيْئا فَقَوْلَانِ وَإِن كَانَت مُخْتَلفَة وَقع بِكُل لفظ طَلْقَة الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة قَالَ الشَّيْخ عز الدّين بن عبد السَّلَام الْعَرَب لَا تؤكد أَكثر من ثَلَاث مَرَّات وَيشْهد لما ذكره الحَدِيث أَنه عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ إِذا كرر كلَاما أَعَادَهُ ثَلَاثًا وَقد يُقَال إِن قِيَاس ذَلِك أَن من كرر طَلَاقا أَو غَيره أَربع مَرَّات مثلا وَادّعى قصد التَّأْكِيد أَنه لَا يقبل مِنْهُ فِي الرَّابِعَة وَيَقَع عَلَيْهِ بهَا أُخْرَى وَالْمُتَّجه خلاف ذَلِك وَيقبل التَّأْكِيد مُطلقًا كَمَا

أطلقهُ الْأَصْحَاب لِأَن كَلَام الشَّيْخ عز الدّين لَيْسَ صَرِيحًا فِي امْتِنَاعه وبتقديره فالخروج عَن المهيع النَّحْوِيّ لَا أثر لَهُ عندنَا كَمَا أوضحوه فِي الاقرار وَغَيره وَقد أجَاب الْغَزالِيّ فِي فَتَاوِيهِ بحاصل مَا ذكرته وَذَلِكَ فِي الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة وَالثَّلَاثِينَ بعد المائه

الفصل الخامس في الاشتراك

الْفَصْل الْخَامِس فِي الِاشْتِرَاك لنقدم عَلَيْهِ مُقَدّمَة نافعة وَهِي الْفرق بَين الْوَضع والاستعمال وَالْحمل فالوضع هُوَ جعل اللَّفْظ دَلِيلا على الْمَعْنى والاستعمال هُوَ إِطْلَاق اللَّفْظ وإراده الْمَعْنى وَهُوَ من صِفَات الْمُتَكَلّم وَالْحمل اعْتِقَاد السَّامع مُرَاد الْمُتَكَلّم أَو مَا اشْتَمَل عَلَيْهِ مُرَاده وَذَلِكَ من صِفَات السَّامع إِذا تقرر هَذَا فَفِي الْفَصْل مسَائِل الأولى إِذا امْتنع الْجمع بَين مدلولي الْمُشْتَرك لم يجز اسْتِعْمَاله فيهمَا مَعًا وَذَلِكَ كاستعمال لفظ افْعَل فِي الْأَمر بالشَّيْء والتهديد عَلَيْهِ إِذا جَعَلْنَاهُ مُشْتَركا بَينهمَا لِأَن الْأَمر يَقْتَضِي التَّحْصِيل والتهديد يَقْتَضِي

التّرْك وَعبر فِي الْمِنْهَاج عَن ذَلِك بالمعاني المتضادة وَهُوَ تَعْبِير غير مُسْتَقِيم إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا إِذا قَالَ لغيره أَنْت تعلم أَن العَبْد الَّذِي فِي يَدي حر فَإنَّا نحكم بِعِتْقِهِ لِأَنَّهُ قد اعْترف بِعِلْمِهِ وَلَو لم يكن حرا لم يكن الْمَقُول لَهُ عَالما بحريَّته وَلَو قَالَ أَنْت تظن أَنه حر لم يحكم بِعِتْقِهِ لِأَنَّهُ قد يكون مخطئا فِي ظَنّه فَلَو قَالَ أَنْت ترى فَيحْتَمل الْعتْق وَعَدَمه لِأَن الرُّؤْيَة تطلق على الْعلم وعَلى الظَّن كَذَا نَقله الرَّافِعِيّ قبيل كتاب التَّدْبِير عَن الرَّوْيَانِيّ وَأقرهُ وَقَالَ النَّوَوِيّ الصَّوَاب عدم الْوُقُوع وَالَّذِي قَالَه وَاضح لَكِن الْقيَاس أَنه يُرَاجع إِن أمكنت مُرَاجعَته نعم قَالُوا فِي الْإِقْرَار إِن قَول الْمقر عَبدِي لزيد بَاطِل وَقِيَاسه بطلَان هَذَا أَيْضا وَلَو قيل يَصح فِي الْجَمِيع حملا للفظ على الْمجَاز وَأَنه كَانَ قبل ذَلِك لَهُ لم يكن بَعيدا 2 - وَمِنْهَا إِذا أسلم على أَكثر من أَربع نسْوَة وخيرناه فَقَالَ لوَاحِدَة مِنْهُنَّ فارقتك فَقَالَ القَاضِي أَبُو الطّيب يكون ذَلِك اخْتِيَارا

للزوجية ثمَّ تطلق لِأَنَّهُ صَرِيح فِي الطَّلَاق وَالطَّلَاق يسْتَلْزم الزَّوْجِيَّة فَأشبه مَا لَو قَالَ طَلقتك وَالأَصَح كَمَا قَالَه الرَّافِعِيّ أَنه فسخ للنِّكَاح كَقَوْلِه اخْتَرْت قطع نكاحك وَلَيْسَ بِطَلَاق قَالَ ابْن الصّباغ فَيكون حَقِيقَة فيهمَا وَلَكِن يخصص بالموضع الَّذِي يَقع فِيهِ قلت وَالْأَمر كَمَا قَالَه ابْن الصّباغ من كَونه على هَذَا التَّقْدِير مُشْتَركا وَلَكِن بَين مَعْنيين متضادين فَإِن أَحدهمَا يَقْتَضِي اخْتِيَارهَا للنِّكَاح وَالْآخر يَقْتَضِي خِلَافه فَلَا يَصح الإعمال فيهمَا وَلَا الْحمل عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُمَا متنافيان فَيَنْبَغِي أَن لَا يحمل على أَحدهمَا إِلَّا بِالنِّيَّةِ وَدَعوى ابْن الصّباغ أَنه يخصص بالموضع ضَعِيف لِأَن الْموضع هُنَا صَالح لَهما فالحمل على الْفَسْخ تَرْجِيح بِلَا مُرَجّح هَذَا هُوَ مُقْتَضى الْقَوَاعِد فَيَنْبَغِي حمل كَلَام الرَّافِعِيّ عَلَيْهِ ثمَّ إِن لفظ الْفِرَاق حَقِيقَة فِي بَابه وَهُوَ الطَّلَاق وَوجد نفاذا فِي مَوْضُوعه فَلَا يَنْبَغِي أَن يقبل صرفه إِلَى غَيره بِالنِّيَّةِ 3 - وَمِنْهَا شرى يسْتَعْمل حَقِيقَة بِمَعْنى اشْترى وَبِمَعْنى بَاعَ كقرله تَعَالَى إِخْبَارًا عَن إخْوَة يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام {وشروه بِثمن بخس} أَي باعوه والتحصيل والإزالة مَعْنيانِ متضادان ويتضح تَصْوِيره فِي رجل وكل وكيلين بِبيع سلْعَة فخاطب أَحدهمَا صَاحبه بِهَذَا اللَّفْظ فَيحْتَمل أَن يكون لقصد الشِّرَاء مِنْهُ وَأَن يكون لقصد البيع فيتميز بِالنِّيَّةِ

المسألة الثانية

الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة إِذا لم يمْتَنع الْجمع بَين مدلولي الْمُشْتَرك فَهَل يجوز اسْتِعْمَاله فيهمَا فِيهِ مذهبان 3 - الصَّحِيح وَهُوَ الَّذِي ذهب إِلَيْهِ الشَّافِعِي وَاخْتَارَهُ ابْن الْحَاجِب يجوز وَاخْتَارَ الإِمَام فَخر الدّين أَنه لَا يجوز وَقيل يمْتَنع فِي اللَّفْظ الْمُفْرد وَيجوز فِي التَّثْنِيَة وَالْجمع لتعدده وَفِي الإحكام للآمدي عَن ابي الْحُسَيْن الْبَصْرِيّ أَنه يجوز فِي

النَّفْي دون الْإِثْبَات لِأَن السَّلب يُفِيد الْعُمُوم فيتعدد بِخِلَاف الْإِثْبَات وَحَكَاهُ الْبَيْضَاوِيّ أَيْضا وَهُوَ غَرِيب وَتوقف الْآمِدِيّ فَلم يخْتَر شَيْئا إِذا علمت ذَلِك فَهَل يجب حمل اللَّفْظ الصَّالح للمعنيين عَلَيْهِمَا مَعًا إِذا لم تقم قرينَة على شَيْء فِيهِ مذهبان مَذْهَب الشَّافِعِي أَنه يجب احْتِيَاطًا فِي تَحْصِيل مُرَاد الْمُتَكَلّم لأَنا إِن لم نحمله على وَاحِد مِنْهُمَا لزم التعطيل أَو حملناه على وَاحِد لزم التَّرْجِيح بِلَا مُرَجّح وَفِي الْبُرْهَان لإِمَام الْحَرَمَيْنِ أَن الشَّافِعِي يُوجب حمل اللَّفْظ على حَقِيقَته ومجازه أَيْضا قَالَ وَلَقَد اشْتَدَّ نَكِير القَاضِي على الْقَائِل بِهِ إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا إِذا قَالَ لزوجته أَنْت عَليّ كَظهر أُمِّي خَمْسَة اشهر مثلا إِذا صححنا الظِّهَار الْمُؤَقت وَهُوَ الصَّحِيح فَإِنَّهُ يكون أَيْضا موليا على الصَّحِيح وَقيل لَا بل يحمل على الظِّهَار خَاصَّة لِأَنَّهُ لَيْسَ بحالف 2 - وَمِنْهَا قَوْلهم إِن الْكِتَابَة لَا تسْتَحب إِلَّا فِي عبد عرف كَسبه وأمانته لقَوْله تَعَالَى {فكاتبوهم إِن علمْتُم فيهم خيرا} وَالْخَيْر يُطلق على الْعَمَل الصَّالح كَقَوْلِه تَعَالَى {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره وَمن يعْمل مِثْقَال ذرة شرا يره} وعَلى المَال لقَوْله تَعَالَى {وَإنَّهُ لحب الْخَيْر لشديد}

وَقَوله تَعَالَى {إِن ترك خيرا} الْآيَة وَيصِح أَن يُقَال حملناه عَلَيْهِمَا لِأَن الْخَيْر نكرَة وَقعت فِي سِيَاق الشَّرْط فعمت 3 - وَمِنْهَا مَا قَالَه أَصْحَابنَا فِي عُمُوم قَوْله تَعَالَى {وَللَّه على النَّاس حج الْبَيْت من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} أَنه شَامِل للمستطيع بِنَفسِهِ وَبِغَيْرِهِ وَهُوَ المعضوب إِذا وجد من يحجّ عَنهُ وَاسْتَدَلُّوا بِهِ على وُجُوبه عَلَيْهِ مَعَ أَن إِقَامَة فعل الْغَيْر مقَام فعل الشَّخْص مجَاز وَهَذَا الَّذِي ذَكرْنَاهُ مَبْنِيّ على إِعْرَاب الْآيَة وللنحاة فِيهَا ثَلَاثَة أَقْوَال حَكَاهَا ابْن عُصْفُور وَغَيره أَحدهَا أَن الْمصدر وَهُوَ حج مُضَاف إِلَى الْمَفْعُول وَمن هُوَ الْفَاعِل وَالتَّقْدِير أَن يحجّ المستطيع الْبَيْت وَالثَّانِي كَذَلِك إِلَّا أَن من شَرْطِيَّة وجزاؤها مَحْذُوف وَالتَّقْدِير من اسْتَطَاعَ اليه سَبِيلا فَلْيفْعَل وَالثَّالِث أَن من بدل من النَّاس على أَنه بدل بعض من كل التَّقْدِير وَللَّه على المستطيع من النَّاس حج الْبَيْت فعلى الأول يكون ذَلِك جمعا بَين الْحَقِيقَة وَالْمجَاز وعَلى الثَّانِي وَالثَّالِث لَا يكون جمعا بَينهمَا لِأَن قَوْله {حج الْبَيْت} صَادِق

على الْحَج بِنَفسِهِ وَبِغَيْرِهِ 4 - وَمِنْهَا أَن الشَّفق يُطلق على الْأَحْمَر والأصفر وَقد ورد أَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام صلى الْعشَاء حِين غَابَ الشَّفق فَإِن كَانَ الشَّفق مُشْتَركا فَيَنْبَغِي حمله عَلَيْهِمَا حَتَّى لَا يدْخل إِلَّا بِالثَّانِي وَإِن كَانَ متواطئا فقد دخلت عَلَيْهِ أل وَهِي للْعُمُوم عندنَا فَلَا بُد مِنْهُ إِلَّا أَن يُقَال صدنَا عَن ذَلِك كُله مَفْهُوم قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة السَّلَام وَقت الْمغرب مَا لم يسْقط ثَوْر الشَّفق فَإِن الثور بالثاء الْمُثَلَّثَة الْمَفْتُوحَة هُوَ الثوران وَرُوِيَ بِالْفَاءِ أَيْضا وَهُوَ بِمَعْنَاهُ وهما يدلان على أَن المُرَاد هم الْأَحْمَر 5 - وَمِنْهَا اخْتلَافهمْ فِي المُرَاد من قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام فَلْيقل إِنِّي صَائِم وَقد تقدم إيضاحه فِي أول الْكتاب الأول 6 - وَمِنْهَا إِذا قَالَ السَّيِّد لعَبْدِهِ إِن رَأَيْت عينا فَأَنت حر فَإِنَّهُ

يعْتق بِمَا يرَاهُ من الْعُيُون وَلَا يشْتَرط رُؤْيَة الْجَمِيع كَذَا قَالَه الرَّافِعِيّ فِي كتاب التَّدْبِير ثمَّ قَالَ عقبه إِن الْأَشْبَه أَن الْمُشْتَرك لَا يحمل على جَمِيع مَعَانِيه 7 - وَمِنْهَا إِذا وقف على الموَالِي وَله موَالِي من أَعلَى وموالي من أَسْفَل فوجوه أَصَحهَا كَمَا قَالَه فِي الرَّوْضَة والمنهاج أَنه يقسم بَينهمَا وَقيل يصرف إِلَى الموَالِي من أَعلَى لقرينه مكافأتهم وَقيل من أَسْفَل لجَرَيَان الْعَادة بذلك لأجل احتياجهم غَالِبا وَقيل لَا يَصح بِالْكُلِّيَّةِ وَفِي قَول حكاء الرَّافِعِيّ فِي كتاب الْوَصِيَّة عَن رِوَايَة حَكَاهَا الْبُوَيْطِيّ أَنه يُوقف إِلَى الصُّلْح وَحَكَاهُ فِي الرَّوْضَة من زوائده فِي كتاب الْوَقْف وَجها عَن حِكَايَة الدَّارمِيّ ثمَّ قَالَ إِنَّه لَيْسَ بِشَيْء فتفطن لذَلِك فَلَو لم يعبر الْوَاقِف بِالْجمعِ بل عبر بالمفرد فَقَالَ على الْمولى فَكَذَلِك عِنْد القَاضِي أبي الطّيب وَابْن الصّباغ فَإِنَّهُمَا ذكرا الْخلاف فِي حَالَة الْإِفْرَاد وَقَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ فِي النِّهَايَة لَا يتَّجه الِاشْتِرَاك وتنقدح مُرَاجعَة الْوَاقِف قلت وَسَببه أَن الأَصْل أَن من كَانَ القَوْل قَوْله فِي شَيْء كَانَ القَوْل قَوْله فِي صفة ذَلِك الشَّيْء كَمَا لَو قَالَ هَذِه الدَّار بَينهمَا أَو اخْتلفُوا فِي شَرط الْوَاقِف وَهُوَ مَوْجُود وَقد سبق فِي أول الْمَسْأَلَة أَن جمَاعَة منعُوهُ فِي حَال الْإِفْرَاد دون مَا عداهُ وَهُوَ هَذَا الْخلاف

المسألة الثالثة

وَاعْلَم أَن الشَّافِعِي نَص فِي الْبُوَيْطِيّ على فرع حسن وَنَقله عَنهُ صَاحب الْبَحْر فَقَالَ وَتدْخل أَوْلَاد الموَالِي فِي الموَالِي وَلَا يدْخل موَالِي الموَالِي أَي عتقاؤهم لِأَن وَلَاء مواليهم لَهُم دونه وَوَلَاء أَوْلَادهم لَهُ دونهم 8 - وَمِنْهَا إِذا ذكر القَاضِي فِي مجْلِس حكمه كلَاما يحْتَمل الحكم وَغَيره كَقَوْلِه لزيد على عَمْرو كَذَا وَفُلَان طلق زَوجته فَإِنَّهُ يحْتَمل الحكم والإخبار فَإِن ذكره فِي معرض الحكم فَهُوَ حكم وَإِن لم يذكرهُ فِي معرض الحكم وَلم يكن حكما بل يكون فِيهِ كآحاد النَّاس كَذَا ذكره الرَّافِعِيّ فِي أَوَاخِر الْإِقْرَار بِالنّسَبِ فليتفطن لَهُ فَإِنَّهُ من الْقَوَاعِد المهمة فَإِن قَالَ بعد ذَلِك أردْت الحكم فَيتَّجه الرُّجُوع فِيهِ إِلَيْهِ وَإِن قَالَ أردْت الْأَمريْنِ فَيتَّجه بِنَاؤُه على مَا سبق الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة اسْتِعْمَال اللَّفْظ فِي حَقِيقَته ومجازه وَفِي مجازيه حكمه حكم اسْتِعْمَال الْمُشْتَرك فِي حقيقتيه كَمَا قَالَه الْآمِدِيّ وَابْن الْحَاجِب وَغَيرهمَا

إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - إِذا نذر اعْتِكَاف يَوْم وَأَرَادَ بليلته لزمَه الْيَوْم وَاللَّيْلَة كَذَا جزم بِهِ الرَّافِعِيّ فِي بَاب الِاعْتِكَاف 2 - وَمِنْهَا وَهُوَ مُخَالف لما صححوه فِي الْقَاعِدَة إِذا قَالَ أَنْت طَالِق وَأَرَادَ بِهِ الطَّلَاق وَالظِّهَار فَإِنَّهُ لَا يحمل عَلَيْهَا بل على الطَّلَاق فَقَط كَمَا ذكره الرَّافِعِيّ فِي كتاب الطَّلَاق وَالظِّهَار 3 - وَمِنْهَا إِذا قَالَ أَنْت عَليّ حرَام أَو مُحرمَة أَو حرمتك فَإِن أطلق وَلم ينْو شَيْئا بِالْكُلِّيَّةِ وَجَبت الْكَفَّارَة وَفِي قَول لَا شَيْء وَإِن نوى الطَّلَاق أَو الظِّهَار فَلَا كَلَام وَإِن نواهما مَعًا لم يحمل عَلَيْهِمَا وَبِه قَالَ الْأَكْثَرُونَ وَقيل يكون طَلَاقا وَقيل ظِهَارًا وَإِذا اخْتَار الطَّلَاق فِي مَسْأَلَتنَا فَهَل تكون الْعدة من حِين التَّلَفُّظ أَو من حِين التَّعْيِين يحْتَمل تَخْرِيجه على طَلَاق احداهما وَيحْتَمل الْقطع بِأَنَّهُ من حِين التَّعْيِين لِأَنَّهُ جزم هُنَاكَ بايقاع الطَّلَاق والتردد إِنَّمَا هُوَ فِي الْمحل بِخِلَاف مَا نَحن فِيهِ فَإِن اللَّفْظ مُتَرَدّد بَين الطَّلَاق وَعَدَمه وَمن أَقسَام الْمَسْأَلَة مَا إِذا نوى بذلك تَحْرِيم ذَاتهَا أَو وَطئهَا أَو فرجهَا فَإِنَّهَا لَا تحرم عَلَيْهِ بل تلْزمهُ كَفَّارَة يَمِين فِي الْحَال كَمَا لَو قَالَ لأمته وَقيل لَا يحب إِلَّا عِنْد الْوَطْء وَاعْلَم أَن الرَّافِعِيّ علل عدم الْحمل عَلَيْهِمَا مَعًا عِنْد نيتهما بقوله لِأَن الطَّلَاق يزِيل النِّكَاح وَالظِّهَار يَسْتَدْعِي بَقَاءَهُ وَفِيه إِشَارَة الى تضادهما فَإِن صحت هَذِه الْعلَّة كَانَ الْفَرْع من أَمْثِلَة الْمَسْأَلَة الْمُتَقَدّمَة

4 - وَمِنْهَا إِذا تزوج أمة وَقَالَ السَّيِّد للزَّوْج أعتق أمتِي فَلهُ حالان أَحدهمَا أَن يَأْتِي الزَّوْج بِلَفْظ الْإِعْتَاق فَينْظر إِن نوى خلوص الرَّقَبَة من الرّقّ أَو أطلق فَلَا كَلَام فِي حُصُول الْعتْق وَإِن نوى الْعتْق وَالطَّلَاق فَيتَّجه تَخْرِيجه على اسْتِعْمَال اللَّفْظ فِي حقيقتيه مَعًا اَوْ فِي حَقِيقَته ومجازه وَيحْتَمل ان لَا يَقع طَلَاق لما سَيَأْتِي وَهُوَ أَن مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابه وَوجد نفاذا فِي مَوْضُوعه لَا يكون كِنَايَة فِي غَيره إِلَّا أَن يُقَال المُرَاد بِكَوْنِهِ لَا يكون كِنَايَة أَنه لَا ينْصَرف عَن الْمَعْنى الصريحي إِلَى غَيره بالنيه وَأما الْجمع فَلِأَنَّهُ حصل الْأَصْلِيّ وَزِيَادَة وَإِن نوى بِهِ الطَّلَاق فَيحْتَمل وُقُوع الْعتْق وَحده لِأَنَّهُ صَرِيح فِي بَابه وَوجد نفاذا فِي مَوْضُوعه لِأَن الصّرْف عَن الْمَدْلُول الْحَقِيقِيّ يمْنَع النَّفاذ فِيهِ وَلِهَذَا قَالُوا يشْتَرط قصد لفظ الطَّلَاق لِمَعْنى الطَّلَاق وَهَكَذَا كل صَرِيح والمتكلم قد صرف اللَّفْظ عَن مَدْلُوله إِلَى مَدْلُول آخر فصح اسْتِعْمَاله فِيهِ لِأَن صرائح الطَّلَاق وكناياته كنايات فِي الْعتْق وَكَذَلِكَ بِالْعَكْسِ وَيحْتَمل احْتِمَالا ثَالِثا وَهُوَ وقوعهما جَمِيعًا ومدركهما وَاضح

الْحَال الثَّانِي أَن يَأْتِي بِلَفْظ الطَّلَاق فتأتي فِي الْأَقْسَام الْأَرْبَعَة وَلَا يخفى حكمهَا مِمَّا ذَكرْنَاهُ وَإِن قَالَ الزَّوْج للسَّيِّد طلق زَوْجَتي فَلهُ أَيْضا حالان لَا يخفى حكمهمَا مِمَّا سبق وَيحصل مِنْهُ ثَمَانِيَة مسَائِل أُخْرَى وَبِذَلِك يتَحَصَّل فِي هَذَا الْفَرْع على سِتَّة عشر مَسْأَلَة

الفصل السادس في الحقيقة والمجاز

الْفَصْل السَّادِس فِي الْحَقِيقَة وَالْمجَاز الْحَقِيقَة هُوَ اللَّفْظ الْمُسْتَعْمل فِيمَا وضع لَهُ وَالْمجَاز هُوَ اللَّفْظ الْمُسْتَعْمل فِي غير مَا وضع لَهُ لمناسبة بَينهمَا وَتسَمى العلاقة وَيتَفَرَّع على هَذَا التَّقْسِيم مَا إِذا أَرَادَ بِاللَّفْظِ مَا لَيْسَ حَقِيقَة فِيهِ وَلَا مجَازًا كَمَا إِذا حلف مثلا على الْأكل وَأَرَادَ بِهِ المشيء فَإِن ذَلِك يكون لَغوا لَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ فِيهِ شَيْء أما الْحَقِيقَة فلصرف اللَّفْظ عَنْهَا وَأما الْمجَاز فَلِأَن اللَّفْظ لَا إِشْعَار بِهِ الْبَتَّةَ وَبِدُون اللَّفْظ لَا يُؤثر نعم إِن كَانَ الْحلف بِالطَّلَاق آخذناه فِي الظَّاهِر فَقَط لمقْتَضى الْمَدْلُول الْحَقِيقِيّ كَذَا ذكره الْمَاوَرْدِيّ فِي الْحَاوِي وَالرُّويَانِيّ فِي الْبَحْر فِي الْبَاب الثَّانِي من الْبَابَيْنِ المعقودين لجامع الْأَيْمَان ثمَّ نقل عَن مَالك وَمُحَمّد بن الْحُسَيْن صَاحب أبي حنيفَة رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه يحمل على الْمَعْنى الَّذِي أَرَادَهُ إِذا اقْترن بِهِ ضرب من الِاحْتِمَال ثمَّ رد مقالهما

فصل

قلت وَالْمُتَّجه حمله على مَا أَرَادَهُ مُطلقًا إِذا قُلْنَا إِن اللُّغَات اصطلاحية كَمَا تقدم إيضاحه فِي بَابه وَفِي فَتَاوَى النَّوَوِيّ أَنه لَو حلف أَن زيدا يعلم أَيْن يسكن إِبْلِيس وَأَرَادَ بذلك الحذق والمعرفة لم يَحْنَث فصل قَالَ فِي الْمَحْصُول وَالَّذِي يحضرنا من أَنْوَاع العلاقات اثْنَي عشر نوعا وَزَاد الصفي الْهِنْدِيّ فَقَالَ الَّذِي يحضرنا من أَنْوَاعهَا أحد وَثَلَاثُونَ نوعا ثمَّ عَددهَا لَكِن الزَّائِد على مَا قَالَه الإِمَام إِمَّا متداخل أَو مَذْكُور فِي غير هَذَا الْموضع مَسْأَلَة 1 من مسَائِل الْفَصْل من أَنْوَاع العلاقات الْإِضْمَار كَقَوْلِه تَعَالَى {واسأل الْقرْيَة} وَإِطْلَاق الْمصدر على الذَّات كَقَوْلِك رجل عدل وَصَوْم على تَقْدِير ذِي أَو تَقْدِيره بعادل وصائم فَإِن أردْت الْمُبَالغَة لم تقدر شَيْئا من هذَيْن كَمَا قَالَه النُّحَاة فتفطن لذَلِك

إِذا علمت هَذَا فَمن فروعها 1 - إِذا قَالَ لزوجته أَنْت طَالِق أَو الطَّلَاق أَو طَلْقَة فَإِنَّهُ يكون كِنَايَة على الصَّحِيح بِأحد التقديرات السَّابِقَة وَمِنْه قَول الشَّاعِر ... فَأَنت طَلَاق وَالطَّلَاق عَزِيمَة ... ثَلَاثًا وَمن يبْدَأ أعق وأظلم ... وَقيل إِن ذَلِك صَرِيح لِأَن طَالِق صَرِيح وَهُوَ فرع فَالْأَصْل أولى بذلك وللأصوليين أَيْضا خلاف فِي الأولى من الْإِضْمَار وَالْمجَاز عِنْد التَّعَارُض وَكَذَلِكَ للنحويين أَيْضا فِي مَسْأَلَتنَا بخصوصها وَهِي الْوَصْف بِالْمَصْدَرِ وَلَو قَالَ أَنْت نصف طَلْقَة فَهَل هُوَ صَرِيح أَو كِنَايَة وَجْهَان قَالَ الْبَغَوِيّ لَو قَالَ أَنْت كل طَلْقَة أَو نصف طَالِق فصريح كَقَوْلِه نصفك طَالِق كَذَا نقل الرَّافِعِيّ هَذِه الْمسَائِل ثمَّ قَالَ وَيجوز أَن يَجِيء فِي الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة أَي نصف طَالِق الْخلاف الْمُتَقَدّم فِي نصف طَلْقَة قلت وَيَجِيء فِي الْمَسْأَلَة الأولى وَهِي كل طَلْقَة مَا تقدم أَيْضا فِي قَوْله أَنْت طَلْقَة لِأَنَّهُ وصفهَا بِالْمَصْدَرِ فِي موضِعين وَاعْلَم أَن هَذَا الْعَمَل يَأْتِي فِي الْعتْق فَاسْتَحْضرهُ

مسألة

مَسْأَلَة 2 من أَنْوَاعهَا أَيْضا السَّبَبِيَّة وَهِي نَوْعَانِ أَحدهمَا إِطْلَاق اسْم الْمُسَبّب على السَّبَب أَي الْمَعْلُول على علته كتسمية الْمَرَض المهلك بِالْمَوْتِ وَالثَّانِي عَكسه أَي إِطْلَاق اسْم السَّبَب على الْمُسَبّب ثمَّ إِن السَّبَب على أَرْبَعَة أَقسَام قابلي ويعبر عَنهُ بالمادي وصوري وفاعلي وغائي فَكل مَوْجُود لَا بُد لَهُ من هَذِه الْأَرْبَعَة كالسرير مثلا فَإِن مادته الْخشب وفاعله النجار وَصورته التسطيح وغايته الِاضْطِجَاع عَلَيْهِ وَيُسمى الِاضْطِجَاع عِلّة لِأَنَّهُ الْبَاعِث عَلَيْهِ فَالْأول كَقَوْلِك سَالَ الْوَادي أَي المَاء فَعبر بالوادي لِأَنَّهُ قَابل للسيلان كَذَا مثل بِهِ الْبَيْضَاوِيّ تبعا لغيره وَفِيه نظر لِأَن المادي جنس مَاهِيَّة الشَّيْء كَمَا تقدم فِي الْخشب فَالْأَحْسَن التَّمْثِيل بِهِ

وَالثَّانِي وَهُوَ تَسْمِيَة الشَّيْء باسم سَببه الصُّورِي كإطلاق الْيَد على الْقُدْرَة فِي قَوْله تَعَالَى {يَد الله فَوق أَيْديهم} أى قدرته فَإِن الْيَد لَهَا صُورَة خَاصَّة يَتَأَتَّى بهَا الاقتدار على الشَّيْء وَهُوَ تجويف راحتها وَصغر عظمها وانفصال بَعْضهَا عَن بعض ليتأتى وضع الشَّيْء فِي الرَّاحَة وتنقبض عَلَيْهِ الْعِظَام الدقاق الْمُنْفَصِلَة ويتأتى دُخُولهَا فِي المنافذ الضيقة وَأما الثَّالِث وَهُوَ تَسْمِيَة الشَّيْء باسم سَببه الفاعلي فكقولهم نزل السَّحَاب يعنون الْمَطَر وَأنْبت الرّبيع البقل وأنضجت الشَّمْس الثِّمَار فَإِن الْفَاعِل حَقِيقَة هُوَ الرب سُبْحَانَهُ وَأما الرَّابِع وَهُوَ تَسْمِيَة الشَّيْء باسم سَببه الغائي فكقوله تَعَالَى {إِنِّي أَرَانِي أعصر خمرًا} أَي عنبا فَأطلق الْخمر على الْعِنَب لِأَنَّهَا عِنْدهم هِيَ الْعلَّة الغائية مِنْهُ وَإِذا تعَارض الْأَمر بَين الأول وَهُوَ إِطْلَاق الْمُسَبّب على السَّبَب وَبَين عَكسه فالعكس أولى لِأَن السَّبَب الْمعِين يدل على الْمُسَبّب الْمعِين بِخِلَاف الْعَكْس أَلا ترى أَن الْبَوْل مثلا يدل على انْتِقَاض الْوضُوء وانتقاض الْوضُوء لَا يدل على الْبَوْل فقد يكون عَن لمس أَو غَيره

ثمَّ إِن النَّوْع الثَّانِي وَهُوَ إِطْلَاق السَّبَب على الْمُسَبّب قد علمت انقسامه إِلَى أَرْبَعَة أَقسَام فَإِذا تَعَارَضَت فالعلة الغائية أولى لِاجْتِمَاع الْأَمريْنِ فِيهَا لِأَنَّهَا عِلّة فِي الذِّهْن من جِهَة أَن الْخمر مثلا هُوَ الدَّاعِي إِلَى عصر الْعِنَب ومعلولة فِي الْخَارِج لِأَنَّهَا لَا تُوجد إِلَّا مُتَأَخِّرَة إِذا تقرر هَذَا فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا ذهب إِلَيْهِ الشَّافِعِي أَن النِّكَاح حَقِيقَة فِي العقد مجَاز فِي الْوَطْء لِأَنَّهُ لما ورد فِي الْقُرْآن مرَادا بِهِ العقد فِي قَوْله تَعَالَى {وَأنْكحُوا الْأَيَامَى مِنْكُم} وَقَوله تَعَالَى {وَلَا تنْكِحُوا مَا نكح آباؤكم من النِّسَاء} وَغير ذَلِك ومرادا بِهِ الْوَطْء كَقَوْلِه {فَإِن طَلقهَا فَلَا تحل لَهُ من بعد حَتَّى تنْكح زوجا غَيره} والاشتراك مَرْجُوح بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمجَاز فَوَجَبَ الْمصير إِلَى كَونه فِي أَحدهمَا مجَازًا وَلَا شكّ أَن العقد سَبَب الْوَطْء وَهُوَ الْعلَّة الغائية لَهُ غَالِبا فَإِن جَعَلْنَاهُ حَقِيقَة فِي العقد مجَازًا فِي الْوَطْء كَانَ ذَلِك الْمجَاز من بَاب إِطْلَاق السَّبَب على الْمُسَبّب أَي الْعلَّة على الْمَعْلُول وَإِن جَعَلْنَاهُ بِالْعَكْسِ كَانَ من إِطْلَاق الْمُسَبّب على السَّبَب وَالْأول هُوَ الرَّاجِح

مسألة

كَمَا تقدم فَلذَلِك ذهب الشَّافِعِي وَجُمْهُور أَصْحَابه إِلَى مَا سبق وَهُوَ أَنه حَقِيقَة فِي العقد مجَاز فِي الْوَطْء خلافًا لمن عكس وَلمن قَالَ بالاشتراك 2 - وَمن فروع ذَلِك مالو حلف على النِّكَاح وَلم ينْو شَيْئا فَإِنَّهُ يَجْعَل على العقد لَا على الْوَطْء كَمَا صرح بِهِ الرَّافِعِيّ فِي آخر تَعْلِيق الطَّلَاق مَسْأَلَة 3 من أَنْوَاع الْمجَاز أَيْضا إِطْلَاق اسْم الْبَعْض على الْكل وَعَكسه وَفِي مَعْنَاهُ الْأَخَص مَعَ الْأَعَمّ إِذا تقرر ذَلِك فللمسألة فروع الول إِذا قَالَ أَنْت طَالِق نصف طَلْقَة فَإِنَّهُ يَقع عَلَيْهِ طَلْقَة كَامِلَة ثمَّ حكى الرَّافِعِيّ وَغَيره وَجْهَيْن من غير تَصْرِيح بترجيح فِي أَن ذَلِك من بَاب التَّعْبِير بِالْبَعْضِ عَن الْكل أَو من بَاب السَّرَايَة أَي وَقع النّصْف ثمَّ سرى إِلَى الْبَاقِي وللخلاف فَوَائِد وَهَذَا الْكَلَام الَّذِي ذكره الْأَصْحَاب عَجِيب لِأَن التَّعْبِير بِبَعْض الشَّيْء عَن جَمِيعه من صِفَات الْمُتَكَلّم ويستدعي قَصده لهَذَا الْمَعْنى بِالضَّرُورَةِ وَإِلَّا لم يَصح أَن يُقَال عبر بِهِ عَنهُ وَأَيْضًا لَا بُد فِيهِ من قصد صرف اللَّفْظ عَن الْمَدْلُول الْحَقِيقِيّ بِشُرُوط أُخْرَى لِأَن

النّصْف قد يُرَاد بِهِ الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ وَقد يُرَاد بِهِ الْمَعْنى الْمجَازِي وَإِذا تقرر ذَلِك كُله فَنَقُول إِن أَرَادَ الزَّوْج الْمَعْنى الْمجَازِي وَقع كَذَلِك بِلَا خلاف لِأَن اسْتِعْمَال الْمجَاز جَائِز بِلَا خلاف وَإِن لم يقْصد ذَلِك فَيحمل على الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ قطعا إِلَّا أَنه الْتزم إِيقَاع نصف طَلْقَة وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِك إِلَّا بِوُقُوع طَلْقَة كَامِلَة فأوقعناها لَا أَن ذَلِك من بَاب السَّرَايَة وَلَا من بَاب التَّعْبِير بِالْبَعْضِ عَن الْكل فَإِن قيل إِذا قَالَ أَنْت طَالِق ثَلَاثًا إِلَّا نصف طَلْقَة وَقعت الثَّلَاث فِي أصح الْوَجْهَيْنِ فَلم لَا قُلْتُمْ إِن رفع بعضه كرفع كُله لكَونه لَا يتَجَزَّأ وَحِينَئِذٍ فَيَقَع عَلَيْهِ طَلْقَتَانِ فَقَط قُلْنَا فعلنَا ذَلِك تَغْلِيبًا للإيقاع فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ بِسَبَب الْبَعْض الْبَاقِي فيهمَا الثَّانِي إِذا قَالَ لله عَليّ صَوْم نصف يَوْم وَقِيَاسه مِمَّا ذَكرْنَاهُ فِي الْمَسْأَلَة السَّابِقَة أَنه إِذا أَرَادَ الْمَعْنى الْمجَازِي لزمَه صَوْم الْيَوْم بِلَا نزاع وَإِن أَرَادَ الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ فَيحْتَمل الْبطلَان لِأَن صَوْم بعض الْيَوْم بَاطِل شرعا وَيحْتَمل الْمَلْزُوم لإمكانه بالإتيان بِالْبَاقِي وَلم يذكر الرَّافِعِيّ فِيهِ التَّفْصِيل الَّذِي ذكره فِي نَظِيره من الطَّلَاق فِي

أَنه من بَاب التَّعْبِير بِالْبَعْضِ عَن الْكل بل حكى فِيهِ وَجْهَيْن موافقين لما ذَكرْنَاهُ من الِاحْتِمَالَيْنِ وَصحح الْبطلَان الثَّالِث إِذا نذر رُكُوعًا لزمَه رَكْعَة بِاتِّفَاق الفرعين كَذَا قَالَه الرَّافِعِيّ فِي كتاب النّذر فِي الْكَلَام على نذر الصَّوْم قَالَ فَإِن نذر سجودا أَو تشهدا فَكَمَا لَو نذر أَن يَصُوم بعض الْيَوْم وَفِيمَا قَالَه نظر لِأَن إِطْلَاق الرَّكْعَة على الرُّكُوع مجَاز بِلَا شكّ فَيكون كَنِصْف الْيَوْم وَنَحْوه نعم إِن أَرَادَ بِالرُّكُوعِ الرَّكْعَة الْكَامِلَة فَلَا إِشْكَال الرَّابِع إِذا حلف لَا يشرب لَهُ مَاء من عَطش وَنوى جَمِيع الانتفاعات فَإِنَّهُ لَا يَحْنَث إِلَّا بِمَا تلفظ بِهِ وَهُوَ المَاء من الْعَطش خَاصَّة وَلَا يتَعَدَّى إِلَى مَا نَوَاه بِهِ وَإِن كَانَ بَينهمَا مخاصمة أَو امتنان عَلَيْهِ يَقْتَضِي ذَلِك لِأَن النِّيَّة إِنَّمَا تُؤثر إِذا احْتمل مَا نوى بِجِهَة يتجوز بهَا فَإِذا لم يحْتَمل اللَّفْظ ذَلِك لم يبْق إِلَّا النِّيَّة وَهِي وَحدهَا لَا تُؤثر كَذَا ذكره الرَّافِعِيّ فِي آخر كتاب الْأَيْمَان وَفِيمَا

ذَكرُوهُ نظر لِأَن فِيهِ جِهَة صَحِيحَة وَهِي اسْم الْبَعْض على الْكل الْخَامِس إِذا اشار الزَّوْج إِلَى زوجتيه فَقَالَ أَحَدكُمَا طَالِق ونواهما جَمِيعًا قَالَ الإِمَام فَالْوَجْه عندنَا أَنَّهُمَا لَا تطلقان وَلَا يَجِيء فِيهِ الْخلاف فِي قَوْله أَنْت طَالِق وَاحِدَة وَنوى ثَلَاثًا لن حمل إِحْدَى الْمَرْأَتَيْنِ عَلَيْهِمَا مَعًا لَا وَجه لَهُ وَهُنَاكَ يتَطَرَّق إِلَى الْكَلَام تَأْوِيل كَذَا نَقله عَنهُ الرَّافِعِيّ فِي بَاب الشَّك فِي الطَّلَاق وارتضاه وَفِيه نظر لما أَشَرنَا إِلَيْهِ بل لقَائِل أَن يَقُول مُسَمّى إِحْدَاهمَا قدر مُشْتَرك وَهُوَ صَادِق عَلَيْهَا وَقد اوقع الطَّلَاق عَلَيْهِ ونواهما فَتعين وُقُوعه عَلَيْهِمَا بل كَانَ يَنْبَغِي ذَلِك عِنْد عدم النِّيَّة لما ذَكرْنَاهُ فَإِن ادّعى أَنه مُشْتَرك بالإشتراك اللَّفْظِيّ فَكَذَلِك لِأَن اسْتِعْمَاله فيهمَا جَائِز السَّادِس إِذا قَالَ لزوجته أَنْت طَالِق يَوْم يقدم زيد فَقدم لَيْلًا فَلَا يَقع الطَّلَاق على الصَّحِيح لِأَن الْيَوْم مَا بَين طُلُوع الْفجْر والغروب وَقيل يَقع لِأَن الْيَوْم قد يسْتَعْمل فِي مُطلق الْوَقْت هَكَذَا علله الرَّافِعِيّ وَمَعْنَاهُ مَا ذَكرْنَاهُ وَهَذَا الْخلاف مُشكل لِأَن الزَّوْج إِذا أَرَادَ اسْتِعْمَاله فِيهِ مجَازًا كَمَا ذَكرْنَاهُ وَقع بِلَا إِشْكَال وَإِن لم يرد ذَلِك فَتقدم الْحَقِيقَة قطعا نعم إِن ادّعى مُدع غَلَبَة هَذَا الْمجَاز على الْحَقِيقَة وَسلم لَهُ مَا ادَّعَاهُ فَيَأْتِي فِيهِ الْخلاف فِي الْحَقِيقَة المرجوحة وَالْمجَاز الرَّاجِح

مسألة

السَّابِع إِذا نذر الْإِتْيَان إِلَى بقْعَة من بقاع الْحرم لزمَه حج اَوْ عمْرَة بِخِلَاف بقاع الْحل كمسجد مَيْمُونَة وَمر الظهْرَان إِلَّا عَرَفَة فَإِنَّهُ إِذا نذر إتيانها وَأَرَادَ الْتِزَام الْحَج وَعبر عَنهُ بِعَرَفَة من بَاب التَّعْبِير بالجزء عَن الْكل فَإِنَّهُ يلْزمه قَالَ الرَّافِعِيّ وَكَذَلِكَ إِذا نوى أَن يَأْتِيهَا محرما الثَّامِن قَالَ إِن شفى الله تَعَالَى مريضي فَللَّه على رقبتي أَن أحج مَاشِيا لزمَه وَلَو قَالَ على رجْلي فَكَذَلِك إِلَّا أَن يُرِيد الْتِزَام الرجل خَاصَّة كَذَا جزم بِهِ الرَّافِعِيّ وَلَا تبعد التَّسْوِيَة مَسْأَلَة 4 من أَنْوَاع الْمجَاز أَيْضا الْمُجَاورَة كإطلاق اسْم الْمحل على الْحَال وَذَلِكَ كإطلاق الراوية على الْإِنَاء الْجلد الَّذِي يحمل فِيهِ المَاء مَعَ أَن الراوية فِي اللُّغَة هُوَ الْحَيَوَان الْمَحْمُول عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْغَائِط اسْم للمكان المطمئن من الأَرْض ثمَّ أَطْلقُوهُ مجَازًا على الفضلة الْخَارِجَة من الْآدَمِيّ فِيهِ فَمن فروعه 1 - مَا إِذا قَالَ أُصَلِّي على الْجِنَازَة وأتى بِالْجِيم مَكْسُورَة فَإِنَّهُ

مسألة

لَا يَصح لِأَن المكسور اسْم للنعش وَإِذا أُرِيد الْمَيِّت فتحت جيمه كَذَا قَالَه القَاضِي الْحُسَيْن فِي تَعْلِيقه وَمَا ذكره فِي المُرَاد من المفتوح والمكسور هُوَ الْمَعْرُوف وَهُوَ معنى قَوْلهم الْأَعْلَى للأعلى والأسفل للأسفل لَكِن الْمُتَّجه هُوَ الصِّحَّة إِذا أَرَادَ الْمَيِّت وغايته أَنه عبر بِلَفْظ مجازي للعلاقة الْمَذْكُورَة مَسْأَلَة 5 وَمن أَنْوَاع الْمجَاز أَيْضا إِطْلَاق الشَّيْء بِاعْتِبَار مَا كَانَ عَلَيْهِ سَوَاء كَانَ مشتقا كإطلاق لفظ ضَارب على من فرغ من الضَّرْب وَقد تقدم الْكَلَام عَلَيْهِ فِي الْفَصْل الثَّالِث فِي الِاشْتِقَاق أَو جَامِدا كإطلاق لفظ العَبْد على الْعَتِيق إِذا علمت ذَلِك فيتفرع على الْمَسْأَلَة فروع

1 - مِنْهَا قَالَ إِن كَانَت امْرَأَتي فِي المأتم فأمتي حرَّة وَإِن كَانَت أمتِي فِي الْحمام فامرأتي طَالِق وكانتا عِنْد التَّعْلِيق كَمَا ذكر عتقت الْأمة وَلم تطلق الزَّوْجَة لِأَن الْأمة عتقت عِنْد تَمام التَّعْلِيق الأول وَخرجت عَن كَونهَا أمته فَلَا يحصل شَرط الطَّلَاق فَلَو قدم ذكر الْأمة طلقت الزَّوْجَة ثمَّ إِن كَانَت رَجْعِيَّة عتقت الْأمة أَيْضا وَإِلَّا فَلَا كَذَا نَقله الرَّافِعِيّ فِي آخر تَعْلِيق الطَّلَاق عَن أبي الْعَبَّاس الرَّوْيَانِيّ لَكِن إِطْلَاق الْأمة على من كَانَت أمة لَهُ جَائِز والسياق يَقْتَضِي هَذَا فَإِن أَرَادَ الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ فَوَاضِح وَهَكَذَا الْكَلَام فِي الْعَكْس 2 - وَمِنْهَا لَو قَالَ أول عبد رَأَيْته من عَبِيدِي فَهُوَ حر فَرَأى أحدهم مَيتا انْحَلَّت الْيَمين فَإِذا رأى بعده عبدا حَيا لَا يعْتق كَذَا ذكره الرَّافِعِيّ فِي أول بَاب الْعتْق وَهُوَ مُشكل على الْفَرْع السَّابِق لِأَن الرّقّ يَزُول بِالْمَوْتِ كَمَا صرح بِهِ الرَّافِعِيّ فِي كتاب الْأَيْمَان وَفِي الْبَاب الثَّانِي الْمَعْقُود لِلْكَفَّارَةِ وَجزم بِهِ ابْن الرّفْعَة فِي بَاب الْكَفَن لَكِن رَأَيْت فِي شرح الْفُرُوع للشَّيْخ أبي عَليّ السنجي الْجَزْم بِأَن الرّقّ لَا يَزُول بِالْمَوْتِ وَقد ذكرت لَفظه فِي الْمُهِمَّات

مسألة

مَسْأَلَة 6 الْمجَاز لَا يدْخل فِي الْحُرُوف فَلَا يعبر بِحرف عَن حرف وَلَا بِحرف عَن اسْم وَلَا بِالْعَكْسِ لِأَن الْحَرْف لَيْسَ مَقْصُودا فِي نَفسه بل تَابعا لغيره وَلِهَذَا يعرفونه بِأَنَّهُ الَّذِي يدل على معنى فِي غَيره إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا إِذا قَالَ لزوجته إِن لم أطلقك فَأَنت طَالِق فالمنصوص أَنَّهَا لَا تطلق إِلَّا فِي آخر الْعُمر بِخِلَاف إِذا فَإِن الْمَنْصُوص فِيهَا الْوُقُوع إِذا مضى زمن يُمكن فِيهِ ذَلِك فَإِن قَالَ أردْت بإذا معنى إِن دين وَيقبل أَيْضا ظَاهرا فِي أصح الْوَجْهَيْنِ مَسْأَلَة 7 الْمجَاز على ثَلَاثَة أَقسَام أَحدهَا أَن يكون فِي الْمُفْرد خَاصَّة كَقَوْلِنَا جَاءَ الْأسد إِذا كَانَ الجائي رجلا شجاعا فَإِن التَّرْكِيب وَهُوَ إِسْنَاد الْمَجِيء إِلَى الذَّات حَقِيقَة وَالْمجَاز وَقع فِي التَّعْبِير عَن تِلْكَ الذَّات بالأسد الثَّانِي أَن يكون فِي التَّرْكِيب خَاصَّة كَقَوْل الشَّاعِر وَهُوَ

الصلتان الْعَبْدي ... اشاب الصَّغِير وأفنى الْكَبِير ... كرّ الْغَدَاة وَمر الْعشي ... فَإِن الْمُفْردَات حَقِيقَة إِلَّا أَن إِسْنَاد الإشابة والإفناء إِلَى الزَّمَان مجَاز فَإِن الْفَاعِل لذَلِك حَقِيقَة هُوَ الله تَعَالَى وتعبيرنا بالتركيب هُوَ الصَّوَاب وتعبيرهم بالمركب فَاسد لِأَن الْأَلْفَاظ مركبة الثَّالِث أَن يكون فِي الْإِفْرَاد والتركيب مَعًا كَقَوْلِهِم أحياني اكتحالي بطلعتك أَي سرتني رؤيتك إِذْ المحيي حَقِيقَة هُوَ الله تَعَالَى كَمَا قدمْنَاهُ إِذا علمت ذَلِك فالمجاز الإفرادي كثير وَقد سبق إيضاحه وَمن فروع الْمجَاز

مسألة

فِي التَّرْكِيب 1 - وُقُوع جملَة موقع جملَة أُخْرَى كوقوع النَّفْي موقع الْجُمْلَة الشّرطِيَّة الَّتِي يقْصد بهَا النَّفْي كَقَوْل الْقَائِل حَلَال الله عَليّ حرَام لَا أفعل كَذَا فَإِنَّهُ يكون تَعْلِيقا وَإِن لم يكن فِيهِ أَدَاة شَرط كَذَا نَقله الرَّافِعِيّ فِي آخر تَعْلِيق الطَّلَاق عَن فَتَاوَى الْقفال وارتضاه وَمثله مَا يعتاده النَّاس فِي الْعتْق حَيْثُ يَقُولُونَ الْعتْق يلْزَمنِي لَا أفعل كَذَا وَكَثِيرًا مَا ينطقون بِهِ مقسمًا بِهِ مجرورا فَيَقُولُونَ وَالْعِتْق وَالطَّلَاق بِزِيَادَة وَاو الْقسم وَذَلِكَ لَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ شَيْء فَإِن مَدْلُول ذَلِك هُوَ الْقسم بهما فِي حَال لزومهما لتأمله وهما لَا يصلحان للقسم عِنْد الْإِطْلَاق فضلا عَن التَّقْيِيد 2 - وَمِنْهَا وُقُوع أَلْفَاظ مَذْكُورَة فِي الْإِقْرَار تنضم إِلَيْهَا قَرَائِن دَالَّة على الِاسْتِهْزَاء كتحريك الرَّأْس والضحك الدالين على شدَّة التَّعَجُّب كَقَوْلِه فِي جَوَاب من ادّعى ألفا وَهِي وازنة مَعْنَاهُ لَيْسَ لَك عِنْدِي شَيْء مَسْأَلَة 8 إِذا غلب الِاسْتِعْمَال الْمجَازِي على الِاسْتِعْمَال الْحَقِيقِيّ ويعبر عَنهُ بِالْحَقِيقَةِ المرجوحة وَالْمجَاز الرَّاجِح تَسَاويا كَمَا جزم بِهِ الإِمَام فَخر الدّين فِي المعالم وَاخْتَارَهُ الْبَيْضَاوِيّ لِأَن فِي كل مِنْهُمَا قُوَّة

لَيست فِي الآخر وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ االحقيقة أولى مُرَاعَاة لأصل الْقَاعِدَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف الْمجَاز أولى لكَونه غَالِبا وَقَالَ الْقَرَافِيّ فِي شرح التَّنْقِيح إِنَّه الْحق لِأَن الظُّهُور هُوَ الْمُكَلف بِهِ وَمثل فِي المعالم بِالطَّلَاق فَقَالَ إِنَّه حَقِيقَة فِي اللُّغَة فِي إِزَالَة الْقَيْد سَوَاء كَانَ من نِكَاح أَو ملك يَمِين أَو غَيرهمَا ثمَّ اخْتصَّ فِي الْعرف بإزالته قيد النِّكَاح فلأجل ذَلِك إِذا قَالَ الرجل لأمته أَنْت طَالِق لَا تعْتق إِلَّا بالنيه ثمَّ قَالَ فَإِن قيل فَيلْزم أَلا يصرف إِلَى الْمجَاز الرَّاجِح وَهُوَ إِزَالَة قيد النِّكَاح إِلَّا بِالنِّيَّةِ وَلَيْسَ كَذَلِك قَالَ فَالْجَوَاب أَنا إِنَّمَا لم نحتج إِلَى النِّيَّة لأَنا إِن حملناه على الْمجَاز الرَّاجِح وَهُوَ الْإِزَالَة عَن النِّكَاح فَلَا كَلَام وَإِن حملناه على الْحَقِيقَة المرجوحة وَهُوَ الْإِزَالَة عَن مُسَمّى الْقَيْد من حَيْثُ هُوَ فَيلْزم زَوَال قيد النِّكَاح أَيْضا بِحُصُول مُسَمّى الْقَيْد فِيهِ فَلَا جرم

أَن أحد الطَّرفَيْنِ فِي هَذَا الْمِثَال بِخُصُوصِهِ لم يحْتَج إِلَى النِّيَّة بِخِلَاف الطّرف الآخر وَمحل الْخلاف أَن يكون الْمجَاز راجحا والحقيقة تتعاهد فِي بعض الْأَوْقَات كَمَا لَو قَالَ لأشربن من هَذَا النَّهر فَهُوَ حَقِيقَة فِي الكرع من النَّهر بِفِيهِ وَإِذا اغترف بالكوز وَشرب فَهُوَ مجَاز لِأَنَّهُ شرب من الْكوز لَا من النَّهر لكنه الْمجَاز الرَّاجِح الْمُتَبَادر والحقيقة قد ترَاد لِأَن كثيرا من الرعاء وَغَيرهم يكرع بِفِيهِ فَأَما إِذا كَانَ الْمجَاز راجحا والحقيقة مماتة لَا ترَاد فِي الْعرف فَلَا خلاف بَين أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف رحمهمَا الله فِي تَقْدِيم الْمجَاز لِأَنَّهُ إِمَّا حَقِيقَة شَرْعِيَّة كَالصَّلَاةِ أَو عرفية كالدابة وهما مُقَدمَات على الْحَقِيقَة اللُّغَوِيَّة مِثَاله حلف لَا يَأْكُل من هَذِه النَّخْلَة فَإِنَّهُ يَحْنَث بثمرها لَا بخشبها وَإِن كَانَ هُوَ الْحَقِيقَة لِأَنَّهَا قد أميتت فَإِن غلب اسْتِعْمَال الْمجَاز حَتَّى سَاوَى الْحَقِيقَة كَالنِّكَاحِ فَإِنَّهُ يُطلق على العقد وَالْوَطْء إطلاقا وَاحِدًا مَعَ أَنه حَقِيقَة فِي أَحدهمَا فَلَا خلاف أَيْضا بَينهمَا بل تقدم الْحَقِيقَة كَذَا قَالَه الْقَرَافِيّ وَهُوَ ظَاهر

وَذكر فِي الْمَحْصُول هَذِه الصُّورَة فِي الْمَسْأَلَة السَّابِعَة من الْبَاب التَّاسِع وَجزم بالمساواة وَقَالَ ابْن التلمساني فِي شرح المعالم هَذِه الصُّورَة مَحل النزاع وَفِي الْمَسْأَلَة أُمُور مهمة ذكرتها فِي شرح الْمِنْهَاج إِذا علمت ذَلِك فللمسألة فروع 1 - مِنْهَا مَا ذكره الرَّافِعِيّ فِي كتاب الْأَيْمَان فَقَالَ الْمجَاز الْمُتَعَارف مقدم على الْحَقِيقَة الْبَعِيدَة أَي المهجورة مِثَاله إِذا حلف لَا يَأْكُل هَذِه الشَّجَرَة فَإِن الْيَمين تحمل على الْأكل من ثَمَرهَا دون الْوَرق والأغصان كَمَا سبق قَرِيبا بِخِلَاف مالو حلف لَا يَأْكُل من هَذِه الشَّاة فَإِن الْيَمين تحمل على لبتها وَلحم وَلَدهَا لِأَن الْحَقِيقَة متعارفة هَذَا كَلَامه 2 - وَمِنْهَا إِذا أوصى بالدابة فَإِنَّهُ يعْطى لَهُ من الْخَيل وَالْبِغَال وَالْحمير دون العصافير والشياه وَنَحْوهَا 3 - وَمِنْهَا إِذا كَانَت لَهُ زوجتان إِحْدَاهمَا فَاطِمَة بنت مُحَمَّد وَالْأُخْرَى فَاطِمَة بنت رجل سَمَّاهُ أَبَوَاهُ مُحَمَّدًا إِلَّا أَنه اشْتهر فِي النَّاس ب زيد وَلَا يُنَادُونَهُ إِلَّا بذلك فَقَالَ الزَّوْج زَوْجَتي فَاطِمَة بنت مُحَمَّد طَالِق وَقَالَ أردْت بنت الَّذِي يَدعُونَهُ زيدا

مسألة

قَالَ الرَّافِعِيّ فِي الْكَلَام على الْكِنَايَات نقل القَاضِي شُرَيْح الرَّوْيَانِيّ عَن جده أَنه يقبل لِأَن الِاعْتِبَار بِتَسْمِيَة أَبَوَيْهِ وَقد يكون للرجل اسمان فَأكْثر وَقيل الِاعْتِبَار بِالِاسْمِ الْمَشْهُور فِي النَّاس لِأَنَّهُ أبلغ فِي التَّعْرِيف مَسْأَلَة 9 صِيغ الْعُقُود كبعت واشتريت والفسوخ كفسخت وَطلقت والالتزامات كَقَوْل القَاضِي حكمت اخبارات فِي أصل اللُّغَة وَقد تسْتَعْمل فِي الشَّرْع أَيْضا كَذَلِك فَإِن اسْتعْملت لإحداث حكم كَانَت منقولة إِلَى الْإِنْشَاء عندنَا وَقَالَت الْحَنَفِيَّة إِنَّهَا إخبارات عَن ثُبُوت الْأَحْكَام وَبِذَلِك يتقدير وجودهَا قبل التَّلَفُّظ وَالْفرق بَين الانشاء وَالْخَبَر أَن الْإِنْشَاء لَا يكون مَعْنَاهُ إِلَّا مُقَارنًا للفظه بِخِلَاف الْخَبَر فقد يتَقَدَّم وَقد يتَأَخَّر وَأَيْضًا فالإنشاء لَا يحْتَمل التَّصْدِيق والتكذيب بِخِلَاف الْخَبَر

إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - إِذا قيل للْكَافِرِ آمن بِاللَّه أَو أسلم لله فَقَالَ أومن أَو أسلم بِصِيغَة الْمُضَارع قَالَ الْحَلِيمِيّ فِي الْمِنْهَاج على مَا نَقله عَنهُ الرَّافِعِيّ يكون مُؤمنا كَمَا أَن قَول الْقَائِل أقسم بِاللَّه يَمِين وَلَا يحمل على الْوَعْد إِلَّا أَن يُريدهُ قَالَ وَلَو أَتَى بالماضي فَقَالَ آمَنت أَو أسلمت فَيحْتَمل أَن يَجْعَل مُؤمنا وَقد أسلفنا ذكر هَذَا الْفَرْع 2 - وَمِنْهَا أَن إِقْرَار الإِمَام وَالْحَاكِم بالشَّيْء إِن كَانَ على جِهَة الحكم كَانَ حكما وَإِن لم يكن بِأَن كَانَ فِي معرض الحكايات وَالْأَخْبَار عَن الْأُمُور الْمُتَقَدّمَة لم يكن حكما كَذَا ذكره الرَّافِعِيّ فِي أَوَاخِر الْإِقْرَار فِي الْكَلَام على إِلْحَاق النّسَب بِغَيْرِهِ وَالَّذِي ذكره من الْقَوَاعِد المهمة وَحِينَئِذٍ فَإِذا شككنا فِي ذَلِك لم يكن حكما لِأَن الأَصْل بَقَاؤُهُ على الْإِخْبَار وَعدم نَقله وَقد تقدم هَذَا الْفَرْع فِي أَوَائِل الِاشْتِرَاك

الفصل السابع في تعارض ما يخل بالفهم

الْفَصْل السَّابِع فِي تعَارض مَا يخل بالفهم مَسْأَلَة 1 إِذا لم يَنْتَظِم الْكَلَام إِلَّا بارتكاب مجَاز إِمَّا مجَاز الزِّيَادَة أَو النُّقْصَان فمجاز النُّقْصَان أولى لِأَن الْحَذف فِي كَلَام الْعَرَب أَكثر من الزِّيَادَة كَذَا ذكره جمَاعَة من الاصوليين إِذا علمت ذَلِك فَمن فروعه 1 - مَا إِذا قَالَ لزوجتيه إِن حضتما حَيْضَة فأنتما طالقان فَلَا شكّ فِي اسْتِحَالَة اشتركهما فِي الْحَيْضَة وَتَصْحِيح الْكَلَام هُنَا إِمَّا بِدَعْوَى الزِّيَادَة وَهُوَ قَوْله حَيْضَة وَإِمَّا بِدَعْوَى الْإِضْمَار وَتَقْدِيره إِن حَاضَت كل وَاحِدَة مِنْكُمَا حَيْضَة وَقد اخْتلفُوا فِي ذَلِك على ثَلَاثَة أوجه أَصَحهَا الأول وَهُوَ سلوك الزِّيَادَة على خلاف الْمُرَجح فِي الْأُصُول حَتَّى إِذا طعنتا فِي الْحيض طلقتا وَالثَّانِي سلوك الثَّانِي وَهُوَ الْإِضْمَار فَإِذا تمت الحيضتان طلقتا وَالثَّالِث أَن هَذَا الْكَلَام لَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ شَيْء لاستحالته

مسألة

مَسْأَلَة 2 إِذا تعَارض الْمجَاز والإضمار فَقَالَ فِي الْمَحْصُول والمنتخب هما سَوَاء فَيكون اللَّفْظ مُجملا حَتَّى لَا يتَرَجَّح أَحدهمَا على الآخر إِلَّا بِدَلِيل لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الِاحْتِيَاج إِلَى الْقَرِينَة وَفِي احْتِمَال خفائها وَذَلِكَ لِأَن كلا مِنْهُمَا يحْتَاج إِلَى قرينَة تمنع الْمُخَاطب عَن فهم الظَّاهِر وَجزم فِي المعالم بِأَن الْمجَاز أولى لكثرته لكنه ذكر بعد ذَلِك فِي تَعْلِيل الْمَسْأَلَة الْعَاشِرَة أَنَّهُمَا سَوَاء إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا إِذا أَشَارَ لعَبْدِهِ الَّذِي هُوَ أكبر مِنْهُ فَقَالَ هَذَا ابْني فَيحْتَمل أَن يكون قد عبر بالبنوة عَن الْعتْق فنحكم بِعِتْقِهِ وَيحْتَمل أَن يكون فِيهِ إِضْمَار تَقْدِيره مثل ابْني أَي فِي الحنو أَو فِي غَيره فَلَا يعْتق وَالْمَسْأَلَة فِيهَا خلاف عندنَا وَالْمُخْتَار كَمَا قَالَه فِي زَوَائِد الرَّوْضَة أَنا لَا نحكم بِالْعِتْقِ بِمُجَرَّد ذَلِك قَالَ لِأَن ذَلِك يذكر فِي الْعَادة للملاطفة وَهَكَذَا الحكم إِذا قَالَ ذَلِك لزوجته ذَلِك قا

الفصل الثامن في تفسير حروف تشتد حاجة الفقهاء إلى معرفتها

الْفَصْل الثَّامِن فِي تَفْسِير حُرُوف تشتد حَاجَة الْفُقَهَاء إِلَى مَعْرفَتهَا مَسْأَلَة 1 الْوَاو العاطفة تشرك فِي الحكم بَين الْمَعْطُوف والمعطوف عَلَيْهِ إِذا علمت ذَلِك فَمن فروعه المشكلة عَلَيْهِ 1 - مَا إِذا قَالَ أَنْت طَالِق الْيَوْم وَإِن جَاءَ رَأس الشَّهْر فَإِنَّهَا تطلق طَلْقَة وَاحِدَة فِي الْحَال وَكَذَا أَنْت طَالِق الْيَوْم وَإِن دخلت الدَّار كَذَا قَالَه الرَّافِعِيّ فِي بَاب تَعْلِيق الطَّلَاق فِي آخر الطّرف الأول مِنْهُ وَالْقِيَاس وُقُوع طَلْقَتَيْنِ فِي التَّعْلِيق الأول وَهُوَ وَإِن جَاءَ رَأس الشَّهْر لِأَنَّهُ تَعْلِيق آخر بِخِلَاف التَّعْلِيق الثَّانِي وَهُوَ قَوْله وَإِن دخلت الدَّار فَإِن الْمَعْنى الْمَفْهُوم مِنْهُ إِنَّمَا هُوَ الْوُقُوع سَوَاء دخلت الدَّار أم لم تدخل وَلَا يتخيل ذَلِك فِي التَّعْلِيق الأول فَيكون تَعْلِيقا آخر كَمَا ذَكرْنَاهُ مَسْأَلَة 2 اخْتلفُوا فِي الْوَاو العاطفة هَل تفِيد التَّرْتِيب على ثَلَاثَة مَذَاهِب أَحدهَا أَنَّهَا تدل على التَّرْتِيب وَهُوَ مَذْهَب جمَاعَة من الْكُوفِيّين

وَبَعض الْبَصرِيين وَنَقله صَاحب التَّتِمَّة فِي كتاب الطَّلَاق عَن بعض أَصْحَابنَا وَبَالغ الْمَاوَرْدِيّ فِي الْوضُوء من الْحَاوِي فنقله عَن الْأَخْفَش وَجُمْهُور أَصْحَابنَا وَاخْتَارَهُ الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق فِي التَّبْصِرَة الثَّانِي أَنَّهَا تدل على الْمَعِيَّة وَنَقله إِمَام الْحَرَمَيْنِ عَن الْحَنَفِيَّة وَالثَّالِث وَهُوَ الْمَعْرُوف أَنَّهَا لَا تدل على تَرْتِيب وَلَا معية قَالَ فِي التسهيل لَكِن احْتِمَال تَأْخِير الْمَعْطُوف كثير وتقدمه قَلِيل والمعية احْتِمَال رَاجِح وَمَا ذكره مُخَالف لكَلَام سِيبَوَيْهٍ وَغَيره

فَإِن سِيبَوَيْهٍ قَالَ وَذَلِكَ قَوْلك مَرَرْت بِرَجُل وحمار كَأَنَّك قلت مَرَرْت بهما وَلَيْسَ فِي هَذَا دَلِيل على أَنه بَدَأَ بِشَيْء قبل شَيْء وَلَا شَيْء مَعَ شَيْء هَذَا كَلَامه وَاعْلَم أَن هَذَا القَوْل الثَّالِث يعبر عَنهُ بِأَنَّهَا لمُطلق الْجمع وَلَا يَصح التَّعْبِير بِالْجمعِ الْمُطلق لِأَن الْمُطلق هُوَ الَّذِي لم يُقيد بِشَيْء فَتدخل فِيهِ صُورَة وَاحِدَة وَهِي قَوْلنَا مثلا قَامَ زيد وَعَمْرو وَلَا يدْخل فِيهِ الْمُقَيد بالمعية وَلَا بالتقديم وَلَا بِالتَّأْخِيرِ لخروجها بالتقييد عَن الْإِطْلَاق وَأما مُطلق الْجمع فَمَعْنَاه أَي جمع كَانَ وَحِينَئِذٍ فَتدخل فِيهِ الْأَرْبَعَة الْمَذْكُورَة وَهَذَا فرق لطيف غَرِيب لم أر من نبه عَلَيْهِ إِذا علمت ذَلِك فللمسألة فروع الأول إِذا قَالَ لزوجته إِن دخلت الدَّار وَكلمت زيدا فَأَنت طَالِق فَلَا بُد مِنْهُمَا وَلَا فرق بَين أَن يتَقَدَّم الْكَلَام على الدُّخُول أَو يتَأَخَّر عَنهُ وَأَشَارَ فِي التَّتِمَّة إِلَى وَجه فِي اشْتِرَاط تَقْدِيم الْمَذْكُور أَولا تَفْرِيعا على أَن الْوَاو تَقْتَضِي التَّرْتِيب كَذَا ذكره الرَّافِعِيّ فِي بَاب تَعْلِيق الطَّلَاق فِي الْكَلَام على اعْتِرَاض الشَّرْط على الشَّرْط الثَّانِي إِذا قَالَ فِي مرض مَوته أعتقت زيدا وعمرا وضاق الثُّلُث عَنْهُمَا فَإِن قُلْنَا بالترتيب تعين الأول وَإِن قُلْنَا بِعَدَمِهِ فَيتَّجه تَخْرِيجه على الْقَوْلَيْنِ فِيمَا إِذا قَالَ لامْرَأَته قيل الدُّخُول أَنْت طَالِق وَطَالِق الْجَدِيد وُقُوع وَاحِدَة وَالْقَدِيم ثِنْتَانِ وعَلى هَذِه فيقرع بَينهمَا

الثَّالِث وَهُوَ مُخَالف لمقْتَضى مَا سبق إِذا حملوه على التَّرْتِيب إِذا قَالَ لوَكِيله خُذ مَالِي من زَوْجَتي وَطَلقهَا قَالَ الْبَغَوِيّ فَلَا بُد من أَخذ المَال قبل الطَّلَاق فِي أصح الْوَجْهَيْنِ كَذَا نَقله عَنهُ الرَّافِعِيّ قبيل كتاب الْخلْع والمعني فِي إِيجَاب هَذَا التَّرْتِيب أَنه الِاحْتِيَاط لاحْتِمَال الْإِنْكَار بعد الطَّلَاق وَالِاحْتِيَاط وَاجِب على الْوَكِيل إِذا لم يكن فِي لفظ الْمُوكل مَا يَنْفِيه إِلَّا أَن أَبَا الْفرج السَّرخسِيّ لما حكى هذَيْن الْوَجْهَيْنِ اسْتدلَّ على عدم الِاشْتِرَاط بِمَا إِذا قدم الطَّلَاق فَقَالَ طَلقهَا وَخذ مَالِي مِنْهَا فَإِنَّهُ لَا يشْتَرط تَقْدِيم الْأَخْذ ثمَّ قَالَ وَالثَّانِي يشْتَرط لِأَنَّهُ ذكر أَخذ المَال قبل الطَّلَاق هَذِه عِبَارَته فَدلَّ على أَن الْمُقْتَضِي مُجَرّد التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير وَلَو رَاعى الْمَعْنى الَّذِي ذَكرْنَاهُ لم يفْتَرق الْحَال بَين الْأَمريْنِ الرَّابِع لَو قَالَ خُذ هَذَا وَدِيعَة يَوْمًا وعارية يَوْمًا فَهُوَ وَدِيعَة فِي الْيَوْم الأول وعارية فِي الْيَوْم الثَّانِي ثمَّ لَا يعود وَدِيعَة أبدا بِخِلَاف مَا لَو قَالَ وَدِيعَة يَوْمًا وَغير وَدِيعَة يَوْمًا فَإِنَّهُ يكون وَدِيعَة أبدا كَذَا نَقله الرَّافِعِيّ عَن الرَّوْيَانِيّ وَقَالَ أَعنِي الرَّوْيَانِيّ إِن الْأَصْحَاب اتَّفقُوا عَلَيْهِ الْخَامِس وَهُوَ مُخَالف إِذْ حملوه على الْمَعِيَّة إِذا قَالَ لزوجته

مسألة

قبل الدُّخُول بهَا إِن دخلت الدَّار فَأَنت طَالِق وَطَالِق وَطَالِق أَي بتكراره ثَلَاثًا أَو قدم الْجَزَاء فَقَالَ أَنْت طَالِق وَطَالِق وَطَالِق إِن دخلت الدَّار فَدخلت وَقعت الثَّلَاث فِي أصح الْأَوْجه لِأَن الْجَمِيع يَقع فِي حَال الدُّخُول وَالثَّانِي لَا يَقع فيهمَا إِلَّا وَاحِدَة كَمَا لَو نجز الثَّلَاث هَكَذَا وَالثَّالِث إِن قدم الشَّرْط فَوَاحِدَة وَإِن قدم الْجَزَاء وَقعت الثَّلَاث وَلَو أَتَى بثم أَو بِالْفَاءِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لم تقع إِلَّا وَاحِدَة السَّادِس مِمَّا حملوه فِيهِ على الْعَكْس إِذا قَالَ لعَبْدِهِ إِذا مت وَمضى شهر فَأَنت حر عتق بعد مَوته بِشَهْر وَلَا يَكْفِي تقدم الشَّهْر على الْمَوْت كَذَا جزم بِهِ الرَّافِعِيّ فِي أَوَائِل كتاب التَّدْبِير وَذكر بعده بِقَلِيل عَن الْبَغَوِيّ مثله أَيْضا فَقَالَ إِذا قَالَ إِن مت وَدخلت الدَّار فَأَنت حر فَيشْتَرط الدُّخُول بعد الْمَوْت إِلَّا أَن يُرِيد الدُّخُول قبله مَسْأَلَة 3 ذكر الإِمَام فِي الْمَحْصُول وَغَيره من كتبه أَن وَاو الْعَطف بِمَثَابَة ألف التَّثْنِيَة مَعَ الِاثْنَيْنِ وبمثابة وَاو الْجمع مَعَ الثَّلَاثَة فَصَاعِدا حَتَّى يكون قَول الْقَائِل قَامَ الزيدان كَقَوْلِه قَامَ زيد وَزيد إِذا علمت ذَلِك فللقاعدة أَمْثِلَة صَحِيحَة 1 - كَقَوْلِك بِعْتُك هَذَا وَهَذَا بِكَذَا فَإِنَّهُ لَا فرق بَينه وَبَين قَوْلك بِعْت هذَيْن بِكَذَا وَنَحْو ذَلِك من الْعُقُود والفسوخ لَكِن ذكر الْأَصْحَاب فروعا كَثِيرَة مُخَالفَة لَهَا مِنْهَا

1 - إِذا كَانَ للْمَرِيض عَبْدَانِ كل مِنْهُمَا ثلث مَاله فَقَالَ أعتقت هَذَا وَهَذَا عتق الأول وَإِن قَالَ أعتقت هذَيْن أَقرع بَينهمَا كَذَا ذكره الْأَصْحَاب وَفرع الرَّافِعِيّ على هَذِه الْمَسْأَلَة فِي الْكَلَام على سرَايَة الْعتْق فروعا حَسَنَة 2 - وَمِنْهَا إِذا قَالَ لَهَا أَنْت طَالِق وَطَالِق وَطَالِق فَإِنَّهُ يَقع عَلَيْهِ ثَلَاث طلقات إِذا أطلق بِخِلَاف مَا إِذا قَالَ أَنْت طالقان بالتثنية أَو طَوَالِق بِالْجمعِ فَإِنَّهُ لَا يَقع عَلَيْهِ إِلَّا وَاحِدَة كَذَا ذكره الْقفال فِي فَتَاوِيهِ وَنَقله عَنهُ الرَّافِعِيّ فِي الْكَلَام على كنايات الطَّلَاق وَلم يُخَالِفهُ 3 - وَمِنْهَا إِذا قَالَ لَهُ عَليّ دِرْهَم وَدِرْهَم وَدِرْهَم إِلَّا درهما وَفِيه وَجْهَان أَحدهمَا أَنا نجمع هَذَا المفرق وَيصِح الِاسْتِثْنَاء فَكَأَنَّهُ قَالَ لَهُ عَليّ ثَلَاثَة دَرَاهِم إِلَّا درهما وأصحهما أَنا لَا نجمع وَحِينَئِذٍ فَيبْطل الِاسْتِثْنَاء لكَونه مُسْتَغْرقا وَيَأْتِي هَذَا الْخلاف ايضا فِيمَا إِذا كَانَ الْمُسْتَثْنى مِنْهُ مجموعا وَالِاسْتِثْنَاء مفرقا كَقَوْلِه عَليّ ثَلَاثَة إِلَّا درهما ودرهما ودرهما فَإِن جَمعنَا ابطلنا لصيرورته مُسْتَغْرقا وَإِن لم نجمع صححنا الِاسْتِثْنَاء فِي دِرْهَمَيْنِ وأبطلنا فِي الثَّالِث لحُصُول الِاسْتِغْرَاق بِهِ 4 - وَمِنْهَا لَو أكره على طَلَاق حَفْصَة مثلا فَقَالَ لَهَا ولعمرة طلقتكما فَإِنَّهُمَا يطلقان لِأَنَّهُ عدل عَن الْمُكْره عَلَيْهِ فأشعر بِالِاخْتِيَارِ وَإِن قَالَ طَلْقَة حَفْصَة وَعمرَة أَو أعَاد طلقت فَقَالَ طلقت

مسألة

حَفْصَة وَطلقت عمْرَة أَو حَفْصَة طَالِق وَعمرَة طَالِق لم تطلق الْمُكْره عَلَيْهَا وَهِي حَفْصَة وَتطلق الْأُخْرَى كَذَا نَقله الرَّافِعِيّ عَن الْمُتَوَلِي وَالْبَغوِيّ وَغَيرهمَا قَالَ وَأطلق الإِمَام عَن الْأَصْحَاب وُقُوع الطَّلَاق عَلَيْهِمَا وَلم يفصل بَين العبارتين وَهُوَ مُحْتَمل هَذَا كَلَام الرَّافِعِيّ لكنه نقل فِي الْكَلَام على كنايات الطَّلَاق مَا يشكل على هَذَا فَقَالَ وَلَو قَالَ كل امْرَأَة أَتَزَوَّجهَا فَهِيَ طَالِق وَأَنت يَا أم أَوْلَادِي قَالَ أَبُو عَاصِم للعبادي لَا تطلق وَهُوَ كَمَا قَالَ غَيره لَو قَالَ لزوجته نسَاء الْعَالمين طَوَالِق وَأَنت يَا فَاطِمَة لَا تطلق لِأَنَّهُ عطف على نسْوَة لم يطلقن هَذَا كَلَامه وَقِيَاس غَيره كَذَلِك حَتَّى يَسْتَثْنِي الْعَطف على الْبَاطِل من تَفْرِيق الصَّفْقَة مَسْأَلَة 4 الْفَاء تَقْتَضِي تشريك مَا بعْدهَا لما قبلهَا فِي حكمه وَالْجُمْهُور على أَنَّهَا تدل على التَّرْتِيب بِلَا مهلة ويعبر عَنهُ بالتعقيب كَأَن الثَّانِي أَخذ بعقب الأول وَقَالَ الْفراء يجوز أَن يكون مَا بعدهمَا سَابِقًا

وَقَالَ الْجرْمِي إِن دخلت على الْأَمَاكِن والمطر فَلَا تقبل التَّرْتِيب إِذا علمت ذَلِك فللمسألة فروع الأول إِذا قَالَ مثلا إِن دخلت الدَّار فكلمت زيدا فَأَنت طَالِق فَيشْتَرط فِي الْوُقُوع تَقْدِيم الدُّخُول على الْكَلَام كَمَا جزم بِهِ الرَّافِعِيّ فِي الطّرف السَّابِع من تَعْلِيق الطَّلَاق الثَّانِي إِذا قَالَ السَّيِّد إِذا مت فشئت أَي بِالْفَاءِ وَضم التَّاء من شِئْت فَأَنت حر فَإِنَّهُ لَغْو لِاسْتِحَالَة مَشِيئَته بعد الْمَوْت وَحِينَئِذٍ فَيفوت التَّرْتِيب كَذَا ذكره الرَّافِعِيّ فِي أثْنَاء التَّدْبِير وَلقَائِل أَن يَقُول إِذا تَعَذَّرَتْ الْحَقِيقَة فَلم لَا نحمله على الْمجَاز وَهُوَ اسْتِعْمَال الْفَاء مَوضِع الْوَاو وَحِينَئِذٍ تعْتَبر الْمَشِيئَة قبل الْمَوْت وَآخر كَلَام الرَّافِعِيّ يشْعر بِهِ

مسألة

الثَّالِث إِذا عبر السَّيِّد بقوله إِذا مت فشئت كَمَا ذَكرْنَاهُ إِلَّا أَنه فتح التَّاء من شِئْت أَو قَالَ إِن وَقع كَذَا فَكَذَا فَأَنت حر فَفِي اشْتِرَاط الِاتِّصَال وَجْهَان حَكَاهُمَا الرَّافِعِيّ فِي موضِعين من كتاب التَّدْبِير وَقَالَ الْأَصَح هُوَ الِاشْتِرَاط وَمُقْتَضى ذَلِك جريانهما فِي الطَّلَاق وَالْوكَالَة كَقَوْلِه بِعْ هَذَا فَهَذَا وَغير ذَلِك من الْأَبْوَاب الرَّابِع إِذا قَالَ بِعْتُك بدرهم فدرهم انْعَقَد البيع بِدِرْهَمَيْنِ فِي قِيَاس الْمَذْكُور فِي الطَّلَاق لِأَن كلآ مِنْهُمَا إنْشَاء كَذَا نَقله الرَّافِعِيّ فِي كتاب الْإِقْرَار عَن أبي عَبَّاس الرَّوْيَانِيّ مَسْأَلَة 5 ثمَّ من حُرُوف الْعَطف وَيجوز إِبْدَال تائها فَاء وَأَن يلْحق آخرهَا تَاء التَّأْنِيث متحركة تَارَة وساكنة تَارَة أُخْرَى وَهِي تفِيد التَّرْتِيب وَلَكِن بمهلة وَقيل تسْتَعْمل أَيْضا للتَّرْتِيب بِلَا مهلة كالفاء وَقَالَ الْفراء والأخفش وقطرب إِنَّهَا لَا تدل على التَّرْتِيب يالكلية وفروع الْمَسْأَلَة كَثِيرَة فَمِنْهَا

