التقييد والإيضاح شرح مقدمة ابن الصلاح

العراقي، زين الدين

مقدمة

مقدمة ... بسم الله الرحمن الرحيم قال الشيخ إلامام الحافظ مفتي الشام تقي الدين أبو عمر عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان ابن موسى بن أبي نصر النصري الشهرزوري الشافعي المعروف بابن الصلاح عليه الرحمة: ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا. الحمد لله الهادي من استهداه الواقي من اتقاه الكافي من تحرى رضاه حمدا بالغا أمد التمام ومنتهاه. والصلاة والسلام إلاتمان إلاكملان على نبينا والنبيين وآل كل ما رجا راج مغفرته ورحماه آمين. هذا: وإن علم الحديث من أفضل العلوم الفاضلة وأنفع الفنون النافعة يحبه

_ بسم الله الرحمن الرحيم اللهم أعن ويسر صلى الله عليه وسلم. والحمد لله الذي ألهم لإيضاح ما أبهم وأفهم إلى إلاصطلاح ولو شاء لم نفهم وأشهد أن لا إله إلا الله الكاشف لما ينوب من الخطوب ويدهم وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل من أنجد وأتهم وأعدل من أنقذ وأسهم وصلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم وبعد. فإن أحسن ما صنف أهل الحديث في معرفة إلاصطلاح كتاب علوم الحديث لابن الصلاح جمع فيه غرر الفوائد فأوعى ودعى له زمر الشوارد فأجابت طوعا إلا أن فيه غير موضع قد خولف فيه وأماكن أحز تحتاج إلى تقييد وتنبيه فأردت أن أجمع عليه نكتا تقيد مطلقه وتفتح مغلقه وقد أورد عليه غير واحد من المتأخرين إيرادات

ذكور الرجال وفحولتهم ويعنى به محققو العلماء وكملتهم ولا يكرهه من الناس إلا رذالتهم وسفلتهم. وهو من أكثر العلوم تولجا في فنونها لا سيما الفقه الذي هو إنسان عيونها. ولذلك كثر غلط العاطلين منه من مصنفي الفقهاء وظهر الخلل في كلام المخلين به من العلماء. ولقد كان شأن الحديث فيما مضى عظيما عظيمة جموع طلبته رفيعة مقادير

_ ليست بصحيحة فرأيت أن أذكرها وأبين تصويب كلام الشيخ وترجيحه لئلا يتعلق بها من لا يعرف مصطلحات القوم ويتفق من مزجى البضاعات ما لا يصلح للسوم وقد كان الشيخ إلامام العلامة علاء الدين مغلطاى أوقفنى على شئ جمعه عليه سماه إصلاح ابن الصلاح وقرأ من لفظه موضعا منه ولم أر كتابه المذكور بعد ذلك وأيضا قد اختصره جماعة وتعقبوه في مواضع منه فحيث كان إلاعتراض عليه غير صحيح ولا مقبول ذكرته بصيغة اعترض عليه على البناء للمفعول. وقد أخبرنى بكتاب ابن الصلاح المذكور الشيخان إلامامان الحافظان البارعان صلاح الدين أبو سعيد خليل بن كيكلدى العلائى وبهائى الدين أبو محمد عبد الله بن محمد بن أبى بكر بن خليل إلاموى بقراءتى على الثانى لجميع الكتاب وسماعا على إلاول لبعض الكتاب وإجازة باقيه قإلا أنا بجميعه محمد بن يوسف بن المهتار الدمشقى قال أخبرنا بمؤلفه الشيخ إلامام تقى الدين أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن بن موسى الشهرزورى رحمه الله قراءة عليه في الخامسة من عمرى وسميته التقييد وإلايضاح لما أطلق وأغلق من كتاب ابن الصلاح والله أسأل أستعين أن يوفق لإكماله ويعين وأن لا يجعل ما علمنا من العلم علينا وبإلا ويجعله خالصا لوجهه تبارك وتعالى إنه على ما يشاء قدير وبإلاجابة جدير. قوله ويعنى به محققو العلماء وكملتهم هو بضم الياء وفتح النون على البناء للمفعول وعليه اقتصر صاحبا الصحاح والمحكم وحكى الهروى في الغبريين أنه استعمل على البناء للفاعل أيضا فيقال عنى بكذا يعنى به وحكاه المطرزى أيضا وأنشد عليه عان بأخراها طويل الشغل قال والمبنى للمفعول أفصح.

حفاظه وحملته. وكانت علومه بحياتهم حية وأفنان فنونه ببقائهم غضة ومغانيه بأهله آهلة فلم يزالوا في انقراض ولم يزل في اندراس حتى آضت به الحال إلى أن صار أهله إنما هم شرذمة قليلة العدد ضعيفة العدد لا تغني على إلاغلب في تحمله بأكثر من سماعه غفلا ولا تعنى في تقييده بأكثر من كتابته عطلا مطرحين علومه التي بها جل قدره مباعدين معارفه التي بها فخم أمره. فحين كاد الباحث عن مشكله لا يلفي له كاشفا والسائل عن علمه لا يلقى به عارفا من الله الكريم تبارك وتعالى علي وله الحمد أن أجمع بكتاب معرفة أنواع علوم الحديث هذا الذي باح بأسراره الخفية وكشف عن مشكلاته إلابية وأحكم معاقده وأقعد قواعده وأنار معالمه وبين أحكامه وفصل أقسامه وأوضح أصوله وشرح فروعه وفصوله وجمع شتات علومه وفوائده وقنص 5 شوارد نكته وفوائده. فالله العظيم الذي بيده الضر والنفع وإلاعطاء والمنع أسأل وإليه أضرع وأبتهل متوسلا إليه بكل وسيلة متشفعا إليه بكل شفيع أن يجعله مليا بذلك وأملى وفيا بكل ذلك وأوفي. وأن يعظم إلاجر والنفع به في الدارين إنه قريب

_ قوله جعله الله مليا بذلك وأملى وفيا بكل ذلك وأوفي استعمل المصنف هنا مليا وأملى بغير همز على التخفيف وكتبه بالياء المناسبة قوله وفيا وأوفي وإلا فإلاول مهموز من قولهم ملوء الرجل بضم اللام وبالهمز أي صار مليئا أى ثقه وهو ملئ بين الملاء والملاءة ممدودان قاله الجوهرى.

مجيب. وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب وهذه فهرسة أنواعه: فإلاول منها: معرفة الصحيح من الحديث الثاني: معرفة الحسن من الحديث الثالث: معرفة الضعيف من الحديث الرابع: معرفة المسند الخامس: معرفة المتصل السادس: معرفة المرفوع السابع: معرفة الموقوف الثامن: معرفة المقطوع وهو غير المنقطع التاسع: معرفة المرسل العاشر: معرفة المنقطع الحادي عشر: معرفة المعضل ويليه تفريعات منها في الإسناد المعنعن ومنها في التعليق الثاني عشر: معرفة التدليس وحكم المدلس الثالث عشر: معرفة الشاذ الرابع عشر: معرفة المنكر الخامس عشر: معرفة إلاعتبار والمتابعات والشواهد السادس عشر: معرفة زيادات الثقات وحكمها السابع عشر: معرفة إلافراد الثامن عشر: معرفة الحديث المعلل التاسع عشر: معرفة المضطرب من الحديث العشرون: معرفة المدرج في الحديث الحادي والعشرون: معرفة الحديث الموضوع

الثاني والعشرون: معرفة المقلوب. الثالث والعشرون: معرفة صفة من تقبل روايته ومن ترد روايته. الرابع والعشرون: معرفة كيفية سماع الحديث وتحمله وفيه بيان أنواع الإجازة وأحكامها وسائر وجوه إلاخذ والتحمل وفيه علم جم. الخامس والعشرون: معرفة كتابة الحديث وكيفية ضبط الكتاب وتقييده وفيه معارف مهمة رائقة. السادس والعشرون: معرفة كيفية رواية الحديث وشرط أدائه وما يتعلق بذلك وفيه كثير من نفائس هذا العلم. السابع والعشرون: معرفة آداب المحدث. الثامن والعشرون: معرفة آداب طالب الحديث. التاسع والعشرون: معرفة الإسناد العالي والنازل. الموفي ثلاثين: معرفة المشهور من الحديث. الحادي والثلاثون: معرفة الغريب والعزيز من الحديث. الثاني والثلاثون: معرفة غريب الحديث. الثالث والثلاثون: معرفة المسلسل. الرابع والثلاثون: معرفة ناسخ الحديث ومنسوخه. الخامس والثلاثون: معرفة المصحف من أسانيد إلاحاديث ومتونها. السادس والثلاثون: معرفة مختلف الحديث. السابع والثلاثون: معرفة المزيد في متصل إلاسانيد. الثامن والثلاثون: معرفة المراسيل الخفي إرسالها.

التاسع والثلاثون: معرفة الصحابة رضي الله عنهم. الموفي أربعين: معرفة التابعين رضي الله عنهم. الحادي وإلاربعون: معرفة أكابر الرواة عن إلاصاغر. الثاني وإلاربعون: معرفة المدبج وما سواه من رواية إلاقران بعضهم عن بعض. الثالث وإلاربعون: معرفة إلاخوة وإلاخوات من العلماء والرواة. الرابع وإلاربعون: معرفة رواية إلاباء عن إلابناء. الخامس وإلاربعون: عكس ذلك: معرفة رواية إلابناء عن إلاباء. السادس وإلاربعون: معرفة من اشترك في الرواية عنه راويان متقدم ومتأخر تباعد ما بين وفاتيهما. السابع وإلاربعون: معرفة من لم يرو عنه إلا راو واحد. الثامن وإلاربعون: معرفة من ذكر بأسماء مختلفة أو نعوت متعددة. التاسع وإلاربعون: معرفة المفردات من أسماء الصحابة والرواة والعلماء. الموفي خمسين: معرفة إلاسماء والكنى. الحادي والخمسون: معرفة كنى المعروفين بإلاسماء دون الكنى. الثاني والخمسون: معرفة ألقاب المحدثين. الثالث والخمسون: معرفة المؤتلف والمختلف. الرابع والخمسون: معرفة المتفق والمفترق. الخامس والخمسون: نوع يتركب من هذين النوعين. السادس والخمسون: معرفة الرواة المتشابهين في إلاسم والنسب المتمايزين بالتقديم والتأخير في إلابن وإلاب. السابع والخمسون: معرفة المنسوبين إلى غير آبائهم.

الثامن والخمسون: معرفة إلانساب التي باطنها على خلاف ظاهرها. التاسع والخمسون: معرفة المبهمات. الموفي ستين: معرفة تواريخ الرواة في الوفيات وغيرها. الحادي والستون: معرفة الثقات والضعفاء من الرواة. الثاني والستون: معرفة من خلط في آخر عمره من الثقات. الثالث والستون: معرفة طبقات الرواة والعلماء. الرابع والستون: معرفة الموالي من الرواة والعلماء. الخامس والستون: معرفة أوطان الرواة وبلدانهم. وذلك آخرها وليس بآخر الممكن في ذلك فإنه قابل للتنويع إلى ما لا يحصى إذ لا تحصى أحوال رواة الحديث وصفاتهم ولا أحوال متون الحديث وصفاتها وما من حالة منها ولا صفة إلا وهي بصدد أن تفرد بالذكر وأهلها فإذا هي نوع على حياله ولكنه نصب من غير أرب وحسبنا الله ونعم الوكيل

النوع إلاول من أنواع علوم الحديث: معرفة الصحيح من الحديث

النوع إلاول من أنواع علوم الحديث: معرفة الصحيح من الحديث اعلم علمك الله وإياي أن الحديث عند أهله ينقسم إلى صحيح وحسن وضعيف:

_ النوع إلاول: معرفة الصحيح قوله اعلم علمك الله وإياي أن الحديث عند أهله ينقسم إلى صحيح وحسن وضعيف. انتهى. وقد اعترض عليه بأمرين أحدهما أن في الترمذي مرفوعا: "إذا دعا أحدكم فليبدأ بنفسه" الاولى أن يقول علمنا الله وإياك انتهى ما اعترض به هذا المعترض والحديث الذي ذكره من عند الترمذي ليس هكذا وهو حديث أبى بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا ذكر أحدا فدعا له بدأ بنفسه ثم قال هذا حديث حسن غريب صحيح ورواه أبو داود أيضا ولفظه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دعا بدأ بنفسه وقال رحمة الله علينا وعلى موسى الحديث ورواه النسائى أيضا في سننه الكبرى وهو عند مسلم أيضا كما سيأتي فليس فيه ما ذكره من أن كل داع يبدأ بنفسه وإنما هو من فعله صلى الله عليه وسلم لا من قوله وإذا كان كذلك فهو مقيد بذكره صلى الله عليه وسلم نبيا من إلانبياء كما ثبت في صحيح مسلم في حديث أبى الطويل في قصة موسى مع الخضر وفيه قال وكان إذا ذكر أحدا من إلانبياء بدأ بنفسه رحمة الله علينا وعلى أخى وكذا رحمة الله علينا الحديث فأما دعاؤه لغير إلانبياء فلم ينقل أنه كان يبدأ بنفسه كقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري في قصة زمزم قال ابن عباس قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يرحم الله أم اسماعيل لو تركت زمزم أو قال لو لم تغرف من الماء لكانت زمزم عينا معينا"

................................................................................

_ وفي الصحيحين من حديث عائشة رضى الله عنها (سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يقرأ في سورة بالليل فقال يرحمه الله) الحديث وفي رواية للبخارى إن الرجل هو عباد بن بشر وللبخارى من حديث سلمة ابن إلاكوع: "من السائق؟ " قالوا عامر قال: "يرحمة الله" الحديث فظهر بذلك أن بدأه بنفسه في الدعاء وكان فيما إذا ذكر نبيا من إلانبياء كما تقدم على أنه قد دعا لبعض إلانبياء ولم يذكر نفسه معه وذلك في الحديث المتفق على صحته من حديث أبى هريرة رضى الله عنه قال (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يرحم الله لوطا لقد كان يأوى إلى ركن شديد" الحديث وفي الصحيحين أيضا من حديث ابن مسعود رضى الله عنه مرفوعا "يرحم الله موسى لقد أوذى بأكثر من هذا فصبر" إلامر الثانى أن ما نقله عن أهل الحديث من كون الحديث ينقسم إلى هذه إلاقسام الثلاثة ليس بجيد فإن بعضهم يقسمه إلى قسمين فقط صحيح وضعيف وقد ذكر المصنف هذا الخلاف في النوع الثانى في التاسع من التفريعات المذكورة فيه فقال من أهل الحديث من لا يفرد نوع الحسن ويجعله مندرجا في أنواع الصحيح لاندراجه في أنواع ما يحتج به قال وهو الظاهر من كلام أبى عبد الله الحاكم في تصرفاته إلى آخر كلامه فكان ينبغى إلاحتراز عن هذا الخلاف هنا والجواب أن ما نقله المصنف عن أهله الحديث قد نقله عنهم الخطابى في خطبة معالم السنن فقال اعلموا أن الحديث عند أهله على ثلاثة أقسام حديث صحيح وحديث حسن وحديث سقيم ولم أر من سبق الخطابى إلى تقسيمه ذلك وإن كان في كلام المتقدمين ذكر الحسن وهو موجود في كلام الشافعي رضى الله عنه والبخاري وجماعة ولكن الخطابى نقل التقسيم عن أهل الحديث وهو إمام ثقة فتبعه المصنف على ذلك هنا ثم حكى الخلاف في الموضع الذي ذكره فلم يهمل حكاية الخلاف والله أعلم

أما الحديث الصحيح: فهو الحديث المسند الذي يتصل إسناده بنقل العدل الضابط عن العدل الضابط إلى منتهاه ولا يكون شاذا ولا معللا. وفي هذه إلاوصاف احتراز عن المرسل والمنقطع والمعضل والشاذ وما فيه علة قادحة وما في راويه نوع جرح. وهذه أنواع يأتي ذكرها إن شاء الله تبارك وتعالى. فهذا هو الحديث الذي يحكم له بالصحة بلا خلاف بين أهل الحديث.

_ "قوله" أما الحديث الصحيح فهو المسند الذي يتصل إسناده إلى آخر كلامه اعترض عليه بأن من يقبل المرسل لا يشترط أن يكون مسندا وأيضا اشتراط سلامته من الشذوذ والعلة إنما زادها أهل الحديث كما قاله ابن دقيق العيد في إلاقتراح قال وفي هذين الشرطين نظر على مقتضى نظر الفقهاء فإن كثيرا من العلل التي يعلل بها المحدثون لا تجرى على أصول الفقهاء قال ومن شرط الحد أن يكون جامعا مانعا. والجواب أن من يصنف في علم الحديث إنما يذكر الحد عند أهله لا من عند غيرهم من أهل علم آخر. وفي مقدمة مسلم أن المرسل في أصل قولنا وقول أهل العلم بإلاخبار وليس بحجة وكون الفقهاء وإلاصوليين لا يشترطون في الصحيح هذين الشرطين لا يفسد الحد عند من يشترطهما على أن المصنف قد احترز عن خلافهم وقال بعد أن فرغ من الحد وما يحترز به عنه فهذا هو الحديث الذي يحكم له بالصحة بلا خلاف بين أهل الحديث. وقد يختلفون في صحة بعض إلاحاديث لاختلافهم في وجود هذه إلاوصاف فيه أو لاختلافهم في اشتراط بعض هذه إلاوصاف كما في المرسل انتهى كلامه فقد احترز المصنف عما اعترض به عليه فلم يبق للاعتراض وجه والله اعلم. "وقوله" بلا خلاف بين أهل الحديث إنما قد نفي الخلاف بأهل الحديث لأن غير أهل الحديث قد يشترطون في الصحيح شروطا زائدة على هذه كاشتراط العدد في الرواية كما في الشهادة فقد حكاه الحازمى في شروط إلائمة عن بعض متأخرى.

وقد يختلفون في صحة بعض إلاحاديث لاختلافهم في وجود هذه إلاوصاف فيه أو: لاختلافهم في اشتراط بعض هذه إلاوصاف كما في المرسل. ومتى قالوا: هذا حديث صحيح فمعناه: أنه اتصل سنده مع سائر إلاوصاف المذكورة. وليس من شرطه أن يكون مقطوعا به في نفس إلامر إذ منه ما ينفرد بروايته عدل واحد وليس من إلاخبار التي أجمعت إلامة على تلقيها بالقبول. وكذلك إذا قالوا في حديث: إنه غير صحيح فليس ذلك قطعا بأنه كذب في نفس إلامر إذ قد يكون صدقا في نفس إلامر وإنما المراد به: أنه لم يصح إسناده على الشرط المذكور والله أعلم.

_ المعتزلة على أنه قد حكى أيضا عن بعض أصحاب الحديث قال البيهقي في رسالته إلى أبى محمد الجوينى رحمهما الله رأيت في الفصول التي أملاها الشيخ خرسه الله تعالى حكاية عن بعض أصحاب الحديث أنه يشترط في قبول إلاخبار أن يروى عدلان عن عدلين حتى يتصل مثنى مثنى برسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يذكره قائله إلى آخر كلامه وكأن البيهقي رآه في كلام أبى محمد الجوينى فنبهه على أنه لا يعرف عن أهل الحديث والله أعلم. "وقوله" وقد يختلفون في صحة بعض إلاحاديث لاختلافهم في وجود هذه إلاوصاف فيه انتهى يريد بقوله هذه إلاوصاف أى أوصاف القبول التي ذكرها في حد الصحيح وإنما نبهت على ذلك وإن كان واضحا لأنى رأيت بعضهم قد اعترض عليه فقال إنه يعنى إلاوصاف المتقدمة من إرسال وانقطاع وعضل وشذوذ وشبهها قال وفيه نظر من حيث إن أحدا لم يذكر أن المعضل والشاذ والمنقطع صحيح وهذا إلاعتراض ليس بصحيح فإنه إنما أراد أوصاف القبول كما قدمته وعلى تقدير أن يكون أراد ما زعم فمن يحتج بالمرسل لا يتقيد بكونه أرسله التابعى بل لو أرسله أتباع التابعين احتج به وهو عنده صحيح وإن كان معضلا وكذلك من يحتج بالمرسل يحتج بالمنقطع بل المنقطع والمرسل عند المتقدمين واحد وقال أبو يعلى الخليلى في إلارشاد إن الشاذ ينقسم إلى صحيح ومردود فقول هذا المعترض إن أحدا لا يقول في الشاذ إنه صحيح مردود بقول الخليلى المذكور والله أعلم.

فوائد مهمة إحداها:الصحيح يتنوع إلى متفق عليه ومختلف فيه كما سبق ذكره. ويتنوع إلى مشهور وغريب وبين ذلك. ثم إن درجات الصحيح تتفاوت في القوة بحسب تمكن الحديث من الصفات المذكورة التي تبتنى الصحة عليها. وتنقسم باعتبار ذلك إلى أقسام يستعصي إحصاؤها على العاد الحاصر. ولهذا نرى إلامساك عن الحكم لإسناد أوحديث بأنه الأصح على الإطلاق. على أن جماعة من أئمة الحديث خاضوا غمرة ذلك فاضطربت أقوالهم. فروينا عن إسحاق بن راهويه أنه قال: أصح إلاسانيد كلها: الزهري عن سالم عن أبيه. وروينا نحوه عن أحمد بن حنبل. وروينا عن عمرو بن علي الفلاس أنه قال: أصح إلاسانيد: محمد بن سيرين عن عبيدة عن علي. وروينا نحوه عن علي بن المديني. روي ذلك عن غيرهما ثم منهم من عين الراوي عن محمد وجعله أيوب السختياني. ومنهم من جعله ابن عون.

_ "قوله" على أن جماعة من أهل الحديث خاضوا غمرة ذلك فاضطربت أقوالهم فذكر الخلاف في أصح إلاسانيد إلى آخر كلامه اعترض عليه بأن الحاكم وغيره ذكروا أن هذا بالنسبة إلى إلامصار أو إلى إلاشخاص وإذا كان كذلك فلا يبقى خلاف بين هذه إلاقوال انتهى كلام المعترض وليس بجيد لأن الحاكم لم يقل إن الخلاف مقيد بذلك بل قال لا ينبغى أن يطلق ذلك وينبغى أن يقيد بذلك فهذا لا ينفي الخلاف المتقدم وأيضا ولو قيدناه بإلاشخاص فالخلاف موجود فيقال أصح أسانيد على كذا وقيل كذا وقيل كذا وأصح أسانيد ابن عمر كذا وقيل كذا فالخلاف موجود والله أعلم.

وفيما نرويه عن يحيى بن معين أنه قال: أجودها: إلاعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله. وروينا عن أبي بكر بن أبي شيبة قال: أصح إلاسانيد كلها: الزهري عن علي بن الحسين عن أبيه عن علي. وروينا عن أبي عبد الله البخاري صاحب الصحيح أنه قال: أصح إلاسانيد كلها: مالك عن نافع عن ابن عمر. وبنى إلامام أبو منصور عبد القاهر بن طاهر التميمي على ذلك: أن أجل إلاسانيد الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر. واحتج بإجماع أصحاب الحديث على أنه: لم يكن في الرواة عن مالك أجل من الشافعي رضي الله عنهم أجمعين والله أعلم. الثانية: إذا وجدنا فيما نروي من أجزاء الحديث وغيرها حديثا صحيح الإسناد ولم نجده في أحد الصحيحين ولا منصوصا على صحته في شيء من مصنفات أئمة الحديث المعتمدة المشهورة فإنا لا نتجاسر على جزم الحكم بصحته فقد تعذر في

_ "قوله" إذا وجدنا فيما يروى من أجزاء الحديث وغيرهما حديثا صحيح الإسناد ولم نجده في أحد الصحيحين ولا منصوصا على صحته في شئ من مصنفات أهل الحديث المعتمدة المشهورة فإنا لا نتجاسر على حزم الحكم بصحته فقد تعذر في هذه إلاعصار إلاستقلال بادراك الصحيح بمجرد اعتبار إلاسانيد إلى آخر كلامه وقد خالفه في ذلك الشيخ محيى الدين النووى فقال وإلاظهر عندى جوازه لمن تمكن وقويت معرفته. انتهى كلامه. وما رجحه النووى هو الذي عليه عمل أهل الحديث فقد صحح جماعة من المتأخرين أحاديث لم نجد لمن نقدمهم فيها تصحيحا فمن المعاصرين لابن الصلاح أبو الحسن على بن محمد بن عبد الملك بن القطان صاحب كتاب بيان الوهم وإلايهام وقد صحح في كتابه المذكور عدة أحاديث منها حديث ابن عمر أنه كان يتوضأ ونعلاه

هذه إلاعصار إلاستقلال بإدراك الصحيح بمجرد اعتبار إلاسانيد لأنه ما من إسناد من ذلك إلا ونجد في رجاله من اعتمد في روايته على ما في كتابه عريا عما يشترط في الصحيح من الحفظ والضبط وإلاتقان. فآل إلامر إذا في معرفة الصحيح والحسن إلى إلاعتماد على ما نص عليه أئمة الحديث في تصانيفهم المعتدة المشهورة التي يؤمن

_ في رجليه ويمسح عليهما ويقول كذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل أخرجه أبو بكر البزار في مسنده وقال ابن القطان إنه حديث صحيح ومنها حديث أنس بن مالك رضى الله عنه كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرون الصلاة فيضعون جنوبهم فمنهم من ينام ثم يقوم إلى الصلاة رواه هكذا قاسم بن أصبغ وصححه ابن القطان فقال وهو كما ترى صحح وتوفي ابن القطان هذا هو على قضاء سجلماسة من المغرب سنة ثمان وعشرين وستمائة ذكره ابن إلابار في التكملة. وممن صحح أيضا من المعاصرين له الحافظ ضياء الدين محمد بن عبد الواحد المقدسى جمع كتابا سماه المختارة التزم فيه الصحة وذكر فيه أحاديث لم يسبق إلى تصحيحها فيما أعلم وتوفي الضياء المقدسى في السنة التي مات فيها ابن الصلاح سنة ثلاث وأربعين وستمائة وصحح الحافظ زكى الدين عبد العظيم بن عبد القوى المنذرى حديثا في جزء له جمع فيه ما ورد فيه غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وتوفي الزكى عبد العظيم سنة ست وخمسين وستمائة. ثم صحح الطبقة التي تلي هذه أيضا فصحح الحافظ شرف الدين عبد المؤمن بن خلف الدمياطى حديث جابر مرفوعا "ماء زمزم لما شرب له" في جزء جمعه في ذلك أورده من رواية عبد الرحمن بن أبى الموال عن محمد بن المنكدر عن جابر ومن هذه الطريق رواه البيهقي وفي شعب إلايمان وإنما المعروف رواية عبد الله بن المؤمل عن ابن المنكدر كما رواه ابن ماجه وضعفه النووى وغيره من هذا الوجه وطريق ابن عباس أصح من طريق جابر ثم صححت الطبقة التي تلي هذه وهم شيوخا فصحح الشيخ تقى الدين السبكى حديث ابن عمر في الزيارة في تصنيفه المشهور كما أخبرنى به ولم يزل ذلك دأب من بلغ أهلية ذاك منهم إلا أن منهم من لا يقبل ذاك منهم وكذا كان المتقدمون وبما صحح بعضهم شيئا فأنكر عليه تصحيحه والله أعلم.

فيها لشهرتها من التغيير والتحريف وصار معظم المقصود بما يتداول من إلاسانيد خارجا عن ذلك إبقاء سلسلة الإسناد التي خصت بها هذه إلامة زادها الله تعالى شرفا آمين. الثالثة: أول من صنف الصحيح البخاري أبو عبد الله محمد بن إسماعيل الجعفي مولاهم. وتلاه أبو الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري القشيري من أنفسهم. ومسلم مع أنه أخذ عن البخاري واستفاد منه يشاركه في أكثر شيوخه وكتاباهما أصح الكتب بعد كتاب الله العزيز. وأما ما روينا عن الشافعي رضي الله عنه من أنه قال: ما أعلم في إلارض كتابا في العلم أكثر صوابا من كتاب مالك ومنهم من رواه بغير هذا اللفظ فإنما قال ذلك قبل وجود كتابي البخاري ومسلم ثم إن كتاب البخاري أصح الكتابين صحيحا وأكثرهما فوائد.

_ "قوله" أول من صنف الصحيح البخاري انتهى اعترض عليه بأن مالكا صنف الصحيح قبله والجواب أن مالكا رحمه الله لم يفرد الصحيح بل أدخل فيه المرسل والمنقطع والبلاغات ومن بلاغاته أحاديث لا تعرف كما ذكره ابن عبد البر فلم يفرد الصحيح إذا والله أعلم. "قوله" وتلاه أبو الحسين مسلم بن الحجاج انتهى كلامه اعترض عليه بقول أبى الفضل أحمد بن سلمة كنت مع مسلم بن الحجاج في تأليف هذا الكتاب سنة خمس ومائتين هكذا رأيته بخط الذي اعترض على ابن الصلاح سنة خمس ومائتين فقط وأراد بذلك أن تصنيف مسلم لكتابه قديم فلا يكون تاليا لكتاب البخاري وقد تصحف التاريخ عليه وإنما هو سنة خمسين ومائتين بزيادة الياء والنون وذلك باطل قطعا لأن مولد مسلم رحمه الله سنة أربع ومائتين بل البخاري لم يكن في التاريخ المذكور وصنف فضلا عن مسلم فإن بينهما في العمر عشر سنين ولد البخاري سنة أربع وتسعين ومائة.

وأما ما رويناه عن أبي علي الحافظ النيسابوري أستاذ الحاكم أبي عبد الله الحافظ من أنه 12 قال: ما تحت أديم السماء كتاب أصح من كتاب مسلم بن الحجاج. فهذا وقول من فضل من شيوخ المغرب كتاب مسلم على كتاب البخاري إن كان المراد به: أن كتاب مسلم يترجح بأنه لم يمازجه غير الصحيح فإنه ليس فيه بعد خطبته إلا الحديث الصحيح مسرودا غير ممزوج بمثل ما في كتاب البخاري في تراجم أبوابه من إلاشياء التي لم يسندها على الوصف المشروط في الصحيح فهذا لا بأس به. وليس يلزم منه أن كتاب مسلم أرجح فيما يرجع إلى نفس الصحيح على كتاب البخاري. وإن كان المراد به: أن كتاب مسلم أصح صحيحا فهذا مردود على من يقوله. والله أعلم. الرابعة: لم يستوعبا الصحيح في صحيحيهما ولا التزما ذلك فقد روينا عن البخاري أنه قال: ما أدخلت في كتابي الجامع إلا ما صح وتركت من الصحاح لملال الطول. وروينا عن مسلم أنه قال: ليس كل شيء عندي صحيح وضعته ههنا يعني في كتابه الصحيح إنما وضعت ههنا ما أجمعوا عليه قلت: أراد والله أعلم أنه لم يضع في كتابه إلا إلاحاديث التي وجد عنده فيها شرائط الصحيح المجمع عليه وإن لم يظهر اجتماعها في بعضها عند بعضهم.

_ قوله فهذا وقول من فضل من شيوخ المغرب كتاب مسلم على كتاب البخاري إن كان المراد به أن كتاب مسلم يترجح بأنه لم يمازجه غير الصحيح فإنه ليس فيه بعد خطبته إلا الحديث الصحيح مسدودا غير ممزوج بمثل ما في كتاب البخاري في تراجم أبوابه من إلاشياء التي لم يسندها على الوصف المشروط في الصحيح انتهى. قلت قد روى مسلم بعد الخطبة في كتاب الصلاة بإسناده الى يحيى بن أبى كثير أنه قال لا يستطاع العلم براحة الجسم فقد مزجه بغير إلاحاديث ولكنه نادر جدا بخلاف البخاري والله اعلم.

ثم إن أبا عبد الله بن إلاخرم الحافظ قال: قل ما يفوت البخاري ومسلما مما يثبت من الحديث. يعني في كتابيهما. ولقائل أن يقول: ليس ذلك بالقليل فإن المستدرك على الصحيحين للحاكم أبي عبد الله كتاب كبير يشتمل مما فاتهما على شيء كثير وإن يكن عليه في بعضه مقال فإنه يصفو له منه صحيح كثير. وقد 13 قال البخاري: أحفظ مائة ألف حديث صحيح ومائتي ألف حديث غير صحيح. وجملة ما في كتابه الصحيح سبعة إلاف ومائتان وخمسة وسبعون حديثا بإلاحاديث المتكررة. وقد قيل: إنها بإسقاط المكررة أربعة إلاف حديث. إلا أن هذه العبارة قد يندرج تحتها عندهم آثار الصحابة والتابعين. وربما عد الحديث الواحد المروي بإسنادين حديثين. ثم إن الزيادة في الصحيح على ما في الكتابين يتلقاها طالبها مما اشتمل عليه

_ "قوله" وجملة ما في كتابه الصحيح يعنى البخاري سبعة إلاف ومائتان وخمسة وسبعون حديثا بإلاحاديث المكررة انتهى هكذا أطلق ابن الصلاح عدة أحاديثه والمراد بهذا العدد الرواية المشهورة وهى رواية محمد بن يوسف الفربرى فأما رواية حماد بن شاكر فهى دونها بمائتى حديث وأنقص الروايات رواية إبراهيم بن معقل فإنها تنقص عن رواية الفربرى ثلاثمائة حديث. ولم يذكر ابن الصلاح عدة أحاديث مسلم وقد ذكرها النووى من زياداته في التقريب والتيسير فقال إن عدة أحاديثه نحو أربعة إلاف بإسقاط المكرر انتهى ولم يذكر عدته بالمكرر وهو يزيد على عدة كتاب البخاري لكثرة طرقه وقد رأيت عن أبى الفضل أحمد بن سلمة أنه اثنا عشر ألف حديث. "قوله" ثم ان الزيادة في الصحيح على ما في الكتابين يتلقاها طالبها مما اشتمل عليه أحد المصنفات المعتمدة المشتهرة لأئمة الحديث كأبى داود الترمذي والنسائى وابن خزيمة والدارقطنى وغيرهم منصوصا على صحته فيها انتهى كلامه. ولا يشترط في معرفة الصحيح الزائد على ما في الصحيحين أن ينص إلائمة المذكورون

أحد المصنفات المعتمدة المشهورة لأئمة الحديث: كأبي داود السجستاني وأبي عيسى الترمذي وأبي عبد الرحمن النسائي وأبي بكر بن خزيمة وأبي الحسن الدارقطني وغيرهم. منصوصا على صحته فيها ولا يكفي في ذلك مجرد كونه موجودا في كتاب أبي داود وكتاب الترمذي وكتاب النسائي وسائر من جمع في كتابه بين الصحيح وغيره ويكفي مجرد كونه موجودا في كتب من اشترط منهم الصحيح فيما جمعه ككتاب ابن خزيمة. وكذلك ما يوجد في الكتب المخرجة على كتاب البخاري وكتاب مسلم ككتاب أبي عوانة إلاسفرائيني وكتاب أبي بكر إلاسماعيلي وكتاب أبي بكر البرقاني وغيرها من تتمة لمحذوف أو زيادة شرح في كثير من أحاديث الصحيحين. وكثير من هذا موجود في الجمع بين الصحيحين لأبي عبد الله الحميدي.

_ وغيرهم على صحتها في كتبهم المعتمدة المشتهرة كما قيده المصنف بل لو نص أحد منهم على صحته بالإسناد الصحيح كما في سؤإلات يحيى بن معين وسؤإلات إلامام أحمد وغيرهما كفي ذلك في صحته وهذا واضح وإنما قيده المصنف بتنصيصهم على صحته في كتبهم المشتهرة بناء على اختياره المتقدم أنه ليس لأحد أن يصح في هذه إلاعصار فلا يكفي على هذا وجود التصحيح بلإسناد صحيح كما لا يكفي في التصحيح بوجود أصل الحديث بإسناد صحيح. ولكن قد تقدم أن اختياره هذا خالفه فيه النووى وغيره من أهل الحديث فإن العمل على خلافه كما تقدم والله أعلم. "وقوله" ويكفي مجرد كونه موجودا في كتب من اشترط منهم الصحيح فيما جمعه ككتاب ابن خزيمة وكذلك ما يوجد في الكتب المخرجة على كتاب البخاري وكتاب مسلم ككتاب أبى عوانة إلاسفراينى وكتاب أبى بكر إلاسماعيلى وكتاب أبى بكر البرقانى وغيرها من تتمة لمحذوف أو زيادة شرح في كثير من أحاديث الصحيحين وكثير من هذا موجود في الجمع بين الصحيحين لأبي عبد الله الحميدي انتهى كلامه وهو يقتضى أن ما وجد من الزيادات على الصحيحين في كتاب الحميدي يحكم بصحته وليس كذلك لأن المستخرجات المذكورة قد رووها بأسانيدهم الصحيحة فكانت الزيادات التي تقع فيها صحيحة لوجودها بإسناد صحيح في كتاب مشهور على رأي

واعتنى الحاكم أبو عبد الله الحافظ بالزيادة في عدد الحديث الصحيح على ما في الصحيحين وجمع ذلك في كتاب سماه المستدرك أودعه ما ليس في واحد من الصحيحين: مما رآه على شرط الشيخين قد أخرجا عن رواته في كتابيهما أو على شرط البخاري وحده أو على شرط مسلم وحده وما أدى اجتهاده إلى تصحيحه وإن لم يكن على شرط واحد منهما وهو واسع الخطو في شرط الصحيح متساهل في القضاء به. فإلاولى أن نتوسط في أمره فنقول: ما حكم بصحته ولم نجد ذلك فيه لغيره من إلائمة إن لم يكن من قبيل الصحيح فهو من قبيل الحسن يحتج به ويعمل به إلا أن تظهر فيه علة توجب ضعفه.

_ المصنف وأما الذي زاده الحميدي في الجمع بين الصحيحين فإنه لم يروه بإسناده حتى ينظر فيه ولا أظهر لنا اصطلاحا أنه يزيد فيه زوايد التزم فيها الصحة فيقلد فيها وإنما جمع بين كتابين وليست تلك الزيادات في واحد من الكتابين فهى غير مقبولة حتى توجد في غيره بإسناد صحيح والله أعلم. وقد نص المصنف بعد هذا في الفائدة الخامسة التي تلي هذه أن من نقل شيئا من زيادات الحميدي عن الصحيحين أو أحدهما فهو مخطئ وهو كما ذكر فمن أنزله أن تلك الزيادات محكوم بصحتها بلا مستند فالصواب ما ذكرناه والله أعلم. "قوله" واعتنى الحاكم أبو عبد الله الحافظ بالزيادة في عدد الحديث الصحيح على ما في الصحيحين وجمع ذلك في كتاب سماه المستدرك أودعه ما ليس في واحد من الصحيحين مما رآه على شرط الشيخين قد أخرجا عن رواته في كتابيهما الى آخر كلامه فيه أمران أحدهما أن قوله أودعه ما ليس في واحد من الصحيحين لبس كذلك فقد أودعه أحاديث مخرجه في الصحيح وهما منه في ذلك وهى أحاديث كثيرة منها حديث أبى سعيد الخدرى مرفوعا "لا تكتبوا عنى شيئا سوى القرآن" الحديث رواه الحاكم في مناقب أبى سعيد الخدرى وقد أخرجه مسلم في صحيحه. وقد بين الحافظ أبو عبد الله الذهبى في مختصر المستدرك كثيرا من إلاحاديث

ويقاربه في حكمه صحيح أبي حاتم بن حبان البستي رحمهم الله أجمعين. والله أعلم. الخامسة: الكتب المخرجة على كتاب البخاري أو كتاب مسلم رضي الله

_ التي أخرجها في المستدرك وهى في الصحيح. إلامر الثانى أن قوله مما رآه على شرط الشيخين قد أخرجا عن رواته في كتابيهما فيه بيان أن ما هو على شرطهما هو مما أخرجا عن رواته في كتابيهما ولم يرد الحاكم ذلك فقد قال في خطبة كتابه المستدرك وأنا أستعين الله تعالى على اخراج أحاديث رواتها ثقات قد احتج مثلها الشيخان أو أحدهما فقول الحاكم بمثلهما أى بمثل رواتها لابهم أنفسهم ويحتمل أن يراد بمثل تلك إلاحاديث وفيه نظر. ولكن الذي ذكره المصنف هو الذي فهمه ابن دقيق العيد من عمل الحاكم فإنه ينقل تصحيح الحاكم لحديث وأنه على شرط البخاري مثلا ثم يعترض عليه بأن فيه فلانا ولم يخرج له البخاري وهكذا فعل الذهبى في مختصر المستدرك ولكن ظاهر كلام الحاكم المذكور مخالف لما فهموه عنه والله أعلم. "قوله" عند ذكر تساهل الحاكم فإلاولى أن تتوسط في أمره فنقول ما حكم بصحته ولم نجد ذلك فيه لغيره من إلائمة ان لم يكن من قبيل الصحيح فهو من قبيل الحسن يحتج به ويعمل به إلا أن تظهر فيه علة توجب ضعفه انتهى كلامه. وقد تعقبه بعض من اختصر كلامه وهو مولانا قاضى القضاه بدر الدين بن جماعة فقال إنه يتتبع ويحكم عليه بما يليق بحاله من الحسن أو الصحة أو الضعف وهذا هو الصواب. إلا أن الشيخ أبا عمرو رحمه الله رأيه أنه قد انقطع التصحيح في هذه إلاعصار فليس لأحد أن يصحح فلهذا قطع النظر عن الكشف عليه والله أعلم. "قوله" ويقاربه في حكمه صحيح أبى حاتم بن حبان البستى انتهى. وقد فهم بعض المتأخرين من كلامه ترجيح كتاب الحاكم على كتاب ابن حبان فاعترض على كلامه هذا بأن قال أما صحيح ابن حبان فمن عرف شرطه واعتبر كلامه

تعالى عنهما لم يلتزم مصنفوها فيها موافقتهما في ألفاظ إلاحاديث بعينها من غير زيادة ونقصان لكونهم رووا تلك إلاحاديث من غير جهة البخاري ومسلم طلبا لعلو الإسناد فحصل فيها بعض التفاوت في إلالفاظ. وهكذا ما أخرجه المؤلفون في تصانيفهم المستقلة: كالسنن الكبير للبيهقي وشرح السنة لأبي محمد البغوي وغيرهما مما قالوا فيه: أخرجه البخاري أو مسلم فلا يستفاد بذلك أكثر من أن البخاري أو مسلما أخرج أصل ذلك الحديث مع احتمال أن يكون بينهما تفاوت في اللفظ وربما كان تفاوتا في بعض المعنى فقد وجدت في ذلك ما فيه بعض التفاوت من حيث المعنى. وإذا كان إلامر في ذلك على هذا فليس لك أن تنقل حديثا منها وتقول: هو على هذا الوجه في كتاب البخاري أو كتاب مسلم إلا أن تقابل لفظه أو يكون الذي خرجه قد قال أخرجه البخاري بهذا اللفظ بخلاف الكتب المختصرة من الصحيحين فإن مصنفيها نقلوا فيها ألفاظ الصحيحين أو أحدهما. غير أن الجمع بين الصحيحين للحميدي إلاندلسي منها يشتمل على زيادة تتمات لبعض إلاحاديث كما قدمنا ذكره فربما نقل من لا يميز بعض ما يجده فيه عن الصحيحين أو أحدهما وهو مخطئ لكونه من تلك الزيادات التي لا وجود لها في واحد من الصحيحين. ثم إن التخاريج المذكورة على الكتابين يستفاد منها فائدتان: إحداهما: علو الإسناد. والثانية: الزيادة في قدر الصحيح لما يقع فيها من ألفاظ زائدة وتتمات في بعض إلاحاديث يثبت صحتها بهذه التخاريج لأنها واردة بإلاسانيد الثابتة في الصحيحين أو أحدهما وخارجة من ذلك المخرج الثابت والله أعلم.

_ عرف سموه على كتاب الحاكم وما فهمه هذا المعترض من كلام المصنف ليس بصحيح وإنما أراد أنه يقاربه في التساهل فالحاكم أشد تساهلا منه وهو كذلك قال الحازمى ابن حبان أمكن في الحديث من الحاكم. "قوله" ثم ان التخاريج المذكورة على الكتابين يستفاد منها فائدتان فذكرهما.

السادسة:ما أسنده البخاري ومسلم رحمهما الله في كتابيهما بالإسناد المتصل فذلك الذي حكما بصحته بلا إشكال. وأما المعلق وهو الذي حذف من مبتدأ إسناده واحد أو أكثر وأغلب ما وقع ذلك في كتاب البخاري وهو في كتاب مسلم قليل جدا ففي بعضه نظر.

_ ولو قال أن هاتين الفائدتين من فائدة المستخرجات كان أحسن فإن فيها غير هاتين الفائدتين فمن ذلك تكثير طرق الحديث ليرجح بها عند التعارض. قوله وأما الذي حذف من مبتدأ إسناده واحد أو أكثر وأغلب ما وقع ذلك في البخاري وهو في كتاب مسلم قليل جدا ففي بعضه نظر وينبغي أن يقول ما كان من ذلك ونحوه بلفظ فيه جزم وحكم به على من علقه عنه فقد حكم بصحته عنه مثاله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا قال ابن عباس كذا قال مجاهد كذا قال عفان كذا قال القعنبي كذا روى أبو هريرة كذا وما أشبه ذلك من العبارات فكل ذلك حكم منه على من ذكره عنه بأنه قد قال ذلك ورواه فلن يستجيز إطلاق ذلك إلا إذا صح عنده ذلك عنه ثم اذا كان الذي علق الحديث عنه دون الصحابة فالحكم بصحته يتوقف على اتصال الإسناد بينه وبين الصحابى وأما ما لم يكن في لفظه جزم وحكم مثل روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا وروى عن فلان كذا وفي الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم كذا وكذا وما أشبهه من إلالفاظ ليس منه حكم منه بصحة ذلك من ذكره عنه لأن مثل هذه العبارات تستعمل في الحديث الضعيف أيضا ومع ذلك فإيراده له في أثناء الصحيح مستعد بصحة أصله إشعارا يؤنس به ويركن إليه والله أعلم انتهى كلامه. وفيه أمور أحدها أن قوله وهو في مسلم قليل جدا هو ما ذكر ولكنى رأيت أن أبين موضع ذلك القليل ليضبط فمن ذلك قول مسلم في التيمم وروى الليث ابن سعد حدثني جعفر بن ربيعة عن عبد الرحمن بن هرمز إلاعرج عن عمير مولى بن عباس أنه سمعه يقول أقبلت أنا وعبد الله بن يسار مولى ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حتى دخلنا على أبى الجهيم بن الحارث بن العمة إلانصارى فقال أبو الجهيم أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من نحو بير جمل الحديث.

وينبغي أن تقول: ما كان من ذلك ونحوه بلفظ فيه جزم وحكم به على من علقه عنه فقد حكم بصحته عنه. مثاله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كذا وكذا قال: ابن عباس كذا قال مجاهد: كذا قال عفان: كذا. قال القعنبي: كذا روى أبو هريرة كذا وكذا وما أشبه ذلك من العبارات. فكل ذلك حكم منه على من ذكره عنه بأنه قد قال ذلك ورواه فلن يستجيز إطلاق ذلك إلا إذا صح عنده ذلك عنه.

_ وقال مسلم في البيوع وروى الليث بن سعد حدثني جعفر بن ربيعة عن عبد الرحمن ابن هرمز عن عبد الله بن كعب بن مالك عن كعب بن مالك أنه كان له مال على عبد الله بن أبى حدرد إلاسلمى الحديث. وقال مسلم في الحدود وروى الليث أيضا عن عبد الرحمن بن خالد بن مسافر عن ابن شهاب بهذا الإسناد مثله وهذان الحديثان إلاخيران قد رواهما مسلم قبل هذين الطريقين متصلا ثم عقبهما بهذين الإسنادين المعلقين فعلى هذا ليس في كتاب مسلم بعد المقدمة حديث معلق لم يوصله إلا حديث أبى الجهم المذكور وفيه بقية أربعة عشر موضعا رواه متصلا ثم عقبه بقول ورواه فلان وقد جمعها الرشيد العطار في الغرر والمجموعة وقد تبينت ذلك كله في كتاب جمعته فيما تكلم فيه من أحاديث الصحيحين بضعف أو انقطاع والله أعلم. إلامر الثانى أن قوله في أمثلة ما حذف من مبتدإ إسناده واحد أو أكثر قال عفان كذا قال القعنبي كذا ليس بصحيح ولم يسقط من هذا الإسناد شئ فإن عفان والعقنبي كلاهما من شيوخ البخاري الذين سمع منهم فما روى عنهما ولو بصيغة لا نقتضى التصريح بالسماع فهو محمول على إلاتصال وقد ذكره ابن الصلاح كذلك على الصواب في النوع الحادى عشر من كتابه في الرابع من التفريعات التي ذكرها فيه فأنكر على ابن حزم حكمه بإلانقطاع على حديث أبى مالك إلاشعرى أو أبى عامر في تحريم المعازف لأن البخاري أورده قائلا فيه قال هشام بن عمار وهشام بن عمار أحد شيوخ البخاري وذكر المصنف هنا من أمثلة التعليق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا قال ابن عباس كذا وكذا روى أبو هريرة كذا وكذا قال الزهري عن أبى سلمة

ثم إذا كان الذي علق الحديث عنه دون الصحابة: فالحكم بصحته يتوقف على اتصال الإسناد بينه وبين الصحابي وأما ما لم يكن في لفظه جزم وحكم مثل: روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا أو روي عن فلان كذا أو في الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم كذا وكذا فهذا وما أشبهه من إلالفاظ ليس في شيء منه حكم منه بصحة ذلك عمن ذكره عنه لأن مثل هذه العبارات تستعمل في الحديث الضعيف أيضا. ومع ذلك فإيراده له في أثناء الصحيح مشعر بصحة أصله إشعارا يؤنس به ويركن إليه والله أعلم.

_ عن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم كذا وكذا وهكذا إلى شيوخ شيوخه قال وأما ما أورده كذلك عن شيوخه فهو من قبيل ما ذكرناه قريبا في الثالث من هذه التفريعات انتهى كلامه وسيأتي هناك ذكر ما يعكر على كلامه فراجعه والذي ذكره في ثالث التفريعات أن من روى عمن لقيه بأى لفظ كان فإن حكمه إلاتصال بشرط السلامة من التدليس هذا حاصل ما ذكره وهو الصواب وليس البخاري مدلسا ولم يذكره أحد بالتدليس فيما رأيت إلا أبا عبد الله بن منده فإنه قال في جزء له في اختلاف إلائمة في القراءة والسماع والمناولة والإجازة أخرج البخاري في كتبه الصحيحة وغيرها قال لنا فلان وهى إجازة وقال فلان وهو تدليس قال وكذلك مسلم أخرجه على هذا انتهى كلام ابن منده وهو مردود عليه ولم يوافقه عليه أحد علمته. والدليل على بطلان كلامه أنه ضم مع البخاري مسلما في ذلك ولم يقل مسلم في صحيحه بعد المقدمة عن أحد من شيوخه قال فلان وإنما روى عنهم بالتصريح فهذا يدلك على توهين كلام ابن منده لكن سيأتي في النوع الحادى عشر ما يدلك على أن البخاري قد يذكر الشئ عن بعض شيوخه ويكون بينهما واسطة وهذا هو التدليس فالله أعلم. إلامر الثالث أن قوله ثم إذا كان الذي علق عنه الحديث دون الصحابة فالحكم بصحته يتوقف على اتصال الإسناد بينه وبين الصحابى فيه نقص لابد منه وهو

...................................................................................

_ أنه يشترط مع اتصاله ثقة من أبرزه من رجاله ويحترز بذلك عن مثل قول البخاري وقال بهز بن حكيم عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم الله أحق أن يستحى منه وقد ذكر المصنف بعد هذا أن هذا ليس من شرط البخاري قطعا قال ولذلك لم يورده الحميدي في جمعه بين الصحيحين. إلامر الرابع أنه اعترض على المصنف فيما قاله من ان ما كان مجزوما به فقد حكم بصحته عمن علقه عنه وما لم يكن مجزوما به فليس فيه حكم بصحته وذلك لأن البخاري يورد بصيغة الشئ التمريض ثم يخرجه في صحيحه مسندا ويجزم بالشئ وقد يكون لا يصح ثم استدل المعترض بذلك بأن البخاري قال في كتاب الصلاة ويذكر عن أبى موسى كنا نتناوب النبي صلى الله عليه وسلم عند صلاة العشاء ثم أسنده في باب فضل العشاء وقال في كتاب الطب ويذكر عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم في الرقى بفاتحة الكتاب وهو مذكور عنده هكذا قال حدثنا سيدان بن مضارب حدثني أبو معشر البراء حدثنا عبد الله بن إلاخنس عن ابن أبى مليكة عن ابن عباس به وقال في كتاب إلاشخاص ويذكر عن جابر (أن النبي صلى الله عليه وسلم رد على المتصدق صدقته قال وهو) حديث صحيح عنده دبر رجل عبدا ليس له مال غيره فباعه النبي صلى الله عليه وسلم من نعيم بن النحام وقال في كتاب الطلاق ويذكر عن على بن أبى طالب وبن المسيب وذكر نحوا من ثلاثة وعشرين تابعيا كذا قال وفيها ما هو صحيح عنده وفيها ما هو ضعيف أيضا ثم استدل على الثانى بأن البخاري قال في كتاب التوحيد في باب وكان عرشه على الماء إثر حديث أبى سعيد الناس يصعقون يوم القيامة فإذا أنا بموسى قال وقال الماجشون وعن عبد الله بن الفضل عن أبى سلمة عن أبى هريرة فأكون أول من بعث فذكر في أحاديث إلانبياء حديث الماجشون هذا عن عبد الله بن الفضل عن إلاعرج عن أبى هريرة وكذا رواه مسلم والنسائى ثم قال قال أبو مسعود إنما يعرف عن الماجشون عن ابن الفضل عن إلاعرج انتهى ما اعترض به عليه. والجواب أن ابن الصلاح لم يقل إن صيغة التمريض لا تستعمل إلا في الضعيف بل في كلامه أنها تستعمل في الصحيح أيضا إلا ترى قوله لأن مثل هذه العبارات

..............................................................................

_ تستعمل في الحديث الضعيف أيضا فقوله أيضا دال على أنها تستعمل في الصحيح أيضا فاستعمال البخاري لها في موضع الصحيح ليس مخالفا لكلام ابن الصلاح وإنما ذكر المصنف أنا إذا وجدنا عنده حديثا مذكورا بصيغة التمريض ولم يذكره في موضع آخر من كتابه مسندا أو تعليقا مجزوما به لم يحكم عليه بالصحة وهو كلام صحيح. ونحن لم نحكم على إلامثلة التي اعترض بها المعترض إلا بوجودها في كتابه مسنده فلو لم نجدها في كتابه إلا في مواضع التمريض لم نحكم بصحتها على أن هذه إلامثلة الثلاثة التي اعترض بها يمكن الجواب عنها بما ستراه. والبخاري رحمه الله حيث علق ما هو صحيح إنما يأتي به بصيغة الجزم وقد يأتي به بغير صيغة الجزم لغرض آخر غير الضعف وهو إذا اختصر الحديث وآتى به بالمعنى عبر بصيغة التمريض لوجود الخلاف المشهور في جواز الرواية بالمعنى والخلاف أيضا في جواز اختصار الحديث وإن رأيت أن يتضح لك ذلك فقابل بين موضع التعليق وبين موضع الإسناد تجد ذلك واضحا. فأما المثال إلاول فقال البخاري في باب ذكر العشاء والعتمة ويذكر عن أبى موسى كنا نتناوب النبي صلى الله عليه وسلم عند صلاة العشاء فأعتم بها ثم قال في باب فضل العشاء حدثنا محمد بن العلا حدثنا أبو أسامة عن يزيد عن أبى بردة عن أبى موسى قال كنت أنا وأصحابى الذين قدموا معى في السفينة نزولا في بقيع بطحان والنبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة فكان يتناوب النبي صلى الله عليه وسلم عند صلاة العشاء كل ليلة نفر منهم فواقفنا النبي صلى الله عليه وسلم وله بعض الشغل في بعض أمره فأعتم بالصلاة حتى أبهار الليل الحديث. فانظر كيف اختصره هناك وذكره بالمعنى فلهذا عدل عن الجزم لوجود الخلاف في حواز ذلك والله أعلم. وأما المثال الثانى فقال البخاري في الطب باب الرقا بفاتحة الكتاب ويذكر عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال بعده باب الشروط في الرقية بقطيع من الغنم سيدان بن مضارب أبو محمد الباهلى قال حدثنا أبو معشر يوسف بن يزيد البراء

.............................................................................

_ قال حدثني عبد الله بن إلاخنس أبو مالك عن ابن أبى مليكه عن ابن عباس أن نفرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مروا بماء فيهم لديغ أو سليم فعرض لهم رجل من أهل الماء فقال هل فيكم من راق فإن في الماء رجلا لديفا أو سليما فانطلق رجل منهم فقرأ بفاتحة الكتاب على شاء فبرأ فجاء بالشاء إلى أصحابه فكرهوا ذلك فقالوا أخذت على كتاب الله أجرا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله " انتهى. وإنما لم يأت به البخاري في الموضع إلاول مجزوما به لقوله فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم والرقية بفاتحة الكتاب ليست في الحديث المتصل من قول النبي صلى الله عليه وسلم ولا من فعله وإنما ذلك من تقديره على الرقية بها وتقريره أحد وجوه السنن ولكن عزوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم من باب الرواية بالمعنى. والذي يدلك على أن البخاري إنما لم يجزم به لما ذكرناه أنه علقه في موضع آخر بلفظه فجزم به فقال في كتاب الإجازة باب ما يعطى في الرقية بفاتحة الكتاب. وقال ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله. على أنه يجوز أن يكون الموضع الذي ذكره البخاري بغير إسناد عن ابن عباس مرفوعا حديثا آخر في الرقية بفاتحة الكتاب غير الحديث الذي رواه كنحو ما وقع في حديث جابر المذكور بعده. وأما المثال الثالث فقوله رد على المتصدق صدقته هو بغيرلفظ بيع العبد المدبر بل أزيد على هذا وأقول الظاهر أن البخاري لم يرد الصدقة حديث جابر المذكور في بيع المدبر وإنما أراد والله أعلم حديث جابر في الرجل الذي دخل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فأمرهم فتصدقوا عليه فجاء في الجمعة الثانية فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصدقة فقام ذلك المتصدق عليه فتصدق بأحد ثوبيه فردة عليه النبي صلى الله

ثم إن ما يتقاعد من ذلك عن شرط الصحيح قليل يوجد في كتاب البخاري في مواضع من تراجم إلابواب دون مقاصد الكتاب وموضوعه الذي يشعر به اسمه الذي سماه به وهو: الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه وإلى الخصوص الذي بيناه يرجع مطلق قوله: ما أدخلت في كتاب الجامع إلا ما صح. وكذلك مطلق قول الحافظ أبي نصر الوايلي السجزي: أجمع أهل العلم الفقهاء وغيرهم على أن رجلا لو حلف بالطلاق: أن جميع ما في كتاب البخاري مما روي عن

_ عليه وسلم. وهو حديث ضعيف رواه الدارقطنى وهو الذي تأول به الحنفية قصة سليك الغطفانى في أمره بتحية المسجد حين دخل في حال الخطبة والله أعلم. وأما المثال الرابع: وهو قوله ويذكر عن على بن أبى طالب إلى آخره فليس فيه عليه اعتراض لأنه إذا جمع بين ما صح وبين ما لم يصح أتى بصيغة التمريض لأن صيغة التمريض تستعمل في الصحيح ولا تستعمل ولا تستعمل صيغة الجزم في الضعيف وأما عكس هذا وهو إلاتيان بصيغة الجزم فيما ليس بصحيح فهذا لا يجوز ولا يظن بالبخاري رحمه الله ذلك ولا يمكن أن يجزم بشئ إلا وهو صحيح عنده. وقول البخاري في التوحيد: وقال الماجشون إلى آخره هو صحيح عند البخاري بهذا السند وكونه رواه في أحاديث إلانبياء متصلا فجعل مكان أبى سلمة إلاعرج فهذا لا يدل على ضعف الطريق التي فيها أبو سلمة ولا مانع من أن يكون عند الماجشون في هذا الحديث إسنادان وأن شيخه عبد الله بن الفضل سمعت من شيخين من إلاعرج ومن أبى سلمة فرواه مرة عن هذا ومرة عن هذا ويكون الإسناد الذي وصله به البخاري أصح من الإسناد الذي علقه به ولا يحكم على البخاري بالوهم والغلط بقول أبى مسعود الدمشقى بقوله إنه إنما يعرف عن إلاعرج فقد عرفه البخاري عنهما ووصله مرة عن هذا أو علقه مرة عن هذا إلامر اقتضى ذلك فما وصل إسناده صحيح وما علقه وجزم به يحكم عليه أيضا بالصحة والله أعلم. "قوله" وكذلك مطلق قول الحافظ أبى نصر الوائلى السجزى أجمع أهل العلم

النبي صلى الله عليه وسلم قد صح عنه ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاله لا شك فيه أنه لا يحنث والمرأة بحالها في حبالته.

_ الفقهاء وغيرهم أن رجلا لو حلف بالطلاق أن جميع ما في كتاب البخاري مما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم قد صح عنه ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاله لا شك فيه أنه لا يحنث والمرأة بحالها في حبالته انتهى. وما ذكره الوايلى لا يقتضى أنه لا يشك في صحته ولا أنه مقطوع به لأن الطلاق لا يقع بالشك وقد ذكر المصنف هذا في شرح مسلم له فإنه حكى فيه عن إمام الحرمين أنه لو حلف إنسان بطلاق امرأته إنما في كتاب البخاري ومسلم مما حكما بصحته من قول النبي صلى الله عليه وسلم لما ألزمته الطلاق ولا خثته لإجماع علماء المسلمين على صحتهما. ثم قال الشيخ أبو عمرو: ولقائل أن يقول إنه لا يحنث ولو لم يجمع المسلمون على صحتهما للشك في الحنث فإنه لو حلف بذلك في حديث ليس هذه صفته لو يحنث وإن كان راويه فاسقا فعدم الحنث حاصل قبل إلاجماع فلا يضاف إلى إلاجماع. ثم قال الشيخ أبو عمرو: والجواب أن المضاف إلى إلاجماع هو القطع بعدم الحنث ظاهرا وباطنا وأما عند الشك فمحكوم به ظاهرا مع احتمال وجوده باطنا فعلى هذا يحمل كلام أمام الحرمين فهو إلاليق بتحقيقه. وقال النووى في شرح مسلم: إن ما قاله الشيخ في تأويل كلام إمام الحرمين في عدم الحنث فهو بناء على ما اختاره الشيخ وأما على مذهب ألأكثرين فيحتمل أنه أراد أنه لا يحنث ظاهرا ولا يستحب له التزام الحنث حتى يستحب له الرجعة كما إذا حلف بمثل ذلك في غير الصحيحين فإنا لا نحنثه لكن تحب له الرجعة احتياطا لاحتمال الحنث وهو احتمال ظاهر. قال وأما الصحيحان فاحتمال الحنث فيهما في غاية من الضعف فلا يحب له الرجعة لضعف احتمال موجبها.

وكذلك ما ذكره أبو عبد الله الحميدي في كتابه الجمع بين الصحيحين من قوله: لم نجد من إلائمة الماضين رضي الله عنهم أجمعين من أفصح لنا في جميع ما جمعه بالصحة إلا هذين إلامامين فإنما المراد بكل ذلك: مقاصد الكتاب وموضوعه ومتون إلابواب دون التراجم ونحوها لأن في بعضها ما ليس من ذلك قطعا مثل قول: البخاري باب ما يذكر في الفخذ ويروى عن ابن عباس وجرهد ومحمد بن جحش عن النبي صلى الله عليه وسلم: الفخذ عورة وقوله في أول باب من أبواب الغسل: وقال بهز بن حكيم عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم: "الله أحق أن يستحي منه" فهذا قطعا ليس من شرطه ولذلك لم يورده الحميدي في جمعه بين الصحيحين فاعلم ذلك فإنه مهم خاف والله أعلم. السابعة: وإذا انتهى إلامر في معرفة الصحيح إلى ما خرجه إلائمة في تصانيفهم الكافلة ببيان ذلك كما سبق ذكره فالحاجة ماسة إلى

_ "قوله" مثل قول البخاري باب ما يذكر في الفخد ويروى عن ابن عباس وجرهد ومحمد بن جحش عن النبي صلى الله عليه وسلم: "الفخد عورة" انتهى. اعترض عليه بأن حديث جرهد صحيح، وعلى تقدير صحة حديث جرهد ليس على المصنف رد لأنه لم ينف صحته مطلقا لكن نفي كونه من شرط البخاري فإنه لما مثل به وبحديث بهز بن حكيم قال فهذا قطعا ليس من شرطه على أنا لا نسلم أيضا صحته لما فيه من إلاضطراب في إسناده فقيل عن زرعة بن عبد الرحمن بن جرهد عن أبيه عن جده وقيل عن زرعة عن جده ولم يذكر أباه وقيل عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر جده وقيل عن زرعة بن مسلم بن جرهد عن أبيه عن جده وقيل عن زرعة بن مسلم عن جده ولم يذكر أباه وقيل عن ابن جرهد عن أبيه ولم يتم وقيل عن عبد الله بن جرهد عن أبيه. وقد أخرجه أبو داود وسكت عليه والترمذي من طرق وحسنه وقال في بعض طرقه وما أرى إسناده بمتصل.

التنبيه على أقسامه باعتبار ذلك فأولهما: صحيح أخرجه البخاري ومسلم جميعا الثاني: صحيح انفرد به البخاري أي عن مسلم الثالث: صحيح انفرد به مسلم أي عن البخاري الرابع: صحيح على شرطهما لم يخرجاه الخامس: صحيح على شرط البخاري لم يخرجه السادس: صحيح على شرط مسلم لم يخرجه السابع: صحيح عند غيرهما وليس على شرط واحد منهما هذه أمهات أقسامه وأعلاها إلاول وهو الذي يقول فيه أهل الحديث كثيرا: صحيح متفق عليه. يطلقون ذلك ويعنون به اتفاق البخاري ومسلم لا اتفاق إلامة عليه. لكن اتفاق إلائمة عليه لازم من ذلك وحاصل معه لاتفاق إلامة على تلقي ما اتفقا عليه بالقبول. وهذا القسم جميعه مقطوع بصحته والعلم اليقيني النظري واقع به. خلافا لقول من

_ وقال البخاري في صحيحه حديث أنس أسند وحديث جرهد أحوط. "قوله" عند ذكر أقسام الصحيح فأولها صحيح أخرجه البخاري ومسلم جميعا انتهى. اعترض عليه بأن إلاولى أن نقول صحيح على شرط الستة وقيل في إلاعتراض عليه أيضا الصواب أن يقول أصحها ما رواه الكتب الستة والجواب أن من لم يشترط في كتابه الصحيح لا يزيد تخريجه للحديث قوة نعم ما اتفق الستة على توثيق رواته أولى بالصحة مما اختلفوا فيه وإن اتفق عليه الشيخان. "قوله" في الحديث المتفق عليه وهذا القسم جميعه مقطوع بصحته والعلم اليقينى النظرى واقع به إلى آخر كلامه وقال في آخره سوى أحرف يسيرة تكلم عليها بعض أهل النقد من الحفاظ كالدارقطنى وغيره وهى معروفة عند أهل هذا الشأن انتهى كلامه. وفيه أمران أحدهما أن ما ادعاه من أن ما أخرجه الشيخان مقطوع بصحته قد سبقه إليه الحافظ أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسى وأبو نصر عبد الرحيم بن عبد الخالق بن يوسف فقإلا إنه مقطوع به وقد عاب الشيخ عز الدين بن عبد السلام على ابن الصلاح هذا وذكر أن بعض المعتزلة يرون أن إلامة إذا عملت بحديث

نفي ذلك محتجا بأنه لا يفيد في أصله إلا الظن وإنما تلقته إلامة بالقبول لأنه يجب عليهم العمل بالظن والظن قد يخطئ وقد كنت أميل إلى هذا وأحسبه قويا ثم بان لي أن المذهب الذي اخترناه أولا هو الصحيح لأن ظن من هو معصوم من الخطأ لا يخطئ. وإلامة في إجماعها معصومة من الخطأ ولهذا كان إلاجماع المبتني على إلاجتهاد حجة مقطوعا بها وأكثر إجماعات العلماء كذلك وهذه نكتة نفيسة نافعة ومن فوائدها: القول بأن ما انفرد به البخاري أو مسلم مندرج في قبيل ما يقطع بصحته لتلقي إلامة كل واحد من كتابيهما بالقبول على الوجه الذي فصلناه من حالهما فيما سبق سوى أحرف يسيرة تكلم عليها بعض أهل النقد من الحفاظ كالدارقطني وغيره وهي معروفة عند أهل هذا الشأن والله أعلم. الثامنة: إذا ظهر بما قدمناه انحصار طريق معرفة الصحيح والحسن إلان في مراجعة الصحيحين وغيرهما من الكتب المعتمدة فسبيل من أراد العمل

_ اقتضى ذلك القطع بصحته قال وهو مذهب ردئ. وقال الشيخ محيى الدين النووي في التقريب والتيسير خالف ابن الصلاح المحققون وألأكثرون فقالوا يفيد الظن ما لم يتواتر. وقال في شرح مسلم نحو ذلك بزيادة قال ولا يلزم من اجماع إلامة على العمل بما فيهما إجماعهم على أنه مقطوع بأنه كلام النبي صلى الله عليه وسلم قال وقد اشتد إنكار ابن برهان إلامام على من قال بما قاله الشيخ وبالغ في تغليظه. إلامر الثانى إن ما استثناه من المواضع اليسيرة قد أجاب العلماء عنها بأجوبة ومع ذلك فليست بيسيرة بل هى مواضع كثيرة وقد جمعتها في تصنيف مع الجواب عنها وقد ادعى ابن حزم في أحاديث من الصحيحين أنها موضوعة ورد عليه ذلك كما بينته في التصنيف المذكور والله أعلم. قوله إذا ظهر بما قدمناه انحصار طريق معرفة الصحيح والحسن إلان في مراجعة الصحيحين وغيرهما من الكتب المعتمدة فسبيل من أراد العلم أو إلاحتجاج بذلك إذا كان ممن يسوغ له العمل بالحديث أو إلاحتجاج به لذى مذهب أن يرجع

أو إلاحتجاج بذلك إذا كان ممن يسوغ له العمل بالحديث أو إلاحتجاج به لدى مذهب أن يرجع إلى أصل قد قابله هو أو ثقة غيره بأصول صحيحة متعددة مروية بروايات متنوعة ليحصل له بذلك مع اشتهار هذه الكتب وبعدها عن أن تقصد بالتبديل والتحريف الثقة بصحة ما اتفقت عليه تلك إلاصول والله أعلم.

_ إلى أصل قد قابله هو أو ثقه غير بأصول صحيحة متعددة مروية بروايات متنوعة إلى آخر كلامه ما اشترطه المصنف من المقابلة بأصول متعددة قد خالفه فيه الشيخ محيى الدين النووى فقال وإن قابلها بأصل معتمد محقق أجزأه قلت وفي كلام ابن الصلاح في موضع آخر ما يدل على عدم اشتراط تعدد إلاصول فإنه حين تكلم في نوع الحسن أن نسخ الترمذي تختلف في قوله حسن أو حسن صحيح ونحو ذلك قال فينبغى أن تصحح أصلك بجماعة أصول وتعتمد على ما أتفقت عليه فقوله هنا ينبغى يعطى عدم اشتراط والله أعلم.

النوع الثاني: معرفة الحسن من الحديث

النوع الثاني: معرفة الحسن من الحديث. روينا عن أبي سليمان الخطابي رحمه الله أنه قال بعد حكايته أن الحديث عند أهله ينقسم إلى إلاقسام الثلاثة التي قدمنا ذكرها الحسن: ما عرف مخرجه واشتهر رجاله. قال: وعليه مدار أكثر الحديث وهو الذي يقبله أكثر العلماء ويستعمله

_ النوع الثانى معرفه الحسن. "قوله" روينا عن أبى سليمان الخطابى رحمه الله تعالى أنه قال الحسن ما عرف مخرجه واشتهر رجاله انتهى. ثم ذكر الشيخ بعد ذلك أنه ليس في كلام الترمذي والخطابى ما يفضل الحسن من الصحيح انتهى وفيه أمران أحدهما أن ما حكاه من صيغة كلام الخطابى قد اعترض عليه فيه الحافظ أبو عبد الله محمد بن عمر بن رشيد فيما حكاه الحافظ أبو الفتح اليعمرى في شرح الترمذي فقال إنه رآه بخط الحافظ أبى على الجيانى أنه ما عرف مخرجه واستقر حاله أى بالسين المهملة وبالقاف وبالحاء المهملة دون راء في أوله قال ابن رشيد وأنا بحظ الجيانى عارف انتهى.

عامة الفقهاء وروينا عن أبي عيسى الترمذي رضي الله عنه أنه يريد بالحسن: أن لا يكون في إسناده من يتهم بالكذب ولا يكون حديثا شاذا ويروى من غير وجه نحو ذلك.

_ وما اعترض به ابن رشيد مردود فإن الخطابى قد قال ذلك في خطبة كتابه معالم السنن وهو في النسخ الصحيحة المعتمدة المسموعة كما ذكره المصنف واشتهر رجاله وليس لقوله واستقر حاله كبير معنى والله أعلم. إلامر الثانى أن ما ذكره من أنه ليس في كلام الخطابى ما يفصل الحسن من الصحيح ذكره ابن دقيق العيد أيضا في إلاقتراح وزاده وضوحا فقال ليس في عبارة الخطابى كبير تلخيص وأيضا فالصحيح قد عرف مخرجه واشتهر رجاله فيدخل الصحيح في الحسن واعترض الشيخ تاج الدين التبريزى على كلام الشيخ تقى الدين بقوله فيه نظر لأنه ذكر من بعد أن الصحيح أخص من الحسن قال ودخول الخاص في حد العام ضرورى والتقييد بما يخرجه للحد وهو اعتراض متجه وقد أجاب بعض المتأخرين عن استشكال حدى الترمذي والخطابى بأن قول الخطابى ما عرف مخرجه هو كقول الترمذي ويروى نحوه من غير وجه وقول الخطابى اشتهر رجاله يعنى بالسلامة من وصمة الكذب هو كقول الترمذي ولا يكون في إسناده من يتهم بالكذب وزاد الترمذي ولا يكون شاذا ولا حاجة إلى ذكره لأن الشاذ ينافي عرفان المخرج فكأنه كرره بلفظ متباين فلا إشكال فيما قإلاه انتهى. وما فسر به قول الخطابى ما عرف مخرجه بأن يروى من غير وجه لا يدل عليه كلام الخطابى أصلا بل الذي رأيته في كلام بعض الفضلاء أن في قوله ما عرف مخرجه إحترازا عن المرسل وعن خبر المدلس قبل أن يبين تدليسه وهذا أحسن في تفسير كلام الخطابى لأن المرسل الذي سقط بعض إسناده وكذلك المدلس الذي سقط منه بعضه لا يعرف فيهما مخرج الحديث لأنه لا يدرى من سقط من إسناده بخلاف من أبرز جميع رجاله فقد عرف مخرج الحديث من أين والله أعلم. "قوله" وروينا عن أبى عيسى الترمذي رحمه الله أنه يريد بالحسن أن لا يكون في إسناده من يتهم بالكذب ولا يكون شاذا أو يروى من غير وجه نحو ذلك إنتهى.

وقال بعض المتأخرين: الحديث الذي فيه ضعف قريب محتمل هو الحديث

_ اعترض بعض من اختصر كلام ابن الصلاح عليه في حكاية هذا عن الترمذي وهو الحافظ عماد الدين بن كثير فقال وهذا إن كان قد روى عن الترمذي أنه قاله ففي أى كتاب له قاله وأين إسناده عنه وإن كان فهم من اصطلاحه في كتابه الجامع فليس ذلك بصحيح فإنه يقول في كثير من إلاحاديث هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه انتهى. وهذا إلانكار عجيب فإنه في آخر العلل التي في آخر الجامع وهى داخلة في سماعنا وسماع المنكر لذلك وسماع الناس نعم ليست في رواية كثير من المغاربة فإنه وقعت لهم رواية المبارك ابن عبد الجبار الصيرفي وليست في روايته عن أبى يعلى أحمد ابن عبد الواحد وليست في رواية أبى يعلى عن أبى على السنجى وليست في رواية أبى على السنجى عن أبى العباس المحبوبى صاحب الترمذي ولكنها في رواية عبد الجبار ابن محمد الجراحى عن المحبوبى ثم اتصلت عنه بالسماع إلى زماننا بمصر والشام وغيرهما من البلاد إلاسلامية ولكن استشكل أبو الفتح اليعمرى كون هذا الحد الذي ذكره الترمذي اصطلاحا عاما لأهل الحديث فنورد لفظ الترمذي أولا: قال أبو عيسى وما ذكرنا في هذا الكتاب حديث حسن إنما أردنا به حسن إسناده عندنا كل حديث يروى لا يكون في إسناده من يتهم بالكذب ولا يكون الحديث شاذا ويروى من غير وجه نحو ذاك فهو عندنا حديث حسن انتهى كلامه فقيد الترمذي تفسير الحسن بما ذكره في كتابه الجامع فلذلك قال أبو الفتح اليعمرى في شرح الترمذي إنه لو قال قائل إن هذا إنما اصطلح عليه الترمذي في كتابه هذا ولم ينقله اصطلاحا عاما كان له ذلك فعلى هذا لا ينقل عن الترمذي حد الحديث الحسن بذلك مطلقا في إلاصطلاح العام والله أعلم. "قوله" وقال بعض المتأخرين الحديث الذي فيه ضعف قريب محتمل هو الحديث الحسن انتهى. وأراد المصنف ببعض المتأخرين هنا أبا الفرج ابن الجوزى فإنه قال هكذا في كتابيه الموضوعات والعلل المتناهية.

الحسن ويصلح للعمل به قلت: كل هذا مستبهم لا يشفي الغليل وليس فيما ذكره الترمذي والخطابي ما يفصل الحسن من الصحيح. وقد أمعنت النظر في ذلك والبحث جامعا بين أطراف كلامهم ملاحظا مواقع استعمالهم فتنقح لي واتضح أن الحديث الحسن قسمان: أحدهما: الحديث الذي لا يخلو رجال إسناده من مستور لم تتحقق أهليته غير أنه ليس مغفلا كثير الخطأ فيما يرويه ولا هو متهم بالكذب في الحديث أي لم يظهر منه تعمد الكذب في الحديث ولا سبب آخر مفسق ويكون متن الحديث مع ذلك قد عرف بأن روي مثله أو نحوه من وجه آخر أو أكثر حتى اعتضد بمتابعة من تابع راويه على مثله أو بما له من شاهد وهو ورود حديث آخر بنحوه فيخرج بذلك عن أن يكون شاذا ومنكرا وكلام الترمذي على هذا القسم يتنزل

_ قال الشيخ تقى الدين بن دقيق العيد في إلاقتراح إن هذا ليس مضبوطا بضابط يتميز به القدر المحتمل من غيره قال وإذا اضطرب هذا الوصف لم يحصل التعريف المميز للحقيقة. "قوله" وقد أمعنت النظر في ذلك والبحث جامعا بين أطراف كلامهم ملاحظا مواقع استعمالهم فتنقح لى واتضح أن الحديث الحسن قسمان إلى آخر كلامه وقد أنكر بعض العلماء المتأخرين لفظ إلا معان وقال إنه ليس عربيا وكذلك قول الفقهاء في التنعم أمعن في الطلب ونحو ذلك. وقد نظرت في ذلك فوجدته مأخوذا من أمعن الفرس في عدوه أو من أمعن الماء إذا استنبطه وأخرجه وقد حكى إلازهرى في تهذيب اللغة عن الليث بن المظفر أمعن الفرس وغيره إذا تباعد في عدوه وكذا قال الجوهرى في الصحاح وحكاه إلازهرى أيضا أمعن الماء إذا أحراه ويحتمل أنه من أمعن إذا أكثر وهو من إلامداد قال أبو عمر والمعن القليل والمعن الكثير والمعن الطويل والمعن القصير والمعن إلاقرار بالحق والمعن الجحود والكفر للنعم والمعن الماء الطاهر. وما ذكره المصنف من كون الحديث الحسن على قسمين إلى آخر كلامه قد أخذ

القسم الثاني: أن يكون راويه من المشهورين بالصدق وإلامانة غير أنه لم يبلغ درجة رجال الصحيح لكونه يقصر عنهم في الحفظ وإلاتقان وهو مع ذلك يرتفع عن حال من يعد ما ينفرد به من حديثه منكرا ويعتبر في كل هذا مع سلامة الحديث من أن يكون شاذا ومنكرا سلامته من أن يكون معللا وعلى القسم الثاني يتنزل كلام الخطابي فهذا الذي ذكرناه جامع لما تفرق في كلام من بلغنا كلامه في ذلك وكأن الترمذي ذكر أحد نوعي الحسن وذكر الخطابي النوع إلاخر مقتصرا كل واحد منهما على ما رأى أنه يشكل معرضا عما رأى أنه لا يشكل. أو أنه غفل عن البعض وذهل والله أعلم هذا تأصيل ذلك وتوضيحه. تنبيهات وتفريعات. أحدها: الحسن يتقاصر عن الصحيح في أن الصحيح من شرطه: أن يكون

_ عليه فيه الشيخ تقى الدين في إلاقتراح إجمإلا فقال بعد أن حكى كلامه وعليه فيه مؤاحذات ومناقشات. وقال بعض المتأخرين يرد على القسم إلاول المنقطع والمرسل الذي في رجاله مستور وروى مثله أو نحوه من وجه آخر ويرد على الثانى المرسل الذي اشتهر رواته بما ذكر قال فإلاحسن أن يقال الحسن ما في إسناده المتصل مستور له به شاهد أو مشهود قاصر عن درجة إلاتقان وخلا من العلة والشذوذ والله أعلم. "قوله" الحسن يتقاصر عن الصحيح في أن الصحيح من شرطه أن يكون جميع رواته قد تبينت عدالتهم وضبطهم وإتقانهم إما بالنقل الصريح أو بإلاستفاضة على ما سيبينه إن شاء الله تعالى وذلك غير مشترط في الحسن فإنه يكتفي فيه بما سبق ذكره من مجئ الحديث من وجوه وغير ذلك مما تقدم شرحه انتهى كلامه وفيه أمران: أحدهما: أنه قد اعترض عليه بأن جميع رواة الصحيح لا يوجد فيهم هذه الشروط إلا في النذر اليسير إنتهى.

جميع رواته قد ثبتت عدالتهم وضبطهم وإتقانهم إما بالنقل الصريح أو بطريق إلاستفاضة. على ما سنبينه إن شاء الله تعالى وذلك غير مشترط في الحسن فإنه يكتفي فيه بما سبق ذكره من مجيء الحديث من وجوه وغير ذلك مما تقدم شرحه. وإذا استبعد ذلك من الفقهاء الشافعية مستبعد ذكرنا له نص الشافعي رضي

_ والجواب أن العدالة تثبت إما بالتنصيص عليها كالمصرح بتوثيقهم وهم كثير أو بتخريج من التزم الصحة في كتابه له فالعدالة أيضا تثبت بذلك وكذلك الضبط وإلاتقان درجاته متفاوتة فلا يشترط أعلا وجوه الضبط كمالك وشعبة بل المراد بالضبط أن لا يكون مغفلا كثير الغلط وذلك بأن يعتبر حديثه بحديث أهل الضبط وإلاتقان فان وافقهم غالبا فهو ضابط كما ذكره المصنف في المسألة الثانية من النوع الثالث والعشرين وإذا كان كذلك فلا مانع من وجود هذه الصفات في رواة صحيح إلاحاديث والله أعلم. إلامر الثانى: أن قوله في الحسن إنه يكتفي فيه بما سبق ذكره من مجى الحديث من وجوه فيه نظر إذ لم يسبق اشتراط مجيئه من وجوه بل من غير وجه كما سبق ذلك في كلام الترمذي وعلى هذا فمجيئه من وجهين كاف في حد الحديث الحسن والله أعلم. "قوله" حكاية عن نص الشافعي رضى الله عنه في مراسل التابعين أنه يقبل منها المرسل الذي جاء نحوه مسندا وكذلك لو وافقه مرسل آخر أرسله من أخذ العلم عن غير رجال التابعى إلاول في كلام له ذكر فيه وجوها من إلاستدلال على صحة مخرج المرسل بمجيئه من وجه آخر انتهى كلامه وفيه نظر من حيث أن الشافعي رضى الله عنه إنما يقبل من المراسيل التي اعتضدت بما ذكر مراسيل كبار التابعين بشروط أخرى في من أرسل كما نص عليه في الرسالة فقال والمنقطع مختلف فمن شاهد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من التابعين فحدث حديثا منقطعا عن النبي صلى الله عليه وسلم اعتبر عليه بأمور منها أن ينظر إلى ما أرسل من الحديث فإن شركه فيه الحفاظ المأمونون فأسندوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل معنى ما روى كانت هذه دلالة على صحة ما قيل عنه وحفظه.

الله تعالى عنه في مراسيل التابعين: أنه يقبل منها المرسل الذي جاء نحوه مسندا وكذلك لو وافقه مرسل آخر أرسله من أخذ العلم عن غير رجال التابعي إلاول في كلام له ذكر فيه وجوها من إلاستدلال على صحة مخرج المرسل لمجيئه من وجه آخر وذكرنا له أيضا ما حكاه إلامام أبو المظفر السمعاني وغيره عن بعض أصحاب الشافعي من أنه: تقبل رواية المستور وإن لم تقبل شهادة المستور ولذلك وجه متجه كيف وإنا لم نكتف في الحديث الحسن بمجرد رواية المستور على ما سبق آنفا. والله أعلم. الثاني: لعل الباحث الفهم يقول: إنا نجد أحاديث محكوما بضعفها مع كونها

_ وإن انفرد بإرسال حديث لم يشركه فيه من يسنده قبل ما ينفرد به من ذلك ويعتبر عليه بأن ينظر هل يوافقه مرسل غيره ممن قبل العلم من غير رجاله الذين قبل عنهم فإن وجد ذلك كانت دلالة تقوى له مرسلة وهى أضعف من إلاولى. فإن لم يوجد ذلك نظر إلى بعض ما يروى عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قولا له فإن وجد يوافق ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت في هذا دلالة على أنه لم يأخذ مرسله إلا عن أصل يصح إن شاء الله وكذلك إن وجد عوام من أهل للعلم يفتون بمثل معنى ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم يعتبر عليه بأن يكون إذا سمى من روى عنه الأصل لم يسم مجهولا ولا مرغوبا عن الرواية عنه فيستدل بذلك على صحته فيما روى عنه ويكون إذا شرك أحدا من الحفاظ في حديثه لم يخالفه فان وجد حديثه أنقص كانت في هذه دلائل على صحة مخرج حديثه ومتى خالف ما وصفت أضر بحديثه حتى لا يسع أحدا قبول مرسله قال وإذا وجدت الدلائل بصحة حديثه بما وصفت أحببنا أن نقبل مرسله ثم قال فأما من بعد كبار التابعين فلا أعلم واحدا يقبل مرسله لأمور أحدها أنهم أشد تجوزا فيمن يروون عنه وإلاخر أنه وجد عليهم الدلائل فيما أرسلوا لضعف مخرجه وإلاخر كثر إلاحالة في إلاخبار وإذا كثرت إلاحالة كان أمكن للوهم وضعف من يقبل عنه هذه عبارة الشافعي رحمه الله في الرسالة ورواها عنه بالإسناد الصحيح

قد رويت بأسانيد كثيرة من وجوه عديدة مثل حديث: إلاذنان من الرأس ونحوه فهلا جعلتم ذلك وأمثاله من نوع الحسن لأن بعض ذلك عضد بعضا كما قلتم في نوع الحسن على ما سبق آنفا وجواب ذلك: أنه ليس كل ضعف في الحديث يزول بمجيئه من وجوه بل ذلك يتفاوت فمنه ضعف يزيله ذلك بأن يكون ضعفه ناشئا من ضعف حفظ راويه مع كونه من أهل الصدق والديانة. فإذا رأينا ما رواه قد جاء من وجه آخر عرفنا أنه مما قد حفظه ولم يختل فيه ضبطه له. وكذلك إذا كان ضعفه من حيث إلارسال زال بنحو ذلك كما في المرسل الذي يرسله إمام حافظ إذ فيه ضعف قليل يزول بروايته من وجه آخر ومن ذلك ضعف لا يزول بنحو ذلك لقوة الضعف وتقاعد هذا الجابر عن جبره ومقاومته. وذلك كالضعف الذي ينشأ من كون الراوي متهما بالكذب أو كون الحديث شاذا وهذه جملة تفاصيلها تدرك بالمباشرة والبحث فاعلم ذلك فإنه من النفائس العزيزة. والله أعلم.

_ البيهقي في المدخل والخطيب في الكفاية وعلى هذا فاطلاق الشيخ النقل عن الشافعي ليس بجيد وقد تبعه على ذلك الشيخ محيى الدين في عامة كتبه ثم تنبه لذلك في شرح الوسيط المسمى بالتنقيح وهو من أواخر تصانيفه فقال فيه وأما الحديث المرسل فليس بحجة عندنا إلا أن الشافعي قال يجوز إلاحتجاج بمرسل الكبار من التابعين بشرط أن يعتضد بأحد أمور أربعة فذكرها. وقول النووى هنا يجوز إلاحتجاج أخذه من عبارة الشافعي في قوله أحببنا أن نقبل مرسله وقد قال البيهقي في المدخل إن قول الشافعي أحببنا أراد به اخترنا انتهى. وعلى هذا فلا يلزم أن يكون إلاحتجاج به جائزا فقط بل يقال اختار الشافعي إلاحتجاج بالمرسل الموصوف بما ذكر أما كونه على سبيل الجواز أو الوجوب فلا يدل عليه كلامه والله اعلم. "قوله" الثانى لعل الباحث الفهم يقول إنا نجد أحاديث محكوما بضعفها مع كونها

الثالث: إذا كان راوي الحديث متأخرا عن درجة أهل الحفظ وإلاتقان غير أنه من المشهورين بالصدق والستر وروي مع ذلك حديثه من غير وجه فقد اجتمعت له القوة من الجهتين وذلك يرقي حديثه من درجة الحسن إلى درجة الصحيح. مثاله: حديث محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة" فمحمد بن عمرو بن علقمة: من المشهورين بالصدق والصيانة لكنه لم يكن من أهل إلاتقان حتى ضعفه بعضهم من جهة سوء حفظه ووثقه بعضهم لصدقه وجلالته فحديثه من هذه الجهة حسن. فلما انضم إلى ذلك كونه روي من أوجه أخر زال بذلك ما كنا نخشاه عليه من جهة سوء حفظه وانجبر به ذلك النقص اليسير فصح هذا الإسناد والتحق بدرجة الصحيح والله أعلم. الرابع: كتاب أبي عيسى الترمذي رحمه الله أصل في معرفة الحديث الحسن وهو الذي نوه باسمه وأكثر من ذكره في جامعه ويوجد في متفرقات من كلام

_ قد رويت بأسانيد كثيرة من وجوه عديدة مثل حديث "إلاذنان من الرأس" ونحوه إلى آخر كلامه اعترض عليه بأن هذا الحديث رواه ابن حبان في صحيحه. والجواب أن ابن حبان أخرجه من رواية شهر بن حوشب عن أبى أمامة وشهر ضعفه الجمهور ومع هذا فهو من قول أبى أمامة موقوفا عليه وقد بينه أبو داود في سننه عقب تخريجه له فذكر عن سليمان بن حرب قال يقولها أبو أمامة وقال حماد بن زيد فلا أدرى أهو من قول النبي صلى الله عليه وسلم أو أبى أمامة وكذا ذكر الترمذي قول حماد بن زيد ثم قال الترمذي هذا حديث ليس اسناده بذاك القائم انتهى وقد روى حديث جماعة من الصحابة جمعهم ابن الجوزى في العلل المتناهية وضعفها كلها والله أعلم. "قوله" الرابع كتاب أبى عيسى الترمذي رحمه الله أصل في معرفة الحديث الحسن وهو الذي نوه باسمه وأكثر من ذكره في جامعه ويوجد في متفرقات من كلام بعض

بعض مشايخه والطبقة التي قبله كأحمد بن حنبل والبخاري وغيرهما. وتختلف النسخ من كتاب الترمذي في قول: هذا حديث حسن. أو: هذا حديث حسن صحيح ونحو ذلك. فينبغي أن تصحح أصلك به بجماعة أصول وتعتمد على ما اتفقت عليه ونص الدارقطني في سننه على كثير من ذلك. ومن مظانه سنن أبى داود السجستاني رحمه الله. روينا عنه انه قال: ذكرت فيه الصحيح ومايشبه ويقاربه. وروينا عنه أيضا ما معناه: أنه يذكر في كل باب أصح ما عرفه في ذلك الباب. وقال: ما كان في كتابي من حديث فيه وهن شديد فقد بينته ومالم أذكر فيه شيئا فهو صالح وبعضها أصح من بعض.

_ مشايخه والطبقة التي قبله كأحمد بن حنبل والبخاري وغيرهما انتهى. وقد وجد التعبير به في شيوخ الطبقة التي قبله أيضا كالشافعي رحمه الله تعالى فقال في كتاب اختلاف الحديث عند ذكر حديث ابن عمر "لقد ارتقيت على ظهر بيت لنا" الحديث حديث ابن عمر مسند حسن الإسناد وقال فيه أيضا وسمعت من يروى بإسناد حسن أن أبا بكرة ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم أنه ركع دون الصف الحديث. وقد اعترض أيضا على المصنف في قوله أن الترمذي أكثر من ذكره في جامعه بأن يعقوب بن شيبة في مسنده وأبا على الطوسي شيخ أبى حاتم أكثرا من قولهما حسن صحيح انتهى. وهذا إلاعتراض ليس بجيد لأن الترمذي أول من أكثر من ذلك ويعقوب وأبو على إنما صنفا كتابيهما بعد الترمذي وكأن كتاب أبى على الطوسى مخرج على كتاب الترمذي لكنه شاركه في كثير من شيوخه والله أعلم. "قوله" ومن مظانه أى الحسن سنن أبى داود روينا عنه أنه قال ذكرت فيه الصحيح وما يشبهه ويقاربه ثم قال قال وما كان في كتابى من حديث فيه وهن شديد فقد بينته وما لم أذكر فيه شيئا فهو صالح وبعضها أصح من بعض قال ابن الصلاح فعلى

قلت: فعلى هذا ما وجدناه في كتابه مذكورا مطلقا وليس في واحد من الصحيحين ولا نص على صحته أحد ممن يميز بين الصحيح والحسن عرفناه بأنه من الحسن عند أبى داود وقد يكون في ذلك ما ليس بحسن عند هـ ولا مندرج فيما حققنا ضبط الحسن به على ما سبق إذ حكى أبو عبد الله بن منده الحافظ: أنه سمع محمد بن سعد الباوردي بمصر يقول: كان من مذهب أبى عبد الرحمن النسائي أن يخرج عن كل من لم يجمع على تركه. وقال ابن منده: وكذلك أبو داود السجستاني

_ هذا ما وجدناه في كتابه مذكورا مطلقا وليس في واحد من الصحيحين ولا نص على صحته أحد ممن يميز بين الصحيح والحسن عرفاه بأنه من الحسن عند أبى داود وقد يكون في ذلك ما ليس بحسن عند غيره ولا مندرج فيما حققنا ضبط الحسن به إلى آخر كلامه وفيه أمور: أحدها: قد اعترض إلامام أبو عبد الله محمد بن عمر بن محمد بن رشيد على المصنف في هذا فقال ليس يلزم أن يستفاد من كون الحديث لم ينص عليه أبو داود بضعف ولا نص عليه غيره بصحة أن الحديث عند أبى داود حسن إذ قد يكون عنده صحيحا وإن لم يكن عند غيره كذلك حكاه الحافظ أبو الفتح اليعمرى في شرح الترمذي عن ابن رشيد ثم قال وهذا تعقب حسن انتهى. والجواب: عن اعتراض ابن رشيد أن المصنف إنما ذكر مالنا أن نعرف الحديث به عند أبى داود وإلاحتياط أن لا يرتفع به إلى درجة الصحة وإن جاز أن يبلغها عند أبى داود لأن عبارة أبى داود فهو صالح إلى إلاحتجاج به فان كان أبو داود يرى الحسن رتبة بين الصحيح والضعيف فإلاحتياط بل الصواب ما قاله ابن الصلاح وإن كان رأيه كالمتقدمين أن الحديث ينقسم إلى صحيح وضعيف فما سكت عنه فهو صحيح وإلاحتياط أن يقال فهو صالح كما عبر أبو داود به والله أعلم. وهكذا رأيت الحافظ أبا عبد الله بن المواق يفعل في كتابه بغية النقاد يقول في الحديث الذي سكت عليه أبو داود هذا حديث صالح. إلامر الثانى: أن الحافظ أبا الفتح اليعمرى تعقب ابن الصلاح هنا بأمر آخر فقال في شرح الترمذي لم يرسم أبو داود شيئا بالحسن وعمله بذلك شبيه بعمل مسلم الذي

يأخذ مأخذه ويخرج الإسناد الضعيف إذا لم يجد في الباب غيره لأنه أقوى عنده من رأى الرجال والله اعلم.

_ لا ينبغى أن يحمل كلامه على غيره أنه اجتنب الضعيف الواهى وأتى بالقسمين إلاول والثانى وحديث من مثل به من الرواة من القسمين إلاول والثانى موجود في كتابه دون القسم الثالث قال فهلا ألزم الشيخ أبو عمرو مسلما من ذلك ما ألزم به أبا داود فمعنى كلامهما واحد. قال وقول أبى داود وما يشبهه يعنى في الصحة وما يقاربه يعنى فيها أيضا قال وهو نحو قول مسلم إنه ليس كل الصحيح نجده عند مالك وشعبة وسفيان فاحتاج أن ينزل إلى مثل حديث ليث بن أبى سليم وعطاء بن السايب وزيد بن أبى زياد لما يشمل الكل من اسم العدالة والصدق وأن تفاوتوا في الحفظ وإلاتقان ولا فرق بين الطريقين غير أن مسلما شرط الصحيح فتخرج من حديث الطبقة الثالثة وأبا داود لم يشرط فذكر ما يشتد وهنه عنده والتزم البيان عنه قال وفي قول أبى داود أن بعضها أصح من بعض ما يشير إلى القدر المشترك بينهما من الصحة وأن تفاوتت فيه لما يقتضيه صيغة أفعل في ألأكثر انتهى كلام أبى الفتح. والجواب عنه أن مسلما شرط الصحيح بل الصحيح المجمع عليه في كتابه فليس لنا أن نحكم على حديث في كتابه بأنه حسن عنده لما عرف من قصور الحسن عن الصحيح وأبو داود قال إنما سكت عنه فهو صالح والصالح يجوز أن يكون صحيحا ويجوز أن يكون حسنا عند من يرى الحسن رتبة متوسطة بين الصحيح والضعيف. ولم ينقل لنا عن أبى داود هل يقول بذلك أو يرى ما ليس بضعيف صحيحا فكان إلاولى بل الصواب أن لا يرتفع بما سكت عنه إلى الصحة حتى يعلم أن رأيه هو الثانى ويحتاج الى نقل. إلامر الثالث: أن بعض من اختصر كتاب ابن الصلاح يعقبه بتعقب آخر وهو الحافظ عماد الدين بن كثير فقال إن الروايات لسنن أبى داود كثيرة ويوجد في بعضها ما ليس في إلاخرى ولأبى عبيد إلاجرى عنه اسئله في الجرح والتعديل والتصحيح والتعليل كتاب مفيد ومن ذلك أحاديث ورجال قد ذكرها في سننه فقول ابن

الخامس: ما صار إليه صاحب المصابيح رحمه الله من تقسيم أحاديثه إلى نوعين: الصحاح والحسان مريدا بالصحاح ما ورد في أحد الصحيحين أو فيهما وبالحسان ما أورده أبو داود والترمذي وأشباههما في تصانيفهم. فهذا اصطلاح لا يعرف وليس الحسن عند أهل الحديث عبارة عن ذلك. وهذه الكتب تشتمل على حسن وغير حسن كما سبق بيانه والله أعلم.

_ الصلاح ما سكت عنه فهو حسن ما سكت عليه في سننه فقط أو مطلقا هذا مما ينبغى التنبيه عليه والتيقظ له أنتهى كلامه وهو كلام عجيب. وكيف يحسن هذا إلاستفسار بعد قول ابن الصلاح إن من مظان الحسن سنن أبى داود فكيف يحتمل حمل كلامه على الإطلاق في السنن وغيرها وكذلك لفظ أبى داود صريح فيه كأنه قال في رسالته ذكرت في كتابى هذا الصحيح إلى آخر كلامه. وأما قول ابن كثير من ذلك أحاديث ورجال قد ذكرها في سننه إن أراد به أنه ضعف أحاديث ورجإلا في سؤإلات للآجرى وسكت عليها في السنن فلا يلزم من ذكره لها في السؤإلات بضعف أن يكون الضعف شديدا فانه يسكت في سننه على الضعف الذي ليس بشديد كما ذكره هو نعم إن ذكر في السؤإلات أحاديث أو رجإلا بضعف شديد وسكت عليها في السنن فهو وارد عليه ويحتاج حينئذ إلى الجواب والله أعلم. "قوله" الخامس ما صار اليه صاحب المصابيح من تقسيم أحاديثه إلى نوعين الصحاح والحسان مريدا بالصحاح ما ورد في أحد الصحيحين أو فيهما وبالحسان ما أورده أبو داود والترمذي وأشباههما في تصانيفهم فهذا اصطلاح لا يعرف إلى آخر كلامه وأجاب بعضهم عن هذا إلايراد على البغوى بأن البغوى بين في كتابه المصابيح عقب كل حديث كونه صحيحا أو حسنا أو غريبا ولا يرد عليه ذلك قلت وما ذكره هذا المجيب عن البغوى من أنه يذكر عقب كل حديث كونه صحيحا أو حسنا أو غريبا ليس كذلك فانه لا يبين الصحيح من الحسن فيما أورده من السنن وإنما يسكت عليها وإنما يبين الغريب غالبا وقد يبين الضعيف ولذلك قال في خطبة كتابه وما كان فيها من ضعيف أو غريب أشرت إليه أنهى.

السادس: كتب المسانيد غير ملتحقة بالكتب الخمسة التي هي: الصحيحان وسنن أبي داود وسنن النسائي وجامع الترمذي وما جرى مجراها في إلاحتجاج بها والركون إلى ما يورد فيها مطلقا كمسند أبي داود الطيالسي ومسند عبيد الله بن موسى ومسند أحمد بن حنبل ومسند إسحاق بن راهويه ومسند عبد بن حميد ومسند الدارمي ومسند أبي يعلى الموصلي ومسند الحسن بن سفيان ومسند البزار أبي بكر وأشباهها فهذه عادتهم فيها: أن يخرجوا في مسند كل صحابي ما رووه من حديثه غير متقيدين بأن يكون حديثا محتجا به. فلهذا تأخرت مرتبتها وإن جلت لجلالة مؤلفيها عن مرتبة الكتب الخمسة وما التحق بها من الكتب المصنفة على إلابواب والله أعلم.

_ فإلايرادات باق في مزجه صحيح ما في السنن بما فيها من الحسن وكأنه سكت عن بيان ذلك لاشتراكهما في إلاحتجاج به والله أعلم. "قوله" السادس كتب المسانيد غير ملتحقة بالكتب الخمسة التي هى الصحيحان وسنن أبى داود وسنن النسائى وجامع الترمذي وما جرى مجرها في إلاحتجاج بها والركون إلى ما يورد فيها مطلقا كمسند أبى داود الطيالسى ومسند عبيد الله ابن موسى ومسند أحمد بن حنبل ومسند إسحق بن راهويه ومسند عبد بن حميد ومسند الدارمى ومسند ابى يعلى ومسند الحسن بن سفيان ومسند البزار أبى بكر وأشباهها فهذه عادتهم فيها أن يخرجوا في مسند كل صحابى ما رووه من حديثه غير متقيدين بأن يكون حديثا محتجا به فلذلك تأخرت مرتبها إلى آخر كلامه وفيه أمران" أحدهما" أن عدة مسند الدارمى في جملة هذه المسانيد مما أفرد فيه حديث كل صحابى وحده وهم منه فانه مرتب إلابواب كالكتب الخمسة واشتهر تسميته بالمسند كما سمى البخاري المسند الجامع الصحيح وان كان مرتبا على إلابواب لكون أحاديثه مسنده إلا أن مسند الدارمى كثير إلاحاديث المرسلة والمنقطعة والمعضلة والمقطوعة والله أعلم. إلامر الثانى" أنه اعترض على المصنف بالنسبة إلى صحة بعض هذه المسانيد بأن أحمد بن حنبل شرط في مسنده أن لا يخرج إلا حديثا صحيحا عنده قاله

..............................................................................

_ أبو موسى المدينى وبأن إسحق بن راهويه يخرج مثل ما ورد عن ذلك الصحابى ذكره عنه أبو زرعة الرازى وبأن مسند الدارمى أطلق عليه اسم الصحيح غير واحد من الحفاظ وبأن مسند البزار بين فيه الصحيح وغيره انتهى ما اعترض به عليه. والجواب أنا لا نسلم أن أحمد اشترط الصحة في كتابه والذي رواه أبو موسى المدينى بسنده إليه أنه سئل عن حديث فقال انظروه فإن كان في المسند وإلا فليس بحجة وهذا ليس صريحا في أن جميع ما فيه حجة بل فيه أن ما ليس في كتابة ليس بحجة على أن ثم أحاديث صحيحة مخرجة في الصحيح وليست في مسند أحمد منها حديث عائشة في قصة أم زرع. وأما وجود الضعيف فيه فهو محقق بل فيه أحاديث موضوعة وقد جمعتها في جزء وقد ضعف إلامام احمد نفسه أحاديث فيه فمن ذلك حديث عائشة مرفوعا رأيت عبد الرحمن بن عوف يدخل الجنة حبوا. وفي إسناده عمارة وهو ابن زاذان قال إلامام أحمد هذا الحديث كذب منكر قال وعمارة يروى أحاديث مناكير وقد أورد ابن الجوزى هذا الحديث في الموضوعات وحكى كلام إلامام أحمد المذكور وذكر ابن الجوزى أيضا في الموضوعات مما في المسند حديث عمر "ليكونن في هذه إلامة رجل يقال له الوليد" وحديث أنس "ما من معمر يعمر في إلاسلام أربعين سنة إلا صرف الله عنه أنواعا من البلاء والجنون والجذام والبرص" وحديث أنس "عسقلان أحد العروسين بيعت منها يوم القيامة سبعون ألفا لا حساب عليهم". وحديث ابن عمر "من احتكر الطعام أربعين ليلة فقد برأ من الله" الحديث وفي الحكم بوضعه نظر وقد صححه الحاكم. ومما فيه أيضا من المناكير حديث بريدة "كونوا في بعث خراسان ثم انزلوا مدينة مرو فإنه بناها ذو القرنين". ولعبد الله بن أحمد في المسند أيضا زيادات فيها الضعيف والموضوع فمن الموضوع

السابع: قولهم: هذا حديث صحيح الإسناد أو حسن الإسناد دون قولهم: هذا حديث صحيح أو حديث حسن لأنه قد يقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولا يصح لكونه شاذا أو معللا غير أن المصنف المعتمد منهم إذا اقتصر على قوله: إنه صحيح الإسناد ولم يذكر له علة ولم يقدح فيه فالظاهر منه الحكم له بأنه صحيح في نفسه لأن عدم العلة والقادح هو الأصل والظاهر والله أعلم. الثامن: في قول الترمذي وغيره: هذا حديث حسن صحيح إشكال لأن الحسن قاصر عن الصحيح كما سبق إيضاحه. ففي الجمع بينهما في حديث واحد جمع

_ حديث سعد بن مالك وحديث ابن عمر أيضا في "سد إلابواب إلا باب على" ذكرهما ابن الجوزى في الموضوعات أيضا وقال إنهما من وضع الرافضة. وأما مسند إسحق بن راهويه ففيه الضعيف ولا يلزم من كونه يخرج أمثل ما يجد الصحابى أن يكون جميع ما خرجه صحيحا بل هو أمثل بالنسبة لما تركه. ومما فيه من الضعيف حديث سليمان بن نافع العبدى عن أبيه قال وفد المنذر بن ساوى من البحرين حتى أتى مدينة النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أناس وأنا غليم أمسك جمالهم فسلموا على النبي صلى الله عليه وسلم ووضع المنذر سلاحه ولبس ثيابا ومسح لحيته بدهن وأنا مع الجمال أنظر إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم فكأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما أنظر إليك قال ومات أبى وهو ابن عشرين ومائة قال صاحب الميزان سليمان غير معروف وهو يقتضى أن نافعا عاش إلى دولة هشام انتهى. والمعروف أن آخر الصحابة موتا أبو الطفيل كما قاله مسلم وغيره والله أعلم. وأما مسند الدارمى فلا يخفي ما فيه من الضعيف لحال رواته أو لإرساله وذلك كثير فيه كما تقدم. وأما مسند البزار فإنه مجملا يبين الصحيح من الضعيف إلا قليلا إلا أنه يتكلم في تفرد بعض رواة الحديث به ومتابعة غيره عليه والله أعلم. "قوله" الثامن في قول الترمذي وغيره هذا حديث حسن صحيح إشكال لأن الحسن قاصر عن الصحيح كما سبق إيضاحه ففي الجمع بينهما في ذلك حديث واحد جمع

بين نفي ذلك القصور وإثباته. وجوابه: أن ذلك راجع إلى الإسناد فإذا روي الحديث الواحد بإسنادين: أحدهما إسناد حسن وإلاخر إسناد صحيح استقام أن يقال فيه: إنه حديث حسن صحيح أي إنه حسن بالنسبة إلى إسناد صحيح بالنسبة إلى إسناد آخر على أنه غير مستنكر أن يكون بعض من قال ذلك أراد بالحسن معناه اللغوي وهو: ما تميل إليه النفس ولا يأباه القلب دون المعنى إلاصطلاحي الذي نحن بصدده فاعلم ذلك والله أعلم.

_ بين نفي ذلك القصور وإثباته قال وجوابه أن ذلك راجع إلى الإسناد فاذا روى الحديث الواحد باسنادين أحدهما إسناد حسن وإلاخر باسناد صحيح استقام أن يقال فيه إنه حديث حسن صحيح أى أنه حسن بالنسبة إلى إسناد صحيح بالنسبة إلى إسناد آخر على أنه غير مستنكر أن يكون بعض من قال ذلك أراد بالحسن معناه اللغوى وهو ما تميل اليه النفس ولا يأباه القلب دون المعنى إلاصطلاحى الذي نحن بصدده فاعلم ذلك انتهى كلامه. وقد تعقبه الشيخ تقى الدين بن دقيق العيد في إلاقتراح بأن الجواب إلاول ترد عليه إلاحاديث التي قيل فيها حسن صحيح مع أنه ليس له إلا مخرج واحد قال وفي كلام الترمذي في مواضع يقول هذا حديث حسن صحيح لا نعرفه إلا من هذا الوجه انتهى. وقد أجاب بعض المتأخرين عن ابن الصلاح بأن الترمذي حيث قال هذا يريد به تفرد أحد الرواة به عن إلاخر لا التفرد المطلق قال ويوضح ذلك ما ذكره في الفتن من حديث خالد الحذاء عن ابن سيرين عن أبى هريرة يرفعه من أشار إلى أخيه بحديدة الحديث قال فيه هكذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه فاستغربه من حديث خالد لا مطلقا أنتهى. وهذا الجواب لا يمشى في المواضع التي يقول فيها لا نعرفه إلا من هذا الوجه كحديث العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا بقى نصف من شعبان فلا يصوموا".

التاسع: من أهل الحديث من لا يفرد نوع الحسن ويجعله مندرجا في أنواع الصحيح لاندراجه في أنواع ما يحتج به. وهو الظاهر من كلام الحاكم أبي عبد الله الحافظ في تصرفاته وإليه يومئ في تسميته كتاب الترمذي بالجامع الصحيح. وأطلق الخطيب أبو بكر أيضا عليه اسم الصحيح وعلى كتاب النسائي.

_ قال أبو عيسى حديث أبى هريرة حديث حسن صحيح لا نعرفه إلا من هذا الوجه على هذا اللفظ ورد ابن دقيق العيد الجواب الثانى بأنه يلزم عليه أن يطلق على الحديث الموضوع إذا كان حسن اللفظ أنه حسن وذلك لا يقوله أحد من المحدثين إذا أجروا على اصطلاحهم انتهى. قلت قد أطلقوا على الحديث الضعيف بأنه حسن وأرادوا حسن اللفظ لا المعنى إلاصطلاحى فروى ابن عبد البر في كتاب بيان آداب العلم حديث معاذ بن جبل مرفوعا: "تعلموا العلم فإن تعلمه ذلك لله خشية وطلبه عبادة ومذاكرته تسبيح والبحث عنه جهاد وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة وبذله لأهله قربة لأنه معالم الحلال والحرام ومنار سبيل أهل الجنة وهو إلانس في الوحشة والصاحب في الغربة والمحدث في الخلوة والدليل على السراء والضراء والسلاح على إلاعداء والزين عند إلاخلاء يرفع الله تعالى به أقواما فيجعلهم في الخير قادة وأئمة تقتص آثارهم ويقتدى بفعالهم وينتهى إلى رأيهم ترغب الملائكة في خلتهم وبأجنحتها تمسحهم يستغفر لهم كل رطب ويابس وحيتان البحر وهوامه وسباع البر وأنعامه لأن العلم حياة القلوب من الجهل ومصابيح إلابصار من الظلم يبلغ العبد بالعلم منازل إلاخيار والدرجات العلى في الدنيا وإلاخرة التفكر فيه يعدل الصيام ومدارسته تعدل القيام به توصل إلارحام وبه يعرف الحلال من الحرام هو إمام العمل والعمل تابعه يلهمه السعداء أو يحرمه إلاشقياء". قال ابن عبد البر وهو حديث حسن جدا ولكن ليس له إسناد قوى انتهى كلامه. فأراد بالحسن حسن اللفظ قطعا فانه من رواية موسى بن محمد البلقاوى عن عبد الرحيم ابن زيد العمى والبلقاوى هذا كذاب كذبه أبو زرعة وأبو حاتم ونسبه ابن حبان والعقيلى إلى وضع الحديث والظاهر أن هذا الحديث مما صنعت يداه وعبد الرحيم بن زيد العمى متروك الحديث أيضا.

........................................................................

_ روينا عن أمية بن خالد قال قالت لشعبة تحدث عن محمد بن عبيد الله العرزمى وتدع عبد الملك بن أبى سليمان وقد كان حسن الحديث قال من حسنها فررت ولما ضعف ابن دقيق العيد ما أجاب به ابن الصلاح عن إلاستشكال المذكور أجاب عنه بما حاصله أن الحسن لا يشترط فيه قيد القصور عن الصحيح وإنما يجيئه القصور حيث أنفرد الحسن وأما إذا ارتفع إلى درجة الصحة فالحسن حاصل لا محالة تبعا للصحة لأن وجود الدرجة العليا وهى الحفظ وإلاتقان لا ينافي وجود الدنيا كالصدق فيصح أن يقال حسن باعتبار الصفة الدنيا صحيح باعتبار الصفة العليا قال ويلزم على هذا أن يكون كل صحيح حسنا ويؤيده قولهم حسن في إلاحاديث الصحيحة وهذا موجود في كلام المتقدمين أنتهى. وقد سبقه إلى نحو ذلك الحافظ أبو عبد الله المواق فقال في كتابه بغية النقاد لم يخص الترمذي الحسن بصفة تميزه عن الصحيح فلا يكون صحيحا إلا وهو غير شاذ ولا يكون صحيحا حتى تكون رواته غير متهمين بل ثقات قال فظهر من هذا أن الحسن عند أبى عيسى صفة لا تخص هذا القسم بل قد يشركه فيها الصحيح قال كل صحيح عنده حسن وليس كل حسن صحيحا انتهى كلامه. وقد اعترض على ابن المواق في هذا الحافظ أبو الفتح اليعمرى فقال في شرح الترمذي بقى عليه أنه اشترط في الحسن أن يروى من وجه آخر ولم يشترط ذلك في الصحيح انتهى. هكذا اعترض أبو الفتح على ابن المواق بهذا في مقدمة شرح الترمذي ثم إنه خالف ذلك في أثناء الشرح عند حديث عائشة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج من الخلاء قال: "غفرانك" فان الترمذي قال عقبه هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث إسرائيل عن يوسف بن أبى بردة ولا نعرف في هذا الباب إلا حديث عائشة فأجاب أبو الفتح عن هذا الحديث بأن الذي يحتاج إلى مجيئه من غير وجه ما كان راويه في درجة المستور ومن لم تثبت عدالته قال وأكثر ما في الباب أن الترمذي عرف بنوع منه لا بكل أنواعه. وأجاب بعض المتأخرين وهو الحافظ عماد الدين بن كثير في مختصره لعلوم الحديث عن أصل إلاستشكال بما حاصله أن الجمع في حديث واحد بين الصحة والحسن درجة

وذكر الحافظ أبو الطاهر السلفي الكتب الخمسة وقال: اتفق على صحتها علماء الشرق والغرب وهذا تساهل لأن فيها ما صرحوا بكونه ضعيفا أو منكرا أو نحو ذلك من أوصاف الضعيف. وصرح أبو داود فيما قدمنا روايته عنه بانقسام ما في كتابه إلى صحيح وغيره والترمذي مصرح فيما في كتابه بالتمييز بين الصحيح والحسن. ثم إن من سمى الحسن صحيحا لا ينكر أنه دون الصحيح المقدم المبين أولا فهذا إذا اختلاف في العبارة دون المعنى والله أعلم.

_ متوسطة بين الصحيح والحسن فقال والذي يظهر أنه يشرب الحكم بالصحة على الحديث بالحسن كما يشرب الحسن بالصحة قال فعلى هذا يكون ما يقول فيه حسن صحيح أعلا رتبة عنده من الحسن ودون الصحيح ويكون حكمه على الحديث بالصحة المحضة أقوى من حكمه عليه بالصحة مع الحسن انتهى. وهذا الذي ظهر له تحكم لا دليل عليه وهو بعيد من فهم معنى كلام الترمذي والله أعلم. "قوله" وذكر الحافظ أبو طاهر السلفي الكتب الخمسة وقال اتفق على صحتها علماء المشرق والمغرب وهذا تساهل إلى آخر كلامه وإنما قال السلفي بصحة أصولها كذا ذكره في مقدمة الخطابي فقال وكتاب أبى داود فهو أحد الكتب الخمسة التي اتفق أهل الحل والعقد من الفقهاء وحفاظ الحديث إلاعلام النبهاء على قبولها والحكم بصحة أصولها انتهى. ولا يلزم من كون الشيء له أصل صحيح أن يكون هو صحيحا فقد ذكر ابن الصلاح عند ذكر التعليق أن ما لم يكن في لفظه جزم مثل روى فليس في شيء منه حكم منه بصحة ذلك من ذكره عنه قال ومع ذلك فإيراده له في أثناء الصحيح مشعر بصحة أصله انتهى فلم يحكم في هذا بصحة مع كونه له أصل صحيح والله أعلم.

النوع الثالث: معرفة الضعيف من الحديث

النوع الثالث: معرفة الضعيف من الحديث. كل حديث لم يجتمع فيه صفات الحديث الصحيح ولا صفات الحديث الحسن المذكورات فيما تقدم فهو حديث ضعيف. وأطنب أبو حاتم بن حبان البستي في تقسيمه فبلغ به خمسين قسما إلا واحدا وما ذكرته ضابط جامع لجميع ذلك. وسبيل من أراد البسط: أن يعمد إلى صفة معينة منها فيجعل ما عدمت فيه من غير أن يخلفها جابر على حسب ما تقرر في نوع الحسن قسما واحدا. ثم ما عدمت فيه تلك الصفة مع صفة أخرى معينة قسما ثانيا. ثم ماعدمت فيه مع صفيتين معينتين قسما ثالثا. وهكذا إلى أن يستوفي الصفات المذكورات جمعاء. ثم يعود ويعين من إلابتداء

_ النوع الثالث: معرفة الضعيف. "قوله" كل حديث لم تجتمع فيه صفات الحديث الصحيح ولا صفات الحديث الحسن فهو حديث ضعيف ثم قال وسبيل من أراد البسط أن يعمد إلى صفة معينة منها فيجعل ما عدمت فيه من غير أن يخلفها جابر على حسب ما تقرر في نوع الحسن قسما واحدا ثم قال ثم ما عدم فيه جميع الصفات هو القسم إلاخر إلارذل انتهى كلامه. فقوله ثم ما عدم فيه جميع الصفات أي صفات ما يحتج به وهو الصحيح والحسن وهى ستة اتصال السند أو جبر المرسل بما يؤكده وعدالة الرجال والسلامة من كثرة الخطأ والغفلة ومجيء الحديث من وجه آخر حيث كان في الإسناد مستور ليس منهما كثير الغلط والسلامة من الشذوذ والسلامة من العلة فجعل المصنف ما عدم فيه هذه الصفات هو القسم إلارذل وخالف ذلك في النوع الحادي والعشرين فقال اعلم أن الحديث الموضوع شر إلاحاديث الضعيفة وما ذكره هناك هو الصواب أن شر أقسام الضعيف الموضوع لأنه كذب بخلاف ما عدم فيه الصفات المذكورة فإنه لا يلزم من فقدها كونه كذبا والله أعلم. وإلاخر في كلام المصنف بقصر الهمز على وزن الفخذ وهو بمعنى إلارذل.

صفة غير التي عينها أولا ويجعل ما عدمت فيه وحدها قسما ثم القسم إلاخر ما عدلت فيه مع عدم صفة أخرى ولتكن الصفة إلاخرى غير الصفة إلاولى المبدوء بها لكون ذلك سبق في أقسام عدم الصفة إلاولى وهكذا هلم جرا إلى آخر الصفات. ثم ما عدم فيه جميع الصفات هو القسم إلاخر إلارذل. وما كان من الصفات له شروط فاعمل في شروطه نحو ذلك فتتضاعف بذلك إلاقسام. والذي له لقب خاص معروف من أقسام ذلك: الموضوع والمقلوب والشاذ والمعلل والمضطرب والمرسل والمنقطع والمعضل في أنواع سيأتي عليها الشرح إن شاء الله تعالى. والملحوظ فيما نورده من إلانواع عموم أنواع علوم الحديث لا خصوص أنواع التقسيم الذي فرغنا إلان من أقسامه. ونسأل الله تبارك وتعالى تعميم النفع به في الدارين آمين.

النوع الرابع: معرفة المسند

النوع الرابع: معرفة المسند ذكر أبو بكر الخطيب الحافظ رحمه الله: أن المسند عند أهل الحديث هو الذي اتصل إسناده من راويه إلى منتهاه وأكثر ما يستعمل ذلك فيما جاء عن رسول الله

_ النوع الرابع: معرفة المسند. قوله ذكر أبو بكر الخطيب رحمه الله أن المسند عند أهل الحديث هو الذي اتصل إسناده من راويه إلى منتهاه وأكثر ما يستعمل ذلك فيما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم دون ما جاء عن الصحابة وغيرهم انتهى. وقد اعترض عليه بأنه ليس في كلام الخطيب دون ما جاء عن الصحابة وغيرهم لا في الكفاية ولا في الجامع والجواب أنه ليس في كلام ابن الصلاح التصريح بنقله عنه وإنما حكي كلام الخطيب ثم قال وأكثر ما يستعمل ذلك إلى آخر كلامه والله أعلم.

صلى الله عليه وسلم دون ما جاء عن الصحابة وغيرهم. وذكر أبو عمر بن عبد البر الحافظ: أن المسند ما رفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم خاصة. وقد يكون متصلا مثل: مالك عن نافع عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد يكون منقطعا مثل: مالك عن الزهري عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. فهذا مسند لأنه قد أسند إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو منقطع لأن الزهري لم يسمع من ابن عباس رضي الله عنهم. وحكى أبو عمر عن قوم: أن المسند لا يقع إلا على ما اتصل مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم قلت: وبهذا قطع الحاكم أبو عبد الله الحافظ ولم يذكر في كتابه غيره. فهذه أقوال ثلاثة مختلفة والله أعلم.

النوع الخامس: معرفة المتصل

النوع الخامس: معرفة المتصل. ويقال فيه أيضا: الموصول ومطلقه يقع على المرفوع والموقوف وهو الذي اتصل إسناده فكان كل واحد من رواته قد سمعه ممن فوقه حتى ينتهي إلى منتهاه مثال المتصل المرفوع من الموطأ: مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومثال المتصل الموقوف: مالك عن نافع عن ابن عمر عن عمر قوله. والله أعلم.

النوع السادس: معرفة المرفوع

النوع السادس: معرفة المرفوع. وهو: ما أضيف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة. ولا يقع مطلقه على غير ذلك نحو الموقوف على الصحابة وغيرهم. ويدخل في المرفوع المتصل والمنقطع والمرسل ونحوها فهو والمسند عند قوم سواء وإلانقطاع وإلاتصال يدخلان عليهما جميعا. وعند قوم يفترقان في: أن إلانقطاع وإلاتصال يدخلان على المرفوع ولا يقع المسند إلا على المتصل المضاف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقال الحافظ أبو بكر بن ثابت: المرفوع ما أخبر فيه الصحابي عن قول الرسول صلى الله عليه وسلم أو فعله. فخصصه بالصحابة فيخرج عنه مرسل التابعي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلت: ومن جعل من أهل الحديث المرفوع في مقابلة المرسل فقد عنى بالمرفوع المتصل والله أعلم.

النوع السابع: معرفة الموقوف

النوع السابع: معرفة الموقوف. وهو: ما يروي عن الصحابة رضي الله عنهم من أقوالهم أو أفعالهم ونحوها فيوقف عليهم ولا يتجاوز به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم إلى منه ما يتصل الإسناد فيه إلى الصحابي فيكون من الموقوف الموصول. ومنه ما لايتصل إسناده فيكون من الموقوف غير الموصول على حسب ما عرف مثله في المرفوع إلى الرسول الله صلى الله عليه وسلم. والله أعلم وما ذكرناه من تخصيصه بالصحابي فذلك إذا ذكر الموقوف مطلقا وقد يستعمل مقيدا في غير الصحابي فيقال: حديث كذا وكذا وقفه فلان على عطاء أو على طاووس أو نحو هذا وموجود في اصطلاح الفقهاء الخراسانيين تعريف الموقوف باسم إلاثر. قال أبو القاسم الفوراني منهم فيما بلغنا عنه: الفقهاء يقولون: الخبر ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم وإلاثر ما يروى عن الصحابة رضي الله عنهم.

النوع الثامن: معرفة المقطوع

النوع الثامن: معرفة المقطوع. وهو غير المنقطع الذي يأتي ذكره إن شاء الله تعالى. ويقال في جمعه: المقاطع والمقاطيع. وهو: ما جاء عن التابعين موقوفا عليهم من أقوالهم أو أفعالهم قال الخطيب

_ النوع الثامن "قوله" قول الصحابى كنا نفعل كذا أو نقول كذا إن لم يضفه إلى زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو من قبيل الموقوف انتهى هكذا جزم به المصنف أنه إن لم يضفه إلى زمنه يكون موقوفا وتبع المصنف في ذلك الخطيب فإنه كذلك جزم به في الكفاية.

أبو بكر الحافظ في جامعه: من الحديث المقطوع. وقال: المقاطع هي الموقوفات على التابعين. والله أعلم.

_ والخلاف في المسألة مشهور واختلف كلام إلائمة أيضا في الصحيح وقد حكى النووى الخلاف في مقدمة شرح مسلم وحكي ما جزم به المصنف عن الجمهور من المحدثين وأصحاب الفقه وإلاصول وقد أطلق الحاكم في علوم الحديث الحكم برفعه ولم يقيده بإضافته إلى زمنه وكذا أطلق إلامام فخر الدين الرازي في المحصول والسيف إلامدي في إلاحكام وقال أبو نصر الصباغ في كتاب العدة إنه الظاهر ومثله بقول عائشة رضي الله عنها كانت اليد لا تقطع في الشئ التافه وحكاه النووى في شرح المهذب عن كثير من الفقهاء قال وهو قوى من حيث المعنى. قوله وإذا قال الراوى عن التابعى رفع الحديث أو يبلغ به فذلك أيضا مرفوع ولكنه مرفوع مرسل انتهى. ذكر الشيخ فيما يتعلق بالصحابى أربع مسائل إلاولى كنا نفعل كذا أو كانوا يفعلون كذا ونحوهما والثانية أمرنا بكذا ونحوه والثالثة من السنة كذا. والرابعة برفعه ويبلغ به ونحوهما ثم ذكر فيما يتعلق بالتابعى المسألة الرابعة فقط وسكت عن الحكم في الثلث إلاول إذا قالها التابعى فأحببت ذكر الحكم فيها فأما المسألة إلاولى فإذا قال التابعى كنا نفعل فليس بمرفوع قطعا وهل هو موقوف لا يخلو إما أن يضيفه إلى زمن الصحابة أم لا فيحتمل فإن لم يضفه إلى زمنهم فليس بموقوف أيضا بل هو مقطوع وإن أضافه إلى زمنهم فيحتمل أن يقال إنه موقوف لأن الظاهر اطلاعهم على ذلك وتقريرهم ويحتمل أن يقال ليس بموقوف أيضا لأن تقرير الصحابى قد لا ينسب إليه بخلاف تقرير النبي صلى الله عليه وسلم فإنه أحد وجوه السنن وأما اذا قال التابعى كانوا يفعلون كذا فقال النووى في شرح مسلم إنه لا يدل على فعل جميع إلامة بل على البعض فلا حجة فيه إلا أن يصرح بنقله عن أهل إلاجماع فيكون نقلا للاجماع وفي ثبوته بخبر الواحد خلاف. وأما المسألة الثانية فإذا قال التابعى أمرنا بكذا أو نهينا عن كذا فجزم أبو نصر

قلت: وقد وجدت التعبير بالمقطوع عن المنقطع غير الموصول في كلام إلامام الشافعي وأبي القاسم الطبراني وغيرهما والله أعلم. تفريعات: أحدها: قول الصحابي: كنا نفعل كذا أو كنا نقول كذا إن لم يضفه إلى زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو من قبيل الموقوف. وإن أضافه إلى زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم فالذي قطع به أبو عبد الله بن البيع الحافظ وغيره من أهل الحديث وغيرهم: أن ذلك من قبيل المرفوع. وبلغني عن أبي بكر البر قاني: أنه سأل أبا بكر إلاسماعيلي إلامام عن ذلك فأنكر كونه من المرفوع وإلاول هو الذي عليه إلاعتماد لأن ظاهر ذلك مشعر بأن رسول

_ ابن الصباغ في كتاب العدة في أصول الفقه أنه مرسل وذكر الغزالى في المستصفي فيه احتمالين من غير ترجيح هل يكون موقوفا أو مرفوعا مرسلا. وحكى ابن الصباغ في العدة وجهين فيما إذا قال ذلك سعيد بن المسيب هل يكون حجة أم لا. وأما المسألة الثالثة: فإذا قال التابعى من السنة كذا كقول عبيد الله بن عبد الله بن عتبة السنة تكبير إلامام يوم الفطر ويوم إلاضحى حين يجلس على المنبر قبل الخطبة تسع تكبيرات رواه البيهقي في سننه فهل هو مرسل مرفوع أو موقوف متصل فيه وجهان لأصحاب الشافعي حكاهما النووى في شرح مسلم وشرح المهذب وشرح الوسيط قال والصحيح أنه موقوف انتهى. وحكى الداودى في شرح مختصر المزنى أن الشافعي رضى الله عنه كان يرى في القديم أن ذلك مرفوع اذا صدر من الصحابى أو التابعى ثم رجع عنه لأنهم قد يطلقونه ويريدون سنة البلد انتهى. وما حكاه الداودى من رجوع الشافعي عن ذلك فيما إذا قاله الصحابى لم يوافق عليه فقد احتج به في مواضع من الجديد فيمكن أن يحمل قوله ثم رجع عنه أى عما إذا قاله التابعى والله أعلم.

الله صلى الله عليه وسلم: اطلع على ذلك أقررهم عليه. وتقريره أحد وجوه السنن المرفوعة فإنها أنواع: منها أقواله صلى الله عليه وسلم ومنها أفعاله. ومنها تقريره وسكوته عن إلانكار بعد اطلاعه ومن هذا القبيل قول الصحابي كنا لا نرى بأسا بكذا ورسول الله صلى الله عليه وسلم فينا أو: كان يقال كذا وكذا على عهده. أو: كانوا يفعلون كذا وكذا في حياته صلى الله عليه وسلم فكل ذلك وشبهه مرفوع مسند مخرج في كتب المسانيد. وذكر الحاكم أبو عبد الله فيما رويناه عن المغيرة بن شعبة قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرعون بابه بإلاظافير أن هذا يتوهمه من ليس من أهل الصنعة مسندا يعني مرفوعا لذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه وليس بمسند بل هو موقوف. وذكر الخطيب أيضا نحو ذلك في جامعه. قلت: بل هو مرفوع كما سبق ذكره. وهو بأن يكون مرفوعا أحرى لكونه أحرى باطلاعه صلى الله عليه وسلم عليه. والحاكم معترف بكون ذلك من قبيل المرفوع. وقد كنا عددنا هذا فيما أخذناه عليه. ثم تأولناه له على أنه أراد أنه ليس بمسند لفظا بل هو موقوف لفظا وكذلك سائر ما سبق موقوف لفظا وإنما جعلناه مرفوعا من حيث المعنى. والله أعلم. الثاني: قول الصحابي أمرنا بكذا أو نهينا عن كذا من نوع المرفوع والمسند عند أصحاب الحديث وهو قول أكثر أهل العلم. وخالف في ذلك فريق منهم أبو بكر إلاسماعيلي. وإلاول هو الصحيح لأن مطلق ذلك ينصرف بظاهره إلى من إليه إلامر والنهي وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم وهكذا قول الصحابي: من السنة كذا فالأصح أنه مسند مرفوع لأن الظاهر أنه لا يريد به إلا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يجب اتباعه وكذلك قول أنس رضي الله عنه:

أمر بلال أن يشفع إلاذان ويوتر إلاقامة. وسائر ما جانس ذلك. فلا فرق بين أن يقول ذلك في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم أو بعده صلى الله عليه وسلم. الثالث: ما قيل من أن تفسير الصحابي حديث مسند فإنما ذلك في تفسير يتعلق بسبب نزول آية يخبر به الصحابي أو نحو ذلك كقول جابر رضي الله عنه: كانت اليهود تقول: من أتى امرأته من دبرها في قبلها جاء الولد أحول فأنزل الله عز وجل: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} إلاية. فأما سائر تفاسير الصحابة التي لا تشتمل على إضافة شيء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فمعدودة في الموقوفات والله أعلم. الرابع: من قبيل المرفوع إلاحاديث التي قيل في أسانيدها عند ذكر الصحابي: يرفع الحديث أو: يبلغ به أو: ينميه أو: رواية مثال ذلك: سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن إلاعرج عن أبي هريرة رواية: "تقاتلون قوما صغار إلاعين" الحديث وبه عن أبي هريرة يبلغ به قال: "الناس تبع لقريش.." الحديث فكل ذلك وأمثاله كناية عن رفع الصحابي الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وحكم ذلك عند أهل العلم حكم المرفوع صريحا قلت: وإذا قال الراوي عن التابعي: يرفع الحديث أو: يبلغ به فذلك أيضا مرفوع ولكنه مرفوع مرسل. والله أعلم.

