التفسير والمفسرون في غرب أفريقيا

محمد بن رزق الطرهوني

المقدمة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله - صلى الله عليه وسلم -. أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم -، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار (¬1). إن نعم الله سبحانه وتعالى على عباده لا تحصى، وإن آلاءه وأفضاله لا تعد، قال تعالى {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار} (¬2) وإن من نعم الله سبحانه على العبد بعد هدايته للإسلام أن يوفقه إلى سلوك سبيل أهل العلم العاملين به، فذلك والله لهو الخير العميم والفضل العظيم قال تعالى {قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون} (¬3). وإن مما أنعم الله علي: حبي للعلم وأهله، ورغبتي الجامحة في الانخراط في طلابه وخطابه، فكان أن أكرمني بإنهاء رسالة الماجستير في تخصص التفسير وعلوم القرآن، وتشوفت لإكمال المسيرة العلمية بالتقدم لإتمام الدكتوراه. وكغيري من طلبة العلم في تلك المرحلة تجاذبني موضوعات شتى، رغبت نفسي في البحث فيها فتقدمت ببعضها إلى قسم التفسير بجامعتنا ¬

(¬1) هذه خطبة الحاجة التي كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلمها أصحابه في النكاح وغيره كما في الحديث الذي أخرجه أحمد 1/ 393، 432، والترمذي - كتاب النكاح - باب ماجاء في خطبة النكاح 3/ 404، والحاكم 2/ 182 وغيرهم من حديث ابن مسعود وقد صححه الترمذي والحاكم. (¬2) إبراهيم: 34. (¬3) يونس: 58.

أهمية البحث

الكريمة إلا أنها لم تحظ بموافقة القسم عليها، وبعد مداولات ومشاورات مع أهل الخبرة والاختصاص؛ أشار علي أحد الفضلاء من أهل العلم بموضوع رسالتي الحالية وهو: (التفسير والمفسرون في غرب إفريقية) ولأول وهلة شعرت بأن الموضوع فيه شيء من الصعوبة بسبب قلة المصادر المغربية لدى المشارقة، وكذا وجود شيء من البعد بين المدرستين، بالإضافة للظروف المحيطة بالغرب الإفريقي مثل دخول الإسلام إليه مؤخرا، ثم تمكن الروافض منه فترة طويلة، ثم سقوط الدولة الإسلامية عدة مرات، ثم الاحتلال الذي أتى على الأخضر واليابس، إلا أنني وجدت خيوطا كثيرة لجمع مادته الغزيرة، وشعرت بأهميته التي تتمثل فيما يلي: أهمية البحث: أولا: أنه يتعلق بأشرف العلوم ألا وهو علم التفسير وسوف يأتي الحديث عن ذلك خلال التمهيد. ثانيا: عدم وجود بحث جامع للمفسرين في تلك المنطقة على الرغم من كثرتهم الكاثرة، وإنما الذي وقفت عليه بحوث مقتضبة أو مختلطة تتعلق بالمفسرين جملة، وفي ذات الوقت لم يحظ المغاربة فيها بالاستقصاء والتتبع ففات من تراجمهم الكثير، وسوف يأتي بيان ذلك في المدخل إلى الباب الأول. ثالثا: حاجة المكتبة الإسلامية لدراسة المزيد من مناهج المفسرين ولاسيما أصحاب الكتب المفقودة أو المخطوطة أو المطبوعة التي لم تحظ بعد بدراسة عن مناهجها. رابعا: وجود كم هائل من نتاج التفسير في تلك المدرسة العريقة تناثر ذكره في منوعات الكتب، ولم يحظ بجمع مستقل فيما أعلم مع الحاجة إلى ذلك لباحثي التفسير وغيرهم، لاسيما عند بيان مواضع مخطوطات تلك التفاسير.

أسباب اختيار الموضوع

فنما في نفسي الرغبة في خوض ذلكم البحث وذلك لعدة أسباب أذكر منها: أسباب اختيار الموضوع: أولا: طبيعة نفسي المتأصل فيها حب الإقدام على الصعوبات والمعضلات، فإن الوصول إلى المأمول بعد خوضها له لذة وأي لذة. ثانيا: معلوماتي الضحلة عن تلك المنطقة تاريخيا وعلميا، والشغف بالعلم بالمجهول هو غاية طالب العلم ومنتهى أمله. ثالثا: ارتباط هذا البحث بعلمين قد تعلق قلبي بهما وهما: علم التفسير وكفى به شرفا، وأي شرف لعلم يسمو عليه وهو العلم الذي يجلي لنا مراد الله منا ويكشف لنا عن رسالة ربنا إلينا؟ ثم علم تراجم العلماء وهو العلم الذي يوضح لنا نحن طلبة العلم المنهج التربوي الذي ينبغي أن نسلكه في حياتنا، فهم قدوتنا وأسوتنا بعد نبينا - صلى الله عليه وسلم - وهم النبراس الذي يضيء لنا طريقنا فلا غرو أن الاشتغال بسيرتهم من ألزم ما يلزم طالب العلم. رابعا: أن عملي في رسالة الماجستير كان متعلقا بجانب مختلف عن هذا الجانب وهو دراسة التفسير بالمأثور، فالتنوع في الدراسات التفسيرية يثري الملكة العلمية لدى طالب العلم الذي ينشد التخصص في ذلك الفن وهو مقصد أساسي لديه. خامسا: شعوري بحاجة المشارقة بله المغاربة لهذا البحث وافتقار المكتبة الإسلامية إليه، مع أهميته وعظم فائدته لطلاب العلم على وجه الخصوص كما سبق أن قدمت، وكفى بسد ثغرة كهذه حافزا ودافعا. فشمرت عن ساعد الجد، ووضعت له خطة وتصورا بعد أن استشرت ذوي الخبرة، وتنقلت بين أفنان بعض الكتب المعنية، وتقدمت بذلك للقسم فحظي الموضوع بالقبول فتنفست الصعداء وبدأت البحث بعزم ونشاط وفق الخطة التالية:

خطة البحث

خطة البحث: وتشتمل على مقدمة وتمهيد وبابين وخاتمة أما المقدمة فتشتمل على: - أهمية البحث. - أسباب اختيار الموضوع. - منهج البحث. - ثم شكر وتقدير. وأما التمهيد فيشتمل على: أ - نبذة عن علم التفسير وأهميته. ب - جغرافية هذه البلاد وتحديد أمكنتها. جـ - وصول الإسلام إلى هذه البلاد. د - اهتمام أهل هذه البلاد وتأثرهم بالعلوم الإسلامية. * ملحق بالخرائط. الباب الأول: المفسرون في غرب إفريقيا وفيه فصلان: الفصل الأول: تراجم المفسرين في غرب إفريقيا من أهل المنطقة. الفصل الثاني: تراجم المفسرين الذين وفدوا على المنطقة. الباب الثاني: التفسير في غرب إفريقية وفيه ثلاثة فصول: الفصل الأول: دراسة عن التفسير في هذه البلاد وفيه مباحث: الأول: نبذة عن علم التفسير ونشأته في هذه البلاد. الثاني: تأثر التفسير في المنطقة بمدرسة المشرق. الثالث: تأثر التفسير في المنطقة بالتفسير عند أهل الأندلس وغيرها من الدول المجاورة.

الرابع: الفقه المالكي والظاهري وأثره في التفسير بالمنطقة. الخامس: القراءات وأثرها في التفسير بالمنطقة. الفصل الثاني: دراسة أمثلة لكتب التفسير بالمأثور في غرب إفريقية. الفصل الثالث: دراسة أمثلة لكتب التفسير بالرأي في غرب إفريقية: وفيه مبحثان: المبحث الأول: أمثلة الرأي المحمود. المبحث الثاني: أمثلة الرأي المذموم. الخاتمة: وتشتمل على أهم نتائج البحث. وقد حاولت في هذه الخطة الالتزام بمنهج محدد، فبذلت كل ما في وسعي لاختصار المراحل التاريخية التي مرت بها المنطقة مع ضخامة معلوماتها وكثرة التقلبات السياسية بها، وعمق تأثيرها على النتاج الفكري بها، وذلك من خلال أمهات المراجع التاريخية الخاصة بالمنطقة وغيرها، لكي لا أطيل على القارئ فيما ليس من صلب البحث. كما حرصت على إرفاق بعض الخرائط الجغرافية والسياسية للمنطقة لتساعد على تصور ماتم ذكره في التمهيد ومواقع بعض البلدان التي ينتمي إليها المفسرون. أما بالنسبة للمفسرين من أهل المنطقة ثم من الوافدين عليها فقمت بالتوطئة للحديث عنهم بمدخل بينت فيه بعض الضوابط التي التزمتها في سوق تراجمهم، ثم طفقت أجمع تراجمهم من أمهات كتب تراجم المفسرين على وجه الخصوص ثم كتب الأعلام جملة وكتب تراجم علماء المنطقة مثل كتب تراجم علماء تونس خاصة مثل العمر وتراجم المؤلفين التونسيين والحلل السندسية وغيرها، وكتب تراجم علماء الجزائر خاصة مثل معجم أعلام الجزائر والبستان وغيرهما، وكتب تراجم علماء المغرب مثل موسوعة أعلام المغرب وجذوة الاقتباس وسلوة الأنفاس وغيرها، وكتب تراجم علماء موريتانيا مثل فتح الشكور والوسيط وغيرهما، وكان عمدة الكتب في ترجمة المفسر طبقات المفسرين للداوودي فإذا وجدت الترجمة فيه جعلتها أصلا فاختصرت مايلزم اختصاره وزدت ماتلزم زيادته، ورجعت

كل معلومة مقتبسة لمصدرها، ثم ذكرت في الحاشية كل ماوقفت عليه من مصادر قد ترجمت لذلك المفسر، فإن لم توجد الترجمة في طبقات الداوودي كان المرجع التالي له كأصل كتاب العمر لحسن حسني عبد الوهاب وإلا فالأعلام للزركلي وإلا فمعجم المؤلفين لكحالة وإلا فمعجم المفسرين لنويهض، وإلا فنيل الابتهاج للتنبكتي أو شجرة النور لمخلوف، وإلا فأقوم أنا بصياغة ترجمة له ابتداء من خلال المصادر الأخرى. وقد تطلب البحث مني تصفح كتب بأكملها للبحث عن تراجم المفسرين بها أذكر منها على سبيل المثال سوى الكتب المعنية بتراجم المفسرين: الأعلام، فتح الشكور في معرفة أعيان علماء تكرور، إسعاف الإخوان الراغبين بتراجم ثلة من علماء المغرب المعاصرين، علماء ومفكرون عرفتهم، الوسيط في تراجم أدباء شنقيط، العمر، رياض النفوس، الفهرس الشامل، كشف الظنون، السلفية في موريتانيا، سلوة الأنفاس فيمن قبر من العلماء والصالحين بمدينة فاس وغير ذلك، وهذا الأخير لم أقف عليه مطبوعا في بداية البحث فتصفحت مخطوطته الواقعة في مجلدين كبيرين. كما لم أستطع الحصول على معلومات لجماعة من المعاصرين إلا بعد محاولات كثيرة تمكنت بعدها من الاتصال بهم شخصيا. والتزمت في ذكر مصادر الترجمة الابتداء بالمصادر المتخصصة في المفسرين كطبقات المفسرين للسيوطي والداوودي والأدنوي ومعجم المفسرين والتفسير والمفسرون ونيل السائرين والمدرسة القرآنية ونحوها ثم ذكرت غيرها بدون التزام بنسق معين. وكان منهجي في كل ترجمة ذكر الاسم كاملا والكنية واللقب والنسبة، والتنبيه على كونه من المفسرين بتسويد مايدل على ذلك في الترجمة وتكبير الحرف، مع الاهتمام بمايدل على كونه من أهل المنطقة أو الوافدين عليها، وتحديد تاريخ ولادته وتاريخ وفاته وختم الترجمة بمؤلفاته مبتدئا بالتفاسير ومايتعلق بها - إن وجدت - مع تسويدها وتكبير خطها وبيان المخطوط منها وأماكن وجود نسخه في الحاشية ثم مثنيا بجملة من مؤلفاته الأخرى، كما اهتممت بأن تتضمن الترجمة ثناء العلماء عليه ونبذا من أخباره في طلب العلم وشيئا عن رحلاته وأعماله إن أمكن ذلك.

كما أنني التزمت بذكر الشيوخ والتلاميذ للمفسرين من أهل المنطقة لتأثير ذلك في بيان التطور المرحلي للتفسير فيها بخلاف غيرهم من الوافدين عليها. وربما ذكرت شيئا من أقواله المتعلقة بالتفسير أو من مقدمة تفسيره أو نقلت إحدى النقول منه، لإعطاء تصور عنه. وقد توخيت ضبط الأنساب وتحريرها ما أمكن، والتعريف بالمناطق التي ينتمي إليها المفسرون، وضبط أسمائها بقدر الاستطاعة، لصعوبة ذلك كما بينت في مدخل الباب الأول. واعتبرت الترتيب الهجائي الألف بائي في سوق التراجم في اسم المترجم وأبيه وجده وهكذا بحيث يكون محمد بن أحمد بن علي سابقا لمحمد بن أحمد بن محمد مثلا، وجعلت الكنى وتراجم النساء في الأخير ليحصل من ذلك فهرسة ضمنية للتراجم، تغني عن إعادة ذلك في الفهارس الآتي ذكرها. كما قمت بترقيم التراجم ترقيما تسلسليا فكانت حصيلة المفسرين من أهل المنطقة: 255 ترجمة، ومن الوافدين عليها: 105 ترجمة، فأصبح مجموع المفسرين المترجم لهم على هذا النحو 360 مفسرا مما يعتبر رسالة مستقلة. وأما بالنسبة للتفاسير المدروسة كنماذج لتفاسير المنطقة فحرصت على أن تستوعب المناهج الفكرية التي سادت فيها فذكرت أمثلة للتفسير بالمأثور وللتفسير بالرأي المحمود كالتفسير الفقهي واللغوي والبياني، وللتفسير بالرأي المذموم كتفسير الشيعة الإسماعيلية والخوارج والصوفية الإشارية والصوفية الاتحادية، كما حرصت على أن يكون ضمن النماذج ماهو مفقود وماهو موجود، وماهو مخطوط وماهو مطبوع وماهو من تفاسير المتقدمين وماهو من تفاسير المتأخرين، وماهو من تفاسير أبناء المنطقة وماهو من تفاسير الوافدين عليها، كما توخيت جمع المادة التفسيرية للمفسر من كتابه في التفسير ومن غيره - إن أمكن - ليساعد ذلك على استيعاب منهجه، وذلك كله حرصا على بيان معطيات تلك المدرسة في شتى صورها. وقد شملت دراسة كل تفسير التقديم بنبذة عن المدرسة التابع لها إن اقتضى الأمر وذلك في الخوارج والشيعة والصوفية، ثم التعريف بمؤلفه والإحالة على ترجمته، ثم التعريف بالكتاب وبيان هل هو مطبوع أم مخطوط،

ثم إعطاء نبذة عن الباعث على تأليف ذلك التفسير إن وجد، وذكر شيء من مقدمته إن أمكن، ثم بيان المنهج العام للمؤلف في ذلك التفسير ثم المنهج التفصيلي له ويتضمن اهتمامه بأسماء السور وعد الآي وأماكن الوقوف وبيان المناسبات بين السور وبين الآيات ثم محاولة دراسة موقفه من النقاط التالية حسب الاستطاعة: 1 - موقفه من العقيدة. 2 - موقفه من تفسير القرآن بالقرآن. 3 - موقفه من تفسير القرآن بالسنة (ويتضمن ذلك موقفه من فضائل السور والآيات ومن أسباب النزول ومن الروايات الضعيفة والموضوعة). 4 - موقفه من تفسير القرآن بأقوال السلف. 5 - موقفه من تفسير القرآن بروايات السيرة والتاريخ. 6 - موقفه من الإسرائليات. 7 - موقفه من اللغة (ويتضمن الشعر والمسائل النحوية والبيان والمعاني وإعجاز القرآن). 8 - موقفه من القراءات (ويتضمن القراءة المعتمدة في تفسيره إن أمكن ثم ذكره للقراءات المتواترة وغيرها وتوجيهها). 9 - موقفه من الفقه وأصوله. 10 - موقفه من العلوم الحديثة والرياضة والفلسفة والمعجزات الكونية. 11 - موقفه من المواعظ والآداب والتوجيه الاجتماعي. وتتخلف بعض تلك النقاط ويظهر غيرها في دراسة التفاسير المنحرفة كتفاسير الخوارج والشيعة والصوفية كما سوف يتبين في موضعه إن شاء الله. وقد حاولت إبراز إيجابيات وسلبيات كل تفسير من خلال تلك النقاط، بطريقة مقتضبة خشية الإطالة والملال وترسما لخطى من سبقني بدراسة مناهج المفسرين (¬1)، وربما ناقشت المفسر في بعض القضايا، وقمت بعزو الآيات ¬

(¬1) أمثال الدكتور الذهبي في التفسير والمفسرون والكنوني في المدرسة القرآنية في المغرب وفهد الرومي في اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر وفضيلة الأستاذ المشرف الدكتور عبدالغفور في مدارس ومناهج في تفسير القرآن الكريم وغيرهم.

وتخريج ما تيسر من الأحاديث المذكورة في الدراسة باختصار يليق بالمقام. وقد كان في النفس القيام برحلة إلى المنطقة تساعد على صقل الموضوع وإبرازه في صورة أكمل، إلا أنه حال دون ذلك عوائق عدة أهمها الأحوال السياسية التي تمر بها المنطقة فقد علمت عن طريق الثقات من طلاب العلم الذين حاولوا دخول تونس بعد أن وصلوا حدودها أنه لم يسمح لهم بذلك ورجعوا بخفي حنين، وأما الجزائر فأخبارها لا تخفى على أحد، وتسلط الخوارج على كثير من المناطق ومايحدثونه من إرهاب غدا واضحا للجميع، وأما المغرب فمع بعدها الشاسع فقد تمكنت من تطويق معظم ماأريده بالرحلة عن طريق الزملاء المغاربة وفهارس المخطوطات والموسوعات الصادرة عنها، وأما موريتانيا فلم تنضج الحركة العلمية فيها كما ينبغي بحيث يمكن الاستفادة من الرحلة إليها بالقدر المطلوب، وقد تمكنت عن طريق طلاب العلم والمشايخ الموريتانيين من الحصول على جل مرادي والحمد لله. هذا مع ما تتطلبه الرحلة من مبالغ ضخمة وتفرغ كامل لوقت طويل، ونشاط جسماني أليق بمرحلة الشباب، حال دون ذلك الأسرة الكبيرة وإرهاق العمل وتقدم السن، مع عدم وجود تسهيلات في السفر من الجهات المعنية التي غلب عليها مايسمى بالروتين القاتل. إلى غير ذلك من الموانع ولكنني أرجو من الله أن أكون قد وفقت في بحثي وربما ظهر مابذل فيه من مجهود إذا قورن بأعمال أهل المنطقة أنفسهم في بعض جزئياته وسوف يأتي الإشارة لشيء من ذلك في المدخل للباب الأول. وقد ذيلت البحث بعدة فهارس تسهل الاستفادة منه وهي كالتالي: 1 - فهرس الآيات الكريمة. 2 - فهرس الأحاديث الشريفة. 3 - فهرس المفسرين المترجمين رتبته حسب الطبقات والوفيات، حيث إنني قد رتبت المفسرين في سوق تراجمهم ترتيبا هجائيا أغنى عن الفهرس

الهجائي، وهو قسمان قسم لمفسري المنطقة وآخر للوافدين عليها. 4 - فهرس كتب التفسير ومايتعلق به الواردة في تراجم المفسرين. 5 - فهرس البلدان والأنساب والكلمات الغريبة المعرّف بها. 6 - فهرس الشعر. 7 - فهرس المصادر والمراجع. 8 - فهرس مواضيع الكتاب. مصطلحات ت: توفي هـ: هجرية م: ميلادية ق: ورقة ص: صفحة وربما ذكرت كلمة من اسم المرجع إشارة للاسم كاملاً من باب الاختصار مثل: الشجرة: شجرة النور. المعالم: معالم الإيمان. السير: سير أعلام النبلاء. الجذوة: جذوة الاقتباس. المدارك: ترتيب المدارك. وهكذا

شكر وتقدير

شكر وتقدير وفي ختام تلك المقدمة الموجزة واتباعا لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يشكر الله من لا يشكر الناس" (¬1) لا يسعني إلا أن أتقدم بالشكر وجزيل الامتنان إلى كل من كان له يد علي في إنهاء تلك المرحلة، وأخص منهم بالذكر جامعة الأزهر متمثلة في إدارتها وكلية أصول الدين وقسم التفسير وعلوم القرآن حيث أتاحت لي هذه الفرصة الغالية لكي أنهل من العلم تحت رعايتها وفي كنفها. ثم أتقدم بالشكر لأساتذتي الفضلاء ومشايخي الأجلاء وفي مقدمتهم أستاذي وشيخي الأستاذ الدكتور عبد الغفور محمود مصطفى الذي لمست منه روح الأبوة ووجدت منه كل تعاون وتقدير لظروفي، وبذل لي من وقته وجهده وإرشاداته وتوجيهاته ما الله به عليم، فلا أملك له إلا الدعاء كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " من صنع إليكم معروفًا فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه " (¬2). فجزاه الله خير الجزاء عني وعن إخواني من طلبة العلم الذين أفادوا منه ونهلوا من علمه. كما أشكر الأستاذين الفاضلين والعلمين الجليلين: فضيلة الأستاذ الدكتور: جمعة علي عبد القادر فضيلة الأستاذ الدكتور: إبراهيم توفيق الديب على تفضلهما بقراءة الرسالة ومناقشتها وبذلهما الوقت والجهد في تقويمها وتوجيهها، جعل الله ذلك في ميزان أعمالهما الصالحة. ¬

(¬1) أخرجه أحمد (2/ 295، 302، 388، 492)، والترمذي - كتاب البر والصلة - باب ماجاء في الشكر (4/ 339) من حديث أبي هريرة وقال الترمذي: حسن صحيح. وصححه الألباني (السلسلة الصحيحة 1/ 158). (¬2) أخرجه أحمد 2/ 68، وأبو داود - كتاب الزكاة - باب عطية من سأل بالله 2/ 128 وحسنه الألباني (صحيح سنن النسائي 2675).

كما أتقدم بالشكر لأهل العلم الذين أمدوني بالفوائد العلمية والمراجع التي كنت في أمس الحاجة إليها وأخص منهم بالذكر: فضيلة الأستاذ الدكتور حكمت بشير ياسين الموصلي والدكتور صالح الرفاعي اليماني والشيخ هاني أحمد فقيه المدني والإخوة الفضلاء المشايخ: سي العلوي حسن من المغرب والدكتور حسين شواط من تونس، وكل من أفدت منه من أهل شنقيط والجزائر، بارك الله فيهم وفي علمهم ونفع بهم الإسلام والمسلمين. ولا يفوتني أن أشكر والدتي الحنون التي لم تفتأ تغمرني بدعواتها المباركة التي هي سبب أساسي في كل توفيق لي في حياتي، أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجزل لها العطاء بالمكيال الأوفى بغير حساب، وليس بأقل منها خالتي التي هي أمي الثانية حيث بذلت معي جهدا كبيرا في تلك المرحلة بعد مابذلته معي في مرحلة الماجستير فهي جندي مجهول تعب كثيرا لأجلي فلها مني مثل ما لأمي. وأخيرا أشكر أهل بيتي الذين تحملوا مني الكثير وصبروا على التضييق في جل أمور حياتهم بسبب تفرغي لهذا العمل العلمي، وساعدوني بما يملكون لإنجازه فجزاهم الله خيرا وجمعني وإياهم في روضات جناته وأدخلنا برحمته في أهل قوله سبحانه {والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء} (¬1). سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا وحبيبنا وقدوتنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. ¬

(¬1) الطور: 21.

التمهيد

التمهيد ويشتمل على: - نبذة عن علم التفسير وأهميته. - جغرافية هذه البلاد وتحديد أمكنتها. - وصول الإسلام إلى هذه البلاد. - اهتمام أهل هذه البلاد وتأثرهم بالعلوم الإسلامية. - ملحق الخرائط.

المبحث الأول: نبذة عن علم التفسير وأهميته

المبحث الأول: نبذة عن علم التفسير وأهميته المطلب الأول: التفسير لغة واصطلاحا: التفسير لغة: الإيضاح والتبيين من الفسر وهو الإبانة وكشف المغطى (¬1). وقيل: هو مقلوب السفر يقال: أسفر الصبح إذا أضاء إضاءة لا شبهة فيه، وسفرت المرأة عن وجهها إذا كشفت نقابها ولهذا سمي: السفر سفرا لأنه يسفر عن أخلاق الرجال. وقيل: مأخوذ من التفسرة وهو اسم لما يعرف به الطبيب المرض وبني على التفعيل للمبالغة ذكرهما الكافييجي (¬2) وقال أبو حيان: يطلق التفسير أيضا على التعرية للانطلاق قال ثعلب: تقول فسرت الفرس: عريته لينطلق في حصره وهو راجع لمعنى الكشف فكأنه كشف ظهره لهذا الذي يريده منه من الجري (¬3). والتفسير اصطلاحا: علم يفهم به كتاب الله المنزل على نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - وبيان معانيه واستخراج أحكامه وحكمه، وهو تعريف الزركشي له (¬4). وقال الكافييجي: هو كشف معاني القرآن وبيان المراد (¬5). وقيل: هو علم نزول الآية وسورتها وأقاصيصها والإشارات النازلة فيها، ثم ترتيب مكيها ومدنيها، ومحكمها ومتشابهها، وناسخها ومنسوخها، وخاصها وعامها، ومطلقها ¬

(¬1) انظر القاموس المحيط 2/ 110. (¬2) التيسير في قواعد علم التفسير ص: 123 - 124. (¬3) البحر المحيط1/ 13. (¬4) البرهان 2/ 147. (¬5) التيسير ص: 124.

ومقيدها، ومجملها ومفسرها، وزاد بعضهم: حلالها وحرامها، ووعدها ووعيدها، وأمرها ونهيها، وعبرها وأمثالها (¬1). وعرفه بعض المتأخرين بأنه علم يبحث عن أحوال القرآن المجيد من حيث دلالته، على مراد الله تعالى بقدر الطاقة البشرية (¬2). والتعريف الأول شامل لمابعده، وسوق أنواع علوم القرآن في تعريف التفسير إطالة في محل الإيجاز، والتعريف يشمل في مضمونه علم القراءات والرسم لارتباط بيان المعنى بهما وقد نص على ذلك أبو حيان حيث عرف التفسير بقوله: علم يبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن ومدلولاتها وأحكامها الإفرادية والتركيبية ومعانيها التي تحمل عليها حالة التركيب وتتمات لذلك (¬3). هذا؛ ويكثر في كلام المفسرين التعبير بلفظ التأويل قاصدين به التفسير أو مايقاربه (¬4). والتأويل في اللغة مأخوذ من الأول وهو: الرجوع، يقال: أول الكلام وتأوله: دبره وقدره، وأوله وتأوله: فسره (¬5). وقيل: مأخوذ من الإيالة وهي السياسة، فكأن المؤول يسوس الكلام ويضعه في موضعه (¬6). والتأويل اصطلاحا عند السلف مرادف للتفسير في الأغلب وبه قال أبو عبيدة وغيره وقد فرق بينهما جماعة، وعرفه المتأخرون بتعريفات عديدة منها: قول الكافييجي: صرف اللفظ إلى بعض الوجوه ليكون ذلك موافقا للأصول (¬7). والفروق التي فرق بينهما بها كثيرة (¬8) وأقرب الفروق هو ماقيل: إن التفسير إنما هو كشف المعنى بحسب الطاقة البشرية، وأما التأويل فهو معرفة مايؤول إليه المعنى على وجه الحقيقة ومراد الله وهذا الفرق يدل عليه الأدلة من الكتاب والسنة، التي استخدمت فيها مادة التأويل. والله أعلم (¬9). ¬

(¬1) البرهان 2/ 148. (¬2) منهج الفرقان 2/ 6. (¬3) البحر المحيط 1/ 13، وانظر أيضا التفسير والمفسرون 1/ 15. (¬4) انظر كمثال تفسير الطبري 1/ 65 وغيرها. (¬5) لسان العرب 1/ 33. (¬6) التفسير والمفسرون 1/ 16 وانظر أساس البلاغة ص: 12. (¬7) التيسير ص: 125. (¬8) انظر لها التيسير ص: 132 - 133، 150، التفسير والمفسرون 1/ 19 - 21. (¬9) ينظر لذلك المطلب أيضا: لسان العرب 6/ 361، الإتقان 2/ 221، معجم مقاييس اللغة 3/ 8، تاج العروس 3/ 470، مقدمتان في علوم القرآن ص: 173، بصائر ذوي التمييز 1/ 79، الصحاح 2/ 686، زاد المسير 1/ 4، الإكليل في المتشابه والتأويل 2/ 15.

المطلب الثاني: نشأة التفسير ومدارسه

المطلب الثاني: نشأة التفسير ومدارسه: انطلاقا من قول الله جل في علاه: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس مانزل إليهم} (¬1) كانت نشأة التفسير على يد معلم البشرية محمد - صلى الله عليه وسلم - الذي لاينطق عن الهوى، وقد انقسم التفسير المروي عنه - صلى الله عليه وسلم - إلى قسمين: الأول: عبارة عن تفسير لبعض المفردات، أو الألفاظ المجملة وهذا قليل لكون القرآن نزل بلسان عربي مبين في قوم سليقتهم العربية فلم يكن ثم حاجة ماسة للإغراق في مثل هذا النوع من التفسير عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬2) الثاني: التفسير الإجمالي والموضوعي لجميع مقاصد القرآن، وهذا في الحقيقة قد بينه النبي - صلى الله عليه وسلم - أيما بيان فالمتأمل لكتاب الله يجد أنه تكلم عن العقيدة في الله والملائكة والأنبياء والكتب المنزلة واليوم الآخر والقدر، وهذه المباحث قد أخذت جانبا عظيما من أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - القولية والفعلية مفسرة لمضمونها وشارحة لمقصودها، كما تحدثت آيات أخرى عن العبادات: من صلاة وزكاة وصوم وحج ونذر وغير ذلك، وهذه جل الأحاديث النبوية تفسرها وتوضح مجملها، وتحدثت آيات القرآن عن أحكام شرعية في المعاملات وغيرها: من نكاح وطلاق وبيع وشراء وطعام وشراب وقصاص وحدود وميراث ونحو ذلك، وهذه أيضا أخذت جانبا كبيرا من السنة النبوية التي لم تدعها إلا واضحة جلية، ولم يبق إلا آيات تتعلق بسيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - ومغازيه وعلاقاته بالمشركين والكتابيين، وهذه لا مفسر لها إلا ماأثر عنه - صلى الله عليه وسلم - من تلك الأحوال، وآيات تتعلق بقصص الأنبياء السابقين، وهذه تلاوتها تغني عن تفسيرها، وبعض مااحتيج فيه إلى تفسير بينه النبي - صلى الله عليه وسلم -، وماكان فضلا تركه - صلى الله عليه وسلم - ورخص في الحديث عن بني إسرائيل. ¬

(¬1) النحل: 44. (¬2) انظر مقدمة ابن خلدون ص: 489، التفسير والمفسرون 1/ 45، 46.

وبناء على ماتقدم فجل القرآن الكريم قد فسره النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومن خالف ذلك فقد أتي من قبل نظرته للنوع الأول من التفسير المروي عنه - صلى الله عليه وسلم - فقط، ولم يتنبه للنوع الثاني والله أعلم. وقد قال ابن تيمية رحمه الله: يجب أن يعلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بين لأصحابه معاني القرآن كما بين لهم ألفاظه (¬1). وعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ التفسير أصحابه الكرام. قال أبو عبد الله الحاكم: إن تفسير الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل حديث مسند، يعني به ما كان من سبب نزول ونحوه (¬2). وقد اعتمد الصحابة في تفسيرهم على أربعة مصادر: القرآن الكريم، النبي - صلى الله عليه وسلم -، الاجتهاد بمالديهم من لغة عربية وفهم ثاقب، أهل الكتاب، ولكل مجاله (¬3). وعن طريق الصحابة رضي الله عنهم: انتشر التفسير وظهرت مدرسة التفسير بالمأثور متمثلة أظهر ماتكون في حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس، ثم غيره من مفسري الصحابة، مثل: عبد الله بن مسعود، وأبي بن كعب، وعلي بن أبي طالب، وبقية الخلفاء الأربعة، وعبد الله بن الزبير، وغيرهم (¬4). وتطورت مدرسة التفسير في عصر التابعين، فتولد منها مدارس حسب انتشار الصحابة في البلدان، فأشهر مدارس التفسير بالمأثور مدرسة التفسير بمكة، لأنهم أصحاب ابن عباس، كمجاهد وعطاء بن أبي رباح، وعكرمة، وطاووس، وسعيد ابن جبير، ثم مدرسة التفسير بالمدينة، وقد أخذ أصحابها عن أبي بن كعب، واشتهر منهم أبو العالية، ومحمد بن كعب القرظي، وقد أخذ الأول عن أبي مباشرة، والثاني بواسطة، واشتهر من مفسري المدينة أيضا: زيد بن أسلم العدوي مولى عمر بن الخطاب، ومدرسة التفسير بالعراق، وقد أخذ أصحابها عن ابن مسعود، واشتهر منهم: علقمة بن قيس، ومسروق، ومرة الهمداني، والشعبي، وقد أخذ الأخير عنه بواسطة، واشتهر منهم أيضا: الحسن البصري، وقتادة (¬5). ¬

(¬1) مقدمة في أصول التفسير ص: 35. (¬2) انظر: معرفة علوم الحديث ص: 20، الباعث الحثيث ص: 39، تدريب الراوي 1/ 192 - 193. (¬3) انظر: التفسير والمفسرون 1/ 37 - 62. (¬4) انظر: مقدمة في أصول التفسير ص: 93 - 96، تفسير القرآن العظيم 1/ 12 - 13. (¬5) مقدمة في أصول التفسير ص: 15، الإتقان 2/ 187 - 189، التفسير والمفسرون 1/ 101 - 127.

وأما مدرسة التفسير بالمأثور في المغرب، فهي تابعة للمدارس الأنف ذكرها كما سيأتي بيانه في الباب الثاني عند الحديث عن نشأة التفسير في المنطقة المدروسة. وبالله التوفيق. ثم ظهرت بعد ذلك مدرسة التفسير بالرأي والمراد به تفسير القرآن بالاجتهاد، بعد اكتمال المفسر للأدوات التي يحتاج إليها في ذلك، واختلف في جوازه فطائفة تحرمه وطائفة تجيزه ولكل أدلته وإن كانت أدلة المانعين أكثر وأوضح وقد جزم الحافظ ابن كثير تبعا لشيخ الإسلام ابن تيمية بتحريم تفسير القرآن بمجرد الرأي ولاشك في جوازه عند الحاجة إليه (¬1). وممن ذهب إلى المنع من المغاربة يحيى بن سلام حيث قال: سمعت أبا قلابة يقول لأيوب: ياأيوب، احفظ مني ثلاثا: لاتقاعد أهل الأهواء، ولا تستمع منهم، ولاتفسرن القرآن برأيك، فإنك لست من ذلك في شيء (¬2). وبين ابن عطية الأندلسي الرأي الممنوع الذي جاء الوعيد لصاحبه في الحديث، بأن يتبوأ مقعده من النار بقوله: ومعنى هذا أن يسأل الرجل عن معنى في كتاب الله عز وجل، فيتسور عليه برأيه دون نظر فيما قاله العلماء، واقتضته قوانين العلم كالنحو والأصول، وليس يدخل في هذا الحديث أن يفسر اللغويون لغته والنحويون نحوه والفقهاء معانيه ويقول كل واحد باجتهاده المبني على قوانين علم ونظر، فإن القائل على هذه الصفة ليس قائلا بمجرد رأيه (¬3). وقد انقسمت مدرسة التفسير بالرأي بدورها إلى مدرستين، تمثلان وجهتي النظر في التحليل والتحريم: الأولى: مدرسة التفسير بالرأي المحمود والمراد به التفسير الموافق لكلام العرب مع موافقة الكتاب والسنة، ومراعاة الشروط التي يجب توافرها للمفسر ومنها: علوم اللغة والنحو، والصرف والاشتقاق، والبلاغة والقراءات، والتوحيد والعقيدة، وأصول الفقه وأسباب النزول، والقصص، والناسخ والمنسوخ، والأحاديث المبينة للمجمل والمبهم، وغير ذلك وقد ¬

(¬1) انظر مقدمة في أصول التفسير ص: 105، تفسير القرآن العظيم 1/ 15. (¬2) التفسير ق: 346. (¬3) المحرر الوجيز 1/ 41.

المطلب الثالث: أهمية علم التفسير

انتشرت هذه المدرسة وكثرت التفاسير المبنية عليها، من تفاسير لغوية وتفاسير فقهية ونحوها، وقد وقع أصحابها في مزالق ليس هذا مجال تفصيلها، إلا أنه من خلال تلكم الدراسة لتفاسير المغاربة سوف يتضح الكثير من ذلك إن شاء الله تعالى. الثانية: مدرسة التفسير بالرأي المذموم، وقد تولى كبرها طوائف متعددة من المبتدعة والمتزندقة، مثل: الحلولية والشيعة، والخوارج والمعتزلة ونحوهم، من الفرق الضالة، التي حرفت كتاب الله وخرجت به عن مقاييس اللغة، فضلا عن تفسير السلف الصالح، بل عن العقل جملة في كثير من الأحيان، وسوف يتضح كثير من ذلك بإذن الله تعالى عند الحديث، عن التفاسير التي سلكت هذا السبيل في منطقتنا المدروسة، في أمثلة تفاسير الشيعة والخوارج، وغيرها (¬1). المطلب الثالث: أهمية علم التفسير: إن علم التفسير من الأهمية بمكان، ولذا قال إياس بن معاوية: مثل من يقرأ القرآن ومن يعلم تفسيره أو لايعلم؛ مثل قوم جاءهم كتاب من صاحب لهم ليلا وليس عندهم مصباح فتداخلهم لمجيء الكتاب روعة لايدرون مافيه، فإذا جاءهم المصباح عرفوا مافيه (¬2). وقال السيوطي: وأما شرفه فلايخفى قال تعالى: {يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا} (¬3) وأخرج ابن أبي حاتم وغيره من طريق ابن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: يؤت الحكمة قال: المعرفة بالقرآن، ناسخه ومنسوخه، ومحكمه ومتشابهه، ومقدمه ومؤخره، وحلاله وحرامه، وأمثاله. ¬

(¬1) انظر مقدمة في أصول التفسير ص: 61، تفسير القرآن العظيم 1/ 14 - 15، التيسير في علم التفسير ص: 135 - 147، البرهان 2/ 156 - 162، الإتقان 2/ 225، التفسير والمفسرون 1/ 152، 255 - 269 وما بعدها. (¬2) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير هكذا معلقا 4/ 1. (¬3) البقرة: 269.

وأخرج ابن مردويه من طريق جويبر، عن الضحاك، عن ابن عباس مرفوعا: يؤت الحكمة قال: القرآن. قال ابن عباس: يعني تفسيره فإنه قد قرأه البر والفاجر. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي الدرداء: يؤت الحكمة قال: قراءة القرآن والفكرة فيه، وأخرج ابن جرير مثله، عن مجاهد، وأبي العالية، وقتادة، وقال تعالى: {وتلك الأمثال نضربها للناس ومايعقلها إلا العالمون} (¬1) وأخرجة ابن أبي حاتم، عن عمرو بن مرة، قال: مامررت بآية في كتاب الله لاأعرفها إلا أحزنتني لأني سمعت الله يقول: {وتلك الأمثال نضربها للناس ومايعقلها إلا العالمون} وأخرج أبو عبيدة عن الحسن قال: ماأنزل الله آية إلا وهو يحب أن تعلم فيم أنزلت وماأراد بها، وأخرج أبو ذر الهروي في فضائل القرآن، من طريق سعيد بن جبر، عن ابن عباس قال: الذي يقرأ القرآن ولا يحسن تفسيره كالأعرابي يهذ الشعر هذًّا. ثم ذكر رحمه الله آثارا في الحث على إعراب القرآن، ورجح أن المراد به تفسيره قال: لأن إطلاق الإعراب على الحكم النحوي، اصطلاح حادث ولأنه كان في سليقتهم لايحتاجون إلى تعلمه، ثم قال: وقد أجمع العلماء أن التفسير من فروض الكفايات، وأجل العلوم الثلاثة الشرعية، وقال الأصبهاني: أشرف صناعة يتعاطاها الإنسان تفسير القرآن؛ بيان ذلك: أن شرف الصناعة إما بشرف موضوعها مثل: الصياغة فإنها أشرف من الدباغة، لأن موضوع الصياغة الذهب والفضة: وهما أشرف من موضوع الدباغة الذي هو جلد الميتة، وإما بشرف غرضها، مثل: صناعة الطب، فإنها أشرف من صناعة الكناسة، لأن غرض الطب إفادة الصحة، وغرض الكناسة تنظيف المستراح، وإما بشدة الحاجة إليها كالفقه فإن الحاجة إليه أشد من الحاجة إلى الطب، إذ ما من واقعة في الكون في أحد من الخلق إلا وهي مفتقرة إلى الفقه، لأن به انتظام صلاح أحوال الدنيا والدين بخلاف الطب، فإنه يحتاج إليه بعض الناس في بعض الأوقات. إذا عرف ذلك، فصناعة التفسير قد حازت الشرف من الجهات الثلاثة، أما من جهة الموضوع فلأن موضوعه كلام الله تعالى الذي هو ينبوع كل حكمة، ومعدن كل فضيلة، فيه نبأ ماقبلكم، وخبر مابعدكم، وحكم مابينكم، لايخلق على كثرة الرد، ولاتنقضي عجائبه، وأما من جهة الغرض ¬

(¬1) العنكبوت: 43.

فلأن الغرض منه هو الاعتصام بالعروة الوثقى، والوصول إلى السعادة الحقيقية التي لاتفنى، وأما من جهة شدة الحاجة فلأن كل كمال ديني أودنيوي عاجلي أو آجلي مفتقر إلى العلوم الشرعية، والمعارف الدينية، وهي متوقفة على العلم بكتاب الله تعالى (¬1). وقال الكافييجي: إن علم التفسير محتاج إليه، لأن الناس يحتاجون في الاطلاع على الشرائع والأحكام إلى معرفة معاني القرآن، التي لايطلع عليها - على ماينبغي - إلا بهذا العلم الشريف، على أن معانيه لاتكاد تنحصر إلا بقواعد، وهي: علم التفسير (¬2). وقال: إن علم التفسير أشرف العلوم، لأن موضوعه أساس علوم الإسلام، ومدار الأحكام، وحبل الله المتين، ونوره المبين، والذكر الحكيم، والصراط المستقيم، ولأن غايته هي الاعتصام بالعروة الوثقى، التي لاانفصام لها، والوصول إلى السعادة الحقيقية، التي لاتفنى، وهما أشرف الغايات وأجداها نفعا (¬3). ¬

(¬1) الإتقان 2/ 223 - 224. (¬2) التيسير ص: 156. (¬3) التيسير ص: 158 - 159.

المبحث الثاني: جغرافية هذه البلاد وتحديد أمكنتها

المبحث الثاني: جغرافية هذه البلاد وتحديد أمكنتها هذا المبحث يعتبر توضيحا وتفسيرا لعنوان البحث بطريق غير مباشر، وفيه أتعرض لحصر المنطقة المعنية بالدراسة والمعبر عنها بغرب إفريقية، وبادىء ذي بدء أقول: المطلب الأول: إفريقية وأصل تسميتها: إفريقية: المشهور فيها كسر الهمزة في أولها والنسبة إليها إفريقي (¬1) وقيل: بفتحها (¬2)، وسميت بإفريقيس بن أبرهة، وقيل: إفريقيس بن صيفي بن سبأبن يشجب بن يعرب بن قحطان، وهو الذي اختطها وذكروا أنه لما غزا المغرب، انتهى إلى موضع واسع رحيب، كثير الماء، فأمر أن تبنى هناك مدينة، فبنيت وسماها إفريقية، اشتق اسمها من اسمه، ثم نقل إليها الناس، ثم نسبت تلك الولاية بأسرها إلى هذه المدينة، وقال ابن لهيعة وغيره: إن أهل إفريقية من ولد فارق بن بيصر، وكان فارق قد حاز لنفسه من الأرض، مابين برقة إلى إفريقية فبالأفارقة سميت إفريقية (¬3)، وقال القضاعي: سميت بفارق بن بيصر ابن حام بن نوح، وقال الحميري: وقيل: سميت بإفريق بن إبراهيم عليه السلام، من زوجه قطورا (¬4). ¬

(¬1) انظر معجم البلدان 1/ 228، فتح المغيث 3/ 148، الأنساب 1/ 326. (¬2) انظر اللباب 1/ 79. (¬3) انظر فتوح مصر وأخبارها ص: 126. (¬4) انظر معجم البلدان 1/ 270 وحاشيته.

المطلب الثاني: تحديد منطقة إفريقية جغرافيا

المطلب الثاني: تحديد منطقة إفريقية جغرافيا: وقد قيل في تحديدها جغرافيا أقوال: الأول: هي الأرض الواقعة بين برقة وطنجة أي: معظم ليبيا وتونس والجزائر والمغرب، يعني ولاية المغرب جميعها (¬1). الثاني: هي مابين برقة وتاهرت وهو موافق للقول السابق بحذف المغرب (¬2). الثالث: هي من طرابلس إلى بجاية أي بعض ليبيا وتونس وبعض الجزائر (¬3). الرابع: هي مابين طرابلس وقسنطينة يعني جمهورية تونس (¬4). الخامس: مدينة القيروان (¬5). السادس: وهو المعني ببحثنا وهو التعريف العصري المشهور في زماننا: قارة إفريقية وهي: إحدى القارات الثلاث في العالم القديم. وهي قارة آسيا، وقارة إفريقية، وقارة أوربا، وإحدى القارات الست في العالم الحديث. بعد اكتشاف الأمريكتين وأستراليا، بغض النظر عن القارتين المتجمدتين. ويحد قارة إفريقية - ويقال فيها إفريقيا بالمد - من جهة الشرق البحر الأحمر - وهو بحر القلزم قديما - والمحيط الهندي، ومن الجنوب المحيط الهندي، ومن الغرب المحيط الأطلسي، ومن الشمال البحر الأبيض المتوسط، وتقع إفريقية القديمة في الجزء الشمالي إلى الغرب من القارة الإفريقية، بعد مصر وليبيا على الاختلاف المذكور آنفا في تحديدها، وكأن القارة كلها سميت باسم الولاية بعد ماتقدم من تسمية الولاية باسم المدينة. ¬

(¬1) انظر مسالك البكري 21، اللباب 1/ 79، دائرة المعارف 2/ 337. (¬2) انظر دائرة المعارف 2/ 338. (¬3) انظر معجم البلدان 1/ 271، دائرة المعارف 2/ 338، قادة فتح المغرب 1/ 14. (¬4) انظر دائرة المعارف 2/ 338، معالم تاريخ المغرب 27. (¬5) انظر المؤنس 14، فتوح البلدان 1/ 271، تاريخ علماء الأندلس 2/ 112.

المطلب الثالث: تحديد الأمكنة المعنية بالدراسة وجغرافيتها

المطلب الثالث: تحديد الأمكنة المعنية بالدراسة وجغرافيتها: والمنطقة المعنية بالدراسة هي المنطقة الإسلامية، التي انتشر فيها الإسلام وبث فيها العلم الشرعي من البلدان الواقعة في غرب القارة الإفريقية، وهي المنطقة الشمالية الغربية والمنحصرة حاليا في تونس والجزائر والمغرب وموريتانيا، وكلها بلاد إسلامية معروفة الآن بهذه الأسماء، بعد أن فصل الاستعمار بين بلدان المسلمين بحدود وهمية كان لها كبير الأثر في إضعاف قوتهم. ويحد المنطقة المعنية بالدراسة من الشرق ليبيا، ومن الشمال البحر الأبيض المتوسط، ومن الغرب المحيط الأطلسي، ومن الجنوب النيجر ومالي والسنغال. وهي تشتمل على: مساحة صحراوية واسعة، تسمى الصحراء الغربية الكبرى، وهي تمثل فيها أغلب المنطقة الوسطى والجنوبية، وأما المنطقة الحيوية فتقع في الشمال ويتخللها سلسلة جبال طويلة تسمى سلسلة جبال أطلس التل، وسلسلة أخرى نحوها تسمى جبال أطلس الصحراء، كما يوجد بها بعض الهضاب والأودية (¬1). ¬

(¬1) انظر جغرافية الوطن العربي والدول ذات الصلة به ص: 130 - 153، الأطلس العربي، صورة الأرض.

المبحث الثالث: وصول الإسلام إلى هذه البلاد

المبحث الثالث: وصول الإسلام إلى هذه البلاد المطلب الأول: الفتح الإسلامي للمنطقة (27 هـ - 95 هـ) (¬1): لما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان الإسلام قد عم جزيرة العرب ثم انتشرت جحافل جيوش الصحابة في الأمصار فاتحين وناشرين لدعوة الإسلام وفي أقل من ربع قرن أتموا فتح كل من العراق (بين 16 هـ - 21 هـ) وجميع بلاد الشام (بين 13 هـ - 15 هـ) ومصر (سنة 20 هـ) وما إن أتم المسلمون الفتح النهائي لمصر بعد معاهدة الإسكندرية سنة 21 هـ حتى سارع عمرو بن العاص ففتح برقة سنة 22 هـ وطرابلس سنة 23 هـ وترك في تلك النواحي جزءا من جيشه للحفاظ على البلاد المفتوحة ونشر الإسلام بين أهلها وللتوسع في عمق الصحراء وكان ضمن هذه الحامية عقبة بن نافع الفهري الذي كان له بعد ذلك شأن عظيم في تاريخ إفريقية والمغرب وقد لاحظ عمرو بن العاص حسن انقياد أهل تلك الناحية للإسلام فقوي عزمه على التوغل في إفريقية وأخذ يرسل السرايا فتغير على أطراف إفريقية، وتعود مظفرة مما شجعه على التفكير في غزوها. ¬

(¬1) انظر: نهاية الأرب 20/ 412 - 414، 24/ 53، تاريخ الطبري 4/ 253 - 257، البداية والنهاية 7/ 151، 8/ 45، تاريخ الرقيق 41 - 70، تاريخ ابن خلدون 2/ 128، 4/ 185 - 188، النجوم الزاهرة 1/ 79 - 160، خلاصة تاريخ تونس 54 - 63، الاستقصا 1/ 36 - 100، فتوح مصر 170 - 211، المؤنس 36 - 40، الحلل السندسية 1/ 530 - 538، القيروان 24 - 44، تاريخ المغرب العربي 1/ 138 - 143، البيان المغرب 1/ 9 - 39، طبقات أبي العرب 12 - 16، شجرة النور 94 - 108.

أصل البربر واستيطانهم المنطقة

أصل البربر واستيطانهم المنطقة: كان البربر بفلسطين، وكان ملكهم جالوت، فلما قتله داوود عليه السلام خرج البربر متوجهين إلى المغرب حتى انتهوا إلى لوبية ومراقية - وهما كورتان من كور مصر الغربية مما يشرب من السماء ولاينالهما النيل - فتفرقوا هناك، فتقدمت زناتة ومغيلة إلى المغرب وسكنوا الجبال، وتقدمت لواتة فسكنت أرض أنطابلس وهي برقة، وتفرقت في هذا المغرب وانتشروا فيه، حتى بلغوا السوس، ونزلت هوارة مدينة لبدة ونزلت نفوسة إلى مدينة سبرت وجلا من كان بها من الروم من أجل ذلك وأقام الأفارقة. ويزعم البربر أنهم من ولد بر بن قيس، ورد ذلك عبد الله بن صالح فقال: ما جعل الله لقيس ولداً يقال له بر، وإنما هم من الجبارين الذين قاتلهم داود عليه السلام، وكانت منازلهم على أيادي الدهر فلسطين، وهم أهل عمود فأتوا المغرب فتناسلوا به (¬1). وكان يسكن غرب إفريقية أيضا الروم البيزنطيون، وهم الفرنجة وكانوا قد استولوا على البلاد وأذلوا أهلها والأفارقة، وهم الذين وفدوا إليها من مختلف البلاد (¬2). فتح برقة وزويلة: سار عمرو بن العاص بعد فتح الإسكندرية في الخيل يريد المغرب، حتى قدم برقة وهي إنطابلس فصالح أهلها بعد أن قاتلهم وحاربهم على ثلاثة عشر ألف دينار يؤدونها إليه جزية على أن يبيعوا من أحبوا من أبنائهم في جزيتهم وكتب لهم في ذلك كتابا. وكتب عمرو بن العاص على لواتة من البربر في شرطه عليهم أن عليكم أن تبيعوا أبناءكم وبناتكم فيما عليكم من الجزية. وخالفه عمر بن عبد العزيز لما ولي فكتب في اللواتيات: أن من كانت عنده لواتية فليخطبها إلى أبيها أو فليرددها إلى أهلها. وقد فتحت بعهد من عمرو بن العاص، وكان يقول على المنبر: لأهل أنطابلس عهد يوفى به. ولم يكن يدخل برقة يومئذ جابي خراج ¬

(¬1) انظر فتوح مصر116، مسالك ابن خردذابة 91، العبر 2/ 128. (¬2) انظر المغرب الإسلامي 85 - 94، حسن البيان 84 - 85، 160، الحياة الاجتماعية 189 - 200، المجتمع التونسي 36، المغرب الكبير 2/ 133 - 140.

فتح طرابلس

إنما كانوا يبعثون الجزية إذا جاء وقتها إلى والي مصر من غير أن يأتيهم حاث أو مستحث، فكانوا أخصب قوم بالمغرب. ووجه عمرو بن العاص عقبة بن نافع حتى بلغ زويلة، وصار مابين برقة وزويلة للمسلمين. وكتب إلى عمر بن الخطاب يعلمه أنه قد ولى عقبة بن نافع الفهرى المغرب فبلغ زويلة، وأن من بين زويلة وبرقة سلم كلهم حسنة طاعتهم قد أدى مسلمهم الصدقة، وأقر معاهدهم بالجزية، وأنه قد وضع على أهل زويلة ومن بينه وبينها مارأى أنهم يطيقونه، وأمر عماله جميعا أن يأخذوا الصدقة من الأغنياء ويردوها في الفقراء ويأخذوا الجزية من الذمة فتحمل إليه بمصر وأن يؤخذ من أرض المسلمين العشر ونصف العشر ومن أهل الصلح صلحهم. فتح طرابلس: ثم غزا عمرو بن العاص طرابلس في سنة ثلاث وعشرين، فنزل على القبة التي على الشرف من شرقيها فحاصرها شهرا لايقدر على شيء، فخرج رجل من بني مدلج ذات يوم من عسكر عمرو متصيدا في سبعة نفر، فمضوا غربي المدينة حتى أمعنوا عن العسكر، ثم رجعوا فأصابهم الحر فأخذوا على ضفة البحر وكان البحر لاصقا بسور المدينة، ولم يكن فيما بين المدينة والبحر سور، وكانت سفن الروم شارعة في مرساها إلى بيوتهم فنظر المدلجي وأصحابه فإذا البحر قد غاض من ناحية المدينة ووجدوا مسلكا إليها من الموضع الذي غاض منه البحر فدخلوا منه حتى أتوا من ناحية الكنيسة فلم يكن للروم مفزع إلا سفنهم وأبصر عمرو وأصحابه السلة في جوف المدينة، فأقبل بجيشه حتى دخل عليهم فلم تفلت الروم إلا بما خف لهم من مراكبهم، وغنم عمرو ما كان في المدينة، وكان من بسبرت متحصنين واسمها نبارة، وسبرت السوق القديم وإنما نقله إلى نبارة عبدالرحمن بن حبيب سنة إحدى وثلاثين، فلما بلغهم محاصرة عمرو مدينة أطرابلس وأنهم لم يصنع فيهم شيئا ولا طاقة له بهم أمنوا فلما ظفر عمرو بن العاص بمدينة أطرابلس جرد خيلا كثيفة من ليلته، وأمرهم بسرعة السير، فصبحت خيله مدينة سبرت وقد غفلوا

فتح إفريقية

وقد فتحوا أبوابهم لتسرح ماشيتهم، فدخلوها فلم ينج منهم أحد واحتوى عمرو على مافيها ورجعوا إلى عمرو (¬1). وكان فتح أطرابلس بعد قتال وافتتحها عمرو بن العاص عنوة وقال الليث بن سعد حدثني مشيختنا أن أطرابلس فتحت بعهد من عمرو بن العاص، وأصاب عمرو بها أحمالا كثيرة مع تجار من تجارها فباعه وقسم ثمنه بين المسلمين، وكتب إلى عمر ابن الخطاب أنا قد بلغنا أطرابلس وليس بينها وبين إفريقية إلا تسعة أيام، فإن رأى أمير المؤمنين أن يأذن لنا في غزوها ويفتحها الله على يديه فعل، فكتب إليه ينهاه عنها ويقول: ماهي بإفريقية ولكنها مفرقة غادرة مغدوربها، لايغزوها أحد مابقيت، وقال مرة المعافري: سمعت عمر بن الخطاب يقول: إفريقية المفرقة ثلاث مرات لاأوجه إليها أحدا مامقلت عيني الماء. وذلك أن أهلها كانوا يؤدون إلى ملك الروم شيئاً فكانوا يغدرون به كثيراً، وكان ملك الأندلس صالحهم ثم غدر بهم وكان خبرهم قد بلغ عمر (¬2). وكذلك فإن عمر كان يخشى أن ينفرد بالمسلمين عدوهم، مع صعوبة نجدتهم لبعدهم عن مركز الخلافة، فلم يجد عمرو بدا من العودة إلى مصر، وبقي الأمر كذلك إلى زمن عثمان - رضي الله عنه -، فولى على مصر عبدالله بن سعد بن أبي سرح. فتح إفريقية: فلما عزل عثمان عمرو بن العاص عن مصر، وأمّر عبد الله بن سعد بن أبي سرح، كان يبعث المسلمين في جرائد الخيل، كما كانوا يفعلون أيام عمرو فيصيبون من أطراف إفريقية، ويغنمون فكتب في ذلك عبد الله بن سعد إلى عثمان، وأخبره بقربهم من حرز المسلمين، ويستأذنه في غزوها فندب عثمان الناس لغزوها بعد المشورة منه في ذلك، فلما اجتمع الناس - ولم يخالف في ¬

(¬1) فتوح مصر وأخبارها ص: 116 - 117. (¬2) انظر فتوح مصر وأخبارها ص: 117، فتوح البلدان 225 - 226، طبقات أبي العرب 13، 16، الاستقصا1/ 73.

غزوها إلا سعيد بن زيد العدوي الذي استمسك برأي عمر - (¬1) أمر عليهم عثمان الحارث بن الحكم إلى أن يقدموا على عبد الله بن سعد مصر فيكون إليه الأمر فخرج عبد الله بن سعد إليها، وكان مستقر سلطان إفريقية يومئذ بمدينة يقال لها قرطاجنة، وكان عليها ملك يقال له جرجيركان هرقل قد استخلفه، فخلع هرقل، وضرب الدنانير على وجهه، وكان سلطانه مابين أطرابلس إلى طنجة، قال: فلقيه جرجير فقاتله فقتله الله وكان الذي ولي قتله عبدالله بن الزبير، وهرب جيش جرجير فبث عبد الله بن سعد السرايا وفرقها فأصابوا غنائم كثيرة، فلما رأى ذلك عظماء إفريقية اجتمعوا فطلبوا إلى عبدالله بن سعد أن يأخذ منه ثلاثمائة قنطار من ذهب على أن يكف عنهم ويخرج من بلادهم، فقبل ذلك ورجع إلى مصر، ولم يول عليهم أحدا، ولم يتخذ بها قيروانا، فأصاب الفارس يومئذ ثلاثة آلاف دينار والراجل ألف دينار وكان جيش عبد الله بن سعد ذلك عشرين ألفا. وكان مع عبدالله بن سعد في تلك الغزوة أيضا: عبدالله بن عباس، وعبد الله بن جعفر بن أبي طالب، والحسن والحسين ابنا علي بن أبي طالب، وعبد الله بن عمر ابن الخطاب، وعبدالله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن أنيس، وعمرو بن عوف المزني، وبلال بن الحارث المزني، وغيرهم، وانضم لهم عقبة ومن معه ببرقة، وذلك سنة سبع وعشرين، وهي الغزوة المعروفة بغزوة العبادلة لكثرة من اشترك فيها ممن اسمه عبدالله من الصحابة، ولم يكن هناك بد من القتال لأن جرجير قد رفض الإسلام والجزية ورغم ضخامة جيش العدو (بين 100 و 120 ألفا) فقد انتهت المعارك العديدة التي دارت بين الطرفين على مشارف مدينة سبيطلة بانتصار المسلمين، وقتل جرجير وكبار قادته وكثير من جيشه وغنم المسلمون أموالا عظيمة (¬2). ولايمكن التقليل من شأن هذه الغزوة بسبب عدم بناء مدينة يستقر بها المسلمون، ويكفي أنها أذلت الروم بإفريقية، بحيث لم يتمكنوا من استرجاع ¬

(¬1) انظر طبقات أبي العرب 12، 13، الرياض 1/ 14. (¬2) انظر فتوح مصر ص: 124 - 126، فتوح البلدان 227، البيان المغرب 1/ 28، تاريخ ابن خلدون 4/ 185.

قوتهم بعد ذلك، كما أنها عرفت أهل البلاد - ولو جزئيا - بالإسلام حتى اعتنقه بعضهم، ومن ناحية أخرى فقد وقف المسلمون على حالة البربر وعرفوا طبائعهم وعاداتهم عن قرب، كما أن المنطقة المفتوحة لايستهان بحجمها. وفي سنة 33 هـ خرج المسلمون بقيادة عبدالله بن سعد أيضا حين نقض أهل إفريقية العهد، فجاهدوهم حتى دخل بعضهم في الإسلام، ورضي الباقون بالجزية (¬1). ثم كانت سنة 34 هـ فخرج إلى المغرب معاوية بن حديج التجيبي، وكان معه في جيشه عامئذ عبدالملك بن مروان، فافتتح قصورا وغنم غنائم عظيمة. وعن سليمان بن يسار قال: غزونا إفريقية مع ابن حديج ومعنا من المهاجرين والأنصار بشر كثير فنفلنا ابن حديج النصف بعد الخمس، فلم أر أحدا أنكر ذلك، إلا جبلة بن عمرو الأنصاري. فانتهى معاوية بن حديج إلى قونية ثم مضى إلى جبل يقال له القرن، فعسكر بجانبه، وبعث عبدالملك بن مروان إلى مدينة يقال لها جلولاء في ألف رجل، فحاصرها أياما، فلم يصنع شيئا فانصرف راجعا فلم يسر إلا يسيرا حتى رأى في ساقة الناس غبارا شديدا، فظن أن العدو قد طلبهم فكر جماعة من الناس لذلك وبقي من بقي على مصافهم وتسرع سرعان الناس، فإذا مدينة جلولاء قد وقع حائطها فدخلها المسلمون، وغنموا مافيها وانصرف عبدالملك إلى معاوية بن حديج فاختلف الناس في الغنيمة، فكتب في ذلك إلى معاوية بن أبي سفيان فكتب إن العسكر ردء للسرية، فقسم ذلك بينهم، فأصاب كل رجل منهم لنفسه مائتي دينار، وضرب للفرس بسهمين ولصاحبه بسهم. ويقال: بل غزاها معاوية بن حديج بنفسه، فحاصرها فلم يقدر عليهم، فانصرف آيسا منها وقد جرح عامة أصحابه، وقتل منهم ففتحها الله بعد انصرافه بغير خيل ولا رجال فرجع إليها ومن معه وفيها السبي، ولم يردهم أحد، فغنموا وانصرف منها راجعا إلى مصر (¬2). ثم اشتغل المسلمون في ¬

(¬1) انظر البيان المغرب 1/ 14، النجوم الزاهرة 1/ 80، تاريخ الإسلام 2/ 115، قادة فتح المغرب 1/ 61. (¬2) انظر فتوح مصر وأخبارها ص: 131، طبقات أبو العرب 15، الرياض 1/ 30، 93، تاريخ ابن خلدون 4/ 185، تاريخ المغرب العربي 1/ 167.

المشرق بما أهمهم عن شأن المغرب، حتى اعتدل الأمر لمعاوية - رضي الله عنه - سنة 41 هـ، فأرسل إليها معاوية بن حديج، وفي سنة 42 هـ غزاها عقبة ابن نافع ويبدو أن هاتين الغزوتين لم تتوغلا داخل أرض إفريقية، أما الغزوة الموالية فكانت ذات شأن، وقد قادها معاوية بن حديج سنة 45 هـ، وكانت ردا على المحاولة التي قامت بها الدولة البيزنطية لإعادة إفريقية إلى نفوذها، فهزم معاوية جيوش البيزنطيين، وأعاد فتح إفريقية مدينة مدينة حتى وصل جبل القرن فعسكر هناك وبنى مساكن للجيوش، واتخذ ذلك الموقع قيروانا (¬1) وجه منه سراياه إلى البلاد، ففتح سوسة وجلولاء والجم وبنزرت، ولا شك أنه قد سيطر على جميع تلك الجهات لأنه تمكن سنة 45 هـ من غزو صقلية لأول مرة في التاريخ الإسلامي، كما أغزى جيشه جزيرة جربة، ففتحت سنة 45 هـ بقيادة رويفع بن ثابت الأنصاري، وقد آتت هذه الغزوة أكلها حيث ظهر الإسلام في البربر، وتمكن الجيش الإسلامي من التوغل في أراضيهم، وكسر شوكتهم (¬2). فغزا معاوية بن حديج إفريقية ثلاث غزوات، أما الأولى فسنة أربع وثلاثين، قبل قتل عثمان وهي غزوة لايعرفها كثير من الناس، والثانية سنة أربعين، والثالثة سنة خمس وأربعين (¬3). ولما قتل عثمان وولي أمر مصر محمد بن أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة لم يوجه إليها أحداً، فلما ولي معاوية بن أبي سفيان ولى معاوية بن حديج السكونى مصر، وهو الذي بعث عقبة بن نافع لغزوها (¬4). ¬

(¬1) بفتح القاف والراء: لفظ فارسي معرب وقد تكلمت به العرب قديما قال امرىء القيس: وغارة ذات قيروان ... كأن أسرابها الرعال وهي اسم للقافلة وللجيش ومحط أثقاله وموضع اجتماع الناس. انظر معجم البلدان 4/ 420، مراصد الاطلاع 3/ 6139، الحلل السندسية 1/ 259، قادة فتح المغرب 1/ 103، معالم تاريخ المغرب 36، المعالم 1/ 8. (¬2) انظر البيان المغرب 1/ 10، 17 الرياض 1/ 28، النجوم الزاهرة 1/ 130، قادة فتح المغرب 1/ 79، المعالم 1/ 45، حسن البيان 76. (¬3) فتوح مصر وأخبارها ص: 132 وفيه سنة خمسين والصواب ما ذكرته كما في غيره من المراجع وأما سنة خمسين ففيها تأسست القيروان على يد عقبة كما سيأتي وانظر الإصابة 3/ 411. (¬4) فتوح البلدان 228.

فخرج عقبة بن نافع الفهري سنة ست وأربعين، ومعه بسر بن أرطأة، وشريك ابن سمي المرادي، فأقبل حتى نزل بمغمداش من سرت - وكان توجه بسر إليها سنة ست وعشرين - فأدركه الشتاء، وكان مضعفا وبلغه أن أهل ودان قد نقضوا عهدهم، ومنعوا ما كان بسر بن أبي أرطأة فرض عليهم - وكان عمرو بن العاص قد بعث إليها بسرا قبل ذلك، وهو محاصر لأهل أطرابلس فافتتحها - فخلف عقبة بن نافع جيشه هنالك، واستخلف عليهم عمر بن علي القرشي، وزهير بن قيس البلوي، ثم سار بنفسه وبمن خلف معه أربعمائة فارس، وأربعمائة بعير، وثمانمائة قربة، حتى قدم ودان فافتتحها، وأخذ ملكهم فجدع أذنه فقال: لم فعلت هذا بي وقد عاهدتني؛ فقال عقبة: فعلت هذا بك أدبا لك إذا مسست أذنك ذكرته فلم تحارب العرب، واستخرج منهم ما كان بسر فرضه عليهم ثلاثمائة وستين رأسا، ثم سألهم عقبة: هل من ورائكم أحد؟ فقيل له جرمه وهي مدينة فزان العظمى فسار إليها ثماني ليال من ودان، فلما دنا منها أرسل فدعاهم إلى الإسلام، فأجابوا. فنزل منها على ستة أميال، وخرج ملكهم يريد عقبة، وأرسل عقبة خيلا، فحالت بين ملكهم وبين موكبه، فأمشوه راجلا حتى أتى عقبة، وقد لغب وكان ناعما فجعل يبصق الدم فقال له: لم فعلت هذا بي وقد أتيتك طائعا؟ فقال عقبة أدبا لك إذا ذكرته لم تحارب العرب، وفرض عليه ثلاثمائة عبد وستين عبدا، ووجه عقبة الرحل من يومه إلى المشرق، ثم مضى على جهته من فوره ذلك إلى قصور فزان فافتتحها قصرا قصرا، حتى انتهى إلى أقصاها، فسألهم هل من ورائكم أحد؟ قالوا نعم: أهل خاوار وهو قصر عظيم على رأس المفازة في وعورة على ظهر جبل، وهو قصبة كوار فسار إليهم خمسة عشر ليلة، فلما انتهى تحصنوا فحاصرهم شهرا، فلم يستطع لهم شيئا فمضى أمامه على قصوركورا فافتتحها، حتى انتهى إلى أقصاها وفيه ملكها فأخذه فقطع أصبعه، فقال: لم فعلت هذا بي؟ قال: أدبا لك إذا أنت نظرت إلى اصبعك لم تحارب العرب، وفرض عليه ثلاثمائة عبد وستين عبدا، فسألهم: هل من ورائكم أحد؟ فقال الدليل: ليس عندي بذلك معرفة ولادلالة، فانصرف عقبة راجعا. فمر بقصر خاوار، فلم يعرض له ولم ينزل بهم، وسار ثلاثة أيام، فأمنوا وفتحوا مدينتهم، وأقام عقبة بماء اسمه

اليوم ماء فرس، ولم يكن به ماء فأصابهم عطش شديد أشفى منه عقبة وأصحابه على الموت، فصلى عقبة ركعتين ودعا الله، وجعل فرس عقبة يبحث بيديه في الأرض، حتى كشف عن صفاة فانفجر منها ماء، فجعل الفرس يمص ذلك الماء، فأبصره عقبة فنادى في الناس أن احتفروا فاحتفروا سبعين حسيا، فشربوا واستقوا فسمي لذلك ماء فرس، ثم رجع عقبة إلى خاوار من غير طريقه التي كان أقبل منها فلم يشعروا به، حتى طرقهم ليلا قد تمهدوا في أسرابهم، فاستباح مافي المدينة من ذرياتهم وأموالهم وقتل مقاتلتهم، ثم انصرف راجعا، فسار حتى نزل بموضع زويلة ... ثم ارتحل، حتى قدم على عسكره بعد خمسة أشهر، وقد جمعت خيولهم وظهرهم، فسار متوجها إلى المغرب، وجانب الطريق الأعظم وأخذ إلى ... مزاتة فافتتح كل قصر بهاإلى ... ، ثم بعث خيلا إلى غدامس فافتتحت غدامس فلما انصرف ... سار إلى قفصة فافتتحها وافتتح قصطيليه ثم انصرف إلى القيروان فلم يعجب بالقيروان الذي كان معاوية بن حديج بناه قبله فركب والناس معه، حتى أتى موضع القيروان اليوم وكان واديا كثير الشجركثير القطف تأوي إليه الوحوش والسباع والهوام، ثم نادى ياأهل الوادي ارتحلوا رحمكم الله فإنا نازلون نادى بذلك ثلاثة أيام فلم يبق من السباع ولا الوحوش ولاالهوام إلا خرج، وأمر الناس بالتنقية والخطط ونقل الناس من الموضع الذي كان معاوية بن حديج نزله، إلى مكان القيروان اليوم وركز رمحه وقال هذا قيروانكم. وقال زياد بن العجلان: إن أهل إفريقية أقاموا بعد ذلك أربعين سنة ولو التمست حية أو عقرب بألف دينار ماوجدت (¬1). وكان ذلك سنة 50 هـ حيث بدأت إفريقية الإسلامية عهدا جديدا مع عقبة بن نافع المتمرس بشؤون إفريقية منذ حداثة سنه فقد لاحظ كثرة ارتداد البربر، ونقضهم العهود، وعلم أن السبيل الوحيد للمحافظة على إفريقية ونشر الإسلام بين أهلها هو إنشاء مدينة تكون محط رحال المسلمين ومنها تنطلق جيوشهم، فأسس مدينة القيروان وبنى جامعها وافتتح كثيرا من البلدان، وعمل على نشر الإسلام بين البربر وشرد ¬

(¬1) فتوح مصر وأخبارها ص: 132 - 133.

من بقي على الكفر. وقال لأصحابه حين أراد تأسيسها: إن إفريقية إذا دخلها إمام أجابوه إلى الإسلام فإذا خرج منها رجع من كان أجابه منهم لدين الله إلى الكفر، فأرى لكم يامعشر المسلمين أن تتخذوا بها مدينة تكون عزا للإسلام إلى آخر الدهر (¬1). وقال موسى بن علي: أول من بنى القيروان عقبة بن نافع الفهرى اختطها ثم بنى وبنى الناس معه الدور والمساكن، وبنى المسجد الجامع بها (¬2). ولما أراد عقبة تمصير القيروان فكر في موضع المسجد منه فأري في منامه كأن رجلاً أذن في الموضع الذي جعل فيه مئذنته، فلما أصبح بنى المنبر في موقف الرجل ثم بنى المسجد (¬3). ثم عزل معاوية بن أبي سفيان معاوية بن حديج وولى مصر والمغرب مسلمة بن مخلد الأنصاري، وهو أول من جمعت له، فولى المغرب أبا المهاجر مولاه وأوصاه حين ولاه أن يعزل عقبة أحسن العزل، فخالفه أبو المهاجر فأساء عزله وسجنه وأوقره حديدا حتى أتاه الكتاب من الخليفة بتخلية سبيله وإشخاصه إليه، فخرج عقبة حتى أتى قصر الماء، فصلى ثم دعا وقال اللهم لاتمتني حتى تمكني من أبي المهاجر دينار بن أم دينار، فبلغ ذلك أبا المهاجر فلم يزل خائفا منذ بلغته دعوته فلما قدم عقبة مصر ركب إليه مسلمة بن مخلد فأقسم بالله لقد خالفه ماصنع أبو المهاجر ولقد أوصيته بك خاصة، وقد كان قيل لمسلمة لو أقررت عقبة فإن له جزالة وفضلا، فقال مسلمة: إن أبا المهاجر صبر علينا في غير ولاية ولاكبير نيل فأحببنا أن نكافئه، فلما قدم أبوالمهاجر إفريقية كره أن ينزل في الموضع الذي اختطه عقبة بن نافع، ومضى حتى خلفه بميلين فابتنى مدينة تيكروان ونزل، وكان الناس قبل أبي المهاجر يغزون إفريقية، ثم يقفلون منها إلى الفسطاط، ¬

(¬1) انظر البيان المغرب 1/ 19، الرياض 1/ 10، حسن البيان 76. (¬2) فتوح البلدان 230. (¬3) فتوح البلدان 231 وانظر لتأسيس القيروان أيضا: البيان المغرب 1/ 19، الرياض 1/ 84، حسن البيان 76، تاريخ خليفة 210 تاريخ الطبري 4/ 178، البداية والنهاية 8/ 45، الاستيعاب 3/ 108، الإصابة 3/ 80، سيرة القيروان 72 - 74، معالم تاريخ المغرب 114.

وأول ما أقام بها حين غزاها أبو المهاجر مولى الأنصار أقام بها الشتاء والصيف واتخذها منزلا وكان مسلمة بن مخلد الذي عقد له على الجيش الذين خرجوا معه إليها، فلم يزالوا بها حتى قتل ابن الزبير، فخرجوا منها (¬1). وكانت لأبي المهاجر مع البربر سياسة حسنة، فقد تألف قادتهم وعلى رأسهم كسيلة البربري فانقادوا للإسلام وازدادت رقعة البلاد المفتوحة حتى بلغت تلمسان من بلاد الجزائر، وطالت مدة إقامة أبي المهاجر ومن معه من الصحابة والتابعين. ثم قدم عقبة على معاوية بن أبي سفيان فقال له فتحت البلاد وبنيت المنازل ومسجد الجماعة ودانت لي ثم أرسلت عبد الأنصار فأساء عزلي فاعتذر إليه معاوية، وقال: قد عرفت مكان مسلمة بن مخلد من الإمام المظلوم وتقديمه إياه وقيامه بدمه وبذل مهجته، وقد رددتك على عملك، ويقال: إن معاوية ليس هو الذي رد عقبة بن نافع ولكنه قدم على يزيد بن معاوية بعد موت أبيه، فرده واليا على إفريقية وذلك أصح لأن معاوية توفي سنة ستين (¬2). فعاد عقبة ثانية إلى القيروان سنة 62 هـ بأمر من يزيد بن معاوية، فأعاد عمارة المدينة ودعا لها ومن معه من الصحابة، وقد بلغوا خمسة وعشرين صحابيا، وكان مما قال في دعائه وهم يؤمنون: اللهم املأها علما وفقها وأعمرها بالمطيعين والعابدين، واجعلها عزا لدينك وذلا لمن كفر بك، وأعز بها الإسلام وامنعها من جبابرة الأرض (¬3). وخرج عقبة للغزو بعد ماأوثق أبا المهاجر في وثاق شديد وأساء عزله، فغزا به معه إلى السوس وهو في حديد وأصل السوس بطن من البربر يقال لهم: أنبيه، فجول في بلادهم لايعرض له أحد، ولايقاتله فانصرف إلى إفريقية، ففتح جميع بلاد المغربين الأوسط والأقصى، أي مايعرف الآن بالجزائر والمغرب، حتى وصل إلى البحر المحيط، فأدخل فيه قوائم فرسه، وقال كلمته المشهورة: اللهم اشهد أني قد بلغت المجهود ولولا هذا البحر لمضيت في ¬

(¬1) فتوح مصر وأخبارها ص: 133 - 134. (¬2) فتوح مصر وأخبارها ص: 134. (¬3) طبقات أبي العرب 8، وانظر البيان المغرب 1/ 33، حسن البيان 187.

البلاد أقاتل من كفر بك حتى لايعبد أحد دونك، ثم كر راجعا وفتح في طريقه بعض بلاد السودان، فلما اقترب من مدينة تهودة صرف أصحابه إلى منازلهم ثقة بما دوخ من البلاد، فعرض له كسيلة بن لمزم في جمع كثير من الروم والبربر وقد كان بلغه افتراق الناس عن عقبة وكان قد دار بين عقبة وكسيلة مواقف جعلت كسيلة يضمر حقدا شديدا على عقبة لأنه أذله في تلك المواقف ولم يسمع نصيحة أبي المهاجر في تألفه وإعزازه (¬1)، فاقتتلوا قتالا شديدا فقتل عقبة ومن كان معه، وقتل أبو المهاجر وهو موثق في الحديد، ثم سار كسيلة ومن معه حتى نزلوا الموضع الذي كان عقبة اختطه فأقام به وقهر من قرب من باب قابس ومايليه، وجعل يبعث أصحابه في كل وجه ويقال: بل خرج عقبة بن نافع إلي السوس واستخلف على القيروان عمر بن علي القرشي وزهير بن قبس البلوي وكانت إفريقية يومئذ تدعى مزاق، فتقدم عقبة إلي السوس وخالفه رجل من العجم في ثلاثين ألفا إلى عمر بن علي وزهير بن قيس وهما في ستة الاف، فهزمه الله وخرج ابن الكاهنة البربري على أثر عقبة كلما رحل عقبة من منهل دفنه ابن الكاهنة فلم يزل كذلك حتى انتهى عقبة إلى السوس، ولا يشعر بما صنع البربري، فلما انتهى عقبة إلى البحر أقحم فرسه فيه حتى بلغ نحره، ثم قال: اللهم إني أشهدك أن لامجاز ولو وجدت مجازا لجزت وانصرف راجعا والمياه قد غورت وتعاونت عليه البربر، فلم يزل يقاتل وأبو المهاجر معه في الحديد فلما استحر الأمر أمر عقبة بفتح الحديد عنه، فأبى أبو المهاجر فقال: ألقى الله في حديدي، فقتل عقبة وأبو المهاجر ومن معهما (¬2). وكان لهذه الحادثة أثر عميق في نفوس المسلمين. وأما زهير بن قيس البلوي خليفة عقبة على القيروان فقد اضطر للسير نحو المشرق، فأقام ببرقة إلى أن جاءه المدد من عبدالملك بن مروان سنة 69 هـ، فسار إلى القيروان واستنقذها من يد كسيلة الذي اضطربت صفوفه لأن المسلمين البربر قد تنازعوا ¬

(¬1) مقدمة دولة الأدارسة ص: 15. (¬2) انظر الرياض 1/ 39، الاستقصا 1/ 82، فتوح مصر ص: 134 - 135.

معه ولم تذكر المصادر أن كسيلة قد أساء إلى المسلمين في الفترة التي حكم فيها القيروان، وقد دامت مدة خمس سنوات. ويقال إن عبد العزيز بن مروان لما ولي مصر كتب إلى زهير بن قيس وزهير يومئذ ببرقة، يأمره بغزو إفريقية فخرج في جمع كثير فلما دنا من قونية وبها عسكر كسيلة بن لمزم عبأ زهير لقتاله، وخرج إليه فاقتتلا فقتل كسيلة ومن معه ثم انصرف زهير قافلا إلى برقة. وفي هذه الموقعة قتل كسيلة ومن معه من الروم وملوك البربر وأشرافهم وفرسانهم وخلد أهل إفريقية إلى الطاعة وتمهدت البلاد لزهير بن قيس البلوي فخاف على نفسه الفتنة، لما رأى من عظمة الملك وكان من رؤساء العابدين وكبار الزاهدين، وقرر الرحيل إلى المشرق بينما أقام معظم أصحابه بالقيروان، لكنه استشهد في قلة من أصحابه على يد الروم الذين أغاروا على برقة، وكانت المصيبة بزهير وأصحابه رضي الله عنهم مثل المصيبة بعقبة بن نافع وأصحابه رضي الله عنهم أجمعين، وبموت زهير اختلت الأمور في إفريقية من جديد إلا أن الوضع بالمشرق لم يكن يسمح بإرسال من يعيد الأمور إلى نصابها (¬1). ثم قدم حسان بن النعمان واليا على المغرب أمره عليها عبدالملك بن مروان في سنة ثلاث وسبعين، وذلك بعد أربع سنوات، فمضى في جيش كبير، حتي نزل أطرابلس، واجتمع إليه بها من كان خرج من إفريقية وأطرابلس، وانضم إليه كثير من أهل مصر وممن أسلم من بربر إفريقية، فوجه على مقدمته محمد بن أبي بكيرة، وهلال بن ثروان اللواتي، وزهير بن قيس، ففتح البلاد، وأصاب غنائم كثيرة، وخرج إلى مدينة قرطاجنة، ففتحها واضطر إلى هدمها لأن أهلها غدروا به، وفرض سيطرته على كامل تلك المنطقة، وأثخن في الروم والبربر بالقتل. ثم توجه حسان لمحاربة الكاهنة، لأنها هي الخطر الوحيد الذي بقي يهدد الكيان الإسلامي في إفريقية والمغرب، وقد قال له البربر المسلمون: إن قتلتها دان لك المغرب كله ولم يبق لك مضاد ولا معاند، فغزا الكاهنة وهي ¬

(¬1) انظر فتوح مصر وأخبارها ص: 135، المغرب الكبير 2/ 234، البيان المغرب 1/ 31، الرياض 1/ 46.

إذ ذاك ملكة البربر، وقد غلبت على جل إفريقية فلقيها على نهر يسمى نهر البلاء، فاقتتلوا قتالا شديدا فهزمته، وقتلت من أصحابه وأسرت منهم ثمانين رجلا، وأفلت حسان ونفذ من مكانه إلى أنطابلس فنزل قصورا من حيز برقة فسميت قصور حسان، واستخلف على إفريقية أبا صالح، وقامت الكاهنة بتخريب إفريقية ظنا منها أن ذلك هو غاية مطلب المسلمين من إفريقية، وقد أثار عملها نقمة كثير من سكان تلك المدن فاستجاروا بالمسلمين (¬1). وكانت أنطابلس ولوبيا ومراقية إلى حد أجدابية من عمل حسان، فأحسنت الكاهنة أسارى من أسرته من أصحابه إلى أن سار إليها حسان ومن معه في جيش لم يدخل إفريقية مثله قط، فلقي الكاهنة في أصل جبل فقتلت وعامة من معها، فسميت بئر الكاهنة. وطلب الباقون الأمان، فاشرط عليهم حسان أن يعطوه من قبائلهم اثني عشر ألفا يجاهدون مع العرب، فأجابوه؛ وأسلموا على يديه، وبذلك انكسرت شوكة الروم والبربر بإفريقية نهائيا (¬2). ثم انصرف حسان فنزل موضع قيروان إفريقية، وبنى مسجد جماعتها ودون الدواوين، واتجه إلى ناحية قرطاجنة، فبنى مدينة تونس، وأنشأ بها دارا لصناعة السفن، وحفر إليها البحر فأصبحت ميناء هاما، وبنى جامع الزيتونة، ووضع الخراج على عجم إفريقية، وعلى من أقام معهم على النصرانية من البربر، وعامتهم من البرانس إلا قليلاً من البتر، وأقام حسان بموضعه حتى استقامت له البلاد، ثم توجه إلى عبد الملك بغنائمه في جمادى الآخرة سنة ست وسبعين، وولى على الصدقات حنشا الصنعاني، وبذلك تمهدت إفريقية وأصبحت دار إسلام وحسنت طاعة أهلها، وأقام بها حسان لايغزو أحدا ولاينازعه أحد لأن جميع من بها إما مسلم مطيع، أوكافر خاضع مستكين، ووجه حسان عناية كاملة لنشر الدين الإسلامي واللغة العربية، فدخل البربر في دين الله أفواجا، خاصة وأن حسانا كان إلى جانب ذلك يقسم الفيء والأرض بينهم واستمر حسان في تركيز مباديء الإسلام لدى أهل إفريقية وإعادة تعمير ماخربته الكاهنة ¬

(¬1) انظر فتوح مصر وأخبارها ص: 136، البيان 1/ 35، المعالم 1/ 61 - 64، الاستقصا 1/ 93، حسن البيان 158، الرياض 1/ 53. (¬2) انظر فتوح مصر وأخبارها ص: 136، البيان المغرب 1/ 38، تاريخ ابن خلدون 4/ 187.

حتى رجع إلى المشرق سنة 85 هـ، ويمكن أن نعتبر أن فتح إفريقية قد تم نهائيا في هذه المرحلة، لولا وجود بعض البؤر التي لم تفتح وبقيت تشكل خطرا على الإسلام مثل قلعة زغوان الواقعة بين القيروان وتونس، وبعض المدن الواقعة في أطراف إفريقية (¬1). ولما مر حسان ببرقة أمر على خراجها إبراهيم بن النصراني، ثم مضى فمر بعبد العزيز بن مروان وهو بمصر، ثم نفذ إلى عبد الملك فسر عبد الملك بما أورد عليه حسان من فتوحه وغنائمه، ويقال بل أخذ منه عبدالعزيزكل ما كان معه من السبى، وكان قد قدم معه من وصائف البربر بشيء لم ير مثله جمالاً، فكان نصيب الشاعر يقول: حضرت السبى الذي كان عبد العزيز أخذه من حسان مائتى جارية منها مايقام بألف دينار. ثم أغارت الروم بعد حسان على أنطابلس فهرب إبراهيم بن النصراني، وخلى أهل أنطابلس وأهل ذمتها في أيدي الروم، فرأسوها أربعين ليلة حتى أسرعوا فيها الفساد، وبلغ ذلك عبد العزيز بن مروان، فأرسل إلى زهير بن قيس، وكان خرج مع حسان، فلما بلغ مصر أقام بها فأمره عبد العزيز بالنهوض إلى الروم، ولم يجتمع لزهير من أصحابه إلا سبعون رجلا ... ، وكان عبد العزيز عاتبا على زهير بن قيس، لأنه كان قاتله حين وجهه أبوه مروان بن الحكم من ناحية أيلة من قبل أن يدخل مصر، فقال له: ماعلمتك يازهير إلاجلفا جافيا، فقال له زهير: ماكنت أرى ياابن ليلى أن رجلا جمع ماأنزل الله على محمد - صلى الله عليه وسلم - من قبل أن يجتمع أبواك جلف جاف، ماهو بالجلف ولا الجاف، أنا منطلق فلا ردني الله إليك، فخرج حتى إذا كان بدرنة من طبرقة من أرض أطرابلس لقي الروم وهو في سبعين رجلا، فتوقف ليلحق به الناس، فقال له فتى شاب كان معه: جبنت يازهير، فقال: ماجبنت يا ابن أخي، ولكن قتلتني وقتلت نفسك! فلقيهم فاستشهد زهير وأصحابه جميعا، فقبورهم هنالك معروفة إلى اليوم، وكان مقتل زهير وأصحابه في سنة ست وسبعين (¬2). ¬

(¬1) انظر المعالم 1/ 69، البيان المغرب 1/ 38 - 41، الرياض 1/ 56. (¬2) فتوح مصر وأخبارها ص: 136 - 137.

وقدم حسان بن النعمان من قبل عبد الملك متوجها إلى المغرب، فلما قدم مصر، قال لعبد العزيز: اكتب إلى عبدك بالإعراض عن أنطابلس فقال له عبد العزيز: ماكنت لأفعل بعد إذ ضيعتها فاستولت عليها الروم. فقال حسان: إذن أرجع إلى أمير المؤمنين فقال: ارجع. فانصرف حسان راجعا إلى عبد الملك وخلف ثقله بمصر فقدم على عبد الملك وهو مريض ووجه عبد العزيز موسى بن نصير إلى المغرب، فأخبر حسان عبد الملك بذلك فخر عبد الملك ساجدا وقال: الحمد لله الذي أمكنني من موسى لشدة أسفه عليه، وكان عاملا لعبد الملك على العراق مع بشر بن مروان فعتب عليه عبد الملك فأراد قتله فافتداه منه عبد العزيز بمال لما رأى من عقل موسى بن نصير ولبه وكان عنده بمصر، ثم لم يلبث حسان بن النعمان إلايسيرا حتى توفي، وقدم موسى بن نصير المغرب في سنة ثمان وسبعين. وأمر موسى بن نصير على إفريقية سنة تسع وسبعين، فعزل أبا صالح، وافتتح عامة المغرب، وواتر فتوحه وكتب بها إلى عبدالعزيز بن مروان، وبعث بغنائمه وأنهاها عبد العزيز إلى عبد الملك، فسكن ذلك من عبد الملك بعض ما كان يجد على موسى ثم إن موسى بن نصير حين غزا المغرب، بعث ابنه مروان على جيش فأصاب من السبي مائة ألف، وبعث ابن أخيه في جيش آخر، فأصاب مائة ألف، فلما أتى كتبه بذلك قال الناس: ابن نصير والله أحمق من أين له عشرون ألفا يبعث بها إلى أمير المؤمنين في الخمس؟ فبلغ ذلك موسى بن نصير، فقال: ليبعثوا من يقبض لهم عشرين ألفا، ثم توفي عبد الملك بن مروان، وكانت وفاته يوم الخميس لأربع عشرة ليلة خلت من شوال، سنة ست وثمانين، واستخلف الوليد بن عبد الملك فتواترت فتوح المغرب على الوليد من قبل موسى بن نصير، فعظمت منزلة موسى عنده واشتد عجبه به (¬1). ووجه موسى بن نصير ابنه مروان بن موسى إلى طنجة مرابطا على ساحلها فجهد هو وأصحابه فانصرف، وخلف على جيشه طارق بن عمرو، ¬

(¬1) فتوح مصر وأخبارها ص: 137.

وكانوا ألفا وسبعمائة. ويقال: إن موسى بن نصير خرج من إفريقية غازيا إلى طنجة، فهو أول من نزل طنجة من الولاة وبها من البربر بطون من البتر والبرانس ممن لم يكن دخل في الطاعة، فلما دنا من طنجة، بث السرايا فانتهت خيله إلى السوس الأدنى، فوطأهم وسباهم وأدوا إليه الطاعة وولى عليهم وليا أحسن فيهم السيرة. وهذه المنطقة من السوس الأدنى هي منطقة شنقيط، التي خلت منذ تلك الفترة من كل ديانة عدا الإسلام (¬1). ثم إن موسى عزل الذي كان استعمله على طنجة، وولى طارق بن زياد ثم انصرف إلى القيروان، فأقام طارق هناك مرابطا زمانه، وذلك في سنة اثنين وتسعين. وكان المجاز الذي بينه وبين أهل الأندلس عليه رجل من العجم، يقال له: يليان صاحب سبتة، وكان على مدينة على المجاز إلى الأندلس يقال لها: الخضراء والخضراء ممايلي طنجة، وكان يليان يؤدي الطاعة إلى لذريق صاحب الأندلس وكان لذريق يسكن طليطلة فراسل طارق يليان ولاطفه حتى تهاديا، وكان ليليان قد بعث بابنة له إلى لذريق صاحب الأندلس ليؤدبها ويعلمها فأحبلها، فبلغ ذلك يليان فقال: لاأرى له عقوبة ولا مكافأة إلا أن أدخل عليه العرب، فبعث إلى طارق أني مدخلك الأندلس وطارق يومئذ بتلمسين، وموسى بن نصير بالقيروان، فقال طارق: فإني لا أطمئن إليك حتى تبعث إلي برهينة، فبعث إليه بابنتيه ولم يكن له ولد غيرهما، فأقرهما طارق بتلمسين واستوثق منهما ثم خرج طارق إلى يليان وهو بسبتة على المجاز ففرح به حين قدم عليه وقال له: أنا مدخلك الأندلس وكان بين المجازين جبل يقال له اليوم جبل طارق فيما بين سبتة والأندلس فلما أمسى جاءه يليان بالمراكب، فحمله فيها إلى ذلك المجاز، فكان ما كان من فتح الأندلس (¬2). فكان دور موسى بن نصير تمهيد جميع ماتبقى في نواحي إفريقية فسيطر على قبائل المغرب الأوسط ومدنه ووجه عنايته للغزو البحري فغزا صقلية وافتتح سرقوسة وسردانية ثم وجه جيشه إلى المغرب الأقصى ففتح جميعه ¬

(¬1) انظر فتوح مصر وأخبارها ص: 138، موريتانيا بلاد شنقيط ص: 8. (¬2) فتوح مصر وأخبارها ص: 138.

المطلب الثاني: في موريتانيا؛ هل هي من بلاد المغرب المفتوحة أم من بلاد السودان؟

وتسابق البربر إلى اعتناق الإسلام فكلف من يعلمهم اللغة العربية وشرائع الإسلام وبذلك تم نهائيا فتح إفريقية والمغرب ودان أهل تلك البقاع بالإسلام وانتهت الانتفاضات المتكررة للبربر كما قال ابن أبي زيد القيرواني: ارتدت البربر اثنتي عشرة مرة من طرابلس إلى طنجة ولم يستقر الإسلام إلا على يد موسى بن نصير (¬1). المطلب الثاني: في موريتانيا؛ هل هي من بلاد المغرب المفتوحة أم من بلاد السودان؟: إن المتأمل في مسيرة الفتح الإسلامي لبلاد المغرب يجد أن جيوش المسلمين قد جابت مواطن البربر وأوغلت حتى وصلت إلى بلاد السودان بالمفهوم القديم لمعنى بلاد السودان وعليه فليس يختلف الأمر بالنسبة لوصول الفتح الإسلامي إن قيل إن بلاد شنقيط من المغرب أم من السودان، والصحيح الذي لامرية فيه أنها من المغرب وكانت تسمى شنقيط، وبعضهم يطلق عليها بلاد التكرور (¬2)، ويقطنها من قبائل صنهاجة لمتونة وجدالة وغيرهما، وقد تقدم وصول الفتح الإسلامي لها وهي أرض مغربية منذ ذلك الحين وحتى الاستعمار الفرنسي الذي فصلها عن المغرب وسماها - بدلا من اسمها شنقيط الذي يعني بالبربرية عيون الخيل - بالاسم الروماني القديم موريتانيا، والذي يعني بلاد السمر، وكان الروم يطلقونه على كافة البلاد غربي تونس (¬3). وسوف يأتي أدوار لهذه البقعة خلال الحديث عن تاريخ المنطقة بأسرها إلا أنني لايفوتني أن أنقل هنا مبحثا يتعلق بذلك ذكره الأديب أحمد بن الأمين الشنقيطي فقال: شنقيط من المغرب على ماكنا نعهد، وذلك معروف عند أهل ¬

(¬1) الكامل في التاريخ 4/ 112، تاريخ ابن خلدون 6/ 110، الاستقصا 1/ 100. (¬2) انظر السلفية وأعلامها في موريتانيا ص: 227. (¬3) موريتانيا بلاد شنقيط ص: 6 - 8.

شنقيط وأهل المغرب، وقد أنكر ذلك بعض المشارقة، وادعى أنها من السودان، وذلك أن بعض الشناقطة، كان مقيما بالمدينة المنورة، فكان يأخذ من وقف المغاربة العمومى، فتعصب عليه الجزائريون خاصة، فقالوا: إن الشناقطة ليسوا من المغاربة، فمنعوه من أخذ حصته، فلما قدمت إلى المدينة المنورة، سنة سبع عشرة وثلاثمائة وألف، واجتمعت به، أخبرني بما جرى له، فقلت له: إن سيدي العربي بن السائح نص في كتاب البغية على أنهم من أقصى المغرب ورأيت في دار كتب المرحوم عارف حكمت بك بالمدينة المنورة، كتابا للسيد مرتضى الزبيدى، شارح القاموس بخط يده، يعدد فيه أشياخه، ويترجمهم فذكر من جملتهم: عبدالرشيد الشنقيطي، وذكر أنه مر عليهم بمصر متوجهاً إلى فاس، في قضية مماثلة لقضيتك، قال: ثم رجع إلينا، وقد صدق له السلطان بأنهم من المغاربة، وحكم بذلك القاضي ابن سودة كما نقل أيضا عن النخبة الأزهرية أنها نصت على أن شنقيط من المغرب (¬1). ¬

(¬1) الوسيط في أدباء شنقيط ص: 422 - 424.

المبحث الرابع: اهتمام أهل هذه البلاد وتأثرهم بالعلوم الإسلامية

المبحث الرابع: اهتمام أهل هذه البلاد وتأثرهم بالعلوم الإسلامية لاشك أن هذا المبحث بحر زاخر بالمعلومات ولايمكن إجماله في تلك العجالة ولو حتى على سبيل الإشارة ولكن مالا يدرك جله لايترك كله وقد أفرد بعض جزئياته الباحثون بمصنفات مستقلة (¬1)، وهو مرتبط ارتباطا وثيقا بتوضيح الأوضاع الدينية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية التي مرت بها المنطقة وسوف أحاول إلقاء بعض الأضواء لكي يظهر لنا تأثير ذلك في مدرسة التفسير في المنطقة وبالله التوفيق المطلب الأول: تأثير الفتح الإسلامي في الحياة العلمية في المنطقة: بالطبع كان الفتح الإسلامي للمنطقة هو المنبع الأساسي للحياة العلمية فيها وكان مركز إشعاع العلم في تلك الحقبة المبكرة بل فيما تلاها من أزمنة هو مدينة القيروان التي قال فيها صاحب المعالم: أما القيروان فهي البلد الأعظم والمصر المخصوص بالشرف الأقدم، قاعدة الإسلام والمسلمين بالمغرب، وقطرهم الأفخر، الذي أصبح لسان الدهر عن فضله يعرب، وبشرفه يغرب، قرارة الدين والإيمان، والأرض المطهرة من رجس الكافرين وعبادة الأوثان، قبلتها أول قبلة رسمت في بلاد المغرب، وسجد لله فيها سرا وعلانية، وناهيك بأرض كانت منازل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ومحط رحالهم (¬2). ¬

(¬1) المراجع المذكورة في نهاية البحث وعلى سبيل المثال: الإباضية بالجريد لصالح بجاية، الصراع المذهبي بإفريقية لعبدالعزيز المجذوب، القراءات بإفريقية لهند شلبي. (¬2) معالم الإيمان في معرفة أهل القيروان 1/ 6.

وقال أبو إسحق الجبنياني: القيروان رأس وما سواها جسد، وماقام برد الشبه والبدع إلا أهلها، ولاقاتل وقتل على إحياء السنة إلا أئمتها (¬1). وقال ابن الشباط: ولم يزل بها على الزمان من العلماء والكتاب وذوي البراعة في المعارف والآداب من تزدان بأوصافه الأقطار وتشرق بأنوار كلامه الأسطار (¬2). ووصفها مقديش بقوله: منبع الولاية والعلوم لأهل المغرب، أصل كل خير، والبلاد كلها عيال عليها، فما من غصن من البلاد المغربية إلا منه علا، ولافرع في جميع نواحيها إلا عليها ابتنى، كيف لا؟ ومنها خرجت علوم المذهب، وإلى أئمتها كل عالم ينسب، ولاينكر هذا خاص ولاعام ولايزاحمها في هذا الفضل أحد على طول الأمد والأيام (¬3). ولاشك أن الحياة العلمية بدأت مع أول غزوة سنة 27 هـ والتي اشتملت على عشرين ألفا قال أبو العرب: أكثرهم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬4) والصحابة رضي الله عنهم هم المعلمون الحقيقيون والدعاة المخلصون الذين بلا مراء بذلوا أقصى جهدهم في نشر هذا الدين وتعليم المسلمين أمر دينهم وعن طريقهم أسلم الكثير من البربر نتيجة لهذه الغزوة (¬5). وقد ذكر أن عثمان - رضي الله عنه - أرسل مصحفا إماما إلى أهل المغرب وكان محفوظا في بيت الحكمة القيرواني (¬6). ثم ازداد النشاط العلمي بغزوة ابن حديج سنة 45 هـ، وذلك لطول مدتها التي دامت أربع سنوات مع مافيها من الصحابة، وقد أدى ذلك إلى دخول كثير من البربر في الإسلام، ثم ترسخ ذلك كله بتأسيس القيروان حتى قال المالكي: فشد إليها الناس المطايا من كل مكان وعمرت بفضلاء الناس من الفقهاء والمحدثين والمتطوعين والعابدين والنساك والزاهدين وأعز بها الإسلام وأهله ودمغ بها أهل النفاق والأهواء والشك والضلالة. ¬

(¬1) مناقب أبي إسحق الجبنياني 60، 61، حسن البيان 189. (¬2) المؤنس ص: 20. (¬3) انظر حسن البيان 189. (¬4) الطبقات 15. (¬5) انظر النجوم الزاهرة 1/ 85، تاريخ الإسلام 2/ 79. (¬6) انظر رحلة العبدري 65.

ثم كانت نقطة الانطلاقة بالقيروان إنشاء جامعها الذي كان مسرحا لتدريس العلم على يد الصحابة والتابعين الذين قدموا مع عقبة، ومنهم عبد الله بن عمر الذي روى عنه يزيد بن قاسط الإفريقي، وميسرة الزرودي وجاء قوم إليه وهو بإفريقية فلما أرادوا فراقه قالوا: زودنا منك حديثا ننتفع به (¬1)، ولا يخفى تضلع ابن عمر في التفسير واهتمامه به. وقد قام عقبة ببناء عدة مساجد بالمغربين الأقصى والأوسط، والتي كانت بلا شك مراكز تعليمية وترك صاحبه شاكرا في بعض مدن المغرب الأوسط لتعليم البربر الإسلام (¬2)، وقد وصل عدد المساجد بالقيروان وغيرها في عصر ازدهارها ثلاثمائة مسجد (¬3)، ثم جاء بعده حسان بن النعمان الذي خصص ثلاثة عشر فقيها من التابعين، ليعلم البربر العربية والفقه ومبادىء الإسلام (¬4). وثبت أن عكرمة مولى ابن عباس لم يدخل إفريقية غازيا، وإنما دخلها لنشر العلم وكانت دروسه في الحديث والتفسير في جامع عقبة في مجلس بمؤخرة الجامع يقصده الطلاب فيه (¬5). ثم ما كان من موسى بن نصير حيث أمر العرب أن يعلموا البربر القرآن، وأن يفقهوهم في الدين وترك في المغرب الأقصى سبعة وعشرين فقيها لتعليم أهله (¬6). وقد بدأت الكتاتيب لتعليم النشء المسلم منذ عهد مبكر في تلك المنطقة الإسلامية الجديدة، فعن غياث بن شبيب أنه قال: كان سفيان بن وهب صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمر بنا ونحن غلمة بالقيروان ويسلم علينا ونحن في الكتاب وعليه عمامة قد أرخاها من خلفه (¬7)، وكانوا يتعلمون في تلك الكتاتيب الحديث الشريف والسنن بالإضافةلحفظ القرآن وتعلم إعرابه وترتيله والشكل ¬

(¬1) انظر طبقات أبي العرب 91، 93، الرياض 1/ 137. (¬2) انظر البيان المغرب 1/ 27. (¬3) انظر بساط العقيق 17. (¬4) انظر الخلافة والخوارج 38. (¬5) انظر طبقات أبي العرب 19، الرياض 1/ 146. (¬6) انظر البيان 1/ 42، 43، تاريخ ابن خلدون 1/ 136. (¬7) انظر الرياض 1/ 91، المعالم 1/ 151، الإصابة 2/ 56، الاستيعاب 2/ 66، أسد الغابة 2/ 323.

المطلب الثاني: الأوضاع في المنطقة بعد الفتح الإسلامي وحتى بداية الاحتلال الفرنسي وتأثير ذلك على الناحية العلمية

والهجاء، والخط الحسن والدعاء والتدرب على الخطابة، وتعلم الوضوء والصلاة (¬1). المطلب الثاني: الأوضاع في المنطقة بعد الفتح الإسلامي وحتى بداية الاحتلال الفرنسي وتأثير ذلك على الناحية العلمية: لقد شهدت منطقة غرب إفريقية بعد الفتح الإسلامي تقلبات سياسية واجتماعية وفتنا خارجية وانتفاضات متعددة كان لها كبير الأثر في الحياة العلمية، وسوف أتحدث عن ذلك بإيجاز. أولا: عصر الولاة (96 هـ - 184 هـ) (¬2) وقيام دولة الأدارسة الأولى في المغرب الأقصى: ويطلق عصر الولاة على فترة مابين انتهاء زمن الفتح وحتى قيام الدولة الأغلبية، وكان حكام هذه الفترة لمنطقة المغرب والأندلس يعينون من قبل الخليفة إلى أن استقل بالأندلس عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك سنة 137 هـ. وامتازت بداية هذا العصر بالترابط بين العرب وإخوانهم البربر المسلمين الذين أقبلوا في شغف على تعلم الدين الجديد، وانضموا إلى الجيش ¬

(¬1) انظر آداب المعلمين 102، 112. (¬2) انظر أعمال الأعلام 8 - 11، الحلة السيراء 2/ 335 - 341، 358 - 362، الخلاصة النقية 12 - 23، نهاية الأرب 24/ 53 - 99، تاريخ الأمم والملوك 4/ 254 تاريخ المغرب العربي 1/ 367 - 371، خلاصة تاريخ تونس 63 - 75، الاستقصا 1/ 100 - 136، الكامل 4/ 222 - 224، 278، 5/ 26، 31 - 33، 85، 94 - 96، 103 - 105، تاريخ الرقيق 93 - 205، النجوم الزاهرة 1/ 245، 294 - 295، فتوح مصر وأخبارها 213 - 225، العبر 4/ 188 - 195، إتحاف أهل الزمان 1/ 87 - 92، المغرب الكبير 2/ 288 - 314، 331 - 365، القيروان 44 - 54، الشجرة 2/ 108 - 112، تاريخ الإسلام 5/ 27 - 36، بساط العقيق 55 - 59، البيان المغرب 1/ 47 - 90، حسن البيان 179 - 194، 211 - 220، معالم تاريخ المغرب 57 - 77، المؤنس 38.

الإسلامي وحدثت بينهم المصاهرات، وكثر بناء المساجد والكتاتيب في سائر بلاد إفريقية، وأخذ أهل مدنها يقلدون العاصمة الإسلامية حتى في طرازها المعماري، وانتشرت الثقافة الإسلامية بين البربر ولا غرابة في كل هذا فإن أول الولاة وهو محمد بن يزيد القرشي (96 هـ - 99 هـ) قد استقر في إفريقية بأحسن سيرة وأعدلها، وكان يقسم مايصيبه من غنائم على المسلمين من البربر والعرب على السواء (¬1). ورحل في تلك الفترة خالد بن أبي عمران بمسائل للمسلمين الأفارقة ليسأل عنها التابعين في المشرق فدون عن سالم بن عبدالله بن عمر، والقاسم بن محمد بن أبي بكر وعن سليمان بن يسار كتابا كبيرا رواه أهل القيروان (¬2). ثم قدم إسماعيل بن أبي المهاجر (99 هـ - 101 هـ) واليا من قبل الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز، فكان خير وال لخير أمير، ومازال حريصا على دعاء البربر إلى الإسلام فأسلم بقية البربر على يديه (¬3)، وكان زاهدا متواضعا من كبار العباد فأقبل عليه البربر المسلمون يسمعون منه حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويتعلمون، وأرسل معه عمر بن عبد العزيز تسعة من ثقات التابعين وعلمائهم (¬4)، لتفقيه أهل إفريقية ونشر العلم في ربوعها، وكانوا أهل علم وفضل اختط كل منهم دارا بالقيروان، وبنى مسجدا وكتابا (¬5) لتعليم البربر وأبنائهم اللغة العربية ومبادىء الإسلام، وقد وصف كل منهم بأنه انتفع به أهل إفريقية وبث فيها علما كثيرا (¬6). وكتب عمر بن عبد العزيز إلى عموم البربر كتبا يدعوهم فيها إلى الإسلام ¬

(¬1) انظر البيان المغرب 1/ 47، المغرب الكبير 2/ 289، الاستقصا 1/ 100، الحضارة المغربية عبر التاريخ ص: 105. (¬2) طبقات أبي العرب 235، 236، الرياض 1/ 163. (¬3) تاريخ الرقيق 97، وانظر: إتحاف أهل الزمان 1/ 87 تاريخ ابن خلدون 4/ 187. (¬4) وهم بكر بن سوادة وجعثل بن عاهان وحبان بن جبلة وسعد بن مسعود وطلق بن جعبان وعبد الرحمن بن رافع وعبد الله بن المغيرة وعبد الله بن يزيد وموهب بن حي. (¬5) ورقات 1/ 87. (¬6) الرياض 1/ 100، وانظر المعالم 1/ 180.