1 - مَا إِذا قَالَ لوَكِيله بِعْ هَذَا ثمَّ هَذَا وَنَحْو ذَلِك 2 - وَمِنْهَا فِي الْوَقْف إِذا قَالَ وقفت على زيد ثمَّ عَمْرو أَو قَالَ أوصيت إِلَى زيد ثمَّ عَمْرو فَلَا بُد من التَّرْتِيب وَقِيَاس كَونهَا للانفصال أَن لَا يَصح تصرف الْوَكِيل وَالْوَصِيّ مُتَّصِلا بِولَايَة الأول وَأَن يكون الْوَقْف مُنْقَطِعًا فِي لَحْظَة وَذهب أَبُو عَاصِم الْعَبَّادِيّ إِلَى أَنَّهَا لَا تَقْتَضِي التَّرْتِيب نَقله عَنهُ القَاضِي الْحُسَيْن فِي فَتَاوِيهِ 3 - وَمِنْهَا وَهُوَ مُخَالف لهَذِهِ الْقَاعِدَة لَو قَالَ لوَكِيله طلق زَوْجَتي ثمَّ خُذ مَالِي مِنْهَا جَازَ تَقْدِيم قبض المَال لِأَنَّهُ زِيَادَة خير كَذَا ذكره الرَّافِعِيّ قبيل كتاب الْخلْع وَفِيه نظر لِأَنَّهُ مَمْنُوع من الْقَبْض قبل ذَلِك وَزِيَادَة الْخَيْر إِنَّمَا تسوغ للْوَكِيل إِذا لم يُصَرح بِخِلَافِهِ كَمَا لَو قَالَ بِعْهُ بمئة وَلَا تبعه بِزِيَادَة عَلَيْهَا فَإِنَّهُ لَا يَبِيع بذلك وَإِن كَانَ فِيهِ زِيَادَة خير 4 - وَمِنْهَا لَو قَالَ لعَبْدِهِ إِن صمت يَوْمًا ثمَّ يَوْمًا آخر فَأَنت حر فَالْقِيَاس أَنه لَا يَكْفِي الْيَوْم الَّذِي بعد الأول لِأَنَّهُ مُتَّصِل بِهِ إِذْ اللَّيْل لَا يقبل الصَّوْم فَلَا بُد من الْفَصْل بِيَوْم لما ذَكرْنَاهُ ولتتميز ثمَّ عَن الْوَاو

مسألة

مَسْأَلَة 6 إِلَّا للحصر على الْمَعْرُوف وَكَذَلِكَ إِنَّمَا عِنْد الإِمَام فَخر الدّين وَأَتْبَاعه وَاخْتَارَ الْآمِدِيّ أَنَّهَا لَا تفِيد الْحصْر بل تفِيد تَأْكِيد الْإِثْبَات وَهُوَ الصَّحِيح عِنْد جُمْهُور النَّحْوِيين فقد نَقله شَيخنَا أَبُو حَيَّان فِي شرح التسهيل عَن الْبَصرِيين وَلم يصحح ابْن الْحَاجِب شَيْئا فَإِن قُلْنَا إِنَّهَا للحصر فَهَل هُوَ بالمنطوق أَو بِالْمَفْهُومِ فِيهِ مذهبان حَكَاهُمَا ابْن الْحَاجِب وحكاهما الرَّوْيَانِيّ فِي كتاب الْقَضَاء من الْبَحْر وَجْهَيْن لِأَصْحَابِنَا وَمُقْتَضى كَلَام الإِمَام وَأَتْبَاعه أَنه بالمنطوق لأَنهم استدلوا عَلَيْهِ بِأَن إِن للإثبات وَمَا للنَّفْي فجمعنا بَينهمَا على الْوَجْه الْمُمكن فتفطن لما ذَكرْنَاهُ وَقد صرح بذلك أَبُو عَليّ الْفَارِسِي فِي الشيرازيات فَقَالَ إِن مَا فِي إِنَّمَا للنَّفْي إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة

مسألة

1 - الِاكْتِفَاء بهَا فِي التَّحَالُف وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا بُد فِيهِ من الْجمع بَين النَّفْي وَالْإِثْبَات فِي يَمِين وَاحِدَة فَيَقُول مثلا وَالله مَا بِعته بِكَذَا وَلَقَد بِعته بِكَذَا لِأَنَّهُ مُدع ومدعى عَلَيْهِ فَلَو قَالَ وَالله إِنَّمَا بِعته بِكَذَا فَقِيَاس قَول من قَالَ إِنَّهَا للحصر أَن يَكْتَفِي بذلك لَا سِيمَا إِذا قُلْنَا إِنَّه من بَاب الْمَنْطُوق لَكِن إِنَّمَا يتَّجه ذَلِك إِذا قُلْنَا إِن تَقْدِيم النَّفْي على الْإِثْبَات لَيْسَ بِوَاجِب فَتَأَمّله وَقد صحّح الْمُتَأَخّرُونَ وُجُوبه وَاعْلَم أَن الِاكْتِفَاء بهَا مَحَله إِذا لقن الْحَاكِم ذَلِك للْحَالِف فَإِن لقنه التَّفْصِيل فَعدل إِلَى مَا ذَكرْنَاهُ فَالْمُتَّجه عدم الِاكْتِفَاء مَسْأَلَة 7 لفظ من يَقع للتَّبْعِيض كَقَوْلِك أخذت من الدَّرَاهِم وَيعرف بصلاحية إِقَامَة صِيغَة بعض مقَامهَا فَنَقُول فِي مثالنا بعض الدَّرَاهِم إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا ذكره الرَّافِعِيّ فِي الطَّلَاق أَنه إِذا قَالَ لزوجته اخْتَارِي من ثَلَاث تَطْلِيقَات مَا شِئْت أَو طَلِّقِي نَفسك من ثَلَاث مَا شِئْت فلهَا أَن تطلق نَفسهَا وَاحِدَة أَو اثْنَتَيْنِ وَلَا تملك الثَّلَاث

2 - وَمِنْهَا مَا ذكره الرَّافِعِيّ فِي الْبَاب الأول من أَبْوَاب الْوكَالَة فَقَالَ لَو قَالَ بِعْ مَا شِئْت من أَمْوَالِي أَو اقبض مَا شِئْت من ديوني جَازَ ذكره فِي الْمُهَذّب والتهذيب وَذكر فِي الْحِلْية مَا يُخَالِفهُ فَإِن قَالَ لَو قَالَ بِعْ من رَأَيْت من عَبِيدِي لم يَصح حَتَّى يُمَيّز انْتهى كَلَامه زَاد فِي الرَّوْضَة بِأَنَّهُ إِنَّمَا يتَصَرَّف فِي الْبَعْض لِأَن من للتَّبْعِيض فَقَالَ صرح إِمَام الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزالِيّ فِي الْبَسِيط بِأَنَّهُ إِذا قَالَ بِعْ من شِئْت من عَبِيدِي لَا يَبِيع جَمِيعهم لِأَنَّهَا للتَّبْعِيض فَلَو باعهم إِلَّا وَاحِدًا صَحَّ وَاعْلَم أَن النَّوَوِيّ فِي الرَّوْضَة قد استدرك على الرَّافِعِيّ فَقَالَ إِن الَّذِي نَقله عَن الْحِلْية إِن كَانَ المُرَاد بِهِ حلية الرَّوْيَانِيّ فَهُوَ غلط من الرَّافِعِيّ عَلَيْهِ فَإِن الْمَذْكُور فِي الْحِلْية خِلَافه ثمَّ ذكر كَلَامه أَي كَلَام الْحِلْية وَالَّذِي ذكره النَّوَوِيّ غلط فَاحش فَإِن الرَّوْيَانِيّ قد صرح بذلك فِي الْكتاب الْمَذْكُور فذهل عَنهُ النَّوَوِيّ وَنقل كلَاما آخر مَذْكُورا بعد بِنَحْوِ خَمْسَة أسطر ظنا مِنْهُ أَنه هُوَ وَقد أوضحت ذَلِك فِي الْمُهِمَّات فَرَاجعه

مسألة

مَسْأَلَة 8 وَمن مَعَاني من أَيْضا التَّعْلِيل كَمَا قَالَه فِي التسهيل وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {كلما أَرَادوا أَن يخرجُوا مِنْهَا من غم} إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا إِذا قَالَ بَرِئت من طَلَاقك وَنوى فَإِن الطَّلَاق لَا يَقع بِخِلَاف مَا إِذا زَاد إِلَى فَقَالَ بَرِئت إِلَيْك من طَلَاقك فَإِنَّهُ يَقع وَالتَّقْدِير بَرِئت إِلَيْك من أجل إِيقَاع الطَّلَاق عَلَيْك كَذَا نَقله الرَّافِعِيّ فِي كتاب الطَّلَاق عَن إِسْمَاعِيل البوشنجي وَأقرهُ قَالَ بِخِلَاف مَا لَو قَالَ بَرِئت من نكاحك فَإِنَّهُ كِنَايَة سَوَاء أَتَى بِلَفْظ إِلَى أم لم يَأْتِ بهَا مَسْأَلَة 9 إِلَى مَوْضُوع لانْتِهَاء غَايَة الشَّيْء وَهل يدْخل مَا بعْدهَا فِيمَا قبلهَا فِيهِ مَذَاهِب أَحدهَا لَا بل تدل على خُرُوجه عَنهُ وَهُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي وَالْجُمْهُور كَذَا صرح بِهِ إِمَام الْحَرَمَيْنِ فِي الْبُرْهَان وَالثَّانِي أَنه دَاخل فِيمَا قبله

وَالثَّالِث إِن كَانَ من جنسه دخل وَإِلَّا فَلَا نَحْو بِعْتُك الرُّمَّان إِلَى هَذِه الشَّجَرَة فَينْظر فِي تِلْكَ الشَّجَرَة هَل من الرُّمَّان أم لَا وَالرَّابِع إِن لم يكن مَعَه من كَمَا مثلناه دخل وَإِلَّا فَلَا نَحْو بِعْتُك من هَذِه الشَّجَرَة إِلَى هَذِه وَالْخَامِس وَرجحه فِي الْمَحْصُول والمنتخب إِن كَانَ مُنْفَصِلا عَن مَا قبله بفصل مَعْلُوم بالحس كَقَوْلِه تَعَالَى {ثمَّ أَتموا الصّيام إِلَى اللَّيْل} فَإِنَّهُ لَا يدْخل وَإِلَّا فيد كَقَوْلِه تَعَالَى {وَأَيْدِيكُمْ إِلَى الْمرَافِق} فَإِن الْمرْفق مُنْفَصِل بِجُزْء مشتبه وَلَيْسَ تعْيين بعض الْأَجْزَاء بِأولى من الْبَعْض فَوَجَبَ الحكم بِالدُّخُولِ وَالسَّادِس وَهُوَ مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ كَمَا قَالَه فِي الْبُرْهَان أَنه إِن اقْترن بِمن فَلَا يدْخل وَإِلَّا فَيحْتَمل الْأَمريْنِ وَالسَّابِع وَاخْتَارَهُ الْآمِدِيّ أَنه لَا يدل على شَيْء وَلم يصحح ابْن الْحَاجِب شَيْئا

إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا إِذا حلف لَا تخرج امْرَأَته إِلَى الْعرس فَخرجت بِقَصْدِهِ وَلم تصل إِلَيْهِ فَلَا يَحْنَث لِأَن الْغَايَة لم تُوجد وَكَذَا لَو انعكس الْحَال فَخرجت لغير الْعرس ثمَّ دخلت إِلَيْهِ بِخِلَاف مَا إِذا أَتَى بِاللَّامِ فَقَالَ للعرس فَإِنَّهُ لَا يشْتَرط وصولها إِلَيْهِ بل الشَّرْط أَن تخرج إِلَيْهِ وَحده أَو مَعَ غَيره لِأَن حرف الْغَايَة وَهُوَ إِلَى لم يُوجد كَذَا قَالَه القَاضِي أَبُو الطّيب فِي كتاب الْأَيْمَان من تعليقته فِي فرعين متصلين فتفطن لَهُ وَوجه التَّفْرِقَة بَين اللَّام وَإِلَى أَن اصل إِلَى للغاية بِخِلَاف اللَّام فَإِن أَصْلهَا الْملك فَإِن تعذر فَيحمل على مَا يَقْتَضِيهِ السِّيَاق من التَّعْلِيل والانتهاء 2 - وَمِنْهَا لَو حلف بِالطَّلَاق أَو غَيره أَنه بعث فلَانا إِلَى بَيت فلَان وَعلم أَن الْمَبْعُوث لم يمض إِلَيْهِ فَقيل يَقع الطَّلَاق لِأَنَّهُ يَقْتَضِي حُصُوله هُنَاكَ وَالصَّحِيح خِلَافه لِأَنَّهُ يصدق أَن يُقَال بَعثه فَلم يمتثل كَذَا نَقله الرَّافِعِيّ فِي آخر تَعْلِيق الطَّلَاق عَن ابي الْعَبَّاس الرَّوْيَانِيّ وَهُوَ وَاضح لِأَن الْمَحْلُوف عَلَيْهِ هُوَ الْبَعْث إِلَيْهِ وَقد وجد وَلم يحلف على الْوُصُول إِلَيْهِ 3 - وَمِنْهَا لَو وكل رجلا بِبيع عين بِعشْرَة مُؤَجّلَة إِلَى يَوْم الْخَمِيس لم يدْخل يَوْم الْخَمِيس فِي الْأَجَل كَذَا ذكره صَاحب الْبَحْر فِي بَاب الْوكَالَة وَفرع

مسألة

عَلَيْهِ أَنه لَو لم يَبِعْهُ حَتَّى دخل يَوْم الْخَمِيس فَإِنَّهُ لَا يَبِيعهُ وَعلله بِأَن الْأَجَل قد فَاتَ وَبيعه بِالْحَال خلاف الْمَأْذُون فِيهِ ثمَّ حكى وَجها أَن لَهُ أَن يَبِيعهُ بِالْحَال وَمُقْتَضَاهُ أَنه لَا فرق على هَذَا الْوَجْه بَين أَن يَبِيعهُ قبل الْخَمِيس أَو بعده 4 - وَمِنْهَا لَو حلف ليقضين حَقه إِلَى رَأس الشَّهْر لم يدْخل رَأس الشَّهْر فِي الْيَمين بل يجب تَقْدِيم الْقَضَاء عَلَيْهِ وَقيل يتَعَيَّن قَضَاؤُهُ عِنْد رَأس الشَّهْر وَضَعفه الْغَزالِيّ فِي الْبَسِيط وَحكى وَجْهَيْن فِيمَا إِذا قَالَ أردْت وَإِلَى معنى عِنْد هَل يقبل مِنْهُ ذَلِك وَرجح الْقبُول قَالَ لِأَن إِلَى قد ترد بِمَعْنى الضَّم كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالهم إِلَى أَمْوَالكُم} مَسْأَلَة 10 هَذِه اللَّفْظَة وَهِي إِلَى قد تكون لابتداء الْغَايَة كَمَا قَالَه الشَّيْخ فِي الْمُهَذّب وَمثل لَهُ بقَوْلهمْ فلَان خَارج إِلَى شهر وَبنى

مسألة

عَلَيْهِ مَا إِذا قَالَ لزوجته أَنْت طَالِق إِلَى شهر فَلَا تطلق إِلَّا بعد شهر قَالَ لاحْتِمَال أَن يُرِيد ابْتِدَاء الْغَايَة وَبِه جزم ايضا فِي التَّنْبِيه وَنَقله الرَّافِعِيّ عَن الْمُتَوَلِي وَغَيره ثمَّ نقل عَن البوشنجي أَنه يحْتَمل وُقُوعه فِي الْحَال عِنْد الْإِطْلَاق وَضَعفه النَّوَوِيّ من زوائده وَلَيْسَ كَمَا قَالَ من ضعفه بل هُوَ مُقْتَضى اللَّفْظ فَإِن مَدْلُوله وُقُوع الطَّلَاق الْآن وارتفاعه بعد شهر فنأخذ بالوقوع لَا بِالرَّفْع مَسْأَلَة 11 فِي للظرفية الْحَقِيقِيَّة كَقَوْلِك زيد فِي الدَّار أَو المجازية كَقَوْلِه تَعَالَى {ولأصلبنكم فِي جُذُوع النّخل} فَإِنَّهُ لما كَانَ المصلوب مُتَمَكنًا على الْجذع كتمكن المظروف من الظّرْف فَعبر عَنهُ بِهِ مجَازًا وتستعمل الْبَاء أَيْضا بمعناها كَقَوْلِه تَعَالَى {وَإِنَّكُمْ لتمرون عَلَيْهِم مصبحين وبالليل} أَي وَفِي اللَّيْل إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا إِذا قَالَ لزوجته وهما فِي مصر مثلا أَنْت طَالِق فِي مَكَّة فَفِي الرَّافِعِيّ قبيل الرّجْعَة عَن الْبُوَيْطِيّ أَنَّهَا تطلق فِي الْحَال وَتَبعهُ

عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَة وَسَببه أَن الْمُطلقَة فِي بلد مُطلقَة فِي بَاقِي الْبِلَاد وَلَكِن رَأَيْت فب طَبَقَات الْعَبَّادِيّ عَن الْبُوَيْطِيّ أَنَّهَا لَا تطلق حَتَّى تدخل مَكَّة وَهُوَ مُتَّجه فَإِن حمل الْكَلَام على فَائِدَة أولى من إلغائه وَقد ذكر الرَّافِعِيّ قبيل النَّص الْمَذْكُور بِقَلِيل فِي الْفَصْل الْمَنْقُول عَن إِسْمَاعِيل البوشنجي مثله ايضا وَأقرهُ عَلَيْهِ النَّوَوِيّ 2 - وَمِنْهَا إِذا وكل أَن يَشْتَرِي لَهُ دَارا فِي هراة مثلا فَيكون الربض وَهُوَ الدّور الْخَارِجَة عَنهُ الْمُتَّصِلَة بهَا دَاخِلا فِي هَذَا اللَّفْظ وَإِن أَتَى بِالْبَاء فَقَالَ بهراة فيشتري بِالْبَلَدِ إِن كَانَ بلديا وَفِي الرساتيق أَي الْقرى الَّتِي حواليها إِن كَانَ رستاقيا وَإِن لم يعرف حَاله فيشتري أَيْن شَاءَ كَذَا قَالَه الْعَبَّادِيّ فِي الزِّيَادَات ثمَّ قَالَ عقب ذَلِك وَعِنْدِي أَنه يجب تَبْيِين مَوْضِعه قلت وَهَذَا الآخر هُوَ الَّذِي جزم بِهِ الرَّافِعِيّ فَإِنَّهُ اشْترط ذكر حُدُود الدَّار الَّتِي يُوكل فِي شِرَائهَا وَهُوَ أبلغ من ذكر الْموضع

3 - وَمِنْهَا إِذا قَالَ لَهُ عَليّ دِرْهَم فِي دِينَار فَهُوَ كَقَوْلِه فِي هَذَا العَبْد ألف كَذَا قَالَه الرَّافِعِيّ وَحِينَئِذٍ فتجيء فِيهِ الْأَقْسَام الْمَعْرُوفَة وَالشَّيْخ فِي التَّنْبِيه أوجب عَلَيْهِ درهما قَالَ إِلَّا أَن يزِيد ب فِي معنى مَعَ فَيلْزمهُ دِرْهَم ودينار وَأقرهُ النَّوَوِيّ عَلَيْهِ فِي تَصْحِيحه 4 وَمِنْهَا إِذا قَالَ أَنْت طَالِق فِي يَوْم كَذَا طلقت عِنْد طُلُوع الْفجْر من ذَلِك الْيَوْم لِأَن الظَّرْفِيَّة قد تحققت وَفِيه قَول إِنَّهَا تطلق عِنْد غرُوب الشَّمْس وَقس على الْيَوْم غَيره من الْأَوْقَات المحدودة كوقت الظّهْر وَالْعصر وَنَحْوهمَا فَلَو قَالَ أردْت بِقَوْلِي فِي شهر كَذَا أَو يَوْم كَذَا وَنَحْوه إِنَّمَا هُوَ الْوسط أَو الْأَخير دين وَلَا يقبل ظَاهرا وَقيل يقبل

الفصل التاسع في كيفية الاستدلال بالألفاظ

الْفَصْل التَّاسِع فِي كَيْفيَّة الِاسْتِدْلَال بالألفاظ مَسْأَلَة 1 إِذا تردد اللَّفْظ الصَّادِر من الشَّارِع بَين أُمُور فَيحمل أَولا على الْمَعْنى الشَّرْعِيّ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام بعث لبَيَان الشرعيات فَإِن تعذر حمل على الْحَقِيقَة الْعُرْفِيَّة الْمَوْجُودَة فِي عَهده عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لِأَن التَّكَلُّم بالمعتاد عرفا أغلب من المُرَاد عِنْد أهل اللُّغَة فَإِن تعذر حمل على الْحَقِيقَة اللُّغَوِيَّة لتعينها بِحَسب الْوَاقِع وَحكى الْآمِدِيّ فِي تعَارض الْحَقِيقَة الشَّرْعِيَّة واللغوية مَذَاهِب أَحدهَا هَذَا وَصَححهُ ابْن الْحَاجِب وَالثَّانِي يكون مُجملا وَالثَّالِث قَالَه الْغَزالِيّ إِن ورد فِي الْإِثْبَات حمل على الشَّرْعِيّ

كَقَوْلِه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام إِنِّي إِذن أَصوم حَتَّى يسْتَدلّ بِهِ على صِحَة النَّفْل بنية من النَّهَار وَإِن ورد فِي النَّهْي كَانَ مُجملا كنهيه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام عَن صَوْم يَوْم النَّحْر فَإِنَّهُ لَو حمل على الشَّرْع دلّ على صِحَّته لِاسْتِحَالَة النَّهْي عَمَّا لَا يتَصَوَّر وُقُوعه بِخِلَاف مَا إِذا حمل على اللّغَوِيّ قَالَ الْآمِدِيّ وَالْمُخْتَار أَنه إِن ورد فِي الْإِثْبَات حمل على الشَّرْعِيّ لِأَنَّهُ مَبْعُوث لبَيَان الشرعيات وَإِن ورد فِي النَّهْي حمل على اللّغَوِيّ للاستحالة الْمُتَقَدّمَة وَمَا ذكرَاهُ من أَن النَّهْي يسْتَلْزم الصِّحَّة قد أنكراه بعد ذَلِك وضعفا قَائِله فان تعذر كل ذَلِك فَيحمل على الْمَعْنى الْمجَازِي صونا للفظ عَن

الإهمال وَسَيَأْتِي إيضاحه وتفريعه وَأما اللَّفْظ الصَّادِر من غير الشَّارِع فَقَالَ الرَّافِعِيّ فِي الطّرف السَّابِع من تَعْلِيق الطَّلَاق إِنَّه إِذا تعَارض الْمَدْلُول اللّغَوِيّ والعرفي فَكَلَام الْأَصْحَاب يمِيل إِلَى اعْتِبَار الْوَضع وَالْإِمَام وَالْغَزالِيّ يريان اتِّبَاع الْعرف ثمَّ ذكر بعده بأسطر مثله فَقَالَ الْأَصَح وَبِه أجَاب الْمُتَوَلِي مُرَاعَاة اللَّفْظ فَإِن الْعرف لَا يكَاد يَنْضَبِط ذكره فِي أول الْفَصْل الْمَعْقُود للألفاظ الْوَاقِعَة عِنْد مخاصمة الزَّوْجَيْنِ ومشاتمتها وَمِنْه قَول الْفُقَهَاء مَا لَيْسَ لَهُ ضَابِط فِي الشَّرْع وَلَا فِي اللُّغَة يرجع فِيهِ إِلَى الْعرف فَإِنَّهُ يَقْتَضِي تَأْخِير الْعرف عَن اللُّغَة وَهُوَ صَحِيح إِذا حمل على مَا ذَكرْنَاهُ فتفطن لما ذكرته فَإِن كثيرا من النَّاس قد اشْتبهَ عَلَيْهِ ذَلِك وَظن الِاتِّحَاد فِي التَّصْوِير وَالِاخْتِلَاف فِي الْجَواب وَهَذَا كُله إِذا كثر اسْتِعْمَال الشَّرْعِيّ والعرفي بِحَيْثُ صَار يسْبق

أَحدهمَا دون اللّغَوِيّ فَإِن لم يكن فَإِنَّهُ يكون مُشْتَركا لَا يتَرَجَّح إِلَّا بِقَرِينَة قَالَه فِي الْمَحْصُول لَكِن مَذْهَب الشَّافِعِي حمل الْمُشْتَرك على معنييه وَحِينَئِذٍ فَإِذا أمكن ذَلِك هُنَا وَجب الْمصير إِلَيْهِ إِذا علمت ذَلِك فللمسألة فروع أَحدهَا إِذا قَالَ إِن كَانَ فِي بَيْتِي نَار فَأَنت طَالِق وَفِيه سراج فَإِنَّهَا تطلق كَذَا نَقله الرَّافِعِيّ فِي آخر تَعْلِيق الطَّلَاق عَن زيادات الْعَبَّادِيّ وارتضاه الثَّانِي إِذا قَالَ إِن ضمنت لي ألفا فَأَنت طَالِق وَكَانَ لَهُ هَذَا الْقدر على غَيره فَقَالَت الْمَرْأَة ضمنت لَك الْألف الَّتِي على فلَان مثلا فَيَنْبَغِي وُقُوع الطَّلَاق حملا للفظ على حَقِيقَته الشَّرْعِيَّة والعرفية وَيبقى النّظر فِي أَنه هَل يَقع رَجْعِيًا أم بَائِنا وَلَكنهُمْ حملُوا اللَّفْظ على الْتِزَام ذَلِك فِي الذِّمَّة كَمَا لَو قَالَ أَنْت طَالِق على الف الثَّالِث إِذا قَالَت الْمَرْأَة طَلقنِي وَلَك عَليّ ألف فَإِن طَلقهَا اسْتحق الْألف وَإِلَّا فَلَا مَعَ أَن مُقْتَضى الْكَلَام اسْتِحْقَاق الْألف سَوَاء أطلق أم لَا فَإِنَّهَا سَأَلت الطَّلَاق إِلَّا أَن الْعرف يَقْتَضِي الِالْتِزَام

فَإِن قيل لم تسلكوا هَذَا الْمَعْنى فِي عَكسه وَهُوَ قَول الزَّوْج أَنْت طَالِق وَعَلَيْك ألف بل أوقعوا الطَّلَاق رَجْعِيًا وَلم يوجبوا عَلَيْهَا شَيْئا قبلت ام لَا وَالْجَوَاب أَن ذَلِك قد عَارضه اسْتِقْلَال الزَّوْج بِالطَّلَاق وَقد أوقعه الرَّابِع إِذا قَالَ وَالله لَا أشْرب نبيذا فَشرب الفقاع وَنَحْوه مِمَّا يُسمى نبيذا فِي اللُّغَة وَلَا يُسمى بذلك فِي الْعرف وَقد وَردت هَذِه الْمَسْأَلَة عَليّ من الْيمن فِي جملَة مسَائِل وَحكمهَا يعرف مِمَّا ذكرته الْخَامِس ولنقدم عَلَيْهِ أَن اشتهار الشَّخْص باسم غير الَّذِي سَمَّاهُ أَبَوَاهُ بِمَثَابَة تعَارض الْحَقِيقَة اللُّغَوِيَّة والعرفية أذا تقرر هَذَا فَكَانَ لَهُ زوجتان إِحْدَاهمَا فَاطِمَة بنت مُحَمَّد وَالْأُخْرَى فَاطِمَة بنت رجل سَمَّاهُ أَبَوَاهُ ايضا مُحَمَّدًا إِلَّا أَنه اشْتهر فِي النَّاس ب زيد وَلَا يَدعُونَهُ إِلَّا بذلك فَقَالَ الزَّوْج زَوْجَتي فَاطِمَة مُحَمَّد طَالِق وَقَالَ أردْت بنت الَّذِي يَدعُونَهُ زيدا قَالَ القَاضِي شُرَيْح الرَّوْيَانِيّ فِي معلقاته قَالَ جدي أَبُو الْعَبَّاس الرَّوْيَانِيّ يقبل لِأَن الِاعْتِبَار بِتَسْمِيَة أَبَوَيْهِ وَقد يكون للرجل اسمان فَأكْثر وَقيل

الِاعْتِبَار بِالِاسْمِ الْمَشْهُور فِي النَّاس لِأَنَّهُ ابلغ فِي التَّعْرِيف كَذَا نَقله الرَّافِعِيّ فِي الْكَلَام على الْكِنَايَات وَتقدم أَيْضا فِي الْفَصْل السَّادِس نَقله عَنهُ وَقَرِيب من هَذِه الْمَسْأَلَة مَا ذكره أَيْضا قبيل هَذَا الْموضع بِنَحْوِ ورقة عَن فَتَاوَى الْقفال أَن زَوجته لَو كَانَت تنْسب إِلَى زوج أمهَا فَقَالَ بنت فلَان طَالِق لم تطلق لِأَنَّهَا لَيست ببنته حَقِيقَة وَلغيره فِي هَذَا احْتِمَال زَاد فِي الرَّوْضَة فَقَالَ يَنْبَغِي أَن يُقَال إِن نَوَاهَا طلقت وَلَا يضر الْغَلَط فِي نَسَبهَا كَنَظِيرِهِ من النِّكَاح وَإِلَّا فَلَا وَمُرَاد الْقفال بقوله لم تطلق أَي فِي الظَّاهِر وَأما الْبَاطِن فَيتَعَيَّن أَن يكون كَمَا ذكرته انْتهى كَلَامه السَّادِس إِذا اوصى بالدابة أعطي لَهُ فرسا أَو بغلا أَو حمارا وَإِن كَانَت الدَّابَّة فِي اصل اللُّغَة لكل مَا دب أَي لكل مَا فِيهِ حَيَاة وحركة وَمِنْه قَول الْعَرَب أكذب من دب ودرج أَي أكذب الْأَحْيَاء والأموات من قَوْلهم درج بالوفاة قَالَه

الْجَوْهَرِي فَإِذا لم يكن لَهُ فرس وَلَا بغل وَلَا حمَار وَقَالَ أَعْطوهُ دَابَّة من دوابي وَله حيوانات أُخْرَى كَانَت الْوَصِيَّة بَاطِلَة كَمَا جزم بِهِ الرَّافِعِيّ وَفِيه مَا سبق من الْإِشْكَال السَّابِع إِذا قَالَ لزوجته أَنْت طَالِق يَوْم يقدم زيد فَقدم لَيْلًا فَالْمَذْهَب أَنه لَا يَقع الطَّلَاق لِأَن الْمُتَبَادر إِلَى الْفَهم من لفظ الْيَوْم إِنَّمَا هُوَ مَا بَين طُلُوع الْفجْر إِلَى الْغُرُوب وَقيل يَقع لِأَن الْيَوْم يُطلق للقطعة من الزَّمَان أَيْضا وَمِنْه قَول الشَّاعِر ... فَيوم علينا وَيَوْم لنا ... وَيَوْم نسَاء وَيَوْم نسر ... وَقد سبق هَذَا الْفَرْع ايضا فِي الْفَصْل السَّادِس وَكَذَلِكَ يَوْم الْقِيَامَة نَحوه الثَّامِن إِذا حلف لَا يَأْكُل ميتَة فَأكل سمكًا فَإِنَّهُ لَا يَحْنَث كَمَا صَححهُ الرَّافِعِيّ وَعلله بِالْعرْفِ وَأَيْضًا فَإِن الْميتَة هُوَ مَا لم يذبح

مِمَّا يجب ذبحه وَلَو حلف لَا يَأْكُل دَمًا لم يَحْنَث بالكبد وَالطحَال جزما التَّاسِع إِذا قَالَ أَنْت طَالِق وَعَلَيْك ألف وشاع فِي الْعرف اسْتِعْمَال هَذَا اللَّفْظ فِي طلب الْعِوَض وإلزامه فَقَالَ الْمُتَوَلِي يكون ذَلِك كَمَا لَو قَالَ أَنْت طَالِق على ألف كَذَا نَقله عَنهُ الرَّافِعِيّ فِي الشرحين بعد أَن أطلق القَوْل بِوُقُوع الطَّلَاق رَجْعِيًا وَلَا شَيْء على الْمَرْأَة وَمن فروعها مَا ذكره الْعَبَّادِيّ فِي الزِّيَادَات أَنه لَو رأى شَيْئا ثمَّ اتهمه غَيره بسرقته فَقَالَ وَالله مَا سَرقته وَلَا رَأَيْته لم يَحْنَث قَالَ لِأَن مُقْتَضَاهُ نفي الرُّؤْيَة وَقت السّرقَة وَفِيمَا قَالَه نظر لَكِن الظَّاهِر فِي الْعرف مَا ذكره الْعَاشِر الْأَلْفَاظ الْمَذْكُورَة فِي تَعْلِيق الطَّلَاق على إِثْبَاتهَا ونفيها فَمِنْهَا الخسيس قَالَ أَبُو الْحسن الْعَبَّادِيّ هُوَ من بَاعَ دينه بدنياه وأخس الأخساء من بَاعَ دينه بدنيا غَيره كَذَا نَقله الرَّافِعِيّ عَنهُ ثمَّ قَالَ وَيُشبه أَن يُقَال إِنَّه من يتعاطى فِي الْعرف مَا لَا يَلِيق بِحَالهِ لشدَّة بخله وَمِنْهَا السَّفِيه قَالَ الرَّافِعِيّ يُمكن أَن يحمل على مَا يُوجب الْحجر قلت وَالْمُتَّجه أَن ينظر إِلَى السِّيَاق فَإِن كَانَ فِي معرض الْإِسْرَاف أَو بذاءة اللِّسَان فَلَا كَلَام وَإِن لم يظْهر شَيْء من ذَلِك فَيَأْتِي مَا ذكره الرَّافِعِيّ وَمِنْهَا الْبَخِيل نقل الرَّافِعِيّ أَن صَاحب التَّتِمَّة قَالَ إِنَّه من لَا يُؤَدِّي الزَّكَاة وَلَا يقري الضَّيْف فِيمَا قيل وَمُقْتَضى كَلَامه أَنه لوأتى بِأَحَدِهِمَا لم يكن بَخِيلًا مَعَ أَن الْعرف يَقْتَضِي الثَّانِي خَاصَّة

مسألة

وَمن فروع الْقَاعِدَة أَيْضا مَا اذا قَالَت لَهُ زَوجته يَا خسيس وَنَحْو ذَلِك فَقَالَ إِن كنت كَذَا فَأَنت طَالِق فَإِن قصد التَّعْلِيق فَوَاضِح وان قصد الْمُكَافَأَة طلقت مستثنيا كَانَ أم لَا وَمعنى الْمُكَافَأَة أَن يُرِيد أَن يغيظها بِالطَّلَاق كَمَا غاظته بالشتم فَكَأَنَّهُ يَقُول تزعمين أَنِّي كَذَا فَأَنت طَالِق لأجل ذَلِك فَإِن لم يقْصد شَيْئا مِنْهُمَا فَهُوَ للتعليق فَإِن عَم الْعرف فِي الْمُكَافَأَة فَهَل المرعي الْوَضع أَو الْعرف فِيهِ وَفِي سَائِر التعليقات خلاف وَالأَصَح كَمَا قَالَه الرَّافِعِيّ فِي بَاب تَعْلِيق الطَّلَاق مُرَاعَاة الْوَضع مَسْأَلَة 2 يصرف اللَّفْظ إِلَى الْمجَاز عِنْد قيام الْقَرِينَة وَكَذَلِكَ عِنْد تعذر الْحَقَائِق الثَّلَاث صونا للفظ عَن الإهمال ويعبر عَن ذَلِك بِأَن اعمال اللَّفْظ أولى من الغائه وَهَذَا التَّعْبِير أَعم لما تعرفه إِذا تقرر هَذَا فللمسألة فروع أَحدهَا إِذا قَالَ بَنو آدم كلهم أَحْرَار لَا يعْتق عبيده بِخِلَاف مَا إِذا قَالَ عبيد الدُّنْيَا فَإِنَّهُم يعتقون كَذَا رَأَيْته فِي زيادات الْعَبَّادِيّ وَلم يعلله وَسَببه أَن إِطْلَاق الابْن على ابْن الابْن مجَاز فالحقيقة إِنَّمَا هُوَ الطَّبَقَة

الأولى وهم أَحْرَار بِلَا شكّ بِخِلَاف قَوْله عبيد الدُّنْيَا وَلَا شكّ أَن مَحل ذَلِك عِنْد الْإِطْلَاق فَإِن نوى الْحَقِيقَة وَالْمجَاز صَحَّ على الصَّحِيح وَحمل اللَّفْظ عَلَيْهَا كَمَا سبق فِي مَوْضِعه لَكِن لقَائِل أَن يَقُول فَلم لَا حمل اللَّفْظ على مجازه لتعذر الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ الثَّانِي إِذا أوصى بِعَين ثمَّ قَالَ هِيَ حرَام على الْمُوصى لَهُ فَإِنَّهُ يكون رُجُوعا على الصَّحِيح وَإِن كَانَ اسْم الْفَاعِل حَقِيقَة فِي الْحَال وَلَا شكّ أَنه فِي الْحَال حرَام لَكنا لَو حملناه على الْحَقِيقَة لعري عَن الْفَائِدَة فحملناه على الْمجَاز الثَّالِث إِذا قَالَ إِن دخلت الدَّار أَنْت طَالِق فَالْمُتَّجه وُقُوع الطَّلَاق عِنْد الدُّخُول لِأَن إِذا الفجائية تقوم مقَام الْفَاء فِي الرَّبْط لقَوْله تَعَالَى {وَإِن تصبهم سَيِّئَة بِمَا قدمت أَيْديهم إِذا هم يقنطون} وَإِن كَانَ يحْتَمل أَن يكون الزَّوْج قد أَتَى بإذا على أَنَّهَا شَرط آخر وَالتَّقْدِير إِن دخلت وَقت وُقُوع الطَّلَاق عَلَيْك حصل كَذَا وَكَذَا وَلم يكمل الْكَلَام إِلَّا أَنه صدنَا عَن ذَلِك ان إِعْمَال اللَّفْظ أولى من إلغائه لذَلِك قدمنَا أَن هَذَا التَّعْبِير أَعم من التَّعْبِير الَّذِي قبله الرَّابِع إِذا وقف على أَوْلَاده وَلَيْسَ لَهُ الا أَوْلَاد أَوْلَاد فَإِنَّهُ يَصح وَيكون وَقفا عَلَيْهِم كَمَا جزم بِهِ الرَّافِعِيّ الْخَامِس إِذا أجَاب الْمُدعى عَلَيْهِ بالتصديق صَرِيحًا لَكِن انضمت إِلَيْهِ قَرَائِن تصرفه الى الِاسْتِهْزَاء بالتكذيب كتحريك الرَّأْس الدَّال على شدَّة التَّعَجُّب وَالْإِنْكَار قَالَ الرَّافِعِيّ فَيُشبه أَن يحمل قَول الْأَصْحَاب

إِن صدقت وَمَا فِي مَعْنَاهَا اقرار على غير هَذِه الْحَالة أَو يُقَال فِيهِ خلاف لتعارض اللَّفْظ والقرينة كَمَا لَو قَالَ لي عَلَيْك ألف فَقَالَ فِي الْجَواب على سَبِيل الِاسْتِهْزَاء لَك عَليّ ألف فَإِن الْمُتَوَلِي قد حكى فِيهِ وَجْهَيْن السَّادِس اذا قَالَ لهَذَا الْحمل عَليّ ألف وَلم يسْندهُ الى جِهَة صَحِيحَة كَالْوَصِيَّةِ أَو بَاطِلَة كالمعاملة بل أطلق فأصح الْقَوْلَيْنِ صِحَّته لاحْتِمَال الصِّحَّة وَالثَّانِي لَا لِأَن الْغَالِب فِي الدُّيُون حُصُولهَا على الْمُعَامَلَة السَّابِع إِذا نَاوَلَهُ شمعة مثلا وَقَالَ أعرتكها لتستضيء بهَا فَيحْتَمل الْبطلَان لِأَن شَرط الْمُسْتَعَار أَن لَا يتَضَمَّن اسْتِهْلَاك عين وَالْمُتَّجه الصِّحَّة حملا للفظ على الْإِبَاحَة الثَّامِن إِذا نذر أَن يهدي إِلَى الْحرم شَيْئا معينا لَا يُمكن نَقله كالبيت وَنَحْوه فَإِنَّهُ يَبِيعهُ وينقل ثمنه لأجل تعذر الْمَدْلُول الْحَقِيقِيّ التَّاسِع إِذا أَشَارَ إِلَى حَيَوَان لَا تقبل التَّضْحِيَة بِهِ إِمَّا لكَونه معيبا أَو من غير النعم فَهَل يبطل أَو يَصح حملا للفظ على مُطلق الْقرْبَة فِيهِ خلاف تقدم بَسطه فِي أول الْكتاب فِي الْكَلَام على مَا إِذا نسخ الْوُجُوب هَل يبْقى الْجَوَاز الْعَاشِر إِذا قَالَت الْمَرْأَة لِابْنِ عَمها الَّذِي هُوَ ولي نِكَاحهَا زَوجنِي

نَفسك حكى الْبَغَوِيّ عَن بعض الْأَصْحَاب أَنه يجوز للْقَاضِي تَزْوِيجه بهَا ثمَّ قَالَ وَعِنْدِي أَنه لَا يجوز لِأَنَّهَا إِنَّمَا أَذِنت لَهُ لَا للْقَاضِي كَذَا حَكَاهُ عَنهُ الرَّافِعِيّ وَلم يزدْ عَلَيْهِ قَالَ فِي الرَّوْضَة الصَّوَاب الْجَوَاز لِأَن مَعْنَاهُ فوض إِلَى من يزوجك إيَّايَ الْحَادِي عشر إِذا قَالَ عَبدِي أَو ثوبي لزيد فَإِن الْإِقْرَار لَا يَصح لِأَن إِضَافَته إِلَيْهِ تستدعي أَنَّهَا ملكه وَذَلِكَ منَاف لمدلول آخِره كَذَا قَالُوهُ وَلم يحملوه على الْمجَاز بِاعْتِبَار مَا كَانَ أَو بِأَن الْإِضَافَة تصدق بِأَدْنَى ملابسه كَمَا يُقَال هَذِه دَار زيد للدَّار الَّتِي يسكنهَا بِالْأُجْرَةِ وَنَحْو ذَلِك الثَّانِي عشر إِذا قَالَ لغيره أَنْت تعلم أَن العَبْد الَّذِي فِي يَدي حر فَإنَّا نحكم بِعِتْقِهِ لِأَنَّهُ قد اعْترف بِعِلْمِهِ بذلك فَلَو لم يكن حرا لم يكن الْمَقُول لَهُ عَالما بحريَّته كَذَا نَقله الرَّافِعِيّ قبيل كتاب التَّدْبِير عَن الرَّوْيَانِيّ وَأقرهُ فحملو لفظ العَبْد على الْمجَاز مَعَ أَن مَدْلُوله الْحَقِيقِيّ يُنَاقض مَا بعده كَمَا ذَكرْنَاهُ فِي الْمَسْأَلَة السَّابِقَة وَهُوَ مُشكل عَلَيْهَا وَقد ذكر الرَّافِعِيّ مَعَ هَذَا الْفَرْع فروعا أخر تقدم ذكرهَا فِي الْكَلَام على الْمُشْتَرك لِمَعْنى آخر فَرَاجعهَا الثَّالِث عشر قَالَ فِي النِّهَايَة فِي كتاب الطَّلَاق عِنْد الْكَلَام على التَّعْلِيق بِالْحيضِ إِذا تردد اللَّفْظ بَين وَجه يحْتَمل الاستحالة

مسألة

وَيحْتَمل أمرا مُمكنا فَمن الْأَصْحَاب من لَا يبعد الْحمل على الاستحالة وَمِنْهُم من يُوجب على الامكان حَتَّى لَا يَلْغُو اللَّفْظ وَمن هَذَا الأَصْل مَا إِذا قَالَ لزوجته وأجنبية إِحْدَاكُمَا طَالِق الرَّابِع عشر إِذا حلف لَا يشرب مَاء النَّهر فَشرب بعضه فَإِن الصَّحِيح عدم الْحِنْث الْخَامِس عشر إِذا قَالَ لَهُ عَليّ ألف إِذا جَاءَ رَأس الشَّهْر لم يلْزمه شَيْء على الصَّحِيح مَعَ ظُهُور إِرَادَة التَّأْجِيل فَإِن الْمُؤَجل لَا يجب أَدَاؤُهُ قبل الْحُلُول مَسْأَلَة 3 الحكم اللَّازِم عَن الْمركب إِذا كَانَ مُوَافقا للمنطوق فِي الْإِيجَاب وَالسَّلب كدلالة قَوْله تَعَالَى {فَلَا تقل لَهما أُفٍّ} على تَحْرِيم الضَّرْب وَدلَالَة قَوْله تَعَالَى {أحل لكم لَيْلَة الصّيام الرَّفَث} على صِحَة الصَّوْم جنبا يكون حجَّة وَيُسمى فحوى الْخطاب

وتنبيه الْخطاب وَمَفْهُوم الْمُوَافقَة وَلَا فرق فِيهِ كَمَا قَالَه فِي الْمَحْصُول بَين أَن يكون ذَلِك الْمَفْهُوم أولى بالحكم من الْمَنْطُوق كآية التأفيف أَو مُسَاوِيا كآية حل الْجِمَاع للصَّائِم خلافًا لِابْنِ الْحَاجِب فِي اشْتِرَاط الْأَوْلَوِيَّة إِذا علمت ذَلِك فَمن فروعه المشكلة 1 - مَا إِذا قَالَ ولي الْمَحْجُور عَلَيْهِ لغيره بِعْ هَذِه الْعين بِعشْرَة وَكَانَت تَسَاوِي مائَة فَإِنَّهُ لَا يَصح البيع أصلا لَا بِالْمِائَةِ وَلَا بِمَا هُوَ دونهَا كَذَا جزم بِهِ الرَّافِعِيّ فِي كتاب النِّكَاح فِي الْكَلَام على التَّوْكِيل بِالتَّزْوِيجِ مَعَ أَن الرضى بِالْعشرَةِ يسْتَلْزم الرضى بِالْمِائَةِ بطرِيق الأولى وَلِهَذَا لَو أذن الرشيد فِي البيع بِالْعشرَةِ صَحَّ البيع بِالْمِائَةِ

مسألة

مَسْأَلَة 4 دلَالَة الِالْتِزَام حجَّة وَإِن لم يكن من قسم المفاهيم وَذَلِكَ مثل أَن تتَوَقَّف دلَالَة اللَّفْظ على الْمَعْنى على شَيْء آخر كَقَوْلِه أعتق عَبدك عني فَإِنَّهُ يسْتَلْزم سُؤال تَمْلِيكه حَتَّى إِذا أعْتقهُ تَبينا دُخُوله فِي ملكه لِأَن الْعتْق لَا يكون إِلَّا فِي مَمْلُوك إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا إِذا قَالَت الْمَرْأَة رضيت أَن أَتزوّج أَو رضيت بفلان زوجا وَكَانَ لَهَا أَوْلِيَاء فِي دَرَجَة فَهَل يَصح الْإِذْن وَيجوز لكل وَاحِد أَن يُزَوّج على وَجْهَيْن أَحدهمَا أَنه لَيْسَ لأحد من الْأَوْلِيَاء تَزْوِيجهَا لِأَنَّهَا لم تَأذن لجميعهم بِلَفْظ عَام وَلَا خاطبت وَاحِدًا مِنْهُم على التَّعْيِين وأظهرهما كَمَا قَالَه الرَّافِعِيّ أَنه يَكْفِي لِأَن الرضى بِالتَّزْوِيجِ مَحْمُول على الصَّحِيح وَصِحَّة ذَلِك هُنَا مستلزمة للْإِذْن لكل وَاحِد لِأَنَّهُ لم يُوجد الْإِذْن لوَاحِد معِين وَالْإِذْن لغير الْمعِين غير صَحِيح نعم لقَائِل أَن يَقُول لم لَا حملناه على الْمَجْمُوع حَتَّى يشْتَرط اجْتِمَاعهم على الصَّحِيح كَمَا لَو قَالَت أَذِنت لأوليائي أَن يزوجوني ثمَّ فرع الرَّافِعِيّ على هَذَا فَقَالَ فَلَو عينت بعد ذَلِك وَاحِدًا فَهَل يَنْعَزِل غَيره فِيهِ وَجْهَان قَالَ لِأَن فِي التَّخْصِيص إشعارا بِرَفْع الْإِطْلَاق

وَالأَصَح فِي زيادات الرَّوْضَة عدم الانعزال وَهَذَا الْخلاف الْأَخير منشؤه أَن مَفْهُوم اللقب هَل هُوَ حجَّة أم لَا وَأَن إِفْرَاد فَرد هَل يخصص أم لَا وستأتيك المسألتان 2 - وَمِنْهَا إِذا قَالَ أَبْرَأتك فِي الدُّنْيَا دون الْأُخْرَى برىء فيهمَا لِأَن الْبَرَاءَة فِي الْآخِرَة تَابِعَة للبراءة فِي الدُّنْيَا وَيلْزم من وجود الْمَلْزُوم وجود اللَّازِم كَذَا رَأَيْته فِي فَتَاوَى الحناطي حكما وتعليلا وَلقَائِل أَن يعكسه فَيَقُول لما لم يُبرئهُ فِي الْآخِرَة فقد انْتَفَى اللَّازِم وَيلْزم من عدم اللَّازِم عدم الْمَلْزُوم

3 - وَمِنْهَا إِذا قَالَت الْمَرْأَة لوَلِيّهَا وكل بتزويجي وَلَا تباشره فَلَيْسَ لَهُ الْأَمْرَانِ فَلَو قَالَت وكل من يزوجني واقتصرت عَلَيْهِ فَلهُ التَّوْكِيل وَفِي مُبَاشَرَته التَّزْوِيج وَجْهَان أصَحهمَا كَمَا قَالَه الرَّافِعِيّ يجوز لِأَن إِذْنهَا بِالتَّوْكِيلِ يسْتَلْزم الْمُبَاشرَة لِأَن الأَصْل أَن من امْتنعت عَلَيْهِ الْمُبَاشرَة تمْتَنع عَلَيْهِ الِاسْتِنَابَة إِلَّا عِنْد الضَّرُورَة كتوكيل الْأَعْمَى غَيره فِي البيع وَالشِّرَاء 4 - وَمِنْهَا إِذا قَالَ صَاحب الدّين الْمَعْلُوم أَبرَأته عَن بعض ديني وَقُلْنَا الْبَرَاءَة من الْمَجْهُول لَا تصح فَيحْتَمل أَن يكون إبراءا عَن الْجَمِيع كَذَا ذكره الرَّوْيَانِيّ فِي الْبَحْر قبيل الْكتاب الأول من الْكِتَابَيْنِ المعقودين للشَّهَادَة وَلم يذكر غير ذَلِك

مسألة

مَسْأَلَة 5 ذهب الشَّافِعِي وَجُمْهُور أَصْحَابه إِلَى أَن مَفْهُوم الصّفة وَالشّرط حجَّة أَي يدلان على نفي الحكم عِنْد انْتِفَاء الصّفة وَالشّرط وَاخْتَارَ الْآمِدِيّ أَنَّهُمَا ليسَا بِحجَّة وَفصل الإِمَام فَخر الدّين فصحح أَن مَفْهُوم الشَّرْط حجَّة وَأما مَفْهُوم الصّفة فَاخْتَارَ فِي الْمَحْصُول والمنتخب أَنه لَا يدل وَقَالَ فِي المعالم الْمُخْتَار أَنه يدل عرفا لَا لُغَة قَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ وَقد أطلق الشَّافِعِي أَنه حجَّة وَاسْتقر

رَأْيه على إِلْحَاق مَالا يُنَاسب مِنْهَا باللقب فِي عدم الدّلَالَة على مَا سَيَأْتِي قَالَ وَذَلِكَ كَقَوْلِنَا الْأَبْيَض يشْبع إِذا أكل وَحَيْثُ قُلْنَا بِأَن مَفْهُوم الصّفة حجَّة فَهَل دلّت اللُّغَة عَلَيْهِ أم استفدناه من الشَّرْع على وَجْهَيْن حَكَاهُمَا الرَّوْيَانِيّ فِي كتاب الْقَضَاء من الْبَحْر وَذكر أَعنِي الرَّوْيَانِيّ فِيهِ أَيْضا أَنه لَا فرق فِي ذَلِك بَين النَّفْي وَالْإِثْبَات فَقَالَ وَقَوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لَا يقبل الله صَلَاة بِغَيْر طهُور يدل على قبُولهَا بالطهور وَيكون نفي الحكم عَن تِلْكَ الصّفة مُوجبا لإثباته عِنْد عدمهَا وَهُوَ الظَّاهِر من مَذْهَب الشَّافِعِي هَذِه عِبَارَته فِي الْموضع الْمَذْكُور وَهُوَ كتاب الْقَضَاء وَفِيه نظر فَإِن هَذَا من بَاب الشُّرُوط وَإِثْبَات الشَّرْط لَا يسْتَلْزم الصِّحَّة لاحْتِمَال شَرط آخر

إِذا تقرر مَا ذَكرْنَاهُ فيتفرع على الْمَسْأَلَة فروع كَثِيرَة كالوقف والوصايا والتعاليق وَالنُّذُور والأيمان 1 - كَمَا إِذا قَالَ وقفت هَذَا على أَوْلَادِي الْفُقَرَاء وَإِن كَانُوا فُقَرَاء وَنَحْو ذَلِك 2 - وَمِنْهَا إِذا عاتبته امْرَأَته بِنِكَاح جَدِيد فَقَالَ كل امْرَأَة لي غَيْرك أَو سواك طَالِق وَلم يكن لَهُ إِلَّا المخاطبة وتفريعه على كَلَام النُّحَاة مَذْكُور فِي كتاب الْكَوْكَب فَرَاجعه وَالْمَنْقُول فِيهِ عندنَا أَن الطَّلَاق لَا يَقع كَذَا ذكره الْخَوَارِزْمِيّ فِي كتاب الْأَيْمَان من الْكَافِي فَذكر أَن رجلا متزوجا خطب امْرَأَة فامتنعت لِأَنَّهُ متزوج فَوضع زَوجته فِي الْمَقَابِر ثمَّ قَالَ كل امْرَأَة لي سوى الَّتِي فِي الْمَقَابِر طَالِق فَقَالَ لَا يَقع عَلَيْهِ الطَّلَاق مَعَ أَن جمَاعَة قَالُوا إِن سوى لَا تكون للصفة فَفِي غير مَعَ الِاتِّفَاق على الْوَصْف بهَا أولى فاعلمه وتعليل الرَّافِعِيّ الْمُتَقَدّم بِأَنَّهُ السَّابِق إِلَى الْفَهم يَقْتَضِيهِ أَيْضا فَإِن السَّابِق إِلَى فهم كل سامع وَهُوَ مُرَاد كل قَائِل بالاستقراء إِنَّمَا هُوَ الصّفة وَلِأَن الْمُقْتَضِي لجعله فِي الْإِقْرَار اسْتثِْنَاء هُوَ الْأَخْذ بالاصل وَهُوَ مَوْجُود بِعَيْنِه بِالطَّلَاق وَلَو أخر اللَّفْظ الْمخْرج فَقَالَ كل امْرَأَة لى

مسألة

طَالِق غَيْرك أَو سواك فَإِنَّهُ لَا يَقع أَيْضا لِأَن الْفَصْل بَين الصّفة والموصوف بالْخبر جَائِز وَمَا ذكرته فِي هَذَا الْفَصْل نقلا واستدلالا يَنْبَغِي التفطن لَهُ فقد يغْفل عَنهُ من لَا اطلَاع لَدَيْهِ فَيُفَرق بَين الزَّوْجَيْنِ فليت شعري إِذا فرق احْتِيَاطًا فَإِن منع الْمَرْأَة من تَزْوِيجهَا وَالزَّوْج من نِكَاح أُخْتهَا وعمتها وخالتها اَوْ أَربع سواهَا فعجيب وَإِن جوز فأعجب لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى مَحْذُور أَشد ويوقع فِي عدم الِاحْتِيَاط الَّذِي فر مِنْهُ وَإِذا كَانَ الْمَحْذُور لَا بُد مِنْهُ فالبقاء على نِكَاح تَيَقنا انْعِقَاده وشككنا فِي ارتفاعه أولى وأصوب مِمَّا لَا نعلم انْعِقَاده وَأَبْرَأ للذمة من إنْشَاء عقد يتقلده لَا سِيمَا مَعَ أَنا نعلم أَن قَائِله إِنَّمَا يُرِيد الصّفة وَأَن المُرَاد هُوَ المُرَاد من قَول الْقَائِل كل امْرَأَة مُغَايرَة لَك طَالِق وَقَائِل هَذَا لَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ شَيْء بِالنِّسْبَةِ إِلَى المخاطبة مَسْأَلَة 6 إِنَّمَا يكون مَفْهُوم الصّفة وَالشّرط حجَّة إِذا لم يظْهر للتَّقْيِيد فَائِدَة غير نفي الحكم فَإِن ظهر لَهُ فَائِدَة أُخْرَى فَلَا يدل على النَّفْي فَمن الْفَائِدَة 1 - أَن يكون العاري عَن تِلْكَ الصّفة أولى بالحكم من المتصف بهَا 2 - أَو يكون جَوَابا كالسائل مثلا عَن سَائِمَة الْغنم هَل فِيهَا زَكَاة فَقَالَ فِي سَائِمَة الْغنم الزَّكَاة فَلَا يدل على النَّفْي لِأَن ذكر السّوم وَالْحَالة هَذِه لمطابقة كَلَام السَّائِل

3 - أَو يكون السّوم هُوَ الْغَالِب فَإِن ذكره إِنَّمَا هُوَ لأجل غَلَبَة حُضُوره فِي ذهنه كَذَا ذكره فِي الْمَحْصُول وَنَقله فِي الْبُرْهَان عَن الشَّافِعِي ثمَّ نَازع فِيهِ وَقَالَ الْغَلَبَة لَا تدفع كَونه حجَّة وَذكر الشَّيْخ عز الدّين فِي الْقَوَاعِد مثله وَقَالَ لَو لم يكن حجَّة لم يكن فِي ذكره فَائِدَة لِأَن الْإِطْلَاق ينْصَرف إِلَى الْغَالِب إِذا تقرر ذَلِك فَمن فروع الْقَاعِدَة 1 - مَا إِذا قَالَ لله عَليّ أَن أعتق رَقَبَة كَافِرَة فَأعتق مُؤمنَة أَو قَالَ مَعِيبَة فَأعتق سليمَة فَقيل لَا يجزىء وَيتَعَيَّن مَا ذكره وَالصَّحِيح الْإِجْزَاء لِأَنَّهَا أكمل وَذكر الْكفْر وَالْعَيْب لَيْسَ للتقرب بل لجَوَاز الِاقْتِصَار على النَّاقِص فَصَارَ كَمَا لَو نذر التَّصَدُّق بحنطة رَدِيئَة يجوز لَهُ التَّصَدُّق بالجيدة فَأَما لَو قَالَ هَذَا الْكَافِر أَو الْمَعِيب فَلَا يجْزِيه غَيره لتعليق النّذر بِعَيْنِه كَذَا ذكره الرَّافِعِيّ أَوَائِل الْكَلَام على أَحْكَام النّذر

وَجزم القَاضِي الْحُسَيْن فِي فَتَاوِيهِ بِأَنَّهُ لَا يَصح بِالْكُلِّيَّةِ فِي الْمَسْأَلَة الْأَخِيرَة 2 - وَمِنْهَا إِذا قَالَ إِن ظَاهَرت من فُلَانَة الْأَجْنَبِيَّة فَأَنت عَليّ كَظهر أُمِّي فَتَزَوجهَا وَظَاهر مِنْهَا فَإِنَّهُ يصير مُظَاهرا من الْأُخْرَى على الصَّحِيح وَيحمل وصفهَا بالأجنبية على تَعْرِيفهَا بالواقع وَقيل لَا يصير مُطلقًا لِأَن الْوَصْف لم يُوجد وَهِي كَالَّتِي قبلهَا فِي الْمَعْنى 2 - وَمِنْهَا جَوَاز مخالعة الزَّوْجَيْنِ عِنْد الْأَمْن من إِقَامَة الْحُدُود وَالْخَوْف من عدم إِقَامَتهَا مَعَ أَن الله تَعَالَى قَالَ {فَإِن خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُود الله فَلَا جنَاح عَلَيْهِمَا فِيمَا افتدت بِهِ} لِأَن الْغَالِب أَن الْخلْع لَا يَقع إِلَّا فِي حَالَة الْخَوْف فَلَا يدل ذَلِك على الْمَنْع عِنْد انْتِفَاء الْخَوْف وَقَالَ بعض أَصْحَابنَا لَا يحل إِلَّا فِي هَذِه الْحَالة لِأَن الْآيَة الْمَذْكُورَة وَإِن احْتمل فِيهَا مَا ذَكرُوهُ إِلَّا أَن قَوْله تَعَالَى {وَلَا يحل لكم} صَرِيح

فِي التَّحْرِيم ودافع لهَذَا التَّأْوِيل 3 - وَمِنْهَا وَهُوَ مُشكل على قَاعِدَة الشَّافِعِي إِسْقَاط الزَّكَاة عَن المعلوفة لكَون السّوم هُوَ الْغَالِب 4 - وَمِنْهَا أَن قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام من نَام عَن صَلَاة أَو نَسِيَهَا فليصلها إِذا ذكرهَا وَإِن أشعر تَقْيِيده أَن التارك عمدا لَا يقْضِي إِلَّا أَن هَذَا التَّقْيِيد لَا مَفْهُوم لَهُ لِأَن الْقَضَاء إِذا وَجب على الْمَعْذُور فَغَيره بطرِيق الأولى وَخَالف جمَاعَة فَقَالُوا لَا يقْضِي

مسألة

تَغْلِيظًا عَلَيْهِ وَلَيْسَ وجوب الْقَضَاء من بَاب المعاقبة حَتَّى يُقَال يجب على غَيره بطرِيق الأولى لِأَن تأهيل الشَّخْص لِلْعِبَادَةِ من بَاب اصطفائه وتقريبه فَإِن الْمُلُوك لَا ترْضى كل أحد لخدمتها وَمَال الشَّيْخ عز الدّين فِي الْقَوَاعِد والتاج الفركاح فِي شرح التَّنْبِيه الى هَذَا الْبَحْث وقوياه ثمَّ ظَفرت بحكايته وَجها فِي الْمَذْهَب لِابْنِ بنت الشَّافِعِي كَذَا رَأَيْته فِي بَاب سُجُود السَّهْو من شرح الْوَسِيط لِابْنِ الاستاذ نقلا عَن التَّجْرِيد لِابْنِ كج عَنهُ مَسْأَلَة 7 مَفْهُوم الْعدَد حجَّة عِنْد الشَّافِعِي وَالْجُمْهُور كَذَا قَالَه إِمَام الْحَرَمَيْنِ

فِي الْبُرْهَان وَنَقله الْغَزالِيّ أَيْضا فِي المنخول عَن الشَّافِعِي لِأَنَّهُ لما نزل قَوْله تَعَالَى {إِن تستغفر لَهُم سبعين مرّة فَلَنْ يغْفر الله لَهُم} قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالله لأزيدن على السّبْعين وَاخْتَارَ الامام فَخر الدّين والآمدي أَنه لَيْسَ بِحجَّة قَالَ الامام وَقد يدل عَلَيْهِ بِدَلِيل مُنْفَصِل كَمَا إِذا كَانَ الْعدَد عِلّة لعدم أَمر فَإِنَّهُ يدل على امْتنَاع ذَلِك الْأَمر فِي الزَّائِد أَيْضا لوُجُود الْعلَّة وعَلى ثُبُوته فِي النَّاقِص لانتقائها كَحَدِيث الْقلَّتَيْنِ وَكَذَلِكَ إِن لم يكن عِلّة وَلَكِن أحد العددين دَاخل فِي الْعدَد الْمَذْكُور زَائِدا كَانَ كَالْحكمِ بالحظر وَالْكَرَاهَة فَإِن تَحْرِيم جلد الْمِائَة مثلا أَو كَرَاهَته تدل عَلَيْهِ فِي الْمِائَتَيْنِ

وَلَا يدل فِي النَّاقِص لَا على إِثْبَات وَلَا على نفي أَو نَاقِصا كَالْحكمِ بِإِيجَاب الْعدَد أَن نَدبه أَو إِبَاحَته فَإِنَّهُ يدل على ذَلِك فِي النَّاقِص وَلَا دلَالَة فِيهِ على الزَّائِد بِشَيْء إِذا علمت ذَلِك فللمسألة فروع أَحدهَا إِذا قَالَ بِعْ ثوبي بِمِائَة وَلم يَنْهَهُ عَن الزِّيَادَة فَبَاعَ بِأَكْثَرَ صَحَّ وَفِيه وَجه أَنه لَا يَصح كَمَا لَو نَهَاهُ عَن الزِّيَادَة وَهُوَ الْمُوَافق لقتضى النَّص لَا سِيمَا أَنه لَا يصدق عَلَيْهِ أَيْضا انه بَاعَ بِمِائَة وَلَو قَالَ لزوجته إِن أَعْطَيْتنِي ألفا فَأَنت طَالِق فزادت وَقع أَيْضا وَحكى فِي الْبَحْر وَجها أَنه لَا يَقع وَهَذَا الْوَجْه أَضْعَف من الْوَجْه السَّابِق فِي البيع لِأَن من أعْطى مائَة ودرهما يصدق عَلَيْهِ أَنه أعْطى مائَة ثمَّ فرع الرَّافِعِيّ على مَا سبق فَقَالَ لَو قَالَ بِعْ ثوبي وَلَا تبعه بِأَكْثَرَ من مائَة لم يَبِعْهُ بِأَكْثَرَ من مائَة وَيبِيع بهَا وَبِمَا دونهَا مالم ينقص عَن ثمن الْمثل وَلَو قَالَ بِعْهُ بِمِائَة وَلَا تبعه بِمِائَة وَخمسين فَلَيْسَ لَهُ بيعَة بِمِائَة وَخمسين وَيجوز بِمَا دون ذَلِك مَا لم ينقص عَن مائَة وَيجوز بِمَا زَاد على مائَة وَخمسين على الْأَصَح الثَّانِي إِذا قَالَ أوصيت لزيد بِمِائَة دِرْهَم ثمَّ قَالَ أوصيت لَهُ بِخَمْسِينَ فَوَجْهَانِ أشبههما كَمَا قَالَه الرَّافِعِيّ وَهُوَ الْأَصَح فِي الرَّوْضَة لَيْسَ لَهُ إِلَّا خَمْسُونَ وَلَا يجمع بَينهمَا كَمَا لَو عكس فَقَالَ أوصيت

لَهُ بِخَمْسِينَ ثمَّ أوصى بِمِائَة فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا الْمُوصى بِهِ آخرا وَهُوَ الْمِائَة وَالثَّانِي لَهُ مائَة وَخَمْسُونَ وتوجيههما مَا ذَكرْنَاهُ وَلَو قيل يسْتَحق الْمِائَة فَقَط لم يبعد وَهَذَا الْخلاف ياتي أَيْضا فِي كل عقد يجوز تَغْيِيره وَهُوَ الْعُقُود الْجَائِزَة كَمَا إِذا قَالَ من رد آبقي فَلهُ عشرَة ثمَّ قَالَ قبل الْعَمَل فَلهُ خَمْسَة وَكَذَلِكَ الْقَرَاض وَنَحْوه بِخِلَاف مَا لَو قَالَ إِن دخلت الدَّار فَأَنت طَالِق ثمَّ قَالَ إِن دَخَلتهَا فانت طَالِق طَلْقَتَيْنِ فدخلتها وَقع الثَّلَاث سَوَاء دخل بهَا أم لَا لِأَن الْجَمِيع يَقع دفْعَة وَاحِدَة كَذَا ذكره الرَّافِعِيّ فِي بَاب عدد الطَّلَاق وَالْفرق مَا أَشَرنَا إِلَيْهِ من قبُول الْوَصِيَّة للرُّجُوع القولي بِخِلَاف التَّعْلِيق وَحَاصِله أَن تَعْلِيق الشَّيْئَيْنِ أَو التَّعْلِيق بالشيئين اللَّذين يدْخل أَحدهمَا فِي الآخر سَوَاء كَانَ هُوَ الْمُعَلق أَو الْمُعَلق عَلَيْهِ ينفذ كل وَاحِد مِنْهُمَا وَلَا يدْخل الْأَقَل فِي الْأَكْثَر وَقد ذكر الرَّافِعِيّ هَذِه الْقَاعِدَة فِي الرُّكْن الثَّالِث من أَرْكَان الْإِيلَاء فَقَالَ وَلَو عقد اليمينين على مدتين دخل إِحْدَاهمَا فِي الْأُخْرَى بِأَن قَالَ وَالله لَا أجامعك سنة ثمَّ قَالَ لَا أجامعك سنتَيْن فوطىء فِي السّنة الأولى انْحَلَّت اليمينان وَهل تجب كَفَّارَة أَو كفارتان فِيهِ خلاف يجْرِي فِي كل يمينين يَحْنَث الْحَالِف

فيهمَا بِفعل وَاحِد بِأَن حلف لَا يَأْكُل خبْزًا وَحلف لَا يَأْكُل طَعَام زيد فَأكل خبزه وَسَيَأْتِي بَيَانه انْتهى كَلَامه ثمَّ أعَاد فِي آخر الْإِيلَاء وَقَالَ الْأَصَح كَفَّارَة وَاحِدَة وَمَا جزم بِهِ الرَّافِعِيّ من انحلال الْيَمين صَرِيح فِي أَن السّنة الأولى دخلت فِي الْيَمين الثَّانِيَة وَيلْزم أَن يكون الْمَحْلُوف عَلَيْهِ هُوَ السّنة الأولى وَالسّنة الثَّانِيَة فَقَط وَيُشِير إِلَى ذَلِك ايضا بقوله دخلت إِحْدَاهمَا فِي الْأُخْرَى وَذَلِكَ مُخَالف لما سبق فِي الأولى فَإِنَّهُ لَا فرق فِي الْأَعَمّ والأخص بَين أَن يكون ذَلِك محلوفا بِهِ كالمسألة الأولى أَو عَلَيْهِ كالثانية الثَّالِث لَو قَالَ مَا لزيد عَليّ أَكثر من مائَة دِرْهَم فَلَيْسَ بِإِقْرَار بِالْمِائَةِ على الْأَصَح كَمَا قَالَه الرَّافِعِيّ فِي آخر الْبَاب الأول من أَبْوَاب الْإِقْرَار وَهَذَا أَيْضا من الْقَاعِدَة الْمعبر عَنْهَا بِأَن الْقَضِيَّة السالبة لَا تَسْتَلْزِم ثُبُوت متعلقها وَلَك ان تخرجها أَيْضا على مَفْهُوم الصّفة فَإِن مَفْهُومه أَن الْمسَاوِي عَلَيْهِ إِلَّا أَنه يرجع إِلَى الْمَفْهُوم العددي الرَّابِع قَالَ لي عَلَيْك ألف أقرضتك إِيَّاهَا فَقَالَ وَالله لَا اقترضت مِنْك غَيره أَو كم تمن عَليّ فَإِنَّهُ يكون إِقْرَار كَذَا نَقله صَاحب الْبَيَان عَن الصَّيْمَرِيّ وَنَقله عَنهُ فِي الرَّوْضَة

عقب الْمَسْأَلَة السَّابِقَة وَسكت عَلَيْهِ فأشعر كَلَامه بانه ارْتَضَاهُ وَالصَّوَاب التَّسْوِيَة وَعدم اللُّزُوم فيهمَا الْخَامِس الْخلاف فِي جَوَاز نُقْصَان التَّيَمُّم على ضربتين لأجل قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَالتَّيَمُّم ضربتان لَا سِيمَا قد ورد التَّصْرِيح فِي حَدِيث عمار الثَّابِت فِي الصَّحِيحَيْنِ بالضربة الْوَاحِدَة وَقد جوزوا الزِّيَادَة وَهُوَ وَاضح وَجوز الرَّافِعِيّ النُّقْصَان وَخَالفهُ النَّوَوِيّ السَّادِس إِذا كتب الزَّوْج فَقَالَ إِذا بلغك نصف كتابي هَذَا فَأَنت طَالِق فبلغها كُله فَهَل يَقع لاشتمال الْكل على النّصْف أم لَا لِأَن النّصْف فِي مثل هَذَا يُرَاد بِهِ الْمُنْفَرد فِيهِ وَجْهَان أصَحهمَا فِي زَوَائِد الرَّوْضَة هُوَ الْوُقُوع

السَّابِع إِنَّه لَو أوصى بِعَين لزيد ثمَّ أوصى بهَا لعَمْرو فَرد أَحدهمَا كَانَ الْجَمِيع للأخير إِذا علمت ذَلِك فَلَو أوصى بِهِ لأَحَدهمَا ثمَّ أوصى بِنصفِهِ للْآخر فَإِن قبلا فثلثاه للْأولِ وَثلثه للثَّانِي وَإِن رد الأول فنصفه للثَّانِي وَإِن رد الثَّانِي فكله للْأولِ الثَّامِن إِذا قَالَ أَحرمت يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ أَو أَحرمت بِنصْف نسك صَحَّ إِحْرَامه وَلَا أثر للتَّقْيِيد كَذَا نَقله فِي الرَّوْضَة من زوائده قبيل سنَن الْإِحْرَام عَن الرَّوْيَانِيّ عَن الْأَصْحَاب ثمَّ قَالَ النَّوَوِيّ إِن فِيمَا نَقله نظرا وَوجه النّظر مَا ذَكرْنَاهُ فِي افراد هَذِه الْقَاعِدَة التَّاسِع وَهُوَ مَبْنِيّ على مُقَدّمَة وَهِي أَنه إِذا ادّعى عشرَة مثلا فَقَامَتْ الْبَيِّنَة بِخَمْسَة حكمنَا بهَا وَإِن قَامَت بِعشْرين فَهَل تثبت الْعشْرَة الْمُدعى بهَا قَالَ بَعضهم تثبت لِأَن الْبَيِّنَة قد تطلع على الشّغل دون السُّقُوط وَقَالَ بَعضهم يتَخَرَّج على من شهد قبل الاستشهاد وعَلى من جمع بَين مَا يجوز وَمَا لَا يجوز إِذا تقرر هَذَا فَلَو كَانَ عَلَيْهِ عشرَة مثلا فَأعْطَاهُ خَمْسَة ثمَّ ادّعى رب الدّين بِالْبَاقِي لمَوْت الْمَدْيُون اَوْ جحوده فَكيف يشْهد الشَّاهِد ذكره ابْن الرّفْعَة فِي أَوَائِل الشَّهَادَات فِي الْكَلَام على قَول الشَّيْخ

مسألة

وَإِن جمع فِي الشَّهَادَة بَين مَا يقبل وَمَا لَا يقبل فَقَالَ قَالَ فُقَهَاء زَمَاننَا إِن شهد على اقراره بباقي الدّين فقد شهد بِخِلَاف مَا وَقع وَإِن شهد بكله فَيَأْتِي فِيهِ الْخلاف السَّابِق قَالُوا فالطريق أَن يَقُول أشهد على إِقْرَاره بِكَذَا من جملَة كَذَا ليَكُون منبها على صُورَة الْحَال قَالَ ابْن الرّفْعَة وَعِنْدِي أَن الشَّهَادَة مَقْبُولَة بِالطَّرِيقِ الأول وَهُوَ الْبَاقِي لِأَن من أقرّ بِعشْرَة فقد أقرّ بِكُل جُزْء مِنْهَا مَسْأَلَة 8 مَفْهُوم الزَّمَان وَالْمَكَان حجَّة عِنْد الشَّافِعِي وَالْجُمْهُور كَذَا قَالَه إِمَام الْحَرَمَيْنِ فِي الْبُرْهَان وَنَقله أَيْضا الْغَزالِيّ فِي المنخول عَن الشَّافِعِي إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا إِذا قَالَ لوَكِيله افْعَل هَذَا ثمَّ قَالَ افعله فِي هَذَا الْيَوْم أَو قَالَ فِي هَذَا الْمَكَان فَقِيَاس مَا قَالَه الشَّافِعِي أَنه يكون منعا لَهُ فِيمَا عدا ذَلِك 2 - وَمِنْهَا إِذا ادّعى عَلَيْهِ عشرَة مثلا فَأجَاب بِأَنَّهُ لَا يلْزمه تَسْلِيم هَذَا المَال الْيَوْم فَإِنَّهُ لَا يحمل مقرا لِأَن الْإِقْرَار لَا يثبت بِالْمَفْهُومِ هَكَذَا

نَقله الرَّافِعِيّ قبيل بَاب دَعْوَى النّسَب عَن فَتَاوَى القَاضِي الْحُسَيْن حكما وتعليلا 3 - وَمِنْهَا الْخلاف فِي صِحَة الْوَقْف الْمُقَيد بِمدَّة كَقَوْلِه وقفته سنة وَنَحْو ذَلِك فَإِن قُلْنَا إِنَّه حجَّة أَي يدل على نفي الحكم عِنْد انْقِضَاء الزَّمَان فَلَا يَصح لِأَن شَرط الْوَقْف التَّأْبِيد وَإِن قُلْنَا إِنَّه لَا يدل صَحَّ لِأَنَّهُ قد وَقفه فِي هَذِه الْمدَّة وَلم يُوجد مِنْهُ مَا يَنْفِيه فِيمَا عَداهَا وَقد أمكن تَصْحِيحه فِي السّنة بِتَصْحِيحِهِ مُطلقًا فذهبنا إِلَيْهِ وَهُوَ نَظِير مَا إِذا طلق نصف طَلْقَة فَإِن الْوَاحِدَة تقع لِأَنَّهُ يُمكن إيقاعها بإيقاع بَاقِيهَا 4 - وَمِنْهَا إِذا قَالَ مثلا زوج ابْنَتي فِي يَوْم كَذَا أَو فِي مَكَان كَذَا فَخَالف الْوَكِيل فَإِن العقد لَا يَصح كَمَا جزم بِهِ الرَّافِعِيّ فِي كتاب النِّكَاح فِي اواخر الْكَلَام على التَّوْكِيل فِيهِ فَأَما الْبطلَان عِنْد التَّقْيِيد بِالزَّمَانِ فقد سبق فِي كتاب الْوكَالَة نَحوه وَحكى فِي الرَّوْضَة من زوائده هُنَاكَ عَن الداركي أَن التَّوْكِيل فِي الطَّلَاق فِي زمن معِين يجوز للْوَكِيل إِيقَاعه فِيمَا بعده لِأَنَّهَا إِذا كَانَت مُطلقَة فِي يَوْم الْجُمُعَة مثلا كَانَت مُطلقَة فِي يَوْم السبت وَأما الْمَكَان فَقَالَ فِي الْوكَالَة فِي التَّوْكِيل فِي البيع إِن كَانَ لَهُ فِي التَّقْيِيد بذلك الْمَكَان غَرَض ظَاهر بِأَن كَانَ الراغبون فِيهِ أَكثر أَو النَّقْد اجود تعين وَإِلَّا فَوَجْهَانِ

مسلة

أصَحهمَا فِي الْمُحَرر وزيادات الرَّوْضَة أَنه يتَعَيَّن أَيْضا قَالَ وَهَذَا كُله إِذا لم يعين الثّمن فَإِن عينه فَبَاعَ بِهِ صَحَّ قطعا مسلة 9 مَفْهُوم اللقب أَي تَعْلِيق الحكم بِالِاسْمِ طلبا كَانَ أَو خَبرا لَيْسَ بِحجَّة وَنَقله فِي الْبُرْهَان عَن نَص الشَّافِعِي فَإِذا قَالَ قَائِل اكرم زيدا أَو قَامَ زيد أَو بِعْتُك هَذَا العَبْد فَلَا يدل اللَّفْظ الصَّادِر مِنْهُ بمفهومه على نفي ذَلِك عَن غَيره بل يكون مسكوتا عَنهُ وَإِن كَانَ منفيا بِالْأَصْلِ لِأَنَّهُ لَو دلّ على ذَلِك للَزِمَ أَن يكون قَول الْقَائِل مُحَمَّد رَسُول الله دَالا على نفي رِسَالَة غَيره من الرُّسُل وَهُوَ كفر وَذهب الدقاق من الشَّافِعِيَّة وَجَمَاعَة من الْحَنَابِلَة إِلَى أَنه حجَّة

لِأَن التَّخْصِيص لَا بُد لَهُ من فَائِدَة وَحكى ابْن برهَان فِي الْوَجِيز قولا ثَالِثا أَنه حجَّة فِي اسماء الْأَنْوَاع كالغنم دون أَسمَاء الْأَشْخَاص كزيد إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا إِذا أَذِنت الْمَرْأَة لأوليائها فِي التَّزْوِيج ثمَّ خصصت وَاحِدًا مِنْهُم بالأذن وَقد تقدّمت فِي الْمَسْأَلَة السَّابِقَة 2 - وَمِنْهَا إِذا اوصى بِعَين لزيد ثمَّ قَالَ أوصيت بهَا لعَمْرو فَالصَّحِيح أَن ذَلِك لَا يكون رُجُوعا عَن الْوَصِيَّة الأولى بل يُشْرك بَينهمَا وَلَا يَجْعَل التَّعْبِير بِالِاسْمِ الثَّانِي دَالا على نفي غَيره

مسألة

مَسْأَلَة 10 الحكم الْمُعَلق على الِاسْم هَل يَقْتَضِي الِاقْتِصَار على أَوله أولابد من آخِره فِيهِ قَولَانِ أصَحهمَا الأول وَمعنى الْقَوْلَيْنِ كَمَا قَالَ الْقَرَافِيّ فِي شرح الْمَحْصُول والتنقيح إِن الحكم الْمُعَلق على معنى كلي هَل يَكْفِي أدنى الْمَرَاتِب لتحقيق الْمُسَمّى فِيهِ أم يجب الْأَعْلَى احْتِيَاطًا إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - إِذا اسْلَمْ إِلَيْهِ فِي شَيْء على أَن يُسلمهُ فِي الْبَلَد الْفُلَانِيّ وَمَا اشبه ذَلِك فَإِنَّهُ يَكْفِيهِ تَسْلِيمه فِي أول جُزْء من الْبَلَد لِأَن الظَّرْفِيَّة قد تحققت وَلَا يجب عَلَيْهِ أَن يوصله إِلَى منزله وَلَا إِلَى الْبَلَد كَمَا قَالَه الرَّافِعِيّ وَغَيره 2 - وَمِنْهَا أَن تقليم الْأَظْفَار وَحلق الشّعْر يكرهان لمن يُرِيد الْأُضْحِية إِذا دخل عَلَيْهِ عشر ذِي الْحجَّة للْحَدِيث الصَّحِيح وَقيل يحرمان فَلَو أَرَادَ التَّضْحِيَة بأعداد من النعم فَهَل يبْقى النَّهْي إِلَى آخرهَا أم يَزُول بِذبح الأول يتَّجه تَخْرِيجه على هَذِه الْقَاعِدَة

مسألة

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْبَاب الثَّانِي فِي الْأَوَامِر والنواهي فِيهِ فصلان الأول فِي الْأَمر - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَسْأَلَة 1 لفظ الْأَمر وَمَا تصرف مِنْهُ كأمرت زيدا بِكَذَا وَقَول الصَّحَابِيّ أمرنَا أَو امرنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَقِيقَة فِي القَوْل الدَّال بِالْوَضْعِ على طلب الْفِعْل وَقد علم من التَّعْبِير بالْقَوْل أَن الطّلب بِالْإِشَارَةِ والقرائن المفهمة لَا يكون أمرا حَقِيقَة واحترزنا بِالْوَضْعِ عَن قَول الْقَائِل أوجبت عَلَيْك أَو انا طالبة مِنْك أَو إِن تركته عاقبتك فَإِنَّهُ خبر عَن الْأَمر وَلَيْسَ بِأَمْر