النوع التاسع: معرفة المرسل

النوع التاسع: معرفة المرسل. وصورته التي لا خلاف فيها: حديث التابعي الكبير الذي لقي جماعة من الصحابة وجالسهم كعبيد الله بن عدي بن الخيار ثم سعيد بن المسيب وأمثالهما إذا قال: قال

_ النوع التاسع: المرسل. "قوله" وصورته التي لا خلاف فيها حديث التابعي الكبير الذي لقي جماعة من

رسول الله صلى الله عليه وسلم. والمشهور: التسوية بين التابعين أجمعين في ذلك رضي الله عنهم وله صور اختلف فيها: أهي من المرسل أم لا. إحداها: إذا انقطع الإسناد قبل الوصول إلى التابعي فكان فيه رواية راو لم يسمع من المذكور فوقه: فالذي قطع به الحاكم الحافظ أبو عبد الله وغيره من أهل الحديث: أن ذلك لا يسمى مرسلا وأن إلارسال مخصوص بالتابعين بل إن كان من سقط ذكره قبل الوصول إلى التابعي شخصا واحدا سمي منقطعا فحسب وإن كان أكثر من واحد سمي معضلا ويسمى أيضا منقطعا. وسيأتي مثلا ذلك إن شاء الله تعالى والمعروف في الفقه وأصوله: أن كل ذلك يسمى مرسلا وإليه ذهب من أهل الحديث أبو بكر الخطيب وقطع به وقال: إلا أن أكثر ما يوصف بإلارسال من حيث إلاستعمال ما رواه التابعي عن النبي صلى الله عليه وسلم وأما ما رواه تابع التابعي عن النبي صلى الله عليه وسلم فيسمونه المعضل والله أعلم.

_ الصحابة وجالسهم كعبيد الله بن عدى بن الخيار إلى آخر كلامه اعترض عليه بأن عبيد الله ابن عدى ذكر في جملة الصحابة وهذا إلاعتراض ليس بصحيح لأنهم إنما ذكروه جريا على قاعدتهم في ذكر من عاصره لأن عبيد الله ولد في حياته صلى الله عليه وسلم ولم ينقل أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكروا قيس بن أبى حازم وأمثاله ممن لم ير النبي صلى الله عليه وسلم لكونهم عاصروه على القول الضعيف في حد الصحابى وإنما روى عبيد الله بن عدى عن الصحابة عمر وعثمان وعلى في آخرين ولم يسمع من أبى بكر فضلا عن النبي صلى الله عليه وسلم. "قوله" إذا انقطع الإسناد قبل الوصول إلى التابعى فكان فيه رواية راو لم يسمع من المذكور فوقه فالذي قطع به الحاكم الحافظ أبو عبد الله وغيره من أهل الحديث أن ذلك لا يسمى مرسلا إلى آخر كلامه فقوله قبل الوصول إلى التابعى ليس بجيد بل الصواب قبل الوصول إلى الصحابى فانه لو سقط التابعى أيضا كان منقطعا لا مرسلا عند هؤلاء ولكن هكذا وقع في عبارة الحاكم فتبعه المصنف والله أعلم.

الثانية: قول الزهري وأبي حازم ويحيى بن سعيد الأنصاري وأشباههم من أصاغر التابعين: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. حكى ابن عبد البر: أن قوما لا يسمونه مرسلا بل منقطعا لكونهم لم يلقوا من الصحابة إلا الواحد وإلاثنين وأكثر روايتهم عن التابعين".

_ "قوله الثانية" قول الزهري وأبى حازم ويحيى بن سعيد الأنصاري وأشباههم من أصاغر التابعين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حكى ابن عبد البر أن قوما لا يسمونه مرسلا بل منقطعا لكونهم لم يلقوا من الصحابة إلا الواحد وإلاثنين وأكثر روايتهم عن التابعين انتهى. وما ذكر في حق من سمى من صغار التابعين أنهم لم يلقوا من الصحابة إلا الواحد وإلاثنين ليس بصحيح بالنسبة إلى الزهري فقد لقي من الصحابة ثلاثة عشر فأكثر وهم عبد الله بن عمر وسهل بن سعد وأنس بن مالك وعبد الله بن جعفر وربيعة ابن عباد بكسر العين وتخفيف الموحدة وسنين أبو جميلة والسايب بن يزيد وأبو الطفيل عامر بن وائلة والمسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن أزهر وعبد الله ابن عامر بن ربيعة ومحمود بن الربيع وسمع منهم كلهم إلا عبد الله بن جعفر فرآه رؤية وإلا عبد الله بن عمر فقد قال أحمد بن حنبل ويحيى بن معين إنه لم يسمع منه وقال على ابن المدينى إنه سمع منه وقال ابن حزم إنه لم يسمع أيضا من عبد الرحمن بان أزهر ثم حكى عن أحمد بن صالح المصرى أنه قال لم يسمع منه فيما أرى ولم يدركه. قلت وكذا قال أحمد بن حنبل ما أراه سمع منه قال ومعمر وأسامة يقولان عنه أنه سمع منه ولم يصنعا عندى شيئا وقيل إنه سمع أيضا من جابر بن عبد الله وسمع من جماعة آخرين مختلف في صحبتهم منهم محمود بن لبيد وعبد الله بن الحارث بن نوفل وثعلبة بن أبى مالك القرظى وأبو أمامة بن سهل بن حنيف فهؤلاء سبعة عشر ما بين صحابى ومختلف في صحبته وقد تنبه المصنف لهذا إلاعتراض فأملى حاشية على هذا المكان من كتابه فقال قوله الواحد وإلاثنين كالمثال وإلا فالزهري قد قيل إنه رأى عشرة من الصحابة وسمع منهم أنا وسهل بن سعد والسايب بن يزيد ومحمود بن الربيع وسنينا أبا جميلة وغيرهم وهو مع ذلك أكثر روايته عن التابعين والله أعلم.

قلت: وهذا المذهب فرع لمذهب من لا يسمي المنقطع قبل الوصول إلى التابعي مرسلا والمشهور التسوية بين التابعين في اسم إلارسال كما تقدم والله أعلم. الثالثة: إذا قيل في الإسناد: فلان عن رجل أو: عن شيخ عن فلان أو نحو ذلك فالذي ذكره الحاكم في معرفة علوم الحديث: أنه لا يسمى مرسلا بل منقطعا. وهو في بعض المصنفات المعتبرة في أصول الفقه معدود من أنواع المرسل والله أعلم. ثم اعلم: أن حكم المرسل حكم الحديث الضعيف إلا أن يصح مخرجه بمجيئه من وجه آخر كما سبق بيانه في نوع الحسن. ولهذا احتج الشافعي رضي الله عنه بمرسلات سعيد بن المسيب رضي الله عنهما فإنها وجدت مسانيد من وجوه أخر ولا يختص ذلك عنده بإرسال ابن المسيب كما سبق ومن أنكر ذلك زاعما أن إلاعتماد حينئذ يقع على المسند دون المرسل فيقع لغوا لا حاجة إليه فجوابه: أنه بالمسند تتبين صحة الإسناد الذي فيه إلارسال حتى يحكم له مع إرساله بأنه إسناد صحيح تقوم به الحجة على ما مهدنا سبيله في النوع الثاني. وإنما ينكر هذا من لا مذاق له في هذا الشأن وما ذكرناه من سقوط إلاحتجاج بالمرسل والحكم بضعفه هو المذهب الذي استقر عليه آراء جماهير حفاظ الحديث ونقاد إلاثر وقد تداولوه في تصانيفهم.

_ "قوله" الثالثة إذا قيل في الإسناد فلان عن رجل أو عن شيخ عن فلان أو نحو ذلك فالذي ذكره الحاكم في معرفة علوم الحديث أنه لا يسمى مرسلا بل منقطعا وهو في بعض المصنفات المعتبرة في أصول الفقه معدود في أنواع المرسل انتهى. اقتصر المصنف من الخلاف على هذين القولين وكل من القولين خلاف ما عليه ألأكثرون فإن ألأكثرين ذهبوا إلى أن هذا متصل في إسناده مجهول وقد حكاه عن

.......................................................................

_ ألأكثرين الحافظ رشيد الدين العطار في الغرر المجموعة واختاره شيخنا الحافظ صلاح الدين العلائى في كتاب جامع التحصيل. وما ذكره المصنف عن بعض المصنفات المعتبرة ولم يسمعه فالظاهر أنه أراد به البرهان لإمام الحرمين فإنه قال فيه وقول الراوى اخبرنى رجل أو عدل موثوق به من المرسل أيضا وزاد إلامام فخر الدين في المحصول على هذا فقال إن الراوى إذا سمى الأصل باسم لا يعرف به فهو كالمرسل. وما ذكره المصنف عن بعض كتب إلاصول قد فعله أبو داود في كتاب المراسيل فيروى في بعضها ما أبهم فيه الرجل ويجعله مرسلا بل زاد البيهقي على هذا في سننه فجعل ما رواه التابعى عن رجل من الصحابة لم يسم مرسلا وهذا ليس منه بجيد اللهم إلا إن كان يسميه مرسلا ويجعله حجة كمراسيل الصحابة فهو قريب. وقد روى البخاري عن الحميدي قال إذا صح الإسناد عن الثقات إلى رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فهو حجة وإن لم يسم ذلك الرجل وقال إلاثرم قلت لأبى عبد الله يعنى أحمد بن حنبل إذا قال رجل من التابعين حدثني رجل من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمه فالحديث صحيح قال نعم وقد ذكر المصنف في آخر هذا النوع التاسع أن الجهالة بالصحابى غير قادحة لأنهم كلهم عدول. وحكاه الحافظ أبو محمد عبد الكريم الحلبى في كتاب القدح المعلى عن اكثر العلماء نعم فرق أبو بكر الصيرفي من الشافعية في كتاب الدلائل بين أن يرويه التابعى عن الصحابى معنعنا أو مع التصريح بالسماع فقال وإذا قال في الحديث بعض التابعين عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يقبل لأنى لا أعلم سمع التابعى من ذلك الرجل إذ قد يحدث التابعى عن رجل وعن رجلين عن الصحابى ولا أدرى هل أمكن لقاء ذلك الرجل أم لا فلو علمت إمكانه منه لجعلته كمدرك العصر قال وإذا قال سمعت رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل لأن الكل عدول انتهى كلام الصيرفي وهو حسن متجه وكلام من أطلق قبوله محمول على هذا التفصيل والله أعلم.

وفي صدر صحيح مسلم: المرسل في أصل قولنا وقول أهل العلم بإلاخبار ليس بحجة وابن عبد البرحافظ المغرب ممن حكى ذلك عن جماعة أصحاب الحديث وإلاحتجاج به مذهب مالك وأبي حنيفة وأصحابهما رحمهم الله في طائفة والله أعلم. ثم إنا لم نعد في أنواع المرسل ونحوه ما يسمى في أصول الفقه: مرسل الصحابي مثل ما يرويه ابن عباس وغيره من أحداث الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يسمعوه منه لأن ذلك في حكم الموصول المسند لأن روايتهم عن الصحابة والجهالة بالصحابي غير قادحة لأن الصحابة كلهم عدول والله أعلم.

_ "قوله" وفي صدر صحيح مسلم المرسل في أصل قولنا وقول أهل العلم بإلاخبار ليس بحجة انتهى. ومسلم رحمه الله إنما قال ذلك حاكيا على لسان خصمه الذي نازعه في اشتراط اللقى في الإسناد المعنعن فقال فان قال قلته لأنى وجدت رواة إلاخبار قديما وحديثا يروى أحدهم عن إلاخر الحديث ولما يعاينه ولا سمع منه شيئا قط فلما رأيتهم استجادوا رواية الحديث بينهم هكذا على إلارسال من غير سماع والمرسل من الروايات في أصل قولنا وقول اهل العلم بإلاخبار ليس بحجة احتجت لما وصفت من العلة إلى البحث عن سماع راوى كل خبر عن راويه إلى آخر كلامه فهذا كما تراه حكاه على لسان خصمه ولكنه لما لم يرد هذا القدر منه حين رد كلامه كان كأنه قائل به فلهذا عزاه المصنف إلى كتاب مسلم والله أعلم. "قوله" ثم إنا لم نعد في أنواع المرسل ونحوه ما يسمى في أصول الفقه مرسل الصحابى مثل ما يرويه ابن عباس وغيره من احداث الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن ذلك في حكم الموصول المسند لأن روايتهم عن الصحابة والجهالة بالصحابى غير قادحة لأن الصحابة كلهم عدول انتهى. وفيه أمران أحدهما أن قوله لأن روايتهم عن الصحابة ليس بجيد بل الصواب أن يقال لأن اكثر رواياتهم عن الصحابة إذ قد سمع جماعة من الصحابة من بعض التابعين وسيأتي

النوع العاشر: معرفة المنقطع

النوع العاشر: معرفة المنقطع. وفيه وفي الفرق بينه وبين المرسل مذاهب لأهل الحديث وغيرهم. فمنها ما سبق في نوع المرسل عن الحاكم صاحب كتاب معرفة أنواع علوم الحديث من أن المرسل مخصوص بالتابعي. وأن المنقطع: منه: الإسناد فيه قبل الوصول إلى التابعي راو لم يسمع من الذي فوقه والساقط بينهما غير مذكور لا معينا ولا مبهما.

_ في كلام المصنف في النوع الحادى وإلاربعين أن ابن عباس وبقية العبادلة رووا عن كعب إلاحبار وهو من التابعين وروى كعب أيضا عن التابعين وقد صنف الحافظ أبو بكر الخطيب وغيره في رواية الصحابة عن التابعين فبلغوا جمعا كثيرا إلا أن الجواب عن ذلك أن رواية الصحابة عن التابعين غالبها ليست أحاديث مرفوعة وإنما هى من إلاسرائيليات أو حكايات أو موقوفات وبلغنى أن بعض أهل العلم أنكر أن يكون قد وجد شي من رواية الصحابة عن التابعين عن الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم فرأيت أن أذكر هنا ما وقع لى من ذلك للفائدة فمن ذلك حديث سهل بن سعد عن مروان ابن الحكم عن زيد بن ثابت "أن النبي صلى الله عليه وسلم أملى عليه لا يستوى القاعدون من المؤمنين فجاء ابن أم مكتوم" الحديث رواه البخاري والنسائى والترمذي وقال حسن صحيح. وحديث السائب بن يزيد عن عبد الرحمن بن عبد القارى عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من نام عن حزبه أو عن شي منه فقرأه ما بين صلاة الفجر إلى صلاة الظهر كتب له كإنما قرأه من الليل" رواه مسلم وأصحاب السنن الأربعة. وحديث جابر بن عبد الله عن أم كلثوم بنت أبى بكر الصديق عن عائشة رضي الله عنهم "أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل يجامع ثم يكسل هل عليهما من غسل وعائشة جالسة فقال إني لأفعل ذلك أنا وهذه ثم نغتسل أخرجه مسلم. وحديث عمرو بن الحرث المصطلقى عن ابن أخي زينب امرأة عبد الله بن مسعود عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود قالت خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:

........................................................................

_ "يا معشر النساء تصدقن ولو من حليكن فإنكن أكثر أهل جهنم يوم القيامة" رواه الترمذي والنسائي والحديث متفق عليه من غير ذكر ابن أخي زينب جعلاه من رواية عمر بن الحارث عن زينب نفسها والله أعلم. وحديث يعلى بن أمية عن عبسة بن أبي سفيان عن أخته أم حبيبة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من صلى ثنتي عشرة ركعة بالنهار أو بالليل بني له بيت في الجنة" رواه النسائي. وحديث عبد الله بن عمر عن عبد الله بن محمد بن أبى بكر الصديق عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ألم تر أن قومك حين بنوا الكعبة قصروا عن قواعد إبراهيم" الحديث رواه الخطيب في كتاب رواية الصحابة عن التابعين بإسناد صحيح والحديث متفق عليه من طريق مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أن عبد الله بن محمد بن أبى بكر أخبر عبد الله بن عمر عن عائشة بذلك فجعله من رواية سالم عن عبد الله بن محمد وهذا يشهد لصحة طريق الخطيب أن ابن عمر سمعه من عبد الله ابن محمد عن عائشة والله أعلم. وحديث ابن عمر عن صفية بنت أبى عبيد عن عائشة "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص للنساء في الخفين عند إلاحرام" رواه الخطيب في الكتاب المذكور والحديث عند أبى داود من طريق ابن إسحق قال ذكرت لابن شهاب فقال حدثني سالم أن عبد الله كان يصنع ذلك يعنى قطع الخفين للمرأة المحرمه ثم حدثته صفية بنت أبى عبيد أن عائشة حدثتها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان رخص للنساء في الخفين فترك ذلك وحديث جابر بن عبد الله عن أبى عمرو مولى عائشة واسمه ذكوان عن عائشة ان "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكون جنبا فيريد الرقاد فيتوضأ وضوءه للصلاة ثم يرقد" رواه أحمد في مسنده وفي إسناده ابن لهيعة. وحديث ابن عباس قال أتى على زمان وانا اقول أولاد المسلمين مع المسلمين وأولاد المشركين مع المشركين حتى حدثني فلان عن فلان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عنهم.

ومنه: الإسناد الذي ذكر فيه بعض رواته بلفظ مبهم نحو: رجل أو: شيخ أو غيرهما. مثال إلاول: ما رويناه عن عبد الرازق عن سفيان الثوري عن أبى إسحاق عن زيد بن يثيع عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن وليتموها

_ فقال الله أعلم بما كانوا عاملين قال فلقيت الرجل فأخبرنى فأمسكت عن قولى رواه أحمد في مسنده وأبو داود الطيالسى أيضا في مسنده وإسناده صحيح. وبين روايه عن الطيالسى وهو يونس بن حبيب أن الصحابى المذكور في هذا الحديث هو أبى بن كعب وكذا قال الخطيب وترجم له في رواية الصحابة عن التابعين عبد الله بن عباس عن صاحب لأبى بن كعب. وحديث ابن عمر عن أسماء بنت زيد بن الخطاب عن عبد الله بن حنظلة بن أبى عامر "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالوضوء لكل صلاة طاهرا أو غير طاهر فلما شق ذلك عليهم أمر بالسواك لكل صلاة". رواه أبو داود من طريق محمد بن إسحق عن محمد بن يحيى بن حبان عن عبد الله بن عبد الله بن عمر قال قلت أرايت توضؤ ابن عمر لكل صلاة طاهرا أو غير طاهر عم ذاك فقال حدثته أسماء بنت زيد بن الخطاب أن عبد الله بن حنظلة بن أبى عامر حدثها فذكره وفي رواية علقها أبو داود وأسندها الخطيب إلى عبيد الله بن عبد الله بن عمر كذا أورده الخطيب في رواية عبد الله بن عمر عن أسماء. والظاهر أنه من رواية ابنه عبيد الله بن عبيد الله بن عمر عن أسماء وإن كانت حدثت أبن عمر نفسه وكذا جعل المزنى في تهذيب الكمال الراوى عنها عبد الله بن عبد الله بن عمر وحديث عمر عن أسماء بنت زيد بن الخطاب عن عبد الله بن حنظلة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لولا أن أشق على أمتي لأمرنهم بالسواك عند كل صلاة" رواة الخطيب فيه.

.........................................................................

_ وحديث سليمان بن صرد عن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه قال تذاكروا غسل الجنابة عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال أما أنا فأفيض على رأسي ثلاثا الحديث رواه الخطيب وهو متفق عليه. من رواية سليمان عن جبير ليس فيه نافع. وحديث أبى الطفيل عن بكر بن قرواش عن سعد بن أبى وقاص قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "شيطان الردهة يحذره رحل من بجيلة" الحديث رواه أبو يعلى الموصلى في مسنده قال صاحب الميزان بكر بن قرواش لا يعرف والحديث منكر وحديث أبى هريرة عن أم عبد الله أبى أبى ذئاب عن أم سلمة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما ابتلى الله عبدا ببلاء وهو على طريقة يكرهها إلا جعل الله ذلك البلاء له كفارة" رواه ابن أبي الدنيا في كتاب المرض والكفارات ومن طريقه الخطيب. وحديث ابن عمر عن صفية بنت أبى عبيد عن حفصة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "من لم يجمع الصوم قبل الصبح فلا صوم له". وحديث ابن عمر عن صفية عن حفصة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يحرم من الرضاع إلا عشر رضعات فصاعدا" رواهما الخطيب. وفي إسنادهما محمد بن عمر الواقدي. وحديث أنس عن وقاص بن ربيعة عن أبى ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل: "ابن آدم إنك إن دنوت منى شبرا دنوت منك ذراعا" الحديث. وحديث أبى الطفيل عن عبد الملك بن أخي أبى ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرني أنهم لن تسلطوا على قتلى ولن يفتنوني عن ديني الحديث. وحديث أبى أمامة عن عبسة بن أبى سفيان عن أم حبيبة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من رجل مسلم يحافظ على أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعد الظهر فتمسه النار". وحديث أبى الطفيل عن حلام بن جزل عن أبى ذر مرفوعا الناس ثلاث طبقات الحديث روى هذه إلاحاديث أيضا الخطيب بأسانيد ضعيفة فهذه عشرون حديثا من رواية الصحابة مرفوعة عن التابعين عن الصحابة مرفوعة ذكرتها للفائدة والله أعلم. "الامر الثانى" أنه اعترض على المصنف في قوله ما يسمى في أصول الفقه بأن المحدثين أيضا يذكرون مراسيل الصحابة فما وجه تخصيصه بأصول الفقه والجواب أن

أبا بكر فقوي أمين" الحديث فهذا إسناد إذا تأمله الحديثي وجد صورته صورة المتصل وهو منقطع في موضعين: لأن عبد الرزاق لم يسمعه من الثوري وإنما سمعه من النعمان بن أبى شيبه الجندي عن الثوري. ولم يسمعه الثوري أيضا من أبى إسحاق إنما سمعه من شريك عن أبى إسحاق. ومثال الثاني: الحديث الذي رويناه عن أبى العلاء بن عبد الله بن الشخير عن رجلين عن شداد بن أوس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدعاء في الصلاة اللهم إني أسالك الثبات في إلامر الحديث والله اعلم. ومنها ما ذكره ابن عبد البر رحمه الله وهو: أن المرسل مخصوص بالتابعين والمنقطع شامل له ولغيره وهو عنده: كل ما لا يتصل إسناده سواء كان يعزى إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو إلى غيره. ومنها أن المنقطع مثل المرسل وكلاهما شاملان لكل ما لا يتصل إسناده. وهذا المذهب أقرب. صار إليه طوائف من الفقهاء وغيرهم. وهو الذي ذكره الحافظ أبو بكر الخطيب في كفايته. إلا أن أكثر ما يوصف بإلارسال من حيث إلاستعمال: ما رواه التابعي عن النبي صلى الله عليه وسلم. وأكثر ما يوصف بإلانقطاع: ما رواه من دون التابعين عن الصحابة مثل مالك عن ابن عمرو نحو ذلك والله أعلم.

_ المحدثين وإن ذكروا مراسيل الصحابة فإنهم لم يختلفوا في إلاحتجاج بها وأما إلاصوليون فقد اختلفوا فيها فذهب إلاستاذ أبو إسحق إلاسفرايني إلى أنه لا يحتج بها وخالفه عامة أهل إلاصول فجزموا بإلاحتجاج بها وفي بعض شروح المنار في إلاصول الحنفية دعوى إلاتفاق على إلاحتجاج بها ونقل إلاتفاق مردود بقول إلاستاذ أبى اسحق والله أعلم.

ومنها: ما حكاه الخطيب أبو بكر عن بعض أهل العلم بالحديث: أن المنقطع ما روي عن التابعي أو من دونه موقوفا عليه من قوله أو فعله. وهذا غريب بعيد والله أعلم.

النوع الحادي عشر: معرفة المعضل

النوع الحادي عشر: معرفة المعضل. وهو لقب لنوع خاص من المنقطع. فكل معضل منقطع وليس كل منقطع معضلا. وقوم يسمونه مرسلا كما سبق وهو عبارة عما سقط من إسناده اثنان فصاعدا. وأصحاب الحديث يقولون: أعضله فهو معضل بفتح الضاد. وهو اصطلاح مشكل المأخذ من حيث اللغة وبحثت فوجدت له قولهم: أمر عضيل أي مستغلق شديد. ولا التفات في ذلك إلى معضل بكسر الضاد وإن كان مثل عضيل في المعنى.

_ النوع الحادى عشر: معرفة المعضل. "وقوله" وهو عبارة عن ما سقط من إسناده اثنان فصاعدا انتهى أطلق المصنف اسم المعضل على ما سقط منه اثنان فصاعدا ولم يفرق بين أن يسقط ذلك من موضع واحد أو من موضعين وليس المراد بذلك إلا سقوطهما من موضع واحد فأما إذا سقط راو من مكان ثم راو من موضع آخر فهو منقطع في موضعين وليس معضلا في إلاصطلاح وهذا مراد المصنف ويوضح مراده المثال الذي مثل به بعد وهو قوله ومثاله ما يرويه تابع التابعي قائلا فيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى آخر كلامه. "قوله" وأصحاب الحديث يقولون أعضله فهو معضل بفتح الضاد وهو اصطلاح مشكل المأخذ من حيث اللغة وبحثت فوجدت له قولهم أمر عضيل أي مستغلق شديد ولا التفات في ذلك إلى معضل بكسر الضاد وإن كان مثل عضيل في المثنى انتهى.

ومثاله: ما يرويه تابعي التابعي قائلا فيه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك ما يرويه من دون تابعي التابعي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو عن أبي بكر وعمر وغيرهما غير ذاكر للوسائط بينه وبينهم. وذكر أبو نصر السجزي الحافظ قول الراوي بلغني نحو قول مالك بلغني عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "للمملوك طعامه وكسوته" الحديث وقال أي السجزي أصحاب الحديث يسمونه المعضل قلت: وقول المصنفين من

_ وأراد المصنف بذلك تخريج قول أهل الحديث معضل بفتح الضاد على مقتضى اللثة فقال إنه وجد له قولهم أمر عضيل ثم زاده المصنف إيضاحا فيما أملاه حين قراءة الكتاب عليه فقال إن فعيل يدل على الثلاثي قال فعلى هذا يكون لنا عضل قاصرا واعضل متعديا وقاصرا كما قالوا ظلم الليل وأظلم الليل وأظلم الليل انتهى. وقد اعترض عليه بأن فعيلا لا يكون من الثلاثي القاصر والجواب أنه إنما يكون من الثلاثي القاصر إذا كان فعيل بمعنى مفعول فأما اذا كان بمعنى فاعل فيجئ من الثلاثي القاصر كقولك حريص من حرص وإنما أراد المصنف بقولهم عضيل أنه بمعنى فاعل من عضل إلامر عاضل وعضيل والله أعلم. وقرأت بخط الحافظ شرف الدين الحسن بن على بن الصيرفي على نسخة من كتاب ابن الصلاح في هذا الموضع دلنا قولهم عضيل على أن ماضيه عضل فيكون أعضله منه لا من أعضل هو وقد جاء ظلم الليل وأظلم وأظلمه الله وغطش وأغطش وأغطشه الله تعالى والله أعلم. "قوله" وذكر أبو نصر السجزى الحافظ قول الراوي بلغني نحو قول مالك بلغني عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "للمملوك طعامه وكسوته" الحديث وقال أصحاب الحديث يسمونه المعضل أنتهى وقد استشكل كون هذا الحديث معضلا الجواز أن يكون الساقط بين مالك وبين أبى هريرة واحدا فقد سمع مالك من جماعة من أصحاب أبى هريرة كسعيد المقبري ونعيم المجمر ومحمد بن المنكدر فلم جعله معضلا والجواب أن مالكا قد وصل هذا الحديث خارج الموطأ فرواه عن محمد

الفقهاء وغيرهم: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا ونحو ذلك كله من قبيل المعضل لما تقدم. وسماه الخطيب أبو بكر الحافظ في بعض كلامه مرسلا وذلك على مذهب من يسمى كل مإلا يتصل مرسلا كما سبق. وإذا روى تابع التابع عن التابع حديثا موقوفا عليه وهو حديث متصل مسند إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقد جعله الحاكم أبو عبد الله نوعا من المعضل مثاله: ما رويناه عن إلاعمش عن الشعبي قال: "يقال للرجل يوم القيامة: عملت كذا وكذا؟ فيقول: ما عملته فيختم على فيه".. الحديث. فقد أعضله إلاعمش وهو عند الشعبي: عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم متصل مسندا. قلت: هذا جيد حسن لأن هذا إلانقطاع بواحد مضموما إلى الوقف يشتمل على إلانقطاع باثنين: الصحابي ورسول الله صلى الله عليه وسلم فذلك باستحقاق اسم إلاعضال أولى والله أعلم. تفريعات: أحدها:الإسناد المعنعن وهو الذي يقال فيه فلان عن فلان عده بعض الناس من قبيل المرسل والمنقطع حتى يتبين اتصاله بغيره. والصحيح والذي عليه العمل أنه من قبيل الإسناد المتصل. وإلى هذا ذهب الجماهير من أئمة الحديث وغيرهم. وأودعه المشترطون للصحيح في تصانيفهم فيه وقبلوه وكاد أبو عمر بن عبد البر الحافظ يدعي إجماع أئمة الحديث على ذلك. وادعى

_ ابن عجلان عن أبيه عن أبى هريرة فقد عرفنا سقوط اثنين منه فلذلك سموه معضلا والله أعلم. "قوله" عند ذكر الإسناد المعنعن والصحيح الذي عليه العمل أنه من قبيل الإسناد المتصل ثم قال وكاد أبو عمر بن عبد البر الحافظ يدعى إجماع أئمة الحديث على ذلك إلى آخر كلامه ولا حاجة إلى قوله كاد فقد ادعاه فقال في مقدمة التمهيد اعلم وفقك الله أنى تأملت أقاويل أئمة الحديث ونظرت في كتب من اشترط الصحيح في النقل منهم.

أبو عمرو الداني المقرئ الحافظ إجماع أهل النقل على ذلك وهذا بشرط أن يكون الذين أضيفت العنعنة إليهم قد ثبتت ملاقاة بعضهم بعضا مع براءتهم من وصمة التدليس. فحينئذ يحمل على ظاهر إلاتصال إلا أن يظهر فيه خلاف ذلك. وكثر في عصرنا وما قاربه بين المنتسبين إلى الحديث استعمال عن في الإجازة فإذا قال أحدهم: قرأت على فلان عن فلان أو نحو ذلك فظن به أنه رواه عنه بالإجازة. ولا يخرجه ذلك من قبيل إلاتصال على مإلا يخفي والله أعلم. الثاني: اختلفوا في قول الراوي أن فلانا قال كذا وكذا هل هو بمنزلة عن في الحمل على إلاتصال إذا ثبت التلاقي بينهما حتى يتبين فيه إلانقطاع مثاله: مالك عن الزهري: أن سعيد بن المسيب قال كذا فروينا عن مالك رضي الله عنه أنه كان يرى عن فلان وأن فلانا سواء. وعن أحمد بن حنبل رضي الله عنه: أنهما ليسا سواء وحكى ابن عبد البر عن جمهور أهل العلم: أن عن وأن سواء وأنه لا اعتبار بالحروف والألفاظ وإنما هو باللقاء والمجالسة والسماع والمشاهدة يعني مع السلامة من التدليس فإذا كان سماع بعضهم من بعض صحيحا كان حديث بعضهم عن بعض بأي لفظ ورد محمولا على إلاتصال حتى يتبين فيه إلانقطاع.

_ ومن لم يشترطه فوجدتهم أجمعوا على قبول الإسناد المعنعن لا خلاف بينهم في ذلك إذا جمع شروطا ثلاثة وهى عدالة المحدثين ولقاء بعضهم بعضا مجالسة ومشاهدة وأن يكونوا برآء من التدليس ثم قال وهو قول مالك وعامة أهل العلم. قوله اختلفوا في قول الراوى أن فلانا قال كذا وكذا هل هو بمنزلة عن في الحمل على إلاتصال إذا ثبت التلاقى بينهما حتى يتبين فيه إلانقطاع مثاله مالك عن الزهري أن سعيد بن المسيب قال كذا فروينا عن مالك رضى الله عنه أنه كان يروى عن فلان وأن فلانا سواء.

0000000000000000000000000000

_ وعن أحمد بن حنبل رضي الله عنه أنهما ليسا سواء. وحكى ابن عبد البر عن جمهور أهل العلم أن عن وأن سواء ثم قال وحكى بن عبد البر عن أبى بكر البرديجى أن حرف أن محمول على إلانقطاع حتى يتبين السماع في ذلك الخبر بعينه من جهة أخرى ثم قال ابن الصلاح ووجدت مثل ما حكاه عن البرديجى أبى بكر الحافظ للحافظ الفحل يعقوب بن شيبة في مسنده الفحل فإنه ذكر ما رواه أبو الزبير عن ابن الحنفية عن عمار للحافظ قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلى فسلمت عليه فرد على السلام وجعله مسندا موصولا وذكر رواية قيس بن سعد كذلك عن عطاء ابن أبى رباح عن ابن الحنفية أن عمارا مر بالنبى صلى الله عليه وسلم وهو يصلى فجعله مرسلا من حيث كونه قال إن عمارا فعل ولم يقل عن عمار والله أعلم انتهى. وما حكاه المصنف عن أحمد بن حنبل وعن يعقوب بن شيبة من تفرقتهما بين عن وأن ليس إلامر فيه على ما فهمه من كلامهما ولم يفرق أحمد ويعقوب بين عن وأن لصيغة أن ولكن لمعنى آخر أذكره وهو أن يعقوب إنما جعله مرسلا من حيث أن ابن الحنفية لم يسند حكاية القصة إلى عمار وإلا فلو قال ابن الحنفية إن عمارا قال مررت بالنبى صلى الله عليه وسلم لما جعله يعقوب ابن شيبة مرسلا فلما أتى به بلفظ أن عمارا مر كان محمد بن الحنفية هو الحاكى لقصة لم يدركها لأنه لم يدرك مرور عمار بالنبى صلى الله عليه وسلم فكان نقله لذلك مرسلا وهذا أمر واضح ولا فرق بين أن يقول ابن الحنفية إن عمارا مر بالنبى صلى الله عليه وسلم أو أن النبى صلى الله عليه وسلم مر به عمار فكلاهما مرسل بإلاتفاق بخلاف ما إذا قال عن عمار قال مررت أو ان عمارا قال مررت فإن هاتين العبارتين متصلتان لكونهما أسندتا إلى عمار وكذلك ما حكاه المصنف عن أحمد ابن حنبل من تفرقته بين عن وأن فهو على هذا النحو ويوضح لك ذلك حكاية كلام أحمد وقد رواه الخطيب وفي الكفاية بإسناده إلى أبى داود قال سمعت أحمد قيل له أن رجلا قال عروة أن عائشة قالت يا رسول الله وعن عروة عن عائشة سواء قال كيف هذا سواء ليس هذا سواء انتهى كلام أحمد.

..........................................................................

_ وإنما فرق بين اللفظين لأن عروة في اللفظ إلاول لم يسند ذلك إلى عائشة ولا ادرك القصة وإلا فلو قال عروة إن عائشة قالت قلت يا رسول الله لكان ذلك متصلا لأنه أسند ذلك إليها. وأما اللفظ الثانى فأسنده عروة إليها بالعنعنة فكان ذلك متصلا فما فعله أحمد ويعقوب بن شيبة صواب سواء ليس مخالفا لقول مالك ولا لقول غيره وليس في ذلك خلاف بين أهل النقل وجملة القول فيه أن الراوى إذا روى قصة أو واقعة فإن كان أدرك ما رواه بأن حكى قصة وقعت بين يدى النبى صلى الله عليه وسلم وبين بعض أصحابه والراوى لذلك صحابى قد أدرك تلك الواقعة حكمنا لها بإلاتصال وان لم نعلم أن الصحابى شهد تلك القصة وإن علمنا أنه لم يدرك الواقعة فهو مرسل صحابى وإن كان الراوى كذلك تابعيا كمحمد بن الحنفية مثلا فهى منقطعة وإن روى التابعى عن الصحابى قصة أدرك وقوعها كان متصلا ولو لم يصرح بما يقتضى إلاتصال وأسندها إلى الصحابى بلفظ أن فلانا قال أو بلفظ قال قال فلان فهى متصلة أيضا كرواية ابن الحنفية إلاولى عن عمار بشرط سلامة التابعى من التدليس كما تقدم وإن لم يدركها ولا أسند حكايتها إلى الصحابى فهى منقطعة كرواية ابن الحنفية الثانية فهذا الحقيق القول فيه. وممن حكى اتفاق أهل النقل على ذلك الحافظ أبو عبد الله بن المواق في كتاب بغية النقاد فذكر من عند أبى داود حديث عبد الرحمن بن طرفة أن جده عرفجة قطع أنفه يوم الكلاب الحديث وقال إنه عند أبى داود هكذا مرسل قال وقد نبه ابن السكن على إرساله فقال فذكر الحديث مرسلا قال ابن المواق وهو أمر بين لا خلاف بين أهل التمييز من أهل هذا الشأن في انقطاع ما يروى كذلك إذا علم أن الراوى لم يدرك زمان القصة كما في هذا الحديث وذكر نحو ذلك أيضا في حديث أبى قيس أن عمرو بن العاص كان على سرية الحديث في التيمم من عند أبى داود أيضا وكذلك فعل ذلك غيره وهو أمر واضح بين والله اعلم. وقد ذكر المصنف بعد ما حكاه عن مسند يعقوب بن شيبة أن الخطيب مثل هذه المسألة بحديث نافع عن ابن عمر عن عمر أنه سأل النبى صلى الله عليه وسلم أينام أحدنا وهو جنب الحديث وفي رواية أخرى عن نافع عن ابن عمر أن عمر قال يا رسول الله الحديث ثم قال أى الخطيب ظاهر الرواية إلاولى يوجب أن يكون من مسند

وحكى ابن عبد البر عن أبي بكر البرديجي: أن حرف أن محمول على إلانقطاع حتى يتبين السماع في ذلك الخبر بعينه من جهة أخرى. وقال: عندي لا معنى لهذا لإجماعهم على أن الإسناد المتصل بالصحابي سواء فيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أو: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أو: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال أو سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول والله أعلم. قلت: ووجدت مثل ما حكاه عن البرديجي أبي بكر الحافظ للحافظ الفحل يعقوب بن شيبة في مسنده الفحل فإنه ذكر ما رواه أبو الزبير عن ابن الحنفية عن عمار قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فسلمت عليه فرد علي السلام. وجعله مسندا موصولا. وذكر رواية قيس بن سعد لذلك عن عطاء بن أبي رباح عن ابن الحنفية: أن عمارا مر بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي.. فجعله مرسلا من حيث كونه قال: إن عمارا فعل ولم يقل عن عمار والله أعلم. ثم إن الخطيب مثل هذه المسألة بحديث نافع عن ابن عمر عن عمر: أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أينام أحدنا وهو جنب؟ الحديث. وفي رواية أخرى: عن نافع عن ابن عمر أن عمر: قال يا رسول الله ... الحديث. ثم قال: ظاهر الرواية إلاولى يوجب أن يكون من مسند عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم. والثانية ظاهرها يوجب أن يكون من مسند ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم. قلت: ليس هذا المثال مماثلا لما نحن بصدده لأن إلاعتماد فيه في الحكم بإلاتصال على مذهب الجمهور إنما هو على اللقي وإلادراك وذلك في هذا الحديث مشترك متردد لتعلقه بالنبي صلى الله عليه وسلم وبعمر رضي الله عنه وصحبة الراوي ابن عمر لهما فاقتضى

_ .......................................................................

ذلك من جهة: كونه رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم ومن جهة أخرى: كونه رواه عن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والله اعلم. الثالث: قد ذكرنا ما حكاه ابن عبد البر من تعميم الحكم بإلاتصال فيما يذكره الراوي عمن لقيه بأي لفظ كان. وهكذا أطلق أبو بكر الشافعي الصيرفي ذلك فقال: كل من علم له سماع من إنسان فحدث عنه فهو على السماع حتى يعلم أنه لم يسمع منه ما حكاه. وكل من علم له لقاء إنسان فحدث عنه فحكمه هذا الحكم وإنما قال هذا فيمن لم يظهر تدليسه. ومن الحجة في ذلك وفي سائر الباب: أنه لو لم يكن قد سمعه منه لكان بإطلاقه الرواية عنه من غير ذكر الواسطة بينه وبينه مدلسا والظاهر السلامة من وصمة التدليس والكلام فيمن لم يعرف بالتدليس. ومن أمثلة ذلك: قوله قال فلان كذا وكذا مثل أن يقول نافع: قال ابن عمر. وكذلك لو قال عنه ذكر أو: فعل أو: حدث أو: كان يقول كذا وكذا وما جانس ذلك فكل ذلك محمول ظاهرا على إلاتصال وأنه تلقى ذلك منه من غير واسطة بينهما مهما ثبت لقاؤه له على الجملة. ثم منهم من اقتصر في هذا الشرط المشترط في ذلك ونحوه على مطلق اللقاء أو السماع كما حكيناه آنفا. وقال فيه أبو عمرو المقري: إذا كان معروفا بالرواية عنه. وقال فيه أبو الحسن القابسي: إذا أدرك المنقول عنه إدراكا بينا. وذكر أبو المظفر السمعاني في العنعنة: أنه يشترط طول الصحبة بينهم وأنكر مسلم بن الحجاج في خطبة صحيحه على بعض أهل عصره حيث اشترط في العنعنة ثبوت اللقاء وإلاجتماع وادعى أنه قول مخترع لم يسبق قائله إليه وأن القول الشائع المتفق

_ ............................................................................

عليه بين أهل العلم بإلاخبار قديما وحديثا: أنه يكفي في ذلك أن يثبت كونهما في عصر واحد وإن لم يأت في خبر قط أنهما اجتمعا أو تشافها. وفيما قاله مسلم نظر وقد قيل: إن القول الذي رده مسلم هو الذي عليه أئمة هذا العلم: علي بن المديني والبخاري وغيرهما والله أعلم. قلت: وهذا الحكم لا أراه يستمر بعد المتقدمين فيما وجد من المصنفين في تصانيفهم مما ذكروه عن مشايخهم قائلين فيه ذكر فلان ونحو ذلك فافهم كل ذلك فإنه مهم عزيز والله أعلم. الرابع: التعليق الذي يذكره أبو عبد الله الحميدي صاحب الجمع بين الصحيحين وغيره من المغاربة في أحاديث من صحيح البخاري قطع إسنادها وقد استعمله الدارقطني من قبل صورته صورة إلانقطاع وليس حكمه حكمه ولا خارجا ما وجد ذلك فيه منه من قبيل الصحيح إلى قبيل الضعيف وذلك لما عرف من شرطه وحكمه على ما نبهنا عليه في الفائدة السادسة من النوع إلاول. ولا التفات إلى أبي محمد بن حزم الظاهري الحافظ في رده ما أخرجه البخاري من حديث أبي عامر أو: أبي مالك إلاشعري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الحرير والخمر والمعازف.." الحديث. من جهة

_ عمر عن النبى صلى الله عليه وسلم والثانية ظاهرها يوجب أن يكون من مسند ابن عمر عن النبى صلى الله عليه وسلم انتهى وهذا يشهد لما ذكرناه إلا أن المصنف اعترض على الخطيب بقوله ليس هذا المثال مماثلا لما نحن بصدده الى آخر كلامه إلا أن كون الرواية الثانية تدل على أنه من مسند ابن عمر لا يخالف فيه ابن الصلاح وهو موافق لما ذكرناه وهو المقصود من إلاستشهاد به والله أعلم وصلى الله عليه وسلم على محمد وآله. "قوله" الرابع التعليق الذى يذكره أبو عبد الله الحميدى في أحاديث من صحيح البخاري قطع إسنادها صورته صورة إلانقطاع وليس حكمه حكمه ولا خارجا ما وجد

أن البخاري أورده قائلا فيه: قال هشام بن عمار.. وساقه بإسناده فزعم ابن حزم أنه منقطع فيما بين البخاري وهشام وجعله جوابا عن إلاحتجاج به على تحريم المعازف. وأخطأ في ذلك من وجوه والحديث صحيح معروف إلاتصال بشرط الصحيح. والبخاري رحمه الله قد يفعل ذلك لكون ذلك الحديث معروفا من جهة الثقات عن ذلك الشخص الذي علقه عنه. وقد يفعل ذلك لكونه قد ذكر ذلك 40 الحديث في موضع آخر من كتابه مسندا متصلا وقد يفعل ذلك ليغير ذلك من إلاسباب التي لا يصحبها خلل إلانقطاع والله أعلم. وما ذكرناه من الحكم في التعليق المذكور فذلك فيما أورده منه أصلا ومقصودا لا فيما أورده في معرض إلاستشهاد فإن الشواهد يحتمل فيها ما ليس من شرط الصحيح معلقا كان أو موصولا ثم إن لفظ التعليق وجدته مستعملا فيما حذف من مبتدأ إسناده واحد فأكثر. حتى إن بعضهم استعمله في حذف كل

_ ذلك فيه منه من قبيل الصحيح إلى قبيل الضعيف لما علم من شرطه اعترض عليه بأن شرط البخاري إن سمى كتابه المسند الصحيح والصحيح هو ما فيه من المسند دون ما لم يسنده وهذا إلاعتراض يؤيده قول ابن القطان في بيان الوهم وإلايهام أن البخاري فيما يعلق من إلاحاديث في إلابواب غير مبال بضعف رواتها فإنها غير معدودة فيما انتخب وإنما يعد من ذلك ما وصل إلاسانيد به فاعلم ذلك انتهى كلام ابن القطان. والجواب أن المصنف إنما يحكم بصحتها إلى من علقها عنه إذا ذكره بصيغة الجزم كما تقدم ولا يظن بالبخاري أن يجزم القول فيما ليس بصحيح عمن جزم به عنه فأما إذا ذكر فيما أبرز من السند ضعيفا فإنه ليس صحيحا عند البخاري كما تقدم والله أعلم. "قوله" فزعم ابن حزم أنه منقطع فيما بين البخاري وهشام انتهى وإنما قال ابن حزم في المحلى هذا حديث منقطع لم يتصل ما بين البخاري وصدقة بن خالد انتهى وصدقة بن خالد هو شيخ هشام بن عمار في هذا الحديث وهذا قريب إلا أن المصنف لا يجوز تغيير إلالفاظ في التصانيف وان اتفق المعنى.

الإسناد. مثال ذلك: قوله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا. قال ابن عباس كذا وكذا. روى أبو هريرة كذا وكذا. قال سعيد بن المسيب عن أبي هريرة كذا وكذا. قال الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم كذا وكذا. وهكذا إلى شيوخ شيوخه وأما ما أورده كذلك عن شيوخه فهو من قبيل ما ذكرناه قريبا في الثالث من هذه التفريعات.

_ "قوله" وأما ما أورده أى البخاري كذلك عن شيوخه فهو من قبيل ما ذكرناه قريبا في الثالث من هذا التفريعات انتهى يريد أن ما قال فيه البخاري وقال فلان وسمى بعض شيوخه أنه محكوم فيه بإلاتصال كالإسناد المعنعن ويشكل على ما ذكره المصنف هنا أن البخاري قال في صحيحه في كتاب الجنائز في باب ما جاء في قاتل النفس وقال حجاج بن منهال حدثنا جرير بن حازم عن الحسن قال حدثنا جندب في هذا المسجد فما نسيناه وما نخاف أن يكذب جندب على النبى صلى الله عليه وسلم قال: "كان برجل خراج فقتل نفسه" الحديث فحجاج بن منهال أحد شيوخ البخاري قد سمع منه أحاديث وقد علق عنه هذا الحديث ولم يسمعه منه وبينه وبينه واسطة بدليل أنه أورده في باب ما ذكره عن بني إسرائيل فقال حدثنا محمد حدثنا حجاج حدثنا جرير عن الحسن قال حدثنا جندب فذكر الحديث فهذا يدل على أنه لم يسمعه من حجاج وهذا تدليس. فلا ينبغى أن يحمل ما علقه عن شيوخه على السماع منهم ويجوز أن يقال إن البخاري أخذه عن حجاج بن منهال بالمناولة أو في حالة المذاكرة على الخلاف الذى ذكره ابن الصلاح وسمعه ممن سمعه منه فلم يستحسن التصريح باتصاله بينه وبين حجاج لما وقع من تحمله وهو قد صح عنده بواسطة الذى حدثه به عنه فأتى به في موضع بصيغة التعليق وفي موضع آخر بزيادة الواسطة وعلى هذا فلا يسمى ما وقع من البخاري على هذا التقدير تدليسا وعلى كل حال فهو محكوم بصحته لكونه أتى به بصيغة الجزم كما تقدم فما قاله ابن حزم في حديث البخاري عن هشام بن عمار بحديث المعارف من أنه ليس متصلا عند البخاري يمكن أن يكون البخاري أخذه عن هشام مناولة أو في المذاكرة فلم يصرح فيه بالسماع.

00000000000000000000000000000000000

_ "وقوله" إنه لا يصح وإنه موضع مردود عليه فقد وصله غير البخاري من طريق هشام بن عمار ومن طريق غيره فقال إلاسماعيلى في صحيحه حدثنا الحسن وهو ابن سفيان إلامام حدثنا هشام بن عمار وقال الطبراني في مسند الشاميين حدثنا محمد بن يزيد بن عبد الصمد حدثنا هشام بن عمار حدثنا صدقة بن خالد وقال أبو داود في سننه حدثنا عبد الوهاب بن نجدة حدثنا بشر بن بكر كلاهما عن عبد الرحمن بن يزيد ابن جابر بإسناده. وقد ذكر المصنف فيما تقدم في النوع إلاول في أمثلة تعليق البخاري قال القعنبي والغضبى من شيوخ البخاري فجعله هناك من باب التعليق وخالف ذلك هنا وقد يجاب عن المصنف بما ذكره هنا عقب إلانكار عن ابن حزم وهو قوله والبخاري رحمه الله قد يفعل مثل ذلك لكون ذلك الحديث معروفا من جهة الثقات عن ذلك الشخص الذي علق عنه وقد يفعل ذلك لكونه قد ذكر ذلك الحديث في موضع آخر من كتابه مسندا متصلا وقد يفعل ذلك بغير ذلك في إلاسباب التي لا يصحبها خلل إلانقطاع انتهى فحديث النهى عن المعازف من باب ما هو معروف من جهة الثقات عن هشام كما تقدم وحديث جندب من باب ما ذكره في موضع آخر من كتابه مسند وقد اعترض على المصنف في قوله وقد يفعل ذلك لغير ذلك من إلاسباب التي لا يصحبها خلل إلانقطاع بأن حديث جندب الذي ذكر في الجنائز صحبة خلل للانقطاع لأنه لم يأخذه عن حجاج بن منهال والجواب عن المصنف أنه لم يرد بقوله لا يصحبها خلل للانقطاع أي في غير الموضع الذي علقه فيه فان التعليق منقطع قطعا وإنما أراد أنه لا يصحبها خلل إلانقطاع في الواقع بأن يكون الحديث معروف إلاتصال. أما في كتابه في موضع آخر كحديث جندب أو في غير كتابه كحديث أبى مالك إلاشعري فإنه إنما جزم به حيث علم اتصاله وصحته في نفس إلامر كما تقدم والله تعالى أعلم. وأختلف في محمد شيخ البخاري في حديث جندب فقيل هو محمد بن يحيى الدهلى

وبلغني عن بعض المتأخرين من أهل المغرب أنه جعله قسما من التعليق ثانيا وأضاف إليه قول البخاري في غير موضع من كتابه وقال لي فلان وزادنا فلان فوسم ذلك بالتعليق المتصل من حيث الظاهر المنفصل من حيث المعنى وقال: متى رأيت البخاري يقول وقال لي وقال لنا فاعلم أنه إسناد لم يذكره للاحتجاج به وإنما ذكره للاستشهاد به. وكثيرا ما يعبر المحدثون بهذا اللفظ عما جرى بينهم في المذاكرات والمناظرات وأحاديث المذاكرة قلما يحتجون بها. قلت: وما ادعاه على البخاري مخالف لما قاله من هو أقدم منه وأعرف 41 بالبخاري وهو العبد الصالح أبو جعفر بن حمدان النيسابوري فقد روينا عنه أنه قال: كل ما قال البخاري قال لي فلان فهو عرض ومناولة. قلت: ولم أجد لفظ التعليق مستعملا فيما سقط فيه بعض رجال الإسناد من وسطه أو من آخره ولا في مثل قوله يروى عن فلان ويذكر عن فلان وما أشبهه مما ليس فيه جزم على من ذكر ذلك بأنه قاله وذكره. وكأن هذا التعليق مأخوذ من تعليق الجدار وتعليق الطلاق ونحوه لما يشترك الجميع فيه من قطع إلاتصال والله أعلم.

_ وهو الظاهر فإنه روى عن حجاج بن منهال والبخاري عادته لا ينسبه إذا روى عنه إما لكونه من أقرانه أو لما جرى بينهما وقيل هو محمد بن جعفر السمناني. "قوله" ولم أجد لفظ التعليق مستعملا فيما سقط فيه بعض رجال الإسناد من وسطه أو من آخره ولا في مثل قوله يروى على فلان ويذكر عن فلان وما أشبهه مما ليس فيه جزم على من ذكر ذلك عنه بأنه قاله وذكره انتهى. وقد سمى غير واحد من المتأخرين ما ليس بمجزوم تعليقا منهم الحافظ أبو الحجاج المزي كقول البخاري في باب مس الحرير من غير لبس ويروى فيه عن الزبيدي عن

الخامس: الحديث الذي رواه بعض الثقات مرسلا وبعضهم متصلا: اختلف أهل الحديث في أنه ملحق بقبيل الموصول أو بقبيل المرسل مثاله: حديث لا نكاح إلا بولي رواه إسرائيل بن يونس في آخرين عن جده أبي إسحاق السبيعي عن أبي بردة عن أبيه أبي موسى إلاشعري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسندا هكذا متصلا ورواه سفيان الثوري وشعبة عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا هكذا فحكى الخطيب الحافظ: أن أكثر أصحاب الحديث يرون الحكم في هذا وأشباهه للمرسل وعن بعضهم: أن الحكم للأكثر وعن بعضهم: أن الحكم للأحفظ فإذا كان من أرسله أحفظ ممن وصله فالحكم لمن أرسله ثم لا يقدح ذلك في عدالة من وصله وأهليته. ومنهم من قال: الحكم لمن أسنده إذا كان عدلا ضابطا فيقبل خبره وإن خالفه غيره سواء كان المخالف له واحدا أو جماعة قال الخطيب: هذا القول هو الصحيح. قلت: وما صححه هو الصحيح في الفقه وأصوله. وسئل البخاري عن حديث: "لا نكاح إلا بولي" المذكور فحكم لمن وصله وقال: الزيادة من الثقة مقبولة فقال البخاري: هذا مع أن من أرسله شعبة وسفيان وهما جبلان لهما من الحفظ وإلاتقان الدرجة العالية. ويلتحق بهذا ما إذا كان الذي وصله هو الذي أرسله وصله في وقت وأرسله في وقت.

_ الزهري عن أنس عن النبى صلى الله عليه وسلم فذكره المزي في إلاطراف وعلم عليه علامة التعليق للبخارى وكذا فعل غير واحد من الحفاظ يقولون ذكره البخاري تعليقا مجزوما أو تعليقا غير مجزوم به إلا أنه يجوز أن هذا إلاصطلاح متجدد فلا لوم على المصنف في قوله إنه لم يجده. "قوله" أما إذا كان الذى وصله هو الذى أرسله وصله في وقت وأرسله في وقت

وهكذا إذا رفع بعضهم الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم ووقفه بعضهم على الصحابي. أو رفعه واحد في وقت ووقفه هو أيضا في وقت آخر. فالحكم على الأصح في كل ذلك لما زاده الثقة من الوصل والرفع لأنه مثبت وغيره ساكت ولو كان نافيا فالمثبت مقدم عليه لأنه علم ما خفي عليه. ولهذا الفصل تعلق بفصل زيادة الثقة في الحديث وسيأتي إن شاء الله تعالى وهو أعلم.

_ ثم قال أو رفعه واحد في وقت ووقفه هو أيضا في وقت آخر فالحكم على الأصح في كل ذلك لما زاده الثقة من الوصل والرفع إلى آخر كلامه وما صححه المصنف هو الذى رجحه أهل الحديث. وصحح إلاصوليون خلافه وهو أن إلاعتبار بما وقع منه أكثر فإن وقع وصله أو رفعه أكثر من إرساله أو وقفه فالحكم للوصل والرفع وإن كان إلارسال أو الوقف فأكثر فالحكم له والله أعلم.

النوع الثاني عشر: معرفة التدليس وحكم المدلس

النوع الثاني عشر: معرفة التدليس وحكم المدلس. التدليس قسمان: أحدهما: تدليس الإسناد وهو أن يروي عمن لقيه ما لم يسمع منه موهما أنه سمعه منه. أو: عمن عاصره ولم يلقه موهما أنه قد لقيه وسمعه منه. ثم قد يكون بينهما واحد وقد يكون أكثر ومن شأنه أن لا يقول في ذلك أخبرنا فلان ولا حدثنا وما أشبههما. وإنما يقول قال فلان أو: عن فلان ونحو ذلك مثال ذلك: ما روينا عن علي بن خشرم قال: كنا عند بن عيينة فقال: قال الزهري

_ النوع الثانى عشر: معرفة التدليس. "قوله" التدليس قسمان إلى آخر كلامه ترك المصنف رحمه الله قسما ثالثا من أنواع التدليس وهو شر إلاقسام وهو الذى يسمونه تدليس التسوية وقد سماه بذلك أبو الحسن بن القطان وغيره من أهل هذا الشأن وصورة هذا القسم من التدليس

فقيل له: حدثكم الزهري؟ فسكت ثم قال: قال الزهري فقيل له: سمعته من الزهري؟ فقال: لا لم أسمعه من الزهري ولا ممن سمعه من الزهري حدثني عبد الرزاق عن معمر عن الزهري. القسم الثاني: تدليس الشيوخ وهو: أن يروي عن شيخ حديثا سمعه منه فيسميه أو يكنيه أو ينسبه أو يصفه بما لا يعرف به كي لا يعرف. مثاله: ما روي لنا عن أبي بكر بن مجاهد إلامام المقري: أنه روى عن أبي بكر عبد الله بن أبي داود السجستاني فقال: حدثنا عبد الله بن أبي عبد الله. وروى عن أبي بكر محمد بن الحسن النقاش المفسر المقري فقال: حدثنا محمد بن سند نسبه إلى جد له والله أعلم.

_ أن يجئ المدلس إلى حديث سمعه من شيخ ثقة وقد سمعه ذلك الشيخ الثقة من شيخ ضعيف وذلك الشيخ الضعيف يرويه عن شيخ ثقة فيعمل المدلس الذي سمع الحديث من الثقة إلاول فيسقط منه شيخ شيخه الضعيف ويجعله من رواية شيخه الثقة عن الثقة الثاني بلفظ محتمل كالعنعنة ونحوها فيصير الإسناد كله ثقات ويصرح هو بإلاتصال بينه وبين شيخه لأنه قد سمعه منه فلا يظهر حينئذ في الإسناد ما يقتضى عدم قوله إلا لأهل النقد والمعرفة بالعلل. ومثال ذلك ما ذكره أبو محمد بن أبى حاتم في كتاب العلل قال سمعت أبى وذكر الحديث الذي رواه إسحق بن راهويه عن بقية قال حدثني أبو وهب إلاسدي عن نافع عن ابن عمر مرفوعا: "لا تحمدوا إسلام المرء حتى تعرفوا عقدة رأيه" فقال أبى إن هذا الحديث له أمر قل من يفهمه روى هذا الحديث عبيد الله بن عمرو عن إسحق بن أبى فروة عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال وعبيد الله بن عمرو كنيته أبو وهب وهو أسدى فكناه بقية ونسبه إلى بني أسد لكيلا يفطن له حتى إذا ترك إسحق ابن أبى فروه من الوسط لا يهتدي له قال وكان بقية من أفعل الناس لهذا انتهى. وممن كان يصنع هذا النوع من التدليس الوليد بن مسلم وحكي أيضا عن

.......................................................................................

_ إلاعمش وسفيان الثورى فأما الوليد بن مسلم فحكى الدارقطنى عنه أنه كان يفعله وروينا عن أبى مسهر قال كان الوليد ابن مسلم يحدث بأحاديث إلاوزاعي عن الكذابين ثم يدلسها عنهم وروينا عن صالح جزرة قال سمعت الهيثم بن خارجة يقول قلت للوليد بن مسلم قد أفسدت حديث إلاوزاعي قال كيف قلت تروى عن إلاوزاعي عن نافع وعن إلاوزاعي عن الزهري وعن إلاوزاعي عن يحيى بن سعيد وغيرك يدخل بين إلاوزاعي وبين نافع عبد الله بن عامر إلاسلمى وبينه وبين الزهري إبراهيم ابن مرة وقرة قال أنبل إلاوزاعي أن يروى عن مثل هؤلاء قلت فإذا روى عن هؤلاء وهم ضعفاء احاديث مناكير فاسقطتهم أنت وصيرتها من رواية إلاوزاعي عن الثقات ضعف إلاوزاعي فلم يلتفت إلى قولي. وأما إلاعمش والثوري فقال الخطيب في الكفاية كان إلاعمش والثوري وبقية يفعلون مثل هذا والله أعلم. قال شيخنا الحافظ أبو سعيد العلائى في كتاب جامع التحصيل وبالجملة فهذا النوع أفحش أنواع التدليس مطلقا وشرها أنتهى. قلت ومما يلزم منه من الغرور الشديد أن الثقة إلاول قد لا يكون معروفا بالتدليس ويكون المدلس قد صرح بسماعه من هذا الشيخ الثقة وهو كذلك فتزول تهمة تدليسه فيقف الواقف على هذا السند فلا يرى فيه موضع علة لأن المدلس صرح باتصاله والثقة إلاول ليس مدلسا وقد رواه عن ثقة آخر فيحكم له بالصحة وفيه ما فيه من إلافة التي ذكرناها وهذا قادح فيمن تعمد فعله والله أعلم. "قوله" وهو أن يروى عمن لقيه ما لم يسمعه منه موهما أنه سمعه منه أو عمن عاصره ولم يلقه إلى آخر كلامه هكذا حد المصنف القسم إلاول من قسمى التدليس اللذين ذكرهما وقد حده غير واحد من الحفاظ بما هو أخص من هذا وهو أن يروى عمن قد سمع منه ما لم يسمعه منه غير أن يذكر أنه سمعه منه هكذا حده الحافظ أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار في جزء له في معرفة من يترك حديثه أو يقبل وكذا حده الحافظ أبو الحسن بن محمد بن عبد الملك بن القطان في معرفة كتاب بيان الوهم

أما القسم إلاول: فمكروه جدا ذمه أكثر العلماء وكان شعبة من أشدهم ذما له. فروينا عن الشافعي إلامام رضي الله عنه أنه قال: التدليس أخو الكذب. وروينا عنه أنه قال: لأن أزني أحب إلي من أن أدلس. وهذا من شعبة إفراط محمول على المبالغة في الزجر عنه والتنفير ثم اختلفوا في قبول رواية من عرف بهذا التدليس: فجعله فريق من أهل الحديث والفقهاء مجروحا بذلك وقالوا: لا تقبل روايته بحال بين السماع أو لم يبين.

_ وإلايهام قال ابن القطان والفرق بينه وبين إلارسال هو أن إلارسال روايته عمن لم يسمع منه انتهى. ويقابل هذا القول في تضييق حد التدليس القول إلاخر الذى حكاه ابن عبد البر في التمهيد أن التدليس أن يحدث الرجل بما لم يسمعه قال ابن عبد البر وعلى هذا فما سلم من التدليس أحد لا مالك ولا غيره وما ذكره المصنف في حد التدليس هو المشهور بين أهل الحديث وإنما ذكرت قول البزار وابن القطان كيلا يغتر بهما من وقف عليهما فيظن موافقة أهل هذا الشان لذلك والله أعلم. "قوله" أما القسم إلاول فمكروه جدا ثم قال ثم اختلفوا في قبول رواية من عرف بهذا التدليس فجعله فريق من أهل الحديث والفقهاء مجروحا بذلك وقالوا لا تقبل روايته بحال بين السماع أو لم يبين والصحيح التفصيل وان ما رواه المدلس بلفظ محتمل لم يبين فيه السماع وإلاتصال حكمه حكم المرسل وأنواعه ثم قال وأما القسم الثانى فأمره أخف انتهى كلامه وفيه أمور: أحدها أن المصنف أجرى الخلاف في الثقة المدلس وان صرح بالسماع وقد ادعى أبو الحسن بن القطان نفي الخلاف فيه فذكر في كتابه بيان الوهم وإلايهام أن يحيى ابن أبى كثير كان يدلس وأنه ينبغى أن يجرى في معنعنه الخلاف ثم قال أما إذا صرح بالسماع فلا كلام فيه فإنه ثقة حافظ صدوق فتقبل منه ذلك بلا خلاف انتهى كلامه والمشهور ما ذكره المصنف من إثبات الخلاف فقد حكاه الخطيب في الكفاية عن

والصحيح التفصيل: وأن مارواه المدلس بلفظ محتمل لم يبين فيه السماع وإلاتصال حكمه حكم المرسل وأنواعه. وما رواه بلفظ مبين للاتصال نحو سمعت وحدثنا وأخبرنا وأشباهها فهو مقبول محتج به وفي الصحيحين وغيرهما من الكتب المعتمدة من حديث هذا الضرب كثير جدا: كقتادة وإلاعمش والسفيانين وهشام بن بشير وغيرهم وهذا لأن التدليس ليس كذبا وإنما هو ضرب من إلايهام بلفظ محتمل والحكم بأنه لا يقبل من المدلس حتى يبين قد أجراه الشافعي رضي الله عنه فيمن عرفناه دلس مرة والله أعلم.

_ فريق من الفقهاء وأصحاب الحديث وهكذا حكاه غيره والمثبت للخلاف مقدم على النافي له والله أعلم. الامر الثانى: أن المصنف ذكر أن ما لم يبين فيه المدلس إلاتصال حكمه حكم المرسل فاقتضى كلامه أن من يقبل المرسل يقبل معنعن المدلس وليس ذلك قول جميع من يحتج بالمرسل بل بعض من يحتج بالمرسل يرد معنعن المدلس لما فيه من التهمة كما حكاه الخطيب في الكفاية فقال إن جمهور من يحتج بالمرسل يقبل خبر المدلس بل زاد النووى على هذا فحكى في شرح المهذب إلاتفاق على أن المدلس لا يحتج بخبره إذا عنعن وهذا منه إفراط وكان الذى أوقع النووى في ذلك ما ذكره البيهقى في المدخل وابن عبد البر في التمهيد مما يدل على ذلك أما البيهقى فإنه حكى عن الشافعى وسائر أهل العلم أنهم لا يقبلون عنعنة المدلس وأما ابن عبد البر فإنه لما ذكر في مقدمة التمهيد الحديث المعنعن وأنه يقبل بشروط ثلاثة قال إلا أن يكون الرجل معروفا بالتدليس فلا يقبل حديثه حتى يقول حدثنا أو سمعت قال فهذا ما لا أعلم فيه أيضا خلافا انتهى كلامه. وما ذكر من إلاتفاق لعله محمول على اتفاق من لا يحتج بالمرسل خصوصا عبارة البيهقي فإن لفظ سائر قد تطلق ويراد به الباقى لا الجميع والخلاف في كلام غيرهما وممن حكاه الحاكم في كتاب المدخل فإنه قسم الصحيح إلى عشر أقسام خمسة متفق عليها وخمسة مختلف فيها فذكر من الخمسة المختلف فيها المراسيل وأحاديث المدلسين إذا لم يذكروا سماعاتهم إلى آخر كلامه وحكى الخلاف أيضا الحافظ أبو بكر الخطيب في

وأما القسم الثاني: فأمره أخف وفيه تضييع للمروي عنه وتوعير لطريق معرفته على من يطلب الوقوف على حاله وأهليته ويختلف الحال في كراهة ذلك بحسب الغرض الحامل عليه فقد يحمله على ذلك كون شيخه الذي غير سمته غير ثقة أو كونه متأخر الوفاة قد شاركه في السماع منه جماعة دونه أو كونه أصغر سنا من الراوي عنه أو كونه كثير الرواية عنه فلا يحب إلاكثار من ذكر شخص واحد على صورة واحدة وتسمح بذلك جماعة من الرواة المصنفين منهم الخطيب أبو بكر فقد كان لهجا به في تصانيفه والله أعلم.

_ كتاب الكفاية فحكى عن خلق كثير من أهل العلم أن خبر المدلس مقبول قال وزعموا أن نهاية أمره أن يكون مرسلا والله أعلم. إلامر الثالث: أن المصنف بين الحكم فيمن عرف بالقسم إلاول من التدليس ولم يبين الحكم في القسم الثانى وإنما قال إن أمره أخف فأردت بيان الحكم فيه للفائدة وقد جزم أبو نصر بن الصباغ في كتاب العدة أن من فعل ذلك لكون من روى عنه غير ثقة عند الناس وإنما أراد أن يغير اسمه ليقبلوا خبره يجب إلا يقبل خبره وإن كان هو يعتقد فيه الثقة فقد غلط في ذلك لجواز أن يعرف غيره من جرحه مإلا يعرفه هو وان كان لصغر سنه فيكون ذلك رواية عن مجهول لا يجب قبول خبره حتى يعرف من روى عنه والله أعلم.

النوع الثالث عشر: معرفة الشاذ

النوع الثالث عشر: معرفة الشاذ. روينا عن يونس بن عبد إلاعلى قال: قال الشافعي رحمه الله: ليس الشاذ من

_ النوع الثالث عشر: معرفة الشاذ. قوله أما ما حكم الشافعي عليه بالشذوذ فلا إشكال في أنه غير شاذ مقبول وأما ما حكيناه عن غيره فيشكل بما ينفرد به العدل الحافظ الضابط كحديث "إنما إلاعمال بالنيات" فإنه حديث فرد تفرد به عمر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تفرد به عمر عن علقمة بن وقاص ثم عن علقمة محمد بن إبراهيم ثم عنه يحيى

الحديث أن يروي الثقة ما لا يروي غيره إنما الشاذ أن يروي الثقة حديثا يخالف ما روى الناس.

_ ابن سعيد على ما هو الصحيح عند أهل الحديث انتهى. وقد اعترض عليه بأمرين: أحدهما: أن الخليلى والحاكم إنما ذكرا تفرد الثقة فلا يرد عليهما تفرد الحافظ لما بينهما من الفرقان. وإلامر الثانى: أن حديث النية لم ينفرد عمر به بل رواه أبو سعيد الخدرى وغيره عن النبى صلى الله عليه وسلم فيما ذكره الدارقطنى وغيره انتهى ما اعترض به عليه. والجواب عن إلاول أن الحاكم ذكر تفرد مطلق الثقة والخليلى إنما ذكر مطلق الراوى فيرد على إطلاقهما تفرد العدل الحافظ ولكن الخليلى يجعل تفرد الراوى الثقة شاذا صحيحا وتفرد الراوى غير الثقة شاذا ضعيفا والحاكم ذكر تفرد مطلق الثقة فيدخل فيه تفرد الثقة الحافظ فلذلك استشكله المصنف وعن الثانى أنه لم يصح من حديث أبى سعيد ولا غيره سوى عمر وقد أشار المصنف إلى أنه قد قيل ان له غير طريق عمر بقوله على ما هو الصحيح عند أهل الحديث فلم يبق للاعتراض عليه وجه ثم ان حديث أبى سعيد الذى ذكره هذا المعترض صرحوا بتغليط ابن أبى داود الذى رواه عن مالك. وممن وهمه في ذلك الدارقطنى وغيره وإذ قد اعترض عليه في حديث عمر هذا فهلا اعترض عليه في الحديث الذى بعده فقد ذكر المصنف أنه أوضح في التفرد من حديث عمر وهو حديث عبد الله بن دينار عن ابن عمر في النهى عن بيع الولاء وعن هبته كما سيأتى. ومما يستغرب حكايته في حديث عمر أنى رأيت في المستخرج من أحاديث الناس لعبد الرحمن بن منده أن حديث إلاعمال بالنيات رواه سبعة عشر من الصحابة وأنه رواه عن عمر غير علقمة وعن علقمة غير محمد بن إبراهيم وعن محمد بن إبراهيم غير يحيى

وحكى الحافظ أبو يعلى الخليلي القزويني نحو هذا عن الشافعي وجماعة من أهل الحجاز. ثم قال: الذي عليه حفاظ الحديث أن الشاذ ما ليس له إلا إسناد واحد يشذ بذلك شيخ ثقة كان أو غير ثقة. فما كان عن غير ثقة فمتروك لا يقبل وما كان عن ثقة يتوقف فيه ولا يحتج به. وذكر الحاكم أبو عبد الله الحافظ: أن الشاذ هو الحديث الذي يتفرد به ثقة من الثقات وليس له أصل بمتابع لذلك الثقة. وذكر: أنه يغاير المعلل من حيث أن المعلل وقف على علته الدالة على جهة الوهم فيه والشاذ لم يوقف فيه على علته كذلك. قلت: أما ما حكم الشافعي عليه بالشذوذ فلا إشكال في أنه شاذ غير مقبول. وأما ما حكيناه عن غيره فيشكل بما ينفرد به العدل الحافظ الضابط كحديث: إنما إلاعمال بالنيات فإنه حديث فرد تفرد به عمر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم تفرد به عن عمر علقمة بن وقاص ثم عن علقمة محمد بن إبراهيم ثم عنه يحيى بن سعيد على ما هو الصحيح عند أهل الحديث.

_ ابن سعيد وقد بلغنى أن الحافظ أبا الحجاج المزي سئل عن كلام ابن منده هذا فأنكره واستبعده وقد تتبعت كلام ابن مندة المذكور فوجدت أكثر الصحابة الذين ذكر حديثهم في الباب إنما لهم أحاديث أخرى في مطلق النية لحديث يبعثون على نياتهم ولحديث لبس له من غزاته إلا ما نوى ونحو ذلك وهكذا يفعل الترمذي في الجامع حيث يقول وفي الباب عن فلان وفلان فانه لا يريد ذلك الحديث المعين وإنما يريد أحاديث أخر يصح أن تكتب في ذلك الباب وان كان حديثا آخر غير الذى يرويه في أول الباب وهو عمل صحيح إلا أن كثيرا من الناس يفهمون من ذلك أن من سمى من الصحابة يروون ذلك الحديث بعينه الذى رواه في أول الباب بعينه وليس إلامر على ما فهموه بل قد يكون كذلك وقد يكون حديثا آخر يصح إيراده في ذلك الباب ثم إنى تتبعت إلاحاديث التي ذكرها ابن منده فلم أجد منها بلفظ حديث ابن عمر أو قريبا من لفظه بمعناه إلا

وأوضح من ذلك في ذلك: حديث عبد الله بن دينار عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الولاء وهبته. تفرد به عبد الله بن دينار وحديث مالك عن الزهري عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعلى رأسه مغفر. تفرد به مالك عن الزهري فكل هذه مخرجة في الصحيحين مع أنه ليس لها إلا إسناد واحد تفرد به ثقة. وفي غرائب الصحيح أشباه لذلك غير قليلة. وقد قال مسلم بن الحجاج: للزهري نحو تسعين حرفا يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يشاركه فيها أحد بأسانيد جياد. والله أعلم.

_ حديثا لأبى سعيد الخدري وحديثا لأبى هريرة وحديثا لأنس بن مالك وحديثا لعلى بن أبى طالب وكلها ضعيفة ولذلك قال الحافظ أبو بكر البزار في مسنده بعد تخريجه لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من حديث عمر ولا عن عمر إلا من حديث علقمة ولا عن علقمة إلا من حديث محمد بن إبراهيم ولا عن محمد بن إبراهيم إلا من حديث يحيى بن سعيد والله أعلم. وذكره المصنف بعد هذا في النوع الحادي والثلاثين ونبسط الكلام عليه هناك إن شاء الله تعالى. قوله وأوضح من ذلك في ذلك حديث عبد الله بن دينار عن ابن عمر "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الولاء وهبته" تفرد به عبد الله بن دينار وحديث مالك عن الزهري عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعلى رأسه المغفر تفرد به مالك عن الزهري فكل هذه مخرجة في الصحيحين مع أنه ليس لها إلا إسناد واحد انتهى وفيه أمران أحدهما أن الحديث إلاول وهو حديث النهى عن بيع الولاء وهبته قد روى من حديث عبد الله بن دينار رواه الترمذي في كتاب العلل المفرد قال حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبى الشوارب حدثنا يحيى بن سليم عن

فهذا الذي ذكرناه وغيره من مذاهب أئمة الحديث يبين لك أنه ليس إلامر في ذلك على الإطلاق الذي أتى به الخليلي والحاكم بل إلامر في ذلك على تفصيل نبيه فنقول: إذا انفرد الراوي بشيء نظر فيه: فإن كان ما انفرد به مخالفا لما رواه من هو أولى منه بالحفظ لذلك وأضبط كان ما انفرد به شاذا مردودا وإن لم تكن فيه مخالفة لما رواه غيره وإنما هو أمر رواه هو ولم يروه غيره فينظر في هذا الراوي المنفرد: فإن كان عدلا حافظا موثوقا بإتقانه وضبطه قبل ما انفرد به ولم يقدح إلانفراد فيه كما فيما سبق من إلامثلة. وإن لم يكن ممن يوثق بحفظه وإتقانه لذلك الذي انفرد به كان انفراده خارما له مزحزحا له عن حيز الصحيح. ثم هو بعد ذلك دائر بين مراتب متفاوتة بحسب الحال: فيه فإن كان المنفرد به غير بعيد من درجة الحافظ الضابط المقبول تفرده استحسنا حديثه ذلك ولم نحطه إلى قبيل الحديث الضعيف. وإن كان بعيدا من ذلك رددنا ما انفرد به وكان من قبيل الشاذ المنكر. فخرج من ذلك أن الشاذ المردود قسمان: أحدهما: الحديث الفرد المخالف. والثاني: الفرد الذي ليس في راويه من الثقة والضبط ما يقع جابرا لما يوجبه التفرد والشذوذ من النكارة والضعف والله أعلم.

_ عبيد الله بن عمر عن نافع عن عمر فذكره ثم قال والصحيح عن عبد الله بن دينار وعبد الله بن دينار قد تفرد بهذا الحديث عن ابن عمر ويحيى بن سليم أخطأ في حديثه وقال الترمذي أيضا في الجامع أن يحيى بن سليم وهم في هذا الحديث قلت وقد ورد من غير رواية يحيى بن سليم عن نافع رواه ابن عدي في الكامل فقال حدثنا عصمة ابن بجماك البخاري حدثنا إبراهيم بن فهد حدثنا مسلم عن محمد بن دينار عن يونس

...........................................................................

_ يعنى ابن عبيد عن نافع عن ابن عمر فذكره أورده في ترجمه إبراهيم بن فهد ابن حكيم وقال لم أسمعه إلا من عصمة عنه ثم قال وسائر أحاديث إبراهيم بن فهد مناكير وهو مظلم إلامر وحكى أيضا أن ابن صاعد كان إذا حدثنا عنه يقول حدثنا إبراهيم بن حليم ينسبه إلى جده لضعفه انتهى. والجواب عن المصنف أنه لا يصح أيضا إلا من رواية عبد الله بن دينار كما تقدم في حديث إلاعمال بالنيات والله أعلم. وإلامر الثانى أن حديث المغفر قد ورد من عدة طرق غير طريق مالك من رواية ابن أخى الزهري وأبى أويس عبد الله بن عبد الله بن أبى عامر ومعمر وإلاوزاعي كلهم عن الزهري فأما رواية أخى الزهري عنه فرواها أبو بكر البزار في مسنده وأما رواية أبى أويس فرواها ابن سعد في الطبقات وابن عدى في الكامل في ترجمة أبى أويس وأما رواية معمر فذكرها ابن عدى في الكامل وأما رواية إلاوزاعي فذكرها المزي في إلاطراف وقد بينت ذلك في شرح الترمذي. وروى ابن مسدى في معجم شيوخه أن أبا بكر بن العربى قال لأبى جعفر بن المرخى حين ذكر أنه لا يعرف إلا من حديث مالك عن الزهري قد رويته من ثلاثة عشر طريقا غير طريق مالك فقالوا له أفدنا هذه الفوائد فوعدهم ولم يخرج لهم شيئا ثم تعقب ابن مسدى هذه الحكاية بأن شيخه فيها وهو أبو العباس العشاب كان متعصبا على ابن العربي لكونه كان متعصبا على ابن حزم فالله أعلم.

النوع الرابع عشر: معرفة المنكر من الحديث

النوع الرابع عشر: معرفة المنكر من الحديث. بلغنا عن أبي بكر أحمد بن هارون البرديجي الحافظ: أنه الحديث الذي ينفرد به

_ النوع الرابع عشر: معرفة المنكر. "قوله" المنكر ينقسم قسمين على ما ذكرناه في الشاذ فانه بمعناه منال إلاول وهو المنفرد المخالف لما رواه الثقات رواية مالك عن الزهري عن على بن حسين عن عمر

الرجل ولا يعرف متنه من غير روايته لا من الوجه الذي رواه منه ولا من وجه آخر. فأطلق البرديجي ذلك ولم يفصل وإطلاق الحكم على التفرد بالرد أو النكارة أو الشذوذ موجود في كلام كثير من أهل الحديث والصواب فيه التفصيل الذي بيناه آنفا في شرح الشاذ. وعند هذا نقول: المنكر ينقسم قسمين على ما ذكرناه في الشاذ فإنه بمعناه. مثال إلاول وهو المنفرد المخالف لما رواه الثقات: رواية مالك عن الزهري عن علي بن حسين عن عمر بن عثمان عن أسامة بن زيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم" فخالف مالك غيره من الثقات في قوله: عمر بن عثمان بضم العين. وذكر مسلم صاحب الصحيح في كتاب التمييز أن كل من رواه من أصحاب الزهري قال فيه: عمرو بن عثمان يعني بفتح العين. وذكر أن مالكا كان يشير بيده إلى دار عمر بن عثمان كأنه علم أنهم يخالفونه.

_ ابن عثمان عن أسامة بن زيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم" فخالف مالك غيره من الثقات في قوله عمر بن عثمان بضم العين. وذكر مسلم في كتاب التمييز أن كل من رواه من أصحاب الزهري قال فيه عمرو ابن عثمان يعنى بفتح العين إلى آخر كلامه حكم المصنف على حديث مالك هذا بأنه منكر ولم أجد من أطلق عليه اسم النكارة ولا يلزم من تفرد مالك بقوله في الإسناد عمر أن يكون المتن منكرا فالمتن على كل حال صحيح لأن عمر وعمرا كلاهما ثقة وقد ذكر المصنف مثل ما أشرت إليه في النوع الثامن عشر أن من أمثلة ما وقفت العلة في إسناده

وعمرو وعمر جميعا ولد عثمان غير أن هذا الحديث إنما هو عن عمرو بفتح العين وحكم مسلم وغيره على مالك بالوهم فيه والله أعلم. ومثال الثاني وهو الفرد الذي ليس في راويه من الثقة وإلاتقان ما يحتمل معه تفرده: مارويناه من حديث أبي زكير يحيى بن محمد بن قيس عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كلوا البلح بالتمر فإن الشيطان إذا رأى ذلك غاظه ويقول عاش بن آدم حتى أكل الجديد بالخلق". تفرد به أبو زكير وهو شيخ صالح أخرج عنه مسلم في كتابه غير أنه لم يبلغ مبلغ من يحتمل تفرده والله أعلم.

_ من غير قدح في المتن ما رواه الثقة يعلى بن عبيد عن سفيان الثورى عن عمرو بن دينار عن أبى عمر عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "البيعان بالخيار" الحديث قال فهذا إسناد متصل بنقل العدل عن العدل وهو معلل غير صحيح. قال والمتن على كل حال صحيح والعلة في قوله عن عمرو بن دينار إنما هو عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر هكذا رواه إلائمة من أصحاب سفيان عنه فوهم يعلى ابن عبيد وعدل عن عبد الله بن دينار إلى عمرو بن دينار وكلاهما ثقة انتهى كلامه فجعل الوهم في الإسناد بذكر ثقة آخر لا يخرج ذلك المتن عن صحيحا فهكذا يجب أن يكون الحكم هنا على أنه قد اختلف على مالك رحمه الله في قوله وعمر وعمرو فرواه النسائى في سننه من رواية عبد الله بن المبارك وزيد بن الحباب ومعاوية بن هشام ثلاثتهم عن مالك فقالوا في روايتهم عمرو بن عثمان كروايه بقية أصحاب الزهري لكن قال النسائى بعده والصواب من حديث مالك عن عمر بن عثمان قال ولا نعلم أحدا تابع مالكا على قوله عمر بن عثمان انتهى. وقال ابن عبد البر في التمهيد أن يحيى بن بكير رواه عن مالك على الشك فقال فيه عن عمرو بن عثمان أو عمر بن عثمان قال والثابت عن مالك عمر بن عثمان كما روى يحيى وتابعه القعنبى وأكثر الرواة انتهى.

..............................................................................

_ وقد خالف مالكا في ذلك ابن جريج وسفيان بن عيينة وهشيم بن كثير ويونس ابن يزيد ومعمر بن راشد وابن الهاد ومحمد بن أبى حفصة وغيرهم فقالوا عمرو وهو الصواب والله أعلم. وقد رواه سفيان الثورى وشعبة عن عبد الله بن عيسى عن الزهري فخالفا فيه الفريقين معا فأسقطا منه ذكر عمرو بن عثمان وجعلاه من رواية على بن حسين عن أسامة والصواب رواية الجمهور والله أعلم. وإذا كان هذا الحديث لا يصلح مثإلا للمنكر فلنذكر مثإلا يصلح لذلك وهو ما رواه أصحاب السنن الأربعة من رواية همام بن يحيى عن ابن جريج عن الزهري عن أنس قال "كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء وضع خاتمه" قال أبو داود بعد تخريجه هذا حديث منكر. قال وإنما يعرف عن ابن جريج عن زياد بن سعد عن الزهري عن أنس أن "النبى صلى الله عليه وسلم أخذ خاتما من ورق ثم ألقاه" وقال والوهم فيه من همام ولم يروه إلا همام وقال النسائى أيضا بعد تخريجه هذا حديث غير محفوظ وأما قول الترمذي بعد تخريجه له هذا حديث حسن صحيح غريب فإنه أحرى حكمه على ظاهر الإسناد. وقول أبى داود والنسائى أولى بالصواب إلا أنه قد ورد من غير رواية همام. رواه الحاكم في المستدرك والبيهقي في سننه من رواية يحيى بن المتوكل عن ابن جريج وصححه الحاكم على شرط الشيخين وضعفه البيهقى فقال هذا شاهد ضعيف وكان البيهقى ظن أن يحيى بن المتوكل هو أبو عقيل صاحب بهية وهو ضعيف عندهم وليس هو به وإنما هو باهلى يكنى أبا بكر ذكره ابن حيان في الثقات ولا يقدح فيه قول ابن معين لا أعرفه فقد عرفه غيره وروى عنه نحو من عشرين نفسا إلا انه اشتهر تفرد همام به عن ابن جريج والله أعلم. "قوله" عقد ذكر أبى زكير يحيى بن محمد بن قيس وهو شيخ صالح أخرج عنه مسلم في كتابه غير أنه لم يبلغ مبلغ من يحتمل تفرده انتهى.

..........................................................................

_ ولم يخرج له مسلم احتجاجا وإنما أخرج له في المتابعات وقد أطلق إلائمة عليه القول بالضعيف فقال يحيى بن معين فيما روى عنه إسحق الكوسج ضعيف وقال أبو حاتم بن حبان لا يحتج به وقال العقيلى لا يتابع على حديثه وأورد له ابن عدى أربعة أحاديث مناكير وأما قول المصنف إنه شيخ صالح فأخذه من كلام أبى يعلى الخليلى فانه كذلك في كتاب إلارشاد والله أعلم.

النوع الخامس عشر: معرفة إلاعتبار والمتابعات والشواهد

النوع الخامس عشر: معرفة إلاعتبار والمتابعات والشواهد. هذه أمور يتداولونها في نظرهم في حال الحديث هل تفرد به راويه أو لا؟ وهل هو معروف أو لا؟ ذكر أبو حاتم محمد بن حبان التميمي الحافظ رحمه الله: إن طريق إلاعتبار في إلاخبار مثاله: أن يروي حماد بن سلمة حديثا لم يتابع عليه عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فينظر: هل روى ذلك ثقة غير أيوب عن ابن سيرين: فإن وجد علم أن للخبر أصلا يرجع إليه وإن لم يوجد ذلك: فثقة غير ابن سيرين رواه عن أبي هريرة. وإلا فصحابي غير أبي هريرة رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم فأي ذلك وجد يعلم به أن للحديث أصلا يرجع إليه وإلا فلا.

_ النوع الخامس عشر: معرفة إلاعتبار والمتابعات والشواهد. "قوله" مثال المتابع والشاهد روينا من حديث سفيان بن عيينة عن عمرو بن ديناد عن عطاء ابن أبى رباح عن ابن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "لو أخذوا فدبغوه فانتفعوا به" ورواه ابن جريج عن عمر وعن عطاء ولم يذكر فيه الدباغ انتهى. ورواية ابن جريج ليست كرواية ابن عيينة فإن ابن جريج جعله من مسند ميمونة من رواية ابن عباس عنها لا من مسند ابن عباس وقد رواه مسلم على الوجهين معا من طريق ابن عيينة فجعله من مسند ابن عباس ومن طريق ابن جريج فجعله من مسند ميمونة وكلام المصنف يوهم اتفاقهما في السند وأن إلاختلاف الذي

قلت: فمثال المتابعة أن يروي ذلك الحديث بعينه عن أيوب غير حماد فهذه المتابعة التامة فإن لم يروه أحد غيره عن أيوب لكن رواه بعضهم عن ابن سيرين أو عن أبي هريرة أو رواه غير أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذلك قد يطلق عليه اسم المتابعة أيضا لكن يقصر عن المتابعة إلاولى بحسب بعدها منها ويجوز أن يسمى ذلك بالشاهد أيضا فإن لم يرو ذلك الحديث أصلا من وجه من الوجوه المذكورة لكن روي حديث آخر بمعناه فذلك الشاهد من غير متابعة فإن لم يرو أيضا بمعناه حديث آخر فقد تحقق فيه التفرد المطلق حينئذ. وينقسم عند ذلك إلى مردود منكر وغير مردود كما سبق وإذا قالوا في مثل هذا: تفرد به أبو هريرة وتفرد به عن أبي هريرة ابن سيرين وتفرد به عن ابن سيرين أيوب وتفرد به عن أيوب حماد بن سلمة كان في ذلك إشعارا بانتفاء وجوه المتابعات فيه. ثم اعلم: أنه قد يدخل في باب المتابعة وإلاستشهاد رواية من لا يحتج بحديثه وحده بل يكون معدودا في الضعفاء. وفي كتاب البخاري ومسلم جماعة من الضعفاء ذكراهم في المتابعات والشواهد وليس كل ضعيف يصلح لذلك ولهذا يقول الدارقطني وغيره في الضعفاء فلان يعتبر به وفلان لا يعتبر به وقد تقدم التنبيه على نحو ذلك والله أعلم. مثال للمتابع والشاهد: روينا من حديث سفيان وابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لو أخذوا

_ بينهما في ذكر الدباغ وإذ لم يتفق ابن عيينة وابن جريج في الإسناد فلنذكر مثإلا اتفق الراويان له على إسناده وأختلفا في ذكر الدباغ وهو ما رواه البيهقي من رواية إبراهيم بن نافع الصايغ عن عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس ولم يذكر الدباغ والله أعلم.

إهابها فدبغوه فانتفعوا به" ورواه بن جريج عن عمرو عن عطاء ولم يذكر فيه الدباغ فذكر الحافظ أحمد البيهقي لحديث ابن عيينة متابعا وشاهدا: أما المتابع: فإن أسامة بن زيد تابعه عن عطاء. وروى بإسناده عن أسامة عن عطاء عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إلا نزعتم جلدها فدبغتموه فاستمتعم به" وأما الشاهد: فحديث عبد الرحمن بن وعلة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيما إهاب دبغ فقد طهر". والله أعلم.

النوع السادس عشر: معرفة زيادات الثقات وحكمها

النوع السادس عشر: معرفة زيادات الثقات وحكمها. وذلك فن لطيف تستحسن العناية به. وقد كان أبو بكر بن زياد النيسابوري وأبونعيم الجرجاني وأبو الوليد القرشي إلائمة مذكورين بمعرفة زيادات إلالفاظ الفقهية في إلاحاديث. ومذهب الجمهور من الفقهاء وأصحاب الحديث فيما حكاه الخطيب أبو بكر: أن الزيادة من الثقة مقبولة إذا تفرد بها سواء كان ذلك من شخص واحد بأن رواه

_ النوع السادس عشر: معرفة زيادات الثقات. "قوله" مثاله ما رواه مالك عن نافع عن ابن عمر "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان على كل حر أو عبد ذكر أو أنثى من المسلمين" فذكر أبو عيسى الترمذي أن مالكا تفرد من بين الثقات بزيادة قوله من المسلمين وروى عبيد الله ابن عمر وأيوب وغيرهما هذا الحديث عن نافع عن ابن عمر دون هذه الزيادة انتهى. وكلام الترمذي هذا ذكره في العلل التي في آخر الجامع ولم يصرح بتفرد مالك بها مطلقا فقال ورب حديث إنما يستغرب لزيادة تكون في الحديث وإنما يصح إذا كانت

ناقصا مرة ورواه مرة أخرى وفيه تلك الزيادة أو كانت الزيادة من غير من رواه ناقصا خلافا لمن رد من أهل الحديث ذلك مطلقا وخلافا لمن رد الزيادة منه وقبلها من غيره. وقد قدمنا عنه حكايته عن أكثر أهل الحديث فيما إذا وصل الحديث قوم وأرسله قوم: أن الحكم لمن أرسله مع أن وصله زيادة من الثقة. وقد رأيت تقسيم ما ينفرد به الثقة إلى ثلاثة أقسام: أحدها: أن يقع مخالفا منافيا لما رواه سائر الثقات فهذا حكمه الرد كما سبق في نوع الشاذ الثاني: أن لا تكون فيه منافاة ومخالفة أصلا لما رواه غيره. كالحديث الذي تفرد برواية جملته ثقة ولا تعرض فيه لما رواه الغير بمخالفة أصلا فهذا مقبول. وقد ادعى الخطيب فيه اتفاق العلماء عليه وسبق مثاله في نوع الشاذ الثالث: ما يقع بين هاتين المرتبتين مثل زيادة لفظه في حديث لم يذكرها سائر من روى ذلك الحديث.

_ الزيادة ممن يعتمد على حفظه مثل ما روى مالك بن أنس فذكر الحديث ثم قال وزاد مالك في هذا الحديث من المسلمين وروى أيوب وعبيد الله بن عمر وغير واحد من إلائمة هذا الحديث عن نافع عن ابن عمر ولم يذكروا فيه: من المسلمين. وقد روى بعضهم عن نافع مثل رواية مالك ممن لا يعتمد على حفظه انتهى كلام الترمذي فلم يذكر التفرد مطلقا عن مالك وإنما قيده بتفرد الحافظ كمالك ثم صرح بأنه رواه غيره عن نافع ممن لم يعتمد على حفظه فأسقط المصنف آخر كلامه وعلى كل تقدير فلم ينفرد مالك بهذه الزيادة بل تابعه عليها جماعة من الثقات ابنه عمر بن نافع والضحاك ابن عثمان وكثير بن فرقد ويونس بن يزيد والمعلى بن إسماعيل وعبد الله بن عمر العمرى واختلف في زيادتها على أخيه عبيد الله بن عمر العمرى وعلى أيوب أيضا. فأما رواية ابنه عمر بن نافع فأخرجها البخاري في صحيحه من رواية إسماعيل بن جعفر عن عمر بن نافع عن ابيه فقال فيه من المسلمين وأما رواية الضحاك بن عثمان

مثاله: ما رواه مالك عن نافع عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان على كل حر أو عبد ذكر أو أنثى من المسلمين فذكر أبو عيسى الترمذي: أن مالكا تفرد من بين الثقات بزيادة قوله: من المسلمين وروى عبيد الله بن عمر وأيوب وغيرهما هذا الحديث: عن نافع عن ابن عمر دون هذه الزيادة فأخذ بها غير واحد من إلائمة واحتجوا بها منهم الشافعي وأحمد رضي الله عنهم والله أعلم.

_ فأخرجها مسلم في صحيحه من رواية ابن أبى فديك أخبرنا الضحاك بن عثمان عن نافع فقال فيه أيضا من المسلمين. وأما رواية كثير بن فرقد فأخرجها الدارقطنى في سننه والحاكم في المستدرك من رواية الليث بن سعد عن كثير بن فرقد عن نافع فقال فيها أيضا من المسلمين وقال الحاكم بعد تخريجه هذا حديث صحيح على شرطهما ولم يخرجاه انتهى وكثير بن فرقد احتج به البخاري ووثقه ابن معين وأبو حاتم. أما رواية يونس بن يزيد فأخرجها أبو جعفر الطحاوى في بيان المشكل من رواية يحيى بن أيوب عن يونس بن يزيد أن نافعا أخبره فذكر فيه أيضا من المسلمين وأما رواية المعلى بن إسماعيل فأخرجها ابن حبان في صحيحه والدارقطنى في سننه من رواية أرطاة بن المنذر عن المعلى بن إسماعيل عن نافع فقال فيه عن كل مسلم وأرطاة وثقه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وغيرهما والمعلى بن إسماعيل قال فيه أبو حاتم الرازى ليس بحديثه بأس صالح الحديث لم يرو عنه غير أرطاة وذكره ابن حبان في الثقات. وأما رواية عبد الله بن عمر فأخرجها الدارقطنى في سننه من رواية روح وعبد الوهاب فرقهما كلاهما عن عبد الله بن عمر عن نافع فقال فيه على كل مسلم وقد رواه أبو محمد بن الجارود في المنتقى فقرن بينه وبين مالك فرواه من طريق ابن وهب قال حدثني عبد الله بن عمر ومالك وقال فيه من المسلمين وأما إلاختلاف في زيادتها على عبيد الله بن عمر وأيوب فقد ذكرته في شرح الترمذي والله أعلم.

ومن أمثلة ذلك حديث: جعلت لنا إلارض مسجدا وجعلت تربتها لنا طهورا. فهذه الزيادة تفرد بها أبو مالك سعد بن طارق إلاشجعي وسائر الروايات لفظها: وجعلت لنا إلارض مسجدا وطهورا فهذا وما أشبهه يشبه القسم إلاول من حيث: إن ما رواه الجماعة عام وما رواه المنفرد بالزيادة مخصوص وفي ذلك مغايرة في الصفة ونوع من المخالفة يختلف به الحكم ويشبه أيضا القسم الثاني من حيث: إنه لا منافاة بينهما. وأما زيادة الوصل مع إلارسال: فإن بين الوصل وإلارسال من المخالفة نحو ما ذكرناه ويزداد ذلك بأن إلارسال نوع قدح في الحديث فترجيحه وتقديمه من قبيل تقديم الجرح على التعديل. ويجاب عنه: بأن الجرح قدم لما فيه من زيادة العلم والزيادة ههنا مع من وصل والله أعلم.

_ "قوله" ومن أمثلة ذلك حديث جعلت لنا إلارض مسجدا وجعل تربتها لنا طهورا فهذه الزيادة تفرد بها أبو مالك سعد بن طارق إلاشجعي وساير الروايات لفظها وجعلت لنا إلارض مسجدا وطهورا انتهى. وإنما تفرد أبو مالك إلاشجعي بذكر تربة إلارض في حديث حذيفة كما رواه مسلم في صحيحه من رواية أبى مالك إلاشجعي عن ربعي عن حذيفة وقد اعترض على المصنف بأنه يحتمل أن يريد بالتربة إلارض من حيث هى أرض لا التراب فلا يبقى فيه زيادة ولا مخالفة لمن أطلق في سائر الروايات. والجواب أن في بعض طرقه التصريح بالتراب كما في رواية البيهقى وجعل ترابها لنا طهورا ولم يتقدم من المصنف ذكر لحديث حذيفة وإنما أطلق كون هذه اللفظة تفرد بها أبو مالك فلذلك أحببت أن أذكر أنها وردت من رواية غيره من حديث على وذلك فيما رواه أحمد في مسنده من رواية عبد الله بن محمد بن عقيل عن محمد بن على إلاكبر أنه سمع على بن أبى طالب رضى الله عنه يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "أعطيت ما لم يعطه أحد من إلانبياء" فذكر الحديث وفيه "وجعل التراب لى طهورا" وهذا إسناد حسن وقد رواه البيهقى أيضا في سننه من هذا الوجه.

النوع السابع عشر: معرفة إلافراد

النوع السابع عشر: معرفة إلافراد. وقد سبق بيان المهم من هذا النوع في إلانواع التي تليه قبله لكن أفردته بترجمة كما أفرده الحاكم أبو عبد الله. ولما بقي منه فنقول: إلافراد منقسمة إلى ما هو فرد مطلقا وإلى ما هو فرد بالنسبة إلى جهة خاصة أما إلاول فهو ما ينفرد به واحد عن كل أحد وقد سبقت أقسامه وأحكامه قريبا وأما الثاني: وهو ما هو فرد بالنسبة فمثل ما ينفرد به ثقة عن كل ثقة. وحكمه قريب من حكم القسم إلاول ومثل ما يقال فيه: هذا حديث تفرد به أهل مكة أو: تفرد به أهل الشام أو: أهل الكوفة أو: أهل خراسان عن غيرهم. أو: لم يروه عن فلان غير فلان وإن كان مرويا من وجوه عن غير فلان أو: تفرد به البصريون عن المدنيين أو: الخراسانيون عن المكيين وما أشبه ذلك ولسنا نطول بأمثلة ذلك فإنه مفهوم دونها. وليس في شيء من هذا ما يقتضي الحكم بضعف الحديث إلا أن يطلق قائل قوله: تفرد به أهل مكة أو: تفرد به البصريون عن المدنيين أو: نحو ذلك على ما لم يروه إلا واحد من أهل مكة أو واحد من البصريين ونحوه ويضيفه إليهم كما يضاف فعل الواحد من القبيلة إليها مجازا. وقد فعل الحاكم أبو عبد الله هذا فيما نحن فيه فيكون الحكم فيه على ما سبق في القسم إلاول والله أعلم.

النوع الثامن عشر: معرفة الحديث المعلل

النوع الثامن عشر: معرفة الحديث المعلل. ويسميه أهل الحديث المعلول وذلك منهم ومن الفقهاء في قولهم في باب القياس: العلة والمعلول مرذول عند أهل العربية واللغة.

_ النوع الثامن عشر: معرفة الحديث المعلل. "قوله" ويسميه أهل الحديث المعلول وذلك منهم ومن الفقهاء في قولهم في باب القياس العلة والمعلول مرذول عند أهل العربية واللغة انتهى.

اعلم: أن معرفة علل الحديث من أجل علوم الحديث وأدقها وأشرفها وإنما يضطلع بذلك أهل الحفظ والخبرة والفهم الثاقب وهي عبارة عن أسباب خفية غامضة قادحة فيه. فالحديث المعلل هو: الحديث الذي اطلع فيه على علة تقدح في صحته مع أن ظاهرة السلامة منها ويتطرق ذلك إلى الإسناد الذي رجاله ثقات الجامع شروط الصحة من حيث الظاهر. ويستعان على إدراكها بتفرد الراوي وبمخالفة غيره له مع قرائن تنضم إلى ذلك تنبه العارف بهذا الشأن على إرسال في الموصول أو وقف في المرفوع أو دخول حديث في حديث أو وهم واهم بغير ذلك بحيث يغلب على ظنه ذلك فيحكم به أو يتردد فيتوقف فيه.

_ وقد تبعه عليه الشيخ محيى الدين النووي فقال في مختصره إنه لحن واعترض عليه بأنه قد حكاه جماعة من أهل اللغة منهم قطرب فيما حكاه اللبلي والجوهري في الصحاح والمطر زى في المغرب انتهى والجواب عن المصنف أنه لا شك في أنه ضعيف وان حكاه بعض من صنف في إلافعال كابن القوطية وقد أنكره غير واحد من أهل اللغة كابن سيدة والحريري وغيرهما. فقال صاحب المحكم واستعمل أبو إسحق لفظه المعلول في المتقارب من العروض ثم قال والمتكلمون يستعملون لفظة المعلول في مثل هذا كثيرا قال وبالجملة فلست منها على ثقة ولا ثلج لأن المعروف إنما هو أعله الله فهو معل اللهم إلا أن يكون على ما ذهب سيبويه من قولهم مجنون ومسلول من أنهما جاءا على جننته وسللته وإن لم يستعملا في الكلام استغنى عنهما بأفعلت. قالوا وإذ قالوا جن وسل فإنما يقولون جعل فيه الجنون والسل كما قالوا وفسل انتهى كلامه وأنكره أيضا الحريرى في درة الغواص.

وكل ذلك مانع ممن الحكم بصحة ما وجد ذلك فيه. وكثيرا ما يعللون الموصول بالمرسل مثل: أن يجيء الحديث بإسناد موصول ويجيء أيضا بإسناد منقطع أقوى من إسناد الموصول ولهذا اشتملت كتب علل الحديث على جمع طرقه. قال الخطيب أبو بكر: السبيل إلى معرفة علة الحديث أن يجمع بين طرقه وينظر في اختلاف رواته ويعتبر بمكانهم من الحفظ ومنزلتهم في إلاتقان والضبط. وروى عن علي بن المديني قال: الباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطأه ثم قد تقع العلة في إسناد الحديث وهو ألأكثر وقد تقع في متنه ثم ما يقع في الإسناد قد يقدح في صحة الإسناد والمتن جميعا كما في التعليل بإلارسال والوقف. وقد يقدح في صحة الإسناد خاصة من غير قدح في صحة المتن. فمن أمثلة ما وقعت العلة في إسناده من غير قدح في المتن: ما رواه الثقة يعلى بن عبيد عن سفيان الثوري عن عمرو بن دينار عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "البيعان بالخيار".. الحديث. فهذا إسناد متصل بنقل العدل عن العدل وهو معلل غير صحيح والمتن على كل حال صحيح والعلة في قوله: عن عمرو بن دينار إنما

_ قلت وإلاحسن أن يقال فيه معل بلام واحدة لا معلل فإن الذي بلامين يستعمله أهل اللغة بمعنى ألهاه بالشيء وشغله به من تعليل الصبي بالطعام وأما بلام واحدة فهو ألأكثر في كلام أهل اللغة وفي عبارة أهل الحديث أيضا لأن أكثر عبارات أهل الحديث في الفعل أن يقولوا أعله فلان بكذا وقياسه معل وتقيقال فيه معل بلام واحدة لا معلل فإن الذي بلامين يستعمله أهل اللغة دم قول صاحب المحكم أن المعروف إنما هو أعله الله فهو معل وقال الجوهري لا أعلك الله أي لا أصابك بعلة انتهى. والتعبير بالمعلول موجود في كلام كثير من أهل الحديث في كلام الترمذي في

هو عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر هكذا رواه إلائمة من أصحاب سفيان 54 عنه. فوهم يعلى بن عبيد وعدل عن عبد الله بن دينار إلى عمرو بن دينار وكلاهما ثقة. ومثال العلة في المتن: ما انفرد مسلم بإخراجه في حديث أنس من اللفظ المصرح بنفي قراءة بسم الله الرحمن الرحيم فعلل قوم رواية اللفظ المذكور لما رأوا ألأكثرين إنما قالوا فيه: فكانوا يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين من غير تعرض لذكر البسملة وهو الذي اتفق البخاري ومسلم على إخراجه في الصحيح ورأوا أن من رواه باللفظ المذكور رواه بالمعنى الذي وقع له. ففهم من قوله: كانوا يستفتحون بالحمد لله أنهم كانوا لا يبسملون فرواه على ما فهم وأخطأ لأن معناه أن السورة التي كانوا يفتتحون بها من السور هي الفاتحة وليس فيه تعرض لذكر التسمية.

_ جامعه وفي كلام الدارقطنى وأبى أحمد بن عدى وأبى عبد الله الحاكم وأبى يعلى الخليلي ورواه الحاكم في التاريخ وفي علوم الحديث أيضا عن البخاري في قصة مسلم مع البخاري وسؤاله عن حديث ابن جريج عن موسى بن عقبة عن سهيل بن أبى صالح عن أبيه عن أبى هريرة مرفوعا: "من جلس مجلسا فكثر فيه لغطه" الحديث فقال البخاري هذا حديث مليح ولا أعلم في الدنيا في هذا الباب غير هذا الحديث الواحد إلا أنه معلول حدثنا به موسى بن إسماعيل حدثنا وهيب حدثنا سهيل عن عون بن عبد الله قوله قال البخاري هذا أولى فإنه لا يذكر لموسى بن عقبة سماعا من سهيل فقام إليه مسلم وقبيل يده قلت هكذا أعل الحاكم في علومه هذا الحديث بهذه الحكاية والغالب على الظن عدم صحتها وأنا أتهم بها أحمد بن حمدون القصار راويها عن مسلم فقد تكلم فيه وهذا الحديث قد صححه الترمذي وابن حبان والحاكم ويبعد أن البخاري يقول إنه لا يعلم في الدنيا في هذا الباب غير هذا الحديث مع أنه قد ورد من حديث جماعة من الصحابة غير أبى هريرة وهم أبو برزة إلاسلمي ورافع بن خديج وجبير بن مطعم والزبير بن العوام وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمرو وأنس بن مالك والسائب بن يزيد وعائشة وقد بينت هذه الطرق كلها في تخريج أحاديث إلاحياء للغزالي والله أعلم. قوله ومثال العلة في المتن ما انفرد مسلم بإخراجه من حديث أنس من اللفظ

..........................................................................

_ المصرح بنفي قراءة بسم الله الرحمن الرحيم فعلل قوم رواية اللفظ المذكور لما رأوا ألأكثرين إنما قالوا فيه فكانوا يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين من غير تعرض لذكر البسملة إلى آخر كلامه وربما يعترض معترض على المصنف بأنك قدمت أن ما أخرجه أحد الشيخين البخاري أو مسلم مقطوع بصحته فكيف يضعف هذا وهو فيما أودعه مسلم كتابه وأيضا فلم تعين من أعله حتى ينظر محله من العلم وما حكيته عن قوم لم تسمهم أنهم أعلوه معارض بقول أبى الفرج بن الجوزي في التحقيق عقب حديث أنس هذا أن إلائمة أتفقوا على صحته والجواب عن ذلك أن المصنف لما قدم إنما أخرجه أحد الشيخين مقطوع بصحته قال سوى أحرف يسيرة تكلم عليها بعض أهل النقد من الحفاظ كالدارقطنى وغيره انتهى كلام المصنف فقد استثنى أحرفا يسيرة وهذا منها وقد اعله جماعة من الحفاظ الشافعى والدارقطنى وابن عبد البر رحمهم الله ولنذكر كلامهم في ذلك ليتضح ما أعلوه به فأما كلام الشافعى رحمه الله فقد ذكره عنه البيهقى في كتاب معرفة السنن وإلاثار وأنه قاله في سنن حرملة جوابا لسؤال أورده وصورة السؤال فإن قال قائل قد روى مالك عن حميد عن أنس قال صليت وراء أبى بكر وعمر وعثمان فكلهم كان لا يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم قال قال الشافعى قل له خالفه سفيان بن عيينة والقفزارى والثقفي وعدد لقيتهم سبعة أو ثمانية مؤمنين مخالفين له قال والعدد الكثير أولى بالحفظ من واحد ثم رجح روايتهم بما رواه عن سفيان عن أيوب عن قتادة عن أنس قال: "كان النبى صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين" قال الشافعى يعنى يبدأون بقراءة أم القرآن قبل ما يقرأ بعدها ولا يعنى أنهم يتركون بسم الله الرحمن الرحيم. وحكى الترمذي في جامعه عن الشافعى قال إنما معنى هذا الحديث أن النبى صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين معناه أنهم كانوا يبتدئون بقراءة فاتحة الكتاب قبل السورة وليس معناه أنهم كانوا لا يقرأون بسم الله الرحمن الرحيم انتهى. وما أوله به الشافعى مصرح به في رواية الدارقطنى فكانوا يستفتحون بأم القرآن

.............................................................................

_ فيما يجهر به قال الدارقطنى هذا صحيح وقال الدارقطنى أيضا إن المحفوظ عن قتادة وغيره عن أنس أنهم كانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين ليس فيه تعرض لنفي البسملة وكذا قال البيهقى إن أكثر أصحاب قتادة رووه عن قتادة كذلك قال وهكذا رواه اسحق بن عبد الله بن أبى طلحة وثابت البنانى عن أنس انتهى. وأما تضعيف ابن عبد البر له بإلاضطراب فإنه قال في كتاب إلاستذكار اختلف عليهم في لفظه اختلافا كثيرا مضطربا متدافعا منهم من يقول صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر ومنهم من يذكر عثمان ومن لا يذكر فكانوا لا يقرأون بسم الله الرحمن الرحيم ومنهم من قال فكانوا لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم وقال كثير منهم كانوا يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين وقال بعضهم فكانوا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم وقال بعضهم كانوا يقرأون بسم الله الرحمن الرحيم قال وهذا اضطراب لا تقوم معه حجة لأحد من الفقهاء الذين يقرأون بسم الله الرحمن الرحيم والذين لا يقرأونها وقال ابن عبد البر أيضا في كتاب إلانصاف في البسملة بعد أن رواه من رواية أيوب وشعبة وهشام الدستوائى وشيبان بن عبد الرحمن وسعيد بن أبى عروبة وأبى عوانة فهؤلاء حفاظ أصحاب قتادة ليس في روايتهم لهذا الحديث ما يوجب سقوط بسم الله الرحمن الرحيم من أول فاتحة الكتاب أنتهى. فهذا كلام أئمة الحديث في تعليل هذا الحديث فكيف يقول ابن الجوزى إن إلائمة اتفقوا على صحته أفلا يقدح كلام هؤلاء في إلاتفاق الذى نقله وقد رأيت أن أبين علل الرواية التي فيها نفي البسملة من حيث صيغة الإسناد فأقول قد ذكر ترك البسملة في حديث أنس من ثلاثة طرق وهى رواية حميد عن أنس ورواية قتادة عن أنس ورواية اسحق بن عبد الله بن أبى طلحة عن أنس فأما رواية حميد فقد تقدم أن مالكا رواها في الموطأ عنه وأن الشافعى رضى الله عنه تكلم فيها لمخالفة سبعة أو ثمانية من شيوخه في ذلك وأيضا فقد ذكر ابن عبد البر في كتاب إلانصاف ما يقتضى انقطاعه بين حميد وأنس فقال ويقولون إن أكثر رواية حميد عن أنس أنه سمعها من قتادة عن أنس

..........................................................................

_ وقد ورد التصريح بذكر قتادة بينهما فيما رواه ابن أبى عدى عن حميد عن قتادة عن أنس فآلت رواية حميد إلى رواية قتادة وأما رواية مسلم في صحيحه من رواية الوليد بن مسلم حدثنا إلاوزاعي عن قتادة أنه كتب إليه يخبره عن أنس بن مالك أنه حدثه قال صليت خلف النبى صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر فكانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة ولا في آخرها فقد بين إلاوزاعي في روايته أنه لم يسمعه من قتادة وإنما كتب إليه به والخلاف في صحة الرواية بالكتابة معروف وعلى تقدير صحتها فأصحاب قتادة الذين سمعوه منهم أيوب وأبو عوانة وغيرهما لم يتعرضوا لنفي البسملة كما تقدم وأيضا ففي طريق مسلم الوليد ابن مسلم وهو مدلس وإن كان قد صرح بسماعه من إلاوزاعي فإنه يدلس تدليس التسوية أى يسقط شيخ شيخه الضعيف كما تقدم نقله عنه نعم لمسلم من رواية شعبة عن قتادة عن أنس فلم أسمع أحدا منهم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ولا يلزم من نفي السماع عدم الوقوع بخلاف الرواية المتقدمة. وأما رواية إسحق بن عبد الله بن أبى طلحة فهى عند مسلم أيضا ولم يسبق لفظها وإنما ذكرها بعد رواية إلاوزاعي عن قتادة عن انس فقال حدثنا محمد بن مهران حدثنا الوليد بن مسلم عن إلاوزاعي أخبرنى إسحق بن عبد الله بن أبى طلحة أنه سمع أنس بن مالك يذكر ذلك فاقتضى أيراد مسلم لهذه الرواية أن لفظها مثل الرواية التي قبلها وليس كذلك فقد رواها ابن عبد البر في كتاب إلانصاف من رواية محمد بن كثير قال حدثنا إلاوزاعي فذكرها بلفظ كانوا يفتتحون القراءة بالحمد رب العالمين ليس فيها تعرض لنفي البسملة موافقا لرواية ألأكثرين وهذا موافق لما قدمنا نقله عن البيهقى من أن رواية إسحق بن عبد الله عن أنس لهذا الحديث كرواية أكثر أصحاب قتادة أنه ليس فيها تعرض لنفي البسملة فقد اتفق ابن عبد البر والبيهقي على مخالفة رواية اسحق للرواية التي فيها نفي البسملة وعلى هذا فما فعله مسلم رحمه الله هنا ليس بجيد لأنه أحال بحديث على آخر وهو مخالف له بلفظ فذكر ذلك لم يقل نحو ذلك ولا غيره فإن كانت الرواية التي وقعت لمسلم لفظها كالتي قبلها التي احال عليها فترجح رواية بن عبد البر عليها لأن رواية مسلم من طريق الوليد بن مسلم عن إلاوزاعي معنعنا ورواية

وانضم إلى ذلك أمور منها: أنه ثبت عن أنس: أنه سئل عن إلافتتاح بالتسمية فذكر أنه لا يحفظ فيه شيئا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والله أعلم. ثم اعلم: أنه قد يطلق اسم العلة على غير ما ذكرناه من باقي إلاسباب القادحة في الحديث المخرجة له من حال الصحة إلى حال الضعف المانعة من العمل به على ما هو مقتضى لفظ العلة في الأصل. ولذلك تجد في كتب علل الحديث الكثير من الجرح بالكذب والغفلة وسوء الحفظ ونحو ذلك من أنواع الجرح. وسمى الترمذي النسخ علة من علل الحديث. ثم إن بعضهم أطلق اسم العلة على ما ليس بقادح من وجوه الخلاف نحو إرسال من أرسل الحديث الذي أسنده الثقة الضابط حتى قال: من أقسام الصحيح ما هو صحيح معلول كما قال بعضهم: من الصحيح ما هو صحيح شاذ والله أعلم.

_ ابن عبد البر من طريق محمد بن كثير حدثنا إلاوزاعي وصرح بلفظ الرواية فهى أولى بالصحة ممن اتهم اللفظ وفي طريقه مدلس عنعنه والله أعلم. "قوله" وأنضم إلى ذلك أمور منها أنه ثبت عن أنس أنه سئل عن إلافتتاح بالتسمية فذكر أنه لا يحفظ فيه شيئا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى. وقد اعترض ابن عبد البر في إلانصاف على هذا الحديث بأن قال من حفظه عنه حجة على من سأله في حال نسيانه واعترض ابن الجوزى في التحقيق على هذا الحديث بأنه ليس في الصحاح فلا يعارض ما في الصحاح انتهى. والجواب عن إلاول ما أجاب به أبو شامة في تصنيفه في البسملة بأنهما مسألتان فسؤال قتادة عن إلاستفتاح بأى سورة وفي صحيح مسلم أن قتادة قال نحن سألناه عنه قال أبو شامة وسؤال أبى مسلمة لأنس وهو هذا السؤال إلاخير عن البسملة وتركها انتهى. ولو تمسكنا بما اعترض به ابن عبد البر من أن من حفظه عنه حجة على من سأله في حالة نسيانه لقلنا قد حفظ عنه قتادة وصفه لقراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم البسملة كما رواه البخاري في صحيحه من طريقين عن قتادة عن أنس قال سئل أنس

........................................................................

_ ابن مالك كيف كانت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كانت مدا ثم قرأ بسم الله الرحمن الرحيم يمد "بسم الله ويمد الرحمن يمد الرحيم" وهذا إسناد لا شك في صحته. وقال الدارقطنى بعد تخريجه هذا حديث صحيح وكلهم ثقات وقال الحازمى هذا حديث صحيح لا يعرف له علة وفيه دلالة على الجهر مطلقا وإن لم يقيد بحالة الصلاة فيتناول الصلاة وغير الصلاة قال أبو شامة وتقرير هذا أن يقال لو كانت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم تختلف في الصلاة وخارج الصلاة لقال أنس لمن سأله عن أى قراءتيه لسأل عن التي في الصلاة أم التي خارج الصلاة فلما أجاب مطلقا علم أن الحال لم يختلف في ذلك وحيث أجاب بالبسملة دون غيرها من آيات القرآن دل على أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يجهر بالبسملة في قراءته ولولا ذلك كان أنس أجاب الحمد لله رب العالمين أو غيرها من إلايات قال وهذا واضح. قال ولنا أن نقول الظاهر أن السؤال لم يكن إلا عن قراءته في الصلاة فإن الراوى قتادة وهو راوى حديث أنس ذاك وقال فيه نحن سألناه عنه انتهى. ولم تختلف على قتادة في حديث البخاري هذا بخلاف حديث مسلم فاختلف فيه عليه كما بيناه وما لم يختلف فيه أولى عند الترجيح بحصول الضبط فيه والله أعلم. والجواب عن الثانى وهو قول ابن الجوزى ليس في الصحاح أنه إن كان المراد أنه ليس في واحد من الصحيحين فهو كما ذكر ليس في واحد منهما ولكن لا يلزم من كونه ليس في واحد من الصحيحين أن لا يكون صحيحا لأنهما لم يستوعبا إخراج الصحيح في كتابيهما وإن أراد ليس في كتاب التزم مخرجه الصحة فليس بجيد فقد أخرجه ابن خزيمة في صحيحه من رواية أبى مسلمة سعيد بن يزيد قال سألت أنس بن مالك أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح بالحمد لله رب العالمين أو بسم الله الرحمن الرحيم فقال إنك لتسألنى عن شيء ما أحفظه وما سألنى عنه أحد قبلك. وقال الدارقطنى بعد تخريجه هذا إسناد صحيح قال البيهقى في المعرفة في هذا دلالة على أن مقصود أنس ما ذكره الشافعى انتهى. وإن أراد ابن الجوزى بقوله إنه ليس في الصحاح أى ليس في أحد الصحيحين

...........................................................................

_ فلا يكون فيه قوة المعارضة لما في أحد الصحيحين وإن كان أيضا صحيحا في نفسه لأنه يرجح عند التعارض بالأصح منهما فيقدم ما في الصحيحين. والجواب عن هذا إن كان اراده من وجهين أحدهما أن هذا إذا اتضحت المعارضة ولم يمكن الجمع فاما مع إمكان الجمع فلا يهمل واحد من الحديثين الصحيحين وقد تقدم حمل من حمله من الحفاظ على أن المراد بحديث الصحيحين إلابتداء بالفاتحة لا نفي البسملة وبه يصح الجمع والوجه الثانى إنه إنما يرجح بما في أحد الصحيحين على ما في غيرهما من الصحيح حيث كان ذلك الصحيح مما لم يضعفه إلائمة فأما ما ضعفوه كهذا الحديث فلا يقدم على غيره لخطإ وقع من بعض والله أعلم. قوله حكاية عن بعضهم ومن أقسام الصحيح ما هو صحيح معلول انتهى. أبهم المصنف قائل ذلك وهو الحافظ أبو يعلى الخليلى فقال في كتاب إلارشاد إن إلاحاديث على أقسام كثيرة صحيح متفق عليه وصحيح معلول وصحيح مختلف فيه إلى آخر كلامه.

النوع التاسع عشر: معرفة المضطرب من الحديث

النوع التاسع عشر: معرفة المضطرب من الحديث. المضطرب من الحديث: هو الذي تختلف الرواية فيه فيرويه بعضهم على وجه وبعضهم على وجه آخر مخالف له وإنما نسميه مضطربا إذا تساوت الروايتان أما إذا ترجحت إحداهما بحيث لا تقاومها إلاخرى: بأن يكون راويها أحفظ أو أكثر صحبة للمروي عنه أو غير ذلك من وجوه الترجيحات المعتمدة فالحكم للراجحة ولا يطلق عليه حينئذ وصف المضطرب ولا له حكمه. ثم قد يقع إلاضطراب في متن الحديث وقد يقع في الإسناد وقد يقع ذلك من راو واحد وقد يقع بين رواة له جماعة وإلاضطراب موجب ضعف الحديث لإشعاره بأنه لم يضبط والله أعلم. ومن أمثلته: ما رويناه عن إسماعيل بن أمية عن أبي عمرو بن محمد بن حريث

_ النوع التاسع عشر: معرفة المضطرب. "قوله" ومن أمثلته ما رويناه عن إسماعيل بن أمية عن أبى عمر بن محمد بن حريث

عن جده حريث عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في المصلى: "إذا لم يجد عصا ينصبها بين يديه فليخط خطا" فرواه بشر بن المفضل وروح بن القاسم عن إسماعيل هكذا. ورواه سفيان الثوري عنه عن أبي عمرو بن حريث عن أبيه عن أبي هريرة. ورواه حميد بن إلاسود عن إسماعيل عن أبي عمرو بن محمد بن حريث بن سليم عن أبيه عن أبي هريرة. ورواه وهيب وعبد الوارث عن إسماعيل عن أبي عمرو بن حريث عن جده حريث. وقال عبد الرزاق: عن ابن جريج: سمع إسماعيل عن حريث بن عمار عن أبي هريرة وفيه من إلاضطراب أكثر مما ذكرناه والله أعلم.

_ عن جده حريث عن أبى هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في المصلى "إذا لم يجد عصا ينصبها بين يديه فليخط خطا" فرواه بشر بن المفضل وروح بن القاسم بن إسماعيل هكذا ورواه سفيان الثورى عنه عن أبى عمرو بن حريث من أبيه عن أبى هريرة ورواه حميد بن إلاسود عن إسماعيل عن أبى عمرو بن محمد بن حريث بن سليم عن أبيه عن أبى هريرة ورواه وهيب وعبد الوارث عن إسماعيل عن أبى عمرو بن حريث عن جده حريث,. وقال عبد الرزاق عن ابن جريج سمع إسماعيل عن حريث بن عمار عن أبى هريرة وفيه من إلاضطراب أكثر مما ذكرناه انتهى. وفيه أمور أحدها أنه قد اعترض عليه بأنه ذكر أولا أنه إنما يسمى مضطربا إذا تساوت الروايتان فأما إذا ترجحت إحداهما فلا يسمى مضطربا وهذا قد رواه الثورى وهو أحفظ من ذكرهم فينبغى أن ترجح روايته على غيرها ولا تسميه مضطربا وأيضا فإن الحاكم وغيره صحح الحديث المذكور. والجواب أن الوجوه التي يرجح بها متعارضة في هذا الحديث فسفيان الثورى وان كان أحفظ من سماه المصنف فإنه انفرد بقوله أبى عمرو بن حريث عن أبيه وأكثر الرواة يقولون عن جده وهم بشر بن المفضل وروح بن القاسم ووهيب بن خالد وعبد الوارث

.........................................................................

_ ابن سعيد وهؤلاء من ثقات البصريين وأثبتهم ووافقهم على ذلك من حفاظ الكوفيين سفيان بن عيينة وقولهم أرجح لوجهين أحدهما الكثرة والثاني أن إسماعيل بن أمية مكي وابن عيينة كان مقيما بمكة ومما يرجح به كون الراوي عنه من أهل بلده وبكثرة الرواة أيضا وخالف الكل ابن جريج وهو مكي أيضا ومولى آل خالد بن سعيد إلاموي وإسماعيل بن أمية هو ابن عمرو بن سعيد إلاموي المذكور فيقتضى ذلك ترجيح روايته فتعارضت حينئذ الوجوه المقتضية للترجيح وانضم إلى ذلك جهالة راوي الحديث وهو شيخ إسماعيل بن أمية فإنه لم يرو عنه فيما علمت غير إسماعيل بن أمية مع هذا إلاختلاف في اسمه واسم أبيه وهل يرويه عن أبيه أو عن جده أو هو نفسه عن أبى هريرة وقد حكي أبو داود في سننه تضعيفه عن ابن عيينة فقال قال سفيان لم نجد شيئا نشد به هذا الحديث ولم يجئ إلا من هذا الوجه وقد ضعفه أيضا الشافعي والبيهقي. وقول من ضعفه أولى بالحق من تصحيح الحاكم له مع هذا إلاضطراب والجهالة براويه والله أعلم. وقد ذكره النووي في الخلاصة في فصل الضعيف وقال قال الحفاظ هو ضعيف لاضطرابه. الامر الثاني: أن قول المصنف في رواية حميد بن إلاسود عن أبيه فيه نظر والذي قاله حميد عن جده كما رواه ابن ماجه في سننه قال حدثنا بكر بن خلف أبو بشر قال حدثنا حميد بن إلاسود وحدثنا عمار بن خالد حدثنا سفيان بن عيينة عن إسماعيل بن أمية عن أبى عمرو بن محمد بن عمرو بن حريث عن جده حريث بن سليم عن أبى هريرة فذكره ولكن المصنف اعتمد على رواية البيهقى فإنه فيها من رواية حميد عن إسماعيل عن أبى عمرو بن محمد بن حريث عن أبيه عن أبى هريرة فأما أن يكون قد اختلف فيه على حميد بن إلاسود في قوله عن أبيه أو عن جده أو يكون ابن ماجه قد حمل رواية حميد ابن إلاسود على رواية سفيان بن عيينة ولم يبين إلاختلاف الذي بينهما كما يقع في إلاسانيد علي أنه قد اختلف فيه أيضا على ابن عيينة كما سيأتي في إلامر الذي يليه.

............................................................................

_ إلامر الثالث: المصنف أشار إلى غير ذلك من إلاضطراب فرأيت أن اذكر ما رأيت فيه من إلاختلاف مما لم يذكره المصنف وقد رواه أيضا عن إسماعيل بن أمية سفيان بن عيينة وذواد بن علبة فأما سفيان بن عيينة فاختلف عليه فيه فرواه محمد بن سلام البيكى عن سفيان بن عيينة كرواية بشر وروح المتقدمة وهكذا رواه على بن المدينى عنه فيما رواه البخاري في غير الصحيح عن ابن المدينى واختلف فيه على بن المدينى كما سيأتى ورواه مسدد عن سفيان كرواية سفيان الثورى المتقدمة ورواه الشافعى والحميدى عن ابن عيينة عن إسماعيل عن أبى محمد بن عمرو بن حريث عن جده حريث العذرى. ورواه عمار بن خالد عن ابن عيينة فقال عن أبى عمرو محمد بن عمرو بن حريث عن جده حريث بن سليم رواه ابن ماجه عن عمارة وقد نقدم وأما إلاختلاف على ابن المدينى فيه فرواه البخاري في غير الصحيح عنه عن ابن عيينة كما تقدم ورواه أبو داود في سننه عن محمد بن يحيى بن فارس عن ابن المدينى عن ابن عيينة عن إسماعيل عن أبى محمد ابن عمرو بن حريث عن جده حريث رجل من بنى عذرة وأما ذواد بن علبة فقال عن إسماعيل بن أمية عن أبى عمرو بن محمد عن جده حريث بن سليمان وقال أبو زرعة الدمشقى لا نعلم أحدا بينه ونسبه غير ذواد بن علبة انتهى. قلت وقد نسبه ابن عيينة أيضا في رواية ابن ماجه إلا أنه قال ابن سليم كما تقدم والله أعلم.

النوع العشرون: معرفة المدرج في الحديث

النوع العشرون: معرفة المدرج في الحديث. وهو أقسام: منها: ما أدرج في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من كلام بعض رواته بأن يذكر الصحابي أو: من بعده عقيب ما يرويه من الحديث كلاما من عند نفسه فيرويه من بعده موصولا بالحديث غير فاصل بينهما بذكر قائله فيلتبس إلامر فيه على من لا يعلم حقيقة الحال ويتوهم أن الجميع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

_ النوع العشرون: معرفة المدرج. "قوله" وهو أقسام منها ما أدرج في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من كلام بعض رواته بأن يذكر الصحابي أو من بعده عقيب ما يرويه من الحديث كلاما من عند

ومن أمثلته المشهورة: ما رويناه في التشهد عن أبي خيثمة زهير بن معاوية عن الحسن بن الحر عن القاسم بن مخيمرة عن علقمة عن عبد الله بن مسعود: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمه التشهد في الصلاة فقال: "قل: التحيات لله.." فذكر التشهد وفي آخره: "أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله فإذا قلت هذا فقد قضيت صلاتك إن شئت أن تقوم فقم وإن شئت أن تقعد فاقعد". هكذا رواه أبو خيثمة عن الحسن بن الحر فأدرج في الحديث قوله: فإذا قلت هذا إلى آخره وإنما هذا من كلام ابن مسعود لا من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن الدليل عليه: أن الثقة الزاهد عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان رواه عن رواية الحسن بن الحر كذلك. واتفق حسين الجعفي وابن عجلان وغيرهما في روايتهم عن الحسن بن الحر على ترك ذكر هذا الكلام في آخر الحديث. مع اتفاق كل من

_ نفسه إلى آخر كلامه هكذا اقتصر المصنف في هذا في هذا القسم من المدرج على كونه عقب الحديث وقد ذكر الخطيب في بعض المدرجات ما ذكر في أول الحديث أو في وسطه فمثال المدرج في أوله ما رواه الخطيب باسناده من رواية أبى قطن وشبابه فرقهما عن شعبة عن محمد بن زياد عن أبى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أسبغوا الوضوء ويل للأعقاب من النار". قال الخطيب وهم أبو قطن عمرو بن هيثم وشبابة بن سوار في روايتهما هذا الحديث عن شعبة على ما سقناه وذلك أن قوله: "اسبغوا الوضوء" كلام أبى هريرة وقوله ويل للأعقاب من النار من كلام النبي صلى الله عليه وسلم. قال وقد رواه أبو داود الطيالسى وذهب ابن جرير وآدم بن أبى إياس وعاصم بن على وعلى بن الجعد وغندر وهشيم ويزيد بن زريع والنضر بن شميل ووكيع وعيسى بن يونس ومعاذ بن معاذ كلهم عن شعبة وجعلوا الكلام الأول من قول أبى هريرة والكلام الثانى مرفوعا قلت وهكذا رواه البخارى في صحيحه عن آدم بن أبى أياس عن شعبة عن محمد بن زياد عن أبى هريرة قال اسبغوا الوضوء فإن أبا القاسم صلى الله عليه وسلم

روى التشهد عن علقمة وعن غيره عن ابن مسعود على ذلك ورواه شبابة عن أبي خيثمة ففصله أيضا. ومن أقسام المدرج: أن يكون متن الحديث عند الراوي له بإسناد إلا طرفا منه فإنه عنده بإسناد ثان فيدرجه من رواه عنه على الإسناد الأول ويحذف الإسناد الثاني ويروي جميعه بالإسناد الأول. مثاله: حديث بن عيينة وزائدة بن قدامة عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر: في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي آخره: أنه جاء في الشتاء فرآهم يرفعون أيديهم من تحت الثياب. والصواب: رواية من روى عن عاصم بن كليب بهذا الإسناد صفة الصلاة خاصة وفصل ذكر رفع إلايدي عنه فرواه عن عاصم عن عبد الجبار بن وائل عن بعض أهله عن وائل بن حجر. ومنها: أن يدرج في متن حديث بعض متن حديث آخر مخالف للأول في الإسناد مثاله: رواية سعيد بن أبي مريم عن مالك عن الزهري عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تنافسوا" الحديث. فقوله: لا تنافسوا أدرجه ابن أبي مريم من متن حديث آخر رواه مالك عن أبي الزناد عن إلاعرج عن أبي هريرة فيه: لا تجسسوا ولا تحسسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا. والله أعلم. ومنها أن يروي الراوي حديثا عن جماعة بينهم اختلاف في إسناده فلا يذكر إلاختلاف بل تدرج روايتهم على الإتفاق. مثاله: رواية عبد الرحمن بن مهدي ومحمد بن كثير العبدي عن الثوري عن منصور وإلاعمش وواصل إلاحدب عن أبي وائل عن عمرو بن شرحبيل عن ابن

مسعود قلت: يا رسول الله أي الذنب أعظم؟ الحديث. وواصل إنما رواه عن أبي وائل عن عبد الله من غير ذكر عمرو بن شرحبيل بينهما والله أعلم. واعلم: أنه لا يجوز تعمد شيء من الإدراج المذكور. وهذا النوع قد صنف فيه الخطيب أبو بكر كتابه الموسوم ب الفصل للوصل المدرج في النقل فشفي وكفي والله أعلم.