فقرأها إسماعيل عليهم في النواحي فغلب الإسلام على المغرب (¬1). وقد استقر هؤلاء التابعون بالقيروان حتى عدوا من أهلها، فقد اعتبرهم المالكي الطبقة الأولى من علماء القيروان (¬2)، ومنهم من زادت إقامته بها على ثلاثين عاما (¬3)، وهم في كل ذلك لايفترون عن القيام بمهمة نشر العلم بإفريقية فكان المغاربة لذلك في صدر الإسلام على مذهب جمهور السلف من الأئمة واعتقادهم وهو المذهب الحق (¬4)، ولكن توقف هذا المد العلمي مع وفاة عمر بن عبد العزيز سنة 101 هـ حيث سارع يزيد بن عبدالملك بعزل إسماعيل بن أبي المهاجر وتولية يزيد بن أبي مسلم كاتب الحجاج وصاحب شرطته (¬5)، وكان ظلوما غشوما أساء السيرة في البربر، ووضع الجزية على من أسلم من أهل الذمة متبعا سيرة الحجاج في أهل العراق، وكان حرسه أكثرهم منهم فوسم كل امرىء منهم على يده (حرسي) كما تفعل ملوك النصارى فأنكروا ذلك وملوا سيرته فدب بعضهم إلى بعض وتضافروا على قتله وقالوا جعلنا بمنزلة النصارى فخرج ذات عشية لصلاة المغرب فقتلوه في مصلاه (¬6). وتولى بعده بشر بن صفوان الكلبي ثم عبيدة بن عبدالرحمن السلمي فكان همهما الغزو ولم يؤثر عنهما اهتمامهما بالعلم إلا أن الثاني ظلم البربر وتعسف في معاملتهم فحنقوا عليه. ثم قدمها عبيد الله بن الحبحاب سنة 116 هـ فأغزى عبدالرحمن بن حبيب ابن أبي عبيدة بن عقبة بن نافع الفهرى السوس وأرض السودان فظفر ظفرا لم ير أحد مثله قط وأصاب جاريتين من النساء من هناك ليس للمرأة منهن إلا ثدى واحد وهم يسمون تراجان (¬7). ¬

(¬1) فتوح البلدان ص: 233. (¬2) الرياض 1/ 99. (¬3) مثل بكر بن سوادة الجذامي توفي بها سنة 128 هـ جذوة المقتبس 196. (¬4) الاستقصا 1/ 136. (¬5) لما تولى عمربن عبدالعزيز الخلافة سمع أن يزيد خرج في بعض جيوش المسلمين فأمر برده وقال: لأني لأكره أن أستنصر بجيش هو منهم الاستقصاء1/ 102. (¬6) انظر فتوح البلدان ص: 233، البيان المغرب 1/ 48، وانظر عن سوء سيرته تاريخ ابن خلدون 4/ 187، النجوم الزاهرة 1/ 245، الاستقصا 1/ 102، 103، إتحاف أهل الزمان 1/ 88. (¬7) فتوح البلدان ص: 233.

وأتم بناء جامع الزيتونة ودار الصناعة بتونس وغزا صقلية وجنوب الصحراء، إلا أنه استجاب لمطامع رؤسائه بالمشرق فإنهم كانوا يستحبون طرائف المغرب ويبعثون فيها إلى عمال إفريقية فيرسلون لهم البربريات السنيات فلما أفضى الأمر إلى ابن الحبحاب مناهم بالكثير وتكلف لهم أو كلفوه أكثر مما كان فاضطر إلى التعسف وسوء السيرة (¬1)، فظلم البربر المسلمين وكلفهم مالا يطيقون وتعدى على أموالهم وأساء عماله السيرة وخاصة عمر بن عبدالله المرادي عامل طنجة فإنه تعدى في الصدقات والعشر وأراد تخميس البربر وزعم أنهم فيء للمسلمين، وذلك مالم يرتكبه عامل قبله وإنما كان الولاة يخمسون من لم يجب إلى الإسلام فكان فعله الذميم هذا سببا لنقض البلاد ووقوع الفتن العظيمة (¬2). واشتد استياء البربر المسلمين من هذه الأفعال القبيحة، ورأوا التناقض الصارخ بين تعاليم الإسلام وبين سلوك هؤلاء العمال، وأصبحت عندهم قابلية للتمرد في الوقت الذي فشت فيه النزعة الخارجية في إفريقية والمغرب، ونادى أصحابها بشعارات خادعة ظاهرها فيه بعض الحق وباطنها ينطوي على شر عظيم كالمساواة بين المسلمين ووجوب الخروج على الحكام الظلمة وغيرها، فصادف ذلك هوى في نفوس البربر وتحمس كثير منهم لما نادى به دعاة الخوارج، إلا أنهم لم يعلنوا التمرد والعصيان إلا بعد أن يئسوا من إمكانية تبليغ صوتهم بالشكوى إلى الخليفة وفي ذلك يقول الطبري: فمازال بربر إفريقية من أسمع أهل البلدان وأطوعهم إلى زمان هشام بن عبدالملك فلما دب إليهم دعاة العراق واستثاروهم شقوا عصاهم وفرقوا بينهم إلى اليوم، وكان من سبب تفريقهم أنهم ردوا على أهل الأهواء فقالوا: إنا لانخالف الأئمة بما تجني العمال ولا نحمل ذلك عليهم. فقالوا لهم: إنما يعمل هؤلاء بأمر أولئك فقالوا لهم: لانقبل ذلك حتى نبورهم (أي نختبرهم) فخرج ميسرة المطغري زعيم الصفرية في بضعة عشر إنسانا حتى يقدم على هشام ¬

(¬1) البيان المغرب 1/ 52، وانظر الخلافة والخوارج 60. (¬2) البيان المغرب 1/ 52، وانظر تاريخ ابن خلدون 4/ 189، الاستقصاء 1/ 106.

فطلبوا الإذن فصعب عليهم فأتوا الأبرش وزير هشام بن عبد الملك فقالوا: أبلغ أميرالمؤمنين أن أميرنا يغزو بنا وبجنده فإذا أصاب نفلهم دوننا وقال: تقدموا وأخر جنده فقلنا: تقدموا فإنه ازدياد في الأجر ومثلكم كفى إخوانه. ثم إنهم عمدوا إلى ماشيتنا فجعلوا يبقرونها على السخال يطلبون الفراء الأبيض لأمير المؤمنين فاحتملنا ذلك، ثم إنهم سامونا أن يأخذوا كل جميلة من بناتنا فقلنا: لم نجد هذا في كتاب ولاسنة ونحن مسلمون، فأحببنا أن نعلم عن رأي أمير المؤمنين ألهم ذلك أم لا؟ قال: نفعل فلما طال عليهم ونفدت نفقاتهم كان وجههم إلى إفريقية فخرجوا على عامل هشام فقتلوه واستولوا على إفريقية (¬1). وقد ظهرت فرقة الخوارج إثر التحكيم بين علي ومعاوية في موقعة صفين كما تذكر ذلك المصادر المعنية وقد قاتلهم علي - رضي الله عنه - فشتت الله شملهم حتى انقسموا إلى عشرين فرقة (¬2). ولم يدخل المغرب من هذه الفرق إلا فرقتان الأولى الإباضية وتنسب إلى عبد الله بن إباض المري وأول من أدخلها إلى القيروان سلمة بن سعد الحضرمي (¬3) وعنه فشت في قبائل المغرب ثم تم إرسال بعثة إلى البصرة بالعراق درسوا لمدة خمس سنوات على يد مسلم بن أبي كريمة زعيم الإباضية وسموا طلبة العلم وبعد رجوعهم تفرقوا في القبائل ناشرين أفكارهم. والفرقة الثانية هي الصفرية: وتنسب على الأرجح إلى زياد بن الأصفر (¬4)، وقد ذكرت بعض المصادر أن أول من أدخلها إفريقية عكرمة مولى ابن عباس (¬5)، وبعضها لم يذكر ذلك عنه (¬6)، والأرجح براءته من ذلك ثم تولى ¬

(¬1) تاريخ الطبري 4/ 254، 255، وانظر الكامل 3/ 45. (¬2) انظر عن الخوارج في إفريقية وغيرها: الاستقصا 1/ 107 - 108، الخلافة والخوارج 20 - 135، الصراع المذهبي 194 - 197، الفرق الإسلامية 140 - 151، الخوارج في بلاد المغرب 14 - 95. (¬3) انظر الخوارج في بلاد المغرب 46، النظم الاجتماعية 16. (¬4) انظر الفرق بين الفرق 90، دائرة المعارف 14/ 229. (¬5) انظر الخوارج في بلاد المغرب 46، التهذيب 7/ 267. (¬6) انظر الرياض 1/ 146، طبقات أبي العرب 19.

زعامة الصفرية بالمغرب بعد ذلك ميسرة المطغري وسوف يأتي تحرير القول في عكرمة عند ترجمته في المفسرين. وهكذا اندلعت بإفريقية والمغرب ثورات لا نهاية لها، ابتدأت سنة 122 هـ وهي أول ثورة في إفريقية في الإسلام (¬1) وتضافرت جهود الإباضية والصفرية للإطاحة بحكومة القيروان، وأصبح هم الخليفة بالمشرق القضاء على هذه الثورات فكان يرسل الجيش تلو الاخر، وقد ذكروا أن هذه الحروب منذ أن استعرت إلى أن تم القضاء عليها، في عهد يزيد بن حاتم سنة 156 هـ بلغت 375 موقعة (¬2) ذهب ضحيتها آلاف القتلى، وقد شارك فيها العلماء مقاتلين وواعظين، فقد استنجد حنظلة بن صفوان بمن تبقى من بعثة عمر بن عبدالعزيز لما ثارت عليه الخوارج (¬3) وقد دامت هذه الحروب أكثر من ثلاثين سنة تمكن الخوارج خلالها من الاستيلاء على القيروان مرتين حيث استولى عليها الصفرية سنة 140 هـ لمدة سنة وشهرين وربطوا دوابهم في المسجد الجامع، وقتلوا كل من كان فيها من قريش وعذبوا أهلها ثم وليها بعدهم الإباضية لمدة سنتين (¬4). وقد تسببت هذه الحروب في تعطيل الحركة العلمية وانشغل الناس عن الطلب، حتى قال الإمام سحنون عن هذه الفترة: كان من يحمل العلم يبقى في صدره لايسألونه عنه فيموت به مثل عبدالرحمن بن زياد بن أنعم (ت 161 هـ) بقي العلم في صدره لاينشر عنه ولايعرف (¬5) ومع ذلك فقد وجد من اهتم بطلب العلم من أهل إفريقية وبرع فيه منذ هذا الوقت المبكر إلا أنهم قلائل مثل: جميل بن كريب المعافري (ت 139) (¬6) وزيد بن الطفيل الذي كان يرأس في هذا العهد حلقة عظيمة بجامع عقبة (¬7)، وعبدالله بن فروخ الذي ¬

(¬1) انظر البيان المغرب 1/ 52، تاريخ الرقيق 109. (¬2) ابن خلدون 6/ 113. (¬3) انظر تاريخ الرقيق 120، الرياض 1/ 103، وقد استشهد أبو كريب قاضي القيروان وجماعة كثيرة من العلماء في قتال الصفرية سنة 139 هـ (المعالم 1/ 229). (¬4) البيان المغرب 1/ 70 - 71. (¬5) طبقات أبي العرب 100. (¬6) انظر: الرياض 1/ 168، المعالم 1/ 224. (¬7) انظر الرياض 1/ 172.

رحل إلى المشرق، وبرع في الحديث والفقه، ثم عاد إلى القيروان فأقام بها يعلم الناس العلم، ويحدثهم بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى انتفع به كثير (¬1) وهو أول من أدخل مذهب أبي حنيفة المغرب حيث دون عنه أكثر من عشرة آلاف مسألة (¬2) كما أنه سمع من الإمام مالك بن أنس، ومن سفيان الثوري والأعمش وابن جريج وهم من أعلام المفسرين. وكان للخوارج نشاط علمي على مذهبهم، وقاموا بكتابة العديد من المصنفات فمن أكبر علماء الإباضية محمد بن أفلح وأبو خرز الحامي، ولهما مؤلفات عديدة في اعتقادهم (¬3)، وسوف أقدم دراسة لتفسير هود بن محكم وهو من الإباضية الذين نشروا العلم بتاهرت التي أسسوا فيها دولتهم، كما سيأتي. وفي أول عهد يزيد بن حاتم (155 هـ - 170 هـ) ركدت ريح الخوارج من البربر وتداعت بدعتهم إلى الاضمحلال (¬4)، فالتفت إلى الناحية العمرانية ورتب أسواق القيروان، وأفرد لكل صناعة مكانا وجدد بناء الجامع وانتعشت الحياة العلمية في عهده (¬5) لطول فترة حكمه مع الهدوء والاستقرار وقلة الحروب وكذا الحال في عهد خلفه إلا ما كان من ثورة بعض الجند وخاصة في عهد محمد بن مقاتل العكي (181 هـ - 184 هـ) الذي كان سيىء السيرة حتى إنه ضرب عابد القيروان البهلول بن راشد (ت 183 هـ) وحبسه ظلما (¬6)، ولما اختلت عليه الأمور عزله هارون الرشيد سنة 84 هـ، وبذلك انتهى عصر الولاة ليبدأ العهد الأغلبي، كما سيأتي. وفي الحقبة الأخيرة من هذا العصر نشطت الرحلة إلى المشرق (¬7)، وعاد ¬

(¬1) انظر المعالم 1/ 239، الرياض 1/ 177. (¬2) الرياض 1/ 180. (¬3) انظر المدارس الكلامية بإفريقية 144، 146. (¬4) انظر الاستقصاء 1/ 133، العبر 6/ 113. (¬5) انظر تاريخ المغرب العربي 1/ 367، ورقات 1/ 162. (¬6) البيان المغرب 1/ 89. (¬7) انظر كمثال: المدارك 1/ 192، البيان المغرب 1/ 79، الشجرة 1/ 60، الرياض 1/ 234.

الطلاب الأفارقة بعلم مالك (ت 179 هـ) وكان أول من أدخله علي بن زياد حيث روى الموطأ لأهل إفريقية وفسر لهم قول مالك فأقبلوا عليه إقبالا منقطع النظير لاعتماده على الحديث لا سيما على رواية أهل المدينة وهم الصفوة من الصحابة والتابعين، الذين تعود أهل إفريقية على طريقتهم في العلم والتعلم بعيدا عن المسائل الكلامية التي جرت عليهم الويلات (¬1). ثم انتشر مذهب مالك وتسارع أهل إفريقية إلى الأخذ عنه مباشرة، حتى وصل الرواة عنه من أهل إفريقية إلى أكثر من ثلاثين تلميذا (¬2)، ويعتبر الإمام مالك من أوائل الذين صنفوا في تفسير القرآن، وقد نقل ابن العربي جزءا من تفسيره في كتابه القبس (¬3)، وكتب عبد الله بن فروخ إلى الإمام مالك إن بلدنا كثير البدع وأنه ألف كلاما في الرد عليهم فنهاه الامام مالك عن ذلك، خشية أن يكون ذلك سببا لإظهار طريقة الجدل بإفريقية فأراد حسم الباب (¬4). وكان أسد بن الفرات مع نشاطه في رواية الحديث والفقه يلقي التفسير أيضا إذ كان يسمع الطلاب تفسير المسيب بن شريك الذي دخل به إلى إفريقية وله مجالس في ذلك (¬5). ورحل موسى بن معاوية الصمادحي إلى المشرق، وسمع بمكة من سفيان بن عيينة صاحب التفسير المشهور، وسمع أيضا من وكيع بن الجراح بالعراق خمسة وثلاثين ألف حديث، وأخذ عنه مصنفه ورواه في القيروان وكما هو معلوم فإن وكيعا صاحب تفسير مسند ولاشك في دخول مرويات هذا التفسير أو جزء كبير منها في هذه الروايات (¬6). كما كان لعلي بن زياد شرف إدخال جامع سفيان الثوري الكبير وجامعه الأوسط إلى إفريقية (¬7). وقد دخل في تلك الحقبة مذاهب اندثرت بعد ذلك، وهي مذهب ¬

(¬1) انظر الرياض 1/ 234، أعلام الفكر الإسلامي 383، موطأ ابن زياد 30، 31. (¬2) انظر المعالم 2/ 83. (¬3) انظر على سبيل المثال ق: 131 مكرر. (¬4) انظر الرياض 1/ 177. (¬5) الرياض 1/ 265، المدارك 1/ 474. (¬6) انظر التقريب 1/ 312، سير أعلام النبلاء 12/ 109، المحن 85، المعالم 2/ 52، الرياض 1/ 377، فهرس ابن عطية 64. (¬7) طبقات أبي العرب 251، المدارك 3/ 326، الإكمال 1/ 524.

الأوزاعي وقد روى عنه بعض أهل القيروان (¬1) ومذهب الليث بن سعد، ومذهب سفيان الثوري وقد روى عنه كثير من أهل القيروان وسمعوا منه جامعيه الكبير والصغير، وكان بعضهم يميل إلى رأيه (¬2) ولايخفى اشتغال الأخير بالتفسير وتصنيفه فيه وليس ثمة شك في وصول تفسيره إلى المغرب رواية عنه. وبذلك ازدهرت الحياة العلمية من جديد، وفشت في القيروان رواية الحديث وكثر العلماء والفقهاء، فعن ابن غانم (ت 190 هـ) أنه انصرف يوما من جامع القيروان بعد صلاة الجمعة فسأل بعض أصحابه: حضرت اليوم الجامع؟ قال نعم قال كيف رأيت؟ قال رأيت أصلحك الله به سبعين قلنسوة تصلح للقضاء، وثلاثمائة قلنسوة فقيه فترجع ابن غانم وقال مات الناس (¬3). وفي تلك الحقبة فر إدريس بن عبد الله بن حسن بن الحسن بن علي إلى مصر بعد معركة فخ، التي دارت بين آل البيت وبين العباسيين ومعه مولاه راشد، ثم توجه إلى المغرب، فدخل القيروان ثم تلمسان ثم توجه إلى طنجة، ثم رجعا إلى أوليلي سنة 172 هـ، حيث استقبلته قبيلة أوزنة بالحفاوة والترحيب لما عرفهم بنفسه وعلى رأسها أميرها عبدالحميد الأوربي المعتزلي فبايعوا جميعا إدريس بن عبد الله وخلع عبدالحميد طاعة بني العباس، والتفت حوله قبائل البربر من صنهاجة ولمتونة والملثمون في إقليم شنقيط وانضمت إليه قبائل زناتة وزواغة ولمايه ولواتة وسدراته وغياثه ومكناسة وغيرها، ولما استوثق له الأمر زحف على القبائل التي لم تعترف به وعلى اليهود والنصارى والمجوس فأسلموا على يديه ثم اتجه إلى الشرق وغزا تلمسان وقبائل مغراوة فبايعته ثم عاد إلى أوليلي (¬4) فدبر له الرشيد ¬

(¬1) الرياض 1/ 247. (¬2) انظر الرياض 1/ 201، طبقات أبي العرب 52، 251، ورقات 1/ 73، الحياة الاجتماعية 72. (¬3) المعالم 183وانظر بساط العقيق 57. (¬4) انظر الطبري 5/ 27، الكامل 6/ 90، المختصر في أخبار البشر 2/ 11 زهرة الآس ص: 9، الولاة والقضاة ص: 131، جذوة الاقتباس ص: 8، أعمال الأعلام ص: 1900، موريتانيا بلاد شنقيط ص: 9، 10، الدر النفيس في مناقب إدريس.

ثانيا: عصر الدولة الأغلبية في المغرب الأدنى (184 هـ - 296 هـ) ودولتي الخوارج (المدرارية، الرستمية) في المغرب الأوسط ودولة الأدارسة في المغرب الأقصى

مكيدة لقتله وأرسل له سليمان بن جرير الذي تمكن من التقرب إليه وسمَّه (¬1). ولم يخلف إدريس إلا جاريته كنزة وهي حامل فانتظروا ولادها فأنجبت إدريس الثاني فربوه وعلموه حتى بلغ الحادية عشرة فبويع له سنة 186 هـ وتم كل ذلك بمشورة راشد مولى إدريس الأول الذي عين وصيا على العرش وقد جاء الناس لمبايعته من مختلف أصقاع المغرب بل ومن إفريقية أيضا (¬2). ثانيا: عصر الدولة الأغلبية في المغرب الأدنى (184 هـ - 296 هـ) (¬3) ودولتي الخوارج (المدرارية، الرستمية) في المغرب الأوسط ودولة الأدارسة في المغرب الأقصى: نظرا لكثرة الفتن والانتفاضات في إفريقية كما تقدم، لم تجد حكومة الخلافة بدا من أن تعهد بحكم البلاد لعائلة من عرب إفريقية تكفيهم مؤونة تلك الفتن التي طالما شغلتهم، ويكون لها حرية التصرف داخل البلاد مع التبعية لدولة الخلافة فكان أن كلف الرشيد بهذه المهمة إبراهيم بن الأغلب بن سالم التميمي الذي كان يتمتع بشجاعة نادرة، وثقافة عالية بالإضافة إلى معرفته بشؤون إفريقية فإن أباه الأغلب قد تولى حكم القيروان (148 هـ - 150 هـ) كما كان هو عاملا على الزاب. لقد دامت الدولة الأغلبية (¬4) بإفريقية مايزيد عن قرن من الزمان، يعتبر ¬

(¬1) انظر العبر 4/ 13، أعمال الأعلام ص: 194، الاستبصار ص: 195، صبح الأعشى 5/ 180. (¬2) انظر الدرر السنية ص: 80. (¬3) البيان المغرب 1/ 90 - 138، إتحاف أهل الزمان 1/ 120 - 119، خلاصة تاريخ تونس 78 - 91، العبر 4/ 196 - 206، نهاية الأرب 24/ 100 - 153، الشجرة 2/ 118 - 112، الكامل 5/ 204 - 105، 141، 184 - 186، 215، 252 الخلاصة النقية 24 - 35، الحلة السيراء 1/ 613، 179، أعمال الأعلام 14 - 45، تاريخ المغرب العربي 2/ 27 - 183، تاريخ الرقيق 212 - 233، الدولة الأغلبية (كاملا)، المجتمع التونسي على عهد الأغالبة 19 - 21، القيروان 65 - 80، مقدمة طبقات أبي العرب 7 - 12، معالم تاريخ المغرب 83 - 100، الأغالبة وسياستهم الخارجية (كاملا). (¬4) انظر تراجم بعض رجالها في الأعلام 1/ 28، 33، 49.

من أزهى عصور هذه البلاد في المجال العلمي، وفي مجال الحضارة والعمران والأمن والاستقرار وازدهرت الحياة الاقتصادية ازدهارا كبيرا خلا ما كان في عهد إبراهيم ابن أحمد (¬1). واستطاعت الدولة أن تتخلص من فتن الخوارج، حيث أسس الصفرية دولتهم (المدرارية) بسلجماسة (¬2) (140 هـ - 296 هـ) وأسس الإباضية دولتهم (الرستمية) بتيهرت الجديدة (¬3) (161 هـ - 297 هـ) واهتمت كل من الدولتين بشؤونها الداخلية ومالتا إلى السلامة غالبا إذا استثنينا بعض المحاولات الفاشلة التي لم تشكل خطرا على الأغالبة (¬4). وأما الوضع مع الأدارسة فكان أن وجه إبراهيم بن الأغلب إلى راشد من يقتله فلم يغن قتله شيئا وسرعان ماعين وصي آخر وهو أبو خالد يزيد ابن إلياس العبدي الذي أخذ بيعة جديدة للملك اليافع وانتشر صيته، وقدمت عليه الوفود من إفريقية والأندلس فأجزل لهم العطاء واستوزر واستكتب منهم ثم عزم على بناء مدينة جديدة، يقيم فيها هو وخاصته وجيشه فكان بناء مدينة فاس فبنى عدوة الأندلس سنة 192 هـ وعدوة القرويين سنة 193 هـ وبنى جامع الشرفاء بعدوة القرويين وجامع الأشياخ بعدوة الأندلس (¬5). ثم تمكن إدريس من محو دعوة الخوارج وغزا بعض المناطق، التي كانت تحت وطأة الكفار ثم توفي سنة 213 هـ (¬6). ثم تولى محمد بن إدريس الأمر وقسم المملكة إلى ولايات وضع على رأس كل ولاية منها واحدا من إخوته واحتفظ لنفسه بفاس وحدث بينه وبين بعض إخوانه قتال انتهى بانتصاره، وتوفي محمد بن إدريس سنة 221 هـ، وتولى بعده ولده علي بن محمد الذي توفي بدوره سنة 234 هـ، وعهد لأخيه يحيى بالأمر من بعده، فعرف بحسن السيرة والتمسك بالدين ومقاومة البدع ¬

(¬1) انظر الرياض 1/ 411، البيان المغرب 1/ 119، 120. (¬2) انظر البيان 1/ 317، الخوارج في بلاد المغرب 112. (¬3) انظر البيان المغرب 1/ 317، الخوارج في بلاد المغرب 144. (¬4) الأغالبة ص: 99، 101. (¬5) الملوك الأدارسة لمؤلف مجهول (مطبوع ضمن دولة الأدارسة ص: 298) وقد حدث خلاف فيمن أسس مدينة فاس ينظر له بالتفصيل دولة الأدارسة ص: 87 - 103. (¬6) انظر الحلة السيراء 531، العبر 4/ 14.

وازدهرت الثقافة في عصره، وقصد الناس مدينة فاس من الأندلس وإفريقية وفي أيامه بني أهم آثار فاس والمغرب الأقصى كله جامع القرويين ومسجد الأندلس سنة 245 هـ. ولما هلك يحيى تولى الأمر من بعده ابنه يحيى بن يحيى وقد عرف بسوء السيرة والشراب والنساء وترك الحكم بفضيحة، تولى بعدها الأمر والد زوجته علي بن عمر بن إدريس (¬1) وكان فقيها عارفا بالحديث وصارت بينه وبين الخوارج وقائع، استولى بعدها عبد الرزاق الفهري على فاس حتى انتزعها منه يحيى بن القاسم، ولم يزل ملكا على فاس وأعمالها حتى اغتاله الربيع بن سليمان سنة 292 هـ، وتولى الأمر يحيى بن إدريس بن عمر. وكان يحيى بن إدريس رجلا صالحا حافظا للحديث وفي عهده اختط عبيد الله الباطني المهدية، وهزم يحيى وفرض سلطانه على المغرب الأقصى - كما سيأتي - فكانت نهاية دولة الأدارسة الأولى (¬2). وهناك نوع آخر من الثورات عرفه العهد الأغلبي، وقد تمثل في الثورات المتتالية التي قام بها قادة الجند الذين رأوا لأنفسهم حقا في مشاطرة الأغالبة الحكم، وكان منبت هذه الثورات في تونس غالبا وأحيانا في طرابلس وأخطرها ثورة عمران بن مجالد الربعي سنة 194 هـ وهو قائد إبراهيم بن الأغلب ووزيره، وقد تمكن من الاستيلاء على القيروان لمدة سنة كاملة قبل أن ينجح إبراهيم في إخماد ثورته كما ثار على زيادة الله ابن إبراهيم (201 هـ - 223 هـ) كبير قادته منصور بن نصر الطنبذي سنة 209 هـ، وتمكن من السيطرة على معظم إفريقية واستولى قادة الجيش على المدن، ولم يتمكن زيادة الله من إعادة الأمور إلى نصابها إلا بعد أربعة أعوام (سنة 213 هـ) وأما الثورات الأخرى فلم تكن ذات بال وبذلك تمكن أمراء الأغالبة من تمهيد البلاد واهتموا بالغزو الخارجي، ففتحوا صقلية (212 هـ) ومالطة وسردانية وسرقوسة (264 هـ) حتى وصلوا إلى روما (¬3). كما اعتنى الأغالبة بالناحية العمرانية فأسسوا عدة مدن كالعباسية (185 هـ) ¬

(¬1) انظر العبر 4/ 15، أعمال الأعلام 207 - 208. (¬2) انظر الاستقصاء 1/ 166، الدرر السنية ص: 56، أعمال الأعلام ص: 210، صبح الأعشى 5/ 182، العبر 6/ 134. (¬3) ورقات 2/ 114.

ورقادة (263 هـ)، وبنوا المحارس والحصون وقصور الرباط ومواجل المياه، وعرفت في عهدهم المكتبات العامة، وحبست فيها المصنفات على طلبة العلم (¬1). وظهر مذهب الاعتزال بإفريقية بصورة واضحة في عهد الأغالبة والأدارسة والاعتزال تعود نشأته إلى الاختلاف الواقع بين واصل بن عطاء والحسن البصري حول مرتكب الكبيرة، فاعتزل واصل مجلس الحسن وأظهر القول بأنه في منزلة بين منزلتي الكفر والإيمان ودعا إلى بدعته، وكان مبعوثه إلى إفريقية عبد الله بن الحارث الذي دخلها في بداية القرن الثاني (¬2) ثم تبنى الفكر الاعتزالي بعض ولاة الأغالبة، وتمكن المعتزلة من الوصول إلى القضاء مرتين بالقيروان وامتحنوا أهل السنة في مسألة القول بخلق القرآن وكانوا يدرسون نظرياتهم في جامع عقبة وسبق تبني بعض حكام الأدارسة للفكر الاعتزالي (¬3)، وقد قاوم الشعب الإفريقي الاعتزال أشد المقاومة، وصدرت الفتاوى عنهم والمؤلفات في الرد عليهم، ومازال أمرهم في تناقص حتى زال كلية من إفريقية، بعد قيام دولة بني عبيد (¬4). وقد وصف عامة أمراء الأغالبة الأحد عشر، بحسن السيرة، والإحسان إلى الرعية (¬5) إلا ما كان من عبدالله بن إبراهيم (196 هـ - 201 هـ) الذي فرض إخراج العشر من الحبوب مالاً، فسخط عليه الناس ورفضه الفقهاء، ودعوا عليه فمات بسبب دعوتهم (¬6) ويمثل عصر الاستبداد في العهد الأغلبي إبراهيم بن أحمد بن محمد بن الأغلب (261 هـ - 289 هـ)، فقد فسد فكره بعد مدة من حكمه، وأتى بمنكرات لايفعلها عاقل منها أن قتل ابنه وبناته الست عشرة وثلاثمائة من خدمه، كما قتل كتابه وحجابه وثمانية من إخوته وله طرق بشعة ¬

(¬1) المكتبة الأثرية ص: 8، 14 سجل قديم 339. (¬2) انظر المدارس الكلامية ص: 162، الصراع المذهبي ص: 92. (¬3) انظر المؤنس 50. (¬4) انظر طبقات الخشني 198 - 224، طبقات أبي العرب 91، حسن البيان 199، المدارك 1/ 11. (¬5) انظر مثلا العبر 4/ 201، إتحاف أهل الزمان 1/ 104، 107، الكامل 5/ 253، 263. (¬6) انظر العبر 4/ 197، البيان المغرب 1/ 96.

في القتل كالخنق والطرح في النار أو البناء على المعاقب حتى يهلك جوعا وعطشا، وكان يمارس القتل شهوة وبطرا، ويعتبر عهده بداية النهاية للدولة الأغلبية خاصة بعدما أوقع ظلما بسبعمائة من رجال قلعة بلزمة، وكانوا أولي بأس شديد في الدفاع عن الدولة وبقتلهم انفتح الطريق أمام داعي الشيعة الإسماعيلية لدخول القيروان (¬1). وثارت أطراف البلاد على ظلم إبراهيم (¬2) في الوقت الذي بدأت تظهر فيه دعوة الشيعة الإسماعيلية بين قبائل البربر، فأعلن إبراهيم التوبة وتخلى عن الملك لابنه أبي العباس عبدالله (189 هـ - 290 هـ) الذي لم يحكم إلا سنة واحدة إذ قتله بعض خدمه فتولى بعده ابنه زيادة الله الثالث (196 هـ - 290 هـ) خاتمة أمراء الأغالبة، وقد استهل عهده بقتل جميع أعمامه حتى عمه الزاهد الساكن بقصر سوسة، كما استدعى أخاه أباعبد الله الأحول، الذي كان يقاتل أبا عبد الله الشيعي الذي بدأ يتقدم نحو عاصمة الأغالبة. ولما رأى زيادة الله الخطر محدقا به لم يجد بدا من التودد إلى العامة والاستنصار بالعلماء، فعزل قاضيه المعتزلي الذي اضطهد أهل السنة وأبدله بحماس بن مروان الفقيه المالكي (291 هـ - 293 هـ)، وكتب إلى الناس إني عزلت عنكم الجافي الجلف المبتدع المتعسف، ووليت القضاء حماس بن مروان لرأفته ورحمته وطهارته وعلمه بالكتاب والسنة، كما أرسل إلى العلماء وقال لهم: إن هذا الصنعاني الخارج علينا مع كتامة يلعن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما ويزعم أن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ارتدوا بعده، ويسمى أصحابه المؤمنين ومن يخالفه في مذهبه الكافرين ويبيح دم من خالف رأيه، فأظهر الفقهاء لعنه والبراءة منه وحرضوا الناس على قتاله (¬3) لعلمهم بما ينطوي عليه مذهبه من التعطيل والإباحية والعداوة للإسلام. وقد بذل زيادة الله أموالا طائلة لتجهيز الجيوش التي أرسلها لمحاربة أبي عبد الله ثم عكف على شهواته، وفي حين كان الشيعي يحتل البلاد مدينة بعد ¬

(¬1) انظر أعمال الأعلام 27، العبر 4/ 204، تاريخ المغرب العربي 2/ 113. (¬2) إتحاف أهل الزمان 1/ 115. (¬3) البيان المغرب 1/ 136، 137.

مدينة كان زيادة الله قد أقبل على اللذات واللهو ومعاشرة المضحكين، وأهمل أمور الملك (¬1) ولم ينتبه من غفلته إلا على نبأ سقوط مدينة الأربس وهي آخر معقل يحميه من الشيعة، فجمع ماخف من أمواله وهرب ليلا إلى مصر في خاصته، وترك أهل إفريقية نهبا للطمع الباطني وذلك في جمادى الآخرة سنة 296 هـ. أما عن الحياة العلمية فإنها شهدت في عهد الأغالبة ازدهارا كبيرا لطول عمر هذه الدولة وماشهدته من الاستقرار بالإضافة إلى أن مؤسسها قد طلب العلم في أول حياته، وسمع من الليث بن سعد وغيره (¬2)، وكان حافظا للقرآن يلي الصلاة في الجامع الأعظم بنفسه (¬3)، فكان يعرف حق العلم وأهله أما خلفه فلم يكن لهم مثل ثقافته واهتمامه إلا أنهم كانوا يفزعون إلى العلماء عند الحاجة ويعقدون في دواوينهم مجالس المناظرة والمذاكرة (¬4)، كما كانوا يقومون بزيارة دور العباد والعلماء والكتاتيب المناسبات المختلفة (¬5)، وكان الأمراء الأغالبة يميلون إلى مذهب الحنفية لما فيه من الرخص والتسهيل لهم بالإضافة إلى أنه كان المذهب الرسمي للدولة العباسية، وكان هذا مما أحدث نفرة شديدة بين علماء المالكية وبين الأمراء. ولما حدثت في بغداد محنة القول بخلق القرآن دعا إليها بعض أمراء القيروان وكتبوا السجلات بذلك وقرئت على المنابر (¬6) وامتحن بسببها كبار علماء القيروان مثل موسى بن معاوية الصمادحي، وأحمد بن يزيد، وهما من جلة محدثي القيروان، كما امتحن بسببها الإمام سحنون فاختفى ثم جيء به إلى ابن الأغلب فجمع له القواد والوزراء والقاضي ابن أبي الجواد (وهو حنفي أظهر الاعتزال ت 234 هـ) وقال ¬

(¬1) العبر 4/ 205، وانظر البيان المغرب 1/ 143، الكامل 6/ 123. (¬2) سير أعلام النبلاء 9/ 129، وانظر: شهيرات 38، ورقات 1/ 83. (¬3) إتحاف أهل الزمان 1/ 104. (¬4) انظر الرياض 1/ 276، 287، 288، 489، طبقات أبي العرب 88، طبقات الخشني237. (¬5) انظر الرياض 1/ 411. (¬6) انظر المحن 454، الحلل 3/ 792، المدارك 3/ 222.

له: ماتقول في القرآن؟ فقال سحنون أصلح الله الأمير أما شيء أبدأ به من نفسي فلا، ولكن الذي سمعت ممن تعلمت منه وأخذت ديني عنه فهم كانوا يقولون: إن القرآن كلام الله وليس بمخلوق فقال ابن أبي الجواد: إنه قد كفر فاقتله ودمه في عنقي وقال مثل ذلك نصر بن حمزة القائد وغيره، فقال لداود بن حمزة: ماتقول ياداود؟ فقال: أصلح الله الأمير قتله بالسيف راحة له، ولكن اقتله قتل الحياة يؤخذ عليه الحملاء (أي الكفلاء) وينادى عليه بسماط القيروان أن لا يفتي ولايسمع أحداً ويلزم داره ففعل ذلك أبو جعفر وترك قول من أشار إليه بقتله وهكذا كانت محنة القول بخلق القرآن سببا في اختفاء كثير من علماء القيروان، ومنعهم من التدريس والإفتاء (¬1). وكان أكثر أمراء الأغالبة يميلون إلى تعيين القضاة الحنفية، وهؤلاء غالبا ما ينكلون بالعلماء المدنيين مثل محمد بن عبدون الذي امتحن على يديه جماعة من الفقهاء المالكية وأهل السنة، وضربهم ونكل ببعضهم وأطلقهم وأغرى الأمير ببعضهم فقتل منهم (¬2). وفي المقابل كان علماء المالكية يرفضون كل عرض وظيفي من الأمراء متأسين في ذلك بما فعله الإمام مالك من البعد عن السلطان توقيراً للعلم ورفعاً لشأنه، ومن قبل منهم القضاء إنما قبله بعد أن أدير عليه مدة طويلة، وبعد أن اشترط شروطا استوثق معها قيامه بالعدل، كما فعل الإمام سحنون، وعيسى بن مسكين وغيرهما (¬3). وانتشرت المكتبات الخاصة ومنها مكتبة سحنون، وكانت تحتوي على كتب عظيمة منها: جميع كتب عبد الله بن وهب وهو راوية للتفسير عن الإمام مالك وكان عنده سماعات عن سفيان بن عيينة، وهو من أئمة التفسير (¬4)، ومكتبة محمد ابن سحنون الذي بلغت مصنفاته مائتي كتاب في جميع العلوم ومنها علوم القرآن (¬5). كما أنه كان هناك بيت الحكمة القيرواني الذي كان يرأسه إبراهيم بن أحمد الشيباني ت 298 هـ، وهو صاحب مسند في الحديث ¬

(¬1) المحن 456. (¬2) المدارك 3/ 233. (¬3) انظر مثلا: المعالم 2/ 84، المدارك 3/ 214. (¬4) انظر مناقب أبي إسحق الجبنياني 11. (¬5) انظر الرياض 1/ 443، الديباج 234.

وله كتاب سراج الهدى في القرآن ومشكله وإعرابه ومعانيه، ومصنفات أخرى في الأدب (¬1) وتأتي ترجمته إن شاء الله تعالى، وكثرت في ذلك الوقت قصور الرباط التي بدأ إنشاؤها بقصر المنستير على يد هرثمة بن أعين سنة 180 هـ، وكانت مع مهمتها الجهادية مراكز تعليمية هامة (¬2). كما تولى قضاء صقلية أحد تلامذة سحنون، وهو سليمان بن سالم المحدث الفقيه المفسر وبث فيها علما كثيرا، ونشر مذهب الإمام مالك فيها (¬3). وتكثفت رحلة الأندلسيين إلى إفريقية ومنهم: بقي بن مخلد صاحب التفسير والمسند اللذين لانظير لهما، وقد سمع من كبار محدثي المشرق، كالإمام أحمد وابن معين ولا شك أنه قد استفاد من مرويات الإمام أحمد في تفسيره (¬4). وكانت منازل العلماء من المراكز العلمية التي ساهمت في نشر العلم، فكان للإمام سحنون حلقة عظيمة في داره، وكان لمحمد بن يحيى بن سلام المفسر مثلها، وكان عيسى بن مسكين يحدث بكتب ابن وهب في منزله (¬5). ورحل يوسف بن يحيى المغامي القرطبي نزيل القيروان إلى اليمن وسمع بها من إسحق بن إبراهيم الدبري صاحب عبد الرزاق وراوي مصنفه ومعلوم أن عبد الرزاق له تفسير مسند ولا يستبعد أن يكون يوسف سمعه أيضا من إسحق (¬6). وأيضا رحل محمد بن عبد الله الأنصاري ابن أبي منظور قاضي قيروان إلى صنعاء، فسمع بها من الدبري مصنف عبد الرزاق (¬7). وقد حدث سحنون بكتب ابن وهب كلها في قصر زياد، عندما خرج إليه فرارا من محنة القول ¬

(¬1) البيان المغرب 1/ 134. (¬2) انظر البيان المغرب 1/ 89، المعالم 2/ 196، ورقات 2/ 91، الفرق الإسلامية ص: 100. (¬3) انظر طبقات الخشني 147، المعالم 2/ 206، الحلل السندسية 3/ 775، الشجرة 1/ 71. (¬4) انظر تاريخ ابن الفرضي 1/ 107، جذوة المقتبس 167، طبقات المفسرين للسيوطي 40، سير أعلام النبلاء 13/ 285، الصلة 1/ 116. (¬5) انظر الرياض 1/ 365، المدارك 3/ 335، المكتبة الأثرية 34. (¬6) انظر الديباج 356، الشجرة 1/ 76، الأنساب 11/ 418، تاريخ ابن الفرضي 2/ 201. (¬7) انظر طبقات الخشني 173، الرياض 2/ 357، المدارك 3/ 339، تكملة الصلة 1/ 363.

ثالثا: عصر الشيعة الإسماعيلية (296 - 362 هـ)، وقيام دولة الأدارسة الثانية في المغرب الأقصى

بخلق القرآن (¬1). فلم يكن الازدهار العلمي في تلك الفترة إذن ناتجاً عن تشجيع من الأمراء الأغالبة إنما كان سببه حرص العلماء ومقدرتهم على الاستفادة من الظروف المتاحة لهم لنشر العلم، ونحن إذا استثنينا مسألة القول بخلق القرآن نجد أن حكومة القيروان لم تكن تتدخل في الناحية العلمية بدليل أن حلقات الإباضية والصفرية والمعتزلة كانت تعقد في جامع عقبة لمدة نصف قرن في العهد الأغلبي حتى جاء الإمام سحنون فشردهم (¬2)، وفي عهد الأغالبة استقر المذهبان المالكي والحنفي، ونشطت الحياة المسجدية وكثر العلماء وتكثفت الرحلة إلى المشرق، وأقبل أهل إفريقية على التصنيف فصنف يحيى بن سلام (ت 200 هـ) تفسيره وجامعه في الحديث، ورتب الإمام سحنون المدونة وذيل مسائلها بالأحاديث، وصنف محمد بن سحنون شرحا على الموطأ ومسندا في الحديث وغير ذلك، وصنف العلماء كثيرا من المصنفات في الرد على المعتزلة مثل كتاب الحجة على القدرية لمحمد بن سحنون وكتاب الاستواء لسعيد بن الحداد وغيرهما كما امتلأت الحصون والمحارس بالعلماء، والعباد المرابطين، فقد بنى الأغالبة أكثر من ثلاثين ألف معقل (¬3). وقد كان موقع القيروان وبلاد المغرب في منطقة واصلة بين بلاد المشرق وبين بلاد الأندلس وهذا أدى إلى الاستفادة من العلماء الذين انطلقوا بين المنطقتين لنشر العلم والدعوة إلي الله ويتضح ذلك جليا في مجال التفسير فيما يأتي من موضوعات هذا البحث، وبهذا تكاملت جوانب الحياة العلمية بإفريقية وأصبحت قادرة على مواجهة الخطر الباطني الذي حل بساحتها بعد ذلك كما سيأتي. ثالثا: عصر الشيعة الإسماعيلية (296 - 362 هـ) (¬4)، وقيام دولة الأدارسة الثانية في المغرب الأقصى: ¬

(¬1) الرياض 1/ 426. (¬2) انظر: المؤنس 50، ورقات 1/ 73. (¬3) انظر: سير أعلام النبلاء 13/ 488. (¬4) انظر: البيان المغرب 1/ 124 - 215210 - 228، حسن البيان 229 - 233، المغرب الكبير 2/ 593 - 637، تاريخ عجائب الآثار 1/ 26، الكامل في التاريخ 6/ 127 - 135، 6/ 151، 160، 190، 238، 305، 311، المؤنس 54 - 65، الشجرة 2/ 122 - 123، معالم تاريخ المغرب 119 - 136، القيروان 83 - 97، تاريخ المغرب العربي 2/ 535، 577، أعلام ابن عاشور 39 - 44، الاستقصا 1/ 60، الرياض 2/ 41 - 45، 2/ 59 - 87، 292، 297 - 299، 338 - 339، الفرق الإسلامية 200 - 201، الصراع المذهبي 167 - 193، 203 - 211، أعمال الأعلام 46 - 65، الحلة السيراء 1/ 190 - 196، 2/ 387 - 393، الخلاصة النقية 35 - 42، النجوم الزاهرة 3/ 168 - 177، الإباضية بالجريد 120، 123 - 125، المدارك 1/ 318 - 321، طبقات الخشني 215، 225 - 226، رسالة افتتاح الدعوة 62 - 274، الفكر السامي 2/ 148، رحلة التجاني 266، العبر 4/ 28 - 49، البداية والنهاية 11/ 179. 345، مقدمة ابن خلدون 21 - 23، اتعاظ الحنفاء 55 - 101، المغرب العربي 166 - 174، مرحلة التشيع في المغرب العربي 17 - 58.

ينتمي العبيديون (¬1) إلى الطائفة الإسماعيلية من الرافضة، وهم القائلون بإمامة إسماعيل بعد أبيه جعفر الصادق رغم اتفاق أهل التاريخ على وفاة إسماعيل في حياة أبيه، ويعتبرون أن عبيد الله صاحب إفريقية رابع أئمتهم المستورين (¬2). ويلقبون بالباطنية (¬3) والرافضة ويسمون الملاحدة، لما في مقالاتهم من الإلحاد، كما سموا بالمشارقة لقدومهم من المشرق (¬4) وينتسب عبيد الله أول ملوك هذه الطائفة إلى آل البيت زورا وبهتانا، فالصحيح أنه دعي في نسبه، وأنه من ولد عبد الله بن ميمون القداح (¬5)، وقد كانت هذه الحقيقة شائعة في أول أمرهم بإفريقية ومصر والحرمين (¬6) بما لايدع مجالا للشك واللبس. أما عن دعوتهم في المغرب فإنه لما وقعت مطاردة الروافض في المشرق أخذوا يبثون دعاتهم في الأمصار البعيدة عن يد الخلافة، فكلفوا بأمر المغرب ¬

(¬1) نسبة إلى عبيد الله الذي لقب نفسه بالمهدي، أول ملوك الرافضة بإفريقية. (¬2) انظر العبر 4/ 30. (¬3) الفرق بين الفرق 63. (¬4) رسالة افتتاح الدعوة 93. (¬5) أحد كبار مؤسسي الفكر الباطني، انظر: الفرق بين الفرق 22. (¬6) انظر: الكامل في التاريخ 7/ 263، البيان المغرب 1/ 282، وراجع عن بيان كذبهم في الانتساب إلى آل البيت: المنار المنيف 153، سير أعلام النبلاء 5/ 184، الإعلان بالتوبيخ 8، البداية والنهاية 11/ 179، النجوم الزاهرة 4/ 75، وصنف أبو بكر الباقلاني كتابا سماه (كشف الأسرار وهتك الأستار) فضح فيه ادعاءهم، كما ألف في ذلك بعض الشيعة المعاصرين لهم، انظر اتعاظ الحنفاء 22.

أحد دهاتهم المسمى أبو عبدالله الحسين بن أحمد بن محمد بن زكرياء الصنعاني، وقد تعلم طرق الدعوة في اليمن ثم اتصل بحجيج كتامة (¬1)، فخدعهم بالحديث عن حب آل البيت حتى ألحوا عليه في مصاحبتهم إلى بلادهم، فأظهر التمنع أولا ثم وافقهم بعد أن علم من أوضاع بلادهم ما شجعه وفي كتامة (¬2) أظهر دعوته والتف الناس حوله، ووقعت بسببه فتن كاد يهلك فيها، ثم قوي أمره وقصدته قبائل البربر من كل فج، فبدأ يحتل بلاد المغرب بلدا بلدا، وفي أثناء ذلك دخل عبيدالله المغرب متخفيا وعيون الخلافة تلاحقه حتى سجن في سجلماسة، وبعد حروب دامت أكثر من خمس سنوات تمكن أبو عبد الله من طرد الأغالبة، ودخل القيروان سنة 296 هـ ثم أخرج عبيد الله من سجنه بسجلماسة، ودخلا معا عاصمة إفريقية سنة 297 هـ، بعد أن استطاعا القضاء على الدولة الرستمية الإباضية في المغرب الأوسط سنة 296 هـ (¬3)، واستطاع الباطنيون القضاء على دولة الأدارسة الأولى تماما في حدود سنة 319 هـ (¬4)، والقضاء على الدولة المدرارية الصفرية سنة 349 هـ (¬5). وبدأ عهد الاضطهاد الذي عاشه أهل السنة تحت الاحتلال العبيدي، وقد استمر حكم الإسماعيلية بإفريقية والمغرب ستا وثمانين سنة كرسوا فيها كل جهودهم لإماتة السنة ونشر البدع، ومنع العلم، مستعملين في سبيل ذلك أخس الوسائل فتعرض الناس في عهدهم لظلم عظيم وضيق شديد، وكان علماء السنة من قراء ومحدثين وفقهاء لهم بالمرصاد، جاء في المعالم: جزى الله مشيخة القيروان خيرا، هذا يموت، وهذا يضرب، وهذا يسجن، وهم صابرون لايفرون ولو فروا لكفرت العامة دفعة واحدة (¬6). ¬

(¬1) كتامة: من أكبر قبائل البربر في المغرب، وعليهم قامت دعوة الرافضة فيه، انظر: الشجرة 2/ 105، البيان المغرب 1/ 124. (¬2) انظر: دور كتامة في تاريخ الخلافة الفاطمية. (¬3) في تاريخ المغرب والأندلس ص: 176. (¬4) انظر دولة الأدارسة ص: 153 - 154. (¬5) في تاريخ المغرب والأندلس ص: 177. (¬6) المعالم 2/ 292.

ورغم سيطرة العبيديين العسكرية على جميع أنحاء المغرب وصقلية وحوض البحر الأبيض المتوسط فإنهم لم يحسوا بالأمن والاستقرار، ولم تكن الثورات الكثيرة التي شهدها عهدهم (¬1) هي السبب الأكبر في قلقهم، وإنما مثار قلقهم هم هؤلاء العلماء المؤمنون، ومن هنا راح الروافض يقومون بأعمال منكرة لنشر أباطيلهم وحمل الناس على اعتناق مذهبهم، إلا أنها لم تزد أهل السنة منهم إلا نفورا، وكان عهدهم من أضيق العهود وأشدها على الناس لتبديدهم الأموال بإعطائها اليهود والنصارى وانفاقها في الخمور والملذات (¬2). ويمكن أن نلخص في النقاط التالية جرائمهم في حق الإسلام عامة، وفي حق العلم وأهله بصفة خاصة: 1 - لقد ادعى عبيد الله الرسالة، فإنه لما وصل إلى رقادة، طلب فقيهين من فقهاء القيروان، فدخلا عليه وهو جالس على كرسي ملكه فقال لهما بعض دعاته: اشهدا أن هذا رسول الله فقالا بلفظ واحد: لو جاء هذا والشمس عن يمينه والقمر عن يساره يقولان: إنه رسول الله ماقلنا ذلك! فأمر بذبحهما (¬3) بل لقد غلا فيه أصحابه حتى ألهَّوه فقد كانت أيمانهم: وحق عالم الغيب والشهادة مولانا الذي برقادة، وكان بعضهم يتصدى لعبيد الله ويقول له: ارق إلى السماء لم تقيم في الأرض وتمشي في الأسواق، كما أن أميرهم الرابع معد بن إسماعيل ادعى النبوة وجعل من نادى فوق صومعة القيروان: أشهد أن معد بن إسماعيل رسول الله فارتج البلد لذلك (¬4). 2 - لقد مدح حكامهم بأنواع من الكفر وأقروها، منها قول أحد شعرائهم في عبيد الله: حل برقادة المسيح ... حل بها آدم ونوح ¬

(¬1) من أخطر هذه الثورات ثورة داعية أبي عبد الله الذي شكك في إمامة عبيد الله، فقتله سنة 298 هـ انظر النجوم الزاهرة 1/ 154، وثورة أبي يزيد الخارجي الذي استولى على كامل بلاد إفريقية حتى لم يبق للعبيديين إلا المهدية انظر العبر 4/ 40 - 44. (¬2) انظر المدارك 3/ 714، طبقات الخشني 168. (¬3) سير أعلام النبلاء 14/ 216، الرياض 2/ 49. (¬4) البيان المغرب 1/ 160، 186، 282، 285.

حل بها الله ذو المعالي ... فكل شيء سواه ريح وقول الآخر في المعز: ماشئت لاماشاءت الأقدار ... فاحكم فأنت الواحد القهار (¬1) 3 - أظهروا سب الصحابة، رضوان الله عليهم، وطعنوا فيهم، وزعموا أنهم ارتدوا بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - وخصصوا دعاة للنداء بذلك في الأسواق، وعلقوا رؤوس الأكباش، والحمير على أبواب الحوانيت، وكتبوا عليها أسماء الصحابة (¬2)، وكان من ذكر الصحابة بخير أو فضل بعضهم على علي قتل أو سجن (¬3) فلم يكن أحد يذكرهم بالثناء إلا في دور العلماء (¬4). 4 - زادوا في الأذان حي على خير العمل، وأسقطوا في أذان الفجر: الصلاة خير من النوم، ومنعوا الناس من قيام رمضان، وليس شيء أشد على بني عبيد من هذه الصلاة، وقدموا صلاة الظهر قبل الزوال وأمروا بصلاة العصر في وقت الظهر لفتنة الناس (¬5)، أما خطبة الجمعة فقد أظهروا فيها سب الصحابة وضروبا من الكفر، فتركها الناس وأقفرت المساجد في زمانهم، وكان بعض أئمتهم يصلون إلى رقادة فلما انتقل عبيد الله إلى المهدية صلوا إليها (¬6) وكثيرا مايجبرون الناس على الفطر قبل رؤية هلال شوال (¬7). 5 - دعوا إلى الإباحية، وتعطيل الشرائع، وإسقاط الفرائض عمن تبع دعوتهم (¬8)، وكانوا يرسلون دعاتهم إلى الأطراف لإظهار ذلك، فإن وجدوا الناس مغضين عنه أشاعوه حتى كان الرجل يأتي حليلة جاره وهو ينظر، فإن قبل ذلك عد عندهم من الصابرين (¬9). ¬

(¬1) انظر: الكامل 7/ 46، في تاريخ المغرب والأندلس ص: 184. (¬2) المدارك 3/ 318، الرياض 2/ 338، 424. (¬3) المعالم 3/ 35، المحن 279. (¬4) المدارك 3/ 378. (¬5) مناقب أبي إسحاق 65. (¬6) انظر رحلة التجاني 266، المدارك 3/ 338، المعالم 3/ 5، البيان المغرب 1/ 186، المحن 287، الرياض 2/ 42. (¬7) انظر المعالم 3/ 49. (¬8) الرياض 2/ 504. (¬9) انظر البيان المغرب 1/ 185.

6 - أجبروا الناس على الدخول في دعوتهم فمن أجاب تركوه وربما ولوه بعض المناصب، ومن رفض قتل، كما فعلوا عقب أول جمعة خطبها عبيد الله بالقيروان ثم لما أكثر دعاتهم على أهل القيروان وقعت بين الفريقين مقتلة عظيمة فأمر الشيعي بالكف عن العوام (¬1) وطلب العلماء لتشريقهم أي إدخالهم في دعوتهم (¬2) وافتعل مناظرات صورية، فدارت على علماء السنة مقتلة عظيمة، وقتل منهم عدة آلاف بسبب تمسكهم بإسلامهم ومنافحتهم عن السنة قال القابسي: إن الذين ماتوا في دار البحر (سجن العبيديين) بالمهدية من حين دخل عبيد الله إلى الآن أربعة آلاف رجل في العذاب، مابين عالم وعابد ورجل صالح (¬3) هذا عدا ماكانوا يقتلون دون سجن ويمثل بهم في شوارع القيروان، فأثر ذلك على سير الحياة العلمية، وقد خمل ذكر كثير من العلماء الذين آثروا اعتزال الفتنة، مثل أبي محمد الورداني (¬4)، ومع ذلك فإن هذه الشدة لم تزد أهل إفريقية إلا تمسكا بسنيتهم. 7 - منعوا العلماء من التدريس في المساجد، ونشر العلم، والاجتماع بالطلبة، وحبسوهم في بيوتهم فكان من يأخذ عنهم ويتذاكر معهم إنما يكون سرا، وعلى حال خوف وريبة (¬5)، فكان الموطأ وغيره من كتب السنة لاتقرأ إلا في البيوت (¬6) وكانت السنة تعرض بالقيروان سرا (¬7)، وكان أبو محمد بن أبي زيد، وأبو محمد بن التبان، وغيرهما يأتيان إلى أبي بكر بن اللباد، شيخ السنة بالقيروان، في خفية ويجعلان الكتب في أوساطهما حتى تبتل بالعرق خوفا من بني عبيد (¬8)، وكان بعض العلماء يخرج إلى المقبرة فيستتر فيها ويقرأ على الطلبة ¬

(¬1) انظر الكامل 6/ 133، 135. (¬2) انظر المعالم 3/ 91، المدارك 3/ 521، طبقات الخشني 225. (¬3) المعالم 3/ 34، وانظر الرياض 2/ 326. (¬4) انظر المدارك 4/ 416. (¬5) المدارك 5/ 121، الفكر السامي 2/ 148. (¬6) انظر طبقات الخشني 195. (¬7) انظر: تاريخ ابن الفرضي 153، 201. (¬8) انظر المعالم 3/ 25.

للخوف من بني عبيد، لأنهم منعوا من بث العلم، وسجنوا العلماء في دورهم (¬1). وبذلك خلت المساجد من حلق الذكر ومجالس العلم، وأصبحت هذه المهمة تقع في دور العلماء، وبعض قصور الرباط خفية وفي مقابل ذلك فسح العبيديون لدعاتهم المجال لنشر ضلالاتهم ومكنوهم من كل الوسائل في سبيل القضاء على الإسلام والسنة. 8 - حرموا على الفقهاء الفتوى بمذهب الإمام مالك، واعتبروا ذلك جريمة يعاقب عليها بالضرب والسجن أو القتل أحيانا، ويدار بالمقتول في الأسواق وينادى عليه هذا جزاء من يذهب مذهب مالك (¬2)، ولم يبيحوا الفتوى إلا لمن تشرق وكفر (¬3). 9 - قاموا بمصادرة مصنفات أهل السنة وإتلافها، ومنع الناس من تداولها، من ذلك أن أبا محمد عبد الله بن أبي هاشم التجيبي (ت 346) توفي وترك سبعة قناطير كتب كلها بخط يده، فرفعت إلى سلطان بني عبيد فأخذها، ومنع الناس منها كيدا للإسلام وبغضا فيه (¬4) وقد وجد موطأ الإمام مالك عند رجل فضربوه وطافوا به (¬5)، ورفعت إلى السلطان أشياء على سعدون الخولاني (ت 324 هـ) المتعبد بقصر الطوب فأرسل إليه بعض حرسه فقيدوه وجمعوا مافي بيته من الكتب وأخذوه إلى عبيد الله (¬6). 10 - منعوا التجمعات، فقد رفع على بعض العلماء العباد أنه يجتمع إليه العامة، ويدور بهم على قصور الرباط فمنعوهم خشية الخروج عليهم، وكانوا يفرقون الناس الذين يجتمعون على جنازة من يموت من العلماء (¬7) كما أنهم منعوا الجولان بالليل، ولهم بوق يضربونه أول الليل فمن وجد بعده ضرب عنقه (¬8). ¬

(¬1) المعالم 3/ 39. (¬2) إنباه الرواة 2/ 54، وانظر الرياض 2/ 41، 265، البيان المغرب 1/ 159. (¬3) الرياض 2/ 56. (¬4) الرياض 2/ 423، وانظر المدارك 3/ 341. (¬5) انظر الفكر السامي 2/ 71. (¬6) انظر الرياض 2/ 259. (¬7) انظر المدارك 3/ 389، الرياض 2/ 258. (¬8) انظر المدارك 3/ 384.

11 - حرص العبيديون على محو آثار من سبقهم ولذلك أمر عبيد الله بإزالة أسماء الحكام الذين بنوا الحصون والمساجد وأن يكتب إسمه بدلها كما استولى على أموال الأحباس وسلاح الحصون، وطرد العباد والمرابطين بقصر زياد وجعله مخزنا للسلاح (¬1). وهكذا يتبين بكل وضوح حرص العبيديين على مصادرة الفكر السني، وتعطيل شرائع الإسلام، وإماتة العلم الصحيح واضطهاد أهله، ولكن أمام ذلك كله تضامن علماء أهل السنة وعبادهم ومتصوفوهم (¬2)، وتضافرت جهودهم لرد كيد العبيديين، وإخراجهم من أرض إفريقية، ومنعهم من أن ينالوا حصن السنة بالمغرب، والتف الشعب حول هؤلاء العلماء العاملين، الذين عرفوا بتضحياتهم المثالية في سبيل الحق، وتمسكهم بالسنة، وأصبحوا هم القادة الحقيقيين لشعوبهم فأمروا بمقاطعة جميع المؤسسات الحكومية فلا يختصمون إلى قضاتهم، ولا يصلون وراء أئمتهم، ولا يأتون معزين ولامهنئين، ولايناكحونهم، ولايتوارثون معهم، ولا يصلون على موتاهم. وقد كان بعض العلماء يغتسل يوم الجمعة، ويلبس ثيابه ويتطيب، ويخرج إلى الجامع حتى إذا وصله يرفع عينيه إلى السماء ويقول: اللهم اشهد، ويرجع إلى داره (¬3). كما أفتى العلماء بكفر بني عبيد، وأنهم ليسوا من أهل القبلة، كما كفروا من دخل دعوتهم راضيا، ومن خطب لهم ولم يعذروا المكره وقالوا: يختار القتل ولا يدخل دعوتهم (¬4) وقد شاعت هذه الفتاوى وعرفها الخاص والعام، فكانت حاجزا منيعا بين العوام وبين التردي في دعوة الرافضة. ودأب علماء السنة على تعرية العبيديين وفضح معتقداتهم الباطلة حتى يحذرها العامة قال أبو إسحاق السبائي (ت 356 هـ) لأصحابه: افتحوا باب داري نأخذ في ¬

(¬1) انظر الرياض 2/ 56، 222، موقف متصوفة إفريقية 19. (¬2) لقد امتاز متصوفة ذلك الوقت - بخلاف الفترات الزمانية التالية - بالمغرب عن غيرهم بالتزامهم بالسنة وبعدهم عن الغلو والتطرف والزيغ انظر: متصوفة إفريقية 7. (¬3) المدارك 3/ 526، 3/ 719، الرياض 2/ 43. (¬4) انظر في هذه الفتاوى: المدارك 3/ 719، 720، 767، المعالم 3/ 177، الرياض 2/ 339.

ذمهم والتحذير منهم وكان مما ملأ به مجالسه: الإكثار من ذكر فضائل الصحابة والثناء عليهم (¬1). ولم يتخل العلماء عن التدريس في هذه الفترة الحرجة، فلما منعوا من التحديث والإقراء في المساجد فتحوا بيوتهم للطلبة فقصدوهم للتلقي، حتى إن دار إسحاق السبائي كانت كالمسجد (¬2) لكثرة من يؤمه من الطلبة، وكان أحمد بن يزيد الدباغ يسمع في داره (¬3)، كما كان تلاميذ أحمد بن نصر الهواري يقصدونه في بيته بعد أن منع من التدريس في مسجد رحبة القرشيين (¬4). ووصل الأمر إلى التحيل في تعليم أطفالهم حتى يتربوا على السنة، وذلك ماقام به أبو إسحاق الجبنياني وغيره، فإنه كان يعلم أولاد الكتاميين (حملة الدعوة العبيدية) ولايأخذ منهم أجرا فيعلمهم القرآن والسنة ولايعلمهم يكتبون، ويقول: ليس يضرون الناس بالقرآن وإنما يضرونهم بالأقلام (¬5). كما قاوم علماء السنة الرافضة بطريقة الجدل والمناظرة، وقد أفحموا فيها دعاة بني عبيد، وأقاموا عليهم الحجة، ودحضوا مزاعمهم بالبراهين القاطعة، فحفظوا للسنة مكانها وللإسلام عزه، ومن هؤلاء: أبو بكر القمودي الذي ناظر أبا العباس الشيعي مناظرة أفحمه فيها (¬6) وإبراهيم ابن محمد الضبي (¬7)، وأبو محمد عبدالله بن التبان (¬8) إلا أن أقدرهم على ذلك وأشهرهم به: أبوعثمان سعيد بن محمد بن الحداد المفسر فقد كانت له مع بني عبيد مقامات كريمة ومواقف محمودة في الدفاع عن الإسلام والذب عن السنة (¬9). ووصل الأمر إلى المواجهة المسلحة فإنه لما نزل عبيد الله برقادة ترك جبلة بن حمود الصدفي ¬

(¬1) انظر: المدارك 3/ 378. (¬2) المعالم 3/ 66. (¬3) الرياض 2/ 272. (¬4) المعالم 3/ 6. (¬5) مناقب أبي إسحاق 26، المدارك 3/ 516. (¬6) انظر طبقات الخشني 214. (¬7) انظر الرياض 2/ 46. (¬8) انظر المدارك 3/ 521. (¬9) انظر الرياض 2/ 58، 59، طبقات الخشني 199، المعالم 2/ 298، ورقات 1/ 259، وقد بلغت مجالسه مع الرافضة أربعين مجلسا لم يصلنا منها إلا أربعة. وسوف تأتي ترجمته إن شاء الله تعالى.

(ت 297) الرباط في قصر الطوب ونزل لرقادة وقال: كنا نحرس عدواً بيننا وبين البحر، فتركناه وأقبلنا على حراسة هذا الذي حل بساحتنا لأنه أشد علينا من الروم، فكان يجلس طول اليوم محاذياً لرقادة ومعه سلاحه وكان يقول: أحرس عورات المسلمين من هؤلاء القوم فإن رأيت منهم شيئاً حركت المسلمين عليهم (¬1) ولكن جبلة لم يعش في حكم العبيديين إلا سنة واحدة. وفي بداية الحكم العبيدي بايع أهل القيروان وكثير من قبائل أفريقية أبا عبد الله السدري على جهاد بني عبيد إلا أن خبره بلغ عبيد الله، فخرج إلى مكة فلما عاد قبضوا عليه وقربوه للقتل، وكان على درجة عظيمة من العبادة والتقوى فهرب العسكر كله فلم يجدوا أحداً يقتله، فأخذوا رومياً سقوه خمراً حتى سكر فقتله ثم صلبوه (¬2)، لعنهم الله تعالى وكان قتله سنة 309 هـ. فلما ثار أبو يزيد مخلد بن كيداد الخارجي النكاري (¬3) واشتد أمره سنة 332 هـ، واستولى على القيروان رأى العلماء أن الخروج معه واجب لأنه من أهل القبلة أما الرافضة فهم مجوس زال عنهم اسم الإسلام وقالوا: إن ظفرنا بهم لم ندخل تحت طاعة أبي يزيد والله يسلط عليه إماماً عادلاً يخرجه عنا (¬4)، وخرجوا إلى المهدية سنة 333 هـ بقيادة العلماء، ولكن أبا يزيد غدر بهم فاستشهد منهم خمسة وثمانون عالماً (¬5)، فتنكر الناس لأبي يزيد، ومنعوه من دخول القيروان. وقد شهد عهد أبي يزيد نشاطاً علمياً ملحوظاً حيث عادت الحياة إلى المساجد، وحلق العلماء للتدريس (¬6)، ولما استرد العبيديون نفوذهم على القيروان رجع الوضع كهيئته أولاً. ¬

(¬1) الرياض 2/ 37، 38. (¬2) الرياض 2/ 169. (¬3) انظر عنه وعن ثورته: الكامل 6/ 302، اتعاظ الحنفاء 75، إتحاف أهل الزمان 1/ 124، العبر 4/ 40، 7/ 13، الإباضية بالجريد 120، البيان المغرب 1/ 216، والنكارية فرقة منشقة من الإباضية بعد وفاة عبد الرحمن بن رستم مؤسس دولتهم الرستمية خالفت في بيعة ابنه عبد الوهاب وأنكرت ذلك (انظر: في تاريخ المغرب والأندلس ص: 176). (¬4) انظر في مناقشتهم لمسألة الخروج مع أبي يزيد: الرياض 2/ 292 - 299، 338 - 345، المعالم 3/ 29 - 34، المدارك 3/ 318 - 321. (¬5) انظر الشجرة 83. (¬6) انظر: المدارك 3/ 388.

ولما لم يجد بنو عبيد استجابة من أهل إفريقية لأفكارهم، وقابلوا تلك المقاومة انتقلوا إلى مصر سنة 362 هـ تاركين لأنصارهم من بني زيري حكم إفريقية نيابة عنهم. وفي النصف الثاني من عهد العبيديين دخلت القيروان بعض المصنفات الحديثية الهامة مثل مصنف عبدالرزاق (¬1)، والجامع الصحيح للإمام البخاري (¬2)، وكان أول من أدخل الصحيح هو علي بن محمد بن خلف الفاسي، وكان مما حدث به أيضا السنن ومسند حديث مالك وتفسير القرآن للنسائي (¬3). وقام بالتصنيف في تلك الحقبة للباطنيين أبرز مفكريهم أبو حنيفة النعمان بن محمد القاضي القيرواني كتبا عدة في فقههم وكتابا في التفسير هو أساس التأويل وسيأتي الكلام عليه وعلى تفسيره في موضعه إن شاء الله تعالى. وفي غضون تلك الحقبة قامت دولة الأدارسة الثانية تحت ظل العبيديين بعدما طورد مايسمى بابن أبي العافية بالمحالفة بينهما، فرجع الملك إلى بني إدريس تحت قيادة إبراهيم بن محمد بن القاسم، ولما مات آلت الرئاسة لأخيه القاسم الملقب بكنون الذي أقام دعوة العبيديين حتى توفي سنة 337 هـ، فتولى مكانه ابنه أبو العيسى أحمد بن القاسم وكان فقيها ورعا حافظا للسير والأنساب، وتحته استعاد المغرب وحدته وقدم الطاعة لعبد الرحمن الناصر الوالي الأموي وفي عهده سلمت القيادة للأمويين وخرج هو للجهاد والاستشهاد في جهاد الأفرنج سنة 348 هـ، وترك بدلا منه أخاه حسن بن كنون (¬4). ولما بلغ المعز لدين الله بن إسماعيل العبيدي أن أهل المغرب الأقصى نقضوا إطاعة الشيعة وجه قائده جوهر الصقلي سنة 348 هـ إلى المغرب ومعه زيري بن مناد الصنهاجي وغيره فاستطاع القضاء على نفوذ بني أمية خلال سنتين وتظاهر حسن بن كنون بمبايعة العبيديين ثم نكث بيعته بقفولهم، وعاد لبني أمية ثم لما تولى بلكين بن زيري أعاد الكرة فبايع حسن بن كنون للعبيديين وساعدهم فأحفظ ذلك الخليفة الأموي، فأرسل جيشا دارت بينه وبين ¬

(¬1) انظر: الخشني 173، المعالم 3/ 44. (¬2) انظر: المدارك 3/ 617، الشجرة 1/ 97. (¬3) انظر: فهرست ابن خير 59، 112، 145، الشجرة 1/ 97. (¬4) انظر: العبر 4/ 17، الاستقصا 1/ 178 - 182، أعمال الأعلام ص: 218 - 219.

رابعا: دولة بني زيري أو الدولة الصنهاجية (362 هـ - 449 هـ) ودولة بني حماد بالمغرب الأوسط ودولة الأدارسة الثالثة بالمغرب الأقصى

حسن بن كنون معارك وجولات ومفاوضات انتهت بتخلي عائلة الأدارسة عنه بما فيها عائلته ومبايعتهم لبني أمية فاستسلم أخيرا سنة 363 هـ، وبقيت فاس بيد بني أمية حتى استولى عليها زيري ابن عطية المغراوي، وأكرم الخليفة الأموي الأدارسة المستسلمين إكراما بالغا حتى حدث اختلاف بينه وبين الحسن بن كنون فأجلاهم جميعا إلى تونس، فرحلوا منها إلى مصر حيث مركز سلطان العبيديين (¬1). رابعا: دولة بني زيري أو الدولة الصنهاجية (362 هـ - 449 هـ) ودولة بني حماد بالمغرب الأوسط ودولة الأدارسة الثالثة بالمغرب الأقصى (¬2): لقد كان لعائلة بني زيري الصنهاجية (¬3) دور هام في القضاء على ثورة أبي يزيد النكاري فكافأهم العبيديون بتسليم حكم إفريقية والمغرب، عندما انتقلوا إلى مصر، ومؤسس هذه الدولة هو أبو الفتوح بلكين بن زيري بن مناد الصنهاجي (هـ 362 - 373 هـ) الذي استهلك سنوات حكمه في تمهيد البلاد وقمع الثائرين، وخلفه ابنه المنصور (374 - 386 هـ) وقد شهد عهده عدة ثورات رغم أنه حاول أن يأخذ الناس بالإحسان. (¬4) وفي خلالها حاول الحسن بن كنون بعد أن لجأ إلى نزار بن معد العبيدي بمصر استعادة المغرب من بني أمية بجيش العبيديين ومعاونة بلكين بن زيري وفعلا تم ذلك، فأرسل الخليفة الأموي جيشا هزم الأدارسة ثم قتل الحسن بن ¬

(¬1) انظر: المقتبس 5/ 89 - 146، البيان 21/ 248، أعمال الأعلام ص: 221 - 222، الاستقصا 1/ 184، بغية الرواد ص: 83. (¬2) انظر نهاية الأرب 24/ 156 - 217، إتحاف أهل الزمان 1/ 128 - 139، البيان المغرب 1/ 228، 294، الكامل 7/ 45، 46، 86، 87، 121، 331، 8/ 12، 39، 55، المؤنس 73 - 85، الخلاصة النقية 42 - 48، أعلام ابن عاشور 44، 45، أعمال الأعلام 66 - 76، بنو هلال 93 - 98، العبر 6/ 155 - 163، المغرب العربي 188 - 158، المغرب الكبير 2/ 241 - 673، القيروان 98 - 107، شهيرات 8990، الصراع المذهبي 221 - 224، الفرق الإسلامية 208 - 216. (¬3) نسبة إلى صنهاجة وهي قبيلة بربرية كبيرة كان لها دور في مناصرة دعوة الرافضة بالمغرب، وخاصة إبان ثورة أبي يزيد الخارجي انظر: الشجرة 1/ 105، المؤنس 74. (¬4) انظر إتحاف أهل الزمان 1/ 133، الكامل 7/ 121.

كنون وقضى على الدولة الإدريسية الثالثة سنة 375 هـ (¬1). فصار ملك المغرب لأهل الأندلس (يعني بني أمية) فولوه مغراوة وأول من ولوه منهم حرز بن حفص وبقي الملك في أيديهم يتوارثونه إلى أن قام المرابطون فغلبوهم عليه (¬2). وازدادت الحياة السياسية اضطرابا في عهد باديس بن المنصور (386 هـ - 406 هـ) الذي قضى أيامه في حروب متصلة، حتى إن أعمامه كانوا من بين الثائرين عليه وأعلنوا فيما بعد استقلالهم بقلعة بني حماد في المغرب الأوسط. وبدأت فيه دولتهم بتولي حماد بن بلكين بن زيري سنة 398 هـ الذي تبعه ولده القائد بن حماد ثم ولده محسن بن القائد إلى أن تولى آخر ملوك بني حماد وهو يحيى بن العزيز بالله سنة 515 هـ (¬3). لقد كان هؤلاء الأمراء الثلاثة بلكين والمنصور وباديس محافظين على تبعيتهم للعبيديين وولائهم للمذهب الإسماعيلي، إلا أنهم لم يتشددوا في مطالبة الناس بالتشيع، فانفسح المجال تدريجيا أمام العلماء لنشر السنة، وبذلك بدأت الحياة العلمية تعود إلى المساجد والكتاتيب شيئا فشيئا، غير أن تلك المظاهر الرسمية من التبعية لحكام مصر والدعوة لهم على المنابر كانت تقلق العلماء، وأسهمت في إيجاد هوة عميقة بينهم وبين حكام بني زيري، فاستمروا في مقاومة هؤلاء الحكام الذين لم يكونوا متحمسين للدعوة الإسماعيلية، وخاصة مع صمود الشعب ومواصلتهم مقاطعة الدولة، غير أنهم لايستطيعون الإعلان بذلك خوفا على سلطانهم، وأحس أهل القيروان بذلك فراح علماؤهم يعملون جاهدين على نشر السنة وآراء السلف فعجت القيروان بالعلماء من جديد، وكثرت المصنفات في مختلف فروع الشريعة، فقد ألف ابن أبي زيد (ت 386 هـ) مصنفات عديدة في الفقه والحديث والرد على أهل البدع (¬4) وألف القابسي (ت 403 هـ) في الحديث وأصول الدين (¬5)، وغيرهما كثير وانتعشت الحياة ¬

(¬1) انظر: الاستقصاء 1/ 185، البيان 2/ 181، بغية الرواد ص: 84، أعمال الأعلام ص: 221. (¬2) نظم الدرر والعقيان في بيان شرف بني زيان ص: 289. (¬3) انظر تاريخ المغرب وحضارته 615 - 617، المغرب العربي الكبير 455. (¬4) الشجرة 1/ 96. (¬5) المدارك 3/ 618.

الاقتصادية في عهد بني زيري خاصة بعد مجاعة سنة 395 هـ التي خلت بسببها المساجد، ومات فيها كثير من العلماء والصلحاء (¬1). أما التخلص النهائي من أتباع العبيديين، وانتصار الدين على الرفض وحصول البذخ والأبهة فقد كان على عهد آخر أمراء صنهاجة بالقيروان: المعز بن باديس (407 - 449 هـ) فقد دام حكمه قريبا من نصف قرن، شهدت فيها الحياة العلمية بالقيروان عصرها الذهبي، وعادت البلاد إلى حظيرة أهل السنة والجماعة بصفة رسمية وتوفرت فيها أسباب العمران والحضارة، ونفقت سوق العلم والأدب وحدث شيء من التقارب بين المعز وعلماء القيروان، فإن هذا الأمير قد تربى على مذهب مالك وعلى السنة والجماعة (¬2)، وكان يضمر قطع دعوة العبيديين، فلما علم أهل القيروان بذلك وضعوا السيف فيمن عندهم من الرافضة، حتى أبادوهم في سائر أنحاء إفريقية وذلك سنة 407 هـ في مطلع عهد المعز (¬3)، ولم يزل أمر السنة يقوى والمعز يعد العدة للتخلص من سلطان بني عبيد حتى كانت سنة 435 هـ وفيها قطع دعوتهم، ولعنهم على المنابر، ودخل في طاعة الدولة العباسية وحمل الناس على مذهب الإمام مالك حسما للخلاف، ولأنه مذهب معظم أهل إفريقية، وكانت بإفريقية مذاهب منحرفة كالشيعة والصفرية والإباضية والنكارية والمعتزلة، ومن مذاهب أهل السنة الحنفية والمالكية، فلم يبق في أيامه إلا مذهب الإمام مالك (¬4)، ففرح أهل السنة بذلك، وقضوا على مابقي من الروافض بإفريقية ولاحقوهم في كل مكان، فعمت الفوضى حتى اضطر المعز إلى استعمال القوة للسيطرة على الوضع. ولم يكن الحقد الباطني ليسكت على عودة إفريقية للسنة، ونبذها علنا لطاعة بني عبيد، فأرسلوا إليها أعراب بني هلال وبني سليم، وكانوا ممنوعين ¬

(¬1) انظر المعالم 3/ 127، البيان 1/ 256. (¬2) البيان المغرب 1/ 273. (¬3) انظر تفصيل ذلك في الكامل 7/ 294، نهاية الأرب 24/ 201 - 204، البيان المغرب 1/ 268. (¬4) المؤنس 82، وانظر الشجرة 2/ 129.

من اجتياز نهر النيل لماعرفوا به من الإفساد في الأرض (¬1)، فتسابقوا إليها وجرت بين الأعراب وبين المعز حروب كثيرة كانت فيها الدائرة عليه، وتمكنوا من دخولها سنة 443 هـ، فخربوها وأتوا على الأخضر واليابس، وتقاسموا مدنها، فمامن قرية إلا وقد سحقت وأكلت، وأهلها عراة أمام حيطانها، من رجل وامرأة وطفل، يبكي جميعهم جوعا وبردا، وانقطع المير عن القيروان، وتعطلت الأسواق (¬2). وأما قابس فاستطاع أن يحكمها بعض القواد العرب وذريته وأما تونس فساعدها موقعها المنيع وانفتاحها على البحر لتصبح أهم مدينة يحكمها بنو فرسان، وأما الأمير الزيري فالتجأ إلى المهدية واتخذها عاصمة للدولة الضائعة، التي استولى عليها النورمنديين سنة 1148 م، ثم تم الفتح الإسلامي للمهدية مرة أخرى على يد الموحدين الذين سحقوا القبائل الهلالية وطردوا النورمنديين وعينوا في سنة 1207 م واليا عليها هو عبد الواحد بن أبي حفص الذي أسس فيها مملكة لمدة ثلاثة قرون (¬3). وبذلك انتهت حضارة القيروان التي كانت العاصمة الدينية والعلمية والسياسية لإفريقية والمغرب، فهي منذ الفتح إلى أن خربت دار العلم بالمغرب، إليها ينسب أكابر علمائه وإليها كانت رحلة أهله في طلب العلم (¬4)، فلما خربت جلا أهلها عنها وتفرق من بقي حيا من علمائها في الأمصار (¬5)، ولم تعد إليها الحياة العلمية إلا بعد أكثر من قرن من الزمان ¬

(¬1) انظر عن أصل بني هلال واشتهارهم بالتخريب والفساد ودخولهم إفريقية: العبر 6/ 13، البيان المغرب 1/ 288 - 295، تاريخ التمدن الإسلامي 4/ 324، رحلة التجاني 16. (¬2) انظر تفصيل ذلك في الكامل 8/ 59، العبر 4/ 63، 6/ 16، 159، البيان المغرب 1/ 291 - 294، إتحاف أهل الزمان 1/ 139، المعالم 1/ 15، 20، 3/ 190 - 192، الشجرة 2/ 128 - 131، وقد ألف في ذلك محمد بن سعدون القروي (ت 486 هـ) كتابا سماه "تعزية أهل القيروان بما جرى في البلدان من هيجان وتقلب الأزمان"، انظر البيان المغرب 1/ 281. (¬3) تاريخ تونس ص: 48 - 52. (¬4) انظر الشجرة 2/ 130، مقدمة ابن خلدون 431. (¬5) انظر المعجب 358.

خامسا: عصر المرابطين والموحدين (434 هـ - 668 هـ)

وذلك بعد سنة 555 هـ (¬1)، إلا أنها لم تعد أبدا إلى سالف عهدها، وانتقل مشعل العلم والحضارة بإفريقية إلى المهدية ثم إلى تونس الحفصية. خامسا: عصر المرابطين والموحدين (434 هـ - 668 هـ) (¬2): ينتسب الملثمون الذين عرفوا فيما بعد بالمرابطين إلى قبيلة لمتونة إحدى بطون صنهاجة أعظم قبائل البربر وسموا بالملثمين، لأنهم يضعون اللثام على وجوههم ليلا ونهارا حضرا وسفرا، وقد بدأت دعوة المرابطين على يد الفقيه المالكي عبد الله بن ياسين، الذي وفد مع زعيم قبيلة جدالة الأمير يحيى بن إبراهيم الجدالي إلى بلاد جدالة، عندما عاد من الحج سنة 429 هـ، فلم يستطع نشر دعوته في شنقيط لمعارضة الوجهاء والكبراء فانتقل إلى جزيرة منعزلة بالسنغال ومعه يحيى بن إبراهيم وبعض أتباعه، وأسس هناك رباطا بث منه دعوته وأرسل البعوث إلى القبائل فالتف الناس حوله وسموا المرابطين بسبب ملازمتهم لهذا الرباط، ثم أعلن لهم ضرورة خروجهم لدعوة الناس وإخراجهم مما هم فيه من الطغيان، فبدأ الكفاح المسلح وأخضع عدة قبائل منها قبائل كدالة ولمتونة وكسوفة (¬3). وفي عام 447 هـ توفي الأمير يحيى بن إبراهيم، فاختار ابن ياسين يحيى بن عمر من قبيلة لمتونة لقيادة جند المرابطين الذي اتجه إلى فتح كثير ¬

(¬1) انظر المعالم 3/ 203. (¬2) انظر: الحلل الموشية ص: 17 - 19، تاريخ المغرب والأندلس ص: 37، المؤنس في أخبار إفريقية ص: 101 - 102، أعمال الأعلام ص: 227، 231، تاريخ الأندلس في عهد المرابطين والموحدين (كاملا)، أخبار المهدي بن تومرت (كاملا)، الدولة الموحدية في عهد عبد المؤمن بن علي (كاملا)، عصر المنصور الموحدي (كاملا)، الأنيس المطرب بروض القرطاس 2/ 10، 11، 15، تاريخ الجزائر في القديم والحديث 2/ 209، الاستقصا 2/ 9، البيان المغرب 4/ 8، في تاريخ المغرب والأندلس ص: 267، المعجب في تلخيص أخبار المغرب ص: 171، تاريخ الشعوب الإسلامية 2/ 183، قيام دولة المرابطين (كاملا)، دور المرابطين في نشر الإسلام في غرب إفريقيا (كاملا)،. (¬3) انظر تاريخ الشعوب الإسلامية 2/ 183، في تاريخ المغرب والأندلس ص: 268، موريتانيا بلاد شنقيط ص: 10، 11.

من بلاد السودان الغربي، ثم استغاث فقهاء درعة وسجلماسة بعبد الله بن ياسين وجيوشه لتخليصهم من المنكرات والفساد، الذي تمر به البلاد فاستولوا على سجلماسة التي مالبثت أن ثار أهلها ونجحوا في استعادتها، ثم قتل الأمير يحيى بن عمر فاختار ابن ياسين أخاه الأمير أبو بكر بن عمر سنة 448 هـ، الذي اندفع إلى الشمال فقاتل قبائل برغواطة التي اعتنقت المجوسية ومات أثناء ذلك ابن ياسين متأثرا بجراحه، فاستمر أتباعه في نفس الطريق وترك أبو بكر بن عمر السلطة لابن عمه يوسف بن تاشفين (¬1)، هو القائد المظفر الذي تمكن من إحكام قبضته على المغرب الأقصى، وبناء مراكش واعتبر هو المؤسس الحقيقي لدولة المرابطين، ثم انطلق إلى الأندلس في مواجهة النصارى حتى توفاه الله وتولى ابنه علي بن يوسف تاشفين الذي سار سيرة والده، وكان لانتصاراته صدى واسع في العالم الإسلامي (¬2). وفي أثناء ذلك ظهر محمد بن تومرت الذي ينتسب إلى بيت النبوة ونشأ نشأة دينية ورحل في طلب العلم إلى الأندلس، ثم إلى المشرق وكر راجعا للمغرب والتقى في عودته بالمدعو عبد المؤمن بن علي الذي صحبه وحفظ عنه تعاليمه ولما وصل مراكش سنة 515 هـ قام بدوره في الوعظ والإرشاد، حتى وصل نبؤه إلى علي بن يوسف بن تاشفين، فجمع له مجلسا من الفقهاء تناظروا فيه حول المنكرات التي تفشت في المجتمع وتأثر الأمير بكلامه إلا أنه أمر بطرده من مراكش خشية الفتنة، فكانت تلك الشرارة لإعلانه خلع علي بن يوسف والدعوة لمبايعته، واتخذ مدينة تينملل مركزا له ودخل في صراع مرير مع المرابطين انتهى بموته سنة 524 هـ، فتحمل أعباء دعوته عبد المؤمن تلميذه المخلص، والذي يعتبر المؤسس الحقيقي لدولة الموحدين فاستغرق سنة ونصفا في تنظيم شئون الموحدين، ثم بدأ الكفاح المسلح ضد ¬

(¬1) انظر الأعلام 1/ 34. (¬2) انظر أعمال الأعلام ص: 228، 230، قيام دولة المرابطين ص: 147، 219، 220، المؤنس 103 - 105، الأنيس 2/ 17 - 20، الاستقصا2/ 19، تاريخ الأندلس في عهد المرابطين والموحدين 1/ 71، 121، المعجب في تلخيص أخبار المغرب ص: 130 - 171، البيان المغرب 4/ 52.

المرابطين، وكانت لوفاة علي بن يوسف بن تاشفين سنة 537 هـ أثر كبير في فت عضد دولته، حتى بعد تولي اسحق بن علي بن تاشفين السلطة بعد نزاع عليها مع ابن أخيه إبراهيم بن تاشفين، وتمكنت جيوش الموحدين من إسقاط مراكش سنة 541 هـ، وكانت تلك نهاية دولة المرابطين وبداية دولة الموحدين (¬1). وفي عصر المرابطين الأنف ذكرهم كانت علاقة الود والوئام باقية بينهم وبين بني زيري بالمغرب الأدنى حفاظا على الصلات القبلية بينهما فكلاهما من قبيلة صنهاجة البربرية، ووقف المرابطون بجوار الزيريين ضد خطر النورمنديين. أما بالنسبة لبني حماد وهم كذلك من صنهاجة فلم تكن العلاقات معهم ودية تماما، وإنما تخللها مناوشات كان العامل فيها ضعف بني حماد أمام أعراب بني هلال، الذين خربوا القيروان وقوضوا ملك بني زيري فأدى كفاح المرابطين من أجل السيطرة على المغرب الأوسط إلى اصطدامهم ببني حماد غير أن ذلك لم يصل إلى الصدام المسلح (¬2). وبعد أن أحكم عبد المؤمن الموحدي قبضته على المغرب الأقصى توجه إلى الشرق حيث توالت انتصاراته حتى وصل إلى طرابلس وبذلك نجح الموحدون في تحقيق وحدة سياسية للمغرب الإسلامي تدار شؤونها من عاصمة الخلافة مراكش، ولم ينس أيضا واجبه نحو الأندلس فجهز حملة كبيرة لدفع النصارى سنة 556 هـ إلا أنه مرض مرضا أفضى إلى موته حال دون إتمام الحملة وذلك سنة 558 هـ، وتولى خلفا له ابنه يوسف بن عبد المؤمن الذي تمكن من خمد ثورة ضده من الصناهجة، ثم والى الحملات على الأندلس حتى أصيب في أخراها وتوفي على إثر ذلك سنة 558 هـ، وتولى بعده ابنه يعقوب بن يوسف الملقب بالمنصور وفيه بلغت دولة الموحدين أوج ازدهارها ¬

(¬1) انظر الدولة الموحدية ص: 47، صبح الأعشى 5/ 136، المعجب ص: 178 - 303، العبر 6/ 226، تاريخ الدولتين ص: 2، 3، الأنيس 2/ 107، أعمال الأعلام 3/ 264 - 267، النبوغ المغربي 2/ 73، نظم الجمان ص: 93، 94، عصر المرابطين والموحدين 1/ 225، موريتانيا بلاد شنقيط ص: 12، 13. (¬2) انظر تاريخ المغرب والأندلس في عصر المرابطين ص: 219 - 232، قيام دولة المرابطين ص: 328 - 329، 388.

وقضى أيضا على بعض الثورات الداخلية، وحقق نصرا هائلا بالأندلس في معركة الأرك التي أوقفت زحف النصارى وزادت من هيبة الموحدين ومكانتهم، وفي سنة 595 هـ أصيب المنصور بوعكة أدت إلى وفاته (¬1). ثم تولى بعده ابنه محمد بن يعقوب الملقب بالناصر الذي استطاع أيضا إخماد ثورة بني غانية بإفريقية، وولى عليها الشيخ أبا محمد عبدالواحد ابن أبي حفص الهنتاتي، وكان من أشياخ الموحدين وكانت ولايته بداية لقيام الدولة الحفصية بتونس بعد ضعف دولة الموحدين، بعد أن منيت بهزيمة قاسية في معركة العقاب سنة160 هـ على أيدي النصارى راح ضحيتها الكثير من جند الموحدين وعجلت بسقوط الأندلس بعد ذلك في أيدي الفرنجة، وأصيب الناصر بالمرض وتوفي سنة 610 هـ فتصارع أبناء عبدالمؤمن على السلطة وسرى الضعف في أرجاء الدولة حتى سقطت سنة 668 هـ. وفي حين كانت دولة المرابطين تابعة للخلافة العباسية ببغداد اعتبر الموحدون أنفسهم خلفاء وأن مركز الخلافة مراكش وليس بغداد (¬2). وفي تلك الحقبة ازدهرت الحياة الاقتصادية ازدهارا بالغا، وتنوعت مصادر الدخل وشمل الازدهار الزراعة والصناعة والتجارة (¬3)، واتجهت الدولة للبناء والتعمير فأسست المدن ومن أهمها مراكش التي أسسها المرابطون كما تقدم ومدينة تلمسان ومدينة تاودا ومدينة رباط الفتح المعروفة الآن بالرباط، والتي قام بتأسيسها الموحدون كما أسست المنشآت العسكرية والمنشآت العامة كالمساجد والمدارس وغيرها (¬4). ¬

(¬1) انظر الأنيس 2/ 163، 168، 186، 193، المعجب 230، 235، 256، نظم الجمان ص: 169، تاريخ الجزائر 2/ 224، الاستقصا 2/ 147، 149، البيان المغرب 4/ 65، 72، المؤنس 114، أعمال الأعلام 2/ 309، الحلل الموشية ص: 156. (¬2) انظر البيان المغرب 4/ 192، تاريخ الدولتين ص: 147، الأنيس ص: 168، عصر المرابطين والموحدين ص: 270، تاريخ الشعوب الإسلامية 2/ 198، الفارسية في مبادىء الدولة الحفصية ص: 108، المعجب ص: 323، المؤنس 119، تاريخ الأندلس في عهد المرابطين 2/ 166. (¬3) الحضارة الإسلامية في المغرب والأندلس 181 - 288. (¬4) الحضارة الإسلامية 372 - 404.

وأما الناحية العلمية فكانت في أوج ازدهارها، وكرم طبقة طلاب العلم تكريما يفوق الوصف خاصة في دولة الموحدين، أما طبقة الفقهاء والعلماء والقضاة فاحتلت منزلة رفيعة في المجتمع المغربي منذ قيام دولة المرابطين، وظهر لهم نفوذ في مجريات الأمور وخاصة في دولة المرابطين ويرجع السبب في ذلك إلى أن الدولتين قامتا على أساس ديني ودعوة إصلاحية، وتحقق لهم في ظل الدولتين مستوى مادي رفيع جدا كان له أبلغ الأثر على إثراء الانتاج العلمي في شتى مجالاته وفي مقدمتها مجال التفسير حيث زاد الاقبال على دراسة القرآن الكريم، باعتباره مصدر التشريع الأول في الدولتين وممن اشتهر من العلماء في تلك الحقبة أبو الحسن علي بن محمد الغرناطي المفسر نزيل مراكش، وكان عالما زاهدا يجتمع إليه الناس فيفسر لهم القرآن من أوله إلى آخره (¬1)، وأبو بكر محمد بن علي المعافري السبتي عرف بابن الجوزي، وله تفسير في القرآن (¬2)، وعبدالجليل بن موسى الأنصاري الأوسي ت 608 هـ وله تفسير القرآن (¬3)، ومن التفاسير التي اعتنى بها المغاربة في تلك الفترة: كتاب الوجيز لعبد الحق بن عطية ت 541 هـ (¬4). وكان من شيوخ المرابطين الشيخ أبو محمد يرزجان بن محمد الجزولي الضرير الذي قدم مراكش، وكان عالما فاضلا بصيرا بمذهب مالك صحب الإمام أبا بكر بن العربي صاحب أحكام القرآن (¬5). وقد أرسل أبو بكر بن العربي رسالة إلى الخليفة المستظهر العباسي يزكي فيها الأمير يوسف بن تاشفين عنده (¬6). وأما علم الحديث فنال عناية فائقة لاسيما في عصر الموحدين فبعد أن كان التركيز في عهد المرابطين على الموطأ أصبح الاهتمام بالحديث عموما السمة السائدة في عصر الموحدين، واهتم به الخلفاء اهتماما كبيرا، وكان بعضهم يقوم بإملاء الأحاديث بنفسه، وانتشرت المؤلفات فيه في ذلك العصر، ¬

(¬1) التشوف ص: 226. (¬2) النبوغ المغربي 1/ 77، 95. (¬3) العلوم والآداب ص: 440. (¬4) عصر المنصور ص: 247. (¬5) انظر: ترتيب المدارك 3، 4/ 780، دور المرابطين ص: 143. (¬6) محققة مع كتاب دور المرابطين في نشر الإسلام في غرب إفريقيا ص: 182 - 200.

أحوال المنطقة حتى الاحتلال الفرنسي

كما اعتبر عهد الموحدين عهد إحياء الاجتهاد (¬1). وقد أدى ضعف الموحدين في نهاية عهدهم إلى تمزق دولتهم الشاسعة الأطراف على النحو التالي: سقطت الأندلس في يد الأسبان والبقية الباقية التي لم تقع في أيديهم استقلت تحت إمرة بني الأحمر أصحاب غرناطة. وأما منطقتنا فقد ظهرت فيها ثلاث دول إسلامية ظلت تتنازع السلطان وتحاول كل منها التوسع على حساب جارتها وهي: الدولة الحفصية في المغرب الأدنى. الدولة الزيانية في المغرب الأوسط. الدولة المرينية في المغرب الأقصى (¬2). ومنذ ذلك الحين يعتبر المغرب الإسلامي الكبير قد انقسم إلى ثلاث دول لكل منها تاريخه المستقل، والتي آلت حاليا إلى تونس والجزائر والمغرب (ويتبعها موريتانيا) وعليه فسوف تكون دراستنا الحالية لكل منها على حدة إلى الاحتلال الفرنسي وقد حكم تونس بعد الحفصيين الأتراك وفي عهدهم فرضت الحماية الفرنسية، وحكم الجزائر بعد بني زيان الأتراك وفي عهدهم وقع الاحتلال الفرنسي، وأما المغرب فحكمها بعد بني مرين الوطاسيون، ثم السعديون ثم العلويون وفي عهدهم فرضت الحماية الفرنسية. أحوال المنطقة حتى الاحتلال الفرنسي: أولا: تونس الدولة الحفصية في المغرب الأدنى (تونس) 1230 م - 1574 م (¬3): وتنسب إلى أبي حفص عمر بن يحيى الهنتاني نسبة إلى قبيلة هنتانة ¬

(¬1) انظر: الأنيس 2/ 154، الاستقصا 2/ 126، المعجب ص: 254، 255، عصر المنصور الموحدي ص: 256، الفكر السامي 3/ 170 - 173. (¬2) المغرب العربي الكبير في العصر الحديث ص: 26. (¬3) انظر: تاريخ إفريقية في العهد الحفصي (كاملا)، الدولة الحفصية (كاملا)، الفارسية في مبادىء الدولة الحفصية (كاملا)، تاريخ إفريقية في العهد الحفصي (كاملا)، تاريخ تونس ص: 60 - 63، المغرب العربي الكبير ص: 27 - 91.

البربرية وهو من خاصة ابن تومرت وأحد مريديه، وكانت له مكانة كبيرة لديه وقد استطاع أبو محمد عبد الواحد بن أبي حفص ولد المذكور بعد أن ولاه الخليفة الموحدي الناصر على تونس أن يقضي على كثير من الاضطرابات، فهزم ابن غانية كما تقدم، وخلفه ابنه عبد الرحمن سنة 618 هـ الذي تولى بعده أبو زكريا الحفصي سنة 627 هـ واستطاع أن يعلن استقلاله بتونس والقيروان عن دولة الموحدين بعد أن دب إليها الضعف ونازعها بنو مرين السلطة على المغرب الأقصى، وقمع ابن غانية عندما عاد للاضطرابات مرة ثانية وقتله، وقمع ثورة قبيلة هوارة فاستتب له الأمر بتونس، ثم توسع فاستولى على الجزائر وبايعته تلمسان وسجلماسة بل بايعته بعض بلاد المغرب الأقصى (¬1). ثم واصل محمد والذي لقب بالمستنصر تلك الأعمال بنجاح أكثر وتلقب رسميا بلقب الخليفة أو أمير المؤمنين، وأرسل له أمير مكة والحجاز بمبايعته وأراد الصليبيون ضرب قلب الإسلام فشن القديس لويس الحملة الصليبية الثامنة (¬2) ضد تونس سنة 1270 وانتهت بمعاهدة صلح تنازل فيها الخليفة المستنصر فرضي بدفع غرامة حربية بالإضافة إلى مضاعفة ما كان يدفعه إلى ملك صقلية من أتاوة، ثم بدأت الانتفاضات على الحكم والاضطرابات وهجوم الأرغوينيين على سواحل تونس بعد استقرارهم بصقلية. ثم احتل بنو مرين تونس لمدة عشر سنوات من سنة 1347 م - 1357 م حتى ظهر الأمير الحفصي أبو العباس والي مقاطعة قسنطينة الذي استطاع إعادة البلاد لوحدتها وللدولة الحفصية هيبتها بداية من سنة 1370 م واستطاع هو وأبو فارس خلفه وعثمان ¬

(¬1) المغرب العربي الكبير ص: 27، 28. (¬2) هي الحملة الثامنة والأخيرة في الحروب الصليبية وسبقتها سبعة الأولى لفلسطين 493 هـ احتلت القدس، الثانية 544 هـ أبيدت، الثالثة 585 هـ لاسترجاع القدس بعد صلاح الدين فشلت، الرابعة 599 هـ لاسترجاع القدس فشلت، الخامسة 614 لمصر فشلت، السادسة 626 هـ للقدس فشلت، السابعة 646 هـ مصر فشلت (انظر الدولة الحفصية 152 - 158).

خلف أبي فارس أن يكبحوا جماح المنشقين، ويكسروا شوكة القبائل، وشنوا على أوروبا المسيحية حرب القرصنة، وعقدوا معاهدات تجارية مع إيطاليا، وذلك خلال مدة طويلة في الحكم سنة 1370 م - 1488 م من طرابلس إلى مدينة الجزائر. وفي الفترة الأخيرة من العهد الحفصي ظهرت الاضطرابات من جديد، وانحلت الدولة حتى انحصرت في مدينة تونس وما يحيط بها، وتوالت هجمات النصارى على السواحل وتفاقم أثرها وفقدت الدولة القدرة على ردع القوى الانفصالية داخليا واحتل الأتراك ثم الأسبان على التوالي تونس سنة1534 م، 1535 م، وكانت السواحل مسرحا للصراع الأسباني التركي. في أثناء التوسعات الأسبانية والبرتغالية ظهر على الساحة بحاران جزائريان هما الأخوان (عروج)، (خير الدين) فقد اتخذ عروج جزيرة جربه التونسية قاعدة لنشاطه بالاتفاق مع السلطان الحفصي محمد بن الحسن ونجح هو وأخوه في إنقاذ كثير من مسلمي الأندلس، ونقلهم منها فاستنجدت به المدن الساحلية في المغرب لتخليصهم من الأسبان فبترت ذراعه في أثناء محاولة تخليص بجاية سنة 918 هـ (¬1). وبعد أن خلع الأتراك السلطان الحفصي من العرش أعاده القائد الأسباني بعد أن أدخله تحت حمايته وجعله تابعا له ثم خلعه ابنه أحمد وخلفه سنة 1541 م، ولم يكن أسعد حظا منه، واستطاع القائد التركي الاستقرار في طرابلس والاستيلاء على القطر التونسي، وفي سنة 1569 م دخلت الجيوش التركية بقيادة والي الجزائر تونس وطردت منها السلطان الحفصي، ثم استولى الأسبان على تونس من جديد سنة 1573 م إثر هزيمة الأسطول العثماني أمام القائد ليبانت، وأقاموا فيها حكما مشتركا أسبانيا حفصيا حتى قدم الأسطول العثماني بقيادة سنان باشا الذي استرجع تونس، وأنهى حضور الأسبان والدولة الحفصية بإفريقية. واتجه خير الدين الوالي على الجزائر إلى تونس وذلك في نهاية الدولة ¬

(¬1) انظر: صفحات من تاريخ مدن الجزائر ص: 42، إتحاف أهل الزمان 2/ 9، تاريخ الجزائر الحديث ص: 26.

الحفصية، فدخلها في جيش من الأتراك فتوجه الأمير الحفصي الحسن بن أبي عبد الله إلى أسبانيا مستنجدا بملكها الذي أعد قوة ضخمة، فدخل تونس وعاث فيها فسادا ونهب جامع الزيتونة، وأعاد الأمير الحفصي لملكه مقابل شروط أثارت عليه الأهالي فسملوا عينيه وخلفه ابنه الذي حاول وقف التيار الأسباني فلم يستطع، وتمكن الأسبان من الاستيلاء على موانىء صفاقس وسوسة والمنستير، وأدى صراع الأمير الحفصي أبي العباس الثاني ووزيره إلى دخول العثمانيين في الصراع مع الأسبان، كان من حلقاته هزيمة الأسطول التركي سنة 1571 م، وإعادة الحفصيين إلى حكم تونس سنة 1573 م إلا أن القائد العثماني سنان باشا استطاع في عام 1574 القضاء نهائيا على الحفصيين في تونس. ومن حلقاته أيضا محاولة شارل الخامس سنة 1541 م توجيه ضربة قاضية للأتراك في الجزائر ففشل واستطاع الأتراك سنة 1558 م، أن يوجهوا ضربة قاضية للأسبان قرب مستغانم ثم انتزعوا ميناء طرابلس من فرسان بيت المقدس وأخذ نشاط الأسبان يضعف (¬1). وفي العهد الحفصي أنشئت الكتاتيب لتعليم القرآن وازدهر نشاط المذهب المالكي وظهر من العلماء أمثال ابن زيتون وابن عرفة، الذي يعتبر آخر كبار المجددين في زمنه وبعده أعلن علماء بلاد المغرب غلق باب الاجتهاد فتحجر العلم وأجدبت أرضه وانطوى العلماء ولقي التصوف رواجا كبيرا وغدا الانحراف فيه كبيرا وشيدت الأضرحة ولجأ الناس إلى الخرافات والبدع، التي أيدت من قبل الأمراء لأغراض سياسية وظهرت عبادة الأولياء والصالحين تحت حماية السلطة إلا أنه مع ذلك التدهور لم تخل المنطقة من ظهور بعض المفكرين وعلى رأسهم عبدالرحمن بن خلدون الذي ولد بتونس ورحل وتعلم وأثرى المكتبة الإسلامية بكتابات نافعة سنة 1332 - 1406 م، كما ظهر من علماء الحديث الحافظ ابن سيد الناس والمؤرخ أحمد بن محمد القرشي (¬2). ¬

(¬1) انظر المغرب العربي الكبير في العصر الحديث ص: 44 - 91. (¬2) تاريخ تونس ص: 60 - 63، تاريخ إفريقية في العهد الحفصي 2/ 299 - 422، جامع الزيتونة ومدارس العلم في العهد الحفصي والتركي ص: 32.

الدولة العثمانية في تونس وحتى الاحتلال الفرنسي

وكان التفسير يدرس بالمدارس والجوامع وسمي الدرس دولة وقد ذكر العبدري في رحلته أنه سمع دولا من التفسير عن اللبيدي وابن الغماز، وقد ظهر من التفاسير في العصر الحفصي غير تفسير ابن عرفة المتقدم تفسير ابن بزيزة عبد العزيز بن إبراهيم بن أحمد القرشي التميمي التونسي ت 674 هـ الذي جمع فيه بين تفسيري ابن عطية والزمخشري، وإعراب القرآن لأبي إسحاق برهان الدين إبراهيم بن محمد القيسي الصفاقسي سنة 752 هـ، وكانت تدرس في ذلك العصر مشاهير التفاسير مثل الزمخشري وابن عطية والفخر الرازي وأبي حيان (¬1). الدولة العثمانية في تونس وحتى الاحتلال الفرنسي: لما اشتد الخلاف بين أبي العباس الثاني الأمير الحفصي ووزيره استنجد الوزير بعلج علي والي الجزائر فخرج بجيشه واستحوذ على تونس، فاستنجد الأمير الحفصي بالأسبان فوافقوا على أن يقتسموا معه تونس، فرفض العرض وقبله أخوه محمد بن الحسن وتمكن من استرجاع تونس بمساعدتهم وفي عام 981 هـ اتجهت قوة عثمانية كبيرة من القسطنطينية بقيادة سنان باشا معها ألف سفينة بقيادة علج علي مع قوات أخرى من الحاميات التركية، وأتموا فتح تونس وانتهت الدولة الحفصية تماما (¬2). حكم الدايات: ولما أتم سنان باشا فتح تونس ألحقها في بداية الأمر بولاية الجزائر لكنه أوجد ديوانا اشترك فيه بعض أعيان البلاد لكن ثار بعض الجند على رؤساء الديوان، وعينوا أحد الدايات (الداي ضابط على كل 100جندي) وهو إبراهيم ود علي حاكما على البلاد فأقرت الأستانه هذا الوضع وتتابع حكم الدايات حتى سنة 1640 م (¬3). ¬

(¬1) جامع الزيتونة ص: 32، 33. (¬2) الاستقصا 5/ 59، 60، 61. (¬3) انظر خلاصة تاريخ تونس ص: 161 - 165.