وَعلم أَيْضا دُخُول الايجاب وَالنَّدْب فِي حد الْأَمر بِخِلَاف صِيغَة افْعَل فَإِنَّهَا حَقِيقَة فِي الْإِيجَاب خَاصَّة كَمَا سَيَأْتِي فتلخص أَن مُسَمّى الْأَمر لفظ وَهُوَ صِيغَة افْعَل سَوَاء كَانَت للْإِيجَاب أم للنَّدْب ومسمى أفعل هُوَ الْوُجُوب أَو غَيره مِمَّا سَيَأْتِي فتفطن للْفرق بَينهمَا فَإِنَّهُ يشْتَبه على كثير من النَّاس وَجَمِيع مَا ذَكرْنَاهُ فِي الْأَمر يَأْتِي بِعَيْنِه فِي النَّهْي فأستحضره وَقَالَت الْمُعْتَزلَة لَا يُسمى أمرا إِلَّا إِذا وجد الْعُلُوّ وَهُوَ أَن يكون الطَّالِب أَعلَى مرتبَة من الْمَطْلُوب مِنْهُ بِخِلَاف الاستعلاء وَهِي الغلظة وَرفع الصَّوْت وَنَحْوهمَا وَعكس أَبُو الْحُسَيْن فَقَالَ يشْتَرط الاستعلاء دون الْعُلُوّ وَصَححهُ الإِمَام فَخر الدّين والآمدي وَابْن الْحَاجِب وَشرط القَاضِي عبد الْوَهَّاب الْعُلُوّ والاستعلاء مَعًا وَقيل إِن الْأَمر مُشْتَرك بَين القَوْل وَالْفِعْل وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {وَمَا أمرنَا} إِلَّا وَاحِدَة إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا إِذا قَالَ لزوجته أَمرك بِيَدِك أَو فوضت إِلَيْك أَمرك فَإِنَّهُ يكون كِنَايَة فِي الطَّلَاق كَمَا جزم بِهِ الرَّافِعِيّ لأَنا إِن قُلْنَا إِنَّه مُشْتَرك أَو للقدر الْمُشْتَرك فَلَا بُد من نِيَّة تميز المُرَاد

مسألة

وَإِن قُلْنَا حَقِيقَة فِي القَوْل الطَّالِب للْفِعْل خَاصَّة فَيكون اسْتِعْمَاله فِي غَيره مجَازًا وَالْمجَاز لَا بُد فِيهِ من الْقَصْد 2 - وَمِنْهَا بطلَان الِاسْتِدْلَال بقوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أمرت أَن أَسجد لله على سَبْعَة أعظم على وجوب وضع الْيَدَيْنِ والركبتين والقدمين فِي السُّجُود لما ذَكرْنَاهُ مَسْأَلَة 2 الْأَمر سَوَاء كَانَ بِلَفْظ افْعَل كانزل واسكت أَو اسْم الْفِعْل كنزال وَحده والمضارع المقرون بِاللَّامِ كَقَوْلِه تَعَالَى {وليأخذوا أسلحتهم} فِيهِ مَذَاهِب أَصَحهَا عِنْد الْجُمْهُور كالآمدي وَالْإِمَام فَخر الدّين وأتباعهما أَنه للْوُجُوب إِذا لم تقم قرينَة تدل على خِلَافه وَقَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ فِي الْبُرْهَان والآمدي فِي الإحكام

إِنَّه مَذْهَب الشَّافِعِي وَقَالَ الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق فِي شرح اللمع إِن الْأَشْعَرِيّ نَص عَلَيْهِ لَكِن هَل دلّ على الْوُجُوب بِوَضْع اللُّغَة اَوْ بِالشَّرْعِ فِيهِ مذهبان مذكوران فِي شرح اللمع الْمَذْكُور وَالْأول وَهُوَ كَونه بِالْوَضْعِ نَقله فِي الْبُرْهَان عَن الشَّافِعِي ثمَّ اخْتَار هُوَ انه بِالشَّرْعِ وَفِي الْمُسْتَوْعب للقيرواني قَول ثَالِث إِنَّه يدل بِالْعقلِ وَالْمذهب الثَّانِي وَهُوَ وَجه للشَّافِعِيّ إِنَّه حَقِيقَة فِي النّدب وَالثَّالِث فِي الْإِبَاحَة لِأَنَّهُ الْمُحَقق وَالْأَصْل عدم الطّلب وَالرَّابِع أَنه مُشْتَرك بَين الْوُجُوب وَالنَّدْب وَبِه جزم فِي الْمُنْتَخب فِي بَاب الِاشْتِرَاك وَالْخَامِس أَنه مُشْتَرك بَين هذَيْن وَبَين الْإِرْشَاد وَنَقله الْآمِدِيّ فِي الإحكام عَن الشِّيعَة وَصَححهُ وَنقل عَنهُ فِي مُنْتَهى السول الْمَذْهَب الَّذِي قبله

السَّادِس أَنه حَقِيقَة فِي الْقدر الْمُشْتَرك بَين الْوُجُوب وَالنَّدْب وَهُوَ الطّلب السَّابِع أَنه حَقِيقَة إِمَّا فِي الْوُجُوب وَإِمَّا فِي النّدب وَلَكِن لم يتَعَيَّن لنا ذَلِك وَنَقله صَاحب الْحَاصِل ثمَّ الْبَيْضَاوِيّ عَن الْغَزالِيّ وَهُوَ غلط عَلَيْهِ كَمَا بَينته فِي شرح الْمِنْهَاج الثَّامِن أَنه مُشْتَرك بَين الْوُجُوب وَالنَّدْب وَالْإِبَاحَة التَّاسِع انه مُشْتَرك بَين الثَّلَاثَة الْمَذْكُورَة وَلَكِن بالاشتراك الْمَعْنَوِيّ وَهُوَ الْإِذْن حَكَاهُ ابْن الْحَاجِب مَعَ الَّذِي قبله الْعَاشِر أَنه مُشْتَرك بَين خَمْسَة وَهِي الثَّلَاثَة الَّتِي ذَكرنَاهَا والإرشاد والتهديد حَكَاهُ الْغَزالِيّ فِي الْمُسْتَصْفى الْحَادِي عشر أَنه مُشْتَرك بَين الْخَمْسَة الْمَذْكُورَة فِي أَوَائِل الْعلم وَهِي الْوُجُوب وَالنَّدْب وَالْإِبَاحَة وَالتَّحْرِيم وَالْكَرَاهَة حَكَاهُ أَصْحَاب الْبُرْهَان والمحصول والإحكام الثَّانِي عشر أَنه مَوْضُوع لوَاحِد من هَذِه الْخَمْسَة وَلَا نعلمهُ نَقله أَيْضا فِي الْبُرْهَان فَإِن قيل كَيفَ يسْتَعْمل لفظ الْأَمر فِي التَّحْرِيم أَو الْكَرَاهَة قُلْنَا لِأَنَّهُ يسْتَعْمل فِي التهديد والمهدد عَلَيْهِ إِمَّا حرَام أَو مَكْرُوه

مسألة

الثَّالِث عشر أَنه مُشْتَرك بَين سِتَّة أَشْيَاء وَهِي الْوُجُوب وَالنَّدْب والتهديد والتعجيز وَالْإِبَاحَة والتكوين الرَّابِع عشر أَن أَمر الله تَعَالَى للْوُجُوب وَأمر رَسُوله للنَّدْب حَكَاهُ القيرواني فِي الْمُسْتَوْعب عَن الْأَبْهَرِيّ فِي أحد أَقْوَاله وَإِذا أخذت الْأَقْوَال الثَّلَاثَة المفرعة على القَوْل الأول وَهُوَ الْوُجُوب تلخص مِنْهَا مَعَ مَا ذَكرْنَاهُ سِتَّة عشر مذهبا إِذا لَا تحرر ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا إِذا قَالَ لمن تجب عَلَيْهِ طَاعَته كعبده وَولده افْعَل كَذَا وَلم يُصَرح بِمَا يَقْتَضِي التَّحْرِيم اَوْ عدم التَّحْرِيم فَفِي وجوب ذَلِك عَلَيْهِ مَا سبق وَمُقْتَضى مَا تقدم عَن الشَّافِعِي وُجُوبه مَسْأَلَة 3 إِذا ورد الْأَمر بِشَيْء يتَعَلَّق بالمأمور وَكَانَ عِنْد الْمَأْمُور وازع يحملهُ على الْإِتْيَان بِهِ فَلَا يحمل ذَلِك الْأَمر على الْوُجُوب لِأَن

الْمَقْصُود من الْإِيجَاب إِنَّمَا هُوَ الْحَث على طلب الْفِعْل والحرص على عدم الْإِخْلَال بِهِ والوازع الَّذِي عِنْده يَكْفِي فِي تَحْصِيل ذَلِك إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - عدم إِيجَاب النِّكَاح على الْقَادِر فَإِن قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام يَا معشر الشَّبَاب من اسْتَطَاعَ مِنْكُم الْبَاءَة فليتزوج وَإِن كَانَ يَقْتَضِي الْإِيجَاب كَمَا قَالَ بِهِ دَاوُد الظَّاهِرِيّ لَكِن خَالَفنَا ذَلِك لما ذَكرْنَاهُ

مسألة

مَسْأَلَة 4 إِذا فرعنا على أَن الْأَمر الْوُجُوب فورد بعد التَّحْرِيم فَقيل يحمل أَيْضا على الْوُجُوب وَهُوَ الْأَصَح عِنْد الإِمَام فَخر الدّين وَأَتْبَاعه وَقيل على الْإِبَاحَة وَهُوَ الَّذِي نَص عَلَيْهِ الشَّافِعِي كَمَا قَالَه ابْن التلمساني فِي شرح المعالم والقيرواني فِي الْمُسْتَوْعب وَقَالَ الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق فِي التَّبْصِرَة إِنَّه ظَاهر مَذْهَب الشَّافِعِي وَنَقله ابْن برهَان فِي الْوَجِيز عَن أَكثر الْفُقَهَاء والمتكلمين وَرجحه ابْن الْحَاجِب وَمَال إِلَيْهِ الْآمِدِيّ وَقَالَ إِنَّه الْغَالِب وَذكر القَاضِي الْحُسَيْن فِي أول بَاب الْكِتَابَة من تَعْلِيقه أَنه للاستحباب وَيحْتَاج إِلَى الْجمع بَين هَذِه الْقَاعِدَة وَبَين قَوْلهم مَا كَانَ مَمْنُوعًا

مِنْهُ لَو لم يجب فَإِذا جَازَ وَجب على مَا سَيَأْتِي فِي الْكتاب الثَّانِي الْمَعْقُود للسّنة إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا إِذا عزم على نِكَاح امْرَأَة فَإِنَّهُ ينظر إِلَيْهَا لقَوْله عَلَيْهِ السَّلَام انْظُر إلَيْهِنَّ الحَدِيث لَكِن هَل يسْتَحبّ ذَلِك أَو يُبَاح على وَجْهَيْن أصَحهمَا الأول وهما مبنيان على ذَلِك كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الإِمَام فِي النِّهَايَة وَصرح بِهِ غَيره فَإِن قيل فَلم لَا حملناه على الْوُجُوب قُلْنَا الْقَرِينَة صرفته وَأَيْضًا فلقاعدة أُخْرَى تقدّمت قبل هَذِه الْمَسْأَلَة وَهِي الداعية الحاملة على الْفِعْل 2 - وَمِنْهَا الْأَمر بِالْكِتَابَةِ فِي قَوْله تَعَالَى {فكاتبوهم} فَإِنَّهُ وَارِد بعد التَّحْرِيم كَمَا قَالَه القَاضِي الْحُسَيْن فِي بَاب الْكِتَابَة وَوجه مَا قَالَه أَن الْكِتَابَة بيع مَال الشَّخْص بِمَالِه كَمَا قَالَه الْأَصْحَاب وَهُوَ مُمْتَنع بلاشك

مسألة

مَسْأَلَة 5 الْأَمر بعد الإستئذان كالأمر بعد التَّحْرِيم قَالَه فِي الْمَحْصُول وَالْأَمر بماهية مَخْصُوصَة بعد سُؤال تَعْلِيمه شَبيه فِي الْمَعْنى بِالْأَمر بعد الإستئذان مِثَاله قَول ابْن مَسْعُود يَا رَسُول الله قد علمنَا كَيفَ نسلم عَلَيْك فَكيف نصلي عَلَيْك فَقَالَ قُولُوا اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد وَحِينَئِذٍ فَلَا يَسْتَقِيم مَا قَالَه الْأَصْحَاب من الِاسْتِدْلَال بِمُجَرَّد هَذَا الْأَمر على وجوب الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي التَّشَهُّد نعم إِن ثَبت إِيجَابه من خَارج فَيكون هَذَا الْأَمر للْوُجُوب لِأَنَّهُ بَيَان لكيفية وَاجِب مَسْأَلَة 6 الاقتران لَيْسَ بِحجَّة عندنَا كَمَا نَص عَلَيْهِ القَاضِي أَبُو الطّيب وَغَيره وَمَعْنَاهُ أَن يرد لفظ لِمَعْنى ويقترن بِهِ لفظ آخر يحْتَمل ذَلِك الْمَعْنى وَغَيره فَلَا يكون اقترانه بذلك دَالا على أَن المُرَاد بِهِ هُوَ الَّذِي أُرِيد بِصَاحِبِهِ إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - اخْتِلَاف الْأَصْحَاب فِي وجوب الْأكل من الْأُضْحِية عملا بقوله

مسألة

تَعَالَى {فَكُلُوا مِنْهَا وأطعموا البائس الْفَقِير} وَالصَّحِيح عدم الْوُجُوب لما ذَكرْنَاهُ وَقيل يجب لِأَنَّهُ قد عطف عَلَيْهِ الْإِطْعَام وَالْإِطْعَام وَاجِب 2 - وَمِنْهَا إِذا قَالَ أَنْت بَائِن وَطَالِق فَلَا يكون الأول صَرِيحًا لعطف طَالِق عَلَيْهِ كَذَا نَقله الرَّافِعِيّ فِي أَرْكَان الطَّلَاق عَن حِكَايَة القَاضِي شُرَيْح الرَّوْيَانِيّ وَلم يُخَالِفهُ مَسْأَلَة 7 الْأَمر بِالْأَمر بالشَّيْء كَقَوْلِه لزيد مر عمرا بِأَن يَبِيع هَذِه السّلْعَة هَل يكون أمرا مِنْهُ للثَّالِث وَهُوَ عَمْرو بِبَيْعِهَا فِيهِ خلاف صحح ابْن الْحَاجِب وَغَيره أَنه لَا يكون أمرا بذلك وَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا لَو تصرف الثَّالِث قبل إِذن الثَّانِي لَهُ هَل ينفذ تصرفه أم لَا وَكَلَام الرَّافِعِيّ وَغَيره يَقْتَضِي أَنه لَا يَصح تصرفه إِلَّا بعد إِذن الثَّانِي ثمَّ فرعوا على هَذَا فَقَالُوا إِذا أذن لَهُ وَلم يقل

عني وَلَا عَنْك فَإِن الثَّانِي يكون وَكيلا عَن الْمَالِك أَي الْمُوكل على الصَّحِيح فَإِن قَالَ وكل عني فَوَاضِح وَإِن قَالَ عَنْك فَهُوَ وَكيل عَن الْوَكِيل الأول لَكِن للْمَالِك عَزله على الصَّحِيح لِأَنَّهُ يسوغ لَهُ عزل الأَصْل فالفرع أولى وَيتَّجه جَوَاز منع الْمَالِك لَهُ قبل إِذن الأول 2 - وَمِمَّا يَنْبَغِي تَخْرِيجه على هَذِه الْمَسْأَلَة مَا إِذا قَالَ مثلا لِابْنِهِ قل لأمك أَنْت طَالِق فَيتَّجه أَن يُقَال إِن أَرَادَ التَّوْكِيل فَوَاضِح وَإِن لم يرد شَيْئا فَإِن جَعَلْنَاهُ الْأَمر بِالْأَمر كصدور الْأَمر من الأول كَانَ الْأَمر بالإخبار بِمَنْزِلَة الْإِخْبَار من الْأَب فَيَقَع وَإِن قُلْنَا لَيْسَ كصدوره مِنْهُ لم يَقع شَيْء وَقد نقل الرَّافِعِيّ الْمَسْأَلَة فِي الْكَلَام على كنايات الطَّلَاق عَن القَاضِي شُرَيْح الرَّوْيَانِيّ عَن جده أبي الْعَبَّاس فَقَالَ إِن أَرَادَ التَّوْكِيل فَإِذا قَالَه لَهَا الابْن طلقت وَيحْتَمل أَن يَقع وَيكون الابْن مخبرا لَهَا بِالْحَال هَذَا لفظ الرَّافِعِيّ وَمَعْنَاهُ إِن أَرَادَ التَّوْكِيل وَقع إِذا أوقعه وَإِن لم يردهُ فَلَا وَيحْتَمل خِلَافه وَإِذا تَأَمَّلت مَا ذكره علمت أَن مَا ذَكرْنَاهُ إِيضَاح لَهُ وَبَيَان لمدركه وَقد ذكر الرَّافِعِيّ بعد هَذِه الْمَسْأَلَة بِدُونِ ثَلَاثَة أوراق فرعا آخر من فروع الْمَسْأَلَة فَقَالَ لَو كتب كِنَايَة من كنايات الطَّلَاق وَنوى فَهُوَ ككتابة الصَّرِيح وَلَو أَمر الزَّوْج أَجْنَبِيّا فَكتب وَنوى الزَّوْج لم تطلق كَمَا لَو قَالَ للْأَجْنَبِيّ قل لزوجتي أَنْت بَائِن وَنوى الزَّوْج

مسألة

لَا تطلق هَذَا كَلَامه وَمَعْنَاهُ أَن الزَّوْج هُوَ الَّذِي نوى وَلم ينْو الْوَكِيل وَمُقْتَضَاهُ أَن الْوَكِيل إِذا نوى وَقع لكنه فِي هَذِه الْحَالة يصير كَالصَّرِيحِ وَحِينَئِذٍ فَيَأْتِي فِيهِ مَا سبق مَسْأَلَة 8 الْأَمر بِالْعلمِ بِشَيْء لَا يسْتَلْزم حُصُول ذَلِك الشَّيْء فِي تِلْكَ الْحَالة فَإِذا قَالَ مثلا اعْلَم أَن زيدا قَائِم فَلَا يدل اللَّفْظ على وُقُوع قِيَامه وَوجه ذَلِك أَنه يَصح تقسيمه إِلَيْهِ فَيُقَال إعلم قيام زيد إِذا وَقع أَو اعلمه فَإِنَّهُ قد وَقع وَقد قَالُوا إِن تَقْسِيم الشَّيْء إِلَى الشَّيْء يدل على أَنه أَعم من كل مِنْهُمَا والأعم لَا يدل على الْأَخَص وَلِأَن الْأَمر لَا يكون إِلَّا لطلب مَاهِيَّة فِي المستقيل فقديوجد سَببهَا وَقد لَا يُوجد إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا إِذا قَالَ لشخص إعلم أنني طلقت زَوْجَتي فَهَل يكون ذَلِك إِقْرَارا بِوُقُوع الطَّلَاق قَالَ القَاضِي شُرَيْح الرَّوْيَانِيّ فِيهِ وَجْهَان حَكَاهُمَا جدي أَبُو الْعَبَّاس أصَحهمَا لَيْسَ بِإِقْرَار لِأَنَّهُ

مسألة

أمره أَن يعلم وَلم يحصل هَذَا الْعلم كَذَا حَكَاهُ عَنهُ الرَّافِعِيّ فِي الْكَلَام على كنايات الطَّلَاق وَذكر عَنهُ فرعا آخر يُشبههُ فَقَالَ وَلَو ادَّعَت أَنه طَلقهَا ثَلَاثًا فَقَالَ للشَّاهِد اكْتُبْ لَهَا ثَلَاثًا قَالَ جدي يحْتَمل كَونه كِتَابَة وَيحْتَمل أَن لَا يكون وَقَرِيب مِنْهُ أَيْضا مَا لَو كتب أَن لزيد عَليّ ألف دِرْهَم ثمَّ قَالَ للشُّهُود اشْهَدُوا عَليّ بِمَا فِيهِ فَلَيْسَ بِإِقْرَار كَمَا لَو كتبه غَيره فَقَالَ اشْهَدُوا بِمَا كتب وَقد وَافَقنَا أَبُو حنيفَة على الثَّانِيَة دون الأولى كَذَا نَقله النَّوَوِيّ من زوائده فِي آخر الْبَاب الأول من أَبْوَاب الْإِقْرَار لَكِن ذكر فِي كتاب الطَّلَاق فِي الْكَلَام على الْكِنَايَات تبعا للرافعي أَن الشَّاهِد لَو كتب فصلا بِالطَّلَاق ثمَّ قَالَ للزَّوْج نشْهد عَلَيْك بِمَا فِي هَذَا الْكتاب فَقَالَ اشْهَدُوا لَا يَقع الطَّلَاق بَينه وَبَين الله تَعَالَى كَذَا نَقله عَن فَتَاوَى الْغَزالِيّ وَمُقْتَضَاهُ الْمُؤَاخَذَة بِهِ فِي الظَّاهِر على عكس مَا سبق مَسْأَلَة 9 إِذا ورد امران متعاقبان بفعلين متماثلين وَالثَّانِي غير مَعْطُوف فَإِن منع من القَوْل بتكرار الْمَأْمُور بِهِ مَانع عادي كتعريف أَو غَيره حمل الثَّانِي على التَّأْكِيد نَحْو اضْرِب رجلا اضْرِب الرجل واسقني مَاء اسْقِنِي مَاء

وَإِن لم يمْنَع مِنْهُ مَانع كَقَوْلِه صل رَكْعَتَيْنِ صل رَكْعَتَيْنِ فَقيل يكون الثَّانِي توكيدا أَيْضا عملا بِبَرَاءَة الذِّمَّة ولكثرة التَّأْكِيد فِي مثله وَقيل لَا بل يعْمل بهما لفائدة التأسيس وَاخْتَارَهُ الإِمَام فِي الْمَحْصُول والآمدي فِي الإحكام وَقيل بِالْوَقْفِ للتعارض فَإِن كَانَ الثَّانِي مَعْطُوفًا كَانَ الْعَمَل بهما أرجح من التَّأْكِيد فَإِن حصل للتَّأْكِيد رُجْحَان بِشَيْء من الْأَمريْنِ العاديين تعَارض هُوَ والعطف وَحِينَئِذٍ فَإِن ترجح أَحدهمَا قدمْنَاهُ وَإِلَّا توقفنا وَاخْتَارَ الإِمَام والامدي الْعَمَل بهما فِي هَذَا الْقسم ايضا إِلَّا أَن الإِمَام فرض ذَلِك فِي رُجْحَان التَّعْرِيف نعم قَالَ الْآمِدِيّ إِن اجْتمع الْأَمْرَانِ فِي مُعَارضَة حرف الْعَطف نَحْو اسْقِنِي مَاء واسقني المَاء فَالظَّاهِر الْوَقْف

إِذا علمت ذَلِك فيتفرع على هَذِه الْمسَائِل 1 - مَا إِذا خَاطب وَكيله بِشَيْء من ذَلِك فَإِذا كَانَ لَهُ زوجتان مثلا فَقَالَ لغيره طلق زَوْجَتي طلق زَوْجَتي أَعنِي بالتكرار أَو كرر الْعتْق كَذَلِك من لَهُ عبيد فَهَل لَهُ تطليق امْرَأتَيْنِ وإعتاق عَبْدَيْنِ وَهَذَا التَّفْرِيع يَقع مثله ايضا فِي الْمَرْأَة الْوَاحِدَة إِذا كَانَ طَلاقهَا رَجْعِيًا وَلم يحضرني الْآن نقل ذَلِك وَقَرِيب من الْمَسْأَلَة مَا إِذا قَالَ أَنْت طَالِق وَطَالِق وَطَالِق أَعنِي بِالْوَاو فيهمَا فَلَا شكّ أَن الثَّالِث مثل الثَّانِي فَإِن أَرَادَ بالثالث التَّأْكِيد والاستئناف فَلَا كَلَام وَإِن أطلق فالمعروف أَنه يحمل على الِاسْتِئْنَاف وَقيل على التَّأْكِيد وَالْإِقْرَار بِالْعَكْسِ وَهَذَا الْخلاف يَأْتِي بِعَيْنِه أَيْضا فِي الِاسْتِثْنَاء فَإِذا قَالَ أَنْت طَالِق ثَلَاثًا إِلَّا طَلْقَة وطلقة وطلقة فَإِن أَرَادَ التَّأْكِيد أَو حملناه عَلَيْهِ فَوَاضِح وَإِن أطلق وحملناه على التأسيس فَيَجِيء الْخلاف الْمَعْرُوف فِي أَن المفرق هَل يجمع أم لَا

مسألة

مَسْأَلَة 10 فَإِن كَانَ أَحدهمَا عَاما وَالْآخر خَاصّا نَحْو صم كل يَوْم صم يَوْم الْجُمُعَة قَالَ فِي الْمَحْصُول فَإِن كَانَ الثَّانِي غير مَعْطُوف كَانَ تَأْكِيدًا وَإِن كَانَ مَعْطُوفًا فَقَالَ بَعضهم لَا يكون دَاخِلا تَحت الْكَلَام الأول وَإِلَّا لم يَصح الْعَطف وَالْأَشْبَه الْوَقْف للتعارض بَين ظَاهر الْعُمُوم وَظَاهر الْعَطف وَحكى الْقَرَافِيّ عَن القَاضِي عبد الْوَهَّاب فِي مَسْأَلَة الْعَطف أَن الصَّحِيح بَقَاء الْعَام على عُمُومه وَحمل الْخَاص على الاعتناء قَالَ سَوَاء تقدم أَو تَأَخّر إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - رجحانه عِنْد مُعَارضَة دَلِيل وَاحِد لِأَن الْفُرُوع يرجح فِيهَا بِكَثْرَة الْأَدِلَّة 2 - وَمِنْهَا إِذا قَالَ أوصيت لزيد وللفقراء بِثلث مَالِي وَزيد فَقير فَفِيهِ أوجه سَوَاء وصف زيد بالفقر أم لَا وَسَوَاء قدمه على الْفُقَرَاء أَو أَخّرهُ أَصَحهَا أَنه كأحدم فَيجوز أَن يُعْطي أقل مَا يتمول وَلَكِن لَا يجوز حرمانه وَالثَّانِي أَنه يعْطى سَهْما من سِهَام الْقِسْمَة فَإِن قسم المَال على أَرْبَعَة من الْفُقَرَاء أعطي زيد الْخمس أَو على خَمْسَة فالسدس وَقس على ذَلِك وَالثَّالِث لزيد ربع الْوَصِيَّة وَالْبَاقِي للْفُقَرَاء لِأَن الثَّلَاثَة اقل من يَقع عَلَيْهِ اسْم الْفُقَرَاء وَالرَّابِع لَهُ النّصْف وَلَهُم النّصْف وَالْخَامِس أَن الْوَصِيَّة فِي حق زيد بَاطِلَة لجَهَالَة مَا أضيف إِلَيْهِ أَي الَّذِي جعل لَهُ وَالْوَجْه الأول وَالثَّانِي متفقان على دُخُوله وَالثَّالِث وَالرَّابِع على عدم الدُّخُول

وَلَو وصف زيدا بِغَيْر صفة الْجَمَاعَة فَقَالَ أعطي ثُلثي لزيد الْكَاتِب وللفقراء فَقَالَ الْأُسْتَاذ أَبُو مَنْصُور الْبَغْدَادِيّ لَهُ النّصْف بِلَا خلاف كَذَا نَقله عَنهُ الرَّافِعِيّ ثمَّ قَالَ وَيُشبه أَن يَجِيء قَول الرَّابِع إِن لم تجىء بَاقِي الْأَوْجه وَاعْلَم أَنه إِذا كَانَ لَهُ ثَلَاث أُمَّهَات أَوْلَاد فأوصى بِثُلثِهِ لأمهات أَوْلَاده وللفقراء وَالْمَسَاكِين فقد ذكر الرَّافِعِيّ بعد ذَلِك نقلا عَن الْمُتَوَلِي من غير اعْتِرَاض عَلَيْهِ أَن الْأَصَح قسْمَة الثُّلُث على الْأَصْنَاف أَثلَاثًا وَقَالَ أَبُو عَليّ الثَّقَفِيّ يقسم على خَمْسَة

مسألة

مَسْأَلَة 11 الصَّحِيح عِنْد الإِمَام فَخر الدّين والآمدي وَابْن الْحَاجِب وَغَيرهم أَن الْأَمر الْمُطلق لَا يدل على تكْرَار وَلَا على مرّة بل على مُجَرّد إِيقَاع الْمَاهِيّة وإيقاعها وَإِن كَانَ لَا يُمكن فِي اقل من مرّة إِلَّا أَن اللَّفْظ لَا يدل على التَّقْيِيد بهَا حَتَّى يكون مَانِعا من الزِّيَادَة بل ساكتا عَنهُ وَالثَّانِي يدل بِوَضْعِهِ على الْمرة وَنَقله الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ فِي شرح اللمع عَن أَكثر أَصْحَابنَا وَنقل القيرواني فِي الْمُسْتَوْعب عَن الشَّيْخ ابي حَامِد أَنه مُقْتَضى قَول الشَّافِعِي وَالثَّالِث قَالَه الْأُسْتَاذ أَبُو إِسْحَاق الاسفراييني وَجَمَاعَة من أَصْحَابنَا يدل على التّكْرَار الْمُسْتَوْعب لزمان الْعُمر لَكِن بِشَرْط الْإِمْكَان كَمَا قَالَه الْآمِدِيّ وَالرَّابِع أَنه مُشْتَرك بَين التّكْرَار والمرة فَيتَوَقَّف إعماله فِي أَحدهمَا على وجود الْقَرِينَة وَالْخَامِس أَنه لأَحَدهمَا وَلَا نعرفه فَيتَوَقَّف أَيْضا وَاخْتَارَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ التَّوَقُّف وَنقل عَنهُ ابْن الْحَاجِب تبعا للآمدي

اخْتِيَار الأول وَلَيْسَ كَذَلِك فاعلمه إِذا تقرر هَذَا فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا إِذا قَالَ لوَكِيله بِعْ هَذَا العَبْد فَبَاعَهُ فَرد عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ أَو قَالَ لَهُ بِعْ بِشَرْط الْخِيَار ففسخ المُشْتَرِي فَلَيْسَ لَهُ بَيْعه ثَانِيًا كَمَا جزم بِهِ الرَّافِعِيّ فِي آخر الْوكَالَة وَفِيه وَجه آخر أَنه يجوز حَكَاهُ الرَّافِعِيّ فِي الْبَاب الثَّالِث من ابواب الرَّهْن وَمِنْهَا إِذا سمع مُؤذنًا بعد مُؤذن فَهَل يسْتَحبّ إِجَابَة الْجَمِيع لقَوْله عَلَيْهِ السَّلَام إِذا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذّن فَقولُوا مثل مَا يَقُول يحْتَمل تَخْرِيج ذَلِك على أَن الامر هَل يُفِيد التّكْرَار أم لَا لَكِن إِذا قُلْنَا لَا يفِيدهُ من جِهَة اللَّفْظ فَإِنَّهُ يكون من بَاب تَرْتِيب الحكم على الْوَصْف الْمُنَاسب وَهُوَ من الطّرق الدَّالَّة على التَّعْلِيل على الْمَشْهُور وَحِينَئِذٍ فيتكرر الحكم بِتَكَرُّر علته وَذكر الشَّيْخ عز الدّين بن عبد السَّلَام فِي الْفَتَاوَى الموصلية هَذِه الْمَسْأَلَة فَقَالَ يسْتَحبّ إِجَابَة

مسألة

الْجَمِيع وَيكون الأول آكِد إِلَّا فِي الْجُمُعَة فَإِنَّهُمَا فِي الْفَضِيلَة سَوَاء وَكَذَلِكَ فِي الصُّبْح إِذا وَقع الأول قبل الْوَقْت وَقَالَ أما الْجُمُعَة فَلِأَن أذانها الأول فضل بالتقدم وَالثَّانِي بِكَوْنِهِ الْمَشْرُوع فِي زمن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأما الصُّبْح فَلِأَن الأول امتاز بِمَا ذَكرْنَاهُ من التَّقَدُّم وَالثَّانِي بمشروعيته فِي الْوَقْت وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب لَا أعلم فِي الْمَسْأَلَة نقلا وَالْمُخْتَار أَن الِاسْتِحْبَاب شَامِل للْجَمِيع إِلَّا أَن الأول متأكد يكره تَركه انْتهى وَالَّذِي قَالَه الشَّيْخ عز الدّين أمثل مِنْهُ وأوجه مِنْهُمَا أَن يُقَال إِن لم يصل فتستحب الْإِجَابَة مُطلقًا وَيكون الأول آكِد إِلَّا فِي الصُّبْح وَالْجُمُعَة على ماسبق وَإِن كَانَ قد صلى فَحَيْثُ استحببنا الْإِعَادَة فِي جمَاعَة أجَاب لِأَنَّهُ مدعُو بالآذان الثَّانِي ايضا وَإِلَّا فَلَا وَنقل بَعضهم عَن تصنيف للرافعي سَمَّاهُ الإيجاز فِي أخطار الْحجاز أَنه أَشَارَ إِلَى ذَلِك مَسْأَلَة 12 تَعْلِيق الْخَبَر على الشَّرْط كَقَوْلِه إِن جَاءَ زيد جَاءَ عَمْرو لَا يَقْتَضِي التّكْرَار بالِاتِّفَاقِ كَذَا صرح بِهِ الْآمِدِيّ فِي الإحكام وَكَذَلِكَ

تَعْلِيق الْإِنْشَاء كَقَوْلِه لزوجته إِن خرجت فَأَنت طَالِق كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامه أَيْضا فِي الْكتاب الْمَذْكُور وَأما تَعْلِيق الْأَمر كَقَوْلِه إِن دخلت زَوْجَتي الدَّار فَطلقهَا إِذا قُلْنَا إِن الْأَمر لَا يُفِيد التّكْرَار فَفِيهِ ثَلَاثَة مَذَاهِب أَصَحهَا فِي الْمَحْصُول أَنه لَا يدل عَلَيْهِ من جِهَة اللَّفْظ أَي لم يوضع اللَّفْظ لَهُ وَلَكِن يدل من جِهَة الْقيَاس بِنَاء على أَن الصَّحِيح أَن تَرْتِيب الحكم على الْوَصْف يشْعر بالعلية وَالثَّانِي يدل بِلَفْظِهِ وَالثَّالِث لَا يدل لَا بِلَفْظِهِ وَلَا بِالْقِيَاسِ وَاخْتَارَ الْآمِدِيّ وَابْن الْحَاجِب أَنه لَا يدل قَالَا وَمحل الْخلاف فِي مَا لم يثبت كَونه عِلّة كالإحصان فَإِن ثَبت كَالزِّنَا فَإِنَّهُ يتَكَرَّر لأجل تكَرر علته اتِّفَاقًا وَحكم الْأَمر الْمُعَلق بِالصّفةِ كَحكم الْمُعَلق بِالشّرطِ إِذا علمت ذَلِك فَاعْلَم أَن الحكم عندنَا فِي تفريعات هَذِه الْقَوَاعِد كلهَا كَذَلِك ايضا كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي بَاب الْخلْع وَغَيره 1 - وَمِنْهَا أَيْضا الْخلاف فِي وجوب الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كلما ذكر عملا بقوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام بعد من ذكرت عِنْده فَلم يصل عَليّ وَقد حكى الزَّمَخْشَرِيّ فِي اصل الْمَسْأَلَة اقوالا

أَحدهَا أَنَّهَا تجب فِي كل وَقت ذكر وَاخْتَارَهُ الْحَلِيمِيّ وَالثَّانِي لَا بل تجب فِي الْعُمر مرّة وَالثَّالِث فِي كل مجْلِس مرّة وَإِن ذكر فِيهِ مرَارًا وَالرَّابِع فِي أول كل دُعَاء وَآخره وَرَأَيْت فِي الشافي للجرجاني حِكَايَة قَول انها لَيست ركنا فِي الصَّلَاة أَيْضا وَنَقله القَاضِي عِيَاض فِي الشِّفَاء عَن اخْتِيَار ابْن الْمُنْذر والخطابي من اصحابنا

مسألة

مَسْأَلَة 13 مَا ذَكرْنَاهُ من كَون الحكم الْمُعَلق بِمن الشّرطِيَّة وَنَحْوهَا لَا يَقْتَضِي التّكْرَار وَإِن اقْتضى الْعُمُوم مَحَله إِذا كَانَ الْفِعْل الثَّانِي وَاقعا فِي مَحل الأول فَأَما إِذا وَقع الثَّانِي فِي غير مَحَله فَإِن تكراره يُوجب تكْرَار الحكم كَقَوْلِه من دخل دَاري فَلهُ دِرْهَم فَإِن دخل دَارا لَهُ ثمَّ دَارا أُخْرَى اسْتحق دِرْهَمَيْنِ كَذَا نَص عَلَيْهِ أَصْحَابنَا وَنَقله عَنْهُم النَّوَوِيّ فِي بَاب الْإِحْرَام بِالْحَجِّ من شرح الْمُهَذّب قلت وَنَظِيره من الطَّلَاق وَنَحْوه كَذَلِك ايضا فاعلمه مَسْأَلَة 14 الْأَمر الْمُجَرّد عَن الْقَرَائِن فِيهِ مَذَاهِب أَحدهَا أَنه لَا يدل على فَور وَلَا على تراخ بل على طلب الْفِعْل خَاصَّة وَهَذَا هُوَ الْمَنْسُوب إِلَى الشَّافِعِي واصحابه كَمَا قَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ فِي الْبُرْهَان وَقَالَ فِي الْمَحْصُول إِنَّه الْحق وَاخْتَارَهُ الْآمِدِيّ وَابْن الْحَاجِب

وَالثَّانِي يُفِيد الْفَوْر وَالثَّالِث يدل على جَوَاز التَّرَاخِي وَهَذَانِ المذهبان حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيّ فِي كتاب الْقَضَاء وَجْهَيْن لِأَصْحَابِنَا وَالرَّابِع أَنه مُشْتَرك بَينهمَا فَيتَوَقَّف إِلَى ظُهُور الدَّلِيل فَإِن بَادر عد ممتثلا وَحكى ابْن برهَان عَن غلاة الواقفية انا لانقطع بامتثاله إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا إِذا قَالَ لشخص بِعْ هَذِه السّلْعَة فقبضها الشَّخْص وَأخر بيعهَا مَعَ الْقُدْرَة عَلَيْهِ فَتلفت فَإِن قُلْنَا بالمشهور وَهُوَ أَن الْأَمر الْمُطلق لَا يدل على شَيْء فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ وَإِن قُلْنَا إِنَّه للفور ضمن لتَقْصِيره وَقد حكى القَاضِي الْحُسَيْن فِي الْمَسْأَلَة وَجْهَيْن وحكاهما أَيْضا ابْن الرّفْعَة ومستندهما مَا ذَكرْنَاهُ 2 - وَمِنْهَا مَا نَقله الرَّافِعِيّ فِي كتاب الطَّلَاق عَن فَتَاوَى الْقفال أَنه لَو قَالَ لوَلِيّ امْرَأَته زَوجهَا كَانَ ذَلِك إِقْرَارا بالفراق بِخِلَاف مَا لَو قَالَ لَهَا انكحي فَإِنَّهُ لَا يكون إِقْرَارا بِهِ لِأَنَّهَا لَا تقدر على أَن تزوج نَفسهَا ثمَّ ذكر الرَّافِعِيّ فِي هَذَا الْأَخير مَا يَقْتَضِي أَنه كِنَايَة فَقَالَ لَكِن الْمَفْهُوم مِنْهُ هُوَ الْمَفْهُوم من قَوْله تَعَالَى {حَتَّى تنْكح زوجا غَيره} زَاد النَّوَوِيّ على هَذَا فَقَالَ الصَّوَاب أَنه كِنَايَة إِذا خاطبها بِخِلَاف الْوَلِيّ فَإِنَّهُ صَرِيح فِيهِ

قلت الْحق فِي تَحْرِير الْمَقُول للْوَلِيّ أَنا إِن قُلْنَا إِن الْأَمر على الْفَوْر يكون ذَلِك إِقْرَارا بِالطَّلَاق وبانقضاء الْعدة وَقد ذكر الرَّافِعِيّ فِي فصل تَعْلِيق الطَّلَاق بالأوقات فِي الْكَلَام على مَا إِذا قَالَ أَنْت طَالِق أمس أَن الزَّوْج إِذا اعْترف بِطَلَاق زَوجته من قبل ذَلِك وَأَن عدتهَا قد انْقَضتْ قبل قَوْله وزوجنا الْمَرْأَة إِذا لم نكذب الزَّوْج وَإِن قُلْنَا إِن الْأَمر لَيْسَ على الْفَوْر فَلَا يكون إِقْرَارا بِانْقِضَاء الْعدة وَفِي كَونه إِقْرَارا بِالطَّلَاق نظر لَا سِيمَا إِذا قُلْنَا إِنَّه يدل على التَّرَاخِي أَو قُلْنَا بالتوقف ثمَّ إِن مَا صرح بِهِ النَّوَوِيّ من الصراحة إِنَّمَا يَسْتَقِيم على قَوْلنَا إِنَّه حَقِيقَة فِي العقد مجَاز فِي الْوَطْء فَإِن قُلْنَا بِالْعَكْسِ فَلَا وَإِن جَعَلْنَاهُ مُشْتَركا فَإِن قُلْنَا إِن الْمُشْتَرك يحمل على جَمِيع مَعَانِيه اتجه ذَلِك وَإِن قُلْنَا لَا فَلَا بُد من مُرَاجعَته

الفصل الثاني في النواهي

الْفَصْل الثَّانِي فِي النواهي مَسْأَلَة 1 النَّهْي هُوَ القَوْل الدَّال بِالْوَضْعِ على التّرْك وَقد سبق فِي الْكَلَام على حد الْأَمر مَا يعلم مِنْهُ شرح هَذَا الْحَد وَشرح مَا يتَعَلَّق بِهِ وَأَن الْعُلُوّ والاستعلاء هَل يشترطان أم لَا وَأَن لفظ النَّهْي يُطلق على الْمحرم وَالْمَكْرُوه بِخِلَاف لَا تفعل وَنَحْوه فَإِنَّهُ عِنْد تجرده عَن الْقَرَائِن يحمل على التَّحْرِيم على الصَّحِيح عِنْد الإِمَام فَخر الدّين والآمدي وَغَيرهمَا وَنَصّ عَلَيْهِ الشَّافِعِي فِي الرسَالَة فِي بَاب الْعِلَل فِي الْأَحَادِيث وَاخْتلفُوا ايضا فِي دلَالَته على التّكْرَار والفور وَالْمَشْهُور دلَالَته عَلَيْهَا إِذا علمت ذَلِك كُله فيتفرع على أَنه للتَّحْرِيم

مسألة

1 - مَا إِذا أَشَارَ السَّيِّد إِلَى شَيْء من الْمُبَاحَات بطرِيق الْأَصَالَة وَقَالَ لَا تَفْعَلهُ أَو أذن لَهُ فِي تصرف ثمَّ ذكر بعده هَذَا اللَّفْظ إِلَّا إِذا قَامَت قرينَة على إِلْزَام تَحْصِيله وَهُوَ الْغَالِب مَسْأَلَة 2 سبق فِي الْفَصْل الأول وَهُوَ الْمَعْقُود للأوامر أَن الْأَمر بعد التَّحْرِيم للْإِبَاحَة على الْمَعْرُوف وَقيل للْوُجُوب وَهُوَ الصَّحِيح فِي الْمَحْصُول ومختصراته وَاخْتلف الْقَائِلُونَ بِأَنَّهُ للْإِبَاحَة فِي النَّهْي بعد الْوُجُوب فَقيل إِنَّه للْإِبَاحَة أَيْضا طردا للقاعدة وَقيل للتَّحْرِيم لِأَن النَّهْي يعْتَمد الْمفْسدَة وَالْأَمر يعْتَمد الْمصلحَة واعتناء الشَّارِع بِدفع الْمَفَاسِد أَشد من اعتنائه بجلب الْمصَالح وَقد سبق عَن الْمَحْصُول أَن الْأَمر بعد الاسْتِئْذَان كالأمر بعد التَّحْرِيم لِأَن الْمَقْصُود رفع الْمَانِع وَقِيَاسه أَن يكون النَّهْي أَيْضا بعد الاسْتِئْذَان كالنهي بعد الْوُجُوب إِذا تقرر هَذَا فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا إِذا أوصى باكثر من الثُّلُث وَفِيه قَولَانِ أصَحهمَا أَنه صَحِيح وَلَكِن يتَوَقَّف على إجَازَة الْوَرَثَة وَالثَّانِي أَنه بَاطِل

مسألة

بِالْكُلِّيَّةِ وَسبب التَّرَدُّد قصَّة سعد بن أبي وَقاص فَإِنَّهُ مرض فِي حجَّة الْوَدَاع فعاده النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله إِن لي مَالا كثيرا وَلَيْسَ لي إِلَّا ابْنة وَاحِدَة أفأتصدق بِالنِّصْفِ قَالَ لَا قَالَ فبالثلث قَالَ بِالثُّلثِ وَالثلث كثير إِلَى آخر الحَدِيث ومنشأ الْخلاف فِي مَسْأَلَتنَا من تِلْكَ الْقَاعِدَة غير خَافَ مَسْأَلَة 3 هَل يدل النَّهْي على الْفساد فِيهِ ثَلَاثَة أَقْوَال أَحدهَا لَا يدل عَلَيْهِ مُطلقًا وَنَقله فِي الْمَحْصُول عَن أَكثر الْفُقَهَاء والآمدي عَن الْمُحَقِّقين وَالثَّانِي يدل مُطلقًا وَصَححهُ ابْن الْحَاجِب وَالثَّالِث وَهُوَ الْمُخْتَار فِي الْمَحْصُول يدل عَلَيْهِ فِي الْعِبَادَات

دون الْمُعَامَلَات وَالرَّابِع أَنه يدل مُطلقًا فِي الْعِبَادَات كَمَا ذَكرْنَاهُ وَكَذَلِكَ فِي الْمُعَامَلَات إِلَّا إِذا رَجَعَ إِلَى أَمر مُقَارن للْعقد غير لَازم لَهُ بل يَنْفَكّ عَنهُ كالنهي عَن البيع يَوْم الْجُمُعَة وَقت النداء فَإِن النَّهْي إِنَّمَا هُوَ لخوف تَفْوِيت الصَّلَاة لَا لخُصُوص البيع إِذْ الْأَعْمَال كلهَا كَذَلِك والتفويت غير لَازم لماهية البيع وَهَذَا القَوْل نَقله ابْن برهَان فِي الْوَجِيز عَن الشَّافِعِي وَاخْتَارَهُ الإِمَام فَخر الدّين فِي المعالم فِي أثْنَاء الِاسْتِدْلَال فتفطن لَهُ وَنَقله الْآمِدِيّ بِالْمَعْنَى عَن أَكثر أَصْحَاب الشَّافِعِي وَاخْتَارَهُ فَتَأَمّله وَرَأَيْت فِي الْبُوَيْطِيّ والرسالة مثله إِلَّا أَن الصِّحَّة فِي الْمُقَارن ذكرهَا فِي مَوضِع آخر وَحَيْثُ قُلْنَا يدل على الْفساد فَقيل يدل من جِهَة اللُّغَة وَالصَّحِيح عِنْد الْآمِدِيّ وَابْن الْحَاجِب أَنه لَا يدل إِلَّا من جِهَة الشَّرْع وَإِذا قُلْنَا النَّهْي لَا يدل على الْفساد فَبَالغ بَعضهم وَقَالَ يدل على الصِّحَّة لِأَن التَّعْبِير بِهِ يَقْتَضِي انْصِرَافه إِلَى الصَّحِيح إِذْ يَسْتَحِيل النَّهْي عَن المستحيل وَاخْتَارَ الْغَزالِيّ فِي مَوضِع من الْمُسْتَصْفى

مسألة

هَذَا القَوْل ثمَّ قَالَ بعد ذَلِك فِي هَذَا الْبَاب إِنَّه فَاسد إِذا علمت ذَلِك فالتفاريع الْفِقْهِيَّة عندنَا فِي الْعُقُود مُوَافقَة لما ذَكرْنَاهُ وَلِهَذَا صححنا البيع وَقت النداء وَبيع الْحَاضِر للبادي وَالْبيع وَالشِّرَاء على بيع أَخِيه وشرائه وَنَحْو ذَلِك لكَونه مُقَارنًا غير لَازم وأبطلناه فِي شِرَاء الْغَائِب وَبيعه والتفريق بَين الْجَارِيَة وَوَلدهَا وَنَحْو ذَلِك للُزُوم الْمَعْنى وَأما الْعِبَادَات فأجبنا بالقاعدة فِي أَكثر الْأَشْيَاء على خلاف فِي بَعْضهَا كَالصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَات الْمَكْرُوهَة وَصَوْم يَوْم الشَّك وَنَحْو ذَلِك لَكِن خالفناها فِي أَشْيَاء فأجبنا بِالصِّحَّةِ مَعَ التَّحْرِيم وَهُوَ أَشد فِي الْمُخَالفَة مِنْهَا الصِّحَّة عِنْد اسْتِعْمَال الْمَغْصُوب فِي الطهارات وَالصَّلَاة كالمياه وَالتُّرَاب والخف وأحجار الِاسْتِنْجَاء وَستر الْعَوْرَة وَمَكَان الصَّلَاة وَغير ذَلِك مَسْأَلَة 4 التّرْك هَل هُوَ من قسم الْأَفْعَال أم لَا فِيهِ مذهبان أصَحهمَا عِنْد الْآمِدِيّ وَابْن الْحَاجِب وَغَيرهمَا نعم وَلِهَذَا قَالُوا فِي حد الْأَمر إِنَّه اقْتِضَاء فعل غير كف

إِذا علمت ذَلِك فَمن فروعه 1 - مَا إِذا نزلت من رَأس الصَّائِم نخامة وحصلت فِي حد الظَّاهِر من الْفَم فَإِن قطعهَا ومجها لم يفْطر وَإِن ابتلعها قصدا افطر وَإِن تَركهَا حَتَّى نزلت بِنَفسِهَا فَوَجْهَانِ أصَحهمَا الْفطر ايضا ومدركهما مَا ذَكرْنَاهُ 2 - وَمِنْهَا مَا لَو طعنه فوصلت الطعنة إِلَى جَوْفه وَكَانَ قَادِرًا على دَفعه وَلَكِن تَركه فَفِي الْفطر ايضا وَجْهَان حَكَاهُمَا النوي فِي شرح الْمُهَذّب وَقَالَ أقيسهما عدم الْفطر وَكَأن الْفرق بَين هَذِه وَالَّتِي قبلهَا أَن الطعْن لَيْسَ محققا بل الْوَازِع من تعاطيه قَائِم وَهُوَ عُقُوبَة الدُّنْيَا وَالْأُخْرَى بِخِلَاف نزُول النخامة 3 - وَمِنْهَا لَو أَلْقَاهُ فِي نَار لَا يُمكنهُ الخلوص مِنْهَا فَمَاتَ فَعَلَيهِ الْقصاص وَإِن أمكنه التَّخَلُّص فَلم يفعل حَتَّى هلك فَلَا يجب وَفِيه وَجه وَأما الدِّيَة فَفِيهَا قَولَانِ أصَحهمَا عدم الْوُجُوب أَيْضا لِأَنَّهُ الْقَاتِل لنَفسِهِ باستمراره نعم يجب ضَمَان مَا تأثر بالنَّار بِأول الملاقاة قبل تَقْصِيره فِي الْخُرُوج سَوَاء كَانَ أرش عُضْو أَو حُكُومَة قطعا 4 - وَمن الْفُرُوع الْمُخَالفَة لمقْتَضى مَا سبق تَصْحِيحه لَو دبت الزَّوْجَة الصَّغِيرَة فارتضعت من أم الزَّوْج مثلا وَهِي مستيقظة ساكتة فَهَل يُحَال

الرَّضَاع على الْكَبِيرَة لرضاها أم لَا لعدم فعلهَا فِيهِ وَجْهَان حَكَاهُمَا الرَّافِعِيّ عَن ابْن كج من غير تَرْجِيح قَالَ فِي الرَّوْضَة من زوائده اصحهما الثَّانِي 5 - وَمِنْهَا مَا نَقله الرَّافِعِيّ فِي آخر تَعْلِيق الطَّلَاق عَن فَتَاوَى الْقفال أَنه لَو قَالَ لزوجته إِن فعلت مَا لَيْسَ لله تَعَالَى فِيهِ رضى فَأَنت طَالِق فَتركت صوما أَو صَلَاة فَيَنْبَغِي أَن لَا تطلق لِأَنَّهُ ترك وَلَيْسَ بِفعل فَلَو سرقت أَو زنت طلقت قلت وعَلى قِيَاس مَا قَالَه يَنْبَغِي أَن لَا يَحْنَث فِي الزِّنَا إِذا كَانَ الْمَوْجُود مِنْهَا إِنَّمَا هُوَ مُجَرّد التَّمْكِين على الْعَادة لِأَنَّهُ أَيْضا ترك للدَّفْع وَلَيْسَ بِفعل من الْمَرْأَة

الأول في ألفاظ العموم

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْبَاب الثَّالِث فِي الْعُمُوم وَالْخُصُوص وَفِيه فُصُول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الأول فِي أَلْفَاظ الْعُمُوم ولنقدم عَلَيْهِ قاعدتين إِحْدَاهمَا الْجُمْهُور على أَن الْعَرَب وضعت للْعُمُوم صيغا تخصه فَإِن اسْتعْمل للخصوص كَانَ مجَازًا وَعكس جمَاعَة وَقَالَ القَاضِي اللَّفْظ مُشْتَرك بَينهمَا وَاخْتَارَ الْآمِدِيّ التَّوَقُّف وَقيل بالتوقف فِي الْأَخْبَار والوعد والوعيد دون الْأَمر وَالنَّهْي الثَّانِيَة الْفرق بَين الْكُلِّي وَالْكل والكلية والجزئي والجزء والجزئية فَأَما الْكُلِّي أَي بِالْيَاءِ فِي آخِره فَهُوَ الْمَعْنى الَّذِي يشْتَرك فِيهِ

كَثِيرُونَ كَالْعلمِ وَالْجهل وَالْإِنْسَان وَالْحَيَوَان وَاللَّفْظ الدَّال عَلَيْهِ يُسمى مُطلقًا والجزئي قسيمة كزيد وَعَمْرو وَأما الْكل فَهُوَ الْمَجْمُوع من حَيْثُ هُوَ مَجْمُوع وَمن ذَلِك أَسمَاء الْأَعْدَاد فَإِن ورد فِي النَّفْي أَو النَّهْي صدق بِالْبَعْضِ لِأَن مَدْلُول الْمَجْمُوع يَنْتَفِي بِهِ وَلَا يلْزم نفي جَمِيع الْأَفْرَاد وَلَا النَّهْي عَنْهَا فَإِذا قَالَ لَيْسَ لَهُ عِنْدِي عشرَة فقد يكون عِنْده تِسْعَة بِخِلَاف الثُّبُوت فَإِنَّهُ يدل على الْأَفْرَاد بالتضمن والجزء بعض الشَّيْء وَأما الْكُلية فَهِيَ ثُبُوت الحكم لكل وَاحِد بِحَيْثُ لَا يبْقى فَرد وَيكون الحكم ثَابتا للْكُلّ بطرِيق الإلتزام وتقابلها الْجُزْئِيَّة وَهِي الثُّبُوت لبَعض الْأَفْرَاد فَإِذا قَالَ كل رجل ليشبعه رغيفان غَالِبا صدق بِاعْتِبَار الْكُلية دون الْكل أَو كل رجل يحمل الصَّخْرَة الْعَظِيمَة فبالعكس

إِذا تقرر ذَلِك فَنَقُول دلَالَة الْعُمُوم على أَفْرَاده كُلية أَي تدل على كل وَاحِد دلَالَة تَامَّة ويعبر عَنهُ ايضا بالكلي التفصيلي والكلي العددي وَلَيْسَت من بَاب الْكل أَي الْهَيْئَة الاجتماعية الْمعبر عَنهُ أَيْضا بالكلي المجموعي قَالَ الْقَرَافِيّ لِأَنَّهَا لَو كَانَت من بَاب الْكُلِّي المجموعي لتعذر الِاسْتِدْلَال بهَا فِي النَّفْي على الْبَعْض كَقَوْلِه تَعَالَى {وَمَا الله بغافل عَمَّا تَعْمَلُونَ} {وَمَا رَبك بظلام للعبيد} وَكَذَلِكَ فِي النَّهْي كَقَوْلِه {وَلَا تقربُوا الزِّنَى} {وَلَا تقتلُوا أَوْلَادكُم} كَمَا لَو قَالَ قَائِل مَا جَاءَنِي عشرَة أَو لَا تضرب الْعشْرَة فَإِنَّهُ لَا يلْزم مِنْهُ النَّفْي أَو النَّهْي عَمَّا دونهَا بِخِلَاف الْإِثْبَات قلت وَهَذَا الْإِطْلَاق لَيْسَ بجيد بل نسلم ونقول إِن أل الدَّاخِلَة على الْجمع نعم أَفْرَاد مَا دخلت عَلَيْهِ وَهُوَ الجموع كَمَا أَنَّهَا إِذا دخلت على اسْم الْجِنْس عَمت أَفْرَاده وَهِي الْمُفْردَات وَإِذا اثبتنا النَّفْي لكل فَرد من أَفْرَاد الجموع فَلَا يلْزم نفي الْوَاحِد والاثنين

إِذا تقرر ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة المشكلة عَلَيْهَا 1 - إِذا قَالَ الْجَمَاعَة بيعوا هَذِه السّلْعَة أَو وكلتكم فِي بيعهَا أَو وكلت فلَانا وَفُلَانًا أَو قَالَ اوصيتكم على اولادي أَو قَالَت الْمَرْأَة لأوليائها الَّذين فِي دَرَجَة وَاحِدَة زوجوني فَالْأَصَحّ فِي الْجَمِيع كَمَا قَالَه الرَّافِعِيّ اشْتِرَاط الِاجْتِمَاع وَلَو قَالَ وَالله لَا أكلم الزيدين أَو لَا ألبس هَذِه الثِّيَاب أَو لَا آكل هَذِه الرغفان أَو عبر بالمثنى كالثوبين والرغيفين والزيدين فَلَا يَحْنَث إِلَّا بِالْجَمِيعِ كَذَا ذكره الرَّافِعِيّ فِي النَّوْع الثَّانِي من أَنْوَاع الْمَحْلُوف عَلَيْهِ وَذكر ايضا أَعنِي الرَّافِعِيّ هُنَا فروعا يَنْبَغِي مَعْرفَتهَا لاشتباهها وَلِأَن الْحِوَالَة أَيْضا تقع عَلَيْهَا قَرِيبا فَقَالَ 1 - لَو قَالَ لَا اكلم زيدا وعمرا أَو لَا آكل اللَّحْم وَالْعِنَب لم يَحْنَث إِلَّا بأكلهما وبكلامهما كَمَا لَو قَالَ لَا اكلهما وَلَو كرر لَا فَقَالَ لَا أكلم زيدا وَلَا عمرا فهما يمينان وَلَا تنْحَل إِحْدَاهمَا بِالْحِنْثِ فِي الْأُخْرَى وَلَو قَالَ لَا أكلم أَحدهمَا أَو قَالَ وَاحِدًا مِنْهُمَا فَيحنث بِكَلَام الْوَاحِد وتنحل الْيَمين حَتَّى لَا يَحْنَث بِكَلَام الآخر ثمَّ نقل الرَّافِعِيّ عَن الْمُتَوَلِي أَن الْإِثْبَات كَذَلِك فَإِذا قَالَ لألبسن هَذَا الثَّوْب وَهَذَا الثَّوْب فهما يمينان لوُجُود حرف الْعَطف قَالَ

الرَّافِعِيّ وَفِيه نظر فقد سبق أَن قَوْله لَا آكل اللَّحْم وَالْعِنَب وَنَحْو ذَلِك يَمِين وَاحِدَة مَعَ وجود حرف الْعَطف فِيهِ وَلَو آتِي فِي النَّفْي بِأَو فَقَالَ لَا ادخل هَذِه أَو هَذِه فأيتهما دَخلهَا حنث كَذَا نَقله الرَّافِعِيّ فِي آخر الْبَاب عَن الْحَنَفِيَّة ثمَّ قَالَ وَيُشبه أَن يُقَال يَكْفِي للبر أَن لَا يدْخل وَاحِدَة مِنْهُمَا وَلَا يضر دُخُول الْأُخْرَى وَلَو قَالَ لَا أكلم كل وَاحِد مِنْهُمَا فَسَيَأْتِي 2 - وَمِنْهَا إِذا حلف لَا يَأْكُل رطبا أَو بسرا فَأكل منصفا قَالُوا إِنَّه يَحْنَث وعللوه بِأَن الْمنصف ليشتمل عَلَيْهِمَا وَلَكِن الرطب جمع رطبَة كَمَا صرح بِهِ الْجَوْهَرِي وَغَيره والبسر مثله وَقد نَص الْجَوْهَرِي ايضا على أَن الْعِنَب جمع عنبه وَهُوَ مثلهمَا وَذكر النَّوَوِيّ فِي لُغَات التَّنْبِيه نَحوه ايضا 3 - وَمِنْهَا قَالَ وَالله لَا ألبس حليا فَلبس فَردا مِنْهُ كخاتم أَو سوار وَنَحْو ذَلِك فَإِنَّهُ يَحْنَث مَعَ أَن الْحلِيّ بِفَتْح الْحَاء وَسُكُون اللَّام مُفْرد وَجمعه حلي بِضَم الْحَاء وَكسر اللَّام وَتَشْديد الْيَاء وَفِيه لُغَة بِكَسْر الْحَاء ووزنه على اللغتين فعول فَإِن فعلا يجمع على فعول

مسألة

كفلس وفلوس وَأَصله حلوي اجْتمعت الْيَاء وَالْوَاو وَسبق أَحدهمَا بِالسُّكُونِ فقلبنا الْوَاو يَاء وأدغمنا على الْقَاعِدَة التصريفية ثمَّ كسرنا اللَّام لما فِي الِانْتِقَال من الضمة إِلَى الْيَاء من الْعسر ثمَّ اجازوا مَعَ ذَلِك كسر الْحَاء اتبَاعا للام وَمَا ذَكرْنَاهُ من الحكم بِالْحِنْثِ فِي الْوَاحِد هُوَ مَذْكُور مَعَ كَون الْحلِيّ الْمَذْكُور فِي صُورَة الْمَسْأَلَة هُوَ الْمَجْمُوع وَهُوَ المتداول على أَلْسِنَة حفاظ التَّنْبِيه وَغَيره وَقد سبق أَن الْحلف على الْمَجْمُوع لَا يَحْنَث فِيهِ بِبَعْضِه مَسْأَلَة 1 صِيغَة كل عِنْد الْإِطْلَاق من أَلْفَاظ الْعُمُوم الدَّالَّة على التَّفْصِيل أَي ثُبُوت الحكم لكل وَاحِد وَقد يُرَاد بهَا الْهَيْئَة الاجتماعية بِقَرِينَة وَقد تقدم فِي أول الْبَاب الْإِشَارَة إِلَى شَيْء من ذَلِك إِذا تقرر هَذَا فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا إِذا قَالَ أَجْنَبِي لجَماعَة كل من سبق مِنْكُم فَلهُ دِينَار فَسبق ثَلَاثَة فَعَن الداركي أَن كل وَاحِد مِنْهُم يسْتَحق دِينَارا كَذَا نَقله عَنهُ الرَّافِعِيّ وَأقرهُ قَالَ بِخِلَاف مَا لَو اقْتصر على من وَقِيَاس هَذَا أَنه لَو قَالَ لنسائه كل مِنْكُن طَالِق طَلْقَة فَتَقَع على كل وَاحِدَة طَلْقَة ابْتِدَاء وَلَا تَقول إِنَّه يَقع على كل وَاحِدَة جُزْء من طلقته ثمَّ يسري وَفَائِدَة هَذَا فِيمَا لَو وَقع ذَلِك على سَبِيل الْخلْع هَل يكون صَحِيحا يجب بِهِ الْمُسَمّى أَو فَاسِدا يجب بِهِ مهر الْمثل بِنَاء على أَن بعض الطَّلقَة لَيْسَ مُعَاوضَة صَحِيحَة وَفِيه خلاف وَاخْتِلَاف نبهت عَلَيْهِ فِي الْمُهِمَّات

مسألة

2 - وَمِنْهَا إِذا قَالَ أَنْت طَالِق كل يَوْم فَوَجْهَانِ أَحدهمَا وَصَححهُ فِي الرَّوْضَة من زوائده تطلق كل يَوْم طَلْقَة حَتَّى تتكمل الثَّلَاث وَالثَّانِي لَا يَقع إِلَّا وَاحِدَة وَالْمعْنَى أَنْت طَالِق أبدا 3 - وَمِنْهَا إِذا قَالَ وَالله لَا أجامع كل وَاحِدَة مِنْكُن فَإِن حكم الْإِيلَاء من ضرب الْمدَّة والمطالبة تثبت لكل وَاحِدَة على انفرادها حَتَّى إِذا طلق بَعضهنَّ كَانَ للباقيات الْمُطَالبَة إِلَّا أَنه إِذا وطىء إِحْدَاهُنَّ انْحَلَّت الْيَمين فِي حق الْبَاقِيَات عِنْد الْأَكْثَرين كَذَا نَقله عَنْهُم الرَّافِعِيّ ثمَّ قَالَ وَجعلُوا مثل هَذَا الْخلاف فِيمَا لَو أسقط كلا فَقَالَ وَالله لَا كلمت وَاحِدًا من هذَيْن الرجلَيْن ثمَّ اسْتشْكل أَعنِي الرَّافِعِيّ مَا ذَكرُوهُ آخرا مَعَ مَا ذَكرُوهُ أَولا مَسْأَلَة 2 من عَامَّة فِي أولي الْعلم وَمَا عَامَّة فِي غَيرهم هَذَا هُوَ الأَصْل وَهُوَ الْمَعْرُوف أَيْضا ولسيبويه نَص يُوهم أَن مَا لأولي الْعلم وَغَيرهم وَقَالَ بِهِ جمَاعَة قَالَ ابْن عُصْفُور فِي أَمْثِلَة المقرب وَشَرحه وَإِنَّمَا عبرنا بأولي الْعلم دون الْعقل لِأَن من تطلق على الله تَعَالَى كَقَوْلِه {وَمن عِنْده علم الْكتاب} والباري سُبْحَانَهُ يُوصف بِالْعلمِ دون الْعقل وَشرط كَونهمَا للْعُمُوم كَمَا قَالَ فِي الْمَحْصُول وَغَيره أَن تَكُونَا شرطيتين أَو استفهاميتين فَأَما النكرَة الموصوفة نَحْو مَرَرْت بِمن

أَو مَا معجب لَك أَي بشخص معجب والموصولة نَحْو مَرَرْت بِمن قَامَ أَو بِمَا قَامَ أَي بِالَّذِي فَإِنَّهُمَا لَا يعمان وَكَذَلِكَ إِذا كَانَت مَا نكرَة غير مَوْصُوفَة وَهِي مَا التعجيبية وَنقل الْقَرَافِيّ عَن صَاحب التَّلْخِيص أَن الموصولة تعم وَلَيْسَ كَذَلِك فقد صرح بِخِلَافِهِ نَقله عَنهُ أَيْضا الْأَصْفَهَانِي فِي شرح الْمَحْصُول إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا إِذا قَالَ من يدْخل الدَّار من عَبِيدِي فَهُوَ حر فَينْظر إِن أَتَى بِالْفِعْلِ مَجْزُومًا مكسورا على اصل التقاء الساكنين عَم الْعتْق جَمِيع الداخلين وَإِن أَتَى بِهِ مَرْفُوعا عتق الأول فَقَط هَذَا هُوَ الْقيَاس فِيمَن يعرف النَّحْو فَإِن لم يعرفهُ سُئِلَ عَن مُرَاده فَإِن تعذر حملناه على الْمُحَقق وَهُوَ الموصولة 2 - وَمِنْهَا إِذا وَقع حجر من سطح فَقَالَ إِن لم تخبريني السَّاعَة من رَمَاه فَأَنت طَالِق فَفِي فَتَاوَى القَاضِي الْحُسَيْن أَنَّهَا إِن قَالَت رَمَاه مَخْلُوق لم تطلق وَإِن قَالَت رَمَاه آدَمِيّ طلقت لجَوَاز أَن يكون رَمَاه كلب أَو ريح كَذَا نَقله عَنهُ الرَّافِعِيّ فِي الطّرف السَّابِع من تَعْلِيق الطَّلَاق وَأقرهُ لَكِن الِاكْتِفَاء بِلَفْظ الْمَخْلُوق مَعَ كَون السُّؤَال بِمن الْمَوْضُوعَة للعقلاء لَا يَسْتَقِيم ثمَّ إِن السَّائِل بهَا يُجَاب بِتَعْيِين الشَّخْص لَا بالنوع

فَإِن قيل عبر بِمن لاستفهام الْحَال قُلْنَا الْإِبْهَام يسوغ التَّعْبِير بِمَا لَا بِمن 3 - وَمِنْهَا إِذا أوصى بِمَا تحمله هَذِه الشَّجَرَة أَو الْجَارِيَة وَلم يبن مُدَّة الِاسْتِحْقَاق فَإِنَّهُ يعْطى لَهُ حمل يحدث دون حمل مَوْجُود لَكِن هَل يعْطى لَهُ الْحمل الأول خَاصَّة لِأَنَّهُ الْمُحَقق أَو يسْتَحق الْجَمِيع لِأَن اللَّفْظ يصدق عَلَيْهِ فِيهِ نظر وَيتَّجه تَخْرِيجه على أَن مَا الموصولة للْعُمُوم أم لَا 4 - وَمِنْهَا لَو كَانَ فِي يَد شخص عين فَقَالَ وهبنيها أبي وأقبضنيها فِي صِحَّته واقام بذلك بَينه فاقام بَاقِي الْوَرَثَة بَيِّنَة بِأَن الْأَب رَجَعَ فِيمَا وهبه لِابْنِهِ وَلم تذكر الْبَيِّنَة مَا رَجَعَ فِيهِ قَالَ الْغَزالِيّ فِي فَتَاوِيهِ لَا تنْزع الْعين من يَده من هَذِه الْبَيِّنَة لاحْتِمَال أَن هَذِه الْعين لَيست من المرجوع فِيهِ وَنَقله عَنهُ فِي آخر الْهِبَة من زوئد الرَّوْضَة وَأقرهُ وَلَا شكّ أَنه يحْتَمل أَيْضا كَونهَا نكرَة مَوْصُوفَة وَغير ذَلِك 5 - وَمِنْهَا قَالَ غصبتك مَا تعلم فَإِنَّهُ لَا يلْزمه شَيْء لِأَنَّهُ قد يغصب نَفسه فيحبسه كَذَا ذكره فِي كتاب الْإِقْرَار من زَوَائِد الرَّوْضَة عَن الْأَصْحَاب لكنه ذكر بعده مَا يشكل عَلَيْهِ فَقَالَ غصبتك شَيْئا ثمَّ قَالَ أردْت نَفسك لم يقبل 6 - وَمِنْهَا إِذا قَالَ إِن كَانَ مَا فِي بَطْنك ذكرا فَأَنت طَالِق طَلْقَة وَإِن كَانَ أُنْثَى فَأَنت طَالِق طَلْقَتَيْنِ فولدتهما فَإِنَّهُ لَا يَقع

مسألة

عَلَيْهَا طَلَاق لِأَن الَّذِي فِي بَطنهَا لَيْسَ ذكرا وَلَا أُنْثَى بل منقسما إِلَيْهِمَا هَكَذَا قَالُوهُ وَهُوَ ماش على الصَّحِيح فِي كَون مَا للْعُمُوم فَإِن قُلْنَا لَا تعم فقد علق على صفتين وَوجدنَا فَتَقَع الثَّلَاث مَسْأَلَة 3 صِيغَة أَي عَامَّة فِي أولي الْعلم وَغَيرهم كَذَا ذكره جُمْهُور الْأُصُولِيِّينَ وَمِنْهُم الإِمَام فَخر الدّين وَأَتْبَاعه إِلَّا أَنَّهَا لَيست للتكرار حَتَّى لَو قَالَ أَي وَقت ضربت فَأَنت طَالِق فَضربت مَرَّات طلقت وَاحِدَة وانحلت الْيَمين بالمرة الأولى بِخِلَاف كلما وَنَحْوهَا فَإِنَّهَا تَقْتَضِي التّكْرَار حَتَّى لَو قَالَ كلما كلمت رجلا فَأَنت طَالِق فكلمت ثَلَاثَة بِلَفْظ وَاحِد طلقت ثَلَاثًا على الصَّحِيح وَلم يعد الْغَزالِيّ فِي الْمُسْتَصْفى صِيغَة أَي مَعَ مَا عده من صِيغ الْعُمُوم

إِذا علمت ذَلِك فيتفرع على الْقَاعِدَة مسَائِل 1 - مِنْهَا لَو قَالَ لنسائه أيتكن حَاضَت فصواحباتها طَوَالِق وَقع بحيض كل وَاحِدَة مِنْهُنَّ على الْبَوَاقِي طَلْقَة كَذَا ذكره الْعِرَاقِيُّونَ وَمِنْهُم الشَّيْخ فِي التَّنْبِيه وَجزم بِهِ ابْن يُونُس وَابْن

الرّفْعَة فِي الْكِفَايَة وَذكر الْغَزالِيّ والرافعي هَذِه الْمَسْأَلَة بِصِيغَة كلما وَلم يتعرضا لصيغة أَي نعم تعرض لَهَا الْغَزالِيّ فِي فَتَاوِيهِ وَأجَاب بِعَدَمِ الْعُمُوم غلا أَنه مثل بمثال آخر فَقَالَ فِي الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة والثمانين بعد المئة إِذا قَالَ أَي عَبِيدِي حج فَهُوَ حر فحجوا كلهم عتق وَاحِد فَقَط لِأَنَّهُ الْمُتَيَقن قَالَ وَهَكَذَا لَو قَالَ لوَكِيله أَي رجل دخل الْمَسْجِد فأعطه درهما انْتهى مُلَخصا 2 - وَمن أَمْثِلَة الْقَاعِدَة أَيْضا الْمَسْأَلَة الْمَعْرُوفَة لمُحَمد بن الْحسن صَاحب أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ وَهِي مَا إِذا قَالَ أَي عَبِيدِي ضربك فَهُوَ حر أَو قَالَ أَي عَبِيدِي ضَربته فَهُوَ حر وَقد أجَاب الشَّاشِي صَاحب الْحِلْية فِي فَتَاوِيهِ بالتعميم فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ حَتَّى يعْتق جَمِيع الضاربين فِي الْمِثَال الأول وَجَمِيع المضروبين فِي الْمِثَال الثَّانِي وَمَا نَقَلْنَاهُ عَن الْأَكْثَرين فِي التَّعْلِيق على الْحيض يدل لَهُ وَقد سبق عَن الْغَزالِيّ مَا حَاصله عدم الْعُمُوم مُطلقًا وَنقل ابْن الرّفْعَة فِي أَوَائِل الطَّلَاق من الْكِفَايَة عَن تَعْلِيق القَاضِي الْحُسَيْن أَنه يعم الضاربين لَا المضروبين بل إِن ترتبوا عتق الْمَضْرُوب الأول وَإِن وَقع عَلَيْهِم

الضَّرْب دفْعَة وَاحِدَة تعين الْعتْق فِي وَاحِد مِنْهُم وَهَذَا رَأْي مُحَمَّد بن الْحُسَيْن وَفرق بِأَن فَاعل الْفِعْل فِي الْكَلَام الأول وَهُوَ الضَّمِير فِي ضربك عَام لِأَنَّهُ ضمير أَي وَحِينَئِذٍ فَيكون الْفِعْل الصَّادِر عَنهُ عَاما لِأَنَّهُ يَسْتَحِيل تعدد الْفَاعِل وانفراد الْفِعْل إِذْ فعل أَحدهمَا غير فعل الآخر فَلهَذَا قُلْنَا يعْتق الْجَمِيع وَأما الْكَلَام الثَّانِي وَهُوَ قَوْله أَي عَبِيدِي ضَربته فالفاعل فِيهِ وَهُوَ تَاء الْمُخَاطب خَاص وَالْعَام فِيهِ إِنَّمَا هُوَ ضمير الْمَفْعُول أَعنِي الْهَاء واتحادالفعل مَعَ تعدد الْمَفْعُول لَيْسَ محالا فَإِن الْفَاعِل الْوَاحِد قد يُوقع فِي وَقت وَاحِد فعلا وَاحِدًا بمفعولين أَو أَكثر وَفِي الْمَسْأَلَة أُمُور اخرى تقف عَلَيْهَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي كتَابنَا الْمُسَمّى بالكواكب الدُّرِّي وَاعْلَم أَن بَين أَي وكل فرقا ظَاهرا وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَصح أَن يَقُول أَي أولادك أسن وَلَا يَصح ذَلِك مَعَ كل وَكَذَلِكَ أَي اولادك ضرب أَزِيد أم عمر أم بكر وَلَا يَصح مَعَ كل إِلَّا مَعْطُوفًا بِالْوَاو لَا بِأم وَكَذَا لَو قَالَ أَي وَقت تقومين فِيهِ فَأَنت طَالِق فَقَامَتْ مَرَّات فَإِنَّهَا لَا تطلق إِلَّا وَاحِدَة بِخِلَاف كل كَمَا سبق وَإِذا تَأَمَّلت ذَلِك ظهر لَك أَن عُمُوم أَي لَيْسَ للشمول بل للبدل إِلَّا أَن الْفرق بَينهَا وَبَين النكرَة أَن النكرَة إِذا لم يسند الحكم فِيهَا إِلَى مَاض تدل على فَرد أَو أَفْرَاد غير متعينة بِخِلَاف أَي وَالْفرق بَينهَا وَبَين الْمُطلق أَن الْمُطلق لَا يدل على شَيْء من الْأَفْرَاد بل على الْمَاهِيّة فَقَط

مسألة

مَسْأَلَة 4 الْجمع إِذا كَانَ مُضَافا أَو محلى بأل الَّتِي لَيست للْعهد يعم عِنْد جُمْهُور الْأُصُولِيِّينَ إِذا لم تقم قرينَة تدل على عدم الْعُمُوم إِذا علمت ذَلِك فيتفرع عَلَيْهِ مسَائِل الأولى إِذا قَالَ إِن كَانَ الله يعذب الْمُوَحِّدين فامرأتي طَالِق طلقت زَوجته كَذَا نَقله الرَّافِعِيّ فِي آخر تَعْلِيق الطَّلَاق فِي الْفَصْل الْمَنْقُول عَن البوشنجي وَأقرهُ واستدرك عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَة استدراكا صَحِيحا فَقَالَ هَذَا إِذا قصد تَعْذِيب أحدهم فَإِن قصد تَعْذِيب كلهم أَو لم يقْصد شَيْئا لم تطلق لِأَن التعذيب يخْتَص ببعضهم الثَّانِيَة التلقيب بِملك الْمُلُوك وَنَحْوه كشاه شاه بالتكرار فَإِنَّهُ بِمَعْنَاهُ ايضا فَينْظر إِن أَرَادَ مُلُوك الدُّنْيَا وَنَحْوه وَقَامَت قرينَة للسامعين تدل على ذَلِك جَازَ سَوَاء كَانَ متصفا بِهَذِهِ الصّفة أم لَا كَغَيْرِهِ من الألقاب الْمَوْضُوعَة للتفاؤل أَو الْمُبَالغَة وَإِن أَرَادَ الْعُمُوم فَلَا إِشْكَال فِي التَّحْرِيم أَي تَحْرِيم الْوَضع بِهَذَا الْقَصْد وَكَذَلِكَ التَّسْمِيَة بِقَصْدِهِ سَوَاء قُلْنَا إِنَّه للْعُمُوم أَو مُشْتَرك بَينه

وَبَين الْخُصُوص وَكَذَلِكَ إِن قُلْنَا إِنَّه للخصوص فَقَط فِي كَلَام الْعَرَب لِأَنَّهُ أحدث لَهُ وضعا آخر وَإِن أطلق عَارِفًا بمدلوله فيبنى على أَنه للْعُمُوم أم لَا وَهَذِه الْمَسْأَلَة قد وَقعت بِبَغْدَاد فِي سنة تسع وَعشْرين وَأَرْبع مائَة لما استولى الْملك الملقب بِجلَال الدولة أحد مُلُوك الديلم على بَغْدَاد وَكَانُوا متسلطين على الْخُلَفَاء فزيد فِي ألقابه شاهان شاه الْعظم ملك الْمُلُوك وخطب لَهُ بذلك على الْمِنْبَر فَجرى فِي ذَلِك مَا أحْوج استفتاء عُلَمَاء بَغْدَاد فِي جَوَاز ذَلِك فَأفْتى غير وَاحِد بِالْجَوَازِ مِنْهُم القَاضِي أَبُو الطّيب وَأَبُو الْقَاسِم الْكَرْخِي وَابْن الْبَيْضَاوِيّ الشافعيون وَالْقَاضِي أَبُو عبد الله الصَّيْمَرِيّ الْحَنَفِيّ وَأَبُو مُحَمَّد التَّمِيمِي الْحَنْبَلِيّ وَلم يفت مَعَهم الْمَاوَرْدِيّ فَكتب إِلَيْهِ كَاتب الْخَلِيفَة يَخُصُّهُ بالاستفتاء فِي ذَلِك فَأفْتى بِالتَّحْرِيمِ فَلَمَّا وقفُوا على جَوَابه انتدبوا لنقضه وَأطَال القاضيان الطَّبَرِيّ والصيمري فِي التشنيع عَلَيْهِ فَأجَاب الْمَاوَرْدِيّ عَن كَلَامهمَا بِجَوَاب طَوِيل يذكر فِيهِ أَنَّهُمَا أخطآ من وُجُوه قَالَ ابْن الصّلاح فِي فِي أدب الْمُفْتِي والمستفتي بعد ذكره لهَذِهِ الْحِكَايَة إِن الْمَاوَرْدِيّ قد اصاب فِيمَا أجَاب وان المجوزين قد أخطؤوا فَفِي الصَّحِيح عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن أخنع اسْم عِنْد الله تَعَالَى رجل يُسمى ملك الْأَمْلَاك وَفِي رِوَايَة أخنى وَفِي رِوَايَة

أَغيظ رجل عِنْد الله تَعَالَى يَوْم الْقِيَامَة وأخبثه رجل يُسمى ملك الْأَمْلَاك لَا ملك إِلَّا الله تَعَالَى وَرَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم إِلَّا الرِّوَايَة الْأَخِيرَة فَإِنَّهَا لمُسلم قَالَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة ملك الْأَمْلَاك مثل شاهان شاه ثَبت ذَلِك عَنهُ فِي الصَّحِيح وأخنع وأخنى بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَالنُّون ومعناهما أذلّ وأوضع وأرذل وَاقْتصر النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب على التَّحْرِيم وَذكره فِي الْأَذْكَار مرَّتَيْنِ فَقَالَ فِي الْمرة الثَّانِيَة وَهِي فِي أَوَاخِر الْكتاب إِنَّه محرم تَحْرِيمًا غليظا الثَّالِثَة جَوَاز الدُّعَاء للْمُؤْمِنين وَالْمُؤْمِنَات بمغفرة جَمِيع الذُّنُوب أَو بِعَدَمِ دُخُولهمْ النَّار جزم بِهِ الشَّيْخ عز الدّين بن عبد السَّلَام فِي الأمالي والقرافي فِي آخر الْقَوَاعِد بِالتَّحْرِيمِ لأَنا نقطع بِإِخْبَار الله تَعَالَى وإخبار الرَّسُول عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أَن مِنْهُم من يدْخل النَّار وَأما الدُّعَاء بالمغفرة فِي قَوْله تَعَالَى حِكَايَة عَن نوح عَلَيْهِ السَّلَام {رب اغْفِر لي ولوالدي وَلمن دخل بَيْتِي مُؤمنا وَلِلْمُؤْمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات} وَنَحْو ذَلِك فَإِنَّهُ ورد بِصِيغَة الْفِعْل فِي سِيَاق الْإِثْبَات