_ قال ويل للاعقاب من النار ومثال المدرج في وسطه ما رواه الدارقطنى في سننه من رواية عبد الحميد بن جعفر عن هشام بن عروة عن أبيه عن بسرة بنت صفوان قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من مس ذكره أو أنثييه أو رفعه فليتوضأ". قال الدارقطنى كذا رواه عبد الحميد عن هشام ووهما في ذكر الأنثيين والرفع وإدراجه ذلك في حديث بسرة قال والمحفوظ أن ذلك من قول عروة غير مرفوع قال وكذلك رواه الثقات عن هشام منهم أيوب السخستيانى وحماد بن زيد وغيرهما ثم رواه من رواية أيوب ففصل قول عروة من المرفوع وقال الخطيب في كتابه المذكور تفرد عبد الحميد بذكر الانثيين والرفعين وليس من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما هو من قول أبى عروة فأدرجه الراوى في متن الحديث وقد بين ذلك حماد وأيوب قلت ولم ينفرد به عبد الحميد كما قال الخطيب فقد رواه الطبرانى في المعجم الكبير من رواية يزيد بن زريع عن أيوب عن هشام بلفظ إذا أمس أحدكم ذكره أو انثييه أو رفعه فيتوضأ وزاد الدارقطنى فيه أيضا ذكر الأنثيين من رواية ابن جريج عن هشام عن أبيه عن مروان بن الحكم عن بسرة وقد ضعف بن دقيق العيد في الاقتراح الحكم بالادراج على ما وقع في أثناء لفظ الرسول صلى الله عليه وسلم معطوفا بواو العطف والله أعلم.

النوع الحادي والعشرون: معرفة الموضوع

النوع الحادي والعشرون: معرفة الموضوع. وهو المختلق المصنوع اعلم: أن الحديث الموضوع شر الأحاديث الضعيفة.

_ النوع الحادى والعشرون: معرفة الموضوع. قوله اعلم أن الحديث الموضوع شر الأحاديث الضعيفة انتهى

ولا تحل روايته لأحد علم حاله في أي معنى كان إلا مقرونا ببيان وضعه. بخلاف غيره من إلاحاديث الضعيفة التي يحتمل صدقها في الباطن حيث جاز روايتها في الترغيب والترهيب على ما نبينه قريبا إن شاء الله تعالى. وإنما يعرف كون الحديث موضوعا بإقرار واضعه أو ما يتنزل منزلة إقراره. وقد يفهمون الوضع من قرينة حال الراوي أو المروي فقد وضعت أحاديث طويلة يشهد بوضعها ركاكة ألفاظها ومعانيها. ولقد أكثر الذي جمع في هذا العصر الموضوعات في نحو مجلدين فأودع فيها كثيرا مما لا دليل على وضعه وإنما حقه أن يذكر في مطلق الأحاديث الضعيفة. والواضعون للحديث أصناف وأعظمهم ضررا قوم من المنسوبين إلى الزهد وضعوا الحديث احتسابا فيما زعموا فتقبل الناس موضوعاتهم ثقة منهم بهم وركونا إليهم. ثم نهضت جهابذة الحديث بكشف عوارها ومحو عارها والحمد لله. وفيما روينا عن الإمام أبي بكر السمعاني: أن بعض الكرامية ذهب إلى جواز وضع الحديث في باب الترغيب والترهيب.

_ وقد تقدم قول المصنف إن ما عدمت فيه صفات القبول فهو أرذل الأقسام والصواب ما ذكره هنا أن الموضوع شرها وتقدم التنبيه على ذلك. "قوله" وإنما يعرف كون الحديث موضوعا بإقرار واضعه أو ما يتنزل منزلة إقراره انتهى. وقد استشكل الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد الحكم على الحديث بالوضع بإقرار من ادعى أنه وضعه لأن فيه عملا فقوله بعد اعترافه على نفسه بالوضع فقال في الاقتراح هذا كاف في رده لكن ليس بقاطع في كونه موضوعا لجواز أن يكذب في هذا الإقرار بعينه انتهى.

ثم إن الواضع: ربما صنع كلاما من عند نفسه فرواه وربما أخذ كلاما لبعض الحكماء أو غيرهم فوضعه على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وربما غلط غالط فوقع في شبه الوضع من غير تعمد كما وقع لثابت بن موسى الزاهد في حديث: "من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار". مثال: روينا عن أبي عصمة وهو نوح بن أبي مريم أنه قيل له: من أين لك عن عكرمة عن ابن عباس في فضائل القرآن سورة سورة؟ فقال: إني رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي محمد بن إسحاق فوضعت هذه الأحاديث حسبة.

_ وقول الشيخ أو ما يتنزل منزله إقراره هو كان يحدث بحديث عن شيخ ثم يسأل عن مولده فيذكر تاريخا يعلم وفاة ذلك الشيخ قبله ولا يوجد ذلك الحديث إلا عنده فهذا لم يعترف بوضعه ولكن اعترافه بوقت مولده يتنزل منزلة إقراره بالوضع لأن ذلك الحديث لا يعرف إلا عند ذلك الشيخ ولا يعرف إلا برواية هذا الذي حدث به والله أعلم. "قوله" وربما غلط غالط فوقع في شبه الوضع كما وقع لثابت بن موسى الزاهد في حديث من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار انتهى. هذا الحديث أخرجه ابن ماجه في سننه عن إسماعيل بن محمد الطلحي عن ثابت ابن موسى الزاهد عن شريك عن الأعمش عن أبى سفيان عن جابر مرفوعا من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار والغلط الذي أشار المصنف هو ما ذكره الحاكم قال دخل ثابت بن موسى على شريك بن عبد الله القاضي والمستملى بين يديه وشريك يقول حدثنا الأعمش عن أبى سفيان عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يذكر المتن فلما نظر إلى ثابت بن موسى قال: "من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار" وإنما أراد ثابتا لزهده وورعه فظن ثابت أنه روى هذا الحديث مرفوعا بهذا الإسناد فكان ثابت يتحدث به عن شريك وقال أبو حاتم بن حبان في تاريخ الضعفاء هذا قول شريك قاله عقيب حديث الأعمش عن أبى سفيان عن جابر: "يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم".

..........................................................................

_ فأدرجه ثابت في الخبر وسرقه منه جماعة ضعفاء وحدثوا به عن شريك فجعله ابن حبان من نوع المدرج وقد اعترض بعض المتأخرين على المصنف بأنه وجد الحديث من غير رواية ثابت ابن موسى فذكر من معجم ابن جميع قال حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الرقي حدثنا أبو الحسن محمد بن هشام بن الوليد حدثنا جبارة بن المغلس عن كثير بن سليم عن أنس بالحديث مرفوعا انتهى. وهذا الاعتراض عجيب فإن المصنف لم يقل إنه لم يرو إلا من طريق ثابت ومع ذلك فهذا الطريق التى اعترض بها هذا المعترض أضعف من طريق ثابت بن موسى لضعف كل من كثير بن سليم وجبارة بن المغلس وبدء أمر هذا الحديث قصة ثابت مع شريك وقد سرقه جماعة من الضعفاء فحدث به بعضهم عن شريط وبعضهم جعل له إسنادا آخر كذا الحديث قال العقيلى في الضعفاء في ترجمة ثابت بن موسى حديث باطل لا أصل له ولا يتابعه عليه ثقة وقال ابن عدى في الكامل حديث منكر لا يعرف إلا بثابت وسرقه منه من الضعفاء عبد الحميد بن بحير وعبد الله بن شبرمه الشريكى وإسحق ابن بسر الكاهلى وموسى بن محمد أبو الطاهر المقدسى. قال وحدثنا بعض الضعفاء عن رحمويه وكذب فإن رحمويه ثقة انتهى. ولو اعترض هذا المعترض بواحد من هؤلاء الذين تابعوا ثابت بن موسى عليه كان أقل خطأ من اعتراضه بطريق جبارة والحديث له طرق كثير جمعها أبو الفرج بن الجوزى في كتاب العلل المتناهية وبين ضعفها والله أعلم. وقول المصنف في هذا الحديث أنه شبه الوضع حسن إذ لم يضعه ثابت بن موسى وإن كان ابن معين قد قال فيه أنه كذاب نعم بقية الطريق التى سرقها من سرقها موضوعة ولذلك جزم أبو حاتم الرازى بأنه موضوع فيما حكاه ابنه أبو محمد في العلل والله أعلم.

وهكذا حال الحديث الطويل الذي يروى عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل القرآن سورة فسورة. بحث باحث عن مخرجه حتى انتهى إلى من اعترف بأنه وجماعة وضعوه وإن أثر الوضع لبين عليه. ولقد أخطأ الواحدي المفسر ومن ذكره من المفسرين في إيداعه تفاسيرهم والله أعلم.

_ "قوله" وهكذا حال الحديث الطويل الذي يروى عن أبى بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل القرآن سورة سورة بحث باحث عن مخرجه حتى انتهى إلى من اعترف بأنه وجماعة وضعوه انتهى أبهم المصنف ذكر هذا الباحث الذي بحث عن هذا الحديث وهو مؤمل بن إسماعيل فروينا عن مؤمل أنه قال حدثني شيخ بهذا الحديث فقلت للشيخ من حدثك فقال حدثني رجل بالمداين وهو حي فسرت إليه فقلت من حدثك فقال حدثني شيخ بواسط وهو حي فصرت إليه فقال حدثني شيخ بالبصرة فصرت إليه فقال حدثني شيخ بعبادان فصرت إليه فأخذ بيدي فأدخلني بيتا فإذا فيه قوم من المتصوفة ومعهم شيخ فقال هذا الشيخ حدثني فقلت يا شيخ من حدثك فقال لم يحدثني أحد ولكننا رأينا الناس قد رغبوا عن القرآن فوضعنا لهم هذا الحديث ليصرفوا قلوبهم إلى القرآن.

النوع الثاني والعشرون: معرفة المقلوب

النوع الثاني والعشرون: معرفة المقلوب هو نحو حديث مشهور عن سالم جعل عن نافع ليصير بذلك غريبا مرغوبا فيه. وكذلك: ما روينا أن البخاري رضي الله عنه قدم بغداد فاجتمع قبل مجلسه قوم من أصحاب الحديث وعمدوا إلى مائة حديث فقلبوا متونها وأسانيدها وجعلوا متن هذا الإسناد لإسناد آخر وإسناد هذا المتن لمتن آخر ثم حضروا مجلسه وألقوها عليه فلما فرغوا من إلقاء تلك الأحاديث المقلوبة التفت إليهم فرد كل متن إلى إسناده وكل إسناد إلى متنه فأذعنوا له بالفضل. ومن أمثلته ويصلح مثالا للمعلل: ما رويناه عن إسحاق بن عيسى الطباع. قال:

حدثنا جرير بن حازم عن ثابت عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني" قال إسحاق بن عيسى: فأتيت حماد بن زيد فسألته عن الحديث فقال: وهم أبو النضر إنما كنا جميعا في مجلس ثابت البناني وحجاج بن أبي عثمان معنا فحدثنا حجاج الصواب: عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني". فظن أبو النضر أنه فيما حدثنا ثابت عن أنس أبو النضر هو جرير بن حازم والله اعلم. فصل قد وفينا بما سبق الوعد بشرحه من إلانواع الضعيفة والحمد لله فلننبه إلان على أمور مهمة: أحدها: إذا رأيت حديثا بإسناد ضعيف فلك أن تقول هذا ضعيف وتعني أنه بذلك الإسناد ضعيف. وليس لك أن تقول هذا ضعيف وتعني به ضعف متن الحديث بناء على مجرد ضعف ذلك الإسناد فقد يكون مرويا بإسناد آخر صحيح يثبت بمثله الحديث. بل يتوقف جواز ذلك على حكم إمام من أئمة الحديث بأنه لم يرو بإسناد يثبت به أو بأنه حديث ضعيف أو نحو هذا مفسرا وجه القدح فيه. فإن أطلق ولم يفسر ففيه كلام يأتي إن شاء الله تعالى فاعلم ذلك فإنه مما يغلط فيه والله اعلم. الثاني: يجوز عند أهل الحديث وغيرهم التساهل في إلاسانيد ورواية ما سوى الموضوع من أنواع إلاحاديث الضعيفة من غير اهتمام ببيان ضعفها فيما سوى صفات الله تعالى وأحكام الشريعة من الحلال والحرام وغيرهما. وذلك كالمواعظ والقصص وفضائل إلاعمال وسائر فنون الترغيب والترهيب وسائر ما لا تعلق له بإلاحكام والعقائد.

وممن روينا عنه التنصيص على التساهل في نحو ذلك: عبد الرحمن بن مهدي وأحمد بن حنبل رضي الله عنهما. الثالث: إذا أردت رواية الحديث الضعيف بغير إسناد فلا تقل فيه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا وما أشبه هذا من إلالفاظ الجازمة بأنه صلى الله عليه وسلم قال ذلك. وإنما تقول فيه: روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا أو: بلغنا عنه كذا وكذا أو ورد عنه أو: جاء عنه أو: روى بعضهم وما أشبه ذلك. وهكذا الحكم فيما تشك في صحته وضعفه وإنما تقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ظهر لك صحته بطريقه الذي أوضحناه أولا والله اعلم.

النوع الثالث والعشرون: معرفة صفة من تقبل روايته ومن ترد روايته وما يتعلق بذلك

النوع الثالث والعشرون: معرفة صفة من تقبل روايته ومن ترد روايته وما يتعلق بذلك. من قدح وجرح وتوثيق وتعديل. أجمع جماهير أئمة الحديث والفقه على: أنه يشترط فيمن يحتج بروايته: أن يكون عدلا ضابطا لما يرويه. وتفصيله: أن يكون مسلما بالغا عاقلا سالما من أسباب الفسق وخوارم المروءة متيقظا غير مغفل حافظا إن حدث من حفظه ضابطا لكتابه إن

_ النوع الثالث والعشرون: في معرفة صفة من تقبل روايته ومن ترد روايته "قوله" أجمع جماهير أئمة الحديث والفقه على أنه يشترط فيمن يحتج بروايته أن يكون عدلا ضابطا لما يرويه وتفصيله أن يكون مسلما بالغا عاقلا سالما من أسباب الفسق وخوارم المروءة إلى آخر كلامه وقد اعترض عليه بأن المروءة لم يشترطها إلا الشافعي وأصحابه وليس على ما ذ كره المعترض بل الذين لم يشترطوا على الإسلام مزيدا لم يشترطوا ثبوت العدالة ظاهرا بل اكتفوا بعدم ثبوت ما ينافي العدالة فمن ظهر منه ما ينافي العدالة

حدث من كتابه. وإن كان يحدث بالمعنى: اشترط فيه مع ذلك أن يكون عالما بما يحيل المعاني والله أعلم. ونوضح هذه الجملة بمسائل: إحداها: عدالة الراوي: تارة تثبت بتنصيص معدلين على عدالته وتارة تثبت بإلاستفاضة فمن اشتهرت عدالته بين أهل النقل أو نحوهم من أهل العلم وشاع الثناء عليه بالثقة وإلامانة استغني فيه بذلك عن بينة شاهدة بعدالته تنصيصا وهذا هو الصحيح في مذهب الشافعي رضي الله عنه وعليه الاعتماد في فن أصول الفقه. وممن ذكر ذلك من أهل الحديث أبو بكر الخطيب الحافظ ومثل ذلك بمالك وشعبة والسفيانين والأوزاعي والليث وابن المبارك ووكيع وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعلي بن المديني ومن جري مجراهم في نباهة الذكر واستقامة الأمر فلا يسأل عن عدالة هؤلاء وأمثالهم وإنما يسأل عن عدالة من خفي أمره على الطالبين.

_ لم يقبلوا شهادته ولا روايته وأما من اشترط العدالة وهم أكثر العلماء فاشترطوا في العدالة المروءة ولم يختلف قول مالك وأصحابه في اشتراط المروءة في العدالة مطلقا وإنما تفترق العدالة في الشهادة والعدالة في الرواية في اشتراط الحرية فإنها ليست شرطا في عدالة الرواية بلا خلاف بين أهل العلم كما حكاه الخطيب في الكفاية وهى شرط في عدالة الشهادة عند أكثر أهل العلم وقد ذكر القاضي أبو بكر الباقلاني أن هذا مما تفترق فيه الشهادة والرواية وتفترقان أيضا على قول في البلوغ فإن شهادة الصبي المميز غير مقبولة عند أصحاب الشافعي والجمهور وأما خبره فاختلف تصحيح المتأخرين في مواضع فحكى النووي في شرح المهذب عن الجمهور قبول أخبار الصبي المميز فيما طريقة المشاهدة بخلاف ما طريقه النقل كالإفتاء ورواية الأخبار ونحوه وقد سبقه إلى ذلك المتولي فتبعه عليه. وحكي الرافعي في استقبال القبلة عن الأكثرين عدم القبول وجعل الخلاف أيضا في المميز ولكنه قيد الخلاف في التيمم بالمراهق وصحح أيضا عدم القبول وتبعه عليه النووي والله تعالى أعلم.

وتوسع ابن عبد البر الحافظ في هذا فقال: كل حامل علم معروف العناية به فهو عدل محمول في أمره أبدا على العدالة حتى يتبين جرحه. لقوله صلى الله عليه وسلم: "يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله". وفيما قاله اتساع غير مرضي والله اعلم. الثانية: يعرف كون الراوي ضابطا بأن نعتبر روايته بروايات الثقاة المعروفين بالضبط وإلاتقان. فإن وجدنا رواياته موافقة ولو من حيث المعنى لرواياتهم أو موافقة لها في إلاغلب والمخالفة نادرة عرفنا حينئذ كونه ضابطا ثبتا. وإن وجدناه كثير المخالفة لهم عرفنا اختلال ضبطه ولم نحتج بحديثه والله أعلم. الثالثة: التعديل مقبول من غير ذكر سببه على المذهب الصحيح المشهور لأن أسبابه كثيرة يصعب ذكرها فإن ذلك يحوج المعدل إلى أن يقول: لم يفعل كذا لم يرتكب كذا فعل كذا وكذا فيعدد جميع ما يفسق بفعله أو بتركه وذلك شاق جدا.

_ "قوله" وتوسع ابن عبد البر الحافظ في هذا فقال كل حامل علم معروف العناية به فهو عدل محمول في أمره أبدا على العدالة حتى يتبين جرحه لقوله صلى الله عليه وسلم: "يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله" وفيما قاله اتساع غير مرض انتهى. "فقوله" يحمل حكى فيه الرافع على الخبر والجزم على إرادة لام الأمر وعلى تقدير كونه مرفوعا فهو خبر أريد به الأمر بدليل ما رواه أبو محمد بن أبى حاتم في مقدمة كتاب الجرح والتعديل في بعض طرق هذا الحديث ليحمل هذا العلم بلام الأمر على أنه ولو لم يرد ما يخلصه للأمر لما جاز حمله على الخبر لوجود جماعة من أهل العلم غير ثقات ولا يجوز الحلف في خبر الصادق فيعين حمله على الأمر على تقدير صحه وهذا مما يوهن استدلال ابن عبد البر به لأنه إذا كان الأمر فلا حجة فيه. ومع هذا فالحديث أيضا غير صحيح لأن أشهر طرق الحديث رواية معان بن رفاعة السلامى عن إبراهيم بن عبد الرحمن عن النبى صلى الله عليه وسلم هكذا رواه بن أبى حاتم في مقدمة الجرح والتعديل وابن عدى في مقدمة الكامل والعقيلى في تاريخ الضعفاء في ترجمه معان بن رفاعة وقال إنه لا يعرف إلا به انتهى.

.........................................................................

_ وهذا اما مرسل أو معضل وإبراهيم هذا الذى أرسله لا يعرف شئ من العلم غير هذا قاله أبو الحسن في ابن القطان في بيان الوهم والايهام قال ابن عدى ورواه الثقات عن الوليد بن مسلم عن إبراهيم بن عبد الرحمن العذرى قال حدثنا الثقة من أصحابنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك انتهى. ومعان أيضا ضعفه ابن معين وأبو حاتم الرازى والجوزجانى وابن حبان وابن عدى نعم وثقه على بن المدينى وكذلك حكى عن أحمد توثيقه والحكم بصحة الحديث فيما ذكره الخلال في العلل أن أحمد سئل عن هذا الحديث فقيل له كأنه كلام موضوع فقال لا هو صحيح فقيل له ممن سمعته قال من غير واحد قيل له من هم قال حدثنى به مسكين إلا أنه يقول عن معان عن القاسم بن عبد الرحمن قال أحمد ومعان لا بأس به قال ابن القطان وخفي على أحمد من امره ما علمه غيره ثم ذكر أقوال المضعفين له وقد روى هذا الحديث متصلا من رواية جماعة من الصحابة على بن أبى طالب وابن عمر وأبى هريرة وعبد الله بن عمرو وجابر بن سمرة وأبى أمامة وكلها ضعيفة لا يثبت منها شيء وليس فيها شئ يقوى المرسل المذكور والله أعلم. وممن تبع ابن عبد البر على اختيار ذلك من المتأخرين أبو عبد الله أبو بكر بن المواق فقال في كتابه بغية النقاد أهل العلم محمولون على العدالة حتى يظهر منهم خلاف ذلك ومما يستغرب في ضبط هذا الحديث أن ابن الصلاح حكى في فوائد الرحلة له أنه وجد بنيسابور في كتاب يشتمل على مناقب بن كرام جمع محمد بن الهيصم قال فيه سمعت الشيخ أبا جعفر محمد بن أحمد بن جعفر يقول سمعت أبا عمر ومحمد بن أحمد التميمى يروى هذا الحديث بإسناده فيضم الياء من قوله يحمل على أنه فعل لم يسم فاعله ويرفع الميم من العلم ويقول من كل خلف عدولة مفتوح العين واللام وبالتاء ومعناه أن الخلف هو العدالة بمعنى أنه عادل كما يقال شكور بمعنى شاكر ويكون الهاء للمبالغة كما يقال رجل صرورة والمعنى أن العلم يحمل عن كل خلف كامل في عدالته وأما أبو بكر المفيد فإنى قد حفظت عنه يجعل مفتوح الفاء من كل خلف عدوله مضموم العين واللام مرفوعا هكذا نقلته من خط ابن الصلاح في رحلته.

وأما الجرح فإنه لا يقبل إلا مفسرا مبين السبب لأن الناس يختلفون فيما يجرح وما لا يجرح فيطلق أحدهم الجرح بناء على أمر اعتقده جرحا وليس بجرح في نفس الأمر فلا بد من بيان سببه لينظر فيما هو جرح أم لا وهذا ظاهر مقرر في الفقه وأصوله. وذكر الخطيب الحافظ: أنه مذهب ألائمة من حفاظ الحديث ونقاده مثل: البخاري ومسلم وغيرهما ولذلك احتج البخاري بجماعة سبق من غيره الجرح لهم كعكرمة مولى ابن عباس رضي الله عنهما وكإسماعيل بن أبي أويس وعاصم بن علي وعمرو بن مرزوق وغيرهم. واحتج مسلم بسويد بن سعيد وجماعة اشتهر الطعن فيهم. وهكذا فعل أبو داود السجستاني. وذلك دال على أنهم ذهبوا إلى أن الجرح لا يثبت إلا إذا فسر سببه ومذاهب النقاد للرجال غامضة مختلفة. وعقد الخطيب بابا في بعض أخبار من استفسر في جرحه فذكر ما لا يصلح جارحا. منها عن شعبة أنه قيل له: لم تركت حديث فلان؟ فقال: رأيته يركض علي برذون فتركت حديثه ومنها: عن مسلم بن إبراهيم أنه سئل عن حديث الصالح المري فقال: ما يصنع بصالح؟ ذكروه يوما عند حماد بن سلمة فامتخط حماد والله أعلم.

_ "قوله" وأما الجرح فإنه لا يقبل إلا مفسرا مبين السبب إلى آخر كلامه ثم قال وهذا ظاهر مقرر في الفقه وأصوله انتهى. وقد حكى القاضي أبو بكر عن الجمهور قبول جرح أهل العلم بهذا الشأن من غير بيان واختاره إمام الحرمين وأبو بكر الخطيب والغزالي وابن الخطيب كما سيأتي في الجملة التي تلي هذه والله أعلم.

قلت: ولقائل أن يقول: إنما يعتمد الناس في جرح الرواة ورد حديثهم على الكتب التي صنفها أئمة الحديث في الجرح أو في الجرح والتعديل. وقل ما يتعرضون فيها لبيان السبب بل يقتصرون على مجرد قولهم: فلان ضعيف وفلان ليس بشيء ونحو ذلك. أو: هذا حديث ضعيف وهذا حديث غير ثابت ونحو ذلك. فاشتراط بيان السبب يفضي إلى تعطيل ذلك وسد باب الجرح في الأغلب الأكثر. وجوابه: أن ذلك وإن لم نعتمده في إثبات الجرح والحكم به فقد اعتمدناه في أن توقفنا عن قبول حديث من قالوا فيه مثل ذلك بناء على أن ذلك أوقع عندنا فيهم ريبة قوية يوجب مثلها التوقف.

_ "قوله" ولقائل أن يقول إنما يعتمد الناس في جرح الرواة ورد حديثهم على الكتب التي صنفها أئمة الحديث في الجرح أو التعديل وقل ما يتعرضون فيها لبيان السبب بل يقتصرون على مجرد قولهم فلان ضعيف وفلان ليس بشيء ونحو ذلك إلى آخر السؤال. والجواب الذي أجاب به ومما يدفع هذا السؤال رأسا أو يكون جوابا عنه أن الجمهور إنما يوجبون البيان في جرح من ليس عالما بأسباب الجرح والتعديل وأما العالم بأسبابهما فيقبلون جرحه من غير تفسير وبيان ذلك أن الخطيب حكى في الكفاية عن القاضي أبى بكر الباقلاني أنه حكى عن جمهور أهل العلم أنه إذا جرح من لا يعرف الجرح يجب الكشف عن ذلك قال ولم يوجبوا ذلك على أهل العلم بهذا الشأن قال القاضي أبو بكر والذي يقوى عندنا ترك الكشف عن ذلك إذا كان الجارح عالما كما لا يجب استفسار المعدل عما به صار المزكي عدلا إلى آخر كلامه وما حكيناه عن القاضي أبى بكر هو الصواب. وقد اختلف كلام الغزالي في نقله عن القاضي فحكى عنه في المنخول أنه يوجب بيان الجرح مطلقا وحكي عنه في المستصفي ما نقدم نقله عنه وهو الصواب فقد رواه الخطيب عنه بإسناده الصحيح إليه وحكاه أيضا عنه الإمام فخر الدين الرازي والسيف الآمدي وقال أبو بكر الخطيب في الكفاية بعد حكاية الخلاف على أنا نقول أيضا إن كان الذي يرجع إليه في الجرح عدلا مرضيا في اعتقاده وأفعاله عارفا بصفة العدالة والجرح وأسبابهما عالما باختلاف الفقهاء في ذلك قبل قوله فيمن جرحه مجملا ولا يسأل عن سببه وقال إمام

ثم من انزاحت عنه الريبة منهم ببحث عن حاله أوجب الثقة بعدالته قبلنا حديثه ولم نتوقف كالذين احتج بهم صاحبا الصحيحين وغيرهما ممن مسهم مثل هذا الجرح من غيرهم. فافهم ذلك فإنه مخلص حسن والله أعلم. الرابعة: اختلفوا في أنه: هل يثبت الجرح والتعديل بقول واحد أو: لا بد من اثنين. فمنهم من قال: لا يثبت ذلك إلا باثنين كما في الجرح والتعديل في الشهادات. ومنهم من قال وهو الصحيح الذي اختاره الحافظ أبو بكر الخطيب وغيره أنه يثبت بواحد لأن العدد لم يشترط في قبول الخبر فلم يشترط في جرح راويه وتعديله بخلاف الشهادات والله أعلم. الخامسة: إذا اجتمع في شخص جرح وتعديل: فالجرح مقدم لأن المعدل يخبر عما ظهر من حاله والجارح يخبر عن باطن خفي على المعدل. فإن كان عدد المعدلين أكثر: فقد قيل: التعديل أولى. والصحيح والذي عليه الجمهور أن الجرح أولى لما ذكرناه والله أعلم.

_ الحرمين في البرهان الحق أنه إن كان المزكي عالما بأسباب الجرح والتعديل أكتفينا بإطلاقه وإلا فلا وما ذهب إليه الإمام في هذا اختاره أيضا أبو حامد الغزالي وفخر الدين الرازي والله أعلم. "قوله" اختلفوا في أنه هل يثبت الجرح والتعديل بقول واحد أو لابد من اثنين فمنهم من قالا لا يثبت ذلك إلا باثنين ذلك كما في الجرح والتعديل في الشهادات ومنهم من قال وهو الصحيح الذي اختاره الحافظ أبو بكر الخطيب وغيره أنه يثبت بواحد إلى آخر كلامه فيه أمران أحدهما أنه حكى عن الأكثرين خلاف ما صححه المصنف واختلف كلام الناقلين لذلك عنهم فحكى الخطيب في الكفاية أن القاضي أبا بكر بن الباقلاني حكى عن أكثر الفقهاء من أهل المدينة وغيرهم أنه لا يقبل في التزكية إلا اثنان سواء كانت التزكية للشهادة أو للرواية.

السادسة: لا يجزي التعديل على لإبهام من غير تسمية المعدل فإذا قال: حدثني الثقة أو نحو ذلك مقتصرا عليه لم يكتف به فيما ذكره الخطيب الحافظ والصيرفي الفقيه وغيرهما. خلافا لمن اكتفي بذلك. وذلك: لأنه قد يكون ثقة عنده وغيره قد اطلع على جرحه بما هو جارح عنده أو بالإجماع فيحتاج إلى أن يسميه حتى يعرف. بل إضرابه عن تسميته مريب يوقع في القلوب فيه ترددا. فإن كان القائل لذلك عالما أجزأ ذلك في حق من يوافقه في مذهبه على ما اختاره بعض المحققين. وذكر الخطيب الحافظ: أن العالم إذا قال: كل من رويت عنه فهو ثقة وإن لم أسمه. ثم روى عن من يكون مزكيا له غير إنا لا نعمل بتزكيته هذه وهذا على ما قدمناه والله أعلم. السابعة: إذا روى العدل عن رجل وسماه لم تجعل روايته عنه تعديلا منه له عند أكثر العلماء من أهل الحديث وغيرهم. وقال بعض أهل الحديث وبعض أصحاب الشافعي: يجعل ذلك تعديلا منه له لأن ذلك يتضمن التعديل والصحيح هو الأول لأنه يجوز أن يروي عن غير عدل فلم يتضمن روايته عنه تعديله.

_ وحكى السيف الآمدي وأبو عمرو بن الحاجب عن الأكثرين التفرقة بين الشهادة والرواية ورجحه أيضا الإمام فخر الدين والآمدي أيضا واختار القاضي أبو بكر بعد حكايته عن الأكثرين اشتراط اثنين فيهما أنه يكتفي فيهما بواحد وأن هذا هو الذي يوجبه القياس وهو قول أبى حنيفة وأبى يوسف. الأمر الثاني أنه يؤخذ من كلام المصنف من قوله بواحد أنه يكفي كون المزكي امرأة أو عبدا أو استدل الخطيب في الكفاية على قبول تعديل المرأة بسؤال النبي صلى الله عليه وسلم بريزة عن عائشة رضي الله عنها في قصة الإفك فقد اختلف الأصوليون في ذلك فحزم صاحب المحصول بقول تزكية المرأة العدل والعبد العدل وحكى الخطيب في الكفاية عن القاضي أبى بكر أنه حكى عن أكثر الفقهاء من أهل المدينة وغيرهم أنه

وهكذا نقول: إن عمل العالم أو فتياه على وفق حديث ليس حكما منه بصحة ذلك الحديث. وكذلك مخالفته للحديث ليست قدحا منه في صحته ولا راويه والله أعلم. الثامنة: في رواية المجهول وهو في غرضنا ههنا أقسام: أحدها: المجهول العدالة من حيث الظاهر والباطن جميعا. وروايته غير مقبولة عند الجماهير على ما نبهنا عليه أولا.

_ لا يقبل في التعديل النساء لا في الرواية ولا في الشهادة ثم اختار القاضى أنه يقبل تزكية المرأة مطلقا في الرواية والشهادة إلا تزكيتها في الحكم الذى لا تقبل شهادتها فيه. قال القاضى وأما العبد فيجب قبول تزكيته في الخبر دون الشهادة لأن خبره مقبول وشهادته مردودة. ثم قال القاضى والذى يوجبه القياس وجوب قبول تزكية كل عدل مرضى ذكر أو أنثى حر أو عبد لشاهد أو مخبر انتهى. "قوله" وهكذا نقول إن عمل العالم أوفتياه على وفق حديث ليس حكما منه بصحة ذلك الحديث انتهى. وقد تعقبه بعض من اختصر كلامه وهو الحافظ عماد الدين بن كثير فقال وفي هذا نظر إذا لم يكن في الباب غير ذلك الحديث إذا تعرض للاحتجاج به في فتياه أو حكمه واستشهد به عند العمل بمقتضاه انتهى. وفي هذا النظر نظر لأنه لا يلزم من كون ذلك الباب ليس فيه غير هذا الحديث أن لا يكون ثم دليل آخر من قياس أو اجماع ولا يكرم المفتى أو الحاكم أن يذكر جميع أدلته بل ولا بعضها ولعل له دليلا آخر واستأنس بالحديث الوارد في الباب وربما كان المفتى أو الحاكم يرى العمل بالحديث الضعيف وتقديمه على القياس كما تقدم حكاية ذلك عن أبى داود أنه كان يرى الحديث الضعيف إذا لم يرد في الباب غيره أولى من رأى

الثاني: المجهول الذي جهلت عدالته الباطنة وهو عدل في الظاهر وهو المستور فقد قال بعض أئمتنا: المستور من يكون عدلا في الظاهر ولا تعرف عدالة باطنه. فهذا المجهول يحتج بروايته بعض من رد رواية الأول وهو قول بعض الشافعيين وبه قطع منهم الإمام سليم بن أيوب الرازي. قال: لأن أمر الإخبار مبني على حسن الظن بالراوي. ولأن رواية الإخبار تكون عند من يعتذر عليه معرفة العدالة في الباطن فاقتصر فيها على معرفة ذلك في الظاهر. وتفارق الشهادة فإنها تكون عند الحكام ولا يتعذر عليهم ذلك فاعتبر فيها العدالة في الظاهر والباطن. قلت: ويشبه أن يكون العمل على هذا الرأي في كثير من كتب الحديث المشهورة في غير واحد من الرواة الذين تقادم العهد بهم وتعذرت الخبرة الباطنة بهم والله أعلم.

_ الرجال وكما حكى عن الإمام أحمد من أنه يقدم الحديث الضعيف على القياس وحل بعضهم هذا على أنه أريد بالضعيف هنا الحديث الحسن والله أعلم. "قوله" الثاني المجهول الذي جهلت عدالته الباطنة وهو عدل في الظاهر وهو المستور فقد قال بعض أئمتنا المستور من يكون عدلا في الظاهر ولا تعرف عدالة باطنة انتهى. وهذا الذي أبهم المصنف بقوله بعض أئمتنا هو أبو محمد البغوي صاحب التهذيب فهذا لفظه بحروفه فيه ويوافقه كلام الرافعي في الصوم فإنه قال فيه إن العدالة الباطنة هي التي يرجع فيها إلى أقوال المزكين وحكى في الصوم أيضا في قبول رواية المستور وجهين من غير ترجيح وصحح النووي في شرح المهذب قبول روايته نعم عبارة الشافعي رحمه الله في اختلاف الحديث تدل على أن التي يحكم الحاكم بها هي العدالة الظاهرة فإنه قال في جواب سؤال أورده فلا يجوز أن يترك الحكم بشهادتهما إذا كانا عدلين في الظاهر انتهى

الثالث: المجهول العين وقد يقبل رواية المجهول العدالة من لا يقبل رواية المجهول العين ومن روى عنه عدلان وعيناه فقد ارتفعت عنه هذه الجهالة. ذكر أبو بكر الخطيب البغدادي في أجوبة مسائل سئل عنها: أن المجهول عند أصحاب الحديث هو كل من لم تعرفه العلماء ومن لم يعرف حديثه إلا من جهة راو واحد. مثل: عمرو ذي مر وجبار الطائي وسعيد بن ذي حدان لم يرو عنهم غير أبي إسحاق السبيعي. ومثل الهزهاز بن ميزن لا راوي عنه غير الشعبي. ومثل جري بن كليب لم يرو عنه إلا قتادة.

_ فعلى هذا تكون العدالة الظاهرة هي التي يحكم الحاكم بها وهى التي تستند إلى أقوال المزكين خلاف ما ذكره الرافعي في الصوم والله أعلم. "قوله" ذكر أبو بكر الخطيب البغدادي في أجوبة مسائل سئل عنها أن المجهول عند أصحاب الحديث هو كل من لم تعرفه العلماء ومن لم يعرف حديثه إلا من جهة راو واحد مثل عمرو ذي مر وحبار الطائي وسعيد بن ذى حدان لم يرو عنهم غير أبى إسحق السبيعي ومثل الهزهاز ابن ميزن لا راوي عنه غير الشعبي ومثل جرى بن كليب لم يرو عنه إلا قتادة انتهى ثم تعقب المصنف كلام الخطيب فإنه قد روى عن الهزهاز الثورى أيضا انتهى. وفيه أمور: أحدها: أن الخطيب سمى والد هزهاز ميزن بالياء المثناة وتبعه المصنف والذى ذكره ابن أبى حاتم في كتاب الجرح والتعديل أنه مازن بالألف وفي بعض النسخ بالياء ولعل بعضهم أماله في اللفظ فكتب بالياء والله أعلم. الثانى: أنه اعترض على المصنف في قوله إن الثورى روى عنه فإن الثورى لم يرو عن الشعبى نفسه فكيف يروى عن شيوخه وقد يقال لا يلزم من عدم روايته عن الشعبى عدم روايته عن الهزهاز ولعل الهزهاز تأخر بعد الشعبى ويقوى ذلك أن ابن أبى حاتم ذكر في الجرح والتعديل أنه روى عن الهزهاز هذا الجراح بن مليح والجراح اصغر من الثورى وتأخر بعده مدة سنين والله أعلم.

..........................................................................

_ الأمر الثالث ان المصنف عزا ما ذكره عن الخطيب إلى أجوبة سئل عنها والخطيب ذكر ذلك بجملته مع زيادة فيه في كتاب الكفاية والمصنف كثير النقل منه فأبعد النجعة في عزوه ذلك إلى مسائل سئل عنها. قال الخطيب في الكفاية المجهول عند أصحاب الحديث هو كل من لم يشتهر بطلب العلم في نفسه ولا عرفه العلماء به ولم يعرف حديثه إلا من جهة راو واحد مثل عمرو ذى مر وجبار الطائى وعبد الله بن أعز الهندانى والهيثم بن حنيش ومالك بن أعز وسعيد ابن ذى حدان وقيس بن كركم وخمر بن مالك قال وهؤلاء كلهم لم يرو عنهم غير أبى إسحق السبيعى ومثل سمعان بن مشنج والهزهاز بن ميزن لا يعرف عنهما راو إلا الشعبى ومثل بكر بن قرواش وحلام بن جزل لم يرو عنهما إلا أبو الطفيل عامر بن واثلة ومثل يزيد بن سحيم لم يرو عنه إلا خلاس بن عمرو ومثل جرى بن كليب لم يرو عنه إلا قتادة بن دعامة ومثل عمير بن إسحاق لم يرو عنه سوى عبد الله بن عون وغير من ذكرنا انتهى كلام الخطيب. وقد روى غير واحد من بعض من ذكر منهم خمر بن مالك روى عنه أيضا عبد الله بن قيس وذكره ابن حبان في الثقات الا أنه قال خمير مصغرا وقد ذكر الخلاف فيه في التصغير والتكبير ابن أبى حاتم في الجرح والتعديل ومنهم الهيثم بن حنيش روى عنه أيضا سلمة بن كهيل فيما ذكره أبو حاتم الرازى ومنهم بكر بن قرواش روى عنه أيضا قتادة كما ذكره البخارى في التاريخ الكبير وابن حبان في الثقات وسمى ابن أبى حاتم أباه قريشا وقد فرق الخطيب بين عبد الله بن أعز ومالك بن أعز كلاهما بالعين المهملة والزاى وجعلهما ابن ماكولا في الإكمال واحدا وأنه اختلف في اسمه على أبى إسحاق والله أعلم. وأما حلام فهو بفتح الحاء المهملة وتشديد اللام وآخره ميم كذا ذكره الخطيب تبعا لابن أبى حاتم وأما البخارى فإنه ذكره في التاريخ الكبير حلاب آخره باء موحدة ونسبه ابن أبى حاتم إلى الخطأ في كتاب جمع فيه أوهامه في التاريخ وقال انما هو حلام أى بالميم وأما مشنج والد سمعان فهو بضم الميم وفتح الشين المعجمة وفتح النون المشددة وآخره جيم.

قلت: قد روي عن الهز هاز الثوري أيضا قال الخطيب: وأقل ما يرتفع به الجهالة أن يروي عن الرجل اثنان من المشهورين بالعلم إلا أنه لا يثبت له حكم العدالة بروايتهما عنه. وهذا مما قدمنا بيانه والله أعلم. قلت: قد خرج البخاري في صحيحه حديث جماعة ليس لهم غير راو واحد منهم مرداس إلاسلمي لم يرو عنه قيس بن أبي حازم. وكذلك خرج مسلم حديث قوم لا راوي لهم غير واحد منهم ربيعة بن كعب الأ سلمي لم يرو عنه غير أبي سلمة بن عبد الرحمن. وذلك منهما مصير إلى أن الراوي قد يخرج عن كونه مجهولا مردودا برواية واحد عنه. والخلاف في ذلك متجه نحو اتجاه الخلاف المعروف في الاكتفاء بواحد في التعديل على ما قدمناه والله أعلم. التاسعة: اختلفوا في قبول رواية المبتدع الذي لا يكفر في بدعته فمنهم من

_ "قوله" قد خرج البخاري في صحيحه حديث جماعة ليس لهم غير راو واحد منهم مرداس الأسلمى لم يرو عنه غير قيس بن أبى حازم وكذلك خرج مسلم حديث قوم لا راوي عنهم غير واحد منهم ربيعة بن كعب الأسلمي لم يرو عنه غير أبى سلمة بن عبد الرحمن وذلك منهما مصير إلى أن الراوي قد يخرج عن كونه مجهولا مردودا برواية واحد عنه إلى آخر كلامه وفيه أمور أحدها أنه قد اعترض عليه النووي بأن مرداسا وربيعة صحابيان والصحابة كلهم عدول قلت لا شك أن الصحابة الذين ثبتت صحبتهم كلهم عدول ولكن الشأن في أنه هل تثبت الصحبة برواية واحد عنه أم لا تثبت إلا برواية اثنين عنه هذا محل نظر واختلاف بين أهل العلم والحق أنه إن كان معروفا. "قوله" اختلفوا في قبول رواية المبتدع الذي لا يكفر في بدعته إلى آخر كلامه وقد

رد روايته مطلقا لأنه فاسق ببدعته. وكما استوى في الكفر المتأول وغير المتأول يستوي في الفسق المتأول وغير المتأول ومنهم من قبل رواية المبتدع إذا لم يكن ممن يستحل الكذب في نصرة مذهبه أو لأهل مذهبه سواء كان داعية إلى بدعته أو لم يكن. وعزا بعضهم هذا إلى الشافعي لقوله: أقبل شهادة أهل إلاهواء إلا الخطابية من الرافضة لأنهم يرون الشهادة بالزور لموافقيهم وقال قوم: تقبل روايته إذا لم يكن داعية ولا تقبل إذا كان داعية إلى بدعته وهذا مذهب الكثير أو ألأكثر من العلماء. وحكى بعض أصحاب الشافعي رضي الله عنه خلافا بين أصحابه في قبول رواية المبتدع إذا لم يدع إلى بدعته وقال: أما إذا كان داعية فلا خلاف بينهم في عدم قبول روايته. وقال أبو حاتم بن حبان البستي أحد المصنفين من أئمة الحديث: الداعية إلى البدع لا يجوز إلاحتجاج به عند أئمتنا قاطبة لا أعلم بينهم فيه خلافا وهذا المذهب

_ قيد المصنف الخلاف بغير من يكفر ببدعته مع أن الخلاف ثابت فيه أيضا قال صاحب المحصول الحق أنه إن اعتقد حرمة الكذب قبلنا روايته وإلا فلا وذهب القاضى أبو بكر إلى رد روايته مطلقا وحكاه الآمدى عن الأكثرين وبه جزم ابن الحاجب قوله وعزا بعضهم هذا إلى الشافعى انتهى. أراد المصنف ببعضهم الحافظ أبا بكر الخطيب فإنه عزاه للشافعى في كتاب الكفاية. "قوله" وحكى بعض أصحاب الشافعى رضى الله عنه خلافا بين أصحابه في قبول رواية المبتدع إذا لم يدع إلى بدعته وقال أما إذا كان داعية إلى بدعته فلا خلاف بينهم في عدم قبول روايته ثم حكى عن ابن حبان أنه لا يعلم خلافا في أنه لا يجوز الاحتجاج بالداعية انتهى.

الثالث أعدلها وأولاها والأول بعيد مباعد للشائع عن أئمة الحديث فإن كتبهم طافحة بالرواية عن المبتدعة غير الدعاة. وفي الصحيحين كثير من أحاديثهم في الشواهد والأصول والله أعلم. العاشرة: التائب من الكذب في حديث الناس وغيره من أسباب الفسق تقبل روايته إلا التائب من الكذب متعمدا في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لا تقبل روايته أبدا وإن حسنت توبته على ما ذكر عن غير واحد من أهل العلم منهم: أحمد بن حنبل وأبو بكر الحميدي شيخ البخاري وأطلق الإمام أبو بكر

_ قلت: وابن حبان الذى حكى المصنف كلامه قد حكى أيضا الاتفاق على الاحتجاج بغير الداعية فعلى هذا لا يكون في المسألة خلاف بين أئمة الحديث فقال ابن حبان في تاريخ الثقات في ترجمة جعفر بن سليمان الضبعى ليس بين أهل الحديث من أئمتنا خلاف أن الصدوق المتيقن إذا كان فيه بدعة ولم يكن يدعو إليها أن الاحتجاج بأخباره جائز فإذا دعى إلى بدعته سقط الاحتجاج بأخباره وفيما حكاه ابن حبان من الاتفاق نظر فإنه يروى عن مالك رد روايتهم مطلقا كما قاله الخطيب في الكفاية. "قوله" فإن كتبهم طافحة بالرواية عن المبتدعة غير الدعاة وفي الصحيحين كثير من أحاديثهم في الشواهد والأصول انتهى. وقد اعترض عليه بأنهما احتجا أيضا بالدعاة فاحتج البخارى بعمران بن حطان وهو من دعاة الشراة واحتج الشيخان بعبد الحميد بن عبد الرحمن الحمانى وكان داعية إلى الإرجاء كما قال أبو داود انتهى. قلت قال أبو داود ليس في أهل الأهواء أصح حديثا من الخوارج ثم ذكر عمران ابن حطان وأبا حسان الأعرج ولم يحتج مسلم بعبد الحميد الحمانى إنما أخرج له في المقدمة وقد وثقه ابن معين. "قوله" التائب من الكذب في حديث الناس وغيره من أسباب الفسق تقبل روايته إلا التائب من الكذب متعمدا في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: وأطلق

الصيرفي الشافعي فيما وجدت له في شرحه لرسالة الشافعي فقال: كل من أسقطنا خبره من أهل النقل بكذب وجدناه عليه لم نعد لقبوله بتوبة تظهر. ومن ضعفنا نقله لم نجعله قويا بعد ذلك وذكر أن ذلك مما افترقت فيه الرواية والشهادة. وذكر الإمام أبو المظفر السمعاني المروزي أن من ذكر في خبر واحد وجب إسقاط ما تقدم من حديثه وهذا يضاهي من حيث المعنى ما ذكره الصيرفي. والله أعلم. الحادية عشرة: إذا روى ثقة عن ثقة حديثا وروجع المروي عنه فنفاه فالمختار أنه إن كان جازما بنفيه بأن قال ما رويته أو كذب علي أو نحو ذلك فقد تعارض الجزمان والجاحد هو الأصل فوجب رد حديث فرعه ذلك ثم لا يكون ذلك جرحا له يوجب رد باقي حديثه لأنه مكذب لشيخه أيضا في ذلك وليس قبول جرح شيخه له بأولى من قبول جرحه لشيخه فتساقطا أما إذا قال المروي عنه: لا أعرفه أو لا أذكره أو نحو ذلك فذلك لا يوجب رد رواية الراوي عنه ومن روى حديثا ثم نسيه: لم يكن ذلك مسقطا للعمل به عند جمهور أهل الحديث وجمهور الفقهاء والمتكلمين خلافا لقوم من أصحاب أبي حنيفة صاروا إلى

_ الإمام أبو بكر الصيرفي الشافعى فيما وجدت له في شرحه لرسالة الشافعى فقال كل من أسقطنا خبره من أهل النقل بكذب وجدناه عليه لم نعد لقبوله بتوبة تظهر إلى آخر كلامه فذكر المصنف أن أبا بكر الصيرفي أطلق الكذب أى فلم يخصه بالكذب في الحديث والظاهر أن الصيرفي إنما أراد الكذب في الحديث بدليل قوله من أهل النقل وقد قيده بالمحدث فيما رأيته في كتابه المسمى بالدلائل والاعلام فقال وليس يطعن على المحدث إلا أن يقول تعمدت الكذب فهو كاذب في الأول ولا يقبل خبره بعد ذلك.

إسقاطه بذلك. وبنوا عليه ردهم: حديث سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا نكحت المرأة بغير إذن وليها فنكاحها باطل" الحديث. من أجل أن ابن جريج قال: لقيت الزهري فسألته عن هذا الحديث فلم يعرفه. وكذا حديث ربيعة الرأي عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم: قضى بشاهد ويمين فإن عبد العزيز بن محمد الدراوردي قال: لقيت سهيلا فسألته عنه فلم يعرفه. والصحيح ما عليه الجمهور لأن المروي عنه

_ قوله وبنوا عليه ردهم حديث سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا نكحت المرأة بغير إذن وليها فنكاحها باطل" الحديث من أجل أن ابن جريج قال لقيت الزهري فسألته عن هذا الحديث فلم يعرفه انتهى. وقد اعترض عليه بأن في رواية الترمذي فسألته عنه فأنكره والجواب عنه أن الترمذي لم يروه وإنما ذكره بغير إسناد والمعروف في الكتب المصنفة في العلل فلم يعرفه كما ذكره المصنف ومع هذا فلا يصح هذا عن ابن جريج لا بهذا اللفظ ولا بهذا اللفظ فبطل تعلق من تعلق بذلك في رد الحديث. أما كون الترمذي لم يوصل إسناده فإنه رواه متصلا عن ابن أبى عمر عن سفيان بن عيينة عن ابن جريج عن سليمان بن موسى ثم قال وقد تكلم بعض أهل الحديث في حديث الزهري عن عروة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ابن جريج ثم لقيت الزهري فسألته فأنكره فضعفوا هذا الحديث من أجل هذا وأما كونه معروفا في كتب العلل باللفظ الذي ذكره المصنف فهكذا هو في سؤالات عباس الدوري عن ابن معين وفي العلل لأحمد وأما كونه لا يصح عن ابن جريج فروينا في السنن الكبرى للبيهقي بالسند الصحيح إلى أبى حاتم الرازي سمعت أحمد بن حنبل يقول وذكر عنده أن ابن علية يذكر حديث ابن جريج: "لا نكاح إلا بولي" قال ابن جريج.

بصدد السهو والنسيان والراوي عنه ثقة جازم فلا يرد بالاحتمال روايته. ولهذا كان سهيل بعد ذلك يقول حدثني ربيعة عني عن أبي ويسوق الحديث. وقد روى كثير من الأكابر أحاديث نسوها بعد ما حدثوا بها عمن سمعها منهم فكان أحدهم يقول: حدثني فلان عني عن فلان بكذا وكذا. وجمع الحافظ الخطيب ذلك في كتاب أخبار من حدث ونسي.

_ فلقيت الزهرى فسألته عنه فلم يعرفه واثنى على سليمان بن موسى فقال أحمد بن حنبل إن ابن جريج له كتب مدونة وليس هذا في كتبه يعنى حكاية ابن علية عن ابن جريج وروينا في سنن البيهقى ايضا بإسناده الصحيح إلى عباس الدورى سمعت يحيى بن معين يقول في حديث لا نكاح إلا بولى الذى يرويه ابن جريج قلت أن بن علية يقول قال ابن جريج فسألت عنه الزهرى فقال لست أحفظه فقال يحيى بن معين ليس يقول هذا إلا ابن علية وإنما عرض ابن علية كتب ابن جريج على عبد المجيد بن عبد العزيز ابن أبى رواد فأصلحها له أوروينا في السنن للبيهقى أيضا بسنده الصحيح إلى جعفر الطيالسى سمعت يحيى بن معين يقول رواية بن جريج عن الزهرى أنه أنكر معرفة حديث سليمان ابن موسى فقال لم يذكره عن ابن جريج غير ابن علية إنما سمع بن علية من ابن جريج سماعا ليس بذلك إنما صحح كتبه على كتب عبد المجيد بن عبد العزيز وضعف يحيى ابن معين رواية إسمعيل عن ابن جريج جدا وقد ذكر الترمذى في جامعه كلام يحيى هذا الاخير غير موصل الإسناد فقال وذكر عن يحيى بن معين إلى آخره وهو متصل الإسناد عند البيهقى وهذا يدلك على أن المراد بقوله فأنكره أى أنه قال ما أعرفه كما حكاه المصنف فإنه قال في هذه الرواية الأخيرة إنه أنكر معرفة حديث سليمان بن موسى فليس بين العبارتين إذا إختلاف كما انكره من اعترض بذلك على المصنف والله أعلم. "قوله" والصحيح ما عليه الجمهور لأن المروى عنه بصدد السهو النسيان انتهى. وقد اعترض عليه بأن الراوى أيضا معرض للسهو والنسيان فينبغى أن يتهاترا وينظر في ترجيح أحدهما من خارج.

ولأجل أن الإنسان معرض للنسيان كره من كره من العلماء الرواية عن إلاحياء منهم الشافعي رضي الله عنه قال لابن عبد الحكم: إياك والرواية عن إلاحياء والله أعلم. الثانية عشر: من أخذ على التحديث أجرا منع ذلك من قبول روايته عند قوم من أئمة الحديث. روينا عن إسحاق بن إبراهيم: أنه سئل عن المحدث يحدث بالاجر؟ فقال: لا يكتب عنه. وعن أحمد بن حنبل وأبي حاتم الرازي نحو ذلك وترخص أبو نعيم الفضل بن دكين وعلي بن عبد العزيز المكي وآخرون في أخذ العوض على التحديث. وذلك شبيه بأخذ الاجرة على تعليم القرآن ونحوه. غير أن في هذا من حيث العرف خرما للمروءة والظن يساء بفاعله إلا أن يقترن ذلك بعذر ينفي ذلك عنه كمثل ما حدثنيه الشيخ أبو المظفر عن أبيه الحافظ أبي سعد السمعاني: أن أبا الفضل محمد بن ناصر السلامي ذكر: أن أبا الحسين بن النقور فعل ذلك لأن الشيخ أبا إسحاق الشيرازي أفتاه بجواز أخذ الأجرة على التحديث لأن أصحاب الحديث كانوا يمنعونه عن الكسب لعياله والله أعلم.

_ والجواب أن الراوي مثبت جازم والمروى عنه ليس بناف وقوعه بل غير ذاكر فقدم المثبت عليه والله أعلم. "قوله" ولأجل أن الإنسان معرض كره للنسيان كره من كره من العلماء الراوية عن الأحياء منهم الشافعي قال لابن عبد الحكم إياك والرواية عن الإحياء انتهى. وقد اعترض عليه بأن الشافعي إنما نهى عن الرواية عن الإحياء لاحتمال أن يتغير المروى عنه عن الثقة والعدالة بطارئ يطرأ عليه يقتضى رد حديثه المتقدم كما تقدم في ذكر من كذب في الحديث أنه يسقط حديثه المتقدم ويكون ذلك الراوي قد روى عنه في تصنيف له فيتكون روايته عن غير ثقة وإنما يؤمن ذلك بموته على ثقته وعدالته فلذلك كره الشافعي الرواية عن الحي.

الثالثة عشر: لا تقبل رواية من عرف بالتساهل في سماع الحديث أو إسماعه كمن لا يبالي بالنوم في مجلس السماع وكمن يحدث لا من أصل مقابل صحيح. ومن هذا القبيل من عرف بقبول التلقين في الحديث. ولا تقبل رواية من كثرت الشواذ والمناكير في حديثه. جاء عن شعبة أنه قال: لا يجيئك الحديث الشاذ إلا من الرجل الشاذ ولا تقبل رواية من عرف بكثرة السهو في روايته إذا لم يحدث من أصل صحيح وكل هذا يخرم الثقة بالراوي وبضبطه. وورد عن ابن المبارك وأحمد بن حنبل والحميدي وغيرهم: أن من غلط في حديث وبين له غلطه ولم يرجع عنه وأصر على رواية ذلك الحديث سقطت روايته ولم يكتب عنه. وفي هذا نظر وهو غير مستنكر إذا ظهر أن ذلك منه على جهة العناد أو نحو ذلك والله أعلم.

_ والجواب أن هذا حدس وظن غير موافق كما أراده الشافعي رضي الله عنه وقد بين الشافعي مراده بذلك كما رواه البيهقي في المدخل بإسناده إلى الشافعي أنه قال لا يحدث عن حي فإن الحي لا يؤمن عليه النسيان قاله لابن عبد الحكم حين روى عن الشافعي حكاية فأنكرها ثم ذكرها وما قاله الشافعي رحمه الله سيقه إليه الشعبي ومعمر فروى الخطيب في الكفاية بإسناده إلى الشعبي أنه قال لابن عون لا تحدثني عن الإحياء وبإسناده إلى معمر أنه قال لعبد الرزاق إن قدرت أن لا تحدث عن رجل حي فأفعل وقد فهم الخطيب من ذلك ما فهم المصنف فقال في الكفاية ولأجل أن النسيان غير مأمون على الإنسان فيبادر إلى جحود ما روى عنه وتكذيب الراوي له كره من كره من العلماء التحديث عن الإحياء ثم ذكر قول الشعبي ومعمر والشافعي رضي الله عنهم. "قوله" وورد عن ابن المبارك وأحمد بن حنبل والحميدي وغيرهم أن من غلط في حديث وبين له غلطة فلم يرجع عنه وأصر على رواية ذلك الحديث سقطت رواياته ولم يكتب عنه قال الشيخ وفي هذا نظر وهو غير مستنكر إذا ظهر أن ذلك منه على جهة العناد أو نحو ذلك انتهى.

الرابعة عشرة: أعرض الناس في هذه إلاعصار المتأخرة عن اعتبار مجموع ما بينا من الشروط في رواة الحديث ومشايخه فلم يتقيدوا بها في رواياتهم لتعذر الوفاء بذلك على نحو ما تقدم وكان عليه من تقدم ووجه ذلك: ما قدمنا في أول كتابنا هذا من كون المقصود المحافظة على خصيصة هذه إلامة في إلاسانيد والمحاذرة من انقطاع سلسلتها. فليعتبر من الشروط المذكورة ما يليق بهذا الغرض على تجرده. وليكتف في أهلية الشيخ بكونه: مسلما بالغا عاقلا غير متظاهر بالفسق والسخف وفي ضبطه: بوجود سماعه مثبتا بخط غير مهتم وبروايته من أصل موافق لأصل شيخه. وقد سبق إلى نحو ما ذكرناه الحافظ الفقيه أبو بكر البيهقي رحمه الله تعالى فإنه ذكر في ما روينا عنه توسع من توسع في السماع من بعض محدثي زمانه الذين لا يحفظون حديثهم ولا يحسنون قراءته من كتبهم ولا يعرفون ما يقرأ عليهم بعد أن يكون القراءة عليهم من أصل سماعهم. ووجه ذلك: بأن إلاحاديث التي قد صحت أو وقفت بين الصحة والسقم قد دونت وكتبت في الجوامع التي جمعها أئمة الحديث. ولا يجوز أن يذهب شيء منها على جميعهم وإن جاز أن يذهب على بعضهم لضمان صاحب الشريعة حفظها. قال البيهقي: فمن جاء اليوم بحديث لا يوجد عند جميعهم لم يقبل منه ومن جاء بحديث معروف عندهم: فالذي يرويه لا ينفرد بروايته والحجة قائمة بحديثه برواية غيره. والقصد من روايته والسماع منه أن يصير الحديث مسلسلا بحدثنا وأخبرنا وتبقى هذه الكرامة التي خصت بها هذه إلامة شرفا لنبينا المصطفي صلى الله عليه وعلى آله وسلم والله أعلم.

_ وما ذكره المصنف بحثا قد نص عليه أبو حاتم بن حبان فقال إن من بين له خطأه

الخامسة عشر: في بيان إلالفاظ المستعملة بين أهل هذا الشأن في الجرح والتعديل. وقد رتبها أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي في كتابه الجرح والتعديل فأجاد وأحسن. ونحن نرتبها كذلك ونورد ما ذكره ونضيف إليه ما بلغنا في ذلك عن غيره إن شاء الله تعالى. أما ألفاظ التعديل فعلى مراتب: الأولى: قال ابن أبي حاتم: إذا قيل للواحد إنه ثقة أو: متقن فهو ممن يحتج بحديثه. قلت: وكذا إذا قيل ثبت أو: حجة. وكذا إذا قيل في العدل إنه حافظ أو: ضابط والله أعلم.

_ وعلم فلم يرجع عنه وتمادى في ذلك كان كذابا بعلم صحيح فقيد ابن حبان ذلك بكونه علم خطأه وإنما يكون عنادا إذا علم الحق وخالفه وقيد أيضا بعض المتأخرين ذلك بأن يكون الذى بين له غلطة عالما عند المبين له أما إذا كان ليس بهذا المثابة عنده فلا حرج إذن. "قوله" أما ألفاظ التعديل فعلى مراتب الأولى قال ابن أبى حاتم إذا قيل للواحد إنه ثقة أو متقن فهو ممن يحتج به انتهى. اقتصر المصنف تبعا لابن أبى حاتم على أن هذه الدرجة الأولى وكذا قال الحافظ أبو بكر الخطيب في الكفاية أرفع العبارات أن يقال حجة أو ثقة انتهى. وقد زاد الحافظ أبو عبد الله الذهبى في مقدمة كتابه ميزان الاعتدال درجة قبل هذه هى أرفع منها وهى أن يكرر لفظ التوثيق المذكور في الدرجه الأولى إما باللفظ بعينه كقولهم ثقة ثقة أو مع مخالفة اللفظ الأول كقولهم ثقة ثبت أو ثبت حجة أو نحو ذلك وهو كلام صحيح لأن التأكيد الحاصل بالتكرار لابد أن يكون له مرية على الكلام الخالى عن التأكيد والله أعلم. "قوله" قلت وكذا إذا قيل ثبت أو حجة انتهى. وقد اعترض عليه بأن قوله ثبت ذكرها ابن أبى حاتم فلا زيادة عليه إذا انتهى.

الثانية: قال ابن أبي حاتم: إذا قيل إنه صدوق أو: محله الصدق أو لا بأس به فهو ممن يكتب حديثه وينظر فيه وهي المنزلة الثانية. قلت: هذا كما قال لأن هذه العبارات لا تشعر بشريطة الضبط فينظر في حديثه ويختبر حتى يعرف ضبطه. وقد تقدم بيان طريقه في أول هذا النوع. وإن لم يستوف النظر المعرف لكون ذلك المحدث في نفسه ضابطا مطلقا واحتجنا إلى حديث من حديثه اعتبرنا ذلك الحديث ونظرنا: هل له أصل من رواية غيره؟ كما تقدم بيان طريق إلاعتبار في النوع الخامس عشر ومشهور عن عبد الرحمن بن مهدي القدوة في هذا الشأن أنه حدث فقال: حدثنا أبو خلدة فقيل له: أكان ثقة؟ فقال: كان صدوقا وكان مأمونا وكان خيرا وفي رواية: وكان خيارا الثقة شعبة وسفيان. ثم إن ذلك مخالف لما ورد عن ابن أبي خيثمة قال: قلت ليحيى بن معين

_ قلت وليس في بعض النسخ الصحيحة من كتابه إلا ما نقله المصنف عنه كما تقدم ليس فيه ذكر ثبت وفي بعض النسخ إذا قيل للواحد أنه ثقة أو متقن ثبت فهو ممن يحتج بحديثه هكذا في نسختي منه أو ميقن ثبت لم يقل فيه أو ثبت والله أعلم. "قوله" الثانية قال ابن أبى حاتم إذا قيل إنه صدوق أو محله الصدق أو لا بأس به فهو ممن يكتب حديثه وينظر فيه انتهى. سوى ابن أبى حاتم بين قولهم صدوق وبين قولهم محله الصدق فجعلهما في درجة وتبعه المصنف وجعل صاحب الميزان قولهم محله الصدق في الدرجة التي تلي قولهم صدوق والله أعلم. "قوله" حكاية عن عبد الرحمن بن مهدي أنه قال الثقة شعبة وسفيان انتهى. وقد اعترض عليه بأن الذي في كتاب الخطيب وغيره الثقة شعبة ومسعر لم يذكر

إنك تقول: فلان ليس به بأس وفلان ضعيف؟ قال: إذا قلت لك: ليس به بأس فهو ثقة وإذا قلت لك: هو ضعيف فليس هو بثقة لا تكتب حديثه. قلت: ليس في هذا حكاية ذلك عن غيره من أهل الحديث فإن نسبه إلى نفسه خاصة بخلاف ما ذكره ابن أبي حاتم والله أعلم. الثالثة: قال ابن أبي حاتم: إذا قيل شيخ فهو بالمنزلة الثالثة يكتب حديثه وينظر فيه إلا أنه دون الثانية. الرابعة: قال: إذا قيل صالح الحديث فإنه يكتب حديثه للاعتبار. قلت: وجاء عن أبي جعفر أحمد بن سنان قال: كان عبد الرحمن بن مهدي ربما جرى ذكر حديث الرجل فيه ضعف وهو رجل صدوق فيقول: رجل صالح الحديث والله أعلم. وأما ألفاظهم في الجرح فهي أيضا على مراتب: أولاها: قولهم لين الحديث. قال ابن أبي حاتم: إذا أجابوا في الرجل بلين الحديث فهو ممن يكتب حديثه وينظر فيه اعتبارا. قلت: وسأل حمزة بن يوسف السهمي أبا الحسن الدارقطني الإمام فقال له

_ والجواب أن المصنف لم يحك ذلك عن الخطيب وعلى تقدير كونه في كتاب الخطيب هكذا فيحتمل أنه من النساخ فليس غلط المصنف بأولى من تغليطهم على أن المشهور المشهور عن ابن مهدى ما ذكره المصنف هكذا وحكاه عمرو بن على القلاس وكذا رواه ابن أبى حاتم في الجرح والتعديل وكذلك ذكره الحافظ أبو الحجاج المزى في تهذيب الكمال في ترجمة أبى خلده ونقل في ترجمة مسعر من رواية القلاس أيضا عن ابن مهدى الثقة شعبة ومسعر وعلى هذا فلعله سئل عنه مرتين فإن المنقول في هذ الرواية أن أحمد ابن حنبل سأله ولعله قال الثقة شعبة وسفيان ومسعر فاقتصر الفلاس على التمثيل باثنين فمرة ذكر سفيان ومرة ذكر مسعرا والله أعلم.

إذا قلت فلان لين ايش تريد به؟ قال: لا يكون ساقطا متروك الحديث ولكن مجروحا بشيء لا يسقط عن العدالة. الثانية: قال ابن أبي حاتم: إذا قالوا ليس بقوي فهو بمنزلة إلاول في كتب حديثه إلا أنه دونه. الثالثة: قال: إذا قالوا ضعيف الحديث فهو دون الثاني لا يطرح حديثه بل يعتبر به. الرابعة: قال: إذا قالوا متروك الحديث أوذاهب الحديث أوكذاب فهو ساقط الحديث لا يكتب حديثه وهي المنزلة الرابعة. 73 قال الخطيب أبو بكر: أرفع العبارات في أحوال الرواة أن يقال حجة أو: ثقة. وأدونها أن يقال كذاب ساقط. أخبرنا أبو بكر بن عبد المنعم الصاعدي الفراوي قراءة عليه بنيسابور قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل الفارسي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي الحافظ: أخبرنا الحسين بن الفضل: أخبرنا عبد الله بن جعفر: حد ثنا يعقوب بن سفيان قال: سمعت أحمد بن صالح قال: لا يترك حديث رجل حتى يجتمع الجميع على ترك حديثه. قد يقال: فلان ضعيف فأما أن يقال: فلان متروك فلا إلا أن يجمع الجميع على ترك حديثه. ومما لم يشرحه ابن أبي حاتم وغيره من إلالفاظ المستعملة في هذا الباب قولهم فلان قد روى الناس عنه فلان وسط فلان مقارب الحديث فلان مضطرب

_ "قوله" ومما لم يشرحه ابن أبى حاتم وغيره من الألفاظ المستعملة في هذا الباب فقولهم فلان قد روى الناس عنه فلان وسط فلان مقارب الحديث إلى آخر كلامه فيه

الحديث فلان لا يحتج به فلان مجهول فلان لا شيء فلان ليس بذاك وربما قيل ليس بذاك القوي فلان فيه أو: في حديثه ضعف. وهو في الجرح أقل من قولهم فلان ضعيف الحديث فلان ما أعلم به بأسا. وهو في التعبير دون قولهم لا بأس به. وما من لفظة منها ومن أشباهها إلا ولها نظير شرحناه أو أصل أصلناه ننبه إن شاء الله تعالى به عليها. والله أعلم.

_ أمور: أحدها: أن المصنف ذكر هنا ألفاظا للتوثيق وألفاظا للتجريح لم يميز بينها وقال إن ابن أبى حاتم وغيره لم يشرحوها وأراد بكونهم لم يشرحوها أنهم لم يبينوا ألفاظ التوثيق من أي رتبة هي من الثانية أو الثالثة مثلا وكذلك ألفاظ التجريح لم يبينوا من أي منزلة هي وليس المراد أنهم لم يبينوا هل هي من ألفاظ التوثيق أو التجريح فإن هذا أمر لا يخفي على أهل الحديث وإذا كان كذلك فقد رأيت أن اذكر كل لفظ منها من أي رتبة هو لتعرف منزلة الراوي به فأقول الألفاظ التي هي للتوثيق من هذه الألفاظ التي جمع بينها المصنف أربعة ألفاظ وهى قولهم فلان روى عنه الناس وفلان وسط وفلان متقارب الحديث وفلان ما أعلم به بأسا وهذه الألفاظ الأربعة من الرتبة الرابعة وهى الأخيرة من ألفاظ التوثيق وأما بقية الألفاظ التي ذكرها هنا فإنها من ألفاظ الجرح وهى سبعة ألفاظ فمن الرتبة الأولى وهى الين ألفاظ الجرح قولهم فلان ليس بذاك وفلان ليس بذاك القوى وفلان فيه ضعف وفلان في حديثه ضعف ومن الدرجة الثانية وهى أشد في الجرح من التي قبلها. "قوله" فلان لا يحتج به فلان مضطرب الحديث ومن الدرجة الثالثة وهى أشد من اللتين قبلها. "قوله" فلان لا شيء فهذا ما ذكره المصنف هنا مهملا من مراتبه وذكر فيها أيضا فلا مجهول وقد تقدم ذكر المجهول في الموضع الذي ذكره المصنف وإنه على ثلاثة أقسام فأغنى ذلك عن ذكره هنا.

..........................................................................

_ الأمر الثاني أن قوله مقارب الحديث ضبط في الأصول الصحيحة المسموعة على المصنف بكسر الراء كذا ضبطه الشيخ محيى الدين النووي في مختصره وقد اعترض بعض المتأخرين بأن ابن السيد حكى فيه الوجهين الكسر والفتح وأن اللفظين حينئذ لا يستويان لأن كسر الراء من ألفاظ التعديل وفتحها من ألفاظ التجريح انتهى. وهذا الاعتراض والدعوى ليسا صحيحين بل الوجهان فتح الراء وكسرها معروفان وقد حكاهما ابن العربي في كتاب الأحوذي وهما على كل حال من ألفاظ التوثيق وقد ضبط أيضا في النسخ الصحيحة عن البخاري بالوجهين وممن ذكره من ألفاظ التوثيق الحافظ أبو عبد الله الذهبي في مقدمة الميزان وكأن المعترض فهم من فتح الراء أن الشيء المقارب هو الرديء وهذا فهم عجيب فإن هذا ليس معروفا في اللغة وإنما هو في ألفاظ العوام وإنما هو على الوجهين من قوله سددوا وقاربوا فمن كسر قال إن معناه أن حديثه مقارب لحديث غيره ومن فتح قال إن معناه أن حديثه يقاربه حديث غيره ومادة فاعل تقتضى المشاركة إلا في مواضع قليلة والله أعلم. واعلم أن ابن سيدة حكى في الرجل المقارب الكسر فقط فقال ورجل بالكسر مقارب ومتاع مقارب بالفتح ليس بنفيس وقال بعضهم دين مقارب بالكسر ومتاع مقارب بالفتح هذه عبارته في المحكم فلم يحك الفتح إلا في المتاع فقط وأما الجوهري فجعل الكل بالكسر وقال ولا تقل مقارب أي بالفتح. الأمر الثالث أن المصنف أهمل من ألفاظ التوثيق والجرح أكثر مما زاده على ابن أبى حاتم فرأيت أن اذكر منها ما يحضرني لتعرف وتضبط فأما ألفاظ التوثيق فمن المرتبة الثانية على مقتضى عمل المصنف قولهم فلان مأمون فلان خيار وهاتان من الرتبة الثالثة على مقتضى عمل الذهبي في جعله أعلى الدرجات تكرار التوثيق كما تقدم ومن الرتبة الرابعة أو الثالثة قولهم فلان إلى الصدق ما هو فلان جيد الحديث فلان حسن الحديث وفلان صويلح وفلان صدوق إن شاء الله وفلان أرجو أنه لا بأس به وأما ألفاظ التجريح فمن الرتبة الأولى وهى ألين ألفاظ التجريح قولهم فلان فيه مقال وفلان ضعف وفلان تعرف وتنكر فلان ليس بالمتين أو ليس بحجة أو ليس بعمدة أو ليس بالمرضى وفلان للضعف ما هو وسيئ الحفظ وفيه خلف وطعنوا فيه وتكلموا فيه ومن

.........................................................................

_ الرتبة الثانية وهى أشد من الأولى فلان واه فلان ضعفوه فلان منكر الحديث ومن الرتبة الثالثة وهى أشد منهما قولهم فلان ضعيف جدا فلان واه بمرة فلان لا يساوى شيئا فلان مطرح وطرحوا حديثه ورام به ورد حديثه ومن الرتبة الرابعة فلان متهم بالكذب وهالك وليس بثقة ولا يعتبر به وفيه نظر وسكتوا عنه وهاتان العبارتان يقولهما البخاري فيمن تركوا حديثه ومن الرتبة الخامسة ولم يذكرها المصنف فلان وضاع فلان دجال ولهم ألفاظ أخر يستدل بهذه عليها والله أعلم.

النوع الرابع والعشرون: معرفة كيفية سماع الحديث وتحمله وصفة ضبطه

النوع الرابع والعشرون: معرفة كيفية سماع الحديث وتحمله وصفة ضبطه. اعلم: أن طرق نقل الحديث وتحمله على أنواع متعددة ولنقدم على بيانها بيان أمور: أحدها: يصح التحمل قبل وجود الأهلية فتقبل رواية من تحمل قبل الإسلام وروى بعده. وكذلك رواية من سمع قبل البلوغ وروى بعده ومنع من ذلك قوم فأخطأوا لأن الناس قبلوا رواية أحداث الصحابة كالحسن بن علي وابن عباس وابن الزبير والنعمان بن بشير وأشباههم من غير فرق بين ما تحملوه قبل البلوغ وما بعده. ولم يزالوا قديما وحديثا يحضرون الصبيان مجالس التحديث والسماع ويعتدون بروايتهم لذلك والله أعلم. الثاني: قال أبو عبد الله الزبيري: يستحب كتب الحديث في العشرين لأنها مجتمع العقل. قال: وأحب أن يشتغل دونها بحفظ القرآن والفرائض وورد عن سفيان الثوري قال: كان الرجل إذا أراد أن يطلب الحديث تعبد قبل ذلك عشرين سنة. وقيل لموسى بن إسحاق: كيف لم تكتب عن أبي نعيم؟ فقال: كان أهل الكوفة

لا يخرجون أولادهم في طلب الحديث صغارا حتى يستكملوا عشرين سنة. وقال موسى بن هارون: أهل البصرة يكتبون لعشر سنين. وأهل الكوفة لعشرين وأهل الشام لثلاثين والله أعلم. قلت: وينبغي بعد أن صار الملحوظ إبقاء سلسلة الإسناد أن يبكر بإسماع الصغير في أول زمان يصح فيه بسماعه. وأما الاشتغال بكتبه الحديث وتحصيله وضبطه وتقييده فمن حين يتأهل لذلك ويستعد له. وذلك يختلف باختلاف الأشخاص وليس ينحصر في سن مخصوص كما سبق ذكره آنفا عن قوم والله أعلم. الثالث: اختلفوا في أول زمان يصح فيه سماع الصغير فروينا عن موسى بن هارون الحمال أحد الحفاظ النقاد أنه سئل: متى يسمع الصبي الحديث؟ فقال: إذا فرق بين البقرة والدابة وفي رواية بين البقرة والحمار وعن أحمد بن حنبل رضي الله عنه أنه سئل: متى يجوز سماع الصبي للحديث؟ فقال: إذا عقل وضبط. فذكر له عن رجل أنه قال: لا يجوز سماعه حتى يكون له خمس عشرة سنة. فأنكر قوله وقال: بئس القول وأخبرني الشيخ أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله إلاسدي عن أبي محمد عبد الله بن محمد إلاشيري عن القاضي الحافظ عياض بن موسى السبتي اليحصبي قال: قد حدد أهل الصنعة في ذلك أن أقله سن محمود بن الربيع. وذكر رواية 75 البخاري في صحيحه بعد أن ترجم متى يصح سماع الصغير بإسناده عن محمود بن الربيع قال: عقلت من النبي صلى الله عليه وسلم مجة مجها في وجهي وأنا ابن خمس سنين من دلو. وفي رواية أخرى: أنه كان ابن أربع سنين. قلت: التحديد بخمس هو الذي استقر عليه عمل أهل الحديث المتأخرين فيكتبون لابن خمس فصاعدا سمع ولمن لم يبلغ خمسا حضر أو: أحضر. والذي ينبغي في ذلك: أن تعتبر في كل صغير حاله على الخصوص فإن وجدناه مرتفعا عن حال من لا يعقل فهما للخطاب وردا للجواب ونحو ذلك صححنا سماعه وإن كان دون

خمس. وإن لم يكن كذلك لم نصحح سماعه وإن كان ابن خمس بل ابن خمسين. وقد بلغنا عن إبراهيم بن سعيد الجوهري قال: رأيت صبيا ابن أربع سنين قد حمل إلى المأمون قد قرأ القرآن ونظر في الرأي غير أنه إذا جاع يبكي وعن القاضي أبي محمد عبد الله بن محمد إلاصبهاني قال: حفظت القرآن ولي خمس سنين. وحملت إلى أبي بكر بن المقرئ لأسمع منه ولي أربع سنين. فقال بعض الحاضرين: لا تسمعوا له فيما قرئ فإنه صغير. فقال لي ابن المقرئ: اقرأ سورة الكافرين فقرأتها فقال: اقرأ سورة التكوير فقرأتها فقال لي غيره: اقرأ سورة المرسلات فقرأتها ولم أغلط فيها. فقال ابن المقرئ: سمعوا له والعهدة علي وأما حديث محمود بن الربيع: فيدل على صحة ذلك من ابن خمس مثل محمود ولا يدل على انتفاء الصحة فيمن لم يكن ابن خمس ولا على الصحة فيمن كان ابن خمس ولم يميز تمييز محمود رضي الله عنه والله أعلم.

_ النوع الرابع والعشرون- معرفة كيفية سماع الحديث. "قوله" وقد بلغنا عن إبراهيم بن سعيد الجوهري قال رأيت صبيا ابن أربع سنين وقد حمل إلى المأمون قد قرأ القرآن ونظر في الرأي غير انه إذا جاع يبكى انتهى. أحسن المصنف في التعبير عن هذه الحكاية بقوله بلغنا ولم يجزم بنقلها فقد رأيت بعض الأئمة من شيوخنا يستبعد صحتها ويقول على تقدير وقوعها لم يكن ابن أربع سنين وإنما كان ضئيل الخلقة فيظن صغره والذي يغلب على الظن عدم صحتها وقد رواها الخطيب بإسناده في الكفاية وفي إسنادها أحمد بن كامل القاضي قال فيه الدارقطنى كان متساهلا ربما حدث من حفظه بما ليس عنده في كتابه وأهلكه العجب فإنه كان يختار ولا يضع لأحد من العلماء أصلا وقال صاحب الميزان كان يعتمد على حفظه فيهم.

بيان أقسام طرق نقل الحديث وتحمله. ومجامعها ثمانية أقسام: القسم الأول: السماع من لفظ الشيخ: وهو ينقسم إلى إملاء وتحديث من غير إملاء وسواء كان من حفظه أو من كتابه وهذا القسم أرفع الأقسام عند الجماهير. وفيما نرويه عن القاضي عياض بن موسى السبتي أحد المتأخرين المطلعين قوله: لا خلاف أنه يجوز في هذا أن يقول السامع منه حدثنا وأخبرنا وأنبأنا وسمعت فلانا يقول وقال لنا فلان وذكر لنا فلان قلت: في هذا نظر وينبغي فيما شاع استعماله من هذه الألفاظ مخصوصا بما سمع من غير لفظ الشيخ على ما نبينه إن شاء الله تعالى أن لا يطلق فيما سمع من لفظ الشيخ لما فيه من الإيهام والإلباس والله أعلم. وذكر الحافظ أبو بكر الخطيب: أن أرفع العبارات في ذلك سمعت ثم حدثنا وحدثني فإنه لا يكاد أحد يقول سمعت في أحاديث الإجازة والمكاتبة ولا في تدليس ما لم يسمعه. وكان بعض أهل العلم يقول فيما أجيز له حدثنا. وروي عن الحسن أنه كان يقول حدثنا أبو هريرة ويتأول أنه حدث أهل المدينة وكان الحسن إذ ذاك بها إلا أنه لم يسمع منه شيئا. قلت: ومنهم من أثبت له سماعا من أبي هريرة والله أعلم. ثم يتلو ذلك قول أخبرنا وهو كثير في الاستعمال حتى أن جماعة من أهل العلم كانوا لا يكادون يخبرون عما سمعوه من لفظ من حدثهم إلا بقولهم أخبرنا. منهم حماد بن سلمة وعبد الله بن المبارك وهشيم بن بشير وعبيد الله بن موسى وعبد الرزاق بن همام ويزيد بن هارون وعمرو بن عون ويحي بن يحيى التميمي وإسحاق بن راهويه وأبو مسعود أحمد بن الفرات ومحمد بن أيوب الرازيان وغيرهم. وذكر

الخطيب عن محمد بن رافع قال: كان عبد الرزاق يقول أخبرنا حتى قدم أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه فقإلا له: قل حدثنا فكل ما سمعت مع هؤلاء قال: حدثنا وما كان قبل ذلك قال: أخبرنا وعن محمد بن أبي الفوارس الحافظ قال: هشيم ويزيد بن هارون وعبد الرزاق لا يقولون إلا أخبرنا فإذا رأيت حدثنا فهو من خطأ الكاتب والله أعلم. قلت: وكان هذا كله قبل أن يشيع تخصيص أخبرنا بما قرئ على الشيخ ثم يتلو قول أخبرنا قول أنبأنا ونبأنا وهو قليل في إلاستعمال. قلت: حدثنا وأخبرنا أرفع من سمعت من جهة أخرى وهي أنه ليس في سمعت دلالة على أن الشيخ رواه الحديث وخاطبه به وفي حدثنا وأخبرنا دلالة على أنه خاطبه به ورواه له أو هو ممن فعل به ذلك سأل الخطيب أبو بكر الحافظ شيخه أبا بكر البرقاني الفقيه الحافظ رحمهما الله تعالى عن السر في كونه يقول فيما رواه عن أبي القاسم عبد الله بن إبراهيم الجرجاني إلابندوني سمعت ولا يقول حدثنا ولا أخبرنا فذكر له: أن أبا القاسم كان مع ثقته وصلاحه عسرا في الرواية فكان البرقاني يجلس بحيث لا يراه أبو القاسم ولا يعلم بحضوره فيسمع منه ما يحدث به الشخص الداخل إليه. فلذلك يقول سمعت ولا يقول حدثنا ولا أخبرنا لأن قصده كان الرواية للداخل إليه وحده. وأما قوله قال لنا فلان أو ذكر لنا فلان فهو من قبيل قوله حدثنا فلان غير أنه لائق بما سمعه منه في المذاكرة وهو به أشبه من حدثنا. وقد حكينا في فصل التعليق عيب النوع الحادي عشر عن كثير من المحدثين استعمال ذلك معبرين به عما جرى بينهم في المذاكرات والمناظرات وأوضع العبارات في ذلك أن يقول: قال فلان أو: ذكر فلان من غير ذكر قوله لي ولنا ونحو

ذلك. وقد قدمنا في فصل الإسناد المعنعن أن ذلك وما أشبهه من إلالفاظ محمول عندهم على السماع إذا عرف لقاؤه له وسماعه منه على الجملة لا سيما إذا عرف من حاله أنه لا يقول قال فلان إلا فيما سمعه منه. وقد كان حجاج بن محمد إلاعور يروي عن ابن جريج كتبه ويقول فيها قال ابن جريج فحملها الناس عنه واحتجوا برواياته وكان قد عرف من حاله أنه لا يروي إلا ما سمعه. وقد خصص الخطيب أبو بكر الحافظ القول بحمل ذلك على السماع بمن عرف من عادته مثل ذلك والمحفوظ المعروف ما قدمنا ذكره. والله أعلم. القسم الثاني من أقسام إلاخذ والتحمل: القراءة على الشيخ وأكثر المحدثين يسمونها عرضا من حيث إن القارئ يعرض على الشيخ ما يقرؤه كما يعرض القرآن على المقرئ وسواء كنت أنت القارئ أو قرأ غيرك وأنت تسمع أو قرأت من كتاب أو من حفظك أو كان الشيخ يحفظ ما يقرأ عليه أو لا يحفظه لكن يمسك أصله هو أو ثقة غيره ولا خلاف أنها رواية صحيحة إلا ما حكي عن بعض من لا يعتد بخلافه والله أعلم. واختلفوا في أنها: مثل السماع من لفظ الشيخ في المرتبة أو دونه أو فوقه فنقل عن أبي حنيفة وابن أبي ذئب وغيرهما: ترجيح القراءة على الشيخ على السماع من لفظه. وروي ذلك عن مالك أيضا وروي عن مالك وغيره: أنهما سواء. وقد قيل: إن التسوية بينهما مذهب معظم علماء الحجاز والكوفة ومذهب مالك وأصحابه وأشياخه من علماء المدينة ومذهب البخاري وغيرهم والصحيح: ترجيح السماع من لفظ الشيخ والحكم بأن القراءة عليه مرتبة ثانية. وقد قيل: إن هذا مذهب جمهور أهل المشرق والله أعلم.

وأما العبارة عنها عند الرواية بها فهي على مراتب: أجودها وأسلمها أن يقول قرأت على فلان. أو قرئ على فلان وأنا أسمع فأقر به فهذا شائع من غير إشكال ويتلو ذلك ما يجوز من العبارات في السماع من لفظ الشيخ مطلقة إذا أتى بها هنا مقيدة بأن يقول حدثنا فلان قراءة عليه أو: أخبرنا قراءة عليه ونحو ذلك. وكذلك أنشدنا قراءة عليه في الشعر. وأما إطلاق حدثنا وأخبرنا في القراءة على الشيخ فقد اختلفوا فيه على مذاهب: فمن أهل الحديث من منع منهما جميعا وقيل: إنه قول ابن المبارك ويحيى بن يحيى التميمي وأحمد بن حنبل والنسائي وغيرهم ومنهم من ذهب إلى تجويز ذلك وأنه كالسماع من لفظ الشيخ في جواز إطلاق حدثنا وأخبرنا وأنبأنا. وقد قيل: إن هذا مذهب معظم الحجازيين والكوفيين وقول الزهري ومالك وسفيان بن عيينة ويحيى بن سعيد القطان في آخرين من ألائمة المتقدمين وهو مذهب البخاري صاحب الصحيح في جماعة من المحدثين. ومن هؤلاء من أجاز فيها أيضا أن يقول سمعت فلانا والمذهب الثالث: الفرق بينهما في ذلك والمنع من إطلاق حدثنا وتجويز إطلاق أخبرنا. وهو مذهب الشافعي وأصحابه وهو منقول عن مسلم صاحب الصحيح وجمهور أهل المشرق. وذكر صاحب كتاب الإنصاف محمد بن الحسن التميمي الجوهري المصري: أن هذا مذهب ألأكثر من أصحاب الحديث الذين لا يحصيهم أحد وأنهم جعلوا أخبرنا علما يقوم مقام قول قائله: أنا قرأته عليه لا أنه لفظ به لي. قال: وممن كان يقول به من أهل زماننا أبو عبد الرحمن النسائي في جماعة مثله من محدثينا قلت: وقد قيل: إن أول من أحدث الفرق بين هذين اللفظين ابن وهب بمصر وهذا يدفعه أن ذلك مروي عن ابن جريج والأوزاعي حكاه عنهما الخطيب أبو بكر إلا أن يعني أنه أول من فعل ذلك بمصر والله أعلم.

قلت: الفرق بينهما صار هو الشائع الغالب على أهل الحديث والاحتجاج لذلك من حيث اللغة عناء وتكلف. وخير ما يقال فيه: إنه اصطلاح منهم أرادوا به التمييز بين النوعين ثم خصص النوع الأول بقول حدثنا لقوة إشعاره بالنطق والمشافهة والله أعلم. ومن أحسن ما يحكى عمن يذهب هذا المذهب ما حكاه الحافظ أبو بكر البرقاني عن أبي حاتم محمد بن يعقوب الهروي أحد رؤساء أهل الحديث بخراسان: أنه قرأ على بعض الشيوخ عن الفربري صحيح البخاري وكان يقول له في كل حديث حدثكم الفربري فلما فرغ من الكتاب سمع الشيخ يذكر: أنه إنما سمع الكتاب من الفربري قراءة عليه فأعاد أبو حاتم قراءة الكتاب كله وقال له في جميعه أخبركم الفربري. والله أعلم.

تفريعات: إلاول: إذا كان أصل الشيخ عند القراءة عليه بيد غيره وهو موثوق به مراع لما يقرأ أهل لذلك: فإن كان الشيخ يحفظ ما يقرأ عليه فهو كما لو كان أصله بيد نفسه بل أولى لتعاضد ذهني شخصين عليه. وإن كان الشيخ لا يحفظ ما يقرأ عليه فهذا مما اختلفوا فيه: فرأى بعض أئمة الأصول أن هذا سماع غير صحيح. والمختار أن ذلك صحيح وبه عمل معظم الشيوخ وأهل الحديث. وإذا كان الأصل بيد القارئ وهو موثوق به دينا ومعرفة فكذلك الحكم فيه وأولى بالتصحيح وأما إذا كان أصله بيد من لا يوثق بإمساكه له ولا يؤمن إهماله لما يقرأ فسواء كان بيد القارئ أو بيد غيره في أنه سماع غير معتد به إذا كان الشيخ غير حافظ للمقروء عليه والله أعلم.

_ "قوله" إذا كان أصل الشيخ عند القراءة عليه بيد غيره إلى أن قال وإن كان الشيخ لا يحفظ ما يقرأ عليه فهذا مما اختلفوا فيه فرأى بعض أئمة الأصول أن هذا سماع غير صحيح والمختار أن ذلك صحيح انتهى. هذا الذى أبهم المصنف ذكره هو إمام الحرمين فإنه اختار ذلك وحكى القاضى عياض أيضا أن القاضى أبا بكر الباقلانى تردد فيه قال وأكثر ميله إلى المنع انتهى. ووهن السلفي هذا الاختلاف لاتفاق العلماء على العمل بخلافه فإنه ذكر ما حاصله أن الطالب إذا أراد أن يقرأ على شيخ شيئا من سماعه هل يجب أن يريه سماعه في ذلك الجزء أم يكفي إعلام الطالب الثقة للشيخ أن هذا الجزء سماعه على فلان فقال السلفي هما سيان على هذا عهدنا علماءنا عن آخرهم قال ولم تزل الحفاظ قديما وحديثا يخرجون للشيوخ من الأصول فتصير تلك الفروع بعد المقابلة أصولا وهل كانت الأصول أولا إلا فروعا انتهى.

الثاني: إذا قرأ القارئ على الشيخ قائلا أخبرك فلان أو: قلت أخبرنا فلان أو نحو ذلك والشيخ ساكت مصغ إليه فاهم لذلك غير منكر له فهذا كاف في ذلك واشترط بعض الظاهرية وغيرهم إقرار الشيخ نطقا وبه قطع الشيخ أبو إسحاق الشيرازي وأبو الفتح سليم الرازي وأبو نصر بن الصباغ من الفقهاء الشافعيين. قال أبو نصر: ليس له أن يقول حدثني أو أخبرني وله أن يعمل بما قرئ عليه وإذا أراد روايته عنه قال قرأت عليه أو: قرئ عليه وهو يسمع وفي حكاية بعض المصنفين للخلاف في ذلك: أن بعض الظاهرية شرط إقرار الشيخ عند تمام السماع: بأن يقول القارئ للشيخ وهو كما قرأته عليك؟ فيقول: نعم والصحيح أن ذلك غير لازم وأن سكوت الشيخ على الوجه المذكور نازل منزلة تصريحه بتصديق القارئ اكتفاء بالقرائن الظاهرة. وهذا مذهب الجماهير من المحدثين والفقهاء وغيرهم والله أعلم. الثالث: فيما نرويه عن الحاكم أبي عبد الله الحافظ رحمه الله قال: الذي أختاره في الرواية وعهدت عليه أكثر مشايخه وأئمة عصري: أن يقول في الذي يأخذه من المحدث لفظا وليس معه أحد حدثني فلان وما يأخذه من المحدث لفظا ومعه غيره حدثنا فلان وما قرأ على المحدث بنفسه أخبرني فلان وما قرئ على المحدث وهو حاضر أخبرنا فلان وقد روينا نحو ما ذكره عن عبد الله بن وهب صاحب مالك رضي الله عنهما. وهو حسن رائق. فإن شك في شيء عنده أنه من قبيل حدثنا أو: أخبرنا أو من قبيل حدثني أو: أخبرني لتردده في أنه كان عند التحمل والسماع وحده أو مع غيره فيحتمل أن نقول: ليقل حدثني أو: أخبرني لأن عدم غيره هو الأصل. ولكن ذكر علي بن عبد الله

_ "قوله" فإن شك في شئ عنده أنه من قبيل حدثنا أو أخبرنا أو من قبيل حدثنى أو أخبرنى لتردده في أنه كان عند التحمل والسماع وحده أو مع غيره فيحتمل أن نقول ليقل حدثنى أو أخبرنى لأن عدم غيره هو الأصل انتهى.

المديني إلامام عن شيخه يحيى بن سعيد القطان إلامام فيما إذا شك أن الشيخ قال: حدثني فلان أو قال حدثنا فلان أنه يقول حدثنا. وهذا يقتضي فيما إذا شك في سماع نفسه في مثل ذلك أن يقول حدثنا. وهو عندي يتوجه بأن حدثني أكمل مرتبة وحدثنا أنقص مرتبة فليقتصر إذا شك على الناقص لأن عدم الزائد هو الأصل وهذا لطيف. ثم وجدت الحافظ أحمد البيهقي رحمه الله قد اختار بعد حكايته قول القطان ما قدمته ثم إن هذا التفصيل من أصله مستحب وليس بواجب حكاه الخطيب الحافظ عن أهل العلم كافة. فجائز إذا سمع وحده أن يقول حدثنا أو نحوه لجواز ذلك للواحد في كلام العرب. وجائز إذا سمع في جماعة أن يقول حدثني لأن المحدث حدثه وحدث غيره والله أعلم. الرابع: روينا عن أبي عبد الله أحمد بن حنبل رضي الله عنه أنه قال: اتبع لفظ الشيخ في قوله حدثنا وحدثني وسمعت وأخبرنا ولا تعدوه.

_ سوى المصنف رحمه الله بين الشك في أنه هل سمع من لفظ الشيخ وحده أو كان معه غيره يسمع وبين مسألة ما إذا شك هل قرأ هو بنفسه على الشيخ أو سمع عليه بقراءة غيره عليه وما قاله ظاهر في المسألة الأولى. وأما المسألة الثانية فإنه يتحقق فيها سماع نفسه ويشك هل قرأ بنفسه أم لا والأصل أنه لم يقرأ هذا إذا مشينا على ما ذكره المصنف تبعا للحاكم أن القارئ يقول أخبرنى سواء سمع بقراءته معه غيره أم لا أما إذا قلنا بما جزم به ابن دقيق العيد في الاقتراح من أن القارئ إذا كان معه غيره يقول اخبرنا فيتجه حينئذ أن يقال الأصل عدم الزايد لكن الذى ذكره ابن الصلاح هو الذى قاله عبد الله بن وهب وأبو عبد الله الحاكم وهو المشهور والله أعلم. والأحسن فيما إذا شك هل قرأ بنفسه أو سمع بقراءة غيره ما حكاه الخطيب في الكفاية عن البرقانى أنه ربما يشك في الحديث هل قرأه هو أو قرئ وهو يسمع فيقول فيه قرأنا على فلان فإنه يسوغ إثباته بهذه الصيغة فيما قرأه بنفسه وفيما سمعه بقراءة غيره.

قلت: ليس لك فيما تجده في الكتب المؤلفة من روايات من تقدمك أن تبدل في نفس الكتاب ما قيل فيه: أخبرنا ب حدثنا ونحو ذلك وإن كان في إقامة أحدهما مقام إلاخر خلاف وتفصيل سبق لاحتمال أن يكون من قال ذلك ممن لا يرى التسوية بينهما. ولو وجدت من ذلك إسنادا عرفت من مذهب رجاله التسوية بينهما فإقامتك أحدهما مقام إلاخر من باب تجويز الرواية بالمعنى. وذلك وإن كان فيه خلاف معروف فالذي نراه إلامتناع من إجراء مثله في إبدال ما وضع في الكتب المصنفة والمجامع المجموعة على ما سنذكره إن شاء الله تعالى. وما ذكره الخطيب أبو بكر في كفايته من إجراء ذلك الخلاف في هذا فمحمول عندنا على ما يسمعه الطالب من لفظ المحدث غير موضوع في كتاب مؤلف والله أعلم. الخامس: اختلف أهل العلم في صحة سماع من ينسخ وقت القراءة فورد عن إلامام إبراهيم الحربي وأبي أحمد بن عدي الحافظ وإلاستاذ أبي إسحاق إلاسفرائيني الفقيه إلاصولي وغيرهم نفي ذلك وروينا عن أبي بكر أحمد بن إسحاق الصبغي أحد أئمة الشافعيين بخراسان: أنه سئل عمن يكتب في السماع؟ فقال: يقول حضرت ولا يقل حدثنا ولا أخبرنا وورد عن موسى بن هارون الحمال تجويز ذلك. وعن أبي حاتم الرازي قال: كتبت عند عارم وهو يقرأ وكتبت عند عمرو بن مرزوق وهو يقرأ. وعن عبد الله بن المبارك: أنه قرئ عليه وهو ينسخ شيئا آخر غير ما يقرأ ولا فرق بين النسخ من السامع والنسخ من المسمع.

_ وقد سئل أحمد بن صالح المصرى عن الرجل يسمع بقراءة غيره فأجاب بأنه لا بأس أن يقول قرأنا وقد قال النفيلى قرأنا على مالك وإنما سمع بقراءة غيره والله أعلم. "قوله" ليس لك فيما تجده في الكتب المؤلفة من روايات من تقدمك أن تبدل في نفس الكتاب ما قيل فيه أخبرنا بحدثنا ونحو ذلك وإن كان في إقامة أحدهما مقام الآخر خلاف وتفصيل سبق لاحتمال أن يكون من قال ذلك ممن لا يرى التسوية بينهما ولو وجدت.

قلت: وخير من هذا الإطلاق التفصيل. فنقول لا يصح السماع إذا كان النسخ بحيث يمتنع معه فهم الناسخ لما يقرأ حتى يكون الواصل إلى سمعه كأنه صوت غفل ويصح إذا كان بحيث لا يمتنع معه الفهم. كمثل ما رويناه عن الحافظ العالم أبي الحسن الدارقطني: أنه حضر في حداثته مجلس إسماعيل الصفار فجلس بنسخ جزءا كان معه وإسماعيل يملي فقال له بعض الحاضرين: لا يصح سماعك وأنت تنسخ. فقال: فهمي للإملاء خلاف فهمك. ثم قال: تحفظ كم أملى الشيخ من حديث إلى الآن؟ فقال: لا. فقال الدارقطني: أملى ثمانية عشر حديثا فعدت الأحاديث فوجدت كما قال. ثم قال أبو الحسن: الحديث الأول منها عن فلان عن فلان ومتنه كذا. والحديث الثاني عن فلان عن فلان ومتنه كذا. ولم يزل يذكر أسانيد الأحاديث ومتونها على ترتيبها في الإملاء حتى أتى على آخرها فتعجب الناس منه والله أعلم. السادس: ما ذكرناه في النسخ من التفصيل يجري مثله فيما إذا كان الشيخ أو السامع يتحدث أو كان القارئ خفيف القراءة يفرط في إلاسراع. أو كان يهينم بحيث يخفي بعض الكلم أو كان السامع بعيدا عن القارئ وما أشبه ذلك. ثم الظاهر: أن يعفي في كل ذلك عن القدر اليسير نحو الكلمة والكلمتين. ويستحب للشيخ أن يجيز لجميع السامعين رواية جميع الحزء أو الكتاب الذي سمعوه وإن جرى على كله اسم السماع. وإذا بذل لأحد منهم خطه بذلك كتب له: سمع مني هذا الكتاب وأجزت له روايته عني. أو نحو هذا كما كان بعض الشيوخ يفعل. وفيما نرويه عن الفقيه أبي محمد بن أبي عبد الله بن عتاب الفقيه إلاندلسي عن أبيه رحمهما الله أنه قال: لا غنى في السماع عن الإجازة لأنه قد يغلط القارئ ويغفل الشيخ أو يغلط الشيخ إن كان القارئ ويغفل السامع فينجبر له ما فاته بالإجازة هذا الذي ذكرناه تحقيق حسن وقد روينا عن صالح بن أحمد بن حنبل رضي الله عنهما قال: قلت

لأبي: الشيخ يدغم الحرف يعرف أنه كذا وكذا ولا يفهم عنه ترى أن يروي ذلك عنه؟ قال: أرجو أن لا يضيق هذا وبلغنا عن خلف بن سالم المخرمي قال سمعت ابن عيينة يقول نا عمرو بن دينار يريد حدثنا عمرو بن دينار لكن اقتصر من حدثنا على النون والألف فإذا قيل له قل حدثنا عمرو قال: لا أقول لأني لم أسمع من قوله حدثنا ثلاثة أحرف وهي حدث لكثرة الزحام.

_ من ذلك إسنادا عرفت من مذهب رجاله التسوية بينهما فإقامتك أحدهما مقام الآخر من باب تجويز الرواية بالمعنى وذلك وإن كان فيه خلاف معروف فالذي نراه الامتناع من إجراء مثله في إبدال ما وضع في الكتب المصنفة والمجاميع المجموعة على ما سنذكره إن شاء الله تعالى. وما ذكره أبو بكر الخطيب في كفايته من إجراء ذلك الخلاف في هذا فمحول عندنا على ما يسمعه الطالب من لفظ المحدث غير موضوع في كتاب مؤلف والله أعلم انتهى. وفيه أمران أحدهما أن ما أختاره المصنف قد ضعفه ابن دقيق العيد في الاقتراح فقال ومما وقع في اصطلاح المتأخرين أنه إذا روى كتاب مصنف بيننا وبينه وسايط تصرفوا في اسماء الرواة وقلبوها على أنواع إلى أن يصلوا إلى المصنف فإذا وصلوا إليه تبعوا لفظه من غير تغيير قال وهنا بحثان فذكر الأول ثم قال البحث الثانى الذى اصطلحوا عليه من عدم التغيير للالفاظ بعد وصولهم إلى المصنف ينبغى أن ينظر فيه هل هو على سبيل الوجوب أو هو اصطلاح على سبيل الأولى قال وفي كلام بعضهم ما يشير الى أنه ممتنع لأنه وإن كان له الرواية بالمعنى فليس له تغيير التصنيف قال وهذا كلام له فيه ضعف قال وأقل ما فيه إنه يقتضى تجويز هذا فيما ينقل من المصنفات المتقدمة إلى أجزائنا وتخاريجنا فإنه ليس فيه تغيير التصنيف المتقدم وليس هذا جاريا على الاصطلاح فإن الاصطلاح على أن لا نغير الألفاظ بعد الانتهاء إلى الكتب المصنفة سواء رويناها فيها أو نقلناها منها انتهى. وما ذكره من أنه يقتضى تجويزه فيما ينقل من المصنفات المتقدمة إلى أجزائنا وتخاريجنا ليس بمسلم بل آخر كلام ابن الصلاح يشعر أنه إذا نقل حديث من كتاب وعزى إليه لا يجوز فيه الإبدال سواء نقلناه في تأليف لنا أو لفظا والله أعلم.

قلت: قد كان كثير من أكابر المحدثين يعظم الجمع في مجالسهم جدا حتى ربما بلغ ألوفا مؤلفة ويبلغهم عنهم المستملون فيكتبون عنهم بواسطة تبليغ المستملين فأجاز غير واحد لهم رواية ذلك عن المملي روينا عن إلاعمش رضي الله عنه قال: كنا نجلس إلى إبراهيم فتتسع الحلقة فربما يحدث بالحديث فلا يسمعه من تنحى عنه فيسأل بعضهم بعضا عما قال ثم يروونه وما سمعوه منه. وعن حماد بن زيد: أنه سأله رجل في مثل ذلك فقال: يا أبا إسماعيل كيف قلت؟ فقال: استفهم ممن يليك وعن بن عيينة: أن أبا مسلم المستملي قال له: إن الناس كثير لا يسمعون قال إلا تسمع أنت؟ قال: نعم قال: فأسمعهم وأبى آخرون ذلك. روينا عن خلف بن تميم قال: سمعت من سفيان الثوري عشرة آلاف حديث.

_ الأمر الثانى إن تعليل المصنف المنع باحتمال أن يكون من قال ذلك ممن لا يرى التسوية بين أخبرنا وحدثنا ليس بجيد من حيث أن الحكم لا يختلف في الجائز والممتنع بأن يكون الشيخ يرى الجائز ممتنعا أو الممتنع جائزا وقد صرح أهل الحديث بذلك في مواضع منها أن يكون الشيخ ممن يرى جواز إطلاق حدثنا وأنبأنا في الإجازة وأذن للطالب أن يقول ذلك إذا روى عنه بالإجازة فإنه لا يجوز للطالب وإن أذن له الشيخ وقد صرح به المصنف كما سيأتى. وكذلك أيضا لم يشترطوا في جواز الرواية بالمعنى أن لا يكون في الإسناد من يمنع ذلك كابن سيرين بل جوزوا الرواية بالمعنى بشروط ليس منها هذا. قوله قلت قد كان كثير من أكابر المحدثين يعظم الجمع في مجالسهم جدا حتى ربما بلغ ألوافا مؤلفة ويبلغهم عنهم المستملون فيكتبون عنهم بوساطة تبليغ المستملين وأجاز غير واحد لهم رواية ذلك عن المملى ثم قال وأبى آخرون ذلك ثم قال قلت والأول تساهل بعيد انتهى.

............................................................................

_ أطلق المصنف حكاية الخلاف من غير تقييد بكون المملى يسمع لفظ المستملى الذى يملى أم لا والصواب التقييد بما ذكرناه فإن كان الشيخ صحيح السمع بحيث يسمع لفظ المستملى الذى يملى عليه فالسماع صحيح ويجوز له أن يرويه عن المملى دون ذكر الواسطة كما لو سمع على الشيخ بقراءة غيره فإن القارئ والمستملى واحد وإن كان في سمع الشيخ ثقل بحيث لا يسمع لفظ المستملى فإنه لا يسوغ لمن لم يسمع لفظ الشيخ أن يرويه عنه إلا بواسطة المستملى أو المبلغ له عن الشيخ أو المفهم للسامع ما لم يبلغه كما ثبت في الصحيحين من رواية عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة قال سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول: "يكون اثنا عشر أميرا فقال كلمة لم أسمعها فقال أبى إنه قال كلهم من قريش" لفظ البخارى وقال مسلم ثم تكلم بكلمة خفيت على فسألت أبى ماذا قال قال كلهم من قريش فلم يرو جابر بن سمرة الكلمة التى خفيت عليه إلا بواسطة أبيه ويمكن أن يستدل القائلون بالجواز بما رواه مسلم في صحيحه من رواية عامر بن سعد ابن أبى وقاص قال كتبت إلى جابر بن سمرة مع غلامى نافع أن أخبرني بشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فكتب إلى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم جمعة عشية رحم الأسلمى قال: "لا يزال الدين قائما حتى تقوم الساعة أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش" فلم يفصل جابر بن سمرة الكلمة التى لم يسمعها من النبي صلى الله عليه وسلم وقد يجاب عنه بأمور: أحدها: أنه يحتمل أن بعض الرواة أدرجه وفصلها الجمور وهم عبد الملك بن عمير والشعبى وحصين وسماك بن حرب ووصله عامر. والثانى: أنه قد اتفق الشيخان على رواية الفصل وانفرد مسلم برواية الوصل. والثالث أن رواية الجمهور سماع لهم من جابر بن سمرة ورواية عامر بن سعد كتابة ليست متصلة بالسماع. والرابع: أن الإرسال جائز خصوصا إرسال الصحابة عن بعضهم فإن الصحابة كلهم عدول ولهذا كانت مراسيلهم حجة خلافا للاستاذ أبى إسحق الاسفرائينى لأن الصحابة قد يروون عن التابعين والله أعلم.

أو نحوها فكنت أستفهم جليسي فقلت لزائدة فقال لي: لا تحدث منها إلا بما تحفظ بقلبك وسمع أذنك قال: فألقيتها. وعن أبي نعيم: أنه كان يرى فيما سقط عنه من الحرف الواحد وإلاسم مما سمعه من سفيان وإلاعمش واستفهمه من أصحابه: أن يرويه عن أصحابه لا يرى غير ذلك واسعا له. قلت: إلاول تساهل بعيد. وقد روينا عن أبي عبد الله بن منده الحافظ إلاصبهاني أنه قال لواحد من أصحابه: يا فلان يكفيك من السماع شمه. وهذا إما متأول أو متروك على قائله. ثم وجدت عن عبد الغني بن سعيد الحافظ عن حمزة بن محمد الحافظ بإسناده عن عبد الرحمن بن مهدي أنه قال: يكفيك من الحديث شمه. قال عبد الغني: قال لنا حمزة: يعني إذا سئل عن أول شيء عرفه وليس يعني التسهيل في السماع والله أعلم. السابع: يصح السماع ممن هو وراء حجاب إذا سمع صوته فيما إذا حدث بلفظه وإذا عرف حضوره بمسمع منه فيما إذا قرئ عليه. وينبغي أن يجوز إلاعتماد في معرفة صوته وحضوره على خبر من يوثق به. وقد كانوا يسمعون من عائشة رضي الله عنها وغيرها من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم من وراء حجاب ويروونه عنهن اعتمادا على الصوت. واحتج عبد الغني بن سعيد الحافظ في ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: "أن بلإلا ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم". وروى بإسناده عن شعبة أنه قال: إذا حدثك المحدث فلم تر وجهه فلا ترو عنه فلعله شيطان قد تصور في صورته يقول حدثنا وأخبرنا والله أعلم. الثامن: من سمع من شيخ حديثا ثم قال له: لا تروه عني أو: لا آذن لك في روايته عني أو قال: لست أخبرك به أو: رجعت عن إخباري إياك به فلا تروه عني غير

مسند ذلك إلى أنه أخطأ فيه أو شك فيه ونحو ذلك بل منعه من روايته عنه مع جزمه بأنه حديثه وروايته فذلك غير مبطل لسماعه ولا مانع له من روايته عنه وسأل الحافظ أبو سعيد بن عليك النيسابوري إلاستاذ أبا إسحاق إلاسفرائيني رحمها الله عن محدث خص بالسماع قوما فجاء غيرهم وسمع منه من غير علم المحدث به هل يجوز له رواية ذلك عنه؟ فأجاب: بأنه يجوز. ولو قال المحدث: إني أخبركم ولا أخبر فلانا لم يضره والله أعلم. القسم الثالث من أقسام طرق نقل الحديث وتحمله: الإجازة وهي متنوعة أنواعا: أولها: أن يجيز لمعين في معين مثل أن يقول أجزت لك الكتاب الفلاني أو: ما اشتملت عليه فهرستي هذه فهذا على أنواع الإجازة المجردة عن المناولة. وزعم بعضهم أنه لا خلاف في جوازها ولا خالف فيها أهل الظاهر. وإنما خلافهم في غير هذا النوع. وزاد القاضي أبو الوليد الباجي المالكي فأطلق نفي الخلاف وقال: لا خلاف في جواز الرواية بالإجازة من سلف هذه إلامة وخلفها وادعى إلاجماع من غير تفصيل وحكى الخلاف في العمل بها. قلت: هذا باطل فقد خالف في جواز الرواية بالإجازة جماعات من أهل الحديث والفقهاء وإلاصوليين وذلك إحدى الروايتين عن الشافعي رضي الله عنه. روي عن صاحبه الربيع بن سليمان قال: كان الشافعي لا يرى الإجازة في الحديث. قال الربيع: أنا أخالف الشافعي في هذا وقد قال بإبطالها جماعة من الشافعيين منهم: القاضيان حسين بن محمد المروروذي وأبو الحسن الماوردي وبه قطع الماوردي في كتابه الحاوي وعزاه إلى مذهب الشافعي وقإلا جميعا: لو جازت الإجازة لبطلت الرحلة. وروي أيضا هذا الكلام عن شعبة وغيره. وممن أبطلها من أهل الحديث إلامام إبراهيم بن إسحاق الحربي وأبو محمد

عبد الله بن محمد إلاصبهاني الملقب بأبي الشيخ والحافظ أبو نصر الوايلي السجزي. وحكى أبو نصر فسادها عن بعض من لقيه. قال أبو نصر: وسمعت جماعة من أهل العلم يقولون: قول المحدث قد أجزت لك أن تروي عني تقديره أجزت لك ما لا يجوز في الشرع لأن الشرع لا يبيح رواية ما لم يسمع. قلت: ويشبه هذا ما حكاه أبو بكر محمد بن ثابت الخجندي أحد من أبطل الإجازة من الشافعية عن أبي طاهر الدباس أحد أئمة الحنفية قال: من قال لغيره أجزت لك أن تروي عني ما لم تسمع فكأنه يقول أجزت لك أن تكذب علي ثم إن الذي استقر عليه العمل وقال به جماهير أهل العلم من أهل الحديث وغيرهم: القول بتجويز الإجازة وإباحة الرواية بها وفي إلاحتجاج لذلك غموض. ويتجه أن يقول: إذا أجاز له أن يروي عنه مروياته وقد أخبره بها جملة فهو كما لو أخبره تفصيلا وإخباره بها غير متوقف على التصريح نطقا كما في القراءة على الشيخ كما سبق وإنما الغرض حصول إلافهام والفهم وذلك يحصل بالإجازة المفهمة والله أعلم. ثم إنه كما تجوز الرواية بالإجازة يجب العمل بالمروي بها خلافا لمن قال من أهل الظاهر ومن تابعهم: إنه لا يجب العمل به وإنه جار مجرى المرسل. وهذا باطل لأنه ليس في الإجازة ما يقدح في اتصال المنقول بها وفي الثقة به والله أعلم. النوع الثاني: من أنواع الإجازة: أن يجيز لمعين في غير معين مثل أن يقول: أجزت لك أو: لكم جميع مسموعاتي أو: جميع مروياتي وما أشبه ذلك. فالخلاف في هذا النوع أقوى وأكثر. والجمهور من العلماء من المحدثين والفقهاء وغيرهم على تجويز الرواية بها أيضا وعلى إيجاب العمل بما روي بها بشرطه والله أعلم.

النوع الثالث- من أنواع الإجازة: أن يجيز لغير معين بوصف العموم مثل أن يقول أجزت للمسلمين أو: أجزت لكل أحد أو: أجزت لمن أدرك زماني وما أشبه ذلك فهذا نوع تكلم فيه المتأخرون ممن جوز أصل الإجازة واختلفوا في جوازه.

_ النوع الثالث من أنواع الإجازة أن يجيز لغير معين بوصف العموم. "قوله" فإن كان ذلك مقيدا بوصف حاصر أو نحوه فهو إلى الجواز أقرب انتهى. تقدم أن المصنف اختار عدم صحة الإجازة العامة وقال في هذه الصورة منها أنها أقرب إلى الجواز فلم يظهر من كلامه في هذه الصورة المنع أو الصحة والصحيح في هذه الصورة الصحة فقد قال القاضى عياض في كتاب الإلماع ما أحسبهم اختلفوا في جوازه ممن تصح عنده الإجازة ولا رأيت منعه لأحد لأنه محصور موصوف كقوله لأولاد فلان أو أخوة فلان. "قوله" قلت ولم نر ولم نسمع عن أحد ممن يقتدى به أنه استعمل هذه الإجازة فروى بها ولا عن الشرذمة المستأخرة الذين سوغوها والإجازة في أصلها ضعف وتزداد بهذا التوسع والاسترسال ضعفا كثيرا لا ينبغى احتماله والله أعلم انتهى. وفيه أمور: أحدها: أنه اعترض على المصنف بأن الظاهر من كلام مصححها جواز الرواية بها وهذا مقتضى صحتها وأى فائدة لها غير الرواية بها انتهى. ولا يحسن هذا الاعتراض على المصنف فإنه إنما أنكر أن يكون رأى أو سمع عن أحد أنه استعملها فروى بها ولا يلزم من ترك استعمالهم للرواية بها عدم صحتها إما لاستغنائهم عنها بالسماع أو احتياطا للخروج من خلاف من منع الرواية بها. الأمر الثانى: أن ما رجحه المصنف من عدم صحتها خالفه فيه جمهور المتأخرين وصححه النووى في الروضه من زياداته فقال الأصح جوازها انتهى.

فإن كان ذلك مقيدا بوصف حاصر أو نحوه فهو إلى الجواز أقرب. وممن جوز ذلك كله الخطيب أبو بكر الحافظ. وروينا عن أبي عبد الله بن منده الحافظ أنه قال: أجزت لمن قال لا إله إلا الله. وجوز القاضي أبو الطيب الطبري أحد الفقهاء المحققين فيما حكاه عنه الخطيب الإجازة لجميع المسلمين من كان منهم موجودا عند الإجازة. وأجاز أبو محمد بن سعيد أحد الجلة من شيوخ إلاندلس: لكل من دخل قرطبة من طلبة العلم. ووافقه على جواز ذلك منهم أبو عبد الله بن عتاب رضي الله عنهم. وأنبأني من سأل الحازمي أبا بكر عن الإجازة العامة هذه فكان من جوابه:

_ وممن أجازها أبو الفضح أحمد بن الحسين بن خيرون البغدادى وأبو الوليد ابن رشد من أئمة المالكية وأبو طاهر السلفي وخلائق كثيرون جمعهم الحافظ أبو جعفر محمد بن الحسين بن أبى البدر الكاتب البغدادى في جزء كبير رتب أسماءهم فيه على حروف المعجم لكثرتهم ورجحه أيضا أبو عمرو بن الحاجب من أئمة المالكية الأصولين. الأمر الثالث أن المصنف ذكر أنه لم ير ولم يسمع أن أحدا ممن يقتدى به روى بها وقد أحسن من وقف عندما انتهى إليه ومع هذا فقد روى بها بعض الأئمة المتقدمين على ابن الصلاح كالحافظ أبى بكر محمد بن خير بن عمر الأموى بفتح الهمزة الأشبيلى خال أبى القاسم السهيلى فروى في برنامجه المشهور بالإجازة العامة وحدث بها من الحفاظ المتأخرين الحافظ أبو محمد عبد المؤمن بن خلف الدمياطى بإجازته العامة من المؤيد الطوسى وسمع بها الحفاظ أبو الحجاج يوسف بن عبد الرحمن المزى وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبى وأبو محمد القاسم بن محمد البرزالى على الركن الطاووسى بإجازته العامة من أبى جعفر الصيدلانى وغيره وقرأ بها شيخنا الحافظ أبو سعيد العلائى على أبى العباس أحمد ابن نعمة بإجازته العامة من داود بن معمر بن الفاخر وبالجملة ففي النفس من الرواية بها شئ الاحتياط ترك الرواية بها والله أعلم.

أن من أدركه من الحفاظ نحو أبي العلاء الحافظ وغيره كانوا يميلون إلى الجواز والله أعلم. قلت: ولم نر ولم نسمع عن أحد ممن يقتدى به: أنه استعمل هذه الإجازة فروى بها ولا عن الشرذمة المستأخرة الذين سوغوها. والإجازة في أصلها ضعف وتزداد بهذا التوسع وإلاسترسال ضعفا كثيرا لا ينبغي احتماله والله أعلم. النوع الرابع- من أنواع الإجازة: الإجازة للمجهول أو بالمجهول. ويتشبث بذيلها الإجازة المعلقة بالشرط. وذلك مثل أن يقول أجزت لمحمد بن خالد الدمشقي. وفي وقته ذلك جماعة مشتركون في هذا إلاسم والنسب ثم لا يعين المجاز له منهم. أو يقول أجزت لفلان أن يروي عني كتاب السنن وهو يروي جماعة من كتب السنن المعروفة بذلك ثم لا يعين فهذه إجازة فاسدة لا فائدة لها وليس من هذا القبيل ما إذا أجاز لجماعة مسمين معينين بأنسابهم والمجيز جاهل بأعيانهم غير عارف بهم فهذا غير قادح كما لا يقدح عدم معرفته به إذا حضر شخصه في السماع منه والله أعلم. وإن أجاز للمسلمين المنتسبين في إلاستجازة ولم يعرفهم بأعيانهم ولا بأنسابهم ولم يعرف عددهم ولم يتصفح أسماءهم واحدا فواحدا فينبغي أن يصح ذلك أيضا كما يصح سماع من حضر مجلسه للسماع منه وإن لم يعرفهم أصلا ولم يعرف عددهم ولا تصفح أشخاصهم واحدا واحدا. وإذا قال أجزت لمن يشاء فلان أو نحو ذلك فهذا فيه جهالة وتعليق بشرط فالظاهر أنه لا يصح وبذلك أفتى القاضي أبو الطيب الطبري الشافعي إذ سأله الخطيب الحافظ عن ذلك وعلل بأنه إجازة لمجهول فهو كقوله أجزت لبعض الناس من غير تعيين.

وقد يعلل ذلك أيضا بما فيها من التعليق بالشرط فإن ما يفسد بالجهالة يفسد بالتعليق على ما عرف عند قوم. وحكى الخطيب عن أبي يعلي بن الفراء الحنبلي وأبي الفضل بن عمروس المالكي أنهما أجازا ذلك وهؤلاء الثلاثة كانوا مشايخ مذاهبهم ببغداد إذ ذاك وهذه الجهالة ترتفع في ثاني الحال عند وجود المشيئة بخلاف الجهالة الواقعة فيما إذا أجاز لبعض الناس. وإذا قال: أجزت لمن شاء فهو كما لو قال أجزت لمن شاء فلان بل هذه أكثر جهالة وانتشارا من حيث إنها معلقة بمشيئة من لا يحصر عددهم بخلاف تلك. ثم هذا فيما إذا أجاز لمن شاء الإجازة منه له. فإن أجاز لمن شاء الرواية عنه فهذا أولى بالجواز من حيث إن مقتضى كل إجازة تفويض الرواية بها إلى مشيئة المجاز له فكان هذا مع كونه بصيغة التعليق

_ النوع الرابع- من أنواع الإجازة للمجهول أو بالمجهول. "قوله" فإن أجاز لمن شاء الرواية عنه فهذا أولى بالجواز من حيث أن مقتضى كل إجازة تفويض الرواية بها إلى مشيئة المجاز له فكان هذا مع كونه بصيغة التعليق تصريحا بما يقتضيه الإطلاق وحكاية للحال لا تعليقا في الحقيقة ولهذا أجاز بعض أئمة الشافعيين في البيع بعتك هذا بكذا إن شئت فيقول انتهى. ولم يبين المصنف أيضا تصحيحا في هذه الصورة بل جعلها أولى بالجواز والصحيح فيها عدم الصحة وقياس المصنف لهذه الصورة على تجويز بعض الأئمة قول القائل بعتك هذا بكذا إن شئت ليس بجيد والفرق بين المسألتين أن المبتاع معين في مسألة البيع والشخص المجاز مبهم في مسألة الإجازة وإنما وزان مسألة البيع أن يقول أجزت لك أن تروى عنى إن شئت الرواية عنى فإن الأظهر الأقوى في هذه الصورة الجواز كما ذكره المصنف بعد ذلك وفي مسألة البيع التى قاس عليها المصنف مسألة الإجازة وجهان حكاهما الرافعى وقال أظهرهما أنه ينعقد.

تصريحا بما يقتضيه الإطلاق وحكاية للحال لا تعليقا في الحقيقة. ولهذا أجاز بعض أئمة الشافعيين في البيع أن يقول: بعتك هذا بكذا إن شئت فيقول: قبلت. ووجد بخط أبي الفتح محمد بن الحسين إلازدي الموصلي الحافظ أجزت رواية ذلك لجميع من أحب أن يروي ذلك عني. أما إذا قال أجزت لفلان كذا وكذا إن شاء روايته عني أو: لك إن شئت أو أحببت أو أردت فإلاظهر إلاقوى أن ذلك جائز إذ قد انتفت فيه الجهالة وحقيقة التعليق ولم يبق سوى صيغته والعلم عند الله تعالى. النوع الخامس- من أنواع الإجازة: الإجازة للمعدوم. ولنذكر معه الإجازة للطفل الصغير. هذا نوع خاض فيه قوم من المتأخرين واختلفوا في جوازه ومثاله: أن يقول: أجزت لمن يولد لفلان فإن عطف المعدوم في ذلك على الموجود بأن قال: أجزت لفلان ولمن يولد له أو: أجزت لك ولولدك ولعقبك ما تناسلوا كان ذلك أقرب إلى الجواز من الأول. ولمثل ذلك أجاز أصحاب الشافعي رضي الله عنه في الوقف القسم الثاني دون الأول. وقد أجاز أصحاب مالك وأبي حنيفة رضي الله عنهما أو من قال ذلك منهم في الوقف القسمين كليهما وفعل هذا الثاني في الإجازة من المحدثين المتقدمين أبو بكر بن أبي داود السجستاني فإنا روينا عنه أنه سئل الإجازة فقال: قد أجزت لك ولأولادك ولحبل الحبلة. يعني الذين لم يولدوا بعد. وأما الإجازة للمعدوم ابتداء من غير عطف على موجود: فقد أجازها الخطيب

أبو بكر الحافظ وذكر أنه سمع أبا يعلى بن الفراء الحنبلي وأبا الفضل بن عمروس المالكي يجيزان ذلك. وحكى جواز ذلك أيضا أبو نصر بن الصباغ الفقيه فقال: ذهب قوم إلى أنه يجوز أن يجيز لمن يخلق. قال: وهذا إنما ذهب إليه من يعتقد أن الإجازة إذن في الرواية لا محادثة. ثم بين بطلان هذه الإجازة وهو الذي استقر عليه رأي شيخه القاضي أبي الطيب الطبري إلامام وذلك هو الصحيح الذي لا ينبغي غيره لأن الإجازة في حكم إلاخبار جملة بالمجاز على ما قدمناه في بيان صحة أصل الإجازة فكما لا يصح إلاخبار للمعدوم لا تصح الإجازة للمعدوم. ولو قدرنا أن الإجازة إذن فلا يصح أيضا ذلك للمعدوم كما لا يصح إلاذن في باب الوكالة للمعدوم لوقوعه في حالة لا يصح فيها المأذون فيه من المأذون له. وهذا أيضا يوجب بطلان الإجازة للطفل الصغير الذي لا يصح سماعه قال الخطيب: سألت القاضي أبا الطيب الطبري عن الإجازة للطفل الصغير هل يعتبر في صحتها سنه أو تمييزه كما يعتبر ذلك في صحة سماعه؟ فقال: لا يعتبر ذلك. قال: فقلت له: أن بعض أصحابنا قال: لا تصح الإجازة لمن لا يصح سماعه. فقال: قد يصح أن يجيز ذلك للغائب عنه ولا يصح السماع له. واحتج الخطيب لصحتها للطفل: بأن الإجازة إنما هي إباحة المجيز للمجاز له أن يروي عنه وإلاباحة تصح للعاقل وغير العاقل. قال وعلى هذا رأينا كافة شيوخنا يجيزون للأطفال الغيب عنهم من غير أن يسألوا عن مبلغ أسنانهم وحال تمييزهم. ولم نرهم أجازوا لمن يكن مولودا في الحال. قلت: كأنهم رأوا الطفل أهلا لتحمل هذا النوع من أنواع تحمل الحديث ليؤدي به بعد حصول أهليته حرصا على توسيع السبيل إلى بقاء الإسناد الذي اختصت به هذه إلامة وتقريبه من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

النوع السادس- من أنواع الإجازة: إجازة ما لم يسمعه المجيز ولم يتحمله أصلا بعد ليرويه المجاز له إذا تحمله المجيز بعد ذلك أخبرني من أخبر عن القاضي عياض بن موسى من فضلاء وقته بالمغرب قال: هذا لم أر من تكلم عليه من المشايخ ورأيت بعض المتأخرين والعصريين يصنعونه. ثم حكى عن أبي الوليد يونس بن مغيث قاضي قرطبة: أنه سئل الإجازة بجميع ما رواه إلى تاريخها وما يرويه بعد فامتنع من ذلك فغضب السائل. فقال له بعض أصحابه: يا هذا يعطيك ما لم يأخذه؟ هذا محال قال عياض: وهذا هو الصحيح. قلت: ينبغي أن يبنى هذا على أن الإجازة في حكم إلاخبار بالمجاز جملة أو: هي إذن؟ فإن جعلت في حكم إلاخبار لم تصح هذه الإجازة إذ كيف يخبر بما لا خبر عنده منه. وإن جعلت إذنا انبنى هذا على الخلاف في تصحيح إلاذن في باب الوكالة فيما لم يملكه إلاذن الموكل بعد مثل أن يوكل في بيع العبد الذي يريد أن يشتريه. وقد أجاز ذلك بعض أصحاب الشافعي والصحيح بطلان هذه الإجازة. وعلى هذا يتعين على من يريد أن يروي بالإجازة عن شيخ أجاز له جميع مسموعاته مثلا: أن يبحث حتى يعلم أن ذاك الذي يريد روايته عنه مما سمعه قبل تاريخ هذه الإجازة. وأما إذا قال: أجزت لك ما صح ويصح عندك من مسموعاتي فهذا ليس من هذا القبيل. وقد فعله الدارقطني وغيره. وجائز أن يروي بذلك عنه ما صح عنده بعد الإجازة أنه سمعه قبل الإجازة. ويجوز ذلك وإن اقتصر على قوله: ما صح عندك ولم يقل وما يصح لأن المراد: أجزت لك أن تروي عني ما صح عندك. فالمعتبر إذا فيه صحة ذلك عنده حالة الرواية. والله أعلم.