حكم الأسرة الحسينية

حكم البايات: والباي هو المأمور بجباية المال. ونجح أحد البايات وهو مراد باي في السيطرة على شئون تونس وظفر من الخلافة بلقب باشا ونجح في أن يورث الأمر من بعده لأبنائه، فأسس الأسرة المرادية التي حكمت تونس حتى عام 1114 هـ وكثر النزاع بين أفراد هذه الأسرة مما أدى إلى التخريب في المدن التونسية (¬1). حكم الأسرة الحسينية (¬2): في سنة 1705 م انتقلت الولاية في تونس إلى حسين بن علي الذي أسس أسرة حاكمة جديدة هي الأسرة الحسينية، التي استمرت إلى الاستقلال وإعلان الجمهورية سنة 1957 م والمؤسس الأول لها هو حسين باي الأكبر كان قد وفد أبوه من تكريت على تونس أيام الدولة المرادية، فانخرط في الجند ونشأ ابنه حسين في كنف البايات من بني مراد وتدرج في الولايات حتى انتخب واليا وعمل عدة أعمال إصلاحية منها: إنشاء بعض المدارس واهتم بإحياء معالم القيروان بعدما تخربت في حروب بني مراد، وأراد حسين بابي أن يجعل الحكم في الأكبر من ذريته فالأكبر فخرج عليه ابن أخيه علي بن محمد وقتل حسين باي جنوب القيروان، ونشبت الحروب بين الأسرة حتى تدخلت الجزائر في شئون تونس، وتولى علي بن محمد المشهور بالباشا علي الحكم، واشتهر بتشجيعه العلم والعلماء وكان هو نفسه على قدر كبير من العلم وله كتاب في النحو هو التسهيل لابن مالك، وأسس مكتبة عظيمة حوت الكثير من المخطوطات فقد أكثرها أثناء الحروب والاضطرابات بين أفراد الأسرة فنقل المتبقي إلى جامع الزيتونة، واهتم بتأسيس المدارس وتزويدها بحاجتها من الكتب وغيرها والتف حوله كثير من الأدباء والعلماء، وتولى الأمر بعده ابنه محمد باي ثم علي باي الثاني فاهتم أيضا بالمدارس والتكايا وغير ذلك. ثم تولى حموده باشا ابن علي باي 1783 م الذي نهض بالبلاد في ¬

(¬1) انظر خلاصة تاريخ تونس 165 - 167. (¬2) انظر خلاصة تاريخ تونس ص: 167 - 177، 192، 195.

مجالات الفلاحة والتجارة والصناعة، وحفلت مدته بالحروب منها ضد الثائر علي برغل وضد أطماع الجزائريين في تونس، وكان له علاقات طيبة مع نابليون بونابرت ومعاهدات تجارية مع أسبانيا وهولنده وأمريكا، ثم تولى السلطة محمود باي ابن عم حموده (سنة 1814 - 1824 م) شهدت فيها البلاد كثيرا من أوجه العمران وتعددت بها الجوامع والمدارس والتكايا وغيرها وساعد على ذلك الهدوء الذي ساد البلاد عقب إنهاء الصراع على الحدود مع الجزائر بتدخل الدولة العثمانية، ثم تولى ابنه حسن باي سنة (1824 - 1835 م)، وفي عهده وقعت موقعة نوارين البحرية بين العثمانيين والأوربيين، وهزم فيها الأسطول العثماني، وفيه أيضا هاجمت فرنسا الجزائر. ثم تولى الحكم أخوه مصطفى باي ثم خلفه المشير أحمد باي الذي أنشأ مدرسة عسكرية واستقدم لها المدرسين، وأصبح لتونس جيش قوي، واهتم بتنظيم التعليم بجامع الزيتونة ودعا عددا من الأساتذة الأجانب للالتقاء بأساتذته مما أدى إلى الاحتكاك بين العقلية الإسلامية والعقلية الغربية وقام بتأسيس المكتبة الأحمدية، وزار فرنسا بنفسه مع جماعة من رجال الدولة لتوطيد العلاقات بين الدولتين، وقام بإلغاء الرق ومنع الاتجار فيه فحمد فعله ذلك من الدول الأوروبية، وأرهقت الدولة في عهده بالمصروفات الكثيرة، وأدى اشتراكها في حرب القرم إلى جانب الدولة العثمانية ضد روسيا إلى زيادة التدهور الاقتصادي (¬1). ثم تولى بعده محمد باي الثاني (سنة 1855 - 1859 م)، فضغطت فرنسا وانجلترا عليه بإصدار مايسمى عهد الأمان، الذي منح الأجانب مزايا عديدة (¬2). واهتم محمد باي بتنظيم القضاء الشرعي، فكان المجلس الشرعي يعقد يوميا ويحضره القاضيان المالكي والحنفي، وأدخل في عهده الطباعة العربية ¬

(¬1) انظر الحركة الأدبية والفكرية في تونس ص: 12 - 23. (¬2) إتحاف أهل الزمان بأخبار ملوك تونس وعهد الأمان 4/ 25، خلاصة تاريخ تونس ص: 200 - 201، الاتحاف 3/ 96 - 110، تونس في عهد الحماية ص: 153 - 154.

واشتهر في دولته كثير من رجال العلم ومنهم القاضي محمد الطاهر بن عاشور وشيخ الإسلام بيرم الرابع وغيرهما (¬1). وحاول محمد باي إصلاح الوضع الاقتصادي، ثم تولى محمد الصادق باي (سنة 1859 م - 1881 م) الذي بدأ جهودا صادقة لإصلاح البلاد إلا أنه ضاعف الضرائب على الأهالي واقترض بأرباح فاحشة، وكان ذلك سببا في اندلاع ثورة ابن غذاهم سنة 1864 م (¬2) مطالبة بتخفيف ذلك ورفع الظلم إلى أن استطاعت الدولة القضاء عليها بعد أن نشرت الفرقة بين صفوف الثوار، ثم تلاها ظهور مرض الكوليرا ثم الحمى التيفوسية، فأدى ذلك إلى تعطيل الأوضاع، وأصيب الناس بضيق شديد. ولما تولى خير الدين (¬3) الوزارة بحكومة تونس سنة 1873 م بدأ بعلاج مشاكله، فألغى الضرائب الباهظة وأجرى حركة تطهير بين الموظفين، وقام بعدة أعمال إصلاحية. وفي مجال التعليم أنشأ أول معهد درست فيه العلوم العصرية، وكان هدفه التوفيق بين العلوم العصرية والتقاليد الإسلامية وتعليم اللغات، وهي المدرسة الصادقية وفكر في إرسال الممتازين من خريجيها للدراسة في جامعات أوربا كما زاد مرتبات المدرسين بجامعة الزيتونة وأسس المكتبة الصادقية وحظيت حركة الطبع والنشر في أيامه باهتمام كبير، وصدرت أول صحيفة عربية في تونس وهي صحيفة الرائد (¬4)، ثم طلب خير الدين إعفاءه بسبب الدسائس التي حاكها مصطفى إسماعيل ضده عند الباي، وتولى مصطفى بدلا منه سنة 1877 م وكان توليه بداية النكسات من جديد على تونس، حتى سقطت في يد الاستعمار الفرنسي (¬5). وفي العهد التركي بصفة عامة. كان الفقه والإنتاج الثقافي قد غلبت عليه ¬

(¬1) خلاصة تاريخ تونس ص: 207 - 209. (¬2) ثورة علي بن غذاهم - لجام غانياج، ثورة ابن غذاهم: ب سلامة (كاملين). (¬3) له كتاب: أقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك وضعه عام 1284 هـ وطبع في الإسكندرية سنة 1299 هـ في مبادئه التنظيمية التي كان يؤمن بها. (¬4) انظر: الحركة الأدبية في تونس ص: 12. (¬5) انظر: خير الدين باشا (للمنجي)، خير الدين التونسي (لمحمد كرو).

ثانيا: الجزائر

التبعية والتقليد نتيجة للعوامل الفكرية التي كانت تسيطر آنذاك، وكأن البلاد أغلقت أبوابها في وجه التيارات الجديدة منذ استقرار الأندلسيين وتوقف الارتحال إلى المشرق، وبانقطاع هذه العلاقة توقف المد الثقافي فالطالب المغربي الذي كان يبحث عن المعرفة في كل أجزاء العالم الإسلامي ويختار بنفسه مواد الدراسة، ويتصل بالعلماء للأخذ عنهم أصبح يكتفي بماهو موجود في المساجد والزوايا ويقتصر على الأخذ عن شيوخ تقليديين. وهكذا عكف الناس على المختصرات الفقهية يشرحونها ويعلقون عليها حتى أصبحت دراسة الكتب هي الهدف وضاع العلم واختفى الاجتهاد، وقد تأثرت وضعية علم التفسير بالركود العلمي الشامل الذي أصيبت به البلاد، على أن اليقظة العلمية التي سجلت بعد ذلك بفضل الاستقرار واستتباب الأمن جعلت الناس يعتنون بعلم التفسير فاهتموا على الأخص بتفسير أبي السعود الذي اشتهر وضرب به المثل في الإحاطة بعلوم الشريعة والتضلع فيها، كما اشتهر في علم التفسير الشيخ أبو عبد الله محمد زيتونة الذي وضع حاشية على تفسير أبي السعود جاوز نصفه ستة عشر جزءا (¬1). ثانيا: الجزائر الدولة الزيانية (بنو عبد الواد) في المغرب الأوسط (الجزائر): وأول حكامها هو يغمر إسن بن زياد بن ثابت، وكان مطيعا للموحدين وعندما ضعفت دولتهم حملهم على التنازل له عن إمارة تلمسان وارتأى أبوالحسن السعيد خليفة الموحدين تأديب هذا الخارج عن سلطانه، فخرج لقتاله فقتل خليفة الموحدين وتثبتت أركان دولة بني عبد الواد وكانت هذه الدولة دائمة التعرض لمطامع الحفصيين وكذا للاصطدام بالمرينيين حكام المغرب الأقصى، حتى تمكن الحفصيون من بسط نفوذهم على المغرب الأوسط كله كما سبق وكذا تمكن المرينيون من القضاء على الدولة الزيانية باحتلالهم ¬

(¬1) انظر: جامع الزيتونة ص: 29، 32، 34.

حكم العثمانيين للجزائر

تلمسان كما سيأتي إلا أنها انبعثت من جديد على يد أبي حمو موسى الثاني سنة760 هـ، وظل أمرها قائما حتى كثر النزاع بين ملوكها وانتشرت الفوضى وانتهى الأمر باستيلاء الأتراك عليها عام 1554 م (¬1). واستعد الأسبان لمهاجمة الجزائر فاحتلوا ميناء المرسى الكبير عند وهران ثم أسقطوا وهران ثم بجاية ثم شرشال وعنابة وذلك في أواخر الدولة الزيانية واضطر الجزائريون إلى عقد صلح مع الأسبان قضى بتسليم الأسبان جزيرة هامة بنوا فيها حصنا لهم هدد مدينة الجزائر نفسها سموه البيتون، واضطرت عدة موانىء أخرى أن تعترف بسلطان الأسبان الذين استولوا أيضا على طرابلس سنة 1515 م وانحصرت مقاومة الجزائريين في العمليات البحرية، وأثناء تنافس اثنين من بني زيان على السلطة في آخر عهد بني زيان استنجد أحدهما بالأسبان 1518 م بتلمسان، واستنجد الآخر بـ (عروج) الذي كان قد أعلن نفسه سنة 1504 م أميرا على الجزائر بعد أن استطاع تثبيت سلطانه بها ثم شرع يبسط نفوذه على المناطق المجاورة حتى نجح في الاستيلاء على تلمسان وقضى على الأسرة الزيانية، وتخوف الأسبان من انتصاراته المتتالية وتمكنوا من قتله بعد محاصرته في مدينة شورا سنة 924 هـ فتسلم أخوه خير الدين الملقب (بارباروس) أي ذي اللحية الشقراء الأمر من بعده فأعلن ولاءه للسلطان العثماني، فأرسل له جيشا يشد من أزره ومنحه لقب (بيكلربك)، وأصبح واليا من ولاة الأتراك واستطاع أن يطرد الأسبان من كثير من الثغور حتى من حصن البيتون، وأصبحت الجزائر منذ ذلك الوقت ولاية عثمانية حتى سقطت في يد الفرنسيين سنة 1830 م (¬2). حكم العثمانيين للجزائر وينقسم إلى ثلاثة أدوار: دور الولاة الملقبين بيكلربك (يعني أمير الأمراء بالتركية) 1518 - 1587 م: بدأ هذا الدور من ولاية خير الدين الذي حاول الأسبان التخلص منه عن طريق حملة نزلت في الجزائر، فهزمها هزيمة منكرة واستطاع تحقيق عدة ¬

(¬1) ابن خلدون 7/ 161. (¬2) انظر: صفحات من تاريخ مدن الجزائر ص: 42 ومابعدها، إتحاف أهل الزمان 2/ 9 ومابعدها، تاريخ الجزائر الحديث ص: 26.

دور الباشوات 1587 م - 1671 م

انتصارات، وتولى بعده شئون الجزائر حسن أغا سنة1534 م واستطاع رد حملة ملك أسبانيا على الجزائر ثم عين حسن باشا بن خير الدين واليا على الجزائر فحصن الجزائر واستولى على تلمسان، ثم تولى الأمر صالح ريس الذي وجه ضربات قوية للأسبان وطردهم من بجاية ومن المهدية، ولما توفي عاد حسن باشا لولاية الجزائر فهاجم القوات المغربية التي كانت قد استولت على تلمسان، ووصل إلى أبواب فاس ودبر لاغتيال الأمير المغربي أبوعبد الله محمد الشيخ الملقب بالمهدي ونجح في قتله، ثم اتجه حسن باشا إلى الأسبان فهزمهم في مستغانم واستدعاه السلطان العثماني في حصار مالطة، وخلفه على الجزائر علج علي سنة 1568 م الذي اهتم بالأسطول واستطاع بسط النفوذ العثماني على تونس (¬1). دور الباشوات 1587 م - 1671 م: وكان الباشوات عبارة عن ولاة غرباء عن البلاد يحملون لقب باشا ترسلهم استامبول منذ عام 1587 م ويحكم الباشا لمدة ثلاث سنوات، وكانوا يشترون المنصب بالمال ويحرصون بالتالي على جمعه، وحدث في عهدهم أمر عظيم من الفوضى والحروب بين الجنود والقبائل أدى إلى تولي رؤساء البحرية السلطة وهو حكم الدايات. دور الدايات 1671 م - 1830 م: (الداي لفظ تركي معناه الخال) انتقلت السلطة إلى الدايات وهم رؤساء البحرية، وقد كانت بيده السلطة الحقيقية فنصبوا واحدا منهم على أن تبقى له السلطة مدى الحياة ولما رأت السلطة العثمانية أنها عاجزة عن فرض إرادتها على الجزائر كفت عن إرسال الباشوات، ومنحت الداي لقب باشا باعتباره ممثلا لسلطتها وبقي الأمر على ذلك حتى الاحتلال الفرنسي (¬2). وقد تقدم الكلام عن الحالة العلمية في العهد التركي عند حديثنا عن تونس. ¬

(¬1) انظر: المغرب العربي الكبير في العصر الحديث ص: 44 - 91، الجزائر العربية ص: 53 - 55. (¬2) انظر: المغرب العربي الكبير في العصر الحديث 101 - 106.

ثالثا: المغرب

ثالثا: المغرب الدولة المرينية (دولة بني عبد الحق) في المغرب الأقصى (المغرب) 668 هـ - 869 هـ (¬1): المرينيون فخذ من قبيلة زناتة العربية، وكان عبد الحق الذي نسبت إليه الدولة قد قام بأمر بني مرين وجرت بينه وبين عرب رياح حروب، وكان أصل ظهورهم بالمغرب في مدة أبي يعقوب يوسف بن الناصر من الموحدين بعد موت محيو أبي خالد والد عبد الحق متأثرا بجراحه مع أمير المؤمنين المنصور يعقوب من الموحدين في غزوة الأرك بعد أن عقد له على من في عسكره من زناته، وقد انتهزوا فرصة ضعف وانحلال دولة الموحدين فنازعوهم الأمر في المغرب وقامت بين الأمير عبد الحق بن محيو وبين الموحدين معارك قتل الأمير في إحداها (¬2). بدأت دولة بني عبد الحق باستيلاء أبي يوسف يعقوب بن عبدالحق على مراكش سنة 668 هـ لما أتته البيعة من أهلها إلا أنه تحول عنها إلى فاس وصيرها دار الخلافة، ثم زحف على تلمسان سنة 670 هـ، وأجبر ملوكها بني زيان على الصلح وغزا سجلماسة. وولي الإمارة قبله إخوته الثلاثة أبو سعيد عثمان الذي تقدم أميرا على بني مرين، فلما قتل اجتمع أشياخهم على أخيه أبي معرف محمد فلم يزل يحارب الموحدين حتى قتل في حرب معهم سنة 642 هـ، ثم ولي بعده أخوه أبو يحيى فجمع أشياخ بني مرين وقسم عليهم ما كان بيده من المغرب ثم مرض بفاس ومات سنة 656 هـ. ثم توالى الحكم في بني عبد الحق إلى أن تولى أبو الحسن علي بن عثمان المنصور بالله سنة 731 هـ الذي استطاع أن يخضع تلمسان نهائيا وانتصر على ابن تاشفين الزياني، وأنهى دولة بني زيان ثم نجح في دخول ¬

(¬1) انظر: روض القرطاس 1/ 278 - 283، الذخيرة السنية في تاريخ الدولة المرينية (كاملا)، الحلل الموشية 172 - 175، الفكر السامي 3/ 173. (¬2) المغرب العربي الكبير ص: 29.

الوطاسيون 876 هـ والسعديون 915 هـ في المغرب

تونس سنة 748 هـ، وكانت تشكو آنذاك من الفوضى والاضطراب فأصبح أبو الحسن ملك المغرب على الاطلاق ولكنه اضطر إلى الجلاء عن إفريقية بسبب ثورة قامت فيها وواجه أسطوله المغربي ريح شديدة غرق فيها كثير من سفنه وماينيف عن أربعمائة من أعلام المغرب الممتازين الذين كانوا بصحبته. وكان له في عصره سفارات مع حكام فارس وسلطان مصر والشام والحجاز محمد بن قلاوون ومع ملك مالي وغيره من ملوك السودان، واشتهر عهده بالأعمال العمرانية، فقد شيد عددا كبيرا من المدارس وأجرى المرتبات على الطلبة والأساتذة ثم نازعه ابنه أبو غنان السلطة فتنازل له عنهاسنة751 هـ فاستعاد نفوذ دولة بني مرين على المغربين الأوسط والأدنى (¬1). ثم تولى بعده ابنه أبو زيان محمد بن أبي عنان الذي خلع وخنق، ثم أخوه أبو بكر الذي مات غريقا ثم توالى حكام الدولة المرينية ابتداء من إبراهيم بن على الذي تولى سنة 760 هـ إلى عبد الحق بن أبي سعيد أخرهم الذي تولى سنة 831 هـ، فوصلوا إلى أربعة عشر حاكما خلال سبعين عاما، منهم من كانت مدة حكمه عشرة أيام فقط! (¬2). وقد نقض المرينيون ماأحياه الموحدون من الاجتهاد وأعادوا نشر المذهب المالكي. (¬3) وراجت دراسة التفسير في الصقع السوسي رواجا كبيرا وذلك لحاجتهم إلى تفهم كلام الله نظرا لأن لغتهم ليست بعربية، ونبغ من علماء التفسير أبو يحيى الكرسفي من أهل القرن السابع وهو متخرج من الأندلس ت 683 هـ. (¬4) الوطاسيون 876 هـ والسعديون 915 هـ في المغرب (¬5): في عام 854 هـ، تحركت من ميناء لشبونة قوة برتغالية ضخمة على ¬

(¬1) انظر: روض القرطاس1/ 278، 279، الذخيرة السنية في تاريخ الدولة المرينية (كاملا)، الحلل الموشية ص: 171. (¬2) انظر المغرب العربي الكبير 462 - 463. (¬3) انظر الفكر السامي 3/ 173. (¬4) انظر: سوس العالمة ص: 34، الحضارة المغربية عبر التاريخ 1/ 190. (¬5) انظر: تاريخ الدولة السعدية (كاملا)، المغرب عبر التاريخ 2/ 221 - 470.

ظهر أسطول مكونة من 240 سفينة تحمل حقدا دفينا على المسلمين، بعد أن استطاعت إخراجهم من أرضها إلى ميناء سبتة المغربي الذي فوجىء بهذا الغزو المفاجىء فسقط صريعا إذ لم تستطع الدولة المرينية أن تواجه هذا الخطر، لأنها كانت تحتضر، ثم اتجهوا بعد أن ثبتوا أقدامهم في سبتة إلى طنجة سنة 1437 م، فنجح الوصي على الملك أبو زكريا يحيى الوطاسي في أواخر العهد المريني من استنفار الناس للدفاع عنها وتمكن المسلمون من هزيمتهم (¬1). ولما تنازع أفراد البيت المريني السلطة ضعفت الدولة واستبد الحجاب والوزراء من بني وطاس بالأمر بعد أن استقلت جهات برمتها عن حكمهم عقب وفاة عبد الحق آخر ملوك بني مرين سنة 869 هـ، وفي عام 876 هـ استولى أبو عبد الله محمد الشيخ الوطاسي على فاس وظل أميرا لها حتى خلفه ابنه أبو عبدالله الملقب بالبرتغالي سنة 910 هـ. وبعد أن سقطت القسطنطينية سنة 1453 م في يد الأتراك العثمانيين المسلمين هاج الصليبيون في العالم بأسره وتخوفوا قوة المسلمين، ومنهم ملك البرتغال آنذاك الفونس الخامس الذي كون جيشا للاستيلاء على ميناء القصر الصغير الواقع بين سبتة وطنجة تمهيدا لاحتلال طنجة، ثم قام بعدة محاولات لاحتلال طنجة ففشل إلا أنه بعد ذلك وبسبب الفوضى الداخلية سقطت طنجة بعد سقوط أصيلا، واتجهت الأنظار البرتغالية للوصول إلى مطامعها عن طريق استمالة رؤساء القبائل فاستطاعت القوات البرتغالية احتلال العديد من الموانيء المغربية، وفرض حمايتها عليها مثل أسفر والصويرة وأكادير وماسة وأزمور ثم حاول البرتغال توجيه ضربة قوية لمراكش ولكنها فشلت فشلا ذريعا أمام السعديين، تبعتها هزيمة أخرى في المعمورة أمام الوطاسيين في آخر دولتهم ونظرا لأطماع البرتغال في المناطق المكتشفة الجديدة في الكشوف الجغرافية وضعف الأوضاع المادية، لم تستطع الصمود والبقاء في هذه الثغور فتم جلاؤهم منها وآلت طنجة وسبتة ومزاكان في نهاية أمرهم للأسبان (¬2). ¬

(¬1) انظر المغرب العربي الكبير في العصر الحديث ص: 44 - 91. (¬2) انظر: المغرب العربي الكبير في العصر الحديث 28 - 32.

ولما مات أبو عبدالله الذي خاض معارك كثيرة مع البرتغال خلفه أخوه أبو حسونة سنة 931 هـ الذي حدث في عهده نزاعات مع السعديين، وبسبب هذه الاضطرابات والنزاعات بالإضافة إلى الأطماع الأجنبية خلت تلك الحقبة من الآثار العمرانية وغيرها بل تعرضت البلاد للتخريب، وكان قيام الدولة السعدية على يد أبي عبد الله القائم بأمر الله سنة 916 هـ سببا في تخليص المغرب من الأخطار التي واجهته بسبب الأطماع الأوربية من جهة، ومن أطماع الأتراك العثمانيين الذين استولوا على الجزائر وتونس من ناحية أخرى (¬1). وقد بدأ نفوذ السعديين في بلاد درعه والسوس الأقصى، وكان ظهورهم في وقت ضعفت فيه الدولة الوطاسية عن حماية الثغور العرضة لأطماع البرتغاليين والأسبان فالتف الناس حول أبي عبد الله محمد السعدي وبايعوه بالإمارة سنة 915 هـ، واستعد لمقابلة البرتغال فأدركته الوفاة سنة 923 هـ، وتولى ابنه أبو العباس أحمد الأعرج الذي أحرز انتصارات عظيمة على المستعمرين وبايعه أهل مراكش فحاربه الوطاسيون خشية على فاس ودارت بينهما معارك متعددة. وكان أبو عبد الله محمد الشيخ شقيق أبي العباس الأعرج واليا من قبل أخيه على السوس حتى دخل الوشاة بينهما فتقاتلا وانفرد أبو عبد الله بالحكم، وأودع أخاه وأولاده السجن سنة 946 هـ (¬2). واستطاع أبو عبد الله محمد مواصلة الجهاد ضد البرتغال حتى اطمأن من ناحيتهم وتوجه إلى فاس، فدخلها وقبض على الوطاسيين وأرسلهم إلى مراكش وفر أبو حسونة إلى الجزائر مستجيرا بالأتراك، واتصل بالامبراطور الأسباني يستنجد به أيضا وازداد التوتر بين الأتراك والسعدي عندما استولى أبو عبد الله على تلمسان، فاستطاعوا أن يستعيدوها مرة ثانية، وأمدوا أبا حسونة بجيش لمحاربة أبي عبد الله وبعد معارك طاحنة استطاع الدخول إلى فاس إلا أن أبا عبد الله الشيخ استنفر قبائل السوس، واستطاع قتل أبي حسونة واستعادة فاس. وبقيت العلاقات متوترة بين المغرب والخلافة العثمانية حتى تمكن ¬

(¬1) انظر المرجع السابق. (¬2) الاستقصاء 5/ 17، 18.

السلطان العثماني من دس فرقة من الجنود الأتراك إلى جيش أبي عبد الله، فاستطاعوا قتله وحمل رأسه إليه سنة 964 هـ (¬1). ثم بويع لابنه محمد عبد الله الغالب بالله الذي انتصر على جيش الأتراك في محاولة للقرب من فاس، ولما توفي الغالب بالله بويع لابنه أبي عبد الله المتوكل على الله إلا أن عمه أبا مروان عبد الملك المعتصم بالله استطاع انتزاع الملك منه بمعاونة الأتراك ودخل فاسا سنة983 هـ بمعاونة الجيش التركي، ثم دخل مراكش بعدها، إلا أن عبد الله المتوكل حاول العودة إلى مراكش فلم يتمكن، ففر إلى طنجة واستنجد بالأسبان فلم ينجدوه فاستنجد بالبرتغال، فكانت موقعة وادي المخازن بين البرتغال والمسلمين المغاربة سنة 986 هـ انتهت بنصر حاسم للمسلمين وقتل قائد البرتغال والخائن المتوكل، وتوفي أبو مروان (¬2)، فبويع لخليفته أبي العباس أحمد المنصور الذي قام بتحسين العلاقات مع السلطان العثماني بعد أن حاول الوشاة إفسادها حتى اطمئن تماما من جانبهم وشرع في غزو السودان، فاستولى عليها استيلاء كليا وأصبح التبر يحمل إليه بما يحير الناظرين ولهذا لقب بالذهبي. واتسم عهده بإصلاحات عظيمة فنظم الجيش وأرسى النظم الإدارية، وقام بإنشاءات معمارية عظيمة منها قصر البديع بمراكش وساد العدل في وقته حتى ذكر القشتالي أنه لم ير من ملوك العصر أعدل منه، وما في الأرض مملكة تسير على قوانين الشرع ومنهاج السنة أحسن من مملكته، وعرف المنصور بتشجيعه للفقهاء والعلماء وكان يجمعهم للمذاكرة بمراكش وفاس، فكان الحديث يدور حول أمهات الكتب في التفسير والفقه وعلم المنطق وغير ذلك من العلوم، فقد كان هو نفسه على علم وله منظومات وأسفار رائعة (¬3). ولما وافت المنية المنصور سنة 1012 هـ بايع أهل فاس ولده زيدان، ¬

(¬1) انظر: الاستقصاء 5/ 32، 115، نزهة الحادي في أخبار ملوك القرن الحادي (بدون أرقام). (¬2) انظر: موقعة وادي المخازن الحاسمة ص: 222، الاستقصا 5/ 86. (¬3) انظر: مناهل الصفا في مآثر موالينا الشرفا ص: 69 - 301، الاستقصا 5/ 95 وما بعدها.

وامتنع أهل مراكش من مبايعته وبايعوا أخاه أبا فارس الوالي عليهم من قبل أبيه، فقامت سلسلة حروب بين الأخوين ودخل فيها أيضا أخوهم المأمون، وانتهت الصراعات بقتل أبي فارس، ثم قتل المأمون واستقل زيدان بالأمر بمراكش حتى مات سنة 1037 هـ، وتوالى الحكم في ذريته بمقتل الواحد تلو الآخر حتى انقرض أمر السعديين سنة 1069 هـ، واستبد عرب الشبانات بالأمر في مراكش، وحدث أثناء تلك الفترة استعانة المأمون بالأسبان على أخويه مقابل استيلائهم على العرائش (¬1) مما أدى إلى تمادي أسبانيا في الاعتداءات على الثغور، كما تشجع البرتغال في الظهور على الساحة مرة أخرى بسبب هذه الاضطرابات، هذا بالإضافة إلى ظهور انقسامات داخلية منها ظهور (الدلائيين) على المسرح السياسي بعد أن كانوا بالزاوية الدلائية كمركز ديني للعبادة والتفقه، وكذا ظهور حركة أبي العباس أحمد بن عبد الله السلجماسي الصوفي الذي استولى على درعة، وقصد مراكش ففتحها وطرد زيدان لكنه قتل وانتهت حركته سنة 1022 هـ، وظهر أيضا في تلك الآونة شخصية الفقيه العالم محمد بن أبي العباس أحمد الزياني الشهير بالعياشي الذي قاد الجهاد ضد الاستعمار البرتغالي وعينه السعديون على عمالة أزمور سنة 1020 هـ، واستعمل البرتغال الوشاية للإيقاع بين العباسي والسلطان زيدان فأرسل سرية إلى مزمور للقبض عليه وقتله لكنه نجح في الهروب إلى مسقط رأسه سلا واستمر في الجهاد ضد البرتغال والأسبان حتى وافته المنية سنة 1051 هـ رغم الوشايات التي كثرت حوله لايقاع السلطان به، وذلك بقتله غيلة من أتباع الدلائيين الذين فسدت العلاقة بينه وبينهم ووصلت إلى القتال، وبقتله خلا الجو للدلائيين فاستولوا على فاس وسلا وتطوان (¬2). وكان من مزايا عصر السعديين الاعتناء بتفسير القرآن، وتعدد المفسرين ومن بينهم الحاج محمد الشنقيطي (ت 963 هـ) صاحب اللباب في حل مشكلات الكتاب، وعبد الرحمن بن يوسف القصري العارف (ت 1036 هـ) وله حاشية ¬

(¬1) الاستقصاء 6/ 20، 21. (¬2) انظر: الزاوية الدلائية ودورها الديني والعلمي والسياسي، محمد العياشي وجهاده ضد الأسبان والبرتغال.

الدولة العلوية (من سنة 1050 هـ إلى الآن)

على تفسير الجلالين، وعلي بن الواحد الأنصاري السجلماسي (ت 1054 هـ)، كما نسب إلى الملك زيدان ابن المنصور الذهبي (1037 هـ) حاشية على تفسير الزمخشري، ويعد من كبار المفسرين أيضا بلقاسم بن إبراهيم الدكالي المشترائي (ت 978 هـ)، وهو من أئمة القراءات السبع (¬1). الدولة العلوية (من سنة 1050 هـ إلى الآن): بدأ تأسيس هذه الدولة على يد المولى محمد بن الشريف الذي ينتسب إلى الإمام علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - حين بايعه أهل سجلماسة (¬2)، ثم استيلائه على درعة وغيرها، ثم اصطدامه بالدلائيين في وقعة القاعة، التي انتصر فيها الدلائيون وانتهت بالصلح بين الطرفين، ثم نازعه أخوه المولى الرشيد وقاتله حتى قتل سنة 1075 هـ، وتولى المولى الرشيد، فدخل فاسا ودارت بينه وبين الدلائيين معركة بطن الرمان، التي قضى فيها عليهم ودخل مراكش، ثم بلاد السوس وحقق وحدة المغرب السياسية واتجه إلى الإصلاح، فنظم الجيش، وفي عهده استأنفت الحركة العلمية والأدبية سيرها وكان ذا اهتمام بالعلم ويحضر بنفسه مجالسه بالقرويين ويزور العلماء في دورهم، وأمر ببناء مدرسة في مراكش وشرع في أخري بفاس واهتم بالعمران أيضا (¬3)، وبعد وفاته تولى أخوه المولى إسماعيل سنة 1082 هـ، فواجه عدة ثورات داخلية منها مع ابن أخيه ومنها مع قائد الجيش بفاس ومنها مع بعض الدلائيين ومنها مع إخوته الثلاثة حين خرجوا عليه، واتخذ المولى إسماعيل مكناسة الزيتون عاصمة لملكه، واهتم بالعمارة والتنسيق، ولما استقر له الأمر اهتم بإقرار الأمن الداخلي وتأمين الحدود ونزع السلاح من الأفراد والقبائل، وجهز جيشا قويا ضخما استغل فيه العبيد السنغال، واستطاع تحرير بعض الثغور كطنجة والعرائش. وكان للعلم والعلماء منزلة خاصة عنده، فكان يكرمهم ويجزل لهم العطاء ¬

(¬1) انظر: سلوة الأنفاس 2/ 128، المغرب عبر التاريخ 2/ 460. (¬2) الاستقصا 7/ 3، 4، 5. (¬3) انظر: المغرب العربي ص: 120، نزهة الحادي بأخبار ملوك القرن الحادي ص: 27.

وشيد وجدد كثيرا من المساجد والمدارس (¬1). ثم توفي سنة 1159 هـ فحدث بعده اضطرابات شديدة ونهب من قوة الجيش الذي كان قد أسسه، وتدخل الجيش في شئون الدولة حتى عام 1171 هـ، ثم تولى المولى محمد بن عبدالله بعد وفاة والده فحاول إصلاح الحالة الاقتصادية، واستطاع القضاء على مثيري الفتنة واهتم بالثغور والجيش والأسطول المغربي اهتماما عظيما، واستطاع مجابهة الأساطيل الأوربية وهزيمتها وتخليص بعض الثغور، وعقد مع الدول الأوربية والولايات المتحدة معاهدات تجارية وكذا مع الدانمرك والسويد، ولم يكن حاكما سياسيا وقائدا حربيا فحسب لكنه اشتهر بحبه للعلم والعلماء، فقد كان يقربهم من مجلسه، وطلب من المشرق الكثير من كتب الحديث التي لم تكن بالمغرب، وكان يجلس بعد صلاة الجمعة في مقصورة الجامع بمراكش مع الفقهاء والعلماء للمذاكرة ونهى طلبة العلم عن الاشتغال بالمختصرات دون أمهات الكتب، وطالب بالرجوع إلى الكتاب والسنة في الأحكام، وأوقف الكثير على الحرمين وطلاب العلم قام بتحبيس الكتب العلمية كما اهتم بالمساجد والمدارس وغيرها، وبعد وفاة المولى محمد تولى ابنه المولى يزيد سنة 1204 هـ، الذي خلع القبائل بيعته وبايعوا أخاه هشام فتقاتلا وقتل المولى يزيد، وتفرقت الكلمة بالمغرب على أبناء المولى محمد، حتى غلب نفوذ المولى سليمان بن محمد وتمت له البيعة العامة سنة 1206 هـ، وكان قد بايعه أهل فاس وأعمالها، وكان مشتغلا بالتقوى والعلم ولم تتم بيعته بالطعن والقتل وإنما بضعف إخوته، وكان مائلا للتسامح والتقشف في الحياة والزهد في الدنيا ومنها الحكم، نكما كان يحيي ليالي رمضان بمشايخ القراء وأعيان العلماء ينتقيهم لسرد الحديث وتفهمه، ويشاركهم بغزارة علمه، ويعظم العلماء ويرفع مقامهم ويجري عليهم الأرزاق، حتى تنافس الناس في أيامه على اقتناء العلم لاعتزاز أهله، واهتم كذلك بالعمران وسلك سياسة المسالمة مع الدول المجاورة، وكان متفقا في وجهة النظر مع الدعوة ¬

(¬1) انظر: روضة التعريف بمفاخر مولاي إسماعيل بن الشريف ص: 47، 58، 59، 60، الاستقصا 7/ 58 - 72.

الوهابية بالجزيرة العربية، وتمت بينهما مراسلة ثم قامت في أواخر عهده فتنة بين قبائل البربر، فعمت القلاقل المغرب كله واشتد المرض بالمولى سليمان فعهد لابن أخيه المولى عبد الرحمن بن هشام لما اشتهر به من العدل والأمانة، وترك أولاده وإخوته (¬1). ولما تولى المولى عبدالرحمن بن هشام سنة 1238 هـ، أخذ في التجول على القبائل واستطاع إخضاع الأقاليم التي زارها، وتمت في عهده إصلاحات كثيرة في العمران وفي الأسطول البحري، ولما استولى الفرنسيون على الجزائر سنة 1246 هـ طلب أهل تلمسان الانضمام إلى المولى عبد الرحمن، فقبل انضمامهم إليه إلا أنه اضطر لسحب جيوشه بعد دخول الفرنسيين وهران وتمرد بعض بقايا الأتراك عليه (¬2). وتعلل الفرنسيون بأن الأمير عبد القادر الجزائري يجد الحماية له من قبل المغرب كلما فر إليها، فاقتحموا وجدة، ثم انتصروا على جيش المولى عبد الرحمن في وقعة أسلي التي استولوا فيها على طنجة سنة 1844، وأسفرت المفاوضات بعدها عن توقيع معاهدة طنجة التي ضغطوا فيها على الجانب المغربي (¬3). ثم توفي المولى عبد الرحمن سنة 1276 هـ، فتولى بعده المولى محمد بن عبد الرحمن إذ كان ينوب عن أبيه في حياته، واشتهر بالتقوى ومراعاة الشرع في تصرفاته واستتب الأمن في عهده وهدأت الأطماع الأجنبية شيئا ما، فاهتم بالعمران، وبنى العديد من المساجد منها جامع السنة وجامع أهل فاس بالرباط والمسجد الجامع بالسوق بالدار البيضاء، واهتم بإعداد الجيش الذي تبين ضعفه في وقعة أسلي، وفي عهده هاجم الأسبان تطوان وصمد أمامهم الجيش المغربي، إلا أنه أخيرا تقهقر فدخلوها سنة 1276 هـ، وتدخلت بريطانيا للوصول إلى اتفاق بين البلدين فتم ذلك بتنازلات أيضا من المغرب، ثم بأخذ قرض بفوائد من بريطانيا أدى إلى فرض رقابة من قبلها على الموانىء المغربية (¬4). ¬

(¬1) انظر الاستقصا 8/ 86، 109، 111، 112. (¬2) الاستقصا 9/ 12. (¬3) الاستقصا 9/ 49 - 53، وانظر: تحفة الزائر 1/ 290 - 291. (¬4) انظر الاستقصا 9/ 101 - 124.

ولما توفي المولى محمد بن عبد الرحمن بويع لابنه المولى حسن بن محمد سنة 1290 هـ، فقام بعدة رحلات لزيارة ثغور المغرب وعاين التحصينات الدفاعية فيها، وتفقد بلاد السوس إلا أن أسبانيا عمدت إلى المنطقة المواجهة لجزر الكناريا، التي سبق وأن احتلتها فرفعت عليها علمها وأطلقت عليها اسم ريودي أورو يعني نهر الذهب فاحتج المولى حسن على ذلك وعمد إلى تحصين الثغور ومراقبة سائر جهات القطر السوسي (¬1). وقد شهدت فترة حكم المولى حسن تنافسا دوليا شديدا بين الدول الأجنبية حول النفوذ في المغرب والحصول على أقرب امتيازات، وتمكنت الدول الأوربية من فرض معاهدة على المغرب سنة 1862 هـ لامتيازات رعاياها طالب بعدها المولى حسن بإلغاء هذه الامتيازات التي لا مبرر لها، فعقد مؤتمر بمدريد لدول أوربا والولايات المتحدة الأمريكية بالإضافة للمغرب وخرجوا بقرارات لصالحهم وحاول المولى حسن أن يظل المغرب محتفظا باستقلاله رغم الضغوط الشديدة عليه (¬2). ولما توفي السلطان الحسن بويع لابنه سنة 1312 هـ المولى عبد العزيز الذي لم يتجاوز عمره 13سنة، ولما أخذت البيعة له استولى الوزير أحمد علي على مقاليد الأمور، واستطاع أن يقف في وجه الأطماع الأجنبية ويحاول استرجاع سلطان المغرب، ولما توفي سنة 1898 م لم يستطع المولى عبد العزيز الوقوف في وجه التيارات الداخلية بالإضافة إلى الخارجية حيث اجتاح المغرب عدة ثورات بسبب الفوضى الاقتصادية والديون، وبدأت فرنسا عقد اتفاقيات مع الدول الأجنبية ذات المطامع في المغرب تمهيدا لما تنويه للمغرب فعقدت إتفاقية مع إيطاليا، ثم مع انجلترا ثم مع أسبانيا، ثم عقدت إتفاقية الجزيرة سنة 1906 م بين الدول الموقعة على اتفاقية مدريد سنة 1880 م، التي دعمت نفوذ فرنسا وأسبانيا في المغرب ومنعت دخول السلاح للمغرب بحجة منع القبائل من التسلح حفاظا على استتباب الأمن، وكان هذا ¬

(¬1) انظر الاستقصا 9/ 149 وما بعدها. (¬2) المغرب العربي ص: 135 - 136.

المطلب الثالث: الأوضاع في المنطقة منذ الاحتلال الفرنسي وحتى الاستقلال وتأثير ذلك على الناحية العلمية

الفعل تمهيدا لفرض الحماية الفرنسية على المغرب (¬1). وانتشر إعراب القرآن في تلك الحقبة من ناحية الصقع السوسي وألف فيه أبو زيد الجشتيمي (ت 1269 هـ) كتاب إعراب القرآن في مجلدين، وكان من عادة الطلبة أن يحلقوا حول الأستاذ ويعربوا مقدار الوقت الأول من الحزب الراتب مع الاستدلال من المتون في تطبيق القواعد (¬2). المطلب الثالث: الأوضاع في المنطقة منذ الاحتلال الفرنسي وحتى الاستقلال وتأثير ذلك على الناحية العلمية: أولا: تونس الاحتلال الفرنسي لتونس وحتى الاستقلال (¬3) سنة 1956 م: وفي عهد محمد الصادق باي تذرعت فرنسا أيضا بذريعة اعتداء بعض القبائل التونسية على الحدود الجزائرية، فأرسلت حملة ادعت أنها لتأديب هذه القبائل سنة 1881 م، وتمكنت من احتلال بعض المناطق حتى وصلوا العاصمة وأجبروا الباي على توقيع معاهدة سلبت تونس كل مقومات الدولة المستقلة وهي معاهدة باردو (¬4). ثم تلت تلك المعاهدة معاهدة أخرى عقدت مع علي باي خليفة الصادق بعد وفاته في سنة 1883 م وهي معاهدة المرسي وبالمعاهدتين وتفسيرهما توسعت فرنسا في بسط نفوذها على تونس مما أثار روح الثورة والدعوة للكفاح المسلح ضد المستعمر، وكان من الثوار في تلك الحقبة علي بن خليفة في قابس وعدة قواد في مناطق مختلفة مثل: صفاقس والقيروان وكلها لم تستطع مقاومة القوات الفرنسية، حيث لاتكافؤ لا في ¬

(¬1) انظر التنافس الاستعماري الأوروبي في المغرب ص: 52 - 109. (¬2) انظر: سوس العالمة ص: 34، الحضارة المغربية عبر التاريخ 1/ 190. (¬3) انظر: انتصاب الحماية في تونس، صراع مع الحماية (كاملين). (¬4) انظر: صراع مع الحماية ص: 76، خلاصة تاريخ تونس ص: 214.

العدد ولافي العدة، وتم فرض الحماية على تونس (¬1). وفي هذه الآونة قام الفرنسيون بتعبيد الطرق لتسهيل انتقالهم على حساب الأهالي، واتجهوا في التعليم إلى مسخ الهوية الإسلامية، فقد كان التعليم في الأنحاء التونسية عن طريق الكتاتيب التي تعلم القرآن والكتابة، ثم ينتقل الطالب الذي لديه استعداد إلى جامع الزيتونة يدرس العلوم العربية والفقهية، ولما جاء الاحتلال أسس المدارس الفرنسية العربية، التي اهتمت بتدريس الفرنسية وتاريخ فرنسا وجغرافيتها مع تخصيص قسم لحفظ شيء من القرآن والمقصود الأول منها نشر اللغة الفرنسية، ثم أحدثوا مدرسة ثانوية لأبناء الفرنسيين وبعد تحصيل شهادتها يطرق الطالب أبواب كليات فرنسا وبقي جامع الزيتونة والمدرسة الصادقية يؤديان دورهما، وأنشأ المسلمون مدارس ابتدائية عرفت بالقرآنية، وتدخل المستعمر في جميع النواحي الاقتصادية في البلاد (¬2). وتوفي علي باي فخلفه ابنه محمد الهادي باي سنة 1902 م، فلم يلبث أن توفي فخلفه ابن عمه محمد الناصر باي سنة 1906 م، وفي عهده صدرت مجلة العقود والالتزامات، كما احتلت ايطاليا طرابلس، وقامت الحرب العالمية الأولى، وفي أثنائها قامت ثورة خليفة بن عسكر، فاستولى على بعض المناطق التي استعادها الفرنسيون بعد انقضاء الحرب، ولما مات محمد الناصر باي خلفه ابن عمه محمد الحبيب باي سنة 1922 م، فقام بعدة تنظيمات إدارية ثم خلفه ابن عمه أحمد الثاني بعد وفاته سنة 1929 م، الذي تولى الأمر وتونس تعاني من أزمة اقتصادية أدت في النهاية إلى الثورات من الأهالي واشتباكات مسلحة ازدادت توترا بعد فتح فرنسا باب التجنيس الذي رفضه الشعب التونسي (¬3). وقد اعتبرت هذه الحملة الفرنسية على تونس هي الحملة الصليبية التاسعة (¬4) وبعدها حاولت فرنسا تجنيس المسلمين بالجنسية الفرنسية، ¬

(¬1) انظر: صراع مع الحماية ص: 185 - 200، خلاصة تاريخ تونس ص: 215. (¬2) انظر تاريخ تونس ص: 99 - 138. (¬3) انظر خلاصة تاريخ تونس ص: 215 - 242. (¬4) انظر عن الحملات الثمانية السابقة ص: (87).

وانتشرت الفتاوى بردة من تجنس بها وحدث بعض الاختلاف حول ردة المتجنس، ودخل في تلك المسألة الشيخ الطاهر بن عاشور شيخ جامع الزيتونة صاحب تفسير التحرير والتنوير فأفتى بجواز دفنه في مقابر المسلمين ورد عليه الرأي العام في تونس، ووصل الأمر إلى استفتاء علماء مصر فأفتى فيها الشيخ يوسف الدجوي وغيره بتأييد ماعليه عامة الفقهاء من ردته لما يترتب على تجنسه من الرضا بقوانين الكفر اختيارا واستندوا في الفتاوى إلى أدلة كثيرة من القرآن الكريم (¬1). ثم قامت الحرب العالمية الثانية وتوفي أحمد باي، وتولى بعده محمد المنصف باي ابن الناصر باي سنة 1942 م، وفي عهده قام على التراب التونسي معارك مدمرة بين الحلفاء (انكلترا وأمريكا وفرنسا) وبين جنود المحور (ألمانيا وإيطاليا) عانت منها تونس معاناة شديدة وتضررت البلاد أضرارا فادحة وأسفرت الحرب عن طرد قوات جنود المحور بعد هزيمتهم وعزلت قوات الحلفاء محمد المنصف باي بسبب وشايات ضده وتولى بعده محمد الأمين بن محمد الحبيب باي سنة 1943 م، الذي كان عهده مسرحا لتنكيل الفرنسيين بمن توهموا فيه إعانة دول المحور، وامتلأت السجون وتعدد الإعدام الجماعي، وفي عام 1945 م خرج الحبيب بورقيبة وهو من زعماء الحركة الوطنية إلى الشرق ثم إلى الغرب معرفا بالقضية التونسية وعقد الشعب مؤتمر ليلة القدر سنة 1946 م، وتقرر فيه مبدأ المطالبة بالاستقلال وانتهى الأمر بالقبض على بورقيبة وزملائه سنة 1952 م، وانبعثت الثورة المسلحة التي عمت البلاد والتي تنوعت فيها أساليب الإجرام والإرهاب من الجانب الفرنسي حتى صارت الحياة في البلاد جحيما لايطاق حتى اضطرت حكومة فرنسا إلى وضع حد لهذه الحالة، فأعلنت مبدأ الاستقلال وتوالت الاتفاقيات حتى تقرر منح الاستقلال سنة 1956 م (¬2). وقد ظهر في تلك الفترة من أعلام المنطقة في التفسير الشيخ محمد ¬

(¬1) انظر: الحملة الصليبية على الإسلام في شمال إفريقية (كاملا). (¬2) انظر تاريخ تونس ص: 138، خلاصة تاريخ تونس ص: 242.

ثانيا: الجزائر

الطاهر بن عاشور الذي ألف تفسيره التحرير والتنوير وكان له دور بارز في الإصلاح العلمي والاجتماعي، وقام برحلات علمية إلى المشرق وأوروبا واستنبول. (¬1) ثانيا: الجزائر الاحتلال الفرنسي للجزائر وحتى الاستقلال (¬2) سنة 1962 م: تذرعت فرنسا بمسألة القرصنة البحرية التي كان يقوم بها المسلمون في البحر المتوسط وبما حصل بين الداي حسن وبين القنصل الفرنسي أثناء استفسار الداي عن مماطلة فرنسا في تسديد الديون المستحقة عليها للجزائر مقابل القمح الذي أنقذت به فرنسا وقت حاجتها الشديدة له، فقد وجه الداي للقنصل ثلاث ضربات من المروحة التي كانت بيده وأمره بالانصراف وبناء على هذين الأمرين اللذين يختفي وراءهما كثير من المطامع الحقيقية أرسلت فرنسا حملة بحرية حاصرت الجزائر للوصول إلى حل مجحف بالجزائر فلم يقبل الداي، وبقي الحصار ثلاث سنوات، بعدها انطلقت حملة كبيرة سنة 1830 م من فرنسا لاحتلال الجزائر أسفرت عن استيلاء الفرنسيين على مدينة الجزائر وفرض شروطهم على الداي ثم حاولوا التوغل في البلاد فقوبلوا بمقاومة شديدة منعتهم من التقدم (¬3). واجتمع أصحاب الحل والعقد وقدموا عام 1832 م على الشريف محيي الدين شيخ الطريقة القادرية وطلبوا بيعته أو بيعة ولده، ونظرا لكبر سنه فقد جعل الأمر لولده الذي لم يكن يتجاوز الرابعة والعشرين من عمره وهو الأمير عبد القادر الذي بدأ ينظم شئون إمارته، واستطاع الأمير عبد القادر تحرير تلمسان وأن يفرض حصارا على الفرنسيين، فتم توقيع اتفاق بين الطرفين ¬

(¬1) انظر ترجمته في أهل المنطقة برقم 217. (¬2) انظر: الحركة الوطنية في الجزائر، تحفة الزائر في مآثر الأمير عبد القادر وأخبار الجزائر (كاملين). (¬3) تاريخ الجزائر الحديث ص: 158.

كان من نتائجه أن استطاع الأمير عبد القادر فرض نفوذه على غرب الجزائر مما أثار مخاوف فرنسا فنقضت الاتفاق والتقت قواتها بقوات الأمير عبد القادر جهة وهران سنة 1836 م انتصرت فيها القوات المسلمة، وتوالت اللقاءات الحربية بين قوات الفرنسيين من جهة وبين الأمير عبد القادر من جهة أخرى وكانت الحرب بينهما سجال أدت إلى صلح تافثا سنة 1837 م، الذي مكن الأمير عبد القادر من السيطرة على مايقرب من ثلثي إقليم الجزائر، واستطاع الفرنسيون القضاء على نفوذ أحمد باشا في الإقليم الشرقي من الجزائر واستتب لهم الأمر فيه سنة 1847 م، وعمل الأمير عبد القادر على تنظيم بلاده إداريا ونظم جباية الزكاة والأعشار واهتم بتطبيق الشريعة إلى حد كبير بتعيين القضاة على المذهب المالكي كما عين علماء لتدريس فنون العلم المختلفة وأجرى لهم المرتبات وكان يخدم أهل العلم واستثناهم من جميع الضرائب واجتهد في جمع الكتب من كل جهة وشرع في تنظيم مكتبة في (تاكدمت)، كما أنشأ المستشفيات ومنع استعمال الذهب والفضة للزينة، ومنع التدخين وأمر بالصلوات الخمسة في المساجد ومن وجد في حانوته وقت الصلاة يجلد، واتخذ دارا للشورى لإصدار الفتوى وأرسل بالأسئلة والاستفسارات للعلماء والفقهاء، ومن ذلك رسالته لعلماء فاس بأسئلة تتعلق بما عرض له في إمارته فأجابوا عليها، كما أولى الجيش عناية خاصة لمعرفته بأن الهدنة بينه وبين الفرنسيين وقتية، وفعلا تذرعت فرنسا بوجود إختلاف بين النص العربي والفرنسي في معاهدة تافثا وطالبت بتعديله، ولما لم يتمكن الطرفان من الوصول لحل نقضت فرنسا المعاهدة، وبدأت المعارك بين الطرفين واستخدمت فرنسا حرب العصابات والقضاء على الأخضر واليابس حتى اضطر الأمير عبد القادر إلى الفرار إلى المغرب بعد أن مني بهزائم متكررة حيث كان المولى عبدالرحمن سلطان المغرب مؤيدا له، واتجهت القوات الفرنسية إلى المغرب تذرعا بذلك وأسفر الأمر عن معاهدة طنجة سنة 1844 م، التي قضت بعدم تقديم أي مساعدة للأمير عبد القادر لكنه حاول الاستمرار في كفاحه واستطاع أن يحرز بعض الانتصارات لكن لم يستطع مواصلة ذلك فاستسلم أخيرا للفرنسيين سنة 1847 م على أن يسمح له بالسفر

إلى الاسكندرية أو عكا فطويت تلك الصفحة من الجهاد الجزائري (¬1). وتعاقب على الجزائر عدد من الحكام الفرنسيين الذين كان همهم قمع الاضطرابات وحركات المقاومة، التي ظهرت تحت قيادة أبطال جدد من المناطق المتعددة ومن القبائل، ففي سنة 1848 م صدر قانون الضم من جمهورية فرنسا للجزائر لكي تصبح جزءا من الأراضي الفرنسية، وبدأ بعده تشجيع الهجرة والاستيطان من قبل الفرنسيين، وفي عهد نابليون الثالث سنة 1865 م فتح الباب للتجنيس بالجنسية الفرنسية بشرط التبعية لفرنسا في الأحوال المدنية يعني التنازل عن الشريعة الإسلامية، وبلغ الاستعمار ذروته في الفترة بين سنة 1870 - 1914 م حيث تمت سيطرة المستوطنين على ثروات البلاد وعلى إدارتها وتحطم الهيكل الاجتماعي للشعب الجزائري وتحول معظمهم إلى عمال لخدمة الاستعمار، وانتشر الجهل وأوشكت الثقافة العربية على الاندثار وشهدت الجزائر نوعا من التفرقة العنصرية، وأخضعت جميع المحاكم الشرعية لوزارة العدل في باريس ثم للحاكم العام، واعتبرت جامعة الجزائر التي أسست في أوائل القرن جامعة فرنسية بحتة للمستوطنين فقط، وقررت الخدمة العسكرية الإجبارية على الجزائريين بصفتهم رعايا فرنسيين وكثرت هجرة الجزائريين إلى الخارج (¬2). ونقلت الإدارة الفرنسية البرامج المتبعة في مدارس فرنسا دون تعديل مما جعل الدارسين بها ينقطعون تماما عن بيئتهم العربية الإسلامية، إلا أنه لم تعدم الجزائر بعض دعاة الاصلاح، وانقسم أنصار النهضة الجزائرية إلى فريقين: الأول ويسمى النخبة ويرى أن طريق الإصلاح الوحيد الأخذ بالأساليب الفرنسية في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية، والثاني يمثل البقية الباقية من الذين استطاعوا المحافظة على الاتصال بالثقافة العربية الإسلامية ومنهم: ابن سماية الذي استضاف الشيخ محمد عبده عند مروره بالجزائر سنة 1903، وابن موهوب مفتي قسنطينة الذي يرجح أن ¬

(¬1) انظر: تحفة الزائر في مآثر الأمير عبد القادر وأخبار الجزائر. (¬2) المغرب العربي دراسة تاريخية ص: 138 - 159.

يكون هو الذي أثر في الشيخ عبدالحميد بن باديس مؤسس جماعة العلماء. وقامت الحرب العالمية الأولى التي راح ضحيتها آلاف القتلى من المجندين الجزائريين الذين سقطوا صرعى أمام إخوانهم المسلمين من العثمانيين، وكان لذلك أثر في الحركة الوطنية في الجزائر فأنشأ أصحاب فكرة اندماج الجزائر في فرنسا عدة تنظيمات للدعوة إلى فكرهم، في حين أسس العلماء الجزائريون جمعية رسمية سنة 1931 م، وهي جماعة العلماء والتي نشأت للمحافظة على هوية الجزائر الدينية وتخليصه من البدع التي انتشرت عن طريق الطرق الصوفية، واعتبرت لذلك حركة إصلاحية من حركات الإحياء السلفي التي انتشرت في المشرق منذ قيام الحركة الوهابية في بلاد العرب، وتمكن جماعة من أعضائها من الاتصال بالحركات الإصلاحية في المشرق ومنهم الطيب العقبي الذي تلقى تعليمه في الحجاز وعمل زمانا مع الملك عبد العزيز آل سعود، وكان لكتابات الشيخ محمد عبده ورشيد رضا تأثير كبير في توجيه أفكارهم، ورأس هذه الجمعية الشيخ عبدالحميد بن باديس من خريجي جامع الزيتونة ومن أهالي قسنطينة فهاجمها الفرنسيون لما شعروا بازدياد نفوذها، واتهموا أصحابها بأنهم (وهابيون خارجون عن الدين)، وحاولوا تقليص دورهم في الوعظ والإرشاد، إلا أن الجماعة كان لها موقف صارم من الاندماج عن طريق إقناع الجزائريين بأن التخلي عن قوانين الأحوال الشخصية الإسلامي ردة عن الدين وبالتالي يحرم المتجنس من الصلاة عليه ودفنه في مقابر المسلمين، وعن طريق إبراز ثقافة الجزائر التي هي ثقافة إسلامية عربية. وأصدر العلماء مجلتين باللغة العربية الشهاب ثم البصائر، وأسسوا مدارس ابتدائية لتعليم القرآن، وقاموا بإعطاء الدروس في مختلف المدن عن الشريعة وشجعوا الطلاب على الارتحال في طلب العلم إلى جامع الزيتونة والجامع الأزهر وغيرهما. ولكن الجماعة اضمحلت بعد وفاة ابن باديس، إلا أنه قد استمر أعضاؤها في الاتصال بالأحزاب الوطنية الأخرى بعد أن ابتعدت عن الاندماج. ثم قامت حركة وطنية شيوعية سنة 1925 م بزعامة مصالي الحاج كان لها مطالب قومية متعددة، وأصبح هذا هو الاتجاه الثالث للشعب الجزائري، وعندما قامت الحرب العالمية الثانية استطاعت فرنسا إبعاد عنصر الجزائريين

عن الأنشطة السياسية وقبضت على الزعماء، وظهر في مقدمة الحركة الوطنية فرحات عباس الذي تحول إلى فكرة قيام حكومة جزائرية مستقلة يمكن ارتباطها بفرنسا، ثم سرعان ماتقدم إلى السلطات الفرنسية والقيادة الأمريكية إلى المطالبة بدولة جزائرية مستقلة ورفض ذلك بالطبع، وبعد انتهاء الحرب وانتصر الحلفاء على ألمانيا سنة 1945 م نظم الجزائريون مظاهرة بهذه المناسبة أحفظت المستوطنين ورجال الشرطة وأدت إلى معركة حامية أسفرت عن مذبحة قسنطينة التي اشترك فيها الطيران والبحرية في دك القرى الجزائرية، وبعد ذلك أخذت فرنسا في وضع حلول للمشكلة الجزائرية لم تغن شيئا، وظهرت حركة الانتصار للحريات على مسرح المجابهة للاستعمار ومن بين أعضائها أحمد بن بللا وأخذت في جمع الأسلحة، واختلف الزعماء الشبان مع رئيس حزب الشعب مصالي الحاج فأخرجهم منه فكانوا النواة للثورة الجزائرية. وكانت بداية أمر الثورة عن طريق هذا الحزب الذي تأثر ممثلوه في القاهرة المشتركون في تأسيس لجنة المغرب العربي هناك بآراء أمير الريف عبد الكريم الخطابي المجاهد المغربي، والتي لاتؤمن بغير النضال المسلح وتم تشكيل تنظيم سري بدأ يمارس أعماله المسلحة، سنة 1949 م بقيادة أحمد بن بللا الذي افتضح أمره وسجن، ولكنه تمكن من الفرار من السجن إلى القاهرة وانضم إلى بعض أعضائه المقيمين هناك سنة 1952 م، واستطاعوا الحصول على تأييد مجلس قيادة الثورة المصري وقدم لهم الرئيس جمال عبدالناصر المساعدات المالية والسلاح، وتم تحديد موعد للقيام بالثورة أول نوفمبر سنة 1954 م، وفيها نسق جيش التحرير حوالي ثلاثين هجوما في مختلف أنحاء الجزائر على المعسكرات الفرنسية ومراكز الشرطة وتوالت العمليات العسكرية، وحاولت فرنسا مجابهة الثورة بمسالك شتى، حتى أصبحت المسألة الجزائرية مثار انقسام شديد في الرأي الفرنسي، فبدأت المفاوضات مع أعضاء الجبهة، وعقد الاتفاقيات إلى أن أعلن الجنرال ديجول استقلال الجزائر في يوليو سنة 1962 م، بعد اتفاقيات ايفيان (¬1). ¬

(¬1) انظر: المغرب العربي للعقاد ص: 287 - 330.

ثالثا: المغرب

ثالثا: المغرب الاحتلال الفرنسي للمغرب وحتى الاستقلال (¬1) سنة 1956 هـ: في سنة 1907 م تذرعت فرنسا بقتل أحد المبشرين في مراكش فاحتلت وجدة وأعلنت أنه احتلال مؤقت لحين الاستجابة لمطالبها، ثم وقعت في نفس العام اصطدامات في الدار البيضاء بين بعض العمال الفرنسيين والأسبان فقصفت فرنسا الميناء لمدة يومين وأنزلت جنودها فيه، فاتهم المغاربة المولى عبد العزيز بالتهاون فنهض أخوه المولى عبد الحفيظ ونزع طاعته وأعلن نفسه سلطانا على المغرب فبويع بمراكش وتصدى للدفاع عن البلاد فأخمد الثورات الداخلية وتفرغ لمواجهة الجيوش الأجنبية وفي سنة 1911 م جاءت بعض القبائل إلى فاس تطلب من السلطان تنظيم حركة المقاومة، فادعت فرنسا أنها جاءت للعدوان، فتحركت جيوشها واحتلت مدينة فاس ثم مكناس ثم الرباط، وفي نفس الوقت تحركت أسبانيا فاحتلت العرائش ثم القصر، واستطاعت فرنسا عقد اتفاق جديد مع إيطاليا لتطلق لها الحرية في المغرب سنة 1912 م، بعدها صاغت معاهدة لفرض الحماية على المغرب (¬2). واستطاعت فرنسا انتزاع توقيع السلطان على المعاهدة، وبعدها تنازل عن العرش لعدم قدرته على مواجهة المقاومة التي اندلعت إثر ذلك، وتولى بعده المولى يوسف وتمكنت فرنسا من عقد اتفاقية جديدة مع أسبانيا حتى لاتصطدم مع نفوذ أسبانيا في بعض المناطق، وانقسمت بعدها المغرب إلى ثلاثة أقسام منطقة الحماية الفرنسية، ومنطقة الحماية الأسبانية، ومنطقة طنجة الدولية، وعقد حولها عدة اتفاقات بين انجلترا وفرنسا وأسبانيا وإيطاليا (¬3). واندلعت الثورات في المدن وفي نواحي القبائل، ومن ذلك ثورة البربر في السوس بالجنوب بقيادة الهيبة ابن الشيخ ماء العينين (¬4) الذي تمكن من ¬

(¬1) انظر: تنظيم الحماية الفرنسية في المغرب، أزمة المغرب الأقصى (كاملين). (¬2) انظر: تنظيم الحماية الفرنسية في المغرب ص: 27، 46، 48. (¬3) المغرب العربي ص: 297. (¬4) انظر الأعلام 1/ 265.

الاستيلاء على مراكش وأكادير، وثورة قبائل غباثة بقيادة عبد الملك الجزائري حفيد الأمير عبد القادر، وغيرها من الثورات ضد الفرنسيين وكذلك اندلعت الثورات ضد الأسبان ومنها ثورة أحمد بن محمد رسولي الذي اضطرت أسبانيا إلى عقد صلح معه (¬1). ثم ظهر محمد عبد الكريم الخطابي الملقب ببطل الريف أو أمير الريف الذي تزعم الحركة ضد الأسبان، وكان قد نهل من مناهل العلم بتطوان ثم في فاس بجامعة القرويين وتخرج عام 1959 م كما درس في أسبانيا، وبعد أن تمكن الأسبان من قتل والده بالسم إيقافا لنشاطه في الكفاح تولى محمد زعامة قبيلته وقاد حركة الكفاح فاستطاع احراز عدة انتصارات ضد الأسبان، وكان أهمها معركة أنوال سنة 1921 م حيث أعلن بعدها نفسه أميرا على منطقة الريف، وبدأ تنظيم شئونها الإدارية والعسكرية ثم أوقع بالأسبان هزيمة منكرة لاتقل عن هزيمة أنوال أثناء انسحابهم من منطقته سنة 1924 م، واستنجدت بعض القبائل بعبد الكريم ضد الفرنسيين فهب لنجدتهم واستطاع أن يهاجم بعض المراكز الفرنسية ويستولي عليها وتم إعلان هدنة مؤقتة بين عبدالكريم وفرنسا سنة 1925 م ورفض عبدالكريم شروطا عرضتها عليه الحكومة الفرنسية والأسبانية فنجحت القوات الأسبانية بمعاونة البحرية الفرنسية والقوة الجوية التي كانت تقوم بالقاء الغاز السام علي منطقة أجدير عاصمة الجمهورية الريفية، التي سقطت في أيديهم وبعدها عقد مؤتمر للصلح في وجده لم يقبل الأمير عبد الكريم بشروطه واندلع القتال مرة أخرى بدون تكافؤ مما أدى إلى استسلام عبد الكريم للفرنسيين الذين قاموا بنفيه، ثم انتقل إلى مصر وطلب اللجوء السياسي وقضى بقية حياته هناك (¬2). لكن لم يتوقف الجهاد المغربي عند هذا الحد بل تعددت طرق المغاربة في كفاحهم للمستعمر ومن ذلك إنشاؤهم كتلة العمل الوطني وإصدار الصحف والنشرات وتكوين الحزب الوطني، ثم تأليف حزب الاستقلال ولعب الملك ¬

(¬1) هذه مراكش ص: 172. (¬2) انظر عبد الكريم أمير الريف، بطل الريف الأمير محمد بن عبد الكريم (كاملين).

محمد الخامس دورا هاما في صف الحركة الوطنية بعد مبايعته عقب وفاة المولى يوسف سنة 1927 م، وزار محمد الخامس طنجة وخطب فيها خطابا أكد فيها وحدة المغرب الجغرافية وحقه في الحرية والاستقلال، وأشاد بجامعة الدول العربية وأعلن أن بلاده جزء من الوطن العربي، ثم سافر إلى باريس وعرض قضية بلاده على حكومة فرنسا، فأقدمت فرنسا على خلع الملك محمد الخامس وأحلت مكانه محمد عرفة فثارت ثائرة المغاربة وظهرت المقاومة المسلحة بواسطة جيش التحرير المغربي فسارعت سنة 1956 م بإعادة الملك إلى عرشه، لكنه اشترط اعتراف فرنسا بحق المغرب في الاستقلال وتشكيل حكومة مغربية للتفاوض مع فرنسا وتم ذلك فعلا، وأعلن في سنة 1956 م الاعتراف باستقلال المغرب وإلغاء عقد الحماية الفرنسية وأصبح وضع أسبانيا محرجا بعد التسليم الفرنسي فاستدعت الملك لمدريد وصدر من هناك تصريح مشترك بنفس الاعترافات وتمت وحدة المغرب واستقلاله، وأعلنت القيادة الدولية التي كانت تتولى إدارة طنجة إلغاء نظامها الدولي ووضعها تحت سيادة المغرب ابتداء من أول سنة 1957 م (¬1). أما منطقة شنقيط التي أطلق عليها الاستعمار الفرنسي (موريتانيا) والتي كانت تعد جزءا من المغرب، فحينما قررت فرنسا منح الاستقلال لمستعمراتها السابقة في غرب إفريقيا أعدت موريتانيا للحكم الذاتي، وعندما اقترب موعد تقرير المصير استطاع مايعرف بحزب التجمع الموريتاني الحصول على أغلبية المقاعد في أول جمعية تشريعية سنة 1958 م، وتولى رئيس الحزب مختار ولد دادة الإدارة المحلية، وأعلن الاستقلال الرسمي سنة 1960 م (¬2). وكان من أعلام المفسرين الذين ظهروا في تلك الفترة بمنطقة المغرب وموريتانيا: محمد الأمين الشنقيطي ت 1393 هـ صاحب كتاب أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن وكان ذا أثر كبير في منطقة المغرب بأسرها، ومحمد عبد الحي الكتاني ت 1382 هـ وغيرهما. ¬

(¬1) انظر المغرب العربي لصلاح العقاد ص: 530 - 532، السيادة والحكم في إفريقيا. (¬2) المغرب العربي ص: 532.

المطلب الرابع: الأوضاع في المنطقة من الاستقلال وحتى الآن وتأثير ذلك على الناحية العلمية

المطلب الرابع: الأوضاع في المنطقة من الاستقلال وحتى الآن وتأثير ذلك على الناحية العلمية: أولا: تونس ولما تقرر منح تونس الاستقلال دعا الباي رئيس الحزب الدستوري الحبيب بورقيبة إلى تقلد رئاسة الحكومة وتم وضع دستور للبلاد لتنظيم أمورها قضائيا واقتصاديا واجتماعيا وتم إلغاء النظام الملكي وإعلان الجمهورية وانتهت الدولة الحسينية وتم هذا الانقلاب بدون إراقة قطرة دم وتسلم مقاليد الرئاسة الحبيب بورقيبة الذي شكل حكومة تتركب من أحد عشر دولة ومنها كتابة الدولة المتولية للشعائر الدينية التي قامت بتجديد المساجد وإصلاح جامع الزيتونة وإصلاح جامع عقبة بالقيروان وتنظيم خطط الشعائر وتوفير جرايات أربابها وحفظ مالهم من عوايد، وقامت هذه الكتابات بدورها في النهوض بأمور الجيش وبالنواحي الداخلية والخارجية، وتم جلاء آخر جندي أجنبي سنة 1962 م. (¬1) إلا أنه من المؤسف استبدال الحكومة الحكم الشرعي بالأحكام الوضعية، وتم العبث حتى بقوانين الأحوال الشخصية، وأصبح القضاء مدنيا لاشرعيا إلا في بعض الجوانب الهامشية، وأما خطة الإفتاء فصارت استشارية دولية في سنة 1962 م ودعا بورقيبة إلى الإفطار في رمضان حتى لايتأثر الانتاج واستطاع بورقيبة أن يحتفظ بالزعامة الفردية للدولة وقابل كل الانتفاضات التي قامت ضده بالقمع الذي وصل للاستعانة بالجيش وقتل المواطنين وأعلن تعديلا في نظام الحكم يقضي بأن تكون الرئاسة له مدى الحياة. (¬2) وحاليا يتولى الحكم في تونس زين العابدين بن علي الذي تقلد ¬

(¬1) انظر: تاريخ تونس ص: 138، خلاصة تاريخ تونس ص: 242. (¬2) انظر: المغرب العربي 471 - 480.

ثانيا: الجزائر

المنصب بعد وفاة الحبيب بورقيبة، على النظام الجمهوري والحكم بالقوانين الوضعية، وقد ضيق الخناق على الجماعات الإسلامية التي تطالب بتحكيم الشريعة، وأصبح المسلم الملتزم في صراع مع السلطة حتى حول الفرعيات كإطاق اللحية ولبس الثوب وما إلى ذلك. ثانيا: الجزائر وبعد أن أعلن الاستقلال في الجزائر بدأ الصراع على الحكم والاختلاف بين زعماء الثورة فتأخرت انتخابات الحكومة الجزائرية شهرين حتى تسلم السلطة أحمد بن بيللا بتأييد معظم جيش التحرير الذي يقوده هواري بومدين وتمت المصادقة على الدستور سنة 1963 في سبتمبر ورشح أحمد بن بيللا أول رئيس للجمهورية الديمقراطية الشعبية التي يعتنق قادتها الفكر الشيوعي وأعلن الرئيس أن مبادئه تختلف عن الماركسية في أمرين رئيسين: الاعتراف بالقيم الروحية والأخذ بالمبدأ القومي وظهر تيار قوي يستهدف ربط الاشتراكية بالإسلام وجابه بن بلل حركات تمرد استعان بالجيش في مواجهتها مثل حركة انشقاق سي العربي سنة 1963 م وفي سنة 1965 أراد بن بيللا استبعاد وزير خارجية بقرار فردي وأدى ذلك إلى الانقلاب الذي قام به هواري بومدين وقام طاهر الزبيري بالقبض على بن بيلا إلا أن الزبيدي حاول الانقلاب بعد ذلك علي بومدين سنة 1967 إلا أنه استطاع قمع تلك الحركة ومنذ ذلك الوقت استقرت السلطة في الجزائر وأكمل بومدين بناء الدولة على مابدأه سابقه بن بيللا على النهج الاشتراكي وانضمت للدول التقدمية في العالم العربي في مقابل الدول المحافظة وأصبح لها علاقات وطيدة مع فرنسا وشجعت الهجرة إليها. (¬1) ثم تولى الحكم بعد هواري بومدين الشاذلي بن جديد على نفس النظام الذي يحكم القوانين الوضعية، وظهرت على الساحة جبهة الإنقاذ الإسلامية بقيادة عباس مدني وعلي بلحاج، التي فازت بأغلبية في الانتخابات (¬2) فتم ¬

(¬1) انظر: المغرب العربي ص: 321 - 469. (¬2) انظر: مدراك النظر في السياسة ص: 91 - 137.

ثالثا: المغرب

الضغط عليه بالاستقالة ليتولى الجيش الحكم لإقصاء الجبهة، ثم تولى الحكم لجنة من الجيش ثم أتوا بمحمد بوضياف الذي قتل في إحدى المؤتمرات، ثم قامت فتن عظيمة وكثر القتل والإرهاب، وتولى الحكم عدة أشخاص انتهوا حاليا بأحمد بوتفليقة الذي كان من المساعدين لبومدين. ثالثا: المغرب وأعلن الملك محمد الخامس بعد الاستقلال عن تأسيس جيش وطني مغربي، وانضم المغرب إلى هيئة الأمم المتحدة وعين ابنه الحسن وليا للعهد وعندما وضع الدستور الأول سنة 1962 م حصر وراثة العرش في الابن الأكبر. ولم تهدأ الحركات الانقلابية والشعبية ضد القصر فأصدر الملك الحسن الذي تولى بعد وفاة والده دستورا جديدا أقرب إلى الديمقراطية سنة 1972 م، وبقي الحكم على ماهو عليه من ترك الشريعة الإسلامية وتحكيم القوانين الوضعية. (¬1) رابعا: موريتانيا استطاعت موريتانيا بعد استقلالها تقويض مشكلتها مع المغرب حول الصحراء ووقعا معا اتفاقا بحسن الجوار، كما أعلنت التحاقها بجامعة الدول العربية سنة 1973 م، وانتقل الحكم بعد ولد دادة ولد محمد السالك ثم الحاكم الحالي معاوية ولد سيدي أحمد الطايع، واستمر الحكم فيها كسابقاتها على ترك الشريعة الإسلامية واستبدالها بالقوانين الوضعية ولا حول ولا قوة إلا بالله. (¬2) أما بالنسبة للتأثير الحاصل في المنطقة على الناحية العلمية والثقافية فقد واجهت بلاد المنطقة مشكلات معقدة في جانب التعليم مع بداية عهد الاستقلال وتوجب عليها القيام بعمليتين في آن واحد: ¬

(¬1) انظر: المغرب العربي ص: 532. (¬2) انظر المرجع السابق.

الأولى: محو الأمية، الثانية: تعريب التعليم ولغة الثقافة والإدارة التي أصبحت الفرنسية بعد الاحتلال وفي العهد الاستعماري. ولم تكن توجد بالمغرب العربي كله سوى جامعة الجزائر الفرنسية الهوية فعملت الجزائر على تطويرها وقبل ذلك عمدت إلى إنشاء جامعتين جديدتين إحداهما في وهران، والثانية في قسنطينة، ثم أضافت ثلاث جامعات أخرى إقليمية، وانتشرت الجامعات والمعاهد بعد ذلك في المنطقة ومن ذلك جامعة الزيتونة والجامعة التونسية بتونس، وجامعة محمد الخامس، وجامعة فاس، وجامعة القرويين بالمغرب، وفرع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بنواكشوط، وغير ذلك. ولاشك أن الفترة الحالية لم تنضج بعد دراستها التاريخية، وأخبارها مبثوثة في وسائل الإعلام بين جريدة يومية أو حولية ومجلة إسلامية أو اجتماعية وشريط لمحاضرة أو لندوة ولقاء عبر تلفاز أو مذياع وغير ذلك ولكن يمكن إجمال الكلام فيها بما يتوارد على الأسماع، ويلاحظ أن الوضع العام في المنطقة يبعد حقيقة عن الاهتمام بالنواحي الشرعية وغلب على البلاد المعاصي والفتن والتفرنج وتقليد الغرب في عامة مناحي الحياة إلا أن التطور الذي يشهده العالم حاليا في مجالات التقنية الحديثة والتعليم بغض النظر عن ماهيته ساهم في إثراء الحياة الثقافية والعلمية على وجه العموم، فانتشار الجامعات وتطور أمر الدراسات العليا فيها والتفوق الهائل في مجال الاتصالات والطباعة والإعلام عامة أدى إلى خروج أعمال كثيرة تتعلق بالتفسير جملة كبيرة منها رسائل علمية في مرحلة التخرج لطلبة الكليات الشرعية ورسائل للحصول على درجة الماجستير والدكتوراة وبحوث مختصرة للترقي لدرجة الأستاذية بالنسبة لمدرسي الجامعات المتخصصين في مجال التفسير، كما ظهرت مقالات في الصحف والمجلات الإسلامية تتعلق بمباحث تفسيرية متعددة، هذا خلا المؤتمرات الإسلامية والندوات والمحاضرات والبرامج الإذاعية والمعروضة بالتلفاز والتي اشتهر منها المجالس الحسنية التي يعقدها الملك الحسن مع علماء الشريعة وتتطرق لشتى المباحث العلمية التي تشمل التفسيرية وغيرها.

ولم تعدم الفترة الحالية من كتب شاملة في تفسير القرآن سوف نتعرض لها بالحديث إن شاء الله عن التفاسير، وكتاب أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن للشيخ محمد الأمين الشنقيطي، وكتاب أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للشيخ أبي بكر جابر الجزائري وكتاب التيسير في أحاديث التفسير للشيخ المكي الناصري الذي أذيع بإذاعة المغرب في حلقات وطبع الآن كاملا، ويذاع حاليا في إذاعة القرآن الكريم بالمملكة العربية السعودية.

الباب الأول المفسرون في غرب إفريقية

الباب الأول المفسرون في غرب إفريقية ويشتمل على: - مدخل. - الفصل الأول تراجم المفسرين من أهل المنطقة. - الفصل الثاني تراجم المفسرين الوافدين على المنطقة.

مدخل

مدخل سبق في مقدمة الرسالة التنويه بعدم الوقوف على كتاب جامع لتراجم المفسرين المغاربة بصورة انفرادية شاملة، ولكني وقفت على بعض الأبحاث ذات العلاقة بموضوع بحثي واستفدت منها ومن ذلك كتاب المدرسة القرآنية إلى ابن عطية لعبد السلام أحمد الكنوني وهو جزء واحد لطيف يقع في حوالي ثلاثمائة صفحة متوسطة عبارة عن رسالة لنيل دبلوم الدراسات الإسلامية العليا بدار الحديث الحسنية بالرباط بتاريخ 17/ 5 / 1394 هـ إشراف د. عائشة عبد الرحمن ومناقشة كل من د. عبد الهادي التازي والأستاذ أحمد بن تاويت وهي مع كونها استغرقت ما يقارب النصف في القراءات كانت قاصرة جدًا في حديثها عن التفسير مع الوقوع في أوهام عجيبة أذكر منها على سبيل المثال الخلط بين يحيى بن سلام وبين أبي عبيد القاسم بن سلام ولذا فإن صاحب الرسالة عندما وقع في ذلك - فذكر أن تفسير أبي عبيد القاسم بن سلام كان من التفاسير الأولى التي دخلت المغرب الإسلامي - قال: ولم نعثر على نص صريح يشير إلى دخول تفسير ابن سلام إلى المغرب لكنا نجد مختصرين له عرفا في المغرب من أواخر القرن الثالث وأوائل الرابع للهجرة ومن الذين اختصروه: أ - مختصر في تفسير ابن سلام لأبي عبد الله محمد بن عبد الله بن عيسى بن أبي زمنين القرطبي يعرف بالمري الإلبيري ت 399 وتوجد نسخة منه في خزانة القرويين وسأقدم لهذا المختصر فيما بعد. ب - مختصر القرآن لابن سلام لأبي المطرف التنازعي (كذا والصواب القنازعي) عبد الرحمن بن مروان ت 413 هـ. قال: وواضح أن اختنصار كتاب لايكون إلا بعد أن يتداوله الناس ويتدارسه الخاصة وتدعو الحاجة إلى تيسير الفائدة منه. أ. هـ. وقد عزا مختصر ابن أبي زمنين للديباج لابن فرحون ومختصر القنازعي لطبقات السيوطي وشجرة

النور. (¬1) والغريب أنه في حديثه عن مختصر ابن أبي زمنين رجع إلى الصواب وأنه ليحيى بن سلام على أنه لا يعرف لأبي عبيد تفسير أصلاً، ولذا فإن الكاتب لما لم يجد مايدل على أن له تفسيرًا قال: ألف كثيرًا من الكتب منها ما يتصل بموضوعنا؛ غريب القرآن، كتاب القراءات، كتاب الناسخ والمنسوخ، كتاب معاني القرآن، كتاب المجاز في القرآن، كتاب عدد آي القرآن. أ. هـ ومن ذلك أيضًا أنه عندما ذكر أعلام المفسرين في القرن الرابع كرر ابن أبي زمنين ثلاث مرات وذلك خلال تسعة عشر رجلاً ساقهم في نسق واحد بدون ترجمة لأحد منهم فقال: 11 - أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عيسى بن أبي زمنين ت 359 هـ (كذا) تفسير القرآن. الديباج مختصر تفسير بن سلام 18 - أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أبي زمنين المري القرطبي ت 339 هـ تفسير القرآن. شجرة النور الزكية 19 - أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عيسى بن محمد المري (324 - 399 هـ) تفسير القرآن. طبقات المفسرين للداوودي مختصر تفسير ابن سلام والصواب أن الثلاثة واحد، وأن المصادر التي ذكرها ماأرادت إلا رجلا واحدا، وأنه لم يصنف تفسيرا مستقلا وإنما ماصنفه هو مختصر تفسير ابن سلام. ومن ذلك أنه ذكر أحمد بن علي بن أحمد الباغاني ت 401 هـ (كذا والصواب الباغايي) في أعلام القرن الرابع (¬2) وقال: ت 345 هـ، ثم ذكره في أعلام القرن الخامس (¬3) وقال: ت 401 هـ. ومن ذلك أيضا أنه ذكر علي بن سليمان الزهراوي مرتين مرة في أعلام القرن الرابع وقال: 398 هـ كان حيا فيه. (¬4) ومرة في أعلام القرن الخامس وقال: ت 413 هـ. (¬5) ومن ذلك نسبته للطرطوشي مختصر تفسير الثعالبي الجزائري في عدة مواضع (¬6) والصواب أنه اختصر تفسير الثعلبي النيسابوري، وقد بينت ذلك في ترجمة الطرطوشي وترجمة الثعالبي. ¬

(¬1) هذا في ص: 131، 132. (¬2) ص: 150. (¬3) ص: 177. (¬4) ص: 158. (¬5) ص: 177. (¬6) منها 1/ 233، 235، 236.

وفي الكتاب اختصار شديد جدا وتكرار وأوهام أخرى، ولاتكاد تسلم صفحة من خطأ مطبعي أو نحوه، غفر الله لنا وله وتقبل منا ومنه. ومن ذلك أيضا كتاب التفسير ورجاله لمحمد الفاضل بن عاشور إلا أنه مع اختصاره الشديد حيث يقع في حوالي 250 صفحة من القطع الصغير لم يتكلم فيه إلا عن قرابة اثني عشر تفسيرا، ومع كون الرجل تونسيا من أهل منطقتنا المعاصرين لم نظفر من خلال ماذكر من مفسرين وتفاسير إلا بحديث عن يحيى بن سلام فقط ممن يعنينا الحديث عنهم. ومن ذلك أيضا كتاب "التفسير واتجاهاته بإفريقية من النشأة إلى القرن الثامن الهجري" لوسيلة بلعيد وهي رسالة دكتوراه في العلوم الإسلامية بجامعة تونس الملكية الزيتونية للشريعة وأصول الدين بإشراف الدكتور عبد الحميد محمد المنيف سنة 1407 هـ وهو مرقونة في مجلد. وقد ذكرت الباحثة أنها لم تقف على دراسة شاملة تكشف عن تطور التفسير في منطقتها وهي تعني بإفريقية (تونس) فقط، خلال المدة المدروسة فقط. (¬1) ويلاحظ أنها لم تتعرض في رسالتها إلا إلى خمسة من المفسرين وهم ابن سلام والمهدوي، ومكي، وابن عرفة، والنعمان بن حيون، وعلى هؤلاء الخمسة وتفاسيرهم قامت رسالتها على الرغم من وجود عدة مفسرين تونسيين غيرهم (¬2) في الفترة التي قامت بدراستها، وهي مع ذلك لم توف بعضهم حقه وهو النعمان ابن حيون الذي تحدثت عن تفسيره ومنهجه في صفحتين فقط. كما أنها قد فاتها الحديث عن الاتجاه الصوفي في التفسير مع اشتهاره في المنطقة. وأما كتاب طبقات المفسرين للأدنوي فقد وقع فيه بعض الأوهام خاصة في سني الوفيات (¬3) كما وقع فيه بعض التخليط ومن ذلك قوله: محمد بن ... (¬4) أبو الشكر المغربي الإمام العالم الفاضل بهاء الدين قد ¬

(¬1) انظر المقدمة ص: (أ). (¬2) منهم عبد العزيز ابن بزيزة (مترجم برقم 87) ومحمد المرجاني (رقم 183) ومحمد ابن جميل الربعي (رقم 199) وغيرهم. (¬3) انظر كمثال ترجمة أحمد بن محمد البسيلي، وترجمة يحيى بن محمد بن موسى التجيبي وغيرهما. (¬4) بياض في المرجع.

صنف أحكام التأويل وهو على مقدمة وثلاثة وعشرين بابا وخاتمة وشرحه أبو معشر البلخي في سبع (مجلدات) في كشف الظنون ... وشرحه الشيخ أحمد بن عبد الجليل السحري المتوفى 324 هـ (¬1) والذي في كشف الظنون (¬2): أحكام تحاويل سني العالم ليحيى بن محمد بن أبي الشكر المغربي وهو على مقدمة وثلاثة ... الخ وبين هناك أن أبا معشر البلخي اسمه جعفر بن محمد المنجم فالكتاب ليس في التفسير وإنما في الهيئة والتنجيم. وأما كتاب نيل السائرين في طبقات المفسرين فوقع فيه أيضا على اختصاره الشديد بعض من الأوهام ومن ذلك خلطه في ترجمة ابن برجان حيث ذكره في ثلاثة مواضع، وحدث به بعض التصحيفات مثل تصحيف المغيلي بالغيلي وغير ذلك، وقد نبهت عليه عند التراجم المذكورة، كما أنه لم يذكر من بداية القرن الحادي عشر وحتى تاريخ تأليفه للكتاب وهو سنة 1386 هـ غير علماء الهند وباكستان ونحوها. وأما سائر كتب طبقات المفسرين فما وقفت عليه فيها من تكرار أو أوهام فقد نبهت عليه في موضعه فمثلا محمد بن ظفر ذكره الداوودي في موضعين فنبهت على ذلك. ومن الأوهام التي وقفت عليها أيضا أثناء البحث: محمد بن يحيى الباهلي أبو عبد الله البجائي (¬3) ذكره الدكتور عمار الطالبي في مقدمة تفسير الثعالبي ضمن المفسرين بالمنطقة ونعته بقوله: المفسر البجائي الذائع الصيت. (¬4) وهو غير معروف بالتفسير وإنما هو مشهور بالمسفر - بتقديم السين المهملة على الفاء - حيث كان يعمل في السفارة ودخل فاسا سفيرا، فالتبس عليه المسفر بالمفسر. كما يلاحظ أنني قد واجهت أثناء البحث بعض الصعوبات وذلك في ضبط المعنيين بالدراسة فربما نسب الرجل مغربيا وليس من أهل المنطقة بل لم يدخلها في حياته أصلا وإنما كانت نسبته لأصله ومن هؤلاء: - محمد بن يوسف بن عبد الرحمن بن عبد الوهاب بن عبد الله بن عبد الملك بن ¬

(¬1) طبقات المفسرين للأدنوي ص: 441. (¬2) 1/ 18. (¬3) مصادر ترجمته: مقدمة تفسير الثعالبي ص: (ب)، نيل الابتهاج 240، معجم المؤلفين 3/ 765، شجرة النور 1/ 219. (¬4) مقدمة تفسير الثعالبي ص: (ب).

عبد الغني المغربي المراكشي البيباني بدر الدين الحسني محدث الشام في عصره، أصله من مراكش من ذرية الجزولي صاحب دلائل الخيرات، انتقل أحد أسلافه إلى الديار المصرية، فولد فيها أبوه بقرية بيبان (من البحيرة) ورحل إلى تونس فقرأ في جامع الزيتونة وعاد إلى الشرق فأقام بدمشق واشتهر بالمغربي. وولد محمد في دمشق فأقام بها. ولم أقف على دخوله منطقة المغرب. (¬1) - الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن محمد المغربي ولد بالشام ولم أقف على دخوله المغرب وإنما نسبته لهم من الجدود. (¬2) - عبد الله بن محمد بن أبي القاسم أبو محمد ابن فرحون اليعمري عالم بالحديث مفسر من فقهاء المالكية أصله من تونس ولد ونشأ وتعلم بالمدينة المنورة ودرس بالحرم النبوي قال في الديباج: انفرد آخر عمره بعلو الإسناد لم يكن بالمدينة أعلى منه وانتهت إليه الرئاسة هناك مع جاه لم يشاركه فيه أحد له أسئلة وأجوبة عن آيات من القرآن. ولد سنة 693 هـ وتوفي سنة 769 هـ. (¬3) - محمد بن أحمد بن علي القسطلاني التوزري نسبته إلى توزر بإفريقية لكنه ولد بمصر ونشأ بمكة. (¬4) - عبد العظيم بن عبد الواحد بن ظافر العدواني القيرواني ابن أبي الأصبع ت 654 هـ له: البرهان في إعجاز القرآن، بديع القرآن، الخواطر السوانح في كشف أسرار الفواتح. (¬5) ذكر الزركلي أنه بغدادي ثم مصري وأن مولده ووفاته بمصر فلا أدري ماوجهة جعله قيروانيا؟ (¬6) وانظر أيضا الجزائري (¬7)، المكناسي (¬8)، ¬

(¬1) انظر الأعلام 7/ 157، 158، معجم المؤلفين 3/ 790. (¬2) مصادر ترجمته كثيرة: طبقات الداوودي 1/ 155، لسان الميزان 2/ 301، مرآة الجنان 3/ 32، معجم الأدباء 4/ 60، وفيات الأعيان 1/ 428، معجم المؤلفين 1/ 624. (¬3) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 784، شجرة النور 203، الديباج 144، الدرر الكامنة 2/ 406 وهو فيه: الأندلسي الأصل نزيل المدينة. وهدية العارفين 1/ 467. (¬4) انظر معجم المفسرين 2/ 480. (¬5) انظر نسخها في الفهرس الشامل 1/ 253. (¬6) الأعلام 4/ 30. (¬7) معجم المفسرين 1/ 241. (¬8) معجم المفسرين 1/ 288، أخبار مكناس 5/ 319.

المغربي (¬1)، المراكشي (¬2). وبالطبع تمييز هؤلاء يتطلب تتبعا وجهدا كبيرا. كذلك كان من العسير معرفة أهل المنطقة لعدم اشتهار نسبتهم بل إنني لم أجد كثيرا من أنسابهم في كتب الأنساب وضبط المؤتلف والمختلف منها ومن الألقاب وغيرها. وممن اشتبهت نسبتهم مع شهرتها: خلف بن جامع بن حاجب - وقيل حبيب - الباجي من أهل باجة ذكره إبراهيم بن محمد الباجي كان مفتياً ومفسراً. توفي سنة عشرين وثلاثمائة. (¬3) وهو من باجة الأندلس لا القيروان لاختصاص أهل الأندلس بترجمته. وهناك بعض المترجمين توهم نسبتهم أنهم من المنطقة أو وجدت كتبهم بها ولم أقف على ما ينفي أنهم منها أو أنهم ينتسبون لغيرها وبناء عليه ذكرتهم ونبهت على ذلك في الحاشية. كما أنه يلاحظ أن منهجي في اعتبار الرجل من المفسرين مبني على ذكره في أي مرجع متخصص في تراجم المفسرين أو وصف أحد أهل العلم له بأنه مفسر أو كان له نتاج تفسيري يزيد عن ثلاث آيات قصار وهو حد الإعجاز عند كثير من أهل العلم مع اعتبار البسملة لتكرارها والآيات الطويلة كآية الدين مثلا. وقد أضربت صفحا عن ذكر من هم دون ذلك ومن هؤلاء: - الحسن بن محمد بن أحمد الفلالي الدرقاوي الدادسي كان حيا 1242 هـ له شرح قول المهدوي (¬4) في تفسير آية {ياأيتها النفس المطمئنة} (¬5). - عبد العزيز بن محمد المالكي أبو محمد البوفرحي ت 899 هـ. (¬6) له: رسالة في تفسير (¬7) قوله تعالى {يمحو الله مايشاء ويثبت وعنده أم ¬

(¬1) معجم المفسرين 1/ 294. (¬2) معجم المفسرين 2/ 652. (¬3) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 1/ 761، معجم المفسرين 1/ 174، المدارك 5/ 632، تاريخ علماء الأندلس 1/ 161. (¬4) منه نسخة بخزانة تطوان (انظر الفهرس الشامل 2/ 805). (¬5) الفجر: 27. (¬6) مصادر ترجمته: درة الحجال 2/ 376، سلوة الأنفاس 3/ 131، جذوة الاقتباس 2/ 452، وفيات الونشريسي ولقط الفرائد (موسوعة أعلام المغرب 2/ 798، 799). (¬7) منها نسخة بخزانة تطوان الفهرس الشامل 1/ 509.

الكتاب} (¬1) ومنهم الجمالي (¬2) وحسين البارودي (¬3) وغيرهما. كذلك لم أعتبر المصنفين في قصص القرآن من المفسرين إلا أن أقف على من نص على اندراجه فيهم ومن هؤلاء: عبد السلام بن غالب المسراتي القيرواني المالكي ت 646 هـ له: مختصر الزهر الأنيق في قصة يوسف الصديق. (¬4) ويوجد خلط بينه وبين سراج الدين أبو حفص عمر بن إبراهيم الأنصاري المرسي ت 751 هـ له: زهر الكمام في قصة يوسف عليه السلام. (¬5) كما لم أعتبر من وقفت على ذكر أهل العلم له بأنه درس أو درس التفسير أو أجيز في شيء من كتب التفسير لأن غالب المشتغلين بالعلم لابد لهم من دراسة التفسير وكثير منهم يشتغل بتدريسه ويجاز ويجيز فيه ولا يعد بذلك مفسرا وهو واضح معلوم. أما المتأخرون من المعاصرين المشتغلين بالتفسير فليس في الإمكان استقصاؤهم خاصة وقد كثرت الأبحاث العلمية المتعلقة بالتفسير وليست في نظري بمسوغ لكي يدرج أصحابها في عداد المفسرين ولكني اكتفيت بذكر البعض منهم دلالة على البقية وعلى وجه الخصوص من كان له تفسير جامع أو دراسات تفسيرية متعددة مع وصف أهل قرنه له بالاضطلاع في التفسير ونحو ذلك. أما بالنسبة للوافدين على المنطقة فقبل حديثي عنهم أحب أن أعرج على العلاقة بين الرحلة من الأندلس للمشرق ومن المشرق للأندلس وبين الوافدين على هذه البلاد من المفسرين. فالأندلسي إذا قيل رحل إلى المشرق أو حج اقتضى ذلك مروره بإفريقية ولذا قال ابن بشكوال مثلا في ترجمة أحمد بن محمد السبتي: سمع بالشرق من أبي محمد بن أبي زيد. (¬6) وقال في ترجمة عبدالله بن الوليد بن سعد: رحل إلى المشرق فأخذ في طريقه بالقيروان عن أبي محمد بن أبي زيد الفقيه. (¬7) وقال في ترجمة أحمد بن ¬

(¬1) الرعد: 39. (¬2) انظر العمر 1/ 1 / 444. (¬3) انظر العمر 1/ 2 / 924. (¬4) ومنه نسخ بخزانة تطوان وبالحرم المكي وبدار الكتب الوطنية بتونس (انظر الفهرس الشامل 1/ 251). (¬5) انظر الفهرس الشامل 1/ 410. (¬6) الصلة 1/ 50. (¬7) الصلة 1/ 267.

أيوب الإلبيري: رحل إلى المشرق وحج ولقي أبا الحسن القابسي بالقيروان. (¬1) وقال في ترجمة أحمد بن سعيد بن دينال: ورحل إلى المشرق فأدى الفريضة ولقي أبا محمد بن أبي زيد بالقيروان فأخذ عنه مختصره في المدونة وغير ذلك من تواليفه. (¬2) وقال: ومن الغرباء القادمين من المشرق إلى الأندلس (¬3) ... ويذكر من قدم من تاهرت وغيرها من بلاد المغرب. وقال ابن الفرضي في ترجمة محمد بن وضاح: رحل إلى المشرق حاجا فروى بالقيروان تفسير القرآن ليحبى بن سلام. (¬4) ولاشك أن طريق الحج (¬5) والرحلة للمشرق لابد من مروره بالمغرب وإفريقية، ولاشك أيضا أن أهل العلم الذين رحلوا لينهلوا من منابع العلم بالمشرق لن يفوتهم المرور على مراكز العلم المتاخمة لهم كالقيروان وغيرها. ولأجل ذلك يعتبر كل من نص على حجه أو رحلته للمشرق من الأندلسيين وافدا على هذه البلاد وكذا كل من رحل من المشارقة للأندلس وافدا أيضا عليها. كما يلاحظ أن من القادمين إلى المنطقة من هاجر إليها هجرة استيطان، وبعضهم زاد مقامه بها عن المدة التي نص عليها العلماء في تحديد أوطان العلماء. قال المقري: إن جميع المؤرخين من أئمتنا السالفين والباقين دون محاشاة لأحد، بل قد تيقنا إجماعهم على ذلك، متفقون على أن ينسبوا الرجل إلى مكان هجرته التي استقر بها ولم يرحل عنها رحيل ترك لسكناها ... فمن هاجر إلينا من سائر البلاد فنحن أحق به ... ومن هاجر منا إلى غيرنا فلا حظ لنا فيه والمكان الذي اختاره أسعد به. (¬6) وقال ابن المبارك وغيره: من أقام في بلدة أربع سنين نسب إليها. (¬7) وقد اعتبر بعض العلماء أن الرحلة إلى بلد تسوغ نسبة العالم إليها. (¬8) وهذا أوان الشروع في المقصود وبالله التوفيق. ¬

(¬1) الصلة 1/ 53. (¬2) الصلة 1/ 54. (¬3) الصلة 1/ 86. (¬4) تاريخ العلماء بالأندلس 2/ 32. (¬5) وانظر أيضا في المرور على المغرب في رحلة الحج: الأعلام 5/ 297. (¬6) نفح الطيب 3/ 164. (¬7) انظر تدريب الراوي 2/ 385. (¬8) انظر: نسخة وكيع عن الأعمش 100.

الفصل الأول تراجم المفسرين من أهل المنطقة

الفصل الأول تراجم المفسرين من أهل المنطقة

1 - إبراهيم بن أحمد بن خلف بن الحسن بن الوليد السلمي أبو إسحق ابن فرتون

1 - إبراهيم بن أحمد بن خلف بن الحسن بن الوليد السلمي أبو إسحق ابن فرتون (¬1) محدث مفسر من فقهاء المالكية ولد بفاس وسمع بها وبسجلماسة والأندلس. وصفه مخلوف بقوله: الفقيه الأصولي المفسر الحافظ العالم المتفنن (¬2). روى عن أبي علي الصدفي وأبي علي الغساني وابن عتاب وغيرهم. وحدث عنه أبو عبد الله محمد بن أحمد بن منظور وغيره. وهو جد أحمد بن يوسف ابن فرتون صاحب كتاب الذيل. (¬3) توفي بفاس في الثالث والعشرين من جمادى الآخرة سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة. 2 - إبراهيم بن أحمد بن علي بن مسلم أبو إسحق الجبنياني البكري المالكي (¬4) من بكر بن وائل، أحد أئمة المسلمين، وأولياء الله تعالى الصالحين وقد جمع الفقيه أبو القاسم اللبيدي، وأبوبكر المالكي من أخباره وسيره ¬

(¬1) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 755، التكملة 1/ 175، شجرة النور 1/ 134، جذوة الاقتباس 1/ 84 وفرتون: بالتاء الفوقية بعد الراء. (¬2) الشجرة 1/ 134. (¬3) انظر جذوة الاقتباس 1/ 117. (¬4) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 1/ 3، معجم طبقات الحفاظ والمفسرين 208، معجم المفسرين 1/ 9، رحلة التجاني 81، ترتيب المدارك 6/ 247، الديباج المذهب 1/ 264، الحلل السندسية 2/ 337، شجرة النور الزكية 1/ 95، الأنساب (الحاشية) 3/ 186. وانظر مناقب أبي إسحق الجنبياني لأبي القاسم اللبيدي. والجبنياني: نسبة إلى جبنيانة - بكسر الجيم ثم موحدة ساكنة ثم نون مكسورة تليها مثناة تحتية ثم ألف ثم نون - قرية بإفريقية قرب سفاقس (انظر التعليق على الأنساب 3/ 185).

كثيرا. وكان سلفه (¬1) من أهل الخطط (¬2) بالقيروان ولهم مسجد يعرف بمسجد ابن سالم، وولي والده أبو بكر أحمد بن علي خراج إفريقية في عهد بني الأغلب وارتفع إلى الوزارة. (¬3) ولد سنة تسع وسبعين ومائتين واهتم أبوه بتعليمه في صغره مع ما كان فيه من رفاهة العيش وحج سنة أربعة عشر وثلاثمائة بعد أن هرب من أبيه وتزهد. قيل له: لم اخترت سكنى جبنيانة على غيرها؟ قال: أردت أن يخمل ذكري فيها، لأني رأيتها من أقل القرى ذكرا. (¬4) أخذ العلم عن جماعة منهم عيسى بن مسكين وأبي بكر بن اللباد وأبي علي حمود ابن سهلون. وله أخبار عجيبة في الورع، وكان يسرد الصوم، شديد الإقبال على الصلاة. وكان من أعلم الناس باختلاف العلماء، عالما بعبارة الرؤيا ويعرف حظا من اللغة العربية حسن القراءة للقرآن يحسن تفسيره وإعرابه وناسخه ومنسوخه، لم يترك حظه من دراسة العلم بالليل إلا عند ضعفه قبل موته بقليل، وكان لايفتي إلا أن يسمع أحدا يتكلم بما لايجوز فيرد عليه، أويرى من يخطىء في صلاته فيرد عليه. (¬5) وكان أبو الحسن القابسي يقول: الجبنياني إمام يقتدى به. وكان أبو محمد بن أبي يزيد يعظم شأنه ويقول: طريق أبي إسحق خالية لايسلكها أحد في الوقت. وكان أبو إسحق قلما يتغير على أحد فيفلح، وإذا رؤي ذكر الله تعالى من هيبته، قد جف جلده على عظمه، واسود لونه، كثير الصمت، قليل الكلام، فإذا تكلم نطق بالحكمة، وكان قلما يترك ثلاث كلمات جامعة للخير، وهي: اتبع ولاتبتدع، اتضع ولاترتفع، من ورع لم يقع. (¬6) ¬

(¬1) سلف الرجل: آباؤه المتقدمون (لسان العرب 3/ 2068). (¬2) جمع خطة وهي الحال والأمر والخطب (لسان العرب 2/ 1199) والمراد أصحاب الولايات والوزارات ومن ذلك قولهم: فلان يبني خطط المكارم (انظر أساس البلاغة ص: 115). (¬3) المدارك 6/ 223. (¬4) المدارك 6/ 231. (¬5) الديباج 1/ 264. (¬6) طبقات الداوودي 1/ 3.

3 - إبراهيم بن إدريس الحسني السنوسي الفاسي

وكان العلماء بالقيروان وغيرها والفضلاء يقصدونه ويسألونه الدعاء لهم. (¬1) ومن شعره: إن القنوع بحمد الله يمنعنى ... من التعرض للمنانة النكد إني لأكرم وجهي أن أعرضه ... عند السؤال لغير الواحد الصمد (¬2) قال ابنه أبو طاهر: قال لي أبي: إن إنسانا أقام في آية سنة لم يتجاوزها وهي قوله تعالى: {وقفوهم إنهم مسئولون} (¬3) فقلت له: أنت هو؟ فسكت، فعلمت أنه هو. (¬4) توفي رحمه الله سنة تسع وستين وثلاثمائة وسنه تسعون سنة، وما وجد له من الدنيا قليل ولا كثير غير أمداد شعير في قلة مكسورة، وقبره بجبنيانة معروف يتبرك به العوام. (¬5) 3 - إبراهيم بن إدريس الحسني السنوسي الفاسي (¬6) فقيه مالكي، عارف بالحديث والتفسير، ولد بفاس، ثم انتقل إلى الإسكندرية، ومنها إلى القاهرة وتوفي بها سنة ألف وثلاثمائة وأربعة. شرع في تفسير القرآن ولم يكمله. (¬7) وله أيضا: سيف النصر بالسادة الكرام أهل بدر. نظما ونثرا. (¬8) 4 - إبراهيم بن عمر بن بابة بن إبراهيم بن حمو الملقب بَيُّوض (¬9) عالم إباضي (¬10) مفسر مجاهد من أكابر علمائهم، واعتبر من رجال ¬

(¬1) المدارك 6/ 233. (¬2) المدارك 6/ 229. (¬3) الصافات: 24. (¬4) المدارك 6/ 231. (¬5) انظر الشجرة1/ 247. (¬6) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 1/ 10، هدية العارفين 1/ 44، معجم المؤلفين 1/ 13. (¬7) معجم المفسرين 1/ 10. (¬8) هدية العارفين 1/ 44. (¬9) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 1/ 17 - 18، نهضة الجزائر الحديثة 3/ 6، أعلام الإصلاح في الجزائر 1/ 81، 2/ 77، 3/ 75، 4/ 15، مقدمة تفسير الثعالبي ص: (ج). (¬10) بكسر الألف وفتح الباء الموحدة آخره ضاد معجمة نسبة إلى فرقة من الخوارج يقال لهم: الإباضية وهم أتباع عبد الله بن إباض المري، وقد انقسمت إلى فرق متعددة يكفر بعضها بعضا وقد تقدم الحديث عن دولتهم في مقدمة البحث ويأتي الحديث عن اعتقاداتهم مفصلا في الباب الثاني. (وانظر الأديان والفرق والمذاهب المعاصرة ص: 138، الأنساب 1/ 111).

5 - إبراهيم بن فائد بن موسى بن عمر بن سعيد بن علال بن سعيد الزواوي النجار القسنطيني

الإصلاح في وقته. من أهل القرارة بالجزائر مولدا وإقامة ولد سنة ألف وثلاثمائة وستة عشر. اشتغل بالتعليم الديني مدة طويلة، وشارك في النهضة الإصلاحية السياسية الدينية التي مهدت لقيام الثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي. توفي بمسقط رأسه اليوم الثالث من ربيع الأول سنة ألف وأربعمائة وواحد (¬1)، وقيل: سنة ألف وأربعمائة. (¬2) من آثاره: تفسير القرآن الكريم اشتغل به تدريسا زهاء خمسة وأربعين عاما. (¬3) 5 - إبراهيم بن فائد بن موسى بن عمر بن سعيد بن علال بن سعيد الزواوي النجار القسنطيني (¬4) قال مخلوف: الإمام الفقيه العالم العمدة الكامل (¬5). ولد في سنة ست وتسعين وسبعمائة في جبل جرجرا (¬6)، ثم انتقل إلى بجاية (¬7) فقرأ بها القرآن، ¬

(¬1) مقدمة تفسير الثعالبي ص: (ج). (¬2) معجم المفسرين 1/ 17. (¬3) المصدر السابق. (¬4) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 1/ 71، معجم طبقات الحفاظ والمفسرين 209، معجم المفسرين 1/ 18، الحلل السندسية 2/ 743، درة الحجال 1/ 193، الضوء اللامع 1/ 116، نيل الابتهاج 52، معجم المؤلفين 1/ 50، إيضاح المكنون 1/ 305، معجم المصنفين 4/ 293، تعريف الخلف 2/ 5، شجرة النور الزكية 1/ 262، الأعلام 1/ 57، معجم أعلام الجزائر 160، تذكرة المحسنين (موسوعة أعلام المغرب 2/ 763). والزواوي: - بزاي وواوين بينهما ألف - نسبة إلى قبيلة زواوة من قبائل المغرب (انظر حاشية الأنساب 6/ 320) والقسنطيني: نسبة إلى قسنطينة وهي من أقاليم مملكة تونس الأربعة (انظر وصف إفريقيا 1/ 31) وهي حاليا تابعة للجزائر. (¬5) الشجرة 1/ 262. (¬6) جبل من جبال بجاية من جهة الشاطىء المعروفة بجبال زواوة (انظر وصف إفريقيا 2/ 102). (¬7) بجاية: - بالباء الموحدة مكسورة بعدها جيم مخففة وبياء تحتية مثناة - من أقاليم مملكة تونس الأربعة المتقدم الإشارة لها، وهي دولة تكاد تكون كلها مؤلفة من جبال شاهقة وعرة ذات غابات وعيون كثيرة تمتد على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط مسافة نحو مائة وخمسين ميلا وعلى عمق نحو أربعين ميلا، وتسكن كل جبل من هذه الجبال قبيلة غير التي تسكن جبلا آخر. (وصف إفريقيا 1/ 31، 2/ 101، 102) والمراد هنا مدينة بجاية الواقعة على ساحل البحر كالعاصمة للمنطقة وكان أول من اختطها الناصر بن علناس من بني زيري. وهي غير بجانة - بفتح وتشديد ونون - من مدن الأندلس (انظر معجم البلدان 1/ 403).