وَذَلِكَ لَا يَقْتَضِي الْعُمُوم لِأَن الْأَفْعَال نكرات ولجواز قصد مَفْهُوم خَاص وَهُوَ أهل زَمَانه مثلا الرَّابِعَة إِذا أوصى لفقراء بلد وَوَجَبَت الزَّكَاة لَهُم وهم محصورون وَجب استيعابهم فَإِن كَانُوا غير مَحْصُورين فقد قَالُوا إِنَّه يجب الصّرْف إِلَى ثَلَاثَة وَقِيَاس من قَالَ أقل الْجمع اثْنَان جَوَاز الِاقْتِصَار عَلَيْهِمَا فعلى الأولى لَو أوصى للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين وَجب الصّرْف إِلَى سِتَّة الْخَامِسَة إِذا أوصى لأقاربه وَلم يُوجد إِلَّا قريب وَاحِد فَالْأَصَحّ أَنه يُعْطي كل المَال وَقيل لَا وعَلى هَذَا هَل يعْطى ثلثه أَو نصفه وَتبطل الْوَصِيَّة فِي الْبَاقِي على وَجْهَيْن مبنيين على أقل الْجمع فَإِن كَانُوا مَحْصُورين فَالْأَصَحّ وجوب استيعابهم وَقيل لَا وَهُوَ مُشكل على مسَائِل سبق بَعْضهَا السَّادِسَة إِذا قَالَ إِن كلمت بني آدم فَأَنت طَالِق وَكلمت اثْنَيْنِ قَالَ إِسْمَاعِيل البوشنجي الْقيَاس أَنَّهَا لَا تطلق إِلَّا إِذا اعطيناهما حكم الْجمع كَذَا نَقله عَنهُ الرَّافِعِيّ فِي أَوَاخِر تَعْلِيق الطَّلَاق السَّابِعَة قَالَ أَنْت طَالِق إِن تزوجت النِّسَاء أَو اشْتريت العبيد فَإِنَّهُ يَحْنَث بِثَلَاثَة كَذَا نَقله الرَّافِعِيّ فِي آخر تَعْلِيق الطَّلَاق فِي الْفَصْل الْمَنْقُول عَن أبي الْعَبَّاس الرَّوْيَانِيّ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيّ فِي الْحَاوِي

مسألة

وَالرُّويَانِيّ فِي الْبَحْر إِذا حلف على مَعْدُود كالناس وَالْمَسَاكِين فَإِن كَانَت يَمِينه على الْإِثْبَات كَقَوْلِه لأُكلمَن النَّاس ولأتصدقن على الْمَسَاكِين لم يبر إِلَّا بِثَلَاثَة اعْتِبَارا بِأَقَلّ الْجمع وَإِن كَانَت على النَّفْي حنث بِالْوَاحِدِ اعْتِبَارا بِأَقَلّ الْعدَد وَالْفرق أَن نفي الْجمع مُمكن وَإِثْبَات الْجمع مُتَعَذر فَاعْتبر أقل الْجمع فِي الْإِثْبَات وَأَقل الْعدَد فِي النَّفْي الثَّامِنَة لَو حلف ليصومن الْأَيَّام فَيحْتَمل حمله على أَيَّام الْعُمر وَيحْتَمل حمله على ثَلَاثَة وَهُوَ الأولى كَذَا نَقله الرَّافِعِيّ فِي أَوَاخِر تَعْلِيق الطَّلَاق عَن البوشنجي وَأقرهُ مَسْأَلَة 5 إِذا احْتمل كَون أل للْعهد وَكَونهَا لغيره كالجنس أَو الْعُمُوم فَإنَّا نحملها على الْعَهْد لِأَن تقدمه قرينَة مرشدة إِلَيْهِ كَقَوْلِه تَعَالَى {كَمَا أرسلنَا إِلَى فِرْعَوْن رَسُولا} الْآيَة كَذَا ذكره جمَاعَة وَجزم بِهِ أَيْضا ابْن مَالك فِي التسهيل إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - إِذا حلف لَا يشرب المَاء فَإِنَّهُ يحمل على الْمَعْهُود حَتَّى يَحْنَث بِبَعْضِه إِذْ لَو حمل على الْعُمُوم لم يَحْنَث كَمَا لَو حلف لَا يشرب

مَاء النَّهر فَإِنَّهُ لَا يَحْنَث بِشرب بعضه على الصَّحِيح وَإِن كَانَ شرب الْجَمِيع مستحيلا عَادَة هَكَذَا الْقيَاس لَو أثبت فَقَالَ لأشربنه 2 - وَمِنْهَا إِذا حلف لَا يَأْكُل الْبِطِّيخ قَالَ الرَّافِعِيّ لَا يَحْنَث بالهندي وَهُوَ الْبِطِّيخ الْأَخْضَر وَهُوَ مُشكل إِلَّا ان يكون هَذَا الِاسْم لَا يعْهَد فِي بِلَادهمْ إِطْلَاقه على هَذَا النَّوْع إِلَّا مُقَيّدا 3 - وَمِنْهَا وَهُوَ مُشكل أَيْضا أَن الْحَالِف على أَن لَا يشرب المَاء يَحْنَث بِمَاء الْبَحْر الْملح وَفِيه احْتِمَال للشَّيْخ أبي حَامِد حَكَاهُ عَنهُ الرَّافِعِيّ 4 - وَمِنْهَا الْحَالِف لَا يَأْكُل الْجَوْز لَا يَحْنَث بالجوز الْهِنْدِيّ كَمَا جزم بِهِ فِي الْمُحَرر وَفِي الرَّافِعِيّ وَفِي الرَّوْضَة وَجْهَان من غير تَرْجِيح

مسألة

مَسْأَلَة 6 الْجمع إِذا لم يكن مُضَافا وَلم يدْخل عَلَيْهِ أل نَحْو أكْرم رجَالًا قَالَ الجبائي إِنَّه للْعُمُوم قَالَ لِأَنَّهُ حَقِيقَة فِي الثَّلَاثَة وَالْألف وَغَيرهمَا من أَنْوَاع الْعدَد والمشترك عِنْده يحمل على جَمِيع حقائقه وَالْجُمْهُور على أَنه لَا يعم بل أَقَله ثَلَاثَة على الصَّحِيح عِنْد جُمْهُور الْأُصُولِيِّينَ كَمَا هُوَ الصَّحِيح عِنْد النُّحَاة وَالْفُقَهَاء وَقيل أَقَله اثْنَان وَهَذَا الْخلاف الْمَذْكُور آخرا يجْرِي فِي الْمُضَاف والمقرون بأل إِذا قَامَت قرينَة تدل على أَن الْعُمُوم غير مُرَاد وَيَنْبَغِي قبل الْخَوْض فِي الْمَسْأَلَة تَحْرِير مَحل النزاع فَنَقُول الْخلاف فِي اللَّفْظ الْمعبر عَنهُ بِالْجمعِ نَحْو الزيدين وَرِجَال لافي لفظ جِيم مِيم عين فَإِنَّهُ ينْطَلق على الِاثْنَيْنِ بِلَا خلاف كَمَا قَالَه الْآمِدِيّ وَابْن

الْحَاجِب فِي الْمُخْتَصر الْكَبِير لِأَن مَدْلُوله ضم شَيْء إِلَى شَيْء وَلَا فِي لفظ الْجَمَاعَة أَيْضا فَإِن أَقَله ثَلَاثَة كَمَا جزم بِهِ الرَّافِعِيّ فِي كتاب الْوَصِيَّة فِي الْكَلَام على قَوْله فرع أوصى لجَماعَة من أقرب أقَارِب زيد وَاعْلَم انه لَا فرق عِنْد الاصوليين بَين التَّعْبِير بِجمع الْقلَّة كأفلس أَو بِجمع الْكَثْرَة كفلوس على خلاف طَريقَة النَّحْوِيين إِذا تقرر مَا ذَكرْنَاهُ فيتخرج على ذَلِك مَسْأَلَتَانِ إِحْدَاهمَا الأقارير نَحْو لَهُ عَليّ دَرَاهِم وَكَذَلِكَ الْعتْق وَالنُّذُور وَغَيرهمَا وَقد صرح الْهَرَوِيّ فِي الإشراف بحكاية وَجْهَيْن فِي الْإِقْرَار مبنيين على هَذِه الْقَاعِدَة وَأَشَارَ إِلَيْهِ أَيْضا الْمَاوَرْدِيّ فِي الْحَاوِي وَلَا شكّ أَن بَاقِي الْأَبْوَاب كَذَلِك الثَّانِيَة مَا نَقله الْعَبَّادِيّ فِي الطَّبَقَات فِي تَرْجَمَة أبي عبد الله البوشنجي الْمَعْرُوف أَيْضا بالعبدي عَن الشَّافِعِي أَنه قَالَ إِن

مسألة

كَانَ فِي كفي دَرَاهِم هِيَ أَكثر من ثَلَاثَة فَعَبْدي حر فَكَانَ فِي كَفه أَرْبَعَة لَا يعْتق عَبده لِأَن مَا زَاد فِي كَفه على ثَلَاثَة إِنَّمَا هُوَ دِرْهَم وَاحِد لَا دَرَاهِم مَسْأَلَة 7 النكرَة فِي سِيَاق النَّفْي تعم سَوَاء بَاشَرَهَا النَّفْي نَحْو مَا أحد قَائِما أَو بَاشر عاملها نَحْو مَا قَامَ أحد وَسَوَاء كَانَ الثَّانِي مَا أَو لم أَو لن أَو لَيْسَ أَو غَيرهَا ثمَّ إِن كَانَت النكرَة صَادِقَة على الْقَلِيل وَالْكثير كشيء أَو مُلَازمَة للنَّفْي نَحْو أحد وَكَذَا صِيغَة بُد نَحْو مَالِي عَنهُ بُد كَمَا نَقله الْقَرَافِيّ فِي شرح التَّنْقِيح عَن الكلَاعِي فِي الْمُنْتَخب أَو دَاخِلا عَلَيْهَا من نَحْو مَا جَاءَ من رجل أَو وَاقعَة بعد لَا العاملة عمل إِن وَهِي لَا الَّتِي لنفي الْجِنْس نواصح كَونهَا للْعُمُوم وَقد صرح بِهِ مَعَ وضوحه النُّحَاة والأصوليون وَمَا عدا ذَلِك نَحْو مَا فِي الدَّار رجل وَلَا رجل قَائِما أَي بِنصب الْخَبَر فَفِيهِ مذهبان للنحاة الصَّحِيح وَهُوَ مُقْتَضى إِطْلَاق

الْأُصُولِيِّينَ أَنَّهَا للْعُمُوم أَيْضا وَهُوَ مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَمِمَّنْ نَقله عَنهُ شَيخنَا أَبُو حَيَّان فِي الْكَلَام على حُرُوف الْجَرّ وَنَقله من الْأُصُولِيِّينَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ فِي الْبُرْهَان فِي الْكَلَام عللى مَعَاني الْحُرُوف لَكِنَّهَا ظَاهِرَة فِي الْعُمُوم لَا نَص فِيهِ قَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ وَلِهَذَا نَص سِيبَوَيْهٍ على جَوَاز مُخَالفَته فَتَقول مَا فِيهَا رجل بل رجلَانِ كَمَا تعدل عَن الظَّاهِر فَتَقول جَاءَ الرِّجَال إِلَّا زيدا وَذهب الْمبرد إِلَى أَنَّهَا لَيست للْعُمُوم وَتَبعهُ عَلَيْهِ الْجِرْجَانِيّ فِي أول شرح الْإِيضَاح والزمخشري فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى {مَا لكم من إِلَه غَيره} وَقَوله تَعَالَى {وَمَا تأتيهم من آيَة} وَوَقع فِي كتب الْقَرَافِيّ

هُنَا غلط فَاحش أوضحته فِي شرح الْمِنْهَاج فاعلمه نعم يسْتَثْنى مِمَّا ذكرنَا سلب الحكم عَن الْعُمُوم كَقَوْلِنَا مَا كل عدد زوجا فَإِن هَذَا لَيْسَ من بَاب عُمُوم السَّلب أَي لَيْسَ حكما بالسلب على كل فَرد وَإِلَّا لم يكن الْعدَد زوجا وَذَلِكَ بَاطِل بل الْمَقْصُود بِهَذَا الْكَلَام إبِْطَال قَول من قَالَ إِن كل عدد زوج فَأبْطل السَّامع مَا ادَّعَاهُ من الْعُمُوم وَقد تفطن لما ذَكرْنَاهُ السهروردي صَاحب التلقيحات فاستدركه إِذا تقرر ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا إِذا قَالَ الْمُدَّعِي لَيْسَ لي بَيِّنَة حَاضِرَة فَحلف الْمُدعى عَلَيْهِ ثمَّ جَاءَ الْمُدَّعِي بِبَيِّنَة فَإِنَّهَا تسمع وَإِن قَالَ لَيْسَ لي بَيِّنَة حَاضِرَة وَلَا غَائِبَة فَوَجْهَانِ أصَحهمَا أَيْضا السماع لِأَنَّهُ قد لَا يعرفهَا أَو ينساها وَإِن قَالَ لَا بَيِّنَة لي وَاقْتصر عَلَيْهِ وَهِي مَسْأَلَتنَا فَقَالَ الْبَغَوِيّ هُوَ كَمَا لَو قَالَ لَا بَيِّنَة لي حَاضِرَة وَقَالَ فِي الْوَجِيز إِنَّه كالقسم الثَّانِي حَتَّى يكون على الْوَجْهَيْنِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح فِي الشَّرْح الصَّغِير وَلم يصحح فِي الْكَبِير وَالرَّوْضَة شَيْئا 2 - وَمِنْهَا أَنه قد تقرر أَن اسْم لَا إِذا كَانَ مَبْنِيا على الْفَتْح كَانَ

نصا فِي الْعُمُوم بِخِلَاف الْمَرْفُوع فَإِذا قَالَ الْكَافِر لَا إِلَه إِلَّا الله بِالْفَتْح حصل بِهِ الْإِسْلَام وَيكون الْخَبَر محذوفا وَلَفظ الله مَرْفُوع على الْبَدَلِيَّة أَو على الصّفة على الْموضع وَتَقْدِيره لَا إِلَه مُغَاير لله فِي الْوُجُود فَلَو رفع لفظ الاله فَيحْتَمل عدم الْحُصُول لما سبق من كَونه ظَاهرا لَا نصا 3 - وَمِنْهَا وَهُوَ مُخَالف لمقْتَضى الْقَاعِدَة إِذا حلف لَا يكلم أَحدهمَا أَو أحدهم أَو وَاحِدًا مِنْهُمَا أَو مِنْهُم وَلم يقْصد وَاحِدًا بِعَيْنِه فَإِذا كلم وَاحِدًا حنث وانحلت الْيَمين فَلَا يَحْنَث إِذا كلم الآخر وَالْحكم فِي الْإِثْبَات كَالْحكمِ فِي النَّفْي أَيْضا كَمَا إِذا قَالَ وَالله لأُكلمَن أَحدهمَا أَو وَاحِدًا مِنْهُمَا كَذَا قَالَه الرَّافِعِيّ فِي الْكَلَام على الْحلف على أكل اللَّحْم وَالْعِنَب وَلَو زَاد كلا فَقَالَ كل وَاحِد مِنْهُم فَكَذَلِك عِنْد الْأَكْثَرين كَذَا قَالَه الرَّافِعِيّ فِي بَاب الْإِيلَاء وأجرى هُنَاكَ الْخلاف الَّذِي فِيهِ فِيمَا إِذا قَالَ وَاحِدًا مِنْهُم أَعنِي بِإِسْقَاط كل وَوجه الْحِنْث فِي الْمسَائِل كلهَا بِكَلَام وَاحِد أَن الْمَحْلُوف عَلَيْهِ هُوَ مُسَمّى الْوَاحِد الْمَوْجُود فِي كل فَرد وَقد وجد فَيحنث بِهِ وَلَا يَحْنَث بِمَا عداهُ لانحلال الْيَمين بِوُجُود الْمَحْلُوف عَلَيْهِ 4 - وَمِنْهَا إِذا كَانَ لَهُ زَوْجَات فَقَالَ وَالله لَا أَطَأ وَاحِدَة مِنْكُن فَلهُ ثَلَاثَة أَحْوَال احدها أَن يُرِيد الِامْتِنَاع عَن كل وَاحِدَة فَيكون موليا مِنْهُنَّ

كُلهنَّ ولهن الْمُطَالبَة بعد الْمدَّة فَإِن طلق بَعضهنَّ بَقِي الْإِيلَاء فِي حق الْبَاقِيَات وَإِن وطىء بَعضهنَّ حصل الْحِنْث لِأَنَّهُ خَالف قَوْله لَا أَطَأ وَاحِدَة مِنْكُن وتنحل الْيَمين ويرتفع الْإِيلَاء فِي حق الْبَاقِيَات الْحَال الثَّانِي أَن يَقُول أردْت الِامْتِنَاع عَن وَاحِدَة مِنْهُنَّ لَا غير فَيقبل قَوْله لاحْتِمَال اللَّفْظ وَقَالَ الشَّيْخ أَبُو حَامِد لَا يقبل للتُّهمَةِ وَالصَّحِيح الأول ثمَّ قد يُرِيد مُعينَة وَقد يُرِيد مُبْهمَة فَإِن أَرَادَ مُعينَة فَهُوَ مؤل مِنْهَا مِنْهَا وَيُؤمر بِالْبَيَانِ كَمَا فِي الطَّلَاق فَإِذا بَين وَصدقه الْبَاقِيَات فَذَاك وَإِن ادَّعَت غير الْمعينَة أَنه أرادها وَأنكر صدق بِيَمِينِهِ فَإِن نكل حَلَفت المدعية وَحكم بِأَنَّهُ مول مِنْهَا أَيْضا فَلَو أقرّ فِي جَوَاب الثَّانِيَة أَنه نَوَاهَا وأخذناه بِمُوجب الإقرارين وطالبناه بالفيئة أَو الطَّلَاق وَلَا يقبل رُجُوعه عَن الأول وَإِذا وطئهما فِي صُورَة إِقْرَاره تعدّدت الْكَفَّارَة وَإِن وطئهما فِي صُورَة نُكُوله وَيَمِين المدعية لم تَتَعَدَّد الْكَفَّارَة لِأَن يَمِينهَا لَا تصلح لإلزامه الْكَفَّارَة وَلَو ادَّعَت وَاحِدَة أَو لَا انك أردتني فَقَالَ مَا أردتك أَو مَا آلَيْت مِنْك وَأجَاب بِمثلِهِ الثَّانِيَة وَالثَّالِثَة تعيّنت الرَّابِعَة للإيلاء وَإِن أَرَادَ وَاحِدَة مُبْهمَة أَمر بِالتَّعْيِينِ قَالَ السَّرخسِيّ وَيكون مؤليا من إِحْدَاهُنَّ لَا على التَّعْيِين فَإِذا عين وَاحِدَة لم يكن لغَيْرهَا الْمُنَازعَة وَيكون ابْتِدَاء الْمدَّة من وَقت الْيَمين أَو من وَقت التَّعْيِين

وَجْهَان بِنَاء على الْخلاف فِي الطَّلَاق الْمُبْهم إِذا عينه هَل يَقع من اللَّفْظ أم من التَّعْيِين وَإِن لم يعين وَمَضَت أَرْبَعَة أشهر قَالُوا يُطَالب إِذا طلبن بالفيئة أَو الطَّلَاق وَإِنَّمَا يعْتَبر طلبهن كُلهنَّ ليَكُون طلب الْمولى مِنْهَا حَاصِلا فَإِن امْتنع طلق القَاضِي وَاحِدَة على الْإِبْهَام وَمنع مِنْهُنَّ إِلَى أَن يعين الْمُطلقَة وَإِن فَاء إِلَى وَاحِدَة أَو ثِنْتَيْنِ أَو ثَلَاث أَو طلق لم يخرج عَن مُوجب الْإِيلَاء وَإِن قَالَ طلقت الَّتِي آلَيْت مِنْهَا يخرج عَن مُوجب الْإِيلَاء لَكِن الْمُطلقَة مُبْهمَة فَعَلَيهِ التَّعْيِين هَذَا هُوَ الْمَذْهَب فِي الْحَال الَّذِي نَحن فِيهِ ووراءه شَيْئَانِ أَحدهمَا قَالَ الْمُتَوَلِي إِذا قَالَ أردْت مُبْهمَة قَالَ عَامَّة الْأَصْحَاب تضرب الْمدَّة فِي حق الْجَمِيع فَإِذا مَضَت ضيق الْأَمر عَلَيْهِ فِي حق من طَالب مِنْهُنَّ لِأَنَّهُ مَا من امْرَأَة إِلَّا وَيجوز أَن يعين الْإِيلَاء فِيهَا وَظَاهر هَذَا أَنه مول من جَمِيعهنَّ وَهُوَ بعيد الثَّانِي حكى الْغَزالِيّ وَجها أَنه لَا يكون موليا من وَاحِدَة مِنْهُنَّ حَتَّى يبين إِن أَرَادَ مُعينَة أَو يعين إِن أَرَادَ مُبْهمَة لِأَن قصَّة الاضرار حِينَئِذٍ يتَحَقَّق وَحكى الإِمَام هَذَا الْوَجْه عَن الشَّيْخ أبي عَليّ السنجي على غير هَذِه الصُّورَة فَقَالَ روى وَجها أَنه إِذا قَالَ أردْت وَاحِدَة لَا يُؤمر بِالْبَيَانِ وَلَا بِالتَّعْيِينِ بِخِلَاف إِبْهَام الطَّلَاق لِأَن الْمُطلقَة خَارِجَة عَن النِّكَاح فامساكها مُنكر بِخِلَاف الْإِيلَاء

مسألة

الْحَال الثَّالِث أَن يُطلق اللَّفْظ فَلَا يَنْوِي تعميما وَلَا تَخْصِيصًا فَهَل يحمل على التَّعْمِيم أم على التَّخْصِيص بِوَاحِدَة وَجْهَان أصَحهمَا الأول وَبِه قطع الْبَغَوِيّ وَغَيره وَفِي كَلَام الرَّافِعِيّ إِشْكَال مَذْكُور فِي الْمُهِمَّات فَرَاجعه مَسْأَلَة 8 النكرَة فِي سِيَاق الشَّرْط تعم صرح بِهِ إِمَام الْحَرَمَيْنِ فِي الْبُرْهَان وَتَابعه عَلَيْهِ الْأَنْبَارِي فِي شَرحه لَهُ واقتضاء كَلَام الْآمِدِيّ وَابْن الْحَاجِب فِي مَسْأَلَة لَا أكلت وَنوى تَخْصِيصه إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا إِذا قَالَ إِن ولدت ولدا فَأَنت طَالِق فَولدت وَلدين متعاقبين فَإِنَّهَا تطلق بِالْأولِ ثمَّ إِذا كَانَا فِي بطن وَاحِد بِأَن كَانَ بَينهمَا دون سِتَّة أشهر فتنقضي عدتهَا بِالثَّانِي وَلَا يتَكَرَّر الطَّلَاق كَذَا جزم بِهِ الرَّافِعِيّ 2 - وَمِنْهَا إِذا قَالَ إِن كَانَ مَا فِي بَطْنك ذكرا فَأَنت طَالِق طَلْقَة وَإِن كَانَ انثى فَأَنت طَالِق طَلْقَتَيْنِ فَولدت ذكرين أَو أنثيين فَقيل لَا تطلق لِأَن مُقْتَضى التنكير التَّوْحِيد وَالأَصَح وُقُوع الطَّلَاق حملا لذَلِك على الْجِنْس كَذَا علله الرَّافِعِيّ وَالتَّعْلِيل بِمَا ذَكرْنَاهُ وَهُوَ عمومها أصح وأوفى بالقاعدة

مسألة

مَسْأَلَة 9 النكرَة فِي سِيَاق الْإِثْبَات إِن كَانَت للامتنان عَمت كَمَا ذكره جمَاعَة مِنْهُم القَاضِي أَبُو الطّيب فِي أَوَائِل تعليقته كَقَوْلِه تَعَالَى {فيهمَا فَاكِهَة ونخل ورمان} وَوَجهه أَن الامتنان مَعَ الْعُمُوم أَكثر إِذْ لَو صدق بالنوع الْوَاحِد من الْفَاكِهَة لم يكن فِي الامتنان بالجنتين كَبِير معنى إِذا علمت ذَلِك فَمن فروعه 1 - الِاسْتِدْلَال على طهورية كل مَاء سَوَاء نزل من السَّمَاء أَو نبع من الأَرْض بقوله تَعَالَى {وَينزل عَلَيْكُم من السَّمَاء مَاء ليطهركم بِهِ} مَسْأَلَة 10 فَإِن لم تكن المثبتة للامتنان فَإِنَّهَا لَا تعم وَذكر فِي الْمَحْصُول كلَاما يُوهم خلاف هَذَا فَقَالَ إِنَّهَا إِن وَقعت فِي الْخَبَر نَحْو جَاءَ رجل فَإِنَّهَا لَا تعم وَإِن وَقعت فِي الْأَمر نَحْو اعْتِقْ رَقَبَة عَمت عِنْد الْأَكْثَرين بِدَلِيل الْخُرُوج عَن الْعهْدَة بِإِعْتَاق

مَا شَاءَ هَذَا كَلَامه وَقد علم مِنْهُ لَيْسَ المُرَاد هَهُنَا عُمُوم الشُّمُول وَحِينَئِذٍ فَيكون الْخلاف إِنَّمَا هُوَ فِي إِطْلَاق اللَّفْظ وَوجه كَونهَا لَا تعم فِي الْخَبَر أَن الْوَاقِع شخص وَلَكِن الْتبس علينا بِخِلَاف الْأَمر إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا إِذا قَالَ بِعْ عبدا من عَبِيدِي وَنَحْو ذَلِك فَإِنَّهُ يَصح وَلَا يزِيد على وَاحِدَة وَكَذَلِكَ فِي الِاسْتِعَارَة لَو قَالَ أعرني دَابَّة فَقَالَ خُذ دَابَّة من اصطبلي فَهُوَ كَالْوكَالَةِ بِخِلَاف عقد البيع وَالْإِجَارَة وَالْهِبَة وَنَحْوهَا لَا يَصح لإبهامه 2 - وَمِنْهَا فِي الْوَصِيَّة ولنقدم عَلَيْهِ أَنه لَو أوصى إِلَيْهِ فِي شَيْء معِين كقضاء الدّين أَو تَنْفِيذ الْوَصَايَا أَو غَيرهَا اقْتصر عَلَيْهِ وَلَو قَالَ أوصيت لَك فِي أَمر أطفالي أَو قَالَ أقمتك مقَامي فِي أَمر أطفالي فَالْأَصَحّ صِحَة هَذِه الْوَصِيَّة وَقيل لَا فَإِن صححنا اسْتَفَادَ حفظ مَالهم وَكَذَا التَّصَرُّف فِيهِ فِي الْأَصَح فَلَو اقْتصر على قَوْله أوصيت إِلَيْك لم يَصح قطعا لِأَن أوصيت نكرَة وَقع فِي سِيَاق الْإِثْبَات إِذْ الْأَفْعَال كلهَا نكرات وَحِينَئِذٍ فَلَا تعم وَأَيْضًا فَلِأَنَّهُ يحْتَمل مَعَ ذَلِك الْوَصِيَّة بِالْمَالِ أَيْضا وَيتَّجه أَن

مسألة

يكون قَوْله جعلتك وصيي كَقَوْلِه أوصيت إِلَيْك وَمَا ذكره الْفُقَهَاء فِي هَذِه الْمسَائِل يُخَالف مَا قَالَه أَصْحَاب علم الْبَيَان أَن حذف العمول يُؤذن بالتعميم 3 - وَمِنْهَا إِذا قَالَ أَنْت طَالِق يَوْمًا وَيَوْما لَا قَالَ الرَّافِعِيّ فَتَقَع عَلَيْهِ طَلْقَة وَاحِدَة لما ذَكرْنَاهُ وَقَالَ البوشنجي الْمَفْهُوم مِنْهُ وُقُوع ثَلَاث طلقات مُتَفَرِّقَة آخرهَا فِي الْيَوْم الْخَامِس مَسْأَلَة 11 إِذا أَمر جمعا بِصِيغَة جمع كَقَوْلِه أكْرمُوا زيدا دلّ ذَلِك على الِاسْتِغْرَاق حَتَّى يتَوَجَّه الْأَمر إِلَى كل وَاحِد بِخُصُوصِهِ كَذَا ذكره فِي الْمَحْصُول وَيتَفَرَّع على مَا ذكره أَنه إِذا قَالَ مثلا لعبيده أَو وكلائه أعْطوا زيدا مِمَّا فِي أَيْدِيكُم عشرَة أَن كل وَاحِد مَأْمُور بِإِعْطَاء شَيْء وَمُقْتَضى كَلَامه أَيْضا أَمر كل وَاحِد بِعشْرَة غير مَا يُعْطِيهِ صَاحبه وَفِيه نظر مَسْأَلَة 12 الْمُفْرد الْمحلى بأل أَو الْمُضَاف للْعُمُوم على الرَّاجِح أما الْمُعَرّف بأل فنقله الْآمِدِيّ عَن الشَّافِعِي والأكثرين وَنَقله الإِمَام فَخر الدّين عَن الْفُقَهَاء والمبرد ثمَّ اخْتَار هُوَ ومختصرو كَلَامه عَكسه

وَالصَّوَاب الأول فقد نَص عَلَيْهِ الشَّافِعِي فِي الرسَالَة وَفِي الْبُوَيْطِيّ وَأما الْمُفْرد الْمُضَاف فَفِي الْمَحْصُول ومختصراته فِي أثْنَاء الِاسْتِدْلَال على كَون الْأَمر للْوُجُوب أَنه يعم وَنَقله الْقَرَافِيّ عَن الرَّوْضَة فِي الْأُصُول وَصَححهُ ابْن الْحَاجِب والبيضاوي فِي الْقسمَيْنِ جَمِيعًا إِذا علمت ذَلِك فللقاعدة فروع أَحدهَا إِذا أوصى بِالثُّلثِ لولد زيد وَكَانَ لَهُ أَوْلَاد أخذُوا كلهم ذكره الرَّوْيَانِيّ فِي الْبَحْر وَغَيره الثَّانِي إِذا قَالَ وَالله لأشربن مَاء هَذِه الْإِدَاوَة أَو الْجب لم يبر إِلَّا بِشرب الْجَمِيع وَإِن حلف أَنه لَا يشربه لم يَحْنَث بِشرب بعضه وَكَذَا الحكم نفيا وإثباتا فِيمَا لَا يُمكن شربه عَادَة كالبحر وَالنّهر والبئر العظيمين على الصَّحِيح وَقيل لَا بل يحمل على الْبَعْض وَمثله لَو حلف لَا يَأْكُل خبز الْكُوفَة أَو بَغْدَاد لم يَحْنَث بِبَعْضِه ذكره الرَّافِعِيّ الثَّالِث إِذا قَالَ مثلا وليتك الحكم فِي كل يَوْم سبت تعاطاه فِي تِلْكَ الْأَيَّام كلهَا وَلَا إِشْكَال وَإِن لم يَأْتِ بِكُل بل

قَالَ مثلا يَوْم السبت فَإِنَّهُ لَا يعم بل يحمل على السبت الأول خَاصَّة حَتَّى لَو لم يحكم فِيهِ فَلَا يحكم فِي السبت الَّذِي يَلِيهِ كَذَا ذكره صَاحب الْبَحْر الرَّابِع إِذا قَالَ الشَّيْخ أجزت لَك أَن تروي عني كتاب السّنَن وَهُوَ يروي كتبا من السّنَن لم تصح الْإِجَازَة كَمَا جزم بِهِ النَّوَوِيّ من زوائده فِي أَوَائِل الْقَضَاء الْخَامِس دَعْوَى أَن الأَصْل جَوَاز البيع فِي كل مَا ينْتَفع بِهِ عملا بقوله تَعَالَى {وَأحل الله البيع} حَتَّى يسْتَدلّ بِهِ مثلا على جَوَاز بيع لبن الآدميات وَنَحْوه مِمَّا وَقع فِيهِ الْخلاف إِن قُلْنَا إِنَّه للْعُمُوم وَإِلَّا فَلَا وَكَذَا الِاسْتِدْلَال على بطلَان مَا فِيهِ غرر بقوله نهى عَن بيع الْغرَر وعَلى بطلَان بيع اللَّحْم بِالْحَيَوَانِ مَأْكُولا كَانَ أَو غير مَأْكُول بقوله نهى عَن بيع اللَّحْم بِالْحَيَوَانِ وعَلى نَجَاسَة الأبوال كلهَا بقوله تنزهوا من الْبَوْل وَنَحْو ذَلِك

السَّادِس إِذا قَالَت الْمَرْأَة أَذِنت للعاقد بِهَذِهِ الْبَلَد أَن يزوجني وَلم تقم قرينَة على إِرَادَة وَاحِد معِين فَإِنَّهُ يجوز لكل عَاقد أَن يُزَوّجهَا كَذَا ذكره ابْن الصّلاح فِي فَتَاوِيهِ ومدركه مَا ذَكرْنَاهُ السَّابِع إِذا قَالَ لثلاث نسْوَة من لم يُخْبِرنِي مِنْكُن بِعَدَد رَكْعَات الصَّلَوَات الْمَفْرُوضَة فَهِيَ طَالِق فَقَالَت وَاحِدَة سبع عشرَة رَكْعَة وثانية خمس عشرَة وثالثة إِحْدَى عشرَة لم تطلق وَاحِدَة مِنْهُنَّ فَالْأول مَعْرُوف وَالثَّانِي يَوْم الْجُمُعَة وَالثَّالِث فِي السّفر كَذَا نَقله الرَّافِعِيّ فِي الطّرف السَّابِع من تَعْلِيق الطَّلَاق عَن القَاضِي الْحُسَيْن وَالْمُتوَلِّيّ وَهُوَ كَلَام غير مُحَرر وتحريره على اقسام الأول أَن يَقُول بِعَدَد كل رَكْعَات صَلَاة مَفْرُوضَة فِي كل يَوْم فَمُقْتَضى مَا ذكره الْأَصْحَاب فِي التَّعْلِيق على الْأَخْبَار بِالْعدَدِ كَقَوْلِه من لم يُخْبِرنِي مِنْكُن بِعَدَد هَذَا الْجَوَاز وَنَحْو ذَلِك أَنه إِن قصد التَّمْيِيز فَلَا بُد من ذكر عدد كل صَلَاة بخصوصيتها وَعدد كل يَوْم وَلَيْلَة بِخُصُوصِهِ وَفِي الْأَخْبَار بِمَا لَا يتَكَرَّر كَيَوْم الْجُمُعَة نظر لِأَنَّهَا لَيست مَفْرُوضَة فِي كل يَوْم وَلَيْلَة وَكَذَلِكَ صَلَاة السّفر وَالْمُتَّجه عدم دُخُولهَا فِي ذَلِك وَإِن لم يقْصد التَّمْيِيز فَيَكْفِي إخبارهن بأعداد تشْتَمل على الْأَعْدَاد الْمَفْرُوضَة الْقسم الثَّانِي أَن يَأْتِي بِمَا ذَكرْنَاهُ بِعَيْنِه لَكِن يحذف كلا الأولى وَيَأْتِي بِالثَّانِيَةِ فَلهُ حلان أَحدهمَا أَن يَأْتِي بِالصَّلَاةِ مُنكرَة فَيَقُول بِعَدَد رَكْعَات صَلَاة مَفْرُوضَة فِي كل يَوْم وَلَيْلَة فتتخلص كل امْرَأَة بِذكر صَلَاة وَاحِدَة من الصَّلَوَات الْمُتَقَدّم ذكرهَا الثَّانِي أَن يَأْتِي بهَا معرفَة فَيَقُول بِعَدَد رَكْعَات الصَّلَاة إِلَى أَخّرهُ

فَالْمُتَّجه استغراق صلوَات الْيَوْم والليله للقاعدة السَّابِقَة وَهِي كَونهَا للْعُمُوم عِنْد تعذر الْعَهْد وَالْجِنْس بعيد أَو مُتَعَذر الْقسم الثَّالِث أَن يكون بِالْعَكْسِ وَهُوَ أَن يحذف كلا الثَّانِيَة وَيَأْتِي يالأولى فَيَقُول بِعَدَد رَكْعَات كل صَلَاة مَفْرُوضَة أَو كل الصَّلَاة الْمَفْرُوضَة فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة فَالْمُتَّجه إِلْحَاقه بالقسم الأول وَجعل أل للْعُمُوم لما سبق الْقسم الرَّابِع أَن يحذفهما مَعًا فَلهُ حالان أَحدهمَا أَن يَأْتِي بِمَا بعدهمَا منكرين فَيَقُول بِعَدَد رَكْعَات صَلَاة مَفْرُوضَة فِي يَوْم وَلَيْلَة فتتخلص كل وَاحِدَة بِذكر صَلَاة وَاحِدَة من أَي يَوْم كَانَ وَيبقى النّظر فِي أَنه هَل يَكْفِي مُجَرّد الْعدَد أم لَا بُد من اقترانه بالمعدود فَيَقُول مثلا صَلَاة الْجُمُعَة رَكْعَتَانِ الْحَال الثَّانِي أَن يَأْتِي بهما معرفين فَيَقُول بِعَدَد رَكْعَات الصَّلَاة الْمَفْرُوضَة فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة فَقِيَاس مَا سبق حمله على الْعُمُوم فِي الصَّلَوَات وَفِي الْأَيَّام حَتَّى لَا يبر إِلَّا بِذكر سبع عشر الْقسم الْخَامِس أَن يحذفهما ويحذف مَعَهُمَا مَا تدخل عَلَيْهِ كل الثَّانِيَة فَلهُ ايضا حالان أَحدهمَا أَن يَأْتِي بِالصَّلَاةِ مُنكرَة فَيَقُول بِعَدَد رَكْعَات صَلَاة

مَفْرُوضَة فَلَا إِشْكَال فِي خلاص كل وَاحِدَة بِعَدَد رَكْعَات صَلَاة مَفْرُوضَة وَاحِدَة أَي صَلَاة كَانَت الثَّانِي أَن يَأْتِي بهَا معرفَة فَيَقُول بِعَدَد رَكْعَات الصَّلَاة الْمَفْرُوضَة وَهُوَ الَّذِي اقْتصر عَلَيْهِ الرَّافِعِيّ وَلم يذكر مَعَه شَيْئا من الْأَقْسَام السَّابِقَة بأحوالها فراجع لَفظه إِذا علمت هَذَا التَّصْوِير فقياسه أَن يخبر كل وَاحِدَة بِجَمِيعِ الصَّلَوَات حَتَّى لَا يبر إِلَّا بسبعة عشر إِن جعلنَا أل للْعُمُوم فَإِن قُلْنَا إِنَّهَا لَيست للْعُمُوم فتلحق بِالْحَال الَّذِي قبله حَتَّى يحصل الْخَلَاص بِذكر صَلَاة وَاحِدَة وَإِذا علمت جَمِيع مَا ذَكرْنَاهُ علمت أَن مَا فِي الرَّافِعِيّ لَا يتمشى على الْقَوَاعِد ثمَّ إِنَّه كَمَا لم يُصَرح ياليوم وَاللَّيْلَة لم يُصَرح ايضا بالشهر وَلَا بِالسنةِ وَاللَّفْظ الَّذِي ذكره مُحْتَمل وَفِي الْمَسْأَلَة كَلَام آخر يَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي الْأَخْبَار فَرَاجعه الْفَرْع الثَّامِن من فروع الْقَاعِدَة إِذا نوى الْجنب الطَّهَارَة للصَّلَاة فَإِنَّهُ يَصح ويرتفع الْأَكْبَر والأصغر كَمَا فِي الْوضُوء كَذَا ذكره ابْن الرّفْعَة فِي بَاب صفة الْوضُوء من الْكِفَايَة وَفَاء بالقاعدة السَّابِقَة وَلأَجل ذَلِك لم ينزلُوا اللَّفْظ على أَضْعَف السببين وَهُوَ الْأَصْغَر كَمَا

نزلوه عَلَيْهِ فِي إِقْرَار الْأَب بِأَن الْعين ملك لوَلَده حَيْثُ نزلوه على الْهِبَة وجوزوا الرُّجُوع التَّاسِع وَهُوَ من الْفُرُوع الْمُخَالفَة لمقْتَضى مَا صححوه فِي الْقَاعِدَة إِذا قَالَ الطَّلَاق يلْزَمنِي فَإِنَّهُ لَا يَقع عَلَيْهِ الثَّلَاث بل وَاحِدَة وَكَذَا لَو قَالَ من لَهُ زَوْجَات وَعبيد زَوْجَتي طَالِق وعبدي حر فَإِنَّهُ يَقع على ذَات وَاحِدَة وَتعين وَلَا يعم لكَونه من بَاب الْيَمين والأيمان قد يسْلك فِيهَا مَسْلَك الْعرف نعم فِي الْمَسْأَلَة إِشْكَال آخر سَببه مُخَالفَة قَاعِدَة أُخْرَى فرعية فلتطلب من الْمُهِمَّات الْعَاشِر إِذا نوى الْمُتَيَمم الصَّلَاة فَهَل يستبيح الْفَرْض وَالنَّفْل أم يقْتَصر على النَّفْل على وَجْهَيْن أصَحهمَا الثَّانِي الْحَادِي عشر إِذا قَالَ الْمَرِيض أَعْطوهُ كَذَا كَذَا من دَنَانِير أَي بالتكرار بِلَا عطف أعطي دِينَارا فَإِن كَانَ بالْعَطْف أعطي دينارين فَلَو أفرد الدِّينَار مَعَ الْإِضَافَة أعطي حبتين عِنْد الْعَطف وحبة وَاحِدَة عِنْد عَدمه كَذَا نَقله الرَّافِعِيّ فِي كتاب الْوَصِيَّة عَن الْبَغَوِيّ ثمَّ قَالَ يَنْبَغِي أَن يكون الْجمع كالإفراد حَتَّى يعْطى الحبتين عِنْد الْعَطف والواحدة عِنْد عَدمه

الثَّانِي عشر إِذا أوصى السَّيِّد لمكاتبه بأوسط نجومه وَكَانُوا أَرْبَعَة مثلا قَالَ الشَّافِعِي وضعُوا عَنهُ أَي النجمين شَاءُوا إِمَّا الثَّانِي وَإِمَّا الثَّالِث لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُمَا وَاحِد أولى باسم الْأَوْسَط من الآخر كَذَا رَأَيْته فِي الْأُم فِي الْكِتَابَة ثمَّ ذكر بعده ايضا مثله وَنقل الرَّافِعِيّ هَذَا عَن ابْن الصّباغ خَاصَّة ثمَّ نقل عَن التَّهْذِيب أَنه كِلَاهُمَا وحاول تَرْجِيحه وَفِي الْمَسْأَلَة أُمُور أُخْرَى ذكرتها فِي الْمُهِمَّات ثمَّ قَالَ أَعنِي الشَّافِعِي وَلَو قَالَ ضَعُوا عَنهُ ثلث كِتَابَته أَي مَال كِتَابَته كَانَ لَهُم أَن يضعوا عَنهُ ثلث كِتَابَته فِي الْعدَد إِن شَاءُوا الْمُؤخر وَإِن شَاءُوا مَا قبله وَكَذَلِكَ إِن قَالَ نصفهَا أَو ربعهَا أَو عشرَة مِنْهَا انْتهى وَلم يذكر الرَّافِعِيّ هَذَا الْفَرْع الثَّالِث عشر إِذا نوى المتوضىء الطَّهَارَة فَإِن قيدها بِالْحَدَثِ صَحَّ فَإِن لم يقل عَن الْحَدث لم يَصح على الصَّحِيح كَمَا قَالَه فِي زَوَائِد الرَّوْضَة وَعلله النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب بِأَن الطَّهَارَة قد تكون عَن حدث وَقد تكون عَن خبث فَيشْتَرط التَّقْيِيد ثمَّ قَالَ إِن الْقوي صِحَّته قلت وَالْأَمر كَذَلِك لِأَنَّهُ قِيَاس قاعدتنا الْمَذْكُورَة الرَّابِع عشر قَالَ لزوجته إِذا قدم الْحَاج فَأَنت طَالِق أَعنِي

مسألة

بِلَفْظ الْإِفْرَاد كَمَا عبر بِهِ فِي التَّنْبِيه فَالْقِيَاس مُرَاجعَته فِي مُرَاده فَإِن تعذر أَو لم يكن لَهُ إِرَادَة فيبنى على أَن الْمُفْرد هَل يعم أم لَا وَلَو عبر بِهِ مجموعا كَمَا وَقع فِي الْمِنْهَاج فيبنى أَيْضا على مَا ذَكرُوهُ فِيهِ أَي فِي الْجمع وَقد سبق وَلَكِن إِذا حملناه على الْعُمُوم فمقتضاه أَنه لَو مَاتَ أحدهم أَو انْقَطع لمَانع لم يحصل الْمُعَلق عَلَيْهِ وَفِيه بعد وَحِينَئِذٍ فَهَل النّظر إِلَى الْأَكْثَر أَو مَا ينْطَلق عَلَيْهِ اسْم الْجمع أَو إِلَى جَمِيع من بَقِي وَهُوَ يُرِيد الْقدوم أم كَيفَ الْحَال فِيهِ نظر الْخَامِس عشر إِذا قَالَ إِن كَانَ حملك ذكرا فَأَنت طَالِق طَلْقَة وَإِن كَانَ أُنْثَى فطلقتين فَولدت ذكرا وَأُنْثَى قَالُوا لَا يَقع الطَّلَاق لِأَن حملهَا لَيْسَ بِذكر وَلَا أُنْثَى بل بعضه هَكَذَا وَبَعضه هَكَذَا وَهُوَ مُوَافق لكَون الْمُضَاف للْعُمُوم فَإِن قُلْنَا لَا يعم فقد علق على شَيْئَيْنِ وَوجد الْمُعَلق فَيَقَع الثَّلَاث مَسْأَلَة 13 قَول الصَّحَابِيّ مثلا نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن بيع الْغرَر وَقضى بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِين لَا يُفِيد الْعُمُوم لِأَن الْحجَّة فِي المحكي

وَهُوَ كَلَام الرَّسُول لَا فِي الْحِكَايَة والمحكي قد يكون خَاصّا فيتوهمه عَاما وَكَذَا قَوْله سمعته يَقُول قضيت بِالشُّفْعَة للْجَار لاحْتِمَال كَون أل للْعهد كَذَا قَالَ فِي الْمَحْصُول قَالَ وَأما إِذا كَانَ منونا كَقَوْلِه عَلَيْهِ السَّلَام قضيت بِالشُّفْعَة لِجَار وَقَول الرَّاوِي قضى بِالشُّفْعَة لِجَار فجانب الْعُمُوم أرجح وَاخْتَارَ ابْن الْحَاجِب أَن الْجَمِيع للْعُمُوم وَنقل فِي الإحكام عَن الْجُمْهُور مُوَافقَة الإِمَام ثمَّ مَال إِلَى الْعُمُوم إِذا تقرر ذَلِك فيتفرع على ذَلِك صِحَة الِاسْتِدْلَال بِعُمُوم أَحَادِيث كَثِيرَة وَردت بِهَذِهِ الصِّيَغ مِنْهَا 1 - الْأَحَادِيث السَّابِقَة 2 - وَمِنْهَا مَا ثَبت فِي الصَّحِيح عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا قَالَت أرخص رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي صَوْم أَيَّام التَّشْرِيق للمتمتع وَقَول عمار بن يَاسر من صَامَ الْيَوْم الَّذِي يشك فِيهِ فقد عصى أَبَا

مسألة

الْقَاسِم وَغير ذَلِك مَسْأَلَة 14 قَالَ الشَّافِعِي ترك الاستفصال فِي حِكَايَة الْحَال مَعَ قيام الِاحْتِمَال ينزل منزلَة الْعُمُوم فِي الْمقَال مِثَاله أَن ابْن غيلَان أسلم على عشر نسْوَة فَقَالَ لَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أمسك أَرْبعا وَفَارق سائرهن وَلم يسْأَله هَل ورد العقد عَلَيْهِنَّ مَعًا أَو مُرَتبا فَدلَّ على انه لَا فرق على خلاف مَا يَقُوله أَبُو حنيفَة من أَن العقد إِذا ورد مُرَتبا تعيّنت الْأَرْبَع الأول كَذَا ذكره فِي الْمَحْصُول ثمَّ قَالَ وَفِيه نظر لاحْتِمَال أَنه أجَاب بعد أَن عرف الْحَال قلت ويقوى النّظر على قَوْلنَا إِنَّهُم مكلفون بِفُرُوع الشَّرِيعَة وَاعْلَم أَنه قد رُوِيَ عَن الشَّافِعِي كَلَام آخر قد يُعَارض هَذَا فَقَالَ

مسألة

حكايات الْأَحْوَال إِذا تطرق إِلَيْهَا الِاحْتِمَال كساها ثوب الْإِجْمَال وَسقط بهَا الِاسْتِدْلَال وَقد جمع الْقَرَافِيّ بَينهمَا فِي كتبه فَقَالَ لَا شكّ أَن الِاحْتِمَال الْمَرْجُوح لَا يُؤثر وَإِنَّمَا يُؤثر الرَّاجِح أَو الْمسَاوِي وَحِينَئِذٍ فَنَقُول الِاحْتِمَال إِن كَانَ فِي مَحل الحكم وَلَيْسَ فِي دَلِيله لَا يقْدَح كَحَدِيث غيلَان وَهُوَ مُرَاد الشَّافِعِي بالْكلَام الأول وَإِن كَانَ فِي دَلِيله قدح وَهُوَ المُرَاد بالْكلَام الثَّانِي إِذا تقرر ذَلِك فيتفرع على الْقَاعِدَة صِحَة الِاسْتِدْلَال بأدلة كَثِيرَة وَردت بِنَحْوِ هَذِه الْأَلْفَاظ مِنْهَا 1 - مَا تقدم ذكره فِي حَدِيث ابْن غيلَان مَسْأَلَة 15 نقل ابْن برهَان عَن الشَّافِعِي أَن الْمَدْح والذم يخرجَانِ الصِّيغَة عَن كَونهَا عَامَّة وَنَقله عَنهُ أَيْضا الْآمِدِيّ وَابْن الْحَاجِب وصححا خِلَافه وَصَححهُ فِي الْمَحْصُول أَيْضا ومثلوه بقوله تَعَالَى {إِن الْأَبْرَار لفي نعيم وَإِن الْفجار لفي جحيم} وَقَوله {وَالَّذين يكنزون الذَّهَب وَالْفِضَّة} الْآيَة

مسألة

إِذا تقرر ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا إِذا قَالَ مثلا لعبيدة أَو زَوْجَاته وَالله من فعل كَذَا مِنْكُم ضَربته أَو إِن فَعلْتُمْ كَذَا ضربتكم فَمُقْتَضى مَا نقل عَن الشَّافِعِي من كَونه لَا يعم حُصُول الْبر بِضَرْب أحدهم وتفاريع الْأَصْحَاب على خِلَافه مَسْأَلَة 16 مُسَاوَاة الشَّيْء للشَّيْء كَقَوْلِنَا اسْتَوَى زيد وَعَمْرو اَوْ تماثلا أَو هُوَ كَهُوَ وَنَحْو ذَلِك وَمَا يصرف مِنْهُ إِن كَانَ مَعَه قرينَة تشعر بِإِرَادَة شَيْء معِين حملناه عَلَيْهِ وَإِن لم تقم قرينَة على ذَلِك فَهَل ليدل على التَّسَاوِي من جَمِيع الْوُجُوه الممكنة أَو يدل على الْبَعْض فِيهِ مذهبان حَكَاهُمَا الْقَرَافِيّ وَبنى عَلَيْهِمَا النَّفْي كَقَوْلِنَا لَا يستويان فَإِن قُلْنَا مقتضاها فِي الْإِثْبَات هُوَ الْمُسَاوَاة من كل وَجه فَلَا يَسْتَوِي لَيْسَ بعام لِأَن نقيض الْمُوجبَة الْكُلية سالبة جزئية وَإِن قُلْنَا إِنَّه من بعض الْوُجُوه كَانَ النَّفْي عَاما لِأَن نقيض الْمُوجبَة الْجُزْئِيَّة سالبة كُلية وَالصَّحِيح أَن لَا يَسْتَوِي عَام صَححهُ الْآمِدِيّ وَابْن الْحَاجِب وَلأَجل ذَلِك تمسك جمَاعَة أَن الْمُسلم لَا يقتل بالكافر

لقَوْله تَعَالَى {لَا يَسْتَوِي أَصْحَاب النَّار وَأَصْحَاب الْجنَّة} وَخَالف الإِمَام فَخر الدّين وَأَتْبَاعه فصححوا أَن لَا يَسْتَوِي لَيْسَ بعام وَاسْتَدَلُّوا بِدَلِيل ضَعِيف بيّنت ضعفه فِي شرح الْمِنْهَاج إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا إِذا قَالَ لعَبْدِهِ أَنْت حر مثل هَذَا العَبْد وَأَشَارَ إِلَى عبد آخر لَهُ قَالَ الرَّوْيَانِيّ فَيحْتَمل أَن لَا يعْتق الْمُشبه لعدم حريَّة الْمُشبه بِهِ وَتَكون الْحُرِّيَّة فِي كَلَامه مَحْمُولَة على حريَّة الْخلق قَالَ فَلَو قَالَ أَنْت حر مثل هَذَا وَلم يقل هَذَا العَبْد فَيحْتَمل أَن يعْتق والأوضح أَنَّهُمَا لَا يعتقان كَذَا نقل الرَّافِعِيّ هذَيْن الفرعين عَنهُ قبيل كتاب التَّدْبِير وَاعْترض عَلَيْهِ النَّوَوِيّ فَقَالَ يَنْبَغِي عتق الْمُشبه فِي الصُّورَة الأولى قَالَ وَالصَّوَاب عتقهما فِي الثَّانِيَة وَمَا ذكره اعني النَّوَوِيّ فِي الْمَسْأَلَة الأولى وَاضح وَيُؤَيِّدهُ أَن هَاتين اللفظتين وهما حر وَمثل خبران عَن قَوْله وَأَنت وَأما مَا ذكره فِي الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة فضعيف وَالصَّوَاب فيهمَا مقَالَة ثَالِثَة وَهِي عتق الأول دون الثَّانِي ووجهة مَا ذَكرْنَاهُ من كَونهمَا خبرين مستقلين فَإِن قيل المُرَاد بقوله مثل هَذَا أَي فِي الْحُرِّيَّة قُلْنَا لَيْسَ فِي الْكَلَام تَصْرِيح بِهِ فَإِن ادّعى أَنه نَوَاه كَانَ كِنَايَة

وَوَقع على الثَّانِي لأجل ذَلِك لَا لِأَنَّهُ مَدْلُول اللَّفْظ 2 - وَمِنْهَا مَا نَقله الرَّافِعِيّ فِي أَوَاخِر تَعْلِيق الطَّلَاق عَن أبي الْعَبَّاس الرَّوْيَانِيّ أَنه لَو رأى امْرَأَته تنحت خَشَبَة من شَجَرَة فَقَالَ إِن عدت إِلَى مثل هَذَا الْفِعْل فَأَنت طَالِق فنحتت خَشَبَة من شَجَرَة أُخْرَى فَفِي وُقُوع الطَّلَاق وَجْهَان لِأَن النحت كالنحت لَكِن المنحوت غَيره وَصحح النَّوَوِيّ من زوائده الْوُقُوع 3 - وَمِنْهَا قَالَ الْعَبَّادِيّ فِي الطَّبَقَات قَالَ الْكَرَابِيسِي أحد أَصْحَاب الشَّافِعِي فِي الْقَدِيم إِذا قَالَ أَنْت طَالِق مثل ألف طلقت ثَلَاثًا لِأَنَّهُ شبه بِعَدَد فَصَارَ كَقَوْلِه مثل عدد نُجُوم السَّمَاء وَإِذا قَالَ مثل الْألف طلقت وَاحِدَة إِذا لم ينْو شَيْئا لِأَنَّهُ تَشْبِيه تَعْظِيم فَأشبه قَوْله مثل الْجَبَل وَلم يذكر الْمَسْأَلَة فِي الرَّافِعِيّ بل نقل فِيهِ عَن الْمُتَوَلِي مَسْأَلَة أُخْرَى 4 - وَمِنْهَا لَو قَالَ أَنْت طَالِق كالثلج أَو كالنار طلقت فِي الْحَال ولغى التَّشْبِيه كَذَا قَالَه الرَّافِعِيّ فِي آخر الْبَاب الأول من ابواب الطَّلَاق قَالَ وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِن قصد التَّشْبِيه بالثلج فِي الْبيَاض وبالنار

فِي الاستضاءة طلقت سنيا وَإِن قصد التَّشْبِيه بالثلج فِي الْبُرُودَة وبالنار فِي الْحَرَارَة والإحراق طلقت فِي زمن الْبِدْعَة 5 - وَمِنْهَا إِذا قَالَ لامْرَأَته أَنْت عَليّ كالميتة وَالدَّم وَالْخمر وَالْخِنْزِير فَإِن أَرَادَ فِي الاستقذار صدق وَإِن أَرَادَ الطَّلَاق أَو الظِّهَار نفذ وَإِن نوى التَّحْرِيم لزمَه الْكَفَّارَة وَإِن اطلق قَالَ الرَّافِعِيّ فَظَاهر النَّص أَنه كالحرام وَبِه صرح الإِمَام قَالَ وَالَّذِي ذكره الْبَغَوِيّ وَغَيره انه لَا شَيْء عَلَيْهِ انْتهى وَلَو قَالَ لامْرَأَته أَنْت كالحمار وَنوى الطَّلَاق فَيتَّجه أَن يكون كِنَايَة وَإِن كَانَ الْأَشْهر فِيهِ إِرَادَة البلادة لصِحَّة إِرَادَة غَيره كتحريم الْوَطْء وَنَحْوه 6 - وَمِنْهَا إِذا قَالَ حرمت كإحرام زيد وَصرح بكاف التَّشْبِيه فَإِنَّهُ يصير محرما بِعَين مَا احرم بِهِ من حج أَو عمْرَة أَو قرَان حق نقل فِي الرَّوْضَة من زوائده قبيل سنَن الْإِحْرَام عَن صَاحب الْبَحْر أَنه لَو قَالَ كإحرام زيد وَعَمْرو وَكَانَ أَحدهمَا محرما بِالْحَجِّ وَالْآخر بِالْعُمْرَةِ صَار قَارنا وَلم يَقُولُوا بِحُصُول مُجَرّد الْإِحْرَام ثمَّ يصرفهُ إِلَى مَا أَرَادَ وَسَببه أَن الْإِحْرَام لَا يشْتَرط

مسألة

فِيهِ التَّعْيِين فَلَو حملنَا ذَلِك على اصل الْإِحْرَام لم يبْق لقَوْله كإحرام زيد فَائِدَة 7 - وَمِنْهَا لَو قَالَ أوصيت لزيد بِمثل مَا أوصيت بِهِ لعَمْرو حَيْثُ قَالُوا يكون وَصِيَّة بذلك الْمِقْدَار وجنسه وَصفته كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي بَاب بيع الْمُرَابَحَة وَغَيرهَا وَكَذَلِكَ لَو قَالَ بِعْتُك بِمثل مَا اشْتريت فَلَو حذف الْمُوصى الْبَاء الدَّاخِلَة على مثل فَيتَّجه أَن لَا يتَعَيَّن ذَلِك الْمِقْدَار وَيقرب مِنْهُ مَا لَو قَالَ أوصيت لعَمْرو كَمَا أوصيت لزيد أَعنِي بِالْكَاف وَكَذَا فِي الْإِقْرَار لَو قَالَ لزيد عَليّ ألف ولعمرو عَليّ كَمَا لزيد اَوْ كَالَّذي لَهُ وَلَو عبر بِمثل كَانَ أوضح إِلَّا انه لَو اتى بِلَفْظ اكثر فَقَالَ لزيد عَليّ أَكثر مِمَّا فِي يَد فلَان فَإِنَّهُ يقبل تَفْسِيره بِأَقَلّ مُتَمَوّل لاحْتِمَال إِرَادَة كَونه حَلَالا وَذَلِكَ حرَام وَلَا فرق فِي ذَلِك كَمَا قَالَه فِي زَوَائِد الرَّوْضَة بَين أت يعلم مَا فِي يَد فلَان أم لَا وَإِذا تَأَمَّلت إِيجَاب الْأَقَل مَعَ التَّعْبِير بِالْأَكْثَرِ بِخِلَاف التَّعْبِير بِالْمثلِ استغربته مَسْأَلَة 1 17 الْمَأْمُور بِهِ إِذا كَانَ اسْم جنس مجموعا مجرورا بِمن كَقَوْلِه تَعَالَى {خُذ من أَمْوَالهم صَدَقَة} فمقتضاه الْإِيجَاب من كل نوع لم

مسألة

يقم الدَّلِيل على إِخْرَاجه كَذَا نَص عَلَيْهِ الشَّافِعِي فِي بَاب الزَّكَاة من كتاب الرسَالَة وَكَذَلِكَ فِي الْبُوَيْطِيّ وَنَقله ابْن برهَان فِي الْوَجِيز عَن الْأَكْثَرين وَكَذَلِكَ الْآمِدِيّ وَابْن الْحَاجِب ثمَّ اختارا خِلَافه إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا وَقع فِي الْعَبَّادِيّ أَن وَاقِف مدرسة شَرط فِي مدرسها أَن يلقِي كل يَوْم مَا تيَسّر من عُلُوم ثَلَاث وَهِي التَّفْسِير وَالْأُصُول وَالْفِقْه فَهَل يجب الْأَخْذ من كل وَاحِد مِنْهَا أم يَكْفِي الْأَخْذ من علم وَاحِد 2 - وَمِنْهَا صِحَة الِاسْتِدْلَال بِالْآيَةِ الْمَذْكُورَة على مَا وَقع وَفِيه الْخلاف فِي وجوب الزَّكَاة فِيهِ كالخيل وَنَحْوه مَسْأَلَة 18 إِطْلَاق الْأُصُولِيِّينَ يَقْتَضِي أَن الْفَرد النَّادِر يدْخل فِي الْعُمُوم

مسألة

وَصرح بَعضهم بِعَدَمِ دُخُوله إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - دُخُول الأكساب النادرة كاللقطة والهبات وَنَحْوهَا فِي الْمُهَايَأَة وَفِيه خلاف وَالأَصَح الدُّخُول 2 - وَمِنْهَا إِذا غلط الحجيج بالتقديم فوقفوا يَوْم الثَّامِن فَإِنَّهُ لَا يجزيهم على الْأَصَح لِأَن الْغَلَط بِالتَّأْخِيرِ يحصل بالغيم وَنَحْوه وَهُوَ كثير بِخِلَاف التَّقْدِيم فَإِنَّهُ نَادِر فَلَا يدْخل تَحت قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام عَرَفَة يَوْم تعرفُون أَو الْيَوْم الَّذِي يعرف النَّاس فِيهِ 3 - وَمِنْهَا أَن الْمُتَمَتّع يجب عَلَيْهِ صِيَام ثَلَاثَة أَيَّام فِي الْحَج لقَوْله تَعَالَى {فَمن لم يجد فَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام فِي الْحَج} أَي فِي زَمَنه أَو مدَّته أَو نَحْو ذَلِك فَلَو أَرَادَ تَأْخِير التَّحَلُّل الأول إِلَى مَا بعد أَيَّام التَّشْرِيق بِأَن يُؤَخر الْحلق وَالطّواف ويصومها فِي ذَلِك الْوَقْت لكَونه فِي زمن الْحَج فَإِنَّهُ لَا يجوز على الصَّحِيح فِي الرَّافِعِيّ وَعلله بقوله لِأَنَّهَا صُورَة نادرة فَلَا تكون مُرَادة من الْآيَة بل تحمل الْآيَة على الْغَالِب الْمُعْتَاد مَسْأَلَة 19 الْمُتَكَلّم يدْخل فِي عُمُوم مُتَعَلق خطابه عِنْد الْأَكْثَرين سَوَاء كَانَ خَبرا أَو أمرا أَو نهيا كَقَوْلِه تَعَالَى {وَهُوَ بِكُل شَيْء عليم} وَقَول الْقَائِل من

احسن إِلَيْك فَأكْرمه أَو فَلَا تهنه كَذَا قَالَه فِي الْمَحْصُول ثمَّ قَالَ وَيُشبه أَن يكون كَونه أمرا قرينَة مخصصة قَالَ فِي الْحَاصِل وَهُوَ الظَّاهِر إِذا علمت ذَلِك فللمسألة فروع احدها إِذا قَالَ نسَاء الْمُسلمين طَوَالِق فَفِي طَلَاق زَوجته وَجْهَان صحّح النَّوَوِيّ من زوائده أَنه لَا يَقع وَعلله بِأَن الْأَصَح عِنْد أَصْحَابنَا فِي الْأُصُول أَنه لَا يدْخل وَجزم الرَّافِعِيّ بِنَحْوِهِ أَيْضا فَقَالَ إِذا قَالَ نسَاء الْعَالمين طَوَالِق وَأَنت يَا زَوْجَتي لَا تطلق زَوجته لِأَنَّهُ عطف على نسْوَة لم يطلقن كَذَا ذكره فِي الْكَلَام على الْكِنَايَات وَهُوَ صَرِيح فِي أَن الْمُتَكَلّم لَا يدْخل فِي عُمُوم كَلَامه وَأَن التَّصْرِيح بِهِ بعد ذَلِك لَا يُفِيد وَيُؤْخَذ من الثَّانِي مَسْأَلَة أُخْرَى وَهُوَ ان الْعَطف على الْبَاطِل

بَاطِل حَتَّى إِذا أَشَارَ إِلَى أَجْنَبِيَّة فَقَالَ طلقت هَذِه وزوجتي لَا تطلق زَوجته الثَّانِي لَو وقف على الْفُقَرَاء فافتقر فَإِن الرَّاجِح على مَا ذكره الرَّافِعِيّ أَنه يدْخل فَإِنَّهُ قَالَ يشبه أَن يكون هُوَ الْأَصَح وَقَالَ الْغَزالِيّ لَا يدْخل وَكَذَلِكَ السَّرخسِيّ فِي الأمالي وَعلله بِأَن الْمُتَكَلّم لَا يدْخل فِي كَلَامه وَاسْتدلَّ الْغَزالِيّ بِنَحْوِهِ أَيْضا الثَّالِث لَو وقف مَسْجِدا وَنَحْوه فَإِن الْوَاقِف يدْخل مَعَ أَنه لَو صرح بِإِخْرَاج نَفسه لم يسْتَحق وَإِذا تَأَمَّلت هَذِه الْفُرُوع واستحضرت مَا سبق نَقله من كَون اكثر الْأُصُولِيِّينَ على الدُّخُول وتاملت قَول عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ حِين وقف بِئْرا رومة دلوي فِيهَا كدلاء الْمُسلمين علمت أَن مَا قَالَه النَّوَوِيّ مَرْدُود دَلِيلا ونقلا من كَلَام الْفُقَهَاء والأصوليين

الرَّابِع إِذا قَالَ وقفت على الْأَكْبَر من أَوْلَاد أبي أَو أفقههم وَنَحْو ذَلِك وَكَانَ الْوَاقِف بِتِلْكَ الصّفة فَإِن قُلْنَا إِن الْمُتَكَلّم لَا يدْخل فِي عُمُوم كَلَامه صَحَّ وَصرف إِلَى غَيره من اتّصف بِتِلْكَ الصّفة وَإِن قُلْنَا يدْخل فَيحْتَمل القَوْل بِهِ هَهُنَا أَيْضا وَحِينَئِذٍ فَيبْطل الْوَقْف لِأَنَّهُ يصير وَقفا على نَفسه وَيحْتَمل الصِّحَّة وَيكون بُطْلَانه فِي النَّفس قرينَة دَالَّة على إخْرَاجهَا وَهَذَا كُله إِذا أطلق أَو أَرَادَ الْعُمُوم فَإِن أَرَادَ ماعدا نَفسه صَحَّ وَكَانَ ابْن الرّفْعَة يُفْتِي فِي هَذِه الْمَسْأَلَة بِالصِّحَّةِ مُطلقًا وَعمل بِهِ فَإِنَّهُ وقف وَقفا على أفقه أَوْلَاد أَبِيه وَبَقِي هُوَ يتَنَاوَلهُ لأجل ذَلِك وَمَا صدر مِنْهُ مَرْدُود كَمَا أوضحته فِي الْهِدَايَة إِلَى أَوْهَام الْكِفَايَة الْخَامِس لَو عزل عَن الْقَضَاء فَقَالَ امْرَأَة القَاضِي طَالِق فَفِي طَلَاق زَوجته وَجْهَان حَكَاهُمَا الرَّافِعِيّ فِي آخر تَعْلِيق الطَّلَاق عَن أبي الْعَبَّاس الرَّوْيَانِيّ وللمسألة الْتِفَات إِلَى قَوَاعِد أُخْرَى ذَكرنَاهَا فِي الِاشْتِقَاق السَّادِس إِذا قَالَ امْرَأَة كل من فِي السِّكَّة طَالِق نقل الرَّافِعِيّ فِي الْبَاب الثَّانِي من أَرْكَان الطَّلَاق عَن القَاضِي شُرَيْح الرَّوْيَانِيّ

أَنه قَالَ حكى جدي عَن بعض الْأَصْحَاب أَنه لَا يَقع طَلَاقه قَالَ وَالصَّحِيح أَنه يَقع وَاعْلَم أَن النوري قد عبر فِي الرَّوْضَة عَن هَذِه الْمَسْأَلَة بقوله وَأَنه لَو قَالَ كل امْرَأَة فِي السِّكَّة طَالِق وَزَوجته فِي السِّكَّة طلقت على الْأَصَح هَذِه عِبَارَته وَهُوَ عكس مَا صَوبه الرَّافِعِيّ نعم وَقع فِي بعض نسخ الرَّافِعِيّ وَهِي فِي السِّكَّة أَعنِي بضمير الْمُؤَنَّث وَهُوَ تَحْرِيف وَلَعَلَّه السَّبَب فِي انقلاب الْمَسْأَلَة على النوري السَّابِع إِذا قَالَ العَبْد لسَيِّده إِن اعتقت عبدا الْيَوْم فلك دِينَار فَأعتق الْمُتَكَلّم فَيتَّجه بِنَاؤُه على أَن الْمُتَكَلّم يدْخل فِي عُمُوم كَلَامه أم لَا فَإِن أعتق غَيره فَإِن كَانَ قبل عتق الْمُتَكَلّم فَالْقِيَاس تَخْرِيج الْوُجُوب فِي ذمَّة الْمُتَكَلّم على أَن السَّيِّد هَل يجب لَهُ على عَبده شي ام لَا وَإِن كَانَ بعده وصححنا ذَاك وَهُوَ مَا قبل الْعتْق فَهَذَا أولى وَإِن لم نصححه فَالْمُتَّجه الْبطلَان هُنَا لعدم أَهْلِيَّته حَال الِالْتِزَام بِخِلَاف الْتِزَامه فِي حق نَفسه فَإِنَّهُ صَحِيح للضَّرُورَة فَإِن خَاطب العَبْد بذلك أَجْنَبِيّا فَأعتق الْأَجْنَبِيّ عَبده فَيتَّجه بِنَاؤُه وَقِيَاس الطَّلَاق من هَذَا الْفَرْع لَا يخفى وَقد يتَّجه بِنَاؤُه على ضَمَان العَبْد بِغَيْر إِذن سَيّده أَو على الْتِزَام الْأمة مَالا للزَّوْج على خلعها بِغَيْر الْإِذْن وَإِن كَانَ الصَّحِيح فِي الْخلْع الصِّحَّة لظُهُور الْغَرَض فِيهِ بِخِلَاف الضَّمَان وَيتَّجه إِلْحَاق الْعتْق بِالْخلْعِ لَا بِالضَّمَانِ

الثَّامِن هَل كَانَ يجوز لَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أَن يجمع بَين الْمَرْأَة وعمتها أَو خَالَتهَا فِيهِ وَجْهَان حَكَاهُمَا الرَّافِعِيّ من غير تَرْجِيح وبناهما على هَذِه الْقَاعِدَة قَالَ وَأما الْجمع بَينهَا وَبَين أُخْتهَا أَو أمهَا أَو بنتهَا فَلَا يجوز لَهُ ذَلِك وَقيل فِيهِ وَجْهَان أَيْضا وَأما نِكَاحه بِلَا ولي وَلَا شُهُود فَفِيهِ وَجْهَان وأصحهما الْجَوَاز قَالَ الشَّيْخ أَبُو حَامِد وهما مبنيان على مَا ذَكرْنَاهُ فَإِنَّهُ قد قَالَ لَا نِكَاح إِلَّا بولِي مرشد وشاهدي عدل قلت وَدخُول هَذَا وَأَمْثَاله فِي هَذِه الْقَاعِدَة فِيهِ نظر لِأَن الْمَحْكُوم عَلَيْهِ هُنَا إِنَّمَا هُوَ نفي مَاهِيَّة النِّكَاح عِنْد انْتِفَاء ذَلِك فتنتفي تِلْكَ الْمَاهِيّة ايضا فِي حَقه عملا بِهَذَا الحَدِيث وَلم يَأْتِ بِلَفْظ عَام للأشخاص حَتَّى نقُول هَل دخل فيهم أم لَا فَاسْتَحْضر مَا ذَكرْنَاهُ وَأخرجه هُوَ وَأَمْثَاله عَن هَذِه الْقَاعِدَة بِخِلَاف نَحْو قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام لَا تنْكح الْمَرْأَة على عَمَّتهَا وَلَا على خَالَتهَا لِأَن مَعْنَاهُ

لَا ينْكح أحد وَحِينَئِذٍ فَيصح تَخْرِيج الْخلاف الْمُتَقَدّم فِي الْعمة وَالْخَالَة عَلَيْهِ التَّاسِع لَو قَالَ وَالله لَأَضرِبَن جَمِيع من فِي الدَّار لم يدْخل الْحَالِف فِي الْيَمين كَذَا ذكره فِي كتاب الْوَصِيَّة من الْبَحْر قبيل بَاب الْوَصِيَّة لِلْقَرَابَةِ بِنَحْوِ ورقتين وَشَيْء الْعَاشِر لَو أقرّ لوَرَثَة أَبِيه بِمَال وَكَانَ هُوَ أحدهم فَإِنَّهُ لَا يدْخل لِأَن الْمُتَكَلّم لَا يدْخل فِي عُمُوم كَلَامه كَذَا رَأَيْته فِي الأمالي للسرخسي فِي كتاب الْوَقْف وصوره بِالْمَالِ كَمَا ذكرت وَهُوَ شَامِل للعين وَالدّين فَإِن كَانَ عينا فالتخريج على الْقَاعِدَة وَاضح وَكَذَلِكَ إِن كَانَ دينا وَكَانَ على الْمَيِّت دين وفرعنا على أَن الدّين يمْنَع انْتِقَال التَّرِكَة وَأما إِذا قُلْنَا إِنَّه لَا يمْنَع فَلَا يدْخل لِاسْتِحَالَة أَن يكون لَهُ على نَفسه بِخِلَاف الْعين فَإِنَّهُ لَا يَأْتِي فِيهَا هَذَا الْمَعْنى ثمَّ قَالَ السَّرخسِيّ هَذَا إِذا طلق فَإِن نَص على نَفسه فَقيل كالوقف على نَفسه وَقيل يَصح قولا وَاحِدًا لِأَن الْعلَّة هُنَاكَ أَنه لم ينْقل الْملك مِنْهُ إِلَى غَيره وَهنا قد حصل النَّقْل ثمَّ نقل من غَيره لنَفسِهِ قَالَ وعَلى هَذِه الطَّرِيقَة لَو وقف شَيْئا على الْفُقَرَاء وَشرط أَنه لَو افْتقر لدخل مَعَهم فَإِنَّهُ يَصح الْحَادِي عشر قَالَ إِن كلمت رجلا فَأَنت طَالِق فكلمت زَوجهَا وَقع الطَّلَاق عِنْد أَصْحَابنَا كَذَا ذكره القَاضِي الْحُسَيْن فِي تعليقته فِي أثْنَاء بَاب تَعْلِيق الطَّلَاق بِالْوَقْتِ ثمَّ قَالَ وَهُوَ

مسألة

مُشكل لأَنا نعلم بِالْعَادَةِ أَن المُرَاد هُوَ الْأَجْنَبِيّ الثَّانِي عشر إِذا قَالَ وَالله لَا يدْخل دَاري أحد وَلَا يلبس ثوبي أحد فَلَا يدْخل الْحَالِف لِأَن النكرَة مُغَايرَة للمعرفة فَلَا يدْخل تحتهَا وَلَو عرف نَفسه بِإِضَافَة الْفِعْل بِأَن قَالَ لَا ألبس هَذَا الْقَمِيص أحدا أَو عرف غَيره بِالْإِضَافَة إِلَيْهِ فَقَالَ لَا يدْخل دَار فلَان أحد أَو لَا يلبس قَمِيصه أحد فَإِنَّهُ لَا يدْخل الْمُضَاف إِلَيْهِ لِأَنَّهُ صَار مُعَرفا وَكَذَا لَو قَالَ لَا يقطع هَذِه الْيَد أحد وَأَشَارَ إِلَى يَده فَإِن الْحَالِف لَا يدْخل وَكَذَا نقل الرَّافِعِيّ هَذِه الْفُرُوع كلهَا فِي آخر كتاب الْأَيْمَان عَن الْحَنَفِيَّة ثمَّ قَالَ وَقد يتَوَقَّف فِي هَذِه الصُّورَة الْأَخِيرَة وَالسَّابِق إِلَى الْفَهم فِي غَيرهَا مَا ذَكرُوهُ وَيجوز أَن تخرج الصُّورَة الأولى على الْخلاف فِي أَن الْمُتَكَلّم هَل ينْدَرج تَحت الْعُمُوم أم لَا انْتهى كَلَام الرَّافِعِيّ زَاد النَّوَوِيّ فَقَالَ قلت الْجَزْم بِكُل مَا ذَكرُوهُ وَالله أعلم مَسْأَلَة 20 الْمُخَاطب بِالْفَتْح هَل يدْخل فِي العمومات الْوَاقِعَة مَعَه كمن وَالَّذين وَنَحْوهمَا لَا يحضرني الْآن للأصوليين فِيهَا كَلَام وَلَا يبعد تخريجها على الْمَسْأَلَة السَّابِقَة

إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - إِذا قَالَ لَهُ أعْط هَذَا لمن شِئْت أَو اصْنَع فِيهِ مَا شِئْت فَلَيْسَ لَهُ أَخذه فَلَو قَالَ ضَعْهُ فِي نَفسك إِن شِئْت قَالَه فِي الرَّوْضَة فِي آخر الْبَاب الثَّانِي من ابواب الْوكَالَة وَلَيْسَ كَمَا قَالَ بل الصَّوَاب وَهُوَ الْمَنْصُوص للشَّافِعِيّ كَمَا قَالَه فِي الْبَحْر أَنه يجوز 2 وَمِنْهَا أَنه لَو وَكله فِي إِبْرَاء نَفسه صَحَّ على الصَّحِيح فَلَو قَالَ وَكلتك فِي إِبْرَاء غرمائي وَكَانَ هُوَ مِنْهُم لم يدْخل كَذَا قَالَه فِي الرَّوْضَة فِي الْوكَالَة أَيْضا وَصرح بِهِ القَاضِي أَبُو الطّيب فِي الْوكَالَة من تعليقته وَعلله بقوله لِأَن الْمَذْهَب الصَّحِيح أَن الْمُخَاطب لَا يدْخل فِي عُمُوم أَمر الْمُخَاطب لَهُ 3 - وَمِنْهَا الْمُؤَذّن هَل يسْتَحبّ لَهُ أَن يُجيب نَفسه أم لَا فِيهِ نظر 4 - وَمِنْهَا أَنه لَو أوصى لعَبْدِهِ بِنَفسِهِ فَقبل العَبْد ذَلِك صَحَّ وَعتق فَلَو قَالَ أوصيت لَهُ بِجَمِيعِ مَالِي فَقبل لم يَصح لِأَن العَبْد لَا يدْخل فِي هَذَا الْعُمُوم وَيلْزم حِينَئِذٍ بطلَان الثَّانِي كَذَا قَالَه فِي كتاب الْوَصِيَّة من الْبَحْر قبيل بَاب الْوَصِيَّة لِلْقَرَابَةِ بِنَحْوِ ورقتين وَشَيْء

5 - وَمِنْهَا إِذا أذن لعَبْدِهِ أَن يتجر فِي مَاله فَلَيْسَ لَهُ أَن يَبِيع نَفسه وَلَا أَن يؤجرها وَإِن كَانَ يجوز لَهُ إِيجَار أَمْوَال التِّجَارَة 6 - وَمِنْهَا إِذا أوصى لعَبْدِهِ بِثلث مَاله فَقَالَ فِي الْبَحْر فِي آخر بَاب الْكِتَابَة قَالَ بعض أَصْحَابنَا بخراسان فِيهِ ثَلَاثَة أوجه أَحدهَا تبطل الْوَصِيَّة وَالثَّانِي تصح بِثلث نَفسه فَقَط وَالثَّالِث تصح بِجَمِيعِ ثلثه وَتقدم نَفسه عَلَيْهِ هَذَا كَلَامه فَأَما بطلَان الْوَصِيَّة مُطلقًا فَيمكن تَوْجِيهه بِأَنَّهُ لَا يَصح فِي نَفسه بِنَاء على أَن الْمُخَاطب لَا ينْدَرج وَإِذا لم يَصح بِالنِّسْبَةِ إِلَى نَفسه لم يعْتق وَحِينَئِذٍ فَلَا يَصح فِيمَا عداهُ لبَقَائه على الرّقّ وَإِن كَانَت الْوَصِيَّة للْعَبد صَحِيحَة لِأَن هَذَا العَبْد ينْتَقل مِنْهُ إِلَى وَارثه وَالْوَصِيَّة للْوَارِث بَاطِلَة فِي وَجه وَأما تَوْجِيه الثَّانِي فَلِأَن الْوَصِيَّة للْعَبد بِرَقَبَة نَفسه صَحِيحَة لِأَن الْعتْق يَتَرَتَّب عَلَيْهَا وَلَيْسَ فِيهَا انْتِقَال الْملك فِيهِ لأحد فَلذَلِك نفذناها فِيمَا يَخُصهَا وَهُوَ الثُّلُث وَلَا تصح فِيمَا عداهُ فَإِنَّهَا لَو صحت لدخل بعض ذَلِك فِي ملك الْوَرَثَة وَهُوَ بَاطِل لما سبق وَوجه الثَّالِث وَاضح وَإِنَّمَا قدمنَا نَفسه لتصح الْوَصِيَّة بِجَمِيعِ الثُّلُث 7 - وَمِنْهَا إِذا قَالَت الْمَرْأَة لوَلِيّهَا الَّذِي يحل لَهُ أَن يتَزَوَّج بهَا كَابْن عَمها زَوجنِي مِمَّن شِئْت فَلَيْسَ للْقَاضِي تَزْوِيجه بهَا بِهَذَا الْإِذْن لِأَن الْمَفْهُوم مِنْهُ التَّزْوِيج بأجنبي كَذَا ذكره الرَّافِعِيّ حكما وتعليلا وَمُقْتَضى هَذِه الْعلَّة أَن الابْن لَو قَالَ لِأَبِيهِ بِعْ هَذِه الْعين بِعشْرَة مِمَّن شِئْت أَنه لَا يجوز البيع لنَفسِهِ بذلك وَإِن كَانَ يجوز لَهُ بيع