النوع السابع- من أنواع الإجازة: إجازة المجاز. مثل أن يقول الشيخ أجزت لك مجازاتي. أو: أجزت لك رواية ما أجيز لي روايته فمنع من ذلك بعض من لا يعتد به من المتأخرين. والصحيح والذي عليه العمل أن ذلك جائز ولا يشبه ذلك ما امتنع من توكيل الوكيل بغير إذن الموكل. ووجدت عن أبي عمرو السفاقسي الحافظ المغربي قال: سمعت أبا نعيم الحافظ إلاصبهاني يقول: الإجازة على الإجازة قوية جائزة. وحكى الخطيب الحافظ تجويز ذلك عن الحافظ إلامام أبي الحسن الدارقطني والحافظ أبي العباس المعروف بابن عقدة الكوفي وغيرهما. وقد كان الفقيه الزاهد نصر بن إبراهيم المقدسي يروي بالإجازة عن الإجازة حتى ربما والى في روايته بين إجازات ثلاث وينبغي لمن يروي بالإجازة عن الإجازة أن يتأمل كيفية إجازة شيخ شيخه ومقتضاها حتى لا يروي بها ما لم يندرج تحتها. فإذا كان مثلا صورة إجازة شيخ شيخه أجزت له ما صح عنده من سماعاتي فرأى شيئا من مسموعات شيخ شيخه فليس له أن يروي ذلك عن شيخه عنه حتى يستبين أنه مما كان قد صح عند شيخه كونه من سماعات شيخه الذي تلك إجازته ولا يكتفي بمجرد صحة ذلك عنده إلان عملا بلفظه وتقييده. ومن لا يتفطن لهذا وأمثاله يكثر عثاره والله أعلم. هذه أنواع الإجازة التي تمس الحاجة إلى بيانها ويتركب منها أنواع أخر سيتعرف المتأمل حكمها مما أمليناه إن شاء الله تعالى. ثم إنا ننبه على أمور: أحدها: روينا عن أبي الحسين أحمد فارس إلاديب المصنف رحمه الله قال: معنى الإجازة في كلام العرب مأخوذ من جواز الماء الذي يسقاه المال من الماشية

والحرث يقال منه: استجزت فلانا فأجاز لي إذا أسقاك ماء لأرضك أو ماشيتك. كذلك طالب العلم: يسأل العالم أن يجيزه علمه فيجيزه إياه. قلت: فللمجيز على هذا أن يقول أجزت فلانا مسموعاتي أو: مروياتي فيعديه بغير حرف جر من غير حاجة إلى ذكر لفظ الرواية أو نحو ذلك. ويحتاج إلى ذلك من يجعل الإجازة بمعنى التسويغ وإلاذن وإلاباحة وذلك هو المعروف فيقول أجزت لفلان رواية مسموعاتي مثلا ومن يقول منهم أجزت له مسموعاتي فعلى سبيل الحذف الذي لا يخفي نظيره والله أعلم. الثاني: إنما يستحسن الإجازة إذا كان المجيز عالما بما يجيز والمجاز له من أهل العلم لأنها توسع وترخيص يتأهل له أهل العلم لمسيس حاجتهم إليها. وبالغ بعضهم في ذلك فجعله شرطا فيها. وحكاه أبو العباس الوليد بن بكر المالكي عن مالك رضي الله عنه. وقال الحافظ أبو عمر: الصحيح أنها لا تجوز إلا لماهر بالصناعة وفي شيء معين لا يشكل إسناده والله أعلم. الثالث: ينبغي للمجيز إذا كتب أجازته أن يتلفظ بها فإن اقتصر على الكتابة كان ذلك إجازة جائزة إذا اقترن بقصد الإجازة. غير أنها أنقص مرتبة من الإجازة الملفوظ بها. وغير مستبعد تصحيح ذلك بمجرد هذه الكتابة في باب الرواية التي جعلت فيه القراءة على الشيخ مع أنه لم يلفظ بما قرئ عليه إخبارا منه بما قرئ عليه على ما تقدم بيانه والله أعلم.

القسم الرابع من أقسام طرق تحمل الحديث وتلقيه: المناولة. وهي على نوعين: أحدهما: المناولة المقرونة بالإجازة وهي أعلى أنواع الإجازة على الإطلاق. ولها صور: منها: أن يدفع الشيخ إلى الطالب أصل سماعه أو فرعا مقابلا به ويقول هذا سماعي أو: روايتي عن فلان فاروه عني أو: أجزت لك روايته عني ثم يملكه إياه. أو يقول خذه وانسخه وقابل به ثم رده إلي أو نحو هذا. ومنها: أن يجيء الطالب إلى الشيخ بكتاب أو جزء من حديثه فيعرضه عليه فيتأمله الشيخ وهو عارف متيقظ ثم يعيده إليه ويقول له وقفت على ما فيه وهو حديثي عن فلان أو: روايتي عن شيوخي فيه فاروه عني أو: أجزت لك روايته عني. وهذا قد سماه غير واحد من أئمة الحديث عرضا. وقد سبقت حكايتنا في القراءة على الشيخ أنها تسمى عرضا فلنسم ذلك عرض القراءة وهذا عرض المناولة والله أعلم. وهذه المناولة المقترنة بالإجازة: حالة محل السماع عند مالك وجماعة من أئمة أصحاب الحديث. وحكى الحاكم أبو عبد الله الحافظ النيسابوري في عرض المناولة المذكور عن كثير من المتقدمين: أنه سماع. وهذا مطرد في سائر ما يماثله من صور المناولة المقرونة بالإجازة. فممن حكى الحاكم ذلك عنهم ابن شهاب الزهري وربيعة الرأي ويحيى بن سعيد الأنصاري ومالك بن أنس إلامام في آخرين من المدنيين ومجاهد وأبو الزبير وابن عيينة في جماعة من المكيين وعلقمة وإبراهيم النخعيان والشعبي

في جماعة من الكوفيين وقتادة وأبو العالية وأبو المتوكل الناجي في طائفة من البصريين وابن وهب وابن القاسم وأشهب في طائفة من المصريين وآخرون من الشاميين والخراسانيين ورأى الحاكم طائفة من مشايخه على ذلك وفي كلامه بعض التخليط من حيث كونه خلط بعض ما ورد في عرض القراءة بما ورد في عرض المناولة وساق الجميع مساقا واحدا. والصحيح: أن ذلك غير حال محل السماع وأنه منحط عن درجة التحديث لفظا وإلاخبار قراءة. وقد قال الحاكم في هذا العرض: أما فقهاء إلاسلام الذين أفتوا في الحلال والحرام فإنهم لم يروه سماعا وبه قال الشافعي وإلاوزاعي والبويطي والمزني وأبو حنيفة وسفيان الثوري وأحمد بن حنبل وابن المبارك ويحيى بن يحيى وإسحاق بن راهويه. قال: وعليه عهدنا أئمتنا وإليه ذهبوا وإليه نذهب والله أعلم.

_ القسم الرابع من أقسام طرق تحمل الحديث وتلقيه المناولة. قوله قال الحاكم في هذا العرض أي عرض المناولة أما فقهاء الإسلام الذين أفتوا في الحلال والحرام فإنهم لم يروه سماعا وبه قال الأوزاعي والشافعي والبويطي والمزني وأبو حنيفة وسفيان الثوري إلى آخر كلامه اعترض على المصنف بذكر أبى حنيفة مع المذكورين فإن من عدا أبا حنيفة يرى صحة المناولة وأنها دون السماع وأما أبو حنيفة فلا يرى صحتها أصلا كما ذكره صاحب القنية فقال إذا أعطاه المحدث الكتاب وأجاز له ما فيه ولم يسمع ذلك ولم يعرفه فعند أبى حنيفة ومحمد لا يجوز روايته وعند أبى يوسف يجوز انتهى. قلت لم يكتف صاحب القنية في نقله عن أبى حنيفة لعدم الصحة بكونه لم ويسمعه فقط بل زاد على ذلك بقوله ولم يعرفه فإن كان الضمير في يعرفه عائدا على المجاز وهو الظاهر لتتفق الضمائر فمقتضاه أنه إذا عرف المجاز ما أجيز له أنه يصح بخلاف ما ذكر المعترض

ومنها: أن يناول الشيخ الطالب كتابه ويجيز له روايته عنه ثم يمسكه الشيخ عنده ولا يمكنه منه فهذا يتقاعد عما سبق لعدم احتواء الطالب على ما تحمله وغيبته عنه. وجائز له رواية ذلك عنه إذا ظفر بالكتاب أو: بما هو مقابل به على وجه يثق معه بموافقته لما تناولته الإجازة على ما هو معتبر في الإجازات المجردة عن المناولة. ثم إن المناولة في مثل هذا لا يكاد يظهر حصول مزية بها على الإجازة الواقعة في معين كذلك من غير مناولة. وقد صار غير واحد من الفقهاء والأصوليين إلى أنه لا تأثير لها ولا فائدة. غير أن شيوخ أهل الحديث في القديم والحديث أو من حكي ذلك عنه منهم يرون لذلك مزية معتبرة والعلم عند الله تبارك وتعالى. ومنها: أن يأتي الطالب الشيخ بكتاب أو جزء فيقول هذا روايتك فناولنيه وأجز لي روايته فيجيبه إلى ذلك من غير أن ينظر فيه ويتحقق روايته لجميعه فهذا لا يجوز ولا يصح. فإن كان الطالب موثوقا بخبره ومعرفته جاز إلاعتماد عليه في ذلك وكان ذلك

_ أنه لا يرى صحتها أصلا وإن كان الضمير يعود على الشيخ المجيز فقد ذكر المصنف بعد هذا أن الشيخ إذا لم ينظر ويتحقق روايته لجميعه لا يجوز ولا يصح ثم استثنى ما إذا كان الطالب موثوقا بخبره فإنه يجوز الاعتماد عليه انتهى. وهذه الصورة لا يوافق على صحتها أبو حنيفة بل لابد أن يكون الشيخ حافظا لحديثه أو ممسكا لأصله وهو الذى صححه إمام الحرمين كما تقدم بل أطلق الآمدي النقل عن أبى حنيفة وأبى يوسف أن الإجازة غير صحيحة والله تعالى أعلم. ويجوز أن يكون أبو حنيفة وأبو يوسف إنما يمنعان صحة الإجازة الخالية عن المناولة فقد حكى القاضى عياض في كتاب الإلماع عن كافة أهل النقل والآراء والتحقيق من أهل النظر القول بصحة المناولة المقروبة بالإجازة.

إجازة جائزة كما جاز في القراءة على الشيخ إلاعتماد على الطالب حتى يكون هو القارىء من الأصل إذا كان موثوقا به معرفة ودينا. قال الخطيب أبو بكر رحمه الله: ولو قال حدث بما في هذا الكتاب عني إن كان من حديثي مع براءتي من الغلط والوهم كان ذلك جائزا حسنا والله أعلم. الثاني: المناولة المجردة عن الإجازة بأن يناوله الكتاب كما تقدم ذكره أولا ويقتصر على قوله هذا من حديثي أو: من سماعاتي ولا يقول اروه عني أو: أجزت لك روايته عني ونحو ذلك فهذه مناولة مختلة لا تجوز الرواية بها وعابها غير واحد من الفقهاء وإلاصوليين على المحدثين الذين أجازوها وسوغوا الرواية بها. وحكى الخطيب عن طائفة من أهل العلم: أنهم صححوها وأجازوا الرواية بها وسنذكر إن شاء الله سبحانه وتعالى قول من أجاز الرواية بمجرد إعلام الشيخ الطالب: أن هذا الكتاب سماعه من فلان. وهذا يزيد على ذلك ويترجح بما فيه من المناولة فإنها لا تخلو من إشعار بالإذن في الرواية والله أعلم. القول في عبارة الراوي بطريق المناولة والإجازة: حكي عن قوم من المتقدمين ومن بعدهم: أنهم جوزوا إطلاق حدثنا وأخبرنا في الرواية بالمناولة حكي ذلك عن الزهري ومالك وغيرهما وهو لائق بمذهب جميع من سبقت الحكاية عنهم: أنهم جعلوا عرض المناولة المقرونة بالإجازة سماعا. وحكي أيضا عن قوم مثل ذلك في الرواية بالإجازة. وكان الحافظ أبو نعيم إلاصبهاني صاحب التصانيف الكثيرة في علم الحديث يطلق أخبرنا فيما يرويه بالإجازة. روينا عنه أنه قال: أنا إذا قلت حدثنا فهو سماعي وإذا قلت أخبرنا على الإطلاق فهو إجازة من غير أن أذكر فيه إجازة

أو كتابة أو كتب إلي. أو أذن لي في الرواية عنه. وكان أبو عبيد الله المرزباني إلاخباري صاحب التصانيف في علم الخبر يروي أكثر ما في كتبه إجازة من غير سماع ويقول في الإجازة أخبرنا ولا يبينها وكان ذلك فيما حكاه الخطيب مما عيب به. والصحيح والمختار الذي عليه عمل الجمهور وإياه اختار أهل التحري والورع المنع في ذلك من إطلاق حدثنا وأخبرنا ونحوهما من العبارات وتخصيص ذلك بعبارة تشعر به بأن يقيد هذه العبارات فيقول: أخبرنا أو: حدثنا فلان مناولة وإجازة أو: أخبرنا إجازة أو: أخبرنا مناولة أو: أخبرنا إذنا أو: في إذنه أو: فيما أذن لي فيه أو: فيما أطلق لي روايته عنه. أو يقول: أجاز لي فلان أو: أجازني فلان كذا وكذا أو: ناولني فلان وما أشبه ذلك من العبارات وخصص قوم الإجازة بعبارات لم يسلموا فيها من التدليس أو طرف منه كعبارة من يقول في الإجازة أخبرنا مشافهة إذا كان قد شافهه بالإجازة لفظا كعبارة من يقول أخبرنا فلان كتابة أو: فيما كتب إلي أو: في كتابه إذا كان قد أجازه بخطه. فهذا وإن تعارفه في ذلك طائفة من المحدثين المتأخرين فلا يخلو عن طرف من التدليس لما فيه من الاشتراك والاشتباه بما إذا كتب إليه ذلك الحديث بعينه. وورد عن الأوزاعي أنه خصص الإجازة بقوله خبرنا بالتشديد والقراءة عليه بقوله أخبرنا واصطلح قوم من المتأخرين على إطلاق أنبأنا في الإجازة وهو الوليد ابن بكر صاحب الوجازة في الإجازة. وقد كان أنبأنا عند القوم فيما تقدم بمنزلة أخبرنا وإلى هذا نحا الحافظ المتقن

أبو بكر البيهقي إذ كان يقول أنبأني فلان إجازة وفيه أيضا رعاية لاصطلاح المتأخرين والله أعلم. وروينا عن الحاكم أبي عبد الله الحافظ رحمه الله أنه قال: الذي أختاره وعهدت عليه أكثر مشايخي وأئمة عصري: أن يقول فيما عرض على المحدث فأجاز له روايته شفاها أنبأني فلان وفيما كتب إليه المحدث من مدينة ولم يشافهه بالإجازة كتب إلي فلان. وروينا عن أبي عمرو بن أبي جعفر بن حمدان النيسابوري قال: سمعت أبي يقول: كل ما قال البخاري قال لي فلان فهو عرض ومناولة. قلت: وورد عن قوم من الرواة التعبير عن الإجازة بقول أخبرنا فلان أن فلانا حدثه أو: أخبره. وبلغنا ذلك عن إلامام أبي سليمان الخطابي أنه اختاره أو حكاه وهذا اصطلاح بعيد عن إلاشعار بالإجازة وهو فيما إذا سمع منه الإسناد فحسب وأجاز له ما رواه قريب فإن كلمة أن في قوله أخبرني فلان أن فلانا أخبره فيها إشعار بوجود أصل إلاخبار وإن أجمل المخبر به ولم يذكره تفصيلا. قلت: وكثيرا ما يعبر الرواة المتأخرون عن الإجازة الواقعة في رواية من فوق الشيخ المسمع بكلمة عن فيقول أحدهم إذا سمع على شيخ بإجازته عن شيخه قرأت على فلان عن فلان وذلك قريب فيما إذا كان قد سمع منه بإجازته عن شيخه إن لم يكن سماعا فإنه شاك. وحرف عن مشترك بين السماع والإجازة صادق عليهما والله أعلم. ثم اعلم: أن المنع من إطلاق حدثنا وأخبرنا في الإجازة لا يزول بإباحة المجيز لذلك كما اعتاده قوم من المشايخ من قولهم في إجازتهم لمن يجيزون له إن شاء قال

حدثنا وإن شاء قال أخبرنا فليعلم ذلك والعلم عند الله تبارك وتعالى. القسم الخامس: من أقسام طرق نقل الحديث وتلقيه: المكاتبة: وهي أن يكتب الشيخ إلى الطالب وهو غائب شيئا من حديثه بخطه أو يكتب له ذلك وهو حاضر. ويلتحق بذلك ما إذا أمر غيره بأن يكتب له ذلك عنه إليه وهذا القسم ينقسم أيضا إلى نوعين: أحدهما: أن تتجرد المكاتبة عن الإجازة والثاني: أن تقترن بالإجازة بأن يكتب إليه ويقول أجزت لك ما كتبته لك أو: ما كتبت به إليك أو نحو ذلك من عبارات الإجازة. أما إلاول: وهو ما إذا اقتصر على المكاتبة: فقد أجاز الرواية بها كثير من المتقدمين والمتأخرين منهم أيوب السختياني ومنصور والليث بن سعد وقاله غير واحد من الشافعيين وجعلها أبو المظفر السمعاني منهم أقوى من الإجازة وإليه صار غير واحد من إلاصوليين وأبى ذلك قوم آخرون. وإليه صار من الشافعيين القاضي الماوردي وقطع به في كتابه الحاوي والمذهب إلاول هو الصحيح المشهور بين أهل الحديث. وكثيرا ما يوجد في مسانيدهم ومصنفاتهم قولهم كتب إلي فلان قال: حدثنا فلان والمراد به هذا. وذلك معمول به عندهم معدود في المسند الموصول. وفيها إشعار قوي بمعنى الإجازة فهي وإن لم تقترن بالإجازة لفظا فقد تضمنت الإجازة معنى ثم يكفي في ذلك أن يعرف المكتوب إليه خط الكاتب وإن لم تقم البينة عليه ومن الناس من قال: الخط يشبه الخط فلا يجوز إلاعتماد على ذلك. وهذا غير مرضي لأن ذلك نادر والظاهر: أن خط إلانسان لا يشتبه بغيره ولا يقع فيه التباس. ثم ذهب غير واحد من علماء المحدثين وأكابرهم منهم الليث بن سعد ومنصور: إلى جواز إطلاق حدثنا وأخبرنا في الرواية بالمكاتبة والمختار: قول من يقول فيها

كتب إلي فلان قال: حدثنا فلان بكذا وكذا وهذا هو الصحيح اللائق بمذاهب أهل التحري والنزاهة. وهكذا لو قال أخبرني به مكاتبة أو كتابة ونحو ذلك من العبارات أما المكاتبة المقرونة بلفظ الإجازة: فهي في الصحة والقوة شبيهة بالمناولة المقرونة بالإجازة والله أعلم. القسم السادس: من أقسام الأخذ ووجوه النقل إعلام الراوي للطالب بأن هذا الحديث أو هذا الكتاب سماعه من فلان أو روايته. مقتصرا على ذلك من غير أن يقول اروه عني أو: أذنت لك في روايته ونحو ذلك فهذا عند كثيرين طريق مجوز لرواية ذلك عنه ونقله. حكي ذلك عن ابن جريج وطوائف من المحدثين والفقهاء والأصليين والظاهريين وبه قطع أبو نصر بن الصباغ من الشافعيين واختاره ونصره أبوالعباس الوليد بن بكر الغمري المالكي في كتاب الوجازة في تجويز الإجازة. وحكى القاضي أبو محمد بن خلاد الرامهرمزي صاحب كتاب الفاصل بين الراوي والواعي عن بعض أهل الظاهر: أنه ذهب إلى ذلك واحتج له. وزاد فقال: لو قال له هذه روايتي لكن لا تروها عني كان له أن يرويها عنه كما لو سمع منه حديثا ثم قال له لا تروه عني ولا أجيزه لك لم يضره ذلك ووجه مذهب هؤلاء اعتبار ذلك بالقراءة على الشيخ فإنه إذا قرأ عليه شيئا من حديثه وأقر بأنه روايته عن فلان بن فلان جاز له أن يرويه عنه وإن لم يسمعه من لفظه ولم يقل له اروه عني أو: أذنت لك في روايته عني والله أعلم. والمختار: ما ذكر عن غير واحد من المحدثين وغيرهم من: أنه لا تجوز الرواية بذلك. وبه قطع الشيخ أبو حامد الطوسي من الشافعيين ولم يذكر غير ذلك. وهذا لأنه قد يكون ذلك مسموعه وروايته ثم لا يأذن له في روايته عنه لكونه لا يجوز

روايته لخلل يعرفه فيه ولم يوجد منه التلفظ به ولا ما يتنزل منزلة تلفظه به وهو تلفظ القارئ عليه وهو يسمع ويقر به حتى يكون قول الراوي عنه السامع ذلك حدثنا وأخبرنا صدقا وإن لم يأذن له فيه وإنما هذا كالشاهد إذا ذكر في غير مجلس الحكم شهادته بشيء فليس لمن سمعه أن يشهد على شهادته إذا لم يأذن له ولم يشهده على شهادته وذلك مما تساوت فيه الشهادة والرواية لأن المعنى يجمع بينهما في ذلك وإن افترقا في غيره ثم إنه يجب عليه العمل بما ذكره له إذا صح إسناده وإن لم تجز له روايته عنه لأن ذلك يكفي فيه صحته في نفسه والله أعلم. القسم السابع من أقسام إلاخذ والتحمل: الوصية بالكتب أن يوصي الراوي بكتاب يرويه عند موته أو سفره لشخص. فروي عن بعض السلف رضي الله تعالى عنهم: أنه جوز بذلك رواية الموصى له لذلك عن الموصي الراوي. وهذا بعيد جدا وهو إما زلة عالم أو متأول على أنه أراد الرواية على سبيل الوجادة التي يأتي شرحها إن شاء الله تعالى. وقد احتج بعضهم لذلك فشبهه بقسم إلاعلام وقسم المناولة ولا يصح ذلك فإن لقول من جوز الرواية بمجرد إلاعلام والمناولة مستندا ذكرناه لا يتقرر مثله ولا قريب منه ههنا والله أعلم.

القسم الثامن الوجادة: وهي مصدر ل وجد يجد مولد غير مسموع من العرب. روينا عن المعافي بن زكريا النهرواني العلامة في العلوم: أن المولدين فرعوا قولهم وجادة فيما أخذ من العلم من صحيفة من غير سماع ولا إجازة ولا مناولة من تفريق العرب بين مصادر وجد للتمييز بين المعاني المختلفة يعني قولهم وجد ضالته وجدنا ومطلوبه وجودا وفي الغضب موجدة وفي الغنى وجدا وفي الحب وجدا. مثال الوجادة: أن يقف على كتاب شخص فيه أحاديث يرويها بخطه ولم يلقه أو: لقيه ولكن لم يسمع منه ذلك الذي وجده بخطه ولا له منه إجازة ولا نحوها.

_ القسم الثامن الوجادة "قوله" روينا عن المعافي بن عمران أن المولدين فزعوا قولهم وجادة فيما أخذ من العلم من صحيفة من غير سماع ولا إجازة ولا مناولة من تفريق العرب بين مصادر وجد للتمييز بين المعانى المختلفة يعنى قولهم وجد ضالته وجدانا ومطلوبه وجودا وفي الغضب موجدة وفي الغنى وجدا وفي الحب وجدا انتهى. ذكر المصنف خمسة مصادر مسموعة لوجد باختلاف معانيه وبقى عليه ثلاثة مصادر أحدها وجده في الغضب وفي الغنى أيضا وفي المطلوب أيضا والثانى إجدان بكسر الهمزة في الضالة وفي المطلوب أيضا حكاها صاحب المحكم في الضالة فقط ووجد بكسر الواو في الغنى واقتصر المصنف في كل معنى من المعانى المذكورة على مصدر واحد وقد تقدم أن للضالة مصدرا آخر وهو إجدان وللمطلوب خمسة مصادر أخر وهى جدة كما تقدم ووجد بالفتح ووجد بالضم ووجدان وإجدان وللغضب ثلاثة مصارد أخر وجد بالفتح ووجدة ووجدان كما تقدم وللغنى مصدران آخران وجد بالكسر أيضا وجدة. "قوله" مثال الوجادة أن يقف على كتاب شخص فيه أحاديث يرويها بخطه ولم

فله أن يقول وجدت بخط فلان أو: قرأت بخط فلان أو: في كتاب فلان بخطه: أخبرنا فلان بن فلان ويذكر شيخه ويسوق سائر الإسناد والمتن. أو: يقول وجدت أو: قرأت بخط فلان عن فلان ويذكر الذي حدثه ومن فوقه هذا الذي استمر عليه العمل قديما وحديثا وهو من باب المنقطع والمرسل غير أنه أخذ شوبا من الاتصال بقوله وجدت بخط فلان. وربما دلس بعضهم فذكر الذي وجد خطه وقال فيه عن فلان أو: قال فلان وذلك تدليس قبيح إذا كان بحيث يوهم سماعه منه على ما سبق في نوع التدليس وجازف بعضهم فأطلق فيه حدثنا وأخبرنا وانتقد ذلك على فاعله وإذا وجد حديثا في تأليف شخص وليس بخطه فله أن يقول ذكر فلان أو: قال فلان: أخبرنا فلان أو: ذكر فلان عن فلان. وهذا منقطع لم يأخذ شوبا من الاتصال. وهذا كله إذا وثق بأنه خط المذكور أو كتابه فإن لم يكن كذلك فليقل بلغني عن فلان أو: وجدت عن فلان أو: نحو ذلك من العبارات. أو ليفصح بالمستند فيه بأن يقول ما قاله بعض من تقدم قرأت في كتاب فلان بخطه وأخبرني فلان أنه بخطه أو يقول وجدت في كتاب ظننت أنه بخط فلان أو: في كتاب ذكر كاتبه أنه فلان بن فلان أو في كتاب قيل إنه بخط فلان.

_ يلقه أو لقيه ولكن لم يسمع منه ذلك الذي وجده بخطه ولا له منه إجازة ولا نحوها إلى آخر كلامه قلت اشتراط المصنف في الوجادة أن يكون ذلك الشيخ الذي وجد ذلك الموجود بخطه لا إجازة له منه ليس بجيد ولذلك لم يذكره القاضي عياض في حد الوجادة في كتاب الإلماع وجرت عادة أهل الحديث باستعمال الوجادة مع الإجازة فيقول أحدهم وجدت بخط فلان وإجازه لى وكأن المصنف إنما أراد بيان الوجادة الخالية عن الإجازة هل هي مستند صحيح في الرواية أو لا وحكى الخلاف فيه والله أعلم.

وإذا أراد أن ينقل من كتاب منسوب إلى مصنف فلا يقل قال فلان كذا وكذا إلا إذا وثق بصحة النسخة بأن قابلها هو أو ثقة غيره بأصول متعددة كما نبهنا عليه في آخر النوع إلاول. وإذا لم يوجد ذلك ونحوه فليقل بلغني عن فلان أنه ذكر كذا وكذا أو: وجدت في نسخة من الكتاب الفلاني وما أشبه هذا من العبارات. وقد يتسامح أكثر الناس في هذه إلازمان بإطلاق اللفظ الجازم في ذلك من غير تحر وتثبت فيطالع أحدهم كتابا منسوبا إلى مصنف معين وينقل منه عنه من غير أن يثق بصحة النسخة قائلا قال فلان كذا وكذا أو: ذكر فلان كذا وكذا والصواب ما قدمناه: فإن كان المطالع عالما فطنا بحيث لا يخفي عليه في الغالب مواضع إلاسقاط والسقط وما أحيل عن جهته إلى غيرها رجونا أن يجوز له إطلاق اللفظ الجازم فيما يحكيه من ذلك. وإلى هذا فيما احسب استروح كثير من المصنفين فيما نقلوه من كتب الناس والعلم عند الله تعالى. هذا كله كلام في كيفية النقل بطريق الوجادة. وأما جواز العمل اعتمادا على ما يوثق به منها: فقد روينا عن بعض المالكية: أن معظم المحدثين والفقهاء من المالكيين وغيرهم لا يرون العمل بذلك. وحكي عن الشافعي وطائفة من نظار أصحابه جواز العمل به. قلت: قطع بعض المحققين من أصحابه في أصول الفقه بوجوب العمل به عند حصول الثقة به. وقال: لو عرض ما ذكرناه على جملة المحدثين لأبوه. وما قطع به هو الذي لا يتجه غيره في إلاعصار المتأخرة فإنه لو توقف العمل فيها على الرواية لانسد باب العمل بالمنقول لتعذر شرط الرواية فيها على ما تقدم في النوع إلاول والله أعلم.

النوع الخامس والعشرون: في كتابة الحديث وكيفية ضبط الكتاب وتقييده

النوع الخامس والعشرون: في كتابة الحديث وكيفية ضبط الكتاب وتقييده. اختلف الصدر إلاول رضي الله عنهم في كتابة الحديث فمنهم من كره كتابة الحديث والعلم وأمروا بحفظه ومنهم من أجاز ذلك وممن روينا عنه كراهة ذلك عمر وابن مسعود وزيد بن ثابت وأبو موسى وأبو سعيد الخدري في جماعة آخرين من الصحابة والتابعين. وروينا عن أبي سعيد الخدري: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تكتبوا عني شيئا إلا القرآن ومن كتب عني شيئا غير القرآن فليمحه". أخرجه مسلم في صحيحه وممن روينا عنه إباحة ذلك أو فعله علي وابنه الحسن وأنس وعبد الله بن عمرو بن العاص في جمع آخرين من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أجمعين. ومن صحيح حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الدال على جواز: ذلك حديث أبي شاه اليمني في التماسه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكتب له شيئا سمعه من خطبته عام فتح مكة وقوله صلى الله عليه وسلم: "اكتبوا لأبي شاه". ولعله صلى الله عليه وسلم أذن في الكتابة عنه لمن خشي عليه النسيان ونهى عن الكتابة عنه من وثق بحفظه مخافة إلاتكال على الكتاب. أو نهى عن كتابة ذلك حين خاف عليهم اختلاط ذلك بصحف القرآن العظيم وأذن في كتابته حين أمن من ذلك. وأخبرنا أبو الفتح بن عبد المنعم الفراوي قراءة عليه بنيسابور جبرها الله أخبرنا أبو المعالي الفارسي: أخبرنا الحافظ أبو بكر البيهقي: أخبرنا أبو الحسين بن بشران: أخبرنا أبو عمرو بن السماك: حدثنا حنبل بن إسحاق: حدثنا سليمان بن أحمد: حدثنا الوليد هو ابن مسلم قال: كان إلاوزاعي يقول: كان هذا العلم كريما يتلقاه الرجال بينهم فلما دخل في الكتب دخل فيه غير أهله.

ثم إنه زال ذلك الخلاف وأجمع المسلمون على تسويغ ذلك وإباحته ولولا تدوينه في الكتب لدرس في الاعصر الآخرة والله أعلم. ثم إن على كتبة الحديث وطلبته صرف الهمة إلى ضبط ما يكتبونه أو يحصلونه بخط الغير من مروياتهم على الوجه الذي رووه شكلا ونقطا يؤمن معهما إلالتباس. وكثيرا ما يتهاون بذلك الواثق بذهنه وتيقظه وذلك وخيم العاقبة فإن إلانسان معرض للنسيان وأول ناس أول الناس وإعجام المكتوب يمنع من استعجامه وشكله يمنع من أشكاله ثم لا ينبغي أن يتعنى بتقييد الواضح الذي لا يكاد يلتبس. وقد أحسن من قال: إنما يشكل ما يشكل. وقرأت بخط صاحب كتاب سمات الخط ورقومه علي بن إبراهيم البغدادي فيه: أن أهل العلم يكرهون إلاعجام وإلاعراب إلا في الملتبس. وحكى غيره عن قوم أنه ينبغي أن يشكل ما يشكل وما لا يشكل وذلك لأن المبتدئ وغير المتبحر في العلم لا يميز ما يشكل مما لا يشكل ولا صواب الإعراب من خطئه والله أعلم.

وهذا بيان أمور مفيدة في ذلك: إحداها: ينبغي أن يكون اعتناؤه من بين يلتبس بضبط الملتبس من أسماء الناس أكثر فإنها لا تستدرك بالمعنى ولا يستدل عليها بما قبل وما بعد. الثاني: يستحب في إلالفاظ المشكلة أن يكرر ضبطها بأن يضبطها في متن الكتاب ثم يكتبها قبالة ذلك في الحاشية مفردة مضبوطة فإن ذلك أبلغ في إبانتها وأبعد من التباسها وما ضبطه في أثناء إلاسطر ربما داخله نقط غيره وشكله مما فوقه وتحته لا سيما عند دقة الخط وضيق إلاسطر وبهذا جرى رسم جماعة من أهل الضبط والله أعلم. الثالث: يكره الخط الدقيق من غير عذر يقتضيه. روينا عن حنبل بن إسحاق: قال رآني أحمد بن حنبل وأنا أكتب خطا دقيقا فقال: لا تفعل أحوج ما تكون إليه يخونك. وبلغنا عن بعض المشايخ أنه كان إذا رأى خطا دقيقا قال: هذا خط من لا يوقن بالخلف من الله والعذر في ذلك هو مثل أن لا يجد في الورق سعة أو يكون رحإلا يحتاج إلى تدقيق الخط ليخف عليه محمل كتابه ونحو هذا والله أعلم.

_ النوع الخامس والعشرون- في كتابة الحديث. "قوله" يستحب في الألفاظ المشكلة أن يكرر ضبطها بأن يضبطها في متن الكتاب ثم يكتبها قبالة ذلك في الحاشية مفردة مضبوطة انتهى. اقتصر المصنف على ذكر كتابة اللفظة المشكلة في الحاشية مفردة مضبوطة ولم يتعرض لتقطيع حروفها وهو متداول بين أهل الضبط وفائدته ظهور شكل الحرف بكتابته مفردا كالنون والياء إذا وقعت في أول الكلمة أو في وسطها ونقله ابن دقيق العيد في الاقتراح عن أهل الاتقان فقال ومن عادة المتقنين أن يبالغوا في إيضاح المشكل فيفرقوا حروف الكلمة في الحاشية ويضبطوها حرفا حرفا.

الرابع: يختار له في خطه التحقيق دون المشق والتعليق. بلغنا عن ابن قتيبة قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: شر الكتابة المشق وشر القراءة الهذرمة وأجود الخط أبينه والله أعلم. الخامس: كما تضبط الحروف المعجمة بالنقط كذلك ينبغي أن تضبط المهملات غير المعجمة بعلامة إلاهمال لتدل على عدم إعجامها. وسبيل الناس في ضبطها مختلف: فمنهم من يقلب النقط فيجعل النقط الذي فوق المعجمات تحت ما يشاكلها من المهملات فينقط تحت الراء والصاد والطاء والعين ونحوها من المهملات. وذكر بعض هؤلاء أن النقط التي تحت السن المهملة تكون مبسوطة صفا والتي فوق الشين المعجمة تكون كإلاثافي ومن الناس من يجعل علامة إلاهمال فوق الحروف المهملة كقلامة الظفر مضطجعة على قفاها ومنهم من يجعل تحت الحاء المهملة حاء مفردة صغيرة وكذا تحت الدال والطاء والصاد والسين والعين وسائر الحروف المهملة الملتبسة مثل ذلك. فهذه وجوه من علامات إلاهمال شائعة معروفة. وهناك من العلامات ما هو موجود في كثير من الكتب القديمة ولا يفطن له

_ "قوله" وسبيل الناس في ضبطها أى الحروف المهملة مختلف فمنهم من يقلب النقط فيجعل النقط الذى فوق المعجمات تحت ما يشاكلها من المهملات فينقط تحت الراء والصاد والطاء والعين ونحوها من المهملات انتهى. أطلق المصنف في هذه العلامة قلب النقط العلوية في المعجمات إلى أسفل المهملات وتبع في ذلك القاضى عياضا ولابد من استثناء الحاء المهملة لأنها لو نقطت من أسفل صارت جيما. "قوله" وهناك من العلامات ما هو موجود في كثير من الكتب القديمة.

الكثيرون كعلامة من يجعل فوق الحرف المهمل خطا صغيرا وكعلامة من يجعل تحت الحرف المهمل مثل الهمزة والله أعلم. السادس: لا ينبغي أن يصطلح مع نفسه في كتابه بما لا يفهمه غيره فيوقع غيره في حيرة كفعل من يجمع في كتابه بين روايات مختلفة ويرمز إلى رواية كل راو بحرف واحد من اسمه أو حرفين وما أشبه ذلك. فإن بين في أول كتابه أو آخره مراده بتلك العلامات والرموز فلا بأس. ومع ذلك فإلاولى أن يتجنب الرمز ويكتب عند كل رواية اسم راويها بكماله مختصرا ولا يقتصر على العلامة ببعضه والله أعلم. السابع: ينبغي أن يجعل بين كل حديثين دارة تفصل بينهما وتميز. وممن بلغنا عنه ذلك من إلائمة أبو الزناد وأحمد بن حنبل وإبراهيم بن إسحاق الحربي ومحمد بن جرير الطبري رضي الله عنهم. واستحب الخطيب الحافظ أن تكون الدارات غفلا فإذا عارض فكل حديث يفرغ من عرضه ينقط في الدارة التي تليه نقطة أو يخط في وسطها خطا. قال: وقد كان بعض أهل العلم لا يعتد من سماه إلا بما كان كذلك أو في معناه والله أعلم. الثامن: يكره له في مثل عبد الله بن فلان بن فلان أن يكتب عبد في آخر

_ ولا يفطن له كثيرون كعلامة من يجعل فوق الحرف المهمل خطا صغيرا انتهى. اقتصر المصنف في هذه العلامة على جعل خط صغير فوق الحرف المهمل وترك فيه زيادة ذكرها القاضى عياض في الإلماع فحكى عن بعض أهل المشرق أنه يعلم فوق الحرف المهمل بخط صغير يشبه النبرة فحذف المصنف منه ذكر النبرة والمصنف إنما أخذ ضبط الحروف المهملة بهذه العلامات من الإلماع للقاضى عياض وإذا كان كذلك فحذفه لقوله يشبه النبرة يخرج هذه العلامة عن صفتها فإن النبرة هى الهمزة كما قال الجوهرى وصاحب المحكم ومقتضى كلام المصنف أنها كالنصبة لا كالهمزة والله أعلم. "قوله" يكره له في مثل عبد الله بن فلان بن فلان أن يكتب عبد في آخر سطر والباقى

سطر والباقي في أول السطر إلاخر. وكذلك يكره في عبد الرحمن بن فلان وفي سائر إلاسماء المشتملة على التعبيد لله تعالى أن يكتب عبد في آخر سطر واسم الله مع سائر النسب في أول السطر إلاخر. وهكذا يكره أن يكتب قال رسول في آخر سطر ويكتب في أول السطر الذي يليه الله صلى الله تعالى عليه وسلم وما أشبه ذلك والله أعلم. التاسع: ينبغي له أن يحافظ على كتبة الصلاة والتسليم على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عند ذكره ولا يسأم من تكرير ذلك عند تكرره فإن ذلك من أكبر الفوائد التي يتعجلها طلبة الحديث وكتبته ومن أغفل ذلك حرم حظا عظيما وقد روينا لأهل ذلك منامات صالحة وما يكتبه من ذلك فهو دعاء يثبته لا كلام يرويه فلذلك لا يتقيد فيه بالرواية ولا يقتصر فيه على ما في الأصل وهكذا الأمر في الثناء على الله سبحانه عند ذكر اسمه نحو عز وجل وتبارك وتعالى وما ضاهى ذلك. وإذا وجد شيء من ذلك قد جاءت به الرواية كانت العناية بإثباته وضبطه أكثر. وما وجد في خط أبي عبد الله أحمد بن حنبل رضي الله عنه من إغفال ذلك عند ذكر اسم النبي صلى الله عليه وسلم: فلعل سببه أنه كان يرى التقيد في ذلك بالرواية وعز عليه اتصالها في ذلك في جميع من فوقه من الرواة. قال الخطيب أبو بكر: وبلغني أنه كان يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم نطقا

_ في أول السطر الآخر إلى آخر كلامه اقتصر المصنف في هذا على الكراهة والذى ذكره الخطيب في كتاب الجامع امتناع ذلك فإنه روى فيه عن أبى عبد الله بن بطة أنه قال هذا كله غلط قبيح فيجب على الكاتب أن يتوقاه ويتأمله ويتحفظ منه قال الخطيب وهذا الذى ذكره أبو عبد الله صحيح فيجب اجتنابه انتهى. واقتصر ابن دقيق العيد في الاقتراح على جعل ذلك من الآداب لا من الواجبات والله أعلم.

لا خطا. قال: وقد خالفه غيره من إلائمة المتقدمين في ذلك وروي عن علي بن المديني وعباس بن عبد العظيم العنبري قإلا: ما تركنا الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل حديث سمعناه وربما عجلنا فنبيض الكتاب في كل حديث حتى نرجع إليه والله أعلم. ثم ليتجنب في إثباتها نقصين: أحدهما: أن يكتبها منقوصة صورة رامزا إليها بحرفين أو نحو ذلك. والثاني: أن يكتبها منقوصة معنى بأن لا يكتب وسلم وإن وجد ذلك في خط بعض المتقدمين. سمعت أبا القاسم منصور بن عبد المنعم وأم المؤيد بنت أبي القاسم بقرائتي عليهما قإلا: سمعنا أبا البركات عبد الله بن محمد الفراوي لفظا قال: سمعت المقرئ ظريف بن محمد يقول: سمعت عبد الله بن محمد بن إسحاق الحافظ قال: سمعت أبي يقول: سمعت حمزة الكناني يقول: كنت أكتب الحديث وكنت أكتب عند ذكر النبي صلى الله عليه ولا أكتب وسلم فرأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المنام فقال لي: ما لك لا تتم الصلاة علي؟ قال: فما كتبت بعد ذلك صلى الله عليه إلا كتبت وسلم. وقع في الأصل في شيخ المقري ظريف عبد الله وإنما هو عبيد الله بالتصغير ومحمد بن إسحاق أبوه هو أبو عبد الله بن منده فقوله الحافظ إذا مجرور. قلت: ويكره أيضا إلاقتصار على قوله عليه السلام والله أعلم. العاشر: على الطالب مقابلة كتابه بأصل سماعه وكتاب شيخه الذي يرويه عنه وإن كان إجازة روينا عن عروة بن الزبير رضي الله عنهما أنه قال لابنه هشام: كتبت؟ قال: نعم قال: عرضت كتابك؟ قال: لا قال: لم تكتب. وروينا عن الشافعي الإمام وعن يحيى بن أبي كثير قإلا: من كتب ولم يعارض كمن دخل الخلاء ولم يستنج وعن إلاخفش قال: إذا نسخ الكتاب ولم يعارض ثم

_ "قوله" وروينا عن الشافعى الإمام وعن يحيى بن كثير قالا من كتب ولم يعارض كمن دخل الخلاء ولم يستنج انتهى.

نسخ ولم يعارض خرج أعجميا. ثم إن أفضل المعارضة: أن يعارض الطالب بنفسه كتابه بكتاب الشيخ مع الشيخ في حال تحديثه إياه من كتابه لما يجمع ذلك من وجوه إلاحتياط وإلاتقان من الجانبين. وما لم تجتمع فيه هذه إلاوصاف نقص من مرتبته بقدر ما فاته منها. وما ذكرناه أولى من إطلاق أبي الفضل الجارودي الحافظ الهروي قوله: أصدق المعارضة مع نفسك ويستحب أن ينظر معه في نسخته من حضر من السامعين ممن ليس معه نسخة لا سيما إذا أراد النقل منها وقد روي عن يحيى بن معين: أنه سئل عمن لم ينظر في الكتاب والمحدث يقرأ هل يجوز أن يحدث بذلك؟ فقال: أما عندي فلا يجوز ولكن عامة الشيوخ هكذا سماعهم. قلت: وهذا من مذاهب أهل التشديد في الرواية وسيأتي ذكر مذهبهم إن شاء الله تعالى. والصحيح: أن ذلك لا يشترط وأنه يصح السماع وإن لم ينظر أصلا في الكتاب حالة القراءة وأنه لا يشترط أن يقابله بنفسه بل يكفيه مقابلة نسخته بأصل الراوي وإن لم يكن ذلك حالة القراءة وإن كانت المقابلة على يدي غيره إذا كان ثقة موثوقا بضبطه.

_ هكذا ذكره المصنف عن الشافعى وإنما هو معروف عن الأوزاعى وعن يحيى بن أبى كثير وقد رواه عن الأوزاعى أبو عمر بن عبد البر في كتاب جامع بيان العلم من رواية بقية عن الأوزاعى ومن طريق ابن عبد البر رواه القاضى عياض في كتاب الإلماع بإسناده ومنه يأخذ المصنف كثيرا وكأنه سبق قلمه من الأوزاعى إلى الشافعى وأما قول يحيى بن أبى كثير فرواه ابن عبد البر أيضا والخطيب في كتاب الكفاية وفي كتاب الجامع من رواية أبان بن يزيد عن يحيى بن أبى كثير ولم أر لهذا ذكرا عن الشافعى في شئ من الكتب المصنفة في علوم الحديث ولا في شئ من مناقب الشافعى والله أعلم.

قلت: وجائز أن تكون مقابلته بفرع قد قوبل المقابلة المشروطة بأصل شيخه أصل السماع وكذلك إذا قابل بأصل أصل الشيخ المقابل به أصل الشيخ لأن الغرض المطلوب أن يكون كتاب الطالب مطابقا لأصل سماعه وكتاب شيخه فسواء حصل ذلك بواسطة أو بغير واسطة ولا يجزئ ذلك عند من قال: لا تصح مقابلته مع أحد غير نفسه ولا يقلد غيره ولا يكون بينه وبين كتاب الشيخ واسطة وليقابل نسخته بالأصل بنفسه حرفا حرفا حتى يكون على ثقة ويقين من مطابقتها له. وهذا مذهب متروك وهو من مذاهب أهل التشديد المرفوضة في أعصارنا والله أعلم. أما إذا لم يعارض كتابه بالأصل أصلا: فقد سئل إلاستاذ أبو إسحاق إلاسفرائيني عن جواز روايته منه فأجاز ذلك. وأجازه الحافظ أبو بكر الخطيب أيضا وبين شرطه. فذكر أنه يشترط أن تكون نسخته نقلت من الأصل وأن يبين عند الرواية أنه لم يعارض. وحكى عن شيخه أبي بكر البرقاني أنه سأل أبا بكر إلاسماعيلي: هل للرجل أن يحدث بما كتب عن الشيخ ولم يعارض بأصله؟ فقال: نعم ولكن لا بد أن يبين أنه لم يعارض قال: وهذا هو مذهب أبي بكر البرقاوي فإنه روى لنا أحاديث كثيرة قال فيها أخبرنا فلان ولم أعارض بالأصل. قلت: ولا بد من شرط ثالث وهو: أن يكون ناقل النسخة من الأصل غير سقيم النقل بل صحيح النقل قليل السقط والله أعلم. ثم إنه ينبغي أن يراعي في كتاب شيخه بالنسبة إلي من فوقه مثل ما ذكرنا أنه يراعيه من كتابه ولا يكونن كطائفة من الطلبة: إذا رأوا سماع شيخ لكتاب قرؤوه عليه من أي نسخة اتفقت والله اعلم. الحادي عشر: المختار في كيفية تخريج الساقط في الحواشي ويسمى اللحق بفتح الحاء وهو أن يخط من موضع سقوطه من السطر خطا صاعدا إلى فوقه ثم يعطفه بين

السطرين عطفه يسيرة إلى جهة الحاشية التي يكتب فيها اللحق ويبدأ في الحاشية بكتبة اللحق مقابلا للخط المنعطف وليكن ذلك في حاشية ذات اليمين. وإن كانت تلي وسط الورقة إن اتسعت له وليكتبه صاعدا إلى أعلى الورقة لا نازلا به إلى أسفل. قلت: فإذا كان اللحق سطرين أو سطورا فلا يبتدئ بسطوره من أسفل إلى أعلى بل يبتديء بها من أعلى إلى أسفل بحيث يكون منتهاها إلى جهة باطن الورقة إذا كان التخريج في جهة اليمين وإذا كان في جهة الشمال وقع منتهاها إلى جهة طرف الورقة. ثم يكتب عند انتهاء اللحق صح. ومنهم من يكتب مع صح رجع ومنهم من يكتب في آخر اللحق الكلمة المتصلة به داخل الكتاب في موضع التخريج ليؤذن باتصال الكلام وهذا اختيار بعض أهل الصنعة من أهل المغرب واختيار القاضي أبي محمد بن خلاد صاحب كتاب الفاصل بين الراوي والواعي من أهل المشرق مع طائفة. وليس ذلك بمرضي إذ رب كلمة تجئ في الكلام مكررة حقيقة فهذا التكرير يوقع بعض الناس في توهم مثل ذلك في بعضه واختار القاضي ابن خلاد أيضا في كتابه أن يمد عطفه خط التخريج من موضعه حتى يلحقه بأول اللحق في الحاشية. وهذا أيضا غير مرضي فإنه وإن كان فيه زيادة بيان فهو تسخيم للكتاب وتسويد له لا سيما عند كثرة إلالحاقات والله أعلم. وإنما اخترنا كتبة اللحق صاعدا إلى أعلى الورقة لئلا يخرج بعده نقص آخر فلا يجد ما يقابله من الحاشية فارغا له لو كان كتب إلاول نازلا إلى أسفل. وإذا كتب إلاول صاعدا فما يجد بعد ذلك من نقص يجد ما يقابله من الحاشية فارغا له وقلنا أيضا يخرجه في جهة اليمين لأنه لو خرجه إلى جهة الشمال فربما ظهر من بعده في السطر نفسه نقص آخر فإن خرجه قدامه إلى جهة الشمال أيضا وقع بين التخريجين إشكال. وإن خرج الثاني إلى جهة اليمين التقت عطفة تخريج جهة

الشمال وعطفة تخريج جهة اليمين أو تقابلتا فأشبه ذلك الضرب على ما بينهما بخلاف ما إذا خرج إلاول إلى جهة اليمين: فإنه حينئذ يخرج الثاني إلى جهة الشمال فلا يلتقيان ولا يلزم إشكال اللهم إلا أن يتأخر النقص إلى آخر السطر فلا وجه حينئذ إلا تخريجه إلى جهة الشمال لقربه منها ولا انتفاء العلة المذكورة من حيث إنا لا نخشى ظهور نقص بعده. وإذا كان النقص في أول السطر تأكد تخريجه إلى جهة اليمين لما ذكرناه من القرب مع ما سبق وأما ما يخرج في الحواشي من شرح أو تنبيه على غلط أو اختلاف رواية أو نسخة أو نحو ذلك مما ليس من الأصل فقد ذهب القاضي الحافظ عياض رحمه الله إلى أنه لا يخرج لذلك خط تخريج لئلا يدخل اللبس ويحسب من الأصل وأنه لا يخرج إلا لما هو من نفس الأصل لكن ربما جعل على الحرف المقصود بذلك التخريج علامة كالضبة أو التصحيح إيذانا به. قلت: التخريج أولى وأدل وفي نفس هذا المخرج ما يمنع إلالباس. ثم هذا التخريج يخالف التخريج لما هو من نفس الأصل: في أن خط ذلك التخريج يقع بين الكلمتين اللتين بينهما سقط الساقط وخط هذا التخريج يقع على نفس الكلمة التي من أجلها خرج المخرج في الحاشية والله اعلم. الثاني عشر: من شأن الحذاق المتقنين العناية بالتصحيح والتضبيب والتمريض. أما التصحيح: فهو كتابة صح على الكلام أو عنده ولا يفعل ذلك إلا فيما صح رواية ومعنى غير أنه عرضة للشك أو الخلاف فيكتب عليه صح ليعرف أنه لم يغفل عنه وأنه قد ضبط وصح على ذلك الوجه وأما التضبيب ويسمى أيضا التمريض فيجعل على ما صح وروده كذلك من جهة النقل غير أنه فاسد لفظا أو معنى أو ضعيف أو ناقص مثل: أن يكون غير جائز من حيث العربية أو: يكون شاذا عند

أهلها يأباه أكثرهم أو مصحفا أوينقص من جملة الكلام كلمة أو أكثر وما أشبه ذلك: فيمد على ما هذا سبيله خط أوله مثل الصاد ولا يلزق بالكلمة المعلم عليها كيلا يظن ضربا وكأنه صاد التصحيح بمدتها دون حائها كتبت كذلك ليفرق بين ما صح مطلقا من جهة الرواية وغيرها وبين ما صح من جهة الرواية دون غيرها فلم يكمل عليه التصحيح. وكتب حرف ناقص على حرف ناقص إشعارا بنقصه ومرضه مع صحة نقله وروايته وتنبيها بذلك لمن ينظر في كتابه على أنه قد وقف عليه ونقله على ما هو عليه ولعل غيره قد يخرج له وجها صحيحا أو يظهر له بعد ذلك في صحته ما لم يظهر له إلان. ولو غير ذلك وأصلحه على ما عنده لكان متعرضا لما وقع فيه غير واحد من المتجاسرين الذين غيروا وظهر الصواب فيما أنكروه والفساد فيما أصلحوه. وأما تسمية ذلك ضبة: فقد بلغنا عن أبي القاسم إبراهيم بن محمد اللغوي المعروف بابن إلاقليلي: أن ذلك لكون الحرف مقفلا بها لا يتجه لقراءة كما أن الضبة مقفل بها والله أعلم. قلت: ولأنها لما كانت على كلام فيه خلل أشبهت الضبة التي تجعل على كسر أو خلل فاستعير لها اسمها ومثل ذلك غير مستنكر في باب إلاستعارات.

_ "قوله" قلت ولأنها لما كانت على كلام فيه خلل أشبهت الضبة التى تجعل على كسر أو خلل فاستعير لها اسمها ومثل ذلك غير مستنكر في باب الاستعارات انتهى. قلت وفي هذا نظر وبعد من حيث أن ضبة القدح وضعت جبرا للكسر والضبة على المكتوب ليست جابرة وإنما جعلت علامة على المكان المغلق وجهه المستبهم أمره فهي بضبة الباب أشبه كما تقدم نقل المصنف له عن أبى القاسم بن الاقليلى وقد حكاه أبو القاسم هذا عن شيوخه من أهل الأدب كما وجدته في كلامه وحكاه القاضى عياض في الإلماح فقال من أهل المغرب بدل قوله من أهل الأدب والمذكور في كلام أبى القاسم ما ذكرته والله أعلم. "قوله" ويسمى ذلك الشق أيضا انتهى.

ومن مواضع التضبيب: أن يقع في الإسناد إرسال أو انقطاع فمن عادتهم تضبيب موضع إلارسال وإلانقطاع وذلك من قبيل ما سبق ذكره من التضبيب على الكلام الناقص ويوجد في بعض أصول الحديث القديمة في الإسناد الذي يجتمع فيه جماعة معطوفة أسماؤهم بعضها على بعض علامة تشبه الضبة فيما بين أسمائهم فيتوهم من لا خبرة له أنها ضبة وليست بضبة وكأنها علامة وصل فيما بينها أثبتت تأكيدا للعطف خوفا من أن تجعل عن مكان الواو والعلم عند الله تعالى. ثم إن بعضهم ربما اختصر علامة التصحيح فجاءت صورتها تشبه صورة التضبيب والفطنة من خير ما أوتيه الإنسان والله أعلم. الثالث عشر: إذا وقع في الكتاب ما ليس منه فإنه ينفي عنه بالضرب أو الحك أو المحو أو غير ذلك. والضرب خير من الحك والمحو. روينا عن القاضي أبي محمد بن خلاد رحمه الله قال: قال أصحابنا الحك تهمة. وأخبرني من أخبر عن القاضي عياض قال: سمعت شيخنا أبا بحر سفيان بن العاص الأسدي يحكي عن بعض شيوخه أنه كان يقول: كان الشيوخ يكرهون حضور السكين مجلس السماع حتى لا يبشر شيء لأن ما يبشر منه ربما يصح في رواية أخرى. وقد يسمع الكتاب مرة أخرى على شيخ آخر يكون ما بشر وحك من رواية هذا صحيحا في رواية الأخر فيحتاج إلى إلحاقه بعد أن بشروحك وهو إذا خط عليه من رواية الأول وصح عند الأخر اكتفي بعلامة الأخر عليه بصحته. ثم إنهم اختلفوا في كيفية الضرب فروينا عن أبي محمد بن خلاد قال: أجود الضرب أن لا يطمس المضروب عليه بل يخط من فوقه خطا جيدا بينا يدل على إبطاله ويقرأ من تحته ما خط عليه وروينا عن القاضي عياض ما معناه: أن اختبارات

الضابطين اختلفت في الضرب. فأكثرهم على مد الخط على المضروب عليه مختلطا بالكلمات المضروب عليها ويسمى ذلك الشق أيضا. ومنهم من لا يخلطه ويثبته فوقه لكنه يعطف طرفي الخط على أول المضروب عليه وآخره ومنهم من يستقبح هذا ويراه تسويدا وتطليسا بل يحوق على أول الكلام المضروب عليه بنصف دائرة وكذلك في آخره. وإذا كثر الكلام المضروب عليه فقد يفعل ذلك في أول كل سطر منه وآخره وقد يكتفي بالتحويق على أول الكلام وآخره أجمع ومن إلاشياخ من يستقبح الضرب والتحويق ويكتفي بدائرة صغير أول الزيادة وآخرها ويسميها صفرا كما يسميها أهل الحساب وربما كتب بعضهم عليه لا في أوله وإلى في آخره. ومثل هذا يحسن فيما صح في رواية وسقط في رواية أخرى والله أعلم. وأما الضرب على الحرف المكرر: فقد تقدم بالكلام فيه القاضي أبو محمد بن خلاد الرامهرمزي رحمه الله على تقدمه. فروينا عنه قال: قال بعض أصحابنا

_ الشق بفتح الشين المعجمة وتشديد القاف وهذا الاصطلاح لا يعرفه أهل المشرق ولم يذكره الخطيب في الجامع ولا في الكفاية وهو اصطلاح لأهل المغرب وذكره القاضي عياض في الإلماح ومنه أخذه المصنف وكأنه مأخوذ من الشق وهو الصدع أو من شق العصا وهو التفريق فكأنه فرق بين الكلمة الزائدة وبين ما قبلها وبعدها من الصحيح الثابت بالضرب عليها والله أعلم ويوجد في بعض نسخ علوم الحديث النشق بزيادة نون مفتوحة في أوله وسكون الشين فإن لم يكن تصحيفا وتغييرا من النساخ فكأنه مأخوذ من نشق الظبي في حبالته إذا علق فيها فكأنه إبطال لحركة الكلمة وإهمالها بجعلها في صورة وثاق يمنعها من التصرف والله أعلم.

أولاهما بأن يبطل الثاني لأن إلاول كتب على صواب والثاني كتب على الخطأ فالخطأ أولى بإلابطال وقال آخرون: إنما الكتاب علامة لما يقرأ فأولى الحرفين بإلابقاء أدلهما عليه وأجودهما صورة وجاء القاضي عياض آخرا ففصل تفصيلا حسنا: فرأى أن تكرر الحرف إن كان في أول سطر فليضرب على الثاني صيانة لأول السطر عن التسويد والتشويه. وإن كان في آخر سطر فليضرب على أولهما صيانة لآخر السطر فإن سلامة أوائل السطور وأواخرها عن ذلك أولى. فإن اتفق أحدهما في آخر سطر ولا إلاخر في أول سطر آخر فليضرب على الذي في آخر السطر فإن أول السطر أولى بالمراعاة. فإن كان التكرر في المضاف أو المضاف إليه أو في الصفة أو في الموصوف أو نحو ذلك: لم نراع حينئذ أول السطر وآخره بل نراعي إلاتصال بين المضاف والمضاف إليه ونحوهما في الخط فلا نفصل بالضرب بينهما ونضرب على الحرف المتطرف من المتكرر دون المتوسط وأما المحو: فيقابل الكشط في حكمه الذي تقدم ذكره وتتنوع طرقه. ومن أغربها مع أنه أسلمها ما روي عن سحنون بن سعيد التنوخي إلامام المالكي: أنه كان ربما كتب الشيء ثم لعقه. وإلى هذا يومي ما روينا عن إبراهيم النخعي رضي الله عنه أنه كان يقول: من المروءة أن يرى في ثوب الرجل وشفتيه مداد والله أعلم. الرابع عشر: ليكن فيما تختلف فيه الروايات قائما بضبط ما تختلف فيه في كتابه جيد التمييز بينها كيلا تختلط وتشتبه فيفسد عليه أمرها. وسبيله: أن يجعل أولا متن كتابه على رواية خاصة. ثم ما كانت من زيادة لرواية أخرى ألحقها. أو من نقص أعلم عليه أو من خلاف كتبه إما في الحاشية وإما في غيرها معينا في كل ذلك من رواه ذاكرا اسمه بتمامه. فإن رمز إليه بحرف أو أكثر فعليه ما قدمنا ذكره من أنه يبين المراد بذلك في أول كتابه أو آخره كيلا يطول عهده به فينسى أو يقع كتابه إلى غيره فيقع من رموزه في حيرة وعمى وقد يدفع إلى إلاقتصار على الرموز عند كثرة الروايات المختلفة واكتفي بعضهم في التمييز بأن خص الرواية

الملحقة بالحمرة فعل ذلك أبو ذر الهروي من المشارقة وأبو الحسن القابسي من المغاربة مع كثير من المشايخ وأهل التقييد فإذا كان في الرواية الملحقة زيادة على التي في متن الكتاب كتبها بالحمرة. وإن كان فيها نقص والزيادة في الرواية التي في متن الكتاب حوق عليها بالحمرة ثم على فاعل ذلك تبيين من له الرواية المعلمة بالحمرة في أول الكتاب أو آخره على ما سبق والله أعلم. الخامس عشر: غلب على كتبة الحديث إلاقتصار على الرمز في قولهم حدثنا وأخبرنا غير أنه شاع ذلك وظهر حتى لا يكاد يلتبس. أما حدثنا فيكتب منها شطرها إلاخير وهو الثاء والنون والألف. وربما اقتصر على الضمير منها وهو النون والألف. وأما أخبرنا فيكتب منها الضمير المذكور مع إلالف أولا. وليس بحسن ما يفعله طائفة من كتابة أخبرنا بألف مع علامة حدثنا المذكورة أولا وإن كان الحافظ البيهقي ممن فعله وقد يكتب في علامة أخبرنا راء بعد إلالف وفي علامة حدثنا دال في أولها. وممن رأيت في خطه الدال في علامة حدثنا الحافظ أبو عبد الله الحاكم وأبو عبد الرحمن السلمي والحافظ أحمد البيهقي رضي الله عنهم. والله أعلم. وإذا كان للحديث إسنادان أو أكثر: فإنهم يكتبون عند إلانتقال من إسناد إلى إسناد ما صورته ح وهي حاء مفردة مهملة ولم يأتنا عن أحد ممن يعتمد بيان لأمرها غير أني وجدت بخط إلاستاذ الحافظ أبي عثمان الصابوني والحافظ أبي مسلم عمر بن علي الليثي البخاري والفقيه المحدث أبي سعيد الخليلي رحمهم الله تعالى في مكانها بدلا عنها صح صريحة. وهذا يشعر بكونها رمزا إلى صح. وحسن إثبات صح ههنا لئلا يتوهم أن حديث هذا الإسناد سقط. ولئلا يركب الإسناد الثاني على الإسناد إلاول فيجعلا إسنادا واحدا. وحكى لي بعض من جمعتني وإياه الرحلة بخراسان عمن وصفه بالفضل من

الإصبهانيين: أنها حاء مهملة من التحويل أي من إسناد إلى إسناد آخر. وذاكرت فيها بعض أهل العلم من أهل المغرب وحكيت له عن بعض من لقيت من أهل الحديث: أنها حاء مهملة إشارة إلى قولنا الحديث فقال لي: أهل المغرب وما عرفت بينهم اختلافا يجعلونها حاء مهملة ويقول أحدهم إذا وصل إليها الحديث وذكر لي: أنه سمع بعض البغداديين يذكر أيضا أنها حاء مهملة وأن منهم من يقول إذا انتهى إليها في القراءة حا ويمر. وسألت أنا الحافظ الرحال أبا محمد عبد القادر بن عبد الله الرهاوي رحمه الله عنها فذكر أنها حاء من حائل أي تحول بين الإسنادين. قال: ولا يلفظ بشيء عند إلانتهاء في القراءة وأنكر كونها من الحديث وغير ذلك ولم يعرف غير هذا عن أحد من مشايخه وفيهم عدد كانوا حفاظ الحديث في وقته. قال المؤلف: وأختار أنا والله الموفق أن يقول القارئ عند إلانتهاء إليها حا ويمر فإنه أحوط الوجوه وأعدلها والعلم عند الله تعالى. السادس عشر: ذكر الخطيب الحافظ: أنه ينبغي للطالب أن يكتب بعد البسملة اسم الشيخ الذي سمع الكتاب منه وكنيته ونسبه ثم يسوق ما سمعه منه على لفظه. قال: وإذا كتب الكتاب المسموع فينبغي أن يكتب فوق سطر التسمية أسماء من سمع معه وتاريخ وقت السماع وإن أحب كتب ذلك في حاشية أول ورقة من الكتاب فكلا قد فعله شيوخنا. قلت: كتبة التسميع جنب ذكره أحوط له وأحرى بأن لا يخفي على من يحتاج إليه ولا بأس بكتبته آخر الكتاب وفي ظهره وحيث لا يخفي موضعه. وينبغي أن يكون التسميع بخط شخص موثوق به غير مجهول الخط ولا ضير حينئذ في أن لا يكتب الشيخ المسمع خطه بالتصحيح وهكذا لا بأس على صاحب الكتاب

إذا كان موثوقا به أن يقتصر على إثبات سماعه بخط نفسه فطال ما فعل الثقات ذلك. وقد حدثني بمرو الشيخ أبو المظفر بن الحافظ أبي سعد المروزي عن أبيه عمن حدثه من إلاصبهانية: أن عبد الرحمن بن أبي عبد الله بن منده قرأ ببغداد جزءأ على أبي أحمد الفرضي وسأله خطه ليكون حجة له. فقال له أبو أحمد: يا بني عليك بالصدق فإنك إذا عرفت به لا يكذبك أحد وتصدق فيما تقول وتنقل وإذا كان غير ذلك فلو قيل لك: ما هذا خط أبي أحمد الفرضي ماذا تقول لهم. ثم إن على كاتب التسميع التحري وإلاحتياط وبيان السامع والمسموع منه بلفظ غير محتمل ومجانبة التساهل فيمن يثبت اسمه والحذر من إسقاط اسم أحد منهم لغرض فاسد. فإن كان مثبت السماع غير حاضر في جميعه لكن أثبته معتمدا على إخبار من يثق بخبره من حاضريه فلا بأس بذلك إن شاء الله تعالى ثم إن من ثبت سماعه في كتابه فقبيح به كتمانه إياه ومنعه من نقل سماعه ومن نسخ الكتاب وإذا أعاره إياه فلا يبطئ به. روينا عن الزهري أنه قال: إياك وغلول الكتب. قيل له: وما غلول الكتب؟ قال: حبسها عن أصحابها. وروينا عن الفضيل بن عياض رضي الله عنه أنه قال: ليس من أفعال أهل الورع ولا من أفعال الحكماء أن يأخذ سماع رجل وكتابه فيحبسه عنه ومن فعل ذلك فقد ظلم نفسه. وفي رواية: ولا من أفعال العلماء أن يأخذ سماع رجل وكتابه فيحبسه عليه. فإن منعه إياه فقد روينا: أن رجلا ادعى على رجل بالكوفة سماعا منعه إياه فتحاكما إلى قاضيها حفص بن غياث فقال لصاحب الكتاب: أخرج إلينا كتبك فما كان من سماع هذا الرجل بخط يدك ألزمناك وما كان بخطه أعفيناك منه.

قال ابن خلاد: سألت أبا عبد الله الزبيري عن هذا فقال: لا يجيء في هذا الباب حكم أحسن من هذا لأن خط صاحب الكتاب دال على رضاه باستماع صاحبه معه. قال ابن خلاد: وقال غيره ليس بشيء. وروى الخطيب الحافظ أبو بكر عن إسماعيل بن إسحاق القاضي: أنه تحوكم إليه في ذلك فأطرق مليا ثم قال للمدعى عليه: إن كان سماعه في كتابك بخطك فيلزمك أن تعيره وإن كان سماعه في كتابك بخط غيرك فأنت أعلم. قلت: حفص بن غياث معدود في الطبقة الأولى من أصحاب أبي حنيفة وأبو عبد الله الزبيري من أئمة أصحاب الشافعي وإسماعيل بن إسحاق لسان أصحاب مالك وإمامهم وقد تعاضدت أقوالهم في ذلك ويرجع حاصلها إلى: أن سماع غيره إذا ثبت في كتابه برضاه فيلزمه إعارته إياه. وقد كان لا يبين لي وجهه ثم وجهته بأن ذلك بمنزلة شهادة له عنده فعليه أداؤها بما حوته وإن كان فيه بذل ماله كما يلزم متحمل الشهادة أداؤها وإن كان فيه بذل نفسه بالسعي إلى مجلس الحكم لأدائها والعلم عند الله تعالى. ثم إذا نسخ الكتاب فلا ينقل سماعه إلى نسخته إلا بعد المقابلة المرضية. وهكذا لا ينبغي لأحد أن ينقل سماعا إلى شيء من النسخ أو يثبته فيها عند السماع ابتداء إلا بعد المقابلة المرضية بالمسموع كيلا يغتر أحد بتلك النسخة غير المقابلة إلا أن يبين مع النقل وعنده كون النسخة غير مقابلة والله أعلم.

النوع السادس والعشرون: في صفة رواية الحديث وشرط أدائه وما يتعلق بذلك

النوع السادس والعشرون: في صفة رواية الحديث وشرط أدائه وما يتعلق بذلك. وقد سبق بيان كثير منه في ضمن النوعين قبله شدد قوم في الرواية فأفرطوا وتساهل فيها آخرون ففرطوا. ومن مذاهب التشديد مذهب من قال: لا حجة إلا فيما رواه الراوي من حفظه وتذكره وذلك مروي عن مالك وأبي حنيفة رضي الله عنهما. وذهب إليه من أصحاب الشافعي أبو بكر الصيدلاني المروزي. ومنها مذهب من أجاز إلاعتماد في الرواية على كتابه غير أنه لو أعار كتابه وأخرجه من يده لم ير الرواية منه لغيبته عنه.

_ النوع السادس والعشرون: في صفة رواية الحديث وشرط أدائه وما يتعلق بذلك. "قوله" إذا سمع كتابا ثم أراد روايته من نسخة ليس فيها سماعه ولا هى مقابلة بنسخة سماعه غير أنه سمع منها على شيخه لم يجز له ذلك قطع به الإمام أبو نصر الصباغ الفقيه فيما بلغنا عنه إلى آخر كلامه وقد اعترض عليه بأنه ذكر في النوع الذى قبله أن الخطيب والاسفرائينى جوزا الرواية من كتاب لم يقابل أصلا ولم ينكره الشيخ بل أقره انتهى. قلت الصورة التى تقدمت هى فيما إذا نقل كتابه من الأصل فإن الخطيب شرط في ذلك أن يكون نسخته نقلت من الأصل وأن يبين عند الرواية أنه لم يعارض وزاد ابن الصلاح على ذلك شرطا آخر وهو أن يكون ناقل النسخة من الأصل غير سقيم النقل بل صحيح النقل قليل السقط وأما الصورة التى في هذا النوع فإن الراوى منها ليس على ثقة من موافقتها للأصل وقد أشار المصنف هنا إلى التعليل بذلك فقال إذ لا يؤمن أن يكون فيها زوايد ليست في نسخة سماعه والله أعلم.

وقد سبقت حكايتنا لمذاهب عن أهل التساهل وإبطالها في ضمن ما تقدم من شرح وجوه إلاخذ والتحمل. ومن أهل التساهل قوم سمعوا كتبا مصنفة وتهاونوا حتى إذا طعنوا في السن واحتيج إليهم حملهم الجهل والشره على أن رووها من نسخ مشتراة أو مستعارة غير مقابلة فعدهم الحاكم أبو عبد الله الحافظ في طبقات المجروحين. قال: وهم يتوهمون أنهم في روايتها صادقون. قال: وهذا مما كثر في الناس وتعاطاه قوم من أكابر العلماء والمعروفين بالصلاح. قلت: ومن المتساهلين عبد الله بن لهيعة المصري ترك إلاحتجاج بروايته مع جلالته لتساهله. ذكر عن يحيى بن حسان: أنه رأى قوما معهم جزء سمعوه من ابن لهيعة فنظر فيه فإذا ليس فيه حديث واحد من حديث ابن لهيعة فجاء إلى ابن لهيعة فأخبره بذلك. فقال: ما أصنع؟ يجيئوني بكتاب فيقولون: هذا من حديثك فأحدثهم به. ومثل هذا واقع من شيوخ زماننا يجيء إلى أحدهم الطالب بجزء أو كتاب فيقول: هذا روايتك فيمكنه من قراءته عليه مقلدا له من غير أن يبحث بحيث يحصل له الثقة بصحة ذلك. والصواب: ما عليه الجمهور وهو التوسط بين إلافراط والتفريط. فإذا قام الراوي في إلاخذ والتحمل بالشرط الذي تقدم شرحه وقابل كتابه وضبط سماعه على الوجه الذي سبق ذكره جازت له الرواية منه وإن أعاره وغاب عنه: إذا كان الغالب من أمره سلامته من التبديل والتغيير لا سيما إذا كان ممن لا يخفي عليه في الغالب لو غير شيء منه وبدل تغييره وتبديله وذلك لأن إلاعتماد في باب الرواية على غالب الظن فإذا حصل أجزأ ولم يشترط مزيد عليه والله أعلم.

تفريعات: أحدها: إذا كان الراوي ضريرا ولم يحفظ حديثه من فم من حدثه واستعان بالمأمونين في ضبط سماعه وحفظ كتابه ثم عند روايته في القراءة منه عليه واحتاط في ذلك على حسب حاله بحيث يحصل معه الظن بالسلامة من التغيير صحت روايته. غير أنه أولى بالخلاف والمنع من مثل ذلك من البصير. قال الخطيب الحافظ: والسماع من البصير إلامي والضرير اللذين لم يحفظا من المحدث ما سمعاه منه لكنه كتب لهما بمثابة واحدة وقد منع منه غير واحد من العلماء ورخص فيه بعضهم والله أعلم. الثاني: إذا سمع كتابا ثم أراد روايته من نسخة ليس فيها سماعه ولا هي مقابلة بنسخة سماعه غير أنه سمع منها على شيخه لم يجز له ذلك. قطع به إلامام أبو نصر بن الصباغ الفقيه فيما بلغنا عنه. وكذلك لو كان فيها سماع شيخه أو روى منها ثقة عن شيخه فلا تجوز له الرواية منها اعتمادا على مجرد ذلك إذ لا أن تكون فيها زوائد ليست في نسخة سماعه. ثم وجدت الخطيب قد حكى مصداق ذلك عن أكثر أهل الحديث. فذكر فيما: إذا وجد أصل المحدث ولم يكتب فيه سماعه أو وجد نسخة كتبت عن الشيخ تسكن نفسه إلى صحتها: أن عامة أصحاب الحديث منعوا من روايته من ذلك. وجاء عن أيوب السختياني ومحمد بن بكر البرساني الترخص فيه. قلت: اللهم إلا أن تكون له إجازة من شيخه عامة لمروياته أو نحو ذلك فيجوز له حينئذ الرواية منها إذ ليس فيه أكثر من رواية تلك الزيادات بالإجازة بلفظ أخبرنا أو حدثنا من غير بيان للإجازة فيها. وإلامر فيه ذلك قريب يقع مثله في محل التسامح.

وقد حكينا فيما تقدم أنه لا غناء في كل سماع عن الإجازة ليقع ما يسقط في السماع على وجه السهو وغيره من كلمات أو أكثر مرويا بالإجازة وإن لم يذكر لفظها. فإن كان الذي في النسخة سماع شيخ شيخه أو هي مسموعة على شيخ شيخه أو مروية عن شيخ شيخه فينبغي له حينئذ في روايته منها أن تكون له إجازة شاملة من شيخه ولشيخه إجازة شاملة من شيخه وهذا تيسير حسن هدانا الله له وله الحمد والحاجة إليه ماسة في زماننا جدا. والله أعلم. الثالث: إذا وجد الحافظ في كتابه خلاف ما يحفظه نظر: فإن كان إنما حفظ ذلك من كتابه فليرجع إلى ما في كتابه وإن كان حفظه من فم المحدث فليعتمد حفظه دون ما في كتابه إذا لم يتشكك وحسن أن يذكر إلامرين في روايته فيقول حفظي كذا وفي كتابي كذا. هكذا فعل شعبة وغيره وهكذا إذا خالفه فيما يحفظه بعض الحفاظ فليقل حفظي كذا وكذا وقال فيه فلان أو قال فيه غيري: كذا وكذا أو شبه هذا من الكلام. كذلك فعل سفيان الثوري وغيره والله أعلم. الرابع: إذا وجد سماعه في كتابه وهو غير ذاكر لسماعه ذلك فعن أبي حنيفة رحمه الله وبعض أصحاب الشافعي رحمه الله: أنه لا تجوز له روايته, ومذهب الشافعي وأكثر أصحابه وأبي يوسف ومحمد: أنه يجوز له روايته. قلت: هذا الخلاف ينبغي أن يبنى على الخلاف السابق قريبا في جواز اعتماد الراوي على كتابه في ضبط ما سمعه فإن ضبط أصل السماع كضبط المسموع فكما كان الصحيح وما عليه أكثر أهل الحديث تجويز إلاعتماد على الكتاب المصون في ضبط المسموع حتى يجوز له أن يروي ما فيه وإن كان لا يذكر أحاديثه حديثا

حديثا كذلك ليكن هذا إذا وجد شرطه وهو: أن يكون السماع بخطه أو بخط من يثق به والكتاب مصون بحيث يغلب على الظن سلامة ذلك من تطرق التزوير والتغيير إليه على نحو ما سبق ذكره في ذلك. وهذا إذا لم يتشكك فيه وسكنت نفسه إلى صحته فإن تشكك فيه لم يجز الإعتماد عليه والله أعلم. الخامس: إذا أراد رواية ما سمعه على معناه دون لفظه فإن لم يكن عالما عارفا بإلالفاظ ومقاصدها خبيرا بما يحيل معانيها بصيرا بمقادير التفاوت بينها فلا خلاف أنه لا يجوز له ذلك وعليه أن لا يروي ما سمعه إلا على اللفظ الذي سمعه من غير تغيير فأما إذا كان عالما عارفا بذلك فهذا مما اختلف فيه السلف وأصحاب الحديث وأرباب الفقه وإلاصول: فجوزه أكثرهم ولم يجوزه بعض المحدثين وطائفة من الفقهاء وإلاصوليين من الشافعيين وغيرهم. ومنعه بعضهم في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأجازه في غيره والأصح: جواز ذلك في الجميع إذا كان عالما بما وصفناه قاطعا بأنه أدى معنى اللفظ الذي بلغه لأن ذلك هو الذي تشهد به أحوال الصحابة والسلف إلاولين. وكثيرا ما كانوا ينقلون معنى واحدا في أمر واحد بألفاظ مختلفة وما ذلك إلا لأن معولهم كان على المعنى دون اللفظ. ثم إن هذا الخلاف لا نراه جاريا ولا أجراه الناس فيما نعلم فيما تضمنته بطون الكتب فليس لأحد أن يغير لفظ شيء من كتاب مصنف ويثبت بدله فيه لفظا آخر بمعناه فإن الرواية بالمعنى رخص فيها من رخص لما كان عليهم في ضبط الألفاظ والجمود عليها من الحرج والنصب وذلك غير موجود فيما اشتملت عليه بطون الأوراق والكتب ولأنه إن ملك تغيير اللفظ فليس يملك تغيير تصنيف غيره والله أعلم. السادس: ينبغي لمن يروي حديثا بالمعنى أن يتبعه بأن يقول أو كما قال أو

نحو هذا أو ما أشبه ذلك من إلالفاظ, روي ذلك من الصحابة عن ابن مسعود وأبي الدرداء وأنس رضي الله عنهم. قال الخطيب: والصحابة أرباب اللسان وأعلم الخلق بمعاني الكلام ولم يكونوا يقولون ذلك إلا تخوفا من الزلل لمعرفتهم بما في الرواية على المعنى من الخطر. قلت: وإذا اشتبه على القاريء فيما يقرؤه لفظة فقرأها على وجه يشك فيه ثم قال أو كما قال فهذا حسن وهو الصواب في مثله لأن قوله أو كما قال يتضمن إجازة من الراوي وإذنا في رواية صوابها عنه إذا بان ثم لا يشترط إفراد ذلك بلفظ الإجازة لما بيناه قريبا والله أعلم. السابع: هل يجوز اختصار الحديث الواحد ورواية بعضه دون بعض؟ اختلف أهل العلم فيه: فمنهم من منع من ذلك مطلقا بناء على القول بالمنع من النقل بالمعنى مطلقا ومنهم من منع من ذلك مع تجويزه النقل بالمعنى إذا لم يكن قد رواه على التمام مرة أخرى ولم يعلم أن غيره قد رواه على التمام ومنهم من جوز ذلك وأطلق ولم يفصل. وقد روينا عن مجاهد أنه قال: أنقص من الحديث ما شئت ولا تزد فيه والصحيح التفصيل وأنه يجوز ذلك من العالم العارف إذا كان ما تركه متميزا عما نقله غير متعلق به بحيث لا يختل البيان ولا تختلف الدلالة فيما نقله بترك ما تركه. فهذا ينبغي أن يجوز وإن لم يجز النقل بالمعنى لأن الذي نقله والذي تركه والحالة هذه بمنزلة خبرين منفصلين في أمرين لا تعلق لأحدهما بالآخر. ثم هذا إذا كان رفيع المنزلة بحيث لا يتطرق إليه في ذلك تهمة نقله أولا تماما ثم نقله ناقصا أو: نقله أولا ناقصا ثم نقله تاما. فأما إذا لم يكن كذلك: فقد ذكر الخطيب الحافظ: أن من روى حديثا على التمام

وخاف إن رواه مرة أخرى على النقصان أن يتهم بأنه زاد في أول مرة ما لم يكن سمعه أو أنه نسي في الثاني باقي الحديث لقلة ضبطه وكثرة غلطه فواجب عليه أن ينفي هذه الظنة عن نفسه. وذكر إلامام أبو الفتح سليم بن أيوب الرازي الفقيه: أن من روى بعض الخبر ثم أراد أن ينقل تمامه وكان ممن يتهم بأنه زاد في حديثه: كان ذلك عذرا له في ترك الزيادة وكتمانها. قلت: من كان هذا حاله فليس له من الابتداء أن يروي الحديث غير تام إذا كان قد تعين عليه أداء تمامه لأنه إذا رواه أولا ناقصا أخرج باقية عن حيز الاحتجاج به ودار: بين أن لا يرويه أصلا فيضيعه رأسا وبين أن يرويه متهما فيه فيضيع ثمرته لسقوط الحجة فيه والعلم عند الله تعالى. وأما تقطيع المصنف متن الحديث الواحد وتفريقه في الأبواب: فهو إلى الجواز أقرب ومن المنع أبعد وقد فعله مالك والبخاري وغير واحد من أئمة الحديث ولا يخلو من كراهية والله أعلم. الثامن: ينبغي للمحدث أن لا يروي حديثه بقراءة لحان أو مصحف. روينا عن النضر بن شميل أنه قال: جاءت هذه إلاحاديث عن الأصل معربة. وأخبرنا أبو بكر بن أبي المعالي الفراوي قراءة عليه قال: أخبرنا إلامام أبو جدي أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الغافر بن محمد الفارسي قال: أخبرنا إلامام أبو سليمان حمد بن محمد الخطابي قال: حدثني محمد بن معاذ قال: أخبرنا بعض أصحابنا عن أبي داود السنجي قال: سمعت إلاصمعي يقول: إن أخوف ما أخاف على طالب العلم إذا لم يعرف النحو: أن يدخل في جملة قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من كذب علي فليتبوأ مقعده من النار" لأنه صلى الله عليه وسلم

لم يكن يلحن فمهما رويت عنه ولحنت فيه كذبت عليه. قلت: فحق على طالب الحديث أن يتعلم من النحو واللغة ما يتخلص به من شين اللحن والتحريف ومعرتهما روينا عن شعبة قال: من طلب الحديث ولم يبصر العربية فمثله مثل رجل عليه برنس ليس له رأس أو كما قال وعن حماد بن سلمة قال: مثل الذي يطلب الحديث ولا يعرف النحو مثل الحمار عليه مخلاة لا شعير فيها. وأما التصحيف: فسبيل السلامة منه الأخذ من أفواه أهل العلم والضبط فإن من حرم ذلك وكان أخذه وتعلمه من بطون الكتب كان من شأنه التحريف ولم يفلت من التبديل والتصحيف والله أعلم. التاسع: إذا وقع في روايته لحن أو تحريف فقد اختلفوا فمنهم من كان يري أنه يرويه على الخطأ كما سمعه. وذهب إلى ذلك من التابعين محمد بن سيرين وأبو معمر عبد الله بن سخبرة. وهذا غلو في مذهب اتباع اللفظ والمنع من الرواية بالمعني. ومنهم من رأى تغييره وإصلاحه وروايته على الصواب. روينا ذلك عن الأوزاعي وابن المبارك وغيرهما وهو مذهب المحصلين والعلماء من المحدثين. والقول به في اللحن الذي لا يختلف به المعنى وأمثاله لازم على مذهب تجويز رواية الحديث بالمعنى وقد سبق أنه قول الأكثرين. وأما إصلاح ذلك وتغييره في كتابه وأصله: فالصواب تركه وتقرير ما وقع في الأصل على ما هو عليه مع التضبيب عليه وبيان الصواب خارجا في الحاشية فإن ذلك أجمع للمصلحة وأنفي للمفسدة. وقد روينا أن بعض أصحاب الحديث رئي في المنام وكأنه قد مر من شفته أو لسانه شيء فقيل له في ذلك فقال: لفظة من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم غيرتها برأيي ففعل بي هذا.

وكثيرا ما نرى ما يتوهمه كثير من أهل العلم خطأ وربما غيروه صوابا ذا وجه صحيح وإن خفي واستغرب لا سيما فيما يعدونه خطأ من جهة العربية. وذلك لكثرة لغات العرب وتشعبها. وروينا عن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: كان إذا مر بأبي لحن فاحش غيره وإذا كان لحنا سهلا تركه وقال: كذا قال الشيخ. وأخبرني بعض أشياخنا: عمن أخبره عن القاضي الحافظ عياض بما معناه واختصاره أن الذي استمر عليه عمل أكثر إلاشياخ أن ينقلوا الرواية كما وصلت إليهم ولا يغيروها في كتبهم حتى في أحرف من القرآن استمرت الرواية فيها في الكتب على خلاف التلاوة المجمع عليها ومن غير أن يجيء ذلك في الشواذ. ومن ذلك ما وقع في الصحيحين والموطأ وغيرها لكن أهل المعرفة منهم ينبهون على خطئها عند السماع والقراءة وفي حواشي الكتب مع تقريرهم ما في الأصول على ما بلغهم. ومنهم من جسر على تغيير الكتب وإصلاحها منهم أبو الوليد هشام بن أحمد الكناني الوقشي فإنه لكثرة مطالعته وافتتانه وثقوب فهمه وحدة ذهنه جسر على الإصلاح كثيرا وغلط في أشياء من ذلك. وكذلك غيره ممن سلك مسلكه والأولى سد باب التغيير والإصلاح لئلا يجسر على ذلك من لا يحسن وهو أسلم مع التبيين فيذكر ذلك عند السماع كما وقع ثم يذكر وجه صوابه: إما من جهة العربية وإما من جهة الرواية. وإن شاء قرأه أولا على الصواب ثم قال وقع عند شيخنا أو: في روايتنا أو: من طريق فلان كذا وكذا. وهذا أولى من الأول كيلا يتقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل. وأصلح ما يعتمد عليه في الإصلاح: أن يكون ما يصلح به الفاسد قد ورد في

أحاديث أخر فإن ذاكره آمن من أن يكون منقولا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل والله أعلم. العاشر: إذا كان الإصلاح بزيادة شيء قد سقط فإن لم يكن في ذلك مغايرة في المعنى: فإلامر فيه على ما سبق وذلك كنحو ما روي عن مالك رضي الله عنه أنه قيل له: أرأيت حديث النبي صلى الله عليه وسلم يزاد فيه الواو والألف والمعنى واحد؟ فقال: أرجو أن يكون خفيفا وإن كان الإصلاح بالزيادة يشتمل على معنى مغاير لما وقع في الأصل: تأكد فيه الحكم بأنه يذكر ما في الأصل مقرونا بالتنبيه على ما سقط ليسلم من معرة الخطأ ومن أن يقول على شيخه ما لم يقل. حدث أبو نعيم الفضل بن دكين عن شيخ له بحديث قال فيه عن بحينة فقال أبو نعيم: إنما هو ابن بحينة ولكنه قال بحينة. وإذا كان من دون موضع الكلام الساقط معلوما أنه قد أوتي به وإنما أسقطه من بعده ففيه وجه آخر: وهو أن يلحق الساقط في موضعه من الكتاب مع كلمة يعني كما فعل الخطيب الحافظ إذ روى عن ابن عمر بن مهدي عن القاضي المحاملي بإسناده عن عروة عن عمرة بنت عبد الرحمن تعني عن عائشة أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدني إلي رأسه فأرجله قال الخطيب: كان في أصل ابن مهدي عن عمرة أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدني إلي رأسه فألحقنا فيه ذكر عائشة إذ لم يكن منه بد وعلمنا أن المحاملي كذلك رواه وإنما سقط من كتاب شيخنا أبي عمر وقلنا فيه تعني عن عائشة رضي الله عنها لأجل أن ابن مهدي لم يقل لنا ذلك. وهكذا رأيت غير واحد من شيوخنا يفعل في مثل هذا. ثم ذكر بإسناده عن أحمد بن حنبل رضي الله عنه قال: سمعت وكيعا يقول: إنا لنستعين في الحديث بيعني.

قلت: وهذا إذا كان شيخه قد رواه له على الخطأ. فأما إذا وجد ذلك في كتابه وغلب على ظنه أن ذلك من الكتاب لا من شيخه فيتجه ههنا إصلاح ذلك في كتابه وفي روايته عند تحديثه به معا ذكر أبو داود أنه قال: لأحمد بن حنبل: وجدت في كتابي حجاج عن جريج عن أبي الزبير يجوز لي أن أصلحه ابن جريج؟ فقال: أرجو أن يكون هذا لا بأس به والله أعلم. وهذا من قبيل ما إذا درس من كتابه بعض الإسناد أو المتن فإنه يجوز له استدراكه من كتاب غيره إذا عرف صحته وسكنت نفسه إلى أن ذلك هو الساقط من كتابه وإن كان في المحدثين من لا يستجيز ذلك. وممن فعل ذلك نعيم بن حماد فيما روى عن يحيى بن معين عنه. قال الخطيب الحافظ: ولو بين ذلك في حال الرواية كان أولى وهكذا الحكم في استثبات الحافظ ما شك فيه من كتاب غيره أو من حفظه وذلك مروي عن غير واحد من أهل الحديث منهم عاصم وأبو عوانة وأحمد بن حنبل وكان بعضهم يبين ما ثبته فيه غيره فيقول حدثنا فلان وثبتني فلان كما روي عن يزيد بن هارون أنه قال: أخبرنا عاصم وثبتني شعبة عن عبد الله بن سرجس وهكذا إلامر فيما إذا وجد في أصل كتابه كلمة من غريب العربية أو غيرها غير مقيدة وأشكلت عليه فجائز أن يسأل عنها أهل العلم بها ويرويها على ما يخبرونه به. روي مثل ذلك عن إسحاق بن راهويه وأحمد بن حنبل وغيرهما رضي الله عنهم والله أعلم. الحادي عشر: إذا كان الحديث عند الراوي عن اثنين أو أكثر وبين روايتهما تفاوت في الفظ والمعنى واحد كان له أن يجمع بينهما في الإسناد ثم يسوق الحدي على لفظ أحدهما خاصة ويقول: أخبرنا فلان وفلان واللفظ لفلان

أو هذا لفظ فلان قال. أو: قإلا: أخبرنا فلان أو ما أشبه ذلك من العبارات. ولمسلم صاحب الصحيح مع هذا في ذلك عبارة أخرى حسنة مثل قوله: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو سعيد إلاشج كلاهما عن أبي خالد قال أبو بكر: حدثنا أبو خالد إلاحمر عن إلاعمش.. وساق الحديث. فإعادته ثانيا ذكر أحدهما خاصة إشعار بأن اللفظ المذكور له وأما إذا لم يخص لفظ أحدهما بالذكر بل أخذ من لفظ هذا ومن لفظ ذاك وقال أخبرنا فلان وفلان وتقاربا في اللفظ قإلا: أخبرنا فلان فهذا غير ممتنع على مذهب تجويز الرواية بالمعنى وقول أبي داو د صاحب السنن حدثنا مسدد وأبو توبة المعنى قإلا: حدثنا أبو إلاحوص مع أشباه لهذا في كتابه يحتمل أن يكون من قبيل إلاول فيكون اللفظ لمسدد ويوافقه أبو توبة في المعنى. ويحتمل أن يكون من قبيل الثاني فلا يكون قد أورد لفظ أحدهما خاصة بل رواه بالمعنى عن كليهما وهذا إلاحتمال يقرب في قوله حدثنا مسلم بن إبراهيم وموسى بن إسماعيل المعنى واحد قإلا: حدثنا أبان. وأما إذا جمع بين جماعة رواة قد اتفقوا في المعنى وليس ما أروده لفظ كل واحد منهم وسكت عن البيان لذلك فهذا مما عيب به البخاري أو غيره ولا بأس به على مقتضى مذهب تجويز الرواية بالمعنى. وإذا سمع كتابا مصنفا من جماعة ثم قابل نسخته بأصل بعضهم دون بعض وأراد أن يذكر جميعهم في الإسناد ويقول واللفظ لفلان كما سبق: فهذا يحتمل أن يجوز كإلاول لأن ما أورده قد سمعه بنصه ممن ذكر أنه بلفظه ويحتمل أن لا يجوز لأنه لا علم عنده بكيفية رواية إلاخرين حتى يخبر عنها بخلاف ما سبق فإنه اطلع على رواية غير من نسب اللفظ إليه وعلى موافقتهما من حيث المعنى فأخبر بذلك والله أعلم.

الثاني عشر: ليس له أن يزيد في نسب من فوق شيخه من رجال الإسناد على ما ذكره شيخه مدرجا عليه من غير فصل مميز فإن أتى بفصل جاز مثل أن يقول هو ابن فلان الفلاني أو يعني: ابن فلان ونحو ذلك. وذكر الحافظ إلامام أبو بكر البرقاني رحمه الله في كتاب اللقط له بإسناده عن علي بن المديني قال: إذا حدثك الرجل فقال: حدثنا فلان ولم ينسبه فأحببت أن تنسبه فقل حدثنا فلان: أن فلان بن فلان حدثه والله أعلم. وأما إذا كان شيخه قد ذكر نسب شيخه أو صفته في أول كتاب أو جزء عند أول حديث منه واقتصر فيما بعده من إلاحاديث على ذكر اسم الشيخ أو بعض نسبه. مثاله: أن أروي جزءا عن الفراوي فأقول في أوله أخبرنا أبو بكر منصور بن عبد المنعم بن عبد الله الفراوي قال أخبرنا فلان. وأقول في باقي أحاديثه أخبرنا منصور أخبرنا منصور فهل يجوز لمن سمع ذلك الجزء مني أن يروي عني إلاحاديث التي بعد الحديث إلاول متفرقة ويقول في كل واحد منها أخبرنا فلان قال: أخبرنا أبو بكر منصور بن عبد المنعم بن عبد الله الفراوي قال: أخبرنا فلان وإن لم أذكر له ذلك في كل واحد منها اعتمادا على ذكري له أولا؟ فهذا قد حكى الخطيب الحافظ عن أكثر أهل العلم: أنهم أجازوه. وعن بعضهم أن إلاولى أن يقول يعني ابن فلان. وروى بإسناده عن أحمد بن حنبل رضي الله عنه: أنه كان إذا جاء اسم الرجل غير منسوب قال يعني ابن فلان. وروي عن البرقاني بإسناده عن علي بن المديني ما قدمنا ذكره عنه. ثم ذكر أنه هكذا رأى أبا بكر أحمد بن علي إلاصبهاني نزيل نيسابور يفعل وكان أحد الحفاظ المجودين ومن أهل الورع والدين وأنه سأله عن أحاديث كثيرة رواها له قال فيها أخبرنا أبو عمرو بن حمدان: أن أبا يعلى أحمد بن علي بن المثنى

الموصلي أخبرهم وأخبرنا أبو بكر بن المقري: أن إسحاق بن أحمد بن نافع حدثهم. وأخبرنا أبو أحمد الحافظ: أن أبا يوسف محمد بن سفيان الصفار أخبرهم فذكر له أنها أحاديث سمعها قراءة على شيوخه في جملة نسخ نسبوا الذين حدثوهم بها في أولها واقتصروا في بقيتها على ذكر أسمائهم, قال: وكان غيره يقول في مثل هذا أخبرنا فلان قال: أخبرنا فلان هو ابن فلان ثم يسوق نسبه إلى منتهاه قال: وهذا الذي أستحبه لأن قوما من الرواة كانوا يقولون فيما أجيز لهم أخبرنا فلان: أن فلانا حدثهم. قلت: جميع هذه الوجوه جائزة وأولاها أن يقول هو ابن فلان أو: يعني ابن فلان ثم أن يقول إن فلان بن فلان ثم أن يذكر المذكور في أول الجزء بعينه من غير فصل والله أعلم. الثالث عشر: جرت العادة بحذف قال ونحوه فيما بين رجال الإسناد خطأ ولا بد من ذكره حالة القراءة لفظا. ومما قد يغفل عنه من ذلك ما إذا كان في أثناء الإسناد قرئ على فلان: أخبرك فلان فينبغي للقارئ أن يقول فيه قيل له: أخبرك فلان. ووقع في بعض ذلك قرئ على فلان: حدثنا فلان فهذا يذكر فيه قال فيقال قرئ على فلان قال: حدثنا فلان وقد

_ "قوله" جرت العادة بحذف قال ونحوه فيما بين رجال الإسناد خطا ولابد من ذكره حال القراءة لفظا انتهى. هكذا قال المصنف هنا إنه لابد من النطق بقال لفظا ومقتضاه أنه لا يصح السماع بدونها وخالف المصنف ذلك في الفتاوى فإنه سئل فيها عن ترك القارى قال فقال هذا خطأ من فاعله والأظهر أنه لا يبطل السماع به لأن حذف القول جائز اختصارا جاء به القرآن العظيم وكذا قال النووى في التقريب والتيسير تركها خطأ والظاهر صحة السماع والله أعلم.

جاء هذا مصرحا به خطأ هكذا في بعض ما رويناه. وإذا تكررت كلمة قال كما في قوله في كتاب البخاري حدثنا صالح بن حيان قال: قال عامر الشعبي حذفوا إحداهما في الخط وعلى القارئ أن يلفظ بهما جميعا والله أعلم. الرابع عشر: النسخ المشهورة المشتملة على أحاديث بإسناد واحد كنسخة همام بن منبه عن أبي هريرة رواية عبد الرزاق عن معمر عنه ونحوها من النسخ والأجزاء. منهم من يجدد ذكر الإسناد في أول كل حديث منها. ويوجد هذا في كثير من إلاصول القديمة وذلك أحوط. ومنهم من يكتفي بذكر الإسناد في أولها عند أول حديث منها أو: في أول كل مجلس من مجالس سماعها ويدرج الباقي عليه ويقول في كل حديث بعده وبالإسناد أو وبه وذلك هو الأغلب ألأكثر. وإذا أراد من كان سماعه على هذا الوجه تفريق تلك الأحاديث ورواية كل حديث منها بالإسناد المذكور في أولها جاز له ذلك عند الأكثرين. منهم وكيع بن الجراح ويحيى بن معين وأبو بكر الاسماعيلى. وهذا لأن الجميع معطوف على الأول فالإسناد المذكور أولا في حكم المذكور في كل حديث وهو بمثابة تقطيع المتن الواحد في أبواب بإسناده المذكور في أوله والله أعلم. ومن المحدثين من أبى إفراد شيء من تلك الأحاديث المدرجة بالإسناد المذكور أولا ورآه تدليسا. وسأل بعض أهل الحديث الأستاذ أبا إسحاق الإسفرائيني الفقيه الأصولي عن ذلك فقال: لا يجوز. وعلى هذا من كان سماعه على هذا الوجه فطريقه أن يبين ويحكي ذلك كما جرى كما فعله مسلم في صحيحه في صحيفة همام بن منبه نحو قوله: حدثنا محمد بن رافع قال:

حدثنا عبد الرزاق: قال أخبرنا معمر عن همام بن منبه قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة.. وذكر أحاديث منها: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أدنى مقعد أحدكم في الجنة أن يقول له: تمن" الحديث. وهكذا فعل كثير من المؤلفين والله أعلم. الخامس عشر: إذا قدم ذكر المتن على الإسناد أو ذكر المتن وبعض الإسناد ثم ذكر الإسناد عقيبه على إلاتصال. مثل أن يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا أو يقول روى عمرو بن دينار عن جابر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا ثم يقول أخبرنا به فلان قال: أخبرنا فلان ويسوق الإسناد حتى يتصل بما قدمه فهذا يلتحق بما إذا قدم الإسناد في كونه يصير به مسندا للحديث لا مرسلا له. فلو أراد من سمعه منه هكذا أن يقدم الإسناد ويؤخر المتن ويلفقه كذلك: فقد ورد عن بعض من تقدم من المحدثين أنه جوز ذلك. قلت: ينبغي أن يكون فيه خلاف نحو الخلاف في تقديم بعض متن الحديث على بعض. وقد حكى الخطيب: المنع من ذلك على القول بأن الرواية على المعنى لا تجوز والجواز على القول بأن الرواية على المعنى تجوز ولا فرق بينهما في ذلك والله أعلم. وأما ما يفعله بعضهم من إعادة ذكر الإسناد في آخر الكتاب أو الجزء بعد ذكره أولا فهذا لا يرفع الخلاف الذي تقدم ذكره في إفراد كل حديث بذلك الإسناد عند روايتها لكونه لا يقع متصلا بكل واحد منها ولكنه يفيد تأكيدا واحتياطا ويتضمن إجازة بالغة من أعلى أنواع الإجازات والله أعلم. السادس عشر: إذا روى المحدث الحديث بإسناد ثم أتبعه بإسناد آخر وقال عند انتهائه مثله فأراد الراوي عنه أن يقتصر على الإسناد الثاني ويسوق لفظ الحديث المذكور عقيب الإسناد الأول: فالأظهر المنع من ذلك.

وروينا عن أبي بكر الخطيب الحافظ رحمه الله قال: كان شعبة لا يجيز ذلك. وقال بعض أهل العلم: يجوز ذلك إذا عرف أن المحدث ضابط متحفظ يذهب إلى تمييز إلالفاظ وعد الحروف فإن لم يعرف ذلك منه لم يجز ذلك. وكان غير واحد من أهل العلم إذا روى مثل هذا يورد الإسناد ويقول مثل حديث قبله متنه كذا وكذا ثم يسوقه. وكذلك إذا كان المحدث قد قال نحوه. قال: وهذا هو الذي أختاره. أخبرنا أبو أحمد عبد الوهاب بن أبي منصور علي بن علي البغدادي شيخ الشيوخ بها بقراءتي عليه بها قال أخبرنا والدي رحمه الله: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد الصريفيني: أخبرنا أبو القاسم بن حبابة: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي: حدثنا عمرو بن محمد الناقد: حدثنا وكيع قال: قال شعبة: فلان عن فلان مثله لا يجزئ. قال وكيع: وقال سفيان الثوري: يجزئ. وأما إذا قال نحوه فهو في ذلك عند بعضهم كما إذا قال مثله نبئنا بإسناد عن وكيع قال: قال سفيان: إذا قال نحوه فهو حديث وقال شعبة نحوه شك وعن يحيى بن معين: أنه أجاز ما قدمنا ذكره في قوله مثله ولم يجزه في قوله نحوه قال الخطيب: وهذا القول على مذهب من لم يجز الرواية على المعنى. فأما على مذهب من أجازها فلان فرق بين مثله ونحوه والله أعلم. قلت: هذا له تعلق بما رويناه عن مسعود بن علي السجزي: أنه سمع الحاكم أبا عبد الله الحافظ يقول: إن مما يلزم الحديثي من الضبط وإلاتقان أن يفرق بين أن يقول مثله أو يقول نحوه فلا يحل له أن يقول مثله إلا بعد أن يعلم أنهما على لفظ واحد ويحل أن يقول نحوه إذا كان على مثل معانيه والله أعلم. السابع عشر: إذا ذكر الشيخ إسناد الحديث ولم يذكر من متنه إلا طرفا ثم قال وذكر الحديث أو قال وذكر الحديث بطوله فأراد الراوي عنه أن يروي

عنه الحديث بكماله وبطوله فهذا أولى بالمنع مما سبق ذكره في قوله مثله أو نحوه. فطريقه: أن يبين ذلك بأن يقتص ما ذكره الشيخ على وجهه فيقول قال: وذكر الحديث بطوله ثم يقول والحديث بطوله هو كذا وكذا ويسوقه إلى آخره. وسأل بعض أهل الحديث أبا إسحاق إبراهيم بن محمد الشافعي المقدم في الفقه وإلاصول عن ذلك فقال: لا يجوز لمن سمع على هذا الوصف أن يروي الحديث بما فيه من إلالفاظ على التفصيل. وسأل أبو بكر البرقاني الحافظ الفقيه أبا بكر إلاسماعيلي الحافظ الفقيه عمن قرأ إسناد حديث على الشيخ ثم قال وذكر الحديث هل يجوز أن يحدث بجميع الحديث؟ فقال: إذا عرف المحدث والقارئ ذلك الحديث فأرجو أن يجوز ذلك والبيان أولى أن يقول كما كان. قلت: إذا جوزنا ذلك فالتحقيق فيه: أنه بطريق الإجازة فيما لم يذكره الشيخ لكنها إجازة أكيدة قوية من جهات عديدة فجاز لهذا مع كون أوله سماعا إدراج الباقي عليه من غير إفراد له بلفظ الإجازة والله أعلم. الثامن عشر: الظاهر أنه لا يجوز تغيير عن النبي إلى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذا بالعكس وإن جازت الرواية بالمعنى فإن شرط ذلك أن لا يختلف المعنى والمعنى في هذا مختلف.

_ قوله الظاهر أنه لا يجوز تغيير عن النبى إلى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذا بالعكس وإن جازت الرواية بالمعنى فإن شرط ذلك أن لا يختلف المعنى والمعنى في هذا مختلف انتهى. وفيه نظر من حيث أن المعنى لا يختلف في نسبة الحديث لقائله بأى وصف وصف من تعريفه بالنبى أو رسول الله صلى الله عليه وسلم أو نحو ذلك فإن اختلف مدلول لفظ النبى والرسول فليس المقصود هنا بيان وصفه إنما المراد تعريف القائل بأى وصف عرف به واشتهر وأما ما استدل به بعض من اختصر كتاب ابن الصلاح على منع ذلك.

وثبت عن عبد الله بن أحمد بن حنبل أنه رأى أباه إذا كان في الكتاب النبي فقال المحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب وكتب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: وقال الخطيب أبو بكر: هذا غير لازم وإنما استحب أحمد اتباع المحدث في لفظه وإلا فمذهبه الترخيص في ذلك. ثم ذكر بإسناده عن صالح بن أحمد بن حنبل قال: قلت لأبي: يكون في الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيجعل إلانسان قال النبي صلى الله عليه وسلم قال: أرجو أن لا يكون به بأس. وذكر الخطيب بسنده عن حماد بن سلمة: أنه كان يحدث وبين يديه عفان وبهز فجعلا يغيران النبي صلى الله عليه وسلم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهما حماد: أما أنتما فلا تفقهان أبدا والله أعلم. التاسع عشر: إذا كان سماعه على صفة فيها بعض الوهن فعليه أن يذكرها في حالة الرواية فإن في إغفالها نوعا من التدليس وفيما مضى لنا أمثلة لذلك. ومن أمثلته: ما إذا حدثه المحدث من حفظه في حالة المذاكرة فليقل حدثنا فلان مذاكرة أو حدثناه في المذاكرة فقد كان غير واحد من متقدم العلماء يفعل ذلك وكان جماعة من حفاظهم يمنعون من أن يحمل عنهم في المذاكرة شيء منهم عبد الرحمن بن مهدي وأبو زرعة الرازي ورويناه عن ابن المبارك وغيره. وذلك لما قد يقع فيها من المساهلة مع أن الحفظ خوان ولذلك امتنع جماعة من أعلام الحفاظ من رواية

_ من حديث البراء بن عازب في الصحيح حين علمه صلى الله عليه وسلم ما يدعو به عند النوم من قوله "آمنت بكتابك الذى أنزلت ونبيك الذى أرسلت" فقال البراء يستذكرهن وبرسولك الذى أرسلت فقال صلى الله عليه وسلم "لا قل ونبيك الذى أرسلت" فليس فيه حجة على منع ذلك في الرواية لأن ألفاظ الأذكار توقيفية في تعيين اللفظ وتقدير الثواب وربما كان اللفظ سر ليس في لفظ آخر يرادفه ولعله أراد الجمع بين وصفه بالنبوة والرسالة في موضع واحد لا حرم أن النووى قال الصواب جوازه لأنه لا يختلف به هنا معنى والله أعلم.

ما يحفظونه إلا من كتبهم منهم أحمد بن حنبل رضي الله عنهم أجمعين والله أعلم العشرون: إذا كان الحديث عن رجلين: أحدهما مجروح مثل أن يكون عن ثابت البناني وأبان بن أبي عياش عن أنس. فلا يستحسن إسقاط المجروح من الإسناد وإلاقتصار على ذكر الثقة خوفا من أن يكون فيه عن المجروح شيء لم يذكره الثقة قال نحوا من ذلك أحمد بن حنبل ثم الخطيب أبو بكر. قال الخطيب: وكان مسلم بن الحجاج في مثل هذا ربما أسقط المجروح من الإسناد ويذكر الثقة ثم يقول وآخر كناية عن المجروح. قال: وهذا القول لا فائدة فيه. قلت: وهكذا ينبغي إذا كان الحديث عن رجلين ثقتين أن لا يسقط أحدهما منه لتطرق مثل إلاحتمال المذكور إليه وإن كان محذور إلاسقاط فيه أقل. ثم لا يمتنع ذلك في الصورتين امتناع تحريم لأن الظاهر اتفاق الروايتين. وما ذكر من إلاحتمال نادر بعيد فإنه من إلادراج الذي لا يجوز تعمده كما سبق في نوع المدرج والله أعلم. الحادي والعشرون: إذا سمع بعض حديث من شيخ وبعضه من شيخ آخر فخلطه ولم يميزه وعزي الحديث جملة إليهما مبينا أن عن أحدهما بعضه وعن إلاخر بعضه فذلك جائز كما فعل الزهري في حديث إلافك حيث رواه عن عروة وابن المسيب وعلقمة بن وقاص الليثي وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عائشة رضي الله عنها. وقال: وكلهم حدثني طائفة من حديثها قالوا: قالت:.. الحديث ثم إنه ما من شيء من ذلك الحديث إلا وهو في الحكم كأنه رواه عن أحد الرجلين على إلابهام حتى إذا

_ "قوله" إذا سمع بعض حديث من شيخ وبعضه من شيخ آخر فخلطه ولم يميزه وعزى الحديث جملة إليهما مبينا أن عن أحدهما بعضه وعن الآخر بعضه فذلك جايز كما فعل الزهرى في حديث الإفك فذكره ثم قال وغير جائز لأحد بعد اختلاط ذلك أن يسقط ذكر أحد

كان أحدهما مجروحا لم يجز إلاحتجاج بشيء من ذلك الحديث وغير جائز لأحد بعد اختلاط ذلك أن يسقط ذكر أحد الراويين ويروي الحديث عن الآخر وحده بل يجب ذكرهما جميعا مقرونا بإلافصاح بأن بعضه عن أحدهما وبعضه عن الآخر والله أعلم.

_ الراويين ويروى الحديث عن الآخر وحده إلى آخر كلامه وقد اعترض عليه بأن البخارى أسقط ذكر أحد شيخيه أو شيوخه في مثل هذه الصورة واقتصر على ذكر شيخ واحد فقال في كتاب الرقاق من صحيحه في باب كيف كان عيش النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه وتخليهم من الدنيا حدثنى أبو نعيم بنصف من هذا الحديث حدثنا عمر بن ذر حدثنا مجاهد أن أبا هريرة كان يقول آلله الذى لا إله إلا هو إن كنت لاعتمد بكبدى على الأرض من الجوع الحديث انتهى. والجواب أن الممتنع إنما هو إسقاط بعض شيوخه وإيراد جميع الحديث عن بعضهم لأنه حينئذ يكون قد حدث عن المذكور ببعض ما لم يسمعه منه فأما إذا بين أنه لم يسمع منه إلا بعض الحديث كما فعل البخارى هنا فليس بممتنع وقد بين البخاري في موضع آخر من صحيحه القدر الذي سمعه من أبى نعيم من هذا الحديث أو بعض ما سمعه منه فقال في كتاب الاستئذان حدثنا أبو نعيم حدثنا عمر بن ذر ح وحدثنا محمد بن مقاتل أنبأنا عبد الله أنبأنا عمر بن ذر أنبأنا مجاهد عن أبى هريرة رضي الله عنه قال "دخلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد لبنا في قدح فقال: أبا هر ألحق الصفة أهل فادعهم إلى" قال فأتيتهم فدعوتهم فأقبلوا فاستأذنوا فأذن لهم فدخلوا انتهى. فهذا هو بعض حديث أبى نعيم الذي ذكره في الرقاق وأما بقية الحديث فيتحمل أن البخاري أخذه من كتاب أبى نعيم وجادة أو إجازة له سمعه من شيخ آخر غير أبى نعيم أما محمد بن مقاتل الذي روى عنه في الاستئذان بعضه أو غيره ولم يبين ذلك بل اقتصر على اتصال بعض الحديث من غير بيان ولكن ما من قطعة منه إلا وهى محتملة لأنها غير متصلة بالسماع إلا القطعة التي صرح البخاري في الاستيذان باتصالها والله أعلم.

النوع السابع والعشرون: معرفة آداب المحدث

النوع السابع والعشرون: معرفة آداب المحدث. وقد مضى طرف منها اقتضته إلانواع التي قبله. علم الحديث علم شريف يناسب مكارم إلاخلاق ومحاسن الشيم وينافر مساوي إلاخلاق ومشاين الشيم وهو من علوم إلاخرة لا من علوم الدنيا. فمن أراد التصدي لإسماع الحديث أو لإفادة شيء من علومه فليقدم تصحيح النية وإخلاصها وليطهر قلبه من إلاغراض الدنيوية وأدناسها وليحذر بلية حب الرياسة ورعوناتها. وقد اختلف في السن الذي إذا بلغه استحب له التصدي لإسماع الحديث وإلانتصاب لروايته. والذي نقوله: إنه متى احتيج إلى ما عنده استحب له التصدي لروايته ونشره في أي سن كان. وروينا عن القاضي الفاضل أبي محمد بن خلاد رحمه الله أنه قال: الذي يصح عندي من طريق إلاثر والنظر في الحد الذي إذا بلغه الناقل حسن به أن يحدث هو: أن يستوفي الخمسين لأنها انتهاء الكهولة وفيها مجتمع إلاشد. قال سحيم بن وثيل: أخو خمسين مجتمع أشدي ونجذني مداورة الشؤون قال: وليس بمنكر أن يحدث عند استيفاء الأربعين لأنها حد الاستواء ومنتهى الكمال نبئ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن أربعين وفي الأربعين تتناهى عزيمة الإنسان وقوته ويتوفر عقله ويجود رأيه. وأنكر القاضي عياض ذلك على ابن خالد وقال: كم من السلف المتقدمين ومن بعدهم من المحدثين من لم ينته إلى هذا السن ومات قبله وقد نشر من الحديث والعلم ما لا يحصى هذا عمر بن عبد العزيز توفي ولم يكمل الأربعين وسعيد بن جبير لم يبلغ الخمسين. وكذلك إبراهيم النخعي وهذا مالك بن أنس جلس للناس ابن نيف وعشرين

وقيل: ابن سبع عشرة والناس متوافرون وشيوخه أحياء. وكذلك محمد بن إدريس الشافعي: قد أخذ عنه العلم في سن الحداثة وانتصب لذلك. والله أعلم. قلت: ما ذكره ابن خلاد غير مستنكر وهو محمول على أنه قاله: فيمن يتصدى للتحديث ابتداء من نفسه من غير براعة في العلم تعجلت له قبل السن الذي ذكره. فهذا إنما ينبغي له ذلك بعد استيفاء السن المذكور فإنه مظنة الاحتياج إلى ما عنده. وأما الذين ذكرهم عياض ممن حدث قبل ذلك: فالظاهر أن ذلك لبراعة منهم في العلم تقدمت ظهر لهم معها الاحتياج إليهم فحدثوا قبل ذلك أو لأنهم سئلوا ذلك إما بصريح السؤال وإما بقرينة الحال. وأما السن الذي إذا بلغه المحدث انبغى له الإمساك عن التحديث: فهو السن الذي يخشى عليه فيه من الهرم والخرف ويخاف عليه فيه أن يخلط ويروي ما ليس من حديثه والناس في بلوغ هذه السن يتفاوتون بحسب اختلاف أحوالهم. وهكذا إذا عمي وخاف أن يدخل عليه ما ليس من حديثه فليمسك عن الرواية وقال ابن خلاد: أعجب إلي أن يمسك في الثمانين لأنه حد الهرم فإن كان عقله ثابتا ورأيه مجتمعا يعرف حديثه ويقوم به وتحرى أن يحدث احتسابا رجوت له خيرا ووجه ما قاله: أن من بلغ الثمانين ضعف حاله في الغالب وخيف عليه إلاختلال وإلاخلال أو أن لا يفطن له إلا بعد أن يخلط كما اتفق لغير واحد من الثقات منهم عبد الرزاق وسعيد بن أبي عروة. وقد حدث خلق بعد مجاوزة هذا السن فساعدهم التوفيق وصحبتهم السلامة منهم: أنس بن مالك وسهل بن سعد وعبد الله بن أبي أوفي من الصحابة ومالك

والليث وابن عيينة وعلي بن الجعد في عدد جم من المتقدمين والمتأخرين. وفيهم غير واحد حدثوا بعد استيفاء مائة سنة منهم: الحسن بن عرفة وأبو القاسم البغوي وأبو إسحاق العجيمي والقاضي أبو الطيب الطبري رضي الله عنهم أجمعين والله أعلم. ثم إنه لا ينبغي للمحدث أن يحدث بحضرة من هو أولى منه بذلك. وكان إبراهيم والشعبي إذا اجتمعا لم يتكلم إبراهيم بشيء. وزاد بعضهم: فكرة الرواية ببلد فيه من المحدثين من هو أولى منه لسنه أو لغير ذلك. روينا عن يحيى بن معين قال: إذا حدثت في بلد فيه مثل أبي مسهر فيجب للحيتي أن تحلق. وعنه أيضا: إن الذي يحدث بالبلدة وفيها من هو أولى بالتحديث منه فهو أحمق. وينبغي للمحدث إذا التمس منه ما يعلمه عند غيره في بلده أو غيره بإسناد أعلى من إسناده أو أرجح من وجه آخر أن يعلم الطالب به ويرشده إليه فإن الدين النصيحة. ولا يمتنع من تحديث أحد لكونه غير صحيح النية فيه فإنه يرجى له حصول النية من بعد روينا عن معمر قال: كان يقال: إن الرجل ليطلب العلم لغير الله فيأبى عليه العلم حتى يكون لله عز وجل وليكن حريصا على نشره مبتغيا جزيل أجره. وقد كان في السلف رضي الله عنهم من يتألف الناس على حديثه منهم عروة بن الزبير رضي الله عنهما وليقتد بمالك رضي الله عنه: فيما أخبرناه أبو القاسم الفراوي

بنيسابور أخبرنا أبو المعالي الفارسي: أخبرنا أبو بكر البيهقي الحافظ قال: أنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرني إسماعيل بن محمد بن الفضل بن محمد الشعراني حدثنا جدي: حدثنا إسماعيل بن أبي أويس قال: كان مالك بن أنس إذا أراد أن يحدث توضأ وجلس على صدر فراشه وسرح لحيته وتمكن في جلوسه بوقار وهيبة وحدث. فقيل له في ذلك. فقال: أحب أن أعظم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحدث إلا على طهارة متمكنا وكان يكره أن يحدث في الطريق أو هو قائم أو يستعجل. وقال أحب أن أتفهم ما أحدث به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وروي أيضا عنه أنه كان يغتسل لذلك ويتبخر ويتطيب فإن رفع أحد صوته في مجلسه زبره وقال: قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} . فمن رفع صوته عند حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فكأنما رفع صوته فوق صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم. وروينا أو: بلغنا عن محمد بن أحمد بن عبد الله الفقيه أنه قال: القارئ لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام لأحد فإنه يكتب عليه خطيئة". ويستحب له مع أهل مجلسه ما ورد عن حبيب بن أبي ثابت أنه قال: إن من السنة إذا حدث الرجل القوم أن يقبل عليهم جميعا والله أعلم. ولا يسرد الحديث سردا يمنع السامع من إدراك بعضه. وليفتتح مجلسه وليختتمه بذكر ودعاء يليق بالحال. ومن أبلغ ما يفتتحه به أن يقول: الحمد لله رب العالمين أكمل الحمد على كل حال. والصلاة والسلام الأتمان على سيد المرسلين كلما ذكره الذاكرون وكلما غفل عن ذكره الغافلون. اللهم صل

عليه وعلى آله وسائر النبيين وآل كل وسائر الصالحين نهاية ما ينبغي أن يسأله السائلون. ويستحب للمحدث العارف عقد مجلس لإملاء الحديث فإنه من أعلى مراتب الراوين والسماع فيه من أحسن وجوه التحمل وأقواها وليتخذ مستمليا يبلغ عنه إذا كثر الجمع فذلك دأب أكابر المحدثين المتصدين لمثل ذلك. وممن روي عنه ذلك: مالك وشعبة ووكيع وأبو عاصم ويزيد بن هارون في عدد كثير من الأعلام السالفين وليكن ستمليه محصلا متيقظا كيلا يقع في مثل ما روينا: أن يزيد بن هارون سئل عن حديث فقال: حدثنا به عدة فصاح به مستمليه: يا أبا خالد عدة ابن من؟ فقال له: عدة ابن فقدتك. وليستمل على موضع مرتفع من كرسي أو نحوه فإن لم يجد استملى قائما. وعليه أن يتبع لفظ المحدث فيؤديه على وجهه من غير خلاف. والفائدة في استملاء المستملي: توصل من يسمع لفظ المملي على بعد منه إلى تفهمه وتحققه بإبلاغ المستملي. وأما من لم يسمع إلا لفظ المستملي: فليس يستفيد بذلك جواز روايته لذلك عن المملي مطلقا من غير بيان الحال فيه. وفي هذا كلام قد تقدم في النوع الرابع والعشرين.

_ النوع السابع والعشرون: معرفه آداب المحدث. "قوله" وأما من لم يسمع إلا لفظ المستملى فليس يستفيد بذلك جواز روايته لذلك عن المملى مطلقا من غير بيان الحال فيه وفي هذا كلام قد تقدم في النوع الرابع والعشرين انتهى. والذي قدمه هناك أنه حكى هناك قولين أحدهما الجواز والثاني المنع وقال إن الأول بعيد فاقتضى كلامه هناك رجحان الامتناع والصواب كما قدمته هناك أنه إن كان المملى

ويستحب افتتاح المجلس بقراءة قارئ لشيء من القرآن العظيم. فإذا فرغ استنصت المستملي أهل المجلس إن كان فيه لغط ثم يبسمل ويحمد الله تبارك وتعالى ويصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتحرى الأبلغ في ذلك ثم يقبل على المحدث ويقول: من ذكرت أو ما ذكرت رحمك الله أو غفر الله لك أو نحو ذلك وكلما انتهى إلى ذكر النبي صلى الله عليه وسلم صلى عليه وذكر الخطيب أنه يرفع صوته بذلك وإذا انتهى إلى ذكر الصحابي قال رضي الله عنه. ويحسن بالمحدث الثناء على شيخه في حالة الرواية عنه بما هو أهل له فقد فعل ذلك غير واحد من السلف والعلماء كما روي عن عطاء بن أبي رباح أنه كان إذا حدث عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: حدثني البحر وعن وكيع أنه قال حدثنا سفيان أمير المؤمنين في الحديث. وأهم من ذلك الدعاء له عند ذكره فلا يغفلن عنه. ولا بأس بذكر من يروي عنه بما يعرف به من لقب كغندر لقب محمد بن جعفر صاحب شعبة ولوين لقب محمد بن سليمان المصيصي. أو نسبة إلى أم عرف بها كيعلى بن منية الصحابي وهو ابن أمية ومنية أمه وقيل: جدته أم أبيه أو وصف بصفة

_ يسمع لفظ المستملى فحكم حكم القارئ وعلى الشيخ فيجوز لسامع المستملى أن يرويه عن المملى لكن لا يجوز أن يقول سمعت ولا أخبرنى فلان املاء إنما يجوز ذلك لمن سمع لفظ المملى ويجوز أن يقول أنبأنا فلان ويطلق ذلك على الصحيح وهل يجوز أن يقيد ذلك بقوله قراءة عليه تحتمل أن يقال بالجواز لأن المستملى كالقارئ على الشيخ ويحمل أن لا يجوز ذلك لأن موضوع المستملى تبليغ ألفاظ الشيخ وليس قصده القراءة على الشيخ الأول أظهر كما تقدم هناك والله أعلم. قوله أو نسبة إلى أم عرف بها كيعلى بن منية الصحابى وهو ابن أمية ومنية أمه وقيل جدته أم أبيه انتهى

نقص في جسده عرف بها كسليمان إلاعمش وعاصم إلاحول. إلا ما يكرهه من ذلك كما في إسماعيل بن إبراهيم المعروف بابن علية وهي أمه وقيل: أم أمه. روينا عن يحيى بن معين أنه كان يقول حدثنا إسماعيل بن علية فنهاه أحمد بن حنبل وقال: قل إسماعيل بن إبراهيم فإنه بلغني أنه كان يكره أن ينسب إلى أمه فقال: قد قبلنا منك يا معلم الخير. وقد استحب للملي أن يجمع في إملائه بين الرواية عن جماعة من شيوخه مقدما للأعلى إسنادا أو إلاولى من وجه آخر. ويملي عن كل شيخ منهم حديثا واحدا ويختار ما علا سنده وقصر متنه فإنه أحسن وأليق. وينتقي ما يمليه ويتحرى المستفاد منه وينبه على ما فيه من فائدة وعلو وفضيلة. ويتجنب ما لا تحتمله عقول الحاضرين وما يخشى فيه من دخول الوهم عليهم في فهمه. وكان من عادة غير واحد من المذكورين ختم إلاملاء بشيء من الحكايات والنوادر وإلانشادات بأسانيدها وذلك حسن والله أعلم. وإذا قصر المحدث عن تخريج ما يمليه فاستعان ببعض حفاظ وقته فخرج له فلا بأس بذلك قال الخطيب: كان جماعة من شيوخنا يفعلون ذلك. وإذا نجز إلاملاء فلا غنى عن مقابلته وإتقانه وإصلاح ما فسد منه بزيغ القلم

_ رجح المصنف هنا أن منية أم يعلى واقتصر في النوع السابع والخمسين على كونها جدته وحكاه عن الزبير بن بكار وأنها جدته أم أبيه وما قاله الزبير هو الذى حزم به أبو نصر بن ماكولا ولكن قال ابن عبد البر لم يصب الزبير انتهى. والذى ذكره الطبرى ورجحه أبو الحجاج المزى أنها أم يعلى لا جدته فما رجحه المصنف وهو الراجح والله أعلم. "قوله" وإذا نجز الإملاء فلا غناء عن مقابلته واتقانه انتهى.

وطغيانه هذه عيون من آداب المحدث اجتزأنا بها معرضين عن التطويل بما ليس من مهماتها أو هو ظاهر ليس من مستبهماتها والله الموفق والمعين وهو أعلم.

_ هكذا ذكره المصنف هنا أنه لاغناء عن مقابلة الإملاء وتقدم في كلامه في النوع الخامس والعشرين الترخص في الرواية من نسخة غير قابلة بشروط ثلاثة فيحتمل أن يكون كلامه هنا محمولا على ما تقدم هناك ويحتمل أن يفرق بين النسخ من أصل السماع والنسخ من إملاء الشيخ حفظا لأن الحفظ يخون فربما تذكر الشيخ عند المعارضة ما لعله سبق إلى لفظه والله أعلم. "قوله" نجز هو بكسر الجيم على المشور وبه جزم الجوهرى فقال نجز الشئ بالكسر ينجز نجزا أى انقضى وفنى انتهى. وهذا هو الذى قيد عن المصنف في حاشية علوم الحديث حين قرئ عليه والذى صدر به صاحب المحكم كلامه بالفتح فقال نجز الكلام بالفتح انقطع ونجز الوعد ينجز نجزا حضر قال وقد يقال نجز قال ابن السكيت كأن نجز فنى وكأن نجز قضى حاجته انتهى.

النوع الثامن والعشرون: معرفة آداب طالب الحديث

النوع الثامن والعشرون- معرفة آداب طالب الحديث. وقد اندرج طرف منه في ضمن ما تقدم فأول ما عليه تحقيق الإخلاص والحذر من أن يتخذه وصلة إلى شيء من الأغراض الدنيوية روينا عن حماد بن سلمه رضي الله عنه أنه قال: من طلب الحديث لغير الله مكر به وروينا عن سفيان الثوري رضي الله عنه قال: ما أعلم عملا هو أفضل من طلب الحديث لمن أراد الله به. وروينا نحوه عن ابن المبارك رضي الله عنه. ومن أقرب الوجوه في إصلاح النية فيه: ما روينا عن أبي عمرو إسماعيل بن نجيد: أنه سأل أبا جعفر أحمد بن حمدان وكانا عبدين صالحين فقال له: بأي نية أكتب الحديث؟ فقال: ألستم تروون أن عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة؟ قال: نعم. قال: فرسول الله صلى الله عليه وسلم رأس الصالحين. وليسأل الله تبارك وتعالى التيسير والتأييد والتوفيق والتسديد وليأخذ نفسه بالأخلاق

الزكية والآداب المرضية. فقد روينا عن أبي عاصم النبيل قال: من طلب هذا الحديث فقد طلب أعلى أمور الدين فيجب أن يكون خير الناس وفي السن الذي يستحب فيه الابتداء بسماع الحديث وبكتبته اختلاف سبق بيانه في أول النوع الرابع والعشرين وإذا أخذ فيه فليشمر عن ساق جهده واجتهاده ويبدأ بالسماع من أسند شيوخ مصره ومن الأولى فالأولى من حيث العلم أو الشهرة أو الشرف أو غير ذلك. وإذا فرغ من سماع العوالي والمهمات التي ببلده فليرحل إلى غيره. روينا عن يحيى بن معين أنه قال: أربعة لا يؤنس منهم رشد: حارس الدرب ومنادي القاضي وابن المحدث ورجل يكتب في بلده ولا يرحل في طلب الحديث وروينا عن أحمد بن حنبل رضي الله عنه أنه قيل له: أيرحل الرجل في طلب العلو؟ فقال: بلى والله شديدا لقد كان علقمة والأسود يبلغهما الحديث عن عمر رضي الله عنه فلا يقنعهما حتى يخرجا إلى عمر رضي الله عنه فيسمعانه منه والله أعلم. وعن إبراهيم بن أدهم رضي الله عنه أنه قال: إن الله تعالى يدفع البلاء عن هذه الأمة برحلة أصحاب الحديث ولا يحملنه الحرص والشره على التساهل في السماع والتحمل والإخلال بما يشترط عليه في ذلك على ما تقدم شرحه. وليستعمل ما يسمعه من الأحاديث الواردة بالصلاة والتسبيح وغيرهما من الأعمال الصالحة فذلك زكاة الحديث على ما روينا عن العبد الصالح بشر بن الحارث الحافي رضي الله عنه. وروينا عنه أيضا أنه قال: يا أصحاب الحديث أدوا زكاة هذا الحديث اعملوا من كل مأتي حديث بخمسة أحاديث. وروينا عن عمرو بن قيس الملائي رضي الله عنه قال: إذا بلغك شيء من

الخير فاعمل به ولو مرة تكن من أهله وروينا عن وكيع قال: إذا أرت أن تحفظ الحديث فاعمل به. وليعظم شيخه ومن يسمع منه فذلك من إجلال الحديث والعلم ولا يثقل عليه ولا يطول بحيث يضجره فإنه يخشى على فاعل ذلك أن يحرم الانتفاع. وقد روينا عن الزهري أنه قال: إذا طال المجلس كان للشيطان فيه نصيب. ومن ظفر من الطلبة بسماع شيخ فكتمه غيره لينفرد به عنهم كان جديرا بأن لا ينتفع به وذلك من اللؤم الذي يقع فيه جهلة الطلبة الوضعاء. ومن أول فائدة طلب الحديث الإفادة. روينا عن مالك رضي الله عنه أنه قال: من بركة الحديث إفادة بعضهم بعض. وروينا عن إسحاق بن إبراهيم راهويه: أنه قال لبعض من سمع منه في جماعة: انسخ من كتابهم ما قد قرأت. فقال: إنهم لا يمكنونني. قال إذا والله لا يفلحون قد رأينا أقواما منعوا هذا السماع فو الله ما أفلحوا ولا أنجحوا. قلت: وقد رأينا نحن أقواما منعوا السماع فما أفلحوا ولا أنجحوا ونسأل الله العافية والله أعلم. ولا يكن ممن يمنعه الحياء أو الكبر عن كثير من الطلب. وقد روينا عن مجاهد رضي الله عنه أنه قال: لا يتعلم مستحي ولا مستكبر. وروينا عن عمر بن الخطاب وابنه رضي الله عنهما أنهما قإلا: من رق وجهه رق علمه. ولا يأنف من أن يكتب عمن دونه ما يستفيده منه. روينا عن وكيع بن الجراح رضي الله عنه أنه قال: لا ينبل الرجل من أصحاب الحديث حتى يكتب عمن هو فوقه وعمن هو مثله وعمن هو دونه وليس بموفق من ضيع شيئا من وقته في إلاستكثار من

الشيوخ لمجرد اسم الكثرة وصيتها وليس من ذلك قول أبي حاتم الرازي: إذا كتبت فقمش وإذا حدثت ففتش وليكتب وليسمع ما يقع إليه من كتاب أو جزء على التمام ولا ينتخب. فقد قال ابن المبارك رضي الله عنه: ما انتخبت على عالم قط إلا ندمت. وروينا عنه أنه قال: لا ينتخب على عالم إلا بذنب. وروينا أو بلغنا عن يحيى بن معين أنه قال: سيندم المنتخب في الحديث حين لا تنفعه الندامة فإن ضاقت به الحال عن إلاستيعاب وأحوج إلى إلانتقاء وإلانتخاب تولى ذلك بنفسه إن كان أهلا مميزا عارفا بما يصلح للانتقاء وإلاختيار. وإن كان قاصرا عن ذلك استعان ببعض الحفاظ لينتخب له. وقد كان جماعة من الحفاظ متصدين للانتقاء على الشيوخ والطلبة تسمع وتكتب بانتخابهم منهم: إبراهيم بن أرمة إلاصبهاني وأبو عبد الله الحسين بن محمد المعروف بعبيد العجل وأبو الحسن الدارقطني وأبو بكر الجعاني في آخرين وكانت العادة جارية برسم الحافظ علامة في أصل الشيخ على ما ينتخبه فكان النعيمي أبو الحسن يعلم بصاد ممدودة وأبو محمد الخلال بطاء ممدودة وأبو الفضل الفلكي بصورة همزتين وكلهم يعلم بحبر في الحاشية اليمنى من الورقة وعلم الدارقطني في الحاشية اليسرى بخط عريض بالحمرة. وكان أبو القاسم اللالكائي الحافظ يعلم بخط صغير بالحمرة على أول إسناد الحديث ولا حجر في ذلك ولكل الخيار. ثم لا ينبغي لطالب الحديث: أن يقتصر على سماع الحديث وكتبه دون معرفته وفهمه فيكون قد أتعب نفسه من غير أن يظفر بطائل وبغير أن يحصل في عداد أهل الحديث بل لم يزد على أن صار من المتشبهين المنقوصين المتحلين بما هم منه عاطلون. أنشدني أبو المظفر بن الحافظ أبي سعد السمعاني رحمه الله لفظا بمدينة مرو قال: أنشدنا والدي لفظا أو قراءة عليه قال: أنشدنا محمد بن ناصر ألسلامي من لفظه قال

أنشدنا الأديب الفاضل فارس بن الحسين لنفسه: يا طالب العلم الذي ... ذهبت بمدته الرواية كن في الرواية ذا العناية ... بالرواية والدراية وارو القليل وراعه ... فالعلم ليس له نهاية ولتقدم العناية بالصحيحين ثم بسنن أبي داود وسنن النسائي وكتاب الترمذي ضبطا لمشكلها وفهما لخفي معانيها ولا يخدعن عن كتاب السنن الكبير للبيهقي فإنا لا نعلم مثله في بابه ثم بسائر ما تمس حاجة صاحب الحديث إليه من كتب المساند كمسند أحمد ومن كتب الجوامع المصنفة في إلاحكام المشتملة على المسانيد وغيرها وموطأ مالك هو المقدم منها ومن كتب علل الحديث ومن أجودها كتاب العلل عن أحمد بن حنبل وكتاب العلل عن الدارقطني ومن كتب معرفة الرجال وتواريخ المحدثين ومن أفضلها تاريخ البخاري الكبير وكتاب الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ومن كتب الضبط لمشكل إلاسماء ومن أكملها كتاب إلاكمال لأبي ناصر بن ماكولا وليكن كلما مر به اسم مشكل أو كلمة من حديث مشكلة بحث عنها وأودعها قلبه فإنه يجتمع له بذلك علم كثير في يسر وليكن تحفظه للحديث على التدريج قليلا قليلا مع إلايام والليالي فذلك أحرى بأن يمتع بمحفوظه. وممن ورد ذلك عنه من حفاظ الحديث المتقدمين شعبة وابن علية ومعمر. وروينا عن معمر قال: سمعت الزهري يقول من طلب العلم جملة فاته جملة وإنما يدرك العلم حديثا وحديثين. وليكن إلاتقان من شأنه فقد قال عبد الرحمن بن مهدي: الحفظ إلاتقان ثم إن المذاكرة بما يتحفظه من أقوى أسباب إلامتاع به. روينا عن علقمة النخعي قال: تذاكروا الحديث فإن حياته ذكره. وعن إبراهيم النخعي قال: من سره أن يحفظ الحديث فليحدث به ولو أن يحدث به من لا يشتهيه.