6 - إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن أبي القاسم القيسي الفارقي المغربي المالكي برهان الدين أبو إسحق السفاقسي

واشتغل بها في الفقه على أبي الحسن علي بن عثمان ثم رحل إلى تونس فأخذ الفقه أيضا وكذا التفسير عن القاضي أبي عبد الله القلشاني والفقه وحده عن يعقوب الزعبي والأصول عن عبدالواحد الفريابي ثم رجع إلى جبال بجاية، فأخذ العربية عن الأستاذ عبد العال بن فراج، ثم انتقل إلى قسنطينة فقطنها وأخذ بها الأصلين والمنطق عن حافظ المذهب أبي زيد عبد الرحمن الملقب بالباز، والمعاني والبيان عن أبي عبد الله اللبسي الحكمي الأندلسي - ورد عليهم حاجا -، والأصلين والمنطق والمعاني والبيان مع الفقه وغالب العلوم المتداولة، عن أبي عبد الله ابن مرزوق الحفيد المفسر (¬1) عالم المغرب - قدم عليهم قسنطينة - ولم ينفك عن الاشتغال والأشغال حتى برع في هذه الفنون لاسيما الفقه. وحج مرارا وتلا لنافع على الزين بن عياش بل حضر مجلس ابن الجزري في سنة ثمان وعشرين، وممن أخذ عنه الشهاب ابن يونس وكان عليه سمت الزهاد وسكونهم. (¬2) مات سنة سبع وخمسين وثمانمائة. له: تفسير القرآن. (¬3) وله أبضا: شرح ألفية ابن مالك، تلخيص المفتاح، تسهيل السبيل في مختصر الشيخ خليل، فيض النيل. (¬4) 6 - إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن أبي القاسم القيسي الفارقي المغربي المالكي برهان الدين أبو إسحق السفاقسي (¬5) ¬

(¬1) هو محمد بن أحمد تأتي ترجمته في المحمدين. (¬2) طبقات الداوودي 1/ 71. (¬3) انظر طبقات الداوودي 1/ 71، الأعلام 1/ 57، معجم المؤلفين 1/ 50. (¬4) انظر المصادر السابقة، وإيضاح المكنون 1/ 305. (¬5) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للأدنوي ص: 276، معجم المفسرين 1/ 19، معجم المحدثين والمفسرين 48، الديباج المذهب 1/ 279، الدرر الكامنة 1/ 57، بغية الوعاة 1/ 425، نيل الابتهاج ص: 39، النجوم الزاهرة10/ 96، الأعلام 1/ 63، العمر 1/ 1 / 163 رقم 19، بروكلمان 2/ 249، ملحق 2/ 350، تراجم المؤلفين 4/ 132، رحلة ابن بطوطة ص: 46، شجرة النور الزكية 1/ 209، كشف الظنون ص: 22، 1477، 1607، معجم المؤلفين 1/ 56، مفتاح السعادة 2/ 106، 418، نزهة الأنظار2/ 146، هدية العارفين4/ 15، الوافي بالوفيات 6/ 138 - 139، الجواهر المضيئة 45، 46، درة الحجال 1/ 178 - 179، تذكرة المحسنين ووفيات الونشريسي ولقط الفرائد (موسوعة أعلام المغرب 2/ 637).

النحوي الفقيه العلامة المالكي صاحب إعراب القرآن. كانت ولادته في حدود سنة سبع وتسعين وستمائة - وقيل: سنة ثمان - بسفاقس (¬1). قرأ ببلده، ثم رحل في طلب العلم إلى تونس مع أخيه محمد (¬2) فقرآ بها على الحافظ عبد العزيز بن الدروال (¬3)، ثم قصدا بجاية فتفقها على ناصر الدين المشدالي، ثم حجا معاً، واستقر إبراهيم بالقاهرة ولازم شيخ العربية أبا حيان. وبعد حين سافر إلى الشام وسمع بدمشق من كبار رواة الحديث مثل المزي والفاضلة زينب بنت الكمال وغيرهما. مهر في العلوم وتخصص في العربية والأصول، وبلغ فيهما شأواً بعيداً. وتصدر لتدريس العربية فأخذ عنه جماعة لا يحصون. وكان فاضلا وماهرا وكاملا في جميع الفنون، وأفتى ودرس سنين. (¬4) قال تلميذه الخطيب ابن مرزوق (¬5): من شيوخي برهان الدين أحد أئمة القاهرة، قرأت عليه وأجازني وأحمل عنه مصنفاته. (¬6) وقال ابن عرفة (¬7): برهان الدين عالم كبير بالأصول. (¬8) ثم رجع صحبة أخيه إلى إفريقية واجتمع بأعيان العلماء التونسيين ¬

(¬1) انظر الدرر الكامنة 1/ 57، العمر 1/ 1 / 163، سفاقس: بفتح السين المهملة بعدها فاء وضم القاف، أخرها مثل أولها - مدينة من نواحي إفريقية على ضفة الساحل وبينها وبين القيروان ثلاثة أيام وجل غلاتها الزيتون. (انظر معجم البلدان 3/ 252) وبعضهم يكتبها بالصاد المهملة في أولها - صفاقس - كما في وصف إفريقيا 2/ 87 وقد زارها التجاني ووصفها وصفا دقيقا (انظر رحلته ص: 68 - 84). (¬2) تأتي ترجمته في المحمدين. (¬3) تأتي ترجمته في المعبدين. (¬4) انظر طبقات الأدنوي ص: 276، الأعلام 1/ 63. (¬5) هو محمد بن أحمد بن محمد الشهير بالجد وبالخطيب تأتي ترجمته. (¬6) انظر نيل الابتهاج ص: 39. (¬7) هو محمد بن محمد بن عرفة الورغمي تأتي ترجمته. (¬8) أسنده البسيلي عن ابن عرفة كما في نيل الابتهاج ص: 39.

وقد أكرموا وفادتهما. قال بدر الدين الدماميني: أخبرني بعض الثقات أن الأخوين السفاقسيين كان أحدهما حافظاً لفروع المالكية والآخر متفنناً في الأصول والعلوم اللسانية فكانا إذا حضرا في مجلس يجتمع فيهما عالم كامل. فاتفق أن حضرا مجلس ابن عبد الرفيع قاضي الجماعة، فسألهما عن مسألة، فأجابا عنها بنقل ذكراه عن ابن رشد وتكلما عليها بكلام استحسنه الحاضرون. (¬1) ثم إن إبراهيم أقام بوطنه إفريقية وبها توفي في ثامن عشر ذي القعدة سنة ثنتين وأربعين وسبعمائة (¬2) وقيل في التي بعدها (¬3). ولم يذكر أصحاب التراجم مكان وفاته، والظن الغالب أنه مدفون برباط المنستير (¬4) ويعرف قبره الآن بسيدي إبراهيم السفاقسي (¬5). له مصنفات منها: المجُيد في إعراب القران المَجيد (¬6) ويسمى إعراب ¬

(¬1) العمر 1/ 1 / 163. (¬2) الدرر الكامنة 1/ 57، بغية الوعاة 1/ 425. (¬3) الديباج 1/ 279، النجوم الزاهرة 10/ 96، الأعلام 1/ 63، موسوعة أعلام المغرب 2/ 637 وقد رجح الأول حسن حسني عبد الوهاب في العمر. (¬4) تقدم الحديث عنه في التمهيد، والمنستير: بضم أوله وفتح ثانيه وسكون السين المهملة وكسر المثناة القوقية، موضع بين المهدية وسوسة بإفريقية (معجم البلدان 5/ 243). (¬5) انظر الشجرة 1/ 209، العمر 1/ 1 / 164. (¬6) يوجد منه نسخة كاملة في أربعة مجلدات من المكتبة العبدلية، ونسختان كاملتان من المكتبة الأحمدية بدار الكتب الوطنية بتونس ونسخة تامة في مجلد بالظاهرية في دمشق، كما توجد بتونس نسخ أخرى متفرقة في الزيتونة، وبالقرويين بفاس، وبالمكتبة المحمودية بالمدينة المنورة، وبالمدرسة العليا والخزانة العامة والمكتبة الملكية بالرباط وبخزانة تطوان، وبدار الكتب المصرية، والخزانة التيمورية بالقاهرة، وبمكتبة كوبرلي، وبالأسكوريال بمدريد، وفي المتحف البريطاني بلندن، وفي مكتبة الدولة ببرلين، وبمكتبة سليم أغا في استانبول، وبالجامع الكبير بصنعاء، وفي تشستربيتي وفي طوبقبوسراي وببلدية الأسكندرية وبالتيمورية وبجاريت يهودا وبجامعة قاريونس المركزية وبجوتا وبخزانة ابن يوسف وسليم أغا وعاطف أفندي وولي الدين، وفي كثير من الخزائن الخصوصية ومنها مكتبة حسن حسني عبد الوهاب. (وانظر العمر1/ 1 / 165 - 166، الفهرس الشامل1/ 387) وقد طبع محققا كما أفاده محقق الأدنوي ولم أقف عليه. وجاء في فهرس خزانة جامع القرويين 3/ 29 رقم 923 (تفسير السفاقسي) وعقب على ذلك العابد الفاسي بقوله: لا نعلم للسفاقسي تفسيرا. وليس في نفيه ذلك وجهة مع اشتهار كتابه اللهم إلا أن يقال: قصد بهذا الاسم. والله أعلم.

القرآن. أوله: الحمد لله الذي شرفنا بحفظ كتابه ... الخ (¬1) اشترك في تأليفه معه أخوه محمد (¬2)، وإن كانت نسبته إلى إبراهيم أشهر وقد سمعه منه ابن مرزوق الجد فقال: وسمعت من لفظه كتابه الذي أعرب فيه وأغرب في إعراب القرآن العظيم. قال حسن حسني: ويقال: إنهما لخصاه من التفسير المسمى بالبحر المحيط تصنيف شيخهما أثير الدين أبي حيان، وإياه يعنيان بلفظ الشيخ في كتابهما، وكثيراً ما يتعقبان بالبحث والنقد عباراته ومدلولاته. (¬3) قال أحمد بابا: كان أبو عبدالله ابن آجروم يثني على فهم السفاقسي ويراه مصيباً في أكثر تعقباته وانتقاداته لأبي حيان. (¬4) قال محمد مخلوف: هو من أجل كتب الأعاريب وأكثرها فائدة، وبنحوه قال حسن حسني. (¬5) قال الأدنوي: وكتابه أحسن ماألف ... وهو مؤلف جليل القدر والشأن في مجلدين ضخمين جمع بين التفسير والإعراب وهو في الحقيقة منهاج صعب ذكر فيه البحر لشيخه أبي حيان ومدحه ثم قال: لكنه سلك سبيل المفسرين في جمعه بين التفسير والإعراب فتفرق فيه المقصود واستخار في تلخيصه وجمع ما أشكل إعرابه في كتاب الشيخ أبي البقاء لكونه كتابا قد عكف الناس عليه وضمه إلى كتابه بحرف الميم (¬6)، وأورد ما كان له بقوله: قلت. فجاء كبير الحجم في عشر مجلدات فاختصره الشيخ سليمان الصرخدي الشافعي المتوفى ¬

(¬1) كشف الظنون 1607. (¬2) هذا كلام ابن فرحون في الديباج وكذا في الشجرة. ورده أحمد بابا في النيل. (¬3) العمر 1/ 1 / 164. (¬4) نيل الابتهاج ص: 39. (¬5) الشجرة 1/ 209، العمر 1/ 1 / 164. (¬6) أي رمز لما نقله عن أبي البقاء عبد الله بن الحسين العَكبري ت 616 هـ من كتابه (إملاء مامن به الرحمن من وجوه الإعراب والقراءات في جميع القرآن) بحرف الميم، وأما قوله هو فيصدره بكلمة: قلت. كما سيأتي.

7 - إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن يوسف أبو إسحاق إطفيش

سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة في مجلدين ولكن اعترض عليه في مواضع كثيرة. (¬1) وقد اختصره أيضا عبد الكريم بن محمد الحمروني (¬2) وسماه: اختصار إعراب القرآن. وله غير ذلك من الاختصارات (¬3). قال عبد الكبير الفاسي عن مختصر السفاقسي: وقد تبرأ منه أبو حيان. وكذا قال ابن القاضي (¬4). وله أيضا: أحكام القرآن (¬5). ولبرهان الدين من المؤلفات كذلك: شرح على مختصر ابن الحاجب الفقهي، الروض الأريج في مسألة الصهريج، إسماع المؤذنين خلف الإمام (¬6). 7 - إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن يوسف أبو إسحاق إطفيش (¬7) أديب من علماء الإباضية ولد سنة ألف وثلاثمائة وخمسة في قرية بني يسجن بوادي ميزاب في الجزائر. وقرأ الفقه والنحو والتفسير بعد حفظ القرآن الكريم على شيخه عم والده الشيخ المفسر الإباضي محمد بن يوسف ولازمه إلى أن توفي. فانتقل إلى تونس وحضر دروسا في جامع الزيتونة وشارك في الحركة الوطنية فأبعده الفرنسيون فتوجه إلى القاهرة. واشتغل بالسياسة فكان ممثلا لدولة إمامة عمان في جامعة الدول العربية ورئيسا لوفدها في هيئة الأمم المتحدة، وأسس أول مكتب سياسي لدولة إمامة عمان في القاهرة، وشهد بعض المؤتمرات الإسلامية في القدس وبغداد. وكان مرجعا للفتوى في المذهب الإباضي عند المشارقة والمغاربة. توفي بالقاهرة سنة ألف وثلاثمائة وخمسة وثمانين. ¬

(¬1) طبقات الأدنوي ص: 276 - 277. (¬2) تأتي ترجمته في المعبدين، ومن اختصاره نسخة في الزيتونة كما في المرجع الآتي. (¬3) انظر العمر 1/ 1 / 164. (¬4) تذكرة المحسنين ولقط الفرائد (الموسوعة 2/ 743). (¬5) يوجد منه نسخة بمكتبة الحرم النبوي (انظر الفهرس الشامل 1/ 387). (¬6) نيل الابتهاج ص: 39. (¬7) مصادر ترجمته: الأعلام 1/ 73، معجم المؤلفين 1/ 56 ويأتي ضبط كلمة إطفيش في ترجمة عم والده محمد بن يوسف.

8 - إبراهيم بن محمد بن عبد القادر بن محمد الحسني الطالبي أبو إسحق التادلي

أنشأ مجلة المنهاج ونشر كتبا علمية لبعض أعلام الإباضية وصنف كتاب الدعاية إلى سبيل المؤمنين وشرع في كتابة تاريخ الإباضية وعاجلته المنية قبل إتمامه وعمل في دار الكتب المصرية فشارك في تحقيق بعض مطبوعاتها الكبيرة كتفسير القرطبي وأجزاء من نهاية الأرب (¬1). ومن أقواله التي تدل على تعمقه في التفسير قوله عن تفسير عمه: لقد رأيت في هذا التفسير من التحقيق ما لم أره في غيره. (¬2) 8 - إبراهيم بن محمد بن عبد القادر بن محمد الحسني الطالبي أبو إسحق التادلي (¬3) شيخ مشايخ الرباط في عصره من كبار فقهاء المالكية، عارف بالتفسير، من أرباب التصوف والطرق الصوفية. ولد بالرباط سنة اثنتين وأربعين ومائتين وألف، وتعلم بها وبفاس ومكناس، ومكث بفاس أكثر من خمسة عشر عاما، ورحل إلى المشرق مرتين وحج وجاور بالحرمين، وعاد مارا بالبلاد الأسبانية فقرأ فيها بعض العلوم الحديثة، ودرس بالرباط أكثر من ثلاثين سنة. توفي بالرباط يوم الخميس سابع عشر ذي الحجة سنة أحد عشر وثلاثمائة وألف ودفن بداره التي كان يسكنها (¬4). بلغت تصانيفه مائة وعشرين، بعضها لم يتم ومنها: حاشية على الإتقان في علوم القرآن للسيوطي (¬5). وله أيضا: تفسير اللغات، حساب الفرائض والتركات، قواعد علم اللغة، علم الدول، أغاني السيقا في علم الموسيقا، شرح لامية الأفعال، تحفة الأحباب بأعمال الحساب، شرح إيساغوجي في المنطق (¬6). ¬

(¬1) انظر الأعلام 1/ 73. (¬2) انظر معجم المفسرين 2/ 658. (¬3) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 756، معجم المحدثين والمفسرين 10، الأعلام1/ 71، الانبساط بتلخيص الاغتباط 27، معجم المؤلفين 1/ 66، مجلة تطوان العدد السادس سنة 1961 م، إتحاف المطالع (موسوعة أعلام المغرب 8/ 2798). (¬4) إتحاف المطالع (الموسوعة 8/ 2798). (¬5) معجم المفسرين 2/ 756. (¬6) الأعلام 1/ 71 وإيساغوجي: لفظ يوناني معناه الكليات الخمس وهي باب من أبواب المنطق (انظر كشف الظنون 1/ 206).

9 - أحمد بن أحمد المختار الشنقيطي

- الأحسن بن محمد (¬1) 9 - أحمد بن أحمد المختار الشنقيطي (¬2) فقيه عارف بالتفسير من المعاصرين. ولد في موريتانيا سنة أربع وأربعين وثلاثمائة وألف، وحفظ القرآن الكريم ودرس مبادىء من علوم الدين واللغة العربية ثم درس مختصر خليل والتكميل في قواعد المنهج في أصول الفقه ورحل إلى المملكة العربية السعودية ليأخذ العلم عن الشيخ المفسر محمد الأمين الشنقيطي (¬3) فلازمه ودرس عليه التفسير وأصول الفقه والنحو وأجازه في التفسير وغيره، ولم يدرس الدراسة النظامية. عمل مدرسا بالحرم المكي سنين عديدة حتى أحيل إلى التقاعد سنة ثمان وأربعمائة وألف ثم استقر في موريتانيا. قال الطيب بن عمر: هو من أبرز الدعاة السلفيين المعاصرين علما ونشاطا ومن أشدهم في انتقاد البدع لاسيما بدع المتصوفة ومؤلفاته تشهد بذلك (¬4). له عدة مؤلفات طبع منها: إكمال تحفة الألباب شرح الأنساب، مواهب الجليل على مختصر خليل، إعداد المهج للاستفادة من المنهج. 10 - أحمد بن أحمد بن زياد أبو جعفر الفارسي القيرواني (¬5) الإمام العالم النظار الثقة الأمين (¬6) مولده بالقيروان سنة مائتين وأربعة وثلاثين. قرأ على محمدبن عبدوس، وسمع من محمد بن يحيى بن سلام ¬

(¬1) انظر الحسن بن محمد. (¬2) مصادر ترجمته: السلفية وأعلامها في موريتانيا ص: 395، الشنقيطي ومنهجه في التفسير ص: 83. (¬3) تأتي ترجمته في المحمدين. (¬4) السلفية وأعلامها ص: 395. (¬5) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 757، المدرسة القرآنية 1/ 157، ترتيب المدارك 5/ 112، البيان المغرب 1/ 204، 242، الديباج المذهب 1/ 169، تراجم المؤلفين 2/ 430، شجرة النور الزكية 1/ 81، طبقات الخشني 168، 216، 230، العمر 1/ 1 / 116 رقم 7. (¬6) شجرة النور 1/ 81.

تفسير القرآن الذي ألفه والده، فكان به مولعا. وصحب القاضي عيسى بن مسكين وكان يكتب له السجلات والأحكام، وروى عنه أبو العرب وابن حارث الخشني وربيع القطان وهبة الله ابن عقبة وغيرهم. قال الخشني: كان عالماً عارفاً بالوثائق فقيهاً نبيلاً. وكان مذهبه النظر في المسائل ونقدها ولا يرى التقليد. ويتكلم في ذلك كلاماً حسناً. وكان بصيراً باللغة وأوضاعها بليغ القلم، وكان من ذوي الجاه والمروآت والنعم. وامتحن آخر عمره بمغارم السلطان المحدثة على أهل الضياع في أيام عبيد الله المهدي فانكشف فأكب عليه الغرم وتراكمت عليه المطالب فلجأ إلى محمد بن أحمد البغدادي ليتوسل له عند عبيد الله في تخفيف ذلك عنه، فقال له البغدادي: هذا ما يفعله المهدي مع أحد، ولكن أسأله لك صلة تعينك على المغارم، فاستجاز له في ستين مثقالاً ذهباً استعان بها في دفع المغارم. (¬1) ودارت عليه دائرة على يد قاضي الشيعة إسحاق بن أبي المنهال وذلك أنه كتب في كتاب صداق شرطاً معمولاً به في القيروان وجرت به العادة من قديم من تمليك الزوجة طلاقها بيدها إن تسرى عليها الزوج بغيرها. وقد كان بنو عبيد منعوا أهل إفريقية من كتب ذلك في عقود النكاح فلما ارتكب أبو جعفر النهي أرسل إليه القاضي إسحاق المتقدم وحبسه مدة. (¬2) توفي سنة ثلاثمائة وتسعة عشر (¬3)، وقيل: وستة عشر، وقيل: وسبعة عشر، وقيل: وثمانية عشر، ورجح حسن حسني الأول. (¬4) له من المصنفات: أحكام القرآن في عشرة أجزاء (¬5). وله أيضا: الوثائق والشروط، ومواقيت الصلاة (¬6). ¬

(¬1) طبقات الخشني 168، المدارك 5/ 112. (¬2) العمر 1/ 1 / 116. (¬3) انظر المدارك 5/ 114. (¬4) انظر العمر 1/ 1 / 117. (¬5) انظر طبقات الخشني 168، المدارك 5/ 112، الديباج 1/ 169. (¬6) انظر المصادر السابقة.

11 - أحمد بن أحمد بن محمد الشدادي الإدريسي الحسني أبو العباس الفاسي

11 - أحمد بن أحمد بن محمد الشَّدّادي الإدريسي الحسني أبو العباس الفاسي (¬1) قاض من العلماء في التفسير والحديث والنحو من فقهاء المالكية ولي الإفتاء والتدريس بفاس والقضاء والإمامة بزاوية زرهون. (¬2) وصفه محمد مخلوف بقوله: العالم الكبير، المتبحر في النحو والفقه والحديث والتفسير، صدر المحافل في جمع الأفاضل، المرجوع إليه في النوازل، المحتج بما يقوله إذا خفيت الدلائل (¬3). أخذ على محمد بن عبد القادر الفاسي وغيره، وعنه أخذ الشيخ التاودي وغيره. توفي في خامس عشر جمادى الثانية سنة ست وأربعين ومائة وألف. له: تقييد على تحفة ابن عاصم، وشرح على لامية الزقاق في أحكام القضاء، تقييد على عمليات عبد الرحمن الفاسي، فتاوى كثيرة (¬4). 12 - أحمد بن حمى الله أبو عبد الله الشنقيطي (¬5) من علماء التكرور قال فيه ابنه عبد الله الفقيه النحوي اللغوي: كان والدي - رحمه الله تعالى - رجلا صالحا عابدا سرا زاهدا جدا ... كان يلبس لباس العبيد عبيده، ويسعى في مرضاة معبوده، رأته امرأة صالحة في المنام طالعا السماء فقالت - وقد رأت رجليه وساقيه وفخذيه ذهبًا - فقالت: بم نال هذا؟ فقال لها قائل: بعبادة السر. وكان لايصلي في الصف الأول متذهبا بمذهب بعض أشياخ الطريق القائل: إنه لا يصلي فيه إلا من يستوي عنده طبق ذهب وطبق تراب، ثم صار يصلي فيه فقيل له: لم صليت فيه؟ فقال: استويا ¬

(¬1) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 1/ 27 - 28، سلوة الأنفاس 3/ 196، إتحاف أعلام الناس 1/ 341، اليواقيت الثمينة 1/ 46، شجرة النور 1/ 336، معجم المؤلفين 1/ 98، الأعلام 1/ 93. (¬2) زرهون: جبل على بعد نحو ثلاثين ميلا من فاس التي أسسها الإمام إدريس الأول. (انظر وصف إفريقيا 220). (¬3) الشجرة 1/ 336. (¬4) انظر الشجرة 1/ 336، معجم المؤلفين 1/ 98. (¬5) مصادر ترجمته: فتح الشكور في معرفة أعيان علماء التكرور ص: 57.

13 - أحمد بن سعيد القيجميسي المكناسي الورزيغي أبو العباس الحباك

عندي. وكان يضرب به المثل في العقل والفعل واللسان. قال: كان أزهد الناس، وكان يحفظ الجامع الصغير عن ظهر قلب، وبلغ الغاية في علم التفسير والنحو وعلم القضاء، وكان متوسطًا في غير ذلك. وكان صاحب نوازل، ولا يبارى في الأدب ولا في علم التصوف، وكان صاحب مكاشفات. أخذ عن شيوخ، منهم أحمد بن الشيخ سيدي، أحمد بن الوافي، عبد الله بن محمد ابن القاضي. ومحمد بن مولود، ومعتمده شيخ الحقيقة والطريقة الفقيه محمد بن أحمد بن عبد الرحمن الغلاوي المساوي. توفي رحمه الله تعالى في رجب الفرد سنة ثلاث وتسعين ومائة وألف. له تواليف عديدة مفيدة منها: متشابه القرآن. فوائد من الإتقان. ومنها: معينته في المحمول والموضوع، وكتاب في الصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. 13 - أحمد بن سعيد القَيجَميسي المكناسي الورزيغي أبو العباس الحباك (¬1) فقيه مالكي صوفي عارف بالتفسير أديب. ولد بمكناس سنة أربع وثمانمائة، وسكن فاسا، وولي الخطابة بجامع القرويين، ودرس التفسير بالمدرسة المتوكلية. قال تلميذه محمد بن محمد اليسيتني: قرئ عليه تفسير ابن عطية وما أدركت أورع منه. أخذ عن جماعة منهم الجاناتي وعنه ابن غازي وغيره. توفي سنة سبعين وثمانمائة. له: نظم مسائل ابن جماعة في البيوع (¬2). 14 - أحمد بن العباس أبو العباس النقاوسي (¬3) عالم بالتفسير والفقه والحديث والأدب واللغة والنحو والمنطق. من أهل ¬

(¬1) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 758، جذوة الاقتباس 1/ 127، إتحاف أعلام الناس 1/ 313، شجرة النور 1/ 264، نيل الابتهاج 1/ 338، الأعلام 1/ 131، معجم المؤلفين 1/ 146، لقط الفرائد (موسوعة أعلام المغرب 2/ 777). والمكناسي نسبة إلى مكناس أو مكناسة: وهي مدينة كبيرة أسستها قبيلة مكناسة - وهي فرع من قبيلة زناتة - فسميت باسمها وتبعد عن فاس بنحو ستة وثلاثين ميلا (انظر وصف إفريقيا 1/ 37، 214). (¬2) الأعلام 1/ 131. (¬3) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 758، نيل الابتهاج 69، الحلل السندسية 1/ 791، معجم أعلام الجزائر 331.

15 - أحمد بن عبد العزيز بن رشيد بن محمد أبو العباس الهلالي السجلماسي

نقلوس (¬1) بالجزائر، سكن تلمسان (¬2) ثم استقر بتونس واشتغل بالتدريس. قال عنه خالد البلوي في رحلته: أديب العصر ونحويه وعروضيه وبيانيه وحكيمه ومنطقيه ... إلى الإحاطة بالتفسير والحديث مع المطالعة والمذاكرة ... (¬3) وقال في كفاية المحتاج: كان ذا إحاطة بالتفسير والحديث والفروع والأصول جيد الحفظ صحيح النقل ضابطا. (¬4) أخذ عن ناصر الدين المشذالي وابن راشد القفصي وغيرهما. وعنه خالد البلوي وغيره. توفي بعد سنة خمس وستين وسبعمائة. له: الروض الأريض في علم القريض، تأليف في الأدب، تلخيص مشكل الحديث لابن فورك، حديقة الناظر في تلخيص المثل السائر، شرح المصباح لابن مالك، إيضاح السبيل إلى القصد الجليل في علم الخليل، وغيرها. - أحمد بن عبد الرحمن ابن زاغو (¬5) 15 - أحمد بن عبد العزيز بن رشيد بن محمد أبو العباس الهلالي السجلماسي (¬6) نسبة إلى أحد أجداده هلال، فقيه مالكي، من أعيان العلماء، له نظم ¬

(¬1) نقاوس أو نكاوس: مدينة تبعد عن قسنطينة أربعين ميلا (انظر وصف إفريقيا 2/ 53). (¬2) تلمسان: بكسرتين وسكون الميم وسين مهملة مدينتان بالمغرب بينهما رمية حجر، إحداهما قديمة والأخرى حديثة اختطها الملثمون ملوك المغرب (انظر معجم البلدان 2/ 51) وهي مدينة كبيرة من مدن المغرب مشهورة وقال في اللباب: هي من إفريقية بين بجاية وفاس (وانظر الأنساب 2/ 71 الحاشية). (¬3) انظر نيل الابتهاج ص: 70. (¬4) انظر الحلل السندسية 1/ 799. (¬5) انظر أحمد بن محمد بن عبد الرحمن. (¬6) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 759، معجم المحدثين والمفسرين 16، الأعلام 1/ 151، فهرس الخزانة الحسنية رقم 586، بروكلمان 2/ 390، معجم المؤلفين 1/ 171، اليواقيت الثمينة 19، هدية العارفين 1/ 176، النبوغ المغربي 291، شجرة النور الزكية 1/ 355، فهرس الفهارس 2/ 421، إيضاح المكنون 1/ 548، 615، 2/ 684، إتحاف المطالع وتذكرة المحسنين (موسوعة أعلام المغرب 7/ 2375 - 2377).

16 - أحمد بن علي أبو العباس الزموري

وعلم بالحديث والتفسير واللغة والمنطق اشتهر بالورع والزهد. ولد بسجلماسة سنة ألف ومائة وثلاثة عشر، وحج مرتين، وأخذ عن علماء الحجاز ومصر. (¬1) وصفه محمد مخلوف بالعالم المتبحر في العلوم عقليها ونقليها والفقيه المحدث الراوية. (¬2) أخذ عن أحمد العماري المصري ومحمد بن عبد السلام البناني وعن أبي عبد الله المسناوي وأحمد الحبيب اللماطي وأجازه الشيخ محمد الطيب الشرقي الفاسي. أخذ عنه الشيخ التاودي وغيره. وتوفي بمدغرة تافيلالت يوم الثلاثاء الحادي والعشرين من ربيع الأول عام ألف ومائة وخمسة وسبعين. (¬3) له: كتاب في تفسير القرآن الكريم (¬4) وله أيضا: كتاب في رحلته، إضاءة الأدموس (¬5) ورياضة الشموس من إصلاح صاحب القاموس، فتح القدوس في شرح خطبة القاموس، الزواهر الأفقية في شرح الجواهر المنطقية لعبد السلام القادري، شرح على خطبة سيدي خليل، ديوان صغير، نور البصر في شرح المختصر، فهرسة في أشياخه ومروياته، المراهم في الدراهم: فقه، عرف الند في حكم حذف المد: تجويد، منظومة في وفيات جماعة من الأعلام (¬6). 16 - أحمد بن علي أبو العباس الزموري (¬7) ¬

(¬1) الأعلام 1/ 151، وسجلماسة: - بكسر السين المهملة والجيم وسكون اللام وبعد الألف سين مهملة - مدينة في جنوبي المغرب في طرف بلاد السودان بينها وبين فاس عشرة أيام (انظر معجم البلدان 3/ 217) وكانت دولة سجلماسة تعرف بموريطانيا (انظر وصف إفريقيا 1/ 32) وقد أسس بها الخوارج الصفرية دولتهم كما سبق في التمهيد. (¬2) الشجرة 1/ 305. (¬3) تافيلالت أو تفيلالت: بلاد تابعة لإقليم سجلماسة وتسمى المداشر. (انظر وصف إفريقيا 2/ 125). (¬4) توجد منه نسخة في الخزانة الحسنية (انظر فهرس الخزانة رقم 586). (¬5) الأدموس: من دمس الظلام وأدمس: أظلم. (انظر لسان العرب 2/ 1421). (¬6) انظر الشجرة 1/ 305، الأعلام 1/ 151، معجم المؤلفين 1/ 171. (¬7) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 760، شجرة النور 1/ 294، سلوة الأنفاس 1/ 270، جذوة الاقتباس 1/ 136، نشر المثاني وتذكرة المحسنين ولقط الفرائد (موسوعة أعلام المغرب 3/ 1061، 1065، 1066). والزموري: أظن أن أصلها الآزموري: نسبة لمدينة آزمور بتشديد الميم من مدن دكالة من مملكة مراكش تقع على مصب نهر أم الربيع في البحر المحيط (انظر وصف إفريقيا 1/ 157) وقال القادري: لا أدري أنسبة للقبيلة المعلومة من البربر أم للبلد التي هي تعرف بساحل دكالة أو غير ذلك. نشر المثاني (الموسوعة 3/ 1061).

محدث مفسر من فقهاء المالكية. ولد بفاس بعد سنة ثلاثين وتسعمائة. أخذ عن عبد الواحد الونشريسي وعبد الوهاب الزقاق وأبي القاسم بن إبراهيم واليسيتني ومحمد بن أحمد الغيطي وغيرهم. وأخذ عنه أبو الحسن بن عمران وأبو الحسن المري وأحمد بن محمد بن جلال وأحمد بن القاضي وغيرهم. وصفه مخلوف بقوله: الإمام الفقيه الشيخ الكامل العلم العامل (¬1). كان له تفسير يقرؤه بجامع الأندلس بفاس، وفي يوم ختمه لأول مرة حضر مجلسه من الخاصة والعامة من لا يحصى ثم بدأ بختمة أخرى فكان آخر مافسره قوله تعالى {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين} (¬2) فكررها على لسانه ورددها وحللها بمايناسبها من المواعظ ثم فرق فمابقي إلا قليلا ومرض مرضه الذي توفي منه. قال صاحب كتاب المطمح: له معرفة وافرة بالعلوم القرآنية وغيرها من رسم وأداء وتفسير وحديث وعربية وغير ذلك. (¬3) وقال إبراهيم الكلالي في كتابه تنبيه الصغير: حضرت مجلسه ذات يوم حيث ذكر فقرأ قوله تعالى {وأحل الله البيع وحرم الربا} (¬4) حكى فيها رحمه الله ماينيف عن الثلاثة والعشرين تأويلا كلها بالحفظ وهو ينقلها رحمه الله ويعد في أصابعه ثم قال رحمه الله مانصه: فإن قلت قوله تعالى {ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون} هذه الآية تشهد لمذاهب المعتزلة في قولهم العصاة أهل الكبائر الذين ماتوا ولم يتوبوا هم مخلدون في النار لقوله {ومن عاد} إلى فعل الربا {فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون} ¬

(¬1) الشجرة 1/ 294. (¬2) آل عمران: 133. (¬3) انظر نشر المثاني (الموسوعة 3/ 1061). (¬4) البقرة: 275.

17 - أحمد بن علي بن أحمد بن محمد بن عبد الله أبو العباس الربعي الباغايي

ثم قال رحمه الله وأجيب عن الآية لأهل السنة بأوجه أقربها وجهان أحدهما أن قوله: {ومن عاد} معناه عاد إلى اعتقاد حلية الربا بدليل قوله {وأحل الله البيع وحرم الربا} أي فمن خالف ذلك واعتقد حلية الربا فهو مخلد في النار ولا شك أن من حلل ماحرم الله فهو كافر، وهذا على إبقاء الخلود على بابه، والجواب الثاني: أن نقول الخلود بمعنى طول المدة هكذا سمعت منه رحمه الله من لفظه ذلك. (¬1) فكانت وفاته بفاس ليلة يوم السبت غرة رجب سنة إحدى وألف، ودفن عند ضريح الخياط بداخل المدينة من حومة الدوح. 17 - أحمد بن علي بن أحمد بن محمد بن عبد الله أبو العباس الربعي الباغايي (¬2) الإمام المقرئ. ولد بباغا (¬3) سنة خمس وأربعين وثلاثمائة. قدم الأندلس سنة ست وسبعين وثلاثمائة وقدم إلى الإقراء بالمسجد الجامع بقرطبة واستأدبه المنصور محمد بن أبي عامر لابنه عبد الرحمن ثم عتب عليه فأقصاه ثم رقاه المؤيد بالله هشام بن الحكم في دولته الثانية إلى خطة الشورى بقرطبة مكان أبي عمر الإشبيلي الفقيه على يد قاضيه أبي بكر بن وافد ولم يطل أمده. كان من أهل الحفظ والعلم والذكاء والفهم وكان في حفظه آية من آيات الله تعالى وكان بحرا من بحور العلم وكان لانظير له في علم القرآن قراءاته وإعرابه وأحكامه وناسخه ومنسوخه وهو على مذهب مالك. روى بمصر عن أبي الطيب ابن غلبون وأبي بكر الأذفوي وغيرهما. توفي يوم الأحد لإحدى عشرة ¬

(¬1) انظر نشر المثاني (الموسوعة 3/ 1062). (¬2) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 1/ 53، معجم الحفاظ والمفسرين 212، معجم المفسرين 1/ 49، المدرسة القرآنية 1/ 157، الصلة 1/ 87، ترتيب المدارك 4/ 680، الديباج المذهب 38، 160، 177، معجم أعلام الجزائر 361، إيضاح المكنون 1/ 36، معجم البلدان 1/ 386 والباغايي: نسبة إلى باغا أو باغاية، وبعضهم يقول فيه: الباغاني (انظر هدية العارفين 1/ 70). (¬3) باغا: كذا في الصلة وطبقات الداوودي وفيهما: مدينة بأقصى إفريقية وهي في معجم البلدان 1/ 386 باغاية: بالغين المعجمة وألف وياء مدينة كبيرة في أقصى إفريقية بين مجانة - بالميم - وقسنطينة الهواء ينسب إليها أحمد بن علي بن أحمد ... . الخ.

18 - أحمد بن علي بن عبد الرحمن بن عبد الله أبو العباس المنجور المكناسي النجار

ليلة خلت من ذي القعدة سنة إحدى وأربعمائة. (¬1) له: كتاب حسن في أحكام القرآن نحا فيه نحوا حسنا (¬2). 18 - أحمد بن علي بن عبد الرحمن بن عبد الله أبو العباس المنجور المكناسي النجار (¬3) عالم بالفقه والتفسير والحديث والكلام والمنطق والنحو والبيان والعروض والتاريخ. أصله من مكناس، ولد سنة ست وعشرين وتسعمائة. قال مخلوف: خاتمة علماء المغرب المتبحر في كثير من العلوم خصوصا أصول الفقه، المحقق الفاضل العلامة العمدة الكامل (¬4). وكان موسيقيًا بارعا، وأحد الأبطال في لعب الشطرنج والنرد (¬5)، وكان أمير المؤمنين أبو العباس السعدي يجله ويكرمه. أخذ عن أئمة منهم ابن هارون واليسيتني وعبد الواحد الونشريسي وابن خروف وابن جلال، وعنه جماعة منهم البطيوي وعبد الواحد الرجراجي وابن أبي نعيم وإبراهيم الشاوي وأبو العباس بن أبي العافية وعيسى السكتاني وغيرهم. ¬

(¬1) الصلة 1/ 87. (¬2) الداوودي 1/ 53. (¬3) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 760، معجم المحدثين والمفسرين 16، صفوة من انتشر 4، نزهة الحادي 27، دوحة الناشر 45، إتحاف أعلام الناس 1/ 319، النبوغ المغربي 250، فهرس الفهارس 2/ 6، جذوة الاقتباس 67، سلوة الأنفاس 3/ 60، الإعلام بمن حل مراكش 2/ 31، شجرة النور 1/ 287، معجم المؤلفين 1/ 204، الأعلام 1/ 180، نيل الابتهاج 95، تذكرة المحسنين (موسوعة أعلام المغرب 2/ 945). (¬4) الشجرة 1/ 287. (¬5) لعل المترجم لم يثبت عنده تحريم ذلك وقد ثبت في صحيح البخاري (حديث رقم5590) قوله - صلى الله عليه وسلم -: ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف. كما ثبت في صحيح مسلم (حديث رقم 4194) قوله - صلى الله عليه وسلم -: من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه. وأخرجه مالك (الموطأ حديث رقم 1509) بلفظ: من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله. (وانظر كتاب تحريم النرد والشطرنج والملاهي للآجري ص: 53 - 77، 111 - 131).

19 - أحمد بن علي بن يوسف تقي الدين أبو العباس البوني القرشي

وأقام بفاس وتوفي بها في سادس عشر من ذي القعدة سنة خمس وتسعين وتسعمائة. من آثاره: مراقي المجد في آيات السعد وهو تفسير للقرآن الكريم (¬1). وله أيضًا: شرح المنهج المنتخب على قواعد المذهب المالكي، حاشية على شرح الكبرى للسنوسي، شرح المطول، شرح قواعد الزقاق، شرحان على قصيدة ابن زكري في علم الكلام، فهرسة في أسماء شيوخه (¬2). 19 - أحمد بن علي بن يوسف تقي الدين أبو العباس البوني القرشي (¬3) صوفي، من أشهر المصنفين العرب في العلوم الخفية وعلم الحروف، من أهل بونة، المعروفة بعنابة (¬4)، شرقي الجزائر. توفي بالقاهرة سنة اثنتين وعشرين وستمائة. من كتبه الكثيرة: تحفة الأحباب ومنية الأنجاب في أسرار بسم الله وفاتحة الكتاب (¬5). فتح الكريم الوهاب في فضائل البسملة مع جملة من الأبواب. خصائص سر الكريم في فضائل بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬6). وله أيضًا: شمس المعارف الكبرى في علم الحروف والخواص (¬7)، اللمعة النورانية، السلك الزاهر، شمس المعارف الوسطى، شمس المعارف الصغرى، شرح اسم الله الأعظم، مواقف الغايات في أسرار الرياضات، ¬

(¬1) توجد نسخة منه في مكتبة الأسكوريال وأخرى في خزانة الرباط (وانظر بروكلمان ملحق 2/ 697، الفهرس الشامل 1/ 643). (¬2) الأعلام 1/ 180، معجم المؤلفين 1/ 240. (¬3) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 760، معجم أعلام الجزائر 1/ 314، معجم المطبوعات 1/ 607، تعريف الخلف 2/ 522، هدية العارفين 1/ 90، الأعلام 1/ 174، جامع كرامات الأولياء 1/ 314، معجم المؤلفين 1/ 213، كشف الظنون 82، 83، 118 وغيرها، إيضاح المكنون 1/ 375، 430، 2/ 689. (¬4) بونة: بضم فسكون؛ مدينة عتيقة بناها الرومان على ساحل البحر المتوسط وتعرف ببلد العناب لكثرته فيها (انظر وصف إفريقيا 2/ 61، معجم البلدان 1/ 607). (¬5) معجم المفسرين 2/ 760. (¬6) هدية العارفين 1/ 90. (¬7) مطبوع في أربعة مجلدات وهو من كتب السحر والشعوذة المشهورة.

20 - أحمد بن عمار بن أبي العباس الإمام أبو العباس التميمي المهدوي

مفاتيح أسرار الحروف، إظهار الرموز وإبداء الكنوز، بحر الوقوف في علم الأوفاق والحروف، تنزيل الأرواح في قوالب الأشباح، سر الحكم في الكهانة وعلم الغيب، السر الخبير، السر المكنون، شرح الشجرة النعمانية، علم الهدى وأسرار الاهتدا في شرح أسماء الله الحسنى (¬1). 20 - أحمد بن عمار بن أبي العباس الإمام أبو العباس التميمي المهدوي (¬2) المقرئ التونسي ولد بالمهدية من بلاد القيروان (¬3). قرأ على أبي عبد الله محمد بن سفيان المقرئ وعليه اعتماده، وعلى جده لأمه مهدي ابن إبراهيم المهدوي، وأبي الحسن القابسي. رحل إلى المشرق وحج فأخذ عن علماء الحرمين ومنهم أبو الحسن أحمد بن محمد القنطري بمكة، وتلقى العلم ولا سيما روايات القراءة عن أساتذتها. ثم رجع إلى بلده ودرس بها، وشاع صيته في الآفاق. ودخل الأندلس في حدود الثلاثين والأربع مائة أو نحوها. ¬

(¬1) معجم المؤلفين 1/ 213، هدية العارفين 1/ 90. (¬2) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للسيوطي رقم 9، طبقات المفسرين للداوودي 1/ 65، طبقات المفسرين للأدنوي ص: 97، 111، معجم الحفاظ والمفسرين 213، معجم المفسرين 1/ 52، التفسير ورجاله ص: 90، التفسير واتجاهاته بإفريقية ص: 123، المدرسة القرآنية 1/ 199، نيل السائرين 92، إنباه الرواة 1/ 91، الصلة 1/ 88، غاية النهاية 1/ 92، معرفة القراء الكبار 1/ 399، بغية الملتمس ص: 152 وفيه اسمه: أحمد ابن محمد أبو العباس، جذوة المقتبس ص: 106، الغنية ص: 64، فهرس ابن خير ص: 43، الوافي بالوفيات 7/ 257، معجم الأدباء 2/ 405، بغية الوعاة 152، بروكلمان1/ 411، ملحق 2/ 730، البلغة في ذكر أئمة اللغة ص: 27، الأعلام 1/ 184، 185، معجم المؤلفين 1/ 214، تراجم المؤلفين 4/ 397، شجرة النور الزكية 1/ 108، كشف الظنون 439، 462، 520، 940، 2040، مفتاح السعادة 2/ 83، هدية العارفين1/ 75، العمر 1/ 1 / 122 رقم 9، القراءات بإفريقية ص: 349. وسماه ياقوت: أحمد بن محمد بن عمار بن مهدي بن إبراهيم المهدوي قال حسن حسني: وهو وهم، كأنه اشتبه عليه باسم جده للأم. وكناه ياقوت: أبا القاسم فلعل له كنيتين. (¬3) التفسير ورجاله ص: 90، العمر 1/ 1 / 122 والمهدية: بالفتح ثم السكون موضعان؛ إحداهما بإفريقية بينها وبين القيروان مرحلتان بناها أحمد بن إسماعيل المهدي على ساحل البحر - وهي المرادة هنا - والأخرى اختطها عبد المؤمن بن علي قرب سلا (انظر معجم البلدان 5/ 265).

وكان مقدما في التفسير، والقراءات والعربية، مشهورا باللغة والأدب. وأخذ عنه غير واحد من قراء المغرب والأندلس. أخذ عنه أبو الوليد غانم بن الوليد المالقي وأبو عبد الله الطرفي وغيرهما من أهل الأندلس. واستقر آخرا عند الأمير العالم الجليل أبي الجيش مجاهد العامري صاحب دانية والجزائر الشرقية، وقدم إليه بعض تآليفه. وهنالك كانت وفاته في منتصف القرن الخامس بعد الأربعين وأربعمائة (¬1). وقال الذهبي: توفي بعد الثلاثين وأربعمائة (¬2). وقال الأدنوي: سنة إحدى وثلاثين (¬3). ألف كتبا كثيرة النفع منها: التفسير المشهور واسمه: التفصيل الجامع لعلوم التنزيل (¬4) ويعرف أيضا بتفسير المهدوي، وهو تفسير كبير في عدة أسفار، يشرح فيه معاني الآيات أولا ثم يذكر القراءات ثم الإعراب، وختمه بقواعد عمومية في القراءات (¬5). قال الأدنوي: وهو تفسير بالقول من أكبر التفاسير وأشرفها، جليل القدر والشأن في علم التفسير، أولا: فسر النظم الكريم بماورد في أصح الأقوال المتضمنة للآثار الشريفة ثم بعد ذلك أعرب ماينبغي إعرابه وذكر أوجه القراءات وماينبغي لكل وجه من أوجهها في الإعراب. قال الحافظ السيوطي: وقد اختصره أبو حفص الشيخ عمر بن أحمد الأندلسي وسماه: عين الأعيان وكان ذلك في سنة أربع وستين وسبعمائة (¬6). وهذا الكتاب يعتمده المفسرون وهو من مصادر ابن عطية وقد وصفه بالإتقان (¬7). وقال عنه الضبي: ألف في التفسير كتابا حسنا (¬8). وقال القفطي: ¬

(¬1) العمر 1/ 1 / 123. (¬2) معرفة القراء الكبار 1/ 399. (¬3) طبقات المفسرين ص: 97. (¬4) منه نسخة بالقرويين وبمكتبة باريس وفي مكتبة فيض الله باسطنبول وبالمكتبة الظاهرية بدمشق وبخزانة جامع الزيتونة ومجلس الشورى الإسلامي بطهران وبالجامع الكبير بصنعاء (التفسير ورجاله ص: 90، العمر1/ 1 / 124، الفهرس الشامل 1/ 97). (¬5) انظر كشف الظنون ص: 439. (¬6) طبقات المفسرين ص: 111. (¬7) انظر مقدمة المحرر الوجيز 1/ 20، 42. (¬8) بغية الملتمس ص: 152.

التفصيل هو كتابه الكبير في التفسير، ولما ظهر هذا الكتاب في الأندلس، قيل لمتولي الجهة التي نزل بها من الأندلس: ليس الكتاب له. وإذا أردت علم ذلك فخذ الكتاب إليك واطلب منه تأليف غيره، ففعل ذلك وطلب غيره، فألف له التحصيل وهو كالمختصر منه وإن تغير الترتيب بعض التغير. والكتابان مشهوران في الآفاق سائران على أيدي الرفاق (¬1). قال المهدوي في التفصيل عند قوله تعالى {أفلا يتدبرون القرآن} (¬2): وفي الآية دليل بين على وجوب فهم معاني القرآن وفساد قول من قال: لا يجوز أن يؤخذ التفسير إلا من النبي - صلى الله عليه وسلم - وفيها دليل على فساد التقليد والأمر بالنظر والاستدلال وفيها دليل على إثبات القياس (¬3). التحصيل لفوائد التفصيل (¬4) وهو مختصر الكتاب المتقدم في جزئين ألفه باسم الأمير أبي الجيش مجاهد العامري كما يستفاد مماسبق. وقد صرح بذلك في المقدمة فقال: أمر الموفق ... باختصار كتاب التفسير الجامع لعلوم التنزيل المؤلف لخزانته العالية أدام الله فيها بدوام أيامه النعم المتوالية، بعد حصوله لديه، ووقوفه عليه، ليكون هذا الاختصار قريب المتناول لمن أراد التذكار، كما كان الجامع خزانة جامعة لمن أراد المطالعة، فبادرت إلى امتثال أمره ولم أقصر (¬5). قال المهدوي في التحصيل عند قوله تعالى: {ولا تنفعها شفاعة} (¬6): سميت الشفاعة شفاعة لأن طالبها يأتي بآخر معه يشفع، ¬

(¬1) إنباه الرواة 1/ 91، وانظر معجم المفسرين 1/ 52. (¬2) النساء: 82. (¬3) التفصيل ق: 119/ 1. (¬4) يوجد منه عدة نسخ من أجزاء متفرقة بخزانة القرويين بفاس، وبالرباط بالخزانة العامة، بالزاوية الحمزية بتافيلالت بالمغرب، بالمكتبة الظاهرية بدمشق، دار الكتب المصرية بالقاهرة، والاسكوريال بمدريد، ولينينغراد في مكتبة معهد الاستشراق، وفي بغداد بالكاظمية، وفي برلين، وبطوبقبوسراي، ورستم باشا، ومعهد الاستشراق، بالسعيدية، وبالعمومية باستامبول وبمكتبة عموجة حسين باشا (انظر العمر 1/ 1 / 124، الأعلام 1/ 184، الفهرس الشامل 1/ 172 - 371، 2/ 868). (¬5) مقدمة التحصيل ق: 2. (¬6) البقرة: 123.

21 - أحمد بن قاسم بن محمد ساسي التميمي الجزائري أبو العباس البوني

والشفع: هو الزوج، وهذا عام في اللفظ خاص في المعنى، خوطب به اليهود لأنهم زعموا أن آباءهم يشفعون لهم، ويبين ذلك قوله تعالى في موضع آخر: {ولا يشفعون إلا لمن ارتضى} (¬1) وقوله: {فما تنفعهم شفاعة الشافعين} (¬2). (¬3) وله أيضا من المؤلفات: الهداية إلى مذهب القراء السبعة في القراءات، وهو من أهم تصانيفه وربما اشتهر به أكثر من بقية تآليفه (¬4)، الكفاية في شرح الهداية، التيسير في القراءات، ري العاطش في القراءات أيضا، البيان عن النطق بحروف المعجم وهو جزء مختصر، الموضح في تعليل وجوه القراءات وهو شرح مختصر على كتاب الهداية، بيان السبب الموجب لاختلاف القراءات وكثرة الطرق والروايات، هجاء مصاحف الأمصار على غاية التقريب والاختصار، وله أبيات نظم فيها الظاءات الواردة في القرآن الكريم (¬5). (¬6) 21 - أحمد بن قاسم بن محمد ساسي التميمي الجزائري أبو العباس البوني (¬7) فقيه مالكي، من كبارهم، عالم بالحديث، مفسر، من أهل بونة - عنابة - بالجزائر. ولد بها سنة ثلاث وستين وألف. أخذ عن أعلام منهم والده ويحيى الشاوي والزرقاني والخرشي والشبرخيتي. ورحل إلى الحج، وأخذ عن علماء الأزهر. وعاد إلى الجزائر فأخذ عنه جماعة من العلماء. وأخذ عنه ابناه محمد وأحمد واجتمع به الشيخ عبد الرحمن الجامعي وأخذ عنه وأثنى عليه في رحلته. توفي سنة تسع وثلاثين ومائة. من كتبه الكثيرة البالغة نحو مائة كتاب عددها في مؤلف له سماه: التعريف بما للفقير من التأليف (¬8): إتحاف الأقران ببعض مسائل القرآن، تحفة ¬

(¬1) الأنبياء: 28. (¬2) المدثر: 48. (¬3) التحصيل ق: 29/ 1. (¬4) النشر في القراءات العشر 1/ 69. (¬5) نقلها الضبي وياقوت. (¬6) انظر فهرس ابن خير 43، الغنية 64، العمر 1/ 1 / 124. (¬7) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 761، معجم أعلام الجزائر 49، شجرة النور1/ 329، التحفة المرضية 77، فهرس الفهارس 1/ 169، تعريف الخلف 2/ 515، الأعلام 1/ 199، بروكلمان الملحق 2/ 715، معجم المؤلفين 1/ 231. (¬8) انظر الأعلام 1/ 199.

22 - أحمد بن مبارك بن محمد بن علي أبو العباس السجلماسي اللمطي البكري الصديقي

الأريب بأشرف غريب (¬1). اختصر فيه: غريب القرآن للعزيزي (¬2). خواص البسملة (¬3). وله أيضا: نظم الخصائص النبوية، نظم الشمائل، المستدرك على السيوطي، فتح الباري في شرح غريب البخاري، الرحلة الحجازية، الثمار المهتصرة في مناقب العشرة، نظم عقائد النسفي، ألفية كبرى وأخرى صغرى في مشيخته، الدرة المصونة في علماء وصلحاء بونة (¬4). 22 - أحمد بن مبارك بن محمد بن علي أبو العباس السجلماسي اللمطي البكري الصديقي (¬5) فقيه مالكي، عارف بالحديث والتفسير. ولد سنة ألف وتسعين في سجلماسة ونشأ بها. انتقل إلى فاس سنة عشر ومائة وألف فقرأ بها وأقرأ وتقدم حتى صرح لنفسه بالاجتهاد المطلق. وفي العلماء من أنكر عليه بعض أقواله (¬6). قال عنه مخلوف: المحدث المفسر العلامة النحرير الشهير بابن مبارك (¬7). ¬

(¬1) معجم المفسرين 2/ 761. (¬2) هو أبو بكر محمد بن عزيز وقيل: عزير السجستاني العزيزي وقيل: العزيري (انظر طبقات المفسرين للداوودي 2/ 195) قال السيوطي: إنه من أشهر المصنفات في غريب القرآن فقد أقام في تأليفه خمس عشرة سنة يحرره هو وشيخه أبو بكر ابن الأنباري (انظر الإتقان 1/ 149). (¬3) منه نسخة بالظاهرية (انظر الفهرس الشامل 2/ 754). (¬4) الأعلام 1/ 199، معجم المؤلفين 1/ 231. (¬5) مصادر الترجمة: معجم المفسرين 1/ 57، معجم المطبوعات 1009، بروكلمان 2/ 704، سلوة الأنفاس 2/ 203، شجرة النور 1/ 352، الأنس والائتناس 179، اليواقيت الثمينة 1/ 47، هدية العارفين 1/ 174، إيضاح المكنون 1/ 84، 128، 544 وغيرها، دليل مؤرخ الغرب 245، الأعلام 1/ 201، معجم المؤلفين 1/ 235، نشر المثاني (موسوعة أعلام المغرب 6/ 2133). واللمطي نسبة إلى لمط - بفتحتين - من قرى سجلماسة أيام عمرانها (انظر الأعلام 1/ 202) وسجلماسة سبق ضبطها، والبكري الصديقي نسبة لأبي بكر الصديق. (¬6) انظر الأعلام 1/ 201. (¬7) الشجرة 1/ 352.

23 - أحمد بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن مفرج المرادي العشاب، أبو العباس شهاب الدين الأموي الإشبيلي القرطبي

صحب عبد العزيز الدباغ وانتفع به وألف فيه الذهب الإبريز، وأخذ عن الشيخ محمد بن عبد القادر والشيخ محمد القسنطيني وأبي العباس بن الحاج وغيرهم، وأخذ عنه التاودي والقادري ومحمد بن حسن البناني وعمر الفاسي وغيرهم. قال القادري: له باع وتبحر في المنطق والبيان والأصول والحديث والقراءات والتفسير. (¬1) توفي بالطاعون ببلده يوم الجمعة ثامن عشر جمادى الأولى سنة ست وخمسين ومائة بعد الألف ودفن مع شيخه عبد العزيز الدباغ خارج باب الفتوح في عدوة فاس الأندلس. وله: القول المعتبر في جملة البسملة هل هي إنشاء أو خبر؟ (¬2) وتأليف لقوله تعالى: {وهو معكم أينما كنتم} (¬3). (¬4) قال القادري: واختلف في هذا الكتاب أهل عصره فمنهم من استحسنه ومنهم من أنكره عليه وشنعه وهم الأكثر ومن جملتهم سيدي الكبير السرغيني فألف كتابا في الرد عليه ومن أراد الوقوف على الحق فلينظر التأليفين معا. وله أيضا: الذهب الإبريز (جزآن) جمع فيه كلاما لشيخه عبد العزيز بن مسعود الدباغ ومساجلات بينهما، وشرح على جمع الجوامع، وكشف اللبس عن المسائل الخمس، ورد التشديد في مسألة التقليد، وإنارة الأفهام لسماع ماقيل في دلالة العام، وشرح المحلى على جمع الجوامع، وتقييدات على السلم للأخضري، وتقاييد أجوبة. (¬5) 23 - أحمد بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن مفرج المرادي العشاب، أبو العباس شهاب الدين الأموي الإشبيلي القرطبي (¬6) ¬

(¬1) نشر المثاني (الموسوعة 6/ 2133). (¬2) الشجرة 1/ 352، ومنه نسخة بالخزانة العامة بالرباط وأخرى بالحسنية (انظر بروكلمان الملحق 2/ 704، الفهرس الشامل 2/ 761). (¬3) الحديد: 4. (¬4) الأعلام 1/ 202. (¬5) انظر المصدر السابق، معجم المؤلفين 1/ 235، معجم المفسرين 1/ 57. (¬6) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 1/ 66، معجم الحفاظ والمفسرين 214، معجم المفسرين 1/ 68، العمر 1/ 1 / 160 رقم 18، شذرات الذهب 6/ 112، أزهار الرياض 4/ 279، نفح الطيب 6/ 239، الأعلام 1/ 223، برنامج الوادآشي ص: 409، الدرر الكامنة 1/ 256، ذيل العبر ص: 191، طبقات القراء 1/ 106، معجم المؤلفين 1/ 239، الوافي بالوفيات 7/ 319.

وزير تونس الملقب: ابن الرومية (¬1). قال الداوودي: إمام كامل مقرئ ثقة (¬2). أصله من بيت أندلسي انتقل أوائله من قرطبة إلى تونس. ولد بتونس في حدود سنة خمسين وستمائة (¬3). تربى في حجر والده وكان أبوه من رجالات الدولة الحفصية وتولى لهم خطة الحجابة. قرأ على أبي القاسم بن البراء وأحمد بن الغماز وعبد الحميد بن أبي الدنيا وأبي القاسم ابن زيتون. وبرع في العلوم لا سيما في الحديث الشريف (¬4)، وحدث عن يوسف ابن خميس وغيره، وبرع في النحو وأقرأه (¬5). روى القراءات عن عبد الله بن يوسف صاحب الحصار، وروى عنه محمد بن أحمد اللبان وعبد الوهاب القروي وعبد العزيز بن عبد الرحمن بن أبي زكنون (¬6). وقد أخذ عنه جماعة منهم ابن مرزوق الخطيب المفسر (¬7) وذكره في فهرست شيوخه وقال في شأنه: هو من أعظم من لقيت بثغر الاسكندرية وأكثرهم تحصيلا قرأت عليه بعض موطأ الإمام وكتاب الشفا. ومن تلاميذه أيضا أحمد بن إبراهيم بن الزبير الغرناطي المفسر صاحب ملاك التأويل (¬8). وقد نحا العشاب مسلك أبيه في الانخراط في الوظائف فوزر لزكريا بن أحمد اللحياني (¬9)، وتولى خطة الكتابة فرئاسة ديوان الإنشاء على عهد الأمير أبي بكر المتوكل على الله، ولم يزل بهذا المنصب الرفيع إلى أن تغير عليه الأمير لأسباب نجهلها فخرج من تونس إلى الحج وتجول في الأقطار الشرقية. ثم عاد إلى المغرب وقصد الأندلس ونزل بغرناطة ضيفا مكرما على ملوكها من بني نصر. وقد تلقاه وزيرهم الشهير لسان الدين بن ¬

(¬1) انظر الفهرس الشامل 1/ 245. (¬2) الطبقات 1/ 66. (¬3) في الوافي بالوفيات والدرر الكامنة: مولده سنة تسع وأربعين. (¬4) العمر 1/ 1 / 160. (¬5) الشذرات 6/ 112. (¬6) انظر غاية النهاية 1/ 106. (¬7) هو محمد بن أحمد بن محمد تأتي ترجمته. (¬8) انظر مقدمة ملاك التأويل 1/ 72، 79، 80. (¬9) الوافي بالوفيات 7/ 319.

الخطيب بحفاوة زائدة وآنس غربته في تلك المدة. ترجمه ابن الخطيب في كتابه الإكليل فقال في حقه: جواد لا يتعاطى طلقه، وصبح فضل لا يماثل فلقه، نشأ مقضي الديون مفدى بالأنفس والعيون، والدهر ذو ألوان، ومارق حرب عوان، والأيام كرات تتلقف، وأحوال لا تتوقف، فأولى بهم الدهر وأنحى، وأغام جوهم بعقب ما أصحى، فشملهم الاعتقال، وتعاورتهم النوب الثقال، واستقرت بالمشرق ركابه، وحطت به أقتابه، فحج واعتمر، واستوطن تلك المعاهد وعمر، وعكف على كتاب الله تعالى فجود الحروف وقرأ المعروف، وقيد وأسند، وتكرر إلى دور الحديث وتردد، وقدم على هذا الوطن قدوم النسيم البليل على كبد العليل، ولما استقر به قراره، واشتمل على جفنه غراره، بادرت إلى مؤانسته وثابرت على مجالسته، فاجتليت للسر شخصا، وطالعت ديوان الوفاء مستقصى، وشعره ليس بحائد عن الإحسان، ولا غفل عن النكت الحسان (¬1). وعاد العشاب بعد ذلك إلى تونس ولكن لم يقم فيها إلا يسيرا، وسافر منها إلى المشرق ثانية واستقر آخرا بمدينة الإسكندرية، وأقبل على تدريس العلوم لاسيما التفسير والحديث. وكانت وفاته بثغر الإسكندرية في ربيع الأول سنة ست وثلاثين وسبعمائة عن سبع وثمانين سنة (¬2). له: تفسير القرآن: جمع فيه بين تفسيري ابن عطية والكشاف للزمخشري (¬3). وله أيضا: كتاب في المعاني والبيان، وديوان شعر. (¬4) ¬

(¬1) انظر العمر 1/ 1 / 161. (¬2) انظر شذرات الذهب 6/ 112. (¬3) ذكر ابن الجزري في غاية النهاية أنه تفسير صغير. والموجود منه نسخة في عشرة أجزاء ينقصها الجزء الثالث وبعض السادس، مخطوطة بدار الكتب المصرية، ومنها فيلم بمعهد المخطوطات بالقاهرة (انظر الفهرس الشامل 1/ 245، العمر 1/ 1 / 161). (¬4) انظر غاية النهاية 1/ 106، العمر 1/ 1 / 161.

24 - أحمد بن محمد بن أحمد أبو العباس البسيلي

24 - أحمد بن محمد بن أحمد أبو العباس البسيلي (¬1) فقيه مالكي، مفسر، من أهل تونس؛ استوطنتها أسرته، وقيل: من أهل المسيلة بالجزائر (¬2). أخذ عن أبي مهدي عيسى الغبريني وغيره، وكان من كبار تلاميذ محمد بن محمد ابن عرفة الورغمي (¬3) حضر دروسه ابتداء من سنة خمس وثمانين وسبعمائة (¬4). وكان يقيد ما يملي شيخه من الأبحاث العلمية أثناء دروسه، فجمع من تقريره تفسيرا على آيات من كلام الله تعالى (¬5). وأخذ ¬

(¬1) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 1/ 71، التفسير واتجاهاته بإفريقية ص: 282، الديباج 77، نيل الابتهاج 77، العمر 1/ 1 / 172 رقم 21، كشف الظنون ص: 438، الأعلام 1/ 227، تراجم المؤلفين 1/ 91، تعريف الخلف2/ 73، توشيح الديباج ص: 58، الحلل السندسية 1/ 633، شجرة النور الزكية 1/ 251 وتحرف فيه محمد بن عمر فقال: أحمد بن عمر، الضوء اللامع 11/ 195 (الأنساب)، فهرس الرصاع ص: 275، معجم أعلام الجزائر ص: 37، معجم المؤلفين1/ 253، بروكلمان 2/ 249، مدخل لدراسة تفسير ابن عرفة الورغمي (ملتقى الامام ابن عرفة 1976 ص: 397)، مجلة دعوة الحق، ذي القعدة (1393 هـ) ص: 155، مقدمة تفسير ابن عرفة رواية الأبي 1/ 27 - 31 والبسيلي: أصلها المسيلي كما ذكر سعد غراب في ملتقى ابن عرفة، وأبدلت الميم باء على لهجة كما في مكة وبكة على قول فالباء والميم قد يتعاقبان (انظر النهر الماد من البحر المحيط 3/ 5) وقد وقع في تعريف الخلف وتبعه صاحب معجم أعلام الجزائر بالميم، وقال الحافظ ابن حجر: المسيلي بالفتح وكسر المهملة ثم ياء ساكنة ثم لام - نسبة إلى بلد المسيلة بالمغرب (تبصير المنتبه 4/ 1365). (¬2) انظر معجم المفسرين 1/ 71 وهو أقوى للنسبة المذكورة آنفا ويمكن الجمع بأن يقال: ربما كانت ولادته بالمسيلة وانتقل إلى تونس لا سيما وولادته غير معروفة، أو يقال: أصل أسرته من المسيلة وولادته بتونس. والله أعلم. والمسيلة: مدينة عتيقة بناها الرومان على بعد نحو مائة وأربعين ميلا من بجاية، وهي حاليا تبعد مائة وتسعين كيلا منها، ويبدو أنها درست فاختطها مرة أخرى أبو القاسم محمد بن المهدي وهو ولي عهد لأبيه وتسمى المحمدية (انظر وصف إفريقيا 2/ 52، معجم البلدان 5/ 153) وقالت وسيلة بلعيد: هي عاصمة إقليم الزاب (انظر التفسير واتجاهاته بإفريقية ص: 282). (¬3) تأتي ترجمته. (¬4) ذكر الأستاذ سعد غراب أنه وقف في ثنايا تقييد البسيلي على نص بالتلقي على ابن عرفة وحضور مجلسه سنة ثلاث وثمانين (انظر مدخل لدراسة تفسير ابن عرفة ص: 397). (¬5) انظر توشيح الديباج ص: 58.

أيضا عن أبي الحسن البطرني وعن ولي الدين بن خلدون، وكانت له صحبة في زمان الدراسة بالأمير العالم الحسين الحفصي. وتوفي خلال سنة ثمان وأربعين وثمانمائة (¬1) ودفن بالزلاج (¬2). له: تفسيران على القرآن الكريم (¬3): تقييد كبير (¬4) جمعه من إملاءات شيخه ابن عرفة في دروسه التفسيرية وأضاف له زيادات يقع في مجلدين. وحصلت له بسببه قصة مع رفيقه في العلم الأمير الحسين، وهي أن الأمير لما سمع بهذا التفسير أراد الوقوف عليه فطلبه منه فامتنع المؤلف وماطله فألح عليه في الطلب وأرسل له أعوانه، فلما رأى البسيلي الجد أخذ من كتابه من سورة الرعد إلى الكهف وأرسل إليه الباقي، وبقي التفسير عند الأمير إلى أن قتل وبيع في تركته. وسافر به مشتريه إلى بلاد السودان، وهناك أخذت منه نسخ وانتشر في البلاد على ما فيه من النقص. (¬5) قال البسيلي في مقدمة كتابه: هذا تقييد على كتاب الله المجيد، قصدت فيه جمع ماتيسر حفظه وتقييده من مجلس شيخنا أبي عبد الله محمد بن عرفة رحمه الله تعالى مما كان بيديه هو أو بعض حذاق طلبة المجلس زيادة على كلام المفسرين، وأضفت على ذلك في بعض الآيات شيئا من كتب التفسير مما سمح به الخاطر (¬6). ¬

(¬1) وقال في كشف الظنون سنة ثلاثين وعنه نقل بروكلمان، قال حسن حسني: وهو غلط. (¬2) الزلاج: من مناطق تونس دفن بها جماعة من المشاهير وهي غير الزلاغ: منطقة جبلية قرب فاس وبها قبور لبعض الصالحين (انظر وصف إفريقيا 1/ 292، 293). (¬3) انظر معجم المفسرين 1/ 71. (¬4) منه عدة نسخ في الخزانة العامة بالرباط وبالخزانة الملكية بها، وبخزانة تمكروت بسوس بالمغرب، وبدار الكتب الوطنية بتونس، وفي المكتبة الوطنية بالجزائر، وبجامع القرويين بفاس، وبمكتبة الزاوبة الحمزية بتافيلالت وبخزانة فيض الله أفندي باستامبول، وبمكتبة داماد إبراهيم باشا وبمتحف الجزائر ومكتبة قليج علي باشا والمكتبة الوطنية بمدريد (انظر العمر 1/ 1 / 172، الفهرس الشامل 1/ 452). (¬5) العمر 1/ 1 / 172. (¬6) مخطوطة الرباط رقم 611 (انظر التفسير واتجاهاته بإفريقية ص: 286)، وانظر حاشية تفسير ابن عرفة رواية الأبي 1/ 59.

25 - أحمد بن محمد بن أحمد (حميدة) أبو العباس ابن الخوجة

تقييد صغير (¬1) عن ابن عرفة لخصه من الكبير يقف عند سورة الصف كما أنه لا يوجد به تفسير سورة الشورى والزخرف والنجم والقمر. (¬2) وقيل: إن البسيلي لما طولب بإعارة تأليفه اختصر منه تقييدا صغيرا، وهو الموجود بيد الناس. (¬3) قال محمد المنوني: وقام بتكميل هذا النقص الواقع في التقييد الصغير ابن غازي المكناسي (¬4) المتوفى سنة تسعمائة وتسعة عشر (¬5). وله تآليف عديدة ومصنفات حسنة منها: شرح على المدونة، وشرح على الخزرجية في العروض، وشرح على الجمل في مختصر نهاية الأمل للخونجي في المنطق (¬6). 25 - أحمد بن محمد بن أحمد (حميدة) أبو العباس ابن الخوجة (¬7) قال عنه مخلوف: علم الأعلام قدوة الأنام شيخ الإسلام. ووصف ولده محمدا بأنه عزيز إفريقية وابن عزيزها (¬8). ولد بتونس في شعبان سنة خمس وأربعين ومائتين وألف. نشأ بين يدي أبيه وأخذ عنه وعن أعلام عصره، وتولى التدريس والخطابة والإمامة، كما ولي قضاء الحنفية، وأخذ عنه جماعة منهم ولده محمد، وتدرج حتى اعتلى مشيخة الإسلام في السابع والعشرين من صفر سنة أربع وتسعين ومائتين وألف، وبقي على خطته إلى أن توفي بتونس في ذي الحجة سنة ثلاثة عشر وثلاثمائة. له: تقارير على حاشية عبد الحكيم السيالكوتي على تفسير البيضاوي (¬9) ¬

(¬1) منه نسختان بالخزانة العامة بالرباط. (¬2) معجم المفسرين 1/ 71. (¬3) العمر 1/ 1 / 172. (¬4) اسمه محمد بن أحمد بن محمد تأتي ترجمته. (¬5) مجلة دعوة الحق ص: 155. (¬6) انظر فهرس الرصاع ص: 277. (¬7) مصادر ترجمته: الأعلام 1/ 248، أعلام الفكر الإسلامي في العصر الحديث ص: 373، تراجم الأعلام ص: 93، تراجم المؤلفين 2/ 244، عنوان الأريب 2/ 137، فهرس الفهارس 1/ 283، معالم التوحيد ص: 122، معجم المؤلفين1/ 263، العمر 1/ 2 / 946 رقم 274. (¬8) انظر شجرة النور الزكية 1/ 440. (¬9) هكذا سماه صاحب عنوان الأريب، ونسبه الشيخ محمد الخضر حسين إلى ولده محمد (انظر تونس وجامع الزيتونة ص: 120) والسيالكوتي اسمه عبد الحكيم بن شمس الدين الهندي البنجابي ت 1067 هـ وحاشيته على تفسير البيضاوي منها نسخ كثيرة مخطوطة (انظر الفهرس الشامل 2/ 698 - 701).

26 - أحمد بن محمد بن أحمد بن يحيى بن عبد الرحمن بن أبي العيش بن محمد التلمساني المالكي الأشعري أبو العباس شهاب الدين المقري

وله أيضا: الانتفاع بشواطىء الأبحار ومعظم الأنهار، الكردار والحبس على مقتضى المذهب الحنفي، كشف اللثام عن محاسن الإسلام، حاشية على الدرر أكمل بها تأليف والده، إجازة مروياته، تحقيقات وفتاوى كثيرة (¬1). 26 - أحمد بن محمد بن أحمد بن يحيى بن عبد الرحمن بن أبي العيش بن محمد التلمساني المالكي الأشعري أبو العباس شهاب الدين المقري (¬2) المؤرخ الأديب الحافظ الفقيه صاحب نفح الطيب، كان آية في علم الكلام والتفسير والحديث. ولد في تلمسان بالمغرب حوالي سنة اثنتين وتسعين وتسعمائة، وقد انتقل إليها جد أسرته من مقرة، ونشأ بها ووجد في عمه سعيد عالم تلمسان ومفتيها نعم الأستاذ والموجه القدوة والمربي، فأخذ عنه الفقه والحديث، ثم انتقل إلى فاس وحضر فيها المجالس العلمية يفيد ويستفيد ونال مكانة مرموقة وأجازه أقطاب العلم، وحضر مجلس علي بن عمران السلاسي في جامع القرويين، ¬

(¬1) انظر عنوان الأريب 2/ 140، فهرس الفهارس 1/ 284. (¬2) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 763، معجم أعلام الجزائر 309، فهرس الفهارس 1/ 337، خلاصة الأثر 1/ 302، تعريف الخلف 1/ 44، البستان 155، آداب اللغة 3/ 301، تراجم إسلامية 245، الأعلام 1/ 237، هدية العارفين 1/ 157، كشف الظنون 72، 1124، 1234، إيضاح المكنون 1/ 20، 67، 94 وغيرها، معجم المؤلفين 1/ 248، شجرة النور 1/ 300، بروكلمان 2/ 296، الملحق: 2/ 407، ريحانة الألباب 2/ 174، اليواقيت الثمينة 1/ 29، التاج المكلل 324، وسلافة العصر 589، تعريف الخلف 1/ 44، صفوة من انتشر 72، الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام 2/ 106، نشر المثاني (موسوعة أعلام المغرب 3/ 1294) وانظر مقدمة نفح الطيب، مقدمة روضة الآس، مقدمة أزهار الرياض، رسالة: المقري صاحب نفح الطيب للحبيب الجنحاني التونسي، رسالة: المقري وكتابه نفح الطيب لعثمان الكعاك التونسي. والمقري: نسبة إلى مقرة - بفتح الميم وتشديد القاف المفتوحة - من قرى تلمسان.

وناقشه في بعض مسائل الفقه فاعترف له السلاسي بالتفوق عليه وأقر له بقوة الحجة والنباهة. ثم انتقل إلى مراكش في نفس السنة حيث اصطحبه أحد قواد السلطان أحمد المنصور ملك المغرب إليها ليلتحق ببلاطه وفيها تعرف بالعلماء والأدباء داخل مجلس المنصور وخارجه، وسر الخليفة المنصور السعدي بمقدمه وأكرمه وقربه. وتعرف المقري في مراكش على جماعة من العلماء والأدباء جرت بينه وبينهم مطارحات ومداعبات ومساجلات ذكر بعضها في كتابه روضة الآس. وممن أخذ عنهم العلم الشيخ أحمد بابا والقصار وغيرهما. وفي منتصف ربيع الثاني سنة عشر وألف عاد إلى فاس ثم غادرها في منتصف ذي القعدة إلى مسقط رأسه تلمسان. وفي أوائل سنة ثلاث عشرة قصد فاسا مرة ثانية فأسندت إليه ولاية الفتوى والخطابة والإمامة في جامع القرويين بعد وفاة الشيخ الهواري. وخرج من فاس للحج هاربا فيمن هرب من العلماء من الإفتاء لأجل السلطان في فتوى طلبها من العلماء بشأن إعطاء العرائش للنصارى (¬1)، فدخل القاهرة فألقى في مصر عددا من الدروس في علم الحديث وعلم الكلام، ومنها توجه إلى الديار المقدسة وعاد إلى القاهرة فأقام نحو شهرين ثم دخل القدس الشريف والشام وتكررت زياراته إلى الحجاز وأملى بها دروسا عديدة. ونال شهرة واسعة وحفاوة من أهل البلاد التي دخلها ودرس فيها، وله شعر حسن وأخبار ومطارحات مع أدباء عصره. أخذ عنه من لا يعد كثرة من أهل المشرق والمغرب منهم عيسى الثعالبي وعبد القادر الفاسي وميارة. توفي بالقاهرة بعد أن ترك تراثا ضخما منوعا بين النحو الأدب والتاريخ وعلم الحديث والكلام والتفسير والقصائد والتصوف والفقه (¬2)، في جمادى الآخرة سنة إحدى وأربعين وألف، ودفن بمقبرة ¬

(¬1) انظر الشجرة 1/ 300. (¬2) انظر معجم المؤلفين 1/ 249.

27 - أحمد بن محمد بن الحسن أبو العباس التطواني الرهوني

المجاورين. وقيل: توفي بالشام مسموما عقب عودته من استانبول (¬1). له: إعراب القرآن (¬2). توجيه القرآن (¬3). وله أيضا: كتابه الشهير: نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، أزهار الرياض في أخبار القاضي عياض، روضة الآس العاطر الأنفاس في ذكر من لقيته من علماء مراكش وفاس، حسن الثنا في العفو عمن جنى، عرف النشق في أخبار دمشق، أرجوزة إضاءة الدجنة في عقائد أهل السنة، أرجوزة زهر الكمامة في العمامة، فتح المتعال في وصف النعال (النبوية)، الغث والسمين والرث والثمين، شرح مقدمة ابن خلدون، الدر الثمين في أسماء الهادي الأمين، البدأة والنشأة في النظم والأدب (¬4). 27 - أحمد بن محمد بن الحسن أبو العباس التطواني الرهوني (¬5) مؤرخ أديب له اشتغال بالتفسير نسبته إلى رهونة (¬6) من قبائل نواحي وزان. ولد بتطوان سنة ثمان وثمانين ومائتين وألف، وتعلم بها وبفاس وكان شيخ الجماعة بها، وولي مناصب آخرها رئاسة المجلس الأعلى للتعليم الإسلامي بتطوان. قال عنه ابن سودة: العلامة المشارك المطلع المدرس الشهير. (¬7) توفي ببلده صباح يوم الثلاثاء خامس عشر ربيع الثاني سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة، ودفن بعد صلاة العصر من يومه. له كتب منها: تعقيب على إنكار الشيخ محمد عبده المفسر المصري (¬8) كون النبي - صلى الله عليه وسلم - سحر عند تفسيره للمعوذتين في كتابه تفسير جزء عم. تنمية ¬

(¬1) انظر الأعلام 1/ 237. (¬2) انظر معجم المفسرين 2/ 763. (¬3) منه نسخة بالأزهرية. (انظر الفهرس الشامل 2/ 684). (¬4) الأعلام 1/ 237، الشجرة 1/ 300. (¬5) مصادر ترجمته: الأعلام 1/ 253، معجم المؤلفين 1/ 256، تاريخ تطوان 1/ 50، الفهرس الشامل 2/ 828، إتحاف المطالع (موسوعة أعلام المغرب 9/ 3288). (¬6) رهونة: جبل من جبال الهبط التي تسكنها قبائل غمارة وهي من أقاليم مملكة فاس (انظر وصف إفريقيا 1/ 193، 320). (¬7) إتحاف المطالع (الموسوعة 9/ 3288). (¬8) تأتي ترجمته في المحمدين من الوافدين.

28 - أحمد بن محمد بن زكري المانوي أبو العباس المغراوي التلمساني

الأنام على مافي كتاب الله من المواعظ والأحكام (¬1). وله أيضا: عمدة الراوين في تاريخ تطاوين (¬2) في عشرة أجزاء، رحلة إلى الحج، اختصار نفح الطيب في أربعة أجزاء صغيرة، الرحلة المكية، اختصار الاستقصا (¬3)، وغيرها. 28 - أحمد بن محمد بن زكري المانوي أبو العباس المغراوي التلمساني (¬4) عالم تلمسان ومفتيها في زمنه. فقيه ناظم ناثر مشارك في بعض العلوم كالتفسير والمنطق والبيان وعلم الكلام (¬5). أخذ عن المفسر ابن مرزوق الحفيد (¬6) والمفسر ابن زاغو (¬7) وقاسم العقباني ومحمد ابن العباس وغيرهم. رآه ابن زاغو يتيماً صغيراً وهو يعمل في الحياكة بنصف دينار في الشهر فأعجبه ذكاؤه فسأله عن ولي أمره فقال: أمي. فذهب إليها وتعهد بأن يعطيها في كل شهر نصف دينار وأن يفقه ولدها ويؤدبه، فرضيت واستمر إلى أن نبغ واشتهر (¬8). أخذ عن أئمة منهم أحمد بن أطاع الله والشيخ زروق ¬

(¬1) منهما نسخة بالخزانة العامة بالرباط (انظر الفهرس الشامل 2/ 828). (¬2) تطاوين: - بكسر التاء الفوقية وتشديد الطاء المهملة - ومعناها عين واحدة باللغة الإفريقية سميت بذلك لأن أميرتها كانت عوراء، مدينة صغيرة على بعد نحو ثمانية أميال من مضيق جبل طارق (انظر وصف إفريقيا 1/ 318). (¬3) الأعلام 1/ 253. (¬4) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 1/ 72، معجم أعلام الجزائر 40، نيل الابتهاج 84، البستان الظريف 38، درة الحجال 1/ 90، شجرة النور الزكية 1/ 267، تعريف الخلف 1/ 38، الأعلام 1/ 220، معجم المؤلفين 1/ 265، كشف الظنون 1157، وفيات الونشريسي ولقط الفرائد (موسوعة أعلام المغرب 2/ 798) والمغراوي: نسبة إلى قبيلة مغراوة البربرية، وهي فرع من قبيلة صنهاجة كبرى شعوب الأفارقة البيض (انظر وصف إفريقيا 1/ 36، 38). (¬5) معجم المؤلفين 1/ 265. (¬6) محمد بن أحمد بن محمد تأتي ترجمته. (¬7) أحمد بن محمد بن عبد الرحمن تأتي ترجمته. (¬8) الأعلام 1/ 231.

29 - أحمد بن محمد بن الصديق بن أحمد بن محمد بن قاسم بن محمد بن محمد بن عبد المؤمن شهاب الدين أبو الفيض الغماري الحسني الأزهري

وابن مرزوق حفيد الحفيد وغيرهم، وكان له منازعات مع الشيخ السنوسي في مسائل من العلم. مدحه التنبكتي بقوله: العالم الحافظ المتفنن الإمام الأصولي الفروعي المفسر الأبرع المؤلف الناظم الناثر (¬1). توفي في صفر سنة ثمانمائة وتسعة وتسعين. له من المؤلفات: شرح الورقات للجويني، كتاب في مسائل القضاء والفتيا، بغية الطالب في شرح عقيدة ابن الحاجب، منظومة كبرى في علم الكلام بها أكثر من ألف وخمسمائة بيت، فتاوى كثيرة. (¬2) 29 - أحمد بن محمد بن الصديق بن أحمد بن محمد بن قاسم بن محمد بن محمد بن عبد المؤمن شهاب الدين أبو الفيض الغماري الحسني الأزهري (¬3) صوفي فقيه محدث شافعي المذهب شيخ الطريقة الصديقية انتقل جده عبد المؤمن من تلمسان إلى قبيلة غمارة، وينتهي نسبهم إلى الحسن بن علي رضي الله عنهما ولد بناحية تطوان يوم الجمعة سنة عشرين وثلاثمائة وألف وبعد شهرين من مولده رجع به والده إلى طنجة فنشأ بها نشأة عفة وطهارة وتعلم الكتابة والقراءة وحفظ كتاب الله المبين ودرس على يد والده بالجامع الكبير بطنجة ألفية ابن مالك والمختصر الخليلي وصحيح الإمام البخاري وتعلم علم الرسم والنحو والفقه والتوحيد على تلميذ والده في الطريق والعلم العلامة العربي بن أحمد بودرة الغربي، ودرس على يد الشيخ العلامة الصوفي السيد أحمد بن عبد السلام العيادي السميحي الغماري الطنجي المختصر الخليلي، وعلى الشيخ الشريف العلامة محمد بن جعفر الكتاني الحديث. ¬

(¬1) نيل الابتهاج 84. (¬2) الشجرة 1/ 267، معجم المؤلفين 1/ 265. (¬3) مصادر ترجمته: إسعاف الإخوان الراغبين بتراجم ثلة من العلماء المعاصرين ص: 34، الأعلام 1/ 253، معجم المؤلفين 1/ 285، إتحاف المطالع وسل النصال (موسوعة أعلام المغرب 9/ 3357).

ومر على الجزائر زائرا ودخل الإسكندرية كذلك وحل بعاصمة الكنانة ودرس في الأزهر الشريف وقرأ على الشيخ العلامة محمد إمام السقا وعلى العلامة الفقيه شيخ الشافعية بالديار المصرية محمد الشرقاوي النجدي، وعلى علامة الديار المصرية الفقيه المفسر الشيخ محمد بخيت المطيعي الحنفي القاهري التفسير وغيره، وعلى الفقيه العلامة محمد بن إبراهيم السمالوطي القاهري المالكي تفسير البيضاوي وغيره. ودرس أيضا على أحمد بن نصر والشيخ محمد شاكر والشيخ محمود خطاب السبكي. والشيخ خليل المالكي والشيخ حسن حجازي، وبعد تعلمه عاد إلى طنجة، وقد أجيز عدة إجازات من مشايخه الذين درس عليهم. كما رحل إلى الديار الحجازية صحبة والده لحج بيت الله الحرام، وذلك قبل، وحج بعد ذلمك مرات عدة. قال ابن الحاج السلمي عنه: صاحب مشاركة في كثير من فنون المعارف الإسلامية وضروب العربية إلا أن له تخصصا في علوم الحديث ومعرفة بتراجم الرواة وطرق الجرح والتعديل، وقد تعلمه من نفسه دون أن يتتلمذ فيه على أحد. وله أيضا في مضمار التفسير والأصول والتاريخ (¬1). توفي بالقاهرة يوم الأحد غرة جمادى الثانية سنة ثمانين وثلاثمائة مبعدا عن بلده لأنه كان من المضطهدين في مسقط رأسه طنجة وحكم عليه بالنفي مدة. (¬2) له مؤلفات عديدة مخطوطة ومطبوعة منها: رياض التنزيه في فضل القرآن وفضل حامليه (¬3) وهو مخطوط. وكثير من مؤلفاته رسائل حديثية يفرد كل حديث برسالة ومن ذلك: فتح الملك العلي بصحة حديث باب مدينة العلم علي، درء الضعف عن حديث من عشق فعف، جمع الطرق والوجوه لحديث اطلبوا الخير عند حسان الوجوه. وله أيضا: التصور والتصديق بأخبار سيدي محمد الصديق، إحياء المقبور بأدلة بناء المساجد والقباب على القبور، إزالة الخطر عمن جمع بين الصلاتين ¬

(¬1) انظر إسعاف الإخوان ص: 38. (¬2) إتحاف المطالع (الموسوعة 9/ 3357). (¬3) انظر معجم المؤلفين 1/ 285.

30 - أحمد بن محمد بن عبد الرحمن الأزدي، أبو العباس التونسي القصار

في الحضر، تشنيف الآذان باستحباب السيادة في اسمه عليه السلام في الصلاة والإقامة والأذان، البرهان الجلي في تحقيق انتساب الصوفية إلى علي والرد على ابن تيمية الحنبلي، بيان تلبيس المفتري محمد زاهد الكوثري، الأسرار العجيبة في شرح أذكار ابن عجيبة، إعلام الأذكياء بنبوة خالد بن سنان بعد المسيح وقبل خاتم الأنبياء (¬1). 30 - أحمد بن محمد بن عبد الرحمن الأزدي، أبو العباس التونسي القصار (¬2) نحوي، مفسر، كان حيا سنة تسعين وسبعمائة وهو من المعاصرين لابن عرفة الورغمي. قال مخلوف: كان إماما علامة محققا عارفا بالنحو وغيره (¬3). أخذ عنه المفسران ابن مرزوق الحفيد (¬4) وأبو العباس البسيلي (¬5) وغيرهما. من تآليفه: حاشية على الكشاف في التفسير للزمخشري (¬6). وله أيضا: مختصر على البردة، شرح شواهد المقرب (¬7). 31 - أحمد بن محمد بن عبد الرحمن ابن زاغو المغراوي أبو العباس التلمساني (¬8) فقيه عابد فرضي مفسر من فقهاء المالكية، من أهل تلمسان. ولد سنة ¬

(¬1) ساق مؤلفاته كلها المطبوع منها والمخطوط صاحب إسعاف الإخوان ص: 36 - 38. (¬2) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 762، نيل الابتهاج 74، شجرة النور 1/ 226، معجم المؤلفين 1/ 273. (¬3) الشجرة 1/ 226. (¬4) هو محمد بن أحمد تأتي ترجمته. (¬5) هو أحمد بن محمد تقدمت ترجمته. (¬6) معجم المفسرين 2/ 762. (¬7) معجم المؤلفين 1/ 273، والمقرب كتاب في النحو للمبرد (انظر له ولشروحه: كشف الظنون 2/ 1805). (¬8) معجم المفسرين 1/ 71، مقدمة تفسير التعالبي ص: (أ)، معجم المؤلفين 1/ 272، نيل الابتهاج 78، 79، الحلل السندسية 1/ 4 / 1086، معجم أعلام الجزائر 40، البستان الظريف 41 (وجاء اسمه فيه منسوبا لجده)، الأعلام 1/ 227، شجرة النور الزكية 1/ 254، مجلة دعوة الحق (ذي القعدة 1393 ص: 159)، تذكرة المحسنين ووفيات الونشريسي ولقط الفرائد (موسوعة أعلام المغرب 2/ 751) وجاء فيها منسوبا لجده. والمغراوي: نسبة إلى قبيلة مغراوة البربرية، وهي فرع من قبيلة صنهاجة كبرى شعوب الأفارقة البيض (انظر وصف إفريقيا 1/ 36، 38).

32 - أحمد بن محمد بن عثمان الأزدي العددي أبو العباس ابن البناء المراكشي

اثنتين وثمانين وسبعمائة. أخذ عن سعيد العقباني المفسر (¬1) وأبي يحيى الشريف التلمساني وجماعة. من تلاميذه أحمد بن محمد بن زكري الفقيه الأصولي المفسر (¬2)، وأبو زكريا يحيى المازوني والحافظ التنيسي وأبو الحسن القلصادي. ذكره القلصادي في رحلته وأثنى عليه كثيرا وقال: كان أعلم الناس في وقته بالتفسير وأفصحهم (¬3). توفي في ربيع الأول سنة خمس وأربعين وثمانمائة، وكانت جنازته مشهودة في غاية الاحتفال. له: تفسير الفاتحة. قال التنبكتي: إنه في غاية الحسن كثير الفوائد (¬4). مقدمة في التفسير (¬5). وله أيضا: منتهى التوضيح في الفرائض، شرح التلمسانية في الفرائض أيضا، شرح تلخيص والده، شرح حكم ابن عطاء الله، شرح مختصر خليل من الأقضية إلى آخره، شرح مختصر ابن الحاجب، أجوبة فقيهة، وله فتاوى كثيرة. (¬6) 32 - أحمد بن محمد بن عثمان الأزدي العددي أبو العباس ابن البناء المراكشي (¬7) عالم في الرياضة والفلك مشارك في كثير من العلوم ولد بمراكش بقاعة ابن ناهض تاسع ذي الحجة سنة أربع وخمسين وستمائة، وكان أبوه بناءا ¬

(¬1) تأتي ترجمته. (¬2) سبقت ترجمته. (¬3) انظر الشجرة 1/ 254، معجم المفسرين 1/ 72. (¬4) نيل الابتهاج 79. (¬5) انظر شجرة النور ص: 254، البستان ص: 42، مقدمة تفسير الثعالبي ص: (أ) ومنه نسخة باسم "في اختتام التفسير" بالأسكوريال (الفهرس الشامل 1/ 461). (¬6) انظر الشجرة 1/ 254، الأعلام 1/ 227، معجم المؤلفين 1/ 272. (¬7) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 1/ 67، الوفيات لابن قنفذ 343، نيل الابتهاج 65، الأعلام 1/ 222، جذوة الاقتباس 1/ 148، الدرر الكامنة 1/ 278، البدر الطالع 1/ 108، كشف الظنون 472، 949، 1174، إيضاح المكنون1/ 161، هدية العارفين 1/ 104، معجم المؤلفين 1/ 278، الإعلام بمن حل مراكش من الأعلام 1/ 375، دائرة المعارف الإسلامية 1/ 102، شرف الطالب ووفيات الونشريسي (موسوعة أعلام المغرب 2/ 603، 604).

وطلب هو العلم فنبغ في فنون شتى. أخذ عن قاضي الجماعة محمد بن علي المراكشي وأبي عبد الله محمد بن أبي البركات وأبي العباس أحمد بن محمد المدعو ابن أبي عطاء وأبي الحسين ابن أبي عبد الرحمن وغيرهم. قال الشوكاني: كان فاضلا عاقلا نبيها انتفع به جماعة في التعليم، وكان يشتغل من بعد صلاة الصبح إلى قريب الزوال مدة إلى أن كان في سنة تسع وتسعين وستمائة فخرج إلى صلاة الجمعة في يوم ريح وغبار فتأذى بذلك وأصابه يبس في دماغه، وكان له مدة لا يأكل مافيه روح، فبدأت منه أحوال لم تعهد وهيآت عجيبة وصار يكاشف كل من دخل عليه ويخبره بما هو عليه، فأمر الشيخ أبو زيد عبد الرحمن بن عبد الكريم الأغماتي أهله أن يحجبوه، فأقام سنة ثم صح وخرج إلى الناس، وصار يذكر ماجرى له من ذلك وفيه عجائب. منها: أنه رأى صورا علوية وجوههم مضيئة تكلموا بعلوم جمة تتعلق بمعاني القرآن بأساليب بديعة قال: ثم هجم علي جماعة في صور مفزعة ... . فذكر كلاما طويلا (¬1). قال ابن رشيد: لم أر عالما بالمغرب إلا رجلين ابن البناء العددي بمراكش وابن الشاط بسبتة (¬2). توفي بمراكش عشية يوم السبت السادس من رجب سنة إحدى وعشرين وسبعمائة ودفن خارج باب أغمات. له: حاشية على الكشاف تفسير الباء من البسملة جزء صغير على سورتي (الكوثر) و (العصر) تسمية الحروف وخاصية وجودها في أوائل سور القران كتاب نحا فيه منحا ملاك التأويل. عنوان الدليل في مرسوم خط التنزيل (¬3) وأخرج أكثر من سبعين كتابا في العدد والحساب والهندسة والجبر والفلك والتنجيم وبقي كتابه (تلخيص أعمال الحساب) معمولا به في المغرب (¬4) حتى نهاية القرن السادس عشر الميلادي وشرحه كثيرون من العلماء واقتبس عنه علماء الغرب. ¬

(¬1) البدر الطالع 1/ 108 - 109. (¬2) انظر معجم المفسرين 1/ 67. (¬3) انظر معجم المفسرين 1/ 67. (¬4) وترجم للفرنسية (انظر دائرة المعارف 1/ 102).

33 - أحمد بن محمد بن عثمان بن عبد الله بن أبي يعقوب التنبكتي

ومن مؤلفاته أيضًا: اللوازم العقلية في مدارك العلوم، الروض المريع في صناعة البديع، منتهى السول في علم الأصول، الأصول والمقدمات في الجبر والمقابلة، منهاج الطالب لتعديل الكواكب، كليات في المنطق وشرحها، المقالات في الحساب، جزء في المساحات، جزء في الأسطرلاب، جزء في الأنواء، قانون في معرفة الأوقات بالحساب (¬1). 33 - أحمد بن محمد بن عثمان بن عبد الله بن أبي يعقوب التنبكتي (¬2) من أهل سنكراي. قال البرتلي: كان رحمه الله تعالى عالما فقيها متقنا للتفسير، نحويا لغويا متفننا في علوم الأدب والأشعار، شهدت له بالعلم جماعة الشيوخ رحمهم الله تعالى. 34 - أحمد بن محمد بن عمر الجمالي التونسي (¬3) من المشتغلين بالتفسير، كان حيا سنة سبع وتسعين ومائة وألف له: تحفة الإخوان وامتحان الزمان في شيء يسير من العلم ودقائق القرآن (¬4). 35 - أحمد بن محمد بن عمر بن عبد الهادي بن العربي بن محمد - فتحا - الزكاري الفاسي أبو العباس ابن الخياط (¬5) من أكابر فقهاء المالكية في عصره عارف بالتفسير والحديث والفرائض. ولد بفاس في منتصف شعبان سنة اثنتين وخمسين ومائتين وألف. قال عنه ¬

(¬1) انظر معجم المؤلفين 1/ 278، البدر الطالع 1/ 108. (¬2) مصادر ترجمته: فتح الشكور في معرفة أعيان علماء التكرور ص: 39. (¬3) مصادر ترجمته: الفهرس الشامل 2/ 783، الجمّالي: نسبة إلى جمال من قرى الساحل التونسي (انظر ترجمة علي بن محمد الميلي). (¬4) يوجد منها نسخة في خزانة أوقاف بغداد في ثمان ورقات (انظر الفهرس الشامل 2/ 783) 2/ 82، دليل مؤرخ المغرب 2/ 327، الأعلام 1/ 250، معجم المؤلفين 2/ 286، إتحاف المطالع وسل النصال (موسوعة أعلام المغرب 8/ 2941). (¬5) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 765، معجم المحدثين والمفسرين 17، شجرة النور 1/ 436، فهرس الفهارس 1/ 288، رياض الجنة 1/ 127، الأعلام الشرقية 2/ 82، دليل مؤرخ المغرب 2/ 327، الأعلام 1/ 250، معجم المؤلفين 2/ 286، إتحاف المطالع وسل النصال (موسوعة أعلام المغرب 8/ 2941).

36 - أحمد بن محمد بن عيسى بن علي شهاب الدين اللجائي

مخلوف: العلامة المتفنن الفهامة الصوفي الفرضي الأصولي من وعاة الفقه المالكي وحملته العارفين بأصوله وفروعه الخائضين فيه، جليل القدر شهير الذكر محمود السيرة طيب السريرة، مع دماثة أخلاق وطيب أعلاق، عمر فألحق الأحفاد بالأجداد خاتمة علماء فاس (¬1). أخذ عن محمد بن عبد الرحمن الحجرتي والمرنيسي وأبو غالب والحاج الداوودي وعبد الرحمن السوادي وأجازه كثيرون منهم جعفر الكتاني وماء العينين وغيرهما. أخذ عنه كثيرون منهم عبد الحفيظ بن محمد الطاهر الفاسي ومحمد عبد الحي الكتاني وبلحسن النجار وغيرهم. توفي بفاس ثاني عشر رمضان سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة ودفن بالرميلة بها. من تآليفه: جواب لمن يتصدى لقراءة التفسير وليس أهلا له (¬2). وهو مطبوع. وله أيضا: حاشية على شرح أبي السعادات في المصطلح، شرح على أبيات الرهوني، حاشية على شرح الخرشي، ثلاثة فهارس (¬3). 36 - أحمد بن محمد بن عيسى بن علي شهاب الدين اللجائي (¬4) فقيه مالكي عالم بالتفسير والقراءات والعربية والحساب ولد بفاس سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة وناب في قضائها، وحج ودخل القاهرة ثم انتقل إلى التكرور فأقام سنة، أقرأ بها التفسير. توفي سنة ثلاث وأربعين وثمانمائة. 37 - أحمد بن محمد بن المختار بن أحمد الشريف أبو العباس التجاني (¬5) صوفي، شيخ الطائفة التجانية بالمغرب عالم بالتفسير والأصول ¬

(¬1) الشجرة 1/ 436. (¬2) معجم المفسرين 2/ 765. (¬3) معجم المؤلفين 2/ 286. (¬4) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 762، معجم المحدثين والمفسرين 17، الضوء اللامع 2/ 163. (¬5) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 764، معجم أعلام الجزئر 62، شجرة النور 1/ 378، الأعلام 1/ 245.

38 - أحمد بن محمد بن المهدي ابن عجيبة الحسني الإدريسي أبو العباس الشاذلي الأنجري الفاسي

والفروع من فقهاء المالكية ملم بالأدب ولد في عين ماضي بالجزائر سنة خمسين ومائة وألف، وتعلم بفاس، واشتغل بطلب العلوم الأصولية والفروعية والأدبية، وقرأ على المبروك بن أبي العافية والطيب الوزاني وأحمد الصقلي. أقام بتلمسان مدة يدرس التفسير والحديث وغيرهما. أخذ عنه جمع منهم الشيخ إبراهيم الرياحي. تصوف ووعظ، وحج فمر بتونس وأقام بها مدة طويلة، ورحل إلى توات ثم أخرج منها فاستقر بفاس. له بالمغرب وما والاها أصحاب وأتباع كثيرون يتغالون فيه إلى حد يفوق الوصف ويعظمونه تعظيما بليغا، ويصفونه بصفات عظيمة وأخلاق كريمة وينسبون إليه النهي عن زيارة القبور، وبعض أهل العلم والدين يثني عليه ويصفه بالعلم والمعرفة (¬1). ولبعض أصحابه كتب في سيرته منها: جواهر المعاني، النفحة القدسية في السيرة الأحمدية التجانية. توفي بفاس سنة ثلاثين ومائتين، وكانت جنازته مشهودة، وقبره هناك يتبرك به العوام. وله: ورد (¬2). 38 - أحمد بن محمد بن المهدي ابن عجيبة الحسني الإدريسي أبو العباس الشاذلي الأنجري (¬3) الفاسي (¬4) الصوفي المفسر من أهل المغرب (¬5). قال عنه مخلوف: المؤلف المحقق الفهامة البارع المدقق الصوفي الجامع بين الشريعة والحقيقة (¬6). ولد سنة ستين ومائة وألف وقيل: إحدى وستين، وشارك في أنواع من العلوم. ومن أشياخه أحمد بن العربي الزعربي، ومحمد البوزيدي الحسني، والشيخ العربي الدرقاوي. ¬

(¬1) الشجرة 1/ 378. (¬2) الأعلام 1/ 245. (¬3) الأنجري: نسبة إلى بلدة أنجرة الواقعة بين طنجة وتطوان. (انظر الأعلام 1/ 245). (¬4) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 1/ 77، فهرس الفهارس 2/ 228، التصور والتصديق 18، جامع الكرامات 161، اليواقيت الثمينة 1/ 70، شجرة النور 1/ 400، دليل مؤرخ المغرب 1/ 246، معجم المؤلفين 1/ 300، الأعلام 1/ 245، فهرس الخزانة الحسنية رقم 551، 664، إتحاف المطالع وتذكرة المحسنين (موسوعة أعلام المغرب 7/ 2482، 2483). (¬5) انظر الأعلام 1/ 245، معجم المؤلفين 1/ 300. (¬6) الشجرة 1/ 400.

توفي يوم الأربعاء في السابع من شوال سنة أربع وعشرين ومائتين بعد الألف (¬1) ودفن ببلدته أنجرة. له: البحر المديد في تفسير القرآن المجيد، في أربعة مجلدات ضخام (¬2). قال في سبب تأليفه: ... .. هذا وقد ندبني شيخي العارف الرباني سيدي محمد البوزيدي الحسني، وكذلك شيخي القطب الجامع شيخ المشايخ مولاي العربي الدرقاوي أن أضع تفسيرا يكون جامعا بين تفسير أهل الظاهر وإشارة أهل الباطن، فأجبت سؤالهما وأسعفت طلبتهما، رجاء أن يعم به الانتفاع، ويكون ممتعا للقلوب والأسماع، مقدما في كل آية مايتعلق بمهم العربية واللغة ثم بمعاني الألفاظ الظاهرة، ثم بالإشارة الباطنة متوسطا في ذلك بين الإطناب والاختصار ... . الخ. (¬3) قال عبد الكبير الفاسي: جمع فيه بين ماقاله علماء الظاهر والباطن وفي كل آية إشارة حقيقية فاق به تفسير الورتجيبي وغيره. (¬4) تفسير سورة الفاتحة (¬5). تفسير قوله تعالى {الله نور السموات والأرض} (¬6). ¬

(¬1) في اليواقيت والشجرة أن وفاته سنة ست وستين والصواب ماذكر أعلاه كما حققه أحمد رافع الطهطاوي في ثبته (انظر الأعلام 1/ 245). (¬2) يوجد منه نسخة بالخزانة الحسنية رقم 551 ومنه نسخة بالتيمورية وبالخزانة العامة بالرباط (انظر الفهرس الشامل 2/ 798) وبدئ بطبعه وصدر جزء منه ينتهي عند قوله تعالى {إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب} آل عمران: 190، ويظهر قريباً مطبوعاً إن شاء الله في دار الكتب المصرية كما أفادني شيخنا المشرف حفظه الله. (وانظر معجم المطبوعات 169). (¬3) البحر المديد 1/ 4. (¬4) تذكرة المحسنين (الموسوعة 7/ 1483) ولم أقف على هذا التفسير المذكور ولعل في نسبة صاحبه تحريفا. (¬5) يوجد منه نسخة بالخزانة الحسنية رقم 664، ومنه نسخ بالصبيحية بعنوان "الطريق الواضحة إلى أسرار الفاتحة"وخزانة تطوان بعنوان "الشرح الأوسط" ونسخة أخرى بعنوان "الشرح الصغير" ودار الكتب المصرية بعنوان "تفسير سورة فاتحة الكتاب على طريقة التصوف" والخزانة العامة بالرباط بعنوان "شرح للفاتحة وبعض فضائلها". (¬6) النور: 35 منه نسخة بالخزانة العامة بالرباط (انظر الفهرس الشامل 2/ 799).

39 - أحمد بن محمد بن موسى السلاوي الحسناوي

له كتب كثيرة، منها: أزهار البستان في طبقات الأعيان المالكية لم يتمه، شرح القصيدة المنفرجة، شرح صلوات ابن مشيش، تبصرة الطائفة الزرقاوية، الفتوحات الإلهية في شرح المباحث الأصلية، الفتوحات القدوسية في شرح المقدمة الآجرومية: جمع فيه بين النحو والتصوف، إيقاظ الهمم في شرح الحكم لابن عطاء الله، فهرسة أشياخه ورسالة جمع فيها أسئلة الشيخ العربي الدرقاوي (¬1). 39 - أحمد بن محمد بن موسى السلاوي الحسناوي (¬2) عالم بالحديث والتفسير من فقهاء المالكية ولد سنة سبعين ومائتين وألف. قال ابن سودة: كان علامة مطلعا حافظا مشاركا مدرسا ... له شهرة. (¬3) أخذ عن العربي بن السائح ولازمه. توفي ببلده سلا في حادي عشرمن رمضان سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة وألف له: تقاييد على كلام شيخه أبي المواهب العربي بن السائح على آيات قرآنية وأحاديث نبوية. 40 - أحمد بن محمد - فتحا - العلمي اليملحي الحسني (¬4) عالم مدينة مراكش في عصره ومدرسها. قال عنه ابن سودة: المشارك المطلع الكثير الإفادة والتحصيل. (¬5) ولد بمراكش وأصله من فاس. هو الذي سعى في تأسيس النظام في جامع ابن يوسف بمراكش. ¬

(¬1) الشجرة 1/ 400، الأعلام 1/ 245. (¬2) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 765، معجم المحدثين والمفسرين 17، أعلام الفكر المعاصر 2/ 73، إتحاف المطالع (موسوعة أعلام المغرب 8/ 2859). والسلاوي: نسبة إلى سلا - بفتح السين المهملة - مدينة قديمة بناها الرومان وبعد تأسيس مدينة فاس انضوت تحت سلطتها وهي تقع على شاطئ المحيط وتبعد عن الرباط بحوالي ميل ونصف (انظر وصف إفريقيا 1/ 207). (¬3) إتحاف المطالع (الموسوعة 8/ 2859). (¬4) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 1/ 78، الأعلام 1/ 251، معجم المؤلفين 1/ 242، إتحاف المطالع (موسوعة أعلام المغرب 8/ 3066). (¬5) إتحاف المطالع (الموسوعة 8/ 3066).