مسألة

مَال وَلَده الْمَحْجُور عَلَيْهِ من نَفسه لكَونه لَا يتهم بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ وَفِيمَا قَالَه نظر وَقد ذكرُوا فرعا آخر مُقْتَضَاهُ الْجَوَاز سبق ذكره فِي الْفَصْل التَّاسِع من الْبَاب الأول 8 - وَمِنْهَا إِذا قَالَ لزوجته طَلِّقِي من نسَائِي من شِئْت فَلَيْسَ لَهَا أَن تطلق نَفسهَا سَوَاء كَانَ لَهُ ثَلَاث غَيرهَا أم أقل كَذَا ذكره القَاضِي الْحُسَيْن فِي تَعْلِيقه فِي أثْنَاء بَاب تَعْلِيق الطَّلَاق بِالْوَقْتِ وَفِيمَا إِذا لم يكن لَهُ ثَلَاث غَيرهَا نظر مَسْأَلَة 21 الْعُمُوم الْوَارِد من الشَّرْع كالمسلمين وَالْمُؤمنِينَ وَنَحْوهمَا هَل يتَنَاوَل الرَّقِيق فِيهِ مذهبان الْأَكْثَرُونَ كَمَا قَالَه ابْن الْحَاجِب نعم لأَنهم مِنْهُم وَالثَّانِي إِن كَانَ الْخطاب بِحَق الله تَعَالَى شملهم وَإِن كَانَ بِحَق الْآدَمِيّين فَلَا لِأَنَّهُ قد ثَبت صرف مَنَافِعه إِلَى سَيّده فَلَو خُوطِبَ بصرفها إِلَى غَيره لتناقض وَحكى الْمَاوَرْدِيّ فِي

مسألة

الْحَاوِي وَالرُّويَانِيّ فِي الْبَحْر كِلَاهُمَا فِي كتاب الْقَضَاء فِي الْمَسْأَلَة ثَلَاثَة أوجه لِأَصْحَابِنَا من غير تَرْجِيح أَحدهَا يدْخلُونَ مُطلقًا لما سبق وَالثَّانِي لَا مُطلقًا لأَنهم أَتبَاع وَالثَّالِث إِن تضمن الْخطاب تعبدا دخلُوا وَإِن تضمن ملكا أَو عقدا أَو ولَايَة فَلَا إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - وجوب الْإِحْرَام بِالْحَجِّ أَو الْعمرَة إِذا إِذن لَهُ السَّيِّد فِي دُخُول الْحرم فَإِنَّهُ قد رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس مَوْقُوفا وَمَرْفُوعًا لَا يدْخل مَكَّة أحد إِلَّا محرما وَالصَّحِيح عدم الْوُجُوب 2 - وومنها وجوب الْجُمُعَة عَلَيْهِ إِذا أذن لَهُ سَيّده فِي حُضُورهَا لِأَن الْمَانِع من جِهَة السَّيِّد قد انْتَفَى وَالصَّحِيح أَيْضا الْمَنْع مَسْأَلَة 22 لفظ الذُّكُور وَهُوَ الَّذِي يمتاز عَن الْإِنَاث بعلامة كالمسلمين وفعلوا وَنَحْو ذَلِك لَا يدْخل فِيهِ الْإِنَاث تبعا خلافًا للحنابلة كَذَا ذكره الْآمِدِيّ وَابْن الْحَاجِب وَصَححهُ أَيْضا من اصحابنا الْمَاوَرْدِيّ

فِي الْحَاوِي وَالرُّويَانِيّ فِي الْبَحْر كِلَاهُمَا فِي بَاب الْقَضَاء دليلنا عطفهن عَلَيْهِم فِي قَوْله تَعَالَى {إِن الْمُسلمين وَالْمُسلمَات وَالْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات} إِلَى آخر الْآيَة والعطف يَقْتَضِي الْمُغَايرَة فَإِن ادّعى الْخصم أَن ذكرهن للتنصيص عَلَيْهِنَّ ففائدة التأسيس أولى إِذا علمت ذَلِك فللمسألة فروع أَحدهَا إِذا وقف على بني زيد فَإِنَّهُنَّ لَا يدخلن الثَّانِي إِذا قَالَ وقفت على بني تَمِيم أَو بني هَاشم وَنَحْو ذَلِك فَالْأَصَحّ دخولهن لِأَن الْقَصْد الْجِهَة الثَّالِث لَو خَاطب ذُكُورا وإناثا بِبيع أَو وقف أَو غَيرهمَا فَقَالَ بعتكم أَو ملكتكم أَو وقفت عَلَيْكُم فَالْقِيَاس عدم دخولهن فَإِن ادّعى إرادتهن فَالْقِيَاس الْقبُول مَا دَامَ لَهُ الرُّجُوع عَن الْإِيجَاب بإن كَانَ ذَلِك قبل الْقبُول أَو بعده وَكَانَ الْخِيَار بَاقِيا فَإِن كَانَ بعد اللُّزُوم فقد يُقَال لَا يقبل لتَعلق حق الذُّكُور لَا سِيمَا أَن الْحمل عَلَيْهِ مجَازًا وَالْمجَاز لَا يُصَار إِلَيْهِ إِلَّا بِدَلِيل يدل على ترك الْحَقِيقَة وَلَا يَكْفِي مُجَرّد وجود العلاقة لِأَنَّهَا مصححة للآستعمال لَا للْحَمْل إِذا علمت مَا ذكرته بحثا فَاعْلَم ان القَاضِي أَبَا الْفتُوح صَاحب كتاب أَحْكَام الخناثا قد ذكر فِي آخر كِتَابه مَا يُخَالف ذَلِك فَقَالَ

لَو كَانَ لَهُ رَقِيق كفار فَقَالَ من آمن مِنْكُم فَهُوَ حر دخل فِيهِ الذُّكُور وَالْإِنَاث والخناثا وَكَذَا لَو قَالَ كل نفس آمَنت فَهِيَ حرَّة وَمَا ذكره آخرا قد يشكل على مَا إِذا قَالَ وكلت كل من أَرَادَ بيع دَاري فِي بيعهَا فَإِنَّهُ لَا يَصح كَمَا جزم بِهِ الرَّافِعِيّ وَقَالَ لَا بُد أَن يكون معينا نوع تعْيين وَقد يُجَاب بِأَن اخْتِصَاص الْعتْق بِالْملكِ قرينَة تَقْتَضِي تَخْصِيص الْكَلَام بِهِ بِخِلَاف التَّوْكِيل فَإِنَّهُ لَا قرينَة بِالْكُلِّيَّةِ وَقد بسطت الْمَسْأَلَة فِي كتَابنَا إِيضَاح الْمُشكل من أَحْكَام الْخُنْثَى الْمُشكل الرَّابِع إِذا صلت الْمَرْأَة وَأَتَتْ بِدُعَاء الاستفتاح فَهَل تَقول فِيهِ وَمَا أَنا من الْمُشْركين وَتقول أَيْضا وَأَنا من الْمُسلمين أَو تَأتي بِجمع الْمُؤَنَّث لم أر من صرح بِالْمَسْأَلَة وَالْقِيَاس الثَّانِي بِلَا شكّ لَكِن روى الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه عَن عمرَان بن الْحصين رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقن فَاطِمَة هَذَا الذّكر فِي ذبح الْأُضْحِية بِلَفْظ الذُّكُور فَقَالَ لَهَا قومِي فاشهدي أضحيتك وَقَوْلِي إِن صَلَاتي ونسكي ومحياي إِلَى قَوْله من الْمُسلمين الْخَامِس الدُّعَاء فِي الْخطْبَة وَاجِب للْمُؤْمِنين وَالْمُؤْمِنَات نَص عَلَيْهِ جمَاعَة مِنْهُم الفوارني فِي الْإِبَانَة وَالْمُتوَلِّيّ فِي التَّتِمَّة وَالْإِمَام

فِي النِّهَايَة وَالْغَزالِيّ فِي الْوَسِيط فَقَالَ الرُّكْن الرَّابِع الدُّعَاء للْمُؤْمِنين وَالْمُؤْمِنَات وَأقله أَن يَقُول للحاضرين رحمكم الله هَذِه عبارَة الْغَزالِيّ فَإِذا تقرر أَن الدُّعَاء يجب لِلْفَرِيقَيْنِ فمقتضاه أَنه لَو صرح بتخصيص الرِّجَال أَو النِّسَاء لم يجز وَلَو اقْتصر على لفظ الْمُؤمنِينَ فقياسه أَن يتَخَرَّج على الْخلاف وَجزم الرَّافِعِيّ بالاكتفاء وَزَاد فَقَالَ يَكْفِي أَن يَقُول للحاضرين رحمكم الله وَهَذَا الْمِثَال أَيْضا من هَذِه الْقَاعِدَة لِأَنَّهُ خطاب للذكور والحاضرون ينقسمون إِلَى ذُكُور وإناث السَّادِس مَسْأَلَة الْوَاعِظ الْمَشْهُورَة وَهِي أَن واعظا طلب من الْحَاضِرين شَيْئا فَلم يعطوه فَقَالَ متضجرا مِنْهُم طلقتكم ثَلَاثًا ثمَّ تبين أَن زَوجته كَانَت فيهم قَالَ الْغَزالِيّ فِي الْبَسِيط أفتى إِمَام الْحَرَمَيْنِ بِوُقُوع الطَّلَاق قَالَ وَفِي الْقلب مِنْهُ شَيْء قَالَ الرَّافِعِيّ وَلَك أَن تَقول يَنْبَغِي أَن لَا تطلق لِأَن قَوْله طلقتكم لفظ عَام وَهُوَ يقبل الِاسْتِثْنَاء بِالنِّيَّةِ كَمَا لَو حلف لَا يسلم على زيد فَسلم على قوم هُوَ فيهم واستثناه بِقَلْبِه لَا يَحْنَث وَإِذا لم يعلم أَن زَوجته فِي الْقَوْم كَانَ مَقْصُوده غَيرهَا وَاعْترض فِي الرَّوْضَة فَقَالَ الَّذِي قَالَه إِمَام الْحَرَمَيْنِ والرافعي كِلَاهُمَا عجب أما الْعجب من الرَّافِعِيّ فَلِأَن هَذِه الْمَسْأَلَة لَيست كَمَسْأَلَة السَّلَام على زيد لِأَنَّهُ هُنَاكَ علم بِهِ واستثناه وَهنا لم يعلم بهَا وَلم يستثنها وَاللَّفْظ إِذا كَانَ عَاما يَقْتَضِي الْجَمِيع إِلَّا مَا أخرجه وَلم يُخرجهَا وَأما

الْعجب من الإِمَام فَلِأَنَّهُ يشْتَرط قصد لفظ الطَّلَاق لمعناه وَلَا يَكْفِي قصد لَفظه من غير قصد مَعْنَاهُ وَمَعْلُوم أَن هَذَا الْوَاعِظ لم يقْصد معنى الطَّلَاق وَأَيْضًا فقد علم أَن جُمْهُور أَصْحَابنَا على أَن النِّسَاء لَا يدخلن فِي خطاب الرِّجَال إِلَّا بِدَلِيل وَقَوله طلقتكم خطاب رجال فَلَا تدخل امْرَأَته فِيهِ فَيَنْبَغِي لأجل ذَلِك أَن لَا تطلق انْتهى كَلَام النَّوَوِيّ وَالَّذِي اعْترض بِهِ رَحمَه الله فَاسد وَذَلِكَ لِأَن الرَّافِعِيّ ذكر مقدمتين ليستبيح بهما عدم الْوُقُوع الأولى أَن طلقتكم عَام قَابل للاستثناء قِيَاسا على مَا ذكره الْأَصْحَاب فِيمَا إِذا قَالَ السَّلَام عَلَيْكُم والمقدمة الثَّانِيَة أَنه إِذا لم يعلم أَن زَوجته فِي الْقَوْم يكون مَقْصُوده بِالطَّلَاق غَيرهَا لِأَن قَصدهَا يَسْتَدْعِي الْعلم بهَا وَقصد غَيرهَا تَخْصِيص للفظ إِذا علمت ذَلِك فَفِيمَا ذكره الرَّافِعِيّ أَمْرَانِ أَحدهمَا أَن الْمُقدمَة الأولى وَاضِحَة الصِّحَّة وَقد توهم النَّوَوِيّ أَن مُرَاد الرَّافِعِيّ بهَا إِثْبَات عدم الطَّلَاق بِالْقِيَاسِ على السَّلَام فشرع يفرق بَينهمَا بِمَا سبق الْأَمر الثَّانِي أَن الْمُقدمَة الثَّانِيَة لَيست صَحِيحَة وَذَلِكَ أَن الْوَاعِظ الْمَذْكُور قصد خطاب الْحَاضِرين جَمِيعهم بِالطَّلَاق غير أَنه لم

يعلم أَن زَوجته فيهم وَعدم الْعلم عِنْد قصد الْخطاب بِاللَّفْظِ الصَّالح للإيقاع لَا يمْنَع الْإِيقَاع وَلِهَذَا إِذا خَاطب زَوجته بِالطَّلَاق مُعْتَقدًا أَنَّهَا أَجْنَبِيَّة وَقع عَلَيْهِ فههنا كَذَلِك بل أولى لِأَنَّهُ لم تخطر لَهُ زَوجته لَا نفيا وَلَا إِثْبَاتًا وَحِينَئِذٍ فَلَا يلْزم من عدم علمه بِكَوْنِهَا فيهم أَن يكون مَقْصُوده غَيرهَا فَقَط لَا هِيَ فَإِنَّهُ قد لَا يستحضرها بِالْكُلِّيَّةِ بل يقْصد المخاطبين ذاهلا عَن حكم الزَّوْجَة وَأما دَعوَاهُم أَن قصد بعض الْأَفْرَاد يخصص فَاعْلَم أَن هَذِه الْمَسْأَلَة كَثِيرَة الْوُقُوع فِي الْفَتَاوَى وتلتبس على من لَا اطلَاع لَدَيْهِ وَلَا تَحْقِيق وإيضاح الصَّوَاب فِيهَا أَن نقُول إِذا قَالَ الشَّخْص مثلا وَالله لَا كلمت أَوْلَاد زيد فَلهُ أَحْوَال أَحدهَا أَن لَا يقْصد شَيْئا معينا فَلَا إِشْكَال فِي حنثه بِالْجَمِيعِ لِأَن اللَّفْظ يدل على الْجَمِيع بِالْوَضْعِ فَلم يحْتَج إِلَى قَصده الثَّانِي أَن يقْصد إِخْرَاج بَعضهم ويقصد مَعَ ذَلِك إِثْبَات الْبَاقِي أَو لَا يقْصد شَيْئا فَلَا إِشْكَال فِي عدم الْحِنْث بالمخرج لِأَنَّهُ خصص يَمِينه بِالْبَعْضِ الثَّالِث أَن يقْصد بعض الْأَفْرَاد ويسكت عَمَّا عداهُ فَهَذَا هُوَ مَحل الالتباس وَالْحق فِيهِ الْحِنْث بِالْجَمِيعِ أَيْضا لِأَن دلَالَة اللَّفْظ عَلَيْهِ مَوْجُودَة غير أَنه اكد بعض الْأَفْرَاد بِقَصْدِهِ فَاجْتمع على الْبَعْض الْمَنوِي قَصده وَدلَالَة اللَّفْظ وَوجد فِي غير الْمَنوِي دلَالَة اللَّفْظ فَقَط وَهِي كَافِيَة لما ذكرنَا

وَهَذَا الَّذِي ذكرته قد أجَاب بِهِ الْقَرَافِيّ بِعَيْنِه وخلاصة الْفرق بَين الْقَصْد إِلَى الْبَعْض وَبَين تَخْصِيص الْبَعْض فَإِن الثَّانِي يَسْتَدْعِي إِخْرَاج غَيره إِذْ التَّخْصِيص هُوَ الْإِخْرَاج نعم إِن قصد إِخْرَاج اللَّفْظ عَمَّا وضع لَهُ واستعماله فِي بعضه مجَازًا فَمَعْنَاه التَّخْصِيص وَلَا يَحْنَث بِغَيْر الْمَقْصُود السَّابِع أَن الله تَعَالَى جعل أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ فَقَالَ تَعَالَى {النَّبِي أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم} قَالَ الْأَصْحَاب وَذَلِكَ فِي تَحْرِيم نِكَاحهنَّ وَوُجُوب احترامهن وطاعتهن لَا فِي النّظر وَالْخلْوَة وَقيل يُطلق اسْم الاخوة على بناتهن والخؤولة على إخوتهن وأخواتهن لثُبُوت حُرْمَة الأمومة لَهُنَّ إِذا علمت ذَلِك فَهَل تدخل الْإِنَاث فِيمَا ذَكرْنَاهُ فِيهِ خلاف تعرض لَهُ فِي الرَّوْضَة فَقَالَ قَالَ الْبَغَوِيّ كن أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ من الرِّجَال دون النِّسَاء رُوِيَ ذَلِك عَن عَائِشَة وَهَذَا جَار على الصَّحِيح فِي الْأُصُول أَن النِّسَاء لَا يدخلن قَالَ وَحكى الْمَاوَرْدِيّ فِي تَفْسِيره خلافًا فِي كونهن أُمَّهَات الْمُؤْمِنَات قَالَ بعض أَصْحَابنَا وَلَا يجوز أَن يُقَال إِنَّه أَبُو الْمُؤمنِينَ لقَوْله تَعَالَى {مَا كَانَ مُحَمَّد أَبَا أحد من رجالكم} وَنَصّ الشَّافِعِي على

مسألة

جَوَاز إِطْلَاق الْأُبُوَّة أَي فِي الاحترام وَمعنى الْآيَة انْتِفَاء أبوة النّسَب مَسْأَلَة 23 خطاب المشافهة نَحْو يَا أَيهَا النَّاس لَيْسَ خطابا لمن بعدهمْ وَإِنَّمَا يثبت الحكم بِدَلِيل آخر كالإجماع أَو الْقيَاس كَذَا قَالَه فِي الْمَحْصُول وَصَححهُ أَيْضا الْآمِدِيّ وَابْن الْحَاجِب ونقلوا عَن الْحَنَابِلَة أَنه يعمهم لنا أَنه إِذا لم يتَنَاوَل الصَّبِي وَالْمَجْنُون فالمعدوم أولى إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا إِذا خَاطب عُبَيْدَة فَقَالَ مثلا يَا عَبِيدِي ليحمل كل وَاحِد مِنْكُم حجرا من هَذِه الْأَحْجَار ثمَّ اشْترى عبدا فَهَل يدْخل فِي ذَلِك أم لَا وَاعْلَم أَن اسْتِدْلَال بَعضهم يشْعر بِأَن الْخلاف فِي يَا أَيهَا النَّاس وَنَحْوه يجْرِي فِي جَمِيع الْمُكَلّفين بشريعتنا حَتَّى يدْخل الْإِنْس وَالْجِنّ وَحِينَئِذٍ فَيكون قَوْله تَعَالَى {واستشهدوا شهيدين من رجالكم} وَقَوله

مسألة

{ذَوي عدل مِنْكُم} دَلِيل على الِاكْتِفَاء بِاثْنَيْنِ من الْجِنّ وَفِيه نظر مَسْأَلَة 24 ذكر الْغَزالِيّ والآمدي وَابْن الْحَاجِب وَغَيرهم أَنه لَا يجوز التَّمَسُّك بِالْعَام قبل الْبَحْث عَن الْمُخَصّص بِالْإِجْمَاع ثمَّ اخْتلفُوا فَقيل يجب الْبَحْث إِلَى أَن يغلب على الظَّن عدم الْمُخَصّص وَنَقله الْآمِدِيّ عَن الْأَكْثَرين وَابْن سُرَيج قَالَ وَذهب القَاضِي

وَجَمَاعَة إِلَى أَنه لَا بُد من الْقطع بِعَدَمِهِ وَيحصل ذَلِك بِتَكَرُّر النّظر والبحث واشتهار كَلَام الْعلمَاء فِيهَا من غير أَن يذكر أحد مِنْهُم مُخَصّصا وَحكى الْغَزالِيّ قولا ثَالِثا أَنه لَا يَكْفِي الظَّن وَلَا يشْتَرط الْقطع بل لَا بُد من اعْتِقَاد جازم وَسُكُون نفس بانتفائه قَالَ ابْن الْحَاجِب وَهَكَذَا القَوْل فِي كل دَلِيل مَعَ مُعَارضَة نعم هَل يجب قبل ذَلِك اعْتِقَاد عُمُومه أم لَا قَالَ الصَّيْرَفِي يجب ذَلِك فَإِن ظهر مُخَصص فيتغير ذَلِك الِاعْتِقَاد وَقَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ والآمدي وَغَيرهمَا إِن مَا قَالَه الصَّيْرَفِي خطأ وَاعْلَم أَن الإِمَام فَخر الدّين قد حكى الْخلاف فِي الْمَحْصُول والمنتخب على كَيْفيَّة أُخْرَى مُخَالفَة للطريقة الْمَشْهُورَة الَّتِي قدمناها فَقَالَ جوز الصَّيْرَفِي التَّمَسُّك بِالْعَام قبل الْبَحْث عَن الْمُخَصّص وَمنعه ابْن سُرَيج وَلم يرجح مِنْهُمَا شَيْئا هُنَا لكنه أجَاب عَن دَلِيل ابْن سُرَيج وَسكت عَن دَلِيل الصَّيْرَفِي فأشعر كَلَامه بِالْجَوَازِ وَلِهَذَا صرح بِهِ صَاحب الْحَاصِل فَقَالَ إِنَّه الْمُخْتَار وَتَابعه عَلَيْهِ الْبَيْضَاوِيّ لكنه جزم بِالْمَنْعِ فِيهِ أَعنِي فِي الْمَحْصُول فِي أَوَاخِر الْكَلَام على تَأْخِير الْبَيَان عَن وَقت الْخطاب إِذا علمت ذَلِك فللمسألة فروع 1 - جَوَاز الحكم عِنْد إِقَامَة الْبَيِّنَة بِدُونِ الاعذار إِلَى الْغَرِيم جوزه

الشَّافِعِي وَمنعه أَبُو حنيفَة وَلَا شكّ أَن حكم الْحَاكِم بِالْبَيِّنَةِ اَوْ بِالْإِقْرَارِ قبل الفحص عَن الْمعَارض كالعمل بِالدَّلِيلِ قبل الفحص عَن معارضه 2 - وَمِنْهَا مَا ذكره الرَّافِعِيّ فِي الْبَاب الثَّالِث من أَبْوَاب الْخلْع وَهُوَ مَبْنِيّ على مُقَدّمَة وَهِي أَنه إِذا علق الطَّلَاق فَقَالَ إِن اعطيتني ألفا فَأَنت طَالِق فَإِنَّهَا تطلق بِأَيّ نقد أَعْطيته إِلَّا انها إِذا أَعطَتْهُ غير الْغَالِب كَانَ للزَّوْج رده والمطالبة بالغالب بِخِلَاف مالو قَالَ مثلا طَلقتك على الف فَإِنَّهُ ينزل على الْغَالِب على قَاعِدَة الْمُعَامَلَات لكَونه لَيْسَ بتعليق وَإِن كَانَ هُنَاكَ دَرَاهِم عددية نَاقِصَة أَو وازنة نزلت الْمُعَامَلَة عَلَيْهَا على الصَّحِيح بِخِلَاف التَّعْلِيق فَإِنَّهُ لَا ينزل عَلَيْهَا بل على الدِّرْهَم الشَّرْعِيّ وَهُوَ الوازن فَلَو فسره الْمُعَلق بِالدَّرَاهِمِ الْمُعْتَادَة وَكَانَت زَائِدَة قبلنَا تَفْسِيره على الْمَذْهَب وَلَو كَانَ الْغَالِب فِي الْبَلَد هِيَ المغشوشة فَقَالَ الْبَغَوِيّ وَالْمُتوَلِّيّ ينزل اللَّفْظ عَلَيْهَا وَقَالَ الْغَزالِيّ لَا ينزل وَجعل التَّفْسِير بالمغشوشة كالتفسير بالناقصة قَالَ الرَّافِعِيّ وَيُشبه أَن يكون مَا قَالَه الْغَزالِيّ هُوَ الْأَصَح إِذا علمت هَذِه الْمُقدمَة فَإِذا قبلنَا التَّفْسِير بالناقصة والمغشوشة فَهَل نراجعه ليعبر عَن مَقْصُوده أم ناخذ بِالظَّاهِرِ إِلَّا أَن يعبر فِيهِ احْتِمَالَانِ حَكَاهُمَا الرَّافِعِيّ عَن الْبَسِيط وَرجح فِي الرَّوْضَة من زوائده الثَّانِي فَقَالَ إِنَّه الأفقه وَهَذَا الْفَرْع فِي الْحَقِيقَة من الْقَوَاعِد المهمة

3 - وَمِنْهَا إِذا لَاعن زَوجته وانتفى عَن وَلَدهَا ثمَّ اسْتَلْحقهُ فَقَالَ شخص للْوَلَد لست ابْن فلَان فَهُوَ كَمَا قَالَه لغير الْمَنْفِيّ وَالصَّحِيح فِيهِ أَنه قذف صَرِيح وَبحث الرَّافِعِيّ فِيهِ وَزَاد النَّوَوِيّ عَلَيْهِ فَقَالَ الرَّاجِح فِيهِ مَا قَالَه الْمَاوَرْدِيّ فَإِنَّهُ قَالَ هُوَ قذف عِنْد الْإِطْلَاق فنحده من غير أَن نَسْأَلهُ مَا أَرَادَ فَإِن ادّعى احْتِمَالا مُمكنا كَقَوْلِه لم يكن ابْنه حِين نَفَاهُ قبل قَوْله بِيَمِينِهِ وَلَا حد عَلَيْهِ قَالَ وَالْفرق بَين هَذَا وَبَين مَا قبل الِاسْتِلْحَاق حَيْثُ لَا نحده هُنَاكَ حَتَّى نَسْأَلهُ لِأَن اللَّفْظ كِنَايَة فَلَا يتَعَلَّق بِهِ حد إِلَّا بِالنِّيَّةِ وَهنا ظَاهر لَفْظَة الْقَذْف فحد بِالظَّاهِرِ إِلَّا أَنه يذكر مُحْتملا هَذَا كَلَامه وَهُوَ مُوَافق لما رَجحه من زوائده فِي الْمَسْأَلَة السَّابِقَة فتفطن لهَذِهِ الْقَاعِدَة المهمة 4 - وَمِنْهَا وَهُوَ مَبْنِيّ على فرع ذكره الْمَاوَرْدِيّ فِي كتاب الْقَضَاء من الْحَاوِي فَقَالَ إِذا ورد حَدِيث مُخَالف لما فِي كتاب الله تَعَالَى وَلم يعلم الْمُتَقَدّم فَفِيهِ اوجه أَحدهَا يُؤْخَذ بِالْكتاب وَالثَّانِي بِالسنةِ وَالثَّالِث يتَوَقَّف إِلَى ظُهُور الْمُتَقَدّم قَالَ وَالصَّحِيح عِنْدِي أَن السّنة إِن كَانَت مخصصة عمل بهَا وَإِن كَانَت رَافِعَة بِالْكُلِّيَّةِ فَلَا لِامْتِنَاع نسخهَا للْكتاب إِذا تقرر هَذَا فنعود إِلَى مَسْأَلَتنَا وَهِي أَن خبر الْوَاحِد هَل يجب عرضه على كتاب الله تَعَالَى قبل الْعَمَل بِهِ نقل فِي الْمَحْصُول فِي بَاب الْأَخْبَار أَنه لَا يجب عِنْد الشَّافِعِي وَيجب عِنْد عِيسَى بن أبان

الفصل الثاني في الخصوص

الْفَصْل الثَّانِي فِي الْخُصُوص مَسْأَلَة 1 الْقَابِل للتخصيص هُوَ الحكم الثَّابِت لمتعدد من جِهَة اللَّفْظ كَقَوْلِه تَعَالَى {فَاقْتُلُوا الْمُشْركين} أَو من جِهَة الْمَعْنى كتخصيص الْعلَّة وَمَفْهُوم الْمُوَافقَة وَمَفْهُوم الْمُخَالفَة الْمَسْأَلَة الأولى تَخْصِيص الْعلَّة جوزه بَعضهم وَمنعه الشَّافِعِي وَجُمْهُور الْمُحَقِّقين كَمَا قَالَه فِي الْمَحْصُول فِي الْكَلَام على الِاسْتِحْسَان قَالَ وَهَذَا الْخلاف هُوَ الْخلاف الْآتِي فِي الْقيَاس فِي أَن النَّقْض هَل يقْدَح فِي الْعلَّة أم لَا وَالْمُخْتَار أَنه إِن كَانَ النَّقْض لمَانع لم يقْدَح وَإِلَّا قدح

إِذا تقرر ذَلِك كُله فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - جَوَاز الْعَرَايَا وَهُوَ بيع الرطب على رُؤُوس النّخل بِالتَّمْرِ على وَجه الأَرْض فَإِن الشَّارِع نهى عَن بيع الرطب بِالتَّمْرِ وَعلله بِالنُّقْصَانِ عِنْد الْجَفَاف وَذَلِكَ بِعَيْنِه مَوْجُود فِي الْعَرَايَا مَعَ الِاتِّفَاق على جَوَازه إِلَّا ان ذَلِك كالمستثنى من الْقَاعِدَة فَلذَلِك اتَّفقُوا على جَوَازهَا مَعَ بَقَاء التَّعْلِيل الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة مَفْهُوم الْمُوَافقَة كَقَوْلِه تَعَالَى {فَلَا تقل لَهما أُفٍّ} يدل بمنطوقه على تَحْرِيم التأفيف وبمفهومه على تَحْرِيم الضَّرْب وَسَائِر أَنْوَاع الْأَذَى فَيجوز تَخْصِيصه لِأَنَّهُ دَلِيل عَام إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - جَوَاز حبس الْوَالِد لحق الْوَلَد وَفِيه ثَلَاثَة أوجه حَكَاهَا الرَّافِعِيّ فِي كتاب الشَّهَادَات وَقَالَ إِن أَصَحهَا عدم الْحَبْس وَالثَّانِي يحبس وَالثَّالِث إِن كَانَ دين نَفَقَة عَلَيْهِ حبس فِيهِ وَإِن كَانَ غَيره فَلَا وَحكى فِي الْفلس وَجْهَيْن من غير تَصْرِيح بترجيح وَاخْتَارَ صَاحب الْحَاوِي الصَّغِير حَبسه مُطلقًا وَلَو ورد دَلِيل يدل على إِخْرَاج الملفوظ بِهِ وَهُوَ التأفيف فِي مثالنا فَإِنَّهُ لَا يكون تَخْصِيصًا بل نسخا لَهُ وللمفهوم أَيْضا لِأَن رفع الأَصْل يسْتَلْزم رفع الْفَرْع

الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة مَفْهُوم الْمُخَالفَة كَقَوْلِه إِذا بلغ المَاء قُلَّتَيْنِ لم يحمل خبثا أَي لم يَتَنَجَّس فَإِنَّهُ يدل مَفْهُومه على ان مَا دون الْقلَّتَيْنِ يَتَنَجَّس بِمُجَرَّد ملاقاة النَّجَاسَة فَيجوز تَخْصِيصه لما سبق من كَونه دَلِيلا عَاما إِذا تقرر ذَلِك فللمسألة وَهِي تَخْصِيص الْمَفْهُوم الْمَذْكُور فروع مُتَعَلقَة بِهَذَا الْمِثَال الْمَذْكُور فِي المَاء وجميعها يَقْتَضِي عدم التَّنْجِيس احدها مَا لَا نفس لَهُ سائله على الصَّحِيح كالزنبور والذباب للْحَدِيث الصَّحِيح فِي الْأَمر بغمس الذُّبَاب الثَّانِي مَا لَا يُدْرِكهُ الطّرف على مَا صَححهُ النَّوَوِيّ لمَشَقَّة الِاحْتِرَاز وَالثَّالِث الْهِرَّة إِذا أكلت فَأْرَة اَوْ غَيرهَا من النَّجَاسَات ثمَّ غَابَتْ وَاحْتمل ولوغها فِي مَاء كثير فِي أصح الْأَوْجه وَهَذِه الثَّلَاثَة قد استثناها فِي الرَّوْضَة عِنْد ذكر الْمَسْأَلَة وَلم يذكر هُنَاكَ غَيرهَا واستثناء الْهِرَّة يدل على أَن فمها بَاقٍ على

الحكم بتنجيسه وَإِلَّا لم يَصح اسْتِثْنَاؤُهُ وتخصيصه لما سبق وَحِينَئِذٍ فَيكون الْأَصْحَاب قد أخذُوا بِالْأَصْلِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ أَي بَقَاء طَهَارَة المَاء وَبَقَاء نَجَاسَة الْفَم وَلَيْسَ فِي الرَّافِعِيّ وَالرَّوْضَة مَا يُخَالف هَذَا فاعتمده فَإِنَّهُ أَمر مُهِمّ منقاس قد غفل عَنهُ من غفل الرَّابِع الْيَسِير من الشّعْر الْمَحْكُوم بِنَجَاسَتِهِ لَا ينجس المَاء الْقَلِيل كَمَا صرح بِهِ فِي الرَّوْضَة من زوائده فِي بَاب الْأَوَانِي وَنَقله عَن الْأَصْحَاب قَالَ وَلَا يخْتَص الِاسْتِثْنَاء بِشعر الْآدَمِيّ فِي الْأَصَح ثمَّ قَالَ إِن الْيَسِير يعرف بِالْعرْفِ وَقَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ لَعَلَّه الَّذِي يغلب انتتافه وَقَالَ فِي الْمُهَذّب يُعْفَى عَن الشعرة والشعرتين وَفِي تَحْرِير الْجِرْجَانِيّ يُعْفَى عَن الثَّلَاث الْخَامِس الْقَلِيل من دُخان النَّجَاسَة إِذا حكمنَا بتنجيسه فَإِنَّهُ يُعْفَى عَنهُ كَمَا جزم بِهِ الرَّافِعِيّ فِي آخر صَلَاة الْخَوْف لكنه لم ينص على المَاء بِخُصُوصِهِ وَإِنَّمَا أطلق الْعَفو وَمُقْتَضَاهُ أَنه لَا فرق وَهُوَ أَيْضا مُتَّجه ووراء ذَلِك وَجْهَان آخرَانِ حَكَاهُمَا ابْن الرّفْعَة فِي الْكِفَايَة أَحدهمَا الْعَفو قَلِيلا كَانَ أَو كثيرا وَالثَّانِي التَّنْجِيس مُطلقًا السَّادِس الْحَيَوَان إِذا كَانَ على منفذه نَجَاسَة ثمَّ وَقع فِي المَاء فَإِنَّهُ لَا يُنجسهُ على أصح الْوَجْهَيْنِ كَمَا ذكره الرَّافِعِيّ أَيْضا فِي شُرُوط الصَّلَاة وَعلله بالمشقة فِي صونه عَنهُ وَلِهَذَا لَو كَانَ مستجمرا فَإِنَّهُ يُنجسهُ كَمَا جزم بِهِ الرَّافِعِيّ وَادّعى النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب أَنه

مسألة

لَا خلاف فِيهِ لكنه حكى فِي التَّحْقِيق وَجها بِخِلَافِهِ السَّابِع الصَّبِي إِذا أكل شَيْئا نجسا ثمَّ غَابَ وَاحْتمل طَهَارَة فَمه فَإِنَّهُ كالهرة فِي عدم التَّنْجِيس كَذَا ذكره ابْن الصّلاح فِي فَتَاوِيهِ وَهِي مهمة نفيسة وَلِهَذَا قَالَ الْغَزالِيّ إِن هَذَا الْخلاف لَا يجْرِي فِي حَيَوَان لَا يعم اخْتِلَاطه بِالنَّاسِ وَخَالف الْمُتَوَلِي فحكاه فِيمَا إِذا اكل السَّبع جيفة ثمَّ غَابَ وَاعْلَم أَن صَاحب الْحَاصِل شَرط فِي الدَّلِيل الْمُخَصّص لمَفْهُوم الْمُخَالفَة أَن يكون راجحا على الْمَفْهُوم وَتَبعهُ عَلَيْهِ الْبَيْضَاوِيّ فِي الْمِنْهَاج لِأَنَّهُ إِن كَانَ مُسَاوِيا كَانَ تَرْجِيحا بِلَا مُرَجّح وَإِن كَانَ مرجوحا كَانَ الْعَمَل بِهِ مُمْتَنعا وَلم يذكر الإِمَام فِي الْمَحْصُول هَذَا الْقَيْد وَهُوَ الصَّوَاب لِأَن الْمُخَصّص لَا يشْتَرط فِيهِ الرجحان وَلِهَذَا جوزوا تَخْصِيص عُمُوم الْكتاب بأخبار الْآحَاد وَالْقِيَاس مَسْأَلَة 2 إِطْلَاق الْأُصُولِيِّينَ يَقْتَضِي أَنه لَا فرق فِي جَوَاز تَخْصِيص الْعَام بَين أَن يكون الحكم مؤكدا بِكُل وَنَحْوهَا ام لَا وَبِه صرح الْمَاوَرْدِيّ وَالرُّويَانِيّ فِي الْبَحْر كِلَاهُمَا فِي كتاب الْقَضَاء وَهُوَ قريب من قَوْلهم يجوز نسخ الحكم سَوَاء اقْترن الْمَنْسُوخ بقوله أبدا أم لَا وَحكى الرَّوْيَانِيّ وَجْهَيْن لِأَصْحَابِنَا فِي جَوَاز نسخ المقترن بالأبدية وَمَا فِي مَعْنَاهُ كنسخ الْمُقَيد بِوَقْت قبل انْقِضَاء وقته

مسألة

وَقِيَاس ذَلِك اجراؤهما فِي تَخْصِيص الْمُؤَكّد بِكُل وأجمعين وَنَحْوهمَا وَقد نَص الْقَرَافِيّ فِي شرح الْمَحْصُول فِي الْكَلَام على التلأويلات الْبَعِيدَة عَن الْمَازرِيّ فِي شرح الْبُرْهَان أَنه يمْتَنع التَّخْصِيص وَعَن غَيره أَنه رد ذَلِك وَفِي الْمَسْأَلَة زيادات ذكرتها فِي الْكَوْكَب الدُّرِّي فَرَاجعهَا إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - إِذا قَالَ طلقتكن كلكن أَو اعتقتكم جميعكم وَنوى إِخْرَاج بَعضهم فَإِنَّهُ لَا يَقع على الْمخْرج طَلَاق وَلَا عتاق كَمَا سبق نَقله عَن الْمَاوَرْدِيّ وَالرُّويَانِيّ مَسْأَلَة 3 يجوز أَن يستنبط من النَّص معنى يزِيد على مَا دلّ عَلَيْهِ وَهَذَا هُوَ الْقيَاس الْمَعْرُوف وَيجوز ان يستنبط مِنْهُ معنى يُسَاوِيه وَهُوَ الْعلَّة القاصرة وَمعنى يخصصه كَمَا سَيَأْتِي بعد هَذَا إِن شَاءَ الله وَلَا يجوز أَن يستنبط مِنْهُ معنى يكر على أَصله بِالْبُطْلَانِ خلافًا للحنفية

إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة الْأَخِيرَة ان قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي اربعين شَاة وشَاة وَنَحْو ذَلِك لَا يجوز أَن يُقَال فِيهِ إِن الْمَعْنى فِي إِيجَاب الشَّاة هُوَ إغناء الْفَقِير وإغناؤه بِالنَّقْدِ أتم وَحِينَئِذٍ فَيجوز إِخْرَاج الْقيمَة لِأَن استنباط ذَلِك من وجوب الشَّاة يودي إِلَى عدم وُجُوبهَا لجَوَاز الِانْتِقَال إِلَى الْقيمَة على هَذَا التَّقْدِير وللقاعدة فروع مشكلة عَلَيْهَا مِنْهَا 1 - التَّحْرِيم بِالرّضَاعِ استنبطوا مِنْهُ معنى وَهُوَ وُصُول اللَّبن إِلَى الْجوف وعدوه إِلَى مَا لَا يصدق عَلَيْهِ اسْم الرضَاعَة كالإسعاط وَأكل الْجُبْن الْمَعْمُول من لبن الْمَرْأَة 2 - وَمِنْهَا جَوَاز الِاسْتِنْجَاء بِكُل جامد طَاهِر قالع غير مُحْتَرم استنبطوه من قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام وليستنج بِثَلَاثَة احجار 3 - وَمِنْهَا جَوَاز الْحَط عَن الْمكَاتب بَدَلا عَن الإيتاء الْمَأْمُور بِهِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَآتُوهُمْ من مَال الله} قَالُوا لِأَن الْمَعْنى فِي الإيتاء إِنَّمَا هُوَ الرِّفْق والرفق فِي الْحَط أَكثر من تَكْلِيف إِعْطَائِهِ ثمَّ رده عَلَيْهِ حَتَّى اخْتلفُوا أهل الأَصْل الْحَط أَو الْبَدَل

مسألة

مَسْأَلَة 4 الْمَشْهُور من قَول الْأُصُولِيِّينَ وَمن قَول الشَّافِعِي أَيْضا أَنه يجوز أَن يستنبط من النَّص معنى يخصصه فَمن فروع ذَلِك 1 - عدم النَّقْض بلمس الْمَحَارِم فِي أصح الْقَوْلَيْنِ وَإِن كَانَت دَاخِلَة فِي عُمُوم قَوْله تَعَالَى {أَو لامستم النِّسَاء} لِأَن الْعلَّة فِي النَّقْض إِنَّمَا هُوَ ثوران الشَّهْوَة المفضية إِلَى خُرُوج الْمَذْي مِنْهُ وَهُوَ لَا يعلم وَذَلِكَ مَفْقُود فِي الْمَحَارِم فَلذَلِك قُلْنَا إِن الْمحرم لَا ينْقض وَفِي قَول ينْقض مُطلقًا وَقيل ينْقض محرم الرَّضَاع والمصاهرة دون النّسَب 2 - وَمِنْهَا أَن الْوَلِيّ الْمُجبر هَل يجب عَلَيْهِ اسْتِئْذَان من زَالَت بَكَارَتهَا بِغَيْر وَطْء كالوثبة وَنَحْوهَا فِيهِ وَجْهَان اصحهما لَا بل حكمهَا حكم الْأَبْكَار وَإِن كَانَت دَاخِلَة فِي عُمُوم قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الثّيّب أَحَق بِنَفسِهَا وَالْبكْر تستأذن وإذنها صماتها فَإِن الْمُقْتَضِي للتفرقة بَين الْبكر وَالثَّيِّب إِنَّمَا هُوَ الِاخْتِلَاط بِالرِّجَالِ ومعرفتها بالأمور وَزَوَال مَا عِنْد الْبكر من الْحيَاء وَذَلِكَ مَفْقُود فِيمَن زَالَت بَكَارَتهَا بِغَيْر الْوَطْء لَكِن إِذا وطِئت الْمَذْكُورَة فِي دبرهَا فَإِن حكمهَا حكم الْأَبْكَار على الصَّحِيح وَإِن وجد الِاخْتِلَاط على وَجه هُوَ أفحش من

مسألة

مُخَالطَة الْمَوْطُوءَة فِي الْقبل إِلَّا ان النّظر إِلَى ذَلِك يُؤَدِّي إِلَى إبِْطَال مَا علق عَلَيْهِ الشَّارِع من الْبكارَة والثيابة 3 - وَمِنْهَا تَخْصِيص الحَدِيث الصَّحِيح وَهُوَ من صَامَ الْيَوْم الَّذِي يشك فِيهِ فقد عصى أَبَا الْقَاسِم بِحَالَة إِفْرَاده وَعدم اعتياده فَإِن ضم إِلَيْهِ يَوْمًا قبله أَو اعْتَادَ صَوْم يَوْم الِاثْنَيْنِ مثلا فَوَافَقَ يَوْم الشَّك يَوْمًا قبله لم يحرم لِأَن الْحِكْمَة فِيهِ إِيهَام أَنه من رَمَضَان وَذَلِكَ يَزُول بِمَا ذَكرْنَاهُ وَهَذَا إِذا لم نقل بِالْوَجْهِ الَّذِي صَححهُ النَّوَوِيّ وَهُوَ تَحْرِيم الصَّوْم بعد انتصاف شعْبَان فَإِن قُلْنَا بِهِ لم يفد الانضمام شَيْئا وَمَا ذَكرْنَاهُ أَيْضا من تَحْرِيم الْيَوْم الْمَذْكُور هُوَ مَا صَححهُ الرَّافِعِيّ وَالنَّوَوِيّ وَلَكِن نَص الشَّافِعِي وحمهور الْأَصْحَاب على الْجَوَاز كَمَا أوضحته فِي الْمُهِمَّات مَسْأَلَة 5 اخْتلفُوا فِي الْمِقْدَار الَّذِي يشْتَرط بَقَاؤُهُ بعد تَخْصِيص الْعَام على اقوال أَحدهمَا وَإِلَيْهِ ذهب الْأَكْثَرُونَ كَمَا قَالَه الْآمِدِيّ وَابْن

الْحَاجِب وَاخْتَارَهُ الإِمَام فَخر الدّين وَأَتْبَاعه أَنه لَا بُد من بَقَاء جمع كثير سَوَاء كَانَ الْعَام جمعا كالرجال أَو غير جمع ك من وَمَا وَأَيْنَ إِلَّا أَن يسْتَعْمل ذَلِك الْعَام فِي الْوَاحِد تَعْظِيمًا لَهُ وإعلاما بِأَنَّهُ يجْرِي مجْرى الْكثير كَقَوْلِه تَعَالَى {فقدرنا فَنعم القادرون} وَاخْتلفُوا فِي تَفْسِير ذَلِك الْكثير ففسره ابْن الْحَاجِب بِأَنَّهُ الَّذِي يقرب من مَدْلُوله قبل التَّخْصِيص وَمُقْتَضى هَذَا أَن يكون أَكثر من النّصْف وَفَسرهُ الْبَيْضَاوِيّ بِأَن يكون غير مَحْصُور وَالثَّانِي قَالَه الْقفال الشَّاشِي يجوز التَّخْصِيص إِلَى أَن ينتهى إِلَى أقل الْمَرَاتِب الَّتِي ينْطَلق عَلَيْهَا ذَلِك اللَّفْظ الْمَخْصُوص مُرَاعَاة لمدلول الصِّيغَة فعلى هَذَا يجوز التَّخْصِيص فِي الْجمع كالرجال وَنَحْوه إِلَى ثَلَاثَة لِأَنَّهَا أقل مَرَاتِب الْجمع على الصَّحِيح وَفِي غير الْجمع ك من وَمَا إِلَى الْوَاحِد فَيَقُول من يكرمني اكرمه وَيُرِيد بِهِ شخصا وَاحِدًا وَالثَّالِث يجوز إِلَى الْوَاحِد مُطلقًا جمعا كَانَ أَو غَيره كَقَوْلِه تَعَالَى {الَّذين قَالَ لَهُم النَّاس} وَالْمرَاد بِهِ نعيم ابْن مَسْعُود الْأَشْجَعِيّ

وَاخْتَارَ ابْن الْحَاجِب تَفْصِيلًا لَا يعرف لغيره إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا ذكره الرَّافِعِيّ فِي الْبَاب الثَّانِي الْمَعْقُود لأركان الطَّلَاق أَنه إِذا قَالَ نسَائِي طَوَالِق ثمَّ قَالَ كنت أخرجت ثَلَاثًا لم يقبل لِأَن اسْم النِّسَاء لَا يَقع على الْوَاحِدَة وَلَو قَالَ عزلت وَاحِدَة بنيتي قبل وَذكر تَفْرِيعا على هَذَا فِيمَا لَو عزل اثْنَيْنِ وَاعْلَم أَن مَا نَقله الرَّافِعِيّ من عدم الْقبُول فِي الثَّلَاث قد أسْقطه من الرَّوْضَة 2 - وَمِنْهَا مَا ذكره الرَّافِعِيّ فِي آخر الْأَيْمَان فَإِنَّهُ قَالَ واما تَخْصِيص الْعَام فقد يكون بِالنِّيَّةِ كَمَا إِذا قَالَ وَالله لَا أكلم أحدا أَو لَا آكل طَعَاما وَنوى طَعَاما معينا هَذَا كَلَامه وَهُوَ

جازم بِجَوَاز التَّخْصِيص إِلَى الْوَاحِد وَمَا ذكره الرَّافِعِيّ من الِاخْتِصَاص مَحَله فِي الْبَاطِن وَأما الْقبُول ظَاهرا فَفِيهِ تَفْصِيل فَإِنَّهُ ذكر عِنْد هَذَا الْموضع الْمَذْكُور أَنه إِذا حلف لَا يدْخل الدَّار ثمَّ قَالَ أردْت شهرا أَو يَوْمًا أَنه إِن كَانَت الْيَمين بِطَلَاق أَو عتاق أَو بِاللَّه تَعَالَى وَلَكِن تعلق بهَا حق آدَمِيّ لم يقبل فِي الحكم ويدين وَإِن كَانَت بِاللَّه تَعَالَى وَلم يتَعَلَّق بهَا حق آدَمِيّ قبل ظَاهرا وَبَاطنا انْتهى كَلَامه وَتَقْيِيد الْمُطلق كتخصيص الْعَام

الفصل الثالث في المخصص

الْفَصْل الثَّالِث فِي الْمُخَصّص اعْلَم أَن تَخْصِيص الْعَام وَنَحْوه كتقييد الْمُطلق قد يكون بِاللَّفْظِ وَقد يكون بِغَيْرِهِ فَغير اللَّفْظ ثَلَاثَة أَشْيَاء وَهِي 1 - النِّيَّة 2 - وَالْعرْف الشَّرْعِيّ 3 - وَالْعرْف الاستعمالي ويعبر عَنهُ بِالْقَرِينَةِ وَهَذِه الثَّلَاثَة قد ذكرهَا ايضا الرَّافِعِيّ فِي آخر كتاب الْأَيْمَان وَمثل التَّخْصِيص بِالنِّيَّةِ بقوله وَالله لَا أكلم أحدا وَنوى زيدا وَالْعرْف الاستعمالي بقوله لَا آكل الرؤوس فَإِن الْعرف يخرج رُؤُوس العصافير وَنَحْوهَا وَمثل الْعرف الشَّرْعِيّ بقوله لَا أُصَلِّي فَإِنَّهُ مَحْمُول على الصَّلَاة الشَّرْعِيَّة خَاصَّة وَهَذَا الَّذِي ذكره الرَّافِعِيّ صَرِيح فِي تَخْصِيص الرؤوس وَإِن لم ينْو التَّخْصِيص وَهل الْمُعْتَبر نفس الْبَلَد الَّذِي يثبت فِيهِ الْعرف أم كَون الْحَالِف من أَهله فِيهِ وَجْهَان حَكَاهُمَا الرَّافِعِيّ من غير تَرْجِيح فِي الْكَلَام على الْمَسْأَلَة الْمَذْكُورَة وَهِي الْحلف على الرؤوس وَهِي قَاعِدَة نافعة وَحكى الدَّارمِيّ فِي الِاسْتِنْجَاء من الاستذكار نَحْو ذَلِك فَقَالَ يستنجي بِالْحجرِ مَا لم يُجَاوز الْخَارِج الْعَادة قَالَ

وَلَكِن هَل تعْتَبر عَادَة نَفسه أَو عَادَة النَّاس على وَجْهَيْن وَيتَفَرَّع على مَسْأَلَتنَا فروع الأول إِذا قَالَ نسَائِي طَوَالِق وَاسْتثنى بَعضهنَّ بِالنِّيَّةِ فَإِنَّهُ يقبل كَمَا ذكره الْأَصْحَاب الثَّانِي لَو حلف لَا يسلم على زيد فَسلم على قوم هُوَ فيهم واستثناه بِقَلْبِه لم يَحْنَث على الصَّحِيح كَمَا لَو اسْتَثْنَاهُ لفظا الثَّالِث لَو قَالَت لَا طَاقَة لي بِالْجُوعِ مَعَك فَقَالَ إِن رجعت يَوْمًا فِي بَيْتِي فَأَنت طَالِق لم تطلق بِالْجُوعِ فِي أَيَّام الصَّوْم كَذَا نَقله الرَّافِعِيّ فِي آخر تَعْلِيق الطَّلَاق عَن زيادات الْعَبَّادِيّ وَأقرهُ وَعلله بِالْعرْفِ الرَّابِع إِذا قَالَ لَهُ فِي الصَّيف اشْتَرِ لي ثلجا فَلَيْسَ لَهُ شِرَاؤُهُ فِي الشتَاء كَذَا قَالَه الرَّافِعِيّ فِي كتاب الْوكَالَة الْخَامِس لَو قَالَ لزوجته إِن علمت من أُخْتِي شَيْئا فَلم تقوليه لي فَأَنت طَالِق انْصَرف ذَلِك إِلَى مَا يُوجب رِيبَة ويوهم فَاحِشَة دون مَا لَا يقْصد الْعلم بِهِ كَالْأَكْلِ وَالشرب وَلَا يخفى أَنه لَا يشْتَرط فِيهِ الْفَوْر كَذَا ذكره الرَّافِعِيّ فِي تَعْلِيق الطَّلَاق السَّادِس لَو حلف لَا يشرب المَاء حنث بالبحر المالح وَفِيه احْتِمَال للشَّيْخ أبي حَامِد قَالَه الرَّافِعِيّ فِي الْأَيْمَان وَهُوَ مُشكل على مَا سبق السَّابِع مَا ذكره الْمَاوَرْدِيّ فِي الْحَاوِي وَالرُّويَانِيّ فِي الْبَحْر

فِي كتاب الْأَيْمَان لَو حلف ليخمنه اللَّيْل وَالنَّهَار فَلَا يدْخل فِي الْيَمين مَا أخرجه الْعرف كزمان الْأكل وَالشرب وَنَحْوهمَا وزمان الاسْتِرَاحَة وَالنَّوْم المألوف وَلَو حلف ليضربنه اللَّيْل وَالنَّهَار خرج مَا ذَكرْنَاهُ وَكَذَلِكَ الزَّمَان الَّذِي يكون ألم الضَّرْب بَاقِيا فِيهِ لِأَن الْعرف يَقْتَضِي تخَلّل فترات بَين الْأَفْعَال فَاعْتبر بدوام ألمه الْحَادِث عَنهُ وَلَو قَالَ وَالله لَا وضعت رِدَائي عَن عَاتِقي انْعَقَدت يَمِينه على اللّبْس الْعرفِيّ حَتَّى لَو نَزعه وَقت تبذله فِي منزله وَنَحْو ذَلِك لم يَحْنَث بِخِلَاف مَا لوقال لغريمه وَالله لَا نزعت رِدَائي عَن عَاتِقي حَتَّى أقضيك حَقك حنث بالنزع قبل الْقَضَاء فِي زمَان الْعرف وَغَيره وَالْفرق أَنه جعله فِي الْإِطْلَاق مَقْصُودا وَفِي قَضَاء الدّين شرطا وَالْعرْف مُعْتَبر فِي الْأَيْمَان والشروط وعَلى هَذَا فَلَو قَالَ وَالله لأخدمنك حَتَّى أقضيك حَقك راعينا الْخدمَة فِي الْعرف لِأَنَّهُ جعلهَا جزاءا لَا شرطا وَلَو قَالَ وَالله لَا طفت وَلَا سعيت فَيحنث أهل مَكَّة بِالطّوافِ وَالسَّعْي الشرعيين والوشاة بالسعي إِلَى الْوُلَاة والظلمة وَغَيرهم بالسعي على الْقدَم وَالطّواف فِي الْأَسْوَاق وَالْقِرَاءَة فِي عرف القارىء مَحْمُولَة على قِرَاءَة الْقُرْآن وَكَذَا الْخَتْم فِي عرفه وَفِي عرف التَّاجِر على ختم الْكيس انْتهى كَلَامهمَا الثَّامِن إِذا قَالَ أَنْت طَالِق وَنوى بِقَلْبِه تَعْلِيق ذَلِك على دُخُولهَا الدَّار أَو على مَشِيئَة الله تَعَالَى فَإِنَّهُ لَا يقبل ظَاهرا وَلَكِن يدين أَي يقبل بَاطِنا فِيمَا لَا يرفع حكم الطَّلَاق بِالْكُلِّيَّةِ كالتعليق على الدُّخُول ومشيئة شخص دون مَا يرفعهُ كالتعليق

بِمَشِيئَة الله تَعَالَى كَذَا ذكره الرَّافِعِيّ فِي آخر الْبَاب الأول من ابواب الطَّلَاق التَّاسِع إِذا أحرم بِالْحَجِّ أَو نذر الِاعْتِكَاف وَشرط الْخُرُوج مِنْهُمَا لمَرض وَنَحْوه فَإِنَّهُ يَصح فَلَو نوى ذَلِك بِقَلْبِه وَلم يُصَرح بِهِ فَيتَّجه إِلْحَاقه بِمَا سبق فِي تَعْلِيق الطَّلَاق بِغَيْر الْمَشِيئَة الْعَاشِر وَهُوَ مُشكل على مَا سبق إِذا نذر اعْتِكَاف شهر فَإِنَّهُ يلْزمه الْأَيَّام والليالي إِلَّا أَن يَقُول أَيَّامه أَو نَهَاره فَلَا يلْزمه الآخر وَكَذَا لَو عبر بقوله اعْتِكَاف شهر نَهَارا كَمَا نَص عَلَيْهِ فِي الْأُم وَنَقله عَنهُ فِي زَوَائِد الرَّوْضَة فَلَو لم يتَلَفَّظ بالتخصيص لَكِن نَوَاه بِقَلْبِه فَالْأَصَحّ كَمَا قَالَه الرَّافِعِيّ فِي بَاب الِاعْتِكَاف أَنه لَا أثر لنيته بل يلْزمه الشَّهْر جَمِيعه الْحَادِي عشر إِذا نذر مثلا اعْتِكَاف شهر أَو عشرَة ايام أَو نذر صَوْم ذَلِك فَلَا يجب فِيهِ التَّتَابُع فِي أصح الْقَوْلَيْنِ فَإِن صرح بِهِ لزمَه وَإِن لم يُصَرح بِهِ بل نَوَاه فأصح الْوَجْهَيْنِ أَنه لَا يلْزمه وَلَا أثر للنِّيَّة الْمَذْكُورَة كَذَا ذكره ايضا الرَّافِعِيّ فِي بَاب الِاعْتِكَاف وَهُوَ كالمسألة السَّابِقَة فِي الْإِشْكَال الثَّانِي عشر إِذا قَالَ لله عَليّ أَن أَمْشِي أَو أذهب وَنوى بِقَلْبِه حَاجا أَو مُعْتَمِرًا انْعَقَد النّذر على مَا نوى وَإِن نوى إِلَى بَيت الله الْحَرَام الْتحق بالملفوظ كَذَا قَالَه فِي التَّتِمَّة وَنَقله عَنهُ الرَّافِعِيّ وَأقرهُ

الثَّالِث عشر وَهُوَ من التَّخْصِيص بِالْعرْفِ الشَّرْعِيّ إِذا حلف لَا يَأْكُل لَحْمًا فَفِي الْحِنْث بِأَكْل مَا لَا يحل من اللحوم كالخنزير وَالْميتَة وَجْهَان أقواهما فِي زَوَائِد الرَّوْضَة عدم الْحِنْث وَأما التَّخْصِيص بِاللَّفْظِ فقد سبق غالبه فِي الْكَلَام على المفاهيم وَهُوَ فِي الْفَصْل التَّاسِع ولنتكلم على مَا بَقِي مِنْهَا فَنَقُول

فصل في الاستثناء

فصل فِي الِاسْتِثْنَاء قَالَ الْبَيْضَاوِيّ الِاسْتِثْنَاء هُوَ الْإِخْرَاج بإلا الَّتِي لَيست للصفة أَو بِمَا كَانَ نَحْو إِلَّا فِي الْإِخْرَاج انْتهى وَذكر غَيره أَيْضا نَحْو هَذَا الْحَد وَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ من كَون إِلَّا تكون للصفة قد ضَبطه ابْن الْحَاجِب فِي مقدمته بِأَن تكون تَابِعَة لجمع منكور غير مَحْصُور كَقَوْلِه تَعَالَى {لَو كَانَ فيهمَا آلِهَة إِلَّا الله لفسدتا} وَقَالَ جمَاعَة لَا يشْتَرط فِيهَا ذَلِك فعلى هَذَا إِذا قلت عَليّ ألف إِلَّا مائَة بِرَفْع الْمِائَة فَإِنَّهُ يكون إِقْرَارا بِالْألف على قَاعِدَة الْأُصُولِيِّينَ وَبِه أجَاب النُّحَاة أَيْضا لَكِن الْأَكْثَرُونَ من اصحابنا قد صَرَّحُوا فِي الْكَلَام على لفظ غير بِأَن الملحن لَا أثر لَهُ فِي الْإِقْرَار وَقِيَاس ذَلِك لُزُوم تِسْعمائَة وَإِنَّمَا حملنَا غيرا فِي الْإِقْرَار على الْإِخْرَاج مُطلقًا لَا على الصّفة لِأَن الأَصْل عدم اللُّزُوم وَلِهَذَا

مسألة

الْمَعْنى بِعَيْنِه قُلْنَا إِذا عاتبته الْمَرْأَة بجديدة فَقَالَ كل امْرَأَة لي غَيْرك طَالِق لَا يَقع عَلَيْهِ شَيْء مُطلقًا لكَون الأَصْل عدم الْوُقُوع وَقد أوضحنا ذَلِك فِي الْكَلَام على المفاهيم وَهُوَ فِي أثْنَاء الْفَصْل التَّاسِع إِذا علمت ذَلِك فيتفرع على الضَّابِط فروع مِنْهَا 1 - إِذا قَالَ هَذِه الدَّار لزيد وَهَذَا الْبَيْت مِنْهَا لي أَو هَذَا الْخَاتم لَهُ وفصه لي فَإِنَّهُ يقبل مِنْهُ كَمَا جزم بِهِ الرَّافِعِيّ وَعلله بقوله لِأَنَّهُ إِخْرَاج بعض مَا تنَاوله اللَّفْظ فَكَانَ الِاسْتِثْنَاء 2 - وَمِنْهَا إِذا قَالَ عَليّ ألف أحط مِنْهَا مائَة أَو أستثنيه وَنَحْو ذَلِك فَمُقْتَضى مَا سبق قبُوله ايضا وَفِي ذَلِك وَجْهَان لِأَصْحَابِنَا حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيّ فِي الْحَاوِي مَسْأَلَة 1 الِاسْتِثْنَاء من الْعدَد جَائِز كَمَا جزم بِهِ الإِمَام والآمدي وَغَيرهمَا وَلَا فرق بَين أَن يكون من معِين أم لَا إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا إِذا قَالَ مثلا لَهُ عَليّ عشرَة إِلَّا وَاحِدًا لزمَه تِسْعَة كَمَا جزم بِهِ الرَّافِعِيّ 2 - وَمِنْهَا إِذا قَالَ لنسوته الْأَرْبَع أربعتكن طَوَالِق إِلَّا فُلَانَة قَالَ القَاضِي الْحُسَيْن وَالْمُتوَلِّيّ لَا يَصح هَذَا الِاسْتِثْنَاء لِأَن الْأَرْبَع

مسألة

لَيست صِيغَة عُمُوم وَإِنَّمَا هِيَ اسْم لعدد مَعْلُوم خَاص فَقَوله إِلَّا فُلَانَة رفع عَنْهُمَا بعد التَّنْصِيص عَلَيْهَا فَهُوَ كَقَوْلِه طَلَاقا لَا يَقع عَلَيْك كَذَا نَقله عَنْهُمَا الرَّافِعِيّ فِي أثْنَاء تَعْلِيق الطَّلَاق ثمَّ رد عَلَيْهِمَا بِأَن مُقْتَضى هَذَا التَّعْلِيل بطلَان الِاسْتِثْنَاء من الْأَعْدَاد فِي الْإِقْرَار وَمَعْلُوم أَنه لَيْسَ كَذَلِك ثمَّ حكى عَن القَاضِي أَنه قَالَ لَو قدم الْمُسْتَثْنى على الْمُسْتَثْنى مِنْهُ فَقَالَ أربعتكن إِلَّا فُلَانَة طَوَالِق صَحَّ ثمَّ اسْتشْكل الرَّافِعِيّ الْفرق بَينهمَا وَلَيْسَ مُشكلا بل مدركه أَن الحكم فِي هَذِه الصُّورَة وَقع بعد الْإِخْرَاج فَلَا يلْزم التَّنَاقُض بِخِلَاف الصُّورَة السَّابِقَة إِلَّا أَن الرَّافِعِيّ فِي كتاب الْإِقْرَار قد سوى بَينهمَا فِي الصِّحَّة وَهَذَا كُله فِي الِاسْتِثْنَاء بِاللَّفْظِ فَإِن قَالَ أَنْت طَالِق ثَلَاثًا ثمَّ قَالَ أردْت إِلَّا وَاحِدَة أَو قَالَ أربعتكن طَوَالِق وَقَالَ نَوَيْت بقلبي إِلَّا فُلَانَة لم يقبل ظَاهرا وَالأَصَح أَيْضا أَنه لَا يدين لِأَنَّهُ نَص فِي الْعدَد بِخِلَاف مَا إِذا قَالَ كل امْرَأَة لي طَالِق وعزل بَعضهنَّ بِالنِّيَّةِ فَإِنَّهُ يقبل بَاطِنا وَلَا يقبل ظَاهرا عِنْد الْأَكْثَرين كَمَا قَالَه الرَّافِعِيّ مَسْأَلَة 2 اخْتلفُوا فِي الِاسْتِثْنَاء هَل هُوَ إِخْرَاج قبل الحكم أَو بعده فَإِذا قَالَ مثلا لَهُ عَليّ عشرَة إِلَّا ثَلَاثَة فالأكثرون عل أَن المُرَاد بِالْعشرَةِ سَبْعَة وَإِلَّا قرينَة مبينَة لذَلِك كالتخصيص

وَقَالَ القَاضِي عشرَة إِلَّا ثَلَاثَة بِإِزَاءِ سَبْعَة كاسمين مركب ومفرد وَقيل المُرَاد بِالْعشرَةِ مدلولها ثمَّ أخرجت مِنْهَا ثَلَاثَة وأسندنا إِلَيْهِ بعد الْإِخْرَاج فَلم يسند إِلَّا إِلَى سَبْعَة وَصَححهُ ابْن الْحَاجِب وَقد تبين بِمَا ذَكرْنَاهُ أَن الِاسْتِثْنَاء على قَول القَاضِي لَيْسَ بتخصيص وَهُوَ وَاضح وعَلى رَأْي الْأَكْثَرين تَخْصِيص لِأَن اللَّفْظ قد أطلق لبعضه إِرَادَة وإسنادا وعَلى الْأَخير مُحْتَمل لكَونه أُرِيد الْكل وَاسْنِدِ إِلَى الْبَعْض هَكَذَا أطْلقُوا الْمَسْأَلَة وَيتَّجه أَن يكون ذَلِك عِنْد تَأَخّر الْمُسْتَثْنى عَن الحكم فَإِن تقدم كَقَوْلِنَا الْقَوْم إِلَّا زيدا قَامُوا كَانَ الْإِخْرَاج قبله إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا نَقله الرَّافِعِيّ فِي أثْنَاء الطّرف السَّابِع من تَعْلِيق الطَّلَاق عَن القَاضِي الْحُسَيْن وَالْمُتوَلِّيّ أَن الِاسْتِثْنَاء من الْعدَد يجوز مَعَ تَقْدِيم الِاسْتِثْنَاء عَن الْمُسْتَثْنى مِنْهُ وَلَا يجوز مَعَ تَأَخره كَقَوْلِك لَهُ عَليّ عشرَة إِلَّا درهما وعللاه بِأَن صِيغ الْأَعْدَاد لَيست صِيغ الْعُمُوم وَإِنَّمَا هِيَ أَسمَاء لأعداد خَاصَّة فَقَوله إِلَّا كَذَا رفع للْحكم عَنهُ بعد التَّنْصِيص عَلَيْهِ

مسألة

2 - وَمن فَوَائِد الْخلاف أَيْضا التَّقْدِيم بِهِ عِنْد التَّعَارُض فَإنَّا إِذا قُلْنَا إِن الِاسْتِثْنَاء بعد الحكم فقد صَار الْمُسْتَثْنى مِنْهُ يدل على إِدْخَال ذَلِك الْفَرد وَلَكِن الِاسْتِثْنَاء عَارضه فَإِذا عَارض الِاسْتِثْنَاء دَلِيل آخر يَقْتَضِي إِدْخَاله فِي الْمُسْتَثْنى مِنْهُ قدمناهما عَلَيْهِ لِأَن كَثْرَة الْأَدِلَّة من جملَة المرجحات مَسْأَلَة 3 يشْتَرط اتِّصَال الْمُسْتَثْنى مِنْهُ بالمستثنى الِاتِّصَال العادي إِذا تقرر ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا إِذا قَالَ عَليّ ألف اسْتغْفر الله إِلَّا مائَة فَإِنَّهُ يَصح الِاسْتِثْنَاء عندنَا خلافًا لأبي حنيفَة دليلنا أَنه فصل يسير فَلم يُؤثر كَقَوْلِه عَليّ ألف يَا فلَان إِلَّا مائَة كَذَا رَأَيْته حكما وتعليلا فِي الْعدة لأبي عبد الله الْحُسَيْن الطَّبَرِيّ وَالْبَيَان للعمراني وَنَقله عَنْهُمَا فِي زَوَائِد الرَّوْضَة وَقَالَ إِن فِيهِ نظرا وَلَو وَقع مثل هَذَا الْفَصْل بَين الشَّرْط والمشروط كَقَوْلِه أَنْت طَالِق اسْتغْفر الله إِن دخلت الدَّار فَالْمُتَّجه الْجَزْم بِالْوُقُوفِ لانْتِفَاء الْمَعْنى السَّابِق

مسألة

مَسْأَلَة 4 لَا يجوز تَقْدِيم الْمُسْتَثْنى فِي أول الْكَلَام كَقَوْلِك إِلَّا زيدا قَامَ الْقَوْم كحرف الْعَطف إِذْ معنى إِلَّا زيدا لَا زيد وَاخْتَارَهُ الْكُوفِيُّونَ والزجاج وَلَو تقدمه حرف نفي فالمنع أَيْضا بَاقٍ كَقَوْلِك مَا إِلَّا زيدا فِي الدَّار أحد وَأما قَول الشَّاعِر ... وبلدة لَيْسَ بهَا طوري ... وَلَا خلا الْجِنّ بهَا إنسي ... فشاذ بِخِلَاف مَا لَو كَانَ النَّافِي فعلا فَإِنَّهُ يجوز كَقَوْلِك لَيْسَ إِلَّا زيدا فِيهَا أحد وَكَذَلِكَ لم يكن إِذا علمت ذَلِك فَيجوز توَسط الْمُسْتَثْنى بَين الْمُسْتَثْنى مِنْهُ والمنسوب إِلَيْهِ الحكم كَقَوْلِك قَامَ إِلَّا زيدا الْقَوْم وَالْقَوْم إِلَّا زيدا ذاهبون وَفِي الدَّار إِلَّا عمرا اصحابك واين إِلَّا زيدا قَوْمك وَضربت إِلَّا زيدا الْقَوْم

مسألة

نعم إِذا تقدم على الْمُسْتَثْنى مِنْهُ وعَلى الْعَامِل فَفِيهِ مَذَاهِب ثَالِثهَا وَهُوَ مُخْتَار أبي حَيَّان إِن كَانَ الْعَامِل متصرفا كَقَوْلِك الْقَوْم إِلَّا زيدا جاؤوا فَيجوز وَغير متصرف نَحْو الرِّجَال إِلَّا عمرا فِي الدَّار فَلَا يجوز إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا إِذا قَالَ لَهُ عَليّ عشرَة إِلَّا دَنَانِير مائَة دِينَار فَإِن الِاسْتِثْنَاء صَحِيح على الصَّحِيح كَمَا قَالَه الرَّافِعِيّ فِي أول كتاب الْأَيْمَان وَقيل لَا يَصح قَالَ وَهُوَ ضَعِيف مَسْأَلَة 5 الِاسْتِثْنَاء الْمُنْقَطع وَهُوَ الَّذِي لم يدْخل فِي الأول صَحِيح وَهل إِطْلَاق الِاسْتِثْنَاء عَلَيْهِ إِطْلَاق حَقِيقِيّ أَو مجازي فِيهِ مذهبان أصَحهمَا الثَّانِي فَإِن قُلْنَا إِنَّه حَقِيقَة فَقيل مُشْتَرك وَقيل متواطىء حَكَاهُ ابْن الْحَاجِب وَغَيره إِذا تقرر ذَلِك فَقَالَ الْمقر عَليّ ألف دِرْهَم إِلَّا ثوبا أَو عبدا أَو غير ذَلِك صَحَّ وَحمل اللَّفْظ على الْمجَاز ثمَّ عَلَيْهِ أَن يبين ثوبا لَا تستغرق قِيمَته الْألف فَإِن استغرق فَفِيهِ كَلَام يَأْتِي فِي الْمُجْمل والمبين

مسألة

وَاعْلَم أَن بَعضهم يُفَسر الْمُنْقَطع بِكَوْنِهِ من غير جنس الْمُسْتَثْنى مِنْهُ وَهُوَ فَاسد كَمَا نبه عَلَيْهِ ابْن مَالك وَغَيره لِأَن قَول الْقَائِل جَاءَ بنوك إِلَّا بني زيد مُنْقَطع مَعَ أَنه من جنس الأول مَسْأَلَة 6 إِذا احْتمل الِاسْتِثْنَاء أَن يكون مُتَّصِلا وَأَن يكون مُنْقَطِعًا فَحَمله على الِاتِّصَال أولى لِأَنَّهُ حَقِيقَة وَأما الْمُنْقَطع فمجاز إِذا علمت ذَلِك فَمن الْفُرُوع الْمُخَالفَة 1 - إِذا قَالَ لَهُ عَليّ ألف إِلَّا ثَلَاثَة دَرَاهِم فَإِن لَهُ تَفْسِير الْألف بِمَا أَرَادَ بِلَا خلاف وَلَا يكون تَفْسِير الْمُسْتَثْنى تَفْسِيرا للمستثنى مِنْهُ كَذَا ذكره الْمَاوَرْدِيّ وَسَببه أَن الأَصْل بَرَاءَة الذِّمَّة مِمَّا زَاد على ذَلِك مَسْأَلَة 7 الِاسْتِثْنَاء من الْإِثْبَات كَقَوْلِنَا قَامَ الْقَوْم إِلَّا زيدا يكون نفيا للْقِيَام عَن زيد بالِاتِّفَاقِ كَمَا قَالَه الإِمَام فِي المعالم وَصَاحب الْحَاصِل وَغَيرهمَا وَإِن اخْتلف النَّاس فِي مدرك ذَلِك كَمَا سَيَأْتِي وَأما الِاسْتِثْنَاء من النَّفْي نَحْو مَا قَامَ أحد إِلَّا زيد فَقَالَ الشَّافِعِي يكون إِثْبَاتًا لقِيَام زيد وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يكون

إِثْبَاتًا لَهُ بل دَلِيلا على إِخْرَاجه عَن الْمَحْكُوم عَلَيْهِم وَحِينَئِذٍ فَلَا يلْزم مِنْهُ الحكم بِالْقيامِ أما من جِهَة اللَّفْظ فَلِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ على هَذَا التَّقْدِير مَا يدل على إثْبَاته كَمَا قُلْنَاهُ وَأما من جِهَة الْمَعْنى فَلِأَن الأَصْل عَدمه قَالُوا بِخِلَاف الِاسْتِثْنَاء من الْإِثْبَات فَإِنَّهُ يكون نفيا لِأَنَّهُ لما كَانَ مسكوتا عَنهُ وَكَانَ الأَصْل هُوَ النَّفْي حكمنَا بِهِ فعلى هَذَا لَا فرق عِنْدهم فِي دلَالَة اللَّفْظ بَين الِاسْتِثْنَاء من النَّفْي وَالِاسْتِثْنَاء من الْإِثْبَات وَاخْتَارَ الإِمَام فِي المعالم مَذْهَب أبي حنيفَة وَفِي الْمَحْصُول مَذْهَب الشَّافِعِي إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا إِذا قَالَ لَهُ عَليّ عشرَة إِلَّا خَمْسَة أَو مَا لَهُ عَليّ شَيْء إِلَّا خَمْسَة فَإِنَّهُ يلْزمه خَمْسَة 2 - وَمِنْهَا لَو قَالَ لَهُ عَليّ عشرَة إِلَّا خَمْسَة يلْزمه أَيْضا خَمْسَة لما ذَكرْنَاهُ وَالصَّحِيح كَمَا قَالَه الرَّافِعِيّ أَنه لَا يلْزمه شَيْء لِأَن الْعشْرَة إلاخمسة مدلولها خَمْسَة فَكَأَنَّهُ قَالَ لَيْسَ عَليّ خَمْسَة وللمسألة مدرك آخر لم يذكرهُ الأصوليون وَقد ذكرته مَبْسُوطا فِي الْكَوْكَب الدُّرِّي مَعَ إِشْكَال يتَعَلَّق بِهِ فَرَاجعه 3 - وَمِنْهَا إِذا قَالَ وَالله لَا أعطينك إِلَّا درهما أَو لَا آكل إِلَّا هَذَا الرَّغِيف أَو لَا أَطَأ فِي السّنة إِلَّا مرّة وَنَحْو ذَلِك كَقَوْلِه لَا اضْرِب أَو لَا أسافر فَلم يفعل بِالْكُلِّيَّةِ فَفِي حنثه وَجْهَان حَكَاهُمَا الرَّافِعِيّ فِي كتاب الْإِيلَاء من غير تَرْجِيح أَحدهمَا نعم لاقْتِضَاء اللَّفْظ ذَلِك وَهُوَ كَون الِاسْتِثْنَاء من النَّفْي إِثْبَاتًا وَالثَّانِي لَا لِأَن الْمَقْصُود منع الزِّيَادَة وَقِيَاس مَذْهَبنَا هُوَ الأول لَكِن صحّح النَّوَوِيّ من زوائده الثَّانِي

4 - وَمِنْهَا لَو قَالَ وَالله مَالِي إِلَّا مائَة دِرْهَم وَهُوَ لَا يملك إِلَّا خمسين درهما فَإِن نوى أَنه لَا يملك زِيَادَة على مائَة لم يَحْنَث وَإِن أطلق فَفِيهِ وَجْهَان ذكرهمَا الرَّوْيَانِيّ فِي كتاب الْأَيْمَان من الْبَحْر 5 - وَمِنْهَا إِذا قَالَ مَا إِحْدَى نسَائِي طَالِق إِلَّا زَيْنَب فَيتَّجه الْوُقُوع على الْمَذْكُورَة لما ذَكرْنَاهُ وَيحْتَمل خِلَافه لبعد هَذَا اللَّفْظ عَن الْإِنْشَاء وَيَأْتِي هَذَا النّظر أَيْضا فِيمَا إِذا وَقع الِاسْتِثْنَاء مفرغا كَقَوْلِه مَا أَنْت إِلَّا طَالِق وَكَذَا غير االطلاق من البيع وَالْإِجَارَة وَنَحْوهمَا كَقَوْلِه فِي غير المفرغ مَا بَاعَ أحد مِنْك عَبده الَّذِي عرضه الْآن على البيع بِمِائَة إِلَّا أَنا وَفِي المفرغ مَا بَاعَ الْمَذْكُور إِلَّا أَنا 6 - وَمِنْهَا إِذا قُلْنَا بالأصح وَهُوَ أَن التَّحَالُف يَكْفِي فِيهِ يَمِين وَاحِدَة يجمع بَين النَّفْي وَالْإِثْبَات فَأتى بِهَذِهِ الصِّيغَة فَقَالَ وَالله مَا بِعته إِلَّا بِكَذَا فَهَل يَكْفِي ذَلِك عَنْهُمَا فِيهِ وَجْهَان نقلهما الْمَاوَرْدِيّ وَاقْتضى كَلَامه تَصْحِيح عدم الِاكْتِفَاء لَكِن مُقْتَضى الْقَاعِدَة أَنه يَكْفِي وَقد سبق كَلَام آخر مُتَعَلق بِالْمَسْأَلَة فِي الْكَلَام على أَن إِنَّمَا للحصر فَرَاجعه

مسألة

مَسْأَلَة 8 الِاسْتِثْنَاء الْمُسْتَغْرق بَاطِل بِاتِّفَاق كَمَا نَقله الإِمَام والآمدي وأتباعهما لإفضائه إِلَى اللَّغْو وَنقل الْقَرَافِيّ عَن الْمدْخل لِابْنِ طَلْحَة أَن فِي صِحَّته قَوْلَيْنِ وَنقل شَيخنَا أَبُو حَيَّان عَن الْفراء أَنه يجوز أَن يكون اكثر وَمثل بقوله عَليّ ألف إِلَّا أَلفَيْنِ قَالَ إِلَّا أَنه يكون مُنْقَطِعًا إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا إِذا قَالَ لزوجته مثلا أَنْت طَالِق طَلْقَة إِلَّا طَلْقَة فَيَقَع عَلَيْهَا طَلْقَة وَلَو قَالَ ثَلَاثًا إِلَّا ثَلَاثًا وَقع الثَّلَاث وَلَو قيل بِوُقُوع وَاحِدَة لَكَانَ متجها لِأَن اسْتثِْنَاء الطلقتين جَائِز فالمستثني للثلاث جَامع بَين مَا يجوز وَمَا لَا يجوز فنخرجه على قَاعِدَة تَفْرِيق الصَّفْقَة 2 - وَمِنْهَا مَا إِذا قَالَ كل امْرَأَة لي طَالِق إِلَّا عمْرَة أَو إِلَّا أَنْت وَلم يكن لَهُ غَيرهَا فَإِن الطَّلَاق يَقع عَلَيْهَا كَمَا جزم بِهِ الرَّافِعِيّ فِي الْكَلَام على الْكِنَايَات وَفِيه بحث تعلمه قَرِيبا فَلَو أَتَى بِغَيْر فَقَالَ كل امْرَأَة لي غَيْرك طَالِق أَو طَالِق