وليشتغل بالتخريج والتأليف والتصنيف إذا استعد لذلك وتأهل له فإنه كما قال الخطيب الحافظ يثبت الحفظ ويذكي القلب ويشحذ الطبع ويجيد البيان ويكشف الملتبس ويكسب جميل الذكر ويخلده إلى آخر الدهر وقل ما يمهر في علم الحديث ويقف على غوامضه ويسبين الخفي من فوائده إلا من فعل ذلك. وحدث الصوري الحافظ محمد بن علي قال: رأيت أبا محمد عبد الغني بن سعيد الحافظ في المنام فقال لي: يا أبا عبد الله خرج وصنف قبل أن يحال بينك وبينه ها أنا ذا تراني قد حيل بيني وبين ذلك. وللعلماء بالحديث في تصنيفه طريقتان: إحداهما: التصنيف على إلابواب وهو تخريجه على أحكام الفقه وغيرها وتنويعه أنواعا وجمع ما ورد في كل حكم وكل نوع في باب فباب. والثانية: تصنيفه على المسانيد وجمع حديث كل صحابي وحده وإن اختلفت أنواعه. ولمن اختار ذلك أن يرتبهم على حروف المعجم في أسمائهم. وله أن يرتبهم على القبائل فيبدأ ببني هاشم ثم بإلاقرب فإلاقرب نسبا من رسول الله صلى الله عليه وسلم. وله أن يرتب على سوابق الصحابة فيبدأ بالعشرة ثم بأهل بدر ثم بأهل الحديبية ثم بمن أسلم وهاجر بين الحديبية وفتح مكة ويختم بأصاغر الصحابة كأبي الطفيل ونظرائه ثم بالنساء وهذا أحسن وإلاول أسهل. وفي ذلك من وجوه الترتيب غير ذلك. ثم إن من أعلى المراتب في تصنيفه تصنيفه معللا بأن يجمع في كل حديث طرفه واختلاف الرواة فيه كما فعل يعقوب بن شيبة في مسنده. ومما يعتنون به في التأليف جمع الشيوخ أي جمع حديث شيوخ مخصوصين كل واحد منهم على انفراده. قال عثمان بن سعيد الدارمي: يقال من لم يجمع حديث هؤلاء الخمسة فهو مفلس في

الحديث: سفيان وشعبة ومالك وحماد بن زيد وابن عيينة وهم أصول الدين وأصحاب الحديث يجمعون حديث خلق كثير غير الذين ذكرهم الدارمي منهم: أيوب السختياني والزهري وإلاوزاعي ويجمعون أيضا التراجم وهي أسانيد يخصون ما جاء بها بالجمع والتأليف مثل: ترجمة مالك عن نافع عن ابن عمر وترجمة سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة وترجمة هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها في أشباه لذلك كثيرة. ويجمعون أيضا أبوابا من أبواب الكتب المصنفة الجامعة للأحكام فيفردونها بالتأليف فتصير كتبا مفردة نحو باب رؤية الله عز وجل وباب رفع اليدين. وباب القراءة خلف إلامام وغير ذلك ويفردون أحاديث فيجمعون طرقها في كتب مفردة نحو: طرق حديث قبض العلم وحديث الغسل يوم الجمعة وغير ذلك. وكثير من أنواع كتابنا هذا قد أفردوا أحاديثه بالجمع والتصنيف وعليه في كل ذلك تصحيح القصد والحذر من قصد المكاثرة ونحوه بلغنا عن حمزة بن محمد الكناني: أنه خرج حديثا واحدا من نحو مأتي طريق فأعجبه ذلك فرأى يحيى بن معين في منامه فذكر له ذلك فقال له: أخشى أن يدخل هذا تحت: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} . ثم ليحذر أن يخرج إلى الناس ما يصنفه إلا بعد تهذيبه وتحريره وإعادة النظر فيه وتكريره.. وليتق أن يجمع ما لم يتأهل بعد لاجتناء ثمرته واقتناص فائدة جمعه كيلا يكون حكمه ما رويناه عن علي بن المديني قال: إذا رأيت الحدث أول ما يكتب الحديث يجمع حديث الغسل وحديث: من كذب فاكتب على قفاه لا يفلح. ثم إن هذا الكتاب مدخل إلى هذا الشأن مفصح عن أصوله وفروعه شارح لمصطلحات أهله ومقاصدهم ومهماتهم التي ينقص المحدث بالجهل بها نقصا فاحشا فهو إن شاء الله جدير بأن تقدم العناية به ونسأل الله سبحانه فضله العظيم وهو أعلم.

النوع التاسع والعشرون: معرفة الإسناد العالي والنازل

النوع التاسع والعشرون: معرفة الإسناد العالي والنازل. أصل الإسناد أولا: خصيصة فاضلة من خصائص هذه الأمة وسنة بالغة من السنن المؤكدة روينا من غير وجه عن عبد الله بن المبارك رضي الله عنه أنه قال: الإسناد من الدين لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء وطلب العلو فيه سنة أيضا ولذلك استحبت الرحلة فيه على ما سبق ذكره. قال أحمد بن حنبل رضي الله عنه: طلب الإسناد العالي سنة عمن سلف وقد روينا: أن يحيى بن معين رضي الله عنه قيل له في مرضه الذي مات فيه: ما تشتهي؟ قال: بيت خالي وإسناد عالي. قلت: العلو يبعد الإسناد من الخلل لأن كل رجل من رجاله يحتمل أن يقع الخلل من جهته سهوا أو عمدا ففي قلتهم قلة جهات الخلل وفي كثرتهم كثرة جهات الخلل وهذا جلي واضح. ثم إن العلو المطلوب في رواية الحديث على أقسام خمسة: أولها: القرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسناد نظيف غير ضعيف وذلك من أجل أنواع العلو. وقد روينا عن محمد بن أسلم الطوسي الزاهد العالم رضي الله عنه أنه قال: قرب الإسناد قرب أو قربة إلى الله عز وجل. وهذا كما قال لأن قرب الإسناد قرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرب إليه قرب إلى الله عز وجل. الثاني: وهو الذي ذكره الحاكم أبو عبد الله الحافظ: القرب من إمام من أئمة الحديث وإن كثر العدد من ذلك لإمام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فإذا وجد ذلك في إسناد وصف بالعلو نظرا إلى قربه من ذلك الإمام وإن لم يكن عاليا بالنسبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وكلام الحاكم يوهم أن القرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعد من العلو المطلوب أصلا. وهذا غلط من قائله لأن القرب منه صلى الله عليه وسلم بإسناد نظيف غير ضعيف أولى بذلك. ولا ينازع في هذا من له مسك من معرفة وكأن الحاكم أراد بكلامه ذلك إثبات العلو للإسناد بقربه من إمام وإن لم يكن قريبا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والإنكار على من يراعي في ذلك مجرد قرب الإسناد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كان إسنادا ضعيفا ولهذا مثل ذلك بحديث أبي هدبة ودينار والأشج وأشباههم والله أعلم. الثالث: العلو بالنسبة إلى رواية الصحيحين أو أحدهما أو غيرهما من الكتب المعروفة المعتمدة وذلك ما اشتهر آخرا من الموافقات والإبدال والمساواة والمصافحة.

_ النوع التاسع والعشرون معرفة الإسناد العالي والنازل. "قوله" الثالث العلو بالنسبة إلى رواية الصحيحين أو أحدهما أو غيرهما من الكتب المعروفة ثم قال ثم اعلم أن هذا النوع من العلو علو تابع لنزول إذ لولا نزول ذلك الإمام في إسناده لم تعل أنت في إسنادك انتهى. أطلق المصنف أن هذا النوع من العلو تابع لنزول وليس ذلك على إطلاقه وإنما هو الغالب وربما يكون هذا النوع من العلو غير تابع لنزول بل يكون عاليا من حديث ذلك الإمام أيضا. ومثاله حديث ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كان على موسى يوم كلمه الله كساء صوف وجبة صوف" الحديث. رواه الترمذي عن علي بن حجر عن خلف ابن خليفة عن حميد الأعرج عن عبد الله بن الحارث عن ابن مسعود وقد وقع لنا عاليا بدرجتين أخبرني به أبو الفتح محمد بن محمد بن إبراهيم الميدومي أنبأنا أبو الفرج عبد اللطيف بن عبد المنعم الحراني وأخبرني أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم

وقد كثر اعتناء المحدثين المتأخرين بهذا النوع. وممن وجدت هذا النوع في كلامه أبو بكر الخطيب الحافظ وبعض شيوخه وأبو نصر بن ماكولا وأبو عبد الله الحميدي وغيرهم من طبقتهم وممن جاء بعدهم. أما الموافقة: فهي أن يقع لك الحديث عن شيخ مسلم فيه مثلا عاليا بعدد أقل من العدد الذي يقع لك به ذلك الحديث عن ذلك الشيخ إذا رويته عن مسلم عنه. وأما البدل: فمثل أن يقع لك هذا العلو عن شيخ غير شيخ مسلم هو مثل شيخ مسلم في ذلك الحديث وقد يرد البدل إلى الموافقة فيقال فيما ذكرناه: إنه موافقة عالية في شيخ شيخ مسلم ولو لم يكن ذلك عاليا فهو أيضا موافقة وبدل لكن لا يطلق عليه اسم الموافقة والبدل لعدم إلالتفات إليه وأما المساواة: فهي في أعصارنا

_ الأنصارى بقراءتى عليه بدمشق في الرحلة الألى قال أنبأنا أحمد بن عبد الدايم المقدسى قراءة عليه وأنا أحاضر قالا أنبأنا عبد المنعم بن عبد الوهاب أنبأنا على بن أحمد بن محمد بن بيان قال أنبأنا محمد بن محمد بن إبراهيم بن مخلد قال أنبأنا إسماعيل بن محمد الصفار قال حدثنا الحسن عن عرفة أنبأنا خلف بن خليفة عن حميد الأعرج عن عبد الله بن الحارث عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يوم كلم الله موسى عليه السلام كانت عليه جبة صوف وسراويل صوف وكساء صوف وكمة صوف ونعلاه من جلد حمار غير ذكى" فهذا الحديث بهذا الإسناد لا يقع لأحد في هذه الأزمان أعلا منه على وجه الدنيا من حيث العدد وهو علو مطلق ليس تابعا لنزول فإنه عال للترمذى أيضا فإن خلف بن خليفة من التابعين وأعلى ما يقع للترمذى روايته عن اتباع التابعين وأما علو طريقنا فأمر واضح فإن شيخنا أبا الفتح آخر من روى عن النجيب عبد اللطيف بالسماع والنجيب آخر من روى عن عبد المنعم بن كليب بالسماع وابن كليب آخر من روى عن ابن بيان وابن بيان آخر من روى عن ابن مخلد وابن مخلد آخر من روى عن الصفار والصفار آخر من روى عن ابن عرفة فيما ذكره الحافظ أبو سعيد العلائى وابن عرفة آخر من روى عن خلف بن خليفة وخلف بن خليفة آخر من رأى الصحابة فهو علو مطلق والله أعلم.

أن يقل العدد في إسنادك لا إلى شيخ مسلم وأمثاله ولا إلى شيخ شيخه بل إلى من هو أبعد من ذلك كالصحابي أو من قاربه وربما كان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بحيث يقع بينك وبين الصحابي مثلا من العدد مثل ما وقع من العدد بين مسلم وبين ذلك الصحابي فتكون بذلك مساويا لمسلم مثلا في قرب الإسناد وعدد رجاله. وأما المصافحة: فهي أن تقع هذه المساواة التي وصفناها لشيخك لا لك فيقع ذلك لك مصافحة إذ تكون كأنك لقيت مسلما في ذلك الحديث وصافحته به لكونك قد لقيت شيخك المساوي لمسلم فإن كانت المساواة لشيخ شيخك كانت المصافحة لشيخك فتقول: كأن شيخي سمع مسلما وصافحه وإن كانت المساواة لشيخ شيخ شيخك فالمصافحة لشيخ شيخك فتقول فيها: كأن شيخ شيخي سمع مسلما وصافحه. ولك أن لا تذكر لك في ذلك نسبة بل تقول: كأن فلانا سمعه من مسلم من غير أن تقول فيه شيخي أو شيخ شيخي. ثم لا يخفي على المتأمل: أن في المساواة والمصافحة الواقعتين لك لا يلتقي إسنادك وإسناد مسلم أو نحوه إلا بعيدا عن شيخ مسلم فيلتقيان في الصحابي أو قريبا منه. فإن كانت المصافحة التي تذكرها ليست لك بل لمن فوقك من رجال إسنادك أمكن التقاء الإسنادين فيها في شيخ مسلم أو أشباهه وداخلت المصافحة حينئذ الموافقة فإن معنى الموافقة راجع إلى مساواة ومصافحة مخصوصة إذ حاصلها: أن بعض من تقدم من رواة إسنادك العالي ساوى أو صافح مسلما أو البخاري لكونه سمع ممن سمع من شيخهما مع تأخر طبقته عن طبقتهما ويوجد في كثير من العوالي المخرجة لمن تكلم أولا في هذا النوع وطبقتهم المصافحات مع الموافقات والإبدال لما ذكرناه. ثم اعلم أن هذا النوع من العلو علو تابع لنزول إذ لولا نزول ذلك إلامام في إسناده لم تعل أنت في إسنادك. وكنت قد قرأت بمرو على شيخنا المكثر أبي المظفر

عبد الرحيم بن الحافظ المصنف أبي سعد السمعاني رحمهما الله في أربعي أبي البركات الفراوي حديثا ادعى فيه أنه كأنه سمعه هو أو شيخه من البخاري فقال الشيخ أبو المظفر: ليس لك بعال ولكنه للبخاري نازل. وهذا حسن لطيف يخدش وجه هذا النوع من العلو والله أعلم. الرابع: من أنواع العلو: العلو المستفاد من تقدم وفاة الراوي مثاله ما أرويه عن شيخ أخبرني به عن واحد عن البيهقي الحافظ عن الحاكم أبي عبد الله الحافظ أعلى من روايتي لذلك عن شيخ أخبرني به عن واحد عن أبي بكر بن خلف عن الحاكم وإن تساوى الإسنادان في العدد لتقدم وفاة البيهقي على وفاة ابن خلف لأن البيهقي مات سنة ثمان وخمسين وأربعمائة ومات ابن خلف سنة سبع وثمانين وأربعمائة. روينا عن أبي يعلى الخليل بن عبد الله الخليلي الحافظ رحمه الله قال: قد يكون الإسناد يعلو على غيره بتقدم موت راويه وإن كانا متساويين في العدد. ومثل ذلك من حديث نفسه بمثل ما ذكرناه. ثم إن هذا كلام في العلو المبني على تقدم الوفاة المستفاد من نسبة شيخ إلى شيخ وقياس راو براو أما العلو المستفاد من مجرد تقدم وفاة شيخك من غير نظر إلى قياسه براو آخر فقد حده بعض أهل هذا الشأن بخمسين سنة. وذلك ما رويناه عن أبي علي الحافظ النيسابوري قال: سمعت أحمد بن عمير الدمشقي وكان من أركان الحديث يقول: إسناد خمسين سنة من موت الشيخ إسناد علو. وفيما نروي عن أبي عبد الله بن منده الحافظ قال: إذا مر على الإسناد ثلاثون سنة فهو عال. وهذا أوسع من الأول والله أعلم. الخامس: العلو المستفاد من تقدم السماع أنبئنا عن محمد بن ناصر الحافظ عن محمد بن طاهر الحافظ قال: من العلو نقدم السماع.

قلت: وكثير من هذا يدخل في النوع المذكور قبله وفيه ما لا يدخل في ذلك بل يمتاز عنه. مثل أن يسمع شخصان من شيخ واحد وسماع أحدهما من ستين سنة مثلا وسماع إلاخر من أربعين سنة. فإذا تساوى السند إليهما في العدد: فالإسناد إلى إلاول الذي تقدم سماعه أعلى فهذه أنواع العلو على إلاستقصاء وإلايضاح الشافي ولله سبحانه وتعالى الحمد كله. وأما ما رويناه عن الحافظ أبي الطاهر السلفي رحمه الله من قوله في أبيات له: بل علو الحديث بين أولي الحـ ... ـفظ وإلاتقان صحة الإسناد وما رويناه عن الوزير نظام الملك من قوله: عندي أن الحديث العالي ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن بلغت رواته مائة. فهذا ونحوه ليس من قبيل العلو المتعارف إطلاقه بين أهل الحديث وإنما هو علو من حيث المعنى فحسب والله أعلم. فصل وأما النزول فهو ضد العلو. وما من قسم من أقسام العلو الخمسة إلا وضده قسم من أقسام النزول. فهو إذا خمسة أقسام وتفصيلها يدرك من تفصيل أقسام العلو على نحو ما تقدم شرحه. وأما قول الحاكم أبي عبد الله: لعل قائلا يقول النزول ضد العلو فمن عرف العلو فقد عرف ضده وليس كذلك فإن للنزول مراتب لا يعرفها إلا أهل الصنعة إلى آخر كلامه. فهذا ليس نفيا لكون النزول ضدا للعلو على الوجه الذي ذكرته بل نفيا لكونه يعرف بمعرفة العلو. وذلك يليق بما ذكره هو في معرفة العلو فإنه قصر في بيانه وتفصيله وليس كذلك ما ذكرناه نحن في معرفة العلو فإنه مفصل تفصيلا مفهما لمراتب النزول والعلم عند الله تبارك وتعالى.

ثم إن النزول مفضول مرغوب عنه والفضيلة للعلو على ما تقدم بيانه ودليله وحكى ابن خلاد عن بعض أهل النظر أنه قال: التنزل في الإسناد أفضل واحتج له بما معناه أنه يجب إلاجتهاد والنظر في تعديل كل راو وتجريحه فكلما زادوا كان إلاجتهاد أكثر وهذا مذهب ضعيف ضعيف الحجة. وقد روينا عن علي بن المديني وأبي عمرو المستملي النيسابوري أنهما قإلا: النزول شؤم. وهذا ونحوه مما جاء في ذم النزول مخصوص ببعض النزول فإن النزول إذا تعين دون العلو طريقا إلى فائدة راجحة على فائدة العلو فهو مختار غير مرذول والله أعلم.

النوع الموفي ثلاثين معرفة المشهور من الحديث

النوع الموفي ثلاثين معرفة المشهور من الحديث. ومعنى الشهرة مفهوم وهو منقسم إلى: صحيح كقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات" وأمثاله وإلى غير صحيح: كحديث: "طلب العلم فريضة على كل مسلم". وكما بلغنا عن أحمد بن حنبل رضي الله عنه أنه قال: أربعة أحاديث تدور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأسواق ليس لها أصل: "من بشرني بخروج آذار بشرته بالجنة" و"من آذى ذميا فأنا خصمه يوم القيامة" و"يوم نحركم يوم صومكم" و"للسائل حق وإن جاء على فرس".

_ النوع الموفي ثلاثين معرفة المشهور. "قوله" وكما بلغنا عن أحمد بن حنبل رضي الله عنه أنه قال أربعة أحاديث تدور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأسواق ليس لها أصل "من بشرنى بخروج آذار بشرته بالجنة" و"من آذى ذميا فأنا خصمه يوم القيامة" و"يوم نحركم يوم صومكم" و"للسائل حق وإن جاء على فرس" قلت لا يصح هذا الكلام عن الإمام أحمد فإنه أخرج حديثا منها في المسند وهو حديث للسائل حق وإن جاء على فرس وقد ورد من حديث الحسين بن على وابنه على وابن عباس والهرماس بن زياد أما حديث الحسين بن على بن أبي طالب فأخرجه

...........................................................................

_ أبو داود من رواية يعلى بن أبي يحيى عن فاطمة بنت الحسين عن حسين بن على قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "للسائل حق وإن جاء على فرس" ورواه أحمد في مسنده عن وكيع وعبد الرحمن بن محمد كلاهما عن سفيان عن مصعب بن محمد عن يعلى بن أبي يحيى وهذا إسناد جيد وقد سكت عليه أبو داود فهو عنده صالح ويعلى هذا ذكره ابن حبان في الثقات وجهله أبو حاتم وباقي رجاله ثقات وأما حديث على فأخرجه أبو داود أيضا من رواية زهير عن شيخ قال رأيت سفيان عنده عن فاطمة بنت حسين عن أبيها عن على عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. وأما حديث ابن عباس فرواه ابن عدى في الكامل من رواية إبراهيم بن يزيد عن سليمان الأحول عن طاووس عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم مثله أورده في ترجمة إبراهيم بن عبد السلام المكى المخزومي راويه عن إبراهيم بن يزيد وقال هذا معروف بغير إبراهيم هذا عن إبراهيم بن يزيد سرقه ممن هو معروف به قال وإبراهيم بن عبد السلام في جملة الضعفاء المجهولين. وأما حديث الهرماس بن زياد فرواه الطبراني من رواية عثمان بن فايد عن عكرمة بن عمار عن الهرماس بن زياد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره وعثمان ابن فايد ضعفه ابن معين والبخاري وابن حبان وغيرهم وكذلك حديث من آذى ذميا هو معروف أيضا بنحوه رواه أبو داود من رواية صفوان بن مسلم عن عدة من أبناء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن آبائهم دنية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إلا من ظلم معاهدا أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة" سكت عليه أبو داود أيضا فهو عنده صالح وهو كذلك إسناده جيد وهو وإن كان فيه من لم يسم فإنهم عدة من أبناء الصحابة يبلغون حد التواتر الذي لا يشترط فيه العدالة فقد رويناه في سنن البيهقي الكبرى فقال في روايته عن ثلاثين من أبناء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأما الحديثان الآخران فلا أصل لهما قال ابن الجوزي في الموضوعات ويذكر عن العوام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من بشرني بخروج آذار بشرته بالجنة" قال أحمد

وينقسم من وجه آخر إلى: ما هو مشهور بين أهل الحديث وغيرهم كقوله صلى الله عليه وسلم: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده". وأشباهه وإلى ما هو مشهور بين أهل الحديث خاصة دون غيرهم كالذي رويناه عن محمد بن عبد الله الأنصاري عن سليمان التيمي عن أبي مجلز عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت شهرا بعد الركوع يدعو على رعل وذكوان فهذا مشهور بين أهل الحديث مخرج في الصحيح وله رواه عن أنس غير أبي مجلز ورواة عن أبي مجلز غير التيمي ورواة عن التيمي غير الأنصاري ولا يعلم ذلك إلا أهل الصنعة. وأما غيرهم فقد يستغربونه من حيث: إن التيمي يروي عن أنس وهو ههنا يروي عن واحد عن أنس. ومن المشهور المتواتر الذي يذكره أهل الفقه وأصوله. وأهل الحديث لا يذكرونه باسمه الخاص المشعر بمعناه الخاص وإن كان الحافظ الخطيب قد ذكره ففي كلامه ما يشعر بأنه اتبع فيه غير أهل الحديث ولعل ذلك لكونه لا تشمله صناعتهم ولا يكاد يوجد في رواياتهم فإنه: عبارة عن الخبر الذي ينقله من يحصل العلم بصدقه ضرورة ولا بد في إسناده من استمرار هذا الشرط في رواته من أوله إلى منتهاه.

_ ابن حنبل لا أصل لهذا وروى الطبراني من رواية أبي شيبة القاضي عن آدم بن على عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما هلك قوم إلا في آذار ولا تقوم الساعة إلا في آذار" أبو شيبة قاضى واسط اسمه إبراهيم بن عثمان وهو جد أبي بكر بن أبي شيبة كذبه شعبة وقال ابن معين ليس بثقة وبالجملة فهو متفق على ضعفه وروى الإمام أبو بكر محمد بن رمضان بن شاكر الزيات في كتاب له فيه أخبار عن مالك والشافعي وابن وهب وابن عبد الحكم قال: قال محمد بن عبد الله هو ابن عبد الحكم في الحديث الذي روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يوم صومكم يوم نحركم" قال هذا من حديث الكذابين والله أعلم. قوله ومن المشهور المتواتر الذي يذكره أهل الفقه وأصوله وأهل الحديث لا يذكرونه باسمه الخاص المشعر بمعناه الخاص وإن كان الحافظ الخطيب قد ذكره ففي كلامه ما تشعر بأنه اتبع فيه غير أهل الحديث ولعل ذلك لكونه لا تشمله صناعتهم ولا يكاد يوجد في رواياتهم فإنه عبارة عن الحبر الذي يحصل العلم بصدقه ضرورة انتهى.

ومن سئل عن إبراز مثال لذلك فيما يروى من الحديث أعياه تطلبه وحديث: إنما الأعمال بالنيات ليس من ذلك بسبيل وإن نقله عدد التواتر وزيادة لأن ذلك طرأ عليه في وسط إسناده ولم يوجد في أوائله على ما سبق ذكره. نعم حديث: "من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار" نراه مثالا لذلك فإنه نقله من الصحابة رضي الله عنهم العدد الجم وهو في الصحيحين مروي عن جماعة منهم. وذكر أبو بكر البزار الحافظ الجليل في مسنده أنه رواه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو من أربعين رجلا من الصحابة. وذكر بعض الحفاظ: أنه رواه عنه صلى الله عليه وسلم اثنان وستون نفسا من الصحابة وفيهم العشرة المشهود لهم بالجنة. قال: وليس في الدنيا حديث اجتمع على روايته العشرة غيره ولا يعرف حديث يروى عن أكثر من ستين نفسا من الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا هذا الحديث الواحد.

_ وقد اعترض عليه بأنه قد ذكره أبو عبد الله الحاكم وأبو محمد بن حزم وأبو عمر ابن عبد البر وغيرهم من أهل الحديث والجواب عن المصنف أنه إنما نفي عن أهل الحديث ذكره باسمه الخاص المشعر بمعناه الخاص وهؤلاء المذكورون لم يقع في كلامهم التعبير عنه بما فسره به الأصوليون وإنما يقع في كلامهم أنه تواتر عنه صلى الله عليه وسلم كذا وكذا أو أن الحديث الفلاني متواتر وكقول ابن عبد البر في حديث المسح على الخفين أنه استفاض وتواتر وقد يريدون بالتواتر الاشتهار لا المعنى الذي فسره به الأصوليون والله أعلم. قوله ومن سئل عن إبراز مثال لذلك أعياه تطلبه وحديث إنما الأعمال بالنيات ليس من ذلك بسبيل وان نقله عدد التواتر وزيادة لأن ذلك طرأ عليه في وسط إسناده ولم يوجد في أوائله على ما سبق ذكره نعم حديث "من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار" نراه مثالا لذلك إلى أن قال وذكر بعض الحفاظ أنه رواه عنه صلى الله عليه وسلم اثنان وستون نفسا من الصحابة وفهيم العشرة المشهود لهم بالجنة قال وليس في الدنيا حديث اجتمع على روايته العشرة غيره ولا يعرف حديث يروى عن أكثر من ستين نفسا من الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا هذا الحديث الواحد.

قلت: وبلغ بهم بعض أهل الحديث أكثر من هذا العدد وفي بعض ذلك عدد التواتر. ثم لم يزل عدد رواته في ازدياد وهلم جرا على التوالي والاستمرار والله أعلم.

_ قال المصنف وبلغ به بعض أهل الحديث أكثر من هذا العدد انتهى. وفيه أمور: الأول: انه اعترض عليه بأن حديث الأعمال ذكر ابن منده أن جماعة من الصحابة رووه فبلغوا العشرين قلت لم يبلغ بهم ابن منده هذا العدد وإنما بلغ بهم ثمانية عشر فقط فذكر مجرد أسمائهم من غير رواية لشيء منها ولا عزو لمن رواه وليس هو أبا عبد الله محمد بن إسحق بن منده وإنما هو ابنه أبو القاسم عبد الرحمن ذكر ذلك في كتاب له سماه المستخرج من كتب الناس للتذكرة فقال وممن رواه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعلى بن أبي طالب وسعد بن أبي وقاص وأبو سعيد الخدري وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وأنس بن مالك وأبو هريرة ومعاوية ابن أبي سفيان وعتبة بن عبد السلمي وهلال بن سويد وعبادة بن الصامت وجابر بن عبد الله وعقبة بن عامر وأبو ذر الغفاري وعتبة بن النذر وعتبة بن مسلم هكذا عد سبعة عشر غير عمر قلت وفي المذكورين أثنان ليست لهما صحبة وهما هلال ابن سويد وعتبة بن مسلم وقد ذكرهما ابن حبان في ثقات التابعين فبقى خمسة عشر غير عمر. وبلغنى أن الحافظ أبا الحجاج المزى سئل عن كلام ابن منده هذا فأنكره واستبعده وقد تتبعت أحاديث المذكورين فوجدت أكثرها في مطلق النية لا بلفظ إنما الأعمال بالنيات وفيها ما هو بهذا اللفظ وقد رأيت عزوها لمن خرجها ليستفاد فحديث على ابن أبي طالب رواه ابن الاشعث في سننه والحافظ أبو بكر محمد بن ياسر الجيانى في الأربعين العلوية من طريق أهل البيت بلفظ الأعمال بالنية وفي إسناده من لا يعرف وحديث سعد بن أبي وقاص كأنه أراد به قوله صلى الله عليه وسلم لسعد: "إنك لن تنفق نفقة تبتغى بها وجه الله إلا أجرت فيها" الحديث رواه الأئمة الستة وحديث أبي سعيد الخدري رواه الدارقطني في غرايب مالك والخط أبي في معالم السنن بلفظ حديث عمر.

النوع الحادي والثلاثون: معرفة الغريب والعزيز من الحديث

النوع الحادي والثلاثون. معرفة الغريب والعزيز من الحديث. روينا عن أبي عبد الله بن منده الحافظ الأصبهاني أنه قال: الغريب من الحديث كحديث الزهري وقتادة وأشباههما من الأئمة ممن يجمع حديثهم إذا انفرد الرجل عنهم بالحديث يسمى: غريبا.

_ وحديث ابن مسعود رواه الطبراني في المعجم الكبير في قصة مهاجر أم قيس وهو حديث غريب ورجاله ثقات لأحمد في مسنده من حديثه "أن أكبر شهداء أمتى لأصحاب الفرش ورب قتيل بين الصفين الله أعلم بنيته". وحديث ابن عباس اتفق عليه الشيخان بلفظ لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية وحديث أنس بن مالك رواه البيهقي في سننه بلفظ "لا عمل لمن لا نية له" وفي إسناده من لم يسم وقد رواه ابن عساكر في جزء من أماليه بلفظ حديث عمر من رواية يحيى ابن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن انس فقال غريب جدا والمحفوظ حديث عمر وروينا في مسند الشهاب للقضاعى من حديث أنس "نية المؤمن خير من عمله". وحديث أبي هريرة رويناه في جزء من تخريج الرشيد العطار بلفظ حديث عمر ولابن ماجه من حديث أبي هريرة إنما يبعث الناس على نياتهم وحديث معاوية رواه ابن ماجه بلفظ إنما الأعمال كالوعاء إذا طاب أسفله طاب أعلاه وحديث عبادة بن الصامت رواه النسائي بلفظ "من غزا في سبيل الله وهو لا ينوى إلا عقالا فله ما نوى". وحديث جابر بن عبد الله رواه ابن ماجه بلفظ "يحشر الناس على نياتهم" وحديث عقبة بن عامر رواه أصحاب السنن بلفظ "إن الله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة الجنة" فذكره وفيه "وصانعه يحتسب في صنعته الأجر". وحديث أبي ذر رواه النسائي بلفظ من أتى فراشه وهو ينوى أنه يقوم يصلى من الليل فغلبته عينه حتى يصبح كتب له ما نوى الحديث. قلت وفي الباب أيضا مما لم يذكره ابن منده عن أبي الدرداء وسهل بن سعد والنواس ابن سمعان وأبي موسى الأشعرى وصهيب بن سنان وأبي أمام الباهلى وزيد بن ثابت ورافع بن خديج وصفوان بن أمية وغزية بن الحارث أو الحارث بن غزية وعائشة

فإذا روى عنهم رجلان وثلاثة واشتركوا في حديث يسمى عزيزا. فإذا روى الجماعة عنهم حديثا سمي مشهورا.

_ وأم سلمة وأم حبيبة وصفية بنت حيى فحديث أبي الدرداء رواه النسائي وابن ماجه بلفظ حديث أبي ذر المتقدم وحديث سهل بن سعد رواه الطبراني في المعجم الكبير بلفظ "نية المؤمن خير عمله وعمل المنافق خير من نيته وكل يعمل على نيته" وحديث النواس بن سمعان رواه الطبراني أيضا بلفظ "نية المؤمن خير من عمله" وحديث أبي موسى رواه أبو منصور الديلمى في مسند الفردوس بهذا اللفظ وحديث صهيب رواه الطبراني في المعجم الكبير بلفظ "أيما رجل تزوج امرأة فنوى أن لا يعطيها من صداقها شيئا مات يوم يموت وهو زان وأيما رجل اشترى من رجل بيعا فنوى أن لا يعطيه من ثمنه شيئا مات يوم يموت وهو خائن" وحديث أبي أمامة رواه الطبراني الكبير بلفظ "من ادان دينا وهو ينوى أن يؤديه أداه الله عنه يوم القيامة ومن ادان دينا وهو ينوى أن لا يؤديه" الحديث. وحديث زيد بن ثابت ورافع بن خديج رواه أحمد في مسنده في قصة لحديث أبي سعيد بحديث " لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية" وقول مروان له كذبت وعنده زيد بن ثابت ورافع بن خديج معه على السرير وإن أبا سعيد قال لو شاء هذان لحدثاك فقالا صدق وحديث غزية بن الحارث رواه في الطبراني في الكبير بلفظ "لا هجرة بعد الفتح إنما هى ثلاث الجهاد والنية والحشر" وحديث عائشة رواه مسلم في قصة الجيش الذين يخسف بهم وفيه "يبعثهم الله على نياتهم" وحديث أم سلمة رواه مسلم وأبو داود بلفظ "يبعثون على نياتهم" وحديث أم حبيبة رواه الطبراني في المعجم الأوسط بلفظ "ثم يبعث كل امرئ على نيته". وحديث صفية رواه ابن ماجه بلفظ يبعثهم الله على ما في أنفسهم. الأمر الثاني" أن ما حكاه المصنف عن بعض الحفاظ من أنه رواه اثنان وستون من الصحابة وفيهم العشرة فأبهم المصنف ذكره هو الحافظ أبو الفرج بن الجوزي فإنه ذكر ذلك في النسخة الأولى من الموضوعات فذكر أنه رواه أحد وستون نفسا ثم ذكر روى بعد ذلك عن أبي بكر محمد بن أحمد بن عبد الوهاب النيسابوري أنه ليس في الدنيا حديث اجتمع عليه العشرة غيره ثم قال ابن الجوزي أنه ما وقعت له رواية عبد الرحمن

قلت: الحديث الذي يتفرد به بعض الرواة يوصف بالغريب وكذلك الحديث الذي يتفرد فيه بعضهم بأمر لا يذكره فيه غيره: إما في متنه وإما في إسناده. وليس كل ما يعد من أنواع الإفراد معدودا من أنواع الغريب كما في الإفراد المضافة إلى البلاد على ما سبق شرحه.

_ ابن عوف إلى الآن قال ولا أعرف حديثا رواه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد وستون صح أبيا وعلى قول هذا الحافظ اثنان وستون إلا هذا الحديث انتهى. هكذا نقلته من نسخه الموضوعات بخط الحافظ زكى الدين عبد العظيم المنذرى وهذه النسخة هى النسخة الأولى من الكتاب ثم زاد بن الجوزي في الكتاب المذكور أشياء وهى النسخة الأخيرة فقال فيها رواه من الصحابة ثمانية وتسعون نفسا هكذا نقلته من خط على ولد المصنف من الموضوعات. الأمر الثالث: ما ذكره الحافظ أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الوهاب النيسابوري من أنه لا يعرف حديث اجتمع عليه العشرة غيره وأقره ابن الجوزي على ذلك وكذلك المصنف ناقلا له عن بعض الحفاظ منهما ليس بجيد من حيث أن حديث أن رفع اليدين في الصلاة بهذا الوصف وكذلك حديث المسح على الخفين. فأما حديث رفع اليدين فذكره الحافظ أبو عبد الله الحاكم فيما نقل البيهقي عنه أنه سمعه يقول لا نعلم سنة اتفق على روايتها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخلفاء الأربعة ثم العشرة الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة فمن بعدهم من أكابر الصحابة على تفرقهم في البلاد الشاسعة غير هذه السنة قال البيهقي وهو كما قال أستادنا أبو عبد الله رضي الله عنه فقد روى عن هذه السنة عن العشرة وغيرهم وكذلك ذكر أبو القاسم عبد الرحمن بن منده في كتاب المستخرج من كتب الناس للتذكرة. وأما حديث المسح على الخفين فذكر أبو القاسم بن عبد الله بن منده في كتاب المذكور أنه رواه العشرة أيضا. الأمر الرابع: قول ابن الجوزي أنه لا يعرف حديث يروى عن أكثر من ستين من الصحابة إلا حديث من كذب على منقوض بحديث المسح على الخفين فقد

ثم إن الغريب ينقسم إلى: صحيح كالإفراد المخرجة في الصحيح وإلى غير صحيح وذلك هو الغالب على الغرايب. روينا عن أحمد بن حنبل رضي الله عنه أنه قال غير مرة: لا تكتبوا هذه الأحاديث الغرايب فإنها مناكير وعامتها عن الضعفاء.

_ ذكر أبو القاسم بن منده في كتاب المستخرج عدة من رواه من الصحابة فزادوا على الستين وذكر الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد في كتاب الإمام عن ابن المنذر قال روينا عن الحسن أنه قال حدثني سبعون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين. الأمر الخامس: ما ذكره المصنف عن بعض أهل الحديث أنه بلغ به أكثر من هذا العدد أى أكثر من اثنين وستين نفسا قد جمع طرقا أبو القاسم الطبراني ومن المتأخرين الحافظ أبو الحجاج يوسف بن خليل في جزأين فزاد فيه على هذا العدد وقد رأيت عدد من روى حديثه من الصحابة هكذا وهم يزيدون على السبعين مرتبين على الحروف وهم أسامة بن زيد وأنس بن مالك وأوس بن أوس والبراء بن عازب وبريدة بن الخطيب وجابر بن حابس وجابر بن عبد الله وحذيفة بن أسيد وحذيفة بن اليمان وخالد بن عرفطة ورافع بن خديج والزبير بن العوام وزيد بن أرقم وزيد بن ثابت والسايب بن يزيد وسعد بن المدحاش وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد وسفينة وسلمان بن خالد الخزاعى وسلمان الفارسى وسلمان بن الأكوع وصهيب بن سنان وطلحة بن عبيد الله وعبد الله بن أبي أوفي وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن زغب وقيل إنه لا صحبة له وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن مسعود وعبد الرحمن ابن عوف وعتبة بن غزوان وعثمان بن عفان والعرس بن عميرة وعفان ابن حبيب وعقبة بن عامر وعلى بن أبي طالب وعمار بن ياسر وعمر بن الخطاب وعمران ابن حصين وعمرو بن حريث وعمرو بن عنبسة وعمرو بن عوف وعمرو بن مرة الجهنى وقيس بن سعد بن عبادة وكعب بن قطنة ومعاذ بن جبل ومعاوية بن حيدة ومعاوية ابن أبي سفيان والمغيرة بن شعبة والمنقع التميمى ونبيط بن شريط وواثلة بن الأسقع ويزيد بن أسد ويعلى بن مرة وأبو أمامة وأبو بكر الصديق وأبو الحمراء وأبو ذر.

.............................................................................

_ وأبو رافع وأبو رمثة وأبو سعيد الخدري وأبو عبيدة بن الجراح وأبو قتادة وأبو قرصافة وأبو كبشة الأنمارى وأبو موسى الأشعري وأبو موسى الغافقى وأبو ميمون الكردى وأبو هريرة وأبو العشراء الدارمى عن أبيه وأبو مالك الأشجعي عن أبيه وعائشة أم أيمن فهؤلاء خمسة وسبعون نفسا يصح من نحو حديث نحو عشرين منهم اتفق الشيخان على إخراج أحاديث أربعة منهم وانفرد البخاري بثلاثة ومسلم بواحد وإنما يصح من حديث خمسة من العشرة والباقى أسانيدها ضعيفة ولا يمكن التواتر في شيء من طرق هذا الحديث لأنه يتعذر وجود ذلك في الطرفين والوسط بل بعض طرقه الصحيحة إنما هي أفراد عن بعض رواتها وقد زاد بعضهم في عدد هذا الحديث حتى جاوز الماية ولكنه ليس هذا المتن وإنما هي أحاديث في مطلق الكذب عليه كحديث من حدث عنى بحديث وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين ونحو ذلك فحذفتها لذلك ولم اعدها في طرق الحديث وقد أخبرني بعض الحفاظ أنه رأى في كلام بعض الحفاظ أنه رواه مائتان من الصحابة ثم رأيته بعد ذلك في شرح مسلم للنووي ولعل هذا محمول على الأحاديث الواردة في مطلق الكذب لا هذا المتن بعينه والله أعلم. الأمر السادس: قول المصنف أن من سئل عن ابراز مثال للمتواتر أعياه تطلبه ثم لم يذكر مثالا إلا حديث من كذب على وقد وصف غيره من الأئمة عدة أحاديث بأنها متواترة فمن ذلك أحاديث حوض النبي صلى الله عليه وسلم ورد ذلك عن أزيد من ثلاثين صح أبيا وأوردها البيهقي في كتاب البعث والنشور أفردها المقدسي بالجمع قال القاضي عياض وحديثه متواتر بالنقل رواه خلائق من الصحابة فذكر جماعة من رواته ثم قال وفي بعض هذا ما يقتضى كون الحديث متواترا ومن ذلك أحاديث الشفاعة فذكر القاضي عياض أيضا أنه بلغ مجموعها التواتر ومن ذلك أحاديث المسح على الخفين فقال ابن عبد البر رواه نحو أربعين من الصحابة واستفاض وتواتر وكذا قال ابن حزم في المحلى أنه نقل تواتر يوجب العلم ومن ذلك أحاديث النهى عن الصلاة في معاطن الإبل قال ابن حزم في المحلى أنه نقل تواتر يوجب العلم ومن ذلك أحاديث النهى عن اتخاذ القبور مساجد قال ابن حزم إنها متواترة ومن ذاك أحاديث رفع اليدين في الصلاة للإحرام والركوع والرفع منه قال ابن حزم إنها متواترة توجب يقين العلم. ومن ذلك الأحاديث الواردة في قول المصلى ربنا لك الحمد ملء السموات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد قال ابن حزم إنها أحاديث متواترة.

وينقسم الغريب أيضا من وجه آخر. فمنه ما هو غريب متنا وإسنادا وهو الحديث الذي تفرد برواية متنه راو واحد. ومنه. ما هو غريب إسنادا لا متنا كالحديث الذي متنه معروف مروي عن جماعة من الصحابة إذا تفرد بعضهم بروايته عن صحابي آخر: كان غريبا من ذلك الوجه مع أن متنه غير غريب. ومن ذلك غرائب الشيوخ في أسانيد المتون الصحيحة. وهذا الذي يقول فيه الترمذي: غريب من هذا الوجه ولا أرى هذا النوع ينعكس فلا يوجد إذا ما هو غريب متنا وليس غريبا إسنادا إلا إذا اشتهر الحديث الفرد عمن تفرد به فرواه

_ النوع الحادى والثلاثون: معرفة الغريب والعزيز. "قوله" وينقسم الغريب أيضا من وجه آخر فمنه ما هو غريب متنا وإسنادا ومنه ما هو غريب إسنادا لا متنا ثم قال ولا أرى هذا النوع ينعكس فلا يوجد إذا ما هو غريب متنا وليس غريبا إسنادا إلا إذا اشتهر الحديث الفرد عمن تفرد به فرواه عنه عدد كثيرون فإنه يصير غريبا مشهورا وغريبا متنا وغير غريب إسنادا لكن بالنظر إلى أحد طرفي الإسناد فإن إسناده متصف بالغرابة في طرفه الأول متصف بالشهرة في طرفه الآخر كحديث إنما الأعمال بالنيات انتهى. استبعد المصنف وجود حديث غريب متنا لا إسنادا إلا بالنسبة إلى طرفي الإسناد وأثبت أبو الفتح اليعمرى هذا القسم مطلقا من غير حمل له على ما ذكره المصنف فقال في شرح الترمذي الغريب على أقسام غريب سندا ومتنا ومتنا لا سندا وسندا لا متنا وغريب بعض السند فقط وغريب بعض المتن فقط ثم أشار إلى أنه أخذ ذلك من كلام محمد بن طاهر المقدسى فانه قسم الغرايب والأفراد إلى خمسة أنواع خامسها أسانيد ومتون ينفرد بها أهل بلد لا توجد إلا من روايتهم وسنن يتفرد بالعمل بها أهل مصر لا يعمل بها في غير مصرهم ثم تكلم أبو الفتح على الأقسام التي ذكرها ابن طاهر إلى أن قال وأما النوع الخامس فيشمل الغريب كله سندا ومتنا أو أحدهما دون الآخر.

عنه عدد كثيرون فإنه يصير غريبا مشهورا وغريبا متنا وغير غريب إسنادا لكن بالنظر إلى أحد طرفي الإسناد: فإن إسناده متصف بالغرابة في طرفه الأول متصف بالشهرة في طرفه الآخر كحديث: "إنما الأعمال بالنيات" وكسائر الغرائب التي اشتملت عليها التصانيف المشتهرة والله أعلم.

_ قال وقد ذكر أبو محمد بن أبي حاتم بسند له أن رجلا سأل مالكا عن تخليل أصابع الرجلين في الوضوء فقال له مالك إن شئت خلل وإن شئت لا تخلل وكان عبد الله بن وهب حاضرا فعجب من جواب مالك وذكر لمالك في ذلك حديثا بسند مصرى صحيح وزعم أنه معروف عندهم فاستعاد مالك الحديث واستعاد السائل فأمره بالتخليل هذا أو معناه انتهى كلامه. والحديث المذكور رواه أبو داود والترمذي من رواية ابن لهيعة عن يزيد بن عمرو المغافرى عن أبي عبد الرحمن الحيلى عن المستورد بن شداد قال الترمذي حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن لهيعة انتهى. ولم ينفرد به ابن لهيعة بل تابعه عليه الليث بن سعد وعمرو بن الحريث كما رواه ابن أبي حاتم عن أحمد بن عبد الرحمن بن وهب عن عمه عبد الله بن وهب عن الثلاثة المذكورين وصححه ابن القطان لتوثيقه لابن أخى ابن وهب فقد زالت الغرابة عن الإسناد بمتابعة الليث وعمرو بن الحارث لابن لهيعة والمتن غريب والله أعلم. ويحتمل أن يريد بكونه غريب المتن لا الإسناد أن يكون ذلك الإسناد مشهورا جادة لعده من الأحاديث بأن يكونوا مشهورين برواية بعضهم عن بعض ويكون المتن غريبا لانفرادهم به والله أعلم.

النوع الثاني والثلاثين: معرفة غريب الحديث

النوع الثاني والثلاثين: معرفة غريب الحديث. وهو عبارة عما وقع في متون الأحاديث من الألفاظ الغامضة البعيدة من الفهم لقلة استعمالها. هذا فن مهم يقبح جهله بأهل الحديث خاصة ثم بأهل العلم عامة والخوض فيه ليس بالهين والخائض فيه حقيق بالتحري جدير بالتوقي.

روينا عن الميموني قال: سئل أحمد بن حنبل عن حرف من غريب الحديث فقال: سلوا أصحاب الغريب فإني أكره أن أتكلم في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم بالظن فأخطئ. وبلغنا عن التاريخي محمد بن عبد الملك قال: حدثني أبو قلابة عبد الملك بن محمد قال: قلت للأصمعي يا أبا سعيد ما معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم الجار أحق بسقبه. فقال: أنا لا أفسر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن العرب تزعم أن السقب اللزيق ثم إن غير واحد من العلماء صنفوا في ذلك فأحسنوا. وروينا عن الحاكم أبي عبد الله الحافظ قال: أول من صنف الغريب في إلاسلام النضر بن شميل. ومنهم من خالفه فقال: أول من صنف فيه أبو عبيدة معمر بن المثنى. وكتاباهما صغيران. وصنف بعد ذلك أبو عبيد القاسم بن سلام كتابه المشهور فجمع وأجاد واستقصى فوقع من أهل العلم بموقع جليل وصار قدوة في هذا الشأن ثم تتبع القتيبي ما فات أبا عبيد فوضع فيه كتابه المشهور ثم تتبع أبو سليمان الخطابي ما فاتهما فوضع في ذلك كتابه المشهور. فهذه الكتب الثلاثة أمهات الكتب المؤلفة في ذلك. ووراءها مجامع تشتمل من ذلك على زوائد وفوائد كثيرة ولا ينبغي أن يقلد منها إلا ما كان مصنفوها أئمة أجلة. وأقوى ما يعتمد عليه في تفسير غريب الحديث: أن يظفر به مفسرا في بعض روايات الحديث. نحو ما روي في حديث ابن صياد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "قد خبأت لك خبيئا فما هو؟ ". قال: الدخ فهذا خفي معناه أعضل وفسره قوم بما لا يصح. وفي معرفة علوم الحديث للحاكم أنه الدخ بمعنى الزخ الذي هو الجماع

وهذا تخليط فاحش يغيظ العالم والمؤمن. وإنما معنى الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "قد أضمرت لك ضميرا فما هو؟ " فقال: الدخ بضم الدال يعني الدخان والدخ هو الدخان في لغة إذ في بعض روايات الحديث ما نصه: ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني قد خبأت لك خبيئا" وخبأ له: يوم تأتي السماء بدخان مبين. فقال ابن صياد هو الدخ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اخسأ فلن تعدو قدرك". وهذا ثابت صحيح خرجه الترمذي وغيره. فأدرك ابن صياد من ذلك هذه الكلمة فحسب على عادة الكهان في اختطاف بعض الشيء من الشياطين من غير وقوف على تمام البيان. ولهذا قال له: "اخسأ فلن تعدو قدرك" أي فلا مزيد لك على قدر إدراك الكهان والله أعلم.

النوع الثالث والثلاثون: معرفة المسلسل من الحديث

النوع الثالث والثلاثون: معرفة المسلسل من الحديث. التسلسل من نعوت الأسانيد وهو: عبارة عن تتابع رجال الإسناد وتواردهم فيه واحد ابعد واحد على صفة أو حالة واحدة وينقسم ذلك إلى ما يكون صفة للرواية والتحمل وإلى: ما يكون صفة للرواة أو حالة لهم. ثم إن صفاتهم في ذلك أحوالهم أقوالا وأفعالا ونحو ذلك تنقسم إلى مالا نحصيه. ونوعه الحاكم أبو عبد الله الحافظ إلى ثمانية أنواع والذي ذكره فيها إنما هو صور أمثلة ثمانية. ولا انحصار لذلك في ثمانية كما ذكرناه ومثال ما يكون صفة للرواية والتحمل: ما يتسلسل بسمعت فلانا قال: سمعت فلانا إلى آخر الإسناد.

_ النوع الثالث والثلاثون معرفة المسلسل. "قوله" ونوعه الحاكم أبو عبد الله إلى ثمانية أنواع والذي ذكره فيها إنما هو صور وأمثلة ثمانية ولا انحصار لذلك في ثمانية كما ذكرناه انتهى. قلت لم يحصر الحاكم مطلق أنواع التسلسل إلى ثمانية أنواع وإنما ذكر أنواع التسلسل الدالة على الاتصال لا مطلق المتسلسل ويظهر ذلك بعدها وتعبيره عنها فالأول

أو يتسلسل ب حدثنا أو أخبرنا إلى آخره. ومن ذلك أخبرنا والله فلان قال: أخبرنا والله فلان إلى آخره. ومثال ما يرجع إلى صفات الرواة وأقوالهم ونحوها: إسناد حديث: "اللهم أعني على شكرك وذكرك وحسن عبادتك" المسلسل بقولهم: "إني أحبك فقل". وحديث التشبيك باليد. وحديث العد في اليد في أشباه لذلك نرويها وتروى كثيرة وخيرها ما كان فيه دلالة على اتصال السماع وعدم التدليس ومن فضيلة التسلسل اشتماله علي مزيد الضبط من الرواة وقلما تسلم المسلسلات من ضعف أعني في وصف التسلسل لا في أصل المتن. ومن المسلسل ما ينقطع تسلسله في وسط إسناده وذلك نقص فيه وهو كالمسلسل ب أول حديث سمعته على ما هو الصحيح في ذلك والله أعلم.

_ المسلسل بسمعت والثاني المسلسل بقولهم قم فصب على حتى أريك وضوء فلان والثالث المسلسل بمطلق ما يدل على الاتصال من سمعت أو أنا أو ثنا وإن اختلفت ألفاظ الرواة في ألفاظ الأداء والرابع المسلسل بقولهم فان قيل لفلان من أمرك بهذا قال يقول أمرني فلان والخامس المسلسل بالأخذ باللحية وقولهم آمنت بالقدر خيره وشره والسادس المسلسل بقولهم وعدهن في يدي والسابع المسلسل بقولهم شهدت على فلان والثامن المسلسل بالتشبيك باليد ثم قال الحاكم فهذه أنواع المسلسل من الأسانيد المتصلة التي لا يشوبها تدليس وآثار السماع بين الراويين ظاهرة انتهى. فلم يذكر الحاكم من المسلسلات إلا ما دل على الاتصال دون استيعاب بقية المسلسلات نعم بقى على الحاكم عدة من المسلسلات الدالة على الاتصال لم يذكرها كالمسلسل بقوله أطعمنا وسقانا والمسلسل بقوله أضافنا على الأسودين التمر والماء والمسلسل بقوله أخذ فلان بيدي والمسلسل بالمصافحة والمسلسل بقص الأظفار يوم الخميس والله أعلم.

النوع الرابع والثلاثون: معرفة ناسخ الحديث ومنسوخه

النوع الرابع والثلاثون- معرفة ناسخ الحديث ومنسوخه. هذا فن مهم مستصعب روينا عن الزهري رضي الله عنه أنه قال: أعيى الفقهاء أعجزهم أن يعرفوا ناسخ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من منسوخه وكان للشافعي رضي الله عنه فيه يد طولى وسابقة أولى. روينا عن محمد بن مسلم بن وارة أحد أئمة الحديث: أن أحمد ابن حنبل قال له وقد قدم من مصر: كتبت كتب الشافعي؟ فقال: لا. قال: فرطت ما علمنا المجمل من المفسر ولا ناسخ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من منسوخه حتى جالسنا الشافعي. وفيمن عاناه من أهل الحديث من أدخل فيه ما ليس منه لخفاء معنى النسخ وشرطه. وهو عبارة عن رفع الشارع حكما منه متقدما بحكم منه متأخر وهذا حد وقع لنا سالم من اعتراضات وردت على غيره. ثم إن ناسخ الحديث ومنسوخه ينقسم أقساما:

_ النوع الرابع والثلاثون- معرفة ناسخ الحديث ومنسوخه. "قوله" وهو عبارة عن رفع الشارع حكما منه متقدما بحكم منه متأخر فهذا حد وقع لنا سالم من اعتراضات وردت على غيره انتهى. وهذا الذي حده به المصنف تبع فيه القاضي أبا بكر الباقلاني فإنه حده برفع الحكم واختاره الآمدي وابن الحاجب قال الحازمي وقد أطبق المتأخرون على ما حده به القاضي أنه الخطاب الدال على ارتفاع الحكم الثابت بالخطاب المتقدم على وجه لولاه لكان ثابتا مع تراخيه عنه قال الحازمي وهذا حد صحيح انتهى. وقد اعترض عليه بأن التعبير برفع الحكم ليس بجيد لأن الحكم قديم لا يرتفع والجواب عنه أنه إنما المراد برفع الحكم قطع تعليقه بالمكلف واعترض صاحب المحصول أيضا على هذا الحد بأوجه أخر في كثير منها نظر ليس هذا موضع إيرادها.

فمنها: ما يعرف بتصريح رسول الله صلى الله عليه وسلم به كحديث بريدة الذي أخرجه مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها" في أشباه لذلك. ومنها ما يعرف بقول الصحابي كما رواه الترمذي وغيره عن أبي بن كعب أنه قال: كان الماء من الماء رخصة في أول الإسلام ثم نهي عنها وكما خرجه النسائي عن جابر بن عبد الله قال: كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار. في أشباه لذلك. ومنها: ما عرف بالتاريخ كحديث شداد بن أوس وغيره: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أفطر الحاجم والمحجوم" وحديث ابن عباس: أن النبي صلى

_ "قوله" ومنها ما يعرف بقول الصح أبي كما رواه الترمذي وغيره عن أبي بن كعب أنه قال كان الماء من الماء رخصة في أول الإسلام ثم نهى عنها وكما أخرجه النسائي عن جابر بن عبد الله قال كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار في أشباه لذلك انتهى. أطلق المصنف أن النسخ يعرف بقول الصح أبي لكن هل يكتفي بقوله هذا ناسخ أو هذا منسوخ أو لابد من التصريح بأن هذا متأخر عن هذا فالذي ذكره الأصوليون كصاحب المحصول والآمدي وابن الحاجب أنه لابد من إخباره بأن أحدهما متأخر ولا يكتفي بقوله هذا ناسخ لاحتمال أن يقوله عن اجتهاد ونحن لا نرى ما يراه وحكى صاحب المحصول عن الكرخى أنه يكفي إخباره بالنسخ إذ لولا ظهور النسخ فيه لم يطلقه وما ذهب إليه الكرخى هو الظاهر وفي عبارة الشافعي ما يقتضى الاكتفاء بذلك فإنه قال ولا يستدل على الناسخ والمنسوخ إلا بخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو بوقت يدل على أن أحدهما بعد الآخر أو بقول من سمع الحديث أو العامة هكذا رواه البيهقي في المدخل بإسناده إلى الشافعي فقوله أو بقول من سمع الحديث أراد به قول الصح أبي مطلقا لا قوله هذا متأخر فقط لأن هذه الصورة قد دخلت في قوله أو بوقت يدل على أن أحدهما بعد الآخر والله أعلم.

الله عليه وسلم: "احتجم وهو صائم"بين الشافعي: أن الثاني ناسخ للأول من حيث إنه روي في حديث شداد: أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم زمان الفتح فرأى رجلا يحتجم في شهر رمضان فقال: "أفطر الحاجم والمحجوم". وروي في حديث ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم صائم. فبان بذلك: أن إلاول كان زمن الفتح في سنة ثمان والثاني في حجة الوداع في سنة عشر. ومنها: ما يعرف بالإجماع كحديث قتل شارب الخمر في المرة الرابعة فإنه منسوخ عرف نسخه بانعقاد الإجماع على ترك العمل به. والإجماع لا ينسخ ولا ينسخ ولكن يدل على وجود ناسخ غيره والله أعلم.

_ قوله ومنها ما يعرف بالإجماع كحديث قتل شارب الخمر في المرة الرابعة فإنه منسوخ عرف نسخه بانعقاد الاجماع على ترك العمل به انتهى. وفيه أمور أحدها أنه ورد في الحديث نسخه فلا حاجة للاستدلال عليه بالإجماع أما المنسوخ فهو ما رواه أصحاب السنن الأربعة من حديث معاوية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من شرب الخمر فاجلدوه فإن عاد في الرابعة فاقتلوه" ورواه أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عمرو وشرحبيل بن أوس وصح أبي لم يسم ورواه الطبراني من حديث جرير بن عبد الله والشريد بن أوس. وأما الناسخ فهو ما رواه البزار في مسنده من رواية محمد بن اسحق عن ابن المنكدر عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من شرب الخمر فاجلدوه فإن عاد في الرابعة فاقتلوه" قال فأتى بالنعيمان قد شرب الرابعة فجلده ولم يقتله فكان ذلك ناسخا للقتل" قال البزار لا نعلم أحدا حدث به إلا ابن اسحق وذكره الترمذي تعليقا من حديث ابن إسحق ثم قال وكذلك روى عن الزهري عن قبيصة بن ذؤيب عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا قال فرفع القتل وكانت رخصة انتهى. وقبيصة ذكره بن عبد البر في الصحابة قال ولد في أول سنة من الهجرة وقيل ولد عام الفتح قال ويقال إنه أتى به للنبى صلى الله عليه وسلم ودعا له انتهى.

...............................................................................

_ والصحيح أنه ولد عام الفتح الثاني أن دعوى الإجماع في هذا ليس بجيد وان كان الترمذي قد سبق إلى ذلك فقال في العلل التي في آخر الجامع جميع ما في هذا الكتاب معمول به وقد أخذ به بعض أهل العلم ما خلا حديثين فذكر منهما حديث إذا شرب الخمر فاجلدوه فإن عاد في الرابعة فاقتلوه. قال النووى في شرح مسلم وهو كما قاله فهو حديث منسوخ دل الإجماع على نسخه وفيما قالوه نظر فقد روى أحمد بن حنبل في مسنده عن عبد الله بن عمرو أنه قال ائتوني برجل قد شرب الخمر في الرابعة فلكم على أن أقتله وحكى أيضا عن الحسن البصرى وهو قول ابن حزم فلا إجماع إذا وإن قلنا إن خلاف أهل الظاهر لا يقدح في الإجماع على أحد القولين فقد قال به بعض الصحابة والتابعين والله أعلم. الثالث إذا ظهر أن الخلاف في قتل شارب الخمر في الرابعة موجود فينبغى أن يمثل بمثال آخر أجمعوا على ترك العمل به فنقول روى أبو عيسى الترمذي من حديث جابر قال كنا إذا حججنا مع النبي صلى الله عليه وسلم نلبى عن النساء ونرمى عن الصبيان قال الترمذي بعد تخريجه هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. قال وقد أجمع أهل العلم أن المرأة لا يلبى عنها غيرها هى تلبى عن نفسها فهذا حديث قد أجمعوا على ترك العمل به وهو في كتاب الترمذي فكان ينبغى له أن يستثنيه في العلل حين استثنى الحديثين المتقدمين. والجواب عن الترمذي من ثلاثة أوجه أحدها أن هذا الحديث قد قال ببعضه بعض أهل العلم وهو الرمى عن الصبيان فلم يجمع على ترك العمل بجميع الحديث. والوجه الثاني أن هذا الحديث قد اختلف في لفظه على ابن نمير فرواه الترمذي عن محمد بن إسماعيل الواسطى عنه هكذا ورواه أبو بكر بن أبي شيبة عن ابن نمير بلفظ حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا النساء والصبيان فلبينا عن الصبيان وروينا عنهم هكذا رواه ابن أبي شيبة في المصنف ومن طريقه رواه ابن ماجه في سننه قال أبو الحسن بن القطان وهذا أولى بالصواب وأشبه به انتهى. وإذا ترجح أن لفظ رواية الترمذي غلط فلك أن تقول نحن لا نحكم على الحديث.

............................................................................

_ بالنسخ عند ترك العمل به إجماعا إلا إذا علمنا صحته وقد أشار إلى ذلك الفقيه أبو بكر الصيرفي في كتاب الدلائل عند الكلام على تعارض حديثين فقال فان أجمع على إبطال حكم أحدهما فأحدهما منسوخ أو غلط والآخر ثابت فيمكن حمل كلام الصيرفي على ما إذا لم يثبت الحديث الذي أجمع عن ترك العمل به فإن الحكم عليه بالنسخ فرع عن ثبوته ويمكن حمل كلامه على ما إذا كان صحيحا أيضا وهو خبر آحاد وأجمعوا على ترك العمل به ولا يتعين المصير إلى النسخ لاحتمال وجود الغلط من راويه فهو كما قال منسوخ أو غلط والله أعلم. الوجه الثالث أن الحافظ محب الدين الطبرى في كتاب القرى حمل لفظ رواية الترمذي في هذا الحديث على أن المراد رفع الصوت بالتلبية لا مطلق التلبية وأن فيه استعمال المجاز بجعله عن النساء للاجتزاء بجهر الرجال بالتلبية عن استحبابه في حق النساء فكأن الرجال قاموا بذلك عن النساء وفيه تكلف وبعد والله أعلم.

النوع الخامس والثلاثون: معرفة المصحف من أسانيد الأحاديث ومتونها

النوع الخامس والثلاثون- معرفة المصحف من أسانيد الأحاديث ومتونها. هذا فن جليل إنما ينهض بأعبائه الحذاق من الحفاظ والدارقطني منهم وله فيه تصنيف مفيد وروينا عن أبي عبد الله أحمد بن حنبل رضي الله عنه أنه قال: ومن يعرى من الخطأ والتصحيف؟ فمثال التصحيف في الإسناد حديث شعبة عن العوام بن مراجم عن أبي عثمان النهدي عن عثمان بن عفان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لتؤدن الحقوق إلى أهلها" الحديث. صحف فيه يحيى بن معين فقال: ابن مزاحم بالزاي والحاء فرد عليه وإنما هو ابن مراجم بالراء المهملة والجيم. ومنه: ما رويناه عن أحمد بن حنبل قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة عن مالك بن عرفطة عن عبد خير عن عائشة: رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الدباء والمزفت. قال أحمد: صحف شعبة فيه فإنما هو خالد بن علقمة وقد رواه زائدة بن قدامة وغيره على ما قاله أحمد. وبلغنا عن الدارقطني: أن ابن جرير الطبري قال: فيمن روى عن رسول الله

صلى الله عليه وسلم من بني سليم: ومنهم عتبة بن البذر قاله بالباء والذال المعجمة وروى له حديثا وإنما هو ابن الندر بالنون والدال غير المعجمة. ومثال التصحيف في المتن: ما رواه ابن لهيعة عن كتاب موسى بن عقبة إليه بإسناده عن زيد بن ثابت: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم في المسجد وإنما هو بالراء احتجر في المسجد بخص أو حصير حجرة يصلي فيها. فصحفه ابن لهيعة لكونه أخذه من كتاب بغير سماع. ذكر ذلك مسلم في كتاب التمييز له. وبلغنا عن الدارقطني في حديث أبي سفيان عن جابر قال: رمي أبي يوم إلاحزاب على أكحله فكواه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن غندرا قال فيه أبي وإنما هو أبي وهو أبي بن كعب. وفي حديث أنس: "ثم يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن ذرة". قال فيه شعبة ذرة بالضم والتخفيف ونسب فيه إلى التصحيف. وفي حديث أبي ذر: تعين الصانع. قال فيه هشام بن عروة: بالضاد المعجمة وهو تصحيف والصواب ما رواه الزهري الصانع بالصاد المهملة ضد الأخرق. وبلغنا عن أبي زرعة الرازي: أن يحيى بن سلام هو المفسر حدث عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة في قوله تعالى: {سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ} قال مصر. واستعظم أبو زرعة هذا واستقبحه وذكر أنه في تفسير سعيد عن قتادة مصيرهم. وبلغنا عن الدارقطني: أن محمد بن المثنى أبا موسى العنزي حدث بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يأتي أحدكم يوم القيامة ببقرة لها خوار" فقال فيه: أو شاة تنعر بالنون وإنما هو: تيعر بالياء المثناة من تحت. وأنه قال لهم يوما: نحن قوم لنا شرف نحن من عنزة قد صلى النبي صلى الله عليه وسلم إلينا. يريد ما روي: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى إلى عنزة توهم أنه صلى إلى قبيلتهم وإنما العنزة ههنا حربة نصبت بين يديه فصلى إليها وأظرف من هذا

ما رويناه عن الحاكم أبي عبد الله عن أعرابي زعم: أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى نصبت بين يديه شاة أي صحفها عنزة بإسكان النون. وعن الدارقطني أيضا: أن أبا بكر الصولي أملى في الجامع حديث أبي أيوب: "من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال". فقال فيه شيئا بالشين والياء وأن أبا بكر الإسماعيلي الإمام كان فيما بلغهم عنه يقول في حديث عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الكهان قر الزجاجة بالزاي وإنما هو: قر الدجاجة بالدال وفي حديث يروى عن معاوية بن أبي سفيان قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين يشققون الخطب تشقيق الشعر. ذكر الدارقطني عن وكيع أنه قاله مرة بالحاء المهملة وأبو نعيم شاهد فرده عليه بالحاء المعجمة المضمومة. وقرأت بخط مصنف: أن ابن شاهين قال في جامع المنصور في الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن تشقيق الحطب. فقال بعض الملاحين: يا قوم فكيف نعمل والحاجة ماسة. قلت: فقد انقسم التصحيف إلى قسمين: أحدهما في المتن والثاني في الإسناد وينقسم قسمة أخرى إلى قسمين: أحدهما: تصحيف البصر كما سبق عن ابن لهيعة وذلك هو ألأكثر. والثاني: تصحيف السمع نحو حديث لعاصم إلاحول رواه بعضهم فقال عن واصل إلاحدب فذكر الدارقطني: أنه من تصحيف السمع لا من تصحيف البصر كأنه ذهب والله أعلم إلى أن ذلك مما لا يشتبه من حيث الكتابة وإنما أخطأ فيه سمع من رواه. وينقسم قسمة ثالثة: إلى تصحيف اللفظ وهو ألأكثر. وإلى تصحيف يتعلق بالمعنى دون اللفظ كمثل ما سبق عن محمد بن المثنى في الصلاة إلى عنزة وتسمية بعض ما ذكرناه تصحيفا مجازا والله أعلم.

وكثير من التصحيف المنقول عن الأكابر الجلة لهم فيه أعذار لم ينقلها ناقلوه ونسأل الله التوفيق والعصمة والله أعلم.

النوع السادس والثلاثون: معرفة مختلف الحديث

النوع السادس والثلاثون: معرفة مختلف الحديث. وإنما يكمل للقيام به إلائمة الجامعون بين صناعتي الحديث والفقه الغواصون على المعاني الدقيقة اعلم: أن ما يذكر في هذا الباب ينقسم إلى قسمين: أحدهما: أن يمكن الجمع بين الحديثين ولا يتعذر إبداء وجه ينفي تنافيهما فيتعين حينئذ المصير إلى ذلك والقول بهما معا. ومثاله: حديث: "لا عدوى ولا طيرة". مع حديث: "لا يورد ممرض على مصح". وحديث: "فر من المجذوم فرارك من إلاسد". وجه الجمع بينهما: أن هذه إلامراض لا تعدي بطبعها ولكن الله تبارك وتعالى جعل مخالطة المريض بها للصحيح سببا لإعدائه مرضه ثم قد يتخلف ذلك عن سببه كما في سائر إلاسباب: ففي الحديث إلاول: نفي صلى الله عليه وسلم ما كان يعتقده الجاهلي من أن ذلك يعدي بطبعه ولهذا قال: "فمن أعدى إلاول؟ ". وفي الثاني: اعلم بأن الله سبحانه جعل ذلك سببا لذلك وحذر من الضرر الذي يغلب وجوده عند وجوده بفعل الله سبحانه وتعالى. ولهذا في الحديث أمثال كثيرة. وكتاب مختلف الحديث لابن قتيبة في هذا المعنى: إن يكن قد أحسن فيه من وجه فقد أساء في أشياء منه قصر باعه فيها وأتى بما غيره أولى وأقوى. وقد روينا عن محمد بن إسحاق بن خزيمة إلامام أنه قال: لا أعرف أنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثان بإسنادين صحيحين متضادين فمن كان عنده فليأتني به لأؤلف بينهما. القسم الثاني: أن يتضادا بحيث لا يمكن الجمع بينهما وذلك على ضربين: أحدهما: أن يظهر كون أحدهما ناسخا وإلاخر منسوخا فيعمل بالناسخ ويترك المنسوخ.

والثاني: أن لا تقوم دلالة على أن الناسخ أيهما والمنسوخ أيهما: فيفزع حينئذ إلى الترجيح ويعمل بإلارجح منهما وإلاثبت كالترجيح بكثرة الرواة أوبصفاتهم في خمسين وجها من وجوه الترجيحات وأكثر ولتفصيلها موضع غير ذا والله سبحانه أعلم.

_ النوع السادس والثلاثون: معرفة مختلف الحديث. "قوله" كالترجيح بكثرة الرواة أو بصفاتهم في خمسين وجها من وجوه الترجيحات فأكثر ولتفصيلها موضع غير ذا انتهى. اقتصر المصنف على هذا المقدار من وجوه الترجيح وتبع في ذاك الحازمى فانه قال في كتاب الاعتبار في الناسخ والمنسوخ ووجوه الترجيحات كثيرة أنا أذكر معظمها فذكر خمسين وجها ثم قال فهذا القدر كاف في ذكر الترجيحات وثم وجوه كثيرة اضربتا عن ذكرها كى لا يطول به هذا المختصر انتهى كلام الحازمي. ووجوه الترجيحات تزيد على المائة وقد رأيت عدها مختصرا فأبدأ بالخمسين التي عدها الحازمى ثم أسرد بقيتها على الولاء الأول كثرة الرواة الثاني كون أحد الراويين اتقن واحفظ الثالث كونه متفقا على عدالته الرابع كونه بالغا حالة التحمل الخامس كون سماعه تحديثا والآخر عرضا السادس كون أحدهما سماعا أو عرضا والآخر كتابة أو وجادة أو مناولة السابع كونه مباشرا لما رواه الثامن كونه صاحب القصة التاسع كونه أحسن سياقا واستقصاء العاشر كونه أقرب مكانا من النبي صلى الله عليه وسلم حالة تحمله الحادى عشر كونه أكثر ملازمة لشيخه الثاني عشر كونه سمعه من مشايخ بلده الثالث عشر كون أحد الحديثين له مخارج الرابع عشر كون إسناده حجازيا الخامس عشر كون رواته من بلد لا يرضون بالتدليس السادس عشر دلالة ألفاظه على الاتصال كسمعت وحدثنا السابع عشر كونه مشاهدا لشيخه عند الأخذ الثامن عشر كون الحديث لم يختلف فيه التاسع عشر كون راويه لم يضطرب لفظه العشرون كون الحديث متفقا على رفعه الحادى والعشرون كونه متفقا على اتصاله الثاني والعشرون كون راويه لا يجيز الرواية بالمعنى الثالث والعشرون كونه فقيها الرابع والعشرون كونه صاحب كتاب يرجع اليه الخامس والعشرون كون أحد الحديثين نصا وقولا والآخر ينسب اليه

..........................................................................

_ استدلالا واجتهادا والسادس والعشرون كون القول يقارنه الفعل السابع والعشرون كونه موافقا لظاهر القرآن الثامن والعشرون كونه موافقا لسنه أخرى التاسع والعشرون كونه موافقا للقياس الثلاثون كونه معه حديث آخر مرسل أو منقطع الحادى والثلاثون كونه عمل به الخلفاء الراشدون الثاني والثلاثون كونه معه عمل الأمة الثالث والثلاثون كون ما تضمنه من الحكم منطوقا الرابع والثلاثون كونه مستقلا لا يحتاج إلى إضمار الخامس والثلاثون كون حكمه مقرونا بصفة والآخر بالاسم السادس والثلاثون كونه مقرونا بتفسير الراوى السابع والثلاثون كون أحدهما قولا والآخر فعلا فيرجح الثامن والثلاثون كونه لم يدخله التخصيص التاسع والثلاثون كونه غير مشعر بنوع قدح في الصحابة الأربعون كونه مطلقا والآخر ورد على سبب الحادى والأربعون كون الاشتقاق يدل عليه دون الآخر الثاني والأربعون كون أحد الخصمين قائلا بالخبرين الثالث والأربعون كون أحد الحديثين فيه زيادة الرابع والأربعون كونه فيه احتياط للفرض وبراءة الذمة الخامس والأربعون كون أحد الحديثين له نظير متفق على حكمه السادس والأربعون كونه يدل على التحريم والآخر على الإباحة السابع والأربعون كونه يثبت حكما موافقا لما قبل الشرع فقيل هو أولى وقيل هما سواء الثامن والأربعون كون أحد الخبرين مسقطا للحد فقيل هو أولى وقيل لا يرجح التاسع والأربعون كونه إثباتا يتضمن النقل عن حكم العقل والآخر نفيا يتضمن الإقرار على حكم العقل الخمسون كون الحديثين في الأقضية وراوى أحدهما على أو في الفرائض وراوي أحدهما زيد أو في الحلال والحرام وراوى أحدهما معاذ وهلم جرا فالصحيح الذي عليه الأكثرون الترجيح بذلك الحادى والخمسون كونه أعلا إسنادا الثاني والخمسون كون راويه عالما بالعربية الثالث والخمسون كونه عالما باللغة الرابع والخمسون كونه أفضل في الفقه أو العربية أو اللغة الخامس والخمسون كونه حسن الاعتقاد السادس والخمسون كونه ورعا السابع والخمسون كونه جليسا للمحدثين أو غيرهم من العلماء الثامن والخمسون كونه أكثر مجالسة لهم التاسع والخمسون كونه عرفت عدالته بالاختبار والممارسة وعرفت عدالة الآخر بالتزكية أو العمل على روايته الستون كون المزكى زكاه وعمل بخبره وزكى الآخر وروى خبره الحادي والستون.

.........................................................................

_ كونه ذكر سبب تعديله الثاني والستون كونه ذكرا الثالث والستون كونه حرا الرابع والستون شهرة الراوى الخامس والستون شهرة نسبه السادس والستون عدم التباس اسمه السابع والستون كونه له إسم واحد على من له إسمان فأكثر الثامن والستون كثرة المزكين التاسع والستون كثرة علم المزكين السبعون كونه دام عقله فلم يختلط. هكذا أطلقه جماعة وشرط في المحصول مع ذلك أنه لا يعلم هل رواه في حال سلامته أو اختلاطه الحادى والسبعون تأخر إسلام الراوى وقيل عكسه وبه جزم الآمدي الثاني والسبعون كونه من أكابر الصحابة الثالث والسبعون كون الخبر حكى سبب وروده إن كانا خاصين فإن كانا عامين فبالعكس الرابع والسبعون كونه حكى فيه لفظ الرسول الخامس والسبعون كونه لم ينكره راوى الأصل أو لم يتردد فيه. السادس والسبعون كونه مشعرا بعلو شأن الرسول وتمكنه السابع والسبعون كونه مدنيا والآخر مكى الثامن والسبعون كونه متضمنا للتخفيف وقيل بالعكس التاسع والسبعون كونه مطلق التاريخ على المؤرخ بتاريخ مؤخر الثمانون كونه مؤرخا بتاريخ مؤخر على مطلق التاريخ الحادى والثمانون كون الراوى تحمله في الإسلام على ما تحمله راويه في الكفر أو شك فيه الثاني والثمانون كون الحديث لفظه فصيحا والآخر ركيكا الثالث والثمانون كونه بلغة قريش الرابع والثمانون كون لفظه حقيقة الخامس والثمانون كونه أشبه بالحقيقة السادس والثمانون كون أحدهما حقيقة شرعية والآخر حقيقة عرفية أو لغوية السابع والثمانون كون أحدهما حقيقة عرفية والآخر حقيقة لغوية الثامن والثمانون كونه يدل على المراد من وجهين. التاسع والثمانون كونه يدل على المراد بغير واسطة التسعون كونه يومى إلى علة الحكم الحادى والتسعون كونه ذكر معه معارضة الثاني والتسعون كونه مقرونا بالتهديد الثالث والتسعون كونه أشد تهديدا الرابع والتسعون كون أحد الخبرين يقل فيه اللبس الخامس والتسعون كون اللفظ متفقا على وضعه لمسماه السادس والتسعون كونه منصوصا على حكمه مع تشبيهه لمحل آخر السابع والتسعون كونه مؤكدا بالتكرار الثامن والتسعون كون أحد الخبرين دلالته بمفهوم الموافقة.

............................................................................

_ والآخر بمفهوم المخالفة وقيل بالعكس التاسع والتسعون كونه قصد به الحكم المختلف فيه ولم يقصد بالآخر ذلك المائة كون أحد الخبرين مرويا بالإسناد والآخر معزوا إلى كتاب معروف. الحادي بعد المائة كون أحدهما معزوا إلى كتاب معروف والآخر مشهور. الثاني بعد المائة كون أحدهما اتفق عليه الشيخان الثالث بعد المائة كون العموم في أحد الخبرين مستفادا من الشرط والجزاء والآخر من النكرة المنفية الرابع بعد المائة كون الخطاب في أحدهما تكليفيا وفي الآخر وضعيا الخامس بعد المائة كون الحكم في أحد الخبرين معقول المعنى السادس بعد المائة كون الخطاب في أحدهما شفاهيا فيقدم على خطاب الغيبة في حق من ورد الخطاب عليه السابع بعد المائة كون الخطاب على الغيبة فيقدم على الشفاهى في حق الغائبين الثامن بعد المائة كون أحد الخبرين قدم فيه ذكر العلة وقيل بالعكس التاسع بعد المائة كون العموم في أحدهما مستفادا من الجمع المعرف فيقدم على المستفاد من ما ومن العاشر بعد المائة كونه مستفادا من الكل فيقدم على المستفاد من الجنس المعرف لاحتمال العهد وثم وجوه أخر للترجيح في بعضها نظر وفي بعض ما ذكر أيضا نظر وإنما ذكرت هذا أيضا منها لقول المصنف أن وجوه الترجيح خمسون فأكثر والله أعلم.

النوع السابع والثلاثون: معرفة المزيد في متصل الأسانيد

النوع السابع والثلاثون: معرفة المزيد في متصل الأسانيد. مثاله: ما روي عن عبد الله بن المبارك قال: حدثنا سفيان عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال: حدثني بسر بن عبيد الله قال: سمعت أبا إدريس يقول: سمعت واثلة بن الأسقع يقول: سمعت أبا مرثد الغنوي يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها". فذكر سفيان في هذا الإسناد زيادة ووهم وهكذا ذكر أبي إدريس. أما الوهم في ذكر سفيان: فممن دون ابن المبارك لأن جماعة ثقات رووه عن ابن المبارك عن ابن جابر نفسه ومنهم من صرح فيه بلفظ الإخبار بينهما

وأما ذكر أبي إدريس فيه: فابن المبارك منسوب فيه إلى الوهم وذلك لأن جماعة من الثقات رووه عن ابن جابر فلم يذكروا أبا إدريس بين بسر وواثلة. وفيهم من صرح فيه بسماع بسر من واثلة قال أبو حاتم الرازي: يرون أن ابن المبارك وهم في هذا. قال: وكثيرا ما يحدث بسر من أبي إدريس فغلط ابن المبارك وظن أن هذا مما روى عن أبي إدريس عن واثلة وقد سمع هذا بسر من واثلة نفسه. قلت: قد ألف الخطيب الحافظ في هذا النوع كتابا سماه كتاب تمييز المزيد في متصل إلاسانيد وفي كثير مما ذكره نظر لأن الإسناد الخالي عن الراوي الزائد: إن كان بلفظه عن في ذلك فينبغي أن يحكم بإرساله ويجعل معللا بالإسناد الذي ذكر فيه الزائد لما عرف في نوع المعلل وكما يأتي ذكره إن شاء الله تعالى في النوع الذي يليه وإن كان فيه تصريح بالسماع أو بإلاخبار كما في المثال الذي أوردناه فجائز أن يكون قد سمع ذلك من رجل عنه ثم سمعه منه نفسه فيكون بسر في هذا الحديث قد سمعه من أبي إدريس عن واثلة ثم لقي واثلة فسمعه منه كما جاء مثله مصرحا به في غير هذا اللهم إلا أن توجد قرينة تدل على كونه وهما كنحو ما ذكره أبو حاتم في المثال المذكور وأيضا فالظاهر ممن وقع له مثل ذلك أن يذكر السماعين فإذا لم يجيء عنه ذكر ذلك حملناه على الزيادة المذكورة والله أعلم.

النوع الثامن والثلاثون: معرفة المراسيل الخفي إرسالها

النوع الثامن والثلاثون: معرفة المراسيل الخفي إرسالها. هذا نوع مهم عظيم الفائدة يدرك بإلاتساع في الرواية والجمع لطرق إلاحاديث مع المعرفة التامة وللخطيب الحافظ فيه كتاب التفصيل لمبهم المراسيل. والمذكور في هذا الباب منه ما عرف فيه إلارسال بمعرفة عدم السماع من الراوي فيه أو عدم اللقاء كما في الحديث المروي عن العوام بن حوشب عن عبد الله بن أبي أوفي قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قال بلال: قد قامت الصلاة نهض وكبر. روي فيه عن أحمد بن حنبل أنه قال: العوام لم يلق ابن أبي أوفي. ومنه ما كان الحكم

بإرساله محالا على مجيئه من وجه آخر بزيادة شخص واحد أو أكثر في الموضع المدعى فيه الإرسال كالحديث الذي سبق ذكره في النوع العاشر: عن عبد الرزاق عن الثوري عن أبي إسحاق فإنه حكم فيه بالانقطاع والإرسال بين عبد الرزاق والثوري لأنه روي عن عبد الرزاق قال: حدثني النعمان بن أبي شيبة الجندي عن الثوري عن أبي إسحاق وحكم أيضا فيه بالإرسال بين الثوري وأبي إسحاق لأنه روي عن الثوري عن شريك عن أبي إسحاق وهذا وما سبق في النوع الذي قبله يتعرضان: لأن يعترض بكل واحد منهما على الآخر على ما تقدمت الإشارة إليه والله أعلم.

النوع التاسع والثلاثون: معرفة الصحابة رضي الله عنهم أجمعين

النوع التاسع والثلاثون: معرفة الصحابة رضي الله عنهم أجمعين. هذا علم كبير قد ألف الناس فيه كتبا كثيرة ومن أجلها وأكثرها فوائد كتاب الاستيعاب لابن عبد البر لولا ما شانه به من إيراده كثيرا مما شجر بين الصحابة وحكاياته عن الإخباريين لا المحدثين. وغالب على الإخباريين الإكثار والتخليط فيما يروونه. وأنا أورد نكتا نافعة إن شاء الله تعالى قد كان ينبغي لمصنفي كتب الصحابة أن يتوجوها بها مقدمين لها في فواتحها. إحداها: اختلف أهل العلم في أن الصحابي من فالمعروف من طريقة أهل الحديث: أن كل مسلم رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو من الصحابة قال البخاري في صحيحه: من صحب النبي صلى الله عليه وسلم أو رآه من المسلمين فهو من أصحابه.

_ النوع التاسع والثلاثون- معرفة الصحابة. "قوله" فالمعروف من طريقة أهل الحديث أن كل مسلم رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو من الصحابة قال البخاري في صحيحه من صحب النبي صلى الله عليه وسلم أو رآه من المسلمين فهو صحابي من أصحابه انتهى.

...........................................................................

_ والحد الذي ذكر المصنف أنه المعروف لا يدخل فيه من لم يره صلى الله عليه وسلم لمانع كالعمى كابن أم مكتوم مثلا وهو داخل في الحد الذي ذكره البخاري وفي دخول الأعمى الذي جئ به إلى النبي صلى الله عليه وسلم مسلما ولم يصحبه ولم يجالسه في عبارة البخاري نظر فالعبارة السالمة من الاعتراض أن يقال الصح أبي من لقى النبي صلى الله عليه وسلم مسلما ثم مات على الإسلام ليخرج بذلك من ارتد ومات كافرا كعبد الله بن خطل وربيعة بن أمية ومقيس بن صبابة ونحوهم. ولا شك أن هؤلاء لا يطلق عليهم اسم الصحابة وهم داخلون في الحد إلا أن نقول بأحد قولى الأشعرى أن إطلاق اسم الكفر والايمان هو باعتبار الخاتمة فإن من مات كافرا لم يزك كافرا ومن مات مسلما لم يزل مسلما فعلى هذا لم يدخل هؤلاء في الحد أما من ارتد منهم ثم عاد إلى الاسلام في حياته صلى الله عليه وسلم فالصحبة عائدة إليهم بصحبتهم له ثانيا كعبد الله بن أبي سرح وأما من ارتد منهم في حياته وبعد موته ثم عاد إلى الإسلام بعد موته صلى الله عليه وسلم كالأشعث بن قيس ففي عود الصحبة له نظر عند من يقول إن الردة محبطة للعمل وإن لم يتصل بها الموت وهو قول أبي حنيفة. وفي عبارة الشافعي في الأم ما يدل عليه نعم الذي حكاه الرافعى عن الشافعي أنها إنما تحبط العمل بشرط اتصالها بالموت ووراء ذلك أمور في اشتراط أمور أخر من التمييز أو البلوغ في الرأى واشتراط كون الرؤية بعد النبوة أو أعم من ذلك واشتراط كونه صلى الله عليه وسلم حيا حتى يخرج ما لو رآه بعد موته قبل الدفن واشتراط كون الرؤية له في عالم الشهادة دون عالم الغيب فأما التمييز فظاهر كلامهم اشتراطه كما هو موجود في كلام يحيى بن معين وأبي زرعة وأبي حاتم وأبي داود وابن عبد البر وغيرهم وهم جماعة أتى بهم النبي صلى الله عليه وسلم وهم أطفال فحنكهم ومسح وجوههم أو تفل في أفواههم فلم يكتبوا لهم صحبة كحمد بن حاطب بن الحارث وعبد الرحمن بن عثمان التيمى ومحمود ابن الربيع وعبيد الله بن معمر وعبد الله بن الحارث بن نوفل وعبد الله بن أبي طلحة ومحمد بن ثابت بن قيس بن شماس ويحيى بن خلاد بن رافع الزرقى ومحمد بن طلحة ابن عبيد الله وعبد الله بن ثعلبة بن صعير وعبد الله بن عامر بن كريز وعبد الرحمن ابن عبد القارى ونحوهم.

..........................................................................

_ فأما محمد بن حاطب فإنه ولد بأرض الحبشة قال يحيى بن معين له رواية ولا تذكر له صحبة وأما عبد الرحمن بن عثمان التميى فقال أبو حاتم الرازى كان صغيرا له رؤية وليست له صحبة وأما محمود بن الربيع فهو الذي عقل منه صلى الله عليه وسلم مجة مجها في وجهه وهو ابن خمس سنين كما ثبت في صحيح البخاري وقال أبو حاتم له رؤية وليست له صحبة. وأما عبيد الله بن معمر فقال ابن عبد البر ذكر بعضهم أن له صحبة وهو غلط بل له رؤية وهو غلام صغير وأما عبد الله بن الحارث بن نوفل فإنه الملقب بشبة ذكر ابن عبد البر أنه ولد على عهده صلى الله عليه وسلم وأنه أتى به فحنكه ودعا له. قال العلائى في كتاب جامع التحصيل ولا صحبة له بل ولا رؤية قطعا وحديثه مرسل قطعا. وأما عبد الله بن أبي طلحة فهو أخو أنس لأمه وأتى به النبي صلى الله عليه وسلم فحنكه كما ثبت في الصحيح. قال العلائى ولا يعرف له رؤية بل هو تابعى وحديثه مرسل وأما محمد بن ثابت ابن قيس بن شماس فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم فحنكه وسماه محمدا قال العلائى وليست له صحبة فحديثه مرسل. وأما ابن حبان فذكره في الصحابة وأما يحيى ابن جلاد بن رافع الزرقى فذكر ابن عبد البر أنه اتى به النبي صلى الله عليه وسلم فحنكه وسماه قال العلائى وهو تابعى لا يثبت له رؤية. وأما محمد بن طلحة بن عبيد الله فهو الملقب بالسجاد أتى به أبوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فمسح رأسه وسماه محمدا وكناه أبا القاسم قال العلائى ولم يذكر أحد فيما وقفت عليه له رؤية بل هو تابعي. وأما عبد الله بن ثعلبة بن صعير وقيل ابن أبي صعير فروى البخاري في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح وجهه عام الفتح قال أبو حاتم رأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو صغير قال العلائى قيل أنه لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم كان ابن أربع سنين. وأما عبد الله بن عامر بن كريز فإن النبي صلى الله عليه وسلم أتى به وهو صغير فتفل

...........................................................................

_ في فيه من ريقه قال ابن عبد البر وما أظنه سمع منه ولا حفظ عنه بل حديثه مرسل. وأما عبد الرحمن بن عبد القارى فقال أبو داود أتى به النبي صلى الله عليه وسلم وهو طفل قال ابن عبد البر ليس له سماع ولا رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم بل هو من التابعين وذكر أبو حاتم أن يوسف بن عبد الله بن سلام له رؤية ولا صحبة له انتهى. هذا مع كونه حفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنه رآه أخذ كسرة من خبز شعير ووضع عليها تمرة وقال: "هذه إدام هذه" رواه أبو داود والترمذي في الشمايل وروى أبو داود أيضا من حديث أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر "ما على أحدكم إن وجد أن يتخذ ثوبين لجمعته سوى ثوبى مهنته" لا جرم أن البخاري عد يوسف في الصحابة فأنكر ذلك عليه أبو حاتم وقال له رؤية ولا صحبة له وممن أثبت له بعضهم الرؤية دون الصحبة طارق بن شهاب فقال أبو زرعة وأبو داود له رؤية وليست له صحبة انتهى. وهذا ليس من باب الرؤية في الصغر فإن طارق بن شهاب هذا قد أدرك الجاهلية وغزا مع أبي بكر رضي الله عنه وإنما يحمل هذا على أحد وجهين إما أن يكون رآه قبل أن يسلم فلم يره في حالة إسلامه ثم جاء فقاتل مع أبي بكر وإما أن يكون ذلك محمولا على أنهما لا يكتفيان في حصول الصحبة بمجرد الرؤية كما سيأتى نقله عن أهل الأصول وعلى هذا يحمل أيضا قول عاصم الأحول أن عبد الله بن سرجس رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم غير أنه لم يكن له صحبة قال ابن عبد البر لا يختلفون في ذكره في الصحابة ويقولون له صحبة على مذهبهم في اللقاء والرؤية والسماع. وأما عاصم الأحول فأحسبه أراد الصحبة التي يذهب إليها العلماء وأولئك قليل انتهى. وأما تمثيل الشيخ تاج الدين التبريزى في اختصاره لكتاب ابن الصلاح لمن رأى النبي صلى الله عليه وسلم كافرا ثم أسلم بعد وفاته كعبد الله بن سرجس وشريح فليس بصحيح لما ثبت في صحيح مسلم من حديث عبد الله بن سرجس قال "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وأكلت معه خبزا ولحما" وذكر الحديث في رؤيته لخاتم النبوة واستغفار النبي صلى الله عليه وسلم له والصحيح أيضا أن شريحا القاضي لم ير النبي صلى الله عليه وسلم قبل النبوة ولا بعدها وهو تابعى أدرك الجاهلية وقد عده مسلم في المخضرمين وذكره المصنف فيهم والله أعلم.

.........................................................................

_ وأما اشتراط البلوغ في حالة الرؤية فحكاه الواقدى عن أهل العلم فقال رأيت أهل العلم يقولون كل من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أدرك الحلم فأسلم وعقل أمر الدين ورضيه فهو عندنا ممن صحب النبي صلى الله عليه وسلم ولو ساعة من نهار انتهى. والصحيح أن البلوغ ليس شرطا في حد الصحابي وإلا لخرج بذلك من أجمع العلماء على عدهم في الصحابة كعبد الله بن الزبير والحسن والحسين رضي الله عنهم وأما كون المعتبر في الرؤية وقوعها بعد النبوة فلم أر من تعرض لذلك إلا ابن منده ذكر في الصحابة زيد بن عمرو بن نفيل وإنما رأى النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة ومات قبلها وقد روى النسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنه يبعث يوم القيامة أمة وحده" وأما كون المعتبر في الرواية وقوعها وهو حى فالظاهر اشتراطه فإنه قد انقطعت النبوة بوفاته صلى الله عليه وسلم وأما كون رؤيته صلى الله عليه وسلم في عالم الشهادة فالظاهر اشتراطه أيضا حتى لا يطلق اسم الصحبة على من رآه من الملائكة والنبيين في السماوات ليلة الإسراء أما الملائكة فلم يذكرهم أحد في الصحابة وقد استشكل ابن الأثير في كتاب أسد الغابة ذكر من ذكر منهم بعض الجن الذين آمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم وذكرت أسما هم فإن جبريل وغيره ممن رآه من الملائكة أولى بالذكر من هؤلاء وليس كما زعم لأن الجن من جملة المكلفين الذين شملتهم الرسالة والبعثة فكان ذكر من عرف اسمه ممن رآه حسنا بخلاف الملائكة والله أعلم. وأما الأنبياء الذين رآهم في السماوات ليلة الإسراء الذين ماتوا منهم كإبراهيم ويوسف وموسى وهرون ويحيى لا شك أنهم لا يطلق عليهم اسم الصحبة لكون رؤيتهم له بعد الموت مع كون مقاماتهم أجل وأعظم من رتبة أكبر الصحابة وأما من هو حى إلى الآن لم يمت كعيسى صلى الله عليه وسلم فإنه سينزل إلى الأرض في آخر الزمان ويراه خلق من المسلمين فهل يوصف من يراه بأنه من التابعين لكونه رأى من له رؤية من النبي صلى الله عليه وسلم أم المراد بالصحابة من لقيه من أمته الذين أرسل إليهم حتى لا يدخل فيهم عيسى والخضر وإلياس على قول من يقول بحياتهما من الأئمة هذا محل نظر ولم أر من تعرض لذلك من أهل الحديث والظاهر أن من رآه منهم في الأرض وهو حى له حكم الصحبة فإن كان الخضر أو إلياس حيا أو كان قد رأى عيسى في الأرض فالظاهر إطلاق اسم الصحبة عليهم فأما رؤية عيسى له في السماء فقد يقال السماء

وبلغنا عن أبي المظفر السمعاني المروزي أنه قال: أصحاب الحديث يطلقون اسم الصحابة على كل من روى عنه حديثا أو كلمة ويتوسعون حتى يعدون من رآه رؤية من الصحابة وهذا لشرف منزلة النبي صلى الله عليه وسلم أعطوا كل من رآه حكم الصحبة وذكر: أن اسم الصحابي من حيث اللغة والظاهر يقع على من طالت صحبته للنبي صلى الله عليه وسلم وكثرت مجالسته له على طريق التبع له والأخذ عنه. قال وهذا طريق الأصوليين.

_ ليست محلا للتكليف ولا لثبوت الأحكام الجارية على المكلفين فلا يثبت بذلك اسم الصحبة لمن رآه فيها وأما رؤيته لعيسى في الأرض فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقد رأيتنى في الحجر وقريش تسألنى عن مسراى فتسألنى عن أشياء من بيت المقدس لم أثبتها فكربت كربا ما كربت مثله قط فرفعه الله لى أنظر إليه ما يسألوننى عن شيء إلا أنبأتهم به وقد رأيتنى في جماعة من الأنبياء" الحديث وفيه وإذا عيسى بن مريم قائم يصلى الحديث وفيه فحانت الصلاة فأممتهم فلما فرغت من الصلاة قال قائل يا محمد هذا مالك خازن النار فسلم عليه فالتفت إليه فبدأنى بالسلام وظاهر هذا أنه رآه ببيت المقدس وإذا كان كذلك فلا مانع من اطلاق الصحبة عليه لأنه حين ينزل يكون مقتديا بشريعة نبينا صلى الله عليه وسلم لا بشريعته المتقدمة وروى أحمد في مسنده من حديث جابر مرفوعا "لو كان موسى حيا بين أظهركم ما حل له إلا أن يتبعنى" والله أعلم. "قوله" وبلغنا عن أبي المظفر السمعانى المروزى أنه قال أصحاب الحديث يطلقون على كل من روى عنه حديثا أو كلمه ويتوسعون حتى يعدون من رآه رؤية من الصحابة وهذا لشرف منزلة النبي صلى الله عليه وسلم اعطوا كل من رآه حكم الصحبة وذكر أن اسم الصح أبي من حيث اللغة والظاهر يقع على من طالت صحبته للنبى صلى الله عليه وسلم وكثرت مجالسته له على طريق التبع والأخذ عنه قال وهذا طريق الأصوليين انتهى. وفيما قاله ابن السمعانى نظر من وجهين أحدهما أن ما حكاه عن أهل اللغة قد نقل القاضي أبو بكر بن الباقلاني إجماع أهل اللغة على خلافه كما نقله عنه الخطيب في الكفاية أنه قال لا خلاف بين أهل اللغة أن الصح أبي مشتق من الصحبة وأنه ليس

قلت: وقد روينا عن سعيد بن المسيب: أنه كان لا يعد الصحابي إلا من أقام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة أو سنتين وغزا معه غزوة أو غزوتين. وكأن المراد بهذا إن صح عنه راجع إلى المحكي عن الأصوليين. ولكن في عبارته ضيق يوجب إلا يعد من الصحابة جرير بن عبد الله البجلي ومن شاركه في فقد ظاهر ما اشترطه فيهم ممن لا نعرف خلافا في عده من الصحابة.

_ بمشتق من قدر منها مخصوص بل هو جار على كل من صحب غيره قليلا كان أو كثيرا يقال صحبت فلانا حولا ودهرا وسنة وشهرا ويوما وساعة قال وذلك يوجب في حكم اللغة إجراءها على من صحب النبي صلى الله عليه وسلم ساعة من نهار هذا هو الأصل في اشتقاق الاسم ومع ذلك فقد تقرر للأئمة عرف في أنهم لا يستعملون هذه التسمية إلا فيمن كثرت صحبته واستمر لقاؤه ولا يجرون ذلك على من لقى المرء ساعة ومشى معه خطا وسمع منه حديثا فوجب لذلك أن لا يجرى هذا الاسم في عرف الأستعمال الا على من هذه حاله انتهى. الوجه الثاني: أن ما حكاه عن الأصوليين هو قول بعض أئمتهم والذي حكاه الآمدى عن أكثر اصحابنا أن الصح أبي من رآه وقال إنه الأشبه واختاره ابن الحاجب نعم الذي اختاره القاضي أبو بكر ونقله عن الأئمة أنه يعتبر في ذلك كثرة الصحبة واستمرار اللقاء وتقدم أن ابن عبد البر حكى عن العلماء نحو ذلك وبه جزم ابن الصباغ في كتاب العدة في أصول الفقه فقال الصح أبي هو الذي لقى النبي صلى الله عليه وسلم وأقام عنده واتبعه فأما من وفد عليه وانصرف عنه من غير مصاحبة ومتابعة فلا ينصرف إليه هذا الاسم. "قوله" وقد روينا عن سعيد بن المسيب أنه كان لا يعد الصحابي إلا من أقام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة أو سنتين وغزا معه غزوة أو غزوتين وكأن المراد بهذا إن صح عنه راجع إلى المحكي عن الأصوليين ولكن في عبارته ضيق يوجب أن لا يعد من الصحابة جرير بن عبد الله البجلي ومن شاركه في فقد ظاهر ما اشترطه فيهم ممن لا يعرف خلافا في عده من الصحابة انتهى وفيه أمران: أحدهما: أن المصنف علق القول بصحة ذلك عن سعيد بن المسيب وهو لا يصح عنه فإن في الإسناد إليه محمد بن عمر الواقدي وهو ضعيف في الحديث.

..........................................................................

_ الأمر الثاني أنه اعترض على المصنف بأن في الأوسط للطبراني أن جريرا أسلم في أول البعثة وكأن المعترض أوقعه في ذلك ما رواه الطبراني من رواية قيس بن أبي حازم عن جرير قال لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم أتيته لأبايعه فقال لأي شيء جئت يا جرير قلت جئت لأسلم على يديك قال فدعاني إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأنى رسول الله وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤتى الزكاة المفروضة وتؤمن بالقدر خيره وشره قال فألقى إلى كساء ثم أقبل على أصحابه فقال إذا جاءكم كريم قوم فأكرموه وهو في الكبير أيضا والجواب عنه أن هذا الحديث غير صحيح فإنه من رواية الحصين بن عمر الأحمسي وهو منكر الحديث كما قاله البخاري وضعفه أيضا أحمد وابن معين وأبو حاتم وغيرهم ولو كان صحيحا لما كان فيه تقدم إسلامه لأنه لا تلزم الفورية في جواب لما والصواب أن جريرا متأخر الإسلام فقد ثبت في الصحيحين عن إبراهيم النخعي أن إسلام جرير كان بعد نزول المائدة وللبخاري عن إبراهيم أن جريرا كان من آخر من أسلم. وعند أبي داود أيضا من حديث جرير أنه قال ما أسلمت إلا بعد نزول المائدة وإنما يريد بذلك أنه بعد نزول قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} الآية وإلا فقد نزل بعض المائدة بعد إسلام جرير كما سيأتي ولكن لا يلزم من هذا أنه لم يقم معه سنة فإن نزول الآية كان في غزوة المريسيع على المشهور وكانت في سنة ست والمعروف أن إسلامه بدون سنة من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فقد ذكر البخاري في التاريخ الكبير عن إبراهيم عن جرير وكان أتى النبي صلى الله عليه وسلم في العام الذي توفي فيه وكذا قال الواقدي كان إسلامه في السنة التي توفي فيها النبي صلى الله عليه وسلم ومن أطلق ذلك لا يريدون بذلك أنه أسلم في سنة إحدى عشرة إنما يريدون بذلك سنة ملفقة وصرح بذلك الخطيب فقال أسلم في السنة التي توفي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهى سنة عشر من الهجرة في شهر رمضان منها. وكذا قال ابن حبان في الصحابة إن إسلامه كان في سنة عشر من الهجرة في شهر رمضان وأما ما جزم به ابن عبد البر في الاستيعاب أن جريرا قال أسلمت قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بأربعين يوما فهذا لا يصح عن جرير ويرده ما ثبت في الصحيحين من حديث جرير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له في حجة الوداع: "استنصت الناس".

وروينا عن شعبة عن موسى السبلاني وأثنى عليه خيرا قال: أتيت أنس بن مالك فقلت: هل بقي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد غيرك؟ قال: بقي ناس من الإعراب قد رأوه فأما من صحبه فلا. إسناده جيد حدث به مسلم بحضرة أبي زرعة. ثم إن كون الواحد منهم صحابيا: تارة يعرف بالتواتر وتارة بالاستفاضة القاصرة عن التواتر وتارة بأن يروى عن آحاد الصحابة أنه صحابي وتارة بقوله وإخباره عن نفسه بعد ثبوت عدالته بأنه صحابي والله أعلم.

_ الحديث فكان إسلامه قبل حجة الوداع في شهر رمضان على المشهور فما استشكله المصنف على قول سعيد بن المسيب في أمر جرير واضح لو صح عنه ولكنه لم يصح عنه والله أعلم. "قوله" وروينا عن شعبة عن موسى السبلاني وأثنى عليه خيرا إلى آخره وقع في النسخ الصحيحة التي قرأت على المصنف السيلانى بفتح السين المهملة وفتح الباء الموحدة والمعروف إنما هو بسكون الياء المثناة من تحت هكذا ضبطه السمعانى في الأنساب. "قوله" ثم إن كون الواحد منهم صح أبيا تارة يعرف بالتواتر وتارة بالاستفاضة القاصرة عن التواتر وتارة بأن يروى عن آحاد الصحابة أنه صح أبي وتارة بقوله وإخباره عن نفسه بعد ثبوت عدالته بأنه صحابي انتهى. هكذا أطلق المصنف أنه يقبل قول من ثبتت عدالته أنه صح أبي وتبع في ذلك الخطيب فإنه قال في الكفاية في آخر كلام رواه عن القاضي أبي بكر الباقلاني ما صورته وقد يحكم بأنه صح أبي إذا كان ثقة أمينا مقبول القول إذا قال صحبت النبي صلى الله عليه وسلم وكثر لقائى له فتحكم بأنه صح أبي في الظاهر لموضع عدالته وقبول خبره وإن لم يقطع بذلك كما يعمل بروايته انتهى. والظاهر أن هذا الكلام بقية كلام القاضي أبو بكر فإنه يشترط في الصح أبي كثرة الصحبة واستمرار اللقاء كما تقدم نقله عنه وأما الخطيب فلا يشترط ذلك على رأى

.........................................................................

_ المحدثين وعلى كل تقدير فلابد من تقييد ما أطلقه بأن يكون ادعاؤه لذلك يقتضيه الظاهر أما لو ادعاه بعد مائة سنة من وفاته صلى الله عليه وسلم فإنه لا يقبل ذلك منه كجماعة ادعوا الصحبة بعد ذلك ك أبي الدنيا الأشج ومكلبة بن ملكان ورتن الهندى فقد أجمع أهل الحديث على تكذيبهم وذلك لما ثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة صلاة العشاء في آخر حياته فلما سلم قام فقال: "أرأيتكم ليلتكم هذه فإن على رأس مائة سنة منها لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض أحد" الحديث وكان إخباره صلى الله عليه وسلم بذلك قبل موته بشهر كما ثبت في صحيح مسلم من حديث جابر قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول قبل أن يموت بشهر: "تسألوننى عن الساعة وإنما علمها عند الله وأقسم بالله ما على الأرض من نفس منفوسة يأتى عليها مائة سنة" وفي رواية له " ما من نفس منفوسة اليوم يأتى عليها مائة سنة وهى حية يومئذ" وهذه الرواية المقيدة باليوم يحمل عليها قوله صلى الله عليه وسلم في بعض طرق حديث جابر عند مسلم ما من نفس منفوسة تبلغ مائة سنة. فقد رأيت بعض أهل العلم استدل بهذه الرواية على أن أحدا لا يعيش مائة سنة ونازعته في ذلك فأصر عليه مع أن في بقية الحديث عنده فقال سالم يعنى ابن أبي الجعد وهو الراوى له عن جابر يذاكرنا ذلك عنده إنما هى كل نفس مخلوقة يومئذ وعند مسلم أيضا من حديث أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يأتى مائة سنة وعلى الأرض نفس منفوسة اليوم". والصواب أن ذلك محمول على التقييد بالظرف فقد جاوز جماعة من العلماء الماية وحدثوا بعد الماية وهم معروفو المولد كالقاضي أبي الطيب طاهر بن عبد الله الطبرى أحد أئمة الشافعية والحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد السلفي وغيرهما وقد ورد في بعض طرق هذا الحديث أن المراد بالمائة من الهجرة لا من وفاته صلى الله عليه وسلم رواه أبو يعلى الموصلى في مسنده من رواية قيس بن وهب الهمدانى عن أنس قال حدثنا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يأتى مائة سنة من الهجرة ومنكم عين تطرف". وهذا يرد قول من ادعى أنه تأخر بعد أبي الطفيل أحد من الصحابة كما سيأتى ذلك في آخر من مات من الصحابة إن شاء الله تعالى.

الثانية: للصحابة بأسرهم خصيصة وهي: أنه لا يسأل عن عدالة أحد منهم بل ذلك أمر مفروغ منه لكونهم على الإطلاق معدلين بنصوص الكتاب والسنة وإجماع من يعتد به في الإجماع من الأمة قال الله تبارك وتعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} الآية. قيل: اتفق المفسرون على أنه وارد في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} وهذا خطاب مع الموجودين حينئذ. وقال سبحانه وتعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ} الآية. وفي نصوص السنة الشاهدة بذلك كثرة منها: حديث أبي سعيد المتفق على صحته: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه". ثم إن الأمة مجمعة علي تعديل جميع الصحابة ومن لابس الفتن منهم: فكذلك بإجماع العلماء الذين يعتد بهم في الإجماع إحسانا للظن بهم ونظرا إلى ما تمهد لهم من المآثر وكان الله سبحانه وتعالى أتاح الإجماع على ذلك لكونهم نقلة الشريعة والله أعلم.

_ فعلى هذا لا يقبل قول أحد أدعى الصحبة بعد مائة سنة من الهجرة وكلام الأصوليين أيضا يقتضى ما ذكرناه فإنهم اشترطوا في ثبوت ذلك بادعائه أن يكون قد عرفت معاصرته للنبي صلى الله عليه وسلم قال الآمدي في الأحكام فلو قال من عاصره أنا صح أبي مع إسلامه وعدالته فالظاهر صدقه وحكاهما ابن الحاجب احتمالين من غير ترجيح قال ويحمل أن لا يصدق لكونه متهما بدعوى رتبة يثبتها لنفسه والله أعلم. قوله الثانية للصحابة بأسرهم خصيصة وهى أنه لا يسأل عن عدالة أحد منهم إلى أن قال وفي نصوص السنة الشاهدة بذلك كثرة منها حديث أبي سعيد المتفق على صحته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسى بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه" ثم إن الأمة مجمعة على تعديل جميع الصحابة ومن لابس الفتن منهم فكذلك بإجماع العلماء الذين يعتد بهم

الثالثة: أكثر الصحابة حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو هريرة روي ذلك عن سعيد بن أبي الحسن وأحمد بن حنبل وذلك من الظاهر الذي لا يخفي على حديثي وهو أول صاحب حديث بلغنا عن أبي بكر بن أبي داود السجستاني قال رأيت أبا هريرة في النوم وأنا بسجستان أصنف حديث أبي هريرة

_ في الإجماع إحسانا للظن بهم ونظرا إلى ما تمهد لهم من المآثر فكان الله سبحانه وتعالى أتاح الإجماع على ذلك لكونهم نقلة الشريعة والله أعلم. فيه أمران: أحدهما: أنه اعترض على المصنف في استدلاله بحديث أبي سعيد وذلك لأنه قاله النبي صلى الله عليه وسلم لخالد بن الوليد لما تقاول هو وعبد الرحمن ابن عوف أى أنه أراد بذلك صحبة خاصة والجواب أنه لا يلزم من كونه ورد على سبب خاص في شخص معين أنه لا يعم جميع أصحابه ولا شك أن خالدا من أصحابه وإنه منهي عن سبه وإنما درجات الصحبة متفاوتة فالعبرة إذا بعموم اللفظ في قوله: "لا تسبوا أصحابي" وإذا نهى الصحابي عن سب الصحابي. فغير الصحابي أولى بالنهى عن سب الصحابي. الأمر الثاني: أن ما حكاه المصنف من إجماع الأمة على تعديل من لم يلابس الفتن منهم كأنه أخذه من كلام ابن عبد البر فإنه حكى في الاستيعاب إجماع أهل الحق من المسلمين وهم أهل السنة والجماعة على أن الصحابة كلهم عدول انتهى. وفي حكاية الإجماع نظر ولكنه قول الجمهور كما حكاه ابن الحاجب والآمدي وقال إنه المختار وحكيا معا قولا آخر انهم كغيرهم في لزوم البحث عن عدالتهم مطلقا وقولا آخر إنهم عدول إلى وقوع الفتن وأما بعد ذلك فلابد من البحث عمن ليس ظاهر العدالة وذهب المعتزلة إلى تفسيق من قاتل على بن أبي طالب منهم وقيل يرد الداخلون في الفتن كلهم لأن أحد الفريقين فاسق من غير تعيين وقيل نقبل الداخل في الفتن إذا انفرد لأن الأصل العدالة وشككنا في فسقه ولا يقبل مع مخالفه لتحقق فسق أحدهما من غير تعيين والله أعلم.

فقلت إني لأحبك فقال: أنا أول صاحب حديث كان في الدنيا. وعن أحمد بن حنبل أيضا رضي الله عنه قال: ستة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أكثروا الرواية عنه وعمروا أبو هريرة وابن عمر وعائشة وجابر بن عبد الله وابن عباس وأنس. وأبو هريرة أكثرهم حديثا وحمل عنه الثقات. ثم إن أكثر الصحابة فتيا تروى ابن عباس. بلغنا عن أحمد بن حنبل قال: ليس أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يروى عنه في الفتوى أكثر من ابن عباس. وروينا عن أحمد بن حنبل أيضا أنه قيل له: من العبادلة؟ فقال: عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمرو. قيل له: فابن مسعود؟ قال: لا ليس عبد الله بن مسعود من العبادلة. قال الحافظ أحمد البيهقي فيما رويناه عنه وقرأته بخطه: وهذا لأن ابن مسعود تقدم موته وهؤلاء عاشوا حتى احتيج إلى علمهم. فإذا اجتمعوا على شيء قيل هذا قول العبادلة أو هذا فعلهم. قلت: ويلتحق بابن مسعود في ذلك سائر العبادلة المسمين بعبد الله من الصحابة وهم نحو مائتين وعشرون نفسا والله أعلم.

_ "قوله" ويلتحق بابن مسعود في ذلك سائر العبادلة المسمين بعبد الله من الصحابة وهم نحو مائتين وعشرون نفسا والله أعلم انتهى. وما ذكره من كون المسمين بعبد الله من الصحابة نحو مائتين وعشرون ليس بجيد بل هم أكثر من ذلك بكثير وكأن المصنف أخذ ما ذكره من الاستيعاب لابن عبد البر فإنه عد ممن اسمه عبد الله مائتين وثلاثين ومنهم من لم يصحح له صحبة ومنهم من ذكره للمعاصرة من غير رؤية على قاعدته ومنهم من كرره للاختلاف في اسم أبيه ومنهم

وروينا عن علي بن عند الله المديني قال: لم يكن من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم له أصحاب يقومون بقوله في الفقه إلا ثلاثة: عبد الله بن مسعود وزيد بن ثابت وابن عباس رضي الله عنهم. كان لكل رجل منهم أصحاب يقومون بقوله ويفتون الناس. وروينا عن مسروق قال: وجدت علم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم انتهى إلى ستة: عمر وعلي وأبي وزيد وأبي الدرداء وعبد الله بن مسعود ثم انتهى علم هؤلاء الستة إلى اثنين علي وعبد الله. وروينا نحوه عن مطرف عن الشعبي عن مسروق لكن ذكر أبا موسى بدل أبي الدرداء. وروينا عن الشعبي قال: كان العلم يؤخذ عن ستة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان عمر وعبد الله وزيد يشبه علم بعضهم بعضا وكان يقتبس بعضهم من بعض وكان علي والأشعري وأبي يشبه علم بعضهم بعضا وكان يقتبس بعضهم من بعض.

_ من اختلف في اسمه أيضا هل يسمى بعبد الله أو غيره ومجموعهم أكثر من عشرة فبقى منهم نحو مائتين وعشرين نفسا كما ذكر ولكن قد فات ابن عبد البر منهم جماعة ذكرهم غيره ممن صنف في الصحابة وذكر منهم الحافظ أبو بكر بن فتحون في ذيله على الاستيعاب مائة وأربعة وستين نفسا زيادة على من ذكرهم ابن عبد البر ومنهم أيضا من عاصر ولم ير أو لم تصح له صحبة أو كرر للإخلاف في اسم أبيه كما تقدم ولكن يجتمع من المجموع نحو ثلاثمائة رجل والله أعلم. "قوله" وروينا عن مسروق قال وجدت علم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم انتهى إلى ستة عمر وعلى وأبي وزيد وأبي الدرداء وعبد الله بن مسعود ثم انتهى علم هؤلاء الستة إلى اثنين على وعبد الله وروينا نحوه عن مطرف عن الشعبى عن مسروق لكن ذكر أن أبا موسى بدل أبي الدرداء انتهى.

وروينا عن الحافظ أحمد البيهقي: أن الشافعي ذكر الصحابة في رسالته القديمة وأثنى عليهم بما هم أهله ثم قال: وهم فوقنا في كل علم واجتهاد وورع وعقل وأمر استدرك به علم واستنبط به وآراؤهم لنا أحمد وأولى بنا من آرائنا عندنا لأنفسنا والله أعلم. الرابعة: روينا عن أبي زرعة الرازي: أنه سئل عن عدة من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ومن يضبط هذا؟ شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع أربعون ألفا وشهد معه تبوك سبعون ألفا. وروينا عن أبي زرعة أيضا أنه قيل له: أليس يقال: حديث النبي صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف حديث؟ قال: ومن قال ذا قلقل الله أنيابه؟ هذا قول الزنادقة ومن يحصي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مائة ألف وأربعة عشر ألفا من الصحابة ممن روي عنه وسمع منه.

_ وقد يستشكل قول مسروق أن علم الستة المذكورين انتهى إلى على وعبد الله من حيث أن عليا وابن مسعود ماتا قبل زيد بن ثابت وأبي موسى الأشعري بلا خلاف فكيف ينتهي علم من تأخرت وفاته إلى من مات قبله وما وجه ذلك. وقد يقال في الجواب عن ذلك أن المراد بكون علم المذكورين انتهى إلى على وعبد الله أنهما ضما علم المذكورين إلى علمهما في حياة المذكورين وإن تأخرت وفاة بعض المذكورين عنهما والله أعلم. "قوله" وروينا عن أبي زرعة أيضا أنه قيل له أليس يقال حديث النبي صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف حديث قال ومن قال ذا قلقل الله أنيابه هذا قول الزنادقة ومن يحصى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مائة ألف وأربعة عشر ألفا من الصحابة ممن رآه وسمع منه انتهى. وفي هذا التحديد بهذا العدد المذكور نظر كبير وكيف يمكن الاطلاع على تحرير ذلك مع تفرق الصحابة في البوادي والقرى والموجود عن أبي زرعة بالأسانيد المتصلة إليه ترك التحديد في ذلك وإنهم يزيدون على مائة ألف كما رواه أبو موسى المديني في ذيله على الصحابة لابن منده بإسناده إلى أبي جعفر أحمد بن عيسى الهمداني قال

وفي رواية: ممن رآه وسمع منه. فقيل له: يا أبا زرعة هؤلاء أبن كانوا وأين سمعوا منه؟ قال: أهل المدينة وأهل مكة ومن بينهما والإعراب ومن شهد معه حجة الوداع كل رآه وسمع منه بعرفة. قال المؤلف: ثم إنه اختلف في عدد طبقاتهم وأصنافهم والنظر في ذلك إلى السبق بالإسلام والهجرة وشهود المشاهد الفاضلة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بآبائنا وأمهاتنا وأنفسنا هو صلى الله عليه وسلم.

_ قال أبو زرعة الرازى توفي النبي صلى الله عليه وسلم ومن رآه وسمع منه زيادة على مائة ألف إنسان من رجل وامرأة وكل قد روى عنه سماعا أو رؤية انتهى وهذا قريب لكونه لا تحديد فيه بهذا القدر الخاص. وأما ما ذكره المصنف عن أبي زرعة فلم أقف له على إسناد ولا هو في كتب التواريخ المشهورة وقد ذكره أبو موسى المدينى في ذيله على الصح أبي بغير إسناد فقال ذكر سليمان بن إبراهيم بخطه قال قيل ل أبي زرعة فذكره دون قوله قلقل الله أنيابه وقد جاء عن الشافعي أيضا عدة من توفي عنه النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة ولكنه دون هذا بكثير ورواه أبو بكر الساجى في مناقب الشافعي عن محمد ابن عبد الله بن عبد الحكم قال أنبأنا الشافعي قال قبض الله رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون ستون ألفا ثلاثون بالمدينة وثلاثون الفا في قبايل العرب وغير ذلك وهذا إسناد جيد ومع ذلك فجميع من صنف الصحابة لم يبلغ مجموع ما في تصانيفهم عشرة آلاف مع هذا كونهم يذكرون من توفي في حياته صلى الله عليه وسلم في المغازى وغيرها ومن عاصره وهو مسلم وإن لم يره وجميع من ذكره ابن منده في الصحابة كما قال أبو موسى قريب من ثلاثة آلاف وثمانمائة ترجمة مما رآه أو صحبه أو سمع منه أو ولد في عصره أو أدرك زمانه أو من ذكر فيهم وإن لم يثبت ومن اختلف له في ذلك ولا شك أنه لا يمكن حصرهم بعد فشو الإسلام وقد ثبت في صحيح البخاري أن كعب بن مالك قال في قصة تخلفه عن غزوة تبوك وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير لا يجمعهم كتاب حافظ يعنى الديوان الحديث هذا في غزوة خاصة وهم مجتمعون فكيف بجميع من رآه مسلما والله أعلم.

وجعلهم الحاكم أبو عبد الله: اثنتي عشرة طبقة ومنهم من زاد على ذلك ولسنا نطول بتفصيل ذلك والله أعلم. الخامسة: أفضلهم على الإطلاق أبو بكر ثم عمر. ثم إن جمهور السلف على تقديم عثمان على علي وقدم أهل الكوفة من أهل السنة عليا على عثمان وبه قال بعض السلف منهم سفيان الثوري أولا ثم رجع إلى تقديم عثمان روي ذلك عنه وعنهم الخطابي. وممن نقل عنه من أهل الحديث تقديم علي على عثمان محمد بن إسحاق بن خزيمة. وتقديم عثمان هو الذي استقرت عليه مذاهب أصحاب الحديث وأهل السنة. وأما أفضل أصنافهم صنفا: فقد قال أبو منصور البغدادي التميمي: أصحابنا مجمعون على أن أفضلهم الخلفاء الأربعة ثم الستة الباقون إلى تمام العشرة ثم البدريون ثم أصحاب أحد ثم أهل بيعة الرضوان بالحديبية. قلت: وفي نص القرآن تفضيل السابقين إلاولين من المهاجرين وإلانصار وهم الذين صلوا إلى القبلتين في قول سعيد بن المسيب وطائفة. وفي قول الشعبي: هم الذين شهدوا بيعة الرضوان. وعن محمد بن كعب القرظي وعطاء بن يسار أنهما قالا: هم أهل بدر روى ذلك عنهما ابن عبد البر فيما وجدناه عنه والله أعلم.

_ "قوله" وفي نص القرآن تفضيل السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار إلى أن قال وعن محمد بن كعب القرظى وعطاء بن يسار أنهما قالا هم أهل بدر روى ذلك عنهما ابن عبد البر فيما وجدناه عنه انتهى ولم يوصل ابن عبد البر إسناده بذلك إليهما وإنما ذكره عن سنيد وإسناد سنيد فيه ضعيف جدا فإنه رواه عن شيخ له لم يسم عن موسى بن عبيدة الربذي هو ضعيف.

السادسة: اختلف السلف في أولهم إسلاما فقيل: أبو بكر الصديق روي ذلك عن ابن عباس وحسان بن ثابت وإبراهيم النخعي وغيرهم. وقيل: علي أول من أسلم روي ذلك عن زيد بن أرقم وأبي ذر والمقداد وغيرهم وقال الحاكم أبو عبد الله: لا أعلم خلافا بين أصحاب التواريخ أن علي بن أبي طالب أولهم إسلاما واستنكر هذا من الحاكم وقيل: أول من أسلم زيد بن حارثة. وذكر معمر نحو ذلك عن الزهري. وقيل: أول من أسلم خديجة أم المؤمنين روي ذلك من وجوه عن الزهري. وهو قول قتادة ومحمد بن إسحاق بن يسار وجماعة. وروي أيضا عن ابن عباس. وادعى الثعلبي المفسر فيما رويناه أو بلغنا عنه: اتفاق العلماء على أن أول من أسلم خديجة وأن اختلافهم إنما هو في أول من أسلم بعدها والأورع أن يقال: أول من أسلم من الرجال الأحرار أبو بكر ومن الصبيان أو الأحداث علي ومن النساء خديجة ومن الموالي زيد بن حارثة ومن العبيد بلال والله أعلم.

_ "قوله" اختلف السلف في أولهم إسلاما فقيل أبو بكر الصديق روى عن ابن عباس وحسان بن ثابت إلى آخر كلامه وقد اختلف على ابن عباس في ذلك على ثلاثة أقوال أحدها أبو بكر والثاني خديجة والثالث على وحكى المصنف الأولين ولم يحك الثالث وسيأتي ذكره بعد هذا والله أعلم. "قوله" قال الحاكم أبو عبد الله لا أعلم خلافا بين أصحاب التواريخ أن على بن أبي طالب أولهم إسلاما واستنكر هذا من الحاكم انتهى قلت إن كان الحاكم أراد بكلامه هذا من الذكور فهو قريب من الصحة إلا أن دعوى إجماع أصحاب التواريخ على ذلك ليس بجيد فإن عمر بن شبة منهم وقد ادعى أن خالد بن سعيد بن العاص أسلم قبل على بن أبي طالب وهذا وإن كان الصحيح خلافه فإنما ذكرته لدعوى الحاكم نفي الخلاف بين المؤرخين وهو إنما ادعى نفي علمه بالخلاف ولا اعتراض عليه في ذلك ومع دعواه ذلك فقد صحح أن أبا بكر أول من أسلم من الرجال البالغين فقال بعد ذلك والصحيح عند الجماعة أن أبا بكر الصديق أول من أسلم من الرجال البالغين لحديث عمرو بن عنبسة يريد بذلك ما رواه مسلم في صحيحه من حديث عمرو بن عنبسة في قصة إسلامه.

..........................................................................................

_ وقوله للنبي صلى الله عليه وسلم من معك على هذا قال حر وعبد قال ومعه يومئذ أبو بكر وبلال ممن آمن به وكان ينبغي للحاكم أن يقول من الرجال البالغين الأحرار كما قال المصنف في آخر كلامه فإن المعروف عند أهل السير أن زيد بن حارثة أسلم قبل أبي بكر. والصحيح أن عليا أول ذكر أسلم وحكى ابن عبد البر الاتفاق عليه كما سيأتي. وقال ابن إسحاق في السيرة أول من آمن خديجة ثم على بن أبي طالب وكان أول ذكر آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن عشر سنين ثم زيد بن حارثة فكان أول ذكر أسلم بعد على ثم أبو بكر فأظهر إسلامه إلى آخر كلامه وما ذكرنا أنه الصحيح من أن عليا أول ذكر أسلم هو قول أكثر الصحابة أبي ذر وسلمان الفارسي وخباب بن الأرت وخزيمة بن ثابت وزيد بن أرقم وأبي أيوب الأنصاري والمقداد بن الأسود ويعلى بن مرة وجابر بن عبد الله وأبي سعيد الخدري وأنس بن مالك وعفيف الكندي وأنشد أبو عبيد الله المرزبانى لخزيمة بن ثابت. ما كنت أحسب هذا الأمر منصرفا ... عن هاشم ثم منها عن أبي الحسن أليس أول من صلى لقبلتهم ... وأعلم الناس بالقرآن والسنن وأنشد القضاعي لعلى رضي الله عنه: سبقتكم إلى الإسلام طرا ... صغيرا ما بلغت أوان حلمي وأنشد ابن عبد البر لبكر بن حمام التاهرتى: قل لابن ملجم والأقدار غالبة ... هدمت ويلك للإسلام أركانا قتلت أفضل من يمشى على قدم ... وأول الناس إسلاما وإيمانا وأنشد الفرغاني في الذيل لعبد الله بن المعتز يذكر عليا وسابقته: وأول من ظل في موقف ... يصلى مع الطاهر الطيب وكان ابن المعتز يرمى بأنه ناصبي والفضل ما شهدت به الأعداء. وذهب غير واحد من الصحابة والتابعين إلى أن أول الصحابة إسلاما أبو بكر وهو قول ابن عباس فيما حكاه المصنف عنه كما تقدم وحسان بن ثابت ورواه الترمذي أيضا عن أبي بكر نفسه من رواية أبي نضرة عن أبي سعيد قال: قال أبو بكر ألست أول من أسلم الحديث.

............................................................................................

_ ورواه أيضا من رواية أبي نضرة قال: قال أبو بكر قال وهذا أصح وإلى هذا ذهب إبراهيم النخعى والشعبى واستدل على ذلك بشعر حسان كما رواه الحاكم في المستدرك من رواية خالد بن سعيد قال سئل الشعبى من أول من أسلم فقال أما سمعت قول حسان: إذا تذكرت شجوا من أخي ثقة ... فاذكر أخاك أبا بكر بما فعلا خير البرية أتقاها وأعدلها ... بعد النبى وأوفاها بما حملا والثاني التالى المحمود مشهده ... وأول الناس منهم صدق الرسلا هكذا رواه الحاكم في المستدرك أن الشعبى هو المسئول عن ذلك وراه الطبراني في المعجم الكبير من هذا الوجه فجعل ابن عباس هو المسئول فقال عن الشعبى قال سألت ابن عباس من أول من أسلم قال أبو بكر أما سمعت قول حسان فذكره إلا أنه قال إلا النبى مكان بعد النبى. وقد روى عن ابن عباس من طرق أن أول من أسلم على رواه الترمذي من رواية أبي بلج عن عمر بن ميمون عن ابن عباس قال أول من صلى على وقال هذا حديث غريب وروى الطبراني بإسناد صحيح من رواية عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس قال أول من أسلم على ومن رواية عبد الرزاق أيضا عن معمر عن عثمان الجزرى عن مقسم عن ابن عباس مثله وروى مرفوعا من حديثه وحديث أبي ذر وسلمان رواه الطبراني أيضا من رواية مجاهد عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "السبق ثلاثة السابق إلى موسى يوشع بن نون والسابق إلى عيسى صاحب ياسين والسابق إلى محمد صلى الله عليه وسلم على بن أبي طالب" وفي إسناده حسين الأشقر واسم أبيه الحسن كوفي منكر الحديث قاله أبو زرعة وقال البخاري فيه نظر. وروى الطبراني أيضا من رواية أبي سخيلة عن أبي ذر وعن سلمان قال أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيد على فقال: "إن هذا أول من آمن بى" الحديث وفي إسناده إسماعيل بن موسى السدى قال ابن عدى أنكروا منه غلوه في التشيع وقال أبو حاتم صدوق وقال النسائي ليس به بأس وروى الطبراني أيضا من رواية

.........................................................................