41 - أحمد بن محمود بن عبد الكريم - كريم بالتصغير - بن عثمان أبو العباس التونسي الحنفي

توفي بها يوم السبت ثاني ربيع الأول سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة وألف ودفن بضريح الشيخ سليمان الجزولي. له تآليف منها: تفسير (¬1)، في عدة أسفار. 41 - أحمد بن محمود بن عبد الكريم - كُرَيّم بالتصغير - بن عثمان أبو العباس التونسي الحنفي (¬2) أصله من جالية الترك وفد جده عثمان إلى تونس مع الأجناد المحشودين من المملكة العثمانية. وكان والده من أواسط الناس يشغل دكانا يبيع فيه الزبيب بسوق الفاكهة من حاضرة تونس، وكانت هذه التجارة حرفة معهودة في قدماء جنود الترك (¬3). ولد أحمد بتونس ليلة الأربعاء الثالث وقيل: السابع والعشرين (¬4) من صفر سنة أربع وثلاثين ومائتين وألف، وطلب العلم بالزيتونة وتولى بعد حين التدريس فيه وفي غيره مع مباشرة الإشهاد العام في الحاضرة التونسية، ولما أحدثت المجالس العدلية - وكانت تسمى مجلس الجنايات - سمي رئيسا لها لما اشتهر به من الدراية الواسعة في العلوم الدينية مع التضلع التام في العربية وخصوصا الأدب وفنونه (¬5). عرفه معاصره الشيخ محمد السنوسي بقوله: عالم دراكة، عارف بمقتضيات الأحوال فصيح اللسان والقلم، لطيف المحاضرة، مستحضر للأجوبة، محرر لدروسه، خبير بدقائق المذهب الحنفي، متودد إلى الناس، جميل السمت، نظيف الثياب، حسن الهيئة، أديب شاعر ناثر، يرصع قصائده ¬

(¬1) الأعلام 1/ 251. (¬2) مصادر ترجمته: العمر 1/ 2 / 948 رقم 275، مسامرات الظريف 2/ 142، فهرست الزيتونة 1/ 55، 4/ 160، الأعلام 1/ 255، برنامج المكتبة العبدلية 2/ 310، تاريخ معالم التوحيد ص: 345، تراجم الأعلام ص: 105، تراجم المؤلفين 4/ 161، تونس وجامع الزيتونة ص: 117، صفحات من تاريخ تونس ص: 197، 198، 204، 316، 332، عنوان الأريب 2/ 141، معجم المؤلفين 1/ 305، المؤرخون التونسيون ص: 405. (¬3) انظر تراجم الأعلام ص: 105. (¬4) كذا في مسامرات الظريف 2/ 142. (¬5) العمر 1/ 2 / 948 وانظر عنوان الأريب 2/ 141.

المدحية بمحاسن الغزل (¬1). وقال الشيخ محمد الخضر حسين المفسر (¬2): شهدت له دروسا كان يلقيها بالجامع الحسيني في شهر رمضان فكنت أسمع بحثا دقيقا وعبارات أنيقة (¬3). وتقلد بعد ذلك خطة الفتيا الحنفية، وتدرج منها إلى مشيخة الإسلام بالقطر التونسي سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة ولم يطل عليها حيث توفي في المحرم سنة خمس عشرة ودفن بالزلاج (¬4). له: تفسير بعض السور من القرآن الكريم سماها: نسيم السحر في تفسير ما أعرب الأزهري من السور (¬5). شرح على البسملة في جزء مستقل (¬6). وله أيضا: حامي الحمى بشرح قصيدة كعب بن زهير بن أبي سلمى، عدة الأحكام على عمدة الحكام في الفقه الحنفي، السحر الحلال وهو ديوان شعره، تاريخ موجز ذكر فيه أخبار الدولة الحفصية ودولة الأتراك بتونس إلى عهد الباي علي باشا الثاني، وتخلص إلى تراجم القضاة والمفتين الأحناف إلى زمانه، شرح على خطبة مختصر السعد التفتازاني، حاشية على مقدمة ابن هشام في النحو، قصة المولد النبوي مختصرة، خطب منبرية، ترتيب فتاوى سراج الدين عمر بن علي الكناني الشهير بقارىء الهداية، مزاهر المواكب وهي تقريراته على حاشية ابن سعيد الحجري على الأشموني، ديوان أشعار شيوخه، رسالة في المحاكمة بين الشيخ لطف الله العجمي الأزميرلي وبين حسين البارودي الحنفي في مسألة قضاء الفوائت، شرح على نحو عشرين حديثا من صحيح البخاري وهي دروس وأختام رمضانية ألقاها بالجامع الجديد بالعاصمة، الفتاوى الأحمدية وهي ديوان فتاويه قبل ولايته مشيخة الإسلام (¬7). ¬

(¬1) انظر مسامرات الظريف2/ 442. (¬2) تأتي ترجمته في المحمدين. (¬3) تونس وجامع الزيتونة ص: 118. (¬4) تقدم ذكره في ترجمة أحمد بن محمد البسيلي. (¬5) انظر تراجم الأعلام ص: 105، برنامج العبدلية 1/ 55. (¬6) العمر1/ 2 / 949. (¬7) انظر تراجم الأعلام ص: 105، العمر 1/ 2 / 949.

42 - أحمد بن مصطفى بن محمد بن أحمد العلوي الجزائري أبو العباس المستغانمي المالكي

42 - أحمد بن مصطفى بن محمد بن أحمد العلوي الجزائري أبو العباس المستغانمي المالكي (¬1) صوفي فقيه شاعر ولد بمستغانم (¬2) بالجزائر سنة إحدى وتسعين ومائتين وألف ونشأ بها ووصل إلى مراكش وتونس وطرابلس الغرب والحجاز والشام والقسطنطينية. كان من معارضي الحركة الإصلاحية التي قادها ابن باديس المفسر (¬3). توفي بمستغانم سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة. له: لباب العلم في تفسير سورة: والنجم (¬4). وله أيضا: مفتاح الشهود في مظاهر الوجود، القول المعروف في الرد على من أنكر التصوف، نور الإثمد في سنة وضع اليد على اليد في الصلاة، ألفية في الفقه المالكي، المنحة القدسية في التصوف، مبادئ التأييد في الفقه والتوحيد، ديوان من نظمه، الأبحاث العلوية في الفلسفة الإسلامية (¬5). 43 - أحمد بن هك القلادي الشنقيطي (¬6) قال البرتلي: كان يدرس الفقه والعربية والتفسير والحديث ومقامات الحريري درسًا حسنًا ... وربما غلب علية البكاء في مجلس التفسير فيقوم عن الناس ويذهب إلى الخلاء، وربما غلب عليه الخشوع أيامًا لا يحضر مجلس التفسير. وكان يومًا يفسر وفي يده تفسير ذي الجلالين، فقال للطلبة: سقط هنا شيء. فقالوا له: إن الكلام مستقيم لم يسقط شيء، فأبى إلا أن ¬

(¬1) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 1/ 80، معجم أعلام الجزائر 367، الأعلام الشرقية 3/ 93، معجم المؤلفين 1/ 301، الأعلام 1/ 258. (¬2) مستغانم: - بفتح الميم وسكون السين المهملة بعدها فوقية، وبفتح النون آخرها ميم - مدينة بناها الأفارقة على ساحل البحر المتوسط تابعة لإقليم بني راشد من مملكة تلمسان (انظر وصف إفريقيا 2/ 32). (¬3) معجم المفسرين 1/ 80 وابن باديس هو عبد الحميد تأتي ترجمته. (¬4) وهو مطبوع (انظر الأعلام 1/ 258). (¬5) انظر معجم المؤلفين 1/ 310. (¬6) مصادر ترجمته: فتح الشكور في معرفة أعيان علماء التكرور ص: 70.

44 - أحمد بن يوسف بن أحمد بن يوسف بن إبراهيم السلمي الفاسي أبو العباس ابن فرتون

يكون سقط، فأخذوا نسخة أخرى فوجدوه كما قال، فقال لهم: إني أعرف تفقد كلمات هذا الكتاب كمعرفتي بتفقد بقراتي. أفتي شيخنا واداي مرة في نازلة فتعقبه صاحب الترجمة فبلغ ذلك شيخنا، فأرسل يقول له في ذلك. فلما بلغه الرسول أتاه بنفسه من مسافة بعيدة حتى تمثل بين يديه، وكان شيخة، فجعل يعتذر إليه حتى أرضاه ثم قال له: يا سيدي وما أصنع بهذا العلم الذي عندي؟ يعني فما أصنع به إن لم أضعه في محله؟ أخذ عن واداي وعن القاضي مم بن أحلون وغيرهما. وأخذ عنه البرتلي وغيره. كان بقيد الحياة عام أربعة عشر ومائتين وألف. 44 - أحمد بن يوسف بن أحمد بن يوسف بن إبراهيم السلمي الفاسي أبو العباس ابن فرتون (¬1) مؤرخ عارف بالتفسير والحديث والرجال. ولد بفاس وتعلم بها وبسبتة ثم دخل الأندلس سنة حمس وثلاثين وستمائة، وأخذ عن علماء مالقة والجزيرة الخضراء وعاد إلى سبتة. أخذ عن أبي ذر الخشني وأبي القاسم بن عبد الرحمن بن ملجوم وابن عمه عبد الرحمن بن ملجوم وأبي محمد حوط الله وأبي القاسم بن عمر القرطبي وغيرهم وكتب عن أبيه وأبي الخطاب بن واجب وعنه أخذ ابن الزبير وغيره. استقر بسبتة إلى أن توفي عن سن عالية سنة ستين وستمائة. له: الاستدراك والإتمام للتعريف والإعلام (¬2). استدرك فيه على السهيلي (¬3) في كتابه التعريف والإعلام بما أبهم في القرآن من الأعلام. وله أيضا: الذيل على الصلة (¬4). ¬

(¬1) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 766، معجم المحدثين والمفسرين 22، النبوغ المغربي 155، شجرة النور 1/ 200، فهرس الفهارس 2/ 272، جذوة الاقتباس 46، نيل الابتهاج 63، معجم المؤلفين 2/ 208، الأعلام 1/ 274. (¬2) انظر معجم المفسرين 2/ 766. (¬3) عبد الرحمن بن عبد الله تأتي ترجمته. (¬4) الشجرة 1/ 200.

45 - أحمد أيوب

45 - أحمد أيوب (¬1) له: شرح البسملة (¬2). 46 - أحمد أبو النجاة الأزهري (¬3) له: رسالة تتعلق بأحكام القرآن (¬4). 47 - أحمد الضرير (¬5) له: تفسير سورة النبأ (¬6). 48 - الأخضر بن قويدر الدهمة الجزائري المالكي المتليلي (¬7) مفسر معاصر ولد بمتليلي الشعانبة من الجزائر سنة أربع وأربعين وثلاثمائة وألف وفيها نشأ، وحفظ القرآن الكريم، وتعلم مبادئ الفقه الإسلامي ثم انتقل إلى غرداية لدراسة اللغة العربية والفقه الإسلامي على مذهب الإمام مالك على يد الشيخ محمد الأخضر فيلالي بمسجد خالد بن الوليد. ثم استكمل دراسته بجامعة الزيتونة في تونس حسب البرنامج الذي وضعه لها الشيخ الطاهر بن عاشور المفسر، وانطلق بعدها في التربية والتعليم والإصلاح بمدرسة حرة في عين بسام - ولاية البويرة حاليا - وبعد إغلاق السلطة الفرنسية للمدرسة نهائيا وإشعار بعض الإخوة له بأن اسمه موجود في قائمة الذين سيلقى عليهم القبض يوم كذا فر إلى مدينة غرداية لمواصلة رسالته التربوية ¬

(¬1) لم أقف له على ترجمة ولعله من أهل المنطقة لتفرد المكتبة الوطنية بتونس بكتابه كما سيأتي. (¬2) منه نسخة بالمكتبة الوطنية بتونس (انظر الفهرس الشامل 2/ 834). (¬3) لم أقف له على ترجمة ولعله من أهل المنطقة لتفرد المكتبة الوطنية بتونس بكتابه كما سيأتي. (¬4) منه نسخة بالمكتبة الوطنية بتونس (انظر الفهرس الشامل 2/ 836). (¬5) لم أقف له على ترجمة ولعله من أهل المنطقة لتفرد مكتبة حسن حسني بتونس بكتابه كما سيأتي. (¬6) منه نسخة بمكتبة حسن حسني عبد الوهاب (انظر الفهرس الشامل 2835). (¬7) مصادر ترجمته: غلاف قطوف دانية ومقدمته ص: 1، 2.

والإصلاحية بمدرسة العرفان التابعة لمسجد حمزة مع بعض الزملاء في ظروف صعبة جدا نجمت عن تصرفات السلطة الأجنبية التي استمرت إلى إيقاف النار. بعد الاستقلال التحق بالمدرسة الرسمية إلى جانب قيامه بمهام ثقافية واجتماعية وسياسية وإدارية، ثم انتقل إلى متليلي حيث تولى مهام الاستشارة التربوية تارة والتفتيش تارة أخرى، مع إدارة مدرسة إلى أن تقاعد، بعد ذلك كلف من طرف وزارة الشؤون الدينية بالتفتيش في ولاية غرداية، بعد سنتين طلب الأعفاء من ذلك لأسباب صحية وظرفية. ومازال - منذ الإستقلال إلى يومنا هذا - يواصل عمارة بيوت الله في مدينتي متليلي وغرداية بالتوجيه والإرشاد وتفسير القرآن الكريم. وقد تم له في تلك الدروس تفسير سورة البقرة مع آيات من سورة آل عمران والنساء في مجلسه قبل صلاة الجمعة وبعد صلاة الفجر. وممن أخذ عنه ابن أخته محمد العربي شايشي وغيره. له: قطوف دانية من آيات قرآنية وهو تفسير مطبوع للفاتحة وبعض قصار المفصل قال في مقدمته: ومنهجي في التفسير أن أتلو الآيات التي أقصد إليها تلاوة متأنية أحاول بها اقتناص المعاني القريبة التناول، وتحديد الآيات التي تستوجب الاستعانة ببعض كبار المفسرين ومحققيهم وعند اختلافهم أقارن بين أقوالهم محكما النقل الصحيح، والعقل الحصيف، والذوق السليم، فأستمسك بما يشهد له هذا التحكيم، وأرفض ما سواه ثم أرتب المعاني وفق ما أراه حريا بولوجها إلى أذهان المستمعين أو القراء في يسر وانسجام ثم أتوكل على الله في تسجيلها وإلقائها ونجاحها، مراعيا في الإلقاء تباين المستويات بحيث لا ينزعج المثقف بضياع وقته ولا الأمي بعسر فهمه، أما هذا التفسير المكتوب فهو موجه إلى ذوي الثقافة العامة ممن يمكنهم متابعة البحث والتحقيق ... وهو لا يختلف عن التفسير المسموع من حيث المنهجية إنما يختلف عنه من حيث الاختصار والمستوى اللغوي المرفع وتذييل كل سورة بما رأيته جديرا بلفت النظر إليه من معانيها أو مراميها أو أحكامها أو عظاتها (¬1). ¬

(¬1) قطوف دانية ص: 1، 2.

49 - أبو بكر بن الطاهر بن حجي زنيبر السلوي

49 - أبو بكر بن الطاهر بن حجي زنيبر السلوي (¬1) فقيه مالكي قاض مفسر من أهل سلا (¬2). قال ابن سودة: العلامة المطلع المشارك المقتدر الكاتب البارع، كانت له اليد الطولى في النوازل وفروع الفقه المالكي. (¬3) ولي القضاء والإفتاء. ترد عليه الوفود من جميع أنحاء المغرب لأجل الإفتاء مع التحرير. توفي ببلده مدينة سلا يوم الثلاثاء ثاني ربيع الثاني سنة ست وسبعين وثلاثمائة وألف ودفن هناك. له: إرشاد الله في تفسير القرآن مخطوط في عدة مجلدات (¬4) 50 - أبو بكر بن عبد الله بابا بن أحمد الغازي الشنقيطي (¬5) قال البرتلي: كان مفسرًا للقرآن محدثا فقيها يدرس ألفية ابن مالك، ويحفظ مقامات الحريري في اللغة، ماهرًا في العربية، له حظ في المعاني والبيان والحساب والتنجيم، شاعرًا متوسط الشعر، اشتغل في العلم من صغره وأول شبابه، ما رآه أحد من أهل العلم وتذاكر معه في العلم إلا تعجب من فهمه وحفظه واستحضاره لما يعرفه من الفنون. وكان رحمه الله تقيا، لما وقعت الفتنة في تشيت فر بدينه إلى البادية إلى قرب وفاته، ارتحل منها راجعًا لتشيت .. بيته بيت علم وصلاح ودين. أخذ عن الشريف حمي الله بن أحمد بن الإمام وغيره. أخذ عنه الشريف محمد ابن الإمام وغيره. توفي في العام التاسع بعد مائتين وألف. له: شرح ألفية الفقيه حمى الله بن محمد الأمين التشيتي الحنشي التي في ضبط الأسماء والأفعال المشتبهة الشكل في مختصر خليل. ¬

(¬1) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 767، معجم المحدثين والمفسرين 15، أعلام الفكر المعاصر 2/ 266، إتحاف المطالع (موسوعة أعلام المغرب 9/ 3320). (¬2) تقدم ضبطها والكلام عنها في ترجمة أحمد بن موسى، والنسبة إليها سلوي وسلاوي. (¬3) إتحاف المطالع (الموسوعة 9/ 3320). (¬4) معجم المفسرين 1/ 767. (¬5) مصادر ترجمته: فتح الشكور في معرفة أعيان علماء التكرور ص: 82.

51 - أبو بكر بن محمد بن عبد الله البناني الفاسي الرباطي الشاذلي

51 - أبو بكر بن محمد بن عبد الله البناني الفاسي الرباطي الشاذلي (¬1) صوفي مفسر ولد برباط الفتح (¬2) وأصله من فاس. تصوف وعلت له شهرة، ولولده فتح الله كتاب في سيرته. قال ابن سودة: الشيخ الجليل والعالم العلامة الكبير مؤسس الطريقة البنانية بالرباط. (¬3) توفي بالرباط في ضحوة يوم الأربعاء سابع عشر جمادى الآخرة سنة أربع وثمانين ومائتين وألف ودفن بزاويته بالرباط وهي شهيرة به. له في التصوف أكثر من ستين كتابا، منها: تفسير القرآن العظيم (¬4)؛ بالإشارة. ومنها: رسائله المسماة: مدارج السلوك إلى ملك الملوك، الغيث المسجم في شرح الحكم العطائية، بلوغ الأمنية في شرح حديث إنما الأعمال بالنية، بغية السالك، الفتوحات القدسية في شرح القصيدة النقشبندية، تحفة الممالك بشرح ألفية ابن مالك: بالإشارة علىطريقة القوم، الفتوحات الغيبية: تصوف، عقد الدر واللآل، حديقة الأزهار في نتائج الصمت وعلومه ومافيه من الأسرار، حكمة العجمة: وصايا ونصائح، طبقات مشايخه (¬5). 52 - بلقاسم بن محمد بن إبراهيم أبو محمد المشترائي الدكالي (¬6) نحوي أديب مفسر من فقهاء المالكية نسبته إلى دكالة (¬7) بلدة ¬

(¬1) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 1/ 110، دليل مؤرخ المغرب 591، الأعلام 2/ 70، الانبساط 28، طبقات الشاذلية 169، معجم المطبوعات 592، معجم المؤلفين 1/ 445، إتحاف المطالع (موسوعة أعلام المغرب 7/ 2633). (¬2) رباط الفتح أو رباط سلا أو الرباط: مدينة كبيرة أسسها المنصور الموحدي تقع على البحر من جهة وعلى نهر أبي رقراق من جهة أخرى (انظر وصف إفريقيا 1/ 201، تاريخ رباط الفتح ص: 6، 49، 51). (¬3) إتحاف المطالع (الموسوعة 7/ 2633). (¬4) معجم المفسرين 1/ 110. (¬5) انظر الأعلام 2/ 70. (¬6) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 767، دوحة الناشر 45، جذوة الاقتباس 319، مجلة البحث العلمي 7/ 264، المغرب عبر التاريخ 2/ 460. (¬7) دكالة: - بضم الدال المهملة وتشديد ثانيه - (وضبطها ياقوت بالفتح، انظر: معجم البلدان 2/ 523) ناحية كبيرة بالمغرب تابعة لمملكة مراكش، تمتد مسيرة نحو أربعة أيام طولا ويومين عرضا ومن مدنها أسفي وقنط وتيط والمدينة ومائة بير وتمراكشت وآزمور وغيرها. (انظر وصف إفريقيا 1/ 147 - 160).

53 - جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري

بالمغرب كان من أئمة القراءات. قال أبو العباس المنجور المفسر (¬1) عنه: كان من الأساتيذ المعتبرين، عارفا بعلوم القرآن أداة ورسما وتفسيرا، وكان ينقل في التفسير كلام فارسي التفسير: ابن عطية، والزمخشري، ويضيف إلى ذلك من كلام السفاقسي وغيره. توفي سنة ثمان وسبعين وتسعمائة. 53 - جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري (¬2) مفسر داعية معاصر غلبت عليه الكنية فعرف بأبي بكر الجزائري ولد بقرية ليوة على أربعين كيلو مترا من بكرة التي يدعونها عروس الجنوب الجزائري سنة أربعين وثلاثمائة وألف. وأبواه جزائريان من أسرتين محافظتين مشهورتين بالصلاح ويكثر فيهما حفظ القرآن وقد توارث آباؤه تعليم كتاب الله في تلك البيئة وانفرد والده من بينهم بالتصوف. نشأ يتيما إذ توفي والده وهو في السنة الأولى فكان في حضانة أمه مكفولا من قبل أخواله وأعمامه. بدأ دراسته في قريته فكان حفظه للقرآن الكريم باكورة زاده من العلم ثم أضاف إليه حفظ الأجرومية في النحو ومنظومة ابن عاشر في الفقه المالكي ومن ثم انتقل إلى بكرة التي سبق الإشارة إليها فدرس على أحد شيوخها نعيم النعيمي وفي أثناء ذلك قدم قرية ليوة شيخ فاضل يسمى عيسى معتوقي فعاد إليها ليدرس عليه العربية والمنطق ومصطلح الحديث وأصول الفقه، وكان الشيخ قد دخل في هذه الفترة مرحلة الشباب فرحل إلى العاصمة ليعمل مدرسا في إحدى المدارس الأهلية، وهناك بدأت مرحلة جديدة في حياته إذ جمع إلى عمله في التدريس مواصلة الدراسة على الشيخ الطيب العقبي من إخوان العلامة المجاهد الكبير المفسر ابن باديس (¬3)، وكان للعلامة العقبي شهرته أثناء ذلك في ميادين العلم والإصلاح فلزم دروسه في التفسير طوال سنوات فكان لهذه الملازمة أثرها الكبير في شخصيته إذ يعتبره من أفاضل مشايخه والموجه الأكبر لسلوكه في النهج الإسلامي الصحيح ثم جاءت ¬

(¬1) هو أحمد بن علي: تقدمت ترجمته. (¬2) مصادر ترجمته: علماء ومفكرون عرفتهم 1/ 27، معجم المطبوعات العربية 1/ 248، الاتصال به شخصيا. (¬3) هو عبد الحميد تأتي ترجمته.

هجرة الشيخ إلى الحجاز فيما بعد فاستأنف هناك مسيرته في طلب العلم والتعليم جميعا. وقد لازم في المدينة حلقات المشايخ: عمر بري ومحمد الحافظ ومحمد الخيال ورئيس قضاتها وخطيب مسجدها النبوي الشيخ عبد العزيز بن صالح. وكان في أثناء ذلك قد سجل انتسابه إلى كلية الشريعة بالرياض ونال شهادتها العالية الليسانس سنة إحدى وثماثين وثلاثمائة. وحصل على إجازة من رئاسة القضاة بمكة المكرمة للتدريس بالمسجد النبوي حيث لايزال يقوم بهذه المهمة حتى وقتنا الحالي. والشيخ معروف بمنافحته الشديدة عن العقيدة السلفية ويعتبره الصوفية من ألد أعدائهم لفضحه عقائدهم وترهاتهم على رءوس الأشهاد في دروسه العامة والخاصة، وهو صاحب تأثير خاص في الناس عن طريق الوعظ وحلقته في ذلك من أكبر الحلقات وقد استفاد منه الكثير نفع الله به ومد في عمره. وللشيخ مساهمة في الحياة السياسية متأثرا بالاحتلال الفرنسي للجزائر وقد أصدر صحيفتين هناك إحداهما تحمل اسم الداعي والأخرى تحمل اسم اللواء. وقد انبرى الشيخ لتدريس التفسير ضمن دروسه في المسجد النبوي التي تذاع غبا بإذاعة القرآن الكريم من المملكة العربية السعودية. وقد التقيت به عدة مرات وأخبرني أنه استمر في تدريس التفسير في المسجد النبوي طيلة خمس وأربعين سنة ختم خلالها القرآن أربع مرات وهو الآن في الختمة الخامسة. وله العديد من المؤلفات، منها: أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير وهو مطبوع في أربعة مجلدات كبار. ووضع له حاشية سماها: نهر الخير طبعت بهامشه. قال حفظه الله في مقدمة تفسيره: نظرا لليقظة الإسلامية اليوم فقد تعين وضع تفسير سهل ميسر يجمع بين المعنى المراد من كلام الله، وبين اللفظ القريب من فهم المسلم اليوم. تبين فيه العقيدة السلفية المنجية، والأحكام الفقهية الضرورية، مع تربية ملكة التقوى في النفوس، بتحبيب الفضائل وتبغيض الرذائل، والحث على أداء الفرائض واتقاء المحارم، مع التجمل بالأخلاق القرآنية والتحلي بالآداب الربانية.

54 - جعفر بن إدريس الحسني أبو المواهب وأبو الفضل الكتاني

وذكر أن مراجع هذا التفسير أربعة وهي جامع البيان لابن جرير، وتفسير الجلالين، وتفسير المراغي، وتيسير الكريم الرحمن لابن سعدي. ثم قال: إنه نظرا إلى حاجة طالب العلم إلى المزيد من المعرفة وضعت هذه الحاشية التي هي أشبه بتعليق على أيسر التفاسير وأسميتها نهر الخير، أودعت فيها مع مراعاة الاختصار بعض مايرغب طالب العلم في معرفته والحصول عليه من شاهد لغة أو بيان أو أثر جميل أو مستند حديث جليل أو كشف عن وجه لآية ذات وجوه، أو الوقوف على سر من أسرار القرآن، أو عجيبة من عجائب القرآن التي لاتنقضي بمرور الزمان، ولا تنتهي بتعاقب الملوان. وأهم من ذلك تصويب رأي، أو تصحيح خطأ وقعا في التفسير، مع إزالة إبهام، أو إضافة بعض الأحكام (¬1). وله أيضا: رسالة في الفقه المالكي عنوانها الضروريات الفقهية، وكتاب الدروس الجغرافية وقد ألفهما لطلاب المدرسة التي كان أحد معلميها في الجزائر وله سلسلة كتيبات يسميها رسائل الجزائري طبع منها أكثر من ثلاث وعشرين رسالة مطبوعة في الإسلام والدعوة نذكر منها: رسالة لا إله إلا الله، الصيام، الحج المبرور، الأخلاق، الدستور الإسلامي وقد جمعت كلها في مجلد واحد كبير. ومن الرسائل الأخرى المستقلة: كيف يتطهر المؤمن ويصلي، اتقوا الله في هذه الأمة، إلى الفتاة السعودية، هؤلاء هم اليهود، نصيحتي إلى كل أخ شيعي، القضاء والقدر، عقيدة المؤمن، الدولة الإسلامية. وأحب مؤلفاته إليه هو منهاج المسلم وهو مجلد كبير فقهي. وله كتاب: المسجد وبيت المسلم، عبارة عن دروس بعدد أيام السنة للمساجد والبيوت، وله كتاب في السيرة جمعه باختصار من المصادر الأصلية سماه: هذا الحبيب يا محب. 54 - جعفر بن إدريس الحسني أبو المواهب وأبو الفضل الكتاني (¬2) محدث نسابة صوفي من فقهاء المالكية. ولد بفاس سنة خمسين ومائتين ¬

(¬1) مقدمة أيسر التفاسير 1/ 5، 7، 8. (¬2) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 768، رياض الجنة 1/ 173، فهرس الفهارس 1/ 186، شجرة النور 1/ 433، معجم المطبوعات 1545، الأعلام الشرقية 2/ 92، الأعلام 2/ 115، معجم المؤلفين 3/ 133، الفكر السامي 4/ 141، إتحاف المطالع (موسوعة أعلام المغرب 8/ 2840).

55 - الحسن بن علي بن محمد أبو علي المسيلي

وألف، ويقال: خمسة وأربعين. قال عنه مخلوف: العلامة المحدث النظار الذي لا يجارى بعلمه وفهمه في كل مضمار، بيته بفاس معروف بالصلاح والعلم والعدالة والسؤدد والجلالة (¬1). أخذ عن جماعة منهم أبو بكر بن الطيب بن كيران وعبد الهادي التهامي ومحمد بن حمدون بن الحاج وأحمد المرنيسي ومحمد بن الطالب بن سودة وأخوه المهدي ومحمد ابن عبد الرحمن المدغري. وعنه أخذ أئمة منهم ابنه محمد وابن أخته عبد الحي الكتاني. توفي بفاس عشية يوم الجمعة حادي وعشري شعبان سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة وألف، ودفن داخل قبة الشيخ دراس بن إسماعيل بالقباب خارج باب الفتوح، ولما بلغت وفاته مكة صلي عليه بالمسجد الحرام صلاة الغائب. قاربت مؤلفاته المائة ومنها: تفسير الفاتحة (¬2). وله أيضا: الشرب المحتضر في أهل القرن الثالث عشر، إعلام الأئمة الأعلام وأساتيذها بما لنا من المرويات وأسانيدها: ختمه بسلاسل الطرق الصوفية التي أخذ عنها، مولد نبوي، حواش على الصحيح، حاشية على الترمذي، الرياض الربانية في الشعبة الكتانية، شرح على همزية والده في المدائح النبوية (¬3). 55 - الحسن بن علي بن محمد أبو علي المسيلي (¬4) عالم جزائري أصولي متكلم من فقهاء المالكية نسبته إلى المسيلة. (¬5) نشأ في مدينة بجاية (¬6)، وولي قضاءها مدة وكان ينعت بأبي حامد الصغير تشبيها له بأبي حامد الغزالي لتأليفه كتابه التفكر الآتي ذكره على نسق إحياء علوم الدين. ¬

(¬1) الشجرة 1/ 433. (¬2) معجم المفسرين 2/ 768. (¬3) فهرس الفهارس 1/ 187. (¬4) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 769، معجم أعلام الجزائر 299، عنوان الدراية 13، نيل الابتهاج 104، أنس الفقير 34، تعريف الخلف 1/ 59، الأعلام 2/ 203، معجم المؤلفين 3/ 62. (¬5) انظر ترجمة أحمد بن محمد المسيلي المتقدم. (¬6) سبق ضبطها وتحديد موقعها وقد وهم الزركلي في قوله (بالأندلس).

56 - الحسن - ويقال: الأحسن - بن محمد بن بوجمعة أبو علي البيضاوي البوعقيلي أو البعقيلي

وكان معاصرا للفقيه عبد الحق الإشبيلي. توفي ببجاية نحو سنة ثمانين وخمسمائة. له: التفكر فيما تشتمل عليه السور والآيات من المبادئ والغايات. (¬1) وله أيضا: التذكرة في علم أصول الدين، النبراس في الرد على منكري القياس. (¬2) - حسن بن علي الرجراجي (¬3) 56 - الحسن - ويقال: الأحسن - بن محمد بن بوجمعة أبو علي البيضاوي البوعقيلي أو البعقيلي (¬4) فاضل مغربي سوسي، فقيه متصوف أصولي مفسر مشارك. أصله من بعقيلة في سوس بالمغرب الأقصى ولد سنة إحدى وثلاثمائة وألف تعلم بها ثم بفاس. سكن الدار البيضاء وتوفي بها سنة ثمان وستين وثلاثمائة. قال المختار السوسي: من أعظم مزايا المترجم أنه يشتغل دائما بقلمه فقها وأصولا وتاريخا وتفسيرا وحديثا فقد طبع من مؤلفاته واحد وعشرون كتابا في مطبعته الخاصة زيادة على كتب سوسية متنوعة نشرها (¬5). من كتبه: تفسير القرآن وهو مطبوع (¬6) وله أيضا: أنساب شرفاء سوس، إيضاح الأدلة بأنوار الأئمة. (¬7) 57 - الحسن بن مسعود بن محمد بن علي بن يوسف بن داود بن يدراسن بن يلنتي أبو علي نور الدين اليوسي (¬8) البوحديوي المراكشي (¬9) ¬

(¬1) معجم المؤلفين 1/ 573. (¬2) الأعلام 2/ 203. (¬3) انظر حسين بن علي. (¬4) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 1/ 147، الأعلام 2/ 185، 222، دليل مؤرخ المغرب 88، سوس العالمة 208، 218 واسمه فيه: الحاج الأحسن الباعقيلي، معجم المؤلفين 1/ 542، المعسول 11/ 155. (¬5) المعسول 11/ 185. (¬6) معجم المفسرين 1/ 147، الأعلام 2/ 185. (¬7) الأعلام 2/ 185. (¬8) اليوسي: أصله اليوسفي نسبة إلى يوسف جدهم إلا أنهم يسقطون الفاء في لغتهم (انظر صفوة من انتشر 206). (¬9) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 770، معجم المحدثين والمفسرين 19، النبوغ المغربي 285، الاستقصا 4/ 51، صفوة من انتشر 206، شجرة النور 1/ 328، فهرس الفهارس 2/ 1154، سلوة الأنفاس 3/ 81، اليواقيت الثمينة 1/ 123، دليل مؤرخ المغرب 1/ 89، هدية العارفين 1/ 296، الأعلام 2/ 223، معجم المطبوعات 1959، نشر المثاني وتذكرة المحسنين (موسوعة أعلام المغرب 5/ 1801، 1822)، معجم المؤلفين2/ 593، عجائب الآثار 1/ 68، بروكلمان 2/ 455، ملحق: 2/ 675 وانظر: عبقرية اليوسي لعباس الجراري، المحاضرات للمترجم تحقيق: د. محمد حجي، أحمد الشرقاوي. وطبع في باريس بالفرنسية للمستشرق جاك برك كتاب: اليوسي وقضايا الثقافة المراكشية في القرن السابع عشر. قال الزركلي: يجدر بالناشرين ترجمته إلى العربية ونشره.

من كبار فقهاء المالكية ونابغة علماء عصره ولد سنة أربعين وألف. نسبته إلى قبيلة آيت يوسي من آيت بوحدوا من قبائل البربر. تنقل في الأمصار وأخذ عن علماء سجلماسة ودرعة وسوس ومراكش ودكالة، ثم عاد إلى الزاوية ودرس بها وانتقل إلى فاس فتصدر للتدريس بالقرويين ثم خرج إلى البادية واستوطن قبيلته ودرس بها فانتشرت عنه فنون المعارف في قبائل المغرب. قال مخلوف: شيخ مشايخ المغرب على الإطلاق الإمام الذي وقع على علمه وصلاحه الاتفاق. أخذ عن الشيخ محمد بن ناصر وعبد الله التجمعوتي وعبد القادر الفاسي وجماعة، وعنه كثرة منهم أبو العباس أحمد بن مبارك المفسر (¬1) وأبو سالم العياشي وأبو الحسن النوري وأبو عبد الله التازي (¬2). ينعت بغزالي عصره وقال العياشي فيه: من فاته الحسن البصري يصحبه ... فليصحب الحسن اليوسي يكفيه (¬3) قيل: مكث في تفسير الفاتحة بمراكش قريبا من ثلاثة أشهر (¬4). رحل إلى مصر والحجاز ومكث بمصر أربعة أشهر وقال بعدما رجع من حجته: ما بقي بالبلاد المشرقية من تشد له الرحال في طلب العلم. ورد عليه ¬

(¬1) سبقت ترجمته. (¬2) الشجرة 1/ 328. (¬3) الأعلام 2/ 223. (¬4) انظر نشر المثاني (الموسوعة 5/ 1818).

58 - حسين بن أحمد بن حسين أبو محمد التونسي

الكتاني (¬1). توفي في قريته عقب قفوله من الحج يوم الاثنين خامس عشر ذي الحجة من سنة اثنتين ومائة وألف (¬2) ودفن بإزاء داره في تمزيزيت بقرب صفرو. ألف كتابه المحاضرات قال الكتاني: وكأنه في ترجمة نفسه ألفه، بسبب ما كان وقع بينه وبين أبي زيد عبد الرحمن بن عبد القادر الفاسي لما افتتح التفسير بالقرويين، والكتاب المذكور كاف في معرفة مقدار تصرفه وسيلان قلمه الزاخر، وأود لو وفق للتصنيف في التفسير ... (¬3) وله: زهر الأكم في الأمثال والحكم، حاشية على مختصر السنوسي، شرف العام والخاص في كلمة الإخلاص، قانون العلوم، الكوكب الساطع في شرح جمع الجوامع، ديوان شعر، وغير ذلك. 58 - حسين بن أحمد بن حسين أبو محمد التونسي (¬4) عالم تونس ومفتيها في عصره قال مخلوف: ختمت بعصره أعصر العلماء الأعلام وأصبحت عوارفه كالأطواق في أجياد الليالي والأيام آية الله تعالى في التفسير والمعجزة الظاهرة في التحرير والتقرير ... أخذ عن والده رئيس المفتين وعن العفيف والشاذلي بن صالح وغيرهم. وعنه مخلوف وحمودة تاج وأخوه عبد العزيز وأحمد بيرم ومحمد الصادق النيفر وجماعة. تولى الفتيا وتوفي وهو عليها سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة وألف ورثاه حمودة تاج بقصيدة نحو أربعين بيتا أولها: يبادر وهمي سائلا هل أتى الأمر ... وهل كورت شمس الهدى أو هوى البدر (¬5) 59 - الحسين بن علي بن طلحة الرجراجي ثم الشوشاوي، أبو عبد الله السملالي (¬6) مفسر مغربي، مقرئ فقيه من بلاد السوس. توفي بتارودنت، سنة ¬

(¬1) فهرس الفهارس 2/ 1157. (¬2) وقيل إحدى عشرة وقال الكتاني: هو غلط، وفي دليل مؤرخ المغرب: 1107 هـ. (¬3) فهرس الفهارس 2/ 1160. (¬4) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 770، شجرة النور 1/ 417. (¬5) الشجرة 1/ 418. (¬6) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 771، معجم المحدثين والمفسرين 19، الأعلام 2/ 247، النبوغ المغربي 216، طبقات الحضيكي 1/ 186، معجم المؤلفين 1/ 568، 576 وفيه السحلالي بالحاء المهملة، نيل الابتهاج 110 وفيه اسمه: حسن.

60 - الحسين بن محمد ابن العنابي الجزائري

تسع وتسعين وثمانمائة ودفن برأس وادي سوس. له تصانيف، منها: الفوائد الجميلة على الآيات الجليلة: مباحث في نزول القرآن وكتابته (¬1). وله أيضا: نوازل: في فقه المالكية، شرح مورد الظمآن، شرح تنقيح القرافي (¬2). 60 - الحسين بن محمد ابن العنابي الجزائري (¬3) مفسر واسع المعرفة في علوم الشريعة من فقهاء الحنفية نسبته إلى مدينة عنابة في الجزائر على البحر المتوسط. سكن مدينة الجزائر العاصمة وولي الإفتاء فيها أربع مرات وتوفي بها سنة خمسين ومائة وألف. له: تفسير القرآن. 61 - حم بن أحمد بن السوقي الشنقيطي (¬4) قال البرتلي: كان عالمًا عاملاً بعلمه، زاهدًا ورعًا تقيًا سخيًا، متفننًا في العلوم العقلية والنقلية، شيخ في علوم التفسير واللغة العربية والحديث. قال عنه محمود الكلادي: محمد الأمين سمعته عن بعض أشياخي يحكي عن الشيخ محمد أحمد أخي صاحب الترجمة أنه قال: إن أخاه لا تصح إمامته، لأنه لا يقدر أن يقرأ القرآن إلا ممزوجًا بالتفسير. وكان مع كونه حبرا نبيلا في العلم لايقضي بين خصمين أبدا، فأتاه يوما خصمان فأعرضا (كذا) عليه خصومتهما، فأبى أن يقضي بينهما، فلازماه حتى أيسا منه وانصرفا، فحينئذ تناول الكتاب فأرى المسألة بعينها للحاضرين، وقال لهم: لا يقع في وهمهما أني إنما منعت لأني أرجو أن ألقى الله وأنا لم أقض بين اثنين. ¬

(¬1) منه نسخة في الظاهرية بدمشق، ومنه نسخ بالأزهرية والخزانة العامة بالرباط ودار الكتب الوطنية بتونس والتيمورية بمكتبة الدولة ببرلين ومتحف الجزائر وجاريت يهودا (فهرس علوم القرآن بالظاهرية 383، بروكلمان 2/ 322، الفهرس الشامل 1/ 509). (¬2) نيل الابتهاج 110. (¬3) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 1/ 160، معجم أعلام الجزائر 244، المجلة الإفريقية 1867. (¬4) مصادر ترجمته: فتح الشكور في معرفة أعيان علماء التكرور ص: 94.

62 - حمدون بن عبد الرحمن بن حمدون بن عبد الرحمن أبو الفيض السلمي المرداسي الفاسي ابن الحاج الفاسي

ومن ورعه أنه لم يفسر كتابا حتى يحضر شرحه ولو كان من الكتب التي إنما يتناولها الناس في العادة النساء والصبيان. فأتاه يوما تلميذ بكتاب يريد قراءته، فقال أحضر شرحه، فقال له التلميذ يا سيدي هذا الكتاب للنساء والصبيان يفسرونه بالشرح، فقال له الشيخ اذهب إلى النساء والصبيان يفسروها (كذا) لك، وأما أنا فلا أفسره حتى يحضر شرحه. ومنها أنه لم يتزوج قط، فقيل له في ذلك فقال: أخاف أن لا أوفي بحقوق الزوجية. توفي عام سبعة ومائتين وألف. 62 - حمدون بن عبد الرحمن بن حمدون بن عبد الرحمن أبو الفيض السلمي المرداسي الفاسي ابن الحاج الفاسي (¬1) مفسر محدث فقيه مالكي صوفي أديب مشارك في أنواع من العلوم ولد بفاس سنة أربع وسبعين ومائة وألف. عرفه السلاوي بالأديب البليغ صاحب التآليف الحسنة والخطب النافعة (¬2). وقال عنه ابن سودة: الشيخ الشهير رئيس المنطوق والمفهوم المفسر المحدث الأديب الشاعر المطلع. (¬3) ولي حسبة فاس ثم قيادة قبائل الغرب ثم عزل نفسه واشتغل بالتدريس والتأليف. ولابنه محمد الطالب كتاب في ترجمته سماه: (رياض الورد إلى ما انتهى إليه هذا الجوهر الفرد) (¬4) أخذ عن الشيخ الطيب بن كيران والتاودي والبناني واليازعي وابن شقرون وعنه ابناه محمد الطالب ومحمد والشيخ الكوهن وغيرهم (¬5). ولعبد الله كنون رسالة في ترجمته بعنوان: ابن الحاج الفاسي. ¬

(¬1) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 1/ 164، شجرة النور 1/ 379، سلوة الأنفاس 3/ 4، اليواقيت الثمينة 1/ 124، الاستقصا 4/ 151، معجم المؤلفين 1/ 654، فهرس الخزانة الحسنية رقم 585، 660، 670، 677، 986، الأعلام 2/ 275، إتحاف المطالع وتذكرة المحسنين (موسوعة أعلام المغرب 7/ 2499، 2500). (¬2) الاستقصا 4/ 151. (¬3) إتحاف المطالع (الموسوعة 7/ 2499). (¬4) إتحاف المطالع (الموسوعة 7/ 2499)، الأعلام 2/ 275. (¬5) الشجرة 1/ 379.

63 - ربيع بن سليمان بن عطاء الله أبو سليمان القرشي النوفلي القطان

توفي عشية يوم الاثنين سابع ربيع الثاني سنة اثنتين وثلاثين ومائتين ودفن بروضة العلماء بالقباب. ومن تصانيفه: حاشية على تفسير أبي السعود تفسير سورة الفرقان (¬1) تفسير آيات من القرآن الكريم. تفسير سورة الإخلاص. تقييد في قوله تعالى: {ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون} تفسير قوله تعالى: {واضرب لهم مثلاً أصحاب القرية} (¬2) تقييد على قوله تعالى: {تلك حدود الله} (¬3). تأليف في قوله تعالى: {وآية لهم الليل نسلخ منه النهار} (¬4) وله أيضا: منظومة في السيرة على نهج البردة، في أربعة آلاف بيت، وشرحها في خمس مجلدات، أرجوزة في المنطق، مقصورة في علمي العروض والقوافي، ونظم الحكم العطائية، حاشية على مختصر السعد، المقامات الحمدونية، الثمر المهتصر من روض المختصر، ديوان شعر، نفحة المسك الداري لقارئ صحيح البخاري (¬5). 63 - ربيع بن سليمان بن عطاء الله أبو سليمان القرشي النوفلي القطان (¬6) من أهل القيروان مولده سنة ثمان وثمانين ومائتين كان له حانوت يبيع فيه القطن ويأتيه إليه الناس ويسألونه في بعض العلوم. وحج سنة أربع وعشرين وثلاثمائة، فلما عاد انصرف إلى علم (الباطن) والنسك والعبادة، فكانت له حلقة في جامع القيروان يجتمع إليه فيها أهل طريقته. ¬

(¬1) الأعلام 1/ 175. (¬2) الآية الأولى: الزخرف: 60، الآية الثانية: يس: 13، ومنها كلها نسخ بالخزانة الحسنية. (¬3) البقرة 187وغيرها، ومنه نسخة بالخزانة الحسنية ونسخة بالخزانة العامة بالرباط (انظر الفهرس الشامل 2/ 802). (¬4) يس 37، ومنه نسخة بالخزانة االعامة بالرباط (انظر الفهرس الشامل 2/ 802). (¬5) الأعلام 2/ 275، معجم المؤلفين 2/ 654. (¬6) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 1/ 176، معجم المفسرين 1/ 189، طبقات الخشني ص: 179، المدارك 5/ 310، المعالم 3/ 35، رياض النفوس 2/ 323، تراجم المؤلفين 4/ 92، القراءات بإفريقية 297، مدرسة الحديث بالقيروان 2/ 576، الأعلام 3/ 15، الشجرة 2/ 83.

قال القاضي عياض: شعره كثير وخطبه ورسائله كثيرة معقده مشكلة على طرائق كلام الصوفية ورموزهم (¬1). كان من الفقهاء المعدودين، والعباد المجتهدين، والنساك، أهل الورع والدين، عالماً بالقرآن وقراءته وتفسيره ومعانيه، حافظاً للحديث عالما بمعانيه، وعلله وغريبه ورجاله، حافظاً للفقه، حسن الكلام على معانية، قوياً على المناظرة حافظاً للمدونة وغيرها، معتنياً بالمسائل والفقه، كانت له بجامع القيروان حلقة يحضرها أبو القاسم بن شبلون وغيرهما، أيام أبي يزيد (¬2). قال المالكي: كان حافظا لكتاب الله قارئا له بالروايات عالما بتفسيره ومعانيه وغريبه. (¬3) وكان تفقه عند أحمد بن نصر ولازمه، وصار من كبار أصحابه، وكان عالماً بالوثائق حسن الخط، أخذها عن ابن زياد، وأخذ النحو واللغة عن أبي علي المكفوف، وغيره. سمع أحمد بن زياد، وابن اللباد، والتمار، والفضل، وابن نصر، وابن أبي زاهر، وأبا محمد ابن رشد، وأبا محمد ابن زيد المقرئ وغيرهم وبمصر من مأمون وبمكة من ابن شذان الجلاب، وغيره. وكان يؤلف الخطب والرسائل ويقول الشعر، وكان لسان أفريقية في وقته في الزهد والرقائق. ومن ورعه أنه كان يكره أن يستضيء بسراج نصبه إنسان بموضع لايجوز له نصبه فيه. وكان أبو محمد ابن التبان يحبه محبة عظيمة ويعظمه ويكرمه ويحسن الثناء عليه. كان في أول عمره شديد الطلب للعلم كثير الحرص فلما تفقه أقبل على العبادة وترك دراسة العلم وأكثر الناس فيه الأقاويل. وكان قد نحل جسمه ورق عظمه حتى صار كالعود اليابس من صيام النهار وقيام الليل. وكان يصنع الشعر ويجيده على معاني أهل النسك المترققين. قال أبو علي حسن بن فتحون: كنت عنده يوما حتى ذكر من بعض كرامات الأولياء ما ¬

(¬1) المدارك 5/ 315. (¬2) انظر المدارك 5/ 315، طبقات المفسرين 1/ 176. (¬3) رياض النفوس 2/ 324.

64 - رمضان أبو عصيدة الصفاقسي

هالني ذكره وتردد في قلبي خطره فنطق وقال: {قالوا أتعجبين من أمر الله} (¬1) فأزال الله ما كان بقلبي (¬2). قتل شهيداً بالوادي المالح في حصار المهدية في خروجه مع أبي يزيد الخارجي ضد دولة بني عبيد وكان له دور كبير في تحريض المؤمنين على القتال وكان قد علق المصحف في عنقه وأقبل وهو يطعن في بني عبيد ويضرب وهم يتوقفون عن طعنه طمعا في أن يأخذوه حيا فلما أثخنهم بالضرب والطعن حمل عليه جماعة منهم فقتلوه مقبلا غير مدبر وذلك يوم الاثنين من صفر سنة أربعة وثلاثين وثلاثمائة. 64 - رمضان أبو عصيدة الصفاقسي (¬3) الإمام الفقيه المحدث المفسر. أخذ عن الشيخ النوري وغيره. وعنه الشيخ مقديش وانتفع به. وفي رحلة الشيخ أحمد بن ناصر عند ذكره مرور الركب على قابس سنة عشر ومائة والف ذكر اجتماعه بابني الشيخ النوري أحمد ومحمد ورمضان المذكور جاءوا للسلام عليه نيابة عن الشيخ النوري وأجاز ثلاثتهم. توفي سنة نيف وسبعين ومائة وألف. 65 - زيدان بن أحمد (المنصور بالله) بن محمد الشيخ المهدي بن عبد الله (القائم بأمر الله) أبو المعالي السعدي (¬4) من آل زيدان من ملوك دولة الأشراف السعديين بمراكش، يلقب بالذهبي. كان عالما بالتفسير والفقه عارفا بالأدب. وقال البغدادي: كان عالما عادلا مالكي المذهب. (¬5) كان في أيام أبيه مقيما بتادلا أميرا عليها وبويع له بفاس بعد وفاة والده سنة اثنتي عشرة وألف ¬

(¬1) هود: 73. (¬2) رياض النفوس 2/ 331. (¬3) مصادر ترجمته: شجرة النور 1/ 346. (¬4) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 1/ 199، اليواقيت الثمينة 1/ 154، إتحاف أعلام الناس 3/ 67، الاستقصا 3/ 98، هدية العارفين 1/ 376، الأعلام 3/ 62، معجم المؤلفين 2/ 740، تذكرة المحسنين (موسوعة أعلام المغرب 3/ 1283). (¬5) هدية العارفين 1/ 376.

66 - سعيد بن سليمان الكرامي أبو عثمان السملالي

بعهد منه وانتقض عليه أخواه أبو فارس ومحمد المأمون فحارباه وهزما جيشه فلحق بتلمسان وجعل ينتقل بين سجلماسة ودرعة والسوس ومعه فلول من جيشه يدعو الناس إلى مناصرته على أخويه حتى استجاب له أهل مراكش فنادوا به سلطانا سنة خمس عشرة وألف ولكن لم يلبث أن أخرجه منها أخوه المأمون سنة ست عشرة وألف فلجأ إلى الجبال مدة يسيرة وعاد فامتلك مراكش في السنة نفسها وقويت شوكته فاستولى على فاس سنة سبع عشرة، وأخرجه منها أنصار المامون بعدها بسنة واستمر السلطان زيدان مالكا مراكش وأطرافها إلى أن توفي بها سنة سبع وثلاثين وألف. له: تفسير القرآن: حاشية على تفسير الزمخشري. (¬1) وله نظم (¬2). 66 - سعيد بن سليمان الكرامي أبو عثمان السملالي (¬3) من حفدة أبي بكر ابن العربي المعافري المفسر دفين فاس فقيه مالكي، له علم بالأدب، من أهل سوس بالمغرب. توفي سنة اثنتين وثمانين وثمانمائة. صنف تآليف كثيرة، منها: مشكلات القرآن. (¬4) وله أيضا: شرح الرسالة القيروانية، شرح ألفية ابن مالك، شرح البردة، شرح مختصر ابن الحاجب. 67 - سعيد بن محمد بن صبيح ابن الحداد أبو عثمان القيرواني النحوي (¬5) ¬

(¬1) انظر المغرب عبر التاريخ 2/ 460. (¬2) الأعلام 3/ 62. (¬3) مصادر ترجمته: الأعلام 3/ 95، خلال جزولة 2/ 84، سوس العالمة 178، درة الحجال 2/ 472 (وفيه توفي 899). (¬4) مخطوط مختصر، عند الفقيه بريك بن عمر في قرية تغللو (بالسوس) ضمن مجموع (انظر الأعلام 3/ 95). (¬5) مصادر ترجمته: طبقات الخشني 148، 198، رياض النفوس 2/ 57، معالم الإيمان 2/ 295، مرآة الجنان 2/ 240، سير أعلام النبلاء 14/ 205، المدارك 5/ 78، تراجم المؤلفين 2/ 105، أعلام الفكر الإسلامي 37، أعلام الموقعين 1/ 27، العبر 2/ 122، شذرات الذهب 2/ 238، طبقات النحويين 239، إنباه الرواة 2/ 53، البيان المغرب 1/ 172، معجم المؤلفين 1/ 769، بغية الوعاة 1/ 579، 589، روضات الجنات ص: 314، الوافي بالوفيات15/ 179، 256، الأعلام 3/ 100، مدرسة الحديث بالقيروان 2/ 604، العمر 1/ 1 / 371.

الغساني مولاهم (¬1). مناظر قوي الحجة في علوم الدين واللغة من أهل القيروان، شيخ المالكية. ولد سنة تسع عشرة ومائتين وقيل: سبع عشرة. والحداد جده لأمه. قال الذهبي: أحد المجتهدين وكان بحرا في الفروع ورأسا في لسان العرب بصيرا بالسنن (¬2). سمع من سحنون واختص به، ومن أبي سنان وأبي الحسن الكوفي بطرابلس، وسمع منه ابنه وأبو العرب وأحمد بن موسى التمار (¬3). كان كثير الرد على أهل البدع والمخالفين للسنة من معتزلة وخوارج وشيعة واشتهر بجدله مع بعض علماء الدولة الفاطمية (العبيدية) في بدء قيامها. وله في ذلك أخبار وتصانيف. قال الخشني: أخبرني بعض أصحابه أنه سمعه يقول: ما حرف من القرآن إلا وأعددت له جوابا ولكن لم أجد سائلا. قال وكان مذهبه النظر والقياس والاجتهاد، لايتحلى بتقليد أحد من العلماء ويقول: إنما أدخل كثيرا من الناس إلى التقليد نقص العقول ودناءة الهمم (¬4). كان يحط على المالكية ويسمى المدونة: المدودة. فسبه المالكية وقاموا عليه، ثم اغتفروا له ذلك وأحبوه لما ناظر الشيعي داعي بني عبيد. (¬5) ولم يخف رحمه الله سطوة بني عبيد حتى قال له ولده: اتق الله في نفسك، ولا تبالغ في مناظرة الرجل. فقال: حسبي من له غضبت وعن دينه ذببت. (¬6) ومناظراته مع العبيدي فيها تعلق بالتفسير ومن ذلك قول العبيدي له: فاذكر من عام القرآن وخاصه شيئا. قال: قلت: قال تعالى {ولا تنكحوا المشركات} (¬7) فاحتمل المراد بها العام فقال تعالى {والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم} (¬8) فعلمنا أن مراده بالآية الأولى خاص، أراد: ولا تنكحوا المشركات غير الكتابيات من قبلكم حتى يؤمن. قال: ومن ¬

(¬1) رياض النفوس 2/ 57. (¬2) السير 14/ 205. (¬3) المدارك 5/ 78. (¬4) الطبقات 148. (¬5) الأعلام 3/ 100. (¬6) انظر السير 14/ 206. (¬7) البقرة: 221. (¬8) المائدة: 5.

68 - سعيد بن محمد بن محمد بن محمد العقباني التلمساني أبو عثمان التجيبي

هن المحصنات؟ قلت: العفائف. قال: بل المتزوجات. قلت: الإحصان في اللغة الإحراز. فمن أحرز شيئا فقد أحصنه ... .. والتزويج يحصن الفرج لأنه أحرزه عن أن يكون مباحا، والعفاف إحصان الفرج. قال: ماعندي الإحصان إلا التزويج. قلت له: منزل القرآن يأبى ذلك. قال {ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها} (¬1) أي أعفته، وقال: {محصنات غير مسافحات} (¬2) أي عفائف ... (¬3) توفي رحمه الله في ذي القعدة سنة اثنتين وثلاثمائة، ودفن بمقبرة باب سلم وقبره معروف (¬4). وخرج البريد سحرا يبشر بموته أمير بني عبيد. ومن مؤلفاته: إيضاح (أو توضيح) المشكل في القرآن: وهو في توضيح معاني القرآن الكريم. (¬5) وله أيضا: معاني الأخبار: وهو شرح لمجموعة أحاديث بأسانيده، عصمة النبيين، المقالات، الأمالي جمع فيه بين الفقه والحديث وعلق فيه على بعض مسائل المدونة، كتاب الرد على الشافعي، كتاب الاستواء، العبادة الكبرى والصغرى، الاستيعاب، كتاب في الرد على من يقول بخلق القرآن، والمجالس وهي مناظرات في فنون من العلم. وله نظم أكثره في ابن أخ له أسر وفي ولد له مات (¬6). 68 - سعيد بن محمد بن محمد بن محمد العقباني التلمساني أبو عثمان التجيبي (¬7) ¬

(¬1) التحريم: 12. (¬2) النساء: 25. (¬3) انظر رياض النفوس 2/ 88، السير 14/ 211 - 212. (¬4) كذا في المعالم والبيان المعرب والعمر وغيرها وفي المدارك في رجب سنة ثلاثين وثلاثمائة. (¬5) توجد منه قطعة تفسير بمكتبة القيروان (الأعلام3/ 100، مدرسة الحديث بالقيروان 2/ 612) وبالمكتبة الوطنية بتونس (انظر تراجم المؤلفين 2/ 107). (¬6) انظر مدرسة الحديث بالقيروان (2/ 612 - 613). (¬7) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 1/ 189، معجم المفسرين 1/ 209، معجم أعلام الجزائر 237، تعريف الخلف 2/ 153، نيل الابتهاج 125، الديباج 124، تعريف الخلف 2/ 153، الضوء اللامع 3/ 256، نفح الطيب 5/ 428، البستان 106، الأعلام 3/ 101، معجم المؤلفين 1/ 769، تاريخ الجزائر العام 2/ 163، تذكرة المحسنين ووفيات الونشريسي ولقط الفرائد (موسوعة أعلام المغرب 2/ 726، 727).

69 - سليمان بن سالم القطان أبو الربيع القاضي

من أكابر فقهاء المالكية قاض مفسر من أهل تلمسان ولد بها سنة عشرين وسبعمائة. قال أحمد بابا: العقباني نسبة إلى عقبان قرية بالأندلس أصله منها، تجيبي النسب (¬1). سمع من أبي زيد وأبي موسى وتفقه بهما، وأخذ عن أبي عبد الله الأبلي وغيره. كان إمام تلمسان وعلامتها في عصره، ولي قضاء بجاية في أيام السلطان أبي عنان المريني والعلماء يومئذ متوافرون، كما ولي قضاء بلده تلمسان ووهران ومراكش وسلا، وحمدت سيرته، ومدة ولايته للقضاء نيف وأربعين سنة. توفي بتلمسان سنة إحدى عشرة وثمانمائة. له: تفسير سورة الأنعام (¬2) تفسير سورة الفتح. قال الداوودي: أتى فيه بفوائد جليلة (¬3). وله أيضا: شرح جمل الخونجي، شرح العقيدة البرهانية، شرح الحوفية في الفرائض، المختصر في أصول الدين، شرح التلخيص لابن البناء، شرح قصيدة لابن ياسمين، شرح مختصر ابن الحاجب (¬4). 69 - سليمان بن سالم القطان أبو الربيع القاضي (¬5) يعرف بابن الكحالة مولى لغسان من أصحاب سحنون. وهو محدث فقيه مفسر. (¬6) ¬

(¬1) نيل الابتهاج 125. (¬2) معجم المفسرين 1/ 209. (¬3) الطبقات 1/ 190. (¬4) انظر الأعلام 3/ 101، معجم المؤلفين 1/ 769. (¬5) مصادر ترجمته: طبقات الخشني 147، المدارك 4/ 356، معالم الإيمان 2/ 206، الحلل السندسية 1/ 3 / 775، شجرة النور 1/ 71، الديباج 199، معجم المؤلفين 1/ 790، الأعلام 3/ 125، مدرسة الحديث في القيروان 1/ 449. (¬6) مدرسة الحديث في القيروان 1/ 449.

70 - سليمان بن علي بن عبد الله بن علي بن يس العابدي الكومي عفيف الدين أبو الربيع التلمساني

سمع من سحنون وابنه وعون والحفري وابن رزين وداود بن يحيى وزيد بن بشر ودخل المدينة فحدث عن محمد بن مالك بن أنس بحكاية عن أبيه وأدرك موسى بن معاوية ولم يسمع منه. سمع منه أبو العرب وغيره (¬1). قال أبو العرب: كان ثقة كثير الكتب والشيوخ وكان حسن الأخلاق بارا بطلبة العلم أديبا كريما سمع منه في حياة ابن سحنون ثم كان يقوم مع أصحابه إذا جلس ابن سحنون فيسمع منه (¬2). قال الخشني: لم أسمع عنه بمكروه (¬3). قال ابن أبي دليم: وكان الأغلب عليه الرواية والتقييد. وولاه ابن طالب قضاء باجة وولاه ابن مسكين مظالم القيروان وأذن له أن ينظر في مائة دينار ثم ولاه قضاء صقلية فخرج إليها ونشر بها علما كثيرا. قال الشيرازي: وعنه انتشر مذهب مالك بها فلم يزل عليها قاضيا إلى أن مات ... ولم يوجد له مال بعد موته. توفي سنة إحدى وثمانين ومائتين. وله: تآليف في الفقه، تعرف كتبه بالكتب السليمانية مضافة إليه. 70 - سليمان بن علي بن عبد الله بن علي بن يس العابدي الكومي عفيف الدين أبو الربيع التلمساني (¬4) صوفي شاعر كومي الأصل من قبيلة كومة (¬5)، ولد سنة عشر وستمائة. تنقل في بلاد الروم وسكن دمشق، وكان يتصوف ويتكلم على اصطلاح القوم يتبع طريقة ابن عربي في أقواله وأفعاله، واتهمه فريق برقة الدين والميل إلى مذهب النصيرية (¬6). قال ابن كثير: وقد نسب هذا الرجل إلى عظائم في ¬

(¬1) الشجرة 1/ 71. (¬2) المدارك 4/ 357. (¬3) الطبقات ص: 147. (¬4) مصادر ترجمته: النجوم الزاهرة 8/ 29، البداية والنهاية 13/ 326، شذرات الذهب 5/ 412، مرآة الجنان 4/ 216، كشف الظنون 266، 802، 1034 وغيرها، إيضاح المكنون 2/ 2342، فوات الوفيات 1/ 178، بروكلمان 1/ 258، الملحق: 1/ 458، الأعلام 3/ 130، معجم المؤلفين 1/ 794، تذكرة المحسنين (موسوعة أعلام المغرب 1/ 433). (¬5) قبيلة صغيرة منازلها بساحل البحر من أعمال تلمسان (انظر الأعلام 3/ 130). (¬6) فرقة من الباطنية نسبة لمحمد بن نصير النميري وهم من الشيعة الغلاة قالوا بألوهية علي بن أبي طالب ويعتقدون بتناسخ الأرواح والتأويل بالباطن وعجائبهم لا تنتهي (انظر الحركات الباطنية في العالم الإسلامي ص: 321 ومابعدها).

71 - سليمان بن محمد بن عبد الله بن إسماعيل أبو الربيع المولى الشريف الحسني العلوي

الأقوال والاعتقاد في الحلول والاتحاد والزندقة والكفر المحض (¬1). قال ابن العماد: أحد زنادقة الصوفية ... . قيل له مرة: أأنت نصيري؟ فقال: النصيري بعض مني. (¬2) توفي بدمشق يوم الأربعاء الخامس من رجب سنة تسعين وستمائة، ودفن بمقابر الصوفية. قال الكتبي: لعفيف الدين في كل علم تصنيف (¬3). له: شرح الفاتحة (¬4). وله أيضا: شرح مواقف النفزي، شرح الفصوص لابن عربي، شرح القصيدة العينية لابن سينا، كتاب في العروض، ديوان شعر، وشرح منازل السائرين للهروي (¬5). 71 - سليمان بن محمد بن عبد الله بن إسماعيل أبو الربيع المولى الشريف الحسني العلوي (¬6) من سلاطين دولة الأشراف العلويين في مراكش ولد سنة ثمانين ومائة وألف وبويع له بفاس سنة ست وماتين وألف ثم بويع له بمراكش وأقام فيها مدة ثم انتقل إلى مكناسة. كانت أيامه كلها ثورات وفتن وحروب. كان محبا للعلم والعلماء وله عناية بالحديث والتفسير. قال الكتاني: كان نادرة من نوادر ملوك البيت العلوي في الاشتغال بالعلم وإيثار أهله ... . وكان له اشتغال بقراءة التفسير والحديث غريب، اتقطع ¬

(¬1) البداية والنهاية 13/ 326. (¬2) الشذرات 5/ 412. (¬3) فوات الوفيات 1/ 178. (¬4) منه نسخة بتشستربيتي (انظر الفهرس الشامل 1/ 344). (¬5) انظر الأعلام 3/ 130. (¬6) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 773، معجم المحدثين والمفسرين 20، مجلة دعوة الحق عدد 4فبراير 1968 م، فهرس الفهارس 2/ 980، شجرة النور 1/ 380، الاستقصا 4/ 129، الأعلام 3/ 133، فهرس الخزانة الحسنية 396، 596، 485، معجم المؤلفين 1/ 797، بروكلمان الملحق: 3/ 874، إتحاف المطالع وتذكرة المحسنين (موسوعة أعلام المغرب 7/ 2514، 2515).

72 - سليمان الشافعي

لذلك وعكف عليه. (¬1) أخذ عن عبد القادر بن شقرون ومحمد الهواري ومحمد الطرنباطي والطيب بن كيران وغيرهم. جمع له كاتبه المؤرخ الزياني فهرسا لأسماء شيوخه سماه: جمهرة التيجان في ذكر الملوك وأشياخ مولانا سليمان. (¬2) قال مخلوف: وتصدر لإقراء العلوم وأفاد وأجاد وحضر دروسه في التفسير الشيخ إبراهيم الرياحي وأثنى عليه. (¬3) ولعبد الله كنون بحث بعنوان: عناية المولى سليمان العلوي بعلم التفسير. (¬4) توفي بمراكش ثالث عشر ربيع الأول سنة ثمان وثلاثين ومائتين وألف، ودفن بضريح جده المولى علي الشريف بباب أيلان. له: تقييد (¬5) على معنى آية: {وأني فضلتكم على العالمين} (¬6) وله أيضا: حاشية على الموطأ، وحاشية على الزرقاني على المواهب، وحاشية على شرح الخرشي على المختصر، وتأليف في الغناء، وتأليف في جواز التطيب للصائم، وتأليف في أحكام الجن وغير ذلك (¬7). 72 - سليمان الشافعي (¬8) له: تفسير (¬9) 73 - أبو شعيب بن عبد الرحمن الدكالي الصديقي (¬10) حافظ عصره، وزير من العلماء الأدباء، من عشيرة الصديقات من أولاد عمرو إحدى قبائل دكالة. ولد في منازل قبيلته سنة خمس وتسعين ومائتين وألف. ¬

(¬1) فهرس الفهارس2/ 983. (¬2) الأعلام 3/ 133. (¬3) الشجرة 1/ 380. (¬4) مجلة دعوة الحق 4/ 2 / 1968 م. (¬5) منه نسخة بالخزانة الحسنية، ويوجد تعليق على هذا التقييد لمجهول. (¬6) البقرة: 47، 122. (¬7) الشجرة 1/ 380. (¬8) لم أقف عليه ولعله من أهل المنطقة لتفرد خزانة ابن يوسف بكتابه كما سيأتي. (¬9) منه نسخة بخزانة ابن يوسف (انظر الفهرس الشامل 2/ 862). (¬10) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 774، معجم المحدثين والمفسرين 15، أعلام الفكر 2/ 269، دليل مؤرخ المغرب 241، الأعلام 3/ 167، إتحاف المطالع وسل النصال (موسوعة أعلام المغرب 8/ 3051، 3052) وسبق ضبط دكالة وتحديد مكانها.

74 - الصادق بن محمد الهاشمي الشريف السجلماسي

قال ابن سودة: المحدث المفسر الراوية على طريق أئمة الاجتهاد آخر الحفاظ بالديار المغربية ومحدثها ومفسرها من غير منازع ولا معارض. (¬1) تعلم في القرويين بفاس ورحل إلى مصر فجاور في الأزهر نحو ست سنوات وسافر إلى مكة ثم رجع إلى المغرب فتقرب من السلطان عبد الحفيظ وولي القضاء بمراكش ثم وزارة العدلية واستعفي وانقطع للتدريس في الرباط إلى أن توفي (¬2). أخذ عن أحمد المعاشي وعبد الرزاق البيطار وعبد الله القدومي وغيرهم. وعنه ابن سودة وجماعة. وهو أول من أحيا الروح السلفية من المتأخرين في المغرب. كان آية في علوم القرآن وقراءاته وإعرابه وناسخه ومنسوخه وأنواع تفسيره، نادرة في علوم التفسير رواية ودراية (¬3). ولإبراهيم بن أحمد الكتاني كتاب في سيرته بعنوان: أبو شعيب والسلفية. تعرض فيه للسلفية وماكان لأبي شعيب من الأثر في الوسط المغربي حتى انقشعت سحب الجهل والاعتقادات الفاسدة عن كثير من الناس. توفي بالرباط الساعة الحادية عشرة ليلة السبت ثامن جمادى الأولى سنة ست وخمسين وثلاثمائة وألف، ودفن بزاوية المكي الوزاني. يقال: إنه كتب شرحا للمقامات الحريرية. 74 - الصادق بن محمد الهاشمي الشريف السجلماسي (¬4) فقيه مالكي قاض عالم في الحديث والتفسير من أهل سجلماسة وولي قضاءها. كان السلطان محمد بن عبد الرحمن بن هشام من ملوك الدولة العلوية يحضر مجلسه في الحديث. توفي سنة تسع وسبعين ومائتين وألف. 75 - صالح بن عمر بن داود بن صالح بن يحمد الأعلى (¬5) مفسر من علماء الإباضية بالجزائر ولد في بني يسجن سنة سبع وثمانين ¬

(¬1) سل النصال (الموسوعة 8/ 3052). (¬2) الأعلام 3/ 167. (¬3) معجم المفسرين 2/ 774. (¬4) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 775، معجم المحدثين والمفسرين 20. (¬5) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 776، نهضة الجزائر الحديثة 2/ 144.

76 - صالح بن محمد بن أبي بكر العضوي الدراوي التواتي

ومائتين وألف، وبها نشأ وتعلم، فقد بصره في الخامسة من عمره وحج مرتين واجتمع إلى علماء الحجاز والمجاورين في الحرم الشريف وبحث معهم في المسائل العلمية وفي مشاكل العالم الإسلامي كما حضر دروس الأزهر الشريف وجالس عددا من كبار علمائه أثناء رحلته إلى الديار المقدسة. أنشأ معهدا للعلوم الشرعية والعربية في مسقط رأسه، وكان يقوم بالتدريس فيه وحده. توفي سنة سبع وأربعين وثلاثمائة وألف له: القول الوجيز في كلام الله العزيز في التفسير لم يكمله. 76 - صالح بن محمد بن أبي بكر العضوي الدراوي التواتي (¬1) توفي سنة أربعين ومائة وألف. له: تفسير آية الكرسي (¬2) - الطيب بن محمد (¬3) 77 - عبد الحفيظ بن الحسن بن محمد الحسني أبو المواهب العلوي (¬4) من سلاطين الدولة العلوية في المغرب الأقصى كان فقيهاً أديباً عارفا بالتفسير والحديث. ولد بفاس سنة ثمانين ومائتين وألف، ونشأ في قبيلة بني عامر في الجنوب الغربي من مراكش. قال ابن سودة: كان علامة مشاركا حافظا مطلعا شاعرا مقتدرا يبهر العقول في مذاكراته ومناظراته. (¬5) انتدبه أخوه السلطان عبد العزيز بن الحسن ¬

(¬1) مصادر ترجمته: دليل مؤرخ المغرب 591، فهرس الخزانة الحسنية 576 والتواتي: نسبة إلى توات وهي من المناطق الصحراوية بمنطقة المغرب تسكنها قبيلة تاركة من قبائل صنهاجة البربرية (انظر وصف إفريقية والتعليق 1/ 31، 2/ 150 - 151). (¬2) توجد منه نسخة بالخزانة الحسنية. (¬3) انظر: محمد الطيب. (¬4) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 779، معجم المحدثين والمفسرين 21، الموسوعة العربية الميسرة 1180، الأعلام 5/ 50، الأعلام 3/ 277، معجم المؤلفين 2/ 56، ومعجم الأسر الحاكمة 98، بروكلمان: الملحق 2/ 889، إتحاف المطالع (موسوعة أعلام المغرب 8/ 3051). (¬5) الإتحاف (الموسوعة 8/ 3051).

78 - عبد الحميد بن محمد المصطفى بن مكي ابن باديس الصنهاجي

عاملا (خليفة) بمراكش فنادى به الجنود وأهل القبائل سلطانا فيها سنة خمس وعشرين وثلاثمائة وألف وانقسمت الدولة بين عبد العزيز في فاس وأخيه عبد الحفيظ في مراكش واتحذ كل منهما دولة أجنبية لمناصرته وخلع عبد العزيز بفاس وانتظم الأمر لعبد الحفيظ فانتقل إلى فاس وقام أخ ثان له (مولى زين) بثورة في مكناس فاستنجد عبد الحفيظ بفرنسا فقضت على الثورتين وأعلنت حمايتها للمغرب بعد أن أمضى عبد الحفيظ "معاهدة 30 مارس 1912 م " المعروفة بمعاهدة الحماية ثم أنزل عن العرش في السنة نفسها، وحج وذهب إلى المدينة ثم بيت المقدس. ورحل إلى فرنسا ثم استقر بأسبانيا حتى سنة 1925 م عاد بعدها إلى فرنسا وحرمت عليه العودة لبلاده فأقام بها إلى أن مات في معتزله في (أنجان لو بان) بعد زوال يوم الأحد الثالث والعشرين من محرم سنة ست وخمسين وثلاثمائة فحمل إلى المغرب ودفن بفاس. له: نيل النجاح والفلاح في علم ما به القرآن لاح: أرجوزة في إعجاز القرآن طبعت بفاس. وله أيضا: منظومة في مصطلح الحديث، الجواهر اللوامع في نظم جمع الجوامع، العذب السلسبيل في حل ألفاظ خليل، كشف القناع عن اعتقاد طوائف الابتداع، ياقوتة الحكام في مسائل القضاء والأحكام، نفائح الأزهار في أطايب الأشعار، كتاب عن الإسلام لم يكمله. 78 - عبد الحميد بن محمد المصطفى بن مكي ابن باديس الصنهاجي (¬1) رئيس جمعية العلماء المسلمين بالجزائر، من بدء قيامها سنة 1931 م، إلى وفاته. ولد في قسنطينة سنة ثمان وثلاثمائة وألف. حفظ القرآن على الشيخ محمد المواسي وأسلمه والده للشيخ أحمد أبو حمدان الونيسي فتربى على يديه. وأتم دراسته في الزيتونة بتونس. ¬

(¬1) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 1/ 259، إتجاهات التفسير في العصر الحديث 277، معجم أعلام الجزائر 28، الأعلام 3/ 289، نهضة الجزائر الحديثة 2/ 48، مجلة المنهل 26/ 362، جريدة أم القرى 25 ربيع الأول 1359 هـ، معجم المؤلفين 2/ 66، الإمام عبد الحميد بن باديس لمحمود قاسم، مقدمة آثار ابن باديس، تعريف بالإمام عبد الحميد بن باديس (ملحق بتفسيره).

ومن شيوخه الذين درس عليهم واستفاد منهم محمد الطاهر بن عاشور المفسر صاحب التحرير والتنوير في التفسير (¬1)، ومحمد النخلي القيرواني ومحمد الخضر حسين والصالح النيفر. وحج وزار لبنان وسوريا ومصر في رحلة العودة وأجازه الشيخ بخيت بشهادة العالمية من الأزهر. قام بتدريس تفسير القرآن بقسنطينة في خمس وعشرين سنة فاحتفلت الجزائر بختمه له في الثالث عشر من ربيع الثاني سنة سبع وخمسين وثلاثمائة وألف من الهجرة وكان للشيخ محمد البشير الإبراهيمي كلمة في ذلك قال فيها: أتم الله نعمته على القطر الجزائري بختم الأستاذ عبد الحميد بن باديس لتفسير الكتاب الكريم درسا على الطريقة السلفية. وبعد أن ذكر الآلوسي وصديق حسن خان ومحمد عبده والأفغاني ورشيد رضا كرواد للنهضة الحديثة قال: ثم جاء أخونا وصديقنا الأستاذ الشيخ عبد الحميد بن باديس قائد تلك النهضة بالجزائر بتفسيره لكلام الله على تلك الطريقة وهو ممن لا يقصر عمن ذكرناهم في استكمال وسائلها من ملكة بيانية راسخة وسعة اطلاع على السنة ... .. الخ. (¬2) يقول توفيق شاهين: وهو مفسر ممتاز له استقلاله في الفهم والرأي يقرأ التفاسير ثم يجعل من عقله مصفاة لها، فلا يخرج منها إلا ما صح ونفع ولاءم العصر، وصدق الخبر، مع حسن عرض، واستنباط واع، واستنتاج للعبرة، وحث على سنة، وإخماد لبدعة، في أسلوب عصري، وتطويل غير ممل وإيجاز غير مخل. (¬3) أصدر عدة مجلات عطلت كلها إلا مجلة (الشهاب) وهي علمية دينية أدبية، صدر منها في حياته نحو خمسة عشر مجلدا. ¬

(¬1) انظر شيخ الجامع الأعظم محمد الطاهر عاشور ص: 29، وتأتي ترجمته. (¬2) صدر بمناسبة هذا الاحتفال عدد خاص من مجلة الشهاب ذكرت فيه هذه الكلمة وهو العدد 4 المجلد 14 سنة 1357 هـ. (¬3) تعريف بالإمام عبد الحميد بن باديس ص: 709.

79 - عبد الرحمن بن أحمد الوغليسي أبو زيد البجائي

وكان شديد الحملات على الاستعمار، وحاولت الحكومة الفرنسية في الجزائر إغراءه بتوليته رياسة الأمور الدينية فامتنع واضطهد وأوذي. وقاطعه إخوة له كانوا من الموظفين، وقاومه أبوه، وهو مستمر في جهاده. وأنشأت جمعية العلماء في عهد رياسته كثيرا من المدارس. فشلت محاولة لاغتياله ليلا بعد انصرافه من المسجد وعفا عن المجرم. توفي بقسنطينة في حياة والده في الثامن من ربيع الأول سنة تسع وخمسين وثلاثمائة وقيل مات مسموما. كان يقول: شغلنا تأليف الرجال عن الكتب. له: تفسير القرآن الكريم: نشرت نبذ منه ثم جمع تفسيره لآيات من القرآن باسم مجالس التذكير وطبع ونشر في الجزائر (¬1). تفسير آيات من سورة الفرقان: نشرها له أحمد بو شمال في ذكرى وفاته. كتاب العقائد الإسلامية من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية: من إملائه طبعت بتعليق محمد الصالح رمضان وله أيضا: آثار ابن باديس. طبعت في أربعة مجلدات، من الهدي النبوي: في شرح الموطأ جمعه توفيق محمد شاهين، من رجال السلف ونسائه، أحسن القصص، مجموعة من المقالات السياسية والاجتماعية، مجموعة خطب ومقالات. 79 - عبد الرحمن بن أحمد الوَغليسي (¬2) أبو زيد البجائي (¬3) عالم فقيه متكلم شيخ الجماعة ببجاية في عصره نعته مخلوف بالفقيه الأصولي المحدث المفسر وقال: كان عمدة أهل زمانه وفريد عصره ¬

(¬1) وطبعته دار الفكر طبعة ثانية باسم تفسير ابن باديس في مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير. (¬2) من بني وغليس بطن من القبائل البربرية في جنوب بجاية بأعلى وادي الصومام (انظر مقدمة تفسير الثعالبي ص: (ب)). (¬3) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 780، شجرة النور 1/ 237، نيل الابتهاج 168، بروكلمان 2/ 250، 2/ 351، معجم المؤلفين 2/ 78، مقدمة تفسير الثعالبي ص: (ب)، تذكرة المحسنين وشرف الطالب ووفيات الونشريسي ولقط الفرائد (موسوعة أعلام المغرب 2/ 698).

80 - عبد الرحمن بن إدريس بن محمد بن أحمد المنجرة الإدريسي الحسني أبو زيد التلمساني ثم الفاسي

وأوانه (¬1). أخذ عن أبي العباس أحمد بن إدريس البجائي وغيره. ومن تلاميذه أبو الحسن علي بن عثمان المنجلاتي، وأبو القاسم المشذالي وغيرهما. توفي ببجاية سنة ست وثمانين وسبعمائة. له: المقدمة في الفقه، وفتاوى، الأحكام الفقهية وتسمى الوغليسية. 80 - عبد الرحمن بن إدريس بن محمد بن أحمد المنجرة الإدريسي الحسني أبو زيد التلمساني ثم الفاسي (¬2) إمام في القراءات مفسر من فقهاء المالكية، كان شيخ المغرب في عصره. يلقب: المنجرة الصغير تمييزا له عن والده المنجرة الكبير إدريس بن محمد أبي العلاء إمام الإقراء بفاس. (¬3) ولد بفاس سنة إحدى عشرة ومائة وألف. أخذ عن والده والمسناوي، وعنه ابن عبد السلام الفاسي وأبي عبد الله ابن خضراء السلوي. كان إماما للضريح الإدريسي. توفي بفاس ضحى الأربعاء خامس ذي الحجة سنة تسع وسبعين ومائة، ودفن قرب الشيخ ابن عاشر بالقبب (¬4). له: حاشية على الجعبري، حاشية على فتح المنان، حاشية على المرادي، الإسناد للشفيع يوم التناد: فهرسة، شرح الدالية. ¬

(¬1) الشجرة 1/ 237. (¬2) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 1/ 263، اليواقيت الثمينة 16، سلوة الأنفاس 2/ 270، فهرس الفهارس 2/ 569، الأعلام 3/ 298، مجلة دعوة الحق: مارس 1974 م، دليل مؤرخ المغرب 2/ 289، معجم المؤلفين 2/ 78، تذكرة المحسنين (موسوعة أعلام المغرب 7/ 2386). (¬3) انظر ترجمته في فهرس الفهارس 2/ 568. (¬4) انظر تذكرة المحسنين (الموسوعة 7/ 2386).

81 - عبد الرحمن بن رستم بن بهرام بن كسرى الملك الفارسي

81 - عبد الرحمن بن رستم بن بهرام بن كسرى الملك الفارسي (¬1) مؤسس مدينة تاهرت (بالجزائر) وأول من ملك من (الرستميين) وهو فارسي الأصل، كان جده بهرام من موالي عثمان بن عفان. وكان من فقهاء الإباضية بإفريقية، معروفا بالزهد والتواضع. قال أبو زكريا: كان بيت الرستميين بيت علم في فنونه من الأصول والفقه والتفسير وعلم اختلاف الناس وعلم النحو والإعراب والفصاحة وعلم النجوم. (¬2) ولما تغلب أبو الخطاب على إفريقية استخلفه على القيروان، وزحف ابن الأشعث ودخل القيروان وقتل أبا الخطاب ففر عبد الرحمن بأهله وما خف من ماله، إلى المغرب الأوسط (الجزائر) ولحقت به جماعات من الإباضية فنزل بموضع (تيهرت) وكان غيضة بين ثلاثة أنهار وفيها آثار عمران قديم فبنى أصحابه فيها مسجدا من أربع بلاطات واختطوا مساكنهم سنة إحدى وستين ومائة وبايعوه بالإمامة. وقد اتفق رأيهم جميعا على مبايعته على الإمامة بكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وآثار الخلفاء الراشدين المهتدين فقبل عبد الرحمن وأحسن السيرة في إمامته فلم ينقم عليه أحد في حكومة ولا في خصومة ولم يكن على يديه افتراق الإباضية، يومئذ كلها مجتمعة مؤتلفة (¬3). وأقام عبد الرحمن بتيهرت إلى أن توفي سنة إحدى وسبعين ومائة. له: كتاب في (التفسير) (¬4) 82 - عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد بن الحسن بن عبد الله بن محمد أبو زيد السوسي الجشتيمي الجزولي (¬5) ¬

(¬1) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 1/ 265، المدرسة القرآنية بالمغرب ص: 177، الأعلام 3/ 306، معجم أعلام الجزائر 147، السير 138، الأزهار الرياضية 2/ 84، تاريخ الجزائر العام 2/ 22، 28، البيان المغرب 1/ 196، سير الأئمة 54، 81. (¬2) سير الأئمة ص: 99. (¬3) سير الأئمة ص: 83. (¬4) انظر معجم المفسرين 1/ 265، وقد ذكره أيضا بلحاج شريفي محقق تفسير هود بن محكم وذكر أنه غير موجود وانظر كلامه كاملا في ترجمة عبد الوهاب بن عبد الرحمن الرستمي فقد نقلته هناك. (¬5) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 1/ 268، المعسول 6/ 21، سوس العالمة 123، دليل مؤرخ المغرب 1/ 223، الأعلام 3/ 314، معجم المؤلفين 2/ 97، إتحاف المطالع (موسوعة أعلام المغرب 9/ 3250).

83 - عبد الرحمن بن عمر التواتي

مؤرخ نحوي عارف بالتفسير من فقهاء المالكية مغربي نسبته الى أجشتيم من قرى السوس في المغرب. ولد سنة خمس وثمانين ومائة وألف أخذ عن محمد بن أحمد الحضيكي وغيره. قال ابن سودة: كان عالما مشاركا مطلعا ... له شهرة في زمانه. (¬1) توفي ثامن رمضان سنة تسع وستين ومائتين. له: إعراب القرآن مخطوط في مجلدين (¬2). وله أيضا: الحضيكيون في التاريخ، رجز: في الفقهيات، إرسال الصواعق على ابن داود الناعق، مختصر طبقات الحضيكي، مناقب الحضيكي: في ترجمة شيخه. 83 - عبد الرحمن بن عمر التواتي (¬3) كان حيا سنة اثنتين وسبعين ومائة وألف. له: مختصر الدر المصون في علم كتاب المكنون للسمين. (¬4) 84 - عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن علي بن يحيى الحسني أبو يحيى التلمساني (¬5) عالم بالتفسير حافظ محدث من أكابر فقهاء المالكية. من أهل تلمسان ولد بها في رمضان سنة سبع وخمسين وسبعمائة. أخذ عن أبيه الشريف التلمساني وسعيد العقباني المفسرين وأبي القاسم بن رضوان وغيرهم. ¬

(¬1) إتحاف المطالع (الموسوعة 9/ 3250). (¬2) معجم المفسرين 1/ 268. (¬3) لم أقف له على ترجمة. والتواتي: تقدم ضبطها. (¬4) منه نسخة بالمكتبة الوطنية بباريس انظر الفهرس الشامل 2/ 767 والسمين اسمه شهاب الدين أبو العباس أحمد بن يوسف بن عبد الدائم الحلبي الشافعي ت 756 هـ وكتابه منه نسخ كثيرة (الفهرس الشامل 1/ 411 - 415). (¬5) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 1/ 275، معجم أعلام الجزائر 70، شجرة النور 1/ 251، البستان 127، نيل الابتهاج 170، تعريف الخلف 2/ 200، لقط الفرائد (موسوعة أعلام المغرب 2/ 738).

85 - عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عثمان التطواني الحائك

وعنه ابنه إبراهيم وابن زاغو وابن مرزوق الحفيد المفسرين وجماعة. قال ابن العباس: هو شريف العلماء وعالم الشرفاء آخر المفسرين من علماء الظاهر والباطن. ووصفه الونشريسي وابن القاضي بالعالم المفسر. وقال أحمد بابا: بلغ الغاية في العلم والنهاية في المعارف الإلهية وارتقى مراقي الزلفى ورسخ قدمه في العلم وناهيك بكلامه في أول سورة الفتح ولما وقف عليه أخوه عبد الله كتب عليه: وقفت على ما أولتموه وفهمت ما أردتموه فألفيته مبنيا على قواعد التحقيق والإيقان، مؤديا صحيح المعنى بوجه الإبداع والإتقان بعد مطالعة كلام المفسرين ومراجعة الأفاضل المتأخرين ... (¬1) توفي بتلمسان في فجر السادس والعشرين من رجب سنة ست وعشرين وثمانمائة. وقيل سنة خمس (¬2). له: تفسير سورة الفتح قال مخلوف: على غاية من التحقيق (¬3). 85 - عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عثمان التطواني الحائك (¬4) قاض، من نحاة المالكية وأدبائهم بتطوان ولد سنة خمسين ومائة وألف. من أولاد القاضي الزروالي الحسني المصمودي أصلا ثم التطواني. قال عنه ابن سودة: العلامة المشارك الحجة (¬5). ولي قضاء تطوان ثلاث مرات. توفي بها في عاشر جمادى الثانية سنة سبع وثلاثين ومائتين وألف. ودفن بزاوية أولاد ابن ريسون. كان كثير التأليف. ومن كتبه: حاشية على تفسير الجلالين. وله أيضا: إعراب مختصر خليل، شرح شواهد المكودي على الألفية، ¬

(¬1) النيل ص: 171. (¬2) انظر وفيات الونشريسي، لقط الفرائد (الموسوعة 2/ 737). (¬3) الشجرة 1/ 251. (¬4) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 1/ 277، الأعلام 3/ 333، مختصر تاريخ تطوان 303، إتحاف المطالع (موسوعة أعلام المغرب 7/ 2512). (¬5) إتحاف المطالع (الموسوعة 7/ 2512).

86 - عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف بن طلحة الثعالبي الجزائري الجعفري المقرئ المالكي المغربي

حاشية على وثائق ابن سلمون، النوازل، شرح المرشد المعين، إعراب لامية الزقاق وغيرها. 86 - عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف بن طلحة الثعالبي (¬1) الجزائري الجعفري المقرئ المالكي المغربي (¬2) مفسر، من أعيان الجزائر ومن صلحائها الأبرار ينتهي نسبه إلى جعفر الطيار بن أبي طالب رضي الله عنه (¬3). ولد سنة أربع وثمانين وسبعمائة وقيل ثلاث بوادي يسر - بالتحتية والمهملة المشددة مفتوحة وراء - غير بعيد من عاصمة الجزائر بالجنوب الشرقي منها. كان ممن شهد هجوم الأسبان على بلدة تدلس ولم يكن تجاوز الخمس عشرة سنة. (¬4) وذكر عبد الكبير الفاسي أنه نشأ بالأندلس، ووصفه بالشيخ الحافظ المتفنن المفسر. (¬5) ¬

(¬1) الثعالبي: نسبة إلى دير الثعالب من أعمال الجزائر ومنهم عيسى بن محمد المغربي وعبد العزيز بن إبراهيم (انظر تذكرة المحسنين 2/ 781)، معجم المؤلفين (2/ 156، 598) وهو غير الثعلبي أبو إسحاق أحمد بن محمد النيسابوري صاحب الكشف والبيان في تفسير القرآن وعرائس المجالس ت 427 هـ والذي اختصره الطرطوشي وبهزاد ومجهول وعليه حاشية العراقي وغير الثعالبي أبو منصور عبد الملك بن محمد النيسابوري صاحب الاقتباس من القرآن والناسخ والمنسوخ ت 429 هـ، وغير الثعالبي إمام أبو منصور محمد صاحب الأشباه والنظائر في مفردات القرآن مجهول الوفاة. (¬2) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للأدنوي ص: 342، معجم المفسرين 1/ 276، التفسير والمفسرون1/ 247، نيل السائرين 240، معجم أعلام الجزائر 90، نيل الابتهاج 173، تعريف الخلف 1/ 67، الحلل السندسية 2/ 611، الضوء اللامع 4/ 152، معجم المؤلفين 2/ 122، شجرة النور الزكية 1/ 265، هدية العارفين ص: 532، فهرس الفهارس 2/ 733، تاريخ الجزائر 2/ 280، التبيان في علوم القرآن ص: 190، الأعلام 3/ 331، كشف الظنون 1163، معجم المطبوعات 661، مناقب الحضيكي 2/ 288، إيضاح المكنون 1/ 117، 359، 409، 544، 2/ 234، تذكرة المحسنين ولقط الفرائد (موسوعة أعلام المغرب 2/ 781)، مقدمة تفسير الثعالبي ص: (ج، د)، وانظر الثعالبي والتصوف للدكتور قسوم، عبد الرحمن الثعالبي ومنهجه في التفسير (رسالة ماجستير). (¬3) انظر التحفة المرضية ص: 333. (¬4) انظر تاريخ الجزائر العام 2/ 187. (¬5) تذكرة المحسنين (الموسوعة 2/ 781).

رحل في طلب العلم في أواخر القرن الثامن الهجري ودخل بجاية في أوائل القرن التاسع ودرس على أصحاب عبد الرحمن بن أحمد الوغليسي المفسر ومنهم أبو الحسن علي بن عثمان المنجلاتي، وأبو الربيع سليمان بن الحسن ثم انتقل إلى تونس فلقي بها أصحاب ابن عرفة المفسر ومنهم أبو مهدي عيسى بن أحمد الغبريني وأبو عبد الله محمد بن خلفة الوشتاتي الأبي وأبو القاسم بن أحمد البرزلي القيرواني. ثم أم المشرق ونزل بمصر فلقي فيها أبا عبد الله البلالي ثم حج ولقي بمكة عددا جما من المحدثين وقفل راجعا مارا بالديار المصرية ولقي بها الشيخ ولي الدين العراقي وأخذ عنه العلوم الإسلامية المختلفة، وخاصة علم الحديث وكتب له وأجازه، وتونس وبها لقي شيخه أبا عبد الله محمد بن مرزوق التلمساني وكان متجها الى الحج فأخذ عنه وأخذ عن القلشاني. وقال عن نفسه: لم يكن يومئذ بتونس من أعلمه يفوقني في علم الحديث منة من الله وفضلا ... . (¬1) ومن تلاميذه محمد بن يوسف السنوسي ومحمد بن عبد الكريم المغيلي وأبو العباس أحمد بن عبد الله الزواوي وأحمد زروق وغيرهم. عاد إلى الجزائر بعد رحلة عشرين عاما فاستقر بها وآلت إليه رئاستها ما يقرب من اثنين وثلاثين عاما، ووافته المنية يوم الجمعة الثالث والعشرين من رمضان سنة خمس وسبعين وثمانمائة - وقيل ست وسبعين عن تسعين عاما، ودفن بعاصمة الجزائر، وضريحه معروف بالقصبة إلى يومنا هذا. له من المؤلفات ما ينيف على التسعين مؤلفا منها: الجواهر الحسان في تفسير القرآن: وهو تفسير بالمأثور نقل فيه أقوال السلف الصالح وميز بين الصحيح والضعيف وتفسيره هذا مطبوع أكثر من مرة، وهو مختصر من تفسير ابن عطية (¬2). وقد رأى فيه مصنفه وغيره عدة رؤى تدل على خيريته (¬3). ومنه عدة نسخ مخطوطة (¬4). ¬

(¬1) انظر الثعالبي ومنهجه في التفسير 1/ 98 - 102. (¬2) انظر الفهرس الشامل 1/ 192. (¬3) انظر النيل ص: 175. (¬4) انظر الفهرس الشامل (1/ 483، 2/ 846، 847).

87 - عبد الرحمن بن محمد بن يوسف القصري أبو محمد الفاسي المالكي

معجم مختصر في شرح ماوقع في كتاب "الجواهر الحسان" من الغريب وقد طبع ذيلا على التفسير. الذهب الإبريز في غريب القرآن العزيز. (¬1) تحفة الإخوان في إعراب بعض آي من القرآن. نفائس المرجان في قصص القرآن. (¬2) وله أيضا: قطب العارفين ومقامات الأبرار والأصفياء والصديقين: في التصوف، الأنوار في المعجزات النبوية، روضة الأنوار ونزهة الأخيار، جامع الأمهات في أحكام العبادات: فقه مالكي، الإرشاد في مصالح العباد، رياض الصالحين، العلوم الفاخرة في النظر في أمور الآخرة. 87 - عبد الرحمن بن محمد بن يوسف القصري أبو محمد الفاسي المالكي (¬3) عالم مشارك في النحو واللغة والتفسير والفقه والأصول والكلام والمنطق والبيان والموسيقى!! ولد بالقصر الكبير (¬4) في محرم سنة اثنتين وسبعين وتسعمائة. أخذ عن أخيه أبي المحاسن يوسف وقد تربى في حجره حيث مات أبوه وهو في الفطام وعن أبي زكريا السراج والقصار والمنجور وغيرهم. وعنه ابن أخيه علي بن يوسف وابنه عبد القادر وميارة ومحمد بن عبد الله. درس بفاس التفسير والحديث وصفه مخلوف بقوله: الإمام العارف بالله العلامة الفقيه المحدث الصوفي الفهامة الجامع بين العلم والعمل الشيخ الصالح الكثير الكرامات ... .له بفاس زاوية وأصحاب كثيرون يقرأون بها أوراده ... . وقال: أفردت ترجمته مع أخيه يوسف في مجلد حافل. قال أبو حامد العربي: ... .وأما معاني القرآن والحديث والتصوف المؤيد ¬

(¬1) منه نسخة بالحرم النبوي. (¬2) معجم المفسرين 1/ 276. (¬3) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 1/ 276، 2/ 781، معجم المحدثين والمفسرين 23، شجرة النور 1/ 299، مرآة المحاسن 158، معجم المؤلفين 2/ 123، فهرس الخزانة الحسنية 537، هدية العارفين 1/ 548، صفوة من انتشر 34، خلاصة الأثر 2/ 378، اليواقيت الثمينة 191، الأعلام 4/ 108، نشر المثاني (موسوعة أعلام المغرب 3/ 1273). (¬4) مدينة كبيرة تابعة لمملكة فاس أسست في عهد المنصور ملك مراكش ولها قصة (انظر وصف إفريقيا 1/ 303).

بالكتاب والسنة فلا يجارى في شيء من ذلك (¬1). وقال القادري: كان دراكا في المعقول والمنقول أميرا في فهم الكتاب والسنة في وقته ... .. له أجوبة وتقاييد كثيرة في التفسير والحديث والأصول والفقه والتصوف وتراجمه معروفة في كتب مشهورة كمرآة المحاسن ... . وابتهاج القلوب ... ونقل عن المهدي في ممتع الأسماع أنه لم يتداركه الجذب من أول أمره وإنما فجأه (¬2) بعد انشغاله في أيام غفلته بعلم الظاهر من القراءة والعربية والفقه والحديث. (¬3) ذهب هو والقاضي أبو القاسم بن أبي النعيم إلى فاس الجديدة بقصد الإصلاح بين صاحبها وبين أهل فاس فقال له القاضي المذكور وقد علم من شأنه من القوة في الله والصدع بالحق: ياسيدي لاطف هذا الرجل وتلا عليه {فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى} (¬4) فقال له: ذاك مقام موسى عليه الصلاة والسلام ومقامنا نحن محمدي وتلا عليه {وقل الحق من ربكم فمن شاء فليومن ومن شاء فليكفر} (¬5) توفى ليلة الأربعاء السابع والعشرين من ربيع الأول سنة ست وثلاثين بعد الألف ودفن في روضة أخيه أبي المحاسن وبني عليه بناء حسن يشبه البيت. من تآليفه: حاشية في التفسير. قال مخلوف: عظيمة الفائدة. (¬6) حاشية على تفسير الجلالين (¬7). تفسير الفاتحة بطريق الإشارة (¬8). وله أيضا: حاشية على الجامع الصحيح للبخاري، حاشية على شرح الصغرى للسنوسي حاشية على دلائل الخيرات، حاشية على الحزب الكبير ¬

(¬1) مرآة المحاسن ص: 158. (¬2) هكذا يفعل التصوف في أربابه نسأل الله السلامة والعافية. (¬3) نشر المثاني (الموسوعة 3/ 1273). (¬4) طه: 44. (¬5) الكهف 29 وانظر نشر المثاني (الموسوعة 3/ 1275). (¬6) الشجرة 1/ 299. (¬7) منها نسخة بالخزانة العامة بالرباط والجلاوي وبالصبيحية (الفهرس الشامل 2/ 679) ومنها نسخة بالخزانة الحسنية. (¬8) منه نسخة بخزانة تطوان وبالخزانة العامة بالرباط (الفهرس الشامل 2/ 678).

88 - عبد الرحيم بن علي بن إسحاق بن مروان القرشي محيي الدين البوني

للشاذلي، حاشية على مختصر خليل، جوهرة العقول في ذكر الوصول. 88 - عبد الرحيم بن علي بن إسحاق بن مروان القرشي محيي الدين البوني (¬1) فقيه مشارك في بعض العلوم من أهل بونة له: منافع القرآن قال صاحب كشف الظنون: أوله: الحمد لله الذي أجرى على ألسنتنا الضعيفة كتابه العظيم .. الخ، أبدع لكل أمر ما هو مخصوص به من الآيات وما أخذ عن أرباب الروايات ... 89 - عبد الرحيم بن عمر بن المقدمي الشريف (¬2) ولد بنفطة (¬3) في بيت علم توارث وظيفة القضاء ببلدهم مدة طويلة، ولم يزل لهم عقب بها يعرفون بعشيرة المقدميين. وتولى هو خطة القضاء كسلفه منتصف القرن الثاني عشر. له: الجوهر اليتيم في تفسير القرآن العظيم. يقع في أربعة أجزاء. (¬4) التنقيح من كتاب الله الصحيح: بحث مستوفى في بلاغة القرآن وفصاحته وإعجازه. في جزء كبير. (¬5) 90 - عبد السلام بن أحمد (حمدون) بن علي بن أحمد جسوس أبو محمد الفاسي (¬6) صوفي عالم بالنحو والفقه واللغة والحديث والتفسير والأصول والبيان ¬

(¬1) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 781، كشف الظنون 2/ 1835. (¬2) مصادر ترجمته: العمر1/ 1 / 192 رقم 28، إيضاح المكنون 1/ 385، تراجم المؤلفين4/ 356. (¬3) نفطة: بنون مفتوحة بعدها فاء ساكنة ثم مهملة، مدينة بإفريقية من أعمال الزاب الكبير وأهلها شراة إباضية ووهبية متمردون وبين نفطة ومدينة توزر مرحلة. (معجم البلدان 5/ 342). (¬4) قيل إنه موجود بخط يده في بعض الخزائن الخاصة بنفطة. (¬5) منه نسخة بخط يد مؤلفه في مكتبة حسن حسني عبد الوهاب رقم 8606. (¬6) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 1/ 282، اليواقيت الثمينة 1/ 203، شجرة النور 1/ 331، دليل مؤرخ المغرب 2/ 201، معجم المؤلفين 2/ 145، نشر المثاني وتذكرة المحسنين (موسوعة أعلام المغرب 5/ 1941).

91 - عبد السلام بن الطيب بن محمد القادري الحسني أبو محمد الفاسي

وعلم الكلام. أخذ عن عبد القادر الفاسي وولديه عبد الرحمن ومحمد وميارة واليوسي وأبي العباس أحمد بن الحاج وغيرهم وأخذ القراءات على أبي زيد ابن القاضي وحج فأخذ بمصر عن الشيخ سلطان وغيره. وعنه أخذ أعلام منهم ولده عبد الله. كان إماما بالمسجد الأعلى من العقبة الزرقاء من فاس القرويين ... وادعى طريقة القوم فكان يقرأ الأحزاب والأوراد وذكر الجلالة على المألوف في زوايا شيوخ الطريقة فكان يقرأ بعد الصبح حزب الفلاح والحزب الكبير لأبي الحسن الشاذلي وبعد الانتهاء منه يدرس التفسير ... وغالب تدريسه تفسير الجلالين. (¬1) سجن لامتناعه عن تمليك بعض دور الضعفاء للأشراف وإخراجهم منها حيث لم ير حل ذلك كما وجد بخطه مؤرخا قبل مقتله بيومين. توفي قتيلا مخنوقا في سجن فاس ليلة الخميس الخامس والعشرين من ربيع الثاني سنة إحدى وعشرين ومائة وألف في قضية طويلة. ودفن في روضتهم داخل باب الفتوح. من آثاره: مؤلف في الأدعية النبوية، قصائد وأنظام. 91 - عبد السلام بن الطيب بن محمد القادري الحسني أبو محمد الفاسي (¬2) عالم مشارك في علوم العربية والبيان والمنطق والكلام والتفسير. صوفي نسابة من كبار علماء المغرب في عصره، والقادري: نسبة إلى عبد القادر الجيلاني. ولد بفاس وقت صلاة الجمعة العاشر من رمضان سنة ثمان وخمسين وألف. أخذ عن عبد القادر الفاسي وولديه محمد وعبد الرحمن واليوسي المفسر والعربي الفشتالي وأحمد بن الحاج وغيرهم. ¬

(¬1) انظر نشر المثاني (الموسوعة 5/ 1941). (¬2) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 1/ 282، شجرة النور 1/ 328، هدية العارفين 1/ 572، معجم المطبوعات 1478، اليواقيت الثمينة 1/ 202، إيضاح المكنون 1/ 37، 50، 87 وغيرها، سلوة الأنفاس 2/ 348، فهرس الفهارس 2/ 774، الأعلام 4/ 5، معجم المؤلفين 2/ 147، معجم المطبوعات 1478، 1479، بروكلمان: الملحق 2/ 682، نشر المثاني وتذكرة المحسنين (موسوعة أعلام المغرب3/ 1847، 1871).

92 - عبد العزيز بن إبراهيم بن أحمد بن محمد القرشي التيمي أبو فارس أبو محمد ابن بزيزة

وصحب أبا العباس أحمد بن محمد بن عبد الله بن معن ولازمه نحوا من خمس وعشرين سنة. أخذ عنه أبو العباس أحمد الفلالي وولده الطيب. ترجمه حفيده محمد بن الطيب في كتابه نشر المثاني فأطال في ترجمته جدا وأغدق عليه ألوانا من الثناء البليغ ونقل ثناء جمع عليه ومنهم بعض أشياخه. رحل إلى سوس الأقصى رجاء فتنة وقعت وعرضت أن تخمد أو تضمحل فما زادت إلا قوة فلما أيس من خمودها رجع إلى فاس بعد أن غاب عنها نحو عام ونصف فمرض بها وتوفي صبح يوم الجمعة ثالث عشر ربيع الأول سنة عشر ومائة وألف ودفن خارج باب الفتوح قرب قبة أحمد اليمني. ولأبي عبد الله محمد بن أحمد الفاسي كتاب: المورد الهني بأخبار مولاي عبد السلام القادري الحسني. في سيرته. له: تفسير سورة الإخلاص وله مؤلفات كثيرة أخرى منها: المقصد الأحمد: في مناقب شيخه أحمد، العرف العاطر فيمن بفاس من أبناء الشيخ عبد القادر، الإشراف على نسب الأقطاب الأربعة الأشراف، نيل القربات بأهل العقبات، رجاء الإجابة بالبدريين من الصحابة، عقد اللآل ووسيلة السؤال بما له - صلى الله عليه وسلم - من الآل، وسيلة السالكين بالعارفين الكاملين، الروض الأنيق الزاهي في أحكام المصلي والساهي وغيرها (¬1). 92 - عبد العزيز بن إبراهيم بن أحمد بن محمد القرشي التيمي أبو فارس أبو محمد ابن بزيزة (¬2) المالكي الصوفي. قال السراج: كان عالما صوفيا فقيها جليلا. (¬3) قال مخلوف: من أعيان أئمة المذهب ... كان في درجة الاجتهاد. (¬4) ¬

(¬1) نشر المثاني (الموسوعة 3/ 1852). (¬2) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 1/ 285، إتحاف أهل الزمان 1/ 162، نيل الابتهاج 178، الحلل السندسية 1/ 645، تاريخ الدولتين ص: 38، تراجم المؤلفين 1/ 127، تبصير المنتبه 1/ 79، شجرة النور الزكية 1/ 190، المشتبه 1/ 70، معجم المؤلفين 2/ 155، هدية العارفين 1/ 581، العمر 1/ 1 / 394 رقم 90. (¬3) الحلل السندسية 1/ 645. (¬4) الشجرة 1/ 190.