مسألة

غَيْرك فالمقول فِيهِ عندنَا أَن الطَّلَاق لَا يَقع كَذَا ذكره الْخَوَارِزْمِيّ فِي كتاب الْأَيْمَان من الْكَافِي وَلم ينص أحد من أَصْحَابنَا على مَا يُخَالِفهُ وَسَببه أَن اصل غير للصفة وَقد أوضحت الْمَسْأَلَة فِي كتَابنَا الْمُسَمّى بالكوكب الدُّرِّي وَتقدم أَيْضا فِي هَذَا الْكتاب وَيحْتَمل أَيْضا إِلْحَاق إِلَّا بِغَيْر لِأَنَّهَا قد تقع صفة وَضمير الرّفْع قد يستعار لضمير النصب والجر كَقَوْلِهِم مَا أَنا كَاتب وَلَا أَنْت كَاتبا وَلِأَن قاعدتنا أَن الْإِعْرَاب لَا أثر لَهُ وَذكر الرَّافِعِيّ ايضا أَنه لَو قَالَ النِّسَاء طَوَالِق إِلَّا عمْرَة وَلَيْسَ لَهُ غَيرهَا لم تطلق قَالَ وَكَذَلِكَ لَو كَانَت امْرَأَته فِي نسْوَة فَقَالَ طلقت هَؤُلَاءِ إِلَّا هَذِه وَأَشَارَ إِلَى زَوجته مَسْأَلَة 9 إِذا لم يكن الِاسْتِثْنَاء مُسْتَغْرقا جَازَ على الصَّحِيح عِنْد الإِمَام والآمدي وَغَيرهمَا مُسَاوِيا كَانَ الْمخْرج أَو أَكثر قِيَاسا على التَّخْصِيص بِالشّرطِ فَإِن ذَلِك جَائِز فِيهِ بالِاتِّفَاقِ كَمَا قَالَه فِي الْمَحْصُول وَقيل لَا يجوز اسْتثِْنَاء الْأَكْثَر وَلَا الْمسَاوِي أَيْضا

مسألة

إِذا علمت ذَلِك فتفاريع الْأَصْحَاب مُوَافقَة للصحيح عِنْد الْأُصُولِيِّينَ فَمِنْهَا 1 - أَنهم صححوا الِاسْتِثْنَاء إِذا قَالَ عَليّ عشرَة إِلَّا تِسْعَة أَو لَهُ هَذِه الدَّار إِلَّا الثُّلثَيْنِ مِنْهَا أَو أَنْت طَالِق ثَلَاثًا إِلَّا طَلْقَتَيْنِ وَنَحْو ذَلِك 2 - وَمِنْهَا إِذا قَالَ الْمَرِيض أَعْطوهُ ثلث مَالِي إِلَّا كثيرا مِنْهُ جَازَ إِعْطَاؤُهُ أقل مُتَمَوّل وَلَو قَالَ إِلَّا قَلِيلا أَو إِلَّا شَيْئا فَكَذَلِك وَقَالَ الْأُسْتَاذ أَبُو مَنْصُور يعْطى زِيَادَة على السُّدس وَالْمَعْرُوف كَمَا قَالَ الرَّافِعِيّ هُوَ الأول مَسْأَلَة 10 الاستثناءات المتعددة إِذا لم تتعاطف وَكَانَ الثَّانِي مُسْتَغْرقا لما قبله إِمَّا بالتساوي كَقَوْلِه لَهُ عشرَة إِلَّا ثَلَاثَة وَكرر اللَّفْظ الْأَخير وَهُوَ اسْتثِْنَاء الثَّلَاثَة وَإِمَّا بِالزِّيَادَةِ كَقَوْلِه عشرَة إِلَّا ثَلَاثَة إِلَّا أَرْبَعَة فَإِنَّهَا لَا تبطل بل تعود جَمِيعهَا إِلَى الْمُسْتَثْنى مِنْهُ حملا للْكَلَام على الصِّحَّة كَذَا جزم بِهِ فِي الْمَحْصُول وَتَبعهُ الْبَيْضَاوِيّ فِي الْمِنْهَاج فَأَما مَا ذكره فِي الزَّائِد فَمُسلم وَأما الْمسَاوِي فقد جزم فِيهِ الرَّافِعِيّ فِي كتاب الْإِقْرَار بِأَن الثَّانِي يكون توكيدا وَحكى فِي كتاب الطَّلَاق وَجْهَيْن من غير تَرْجِيح

مسألة

أَحدهمَا هَذَا وَالثَّانِي يلْزمه عشرَة فِي مثالنا لِأَن الِاسْتِثْنَاء من النَّفْي إِثْبَات وَلم يحكوا وَجها بِوُقُوع طَلْقَة وَاحِدَة لما سبق من حمل الْكَلَام على التأسيس وَالصِّحَّة وَالْكَلَام فِي الْمسَاوِي بِلَفْظ الأول يشبه الْكَلَام فِي تكْرَار الْأَمر كَقَوْلِه صل رَكْعَتَيْنِ صل رَكْعَتَيْنِ أَي بالتكرار وَقد مر فِي بَاب الْأَوَامِر فَرَاجعه مَسْأَلَة 11 الِاسْتِثْنَاء عقب الْجمل الْمَعْطُوف بَعْضهَا على بعض يعود إِلَى الْجَمِيع عِنْد الشَّافِعِي مَا لم يقم دَلِيل على إِخْرَاج الْبَعْض وَقَالَ أَبُو حنيفَة يعود إِلَى الْأَخِيرَة خَاصَّة قَالَ فِي المعالم وَهُوَ الْمُخْتَار وَقد وَافَقنَا الْحَنَفِيَّة كَمَا قَالَه فِي الْمَحْصُول على عود الشَّرْط وَالِاسْتِثْنَاء بِالْمَشِيئَةِ إِلَى الْجَمِيع وَكَذَلِكَ الْحَال كَمَا صرح بِهِ الْبَيْضَاوِيّ وَالتَّقْيِيد بالطرفين فِيهِ كَلَام يَأْتِي عقب هَذَا الْمَسْأَلَة وَالصّفة كالحال بِلَا شكّ وَالتَّقْيِيد بالغاية كالتقييد بِالصّفةِ صرح بِهِ فِي الْمَحْصُول وَسَيَأْتِي الْكَلَام على جَمِيع هَذِه الْمسَائِل مفصلا وَإِذا قُلْنَا يعود الِاسْتِثْنَاء إِلَى الْجَمِيع فقد أطلقهُ الْأَصْحَاب كَمَا قَالَه الرَّافِعِيّ قَالَ ورأي إِمَام الْحَرَمَيْنِ تَخْصِيص ذَلِك بِشَرْطَيْنِ أَحدهمَا أَن يكون الْعَطف بِالْوَاو فَإِن كَانَ بثم اخْتصّت الصّفة وَالِاسْتِثْنَاء بِالْجُمْلَةِ الْأَخِيرَة الثَّانِي أَن لَا يَتَخَلَّل بَين الجملتين كَلَام طَوِيل

فَإِن تخَلّل كَقَوْلِه على أَن من مَاتَ مِنْهُم وأعقب فَنصِيبه بَين أَوْلَاده للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ وَإِن لم يعقب فَنصِيبه للَّذين فِي دَرَجَته فَإِذا انقرضوا فَهُوَ مَصْرُوف إِلَى إخوتي إِلَّا أَن يفسق أحدهم فالاستثناء تَخْصِيص بإخوته وَالصّفة الْمُتَقَدّمَة على جَمِيع الْجمل كَقَوْلِه وقفت على فُقَرَاء أَوْلَادِي وَأَوْلَاد أَوْلَادِي وإخوتي كالمتأخرة وَمَا ذكره الإِمَام من اشْتِرَاط الْعَطف بِالْوَاو صرح بِهِ الْآمِدِيّ وَابْن الْحَاجِب واستدلال الإِمَام فَخر الدّين وَأَتْبَاعه يَقْتَضِيهِ أَيْضا وَاعْلَم أَن التَّعْبِير بالجمل قد وَقع على الْغَالِب وَإِلَّا فَلَا فرق بَينهَا وَبَين الْمُفْردَات فقد قَالَ الرَّافِعِيّ فِي كتاب الطَّلَاق إِذا قَالَ حَفْصَة وَعمرَة طالقتان إِن شَاءَ الله فَإِنَّهُ من بَاب الِاسْتِثْنَاء عقب الْجمل إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا ذكره الْمَاوَرْدِيّ وَالرُّويَانِيّ فِي الْبَحْر لَو قَالَ عَليّ ألف دِرْهَم وَمِائَة دِينَار إِلَّا خمسين فَإِن أَرَادَ بالخمسين جِنْسا غير الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير قبل مِنْهُ وَكَذَلِكَ إِن أَرَادَ عوده إِلَى الجنسين مَعًا

أَو إِلَى أَحدهمَا وَإِن مَاتَ قبل الْبَيَان عَاد إِلَيْهِمَا عندنَا خلافًا لأبي حنيفَة لنا أَنه يحْتَمل ذَلِك وَالْأَصْل بَرَاءَة الذِّمَّة وَإِذا عَاد إِلَيْهِمَا فَهَل يعود إِلَى كل مِنْهُمَا جَمِيع الِاسْتِثْنَاء فَيسْقط خَمْسُونَ دِينَارا وَخَمْسُونَ درهما أَو يعود إِلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ فَيسْقط خَمْسَة وَعِشْرُونَ من كل جنس فِيهِ وَجْهَان قَالَ الرَّوْيَانِيّ أصَحهمَا الأول وَلم يصحح الْمَاوَرْدِيّ شَيْئا وَيَأْتِي ايضا هَذَا الْكَلَام فِيمَا إِذا قَالَ لفُلَان عَليّ ألف وَلفُلَان عَليّ ألف إِلَّا خمسين 2 - وَمِنْهَا مَا نَقله الرَّافِعِيّ فِي كتاب الْأَيْمَان عَن القَاضِي أبي الطّيب أَنه لَو قَالَ إِن شَاءَ الله أَنْت طَالِق وعبدي حر فَلَا يَقع الطَّلَاق وَالْعتاق قَالَ وَكَذَا لَو حذف الْوَاو لِأَن حرف الْعَطف قد يحذف مَعَ إِرَادَة الْعَطف قَالَ الرَّافِعِيّ وَليكن هَذَا فِيمَا إِذا نوى صرف الِاسْتِثْنَاء إِلَيْهِمَا فَإِن أطلق فَيُشبه أَن يَجِيء فِي أَنه هَل ينْصَرف إِلَيْهِمَا أم يخْتَص بالأخيرة 3 - وَمِنْهَا إِذا قَالَ أَنْت طَالِق طَلْقَتَيْنِ وَوَاحِدَة إِلَّا وَاحِدَة وَالْقِيَاس فِي هَذِه الْمَسْأَلَة أَن يعود إِلَى الْجُمْلَة الأولى وَهِي طَلْقَتَيْنِ وَحِينَئِذٍ فَيَقَع عَلَيْهِ طَلْقَتَانِ لِأَنَّهُ قد تعذر عوده إِلَى الْجُمْلَة الثَّانِيَة لاستغراقه إِيَّاهَا فَيتَعَيَّن الِاقْتِصَار على الأولى لِأَنَّهُ إِذا عَاد إِلَيْهَا مَعَ إِمْكَان اقْتِصَار عوده على مَا يَلِيهِ فَمَعَ تعذره بطرِيق الأولى لَكِن بنى الرَّافِعِيّ هَذِه الْمَسْأَلَة على أَن المفرق هَل يجمع فِيهِ وَجْهَان أصَحهمَا عدم الْجمع سَوَاء كَانَ مُسْتَثْنى أَو مُسْتَثْنى مِنْهُ فَإِن قُلْنَا بِالْجمعِ فَكَأَنَّهُ قَالَ أَنْت طَالِق ثَلَاثًا إِلَّا وَاحِدَة فَتَقَع طَلْقَتَانِ وَإِن قُلْنَا بِالْجمعِ فَكَأَنَّهُ قَالَ أَنْت طَالِق ثَلَاثًا إِلَّا وَاحِدَة فَتَقَع طَلْقَتَانِ وَإِن قُلْنَا لَا يجمع فَيكون الِاسْتِثْنَاء مُسْتَغْرقا فَتَقَع الثَّلَاث وَالَّذِي قَالَه مُشكل لما ذَكرْنَاهُ ثمَّ إِنَّه مهما أمكن حمل الْكَلَام على الصِّحَّة كَانَ أولى من إلغائه بِالْكُلِّيَّةِ كَمَا تقدم إيضاحه

فصل في الشرط وفيه مسائل

فصل فِي الشَّرْط وَفِيه مسَائِل مَسْأَلَة 1 إِذا قيد بِهِ أحد المتعاطفين فَمُقْتَضى كَلَام الْبَيْضَاوِيّ فِي الْمِنْهَاج انه يعود إِلَيْهِمَا بالِاتِّفَاقِ فَإِنَّهُ لما حكى خلاف أبي حنيفَة فِي الِاسْتِثْنَاء اسْتدلَّ عَلَيْهِ بقوله لنا الأَصْل اشْتِرَاك الْمَعْطُوف والمعطوف عَلَيْهِ فِي المتعلقات كالشرط وَالْحَال وَغَيرهمَا فَكَذَلِك الِاسْتِثْنَاء هَذِه عِبَارَته وَقد صرح الإِمَام فِي الْمَحْصُول بذلك فَقَالَ إِن الْحَنَفِيَّة قد وافقونا على عود الشَّرْط إِلَى الْجَمِيع وَنقل فِي الْكَلَام على التَّخْصِيص بِالشّرطِ عَن بعض الأدباء أَن الشَّرْط يخْتَص بِالْجُمْلَةِ الَّتِي تليه فَإِن تقدم اخْتصَّ بِالْأولَى وَإِن تَأَخّر اخْتصَّ بالثانيه ثمَّ قَالَ وَالْمُخْتَار الْوَقْف كَمَا فِي الِاسْتِثْنَاء وَسوى ابْن الْحَاجِب بَينه وَبَين الِاسْتِثْنَاء

مسألة

إِذا علمت مَا ذَكرْنَاهُ فللمسألة فروع مِنْهَا 1 - إِذا قَالَ أَنْت طَالِق وَاحِدَة بل ثَلَاثًا إِن دخلت الدَّار فَالْأَصَحّ وُقُوع وَاحِدَة بقوله أَنْت طَالِق وتتعلق طَلْقَتَانِ بِدُخُول الدَّار وَالثَّانِي تتَعَلَّق الثَّلَاث بِالدُّخُولِ كَذَا ذكره الرَّافِعِيّ فِي بَاب تعدد الطَّلَاق 2 - وَمِنْهَا وَهُوَ فِي الْبَاب الْمَذْكُور قبل هَذَا الْموضع بِدُونِ ورقة لَو قَالَ أَنْت طَالِق ثمَّ طَالِق إِن دخلت رَجَعَ الشَّرْط إِلَيْهِمَا كَمَا قَالَه الْمُتَوَلِي فَإِن كَانَت غير مَدْخُول بهَا لم يَقع بِالدُّخُولِ إِلَّا وَاحِدَة مَسْأَلَة 2 الْمَشْرُوط هَل يَقع مُقَارنًا للشّرط أَو مُتَأَخِّرًا عَنهُ فِيهِ مذهبان وَفِيهِمَا أَيْضا وَجْهَان للأصحاب حَكَاهُمَا الرَّافِعِيّ فِي أَوَائِل بَاب تَعْلِيق الطَّلَاق فِي الْكَلَام على التَّعْلِيق بالتطليق وَيتَفَرَّع عَلَيْهِمَا فروع كَثِيرَة مِنْهَا 1 - إِذا قَالَ لغير الْمَدْخُول بهَا إِن طَلقتك فَأَنت طَالِق ثمَّ طَلقهَا فَفِي وُقُوع الطَّلَاق الْمُعَلق وَجْهَان جاريان للمدخول بهَا إِذا خَالعهَا وَقُلْنَا الْخلْع طَلَاق وَالْمَشْهُور مِنْهُمَا عدم الْوُقُوع لِأَن الْمَعْرُوف هُوَ التَّأَخُّر واستغرب الرَّافِعِيّ عِنْد حكايتهما قَول الْمُقَارنَة حَتَّى أَنه نَفَاهُ فِي الْكَلَام على سرَايَة الْعتْق فَقَالَ لَا محَالة فِي أَن الْمُعَلق لَا يقارن الْمُعَلق عَلَيْهِ بل يتَأَخَّر عَنهُ وَعبر فِي الرَّوْضَة بقوله لَا شكّ مَعَ أَنه لَيْسَ بغريب

فصل في التقييد بالحال

فصل فِي التَّقْيِيد بِالْحَال وَفِيه مسَائِل مَسْأَلَة 1 إِذا قيد الْمَعْطُوف أَو الْمَعْطُوف عَلَيْهِ بِالْحَال فقد سبق قبل هَذَا بِدُونِ الورقة من كَلَام الْبَيْضَاوِيّ التَّصْرِيح بعوده إِلَى الْجَمِيع وَإِن مُقْتَضى كَلَامه الِاتِّفَاق عَلَيْهِ لَكِن صرح فِي الْمَحْصُول باختصاصه بالأخيرة على قَاعِدَة أبي حنيفَة إِذا علمت مَا ذَكرْنَاهُ فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - إِذا قَالَ وقفت على أَوْلَادِي وَأَوْلَاد أَوْلَادِي مُحْتَاجين أَي بتنكير هَذَا اللَّفْظ حَتَّى يكون حَالا فَإِن الِاحْتِيَاج يكون شرطا فِي الْجَمِيع إِمَّا إِجْمَاعًا أَو عندنَا خَاصَّة مَسْأَلَة 2 الأَصْل فِي الْحَال أَن تكون مُقَارنَة لصَاحِبهَا مفيدة للتَّقْيِيد فِي

الْإِنْشَاء وَغَيره كالتقييد بِالْوَصْفِ إِذا علمت ذَلِك فللمسألة فروع مِنْهَا 1 - مَا نَقله الرَّافِعِيّ فِي بَاب تَعْلِيق الطَّلَاق قبيل الطّرف الثَّالِث الْمَعْقُود للْحَمْل والولادة أَنه إِذا قَالَ أَنْت طَالِق طَالقا بِنصب الثَّانِي قَالَ الشَّيْخ أَبُو عَاصِم لَا يَقع فِي الْحَال شي لَكِن إِذا طَلقهَا وَقع طَلْقَتَانِ وَالتَّقْدِير إِذا صرت مُطلقَة فَأَنت طَالِق وَهَذَا فِي الْمَدْخُول بهَا وَلَو قَالَ أَنْت طَالِق إِن دخلت الدَّار طَالقا فَإِن طَلقهَا قبل الدُّخُول فَدخلت الدَّار طَالقا وَقعت الْمُعَلقَة إِذا لم تحصل الْبَيْنُونَة بذلك الطَّلَاق وَإِن دخلت غير طَالِق لم تقع الْمُعَلقَة وَلَو قَالَ أَنْت طَالِق وَطَالِق إِن دخلت الدَّار طَالقا فَهَذَا تَعْلِيق طَلْقَتَيْنِ بِدُخُولِهَا الدَّار طَالقا فَإِن دخلت طَالقا وَقع طَلْقَتَانِ بِالتَّعْلِيقِ وَلَو قَالَ أَنْت إِن دخلت الدَّار طَالقا وَاقْتصر عَلَيْهِ قَالَ الْبَغَوِيّ إِن قَالَ نصبته على الْحَال وَلم أتم الْكَلَام قبل مِنْهُ وَلَا يَقع شي وَإِن أَرَادَ مَا يُرَاد عِنْد الرّفْع ولحن وَقع الطَّلَاق إِذا دخلت الدَّار 2 - وَمِنْهَا إِذا قَالَ أَنْت طَالِق مَرِيضَة بِالنّصب لم تطلق إِلَّا

مسألة

فِي حَال الْمَرَض فَلَو رفع فَقيل تطلق فِي الْحَال حملا على أَن مَرِيضَة صفة وَاخْتَارَ ابْن الصّباغ الْحمل على الْحَال النَّحْوِيّ وَإِن كَانَ لحنا فِي الْإِعْرَاب وَهَذَا الْفَرْع قريب مِمَّا قبله قلت وتعليل الأول بِأَنَّهُ صفة ضَعِيف بل يدعى فِيهِ إِنَّه خبر آخر 3 - وَمِنْهَا لَو نذر أَن يُصَلِّي قَائِما لزمَه الْقيام وَمُقْتَضى كَلَام الرَّافِعِيّ وَغَيره أَنه لَا بُد من الْقيام فِي جَمِيع الصَّلَاة لَكِن الْجُزْء من الصَّلَاة الصَّحِيحَة يصدق عَلَيْهِ أَنه صَلَاة بِدَلِيل مالو حلف لَا يُصَلِّي فَإِنَّهُ يَحْنَث بِمُجَرَّد الْإِحْرَام على الصَّحِيح وَحِينَئِذٍ إِذا قَامَ فِي بعض الصَّلَاة يصدق عَلَيْهِ أَنه صلى فِي حَال قِيَامه 4 - وَمِنْهَا لَو قَالَ لله عَليّ أَن احج مَاشِيا فَيلْزمهُ الْمَشْي من حِين الْإِحْرَام إِلَى حِين التَّحَلُّل فَلَو عكس فَقَالَ عَليّ أَن أَمْشِي حَاجا فَالصَّحِيح كَمَا قَالَه الرَّافِعِيّ أَنه كالعكس وَهُوَ مُشكل فَإِذا مَشى فِي لَحْظَة بعد الْإِحْرَام فَيصدق أَن يُقَال إِنَّه مَشى فِي حَال كَونه حَاجا كَمَا يُقَال جَامع محرما أَو صَائِما وَنَحْو ذَلِك وَهَكَذَا لَو أَتَى بِالْحَال جملَة إسمية كَانَت أَو فعلية مَسْأَلَة 3 التَّقْيِيد بظرف زمَان أَو مَكَان كَقَوْلِه أكْرم زيدا الْيَوْم أَو

فِي مَكَان كَذَا وعمرا فَهَل يكون الْقَيْد رَاجعا إِلَى الْمَعْطُوف أَيْضا توقف ابْن الْحَاجِب فِي مُخْتَصره وَقد سبق من كَلَام الْبَيْضَاوِيّ مَا حَاصله الِاتِّفَاق على عوده إِلَيْهِ وَلَو فصل بَين أَن يتَأَخَّر الظّرْف عَن الْمَعْطُوف عَلَيْهِ كَمَا فِي هَذَا الْمِثَال وَبَين أَن يتَقَدَّم كَقَوْلِنَا أكْرم الْيَوْم زيدا وعمرا لَكَانَ لَهُ وَجه ظَاهر فَإِن قُلْنَا بِالرُّجُوعِ إِلَيْهِمَا فَاخْتلف الْمَعْنى كَقَوْلِه طلق زَوْجَتي الْيَوْم وَأعْتق عَبدِي أَو كَانَ الْمَعْنى وَاحِدًا لَكِن أُعِيد الْعَامِل نَحْو أكْرم زيدا الْيَوْم وَأكْرم عمرا فَفِي رُجُوع الْقَيْد إِلَيْهِمَا نظر إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا إِذا قَالَ طلق هندا الْيَوْم وَزَيْنَب وَنَحْو ذَلِك من التَّصَرُّفَات كَالْبيع وَالشِّرَاء وَالْوَقْف

فصل

فصل التَّقْيِيد بِالصّفةِ المتعقبة للجمل وَلم يُصَرح الْآمِدِيّ وَالْإِمَام فَخر الدّين بحكمها لَكِنَّهَا شَبيهَة بِالْحَال وَقد سبق من كَلَام الْبَيْضَاوِيّ أَنه يعود إِلَى الْجَمِيع وَمن فروع ذَلِك 1 - مَا إِذا قَالَ وقفت على أَوْلَادِي وَأَوْلَاد أَوْلَادِي المحتاجين فَإِن هَذِه الصّفة شَرط فِي الْجَمِيع كَذَا جزم بِهِ الرَّافِعِيّ وَغَيره قَالَ وَكَذَا لَو تقدّمت الصّفة عَلَيْهِمَا كَقَوْلِه على المحتاجين من كَذَا وَكَذَا وَقد أطلق الْأَصْحَاب ذَلِك ورأي الإِمَام تَقْيِيده بالقيدين السَّابِقين فِي الِاسْتِثْنَاء 2 - وَمِنْهَا مَا لَو قَالَ أَنْت طَالِق إِن دخلت الدَّار ثَلَاثًا وَلم ينْو شَيْئا فَيحْتَمل على أَن يكون التَّقْدِير دُخُولا ثَلَاثًا لقُرْبه أَو طَلَاقا ثَلَاثًا لِأَنَّهُ الْمُعْتَاد بِخِلَاف مَا لَو قَالَ أَرْبعا وَأَن يعود إِلَيْهِمَا مَعًا فَإِنَّهُ يعود إِلَى الدُّخُول صونا للْكَلَام عَن اللَّغْو وَهل يَقع الْمَشْرُوط مَعَ الشَّرْط أَو بعده يَأْتِي الْكَلَام عَلَيْهِ إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي الْقيَاس فِي الْكَلَام على الْعلَّة

فصل في التقييد بالتمييز بعد العطف

فصل فِي التَّقْيِيد بالتمييز بعد الْعَطف قد ذكرت قبل ذَلِك بِنَحْوِ ورقتين فِي أول الْفَصْل الْمَعْقُود للشّرط أَن كَلَام منهاج الْبَيْضَاوِيّ وَكَلَام غَيره يَقْتَضِي أَيْضا عوده إِلَى الْأَمريْنِ وَهُوَ مُقْتَضى كَلَام النُّحَاة وَاخْتلف أَصْحَابنَا فِي الْفُرُوع على وَجْهَيْن أصَحهمَا أَن الْأَمر كَذَلِك فَإِذا قَالَ مثلا لَهُ عَليّ خَمْسَة وَعِشْرُونَ درهما كَانَت الْجَمِيع دَرَاهِم وَالثَّانِي لَا بل يكون الأول بَاقِيا على إبهامه حَتَّى يميزه بِمَا اراد وَهَكَذَا لَو ضم إِلَى مَا ذَكرْنَاهُ لَفظه الْمِائَة فَقَالَ مائَة وَخَمْسَة وَعِشْرُونَ درهما أَو ضم أَيْضا لفظ الْألف إِلَيْهِ وَكَذَا لَو قَالَ ألف وَثَلَاثَة اثواب بِخِلَاف ألف وثوب

فصل

فصل وَأما التَّقْيِيد بالغاية بعد الْجمل فقد سبق عَن الْمَحْصُول أَنَّهَا كالتقييد بِالصّفةِ وَذَلِكَ كَقَوْلِه وقفت على أَوْلَادِي وَأَوْلَاد أَوْلَادِي إِلَى أَن يستغنوا مَسْأَلَة 1 الْخَاص إِذا عَارض الْعَام قَالَ الشَّافِعِي يُؤْخَذ بالخاص مُتَقَدما كَانَ أَو مُتَأَخِّرًا وَقَالَ أَبُو حنيفَة يكون الْمُتَأَخر نَاسِخا للمتقدم لنا أَن إِعْمَال الدَّلِيلَيْنِ وَلَو من وَجه أولى إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا إِذا قَالَ لوَكِيله لَا تطلق زَوْجَتي زَيْنَب ثمَّ قَالَ لَهُ بعد ذَلِك طلق زوجاتي وَمُقْتَضى الْقَاعِدَة أَنه لَا تطلق زَيْنَب وَهَكَذَا فِي الْوَصِيَّة إِذا قَالَ أوصيت بِهَذِهِ الْعين لزيد ثمَّ قَالَ أوصيت بِمَا فِي هَذَا الْبَيْت لعَمْرو وَكَانَت تِلْكَ الْعين فِيهِ فَلَو عمم ثمَّ خصص بَعضهنَّ بِالْإِخْرَاجِ ثمَّ بعد ذَلِك عمم أَيْضا فَفِيهِ نظر وَالْمُتَّجه الدُّخُول لأَنا لَو خصصنا الْعَام الْمُتَأَخر للَزِمَ التَّأْكِيد والتأسيس خير فَعلمنَا أَنَّهَا الْمَقْصُودَة بِالْعُمُومِ الثَّانِي وَلَا يحضرني الْآن نقل فِيمَا ذكرته 2 - وَمِنْهَا عدم وجوب قَضَاء الْعِيدَيْنِ وَأَيَّام التَّشْرِيق

مسألة

ورمضان على من نذر صَوْم سنة مُعينَة لقِيَام الدَّلِيل الْمُقْتَضِي للتخصيص 3 - وَمِنْهَا لَو لزمَه صَوْم شَهْرَيْن مُتَتَابعين عَن كَفَّارَة قتل أَو ظِهَار أَو جماع فِي رَمَضَان وَنذر صَوْم الأثانين دَائِما قدم صَوْم الْكَفَّارَة على الأثانين لِإِمْكَان قَضَاء الأثانين وَلَو عكس لم يتَمَكَّن من الشُّرُوع فِي الْكَفَّارَة لفَوَات التَّتَابُع ثمَّ إِن لَزِمت الْكَفَّارَة بعد النّذر قضى الأثانين الْوَاقِعَة فِي الشَّهْرَيْنِ لسبق التزامها وتعديه بِالسَّبَبِ الْمُوجب للشهرين وَإِن لَزِمت الْكَفَّارَة قبله فَوَجْهَانِ فِي الرَّافِعِيّ من غير تَصْرِيح بتصحيح أصَحهمَا فِي زَوَائِد الرَّوْضَة أَن الْقَضَاء لَا يجب حملا للعام على الْخَاص الْمُتَقَدّم مَسْأَلَة 2 لإذا ورد دَلِيل بِلَفْظ عَام مُسْتَقل بِنَفسِهِ وَلَكِن على سَبَب خَاص كَقَوْلِه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام الْخراج بِالضَّمَانِ حِين سُئِلَ عَمَّن اشْترى عبدا فَاسْتَعْملهُ ثمَّ وجد بِهِ عَيْبا فَرده هَل يغرم أجرته وَكَقَوْلِه وَقد سُئِلَ عَن بِئْر بضَاعَة خلق الله المَاء طهُورا

لَا يُنجسهُ شَيْء فَالْعِبْرَة بِعُمُوم اللَّفْظ عِنْد الإِمَام فَخر الدّين والآمدي وأتباعهما لِأَنَّهُ لَا مُنَافَاة بَين ذكر السَّبَب والعموم وَهَذَا مَذْهَب الشَّافِعِي نَص عَلَيْهِ فِي الْأُم فِي بَاب مَا يَقع بِهِ الطَّلَاق وَهُوَ بعد بَاب طَلَاق الْمَرِيض وَجزم بِهِ الرَّافِعِيّ فِي آخر الْأَيْمَان فَقَالَ الْعبْرَة عندنَا بِاللَّفْظِ فيرعى عُمُومه وَإِن كَانَ السَّبَب خَاصّا وخصوصه وَإِن كَانَ السَّبَب عَاما وَذهب بعض الشَّافِعِيَّة إِلَى أَن الْعبْرَة بِخُصُوص السَّبَب وَنَقله عَن الشَّافِعِي وَاسْتدلَّ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَو لم يكن مُخَصّصا لم يكن لذكره فَائِدَة وَجَوَابه أَن معرفَة السَّبَب من الْفَوَائِد فَإِن إِخْرَاجه عَن الْعُمُوم بِالْقِيَاسِ مُمْتَنع بِالْإِجْمَاع كَمَا نَقله الْآمِدِيّ وَغَيره لِأَن دُخُوله مَقْطُوع بِهِ لكَون الحكم ورد بَيَانا لَهُ بِخِلَاف غَيره فَإِنَّهُ يجوز إِخْرَاجه لِأَن دُخُوله مظنون وَأما نقل ذَلِك عَن الشَّافِعِي فَوَهم كَمَا نبه عَلَيْهِ الإِمَام فَخر الدّين فِي مَنَاقِب الشَّافِعِي وَقد ذكرت الْمَسْأَلَة مبسوطة فِي شرح

مسألة

الْمِنْهَاج فَرَاجعهَا إِذا علمت ذَلِك فَمن فروعها 1 - اخْتِلَاف أَصْحَابنَا فِي أَن الْعَرَايَا هَل تخْتَص بالفقراء أم لَا فَإِن اللَّفْظ الْوَارِد فِي جَوَازه عَام وَقد قَالُوا إِنَّه ورد على سَبَب وَهُوَ الْحَاجة إِلَى شِرَائِهِ وَلَيْسَ عِنْدهم مَا يشْتَرونَ بِهِ إِلَّا التَّمْر 2 - وَمِنْهَا إِذا دعِي إِلَى مَوضِع فِيهِ مُنكر فَحلف أَنه لَا يحضر فِي ذَلِك الْموضع فَإِن الْيَمين يسْتَمر وَإِن رفع الْمُنكر كَمَا قَالَه الرَّافِعِيّ 3 - وَمِنْهَا إِذا سلم على جمَاعَة وَفِيهِمْ رَئِيس هُوَ الْمَقْصُود بِالسَّلَامِ فَهَل يَكْفِي رد غَيره على وَجْهَيْن حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيّ مَسْأَلَة 3 إِذا كَانَ السَّبَب عَاما وَاللَّفْظ خَاصّا فَالْعِبْرَة أَيْضا بِاللَّفْظِ كَمَا قد تقرر نَقله فِي الْمَسْأَلَة الَّتِي فَرغْنَا مِنْهَا عَن نَصه فِي الْأُم وَعَن الرَّافِعِيّ فِي آخر الْأَيْمَان قَالَ الرَّافِعِيّ وَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا إِذا حلف لَا يشرب لَهُ مَاء من عَطش فَإِنَّهُ لَا يَحْنَث بِالْأَكْلِ وَالشرب من غير الْعَطش قَالَ وَإِن نوى أَنه لَا ينْتَفع بِشَيْء من جِهَته وَإِن كَانَت الْمُنَازعَة أَيْضا تَقْتَضِي مَا نَوَاه لِأَن اللَّفْظ لَا يحْتَملهُ قلت وَلقَائِل أَن يَقُول من جملَة المجازاة الْمُعْتَبرَة إِطْلَاق اسْم

مسألة

الْبَعْض وَإِرَادَة الْكل وَنَحْو ذَلِك كإطلاق الْخَاص وَإِرَادَة الْعَام وَقد تقدم الْكَلَام فِيهِ فِي بَابه أَيْضا مَسْأَلَة 4 الرَّاوِي لحَدِيث عَام إِذا فعل فعلا يَقْتَضِي تَخْصِيص الْعُمُوم الَّذِي رَوَاهُ أَو أفتى بِمَا يَقْتَضِي ذَلِك فَهَل يُؤْخَذ بِهِ لكَونه قد اطلع على الحَدِيث فَلَو لم يُخَالِفهُ لدَلِيل وَإِلَّا كَانَ قدحا فِيهِ أَو لَا نَأْخُذ بذلك لِأَنَّهُ رُبمَا خَالف لما ظَنّه دَلِيلا وَلَيْسَ بِدَلِيل فِيهِ مذهبان الصَّحِيح عِنْد الإِمَام والآمدي واتباعهما الثَّانِي فَمن فروعه 1 - قتل الْمَرْأَة إِذا ارْتَدَّت فَإِن قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام من بدل دينه فَاقْتُلُوهُ يَقْتَضِي بِعُمُومِهِ قَتلهَا لَكِن رَاوِيه هُوَ ابْن عَبَّاس ومذهبه أَن الْمُرْتَدَّة لَا تقتل بل تحبس كَمَا يَقُوله أَبُو حنيفَة ومذهبنا قَتلهَا لما تقدم وَذكر الرَّافِعِيّ فِي أول الْبَاب الرَّابِع فِي الشَّاهِد وَالْيَمِين أَن الرَّاوِي يرجع إِلَيْهِ فِي تَفْسِير الحَدِيث وتخصيصه وَسَيَأْتِي فِي آخر الْكتاب كَلَام آخر مُتَعَلق بِالْمَسْأَلَة

مسألة

مَسْأَلَة 5 الْمُخَصّص بِشَيْء معِين حجَّة فِي الْبَاقِي على الْمَعْرُوف عِنْد الْأُصُولِيِّينَ وَأما إِذا خرج مِنْهُ فَرد غير معِين فَلَا يجوز الْعَمَل بذلك الْعَام فِي شَيْء من الْأَفْرَاد وَلَا الِاسْتِدْلَال بِهِ عَلَيْهِ بِلَا خلاف كَمَا قَالَه الْآمِدِيّ لِأَنَّهُ مَا من فَرد إِلَّا وَيجوز أَن يكون هُوَ الْمخْرج مِثَاله قَوْله تَعَالَى {أحلّت لكم بَهِيمَة الْأَنْعَام إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُم} وَمَا ادَّعَاهُ الْآمِدِيّ من عدم الْخلاف مَرْدُود فقد حكى ابْن برهَان قولا أَنه يعْمل بِهِ إِلَّا أَن يبْقى وَاحِد إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 الِاسْتِثْنَاء فَإِنَّهُ من جملَة المخصصات الْمُتَّصِلَة وَمَعَ ذَلِك لَو قَالَ أعتق هَؤُلَاءِ إِلَّا وَاحِدًا صَحَّ وَلَزِمَه الْعَمَل بذلك بل لَو قَالَ لَهُ عَليّ دِرْهَم إِلَّا شَيْئا فَإِنَّهُ يَصح مَعَ أَنه مُبْهَم من كل وَجه ثمَّ يفسره بِمَا أَرَادَهُ 2 - وَمِنْهَا مَا إِذا وكل شخصا فِي إِعْتَاق عبيده ثمَّ قَالَ منعتك من إِعْتَاق وَاحِد مِنْهُم فَقِيَاس هَذِه الْقَاعِدَة امْتنَاع عتق الْجَمِيع فَإِن قَامَ دَلِيل على إِرَادَة الْمِنَّة من التَّعْمِيم فَلَا كَلَام 3 - وَمِنْهَا مَا إِذا قَالَ على عشرَة إِلَّا خَمْسَة أَو سِتَّة أَعنِي

مسألة

بِلَفْظ أَو فقد نقل الرَّافِعِيّ عَن الْمُتَوَلِي أَنه يلْزمه أَرْبَعَة لِأَن الدِّرْهَم الزَّائِد مَشْكُوك فِيهِ فَصَارَ كَقَوْلِه عَليّ أَرْبَعَة أَو خَمْسَة ثمَّ قَالَ وَيُمكن أَن يُقَال يلْزمه خَمْسَة لِأَنَّهُ أثبت عشرَة وَاسْتثنى خَمْسَة وشككنا فِي اسْتثِْنَاء الدِّرْهَم السَّادِس وَاعْترض فِي الرَّوْضَة فَقَالَ من زوائده الصَّوَاب قَول الْمُتَوَلِي لِأَن الْمُخْتَار أَن الِاسْتِثْنَاء بَيَان مَا لم يرد بِأول الْكَلَام لَا إِنَّه إبِْطَال مَا ثَبت 4 - وَمِنْهَا مَا إِذا اشتبهت مُحرمَة بأجنبيات أَو إِنَاء نجس بأوان طَاهِرَة أَو ميتَة بمذكاة فَإِن كَانَ الْعدَد محصورا لم يجز أَن يهجم وَيَأْخُذ مَا شَاءَ بل يجْتَهد فِي الْأَوَانِي وَإِن كَانَ غير مَحْصُور فَلهُ أَن يَأْخُذ بَعْضهَا بِغَيْر اجْتِهَاد وَإِلَى أَي حد يَنْتَهِي الْأَخْذ فِيهِ وَجْهَان فِي الرَّوْضَة أصَحهمَا إِلَى أَن يبْقى وَاحِد وَالثَّانِي إِلَى أَن يَنْتَهِي إِلَى عدد لَو كَانَ عَلَيْهِ ابْتِدَاء وَهُوَ الْعدَد المحصور لم يجز أَن يَأْخُذ شَيْئا مَسْأَلَة 6 إِذا حكم على الْعَام بِحكم ثمَّ أفرد مِنْهُ فَردا وَحكم عَلَيْهِ بذلك الحكم بِعَيْنِه فِي كَلَام آخر مُنْفَصِل عَن الأول فَلَا يكون إِفْرَاده بذلك تَخْصِيصًا للعام أَي حكما على بَاقِي أَفْرَاده بنقيض ذَلِك مِثَاله قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أَيّمَا إهَاب دبغ فقد طهر مَعَ

مسألة

قَوْله فِي شَاة مولاة مَيْمُونَة هلا أَخَذْتُم إهابها فدبغتموه وَقَالَ أَبُو ثَوْر التَّعْبِير بذلك الْفَرد يدل بمفهومه على التَّخْصِيص وَالْجَوَاب أَن مَفْهُوم اللقب مَرْدُود إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا إِذا إذنت الْمَرْأَة لأوليائها فِي التَّزْوِيج ثمَّ إِنَّهَا أَيْضا اذنت فِيهِ لوَاحِد معِين فَهَل يكون منعا لغيره على وَجْهَيْن أصَحهمَا فِي زيادات الرَّوْضَة لَا وَقد سبقت الْمَسْأَلَة ايضا فِي الْفَصْل التَّاسِع وطرد القَاضِي الْحُسَيْن فِي تعليقته هذَيْن الْوَجْهَيْنِ فِيمَا إِذا أَذِنت لوَاحِد فِي التَّزْوِيج ثمَّ أَذِنت فِيهِ لآخر ثمَّ قَالَ الْأَظْهر أَنه لَا يَنْعَزِل وطردهما أَيْضا فِي الْوَكِيل بِالْبيعِ وَالَّذِي ذكره يُقَوي التَّرْجِيح الَّذِي نَقَلْنَاهُ عَن النَّوَوِيّ مَسْأَلَة 7 إِذا ذكر الْعَام وَذكر قبله أَو بعده اسْم لَو لم يُصَرح بِهِ لدخل فِيهِ أَي فِي الْعَام إِلَّا أَنه حكم عَلَيْهِ بِحكم أخص مِمَّا حكم بِهِ على بَقِيَّة الْأَفْرَاد الدَّاخِلَة فِيهِ فَهَل يكون إِفْرَاده يَقْتَضِي عدم دُخُوله فِي الْعَام أم لَا فِيهِ مذهبان للأصوليين حَكَاهُمَا الرَّوْيَانِيّ فِي كتاب الْوَصِيَّة من الْبَحْر قَالَ وَمن فروع الْمَسْأَلَة

مسألة

1 - مَا إِذا أوصى لزيد بِعشْرَة دَنَانِير وبثلث مَاله للْفُقَرَاء وَزيد فَقير فَهَل يجوز أَن يعْطى مَعَ الدَّنَانِير شَيْئا من الثُّلُث بِاجْتِهَاد الْوَصِيّ لكَونه فَقِيرا فِيهِ وَجْهَان مدركهما مَا ذَكرْنَاهُ أصَحهمَا الأول قلت وَبِه جزم الرَّافِعِيّ وَعلله بِأَن الْمُوصي قطع اجْتِهَاد الْوَصِيّ بالتقدير أما إِذا لم يستفد بإفراد ذَلِك الْفَرد زِيَادَة على مَا حكم بِهِ على الْأَفْرَاد الدَّاخِلَة فِي الْعَام كَقَوْلِه تَعَالَى {من كَانَ عدوا لله وَمَلَائِكَته وَرُسُله وَجِبْرِيل وميكال} وَنَحْو ذَلِك فقد سبق الْكَلَام عَلَيْهِ قبيل النواهي مَسْأَلَة 8 إِذا علق بِالصّفةِ حكم ثمَّ عطف عَلَيْهِ حكم آخر لم يقْصد تَعْلِيقه بِالصّفةِ فَهَل تعود الصّفة إِلَى الثَّانِي أَيْضا فِيهِ خلاف حَكَاهُ الصيدلاني فِي بَاب الْمُتْعَة من شرح الْمُخْتَصر وَهَذَا الشَّرْح هُوَ الَّذِي ينْسبهُ ابْن الرّفْعَة فِي الْمطلب إِلَى ابْن دَاوُد تَارَة وَإِلَى الدَّاودِيّ أُخْرَى ويوهم أَن ذَلِك غير الصيدلاني حَتَّى جمع بَينهمَا فِي آخر الْكتاب وَهُوَ وهم عَجِيب أوضحته فِي كتاب الطَّبَقَات ثمَّ قَالَ الصيدلاني بعد حكايته الْخلاف إِن بعض اصحابنا قَالَ يَنْبَنِي عَلَيْهِمَا الْقَوْلَانِ فِي إِيجَاب الْمُتْعَة للمطلقة بعد الدُّخُول استنباطا من قَوْله تَعَالَى {لَا جنَاح عَلَيْكُم إِن طلّقْتُم النِّسَاء مَا لم تمَسُّوهُنَّ أَو تفرضوا لَهُنَّ فَرِيضَة ومتعوهن}

مسألة

قَالَ وَوجه الْبناء أَن الحكم الْمَقْصُود إِنَّمَا هُوَ رفع الْجنَاح عَن المطلقين للمفوضة قبل الْمَسِيس وَالْفَرْض ثمَّ إِنَّه عطف عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {ومتعوهن} فَإِن أعدنا الصّفة إِلَيْهِ أَيْضا لم تجب الْمُتْعَة لغير هَؤُلَاءِ وَكَأَنَّهُ قيل ومتعوا الْمَذْكُورَات وَإِن لم نَأْخُذ بِهِ وَجَبت وَكَأَنَّهُ قيل ومتعوا النِّسَاء مَسْأَلَة 9 إِذا ورد لفظ مُطلق وَلَفظ مُقَيّد فقد يخْتَلف حكمهمَا وَقد يتحد الْحَال الأول أَن يخْتَلف نَحْو اكس ثوبا هرويا وَأطْعم طَعَاما فَلَا يحمل أَحدهمَا على الآخر بِاتِّفَاق أَي لَا يُقيد الطَّعَام أَيْضا بالهروي لعدم الْمُنَافَاة وَاسْتثنى الْآمِدِيّ وَابْن الْحَاجِب صُورَة وَاحِدَة وَهِي مَا إِذا قَالَ أعتق رَقَبَة ثمَّ قَالَ لَا تملك كَافِرَة أَو لَا تعتقها وَهُوَ وَاضح

وَصرح الْآمِدِيّ بِأَنَّهُ لَا فرق فِي هَذَا الْقسم وَهُوَ حَالَة اخْتِلَاف الحكم بَين أَن يتحد سببهما أم لَا وَكَلَام أَصْحَابنَا فِي الْفُرُوع يدل على الْحمل عِنْد اتِّحَاد السَّبَب كَالْوضُوءِ وَالتَّيَمُّم فَإِن سببهما وَاحِد وَهُوَ الْحَدث وَقد وَردت الْيَد فِي التَّيَمُّم مُطلقَة وَفِي الْوضُوء مُقَيّدَة بالمرافق وَمَعَ ذَلِك حملوه عَلَيْهِ لِاتِّحَاد السَّبَب الْحَال الثَّانِي أَن يتحد حكمهمَا فَينْظر إِن اتَّحد سببهما كَمَا لَو قيل فِي الظِّهَار اعْتِقْ رَقَبَة وَقيل فِيهِ أَيْضا اعْتِقْ رَقَبَة مُؤمنَة فَلَا خلاف كَمَا قَالَ الْآمِدِيّ أَنا نحمل الْمُطلق على الْمُقَيد حَتَّى يتَعَيَّن إِعْتَاق المؤمنة لِأَن فِيهِ إعمالا للدليلين لَا الْمُقَيد على الْمُطلق حَتَّى يَجْزِي إِعْتَاق الْكَافِرَة لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى إِلْغَاء أَحدهمَا ثمَّ اخْتلفُوا فصحح ابْن الْحَاجِب وَغَيره أَن هَذَا الْحمل بَيَان للمطلوب أَي دَال على أَنه كَانَ المُرَاد من الْمُطلق هُوَ الْمُقَيد وَقيل يكون نسخا أَي دَالا على نسخ حكم الْمُطلق السَّابِق لحكم الْمُقَيد الطارىء وَاعْلَم أَن مُقْتَضى كَلَام الإِمَام فِي الْمَحْصُول وَصرح بِهِ فِي الْمُنْتَخب أَنه لَا فرق فِي حمل الْمُطلق على الْمُقَيد بَين الْأَمر وَالنَّهْي فَإِذا قَالَ لَا تعْتق مكَاتبا وَقَالَ ايضا لَا تعْتق مكَاتبا كَافِرًا فَإنَّا نحمل الأول على الثَّانِي وَيكون الْمنْهِي عَنهُ هُوَ إِعْتَاق الْمكَاتب الْكَافِر لَكِن ذكر الْآمِدِيّ فِي الإحكام أَنه لَا خلاف فِي الْعَمَل بمدلولهما

وَالْجمع بَينهمَا فِي النَّفْي إِذْ لَا تعذر فِيهِ هَذَا لَفظه وَمَعْنَاهُ أَنه يلْزم من نفي الْمُطلق نفي الْمُقَيد فَيمكن الْعَمَل بهما وَلَا يلْزم من ثُبُوت الْمُطلق ثُبُوت الْمُقَيد وَتَابعه ابْن الْحَاجِب عَلَيْهِ وأوضحه وَحَاصِل مَا قَالَاه أَنه لَا يعْتق فِي مثالنا مكَاتبا مُؤمنا أَيْضا إِذْ لَو أعْتقهُ لم يعْمل بهما وَصَحَّ بِهِ أَبُو الْحُسَيْن الْبَصْرِيّ فِي الْمُعْتَمد وَعلله بِأَن قَوْله لَا يعْتق مكَاتبا عَام وَالْمكَاتب الذِّمِّيّ فَرد من أَفْرَاده وَذكره لَا يَقْتَضِي التَّخْصِيص وَنقل الْأَصْفَهَانِي شَارِح الْمَحْصُول عَن أبي الْخطاب الْحَنْبَلِيّ بِنَاء الْمَسْأَلَة على أَن مَفْهُوم الصّفة هَل هُوَ حجَّة أم لَا وَفِي الْمَسْأَلَة أَشْيَاء أُخْرَى ذكرتها فِي شرح الْمِنْهَاج وَإِن لم يتحد سببهما كإطلاق الرَّقَبَة فِي آيَة الظِّهَار وتقييدها بالايمان فِي آيَة الْقَتْل فَفِيهِ ثَلَاثَة مَذَاهِب حَكَاهَا فِي الْمَحْصُول

أَحدهَا أَن تَقْيِيد أَحدهمَا يدل بِلَفْظِهِ على تَقْيِيد الآخر لِأَن الْقُرْآن كالكلمة الْوَاحِدَة وَلِهَذَا أَن الشَّهَادَة لما قيدت بِالْعَدَالَةِ مرّة وَاحِدَة وأطلقت فِي سَائِر الصُّور حملنَا الْمُطلق على الْمُقَيد الثَّانِي وَهُوَ قَول الْحَنَفِيَّة أَنه لَا يجوز تَقْيِيده بطرِيق مَا لَا بِاللَّفْظِ وَلَا بِالْقِيَاسِ وَالثَّالِث وَهُوَ الْأَظْهر من مَذْهَب الشَّافِعِي كَمَا قَالَه الْآمِدِيّ وَصَححهُ هُوَ وَالْإِمَام فَخر الدّين وأتباعهما أَنه إِن حصل قِيَاس صَحِيح يَقْتَضِي تَقْيِيده قيد كالرقبة فِي آيَة الظِّهَار وَالْقَتْل وَإِن لم يحصل ذَلِك فَلَا وَقَالَ الرَّوْيَانِيّ فِي كتاب الْقَضَاء من الْبَحْر ظَاهر مَذْهَب الشَّافِعِي أَنه يجب حمله عَلَيْهِ قَالَ وَحَيْثُ حمل عَلَيْهِ فَهَل ذَلِك من طَرِيق اللُّغَة أَو من طَرِيق الشَّرْع لكَونه مَبْنِيا على استنباط الْمعَانِي فِيهِ وَجْهَان لِأَصْحَابِنَا

وَقَالَ الْمَاوَرْدِيّ عِنْدِي أَنه يعْتَبر أغْلظ الْحكمَيْنِ فَإِن كَانَ حكم الْمُطلق أغْلظ حمل على إِطْلَاقه وَلم يُقيد إِلَّا بِدَلِيل وَإِن كَانَ الْعَكْس فالعكس لِئَلَّا يُؤَدِّي إِلَى إِسْقَاط مَا تَيَقنا وُجُوبه بِالِاحْتِمَالِ إِذا علمت ذَلِك فَمن الْقَاعِدَة فروع 1 - مَا إِذا قَالَ أوصيت لزيد بِهَذِهِ الْمِائَة ثمَّ قَالَ أوصيت لَهُ بِمِائَة أَو يعكس فيوصي أَولا بِغَيْر الْمعينَة ثمَّ بالمعينة فَإنَّا نحمل الْمُطلقَة فِي المثالين عَليّ الْمعينَة حَتَّى يسْتَحق مائَة فَقَط كَمَا لَو أطلقهما مَعًا فَإِنَّهُ لَا يسْتَحق إِلَّا الْمِائَة وَلَو كَانَتَا معينتين فَلَا إِشْكَال 2 - وَمِنْهَا إِذا قَالَ من حج لله عَليّ أَن أحج ثمَّ قَالَ لله تَعَالَى عَليّ أَن أحج فِي هَذَا الْعَام فَإِنَّهُ يَكْفِيهِ حجَّة وَاحِدَة وَفَائِدَة النّذر الثَّانِي تَعْجِيل مَا كَانَ لَهُ تَأْخِيره كَمَا لَو نذر من لم يحجّ أَن يحجّ فِي هَذَا الْعَام وَمثله نذر الصَّوْم وَالصَّدَََقَة وَسَائِر الْعِبَادَات 3 - وَمِنْهَا لَو قَالَ لزيد عَليّ ألف ثمَّ أحضر ألفا وَقَالَ هَذِه لَهُ وَكنت قد تعديت فِيهَا فَوَجَبَ ضَمَانهَا فَإِنَّهُ يقبل مِنْهُ فرع قَالَ فِي الْبَحْر وَالْمرَاد بِحمْل الْمُطلق على الْمُقَيد إِنَّمَا هُوَ الْمُطلق بِالنِّسْبَةِ إِلَى الصّفة كَمَا فِي وصف الرَّقَبَة بالايمان وكوصف الْيَد فِي الْوضُوء بِكَوْنِهَا إِلَى الْمرْفق مَعَ إِطْلَاقهَا فِي التَّيَمُّم فَأَما الْمُطلق بِالنِّسْبَةِ إِلَى الأَصْل أَي الْمَحْذُوف بِالْكُلِّيَّةِ كالرأس وَالرّجلَيْنِ فَإِنَّهُمَا مذكورات فِي الْوضُوء دون التَّيَمُّم وكالإطعام مَذْكُور فِي كَفَّارَة الظِّهَار دون كَفَّارَة الْقَتْل فَإنَّا لَا نحمله على التَّقْيِيد لِأَن فِيهِ إِثْبَات أصل بِغَيْر اصل

مسألة

قَالَ ابْن خيران يحمل الْمُطلق على الْمُقَيد فِي الأَصْل كَمَا حمل عَلَيْهِ فِي الْوَصْف مَسْأَلَة 10 إِذا علق حكم بفرد غير معِين من أَفْرَاد وَوجدنَا دَلِيلين متعارضين كل مِنْهُمَا يَقْتَضِي انحصار ذَلِك الحكم فِي فَرد بِخُصُوصِهِ غير الْفَرد الَّذِي دلّ عَلَيْهِ الآخر فيتساقطان وَيَسْتَوِي الفردان مَعَ غَيرهمَا وَعبر الأصوليون وَمِنْهُم الإِمَام فِي الْمَحْصُول عَن هَذِه الْقَاعِدَة بقَوْلهمْ إِذا ورد تَقْيِيد الْمُطلق بقيدين متنافيين وَلم يقم دَلِيل على تعْيين أَحدهمَا فَإِنَّهُمَا يتساقطان وَيبقى أصل التَّخْيِير بَينهمَا وَبَين غَيرهمَا مِمَّا دلّ على الْمُطلق أَولا ومثلوه بقوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام إِذا ولغَ الْكَلْب فِي إِنَاء أحدكُم فليغسله سبع مَرَّات فَإِنَّهُ قد ورد فِي رِوَايَة إِحْدَاهُنَّ بِالتُّرَابِ رَوَاهَا الدَّارَقُطْنِيّ من رِوَايَة

عَليّ وَلم يضعفها وَذكر النَّوَوِيّ فِي الْمسَائِل المنثورة أَنه حَدِيث ثَابت وَفِي رِوَايَة أولَاهُنَّ رَوَاهَا مُسلم وَفِي أُخْرَى السَّابِعَة بِالتُّرَابِ رَوَاهَا أَبُو دَاوُد وَهُوَ معنى مَا رَوَاهُ مُسلم وعفروه الثَّامِنَة بِالتُّرَابِ قَالُوا وَإِنَّمَا سميت ثامنة لأجل اسْتِعْمَال التُّرَاب مَعهَا فَلَمَّا كَانَ القيدان متنافيين تساقطا ورجعنا إِلَى الْإِطْلَاق الْوَارِد فِي رِوَايَة إِحْدَاهُنَّ قلت وَالصَّوَاب فِي مثل هَذَا سُقُوط التَّقْيِيد بِالنِّسْبَةِ إِلَى تعْيين الأولى وَالسَّابِعَة لِأَنَّهُمَا لما تَعَارضا وَلم يكن أحد القيدين أولى من الآخر تساقطا وَبَقِي التَّخْيِير فِيمَا حصل فِيهِ التَّعَارُض لَا فِي غَيره وَحِينَئِذٍ فَلَا يجوز التعفير فِيمَا عَداهَا لِاتِّفَاق القيدين على نَفْيه وَيدل على مَا قُلْنَاهُ مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح أولَاهُنَّ أَو أخراهن أَعنِي بِصِيغَة أَو وَقد نَص الشَّافِعِي على مَا ذَكرْنَاهُ من تعْيين الأولى أَو الْأُخْرَى فَقَالَ فِي الْبُوَيْطِيّ مَا نَصه قَالَ الشَّافِعِي وَإِذا ولغَ الْكَلْب فِي الْإِنَاء غسل سبعا أولَاهُنَّ أَو أخراهن بِالتُّرَابِ وَلَا يطهره غير ذَلِك وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم =

الله عَلَيْهِ وَسلم هَذَا لَفظه بِحُرُوفِهِ وَمن الْبُوَيْطِيّ نقلته وَرَأَيْت فِي الْأُم نَحوه أَيْضا فَثَبت دَلِيلا ونقلا بطلَان مَا جزم بِهِ الرَّافِعِيّ وَالنَّوَوِيّ هُنَا تبعا لكثير من الْأَصْحَاب من جَوَاز التعفير فِي غير الأولى أَو الْأُخْرَى وَسَببه قلَّة اطلاعهم على نُصُوص الشَّافِعِي وذهولهم عَن هَذَا الْمدْرك الَّذِي أبديته وَقد وفْق الله تَعَالَى جمَاعَة فأطلعهم على نَص الشَّافِعِي وأرشدهم إِلَى هَذَا الْمَعْنى فجزموا بِمُقْتَضَاهُ مِنْهُم الزبيرى فِي الْكَافِي والمرعشي فِي تَرْتِيب الْأَقْسَام وَابْن

جَابر كَمَا نَقله عَن الدَّارمِيّ فِي الاستذكار فَلَمَّا ثَبت ذَلِك بِنَصّ صَاحب الشَّرْع وَإِمَام الْمَذْهَب تعين الْأَخْذ بِهِ واطراح مَا عداهُ لَا سِيمَا أَن النَّوَوِيّ قد ذكر فِي الْخُلَاصَة أَن رِوَايَة الْإِطْلَاق وَهِي إِحْدَاهُنَّ لم تثبت وَهِي مقتضي كَلَامه فِي شرح الْمُهَذّب وَكَلَام غَيره أَيْضا وَادّعى النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب أَن التعفير فِي كل غسلة جَائِز بالِاتِّفَاقِ 2 - وَمِنْهَا لَو اسْتَأْجرهُ رجلَانِ ليحج عَنْهُمَا فَأحْرم عَنْهُمَا لم ينْعَقد عَن وَاحِد مِنْهُمَا وَوَقع للأخير لِأَن الْجمع بَينهمَا مُتَعَذر قلغي القيدان قَالَ الرَّافِعِيّ وَلَا فرق بَين أَن تكون الْإِجَارَة فِي الذِّمَّة أَو على الْعين قَالَ لِأَنَّهُ وَإِن كَانَت إِحْدَى إجارتي الْعين فَاسِدَة إِلَّا أَن الْإِحْرَام عَن غَيره لَا يتَوَقَّف على صِحَة الْإِجَارَة وَمِنْهَا أَي من هَذِه الْقَاعِدَة أَيْضا إِذا تنَازع رجلَانِ فِي طِفْل فَقَالَ كل مِنْهُمَا أَنا التقطته دون ذَاك وَهُوَ فِي يدهما أَو لَا يَد لأَحَدهمَا عَلَيْهِ وَأَقَامَا بينتين مطلقتين أَو مقيدتين بِوَقْت وَاحِد أَو إِحْدَاهمَا مُطلقَة وَالْأُخْرَى مُقَيّدَة فقد تَعَارَضَت الْبَيِّنَتَانِ وتساقطتا وَحِينَئِذٍ فَيَجْعَلهُ الْحَاكِم عِنْد من يرى مِنْهُمَا أَو من غَيرهمَا وَأما إِذا كَانَت إِحْدَاهمَا مُتَقَدّمَة التَّارِيخ فَإِنَّهَا تقدم 3 - وَمِنْهَا المَال إِذا تَعَارَضَت فِيهِ الْبَيِّنَتَانِ على مَا ذَكرْنَاهُ فِي اللَّقِيط

مسألة

فَإِنَّهُمَا يتساقطان ايضا وَلَكِن يقسم بَينهمَا إِن كَانَ فِي يدهما فَإِن كَانَ فِي يَد أَحدهمَا قدم وَإِن كَانَ فِي يَد ثَالِث رَجَعَ إِلَيْهِ 4 - وَمِنْهَا إِذا تعَارض الْمَنِيّ وَالْحيض فِي الْخُنْثَى بِأَن حاض بفرج النِّسَاء وأمنى من فرج الرِّجَال فَلَا يحكم بِكَوْنِهِ ذكرا وَلَا بِكَوْنِهِ أُنْثَى للتعارض وَيكون بلوغا على الصَّحِيح وَقيل لَا لتعارضهما وَجَوَابه أَنَّهُمَا متفقان على الْبلُوغ والتعارض إِنَّمَا وَقع فِي الذُّكُورَة وَالْأُنُوثَة مَسْأَلَة 11 مَا ذَكرْنَاهُ فِي الْمَسْأَلَة السَّابِقَة مَحَله إِذا أطلقت الصُّورَة الْوَاحِدَة ثمَّ قيدت تِلْكَ الصُّورَة بقيدين متنافيين كَمَا تقدم تمثيله فَأَما إِذا وَقع ذَلِك فِي الْجِنْس الْوَاحِد كتقييد صَوْم الظِّهَار بالتتابع حَيْثُ قَالَ تَعَالَى {فَصِيَام شَهْرَيْن مُتَتَابعين} وَتَقْيِيد صَوْم التَّمَتُّع بالتفرقة حَيْثُ قَالَ تَعَالَى {فَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام فِي الْحَج وَسَبْعَة إِذا رجعتم} مَعَ إِطْلَاق الصَّوْم فِي كَفَّارَة الْيَمين حَيْثُ قَالَ {فَمن لم يجد فَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام} فَيجب بَقَاء الْمُطلق على إِطْلَاقه لِأَنَّهُ لَيْسَ حمله على أَحدهمَا بِأولى من حمله على الآخر وَيحيى أَيْضا بَقَاء كل وَاحِد من المقيدين على تَقْيِيده وَأما حمله على تَقْيِيد صَاحبه فَينْظر

فِيهِ فَإِن تنافى الْجمع بَينهمَا كَصَوْم الظِّهَار مَعَ صَوْم التَّمَتُّع على مَا سبق إيضاحه لم يحمل أَحدهمَا على الآخر وَإِن لم يتنافيا فَفِي حمله من غير دَلِيل وَجْهَان تقدم مدركهما فِي الْمَسْأَلَة السَّابِقَة فَإِن حملناه صَار كل مِنْهُمَا مُقَيّدا بالقيدين مَعًا كَذَا ذكره الرَّوْيَانِيّ فِي الْبَحْر فِي كتاب الْقَضَاء تبعا للماوردي ثمَّ قَالَ فعلى القَوْل الأول بِالْحملِ يجوز حمل الْمُطلق أَيْضا على القيدين وَيصير كل من الثَّلَاثَة مُقَيّدا بِشَرْطَيْنِ

مسألة

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْبَاب الرَّابِع فِي الْمُجْمل والمبين - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَسْأَلَة 1 يجوز تَأْخِير الْبَيَان عَن وَقت الْخطاب على الصَّحِيح عِنْد جُمْهُور الْأُصُولِيِّينَ كَالْإِمَامِ والآمدي وَغَيرهمَا وَقَالَت الْمُعْتَزلَة لَا يجوز مُطلقًا وَقَالَ جمَاعَة إِن كَانَ مُشْتَركا جَازَ وَإِن لم يكن مُشْتَركا فَلَا يجوز إِلَّا إِذا اقْترن بِهِ بَيَان إجمالي كَقَوْلِه اعْلَم أَن هَذَا الْعَام مَخْصُوص وَأَن المُرَاد بِاللَّفْظِ مجازه لَا حَقِيقَته وبالمطلق أَو النكرَة فَرد معِين وَنَحْو ذَلِك لِأَن ترك الْبَيَان الإجمالي موقع فِي الْمَحْذُور وَحكى الرَّوْيَانِيّ فِي الْقَضَاء فِي الْمَسْأَلَة ثَلَاثَة أوجه لِأَصْحَابِنَا ثَالِثهَا لَا يجوز فِي الْمُجْمل لِأَنَّهُ قبل الْبَيَان غير مَفْهُوم وَيجوز فِي الْعُمُوم

وَفِي الْمُكَلف بِهِ قبل الْبَيَان وَجْهَان لِأَصْحَابِنَا حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيّ أَيْضا وَالرُّويَانِيّ أَحدهمَا أَنهم مكلفون قبل الْبَيَان بالتزامه بعد الْبَيَان وَالثَّانِي أَنهم قبل الْبَيَان مكلفون بالتزامه مُجملا وَبعده مكلفون بالتزامه مُفَسرًا إِذا علمت ذَلِك كُله فَاعْلَم أَن بَيَان الْمُجْمل يَقْتَضِي أَن المُرَاد من ذَلِك الْمُجْمل وَقت إِطْلَاقه هُوَ مَا دلّ عَلَيْهِ الْمُبين وَإِلَّا لم يكن بَيَانا لَهُ وَهَذِه الْقَاعِدَة قد صرح بهَا مَعَ وضوحها الْقَرَافِيّ فِي شرح الْمَحْصُول وتعليقته على الْمُنْتَخب وَكَلَام البَاقِينَ يدل عَلَيْهَا إِذا علمت ذَلِك فللمسألة فروع أَحدهَا إِذا قَالَ لَهُ عَليّ عشرَة إِلَّا ثوبا ثمَّ فسر الثَّوْب بِمَا يسْتَغْرق قِيمَته عشرَة فَإِن الِاسْتِثْنَاء يبطل لما ذَكرْنَاهُ وَقيل يبطل التَّفْسِير خَاصَّة ويفسره بِغَيْر هَذَا الْمِقْدَار مِمَّا لَا يسْتَغْرق الثَّانِي إِذا قَالَ لَهَا أَنْت طَالِق ثلآثا إِلَّا طَلَاقا أَعنِي باستثناء الْمصدر فَالْمُتَّجه صِحَّته وَيُؤمر بالتفسير فَإِن فسره بِوَاحِدَة أَو اثْنَتَيْنِ قبل وَإِن فسره بِثَلَاث فَفِي بطلَان الِاسْتِثْنَاء مَا سبق وَمثله لَو قَالَ أَنْت طَالِق طَلَاقا إِلَّا شَيْئا الثَّالِث إِذا قَالَ لعبديه أَحَدكُمَا حر وَلم ينْو معينا فَإنَّا نأمره بِالتَّعْيِينِ فَإِن عين كَانَ ابْتِدَاء وُقُوعه عِنْد الْإِيقَاع على الصَّحِيح لما ذَكرْنَاهُ وَقيل عِنْد التَّعْيِين

وَمثله إِذا قَالَ لزوجتيه إِحْدَاكُمَا طَالِق وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ الْعدة الرَّابِع لَو نذر أضْحِية فِي ذمَّته ثمَّ عين عَنْهَا أفضل مِمَّا وَجب عَلَيْهِ فتعينت فَهَل يتَعَيَّن عَلَيْهِ رِعَايَة تِلْكَ الزِّيَادَة فِي الَّذِي يُعينهُ بعد ذَلِك فِيهِ وَجْهَان أصَحهمَا كَمَا قَالَه الرَّافِعِيّ لَا يلْزمه ذَلِك وَهُوَ مُخَالف لنظائر الْقَاعِدَة الْخَامِس ذكره الْمَاوَرْدِيّ فِي كتاب الْأَيْمَان من الْحَاوِي وَتَبعهُ عَلَيْهِ الرَّوْيَانِيّ فِي الْبَحْر لَو قَالَ وَالله لَأَفْعَلَنَّ شَيْئا أَو لَا أفعل شَيْئا فَلَا يُمكن حمل الْيَمين على جَمِيع الْأَشْيَاء لِخُرُوجِهِ عَن الْقُدْرَة وَالْعرْف فَوَجَبَ حمله على بَعْضهَا فَإِن كَانَ قد عين شَيْئا بِالنِّيَّةِ وَقت يَمِينه تعين وَإِلَّا فَتعين بعد الْيَمين فِيمَا شَاءَ كَمَا إِذا طلق إِحْدَى نِسَائِهِ ثمَّ إِن كَانَ الْحلف بِالطَّلَاق أَو الْعتاق الزم بِالتَّعْيِينِ لتَعلق حق الْآدَمِيّ وَإِن كَانَ بِاللَّه تَعَالَى عين مَتى شَاءَ وَلَا حنث فِيمَا قبل التَّعْيِين وَإِذا عين شَيْئا صَار هُوَ المُرَاد بِالْيَمِينِ سَوَاء حلف على إثْبَاته كركوب الدَّابَّة مثلا أَو على نَفْيه كَعَدم ركُوبهَا وَيتَعَلَّق الْبر والحنث بِمَا يَفْعَله بعد التَّعْيِين إِن لم يكن قد فعله قبله فَإِن كَانَ قد فعله فَفِي حُصُول الْحِنْث وَالْبر بِهِ وَجْهَان مبنيان على أَن الطَّلَاق الْمُبْهم إِذا عينه هَل يَقع من حِين التَّعْيِين أَو الْإِيقَاع السَّادِس إِذا أحرم بالنسك قبل أشهر الْحَج وَلم يُصَرح بِالْعُمْرَةِ ثمَّ أَرَادَ فِي أشهر الْحَج صرفه إِلَى الْحَج فَإِنَّهُ لَا يجوز على الْأَصَح للقاعدة الَّتِي قدمناها بِخِلَاف مَا إِذا أحرم بِالْعُمْرَةِ وأفسدها ثمَّ قصد إِدْخَال الْحَج عَلَيْهَا فَإِن اصح الْأَوْجه انْعِقَاده فَاسِدا وَالثَّانِي صَحِيحا ثمَّ يفْسد وَالثَّالِث صَحِيحا وتستمر صِحَّته

وَالرَّابِع لَا ينْعَقد أصلا السَّابِع وَهُوَ مُشكل على هَذِه الْقَاعِدَة إِذا أحرم فِي أشهر الْحَج مُطلقًا فَلَا تصح مِنْهُ الْأَعْمَال قبل التَّعْيِين كَمَا جزم بِهِ الرَّافِعِيّ مَعَ أَنه بِالتَّعْيِينِ إِلَى الْحَج مثلا يتَبَيَّن أَن إِحْرَامه وَقع بِالْحَجِّ وَحِينَئِذٍ فَيجْرِي على مَا أَتَى بِهِ من الْوُقُوف وَغَيره لوُقُوعه فِي مَحَله وَلَا يُقَال إِنَّه أَتَى بِهَذِهِ الْأَشْيَاء وَهُوَ مُتَرَدّد فِي أَنه هَل يَقع عَنهُ لِأَنَّهُ التَّرَدُّد إِنَّمَا يقْدَح فِيمَا تجب فِيهِ النِّيَّة وَهِي لَا تجب فِي أَرْكَان الْحَج وَالْعمْرَة على الصَّحِيح لاشتمال نِيَّة الْحَج وَالْعمْرَة على نِيَّة أركانهما وَفِي الْبَيَان وَشرح الْمُهَذّب للحضرمي أَنه لَو طَاف ثمَّ صرفه لِلْحَجِّ وَقع على طواف الْقدوم مَعَ أَن طواف الْقدوم من سنَن الْحَج وَهُوَ مُؤَكد لما اشرنا إِلَيْهِ من قِيَاس صِحَّته فَإِنَّهَا مُخَالفَة لما دلّ عَلَيْهِ كَلَام الرَّافِعِيّ من الْعُمُوم فَيحْتَمل أَن يكون كَلَام الرَّافِعِيّ مَحْمُولا على الْوَاجِب وَيحْتَمل أَن تكون هَذِه الْمقَالة ضَعِيفَة عِنْده وَذكر ابْن الصّباغ فِي الشَّامِل فرعا آخر قَرِيبا من هَذَا وَفِيه مُخَالفَة لَهُ فَقَالَ لَو أحرم عَن أَحدهمَا لَا بِعَيْنِه انْعَقَد وَلَو صرفه لمن شَاءَ قبل التَّلَبُّس بِشَيْء من الْأَفْعَال هَذَا كَلَامه وَمُقْتَضَاهُ أَنه إِذا أَتَى بِشَيْء من الْأَفْعَال انْصَرف لَهُ وَامْتنع الصّرْف وَقِيَاس مَا سبق أَن لَا يعْتد بِمَا أَتَى بِهِ وَيبقى الصّرْف كَمَا كَانَ خُصُوصا أَن نِيَّة الْأَركان لَا تجب كَمَا سبق

مسألة

مَسْأَلَة 2 اخْتلف الأصوليون فِي آيَة السّرقَة وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {وَالسَّارِق والسارقة فَاقْطَعُوا أَيْدِيهِمَا} هَل هِيَ مجملة أم لَا فَذهب جمَاعَة إِلَى انها مجملة لِأَن الْيَد تحْتَمل الْكل وَالْبَعْض إِمَّا إِلَى الْمرْفق أَو إِلَى الْكُوع وَلَكِن بَينهَا السّنة وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ لَا إِجْمَال فِيهَا بل الْيَد حَقِيقَة فِي جَمِيعهَا وَهُوَ من رُؤُوس الْأَصَابِع إِلَى الْمنْكب وَلكنهَا تطلق على الْبَعْض مجَازًا وَالْمجَاز خير من الِاشْتِرَاك إِذا علمت ذَلِك فيتفرع على الْمَسْأَلَة 1 - مَا إِذا قَالَ لزوجته إِن دخلت الدَّار فيميتك طَالِق فَقطعت يَمِينهَا ثمَّ دخلت الدَّار فَهَل تطلق فَقَالَ أَصْحَابنَا يَنْبَغِي على أَنه إِذا نجز الطَّلَاق كَذَلِك أَي قَالَ لَهَا يَمِينك طَالِق فَإِنَّهَا تطلق وَلَكِن هَل هُوَ من السَّرَايَة أَي يَقع على الْجُزْء ثمَّ يسري أَو من بَاب التَّعْبِير بِالْبَعْضِ عَن الْكل وَفِيه وَجْهَان قَالَ الرَّافِعِيّ يشبه أَن يكون الأول هُوَ الْأَصَح فان قُلْنَا بِالْأولِ لم يَقع وَإِلَّا فَيَقَع قَالَ وَيجْرِي الْخلاف فِي أَبْوَاب مِنْهَا استلحاق الْوَلَد وَالْإِقْرَار بالاستيلاد وَغير ذَلِك وَلم يبين الرَّافِعِيّ المُرَاد بِالْيَدِ وَيتَّجه بِنَاؤُه على هَذَا فَإِذا قطعت يَدهَا من الْكُوع مثلا فَإِن قُلْنَا إِن الْيَد حَقِيقَة فِي الْكل لم تطلق وَإِن قُلْنَا إِنَّهَا مجملة

فَإِن كَانَ حَيا سُئِلَ عَن مُرَاده وَعمل بِهِ فَإِن لم يرد شَيْئا عين فِيمَا شَاءَ فَإِن مَاتَ رَجَعَ إِلَى بَيَان الْوَارِث دون تَعْيِينه لِأَن الْوَارِث هَذَا حكمه وَلَو عبر بِالْيَدِ تعلق الحكم بِالْيَدِ الْبَاقِيَة وَلَو قَالَ فإحدي يَديك وَقُلْنَا لَيْسَ من بَاب التَّعْبِير عَن الْكل فَقطعت وَاحِدَة فَإِنَّهُ نَظِير مَا لَو قَالَ لزوجتيه إِن فعلت كَذَا فإحداكما طَالِق فَطلق وَاحِدَة ثمَّ فعل الشَّيْء فَإِنَّهُ لَا يَقع على الْأُخْرَى شَيْء كَمَا ذكره الرَّافِعِيّ

مسألة

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْبَاب الْخَامِس فِي النَّاسِخ والمنسوخ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَسْأَلَة 1 اتَّفقُوا كَمَا قَالَه ابْن الْحَاجِب على أَن النّسخ لَا يثبت حكمه قبل أَن يبلغهُ جِبْرَائِيل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَاخْتلفُوا بعد وُصُوله إِلَيْهِ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَقبل تبليغه إِلَيْنَا هَل يثبت حكمه أَي بِالنِّسْبَةِ إِلَيْنَا وَالْمُخْتَار أَنه لَا يثبت وَجزم الرَّوْيَانِيّ فِي الْبَحْر فِي كتاب الْقَضَاء بِأَنَّهُ لَا يثبت وَحكى وَجْهَيْن فِيمَا إِذا بلغه إِلَى الْبَعْض هَل يثبت ايضا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْعَالمين وَقَالَ إِن أشبههما أَنه لَا يثبت لِأَن أهل قبا لما بَلغهُمْ نسخ الْقبْلَة وهم فِي الصَّلَاة استداروا وبنوا وَلم يستأنفوا إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - أَن يقتل من لم تبلغه دَعْوَة نَبينَا وَكَانَ على دين نَبِي لَا يعْتَبر فِيهِ فَفِي وجوب الْقصاص وَجْهَان مبنيان على هَذِه الْقَاعِدَة

كَمَا قَالَه فِي التَّتِمَّة وأصحهما فِي الرَّافِعِيّ عدم الْوُجُوب بل تجب دِيَة أهل ذَلِك الدّين وَقيل دِيَة مُسلم 2 - وَمِنْهَا كَمَا قَالَه صَاحب التَّتِمَّة صِحَة تَصَرُّفَات الْوَكِيل بعد الْعَزْل وَقبل بُلُوغ الْخَبَر لَهُ وَمثله القَاضِي لَكِن الصَّحِيح فِي القَاضِي النّفُوذ وَفِي الْوَكِيل خِلَافه لِأَن تَصَرُّفَات القَاضِي تكْثر غَالِبا فيعسر تتبعها بِالنَّقْضِ بِخِلَاف الْوَكِيل

= الْكتاب الثَّانِي فِي السّنة=

مسألة

وَفِيه بَابَانِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْبَاب الأول فِي أَفعاله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَسْأَلَة 1 مَا كَانَ من الْأَفْعَال مَمْنُوعًا لم يكن وَاجِبا فَإِذا فعله الرَّسُول عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فَإنَّا نستدل بِفِعْلِهِ على وُجُوبه وَذَلِكَ كالقيامين والركوعين فِي الخسوف فَإِن الزِّيَادَة فِي الصَّلَاة مبطلة فِي غير الخسوف فمشروعية جوازهما دَلِيل على وجوبهما وَهَكَذَا ذكر فِي الْمَحْصُول هَذِه الْقَاعِدَة وَمثل بِمَا ذكرته وَتَبعهُ على ذَلِك من بعده وَمن فروعها ايضا 1 - وجوب الْخِتَان لما ذَكرْنَاهُ وَقيل إِنَّه لَا يجب مُطلقًا وَقيل يجب فِي الرِّجَال دون النِّسَاء وَهَذَا فِي الْوَاضِح وَأما الْخُنْثَى الْمُشكل فَقيل يجب ختان فرجيه مَعًا للتوصل إِلَى الْوَاجِب وَالأَصَح كَمَا قَالَه فِي الرَّوْضَة إِنَّه لَا يجوز ختانه لِأَن فِيهِ

مسألة

قطع عُضْو يمْتَنع قطعه وَقد أمعنت الْكَلَام على الْمَسْأَلَة فِي كتَابنَا الْمُسَمّى إِيضَاح الْمُشكل من أَحْكَام الْخُنْثَى الْمُشكل 2 - وَمن الْفُرُوع الْمُخَالفَة لهَذِهِ الْقَاعِدَة سُجُود السَّهْو وَسُجُود التِّلَاوَة فِي الصَّلَاة وَفِي غَيرهَا ايضا وَرفع الْيَدَيْنِ على التوالي فِي تَكْبِيرَات الْعِيد ثمَّ إِن مَا ذكره من وجوب القيامين والركوعين هُوَ المجزوم بِهِ فِي المختصرات وَذكر النَّوَوِيّ فِي أَوَاخِر بَاب الْكُسُوف من شرح الْمُهَذّب أَن ذَلِك لَا يجب بل لَو صلاهَا كَسَائِر الصَّلَوَات صَحَّ وَحَكَاهُ عَن جماعات كَثِيرَة وَاقْتضى كَلَامه الِاتِّفَاق عَلَيْهِ وَقد بسطت الْمَسْأَلَة فِي الْمُهِمَّات فَرَاجعهَا مَسْأَلَة 2 إِذا أمكن حمل فعله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام على الْعِبَادَة أَو الْعَادة فَإنَّا نحمله على الْعِبَادَة إِلَّا لدَلِيل لِأَن الْغَالِب على أَفعاله قصد التَّعَبُّد بهَا إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - اسْتِحْبَاب الذّهاب إِلَى الْعِيد فِي طَرِيق وَالرُّجُوع مِنْهُ فِي أُخْرَى 2 - وَمِنْهَا تطييبه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد إِحْرَامه بِالْحَجِّ وتطييبه قبل تحلله الثَّانِي فَإِنَّهُ سنة لكل حَاج وَقد ذكر الرَّافِعِيّ كلا مِنْهُمَا فِي مَوْضِعه

مسألة

مَسْأَلَة 3 شرع من قبلنَا إِذا ثَبت بطرِيق صَحِيح كَقَوْلِه تَعَالَى {وكتبنا عَلَيْهِم فِيهَا أَن النَّفس بِالنَّفسِ} الْآيَة وَلم يرد عَلَيْهِ نَاسخ لَا يكون شرعا لنا عِنْد الْجُمْهُور وَاخْتَارَهُ الإِمَام فَخر الدّين والآمدي والبيضاوي وَاخْتَارَ ابْن الْحَاجِب عَكسه وَللشَّافِعِيّ أَيْضا فِي الْمَسْأَلَة قَولَانِ أصَحهمَا الأول وَرجحه النَّوَوِيّ فِي الرَّوْضَة وَغَيرهَا من كتبه إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا لَو حلف ليضربن زيدا مثلا مائَة خَشَبَة فَضَربهُ بالعثكال وَنَحْوه فَإِنَّهُ يبر لقَوْله تَعَالَى لأيوب عَلَيْهِ السَّلَام لما حلف ليضربن زَوجته ذَلِك {وَخذ بِيَدِك ضغثا فَاضْرب بِهِ وَلَا تَحنث}