_ عليم الكندى عن سلمان قال أول هذه الأمة ورودا على نبيها أولها إسلاما على بن أبي طالب رضي الله عنه. وروى الطبراني أيضا من رواية شريك عن أبي إسحاق أن عليا لما تزوج فاطمة الحديث وفيه فقال النبي صلى الله عليه وسلم لقد زوجتكه وإنه لأول أصح أبي سلما وأكثرهم علما وأعظمهم حلما وهذا منقطع ورواه أحمد في مسنده من وجه آخر من رواية نافع ابن أبي نافع عن معقل بن يسار في أثناء حديث قال عبد الله بن أحمد وجدت في كتاب أبي بخط يده في هذا الحديث قال أما ترضين أن زوجتك أقدم أمتى سلما فذكره نافع ابن أبي نافع هذا مجهول قاله على بن المدينى وجعله أبو حاتم نفيعا أبا داود أحد الهلكى وأما المزى فجعله آخر ثقة تبعا لصاحب الكمال والأول هو الصواب وروى أحمد في مسنده من رواية حبة العرنى قال رأيت عليا عليه السلام يضحك على المنبر لم أره ضحك ضحكا أكثر منه الحديث وفيه ثم قال: اللهم لا أعترف أن عبدا من هذه الأمة عبدك قبلى غير نبيك ثلاث مرات لقد صليت قبل أن يصلى الناس سبعا وروى أحمد أيضا من هذا الوجه عن على قال: أنا أول من صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وحبة بن جوين العرنى ضعفه الجمهور وهو من غلاة الشيعة ووثقه العجلى وقد ورد عن ابن عباس أن خديجة أسلمت قبل على رواه أحمد والطبراني من رواية أبي بلج عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس فذكر فضايل لعلى ثم قال وكان أول من أسلم من الناس بعد خديجة. وهذا إسناد جيد وأبو بلج وإن قال البخاري فيه نظر فقد وثقه ابن معين وأبو حاتم والنسائي وابن سعد والدارقطني وهذا يبين أنه أراد بما تقدم نقله عنه من تقدم إسلام على أنه أراد من الذكور وقد نقل ابن عبد البر الاتفاق عليه وجمع بين القولين الآخرين في أبي بكر وعلى بما نذكره فقال اتفقوا على أن خديجة أول من آمن ثم على بعدها ثم ذكر أن الصحيح أن أبا بكر أول من أظهر إسلامه ثم روى عن محمد بن كعب القرظى أن عليا أخفي إسلامه من أبي طالب وأظهر أبو بكر إسلامه ولذلك شبه على الناس وهذا وإن كان مرسلا ففي مسند أحمد من رواية حبة العرنى عن على في الحديث المتقدم في ضحكه على المنبر أنه يذكر أبا طالب حين اطلع عليه يصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم بنخلة الحديث وروى الطبراني في الكبير من رواية محمد بن

السابعة: أخرهم على الإطلاق موتا أبو الطفيل عامر بن واثلة مات سنة مائة من الهجرة.

_ عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن جده قال صلى النبي صلى الله عليه وسلم غداة الإثنين وصلت خديجة يوم الإثنين من آخر النهار وصلى على يوم الثلاثاء فمكث على يصلى مستخفيا سبع سنين وأشهرا قبل أن يصلى أحد والتقييد بسبع سنين فيه نظر ولا يصح ذلك وفي إسناده يحيى بن الحميد الحمانى وفي كلام ابن اسحق المتقدم نقله عنه ما يشير إلى هذا الجمع فإنه قال ثم أبو بكر فأظهر إسلامه ففيه ما يشير إلى أن من أسلم قبله لم يظهر إسلامه وينبغى أن يقال إن أول من آمن من الرجال ورقة بن نوفل لما ثبت في الصحيحين من حديث عائشة في قصة بدء الوحى ونزول {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} ورجوعه ودخوله على خديجة وفيه فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل فقالت له اسمع من ابن أخيك فقال له ورقة يا ابن أخى ماذا ترى فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى فقال له ورقة هذا الناموس الذي نزل الله على موسى يا ليتنى فيها جذعا الحديث إلى أن قال وإن يدركنى يومك انصرك نصرا مؤزرا ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحى ففي هذا أن الوحى تتابع في حياة ورقة وأنه آمن به وصدقه. وقد روى أبو يعلى الموصلى وأبو بكر البزار في مسنديهما من رواية مجالد عن الشعبى عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن ورقة بن نوفل فقال ابصرته في بطنان الجنة عليه سندس لفظ أبي يعلى وقال البزار عليه حلة من سندس وروى البزار أيضا من حديث عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تسبوا ورقة فإنى رأيت له جنة أو جنتين" وإسناده صحيح رجاله كلهم ثقات وقد ذكر ورقة في الصحابة أبو عبد الله بن منده وقال اختلف في إسلامه انتهى وما تقدم من الأحاديث يدل على إسلامه والله أعلم. "قوله" آخرهم على الإطلاق موتا أبو الطفيل عامر بن واثلة مات سنة مائة انتهى وقد اعترض عليه بأن عكراش بن ذؤيب عاش بعد الجمل مائة سنة فيما حكاه ابن دريد في الاشتقاق قلت هذا خطأ صريح ممن زعم ذلك وابن دريد لا يرجع اليه في ذلك وابن دريد أخذه من ابن قتيبة فانه حكى في المعارف هذه الحكاية التي حكاها ابن دريد

..........................................................................

_ وابن قتيبة أيضا كثير الغلط ومع ذلك فالحكاية بغير إسناد وهى محتملة لأنه إنما أراد أنه أكمل بعد ذلك مائة سنة وهو الظاهر فان حاصل الحكاية المذكورة أنه حضر مع على وقعة الجمل وأنه مسح رأسه فعاش بعد ذلك مائة سنة لم يشب فالظاهر أنه أراد أكمل مائة سنة. والصواب ما ذكره المصنف أن آخرهم موتا على الإطلاق أبو الطفيل ولم يختلف في ذلك أحد من أهل الحديث إلا قول جرير بن حازم أن آخر الصحابة موتا سهل بن سعد والظاهر أنه أراد بالمدينة وأخذه من قول سهل حيث سمعه يقول لو مت لم تسمعوا أحدا يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وانما كان خطابه هذا لأهل المدينة أو أنه لم يطلق اسم الصحبة على أبي الطفيل فقد عده بعضهم في التابعين وما ذكرناه من أن أبا الطفيل آخرهم موتا جزم به مسلم بن الحجاج ومصعب بن عبد الله وأبو زكريا بن منده وغيرهم وروينا في صحيح مسلم بإسناده إلى أبي الطفيل قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وما على وجه الأرض رجل رآه غيرى. وأما كون وفاته سنة مائة فروينا في صحيح مسلم من رواية إبراهيم بن محمد بن سفيان قال: قال مسلم مات أبو الطفيل سنة مائة وكان آخر من مات من أصحاب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذا قال شباب العصفرى فيما رواه الحاكم في المستدرك أنه مات سنة مائة وكذا جزم به ابن عبد البر وفي وفاته أقوال آخر أحدها أنه بقى إلى سنة عشر ومائة وهو الذي صححه الذهبى في الوفيات وروى وهب بن جرير ابن حازم عن أبيه قال كنت بمكة سنة عشر ومائة فرأيت جنازة فسألت عنها فقالوا هذا أبو الطفيل والقول الثاني أنه توفي سنة سبع ومائة وجزم به أبو حاتم ابن حبان وابن قانع وأبو زكريا بن منده. والقول الثالث أنه توفي سنة اثنين ومائة قال مصعب بن عبد الله الزبيرى وكيف يظن عاقل أنه يتأخر رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في بلد من البلاد أو حى من أحياء العرب بعد الصحابة أجمعهم بثلاثين سنة فأكثر لا يقصده أحد من التابعين والرواة والعلماء ولا يطلع عليه أحد من المحدثين وقد ادعى جماعة بعد ذلك أن لهم صحبة وهم في ذلك كاذبون فقصدوا لذلك وأخذ عنهم أفيكون عكراش بن ذؤيب الذي

وأما بالإضافة إلى النواحي. فآخر من مات منهم بالمدينة: جابر بن عبد الله رواه أحمد بن حنبل عن قتادة. وقيل: سهل بن سعد وقيل: السائب بن يزيد. وآخرمن مات منهم بمكة عبد الله بن عمر وقيل: جابر بن عبد الله. وذكر علي بن المديني أن أبا الطفيل مات بمكة فهو إذا الآخر بها.

_ حديثه في السنن واجتماعه به صلى الله عليه وسلم وأكله معه مشهور ثم لا يطلع عليه أحد ولا ينقل في خبر صحيح ولا ضعيف أنه لقيه أحد أو أخذ عنه أو عرفت وفاته هذا مالا يحتمل وقوعه بوجه من الوجوه والله أعلم. "قوله" فآخر من مات منهم بالمدينة جابر بن عبد الله رواه أحمد بن حنبل عن قتادة وقيل سهل بن سعد وقيل السائب بن يزيد انتهى وفيه أمران أحدهما أن كلام المصنف يقتضى ترجيح القول الأول لأنه صدر كلامه به من غير أن يقدم اسم قائله وهو قول ضعيف لأن السائب بن يزيد تأخر بعده وقد مات بالمدينة بلا خلاف والذي عليه الجمهور أن آخرهم موتا بها سهل بن سعد قاله على بن المدينى وإبراهيم بن المنذر الحرامى والواقدى ومحمد بن سعد وأبو حاتم بن حبان وابن قانع وأبو زكريا بن منده ونقل ابن سعد الاتفاق على ذلك فقال ليس بيننا اختلاف في ذلك وفي حكاية الإتفاق نظر لأنه اختلف في وفاته هل كانت بالمدينة أم لا فقال قتادة أنه توفي بمصر ولذلك جعل قتادة آخرهم وفاة بالمدينة جابرا وقال أبو بكر بن أبي داود أنه توفي بالأسكندرية ولذلك جعل آخرهم وفاة بالمدينة السائب بن يزيد والجمهور على أنه مات بالمدينة. الأمر الثاني: قد تأخر بعد الثلاثة المذكورين بالمدينة ومحمود بن الربيع محمود بن لبيد فأما محمود بن الربيع فهو الذي عقل من النبي صلى الله عليه وسلم مجة مجها في وجهه كما رواه البخاري في صحيحه واستدل بذلك على صحة سماع الصغير وتوفي محمود بن الربيع سنة تسع وتسعين بتقديم التاء على السين فيهما وأما محمود بن لبيد الأشهلى فقد ذكر البخاري وابن حبان أن له صحبة وتوفي محمود بن لبيد سنة ست أو خمس وتسعين فقد تأخر كل منهما عن الثلاثة المذكورين قطعا فإن سهل بن سعد والسائب بن يزيد أكثر ما قيل ما تأخر وفاتهما إلى سنة إحدى وتسعين وهو قول ابن حبان فيهما وقيل سنة ثمان وثمانين وقيل قبل ذلك إلا أن مسلم بن الحجاج وجماعة عدوا محمود بن لبيد في التابعين فعلى هذا يكون آخر الصحابة موتا بالمدينة محمود بن الربيع والله أعلم.

وآخر من مات منهم بالبصرة: أنس بن مالك. قال أبو عمر بن عبد البر: ما أعلم أحدا مات بعده ممن رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أبا الطفيل. وآخر من مات منهم بالكوفة: عبد الله بن أبي أوفي وبالشام: عبد الله بن بسر وقيل: بل أبو أمامة. وتبسط بعضهم فقال: آخر من مات من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بمصر: عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي, وبفلسطين أبو أبي بن أم حرام وبدمشق.

_ "قوله" وآخر من مات منهم بالبصرة أنس بن مالك قال أبو عمر بن عبد البر ما أعلم أحدا مات بعده ممن رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أبا الطفيل انتهى. أقر المصنف كلام ابن عبد البر على هذا وفيه نظر فإن محمود بن الربيع تأخر بعد أنس بلا خلاف فإنه توفي سنة تسع وتسعين كما تقدم وقد ثبت في صحيح البخاري أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعقل عنه كما تقدم وأيضا فقد ذكر أبو زكريا بن منده في جزء له جمعه في آخر من مات من الصحابة عن عكرمة بن عمار قال لقيت الهرماس ابن زياد سنة اثنين ومائة. وقد ذكر المصنف بعد هذا عن بعضهم أنه آخر من مات من الصحابة باليمامة فإن ثبت قول عكرمة بن عمار فقد تأخر أيضا بعد أنس وأيضا فقد ذكر أبو عبد الله بن منده وأبو زكريا بن منده أن عبد الله بن بسر المازنى توفي سنة ست وتسعين وهكذا قال عبد الصمد بن سعيد فعلى هذا يكون تأخر بعد أنس أيضا لكن المشهور في وفاة عبد الله بن بسر أنها في سنة ثمانى وثمانين. وأيضا فقد روى الخطيب في كتاب المتفق والمفترق عن محمد بن الحسن الزعفرانى أن عمرو بن حريث توفي سنة ثمان وتسعين فإن كان كذلك فقد بقى بعد أنس أيضا وقيل أن عمرو بن حريث توفي سنة خمس وثمانين فعلى هذا يكون وفاته قبل أنس والله أعلم. "قوله" وتبسط بعضهم فقال آخر من مات من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بمصر عبد الله بن الحرث بن جزء الزبيدى إلى آخر كلامه هذا الذي أبهم المصنف

واثلة بن الأسقع. وبحمص عبد الله بن بسر. وباليمامة: الهرماس بن زياد. وبالجزيرة: العرس بن عميرة. وبأفريقية: رويفع بن ثابت. وبالبادية في الإعراب: سلمة بن الأكوع رضي الله عنهم أجمعين. وفي بعض ما ذكرناه خلاف لم نذكره وقوله في رويفع بأفريقية لا يصح إنما مات في حاضرة برقة وقبره بها. ونزل سلمة إلى المدينة قبل موته بليال فمات بها والله أعلم.

_ ذكره هو أبو زكريا يحيى بن عبد الوهاب بن منده فإنه قال ذلك في جزء جمعه في آخر من مات من الصحابة وبقى على المصنف مما ذكره ابن منده آخران من الصحابة بريدة ابن الحصيب والعداء بن خالد بن هودة فقال أبو زكريا بن منده أن بريدة آخر من مات بخراسان من الصحابة وأن العداء بن هودة آخر من مات بالرخج منهم والرخج بضم الراء وسكون الخاء المعجمة بعدها جيم من أعمال سجستان فكان ينبغى للمصنف أن يذكر بقية كلامه. ولكن ما ذكره في بريدة فيه نظر فإن بريدة توفي بخراسان سنة ثلاث وستين كما قال محمد بن سعد وكذا قال أبو عبيد أنه مات سنة ثلاث وستين وعلى هذا فقد تأخر بعده بخراسان أبو برزة الأسلمى قال خليفة بن خياط وافي أبو برزى خراسان ومات بها بعد سنة أربع وستين وقال الواقدى ومحمد بن سعد غزا خراسان ومات بها وكذا قال الخطيب وقيل مات بنيسابور وقيل مات في مفازة بين سجستان وهراة وقيل مات بالبصرة. حكى هذه الأقوال الحاكم في تاريخ نيسابور ومما لم يذكره ابن منده ولا ابن الصلاح أن النابغة الجعدى آخر من مات من الصحابة بأصبهان وقد ذكره أبو الشيخ ابن حيان طبقات الأصبهانيين وأبو نعيم في تاريخ أصبهان فيمن توفي بأصبهان وأنه عاش مائة وعشرين سنة وذكر عمر بن شبة عن أشياخه أنه عاش مائة وثمانين سنة وأنشد قوله لعمر ثلاثة أهلين افنيتهم فقال له عمر كم لبثت مع كل أهل قال ستين سنة. وقال ابن قتيبة عمر مائتين وعشرين سنة ومات بأصبهان قال ابن عبد البر وهذا

.........................................................................

_ أيضا لا يدفع لأنه قال في الشعر الذي أنشده عمر أنه أفنى ثلاثة قرون كل قرن ستين سنة فهذه مائة وثمانون سنة ثم عمر إلى زمن ابن الزبير وإلى أن هاجا أوس بن معن ثم ليلى الأخيلية. واسم النابغة قيس بن عبد الله بن عدس هذا هو المشهور وبه جزم أبو نعيم في تاريخ أصبهان والسمعانى في الأنساب وقيل اسمه حيان بن قيس بن عبد الله حكاه ابن عبد البر وآخر من مات بالطائف من الصحابة عبد الله بن عباس وآخر من مات بسمرقند منهم قثم ابن العباس.

النوع الموفي أربعين: معرفة التابعين

النوع الموفي أربعين: معرفة التابعين. هذا ومعرفة الصحابة أصل أصيل يرجع إليه في معرفة المرسل والمسند. قال الخطيب الحافظ: التابعي من صحب الصحابي قلت: ومطلقة مخصوص بالتابع بإحسان. ويقال للواحد منهم تابع وتابعي وكلام الحاكم أبي عبد الله وغيره مشعر بأنه يكفي فيه أن يسمع من الصحابي أو يلقاه وإن لم توجد الصحبة العرفية. وإلاكتفاء في هذا بمجرد اللقاء والرؤية أقرب منه في الصحابي نظرا إلى مقتض اللفظين فيهما وهذه مهمات في هذا النوع.

_ النوع الموفي أربعين- معرفة التابعين. "قوله" قال الخطيب الحافظ التابعي من صحب الصحابي قلت ومطلقه مخصوص بالتابعي بإحسان ويقال للواحد منهم تابع وتابعي وكلام الحاكم أبي عبد الله وغيره مشعر بأنه يكفي فيه أن يسمع من الصحابي أو يلقاه وإن لم توجد الصحبة العرفية. والإكتفاء في هذا بمجرد اللقاء والرؤية أقرب منه في الصح أبي نظرا إلى مقتضى اللفظين فيهما انتهى وفيه أمور أحدها أن تقديم المصنف كلام الخطيب في حد التابعى على كلام الحاكم وغيره وتصديره به كلامه ربما يوهم ترجيحه على القول الذي بعده وليس كذلك بل الراجح الذي عليه العمل قول الحاكم وغيره فلا في الإكتفاء بمجرد الرؤية دون اشتراط الصحبة وعليه يدل عمل أئمة الحديث مسلم بن الحجاج وأبي حاتم بن حبان وأبي عبد الله الحاكم وعبد الغنى بن سعيد وغيرهم وقد ذكر مسلم بن الحجاج في كتاب

إحداها: ذكر الحافظ أبو عبد الله: أن التابعين على خمس عشرة طبقة الأولى الذين لحقوا العشرة سعيد بن المسيب وقيس بن أبي حازم وأبو عثمان النهدي وقيس بن عباد وأبو ساسان حضين بن المنذر وأبو وائل وأبو رجاء العطاردي وغيرهم. وعليه في بعض هؤلاء إنكار فإن سعيد بن المسيب ليس بهذه المثابة لأنه ولد في خلافة عمر ولم يسمع من أكثر العشرة.

_ الطبقات سليمان بن مهران الأعمش في طبقة التابعين وكذلك ذكره ابن حبان فيهم وقال إنما أخرجناه في هذه الطبقة لأن له لقيا وحفظا رأى أنس بن مالك وإن لم يصح له سماع المسند عن أنس وقال على بن المديني لم يسمع الأعمش من أنس إنما رآه رؤية بمكة يصلى خلف المقام. فأما طرق الأعمش عن أنس فإنما يرويها عن يزيد الرقاشي عن أنس. وقال يحيى بن معين كل ما روى الأعمش عن أنس فهو مرسل وقد أنكر على أحمد بن عبد الجبار العطاردي حديثه عن فضيل عن الأعمش قال رأيت أنسا بال فغسل ذكره غسلا شديدا ثم توضأ ومسح على خفيه فصلى بنا وحدثنا في بيته وقال الترمذي لم يسمع من أحد من الصحابة وأما رواية الأعمش عن عبد الله بن أبي أوفي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال الخوارج كلاب النار فهو مرسل فقد قال أبو حاتم الرازى أنه لم يسمع من ابن أبي أوفي وهذا الحديث وإن رواه إسحق الأزرق عنه هكذا كما رواه ابن ماجه في سننه فقد رواه عبيد الله بن نمير عن الأعمش عن الحسين بن واقد عن أبي غالب عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم وليس للأعمش رواية عن أحد من الصحابة في شيء من الكتب الستة الا هذا الحديث الواحد عند ابن ماجه وكذلك عد عبد الغنى بن سعيد الأزدى الأعمش في التابعين في جزء له جمع فيه من روى من التابعين عن عمرو بن شعيب وكذلك عد فيهم أيضا يحيى بن أبي كثير لكونه لقى أنسا وقد قال أبو حاتم الرازى أنه لم يدرك أحدا من الصحابة إلا أنس بن مالك فانه رآه رؤية ولم يسمع منه كذا قال البخاري وأبو زرعة قال أبو زرعة وحديثه عن أنس مرسل قلت في صحيح مسلم روايته عن أبي أمامة عن عمرو بن عنبسة لحديث إسلامه ولكن

..........................................................................

_ مسلما قرن رواية يحيى بن أبي كثير مع رواية شداد أبي عمار وكان اعتماد مسلم على رواية شداد فقط فانه قال فيه قال عكرمة ولقى شداد أبا أمامة فذكره وسكت عن رواية يحيى بن أبي كثير عن أبي أمامة وهى بصيغة العنعنة والله أعلم. وذكر عبد الغنى بن سعيد أيضا جرير بن حازم في التابعين لكونه رأى أنسا. وقد روى عن جرير أنه قال مات أنس ولى خمس سنين وذكر عبد الغنى بن سعيد أيضا موسى بن أبي عائشة في التابعين لكونه لقى عمرو بن حريث. وقال الحاكم أبو عبد الله في علوم الحديث في النوع الرابع عشر هم طبقات خمس عشرة طبقة آخرهم من لقى أنس بن مالك من أهل البصرة ومن لقى عبد الله من أبي أوفي من أهل الكوفي ومن لقى السائب بن يزيد من أهل المدينة إلى آخر كلامه. ففي كلام هؤلاء الأئمة الاكتفاء في التابعى بمجرد رؤية الصح أبي ولقيه له دون اشتراط الصحبة الا ان ابن حبان اشترط في ذلك أن تكون رؤيته له في سن من يحفظ عنه فان كان صغيرا لم يحفظ عنه فلا عبرة برؤيته كخلف بن خليفة فانه عده في اتباع التابعين وإن كان رأى عمرو بن حريث لكونه كان صغيرا. وقال روى الترمذي في الشمائل عن على بن حجر عن خلف بن خليفة قال رأيت عمرو بن حريث صاحب النبي صلى الله عليه وسلم وأنا غلام صغير وهذا إسناد صحيح وما اختاره ابن حبان له وجه يقدم مثله في الرؤية المقتضية للصحبة هل يشترط فيها التمييز أم لا. الأمر الثاني: أن الخطيب وان كان قال في كتاب الكفاية ما حكاه عنه المصنف من أن التابعى من صحب الصح أبي فانه عد منصور بن المعتمر من التابعين في جزء له جمع فيه رواية الستة من التابعين بعضهم عن بعض وذلك في الحديث الذي رواه الترمذي والنسائي من رواية منصور بن المعتمر عن هلال بن يساف عن ربيع بن خيثم عن عمرو ابن ميمون عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن امرأة من الأنصار عن أبي أيوب مرفوعا قل هو الله أحد ثلث القرآن قال الخطيب منصور بن المعتمر له ابن أبي أوفي قلت وانما له رؤية له فقط دون الصحبة والسماع.

وقد قال بعضهم: لا تصح له رواية عن أحد من العشرة إلا سعد بن أبي وقاص قلت: وكان سعد آخرهم موتا. وذكر الحاكم قبل كلامه المذكور: أن سعيدا أدرك عمر فمن بعده إلى آخر العشرة. وقال ليس في جماعة التابعين من أدركهم وسمع منهم غير سعيد وقيس بن أبي حازم. وليس ذلك على ما قال كما ذكرناه. نعم قيس بن أبي حازم سمع العشرة وروى عنهم وليس في التابعين أحد روى عن العشرة سواه ذكر ذلك عبد الرحمن بن يوسف بن خراش الحافظ فيما روينا أو بلغنا عنه. وعن أبي داود السجستاني أنه قال: روى عن التسعة: ولم يرو عن عبد الرحمن بن عوف.

_ وقد ذكره مسلم وابن حبان وغيرهما في طبقة اتباع التابعين ولم أر من عده في طبقة التابعين. وقال النووى في شرح مسلم ليس بتابعى ولكنه من اتباع التابعين فقد عده الخطيب في التابعين وان لم يعرف له صحبة لابن أبي أوفي فيحمل قوله في الكفاية من صحب الصح أبي على أن المراد اللقى جمعا بين كلاميه والله أعلم. الأمر الثالث: أن تعقب المصنف لكلام الخطيب بقوله قلت ومطلقه مخصوص بالتابعى باحسان فيه نظر من حيث أنه إن أراد بالإحسان أن لا يرتكب أمرا يخرجه عن الإسلام فهو كذلك وأهل الحديث وإن اطلقوا أن التابعى من لقى أحدا من الصحابة فمرادهم مع الإسلام الا أن الإحسان أمر زائد على الإيمان والإسلام كما فسره به النبي صلى الله عليه وسلم في سؤال جبريل له في الحديث المتفق عليه وان أراد المصنف بالإحسان الكمال في الإسلام أو العدالة فلم أر من اشتراط ذلك في حد التابعى بل من صنف في الطبقات دخل فيهم التقات وغيرهم والله أعلم. قوله عند ذكر سعيد بن المسيب وقد قال بعضهم لا تصح له رواية عن أحد من العشرة إلا سعد بن أبي وقاص انتهى قلت هكذا أبهم المصنف قائل ذلك والظاهر أنه أخذ ذلك من قول قتادة الذي رواه مسلم في مقدمة صحيحه من رواية همام قال دخل أبو داود الأعمى على قتادة فلما قام قالوا إن هذا يزعم أنه لقى ثمانية عشر بدريا

..........................................................................

_ فقال قتادة هذا كان سائلا قبل الجارف لا يعرض في شيء من هذا ولا يتكلم فيه فوالله ما حدثنا الحسن عن بدرى مشافهة ولا حدثنا سعيد بن المسيب عن بدرى مشافهة إلا عن سعد بن مالك انتهى. وقد اختلف الأئمة في سماعه من عمر فأنكر صحة سماعه منه الجمهور كيحيى بن سعيد الأنصارى ويحيى بن معين وأبي حاتم الرازى واثبت سماعه منه أحمد بن حنبل فقال قد رآه وسمع منه وقال يحيى بن معين رأى عمر وكان صغيرا وقال أبو حاتم الرازى رآه على المنبر ينعى النعمان بن مقرن وأما سماعه من عثمان وعلى فإنه ممكن غير ممتنع ولكن لم أر في الصحيح التصريح بسماعه من واحد منهما وذكر الحافظ أبو الحجاج المزى في تهذيب الكمال أن روايته عنهما لفي الصحيحين ولم أر له عنهما في الصحيحين إلا قوله إن عمر وعثمان كانا يفعلان ذلك أى الاستلقاء في المسجد وحديثه قال اختلف على وعثمان رضي الله عنهما وهما بعسفان في المتعة فقال على ما تريد إلى أن تنهى عن أمر فعله النبي صلى الله عليه وسلم وهذا الحديث لم يعزه الحافظ أبو الحجاج المزى في الأطراف إلى واحد من الشيخين بل عزاه النسائي فقط وهو متفق عليه كما ذكرته ولم أر لسعيد في الصحيح عن عمر وعثمان وعلى غير هذا من غير تصريح بالسماع. نعم روينا في مسند أحمد من رواية موسى بن وردان قال سمعت سعيد بن المسيب يقول سمعت عثمان رضي الله عنه يقول وهو يخطب على المنبر كنت أبتاع التمر من بطن من اليهود يقال لهم بنو قينقاع فابتعته بربح فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يا عثمان إذا اشتريت فاكتل إذا بعت فكل" ورواه البزار في مسنده أيضا من هذا الوجه وفيه قال سمعت عثمان يقول على المنبر كنت ابتاع التمر فأكتال في أوعيتى ثم أهبط به إلى السوق فأقول فيه كذا وكذا فآخذ ربحى وأخلى بينهم وبينه فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "إذا ابتعت فأكتل وإذا بعت فكل" وموسى بن وردان وإن كان وثقه العجلى وأبو داود فإن الحديث من رواية ابن لهيعة عنه قال البزار لانعلمه يروى عن عثمان إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد انتهى. والحديث رواه ابن ماجه في سننه إلا أنه قال فيه عن عثمان لم يصرح بسماع سعيد منه والله أعلم.

ويلي هؤلاء: التابعون الذين ولدوا في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبناء الصحابة كعبد الله بن أبي طلحة وأبي أمامة أسعد بن سهل بن حنيف وأبي إدريس الخولاني وغيرهم. الثانية: المخضرمون من التابعين: هم الذين أدركوا الجاهلية وحياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسلموا ولا صحبة لهم. وحدهم مخضرم بفتح الراء كأنه خضرم أي قطع عن نظرائه الذين أدركوا الصحبة وغيرها.

_ وله حديث آخر في المسند صرح بالسماع فيه من عثمان قال فيه ورأيت عثمان قاعدا في المقاعد فدعا بطعام مما مسته النار فأكله ثم قام إلى الصلاة فصلى ثم قال عثمان قعدت مقعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكلت طعام رسول الله صلى الله عليه وسلم وصليت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإسناده جيد قال فيه أحمد حدثنا الوليد بن مسلم حدثني شعيب أبو شيبة سمعت عطاء الخراسانى يقول سمعت سعيد بن المسيب يقول رأيت عثمان وهؤلاء كلهم محتج بهم في الصحيح إلا أبا شيبة وهو شعيب بن زريق المقدسى وقد وثقه دحيم وابن حبان والدارقطني وثبت سماعه من عثمان والله أعلم. "قوله" الثانية المخضرمون من التابعين وهم الذين أدركوا الجاهلية وحياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسلموا ولا صحبة لهم واحدهم مخضرم بفتح الراء كأنه خضرم أى قطع عن نظرائه الذين أدركوا الصحبة وغيرها انتهى. هكذا اقتصر المصنف على أن المخضرم مأخوذ من الخضرمة وهى القطع وأنه بفتح الراء والذي رجحه العسكرى في اشتقاقه غير ما ذكره المصنف فقال في كتاب الأوائل المخضرمة من الإبل التي نتجت من العراب واليمانية فقيل رجل مخضرم إذا عاش في الجاهلية والإسلام قال وهذا أعجب القولين إلى انتهى. قلت فكأنه مأخوذ من الشيء المتردد بين أمرين هل هو من هذا أو من هذا قال الجوهرى لحم مخضرم بفتح الراء لا يدرى من ذكر هو أم أنثى قال والمخضرم أيضا الشاعر الذي أدرك الجاهلية والإسلام مثل لبيد ورجل مخضرم النسب أى دعى وقال صاحب المحكم رجل مخضرم إذا كان نصف عمره في الجاهلية ونصفه في الإسلام ورجل مخضرم أبوه أبيض وهو أسود ورجل مخضرم ناقص الحسب وقيل هو الذي

..........................................................................

_ ليس بكريم النسب وقيل هو الدعى وقيل المخضرم في نسبه المختلط من أطرافه وقيل هو الذي لا يعرف أبواه وقيل هو الذي ولدته السرارى ثم قال ولحم مخضرم لا يدرى أمن ذكر هو أم أنثى وطعام مخضرم حكاه ابن الأعرابي ولم يفسره. قال وعندى أنه الذي ليس بحلو ولا مر وماء مخضرم غير عذب عنه أيضا انتهى. فالمخضرم على هذا متردد بين الصحابة لإدراكه زمن الجاهلية والاسلام وبين التابعين لعدم رؤية النبي صلى الله عليه وسلم فهو متردد بين أمرين ويحتمل أنه من النقص لكونه ناقص الرتبة عن الصحابة لعدم الرؤية مع إمكانها قال صاحب النهاية واصل الخضرمة أن تجعل الشيء بين بين فإذا قطع بعض الأذن فهى بين الوافرة والناقصة قال وكان أهل الجاهلية يخضرمون نعمهم فلما جاء الإسلام أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يخضرموا من غير الموضع الذي يخضرم منه أهل الجاهلية قال ومنه قيل لكل من أدرك الجاهلية والإسلام مخضرم لأنه أدرك الخضرمتين وروى أبو داود من حديث زبيب العنبرى أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم قد كنا أسلمنا وخضرمنا آذان النعم الحديث وقد ضبط بعضهم المخضرمين بكسر الراء على الفاعلية فكأنهم كانوا إذا أسلموا خضرموا آذان نعمهم ليعرف بذلك إسلامهم فلا يتعرض لهم. فعلى هذا هل يشترط في حد المخضرم من حيث الاصطلاح أن يكون إسلامه في حياة النبي صلى الله عليه وسلم حتى لا يدخل فيهم من أدرك الجاهلية والإسلام ثم أسلم بعد وفاته صلى الله عليه وسلم أولا يشترط وقوع إسلامه في حياته بل ولو أسلم بعده سمى مخضرما أطلق المصنف الإسلام ولم يقيده بحياته صلى الله عليه وسلم ويدل على ذلك أن مسلما رحمه الله تعالى عد في المخضرمين جبير بن نفير وإنما أسلم في خلافة أبي بكر قاله أبو حسان الزنادي ثم ما المراد بإدراك الجاهلية تقدم في كلام صاحب المحكم أن نصف عمره في الجاهلية ونصفه في الإسلام وهذا ليس بشرط في المخضرم في اصطلاح أهل الحديث ولم يشترط أهل اللغة أيضا كونهم ليست لهم صحبة فالصحابة الذين عاشوا ستين في الجاهلية وستين في الإسلام كحكيم بن حزام وحسان بن ثابت ومن تقدم ذكرهم معهم في النوع الذي قبله مخضرمون من حيث إصطلاح أهل الحديث ثم ما المرد بإدراك الجاهلية.

وذكرهم مسلم فبلغ بهم عشرين نفسا منهم أبو عمرو الشيباني وسويد بن غفلة الكندي وعمرو بن ميمون الأودي وعبد خير بن يزيد الخيواني وأبو عثمان النهدي وعبد الرحمن بن مل وأبو الحلال العتكي ربيعة بن زرارة وممن لم يذكره مسلم: منهم أبو مسلم الخولاني عبد الله بن ثوب والأحنف بن قيس والله أعلم.

_ ذكر النووى في شرح مسلم عند قول مسلم وهذا أبو عثمان النهدى وأبو رافع الصايغ وهما ممن أدركا الجاهلية أن معناه كانا رجلين قبل بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال والجاهلية ما قبل بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم سموا بذلك لكثرة جهالاتهم انتهى وفيما قاله نظر والظاهر أن المراد بإدراك الجاهلية إدراك قومه أو غيره على الكفر قبل فتح فإن العرب بادروا إلى الإسلام بعد فتح مكة وزال أمر الجاهلية وخطب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفتح بإبطال أمور الجاهلية إلا ما كان من سقاية الحاج وسدانة الكعبة. وقد ذكر مسلم في المخضرمين يسير بن عمرو وإنما ولد بعد زمن الهجرة وكان له عند موت النبي صلى الله عليه وسلم دون العشر سنين فأدرك بعض زمن الجاهلية في قومه والله أعلم. قوله وذكرهم مسلم فبلغ بهم عشرين نفسا منهم أبو عمرو الشيباني وسويد بن غفلة الكندي وعمرو بن ميمون الأودي وعبد خير بن يزيد الخيواني وأبو عثمان النهدي وعبد الرحمن بن مل وأبو الحلال العتكي ربيعة بن زرارة وممن لم يذكره مسلم منهم أبو مسلم الخولاني عبد الله بن ثوب والأحنف بن قيس انتهى. اقتصر المصنف على ذكر ستة ممن ذكرهم مسلم وزاد من عنده اثنين آخرين يشير بذلك إلى أن مسلما أهمل بعضهم فنذكر أولا بقية العشرين الذين ذكرهم مسلم ثم نذكر زيادة عليه وعلى المصنف فأما بقية الذين ذكرهم مسلم فهم شريح بن هانئ الحارثى والأسود بن يزيد النخعى والأسود بن هلال المحاربى والمعرور بن سويد ومسعود ابن حراش أخو ربعى بن حراش ومالك بن عمير وشبيل بن عوف الأحمسى وأبو رجاء العطاردى واسمه عمران بن ملحان وغنيم بن قيس ويكنى أبا العنبر وأبو رافع الصائغ واسمه نفيع وخالد بن عبير العدوى وثمامة بن حزن القشيرى وجبير بن نفير الحصرمى ويسير ويقال أسير بن عمرو وأهل البصرة يقولون ابن جابر.

الثالثة: من أكابر التابعين الفقهاء السبعة من أهل المدينة وهم سعيد بن المسيب والقاسم بن محمد وعروة بن الزبير وخارجة بن زيد وأبو سلمة بن عبد الرحمن وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة وسليمان بن يسار. روينا عن الحافظ أبي عبد الله أنه قال: هؤلاء الفقهاء السبعة عند ألأكثر من علماء الحجاز. وروينا عن ابن المبارك قال: كان فقهاء أهل المدينة الذين يصدرون عن رأيهم سبعة فذكر هؤلاء إلا أنه لم يذكر أبا سلمة بن عبد الرحمن وذكر بدله سالم بن عبد الله بن عمر. وروينا عن أبي الزناد تسميتهم في كتابه عنهم فذكر هؤلاء إلا أنه ذكر أبا بكر بن عبد الرحمن بدل أبي سلمة وسالم.

_ هؤلاء الذين ذكرهم مسلم رحمه الله وممن لم يذكره مسلم ولا المصنف أسلم مولى عمر وأويس بن عامر القرنى والوسط البجلى وجبير بن الحويرث وحابس اليمانى وحجر ابن عنبس وشريح بن الحارث القاضي وأبو وائل شقيق بن سلمة وعبد الله بن عكيم وعبد الرحمن بن عسيلة الصنابحى وعبد الرحمن بن غنم وعبد الرحمن بن يربوع وعبيدة بن عمرو السلمانى وعلقمة بن قيس وقيس بن أبي حازم وكعب الأحبار ومرة بن شراحيل الطبيب ومسروق بن الأجدع وأبو عنبة الخولانى وأبو فالج الأنمارى ولا يعرف اسم واحد منهما. قال أبو أحمد الحاكم وقيل اسم أبي عنبة عبد الله وقيل اسمه عمارة وأبو عنبة وأبو فالج كلاهما أكل الدم في الجاهلية وكلاهما مختلف في صحبته وكذلك اختلف في صحبة بعض من تقدمهما والصحيح أنه لا صحبة لمن ذكرناه وفي سنن ابن ماجه التصريح بسماع أبي عنبة من النبي صلى الله عليه وسلم وأنه ممن صلى معه القبلتين لكن بإسناد فيه جهالة. فهؤلاء عشرون نفرا من المخضرومين لم يذكرهم مسلم ولا المصنف والله أعلم.

الرابعة: ورد عن أحمد بن حنبل أنه قال: أفضل التابعين سعيد بن المسيب. فقيل له: فعلقمة والأسود فقال سعيد بن المسيب والأسود. وعنه أنه قال: لا أعلم في التابعين مثل أبي عثمان النهدي وقيس بن أبي حازم. وعنه أيضا أنه قال: أفضل التابعين قيس وأبو عثمان وعلقمة ومسروق هؤلاء كانوا فاضلين ومن علية التابعين. وأعجبني ما وجدته عن الشيخ أبي عبد الله بن خفيف الزاهد الشيرازي في كتاب له قال: اختلف الناس في أفضل التابعين: فأهل المدينة يقولون: سعيد بن المسيب. وأهل الكوفة يقولون: أويس القرني. وأهل البصرة يقولون: الحسن البصري. وبلغنا عن أحمد بن حنبل قال: ليس أحد أكثر فتوى من الحسن وعطاء يعني من التابعين. وقال أيضا: كان عطاء مفتي مكة والحسن مفتي البصرة فهذان أكثر الناس عنهم رأيهم. 182 وبلغنا عن أبي بكر بن أبي داود قال: سيدتا التابعين من النساء حفصة بنت سيرين وعمرة بنت عبد الرحمن. وثالثهما وليست كهما أم الدرداء والله أعلم.

_ "قوله" وأعجبني ما وجدته عن الشيخ أبي عبد الله بن خفيف الزاهد الشيرازي في كتاب له قال اختلف الناس في أفضل التابعين فأهل المدينة يقولون سعيد بن المسيب وأهل الكوفة يقولون أويس القرني وأهلي البصرة يقولون الحسن البصري انتهى. والصواب ما ذهب إليه أهل الكوفة لما روى مسلم في صحيحه من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن خير التابعين رجل يقال له أويس" الحديث وقد يحتمل ما ذهب إليه أهل المدينة وأحمد أيضا من تفضيل سعيد بن المسيب على سائر التابعين أنهم أرادوا فضيلة العلم لا الخيرية الواردة في الحديث والله أعلم.

الخامسة: روينا عن الحاكم أبي عبد الله قال: طبقة تعد في التابعين ولم يصح سماع أحد منهم من الصحابة منهم: إبراهيم بن سويد النخعي الفقيه وليس بإبراهيم بن يزيد النخعي الفقيه وبكير بن أبي السميط وبكير بن عبد الله بن الأشج وذكر غيرهم. قال: وطبقة عدادهم عند الناس في أتباع التابعين وقد لقوا الصحابة منهم: أبو الزناد عبد الله بن ذكوان لقي عبد لله بن عمر وأنسا وهشام بن عروة وقد أدخل على عبد الله بن عمر وجابر بن عبد الله. وموسى بن عقبة وقد أدرك أنس بن مالك وأم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص. وفي بعض ما قاله مقال. قلت: وقوم عدوا من التابعين وهم من الصحابة ومن أعجب ذلك عد الحاكم أبي عبد الله: النعمان وسويدا ابني مقرن المزني في التابعين عندما ذكر الإخوة من التابعين وهما صحابيان معروفان مذكوران في الصحابة والله أعلم.

_ "قوله" الخامسة روينا عن الحاكم أبي عبد الله قال طبقة تعد في التابعين ولم يصح سماع أحد منهم من الصحابة منهم إبراهيم بن سويد النخعي وليس بإبراهيم بن زيد النخعي الفقيه وبكير بن أبي السميط وبكير بن عبد الله بن الأشج وذكر غيرهم قال وطبقة عدادهم عند الناس في اتباع التابعين التابعين وقد لقوا الصحابة منهم أبو الزناد عبد الله ابن ذكوان لقي عبد الله بن عمر وإنسا إلى آخر كلامه ثم قال وفي بعض ما قاله مقال انتهى لم يبين المصنف الموضع الذي على الحاكم فيه مقال وذلك في موضعين أحدهما أن بكير بن عبد الله بن الأشج قد عده في التابعين عبد الغنى بن سعيد كما سيأتي في النوع الآتي بعد هذا وقد روى عن جماعة من الصحابة منهم ربيعة بن عباد والسائب بن يزيد ورايته عن ربيعة بن عباد في المعجم الكبير للطبرانى بإسناد جيد إليه أنه حدث عن ربيعة بن عباد قال رأيت أبا لهب بعكاظ وهو يتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث لكن لم أر في شيء من حديثه التصريح بسماعه من أحد من الصحابة. إلا أن النسائي روى في سننه بإسناد على شرط مسلم أن بكير بن عبد الله قال سمعت

........................................................................

_ محمود بن لبيد يقول أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات الحديث ومحمود بن لبيد عده غير واحد في الصحابة منهم أحمد في مسنده. وقال البخاري إن له صحبة وكذا قال ابن حبان في الصحابة وله في مسند أحمد بإسناد صحيح قال أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بنا المغرب في مسجدنا الحديث وفي المسند أيضا بإسناد صحيح أنه عقل رسول الله صلى الله عليه وسلم وعقل مجة مجها النبي صلى الله عليه وسلم من دلو كان في دارهم والمعروف أن هذه القصة لمحمود بن الربيع كما هو في صحيح البخاري وقد عد مسلم محمود بن لبيد في الطبقات من التابعين. وقال أبو حاتم الرازي لا يعرف له صحبة وقال المزي في الأطراف أنه لا يصح له صحبة ولا رؤية وهو معارض بما ذكرناه من المسند والله أعلم. والموضع الثاني أن أبا الزناد لم يدرك ابن عمر كما قاله أبو حاتم الرازى والحاكم تبع فيما ذكره خليفة بن خياط فإنه قال طبقة عدادهم عند الناس في اتباع التابعين وقد لقوا الصحابة منهم أبو الزناد قد لقى عبد الله بن عمر وأنس بن مالك وأبا أمامة ابن سهل بن حنيف انتهى وقول أبو حاتم لم يدرك بن عمر أى لم يدرك السماع منه فإن أبا الزناد عاش ستا وستين سنة فقيل توفي في سنة ثلاثين ومائة وقيل سنة اثنين وثلاثين ومات بن عمر سنة اربع وسبعين أو سنة ثلاث وسبعين فعلى هذا أدرك من حياة بن عمر سبع سنين أو ثمانيا أو تسعا على اختلاف الأقوال والله أعلم.

النوع الحادي والأربعون: معرفة الأكابر الرواة عن الأصاغر

النوع الحادي والأربعون- معرفة الأكابر الرواة عن الأصاغر. ومن الفائدة فيه أن لا يتوهم كون المروي عنه أكبر وأفضل من الراوي نظرا إلى أن الأغلب كون المروي عنه كذلك فيجهل بذلك منزلتهما. وقد صح عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننزل الناس منازلهم.

_ النوع الحادي والأربعون- معرفة الأكابر الرواة عن الأصاغر. "قوله" وقد صح عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننزل الناس منازلهم انتهى جزم المصنف بصحة حديث عائشة وفيه نظر فإن مسلما رحمه الله ذكره في مقدمة صحيحه بغير إسناد بصيغة التمريض فقال. وقد

..........................................................................

_ ذكر عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره وقد رواه أبو داود في سننه في افراده من رواية ميمون بن أبي شبيب عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنزلوا الناس منازلهم" ثم قال أبو داود بعد تخريجه ميمون بن أبي شبيب لم يدرك عائشة فلم يسكت عليه أبو داود بل أعله بالانقطاع فلا يكون صحيحا عنده ولكن المصنف تبع في تصحيحه الحاكم فإنه قال في علوم الحديث في في النوع السادس عشر منه فقد صحت الرواية عن عائشة رضي الله عنها فذكره وليس فيه حجة للمصنف فإن المصنف لا يرى ما انفرد الحاكم بتصحيحه صحيحا بل إن لم نجد فيه علة تقتضى رده حكمنا عليه بأنه حسن ذكر ذلك عند ذكر ما رواه الحاكم بإسناده في المستدرك. وهذا لم يروه الحاكم فيه ولا في علوم الحديث وقد قال الحافظ أبو بكر البزار في مسنده بعد أن خرجه من رواية ميمون بن أبي شبيب عن عائشة هذا الحديث لا يعلم عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه قال وقد روى عن عائشة من غير هذا الوجه موقوفا انتهى قلت بل له وجه آخر مرفوع يذكره بعد ذلك وكان المصنف لم يوافق أبا داود على الإنقطاع بين ميمون بن أبي شبيب وبين عائشة فإنه قال في كتاب التحرير فيما قاله أبو داود نظر فإنه كوفي متقدم قد أدرك المغيرة بن شعبة ومات المغيرة قبل عائشة قال وعند مسلم التعاصر مع إمكان التلاقى كاف في ثبوت الإدراك فلو ورد عن ميمون أنه قال لم ألق عائشة استقام لأبي داود الجزم بعد إدراكه وهيهات ذلك انتهى كلام المصنف في التحرير وليس بجيد فإنه وإن أدرك المغيرة وروى عنه فهو مدلس لا تقبل عنعنته بإجماع من لا يحتج بالمرسل فقد أرسل عن جماعة من الصحابة وقد قال أبو حاتم الرازى فيما حكاه عنه ابنه في الجرح والتعديل روى عن أبي ذر مرسلا وعن على مرسلا وعن معاذ بن جبل مرسلا. وقال عمرو بن على الفلاس لم أخبر أن أحدا يزعم أنه سمع من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وقال على بن المديني خفي علينا أمره وقال يحيى بن معين ضعيف نعم قال فيه أبو حاتم الرازي صالح الحديث ذكره بن حبان في الثقات ومع ذلك فلا يقتضى قبول عنعنته والله أعلم. ولم أر أحدا صرح بسماعه من المغيرة ولكن المؤلف لما رأى مسلما روى في مقدمة

ثم إ ن ذلك يقع على أضرب: منها: أن يكون الراوي أكبر سنا وأقدم طبقة من المروي عنه: كالزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري في روايتهما عن مالك. وكأبي القاسم عبيد الله بن أحمد الأزهري من المتأخرين أحد شيوخ الخطيب روى عن الخطيب في بعض تصانيفه والخطيب إذ ذاك في عنفوان شبابه وطلبه. ومنها: أن يكون الراوي أكبر قدرا من المروي عنه بأن يكون حافظا عالما والمروي عنه شيخا راويا فحسب: كمالك في روايته عن عبد الله بن دينار. وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه في روايتهما عن عبيد الله بن موسى. في أشباه لذلك كثيرة.

_ صحيحه حديثه عن المغيرة بن شعبة عن النبي صلى الله عليه وسلم من حدث عنى بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين حمله على الاتصال اكتفاء بمذهب مسلم ومسلم إنما رواه استشهادا بعد أن رواه من حديث ابن أبي ليلى عن سمرة وحكم عليه مسلم بأنه مشهور والشهرة لا تلازم الصحة بل قد يكون المشهور صحيحا وقد يكون ضعيفا. وأما الطريق الآخر الذي وعدنا بذكره فقد رواه البيهقي في كتاب الأدب والخطيب في كتاب المتفق والمفترق من رواية أسامة بن زيد عن عمرو بن مخراق عن عائشة هكذا رواه الخطيب من طريق الطبراني فقال فيه عمرو بن مخراق وإنما هو عمر بضم العين وهكذا رويناه في الأدب للبيهقى في الأصل وفي بعض النسخ عمرو. ولا أعلم روى عنه إلا أسامه بن زيد الليثى وأيضا عمر بن مخراق وبين عائشة فيه رجل لم يسم. قال البخاري في التاريخ الكبير له عمر بن مخارق عن رجل عن عائشة مرسل روى عنه أسامة بن زيد وكذا قال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل عن أبيه دون قوله مرسل وكذا رواه ابن حبان في اتباع التابعين كذلك وعلى هذا فلا يصح إسناده والله أعلم. ويحتمل أن الرجل الذي ابهمه عمر بن مخراق هو ميمون بن أبي شبيب فلا يكون له إلا وجه واحد كما قال البزار وقد ورد من حديث معاذ بن جبل رواه الخرائطى في كتاب مكارم الأخلاق بلفظ أنزل الناس منازلهم من الخير والشر.

ومنها: أن يكون الراوي أكبر من الوجهين جميعا وذلك كراوية كثير من العلماء والحفاظ عن أصحابهم وتلامذتهم: كعبد الغني الحافظ في روايته عن محمد بن علي الصوري وكراوية أبي بكر البرقاني عن أبي بكر الخطيب وكراوية الخطيب عن أبي نصر بن ماكولا ونظائر ذلك كثيرة ويندرج تحت هذا النوع ما يذكر من رواية الصحابي عن التابعي: كراوية العبادلة وغيرهم من الصحابة عن كعب الأحبار. وكذلك رواية التابعي عن تابع التابعي كما قدمناه من رواية الزهري والأنصاري عن مالك وكعمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص لم يكن من التابعين وروى عنه أكثر من عشرين نفسا من التابعين جمعهم عبد الغني بن سعيد الحافظ في كتيب له. وقرأت بخط الحافظ أبي محمد الطبسي في تخريج له قال: عمرو بن شعيب ليس بتابعي وقد روى عنه نيف وسبعون رجلا من التابعين والله أعلم.

_ "قوله" وكعمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص لم يكن من التابعين وروى عنه أكثر من عشرين نفسا من التابعين جمعهم عبد الغنى بن سعيد الحافظ في كتيب له انتهى وفيه أمور أحدها ان جزم المصنف بكون عمرو بن شعيب ليس من التابعين ليس بجيد فقد سمع من غير واحد من الصحابة سمع من زينب بنت أبي سلمة ربيبة النبي صلى الله عليه وسلم والربيع بنت معوذ بن عفراء وهما صح أبيتان وكأن المصنف أخذ ذلك من الذي ذكره بعد هذا أنه قرأه بخط الحافظ أبي محمد الطبسى قال عمرو بن شعيب ليس بتابعى كذا كناه ابن الصلاح أبا محمد وانما هو أبو الفضل محمد ابن أبي جعفر الطبسى هكذا كناه وسماه الحافظ أبو سعد السمعانى في الأنساب ووصفه بالحافظ صاحب التصانيف الكثيرة كتب عن الحاكم أبي عبد الله وأبي طاهر بن محمش الزيادى إلى أن قال وكانت وفاته في حدود سنة ثمانين وأربعمائة بطبس وهى بين نيسابور وأصبهان وكرمان ولم يفتح من زمان عمر من خراسان سواها وقد سبق الطبسى إلى ذلك أبو بكر محمد بن الحسن بن محمد النقاش المصرى المفسر وهو ضعيف. قال الدارقطني سمعت أبا بكر النقاش يقول عمرو بن شعيب ليس من التابعين.

..........................................................................

_ وقد روى عنه عشرون من التابعين قال الدارقطني فتتبعت ذلك فوجدتهم أكثر من عشرين. قال الحافظ أبو الحجاج المزى في التهذيب بعد حكايته لذلك وكأن الدارقطني قد وافقه على أنه ليس من التابعين وليس كذلك ثم ذكر سماعه من الربيع بنت معوذ وزينب ابنة أبي سلمة. الأمر الثاني: أن قول المصنف روى عنه أكثر من عشرين نفسا من التابعين جمعهم عبد الغنى بن سعيد الحافظ في كتيب له ليس بجيد فإن عبد الغنى عدهم في الجزء المذكور أربعين نفسا إلا واحدا وهذه أسماؤهم مرتبين على الحروف إبراهيم بن ميسرة وأيوب السختيانى وبكير بن الأشج وثابت البنانى وجرير بن حازم وحبيب بن أبي موسى وجرير بن عثمان الرحبى والحكم بن عتيبة وحميد الطويل وداود بن قيس وداود بن أبي هند والزبير بن عدى وسعيد بن أبي هلال وأبو حازم سلمة بن دينار وأبو أسحاق الشيبانى وابنه سليمان بن أبي سليمان وسليمان بن مهران الأعمش وعاصم الأحول. قال عبد الغنى بن سعيد وفيه نظر وعبد الله بن عون وعبد الله بن أبي مليكة وعبد الرحمن بن حرملة وعبد العزيز بن رفيع وعبد الله بن عمر العمرى وعطاء بن أبي رباح وعطاء بن السائب وعطاء الخراسانى وعلى بن الحكم البنانى وعمرو بن دينار وأبو إسحق السبيعى واسمه عمرو بن عبد الله وقتادة وأبو الزبير محمد بن مسلم ومحمد بن مسلم الزهري ومطر الوراق ومكحول وموسى بن أبي عائشة وهشام بن عروة ووهب بن منبه ويحيى بن سعيد ويحيى بن أبي كثير ويزيد بن أبي حبيب وقال عبد الغنى بن سعيد بعد أن روى حديث يزيد بن أبي حبيب هو بيزيد بن الهاد أشبه. الأمر الثالث: أنه قد روى عنه جماعة كثيرون من التابعين غير هؤلاء لم يذكرهم عبد الغنى وهم ثابت بن عجلان وحسان بن عطية وعبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى الطائفي وعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج والعلاء بن الحرث الشامى ومحمد بن إسحاق ابن يسار ومحمد بن جحادة ومحمد بن عجلان وأبو حنيفة النعمان بن ثابت وهشام بن الغاد ويزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد ويعقوب بن عطاء بن أبي رباح فهؤلاء زيادة على الخمسين من التابعين قد رووا عنه. وقد حكى المصنف عقب هذا عن الطبسى أنه روى عنه نيف وسبعون من التابعين والله أعلم.

النوع الثاني والأربعون: معرفة المدبج

النوع الثاني والأربعون- معرفة المدبج. وما عداه من رواية الأقران بعضهم عن بعض. وهم المتقاربون في السن والإسناد. وربما اكتفي الحاكم أبو عبد الله فيه بالتقارب في الإسناد وإن لم يوجد التقارب في السن. اعلم: أن رواية القرين عن القرين تنقسم: فمنها المدبج وهو أن يروي القرينان كل واحد منهما عن الآخر مثاله في الصحابة: عائشة وأبو هريرة روى كل واحد منهما عن الآخر. وفي التابعين: رواية الزهري عن عمر بن عبد العزيز ورواية عمر عن الزهري وفي أتباع التابعين: رواية مالك عن الأوزاعي ورواية الأوزاعي عن مالك. وفي أتباع الإتباع رواية أحمد بن حنبل عن علي بن المديني ورواية علي عن أحمد.

_ النوع الثاني والأربعون. معرفة المديج. وما عداه من رواية الأقران بعضهم عن بعض. "قوله" اعلم أن رواية القرين عن القرين تنقسم فمنها المدبج وهو أن يروى القرينان كل واحد منهما عن الآخر انتهى. وفيه أمران أحدهما أن تقييد المصنف للمدبج بالقرينين إذا روى كل واحد منهما عن الآخر تبع فيه الحاكم في علوم الحديث فإنه قال في علوم الحديث في النوع السادس والأربعين منه رواية الأقران وإنما القرينان إذا تقارب سنهما وإسنادهما وهو على ثلاثة أجناس فالجنس الأول منه الذي سماه بعض مشايخنا المدبج وهو أن يروى قرين عن قرينه ثم يروى ذلك القرين عنه فهو المدبج انتهى. وما قصره الحاكم وتبعه ابن الصلاح على أن المدبج رواية القرينين ليس على ما ذكراه وإنما المدبج أن يروى كل من الراويين عن الآخر سواء كانا قرينين أم كان أحدهما أكبر من الآخر فيكون رواية أحدهما عن الآخر من رواية الأكابر عن

.........................................................................

_ الأصاغر فإن الحاكم نقل هذه التسمية عن بعض شيوخه من غير أن يسميه والمراد به الدارقطني فإنه أحد شيوخه وهو أول من سماه بذلك فيما أعلم وصنف فيه كتابا حافلا سماه المدبج في مجلد وعندى به نسخة صحيحة ولم يتقيد في ذلك بكونهما قرينين فإنه ذكر فيه رواية أبي بكر عن النبي صلى الله عليه وسلم ورواية النبي صلى الله عليه وسلم عن أبي بكر ورواية عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وروايته صلى الله عليه وسلم عن عمر رضي الله عنه ورواية سعد بن عبادة عن النبي صلى الله عليه وسلم وروايته عن سعد وذكر فيه أيضا رواية الصحابة عن التابعين الذين رووا عنهم كرواية عمر عن كعب الأحبار ورواية كعب عن عمر ورواية ابن مسعود عن ذر عنهم كرواية عمر عن كعب الأحبار ورواية كعب عن عمر ورواية ابن مسعود عن ذر ابن حبيش ورواية زر عن عنه ورواية ابن عمر عن عطية العوفي وبكر بن عبد الله المزنى ورواية كل منهما عن ابن عمر ورواية ابن عباس عن عمرو بن دينار وأبي سلمة ابن عبد الرحمن وعكرمة مولاه ورواية كل من الثلاثة عن ابن عباس ورواية أبي سعيد الخدري عن أبي نضرة العبدى ورواية أبي نضرة عنه ورواية أنس بن مالك عن بكر ابن عبد الله المزنى ورواية بكر عنه وذكر فيه أيضا رواية التابعين عن أتباع التابعين كرواية عبد الله بن عون ويحيى بن سعيد الأنصارى عن مالك ورواية مالك عن كل منهما ورواية عمرو بن دينار وأبي إسحاق السبيعى وسليمان بن مهران الأعمش عن سفيان بن عيينة ورواية ابن عيينة عن كل من الثلاثة ورواية أبي إسحق السبيعى عن ابنه يونس بن أبي إسحق ورواية يونس عن أبيه وذكر فيه أيضا رواية أتباع أتباع التابعين عن أتباع الأتباع كرواية معمر عن عبد الرزاق ورواية عبد الرزاق عن معمر وكذلك ذكر فيه رواية عبد الرزاق عن أحمد بن حنبل وعلى بن المدينى ويحيى بن معين وروايتهم عنه وكذلك ذكر فيه رواية أحمد عن أبي داود السجستاني وعن ابنه عبد الله بن أحمد ورواية كل منهما عن أحمد وغير ذلك فهذا يدل على المدبج لا يختص بكون الراويين الذين روى كل منهما عن الآخر قرينين بل الحكم أعم من ذلك والله أعلم. الأمر الثاني: ما المناسبة المقتضية لتسمية هذا النوع بالمدبج ومن أى شيء اشتقاقه ولم أر من تعرض لذلك إلا أن الظاهر أنه سمى بذلك لحسنه فإن المدبج لغة هو المزين قال صاحب المحكم الدبج النقش والتزيين فارسى معرب قال وديباجه الوجه حسن بشرته.

وذكر الحاكم في هذا رواية أحمد بن حنبل عن عبد الرزاق ورواية عبد الرزاق عن أحمد. وليس هذا بمرضي. ومنها: غير المدبج وهو أن يروي أحد القرينين عن الآخر ولا يروي الآخر عنه فيما نعلم مثاله: رواية سليمان التيمي عن مسعر وهما قرينان ولا نعلم لمسعر رواية عن التيمي. ولذلك أمثال كثيرة والله أعلم.

_ ومنه تسميه ابن مسعود الحواميم ديباج القرآن وإذا كان هذا منه فان الإسناد الذي يجتمع فيه قرينان أو أحدهما أكبر والآخر من رواية الأصاغر عن الأكابر إنما يقع ذلك غالبا فيما إذا كانا عالمين أو حافظين أو فيهما أو في أحدهما نوع من وجوه الترجيح حتى عدل الراوى عن العلو للمساواة أو النزول لأجل ذلك فحصل للإسناد بذلك تحسين وتزيين كرواية أحمد بن حنبل عن يحيى بن معين ورواية ابن معين عن أحمد وإنما يقع رواية الأقران غالبا من أهل العلم المتميزين بالمعرفة ويحتمل أن يقال إن القرينين الواقعين في المدبج في طبقة واحدة بمنزلة واحدة فشبها بالخدين فان الخدين يقال لهما الديباجتان كما قاله صاحبا المحكم والصحاح وهذا المعنى يتجه على ما قاله الحاكم وابن الصلاح أن المدبج مختص بالقرينين ويحتمل أنه سمى بذلك لنزول الإسناد فإنهما إن كانا قرينين نزل كل منهما درجة وان كان من رواية الأكابر عن الأصاغر نزل درجتين وقد روينا عن يحيى بن معين قال الإسناد النازل قرحة في الوجه وروينا عن على بن المدينى وأبي عمرو المستملى قالا النزول شؤم فعلى هذا لا يكون المدبج مدحا له ويكون ذلك من قولهم رجل مدبج قبيح الوجه والهامه حكاه صاحب المحكم وفيه بعد والظاهر أنه إنما هو مدح لهذا النوع أو يكون من الاحتمال الثاني والله أعلم. "قوله" وذكر الحاكم في هذا رواية أحمد عن عبد الرزاق ورواية عبد الرزاق عن أحمد وليس هذا بمرض انتهى قلت والحاكم إنما تبع في ذلك شيخه أبا الحسن الدارقطني الذي سمى هذا النوع بهذا الاسم ووضع فيه مصنفا كما تقدم ولم يخص ذلك بالأقران فلا اعتراض حينئذ على الحاكم. "قوله" ومنها غير المدبج وهو أن يروى أحد القرينين عن الآخر ولا يروى الآخر عنه فيما نعلم مثاله رواية سليمان التيمى عن مسعر وهما قرينان ولا يعلم لمسعر رواية عن التيمى ولذلك أمثال كثيرة انتهى وفيه أمران أحدهما أن هذا المثال الذي ذكره

..........................................................................

_ المصنف ليس بصحيح وهو من القسم الأول وهو المدبج فقد روى مسعر أيضا عن سليمان التيمى كما ذكره الدارقطني في كتاب المدبج ثم روى من رواية الحكم بن مروان حدثنا مسعر عن أبي المعتمر وهو سليمان التيمى عن امرأة يقال لها أم خداش قالت رأيت على بن أبي طالب يصطبغ بخل خمرة. الأمر الثاني: أن المصنف أشار إلى بقية الأسئلة لذلك بقوله ولذلك أمثلة كثيرة فينبغى أن يذكرههنا مثالا صحيحا لهذا. القسم الثاني: وقد ذكر الحاكم في علوم الحديث لذلك أمثلة أربعة أحدها هذا الذي ذكره المصنف والثاني رواية زائدة بن قدامة عن زهير بن معاوية قال الحاكم زائدة بن قدامة وزهير بن معاوية قرينان إلا أنى لا أحفظ لزهير عن زائدة رواية والمثال الثالث رواية يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد عن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم ابن عبد الرحمن بن عوف قال الحاكم يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد وإن كان أسند وأقدم من إبراهيم بن سعد بن إبراهيم فإنهما في أكثر الأسانيد قرينان ولا أحفظ لإبراهيم بن سعد عنه رواية انتهى. قلت بل قد روى عنه إبراهيم بن سعد وروايته عنه في صحيح مسلم وسنن النسائي والله أعلم. والمثال الرابع رواية سليمان بن طرخان التيمى عن رقبة بن مصقلة قال الحاكم سليمان بن طرخان ورقبة بن مصقلة قرينان ولا أحفظ لرقبة عنه رواية انتهى قلت بل قد روى رقبة عن سليمان التيمى كما ذكره الدارقطني في كتأب المدبج ثم روى له من رواية أبي عوانة عن رقبة عن سليمان التيمى عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يا حبذا المتخللون من أمتى" والحديث رواه الطبراني في المعجم الأوسط فجعله من رواية رقبة عن أنس من غير ذكر سليمان التيمى فلم يصح من هذه الأمثلة الأربعة التي ذكرها الحاكم إلا المثال الثاني فقط وهو رواية زائدة بن قدامة عن زهير ابن معاوية والأمثلة الثلاثة الذي اقتصر عليه ابن الصلاح واللذان زادهما الحاكم حقها أن تذكر في القسم الأول وهو المدبج كما فعل الدارقطني والله أعلم.

النوع الثالث والأربعون: معرفة الإخوة والأخوات من العلماء والرواة

النوع الثالث والأربعون: معرفة الإخوة والأخوات من العلماء والرواة. وذلك إحدى معارف أهل الحديث المفردة بالتصنيف صنف فيها علي بن المديني وأبو عبد الرحمن النسوي وأبو العباس السراج وغيرهم فمن أمثاله إلاخوين من الصحابة: عبد الله بن مسعود وعتبة بن مسعود هما أخوان زيد بن ثابت ويزيد بن ثابت هما أخوان. عمرو بن العاص وهشام بن العاص أخوان. ومن التابعين: عمرو بن شرحبيل أبو ميسرة وأخوه أرقم بن شرحبيل كلاهما من أفاضل أصحاب ابن مسعود. هزيل بن شرحبيل وأرقم بن شرحبيل أخوان آخران من أصحاب ابن مسعود أيضا ومن أمثلة ثلاثة إلاخوة: سهل وعباد وعثمان بنو حنيف إخوة ثلاثة. عمرو بن شعيب وعمر وشعيب بنو شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص إخوة ثلاثة. ومن أمثلة الأربعة: سهيل بن أبي صالح السمان الزيات وإخوته: عبد الله الذي يقال له عباد ومحمد وصالح.

_ النوع الثالث والأربعون معرفة الإخوة والأخوات. "قوله" ومن التابعين عمرو بن شرحبيل أبو ميسرة وأخوة أرقم بن شرحبيل كلاهما من أفاضل أصحاب ابن مسعود هزيل بن شرحبيل وأرقم بن شرحبيل أخوان آخران من أصحاب ابن مسعود أيضا انتهى هذا الذي ذكره المصنف من كون أرقم ابن شرحبيل اثنين أحدهما أخو عمرو بن شرحبيل والآخر أخو هزيل بن شرحبيل ليس بصحيح وأرقم بن شرحبيل واحد وإنما اختلف كلام التاريخيين والنس أبين هل الثلاثة إخوة وهم عمرو بن شرحبيل وأرقم بن شرحبيل وهزيل بن شرحبيل أو أن أرقم وهزيلا أخوان وليس عمرو أخا لهما فذهب أبو عمر بن عبد البر إلى الأول قال هم ثلاثة إخوة والصحيح الذي عليه الجمهور أن أرقم وهزيلا أخوان فقط وهو الذي اقتصر عليه البخاري في التاريخ الكبير وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل وحكاه عن أبيه أبي حاتم وعن أبي زرعة وكذلك ابن حبان في الثقات واقتصر عليه الحاكم أيضا في علوم الحديث في النوع السادس والثلاثين وكذلك اقتصر المزى في تهذيب الكمال.

ومن أمثلة الخمسة: ما نرويه عن الحاكم أبي عبد الله قال: سمعت أبا علي الحسين بن علي الحافظ غير مرة يقول: آدم بن عيينة وعمران بن عيينة ومحمد بن عيينة وسفيان بن عيينة وإبراهيم بن عيينة حدثوا عن آخرهم.

_ على أن أرقم وهزيلا أخوان ذكر ذلك في ترجمة أرقم وترجمة هزيل ولم يتعرض في ترجمة عمرو لشيء من ذلك وما ذكره ابن عبد البر من كونهم الثلاثة إخوة ليس بجيد فإن عمرو بن شرحبيل همدانى وهزيل وأخوه أرقم أوديان ولا تجتمع همدان الكبرى ولا همدان الصغرى مع أود أما همدان الكبرى فينتسبون إلى همدان فهو أوسلة ابن مالك بن زيد أو سلة بن ربيعة بن الجبار بن ملكان وقيل مالك بن زيد بن كهلان وأما همدان الصغرى فينتسبون إلى همدان بن زياد بن حسان بن سهل بن زيد بن عمرو ابن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس وأما الذي ينسب إليه هزيل وأرقم أبنا شرحبيل الأوديان فهو أود بن صعب بن سعد العشيرة بن مذحج ولا يجتمع مع همدان فالصواب قول الجمهور والله أعلم. وعلى كل فما ذكره المصنف ليس موافقا لقول الجمهور ولا لقول ابن عبد البر. "قوله" ومن أمثلة الخمسة ما نرويه عن الحاكم أبي عبد الله قال سمعت أبا على الحسين ابن على الحافظ غير مرة يقول آدم بن عيينة وعمران بن عيينة ومحمد بن عيينة وسفيان ابن عيينة وإبراهيم بن عيينة حدثوا عن آخرهم انتهى اقتصر المؤلف على كونهم خمسة وهؤلاء هم المشهورون من أولاد عيينة وإلا فقد ذكر غير واحد أنهم عشرة منهم عبد الغنى ابن سرور وقد سمى لنا منهم سبعة الخمسة المذكورون ولم يذكر ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل غيرهم واقتصر البخاري في التاريخ الكبير على ذكر أربعة منهم فلم يذكر آدم والسادس أحمد بن عيينة ذكره الدارقطني وابن ماكولا والسابع مخلد بن عيينة ذكره أبو بكر بن المقرى عن بعض أولادهم قال ابن المقرى سمعت أبا العباس أحمد ابن زكريا بن يحيى بن الفضل بن سفيان بن عيينة بن ميمون الهلالى يقول سفيان ابن عيينة ومحمد بن عيينة وإبراهيم بن عيينة وعمران بن عيينة ومخلد بن عيينة إخوة فإن قيل إنما اقتصر المصنف على الخمسة المذكورين لكونهم الذين حدثوا منهم دون الباقين كما حكاه المزى في التهذيب عن بعضهم فقال وقيل كان بنو عيينة عشرة إخوة خزازين حدث منهم خمسة فذكرهم قلنا وقد حدث أحمد بن عيينة أيضا قال الدارقطني في المؤتلف والمختلف عيينة بن أبي عمران الهلالى والد سفيان وإبراهيم وعمران وآدم ومحمد وأحمد بن عيينة المحدثون وكذا ذكرهم ابن ماكولا في الإكمال قال وكلهم محدثون

ومثال الستة: أولاد سيرين ستة تابعيون وهم: محمد وأنس ويحيى ومعبد وحفصة وكريمة ذكرهم هكذا أبو عبد الرحمن النسوي ونقلته من كتابه بخط الدارقطني فيما أحسب. وروي ذلك أيضا عن يحيى بن معين. وهكذا ذكرهم الحاكم في كتاب المعرفة. لكن ذكر فيما نرويه من تاريخه باسنادنا عنه: أنه سمع أبا علي الحافظ يذكر بني سيرين خمسة إخوة: محمد بن سيرين وأكبرهم معبد بن سيرين ويحيى بن سيرين وخالد بن سيرين وأنس بن سيرين وأصغرهم حفصة بنت سيرين.

_ "قوله" ومثاله الستة أولاد سيرين ستة تابعيون وهم محمد وأنس ويحيى ومعبد وحفصة وكريمة ثم حكى أن الحاكم ذكر في تاريخه عن شيخه أبي على الحافظ أنه ذكر فيهم خالد بن سيرين ولم يذكر كريمة وذكر أن أصغرهم حفصة بنت سيرين انتهى وفيه أمران أحدهما أنه قد اعترض على المصنف بأنهم عشرة أنس وخالد ومحمد ومعبد ويحيى وحفصة وسودة وعمرة وكريمة وأم سليم فإن ابن سعد ذكر في الطبقات عمرة بنت سيرين وسودة بنت سيرين أنهما أم ولد كانت لأنس بن مالك وذكر أيضا أم سليم في خمسة من ولد سيرين منهم محمد أمهم صفية والجواب عنه أن المشهور ما ذكره المصنف من أنهم ستة وأما السابع فهو خالد فإن المصنف قد ذكره فلا يرد عليه مع أنى لم أجد له رواية ولم أقف له على ترجمة. وقال محمد بن أحمد بن محمد بن أبي بكر المقدمى خالد بن سيرين لم يخرج حديثه وأما الطبراني فقال كلهم قد حدثوا بعد أن عد فيهم خالد بن سيرين وأما عمرة وأم سليم وسودة فلم أر من ذكر لهن رواية فلا يردن على المصنف. الأمر الثاني: أن ما قاله الحافظ أبو على النيسابوري من أن أصغرهم حفصة بنت سيرين وسكت عليه المصنف ليس بجيد وإنما أصغرهم أنس بن سيرين كما قاله عمرو ابن على الفلاس وهو الصواب فإن المشهور أنه ولد لست بقيت من خلافة عثمان وبه صدر المزى كلامه وتوفي في قول أحمد بن حنبل ومحمد بن أحمد المقدمى سنة عشرين ومائة قال أحمد وهو ابن ست وثمانين سنة وقال الذهبى في العبر خمس وثمانون سنة فعلى هذا يكون مولده سنة أربع وثلاثين وأما حفصة فإنها توفيت سنة إحدى ومائة.

قلت: وقد روي عن محمد عن يحيى عن أنس عن أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لبيك حقا حقا تعبدا ورقا" وهذه غريبة عابا بها بعضهم فقال: أي ثلاثة إخوة روى بعضهم عن بعض. ومثال السبعة: النعمان بن مقرن وإخوته: معقل وعقيل وسويد وسنان وعبد الرحمن وسابع لم يسم لنا بنو مقرن المزنيون سبعة إخوة هاجروا وصحبوا النبي صلى الله

_ وعاشت إما سبعين سنة وإما تسعين سنة بتقديم المثناة وعلى كل تقدير فهي أكبر من أنس بن سيرين والله أعلم. وقال ابن سعد في أواخر الطبقات أخبرنا بكار بن محمد من ولد محمد بن سيرين قال كانت حفصة بنت سيرين أكبر ولد سيرين من الرجال والنساء من ولد صفية وكان ولد صفية محمدا ويحيى وحفصة وكريمة وأم سليم. "قوله" وقد روى عن محمد عن يحيى عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبيك حقا حقا تعبدا ورقا قال وهذه غريبة عايا بها بعضهم فقال أي ثلاثة إخوة روى بعضهم عن بعض انتهى. قلت وزاد بعضهم في هذا الإسناد معبد بن سيرين فاجتمع فيه أربعة أخوة يروى بعضهم عن بعض ذكره محمد بن طاهر المقدسي في تخريجه ل أبي منصور عبد المحسن ابن محمد بن على الشيرازى فقال روى هذا الحديث محمد بن سيرين عن أخيه يحيى عن أخيه معبد عن أخيه أنس بن سيرين ولكن المشهور ما ذكره المصنف من كونهم ثلاثة وكذلك رواه الدارقطني في كتاب العلل من رواية هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أخيه يحيى عن أخيه أنس عن أنس بن مالك إلا أنه قال حجا حقا ولا نعرف ليحيى ابن سيرين رواية عن أخيه معبد ولا لمعبد رواية عن أخيه أنس قال على بن المدينى لم يرو عن معبد إلا أخوه أنس كذا قال وقد روى عنه أيضا أخوه محمد وروايته عنه في الصحيحين وقد جعله بعضهم من رواية ابنين من ولد سيرين رواه أبو بكر البزار في مسنده من رواية هشام بن حسان عن ابن سيرين عن أخيه يحيى عن أنس بن مالك وذكر الدارقطني في العلل الاختلاف فيه وقال إن الصحيح ما رواه حماد بن زيد ويحيى القطان عن يحيى بن سيرين عن أنس بن مالك قوله وفعله. "قوله" ومثال السبعة النعمان بن مقرن وإخوته معقل وعقيل وسويد وسنان وعبد الرحمن وسابع لم يسم لنا بنو مقرن المزينون سبعة إخوة هاجروا وصحبوا رسول الله

عليه وسلم ولم يشاركهم فيما ذكره ابن عبد البر وجماعة في هذه المكرمة غيرهم. وقد قيل: إنهم شهدوا الخندق كلهم. وقد يقع في الأخوة ما فيه خلاف في مقدار عددهم.

_ صلى الله عليه وسلم ولم يشاركهم فيما ذكره ابن عبد البر وجماعة في هذه المكرمة سواهم انتهى وفيه أمران أحدهما أنه قد سمى لنا سابع وثامن وتاسع وهم نعيم بن مقرن وضرار بن مقرن وعبد الله بن مقرن. فأما نعيم فذكره ابن عبد البر في الاستيعاب فقال نعيم بن مقرن أخو النعمان ابن مقرن خلف أخاه حين قتل بنهاوند وكانت على يديه فتوح كثيرة وهو واخوته من جلة الصحابة وأما ضرار بن مقرن فذكره الحافظ أبو بكر محمد بن خلف بن سليمان ابن خلف بن فتحون في ذيله على الاستيعاب وإن خالد بن الوليد لما دخل الحيرة في أيام أبي بكر أمر ضرارا هذا على جماعة من المسلمين وقال ذكره الطبرى وسيف وأما عبد الله بن مقرن فذكره بن فتحون أيضا في ذيله على الاستيعاب وقال إنه كان على ميسرة أبي بكر رضي الله عنه في خروجه لقتال أهل الردة إثر وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال ذكره الطبرى وسيف وذكره ابن منده وأبو نعيم أيضا في معرفة الصحابة وهذا يدل على انهم أكثر من سبعة وقد قال الطبرى انهم كانوا عشرة إخوة انتهى. وإنما اشتهر كونهم سبعة لما روى مسلم في صحيحه من حديث سويد بن مقرن قال لقد رأيتني سابع سبعة من بنى مقرن ما لنا خادم إلا واحدة فلطمها أصغرنا فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نعتقها. ويحتمل أن من أطلق كونهم سبعة أراد من هاجر منهم قال مصعب بن الزبير هاجر النعمان ومعه سبعة أخوة وسمى ابن عبد البر في الاستيعاب منهم ستة وهم سنان وسويد وعقيل ومعقل والنعمان ونعيم وسمى ابن فتحون في ذيله الباقين وهم ضرار وعبد الله وعبد الرحمن وقال إن عبد الرحمن ذكره في الصحابة الطبري وابن السكن والله أعلم. الأمرالثاني: أن ما حكاه المصنف عن ابن عبد البر وجماعة من انفراد بني مقرن.

.........................................................................

_ بهذه المكرمة من كونهم السبعة هاجروا وصحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله ابن عبد البر في الاستيعاب في ترجمة معقل بن مقرن فقال وليس ذلك لأحد من العرب سواهم قاله الواقدى ومحمد بن عبد الله بن نمير انتهى. وفيما قالوه نظر فإن أولاد الحارث بن قيس السهمى كلهم هاجر وصحب النبي صلى الله عليه وسلم وعدهم ابن إسحق فيمن هاجر الهجرة الأولى إلى أرض الحبشة سبعة لم يعد فيهم تميما ولا حجاجا الآتى ذكرهما وقد تتبعت أسماءهم فوجدتهم تسعة بتقديم المثناة وهم بشر وتميم والحارث والحجاج والسائب وسعيد وعبد الله ومعمر وأبو قيس أولاد الحارث بن قيس السهمى وسمى الكلبى معمر بن الحرث معبدا والمشهور الأول وقد ذكر ابن عبد البر في الاستيعاب التسعة المذكورين كل واحد في موضعه وأنهم هاجروا إلى أرض الحبشة وقال في ترجمة سعيد بن الحارث هاجر هو واخوته كلهم إلى أرض الحبشة فهؤلاء تسعة إخوة هاجروا وصحبوا النبي صلى الله عليه وسلم وهم أشرف نسبا في الجاهلية والإسلام وزادوا على بقية الإخوة بأن استشهد منهم سبعة في سبيل الله فقتل تميم والحرث والحجاج بأجنادين وقتل سعد يوم اليرموك وقتل السائب يوم فحل وقيل يوم الطايف وقتل عبد الله يوم الطايف وقيل باليمامة اوقال الطبرى إنه مات بالحبشة مهاجرا في زمنه صلى الله عليه وسلم وقتل أبو قيس يوم اليمامة واعترض الحافظ أبو بكر محمد بن خلف بن فتحون على ابن عبد البر في هذا الإطلاق في التبيه على ما أوهمه ابن عبد البر أو وهم فيه بأن معاوية بن الحكم السلمى واخوته الستة في مثل عددهم وفضيلتهم ثم روى من طريق أبي على بن السكن بإسناده إلى معاوية بن الحكم قال وفدت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وستة إخوة لى فأبرز على بن الحكم فرسه خندقا فقصرت الفرس فدق جدار الخندق ساقه فأتينا به النبي صلى الله عليه وسلم فمسح ساقه فما نزل عنها حتى برأ فقال معاوية بن الحكم في قصيدة: فأنزلها على فهوى تهوى ... هوى الدلو تنزعه برجل ففضت رجله فسما عليها ... سمو الصقر صادف يوم طل فقال محمد صلى عليه ... مليك الناس قولا غير فعل لعا لك فاستمر بها سويا ... وكانت بعد ذاك أصح رجل

ولم نطول بما زاد على السبعة لندرته ولعدم الحاجة إليه في غرضنا ههنا والله أعلم.

_ قلت والحديث رواه الطبراني في المعجم الكبير مع اختلاف في إيراد الشعر وفي غيره ولم يقل فيه إنه وفد معه ستة إخوة وأيضا ففي إسناده جهالة وأيضا فلم يقل فيه إنهم هاجروا حتى يعدوا مهاجرين فعلهم وفدوا عام قدوم الوفود ولا هجرة بعد الفتح وأيضا فلم تعرف بقية أسمائهم وإنما سمى منهم معاوية وعلى عمران كان مالك حفظه وإلا فقد قال على بن المدينى والبخاري إن مالكا وهم في قوله عمر بن الحكم وإنما هو معاوية بن الحكم والله أعلم. "قوله" ولم نطول بما زاد على السبعة لندرتهم ولعدم الحاجة إليه في غرضنا ههنا انتهى. وقد رأيت أن أذكر من المشهورين من الإخوة والأخوات من زاد على السبعة للفائدة فمثال الثمانية من الصحابة أسماء وحمران وخراش وذؤيب وسلمة وفضالة ومالك وهند بن حارثة بن سعيد بن عبد الله الأسلميون أسلموا وصحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهدوا معه بيعة الرضوان بالحديبية ذكر ذلك أبو القاسم البغوي وذكره ابن عبد البر في الاستيعاب في ترجمة هند قال ولم يشهدها أي بيعة الرضوان إخوة في عددهم غيرهم ولزم النبي صلى الله عليه وسلم منهم اثنان أسماء وهند وكانا من أهل الصفة ومثالهم في التابعين أولاد أبي بكرة وهم عبد الله وعبيد الله وعبد الرحمن وعبد العزيز ومسلم ورواد ويزيد وعتبة سماهم ابن سعد في الطبقات مجتمعين وله ابنة اسمها كيسة وروايتها عن أبيها في سنن أبي داود فيكون هذا من أمثلة التسعة. وقد قال ابن سعد وتوفي أبو بكرة عن أربعين ولدا من بين ذكر وأنثى فأعقب منهم سبعة. ومثال التسعة أولاد الحرث بن قيس السهمي وكلهم صحب النبي صلى الله عليه وسلم وهاجر إلى أرض الحبشة وتقدمت أسماؤهم في الاعتراض الذي يليه هذا. ومثال العشرة بنو العباس بن عبد المطلب وهم الفضل وعبد الله وعبيد الله وعبد الرحمن وقثم ومعبد وعون والحارث وكثير وتمام وكان أصغرهم وكان العباس

.........................................................................

_ يحمله ويقول: تموا بتمام فصاروا عشرة يا رب فجعلهم كراما برره واحل لهم ذكرا وانم الثمرة وكان للعباس ثلاث بنات أم كلثوم وأم حبيب وأميمة وقيل له رابعة وهى أم قثم. فقد اوردها ابن سعد في الطبقات وروى لها اثرا عن على بن أبي طالب رضي الله عنه وقال هكذا جاء في الحديث ولم نجد العباس إبنة تسمى أم قثم. ومثال الإثنى عشر أولاد عبد الله بن أبي طلحة وهم إبراهيم وإسحق وإسمعيل وزيد وعبد الله وعمارة وعمر وعمير والقاسم ومحمد ويعقوب ويعمر وكانوا كلهم قرأوا القرآن وقال أبو نعيم كلهم حمل عنه العلم كذا سماهم ابن الجوزي اثنى عشر وسماهم ابن عبد البر وغير واحد عشرة. ومثال الثلاثة عشر أو الأربعة عشر أولاد العباس بن عبد المطلب الذكور والإناث وقد تقدم تسميتهم عند العشرة. وأكثر ما رأيت مسمى من الإخوة والأخوات من أولاد المشهور سعد بن أبي وقاص سمى له ابن الجوزي خمسة وثلاثين ولدا وقد روى عنه من اولاده في الكتب الستة أو بعضها إبراهيم وعامر وعمر ومحمد ومصعب وعائشة. وقد كان أولاد أنس بن مالك يزيدون على المائة وسمى لنا ممن روى عنه من أولاده لصلبه عشرة وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا له اللهم أكثر ماله وولده.

النوع الرابع والأربعون: معرفة رواية الآباء عن لأبناء

النوع الرابع والأربعون- معرفة رواية الآباء عن لأبناء. وللخطيب الحافظ في ذلك كتاب روينا فيه: عن العباس بن عبد المطلب عن ابنه الفضل رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين الصلاتين بالمزدلفة وروينا فيه: عن وائل بن داود عن ابنه بكر بن وائل وهما ثقتان أحاديث منها: عن ابن عيينة عن وائل بن داود عن ابنه بكر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أخروا الأحمال فإن اليد مغلقة والرجل موثقة" قال الخطيب: لا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما نعلمه إلا من جهة بكر وأبيه وروينا فيه: عن معتمر بن سليمان التيمي قال: حدثني أبي قال: حدثتني أنت عني عن أيوب عن الحسن قال: ويح كلمة رحمة. وهذا طريف يجمع أنواعا وروينا فيه: عن أبي عمر حفص بن عمر الدوري المقري عن ابنه أبي جعفر محمد بن حفص: ستة عشر حديثا أو نحو ذلك. وذلك أكثر ما رويناه لأب عن ابنه.

وآخر ما رويناه من هذا النوع وأقربه عهدا: ما حدثنيه أبو المظفر عبد الرحيم بن الحافظ أبي سعد المروزي رحمها الله بها من لفظه قال: أنبأني والدي عني فيما قرأت بخطه قال: حدثني ولدي أبو المظفر عبد الرحيم من لفظه وأصله فذكر بإسناده عن أبي أمامة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أحضروا موائدكم البقل فإنه مطردة للشيطان مع التسمية".

_ النوع الرابع والأربعون- معرفة رواية الآباء عن الأبناء. قوله وآخر ما رويناه من هذا النوع وأقربه عهدا ما حدثنيه أبو المظفر عبد الرحيم بن الحافظ أبي سعيد المروزى رحمه الله بها من لفظه قال أنبأنى والدى عنى فيما قرأت بخطه قال حدثني ولدى أبو المظفر عبد الرحيم من لفظه وأصله فذكر بإسناده عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "احضروا موائدكم البقل فإنه مطردة للشيطان مع التسمية" انتهى. وقد أبهم المصنف ذكر إسناده والسمعانى رواه في الذيل من رواية العلاء بن مسلمة الرواس عن إسماعيل بن مغر الكرمانى عن ابن عياش وهو إسمعيل عن برد عن مكحول عن أبي أمامة وهو حديث موضوع فأبهم المصنف منه موضع العلة وسكت عليه وقد ذكر المصنف في النوع الحادى والعشرين أنه لا يحمل رواية الحديث الموضوع لأحد علم حاله في أى معنى كان إلا مقرونا ببيان وضعه وهذا الحديث ذكر غير واحد من الحفاظ أنه موضوع وقد رواه أبو حاتم بن حبان في تاريخ الضعفاء في ترجمة العلاء

وأما الحديث الذي رويناه عن أبي بكر الصديق عن عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "في الحبة السوداء شفاء من كل داء". فهو غلط ممن رواه. إنما هو عن أبي بكر بن أبي عتيق عن عائشة وهو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق. وهؤلاء هم الذين قال فيهم موسى بن عقبة: لا نعرف أربعة أدركوا النبي صلى الله عليه وسلم هم وأبناؤهم إلا هؤلاء الأربعة فذكر أبا بكر الصديق وأباه وابنه عبد الرحمن وابنه محمد أبا عتيق والله أعلم.

_ ابن مسلمة الرواس بهذا الإسناد وقال فيه يروى عن الثقات الموضوعات به بحال وقال أبو الفتح الأزدي كان رجل سوء لا يبالى ما روى وعلى ما أقدم لا يحل لمن عرفه أن يروى عنه وقال محمد بن طاهر كان يضع الحديث وذكر ابن الجوزي هذا الحديث في الموضوعات وقال هذا حديث لا أصل له وقد يجاب عن المصنف بأنه لا يرى أنه موضوع وإن كان في إسناده وضاع فكأنه ما أعترف بوضعه وقد تقدم أن المصنف أنكر على من جمع الموضوعات في عصره فأدخل فيها ما ليس بموضوع يشير بذاك إلى ابن الجوزي والله أعلم. قوله وأما الحديث الذي رويناه عن أبي بكر الصديق عن عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في الحبة السوداء شفاء من كل داء فهو غلط ممن رواه إلى آخر كلامه هو كما ذكره المصنف من أن من وصف أبا بكر الراوى لهذا الحديث عن عائشة بأنه الصديق فقد غلط فإنه أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن ابن أبي بكر وهكذا رواه البخاري في صحيحه ولكن ذكر ابن الجوزي في كتاب التلقيح أن أبا بكر الصديق روى عن ابنته عائشة رضي الله عنها حديثين والله أعلم. قوله هؤلاء هم الذين قال فيهم موسى بن عقبة لا نعرف أربعة أدركوا النبي صلى الله عليه وسلم هم وأبناؤهم إلا هؤلاء الأربعة فذكر أبا بكر الصديق وأباه وابنه عبد الرحمن وأبنه محمدا أبا عتيق والله أعلم. وقد يعترض على هذا الإطلاق بصورة أخرى وهى أبو قحافة وابنه أبو بكر وابنته أسماء وابنها عبد الله بن الزبير فإنه عبر بقوله هم وأبناؤهم وهذا صادق عليه ولا يرد

........................................................................

_ ذلك عن عبارة أبي عمر بن عبد البر فإنه قال يقال إنه لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم أربعة ولا أب وبنوه إلا هؤلاء فذكرهم وقد ذكر ابن منده في معرفة الصحابة كلا من موسى بن عقبة بصيغة لا يرد على إطلاقها هذه الصورة فقال ما نعلم أربعة في الإسلام ادركوا النبي صلى الله عليه وسلم الآباء مع الأبناء إلا أبو قحافة فذكرهم فالتعبير بالآباء يخرج الأمهات ولكن من عبر بأربعة صحابة بعضهم أولاد بعض فالأحسن التمثيل بعبد الله بن الزبير وأمه وأبيها وجدها لأن لعبد الله بن الزبير صحبة. وأما محمد بن عبد الرحمن فقال ابن حبان في الصحابة أن له رؤية وقد مضى في كلام أهل هذا الشأن عند ذكر الصح أبي أن المعتبر مع التمييز والله أعلم.

النوع الخامس والأربعون: معرفة رواية الأبناء عن الآباء

النوع الخامس والأربعون- معرفة رواية الأبناء عن الآباء. ولأبي نصر الوايلي الحافظ في ذلك كتاب وأهمه ما لم يسم فيه إلاب أو الجد وهو نوعان: أحدهما: رواية إلابن عن إلاب عن الجد نحو: عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. وله بهذا الإسناد نسخة كبيرة أكثرها فقهيات جياد. وشعيب هو ابن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص وقد احتج أكثر أهل الحديث بحديثه حملا لمطلق الجد فيه على الصحابي عبد الله بن عمرو دون ابنه محمد والد شعيب لما ظهر لهم من إطلاقه ذلك. ونحو: بهز بن حكيم عن أبيه عن جده. روي بهذا الإسناد نسخة كبيرة حسنة وجده هو معاوية بن حيدة القشيري وطلحة بن مصر ف عن أبيه عن جده. وجده عمرو بن كعب اليامي ويقال: كعب بن عمرو. ومن أظرف ذلك: رواية أبي الفرج عبد الوهاب التميمي الفقيه الحنبلي وكانت له ببغداد في جامع المنصور حلقة للوعظ والفتوى عن أبيه في تسعة من آبائه نسقا.

_ النوع الخامس والأربعون- معرفة رواية الأبناء عن الآباء. "قوله" ومن أظرف ذلك رواية أبي الفرج عبد الوهاب التميمي الفقيه الحنبلي عن أبيه في تسعة من آبائه نسقا فرواها من تاريخ بغداد لأثر موقوف على علي بن أبي طالب.

أخبرني بذلك الشيخ أبو الحسن مؤيد بن محمد بن علي النيسابوري بقراءتي عليه بها قال: أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد الشيباني في كتابه إلينا قال: أخبرنا الحافظ أبو بكر أحمد بن علي: حدثنا عبد الوهاب بن عبد العزيز بن الحارث بن أسد بن الليث بن سليمان بن إلاسود بن سفيان بن يزيد بن أكينة بن عبد الله التميمي من لفظه قال: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت علي بن أبي طالب وقد سئل عن الحنان المنان؟ فقال: الحنان الذي يقبل على من أعرض عنه والمنان الذي يبدأ بالنوال قبل السؤال آخرهم أكينة بالنون وهو السامع عليا رضي الله عنه.

_ في تفسير الحنان المنان قلت وقد وقع لنا حديث مرفوع من هذا الوجه وقع فيه التسلسل باثنى عشر أبا وهو أعجب مما ذكره المصنف أخبرنا به جماعة من شيوخنا منهم شيخنا العلامة برهان الدين إبراهيم بن لاجين الرشيدى قال انبأنا أحمد بن محمد بن إسحق الهمذاني قال أنبأنا عبد الله بن أحمد بن محمد القلانسى قراءة عليه وانا حاضر بشيراز انبأنا عبد العزيز بن منصور الآدمى حدثنا رزق الله بن عبد الوهاب التميمى سمعت أبي أبا الفرج عبد الوهاب يقول سمعت أبي أبا الحسن عبد العزيز يقول سمعت أبي أبا بكر الحرث يقول سمعت أبي أسدا يقول سمعت أبي الليث يقول سمعت أبي سليمان يقول سمعت أبي الأسود يقول سمعت أبي سفيان يقول سمعت أبي يزيد يقول سمعت أبي أكينة يقول سمعت أبي الهيثم يقول سمعت أبي عبد الله يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما اجتمع قوم على ذكر إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة" أخبرنا الحافظ أبو سعيد بن العلائى في كتاب الوشى المعلم قال هذا إسناد غريب جدا ورزق الله كان إمام الحنابلة في زمانه من الكبار المشهورين متقدما في عدة علوم مات سنة ثمانى وثمانين وأربع مائة وأبوه أبو الفرج إمام مشهور أيضا ولكن جده عبد العزيز متكلم فيه كثيرا على إمامته واشتهر بوضع الحديث وبقية آبائه مجهولون لا ذكر لهم في شيء من الكتب أصلا وقد تخبط فيهم عبد العزيز أيضا بالتعبير انتهى. وأكثر ما وقع لنا بتسلسل رواية الأبناء عن الآباء أربعة عشر رجلا من رواية

حدثني أبو المظفر عبد الرحيم بن الحافظ أبي سعد السمعاني بمرو الشاهان عن أبي النضر عبد الرحمن بن عبد الجبار الفاشي قال: سمعت السيد أبا القاسم منصور بن محمد العلوي يقول: الإسناد بعضه عوال وبعضه معال وقول الرجل حدثني أبي عن جدي من المعالي. الثاني: رواية إلابن عن أبيه دون الجد وذلك باب واسع وهو نحو: رواية أبي العشراء الدارمي عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وحديثه معروف. وقد اختلفوا فيه: فإلاشهر أن أبا العشراء هو أسامة بن مالك بن قهطم وهو فيما نقتله من خط البيهقي وغيره: بكسر القاف وقيل: قحطم بالحاء وقيل: هو عطارد بن برز بتسكين الراء وقيل: بتحريكها أيضا وقيل: بن بلز باللام. وفي اسمه واسم أبيه من الخلاف غير ذلك والله أعلم.

_ أبى محمد الحسن بن على قال حدثنى والدى على بن أبى طالب قال حدثنى والدى أبو طالب الحسن بن عبيد الله قال حدثنى والدى عبيد الله بن محمد قال حدثنى محمد بن عبيد الله قال حدثنى والدى عبيد الله بن على قال حدثنى والدى على بن الحسن قال حدثنى والدى الحسن بن الحسين قال حدثنى والدى الحسين بن جعفر أول من دخل بلخ من هذه الطائفة قال حدثنى والدى جعفر بن عبد الله قال حدثنى والدى عبيد الله قال حدثنى والدى الحسين الأصغر قال حدثنى والدى على زين العابدين قال حدثنى والدى الحسين حدثنى والدى على بن أبى طالب رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المجالس بالأمانة رواه الحافظ أبو سعيد بن السمعانى في الذيل قال أنبأنا أبو شجاع عمر ابن أبى الحسن البسطامى الإمام بقراءتى وأبو بكر محمد بن على بن ياسر الجيانى من لفظه قالا حدثنا السيد أبو محمد الحسن بن على بن أبى طالب فذكره. أورده في ترجمة الحسن بن على هذا وقال كان أحد الكبار المشهورين بالجود والسخاء وفعل الخيرات ومحبة أهل العلم والصلاح وداره كانت مجمع الفقهاء والفضلاء إلى أن قال توفي في رجب سنة اثنتين وخمسمائة قلت وفي آبائه من لا يعرف حاله وهذا الحديث من جملة أربعين حديثا منها مناكير والله أعلم.

النوع السادس والأربعون: معرفة من اشترك في الرواية عنه راويان متقدم ومتأخر تباين وقت وفاتيهما تباينا شديدا

النوع السادس والأربعون: معرفة من اشترك في الرواية عنه راويان متقدم ومتأخر تباين وقت وفاتيهما تباينا شديدا فحصل بينهما أمد بعيد. وإن كان المتأخر منهما غير معدود من معاصري إلاول وذوي طبقته. ومن فوائد ذلك تقرير حلاوة علو الإسناد في القلوب وقد أفرده الخطيب الحافظ في كتاب حسن سماه كتاب السابق واللاحق. ومن أمثلته: أن محمد بن إسحاق الثقفي السراج النيسابوري: روى عنه البخاري وإلامام في تاريخه وروى عنه أبو الحسين أحمد بن محمد الخفاف النيسابوري وبين وفاتيهما مائة وسبع وثلاثون سنة أو أكثر وذلك: أن البخاري مات سنة ست وخمسين ومائتين ومات الخفاف سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة وقيل: مات في سنة أربع أو خمس وتسعين وثلاثمائة. وكذلك مالك بن أنس إلامام: حدث عنه الزهري وزكريا بن دويد الكندي وبين وفاتيهما مائة وسبع وثلاثون سنة أو أكثر. إذ مات مالك بن أنس سنة تسع وتسعين ومائة ومات الزهري سنة أربع وعشرين ومائة. ولقد حظي مالك بكثير من هذا النوع والله أعلم.

_ النوع السادس والأربعون. معرفة من اشترك عنه راويان متقدم ومتأخر. "قوله" وكذلك مالك بن أنس الإمام حدث عنه الزهرى وزكريا بن دويد الكندى وبين وفاتيهما مائة وسبع وثلاثون سنة أو أكثر ومات الزهرى سنة أربع وعشرين ومائة انتهى. وقد اعترض على المصنف بأن وفاة زكريا بن دويد هذا لا تعرف لكنه حدث عنه سنة نيف وستين ومائتين وهذا الاعتراض لا يرد عليه لأن المصنف احترز عن ذلك بقوله أو أكثر وإذا كان قد حدث عن مالك سنة نيف وستين ومائتين فأقل ما بينه وبين وفاة الزهرى مائة وسبع وثلاثون سنة كما قال فإن كان تأخر بعد ذلك فقد أشار إليه بقوله

..........................................................................

_ أو أكثر نعم ما كان ينبغى للمصنف أن يمثل بزكريا بن دويد فإنه لا يعرف سماعه من مالك لكونه كذابا وضاعا لكنه حدث عن مالك بل حدث عن بعض شيوخ مالك وهو حميد الطويل بعد سنة ستين ومائتين وحميد توفي إما سنة أربعين ومائة أو سنة ثلاث وأربعين أو ما بينهما ولذلك لم ير الحفاظ روايته عن مالك شيئا وصرح غير واحد من الحفاظ بأن آخر من سمع من مالك أحمد بن إسماعيل أبو حذافة السهمى وبه جزم الحافظان أبو الحجاج المزى في التهذيب وأبو عبد الله الذهبى في العبر وتوفي السهمى سنة تسع وخمسين ومائتين والسهمى وإن كان ضعيفا أيضا ولكنه قد شهد له أبو مصعب بأنه كان معهم في العرض على أيضا ولكنه قد شهد له أبو مصعب بأنه كان معهم في العرض على مالك فقد صح سماعه من مالك بخلاف زكريا ابن دويد وقد ذكره ابن حبان في الضعفاء فقال شيخ يضع الحديث على حميد الطويل كان يدور بالشام ويحدثهم بها ويزعم أن له مائة سنة وخمسة وثلاثين سنة لا يحل ذكره في الكتب إلا على سبيل القدح فيه. وقال صاحب الميزان كذاب ادعى السماع من مالك والثورى والكبار وزعم أن له مائة وثلاثين سنة وذلك بعد الستين ومائتين انتهى ولكن المصنف تبع في ذلك الخطيب فإنه مثل به في كتابه السابق واللاحق وذكره في كتاب أسماه الرواة عن مالك وروى له حديثا عن مالك وسكت عليه فتبعه المصنف والله أعلم.

النوع السابع وإلاربعون: معرفة من لم يرو عنه إلا راو واحد من الصحابة والتابعين فمن بعدهم رضي الله عنهم

النوع السابع وإلاربعون: معرفة من لم يرو عنه إلا راو واحد من الصحابة والتابعين فمن بعدهم رضي الله عنهم. ولمسلم فيه كتاب لم أره ومثاله من الصحابة وهب بن خنبش وهو في كتابي الحاكم وأبي نعيم الأصبهاني في معرفة علوم الحديث هرم بن خنبش وهو رواية داود الأودي عن الشعبي وذلك خطأ صحابي لم يرو عنه غير الشعبي. وكذلك عامر بن شهر وعروة بن مضرس ومحمد بن صفوان الأنصاري

_ النوع السابع والأربعون معرفة من لم يرو عنه إلا راو واحد. "قوله" وكذلك عامر بن شهر وعروة بن مضرس ومحمد بن صفوان الأنصارى

ومحمد بن صيفي الأنصارى وليسا بواحد وإن قاله بعضهم صحابيون لم يرو عنهم غير الشعبى. وانفرد قيس بن أبي حازم بالرواية عن أبيه وعن دكين بن سعيد المزني والصنابح بن إلاعسر ومرداس بن مالك إلاسلمي وكلهم صحابة وقدامة بن عبد الله الكلابي منهم لم يرو عنه غير أيمن بن نابل.

_ ومحمد بن صيفي الأنصارى وليسا بواحد وإن قاله بعضهم صحابيون لم يرو عنهم غير الشعبى انتهى وفيه أمران أحدهما أن عامر بن شهر وإن كان ما روى عنه الحديث الذى يعرف به إلا الشعبى فإن ابن عباس قد روى عنه قصة رواها سيف بن عمر في الردة قال حدثنا طلحة الأعلم عن عكرمة عن ابن عباس قال أول من اعترض على الأسود العنسى وكابره عامر بن شهر الهمداني في ناحيته فهذا عن ابن عباس قد روى هذه القصة عنه وأيضا فهو مشهور في غير الرواية فإنه كان أحد عمال النبى صلى الله عليه وسلم على اليمن ذكره ابن عبد البر وغيره. الأمر الثانى: إن عروة بن مضرس لم ينفرد بالرواية عنه الشعبى فقد روى عنه أيضا ابن عمه حميد بن منهب بن حارثة بن خريم بن أوس بن حارثة بن لأم الطائى ذكره الحافظ أبو الحجاج المزى في التهذيب وتبع المصنف في ذلك الحاكم في علوم الحديث وقد سبقه إلى ذلك على بن المدينى. "قوله" وانفرد قيس بن أبى حازم بالرواية عن أبيه وعن دكين بن سعيد المزنى والصنابح بن الأعسر ومرداس بن مالك الأسلمى وكلهم صحابة انتهى. وفيه أمران: أحدهما: أن الصنابح روى عنه أيضا الحارث بن وهب كما ذكره الطبرانى في أحاديث الصنابح بن الأعسر الأحمسى إلا أنه قال في إسناد حديثه الصنابحى قال أبو نعيم في معرفة الصحابة هو عندى المتقدم يعنى الأحمسي. الأمر الثانى: أن المصنف ذكر قبل هذا تفرد قيس عن مرداس بن مالك الأسلمى وتقدم ذكره لذلك في النوع الثالث والعشرين عند ذكر أقسام المجهول وتقدم أن المزى قال في التهذيب أنه روى عنه أيضا زياد بن علاقة وأن الصواب ما قاله ابن الصلاح فإن الذى روى عنه زياد بن علاقة هو مرداس بن عروة صحابى آخر لا أعلم بين من صنف في الصحابة في ذلك اختلافا والله أعلم.

وفي الصحابة جماعة لم يرو عنهم غير أبنائهم منهم: شكل بن حميد لم يرو عنه غير ابنه شتير ومنهم: المسيب بن حزن القرشي لم يرو عنه غير ابنه سعيد بن المسيب. ومعاوية بن حيدة لم يرو عنه غير ابنه حكيم والد بهز وقرة بن أياس لم يرو عنه غير ابنه معاوية وأبو ليلى الأنصاري لم يرو عنه غير ابنه عبد الرحمن بن أبي ليلى. ثم إن الحاكم أبا عبد الله حكم في المدخل إلى كتاب إلاكليل بأن أحدا من هذا القبيل لم يخرج عنه البخاري ومسلم في صحيحيهما وأنكر ذلك عليه ونقض عليه بإخراج البخاري في صحيحه: حديث قيس بن أبي حازم عن مرداس الأسلمي: يذهب الصالحون الأول فالأول.. ولا راوي له غير قيس وبإخراجه بل بإخراجهما حديث المسيب بن حزن في وفاة أبي طالب مع أنه لا راوي له غير ابنه وبإخراجه حديث الحسن البصري عن عمرو بن تغلب: إني لأعطي الرجل والذي أدع أحب إلي ولم يرو عن عمرو غير الحسن.

_ "قوله" ومعاوية بن حيدة لم يرو عنه غير ابنه حكيم والد بهز انتهى. قلت بل قد روى عنه أيضا عروة بن رويم اللخمى وحميد المزني فأما رواية عروة بن رويم عنه فذكرها المزى في التهذيب وأما رواية حميد المزنى عنه فذكرها ابن أبى حاتم في الجرح والتعديل والمزى أيضا. قوله وأبو ليلى الأنصارى لم يرو عنه غير ابنه عبد الرحمن ابن أبى ليلى انتهى. قلت ذكر المزي في التهذيب أنه روى عنه أيضا عدى بن ثابت قال ولم يدركه وإنما أوردته لذكر المزى لعدى بن ثابت فيمن روى عن أبى ليلى وإلا فروايته عنه مرسلة كما ذكر والله أعلم. "قوله" وبإخراجه أى البخارى حديث الحسن البصرى عن عمرو بن تغلب أنى لأعطى الرحل والذى ادع أحب إلى ولم يرو عن عمرو غير الحسن انتهى.

وكذلك أخرج مسلم في صحيحه حديث رافع بن عمرو الغفاري ولم يرو عنه غير عبد الله بن الصامت وحديث أبي رفاعة العدوي ولم يرو عنه غير حميد بن هلال العدوي. وحديث إلاغر المزني: إنه ليغان على قلبي ... ولم يرو عنه غير أبي بردة في أشياء كثيرة عندهما في كتابيهما على هذا النحو وذلك دال على مصيرهما إلى أن الراوي قد يخرج عن كونه مجهولا مردودا برواية واحد عنه. وقد قدمت هذا في النوع الثالث والعشرين ثم بلغني عن أبي عمر بن عبد البر إلاندلسي وجادة قال: كل من لم يرو عنه إلا رجل واحد فهو عندهم مجهول إلا أن يكون رجلا مشهورا في غير حمل العلم كاشتهار مالك بن دينار بالزهد وعمرو بن معدي كرب بالنجدة. واعلم: أنه قد يوجد في بعض من ذكرنا تفرد راو واحد عنه خلاف في تفرده ومن ذلك: قدامة بن عبد الله ذكر ابن عبد البر أنه روى عنه أيضا حميد بن كلاب والله أعلم.

_ وذكر أبو عمر بن عبد البر أنه روى عنه أيضا الحكم بن الأعرج حكاه المزى في التهذيب عن ابن عبد البر قلت ولا حاجة لإبعاد النجعة في حكايته عن ابن عبد البر فقد حكاه ابن أبى حاتم في الجرح والتعديل وهو من أشهر ما صنف في اسماء الرجال ولكن المصنف تبع في ذلك مسلم بن الحجاج. "قوله" وكذلك أخرج مسلم في صحيحه حديث رافع بن عمرو الغفارى ولم يرو عنه غير عبد الله بن الصامت وحديث أبى رفاعة العدوى ولم يرو عنه غير حميد بن هلال العدوى وحديث الأغر المزنى أنه ليغان على قلبى ولم يرو عنه غير أبى بردة في أشياء كثيرة عندهما في كتابيهما على هذا النحو انتهى. قلت وكل واحد من المذكورين قد روى عنه غير واحد أما رافع بن عمرو فروى عنه أيضا ابنه عمران بن رافع وأبو جبير مولى أخيه الحكم بن عمرو الغفارى فأما

ومثال هذا النوع في التابعين: أبو العشراء الدارمي لم يرو عنه فيما يعلم غير حماد بن سلمة. ومثل الحاكم لهذا النوع في التابعين بمحمد بن أبي سفيان الثقفي وذكر أنه لم يرو عنه غير الزهري فيما يعلم قال: وكذلك تفرد الزهري عن نيف وعشرين رجلا

_ رواية ابنه عمران عنه فذكرها المزى في التهذيب وأما رواية أبى جبير عنه فهى في جامع الترمذى عنه في حديث أنه كان يرمى نخل الأنصار وقال الترمذى إنه حديث حسن صحيح وقد رواه أبو داود وابن ماجه من رواية ابن أبى الحكم الغفارى عن جدته عن عم أبيها رافع بن عمرو فهؤلاء أربعة قد رووا عنه وأما أبو رفاعة العدوى فقد روى عنه أيضا صلة ابن اشيم العدوى وروايته عنه في معجم الطبرانى الكبير أنه كان معه في غزاة وإن أبا رفاعة اصيب فرأى له صلة مناما وقد ذكره المزى في التهذيب فيمن روى عنه. وأما الأغر المزى فروى عنه أيضا عبد الله بن عمر بن الخطاب ومعاوية بن قرة المزنى وروايتهما عنه في المعجم الكبير للطبرانى وذكره المزى في التهذيب أيضا. "قوله" ومثال هذا النوع في التابعين أبو العشراء الدارمى لم يرو عنه فيما نعلم غير حماد بن سلمة انتهى. قلت ذكر تمام بن محمد الرازى في جزء له جمع فيه حديث أبى العشراء رواية غير واحد عنه منهم يزيد بن أبى زياد وعبد الله بن محرر كلاهما روى عنه حديث الزكاة متابعين لحماد بن سلمة والله أعلم. "قوله" ومثل الحاكم لهذا النوع في التابعين بمحمد بن أبى سفيان الثقفي وذكر أنه لم يرو عنه غير الزهرى فيما نعلم انتهى. قلت بل قد روى عنه أيضا ضمرة بن حبيب بن صهيب الزبيدى كما ذكره البخارى في التاريخ وابن أبى حاتم في الجرح والتعديل والمزى في التهذيب وروايته عنه في المعجم الكبير للطبرانى وروى عنه أيضا تميم بن عطية العنسى وأبو عمر الأنصارى ذكره

من التابعين لم يرو عنهم غيره. وكذلك عمرو بن دينار تفرد عن جماعة من التابعين وكذلك يحيى بن سعيد الأنصاري وأبو إسحاق السبيعي وهشام بن عروة وغيرهم. وسمى الحاكم منهم في بعض المواضع فيمن تفرد عنهم: عمرو بن دينار: عبد الرحمن بن معبد وعبد الرحمن بن فروخ وفيمن تفرد عنهم الزهري: عمرو بن أبان بن عثمان وسنان بن أبي سنان الدؤلي. وفيمن تفرد عنهم يحيى عبد الله بن أنيس الأنصاري.

_ المزى في التهذيب. "قوله" نقلا عن الحاكم أنه ذكر فيمن تفرد عنهم الزهرى سنان بن أبى سنان الدؤلى انتهى. قلت قد ذكر الحافظ أبو الحجاج المزى في التهذيب أنه روى عنه أيضا زيد ابن اسلم وكأنه قلد في ذلك ابن ماكولا فإنه هكذا قال في الإكمال إنه روى عنه وعن ابيه أبى سنان والمشهور أن رواية زيد بن اسلم عن أبيه سنان واسمه يزيد بن اميه هكذا ذكره البخارى في التاريخ الكبير قال البخارى وقال زيد بن اسلم حدثنا أبو سنان يزيد بن أميه وكذا ذكر النسائى في الكنى والحاكم أبو أحمد في الكنى في ترجمة أبى سنان والدارقطنى في المؤتلف والمختلف أنه روى عنه زيد بن أسلم. "قوله" نقلا عن الحاكم أيضا أنه ذكر فيمن تفرد عنهم يحيى بن سعيد الأنصاري عبد الله بن أنيس الأنصاري انتهى. قلت قال الخطيب في كتاب المتفق والمفترق عبد الله بن أنيس ثلاثة فذكرهم فالأولان صحابيان والثالث تابعى فلم يذكر هو ولا غيره تفرد يحيى بن سعيد عن واحد من الثلاثة بل ولا روايته عن واحد منهم وقد ذكر البخارى في التاريخ هذا الذى أشار إليه الحاكم فقال عبد الله بن أنيس عن أمه وهى بنت كعب بن مالك خرج النبى صلى الله عليه وسلم على كعب بن مالك وهو ينشد قال ابن وهب أنبأنا عمرو بن الحارث عن يحيى ابن سعيد أن عبد الله بن أنيس حدثه ولم يذكر ابن أبى حاتم في الجرح والتعديل عبد الله بن أنيس هذا فإن كان هذا هو التابعى المذكور في المتفق والمفترق فلم ينفرد عنه يحيى بن سعيد بل تابعه على الرواية عنه زهرة بن معبد وإن كان غيره فكان يلزم الخطيب أن يجعلهم أربعة ولهم أيضا خامس اسمه عبد الله بن أنيس الأنصارى صحابى

ومثل في أتباع التابعين بالمسور بن رفاعة القرظي وذكر أنه لم يرو عنه غير مالك. وكذلك تفرد مالك عن زهاء عشرة من شيوخ المدينة قلت: وأخشى أن يكون الحاكم في تنزيله بعض من ذكره بالمنزلة التي جعله فيها معتمدا على الحسبان والتوهم والله أعلم.

_ روى عنه ابنه عيسى وحديثه عند أبى داود والترمذى وقد فرق بينه وبين عبد الله ابن أنيس الجهنى على بن المدينى وخليفة بن خياط وغيرهما. وذكره أبو موسى المدينى في ذيله على الصحابة وقال في نسبه الزهرى وقد ذكر الطبرانى حديث هذا في حديث عبد الله بن أنيس الجهنى والله أعلم. "قوله" ومثل في اتباع التابعين بالمسور بن رفاعة القرظى وذكر أنه لم يرو عنه غير مالك ثم قال وأخشى أن يكون الحاكم في تنزيله بعض من ذكره بالمنزلة التى جعله فيها معتمدا على الحسبان والتوهم والله أعلم. قلت وما خشيه المصنف هو المتحقق في بعضهم خصوصا المسور بن رفاعة فقد روى عنه جماعة آخرون منهم إبراهيم بن سعد ومحمد بن اسحق كما ذكره ابن أبى حاتم في الجرح والتعديل وذكر ابن حبان في الثقات رواية بن اسحق عنه وكذلك روى عنه عبد الله بن محمد الفروى وروايته عنه في كتاب الأدب للبخارى ومنهم عبد الرحمن ابن عروة وأبو بكر بن عبد الله بن أبى سبرة وداود بن سنان المدينى وإبراهيم بن ثمامة.

النوع الثامن وإلاربعون: معرفة من ذكر بأسماء مختلفة أو نعوت متعددة فظن من لا خبرة له بها أن تلك إلاسماء أو النعوت لجماعة متفرقين

النوع الثامن وإلاربعون: معرفة من ذكر بأسماء مختلفة أو نعوت متعددة فظن من لا خبرة له بها أن تلك إلاسماء أو النعوت لجماعة متفرقين. هذا فن عويص والحاجة إليه حاقة وفيه إظهار تدليس المدلسين فإن أكثر ذلك إنما نشأ من تدليسهم وقد صنف عبد الغني بن سعيد الحافظ المصري وغيره في ذلك. مثاله: محمد بن السائب الكلبي صاحب التفسير هو أبو النضر الذي روى عنه محمد بن إسحاق بن يسار حديث تميم الداري. وعدي بن بداء وهو حماد بن السائب الذي روى عنه أبو أسامة حديث: ذكاة كل مسك دباغه. وهو أبو سعيد الذي يروي عنه عطية العوفي التفسير يدلس به موهما أنه أبو سعيد الخدري. ومثاله أيضا: سالم الراوي عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري وعائشة رضي الله عنهم هو سالم أبو عبد الله المديني وهو سالم مولى مالك بن أوس بن الحدثان النصري وهو سالم مولى شداد بن الهاد النصري وهو في بعض الروايات مسمى بسالم مولى النصريين وفي بعضها بسالم مولى المهدي وهو في بعضها سالم سبلان وفي بعضها: أبو عبد الله مولى شداد بن الهاد وفي بعضها: سالم أبو عبد الله الدوسي وفي بعضها: سالم مولى دوس. ذكر ذلك كله عبد الغني بن سعيد. قلت: والخطيب الحافظ يروي في كتبه عن أبي القاسم إلازهري وعن عبيد الله بن أبي الفتح الفارسي وعن عبيد الله بن أحمد بن عثمان الصيرفي والجميع شخص واحد من مشايخه. وكذلك يروي عن الحسن بن محمد الخلال وعن الحسن بن أبي طالب وعن أبي محمد الخلال والجميع عبارة عن واحد. ويروى أيضا عن أبي القاسم التنوخي وعن علي بن المحسن وعن القاضي أبي القاسم علي بن المحسن التنوخي وعن علي بن أبي علي المعدل والجميع شخص واحد. وله من ذلك الكثير والله أعلم.

النوع التاسع وإلاربعون: معرفة المفردات إلاحاد من أسماء الصحابة ورواة الحديث والعلماء وألقابهم وكناهم

النوع التاسع وإلاربعون: معرفة المفردات الاحاد من أسماء الصحابة ورواة الحديث والعلماء وألقابهم وكناهم. هذا نوع مليح عزيز يوجد في كتب الحفاظ المصنفة في الرجال مجموعا مفرقا في أواخر أبوابها. وأفرد أيضا بالتصنيف وكتاب أحمد بن هارون البرديجي البرذعي المترجم بإلاسماء المفردة من أشهر كتاب في ذلك. ولحقه في كثير منه اعتراض واستدراك من غير واحد من الحفاظ منهم أبو عبد الله بن بكير. فمن ذلك ما وقع في كونه ذكر أسماء كثيرة على أنها آحاد وهي مثان ومثالث. وأكثر من ذلك وعلى ما فهمناه من شرطه لا يلزمه ما يوجد من ذلك في غير أسماء الصحابة والعلماء ورواة الحديث ومن ذلك أفراد ذكرها اعترض عليه فيها بأنها ألقاب لا أسامي منها: إلاجلح الكندي إنما هو لقب لجلحة كانت به واسمه يحيى ويحيى كثير. ومنها صغدي بن سنان اسمه عمر وصغدي لقب ومع ذلك فلهم صغدي غيره. وليس يرد هذا على ما ترجمت به هذا النوع والحق أن هذا فن يصعب الحكم فيه والحاكم فيه على خطر من الخطأ وإلانتقاض فإنه حصر في باب واسع شديد إلانتشار.

_ النوع التاسع والأربعون- معرفة المفردات. "قوله" ومنها صغدى بن سنان اسمه عمر وصغدى لقب ومع ذلك فلهم صغدى غيره انتهى. والمشهور الذى ذكره الجمهور أن صغديا اسمه لا لقبه هكذا سماه ابن أبى حاتم في الجرح والتعديل وابن حبان في تاريخ الضعفاء وابن عدى في الكامل والسمعانى في

فمن أمثلة ذلك المستفادة: أحمد بن عجيان الهمداني بالجيم صحابي ذكره أبو يونس: وعجيان كنا نعرفه بالتشديد على وزن عليان. ثم وجدته بخط ابن الفرات وهو حجة عجيان بالتخفيف على وزن سفيان. أوسط بن عمرو البجلي تابعي. تدوم بن صيبح الكلاعي عن تبيع بن عامر الكلاعي ويقال فيه: يدوم بالياء وصوابه بالتاء المثناة من فوق. جبيب بن الحارث صحابي بالجيم وبالباء الموحدة المكررة. جيلان بن فروة بالجيم المكسوة أبو الجلد إلاخباري تابعي.

_ الأنساب وصرح بأنه اسم له فقال هذه الكلمة وردت في الأنساب والأسماء فأما في الأسماء فأبو يحيى صغدى بن سنان العقيلى بصرى وهو ضعيف إلى آخر كلامه وأما القول بأنه لقب له وأن اسمه عمر فحكاه العقيلى في تاريخ الضعفاء بصيغة التمريض فقال صغدى بن سنان أبو معاوية العقيلى يقال اسمه عمر ثم قال ومن حديثه ما حدثناه محمد بن على المروزى حدثنا محمد بن مرزوق جار هدبة قال حدثنا صغدى بن سنان اسمه عمر يلقب صغدى فذكر له حديثا وقال لا يتابع عليه بهذا الإسناد ولا على شئ من حديثه انتهى. وتبعه الدارقطنى فقال في الضعفاء اسمه عمر وكذا سماه الشيرازى في الألقاب إلا أنه ذكره في باب السين سعدى وفي الضعفاء لابن الجوزى اسمه عمرو وتبع ابن الجوزى أيضا العقيلى في أن كنيته أبو معاوية وهكذا كناه ابن عدى في الكامل والشيرازى في الألقاب والمشهور أن كنيته أبو يحيى كذا كناه ابن أبى حاتم في الجرح والتعديل والسمعانى في الأنساب. ولم أر من ذكره في الكتب المصنفة في معرفة الكنى بشئ من الكنى كمسلم والنسائى وأبى أحمد الحاكم وأبى بشر الدولابى وأبى عمر بن عبد البر والله أعلم. وأما كونه ليس فردا وأن لهم بهذا الاسم غيره فهو كذلك منهم صغدى الكوفي غير منسوب لأبيه قال فيه يحيى بن معين ثقة وذكره ابن أبى حاتم في الجرح والتعديل ولهم ثالث وهو صغدى بن عبد الله ذكره العقيلى في الضعفاء وروى له من رواية عنبسة بن عبد الرحمن أحد الضعفاء عنه عن قتادة عن أنس مرفوعا الشاء بركة قال العقيلى حديثه غير محفوظ ولا يعرف إلا به

الدجين بن ثابت بالجيم مصغرا أبو الغصن قيل: إنه جحا المعروف والأصح أنه غيره. زر بن حبيش التابعي الكبير.

_ "قوله" الدجين بن ثابت بالجيم مصغرا أبو الغصن قيل إنه جحا المعروف والأصح أنه غيره وفيه أمران أحدهما ما ذكره المصنف من أنه فرد هو الذى ذكره البخارى فى التاريخ الكبير وابن أبى حاتم فى الجرح والتعديل وغيرهما وخالف فى ذلك ابن عدى فى الكامل فذكره فى الثانى فقال اسمه دجين بن ثابت أبو الغصن اليربوعى البصرى ثم قال دجين العرينى ثم روى عن يحيى بن معين قال حدث ابن المبارك عن شيخ يقال له الدجين العرينى وهو ضعيف قال ابن عدى وهذا الذى قاله يحيى أن دجين العرينى روى عنه ابن المبارك هو عندى الدجين بن ثابت كما قال البخارى الدجين بن ثابت روى عنه ابن المبارك وتبعه صاحب الميزان فى إيراد الترجمتين ثم قال بعد ذكر الثانى أراه الأول. الأمر الثانى: أن ما صححه المصنف من أن الدجين بن ثابت غير جحا جزم الشيرازى فى الألقاب بخلافه فقال جحا الدجين بن ثابت وروى ذلك أيضا عن يحيى بن معبن ولكن الذى صححه المصنف هو الذى اختاره ابن عدى وابن حبان قال ابن عدى حدثنا ابن قتيبة حدثنى محمد بن محمد الرومى حدثنا يوسف بن بحر سمعت يحيى بن معين يقول الدجين بن ثابت أبو الغصن صاحب حديث عمر من كذب على متعمدا هو جحا قال ابن عدى فهذه الحكاية التى حكيت عن يحيى أن الدجين هذا هو جحا أخطأ عليه من حكاه عنه لأن يحيى أعلم بالرجال من أن يقول هذا والدجين ابن ثابت إذا روى عنه ابن المبارك ووكيع وعبد الصمد ومسلم بن إبراهيم وغيرهم هؤلاء أعلم بالله من أن يرووا عن جحا والدجين أعرابى وقال ابن حبان فى تاريخ الضعفاء فى ترجمة الدجين بن ثابت وهو الذى يتوهم أحداث أصحابنا أنه جحا وليس كذلك انتهى وذكر الجاحظ أن اسم جحا نوح والله أعلم. "قوله" زر بن حبيش التابعى الكبير وفيه نظر فإن زر بن حبيش ليس فردا ولهم غير واحد يسمون هكذا منهم زر بن عبد الله بن كليب الفقيمى قال الطبرانى

سعير بن الخمس انفرد في اسمه واسم أبيه. سندر الخصي مولى زنباع الجذامي له صحبة.

_ له صحبة وهو من المهاجرين وهو من أمراء الجيوش فتح خوزستان ذكره أبو موسى المدينى فى ذيله فى الصحابة على بن منده وكذلك ذكره ابن فتحون فى ذيله على الاستيعاب وقال وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم مهاجرا ودعا له النبى صلى الله عليه وسلم وأمره عمر رضى الله عنه على قتال جند نيسابور ذكره سيف والطبرى. ومنهم زر بن إربد بن قيس بن لبيد بن ربيعة وزر بن محمد الثعلبى أحد بنى ثعلبة ابن سعد بن ذبيبان بن بغيض وقد ذكر ابن ماكولا الثلاثة المذكورين فى الإكمال. وقال فى كل منهم أنه شاعر وفى هذا جواب على المصنف فإنه ترجم هذا النوع بالمفردات الآحاد من أسماء الصحابة ورواة الحديث والعلماء فخرج بذلك الشعراء الذين لا صحبة لهم فيرد عليه الأول فقط لأنه صحابى وأجاب بعض المتأخرين أن مثل هذا لا يرد على البرديجى إنما يرد عليه ما ورد من الأسماء من طبقة ذلك الذى سماه إما من الصحابة أو التابعين كذا قال وفيه نظر وهو وارد على المصنف قطعا لأنه لم يقيد ذلك بطبقة والله أعلم. قوله سعير بن الخمس انفرد فى اسمه واسم أبيه انتهى وليس سعير فردا. وقد ذكر غير واحد فى الصحابة اثنين بهذا الاسم أحدهما سعير بن عداء البكائى ذكره الباوردى فى الصحابة وأن النبى صلى الله عليه وسلم كتب له من محمد رسول الله إلى سعير بن عداء إنى أحضرتك الرخيج وجعلت لك فضل ابن السبيل أورده ابن فتحون فى ذيله على الاستيعاب وذكره ابن منده وأبو نعيم أيضا إلا أنهم لم ينسباه البكائى ونسباه القريعى وقالا يعد فى الحجازيين. والثانى سعير بن سوادة العامرى أتى النبى صلى الله عليه وسلم ذكره ابن منده وأبو نعيم فى الصحابة قال أبو نعيم وقيل هو سفيان بن سوادة والله أعلم. "قوله" سندر الخصى مولى زنباع الجذامى له صحبة انتهى اعترض عليه بأن فى الصحابة اثنين بهذا الاسم أحدهما سندر هذا يكنى أبا عبد الله ذكره ابن منده وأبو نعيم وابن عبد البر والثانى سندر يكنى أبا الأسود ذكره وأبو موسى المدينى فى ذيله فى الصحابة

شكل بن حميد الصحابي بفتحتين شمعون بن زيد أبو ريحانة بالشين المنقوطة والعين المهملة ويقال: بالغين المعجمة. قال أبو سعيد بن يونس: وهو عندي أصح أحد الصحابة الفضلاء صدي بن عجلان أبو أمامة الصحابي. صنابح بن إلاعسر الصحابي ومن قال فيه: صنابحي فقد أخطأ ضريب بن نقير بن سمير بالتصغير فيها كلها أبو السليل القيسي البصري. روى عن معاذة العدوية وغيرها. ونقير أبوه بالنون والقاف وقيل: بالفاء وقيل بالفاء واللام نفيل.

_ على ابن منده وذكر له حديث أسلم سالمها الله الحديث وهذا يقتضى أنه عند أبى موسى آخر والجواب عنه أن الصواب أنهما واحد وكنيته أبو الأسود كما كناه البخارى فى التاريخ الكبير وابن أبى حاتم فى الجرح والتعديل والنسائى فى الكنى وغيرهم وإنما كناه من كناه بأبى عبد الله كما فعل الطبرانى فى المعجم الكبير بابنه عبد الله الذى روى عنه أحد الحديثين وهو قد نزل مصر وإنما روى عنه الحديث الذى ذكره أبو موسى أهل مصر وقد قال الحافظ أبو عبيد الله محمد بن الربيع الجيزى فى كتاب له جمع فيه حديث من دخل مصر من الصحابة فى ترجمة سندر ولأهل مصر عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم حديثان لا أعلم له غيرهما ثم روى له الحديثين معا وقال أبو الحسن بن الأثير الجزرى يغلب على ظنى أنهما واحد ودليله أنهما من أهل مصر انتهى. "قوله" صنابح بن الأعسر الصحابى ومن قال فيه صنابحى فقد أخطأ انتهى. اعترض عليه بأن أبا نعيم ذكر له الصحابة آخر اسمه صنابح وكذلك ذكره أبو موسى المدينى فى ذيله على ابن منده وذكرا له حديثا متنه لا تزال هذه الأمة فى مسكة من دينها ما لم يكلوا الجنايز إلى أهلها والجواب أن أبا نعيم بعد أن أورده قال هو عندى المتقدم أورده بعض المتأخرين ترجمة انتهى. وقد تقدم أن الذكر الحديث فى المعجم الكبير فى ترجمة الصنابح بن الأعسر ولكنه قال فى المسند الصنانجي بالياء آخر الحروف وانصاب؟ حذفها كما ذكره المصنف والله أعلم.

عزوان بن زيد الرقاشي بعين غير معجمة عبد صالح تابعي قرثع الضبي بالثاء المثلثة. كلدة بن حنبل بفتح اللام صحابي. لبي بن لبا إلاسدي الصحابي باللام فيهما وإلاول مشدد مصغر على وزن أبي والثاني مخفف مكبر على وزن عصا فاعلمه فإنه يغلط فيه. مستمر بن الريان رأى أنسا نبيشة الخير صحابي.