مولده بمدينة تونس يوم الاثنين الرابع عشر من المحرم عام ست وستمائة. أخذ على أبي محمد البرجيني تلميذ الإمام المازري وأبي عبد الله السوسي والقاضي أبي القاسم بن البراء وغيرهم وبرز في علوم العربية والفقه والأدب. وفاق أقرانه وعرف من بينهم بالتضلع والعلم الواسع حتى غدا من أئمة المذهب المالكي المعتمد عليهم، وقرأ بالزيتونة وتخرج عليه جماعة من كبار العلماء درسوا بين يديه، ونالوا المناصب العالية. توفي بتونس في الرابع من ربيع الأول سنة اثنتين وستين وستمائة وقيل ثلاث وستين حكاهما مخلوف وقيل أربع وسبعين وستمائة جزم به حسن حسني وقيل ثلاث وسبعين وصوبه أحمد بابا، وقيل تسع وخمسين وقيل أربع وستين (¬1). ودفن في مقبرة محرز بن خلف داخل باب السويقة. له: البيان والتحصيل المطلع على علوم التنزيل: وهو تفسير متسع للقرآن جمع فيه المشكلات بين تفسيري الزمخشري وابن عطية. (¬2) منهاج المعارف إلى روح العوارف: بين فيه تأويل أكثر المشكلات. إيضاح السبيل إلى منهاج التأويل: وهو مختصر الكتاب المتقدم. الأنوار في فضل القرآن والدعاء والاستغفار. وله أيضا: شرح أسماء الله الحسنى، الإسعاد في شرح الإرشاد لأبي المعالي الجويني، شرح التلقين لعبد الوهاب بن نصر القاضي، شرح الأحكام الصغرى لعبد الحق الإشبيلي، شرح العقيدة البرهانية، شرح المفصل في النحو للزمخشري، غاية الأمل في شرح الجمل للزجاجي، وغير ذلك. ¬

(¬1) ووهم حسن حسني قائلهما وتعقبه المحققان بقولهما: المعتمد في تاريخ وفاته ما ذكره معاصره أحمد بن محمد المعروف بالشريف الغرناطي في كتابه "المشرق في تحلية علماء المغرب والمشرق" حسب رواية "نيل الابتهاج " نقلا عن تقييد البسيلي. وهذا النص نفسه نقله محمد محفوظ من ظهر نسخة من شرح الإرشاد، والزركشي في تاريخ الدولتين: أنه توفي في الرابع لربيع الأول من السنة المذكورة (أي 662) وزاد الأول بتحديد سنه وهو ابن سبع وأربعين سنة. (¬2) منه نسخة بالقرويين (وانظر بروكلمان: الملحق 1/ 736، الفهرس الشامل 1/ 256).

93 - عبد العزيز بن أبي القاسم أحمد بن حسن الربعي أبو فارس ركن الدين ابن الدروال التونسي

93 - عبد العزيز بن أبي القاسم أحمد بن حسن الربعي أبو فارس ركن الدين ابن الدروال (¬1) التونسي (¬2) فقيه أصولي كان فاضلا متفننا في العلوم مع ميل إلى التصوف. من تلاميذ ابن زيتون وأخذ ببجاية عن أبي علي ناصر الدين المشذالي وقصد مصر للقراءة فأقام بها مدة ولم يحج، وبه تخرج الأخوان برهان الدين إبراهيم وشمس الدين محمد ابنا محمد بن إبراهيم الصفاقسيان المفسران. وممن أخذ عنه مباشرة ابن مرزوق الجد. قال الثعالبي في فهرسته "غنية الوافد": وحدثني ابن مرزوق عن جده أنه سمع على عبد العزيز بن أحمد التونسي المعروف بابن الدروال بعض التفسير له، الذي لم يكمل. وإنه لمن أعجب ما صنف، وبعض تقييداته. (¬3) وتوفي بالقاهرة سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة. له: تفسير القرآن. وقال ابن فرحون: له تآليف لم أقف على تعيينها (¬4). 94 - عبد العزيز بن عبد الرحمن الهلالي أبو فارس الفيلالي (¬5) فقيه عدل محتسب قال القادري: كان رحمه الله قائما على حدود الله، لا ضرار ولا ضرر ... ، لا يبخس الناس أشياءهم، ولا يترك أهل الباعة يقبضون شيئا أكثر من المعروف شفقة على خلق الله تعالى. وكان له دور كبير في إلغاء المكوس التي هم بوضعها السلطان عل أبواب فاس وأسواقها. تولى حسبة فاس يوم الأحد الثاني من محرم سنة ثلاث وثلاثين وألف، وكان تولى قبل ذلك ثم عزل فلما رأى الخليفة قيامه بحقوق الناس وعدله بين البائع والمشتري آثر توليته على غيره فولاه ثانيا. ¬

(¬1) ضبطه ابن فرحون بكسر الدال المهملة وسكون الراء. (¬2) مصادر ترجمته: درة الحجال 3/ 117، الديباج المذهب 158، تراجم المؤلفين 2/ 305، شجرة النور الزكية 1/ 207، معجم المؤلفين 2/ 159، نفح الطيب 5/ 394، العمر1/ 1 / 158 رقم 17، وفيات الونشريسي (موسوعة أعلام المغرب 2/ 618). (¬3) انظر العمر 1/ 1 / 158 الاستدراكات. (¬4) الديباج 158. (¬5) مصادر ترجمته: نشر المثاني (موسوعة أعلام المغرب 4/ 1686).

95 - عبد العزيز بن محمد بن أحمد بن الصالح بناني أبو رافع

توفي محتسبا يوم الاثنين الثاني والعشرين من جمادى الأولى سنة ست وتسعين وألف. له: تقييد على البسملة. (¬1) 95 - عبد العزيز بن محمد بن أحمد بن الصالح بناني أبو رافع (¬2) فقيه مالكي مشارك في الحديث والتفسير والأصول والمنطق والكلام والعربية من أهل فاس ولد سنة ثمان وسبعين ومائتين وألف أخذ عن جماعة منهم محمد بن المدني كنون والطيب ابن كيران وأبي بكر بن العربي بناني والمدني بن علي بن جلون وغيرهم. من تلاميذه ابن سودة صاحب سل النصال. كان يظهر الزهد والورع ملازما التدريس والإمامة بجامع الشوك وينتسب إلى الطريقة الدرقاوية. وكان مواظبا على الاعتكاف بجامع الأندلس في كل رمضان قبل توليه القضاء. وكانت عبارته لا يفهمها إلا النجباء من الطلبة لأنه ربما أكمل العبارة بعينه أو بيده مشيرا إلى إكمالها (¬3). ولي القضاء بمحكمة الرصيف بفاس فلم يحسن التصرف لجهله بالقوانين الوقتية فكان يرجح الشرع على القانون فأعفي وعين نائبا لرئيس المجلس العلمي بها واستمر إلى أن توفي ليلة الأحد الثاني من جمادى الثانية سنة سبع وأربعين وثلاثمائة ودفن بالقباب قبلة قبة الغياثي بروضة تعرف بهم. له تصانيف منها: تأليف في مسألة الكسب، في الاعتكاف، في الذكر في الجنائز، في حكم الرقص والسماع، في القبض في الصلاة، إبداع التحرير في حكم التصوير، إشارات الصوفية مايقبل منها ومايرد، حاشية على شرح بناني على السلم، حاشية على شرح المحلي على جمع الجوامع، وغيرها. ¬

(¬1) منه نسخة بخزانة تطوان وبالصبيحية (انظر الفهرس الشامل 2/ 730). (¬2) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 1/ 290، رياض الجنة 2/ 100، الأعلام 4/ 28، معجم الشيوخ 2/ 100، معجم المؤلفين 2/ 166، سل النصال وإتحاف المطالع (موسوعة علماء المغرب 8/ 2982). (¬3) سل النصال (الموسوعة 8/ 2983).

96 - عبد العزيز المهدوي

96 - عبد العزيز المهدوي (¬1) له: تفسير بعض آيات من القرآن. (¬2) 97 - عبد القادر بن علي بن يوسف المغربي أبو محمد وأبو السعود الفاسي (¬3) محدث مفسر من فقهاء المالكية كان من كبار الشيوخ في عصره ولد بمدينة القصر الكبير قصر كتامة عند زوال يوم الاثنين ثاني رمضان سنة سبع وألف وانتقل إلى فاس. أخذ عن والده وأخيه أحمد وعم أبيه العارف الفاسي وبه تخرج وأخذ عنه الطريقة وعن جماعة غيرهم منهم: الشهاب المقري وابن عاشر وأبي الحسن المري. وعنه خلق لا يحصون منهم ابناه محمد وعبد الرحمن وعيسى الثعالبي وأبو سالم العياشي ومحمد العربي بردلة ومحمد ميارة واليوسي وعبد السلام جسوس ومحمد العربي المسناوي. قال مخلوف عنه: علم الأعلام الفقيه العلامة المحدث المفسر الفهامة الصوفي المعظم عند الخاصة والعامة ... . الخ (¬4) وقال حفيده أبو محمد الطيب في فهرسته: الفقيه الإمام المحدث الحافظ المفسر الأصولي المتكلم النحوي ... .. ركن الإسلام وعلم الأعلام ... الخ وقال: وقع الإطباق من مشايخ عصره على تبحره في علمي الظاهر والباطن. (¬5) ¬

(¬1) لم أقف له على ترجمة والمهدوي: نسبة إلى مهدية المغرب على الأقرب وقد تقدم الكلام عليها في ترجمة أحمد بن عمار. (¬2) منه نسخة بدار الكتب الوطنية بتونس (انظر الفهرس الشامل 2/ 894). (¬3) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 782، معجم المحدثين والمفسرين 24، شجرة النور1/ 384، صفوة من انتشر 181، وخلاصة الأثر 2/ 444، فهرس الفهارس 2/ 763، معجم المطبوعات 1430، والأعلام 4/ 41، بروكلمان: الملحق2/ 708، النبوع المغربي 283، نشر المثاني (موسوعة أعلام المغرب 4/ 1636) والفاسي: اسم لا نسبة إلى فاس كما أفاده مخلوف. (¬4) الشجرة 1/ 384. (¬5) انظر نشر المثاني (الموسوعة 4/ 1636).

98 - عبد الكريم بن محمد بن عبد العزيز الحمروني

أفرد ترجمته ابنه عبد الرحمن في مجلد حافل سماه تحفة الأكابر بمناقب الشيخ عبد القادر، وألف فيه أيضا: بستان الأزاهر في أخباره، وابتهاج البصائر في ذكر من قرأ عليه. توفي بفاس ظهر يوم الأربعاء التاسع من رمضان سنة إحدى وتسعين، ودفن من الغد يوم الخميس في زاويته، ورثي بقصائد كثيرة. نسب له عبد السلام كنوني: تفسير جزء تبارك. وقال: أطال فيه النفس. (¬1) وكانت تصدر عنه أجوبة عن مسائل سئل عنها جمعها بعض أصحابه في مجلد وهي من الفتاوى التي يعتمد عليها علماء الوقت (¬2) منها: الأجوبة الكبرى، والأجوبة الصغرى، وتعليقات على صحيح البخاري جمعها أحد أبنائه، وله العقيدة المشهورة المنسوبة إليه وكراسة في الفرائض والسنن مشهورة أيضا، ورسالة في الإمامة وأحكامها، النتيجة المحمودة في الرد على زاعم ملكية وادي مصمودة. 98 - عبد الكريم بن محمد بن عبد العزيز الحمروني (¬3) عالم نحوي من قبيلة الحمارنة العربية بقابس (¬4) كان رجلا صالحا زاهد. معتنيا بالعلم وتحقيقه، منعوتا بالولاية. وكان والده معروفا بالصلاح كذلك. والمرجح أنه من علماء تونس في النصف الثاني من القرن الحادي عشر والنصف الأول من القرن الثاني عشر. (¬5) له: اختصار كتاب المجيد في إعراب القرآن المجيد للبرهان الصفاقسي. (¬6) ¬

(¬1) انظر تفسير سور المفصل ص: 6. (¬2) صفوة من انتشر 181. (¬3) مصادر ترجمته: العمر 1/ 1 / 191 رقم 27، تراجم المؤلفين 2/ 173، بروكلمان: الملحق 2/ 360. (¬4) تراجم المؤلفين 2/ 173. (¬5) ذكر بروكلمان أنه من علماء القرن الثالث عشر. وما جاء في خاتمة النسخة من أنها: تم نسخها ومقابلتها بالمسودة سنة 1148 هـ، وكذلك تاريخ تحبيسها سنة 1188 هـ يبعد ما ذكره بروكلمان. وانظر العمر 1/ 1 / 191. (¬6) منه نسخة في دار الكتب الوطنية رقمها 4930 (العبدلية 77 وانظر الفهرس الشامل 2/ 852).

99 - عبد الله بن أبي بكر بن القاسم الغدامسي

أوله: الحمد لله الذي شرفنا بحفظ كتابه ... .وكتب في نهايته: هذا ما وجد بخط المؤلف الولي الزاهد الناصح من حقق العلوم بلا نزاع ... الخ. 99 - عبد الله بن أبي بكر بن القاسم الغدامسي (¬1) له: كتاب منهاج السالكين في منافع القرآن الكريم. (¬2) 100 - عبد الله بن عبد الرحمن أبي زيد النفزي (¬3) أبو محمد القيرواني (¬4) محدث حافظ عالم بالرجال وفقيه أصولي بارع بلغ درجة الاجتهاد ومقرئ عالم بالتفسير ولغوي شاعر بصير بالرد على أهل البدع مع زهد وورع وعفة (¬5). إمام المالكية في وقته يلقب بقطب المذهب وبمالك الأصغر من أعيان القيروان. ولد بها سنة عشر وثلاثمائة. نشأ بالقيروان وتفقه بفقهائها وعول على ابن اللباد وأخذ عن محمد الحجام والعسال ورحل وحج وسمع من ابن الأعرابي ومحمد بن الفتح وغيرهما. سمع منه خلق كثير منهم: عبد الرحيم بن العجوز السبتي وعبد الله بن غالب وعبدالله بن الوليد وغيرهم. ¬

(¬1) لم أقف له على ترجمة والغدامسي: نسبة إلى غدامس - بفتح أوله ويضم - وهي من مناطق الجريد الواقعة إلى جهة الشرق من إقليم الزاب وهي منطقة كبيرة على بعد نحو ثلاثمائة ميل من البحر المتوسط (انظر وصف إفريقيا 1/ 32، 2/ 146) وقال ياقوت: هي مدينة بالمغرب ثم في جنوبيه ضاربة في بلاد السودان (معجم البلدان4/ 212 وانظر الروض المعطار 427). (¬2) منه نسخة بمكتبة موريتانيا (انظر الفهرس الشامل 2/ 874). (¬3) النفزي: نسبة إلى قبيلة نفزة البربرية. (انظر الديباج 136، العمر 1/ 2 / 643). (¬4) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 1/ 312، القراءات بإفريقية 304، ترتيب المدارك 6/ 217، المعالم 3/ 109، تذكرة الحفاظ 1021، سير أعلام النبلاء 17/ 10، العبر 3/ 43، الفهرست 1/ 201، الديباج 136، شذرات الذهب 3/ 131، مرآة الجنان 2/ 441، فهرسة ابن خير 244، كشف الظنون 841، 880، هدية العارفين 1/ 447، شجرة النور 1/ 96، دائرة المعارف الإسلامية 1/ 80، النجوم الزاهرة 4/ 200، بروكلمان: الملحق 1/ 301، وفيات ابن قنفذ 221، أعلام الفكر الإسلامي 44، الأعلام 4/ 230، معجم المؤلفين 2/ 252، تراجم المؤلفين 2/ 443، تاريخ التراث 2/ 160، مدرسة الحديث بالقيروان 2/ 632، الفكر السامي 2/ 115، العمر 1/ 2 / 643. (¬5) مدرسة الحديث بالقيروان 2/ 633.

قال ابن فرحون: حاز رئاسة الدين والدنيا، وإليه كانت الرحلة من الأقطار، ونجب أصحابه وكثر الآخذون عنه وهو الذي لخص المذهب وضم نشره وذب عنه، وملأت البلاد تآليفه. (¬1) وقال الذهبي: كان على طريقة السلف في الأصول، لايدري الكلام ولا يتأول (¬2). وقال الحجوي: وعندي أنه أحق من يصدق عليه حديث: "يبعث الله على رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها" (¬3). هذا في إفريقيا وما قرب منها ... (¬4) توفي بالقيروان سنة ست وثمانين وثلاثمائة ودفن بداره وقبره معروف. له: التفسير. (¬5) البيان في إعجاز القرآن. وله أيضا: النوادر والزيادات، مختصر المدونة: وعليهما المعول في الفتيا بالمغرب. الرسالة: وهي من أشهر ماألف ووقع التنافس في اقتنائها حتى كتبت بالذهب وعليها شروح كثيرة وقيل: صنعها وله سبع عشرة سنة (¬6). تهذيب العتبية، المعرفة واليقين، النهي عن الجدال، الثقة بالله والتوكل عليه، رسالة في الرد على القدرية، رسالة في التوحيد، وغير ذلك. اجتمع به عيسى بن ثابت العابد فقال له عيسى: أحب أن تكتب اسمي في البساط الذي تحتك فإذا رأيته دعوت لي. فبكى أبو محمد وقال له: قال تعالى {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه} (¬7) فهبني دعوت لك فأين العمل الصالح يرفعه؟. (¬8) ¬

(¬1) الديباج ص: 137. (¬2) السير 17/ 12. (¬3) أخرجه أبو داود - كتاب الملاحم ح رقم 3740 من حديث أبي هريرة ورجاله ثقات. (¬4) الفكر السامي 2/ 115. (¬5) معجم المؤلفين 2/ 252، وجاء في السير باسم: التفسير واليقين وهو في غيره: المعرفة واليقين، وذكر غير واحد له كتاب تفسير أوقات الصلوات فالله أعلم بالصواب. (¬6) المعالم 3/ 111، الشجرة 1/ 96. (¬7) فاطر: 10. (¬8) المدارك 6/ 221.

101 - عبد الله بن عبد الصمد بن التهامي بن المدني كنون الفاسي الطنجي الحسني

وقال في قوله تعالى {ومايعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا} (¬1): الله يعلم تأويل المتشابه من كتابه، والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا ... وقال بعض الناس: الراسخون في العلم يعلمون مشكله ... ولكن الأول هو قول أهل المدينة وعليه يدل الكتاب. (¬2) 101 - عبد الله بن عبد الصمد بن التهامي بن المدني كنون الفاسي الطنجي الحسني (¬3) العلامة الأديب اللغوي الشاعر رئيس رابطة علماء المغرب ولد بفاس يوم السبت ثلاثين من شعبان سنة ست وعشرين وثلاثمائة وألف. حفظ القرآن صغيرا بالكتاب وأتقن المتون ورواية الحديث والشعر ثم لحق بالقرويين، واستقر مع والده بطنجة. درس على والده وأحمد بن محمد الأنجري ومحمد بن عبد السلام السميحي وعبد السلام بن الأشهب وغيرهم. أسس المعهد الإسلامي بطنجة، ثم هاجر إلى تطوان احتجاجا على خلع الملك محمد الخامس، فدرس هناك، ولم يلبث أن عين وزيرا للعدل بحكومته، وبعد توحيد المغرب أوكل إليه وظيفة الحاكم العام بطنجة، وكان أحد مؤسسي الجمعية الوطنية بقيادة عبد الكريم الخطابي، وأسهم في تأسيس كتلة العمل الوطني، وعين عضوا في المجمع العلمي العربي بدمشق، كما انتخب عضوا بمجمع اللغة العربية بالقاهرة، ثم انتخب أمينا عاما لرابطة العلماء بالمغرب. كما عين عضوا بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ثم عضوا في المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي وغير ذلك من المراكز العلمية بالأردن والعراق. ¬

(¬1) آل عمران: 7. (¬2) الجامع 114، 115. (¬3) مصادر ترجمته: تتمة الأعلام 1/ 335، ذيل الأعلام 131، مجلة الرابطة 6/ 1410، مفكرون وأدباء 139، التأليف ونهضته بالمغرب 397، شخصيات إسلامية معاصرة ص: 287، شعراء الدعوة الإسلامية في العصر الحديث 7/ 57، أعلام القرن الرابع عشر الهجري 1/ 105، إسعاف الإخوان الراغبين ص: 402.

أصدر مجلة لسان الدين ورأس تحرير مجلة الأنوار وأصدر صحيفة الميثاق وترأسها حتى وفاته. كما أصدر بعدها مجلة الإحياء. (¬1) توفي صباح الأحد خامس ذي الحجة سنة تسع وأربعمائة وألف. وممن كتب عنه: أحمد الشايب في كتاب: الدراسات الأدبية في المغرب: عبد الله كنون نموذجا. عدنان الخطيب في كتاب: عبد الله كنون سبعون عاما من الجهاد المتواصل. عبد القادر الإدريسي في كتاب: عبد الله كنون وموقعه في الفكر الإسلامي السياسي الحديث. له أكثر من خمسين كتابا منشورة منها: تفسير سور المفصل من القرآن الكريم والفاتحة. (¬2) التيسير في صناعة التفسير للإشبيلي: تحقيق. الرد القرآني على كتيب: هل يمكن الاعتقاد بالقرآن. قال كنون في مقدمة تفسيره: ولذلك فإننا في تفسيرنا هذا لم نمل عن ظاهر الآيات ولم نصرفها عن وجهها ولم نعتضد بغير المأثور في بيان المعنى المراد أو قول السلف رضوان الله عليهم. وكان اعتمادنا في الغالب على تفسير ابن جزي وابن كثير والجلالين مع الرجوع في بعض الأحيان إلى تفسير الطبري والقرطبي وابن عطية والفخر الرازي والثعالبي لاستجلاء المعنى وتبيين المراد حين يشكل الأمر ويجب تقديم الآية بما يوافق العقل والنقل. (¬3) وله أيضا: أحاديث عن الأدب المغربي الحديث، أدب الفقهاء، الإسلام أهدى، إسلام رائد، أمراؤنا الشعراء، أنجم السياسة وقصائد أخرى، إيقاعات الهموم: شعر، ترتيب أحاديث الشهاب، جولات في الفكر الإسلامي، ذكريات مشاهير رجال المغرب (سلسلة تراجم)، النبوغ المغربي في الأدب العربي، وغير ذلك. ¬

(¬1) ذيل الأعلام ص: 132. (¬2) على قراءة نافع برواية ورش مطبوع دار الثقافة الدار البيضاء سنة 1401 هـ. (¬3) تفسير سور المفصل ص: 9.

102 - عبد الله بن محمد بن الصديق بن أحمد بن عبد المؤمن الغماري الدرقاوي الصديقي الإدريسي الحسني

102 - عبد الله بن محمد بن الصديق بن أحمد بن عبد المؤمن الغماري الدرقاوي الصديقي الإدريسي الحسني (¬1) فقيه بحاثة مشارك شيخ الطريقة الشاذلية. قال ابن الحاج: يتقن النحو والأصول والمنطق والتفسير والحديث. (¬2) ولد بطنجة يوم الخميس غرة رجب سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة وألف. قال عنه الألباني: معروف بعدائه الشديد منذ القديم لأنصار السنة ولكل من ينتمي إلى عقيدة السلف. (¬3) أخذ العلم عن والده وشقيقه أبي الفيض وخاله أحمد بن عجيبة، وعلى ابن الحاج السلمي ومحمد بن الحسن الصنهاجي درس بالقرويين وبالأزهر فأخذ عن محمد حسنين مخلوف وأخذ التفسير عن محمد بخيت المطيعي وغيرهما. وتحصل على شهادة العالمية الأزهرية وعين مفتشا على الدروس بمشهد الرفاعي والحسين والسيدة زينب. عاد إلى مسقط رأسه وتولى خطبة الجمعة بالزاوية الصديقية. كان مالكيا ثم تحول شافعيا ثم ترك التقليد. توفي سنة ثلاث عشرة وأربعمائة وألف. له مؤلفات كثيرة منها: بدع التفاسير (¬4) جواهر البيان في تناسب سور القرآن. فضائل النبي في القرآن. فضائل القرآن. واضح البرهان على تحريم الخمر والحشيش في القرآن. وله: الرؤيا في القرآن والسنة، قصة آدم عليه السلام، قصة إدريس وهاروت وماروت، الحجج البينات في إثبات الكرامات، إتحاف الأذكياء بجواز التوسل بالأنبياء، القول المقنع في الرد على الألباني المبتدع، حسن التلطف في بيان ¬

(¬1) مصادر ترجمته: إسعاف الإخوان الراغبين 397، ذيل الأعلام ص: 133، التأليف ونهضته بالمغرب 392، مقدمة سلسلة الأحاديث الضعيفة 3/ 8 ولعلي الحلبي: كشف المتواري من تلبيسات الغماري ورد عدوانه على أهل السنة. (¬2) إسعاف الإخوان الراغبين ص: 397. (¬3) مقدمة السلسلة الضعيفة 3/ 8. (¬4) ترجم لنفسه في آخره.

103 - عبد الله بن محمد بن عبد الله العلوي الشنقيطي

وجوب التصوف، كمال الإيمان في التداوي بالقرآن، توضيح البيان بوصول ثواب القرآن، الدرر النقية في أذكار وأوراد الطريقة الصديقية، وغير ذلك. 103 - عبد الله بن محمد بن عبد الله العلوي الشنقيطي (¬1) قال البرتلي: كان فريد دهره ووحيد عصره صدرا من صدور العلماء ... عارفا بعلم أصول الدين والتفسير والحديث والفقه والأصول ... أخذ عن جلة من الأشياخ في المغرب الأقصى وسوس الأدنى منهم أحمد العطار وأبو مدين وأحمد بن يعقوب الولالي وغيرهم. أخذ عنه جماعة وافرة منهم أحمد بن محمد بن موسى الزيدي فسر عليه القرآن وقرأ عليه تآليف السنوسي وغير ذلك. توفي سنة ثلاث وأربعين ومائة وألف. له: نزهة المعاني في ظهور البيان والمعاني: نظم، تأليف في المنطق، قصيدة في مدح النبي - صلى الله عليه وسلم -، أجوبة، شعر. 104 - عبد الله بن محمد بن عبد الله بن الطالب بن حبيب بن أبيج العلوي ابن رازكه (¬2) من قبيلة إدَوْعَل ونسبته إلى يحيى العلوي الجد الجامع لأكثر القبيلة. ولد في أرض القبيلة ونشأ بها ودرس في محاضر موريتانيا ثم رحل إلى المغرب وأخذ عن عدد من علمائه وكان فصيح اللسان ذكي الجنان له اليد الطولى في اللغة العربية وعلومها وعلم الكلام والتفسير والحديث والفقه والأصول ويعتبر من أبرز علماء وشعراء القرن الثاني عشر الهجري قال عنه البرتلي: فريد دهره ووحيد عصره صدرا من صدور العلماء ومفخرا من مفاخر الأدباء ... .. عارفا بعلم أصول الدين والتفسير والحديث ¬

(¬1) مصادر ترجمته: فتح الشكور في معرفة أعيان علماء التكرور ص: 162. (¬2) مصادر ترجمته: السلفية وأعلامها في موريتانيا ص: 235، فتح الشكور ص: 162، شرح ديوان ابن رازكه ص: 15، الوسيط في تراجم أدباء شنقيط ص: 1 ورازكة: بكاف معقودة - أي بجيم العامة في مصر - اسم أمه.

105 - عبد الله بن محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر بن أحمد نوح اليعقوبي الشنقيطي الجكني

والفقه والأصول برع في النحو واللغة والأدب وعلم البلاغة ... مهر في هذه العلوم كلها. (¬1) من مشايخه في المغرب الأقصى والسوس الأدنى السيد أحمد العطار وأبو مدين القاضي الأكبر وأحمد بن يعقوب الولالي. تخرجت على يده جماعة وافرة من العلماء منهم أحمد بن محمد الزيدي الذي قرأ عليه التفسير وتآليف السنوسي وإضاءة الدجنة في اعتقاد أهل السنة. ومن تلاميذه الذين اشتهروا من بعده ونشروا العقيدة الأشعرية المختار بن بون. وهناك مقولة مشهورة اتفقت عليها كثير من المصادر والمراجع تقول: إن علماء القطر الشنقيطي في ذلك العهد أربعة لم يبلغ أحد مبلغهم عرفهم العام والخاص: ابن رازكة، محمد سعيد اليدالي، والمجيدري بن حبيب الله، وسيدي عبد الله بن الحاج إبراهيم (¬2). ومن شعره: تبهجت عند الموت والموت بغيتي ... ولو كنت هتاكا لما الله حرما وطابت بها نفسي لأني قادم ... على خير ممدوح عليه وأكرما (¬3) وله لغز في قوله تعالى {ثم استخرجها من وعاء أخيه} (¬4) يخاطب علماء فاس ويخص ابن زكري المفسر يقول فيه: أسائلكم ما سر إظهار ربنا ... تبارك مجدا من وعاء أخيه فلم يأت عنه منه أو من وعائه ... لأمر دقيق جل ثم يخيه (¬5) توفي سنة ثلاث وأربعين ومائة وألف. له: نزهة المعاني في ظهور البيان والمعاني: نظم، تأليف في المنطق، قصيدة في مدح النبي - صلى الله عليه وسلم -، أجوبة عن أسئلة الفقيه محمد الولاتي. 105 - عبد الله بن محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر بن أحمد نوح اليعقوبي الشنقيطي الجكني (¬6) ¬

(¬1) فتح الشكور ص: 162. (¬2) السلفية وأعلامها ص: 236. (¬3) فتح الشكور ص: 164. (¬4) يوسف 76. (¬5) الوسيط ص: 8 ورد عليه محمد بن سعيد اليدالي بقصيدة طويلة نقل بعضها صاحب الوسيط. (¬6) مصادر ترجمته: السلفية وأعلامها في موريتانيا ص: 425 - 426، الاتصال به شخصيا. والجكني: نسبة إلى تجاكنت وهي من القبائل العربية من حمير من المهتمين بالعلم (انظر الوسيط في أدباء شنقيط ص: 277، 477).

معاصر من المشتغلين بالتفسير وهو أحد شيوخنا ولد في موريتانيا سنة ثمان وستين وثلاثمائة وألف. حفظ القرآن الكريم وتلقى مبادىء من علوم الدين واللغة العربية في محاضرها، وبعد أن التحق بوالده الشيخ محمد الأمين (¬1) صاحب تفسير أضواء البيان في السعودية فدرس عليه والتحق بالمدارس النظامية في المدينة المنورة، وبعد حصوله على الثانوية العامة درس في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة حتى حصل منها على الدكتوراه في التفسير عام أربعمائة وألف. وبعد ذلك عين رئيسا لقسم التفسير ثم عميدا لكلية القرآن الكريم بنفس الجامعة. وممن أخذ عنهم غير والده بالمعهد العلمي عبد الله الخضيري وتأثر به كثيرا وبالجامعة الإسلامية الشيخ الوائلي وأبي بكر الجزائري المفسر وعبد الغفار الباكستاني وأبي طالب المصري. وحضر دروسا في التفسير على الشيخ محمد المختار الشنقيطي في الحرم النبوي. واشتغل بالتدريس بالجامعة مدة فدرس عليه جماعة من مختلف البلدان وكنت ممن درسهم الشيخ وكان بيني وبينه لقاءات أسرية بمنزله، ونقاشات علمية، وممن أخذ عنه أيضا عبد العزيز بن محمد الحربي الظاهري ويعده أنجب طلابه، وسامي بن عبد الفتاح هلال المصري ويوسف بن محمد شفيع السعودي وحافظ عبد القيوم سندي ومحمد سالم الشنقيطي وغيرهم. وقد سافر لموريتانيا على رأس بعثة مشابهة لبعثة والده من قبل، وسافر إليها مرة أخرى فكان له طيب الأثر في نشر العقيدة السلفية. له دراسات تفسيرية مطبوعة: علاج القرآن للجريمة: رسالة الماجستير وقال في مقدمتها عن أسباب اختياره لهذا الموضوع: أولا: لأني لم أر من كتب تحت هذا العنوان بعد بحث طويل عن ذلك وإن كنت قد وجدته مبحوثا في كتب التفسير والحديث. ¬

(¬1) تأتي ترجمته في المحمدين.

106 - عبد الله بن ياسين بن مكوك بن سير أبو محمد الجزولي المصمودي

ثانيا: أهمية هذا الموضوع ولعلي بكتابتي فيه أفتح الباب أمام طلاب العلم في بحوث خاصة بالقرآن الكريم خصوصا في مجال الإجرام وعلاجه لحاجة الأمة لمثل هذه الأبحاث ... .. الخ دراسة وتحقيق لكتاب الواضح في التفسير للدينوري: رسالة الدكتوراه وأخبرني أن هذا الكتاب هو نفسه تنوير المقباس في تفسير ابن عباس وأن نسبته للفيروزآبادي نسبة خاطئة حيث وقف له على مخطوطة قبل ميلاده. ثم هو يثني على هذا التفسير بشدة ويعتبر أن سمعة الكلبي هي التي أضعفت الإقبال عليه. الآيات المنسوخة في القرآن حكم دخول غير المسلمين للمساجد في ضوء الآيات المتعلقة بذلك. بحث في التفسير التحليلي لقوله تعالى {ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا} (¬1). 106 - عبد الله بن ياسين بن مكوك بن سير أبو محمد الجزولي المصمودي (¬2) ولد في أحواز مدينة أودغست في قرية تدعى تيمامادنت في أوائل القرن الخامس الهجري ولا تعرف سنة مولده بالتحديد. وهو من إقليم جزولة من المناطق التي تسكنها مصمودة إحدى الشعوب الخمسة البربرية الكبرى من الأفارقة البيض (¬3). قضى طفولته في مسقط رأسه ثم رحل إلى مدن العلم في المغرب وتلقى العلم فيها ثم غادر المغرب إلى الأندلس في بداية الربع الثاني من هذا القرن ولبث فيها سبع سنين حصل خلالها على علوم كثيرة، ثم رجع إلى المغرب الأقصى، واتصل برباط وجاج بن زلون اللمطي وجلس فيه لطلب العلم. فكان وجاج بن زلون أحد شيوخه الذين درس عليهم. وأما تلاميذه فهم ¬

(¬1) النساء: 83. (¬2) مصادر ترجمته: السلفية وأعلامها في موريتانيا ص: 143، وانظر: الإمام عبد الله بن ياسين لإبراهيم الجمل، قيام دولة المرابطين ص: 116، دور المرابطين في نشر الإسلام في غرب إفريقية ص: 64، الاستقصا 2/ 7، البيان المغرب 4/ 10، الأنيس المطرب بروض القرطاس ص: 123، الأعلام 4/ 144. (¬3) انظر وصف إفريقيا 1/ 36.

كثرة كاثرة بلغوا ألف رجل من أشراف الملثمين (¬1) ومنهم الأمير يحيى بن إبراهيم الجدالي الذي أحضره لديار الملثمين ليعلمهم أمور دينهم، ويحيى بن عمر اللمتوني وأخوه أبو بكر بن عمر اللمتوني. وكان عبد الله بن ياسين على سيرة فقهاء المالكية في الزهد والتقشف والبعد عن السلطان، وقد اجتمع فيه كثير من الخصال الحميدة. ويصفه ابن أبي زرع بأنه من الأذكياء النبهاء، النبلاء، ومن أهل الدين والفضل، والتقى، والورع، والفقه، والأدب، والسياسة، مشاركا في العلوم (¬2). ويتفق كثير من الباحثين الذين تناولوا حياة عبد الله بن ياسين على أنه لم يكن فقيها فقط، وإنما كان عالما محدثا ومفسرا (¬3). ويذكر عنه إبراهيم الجمل أنه فسر القرآن لأصحابه وروى الحديث وكان من تلامذته محدثون ثم يقول: وقد برع في الفقه والحديث والتفسير وفي السياسة والجهاد وقيادة الشعوب وقيادة الجيوش (¬4). وقد أجمع الرواة على أنه كان من الفقهاء النابهين الحذاق شهما قوي النفس ذا رأي وخير وتدبير حسن (¬5). وكان سلفي العقيدة والسلوك والمنهج والتعاليم متمسكا بالكتاب والسنة واقفا عند نصوصهما متأسيا بالرعيل الأول بعيدا عن علم الكلام والفلسفة وغير ذلك من البدع (¬6). وهو مؤسس دعوة المرابطين التي قامت عليها دولتهم، وقد سبق ذكر أحداث ذلك إجمالا في مقدمة البحث. استشهد في الجهاد ضد قبيلة برغواطة الوثنية سنة إحدى وخمسين وأربعمائة حيث أصيب بجراح شديدة توفي على أثرها ودفن بموضع يعرف بكريفلة في قبيلة زعير على مقربة من مدينة الرباط. ¬

(¬1) انظر السلفية وأعلامها ص: 160. (¬2) الأنيس المطرب ص: 123. (¬3) انظر قيام دولة المرابطين ص: 116، 161، دور المرابطين في نشر الإسلام ص: 64. (¬4) انظر الإمام عبد الله بن ياسين ص: 139 - 144. (¬5) انظر قيام دولة المرابطين ص: 116 - 117، تاريخ الإسلام 4/ 283. (¬6) السلفية وأعلامها ص: 145.

107 - عبد الواحد بن أحمد أبو محمد (أبو مالك) الحميدي

107 - عبد الواحد بن أحمد أبو محمد (أبو مالك) الحميدي (¬1) فقيه مالكي، مفسر، له معرفة بالأدب ولد بفاس سنة ثلاثين وتسعمائة وولي قضاءها سنة سبعين وبقي عليه إلى أن توفي فكان أعدل قضاة المغرب في زمانه ومن أطولهم مدة في القضاء. قال في المطمح: إمام كبير وعالم شهير حامل لواء المذهب وإليه المرجع في المسائل الفقهية في المغرب مع المشاركة في كثير من الفنون (¬2). أخذ عن أحمد بابا وعبد الواحد الونشريسي وعبد الوهاب الزقاق. درس التفسير في جامع القرويين وكان يحضر مجلسه خواص الطلبة والفقهاء وأخذ عنه كثيرون: منهم عبد الرحمن الفاسي وأخوه أبو المحاسن وأولاده وعبد العزيز المرتني وغيرهم. توفي سنة ثلاث بعد الألف، وكانت جنازته مشهودة. ودفن يوم الأحد بروضة أبي زيد الهزميري. (¬3) 108 - عبد الواحد بن أحمد بن علي بن عاشر بن سعد الأنصاري أبو مالك (أبو محمد) المالكي الفاسي (¬4) عالم بالقراءات مشارك في الأصلين والتفسير والحديث والتصوف والنحو والعروض والبيان والمنطق والطب والهيئة والحساب أصله من الأندلس وولد بفاس سنة تسعين وتسعمائة. أخذ عن أبي العباس اللمطي والشريف التلمساني والقصار وابن القاضي وغيرهم. ¬

(¬1) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 785، سلوة الأنفاس 2/ 6، ومحمد المنوني في مجلة البحث العلمي 7/ 252، والأعلام 4/ 175، وشجرة النور 1/ 294، نشر المثاني وتذكرة المحسنين ولقط الفرائد (موسوعة أعلام المغرب 3/ 1071، 1078). (¬2) نشر المثاني (الموسوعة 3/ 1071). (¬3) لقط الفرائد (الموسوعة 3/ 1078). (¬4) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 785، خلاصة الأثر 3/ 96، سلوة الأنفاس 2/ 275، اليواقيت الثمينة 1/ 230، وهدية العارفين 1/ 636، إيضاح المكنون 2/ 467، صفوة من انتشر 59، الأعلام 4/ 175، النبوغ المغربي 248، معجم المؤلفين 2/ 331، بروكلمان: الملحق 2/ 699، نشر المثاني (موسوعة أعلام المغرب 3/ 1287)، تنبيه الخلان على الإعلان ص: 448.

109 - عبد الواحد بن علي بنعبد الله

وحج وأخذ عن المشارقة. وعنه عبد القادر بن علي الفاسي المفسر (¬1) وغيره. قال القادري: كان ذا معرفة بالقراءات وتوجيهها وبالنحو والتفسير والإعراب والرسم والضبط وعلم الكلام ... . وحج وجاهد واعتكف، كان يقوم الليل ماشاء الله. (¬2) وقال المارغني: كان عالما عابدا متفننا في علوم شتى عارفا بالقراءات وتوجيهها وبالتفسير والرسم والضبط ... . الخ. (¬3) أصيب بداء النقطة وقيل: مات مسموما بشم زهرة ياسمين أرسل بها إليه أحد الظلمة وتوفي بفاس يوم الخميس الثالث من ذي الحجة سنة أربعين وألف. له: الكافي في القراءات، المرشد المعين على الضروري من علوم الدين، فتح المنان، شرح على مختصر خليل، الإعلان بتكميل مورد الظمآن، تقاييد على عقيدة السنوسي، شفاء القلب الجريح بشرح بردة المديح. 109 - عبد الواحد بن علي بنعبد الله (¬4) عالم مغربي، من فقهاء المالكية وهو والد البحاثة المؤرخ عبد العزيز بن عبد الله. من آثاره: القول الحميد في تعظيم القرآن المجيد. (¬5) 110 - عبد الودود بن عبد الملك بن عميه الشنقيطي (¬6) الفقيه اللغوي والمقرىء الشهير ولد في ضواحي مدينة بتلميت حفظ القرآن ودرس مبادىء في علوم الدين واللغة العربية في صغره قبل البلوغ ثم رحل إلى مدرسة محمد أحمد بن الرباني فدرس عليه اللغة العربية وعلومها ثم ¬

(¬1) انظر ترجمته. (¬2) نشر المثاني (الموسوعة 3/ 1288). (¬3) تنبيه الخلان ص: 447. (¬4) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 786، معجم المحدثين والمفسرين 25. (¬5) طبع بالرباط في 39 صفحة (معجم المفسرين 2/ 786). (¬6) مصادر ترجمته: السلفية وأعلامها في موريتانيا ص: 328، حياة موريتانيا 2/ 42.

111 - عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم بن بهرام بن كسرى الرستمي الإباضي

درس الفقه وبعض العلوم الأخرى في مدرسة آل أحمد فال التندغيين، ثم عاد إلى مسقط رأسه ولزم الشيخ سيدي باب وأكمل دراسته عليه وتأثر بعقيدته السلفية وبعد إنهاء دراسته جلس للتدريس وأصبح شيخ محضرة تعج بطلاب العلم واشتهرت محضرته بالتركيز على تدريس القرآن الكريم وعلومه والعقيدة السلفية. كان رحمه الله محييا للسنة محافظا عليها مقدما لأقوال الصحابة واشتهر بالمواظبة على تلاوة القرآن والعبادة والزهد على طريقة السلف الصالح وقد نبذ التصوف وانتقده ورد على أهله بردود علمية هادئة. ظل رحمه الله ناصرا للسنة لا يتساهل في أي بدعة مهما صغرت عند الناس حتى توفي رحمه الله. له مؤلفات جلها في علوم القرآن ولا تزال مخطوطة منها: التنوير في علم التفسير وله أيضا: الإشارات في علم القراءات، المأمول في القراءات، الفواصل، التكميل الأوفى، منظومة تبلغ ألفا ومائتي بيت اسمها الرقوم في علم الرسوم، منظومة الأعلام، منظومة المصفى في الذي من الرسم يخفى. 111 - عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم بن بهرام بن كسرى الرستمي الإباضي (¬1) ثاني الأئمة الرستميين من الإباضية في تيهرت بالجزائر. كان مرشحا للإمامة في حياة أبيه وجعلها أبوه شورى فوليها بعد وفاته بنحو شهر سنة إحدى وسبعين ومائة واجتمع له في أمر الإباضية وغيرهم ما لم يجتمع مثله لزعيم إباضي قبله وكان فقيها عالما شجاعا يباشر الحروب بنفسه وله مواقف مذكورة. قال أبو زكريا: كان بيت الرستميين بيت علم في فنونه من الأصول والفقه والتفسير وعلم اختلاف الناس وعلم النحو والإعراب والفصاحة وعلم النجوم. قال: وذكر بعض أصحابنا أن عبد الوهاب بعث بألف دينار إلى إخوانه ¬

(¬1) مصادر ترجمته: السير 144، طبقات الدرجيني 1/ 47، الأزهار الرياضية 2/ 100، الكامل 6/ 270، العبر 4/ 194، سير الأئمة ص: 86، تاريخ الجزائر 2/ 23، البيان المغرب 1/ 197، الأعلام 4/ 183.

112 - عثمان بن سعيد المالقي أبو سعيد المستغانمي

أهل المشرق بالبصرة أن يشتروا له بها الكتب فلما وصلهم الألف، اجتمعوا واتفقوا أن يشتروا بها رقا ويجعلوا من أنفسهم الحبر والأقلام ... . فنسخوا له أربعين حملا من كتب فبعثوا بها إليه فلما جاءته نشرها وقرأها حتى أتى على آخرها بأجمعها فقال: الحمد لله ليست منها مسألة ليست عندي إلا مسألتين، لو سئلت عنهما قستهما إلى نظائرهما من المسائل لصادفت ماذكره في الكتاب. (¬1) توفي بتاهرت وفي تاريخ وفاته خلاف وهي بين سنة ثمان وثمانين ومائة وبين ثمان ومائتين. له: تفسير القرآن. (¬2) وله أيضا: مسائل نفوسة الجبل (¬3). 112 - عثمان بن سعيد المالقي أبو سعيد المستغانمي (¬4) مفسر نحوي من فقهاء المالكية من أهل مستغانم بالجزائر (¬5)، من أهل القرن الثالث عشر. له: تفسير القرآن الكريم: كبير وصغير. 113 - عكرمة بن عبد الله أبو عبد الله البربري ثم المدني الهاشمي مولى عبد الله بن عباس (¬6) ¬

(¬1) سير الأئمة ص: 99، 100. (¬2) ذكره بلحاج شريفي فقال: إننا لا نعلم للإباضية تفاسير كاملة لكتاب الله قبل الهواري إلا تفسيرا نسب إلى الإمام عبد الرحمن بن رستم وآخر إلى الإمام عبد الوهاب وليس ببعيد أن يكون الهواري قد اطلع عليهما، وليس بين أيدينا الآن فيما بحثت وعلمت شيء من تفسيريهما حتى نتمكن من المقارنة بين هذه التفاسير. (تفسير كتاب الله العزيز - الحاشية 1/ 85). (¬3) انظر الأعلام 4/ 183 (الحاشية). (¬4) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 786، معجم أعلام الجزائر 297. (¬5) نسبة إلى مستغانم: سبق ضبطها وتحديد موقعها. (¬6) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 1/ 386، طبقات المفسرين للأدنوي ص: 12، نيل السائرين ص: 23، معجم المفسرين 1/ 348، التفسير والمفسرون 1/ 107، الطبقات الكبرى 5/ 287، طبقات خليفة ص: 280، التاريخ الكبير 4/ 49، الجرح والتعديل 7/ 7، المعرفة والتاريخ 2/ 5، طبقات أبي العرب ص: 82، رياض النفوس 1/ 145، حلية الأولياء 3/ 326، مشاهير علماء الأمصار ص: 82، طبقات الفقهاء ص: 70، صفة الصفوة 2/ 103، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 340، سير أعلام النبلاء 5/ 12، تذكرة الحفاظ 1/ 95، ميزان الاعتدال 3/ 93، الكاشف 2/ 276، العبر 1/ 131، تهذيب التهذيب 7/ 263، معجم الأدباء 5/ 62، شذرات الذهب 1/ 130، النجوم الزاهرة 1/ 263، هدية العارفين 1/ 666، وفيات الأعيان 3/ 266، الأعلام 4/ 244، معجم المؤلفين 2/ 382، كشف الظنون 430، مقدمة فتح الباري ص: 425.

الحبر العالم الحافظ المفسر ذكر أحمد بن صالح أن أصل عكرمة من بربر إفريقية وذكر غيره أنه من سبي إفريقية وهبه حصين بن أبي الحر العنبري لابن عباس وهو على ولاية البصرة فحرص على تعليمه وتأديبه (¬1). وقال أبو العرب: دخل عكرمة إفريقية وأقام بالقيروان وبث بها العلم وكان مجلسه في مؤخر جامع القيروان في غربي المنارة، في الموضع الذي يسمى بالركيبية وقد بقي موضع جلوسه معروفا إلى منتصف القرن الرابع الهجري (¬2). وذكر الذهبي عن خالد بن أبي عمران قال: دخل علينا عكرمة مولى ابن عباس بإفريقية في وقت الموسم فقال: وددت أني اليوم بالموسم بيدي حربة أعترض بها من شهد الموسم قال: فمن يومئذ رفضه أهل إفريقية (¬3). روى عن مولاه، وكان كثير الرواية عنه وعليه معتمده، وعائشة، وأبي هريرة وعقبة بن عامر، وأبي سعيد، وعبد الله بن عمرو بن العاص وعدة، وروايته عن علي بن أبي طالب في سنن النسائي، وذلك ممكن، لأن ابن عباس ملكه عندما ولي البصرة لعلي. حدث عنه خلائق يطول ذكرهم منهم أيوب وأبو بشر، وعاصم الأحوال، وثور بن يزيد وخالد الحذاء، وداود بن أبي هند وعقيل بن خالد، وعباد بن منصور، وعبد الرحمن بن سليمان بن الغسيل، وأفتى في حياة مولاه ابن عباس. ¬

(¬1) انظر التهذيب 7/ 263. (¬2) طبقات أبي العرب ص: 82، العمر1/ 1 / 39. (¬3) انظر السير 5/ 32.

روى عنه زهاء ثلاثمائة رجل منهم أكثر من سبعين تابعيا. (¬1) قال عكرمة: طلبت العلم أربعين سنة وكان ابن عباس يضع الكبل في رجلي على تعليم القرآن والسنن. وكان يقول: إني لأخرج إلى السوق فأسمع الرجل يتكلم بالكلمة فيفتتح لي خمسون بابا من العلم وعن سعيد بن جبير وقيل له: تعلم أحداً أعلم منك؟ قال: نعم، عكرمة. وعن الشعبي: مابقي أحد أعلم بكتاب الله من عكرمة. وكان أبو الشعثاء يقول: هذا عكرمة مولى ابن عباس، أعلم الناس. وكان الحسن إذا قدم عكرمة البصرة أمسك عن التفسير والفتيا مادام عكرمة بالبصرة. وقال قتادة: أعلم الناس بالتفسير عكرمة. (¬2) وسئل أبو حاتم عن عكرمة وسعيد بن جبير أيهما أعلم بالتفسير؟ فقال: أصحاب ابن عباس عيال على عكرمة. (¬3) قال المالكي: أدخله مالك في موطئه وكنى عن اسمه فقال: أخبرني مخبر عن ابن عباس وهو عكرمة. (¬4) واتهم عكرمة برأي الخوارج قيل الصفرية وقيل الإباضية وقيل النجدات وقيل البيهسية (¬5) حتى قال ابن بكير: الخوارج الذين بالمغرب عنه أخذوا. وقيل ذهب إلى نجدة الحروري فأقام عنده ستة أشهر ثم كان يحدث برأيه وخرج إلى بلاد المغرب فأخذ عنه أهلها رأي الصفرية. ¬

(¬1) الأعلام 4/ 244. (¬2) انظر لهذه الآثار السير 5/ 17، التهذيب 7/ 266، صفة الصفوة 2/ 104. (¬3) الجرح والتعديل 7/ 9. (¬4) انظر الموطأ رواية محمد بن الحسن ص: 361 رقم 284 ولفظه عن ابن سيرين عن رجل أخبره عن عبد الله بن عباس. (¬5) هذه الأربع من فرق الخوارج فالصفرية أتباع زياد بن الأصفر والإباضية أتباع عبد الله بن إباض المري والنجدات أتباع نجدة بن عامر الحروري والبيهسية أتباع أبي بيهس هيصم بن جابر (انظر الملل والنحل 1/ 125 - 137).

وقال المالكي: وقد اختلف العلماء بالحديث في عكرمة فممن وثقه وأثنى عليه يحيى ابن معين وعلي بن المديني وأبو الحسن الكوفي وإسماعيل القاضي وضعفه غيرهم، لكنهم متفقون على حفظه ومعرفته بالعلم وتفسير القرآن الكريم. (¬1) قال الداوودي: وهو ثقة ثبت، عالم بالتفسير، لم يثبت تكذيبه، ولا ثبتت عنه بدعة، روى له الجماعة (¬2). قال ابن معين: إذا رأيت إنسانا يقع في عكرمة وفي حماد بن سلمة فاتهمه على الإسلام (¬3). قال ابن حجر: فأما البدعة فإن ثبتت عليه فلا تضر حديثه لأنه لم يكن داعية مع أنها لم تثبت عليه (¬4). قال ابن سعد: مات ابن عباس وعكرمة عبد فاشتراه خالد بن يزيد بن معاوية من علي بن عبد الله بن عباس بأربعة آلاف دينار فبلغ ذلك عكرمة فأتى عليا فقال: بعتني بأربعة آلاف دينار؟ قال: نعم. قال: أما إنه ماخير لك، بعت علم أبيك بأربعة آلاف دينار؟ فراح علي إلى خالد فاستقاله فأقاله فأعتقه. (¬5) مات رحمه الله سنة أربع ومائة في المدينة، وقيل خمس ومائة وهو المختار وهو ابن ثمانين سنة. وتوفي هو وكثير عزة في يوم واحد وصلي عليهما جميعا فقيل: مات أشعر الناس وأعلم الناس. نسب له البغدادي في هدية العارفين: تفسير القرآن ولايعرف له مصنف في ذلك إلا أنه راوية للتفسير عن ابن عباس. ¬

(¬1) رياض النفوس 1/ 145. (¬2) طبقات المفسرين 1/ 387. (¬3) انظر السير 5/ 31. (¬4) مقدمة الفتح ص: 425. (¬5) الطبقات 5/ 782 وانظر أيضا الرياض 1/ 641.

114 - علي بن أحمد بن الحسن بن إبراهيم التجيبي أبو الحسن المراكشي الحرالي الأندلسي

قال عكرمة في قوله تعالى {في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة} (¬1) هو يوم القيامة (¬2). 114 - علي بن أحمد بن الحسن بن إبراهيم التجيبي أبو الحسن المراكشي الحرالي الأندلسي (¬3) وحَرالّة من أعمال مُرسية. قال الذهبي: ولد بمراكش (¬4). أخذ عن ابن خروف ومحمد بن عمر القرطبي وغيرهما، وحج ولقي العلماء، وجال في البلاد وشارك في عدة فنون ومال إلى النظريات وعلم الكلام. تصوف وعاد إلى المغرب واستوطن بجاية في الجزائر ثم عاد إلى المشرق فأقام في بلبيس من مصر فوقع بينه وبين صاحب مصر كلام فأخرج منها فتوجه إلى الشام وأقام بحماة. وكان ابن تيمية يحط على كلامه، ويقول: تصوفه على طريق الفلاسفة. وتكلم جماعة في عقيدته. (¬5) ويذكر عنه مشاركة قوية في الفضائل، وحسن سمت. وحكي عنه أنه قام سبع سنين يجاهد نفسه حتي صار من يعطيه الدنانير الكثيرة ومن يزدري به سواء. وكان من أحلم الناس بحيث يضرب به المثل ولا يقدر أحد على أن يغضبه. ¬

(¬1) المعارج: 4. (¬2) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 2/ 253 بإسناد صحيح عنه. (¬3) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للسيوطي 68، طبقات المفسرين للداوودي 1/ 392، طبقات المفسرين للأدنوي ص: 273، معجم المفسرين 1/ 352، نيل السائرين 145، عنوان الدراية 143، سير أعلام النبلاء 23/ 47، ميزان الاعتدال 3/ 114، لسان الميزان 4/ 204، العبر 5/ 157، النجوم الزاهرة 6/ 317، نفح الطيب 2/ 187، نيل الابتهاج 201، الأعلام 4/ 256، معجم المؤلفين 2/ 392، دليل مؤرخ المغرب 270، هدية العارفين 1/ 707، 708، بروكلمان 1/ 527، 1/ 735، تاج العروس 7/ 277، شذرات الذهب 5/ 189، كشف الظنون 89، 215 وغيرها، إيضاح المكنون 2/ 523، 650. والحرالي: بمهملتين مفتوحتين ومد وتشديد اللام - كذا ضبطها البقاعي في نظم الدرر 1/ 10. (¬4) السير 23/ 47. (¬5) انظر طبقات المفسرين للداوودي 2/ 392.

وذكر عنه أنه قال: إذا أذن العصر أموت، فلما جاء العصر أجاب المؤذن ومات. مات بحماة بسورية قبل الأربعين وستمائة، وأرخه ابن الأبار في شعبان سنة سبع وثلاثين. (¬1) وقال المقري: صنف في كثير من الفنون كالأصول والمنطق والطبيعيات والإلهيات. (¬2) وأطال الغبريني في الثناء عليه وإيراد أخباره، وقال: ما من علم إلا له فيه تصنيف. (¬3) من كتبه: مفتاح الباب المقفل لفهم القرآن المنزل (¬4): في التفسير. قال الداوودي: وله تفسير فيه عجائب، ولم أتحقق بعد ما كان منطويا عليه من العقيدة غير أنه تكلم في علم الحروف والأعداد وزعم أنه يستخرج من علم الحروف وقت خروج الدجال، ووقت طلوع الشمس من مغربها، ويأجوج ومأجوج (¬5). وقال الذهبي: صنف تفسيراً وملأه بحقائق ونتائج فكره، وكان الرجل فلسفي التصوف، وزعم أنه استخرج من علم الحروف وقت خروج الدجال ووقت طلوع الشمس من مغربها!! وهذه علوم وتحديدات ماعلمتها رسل الله، بل كل منهم حتى نوح عليه الصلاة والسلام يتخوف من الدجال، وينذر أمته الدجال، وهذا نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - يقول: إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه. وهؤلاء الجهلة إخوته يدعون معرفة متى يخرج نسأل الله السلامة. (¬6) قال ابن حجر: جعله قوانين كقوانين أصول الفقه (¬7). ¬

(¬1) انظر حاشية السير نقلا عن التكملة، ونسب لابن الأبار وفاته سنة ثمان وثلاثين في كل من اللسان وطبقات الداوودي وانظر الأعلام 4/ 256. (¬2) نفح الطيب 2/ 187. (¬3) عنوان الدراية 155. (¬4) ويوجد منه نسخة في المكتبة الوطنية بباريس وبالمكتبة التيمورية (الفهرس الشامل 1/ 245) وقيل إنه قد طبع ولم أقف عليه. (¬5) الطبقات 1/ 392. (¬6) الميزان 3/ 114. (¬7) لسان الميزان 4/ 204.

قال الغبريني: سلك فيه مسلك البيان والإيضاح على نحو ما يقتضيه علم العربية وعلم تنقيح المعقول، وما يبقى وراء هذا سوى علم الأسباب التي عند النزول وعند الحاجة إليها لا بد من ذكرها. وقال الذهبي: كان شيخنا مجد الدين التونسي يتغالى في تعظيم تفسيره. وقال أيضا: وممن يعظمه شيخنا شرف الدين ابن البارزي قاضي حماة فمن شاء فلينظر في تواليفه فإن فيها العظائم. وهذا الكتاب هو معتمد البقاعي في تفسيره نظم الدرر ووصفه بقوله: رأيته عديم النظير (¬1). العروة للمفتاح الفاتح للباب المقفل لفهم القرآن المنزل. (¬2) سعد الواعي وأنس القاري (¬3): ذكر ما نزل في الحكمة من الآي التوشية والتوفية (¬4). يتعلق بالقرآن. وله أيضا: المعقولات الأول: منطق، الوافي: فرائض، تفهيم معاني الحروف، شرح الأسماء الحسنى، الإيمان التام بمحمد عليه السلام، السر المكتوم في مخاطبة النجوم، اللمعة في حل الكواكب السبعة، شمس مطالع القلوب وبدر طوالع الغيوب. قال الحرالي: {المغضوب عليهم} (¬5) الذين ظهر منهم المراغمة وتعمد المخالفة فيوجب ذلك الغضب من الأعلى والبغض من الأدنى، {والضالين} الذين وجهوا وجهة هدى فزاغوا عنها من غير تعمد لذلك. (¬6) وقال الحرالي في تفسيره: {الم} (¬7) ألف: اسم للقائم ¬

(¬1) نظم الدرر 1/ 10. (¬2) ويوجد منه نسخ بدار الكتب وبالمكتبة الوطنية بباريس وبالأسكوريال (الفهرس الشامل 1/ 245). (¬3) ومنه نسخة بالمكتبة الوطنية بباريس (الفهرس الشامل 1/ 245). (¬4) ومنه نسخة بالمكتبة الوطنية (انظر بروكلمان 1/ 257، ملحق 1/ 735، الفهرس الشامل 1/ 245) وقال البقاعي: وقد ذكرت أكثر هذا الكتاب في تضاعيف كتابي (نظم الدرر 1/ 10). (¬5) الفاتحة: 7. (¬6) نظم الدرر 1/ 41 - 42. (¬7) البقرة: 1.

115 - علي بن إسماعيل بن محمد بن عبد الله بن حرزهم أبو الحسن الفاسي

الأعلى المحيط ثم لكل مستخلف في القيام كآدم والكعبة، ميم: اسم للظاهر الأعلى الذي من أظهره مالك يوم الدين، واسم للظاهر الكامل المؤتى جوامع الكلم محمد - صلى الله عليه وسلم - ثم لكل ظاهر دون ذلك كالسماء والفلك والأرض، لام: اسم لما بين باطن الإلهية التي هي محار العقول وظاهر الملك الذي هو متجلي يوم الجزاء من مقتضى الأسماء الحسنى والصفات العلى التي هي وصل تنزل مابينها ... .. الخ (¬1) 115 - علي بن إسماعيل بن محمد بن عبد الله بن حرزهم أبو الحسن الفاسي (¬2) ينتهي نسبه إلى عثمان بن عفان - صلى الله عليه وسلم -. محدث حافظ مفسر من أهل فاس ومن كبار فقهائها ومدرسيها العباد الزهاد. أخذ عن عمه أبي محمد وعن أبي بكر بن العربي المعافري المفسر وغيرهما. وأخذ عنه أبو مدين الغوث وأبو عبد الله التاودي وغيرهما. ودرس بفاس ومراكش وتوب ناسا وزهد أمير مراكش في الدنيا وكثر أتباعه وتلاميذه. قال الكتاني: كان فقيها عارفا بالمسائل والفقه والحديث ومعرفة التفسير والتصريف. (¬3) وقال المكناسي: وكرامات ابن حرزهم لا تحصى نفعنا الله به وبأمثاله. (¬4) ¬

(¬1) نظم الدرر 1/ 74. (¬2) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 787، معجم المحدثين والمفسرين 11، سلوة الأنفاس 3/ 71، جذوة الاقتباس 2/ 464، روض القرطاس 191، نيل الابتهاج 198، التشوف إلى رجال التصوف 147، أنس الفقير 12، النبوغ المغربي 90، تذكرة المحسنين وشرف الطالب (موسوعة أعلام المغرب 1/ 363). (¬3) سلوة الأنفاس 3/ 71. (¬4) جذوة الاقتباس 2/ 465.

116 - علي بن سليمان الدمناتي أو الدمنتي أبو الحسن البوجمعوي المغربي المكي

كان يقول: إن رب العزة أمنني إذ رأيته في النوم فقال لي: سل حاجتك. فقلت: يارب العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة فقال: قد فعلت. (¬1) قال لخدمه يوما: لم يبق لكم من خدمتي إلا هذا اليوم. فمات من عصره. (¬2) توفي آخر شعبان سنة تسع وخمسين وخمسمائة، ودفن خارج باب الفتوح وضريحه مشهور. (¬3) 116 - علي بن سليمان الدَّمْناتي أو الدمنتي أبو الحسن البوجمعوي المغربي المكي (¬4) فقيه مالكي مفسر محدث شاعر مؤرخ من أعلام المغاربة ولد بدمنات سنة أربع وثلاثين ومائتين وألف. أخذ عن أبي العباس أحمد السوسي، وأبي العباس الدكالي، وعبد الغني الدهلوي، ودحلان وغيرهم. أخذ الطريقة الشاذلية الناصرية عن صهره علي بن يوسف بن ناصر. وعنه ولده أبو عبد الله محمد ومحمد بن علي المشيشي والمكي البطاوري ومحمد الأمين الناصري وغيرهم (¬5). دخل مصر سنة تسع وتسعين ومائتين. قال عنه ابن سودة: الشيخ الجليل والعلامة الكبير الفصيح البليغ المحدث المفسر. (¬6) توفي بمراكش يوم الثلاثاء الخامس والعشرين من ربيع الثاني سنة ست وثلاثمائة ¬

(¬1) جذوة الاقتباس 2/ 466. (¬2) انظر نيل الابتهاج ص: 198. (¬3) انظر تذكرة المحسنين (الموسوعة 1/ 363). (¬4) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 1/ 362، فهرس الفهارس 1/ 176، هدية العارفين 1/ 776، معجم المطبوعات 527، الأعلام 5/ 104، دليل مؤرخ المغرب 226، السعادة الأبدية 112، إيضاح المكنون1/ 419، 443، 585، 2/ 98، معجم المؤلفين 2/ 447، إتحاف المطالع (موسوعة أعلام المغرب 8/ 2776). (¬5) انظر فهرس الفهارس 1/ 177. (¬6) إتحاف المطالع (الموسوعة 8/ 2776).

117 - علي بن عبد الله بن ناشر بن المبارك أبو بكر (أبو الحسن) الوهراني

له: تفسير القرآن. في عدة أسفار. وله أيضا: نور مصباح الزجاجة على سنن ابن ماجة، حواش على الكتب الستة، تأليف في مناقب الشيخ أبي العباس البستي دفين مراكش، والنصيحة التامة للخليفة العامة، وديوان شعر في الأمداح النبوية، منظومة في اصطلاح الحديث، حاشية على الخرشي، لسان المحدث في أحسن مابه يحدث، وله فهرسة 117 - علي بن عبد الله بن ناشر بن المبارك أبو بكر (أبو الحسن) الوهراني (¬1) المفسر خطيب داريا من قرى دمشق، إمام فاضل، نحوي شاعر. أصله من مدينة وهران بالجزائر وسكن دمشق (¬2). سمع منه أبو الحجاج يوسف بن خليل الدمشقي وخرج عنه في معجمه قطعة من شعره. مات في ذي القعدة سنة خمس عشرة وستمائة. له: تفسير القرآن. وله أيضا: شرح أبيات الجمل، وشرح السبع المعلقات وإعرابها، وله شعر جيد. 118 - علي بن عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن عبد الله بن يحيى الأنصاري أبو الحسن السجلماسي الجزائري المالكي (¬3) من سلالة سعد بن عبادة الخزرجي رضي الله عنه. عالم أديب، ناظم، مشارك في ¬

(¬1) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للسيوطي رقم 27، طبقات المفسرين للداوودي 1/ 408، طبقات المفسرين للأدنوي ص: 219، معجم المفسرين 1/ 368، مقدمة تفسير الثعالبي ص: (ب)، بغية الوعاة 2/ 172، هدية العارفين 1/ 705، كشف الظنون 461، 604، الأعلام 4/ 304، معجم المؤلفين 2/ 470، معجم أعلام الجزائر 349. والوهراني: بفتح الواو وسكون الهاء وفتح الراء وفي آخرها نون نسبة إلى وهران وهي مدينة بعدوة الأندلس على أرض القيروان (اللباب 3/ 182). (¬2) معجم المفسرين 1/ 368. (¬3) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 1/ 370، تعريف الخلف 1/ 69، خلاصة الأثر 3/ 173، شجرة النور 1/ 308، صفوة من انتشر 135، هدية العارفين 1/ 756، إيضاح المكنون 1/ 305، 461، 2/ 106 وغيرها، معجم المؤلفين 2/ 471، الأعلام 4/ 310.

119 - علي بن محمد بن عمر التونسي الجمالي الميلي

التفسير والفقه والحديث والأصول والطب والفرائض والمعاني والبيان والتاريخ والمنطق وغيرها. ولد بتافيلالت ونشأ بسجلماسة وحج وأقام بمصر مدة واستقر بفاس، فنصب مفتيا في الجبل الأخضر. أخذ عن عفيف الدين عبد الله بن علي الحسني وأبي عبد الله الدلائي والشهاب المقري وغيرهم. وعنه أبو مهدي عيسى الثعالبي ومفتي الجزائر أبو عبد الله الموهوب ويحيى الشاوي وجماعة. (¬1) توفي بالجزائر سنة سبع وخمسين بعد الألف. وقيل: أربع وخمسين. (¬2) من تصانيفه الكثيرة: تفسير القرآن. قال البغدادي (¬3): وصل فيه إلى قوله تعالى {ولكن البر من اتقى} (¬4) شرح منظومة في التفسير. وله أيضا: التقييد الجليل على مختصر خليل، منظومة الدرة المنيفة في السيرة الشريفة، منظومة مسالك الوصول إلى مدارك الأصول، منظومة في التشريح، اليواقيت الثمينة في العقائد، وغير ذلك. 119 - علي بن محمد بن عمر التونسي الجمالي الميلي (¬5) فقيه مالكي متكلم مفسر نسبته إلى ميلة (¬6) بقرب قسنطينة بالجزائر استوطن مصر وتوفي بها سنة ثمان وأربعين ومائتين وألف. له: تحفة الأحباب (¬7) في تفسير قوله تعالى {ثم أورثنا الكتاب} (¬8) ¬

(¬1) الشجرة 1/ 308. (¬2) صفوة من انتشر ص: 135. (¬3) إيضاح المكنون 1/ 305. (¬4) البقرة: 189. (¬5) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 1/ 387، معجم أعلام الجزائر 324، هدية العارفين 1/ 773، الأعلام 5/ 17، بروكلمان 2/ 655، ملحق 2/ 880. (¬6) مدينة عتيقة بناها الرومان على بعد اثنين وثلاثين ميلا من قسنطينة (وصف إفريقيا 2/ 60 وانظر التعليق في الحاشية). (¬7) منه نسخة بدار الكتب المصرية (انظر الفهرس الشامل 2/ 806). (¬8) فاطر: 32.

120 - علي بن محمد بن محمد بن إبراهيم بن موسى الخزرجي أبو الحسن الحصار

120 - علي بن محمد بن محمد بن إبراهيم بن موسى الخزرجي أبو الحسن الحصار (¬1) فقيه أصولي مفسر محدث إشبيلي الأصل ولد بفاس وسمع بها وبسبتة ومصر وغيرها. أقرأ أصول الفقه ورحل وحج وجاور. (¬2) أخذ عن أبي القاسم بن حبيش وغيره. وعنه أبو محمد عبد العظيم المنذري. توفي بالمدينة في شعبان سنة إحدى عشرة وستمائة. (¬3) له تصانيف منها: الناسخ والمنسوخ: الأكبر والأوسط والأصغر مقالة في إعجاز القرآن (¬4) وله أيضا: تأليف في أصول الفقه، المدارك: وصل به مقطوع حديث مالك، عقيدة في أصول الدين. 121 - علي بن موسى بن علي أبو الحسن ابن هارون المضَغري أو المطَغري (¬5) فقيه مالكي مفسر مشارك في عدة علوم، وكان خطيبا مفتيا. من أهل مضغرة (مطغرة) تلمسان (¬6) انتقل إلى فاس ولازم العلامة ابن غازي (¬7) المفسر ¬

(¬1) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 1/ 377، 2/ 787، معجم المحدثين والمفسرين 377، التكملة 2/ 686، جذوة الاقتباس 2/ 470، هدية العارفين 1/ 705، الأعلام 4/ 330، نيل الابتهاج 200، النبوغ المغربي 158. (¬2) جذوة الاقتباس 2/ 470. (¬3) انظر التكملة 2/ 686. (¬4) معجم المفسرين 2/ 787. (¬5) مصادر ترجمته: معجم المفسرين2/ 788، شجرة النور1/ 278 وهو فيه: المضغري من مضغرة سجلماسة، ونيل الابتهاج 212، ومعجم أعلام الجزائر 305، تذكرة المحسنين ولقط الفرائد (موسوعة أعلام المغرب 2/ 874). (¬6) مْضَغْرَة: دائرة تقع في صحراء نوميديا قرب سجلماسة (انظر وصف إفريقيا 2/ 123 وقال المعلق: تكتب فرقة تفيلالت بالدال والضاد: مدغرة ومضغرة للتفرقة بينها وبين مطغرة المقيمين بالمغرب الأوسط وإن كان أصلهم واحد). (¬7) اسمه محمد بن أحمد بن محمد تأتي ترجمته.

122 - علي كريت

نحوًا من تسع وعشرين سنة، وهو قارئ دروسه في المدونة والموطأ والعمدة والتفسير وغيرها. وأخذ أيضا عن أبي العباس الونشريسي والقاضي المكناسي وغيرهما. وعنه عبد الواحد الونشريسي واليسيتني والمنجور (¬1) المفسر وانتفع به وأثنى عليه في فهرسته وغيرهم (¬2). قال المنجور عنه: إفادته لا ساحل لها حتى كأنه لا يتنفس إلا بفائدة، كان غاية في الحفظ لم يخلف بعده في فنه مثله، متواضعا منصفا كثير التلاوة وعيادة المرضى وحضور الجنائز. (¬3) توفي بفاس في ذي القعدة سنة إحدى وخمسين وتسعمائة. من آثاره: تفسير القرآن. (¬4) 122 - علي كريت (¬5) له: تفسير سورة البلد تفسير قوله تعالى {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل} (¬6). (¬7) 123 - عمار الطالبي (¬8) معاصر من المشتغلين بالتفسير من أهل الجزائر يعمل أستاذا بجامعتها، من الحاصلين على درجة الدكتوراه. له: تحقيق تفسير الثعالبي: وقدم له بمقدمة تدل على تتبعه لتاريخ التفسير بالجزائر كما تكلم عن منهج الثعالبي في تفسيره على وجه الاختصار وابتدأ كلامه فيها بقوله: لم ينقطع سكان هذا البلد الجزائري عن درس القرآن وحفظه ¬

(¬1) اسمه أحمد بن علي تقدمت ترجمته. (¬2) انظر الشجرة 1/ 278. (¬3) انظر النيل ص: 213. (¬4) معجم المفسرين 2/ 789 وقال: ذكره القادري. ولم أقف له على ترجمة في نشر المثاني حيث إنه في ترجمة أهل القرن الحادي عشر والثاني كما هو نص اسمه. فلعله ذكر ذلك في غير ترجمته والله أعلم. (¬5) لم أقف له على ترجمة ولعله من أهل المنطقة لتفرد خزانة الرباط بكتابيه. (¬6) البقرة: 127. (¬7) منهما نسخة بالخزانة العامة بالرباط (انظر الفهرس الشامل 2/ 872). (¬8) مصادر ترجمته: مقدمة تفسير الثعالبي ص: (أ - ش).

124 - عمر راسم بن علي بن سعيد بن محمد البجائي

وتفسيره في السلم والحرب في الظروف اليسرى وفي العسرى ... .. الخ وقد حرر هذه المقدمة في أوائل شهر ذي القعدة من عام واحد وأربعمائة وألف. ويلاحظ أنه خلط في تلك المقدمة (¬1) بين أبي عبد الله محمد بن محمد بن أحمد ابن مريم المديوني التلمساني المتوفى سنة أربع عشرة وألف ولا يعرف بالتفسير (¬2) وبين الشريف التلمساني محمد بن أحمد بن علي الإدريسي الحسني المفسر المتوفى سنة إحدى وسبعين وسبعمائة (¬3). آثار ابن باديس (المفسر): قام بإخراجه وقدم له. 124 - عمر راسم بن علي بن سعيد بن محمد البجائي (¬4) صحفي خطاط كبير اشتهر بخطه العربي الجميل ومقدرته في رسم المنمنمات، من الرعيل الأول في الإصلاح والكفاح. ولد بمدينة الجزائر سنة ثلاثمائة وألف. تعلم بكتاتيبها ثم اعتمد على نفسه فتعلم العربية والفرنسية عرف منذ صباه بأفكاره الإصلاحية وكان من أوائل الجزائريين المعتنقين لمذهب الإمام محمد عبده المفسر (¬5) الإصلاحي والداعين إليه. أنشأ جريدة الجزائر ثم جريدة ذو الفقار، وكان اسمه المستعار أبو المنصور الصنهاجي سجنه الفرنسيون في الحرب العالمية الأولى فلاقى المحن الشديدة في سجنه. قال الأستاذ أحمد توفيق المدني: وهو ممن نكبوا على يد الاستعمار القاسي نكبة سوداء أثرت على البقية الباقية من حياته. توفي بالجزائر سنة تسع وسبعين وثلاثمائة. ¬

(¬1) انظر ص: (أ). (¬2) انظر ترجمته في معجم المؤلفين 3/ 625. (¬3) تأتي ترجمته. (¬4) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 789، الصحافة العربية نشأتها وتطورها 223، ومعجم أعلام الجزائر 243. (¬5) تأتي ترجمته في الوافدين.

125 - عمر بن محمد المحجوب الشرقاوي البهلول المغربي الزواوي الجزائري

من آثاره: تفسير القرآن الكريم (¬1): كتبه في سجنه. 125 - عمر بن محمد المحجوب الشرقاوي البهلول المغربي الزواوي الجزائري (¬2) المهاجر إلى دمشق من علماء القرن الثالث عشر الهجري. له: تفسير القرآن. (¬3) 126 - عمر بن أبي الحسين محمد بن أبي الخطاب محمد بن أبي بكر أحمد ابن خليل بن عبد الملك بن خلف بن محمد بن عبد الله أبو علي السكوني (¬4) والسكون بطن من كندة باليمن. مقرئ مفسر من فقهاء المالكية أصله من أهل إشبيلية. ولد بتونس قال حسن حسني: كان جده أبو بكر أحمد بن خليل أحد العلماء الأجلاء وشيخ المتكلمين بالأندلس في وقته. ووفد مع جماعة إشبيلية على مدينة تونس (¬5) في دولة المستنصر الأول أواسط القرن السابع. وهو الذي ¬

(¬1) معجم المفسرين 2/ 789. (¬2) لم أقف له على ترجمة خلا ماذكر في الفهرس الشامل 2/ 819 ولكنني وقفت على أحد علماء القرن الثالث عشر المغاربة واسمه عمر بن محمد الشرقاوي إلا أنه يختلف عما هنا فاسمه كاملا: عمر بن محمد المكي بن محمد المعطي بن الصالح الشرقاوي العمري. وهو مذكور بالصلاح وله مؤلفات ووفاته بفاس سنة ستين ومائتين وألف (انظر إتحاف المطالع: موسوعة أعلام المغرب 7/ 2569). (¬3) منه نسخة بالظاهرية (انظر الفهرس الشامل 2/ 819). (¬4) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 1/ 401، نيل السائرين 165، العمر 1/ 1 / 399 رقم 92، الأعلام 5/ 63، إيضاح المكنون2/ 401، برنامج الوادي آشي ص: 194، بروكلمان: ملحق 2/ 509، تراجم المؤلفين 3/ 45، نيل الابتهاج 195، نفح الطيب 2/ 1150، كشف الظنون 2/ 1482، هدية العارفين 1/ 788، معجم المؤلفين2/ 573، هدية العارفين 1/ 788، مقدمة لحن العوام: حوليات الجامعة التونسية 12 (1975) / 111، 113، مقدمة عيون المناظرات. (¬5) وذهب سعد غراب إلى أن المنتقل من أسرة المترجم إلى إفريقية هو أبوه أبو الحسين محمد ابن أبي الخطاب.

تصدى لشيخ الصوفية عبد الحق ابن سبعين المرسي لما قدم من الأندلس وأراد أن يظهر مذهبه الصوفي بإفريقية فتعرض له أبو بكر السكوني وقاومه بأقوال ظاهرالسنة، فاضطر ابن سبعين إلى مفارقة تونس والالتحاق بالمشرق واستقر بمكة. (¬1) ونبغ أبناء أبي بكر في حاضرة تونس منهم محمد (¬2) وقد اشتهركأبيه بالعلم والذب عن السنة، وتعرض إلى تآليف الزمخشري وعارض ما بها من الاعتزال. ثم ظهر ابنه أبو على هذا، ومولده بالحاضرة التونسية (¬3) وبها نشأته وتعليمه واقتفى أثر أبيه وجده في الاشتغال بالعلوم الدينية والدفاع عن مذهب أهل السنة من شبهات الاعتزال وكذلك من غوائل التصوف لا سيما في عصر كثر فيه المتصوفون وأظهروا آراءهم في كل صقع من الممالك الإسلامية، وقد مال إلى نحلتهم رجال الدولة وانتشرت دعوتهم في طبقة الخاصة وصار التمسك بالآراء الصوفية ميزة للمتنورين والأدباء. ومن شيوخه أحمد بن محمد بن الغفار قاضي الجماعة. (¬4) قال حسن حسني: ومن دواعي الأسف أن لم نعثر على تفصيل حياة هذا المتكلم وأعماله ووسائل مقاومته لأهل التصوف، وغاية ما نعلمه أنه توفي بتونس سنة ست عشر وسبعمائة، وقال الحاجي خليفة: سبع عشرة وسبعمائة (¬5). ويظهر أن الأول أصح. له: التمييز لما أودعه الزمخشري من الاعتزال في تفسيره للكتاب العزيز (¬6) تداول على تصنيفه الوالد والولد، قال أبو علي في مقدمته: قد كان ¬

(¬1) انظر تاريخ ابن خلدون 1/ 416. (¬2) تأتي ترجمته في الوافدين. (¬3) يقدر سعد غراب أنه ولد سنة 630 هـ في إشبيلية. (¬4) انظر برنامج الوادي آشي ص: 194. (¬5) انظر كشف الظنون 2/ 1482. (¬6) منه نسخ بالمكتبة العاشورية وبدار الكتب الوطنية بتونس، وبالقرويين بفاس، دار الكتب المصرية، خزانة فيض الله أفندي، طوبقبوسراي، الأحمدية بحلب، جامعة الإمام محمد بن سعود، القادرية، الظاهرية، أوقاف طرابلس بليبيا، سليم أغا، شهيد علي باشا، عارف حكمت، المحمودية، نورعثمانية، ولي الدين جار الله (الفهرس الشامل 1/ 360).

127 - عمران بن موسى بن ميمون الهواري أبو موسى السلاوي

ابتدأه والدي - رحمه الله - ثم من الله سبحانه بتكميله على يدي. وقد صدره بمقدمة في التوحيد (¬1) وهو يخرج في سفرين. المقتضب من كتاب التمييز. (¬2) وهو مختصر للكتاب المتقدم. المنهج المشرق في الاعتراض على كثير من أهل المنطق (¬3): وهو حاشية على الكشاف للزمخشري. وله أيضا: لحن العوام المطلق الممنوع مما يتعلق بعلم الكلام والمنطق وهو جزء لطيف في البدع، شرح أرجوزة أبي الحجاج، عيون المناظرات، الوسيلة الحسنى بشرح أسماء الله الحسنى، المعتمد في المعتقد، اختصار كتاب البرهان للجويني، قواعد العقائد، فهرست. 127 - عمران بن موسى بن ميمون الهواري أبو موسى السلاوي (¬4) من أهل سلا (¬5) بالمغرب تعلم بها وبالأندلس. قال ابن الزبير: كان مفسراً حافظاً أديبا نحوياً، أقرأ العربية بغرناطة. أخذ عن ابن خروف، وروى عن أبي القاسم بن سمحون، وأبي عبد الله بن الفخار المالكي. وعنه ابن فرتون. مات بسلا بعد رجوعه إليها من الأندلس بعد ربيع الآخر سنة أربعين وستمائة. 128 - عياض بن موسى بن عمرون بن موسى بن عياض بن عبد الله ابن محمد بن عياض القاضي أبو الفضل اليحصبي السبتي (¬6) ¬

(¬1) انظر الأعلام 5/ 63. (¬2) منه نسخ بدار الكتب الوطنية بتونس، خزانة فيض الله أفندي بتركيا، وبمكتبة الأسكوريال (الفهرس الشامل 1/ 361). (¬3) منه نسخة في مكتبة ولي الدين (الفهرس الشامل 1/ 361). (¬4) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 2/ 21، معجم المفسرين 1/ 403، الصلة 166، بغية الوعاة 2/ 233. (¬5) تقدم ضبطها وذكر موقعها في ترجمة أحمد بن موسى السلاوي. (¬6) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 2/ 18، معجم المفسرين 1/ 407، المدرسة القرآنية 1/ 270، إنباه الرواة 2/ 363، البداية والنهاية 12/ 225، بغية الملتمس 425، تذكرة الحفاظ 4/ 1304، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 43، الديباج المذهب 168، الرسالة المستطرفة 106، الصلة 2/ 429، العبر 4/ 122، المعجم في أصحاب أبي علي الصدفي 294، مفتاح السعادة 2/ 149، النجوم الزاهرة 5/ 285، وفيات الأعيان 3/ 152، الأعلام 5/ 99، معجم المؤلفين 2/ 588، سير أعلام النبلاء 20/ 212، قلائد العقيان 222، الخريدة 12/ 173، معجم الوادي آشي 211، الإحاطة في أخبار غرناطة 4/ 222، طبقات ابن قنفذ 280، طبقات الحفاظ 480، نفح الطيب 7/ 333، شجرة النور 1/ 140، 141، قضاة الأندلس 101، جذوة الاقتباس 277، الفكر السامي 4/ 58، التكملة 694، شذرات الذهب 4/ 138، 139، السعادة الأبدية في التعريف بمشاهير الحضرة المراكشية 32، روضات الجنات 506، كشف الظنون 11، 28، 127 وغيرها، هدية العارفين 1/ 805، تاريخ الفكر الأندلسي 283، فهرس الفهارس 2/ 183، إيضاح المكنون 2/ 243، 244، بروكلمان 1/ 369، 370، ملحق 1/ 630 - 632، وانظر الغنية في فهرست شيوخه، أزهار الرياض في أخبار القاضي عياض. وعياض: بكسر العين المهملة وفتح الياء المثناة من تحت وبعد الألف ضاد معجمة. واليحصبي: بفتح الياء المثناة من تحت وسكون الحاء المهملة وضم الصاد المهملة وفتحها وكسرها وبعدها ياء موحدة، نسبة إلى يحصب بن مالك، قبيلة من حمير.

الإمام العلامة الأندلسي الأصل ولد بسبتة (¬1) في شهر شعبان سنة ست وسبعين وأربعمائة كان إمام وقته في الحديث وعلومه، عالما بالتفسير وجميع علومه، فقيها أصوليا، عالما بالنحو واللغة، وكلام العرب، وأيامهم وأنسابهم، بصيراً بالأحكام، عاقداً للشروط، حافظاً لمذهب مالك شاعراً مجيداً، ريانا من علم الأدب، خطيبا بليغا، صبورا حليما، جميل العشرة جواداً سمحاً، كثير الصدقة دؤوبا على العمل، صلبا في الحق. قال ولده محمد: كان أجدادنا في القديم بالأندلس ثم انتقلوا إلى مدينة فاس، وكان لهم استمرار بالقيروان ... وانتقل عمرون إلى سبته بعد سكنى فاس. رحل إلى الأندلس سنة سبع وخمسمائة طالبا للعلم، فأخذ بقرطبة عن ¬

(¬1) بلفظ الفعلة الواحدة من الإسبات وهو التزام اليهود بفريضة السبت المشهور بفتح أوله وضبطه الحازمي بكسر أوله وهي بلدة مشهورة من قواعد بلاد المغرب ومرساها أجود مرسى على البحر وهي على بر البربر تقابل جزيرة الأندلس على طرف الزقاق الذي هو أقرب ما بين البر والجزيرة وهي مدينة حصينة تشبه المهدية التي بإفريقية (معجم البلدان3/ 205).

القاضي أبي عبد الله محمد بن علي بن حمدين، وأبي الحسن بن سيراج، وعن أبي محمد ابن عتاب وغيرهم، وعني بلقاء الشيوخ والأخذ عنهم، وأخذ عن أبي عبدالله المازري، وأبي بكر الطرطوشي، وأبي الوليد بن رشيد وأبي الطاهر أحمد السلفي، والحسن ابن محمد بن سكرة، والقاضي أبي بكر بن العربي، وغيرهم يطول ذكرهم. قال ابن بشكوال: وجمع من الحديث كثيراً، وله عناية كبيرة به واهتمام بجمعه وتقييده وهو من أهل التفنن في العلم، واليقظة والفهم. (¬1) وبعد عودته من الأندلس أجلسه أهل سبته للمناظرة عليه في المدونة وهو ابن ثلاثين سنة أو ينيف عنها، ثم أجلس للشورى، ثم ولي قضاء بلده مدة طويلة، حمدت سيرته فيها، ثم نقل إلى قضاء غرناطة في سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة، ولم يطل أمده بها ثم قضاء سبتة ثانياً. ولما ظهر أمر الموحدين بادر إلى المسابقة بالدخول في طاعتهم، ورحل إلى لقاء أميرهم بمدينة سلا، فأجزل صلته، وأوجب بره، إلى أن اضطربت أمور الموحدين عام ثلاث وأربعين وخمسمائة، فتلاشت حاله ولحق بمراكش مشردا به عن وطنه فكانت بها وفاته. وله شعر كثير حسن رائق فائق فمنه قوله يا من تحمل عني غير مكترث ... لكنه للضنى والسقم أوصى بي (¬2) تركتني مستهام القلب ذا حرق ... أخا جوى وتباريح وأوصاب (¬3) أراقب النجم في جنح الدجى سحرا ... كأنني راصد للنجم أو صابي (¬4) ¬

(¬1) الصلة 2/ 429. (¬2) أوصى بي: أوصى من الوصاية، وبي: جار ومجرور. (¬3) أوصاب: الأسقام جمع وَصَب (لسان العرب 6/ 4848 مادة: وصب) والجوى: الحرقة وشدة الوجد من عشق أو حزن والتباريح الشدائد (انظر المرجع السابق 1/ 734، 246). (¬4) أو صابي: أو للتخيير، الصابي والصابئ مفرد الصابئين الذين ذكرهم الله في كتابه وهم قوم على دين باطل اختلف المفسرون فيهم ومما قيل: إنهم يعبدون النجوم وكان قوم إبراهيم منهم (انظر تفسير القرآن العظيم 1/ 149، الدر المنثور 1/ 75، مفاتيح الغيب 3/ 105) وانظر لسان العرب 4/ 2385 (مادة: صبأ).

وما وجدت لذيذ النوم بعدكم ... إلا جني حنظل في الطعم أو صاب (¬1) وله من أبيات: إن البخيل بلحظة أو لفظة ... أو عطفة أو وقفة لبخيل جمع المقري سيرته وأخباره في كتاب أزهار الرياض في أخبار القاضي عياض. (¬2) توفي بمراكش في شهر جمادي الآخرة وقيل في رمضان سنة أربع وأربعين وخمسمائة، وقيل: إنه مات مسموما سمه يهودي، ودفن رحمه الله بباب إيلان داخل المدينة. وقال الذهبي: بلغني أنه قتل بالرماح لكونه أنكر عصمة ابن تومرت. (¬3) له: رسالة (¬4) في الكلام عن قوله تعالى {وكذلك جعلناكم أمة وسطا} (¬5). وقد حصر صاحب المدرسة القرآنية في المغرب مواضع التفسير من كتابه الشفا بتعريف حقوق المصطفى - صلى الله عليه وسلم - ورتبها حسب السور والآيات على سبيل الفهرسة فظهر منها كم كبير يصح أن يدرج في التفاسير. (¬6) وهذا الكتاب وصفه الداوودي قائلا: أبدع فيه كل الإبداع وسلم له أكفاؤه كفايته فيه ولم ينازعه أحد الانفراد به ولا أنكروا مزية السبق إليه بل تشوفوا للوقوف عليه وأنصفوا في الاستفادة منه وحمله الناس عنه وطارت نسخه شرقا وغربا. (¬7) وقال الذهبي: تواليفه نفيسة، وأجلها وأشرفها كتاب " الشفا " لولا ما قد حشاه بالأحاديث المفتعلة، عمل إمام لا نقد له في فن الحديث ولا ذوق، والله يثيبه على حسن قصده، وينفع بـ" شفائه " - وقد فعل - وكذا فيه من التأويلات ¬

(¬1) أو صاب: أو للتخيير، الصابُ: نوع من الشجر مر إذا اعتصر خرج منه كهيئة اللبن. انظر لسان العرب 4/ 2520 (مادة: صوب). (¬2) الأعلام5/ 99. (¬3) السير 20/ 217. (¬4) منها نسخة في جامعة الإمارات انظر الفهرس الشامل 1/ 193. (¬5) البقرة: 143. (¬6) انظر ص: 270 - 290. (¬7) الطبقات 2/ 19.

129 - عيسى بن عبد الرحمن أبو مهدي الرجراجي السكتاني

البعيدة ألوان، ونبينا صلوات الله عليه وسلامه غني بمدحة التنزيل عن الأحاديث، وبما تواتر من الأخبار عن الآحاد، وبالآحاد النظيفة الأسانيد عن الواهيات، فلماذا يا قوم نتشبع بالموضوعات، فيتطرق إلينا مقال ذوي الغل والحسد، ولكن من لا يعلم معذور، فعليك يا أخي بكتاب " دلائل النبوة " للبيهقي، فإنه شفاء لما في الصدور وهدى ونور. (¬1) وله أيضا: إكمال المعلم في شرح مسلم، مشارق الأنوار، التنبيهات المستنبطة على الكتب المدونة، ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك، الإعلام بحدود قواعد الإسلام، الإلماع في ضبط الرواية وتقييد السماع، بغية الرائد لما تضمنه حديث أم زرع من الفوائد، الغنية في شيوخه، المعجم في شيوخ ابن سكرة، نظم البرهان على صحة جزم الأذان، مسألة الأهل المشروط بينهم التزاور، المقاصد الحسان فيما يلزم الإنسان، العيون الستة في أخبار سبتة، غنية الكاتب وبغية الطالب في الصدور والترسل، الأجوبة المحبرة عن الأسئلة المتخيرة، أجوبة القرطبيين، أجوبته عما نزل في أيام قضائه من نوازل الأحكام في سفر، سر السراة في أدب القضاة وغير ذلك. 129 - عيسى بن عبد الرحمن أبو مهدي الرجراجي السكتاني (¬2) مفتي مراكش وقاضيها وعالمها في عصره، مولده فيها. تفوق في فقه المالكية والتفسير. ولي القضاء بتامسنا في مدة المولى أحمد، ثم ولي قضاء تارودنت فقضاء مراكش أكثر من أربع وثلاثين سنة. أخذ عن أبي العباس المنجور المفسر (¬3) وغيره. وعنه اليوسي (¬4) المفسر وأحمد بن الحسن السوسي وجماعة. ¬

(¬1) السير 20/ 216. (¬2) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 1/ 407، دليل مؤرخ المغرب 351، الأعلام 5/ 104، معجم المؤلفين 2/ 594، خلاصة الأثر 3/ 235، السعادة الأبدية 108، مناقب الحضيكي 2/ 229، بروكلمان 2/ 695، كشف الظنون 249، نشر المثاني (موسوعة أعلام المغرب 4/ 1447) وسكتان كعثمان اسم رجل (تاج العروس 9/ 240). (¬3) انظر ترجمته واسمه أحمد بن علي. (¬4) تقدمت ترجمته واسمه: الحسن بن مسعود.

130 - فضيل اللمداني

قال عنه اليوسي في فهرسته: كان إمام وقته في فنون العلم مع سمت وهمة ونية صالحة في طريقة القوم ومحبة في أهلها. (¬1) مات بمراكش سنة اثنتين وستين وألف وقد ناف عن المائة. له: حاشية على شرح أم البراهين للسنوسي، النوازل، الأجوبة الفقهية: جمعها تلميذه أحمد السوسي. 130 - فضيل اللمداني (¬2) معاصر من أهل الجزائر من المشتغلين بالتفسير ولعله إباضي. ذكره الدكتور عمار الطالبي الأستاذ بجامعة الجزائر ختاما لأهل التفسير بالجزائر - بعد الشيخ بيوض المتقدم ترجمته - وقال: أطال الله في حياته. 131 - الفقيه بن أحمد بن أبي بكر بن إِحَلَّوْنْ (¬3) بن القاضي مم الشنقيطي قال البرتلي: عالم، كان متقنا لمختصر خليل والتفسير والعربية ومقامات الحريري والعروض، مواظبا على قيام الليل. قال محمد الكلادي: صحبته في الحضر والسفر فلم أره ترك قيام الليل ليلة واحدة ... كان يشد يديه بحبل فيعلقها في سقف البيت لئلا يغلب عليه النوم. وكان إذا خالفه أحد في نازلة جمع الكتب وأمر بإحضار المتنازع ليناظره في النازلة حتى يظهر الحق. أخذ عن عمه القاضي مم، وعن الأخوين ابن الشيخ حم ومحمد أحمد. وعنه علي بن أنبار وغيره. كان حيا عام أربعة عشر ومائتين وألف. 132 - قاسم بن سعيد بن محمد العقباني التلمساني أبو الفضل (أبو القاسم) المغربي المالكي (¬4) ¬

(¬1) انظر نشر المثاني (الموسوعة 4/ 1447). (¬2) مصادر ترجمته: مقدمة تفسير الثعالبي ص: (ج). (¬3) مصادر ترجمته: فتح الشكور في معرفة أعيان علما التكرور ص: 144. (¬4) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للأدنوي ص: 319، الضوء اللامع 6/ 181، نيل الابتهاج 223، الأعلام 5/ 176، البستان 147، معجم المؤلفين 2/ 642، إيضاح المكنون 2/ 243، وفيات الونشريسي ولقط الفرائد (موسوعة أعلام المغرب 2/ 760).

133 - قاسم بن علي التونسي زيرو

قال أحمد بابا: شيخ الإسلام ومفتي الأنام الفرد العلامة الحافظ القدوة العارف المجتهد المعمر. (¬1) ولد في سنة ثمان وستين وسبعمائة أخذ عن والده الإمام أبي عثمان وغيره وحصل العلوم حتى وصل لدرجة الاجتهاد. وولي القضاء بتلمسان ورحل للحج ودخل القاهرة فأخذ عن ابن حجر والبساطي وغيرهما. وعنه محمد بن العباس ويحيى المازوني والقلصادي والتنسي والونشريسي وأثنوا عليه ثناء عطرا، (¬2) وأخذ عنه أيضا ولده أبو سالم وابن زكري المفسر والكفيف ابن مرزوق وغيرهم. كان له اختيارات خارجة عن المذهب ونازعه في كثير منها ابن مرزوق الحفيد. عكف على التدريس إلى أن مات بتلمسان في الرابع والعشرين من ذي القعدة سنة أربع وخمسين وثمانمائة وصلي عليه في الجامع الأعظم وحضر جنازته السلطان فمن دونه، ودفن قرب ابن مرزوق. له: تفسير سورة الأنعام والفتح وغيرهما (¬3). وله أيضا: شرح البرهانية في أصول الدين، قواعد في النحو، أرجوزة في التصوف، تعليق على ابن الحاجب. 133 - قاسم بن علي التونسي زيرو (¬4) نحوي مفسر من أهل تونس زار المدينة المنورة ثم دخل سورية وأقام بحلب إلى أن توفي سنة خمس عشرة ومائتين وألف. له: تفسير قوله تعالى {والله خلقكم وما تعملون} (¬5) ¬

(¬1) النيل 223. (¬2) انظر وفيات الونشريسي (الموسوعة 2/ 760)، النيل 223. (¬3) الأعلام 5/ 176. (¬4) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 1/ 433، هدية العارفين 1/ 843، إيضاح المكنون 1/ 302، معجم المؤلفين 8/ 106، تراجم المؤلفين 2/ 449. (¬5) الصافات: 96.

134 - قاسم بن محمد بن أحمد بن عبد الملك بن مخلص

وله أيضا: حاشية على إعراب الألفية لخالد الأزهري. 134 - قاسم بن محمد بن أحمد بن عبد الملك بن مخلص (¬1) فاضل مغربي ذكره الأستاذ عبد العزيز بن عبد الله ولم يؤرخ له وقال: له: أدلة التوحيد والنبوة والبعث من آيات القرآن المكسبة للقلوب مزيد الإيمان والإيقان. 135 - أبو القاسم الشريف الإدريسي أبو الفضل السلاوي (¬2) فقيه مالكي عارف بالحديث والتفسير من أهل القرن التاسع هجري قال عنه مخلوف: الفقيه الصالح الأفضل الإمام أحد أئمة الإسلام. (¬3) أخذ عن ابن عرفة المفسر وانتفع به وبغيره وأخذ أيضا عن أحمد بن إدريس البجائي وغيره (¬4). وعنه أبو القاسم ابن ناجي ونقل عنه في شرح المدونة. قال أحمد بابا وغيره: لم أقف على وفاته. له: تقييد في التفسير عن ابن عرفة في مجلدين. (¬5) وله أيضا: إكمال الإكمال على صحيح مسلم في مجلد اقتصر فيه على أبحاث ابن عرفة. 136 - أبو القاسم بن محمد بن أبي القاسم بن أبي نعيم الغساني الأندلسي الفاسي (¬6) مفسر بياني خطيب من فقهاء المالكية من أهل فاس ولد سنة اثنتين وخمسين وتسعمائة. وولي قضاء الجماعة بها. ¬

(¬1) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 791، معجم المحدثين والمفسرين 29. (¬2) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 790، معجم المحدثين والمفسرين 18، نيل الابتهاج 225، شجرة النور1/ 250، ومجلة البحث العلمي عدد 7/ 261، والنبوغ المغربي 216. (¬3) الشجرة 1/ 250. (¬4) انظر النيل ص: 225. (¬5) لا يعلم عنه شيء إلى الآن سوى ماذكره المنوني من اهتمام السلطان المنصور السعدي به مع تقييد البسيلي (انظر مقدمة تفسير ابن عرفة رواية الأبي 1/ 32). (¬6) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 791، شجرة النور 298، نشر المثاني وتذكرة المحسنين (موسوعة أعلام المغرب 3/ 1263، 1267).

قال مخلوف: كان من كبار الشيوخ الذين لهم الشهرة والصيت متضلعًا في الفنون ماهرًا في المعقول والبيان والتفسير، وكان خطيبا بليغا حميد السيرة. (¬1) أخذ عن المنجور المفسر وأبي القاسم بن إبراهيم وأحمد بابا وابن مجبر والسراج والحميدي وغيرهم. وعنه ميارة وابن عاشر المفسر والشهاب المقري والعربي الفاسي وأضرابهم. قال أحمد السوسي في بذل المناصحة: العلامة المدرس القاضي الخطيب البليغ المعقولي ... . وحضرت عنده في قراءة ألفية ابن مالك وحضرت تفسيره ... .الخ وقال القادري: وقد أجاز صاحب الترجمة سيدي عبد القادر الفاسي ... .بإجازة نصها: الحمد لله رب العالمين ... .. ثم قرأ معنا وسمع منا تفسير القرآن من قوله تعالى {وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين} (¬2) إلى قرب سورة يس ... وقال في آخرها: قال ذلك وسطره ... .أبو القاسم بن محمد بن أبي نعيم الأندلسي أصلا الغساني نسبا الفاسي دارا ومنشأ الأشعري اعتقادا المالكي مذهبا ... (¬3) توفي مقتولا بعد صلاة الجمعة خامس ذي القعدة سنة اثنتين وثلاثين وألف، قتله اللمطيون بمكان يسمى الزربطانة بفاس الجديدة لاتهامهم له بمصانعة السلطان وعدم تبليغ شكواهم له، ولما علم السلطان بمقتله أرسل جيشه فغلبوا تلك القبائل وقتلوا منهم وهدموا دورهم ثم أمر بدفن الإمام وحضر جنازته. (¬4) ¬

(¬1) الشجرة 298. (¬2) النحل: 51. (¬3) انظر نشر المثاني (الموسوعة 3/ 1263، 1265). (¬4) انظر حاشية الموسوعة (3/ 1264).

137 - محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله ابن الإمام أبو الفضل التلمساني

137 - محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله ابن الإمام أبو الفضل التلمساني (¬1) عالم بالتفسير والفقه مشارك في علوم الأدب والطب والتصوف من أهل تلمسان أخذ عن سعيد العقباني وغيره وعنه الحافظ التنسي والقلصادي وابن مرزوق الكفيف والتقي الشمني وغيرهم. قال السخاوي: ارتحل في سنة عشر وثمانمائة فأقام بتونس شهرين ثم قدم القاهرة فحج منها وعاد إليها ثم سافر ... إلى الشام فزار القدس وتزاحم عليه الناس بدمشق حين علموا فضله وأجلوه. (¬2) حكى عن شيخه العقباني أنه سأله يهودي عن دليل عموم رسالة النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: قلت: "بعثت للأحمر والأسود". فقال: خبر آحاد لايفيد إلا الظن والمطلوب القطع. فقلت له: قوله تعالى {وما أرسلناك إلا كافة للناس} (¬3) فقال: هذا لايكون حجة إلا على من يقول بصحة تقدم الحال على صاحبها المجرور وأنا لا أقول بصحته. (¬4) وعلق على ذلك أحمد بابا بقوله: الحجة القاطعة في ذلك قوله {يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا} (¬5) فهو نص قطعي. توفي سنة خمس وأربعين وثمانمائة. له: أبحاث في التفسير تكلم فيها مع المقري الجد. قال صاحب نيل الابتهاج: مفيدة كتبتها ... مع ماكتبت من فوائده التفسيرية. 138 - محمد بن إبراهيم الأبراشي أو الإبريشي (¬6) توفي بعد عام خمسين ومائتين وألف. ¬

(¬1) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 793، شجرة النور 1/ 254، درة الحجال 2/ 289، البستان 220، نيل الابتهاج 305، تعريف الخلف 2/ 330، الضوء اللامع 10/ 740 وهو فيه محمد بن يحيى بن إبراهيم، تذكرة المحسنين ووفيات الونشريسي ولقط الفرائد (موسوعة أعلام المغرب 2/ 751). (¬2) الضوء اللامع 10/ 740. (¬3) سبأ: 28. (¬4) الشجرة 1/ 254. (¬5) الأعراف: 158. (¬6) لم أقف له على ترجمة ولعله من أهل المنطقة لتفرد خزانة الرباط بكتابه.

139 - محمد بن إبراهيم أبو القاسم الأشعري

له: شرح سورة الضحى (¬1). 139 - محمد بن إبراهيم أبو القاسم الأشعري (¬2) له: أسباب النزول (¬3) 140 - محمد بن أحمد (¬4) زيتونة أبو عبد الله التونسي المنستيري (¬5) المفسر الفقيه الناظم الكفيف. ولد بالمنستير سنة إحدى وثمانين وألف. وبها نشأ وحفظ القرآن وأتي على بصره في صغره، وقيل: إن سبب فقده لبصره أنه ركب من تونس في مركب مشحون بالملح وكان ذلك في شدة الشتاء فأثر في بصره فعمي. (¬6) قصد القيروان وقرأ على شيوخها منهم محمد عظوم ثم قدم مدينة تونس فأخذ عن محمد الحجيج الأندلسي ومحمد فتاتة وعبد القادر الجبالي. وتصدر بعدها للتدريس بالزيتونة فانتفع به جمع من الأعيان. قال الوزير ابن أبي الضياف: وكان للباي حسين بن علي الأول فيه محبة كبيرة واعتقاد. وإذا دهمه أمر يبعث إليه ويستشيره، فكان إذا أتاه إلى باردو يخرج لتلقيه ويأخذ بيده ويقوده ويجلس حذوه ولا يحضر معهما ثالث في الغالب. (¬7) وخرج للحج مرة أولى فاجتمع بمصر بمحمد الزرقاني. ثم عاد وتولى ¬

(¬1) منه نسخة بالخزانة العامة بالرباط (انظر الفهرس الشامل 2/ 833). (¬2) لم أقف له على ترجمة ولعله من أهل المنطقة لتفرد خزانة ابن يوسف بكتابه. (¬3) منه نسخة بخزانة ابن يوسف (انظر الفهرس الشامل 2/ 837). (¬4) وقيل عبد الله كما في معظم المصادر، وإنما اعتمدت مافي العمر لتخصصه. (¬5) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 562، إتحاف أهل الزمان 2/ 104، بشائر أهل الإيمان ص: 224، ذيل البشائر 132، عنوان الأريب 2/ 9، إيضاح المكنون 2/ 498، بروكلمان: ملحق 2/ 366، تاريخ معالم التوحيدص 125، 301، 302، تراجم المؤلفين2/ 437، شجرة النور الزكية 1/ 324، 325، معجم المؤلفين 4/ 439، هدية العارفين 2/ 312، الأعلام 6/ 132، فهرس الخزانة الحسنية رقم 968، العمر 1/ 1 / 185 رقم 25. (¬6) انظر تراجم المؤلفين 2/ 438. (¬7) انظر العمر 1/ 1 / 186.

التدريس بالمرادية. وقد نال خطة التدريس بالمرادية بعد فوزه على منافسه الشيخ محمد الخضراوي في مناظرة مشهودة بجامع الزيتونة. قال حسين خوجه: كنت حاضرا حين دخوله الإسكندرية ... وفي عشية ليلة المعراج أتى إليه جماعة من أعيان البلد وطلبوا منه إحياء تلك الليلة المباركة على حين غفلة ولم يكن الشيخ متهيئا لهذه المهمة فنظر قليلا عقيب النهار في بعض التفاسير وامتلأ جامع ابن تربانة بازدحام الخلق من فوق ومن أسفل وصلى بهم صلاة العشاء ثم تصدى في المحراب وتلا قوله تعالى {سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى} (¬1) ولم ينفك عن تفسير تلك الآية وأتى فيها من كل الفنون والمعاني ومن جميع العلوم إلى السابعة من الليل. (¬2) ثم تولى بعد ذلك خطة الخطابة بجامع باب البحر وأحدث كرسيا للوعظ به. وحج ثانيا فالتقى بسليمان الشبرخيتي وجاور بالمدينة المنورة وأقرأ بها التفسير. ثم رجع إلى تونس ولازم التدريس إلى آخر حياته. قال ابن أبي الضياف: كان يحفظ من سماع واحد، وله في ذلك حكايات عجيبة، وكان يملي مصنفاته على تلاميذه وهم يكتبونها تلقيا من لفظه، فكان يملي ما يعجزهم كتابته. ولم يزل طيب الخبر حميد الأثر إلى أن توفي بتونس يوم الخميس الخامس وقيل السادس من شوال سنة ثمان وثلاثين ومائة. ودفن بالزلاج قرب ضريح القاضي ابن عبد السلام. له: مطالع السعود وفتح الودود على تفسير أبي السعود (¬3) وهي حاشية ضافية في ستة عشر جزءا توسع فيها وأفاض الكلام في جميع العلوم التي لها ¬

(¬1) الإسراء: 1. (¬2) انظر تراجم المؤلفين 2/ 438. (¬3) منها نسخة كاملة من نسخ المؤلف في ستة عشر جزءا بيعت بالكتبيين بثمن وافر، ومنه نسخة بالمكتبة الوطنية بتونس، ومنها جزءان بالمكتبة العمومية بالجزائر، والأول بالزيتونة وبمكتبة حسن حسني من نسخ المؤلف بخط تونسي جميل محفى برسوم وطوالع مزخرفة. (انظر العمر 1/ 1 / 187، الفهرس الشامل 2/ 753).