والضغث هُوَ الشماريخ الْقَائِمَة على السَّاق الْوَاحِد وَهُوَ الْمُسَمّى بالعثكال قَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ فِي كتاب الْأَيْمَان اتّفق الْعلمَاء على أَن هَذِه الاية مَعْمُول بهَا فِي ملتنا وَالسَّبَب فِيهِ أَن الْملَل لَا تخْتَلف فِي مُوجب الْأَلْفَاظ وَفِي مَا يَقع برا وحنثا هَذِه عِبَارَته وَقد يُقَال إِن مُوجب الْأَلْفَاظ قد يخْتَلف لاخْتِلَاف الْإِطْلَاق الْعرفِيّ

مسألة

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْبَاب الثَّانِي فِي الْأَخْبَار - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَسْأَلَة 1 الْخَبَر هُوَ الْكَلَام الَّذِي يحْتَمل التَّصْدِيق والتكذيب كَقَوْلِنَا قَامَ زيد وَلم يقم بِخِلَاف قَوْلنَا زيد أضربه وَنَحْو وَإِنَّمَا عدلنا عَن الصدْق وَالْكذب إِلَى مَا ذَكرْنَاهُ لِأَن الصدْق مُطَابقَة الْوَاقِع وَالْكذب عدم مطابقته وَنحن نجد من الْأَخْبَار مَا لَا يحْتَمل الْكَذِب كَخَبَر الله تَعَالَى وَخبر رَسُوله وَقَوْلنَا مُحَمَّد رَسُول الله وَمَا لَا يحْتَمل الصدْق كَقَوْل الْقَائِل مُسَيْلمَة رَسُول الله مَعَ أَن كل ذَلِك يحْتَمل التَّصْدِيق والتكذيب لِأَن التَّصْدِيق هُوَ كَونه يَصح من جِهَة اللُّغَة أَن يُقَال لقائله صدق وَكَذَلِكَ التَّكْذِيب وَقد وَقع ذَلِك فالمؤمن صدق خبر الله تَعَالَى وَخبر رَسُوله وَكذب مُسَيْلمَة وَالْكَافِر بِالْعَكْسِ إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا إِذا قَالَ لزوجاته من أَخْبرنِي بقدوم زيد مِنْكُن فَهِيَ طَالِق فَأَخْبَرته إِحْدَاهُنَّ بذلك كَاذِبَة وَقع الطَّلَاق كَمَا قَالَه الرَّافِعِيّ 2 - وَمِنْهَا وَهُوَ مُشكل على هَذِه الْقَاعِدَة مَا إِذا قَالَ إِن

مسألة

لم تخبريني بِعَدَد حب هَذِه الرمانة قبل كسرهَا فَأَنت طَالِق وَلم يقْصد معرفَة الَّذِي فِيهَا فالخلاص أَن تذكر عددا يعلم أَن الرمانة لَا تنقص عَنهُ ثمَّ يزِيد وَاحِدًا فواحدا حَتَّى يعلم أَنَّهَا لَا تزيد عَلَيْهِ وَلَو قَالَ لثلاث من لم تُخبرنِي بِعَدَد رَكْعَات فَرَائض الْيَوْم وَاللَّيْلَة فَهِيَ طَالِق فَقَالَت وَاحِدَة سبع عشرَة رَكْعَة وَأُخْرَى خَمْسَة عشرَة وثالثة إِحْدَى عشرَة تخلص من يَمِينه لِأَن الأول مَعْرُوف وَالثَّانِي ليَوْم الْجُمُعَة وَالثَّالِث للْمُسَافِر هَكَذَا قَالَه الْأَصْحَاب وَهُوَ مُشكل بل قِيَاس إِطْلَاق الْخَبَر على الصدْق وَالْكذب التَّخَلُّص بِأَيّ شَيْء قيل كَمَا قُلْنَا فِي الْمَسْأَلَة السَّابِقَة إِذْ غَايَته أَن يكون كذبا وَفِي الْمِثَال الثَّالِث كَلَام آخر سبق فِي الْكَلَام على أَن الْمُفْرد الْمُضَاف والمحلى بأل هَل يعم أم لَا فَرَاجعه فَإِنَّهُ مُهِمّ مَسْأَلَة 2 الْجُمْهُور على أَن الْخَبَر إِمَّا صدق أَو كذب فالصدق هُوَ المطابق للْوَاقِع وَالْكذب غير المطابق وَجعل الجاحظ بَينهمَا وَاسِطَة فَقَالَ الصدْق هُوَ المطابق مَعَ اعْتِقَاد كَونه مطابقا وَالْكذب هُوَ الَّذِي لَا يكون مطابقا مَعَ اعْتِقَاد عدم الْمُطَابقَة فَأَما الَّذِي لَيْسَ مَعَه اعْتِقَاد فَإِنَّهُ لَا يُوصف بِصدق وَلَا كذب مُطَابق كَانَ أَو غير مُطَابق

مسألة

إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا إِذا قَالَ إِن شهد شَاهِدَانِ بِأَن عَليّ كَذَا فهما صادقان فَإِنَّهُ يلْزمه الْآن على الْقَوْلَيْنِ مَعًا لأَنا قَررنَا أَن الصدْق هُوَ المطابق للْوَاقِع وَإِذا كَانَ مطابقا على تَقْدِير الشَّهَادَة لزم أَن يكون ذَلِك عَلَيْهِ مَسْأَلَة 3 الصَّبِي الَّذِي لم يجرب عَلَيْهِ الْكَذِب هَل يقبل خَبره فِيهِ خلاف عِنْد الْأُصُولِيِّينَ وَكَذَلِكَ عِنْد الْمُحدثين وَالْفُقَهَاء وَالأَصَح عِنْد الْجَمِيع عدم الْقبُول نعم إِن احتفت بِهِ قرينَة كالإذن فِي دُخُول الدَّار وَحمل الْهَدِيَّة فَالصَّحِيح الْقبُول إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - أَن يخبر بتنجيس المَاء أَو الثَّوْب أَو الأَرْض وَنَحْو ذَلِك أَو يخبر بِأَن هَذَا الْمَرَض مخوف حَتَّى يُبِيح التَّيَمُّم وَيَقْتَضِي كَون التَّصَرُّفَات محسوبة من الثُّلُث أَو بِأَن شَرِيكه قد بَاعَ حَتَّى تسْقط شفعته بِالتَّأْخِيرِ وَفِي الْكل وَجْهَان وَالأَصَح فِيهِنَّ عدم الْقبُول 2 - وَمِنْهَا إِذا أخبر بِرُؤْيَة الْهلَال وجعلناه رِوَايَة لَا شَهَادَة فَلَا يتَخَرَّج على الْوَجْهَيْنِ فِي رِوَايَته بل الْمَشْهُور الرَّد جزما قَالَه

مسألة

الرَّافِعِيّ وَهُوَ مُخَالف للفروع السَّابِقَة 3 - وَمِنْهَا إِذا أخبر بِطَلَب صَاحب الدعْوَة لَهُ فَإِن الْمَدْعُو تلْزمهُ الْإِجَابَة كَمَا قَالَه الْمَاوَرْدِيّ وَالرُّويَانِيّ فِي الْبَحْر كِلَاهُمَا فِي بَاب الْوَلِيمَة إِلَّا أَن الرَّوْيَانِيّ اشْترط أَن يَقع فِي قلبه صدق الصَّبِي وَاعْلَم أَن النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب قد ذكر تَفْصِيلًا فِي قبُول رِوَايَته فَقَالَ يقبل خَبره فِي كل مَا طَرِيقه الْمُشَاهدَة دون الْأَخْبَار فعلى هَذَا تقبل رِوَايَة النَّجَاسَة وَدلَالَة الْأَعْمَى على الْقبْلَة وخلو الْموضع عَن المَاء وطلوع الْفجْر وغروب الشَّمْس وَمَا اشبهه بِخِلَاف مَا طَرِيقه الِاجْتِهَاد كالإفتاء والتطيب وَرِوَايَة الْأَحَادِيث وَرِوَايَة التَّنْجِيس عَن غَيره ذكر ذَلِك فِي بَاب الْأَذَان فِي الْكَلَام على أَذَان الصَّبِي نَاقِلا لَهُ عَن الْجُمْهُور وَهَذَا الَّذِي ذكره سبقه إِلَيْهِ الْمُتَوَلِي فَقَالَ فِيهِ وَالصَّوَاب الْمَذْكُور فِي أَكثر كتبه إِطْلَاق تَصْحِيح الرَّد مَسْأَلَة 4 يشْتَرط فِي الْمخبر أَن يكون عدلا فَلَا تقبل رِوَايَة الْفَاسِق وَلَا المستور على الصَّحِيح

فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - إِخْبَار الطَّبِيب الْفَاسِق بِأَن اسْتِعْمَال المَاء يضر وَبِأَن مرض الْمُوصي مخوف حَتَّى يحْسب التَّصَرُّف فِيهِ من الثُّلُث وَنَحْو ذَلِك مِمَّا سبق فِي مَسْأَلَة الصَّبِي 2 - وَمِنْهَا وَهُوَ وَارِد على إِطْلَاق تَصْحِيح الرَّد إِذا عدم المَاء فَأَرَادَ الطّلب قبل التَّيَمُّم فَأخْبرهُ الْفَاسِق بِأَنَّهُ لَا مَاء فِي تِلْكَ الْجِهَة فَإِنَّهُ يعْتَمد عَلَيْهِ فِيهِ بِخِلَاف مَا إِذا أخبرهُ بِوُجُود المَاء فَإِنَّهُ لَا يعتمده كَذَا ذكره الْمَاوَرْدِيّ فِي الْحَاوِي وَسَببه أَن عدم المَاء هُوَ الأَصْل فيتقوى خبر الْفَاسِق بِهِ بِخِلَاف وجود المَاء

= الْكتاب الثَّالِث فِي الْإِجْمَاع=

مسألة

مَسْأَلَة (1) الْإِجْمَاع هُوَ اتِّفَاق الْمُجْتَهدين من أمة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على حكم وَهُوَ حجَّة وَحكى الرَّوْيَانِيّ فِي كتاب الْقَضَاء من الْبَحْر عَن بَعضهم أَنه لَا يكون حجَّة إِلَّا إِذا انْضَمَّ إِلَى القَوْل فعلهم ليتأكد فَإِن قَالَ بعض الْمُجْتَهدين قولا وَعرف بِهِ الْبَاقُونَ فَسَكَتُوا عَنهُ وَلم ينكروا عَلَيْهِ فَفِيهِ مَذَاهِب أَصَحهَا عِنْد الإِمَام فَخر الدّين أَنه لَا يكون إِجْمَاعًا وَلَا حجَّة لاحْتِمَال توقفه فِي الْمَسْأَلَة أَو ذَهَابه إِلَى تصويب كل مُجْتَهد ثمَّ قَالَ هُوَ والآمدي إِنَّه مَذْهَب الشَّافِعِي وَقَالَ الْغَزالِيّ فِي المنخول نَص عَلَيْهِ الشَّافِعِي فِي الْجَدِيد وَقَالَ فِي الْبُرْهَان إِنَّه ظَاهر مَذْهَب الشَّافِعِي قَالَ وَمن عِبَارَته الرشيقة فِيهِ لَا ينْسب إِلَى سَاكِت قَول وَهَذَا فِي السُّكُوت الَّذِي لم يتَكَرَّر فَإِن تكَرر فِي وقائع كَثِيرَة كَانَ ذَلِك إِجْمَاعًا وَحجَّة

عِنْد الشَّافِعِي كَمَا قَالَه ابْن التلمساني قَالَ وَلِهَذَا إِن الشَّافِعِي اسْتدلَّ على إِثْبَات الْقيَاس وَخبر الْآحَاد بذلك لكَونه فِي وقائع وَالَّذِي قَالَه ابْن التلمساني صَحِيح وتوهم الإِمَام فِي المعالم بِأَن ذَلِك تنَاقض من الشَّافِعِي وَالثَّانِي إِذا انقرض الْعَصْر أَي مَاتَ الساكتون تَبينا أَنه إِجْمَاع لِأَن استمرارهم على السُّكُوت إِلَى الْمَوْت بِضعْف الِاحْتِمَال وَالثَّالِث لَيْسَ بِإِجْمَاع لكنه حجَّة لِأَن الظَّاهِر الْمُوَافقَة وَقَالَ ابْن ابي هُرَيْرَة إِن كَانَ الْقَائِل حَاكما لم يكن إِجْمَاعًا وَلَا حجَّة وَإِلَّا فَنعم وَقيل يكون إِجْمَاعًا وَحجَّة مُطلقًا وَاخْتَارَ الْآمِدِيّ الثَّالِث وَوَافَقَهُ ابْن الْحَاجِب فِي الْمُخْتَصر الْكَبِير وَأما فِي الْمُخْتَصر الصَّغِير فَإِنَّهُ جعل اخْتِيَاره محصورا

فِي أحد مذهبين وهما القَوْل بِكَوْنِهِ إِجْمَاعًا وَالْقَوْل بِكَوْنِهِ حجَّة وَالَّذِي نَقَلْنَاهُ عَن الْآمِدِيّ مَحَله قبل انْقِرَاض الْعَصْر واما بعد انقراضه فَإِنَّهُ يكون إِجْمَاعًا كَذَا نبه عَلَيْهِ فِي مَسْأَلَة انْقِرَاض الْعَصْر وَفصل الْمَاوَرْدِيّ وَالرُّويَانِيّ فِي كتاب الْقَضَاء فَقَالَا إِن كَانَ ذَلِك فِي غير عصر الصَّحَابَة فَلَا أثر لَهُ وَإِن كَانَ فِي عصرهم فَإِن كَانَ فِيمَا يفوت استدراكه كإراقة الدَّم واستباحة الْفرج فَيكون إِجْمَاعًا وَإِن كَانَ فِيمَا لَا يفوت كاحد الْأَعْيَان كَانَ حجَّة وَفِي كَونه إِجْمَاعًا حَتَّى يمْتَنع الِاجْتِهَاد وَجْهَان إِذا علمت ذَلِك للقاعدة فروع أَحدهَا إِذا أتلف شَيْئا ومالكه سَاكِت يلْزمه الضَّمَان وَفِي مثله فِي قَاطع الطَّرِيق إِذا قتل وَجْهَان أصَحهمَا أَنه يجب أَيْضا قَالَ الإِمَام وهما مفرعان على القَوْل بِأَنَّهُ لَا يجوز الاستسلام لمن قصد قَتله ومأخوذان من التَّرَدُّد فِي الْمَعْنى الَّذِي أسقط الشَّارِع بِهِ مهر الزَّانِيَة هَل هُوَ كَون الْوَطْء غير مُحْتَرم أَو لِأَن التَّمْكِين رضى عرفا الثَّانِي إِذا قَامَ فَاسق فِي مَلأ من النَّاس فَقَالَ للْقَاضِي هَذَا شَاهد عدل وَلم يُنكر عَلَيْهِ أحد لم تثبت عَدَالَته عندنَا خلافًا لأبي حنيفَة قَالَه فِي الْبَحْر وتقييده بالفاسق يشْعر بِأَنَّهُ لَو كَانَ الْمُتَكَلّم بذلك عدلا كفى فِي التَّزْكِيَة سكوتهم وَالْمُتَّجه خِلَافه وَكَأن التَّقْيِيد للإعلام بالثبوت عِنْد الْحَنَفِيَّة بطرِيق الأولى

الثَّالِث إِذا استؤذنت الْبكر فَسَكَتَتْ فَإِنَّهُ يَكْفِي على الصَّحِيح وَقيل لَا كالثيب وَهَذَا بِخِلَاف مَا لَو عقد على الْبكر بحضورها وسكتت فَهَل يَصح ويغني عَن استئذانها وَجْهَان الصَّحِيح أَنه لَا يُغني عَنهُ الرَّابِع إِذا زوج صَغِير بصغيرة ثمَّ دبت الزَّوْجَة فارتضعت من أم الزَّوْج رضَاعًا محرما وَكَانَت الْأُم مستيقظة ساكتة فَهَل يُحَال الرَّضَاع على الْكَبِيرَة لرضاها بِهِ أم لَا لعدم فعلهَا كالنائمة فِيهِ وَجْهَان أصَحهمَا فِي زَوَائِد الرَّوْضَة الثَّانِي الْخَامِس إِذا حلف لَا يدْخل الدَّار فَحمل بِغَيْر أمره وَكَانَ قَادِرًا على الدّفع فَهَل هُوَ كدخوله مُخْتَارًا فِيهِ وَجْهَان الظَّاهِر مِنْهَا فِي الرَّافِعِيّ أَنه لَا يكون وَفِي النِّهَايَة أَن الْأَكْثَرين على خِلَافه السَّادِس إِذا خرج أحد الْمُتَبَايعين من الْمجْلس مكْرها فَإِن منع الْفَسْخ بِأَن سد فَمه لم يَنْقَطِع خِيَاره وَقيل فِيهِ وَجْهَان من الْقَوْلَيْنِ فِي الْمَوْت وَإِن لم يمْنَع فَكَذَلِك فِي أصح الْوَجْهَيْنِ وَبِه قطع بَعضهم فعلى هَذَا إِذا زَالَ عَنهُ الْإِكْرَاه نظر إِن كَانَ مُسْتَقرًّا فِي الْمجْلس امْتَدَّ الْخِيَار امتداد ذَلِك الْمجْلس وَإِن كَانَ مارا فَإِذا فَارق فِي مروره فَكَانَ الزَّوَال انْقَطع خِيَاره السَّابِع إِذا فعل مَعَ الصَّائِم مَا يَقْتَضِي الْإِفْطَار فَإِن طعن جَوْفه وَكَانَ قَادِرًا على دَفعه فَلم يفعل فَفِي فطره وَجْهَان أقيسهما

أَنه لَا يفْطر إِذْ لَا فعل لَهُ كَذَا ذكره فِي شرح الْمُهَذّب وَمثل هَذَا إِذا نزلت النخامة إِلَى الْبَاطِن وَكَانَ قَادِرًا على مجها فَتَركهَا حَتَّى جرت بِنَفسِهَا فَوَجْهَانِ أوفقهما لكَلَام الْأَئِمَّة كَمَا قَالَه الرَّافِعِيّ أَنه يفْطر لتَقْصِيره الثَّامِن إِذا حلق شخص رَأس الْمحرم بِغَيْر إِذْنه فَإِن كَانَ مكْرها أَو نَائِما فالفدية على الحالق فِي أصح الْقَوْلَيْنِ وَالثَّانِي على المحلوق وَإِن لم يكن كَذَلِك لكنه سكت فَلم يمنعهُ فَفِيهِ وَجْهَان أصَحهمَا أَنه كَمَا لَو حلق بِإِذْنِهِ التَّاسِع إِذا عقد وَاحِد من أهل الشَّوْكَة الْبيعَة لوَاحِد وَالْبَاقُونَ ساكتون انْعَقَدت ولَايَته كَذَا ذكره الْهَرَوِيّ فِي الإشرف قَالَ وَكَذَلِكَ إِذا عقد رَئِيس الْكفَّار الْهُدْنَة لأهل بَلَده أَو إقليمه وَسكت الْبَاقُونَ الْعَاشِر إِذا نقض بعض الْمُشْركين الْهُدْنَة وَسكت الْبَاقُونَ فَلم ينكروا على الناقض بقول وَلَا فعل انْتقض عَهدهم وَإِن أَنْكَرُوا بِالْفِعْلِ بِأَن اعتزلوهم أَو بالْقَوْل بِأَن بعثوا إِلَى الإِمَام بِأَنا مقيمون على الْعَهْد لم ينْتَقض قَالَه الرَّافِعِيّ الْحَادِي عشر إِذا استدخلت الْمَرْأَة ذكر الزَّوْج الْمولى عَنْهَا لم تنْحَل يَمِينه وَهل تحصل بِهِ الْفَيْئَة ويرتفع حكم الْإِيلَاء وَجْهَان أصَحهمَا نعم وَقطع بِهِ كَثِيرُونَ

مسألة

الثَّانِي عشر إِذا استلحق بَالغا بِنَفسِهِ بِأَن قَالَ هَذَا وَلَدي فَسكت فَإِنَّهُ لَا يلْحقهُ بل لَا بُد من تصريحه بالتصديق كَذَا جزم بِهِ الرَّافِعِيّ فِي أَوَاخِر كتاب الْإِقْرَار ثمَّ خَالف ذَلِك فِي كتاب الشَّهَادَة فِي الْبَاب الثَّالِث مِنْهُ فِي الْفَصْل الثَّانِي الْمَعْقُود للشَّهَادَة بِالتَّسَامُعِ فَجزم هُنَاكَ بِأَنَّهُ يَكْفِي السُّكُوت الثَّالِث عشر إِذا ادّعى رق شخص بَالغ فِي يَده وَبَاعه فَإِن صرح الشَّخْص بِالْملكِ أَو بِعَدَمِهِ فَوَاضِح وَإِن سكت فَالصَّحِيح كَمَا قَالَه الرَّافِعِيّ فِي الْبَاب الأول من كتاب الدَّعْوَى أَنه يجوز الْإِقْدَام على شِرَائِهِ لِأَن الظَّاهِر أَن الْحر لَا يسترق وَقيل لَا بُد من تصريحه بِأَنَّهُ مَمْلُوك مَسْأَلَة 2 قَالَ الْآمِدِيّ وَجَمَاعَة يَسْتَحِيل اتِّفَاق أهل الْعَصْر الثَّانِي على أحد قولي الْعَصْر الأول لِأَن الْأَوَّلين قد أَجمعُوا على أَن الْمَسْأَلَة اجتهادية وَالصَّحِيح كَمَا قَالَه الإِمَام فَخر الدّين وَابْن الْحَاجِب إِمْكَانه ثمَّ اخْتلفُوا فَقَالَ الإِمَام وَأَتْبَاعه يكون إِجْمَاعًا محتجا بِهِ لِأَنَّهُ سَبِيل الْمُؤمنِينَ وَقيل لَا أثر لهَذَا الْإِجْمَاع وَهُوَ مَذْهَب

الشَّافِعِي كَمَا قَالَه الْغَزالِيّ فِي المنخول وَابْن برهَان فِي الْأَوْسَط وَقَالَ الْمَاوَرْدِيّ وَالرُّويَانِيّ فِي الْبَحْر إِنَّه ظَاهر مَذْهَب الشَّافِعِي وَالْجُمْهُور وَقَالَ فِي الْبُرْهَان ميل الشَّافِعِي إِلَيْهِ قَالَ وَمن عِبَارَته الرشيقة فِي ذَلِك إِن الْمذَاهب لَا تَمُوت بِمَوْت اصحابها وَلم يرجح ابْن الْحَاجِب شَيْئا قَالَ النَّوَوِيّ فِي كتاب الْجَنَائِز من شرح مُسلم فِي الْكَلَام على الصَّلَاة بعد الدّفن إِن الْأَصَح أَنه إِجْمَاع وَكَأَنَّهُ قلد بعض الْأُصُولِيِّينَ فِيهِ إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا إِذا تزوج الْمَرْأَة إِلَى مُدَّة كشهر وَسنة وَنَحْوهَا وَهُوَ الْمُسَمّى بِنِكَاح الْمُتْعَة فَهَل يحد بِوَطْئِهَا فِيهِ وَجْهَان الصَّحِيح على مَا قَالَه الرَّافِعِيّ وَالنَّوَوِيّ إِنَّه لَاحَدَّ لَكِن ذكر فِي الْأُم فِي كتاب اخْتِلَاف مَالك وَالشَّافِعِيّ فِي بَاب مَا جَاءَ فِي الْمُتْعَة مَا حَاصله الْجَزْم بِوُجُوب الْحَد 2 - وَمِنْهَا إِذا حكم الْحَاكِم بِصِحَّة بيع أم الْوَلَد فَهَل ينْقض حكمه لِأَن الْخلاف الْوَاقِع فِيهَا بَين الصَّحَابَة قد عَارضه إِجْمَاع الشَّافِعِي وعلماء عصره على الْمَنْع فِيهِ وَجْهَان لم يُصَرح الرَّافِعِيّ وَلَا النَّوَوِيّ بتصحيح وَاحِد لَكِن ذكر فِي كتاب الْقَضَاء عَن الرَّوْيَانِيّ أَن الْأَصَح

مسألة

عدم النَّقْض وَأقرهُ وَنقل عَنهُ فِي كتاب أُمَّهَات الْأَوْلَاد أَن الْأَصْحَاب قَالُوا بِالنَّقْضِ وَأعلم أَن الْمَاوَرْدِيّ وَالرُّويَانِيّ فِي كتاب الْقَضَاء قد نقلا وَجْهَيْن فِيمَن كَانَ أَهلا للِاجْتِهَاد مُتَقَدما فِي الْعلم إِذا قَالَ لَا أعلم بَين الْعلمَاء خلافًا فِي هَذِه الْمَسْأَلَة هَل يثبت الرُّجُوع بذلك أم لَا وَاعْلَم أَن الْخلاف فِي اصل الْمَسْأَلَة هُوَ مثل الْخلاف فِي جَوَاز تَقْلِيد الْمَيِّت وَالصَّحِيح عِنْد الْأُصُولِيِّينَ الْجَوَاز وَصَححهُ الرَّافِعِيّ أَيْضا فِي كتاب الْقَضَاء مَسْأَلَة 3 إِذا اخْتلف اهل الْعَصْر على قَوْلَيْنِ فَيجوز بعد ذَلِك حُصُول الِاتِّفَاق مِنْهُم على أحد الْقَوْلَيْنِ وَيكون حجَّة خلافًا للصيرفي وَدَلِيلنَا إِجْمَاعهم على خلَافَة الصّديق بعد اخْتلَافهمْ فِيهَا وَفِي هَذَا الْإِجْمَاع وَجْهَان حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيّ وَالرُّويَانِيّ فِي كتاب الْقَضَاء أَحدهمَا أَنه أقوى من إِجْمَاع لم يتقدمه خلاف لِأَنَّهُ يدل على ظُهُور الْحق بعد التباسه وَالثَّانِي أَنَّهُمَا سَوَاء لِأَن الْحق مقترن بِكُل مِنْهُمَا إِذا تقرر هَذَا فَإِن اخْتلفُوا ثمَّ مَاتَت إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَو ارْتَدَّت وَالْعِيَاذ بِاللَّه تَعَالَى فَإِنَّهُ يصير قَول البَاقِينَ إِجْمَاعًا وَحجَّة لكَونه قَول كل الْأمة كَذَا جزم بِهِ الإِمَام فَخر الدّين وَأَتْبَاعه

مسألة

وَذكر ابْن الْحَاجِب هَذِه الْمَسْأَلَة فِي أثْنَاء اتِّفَاق أهل الْعَصْر الثَّانِي على أحد قولي الْعَصْر الأول وَحكي عَن الْأَكْثَرين أَنه لَا يكون إِجْمَاعًا وَذكر عَن الْآمِدِيّ نَحوه أَيْضا إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا قَالَه الْمُتَوَلِي فِي التَّتِمَّة مَا إِذا مَاتَ وَخلف وَلدين فَأقر أَحدهمَا بثالث ثمَّ مَاتَ الْمُنكر فَهَل يثبت نسبه فِيهِ وَجْهَان أصَحهمَا نعم مَسْأَلَة 4 إِذا أَجمعُوا فِي شَيْء على حكم ثمَّ حدث فِي ذَلِك الشَّيْء الْمجمع عَلَيْهِ صفة فَهَل يسْتَدلّ بِالْإِجْمَاع الْمَوْجُود فِيهِ قبل الصّفة عَلَيْهِ بعد الصّفة ايضا وَإِن لم يظْهر فِيهِ دَلِيل من قِيَاس أَو غَيره بل بِمُجَرَّد الِاسْتِصْحَاب حَتَّى يمْتَنع إِثْبَات الْخلاف أَو يجوز الِاجْتِهَاد فِيهِ بعد حُدُوث تِلْكَ الصّفة فَإِن اقْتضى الْقيَاس أَو غَيره إِلْحَاقه بِمَا قبل الصّفة ألحق بِهِ وَإِلَّا فَلَا اخْتلفُوا فِيهِ كَمَا قَالَه الْمَاوَرْدِيّ وَالرُّويَانِيّ فِي كتاب الْقَضَاء فَذهب دَاوُد إِلَى الأول فَقَالَ إِن اخْتِلَاف الصِّفَات لَا تبيح اخْتِلَاف الحكم إِلَّا بِدَلِيل قَاطع وَذهب الشَّافِعِي وَجُمْهُور الْعلمَاء إِلَى الثَّانِي وَمِثَال ذَلِك انْعِقَاد الْإِجْمَاع على بطلَان التَّيَمُّم بِرُؤْيَة المَاء قبل الصَّلَاة فَإِذا رَآهُ فِيهَا فَهَل يكون ذَلِك بِالْإِجْمَاع دَلِيلا على الْبطلَان فِي تِلْكَ الْحَالة أم لَا بُد من دَلِيل آخر وَلِهَذَا اخْتلفُوا فِي الْبطلَان وصححوا الصِّحَّة

= الْكتاب الرَّابِع فِي الْقيَاس=

مسألة

مَسْأَلَة 1 مَذْهَب الشَّافِعِي كَمَا قَالَ فِي الْمَحْصُول إِنَّه يجوز الْقيَاس فِي الْحُدُود وَالْكَفَّارَات والتقديرات والرخص إِذا وجدت شَرَائِط الْقيَاس فِيهَا ويعبر أَيْضا عَن الرَّابِع بالمخالف للقواعد وَقَالَت الْحَنَفِيَّة لَا يجوز فِي الْأَرْبَعَة فَأَما الرُّخص فقد رَأَيْت فِي الْبُوَيْطِيّ الْجَزْم بِالْمَنْعِ فِيهَا فَقَالَ وَلَا يعدى بالرخص موَاضعهَا ذكر ذَلِك فِي أَوَائِل الْكتاب قبل كتاب الطَّهَارَة بِدُونِ ورقة إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع قَاعِدَة الرُّخص 1 - جَوَاز التَّدَاوِي بِغَيْر أَبْوَال الْإِبِل من النَّجَاسَات وَفِيه وَجْهَان أصَحهمَا الْجَوَاز مَا عدا الْخمر الصّرْف وَاصل الْخلاف أَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أَمر العرنيين لما قدمُوا الْمَدِينَة فمرضوا فِيهَا أَن يخرجُوا إِلَى إبل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْبَادِيَة ويشربوا من البانها وَأَبْوَالهَا

فَشَرِبُوا وصحوا وشربهم للأبوال رخصَة جوز لأجل التَّدَاوِي عِنْد الْقَائِلين بِالنَّجَاسَةِ وهم جُمْهُور أَصْحَابنَا 2 - وَمِنْهَا إِذا صلى صَلَاة فِي شدَّة الْخَوْف فَمشى فِي أَثْنَائِهَا أَو استدبر الْقبْلَة للْحَاجة إِلَيْهَا لم تبطل صلَاته لوُرُود النَّص بذلك فَلَو ضرب ضربات مُتَوَالِيَة أَو ركب وَحصل من ركُوبه فعل كثير فَقيل تبطل لِأَن النَّص ورد فِي هذَيْن فَلَا يُقَاس عَلَيْهِمَا غَيرهمَا لِأَن الأَصْل فِي الْعَمَل الْكثير هُوَ الْبطلَان وَالصَّحِيح عَدمه قِيَاسا على مَا ورد 3 - وَمِنْهَا أَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أرخص لضباعة فِي اشْتِرَاطهَا فِي الْإِحْرَام بِالْحَجِّ أَن تتحلل بِعُذْر الْمَرَض فَاخْتلف الْأَصْحَاب فِي بَاقِي الْأَعْذَار كنفاد النَّفَقَة وَمَوْت الْبَعِير وضلال الطَّرِيق على وَجْهَيْن أصَحهمَا جَوَاز اشْتِرَاط التَّحَلُّل بهَا قِيَاسا على الْمَرَض 4 - وَمِنْهَا إِذا قُلْنَا بالقديم الَّذِي اخْتَارَهُ النَّوَوِيّ وَهُوَ

جَوَاز صَوْم ايام التَّشْرِيق للمتمتع فَهَل يتَعَدَّى إِلَى كل صَوْم لَهُ سَبَب أم لَا لِأَن الرُّخْصَة وَردت فِي الْمُتَمَتّع خَاصَّة فِيهِ وَجْهَان أصَحهمَا الثَّانِي 5 - وَمِنْهَا إِذا فرعنا على جَوَاز الصَّوْم عَن الْمَيِّت لوُرُود الحدثيث الصَّحِيح وَإِن كَانَت الْقَاعِدَة امْتنَاع النِّيَابَة فِي الْأَفْعَال الْبَدَنِيَّة فَإِن الصَّحِيح أَن ذَلِك لَا يتَعَدَّى إِلَى الصَّلَاة وَالِاعْتِكَاف 6 - وَمِنْهَا أَن قطع نَبَات الْحرم لَا يجوز وَيسْتَثْنى مِنْهُ الْإِذْخر لأَنهم يسقفون بِهِ بُيُوتهم ويقد بِهِ الْيَقِين وَهُوَ الْحداد وَدَلِيله أَن الْعَبَّاس قَالَ يَا رَسُول إِلَّا الْإِذْخر فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِم وَبُيُوتهمْ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا الْإِذْخر فَلَو احْتِيجَ إِلَى قطعه للدواء فَوَجْهَانِ أصَحهمَا كَمَا قَالَه الرَّافِعِيّ أَنه يجوز قِيَاسا على حَاجَة الْإِذْخر وَأولى لِأَنَّهَا أهم مِنْهَا وَالثَّانِي الْمَنْع لِأَن النَّص لم يرد إِلَّا باستثناء الْإِذْخر وَهَهُنَا أَمْرَانِ مهمان أَحدهمَا أَن الْوَجْهَيْنِ فِي جَوَاز الْقطع حَكَاهُمَا الإِمَام فِي النِّهَايَة عَن شرح التَّلْخِيص للشَّيْخ أبي عَليّ فقلده بِهِ الْغَزالِيّ

والرافعي وَالنَّوَوِيّ ثمَّ إِنِّي راجعت كَلَام أبي عَليّ فِي الشَّرْح الْمَذْكُور فَلم أر ذَلِك مطابقا لما فِيهِ بل جزم بِجَوَاز الْقطع وَحكى التَّرَدُّد فِي وجوب الْجَزَاء وَقد ذكرت لَفظه فِي كتَابنَا الْمُهِمَّات فَرَاجعه الْأَمر الثَّانِي أَن هَذَا الْخلاف الْمَذْكُور فِي قطعه للدواء يجْرِي فِيمَا لَو قطعه للْحَاجة الَّتِي يقطع لَهَا الْإِذْخر كتسقيف الْبيُوت وَنَحْوه كَذَا قَالَه الْغَزالِيّ فِي الْبَسِيط والوسيط وَمُقْتَضَاهُ رُجْحَان الْجَوَاز وَقد تبعه عَلَيْهِ صَاحب الْحَاوِي الصَّغِير فجوز الْقطع للْحَاجة مُطلقًا وَلم يَخُصُّهُ بالدواء وَقل من تعرض للمسألة وَهل يتَوَقَّف الْأَخْذ للْحَاجة على وجود السَّبَب أَو يجوز قطعه وتحصيله عِنْده ليستعمله عِنْد وجود سَببه لَا سِيمَا إِذا كَانَ غَرِيبا وَاعْلَم أَنه يسْتَثْنى ايضا مَا يتغذى بِهِ كالرجلة الْمُسَمّى فِي الْحجاز بالبقلة وَنَحْو ذَلِك لِأَنَّهُ فِي معنى الزَّرْع كَذَا ذكره الْمُحب الطَّبَرِيّ قَاضِي مَكَّة فِي شَرحه للتّنْبِيه 7 - وَمِنْهَا أَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام رخص فِي الْعَرَايَا وَهُوَ بيع الرطب وَالْعِنَب بمثلهما تَمرا أَو زبيبا بِشُرُوطِهِ الْمَعْرُوفَة وَذَلِكَ للْحَاجة إِلَيْهِ فَاخْتلف فِي تعدِي ذَلِك إِلَى غَيرهمَا من الثِّمَار على قَوْلَيْنِ أصَحهمَا الْمَنْع

قلت وَأما الْمسَائِل الثَّلَاثَة الْبَاقِيَة فلنذكر فروعها فَنَقُول أما الْحُدُود فكإيجاب قطع النباش قِيَاسا على السَّارِق وَالْجَامِع أَخذ مَال الْغَيْر خُفْيَة وَمِثَال الْكَفَّارَات إِيجَابهَا على قَاتل النَّفس عمدا بِالْقِيَاسِ على المخطىء قَالَ الشَّافِعِي وَلِأَن الْحَنَفِيَّة أوجبوا الْكَفَّارَة بالإفطار بِالْأَكْلِ قِيَاسا على الْإِفْطَار بِالْجِمَاعِ وَفِي قتل الصَّيْد خطأ قِيَاسا على قَتله عمدا واعتذرت الْحَنَفِيَّة عَن هَذِه الْأُمُور بِمَا لَا يَنْفَعهُمْ فَإِن حَقِيقَة الْقيَاس قد وجدت فِي هَذِه الْأَشْيَاء وَأما المقدرات فَقَالَ الشَّافِعِي قد قَاس الْحَنَفِيَّة فِيهَا حَتَّى ذَهَبُوا إِلَى تقديراتهم فِي الدَّلْو والبئر يَعْنِي أَنهم فرقوا فِي سُقُوط الدَّوَابّ إِذا مَاتَت فِي الْآبَار فَقَالُوا فِي الدَّجَاجَة ينْزح كَذَا وَكَذَا وَذكروا دلاء مُعينَة وَفِي الْفَأْرَة أقل من ذَلِك وَلَيْسَ هَذَا التَّقْدِير عَن نَص وَلَا إِجْمَاع فَيكون قِيَاسا وَذكر الْمَاوَرْدِيّ وَالرُّويَانِيّ فِي كتاب الْقَضَاء من الْبَحْر أَن الْمَقَادِير يجوز الْقيَاس فِيهَا على الصَّحِيح وَمثل بِأَقَلّ الْحيض وَأَكْثَره وَذكر فِي الْمَحْصُول أَن الْعَادَات لَا يجوز الْقيَاس فِيهَا وَمثل بِمَا ذَكرْنَاهُ وَهُوَ أقل الْحيض وَأَكْثَره وَظَاهره الْمُعَارضَة وَقد يحمل الأول على الْحيض من حَيْثُ الْجُمْلَة وَالثَّانِي فِي الْأَشْخَاص الْمعينَة

مسألة

مَسْأَلَة 2 اخْتلفُوا أَيْضا فِي جَوَاز الْقيَاس فِي اللُّغَات كَمَا إِذا ثبتَتْ تَسْمِيَة مَحل باسم لِمَعْنى مُشْتَرك وَبَينه وَبَين غَيره فَهَل يُسمى ذَلِك الْغَيْر بذلك الِاسْم لوُجُود الْمَعْنى الْمُقْتَضِي للتسمية وَذَلِكَ كتسمية اللائط زَانيا والنباش سَارِقا فَقَالَ فِي الْمَحْصُول هُنَا الْحق الْجَوَاز وَنَقله ابْن جني فِي الخصائص عَن أَكثر اللغويين قَالَ وَذهب أَكثر أَصْحَابنَا وَأكْثر الْحَنَفِيَّة إِلَى الْمَنْع وَاخْتَارَهُ الْآمِدِيّ وَابْن الْحَاجِب وَجزم بِهِ فِي الْمَحْصُول فِي كتاب الْأَوَامِر والنواهي فِي آخر الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة

مسألة

وَفَائِدَة الْخلاف فِي هَذِه الْمَسْأَلَة مَا ذكره فِي الْمَحْصُول وَهُوَ صِحَة الِاسْتِدْلَال بالنصوص الْوَارِدَة فِي الْخمر وَالسَّرِقَة والزنى على شَارِب النَّبِيذ والنباش واللائط وَقد ذكر الرَّافِعِيّ فِي بَاب حد الْخمر وَجْهَيْن فِي أَنه حَقِيقَة فِي مَاء الْعِنَب خَاصَّة أَو فِي كل مُسكر قَالَ وَالْأَكْثَرُونَ على الأول وَمن فروع ذَلِك ايضا الْخلاف فِي إِطْلَاق اسْم الْخمر حَقِيقَة على الْمُسكر من غير مَاء الْعِنَب وَفِيه وَجْهَان حَكَاهُمَا الرَّوْيَانِيّ فِي بَاب حد الْخمر وَقَالَ إِن الْأَكْثَرين على أَنه مجَاز وَهَذَا الْخلاف يَنْبَنِي عَن الْقيَاس فِي اللُّغَات فَإِن جوزناه كَانَ حَقِيقَة بِلَا شكّ وَإِن لم نجوزه فمجاز مَسْأَلَة 3 تَرْتِيب الحكم على الْوَصْف الْمُنَاسب يَقْتَضِي الْعلية على الْمَعْرُوف أَي كَون الْوَصْف عِلّة لذَلِك الحكم كَقَوْلِك اقْطَعْ يَد السَّارِق واقتل هَذَا الْقَاتِل فَإِن لم يكن مناسبا فالمختار عِنْد الْآمِدِيّ وَابْن الْحَاجِب أَنه لَا يفيدهما وَاخْتَارَ الْبَيْضَاوِيّ عَكسه وَاسْتدلَّ عَلَيْهِ بِأَن قَول الْقَائِل أهن الْعَالم وَأكْرم الْجَاهِل مستقبح على أَن ذَلِك قد يحسن لِمَعْنى آخر فَدلَّ على أَنه لفهم التَّعْلِيل

فَإِن كَانَ التَّرْتِيب بِالْفَاءِ أَفَادَ الْعلية سَوَاء دخلت على الحكم كَقَوْلِه تَعَالَى {وَالسَّارِق والسارقة فَاقْطَعُوا أَيْدِيهِمَا} وَقَول الرَّاوِي زنى مَا عز فرجم أَو على الْوَصْف كَقَوْلِه وَلَا تقربوه طيبا فَإِنَّهُ يبْعَث يَوْم الْقِيَامَة ملبيا إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا إِذا سمع مُؤذنًا بعد مُؤذن فالمختار اسْتِحْبَاب إِجَابَة الْجَمِيع لقَوْله فِي الحَدِيث إِذا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذّن إِلَّا أَن الأول متأكد يكره تَركه كَذَا قَالَه النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب تفقها قَالَ وَلم أر فِيهِ نقلا وَأجَاب الشَّيْخ عز الدّين فِي الْفَتَاوَى الموصلية بِنَحْوِ مَا أجَاب بِهِ قَالَ إِلَّا أَن الْأَذَان الْمَفْعُول فِي الصُّبْح قبل الْوَقْت مسَاوٍ فِي ذَلِك لما بعده لِأَن الأول رَاجِح بالتقديم وَالثَّانِي بِوُقُوعِهِ فِي الْوَقْت وَبِأَن الأول مُخْتَلف فِي مشروعيته بِخِلَاف الثَّانِي قَالَ وَكَذَلِكَ الْأَذَان الأول يَوْم الْجُمُعَة مسَاوٍ للثَّانِي

لِأَن الأول فضل بِمَا ذَكرْنَاهُ من التَّقْدِيم وَالثَّانِي بِكَوْنِهِ الْمَشْرُوع فِي زمن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قلت وَيتَّجه أَن يُقَال فِي أصل الْمَسْأَلَة إِنَّه إِن لم يصل قبل الْأَذَان الثَّانِي فتستحب الْإِجَابَة بِلَا خلاف وَإِن كَانَ قد صلى فَيتَّجه تَخْرِيجه على اسْتِحْبَاب الْإِعَادَة وَقد نقل بَعضهم عَن الرَّافِعِيّ الْإِشَارَة إِلَى شَيْء من هَذَا التَّخْرِيج فِي كتاب سَمَّاهُ الإيجاز فِي أخطار الْحجاز 2 - وَمِنْهَا لَو علم أَنه يُؤذن وَلَكِن لم يسمعهُ لبعد أَو صمم قَالَ فِي شرح الْمُهَذّب الْمُتَّجه أَن الْإِجَابَة لَا تشرع لَهُ 3 - وَمِنْهَا إِذا لم يسمع الترجيع فَالْمُتَّجه أَنه يُجيب فِيهِ لقَوْله فِي الحَدِيث إِذا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذّن فَقولُوا مثل مَا يَقُول وَلم يقل فَقولُوا مثل مَا تَسْمَعُونَ كَذَا ذكره ايضا فِي الشَّرْح الْمَذْكُور وَقِيَاس استدلاله أَنه لَا فرق بَين الترجيع وَغَيره وَفِيه نظر 4 - وَمن الْفُرُوع الْمُخَالفَة لهَذِهِ الْقَاعِدَة مَا لَو قَالَ لله عَليّ إِعْتَاق هَذَا العَبْد الْكَافِر فَإِنَّهُ لَا يلْزمه إِعْتَاقه بِخِلَاف مَا إِذا لم يَأْتِ بِالْوَصْفِ وَكَانَ كَافِرًا فَإِنَّهُ يلْزمه كَذَا ذكره القَاضِي الْحُسَيْن فِي فَتَاوِيهِ وَجزم الرَّافِعِيّ بِالْوُجُوب فِي الصُّورَتَيْنِ وَزَاد أَنه لَا يجْزِيه بِهِ غَيره بِخِلَاف مَا إِذا كَانَ فِي الذِّمَّة كَقَوْلِه إِعْتَاق عبد

مسألة

كافرأو معيب فَإِنَّهُ يجْزِيه الْمُسلم والسليم على الصَّحِيح وَقد سبق التَّعَرُّض لشَيْء من ذَلِك الْكَلَام على مَفْهُوم الصّفة 5 - وَمِنْهَا مَا ذكره الرَّافِعِيّ فِي آخر الْجِنَايَات فِي بَاب الشَّهَادَة على الدَّم فَقَالَ وَيشْتَرط أَن يضيف الْهَلَاك إِلَى فعل الْمَشْهُود عَلَيْهِ فَلَو قَالَ ضربه بِالسَّيْفِ أَو جرحه بِهِ فَمَاتَ أَو قَالَ فأنهر الدَّم وَمَات لم يثبت بِهِ شَيْء لاحْتِمَال الْمَوْت بِسَبَب آخر بِخِلَاف مَا لَو قَالَ جرحه فَقتله أَو فَمَاتَ من جراحته أَو وأنهر دَمه فَمَاتَ بِسَبَب ذَلِك فَإِن الْقَتْل يثبت وَفِي مَعْنَاهُ أَن يَقُول فأنهر دَمه وَمَات مَكَانَهُ وَنَصّ عَلَيْهِ فِي الْمُخْتَصر وَفِي لفظ الإِمَام مَا يشْعر بنزاع فِيهِ قَالَ وَحكم الشَّهَادَة بالإيضاح والإدماء حكم الشَّهَادَة بِالْقَتْلِ مَسْأَلَة 4 صَلَاحِية كَون الشَّيْء جَوَابا لسؤال مغلبة على الظَّن أَنه جَوَاب لَهُ كَقَوْل الْأَعرَابِي واقعت أَهلِي يَا رَسُول الله فَقَالَ أعتق رقبه هَكَذَا ذكره الإِمَام وَغَيره وبنوا على ذَلِك أَنه يكون من أَقسَام الْإِيمَاء إِلَى الْعلَّة إِذا صَحَّ التَّعْلِيل بِهِ

إِذا علمت ذَلِك فللمسألة فروع أَحدهَا إِذا قَالَ لَهُ قَائِل طلقت امْرَأَتك ملتمسا مِنْهُ انشاء تطليقها فَقَالَ نعم فأصح الْقَوْلَيْنِ إِنَّه صَرِيح وَالثَّانِي إِنَّه كِنَايَة فَلَو قَالَ طلقت فَقيل إِنَّه كَقَوْلِه نعم لما ذَكرْنَاهُ وَقيل لَيْسَ بِصَرِيح قطعا لِأَن نعم مُتَعَيّن للجواب وَقَوله طلقت مُسْتَقل بِنَفسِهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ ابْتِدَاء طلقت وَاقْتصر عَلَيْهِ فَلم يذكر الزَّوْجَة قَالَ الرَّافِعِيّ وَقد سبق أَنه لَو اقْتصر عَلَيْهِ فَلَا طَلَاق كَذَا ذكره فِي الطّرف السَّابِع من أَنْوَاع التعليقات لَكِن جرم فِي بَاب أَرْكَان الطَّلَاق بِأَن الْكِنَايَة لَا تلتحق بِالصَّرِيحِ بسؤال الْمَرْأَة الطَّلَاق مَعَ أَن طلقت إِنَّمَا كَانَ صَرِيحًا لأجل الْقدر الَّذِي دلّ عَلَيْهِ الْكَلَام السَّابِق وَذكر الرَّافِعِيّ أَيْضا فِي الْكَلَام على الْكِنَايَات أَنه لَو قيل لَهُ مَا تصنع بِهَذِهِ الْمَرْأَة طَلقهَا فَقَالَ طلقت أَو قَالَ لامْرَأَته طَلِّقِي نَفسك فَقَالَت طلقت وَقع الطَّلَاق قَالَ لِأَنَّهُ يَتَرَتَّب على مَا قبله بِخِلَاف مَا لَو قَالَ ابْتِدَاء طلقت وَنوى امْرَأَته لَا تطلق لعدم الْإِشَارَة وَالِاسْم هَذَا كَلَامه الثَّانِي إِذا قَالَ الْكَافِر ابْتِدَاء أسلمت أَو آمَنت لم يكن مُسلما حَتَّى يَقُوله لله فَلَو قيل لَهُ أسلم لله أَو آمن بِاللَّه فَقَالَ اسلمت أَو أمنت فَقَالَ الْحَلِيمِيّ يحْتَمل أَن يكون

مُسلما كَذَا نَقله عَنهُ الرَّافِعِيّ فِي آخر كتاب الرِّدَّة وَأقرهُ الثَّالِث لَو فعل شَيْئا وَأنْكرهُ فَقَالَ لَهُ قَائِل إِن كنت كَاذِبًا فامرأتك طَالِق فَقَالَ طَالِق وَقع الطَّلَاق فَإِن ادّعى أَنه لم يرد طَلَاق امْرَأَته فَيقبل لِأَنَّهُ لم يُوجد مِنْهُ تَسْمِيَة لَهَا وَلَا إِشَارَة إِلَيْهَا كَذَا قَالَه الرَّافِعِيّ فِي أثْنَاء اركان الطَّلَاق وَقَرِيب من ذَلِك مَا إِذا قَالَ الزَّوْج قبلت وَلم يقل نِكَاحهَا وَلَا تَزْوِيجهَا وَالصَّحِيح فِيهِ عدم الصِّحَّة وَنَظِيره من البيع قَالُوا ينْعَقد وَيكون صَرِيحًا وَهُوَ فِي غَايَة الْإِشْكَال فَإِن الْمُقدر إِن كَانَ كالملفوظ بِهِ لزم الِانْعِقَاد فِي النِّكَاح وَإِن لم يكن كَذَلِك لزم أَن لَا يكون صَرِيحًا فِي البيع الرَّابِع مَا ذكره الرَّافِعِيّ فِي الْبَاب الرَّابِع من أَبْوَاب الْخلْع إِذا قَالَت الْمَرْأَة طَلقنِي على ألف فَإِن أجابها وَأعَاد ذكر المَال فَذَاك وَإِن اقْتصر على قَوْله طَلقتك كفى وَانْصَرف إِلَى السُّؤَال على الصَّحِيح لما ذَكرْنَاهُ وَقيل يَقع رَجْعِيًا وَلَا مَال نعم إِن قَالَ قصدت الِابْتِدَاء دون الْجَواب قبل وَكَانَ رَجْعِيًا فَإِن اتهمه حلفه وَلَو قَالَ المُشْتَرِي لم أقصد بِقَوْلِي اشْتريت جوابك فَفِي الْبَحْر للروياني أَن الظَّاهِر الْقبُول أَيْضا قَالَ وَيحْتَمل أَن لَا يلْحق بِالْخلْعِ

وَالْفرق أَنه لَا ينْفَرد بقوله بِعْت وينفرد بِالطَّلَاق الْخَامِس ذكره الرَّوْيَانِيّ فِي هَذَا الْموضع ايضا من الْبَحْر أَن الْمَرْأَة لَو سَأَلت بكناية فَقَالَت أبني بِأَلف فَقَالَ أَنْت طَالِق ثمَّ قَالَت الْمَرْأَة لم أنو شَيْئا فَلَا يَقع الطَّلَاق على الْمَشْهُور لِأَن السُّؤَال معاد فِي الْجَواب وَكَأَنَّهُ قَالَ أَنْت طَالِق على ألف وَحِينَئِذٍ فَلَا يَقع الطَّلَاق مَا لم يلْزمهَا الْألف السَّادِس إِذا قَالَ لزوجته وأجنبية إِحْدَاكُمَا طَالِق وَقَالَ نَوَيْت الْأَجْنَبِيَّة فَإِنَّهُ يقبل مِنْهُ فَلَو حضرتا وَقَالَت لَهُ زَوجته طَلقنِي فَقَالَ طَلقتك ثمَّ قَالَ أردْت الْأَجْنَبِيَّة لم يقبل لقَرِينَة تقدم السُّؤَال كَذَا نَقله الرَّافِعِيّ عَن التَّهْذِيب وَأقرهُ السَّابِع إِذا قَالَت لَهُ زَوجته وَاسْمهَا فَاطِمَة طَلقنِي فَقَالَ طلقت فَاطِمَة ثمَّ قَالَ نَوَيْت فَاطِمَة أُخْرَى طلقت وَلَا يقبل قَوْله لدلَالَة الْحَال بِخِلَاف مَا لَو قَالَ ابْتِدَاء طلقت فَاطِمَة ثمَّ قَالَ نَوَيْت أُخْرَى كَذَا نَقله الرَّافِعِيّ فِي بَاب أَرْكَان الطَّلَاق عَن فَتَاوَى الْقفال ثمَّ نقل بعده بِنَحْوِ صفحة مَا حَاصله تَرْجِيح عدم الْوُقُوع إِلَّا إِذا أَرَادَ زَوجته الثَّامِن لَو قيل لَهُ كلم زيدا الْيَوْم فَقَالَ وَالله لَا كَلمته انْعَقَدت الْيَمين على الْأَبَد إِلَّا أَن يَنْوِي الْيَوْم كَذَا نَقله الرَّافِعِيّ فِي آخر الْأَيْمَان عَن الْمُبْتَدَأ للروياني وَلم يُخَالِفهُ التَّاسِع مَا نَقله الرَّافِعِيّ قبيل الرّجْعَة عَن البوشنجي أَن

امْرَأَته لَو اتهمته بالغلمان فَحلف أَن لَا يَأْتِي حَرَامًا ثمَّ قبل غُلَاما أَو لمسه يَحْنَث لعُمُوم اللَّفْظ قَالَ بِخِلَاف مَا لَو قَالَت لَهُ قد فعلت كَذَا حَرَامًا فَقَالَ إِن فعلت حَرَامًا فَأَنت طَالِق لَا يَقع لِأَن كَلَامه هَهُنَا قد ترَتّب على كَلَامهَا وَهُنَاكَ قد اخْتلف اللَّفْظ فَحمل كَلَامه على الِابْتِدَاء وَاعْلَم أَن مَا ذكره البوشنجي فِي الأولى من التَّحْرِيم فِي اللَّمْس وَوَافَقَهُ هُوَ وَالنَّوَوِيّ عَلَيْهِ مُتَّجه على مَا صَححهُ النَّوَوِيّ من تَحْرِيم النّظر إِلَى الْأَمْرَد بِغَيْر شَهْوَة فَإِنَّهُ إِذا حرم كَانَ تَحْرِيم اللَّمْس بطرِيق الأولى وَأما على مَا قَالَه الرَّافِعِيّ وَالْجُمْهُور من جَوَاز النّظر فَلَا يَسْتَقِيم مَعَه تَحْرِيم اللَّمْس لِأَنَّهُ كَالرّجلِ على هَذَا التَّقْرِير وَأما الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة الَّتِي أَجَابَهُ فِيهَا بِعَدَمِ الْحِنْث فقد اسقطها النَّوَوِيّ من الرَّوْضَة وَالْحكم الَّذِي ذكره الرَّافِعِيّ فِيهَا مُشكل وَالْقِيَاس الْحِنْث الْعَاشِر إِذا قَالَت لَهُ زَوجته إِذا قلت لَك طَلقنِي مَا تَقول فَقَالَ اقول طَلقتك لَا يَقع الطَّلَاق لِأَنَّهُ إِخْبَار عَمَّا يفعل فِي الْمُسْتَقْبل كَذَا قَالَه الرَّافِعِيّ فِي أثْنَاء تَعْلِيق الطَّلَاق وَإِنَّمَا يَصح التَّعْلِيل على تَقْدِير عود السُّؤَال فِيهِ الْحَادِي عشر إِذا قَالَ لزوجته طَلِّقِي نَفسك وَنوى الثَّلَاث فَقَالَت طلقت ونوت الثَّلَاث وَقعت الثَّلَاث وَإِن لم تنو هِيَ الْعدَد وَقعت وَاحِدَة وَقيل ثَلَاث إِذا علمت هَذَا فَلَو قَالَ طَلِّقِي نَفسك ثَلَاثًا فَقَالَت طلقت

مسألة

طلقت وَلم تلفظ بِالْعدَدِ وَلَا نوته وَقع الثَّلَاث لِأَنَّهُ جَوَاب لكَلَامه فَهُوَ كالمعاد فِي الْجَواب بِخِلَاف مَا إِذا نوى الثَّلَاث وَلم يتَلَفَّظ بهَا لِأَن الْمَنوِي لَا يُمكن تَقْدِير عوده فِي الْجَواب فان التخاطب بِاللَّفْظِ لَا بِالنِّيَّةِ كذاذكره الرَّافِعِيّ ثمَّ حكى عَن الإِمَام احْتِمَال أَنه لَا يَقع إِلَّا وَاحِدَة مَسْأَلَة 5 التَّعْلِيل بالمظنة صَحِيح كتعليل جَوَاز الْقصر وَغَيره من الرُّخص بِالسَّفرِ الَّذِي هُوَ مظنه للْمَشَقَّة هُوَ قريب من اخْتِلَاف النُّحَاة فِي حد الضَّرُورَة المجوزة فِي الشّعْر مَا يمْتَنع فِي غَيره إِذا علمت ذَلِك فللمسألة فروع أَحدهَا إِذا قَالَ لزوجته إِن كنت حَامِلا فَأَنت طَالِق وَكَانَ يَطَؤُهَا وَهِي مِمَّن تحبل فَهَل يجب التَّفْرِيق إِلَى أَن يستبرأها الزَّوْج فِيهِ وَجْهَان أصَحهمَا لَا لِأَن الأَصْل عدم الْحمل وَقيل نعم لِأَن الْوَطْء مَظَنَّة لَهُ الثَّانِي اشْتِرَاط الشَّهْوَة فِي النَّقْض بِمَسّ الْأَجَانِب وَالصَّحِيح عدم الِاشْتِرَاط الثَّالِث قَالُوا يجوز للْعَبد أَن يَصُوم بِغَيْر إِذن السَّيِّد فِي وَقت لَا ضَرَر عَلَيْهِ فِيهِ فَإِن كَانَ فِيهِ ضَرَر لم يجز إِلَّا بِإِذْنِهِ لَكِن الضَّرَر أَمر مظنون وَقد يَظُنّهُ العَبْد غير مُؤثر فِي الْخدمَة مَعَ أَنه مُؤثر

فَلم يَقُولُوا بِالْمَنْعِ مُطلقًا تَعْلِيل بالمظنة الرَّابِع جَوَاز رُجُوع الأَصْل كالآباء والأمهات فِيمَا وهبته لفروعهم دون الْأَجَانِب لِأَن الْأُصُول يقصدون مصلحَة فروعهم فقد يرَوْنَ فِي وَقت أَن الْمصلحَة فِي الرُّجُوع إِمَّا لقصد التَّأْدِيب أَو غير ذَلِك فجوزناه بِخِلَاف الْأَجْنَبِيّ وَاخْتلفُوا فِي اشْتِرَاط هَذِه الْمصلحَة لجَوَاز الرُّجُوع وَالصَّحِيح عدم اشْتِرَاطهَا تعليلا بالمظنة وَهَذِه الْمَسْأَلَة هِيَ نَظِير مَا إِذا كَانَ الْأَب أَو الْجد عدوا للبكر وَقد نقل الرَّافِعِيّ فِيهِ عَن ابْن كج وَابْن الْمَرْزُبَان أَنه لَا يجبرها على التَّزَوُّج ثمَّ نقل أَعنِي الرَّافِعِيّ فِيهِ احْتِمَالا فِي الْجَوَاز وَقِيَاس ولَايَة المَال أَن تكون كولاية النِّكَاح فِي ذَلِك الْخَامِس أَن الْمُكْره على الطَّلَاق لَو قدر على التورية كَقَوْلِه طَارق بالراء وَنَحْوه فَهَل يلْزمه ذَلِك على وَجْهَيْن أصَحهمَا لَا السَّادِس جوزوا للمعتكف الْخُرُوج إِلَى بَيته للْأَكْل ولقضاء حَاجَة الْإِنْسَان لاستحيائه من فعل ذَلِك مَعَ الطارقين هُنَاكَ فَلَو اعْتكف فِي مَوضِع مغلق عَلَيْهِ كالمنارة مثلا أَو كَانَ الْمَسْجِد نَفسه مَهْجُورًا يغلقه على نَفسه إِذا دخل إِلَيْهِ فَيتَّجه امْتنَاع الْخُرُوج لانْتِفَاء الْمَعْنى وَيحْتَمل الْجَوَاز اعْتِبَارا بالمظنة لَا بآحاد الْأَفْرَاد

مسألة

مَسْأَلَة 6 إِذا تردد فرع بَين مشابهة أصلين أَحدهمَا يُشبههُ فِي الصُّورَة وَالْآخر يُشبههُ فِي الْمَعْنى وَعبر عَنهُ بَعضهم بالمشابهة فِي الحكم فَلَا خلاف كَمَا قَالَه الْغَزالِيّ فِي الْمُسْتَصْفى أَن ذَلِك حجَّة لتردده بَين قياسين مناسبين وَلذَلِك سمي قِيَاس غَلَبَة الِاشْتِبَاه وَاخْتلفُوا فِي الْمُعْتَبر مِنْهُمَا فَقَالَ الشَّافِعِي تعْتَبر المشابهة المعنوية وَقَالَ ابو بكر ابْن علية تعْتَبر الصورية وَمِنْه إِيجَاب أَحْمد التَّشَهُّد الأول كالثاني وَعدم إِيجَاب أبي حنيفَة الثَّانِي كَالْأولِ إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا إِذا قتل عبدا وَكَانَت قِيمَته تزيد على الدِّيَة فَإِن الْقيمَة تجب عِنْد الشَّافِعِي وَإِن زَادَت إِلْحَاقًا لَهُ بِسَائِر المملوكات وَقَالَ غَيره لَا يُزَاد على الدِّيَة نظرا إِلَى مشابهة الْحر فِي الصُّورَة 2 - وَمِنْهَا السلت بسين مُهْملَة مَضْمُومَة وَلَام سَاكِنة وتاء مثناة من فَوق وَهُوَ حب يشبه الْحِنْطَة فِي الصُّورَة إِذْ هُوَ

مسألة

على لَوْنهَا ونعومتها وَيُشبه الشّعير فِي برودة الطَّبْع هَذَا هُوَ الْمَنْقُول عِنْد اللغويين وَالْمَعْرُوف أَيْضا عِنْد الْفُقَهَاء وَعَكسه بَعضهم وَاخْتلف اصحابنا فَقيل إِنَّه مُلْحق بِالْحِنْطَةِ حَتَّى يكمل بِهِ نصابها وَقيل بِالشَّعِيرِ وَالصَّحِيح أَنه جنس مُسْتَقل لتعارض الْمَعْنيين مَسْأَلَة 7 إِذا استنبط الْمُجْتَهد من النَّص وَصفا مناسبا واراد تَعديَة الحكم إِلَى مَحل آخر لأجل وجوده فَمنع الْخصم علية ذَلِك الْوَصْف لم يلْتَفت إِلَى مَنعه بل يلْزمه القَوْل بِهِ أَو معارضته يُوصف آخر يصلح للعلية لِأَن الْغَالِب على الْأَحْكَام تعليلها وَقد وجدنَا معنى مناسبا وَالْأَصْل عدم غَيره فَتعين مَا وَجَدْنَاهُ للعلية وَهَذِه الْقَاعِدَة ذكروها فِي مَوَاضِع مِنْهَا مَفْهُوم الصّفة وَمن فروعها 1 - مَا إِذا قَامَت بَيِّنَة عِنْد الْحَاكِم بِأَن فلَان بن فلَان الْفُلَانِيّ قد أقرّ بِكَذَا فاعترف شخص بِأَن هَذَا النّسَب صَادِق عَلَيْهِ وَأنكر أَن يكون هُوَ الْمقر فَإِنَّهُ لَا يرجع إِلَيْهِ فِي ذَلِك بل يلْزمه مَا أقرّ بِهِ أَو يثبت أَن لَهُ من يُشَارِكهُ فِي هَذَا النّسَب وَاعْلَم أَن هَذِه الْقَاعِدَة الَّتِي ذكرهَا الأصوليون يشكل عَلَيْهَا مَا قَالُوهُ إِن الْإِجْمَاع الْمُوَافق لحَدِيث لَا يجب أَن يكون ناشئا عَنهُ لجَوَاز اجْتِمَاع دَلِيلين وَخَالف أَبُو عبد الله الْبَصْرِيّ فَقَالَ يجب ذَلِك لما قُلْنَاهُ

مسألة

مَسْأَلَة 8 تَعْلِيل الحكم الْوَاحِد بعلتين فِيهِ اقوال أَحدهَا يجوز مُطلقًا بِدَلِيل مَا لَو قتل وارتد وَالْعِيَاذ بِاللَّه تَعَالَى وَاخْتَارَهُ ابْن الْحَاجِب وَالثَّانِي يمْتَنع مُطلقًا لِأَن إِسْنَاد الحكم إِلَى أَحدهمَا يَقْتَضِي صرفه عَن الآخر وَاخْتَارَهُ الْآمِدِيّ وَالثَّالِث وَاخْتَارَهُ فِي الْمَحْصُول فِي الْكَلَام على الْفرق وَتَابعه عَلَيْهِ الْبَيْضَاوِيّ يجوز فِي المنصوصة للدليل الأول دون المستنبطة للدليل الثَّانِي قَالَ الْآمِدِيّ وَمحل الْخلاف فِي الْوَاحِد بالشخص كتحريم امْرَأَة بِعَينهَا وَوُجُوب قتل شخص بِعَيْنِه قَالَ وَأما الْوَاحِد بالنوع كالتحريم من حَيْثُ هُوَ فَيجوز بِلَا خلاف إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا إِذا أحدث أحداثا ثمَّ نوى حَالَة الْوضُوء رفع بَعْضهَا وَفِيه وُجُوه أَصَحهَا يَكْفِي لِأَن الْحَدث نَفسه كالنوم وَنَحْوه لَا يرْتَفع وَإِنَّمَا يرْتَفع حكمه وَهُوَ وَاحِد وَإِن تعدّدت أَسبَابه وَالثَّانِي لَا يَكْفِي مُطلقًا وَالثَّالِث إِن نوى الأول صَحَّ وَإِلَّا فَلَا وَالرَّابِع عَكسه وَالْخَامِس إِن نفى غير الْمَنوِي لم يَصح وَإِلَّا فَيصح

2 - وَمِنْهَا إِذا صَادف نذران زَمَانا وَاحِدًا كَمَا إِذا قَالَ إِن قدم زيد فَللَّه تَعَالَى على أَن أَصوم الْيَوْم التَّالِي لقدومه وَإِن قدم عَمْرو فَللَّه عَليّ أَن أَصوم أول خَمِيس فَقدما مَعًا يَوْم الْأَرْبَعَاء فَلَا يجزىء صِيَامه عَنْهُمَا مَعًا كَمَا نَقله صَاحب التَّتِمَّة بل عَلَيْهِ أَن يَصُوم عَن أول نذر وَيَقْضِي يَوْمًا للنذر الثَّانِي ثمَّ قَالَ وَيحْتَمل أَن يُقَال لَا ينْعَقد النّذر الثَّانِي كَذَا نَقله الرَّافِعِيّ عَنهُ ثمَّ نقل فِي نَظِير الْمَسْأَلَة أَن الثَّانِي لَا ينْعَقد على وفْق احْتِمَال الْمُتَوَلِي ثمَّ أعَاد النَّوَوِيّ الْمَسْأَلَة قبيل الْبيُوع من زوائده فَقَالَ لَو نذر صِيَام سنة مُعينَة ثمَّ قَالَ إِن شفى الله مريضي فَللَّه عَليّ صَوْم الأثانين من هَذِه السّنة قَالَ القَاضِي الْحُسَيْن فِي فَتَاوِيهِ لَا ينْعَقد الثَّانِي لِأَن الزَّمَان مُسْتَحقّ لغيره وَقَالَ الْعَبَّادِيّ ينْعَقد فَيلْزمهُ الْقَضَاء قيل لَهُ لَو كَانَ لَهُ عبد فَقَالَ إِن شفى الله مريضي فَللَّه عَليّ عتقه ثمَّ قَالَ إِن قدم زيد فعلي عتقه قَالَ ينعقدان فَإِن وَقعا مَعًا أَقرع بَينهمَا 3 - وَمِنْهَا إِذا شَرط الْمُتَبَايعَانِ خِيَار الثَّلَاث فَإِن الْأَصَح أَن ابتداءها من حِين العقد وَحِينَئِذٍ فَيبقى لَهُ الْفَسْخ بعلتين وَالثَّانِي يبْقى من حِين التَّفَرُّق فَلَو اشْترى غَائِبا بِالْوَصْفِ وصححناه فَإِن الْخِيَار يثبت عِنْد الرُّؤْيَة ويمتد إِلَى آخر مجْلِس الرُّؤْيَة فَلَو شَرط مَعَ ذَلِك خِيَار الثَّلَاث فَيكون فِي أَولهَا الْوَجْهَانِ السابقان فَإِن قُلْنَا هُنَاكَ من العقد فَيكون هُنَا من الرُّؤْيَة وَإِن قُلْنَا من التَّفْرِقَة فَيكون هُنَا من انْقِضَاء خِيَار الرُّؤْيَة كَذَا ذكره الدَّارمِيّ فِي كِتَابه الْمُسَمّى جَامع الْجَوَامِع ومودع البدايع وَمن خطه نقلت 4 - وَمِنْهَا مَا قَالَه الدَّارمِيّ أَيْضا فِي الْكتاب الْمَذْكُور أَنه

مسألة

إِذا اجْتمعت أَنْوَاع من الْخِيَار كَخِيَار الْمجْلس وَالشّرط وَالْعَيْب والرؤية ففسخ الْعَاقِد فَينْظر إِن صرح بِالْفَسْخِ بجميعها انْفَسَخ بِالْجَمِيعِ وان صرح بِالْبَعْضِ انْفَسَخ بِهِ وان أطلق فينفسخ بِالْجَمِيعِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بَعْضهَا أولى من بعض قَالَ وَكَذَلِكَ فِي الْإِجَازَة إِذا أجَاز فِي الْجَمِيع أَو أطلق فان أجَاز بِالْبَعْضِ بَقِي الْخِيَار بِالْبَاقِي 5 - وَمِنْهَا مَا ذكره الرَّافِعِيّ فِي آخر الْبَاب الأول من أَبْوَاب الطَّلَاق أَنه إِذا وطىء امْرَأتَيْنِ واغتسل عَن الْجَنَابَة وَحلف أَنه لم يغْتَسل عَن الثَّانِيَة لم يَحْنَث 6 - وَمِنْهَا مَا ذكره الشَّيْخ أَبُو عَليّ السنجي قبيل كتاب الزَّكَاة من شرح التَّلْخِيص أَن الْمَرْأَة إِذا كَانَت جنبا فَحَاضَت ثمَّ اغْتَسَلت وَكَانَت قد حَلَفت أَنَّهَا لَا تَغْتَسِل عَن الْجَنَابَة فَالْعِبْرَة عندنَا بِالنِّيَّةِ فان نَوَت الِاغْتِسَال عَنْهُمَا تكون مغتسلة عَنْهُمَا وتحنث وان نَوَت عَن الْحيض وَحده لم تَحنث لِأَنَّهَا لم تَغْتَسِل عَن الْجَنَابَة وَإِن كَانَ غسلهَا مجزيا عَنْهُمَا مَعًا قَالَ وَرجح الْقفال الْحِنْث هَذَا كَلَامه وَقد ظهر لَك مِمَّا نَقَلْنَاهُ الْآن عَن الرَّافِعِيّ أَنه صور مَسْأَلَة الْيَمين بِحَال اتِّحَاد النَّوْع وَقد يُؤْخَذ مِنْهَا التَّخْصِيص أَيْضا فِي مَسْأَلَة الشَّيْخ ابي عَليّ حَتَّى إِذا نوى مَا عدى الأولى من أَفْرَاد النَّوْع قَاصِدا لم يَصح وَهُوَ مُتَّجه مَسْأَلَة 9 الْمَعْلُول هَل هُوَ مُقَارن لتَمام علته أم يتَأَخَّر عَنْهَا فِيهِ

مذهبان قريبان من الْخلاف السَّابِق ذكره فِي بَاب الْخُصُوص فِي الشَّرْط مَعَ الْمَشْرُوط إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا ذكره الرَّافِعِيّ فِي آخر كتاب الظِّهَار فِي الْكَلَام على التفكير بِالْعِتْقِ فَقَالَ وَاخْتلف الْأَصْحَاب فِي أَن الطَّلَاق وَالْعِتْق وَسَائِر الْأَلْفَاظ هَل يثبت حكمهَا مَعَ الْجُزْء الْأَخير من اللَّفْظ أم عقب تَمام أَجْزَائِهِ على الِاتِّصَال وَالْأَكْثَرُونَ على الثَّانِي وَهُوَ الَّذِي ذهب إِلَيْهِ الشَّيْخ ابو عَليّ قَالَ وبنوا على هَذَا مَا إِذا قَالَ لغيره أعتق عَبدك عني فَأعْتقهُ عَنهُ فانه يدْخل فِي ملك السَّائِل وَيعتق عَلَيْهِ وَهل يدْخل فِي ملكه مَعَ آخر اللَّفْظ أَو بعده يبْنى على مَا ذَكرْنَاهُ فعلى مَا سبق أَنه الصَّحِيح إِذا تمّ اللَّفْظ حصل الْملك ثمَّ الْعتْق 2 - وَمِنْهَا إِذا ارتضع الصَّبِي خمس رَضعَات وَحصل التَّحْرِيم وانفساخ النِّكَاح حَيْثُ يحصل فَهَل يثبت ذَلِك مَعَ الرضعة أَو عَقبهَا فِيهِ هَذَا الْخلاف

= الْكتاب الْخَامِس فِي دَلَائِل اخْتلف فِيهَا=

مسألة

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وفيهَا بَابَانِ الأول فِي المقبول مِنْهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَسْأَلَة 1 قد سبق فِي أَوَائِل الْكتاب أَن الْمُخْتَار فِي الْأَفْعَال قبل الْبعْثَة هُوَ التَّوَقُّف أَي لَا يحكم عَلَيْهَا بِإِبَاحَة وَلَا تَحْرِيم وَأما بعد الشَّرْع فَمُقْتَضى الْأَدِلَّة الشَّرْعِيَّة أَن الأَصْل فِي الْمَنَافِع الْإِبَاحَة لقَوْله تَعَالَى {خلق لكم مَا فِي الأَرْض جَمِيعًا} وَفِي المضار أَي مؤلمات الْقُلُوب هُوَ التَّحْرِيم لقَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لَا ضَرَر وَلَا ضرار فِي الْإِسْلَام كَذَا ذكره الإِمَام فَخر الدّين والآمدي

وأتباعها وَحكى النَّوَوِيّ فِي بَاب الِاجْتِهَاد من التَّحْقِيق وَشرح الْمُهَذّب ثَلَاثَة أوجه لِأَصْحَابِنَا فِي أَن أَصْلهَا الْإِبَاحَة أَو التَّحْرِيم أَو لَا حكم بِالْكُلِّيَّةِ قَالَ وأصحها الثَّالِث إِذا علمت ذَلِك فللمسألة فروع أَحدهَا إِذا وجدنَا شعرًا وَلم يدر هَل هُوَ من مَأْكُول أم لَا فَهَل هُوَ نجس أَو طَاهِر على وَجْهَيْن أصَحهمَا فِي بَاب الْأَوَانِي من زَوَائِد الرَّوْضَة هُوَ الطَّهَارَة قَالَ الْمَاوَرْدِيّ وَالرُّويَانِيّ هما مبنيان على أَن الأَصْل فِي الْمَنَافِع الْإِبَاحَة أَو التَّحْرِيم الثَّانِي إِذا رأى شخصا وَلم يدر هَل هُوَ مِمَّن يحرم النّظر إِلَيْهِ أَو لَا كَمَا لَو شكّ هَل هُوَ ذكر أم انثى أَو شكّ فِي أَن الْأُنْثَى محرم أَو أَجْنَبِيَّة أَو أَن الْأَجْنَبِيَّة حرَّة أَو أمة وَنَحْوه فَيتَّجه تَخْرِيج جَوَازه على هَذِه الْقَاعِدَة الثَّالِث أَن فَأْرَة الْمسك طَاهِرَة إِذا انفصلت من الظبية فِي حَيَاتهَا فَلَو شككنا فِي أَنَّهَا انفصلت مِنْهَا فِي الْحَيَاة أَو بعد الْمَوْت فَيتَّجه أَن يُقَال ان تَيَقّن وَقت انفصالها وَشك فِي وَقت الْمَوْت كَمَا إِذا تَيَقّن انفصالها عَنْهَا فِي وَقت الظّهْر مثلا وشككنا فِي أَنَّهَا مَاتَت قبل الظّهْر أَو بعده فَتكون طَاهِرَة لِأَن الأَصْل بَقَاء الْحَيَاة عِنْد انفصالها إِذا الأَصْل فِي كل حَادث تَقْدِيره فِي أقرب زمن وَإِن تَيَقّن وَقت مدَّتهَا وَشك هَل الِانْفِصَال قبل ذَلِك أَو بعده فبالعكس لما ذَكرْنَاهُ بِعَيْنِه وَإِن لم يتَيَقَّن وَقت وَاحِد

مسألة

مِنْهُمَا فيتخرج على أَن الأَصْل الْإِبَاحَة أم لَا وَيُؤَيِّدهُ أَنَّهَا كَانَت فِي حَال الْحَيَاة مَحْكُومًا عَلَيْهَا بِالطَّهَارَةِ وَالْأَصْل بَقَاء ذَلِك الحكم لأَنا شككنا فِي المنجس وَهُوَ الْمَوْت السَّابِق على الِانْفِصَال وَالْأَصْل عَدمه الرَّابِع إِذا لم يعرف حَال النَّهر هَل هُوَ مُبَاح أَو مَمْلُوك فَهَل يجْرِي عَلَيْهِ حكم الْإِبَاحَة أَو الْملك على وَجْهَيْن مفرعين على أَن الأَصْل الْإِبَاحَة أَو الْحَظْر ذكره الْمَاوَرْدِيّ فِي الْحَاوِي الْخَامِس الثَّوْب الْمركب من الْحَرِير وَغَيره إِذا كَانَ وزنهما سَوَاء فِي حلَّة وَجْهَان ينبنيان على هَذِه الْقَاعِدَة أصَحهمَا الْحل مَسْأَلَة 2 اسْتِصْحَاب الْحَال حجَّة على الصَّحِيح وَقد يعبر عَنهُ بِأَن الأَصْل فِي كل حَادث تَقْدِيره فِي أقرب زمن وَبِأَن الأَصْل بَقَاء مَا كَانَ على مَا كَانَ وَلذَلِك فروع كَثِيرَة مَشْهُورَة أَحدهَا إِذا وكل بتزويج ابْنَته فَحصل موت الْمُوكل وَوُقُوع النِّكَاح وشككنا فِي السَّابِق قَالَ القَاضِي الْحُسَيْن فيتخرج على الْوَجْهَيْنِ فِي الأَصْل وَالظَّاهِر لِأَن الأَصْل عدم النِّكَاح وَالظَّاهِر بَقَاء الْحَيَاة قَالَ فعلى هَذَا يَصح فِي الْأَصَح كَذَا نَقله الرَّوْيَانِيّ فِي كتاب النِّكَاح من الْبَحْر ثمَّ قَالَ وَعِنْدِي الْأَصَح أَنه لَا يَصح لِأَن الأَصْل التَّحْرِيم فَلَا يستباح بِالشَّكِّ وَإِذا استحضرت أَن الأَصْل فِي

الْحَادِث تَقْدِيره فِي أقرب زمن لزم اقترانهما فِي الزَّمَان وَحِينَئِذٍ يحكم بِالْبُطْلَانِ الثَّانِي انه لَا يَصح تَوْكِيل الْمَرْأَة فِي إِيجَاب النِّكَاح وَلَا فِي قبُوله وَيصِح توكيلها فِي طَلَاق غَيرهَا فِي الْأَصَح وَالْخُنْثَى فِي ذَلِك كَالْمَرْأَةِ كَذَا رَأَيْته فِي كتاب الخناثا لِابْنِ الْمُسلم بِفَتْح اللَّام الدِّمَشْقِي تلميذ الْغَزالِيّ وَأجَاب بِهِ ايضا النَّوَوِيّ فِي بَاب نواقض الْوضُوء من شرح الْمُهَذّب تفقها بعد أَن قَالَ إِنَّه لم ير فِي نقلا فَإِن أقدم الْوَكِيل الْمَذْكُور على العقد ثمَّ بَان أَنه رجل فَفِي صِحَّته وَجْهَان مبنيان على مَا إِذا بَاعَ مَال مُوَرِثه ظَانّا حَيَاته فَبَان مَيتا قَالَه ابْن الْمُسلم ثمَّ قَالَ فان قُلْنَا بِعَدَمِ الصِّحَّة فَقَالَت الْمَرْأَة وَقع العقد بعد التبين وَقَالَ الزَّوْج قبله فَالْقَوْل قَول الْمَرْأَة لِأَن الأَصْل بَقَاء الْإِشْكَال وَقد أوضحت الْمَسْأَلَة ايضا فِي كتَابنَا الْمُسَمّى إِيضَاح الْمُشكل فِي أَحْكَام الْخُنْثَى الْمُشكل الثَّالِث إِذا ادّعى عينا فَشَهِدت لَهُ بَيِّنَة بِالْملكِ فِي الشَّهْر الْمَاضِي مثلا أَو أَنَّهَا كَانَت ملكه فِيهِ أَو ادّعى الْيَد واقام بَيِّنَة على نَحْو مَا ذَكرْنَاهُ فَفِي قبُولهَا قَولَانِ أصَحهمَا وَبِه قطع بَعضهم أَنَّهَا لَا تقبل نعم يجوز لَهُ أَن يَقُول كَانَ ملكه وَلَا أعلم مزيلا وَيجوز أَن