_ "قوله" عزوان بن زيد الرقاشى بعين غير معجمة عبد صالح تابعى انتهى. اعترض عليه بأن لهم عزوان آخر لم ينسب تابعى أيضا ذكره ابن ماكولا فى الإكمال بعد ذكر الأول وقال إنه من أصحاب أبى موسى روى عن أنس بن مالك قال ما أصنع بالضحك والجواب أن ابن ماكولا بعد أن ذكره قال لعله ابن زيد الذى قبله انتهى. وكذلك لم يذكره الدارقطنى بل اقتصر على الأول وكذلك ذكره البخارى فى التاريخ الكبير وابن أبى حاتم فى الجرح والتعديل فى الإفراد قلت ولا يعرف له رواية وإنما روى عنه شئ من قوله كما أشار إليه البخارى وابن أبى حاتم وذكر الدارقطنى فى المؤتلف والمختلف عن السرى بن يحيى أن عزوان الرقاشى كان يختلف إلى مجلس ثابت مجلس القصص. "قوله" المستمر بن الريان رأى أنسا انتهى وليس المستمر هذا فردا فإن لهم المستمر التاحى وكلاهما بصرى وهو والد إبراهيم بن المستمر العروقى روى له ابن ماجه حديثا رواه عن أبيه إبراهيم بن المستمر العروقى عن أبيه المستمر عن عيسى بن ميمون عن عون بن أبى شداد عن أبى عثمان النهدى عن سلمان الفارسى قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من غدا إلى صلاة الصبح غدا براية الإيمان" الحديث قال صاحب الميزان انفرد عنه ابنه إبراهيم. "قوله" نبيشة الخير صحابى انتهى وليس نبيشة فردا فإن لهم نبيشة آخر صحابى أورده ابن منده وأبو نعيم فى الصحابة وتوفى فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم وهو الذى

نوف البكالي من بكال بطن من حمير بكسر الباء وتخفيف الكاف وغلب على ألسنة أهل الحديث فيه فتح الباء وتشديد الكاف وابصة بن معبد الصحابي. هبيب بن مغفل مصغر بالباء الموحدة المكررة صحابي ومغفل بالغين المنقوطة الساكنة. همذان بريد عمر بن الخطاب ضبطه ابن بكير وغيره: بالذال المعجمة وضبطه بعض من ألف على كتاب البرديجي: بالدال المهملة وإسكان الميم. وأما الكنى المفردة فمنها: أبو العبيدين مصغر مثنى واسمه معاوية بن سبرة من أصحاب ابن مسعود له حديثان أو ثلاثة أبو العشراء الدارمي وقد سبق.

_ روى أنه سمع النبى صلى الله عليه وسلم رجلا يلبى عنه والحديث رواه الدارقطنى والبيهقى من حديث ابن عباس قال سمع النبى صلى الله عليه وسلم رجلا يلبى عن نبيشة فقال: "أيها الملبى عن نبيشة هذه عن نبيشة فاحجج عن نفسك" ولهم شيخ آخر اسمه نبيشة ابن أبى السلمى روى عنه رشيد أبو موهب ذكره ابن أبى حاتم فى الجرح والتعديل وقال سمعت أبى يقول إنه مجهول انتهى. ويجاب عن المصنف بأنه تبع فى ذلك البخارى فإنه ذكر نبيشة الخير فى التاريخ الكبير فى الإفراد وأما نبيشة المذكور فى الحج فإنه لا يصح حديثه انفرد به الحسن بن عمارة وهو متروك الحديث والمعروف من حديث ابن عباس لبيك عن شبرمة وقد رواه الحسن بن عمارة أيضا هكذا مثل رواية غيره رواه الدارقطنى والبيهقى أيضا قال الدارقطنى هذا هو الصحيح عن ابن عباس والذى قبله وهم يقال أن الحسن بن عمارة كان يرويه ثم رجع عنه إلى الصواب فحدث به على الصواب موافقا لرواية غيره عن ابن عباس وهو متروك الحديث على كل حال انتهى فأما نبيشة الثالث فهو مجهول كما تقدم. "قوله" نوف البكلى تابعى انتهى وليس نوفى فردا فأما نوف هذا فهو نوف بن فضالة كذا نسبه البخارى وابن أبى حاتم وابن حبان وغيرهم وهو ابن امرأة كعب الأحبار وله ذكر فى الصحيحين فى حديث ابن عباس عن أبى فى قصة الخضر مع موسى عليهما السلام وأما نوف الآخر فهو نوف بن عبد الله روى عن على بن أبى طالب قصة طويلة

أبو المدلة بكسر الدال المهملة وتشديد اللام ولم يوقف على اسمه. روى عنه إلاعمش وابن عيينة وجماعة ولا نعلم أحدا تابع أبا نعيم الحافظ في قوله: إن اسمه عبيد الله بن عبد الله المدني أبو مراية العجلي عرفناه بضم الميم وبعد إلالف ياء مثناة من تحت واسمه عبد الله بن عمرو تابعي روى عنه قتادة أبو معيد مصغر مخفف الياء حفص بن غيلان الهمداني روى عن مكحول وغيره.

_ ذكر ابن أبى حاتم منها قال بت مع على بن أبى طالب فقال يا نوف أنائم أنت أم رامق روى عنه سالم بن أبى حفصة وفرقد السبخي وقد ذكر ابن حبان الترجمتين معا في ثقات التابعين. وقد قيل إن لهم ثالثا اسمه نوف بن عبد الله أيضا قال ابن أبى حاتم فى الجرح والتعديل كأن البخاري جعل نوف بن عبد الله اسمين فسمعت أبى يقول هما واحد وكتب بخطه ذلك انتهى قلت ولم يذكر البخاري فى التاريخ الكبير غير نوف بن فضالة البكالي في الأفراد فلا أدرى أين ذكر البخاري نوف بن عبد الله اثنين والله أعلم. "قوله" أبو المدلة بكسر الدال المهملة وتشديد اللام وروى عنه الأعمش وابن عيينة وجماعة ولا نعلم أحدا تابع أبا نعيم الحافظ فى قوله أن اسمه عبيد الله بن عبد الله المدني انتهى. وفيه أمران أحدهما أن قوله روى عنه الأعمش وابن عيينة وجماعة وهم عجيب ولم يرو عن أبى المدلة واحد من المذكورين أصلا وقد انفرد بالرواية عنه أبو مجاهد الطائى واسمه سعد هذا مالا أعلم فيه خلافا بين أهل الحديث ولم يذكر له ابن أبى حاتم فى الجرح والتعديل وابن حبان فى الثقات وأبو أحمد الحاكم فى الكنى وغيرهم ممن صنف فى أسماء الرجال فيما وقفت عليه راويا غير سعد أبى مجاهد الطائى وصرح بذلك على بن المدينى فقال أبو مدلة مولى عائشة لا يعرف اسمه مجهول لم يرو عنه غير أبى مجاهد وسبب هذا الوهم الذى وقع للمصنف أنه اشتبه عليه ذلك بأبي مجاهد الذى روى عن أبى مدلة فإنه روى عنه الأعمش وسفيان بن عيينة وآخرون وليس أبو مجاهد من أفراد الكنى فإن لهم جماعة يكنون بأبى مجاهد والله أعلم.

وأما الإفراد من إلالقاب فمثالها: سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصحابة لقب فرد واسمه مهران على خلاف فيه. مندل بن علي وهو بكسر الميم. روى عن الخطيب وغيره ويقولونه كثيرا بفتحها وهو لقب واسمه عمرو. سحنون بن سعيد التنوخي القيرواني صاحب المدونة على مذهب مالك لقب فرد واسمه عبد السلام ومن ذلك مطين الحضرمي ومشكدانة الجعفي في جماعة آخرين سنذكرهم في نوع إلالقاب إن شاء الله تعالى والله أعلم.

_ الأمر الثانى: أن أبا نعيم لم ينفرد بتسميته عبيد الله بن عبد الله بل كذلك سماه ابن حبان فى الثقات وجزم أبو أحمد الحاكم فى الكنى بأنه أخو سعيد بن يسار. وروى بإسناده عن البخارى أنه قال أبو مدلة صاحب عائشة قال خلاد بن يحيى عن سعدان الجهنى عن سعد الطائى عن أبى مدلة أخى سعيد بن يسار قال وقال الليث بن سعد أبو مزيد ولا يصح. قلت والمعروف أن أخا سعيد بن يسار إنما هو مزرد لا أبو مدلة وهو أيضا من الأفراد فى الكنى. واسم أبى مزرد عبد الرحمن بن يسار كما ذكره أحمد بن صالح وأبو أحمد الحاكم فى الكنى وبه جزم المزى فى التهذيب وهو والد معاوية بن أبى مزرد أحد من احتج به الشيخان والله أعلم. "قوله" مندل بن على هو بكسر الميم عن الخطيب وغيره ويقولونه كثيرا بفتحها انتهى. قلت قال الحافظ أبو الفضل محمد بن ناصر الصواب فيه فتح الميم كذا نقلته من خط الحافظ أبى الحجاج يوسف بن خليل أنه نقله من خط ابن ناصر.

النوع الموفي خمسين: معرفة إلاسماء والكنى

النوع الموفي خمسين: معرفة إلاسماء والكنى. كتب إلاسماء والكنى كثيرة منها: كتاب علي بن المديني وكتاب مسلم وكتاب النسائي وكتاب الحاكم الكبير أبي أحمد الحافظ. ولابن عبد البر في أنواع منه كتب لطيفة رائقة والمراد بهذه الترجمة بيان أسماء ذوي الكنى. والمصنف في ذلك يبوب كتابه على الكنى مبينا أسماء أصحابها وهذا فن مطلوب لم يزل أهل العلم بالحديث يعنون به ويتحفظونه ويتطارحونه فيما بيهم ويتنقصون من جهلة. وقد ابتكرت فيه تقسيما حسنا فأقول: أصحاب الكنى فيها على ضروب: أحدها: الذين سموا بالكنى فأسماؤهم كناهم لا أسماء لهم غيرها وينقسم هؤلاء إلى قسمين: أحدهما: من له كنية أخرى سوى الكنية التي هي اسمه فصار كأن للكنية كنية وذلك طريف عجيب. وهذا: كأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي أحد فقهاء المدينة السبعة. وكان يقال له راهب قريش اسمه أبو بكر وكنيته أبو عبد الرحمن. وكذلك: أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري يقال: إن اسمه أبو بكر وكنيته أبو محمد ولا نظير لهذين في ذلك قاله الخطيب. وقد قيل: إنه لا كنية لابن حزم غير الكنية التي هي اسمه. الثاني من هؤلاء: من لا كنية له غير الكنية التي هي اسمه. مثاله: أبو بلال إلاشعري الراوي عن شريك وغيره روي عنه أنه قال:

_ النوع الموفى خمسين معرفة الأسماء والكنى "قوله" وهذا كأبى بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومى أحد فقهاء المدينة السبعة وكان يقال له راهب قريش اسمه أبو بكر وكنيته أبو عبد الرحمن انتهى

ليس لي اسم اسمي وكنيتي واحد وهكذا أبو حصين بن يحيى بن سليمان الرازي بفتح الحاء. روى عنه جماعة منهم أبو حاتم الرازي وسأله: هل لك اسم؟ فقال: لا اسمي وكنيتي واحد. الضرب الثاني: الذين عرفوا بكناهم ولم يوقف على أسمائهم ولا على حالهم فيها هل هي كناهم أو غيرها. مثاله من الصحابة: أبو أناس بالنون الكناني ويقال: الدئلي من رهط أبي إلاسود الدئلي ويقال فيه: الدؤلي بالضم والهمزة مفتوحة في النسب عند بعض أهل العربية ومكسورة عند بعضهم على الشذوذ فيه وأبو مويهبة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو شيبة الخدري الذي مات في حصار القسطنطينية ودفن هناك مكانه. ومن غير الصحابة: أبو إلابيض الراوي عن أنس بن مالك أبو بكر بن نافع مولى ابن عمر روى عنه مالك وغيره.

_ وهذا الذى جزم به المصنف من أن اسمه أبو بكر وكنيته أبو عبد الرحمن قول ضعيف رواه البخارى فى التاريخ عن سمى مولى أبى بكر بن عبد الرحمن وفيه قولان آخران أحدهما أن اسمه محمد وكنيته أبو بكر وهو الذى ذكره البخارى فى التاريخ فى المحمدين. وذكر من رواية شعيب ويونس ومعمر وصالح عن الزهرى أنه سماه كذلك ثم ذكر فى آخر الترجمة قول سمى المتقدم والقول الثالث وهو الصحيح أن اسمه كنيته وبهذا جزم ابن أبى حاتم فى الجرح والتعديل وابن حبان فى الثقات وقال المزى فى التهذيب إنه الصحيح. "قوله" ومن غير الصحابة أبو الأبيض الراوى عن أنس بن مالك انتهى. وما ذكره المصنف من أن أبا الأبيض لا يعرف اسمه مخالف لما ذكره ابن أبى حاتم فى الكنى فإنه قال فى كتاب له مفرد فى الكنى أن اسمه عيسى وقال فى الجرح والتعديل

أبو النجيب مولى عبد الله بن عمرو بن العاص بالنون المفتوحة في أوله وقيل: بالتاء المضمومة اثنتين من فوق أبو الحرب بن أبي إلاسود الدئلي. أبو حريز الموقفي والموقف محلة بمصر. روى عنه ابن وهب وغيره والله أعلم.

_ فى باب تسمية من اسمه عيسى ممن لا ينسب عيسى بن الأبيض العنسى يروى عن أنس ابن مالك روى عنه ربعى بن حراش وإبراهيم بن أبى عبلة هكذا ذكر فى الأسماء منه. ثم قال فى أواخر الكتاب فى ذكر من روى عنه العلم ممن عرف بالكنى ولا يسمى فى باب الافراد من الكنى من باب الألف أبو الأبيض روى عن أنس بن مالك روى منصور بن المعتمر عن ربعى بن حراش عنه سمعت أبى يقول ذلك سئل أبو زرعة عن أبى الأبيض الذى يروى عن أنس فقال لا يعرف اسمه انتهى وهذا مخالف لما قاله فى الأسماء ومخالف لما ذكره فى كتاب الكنى المفردة ولم أر أحدا ممن صنف فى الكنى أن اسمه عيسى ولا ذكروا له اسما آخر وقد أجاب أبو القاسم بن عساكر فى تاريخ دمشق عن هذا الاضطراب الذى وقع فيه ابن أبى حاتم بل قال لعل ابن أبى حاتم وجد فى بعض رواياته أبو الأبيض عنسى فتصحف عليه بعيسى والله أعلم. "قوله" أبو النجيب مولى عبد الله بن عمرو بن العاص بالنون المفتوحة فى أوله وقيل بالتاء المضمومة باثنتين من فوق انتهى. وفيه أمران أن أحدهما أبا النجيب المذكور ليس هو مولى عبد الله بن عمرو ابن العاص وإنما هو مولى عبد الله بن سعد بن أبى سرح كما ذكره ابن يونس فى تاريخ مصر وابن حبان فى الثقات وابن ماكولا فى الإكمال وعبد الكريم الحلبى فى تاريخ مصر وبه جزم المزى فى التهذيب ولا أعلم بينهم فى ذلك اختلافا. الأمر الثانى أن ذكر المصنف لأبا النجيب هذا فيمن لا يعرف اسمه ليس بجيد فقد روى أبو عمر الكندى فى موالى أهل مصر بإسناده إلى عمرو بن سواد أن اسم أبا النجيب ظليم وبه جزم بن ماكولا فى الإكمال فى موضعين من كتابه فى باب الباء الموحدة وفى باب الظاء المعجمة بأنه ظليم بفتح الظاء المعجمة وكسر اللام وبه جزم عبد الكريم فى تاريخ مصر وحكاه قبل ذلك يونس فى تاريخ مصر فقال يقال أن اسمه ظليم ولم يصح انتهى فكان ينبغى للمصنف أن يمثل بمن لم يذكر له اسم أصلا وفى قول لبعض العلماء والله أعلم

الضرب الثالث: الذين لقبوا بالكنى ولهم غير ذلك كنى وأسماء. مثاله علي بن أبي طالب رضي الله عنه يلقب بأبي تراب ويكنى أبا الحسن. أبو الزناد عبد الله بن ذكوان كنيته أبو عبد الرحمن وأبو الزناد لقب. وذكرالحافظ أبو الفضل الفلكي فيما بلغنا عنه: أنه كان يغضب من أبي الزناد وكان عالما مفتنا. أبو الرجال محمد بن عبد الرحمن الأنصاري كنيته أبو عبد الرحمن وأبو الرجال لقب لقب به لأنه كان له عشرة أولاد كلهم رجال. أبو تميلة بتاء مضمومة مثناة من فوق يحيى بن واضح الأنصاري المروزي يكنى أبا محمد وأبو تميلة لقب. وثقه يحيى بن معين وغيره وأنكر أبو حاتم الرازي على البخاري إدخاله إياه في كتاب الضعفاء أبو إلاذان الحافظ عمر بن إبراهيم يكنى أبا بكر وأبو إلاذان لقب لقب به لأنه كان كبير الأذنين. أبو الشيخ إلاصبهاني عبد الله بن محمد الحافظ كنيته أبو محمد وأبو الشيخ لقب أبو حازم العبدوي الحافظ عمر بن أحمد كنيته أبو حفص وأبو حازم لقب وإنما استفدناه من كتاب الفلكي في إلالقاب والله أعلم. الضرب الرابع: من له كنيتان أو أكثر مثال ذلك عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج كانت له كنيتان: أبو خالد وأبو الوليد عبد الله بن عمر بن حفص العمري أخو عبيد الله روي أنه كان يكنى أبا القاسم فتركها واكتنى أبا عبد الرحمن وكان لشيخنا منصور بن أبي المعالي النيسابوري حفيد الفراوي ثلاث كنى: أبو بكر وأبو الفتح وأبو القاسم والله أعلم. الضرب الخامس: من اختلف في كنيته فذكر له على إلاختلاف كنيتان أو أكثر واسمه معروف. ولعبد الله بن عطاء إلابراهيمي الهروي من المتأخرين فيه مختصر مثاله: أسامة بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل: كنيته

أبو زيد. وقيل: أبو محمد وقيل: أبو عبد الله وقيل: أبو خارجة. أبي بن كعب أبو المنذر وقيل: أبو الطفيل قبيصة بن ذويب أبو إسحاق وقيل: أبو سعيد. القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق أبو عبد الرحمن وقيل: أبو محمد. سليمان بن بلال المدني أبو بلال وقيل: أبو محمد وفي بعض من ذكر في هذا القسم من هو في نفس إلامر ملتحق بالضرب الذي قبله والله أعلم. الضرب السادس: من عرفت كنيته واختلف في اسمه. مثاله من الصحابة أبو بصرة الغفاري على لفظ البصرة البلدة قيل: اسمه جميل بن بصرة بالجيم وقيل حميل بالحاء المهملة المضمومة وهو الأصح أبو جحيفة السوائي قيل: اسمه وهب بن عبد الله وقيل: وهب الله بن عبد الله. أبو هريرة الدوسي اختلف في اسمه واسم أبيه اختلاف كثير جدا لم يختلف مثله في اسم أحد في الجاهلية وإلاسلام. وذكر ابن عبد البر: أن فيه نحو عشرين قولة في اسمه واسم أبيه وأنه لكثرة إلاضطراب لم يصح عنده في اسمه شيء يعتمد عليه إلا أن عبد الله أو عبد الرحمن هو الذي يسكن إليه القلب في اسمه في إلاسلام. وذكر عن محمد بن إسحاق: أن اسمه عبد الرحمن بن صخر. قال: وعلى

_ "قوله" سليمان بن بلال المدنى أبو بلال وقيل أبو محمد انتهى. وفيما صدر به المصنف كلامه عن تكنيته بأبى بلال نظر فإنى لم أجد أحدا ممن صنف فى أسماء الرجال كناه بذلك والمعروف إنما هو أبو أيوب وبه جزم البخارى فى التاريخ الكبير وابن أبى حاتم فى الجرح والتعديل والنسائى فى الكنى وبه صدر ابن حبان فى الثقات كلامه والذين حكوا الخلاف فى كنيته اقتصروا على قولين إما أيوب وإما أبو محمد كذا فى ثقات ابن حبان والتهذيب للمزى والأول أشهر كنى بابنه أيوب ابن سليمان بن بلال والله أعلم.

هذا اعتمدت طائفة ألفت في إلاسماء والكنى قال وقال أبو أحمد الحاكم: أصح شيء عندنا في اسم أبي هريرة عبد الرحمن بن صخر. ومن غير الصحابة: أبو بردة بن أبي موسى إلاشعري أكثرهم على أن اسمه عامر وعن ابن معين: أن اسمه الحارث أبو بكر بن عياش راوي قراءة عاصم اختلف في اسمه على أحد عشر قولا قال ابن عبد البر: إن صح له اسم فهو شعبة لا غير وهو الذي صححه أبو زرعة. قال ابن عبد البر: وقيل: اسمه كنيته وهذا أصح إن شاء الله لأنه روي عنه أنه قال: ما لي اسم غير أبي بكر والله أعلم. السابع: من اختلف في كنيته واسمه معا وذلك قليل مثاله: سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل: اسمه عمير وقيل: صالح وقيل: مهران وكنيته أبو عبد الرحمن وقيل: أبوالبختري والله أعلم. الثامن: من لم يختلف في كنيته واسمه وعرفا جميعا واشتهرا ومن أمثلته: أئمة المذاهب ذوو أبي عبد الله مالك ومحمد بن إدريس الشافعي وأحمد بن حنبل وسفيان الثوري وأبو حنيفة النعمان بن ثابت في خلق كثير. التاسع: من اشتهر بكنيته دون اسمه واسمه مع ذلك غير مجهول عند أهل العلم بالحديث. ولابن عبد البر تصنيف مليح فيمن بعد الصحابة منهم. مثاله: أبو إدريس الخولاني اسمه عايذ الله بن عبد الله. أبو إسحاق السبيعي اسمه عمرو بن عبد الله. أبو إلاشعث الصنعاني من صنعاء دمشق اسمه شراحيل بن آده بهمزة ممدودة بعدها دال مهملة مفتوحة مخففة ومنهم من شدد الدال ولم يمده. أبو الضحى مسلم بن صبيح بضم الصاد المهملة أبو حازم إلاعرج الزاهد الراوي عن سهل بن سعد وغيره اسمه سلمة بن دينار ومن لايحصى والله أعلم.

النوع الحادي والخمسون: معرفة كني المعروفين بإلاسماء دون الكنى

النوع الحادي والخمسون: معرفة كني المعروفين بإلاسماء دون الكنى. وهذا من وجه ضد النوع الذي قبله ومن شأنه أن يبوب على إلاسماء ثم كناها بخلاف ذاك. ومن وجه آخر: يصلح لأن يجعل قسما من أقسام ذاك من حيث كونه قسما من أقسام أصحاب الكنى وقل من أفرده بالتصنيف وبلغنا أن لأبي حاتم بن حبان البستي فيه كتابا ولنجمع في التمثيل جماعات في كنية واحدة تقريبا على الضابط. فممن يكنى بأبي محمد من هذا القبيل من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين: طلحة بن عبيد الله التيمي عبد الرحمن بن عوف الزهري الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي ثابت بن قيس بن الشماس عبد الله بن زيد صاحب الأذان الأنصاريان.

_ النوع الحادى والخمسون معرفة كنى المعروفين بالأسماء والكنى. "قوله" فممن يكنى بأبى محمد من هذا القبيل من الصحابة فذكر جماعة منهم ثابت ابن قيس بن شماس انتهى. وحق هذا أن يذكر فى النوع الذى قبله فى الضرب الخامس منه وهو ممن اختلف فى كنيته واسمه معروف فإن ثابت بن قيس قد اختلف فى كنيته ومع ذلك فقد رجح المزى في التهذيب أن كنيته أبو عبد الرحمن فقال ثابت بن قيس بن شماس أبو عبد الرحمن. ويقال أبو محمد وكأنه تبع فى ذلك ابن حبان فإنه قال فى الصحابة كنيته أبو عبد الرحمن. وقد قيل أبو محمد ولم يكنه البخارى فى التاريخ الكبير ولا ابن أبى حاتم فى الجرح والتعديل ولا النسائى فى الكنى وكأن المصنف تبع فى ذلك ابن منده وابن عبد البر فإن ابن منده جزم بأن كنيته أبو محمد ورجحه ابن عبد البر أيضا فقال يكنى أبا محمد بابنه محمد وقيل يكنى أبا عبد الرحمن وكذا فعل أبو أحمد الحاكم فى الكنى ومع ذلك فكان المكان اللائق به الضرب الخامس من النوع الذى قبله والله أعلم.

كعب بن عجرة إلاشعث بن قيس معقل بن سنان إلاشجعي عبد الله بن جعفر بن أبي طالب عبد الله بن بجيفة عبد الله بن عمرو بن العاص عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق جبير بن مطعم الفضل بن العباس بن عبد المطلب حويطب بن عبد العزى محمود بن الربيع عبد الله بن ثعلبة بن صغير. وممن يكنى منهم بأبي عبد الله: الزبير بن العوام الحسين بن علي بن أبي طالب. سلمان الفارسي عامر بن ربيعة العدوي حذيفة بن اليمان كعب بن مالك رافع بن خديج عمارة بن حزم النعمان بن بشير جابر بن عبد الله.

_ "قوله" فيمن يكنى أبا محمد من الصحابة عبد الله بن جعفر بن أبى طالب فيه نظر من حيث أن المعروف أن كنيته أبو جعفر هكذا كناه البخارى فى التاريخ الكبير وابن أبى حاتم فى الجرح والتعديل والنسائى فى الكنى وابن حبان والطبرانى وابن منده وابن عبد البر فى كتبهم فى الصحابة وكأن المصنف اغتر بما وقع فى الكنى النسائى فى حرف الميم أبو محمد عبد الله بن جعفر ثم روى بإسناده أن الوليد بن عبد الملك قال لعبد الله بن جعفر يا أبا محمد انتهى ثم قال بعد ذلك فى حرف الجيم أبو جعفر عبد الله بن جعفر بن أبى طالب المدنى فلم ينسب عبد الله ابن جعفر المكنى بأبى محمد إلى جده واستدل على كنيته بقول الوليد بن عبد الملك ونسبه عند ذكر تكنيته بأبى جعفر وقد روى البخارى فى التاريخ الكبير بإسناده إلى ابن الزبير أنه قال لعبد الله بن جعفر يا أبا جعفر وذكر البخارى أيضا أن ابن إسحق كناه أبا جعفر وابن الزبير عرف بعبد الله بن جعفر من الوليد ابن عبد الملك إن كان النسائى أراد بعبد الله بن جعفر المذكور ابن أبى طالب وهو الظاهر وإن كان أراد به غيره فلا مخالفة والله أعلم. "قوله" فيمن يكنى أبا عبد الله عمارة بن حزم ينظر فيه فإنى لم أر من كناه بذلك ولم يذكروا له كنية فيما وقفت عليه كالبخارى فى التاريخ الكبير وابن أبى حاتم فى الجرح والتعديل والنسائى وأبى أحمد الحاكم وابن حبان وابن منده وابن عبد البر.

عثمان بن حنيف حارثة بن النعمان. وهؤلاء السبعة أنصاريون ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم المغيرة بن شعبة شرحبيل بن حسنة عمرو بن العاص محمد بن عبد الله بن جحش معقل بن يسار وعمرو بن عامر المزنيان. وممن يكنى منهم بأبي عبد الرحمن: عبد الله ابن مسعود معاذ بن جبل. زيد بن الخطاب أخو عمر بن الخطاب عبد الله بن عمر بن الخطاب محمد بن مسلمة الأنصاري عويم بن ساعدة على وزن نعيم. زيد بن خالد الجهني بلال بن الحارث المزني معاوية بن أبي سفيان الحارث بن هشام المخزومي المسور بن مخرمة. وفي بعض من ذكرناه من قبل في كنيته غير ما ذكرناه والله أعلم.

_ قوله فيمن يكنى بأبى عبد الله وعثمان بن حنيف فيه نظر من حيث أن المشهور أن كنيته أبو عمرو ولم يذكر المزى فى التهذيب له كنية وبه صدر ابن عبد البر فى الاستيعاب كلامه وكثير من الأئمة لم يذكروا له كنية كالبخارى فى التاريخ وابن أبى حاتم فى الجرح والتعديل وابن منده فى الصحابة نعم جزم بن حبان بما ذكره المصنف وذكره أبو أحمد الحاكم فى البابين معا فى باب أبى عبد الله وفى باب أبى عمرو والله أعلم. قوله فيمن يكنى بأبى عبد الله والمغيرة بن شعبة فيه نظر فإن المشهور أن كنيته أبو عيسى هكذا جزم به النسائى فى الكنى وبه صدر أبو أحمد الحاكم فى الكنى كلامه وهكذا صدر به المزى كلامه نعم صدر البخارى فى التاريخ وابن أبى حاتم وابن حبان كلامهم بما ذكره المصنف. قوله فيمن يكنى بأبى عبد الله معقل بن يسار وعمرو بن عامر المزنيان فيه نظر فيهما معا. أما معقل بن يسار فإن كنيته أبو على على المشهور وهو قول الجمهور على بن المدينى وخليفة بن خياط وعمرو بن على الفلاس وأحمد بن عبد الله بن صالح العجلى وبه جزم ابن منده فى معرفة الصحابة وبه صدر البخارى فى كلامه فى التاريخ الكبير وكذلك ابن أبى حاتم فى الجرح والتعديل وابن حبان فى طبقة الصحابة والنسائى فى الكنى.

..........................................................................

_ وأما ما جزم به المصنف من أنه أبو عبد الله فهو قول إبراهيم بن المنذر الحزامى حكاه أبو أحمد الحاكم فى الكنى عنه والمشهور ما قدمناه قال العجلى لا نعلم أحدا من الصحابة يكنى بأبى على غير معقل بن يسار. قلت بلى قيس بن عاصم وطلق بن على من الصحابة كلاهما يكنى بأبى على كما ذكره النسائى فى الكنى وغيره والله أعلم وأما عمرو بن عامر المزنى فإنى لا أعرف فى الصحابة من تسمى عمرو بن عامر إلا اثنين أحدهما ما ذكره أبو عبد الله بن منده فى معرفة الصحابة فقال عمرو بن عامر بن مالك بن خنساء بن مبذول بن مازن بن النجار أبو داود المازنى شهد بدرا قاله محمد بن يحيى الذهلى انتهى فهذا كما تراه ليس مزنيا ولا كنيته أبو عبد الله وإنما هو مازنى وكنيته أبو داود وقد تخبط فيه ابن منده فذكره أيضا بعد ذلك فقال عمرو بن مازن من بنى خنساء بن مبذول شهد بدرا قاله محمد بن إسحق لا تعرف له رواية انتهى. وعلى كل حال فقد وهم على بن إسحاق من سماه عمرا وإنما هو عمير بن عامر هذا هو الصواب وهكذا سماه محمد بن إسحق وذكره على الصواب ابن عبد البر وابن منده أيضا فى باب عمير وهو مشهور بكنيته قاله ابن عبد البر ثم ذكره فى الكنى وحكى الخلاف فى اسمه هل هو عمرو أو عمير وعلى كل تقدير فليس مزنيا وليست كنيته أبا عبد الله وأما عمرو بن عامر الثانى فذكره ابن فلحون فى ذيله على الاستيعاب فقال عمرو بن عامر بن ربيعة بن عودة بن ربيعة بن عمر بن عامر بن البكاء أحد بنى عامر بن صعصعة فهذا كما تراه ليس مزنيا ولا يكنى أيضا بأبى عبد الله والظاهر أن ما ذكره المصنف سبق قلم وإنما هو عمرو بن عوف المدنى فإن كنيته أبو عبد الله كما جزم به ابن منده وابن عبد البر والله أعلم. وقد ذكر المصنف فى هذا النوع جماعة اختلف فى كناهم وهم كعب بن عجرة ومعقل ابن سنان وعبد الله بن عمرو بن العاص وعبد الرحمن بن أبى بكر الصديق وجبير بن مطعم وحويطب بن عبد العزى ومحمود بن الربيع والفضل بن العباس ورافع بن خديج وكعب بن مالك وجابر بن عبد الله وثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمرو بن العاص وشرحبيل بن حسنة ومعاذ بن جبل وزيد بن الخطاب.

.........................................................................

_ ومحمد بن مسلمة وزيد بن خالد وبلال بن رباح فكل هؤلاء مختلف فى كناهم. وقد أشار المصنف إلى ذلك بقوله فى آخر النوع وفى بعض من ذكرناه من قبل فى كنيته غير ما ذكرناه والله أعلم. وعلى هذا فاللائق بهؤلاء أن يذكروا فى الضرب الخامس من النوع الذى قبله وإنما اعترضت عليه بمن رجح فى كنيته غير ما حزم به المصنف على أن المزى قد رجح خلاف ما جزم به المصنف فى كنية محمود بن الربيع والفضل في العباس ومحمد فى مسلمة وبلال فى فى رباح فصدر كلامه بأن كنية محمود فى الربيع أبو نعيم وان كنية كل من الفضل ومحمد ابن سلمة وبلال بن رباح أبو عبد الله والله أعلم.

النوع الثاني والخمسون: معرفة ألقاب المحدثين

النوع الثاني والخمسون- معرفة ألقاب المحدثين. ومن يذكر معهم وفيها كثرة ومن لا يعرفها يوشك أن يظنها أسامي. وأن يجعل من ذكر باسمه في موضع وبلقبه في موضع شخصين كما اتفق لكثير ممن ألف. وممن صنفها أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي الحافظ ثم أبو الفضل بن الفلكي الحافظ وهي تنقسم إلى: ما يجوز التعريف به وهو ما لا يكرهه الملقب. وإلى ما لا يجوز وهو ما يكرهه الملقب. وهذا أنموذج منها مختار. روينا عن عبد الغني بن سعيد الحافظ أنه قال: رجلان جليلان لزمهما لقبان قبيحان: معاوية بن عبد الكريم الضال وإنما ضل في طريق مكة. وعبد الله بن محمد الضعيف وإنما كان ضعيفا في جسمه لا في حديثه. قلت: وثالث وهو عارم أبو النعمان محمد بن الفضل السدوسي وكان عبدا صالحا بعيدا من الغرامة والضعيف هو الطرسوسي أبو محمد سمع أبا معاوية الضرير وغيره كتب عنه أبو حاتم الرازي. وزعم أبو حاتم بن حبان: أنه قيل له الضعيف لإتقانه وضبطه.

غندر لقب محمد بن جعفر البصري أبي بكر وسببه: ما روينا أن ابن جريج قدم البصرة فحدثهم بحديث عن الحسن البصري فأنكروه عليه وشغبوا وأكثر محمد بن جعفر من الشغب عليه فقال له: اسكت يا غندر. وأهل الحجاز يسمون المشغب غندرا. ثم كان بعده غنادرة كل منهم يلقب بغندر منهم: محمد بن جعفر الرازي أبو الحسين غندر روى عن أبي حاتم الرازي وغيره. ومنهم: محمد بن جعفر أبو بكر البغدادي غندر الحافظ الجوال حدث عنه أبو نعيم الحافظ وغيره. ومنهم: محمد بن جعفر بن دران البغدادي أبو الطيب. روى عن أبي خليفة الجمحي وغيره. وآخرون لقبوا بذلك ممن ليس بمحمد بن جعفر. غنجار لقب عيسى بن موسى التيمي أبي أحمد البخاري متقدم حدث عن مالك والثوري وغيرهما لقب بغنجار لحمرة وجنتيه. وغنجار آخر متأخر وهو أبو عبد الله محمد بن أحمد البخاري الحافظ صاحب تاريخ بخارى مات سنة ثنتي عشرة وأربعمائة والله أعلم. صاعقة هو أبو يحيى محمد بن عبد الرحيم الحافظ روى عنه البخاري وغيره. قال أبو علي الحافظ إنما لقب صاعقة لحفظه وشدة مذاكرته ومطالباته. شباب لقب خليفة بن خياط العصفري صاحب التاريخ سمع غندرا وغيره زنيج بالنون والجيم لقب أبي غسان محمد بن عمرو إلاصبهاني الرازي روى عنه مسلم وغيره. رسته لقب عبد الرحمن بن عمر إلاصبهاني. سنيد لقب الحسين بن داود المصيصي صحاب التفسير روى عنه أبو زرعة وأبو حاتم الحافظان وغيرهما. بندار لقب محمد بن بشار البصري روى عنه البخاري ومسلم والناس. قال ابن الفلكي: إنما لقب بهذا لأنه كان بندار الحديث.

قيصر لقب أبي النضر هاشم بن القاسم المعروف روى عنه أحمد بن حنبل وغيره. إلاخفش: لقب جماعة منهم أحمد بن عمران البصري النحوي متقدم روى عن زيد بن الحباب وغيره وله غريب الموطأ وفي النحويين أخافش ثلاثة مشهورون: أكبرهم: أبو الخطاب عبد الحميد بن عبد المجيد وهو الذي ذكره سيبويه في كتابه. والثاني: سعيد بن مسعدة أبو الحسن الذي يروى عنه كتاب سيبويه وهو صاحبه. والثالث: أبو الحسن علي بن سليمان صاحب أبوي العباس النحويين: أحمد بن يحيى الملقب بثعلب ومحمد بن يزيد الملقب بالمبرد مربع بفتح الباء المشددة هو محمد بن إبراهيم الحافظ البغدادي. جزرة لقب صالح بن محمد البغدادي الحافظ لقب بذلك من أجل أنه سمع من بعض الشيوخ ما روي عن عبد الله بن بسر: أنه كان يرقي بخرزة. فصحفها وقال: جزرة بالجيم فذهبت عليه وكان ظريفا له نوادر تحكى. عبيد العجل لقب أبي عبد الله الحسين بن محمد بن حاتم البغدادي الحافظ. كيلجة هو محمد بن صالح البغدادي الحافظ. ما غمه بلفظ النفي لفعل الغم هو لقب علان بن عبد الصمد وهو علي بن الحسين بن عبد الصمد الحافظ ويجمع فيه بين اللقبين فيقال علان ما غمه وهؤلاء البغداديون الخمسة روينا أن يحيى بن معين هو لقبهم وهم من كبار أصحابه وحفاظ الحديث. سجادة المشهور هو الحسن بن حماد سمع وكيعا وغيره. مشكدانه ومعناه بالفارسية حبة المسك أو وعاء المسك لقب عبد الله بن عمر ابن محمد بن أبان. مطين بفتح الياء لقب أبي جعفر الحضرمي خاطبهما بذلك أبو نعيم الفضل بن دكين فلقبها بهما.

عبدان لقب لجماعة أكبرهم عبد الله بن عثمان المروزي صاحب بن المبارك وراويته. روينا عن محمد بن طاهر المقدسي: أنه إنما قيل له عبدان لأن كنيته أبو عبد الرحمن واسمه عبد الله فاجتمع في كنيته واسمه العبدان. وهذا لا يصح بل ذلك من تغيير العامة للأسامي وكسرهم لها في زمان صغر المسمى أو نحو ذلك كما قالوا في علي علان وفي أحمد بن يوسف السلمي وغيره حمدان وفي وهب بن بقية الواسطي وهبان والله أعلم.

النوع الثالث والخمسون: معرفة المؤتلف والمختلف من إلاسماء وإلانساب وما يلتحق بها

النوع الثالث والخمسون: معرفة المؤتلف والمختلف من إلاسماء وإلانساب وما يلتحق بها. وهو ما يأتلف أي تتفق في الخط صورته وتختلف في اللفظ صيغته. هذا فن جليل من لم يعرفه من المحدثين كثرعثاره ولم يعدم مخجلا وهو منتشر لا ضابط في أكثره يفزع إليه وإنما يضبط بالحفظ تفصيلا. وقد صنفت فيه كتب كثيرة مفيدة ومن أكملها إلاكمال لأبي نصر بن ماكولا على إعواز فيه. وهذه أشياء مما دخل منه تحت الضبط مما يكثر ذكره. والضبط فيها على قسمين على العموم وعلى الخصوص. فمن القسم إلاول سلام وسلام جميع ما يرد عليك من ذلك فهو بتشديد اللام إلا خمسة وهم:

_ النوع الثالث والخمسون- معرفة المؤتلف والمختلف. "قوله" فمن القسم الأول سلام وسلام جميع ما يرد عليك من ذلك فهو بتشديد اللام إلا خمسة فذكرهم قلت بقى عليه أربعة آخرون أو ثلاثة بالتخفيف أحدهم سلمة فى سلام أخو عبد الله فى سلام ذكره ابن منده فى الصحابة وذكر ابن فتحون فى ذيله على الاستيعاب أنه ابن أخى عبد الله فى سلام ولم يسم أباه وقد يقال ذكر المصنف لعبد الله ان سلام كاف عن ذكر هذا لأنه عرف أن أخاه وابن أخيه منسوبان إلى سلام والد عبد الله.

سلام والد عبد الله بن سلام إلاسرائيلي الصحابي وسلام والد محمد بن سلام البيكندي البخاري شيخ البخاري لم يذكر فيه الخطيب وابن ماكولا غير التخفيف. وقال صاحب المطالع: منهم من خفف ومنهم من ثقل وهو ألأكثر. قلت: التخفيف أثبت وهو الذي ذكره غنجار في تاريخ بخارى وهو أعلم بأهل بلاده. وسلام بن محمد بن ناهض المقدسي روى عنه أبو طالب الحافظ والطبراني. وسماه الطبراني سلامة. وسلام جد محمد بن عبد الوهاب بن سلام المتكلم الجبائي أبي علي المعتزلي. وقال المبرد في كامله: ليس في العرب سلام مخفف اللام إلا والد عبد الله بن سلام وسلام بن أبي الحقيق. قال: وزاد آخرون سلام بن مشكم خمارا كان في الجاهلية والمعروف فيه التشديد والله أعلم. عمارة وعمارة ليس لنا عمارة بكسر العين إلا أبي بن عمارة من الصحابة ومنهم من ضمه ومن عداه عمارة بالضم والله أعلم.

_ والثانى سلام ابن اخت عبد الله بن سلام ذكره ابن فتحون فى الصحابة فى ذيله على الاستيعاب فى إفراد حرف السين والثالث سلام أحد أجداد أبى نصر النسفى واسم أبى نصر محمد بن يعقوب بن إسحق بن محمد بن موسى بن سلام النسفى السلامي مخفف النسب أيضا نسب إلى جده توفى بعد الثلاثين وأربعمائة ذكره الذهبى فى مشتبه النسبة والرابع سلام بن جد سعد بن جعفر بن سلام السيدى مات سنة أربع عشرة وستمائة ذكره ابن نقطة فى التكملة. "قوله" ليس لنا عمارة بكسر العين إلا أبى بن عمارة من الصحابة ومنهم من ضمه ومن عداة عهمارة بالضم والله أعلم انتهى. قلت يرد على إطلاقه عمارة بفتح العين وتشديد الميم ومن ذلك عبد الله بن زياد ابن عمرو بن زمزمة بن عمرو بن عمارة البلوى شهد بدرا وهو المعروف بالمجذر ويزيد وبحاث وعبد الله بنو ثعلبة بن خزمة بن أصرم بن عمرو بن عمارة معدودون في

كريز وكريز حكى أبو علي الغساني في كتابه تقييد المهمل عن محمد بن وضاح أن كريزا بفتح الكاف في خزاعة وكريزا بضمها في عبد شمس بن عبد مناف. قلت وكريز بضمها موجود أيضا في غيرهما. ولا نستدرك في المفتوح بأيوب بن كريز الراوي عن عبد الرحمن بن غنم لكون عبد الغني ذكره بالفتح لأنه بالضم كذلك ذكره الدارقطني وغيره.

_ الصحابة شهد يزيد العقبتين وشهد بحاث وعبد الله بدرا وبنوا عمارة البلوى بطن منهم. ومدرك بن عبد الله بن القمقام بن عمارة ولاه عمر بن عبد العزيز الجزيرة ذكرهم الدارقطنى وابن ماكولا وجعفر بن أحمد بن على بن عبد الله بن عمارة الحربى روى عن سعيد بن البنا وولداه قاسم وأحمد ابنا جعفر بن أحمد بن عمارة وأبو عمر محمد ابن عمر بن على بن عمارة الحربى ذكرهم ابن نقطة فى التكملة وأبو القاسم محمد ابن عمارة النجار الحربى ذكرهم الذهبى. وفى النسوة جماعة بهذا الإسم منهن عمارة بنت عبد الوهاب بن أبى سلمة الحمصية وعمارة بنت نافع بن عمر الجمحى وعمارة جدة أبى يوسف محمد بن أحمد الصندانى الرقى يروى عن أبى ظلال القسملى روى عنها أبو يوسف ذكرهن ابن ماكولا فى الإكمال. وأما كون والد أبى بن عمارة فردا فهو مشهور وهو الذى اقتصر عليه ابن ماكولا وغير واحد إلا أن الدارقطنى قال أن قريشا يقال لها عمارة بكسر العين وهذا لا يختص بقريش وإنما قاله الدارقطنى مثالا لما دون القبائل وفوق البطون من العرب فإنه قال وما كان من فوق بطون العرب دون قبائلهم فهى عمارة بكسر العين قال الزبير كن بكار العرب على ست طبقات شعب وقبيلة وعمارة وبطن وفخذ وفصيلة وما بينها من الآباء فإنما يعرفها أهلها فمضر شعب وكنانة قبيلة وقريش عمارة وقصى بطن وهاشم فخذ وبنو العباس فصيلة انتهى. وقد نظمتها فى بيت: للعرب العربا طباق عده ... فصلها الزبير وهى سته أعم ذاك الشعب فالقبيله ... عمارة بطن فخذ فصيله

حزام: بالزاي في قريش وحرام: بالراء المهملة في إلانصار والله أعلم. ذكر أبو علي بن البرداني أنه سمع الخطيب الحافظ يقول: العيشيون بصريون والعبسيون كوفيون والعنسيون شاميون. قلت: وقد قاله قبله الحاكم أبو عبد الله وهذا على الغالب: إلاول بالشين المعجمة والثاني بالباء الموحدة والثالث بالنون والسين فيهما غير معجمة. أبو عبيدة كله بالضم. بلغنا عن الدارقطني أنه قال: لا نعلم أحدا يكنى أبا عبيدة بالفتح.

_ "قوله" حزام بالزاى فى قريش وحرام بالراء المهملة فى الأنصار والله أعلم انتهى. والمراد مع كسر الحاء المهملة فى الأول وفتحها فى الثانى وقد يتوهم من عبارة الشيخ أنه لا يقع الأول إلا فى قريش ولا الثانى إلا فى الأنصار وليس ذلك مراد المصنف وإنما أراد أن ما وقع من هذا فى قريش يكون بالمزاى وما وقع من ذلك فى الأنصار يكون بالراء وقد ورد الأمران فى عدة قبائل غير قريش والأنصار وأكثر ما وقع فى بقية القبائل بالراء المهملة ووقع الأمران معا فى خزاعة فمن الأول فى خزاعة أبو صخر خنيس بن خالد الأشعر بن ربيعة بن اصرم وقيل الأسعر بن خليف بن منقذ بن اصرم بن خنيس بن حرام بن حبشية بن سلول بن كعب بن عمرو بن ربيعة الخزاعى وقال ابن عبد البر حبشية بن كعب بن عمرو وهو أبو خزاعة انتهى. وقتل حبيش يوم فتح مكة مع خالد بن الوليد وابن ابنه حزام بن هشام بن حبيش روى عن أبيه عن أم معبد قصتها المشهورة فى الهجرة روى عنه أبو النضر هاشم بن القاسم وابن ادريس والقعنبى وأم معبد واسمها عاتكة بنت خليف وقيل عاتكة بنت خالد بن خليف بن منقذ بن ربيعة بن اصرم بن حبيش بن حزام بن حبشية الخزاعية وهى عمة حبيش المذكور على الأول وهى أخته على القول الثانى وبه جزم ابن عبد البر ذكرهم ابن ماكولا فى الإكمال ومن الثانى فى خزاعة أيضا ما حكاه الدارقطنى وابن ماكولا عن ابن حبيب أن فى خزاعة حزام بن حبشية بن كعب بن سلول بن كعب قلت هكذا ذكر ابن ماكولا حرام بن حبشية وحرام بن حبشية فيهما جميعا والظاهر

وهذه أشياء اجتهدت في ضبطها متتبعا من ذكرهم الدارقطني وعبد الغني

_ أنه واحد اختلف فى ضبطه وبيان نسبه فجعله ابن حبيب بالراء المهملة وجعله غيره بالزاى ويحتمل أن حرام بن حبشية وحزام بن حبشية أخوان وهو لقبه ووقع حزام بالزاى فى بنى عامر بن صعصعة وبنى عامر ابن كلاب فمن بنى عامر بن صعصعة حزام بن ربيعة ابن مالك العامرى من بنى عامر بن صعصعة أخو لبيد بن ربيعة الشاعر وابنه عبد الله ابن حزام بن ربيعة قتله المختار بن أبى عبيد ومن بنى عامر بن كلاب أم البنين بنت حزام بن خالد بن ربيعة بن عامر بن كعب بن عامر بن كلاب تزوجها على بن أبى طالب وحزام بن إسمعيل العامرى لا أدرى من أى بنى عامر هو فقد ذكره ابن أبى حاتم وابن ماكولا منسوبا غير مبين والله أعلم. ووقع حرام بالراء فى بلى وخثعم وجذام وتميم بن مر وخزاعة وعذرة وفزارة وهذيل وغفار والنخع وكنانة وبنى يعمر ففى بلى حرام بن عوف البلوى وفى خثعم حرام ابن عبد عمرو الخثعمى وقال ابن حبيب فى بلى حرام بن جعل بن عمرو بن جشم بن ودم قال وفى جذام حرام بن جذام قال وفى تميم بن مر حرام بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم قال وفى عذرة حرام بن ضنة وقال الزبير بن بكار حن ورزاح ابنا ربيعة ابن حرام بن ضنة أخوا قصى بن كلاب لأمه ومن ولده جميل بن معمر الشاعر وفى فزارة حرام بن وابصة الفزارى أحد بنى قيس بن عمرو بن تومة بن مخاشن بن لأى بن سمخ ابن فزارة شاعر فارس ذكره الآمدي. وفى هذيل الداخل بن حرام شاعر منهم وقال الأصمعى الداخل اسمه زهير بن حرام أحد بنى سهل بن معاوية بن هذيل وفى غفار حرام بن غفار بن مليل بن ضمرة ابن بكر بن عبد مناة من ولده أبو ذر الغفارى وأبو سريحة الغفارى وفى النخع حرام بن إبراهيم النخعى وفى كنانة حرام بن ملكان بن كنانة بن خزيمة بن مدركة. وفى بنى يعمر شبيب بن حرام بن نبهان بن وهب بن لقيط بن يعمر ويعمر هو الشداخ شهد شبيب الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكره ابن الكلبى والطبرى والله أعلم

وابن ماكولا. منها: السفر بإسكان الفاء والسفر بفتحها. وجدت الكنى من ذلك بالفتح والباقي بالإسكان. ومن المغاربة من سكن الفاء من أبي السفر سعيد بن يحمد وذلك خلاف ما يقوله أصحاب الحديث حكاه الدارقطني عنهم.

_ "قوله" السفر بإسكان الفاء والسفر بفتحها وجدت الكنى من ذلك بالفتح والباقى بإسكان الفاء انتهى قد يرد على قوله والباقى بإسكان الفاء أن لهم فى الأسماء وفى الكنى ما هو بإسكان القاف ولهم ما هو بالشين المعجمة والقاف كما ستراه فأما سقر فى الأسماء بسكون القاف فجماعة منهم سقر بن عبد الرحيم وهو ابن أخى شعبة وسقر بن حبيب الغنوى حدث عن عمر بن عبد العزيز وسقر بن حبيب آخر روى عن أبى رجاء العطاردى وسقر بن عبد الله روى عن عروة وسقر بن عبد الرحمن بن مالك بن مغول شيخ لأبى يعلى الموصلى وسقر بن حسين الحذاء شيخ لأحمد بن على الأبار وسقر ابن عباس المالكى شيخ لمطين. وأما فى الكنى فأبو السقر يحيى بن يزداد شيخ لأحمد بن العباس البغوى. وأما الشقر بفتح الشين المعجمة وكسر القاف فهو معاوية الشقر شاعر لقب بذلك ببيت قاله وهو معاوية بن الحرث بن تميم بن مر والبيت المذكور قوله: وقد أحمل الكعب الأصم كعوبه ... به من دماء القوم كالشقرات هكذا ذكر السمعاني في موضع من الأنساب أن معاوية بن الحرث يقال له الشقر وأن هذا البيت له وكذا قال ابن ماكولا فى الإكمال فى باب السين المهملة وخالف ذلك فى باب الشين المعجمة فقال إن معاوية بن الحرث هذا شقرة بزيادة هاء التأنيث فى آخره وهذا هو المشهور وبه جزم الدارقطني وحكاه عن ابن حبيب وكذا جزم به الرشاطى في الأنساب. وحكاه عن ابن الكلبي وكذا حكاه السمعاني في أول ترجمة الشقرى عن ابن الكلبى وعن ابن حبيب أيضا إلا أن الرشاطى حكى عن ابن حبيب أن البيت المذكور قاله شقرة بن بكرة بن كثير فسمى به وظاهر كلام الدارقطنى أن البيت قاله شقرة بن ربيعة ابن كعب والمشهور الأول أنه قاله معاوية بن الحرث وهو قول الكلبى وأبى عبيد القاسم بن سلام وهو الذى نقله ابن السمعانى عن ابن حبيب أيضا والله أعلم.

عسل: بكسر العين المهملة وإسكان السين المهملة وعسل بفتحهما وجدت الجميع من القبيل الأول ومنهم: عسل بن سفيان إلا عسل بن ذكوان الإخباري البصري فإنه بالفتح. ذكره الدارقطني وغيره ووجدته بخط الإمام أبي منصور الأزهري في كتابه تهذيب اللغة بالكسر والإسكان أيضا ولا أراه ضبطه والله أعلم. غنام: بالغين المعجمة والنون المشددة وعثام بالعين المهملة والثاء المثلثة المشددة ولا يعرف من القبيل الثاني غير عثام بن علي العامري الكوفي والد علي بن عثام الزاهد والباقون من الأول منهم: غنام بن أوس: صحابي بدري والله أعلم. قمير وقمير: الجميع بضم القاف ومنهم مكي بن قمير عن جعفر بن سليمان إلا امرأة مسروق بن إلاجدع قمير بنت عمرو فإنها بفتح القاف وكسر الميم والله أعلم.

_ قال ابن حبيب والشقرات الشقائق قال وإنما سمى شقائق النعمان لأن النعمان بني مجلسا وسماه ضاحكا وزرع هذه الشقرات فسميت شقائق النعمان والظاهر أن المصنف إنما أراد ضبط ما هو بالفاء فقط فلا يرد عليه ما هو بالقاف وإنما ذكرته لبيان الفائدة. "قوله" عند ذكر عسل بن ذكوان أنه بفتح العين والسين المهملتين ووجدته بخط الإمام أبى منصور الأزهري في كتابه تهذيب اللغة بالكسر والإسكان أيضا ولا أراه ضبطه والله أعلم انتهى وقد اعترض عليه بعض المتأخرين بأنه لم ير هذا في التهذيب للأزهري فإن أراد أنه ليس فى التهذيب في باب العين والسين مع اللام فهو كما ذكر فقد نظرته فلم أجده فيه ولكن لا يلزم من كونه ليس في هذا الباب أن لا ينقل الأزهري عنه شيئا في بقية كتابه فإنه إخباري ينقل كلامه وهذا هو الظاهر فإن المصنف رآه في التهذيب بخطه فلا يرد عليه بقول من لم يره في هذا الباب والله أعلم. "قوله" غنام بالغين المعجمة والنون المشددة وعثام بالعين المهملة والثاء المثلثة المشدودة لا يعرف من القبيل الثانى غير عثام بن على العامرى والد على بن عثام الزاهد والباقون من الأول انتهى.

مسور ومسور: أما مسور بضم الميم وتشديد الواو وفتحها فهو مسور بن يزيد المالكي الكاهلي له صحبة. ومسور بن عبد الملك اليربوعي روى عنه معن بن عيسى ذكره البخاري. ومن سواهما فيما نعلم بكسر الميم وإسكان السين والله أعلم.

_ قلت بل لهم من القبيل الثانى أيضا حفيد المذكور وهو عثام بن على بن عثام بن على العامري والله أعلم. قوله مسور ومسور أما مسور بضم الميم وتشديد الواو وفتحها فهو مسور ابن يزيد المالكي الكاهلي له صحبة ومسور بن عبد الملك اليربوعي روى عنه معن بن عيسى ذكره البخاري ومن سواهما فيما نعلم بكسر الميم وإسكان السين والله أعلم انتهى. لم يذكر الدارقطني وابن ماكولا بالتشديد إلا مسور بن يزيد المالكي فقط وقالا ان مسورا بالتخفيف جماعة ولم يستدرك ابن نقطة عليهما غيرهما ولا من ذيل على ابن نقطة نعم تبع ابن الصلاح الذهبي في المشتبه وأما ما حكاه المصنف عن البخاري من جعله مسور بن عبد الملك بالتشديد فقد اختلف نسخ التاريخ الكبير في هذا مع اتفاق ما وقفت عليه من النسخ الصحيحة على ذكره في باب مسور بالتخفيف فذكره في باب مسور بن مخرمة والذي وقفت عليه منه ثلاث نسخ صحيحة ولم يذكره في أقدم النسخ الثلاثة في غير هذا الباب وذكره في النسختين الأخيرتين في باب الواحد أيضا فذكر مسور بن يزيد الكاهلي. ثم ذكر بعده مسور بن عبد الملك وذكر في كل من البابين أنه روى عنه معن بن عيسى زاد في باب مسور المخفف أنه روى عنه ابن وهب أيضا وعلى هذا فيسأل كيف ذكره في باب الواحد وذكر فيه اسمين وقد يجاب بأن عادته يقدم ذكر الصحابة في أول كل باب فلعله أراد أن مسور بن يزيد فرد في الصحابة ومسور بن عبد الملك فرد فيمن بعد الصحابة ولم يذكر مسور بن عبد الملك في أقدم نسخ التاريخ التي وقفت عليها في باب الواحد بل اقتصر على ذكره في باب مسور بن مخرمة وهذا يدل على أنه عنده مخفف وأما إيراده في النسختين الأخيرتين فى البابين فيحتمل أنه للاختلاف فى ضبطه أو أنه لم يتحرر عنده من أى البابين هو فأورده فيهما ورأيته فى النسخة القديمة من التاريخ أيضا التى لم يذكر فيها فى باب الواحد مسور بن عبد الملك ذكر مسور

الحمال والجمال: لا نعرف في رواة الحديث أو فيمن ذكر منهم في كتب الحديث المتداولة الحمال بالحاء المهملة صفة لا اسما إلا هارون بن عبد الله الحمال والد موسى بن هارون الحمال الحافظ. حكى عبد الغني الحافظ: أنه كان بزازا فلما تزهد حمل. وزعم الخليلي وابن الفلكي: أنه لقب بالحمال لكثرة ما حمل من العلم ولا أرى ماقالاه يصح. ومن عداه فالجمال بالجيم منهم محمد بن مهران الجمال حدث عنه البخاري ومسلم وغيرهما والله أعلم. وقد يوجد في هذا الباب ما يؤمن فيه من الغلط ويكون اللافظ فيه مصيبا كيفما قال مثل: عيسى بن أبي عيسى الحناط وهو أيضا الخباط والخياط إلا أنه اشتهر بعيسى الحناط بالحاء والنون كان خياطا للثياب ثم ترك ذلك وصار حناطا يبيع الحنطة ثم ترك ذلك وصار خباطا يبيع الخبط الذي تأكله الإبل. وكذلك مسلم الخباط بالباء المنقوطة بواحدة اجتمع فيه الأوصاف الثلاثة حكى اجتماعها في هذين الشخصين إلامام الدارقطني والله أعلم.

_ ابن يزيد الصحابي ثم ذكر بعده محيصة بن مسعود الصحابي. ثم ذكر بعده مسور بن مرزوق من التابعين وهذا يدل على أن ابن مرزوق أيضا بالتشديد وفصله بينهما بمحيصة دال على ما ذكرناه من الجواب المتقدم أن ذكر الصحابة أولا في باب الواحد ثم انتقل إلى الإفراد في التابعين ومن بعدهم وهو يرجح كون المسور بن مرزوق بالتشديد وأما ابن أبى حاتم فإنه ذكر الثلاثة المذكورين في باب مسور المخفف الذي ذكر فيه المسور بن مخرمة ولم يذكر أحدا في الإفراد مشددا والله أعلم. "قوله" الحمال والجمال لا نعرف في رواة الحديث أو فيمن ذكر منهم في كتب الحديث المتداولة الحمال بالحاء المهملة صفة لا إسما إلا هارون بن عبد الله الحمال والد موسى بن هارون الحمال الحافظ حكى عبد الغنى الحافظ أنه كان بزازا فلما تزهد حمل إلى أن قال ومن عداه الجمال بالجيم انتهى.

القسم الثاني: ضبط ما في الصحيحين أو ما فيهما مع الموطأ من ذلك على الخصوص فمن ذلك: بشار بالشين المنقوطة والد بندار محمد بن بشار. وسائر من في الكتابين يسار بالياء المثناة في أوله والسين المهملة ذكر ذلك أبو علي الغساني في كتابه وفيهما جميعا: سيار بن سلامة وسيار بن أبي سيار وردان ولكن ليسا على هذه الصورة وإن قاربا والله أعلم.

_ وفيه أمور: أحداها: أن ما حكاه المصنف أن عبد الغنى بن سعيد من أن هارون الحمال كان بزازا قبل أن يحمل خالفه فيه ولده موسى بن هارون الحافظ وهو أعرف بأبيه. فقال إن أباه كان حمالا ثم تحول إلى البز حكاه أبو محمد بن الجارود في كتاب الكنى والذي نقله المصنف عن عبد الغنى حكاه عنه القاضي أبو الطاهر الذهلي. الأمر الثاني: أن المصنف احترز بقوله صفة لا إسما عمن اسمه حمال منهم حمال بن مالك الأسدي شهد القادسية وأبيض بن حمال المازني صحابي له في السنن أحاديث والأغر ابن عبيد الله بن الحارث بن حمال شاعر فارس من بكر بن وائل. الأمر الثالث: إنه قد روى الحديث جماعة موصوفون بالحمال منهم بنان بن محمد الحمال الزاهد أحد أولياء مصر سمع الحديث من يونس بن عبد الأعلى والربيع بن سليمان المرادي والحسن بن عرفة والحسن بن محمد الزعفراني وبحر بن نصر ويزيد بن سنان في آخرين روى عنه أبو بكر بن المقري في معجم شيوخه والحسن بن رشيق وبكار بن قتيبة وآخرون وقد وقع لنا حديثه أخبرنا الحافظ العلامة أبو الحسن على بن عبد الكافي أذنا قال أنبأنا عبد المؤمن بن خلف الحافظ قال أنبأنا يوسف بن خليل الحافظ قال أنبأنا أبو المكارم أحمد بن محمد اللبان أنبأنا الحسن بن أحمد الحداد أنبأنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ حدثنا محمد بن على بن حبيش حدثنا إسحق بن سلمة حدثنا بنان بمصر حدثنا محمد بن الحكم من ولد سعيد بن العاص حدثني محمد بن خفتان حدثني يحيى بن أبى زائدة عن بنان عن قيس عن أبى بكر قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول فى سعد: "اللهم سدد رميته وأجب دعوته" وذكر ابن يونس فى تاريخ الغرباء بنان الحمال وقال كان زاهد متعبدا وكان ثقة وقال الدارقطنى كان فاضلا وقال الخطيب فى تاريخه كان عابدا يضرب به المثل ومنهم حفيد المذكور أبو القاسم مكى بن على بن محمد بن بنان بن محمد الجمال حدث عن أبى الحسن على بن الحسين الأدنى حدث عنه

جميع ما في الصحيحين والموطأ مما هو على صورة بشر فهو بالشين المنقوطة وكسر الباء إلا أربعة: فإنهم بالسين المهملة وضم الباء وهم: عبد الله بن بسر المازني من الصحابة وبسر بن سعيد وبسر بن عبيد الله الحضرمي وبسر بن محجن الديلي. وقد قيل في ابن محجن: بشر بالشين المنقوطة حكاه أحمد بن صالح المصري عن جماعة من ولده ورهطه. وبالأول قال مالك والأكثر والله أعلم. وجميع ما فيها على صورة بشير بالياء المثناة من تحت قبل الراء فهو: بالشين المنقوطة والباء الموحدة المفتوحة إلا أربعة: فاثنان منهم بضم الباء وفتح الشين المعجمة وهما: بشير بن كعب العدوي وبشير بن يسار. والثالث: يسير بن عمرو وهو: بالسين المهملة وأوله ياء مثناة من تحت مضمومة ويقال فيه أيضا: أسير. والرابع قطن بن نسير وهو: بالنون المضمومة والسين المهملة والله أعلم.

_ سعد بن على الزنجانى نزيل مكة ذكره ابن نقطة فى التكملة ومنهم أبو العباس أحمد ابن محمد بن الدبس الحمال أحد شيوخ أبى النرسى ذكره فى معجم شيوخه حدث عن أحمد بن أبى دارة الضبى ذكره ابن نقطة أيضا فى التكملة ومنهم الفقيه أبو الحسن رافع بن نصر البغدادى الحمال الفقيه نزيل مكة كان يفتى بها روى عن أبى عمر بن مهدى وغيره ذكره أبو القاسم بن عساكر فى تاريخ دمشق وقال حكى عنه عبد العزيز ابن أحمد وأبو عبد الله محمد بن موسى بن عمار الكلاعى المايرقى وزكاه وذكر أبو الفضل بن خيرون أنه توفى بمكة سنة سبع وأربعين وأربعمائة وذكره ابن نقطة أيضا. قوله جميع ما فى الصحيحين والموطأ مما هو على صورة بشر فهو بالشين المنقوطة وكسر الباء إلا أربعة فإنهم بالسين المهملة وضم الباء وهم عبد الله بن بسر المازنى من الصحابة إلى آخر كلامه وقد كنت اعترضت على المصنف فى شرح الألفية حيث لم يذكر أباه بسر بن أبى بسر المازنى فإن حديثه فى صحيح مسلم وكنت فقدت فى ذلك الحافظ أبا الحجاج المزى فإنه قال فى تهذيب الكمال إنه روى له مسلم ورقم له علامة مسلم فى روايته عن النبى صلى الله عليه وسلم ورواية ولده عبد الله بن بسر عنه ثم تبين لى أن

كل ما فيها على صورة يزيد فهو: بالزاي والياء المثناة من تحت إلا ثلاثة أحدها: بريد بن عبد الله بن أبي بردة فإنه بضم الباء الموحدة وبالراء المهملة. والثاني: محمد ابن عرعرة بن البرند فإنه بالباء الموحدة والراء المهملة المكسورتين وبعدهما نون ساكنة. وفي كتاب عمدة المحدثين وغيره: أنه بفتح الباب والراء والأول أشهر ولم يذكر ابن ماكولا غيره. والثالث: علي بن هاشم بن البريد فإنه بفتح الباء الموحدة والراء المهملة المكسورة والياء المثناة من تحت والله أعلم. كل ما يأتي فيها من البراء فإنه بتخفيف الراء إلا أبا معشر البراء وأبا العالية البراء فإنهما بتشديد الراء. والبراء الذي يبري العود والله أعلم.

_ ذلك وهم وأنه لم يخرج له مسلم وإنما أخرج لابنه عبد الله بن بسر قال نزل النبي صلى الله عليه وسلم على أبى فقدمنا له طعاما وليس لأبيه بسر فيه رواية ولا ذكر باسمه إلا في نسب ابنه عبد الله بن بسر وإنما وقع في رواية في اليوم والليلة للنسائي إن هذا الحديث من روايته عن أبيه ولم أر ذلك في شيء من طرق مسلم وسبب وقوع المزي في ذلك تقليده لصاحب الكمال فإنه سبقه لذلك نعم يرد على إطلاق المصنف في أن من عد هؤلاء الأربعة بالمعجمة أن مسلما روى في صحيحه من رواية أبى اليسر حديث من أنظر معسرا أو وضع له الحديث. وأبو اليسر هذا بالياء المثناة من تحت والسين المهملة المفتوحتين وقد يجاب عن المصنف بأن هذه الكنية ملازمة لأداة التعريف فلا يشتبه واسم أبى اليسر كعب بن عمرو الأنصاري السلمي والله أعلم. قوله وكل ما فيها على صورة يزيد فهو بالزاي والياء المثناة من تحت إلا ثلاثة أحدها بريد بن عبد الله بن أبى بردة فإنه بضم الياء الموحدة وبالراء المهملة إلى آخر كلامه. وقد يرد على ما ذكره من الحصر ما وقع في صحيح البخاري من حديث مالك بن الحويرث في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال في آخره كصلاة شيخنا أبى بريد عمرو بن سلمة فذكر أبو ذر الهروي عن أبى محمد الحموي عن الفربرى عن البخاري أنه بريد بضم الموحدة وفتح الراء ووقع عند بقية رواة البخاري يزيد كالجادة.

ليس في الصحيحين والموطأ جارية بالجيم إلا جارية بن قدامة ويزيد بن جارية ومن عداهما فهو حارثة بالحاء والثاء والله أعلم. ليس فيها حريز بالحاء في أوله والزاي في آخره إلا حريز بن عثمان الرحبي الحمصي وأبو حريز عبد الله بن الحسين القاضي الراوي عن عكرمة وغيره. ومن عداهما: جرير بالجيم. وربما اشتبها بحدير بالدال وهو فيها والد عمران بن حدير ووالد زيد وزياد ابني جدير والله أعلم. ليس فيها حراش بالحاء المهملة إلا والد ربعي بن حراش ومن بقي ممن اسمه على هذه الصورة فهو خراش بالخاء المعجمة والله أعلم. ليس فيها حصين بفتح الحاء إلا في أبي حصين عثمان بن عاصم الأسدي ومن عداه حصين بضم الحاء. وجميعه بالصاد المهملة إلا حضين بن المنذر أبا ساسان فإنه بالضاد المعجمة والله أعلم. كل ما فيها من حازم وأبي حازم فهو بالحاء المهملة إلا محمد بن خازم أبا معاوية الضرير فإنه بخاء معجمة والله أعلم.

_ ومما يرجح رواية أبى ذر عن الحموي أن مسلما كذلك ذكره في الكنى في الباء الموحدة وكذا ذكره النسائي في الكنى وبه جزم الدارقطني في المؤتلف والمختلف وابن ماكولا ثم قال وقيل أبو يزيد وقال عبد الغنى بن سعيد ولم أسمعه من أحد بالزاي قال ومسلم ابن الحجاج أعلم انتهى وبه جزم الذهبي في مشتبه النسبة فيما قرأته بخطه. "قوله" ليس في الصحيحين والموطأ جارية بالجيم إلا جارية بن قدامة ويزيد بن جارية ومن عداهما فهو حارثة بالحاء والثاء والله أعلم انتهى. وليس هذا الحصر بجيد فإن في الصحيح اسمين آخرين بالجيم والمثناة من تحت أحدهما الأسود بن العلاء بن جارية الثقفي روى له مسلم في كتاب الحدود عن أبى هريرة حديث البئر جبار والآخر عمرو بن أبى سفيان بن أسيد بن جارية الثقفي روى له البخاري عن أبى هريرة قصة قتل خبيب بن عدى وروى له مسلم عن أبى هريرة حديث: "لكل

الذي فيها من حبان بالحاء المفتوحة والباء الموحدة المشددة حبان بن منقذ: والد واسع بن حبان وجد محمد بن يحيى بن حبان وجد حبان بن واسع بن حبان. وحبان بن هلال منسوبا وغير منسوب عن شعبة وعن وهيب وعن همام بن يحيى وعن أبان بن يزيد وعن سليمان بن المغيرة وعن أبي عوانة. والذي فيها من حبان بكسر الحاء حبان بن عطية وحبان بن موسى وهو حبان غير منسوب عن عبد الله هو ابن المبارك وابن العرقة اسمه أيضا حبان ومن عدا هؤلاء فهو: حيان بالياء المثناة من تحت والله أعلم. الذي في هذه الكتب من خبيب بالخاء المعجمة المضمومة خبيب بن عدي وخبيب بن عبد الرحمن بن خبيب بن يساف وهو خبيب غير منسوب عن حفص بن عاصم وعن عبد الله بن محمد بن معن وأبو خبيب عبد الله بن الزبير. ومن عداهم فبالحاء المهملة والله أعلم. ليس فيها حكيم بالضم إلا حكيم بن عبد الله ورزيق بن حكيم والله أعلم. كل ما فيها من رباح فهو بالباء الموحدة إلا زياد بن رياح وهو أبو قيس الراوي.

_ بني دعوة يدعو بها" الحديث وأما اللذان ذكرهما المصنف فليست لهما رواية فى الصحيحين ولا فى الموطأ وانما الجارية بن قدامة ذكر فى صحيح البخارى فى كتاب الفتن قال فيه فلما كان يوم حرق ابن الحضرمى حرقه جارية بن قدامة وليزيد بن جارية ذكر فى الموطأ وانما لولديه عبد الرحمن ومجمع رواية فى الموطأ والبخارى وهو مذكور فى نسبهما فقد أخرج مالك والبخارى قصة خنساء بنت خذام من رواية عبد الرحمن ومجمع ابنى يزيد بن جارية عنها وأخرج النسائى فقط ليزيد بن جارية حديثا عن معاوية والله أعلم. "قوله" كل ما فيها من رباح فهو بالباء الموحدة إلا زياد بن رياح وهو أبو قيس

عن أبي هريرة: في أشراط الساعة ومفارقة الجماعة فإنه بالياء المثناة من تحت عند الأكثرين. وقد حكى البخاري فيه وجهين بالباء والياء والله أعلم. زييد وزييد: ليس في الصحيحين إلا زييد بالباء الموحدة وهو زييد بن الحارث اليامي. وليس في الموطأ من ذلك إلا زييد بياءين مثناتين من تحت وهو زييد بن الصلت يكسر أوله ويضم والله أعلم. فيها سليم بفتح السين واحد وهو سليم بن حيان ومن عداه فيها فهو سليم بالضم والله أعلم.

_ الراوي عن أبى هريرة في أشراط الساعة ومفارقة الجماعة فإنه بالياء المثناة من تحت عند الأكثرين وقد حكى البخاري فيه الوجهين بالباء والياء انتهى وفيه أمران أحدهما أن ما ذكره المصنف من أن كنيته أبو قيس قد خالفه المزي في التهذيب فرجح أبو رياح بالمثناة كاسم أبيه فقال زياد بن رياح ويقال ابن رباح القيسي أبو رياح ويقال أبو قيس وقد كنت قلدت المزي فى ترجيحه لذلك فصدرت به كلامى في شرح الألفية ثم تبين لي أنه وهم أو خلاف مرجوح وأن الصواب ما ذكره المصنف فقد وقع كذلك مكنى في صحيح مسلم في كتاب المغازي من رواية غيلان بن جرير عن أبى قيس بن رياح عن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية" الحديث ولم يقع مكنى بأبي قيس في موضع من الصحيح إلا هنا عند مسلم وله عند مسلم حديث آخر في الفتن وقع فيه مسمى غير مكنى وهكذا كناه البخاري في التاريخ الكبير وابن أبى حاتم في الجرح والتعديل ومسلم في الكنى والنسائي في الكنى وأبو أحمد الحاكم في الكنى وابن حبان في الثقات والدارقطني في المؤتلف والمختلف والخطيب في كتاب المتفق والمفترق وابن ماكولا في الإكمال وصاحب المشارق وغيرهم. وفى المؤتلف والمختلف للدارقطني أن جرير بن حازم كناه كذلك وبه جزم المزي في الأطراف ولم أر أحدا من المتقدمين كناه أبا رياح ولكن المزي تبع صاحب الكمال.

وفيها سلم بن زرير وسلم بن قتيبة وسلم بن أبي الذيال وسلم بن عبد الرحمن هؤلاء الأربعة بإسكان اللام ومن عداهم: سالم بالألف والله أعلم. وفيها: سريج بن يونس وسريج بن النعمان وأحمد بن أبي سريج هؤلاء الثلاثة بالجيم والسين المهملة ومن عداهم فيها فهو بالشين المنقوطة والحاء المهملة والله أعلم.

_ في ذلك وكأن سبب وقوع الوهم من ذلك أن لهم شيخا آخر يسمى زياد بن رياح أيضا وهو بصري كالأول ولكنه متأخر الطبقة عن ذاك رأى أنسا وروى عن الحسن البصري وكنية هذا أبو رياح كما كناه البخاري في التاريخ الكبير وابن أبى حاتم في الجرح والتعديل والنسائي في الكنى وابن حبان في الثقات وأبو أحمد الحاكم في الكنى والدارقطني وابن ماكولا في المؤتلف والمختلف والخطيب في المتفق والمفترق وإنما نبهت على ذلك وإن كان الصواب ما قاله المصنف لئلا يغتر بكلام المزي في التهذيب وبتقليدى له في شرح الألفية. الأمر الثاني: أن قول المصنف أن البخاري حكى فيه الوجهين فيه نظر فإن البخاري لم يخرج له في صحيحه شيئا وإنما ذكره في التاريخ الكبير وحكى الاختلاف فيه من وروده بالاسم أو الكنية والاختلاف في اسم أبيه ولم يتعرض للخلاف في كونه بالموحدة أو المثناة من تحت وهذه عبارته في التاريخ الكبير زياد بن رياح أبو قيس روى عنه الحسن قال أيوب ومهدي بن ميمون عن عيلان بن جرير عن زياد بن رياح وقال ابن المبارك أنا جرير بن حازم عن عيلان عن أبى قيس بن رياح القيسى وقال محمد بن يوسف عن سفيان عن يونس بن عبيد عن عيلان عن زياد بن مطر عن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في العصبية انتهى. هكذا هو في نسخ التاريخ ابن رياح بالمثناة في الموضعين وإنما أراد بالاختلاف ما ذكرته لاضبط الحروف ولكن المصنف تبع في ذلك صاحب المشارق فإنه حكى عن البخاري فيه الوجهين وحكى عن ابن الجارود أنه ضبطه بالموحدة والله أعلم. "قوله" وفيها سلم بن زرير وسلم بن قتيبة وسلم بن أبى الذيال وسلم بن عبد الرحمن هؤلاء الأربعة بإسكان اللام ومن عداهم سالم بالألف والله أعلم انتهى.

وفيها: سلمان الفارسي وسلمان بن عامر وسلمان الأغر وعبد الرحمن بن سلمان ومن عدا هؤلاء الأربعة سليمان بالياء. وأبو حازم الأشجعي الراوي عن أبي هريرة وأبو رجاء مولى أبي قلابة كل واحد منهما اسمه سلمان بغير ياء لكن ذكرا بالكنية والله أعلم. وفيها: سلمة بكسر اللام عمرو بن سلمة الجرمي إمام قومه وبنو سلمة القبيلة من إلانصار. والباقي سلمة بفتح اللام غير أن عبد الخالق ابن سلمة في كتاب مسلم ذكر فيه الفتح والكسر والله أعلم.

_ وفيه أمران: أحدهما: أن أصحاب المؤتلف والمختلف كالدارقطنى وابن ماكولا وغيرهما لم يذكروا هذه الترجمة في كتبهم لأنها لا تأتلف خطا لزيادة الألف في سالم وإنما ذكرها صاحب المشارق فتبعه المصنف. الأمر الثانى: أنه فات المصنف وصاحب المشارق قوله قبله أن يستثنى حكام بن مسلم الرازى فقد روى له مسلم في الصحيح في فضائل النبى صلى الله عليه وسلم حديث أنس قبض النبى صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين وذكره البخارى في البيوع غير منسوب عند حديث النهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها فقال ورواه على بن بحر عن حكام عن عنبسة عن زكريا بن خالد عن أبى الزناد. "قوله" وفيها سلمان الفارسى وسلمان بن عامر وسلمان الأغر وعبد الرحمن ابن سلمان ومن عدا هؤلاء الأربعة سليمان بالياء انتهى. وفيه امران: أحدهما: أن أصحاب المؤتلف والمختلف لم يوردوا هذه الترجمة في كتبهم كالدارقطنى وابن ماكولا لعدم اشتباههما لزيادة الياء في المصغر وإنما ذكر ذلك صاحب المشارق فتبعه المصنف. الأمر الثانى: أنه فات المصنف وصاحب المشارق قبله أن يستثنى سلمان بن ربيعة الباهلى فقد روى له مسلم في صحيحه في كتاب الزكاة من رواية أبى وائل عن سلمان ابن ربيعة قال قال عمر قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم قسما فقلت والله لغير هؤلاء أحق منهم قال إنهم خيرونى بين أن يسألونى بالفحش أو يبخلونى ولست بباخل وكذلك روى مسلم في صحيحه في كتاب الإيمان حديثا من رواية صفوان بن سليم عن عبد الله ابن سلمان عن أبيه عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله

وفيها: سنان بن أبي سنان الدؤلي وسنان بن سلمة وسنان بن ربيعة أبو ربيعة وأحمد بن سنان وأم سنان وأبو سنان ضرار بن مرة الشيباني. ومن عدا هؤلاء الستة شيبان بالشين المنقوطة والياء والله أعلم.

_ ريحا من اليمن ألين من الحرير فلا تدع أحدا في قلبه مثقال ذرة من إيمان إلا قبضته" ووقع في الأطراف لخلف في هذا الحديث عبيد الله بن سلمان بتصغير عبيد الله وهو وهم. وإنما هو عبد الله مكبر وكذا ذكره أبو مسعود الدمشقى في الأطراف على الصواب وعبد الله بن سلمان هذا أبوه هو سلمان الأغر ولكن كان ينبغى للمصنف أن يذكره أيضا لأن أباه لم ينسب في هذا الحديث فربما ظن أنه آخر وقد روى مالك في الموطأ والبخاري من طريقه لأخيه عبيد الله بن سلمان لكنه لم يسم أباه بل كناه رواه مالك عن زيد ابن رباح وعبيد الله بن أبى عبد الله الأغر كلاهما عن أبى عبد الله الأغر عن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام". فأبو عبد الله الأغر هو سلمان وقد روى مسلم في الفتن حديثين من رواية محمد بن فضيل عن أبى إسماعيل عن أبى حازم عن أبى هريرة مرفوعا: "والذي نفسي بيده لا تذهب الدنيا حتى يمر الرجل على القبر" الحديث. وحديث: "والذي نفسي بيده لا تذهب الدنيا حتى يأتي على الناس يوم لا يدرى القاتل فيم قتل" الحديث وأبو إسماعيل هذا اسمه بشر بن سلمان ولكن لا يلزم المصنف ذكر هذا وذكر عبيد الله بن سلمان بكون سلمان غير مذكور في الصحيح وإنما ذكرهما لكون المصنف ذكر أبا حازم وأبا رجاء لكون كل منهما اسمه سلمان وإنما ذكرا في الصحيح بالكنية وقد قيل أن أبا إسماعيل المذكور في الحديث الأخير هو يزيد بن كيسان وخطأ المزى في الأطراف قائل ذلك قال والصحيح أنه بشير أبو إسماعيل كما في الحديث الذى قبله لوجوه منها أن ابن فضيل مشهور بالرواية عنه دون يزيد ابن كيسان ومنها أنه مشهور باسمه دون كنيته وقد اختلف في كنيته فقيل أبو إسماعيل وقيل أبو منير ومنها أنه أسلمي ويزيد بن كيسان يشكري والله أعلم انتهى. قلت لم يقع في مسلم نسبة أبى إسماعيل هذا أنه أسلمي في واحد من الحديثين المذكورين نعم وقع عند ابن ماجه في الحديث الأول أنه أسلمي والله أعلم. "قوله" وفيها سنان بن أبى سنان الدؤلى وسنان بن سلمة وسنان بن ربيعة أبو ربيعة وأحمد بن سنان وأم سنان وأبو سنان ضرار بن مرة الشيبانى ومن عدا هؤلاء الستة شيبان بالشين المنقوطة والياء والله أعلم انتهى

عبيدة: بفتح العين ليس في الكتب الثلاثة إلا عبيدة السلماني وعبيدة ابن حميد وعبيدة بن سفيان وعامر بن عبيدة الباهلي ومن عدا هؤلاء الأربعة فعبيدة بالضم والله أعلم.

_ وفيه أمور: أحدها: أن سنان لا يلتبس بشيبان لزيادة الثاني بحرف ولذلك لم يورد الترجمتين مجتمعتين من صنف في المؤتلف والمختلف إنما أورد الدارقطني وابن ماكولا سنان ويسار وشبان زاد ابن ماكولا وشبان ولم يوردا شيبان في هذه الترجمة ولكن المصنف تبع في ذلك صاحب المشارق فإنه أورده كذلك موافقا لما ذكره المصنف. الأمر الثاني: أن في الصحيح اسما آخر بالسين المهملة والنون غير الستة الذين ذكرهم منهم الهيثم بن أبى سنان روى له البخاري في صلاة الليل أنه سمع أبا هريرة وهو يقص في قصصه وهو يذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا أخا لكم لا يقول الرفث يعنى بذلك عبد الله بن رواحة الحديث ومنهم محمد بن سنان العوقى بفتح الواو وبالقاف حديثه في صحيح البخاري روى في كتاب الجائز عنه عن سليم بن حيان عن سعيد بن ميناء عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم على أصحمة وروى عنه بهذا الإسناد في صفة النبي صلى الله عليه وسلم حديث: "مثلى ومثل الأنبياء قبلي" الحديث. ومنهم أبو سنان الشيبانى وهو غير ضرار بن مرة روى مسلم في كتاب الصلاة من رواية وكيع عن أبى سنان الشيبانى عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا في المسجد قال من دعا إلى الجمل الأحمر الحديث. وأبو سنان الشيبانى هذا اسمه سعيد بن سنان هكذا سماه أحمد في مسنده عن وكيع في هذا الحديث وقد ذكره أبو القاسم اللالكائى في رجال مسلم وخالفه أبو بكر بن منجويه فلم يذكر فيهم إلا أبا سنان ضرار بن مرة وهو أبو سنان الشيبانى الأكبر وأما أبو سنان الشيبانى الأصغر فهو سعيد بن سنان قال المزى والأول أولى بالصواب أى ما فعله اللالكائى ولهم راو آخر يقال له سعيد بن سنان روى له ابن ماجه حديثا عن أبى الزاهرية. الأمر الثالث: أن أم شيبان التي ذكرها المصنف ليست لها رواية في الصحيحين ولا في الموطأ وإنما لها ذكر في الصحيحين في حديث ابن عباس قال لما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من حجته قال لأم سنان الأنصارية: "ما منعك من الحج" الحديث وفيه فإن عمرة في رمضان تقضى حجة وذكر المصنف لها في جملة سنان صواب ولكنه ترك ذكر الحرامى بالمهملة وأجاب عن تركه بأنه مذكور عند مسلم من غير رواية وسيأتي التنبيه عليه هناك.

عبيد بغير هاء التأنيث هو بالضم حيث وقع فيها. وكذلك عبادة بالضم حيث وقع إلا محمد بن عبادة الو اسطي من شيوخ البخاري فإنه بفتح العين وتخفيف الباء والله أعلم. عبدة: هو بإسكان الباء حيث وقع في هذه الكتب إلا عامر بن عبدة في خطبة كتاب مسلم وإلا بجالة بن عبدة على أن فيهما خلافا منهم من سكن الباء منهما أيضا وعبد بعض رواة مسلم عامر بن عبد بلا هاء ولا يصح والله أعلم. عباد: هو فيها بفتح العين وتشديد الباء إلا قيس بن عباد فإنه بضم العين وتخفيف الباء والله أعلم. ليس فيها عقيل بضم العين إلا عقيل بن خالد ويحيى بن عقيل وبنو عقيل للقبيلة. ومن عدا هؤلاء عقيل بفتح العين والله أعلم. وليس فيها وافد بالفاء أصلا وجميع ما فيها: واقد بالقاف والله أعلم. ومن الأنساب ذكر القاضي الحافظ عياض: أنه ليس في هذه الكتب الإبلي بالباء الموحدة أي المضمومة وجميع ما فيها على هذه الصورة فإنما هو الإيلي بالياء المنقوطة باثنتين من تحت. قلت: روى مسلم الكثير عن شيبان بن فروخ وهو أبلي بالباء الموحدة. لكن إذا لم يكن في شيء من ذلك منسوبا لم يلحق عياضا منه تخطئة والله أعلم.

_ "قوله" ذكر القاضى عياض أنه ليس في هذه الكتب الأبلى بالباء الموحدة وجميع ما فيها على هذه الصورة فإنما هو الأيلى بالياء المنقوطة باثنتين من تحت قلت روى مسلم الكثير عن شيبان بن فروخ وهو أبلى بالباء الموحدة لكن إذا لم يكن في شئ من ذلك منسوبا لم يلحق عياضا فيه تخطئة والله أعلم انتهى. وقد تتبعت كتاب مسلم فلم أجد فيه شيبان بن فروخ منسوبا فلا تخطئة على القاضى عياض حينئذ فيما قاله والله أعلم.

لا نعلم في الصحيحين البزار بالراء المهملة في آخره إلا خلف بن هشام البزار والحسن بن الصباح البزار وأما محمد بن الصباح البزاز وغيره فيهما فهو بزايين والله أعلم. وليس في الصحيحين والموطأ النصري بالنون والصاد المهملة إلا ثلاثة: مالك بن أوس بن الحدثان النصري وعبد الواحد بن عبد الله النصري وسالم مولى النصريين. وسائر ما فيها على هذه الصورة فهو بصري بالباء الموحدة والله أعلم. ليس فيها التوزي بفتح التاء المثناة من فوق والواو المشددة المفتوحة والزاي إلا أبو يعلى التوزي محمد بن الصلت في كتاب البخاري في باب الردة. ومن عداه فهو الثوري بالثاء المثلثة. ومنهم أبو يعلى منذر بن يعلى الثوري خرجا عنه والله أعلم. سعيد الجريري وعباس الجريري والجريري غير مسمى عن أبي نضرة هذا ما فيها بالجيم المضمومة وفيها الحريري بالحاء المهملة يحيى بن بشر شيخ البخاري ومسلم والله أعلم.

_ "قوله" لا نعلم في الصحيحين البزار بالراء المهملة في آخره إلا خلف بن هشام البزار والحسن بن الصباح البزار انتهى. وقد اعترض عليه بأن أبا على الجياني ذكر في تقييد المهمل أن يحيى بن محمد بن السكن البزار من شيوخ البخاري في صحيحه وأن بشر بن ثابت البزار استشهد به البخاري قلت الترجمتان كما ذكر في صحيح البخاري لكن غير منسوبتين فلا يردان على المصنف والله أعلم. "قوله" سعيد الحريري وعباس الحريري والجريري غير مسمى عن أبى نضرة هذا ما فيها بالجيم المضمومة وفيها الحريرى بالحاء المهملة يحيى بن بشر شيخ البخاري ومسلم والله أعلم انتهى. وفيه أمور أحدها أن تقييد المصنف ما فيها من الجريري غير مسمى بكونه عن

وفيها الجريري بفتح الجيم يحيى بن أيوب الجريري في كتاب البخاري من ولد جرير بن عبد الله والله أعلم. الجاري فيها بالجيم شخص واحد وهو سعد منسوب إلى الجار مرفأ السفن بساحل المدينة ومن عداه الحارثي بالحاء والثاء والله أعلم.

_ أبى نضرة قلد فيه القاضى عياضا فإنه هكذا قال في المشارق ويرد عليهما عدة مواضع في الصحيح ذكر فيها الجريري غير مسمى عن غير أبى نضرة والمراد به في المواضع كلها سعيد الجريري من ذلك في الصحيحين في كتاب الصلاة رواية الجريري غير مسمى عن عبد الله بن بريدة عن عبد الله بن مغفل مرفوعا بين كل أذانين صلاة الحديث ومن ذلك عند مسلم في الأطعمة رواية الجريري غير مسمى عن أبى عثمان النهدي عن عبد الرحمن بن أبى بكر قال نزل علينا أضياف لنا الحديث والحديث رواه البخاري في الأدب مصرحا بتسمية الجريري أنه سعيد. ومن ذلك عند البخاري في الأحكام رواية الجريري غير مسمى عن طريف أبى تميمة عن جندب مرفوعا: "من سمع سمع الله به" الحديث ومن ذلك عند مسلم في الكسوف رواية الجريري غير مسمى عن حيان بن عمير عن عبد الرحمن بن سمرة قال بينما أنا أترامى بأسهمى في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ كسفت الشمس الحديث. ومن ذلك عند مسلم في الصلاة رواية الجريري غير مسمى عن أبى العلاء يزيد ابن عبد الله بن الشخير أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم قال فتنخع فدلكها بنعله اليسرى. ومن ذلك عند مسلم في الحج رواية الجريري غير مسمى عن أبى الطفيل قال قلت لابن عباس أرأيت هذا الرمل بالبيت ثلاثة أطواف الحديث. ومن ذلك عند مسلم أيضا في المناقب رواية الجريري غير مسمى عن أبى الطفيل قال قلت له أرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم كان أبيض مليح الوجه. الأمر الثانى: أن أبا على الجيانى زاد على هذين الاسمين حيان بن عمير الجريري له عند مسلم عن عبد الرحمن بن سمرة الحديث المتقدم في الكسوف وزاد أيضا أبان

.........................................................................

_ ابن ثعلب الجريري مولاهم روى له مسلم أيضا في صحيحه قلت وهذان لا يردان على المصنف لأنهما في كتاب مسلم باسميهما غير منسوبين. الأمر الثالث: أن قول المصنف أن يحيى بن بشر الحريرى شيخ البخاري ومسلم وهم قلد فيه صاحب المشارق وتبع صاحب المشارق في ذلك أبا على الجيانى فإنه كذا قال في تقييد المهمل وسبقهما إلى ذلك أبو أحمد بن عدى فذكر في كتاب له جمع فيه من اتفق الشيخان على إخراج حديثه أن الشيخين أخرجا له وكذلك ذكر أبو نصر الكلابازى يحيى بن بشر الجريري في رجال البخاري ولم يصنعوا كلهم شيئا وإنما روى مسلم وحده حديثا واحدا عن معاوية بن سلام وهو يحيى بن بشر بن كثير الأسدى الجريري الكوفي. وأما الذي روى عنه البخاري فهو يحيى بن بشر البلخى الفلاس في موضعين من صحيحه غير منسوب الأول في باب الحج في باب قول الله تعالى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} . والثانى: في باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عمر إذ قال لأبى موسى هل يسرك إسلامنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث وقد وهم الجيانى والكلاباذى في جمعهما بين الترجمتين وقد فرق بينهما ابن أبى حاتم في الجرح والتعديل وابن حبان في الثقات وأبو بكر الخطيب في كتاب المتفق والمفترق وبه جزم الحافظ أبو الحجاج المزى في التهذيب وهو الصواب وهما رجلان معروفان مختلفا البلدة والوفاة فأما الجريري فهو كوفي وتوفي سنه تسع وعشرين ومائتين قاله محمد بن سعد وأبو القاسم البغوي زاد محمد بن سعد في جمادى الأولى في خلافة الواثق وقال مطين توفي في جمادى الأولى سنة سبع وعشرين ومائتين. وأما الذي روى عنه البخاري فهو بلخى توفي سنة اثنتين وثلاثين ومائتين قاله البخاري في التاريخ وأبو حاتم الرازي وأبو حاتم بن حبان زاد البخاري أنه مات لخمس مضين من المحرم ولم يذكر البخاري في تاريخه من هذين الرجلين إلا يحيى ابن بشر البلخي ولم يذكر الجريري في التاريخ وذكر أبو أحمد بن عدى في شيوخ البخاري يحيى بن بشر المروزي وقال أنه روى عن عبد الله بن المبارك ووهم ابن عدى

ليس في الصحيحين والموطأ الهمذاني بالذال المنقوطة وجميع ما فيها على هذه الصورة فهو الهمداني بالدال المهملة وسكون الميم. وقد قال أبو نصر بن ماكولا: الهمداني في المتقدمين بسكون الميم أكثر وبفتح الميم في المتأخرين أكثر وهو كما قال والله أعلم. هذه جملة لو رحل الطالب فيها لكانت رحلة رابحة إن شاء الله تعالى. ويحق على الحديثي إيداعها في سويداء قلبه. وفي بعضها من خوف الانتقاض ما تقدم في الأسماء المفردة وأنا في بعضها مقلد كتاب القاضي عياض ومعتصم بالله فيه وفي جميع أمري وهو سبحانه أعلم.

_ في ذلك لم يرو البخاري عنه ولم يرو هو عن ابن المبارك وهو متقدم الطبقة روى عنه ابن المبارك وروى هو عن عكرمة وكنيته أبو وهب هكذا ذكره البخاري في التاريخ الكبير وابن أبى حاتم في الجرح والتعديل وابن حبان في الثقات والخطيب في المتفق والمفترق وذكره الأزدى في الضعفاء وليس بجيد فقد قال فيه عبد الله بن المبارك إذا حدثك يحيى بن بشر عن أحد فلا تبال أن لا تسمعه منه وسئل عنه ابن معين فقال ثقة وذكره ابن حبان في الثقات وذكر الخطيب في المتفق والمفترق أن يحيى بن بشر أربعة هؤلاء الثلاثة والرابع يحيى بن بشر بن عبد الله يكنى أبا صعصعة روى عن أبيه عن أبى سعيد البخاري روى عنه سعيد بن كبير بن عفير المصري هكذا أورده الخطيب في يحيى بن بشر ووهم في ذلك وإنما هو يحيى بن قيس بن عبد الله هكذا ذكره ابن يونس في تاريخ الغرباء الذين قدموا مصر وأبو أحمد الحاكم في كتاب الكنى وأورد له هذا

النوع الرابع والخمسون: معرفة المتفق والمفترق من الأسماء والأنساب ونحوهما

النوع الرابع والخمسون: معرفة المتفق والمفترق من الأسماء والأنساب ونحوهما. هذا النوع متفق لفظا وخطا بخلاف النوع الذي قبله فإن فيه الاتفاق في صورة الخط مع الافتراق في اللفظ وهذا من قبيل ما يسمى في أصول الفقه المشترك. وزلق

الحزامي حيث وقع فيها فهو بالزاي غير المهملة والله أعلم. السلمي: إذا جاء في الأنصار فهو بفتح السين نسبة إلى بني سلمة منهم. ومنهم جابر بن عبد الله وأبو قتادة. ثم إن أهل العربية يفتحون اللام منه في النسب كما في النمري والصدفي وبابهما وأكثر أهل الحديث يقولونه بكسر اللام على الأصل وهو لحن والله أعلم.

_ الحديث الذي أورده الخطيب له وقال إنه حديث منكر وهكذا ذكره صاحب الميزان وهو الصواب فتحرر أن يحيى بن بشر ثلاثة لا أربعة والله أعلم. الأمر الرابع: أن المصنف اقتصر في هذه الترجمة على الجريري بضم الجيم والحريري بفتح الحاء المهملة وزاد فيها أبو على الجيانى في تقييد المهمل والقاضي عياض في المشارق الجريري بفتح الجيم قال القاضي عياض وفي البخاري يحيى بن أيوب الجريري بفتح الجيم في أول كتاب الأدب وسبقه إلى ذلك الجيانى فقال ذكره البخاري مستشهدا به في أول كتاب الأدب قلت لا يرد هذا على ابن الصلاح فأنه ليس مذكورا في البخاري بهذه النسبة إنما قال وقال ابن شبرمة ويحيى بن أيوب حدثنا أبو زرعة مثله. "قوله" الحزامى حيث وقع فيها فهو بالزاى غير المهملة والله أعلم انتهى. قلت وقع في صحيح مسلم في أواخر الكتاب في حديث أبى اليسر قال كان لى على فلان بن فلان الحرامى مال فأتيت أهله الحديث. وقد اختلفوا في ضبط هذه النسبة فقال القاضى عياض إن الأكثرين رووه بحاء مهملة مفتوحة وراء قال وعند الطبرى الحزامى بكسرها وبالزاى قال وعند ابن ماهان الجذامى بضم الجيم وذال معجمة وقد اعتذر المصنف عن هذا الاعتراض حين قرئ عليه علوم الحديث في حاشية أملاها على كتابة بأن قال لا يرد على هذا فإن المراد بكلامنا المذكور ما وقع من ذلك في أنساب الرواية وهكذا قال النووى في كتاب الإرشاد وهذا لا يحسن جوابا لأن المصنف وتبعه النووى في مختصر به قد ذكرا في هذا القسم غير واحد ليس لهم في الصحيحين ولا في الموطأ رواية بل مجرد ذكر منهم بنو عقيل القبيلة وبنو سلمة القبيلة وخبيب بن عدى له ذكر في البخاري دون رواية وكذلك حبان بن العرقة له ذكر في الصحيحين من غير رواية وكذلك أم سنان المذكورة في حديث عمرة في رمضان كما تقدم ذكره كذلك والله أعلم.

بسببه غير واحد من إلاكابر ولم يزل إلاشتراك من مظان الغلط في كل علم. وللخطيب فيه كتاب المتفق والمفترق وهو مع أنه كتاب حفيل غير مستوف للأقسام التي أذكرها إن شاء الله تعالى. فأحدها: المفترق ممن اتفقت أسماؤهم وأسماء آبائهم مثاله: الخليل بن أحمد ستة وفات الخطيب منهم الأربعة الأخيرة. فأولهم النحوي البصري صاحب العروض حدث عن عاصم الأحول وغيره. قال أبو العباس المبرد: فتش المفتشون فما وجد بعد نبينا صلى الله عليه وسلم من اسمه أحمد قبل أبي الخليل بن أحمد. وذكر التاريخي أبو بكر: أنه لم يزل يسمع النسابين والإخباريين يقولون: إنهم لم يعرفوا غيره. واعترض عليه بأبي السفر سعيد بن أحمد احتجاجا بقول يحيى بن معين في اسم أبيه فإنه أقدم. وأجاب: بأن أكثر أهل العلم إنما قالوا فيه سعيد بن يحمد والله أعلم. والثاني: أبو بشر المزني بصري أيضا حدث عن المستنير بن أخضر عن معاوية بن قرة. روى عنه العباس العنبري وجماعة والثالث: أصبهاني روى عن روح بن عبادة والرابع: أبو سعيد السجزي القاضي الفقيه الحنفي المشهور بخراسان حدث عن ابن خزيمة وابن صاعد والبغوي وغيرهم من الحفاظ المسندين.

_ النوع الرابع والخمسون- معرفة المتفق والمفترق. قوله الخليل بن أحمد ستة فذكر الأول والثانى ثم قال والثالث اصبهانى روى عن روح ابن عبادة وغيره انتهى وهذا وهم من المصنف وكأنه قلد فيه غيره فقد سبقه إلى ذلك ابن الجوزى في كتاب التلقيح وسبقهما إلى ذلك أبو الفضل الهروى في كتاب مشتبه أسماء المحدثين فعد هذا فيمن اسمه الخليل بن أحمد وإنما هو الخليل بن محمد العجلى يكنى ابا العباس وقيل أبا محمد هكذا سماه أبو الشيخ بن حيان في كتاب الطبقات

والخامس: أبو سعيد البستي القاضي المهلبي فاضل روى عن الخليل السجزي المذكور وحدث عن أحمد بن المظفر البكري عن ابن أبي خثيمة بتاريخه وعن غيرهما حدث عنه البيهقي الحافظ. والسادس: أبو سعيد البستي أيضا الشافعي فاضل متصرف في علوم دخل الأندلس وحدث ولد سنة ستين وثلاثمائة. روى عن أبي حامد الإسفرائيني وغيره. حدث عنه أبو العباس العذري وغيره والله أعلم.

_ الأصبهانيين وكذلك أبو نعيم الأصبهانى في تاريخ أصبهان وروى له أحاديث في ترجمته عن روح بن عبادة وغيره فقال حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن جعفر حدثنا أبو الأسود عبد الرحمن بن محمد بن الفيض حدثنا الخليل بن محمد حدثنا روح بن عبادة حدثنا موسى ابن عبيد أخبرنى عبد الله ابن دينار قال قال عبد الله بن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا مشت امتى المطيطاء" الحديث وروى له حديثين آخرين من روايته عن عبد العزيز بن أبان وحدثنا من روايته عن أبى بكر الواسطى وهكذا ذكر الحافظ أبو الحجاج المزى في الوفاة عن روح بن عبادة الخليل بن محمد العجلى الأصبهانى ولم أر أحدا من الأصبهانيين تسمى الخليل بن أحمد بل لم يذكر أبو نعيم في تاريخ أصبهان أحدا اسمه الخليل غير الخليل بن محمد العجلى هذا والوهم في ذلك من أبى الفضل الهروى وتبعه ابن الجوزى والمصنف ويشبه هذا ما وقع في أصل سماعنا من صحيح ابن حبان في النوع التاسع والمائة من القسم الثانى أخبرنا الخليل بن أحمد بواسط حدثنا جابر بن الكردى فذكر حديثا والظاهر أن هذا تغيير من بعض الرواة وإنما هو الخليل بن محمد فقد سمع منه ابن حبان بواسط عدة أحاديث متفرقة في أنواع الكتاب وهو الخليل بن محمد ابن الخليل الواسطى البزاز أحد الحفاظ وهو ابن بنت تميم المنتصر وإنما ذكرت هذا هنا لئلا يستدرك هذا بأنه من جملة من اسمه الخليل بن أحمد. "قوله" والخامس أبو سعيد البستى القاضى المهلبى ثم قال والسادس أبو سعيد البستى أيضا الشافعى إلى آخر كلامه قلت وأخشى أن يكون هذان واحدا فيحرر من فرق بينهما غير المؤلف فإن كان واحدا فقد سقط من الستة الذين ذكرهم المصنف اثنان فرأيت أن اذكر من سمى بالخليل بن أحمد من غير من ذكره المصنف ليعوض منهم

القسم الثاني: المفترق ممن اتفقت أسماؤهم وأسماء آبائهم وأجدادهم أو أكثر من ذلك ومن أمثلته: أحمد بن جعفر بن حمدان أربعة كلهم في عصر واحد أحدهم: القطيعي البغدادي أبو بكر الراوي عن عبد الله بن أحمد بن حنبل الثاني: السقطي البصري أبو بكر يروي أيضا عن عبد الله بن أحمد ولكنه عبد الله بن أحمد بن إبراهيم الدورقي الثالث: دينوري روى عن عبد الله بن محمد بن سنان عن محمد بن كثير صاحب سفيان الثوري والرابع: طرسوسي روى عن عبد الله بن جابر الطر سوسي تاريخ محمد ابن عيسى الطباع. محمد بن يعقوب بن يوسف النيسابوري: اثنان كلاهما في عصر واحد وكلاهما يروي عنه الحاكم أبو عبد الله وغيره فأحدهما: هو المعروف بأبي العباس الأصم. والثاني: هو أبو عبد الله بن الأخرم الشيباني ويعرف بالحافظ دون الأول والله أعلم.

_ عمن سقط وهم الخليل بن أحمد بصري أيضا يروى عن عكرمة ذكره أبو الفضل الهروي في كتاب مشتبه أسماء المحدثين فيما حكاه ابن الجوزي في التلقيح عن خط شيخه عبد الوهاب الأنماطي عنه والخليل بن أحمد بن إسماعيل القاضي أبو سعيد السجزي الحنفي روى عنه أبو عبد الله الفارسي. وهذا غير الخليل بن أحمد السجزى الحنفي القاضي فإن هذا ذكره الحاكم في تاريخ نيسابور واسم جده الخليل وأما الذى ذكرناه فاسم جده إسماعيل ذكره عبد الغافر في السياق وهو ذيله على تاريخ الحاكم والخليل بن أحمد أبو سليمان بن أبى جعفر الخالدي الفقيه سمع من أبى بكر أحمد بن منصور بن خلف والقضاة الصاعدية توفي في صفر سنة ثلاث وخمسمائة ذكره عبد الغافر أيضا في السياق والخليل بن أحمد أبو القاسم المصري. ذكره أبو القاسم بن الطحان في ذيله على تاريخ مصر وقال توفي سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة والخليل بن أحمد البغدادى روى عن سيار بن حاتم ذكره ابن النجار في ذيله على تاريخ الخطيب والخليل بن أحمد بن على أبو طاهر الجوسقى الصرصرى سمع من ابن البطى وشهدة وروى عنه الحافظ بن النجار وابن الدبيثى وذكره كل منهما في الذيل وقال ابن النجار توفي سنة أربع وثلاثين

القسم الثالث: ما اتفق من ذلك في الكنية والنسبة مثاله: أبو عمران الجوني اثنان أحدهما: التابعي عبد الملك بن حبيب والثاني: اسمه موسى بن سهل بصري سكن بغداد روى عن هشام ابن عمار وغيره روى عنه دعلج ابن أحمد وغيره. ومما يقاربه أبو بكر بن عياش ثلاثة أولهم: القارئ المحدث وقد سبق ذكر الخلاف في اسمه والثاني: أبو بكر بن عياش الحمصي الذي حدث عنه جعفر بن عبد الواحد الهاشمي وهو مجهول وجعفر غير ثقة والثالث: أبو بكر بن عياش السلمي الباجدائي صاحب كتاب غريب الحديث واسمه حسين بن عياش مات سنة أربع ومائتين بباجدا روى عنه علي بن جميل الرقي وغيره والله أعلم. القسم الرابع: عكس هذا. ومثاله صالح بن أبي صالح أربعة: أحدهم: مولى التوأمة بنت أمية بن خلف والثاني: أبوه أبو صالح السمان ذكوان الراوي عن أبي هريرة. والثالث: صالح بن أبي صالح السدوسي روى عن علي وعائشة روى عنه خلاد بن عمر والرابع: صالح بن أبي صالح مولى عمرو بن حريث روى عن أبي هريرة روى عنه أبو بكر بن عياش والله أعلم. القسم الخامس: المفترق ممن اتفقت أسماؤهم وأسماء آبائهم ونسبتهم مثاله محمد بن عبد الله الأنصاري اثنان متقاربان في الطبقة أحدهما: هو الأنصاري المشهور

_ "قوله" ومثاله صالح بن أبى صالح أربعة فذكرهم قلت فإنه خامس وهو صالح بن أبى صالح الأسدي روى عن الشعبي روى عنه زكريا بن أبى زائدة روى له النسائي حديثا لكن في كتاب ابن أبى حاتم أنه صالح بن صالح وذكر البخاري الاختلاف فيه في التاريخ الكبير قال وصالح بن أبى صالح أصح. "قوله" مثاله محمد بن عبد الله الأنصاري اثنان متقاربان في الطبقة فذكرهما قلت هكذا اقتصر المصنف على كونهما اثنين تبعا للخطيب في كتاب المتفق والمفترق وزادا الحافظ أبو الحجاج المزي ثالثا فقال محمد بن عبد الله الأنصاري ثلاثة فزاد فيهم محمد بن عبد الله

القاضي أبو عبد الله الذي روى عنه البخاري والناس والثاني: كنيته أبو سلمة ضعيف الحديث والله أعلم. القسم السادس: ما وقع فيه إلاشتراك في إلاسم خاصة أو الكنية خاصة وأشكل مع ذلك لكونه لم يذكر بغير ذلك. مثاله: ما رويناه عن ابن خلاد القاضي الحافظ قال إذا قال عارم: حدثنا حماد فهو حماد بن زيد وكذلك سليمان بن حرب. وإذا قال التبوذكي: حدثنا حماد فهو حماد بن سلمة وكذلك الحجاج بن منهال وإذا قال عفان: حدثنا أمكن أن يكون أحدهما ثم وجدت عن محمد بن يحيى الذهلي عن عفان قال: إذا قلت لكم حدثنا حماد ولم أنسبه فهو ابن سلمة وذكر محمد بن يحيى فيمن سوى التبوذكي ما ذكره ابن خلاد. ومن ذلك ما رويناه عن سلمة بن سليمان أنه حدث يوما فقال: أخبرنا عبد الله فقيل له: ابن من؟ فقال: يا سبحان الله أما ترضون في كل حديث حتى أقول: حدثنا عبد الله بن المبارك أبو عبد الرحمن الحنظلي الذي منزله في سكة صغد. ثم قال سلمة: إذا قيل بمكة عبد الله فهو ابن الزبير. وإذا قيل بالمدينة عبد الله فهو ابن عمر. وإذا قيل بالكوفة عبد الله فهو ابن مسعود. وإذا قيل بالبصرة عبد الله فهو ابن عباس. وإذا قيل بخراسان عبد الله فهو ابن المبارك.

_ ابن حفص بن هشام بن زيد بن أنس بن مالك الأنصاري روى عنه ابن ماجه وآخرون. وذكره ابن حبان في الثقات قلت ولهم رابع وهو محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه الأنصاري ذكره ابن حبان في ثقات التابعين ويجاب عن المصنف بأنه اقتصر عليهما لتقاربهما في الطبقة كما أشار إليه المصنف والخطيب قبله وزاد كونهما بصريين. والثالث وإن كان بصريا أيضا فهو متأخر عنهما فإنه روى عن محمد بن عبد الله بن المثنى الأنصاري أحد المذكورين وأما الرابع فهو متقدم الطبقة عليهما انتهى. "قوله" وإذا قال التبوذكي حدثنا حماد فهو حماد بن سلمة انتهى.

.........................................................................

_ وقد اعترض على المصنف بما ذكره ابن الجوزي في كتاب التلقيح أن موسى بن إسماعيل التبوذكي ليس يروى إلا عن حماد بن سلمة خاصة وإذا كان كذلك فلا حاجة لتقييد ذلك بما إذا أطلقه لأنه إنما يشكل الحال في حالة إطلاق حماد بالنسبة لمن روى عنهما جميعا والجواب أن ما ذكره ابن الجوزي غير مسلم له فقد ذكر المزي في تهذيب الكمال أنه روى عن حماد بن زيد أيضا إلا أنه قال يقال روى عنه حديثا واحدا وخالف ذلك في فصل ذكره في ترجمة حماد بن سلمة فقال وممن انفرد بالرواية عن حماد بن سلمة أو اشتهر بالرواية عنه بهز بن أسد وموسى بن إسماعيل وعامة من ذكرناه في ترجمته دون ترجمة حماد بن زيد وقد يجمع بين كلاميه بأنه قال هنا أو اشتهر بالرواية عنه فيكون أراد أن موسى بن إسماعيل اشتهر بالرواية عنه دون الانفراد عنه والله أعلم. وقد اقتصر المصنف على ثلاثة رواه ممن يحمل إطلاقهم حدثنا حماد على حماد بن سلمة وهم التبوذكي وحجاج بن منهال وعفان على قول محمد بن يحيى الذهلي وزاد المزي في التهذيب معهم هدبة بن خالد فإذا أطلق حمادا فهو ابن سلمة وبقى وراء ذلك أمر آخر وهو أن جماعة من الرواة يطلقون الرواية عن حماد من غير تمييز ويكون بعضهم إنما يروى عن حماد بن زيد دون ابن سلمة وبعضهم عن حماد بن سلمة دون ابن زيد فربما ظن غير أهل الحديث أو غير المتبحر منهم أنهم يروون عنهما ولا يتميز مرادهم لكونه غير منسوب فأردت بيان من يروى عن واحد منهما دون الآخر ليعرف بذلك مراده في حالة الإطلاق فممن يروى عن حماد بن زيد دون ابن سلمة أحمد بن إبراهيم الموصلى وأحمد بن عبد الملك الحرانى وأحمد بن عبدة الضبى وأحمد بن المقدام العجلى وأزهر بن مروان الرقاشى وإسحاق بن أبى إسرائيل وإسحاق بن عيسى بن الطباع والأشعث بن إسحاق والد أبى داود وبشر بن معاذ وجبارة بن المغلس وحامد بن عمر البكراوى والحسن بن الربيع والحسن بن الوليد وحفص بن عمر الحوضى وحماد بن أسامة وحميد بن مسعدة وحوثرة بن محمد المنقرى وخالد بن خداش وخلف بن هشام البزار وداود بن عمرو وداود بن معاذ وزكريا بن عدى وسعيد بن عمرو الأشعثى وسعيد بن منصور وسعيد بن يعقوب الطالقانى وسفيان بن عيينة وسليمان بن داود الزهرانى وصالح بن عبد الله الترمذى والصلت بن محمد الخاركى والضحاك بن مخلد أبو عاصم النبيل وعبد الله بن الجراح القهستانى وعبد الله بن داود التمار الواسطى وعبد الله بن عبد الوهاب الحجبى وعبد الله بن

...........................................................................

_ وهب وعبد الرحمن بن المبارك العيشى وعبد العزيز بن المغيرة وعبيد الله بن سعيد السرخسى وعبيد الله بن عمر القواريرى وعلى بن المدينى وعمر بن زيد السيارى وعمرو ابن عون الواسطى وعمران بن موسى القزاز وغسان بن الفضل السجستانى وفضيل بن عبد الوهاب القناد وفطر بن حماد وقتيبة بن سعيد وليث بن حماد الصفار وليث بن خالد البلخى ومحمد بن إسماعيل السكرى ومحمد بن أبى بكر المقدمى ومحمد بن زنبور المكى ومحمد بن زياد الزيادى ومحمد سليمان لوين ومحمد بن عبد الله الرقاشى ومحمد بن عبيد بن حساب ومحمد بن عيسى بن الطباع ومحمد بن موسى الخرشى ومحمد بن النضر بن مساور المروزى ومحمد ابن أبى نعيم الواسطى ومخلد بن الحسن البصرى ومخلد بن خداش البصرى ومسدد بن مسرهد ويعلى بن منصور الرازى ومهدى بن حفص وهلال بن بشر والهيثم بن سهل التسترى وهو آخر من روى عنه ووهب بن جرير بن حازم ويحيى ابن بحر الكرمانى ويحيى بن حبيب بن عربى الحارثى ويحيى بن درست البصرى ويحيى ابن عبد الله بن بكير المصرى ويحيى بن يحيى النيسابورى ويوسف بن حماد المعنى وممن يروى عن حماد بن سلمة دون ابن زيد إبراهيم بن الحجاج الشامى وابراهيم بن أبى سويد الدراع وأحمد بن إسحاق الحضرمى وآدم بن أبى إياس وإسحق بن عمر بن سليط وإسحق بن منصور السلولى وأسد بن موسى وبشر بن السرى وبشر بن عمر الزهرانى وبهز بن أسد وحبان بن هلال والحسن بن بلال والحسن بن موسى الأشيب والحسين بن عروة وخليفة بن خياط وداود بن شبيب وزيد بن الحباب وزيد بن أبى الورقاء وشريح بن النعمان وسعيد بن عبد الجبار المصرى وسعيد بن يحيى اللخمى وأبو داود سليمان ابن داود الطيالسى وشعبة وشهاب بن معمر البلخى وطالوت بن عباد والعباس بن بكار الضبى وعبد الله بن صالح العجلى وعبد الرحمن بن سلام الجمحى وعبد الصمد بن حسان وعبد الصمد بن عبد الوارث وعبد الغفار بن داود الحرانى وعبد الملك بن عبد العزيز ابن جريج وهو من شيوخه وعبد الملك بن عبد العزيز أبو نصر التمار وعبد الواحد بن غياث وعبيد الله بن محمد العيشى وعمرو بن خالد الحرانى وعمرو بن عاصم الكلابى والعلاء بن عبد الجبار وغسان بن الربيع وأبو نعيم الفضل بن دكين والفضل بن عنبسة الواسطى وقبيصة بن عقبة وقريش بن أنس وكامل بن طلحة الجحدرى ومالك بن أنس وهو من أقرانه ومحمد بن إسحق بن يسار وهو من شيوخه ومحمد بن بكر البرسانى

وقال الحافظ أبو يعلى الخليلي القزويني: إذا قال المصري عن عبد الله ولا ينسبه فهو ابن عمرو يعني ابن العاص. وإذا قال المكي عن عبد الله ولا ينسبه فهو ابن عباس.

_ ومحمد بن عبد الله الخزاعى ومحمد بن كثير المصيصي ومسلم بن أبى عاصم النبيل وأبو كامل مظفر بن مدرك ومعاذ بن خالد بن شقيق ومعاذ بن معاذ ومهنا بن عبد الحميد وموسى ابن داود الضبى والنضر بن شميل والنضر بن محمد الجرشى والنعمان بن عبد السلام وهشام بن عبد الملك الطيالسى والهيثم بن جميل ويحيى بن إسحق السيلحينى ويحيى بن حماد الشهبانى ويحيى بن الضريس الرازى ويعقوب بن إسحق الحضرمى وأبو سعيد مولى أبى هاشم وأبو عامر العقدي. قال المزى في التهذيب وعامة من ذكرناه في ترجمة حماد بن زيد دون ترجمة حماد ابن سلمة فانه لم يرو أحد منهم عن حماد بن سلمة ثم قال وممن انفرد بالرواية عن حماد ابن سلمة أو اشتهر بالرواية عنه بهز بن أسد وموسى بن إسمعيل وعامة من ذكرناه في ترجمته دون ترجمة حماد بن زيد فاذا جاءك عن أحد من هؤلاء عن حماد غير منسوب فهو ابن سلمة والله أعلم انتهى. وما أدرى لم فرق المزى بين من ذكرهم في ترجمة حماد بن زيد دون ابن سلمة وبين من ذكرهم في ترجمة حماد بن سلمة دون ابن زيد فقال في الأولين إنهما انفردوا بالرواية عن حماد بن زيد وقال في الآخرين إنهم انفردوا أو اشتهروا بالرواية عن حماد بن سلمة فزاد في الآخرين أو اشتهروا بذلك فيفهم منه أن بعضهم رووا عن حماد بن زيد ولكن لم يشتهروا بالرواية عنه فما أدرى وقع ذلك منه قصدا للتفرقة بين الترجمتين أو اتفاقا والله أعلم. "قوله" وقال الحافظ أبو يعلى الخليلى القزوينى إذا قال المصرى عن عبد الله ولا ينسبه فهو ابن عمرو يعنى بن العاص انتهى قلت وما حكاه الخليلى عن المصريين حكاه الخطيب في الكفاية عن بعض المصريين بعد أن صدر كلامه بأن الشاميين يفعلون ذلك فروى بإسناده عن النضر بن شميل قال إذا قال الشامى عبد الله فهو ابن عمرو يعنى بن العاص وإذا قال المدنى عبد الله فهو ابن عمر قال الخطيب وهذا القول الصحيح ثم قال وكذلك بفعل بعض المصريين في عبد الله بن عمرو بن العاص انتهى وكلام الخطيب يدل على أن هذا في الشاميين أكثر منه في المصريين والله أعلم

ومن ذلك: أبو حمزة بالحاء والزاي عن ابن عباس إذا أطلق. وذكر بعض الحفاظ: أن شعبة روى عن سبعة كلهم أبو حمزة عن ابن عباس وكلهم أبو حمزة بالحاء والزاي إلا واحدا فإنه بالجيم وهو أبو جمرة نصر ابن عمران الضبعي ويدرك فيه الفرق بينهم بأن شعبة إذا قال عن أبي جمرة عن ابن عباس وأطلق فهو عن نصر بن عمران وإذا روى عن غيره فهو يذكر اسمه أو نسبه والله أعلم.

_ "قوله" وذكر بعض الحفاظ أن شعبة يروى عن سبعة كلهم أبو حمزة عن ابن عباس وكلهم أبو حمزة بالحاء والزاي إلا واحدا فإنه بالجيم وهو أبو جمرة نصر بن عمران الضبعي ويدرك فيه الفرق بينهم بأن شعبة إذا قال عن أبى حمزة عن ابن عباس وأطلق فهو نصر ابن عمران وإذا روى عن غيره فهو يذكر اسمه أو نسبه والله أعلم انتهى. وفيه نظر من حيث أن شعبة قد يروى عن غير نصر بن عمران ويطلقه فلا يذكر اسمه ولا نسبه مثاله ما رواه أحمد في مسنده حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن أبى حمزة سمعت ابن عباس يقول مر أبى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ألعب مع الغلمان فاختبأت منه خلف باب الحديث فهذا شعبة قد أطلق الرواية عن أبى حمزة وليس هو نصر بن عمران وإنما هو أبو حمزة بالحاء المهملة والزاي القصاب واسمه عمران بن أبى عطاء وقد نسبه مسلم في روايته في هذا الحديث فرواه من رواية أمية بن خالد ثنا شعبة عن أبى حمزة القصاب عن ابن عباس فذكره ولم يسمه مسلم في روايته وسماه النسائي في روايته لهذا الحديث في كتاب الكنى فقال أنا عمرو بن على حدثني سهل بن يوسف قال ثنا شعبة عن أبى حمزة عمران بن أبى عطاء عن ابن عباس فذكره وكان ينبغي لمسلم أن يسميه في روايته وإن لم يكن سماه شيخه بقوله هو عمران ابن أبى عطاء أو يعنى عمران بن أبى عطاء لأن أبا حمزة القصاب اثنان أحدهما هذا والآخر اسمه ميمون القصاب الأعور وقد يجاب عن فعل مسلم بأن ميمونا القصاب لا يروى عن ابن عباس ولا يروى عنه شعبة وإنما يروى عنه سفيان الثوري وشريك بن عبد الله النخعي وآخرون وروى هو عن إبراهيم النخعي والحسن البصري في آخرين من التابعين وهو ضعيف عندهم والأول ثقة من التابعين وميمون من أتابع التابعين فلا يلتبس والله أعلم.

القسم السابع: المشترك المتفق في النسبة خاصة ومن أمثلته: الأملى والآملي: فالأول: إلى آمل طبرستان. قال أبو سعيد السمعاني: أكثر أهل العلم من أهل طبرستان. من آمل. والثاني: إلى آمل جيحون. شهر بالنسبة إليها عبد الله بن حماد الأملى روي عنه البخاري في صحيحه وما ذكره الحافظ أبو علي الغساني ثم القاضي عياض المغربيان: من أنه منسوب إلى آمل طبرستان فهو خطأ والله أعلم. ومن ذلك الحنفي والحنفي فالأول نسبة إلى بني حنيفة والثاني: نسبة إلى مذهب أبي حنيفة. وفي كل منهما كثرة وشهرة. وكان محمد بن طاهر المقدسي وكثير من أهل العلم والحديث وغيرهم يفرقون بينهما فيقولون في المذهب حنيفي بالياء ولم أجد ذلك عن أحد من النحويين إلا عن أبي بكر بن الأنباري الإمام قاله في كتابه

_ وقد يروى شعبة أيضا عن أبى حمزة عن ابن عباس وهو نصر بن عمران وينسبه. مثاله ما رواه مسلم في الحج من رواية محمد بن جعفر قال حدثنا شعبة قال سمعت أبا حمزة الضبعى يقول تمتعت فنهانى ناس عن ذلك فأتيت ابن عباس الحديث فهذا شعبة لم يطلق الرواية عن أبى جمرة بل نسبه بأنه الضبعى وهذا لا يرد على عبارة المصنف ولكن أردت بإيراده أنه ربما نسب أبا جمرة الذي بالجيم وربما لم ينسب أبا حمزة الذي بالحاء كما تقدم من مسند أحمد والله أعلم. "قوله" والثاني إلى آمل جيحون شهر بالنسبة إليها عبد الله بن حماد الآملي روى عنه البخاري في صحيحه انتهى وفيه نظر من حيث أن البخاري لم يصرح في صحيحه بروايته عن عبد الله بن حماد الآملي وإنما روى في صحيحه عن عبد الله غير منسوب حديثين أحدهما عنه عن يحيى بن معين والآخر عنه عن سليمان بن عبد الرحمن وموسى ابن هارون البرقي فظن بعضهم أنه عبد الله بن حماد الآملي فذكره الكلاباذي في رجال البخاري قال المزي ويحتمل أن يكون عبد الله بن أبى القاضي الخوارزمي انتهى. ويؤيد هذا الاحتمال أن البخاري روى عنه في كتاب الضعفاء الكبير عدة أحاديث عن سليمان بن عبد الرحمن وغيره سماعا وتعليقا والله أعلم.

الكافي ولمحمد بن طاهر في هذا القسم كتاب الأنساب المتفقة. ووراء هذه الأقسام أقسام أخر لا حاجة بنا إلى ذكرها. ثم إن ما يوجد من المتفق المفترق غير مقرون ببيان فالمراد به قد يدرك بالنظر في رواياته فكثيرا ما يأتي مميزا في بعضها وقد يدرك بالنظر في حال الراوي والمروي عنه وربما قالوا بذلك بظن لا يقوى. حدث القاسم المطرز يوما بحديث عن أبي همام أو غيره عن الوليد بن مسلم عن سفيان. فقال له أبو طالب بن نصر الحافظ: من سفيان هذا؟ فقال: هذا الثوري فقال له أبو طالب: بل هو ابن عيينة. فقال له المطرز: من أين قلت فقال لأن الوليد قد روى عن الثوري أحاديث معدودة محفوظة وهو مليء بابن عيينة والله أعلم.

_ "قوله" حدث القاسم المطرز يوما بحديث عن أبى همام أو غيره عن الوليد بن مسلم عن سفيان فقال له أبو طالب بن نصر الحافظ من سفيان هذا فقال له المطرز هو الثوري فقال له أبو طالب بل هو ابن عيينة فقال له المطرز من أين قلت فقال لأن الوليد قد روى عن الثوري أحاديث معدودة محفوظة وهو ملئ بابن عيينة والله أعلم انتهى. قلت أقر المصنف تصويب كلام الحافظ أبى طالب أحمد بن نصر وتعليل ذلك بكون الوليد بن مسلم مليئا بابن عيينة وفيه نظر من حيث أنه لا يلزم من كونه مليا بابن عيينة على تقدير تسليمه أن يكون هذا من حديثه عنه إذا أطلقه بل يجوز أن يكون هذا من تلك الأحاديث المعدودة التى رواها الوليد عن سفيان الثوري وإذا عرف ذلك فإني لم أر في شيء من كتب التواريخ وأسماء الرجال رواية الوليد بن مسلم عن سفيان ابن عيينة البتة وإنما رأيت فيها ذكر روايته عن سفيان الثوري وممن ذكر ذلك البخاري في التاريخ الكبير وابن عساكر في تاريخ دمشق والمزي في التهذيب وكذلك لم أر في شيء من كتب الحديث رواية الوليد عن ابن عيينة لا في الكتب الستة ولا غيرها.

.........................................................................

_ وروايته عن الثوري في السنن الكبرى للنسائي فروى في اليوم والليلة حديثا عن الجارود بن معاذ الترمذي عن الوليد بن مسلم عن سفيان الثوري والله أعلم. ويرجح ذلك وفاة الوليد بن مسلم قبل سفيان بن عيينة بزمن فإن الوليد حج سنة أربع وتسعين ومائة ومات بعد انصرافه من الحج قبل أن يصل إلى دمشق في المحرم سنة خمس وتسعين وقيل مات في بقية سنة أربع وتأخر سفيان بن عيينة إلى سنة ثمان وتسعين وتوفي الثوري سنة إحدى وستين ومائة فالظاهر أن ما قاله القاسم بن زكريا المطرز من أنه الثوري هو الصواب والله أعلم.

النوع الخامس والخمسون: نوع يتركب من النوعين اللذين قبله

النوع الخامس والخمسون: نوع يتركب من النوعين اللذين قبله. وهو: أن يوجد الاتفاق المذكور في النوع الذي فرغنا منه آنفا في اسمي شخصين أو كنيتهما التي عرفا بها ويوجد في نسبهما أو نسبتهما الاختلاف والائتلاف المذكوران في النوع الذي قبله. أو على العكس من هذا: بأن يختلف ويأتلف أسماؤهما ويتفق نسبتهما أو نسبهما اسما أو كنية ويلتحق بالمؤتلف والمختلف فيه ما يتقارب ويشتبه وإن كان مختلفا في بعض حروفه في صورة الخط. وصنف الخطيب الحافظ في ذلك كتابه الذي سماه كتاب تلخيص المتشابه في الرسم وهو من أحسن كتبه لكن لم يعرب باسمه الذي سماه به عن موضوعه كما أعربنا عنه. فمن أمثلة الأول: موسى بن علي بفتح العين وموسى بن علي بضم العين فمن الأول جماعة منهم: أبو عيسى الختلي الذي روى عنه أبو بكر بن مقسم المقري وأبو علي الصواف وغيرهما.

_ النوع الخامس والخمسون: نوع يتركب من النوعين اللذين قبله. "قوله" موسى بن على بفتح العين وموسى بن على بضم العين فمن الأول جماعة منهم أبو عيسى الختلي الذي روى عنه أبو بكر بن مقسم المقرئ وأبو على الصواف وغيرهما انتهى.

........................................................................

_ فقوله وأبو على الصواف هو معطوف على أبى بكر بن مقسم لا على أبى عيسى الختلي وقد توهم بعضهم أنه معطوف على أبى عيسى وهو شيخنا العلامة علاء الدين التركماني في اختصاره لكتاب ابن الصلاح فقال فالأول كموسى بن على بفتح العين أبو عيسى الختلي وأبو على بن الصواف انتهى. وهذا لا يصح لأن اسم أبى على الصواف محمد بن أحمد بن الحسن لا موسى بن على فعلى هذا لم يذكر المصنف ممن اسمه موسى بن على بالفتح إلا واحدا فقط وزاد النووي في مختصره المسمى بالإرشاد فقال أنهم كثيرون وفيه نظر وليس في المتقدمين أحد يسمى هكذا لا في رجال الكتب الستة ولا في تاريخ البخاري ولا كتاب ابن أبى حاتم ولا ثقات ابن حبان ولا في كثير من التواريخ أمهات تواريخ الإسلام كتاريخ أبى بكر ابن خيثمة والطبقات لمحمد بن سعد وتاريخ مصر لابن يونس والتكامل لابن عدى وتاريخ نيسابور للحاكم وتاريخ أصبهان لأبى نعيم وفي كتاب تاريخ بغداد للخطيب رجلان وفي تاريخ دمشق رجل واحد وهذه الكتب العشرة المذكورة بعد تاريخ البخاري هى أمهات الكتب المصنفة في هذا الفن كما قال المزى في التهذيب وقد رأيت ذكر من وقع ذكره في التواريخ من القسم الأول فالأول موسى بن على بن موسى أبو عيسى الختلى وهو أقدمهم روى عنه أبو بكر بن الأنبارى النحوى وابن مقسم والصواف ذكره الخطيب في التاريخ وكان ثقة والثانى موسى بن على بن موسى أبو بكر الأحول البزاز روى عن جعفر بن محمد الفريابى روى عنه محمد بن عمر بن بكر المقرى ذكره الخطيب أيضا والثالث موسى بن على بن محمد أبو عمران النحوى الصقلى سكن دمشق مدة روى عن أبى ذر الهروى روى عنه عبد العزيز الكتانى وغيره وتوفي سنة سبعين وأربعمائة ذكره ابن عساكر في تاريخ دمشق والرابع موسى بن على بن قداح أبو الفضل المؤذن الخياط سمع منه الحافظان أبو المظفر بن السمعاني وأبو القاسم بن عساكر توفي سنة سبع وثلاثين وخمسمائة والخامس موسى بن على القرشي أحد المجهولين ذكره الخطيب في تلخيص المتشابه في ترجمة قنبر بن أحمد وروى له الحديث الآتي ذكره وذكره ابن ماكولا في الإكمال في باب القاف وقال أنه روى عن قنبر بن أحمد بن قنبر وذكره الذهبي في الميزان وقال لا يدرى من ذا والخبر كذب عن قنبر بن أحمد بن

وأما الثاني: فهو موسى بن علي بن رباح اللخمي المصري عرف بالضم في اسم أبيه. وقد روينا عنه تخريجه من يقوله بالضم. ويقال: إن أهل مصر كانوا يقولونه بالفتح لذلك وأهل العراق كانوا يقولونه بالضم. وكان بعض الحفاظ يجعله بالفتح اسما له وبالضم لقبا والله أعلم. ومن المتفق من ذلك المختلف المؤتلف في النسبة محمد بن عبد الله المخرمي بضم الميم الأولى وكسر الراء المشددة مشهور صاحب حديث نسب إلى المخرم من بغداد.