141 - محمد بن أحمد بن أبي بكر بن يحيى بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن علي القرشي المقري أبو عبد الله التلمساني

تعلق بالموضوع من نحو ولغة وبلاغة وتوحيد وأصول وفروع وإشارات إلى غير ذلك حتى أسرار الحروف، ابتدأها سنة خمس عشرة ومائة وأتمها في ربيع الثاني سنة سبع وعشرين. وفي ذيل البشائر: أنه جاوز نصفه (أي تفسير أبي السعود) في ستة عشر جزءا في القالب الكبير. وبآخر الجزء الأول من الحاشية المذكورة كتابة من المؤلف ذكر فيها ما اعترضه من عوائق الزمان عن إتمامه حتى أخذ بيده أميرتونس (حسين بن علي) وحمله على إتمامه بما نشطه به. ملخصات من مطالع السعود وفتح الودود على تفسير الإمام أبي السعود. (¬1) لمعان السراج في إبداء بعض لطائف المعراج. (¬2) وله أيضا: حاشية على الوسطى، شرح على السلم في المنطق، شرح على البيقونية، شرح على خطبة المطول، شرح على خطبة المختصر لسعد الدين التفتزاني، كتاب على ألفية ابن مالك لم يكمل، أختام على عدة أبواب متفرقة من صحيح مسلم. - محمد المختار بن أحمد الكنتي (¬3) 141 - محمد بن أحمد بن أبي بكر بن يحيى بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن علي القرشي المقري أبو عبد الله التلمساني (¬4) قاضي الجماعة بفاس مشار إليه بالعدوة الغربية اجتهادا ودءوبا وحفظا وعناية واطلاعا ونبلا ونزاهة سليم الصدر محافظ على العمل، حريص على العبادة قائم على علم العربية والتفسير أتم القيام ويحفظ الحديث، ويتفجر بحفظ الأخبار والتاريخ والآداب، ويشارك مشاركة فاضلة في الأصلين والجدل ¬

(¬1) منه نسخة بالمكتبة الأحمدية وبالخزانة الحسنية. (¬2) قال حسن حسني: يخرج في مائة صحيفة تقريبا، رأيته عند بعض الكتبيين. (¬3) انظر المختار بن أحمد. (¬4) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 2/ 70، بغية الوعاة 1/ 21، معجم المؤلفين 3/ 52، الديباج المذهب 288، وفيات الونشريسي ولقط الفرائد (موسوعة أعلام المغرب 2/ 665، 666).

142 - محمد بن أحمد بن الخليل أبو عمر السكوني

والمنطق له شعر جيد ويتكلم في طريق الصوفية، ويعتني بالتدوين فيها. حج ولقي جلة، وأخذ بمصر عن أبي حيان والشمس الأصفهاني وغيرهما وبمكة عن الرضي إمام المقام وبدمشق من الشمس ابن القيم الجوزية. عاد إلى بلده فأقرأ به وانقطع إلى خدمة العلم فلما ولي السلطان أبو عنان المغرب ولاه قضاء الجماعة بفاس فاستقل بذلك أعظم الاستقلال، وأنفذ الحق وألان الكلمة وآثر التشديد. قرأ العلم واستفاد على الإمامين العالمين الراسخين، أبي زيد عبد الرحمن وأبي موسى عيسى، ابني الإمام الحافظ ناصر الدين موسى عمران بن موسى بن يوسف المشدالي، وكان رحمه الله نسيج وحده في المتأخرين وعلى قاضي الجماعة بتلمسان أبي عبد الله محمد بن منصور بن هدية القرشي بن ولد عقبة بن عامر الفهري، وغيرهم من المشايخ الجلة. قال ابن الخطيب: اتصل بنا نعيه في شهر محرم عام تسعة وخمسين وسبعمائة (¬1)، وأراه توفي في ذي الحجة من العام قبله. (¬2) له: كتاب يشتمل على أزيد من مائة مسألة فقهية ضمنها كل أصل من الرأي والمباحثة، إقامة المريد ورحلة المتبتل، الحقائق والرقائق كلاهما في التصوف. 142 - محمد بن أحمد بن الخليل أبو عمر السكوني (¬3) فقيه، ولي القضاء بمواضع عدة. وهو والد عمر بن محمد السكوني تقدم الحديث عنه في ترجمة ابنه. توفي سنة ست وأربعين وستمائة. له: التمييز لما أودعه الزمخشري من الاعتزال في تفسيره للكتاب العزيز. بدأه هو وأكمله ابنه عمر كما تقدم في ترجمته. وله أيضا: تصانيف في الفقه. (¬4) ¬

(¬1) فيها أرخه الونشريسي وغيره. (¬2) انظر طبقات الداوودي 2/ 70. (¬3) مصادر ترجمته: الوافي بالوفيات 2/ 120، معجم المؤلفين 3/ 63، العمر 1/ 1 / 399، تراجم المؤلفين 3/ 47 كلاهما ضمن ترجمة ابنه. (¬4) معجم المؤلفين 3/ 63.

143 - محمد بن أحمد بن عبد الرحمن اليسيتني أبو عبد الله الفاسي

143 - محمد بن أحمد بن عبد الرحمن اليسيتني (¬1) أبو عبد الله الفاسي (¬2) فقيه مالكي متكلم مفسر نحوي من أهل فاس ولد سنة سبع وتسعين وثمانمائة. أخذ عن مشاهير منهم ابن غازي المفسر ويحيى السوسي وأبي العباس الزقاق وأبي عمران الزواوي وغيرهم. ودرس التفسير على الزقاق والحباك وغيرهما. (¬3) رحل إلى المشرق فأخذ عن علماء تلمسان وقسنطينة وتونس ومصر ومكة. فأخذ عن الزنديوي وغيره بتونس وعن الشمس وأبي الحسن البكري المفسر وغيرهما بمصر وعن العجمي ومحمد الحطاب وغيرهما بمكة. وعاد إلى فاس، فتولى بها الفتوى ودرس التفسير والحديث والفقه والأصول والنحو والبيان. أخذ عنه كثيرون ومنهم القاضي أبو الحسن السكتاني والمنجور المفسران ولازمه المنجور أحد عشر سنة إلى وفاته وانتفع به وغيرهما. (¬4) توفي بفاس في السادس عشر من المحرم سنة تسع وخمسين وتسعمائة. له تآليف منها: جزء على التاجوري، الرد على مخلوف، الرد على الزقاق، شرح مختصر خليل، تأليف في حقوق السلطان على الرعية وحقوقهم عليه، وغير ذلك. 144 - محمد بن أحمد بن عبد القادر بن محمد بن الناصر الراشدي الجليلي المعسكري أبو راس الجزائري (¬5) ¬

(¬1) اليسيتني: - بفتح الياء التحتية وكسر السين المهملة المشددة بعدها تحتية ثم فوقية مثناة - نسبة إلى قبيلة (انظر الشجرة 1/ 283، موسوعة أعلام المغرب 2/ 887). (¬2) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 794، النبوغ المغربي 250، وشجرة النور 1/ 283، نيل الابتهاج 338، الفكر السامي 4/ 101، وهو فيه محمد ابن عبد الرحمن، سلوة الأنفاس 3/ 59، معجم المؤلفين 3/ 72، تذكرة المحسنين ولقط الفرائد (موسوعة أعلام المغرب 2/ 887). (¬3) انظر نيل الابتهاج ص: 338. (¬4) الشجرة 1/ 283. (¬5) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 487، معجم أعلام الجزائر 306، فهرس الفهارس 1/ 150، دليل مؤرخ المغرب 1/ 106، تعريف الخلف 2/ 332، بروكلمان 2/ 880، الأعلام 6/ 18، معجم المؤلفين 3/ 74.

145 - محمد بن أحمد بن عثمان بن عمر التونسي أبو عبد الله الوانوغي المالكي

مؤرخ، مالكي من العلماء بالحديث ورجاله. من أهل بلاد معسكر بالجزائر، ولد بها سنة خمسين ومائة وألف له مشاركة في الفقه والتفسير والأنساب وغير ذلك، رحل في طلب العلم وزار مصر والشام والحجاز وتونس والمغرب. قال عنه الكتاني: حافظ المغرب الأوسط ورحالته صاحب التآليف الكثيرة في الفقه والأدب والتاريخ والأنساب وغير ذلك. (¬1) أخذ عن المرتضى الزبيدي والشرقاوي وعثمان الحنبلي وغيرهم من هذه الطبقة وعنه ابن السنوسي وأبو عمرو عثمان القادري وغيرهما. توفي ببلده عشية الأربعاء الثالث عشر من جمادى الثانية سنة تسع وثلاثين ومائتين. له نحو خمسين كتابا، منها: تفسير القرآن. (¬2) وله أيضا: لب أفياخي في عدة أشياخي، السيف المنتضى فيما رويته بأسانيد الشيخ مرتضى، تخريج أحاديث دلائل الخيرات، الحاوي الجامع بين التوحيد والتصوف والفتاوي، در السحابة فيمن دخل المغرب الأقصى من الصحابة، ذيل القرطاس في ملوك بني وطاس، الزمردة الوردية في الملوك السعدية، مروج الذهب في نبذة من النسب، الخبر المعلوم في كل من اخترع نوعا من أنواع العلوم، رحلة ذكر بها سياحة له في المشرق والمغرب ومن لقي من أعيانهما، شرح المقامات الحريرية، وغير ذلك. 145 - محمد بن أحمد بن عثمان بن عمر التونسي أبو عبد الله الوانّوغي المالكي (¬3) ¬

(¬1) فهرس الفهارس 1/ 150. (¬2) ذكر الكتاني أنه يرويه عن المهنوي عن ابن السنوسي عنه. (¬3) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 2/ 61، معجم المفسرين 2/ 483، بغية الوعاة 1/ 31، ذيل تذكرة الحفاظ 277، الضوء اللامع 7/ 3، كشف الظنون 92، نيل الابتهاج 268، الأعلام 5/ 331، شذرات الذهب 7/ 138، معجم المؤلفين 3/ 80.

146 - محمد بن أحمد بن علي بن يحيى بن علي بن محمد الإدريسي الحسني أبو عبد الله العلويني الشريف التلمساني

نزيل الحرمين كان عالما بالتفسير والأصلين والعربية والفرائض والحساب والجبر والمقابلة والمنطق، ومعرفته بالفقه دون غيره. ولد سنة تسع وخمسين وسبعمائة بتونس ونشأ بها. سمع من أبي الحسن بن أبي العباس البطرني مسند تونس، وسمع أيضاً من ابن عرفة وأخذ عنه الفقه والتفسير والأصلين والمنطق، وعن الولي ابن خلدون الحساب والهيئة والأصلين والمنطق، والنحو عن أبي العباس البصار. قال السيوطي: كان شديد الذكاء سريع الفهم، حسن الإيراد للتدريس والفتوى، ... . وكان يعاب عليه إطلاق لسانه في العلماء، ومراعاة السائلين في الإفتاء (¬1). مات بمكة المشرفة في سحر يوم الجمعة، تاسع عشري شهر ربيع الآخر سنة تسع عشرة وثمانمائة. وله: تأليف على قواعد ابن عبد السلام، وعشرون سؤالا في فنون العلماء تشهد بفضله، بعث بها إلى القاضي جلال الدين البلقيني، فأجاب عنها فرد ما قاله البلقيني. قال السيوطي: وقفت على الأسئلة وأجوبتها ولم أقف على الرد، حاشية على التهذيب للبراذعي. 146 - محمد بن أحمد بن علي بن يحيى بن علي بن محمد الإدريسي الحسني أبو عبد الله العلويني الشريف التلمساني (¬2) باحث من أعلام المالكية، انتهت إليه إمامتهم بالمغرب. من قرية تسمى العلوين (من أعمال تلمسان) ولد سنة ستة عشر وسبعمائة. أخذ عن ابني الإمام والقاضي أبي عبد الله بن هدية والمجاصي وعمران المشذالي وغيرهم. ¬

(¬1) بغية الوعاة 1/ 31. (¬2) مصادر الترجمة: البستان 164، تعريف الخلف 1/ 106، والتعريف بابن خلدون 62، 447 وهو فيه: يعرف بالعلوي - بفتح فسكون - نسبة إلى العلويين من قرى تلمسان، تاريخ الجزائر العام 2/ 190 - 193، الأعلام 5/ 372، معجم المؤلفين 3/ 87، نيل الابتهاج 255، تذكرة المحسنين وشرف الطالب ووفيات الونشريسي (موسوعة أعلام المغرب 2/ 680).

147 - محمد بن أحمد بن عيسى المغربي

وعنه ولده أبو محمد وابن بابا والشاطبي وابن خلدون وابن السكاك وغيرهم. رحل إلى فاس مع السلطان أبي عنان، فاعتقله شهرا، ثم أطلقه وقربه، ودعي إلى تلمسان، وكان قد استولى عليها أبو حمو (موسى بن يوسف) فذهب إليها وزوّجه أبو حمو ابنته، وبنى له مدرسة أقام يدرس فيها إلى أن توفي. كان لسان الدين ابن الخطيب كلما ألف كتابا بعثه إليه وعرضه عليه. ولما اجتمع العلماء عند أبي عنان أمر الفقيه العالم المقري بإقراء التفسير فامتنع منه وقال: الشريف أبو عبد الله أولى مني بذلك فقال له السلطان: تعلم أنت علوم القرآن وأهل تفسيره فاقرأه. قال له: إن أبا عبد الله أعلم بذلك مني فلايسعني الإقراء بحضرته فعجبوا من إنصافه ففسر أبو عبد الله بحضرة العلماء كافة في دار السلطان، ونزل عن سرير ملكه وجلس معهم على الحصير فأتى بما أدهش الحاضرين حتى قال السلطان عند فراغه: إني لأرى العلم يخرج من منابت شعره. (¬1) وللونشريسي جزء في ترجمته سماه: القول المنيف في ترجمة الإمام أبي عبد الله الشريف. توفي بتلمسان ليلة الأحد رابع ذي الحجة سنة إحدى وسبعين وسبعمائة. فسر القرآن خمسا وعشرين سنة بحضرة أكابر الملوك والعلماء والصلحاء وصدور الطلبة لايتخلف منهم أحد فأبدع. (¬2) من كتبه: مفتاح الوصول إلى بناء الفروع والأصول: في أصول الفقه. كتب عليه عبد الحميد ابن باديس (¬3) شرحا مختصرا، شرح جمل الخونجي. 147 - محمد بن أحمد بن عيسى المغربي (¬4) فقيه مالكي مفسر توفي سنة خمس وألف ¬

(¬1) نيل الابتهاج 258. (¬2) انظر مقدمة تفسير الثعالبي ص: (أ) وقد خلط الكاتب بينه وبين أبي عبد الله محمد بن محمد ابن أحمد ابن مريم المديوني التلمساني ت 1014 هـ. (¬3) تقدمت ترجمته. (¬4) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 485، هدية العارفين 2/ 262، إيضاح المكنون 2/ 135، معجم المؤلفين 3/ 110.

148 - محمد بن أحمد بن قاسم بن محمد بن محمد بن أبي النور أبو عبدالله النيفر

له تصانيف منها: غاية الإتحاف فيما خفي من كلام القاضي والكشاف في التفسير. 148 - محمد بن أحمد بن قاسم بن محمد بن محمد بن أبي النور أبو عبدالله النيفر (¬1) قاض مفسر من فقهاء المالكية ولد بتونس سنة اثنتين وعشرين ومائتين وألف. قدم جده أبو النور لحاضرة تونس من صفاقس وكان مقدم آبائه لها من مصر وكانوا يلبسون العمامة الخضراء علامة على شرفهم وهو من ذرية محمد الرفاعي. (¬2) أخذ عن إبراهيم الرياحي وابن ملوكة والمناعي وغيرهم. وعنه جماعة منهم ابناه الطاهر والطيب وأخواه صالح ومحمد. درس التفسير بباب الشفاء أحد أبواب جامع الزيتونة فكان درسه جامعا لأعيان العلماء والمدرسين فأتى بالعجب العجاب، ولي القضاء بتونس، وخطة الفتوى. حج وتوفي بالمدينة ودفن بالبقيع سنة سبع وسبعين ومائتين. له: رسالة في البسملة. وله أيضا: تعاليق وفتاوى، وتعليقات على شرح الأشموني، وله نظم. 149 - محمد العربي بن أحمد بن محمد بن عبد الله الخطيب التطواني (¬3) ولد بتطوان سنة ثلاث وثلاثمائة وألف. درس بتطوان وفاس وارتحل إلى الأزهر للدراسة فيه وعاد إلى المغرب. أخذ العلم عن أحمد الرهوني وعبد العزيز بناني وعبد الصمد كنون وعبد السلام بناني وأبي شعيب الدكالي. ¬

(¬1) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 796، شجرة النور 1/ 390 وفيه محمد بن محمد بن أحمد، عنوان الأريب 2/ 108، الأعلام 6/ 19. (¬2) الشجرة 1/ 390. (¬3) مصادر ترجمته: إعاف الإخوان الراغبين ص: 452.

150 - محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن محمد بن مرزوق العجيسي أبو عبد الله شمس الدين الجد الخطيب

لزم محمد رشيد رضا عاما كاملا ودرس عليه التفسير والحديث. أسس بتطوان مدرسة وتولى إدارتها وألقى دروسا في التفسير بالزاوية الريسونية. عين عدلا وطلب للقضاء فامتنع وعين أستاذا بالجامع الكبير لتدريس التفسير والسيرة. توفي بتطوان يوم الثلاثاء عشرين من ذي القعدة سنة أربعمائة وألف. له: فتح الرحمن الرحيم في فهم القرآن العظيم مجلد واحد أتم فيه الفاتحة والبقرة وهو مخطوط. الأرجوزة القرآنية. وله أيضا: الإرشاد المفيد لبيان بعض معاني كلمة التوحيد، الرحلة الحجازية في الأخلاق والتقلبات النفسانية، ديوان شعر. 150 - محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن محمد بن مرزوق العجيسي (¬1) أبو عبد الله شمس الدين الجد الخطيب (¬2) فقيه أصولي، محدث، نحوي، مفسر ولد بتلسمان سنة سبعمائة وعشرة. ورحل إلى المشرق، وأقام بمصر وعاد إلى تلمسان، فولي أعمالا علمية وسياسية، وتقدم عند ملوك المغرب، وسجنه بعضهم، ثم رحل إلى القاهرة فاتصل بالسلطان الأشرف فولاه مناصب علمية استمر قائما بها إلى أن توفي. قال المكناسي: بارع الخط أنيقه متسع الرواية مشاركا في فنون من أصول وفروع وتفسير. (¬3) أخذ عن ابني الإمام والخطيب المجاصي وعن عز الدين الواسطي وجمال الدين المطري وشرف الدين الأسيوطي وعن الحجبي المكي وخليل القسطلاني والنويري وعن ابن القماح وعن أبي حيان الغرناطي ¬

(¬1) نسبة إلى عجس قبيلة من البربر (معجم المؤلفين 3/ 107). (¬2) مصادر ترجمته: الدرر الكامنة 3/ 360، نفح الطيب 3/ 200، شذرات الذهب 6/ 271، الديباج 305، البستان 184، نيل الابتهاج 267، فهرس الفهارس 1/ 394، كشف الظنون 104، 154، 406 وغيرها، إيضاح المكنون 1/ 155، دليل مؤرخ المغرب 195، الأعلام 5/ 328، معجم المؤلفين 3/ 107، هدية العارفين 2/ 170، جذوة الاقتباس 225، شجرة النور 236، الإعلام بمن حل مراكش 4/ 26. (¬3) جذوة الاقتباس 225.

151 - محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد، ابن مرزوق العجيسي التلمساني أبو عبد الله الحفيد

وغيرهم، وله نحو ألفي شيخ جمعهم في برنامج. أخذ عنه ابنه أحمد وبرهان الدين ابن فرحون والشاطبي وابن الخطيب القسنطيني ومن لا يعد كثرة. توفي بالقاهرة سنة إحدى وثمانين وسبعمائة. من تصانيفه: شرح الشفا في التعريف بحقوق المصطفى لم يكمل، عجالة المستوفز المستجاز، إيضاح السالك على ألفية ابن مالك في النحو، وتيسير المرام في شرح عمدة الأحكام. 151 - محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد، ابن مرزوق العجيسي التلمساني أبو عبد الله الحفيد (¬1) عالم بالفقه والأصول والحديث والأدب، مفسر نحوي ناظم ولد بتلمسان في الثالث عشر من ربيع أول سنة ست وستين وسبعمائة وبها نشأ وتعلم ورحل إلى تونس وفاس. رحل إلى الحجاز والمشرق ودخل القاهرة فلقي بها العلامة ابن خلدون والفيروزأبادي والنويري وأخذ عنهم. وحج سنة تسعين برفقة الإمام ابن عرفة وحج ولقي شيخ الإسلام ابن حجر العسقلاني وأخذ عنه. وهو أستاذ الثعالبي المفسر (¬2)، وأخذ عنه ابنه الكفيف والقلشاني وأبو العباس الشريف التلمساني والحافظ التنسي ونصر الزواوي وغيرهم. قال عنه ابن بابا في معرفته بالتفسير ودرره والاطلاع على حقائق التأويل وغرره: فلو رآه مجاهد علم أنه في علوم القرآن العزيز مجاهد، أو لاقاه مقاتل لقال تقدم أيها المقاتل، أو الزمخشري لعلم أنه كشف النكت على الحقيقة وقال لكتابه: تنح لهذا الحبر عن سلوك تلك الطريقة، أو ابن عطية لعلم كم لله ¬

(¬1) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للأدنوي ص: 442، وقد وهم في سنة وفاته حيث جاء فيه سنة 877 هـ، معجم المفسرين 2/ 483، الضوء اللامع 7/ 50، البدر الطالع 2/ 119، البستان 201، كشف الظنون 1984، شجرة النور 1/ 252، الأعلام 5/ 331، معجم المؤلفين 3/ 97، نيل الابتهاج 293، فهرس الفهارس 1/ 382، دليل مؤرخ المغرب 219، هدية العارفين 2/ 191، بروكلمان 2/ 345، معجم أعلام الجزائر 290، تاريخ الجزائر العام 2/ 195. (¬2) مقدمة تفسير الثعالبي ص: (ب).

152 - محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن علي بن غازي العثماني أبو عبدالله المكناسي الفاسي

تعالى من فضل وعطية، أو أبو حيان لاختفى منه إن أمكنه في نهره ولم تسل له نقطة من بحره. (¬1) حكي أنه لما دخل جامع الزيتونة وجد الإمام ابن عرفة يفسر قوله تعالى {ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له} الآية (¬2). مستشكلا قائلا: قرئ ومن يعشو بالرفع ونقيض بالجزم ووجهها أبو حيان بكلام لم أفهمه والظاهر أن في النسخة تحريفا، وذكر كلامه، فشرح له وجهة ذلك صاحب الترجمة واستشهد لذلك (¬3). مات بتلمسان في شعبان سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة. له كتب وشروح كثيرة، منها: وله أيضا: البرق اليمانية في الأسرار القرآنية: كتاب في خواص القرآن العظيم وبيان أسراره وكيفية الوصول إليها. (¬4) تفسير سورة الإخلاص: على طريقة الحكماء. اغتنام الفرصة في محادثات عالم قفصة: في الفقه والتفسير المفاتيح المرزوقية لحل الأقفال واستخراج خبايا الخزرجية، أنواع الذراري في مكررات البخاري، نور اليقين في شرح أولياء الله المتقين، ثلاثة شروح على البردة، الروضة: رجز في علم الحديث، أرجوزة في القراآت، أرجوزة نظم بها تخليص المفتاح في المعاني والبيان، أرجوزة اختصر بها ألفية ابن مالك، الحديقة، إظهار صدق المودة في شرح البردة، شرح مختصر خليل، شرح الجمل، برنامج الشوارد، إسماع الصم في إثبات الشرف من جهة الأم، وغير ذلك. 152 - محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن علي بن غازي العثماني أبو عبدالله المكناسي الفاسي (¬5) ¬

(¬1) نيل الابتهاج 294. (¬2) الزخرف: 36. (¬3) انظر الشجرة 253. (¬4) ذكره الأدنوي. (¬5) مصادر الترجمة: معجم المفسرين 2/ 794، فهرس الفهارس 1/ 210، النبوغ المغربي 208، نيل الابتهاج 333، أخبار مكناس 4/ 2، إيضاح المكنون 1/ 17، 18، 188، 2/ 379، دليل مؤرخ المغرب 63، هدية العارفين 2/ 226، بروكلمان 2/ 204، 2/ 337، شجرة النور 1/ 276، جذوة الاقتباس 1/ 320، سلوة الأنفاس 2/ 73، إتحاف أعلام الناس 4/ 2 (وفيه ولادته 858)، معجم المؤلفين 3/ 107، الأعلام 5/ 336، مجلة البحث العلمي 7/ 263، تذكرة المحسنين ولقط الفرائد ودوحة الناشر (موسوعة أعلام المغرب 2/ 830 - 832) وقد أفرده عبد الله كنون برسالة سماها ابن غازي وهي الرسالة الثانية عشرة من سلسلة ذكريات مشاهير المغرب.

مقرئ، محدث، مؤرخ، فرضي، حاسب، عروضي، نحوي، عالم بالتفسير والقراءات من فقهاء المالكية. نسبه في بني عثمان قبيلة من كتامة بمكناسة الزيتون (¬1). ولد بمكناسة سنة إحدى وأربعين وثمانمائة ونشأ وتعلم بها وانتقل إلى فاس في طلب العلم فأقام بها مدة ثم عاد إلى بلده وتصدر للتدريس، ثم تحول إلى فاس وتولى الخطبة والإمامة في جامع القرويين وجلس للإقراء فطار صيته في الآفاق وقصده الناس من أنحاء المغرب العربي. أخذ عن أبي العباس المزدغي والسراج والحباك وابن مرزوق الكفيف وغيرهم. وعنه القدومي والونشريسي واليسيتني وغيرهم. قال تلميذه عبد الواحد الونشريسي: حضرت مجالس إقرائه في الفقه والعربية والتفسير والحديث وغيرها، وكلها في غاية الاحتفال. توفي بفاس يوم الأربعاء التاسع من جمادى الأولى سنة تسع عشرة وتسعمائة. من تصانيفه الكثيرة: تكملة تقييد البسيلي الصغير لتفسير ابن عرفة الورغمي (¬2). وله أيضا: شفاء الغليل في حل مقفل مختصر خليل، بغية الطلاب في شرح منية الحساب، تاريخ الروض الهتون في أخبار مكناسة الزيتون، إنشاد الشريد في ضوال القصيد في القراءات، التعلل برسوم الإسناد، طرق مقرأ نافع: منظومة، والفهرسة المباركة، كليات فقهية على مذهب المالكية، تفصيل الدرر: في القراآت، ونظم نظائر رسالة القيرواني، شرح ألفية ابن مالك، اللبيب إلى مقاصد حديث الحبيب، وغير ذلك. ¬

(¬1) الأعلام 5/ 336. (¬2) انظر ترجمة أحمد بن محمد البسيلي، وتوجد منه نسخة بالزاوية الحمزية بإقليم تافيلات بالمغرب بخط المؤلف نفسه (انظر مقدمة تفسير ابن عرفة رواية الأبي 1/ 31).

153 - محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن أبي بكر المسناوي أبو عبدالله الدلائي

153 - محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن أبي بكر المسناوي أبو عبدالله الدلائي (¬1) عالم مغربي من فقهاء المالكية، كان راسخ القدم في علوم العربية، والفقه والحديث والتفسير والكلام. ولد سنة اثنتين وسبعين وألف قال عبد الله كنون: كان آية في الحفظ والإتقان قد أعطي الملكة العجيبة في التدريس، والعارضة القوية في الفتوى، فأصبح الحجة الذي لاينقض قوله، ولا يكون الرجوع إلا إليه. (¬2) أخذ عن والده وعم أبيه محمد المرابط وعبد القادر الفاسي واليوسي وعبد السلام القادري وغيرهم. وأخذ التفسير عن الفاسي وابن الحاج وغيرهما. (¬3) وعنه محمد جسوس ومحمد اليفرني ومحمد ميارة الصغير وابن حمدون البناني وغيرهم. توفي سنة ست وثلاثين ومائة وألف. 154 - محمد بن أحمد بن محمد ابن الوقاد (¬4) قاض عالم بالتفسير والحديث والفقه والأدب من أهل تلمسان هاجر منها على أثر الاحتلال التركي لها إلى المغرب الأقصى ونزل مدينة ترودانت. لقي في بداية الأمر بعض الصعوبات لاستحكام العجمة في ألسنة السوسيين فذهب إلى سجلماسة فمكناس ففاس ثم عاد إلى ترودانت فولي التدريس والفتوى والإمامة بجامعها الكبير. وهو أول من قرأ الجامع الصحيح للبخاري بها قراءة ضبط وإتقان وخطب فيها ببراعة اللسان، وأول من أحيا بها ليلة المولد باجتماع الناس في منزله وقراءة قصائد مدحه - صلى الله عليه وسلم -. توفي سنة إحدى وألف. 155 - محمد بن أحمد بن المكي بن أحمد بن علي أبو الفتح السوسي (¬5) عالم بالعربية فقيه مالكي، مشارك في التفسير والحديث. أصله من ¬

(¬1) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 796، النبوغ المغربي 286، شجرة النور 1/ 333، نشر المثاني وتذكرة المحسنين (موسوعة أعلام المغرب 5/ 1980 - 1992). (¬2) النبوغ المغربي 286. (¬3) انظر نشر المثاني (الموسوعة 5/ 1980 - 1981). (¬4) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 795، معجم أعلام الجزائر 343. (¬5) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 488، مجلة دعوة الحق: رجب 1394 ص: 151، الأعلام 6/ 24، معجم المؤلفين 3/ 75.

156 - محمد الطيب بن إسحاق بن الزبير بن محمد الأنصاري الخزرجي التنبكتي المدني

هشتوكة، من جزولة (¬1). مولده بمكناس سنة خمس وثمانين ومائتين وألف. قال المنوني: اشتغل بالتدريس قرابة ستين عاما ... . وكان آخر ما أقرأه من الدروس الليلية هو تفسير القرآن الكريم بالجلالين واستمر فيه حتى شارف ختمه حيث وقف على سورة المعارج فنزل به مرضه الذي توفي فيه (¬2). وتنقل مدرساً، بين مكناس وفاس والرباط وتولى مناصب آخرها قضاء مكناس ووفاته بها سنة خمس وستين وثلاثمائة صنف كتباً، منها: شرح مطول لهمزية البوصيري، حاشية على شرح أرجوزة مصطلح الحديث لمحمد ابن عبد القادر الفاسي. 156 - محمد الطيب بن إسحاق بن الزبير بن محمد الأنصاري الخزرجي التنبكتي المدني (¬3) مدرس مالكي المذهب، سلفي العقيدة. ولد سنة ست وتسعين ومائتين وألف في مكان يسمى المراقد بالمغرب ونشأ به وانتقل إلى المدينة سنة خمس وعشرين وثلاثمائة فدرس في المسجد النبوي إلى آخر حياته. توفي بالمدينة سنة ثلاث وستين وثلاثمائة وصنف كتبا، منها: تحبير التحرير في اختصار تفسير الإمام ابن جرير: هيئ للطبع. وله أيضا: الدرة الثمينة: نظم به شذور الذهب: في النحو، البراهين الموضحات في نظم كشف الشبهات: في التوحيد، السراج الوهاج في اختصار صحيح مسلم بن الحجاج. ¬

(¬1) جزولة: بلاد عامرة من أقاليم مملكة مراكش، توجد وراء الجبل وتحد مملكة مراكش لايفصلها عنها غير الأطلس. (انظر وصف إفريقيا 1/ 30، 143، 144). (¬2) مجلة دعوة الحق ص: 158. (¬3) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 543، الأعلام 6/ 178، معجم المؤلفين 3/ 372، مجلة المنهل 6/ 198، 266، 315، جريدة المدينة المنورة 11/ 6 / 1379، 17/ 5 / 1382.

157 - محمد بن أبي بكر بن محمد بن سعيد أبو عبد الله الدلائي

157 - محمد بن أبي بكر بن محمد بن سعيد أبو عبد الله الدلائي (¬1) عالم في التفسير والحديث والكلام ولد سنة سبع وستين وتسعمائة من أعظم شيوخ الزاوية الدلائية في المغرب قال عنه مخلوف: الإمام العالم العامل الشيخ الصالح الولي الكامل المتسع في الحديث والتفسير وعلم الكلام، كان من أعلام علماء الإسلام وكان أعلام وقته كالشهاب المقري وأبي العباس الفاسي يقصدون زيارته والتبرك به ويراجعونه في عويص المسائل وإليه انتهت رئاسة الدنيا والدين. (¬2) وقال في المرآة: انتهت إليه رياسة الدين والدنيا واستقل بسياسة الأمور الجليلة والرتبة العالية إمام حافظ دارك متوسع في علم التفسير ومعاني الحديث وعلم الكلام حسن المشاركة فيها وفي غيرها. (¬3) أخذ عن والده والقصار وابن الزبير السجلماسي ومحمد الشرقي وغيرهم. أخذ عنه المقري وأثنى عليه. وأخذ عنه كثرة منهم أولاده الغزواني ومحمد الحاج سلطان المغرب ومحمد المرابط ومحمد الشاذلي وأخذ عنه أخوه أبو العباس الحارثي. أخباره كثيرة ويحكى عنه كرم وكرامات. توفي في صلاة العصر يوم الأربعاء الحادي عشر من رجب سنة ست وأربعين وألف ودفن في الدلاء بجوار أبيه. 158 - محمد بن الحسن المقري أبو عبد الله المجاصي المغراوي (¬4) القاضي الفقيه العلامة المدرس المفتي ولد بمكناسة الزيتون ولي قضاء ¬

(¬1) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 797، شجرة النور 1/ 301، الزاوية الدلائية 76، نفح الطيب 2/ 479، الاستقصا 6/ 96، نشر المثاني (موسوعة أعلام المغرب 3/ 1333). (¬2) الشجرة 301. (¬3) انظر نشر المثاني (الموسوعة 3/ 1333). (¬4) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 803، معجم المحدثين والمفسرين 86 وفيهما اسمه: محمد بن محمد المجاصي، نشر المثاني وتذكرة المحسنين (موسوعة أعلام المغرب 5/ 1823، 1826)، معجم المؤلفين 3/ 231، أخبار مكناس 4/ 47. والمغراوي: نسبة إلى مغراوة بالجزائر.

159 - محمد بن الحسن أبو عبد الله الجنوي الحسني العمراني التطاوني

فاس، ثم عزل وباشر التدريس في القرويين إلى أن ولي قضاء مكناسة، وكان من أهل التثبت في الأحكام والتحري. قرأ عليه محمد العربي بن الطيب القادري وشقيقه عبد السلام وكان يثني عليه بالعلم والمشاركة والحفظ الجزيل (¬1). توفي عصر يوم السبت رابع ربيع الأول سنة ثلاث ومائة وألف ودفن عند الغروب بمكناسة الزيتون بروضة أحمد الحارثي. له: تفسير غريب القرآن: منظومة 695 بيتا. (¬2) وله أيضا: تقييد في الأشراف الجوطيين، وتقييد في مسألة العكاكزة، نظم في أشراف المغرب. 159 - محمد بن الحسن أبو عبد الله الجنوي الحسني العمراني التطاوني (¬3) مفسر محدث متكلم فقيه مالكي أصولي نحوي بياني. ولد بمدشر (أي قرية) أزجن في رجب سنة خمس وثلاثين ومائة وألف، في إحدى قبائل مراكش. نزل مكناس وتنقل في طلب العلم واستقر في مراكش. قال عباس بن إبراهيم: ومن وقف على كتب الجنوي وعاين ما كان يقيده بهوامشها علم أنه كانت له اليد الطولى في كل فن. أخذ عن ابن عمه عبد السلام البناني، وعن شيوخ فاس وأبي العباس الهلالي والورزازي وغيرهما وحج فأخذ بالمشرق عن كثيرين كالشمس الحفني والشهب الثلاثة أحمد بن مصطفى الصباغ والجوهري والملوي. أخذ عنه الحضيكي وابن عبد السلام الناصري ومحمد بن محمد الصادق ابن ريسون وأبو العباس أحمد بن صالح الحكمي وغيرهم. ¬

(¬1) انظر نشر المثاني (الموسوعة 5/ 1823). (¬2) منه نسخ بالخزانة العامة بالرباط وبمتحف الجزائر وبالجامع الكبير بصنعاء (انظر بروكلمان الملحق 2/ 987، الفهرس الشامل 2/ 884). (¬3) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 517، دليل مؤرخ المغرب 320، الأعلام المراكشية 5/ 93، شجرة النور 1/ 375، أخبار مكناس 4/ 135، الأعلام 6/ 92، معجم المؤلفين 3/ 216، إتحاف المطالع (موسوعة أعلام المغرب 7/ 2432)، فهرس الفهارس 1/ 227 وقد خلط بينه وبين محمد بن حسن البناني صاحب الحاشية على الزرقاني المسماة الفتح الرباني وغيرها من التآليف والمتوفى سنة 1194 هـ.

160 - محمد بن الحسن بن العربي بن محمد الحجوي الثعالبي الجعفري الفلالي

قال الشيخ الرهوني: كان عالما بالتفسير والحديث والفقه والأصول والكلام والتصوف ذا دين متين وتؤدة عظيمة وهدي حسن، منقبضا عن السلطان زاهدا في عطاياه (¬1). توفي بمراكش يوم الاثنين الثالث عشر من رمضان سنة مائتين وألف ودفن عند الغروب بالموضع المسمى القصور. (¬2) له: حاشية على الجلالين حاشية على تفسير البيضاوي وله أيضا: حاشية على مختصر خليل، حاشية على شرح ميارة للتحفة. 160 - محمد بن الحسن بن العربي بن محمد الحجوي الثعالبي الجعفري الفلالي (¬3) فقيه مالكي باحث من رجال العلم والحكم، من المالكية السلفية في المغرب. من أهل فاس ولد سنة إحدى وتسعين ومائتين وألف. سكن مكناسة ووجدة والرباط ودرَس ودرّس في القرويين. وأسندت إليه سفارة المغرب في الجزائر (1321 هـ - 1323 هـ) وولي وزارة العدل فوزارة المعارف في عهد (الحماية) الفرنسية، وتولى رئاسة المجلس العلمي ورئاسة الاستئناف في المجلس الشرعي الأعلى ورئاسة عدة وفود إلى الخارج، ونفر منه جماعة من الكبار وابتعدوا عنه، حتى قال فيه محمد البشير الإبراهيمي الجزائري من أرجوزة: وهذه صواعق من حجوي ... مرسلة على الفقيه الحجوي! وقد زار تونس وألقى فيها محاضرة في جامع الزيتونة حول التجديد وندد بالصوفية (¬4) وعزل ثم توفي بالرباط في إحدى المستشفيات عشية يوم الأحد ¬

(¬1) انظر فهرس الفهارس 1/ 227. (¬2) وقع في الشجرة سنة 1220 هـ وأظنه سبق قلم والله أعلم. (¬3) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 518، الأعلام 6/ 91، العز والصولة 2/ 53، الفكر السامي من ترجمة له بقلمه 4/ 199، إتحاف المطالع (موسوعة أعلام المغرب 9/ 3320) والحجوي: نسبة إلى قبيلة حجاوة التي توجد بالمغرب قرب بني حسن. كما في إتحاف المطالع. (¬4) انظر شيخ الجامع الأعظم ابن عاشور ص: 29 - 31.

161 - محمد الأمين بن الحسين الشنقيطي

فاتح ربيع الأول سنة ست وسبعين وثلاثمائة، ودفن بفاس. ولم يحضر جنازته أحد بعد ما امتنع الحزابون من القراءة عليه، وهجر أهلها المسجد المجاور لتربته، فنقلته حكومة المغرب (في عهد الاستقلال) إلى مكان مجهول بفاس. له: مجموع أوله تفسير القرآن أو ماصح عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -. (¬1) تفسير الآيات العشر الأولى من سورة قد أفلح. تفسير سورة الإخلاص. (¬2) وله أيضا: الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي، ثلاث رسائل في الدين، المحاضرة الرباطية في إصلاح تعليم الفتيات في الديار المغربية، التعاضد المتين بين العقل والعلم والدين: محاضرة، ومثلها: مستقبل تجارة المغرب، النظام في الإسلام، الفتح العربي لإفريقيا الشمالية: مختصر العروة الوثقى ذكر فيه شيوخه ومن اتصل بهم. 161 - محمد الأمين بن الحسين الشنقيطي (¬3) معاصر من المشتغلين بالتفسير ولد في موريتانيا سنة أربع وستين وثلاثمائة وألف. حفظ القرآن صغيراً على عمه الشيخ عمر بن الحسين وأخذ إجازتين في قراءة الإمام نافع، بروايتي قالون وورش، إحداهما على عمه الشيخ الحسن بن أحمد بن الحسين، والثانية على الشيخ سيدي المختار بن محمد بن عبدي، ثم تنقل بين مشاهير علماء المنطقة في طلب العلم ولازم كلا من الشيخ الحاج بن السالك بن فحف، والشيخ الإمام بن المانه. ودرس في العقيدة الأشعرية إضاءة الدجنة في اعتقاد أهل السنة، وفي الفقه: منظومة ابن عاشر، ومختصر خليل، وفي النحو والصرف: ألفية ابن مالك، والآجرومية ولامية الأفعال. وبعد هذه الدراسة سافر لأداء مناسك الحج عام 1379 هـ ثم طاب له ¬

(¬1) منه نسخة بالخزانة العامة بالرباط (انظر الفهرس الشامل 2/ 829). (¬2) انظر الفكر السامي 2/ 6 ومنه نسخة بالخزانة العامة بالرباط (انظر الفهرس الشامل 2/ 850). (¬3) مصادر ترجمته: السلفية وأعلامها في موريتانيا ص: 418، الشنقيطي ومنهجه في التفسير ص: 93، 94، منهج الشنقيطي في تفسير آيات الأحكام 1/ 91.

162 - محمد عمر بن عبد الله بن سيدي الأمين حويه الجكني الشنقيطي

المقام بجوار الحرمين الشريفين، ورغب في الاستفادة من علم الشيخ محمد الأمين بن محمد المختار الشنقيطي، فلازمه ودرس عليه في التفسير، وأصول الفقه، وهو واحد من طلبته الذين قاموا بكتابة أضواء البيان وتبييضه، وهو أخص تلاميذ الشيخ. والتحق بالجامعة الإسلامية، وحصل منها على الإجازة العالية (الليسانس) من كلية الشريعة، والماجستير من كلية القرآن قسم التفسير. وقد زار موريتانيا عدة مرات منها المرة التي ترأس فيها الوفد الذي سافر إليها للدعوة والإصلاح المكون من طلاب الشيخ الأمين. وهو الآن مدرس مادة التفسير في الجامعة الإسلامية. له: دراسة وتحقيق لجزء من تفسير ابن المظفر السمعاني من سورة الشورى إلى نهاية النجم. رسالة الماجستير. 162 - محمد عمر بن عبد الله بن سيدي الأمين حويه الجكني الشنقيطي (¬1) معاصر من المشتغلين بالتفسير. ولد في موريتانيا سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة وألف. حفظ القرآن في صغره وأخذ فيه سنداً في قراءة الإمام نافع بروايتي قالون وورش ودرس العقيدة الأشعرية والفقه المالكي والنحو واللغة العربية وأثناء هذه الدراسة قرأ بعض مؤلفات الشيخ محمد الأمين بن محمد المختار المفسر، وتأثر بها وسافر إلى المملكة العربية السعودية لأداء مناسك الحج وطلب العلم، وبعد قدومه عليها اتصل بالشيخ محمد الأمين، فدرس عليه في التفسير والعقيدة والمنطق، والتحق بالجامعة الإسلامية وحصل منها على الإجازة العالية (الليسانس) من كلية الشريعة، ثم انتقل إلى مكة المكرمة والتحق بالدراسات العليا في جامعة أم القرى، قسم الكتاب والسنة، وتحصل على الماجستير والدكتوراه. ومن شيوخه غير الأمين الشنقيطي عبد العزيز بن باز وعبد المحسن العباد وعبد اللطيف القصيمي ومحمد المختار الشنقيطي وأبو بكر الجزائري وحماد الأنصاري ومحمد أمان الجامي. ¬

(¬1) مصادر ترجمته: السلفية وأعلامها في موريتانيا ص: 420، منهج الشنقيطي 1/ 90، الاتصال به شخصيا.

163 - محمد الطيب (وقيل: محمد بن الطيب) بن عبد المجيد بن عبد السلام المالكي أبو عبد الله ابن كيران

وأما تلاميذه فكثر منهم أبو أيوب محمد العواجي وملفي الصاعدي وعادل الجهني وغيرهم. قال عنه الدكتور محمد أبو شهبة الذي أشرف عليه في رسالتي الماجستير والدكتوراه: إن مستواه العلمي أعلى من هاتين المرحلتين. وقد زار موريتانيا عدة مرات للدعوة إلى الكتاب والسنة وعقيدة السلف الصالح، وهو الآن أستاذ بالدراسات العليا في قسم التفسير في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة وقد أشرف على وناقش عدة رسائل علمية في التفسير وغيره. له: الخمر في ضوء الكتاب والسنة: رسالة الماجستير. الأسس العقدية التشريعية الأخلاقية كما تصورها سورة النجم: رسالة الدكتوراه. وبحوث تفسيرية لم تنشر: تفسير قوله تعالى {الزاني لا ينكح إلا زانية} (¬1) تفسير قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم} (¬2) الآيات التي ورد نزولها قبل حكمها والعكس. وله أيضا: القول المفيد على عبيد ربه المجيد: شرح الآجرومية، بحث في حكم الحج والاعتمار. 163 - محمد الطيب (وقيل: محمد بن الطيب) بن عبد المجيد بن عبد السلام المالكي أبو عبد الله ابن كيران (¬3) فقيه مالكي حافظ محدث مشارك في عدة علوم من أهل فاس ولد بها سنة اثنتين وسبعين ومائة وألف أخذ عن عبد القادر بن شقرون وجسوس ومحمد الهواري ومحمد البناني والتاودي وغيرهم. ومن تلاميذه حمدون ابن الحاج السلمي المرداسي المفسر وعبد القادر الكوهن ومحمد الشاوي والعربي الزرهوني والمولى السلطان سليمان وابن عجيبة المفسران وجماعة. توفي بالشهدة في محرم سنة سبع وعشرين ومائتين قال مخلوف: ألف تآليف مختلفة الأوضاع مفيدة. ¬

(¬1) النور: 3. (¬2) المائدة: 106. (¬3) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 543، شجرة النور 1/ 376، سلوة الأنفاس 2/ 349، الأعلام 7/ 47.

164 - محمد بن الخضر بن الحسين بن علي بن عمر الحسني التونسي

ومن تآليفه: تفسير القرآن العظيم: من سورة النساء إلى قوله تعالى في سورة غافر {ياقوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع} (¬1) تفسير الفاتحة تفسير سورة البقرة لم يكملها تقييد على البسملة والحمدلة تفسير قوله تعالى {فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله} (¬2) متعلق الجار والمجرور في البسملة. (¬3) وله أيضا: شرح الحكم، شرح السيرة، شرح ألفية العراقي، شرح على توحيد المرشد المعين، شرح الصلاة المشيشية، رد على الشيخ محمد بن عبد الوهاب، نظم في المجاز والاستعارات وغير ذلك. 164 - محمد بن الخضر بن الحسين بن علي بن عمر الحسني التونسي (¬4) عالم إسلامي أديب باحث، يقول الشعر، من أعضاء المجمعين العربيين بدمشق والقاهرة. ولد في نفطة من بلاد تونس سنة ثلاث وتسعين ومائتين وألف، وانتقل إلى تونس مع أبيه، تخرج في جامع الزيتونة، ودرس فيه على أساتذة منهم سالم بو حاجب وعمر بن الشيخ ومحمد النجار ومصطفى رضوان، ومحمد المكي بن عزوز. وأنشأ مجلة السعادة العظمى، وولي قضاء بنزرت واستعفي وعاد إلى التدريس بالزيتونة وعمل في لجنة تنظيم المكتبتين العبدلية والزيتونية وزار الجزائر ثلاث مرات، ويقال: أصله منها. رحل إلى دمشق ومنها إلى الآستانة وعاد إلى تونس فكان من أعضاء لجنة التاريخ التونسي، ثم انتقل إلى المشرق فاستقر في دمشق مدرسا في المدرسة السلطانية قبل الحرب العامة الأولى. وانتدبته الحكومة العثمانية في خلال تلك الحرب إلى برلين، مع الشيخ عبد العزيز جاويش وآخرين، ونشر بعد عودته ¬

(¬1) غافر: 39. (¬2) النحل: 98. ومنه نسخة بالأزهرية (انظر الفهرس الشامل 2/ 800). (¬3) منه نسخة بالصبيحية (انظر الفهرس الشامل 2/ 800). (¬4) مصادر الترجمة: التفسير والمفسرون 2/ 527، معجم المؤلفين 3/ 274، لواء الإسلام 11/ 743، الأعلام 6/ 113 الأهرام 21/ 9 / 52، 3/ 2 / 58، الأزهر في ألف عام 1/ 165، 195.

165 - محمد بن خلفة بن عمر الوشتاتي المالي أبو عبد الله الأبي

إلى دمشق سلسلة من أخبار رحلته، في جريدة (المقتبس) الدمشقية. ولما احتل الفرنسيون سورية انتقل إلى القاهرة فعمل مصححاً في دار الكتب، ثم تقدم لامتحان (العالمية) الأزهرية فنال شهادتها. ودرس في الأزهر. أنشأ جمعية الهداية الإسلامية وتولى رئاستها وتحرير مجلتها. وترأس تحرير مجلة نور الإسلام الأزهرية، ومجلة لواء الإسلام. أختير عضوا في هيئة كبار العلماء ثم عين شيخاً للأزهر في أواخر سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة ثم استقال. وكان هادئ الطبع وقوراً، خصص قسماً كبيراً من وقته لمقاومة الاستعمار، وانتخب رئيساً لجبهة الدفاع عن شمال أفريقية في مصر. توفي بالقاهرة في الثاني عشر من رجب سنة سبع وسبعين وثلاثمائة وألف. ودفن بوصية منه في تربة صديقة أحمد تيمور باشا. له: ردود تتعلق بالتفسير تدل على تعمقه فيه ومن ذلك رده المفحم على أحد المتطفلين على التفسير في مقال بإحدى المجلات ورده على صاحب مقال التشريع المصري وصلته بالفقه الإسلامي الذي قام فيه بتحريف آيات الحدود ورده على صاحب كتاب الهداية والعرفان في تفسير القرآن بالقرآن وغير ذلك. (¬1) وله تآليف منها: بلاغة القرآن. مطبوع وله أيضا: حياة اللغة العربية، الخيال في الشعر العربي، مناهج الشرف، الدعوة إلى الإصلاح، طائفة القاديانية، مدارك الشريعة الإسلامية، الحرية في الإسلام: محاضرة، نقض كتاب الإسلام وأصول الحكم، نقض كتاب في الشعر الجاهلي، خواطر الحياة: ديوان شعر، محمد رسول الله، السعادة العظمى، تونس وجامع الزيتونة. 165 - محمد بن خلفة بن عمر الوشتاتي المالي أبو عبد الله الأُبّي (¬2) ¬

(¬1) انظر مجلة الهداية الإسلامية 10، 12/ 7، 2، 3، 4/ 8، 7/ 9، رسائل الإصلاح 3/ 140، التفسير والمفسرون 2/ 527. (¬2) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 527، نيل السائرين 222، الحلل السندسية 1/ 669 - 671، العمر 1/ 1 / 330 رقم 67، نيل الابتهاج 287، تاريخ الدولتين ص: 123، درة الحجال 2/ 285، كشف الظنون 1/ 557، 1256، معجم المؤلفين 3/ 278، الأعلام 6/ 115، البدر الطالع2/ 169، بروكلمان 3/ 182، تبصير المنتبه 1/ 21، تراجم المؤلفين 1/ 50، تاريخ التراث العربي1/ 265 - 266، تفسير ابن عرفة ورواياته: ملتقى ابن عرفة 1976 (ص: 388)، شجرة النور الزكية 1/ 244، الضوء اللامع 11/ 113، عنوان الأريب 1/ 114، كشف الظنون 1256، تبصير المنتبه 1/ 31، معالم التوحيد ص: 122، 287، معجم المطبوعات ص: 363، نزهة الأنظار 1/ 239، هدية العارفين 1/ 184 مع خلط بينه وبين شخص أندلسي، مقدمة إكمال المعلم للأبي، مقدمة تفسير ابن عرفة 1/ 25 ولعبد الرحمن عون كتاب فيه عنوانه: الأبي وإكماله. والأبي - بضم الهمزة وتشديد الموحدة بعدها ياء النسبة -: نسبة إلى أبة، قرية بناحية الكاف في الشمال الغربي من القطر التونسي لها ذكر في التاريخ. والوشتاتي نسبة إلى قبيلة بربرية مقيمة هناك.

محدث، حافظ، فقيه مالكي، مفسر، ناظم، قاض وفد صغيرا إلى الحاضرة التونسية، ونزل بمدرسة التوفيق. وقرأ على علماء تونس ولازم الإمام ابن عرفة حتى صار من أعيان أصحابه. وحاز رئاسة العلوم الشرعية بعده. وحج واجتمع بكثير من علماء مصر. وممن أخذ عنه عمر القلشاني وابن ناجي وعبد الرحمن الثعالبي المفسر وغيرهم. وله نظم كثير تظهر عليه كلفة المتفقهين. قال السخاوي: كان سليم الصدر مع مزيد تقدم في العلوم. (¬1) ووصفه ابن حجر بالأصولي عالم المغرب في المعقول. (¬2) وتولى عدة وظائف شرعية منها إمامة جامع التوفيق والخطبة به. وتولى القضاء بالوطن القبلي ثم الفتوى بالحاضرة أيام الأمير أبي فارس عزوز، وأقام عليها إلى آخر حياته. مات عن سن عالية بتونس في خلال سنة سبع وعشرين وثمانمائة وقيل في التي بعدها. له: تفسير القرآن: وهو عبارة عن تقييد لمجالس تفسير شيخه ابن عرفة وهو أكمل رواياته ويقع في ثمانية أسفار وقيل عشرة أسفار. (¬3) وله أيضا: إكمال إكمال المعلم لفوائد صحيح مسلم في الحديث أكمل ¬

(¬1) انظر نيل الابتهاج 287. (¬2) تبصير المنتبه 1/ 31. (¬3) عند بعض الكتبيين الجزء الأول منه ينتهي إلى آخر سورة البقرة توجد نسخة منه بالمكتبة العاشورية، ومنه نسخة في دار الكتب الوطنية بتونس (الفهرس الشامل 1/ 452) والموجود منه أغلبه يقع في جزأين ومنه نسخة بدار الكتب الوطنية بتونس، وبالأحمدية نسخة تامة في مجلدين بخط الشيخ محمد بن سلامة، والمكتبة العاشورية، ومكتبة محمد الصادق النيفر نسخة تامة في مجلدين عليهما طرر وتعليقات بخط الشيخ محمد قورسم، الخزانة العامة بالرباط، العمومية باستنابول ومنها نسخة مصورة بمعهد المخطوطات العربية بالقاهرة، مكتبة نور عثمانية باستنبول ونسبها بروكلمان لابن عرفة وكذلك ما قبلها نسبت في فهرست معهد المخطوطات لابن عرفة وقد بين سعد غراب في بحثه عن تفسير ابن عرفة أن ما ينسب لابن عرفة لا يعدو ثلاثة روايات تناقلها عنه تلاميذه وأصحابه. (وانظر تفسير ابن عرفة وترجمته) وقد طبع جزء من هذه الرواية في مجلدين بدراسة وتحقيق الدكتور حسن المناعي نشرها مركز البحوث بكلية الزيتونة سنة 1986 م.

166 - محمد بن سحنون (عبد السلام) بن سعيد بن حبيب أبو عبد الله التنوخي

به إكمال المعلم الذي وضعه القاضي عياض على "المعلم " للإمام المازري الشارح الأصلي لمسلم، شرح على المدونة. 166 - محمد بن سحنون (عبد السلام) بن سعيد بن حبيب أبو عبد الله التنوخي (¬1) الإمام ابن الإمام الفقيه الحافظ النظار المالكي. مولده بالقيروان سنة اثنتين ومائتين. نشأ بين يدي أبيه سحنون. وعنه أخذ العلم وعليه معتمده. وروى عن موسى بن معاوية الصمادحي وعبد العزيز بن أبي يحيى المدني، ورحل إلى المشرق فحج ولقي علماء مصر والحجاز مثل سلمة بن شبيب وابن كاسب وأبي مصعب الزهري. روى عنه خلق كثير منهم ابن القطان وأبو جعفر ابن زياد وغيرهما. قال الخشني: كان في مذهب مالك من الحفاظ المتقدمين وفي غير ذلك من المذاهب من الناظرين المتصرفين. وكان كثير الوضع للكتب، غزير ¬

(¬1) مصادر ترجمته: المدرسة القرآنية في المغرب 1/ 146، طبقات الخشني ص: 129، ترتيب المدارك 4/ 202، نفح الطيب 3/ 166، 178، فهرست ابن خير ص: 254، 301، 302، شجرة النور 1/ 70، الأعلام 6/ 204، البيان المغرب1/ 195، بروكلمان 3/ 284، تاريخ التراث العربي 3/ 156، تذكرة الحفاظ 2/ 130، تراجم المؤلفين 3/ 19، الديباج المذهب2/ 169، رياض النفوس 1/ 433، سير أعلام النبلاء 13/ 60، شذرات الذهب 2/ 150، العبر 2/ 31، العيون والحدائق4/ 12، الكامل 7/ 217، مرآة الجنان2/ 80، معالم الإيمان 2/ 122، معجم المؤلفين 3/ 411، الوافي بالوفيات 3/ 86، وفيات ابن قنفذ ص: 143، بغية الملتمس 1/ 201، العمر 1/ 2 / 588، مدرسة الحديث في القيروان 2/ 705 وقد ألف فيه عبد الرحمن عثمان حجازي كتابا سماه: المذهب التربوي عند ابن سحنون رائد التأليف التربوي الإسلامي.

167 - محمد بن سعيد بن محمد بن عثمان الأندلسي أبو عبد الله الرعيني الفاسي

التأليف. (¬1) يحكى أنه لما تصفح محمد بن الحكم كتابه (الجامع) وكتاب ابن عبدوس قال في كتاب ابن عبدوس: هذا كتاب رجل أتى بعلم مالك على وجهه - أو كما قال - وقال في كتاب ابن سحنون: هذا رجل سبح في العلم سبحا. وذكر للقاضي إسماعيل بن إسحاق مرة ما ألفه العراقيون من الكتب فقال: عندنا من ألف في الجهاد عشرين جزءا، وهو محمد بن سحنون، يفخر بذلك على أهل العراق. وتمت له رئاسة العلماء في القيروان وعاش منظورا إليه بعين الإجلال والاحترام من الخاصة والعامة إلى أن انتشرت كتبه في المغرب والأندلس. وتداولها طلاب العلم ورواته في هذه الأمصار. توفي سنة ست وخمسين ومائتين. له: أحكام القرآن. (¬2) وله أيضا: الجامع، آداب المتناظرين، كتاب الإباحة، كتاب الأشربة، غريب الحديث، الإمامة، الإيمان والرد على أهل الشرك، كتاب التاريخ، تحريم النبيذ، تفسير الموطأ، الحجة على القدرية، الحجة على النصارى، الرد على أهل البدع، الرد على الشافعي وأهل العراق، وهو كتاب الجوابات، الرد على الفكرية، طبقات العلماء، رسالة فيمن سب النبي عليه السلام، المسند في الحديث، الورع. 167 - محمد بن سعيد بن محمد بن عثمان الأندلسي أبو عبد الله الرُّعَيني الفاسي (¬3) فقيه مالكي رحالة عالم بالحديث مشارك في بعض الفنون أندلسي الأصل ولد سنة خمس وثمانين وستمائة بفاس. (¬4) روى عن نحو ستين شيخا ¬

(¬1) الطبقات ص: 129. (¬2) لم ينسبه له غير عياض في المدارك. (¬3) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 531، شجرة النور 1/ 236، جذوة الاقتباس 1/ 235، الأعلام 6/ 139، فهرس الفهارس 1/ 326، نيل الابتهاج 271، دليل مؤرخ المغرب 2/ 272، تذكرة المحسنين ووفيات الونشريسي (موسوعة أعلام المغرب 2/ 687). الرعيني نسبة إلى ذي رعين من اليمن وكان من الأقيال وهو قبيل من اليمن نزلت جماعة منهم مصر (الأنساب 6/ 139). (¬4) وقع في وفيات الونشريسي أنه أندلسي المولد والوفاة.

168 - محمد بن سيدي بن حبيب الجكني الشنقيطي

من أهل المشرق والمغرب، منهم عبد الرحمن الجزولي والمشذالي وأبو حيان وابن رشيد وابن سيد الناس وابن خليل السكوني وغيرهم. أخذ عنه ابن الأحمر وأبو زكريا السراج وغيرهما. قال المكناسي: نسخ بخطه كتبا تزيد على المائة وخمسين دون تآليفه. (¬1) توفي بمدينة فاس سنة ثمان وسبعين وسبعمائة، وقيل تسع وسبعين. له: تفسير سورة الكوثر وله أيضا: تحفة الناظر ونزهة الخواطر في غريب الحديث، الجامع المفيد، الرحلة، المغرب في جملة من صلحاء المشرق والمغرب، القواعد الخمس، المقامات وشرحها، الوعظ والشعر، وغير ذلك. - محمد بن سعيد اليدالي (¬2) - محمد بن سليمان الروداني (¬3) 168 - محمد بن سيدي بن حبيب الجكني الشنقيطي (¬4) معاصر من المشتغلين بالتفسير ولد في موريتانيا سنة سبع وخمسين وثلاثمائة وألف حفظ القرآن وأخذ فيه سندا في قراءة نافع درس العلم في بلاده ثم قدم مكة للحج فاستقر في المملكة العربية السعودية وطلب العلم على مشايخها ومنهم شيخه في بلاده وابن عمه الشيخ محمد الأمين الشنقيطي المفسر الذي درس عليه تفسير القرآن وأصول الفقه وغيرهما، والتحق بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة مواصلا دراسته بكلية القرآن الكريم والدراسات الإسلاميةوواصل حتى حصل على الدكتوراه. وممن أخذ عنهم غير الشيخ الأمين في بلاده محمد المصطفى ولد سيدي يحيى وسيدي جعفر ولد ديدي وأما في الجامعة فمنهم محمد المختار الشنقيطي وعبد المحسن العباد وحماد الأنصاري وغيرهم. وهو يعتبر من أبرز تلاميذ الشيخ الأمين الشنقيطي وهو المقدم لمناظرة ¬

(¬1) الجذوة 1/ 235. (¬2) انظر محمد بن المختار. (¬3) انظر محمد بن محمد بن سليمان. (¬4) مصادر ترجمته: السلفية وأعلامها في موريتانيا ص: 412، الشنقيطي ومنهجه في التفسير ص: 92 - 93، الاتصال به شخصيا.

169 - محمد بن سلامة أبو عبد الله التونسي

الأشاعرة الوافدين من موريتانيا إلى المملكة، وقد سافر إلى موريتانيا ضمن أربعة من طلاب الشيخ للدعوة إلى العقيدة السلفية هناك. وأما تلاميذه فهم كثر وقد أخبرني أنه لايحفظ أسماءهم وقد عرفت منهم عبد العزيز الحربي وخالد بن علي الغامدي وفيصل بن جميل غزاوي ويحيى بن حسن زمزي وغازي بن بنيدر العمري وسالم بن غرم الله الزهراني. وهو الآن أستاذ في قسم الدعوة بجامعة أم القرى. وله مؤلفات مطبوعة: الدعوة إلى الله في سورة إبراهيم الخليل: رسالة الماجستير: رسالة الماجستير البيان والتعربف بما في القرآن من أحكام التصريف: بحث لغوي. كما كان من المعاونين للشيخ الأمين في مقابلته لتفسيره أضواء البيان وممن كان يكتبه له في حياته ثم شارك الشيخ عطية سالم في إكمال الكتاب في التبييض والتصحيح والمراجعة والمناقشة (¬1). ومنها: رسالة الدكتوراه: منهج الرسول - صلى الله عليه وسلم - في دعوته لأهل الكتاب، نثر الورود شرح مراقي السعود. 169 - محمد بن سلامة أبو عبد الله التونسي (¬2) فقيه، واعظ، تولى إمامة جامع الزيتونة والخطابة به سنة اثنتين وتسعين وتسعمائة ولم يدم بها إلا عاما واحدا. قال عنه مخلوف: الفقيه المفسر الواعظ (¬3). توفي في جمادى الثانية سنة ثلاث وتسعمائة. له: تفسير القرآن: مشهور باسمه. (¬4) ¬

(¬1) أضواء البيان 9/ 693. (¬2) مصادر ترجمته: درة الحجال2/ 227، مسامرات الظريف ص: 105، لقط الدرر ص: 320، شجرة النور الزكية 1/ 282، العمر 1/ 1 / 175 رقم 22. (¬3) الشجرة 1/ 282. (¬4) لم يرد له ذكر في غير كتاب العمر ولعل مؤلفه وهم في نسبة هذا الكتاب له فإن المشهور بتفسير ابن سلامة هو لمحمد بن سلامة بن إبراهيم الأسكندري المالكي الضرير المفسر وكتابه في التفسير اسمه تحفة الفقير في بعض ماجاء في التفسير وهو نظم (انظر معجم المؤلفين 3/ 327).

170 - محمد بن صالح بن مجدي بن ملوكة أبو عبد الله التونسي

170 - محمد بن صالح بن مجدي بن مَلُوكة أبو عبد الله التونسي (¬1) فقيه مالكي، عالم بالفرائض والحساب. كان والده معروفا بالصلاح فنشأ في حجره وتربى بتربيته في زاويتهم في طرف العاصمة التونسية. ثم انتقل إلى جامع الزيتونة وأكب على التحصيل. لازم جماعة من علمائه كحسن الشريف وإبراهيم الرياحي وأحمد بوخريص. وعنه من لايعد كثرة منهم محمد النيفر وأخوه صالح وأحمد بن أبي الضياف وسالم أبو حاجب وغيرهم. لما أتم دراسته تصدر للتدريس تارة بجامع الزيتونة وأخرى بغيره من المساجد القريبة من زاويته، وأخرى بالزاوية نفسها. عرضت عليه خطط القضاء والفتوى، فأعرض عنها. قال عنه صاحب الإتحاف: وله قدم راسخة في الفرائض والعلوم العقلية كالحساب والهندسة، وله في معارف التصوف ذوق واطلاع ... واختار تعليم القرآن، على أسلوب لم يسبق إليه، فكان التلميذ يخرج من زاويته حافظا للقرآن عارفا بالرسم، عالما بضروريات دينه، وتقويم لسانه بالعربية، حافظا لمتون علمية، ويروض أبدانهم خشية السآمة بالمصارعة والرماية، وتلقف الكرة، وغير ذلك مما يحسن بالرجال .... وكانت وفاته بتونس يوم الجمعة الثامن والعشرين من شوال سنة ست وسبعين ومائتين وألف ودفن بزاويته. له كتب، منها: تفسير سورة الفاتحة وشيء من سورة البقرة. (¬2) أسرار فواتح السور. (¬3) مرجع اسم الإشارة في قوله تعالى: {أولئك على هدى من ربهم} (¬4) وله أيضا: الشرح الصغير على الدرة البيضاء: في الفرائض، ¬

(¬1) مصادر الترجمة: معجم المفسرين 2/ 538، الأعلام 6/ 164، إتحاف أهل الزمان8/ 109، إيضاح المكنون 1/ 307، 2/ 413، تراجم المؤلفين 4/ 376، شجرة النور الزكية 1/ 390، هدية العارفين2/ 376، معجم المؤلفين 3/ 357، العمر1/ 2 / 562 رقم 152. (¬2) منه نسخة بتونس بدار الكتب الوطنية بخط المؤلف غير تامة تقف أثناء تفسير قوله تعالى: {كمثل الذي استوقد نارا} البقرة: 17. (¬3) منه نسخة بتونس بدار الكتب الوطنية ومعها شرحها لشيخ الإسلام محمد بن محمود معاوية واسمه "نزهة الفكر في أسرار فواتح السور" تراجع ترجمته. ونسخة أخرى بمكتبة محمد الصادق النيفر. (¬4) البقرة: 5.

171 - محمد التاودي بن الطالب (ويقال: محمد الطالب) بن محمد بن علي ابن سودة المري أبو عبد الله الفاسي

الشرح الكبير عليها، لوامع الأسنة في الصلاة على عين الرحمة، والمنة بأسماء الله الحسنى التي من أحصاها دخل الجنة. واختصر منها عدة مختصرات أهمها: الأوراد السبعة الممزوجة بأسماء الله تعالى وأسماء حبيبه الأسعد - صلى الله عليه وسلم -، الغرر الملوكية في الصلاة على خير البرية، الدر الفائق في الصلاة على أشرف الخلائق بأسماء المعز الخالق، مقدمة في المنطق، مقدمة في النحو، مريح المعاني بتحرير المباني وتحقيق المعاني (شرح رسالته المتقدمة في النحو)، شرح جوهرة عبد القادر الجيلاني: في التصوف، فهرسة مروياته وشيوخه، وغير ذلك. 171 - محمد التاودي بن الطالب (ويقال: محمد الطالب) بن محمد بن علي ابن سودة المري أبو عبد الله الفاسي (¬1) شيخ مشايخ المغرب وفقيه المالكية في عصره من أهل فاس ولد سنة إحدى عشرة ومائة وألف أخذ عن مشيخة فاس ومنهم يعيش الشاوي ومحمد بن عبد السلام بناني وجسوس وأحمد بن مبارك وغيرهم. وعنه الجم الغفير ومنهم أبو العباس أحمد وعبد السلام الدرعي والطيب بن كيران والرهوني والورزازي والزروالي وغيرهم. حج فدرس بالأزهر الشريف بالقاهرة وبالحرمين الشريفين في الحجاز وعاد فكانت له رياسة العلم بفاس والمغرب كله. قال عبد الله كنون: كان مقدماً في كل العلوم لا سيما التفسير والحديث والفقه والتصوف والكلام والمنطق والأصول. (¬2) وقال عبد السلام ابن سودة: لم يبق أحد بالمغرب ينتمي إلى العلم إلا وله عليه منة إما أخذ عنه مباشرة أو بواسطة أحد تلاميذه. (¬3) له ترجمة واسعة ¬

(¬1) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 796، النبوغ المغربي 293، شجرة النور1/ 372، فهرس الفهارس 1/ 185، الفكر السامي 4/ 127، تاج العروس 2/ 387، سلوة الأنفاس 1/ 114، دليل مؤرخ المغرب 81، 89، 101، معجم المطبوعات 1643، والأعلام 6/ 62، معجم المؤلفين 3/ 177، 363، إتحاف المطالع وتذكرة المحسنين (موسوعة أعلام المغرب 7/ 2453، 2454). (¬2) النبوغ المغربي 293. (¬3) إتحاف المطالع (الموسوعة 7/ 2453).

172 - محمد المهدي بن الطالب بن سودة أبو عيسى

جمعها أبو الربيع الحوات في تأليف سماه " الروضة المقصودة في مآثر بني سودة " (¬1) توفي بفاس آخر سنة تسع ومائتين ودفن مع بداية السنة التالية بزاويته الكائنة بحومة زقاق الحجر. له: تحفة الأخيار بأخبار في آي وأذكار. (¬2) وله أيضا: زاد المجد الساري حاشية على البخاري، وتعليق على صحيح مسلم، وحاشية على سنن أبي داود، شرح الأربعين النووية، فهرسة صغرى وكبرى وغير ذلك. 172 - محمد المهدي بن الطالب بن سودة أبو عيسى (¬3) فقيه مالكي مفسر من كبار الحفاظ ولد سنة اثنتين وعشرين ومائة وألف أخذ عن أعلام منهم اليازمي وعلي قصارة ومحمد الفلالي وعبد القادر الكوهن وغيرهم. وعنه الكثير ومنهم جعفر الكتاني. توفي يوم الخميس رابع رمضان سنة أربع وتسعين ومائتين وألف له: هداية المنان الكبرى على السبع المثاني الرائقة الألفاظ المهذبة المعاني وهو تفسير سورة الفاتحة على طريقة الصوفية. (¬4) وله أيضا: حواش على مختصر السعد والمحلي والسلم والخرشي، ورسالة مطولة في تنظيم الجيش وتقاييد كثيرة. 173 - محمد بن الطالب أبي بكر بن علي بن الولاتي المحجوبي الشنقيطي (¬5) قال البرتلي: كان من العلماء النجباء الأذكياء، الأدباء الأتقياء، جامعا لأنواع العلوم من تفسير وحديث وفقه وأصول ونحو ولغة. ولد في السابع بعد المائة والألف. كان عارفا بعلم أصول الدين متفننا حصل العلوم كلها كلاما ¬

(¬1) الشجرة 1/ 373. (¬2) منه نسخة بخزانة تطوان (انظر الفهرس الشامل 2/ 796). (¬3) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 641، شجرة النور 1/ 403، معجم المطبوعات 1062، 1698، معجم المؤلفين 3/ 736، مجلة تطوان 6/ 70، دليل مؤرخ المغرب 1379، الأعلام 7/ 114، إتحاف المطالع (موسوعة أعلام المغرب 7/ 2656). (¬4) منه نسخة بالخديوية (انظر معجم المؤلفين 3/ 736). (¬5) مصادر ترجمته: فتح الشكور في معرفة أعيان علماء التكرور ص: 120. والولاتي: نسبة إلى قبيلة ولاته البربرية ولها مملكة باسمها من ممالك السودان (انظر وصف إفريقية 1/ 33).

174 - محمد بن الطيب بن عبد السلام بن الطيب بن محمد الحسني القادري

وحديثا وأصولا وفروعا ونحوا وأدبا وهو صغير السن. بيته بيت علم وجلالة أبوه وعمه وجده علماء فقهاء ... مكث العلم في بيته نحو تسعين سنة. أفنى عمره في العلم كثير المطالعة ... قل أن ترى كتابا في ولاتة إلا رأيت أثره فيه. لما عجز في مرض وفاته عن إمساك الكتاب كانت تمسكه له زوجته لينظر فيه. توفي في السابع والثلاثين بعد المائة والألف، فعمره نحو ثلاثين سنة. له: عقيدة منظومة في علم أصول الدين تزيد على ثلاثمائة بيت، المنن الإلهية على العقيدة الغلاوية: شرح فيها عقيدة الفقه لمحمد بن أبي بكر بن الهاشمي، فتاوى، شعر. 174 - محمد بن الطيب بن عبد السلام بن الطيب بن محمد الحسني القادري (¬1) علامة نسابة مؤرخ من أهل فاس من ذرية عبد القادر الجيلاني ولد بفاس سنة أربع وعشرين ومائة وألف وبها نشأ وتعلم ثم اشتغل بالتدريس والإمامة وولي خطابة جامع الأندلس مدة. أخذ العلم عن جماعة منهم محمد بن عيسى الميسوري وأبو جيدة المشاط ومحمد التاودي وعبد القادر بوخريص وجسوس وابن المبارك والسرغيني. وتخرج به جماعة كان يدرسهم من كتب العلم الألفية ورسالة ان أبي زيد ومخصر خليل وشمائل الترمذي ونخبة ابن حجر ودلائل الخيرات وغيرها. (¬2) توفي عشية يوم الخميس الخامس والعشرين شعبان سنة سبع وثمانين ومائة ودفن بروضتهم بالقباب بأعلى حي الجنان بباب الفتوح. له: الفتح والتيسير في آيات التطهير (¬3) يعني قوله تعالى {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا} (¬4) ¬

(¬1) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 798، معجم المحدثين والمفسرين 32، سلوة الأنفاس 2/ 351، شجرة النور 1/ 352، الأعلام 6/ 178، تعريف الخلف 1/ 200، الاستقصا 4/ 69، إتحاف المطالع (موسوعة أعلام المغرب 7/ 2400)، مقدمة موسوعة أعلام المغرب 1/ 13، خاتمة نشر المثاني (الموسوعة 6/ 2253) وللأستاذ هاشم العلوي القاسمي كتاب في سيرته ودراسة عن كتاب التقاط الدرر. (¬2) ذكر ذلك في ترجمته لنفسه في خاتمة نشر المثاني (الموسوعة 6/ 2319). (¬3) مخطوط في المكتبة الملكية. (¬4) سورة الأحزاب 33.

175 - محمد بن الطيب بن محمد بن محمد بن موسى، أبو عبد الله شمس الدين الشرقي الفاسي

وله أيضا: نشر المثاني لأهل القرن الحادي عشر والثاني، والتقاط الدرر ومستفاد المواعظ والعبر في أخبار أعيان أهل المائة الحادية والثانية عشر، الإكليل والتاج في تذييل كفاية المحتاج، مواهب التخليص، شرح المرشد المعين، الزهر الباسم. - محمد بن الطيب بن عبد المجيد ابن كيران (¬1) 175 - محمد بن الطيب بن محمد بن محمد بن موسى، أبو عبد الله شمس الدين الشرقي الفاسي (¬2) المالكي إمام أهل اللغة في عصره محدث. ولد بفاس سنة عشر ومائة وألف وأخذ عن جلة علمائها وكان واسع الاطلاع قوي العارضة. كان له من الشيوخ مايقارب مائة وثمانين شيخا فروى عن أبيه والمسناوي وأبي عبدالله العربي وعبد السلام جسوس وميارة وغيرهم. وهو شيخ الزبيدي صاحب تاج العروس. وأخذ عنه مصطفى الرحمتي وعبد القادر كدك زاده والهلالي وسليمان الأهدل والشمس الجوهري وحمدون البناني وغيرهم. (¬3) رحل إلى المشرق فحج ودرس بالحرم النبوي ودخل إلى بلاد الروم والشام ومصر فأخذ عنه خلق كثير. ختم بالمسجد الحرام الصحاح الستة وغيرها من الأصول الحديثية. (¬4) عاد إلى المدينة المنورة وأقام بها إلى أن توفي سنة سبعين ومائة. من آثاره الكثيرة: شرح شواهد الكشاف. سمط الفرائد فيما يتعلق بالبسملة والصلاة من الفوائد. وله أيضا: المسلسلات في الحديث، حاشية على شرح القسطلاني على صحيح البخاري، حاشية على الشمائل للترمذي، فيض نشر الانشراح، إضاءة الراموس، شرح كافية ابن مالك، رحلة، وغير ذلك. ¬

(¬1) انظر الطيب بن محمد. (¬2) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 798، معجم المحدثين والمفسرين 32، النبوغ المغربي 291، تاج العروس 1/ 3، الرسالة المستطرفة 63، فهرس الفهارس 2/ 1067، هدية العارفين 2/ 331، إيضاح المكنون 1/ 67، 94، 227 وغيرها، الأعلام 6/ 178، معجم المؤلفين3/ 374، سلك الدرر 4/ 91، دليل مؤرخ المغرب 286. والشرقي: نسبة إلى شراقة على مرحلة من فاس. (¬3) فهرس الفهارس 2/ 1071. (¬4) معجم المؤلفين 3/ 374.

176 - محمد بن عبد الله بن مصالة الفاراري الركلاوي أبو عبد الله ابن عبود المكناسي

176 - محمد بن عبد الله بن مصالة الفاراري الركلاوي أبو عبد الله ابن عبود المكناسي (¬1) من مكناسة الزيتون كان نحويا مفسرا لغويا. روى عن أبي إسحق الكمال وأبي جعفر ابن فرتون الحافظين وأجاز لأبي الحسين اليسر ابن عبد الله الغرناطي. قال السيوطي: أسندنا حديثه في الطبقات الكبرى. - محمد بن عبد الله زيتونة (¬2) - محمد بن عبد الحي (¬3) 177 - محمد بن عبد الرحمن بن زكري أبو عبد الله المغربي الفاسي (¬4) عالم بالعربية والتفسير والحديث والتصوف والأدب من فقهاء المالكية من أهل فاس. فاسي المولد والمنشأ والوفاة. له تآليف تشهد بطول باعه وكثرة اطلاعه. وكان شعوبيا يفضل العجم على العرب وله في ذلك تآليف ورد عليه القادري وغيره. (¬5) أخذ عن عبد القادر الفاسي وأحمد بن العربي والمسناوي وميارة الصغير وغيرهم. وعنه محمد جسوس وغيره. قال مخلوف: ولكل من الشيخين عبد المجيد المنالي وأحمد بن عبد السلام بناني تأليف مستقل في التعريف به. (¬6) توفي يوم الأربعاء ثامن عشر صفر سنة أربع وأربعين ومائة وألف. له: تفسير سورة الفاتحة. (¬7) أجوبة على استشكالات عمر بن عبد السلام لوكس في تفسير الفاتحة. (¬8) تفسير سورة الكهف. (¬9) تفسير سورة الإخلاص. (¬10) ¬

(¬1) مصادر ترجمته: بغية الوعاة 1/ 147. (¬2) انظر محمد بن أحمد. (¬3) انظر محمد عبد الحي بن عبد الكبير. (¬4) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 800، معجم المحدثين والمفسرين 32، النبوغ المغربي 288، شجرة النور 1/ 335، سلوة الأنفاس 1/ 155، الاستقصا 4/ 28، الأعلام 6/ 197، معجم المؤلفين 3/ 393، إيضاح المكنون 1/ 122، 2/ 576، بروكلمان: ملحق 2/ 692، نشر المثاني وتذكرة المحسنين (موسوعة أعلام المغرب 5/ 2033، 2046). (¬5) انظر نشر المثاني 5/ 2033. (¬6) الشجرة 1/ 335. (¬7) منه نسخة بالمكتبة الملكية وبالمكتبة العامة بالرباط. (انظر الفهرس الشامل 2/ 756). (¬8) مخطوط في المكتبة العامة. (انظر الفهرس الشامل 2/ 756). (¬9) مخطوط في المكتبة الملكية. (انظر الفهرس الشامل 2/ 756). (¬10) مخطوط في المكتبة العامة بالرباط وبالمكتبة الملكية. (انظر الفهرس الشامل 2/ 756).

178 - محمد بن عبد الرحمن أبي يحيى بن أبي العيش الخزرجي أبو عبدالله التلمساني

تفسير لمواضع من القرآن. (¬1) وله أيضا: شرح ألفية السيوطي المسماة الفريدة، وشرح النصيحة، وشرح الحكم العطائية وشرح الشمائل، وحواشي على البخاري، وشرح الصلاة المشيشية وغيرها. 178 - محمد بن عبد الرحمن أبي يحيى بن أبي العيش الخزرجي أبو عبدالله التلمساني (¬2) مفسر أصولي أديب شاعر من فقهاء المالكية، أصله من أشبيلية بالأندلس ولد ونشأ وتعلم بتلمسان ثم أفتى ودرس، وفتاويه معروفة نقل بعضها الونشريسي في كتابه المعيار. توفي في صفر سنة إحدى عشرة وتسعمائة. له: تفسير القرآن (¬3). وله أيضا: تأليف كبير في الأسماء الحسنى. 179 - محمد بن عبد الرحمن أبي عبد الله الرجراجي (¬4) فقيه مالكي مغربي مفسر من علماء القرن الحادي عشر. له: تفسير. فقد ندبه السلطان المنصور السعدي (956 - 1012 هـ) إلى الجمع بين تفسيري البسيلي والسلوي مع شرح مالم يتكلم عليه المفسران من تفسير ابن عرفة ففعل وقد كان هذا التفسير الذي جمعه الرجراجي من محتويات خزانة المنصور. جاء ذكر ذلك في مناهل الصفاء في أخبار الملوك الشرفاء عند ذكر تصانيف المنصور السعدي كما أفاده المنوني. (¬5) وفي نزهة الحادي وردت الإشارة لهذا التفسير. (¬6) ¬

(¬1) ذكر ذلك القادري في ترجمته. (¬2) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 799، البستان 254، تعريف الخلف 2/ 233، نيل الابتهاج 332، شجرة النور 1/ 274، وفيات الونشريسي ولقط الفرائد (موسوعة أعلام المغرب 2/ 820). (¬3) انظر معجم المفسرين 2/ 799. (¬4) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 799، الإعلام بمن حل بمراكش 4/ 263، مجلة البحث العلمي 7/ 263، مقدمة تفسير ابن عرفة رواية الأبي 1/ 32. (¬5) مجلة البحث العلمي 7/ 263. (¬6) انظر مقدمة تفسير ابن عرفة 1/ 32.

180 - محمد بن عبد الرحمن المراكشي

180 - محمد بن عبد الرحمن المراكشي (¬1) فاضل مغربي. قال نويهض: لم أعثر له على ترجمة وافية. له: حذقات القرآن. (¬2) 181 - محمد بن عبد السلام بن أحمد بوستة (¬3) لغوي من العلماء بالتفسير. من أهل مراكش كان حيا سنة ست وأربعين وثلاثمائة وألف. له: تفسير غريب القرآن. (¬4) - محمد بن عبد السلام بن سعيد (¬5) 182 - محمد بن عبد السلام بن عبد الله بن محمد بن محمد بن ناصر الناصري الدرعي (¬6) آخر حفاظ المغرب العلامة الشهير والرحالة البحاثة. من أهل درعة بالمغرب تعلم بها وسافر إلى فاس فقرأ على علمائها ورحل إلى المشرق مرتين وعلت مكانته عند السلطان المولى سليمان بن محمد فكان إذا حج أرسل معه السلطان أموالا جزيلة لتفريقها على علماء مصر والحرمين الشريفين. أخذ عن عمه أبي المحاسن يوسف والتاودي والبناني والجنوي وغيرهم. وعنه جماعة من أهل المشرق والمغرب منهم ابن كيران ومحمد بن التهامي الرباطي والأمير وغيرهم. قال ابن سودة: ترجمته طويلة. توفي في بلده درعة بالزاوية الناصرية ليلة ثاني عشر صفر سنة تسع وثلاثين ومائتين وألف. له: الدر النفيس في تفسير القرآن بالتنكيس (¬7) ¬

(¬1) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 800، معجم المحدثين والمفسرين 33. (¬2) مخطوط في المكتبة الملكية بالرباط. (¬3) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 551، الأعلام 6/ 207. (¬4) في خزانة الرباط. قال الزركلي: لعله بخطه. (¬5) انظر محمد بن سحنون. (¬6) مصادر ترجمته: إتحاف المطالع (موسوعة علماء المغرب 7/ 2516)، شجرة النور 1/ 381، الفهرس الشامل 2/ 803، الأعلام 6/ 206، الإعلام بمن حل مراكش 5/ 189، دليل مؤرخ المغرب 1/ 56. (¬7) منه نسخة بالخزانة العامة بالرباط (انظر الفهرس الشامل 2/ 803) والتنكيس: قال أبو عبيد: يتأوله كثير من الناس أنه أن يبدأ الرجل من آخر السورة فيقرأها إلى أولها. قلت: وهذا هو المشهور الآن ويعرف به السحرة والمشعوذين. وقد يراد به البدء من آخر القرآن إلى أوله كما يحفظ الصبيان. (انظر غريب الحديث 4/ 103).

183 - محمد تقي الدين بن عبد القادر الهلالي الحسيني أبو شكيب السجلماسي

له أيضا: المزايا فيما حدث من البدع بأم الزوايا: رد على ابن عمه رئيس الزوايا في حينه، رحلة صغرى وكبرى، والنوازل، كناش. 183 - محمد تقي الدين بن عبد القادر الهلالي الحسيني أبو شكيب السجلماسي (¬1) كاتب عالم بحاثة من المشتغلين بالتفسير. ولد سنة إحدى عشرة وثلاثمائة وألف من الهجرة بقرية الغيضة وتسمى أيضا الفرخ من بوادي يفلى بسجلماسة. والهلالي نسبة لجده الحادي عشر أبي عبد القادر هلال وأصلهم من القيروان حيث قدم منها إلى المغرب عبد القادر بن هلال في أواخر القرن التاسع الهجري. حفظ القرآن وهو ابن ثنتي عشرة سنة وقصد الشيخ محمد سيدي بن حبيب الله التندغي الشنقيطي فطلب عليه العلم وسافر في طلب العلم إلى المغرب فلزم الشيخ محمد بن العربي العلوي الذي أنقذه من الطريقة التيجانية التي كان قد سلكها وسافر للقاهرة واجتمع فيها بالشيخ محمد رشيد رضا وجماعة من السلفيين منهم الشيخ محمد الرمالي والشيخ حسن عبد الرحمن والشيخ العدوي والشيخ عبد العزيز الخولي والشيخ عبد الظاهر أبو السمح وغيرهم ثم انتقل في طلب الحديث للهند وتحصل على الإجازة من الشيخ عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري مؤلف تحفة الأحوذي وقرأ على الشيخ محمد بن حسين الحديدي الأنصاري اليمني نزيل بهوبال ثم توجه إلى البصرة فلقي الشيخ محمد الأمين الشنقيطي هناك وتزوج ابنته ثم سافر للحجاز وعين مراقبا للمدرسين بالمسجد النبوي ثم عاد للهند مدرسا ثم سافر لجنيف والتقى بالأمير شكيب أرسلان الذي كان سببا في استكماله دراسته الجامعية ببرلين مع التدريس بجامعة بون التي حصل منها على درجة الدكتوراه وانتقل ¬

(¬1) مصادر ترجمته: علماء ومفكرون عرفتهم 1/ 193 - 227، ذيل الأعلام ص: 170، تتمة الأعلام 2/ 55، التأليف ونهضته بالمغرب 123.

184 - محمد بن عبد القادر بن علي بن يوسف الفاسي أبو عبد الله المالكي

لبغداد فتحصل على درجة الأستاذية مع التدريس في جامعتها مع حصوله على الجنسية العراقية، ثم عاد للتدريس بجامعة محمد الخامس بالمغرب ومن ثم ذهب للحج فدعاه الشيخ عبد العزيز بن باز رئيس الجامعة الإسلامية للتدريس فيها فتم ذلك إلى أن تركها سنة ألف وثلاثمائة وأربع وتسعين من الهجرة للتفرغ للدعوة في المغرب وقد عرض عليه القضاء بوجدة سنة أربعين وثلاثمائة وألف فرفضه. له ديوان شعر ومن شعره السياسي تحية الزعيم رشيد الكيلاني حين هرب من العراق لبرلين: قام العراق بقضه وقضيضه ... خلف الزعيم يثور كالبركان بجنوده بشبابه وشيوخه ... حتى ضعاف الأهل والولدان يفدون بالأرواح حوزة أرضهم ... وزعيمهم من غارة العدوان توفي بالدار البيضاء سنة سبع وأربعمائة وألف. كتب العديد من المقالات وله تآليف عدة منها: الإلهام والإنعام في تفسير سورة الأنعام وله أيضا: الزند الواري والبدر الساري في شرح صحيح البخاري (المجلد الأول فقط)، الإسفار عن الحق في مسألة السفور والحجاب، القاضي العدل في حكم البناء على القبور، حاشية على كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب، الدرر السنية في نقض طريقة التيجانية، تاريخ اللغة السامية، وغيرها. 184 - محمد بن عبد القادر بن علي بن يوسف الفاسي أبو عبد الله المالكي (¬1) الفقيه العالم العمدة الإمام المتفنن من أهل فاس ولد بها في نصف ربيع الأول سنة اثنتين وأربعين وألف. أخذ عن والده واليوسي وابن عم أبيه محمد بن أحمد والزموري وغيرهم. وعنه أحمد بن الحاج والعربي بردلة والمسناوي ومحمد بن عبد السلام بناني وجسوس وغيرهم. قال مخلوف: رحل الناس إليه وانتفعوا به. (¬2) قال الزركلي: اشتغل أول ¬

(¬1) مصادر ترجمته: الأعلام 6/ 212، سلوة الأنفاس 1/ 316، شجرة النور 1/ 329، معجم المؤلفين 3/ 419، هدية العارفين 2/ 309، إيضاح المكنون 1/ 257، نشر المثاني وتذكرة المحسنين (موسوعة أعلام المغرب 5/ 1899، 1903). (¬2) الشجرة 1/ 329.

185 - محمد عبد الحي بن عبد الكبير بن محمد الحسني أبو الإقبال الإدريسي الكتاني

أمره بعلوم العربية، ثم اقتصر على التفسير والحديث. (¬1) توفي في ثامن وعشرين من رجب سنة ست عشرة ومائة وألف، ودفن عن يسار المحراب بزاوية عم جده عبد الرحمن الفاسي بالقلقليين بفاس. من كتبه: تكميل المرام، شرح شواهد ابن هشام، المباحث الإنشائية في الجملة الخبرية والإنشائية، شرح الطالع المشرق في المنطق، حاشية على مختصر خليل، تحفة المخلصين في شرح عدة الحصن الحصين، تقييد على تنظيم ألقاب الحديث، شرح نخبة الفكر لابن حجر، نظم في التوسل بالصحابة، وتقاييد وفتاوى وغيرها. 185 - محمد عبد الحي بن عبد الكبير بن محمد الحسني أبو الإقبال الإدريسي الكتاني (¬2) عالم بالحديث ورجاله ولد بفاس سنة خمس وثلاثمائة وألف وتعلم بها. أخذ عن والده وعن خاله أبي المواهب وابنه أبي الفضل والأخوين أبي جيدة ومحمد الطاهر ابني الشيخ عبد الكبير الفاسي وغيرهم. وعنه محمد مخلوف وغيره. حج وتعرف إلى رجال الفقه والحديث في مصر والحجاز والشام والجزائر وتونس والقيروان وعاد بأحمال من المخطوطات وكان جمّاعة للكتب. درس عدة كتب في الحرمين والشام منها الفتوحات المكية في ضريح صاحبها بدمشق. (¬3) قال ابن سودة: كان يعد من أساطين العلم المبرزين بالمغرب لكنه انحرف سياسيا فقضى على علمه وجاهه ونفسه والأمر لله. (¬4) كان موالياً للفرنسيين وجاهر بالبيعة لابن عرفة صنيعتهم بعد إبعاد السلطان محمد الخامس ¬

(¬1) الأعلام 6/ 212. (¬2) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 799، شجرة النور 1/ 437، الأعلام 6/ 187، مقدمة فهرس الفهارس، إتحاف المطالع (موسوعة علماء المغرب 9/ 3371)، معجم المؤلفين 3/ 387. (¬3) مقدمة فهرس الفهارس 1/ 10. (¬4) إتحاف المطالع (الموسوعة 9/ 3371).

186 - محمد بن عبد الكبير بن محمد بن عبد الواحد أبو الفيض وأبو عبد الله الحسني الإدريسي الكتاني

إلى مدغشقر، ولما استقل المغرب وعاد السلطان إلى بلاده كان عبد الحي في باريس فاستمر إلى أن مات بها فجر يوم الجمعة ثامن وعشري ربيع الثاني سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة وقيل ثمان وثمانين ودفن بروضة الجالية المسلمة بباريس. له مائة وثلاثون مصنفا (¬1) منها: مجلي أسرار الفرقان (¬2) في قوله تعالى {وإذا قرئ القرآن} (¬3) وله أيضا: فهرس الفهارس، اختصار الشمائل، التراتيب الإدارية، ثلاثيات البخاري، لسان الحجة البرهانية في الذب عن شعائر الطريقة الأحمدية الكتانية وغير ذلك. 186 - محمد بن عبد الكبير بن محمد بن عبد الواحد أبو الفيض وأبو عبد الله الحسني الإدريسي الكتاني (¬4) مؤسس الطريقة الكتانية بالمغرب وشقيق محمد عبد الحي المتقدم صاحب فهرس الفهارس. فقيه متفلسف متصوف محدث مفسر (¬5) متكلم من أهل فاس. ولد سنة تسعين ومائتين وألف. انتقد علماء فاس بعض أقواله ونسبوه إلى قبح الاعتقاد وشكوه إلى السلطان عبد العزيز بمراكش، وزادوا فاتهموه بطلب الملك، فرحل إلى مراكش، وأظهر براءته مما عزي إليه وأقام فيها زمنًا ثم أذن له بالرجوع إلى فاس فعاد ولما أراد أهلها عقد البيعة للسلطان عبد الحفيظ تولى الكتاني إملاء شروطها وفيها تقييد السلطان بالشورى فحقدها السلطان عليه، فساءت حاله وضاقت معيشته فخرج من فاس سنة قاصدًا بلاد البربر، ومعه جميع أسرته من رجال ونساء، فأرسل السلطان الخيل في طلبه وأعيد بالأمان، فلم يلبث أن اعتقل وسجن مصفدًا هو ومن كان معه حتى النساء والصبيان. ثم جلد وسحب إلى "بنيقة" في مشور أبي الخصيصات، من فاس الجديدة فمات فيها. ¬

(¬1) ذكرها مفصلة في مقدمة فهرس الفهارس 1/ 24 - 32. (¬2) مخطوط في المكتبة العامة بالرباط (انظر الفهرس الشامل 2/ 829). (¬3) الأعراف: 204. (¬4) مصادر ترجمته: الأعلام 6/ 214، معجم الشيوخ 1/ 44، مقدمة فهرس الفهارس 1/ 8، معجم المطبوعات 1546، إتحاف المطالع (موسوعة أعلام المغرب 8/ 2856، 2858)، معجم المؤلفين 3/ 421. (¬5) انظر معجم المؤلفين 3/ 421.

187 - محمد بن عبد الكريم بن محمد المغيلي أبو عبد الله التلمساني

أخذ عن والده عبد الكبير وغيره. وممن أخذ عنه أخوه عبد الحي ويوسف النبهاني وغيرهما (¬1). ولمحمد بن محمد السرغيني، كتاب في سيرته سماه: روض الجنان بما لشيخنا أبي عبد الله الكتاني من الخصوصية والعرفان. توفي قتيلا تحت ضرب السياط بأمر من المولى عبد الحفيظ يوم الثلاثاء الثالث والعشرين من ربيع الثاني سنة سبع وعشرين وثلاثمائة وألف (¬2). له: شرح البسملة. (¬3) الفص المختوم في التفسير. (¬4) الكشف والبيان (¬5) في قوله تعالى {ماكنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان} (¬6) وله أيضا: اللمحات القدسية في متعلقات الروح بالكلية، والمواقف الإلهية في التصورات المحمدية، حياة الأنبياء، ومجموعة قصائد الكتاني، الكمال المتلالي والاستدلالات العوالي، وغيرها. 187 - محمد بن عبد الكريم بن محمد المغيلي (¬7) أبو عبد الله التلمساني (¬8) مفسر، فقيه مالكي، من أهل تلمسان نشأ بها. قال عنه مخلوف: خاتمة الأئمة المحققين والعلماء العاملين مع البراعة والتفنن في العلوم والصلاح والدين المتين. (¬9) اشتهر بمناوأته لليهود وهدمه كنائسهم في توات (بقرب ¬

(¬1) انظر فهرس الفهارس 2/ 747، 1109. (¬2) إتحاف المطالع (الموسوعة 8/ 2856). (¬3) منه نسخة في خزانة الرباط (انظر الفهرس الشامل 2/ 826). (¬4) منه نسخة بدار الكتب الوطنية بتونس (انظر الفهرس الشامل 2/ 826). (¬5) ذكره ابن سودة في إتحاف المطالع. (¬6) الشورى: 52. (¬7) المغيلي: بفتح الميم نسبة إلى مغيلة قبيلة من البربر (اللباب3/ 242) وتحرف في نيل السائرين إلى: الغيلي. (¬8) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 554، نيل السائرين 254، معجم أعلام الجزائر 308، الأعلام 6/ 216، معجم المؤلفين 3/ 424، شجرة النور 1/ 274، تعريف الخلف 1/ 166، نيل الابتهاج 331، كشف الظنون 845، إيضاح المكنون 1/ 127، هدية العارفين 2/ 224، بروكلمان 2/ 363، فهرس الفهارس 2/ 573، البستان في ذكر الأولياء والعلماء بتلمسان ص: 255، عنوان الدراية فيمن عرف من العلماء في المائة السابعة بيجاية ص: 165، مقدمة تفسير الثعالبي ص: (أ). (¬9) الشجرة 1/ 274.

188 - محمد بن أبي مروان عبد الملك بن عبد الله بن محمد بن محمد أبو عبدالله المرجاني

تلمسان) وكانت له معهم مشاحنات ورحل إلى السودان واجتمع بسلطان كنو وكتب له رسالة في أمور السلطنة وارتحل إلى بلاد التكرور، لنشر أحكام الشرع وقواعده والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. أخذ عن الثعالبي والسنوسي ويحيى بن بدير وغيرهم. وعنه جماعة كالفقيه أيد أحمد والعاقب الإنصمني وعبد الجبار الفجيجي وغيرهم. وقع بينه وبين السيوطي نزاع في علم المنطق. توفي في توات سنة تسع وتسعمائة. ويقال: إن بعض ملاعين اليهود مشى لقبره فبال عليه فعمي مكانه. (¬1) له كتب، منها: البدر المنير في علوم التفسير. تفسير الفاتحة. وله أيضا: التعريف بما يجب على الملوك، تاج الدين فيها يجب على الملوك والسلاطين، أحكام أهل الذمة، شرح مختصر خليل سماه مغني النبيل، مفتاح النظرة: في علم الحديث، منح الوهاب: منظومة في المنطق، له شرح عليها سماه: إمناح الأحباب من منح الوهاب، وله نظم، منه قصيدة عارض بها البردة، وغير ذلك. 188 - محمد بن أبي مروان عبد الملك بن عبد الله بن محمد بن محمد أبو عبدالله المرجاني (¬2) مفسر فقيه مالكي. أصله من تونس ولد سنة أربع وعشرين وسبعمائة. سكن الإسكندرية ثم نزل مكة. قال ابن حجر: كان خيرا صالحا صاحب عبادة ومعرفة بالفقه وعناية بالتفسير وكان يعرف علم الحرف (¬3). توفي بمكة في شوال سنة إحدى وثمانين وسبعمائة. 189 - محمد بن عثمان بن محمد أبو عبد الله النجار (¬4) فقيه مالكي أصولي محدث مفسر. من أهل تونس ولد سنة خمس وخمسين ومائتين وألف. تعلم بجامع الزيتونة ودرّس وأسندت إليه خطة العدالة ¬

(¬1) انظر نيل الابتهاج ص: 331. (¬2) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 565، إنباء الغمر 1/ 207، شذرات الذهب 6/ 272. (¬3) إنباء الغمر 1/ 207. (¬4) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 574، هدية العارفين 2/ 377، معجم المطبوعات 1631، الأعلام الشرقية 2/ 177، شجرة النور 1/ 421، الأعلام 6/ 263، معجم المؤلفين 3/ 484.

190 - محمد المختار بن علي بن أحمد السوسي الألغي الدرقاوي

ثم الفتوى واستمر إلى أن توفي. درّس تفسير البيضاوي وبلغ فيه سورة آل عمران. أخذ عن والده ومحمد النيفر وأخيه صالح وعاشور ومحمد الطاهر بن عاشور ومحمد البنا وغيرهم. أخذ عنه مخلوف وغيره. قال مخلوف: كان عالما بالأنساب وتراجم المؤلفين متبحرا في العلوم النقلية إماما في العلوم العقلية. (¬1) توفي في الخامس والعشرين من رمضان سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة. له: تقريرات على تفسير البيضاوي. وله أيضا: مجموعة إملاءات على أمهات أحاديث البخاري، الفتاوى، بغية المشتاق في مسائل الاستحقاق، مصنف في رؤية الهلال، مصنف في شرح حديث "لا عدوى". 190 - محمد المختار بن علي بن أحمد السوسي الألغي الدرقاوي (¬2) من الأدباء المؤرخين الشعراء المشاركين في كثير من الفنون. ولد في إلغ (¬3) في شهر صفر سنة ثمان عشرة وثلاثمائة وألف. نشأ بها وتعلم الدراسة الأولية فيها، وانتقل إلى مراكش لاستكمال الدراسة بها ثم إلى رباط الفتح. أخذ العلم عن أبي شعيب الدكالي الصديقي المفسر وعبد الله الإلغي وأحمد أبو مسعود البونعماني والطاهر الإفراني ومحمد الدباغ ومحمد عمر السرغيني ومحمد بن أبي بكر السرغيني وأبي شعيب الشاوي وغيرهم. أخذ عن الدكالي بعض الأحزاب من تفسير كلام الله المبين وغير ذلك. عاد إلى مراكش وأنشأ بها مدرسة، واشتغل بالتدريس وكان من الوطنيين الذين ساهموا في تأسيس بعض الجمعيات الوطنية فنفي أكثر من مرة حتى عين في أول حكومة مغربية وزيرا للأوقاف ثم عين وزيرا عضوا في مجلس التاج إلى أن توفي. حج إلى بيت الله الحرام وزار تونس عضوا في جمعية أحباس الحرمين الشريفين. له مؤلفات منها: تقييدات على تفسير الكشاف للزمخشري. وله أيضا: ¬

(¬1) الشجرة 1/ 421. (¬2) مصادر ترجمته: إسعاف الإخوان الملحين ص: 284. (¬3) إلغ: قرية بناحية تازروالت في أقصى جنوب القطر السوسي بجنوب المغرب.

191 - محمد (المدني أو) ابن المدني بن أبي الحسن علي بن جلون أبو عبد الله الكومي الفاسي

سوس العالمة، المعسول، خلال جزولة، إلغ قديما وحديثا، الإلغيات، من أفواه الرجال، الترياق المداوي في أخبار سيدي الحاج علي الدرقاوي، الصالحون المتبرك بهم من سوس، أخلاق وعادات سوسية، وغيرها. 191 - محمد (المدني أو) ابن المدني بن أبي الحسن علي بن جلون أبو عبد الله الكومي الفاسي (¬1) قاض باحث محدث مفسر من أهل فاس ولد سنة أربع وستين ومائتين وألف. أخذ عن والده وجعفر الكتاني ومحمد كنون والمهدي بن الطالب وابن سودة وغيرهم. وعنه محمد بن جعفر الكتاني وغيره. ولي قضاء الصويرة مدة (¬2). توفي شابا في منتصف ليلة الرابع عشر من ربيع الثاني سنة ثمان وتسعين، ودفن بروضة أولاد ابن جلون بالقباب خارج باب الفتوح. (¬3) قال مخلوف: له تآليف مفيدة. (¬4) منها: نزهة ذوي العقل السليم في بعض علوم بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. (¬5) خواص الآي والسور. وله أيضا: الطرفة في البرهان علىحدوث العالم، حديقة الأزهار في التحذير من تعاطي علم الكيمياء والتنجيم والحروف، رسالة في الصحابة الذين غير المصطفى - صلى الله عليه وسلم - أسماءهم، وتقاييد وطرر كثيرة على حواشي كتبه، وغير ذلك. 192 - محمد بن علي بن العابد أبو عبد الله الأنصاري الفاسي ثم الأندلسي (¬6) ¬

(¬1) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 805، معجم المحدثين والمفسرين 34، شجرة النور 1/ 405، الأعلام 7/ 93، سلوة الأنفاس 2/ 363، إتحاف المطالع (موسوعة أعلام المغرب 7/ 2669). (¬2) معجم المفسرين 2/ 805. (¬3) انظر الإتحاف (الموسوعة 7/ 2669). (¬4) الشجرة 1/ 405. (¬5) منها نسخة بالخزانة الحسنية (انظر فهرسها رقم 767) ونسخة بالصبيحية (انظر الفهرس الشامل 2/ 817) وهو فيها محمد المدني كما ورد بخطه وورد بخطه أيضا محمد بن المدني. (¬6) مصادر الترجمة: معجم المفسرين 2/ 583، الإحاطة 2/ 211، الدرر الكامنة 4/ 87، كشف الظنون 1481، الإعلام بمن حل مراكش 3/ 102، جذوة الاقتباس 1/ 231، العلوم والآداب على عهد الموحدين 179 وفيها تحقيق وفاته سنة 662 هـ حيث وقع في الإحاطة والجذوة والمعجم 762 هـ، بغية الوعاة 1/ 181، نيل الابتهاج 254، هدية العارفين 2/ 128، الأعلام 6/ 285، معجم المؤلفين 3/ 518.

193 - محمد بن علي بن عبد الواحد بن يحيى بن عبد الرحيم شمس الدين أبو أمامة ابن النقاش الدكالي ثم المصري

باحث، مؤرخ أديب لغوي مفسر من شعراء المغرب. أصله من مدينة فاس. نشأ وتعلم بها. سكن غرناطة، في حدود سنة ثلاثين وستمائة فاشتهر. أخذ بفاس عن أحمد بن القاسم بن البقال الأصولي وأبي عبد الله بن البيوت المقري وأبي الحسن الحرالي وغيرهم. قال لسان الدين ابن الخطيب: نسخ الدواوين الكبار وضبط كتب اللغة وقيد على كتب الحديث. كان إماما في الكتابة والآداب واللغة والإعراب والتاريخ والفرائض والحساب والبرهان، عارفا بالسجلات والتوثيق، أربى على المتقدمين والفحول في نظم الشعر وحفظه، حافظا مبرزا، درس الحديث، لم يفتر قط من قراءة أو درس أو نسخ أو مطالعة ليله ونهاره، ولم يكن في وقته مثله. (¬1) ومن نظمه: طرقت تتيه على الصباح الأبلج ... حسناء تختال اختيال تبرج في ليلة قد ألبست بظلامها ... فضفاض برد بالنجوم مدبج (¬2) مات بغرناطة في ذي القعدة سنة اثنتين وستين وستمائة. له: مختصر تفسير الزمخشري: أزال عنه الاعتزال. وله أيضا: شعر كثير مدون. 193 - محمد بن علي بن عبد الواحد بن يحيى بن عبد الرحيم شمس الدين أبو أمامة ابن النقاش الدَّكالي ثم المصري (¬3) واعظ، مفسر، نحوي فقيه شافعي. ولد في نصف رجب سنة عشرين - وقيل سنة ثلاث وقيل سنة خمس وعشرين - وسبعمائة. أخذ القراءات عن البرهان الرشيدي، والعربية عن أبي حيان وغيره، وتقدم في الفنون وحفظ الحاوي وكان يقول: إنه أول من حفظه بالقاهرة. قال ابن كثير: كان فقيها نحويا شاعرا واعظا، له يد طولى في فنون، ¬

(¬1) الإحاطة 2/ 211. (¬2) الجذوة 1/ 231. (¬3) مصادر الترجمة: طبقات المفسرين للداوودي 2/ 202، معجم المفسرين 2/ 587، الأعلام 6/ 286، معجم المؤلفين 3/ 521، كشف الظنون 153، 407، 440 وغيرها، هدية العارفين 2/ 162، بروكلمان 2/ 247، 2/ 95، 96، الدرر الكامنة 4/ 71، بغية الوعاة 1/ 183، شذرات الذهب 6/ 198، البدر الطالع 2/ 211. والدكالي: نسبة إلى دكالة بفتح الدال وتشديد الكاف بلد بالمغرب. كما في الشذرات وفي القاموس دكالة كرمانة.