يشْهد بِالْملكِ فِي الْحَال استصحابا لما عرفه قبل ذَلِك من شِرَاء أَو إِرْث أَو غَيرهمَا كَذَا قَالَه الرَّافِعِيّ قَالَ وَلَو قَالَ الْمُدعى عَلَيْهِ كَانَ ملكك أمس فَقيل لَا يُؤَاخذ بِهِ كَمَا لَو قَامَت بَيِّنَة بِأَنَّهُ كَانَ ملكه أمس وَالأَصَح أَنه يُؤَاخذ كَمَا لَو شهِدت الْبَيِّنَة أَنه أقرّ أمس وَالْفرق على هَذَا بَين أَن يَقُول كَانَ ملكه أمس وَبَين أَن تقوم الْبَيِّنَة بذلك بِأَن الْإِقْرَار لَا يكون إِلَّا عَن تَحْقِيق وَالشَّاهِد قد يخمن حَتَّى لَو استندت الشَّهَادَة إِلَى تَحْقِيق بِأَن قَالَ هُوَ ملكه اشْتَرَاهُ مِنْهُ قبلت وَالْخلاف فِي هَذَا الْفِعْل يَنْبَنِي كَمَا قَالَه الْهَرَوِيّ فِي الإشراف على أَن الِاسْتِصْحَاب هَل هُوَ حجَّة أم لَا الرَّابِع لَو اتفقَا على الإتفاق على الْوَلَد من يَوْم موت الْأَب وَلَكِن تنَازعا فِي تَارِيخ مَوته فَقَالَ الْوَلَد من سنة مثلا وَقَالَ الْوَصِيّ من سنتَيْن فَالْقَوْل قَول الْيَتِيم فِي الْأَصَح كَمَا قَالَه الرَّافِعِيّ فِي آخر الْوَصَايَا الْخَامِس لَو اخْتلف الْوَارِث والموهوب لَهُ فِي أَن الْهِبَة وَقعت فِي الصِّحَّة أَو فِي الْمَرَض فَالْقَوْل قَول الْمَوْهُوب لَهُ كَمَا قَالَه ابْن الصّلاح وَجزم بِهِ فِي الرَّوْضَة فِي آخر الْهِبَة إِلَّا أَنه عبر بالمختار وَهُوَ مُخَالف لهَذِهِ الْقَاعِدَة السَّادِس إِذا أوصى لحمل فُلَانَة فَإِنَّمَا يعْطى لولدها إِذا تَيَقنا وجوده فِي حَال الْوَصِيَّة بِأَن وَلدته لدوّنَ سِتَّة أشهر أَو لأكْثر وَدون أَربع سِنِين إِذا لم يكن لَهَا زوج أَو سيد يَغْشَاهَا فَإِن كَانَ لم يُعْط لهَذِهِ الْقَاعِدَة

السَّابِع تزوج بِأمة أَو وَطئهَا بِشُبْهَة ثمَّ اشْتَرَاهَا وَظهر بهَا حمل يجوز أَن يكون مُتَقَدما على الشِّرَاء حَتَّى لَا تصير بِهِ أم ولد وَأَن يكون مُتَأَخِّرًا عَنهُ فَإِن الْحمل يعْتق وَتصير الْجَارِيَة أم ولد على الصَّحِيح لهَذِهِ الْقَاعِدَة فَإِن وضعت لدوّنَ سِتَّة أشهر أَو لأكْثر وَلم يَطَأهَا بعد الْملك لم تصر أم ولد وَإِن وَطئهَا بعد الْملك وَولدت لسِتَّة أشهر من حِين الْوَطْء فَيحكم بِحُصُول الْعلُوق فِي ملك الْيَمين وَإِن احْتمل سبقه الثَّامِن إِذا وَكله فِي اسْتِيفَاء الْقصاص فاستوفاه ثمَّ ثَبت أَن الْمُوكل عزل الْوَكِيل وَلم يعلم هَل وَقع الْعَزْل بعد الِاسْتِيفَاء أَو قبله فَلَا شَيْء على الْوَكِيل كَمَا قَالَه الرَّافِعِيّ لما ذَكرْنَاهُ التَّاسِع إِذا علقت الْمُرْتَدَّة من مُرْتَد فَفِيهِ وُجُوه أَصَحهَا على مَا نَقله النَّوَوِيّ عَن الْجُمْهُور أَنه مُرْتَد الثَّانِي وَنَقله الرَّافِعِيّ فِي الشرحين عَن تَصْحِيح الْبَغَوِيّ وَاقْتصر عَلَيْهِ أَنه مُسلم وَأطلق فِي الْمُحَرر تَصْحِيحه وَالثَّالِث أَنه كَافِر أُصَلِّي فَإِن ارْتَدَّ الأبوان بعد الْعلُوق بِهِ فَهُوَ مُسلم بِلَا نزاع وَلَو احْتمل أَن يكون علوقه بعد الرِّدَّة أَو قبلهَا فَمُقْتَضى تَقْدِير الْحَادِث فِي أقرب زمَان أَن يكون على الْأَقْوَال وَيدل عَلَيْهِ كَلَامهم فِي الْوَصِيَّة للْحَمْل الْعَاشِر ذكر الرَّافِعِيّ فِي آخر الْبَاب الثَّانِي من ابواب الطَّلَاق أَنه إِذا طلق العَبْد زَوجته طَلْقَتَيْنِ وَأعْتقهُ سَيّده فَإِن وَقع الْعتْق

أَولا قله رَجعتهَا وتجديد نِكَاحهَا وَإِن طلق أَولا فَلَا تحل إِلَّا بِمُحَلل فَلَو أشكل السَّابِق واعترف الزَّوْجَانِ بالإشكال لم يحل إِلَّا بِمُحَلل عِنْد الْأَكْثَرين إِذا علمت هَذَا كُله فَلَو اخْتلفَا فِي السَّابِق فَينْظر إِن اتفقَا على وَقت الطَّلَاق كَيَوْم الْجُمُعَة مثلا وَقَالَ عتقت يَوْم الْخَمِيس فِي الرّجْعَة وَقَالَ بل يَوْم السبت فَالْقَوْل قَوْلهَا للقاعدة الَّتِي ذَكرنَاهَا وَإِن اتفقَا أَن الْعتْق يَوْم الْجُمُعَة وَقَالَ طلقت يَوْم السبت فَقَالَت بل يَوْم الْخَمِيس فَالْقَوْل قَوْله لما ذَكرْنَاهُ وَإِن لم يتَّفقَا على وَقت أَحدهمَا بل قَالَ طَلقتك بعد الْعتْق وَقَالَت بل قبله وَاقْتصر عَلَيْهِ فَالْقَوْل قَوْله للتَّعْلِيل السَّابِق أَيْضا وَعلله الرَّافِعِيّ بِأَنَّهُ أعرف بِوَقْت الطَّلَاق وَلقَائِل أَن يَقُول لم لَا نظرُوا هَا هُنَا إِلَى السَّابِق فِي الدَّعْوَى كَمَا قَالُوا بِهِ فِيمَا إِذا اتفقَا على الرّجْعَة وانقضاء الْعدة وَاخْتلفَا فِي السَّابِق مِنْهُمَا الْحَادِي عشر لَو وجدنَا رَأس المَال فِي يَد الْمُسلم إِلَيْهِ فَقَالَ الْمُسلم أقبضتكه بعد التَّفَرُّق فَيكون بَاطِلا وَقَالَ الآخر بل قبله فَإِن أَقَامَ أَحدهمَا بَيِّنَة فَلَا إِشْكَال وَإِن أَقَامَ كل مِنْهُمَا بَيِّنَة على مَا يَدعِيهِ فقد حكى الرَّافِعِيّ فِي بَاب السّلم عَن ابْن سُرَيج من غير اعْتِرَاض عَلَيْهِ أَن بَيِّنَة الْمُسلم إِلَيْهِ أولى وَهَذَا فِيهِ خُرُوج عَن الْقَاعِدَة الَّتِي ذَكرنَاهَا وَسَببه تَصْدِيق مدعي الصِّحَّة على الْمَعْرُوف وَأَيْضًا فَلِأَن مَعَ بَيِّنَة التَّقَدُّم زِيَادَة علم وَسكت الرَّافِعِيّ عَمَّا إِذا لم

تكن بَيِّنَة بِالْكُلِّيَّةِ وَيتَّجه تَخْرِيجه أَيْضا على الْخلاف فِي دَعْوَى الصِّحَّة وَالْفساد كَمَا أَشَرنَا إِلَيْهِ الثَّانِي عشر إِذا أقرّ بِجَمِيعِ مَا فِي يَده أَو بِنسَب إِلَيْهِ فتنازعا فِي بعض مَا فِي يَده هَل كَانَ مَوْجُودا حَال الْإِقْرَار أم لَا فَالْقَوْل قَول الْمقر كَمَا قَالَه الرَّافِعِيّ فِي آخر الأقرار وَلَو قَالَ لَيْسَ فِي يَدي إِلَّا ألف وَالْبَاقِي لزيد فَإِنَّهُ يقبل أَيْضا وَبِه جزم فِي الْمطلب وَلَو مَاتَ الْمقر فَقَالَ وَارثه لم تكن الْعين مَوْجُودَة أفتى القَاضِي حسن بِأَن القَوْل قَول الْمقر لَهُ وَقَالَ الْبَغَوِيّ عِنْدِي لَا تسمع الدَّعْوَى بِأَنَّهُ كَانَ فِي الدَّار لِأَنَّهُ غير مَقْصُود بل يَدعِي أَن الْمَيِّت أقرّ لَهُ بهَا وَالْقَوْل قَول الْوَارِث مَعَ يَمِينه أَنه لَا يعلم إِقْرَار الْمُورث بِهِ وَالَّذِي قَالَه ضَعِيف قَالَ لِأَن الْإِقْرَار بِهِ صَحِيح وأفتي ابْن الصّلاح بِأَن القَوْل قَول الْوَارِث لَكِن لَا يَكْفِي الْحلف على عدم الِاسْتِحْقَاق بل يحلف على عدم الْعلم بِوُجُود ذَلِك أَو على أَنه دَاخل فِي الْإِقْرَار وَنَحْو ذَلِك الثَّالِث عشر لَو اخْتلف الزَّوْجَانِ بعد الْفرْقَة فَقَالَت الْمَرْأَة قذفتني بعد الطَّلَاق فَلَا لعان وَقَالَ الزَّوْج بل قبله فَالْقَوْل قَول الزَّوْج كَمَا جزم بِهِ الرَّافِعِيّ وَكَانَ سَببه أَن الأَصْل عدم الْحَد وايضا فَلِأَن من كَانَ القَوْل قَوْله فِي شَيْء كَانَ القَوْل قَوْله فِي صفة ذَلِك الشَّيْء وَهَكَذَا إِذا عرف لَهُ جُنُون سَابق وقذفه قَاذف فَادّعى أَنه قذفه

فِي حَال جُنُونه فَالْقَوْل قَول الْقَاذِف لما ذَكرْنَاهُ الرَّابِع عشر إِذا فوض الطَّلَاق إِلَى زَوجته فاتفقا على التَّطْلِيق لَكِن قَالَ الزَّوْج إِنَّه تَأَخّر عَن الْفَوْر وَأنْكرت صدق الزَّوْج لما ذَكرْنَاهُ وَعلله أَيْضا الرَّافِعِيّ بِأَن الأَصْل بَقَاء النِّكَاح الْخَامِس عشر لَو كَانَ متزوجا برقيقة أَو كَافِرَة فَمَاتَ الزَّوْج واتفقت ورثته معاها مَعهَا على إسْلَامهَا أَو عتقهَا لَكِن قَالُوا إِن ذَلِك بعد موت الزَّوْج وَقَالَت الْمَرْأَة بل قبله فَإِن الْمُصدق هُوَ الْوَرَثَة كَمَا قَالَ الرَّافِعِيّ فِي الدَّعَاوَى وَمثله لَو نشزت وعادت ثمَّ اخْتلفَا هَل كَانَ يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ قَالَه الرَّافِعِيّ السَّادِس عشر إِذا ادّعى بَهِيمَة أَو شَجَرَة وَأقَام عَلَيْهَا بَيِّنَة فَإِنَّهُ لَا يسْتَحق الثَّمَرَة والنتاج الحاصلين قبل إِقَامَة الْبَيِّنَة لِأَن الْبَيِّنَة وَإِن كَانَت لَا توجب ثُبُوت الْملك بل تظهره بِحَيْثُ يكون الْملك سَابِقًا على إِقَامَتهَا إِلَّا أَنه لَا يشْتَرط السَّبق بِزَمن طَوِيل ويكتفى بلحظة لَطِيفَة فِي صدق الشُّهُود وَلَا يقدر مَا لَا ضَرُورَة إِلَيْهِ وَقيل يسْتَحق ذَلِك نعم يسْتَحق الْحمل الْمَوْجُود فِي أصح الْوَجْهَيْنِ تبعا للْأُم كَمَا يدْخل فِي الْعُقُود وَمُقْتَضى هَذَا الأَصْل أَن من اشْترى شَيْئا فَادَّعَاهُ مُدع وَأَخذه مِنْهُ بِحجَّة مُطلقَة لَا يرجع على بَائِعه بِالثّمن لاحْتِمَال انْتِقَال الْملك من المُشْتَرِي إِلَى الْمُدَّعِي وَقد ذهب إِلَيْهِ القَاضِي الْحُسَيْن لَكِن الَّذِي أطبق عَلَيْهِ الْأَصْحَاب ثُبُوت الرُّجُوع بل لَو بَاعَ المُشْتَرِي أَو وهب وانتزع المَال من الْمُتَّهب أَو الْمُشْتَرى مِنْهُ كَانَ للْمُشْتَرِي الأول الرُّجُوع

أَيْضا قَالَ الرَّافِعِيّ وَسبب ذَلِك إِلَيْهِ فِي عَهده الْعُقُود لِأَن الأَصْل أَن لَا مُعَاملَة بَين المُشْتَرِي وَالْمُدَّعِي وَلَا انْتِقَال مِنْهُ فيستدام الْملك الْمَشْهُود بِهِ إِلَى مَا قبل الشِّرَاء السَّابِع عشر إِذا شكّ هَل وَقع الرَّضَاع الْمُؤثر فِي التَّحْرِيم فِي مُدَّة الْحَوْلَيْنِ أَو بعْدهَا فَلَا تَحْرِيم فِي الْأَصَح لما ذَكرْنَاهُ الثَّامِن عشر إِذا شكّ هَل أحرم بِالْحَجِّ قبل أشهره أَو بعْدهَا كَانَ محرما بِالْحَجِّ كَذَا نَقله فِي الْبَيَان عَن الصَّيْمَرِيّ وَلم يُخَالِفهُ وَعلله بعلة هَذِه الْمسَائِل وَعبر عَنْهَا بقوله لِأَنَّهُ على يَقِين من هَذَا الزَّمَان وَفِي شكّ مِمَّا تقدمه وَمن هَذِه الْعلَّة تعلم أَن صُورَة الْمَسْأَلَة فِيمَا إِذا تَيَقّن دُخُول أشهر الْحَج فَإِن شكّ هَل دخلت أم لَا انْعَقَد عمْرَة التَّاسِع عشر إِذا قد ملفوفا فَادّعى أَنه كَانَ مَيتا وَقَالَ الْوَلِيّ بل كَانَ حَيا فأصح الْقَوْلَيْنِ كَمَا قَالَه الرَّافِعِيّ فِي كتاب الْجِنَايَات تَصْدِيق الْوَلِيّ الْعشْرُونَ لَو اخْتلفت الْمُتَبَايعَانِ فِي وَقت الْفَسْخ فَقَالَ أَحدهمَا فسخت فِي وَقت الْفَسْخ وَقَالَ صَاحبه بعد مُضِيّ الْوَقْت قَالَ الدَّارمِيّ فِي كِتَابه جَامع الْجَوَامِع ومودع البدايع إِن ابْن الْمَرْزُبَان حكى عَن صَاحبه أبي الْحُسَيْن بن الْقطَّان أَن فِيهِ الْأَوْجه الْأَرْبَعَة الَّتِي فِي الرَّجْعِيَّة أَحدهَا يصدق الزَّوْج وَالثَّانِي الزَّوْجَة وَالثَّالِث السَّابِق

وَالرَّابِع يحلف كل وَاحِد فِيمَا إِلَيْهِ فَيحلف الزَّوْج على وَقت الرّجْعَة وَالزَّوْجَة على وَقت انْقِضَاء الْعدة قَالَ فَنَقُول هَهُنَا يحلف الفاسخ أَو صَاحبه أَو السَّابِق بِالدَّعْوَى أَو يحلف الفاسخ على وَقت فَسخه وَصَاحبه على مُضِيّ الْخِيَار إِلَّا أَن الْعدة إِن كَانَت بِالْحملِ أَو الْأَقْرَاء فَهُوَ إِلَى الْمَرْأَة لِأَنَّهَا أعرف بذلك وَأما الْأَشْهر فهما مشتركان فِيهَا بل الزَّوْج أولى بذلك لِأَن أول الْعدة من الطَّلَاق وَهُوَ إِلَيْهِ وَأما هُنَا فالفسخ إِلَى الفاسخ فَهُوَ أعرف بِهِ وَأما مُضِيّ الْخِيَار فأوله بِالْعقدِ وهما مشتركان فِي مَعْرفَته وَحِينَئِذٍ فَيحْتَمل فِي مَسْأَلَتنَا وَجْهَيْن أَحدهمَا تَصْدِيق الفاسخ لِأَنَّهُ أعرف بفسخه وَبِأَن الأَصْل بَقَاء وَقت الْخِيَار وَالثَّانِي تَصْدِيق صَاحبه لِأَن الأَصْل بَقَاء العقد انْتهى كَلَام الدَّارمِيّ وَمن خطة نقلت وَقَالَ الرَّافِعِيّ فِي خِيَار الْمجْلس لَو اتفقَا على التَّفَرُّق وَقَالَ أَحدهمَا فسخت قبله وَأنكر الآخر فَالْقَوْل قَول الْمُنكر مَعَ يَمِينه على الصَّحِيح وَالثَّانِي يصدق مدعي الْفَسْخ لِأَنَّهُ أعلم بتصرفه هَذَا كَلَامه وَيدخل فِيهِ صُورَتَانِ إنكارا أصل الْفَسْخ وإنكار تقدمه الْحَادِي وَالْعشْرُونَ قَالَ البَائِع بِعْتُك الشَّجَرَة بعد التَّأْبِير فالثمرة لي وَقَالَ المُشْتَرِي بل قبله فَهِيَ لي فَالْقَوْل قَول البَائِع كَذَا ذكره فِي زَوَائِد الرَّوْضَة قبيل السّلم الثَّانِي وَالْعشْرُونَ إِذا قَالَت الْمَرْأَة طَلقنِي على ألف فَطلقهَا

ثمَّ اخْتلفَا فَقَالَ الزَّوْج طَلقتك عقب سؤالك وَقَالَت الْمَرْأَة بل بعده بِحَيْثُ لَا يعد جَوَابا لَهُ فَالْقَوْل قَوْلهَا لما ذَكرْنَاهُ وَقد ذكرهَا فِي التَّنْبِيه فِي آخر الْخلْع بِلَفْظ فِيهِ تعقيد وإلباس الثَّالِث وَالْعشْرُونَ إِذا اسْتَأْجر الصَّبِي مُدَّة يبلغ فِيهَا بِالسِّنِّ فَإِن الْإِجَارَة لَا تصح فِي الْمدَّة الْوَاقِعَة بعد الْبلُوغ كَذَا قَالَه الرَّافِعِيّ فِي الْبَاب الثَّالِث من أَبْوَاب الْإِجَارَة وَهُوَ مُشكل لِأَن الأَصْل بَقَاء الْحجر وَالْمُتَّجه أَن يُقَال إِن اسْتمرّ الْحجر عَلَيْهِ بعد الْبلُوغ لأجل سفهه صَحَّ وَكَذَا إِن جهل حَاله لما ذَكرْنَاهُ من الأَصْل وَإِن بلغ رشيدا تَبينا الْبطلَان وَيلْزم على مَا قَالَه الرَّافِعِيّ أَنه لَو غَابَ الصَّبِي عَن وليه مُدَّة يبلغ فِيهَا بِالسِّنِّ لم يكن لَهُ التَّصَرُّف فِي مَاله وَلَا إِخْرَاج زَكَاته بل يتَوَلَّى الْحَاكِم ذَلِك بِحكم الْغَيْبَة نعم ذكر الْجِرْجَانِيّ فِي الشَّافِعِي أَنا إِذا قُلْنَا إِن اخْتِيَار الْوَلِيّ للصَّبِيّ يكون بعد الْبلُوغ فَهَل الْمُخَاطب بذلك هُوَ الْوَلِيّ أَو الْحَاكِم فِيهِ وَجْهَان وَالْقَائِل بِأَنَّهُ الْأَب يلْزمه أَن يَقُول فِي مَسْأَلَتنَا بِصِحَّة الْإِجَارَة وبجميع مَا يتَفَرَّع على ذَلِك

مسألة

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْبَاب الثَّانِي فِي الْمَرْدُودَة - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَسْأَلَة 1 قَول الصَّحَابِيّ حجَّة فِيمَا لَيْسَ فِيهِ للِاجْتِهَاد مجَال كَذَا نَص عَلَيْهِ الشَّافِعِي فِي اخْتِلَاف الحَدِيث فَقَالَ رُوِيَ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه صلى فِي لَيْلَة سِتّ رَكْعَات فِي كل رَكْعَة سِتّ سَجدَات وَقَالَ لَو ثَبت ذَلِك عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ لَقلت بِهِ فَإِنَّهُ لَا مجَال للْقِيَاس فِيهِ فَالظَّاهِر أَنه فعله توقيفا هَذَا كَلَامه وَمِنْه نقلت وَجزم بِهِ أَيْضا فِي الْمَحْصُول فِي بَاب الْأَخْبَار فِي الْكَلَام على كَيْفيَّة أَلْفَاظ الصَّحَابِيّ فتفطن لَهُ ورأيته مَجْزُومًا بِهِ لِابْنِ الصّباغ فِي كتاب الْأَيْمَان من كِتَابه الْمُسَمّى ب الْكَامِل بِالْكَاف لَا الشين وَهُوَ كتاب فِي الْخلاف بَيْننَا وَبَين أبي حنيفَة وَأما قَوْله فِي الْأُمُور الْمُجْتَهد فِيهَا فَلَا يكون حجَّة على أحد من الصَّحَابَة الْمُجْتَهدين بالِاتِّفَاقِ كَمَا قَالَه الْآمِدِيّ وَابْن

الْحَاجِب وَهل يكون على غَيرهم حَتَّى يجب عَلَيْهِم الْعَمَل بِهِ فِيهِ ثَلَاثَة مَذَاهِب أَصَحهَا عِنْد الإِمَام والآمدي وأتباعهما أَنه لَيْسَ بِحجَّة وَالثَّانِي أَنه حجَّة وَالثَّالِث إِن خَالف الْقيَاس كَانَ حجَّة وَإِلَّا فَلَا وَإِذا قُلْنَا بِأَنَّهُ حجَّة فَهَل يخص بِهِ عُمُوم كتاب أَو سنة فِيهِ خلاف لأَصْحَاب الشَّافِعِي حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيّ فِي الْحَاوِي فَلَو اخْتلفُوا أَخذنَا بقول الْأَكْثَرين فَإِن اسْتَووا أَخذنَا بقول من مَعَه أحد الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة فَإِن لم يكن رَجعْنَا إِلَى التَّرْجِيح قَالَه الْمَاوَرْدِيّ فِي أول الْحَاوِي وَإِذا قُلْنَا إِنَّه لَيْسَ بِحجَّة فَهَل يجوز للمجتهد تَقْلِيده فِيهِ ثَلَاثَة أَقْوَال للشَّافِعِيّ الْجَدِيد أَنه لَا يجوز مُطلقًا وَالثَّانِي يجوز وَالثَّالِث وَهُوَ قديم إِن انْتَشَر جَازَ وَإِلَّا فَلَا

وَمَا ذكرته فِي هَاتين الْمَسْأَلَتَيْنِ اعني الْحجَّة والتقليد قد صرح بِهِ الْغَزالِيّ فِي الْمُسْتَصْفى والآمدي فِي الْأَحْكَام وَغَيرهمَا وأفردوا لكل حكم مَسْأَلَة وَذكر فِي الْمَحْصُول نَحْو ذَلِك أَيْضا فَتوهم صَاحب الْحَاصِل خلاف ذَلِك وخلط مَسْأَلَة بِمَسْأَلَة وَتَابعه عَلَيْهِ الْبَيْضَاوِيّ فِي الْمِنْهَاج فَحصل الْغَلَط كَمَا أوضحته فِي شرح الْمِنْهَاج وَقد نَص الشَّافِعِي فِي مَوَاضِع من الْأُم على أَنه حجَّة وعَلى هَذَا يجوز تَقْلِيده فلنذكر بَعْضهَا وَيحصل فِي ضمنه ذكر فروع الْقَاعِدَة أَيْضا فَمِنْهَا 1 - فِي كتاب الحكم فِي قتال الْمُشْركين فَقَالَ مَا نَصه وكل من يحبس نَفسه بالترهيب تركنَا قَتله اتبَاعا لأبي بكر يرحمه الله ثمَّ قَالَ وَإِنَّمَا قُلْنَا هَذَا اتبَاعا لَا قِيَاسا 2 - وَمِنْهَا فِي كتاب اخْتِلَاف أبي حنيفَة وَابْن أبي ليلى فِي بَاب الْغَصْب فَقَالَ إِن عُثْمَان قضى فِيمَا إِذا شَرط الْبَرَاءَة من الْعُيُوب فِي الْحَيَوَان أَن يبرأ قَالَ وَهُوَ الَّذِي نَذْهَب إِلَيْهِ وَإِنَّمَا ذَهَبْنَا إِلَى هَذَا تقليدا هَذَا لَفظه ثمَّ صرح بِأَن الْأَصَح فِي الْقيَاس عدم الْبَرَاءَة

3 - وَمِنْهَا فِي الْكتاب الْمَذْكُور أَيْضا مَا نَصه وَإِذا أصَاب الرجل بِمَكَّة حَماما من حمامها فَعَلَيهِ شَاة اتبَاعا لعمر وَعُثْمَان وَابْن عَبَّاس وَابْن عمر وَغَيرهم انْتهى وللأصحاب وَجْهَان فِي أَن إِيجَاب الشَّاة هَل هُوَ للماثلة فِي ألف الْبيُوت أَو لتوقيف بَلغهُمْ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم 4 - وَمِنْهَا عتق أُمَّهَات الْأَوْلَاد وَهُوَ مَذْكُور بعد بَاب جماع تَفْرِيق أهل السهْمَان مَا نَصه وَلَا يجوز إِلَّا مَا قُلْنَا فِيهَا أَي أم الْوَلَد وَهُوَ تَقْلِيد لعمر بن الْخطاب هَذِه عِبَارَته وَذكر فِي الْبُوَيْطِيّ أَيْضا مَا يدل على انه حجَّة فَقَالَ فِي بَاب الدّلَالَة لَا يحل تَفْسِير الْمُتَشَابه إِلَّا بِسنة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو خبر عَن أَصْحَابه وَقَالَ بعد ذَلِك أَو عَن أحد من أَصْحَابه أَو إِجْمَاع الْعلمَاء انْتهى وفروع الْمَسْأَلَة كَثِيرَة مِنْهَا الْمسَائِل الي ذكرتها عَن الشَّافِعِي لأجل بَيَان مذْهبه فِي أصل الْمَسْأَلَة

= الْكتاب السَّادِس فِي التعادل وَالتَّرْجِيح=

مسألة

مَسْأَلَة 1 الأمارتان أَي الدليلان الظنيان يجوز تعارضهما فِي نفس الْمُجْتَهد بالِاتِّفَاقِ وَأما تعادلهما فِي نفس الْأَمر فَمَنعه جمَاعَة لعدم فائدتهما وَذهب الْجُمْهُور كَمَا حَكَاهُ عَنْهُم فِي الْمَحْصُول إِلَى الْجَوَاز وَكَذَلِكَ حَكَاهُ أَيْضا الْآمِدِيّ وَابْن الْحَاجِب واختاراه وعَلى هَذَا فَقيل يتَخَيَّر الْمُجْتَهد بَينهمَا وَجزم بِهِ الإِمَام فَخر الدّين والبيضاوي فِي الْكَلَام على تعَارض النصين وَقيل يتساقطان وَيرجع الْمُجْتَهد إِلَى الْبَرَاءَة الْأَصْلِيَّة وَإِذا قُلْنَا بالتخيير فَوَقع للْقَاضِي فَحكم بِأَحَدِهِمَا مرّة لم يجز لَهُ أَن يحكم بِالْأُخْرَى مرّة أُخْرَى

مسألة

وَاخْتَارَ الإِمَام فِي الأمارتين طَريقَة ثَالِثَة فَقَالَ إِن كَانَتَا على حكمين متنافيين لفعل وَاحِد كإباحة وَحُرْمَة فَهُوَ جَائِز عقلا مُمْتَنع شرعا وَإِن كَانَتَا على حكم وَاحِد فِي فعلين متنافيين فَهُوَ جَائِز وواقع وَمُقْتَضَاهُ التَّخْيِير وَالدَّلِيل على الْوُقُوع تَخْيِير الْمَالِك لمائتين من الْإِبِل بَين أَربع حقاق أَو خمس بَنَات لبون إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا إِذا تحير الْمُجْتَهد فِي الْقبْلَة فَإِنَّهُ يُصَلِّي إِلَى أَي جِهَة شَاءَ فَلَو اخْتَار جِهَة ثمَّ أَرَادَ الِانْتِقَال إِلَى غَيرهَا فَمُقْتَضى هَذِه الْقَاعِدَة أَنه لَا يجوز سَوَاء كَانَ فِي هَذِه الصَّلَاة أم فِي غَيرهَا وَمثله إِذا خيرناه بَين الْمُجْتَهدين فِي الحكم مَسْأَلَة 2 إِذا تعَارض دليلان فَالْعَمَل بهما وَلَو من وَجه أولى من إِسْقَاط احدهما بِالْكُلِّيَّةِ لِأَن الأَصْل فِي كل وَاحِد مِنْهُمَا هُوَ الْأَعْمَال فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا إِذا أوصى بِعَين لزيد ثمَّ أوصى بهَا لعَمْرو فَالصَّحِيح الْمَنْصُوص التَّشْرِيك بَينهمَا لاحْتِمَال إِرَادَته وَقيل يكون رُجُوعا

مسألة

وَهَذَا بِخِلَاف مَا لَو قَالَ الَّذِي أوصيت بِهِ لزيد قد أوصيت بِهِ لعَمْرو أَو قَالَ أوصيت لَك بِالْعَبدِ الَّذِي أوصيت بِهِ لزيد فَإِنَّهُ رُجُوع على الصَّحِيح لِأَنَّهُ هُنَاكَ يجوز أَن يكون قد نسي الْوَصِيَّة الأولى فاستصحبناها بِقدر الْإِمْكَان وَهنا بِخِلَافِهِ 2 - وَمِنْهَا إِذا قَامَت بَيِّنَة على أَن جَمِيع الدَّار لزيد وَقَامَت أُخْرَى على ان جَمِيعهَا لعَمْرو وَكَانَت فِي يدهما أَو لم تكن فِي يَد وَاحِد مِنْهُمَا فَإِنَّهَا تقسم بَينهمَا مَسْأَلَة 3 إِذا كَانَ بَين الدَّلِيلَيْنِ عُمُوم وخصوص من وَجه وهما اللَّذَان يَجْتَمِعَانِ فِي صُورَة وينفرد كل مِنْهُمَا عَن الاخر فِي صُورَة كالحيوان والأبيض فيطلب التَّرْجِيح بَينهمَا لِأَنَّهُ لَيْسَ تَقْدِيم خُصُوص أَحدهمَا على عُمُوم الآخر بِأولى من الْعَكْس فَإِن الْخُصُوص يَقْتَضِي الرجحان وَقد ثَبت هَهُنَا لكل وَاحِد مِنْهُمَا خُصُوص بِالنِّسْبَةِ إِلَى الآخر فَيكون لكل مِنْهُمَا رُجْحَان على الآخر كَذَا جزم بِهِ فِي الْمَحْصُول وَغَيره إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - تَفْضِيل فعل النَّافِلَة فِي الْبَيْت على الْمَسْجِد الْحَرَام فَإِن قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام صَلَاة فِي مَسْجِدي هَذَا تعدل ألف صَلَاة فِيمَا عداهُ إِلَّا الْمَسْجِد الْحَرَام يَقْتَضِي تَفْضِيل فعلهَا فِيهِ على الْبَيْت لعُمُوم قَوْله فِيمَا عداهُ

وَقَوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أفضل صَلَاة الْمَرْء فِي بَيته إِلَّا الْمَكْتُوبَة يَقْتَضِي تَفْضِيل فعلهَا فِيهِ على الْمَسْجِد الْحَرَام وَمَسْجِد الْمَدِينَة وَالْمَنْقُول عندنَا فِيهِ هُوَ الثَّانِي وَقد جزم بِهِ النَّوَوِيّ فِي التَّحْقِيق وَشرح الْمُهَذّب وَغَيرهمَا وَسَببه أَن حِكْمَة اخْتِيَار الْبَيْت هُوَ الْبعد عَن الرِّيَاء الْمُؤَدِّي إِلَى إحباط الْأجر بِالْكُلِّيَّةِ واما حِكْمَة المسجدين فَهِيَ الشّرف الْمُقْتَضِي لزِيَادَة الْفَضِيلَة على مَا عداهما مَعَ اشْتِرَاك الْكل فِي الصِّحَّة وَحُصُول الثَّوَاب 2 - وَمِنْهَا قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام من نَام عَن صَلَاة أَو نَسِيَهَا فليصلها إِذا ذكرهَا فَإِن بَينه وَبَين نَهْيه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي الْأَوْقَات الْمَكْرُوهَة عُمُوما وخصوصا من وَجه لِأَن الْخَبَر الأول عَام فِي الْأَوْقَات خَاص بِبَعْض الصَّلَوَات وَهِي المقضية وَالثَّانِي عَام فِي الصَّلَاة مَخْصُوص بِبَعْض الوقات وَهُوَ وَقت الْكَرَاهَة فيصار إِلَى التَّرْجِيح ومذهبنا الْأَخْذ بِالْأولِ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قضى

مسألة

سنة الظّهْر بعد فعل الْعَصْر وَقَالَ شغلني عَنْهَا وَفد عبد الْقَيْس وَأَيْضًا لما فِي الْمُبَادرَة إِلَى الْقَضَاء من الِاحْتِيَاط والمسارعة إِلَى بَرَاءَة الذِّمَّة 3 - وَمِنْهَا عدم كَرَاهَة الصَّلَاة فِي الْأَوْقَات الْمَكْرُوهَة بِمَكَّة شرفها الله تَعَالَى فَإِن قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام يَا بني عبد منَاف من ولي مِنْكُم أَمر هَذَا الْبَيْت فَلَا يمنعن أحدا طَاف أَو صلى أَيَّة سَاعَة شَاءَ من ليل أَو نَهَار مَعَ نَهْيه عَن الصَّلَاة فِي الْأَوْقَات الْمَكْرُوهَة متعارضان من وَجه فقدموا خُصُوص مَكَّة وَلَا بُد لَهُ أَيْضا من دَلِيل مَسْأَلَة 4 النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَهُ منصب النُّبُوَّة الْمُقْتَضِيَة لنقل الْأَحْكَام بِالْوَحْي عَن الله تَعَالَى ومنصب الْإِمَامَة الْمُقْتَضِيَة للْحكم وَالْإِذْن فِيمَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ الْإِذْن من الْأَئِمَّة كالتولية وَقبض الزكوات وصرفها وَنَحْو ذَلِك فَإِنَّهُ إِمَام الْمُسلمين والقائم بأمورهم ومنصب الافتاء بِمَا يظْهر رجحانه عِنْده فَإِنَّهُ سيد الْمُجْتَهدين فَإِذا ورد مِنْهُ تسليط على شي مثلا بِلَفْظ يحْتَمل الثَّلَاث فمذهب الشَّافِعِي أَنا لَا نحمله على الثَّلَاث بل نحمله على التشريع الْعَام لِأَنَّهُ الْغَالِب من أَحْوَاله وَلِأَنَّهُ المنصب الْأَشْرَف وَلِأَن الْحمل عَلَيْهِ اكثر فَائِدَة فَوَجَبَ الْمصير إِلَيْهِ إِلَّا أَن الأول أرجح من الثَّانِي

مسألة

للاتفاق عَلَيْهِ بِخِلَاف الِاجْتِهَاد وَقَالَ أَبُو حنيفَة يحمل على الثَّانِي لِأَنَّهُ الْمُتَيَقن إِذا علمت ذَلِك فللمسألة فروع 1 - مِنْهَا جَوَاز الْإِحْيَاء بِغَيْر إِذن الإِمَام خلافًا لأبي حنيفَة ومدرك الْخلاف أَن قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام من أَحْيَا أَرضًا ميتَة فَهِيَ لَهُ مُحْتَمل للاحتمالات السَّابِقَة 2 - وَمِنْهَا اسْتِحْقَاق الْقَاتِل للسلب إِذا لم يُصَرح الإِمَام بذلك لقَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام من قتل قَتِيلا فَلهُ سلبه وَخَالف فِيهِ أَبُو حنيفَة مَسْأَلَة 5 إِذا تعَارض مَا يَقْتَضِي إِيجَاب الشَّيْء مَعَ مَا يَقْتَضِي تَحْرِيمه فَإِنَّهُمَا يتعارضان كَمَا فِي الْمَحْصُول حَتَّى لَا يعْمل بِأَحَدِهِمَا إِلَّا بمرجح لِأَن الْخَبَر الْمحرم يتَضَمَّن اسْتِحْقَاق الْعقَاب على الْفِعْل والموجب يتضمنه على التّرْك وَجزم الْآمِدِيّ يترجيح الْمحرم للاعتناء بِدفع الْمَفَاسِد وَذكر ابْن الْحَاجِب نَحوه أَيْضا لَكِن ذكر الامدي وَابْن الْحَاجِب

أَيْضا أَنه رجح الْأَمر بِالْفِعْلِ عَن النَّهْي عَنهُ وَفِي معنى مَا ذَكرْنَاهُ مَا لَو دَار الْأَمر بَين ترك الْمُسْتَحبّ وَفعل الْمنْهِي عَنهُ إِذا علمت ذَلِك فللمسألة فروع مِنْهَا 1 - إِذا اخْتَلَط موتى الْمُسلمين بموتى الْكفَّار فَإِنَّهُ يجب غسل جَمِيعهم وَالصَّلَاة عَلَيْهِم فَإِن صلى عَلَيْهِم دفْعَة جَازَ ويقصد الْمُسلمين مِنْهُم وَإِن صلى عَلَيْهِم وَاحِدًا فواحدا جَازَ وَيَنْوِي الصَّلَاة عَلَيْهِ إِن كَانَ مُسلما وَيَقُول اللَّهُمَّ اغْفِر لَهُ إِن كَانَ مُسلما كَذَا ذكره الرَّافِعِيّ وَزَاد النَّوَوِيّ أَن الصَّلَاة عَلَيْهِم دفْعَة أفضل قَالَ واختلاط الشُّهَدَاء بغيرهم كاختلاط الْكفَّار بِالْمُسْلِمين لِأَن الْكفَّار وَالشُّهَدَاء لَا تجوز الصَّلَاة عَلَيْهِم 2 - وَمِنْهَا إِذا لم يعرف أَن الْمَيِّت مُسلم أَو كَافِر فَإِن كَانَ فِي دَار الْإِسْلَام صلى عَلَيْهِ لِأَن الْغَالِب فِيهَا الْإِسْلَام بِخِلَاف مَا إِذا كَانَ فِي دَار الْكفْر كَذَا ذكره الرَّافِعِيّ وَمُقْتَضَاهُ أَنه لَا فرق بَين ان يكون الْغَالِب على تِلْكَ الْبقْعَة الْمُسلمُونَ أم لَا غَالب بِالْكُلِّيَّةِ وَلَو قَلِيل بالتفصيل لَكَانَ متجها وَحِينَئِذٍ فَإِذا اسْتَويَا حرمت الصَّلَاة تَغْلِيبًا للْحُرْمَة على الْوُجُوب وَلِأَن الصَّلَاة على الْكَافِر لَا تفعل أصلا وَقد يتْرك حق الْمُسلم كالشهيد وَمن مَاتَ تَحت هدم وَتعذر غسله وتيممه ثمَّ إِن قِيَاس مَا سبق أَن يَأْتِي بِالشّرطِ فَيَقُول أُصَلِّي عَلَيْهِ إِن كَانَ مُسلما كَمَا سبق فِي الِاخْتِلَاط

3 - وَمِنْهَا إِذا لم يعلم هَل الْمَيِّت شَهِيدا أَو غَيره فَالْمُتَّجه وجوب الصَّلَاة عَلَيْهِ لِأَن الْمُقْتَضِي وَهُوَ الْإِسْلَام قَائِم وَقد شككنا فِي الْمسْقط وَالْأَصْل عَدمه وَالتَّعْلِيق هُنَا على قَوْله إِن كَانَ كَذَا بعيد لِأَنَّهُ لم يعْتَمد أصلا يتَمَسَّك بِهِ بِخِلَاف الِاخْتِلَاط فَإِن الْمُوجب مُحَقّق فَيجب تعاطيه بِمَا يُمكن التَّوَصُّل إِلَيْهِ 4 - وَمِنْهَا إِذا كَانَ مُحدثا أَو جنبا وَخَافَ على الْمُصحف من اسْتِيلَاء كَافِر يمتهنه فَإِنَّهُ يحملهُ بل لَو خَافَ مُجَرّد الضّيَاع فَإِنَّهُ يحملهُ أَيْضا لما فِي تَركه من ضيَاعه عَلَيْهِ وَاعْلَم أَن الشَّيْخ عز الدّين قد عبر فِي الْقَوَاعِد بِعِبَارَة أُخْرَى فَقَالَ الْفِعْل الْوَاحِد إِذا كَانَ فِي فعله مفْسدَة وَفِي تَركه مفْسدَة وَأجَاب عَنهُ بِأَنَّهُ يُرَاعى الأخف وَجعل من ذَلِك كشف الْعَوْرَة للمداواة 5 - وَمِنْهَا إِذا احْتجم المتوضىء أَو افْتقدَ بعد أَن صلى فَإِنَّهُ يسْتَحبّ لَهُ تَجْدِيد الْوضُوء ليخرج من خلاف أبي حنيفَة فَإِنَّهُمَا ناقضان للْوُضُوء عِنْده فَإِن لم يكن قد صلى بِهِ شَيْئا فَإِنَّهُ يكره لَهُ التَّجْدِيد لانه فِي معنى الغسلة الرَّابِعَة الْمنْهِي عَنْهَا كَذَا ذكره القَاضِي الْحُسَيْن فِي بَاب صَلَاة الْمُسَافِرين من تَعْلِيقه قَالَ كَانَ ابْن سُرَيج فِي هَذِه الْحَالة يمس فرجه ثمَّ يتَوَضَّأ فدار الْأَمر فِي مَسْأَلَتنَا بَين ترك الْمُسْتَحبّ وَهُوَ الْخُرُوج من الْخلاف وَبَين فعل مَنْهِيّ عَنهُ وَهُوَ غسل زَائِد على الثَّلَاث 6 - وَمِنْهَا إِذا شكّ المتوضى هَل غسل مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثَة فَقيل

يَأْخُذ بِالْأَكْثَرِ وَلَا يغسل أُخْرَى لِأَنَّهُ مرتكب لبدعة بِتَقْدِير الزِّيَادَة وتارك لسنة بِتَقْدِير النُّقْصَان وَلَكِن صححوا أَنه يَأْتِي بالمشكوك فِيهِ وعللوه أَنه إِنَّمَا يكون بِدعَة بِتَقْدِير الْإِتْيَان بِهِ مَعَ الْعلم بِالزِّيَادَةِ 7 - وَمِنْهَا أَن الْمُسْتَحبّ لمن يُرِيد الاحرام بِالْحَجِّ أَو الْعمرَة أَن يتزين بقلم الْأَظْفَار وَحلق الشّعْر وَنَحْوهمَا وَأَنه يكره ذَلِك لمن دخل عَلَيْهِ عشر ذِي الْحجَّة وَهُوَ يُرِيد أَن يُضحي لقَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام من كَانَ لَهُ ذبح يذبحه فَإِذا أهل هِلَال ذِي الْحجَّة فَلَا يَأْخُذن من شعره وَلَا من أَظْفَاره شَيْئا حَتَّى يُضحي رَوَاهُ مُسلم وَالذّبْح بِكَسْر الذَّال الذَّبِيحَة وَقيل يحرم ذَلِك وَالْعلَّة فِي النَّهْي حُصُول الْمَغْفِرَة والتطهير لجَمِيع أَجْزَائِهِ وَقيل للتشبيه بالمحرمين فَلَو أَرَادَ الْإِحْرَام فِي عشر ذِي الْحجَّة من يُرِيد الْأُضْحِية فمراعاة جَانب النَّهْي مقتضي بَقَاء الْكَرَاهَة وَهُوَ وَاضح 8 - وَمِنْهَا غسل الْيُسْرَى ثَلَاثًا قبل الْيُمْنَى ثمَّ غسل الْيُمْنَى فَالْأَقْرَب أَنه لَا يسْتَحبّ غسل الْيُسْرَى ثَلَاثًا مُرَاعَاة لاستحباب التَّيَامُن لِأَن الزِّيَادَة مَنْهِيّ عَنْهَا وَالتَّرْتِيب بَين الرجلَيْن مثلا مُسْتَحبّ كَذَا قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين بن دَقِيق الْعِيد فِي شرح الْإِلْمَام

قَالَ فَإِن غسل الْيُسْرَى مرّة وَاحِدَة ثمَّ غسل الْيُمْنَى ثمَّ غسل الْيُسْرَى فَفِيهِ نظر ثمَّ إِن الشَّيْخ قرر النّظر بِشَيْء فِيهِ ضعف وَاعْلَم أَن الْمَسْأَلَة يتلخص مِنْهَا أَرْبَعَة اقسام الْقسم الأول الْمَعْرُوف وَالثَّانِي أَن يبْدَأ باليسرى فيغسلها ثَلَاثًا ثمَّ الْيُمْنَى كَذَلِك فَفِي اسْتِحْبَاب إِعَادَة الثَّلَاث فِي الْيُسْرَى مَا ذكره الشَّيْخ من الِاحْتِمَال الثَّالِث أَن يغسل الْيُمْنَى مرّة ثمَّ الْيُسْرَى كَذَلِك ثمَّ يفعل هَكَذَا ثَانِيًا وثالثا فَيحْتَمل أَن يعْتد لَهُ بِالثلَاثِ فِي الْيُمْنَى وبواحدة فِي الْيُسْرَى وَهِي المفعولة بعد تَمام الثَّلَاث فِي الْيَمين وَفِي الغسلتين الْبَاقِيَتَيْنِ نظر وَيحْتَمل أَن يعْتد لَهُ فِي الْيَسَار بِالثلَاثِ وَلَا يعْتد بالأخيرتين فِي الْيَمين لِأَن حكمهَا قد انْقَطع بِالْأَخْذِ فِي طَهَارَة الْيُسْرَى وَالرَّابِع أَن يغسل اولا الْيُسْرَى مرّة ثمَّ الْيُمْنَى وَيفْعل هَكَذَا ثَانِيًا وثالثا فَيحْتَمل أمورا أَحدهَا فَوَات سنة التَّثْلِيث فيهمَا مَعًا لِأَن التَّثْلِيث الْمَشْرُوع فِي الْيَمين أَن يكون قبل الشمَال وَفِي الشمَال أَن يكون بعد الْيَمين الثَّانِي فَوَاته فِي الْيَمين خَاصَّة لِأَن مَحل ذَلِك بعد الْيُمْنَى وَهُوَ بَاقٍ الثَّالِث الِاعْتِدَاد بِهِ فيهمَا مَعًا فِي هَذَا الْقسم وَفِي الَّذِي قبله كَذَا قد قيل بِهِ فِيمَن تَوَضَّأ مرّة وَاحِدَة ثمَّ تَوَضَّأ ثَانِيَة كَذَلِك ثمَّ ثَالِثا كَذَلِك فَإِن الفوراني وَغَيره قَالُوا إِنَّه يحصل لَهُ فضل التَّثْلِيث

مسألة

مَسْأَلَة 6 إِذا تعَارض قياسان كل مِنْهُمَا يدل بالمناسبة على تَقْدِيم مصلحَة إِحْدَاهمَا مُتَعَلقَة بِالدّينِ وَالثَّانيَِة بالدنيا فَالْأول مقدم لِأَن ثَمَرَة الدِّينِيَّة هِيَ السَّعَادَة الأبدية الَّتِي لَا يعادلها شَيْء كَذَا جزم بِهِ الإِمَام فَخر الدّين والآمدي وَحكى ابْن الْحَاجِب قولا إِن الْمصلحَة الدنيوى مُقَدّمَة لِأَن حُقُوق الْآدَمِيّين مَبْنِيَّة على المشاحة وَلم يذكر الْآمِدِيّ ذَلِك قولا بل ذكره سؤالا إِذا علمت ذَلِك فللمسألة فروع مِنْهَا 1 - إِذا اجْتمعت الزَّكَاة وَالدّين فِي تَرِكَة وضاق المَال عَنْهُمَا فَفِيهِ أَقْوَال أَصَحهَا تَقْدِيم الزَّكَاة وَفَاء بالقاعدة وكما تقدم الزَّكَاة فِي حَال الْحَيَاة وَيصرف الْبَاقِي إِلَى الْغُرَمَاء وَالثَّانِي عَكسه كَمَا يقدم الْقصاص على حد السّرقَة وَالثَّالِث يستويان وَهَذِه الْأَقْوَال تجْرِي أَيْضا فِي الدّين مَعَ كل مَا يجب فِي الذِّمَّة كالنذور وَالْكَفَّارَات وَفِي الْمَسْأَلَة أُمُور ذكرتها فِي الْمُهِمَّات 2 - وَمِنْهَا لَو اجْتمع الدّين وَالْحج فَفِي الْمُقدم مِنْهُمَا هَذِه الْأَقْوَال حَكَاهَا ابْن الرّفْعَة وَغَيره 3 - وَمِنْهَا الْجِزْيَة وَالدّين فِيهِ خلاف وَالصَّحِيح الْقطع

بالتسوية وَقيل يجْرِي فيهمَا الْأَقْوَال الثَّلَاثَة كَذَا ذكره الرَّافِعِيّ فِي كتاب الْجِزْيَة 4 - وَمِنْهَا لَو تلبس بالمكتوبة فِي الدَّار الْمَغْصُوبَة فَيتَّجه تَخْرِيجه على هَذِه الْقَاعِدَة سَوَاء كَانَ الْمَالِك حَاضرا أَو غَائِبا وَلَا يخفى وجوب الْأُجْرَة إِذا أمرناه بالاستمرار

= الْكتاب السَّابِع فِي الِاجْتِهَاد والإفتاء=

مسألة

مَسْأَلَة 1 اخْتلفُوا فِي جَوَاز الِاجْتِهَاد لأمة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي زَمَنه على مَذَاهِب حَكَاهَا الْآمِدِيّ أَحدهَا يجوز مُطلقًا وَالثَّانِي يمْنَع مُطلقًا لِأَن الِاجْتِهَاد يُفِيد الظَّن وَالْأَخْذ عَنهُ يُفِيد الْيَقِين وَالثَّالِث يجوز للغائبين من الْقُضَاة والولاة دون الْحَاضِرين وَالرَّابِع إِن ورد فِيهِ إِذن خَاص جَازَ وَإِلَّا فَلَا وَالْخَامِس إِنَّه لَا يشْتَرط الْإِذْن بل يَكْفِي السُّكُوت مَعَ الْعلم بِوُقُوعِهِ قَالَ وَاخْتلف الْقَائِلُونَ بِالْجَوَازِ فَمنهمْ من قَالَ وَقع التَّعَبُّد بِهِ وَمِنْهُم من توقف فِيهِ مُطلقًا وَقيل بالتوقف فِي الْحَاضِر دون الْغَائِب

قَالَ وَالْمُخْتَار جَوَازه مُطلقًا وَأَن ذَلِك مِمَّا وَقع مَعَ حُضُوره وغيبته ظنا لَا قطعا وَذكر الْغَزالِيّ وَابْن الْحَاجِب نَحوه أَيْضا وَاخْتَارَ الإِمَام جَوَازه مُطلقًا وَأما الْوُقُوع فَنقل عَن الْأَكْثَرين أَنهم قَالُوا بِهِ فِي حق الْغَائِب وَأَنَّهُمْ توقفوا فِي الْحَاضِر وَمَال إِلَى اخْتِيَاره وَقيل إِن كَانَ الْغَائِب غير مُتَوَلِّي من جِهَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يجد أصلا من كتاب وَلَا سنة فَلَا يجوز لَهُ أَن يجْتَهد فِي حق غَيره لعدم ولَايَته عَلَيْهِ وَيجوز فِي حق نَفسه إِن كَانَ فِي شَيْء يخَاف فَوَاته وَعَلِيهِ إِذا قدم على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يسْأَله عَنهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يقدم ليسأل فَإِن كَانَ فِيمَا لَا يخَاف فَوَاته فَفِي جَوَاز اجْتِهَاده وَجْهَان فَإِن جَوَّزنَا فَهَل لغيره مِمَّن لَيْسَ من أهل الِاجْتِهَاد أَن يقلده فِيهِ وَجْهَان وَإِذا جَوَّزنَا لَهُ الِاجْتِهَاد فَحَضَرَ عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يعْمل بِهِ فِي الْمُسْتَقْبل وَمَا تقدم من جَوَاز الِاجْتِهَاد من غير أصل من كتاب وَلَا سنة بل بِمُجَرَّد ظُهُور معنى مُنَاسِب هُوَ رَأْي بَعضهم وَظَاهر مَذْهَب الشَّافِعِي كَمَا قَالَه الْمَاوَرْدِيّ بِخِلَافِهِ وَاعْلَم أَن الْخلاف فِي أصل هَذِه الْمَسْأَلَة قريب من اخْتلَافهمْ فِي

جَوَاز الِاجْتِهَاد للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِيه ثَلَاثَة أوجه لِأَصْحَابِنَا ثَالِثهَا مَا ذهب إِلَيْهِ الْمَاوَرْدِيّ فِي كتاب الْقَضَاء فَقَالَ إِن كَانَ الحكم يُشَارِكهُ فِيهِ أمته كتحريم الْكَلَام فِي الصَّلَاة وَالْجمع بَين الْأُخْتَيْنِ لم يكن لَهُ أَن يجْتَهد لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى أَمر الشَّخْص لنَفسِهِ وَإِن لم يشاركهم فِيهِ كمنع تَوْرِيث الْقَاتِل وكحد الشَّارِب جَازَ وَقيل يجوز لنبينا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دون غَيره وَإِذا قُلْنَا بِأَنَّهُ يجْتَهد فَفِي وُجُوبه ثَلَاثَة أوجه ثَالِثا قَالَ الْمَاوَرْدِيّ وَهُوَ الْأَصَح عِنْدِي يجب عَلَيْهِ الِاجْتِهَاد فِي حُقُوق الْآدَمِيّين لأَنهم لَا يصلونَ إِلَى حُقُوقهم إِلَّا بذلك وَلَا يجي فِي حُقُوق الله تَعَالَى بل يجوز لَهُ لِأَنَّهُ تَعَالَى لَو أَرَادَ ذَلِك مِنْهُ لأَمره بِهِ ثمَّ إِذا اجْتهد فَاخْتلف أَصْحَابنَا على وَجْهَيْن أَحدهمَا أَنه يرجع فِي اجْتِهَاده إِلَى الْكتاب لِأَنَّهُ أعلم بمعاني مَا خَفِي مِنْهُ وَالثَّانِي هُوَ الْأَظْهر أَنه يجوز أَن يجْتَهد بِرَأْيهِ وَلَا يرجع إِلَى أصل من الْكتاب لِأَن سنته أصل فِي الشَّرْع

وَذكر الْمَاوَرْدِيّ وَالرُّويَانِيّ أوجها أُخْرَى وتفصيلات فأضربت عَنهُ لعدم فَائِدَته الْآن إِذا علمت ذَلِك فيتفرع على الْمَسْأَلَة 1 - جَوَاز الِاجْتِهَاد فِي الْفُرُوع مَعَ الْقُدْرَة على النُّصُوص وَنَحْو ذَلِك من الْأَخْذ بِالظَّنِّ مُطلقًا مَعَ إِمْكَان الْقطع وَبَيَان ذَلِك بمسائل الأولى جَوَاز الِاجْتِهَاد بَين مياه تنجس بَعْضهَا وَهُوَ على شاطىء الْبَحْر مثلا الثَّانِيَة جَوَازه أَيْضا فِي أَوْقَات الصَّلَاة مَعَ إِمْكَان الصَّبْر إِلَى الْيَقِين الثَّالِثَة جَوَاز مثله فِي الصَّوْم ايضا وَالأَصَح فِي الْجَمِيع كَمَا قَالَه الرَّافِعِيّ هُوَ الْجَوَاز الرَّابِعَة إِذا كَانَ فِي بَيت مظلم واشتبه عَلَيْهِ وَقت الصَّلَاة وَقدر على الْخُرُوج مِنْهُ لرؤية الشَّمْس فَفِي وُجُوبه وَجْهَان أصَحهمَا فِي شرح الْمُهَذّب أَنه لَا يجب بل يجوز الِاجْتِهَاد الْخَامِسَة إِذا كَانَ بِمَكَّة فِي الْمَسْجِد وَأمكنهُ الْوُقُوف على عين الْكَعْبَة بِالْمَشْيِ إِلَى جِهَتهَا ولمسها فَإِنَّهُ لَا يجوز لَهُ الِاجْتِهَاد كَمَا جزم بِهِ الرَّافِعِيّ على عكس الْمسَائِل السَّابِقَة السَّادِسَة قَاضِي الْحَاجة فِي الصَّحرَاء لَا يجوز لَهُ اسْتِقْبَال االقبلة وَلَا استدبارها فَإِذا أمكنه الْجُلُوس فِي بَيت معد لذَلِك فَهَل يجوز

لَهُ تَركه وَقَضَاء الْحَاجة فِي الفضاء بِالِاجْتِهَادِ فِي الْقبْلَة لم يحضرني فِيهَا نقل وَيظْهر أَنه يتَخَرَّج على نَظِيره من المَاء وَقد يفرق بِمَا عللوه بِهِ هُنَاكَ وَهُوَ أَن لَهُ غَرضا صَحِيحا فِي كَثْرَة الْمَالِيَّة وَالِانْتِفَاع بِالْمَاءِ الآخر فِي الْمُسْتَقْبل وَقد يُقَال إِن الْمَكَان المستور الَّذِي نأمره بِهِ قد يشق عَلَيْهِ إِتْيَانه لبعد أَو غَيره السَّابِعَة إِذا رُوِيَ حَدِيث لغَائِب عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَعمل بِهِ ثمَّ لقِيه هَل يلْزمه سُؤَاله فِيهِ وَجْهَان لِأَصْحَابِنَا حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيّ وَالرُّويَانِيّ كِلَاهُمَا فِي كتاب الْقَضَاء أَحدهمَا نعم لقدرته على الْيَقِين وَالثَّانِي لَا لِأَنَّهُ لَو لزمَه السُّؤَال إِذا حضر لكَانَتْ الْهِجْرَة تجب إِذا غَابَ قَالَ الْمَاوَرْدِيّ وَالصَّحِيح عِنْدِي أَن الحَدِيث إِن دلّ على تَغْلِيظ لم يلْزمه وَإِن دلّ على ترخيص لزمَه الثَّامِنَة إِذا ظفر بِحَدِيث يتَعَلَّق بِالْأَحْكَامِ فَإِن كَانَ من المقلدين لم يلْزمه السُّؤَال عَنهُ وَإِن كَانَ من الْمُجْتَهدين لزمَه سَمَاعه ليَكُون أصلا فِي اجْتِهَاده ذكره أَيْضا الْمَاوَرْدِيّ وَالرُّويَانِيّ قَالَا وعَلى متحمل السّنة أَن يَرْوِيهَا إِذا سُئِلَ عَنْهَا وَلَا يلْزمه رِوَايَتهَا إِذا لم يسْأَل إِلَّا أَن يجد النَّاس على خلَافهَا التالسعة قَالَ الرَّافِعِيّ لَا يجب على وَاضع الْجَبِيرَة أَن يبْحَث عَن الْبُرْء عِنْد توهمه بل يسْتَمر على الْمسْح وَالتَّيَمُّم قَالَ وَتوقف فِيهِ الإِمَام

مسألة

مَسْأَلَة 2 لَا يجوز للمجتهد بعد اجْتِهَاده تَقْلِيد غَيره بالِاتِّفَاقِ كَمَا قَالَه الْآمِدِيّ وَابْن الْحَاجِب وَفِيمَا قبله ثَمَانِيَة مَذَاهِب حَكَاهَا الْآمِدِيّ وَكَذَا ابْن الْحَاجِب إِلَّا الثَّامِن أَصَحهَا عِنْدهمَا وَعند غَيرهمَا الْمَنْع مُطلقًا وَالثَّانِي يجوز وَالثَّالِث أَنه جَائِز فِيمَا يَخُصُّهُ دون مَا يُفْتِي بِهِ وَالرَّابِع الْجَوَاز فِيمَا يفوت وقته أَي مِمَّا يَخُصُّهُ أَيْضا كَمَا نبه عَلَيْهِ الْآمِدِيّ وَلَا يجوز فِيمَا لَا يفوت وَالْخَامِس إِن كَانَ أعلم جَازَ وَإِن كَانَ مُتَسَاوِيا أَو دون فَلَا وَالسَّادِس يجوز تَقْلِيد الصَّحَابِيّ بِشَرْط أَن يكون أرجح فِي نظره من غَيره وَمَا عداهُ فَلَا يجوز وَقد تقدم نَقله عَن الشَّافِعِي وَالسَّابِع إِلْحَاق التَّابِعِيّ أَيْضا بالصحابي وَالثَّامِن وَهُوَ الَّذِي أسْقطه ابْن الْحَاجِب يجوز تَقْلِيد الأعلم بِشَرْط تعذر الِاجْتِهَاد إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا إِذا خفيت أَدِلَّة الْقبْلَة على الْمُجْتَهد لغيم أَو ظلمَة أَو

تعَارض أَدِلَّة فَإِنَّهُ لَا يُقَلّد فِي أظهر الْقَوْلَيْنِ بل يُصَلِّي كبف اتّفق وَيَقْضِي وَالثَّانِي يُقَلّد بِلَا قَضَاء فِي الْأَصَح وَنقل الرَّافِعِيّ عَن الإِمَام أَن هَذَا الْخلاف مَحَله فِيمَا إِذا ضَاقَ الْوَقْت أما قبله قيصير وَلَا يُقَلّد قطعا لعدم الْحَاجة قَالَ وَفِيه احْتِمَال لَهُ 2 - وَمِنْهَا إِذا لم تخف الْأَدِلَّة عَلَيْهِ وَلَكِن ضَاقَ الْوَقْت عَن اجْتِهَاده وَهُنَاكَ شخص قد اجْتهد فأوجه حَكَاهَا الرَّافِعِيّ أَصَحهَا أَنه لَا يُقَلّد بل يُصَلِّي كَيفَ اتّفق وَيُعِيد وَالثَّانِي يُقَلّد وَالثَّالِث يجْتَهد وَلَو خرج الْوَقْت 3 - وَمِنْهَا الْأَعْمَى يجْتَهد فِي الْأَوَانِي وَالثيَاب فِي أصح الْقَوْلَيْنِ فَإِن عجز قلد وَلَا يجوز لَهُ التَّقْلِيد ابْتِدَاء إِلَّا أَن الرَّافِعِيّ وَغَيره قد ذكرُوا فِي اوقات الصَّلَاة مَا يُخَالف الْمَذْكُور فِي الْأَوَانِي فَقَالُوا يتحَرَّى أَي الْأَعْمَى بَين الإجتهاد والتقليد على الصَّحِيح وَقيل يتَعَيَّن الإجتهاد اولا وَقد ذكرت الْفرق بَينهمَا وَكَذَلِكَ بَين كل مِنْهُمَا وَبَين الْمَنْع فِي الْقبْلَة مُطلقًا فِي الْكتاب الْمُسَمّى مطالع الدقائق فِي الْجَوَامِع والفوارق فَرَاجعه 4 - وَمِنْهَا الْمُؤَذّن الثِّقَة الْعَارِف يجوز للبصير اعْتِمَاده فِي الصحو على الصَّحِيح لِأَنَّهُ كالمخبر عَن مُشَاهدَة وَأما فِي يَوْم الْغَيْم فَوَجْهَانِ أقربهما كَمَا قَالَه الرَّافِعِيّ الْمَنْع لِأَنَّهُ فِي هَذِه الْحَالة كالمجتهد وَصحح النَّوَوِيّ الْجَوَاز وَقَرِيب من هَذِه الْفُرُوع أَن عادم المَاء يجوز لَهُ على الصَّحِيح أَن يرجع إِلَى من يبْحَث عَنهُ وَلَا يلْزمه الطّلب بِنَفسِهِ

مسألة

مَسْأَلَة 3 من لم يبلغ رُتْبَة الِاجْتِهَاد هَل لَهُ التَّقْلِيد فِيهِ ثَلَاثَة مَذَاهِب حَكَاهَا فِي الْمَحْصُول أَصَحهَا عِنْده وَعند الْآمِدِيّ وَغَيرهمَا يجوز بل يجب لقَوْله تَعَالَى {فاسألوا أهل الذّكر إِن كُنْتُم لَا تعلمُونَ} وَلِأَن المعاش يفوت باشتغال جَمِيع النَّاس بِأَسْبَاب الِاجْتِهَاد وَالثَّانِي لَا يجوز بل يجب عَلَيْهِ أَن يقف على الحكم بطريقة وَإِلَيْهِ ذهب الْمُعْتَزلَة البغدادية وثالثهما قَالَ بِهِ الجبائي يجوز ذَلِك فِي الْمسَائِل الاجتهادية كإزالة النَّجَاسَة بالخل وَنَحْوه دون الْمسَائِل المنصوصة كتحريم الرِّبَا فِي الْأَشْيَاء السِّتَّة وَلَا فرق فِي هَذَا الْخلاف كَمَا قَالَه ابْن الْحَاجِب بَين الْعَاميّ الْمَحْض وَغَيره إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - جَوَاز تَقْلِيد الْعَاميّ فِي أَحْكَام الْعِبَادَات والمعاملات وَغَيرهمَا وَذَلِكَ مِمَّا لَا خلاف فِيهِ عندنَا 2 - وَمِنْهَا إِذا لم يكن عَالما بأدلة الْقبْلَة وَلكنه مُتَمَكن من تعلمهَا فَهَل يجوز لَهُ أَن يُقَلّد فِيهِ خلاف يَنْبَنِي على أَن تعلمهَا فرض

مسألة

عين فَلَا يجوز أَو كِفَايَة فَيجوز وَالأَصَح عِنْد الرَّافِعِيّ هُوَ الأول وَقَالَ النَّوَوِيّ الْمُخْتَار مَا قَالَه غَيره أَنه إِن أَرَادَ سفرا فَفرض عين لِكَثْرَة الِاشْتِبَاه عَلَيْهِ وَإِلَّا فَفرض كِفَايَة لِأَنَّهُ لم ينْقل عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا الصَّحَابَة فَمن بعدهمْ أَنهم ألزموا أحدا بذلك مَسْأَلَة 4 قَالَ ابْن الْحَاجِب إِذا قلد مُجْتَهدا فِي حكم فَلَيْسَ لَهُ تَقْلِيد غَيره فِيهِ اتِّفَاقًا وَيجوز ذَلِك فِي حكم آخر على الْمُخْتَار إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - عدم جَوَاز تَقْلِيد الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ كَذَا ذكره ابْن برهَان فِي الْأَوْسَط قَالَ لِأَن مذاهبهم غير مدونة وَلَا مضبوطة حَتَّى يُمكن الْمُقَلّد الِاكْتِفَاء بهَا فيؤديه ذَلِك إِلَى الِانْتِقَال وَذكر إِمَام الْحَرَمَيْنِ فِي الْبُرْهَان نَحوه فَقَالَ أجمع الْمُحَقِّقُونَ على أَن الْعَوام لَيْسَ لَهُم أَن يتعلقوا بِمذهب أَعْيَان الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم بل عَلَيْهِم أَن يتبعوا مَذَاهِب الْأَئِمَّة الَّذين سِيرُوا فنظروا وبوبوا الْأَبْوَاب وَذكروا أوضاع الْمسَائِل وجمعوها وهذبوها وثبتوها وَذكر ابْن الصّلاح أَيْضا مَا حَاصله أَنه يتَعَيَّن الْآن تَقْلِيد الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة دون غَيرهم قَالَ لِأَنَّهَا قد انتشرت وَعلم تَقْيِيد مُطلقهَا وَتَخْصِيص عامها ويشروط فروعها بِخِلَاف مَذْهَب غَيرهم رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ

مسألة

مَسْأَلَة 5 إِذا الْتزم مذهبا معينا كالطائفة الشَّافِعِيَّة وَالْحَنَفِيَّة فَفِي الرُّجُوع إِلَى غَيره من الْمذَاهب ثَلَاثَة أَقْوَال حَكَاهَا ابْن الْحَاجِب ثَالِثهَا يجوز الرُّجُوع فِيمَا لم يعْمل بِهِ وَلَا يجوز فِي غَيره إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا ذكره الرَّافِعِيّ فِي كتاب الْقَضَاء نقلا عَن الْغَزالِيّ فِي الْأُصُول من غير مُخَالفَة لَهُ فَقَالَ إِذا تولى مقلد للضَّرُورَة فَحكم بِمذهب غير مقلده فَإِن قُلْنَا لَا يجوز للمقلد تَقْلِيد من شَاءَ بل عَلَيْهِ اتِّبَاع مقلده نقض حكمه وَإِن قُلْنَا لَهُ تَقْلِيد من شَاءَ لم ينْقض مَسْأَلَة 6 ذكر الْقَرَافِيّ فِي شرح الْمَحْصُول أَنه يشْتَرط فِي جَوَاز تَقْلِيد مَذْهَب الْغَيْر أَن لَا يكون موقعا فِي أَمر يجْتَمع على إِبْطَاله إِمَامه الأول وإمامه الثَّانِي فَمن قلد مَالِكًا مثلا فِي عدم النَّقْض باللمس الْخَالِي عَن الشَّهْوَة فَلَا بُد أَن يدلك بدنه وَيمْسَح جَمِيع رَأسه وَإِلَّا فَتكون صلَاته بَاطِلَة عِنْد الْإِمَامَيْنِ إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة إِذا نكح بِلَا ولي تقليدا لأبي حنيفَة أَو بِلَا شُهُود تقليدا لمَالِك ووطىء فَإِنَّهُ لَا يحد فَلَو نكح بِلَا ولي وَلَا شُهُود أَيْضا حد كَمَا قَالَه الرَّافِعِيّ لِأَن الْإِمَامَيْنِ قد اتفقَا على الْبطلَان

مسألة

مَسْأَلَة 7 إِذا وَقعت للمجتهد حَادِثَة فاجتهد فِيهَا وَأفْتى وَعمل ثمَّ وَقعت لَهُ ثَانِيًا فَفِي وجوب إِعَادَة الِاجْتِهَاد ثَلَاثَة أَقْوَال صرح بهَا الامدي وَقَالَ أَصَحهَا إِن كَانَ ذَاكِرًا لما مضى من طرق الِاجْتِهَاد لم يجب وَإِلَّا وَجب وَصحح ابْن الْحَاجِب أَن تَجْدِيد الِاجْتِهَاد لَا يجب وَلم يفصل بَين الذّكر وَعَدَمه وَجزم فِي الْمَحْصُول بالتفصيل قَالَ وَإِذا تغير اجْتِهَاده فَالْأَحْسَن تَعْرِيف المستفتي بذلك لِأَن لَا يعْمل بِهِ ثمَّ بحث بحثا يَقْتَضِي عدم الْوُجُوب مُطلقًا فَقَالَ لقَائِل أَن يَقُول لما كَانَ الْغَالِب ظَنّه أَن الطَّرِيق الَّذِي تمسك بِهِ اولا كَانَ طَرِيقا قَوِيا لزم بِالضَّرُورَةِ أَن يحصل لَهُ الظَّن بِأَن تِلْكَ الْفَتْوَى حق وَالْعَمَل بِالظَّنِّ وَاجِب إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة 1 - مَا إِذا تنجس أحد الإناءين فاجتهد وَتَوَضَّأ بِمَا غلب على ظَنّه طَهَارَته مِنْهُمَا ثمَّ حضرت فَرِيضَة أُخْرَى وهما باقيان فَإِنَّهُ يجب عَلَيْهِ إِعَادَة الِاجْتِهَاد على الصَّحِيح وَمثله الْمُجْتَهد فِي الْقبْلَة وَطلب المَاء للفريضة الثَّانِيَة إِذا كَانَ نازلا فِي مَوْضِعه وَهَكَذَا الْقيَاس فِي الْأَوْقَات وَنَحْوهَا وَلَو أَرَادَ قَضَاء الْحَاجة فِي الصَّحرَاء فَالْقِيَاس وجوب الِاجْتِهَاد

مسألة

فِي الْقبْلَة حَتَّى لَا يستقبلها وَلَا يستدبرها وَإِذا اجْتهد فَالْقِيَاس وجوب إِعَادَته كلما أَرَادَ ذَلِك وَاعْلَم أَن أصل الْمَسْأَلَة قد حكى فِيهَا الرَّافِعِيّ وَجْهَيْن وَاقْتضى كَلَامه تَصْحِيح الْإِعَادَة وَزَاد فِي الرَّوْضَة فَقَالَ إِن كَانَ ذَاكِرًا لما مضى لم يلْزمه قطعا وَإِن تجدّد مَا قد يُوجب الرُّجُوع لزمَه قطعا مَسْأَلَة 8 قَالَ فِي الْمَحْصُول اتَّفقُوا على أَن الْعَاميّ لَا يجوز لَهُ أَن يستفتي إِلَّا من غلب على ظَنّه أَنه من أهل الِاجْتِهَاد والورع وَذَلِكَ بِأَن يرَاهُ منتصبا للْفَتْوَى بمشهد الْخلق وَيرى إِجْمَاع الْمُسلمين على سُؤَاله فَإِن سَأَلَ جمَاعَة فاختلفت فتاويهم فَقَالَ قوم لَا يجب عَلَيْهِ الْبَحْث عَن أورعهم وأعلمهم وَقَالَ آخَرُونَ يجب عَلَيْهِ ذَلِك وَحِينَئِذٍ فَإِذا اجْتهد فَإِن ترجح أَحدهمَا مُطلقًا فِي ظَنّه تعين الْعَمَل بقوله وَإِن ترجح أَحدهمَا فِي الدّين واستويا فِي الْعلم وَجب الْأَخْذ بقول الأدين وَلَو انعكس الْحَال فَمنهمْ من خَيره وَمِنْهُم من أوجب الْأَخْذ بقول الْعلم وَهُوَ الْأَقْرَب وَإِن ترجح أَحدهمَا فِي الدّين وَالْآخر فِي الْعلم فَقيل يرجع إِلَى الأدين وَالْأَقْرَب الرُّجُوع إِلَى الأعلم وَإِن اسْتَويَا مُطلقًا فقد يُقَال لَا يجوز وُقُوعه كَمَا قد قيل بِهِ فِي

مسألة

اسْتِوَاء الأمارتين وَقد يُقَال بِجَوَازِهِ وَحِينَئِذٍ فَإِذا وَقع ذَلِك يُخَيّر انْتهى كَلَام الْمَحْصُول وَرجح ابْن الْحَاجِب جَوَاز تَقْلِيد الْمَفْضُول مَعَ وجود الْفَاضِل وَمَا ادَّعَاهُ الإِمَام من الِاتِّفَاق على الْمَنْع من استفتاء الْمَجْهُول لَيْسَ كَذَلِك فَفِيهِ خلاف حَكَاهُ الْغَزالِيّ والآمدي وَابْن الْحَاجِب إِذا علمت ذَلِك كُله فقد اخْتلف أَصْحَابنَا فِي الْفُرُوع فَقَالَ الرَّافِعِيّ فِي الِاجْتِهَاد فِي الْقبْلَة إِنَّه إِذا اخْتلف عَلَيْهِ اجْتِهَاد مجتهدين فَإِنَّهُ يُقَلّد من شَاءَ مِنْهُمَا على الْأَصَح وَقيل يجب تَقْلِيد الأوثق والأعلم وَرجحه الرَّافِعِيّ فِي الشَّرْح الصَّغِير فَقَالَ إِنَّه الْأَشْبَه وَقيل يُصَلِّي مرَّتَيْنِ إِلَى الْجِهَتَيْنِ وَقد أطلق الرَّافِعِيّ الْمَسْأَلَة وَذكر فِي الرَّوْضَة فِي كتاب الْقَضَاء مَا حَاصله إِنَّه إِذا علم ابْتِدَاء أَن احدهما أعلم وأوثق وَلم يحْتَج فِي ذَلِك إِلَى بحث وَجب عَلَيْهِ تَقْلِيده مَسْأَلَة 9 لَيْسَ كل مُجْتَهد فِي العقليات مصيبا بل الْحق فِيهَا وَاحِد فَمن أَصَابَهُ أصَاب وَمن اخطأه اخطأ وأثم بِالْإِجْمَاع كَمَا قَالَه الْآمِدِيّ وَأما الْمُجْتَهد فِي الْمسَائِل الفرعية فَفِيهِ خلاف يَنْبَنِي على أَن كل صُورَة هَل لَهَا حكم معِين أم لَا

وَقد لخص الإِمَام فَخر الدّين هَذَا الْخلاف فَقَالَ اخْتلف الْعلمَاء فِي الْوَاقِعَة الَّتِي لَا نَص فِيهَا على قَوْلَيْنِ أَحدهمَا وَبِه قَالَ الْأَشْعَرِيّ وَالْقَاضِي وَجُمْهُور الْمُتَكَلِّمين أَنه لَيْسَ لله تَعَالَى قبل الِاجْتِهَاد حكم معِين بل حكمه تَعَالَى فِيهَا تَابع لظن الْمُجْتَهد وَهَؤُلَاء هم الْقَائِلُونَ بِأَن كل مُجْتَهد مُصِيب وَاخْتلف هَؤُلَاءِ فَقَالَ بَعضهم لَا بُد أَن يُوجد فِي الْوَاقِعَة مَا لَو حكم الله تَعَالَى فِيهَا بِحكم لم يحكم إِلَّا بِهِ وَهَذَا هُوَ القَوْل بالأشبه وَقَالَ بَعضهم لَا يشْتَرط ذَلِك وَالْقَوْل الثَّانِي أَن لَهُ تَعَالَى فِي كل وَاقعَة حكما معينا وعَلى هَذَا فَثَلَاثَة أَقْوَال أَحدهَا وَهُوَ قَول طَائِفَة من الْفُقَهَاء والمتكلمين حصل الحكم من غير دلَالَة وَلَا أَمارَة بل هُوَ كدفين يعثر عَلَيْهِ الطَّالِب اتِّفَاقًا فَمن وجده فَلهُ أَجْرَانِ وَمن اخطأه فَلهُ اجْرِ وَالْقَوْل الثَّانِي عَلَيْهِ أَمارَة أَي دَلِيل ظَنِّي والقائلون بِهِ اخْتلفُوا فَقَالَ بَعضهم لم يُكَلف الْمُجْتَهد بإصابته لخفائه وغموضه فَلذَلِك كَانَ المخطىء فِيهِ مَعْذُورًا مأجورا وَهُوَ قَول جُمْهُور الْفُقَهَاء وينسب إِلَى الشَّافِعِي وَأبي حنيفَة وَقَالَ بَعضهم إِنَّه مَأْمُور بِطَلَبِهِ أَولا فَإِن أَخطَأ وَغلب على ظَنّه شَيْء آخر تغير التَّكْلِيف وَصَارَ مامورا بِالْعَمَلِ بِمُقْتَضى ظَنّه وَالْقَوْل الثَّالِث أَن عَلَيْهِ دَلِيلا قَطْعِيا والقائلون بِهِ اتَّفقُوا على أَن الْمُجْتَهد مَأْمُور بِطَلَبِهِ لَكِن اخْتلفُوا فَقَالَ الْجُمْهُور المخطىء فِيهِ

لَا يَأْثَم وَلَا ينْقض قَضَاؤُهُ وَقَالَ بشر المريسي بالتأثيم والأصم بِالنَّقْضِ وَالَّذِي نَذْهَب إِلَيْهِ أَن الله تَعَالَى فِي كل وَاقعَة حكما معينا عَلَيْهِ دَلِيل ظَنِّي وَأَن المخطىء فِيهِ مَعْذُور وَأَن القَاضِي لَا ينْقض قَضَاؤُهُ هَذَا حَاصِل كَلَام الْمَحْصُول وَقَالَ الْبَيْضَاوِيّ فِي الْمِنْهَاج إِنَّه الَّذِي نَص عَلَيْهِ الشَّافِعِي إِذا علمت ذَلِك فللمسألة فروع مِنْهَا 1 - إِذا اجْتهد فِي الْقبْلَة وَصلى ثمَّ تَيَقّن الْخَطَأ فَفِي الْقَضَاء أَقْوَال أَصَحهَا أَنه يجب وَالثَّانِي لَا وَالثَّالِث إِن تَيَقّن الصَّوَاب أَيْضا وَجب وَإِلَّا فَلَا فَإِن لم يتَيَقَّن الْخَطَأ بل تغير اجْتِهَاده لم يلْزمه الْقَضَاء حَتَّى لَو صلى أَربع رَكْعَات إِلَى أَربع جِهَات فَلَا قَضَاء أَيْضا

2 - وَمِنْهَا إِذا صلى خلف من تَوَضَّأ تَارِكًا للنِّيَّة أَو التَّرْتِيب أَو التَّسْمِيَة فِي الْفَاتِحَة وَنَحْو ذَلِك وَفِيه وَجْهَان أصَحهمَا وجوب الْإِعَادَة 3 - وَمِنْهَا جَوَاز اسْتِخْلَاف الشَّافِعِي للحنفي وَنَحْوه من الْمُخَالفين وَكَلَام الشَّافِعِي يدل على الْمَنْع وَالْمَعْرُوف فِي الْمَذْهَب خِلَافه وَحِينَئِذٍ فَيحكم النَّائِب بِمُقْتَضى مذْهبه كَذَا نَقله الرَّافِعِيّ عَن الرَّوْيَانِيّ وَأقرهُ 4 - وَمِنْهَا إِذا رفع إِلَى الشَّافِعِي مثلا حكم من قَاض آخر لَا يُوَافق اعْتِقَاده إِلَّا أَنه لَا يرى نقضه بل يرى أَن غَيره أصوب مِنْهُ فَهَل لَهُ تنفيذه فِيهِ وَجْهَان احدهما وَنَقله ابْن كج عَن نَص الشَّافِعِي أَنه يعرض عَنهُ وَلَا يرى تنفيذه لِأَنَّهُ إِعَانَة على مَا يعْتَقد أَنه خطأ وأصحهما كَمَا قَالَه السَّرخسِيّ وَبِه أجَاب ابْن الْقَاص أَنه ينفذهُ وَعَلِيهِ الْعَمَل كَمَا لَو حكم بِنَفسِهِ ثمَّ تغير اجْتِهَاده تغيرا لَا يَقْتَضِي النَّقْض ثمَّ ترافع إِلَيْهِ غُرَمَاء الْوَاقِعَة الَّتِي حكم فِيهَا فَإِنَّهُ يمْضِي حكمه الأول وَإِن أدّى اجْتِهَاده إِلَى أَن غَيره أصوب كَذَا ذكره الرَّافِعِيّ فِي كتاب الْقَضَاء وَالله تَعَالَى أعلم قَالَ الْمُؤلف رَضِي الله عَنهُ فرغت من تحريره سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة سوى أَشْيَاء الحقتها بعد ذَلِك نفع الله بهَا مُصَنفه وكاتبه وقارئه والناظر فِيهِ وَجَمِيع الْمُسلمين

§1/1