_ قنبر عن أبيه عن جده عن كعب بن نوفل عن بلال مرفوعا كان نثار عرس فاطمة وعلى صكاك بأسماء محبيهما يعتقهم من النار قال إسناده ظلمات والسادس موسى بن على بن غالب أبو عمران الأموي من أهل غرب الأندلس روى عن أحمد بن طارق بن سنان وغيره ذكره ابن حوط الله وقال توفي ثالث رمضان سنة ثمان وتسعين وخمسمائة ذكره ابن الأبار في التكملة والسابع موسى بن على بن عامر أبو عمران الجزيرى أصله من الجزيرة الخضراء وهو من أهل أشبيلية له مصنفات منها شرح الإيضاح وشرح البصرة للصيمرى ذكره ابن الأبار في التكملة أيضا. فهؤلاء المذكورون في تواريخ الإسلام من الشرق والغرب إلى زمن ابن الصلاح لم يبلغوا حد الكثرة فوصف الشيخ محيى الدين رحمه الله لهم بأنهم كثيرون فيه تجوز والله أعلم. "قوله" وأما الثاني فهو موسى بن على بن رباح اللخمي المصري ثم قال ويقال إن أهل مصر كانوا يقولونه بالفتح كذلك وأهل العراق كانوا يقولونه بالضم انتهى. أبهم المصنف قائل ذلك وأتى به بصيغة التمريض والذي قال ذلك محمد بن سعد قاله في الطبقات بلفظ أهل مصر يفتحون وأهل العراق يضمون. "قوله" وكان بعض الحفاظ يجعله بالفتح اسما له وبالضم لقبا انتهى أبهم المصنف تسمية الحافظ القائل ذلك وهو الدارقطني.

ومحمد بن عبد الله المخرمي بفتح الميم الأولى وإسكان الخاء المعجمة غير مشهور روى عن الإمام الشافعي والله أعلم. ومما يتقارب ويشتبه مع الاختلاف في الصورة: ثور بن يزيد الكلاعي الشامي. وثور بن زيد بلا ياء في أوله الديلي المدني وهذا الذي روى عنه مالك وحديثه في الصحيحين معا. والأول حديثه عند مسلم خاصة والله أعلم.

_ "قوله" ومما يتقارب ويشتبه مع الاختلاف في الصورة ثور بن يزيد الكلاعى الشامى وثور بن زيد بلا ياء في أوله الديلى المدنى وهذا الذي روى عنه مالك وحديثه في الصحيحين معا والأول حديثه عند مسلم خاصة والله أعلم انتهى وفيه أمران أحدهما أن قوله عند ذكر ثور بن زيد وهذا الذي روى عنه مالك يقتضى أن مالكا لم يرو عن ثور بن يزيد وقد ذكر صاحب الكمال أن مالكا روى عن ثور بن يزيد أيضا وتبعه المزى في تهذيب الكمال على ذلك ولكنى لم أر رواية مالك عنه لا في الموطأ ولا في شئ من الكتب الستة ولا في غرائب مالك للداقطنى ولا غير ذلك. الأمر الثانى: أن قوله أن ثور بن يزيد حديثه عند مسلم خاصة وهم منه لم يخرج له مسلم في الصحيح شيئا وإنما أخرج له البخاري خاصة فروى له في كتاب الأطعمة عن خالد بن معدان عن أبى أمامة قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رفع مائدته قال: "الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه" وعن خالد عن المقدام بن معدى كرب مرفوعا "كيلوا طعامكم يبارك لكم فيه" وحديث "ما أكل أحد طعاما خيرا من عمل يديه" بهذا الإسناد وروى له في الجهاد عن عمير بن الأسود عن أم حرام أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا".

ومن المتفق في الكنية المختلف المؤتلف في النسبة: أبو عمرو الشيباني وأبو عمرو السيباني تابعيان يفترقان: في أن الأول بالشين المعجمة والثاني بالسين المهملة. واسم الأول سعد بن أياس ويشاركه في ذلك أبو عمرو الشيباني اللغوي إسحاق بن مرار. وأما الثاني فاسمه زرعة وهو والد يحيى بن أبي عمرو السيباني الشامي والله أعلم. وأما القسم الثاني الذي هو على العكس: فمن أمثلته بأنواعه: عمرو بن زرارة بفتح العين وعمر بن زرارة بضم العين فإلاول جماعة منهم: أبو محمد النيسابوري الذي روى عنه مسلم. والثاني: يعرف بالحدثي وهو الذي يروي عنه البغوي المنيعي. وبلغنا عن

_ المعجمة والثاني بالسين المهملة واسم الأول سعد بن إياس ويشاركه في ذلك أبو عمرو الشيبانى اللغوي إسحق بن مرار انتهى اقتصر المصنف على ذكر اثنين بالشين المعجمة وترك ثالثا أولى بالذكر من أبى عمرو الشيباني اللغوي لكونه أقدم منه ولكون حديثه في السنن وليس لأبى عمرو الشيباني النحوي حديث في شيء من الكتب الستة إنما له عند مسلم أن أحمد بن حنبل سأله عن اخنع اسم فقال أوضع واسم الذي لم يذكره المصنف هارون بن عنترة بن عبد الرحمن الشيباني والمعروف أن كنيته أبو عمرو. هكذا كناه يحيى بن سعيد القطان وعلى بن المديني والبخاري في التاريخ ومسلم والنسائي وأبو أحمد الحاكم في كتبهم في الكنى والخطيب في كتاب تلخيص المتشابه وأما ما جزم به المزى في تهذيب الكمال من تكنيته بأبي عبد الرحمن فهو وهم. "قوله" عمرو بن زرارة بفتح العين وعمر بن زرارة بضم العين فالأول جماعة منهم أبو محمد النيسابورى الذي روى عنه مسلم والثانى يعرف بالحدثى وهو الذي يروى عنه البغوى المنيعى انتهى واقتصار المصنف على رواية مسلم عنه ليس بجيد فقد روى عنه البخاري في صحيحه أيضا أحاديث كثيرة من روايته عن إسماعيل بن علية وهشيم

الدارقطني: أنه من مدينة في الثغر يقال لها الحدث. وروينا عن أبي أحمد الحافظ الحاكم: أنه من أهل الحديثة منسوب إليها والله أعلم. عبيد الله بن أبي عبد الله وعبد الله بن أبي عبد الله الأول: هو ابن الأغر سلمان أبي عبد الله صاحب أبي هريرة روى عنه مالك والثاني: جماعة منهم عبد الله بن أبي عبد الله المقري الأصبهاني روى عنه أبو الشيخ الأصبهاني والله أعلم. حيان الأسدي بالياء المشددة المثناة من تحت. وحنان بالنون الخفيفة الأسدي. فمن الأول: حيان بن حصين التابعي الراوي عن عمار بن ياسر. والثاني: هو حنان الأسدي من بني أسد بن شريك بضم الشين وهو مسرهد والد مسدد ذكره الدارقطني يروي عن أبي عثمان النهدي والله أعلم.

_ وعبد العزيز بن أبى حازم وأبى عبيدة الحداد والقاسم بن مالك المزنى وزياد بن عبد الله البكائى وانما روى له مسلم من رواية ابن علية وهشيم وعبد الوهاب بن عطاء الخفاف فقط وكأن المصنف تبع الخطيب في اقتصاره على مسلم فانه قال في كتابه المسمى بتالى التلخيص روى عنه مسلم بن الحجاج ومحمد بن إسحق السراج وأما تعريف المصنف للثانى بأنه هو الذي يروى عنه البغوى المنيعى فهو تعريف صحيح ولا يعترض عليه بقول الحافظ أبى بكر البرقانى أن ابن منيع يحدث عنهما فقد بين الخطب في كتابه تالى التلخيص أن البرقانى وهم في هذا القول وليس يروى ابن منيع عن عمرو بن زرارة شيئا وانما روايته عن عمرو بن زرارة فحسب والله أعلم.

النوع السادس والخمسون: معرفة الرواة المتشابهين في الاسم والنسب المتمايزين بالتقديم والتأخير في الابن والأب

النوع السادس والخمسون: معرفة الرواة المتشابهين في الاسم والنسب المتمايزين بالتقديم والتأخير في الابن والأب. مثاله: يزيد بن الأسود والأسود بن يزيد. فالأول: يزيد بن الأسود الصحابي الخزاعي ويزيد بن الأسود الجرشي أدرك الجاهلية وأسلم وسكن الشام وذكر بالصلاح حتى استسقى به معاوية في أهل دمشق فقال: اللهم إنا نستشفع إليك اليوم بخيرنا وأفضلنا. فسقوا للوقت حتى كادوا لا يبلغون منازلهم. والثاني: الأسود بن يزيد النخعي التابعي الفاضل. ومن ذلك الوليد بن مسلم ومسلم بن الوليد فمن الأول: الوليد بن مسلم البصري التابعي الراوي عن جندب بن عبد الله البجلي. والوليد بن مسلم الدمشقي المشهور صاحب الأوزاعي روى عنه أحمد بن حنبل والناس والثاني: مسلم بن الوليد بن رباح المدني حدث عن أبيه وغيره روى عنه عبد العزيز الدراوردي وغيره وذكره البخاري في تاريخه فقلب اسمه ونسبه فقال: الوليد بن مسلم وأخذ عليه ذلك وصنف الخطيب الحافظ في هذا النوع كتابا سماه كتاب رافع الارتياب في المقلوب من الأسماء والأنساب وهذا الاسم ربما أوهم اختصاصه بما وقع فيه مثل الغلط المذكور في هذا المثال الثاني وليس ذلك شرطا فيه وأكثره ليس كذلك فما ترجمناه به إذا أولى والله أعلم.

النوع السابع والخمسون: معرفة المنسوبين إلى غير آبائهم

النوع السابع والخمسون: معرفة المنسوبين إلى غير آبائهم. وذلك على ضروب أحدها: من نسب إلى أمه منهم. معاذ ومعوذ وعوذ بنو عفراء هي أمهم وأبوهم الحارث بن رفاعة الأنصاري. وذكر ابن عبد البر: أنه يقال في عوذ عوف وأنه ألأكثر. بلال بن حمامة المؤذن حمامة أمه وأبوه رباح. سهيل وأخواه سهل وصفوان بنو بيضاء هي أمهم واسمها دعد واسم أبيهم وهب. شرحبيل بن حسنة هي أمه وأبوه عبد الله بن المطاع الكندي. عبد الله بن بحينة هي أمه وأبوه مالك بن القشب الأزدي إلاسدي. سعد بن حبتة الأنصاري هي أمه وأبوه بحير بن معاوية جد أبي يوسف القاضي. هؤلاء صحابة رضي الله عنهم. ومن غيرهم: محمد بن الحنفية هي أمه واسمها خولة وأبوه علي بن أبي طالب رضي الله عنه. إسماعيل بن علية هي أمه وأبوه إبراهيم أبو إسحاق. إبراهيم بن هراسة قال عبد الغني بن سعيد: هي أمه وأبوه سلمة والله أعلم. الثاني: من نسب إلى جدته: منهم. يعلى بن منية الصحابي هي في قول الزبير بن بكار: جدته أم أبيه وأبوه أمية. ومنهم: بشير بن الخصاصية الصحابي هو بشير بن معبد والخصاصية هي أم الثالث من أجداده ومن أحدث ذلك عهدا شيخنا

_ النوع السابع والخمسون. معرفة المنسوبين إلى غير آباءهم. "قوله" الثاني من نسب إلى جدته منهم يعلى بن منية الصحابي هي في قول الزبير بن بكار جدته أم أبيه وأبوه أمية انتهى اقتصر المصنف على قول الزبير بن بكار وكذلة جزم به ابن ماكولا وقد ضعفه ابن عبد البر وغيره قال ابن عبد البر لم يصب الزبير انتهى.

أبو أحمد عبد الوهاب بن علي البغدادي يعرف بابن سكينة وهي أم أبيه والله أعلم. الثالث: من نسب إلى جده منهم أبو عبيدة بن الجراح أحد العشرة هو عامر بن عبد الله بن الجراح. حمل بن النابغة الهذلي الصحابي هو حمل بن مالك بن النابغة. مجمع بن جارية الصحابي هو مجمع بن يزيد بن جارية. ابن جريج هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج بنو الماجشون بكسر الجيم منهم يوسف بن يعقوب بن أبي سلمة الماجشون. قال أبو علي الغساني: هو لقب يعقوب بن أبي سلمة وجرى على بنيه وبني أخيه عبد الله بن أبي سلمة. قلت: والمختار في معناه: أنه الأبيض الأحمر والله أعلم. بن أبي ذئب هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن أبي ذئب بن أبي ليلى الفقيه هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ابن أبي مليكة هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة. أحمد بن حنبل الإمام هو أحمد بن محمد بن حنبل أبو عبد الله. بنو أبي شيبة: أبو بكر وعثمان الحافظان وأخوهما القاسم أبو شيبة هو جدهم واسمه إبراهيم بن عثمان واسطي وأبوهم محمد بن أبي شيبة. ومن المتأخرين: أبو سعيد بن يونس صاحب تاريخ مصر هو عبد الرحمن بن أحمد بن يونس بن عبد الأعلى الصدفي والله أعلم.

_ والذي عليه الجمهور أنها أمه وهو قول على بن المديني وعبد الله بن مسلمة القعنبى ويعقوب بن شيبة وبه جزم البخاري في التاريخ الكبير وابن أبى حاتم في الجرح والتعديل ومحمد بن جرير الطبري وابن قانع والطبراني وابن حبان في الثقات وابن منده في معرفة الصحابة وآخرون وحكاه الدارقطني عن أصحاب الحديث ورجحه ابن عبد البر والمزي فقال في التهذيب والأطراف أيضا وهى أمه ويقال جدته وكذا ذكره المصنف في النوع السابع والعشرين على الصواب

الرابع: من نسب إلى رجل غير أبيه هو منه بسبب. منهم المقداد بن الأسود وهو المقداد بن عمرو بن ثعلبة الكندي وقيل: البهراني كان في حجر الأسود بن عبد يغوث الزهري وتبناه فنسب إليه الحسن بن دينار هو ابن واصل ودينار زوج أمه وكأن هذا خفي على ابن أبي حاتم حيث قال فيه: الحسن بن دينار بن واصل فجعل واصلا جده والله أعلم.

النوع الثامن والخمسون: معرفة النسب

النوع الثامن والخمسون: معرفة النسب. التي باطنها على خلاف ظاهرها الذي هو السابق إلى الفهم منها. من ذلك أبو مسعود البدري عقبة بن عمرو لم يشهد بدرا في قول ألأكثر ولكن نزل بدرا فنسب إليها. سليمان بن طرخان التيمي نزل في تيم وليس منهم وهو مولى بني مرة. أبو خالد الدإلاتي يزيد بن عبد الرحمن هو أسدي مولى لبني أسد نزل في بني دإلان بطن من همدان فنسب إليهم. إبراهيم بن يزيد الخوزي ليس من الخوز إنما نزل شعب الخوز بمكة. عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي نزل جبانة عرزم بالكوفة وهي قبيلة معدودة في فزارة فقيل: عرزمي بتقديم الراء المهملة على الزاي محمد بن سنان العوقي أبو بكر البصري باهلي نزل في العوقة بالقاف والفتح وهم بطن من عبد القيس فنسب إليهم. أحمد بن يوسف السلمي جليل روى عنه مسلم وغيره هو أزدي عرف بالسلمي لأن أمه كانت سلمية ثبت ذلك عنه. وأبو عمرو بن نجيد السلمي كذلك فإنه حافده. وأبو عبد الرحمن السلمي مصنف الكتب للصوفية كانت أمه ابنة أبي عمرو المذكور فنسب سلميا وهو أزدي أيضا جده ابن عم أحمد بن يوسف. ويقرب من ذلك ويلتحق به: مقسم مولى ابن عباس هو مولى عبد الله

ابن الحارث بن نوفل لزم ابن عباس فقيل له: مولى ابن عباس للزومه إياه. يزيد الفقير أحد التابعين وصف بذلك لأنه أصيب في فقار ظهره فكان يألم منه حتى ينحني له خالد الحذاء لم يكن حذاء ووصف بذلك لجلوسه في الحذاءين والله أعلم.

النوع التاسع والخمسون: معرفة المبهمات

النوع التاسع والخمسون. معرفة المبهمات. أي معرفة أسماء من أبهم ذكره في الحديث من الرجال والسناء. وصنف في ذلك عبد الغني بن سعيد الحافظ والخطيب وغيرهما ويعرف ذلك بوروده مسمى في بعض الروايات وكثير منهم لم يوقف على أسمائهم. وهو على أقسام: منها وهو من أبهما ما قيل فيه رجل أو امرأة. ومن أمثلته: حديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن رجلا قال: يا رسول الله الحج كل عام؟ وهذا الرجل هو الأقرع بن حابس بينه ابن عباس في رواية أخرى. حديث أبي سعيد الخدري في ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مروا بحي فلم يضيفوهم فلدغ سيدهم فرقاه رجل منهم بفاتحة الكتاب على ثلاثين شاة الحديث. الراقي هو الراوي أبو سعيد الخدري حديث أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى حبلا ممدودا بين ساريتين في المسجد فسأل عنه فقالوا: فلانة تصلي فإذا غلبت تعلقت به. قيل: إنها زينب بنت جحش زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل أختها حمنة بنت جحش وقيل: ميمونة بنت الحارث أم المؤمنين. المرأة التي سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الغسل من الحيض فقال

_ النوع التاسع والخمسون- معرفة المبهمات. "قوله" حديث أبى سعيد الخدري في ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مروا بحي فلم يضيفوهم فلدغ سيدهم فرقاه رجل منهم بفاتحة الكتاب على ثلاثين شاة الحديث الراقي هو الراوي أبو سعيد الخدري انتهى هكذا جزم به المصنف تبعا للخطيب.

"خذي فرصة من مسك". هي أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية وكان يقال لها: خطيبة النساء. وفي رواية لمسلم تسميتها: أسماء بنت شكل والله أعلم. ومنها: ما أبهم بأن قيل فيه ابن فلان أو ابن الفلاني أو ابنة فلان أو نحو ذلك ومن ذلك حديث أم عطية: ماتت إحدى بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "اغسليها بماء وسدر" الحديث. هي زينب زوجة أبي العاص بن الربيع أكبر بناته صلى الله عليه وسلم وإن كان قد قيل أكبرهن رقية والله أعلم. ابن اللتبية ذكر صاحب الطبقات محمد بن سعد: أن اسمه عبد الله وهذه نسبة إلى بني لتب بضم اللام وإسكان التاء المثناة من فوق بطن من الأسد بإسكان السين وهم الأزد وقيل: ابن الأتبية بالهمزة ولا صحة له.

_ فإنه قال ذلك في كتاب المبهمات له وتبعه النووي في مختصره وفي شرح مسلم أيضا وفيه نظر من حيث أن في بعض طرق حديث أبى سعيد في الصحيحين من رواية معبد بن سيرين عن أبى سعيد فقام معها رجل منا ما كنا نأبنه برقية فبرأ فأمر له بثلاثين شاة وسقانا لبنا فلما رجع قلنا له أكنت تحسن رقية أو كنت ترقى قال ما رقيت إلا بأم الكتاب وفي رواية لمسلم فقام معها رجل ما كنا نظنه يحسن رقية الحديث وظاهر هذا أنه غير أبى سعيد ولكن الخطيب ومن تبعه استدل على كونه أبا سعيد بما رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه من رواية جعفر بن اياس عن أبى نضرة عن أبى سعيد وفيه فقالوا هل فيكم من يرقى من العقرب قلت نعم أنا ولكن لا أرقيه حتى تعطونا غنما قالوا فأنا نعطيكم ثلاثين شاة فقبلنا فقرأت عليه الحمد سبع مرات فبرأ الحديث لفظ الترمذي وقال حديث حسن صحيح انتهى. وقد تكلم غير واحد من الأئمة في هذه الرواية وقد رواه الترمذي بعد هذا من رواية جعفر عن أبى المتوكل عن أبى سعيد وقال فيه فجعل رجل منا يقرأ عليه بفاتحة الكتاب وقال هذا أصح من حديث الأعمش عن جعفر بن إياس أي الرواية المتقدمة وضعف ابن ماجه أيضا رواية أبى نضرة بكونها خطأ فقال والصواب هو أبو المتوكل انتهى. وقد يقال لعل ذلك وقع مرتين مرة لأبى سعيد ومرة لغيره وقد وقع نظير ذلك مع

ابن مربع الأنصاري الذي أرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل عرفة وقال: "كونوا على مشاعركم". اسمه زيد وقال الواقدي وكاتبه ابن سعيد: اسمه عبد الله.

_ شخص آخر من الصحابة يقال أن اسمه علاقة بن صحار وهو عم خارجة بن الصلت رواه أبو داود والنسائي إلا أن ذاك الذي رواه عم خارجة كان معتوها مع أنه ورد في حديث أبى سعيد الخدري لمتقدم عند النسائي فعرض لإنسان منهم في عقله أو لدغ هكذا على الشك ولا مانع من أن يقع ذلك لجماعة والله أعلم. "قوله" ابن مربع الأنصاري الذي أرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل عرفة وقال: "كونوا على مشاعركم" اسمه زيد وقال الواقدي وكاتبه محمد بن سعيد اسمه عبد الله انتهى. هكذا اقتصر المصنف على قولين في ابن مربع وفيه قول ثالث أن اسمه يزيد بزيادة ياء مثناه من تحت في أوله وبه جزم المحب الطبري في كتاب للقرى وهو الذي رجحه الحافظ أبو القاسم بن عساكر في الأطراف فذكر الحديث في باب الياء فقال ومن مسند يزيد ويقال زيد ويقال عبد الله بن مربع بن قيظي وساق نسبه وتبعه الحافظ أبو الحجاج المزي في الأطراف في ترجيح كونه اسمه يزيد فذكره في فصل من اشتهر بالنسبة إلى أبيه أوجده فقال ابن مربع واسمه يزيد ويقال زيد ويقال عبد الله بن مربع بن قيظي وكذلك رجحه في التهذيب في هذا الفصل فقال ابن مربع اسمه يزيد وقيل زيد وقيل عبد الله وخالف المزي ذلك في الأسماء فرجح أن اسمه زيد كما ذكره المصنف فقال زيد بن مربع بن قيظي وذكر نسبه ثم قال هكذا سماه ونسبه أحمد بن البرقي وهكذا أسماه أبو بكر بن أبى خيثمة عن أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وقيل اسمه يزيد وقيل عبد الله قال وأكثر ما يجئ في الحديث غير مسمى انتهى. قلت لم أجده مسمى في شيء من طرق الحديث وإنما يعرف له هذا الحديث الواحد كما قال الترمذي وحديثه في السنن الأربعة ومسند أحمد ومعجم الطبراني وإنما سماه الترمذي عقب الحديث ففي أصل سماعنا اسمه زيد وفي كثير من النسخ يزيد وهكذا نقله ابن عساكر في الأطراف وتبعه المزى أيضا في الأطراف وقد اختلف فيه كلام ابن عساكر كما اختلف كلام المزى فرجح في الأطراف أن اسمه يزيد ورجح في جزء له رتب فيه اسماء الصحابة الذين في مسند أحمد على حروف المعجم أن اسمه زيد

ابن أم مكتوم الأعمى المؤذن اسمه عبد الله بن زائدة وقيل: عمرو بن قيس وقيل: غير ذلك. وأم مكتوم اسمها عاتكة بنت عبد الله.

_ وسماه الطبرانى في المعجم الكبير عبد الله كما فعل الواقدي وابن سعد وليس ابن مربع شخصا واحدا اختلف في اسمه ولكن زيد وعبد الله إخوان اختلف في تعيين من كان المرسل منهما بعرفة بقوله كونوا على مشاعركم. وقد ذكر الدارقطني في المؤتلف والمختلف وابن عبد البر في الاستيعاب وابن ماكولا في الإكمال أنهم أربعة أخوة عبد الله وعبد الرحمن وزيد ومرارة بنو مربع بن قيظي وكان أبوهم مربع من قيظي من المنافقين ذكره الدارقطني وابن ماكولا وذكر ابن حبان في الصحابة زيد بن مربع ويزيد بن مربع كل واحد في بابه. "قوله" ابن أم مكتوم الأعمى المؤذن اسمه عبد الله بن زائدة وقيل عمرو بن قيس وقيل غير ذلك انتهى. ما رجحه المصنف من أن اسمه عبد الله بن زائدة مخالف لقول جمهور أهل الحديث فإن أكثر أهل الحديث على أن اسمه عمرو وحكاه عنهم ابن عبد البر في الاستيعاب في موضعين في باب عبد الله وفي باب عمرو وكذا قال المزى في التهذيب إن كون اسمه عمرا أكثر وأشهر انتهى وهو قول الزهرى وموسى بن عقبة ومحمد بن إسحاق فيما رواه ابن هشام عن زياد البكائى عنه والزبير بن بكار وأحمد بن حنبل سماه في المسند كذلك في الترجمة وهو مسمى أيضا في نفس الحديث عنده من رواية أبى رزين عن عمرو ابن أم مكتوم قال جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله كنت ضريرا شاسع الدار وليس لي قائد الحديث وكذلك رواه الطبراني في المعجم الكبير من رواية زر من حبيش عن عمرو بن أم مكتوم والحديث عند أبى داود بن ماجه من الطريق الأول ولكن لم يسم فيه عندهما والجمهور أيضا أنه عمرو بن قيس كما قال الزهري وموسى بن عقبة والزبير بن بكار ورجحه ابن عساكر في الأطراف وكذلك المزي أيضا في الأطراف فقال واسمه عمرو بن قيس بن زائدة قال ويقال عمرو بن زائدة ويقال عبد الله بن زائدة وكذا قال في أواخر التهذيب في فصل من يعرف بابن كذا فقال اسمه عمرو بن قيس ويقال عبد الله وقال قبل ذلك في باب عمرو بن قيس بن زائدة ويقال عمرو بن زائدة تقدم وقال قبل ذلك عمرو بن زائدة ويقال عمرو بن قيس بن زائدة إلى آخر

الابنة التي أراد بنو هشام بن المغيرة أن يزوجوها من علي بن أبي طالب رضي الله عنه هي العوراء بنت أبي جهل بن هشام بن المغيرة والله أعلم. ومنها: العم والعمة ونحوهما. من ذلك: رافع بن خديج عن عمه في حديث المخابرة عمه هو ظهير بن رافع الحارثي الأنصاري.

_ كلامه وما ذكره المصنف من أنه عبد الله بن زائدة هو قول قتادة قال ابن أبى حاتم يشبه أن يكون قتادة نسبه إلى جده وقال ابن عبد البر أيضا أظنه نسبه إلى جده وقال ابن حبان من قال هو عبد الله بن زائدة فقد نسبه إلى جده زائدة انتهى. وقد رجح البخاري في التاريخ ما رجحه المصنف فقال هو عبد الله بن زائدة قال ويقال عمرو بن قيس بن شريح بن مالك قال وقال ابن إسحاق عبد الله بن شريح بن قيس بن زائدة انتهى. وما حكاه البخاري عن ابن إسحاق من أنه عبد الله بن شريح هو الذي اختاره ابن أبى حاتم وحكاه عن على بن المديني وعن الحسين بن واقد وقال أنه رواه سلمة بن الفضل عن محمد بن إسحاق وهو مخالف لما رويناه عن ابن إسحاق في السيرة كما تقدم وقال محمد بن سعد أما أهل المدينة فيقولون اسمه عبد الله وأهل العراق يقولون اسمه عمرو قال وأجمعوا على نسبه فقالوا هو ابن قيس بن زائدة بن الأصم قال ابن أبى حاتم كيف أجمعوا وقد حكينا عن ثلاثة نفر محمد بن إسحاق وعلى بن المديني والحسين بن واقد يريد قولهم أنه عبد الله بن شريح وقال ابن حبان هو عبد الله بن عمرو بن شريح بن قيس ابن زائدة فذكر نسبه ثم قال وكان اسمه الحصين فسماه النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله انتهى. وقد ورد أيضا في بعض أحاديثه تسميته بعبد الله كما رواه الطبرانى في المعجم الكبير من حديث جابر طاف النبي صلى الله عليه وسلم في حجته بالبيت على ناقته الجدعاء وعبد الله ابن أم مكتوم آخذ بخطامها يرتجز فان قلت فاذا كان قد ورد مسمى بعبد الله هكذا. واتفق على بن المدينى والبخاري والحسين بن واقد وابن أبى حاتم وابن حبان وابن إسحاق في رواتة سلمة بن الفضل عنه على تسميته بعبد الله اقتضى ذلك ترجيح ما رجحه المصنف قلنا حديث جابر هذا لا يصح فان في إسناده عمر بن قيس وهو الملقب سندل أو سندول وهو أحد المتروكين والأكثرون قالوا أنه عمرو والله أعلم

زياد بن علاقة عن عمه هو قطبة بن مالك الثعلبي بالثاء المثلثة. عمة جابر بن عبد الله التي جعلت تبكي أباه يوم أحد اسمها فاطمة بنت عمرو بن حرام وسماها الواقدي هندا والله أعلم. ومنها: الزوج والزوجة: من ذلك حديث سبيعة الأسلمية: أنها ولدت بعد وفاة زوجها بليال هو سعد بن خولة الذي رثى له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن مات بمكة وكان بدريا. زوج بروع بنت واشق وهي بفتح الباء عند أهل اللغة وشاع في ألسنة أهل الحديث كسرها زوجها اسمه هلال بن مرة الأشجعي على ما رويناه من غير وجه زوجة عبد الرحمن بن الزبير بفتح الزاي التي كانت تحت رفاعة بن سموال القرظي فطلقها. اسمها تميمة بنت وهيب وقيل: تميمة بضم التاء وقيل: سهيمة والله أعلم.

النوع الموفي ستين: معرفة تواريخ الرواة

النوع الموفي ستين: معرفة تواريخ الرواة. وفيها معرفة وفيات الصحابة والمحدثين والعلماء ومواليدهم ومقادير أعمارهم ونحو ذلك. روينا عن سفيان الثوري أنه قال: لما استعمل الرواة الكذب استعملنا لهم التاريخ أو كما قال. وروينا عن حفص بن غياث أنه قال: إذا اتهمتم الشيخ فحاسبوه بالسنين. يعني احسبوا سنه وسن من كتب عنه وهذا كنحو ما روينا عن إسماعيل بن عياش قال: كنت بالعراق فأتاني أهل الحديث فقالوا: ههنا رجل يحدث عن خالد بن معدان فأتيته فقلت: أي سنة كتبت عن خالد بن معدان؟ فقال: سنة ثلاث عشرة يعني ومائة. فقلت: أنت تزعم أنك سمعت من خالد بن معدان بعد موته بسبع سنين؟ قال إسماعيل: مات خالد ستة ست ومائة. قلت: وقد روينا عن عفير بن معدان قصة نحو هذه جرت له مع بعض من حدث خالد بن معدان ذكر عفير فيها: أن خالدا مات سنة أربع ومائة.

وروينا عن الحاكم أبي عبد الله قال: لما قدم علينا أبو جعفر محمد بن حاتم الكشي وحدث عن عبد بن حميد سألته عن مولده؟ فذكر أنه ولد سنة ستين ومؤتين فقلت لأصحابنا سمع هذا الشيخ من عبد بن حميد بعد موته بثلاث عشرة سنة. وبلغنا عن أبي عبد الله الحميدي الأندلسي أنه قال ما تحريره: ثلاثة أشياء من علوم الحديث يجب تقديم التهم بها العلل وأحسن كتاب وضع فيه كتاب الدارقطني والمؤتلف والمختلف وأحسن كتاب وضع فيه كتاب بن ماكولا ووفيات الشيوخ وليس فيه كتاب قلت: فيها غير كتاب ولكن من غير استقصاء وتعميم وتواريخ المحدثين مشتملة على ذكر الوفيات ولذلك ونحوه سميت تواريخ. وأما ما فيها من الجرح والتعديل ونحوهما فلا يناسب هذا الاسم والله أعلم. ولنذكر من ذلك عيونا: أحدها: الصحيح في سن سيدنا سيد البشر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه أبي بكر وعمر ثلاث وستون سنة. وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين ضحى لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة.

_ النوع الموفي ستين- معرفة تواريخ الرواة. "قوله" وقبض صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين ضحى لاثنتى عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة انتهى وفيه أمران أحدهما أنه لا يصح أن يكون يوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول سنة إحدى عشرة يوم الاثنين بوجه من الوجوه وذلك لاتفاقهم على أن حجة الوداع كان يوم عرفة فيها يوم الجمعة لحديث عمر المتفق عليه وإذا كان كذلك فإن كانت الأشهر الثلاثة وهى ذي الحجة والمحرم وصفر كوامل فيكون ثاني عشر شهر ربيع الأول يوم الأحد وإن كانت أو بعضها ناقصة فيكون الثاني عشر من شهر ربيع الأول إما الخميس أو الجمعة أو السبت وهذا الاستشكال ذكره السهيلي في كتاب الروض الأنف وقال لم أر أحدا تفطن له انتهى وهو استشكل

..........................................................................

_ لا محيص عنه وقد رأيت لبعض العلماء جوابا عنه فأخبرني قاضى القضاة عز الدين بن جماعة رحمه الله أن والده كان يحمل قول الجمهور لاثنتى عشرة ليلة خلت منه أي بأيامها كاملة فتكون وفاته بعد استكمال ذلك والدخول في اليوم الثالث عشر وتفرض على هذا الشهور الثلاثة كوامل وفي هذا الجواب نظر من حيث أن كلام أهل السير يدل على وقوع الأشهر الثلاثة نواقص أو على نقص اثنين منها فأما ما يدل على نقص الثلاثة فروى البيهقي في دلائل النبوة بإسناد صحيح إلى سليمان التيمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرض لاثنتين وعشرين ليلة من صفر وكان أول مرضه فيه يوم السبت وكانت وفاته يوم العاشر يوم الاثنين لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول. وقوله كانت وفاته اليوم العاشر أي من مرضه ويدل على ذلك أيضا ما روى الواقدي عن أبى معشر عن محمد بن قيس قال اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأربعاء لإحدى عشرة بقيت من صفر إلى أن قال اشتكى ثلاثة عشر يوما وتوفي يوم الاثنين لليلتين خلتا من ربيع الأول ويجمع بين قولي سليمان التيمي ومحمد بن قيس في مدة المرض أن المراد بالأول اشتداده وبالثاني ابتداؤه وكذلك ما رواه الخطيب في كتاب أسماء الرواة عن مالك من رواية سعيد بن سلمة بن قتيبة عن مالك عن نافع عن ابن عمر قال لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم مرض ثمانية أيام فتوفي لليلتين خلتا من ربيع الأول الحديث فجعل مدة مرضه ثمانية أيام فلو ثبت حملناه على قوة المرض إلا أنه لا يصح ففي إسناده أبو بشر المصعبى واسمه أحمد بن مصعب بن بشر المر وزى وقد اتهمه الدارقطني وابن حبان بوضع الحديث والعمدة على قول سليمان التيمي أنه كانت وفاته في ثاني الشهر وحكاه الطبري عن ابن الكلبي وأبى مخنف وهو راجح من حيث التاريخ وكذلك القائلون بأنه يوم الاثنين مستهل شهر ربيع الأول وهو قول موسى بن عقبة والليث ابن سعد وبه جزم ابن زبر وفي الوفيات وحكاه السهيلي عن الخورازمى قال السهيلى وهذا أقرب في القياس مما ذكره الطبري عن الكلبي وابن مخنف قلت لكن سليمان التيمي ثقة والإسناد إليه صحيح فقوله أولى ولا يمتنع نقص ثلاثة أشهر متوالية ومن المشكل أيضا قول ابن حبان وبن عبد البر أنه بدأ به مرضه الذي مات منه يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من صفر فهذا مما لا يمكن وسببه أنهما قالا توفي يوم الاثنين ثاني عشرة وجعلا

وتوفي أبي بكر في جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة. وعمر في ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين وعثمان في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين وهو ابن اثنتين وثمانين سنة وقيل: ابن تسعين وقيل: غير ذلك. وعلي في شهر رمضان سنة أربعين وهو ابن ثلاث وستين وقيل: ابن أربع وستين وقيل: ابن خمس وستين. وطلحة والزبير جميعا في جمادى الأولى سنة ست وثلاثين. وروينا عن الحاكم أبي عبد الله: أن سنهما كان واحدا كانا ابني أربع وستين وقد قيل غير ما ذكره الحاكم.

_ مدة مرضه ثلاثة عشر يوما فانتج لهما هذا التاريخ الفاسد وهما في ذلك موافقان للجمهور فهو قول ابن إسحق ومحمد بن سعد وسعيد بن عفير وصححه ابن الجوزي وتبعهم المصنف والنووي في شرح مسلم والمزي في التهذيب والذهبي في العبر وفيه ما تقدم. الأمر الثاني أن قول المصنف أنه مات ضحى يشكل عليه ما في صحيح مسلم من حديث أنس قال آخر نظرة نظرتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث وفيه فألقى السجف وتوفي من آخر ذلك اليوم فهذا الحديث دال على أنه تأخر بعد الضحى وقد يجمع بين الحديث وبين من قال توفي ضحى أن المراد أول النصف الثاني من النهار فهو آخر وقت الضحى وهو من آخر النهار باعتبار أنه من النصف الثاني ويدل عليه ما رواه ابن عبد البر بإسناده إلى عائشة رضي الله عنها قالت مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنا لله وإنا إليه راجعون ارتفاع الضحى وانتصاف النهار يوم الاثنين وذكر موسى بن عقبة في مغازيه عن ابن شهاب توفي يوم الاثنين حين زاغت الشمس فهذا جمع حسن بين ما اختلف من ذلك في الظاهر والله أعلم. "قوله" وتوفي أبو بكر رضي الله عنه في جمادى الأولى سنة ثلاث عشر انتهى. وتقييده بجمادى الأولى مخالف لقول الأكثرين فإنهم قالوا في جمادى آخر وبه جزم ابن إسحق وابن زبر وابن قانع وابن حبان وابن عبد البر وابن الجوزي والذهبي في العبر وحكى ابن عبد البر عن أكثر أهل السير أنه توفي في جمادى الآخرة لثمان بقين منه وما جزم به المصنف هو قول الواقدي وعمرو بن الفلاس وبه جزم عبد الغنى في الكمال وتبعه المزي في التهذيب والذهبي في مختصراته منه والله أعلم. "قوله" وطلحة والزبير جميعا في جمادى الأولى سنة ست وثلاثين انتهى.

وسعد بن أبي وقاص سنة خمس وخمسين على الأصح وهو ابن ثلاث وسبعين سنة وسعيد بن زيد سنة إحدى وخمسين وهو ابن ثلاث أو أربع وسبعين. وعبد الرحمن بن عوف سنة اثنتين وثلاثين وهو ابن خمس وسبعين سنة وأبو عبيدة بن الجراح سنة ثماني عشرة وهو ابن ثماني وخمسين سنة وفي بعض ما ذكرته خلاف لم أذكره والله أعلم. الثاني: شخصان من الصحابة عاشا في الجاهلية ستين سنة وفي الإسلام ستين سنة وماتا بالمدينة سنة أربع وخمسين. أحدهما: حكيم بن حزام وكان مولده في جوف الكعبة قبل عام الفيل بثلاث عشرة سنة. والثاني: حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام الأنصاري. وروى ابن إسحاق أنه وأباه ثابتا والمنذر وحراما عاش كل واحد منهم عشرين ومائة سنة.

_ وتقييده بجمادى الأولى مخالف أيضا لقول الجمهور فإنهما قتلا في وقعة الجمل وكانت وقعة الجمل لعشر خلون من جمادى الآخرة هكذا جزم به الواقدي وكاتبه محمد بن سعد وخليفة ابن خياط وابن زبر وابن عبد البر وابن الجوزي وبه جزم المزي في التهذيب في ترجمة طلحة وخالف ذلك في ترجمة الزبير فقال كان قتله يوم الجمل في جمادى الأولى سنة ست وثلاثين وسبب وقوعه في ذلك تقليد ابن عبد البر فإنه اختلف كلامه في الترجمتين فقال في كل منهما أنه قتل يوم الجمل فقال في طلحة في جمادى الآخرة وقال في الزبير في جمادى الأولى وهو وهم لا يمشى إلا على قول من جعل وقعة الجمل في جمادى الأولى وهو قول الليث بن سعد وأبى حاتم بن حبان وعبد الغنى في الكمال. "قوله" وسعد بن أبى وقاص سنة خمس وخمسين على الأصح وهو ابن ثلاث وسبعين سنة انتهى وما قاله ابن الصلاح صدر به عبد الغنى في الكمال كلامه والمشهور الذي عليه الجمهور أنه كان ابن أربع وسبعين سنة وهو الذي جزم به عمرو بن على الفلاس وابن زبر وابن قانع وابن حبان والله أعلم. "قوله" الثاني شخصان من الصحابة عاشا في الجاهلية ستين سنة وفي الإسلام ستين سنة وماتا بالمدينة سنة أربع وخمسين أحدهما حكيم بن حزام وكان مولده في جوف الكعبة قبل عام الفيل بثلاث عشرة سنة والثاني حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام الأنصاري انتهى.

وذكر أبو نعيم الحافظ: أنه لا يعرف في العرب مثل ذلك لغيرهم. وقد قيل: إن حسان مات سنة خمسين والله أعلم. الثالث: أصحاب المذاهب الخمسة المتبوعة رضي الله عنهم فسفيان بن سعيد الثوري أبو عبد الله مات بلا خلاف بالبصرة سنة إحدى وستين ومائة وكان مولده سنة سبع وتسعين.

_ قلت اقتصر المصنف على من عاش من الصحابة مائة وعشرين ستين في الجاهلية وستين في الإسلام على هذين وفي الصحابة أربعة آخرون اشتركوا معهما في هذا الوصف أحدهم حويطب بن عبد العزى القرشي العامري من مسلمة الفتح قال ابن حبان سنه سن حكيم بن حزام عاش في الإسلام ستين سنة وفي الجاهلية ستين سنة وقال ابن عبد البر أدركه الإسلام وهو ابن ستين سنة أو نحوها قال ومات بالمدينة في آخر إمارة معاوية وقيل بل مات سنة أربع وخمسين وهو ابن مائة وعشرين سنة قلت وهذا قول الجمهور خليفة بن خياط والهيثم بن عدى وأبى القاسم بن سلام ويحيى بن بكير وأبى موسى الزمن وابن قانع وابن حبان وغيرهم أنه مات سنة أربع وخمسين والثاني سعيد بن يربوع القرشي من مسلمة الفتح أيضا مات بالمدينة سنة أربع وخمسين وهو ابن مائة وعشرين سنة قاله خليفة بن خياط وابن حبان وكذا قال أبو عبيد وابن عبد البر أنه مات سنة أربع وخمسين والثالث مخرمة بن نوفل القرشي الزهري والد المسور ابن مخرمة من مسلمة الفتح أيضا عاش أيضا مائه وعشرين سنة فيما حكاه الواقدي وبه جزم أبو زكريا بن منده وقيل عاش مائة وخمس عشرة سنة وبه جزم ابن حبان وابن زبر وابن عبد البر وتوفي سنة أربع وخمسين قاله الهيثم بن عدى وابن نمير والمدائني وابن قانع وابن حبان والرابع حمنن بن عوف القرشي الزهري أخو عبد الرحمن بن عوف وهو بفتح الحاء المهملة وسكون الميم وفتح النون الأولى عاش أيضا في الجاهلية ستين سنة وفي الإسلام ستين سنة قاله الدارقطني في كتاب الاخوة والاخوات وابن عبد البر في الاستيعاب. وفي الصحابة جماعة آخرون عاشوا مائة وعشرين سنة ذكرهم أبو زكريا بن منده في جزء له جمعه في ذلك لكن لم يطلع على كون نصفها في الجاهلية ونصفها في الإسلام فاقتصرنا على هؤلاء الاربعة لمشاركتهم لحكيم وحسان في ذلك والله أعلم.

ومالك بن أنس رضي الله عنه توفي بالمدينة سنة تسع وسبعين ومائة قبل الثمانين بسنة. واختلف في ميلاده فقيل: في ثلاث وتسعين وقيل: سنة إحدى وقيل: سنة أربع وقيل: سنة سبع. وأبو حنيفة رحمه الله مات سنة خمسين ومائة ببغداد وهو ابن سبعين سنة. والشافعي رحمه الله مات في آخر رجب سنة أربع ومائتين بمصر وولد سنة خمسين ومائة. وأحمد بن محمد بن حنبل مات ببغداد في شهر ربيع الآخر سنة إحدى وأربعين ومائتين وولد سنة أربع وستين ومائة والله أعلم. الرابع: أصحاب كتب الحديث الخمسة المعتمدة رضي الله عنهم. فالبخاري أبو عبد الله ولد يوم الجمعة بعد صلاة الجمعة لثلاث عشرة خلت من شوال سنة أربع وتسعين ومائة ومات بخرتنك قريبا من سمرقند ليلة عيد الفطر سنة ست وخمسين ومائتين فكان عمره: اثنتين وستين سنة إلا ثلاثة عشر يوما. ومسلم بن الحجاج النيسابوري مات بها لخمس بقين من رجب سنة إحدى وستين ومائتين وهو ابن خمس وخمسين سنة.

_ "قوله" ومسلم بن حجاج النيسابوري مات بها لخمس بقين من رجب سنة إحدى وستين ومائتين وهو ابن خمس وخمسين سنة انتهى. وما ذكره المصنف من أن مسلما عاش خمسا وخمسين سنة تبع فيه الحاكم فإنه كذلك قال في كتاب المزكين لرواة الاخبار بعد نقل كلام ابن الاخرم في تاريخ وفاته وكأنه بقية كلام ابن الاخرم ولم يذكر في تاريخ نيسابور مقدار عمره وإنما اقتصر على نقل تاريخ وفاته عن ابن الاخرم واقتصر المزي في التهذيب على أن مولده سنة أربع ومائتين فعلى هذا يكون عمره سبعا وخمسين سنة وجزم الذهبي في العبر بأنه عاش ستين سنة والله أعلم.

وأبو داود السجستاني سليمان بن الأشعث مات بالبصرة في شوال سنة خمس وسبعين ومائتين. وأبو عيسى محمد بن عيسى السلمي الترمذي مات بها لثلاث عشرة مضت من رجب سنة تسع وسبعين ومائتين. وأبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسوي مات سنة ثلاث وثلاثمائة والله أعلم. الخامس: سبعة من الحفاظ في ساقتهم أحسنوا التصنيف وعظم الانتفاع بتصانيفهم في أعصارنا أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني البغدادي مات بها في ذي القعدة سنة خمس وثمانين وثلاثمائة ولد في ذي القعدة سنة ست وثلاثمائة. ثم الحاكم أبو عبد الله بن البيع النيسابوري مات بها في صفر سنة خمس وأربعمائة. وولد بها في شهر ربيع الأول سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة. ثم أبو محمد عبد الغني بن سعيد الازدي حافظ مصر ولد في ذي القعدة سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة. ومات بمصر في صفر سنة تسع وأربعمائة. ثم أبو نعيم أحمد بن عبد الله الاصبهاني الحافظ ولد سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة ومات في صفر سنة ثلاثين وأربعمائة بأصبهان. ومن الطبقة الأخرى: أبو عمر بن عبد البر النمري حافظ أهل المغرب ولد في شهر ربيع الآخر سنة ثمان وستين وثلاثمائة ومات بشاطبة من بلاد الاندلس في شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وستين وأربعمائة. ثم أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ولد سنة أربع وثمانين وثلاثمائة ومات بنيسابور في جمادى الأولى سنة ثمان وخمسين وأربعمائة ونقل إلى بيهق فدفن بها. ثم أبو بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي ولد في جمادى الآخرة سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة ومات ببغداد في ذي الحجة سنة ثلاث وستين وأربعمائة رحمهم الله وإيانا والمسلمين أجمعين والله أعلم.

النوع الحادي والستون: معرفة الثقات واضعفاء من رواة الحديث

النوع الحادي والستون: معرفة الثقات واضعفاء من رواة الحديث ... النوع الحادي والستون: معرفة الثقات والضعفاء من رواة الحديث. هذا من أجل نوع وأفخمه فإنه المرقاة إلى معرفة صحة الحديث وسقمه ولأهل المعرفة بالحديث فيه تصانيف كثيرة. منها ما أفرد في الضعفاء ككتاب الضعفاء للبخاري والضعفاء للنسائي والضعفاء للعقيلي وغيرها ومنها في الثقات فحسب ككتاب الثقات لأبي حاتم بن حبان. ومنها ما جمع فيه بين الثقات والضعفاء كتاريخ البخاري وتاريخ بن أبي خيثمة وما أغزر فوائده وكتاب الجرح والتعديل لابن أبي حاتم الرازي. روينا عن صالح بن محمد الحافظ جزرة قال: أول من تكلم في الرجال شعبة بن الحجاج ثم تبعه يحيى بن سعيد القطان ثم بعده أحمد ابن حنبل ويحيى بن معين. قلت: وهؤلاء يعني أنه أول من تصدى لذلك وعني به وإلا فالكلام فيه جرحا وتعديلا متقدم ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم عن كثير من الصحابة والتابعين فمن بعدهم وجوز ذلك صونا للشريعة ونفيا للخطأ والكذب عنها. وكما جاز الجرح في الشهود جاز في الرواة. ورويت عن أبي بكر بن خلاد قال: قلت ليحيى بن سعيد: أما تخشى أن يكون هؤلاء الذين تركت حديثهم خصماءك عند الله يوم القيامة. فقال: لأن يكونوا خصمائي أحب إلي من أن يكون خصمي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لي لم لم تذب الكذب عن حديثي. وروينا أو بلغنا أن أبا تراب النخشبي الزاهد سمع من أحمد بن حنبل شيئا من ذلك فقال له: يا شيخ لا تغتاب العلماء. فقال له: ويحك هذا نصيحة ليس هذا غيبة. ثم إن على الآخذ في ذلك أن يتقي الله تبارك وتعالى ويتثبت ويتوقى التساهل كيلا يجرح سليما ويسم بريئا بسمة سوء يبقى عليه الدهر عارها.

وأحسب أبا محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم وقد قيل: إنه كان يعد من الأبدال من مثل ما ذكره خاف. فيما رويناه أو بلغناه: أن يوسف بن الحسين الرازي وهو الصوفي دخل عليه وهو يقرأ كتابه في الجرح والتعديل فقال له: كم من هؤلاء القوم قد حطوا رواحلهم في الجنة منذ مائة سنة ومائتي سنة وأنت تكذبهم وتغتابهم؟ فبكى عبد الرحمن. وبلغنا أيضا: أنه حدث وهو يقرأ كتابه ذلك على الناس عن يحيى بن معين أنه قال: إنا لنطعن على أقوام لعلهم قد حطوا رحالهم في الجنة منذ أكثر من مائتي سنة. فبكى عبد الرحمن وارتعدت يداه حتى سقط الكتاب من يده. قال المؤلف: وقد أخطأ فيه غير واحد على غير واحد فجرحوهم بما لا صحة له. من ذلك: جرح أبي عبد الرحمن النسائي لأحمد بن صالح وهو إمام حافظ ثقة لا يعلق به جرح أخرج عنه البخاري في صحيحه وقد كان من أحمد إلى النسائي جفاء أفسد قلبه عليه. وروينا عن أبي يعلى الخليلي الحافظ قال: اتفق الحفاظ على أن كلامه فيه تحامل ولا يقدح كلام أمثاله فيه. قلت: النسائي إمام حجة في الجرح والتعديل وإذا نسب مثله إلى مثل هذا كان وجهه: أن عين السخط تبدي مساوي لها في الباطن مخارج صحيحة تعمى عنه بحجاب السخط لا أن ذلك يقع من مثله تعمدا لقدح يعلم بطلانه فاعلم هذا فإنه من النكت النفيسة المهمة وقد مضى الكلام في أحكام الجرح والتعديل في النوع الثالث والعشرين والله أعلم.

النوع الثاني والستون: معرفة من خلط في آخر عمره من الثقات

النوع الثاني والستون: معرفة من خلط في آخر عمره من الثقات. هذا فن عزيز مهم لم أعلم أحدا أفرده بالتصنيف واعتنى به مع كونه حقيقا بذلك جدا. وهم منقسمون: فمنهم من خلط لاختلاطه وخرفه ومنهم من خلط لذهاب بصره أو لغير ذلك. والحكم فيهم: أنه يقبل حديث من أخذ عنهم قبل الاختلاط ولا يقبل حديث من أخذ عنه بعد الاختلاط أو أشكل أمره فلم يدر هل أخذ عنه قبل الاختلاط أو بعده. فمنهم عطاء بن السائب اختلط في آخر عمره فاحتج أهل العلم برواية الأكابر عنه مثل سفيان الثوري وشعبة لأن سماعهم منه كان في الصحة وتركوا الاحتجاج

_ النوع الثانى والستون: معرفة من خلط من آخر عمره من الثقات. ذكر المصنف رحمه الله في هذا النوع ستة عشر ترجمة ممن ذكر اختلاطهم وذكر في بعضهم بعض من سمع منه في صحته وفي بعضهم بعض من سمع منه في اختلاطه وذكر في آخر النوع أن ما كان من هذا النوع محتجا بروايته في الصحيحين أو أحدهما فإنا نعرف على الجملة أن ذلك مما تميز وكان مأخوذا عنه قبل الاختلاط فرأيت أن أذكر ما عرف في تلك التراجم ممن سمع منهم قبل الاختلاط أو بعده وأذكر من روايته عن المذكورين في الصحيح حتى يعرف أن ذلك مأخوذ عنه قبل الاختلاط كما ذكره المصنف وذلك من تحسين الظن بهما لتلقى الأمة لهما بالقبول كما قبل فيما وقع في كتابيهما أو أحدهما من حديث المدلسين بالعنعنة والله أعلم. "قوله" فمنهم عطاء بن السائب اختلط في آخر عمره فاحتج أهل العلم برواية الأكابر عنه مثل سفيان وشعبة إلى آخر كلامه وقد يفهم من كلامه في تمثيله بسفيان وشعبة من

برواية من سمع منه آخرا, وقال يحيى بن سعيد القطان في شعبة: إلا حديثين كان شعبة يقول: سمعتهما بالآخرة عن زاذان.

_ الأكابر أن غيرهما من الأكابر سمع منه في الصحة وقد قال يحيى بن معين جميع من روى عن عطاء روى عنه في الاختلاط إلا شعبة وسفيان وقال أحمد بن حنبل سمع منه قديما شعبة وسفيان. وقال أبو حاتم الرازي قديم السماع من عطاء سفيان وشعبة وقد استثنى غير واحد من الأئمة مع شعبة وسفيان حماد بن زيد قال يحيى بن سعيد القطان سمع حماد بن زيد من عطاء بن السائب قبل أن يتغير وقال النسائي رواية حماد بن زيد وشعبة وسفيان عنه جيدة انتهى. وقال في موضع آخر حديثه عنه صحيح وصحح أيضا حديثه عنه أبو داود والطحاوي كما سيأتي ونقل الحافظ أبو عبد الله محمد بن أبى بكر بن خلف بن المواق في كتاب بغية النقاد الاتفاق على أن حماد بن زيد إنما سمع منه قديما. واستثنى الجمهور أيضا رواية حماد بن سلمة عنه أيضا فممن قاله يحيى بن معين وأبو داود والطحاوي وحمزة الكتاني فروى ابن عدى في الكامل عن عبد الله ابن الدورقي عن يحيى بن معين قال حديث سفيان وشعبة وحماد بن سلمة عن عطاء ابن السائب مستقيم وهكذا روى عباس الدوري عن يحيى بن معين وكذلك ذكر أبو بكر بن أبى خيثمة عن ابن معين فصحح رواية حماد بن سلمة عن عطاء وسيأتي نقل كلام أبى داود في ذلك. وقال الطحاوي وإنما حديث عطاء الذي كان منه قبل تغيره يؤخذ من أربعة لا من سواهم وهم شعبة وسفيان الثوري وحماد بن سلمة وحماد بن زيد وقال حمزة بن محمد الكتاني في أماليه حماد بن سلمة قديم السماع من عطاء بن السائب نعم قال عبد الحق في الأحكام أن حماد بن سلمة من سمع منه بعد الاختلاط حسبما قاله العقيلي في قوله إنما ينبغي أن يقبل من حديثه ما روى عنه مثل شعبة وسفيان فأما جرير وخالد بن عبد الله وابن علية وعلى بن عاصم وحماد بن سلمة وبالجملة أهل البصرة فأحاديثهم عنه مما سمع منه بعد الاختلاط لأنه إنما قدم عليهم في آخر عمره انتهى وقد تعقب الحافظ

...........................................................................

_ أبو عبد الله محمد بن أبى بكر بن المواق كلام عبد الحق هذا بأن قال لا يعلم من قاله غير العقيلي والمعروف عن غيره خلاف ذلك. قال وقوله لأنه إنما قدم عليهم في آخر عمره غلط بل قدم عليهم مرتين فمن سمع منه في القدمة الأولى صح حديثه عنه قال وقد نص على ذلك أبو داود فذكر كلامه الآتي نقله آنفا. واستثنى أبو داود أيضا هشاما الدستوائي فقال وقال أحمد قدم عطاء البصرة قدمتين فالقدمة الأولى سماعهم صحيح سمع منه في المقدمة الأولى حماد بن سلمة وحماد بن زيد وهشام الدستوائي والقدمة الثانية كان تغير فيها سمع منه وهيب وإسماعيل يعنى بن علية وعبد الوارث سماعهم منه فيه ضعف قلت وينبغي استثناء سفيان بن عيينة أيضا فقد روى الحميدي عنه قال كنت سمعت من عطاء بن السائب قديما ثم قدم علينا قدمته فسمعته يحدث ببعض ما كنت سمعت فخلط فيه فاتقيته واعتزلته انتهى. فأخبر ابن عيينة أنه اتقاه بعد اختلاطه واعتزله فينبغي أن تكون روايته عنه صحيحة والله أعلم. وأما من سمع منه في الحالين فقال يحيى بن معين فيما رواه عباس الدوري عنه سمع أبو عوانة من عطاء في الصحة وفي الاختلاط جميعا ولا يحتج بحديثه وأما من صرحوا بأن سماعه منه بعد الاختلاط فجرير بن عبد الحميد وإسماعيل بن علية وخالد بن عبد الله الوسطي وعلى بن عاصم قاله أحمد بن حنبل والعقيلي كما تقدم وكذلك وهيب بن خالد كما تقدم نقله عن أبى داود وكذلك ما روى عنه محمد بن فضيل بن غزوان قال أبو حاتم فيه غلط واضطراب وقال العجلي ممن سمع منه بآخرة هشيم وخالد بن عبد الله الوسطي قلت وقد روى البخاري حديثا من رواية هشيم عن عطاء بن السائب وليس له عند البخاري غيره إلا أنه قرنه فيه بأبي بشر جعفر بن إياس رواه عن عمرو الناقد عن هشيم عن أبى بشر وعطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال الكوثر الخير الكثير الذي أعطاه الله إياه. وممن ذكر أنه سمع منه بآخرة البصريون كجعفر بن سليمان الضبعى وروح بن القاسم وعبد العزيز بن عبد الصمد العمى وعبد الوارث بن سعيد قال أبو حاتم الرازى وفي

أبو إسحاق السبيعي اختلط أيضا ويقال: إن سماع سفيان بن عيينة منه بعد ما اختلط ذكر ذلك أبو يعلى الخليلي.

_ حديث البصريين الذين يحدثون عنه تخاليط كثيرة لأنه قدم عليهم في آخر عمره وهذا يوافق ما قاله العقيلي إلا أن أبا حاتم لم يقل أن أحاديث أهل البصرة عنه مما سمع بعد الاختلاط كما قال العقيلي بل ذكر أن في حديثهم عنه تخليطا وهو كذلك وقد صرح أبو داود بأنه قدمها مرتين والتخليط إنما كان في الثانية والله أعلم. قوله أبو إسحاق السبيعي اختلط أيضا ويقال أن سماع سفيان بن عيينة منه بعد ما اختلط ذكر ذلك أبو يعلى الخليلي انتهى. وفيه أمور أحدها أن صاحب الميزان أنكر اختلاطه فقال شاخ ونسى ولم يختلط قال وقد سمع منه سفيان بن عيينة وقد تغير قليلا. الأمر الثاني أن المصنف ذكر كون سماع بن عيينة منه بعد ما اختلط بصيغة التمريض وهو حسن فإن بعض أهل العلم أخذ ذلك من كلام لابن عيينة ليس صريحا في ذلك قال يعقوب الفسوي قال ابن عيينة ثنا أبو إسحاق في المسجد ليس معنا ثالث قال الفسوي فقال بعض أهل العلم كان قد اختلط وإنما تركوه مع ابن عيينة لاختلاطه انتهى. الأمر الثالث أن المصنف لم يذكر أحدا قيل عنه أن سماعه منه بعد الاختلاط إلا ابن عيينة وقد ذكر ذلك عن إسرائيل بن يونس وزكريا بن أبى زائدة وزهير بن معاوية وكذلك تكلم في رواية زائدة بن قدامة عنه أما إسرائيل فقال صالح بن أحمد ابن حنبل عن أبيه إسرائيل عن أبى إسحاق فيه لين سمع منه بآخرة وقال محمد بن موسى بن مشيش سئل أحمد بن حنبل أيما أحب إليك شريك أو إسرائيل فقال إسرائيل هو أصح حديثا من شريك إلا في أبى إسحاق فإن شريكا اضبط عن أبى إسحق قال وما روى يحيى عن إسرائيل شيئا فقيل لم فقال لا أدري أخبرك إلا أنهم يقولون من قبل أبى إسحق لأنه خلط وروى عياش الدوري عن يحيى بن معين قال زكريا وزهير وإسرائيل حديثهم في أبى إسحق قريب من السواء إنما أصحاب أبى إسحق سفيان وشعبة قلت قد خالفهما في ذلك عبد الرحمن بن مهدي وأبو حاتم فقال ابن مهدي إسرائيل في أبى إسحق أثبت من شعبة والثوري وروى عبد الرحمن بن مهدي عن عيسى بن

......................................................................

_ يونس قال قال لي إسرائيل كنت أحفظ حديث أبى إسحاق كما أحفظ السورة من القرآن وقال أبو حاتم الرازى إسرائيل من أتقن أصحاب أبى إسحق وروايته عن جده في الصحيحين وأما زكريا بن أبى زائدة فقال صالح بن أحمد بن حنبل عن أبيه إذا اختلف زكريا وإسرائيل فإن زكريا أحب إلى في أبى إسحق من إسرائيل. ثم قال ما أقربهما وحديثهما عن أبى إسحق لين سمعا منه بآخرة وقال أحمد بن عبد الله العجلى كان ثقة إلا أن سماعه عن أبى إسحق بآخرة بعد ما كبر أبو إسحق قال وروايته ورواية زهير بن معاوية وإسرائيل بن يونس قريب من السواء. وتقدم قول يحيى بن معين أيضا أن حديث الثلاثة عن أبى إسحق قريب من السواء وروايته عنه في الصحيحين وأما زهير بن معاوية فقال صالح بن أحمد بن حنبل عن أبيه في حديثه عن أبى إسحق لين سمع منه بآخرة وقال أبو زرعة ثقة إلا أنه سمع من أبى إسحق بعد الاختلاط وقال أبو حاتم زهير أحب إلينا من إسرائيل في كل شئ إلا في حديث أبى إسحق وقال أيضا زهير ثقة متقن صاحب سنة تأخر سماعه من أبى إسحق وتقدم أيضا قول يحيى بن معين زكريا وزهير وإسرائيل حديثهم في أبى إسحق قريب من السواء وقال الترمذى زهير في إسحق ليس بذاك لأن سماعه منه بآخرة وروايته عنه في الصحيحين وأما زائدة بن قدامة فروى أحمد بن حنبل بن الحسن الترمذى عن أحمد بن حنبل قال إذا سمعت الحديث عن زائدة وزهير فلا تبال أن لا تسمعه من غيرهما إلا حديث أبى إسحق وروايته عنه في سنن أبى داود فقط. الأمر الرابع أنه قد أخرج الشيخان في الصحيحين لجماعة من روايتهم عن إبى إسحق وهم إسرائيل بن يونس بن أبى إسحاق وزكريا ابن أبي زائدة وزهير بن معاوية وسفيان الثورى وأبو الأحوص سلام بن سليم وشعبة وعمر بن أبى زائدة ويوسف بن إبى إسحاق وأخرج البخاري من رواية جرير بن حازم عنه وأخرج مسلم من رواية إسماعيل بن أبى خالد ورقبة بن مصقلة وسليمان بن مهران الأعمش وسليمان بن معاذ وعمار ابن رزيق ومالك بن مغول ومسعر بن كدام عنه وقد تقدم أن إسرائيل وزكريا وزهير سمعوا منه بآخره والله أعلم

سعيد بن إياس الجريري اختلط وتغير حفظه قبل موته. قال أبو الوليد الباجي المالكي: قال النسائي: أنكر أيام الطاعون وهو أثبت عندنا من خالد الحذاء ما سمع منه قبل أيام الطاعون.

_ "قوله" سعيد بن إياس الجريري اختلط وتغير حفظه قبل موته قال أبو الوليد الباجي المالكي قال النسائي أنكر أيام الطاعون وهو أثبت عندنا من خالد الحذاء ما سمع منه قبل أيام الطاعون انتهى. وفيه أمور أحدها أن نقل المصنف لكلام النسائي بواسطة أبى الوليد الباجي لأن الظاهر أنه إنما رآه في كلام الباجي عنه وهو تحرز حسن ولكن هذا موجود في كلام النسائي ذكره في كتاب التعديل والجرح رواية أبى بكر محمد بن معاوية بن الأحمر عنه قال فيه ثقة أنكر أيام الطاعون وكذا ذكره غير النسائي قال يحيى بن سعيد عن كهمس أنكرنا الجريري أيام الطاعون وقال أبو حاتم الرازي تغير حفظه قبل موته فمن كتب عنه قديما فهو صالح وقال ابن حبان كان قد اختلط قبل أن يموت بثلاث سنين مات سنة أربع وأربعين ومائة. الأمر الثاني أن الذين عرف أنهم سمعوا منه قبل الاختلاط إسماعيل بن علية هو أرواهم عنه والحمادان والسفيانان وشعبة وعبد الوارث بن سعيد وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي ومعمر ووهيب بن خالد ويزيد بن زريع وذلك لأن هؤلاء الأحد عشر سمعوا من أيوب السختياني وقد قال أبو داود فيما رواه عنه أبو عبيد الآجري كل من أدرك أيوب فسماعه من الجريري جيد. الأمر الثالث في بيان من ذكر أن سماعه منه بعد التغير وهم إسحق الأزرق وعيسى بن يونس ومحمد بن عدى ويحيى بن سعيد القطان ويزيد بن هارون أما إسحق الأزرق فقال يزيد بن هارون سمع منه إسحق الأزرق بعدنا وسيأتي أن يزيد إذا سمع منه في سنة اثنتين وأربعين ومائة وليست روايته عنه في شيء من الكتب الستة. وأما عيسى بن يونس فقال يحيى بن معين قال يحيى بن سعيد لعيسى بن يونس أسمعت من الجريري قال نعم قال لا ترو عنه قال المزي في التهذيب قال غيره لعله سمع منه بعد اختلاطه وروايته عنه في سنن أبى داود وفي اليوم والليلة والنسائي وأما محمد بن عدى

سعيد بن أبي عروبة قال يحيى بن معين: خلط سعيد بن أبي عروبة بعد هزيمة إبراهيم بن عبد الله بن حسن بن حسن سنة اثنتين وأربعين يعني ومائة. فمن سمع منه بعد ذلك فليس بشيء.

_ فقال يحيى بن معين عن محمد بن عدى لا نكذب الله سمعنا من الجريري وهو مختلط وليست روايته عنه في شيء من الكتب الستة وأما يحيى بن سعيد فقال ابن حبان قد رآه يحيى القطان وهو مختلط ولم يكن اختلاطه فاحشا وقال عباس الدوري عن ابن معين قال سمع يحيى بن سعيد من الجريري وكان لا يروى عنه قال صاحب الميزان لأنه أدركه في آخر عمره وأما يزيد بن هارون فقال محمد بن سعيد عن يزيد بن هارون سمعت من الجريري سنة اثنين وأربعين ومائة وهى أول سنة دخلت البصرة ولم ينكر منه شيئا وكان قيل لنا أنه قد اختلط وقال أحمد بن حنبل عن يزيد بن هارون ربما ابتذ الجريري وكان قد أنكر وروايته عنه عند مسلم وقد يجاب عنه بأن يزيد بن هارون أنكر اختلاطه حين سمع منه. الأمر الرابع في بيان من أخرج له الشيخان أو أحدهما من روايته عن الجريري فروى الشيخان من رواية بشر بن المفضل وخالد بن عبد الله الطحان وعبد الأعلى بن عبد الأعلى وعبد الوارث بن سعيد عنه وروى مسلم له من رواية إسماعيل بن علية وجعفر بن سليمان الضبعي وحماد بن أسامة وحماد بن سلمة وسالم بن نوح وسفيان الثوري وسليمان بن المغيرة وشعبة وعبد الله بن المبارك وعبد الواحد بن زياد وعبد الوهاب الثقفي ووهيب بن خالد ويزيد بن زريع ويزيد بن هارون. قوله سعيد بن أبى عروبة قال يحيى بن معين خلط سعيد بن أبى عروبة بعد هزيمة إبراهيم بن عبد الله بن حسن بن حسن سنة اثنتين وأربعين يعنى ومائة ومن سمع منه بعد ذلك فليس بشيء إلى آخر كلامه. وفيه أمور أحدها: أن ما اقتصر عليه المصنف حكاية عن يحيى بن معين من أن هزيمة إبراهيم سنة اثنتين وأربعين ليس بجيد فإن المعروف في التواريخ إن خروجه وهزيمته معا كانا في سنة خمس وأربعين ومائة وأنه احتز رأسه في يوم الاثنين لخمس ليال بقين من ذي القعدة منها وكذا ذكر دحيم اختلاط ابن أبي عروبة

ويزيد بن هارون صحيح السماع منه سمع منه بواسط وهو يريد الكوفة. وأثبت الناس سماعا منه عبدة بن سليمان. قلت: وممن عرف أنه سمع منه بعد اختلاطه وكيع والمعافى بن عمران الموصلي. بلغنا عن ابن عمار الموصلي أحد الحفاظ أنه قال: ليست روايتهما عنه بشيء إنما سماعهما بعدما اختلط. وقد روينا عن يحيى بن معين أنه قال لوكيع: تحدث عن سعيد بن أبي عروبة وإنما سمعت منه في الاختلاط فقال: رأيتني حدثت عنه إلا بحديث مستو.

_ وخروج إبراهيم على الصواب فقال اختلط ابن أبى عروبة مخرج إبراهيم سنة خمس وأربعين ومائة. وكذا قال ابن حبان اختلط سنة خمس وأربعين ومائة وبقى خمس سنين في اختلاطه مات سنة خمسين ومائة هكذا قال ابن حبان أنه توفي سنة خمسين ومائة والمشهور أن وفاته سنة ست وخمسين هكذا قال عمرو بن الفلاس وأبو موسى الزمن وعليه اقتصر البخاري في التاريخ حكاية عن عبد الصمد قال المزي وقال غيره سنة سبع وخمسين فعلى المشهور تكون مدة اختلاطه عشر سنين وبه جزم الذهبي في العبر وخالف ذلك في الميزان فقال عاش بعد ثلاث عشرة سنة مع جزمه في العبر وفي الميزان أيضا أن وفاته سنة ست وخمسين فلعل ما قاله في الميزان من مدة اختلاطه بناء على قول يحيى بن معين أن هزيمة إبراهيم في سنة اثنين وأربعين وهو مخالف لقول الجمهور والله أعلم. الأمر الثانى اقتصر المصنف على ذكر اثنين ممن سماعه منه صحيح يزيد بن هارون وعبدة بن سليمان وهو كما ذكر قاله يحيى بن معين إلا أن عبدة بن سليمان أخبر عن نفسه أنه سمع منه في الاختلاط اللهم إلا أن يريد بذلك بيان اختلاطه وأنه لم يحدث عنه بما سمعه منه في الاختلاط والله أعلم. وقد ذكر أئمة الحديث جماعة آخرين سماعهم منه صحيح وهم أسباط بن محمد وخالد بن الحارث وسرار بن مجشر وسفيان بن حبيب وشعيب بن إسحق على اختلاف

..........................................................................

_ فيه كما سنذكره وعبد الله بن بكر السهمى وعبد الله بن المبارك وعبد الأعلى بن عبد الأعلى الشامى وعبد الوهاب بن عطاء الخفاف ومحمد بن بشر ويحيى بن سعيد القطان ويزيد بن زريع فذكر ابن حبان في الثقات أنه سمع منه قبل اختلاطه عبد الله بن المبارك ويزيد بن زريع وقال ابن عدى أرواهم عنه عبد الأعلى الشامى ثم شعيب بن إسحق وعبدة بن سليمان وعبد الوهاب بن عطاء الخفاف وأثبتهم فيه يزيد بن زريع وخالد ابن الحرث ويحيى بن سعيد القطان وقال أحمد بن حنبل كان عبد الوهاب بن عطاء من أعلم الناس بحديث سعيد بن أبى عروبة وقال أبو عبيد الآجرى سئل أبو داود عن السهمى والخفاف في حديث ابن أبى عروبة فقال عبد الوهاب أقدم فقيل له عبد الوهاب سمع في الاختلاط فقال من قال هذا سمعت أحمد بن حنبل سئل عن عبد الوهاب في سعيد ابن أبى عروبة فقال عبد الوهاب أقدم وقال ابن حبان كان سماع شعيب بن إسحق منه سنة أربع وأربعين قبل أن يختلط بسنة وقيل إنما سمع منه في الاختلاط كما سيأتى. وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل سألت أبى أسباط بن محمد أحب إليك في سعيد أو الخفاف فقال أسباط أحب إلى لأنه سمع بالكوفة وقال أبو عبيد الآجرى سألت أبا داود عن أثبتهم في سعيد فقال كان عبد الرحمن يقدم سرارا وكان يحيى يقدم يزيد ابن زريع وقال في موضع آخر سمعت أبا داود يقول سرار بن مجشر ثقة كان عبد الرحمن يقدمه على يزيد بن زريع وهو من قدماء أصحاب سعيد بن أبى عروبة ومات قديما. وقال أبو حاتم الرازى كان سفيان بن حبيب أعلم الناس بحديث سعيد بن أبى عروبة وقال أحمد بن حنبل قال عبد الله بن بكر السهمى سمعت من سعيد سنة إحدى أو سنة اثنين وأربعين يعنى وماية وقال أبو عبيد الآجرى سألت أبا داود عن سماع محمد بن بشر من سعيد بن أبى عروبة فقال هو أحفظ من كان بالكوفة. الأمر الثالث أن المصنف ذكر ممن عرف أنه سمع منه بعد اختلاطه اثنين وهما وكيع والمعافي بن عمران وقد سمع منه في الاختلاط أبو نعيم الفضل بن دكين وكذلك غندر محمد بن جعفر وعبدة بن سليمان وشعيب بن إسحق على خلاف في هؤلاء الثلاثة.

..........................................................................

_ أما أبو نعيم فإنه قال كتبت عنه بعدما اختلط حديثين وقد يقال لعله ما حدث بهما عنه ولذلك لم يعده المزي في التهذيب في الرواة عنه وأما محمد بن جعفر غندر فقال عبد الرحمن بن مهدي سمع منه غندر في الاختلاط وروايته عنه عند مسلم كما سيأتي وأما عبدة بن سليمان فقد تقدم إخباره عن نفسه أنه سمع منه في الاختلاط. وقد ذكر المصنف أن سماعه منه صحيح وروايته عنه عند مسلم وأما شعيب بن إسحق فروى أبو عبيد الآجري عن أبى داود عن أحمد بن حنبل قال سمع شعيب بن إسحق من سعيد بن أبى عروبة بآخر رمق وقال هشام بن عمار عن شعيب بن إسحق سمعت من سعيد بن أبى عروبة سنة أربع وأربعين ومائة وتقدم قول ابن حبان إنه سمع منه قبل أن يختلط بسنة وهذا الخلاف فيه مخرج على الخلاف في مدة اختلاطه فإن ابن معن قال إنه اختلط بعد سنة اثنتين وأربعين وقال دحيم وغيره سنة خمس وأربعين ويمكن أن يجمع بين قول أحمد إنه سمع منه بآخر رمق وبين قول من قال سمع منه قبل أن يختلط أنه كان ابتداء سماعه منه سنة أربع وأربعين كما أخبر هو عن نفسه ثم أنه سمع منه بعد ذلك بآخر رمق فإنه بقى إلى سنة ست وخمسين على قول الجمهور وعلى هذا فحديثه كله مردد لأنه سمع منه في الحالين على هذا التقدير ويحتمل أن يراد بآخر رمق آخر زمن الصحة فعلى هذا يكون حديثه عنه كله مقبولا إلا على قول ابن معين والله أعلم. الأمر الرابع في بيان من أخرج لهم الشيخان أو أحدهما من روايتهم عن سعيد بن أبى عروبة فاتفق الشيخان على الإخراج لخالد بن الحرث وروح بن عبادة وعبد الأعلى بن عبد الأعلى وعبد الرحمن بن عثمان البكراوى ومحمد بن سواء السدوسى ومحمد بن أبى عدى ويحيى بن سعيد القطان ويزيد بن زريع من روايتهم عنه. وأخرج البخاري فقط من رواية بشر بن المفضل وسهل بن يوسف وعبد الله بن المبارك وعبد الوارث بن سعيد وكهمس بن المنهال ومحمد بن عبد الله الأنصارى عنه أخرج مسلم فقط من رواية إسماعيل بن علية وأبى أسامة حماد بن أسامة وسالم بن نوح وسعيد ابن عامر الضبعى وأبى خالد الأحمر واسمه سليمان بن حبان وعبد الوهاب بن عطاء الخفاف وعبدة بن سليمان وعلى بن مسهر وعيسى بن يونس ومحمد بن بشر العبدى ومحمد بن بكر البرسانى ومحمد بن جعفر غندر عنه.

المسعودي ممن اختلط وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود الهذلي وهو أخو أبي العميس عتبة المسعودي. ذكر الحاكم أبو عبد الله في كتاب المزكين للرواة عن يحيى بن معين أنه قال: من سمع من المسعودي في زمان أبي جعفر فهو صحيح السماع ومن سمع منه في أيام المهدي فليس سماعه بشيء. وذكر حنبل بن إسحاق عن أحمد بن حنبل أنه قال: سماع عاصم هو ابن علي وأبي النضر وهؤلاء من المسعودي بعد ما اختلط.

_ "قوله" المسعودي ممن اختلط وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عقبة بن عبد الله بن مسعود الهزلي وهو أخو أبى العميس عتبة المسعودي ذكر الحاكم أبو عبد الله في كتاب المزكين للرواة عن يحيى بن معين أنه قال من سمع من المسعودي في زمان أبى جعفر فهو صحيح السماع ومن سمع منه في أيام المهدي فليس سماعه بشيء وذكر حنبل بن إسحق عن أحمد بن حنبل أنه قال سماع عاصم وهو ابن على وأبى النضر وهؤلاء من المسعودي بعد ما اختلط انتهى. وفيه أمور: أحدها: أن المصنف اقتصر على ذكر اثنين ممن سمع منه بعد الاختلاط وهما عاصم بن على وأبو النضر هاشم بن القاسم وممن سمع منه أيضا بعد الاختلاط عبد الرحمن ابن مهدي ويزيد بن هارون وحجاج بن محمد الأعور وأبو داود الطيالسى وعلى بن الجعد قال محمد بن عبد الله بن نمير كان المسعودي ثقة فلما كان بآخرة اختلط سمع منه عبد الرحمن بن مهدي ويزيد بن هارون أحاديث مختلطة وما روى عنه الشيوخ فهو مستقيم. وقال عمرو بن على الفلاس سمعت يحيى بن سعيد يقول رأيت المسعودي سنة رآه عبد الرحمن بن مهدى فلم أكلمه وسأل محمد بن يحيى الذهلي أبا الوليد الطيالسى عن سماع عبد الرحمن بن مهدى من المسعودي فقال سمع منه بمكة شيئا يسيرا وذكر ابن عساكر في تاريخ دمشق عن أحمد بن حنبل قال كل من سمع من المسعودي بالكوفة مثل وكيع وأبى نعيم وأما يزيد بن هرون وحجاج ومن سمع منه ببغداد في الاختلاط إلا من سمع بالكوفة انتهى وأما أبو داود الطيالسى فقال الخطيب في تاريخه أنه سمع من المسعودي ببغداد وقد تقدم قول أحمد وقال ابن عمار من سمع منه ببغداد فسماعه ضعيف.

.........................................................................

_ وقال عمرو بن على الفلاس سمعت أبا قتيبة هو مسلم بن قتيبة يقول رأيت المسعودي سنة ثلاث وخمسين وكتبت عنه وهو صحيح ثم رأيته سنة سبع وخمسين أي ومائة والذر يدخل في أذنه وأبو داود يكتب عنه فقلت له أتطمع أن تحدث عنه وأنا حي وقال عثمان بن عمر بن فارس كتبنا عن المسعودي وأبو داود جرو يلعب بالتراب وأما على ابن الجعد فإن سماعه منه أيضا ببغداد فإن على بن الجعد إنما قدم البصرة سنة ست وخمسين ومائة والمسعودي يومئذ ببغداد. الأمر الثاني: في بيان ابتداء اختلاطه وقد اقتصر المصنف على حكاية كلام ابن معين أن من سمع منه في زمان أبى جعفر فهو صحيح السماع وعلى هذا فكانت مدة اختلاطه سنة أو سنتين فإن أبا جعفر المنصور مات بظاهر مكة في سادس ذي الحجة سنة ثمان وخمسين ومائة وكانت وفاة المسعودي على المشهور في سنة ستين ومائة قاله سليمان بن حرب وأبو عبيد القاسم بن سلام وأحمد بن حنبل وبه حزم البخاري في تاريخه نقلا عن أحمد وابن حبان في الضعفاء وابن زبر وابن قانع وابن عساكر في التاريخ والمزي في التهذيب والذهبي في العبر والميزان وما اقتضاه كلام يحيى بن معين من قدر مدة اختلاطه صرح به أبو حاتم الرازي فقال تغير بآخره قبل موته بسنة أو سنتين. وفي كلام غير واحد أنه اختلط قبل ذلك وتقدم قول أبى قتيبة سلم بن قتيبة أنه رآه سنة سبع وخمسين والذر يدخل في أذنيه. وقال عمرو بن على الفلاس سمعت معاذ بن معاذ يقول رأيت المسعودي سنة أربع وخمسين يطالع الكتاب يعنى أنه قد تغير حفظه وهذا موافق لما حكاه عبد الله بن أحمد ابن حنبل عن أبيه أنه قال إنما اختلط المسعودي ببغداد ومن سمع منه بالكوفة والبصرة فسماعه جيد وكان قدوم المسعودي بغداد سنة أربع وخمسين ولكن لم يختلط في أول قدومه بغداد فقد سمع منه شعبة ببغداد كما ذكره ابن أبى حاتم في الجرح والتعديل وعلى هذا فقد طالت مدة اختلاطه لا سيما على قول من قال أنه مات سنة خمس وستين وهو قول يعقوب بن شيبة رواه الخطيب في التاريخ عنه وان كان المشهور أنه توفي سنة ستين ومائة كما تقدم لكن قد روينا بالإسناد الصحيح إلى على بن المديني سمعت معاذ بن معاذ يقول قدم علينا المسعودي البصرة قدمتين يملى علينا إملاء ثم لقيت المسعودي ببغداد سنة أربع

..........................................................................

_ وخمسين وما أنكر منه قليلا ولا كثيرا فجعل يملى على ثم أذن لى في بينه ومعى عبد الله ابن عثمان ما أنكر منه قليلا ولا كثيرا قال ثم قدمت عليه مرة أخرى مع عبد الله بن حسن قال فقلت لمعاذ سنة كم قال سنة إحدى وستين فقالوا دخل عليه فذهب ببعض سماعه فأنكروه لذلك قال معاذ فتلقانا يوما فسألته عن حديث القاسم فأنكره وقال ليس من حديثى قال ثم رأيت رجلا جاءه بكتاب عمرو بن مرة عن إبراهيم فقال كيف هو في كتابك قال عن علقمة وجعل يلاحظ كتابه فقال معاذ فقلت له انك انما حدثتناه عن عمرو بن مرة عن إبراهيم عن عبد الله قال هو عن علقمة ففي هذا أنه تأخر إلى سنة إحدى وستين وقد رواه هكذا ابن عساكر في التاريخ وغيره وذكره المزى في التهذيب وضبب على قوله إحدى وذلك أنه اقتصر في التهذيب على أنه توفي سنة ستين فرأى هذا مخالفا لما ذكر من وفاته فضبب عليه والله أعلم. الأمر الثالث: في بيان من سمع منه قبل اختلاطه قال أحمد بن حنبل سماع وكيع من المسعودي بالكوفة قديم وأبو نعيم أيضا قال وإنما اختلط المسعودي ببغداد قال ومن سمع منه بالبصرة والكوفة فسماعه جيد انتهى وعلى هذا فتقبل رواية كل من سمع منه بالكوفة والبصرة قبل أن يقدم بغداد وهم أمية بن خالد وبشر بن المفضل وجعفر بن عون وخالد بن الحرث وسفيان بن حبيب وسفيان الثورى وأبو قتيبة سلم بن قتيبة وطلق بن غنام وعبد الله بن رجاء الغدانى وعثمان بن عمر بن فارس وعمرو بن مرزوق وعمرو بن الهيثم والقاسم بن معن بن عبد الرحمن ومعاذ بن معاذ العنبرى والنضر ابن شميل ويزيد بن زريع. الأمر الرابع: أنه قد شدد بعضهم في أمر المسعودي ورد حديثه كله لأنه لا يتميز حديثه القديم من حديثه الأخير قال ابن حبان في تاريخ الضعفاء كان المسعودي صدوقا الا أنه اختلط في آخر عمره اختلاطا شديدا حتى ذهب عقله وكان يحدث بما يحب فحمل عنه فاختلط حديثه القديم بحديثه الأخير ولم يتميز فاستحق الترك وقال أبو الحسن القطان في كتاب بيان الوهم والإيهام كان لا يتميز في الأغلب ما رواه قبل اختلاطه مما رواه بعد انتهى والصحيح ما قدمناه من أن من سمع منه بالكوفة والبصرة قبل أن يقدم بغداد فسماعه صحيح كما قال أحمد وابن عمار وقد ميز بعض ذلك والله أعلم

ربيعة الرأي بن أبي عبد الرحمن أستاذ مالك قيل: إنه تغير في آخر عمره وترك الاعتماد عليه لذلك.

_ "قوله" ربيعة الرأي بن أبى عبد الرحمن أستاذ مالك قيل أنه تغير في آخر عمره وترك الأعتماد عليه لذلك انتهى وما حكاه المصنف من تغير ربيعة في آخر عمره لم أره لغيره وقد احتج به الشيخان ووثقه أحمد بن حنبل وأبو حاتم الرازى ويحيى بن سعيد والنسائي وابن حبان وابن عبد البر وغيرهم ولا أعلم أحدا تكلم فيه باختلاط ولا ضعف إلا أن النباتى أورده في ذيل الكامل وقال إن البستى وهو ابن حبان ذكره في الزيادات مقتصرا على قول ربيعة لابن شهاب أن حالي ليست تشبه حالك أنا أقول برأى من شاء أخذه وذكر البخاري قول ربيعة هذا في التاريخ الكبير وقال ابن سعد في الطبقات بعد توثيقه كانوا يتقونه لموضع الرأي قال ابن عبد البر في التمهيد وقد ذمه جماعة من أهل الحديث لاعترافه في الرأي ورووا في ذلك أخبارا قد ذكرتها في غير هذا الموضع قال وكان سفيان بن عيينة والشافعي وأحمد بن حنبل لا يرضون عن رأيه لأن كثيرا منه يوجد له بخلاف المسند الصحيح لأنه لم يتسع فيه وروى ابن عبد البر في كتاب جامع بيان العلم بإسناده إلى مالك قال قال لي ابن هرمز لا تمسك على شيء مما سمعت منى من هذا الرأي فإنما افتجرته أنا وربيعة فلا تتمسك به وروى ابن عبد البر أيضا فيه عن موسى بن هارون قال الذين ابتدعوا الرأي ثلاثة وكلهم من أبناء سبايا الأمم وهم ربيعة بالمدينة وعثمان البتى بالبصرة وفلان بالكوفة قال ابن عبد البر وذكر العقيلى في التاريخ الكبير بإسناده إلى الليث قال رأيت ربيعة في المنام فقلت له ما حالك فقال صرت إلى خير إلا أنى لم أحمد على كثير مما خرج منى من الرأي انتهى. فهذا كما تراه إنما تكلم فيه من قبل الرأي لا من اختلاطه فإنى لم أر أحدا ذكره غير ابن الصلاح على أن غير واحد قد برأوه من الرأي فروينا عن عبد العزيز ابن أبى سلمة أنه قال يا أهل العراق تقولون ربيعة الرأي والله ما رأيت أحدا أحفظ لسنة منه. وذكر ابن عبد البر في التمهيد قال كان عبد العزيز بن أبى سلمة يجلس إلى ربيعة فلما حضرت ربيعة الوفاة قال له عبد العزيز يا أبا عثمان إنا قد تعلمنا منك وربما جاءنا من يستفتينا في الشيء لم نسمع فيه شيئا فترى أن رأينا له خبر من رأيه لنفسه فنفتيه فقال:

صالح بن نبهان مولى التوأمة بنت أمية بن خلف روى عنه ابن أبي ذئب والناس قال أبو حاتم بن حبان: تغير في سنة خمس وعشرين ومائة واختلط حديثه الأخير بحديثه القديم ولم يتميز فاستحق الترك. حصين بن عبد الرحمن الكوفي ممن اختلط وتغير ذكره النسائي وغيره والله أعلم.

_ ربيعة أجلسوني فجلس ثم قال ويحك يا عبد العزيز لأن تموت جاهلا خير لك من أن تقول في شيء بغير عليم لا لا لا ثلاث مرات. "قوله" صالح بن نبهان مولى التوأمة بنت أمية بن خلف روى عنه ابن أبى ذئب والناس قال أبو حاتم بن حبان تغير في سنة خمس وعشرين ومائة واختلط حديثه الأخير بحديثه القديم ولم يتميز فاستحق الترك انتهى. وقد اقتصر المصنف من أقوال من تكلم في صالح بالاختلاط على حكاية كلام ابن حبان فاقتضى ذلك ترك جميع حديثه وليس كذلك فقد ميز غير واحد من الأئمة بعض من سمع منه في صحته ممن سمع منه بعد اختلاطه. فممن سمع منه قديما محمد بن عبد الرحمن بن أبى ذئب قاله على بن المديني ويحيى ابن معين والجوزجاني وأبو أحمد بن عدى وممن سمع منه أيضا قديما عبد الملك بن جريج وزياد بن سعد قاله ابن عدى قلت وكذلك سمع منه قديما أسيد بن أبى سيد وسعيد بن أبى أيوب وعبد الله بن على الأفريقي وعمارة بن غزية وموسى بن عقبة. وممن سمع منه بعد الاختلاط مالك بن أنس وسفيان الثوري وسفيان بن عيينة والله أعلم. "قوله" حصين بن عبد الرحمن الكوفي ممن اختلط وتغير ذكره النسائي وغيره والله أعلم انتهى. وفيه أمران أحدهما: أن حصين بن عبد الرحمن الكوفي أربعة ذكرهم الخطيب في المتفق والمفترق والمزي في التهذيب والذهبي في الميزان فكان ينبغي للمصنف أن يميز هذا المذكور منهم بالاختلاط في آخر عمره بذكر نسبه أو كنيته ونسبه سلمى وكنيته

......................................................................

_ أبو الهذيل وهذا هو المعروف المشهور ممن يسمى هكذا وروايته في الكتب الستة وليس لغيره من بقية الأربعة المذكورين رواية في شيء من الكتب الستة وإنما ذكرهم المزي في التهذيب للتمييز وحصين بن عبد الرحمن الكوفي هذا ثقة حافظ وثقة أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وأبو زرعة العجلي والنسائي في الكنى وابن حبان وغيرهم. وقال أبو حاتم الرازي ثقة ساء حفظه في الآخر وقال النسائي تغير وقال يزيد بن هارون طلبت الحديث وحصين حي كان يقرأ عليه وكان قد نسى وعن يزيد بن هارون أيضا أنه قال اختلط. وذكره البخاري في الضعفاء وكذلك العقيلي وابن عدى ولم يذكروا فيه تضعيفا غير أنه كبر ونسى وقد أنكر على بن عاصم اختلاطه فقال لم يختلط والثاني حصين ابن عبد الرحمن الحارثي الكوفي حدث عن الشعبي وروى عنه إسماعيل بن أبى خالد والحجاج بن أرطاه ذكره البخاري في التاريخ وابن أبى حاتم في الجرح والتعديل. وحكى عن أحمد أنه قال فيه ليس يعرف ما روى عنه غير الحجاج وإسماعيل بن أبى خالد. وذكره ابن حبان في الثقات وقال ليس هذا بالأول مات سنة تسع وثلاثين ومائة والثالث حصين بن عبد الرحمن النخعي الكوفي أخو مسلم بن عبد الرحمن النخعي روى عن الشعبي أيضا قوله روى عنه حفص بن غياث ذكره البخاري في التاريخ وابن أبى حاتم في الجرح والتعديل والخطيب وروى عن أحمد بن حنبل قال هذا رجل آخر لا يعرف وقال الخطيب لم يرو عنه غير حفص بن غياث وذكره ابن حبان في الثقات قال وليس هذا بالأولين قال هؤلاء الثلاثة من أهل الكوفة وقد رووا ثلاثتهم عن الشعبي روى عنهم أهل الكوفة قال وربما يتوهم المتوهم أنهم واحد وليس كذلك أحدهم سلمى والآخر حارثي والثالث نخعي والرابع حصين بن عبد الرحمن الجعفي أخو إسماعيل بن عبد الرحمن كوفي أيضا روى عن عبد الله بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب روى عنه طعمه بن غيلان الكوفي ذكره الخطيب في المتفق والمفترق وتبعه المزي في التهذيب والذهبي في الميزان وقال مجهول. الأمر الثاني لم يذكر المصنف في ترجمة حصين هذا من عرف أنه سمع منه في الصحة أو من عرف أنه سمع منه في الاختلاط كما فعل في أكثر من ذكره ممن اختلط.

عبد الوهاب الثقفي ذكر ابن أبي حاتم الرازي عن يحيى بن معين أنه قال: اختلط بآخرة. سفيان بن عيينة وجدت عن محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي: أنه سمع يحيى

_ وقد سمع منه قديما قبل أن يتغير سليمان التيمي وسليمان الأعمش وشعبة وسفيان والله تعالى أعلم. وقد اختلف كلامهم في سنة وفاته فالمشهور أنه توفي سنة ست وثلاثين ومائة قاله محمد بن عبد الله الحضرمي الملقب بمطين وعليه اقتصر الخطيب في المتفق والمفترق والمزي في التهذيب واختلف فيه كلام ابن حبان في الثقات فإنه ذكره في طبقة التابعين وفي طبقة أتباع التابعين أيضا وقال في طبقة التابعين أنه مات سنة ثلاث وستين ومائة وقال في طبقة أتباع التابعين أنه مات سنة ست وستين ومائة وهكذا نقلته من خط الصدر البكري في الموضعين فإن لم يكن من خطأ النساخ فهو وهم من ابن حبان والمعروف سنة ست وثلاثين وبه جزم الذهبي أيضا في العبر والله أعلم. "قوله" عبد الوهاب الثقفي ذكر ابن أبى حاتم الرازي عن يحيى بن معين أنه قال اختلط بآخرة انتهى. لم يبين المصنف مقدار مدة اختلاطه ولا من ذكر أنه سمع منه في الصحة أو في الاختلاط فأما مقدار مدة اختلاطه فقال عقبة بن مكرم العمى اختلط قبل موته بثلاث سنين أو أربع سنين انتهى وكانت وفاته سنة أربع وتسعين ومائة بتقديم التاء على السين وهو قول عمرو بن على الفلاس وأبو موسى الزمن وبه جزم ابن زبر وابن قانع والذهبي في العبر والمزي في التهذيب وقيل سنة أربع وثمانين وبه صدر ابن حبان كلامه. وأما الذين سمعوا منه في الصحة فجميع من سمع منه إنما سمع منه في الصحة قبل اختلاطه قال الذهبي في الميزان ما ضرر تغيره حديثه فإنه ما حدث بحديث في زمن التغير ثم استدل على ذلك بقول أبى داود تغير جرير بن حازم وعبد الوهاب الثقفي فحجب الناس عنهما. "قوله" سفيان بن عيينة وجدت عن محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي أنه سمع يحيى

ابن سعيد القطان يقول: أشهد أن سفيان بن عيينة اختلط سنة سبع وتسعين فمن سمع منه في هذا السنة وبعد هذا فسماعه لا شيء قلت: توفي بعد ذلك بنحو سنتين سنة تسع وتسعين ومائة. عبد الرزاق بن همام: ذكر أحمد بن حنبل: أنه عمي في آخر عمره فكان يلقن فيتلقن فسماع من سمع منه بعد ما عمي لا شيء. قال النسائي: فيه نظر لمن كتب عنه بآخرة.

_ ابن سعيد القطان يقول أشهد أن سفيان بن عيينة اختلط سنة سبع وتسعين فمن سمع منه في هذه السنة وبعدها فسماعه لا شيء قلت توفي بعد ذلك بنحو سنتين سنة تسع وتسعين ومائة انتهى. وفيه أمور: أحدها: أن المصنف لم يبين من سمع منه في سنة سبع وتسعين وما بعدها وقد سمع منه في هذه السنة محمد بن عاصم صاحب ذاك الجزء العالي كما هو مؤرخ في الجزء المذكور وهكذا ذكره أيضا صاحب الميزان قال فأما سنة ثمان وتسعين ففيها مات ولم يلقه فيها أحد فإنه توفي قبل قدوم الحاج بأربعة أشهر قال ويغلب على ظني أن سائر شيوخ الأئمة الستة سمعوا منه قبل سنة سبع. الأمر الثاني: أن هذا الذي ذكره المصنف عن محمد بن عبد الله بن عمار عن القطان قد استبعده صاحب الميزان فقال وأنا أستبعده وأعده غلطا من ابن عمار فإن القطان مات في صفر من سنة ثمان وتسعين وقت قدوم الحاج ووقت تحدثهم عن أخبار الحجاج فمتى تمكن يحيى بن سعيد من أن يسمع اختلاط سفيان ثم يشهد عليه بذلك والموت قد نزل به ثم قال فلعله بلغه ذلك في أثناء سنة سبع. الأمر الثالث: أن ما ذكره المصنف من عند نفسه كونه بقى بعد الاختلاط نحو سنتين وهم منه وسبب ذلك وهمه في وفاته فإن المعروف أنه توفي بمكة يوم السبت أول شهر رجب سنة ثمان وتسعين قاله محمد بن سعد وابن زبر وابن قانع وقال ابن حبان يوم السبت آخر يوم من جمادى الآخرة. قوله عبد الرزاق بن همام ذكر أحمد بن حنبل أنه عمى في آخر عمره فكان يلقن فيتلقن فسماع من سمع منه بعد ما عمى لا شيء إلى آخر كلامه. لم يذكر المصنف أحدا ممن سمع من عبد الرزاق بعد تغيره إلا إسحق بن إبراهيم

قلت: وعلى هذا نحمل قول عباس بن عبد العظيم لما رجع من صنعاء: والله لقد تجشمت إلى عبد الرزاق وإنه لكذاب والواقدي أصدق منه. قلت: قد وجدت فيما روي عن الطبراني عن إسحاق بن إبراهيم الدبري عن عبد الرزاق أحاديث استنكرتها جدا فأحلت أمرها على ذلك فإن سماع الدبري منه متأخر جدا. قال إبراهيم الحربي: مات عبد الرزاق وللدبري ست سنين أو سبع سنين ويحصل أيضا في نظر من كثير من العوالي الواقعة عمن تأخر سماعه من سفيان بن عيينة وأشباهه.

_ الدبري فقط وممن سمع منه بعد ما عمى أحمد بن محمد بن شبوية قاله أحمد بن حنبل وسمع منه أيضا بعد التغير محمد بن حماد الطهراني والظاهر أن الذين سمع منهم الطبراني في رحلته إلى صنعاء من أصحاب عبد الرزاق كلهم سمع منه بعد التغير وهم أربعة أحدهم الدبري الذي ذكره المصنف وكان سماعه من عبد الرزاق سنة عشر ومائتين وكانت وفاة الدبري سنة أربع وثمانين ومائتين والثاني من شيوخ الطبراني إبراهيم بن محمد بن برة الصنعاني والثالث إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن سويد الشنابى والرابع الحسن بن عبد الأعلى البوسي الصنعاني فهؤلاء الأربعة سمع منهم الطبراني في رحلته إلى اليمن سنة اثنين وثمانين وسماعهم من عبد الرزاق بآخرة. وممن سمع من عبد الرزاق قبل الاختلاط أحمد بن حنبل وإسحق بن راهويه وعلى ابن المديني ويحيى بن معين ووكيع بن الجراح في آخرين أخرج لهم الشيخان من رواياتهم عن عبد الرزاق فممن اتفق الشيخان على الإخراج له عن عبد الرزاق مع إسحق بن راهويه إسحق بن منصور الكوسج ومحمود بن غيلان. وممن أخرج له البخاري فقط عن عبد الرزاق مع على بن المديني إسحق بن إبراهيم السعدي وعبد الله بن محمد المسندي ومحمد بن يحيى الذهلى ومحمد بن يحيى بن أبى عمر العدني ويحيى بن جعفر البيكندي ويحيى بن موسى البلخي الملقب خب. وممن أخرج له مسلم عن عبد الرزاق مع أحمد بن حنبل أحمد بن يوسف السلمي وحجاج بن يوسف الشاعر والحسين بن على الخلال وسلمة بن شبيب وعبد الرحمن بن

عارم محمد بن الفضل أبو النعمان اختلط بآخرة. فما رواه عنه البخاري ومحمد بن يحيى الذهلي وغيرهما من الحافظ ينبغي أن يكون مأخوذا عنه قبل اختلاطه.

_ بشر بن الحكم وعبد بن حميد وعمرو بن محمد الناقد ومحمد بن رافع ومحمد بن مهران الحمال والله أعلم. "قوله" عارم محمد بن الفضل أبو النعمان اختلط بآخرة فيما رواه عنه البخاري ومحمد بن يحيى الذهلي وغيرهما من الحفاظ ينبغي أن يكون مأخوذا عنه قبل اختلاطه انتهى. ولم يبين المصنف ابتداء اختلاطه ولا كم قام في الاختلاط ولا من سمع منه قبل الاختلاط وبعده إلا ما ذكر عن البخاري ومحمد بن يحيى الذهلى وغيرهما من الحفاظ وأتى به بصيغة ينبغى ولم ينقله عن أحد يرجع إليه مع أن بعض الحفاظ سماعه منه بعد الاختلاط وهو أبو زرعة الرازى كما سيأتى وأنا أبين ذلك إن شاء الله تعالى. فأما ابتداء اختلاطه فقد اختلفوا في ذلك فقال أبو حاتم كتبت عنه قبل الاختلاط سنة أربع عشرة يعنى ومائتين قال ولم أسمع منه بعدما اختلط فمن سمع منه قبل سنة وعشرين ومائتين فسماعه جيد قال وأبو زرعة لقيه سنة اثنتين وعشرين. وقال أبو داود بلغنا أن عارما أنكر سنة ثلاث عشرة ومائتين ثم راجعه عقله واستحكم به الاختلاف سنة ست عشرة ومات عارم سنة أربع وعشرين ومائتين فإذا كان اختلاطه ثمانى سنين على قول ابى داود وأربع سنين على قول أبى حاتم. وقال الدارقطنى ما ظهر له بعد اختلاطه حديث منكر وأما ابن حبان فإنه قال في تاريخ الضعفاء اختلط في آخر عمره وتغير حتى كان لا يدرى ما يحدث به فوقع المناكير الكثيرة في روايته فما روى عنه القدماء إذا علم أن سماعهم منه كان قبل تغيره إن احتج به محتج بعد العلم بما ذكرت أرجو أن لا نخرج في فعل ذلك وأما رواية المتأخرين عنه فلا يجب إلا التنكب عنها على الأحوال وإذا لم يعلم التمييز بين سماع المتأخرين والمتقدمين منه يترك الكل فلا يحتج بشئ منه وقد أنكر صاحب الميزان قول ابن حبان هذا ونسبه إلى التخسيف والتهوير وقال لم يقدر ابن حبان أن يسوق له حديثا منكرا فأين ما زعم انتهى

أبو قلابة عبد الملك بن محمد بن عبد الله الرقاشي روينا عن الإمام ابن خزيمة أنه قال: حدثنا أبو قلابة بالبصرة قبل أن يختلط ويخرج إلى بغداد.

_ وأما من سمع منه قبل الاختلاط فأحمد بن حنبل وعبد الله بن محمد المسندي وأبو حاتم الرازي وأبو على محمد بن أحمد بن خالد الزر يقي وكذلك ينبغي أن يكون من حدث عنه من شيوخ البخاري أو مسلم وروى عنه في الصحيح شيئا من حديثه ومع كون البخاري روى عنه في الصحيح فقد روى في الصحيح أيضا عن عبد الله بن محمد المسندي عنه. وروى مسلم في الصحيح عن جماعة عنه وهم أحمد بن سعيد الدرامي وحجاج بن الشاعر وأبو داود سليمان بن سعيد السنجي وعبد بن حميد وهارون بن عبد الله الحمال. وأما من سمع منه بعد الاختلاط فأبو زرعة الرازي كما قال أبو حاتم وعلى بن عبد العزيز البغوي على قول أبى داود أنه استحكم به الاختلاط سنة ست عشرة وذلك أن سماع على بن عبد العزيز كان في سنة سبع عشرة كما قاله العقيلي فأما على قول أبى حاتم المتقدم فسماع على بن عبد العزيز البغوي منه كان قبل اختلاطه والله أعلم. وجاء إليه أبو داود فلم يسمع منه لما رأى من اختلاطه وكذلك إبراهيم الحربي. "قوله" أبو قلابة عبد الملك بن محمد بن عبد الله الرقاشي روينا عن الإمام ابن خزيمة أنه قال حدثنا أبو قلابة بالبصرة قبل أن يختلط ويخرج إلى بغداد انتهى وظاهر كلام ابن خزيمة أن من سمع منه بالبصرة قبل أن يخرج إلى بغداد فسماعه صحيح وإن من سمع منه ببغداد فهو بعد الاختلاط أو مشكوك فيه فمن سمع منه بالبصرة أبو داود السجستانى وابن ماجه وأبو مسلم الكجى وأبو بكر بن أبى داود ومحمد بن إسحاق الصاغانى وأحمد بن يحيى بن جابر البلاذرى وأبو عروبة الحسين بن محمد الحرانى. وممن سمع منه ببغداد أحمد بن سلمان النجاد وأحمد بن كامل بن سحرة القاضى وأحمد بن عثمان بن يحيى الآدمى وأبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد القطان وإسماعيل بن محمد الصفار وحبشون بن موسى الخلال وعبد الله بن إسحق بن إبراهيم ابن الخراساني البغوي وأبو عمرو عثمان بن أحمد السماك وأبو بكر محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة السدوسي وأبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي وأبو عيسى

وممن بلغنا عنه ذلك من المتأخرين أبو أحمد الغطريفي الجرجاني وأبو طاهر حفيد الإمام ابن خزيمة ذكر الحافظ أبو علي البرذعي ثم السمرقندي في معجمه: أنه بلغه أنهما اختلطا في آخر عمرهما.

_ محمد بن على بن الحسين التحاري بالتاء المثناة من فوق المضمومة وأبو جعفر محمد بن عمرو بن البحترى ومحمد بن مخلد الدورى وأبو العباس محمد بن يعقوب الأصم وما أخذناه من عبارة ابن خزيمة من أن من سمع منه بالبصرة فهو قبل الاختلاط ومن سمع منه ببغداد فهو بعد الاختلاط وليس صريحا في عبارته بل هو ظاهر منها وبعض من ذكرنا أنه سمع منه ببغداد فهو بعد الاختلاط كأبى بكر الشافعي وكذلك محمد بن يعقوب الأصم فقد ذكر الحاكم في تاريخ نيسابور أن الأصم لم يسمع بالبصرة حديثا واحدا وأن أباه رحل به سنة خمس وستين على طريق أصبهان وذكر بقية رحلته للبلدان ثم دخل بغداد سنة تسع وستين إلى آخر كلامه. "قوله" وممن بلغنا عنه ذلك من المتأخرين أبو أحمد الغطريفي الجرجانى وأبو طاهر حفيد الإمام ابن خزيمة ذكر الحافظ أبو على البردعى ثم السمرقندى في معجمه أنه بلغه أنهما اختلطا في آخر عمرهما انتهى وأما النطريفي فلم أر من ذكره فيمن اختلط غير ما حكاه المصنف عن الحافظ أبى على البردعى وقد ترجمه الحافظ حمزة السهمى في تاريخ جرجان فلم يذكر عنه شيئا من ذلك وهو أعرف به فإنه أحد شيوخ حمزة وقد حدث عنه الحافظ أبو بكر الاسماعيلى في صحيحه إلا أنه دلس اسمه فقال مرة حدثنا محمد بن أبى حامد النيسابورى وقال مرة حدثنا محمد بن أحمد العبقسى وقال مرة حدثنا محمد بن أحمد الوردى وقال مرة حدثنا محمد بن أحمد البغوى وقال مرة حدثنا محمد بن أحمد بن الحسين ولم ينسبه ونسبته الغطريفي إلى أحد أجداده فإنه محمد بن أحمد بن الحسين القاسم بن السرى بن الغطريف الغطريفي الجرجاني الرباطي ولم يدلسه الإسماعيلى لضعفه ولكن لكونه ليس في مرتبة شيوخه وإنما هو من أقرانه وكان نازلا في منزل الإسماعيلى وتوفي الاسماعيلي قبله في سنة إحدى وسبعين وثلاث مايه في غرة شهر رجب وتأخر الغطريفي ست سنين فتوفي في سنة سبع وسبعين في شهر رجب أيضا فلذلك أبهم نسبه فإن كان قد حصل للغطريفي تغير فهو بعد موت الإسماعيلى. وآخر من بقى من أصحاب الغطريفي القاضي أبو الطيب طاهر بن عبد الله الطبري.

...........................................................................

_ وهو أيضا سمع منه قبل التغير إن كان حصل له تغير فإن القاضي أبا الطيب رحل إلى جرحان سنة إحدى وسبعين في حياة الاسماعيلي فقدمها يوم خميس فاشتغل بدخول الحمام ثم أصبح فأراد الاجتماع بالاسماعيلي والسماع عليه فقال له ابنه أبو سعد إنه شرب دواء لمرض حصل له فتعال غدا للسماع عليه فجاء من الغد يوم السبت فوجده قد مات فلم يحصل للقاضي أبى الطيب لقي الاسماعيلي وسمع في تلك السنة من الغطريفي فإنه كان نازلا في منزل الاسماعيلي ولم يذكر الذهبي في الميزان الغطريفي فيمن تغير ولكن ذكر السمعاني في الأنساب أنهم أنكروا على الغطريفي حديثا رواه من طريق مالك عن الزهري عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أهدى جملا لأبى جهل قال السمعاني وكان يذكر أن ابن صاعد وابن مظفر أفاداه عن الصوفي هذا الحديث قال ولا يبعد أن يكون قد سمع إلا أنه لم يخرج أصله قال وقد حدث غير واحد من المتقدمين والمتأخرين بهذا الحديث عن الصوفي قال السمعاني وأنكروا عليه أيضا أنه حدث بمسند إسحق بن إبراهيم الحنظلي عن ابن شيرويه من غير الأصل الذي سمع فيه وقال حمزة السهمي سمعت أبا عمرو الرزجاهي يقول رأيت سماع الغطريفي في جميع كتاب ابن شيرويه والله أعلم. قلت وثم آخر يوافق الغطريفي في الاسم واسم أبيه وبلده وتقاربا أيضا في اسم الجد وهما متعاسران وقد اختلط في آخر عمره فيحتمل أن يكون اشتبه الغطريفي به واسم الغطريفي محمد بن أحمد بن الحسين الجرجاني كما تقدم واسم الآخر محمد بن أحمد بن الحسن وقد بين الحاكم في تاريخ نيسابور اختلاط هذا فقال ولقد سافر معي وسبرته في الحضر والسفر نيفا وأربعين سنة فما اتهمته في الحديث قط ثم تغير بآخرة وخلط والله تعالى يغفر لنا وله وينتقم ممن أفسد علمه وتوفي عشية يوم الاثنين الرابع من جمادى الأولى سنة ثلاث وثمانين وثلاث مائة وأما محمد بن الفضل بن محمد بن إسحق بن خزيمة فقد بين الحاكم في تاريخ نيسابور مدة اختلاطه فقال إنه مرض وتغير بزوال العقل في ذي الحجة من سنة أربع وثمانين وثلاث مائة فإني قصدته بعد ذلك غير مرة فوجدته لا يعقل وكل من أخذ عنه بعد ذلك فلقلة مبالاته بالدين وتوفي ليلة الجمعة الثامن عشر من جمادى الأولى من سنة سبع وسبعين وثلاث مائة انتهى فعلى هذا تكون مدة اختلاطه سنتين وخمسة أشهر أو مع زيادة بعض شهر آخر.

وأبو بكر بن مالك القطيعي راوي مسند أحمد وغيره اختل في آخر عمره وخرف حتى كان لا يعرف شيئا مما يقرأ عليه.

_ وأما نقل صاحب الميزان عن الحاكم أنه عاش بعد تغيره ثلاث سنين فنقل غير محرر. وهكذا قال في العبر اختلط قبل موته بثلاثة أعوام فتجنبوه قال في الميزان ما عرفت أحدا سمع منه أيام عدم عقله والله أعلم. "قوله" وأبو بكر بن مالك القطيعي راوي مسند أحمد وغيره اختل في آخر عمره وخرف حتى كان لا يعرف شيئا مما يقرأ عليه انتهى. وفي ثبوت هذا عن القطيعي نظر وهذا القول تبع فيه المصنف مقالة حكيت عن أبى الحسن بن الفرات لم يثبت إسنادها إليه ذكرها الخطيب في التاريخ فقال حدثت عن أبى الحسن بن الفرات قال كان ابن مالك القطيعي مستورا صاحب سنة كثير السماع من عبد الله بن أحمد وغيره إلا أنه خلط في آخر عمره وكف بصره وخرق حتى كان لا يعرف شيئا مما يقرأ عليه انتهى وقد أنكر صاحب الميزان هذا على ابن الفرات وقال غلو وإسراف وقال أبو عبد الرحمن السلمي أنه سأل الدارقطني عنه فقال ثقة زاهد سمعت أنه مجاب الدعوة وقال الحاكم ثقة مأمون وسئل عنه البرقانى فقال كان شيخا صالحا غرقت قطعة من كتبه فنسخها من كتاب ذكروا أنه لم تكن سماعه فغمزوه لأجل ذلك وإلا فهو ثقة قال البرقانى وكنت شديد التنقير عن حاله حتى ثبت عندي أنه صدوق لا شك في سماعه وإنما كان فيه بله فلما غرقت القطيعة بالماء الأسود غرق شيء من كتبه فنسخ بدل ما غرق من كتاب لم يكن فيه سماعه قال ولما اجتمعت مع الحاكم أبى عبد الله بن البيع بنيسابور ذكرت بن مالك ولينته فأنكر على وقال الخطيب لم أر أحدا امتنع من الرواية عنه ولا ترك الاحتجاج به وقال أبو بكر بن نقطة كان ثقة وتوفي القطيعي لسبع بقين من ذي الحجة سنة ثمان وستين وثلاث مائة وعلى تقدير ثبوت ما ذكره أبو الحسن بن الفرات من التغير وتبعه المصنف فممن سمع منه في الصحة أبو الحسن الدارقطنى وأبو حفص بن شاهين وأبو عبد الله الحاكم وأبو بكر البرقانى وأبو نعيم الأصبهاني وأبو على بن المذهب راوي المسند عنه فإنه سمعه عليه في سنة ست وستين والله أعلم.

واعلم: أن من كان من هذا القبيل محتجا بروايته في الصحيحين أو أحدهما فإنا نعرف على الجملة: أن ذلك مما تميز وكان مأخوذا عنه قبل الاختلاط والله أعلم.

النوع الثالث والستون: معرفة طبقات الرواة والعلماء

النوع الثالث والستون - معرفة طبقات الرواة والعلماء. وذلك من المهمات التي افتضح بسبب الجهل بها غير واحد من المصنفين وغيرهم. وكتاب الطبقات الكبير لمحمد بن سعد كاتب الواقدي كتاب حفيل كثير الفوائد وهو ثقة غير أنه كثير الرواية فيه عن الضعفاء ومنهم الواقدي وهو محمد بن عمر الذي لا ينسبه. والطبقة في اللغة عبارة عن القوم المتشابهين وعند هذا: فرب شخصين يكونان من طبقة واحدة لتشابههما بالنسبة إلى جهة ومن طبقتين بالنسبة إلى جهة أخرى لا يتشابهان فيها. فأنس بن مالك الأنصاري وغيره من أصاغر الصحابة مع العشرة وغيرهم من أكابر الصحابة من طبقة واحدة إذا نظرنا إلى تشابههم في أصل صفة الصحبة. وعلى هذا: فالصحابة بأسرهم طبقة أولى والتابعون طبقة ثانية وأتباع التابعين طبقة ثالثة وهلم جرا. وإذا نظرنا إلى تفاوت الصحابة في سوابقهم ومراتبهم كانوا على ما سبق ذكره بضع عشرة طبقة ولا يكون عند هذا أنس وغيره من أصاغر الصحابة من طبقة العشرة من الصحابة بل دونهم بطبقات. والباحث الناظر في هذا الفن يحتاج إلى معرفة المواليد والوفيات ومن أخذوا عنه ومن أخذ عنهم ونحو ذلك والله أعلم.

النوع الرابع والستون: معرفة الموالي من الرواة والعلماء

النوع الرابع والستون - معرفة الموالي من الرواة والعلماء. وأهم ذلك معرفة الموالي المنسوبين إلى القبائل بوصف الإطلاق فإن الظاهر في المنسوب إلى قبيلة كما إذا قيل: فلان القرشي أنه منهم صليبة فإذا بيان من قيل فيه قرشي من أجل كونه مولى لهم مهم اعلم أن فيهم من يقال فيه مولى فلان أو لبني فلان والمراد به مولى العتاقة وهذا هو الأغلب في ذلك. ومنهم من أطلق عليه لفظ المولى والمراد بها ولاء الإسلام. ومنهم أبو عبد الله البخاري فهو محمد بن إسماعيل الجعفي مولاهم نسب إلى ولاء الجعفيين لأن جده وأظنه الذي يقال له الأحنف أسلم وكان مجوسيا على يد اليمان بن أخنس الجعفي جد عبد الله بن محمد المسندي الجعفي أحد شيوخ البخاري وكذلك الحسن بن عيسى الماسرجسي مولى عبد الله بن المبارك إنما ولاؤه من حيث كونه أسلم وكان نصرانيا على يديه. ومنهم من هو مولى بولاء الحلف والموالاة كمالك بن أنس الإمام ونفره هم أصبحيون حميريون صليبة وهم موال لتيم قريش بالحلف. وقيل: لأن جده مالك بن أبي عامر كان عسيفا على طلحة بن عبيد الله التيمي أي أجيرا وطلحة يختلف بالتجارة فقيل: مولى التيميين لكونه مع طلحة بن عبيد الله التيمي وهذا قسم رابع في ذلك وهو نحو ما أسلفناه في مقسم أنه قيل فيه مولى ابن عباس للزومه إياه. وهذه أمثلة للمنسوبين إلى القبائل من مواليهم: أبو البختري الطائي سعيد ابن فيروز التابعي هو مولى طي.

_ النوع الرابع والستون- معرفة الموالى من الرواة والعلماء. "قوله" وهذه أمثلة للمنسوبين إلى القبائل من مواليهم فذكر جماعة ذكر فيهم عبد الله بن وهب المصري القرشي مولاهم ثم قال وربما نسب إلى القبيلة مولى مولاها كأبي الحباب سعيد بن يسار الهاشمي إلى آخر كلامه فذكر المصنف لعبد الله بن وهب فيمن ينسب إلى القبائل من مواليهم ليس بجيد فإن ظاهره يقتضى أنه مولى قريش وإنما

أبو العالية رفيع الرياحي التميمي التابعي كان مولى امرأة من بني رباح. عبد الرحمن بن هرمز الأعرج الهاشمي أبو داود الراوي عن أبي هريرة وابن بحينة وغيرهما هو مولى بني هاشم. الليث بن سعد المصري الفهمي مولاهم. عبد الله بن المبارك المروزي الحنظلي مولاهم. عبد الله بن وهب المصري القرشي مولاهم. عبد الله بن صالح المصري كاتب الليث الجهني مولاهم. وربما نسب إلى القبيلة مولى مولاها كأبي الحباب سعيد بن يسار الهاشمي الراوي عن أبي هريرة وابن عمر كان مولى لمولى هاشم لأنه مولى شقران مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم. روينا عن الزهري قال: قدمت على عبد الملك بن مروان فقال: من أين قدمت يا زهري؟ قلت: من مكة. قال: فمن خلفت بها يسود أهلها؟ قلت: عطاء بن أبي رباح. قال: فمن العرب أم من الموالي؟ قال: قلت: من الموالي. قال: وبم سادهم؟ قلت: بالديانة والرواية. قال: إن أهل الديانة الرواية لينبغي أن يسودوا. قال: فمن يسود أهل اليمن؟ قال: قلت: طاووس بن كيسان. قال: فمن العرب أم من الموالي. قال: قلت: من الموالي. قال: وبم سادهم؟ قلت: بما سادهم به عطاء. قال: إنه لينبغي. قال: فمن يسود أهل مصر؟ قال: قلت: يزيد بن أبي حبيب. قال: فمن العرب أم من الموالي؟ قال: قلت: من الموالي.

_ هو مولى مولاها فكان ينبغى أن يذكر مع سعيد بن يسار لما ذكر أنه مولى بنى هاشم وذلك أن عبد الله بن وهب القرشى الفهرى مولى يزيد بن رمانة ويزيد بن رمانة مولى أبى عبد الرحمن يزيد بن أنيس الفهرى ذكر ذلك جماعة منهم ابن يونس في تاريخ مصر وبه جزم المزى في تهذيب الكمال وقال ابن أبى حاتم في الجرح والتعديل والسمعاني

قال: فمن يسود أهل الشام؟ قال: قلت: مكحول. قال: فمن العرب أم من الموالي؟ قال: قلت: من الموالي عبد نوبي أعتقته امرأة من هذيل. قال: فمن يسود أهل الجزيرة؟ قلت: ميمون بن مهران. قال: فمن العرب أم من الموالي؟ قال: قلت: من الموالي. قال: فمن يسود أهل خراسان؟ قال: قلت: الضحاك بن مزاحم. قال: فمن العرب أم من الموالي؟ قال: قلت: من الموالي. قال: فمن يسود أهل البصرة؟ قال: قلت: الحسن بن أبي الحسن. قال: فمن العرب أم من الموالي؟ قال: قلت: من الموالي. قال: ويلك فمن يسود أهل الكوفة؟ قال: قلت: إبراهيم النخعي. قال: فمن العرب أم من الموالي؟ قال: قلت: من العرب. قال: ويلك يا زهري فرجت عني والله لتسودن الموالي على العرب حتى يخطب لها على المنابر والعرب تحتها. قال: قلت: يا أمير المؤمنين؟ إنما هو أمر الله ودينه من حفظه ساد ومن ضيعه سقط. وفيما نرويه عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال: لما مات العبادلة صار الفقه في جميع البلدان إلى الموالي إلا المدينة فإن الله خصها بقرشي فكان فقيه أهل المدينة سعيد بن المسيب غير مدافع.

_ في الأنساب مولى رمانة وقال البخاري في التاريخ الكبير مولى بنى رمانة وهذا موافق لما تقدم عن ابن يونس وهو الصواب وإلى فهر تنسب قريش ومحارب والحارث بن فهر. قال الشاعر: به جمع الله القبائل من فهر

قلت: وفي هذا بعض الميل فقد كان حينئذ من العرب غير ابن المسيب فقهاء أئمة مشاهير منهم الشعبي والنخعي وجميع الفقهاء السبعة الذين منهم ابن المسيب عرب إلا سليمان بن يسار والله أعلم.

النوع الخامس والستون: معرفة أوطان الرواة وبلدانهم

النوع الخامس والستون - معرفة أوطان الرواة وبلدانهم. وذلك مما يفتقر حفاظ الحديث إلى معرفته في كثير من تصرفاتهم ومن مظان ذكره الطبقات لابن سعد. وقد كانت العرب إنما تنتسب إلى قبائلها فلما جاء الإسلام وغلب عليهم سكنى القرى والمدائن حدث فيما بينهم الانتساب إلى الأوطان كما كانت العجم تنتسب وأضاع كثير منهم أنسابهم فلم يبق لهم غير الانتساب إلى أوطانهم. ومن كان من الناقلة من بلد إلى بلد وأراد الجمع بينهما في الانتساب فليبدأ بالأول ثم بالثاني المنتقل إليه وحسن أن يدخل على الثاني كلمة ثم فيقال في الناقلة من مصر إلى دمشق مثلا: فلان المصري ثم الدمشقي ومن كان من أهل قرية من قرى بلدة: فجائز أن ينتسب إلى القرية وإلى البلدة أيضا وإلى الناحية التي منها تلك البلدة أيضا ولنقتد بالحاكم أبي عبد الله الحافظ فنروي أحاديث بأسانيدها منبهين على بلاد رواتها ومستحسن من الحافظ أن يورد الحديث بإسناده ثم يذكر أوطان رجاله واحدا فواحدا وهكذا غير ذلك من أحوالهم. أخبرني الشيخ المسند المعمر أبو حفص عمر بن محمد بن المعمر رحمه الله بقراءتي عليه ببغداد قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد الأنصاري قال

_ والحمد لله أولا وآخرا وصلى الله عليه وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين. قال مؤلفه أعزه الله: وهذا آخر ما تيسر جمعه على كتاب علوم الحديث والله تعالى ينفع به جامعه وقارءه ومن نظر فيه ويبلغنا من رحمته ما نؤمله ونرتجيه إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير.

أخبرنا أبو إسحاق بن عمر بن أحمد البرمكي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن إبراهيم بن أيوب بن ماسي قال: حدثنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله الكجي قال: حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال: حدثنا سليمان التيمي عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا هجرة بين المسلمين فوق ثلاثة أيام" أو قال: "ثلاث ليال". أخبرني الشيخ المسند أبو الحسن المؤيد بن محمد بن علي المقرئ رحمه الله بقراءتي عليه بنيسابور عودا على بدء من ذلك مرة على رأس قبر مسلم بن الحجاج قال: أخبرنا فقيه الحرم أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي عند قبر مسلم أيضا ح وأخبرتني أم المؤيد زينب بنت أبي القاسم عبد الرحمن بن الحسن الشعري بقراءتي عليها بنيسابور مرة وبقراءة غيري مرة أخرى رحمها الله. قلت: أخبرك إسماعيل بن أبي القاسم بن أبي بكر القارئ قراءة عليه قال: أخبرنا أبو حفص عمر بن أحمد بن مسرور قال: أخبرنا إ إسماعيل بن نجيد السلمي قال: أخبرنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله الكجي قال: حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال: حدثني حميد الطويل. عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنصر أخاك ظالما أو مظلوما". قلت: يا رسول الله أنصره مظلوما فكيف أنصره ظالما؟ قال: "تمنعه من الظلم فذلك نصرك إياه". الحديثان عاليان في السماع مع لطافة السند وصحة المتن وأنس في الأول فمن دونه إلى أبي مسلم بصريون ومن بعد أبي مسلم إلى شيخنا فيه بغداديون. وفي الحديث

_ قال مؤلفه أمد الله تعالى مدته وكان الفراغ من تبييض هذه النسخة في يوم الأحد الحادي والعشرين من ذي القعدة الحرام سنة اثنتين وثمانين وسبعمائة وحسبنا الله ونعم الوكيل والحمد لله رب العالمين.

الثاني أنس فمن دونه إلى أبي مسلم كما ذكرناه بصريون ومن بعده من ابن نجيد إلى شيخنا نيسابوريون. أخبرني الشيخ الزكي أبو الفتح منصور بن عبد المنعم بن أبي البركات بن الإمام أبي عبد الله محمد بن الفضل الفراوي بقراءتي عليه بنيسابور رحمه الله قال: أخبرنا جدي أبو عبد الله محمد بن الفضل قال: أخبرنا أبو عثمان سعيد بن محمد البحيري رحمه الله قال: أخبرنا أبو سعيد محمد بن عبد الله بن حمدون قال: أخبرنا أبو حاتم مكي بن عبدان قال: أخبرنا عبد الرحمن بن بشر قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا ابن جريج قال: أخبرني عبدة بن أبي لبابة: أن ورادا مولى المغيرة بن شعبة أخبره: أن المغيرة بن شعبة كتب إلى معاوية كتب ذلك الكتاب له وراد: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين يسلم: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد". المغيرة بن شعبة ووراد وعبدة كوفيون وابن جريج مكي وعبد الرزاق صنعاني يمان وعبد الرحمن بن بشر فشيخنا ومن بينهما أجمعون نيسابوريون. ولله سبحانه الحمد الأتم على ما أسبغ من إفضاله والصلاة والسلام الأفضلان على سيدنا محمد وآله وعلى سائر النبيين وآل كل نهاية ما يسأل السائلون وغاية ما يأمل الآملون.

_ كتبه بيده لنفسه ولمن شاء الله تعالى من بعده أقل عبيد الله تعالى وأفقرهم وأحقرهم وأصغرهم وأحوجهم إلى مغفرة ربه ورحمته يعقوب بن أحمد بن عبد المنعم الأزهري للأطفيحى غفر الله ولجميع المسلمين. اللهم ارحمهم رحمة واسعة واغفر لهم مغفرة جامعة لمحمد وآله يا رب العالمين. وكان الفراغ من كتابته يوم الاثنين المبارك لثمان وعشرين ليلة خلت من شهر شعبان المكرم عام 793 أحسن الله عاقبتها في خير وعافية بلا محنة بمنه وكرمه. والحمد لله رب العالمين.

........................................................................

_ الحمد لله حدثنا1 شيخنا الإمام العلامة حافظ العصر فريد الدهر أبو الفضل زين الدين عبد الرحيم بن الحسن بن عبد الرحمن العراقي إملاء من حفظه ولفظه في يوم الثلاثاء ثاني ذي الحجة سنة ست وتسعين وسبعمائة أخبرنا الشيخ أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن سالم الدمشقي رحمه الله قال أنبأنا المقداد بن هبة الله القيسي قال أنبأنا ثابت بن مسرف قال أنبأنا أبو بكر محمد بن عبيد الله الزاغونى قال أنبأنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن أبى الصقر قال: أنبأنا أبو النعمان تراب بن عمر الكاتب قال أنبأنا أبو أحمد عبد الله بن محمد بن عبد الله ابن المفسر الفقيه الشافعي قال حدثنا القاضى أبو بكر أحمد بن على بن سعيد المروزى قال حدثنا بن شاهين قال حدثنا خالد عن يزيد عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتحميد والتسبيح والتكبير" هذا حديث رجاله مخرج لهم في الصحيح فابن شاهين واسمه إسحق احتج به البخاري وخالد هو عبد الله الواسطى اتفقا عليه ويزيد وهو ابن أبى زياد روى له مسلم في المتابعات وعلق له البخاري والحديث أوله مشهور من حديث ابن عباس وآخره غريب من حديثه وإنما يعرف آخره من حديث ابن عمر كما سيأتى وقد أخرج البخاري وأبو داود والترمذى وابن ماجه أوله من رواية مسلم البطين زاد أبو داود ومجاهد وأبو صالح كلهم عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس دون قوله فأكثروا إلخ زادوا فيه قالوا ولا الجهاد قال ولا الجهاد إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء فقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح غريب.

أخبرني الشيخ الصالح أبو محمد عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن نصر المقدسي رحمه الله – بقراءتي عليه – بصالحية دمشق قال: أنبأنا محمد بن أبي زيد بن حمد الكراني في كتابه قال: أنبأنا محمود بن إسماعيل الصيرفي قال: أنبأنا أحمد بن محمد بن الحسين بن قادشاة قال: أنبأنا أبو القاسم سليمان بن أحمد بن ايوب الطبراني قال: حدثنا إبراهيم بن هاشم البغوي قال: حدثنا شيبان بن فروخ قال: حدثنا أبو عوانة عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه: "ما من أيام أفضل عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من أيام العشر فأكثروا فيهن من التسبيح والتهليل والتحميد". هذا حديث حسن، ويزيد بن أبي زياد أخرج له مسلم في المتابعات كما تقدم في شعب الإيمان عن أحمد بن حنبل أنه قال: ما قال فيه أحد هذا الكلام الأخير إلا أبو عوانة يعني "فأكثروا فيهن...." ثم اعترض عليه البيهقي بأنه رواه أيضا محمد بن فضيل وأبو سعد مسعود كلاهما عن يزيد بن أبي زياد، قلت وقد وقع لنا من طريق محمد بن فضيل أخبرنا به الشيخ أبو حفص عمر بن أحمد بن أبي بكر الشخطي رحمه الله بالسرب بظاهر دمشق قال: أنبأنا علي بن أحمد بن عبد الواحد قال: أنبأنا عمر بن محمد بن معمر قال: حدثنا الحافظ أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي قال: أنبأنا محمد بن علي بن الحسن المنتابي أبو الغنائم قال: أنبأنا محمد وهو ابن أحمد بن محمد بن رزقويه قال: حدثنا حمزة وهو ابن محمد بن العباسي قال: أنبأنا عبد الله وهو ابن محمد بن أبي الدنيا قال: حدثنا يوسف بن موسى قال: حدثنا محمد ابن فضيل قال: حدثنا يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه فيهن العمل من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن التحميد والتهليل والتكبير" وأما رواية أبي سعد مسعود عن يزيد بن أبي زياد فرواهما البيهقي في شعب الإيمان.

قلت: وتابع يزيد بن أبي زياد عليه موسى بن أبي عائشة أحد الثقات عن مجاهد رواه خيثمة بن سليمان الأطرابلسي بإسناد جيد وبالإسناد المتقدم إلى الطبراني قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدبراني عن عبد الرزاق عن ابن عيينة عن مسعر عن عمر بن مرة قال: قيل لمحمد بن علي: ما أفضل ما نقول في هذه الأيام؟ -لأيام الحج – قال: لا إله إلا الله، والله أكبر. قال ابن عيينة: وأخبرني شيخ مؤذن لأهل مكة عن علي الأزدي قال: سمعهم ابن عمر – يعني في أيام العشر – يقولون: لا إله إلا الله والله أكبر فقال: هي هي فقلت: يا أبا عبد الرحمن ما هي هي؟ قال: وألزمهم كلمة التقوى ... والله أعلم. آخر المجلس الثاني والثمانين من الإملاء. بلغ مقابلة على مؤلفه فصح ولله الحمد والمنة وحسبنا الله ونعم الوكيل.

_ تم الكتاب بحمد الله تعالى.

§1/1