194 - محمد بن علي (يعلى) بن محمد بن وليد بن عبيد أبو بكر وأبو عبد الله ابن الجوزي المعافري

وقدرة على السجع. وكان يقول: الناس اليوم رافعية لا شافعية، ونووية لا نبوية. وقال الصفدي: قدم دمشق فأكرمه السبكي وعظمه، وصحب الأمراء، ثم صحب الناصر حسنا إلى أن أبعده عنه الهرماس بسبب أنه أفتى فتيا يخالف مذهب الشافعي، فشنع عليه الهرماس، وعقد له مجلس بالصالحية بحضرة القاضي عز الدين ابن جماعة ومنع من الفتيا. مات بالقاهرة في ربيع الأول سنة ثلاث وستين وسبعمائة عن تسع وثلاثين. له: السابق اللاحق: وهو تفسير مطول جدا التزم فيه أن لاينقل حرفاً من تفسير أحد ممن تقدمه. قال الصفدي: وكانت طريقته في التفسير غريبة مارأيت له في ذلك نظيرا. (¬1) ذكر في أوله أن الحامل له عليه أنه شرع في إلقاء التفسير في الجامع الأزهر في شهر رمضان فأكمله فبلغه أن بعض الناس استقصر علمه فشرع في إملاء تفسير على الفاتحة فأقام فيه مدة طويلة ثم شرع في كتابه السابق اللاحق. (¬2) وله أيضا: شرح العمدة، تخريج أحاديث الرافعي، كتاب في الفروق، المذمة في استعمال أهل الذمة، إحكام الأحكام الصادرة من بين شفتي سيد الأنام، شرح التسهيل، شرح الألفية، وله شعر جيد. 194 - محمد بن علي (يعلى) بن محمد بن وليد بن عبيد أبو بكر وأبو عبد الله ابن الجوزي المعافري (¬3) من أهل إشبيلية، وأصله من قرطبة خرج جده محمد منها من فتنة البربر وهو خال القاضي عياض. مولده بسبتة في سنة ثمان وعشرين وأربعمائة سمع بسبتة من أبي علي بن خالد، ومروان بن سمحون وغيرهما ودخل إلى بلاد أفريقية فدرس على عبد العزيز الديباجي، وروى عنه كتبه وغيرها كان متفننا في العلوم، ومن أهل البلاغة والشعر وله: ¬

(¬1) انظر البدر الطالع 2/ 212. (¬2) انظر معجم المفسرين 2/ 587. (¬3) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 2/ 215، معجم المفسرين 2/ 579، المدرسة القرآنية 1/ 179، الصلة 2/ 573، فهرسة ابن خير 1/ 39، معجم المؤلفين 3/ 546، هدية العارفين 2/ 75، شجرة النور 1/ 121.

195 - محمد بن عمر المغربي القرامسي

يا من عدا ثم اعتدى ثم اقترف ... ثم ارعوى ثم انتهى ثم اعترف أبشر بقول الله في آياته ... إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف توفي يوم الجمعة لتسع بقين من صفر سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة. له: تفسير: قال الداوودي: كتاب حسن، مات قبل إكماله. وله: تصنيف في علم التوحيد. 195 - محمد بن عمر المغربي القرامسي (¬1) كان حيا سنة ثلاث وسبعين وألف. له: التعاليق السنية فيما يتعلق بالبسملة والحمدلة والصلاة على خير البرية. (¬2) 196 - محمد يحيى بن عمر المختار بن الطالب عبد الله الشنقيطي الداوودي الحوضي الولاتي (¬3) الفقيه العلامة الأصولي المشارك الفهامة. قال عنه مخلوف: خاتمة المحققين وعمدة العلماء العاملين وحيد عصره حفظا وعلما وأدبا. (¬4) أخذ عن أعلام منهم محمد باش طبجي وغيره. وعنه أبو العباس الحسني وغيره. رحل وحج ودخل تونس ولقي بها إقبالا واجتمع بجماعة منهم سالم بوحاجب واعترف كل منهما بالفضل لصاحبه. ترجم له تلميذه أبو العباس بن المأمون وله ترجمة في المعسول كما أفاده ابن سودة. توفي في أول رمضان أو أواخر شعبان سنة ثلاثين وثلاثمائة وألف. له عدة تآليف بين مطول ومختصر منها: التيسير والتسهيل لمعرفة أحكام التنزيل (¬5) شرح منظومته في الناسخ والمنسوخ وعلوم القرآن. (¬6) ¬

(¬1) مصادر ترجمته: الفهرس الشامل 2/ 715. ولم أقف له على أكثر من ذلك. والقرامسي أظنها محرفة من الغدامسي: نسبة إلى غدامس وهي مدينة بالمنطقة تقدم التعريف بها. (¬2) منه نسخة ببلدية الإسكندرية (انظر الفهرس الشامل 2/ 715). (¬3) مصادر ترجمته: شجرة النور 1/ 435، إتحاف المطالع (موسوعة علماء المغرب 8/ 2867). (¬4) الشجرة 1/ 435. (¬5) منه نسخة بمكتبة موريتانيا. (انظر الفهرس الشامل 2/ 826). (¬6) منه نسخة أيضا بمكتبة موريتانيا. (انظر الفهرس الشامل 2/ 826).

197 - محمد بن عمر بن محمد بن أحمد القصيبي السدويكشي أبو عبدالله ابن أبي ستة المحشي

وله أيضا: شرح صحيح البخاري، رحلة حجازية. 197 - محمد بن عمر بن محمد بن أحمد القصيبي السدويكشي (¬1) أبو عبدالله ابن أبي ستة المحشي (¬2) مفسر إباضي ولد بجربة (¬3) سنة اثنتين وعشرين وألف وأخذ العلم عن علمائها. ومنهم عبد الله ابن سعيد السدويكشي. ثم انتقل إلى مصر ولازم حلق الجامع الأزهر والمدرسة الإباضية هنالك وذلك سنة أربعين. طال مقامه بالقاهرة وتخرج عليه جماعة هناك ولقب بينهم بالبدر. رجع إلى بلده جربة سنة ثمان وستين فأقبل على الإفادة والتدريس في جامع بني لاكين وفي مسجده المعروف بأبي ستة بسدويكش وبمسجد القصيبيين بقلالة. كان كثير القراءة، غزير التأليف قل أن يقرأ كتابا أو يقرئه إلا علق عليه حتى لقب بالمحشي. توفي بجربة سنة ثمان وثمانين، وقيل سبع وثمانين. (¬4) ومازال ضريحه معروفا بحومة درسغيتن قرب سدويكش. له: حاشية (¬5) على تفسير هود بن محكم الهواري الإباضي (¬6) وأدركته المنية عند تفسير قوله تعالى {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى (¬7)}. (¬8) وله أيضا: حاشية على شرح قواعد الإسلام للجيطالي، حاشية على " ترتيب مسند الربيع بن حبيب "، اللمع: حاشية على " كتاب الوضع ¬

(¬1) القصيبي: نسبة إلى حومة القصيبيين من جهة قلالة بجربة، والسدويكشي: نسبة إلى سدويكش من أعمال جربة. (انظر تراجم المؤلفين 3/ 8). (¬2) مصادر ترجمته: العمر 1/ 2 / 973 رقم 285، الإباضية في موكب التاريخ3/ 189، تراجم المؤلفين 3/ 8، ملامح عن الحركة العلمية عند الإباضية بجربة: أعمال الملتقى حول تاربخ جربة ص: 30، وثائق جديدة متعلقة بتاريخ جزيرة جربة وعلمائها: أعمال الملتقى حول تاريخ جربة ص: 90، مؤنس الأحبة ص: 95. (¬3) جربة: بالفتح ثم السكون والباء موحدة خفيفة: جزيرة بالمغرب من ناحية إفريقية قرب قابس قال البكري: أهلها مفسدون في البر والبحر وهم خوارج (انظر معجم البلدان 2/ 138) وقال في الروض المعطار 158: يسكنها قوم من الخوارج وغيرهم والشر والنفاق موجود في جبلتهم ... وهم أهل فتنة وخروج عن الطاعة. (¬4) وأرخه حسن حسني سنة ثلاث وثمانين (انظر العمر 1/ 2 / 973). (¬5) نسبها له فرحات الجعبيري وذكر أنه لم يتمها. (¬6) تأتي ترجمته. (¬7) البقرة: 228. (¬8) الحركة العلمية ص: 30.

198 - محمد بن عمر بن محمد بن عبد الله بن خلف الله بن عبد السلام أبو عبد الله القلشاني (القلجاني) التونسي

" لأبي زكريا الجناوني، حاشية على كتاب البيوع لعامر الشماخي، حاشية على "كتاب السؤالات "، حاشية على شرح "كتاب الجهالات "، حاشية على "كتاب الفرائض " للجيطالي، حاشية على "تبيين أفعال العباد" لأبي العباس بن أبي بكر، حاشية على كتاب الشيخ تبغورين بن عيسى، حاشية كتاب النكاح، حاشية على شرح أبي العباس الشماخي على مقدمة التوحيد، حاشية على شرح "كتاب العدل والإنصاف " للشماخي مات ولم يتمها، حاشية على الموجز في أصول الدين لأبي عمار عبد الكافي، وغيرها. 198 - محمد بن عمر بن محمد بن عبد الله بن خلف الله بن عبد السلام أبو عبد الله القلشاني (القلجاني) التونسي (¬1) فقيه مالكي عارف بالتفسير والنحو من أهل تونس ولد سنة سبع عشرة وثمانمائة. ولي قضاء الجماعة بتونس وصرف بأمر السلطان وحج وأقام بالقاهرة وأقرأ فيها الفقه وأصوله والنحو والتفسير. عاد إلى تونس وولي الخطابة بجامع الموحدين ثم صرف (¬2). أخذ عن عمه وأبيه وأبي القاسم البرزلي. توفي بتونس في سابع عشر جمادى الآخرة سنة تسعين وثمانمائة. له: فتاوى منقولة في المازونية والمعيار. (¬3) 199 - محمد بن عمر بن محمد بن عمر بن محمد بن إدريس بن سعيد أبو عبد الله محب الدين ابن رُشَيد الفهري السبتي (¬4) رحالة محدث نحوي لغوي حافظ للأخبار والتواريخ والسير، عارف ¬

(¬1) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 598، الضوء اللامع 8/ 257، نيل الابتهاج 323، الحلل السندسية 1/ 672، شجرة النور 1/ 259. (¬2) انظر الحلل 1/ 672. (¬3) النيل 323. (¬4) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 2/ 217، معجم المفسرين 2/ 597، الوافي بالوفيات 4/ 284، سلوة الأنفاس 2/ 191، جذوة الاقتباس 180، الدرر الكامنة 4/ 229، بغية الوعاة 1/ 199، ذيل العبر 121، ذيل طبقات الحفاظ 97، الديباج المذهب 2/ 297، غاية النهاية 2/ 219، شجرة النور 1/ 216، درة الحجال 2/ 96، النبوغ المغربي 1/ 206، أزهار الرياض 2/ 347، الرسالة المستطرفة 134، البدر الطالع 2/ 234، فهرس الفهارس 1/ 332، معجم المؤلفين 3/ 567، الأعلام 6/ 314، مجلة دعوة الحق العدد الثاني السنة الثالثة.

200 - محمد بن عيسى أبو عبد الله الجزائري ثم التونسي

بالقراءات، خطيب، مفسر من أهل سبتة ولد سنة سبع وخمسين وستمائة. ودرس بها على أبي الحسين بن أبي الربيع النحوي ثم أخذ عن علماء تونس والأندلس ورحل إلى المشرق لأداء فريضة الحج، ودخل إفريقية ومصر والشام وأخذ به وبالحجاز عمن لقي من الأئمة وعاد إلى سبتة عن طريق الأندلس سنة ست وثمانين وستمائة فأقام بها حتى سنة اثنتين وتسعين حين دعاه صديقه الوزير أبو عبد الله بن الحكيم إلى غرناطة فانتقل إليها وولي الإمامة والخطابة بجامعها الأعظم ثم قضاء الأنكحة واستمر إلى أن اغتيل الوزير فعاد إلى المغرب وأقام بمراكش وقدم للصلاة والخطبة بجامعها العتيق. ثم استدعاه السلطان أبو سعيد المريني إلى فاس وصار من خواصه بها، وأقام على ذلك إلى أن توفي. وقد ألف فيه عبد الله كنون كتابا سماه ابن رشيد. توفي سنة إحدى وعشرين وسبعمائة. له: رحلته إلى المشرق المسماة: ملء العيبة فيما جمع بطول الغيبة في الوجهتين الكريمتين إلى مكة وطيبة، تلخيص القوانين، إفادة النصيح بالتعريف بإسناد الجامع الصحيح، إيضاح المذاهب فيمن يطلق عليه اسم الصاحب، ترجمان التراجم، وغيرها، وخطب وقصائد وكتب صغيرة كثيرة. 200 - محمد بن عيسى أبو عبد الله الجزائري ثم التونسي (¬1) من الكتاب البلغاء عارف باللغة والتفسير. ولد بمدينة الجزائر سنة ثلاث وأربعين ومائتين وألف ونشأ وتعلم بها ثم انتقل إلى تونس وتولى رئاسة الكتابة العامة بالوزارة الكبرى ثم خطة الإنشاء. أخذ عن حميدة العمالي وغيره. قال في تعريف الخلف: ورسائله تدل على أنه في طبقة عليا من الفهم والعلم. ثم انقطع للعلم إلى أن توفي سنة عشر وثلاثمائة. وقيل: سنة ثلاث. له: الثريا لمن كان بعجائب القرآن حفيا. رسالة في التفسير. (¬2) ¬

(¬1) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 600، معجم أعلام الجزائر 112، تعريف الخلف 2/ 528، هدية العارفين 2/ 391، شجرة النور 1/ 413، إيضاح المكنون 2/ 419، معجم المؤلفين 3/ 573. (¬2) طبعت هي والتي بعدها.

201 - محمد بن أبي غالب بن أحمد بن علي بن أحمد بن علي المكناسي العياضي أبو يحيى ابن السكاك

الماس في احتباك يعجز الجنة والناس في تفسير قوله تعالى {ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم}. (¬1) 201 - محمد بن أبي غالب بن أحمد بن علي بن أحمد بن علي المكناسي العياضي أبو يحيى ابن السكاك (¬2) قاض مفسر أصولي له اشتغال بالتاريخ. من أهل مكناس ولي قضاء الجماعة بفاس. قال مخلوف: الإمام الفقيه المفسر العالم الذي لا تأخذه في الله لومة لائم. (¬3) ووصفه الونشريسي بالقاضي الإمام العالم المفسر الأصولي. (¬4) وقال المكناسي: القاضي الإمام المفسر. (¬5) أخذ عن الشريف التلمساني وابن عباد والأبلي وغيرهم. توفي بفاس بعد العشاء الآخرة من ليلة الثلاثاء الثاني عشر من ربيع الأول سنة ثمان عشرة وثمانمائة. له: شرح على شفاء القاضي عياض، نصح ملوك الإسلام بالتعريف بما يجب عليهم من حقوق آل البيت الكرام، تأليف في الأدعية. 202 - محمد بن قاسم الأنصاري أبو عبد الله التلمساني الرصاع التونسي (¬6) فقيه مالكي عارف بالتفسير والحديث أصله من تلمسان ولد بها. عرف بالرصاع لأن جده الرابع كان يرصع المنابر ويزين السقوف. (¬7) وكان أبوه كثير ¬

(¬1) النور: 33. (¬2) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 802، جذوة الاقتباس 1/ 238، سلوة الأنفاس 2/ 144، أخبار مكناس 3/ 588، وشجرة النور 1/ 251، تذكرة المحسنين ووفيات الونشريسي ولقط الفرائد (موسوعة أعلام المغرب 2/ 732، 733). (¬3) الشجرة 1/ 251. (¬4) الوفيات (الموسوعة 2/ 732). (¬5) الجذوة 1/ 232. (¬6) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 606، العمر 1/ 2 / 804 رقم 223، إتحاف أهل الزمان 7/ 64، الأعلام 7/ 5، إيضاح المكنون 1/ 276، البستان ص: 283، تاريخ معالم التوحيد ص: 245، تراجم المؤلفين 2/ 358، توشيح الديباج ص: 216، الحلل السندسية 3/ 287، درة الحجال 2/ 140، شجرة النور الزكية 1/ 259، الضوء اللامع 8/ 287، فهرس الفهارس ص: 430، مسامرات الظريف 1/ 104، معجم المطبوعات العربية ص: 939، معجم المؤلفين 3/ 593، نيل الابتهاج 323، هدية العارفين2/ 216، مقدمة تحقيق فهرست الرصاع. (¬7) انظر الحلل السندسية 3/ 287.

203 - محمد بن أبي القاسم بن رجيح أبو عبد الله الخلوتي الهاملي الجزائري

الإقامة بحاضرة تونس، متردداً على أهل العلم بها. وقدم ولده محمد إلى تونس صغير السن فاعتنى به أبوه، وعرفه على مشاهير علماء الزيتونة وأقبل على طلب العلم بشغف كبير. أخذ عن جماعة من تلامذة ابن عرفة المفسر كالبرزلي والوانوغي وابن عقاب، والعبدوسي والعقباني والأخوين القلشانى: عمر وأحمد. وعنه الشيخ زروق وغيره. ولما أتم مرحلة التعلم انتقل إلى التدريس بمدارس مدينة تونس ومساجدها. وتولى خطة قضاء المحلة ثم قضاء الأنكحة. ثم ارتقى إلى خطة قضاء الجماعة. ولم تطل مدته فيها إذ استعفى من خطته تلك واقتصر على الإفتاء والإمامة والخطابة بجامع الزيتونة. وما زال يفيد الواردين على جامع الزيتونة مفتيا وإماما وخطيبا إلى أن توفي سنة أربع وتسعين وثمانمائة ودفن بمنزله في تونس. له: تفسير القران. ذكره السخاوي وقال: بدأه ولم يتمه. (¬1) الجمع الغريب في ترتيب آي مغني اللبيب: رتب فيه آي مغني اللبيب على السور ثم فسرها. وله أيضا: الهداية الكافية الشافية لبيان حقائق ابن عرفة الوافية (شرح حدود ابن عرفة)، الأجوبة التونسية على الأسئلة الغرناطية، التسهيل والتقريب لرواية الجامع الصحيح، تذكرة المحبين في أسماء سيد المرسلين، تحفة الأخيار في فضل الصلاة على النبي المختار، الخمسمائة صلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -، شرح وصية الشيخ محمد الظريف، رسالة في أسماء الأجناس وأحكامها، رسالة في حكم (لو)، رسالة في صرف اسم أبي هريرة، وغير ذلك. 203 - محمد بن أبي القاسم بن رجيح أبو عبد الله الخلوتي الهاملي الجزائري (¬2) فقيه مالكي برع في التفسير والحديث والأصول والنحو. ولد في الحامدية قرب حاسي بحبح في شمال الصحراء في الجزائر سنة تسع وثلاثين ومائتين وألف. تعلم في زاوية علي الطيار وزاوية ابن أبي داود في زواوة ¬

(¬1) الضوء اللامع 8/ 287. (¬2) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 802، معجم أعلام الجزائر 335، تعريف الخلف 336، نهضة الجزائر الحديثة 1/ 56، معجم المؤلفين 3/ 667، إيضاح المكنون 3/ 616. وهو فيه: محمد بن محمد بن أبي القاسم.

204 - محمد بن أبي القاسم بن عبد السلام بن جميل أبو عبد الله شمس الدين الربعي التونسي المالكي

وأسس الزاوية المعروفة بزاوية الهامل. توفي في بويرة الصحاري في طريق عودته من الجزائر العاصمة إلى زاويته سنة خمس عشرة وثلاثمائة. له: الزهر الباسم في ترجمة الإمام محمد بن أبي القاسم. (¬1) 204 - محمد بن أبي القاسم بن عبد السلام بن جميل أبو عبد الله شمس الدين الربعي التونسي المالكي (¬2) فقيه مالكي أصولي مفسر قاض. مولده سنة تسع وثلاثين وستمائة بمدينة تونس. نشأ بها وأخذ الحديث عن علمائها. وبرع في الفقه والتفسير والأصول. انتقل إلى القاهرة، فأخذ عن علمائها مثل أبي المحاسن يوسف بن يوسف بن أحمد ابن محمود الدمشقي اليغموري المعروف بالحافظ، وقاضي القضاه شمس الدين محمد ابن إبراهيم بن عبد الواحد المقدسي الحنبلي. وتولى نيابة الحكم بالحسينية بالقاهرة مدة وتولى قضاء الاسكندرية، ثم عزل ورجع إلى القاهرة فأقام يشتغل بها في العلوم. وصفه ابن فرحون بقوله: كان إماما، مفتيا، فقيها، مفسرا، بارعا في فنونه، أصوليا، عالما، ذا سكون وعفة وديانة، سريع الدمعة. (¬3) توفي بالقاهرة في صفر سنة خمس عشرة وسبعمائة ودفن بالقرافة. له: التنوير مختصر التفسير (¬4): اختصر فيه التفسير الكبير للفخر الرازي. (¬5) وله أيضا: مختصر الفروق للقرافي، السهل البديع في اختصار التفريع. ¬

(¬1) إيضاح المكنون 3/ 616. (¬2) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 2/ 232، معجم المفسرين 2/ 606، نيل السائرين 164، العمر 1/ 1 / 155 رقم 15، تراجم المؤلفين2/ 338، الدرر الكامنة 4/ 266، الديباج المذهب 323، شذرات الذهب 6/ 37، ذيل العبر ص: 84، معجم المؤلفين 3/ 595. (¬3) الديباج 323. (¬4) انظر الدرر الكامنة 4/ 266. (¬5) منه جزء بدار الكتب الوطنية بتونس وبالمكتبة الأزهرية، ومنه ميكروفيلم بمركز البحث العلمي بجامعة أم القرى وبالمكتبة الوطنية بباريس (انظر بروكلمان 1/ 677، ملحق 1/ 922، الفهرس الشامل 1/ 359، فهرس المخطوطات بمركز البحث العلمي في جامعة أم القرى: التفسير وعلوم القرآن ص: 65).

205 - محمد بن كي الموريتاني

205 - محمد بن كي الموريتاني (¬1) له: قاموس أوضح التبيان في تفسير ألفاظ القرآن. 206 - محمد - بالفتح - بن مبارك الأزرق التنوخي الأربسي (¬2) له: تفسير البسملة. 207 - محمد بن محمد بن إبراهيم السفاقسي المغربي (¬3) عروضي، فقيه، أصولي، مشارك في بعض العلوم. قدم دمشق وسبق الكلام عنه في ترجمة أخيه إبراهيم. له: المجيد في إعراب القرآن المجيد وهو تفسير عظيم اشترك مع أخيه في تصنيفه كما تقدم في ترجمته. وله أيضا: المورد الصافي في شرح عروض ابن الحاجب والقوافي شفاء الغليل في شرح المقصد الجليل في علم الخليل، وشرح منتهى السؤل والأمل لابن الحاجب في علمي الأصول والجدل. 208 - محمد (فتحاً) بن محمد بن أحمد الخصاصي التازي (¬4) مفسر مغربي مالكي. من أهل مدينة تازة بالمغرب من الخصاصين الموجودين بها، وولي قضاءها وكان يحكم بالحق زمن الجور. أخذ عن والده وهو عمدته، وأخذ بفاس عن محمد بن المدني كنون ومن في طبقته. (¬5) أخذ عنه السلطان المولى عبد العزيز بن الحسن العلوي سلطان مراكش، وكان لايفارقه. توفي بطنجة يوم الأربعاء خامس صفر سنة أربع ¬

(¬1) منه نسخة بمكتبة موريتانيا كتبت بتاريخ 1354 هـ ولعلها للمؤلف نفسه. (انظر الفهرس الشامل 2/ 895). (¬2) مصادر ترجمته: العمر 1/ 1 / 201 رقم 34 وقال محققوه: هكذا ذكره المؤلف في فهرسي المؤلفين والمصنفات ولم نعرفه إلا من خلالهما ولم نقف على خبر له في المصادر التي اطلعنا عليها كما لم يحدد عصره. (¬3) مصادر ترجمته: معجم المؤلفين 3/ 618، الدرر الكامنة 4/ 158، كشف الظنون 1134، 1855، هدية العارفين 2/ 151. (¬4) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 631، الأعلام 7/ 81، إتحاف المطالع وسل النصال (موسوعة أعلام المغرب 8/ 3032). (¬5) انظر سل النصال (الموسوعة 8/ 3032).

209 - محمد بن محمد المختار بن أحمد بن أبي بكر أبو عبد الله الأروادي الكنتي الشنقيطي

وخمسين وثلاثمائة وألف عن سن عالية أكثر من ثمانين سنة. له: تفسير. قال ابن سودة: في عدة مجلدات. (¬1) - محمد بن محمد بن أحمد النيفر (¬2) 209 - محمد بن محمد المختار بن أحمد بن أبي بكر أبو عبد الله الأروادي الكنتي (¬3) الشنقيطي (¬4) فقيه مالكي مؤرخ من شنقيط. كان أبوه معدودا في الأولياء وخلفه ابنه فكان يسمى بالخليفة شنقيط. لزمه سيدي بن المختار بن الهيب عشرين سنة بعد وفاة أبيه. توفي سنة سبعين ومائتين وألف. له تصانيف، منها: لطائف القدسي في فضل آية الكرسي. (¬5) ومنها: الطرائف التالدة من كرامات الشيخين الوالد والوالدة، الكوكب الوقاد في فضل ذكر المشايخ وحقائق الأوراد، هدايات الطلاب، جنة المريد، الروض الخصيب بشرح نفح الطيب في الصلاة على النبي الحبيب: لوالده، الجرعة الصافية والنفحة الكافية، جذوة الأنوار في الذب عن مناصب أولياء الله الأخيار. 210 - محمد المدني بن محمد الغازي بن الحُسني المشيشي (¬6) الحسيني العلمي أبو المحاسن الرباطي (¬7) من كبار المدرسين للتفسير والحديث في أيامه. مولده في الرباط بالمغرب سنة سبع وثلاثمائة وألف. تلقى مبادئ العلم في مراكش، وأخذ عن ¬

(¬1) المرجع السابق. (¬2) انظر محمد بن أحمد. (¬3) نسبة إلى زاوية الكنت وفي الأعلام المراكشية حديث عن الكنتين يستفاد منه انتسابهم إلى عقبة بن نافع الفهري الصحابي الفاتح أو عقبة بن عامر بن عبد الله. (¬4) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 634، 805، معجم المحدثين والمفسرين 38، الوسيط في تراجم أدباء شنقيط 241، دليل مؤرخ المغرب 1/ 216، الأعلام المراكشية 2/ 35، بروكلمان 2/ 894، الأعلام 7/ 92. (¬5) منه نسخة في المكتبة الملكية بالرباط (انظر معجم المفسرين2/ 805). (¬6) المشيشي: نسبه إلى عبد السلام بن مشيش من مشاهير المغرب. (¬7) مصادر ترجمته: الأعلام 7/ 94، معجم المؤلفين 3/ 708، إتحاف المطالع وسل النصال (موسوعة أعلام المغرب 9/ 3341، 3342).

211 - محمد بن محمد بن سليمان بن الفاسي بن طاهر السوسي المكي أبو عبد الله الروداني المغربي

علماء الرباط فتولى رئاسة الاستئناف الشرعي وانزوى في العامين الآخرين من حياته. أخذ عن الدمناتي والقاضي بريطل والقاضي الرباطي وجسوس والمكي البطاوري وأحمد السلوي والدكالي وغيرهم. وعنه ابن سودة وغيره. قال ابن سودة: له اطلاع واسع ومشاركة في جل العلوم من فهم ثاقب وإملاء سلس. (¬1) توفي بالرباط يوم الاثنين الخامس والعشرين من شوال سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة. له تآليف كثيرة مازالت مخطوطة عند أبنائه في الرباط منها: منح المنيحة في شرح نصيحة أهل الإسلام: للكتاني، روائح الزهر في تخريج أحاديث المختصر: لخليل، منار السبيل إلى مختصر خليل بالحجة والدليل، لبنات الإسعاد في بانت سعاد، ديوان: من نظمه، ورسائل ومختصرات وتعليقات. 211 - محمد بن محمد بن سليمان بن الفاسي بن طاهر السوسي المكي أبو عبد الله الروداني (¬2) المغربي (¬3) محدث مشارك في التفسير والرياضيات والهيئة والنحو والمعاني والبيان من فقهاء المالكية. ولد بتارودنت من قرى السوس الأقصى سنة سبع وثلاثين وألف وتعلم بالمغرب. قال المحبي: كان له في التفسير وأسماء الرجال وما يتعلق به يد طائلة. (¬4) رحل إلى المشرق وجاور بمكة والمدينة سنين ثم نفي إلى دمشق فأقام بها. أخذ عن جماعة منهم محمد بن ناصر الدرعي وسعيد قدوره وعيسى السكتاني والأجهوري والشهاب الخفاجي والشوبري والبلباني وغيرهم. وعنه أخذ أحمد بن قاسم البوني وابن سنة الفلاني والمحبي ¬

(¬1) إتحاف المطالع (الموسوعة 9/ 3341). (¬2) الروداني: نسبة إلى رودانة ويقال لها تارودنت قاعدة السوس الأقصى. انظر نشر المثاني (الموسوعة 4/ 1674). (¬3) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 805، خلاصة الأثر 4/ 204، هدية العارفين 2/ 298، الأعلام 6/ 151، معجم المؤلفين 3/ 334، فهرس الفهارس 1/ 425، نشر المثاني (موسوعة أعلام المغرب 4/ 1674) وهو في معظم المراجع محمد بن سليمان. (¬4) خلاصة الأثر 4/ 204.

212 - محمد بن محمد بن الطيب المغربي التافلالتي الأزهري الخلوتي المالكي ثم الحنفي

والحريشي وغيرهم. توفي بدمشق سنة إحدى وتسعين وقيل أربع وتسعين. له تصانيف منها: جمع الفوائد من جامع الأصول ومجمع الزوائد، صلة الخلف بموصول السلف، تحفة أولي الألباب في العمل بالاسطرلاب، وغير ذلك. 212 - محمد بن محمد بن الطيب المغربي التافلالتي الأزهري الخلوتي المالكي ثم الحنفي (¬1) فقيه أصولي محدث باحث مفتي الحنفية بالقدس، من الفضلاء. ولد في المغرب الأقصى، ورحل إلى طرابلس الغرب وتعلم في الأزهر بمصر ودخل دمشق مرارا ثم استقر بالقدس. أخذ عن الملوي والجوهري والطحلاوي والشمس الحنفي وغيرهم. وعنه محمد شاكر العقاد وغيره. قال الكتاني: وهو ممن أفردت ترجمته بالتأليف. (¬2) توفي سنة إحدى وتسعين ومائة وألف. له تصانيف. قال المرادي: ناهزت الثمانين. (¬3) منها: حسن التبيان في معنى مدلول القرآن. (¬4) أسرار البسملة. (¬5) وله أيضا: أحاديث البلاد، ماورد في الفصد والحجامة، المولد الشريف، المعراج، الصلح بين المجتهدين، القهوة والدخان، الاستقصا لما صح وثبت في المسجد الأقصى، صخرة البيت المقدس، تحري الإصابة في أوس بن قيظي والد عرابة، الدر الأغلى بشرح الدر الأعلى، ثبت، وله نظم. 213 - محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن الشغ بن أحمد بن الشغ بن محمد مسلم المسلمي الشنقيطي (¬6) قال البرتلي: كان مفسرا للقرآن فقيها نحويا مدرسًا يدرس مختصر الشيخ خليل وألفية ابن مالك. أخذ عن ابني فاضل الشريف وغيرهما. كان ¬

(¬1) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 630، فهرس الفهارس 1/ 268، هدية العارفين 2/ 341، إيضاح المكنون 1/ 231، 257، 441 وغيرها، الأعلام 7/ 69، معجم المؤلفين 3/ 648، سلك الدرر 4/ 102، ثبت ابن عابدين 43، بروكلمان 2/ 463. (¬2) فهرس الفهارس 1/ 269. (¬3) انظر الأعلام 7/ 69. (¬4) منه نسخة بالجمعية الأسيوية كلكته (انظر الفهرس الشامل 2/ 708). (¬5) قال الزركلي: رأيتها في المكتبة الخالدية بالقدس ناقصة ورقة. (¬6) مصادر ترجمته: فتح الشكور في معرفة أعيان علما التكرور ص: 130.

214 - محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن يوسف بن عبد الرحمن بن عبدالرحمن الجعفري التونسي أبو عبد الله ركن الدين ابن القوبع المالكي

معبرا للرؤيا، ناسكا كثير العبادة مداوما قيام الليل وقراءة القرآن ودلائل الخيرات ... كان ملازما بيته ذا عزلة عن الناس لايخرج من بيته إلا إذا سمع الإقامة ... ومارئي قط في الزقاق إلا إذا كانت جنازة قريب له أو عظيم من الناس أو صالح يخرج فيصلي عليها ويرجع إلى بيته. حضرته الوفاة وهو متطهر في المسجد فحمل إلى بيته. توفي في العام الحادي والسبعين ومائة وألف. 214 - محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن يوسف بن عبد الرحمن بن عبدالرحمن الجعفري التونسي أبو عبد الله ركن الدين ابن القوبع (¬1) المالكي (¬2) أديب نحوي لغوي مفسر له اشتغال بالحكمة والطب. ولد بتونس في رمضان سنة أربع وستين وستمائة. قال الصفدي: قرأ النحو على يحيى بن الفرج بن زيتون، والأصول على محمد بن عبد الرحمن قاضي تونس وقدم سنة تسعين، فسمع بدمشق من ابن القواس، وأبي الفضائل ابن عساكر وجماعة، ودرس بالمنكوتمرية، وأعاد بالناصرية وغيرها، ودرس الطب بالمارستان المنصوري، وكان يتوقد ذكاء ومهر في الفنون حتى إذا صار يتحدث في شيء من العلوم تكلم في دقائقه وغوامضه، حتى يقول القائل: إنه أفنى عمره في ذلك. (¬3) وقال ابن سيد الناس: لما قدم قعد في سوق الكتب - والشيخ بهاء الدين بن النحاس هناك - ومع المنادي ديوان ابن هانئ، فنظر فيه القوبع، فترنم بقوله: فتكات لحظك أم سيوف أبيك ... وكؤوس خمرك أم مراشف فيك فقرأه بالنصب في الجميع، فقال له ابن النحاس: يامولانا هذا نصب كثير. فقال له بنترة: أنا أعرف الذي تريد من رفعها، على أنها أخبار لمبتدءات ¬

(¬1) القوبع: بضم القاف فيما اشتهر على الألسنة - وقيل هو بفتحها - طائر. (¬2) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 2/ 237، معجم المفسرين 2/ 615، نيل السائرين 174، الدرر الكامنة 4/ 299، الوافي بالوفيات 1/ 238، بغية الوعاة 1/ 226، إيضاح المكنون 1/ 527، هدية العارفين 2/ 149، الأعلام 7/ 35، معجم المؤلفين 3/ 652. (¬3) الوافي بالوفيات 1/ 238.

215 - محمد الأمين (آب) بن محمد المختار (أخطور) بن عبد القادر بن أحمد نوح اليعقوبي الشنقيطي الجكني

مقدرة، والذي ذهبت أنا إليه أغزل وأمدح، وتقديره: أقاسي فتكات لحظك. وكانت فيه بادرة وحدة، وكان يتردد إلى الناس من غير حاجة إلى أحد، ولا سعي في منصب، وناب في الحكم بالقاهرة حتى تركه، وقال: يتعذر فيه براءة الذمة. وكان كثير التلاوة، حسن الصحبة كثير الصدقة سراً، ولا يخل بالمطالعة في الشفاء لابن سينا كل ليلة مع سآمة وملل ويلثغ بالراء همزة. مات بالقاهرة في سابع عشر ذي الحجة سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة. له: تفسير سورة ق: في مجلد وله أيضا: شرح ديوان المتنبي. 215 - محمد الأمين (آب) بن محمد المختار (أخطور) بن عبد القادر بن أحمد نوح اليعقوبي الشنقيطي الجكني (¬1) مفسر فقيه أصولي ناظم من المشاهير ولد عام خمس وعشرين وثلاثمائة وألف للهجرة في تنبه من أعمال مديرية كيفا من موريتانيا. نشأ في جو يغلب عليه طلب العلم وروح الفروسية. توفي والده وهو صغير يقرأ في جزء عم وترك له ثروة فسكن عند أخواله فحفظ القرآن على أحدهم وهو عبد الله بن محمد المختار ولما يتجاوز العاشرة، وتعلم رسم المصحف على ابن خال له ودرس التجويد بقراءة نافع ورواية ورش وتحصل على إجازتها وهو في السادسة عشرة. وقرأ المختصرات المالكية على الفقهاء ودرس الأدب على زوجة خاله وأخذ عنها أيضا مبادئ النحو إلى جانب الفنون الأخرى من أنساب العرب وأيامهم والسيرة النبوية. واتصل بعلماء قبيلته يتلقى عنهم فنون العلم من تفسير وحديث وأصول، ¬

(¬1) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 496، الأعلام 6/ 45، مشاهير علماء نجد 517، مجلة المنهل: ذي الحجة 1393 ص: 982، علماء ومفكرون عرفتهم 1/ 171، السلفية وأعلامها في موريتانيا ص: 120، 344، مقدمة كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام ص: 11 وانظر كاملا: الشنقيطي ومنهجه في التفسير، منهج الشنقيطي في تفسير آيات الأحكام من أضواء البيان، جهود الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في تقرير عقيدة السلف. والجكني: نسبة إلى الجد الأعلى جاكن ويرجع نسبه إلى قبيلة لمتونة أبرز قبائل المرابطين وفي أصله إلى قبيلة حمير.

وأكب على المطالعة فتحصل على علم المنطق وآداب البحث والمناظرة حتى تضلع فيها. وتولى القضاء بين أهل قبيلته بجانب الإفتاء والإرشاد والوعظ والإصلاح. وعزم على الحج فكانت رحلته البرية إلى بيت الله الحرام، واستقر في أرض الحرمين وتولى تدريس التفسير في المسجد النبوي بتوجيه من الملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله وكانت الحلقة تفتتح بتلاوة القدر المراد تفسيره من بعض الطلاب ثم يشرع الشيخ في المفردات فيعرض معانيها ومشتقاتها ومايتصل بها مع الاستشهاد بشواهد اللغة ثم يتناول العلائق التركيبية بين المفردات فيعرض للقراءات ووجوه الإعراب ثم ينصرف للاستنباط الفقهي مقارنا معللا مقررا مستعينا بكل مايمكنه من علوم التفسير ولايفوته أن يربط بعض المعاني ببعض الوقائع وإذا كان المضمون قصصيا استخرج العبر وكشف النذر وربط ذلك بالحاضر (¬1). كما قام بتدريس التفسير أيضا بالجامعة الإسلامية بالمدينة. وكان قد باشر التدريس بالرياض قبل ذلك وكان مما درسه مادة التفسير بكليات الشريعة واللغة وظل يحاضر بين الفينة والأخرى بمعهد القضاء الأعلى بالرياض. وتنقل الشيخ في البعثات العلمية بين الدول الإسلامية بدءا من السودان وانتهاء بموريتانيا وشارك في كبريات المؤسسات العلمية ولم يكثر من التأليف لانشغاله. ومن شعره: أنقذت من داء الهوى بعلاج ... شيب يزين مفرقي كالتاج قد صدني حلم الأكابر عن لمي ... شفة الفتاة الطفلة المغناج ماء الشبيبة زارع في صدرها ... رمانتي روض كحق العاج وكأنما شمس الأصيل مذابة ... تنساب فوق جبينها الوهاج توفي رحمه الله بعد أداء الحج يوم الخميس السابع عشر من ذي الحجة سنة ألف وثلاثمائة وثلاثة وتسعين من الهجرة وصلى عليه الشيخ عبد العزيز بن باز في الحرم المكي ودفن بالمعلاة، كما أقام عليه الشيخ عبد العزيز بن صالح صلاة الغائب بالمسجد النبوي ليلة الأحد التالية. ورثاه جماعة منهم محمد بن أبي مدين في قصيدة مطلعها: ¬

(¬1) انظر علماء ومفكرون عرفتهم 1/ 174.

216 - محمد بن محمد بن عبد النور الحميري التونسي المالكي

الله أكبر مات العلم والورع ... ياليت ما قد مضى من ذاك يرتجع يبكي الكتاب كتاب الله غيبته ... كذا المدارس والآداب والجمع مفسر الذكر الحكيم وما ... من الحديث إلى المختار يرتفع من مؤلفاته: أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن وهو كتابه في التفسير وقد توفي قبل إتمامه وصل فيه إلى نهاية سورة المجادلة فأتمه من بعده تلميذه الشيخ عطية محمد سالم. (¬1) منع جواز المجاز في المنزل للإعجاز. دفع إيهام الاضطراب عن آي الكتاب. آيات الصفات: محاضرة منشورة قبس من قوله تعالى {اليوم أكملت لكم دينكم} (¬2): محاضرة منشورة بيان الناسخ والمنسوخ في آي الذكر الحكيم: لازال مخطوطا. وله أيضا: شرح روضة الناظر وجنة المناظر، أدب البحث والمناظرة، رحلة الحج إلى بيت الله الحرام وهي مطبوعة منشورة. وله مما لم يطبع: شرح على مراقي السعود، وشرح سلم الأخضري في المنطق. وله أراجيز ألفها ببلاده لم تنشر ومنها: خالص الجمان في ذكر أنساب بني عدنان، وأرجوزة في فقه مالك في البيوع، وألفية في المنطق، ومنظمومة في علم الفرائض. وله محاضرات نشرت في رسائل مستقلة منها: حكمة التشريع، المثل العليا في العقيدة والتشريع والأخلاق، المصالح المرسلة، حول شبهة الرقيق. 216 - محمد بن محمد بن عبد النور الحميري التونسي المالكي (¬3) فقيه مالكي مفسر كان من صدور العلم المبرزين أخذ عن القاضي الإمام العالم أبي القاسم ابن زيتون، والقاضي الخطيب أبي محمد ابن برطلة الأزدي وله تفنن في سائر العلوم، وله تصانيف في عدة علوم كان بالحياة عام ستة وعشرين وسبعمائة. له: نفحات الطيب في اختصار تفسير ابن الخطيب. (¬4) اختصر تفسير ¬

(¬1) تأتي ترجمته في الوافدين. (¬2) المائدة: 3. (¬3) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 2/ 241، معجم المفسرين 2/ 615، الديباج المذهب 337، شجرة النور 1/ 206، معجم المؤلفين 3/ 657. (¬4) انظر الديباج المذهب 337.

217 - محمد بن محمد بن عرفة بن حماد الورغمي أبو عبد الله التونسي المالكي

الإمام فخر الدين ابن الخطيب في سبعة أسفار اختصاراً حسنا. وله: تقييد كبير على الحاصل، كتاب جمع فيه فتاوى على طريقة أحكام ابن سهل، سماه الحاوي في الفتاوي، وغير ذلك. 217 - محمد بن محمد بن عرفة بن حماد الوَرغمّي (¬1) أبو عبد الله التونسي المالكي (¬2) الإمام العلامة المقرئ، المفسر، الفروعي، الأصولي، البياني، المنطقي. فقيه تونس وإمامها وعالمها وخطيبها ولد بتونس ليلة السابع والعشرين من رجب سنة ست عشرة وسبعمائة أقبل على درس العلوم الدينية بجامع الزيتونة وقرأ بالروايات على أبي عبد الله محمد بن محمد بن حسن بن سلامة وغيره وسمع من الوادي آشي الصحيحين، ومن الإمام أبي عبد الله محمد بن عبد السلام الهواري الموطأ وأخذ عنه الفقه والأصول وتفقه أيضا ¬

(¬1) الورغمي: بفتح الواو وسكون الراء المهملة وغين معجمة وتشديد الميم - نسبة إلى قبيلة ورغمة البربرية وهي من قبائل هوارة نزحت من المغرب وقطنت جنوب شرق تونس في ولايتي مدنين وتطاوين الآن. (انظر مقدمة تفسير ابن عرفة رواية الأبي 1/ 12، الضوء اللامع 9/ 240، العمر 1/ 2 / 762). (¬2) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 2/ 236، طبقات المفسرين للأدنوي ص: 63، معجم المفسرين 2/ 619، التفسير ورجاله ص: 151، نيل السائرين 210، خلاصة تاريخ تونس ص: 116، العمر 1/ 2 / 762 رقم 213، إنباء الغمر 2/ 192، الديباج المذهب 337، ذيل تذكرة الحفاظ 193، الضوء اللامع 9/ 240، غاية النهاية 2/ 243، نيل الابتهاج 274، بغية الوعاة 1/ 229، الأعلام 7/ 43، أعلام الفكر الإسلامي في المغرب العربي ص: 67، البدر الطالع 2/ 255، بروكلمان 2/ 247، ملحق 2/ 347، البستان ص: 195، تراجم المؤلفين 3/ 363، توشيح الديباج ص: 251، الحلل السندسية 1/ 561، دائرة المعارف الإسلامية 3/ 734، درة الحجال 2/ 280، شجرة النور الزكية 1/ 227، شذرات الذهب 7/ 38، شرح حدود ابن عرفة ص: 61، عنوان الأريب 1/ 105، مقدمة تحقيق المختصر في المنطق ص: 43، فهرس الرصاع ص: 76، كشف الظنون ص: 403، 1246، 1552 وغيرها، لحظ الألحاظ بذيل كتاب طبقات الحفاظ ص: 193، مسامرات الظريف 1/ 99، معجم المؤلفين 3/ 683، نزهة الأنظار 1/ 237، هدية العارفين 2/ 177، الوفيات لابن قنفذ ص: 379، مقدمة تفسير ابن عرفة رواية الأبي 1/ 11.

بأبي عبد الله محمد بن هارون، ومحمد بن حسن الزبيدي، وأبي عبد الله الأيلي ونظرائهم، وتفرد بشيخوخة العلم والفتوى في المذهب. أخذ عنه المشذالي والوانوغي والزنديوي وابن حجر وأبو حامد بن ظهيرة وأبو الطيب بن علوان والأبي والبسيلي والسلاوي وابن الخطيب القسنطيني والشمس بن عمار وغيرهم. تولى إمامة جامع الزيتونة ثم ترقى إلى خطة الإفتاء. قال الداوودي: له التصانيف العزيزة، والفضائل العديدة، وانتشر علمه شرقاً وغرباً، فإليه الرحلة في الفتوى والاشتغال بالعلم والرواية، حافظاً للمذهب ضابطاً لقواعده، إماما في علوم القرآن، مجيداً في التفسير، والعربية، والأصلين، والفرائض والحساب، وعلم المنطق، والمعاني والبيان، وغير ذلك. اجتمع على محبته الخاصة والعامة، كان ذا دين متين، وعقل رصين، وحسن إخاء، وبشاشة وجه للطلاب، صائم الدهر، لا يفتر عن ذكر الله وتلاوة القرآن إلا في أوقات الاشتغال، منقبضاً عن مداخلة السلاطين، لايرى إلا في الجامع أو في حلقة التدريس، لا يغشى سوقاً ولا مجتمعاً، ولا مجلس حاكم إلا أن يستدعيه السلطان في الأمور الدينية، كهفاً للواردين عليه من أقطار البلاد، يبالغ في برهم والإحسان إليهم وقضاء حوائجهم. وقد خوله الله تعالى من رياسة الدين والدنيا ما لم يجتمع لغيره في بلده، له أوقاف جزيلة في وجوه البر وفكاك الأسرى، رأساً في العبادة والزهد والورع، ومناقبه عديدة وفضائله كثيرة. (¬1) قال ابن فرحون: حج في سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة فتلقاه العلماء وأرباب المناصب بالإكرام التام، واجتمع بسلطان مصر الملك الظاهر فأكرمه، وأوصى أمير الركب بخدمته، ولما زار المدينة النبوية نزل عندي في البيت، وكان يسرد الصوم في سفره. (¬2) قال تلميذه أبو حامد بن ظهيرة في معجمه: ولم يكن بالمغرب من يجري مجراه في التحقيق، ولا من اجتمع له من العلوم ما اجتمع له، تأتي إليه الفتوى ¬

(¬1) طبقات المفسرين 2/ 236 وهو منقول من الديباج. (¬2) الديباج 340.

218 - محمد المكي بن محمد بن علي بن عبد الرحمن بن عبد القادر بن سعيد الشرشالي أبو حامد البطاوري الرباطي

من مسيرة شهر. (¬1) وكانت وفاته بتونس ليلة الخميس الرابع والعشرين من جمادى الآخرة سنة ثلاث وثمانمائة ودفن بجبل الزلاج. وقبره مشهور. ولم يخلف بعده مثله. له تواليف منها: تفسير كتاب الله المجيد: عبارة عن مجالس في التفسير وهي المعروفة بتفسير ابن عرفة قام بتقييدها عدة من تلاميذه تختلف رواياتهم لها فيما بينها وكل منهم يزيد عليها زيادات وقد ذكرتها في ترجمة كل منهم مثل رواية الأبي (¬2) ورواية البسيلي (¬3) ورواية السلاوي (¬4). (¬5) قال ابن حجر: وعلق عنه بعض أصحابنا كلاما في التفسير في مجلدين كثير الفوائد كان يلتقطه في حال قراءتهم عليه ويدونه أولا فأول وكلامه دال على توسع في الفنون وإتقان وتحقيق. (¬6) وله أيضا: تقييده الكبير في المذهب، تأليف في أصول الدين عارض به كتاب الطوالع للبيضاوي، اختصاركتاب الحوفي في الفرائض، مختصر في علم المنطق، ونظم قراءة يعقوب، الحدود الفقهية، تساعيات في الحديث، نظم تكملة القصد لخلف بن شريح، تقييد في تحقيق القول بالجهة والسمت. وغير ذلك 218 - محمد المكي بن محمد بن علي بن عبد الرحمن بن عبد القادر بن سعيد الشرشالي (¬7) أبو حامد البطاوري الرباطي (¬8) أديب من القضاة له اشتغال بالحديث والتفسير. من أهل الرباط في ¬

(¬1) انظر نيل الابتهاج ص: 277، الحلل السندسية 1/ 562. (¬2) انظر محمد بن خلفة. (¬3) انظر أحمد بن محمد. (¬4) انظر أبو القاسم الشريف. (¬5) وقد جمع روايتي البسيلي والسلاوي محمد بن عبد الرحمن الرجراجي وقد ذكرت ذلك في ترجمته. (¬6) إنباء الغمر 2/ 192. (¬7) نسبة إلى مدينة شرشال بالأندلس أصله منها وانتقل أسلافه إلى الرباط. انظر إتحاف المطالع (الموسوعة 8/ 3049). (¬8) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 640، الأعلام 7/ 110، معجم الشيوخ 2/ 56، دليل مؤرخ المغرب 690، إتحاف المطالع وسل النصال (موسوعة أعلام المغرب 8/ 3047)، مجلة دعوة الحق 5/ 1396 هـ.

219 - محمد بن محمد بن عيسى بن كرامة العقدي أبو عبد الله الزنديوي التونسي

المغرب كان شيخ جماعتها. ومولده بها. ولي قضاءها مدة أحد عشر عاماً وكان قبل ذلك، وتقلب في وظائف كتابية سلطانية بطنجة وإسبانيا وفرنسا وانكلترة. قال ابن سودة: له اليد الطولى في الأدب والحديث والتفسير وعلوم الآلة. (¬1) أخذ عن إبراهيم التادلي وعمه التهامي البطاوري والقاضي أحمد ملين وعمر بن محمد عاشور وغيرهم. ولتلميذه محمد بن مصطفى بوجندار في ترجمته: أزهار الخمائل المسكية بأخبار الشمائل المكية. توفي بالرباط صبيحة يوم الأربعاء ثاني محرم سنة خمس وخمسين وثلاثمائة وألف. يوجد جزء من التفسير منسوب لمكي الشيخ محمد بالخزانة العامة بالرباط. (¬2) له كتب، منها: اقتطاف زهرات الأفنان، من دوحة قافية ابن الونان: شرح للقصيدة المسماة بالشمقمقية، الأزهار المهصورة من الرياض المقصورة: شرح مقصورة للمكودي، شرح العقيدة الصغرى للسنوسي، الحلل المجوهرة في شرح جوهرة اللقاني، أصفى المشارب، شرح مقدمة ابن الجزري في التجويد، شرح المقصور والممدود لابن دريد، فتح المنية في تحقيق الكنية، الدروس الحديثية في المجالس الحفيظية، الاستسعاد بشرح قصيدة بانت سعاد، أقرب المسالك إلى لامية ابن مالك وغير ذلك. 219 - محمد بن محمد بن عيسى بن كرامة العقدي (¬3) أبو عبد الله الزنديوي (¬4) التونسي (¬5) فقيه مالكي مفسر. أخذ عن ابن عرفة وهو من أصحابه. قرأ عليه جماعة ¬

(¬1) إتحاف المطالع (الموسوعة 8/ 3049). (¬2) انظر الفهرس الشامل 2/ 893. (¬3) قال حسن حسني: ربما كتبها بعضهم العفوي أو العقوي وهو وهم. وفي معجم البلدان والمشترك لياقوت: العقدي نسبة إلى موضع بأرض بين الشام والعراق. (¬4) قال حسن حسني: يرسمه بعضهم الزلدوي والزلديوي ولا أعلم لهذه النسبة أصلا يعتمد. (¬5) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 622، العمر 1/ 2 / 796 رقم 22، تاريخ الدولتين ص: 135، 136، 137، 145، إيضاح المكنون 1/ 305، تراجم المؤلفين 2/ 425، توشيح الديباج ص: 220 وفيه: الدارنوي بدلا من الزنديوي، معجم المؤلفين 3/ 665، نزهة الأنظار 1/ 243، نيل الابتهاج 315، الضوء اللامع 9/ 179، شجرة النور 1/ 259.

220 - محمد بن محمد بن أبي القاسم أبو الفضل المشذالي

أخذوا عنه العربية والأصلين والبيان والحديث وغيرها من الفنون العقلية والنقلية ومنهم أحمد بن يونس بن سعيد القسنطيني. (¬1) تقلب في عدة وظائف شرعية منها: قضاء مدينة قسنطينة وأقام بها ستة عشرعاما، ثم قضاء المحلة - العسكر - وقضاء الأنكحة وخطيب بجامع التوفيق، ومفتي بالحاضرة التونسية، وبقي على هذه الخطة إلى آخر حياته، وعمر حتى زاد على المائة سنة. كان فقيها مشاورا مشاركا في العلوم. قال الشيخ زروق: هو شيخ تونس في وقته. (¬2) توفي في الخامس من جمادى الأولى سنة أربع وسبعين وثمانمائة، وقيل سنة اثنتين. ودفن بجبل المرسي المعروف بجبل المنار جوار أبي سعيد الباجي. له: تفسير القرآن. (¬3) وله أيضا: شرح على مختصرخليل، فتاوى مجموعة (¬4). 220 - محمد بن محمد بن أبي القاسم أبو الفضل المشذالي (¬5) مفسر عالم بالحديث ورجاله، أصولي فرضي فقيه من أشهر علماء المالكية في عصره ولد ببجاية حوالي سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة وتعلم بها وبتلمسان. حفظ القرآن وهو ابن سبع سنين. (¬6) أخذ عن والده وابن مرزوق الحفيد وأبي القاسم العقباني وابن زاغو وجماعة. قال ابن مرزوق: ماعرفت العلم حتى قدم علي هذا الشاب فقيل له كيف؟ قال: لأني كنت أقول فيسلم لي كلامي فلما جاء هذا الفتى شرعت أتحرز وانفتحت لي أبواب المعرفة. (¬7) ¬

(¬1) انظر تراجم المؤلفين 2/ 425، توشيح الديباج ص: 220. (¬2) انظر العمر 1/ 2 / 796. (¬3) نسبه له السخاوي هو ومابعده نقلا عن تلميذه أحمد بن يوسف القسنطيني. وتناقل ذلك عنه بقية المؤرخين بعده. (¬4) ينظر لها المعيار 1/ 197، 2/ 282، 285، 4/ 369، 450، 6/ 126. (¬5) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 802، معجم أعلام الجزائر 301، شجرة النور 1/ 263، الضوء اللامع 9/ 180، نظم العقيان 1/ 160، نيل الابتهاج 315، تاريخ الجزائر العام 2/ 271. المشذالي: نسبة إلى مشذالة قبيلة من زواوة. انظر شجرة النور 1/ 218، مقدمة تفسير الثعالبي ص: (ب). (¬6) الشجرة 1/ 263. (¬7) انظر النيل ص: 315.

221 - محمد بن محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن زيدان الحسني أبو عبد الله الشيخ السلطان المهدي

تصدر للإقراء والتدريس. ودخل عنابة وقسنطينة وتونس ثم توجه إلى المشرق عن طريق قبرص فدخل بيروت ودمشق وطرابلس الشام وحماه وسكن بيت المقدس مدة وحج سنة تسع وأربعين وجاور ثم دخل القاهرة ودرس بها فبهر العقول وأدهش الألباب ولقي الإمام السخاوي الذي خصه بترجمة وافية في كتابه الضوء اللامع ومما قاله: وقد حصلت بيننا اجتماعات وصحبة ورأيت منه من حدة الذهن وذكاء الخاطر وصفاء الفكر وسرعة الإدراك وقوة الفهم وسعة الحفظ وتوقد القريحة واعتدال المزاج وسداد الرأي واستقامة النظر ووفور العقل وطلاقة اللسان وبلاغة القول ورصانة الجواب وغزارة العلم وحلاوة الشكل وخفة الروح وعذوبة المنطق ما لم أره من أحد، ثم غادر مصر وتشتت في البلاد والقرى وركب البحر والبر وتطور على أنحاء مختلفة وهيئات متنوعة. (¬1) مات غريبًا فريدًا في عين تاب (بين حلب وأنطاكية) سنة خمس وستين. له تآليف منها: شرح على جمل الخونجي. 221 - محمد بن محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن زيدان الحسني أبو عبد الله الشيخ السلطان المهدي (¬2) ثالث سلاطين الدولة السعدية بالسوس ومراكش. ولد سنة ست وتسعين وثمانمائة. أخذ عن الحسن بن عثمان الجزولي والمطغري وغيرهما. كان لايفتر عن قراءة القرآن وكان له اعتناء بالعلماء والجلوس معهم والأخذ بأطراف المسائل العلمية بينهم وكانت له صرامة في الحق لا تأخذه في الله لومة لائم. قال المكناسي: كانت له اليد الطولى في التفسير والفقه والحديث وفهم معانيه. (¬3) وقال الزركلي: كان من عظماء الرجال مهيبا غزير العلم تفقه في صغره وعني بالتفسير فكتب شيئا فيه وحفظ صحيح البخاري وديوان المتنبي. (¬4) قتل غيلة بظاهر تارودانت (رودانة) من بلاد السوس الأقصى يوم الأربعاء التاسع ¬

(¬1) الضوء اللامع 9/ 180. (¬2) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 803، معجم المحدثين والمفسرين 29، تاريخ الدول الإسلامية ومعجم الأسرات الحاكمة 94، جذوة الاقتباس 1/ 212، الأعلام 7/ 58، الاستقصا 3/ 9، لقط الفرائد (موسوعة أعلام المغرب 2/ 897). (¬3) جذوة الاقتباس 1/ 212. (¬4) الأعلام 7/ 58.

222 - محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي

والعشرين من ذي الحجة سنة أربع وستين وتسعمائة، ونقلت جثته إلى مراكش فدفنت بها في روضة السعديين. له: حواش على التفسير. (¬1) 222 - محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي (¬2) رئيس المفتين المالكيين بتونس وشيخ جامع الزيتونة وفروعه ولد بالمرسى من ضواحي تونس سنة ست وتسعين ومائتين وألف. وكان جده محمد الطاهر من العلماء المصنفين. درس بتونس وعين شيخا للإسلام مالكيا. وهو من أعضاء المجمعين العربيين في دمشق والقاهرة. من شيوخه المقرئ محمد الخياري وأحمد الكافي والتحق بالزيتونة فدرس على مشايخه ومنهم جده لأمه محمد العزيز بوعتور وعمر بن أحمد بن الشيخ، سالم بوحاجب، صالح الشريف، محمد النخلي. (¬3) من تلاميذه: ابنه الشيخ محمد الفاضل بن عاشور، وابنه الثاني عبد الملك بن عاشور والدكتور محمد الحبيب بن الخوجة وغيرهم. تولى التدريس بجامع الزيتونة وخاصة في التفسير كما درس بالمدرسة الصادقية وتولى القضاء والإفتاء، وعين شيخ الإسلام المالكي ثم عين بعدها مديرا للجامع الأعظم في نفس السنة. وكان مهيبا ذا براعة وبيان كريم النفس سخيا، له الدور البارز في الإصلاح العلمي والاجتماعي، وقام برحلات علمية إلى المشرق وأوروبا واستنبول. وتحصل على وسام الاستحقاق الثقافي التونسي. وقد كتبت فيه مقالات علمية كثيرة وألفت فيه رسالة علمية خاصة بحياته وآثاره قام بها الدكتور بلقاسم الغالي وسماها (شيخ الجامع الأعظم محمد الطاهر ابن عاشور حياته وآثاره). توفي بتونس يوم الأحد الثالث عشر من رجب سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة. ¬

(¬1) معجم المفسرين 2/ 803. (¬2) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 541، الأعلام 6/ 174، معجم المؤلفين 3/ 363، تونس وجامع الزيتونة ص: 126، شيخ الجامع الأعظم محمد الطاهر 35 - 71، مصادر الدراسة الأدبية 3/ 57. (¬3) انظر شيخ الجامع ص: 40 - 46.

223 - محمد بن محمد بن محمد الحسني التونسي أبو عبد الله البليدي المالكي

له قرابة الأربعين مؤلفا منها: التحرير والتنوير من التفسير. وهو مختصر من اسمه الأصلي: تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد. ومنها: كشف المغطى من المعاني والألفاظ الواقعة في الموطا، النظر الفسيح عند مضايق الأنظار في الجامع الصحيح، التوضيح والتصحيح في أصول الفقه: رد على كتاب الإسلام وأصول الحكم لعلي عبد الرزاق، الوقف وآثاره في الإسلام، قصة المولد، أمالي على مختصر خليل، مقاصد الشريعة الإسلامية، أصول النظام الاجتماعي في الإسلام، الوقف وآثاره في الإسلام، أصول الإنشاء والخطابة، موجز البلاغة. ومما عني بتحقيقه ونشره: ديوان بشار بن برد، شرح قصيدة الأعشى، سرقات المتنبي، شرح معلقة امريء القيس، شرح ديوان ابن الحسحاس، تحقيق فوائد العقيان للفتح بن خاقان مع شرح ابن زاكور وغير ذلك. وله مساهمات كثيرة في الدوريات الثقافية من مجلات وصحف ونحوها. 223 - محمد بن محمد بن محمد الحسني التونسي أبو عبد الله البليدي المالكي (¬1) عالم بالعربية والتفسير والقراءات والفقه. جزائري الأصل، من أهل بليدة ولد سنة ست وتسعين وألف. سكن القاهرة وأخذ عن أعلام منهم محمد الزرقاني وأحمد النفراوي وإبراهيم الفيومي. تمهر ولازم الفقه والحديث بالمشهد الحسيني فراج أمره واشتهر ذكره. أخذ عنه أئمة منهم الصعيدي والدردير وعلي بن عبد الصادق. قال الأمير: هو شيخنا وشيخ مشايخنا من أفاضل العلماء. (¬2) توفي بالقاهرة سنة ست وسبعين ومائة. له: حاشية على تفسير البيضاوي في ثلاث مجلدات. (¬3) وله أيضا: نيل السعادات في علم المقولات، حاشية على شرح الألفية للأشموني، ¬

(¬1) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 630، الأعلام 7/ 68، سلك الدرر 4/ 110، بروكلمان 2/ 321، 2/ 423، معجم المؤلفين 3/ 677، إيضاح المكنون 1/ 139، شجرة النور 1/ 339. (¬2) انظر الشجرة 1/ 339. (¬3) منها نسخة بدار الكتب المصرية (انظر بروكلمان 1/ 532، ملحق 1/ 740، الفهرس الشامل 2/ 770).

224 - محمد الكبير بن محمد بن محمد بن محمد السرغيني العنبري

رسالة المقولات العشر، تكليل الدرر على خطبة المختصر في الفقه المالكي، رسالة في دلالة العام على بعض أفراده. 224 - محمد الكبير بن محمد بن محمد بن محمد السرغيني العنبري (¬1) فقيه مالكي له اشتغال بالتفسير والحديث. من أهل المغرب. أخذ عن الحسن بن رحال المعداني ومحمد الصومعي التادلي وأخيه العافية. وعنه القادري وعبد الوهاب الدرعاوي وغيرهما. دخل من بلده إلى فاس للقراءة وولي الخطبة والإمامة والتدريس بجامع الحمراء ثم وليها بمسجد الشرفاء. سكن فاسا إلى أن توفي، وأخباره في الورع كثيرة. كان الغالب على تدريسه بعد صلاة الصبح تفسير القرآن يفتتح بالإعراب والشواهد ثم يقدم ماورد تفسيره بالحديث ويقول: كل من لا يسبح في بحار التنزيل بسفن السنة غرق. ويذكر ماتيسر من النكت البيانية والمباحث العرفانية والأسرار الربانية. وافق نزول المرض الذي توفي فيه في التفسير قوله تعالى {وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم} الآية (¬2)، وفي سرد الدر المنثور في قوله تعالى {يوصيكم الله في أولادكم} (¬3). (¬4) قال القادري: لزمته أزيد من عشرة أعوام إلى أن مرض فلزم الفراش نحو سبعة أشهر وتوفي رحمه الله في زوال يوم الجمعة خامس جمادى الثانية عام أربعة وستين ومائة وألف ودفن بعد صلاة العصر بأصل الجدار الغربي داخل قبة شيخه أحمد اليمني بالجنان خارج باب الفتوح من مدينة فاس. له: تفسير قوله تعالى {وهو معكم أينما كنتم} (¬5) وله أيضا: تقييد على الحطاب والمواق، مختصر صحيح مسلم. 225 - محمد المصطفى بن محمد الفاضل بن محمد مامين الإدريسي الحسني ماء العينين الشنقيطي (¬6) ¬

(¬1) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 608، هدية العارفين 2/ 328، سلوة الأنفاس 2/ 340، معجم المؤلفين 3/ 608، نشر المثاني (موسوعة أعلام المغرب 6/ 2167) وفيه: العبدي بدلا من العنبري. (¬2) الأنعام: 59. (¬3) النساء: 11. (¬4) نشر المثاني (الموسوعة 6/ 2167). (¬5) الحديد: 4. (¬6) مصادر ترجمته: السلفية وأعلامها في موريتانيا ص: 116، الوسيط في أدباء شنقيط ص: 365، ندوة الحركة السلفية بالمغرب العربي ص: 185، الشنقيطي ومنهجه في التفسير ص: 12، إتحاف المطالع (الموسوعة 8/ 2860)، شجرة النور 1/ 433.

226 - محمد بن محمد بن وشاح اللخمي أبو بكر ابن اللباد القيرواني

مجاهد صوفي مشارك في التفسير وغيره ولد في السابع والعشرين من شعبان سنة ست وأربعين ومائتين وألف بولاية الحوض الشرقي من موريتانيا. تلقى العلم في محاضر بلاده وانتصب لتعليم الناس، له اليد الطولى في علوم شتى وخاصة علم التفسير والحديث والفقه وهو صاحب طريقة صوفية قادرية اتجه إلى المملكة المغربية ونال حظوة كبيرة عند عدد من ملوكها والتف الناس حوله وأقبلوا عليه وكان من أبرز زعماء حركات الجهاد إبان الاستعمار الغربي للشمال الإفريقي وأسس مدارس في المغرب والصحراء. (¬1) أخذ عنه جماعة منهم ابن أخته أبو عبد الله العتيك والمهدي الوزاني وغيرهما. توفي بتزنيت من أرض السوس الأقصى يوم الجمعة الرابع والعشرين من شوال سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة. له مؤلفات كثيرة توجد منها بالخزانة الملكية في المغرب مائة كتاب طبع منها نحو ثمانين كتابا منها: دليل الرفاق على شمس الاتفاق على المذاهب الأربعة، المرافق على الموافق في الأصول، اللؤلؤ المحوز على الراموز في الحديث. 226 - محمد بن محمد بن وشاح اللخمي أبو بكر ابن اللباد القيرواني (¬2) فقيه مالكي، عالم بالتفسير واللغة. من أهل القيروان ولد سنة خمسين ومائتين. قال أبو العرب: كان فقيها جليل القدر عالما باختلاف أهل المدينة واجتماعهم، مهيبا مطاعا. (¬3) كان مجاب الدعوة. (¬4) أخذ عن يحيى بن عمر وأخيه محمد وابن طالب وحمديس وسعيد الحداد وغيرهم. وعنه ابن حارث وابن أبي زيد وزياد بن عبد الرحمن ودراس بن إسماعيل وغيرهم. كان يقول: أزهد الناس في العالم قرابته وجيرانه. (¬5) وكان يحضر مجلس السبت بالقيروان ¬

(¬1) انظر السلفية وأعلامها ص: 117. (¬2) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 610، ترتيب المدارك 5/ 286، معالم الإيمان 2/ 23، الوافي بالوفيات 1/ 130، شجرة النور 1/ 84، الديباج المذهب 249، الأعلام 7/ 19، معجم المؤلفين 3/ 697، طبقات علماء إفريقية (الملاحق ص: 252). (¬3) المدارك 5/ 287. (¬4) الشجرة 1/ 84. (¬5) الديباج 250.

227 - محمد - فتحا - بن محمد أبو عبد الله النيفر

ويقول لمن أنكر عليه ذلك قال الله تعالى {ولا يطئون موطئا يغيظ الكفار} الآية (¬1). قال: وحضور السبت مما يغيظ بني عبيد. فلج في آخر عمره وتوفي بالقيروان في يوم السبت منتصف صفر سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة. له تصانيف، منها: الآثار والفوائد، فضائل مالك بن أنس، فضائل مكة، كشف الرواق عن الصروف الجامعة للأواق، الحجة في إثبات العصمة للأنبياء، كتاب الطهارة وغير ذلك. - محمد بن محمد المجاصي (¬2) 227 - محمد - فتحاً - بن محمد أبو عبد الله النيفر (¬3) قاض، محدث، مفسر، من فقهاء المالكية. مولده بتونس. أخذ عن أعلام منهم أخواه محمد وصالح وابن ملوكة. أخذ عنه جماعة منهم ابنه حميدة ومحمود بن محمود ونجيب بن عقبة وغيرهم. قال مخلوف: عمدة المحققين قديما وحديثا وملاذ المدققين تفسيرا وحديثا ... تولى القضاء ثم الفتيا ثم صرف عنها ... وتصدى للتدريس كالتفسير وغيره وأتى بكل نفيس. (¬4) توفي بتونس في المحرم سنة ثنتي عشرة وثلاثمائة بعد الألف. 228 - محمد بن محمود ابن علي عزوز الزغواني (¬5) ولد بزغوان (¬6) حيث مسكن أوائله وقرأ بالزيتونة في تونس ثم تولى إمامة جامع بلده وقضائه. توفي في الرابع عشر من رمضان سنة خمسين ومائتين وألف أو في التي بعدها، ودفن في خلوة جده في تونس. (¬7) ¬

(¬1) التوبة: 120. (¬2) انظر محمد بن عبد الله. (¬3) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 805، شجرة النور 1/ 415. (¬4) الشجرة 1/ 415. (¬5) مصادر ترجمته: العمر 1/ 1 / 195 رقم، إتحاف أهل الزمان 8/ 29. (¬6) زغوان: - بفتح أوله وسكون ثانيه ثم واو وآخره نون - جبل بإفريقية بالقرب من تونس فيه قرى كثيرة آهلة وفيه مأوى الصالحين وخيار المسلمين (انظر معجم البلدان 3/ 162). (¬7) انظر الإتحاف 8/ 29.

229 - محمد بن المختار بن سعيد الولي اليدالي الديماني

له: تفسير المعوذتين (¬1): فرغ منه عام خمس وأربعين، وهو يقع في بضع كراريس (¬2). 229 - محمد بن المختار بن سعيد الولي اليدالي الديماني (¬3) علامة وشاعر مجيد. قال البرتلي: كان حيا في زمن العلامة سيدي عبد الله بن محمد بن القاضي العلوي مدح كل منهما الآخر بقصيدة عجيبة. ومن شعره في قصيدته الميمية الخارجة عن بحور الخليل وعن المتدارك والخبب: صلاة ربي مع السلام ... على النبي خير الأنام بادي الشفوف داني القطوف ... بر عطوف ليث همام ذاك النبي الهاشمي ... ذاك العلي الهادي التهامي (¬4) وهناك مقولة مشهورة اتفقت عليها كثير من المصادر والمراجع تقول: إن علماء القطر الشنقيطي في ذلك العهد أربعة لم يبلغ أحد مبلغهم عرفهم العام والخاص: ابن رازكة، محمد سعيد اليدالي، والمجيدري بن حبيب الله، وسيدي عبد الله بن الحاج إبراهيم (¬5). توفي سنة ست وستين ومائة وألف. له مؤلفات عديدة منها: الذهب الإبريز في تفسير كتاب الله العزيز يقع في مجلدين. وله أيضا: القصيدة الميمية في مدح النبي - صلى الله عليه وسلم -، كتاب الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -، كتاب أنساب العرب. 230 - محمد بن مسعود بن أحمد العثماني الأموي أبو عبد الله الفاسي الطرنباطي (¬6) قاض، نحوي، أديب من فقهاء المالكية. من أهل فاس، أصله من ¬

(¬1) منه نسخة بالخزانة العامة بالرباط (انظر التعليقات على العمر1/ 1 / 195). (¬2) وقد رآه حسن حسني عبد الوهاب بخطه في خزانة الشيخ الصادق النيفر. (¬3) مصادر ترجمته: فتح الشكور في معرفة أعيان علماء تكرور ص: 122، السلفية وأعلامها في موريتانيا ص: 259، الوسيط ص: 223، الشعر والشعراء في موريتانيا ص: 76. (¬4) فتح الشكور ص: 123. (¬5) السلفية وأعلامها ص: 259. (¬6) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 806، شجرة النور 1/ 374، معجم المطبوعات 1240، سلوة الأنفاس 2/ 268، الأعلام7/ 96، معجم المؤلفين 3/ 713، إتحاف المطالع (موسوعة أعلام المغرب 7/ 2466).

231 - محمد العياشي بن المكي بوشمعة المكناسي

الأندلس. أخذ عن جسوس ومحمد البناني واليازغي والمنجرة وأبي حفص الفاسي وغيرهم. وعنه السلطان أبو الربيع سلمان والكوهن وجماعة. ولي القضاء بسجلماسة ثم بثغر الصويرة (¬1)، له نظم حسن. ومات بالطاعون بفاس في سادس محرم سنة أربع عشرة ومائتين وألف. من آثاره: كتاب في البسملة والحمدلة. وله أيضا: شرح على خطبة الخلاصة، بلوغ أقصى المرام في شرف العلم ومايتعلق به من الأحكام، تأليف في الخنثى المشكل، شرح على توحيد الرسالة، إرشاد السالك إلى ألفية ابن مالك وغير ذلك. 231 - محمد العياشي بن المكي بوشمعة المكناسي (¬2) فقيه مالكي صوفي مفسر من أهل مكناس. قال ابن سودة: كان خيرا دينا صالحا ذاكرا. (¬3) أخذ عنه ابن عبود المكناسي. توفي في ذي الحجة سنة أربع وتسعين ومائتين وألف. له: تفسير قوله تعالى {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا} (¬4) 232 - محمد بن ياسن أبو المنيب النفوسي (¬5) مفسر من الإباضية معاصر لإمامهم عبد الوهاب الرستمي. صنفه الدرجيني في علماء الطبقة الخامسة (200 هـ - 250 هـ) كان من الأربعة الذين طلبهم الإمام الرستمي لمناظرة المعتزلة. وصفه الشماخي بقوله: المجاهد لنفسه المطيع لربه ذو المناقب الشهيرة والمآثر الكريمة (¬6). وقال الدرجيني: سمع العلم وسمع عنه. (¬7) قال أبو زكريا: أرسل - أي عبد الوهاب الرستمي - إلى جبل نفوسة يستمدهم أن يبعثوا إليه جيشا نجيبا يكون فيه رجل ذو علم بفنون الرد على المخالفين ورجل عالم بفنون التفسير ¬

(¬1) انظر سلوة الأنفاس 2/ 268. (¬2) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 600، أخبار مكناس 4/ 259، معجم المؤلفين 3/ 572، إتحاف المطالع (موسوعة أعلام المغرب 7/ 2657). (¬3) إتحاف المطالع (الموسوعة 7/ 2657). (¬4) فاطر: 32. (¬5) مصادر ترجمته: سير الأئمة ص: 102، السير ص: 165، طبقات الدرجيني 2/ 296، الإباضية في موكب التاريخ 3/ 17، تفسير كتاب الله العزيز (الحاشية 1/ 85). (¬6) السير ص: 165. (¬7) الطبقات 2/ 296.

233 - محمد بن يوسف بن عمر بن شعيب السنوسي أبو عبد الله التلمساني الحسني

ورجل شجاع بطل نجد يبارز الفتى المعتزلي الموصوف بالشجاعة فلما وصلت رسل الإمام رضي الله عنه إلى جبل نفوسة ائتمروا على من يرسلونه للإمام رضي الله عنه واتفق رأيهم جميعا على أن يبعثوا له بأربعة نفر أحدهم مهدي والآخر أيوب بن العباس والثالث محمد بن يانس والرابع لم يبلغنا اسمه وقد قيل: إن اسمه أبو محمد فارس. قال: وبلغنا أن النفر تساءلوا فيما بينهم ... . وقال لهم محمد بن يانس: أما أنا فقد أخذت تفسير القرآن كله من الثقات وعلمته عنهم إلا حرفا واحدا أو حرفين فإن اضطررت أجد مخرجا. (¬1) وقد ألح محمد بن يانس على رفقته أن يكون خادما لهم وكان يعلف خيلهم ويصنع طعامهم فإذا ناموا أقبل على الصلاة راكعا وساجدا حتى يطلع عليه الفجر وكان صائما نهاره قائما ليله، وصلى ليلة ركعتين قرأ في الأولى نصف القرآن وقرأ في الثانية النصف الآخر. ولما قدم على عبد الوهاب الرستمي قال له: أما أنا يا أمير المؤمنين فقد كفيتك فنون التفاسير إن شاء الله. وقال بلحاج شريفي: أما أبو المنيب محمد بن يانس المفسر الذي ناظر المعتزلة فلم يؤثر عنه أنه ترك أثرا مكتوبا في التفسير (¬2). 233 - محمد بن يوسف بن عمر بن شعيب السنوسي (¬3) أبو عبد الله التلمساني الحسني (¬4) ينتسب إلى الحسن بن علي من جهة أم أبيه. عالم تلمسان في عصره، وصالحها. كان عالما بالتفسير والحديث وعلم التوحيد وغير ذلك. ولد سنة ¬

(¬1) سير الأئمة ص: 102. (¬2) تفسير كتاب الله العزيز (الحاشية 1/ 85). (¬3) السنوسي: نسبة لقبيلة بالمغرب (نيل الابتهاج ص: 325). (¬4) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 665، نيل السائرين 250، معجم أعلام الجزائر 180، البستان ص: 237، مقدمة تفسير الثعالبي ص: (أ)، الأعلام 7/ 154، تعريف الخلف 1/ 176، بروكلمان 2/ 323، 2/ 352، طبقات الحضيكي 1/ 224، نيل الابتهاج 325، كشف الظنون 170، 1157 وغيرها، فهرس الفهارس 2/ 998، دليل مؤرخ المغرب 292، دوحة الناشر 89، درة الحجال 2/ 141، شجرة النور 1/ 266، إيضاح المكنون 2/ 109، 448، 651، هدية العارفين 2/ 216، معجم المؤلفين 3/ 786، لقط الفرائد (موسوعة أعلام المغرب 2/ 795).

اثنتين وثلاثين وثمانمائة. نشأ بتلمسان. أخذ عن والده ونصر الزواوي وأخيه لأمه علي التالوتي والجلاب والولي أبركان وأبي زيد الثعالبي والتازي والقلصادي. وعنه الملالي وأبو القاسم الزواوي وابن أبي مدين والمغيلي والشيخ زروق وابن ملوكة وغيرهم. أخباره كثيرة ذكر بعضها تلميذه الملالي في كتابه المواهب القدسية في المناقب السنوسية واختصره أحمد بابا. ومما قاله الملالي: لا يقرأ علم الظاهر إلا خرج منه لعلوم الآخرة سيما التفسير والحديث لكثرة مراقبته لله تعالى. وقال أيضا: ولما وصل في تفسيره سورة الإخلاص وعزم على قراءتها يوما والمعوذتين يوما سمع بها الوزير وأراد حضور الختم فبلغه ذلك فقرأ السور الثلاثة يوما واحدا خيفة حضوره عنده وطلبه السلطان أن يطلع إليه ويقرأ التفسير بحضرته على عادة المفسرين فامتنع فألحوا عليه فكتب إليه معتذرا بغلبة الحياء له ولا يقدر على التكلم هناك فأيسوا منه. (¬1) توفي يوم الأحد ثامن عشر جمادى الآخرة سنة خمس وتسعين وثمانمائة، وشم الناس المسك بنفس موته. له تصانيف كثيرة، منها: تفسير سورة ص: وما بعدها. مختصر حاشية التفتازاني على الكشاف تفسير سورة الفاتحة (¬2) وحتى قوله تعالى {أولئك هم المفلحون} (¬3) قال الملالي: لم يمكن له التفرغ له. وله أيضا: شرح صحيح البخاري: لم يكمله، شرح مقدمات الجبر والمقابلة، شرح جمل الخونجي، عقيدة أهل التوحيد ويسمى العقيدة الكبرى، أم البراهين ويسمى العقيدة الصغرى، شرح كلمتي الشهادة، مختصر في علم المنطق، مكمل إكمال الإكمال في شرح صحيح مسلم، شرح الآجرومية، مجربات في الطب، شرح لامية الجزائر في التوحيد، العقيدة الوسطى، والمقدمات في التوحيد، شرح صغرى الصغرى في التوحيد، نصرة الفقير في الرد على أبي الحسن الصغير، مختصر في القراءات. ¬

(¬1) انظر نيل الابتهاج 325، 326. (¬2) منه نسخة بالخزانة الحسنية ومنه نسخ بالفاتيكان وخزانة تطوان والخزانة العامة بالرباط والإسكوريال (الفهرس الشامل 1/ 508). (¬3) البقرة: 5.

234 - محمد بن يوسف بن عمران المزدغي أبو عبد الله الفاسي

234 - محمد بن يوسف بن عمران المزدغي (¬1) أبو عبد الله الفاسي (¬2) فقيه، أصولي، متكلم، مفسر، مشارك في العلوم العقلية والنقلية. ولد بفاس سنة ثلاث وعشرين وستمائة. أخذ عن ابن أبي دلف وابن زيدان وأبي ذر ابن أبي ركب وغيرهم. أخذ عنه ابناه أبو جعفر وأبو القاسم ومحمد بن عبد الرحمن العمراني والحافظ ابن عبد الملك صاحب الذيل والتكملة. له ترجمة طويلة. توفي بفاس في الرابع عشر من ربيع الأول سنة خمس وقيل ست وخمسين وستمائة، وصحبه طير من داره إلى قبره. (¬3) له: كتاب في التفسير مفيد انتهى فيه إلي سورة الفتح واخترم دونه. وله أيضا: أنوار الأفهام في شرح الأحكام، مقالة في الوباء، عقيدة. 235 - محمد بن يوسف بن عيسى بن صالح أطفيش (¬4) الحفصي العدوي الوهبي (¬5) الجزائري (¬6) علامة بالتفسير والفقه والأدب إباضي المذهب، مجتهد. ولد في بلدة بني يسجن من وادي ميزاب بالجزائر سنة ست وثلاثين ومائتين وألف. حفظ القرآن وهو ابن ثمان سنين وأخذ عن علماء بلده حتى نبغ واشتهر. ¬

(¬1) المزدغي: نسبة إلى مزدغة قبيلة من البربر (معجم المؤلفين 3/ 786) ومزدغ بكسر الميم مدينة صغيرة في سفح الأطلس على بعد ثمانية أميال غربي صفرو الواقعة على بعد نحو خمسة عشر ميلا من الجنوب من فاس (انظر وصف إفريقيا 1/ 363). (¬2) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 654، الذيل والتكملة للموصول والصلة 1/ 365، شجرة النور 1/ 199، سلوة الأنفاس 2/ 38، نيل الابتهاج 229، معجم المؤلفين 3/ 786. (¬3) انظر نيل الابنهاج 229. (¬4) وهو لفظ بربري مركب من ثلاث كلمات هي (أطف، أيا، أش) معناها أمسك تعال كل يقال لقب به أحد أسلاف المترجم لمناداته صديقا له يدعوه للطعام (الأعلام 8/ 32). (¬5) الوهبي: نسبة إلى عبد الوهاب بن رستم ثاني أئمة الإباضية الذي اجتمعوا عليه وقد تقدمت ترجمته. (¬6) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 658، التفسير والمفسرون 2/ 319، الأعلام 8/ 32، معجم أعلام الجزائر 21، نهضة الجزائر الحديثة 1/ 289، معجم المؤلفين 3/ 786، الأعلام الشرقية 2/ 150، بروكلمان 2/ 393، إتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر 1/ 303.

قال الدكتور الذهبي: نشأ بين قومه، وعرف عندهم بالزهد والورع. واشغل بالتدريس والتأليف وهو شاب لم يتجاوز السادسة عشرة من عمره، وانكب على القراءة والتأليف حتى قيل إنه لم ينم في ليلة أكثر من أربع ساعات. وله من المؤلفات في شتى العلوم ثروة عظيمة. (¬1) سافر إلى الديار المقدسة مرتين وكان يؤلف وهو في السفينة. (¬2) عرف بعدائه الشديد للاستعمار وحبه للعالم الإسلامي وغيرته عليه وكان له أثر بارز في قضية بلاده السياسية يدل على وطنية صحيحة. (¬3) عكف على التدريس والتصنيف والوعظ والإرشاد إلى أن توفي ببلده في الثالث والعشرين من ربيع الثاني سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة وله من العمر ست وتسعون سنة. له أكثر من ثلاثمائة مؤلف، منها: هميان الزاد إلى دار المعاد: في التفسير مطبوع في أربعة عشر جزءاً. قال في مقدمته: وبعد فهذا تفسير رجل يسجني إباضي وهبي ويعتمد فيه على الله سبحانه وتعالى ثم على مايظهر لفكره بعد إفراغ وسعه ولا يقلد فيه أحدا إلا إذا حكى قولا أو قراءة أو حديثا أو قصة أو أثرًا لسلف وأما نفس تفاسير الآي والرد على بعض المفسرين والجواب فمنه، إلا ماتراه منسوبًا، وكان ينظر بفكره في الآية أولاً ثم تارة يوافق نظر جار الله والقاضي وهو الغالب والحمد لله وتارة يخالفهما ويوافق وجهًا أحسن مما أثبتاه أو مثله ... ويتضمن إن شاء الله الكفاية، في الرد على المخالفين فيما زاغوا فيه وإيضاح مذهب الإباضية الوهبية واعتقادهم وذلك بحجج عقلية ونقلية. (¬4) تيسير التفسير: مطبوع في سبعة أجزاء. قال في مقدمته: أما بعد فإنه لما تقاصرت الهمم عن أن تهيم بهميان الزاد إلى دار المعاد الذي ألفته في صغر السن، وتكاسلوا عن تفسيري داعي العمل ليوم الأمل أنشطت همتي إلى تفسير يغتبط ولا يمل فإن شاء الله قبله بفضله وأتمه قبل الأجل، وأنا مقتصر على حرف نافع ولمصحف عثمان تابع، وأسأل ذا الجلال أن ينعم علي بالقبول والإجلال. (¬5) ¬

(¬1) التفسير والمفسرون 2/ 319. (¬2) معجم المفسرين 2/ 658. (¬3) انظر الأعلام 8/ 32. (¬4) هميان الزاد 1/ 5. (¬5) تيسير التفسير 1/ 7.

236 - محمد بن أبي يعقوب يوسف المساري أبو عبد الله الترغي

داعي العمل إلى يوم الأمل: تفسير لم يكمل من سورة الرحمن إلى سورة الناس قال إبراهيم أطفيش: لقد رأيت في هذا التفسير من التحقيق مالم أره في غيره. (¬1) وله أيضا: شرح النيل وشفاء العليل: عشرة أجزاء كبيرة في الفقه الإباضي وعليه قامت شهرته في العالم الإسلامي، الذهب الخالص: في الدين وآدابه، نظم المغني: أرجوزة في خمسة آلاف بيت، شامل الأصل والفرع: في علوم الشريعة، تخليص العاني من ربقة جهل المثاني: في البلاغة، وفاء الأمانة: في الحديث، جامع الشمل: حديث، السيرة الجامعة: في المعجزات، شرح الدعائم: في الفقه، شرح عقيدة التوحيد، إطالة الأجور في فضائل الشهور، شرح أسماء الله الحسنى، الغسول في أسماء الرسول، ترتيب اللقط: فقه، مختصر الوضع والحاشية: في الفقه وأصول الدين، حي على الفلاح، حاشية على الإيضاح لعامر الشماخي: فقه، بيان البيان: في علم البيان، ربيع البديع: في علم البديع، إيضاح الدليل إلى علم الخليل: عروض، شرح القلصادي، إيضاح المنطق، إزالة الاعتراض عن محقي آل إباض، رسالة في بعض تواريخ أهل وادي مزاب، رسالة الإمكان، الجنة في وصف الجنة، حاشية القناطر: في علوم الدين، الرسم: في قواعد الخط العربي. وله شعر في ديوان. 236 - محمد بن أبي يعقوب يوسف المساري أبو عبد الله الترغي (¬2) الإمام المقرئ الخطيب النحوي مفتي مراكش. ولد بفاس. أخذ عنه محمد بن يوسف التملي وأبو العباس بن القاضي. قال الحضيكي: عنه انتشرت في البلاد المغربية القراءات بسائر طرقها، كف بصره ورد إليه. (¬3) توفي بمراكش شهيدا بالطاعون سنة أربع عشرة وألف. له: جواب لتلميذه محمد بن أحمد البعقيلي عن مسائل قرآنية. (¬4) ¬

(¬1) انظر معجم المفسرين 2/ 658. (¬2) مصادر ترجمته: الأعلام 7/ 155، سلوة الأنفاس 3/ 284، نشر المثاني (موسوعة أعلام المغرب 3/ 1107) والترغي: بالمثناة فوق فراء فغين معجمة. (¬3) انظر الأعلام 7/ 155. (¬4) منه نسخة بالخزانة العامة بالرباط (انظر الفهرس الشامل 2/ 660).

237 - محمد الشنقيطي

237 - محمد الشنقيطي (¬1) مفسر مغربي. توفي سنة ثلاث وستين وتسعمائة له: اللباب في حل مشكلات الكتاب. 238 - محمد المكي الناصري (¬2) عالم مغربي، رئيس رابطة العلماء، وعضو مجلس الوصاية، وعضو الأكاديمية الملكية بالمغرب. ولد بمدينة الرباط سنة أربع وعشرين وثلاثمائة وألف. انتقل في مطلع الثلاثينات إلى مصر ليواصل دراسته بكلية الآداب التابعة لجامعة القاهرة شعبة الثقافة الإسلامية، ثم انتقل إلى باريس حيث درس علوم التربية، ثم إلى جامعة جنيف فدرس القانون الدولي العام. شارك في المؤتمر الإسلامي الذي انعقد في القدس، وألقى فيه خطابا مازال يعتبر أحد أهم وثائق الحركة الوطنية المغربية وخصوصًا من حيث نشأتها السلفية الإسلامية كما كان ممثلا لجمعية الطلبة المسلمين في شمال إفريقيا بالمغرب، وأسس حزب الوحدة المغربية الذي ظل رئيسه إلى أن قرر حله بعد أن أحرزت المغرب استقلالها، ونفاه الاستعمار الفرنسي إلى شمال البلاد الذي كانت تحتله إسبانيا. وكان عضوا مؤسسا وعاملا في لجنة تحرير المغرب العربي التي أنشأها محمد عبدالكريم الخطابي بالقاهرة، وشغل عدة مناصب إلى جانب الخطابة في أكبر مساجد المغرب، والنشاط العلمي في مختلف الهيئات العلمية المغربية، إلى أن انتخب أمينا عاما لرابطة علماء المغرب. (¬3) تمرس بالقرآن الكريم قراءة وتجويدا تلقيا وتلقينا دراسة وتدريسا وأخذ علم التفسير على شيوخ كبار من المغرب والمشرق وألقى دروسا ومحاضرات في تفسير بعض السور والآيات بمساجد الرباط ومساجد تطوان في ¬

(¬1) مصادر ترجمته: المغرب عبر التاريخ 2/ 460. (¬2) مصادر ترجمته: تتمة الأعلام ص: 145، مقدمة كتاب التيسير في أحاديث التفسير، جريدة المسلمون 485 في 9/ 12 / 1414 هـ، مذكراتي الشخصية. (¬3) تتمة الأعلام ص: 145.

239 - المختار بن أحمد بن أبي بكر أبو محمد الكنتي الشنقيطي

العشرينات والثلاثينات من هذا القرن ثم كرس قسما كبيرا من وقته في الأربعينات لتفسير القرآن بالمسجد الأعظم بطنجة والمسجد المحمدي والمسجد العتيق بالدار البيضاء وفي الستينات تلقى دعوة من إذاعة المغرب بإلقاء دروس يومية في التفسير فكان ذلك هو كتابه في التفسير المسمى التيسير في أحاديث التفسير على قراءة ورش عن نافع وقد أذيعت حلقاته أيضا بإذاعة القرآن الكريم بالمملكة العربية السعودية بصفة يومية خلال عام 1418 هـ توفي سنة أربع عشر وأربعمائة وألف. له: التيسير في أحاديث التفسير. (¬1) محاضرات منها: المنهج العلمي لتفسير القرآن. كيف يعيش الإنسان طبقا لتعاليم القرآن. دستور العمل في شريعة القرآن. رسالة القرآن رسالة خالدة. إعجاز القرآن على ضوء العلم الحديث. وله أيضا: الأجناس الإسلامية في المملكة المغربية. - محمد بن ... أبو الشكر المغربي (¬2) 239 - المختار بن أحمد بن أبي بكر أبو محمد الكنتي الشنقيطي (¬3) قال عنه البرتلي: القطب الرباني والغوث الصمداني الولي الصالح ذو البركات الشهيرات ... من ظهرت بركاته شرقا وغربا ومناقبه في الناس عربا وعجما ... الشيخ سيدي المختار القطب الرباني، والغوث الصمداني، الولي الصالح ذو البركات الشهيرات وشيخ الأشياخ السادات، من ظهرت بركاته شرقًا وغربًا. ومناقبه في الناس عجمًا وعربًا، ساقي المريد، وعمدة أهل التوحيد، شيخ المحققين، ومربي المساكين، أبو المواهب السنية، صاحب الأخلاق المرضية، ذو الكرامات الظاهرة، السيد الأسني، والذخيرة الحسنى، الشيخ سيدي المختار بن أحمد بن أبي بكر الكنتي ثم الوافي. كان وليًا عابدًا زاهدًا، يأتيه المريدون من كل فج ومكان ... وكان شاعرا مفلقا وشعره كثير جدا. (¬4) ¬

(¬1) الكتاب مطبوع في 4 مجلدات بدار الغرب الإسلامي ببيروت. (¬2) انظر المدخل لهذا الفصل. (¬3) مصادر ترجمته: فتح الشكور في معرفة أعيان علماء التكرور ص: 152، تذكرة المحسنين (موسوعة أعلام المغرب 7/ 2486)، الوسيط ص: 361. (¬4) فتح الشكور ص: 152.

240 - مكي بن أبي طالب حموش بن محمد بن مختار أبو محمد القيسي القيرواني

وقال أحمد الشنقيطي: كان من أفراد عصره علما وصلاحا ولم نر أحدا يطعن في ولايته، وما تقدم من أن ابن بون كان ينكر عليه يجاب عنه بأنه رجع عن ذلك كما تقد على أنه لا يوجد ولي إلا وله من ينكر عليه من العلماء ... ومن نظر في كتبه تبين له فضله سواء كانت في الحقائق أو غيرها. (¬1) أخذ عنه سيدي بن المختار بن الهيب وغيره، وأثنى عليه ابن الحاج إبراهيم وغير واحد. صنف في كراماته ولده محمد كتاب الطرائف التالدة كما تقدم في ترجمته. توفي عند زوال يوم الأربعاء خامس جمادى الأولى سنة ست وعشرين ومائتين وألف عن سن عالية تزيد على التسعين سنة. له تآليف كثيرة منها: تفسير البسملة: في نحو كراسة. تفسير الفاتحة (¬2): في جزء أتى فيه بالعجب العجاب، بحيث يمكث نحو السبعة أيام أو أكثر يكتب على آية واحدة. بلوغ الوضع على الآيات التسع: في جزء، تسع آيات سأله عنها بعض علماء السودان كالممتحن له، فأجابه عنها أحسن ما ينبغي. وله أيضا: نضار الذهب في كل فن منتخب، نزهة الراوي وبغية الحاوي، هداية الطلاب وهو مختصر في الفقه، وشرحه شرحًا سماه فتح الوهاب على شرح هداية الطلاب والشموس المحمدية في التوحيد، الجرعة الصافية والنفحة الكافية، الرسالة في علم التصوف، شرح المقصور والممدود لابن مالك، كشف اللبس فيما بين الروح والنفس، نصيحة المنصف المبصر المتعطف، الأجور المهمة لمن له بأمر الدين همة، زوال الإلباس في طرد الشيطان الخناس، جذوة الأنوار في الذب عن أولياء الله الأخيار، والممزوج: تأليف جمع فيه بين الحقيقة والشريعة، شرح قصيدته شغف الفؤاد، وغير ذلك. 240 - مكي بن أبي طالب حموش (¬3) بن محمد بن مختار أبو محمد القيسي القيرواني (¬4) ¬

(¬1) الوسيط ص: 361. (¬2) منه نسخة في الخزانة العامة بالرباط وأخرى بالصبيحية بعنوان كشف النقاب عن أسرار فاتحة الكتاب (انظر المعجم الشامل 2/ 818، معجم المفسرين2/ 805). (¬3) حموش: بفتح الحاء المهملة وتشديد الميم المضمومة وسكون الواو بعدها شين معجمة. وهي رطانة في اسم محمد كما أفاده حسن حسني عبد الوهاب. (¬4) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 2/ 331، 337 ترجمه في موضعين، طبقات المفسرين للأدنوي ص: 114، معجم المفسرين 2/ 684، المدرسة القرآنية 1/ 178، التفسير واتجاهاته بإفريقية ص: 167، نيل السائرين 101، إنباه الرواة 3/ 313، بغية الملتمس 455، جذوة المقتبس 329، الديباج المذهب 346، الصلة 2/ 597، ترتيب المدارك 4/ 737، بغية الوعاة 2/ 298، غاية النهاية 2/ 309، طبقات النحاة لابن قاضي شهبة 2/ 256، العبر 3/ 187، مرآة الجنان 3/ 57، معجم الأدباء 7/ 173، مفتاح السعادة 2/ 84، النجوم الزاهرة 5/ 41، نزهة الألباء 347، وفيات الأعيان 4/ 361، سير أعلام النبلاء 17/ 591، معرفة القراء الكبار 1/ 374، الأعلام 7/ 286، بروكلمان 1/ 718، إيضاح المكنون 1/ 85، 2/ 554، شجرة النور الزكية 1/ 107، هدية العارفين 2/ 470، وفيات ابن قنفذ 242، فهرسة ابن خير 1/ 44، 67، 51 وغيرها، معالم الإيمان 3/ 213، معجم المؤلفين 3/ 907، 908، شذرات الذهب 3/ 260، القراءات بإفريقية ص: 332، العمر 1/ 1 / 128 رقم 10.

العالم المقرئ النحوي المفسر. ولد بالقيروان عند طلوع شمس يوم الثالث والعشرين من شعبان سنة خمس وخمسين وثلاثمائة. وقيل أربع وثلاثين. حفظ القرآن ببلده وسافر مع والده إلى مصر، وعمره ثلاثة عشر عاما، وقرأ على مؤدبيها حتى أحسن فن القراءة وعلم الحساب. ثم رجع إلى بلده. أخذ بالقيروان عن أبي محمد بن أبي زيد، وأبي الحسن القابسي وحج ولقي بالمشرق جلة من الشيوخ وأخذ عنهم، منهم: أبو القاسم المالكي، وابن فارس، وإبراهيم المروزي، وأبو العباس وجماعة وسمع بمكة ومصر من أبي الطيب عبد المنعم بن غلبون، وقرأ عليه القرآن. وروى عنه جلة كابن عتاب، وحامد بن محمد، وأبو الأصبغ بن سهل، وأبو الوليد الباجي، وغيرهم. وقد تنقل بين مصر والقيروان عدة سفرات وحج أربع مرات متواليات سوى الفريضة، عاد بعدها إلى القيروان ومنها قصد الأندلس ونزل أول قدومه قرطبة في مسجد النخيلة في الزقاقين عند باب العطارين. ثم جلس للإقراء بمسجد قرطبة الجامع فانتفع به خلق، وتخرج على يديه جماعات، ورحل الناس إليه من كل صقع من أصقاع الأندلس، وقد عظم اسمه وظهر علمه في البلاد وجل فيها قدره، فنقله الحاجب المظفر عبد الملك بن أبي عامر إلى جامع المدينة "الزاهرة" التي أحدثها حذو قرطبة فأقرأ فيه حتى انصرمت دولة آل عامر، فنقله حينئذ الأمير محمد بن هشام المهدي إلى المسجد الجامع

بقرطبة فاستأنف فيه دروسه مدة الفتنة كلها إلى أن قلده أبو الحزم بن جهور الصلاة والخطبة. وبقي إماما وخطيبا به إلى أن أدركته الوفاة. وممن أخذ عنه أبو عبد الله بن عتاب، وأبو الوليد الباجي وغيرهما. كان من أهل التبحر الراسخين في علوم القرآن والعربية، حسن الفهم والخلق، جيد الدين والعقل كثير التآليف، مجوداً للقرآن وكان فقيهاً مقرئاً أديباً وله رواية، وغلب عليه علم القرآن، وكان من الراسخين فيه. (¬1) اشتهر بالصلاح وإجابة الدعوة. توفي بقرطبة يوم السبت ودفن بمقبرة الربض ضحى يوم الأحد الثاني من المحرم سنة سبع وثلاثين وأربعمائة. صنف تصانيف كثيرة في علوم القرآن قال ابن بشكوال: له ثمانون تأليفا. منها: إعراب القرآن أو مشكل إعراب القرآن: وسماه الإيجاز. (¬2) تفسير مشكل المعاني والتفسير. (¬3) الإبانة عن معاني القرآن وهو مطبوع (¬4). الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه. وهو مطبوع. (¬5) التفسير الكبير. (¬6) تفسير المشكل من غريب القرآن العظيم على الإيجاز والاختصار. (¬7) المأثور عن مالك في أحكام القرآن وتفسيره. (¬8) في عشرة أجزاء الهداية إلى بلوغ النهاية في معاني القرآن الكريم وتفسيره وأنواع علومه. وهو سبعون ¬

(¬1) انظر طبقات الداوودي 2/ 332، 337. (¬2) إعراب القرآن له أسماء منها: شكل إعراب القرآن، تفسير إعراب القرآن، إعراب مشكل القرآن. وله طبعتان محققتان (انظر العمر 1/ 1 / 144). (¬3) ذكره ابن خلكان باسم مشكل المعاني والتفسير وذكره ياقوت باسم مشكل معاني القرآن ويرى عبد الفتاح شلبي أنه هو نفسه مشكل إعراب القرآن (انظر العمر 1/ 1 / 143). (¬4) له طبعتان محققتان أيضا (المرجع السابق 1/ 1 / 140). (¬5) نشرته جامعة الإمام محمد بن سعود (المرجع السابق 1/ 1 / 139). (¬6) منه نسخة في دار الكتب الوطنية بمدريد بروكلمان ملحق 1/ 718 (انظر الفهرس الشامل 1/ 96) ويوجد مجلد من التفسير أوله سورة يوسف منسوب لمكي بالخزانة العامة بالرباط (انظر الفهرس الشامل 2/ 893). (¬7) منه نسخة بالظاهرية (انظر الفهرس الشامل 1/ 96) ويسمى: شرح مشكل غريب القرآن: وهو غير مشكل إعراب القرآن، ألفه بمكة سنة 389 هـ (انظر العمر 1/ 1 / 142). (¬8) ورد ذكره عند ياقوت وابن خلكان وعياض.

جزءا. (¬1) ما أكمله القاضي منذر ووهم فيه في "كتاب الأحكام ". (¬2) العمدة في غريب القرآن. مطبوع (¬3) شرح قوله تعالى: {إنا كل شيء خلقناه بقدر} (¬4) شرح قوله تعالى: {شهادة بينكم ...} (¬5) شرح قوله تعالى: {أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء} (¬6) شرح قوله تعالى: {يرونهم مثليهم} (¬7) شرح اختلاف العلماء في قوله تعالى: {وما يعلم تأويله إلا الله} (¬8) شرح قوله تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} (¬9) شرح قوله تعالى: {ولقد ذرأنا لجهنم} (¬10) شرح قوله تعالى: {فلما تراءى الجمعان} (¬11) شرح قوله تعالى: {من نسائكم اللاتي} (¬12) شرح الاختلاف في قوله تعالى: {ما جعل الله من بحيرة} (¬13) الاستيفاء في قوله عز وجل: {إلا ما شاء ربك} (¬14) المسترضى (¬15) في قوله تعالى: {ولسوف يعطيك ربك فترضى} (¬16) اختصار أحكام القرآن. الإيجاز في ناسخ القرآن ومنسوخه. الاختلاف في الذبيح من هو. بيان إعجاز القرآن. وله أيضا: كتاب الزاهي في اللمع الدالة على مستعملات الإعراب، والموجز في القراءات، والتبصرة في القراءات وهو من أشهر تآليفه، والهداية والرعاية فيها، التنبيه على أصول قراءة نافع وذكر الاختلاف عنه، الانتصاف في الرد على أبي بكر الأدفوي، الإبانة في معاني القراءات، التذكرة لأصول العربية ومعرفة العوامل، المدخل إلى علم الفرائض، انتخاب كتاب الجرجاني في نظم القرآن، شرح "كلا" و"بلى" و "نعم"، الاختلاف في عدد الأعشار، الرد على الأئمة فيما يقع في الصلاة من الخطأ واللحن في شهررمضان وغيره، بيان العمل في الحج من أول الإحرام إلى زيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -، فرض الحج على من ¬

(¬1) الخزانة الحسنية رقم 945، المجلد الأخير يبدأ من الآية 22من سورة الواقعة ومنه نسخ بكل من تونس دار الكتب الوطنية، الرباط الخزانة العامة، مدريد المكتبة الوطنية، واختصره الديريني وسماه الكفاية من كتاب الهداية ومنه نسخة في جامع القرويين. (¬2) يعني كتاب أحكام القرآن للقاضي مندر بن سعيد البلوطي. (¬3) حققه يوسف مرعشلي نشر مؤسسة الرسالة. (¬4) القمر: 49. (¬5) المائدة: 106 - 108. (¬6) هود: 87. (¬7) آل عمران: 13. (¬8) آل عمران: 7. (¬9) الذاريات: 65. (¬10) الأعراف: 179. (¬11) الشعراء: 61. (¬12) النساء: 23. (¬13) المائدة: 103. (¬14) هود: 107. (¬15) منه نسخة في دار الكتب المصرية، وأخرى في معهد المخطوطات بالقاهرة. (¬16) الضحى: 3.

241 - مم بن إحلون القلادي القاضي الشنقيطي

استطاع إليه سبيلا، التذكرة لاختلاف القراء السبعة، قسمة الأحزاب، بيان اختلاف العلماء في النفس والروح، شرح إيجاب الجزاء على قاتل الصيد في الحرم خطأ على مذهب مالك، منتخب "كتاب الأخوان لابن وكيع "، دعاء ختم القرآن، شرح حاجة وحوائج وأصلها، إصلاح ما أغفله ابن مسرة في قراءات شاذة، شرح العارية والعرية، وجوه كشف اللبس التي لبس بها أصحاب الأنطاكي في (إنكار) المد لورش، فرش الحروف المدغمة، شرح التمام والوقف، علل هجاء المصاحف، الرياض، المنتقى في الأخبار، الترغيب في النوافل، الترغيب في الصيام، منتقى الجوهر في الدعاء، الموعظة المنبهة، معاني السنين القحطية والأيام، إسلام الصحابة، المبالغة في الذكر، الهداية في الفقه، الإمالة، بيان الصغائر والكبائر، الهداية في الوقف على كلا وبلى ونعم، برنامج شيوخه ومروياته، تحميد القرآن وتهليله وتسبيحه، تمكين المد في آمن، وآتى، وآدم، وأوتي وشبهه، الوافي في الفرائض، وله عدة رسائل في اختلاف القراء ومسائل القراءات والرسم والوقف وغير ذلك. 241 - مم بن إِحَلَّوْنْ القلادي القاضي الشنقيطي (¬1) قال البرتلي: كان عالما فقيها متفننا في العلوم العقلية والنقلية ... له حظ وافر في العربية والفقه واللغة والتفسير والمنطق مشاركا في غيرها. له اعتناء تام بالمطالعة لا يمل ولا يضجر ... كان يبيت يطالع حتى يصبح ويظل نهاره يطالع. أخذ عنه أحمد بن هد، وابن أخيه أحمد بن أبي بكر بن إحلون، وعلي بن أنبار السوداني وغيرهم. كان حيا عام ثمانية ومائتين وألف. له: تعريف على تعليق المكودي. 242 - موسى بن عبد الرحمن بن حبيب (¬2) القطان، أبو الأسود القمودي (¬3) ¬

(¬1) مصادر ترجمته: فتح الشكور في معرفة أعيان علماء التكرور ص: 140. (¬2) وقيل جندب وهو وهم. نبه إلى ذلك الداوودي في طبقات المفسرين. (¬3) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 2/ 344، معجم المفسرين 2/ 692، المدرسة القرآنية في المغرب 1/ 157، العمر 1/ 1 / 110 رقم 5، طبقات علماء إفريقية وتونس 104، ترتيب المدارك 5/ 95، البيان المغرب 1/ 184، الديباج المذهب 2/ 335، معالم الإيمان 2/ 333، الأعلام 7/ 324، تراجم المؤلفين 4/ 94، شجرة النور الزكية1/ 84 فيه وفاته سنة 309 وهو خطأ، طبقات الفقهاء ص: 139، معجم المؤلفين 3/ 933، مقدمة كتاب المجالس والمسامرات.

243 - النعمان بن محمد بن منصور بن أحمد بن حيون التميمي أبو حنيفة القاضي المغربي

جده حبيب من موالي بني أمية وأصله من بربر قمودة. قاض مفسر حافظ للحديث من فقهاء المالكية ولد بالقيروان سنة اثنتين وثلاثين ومائتين. صحب محمد بن سحنون، وسمع منه ومن غيره. روى عنه جماعة منهم أبو العرب التميمي. أولاه الأمير إبراهيم بن أحمد بن الأغلب قضاء طرابلس الغرب أيام قضاء عيسى بن مسكين بالقيروان، فنفذ الأحكام، وأخذ حق الضعيف من القوي، فرفع أعيان البلدة شكايات ملفقة إلى الأمير الأغلبي فعزله وحبسه شهورا في موضع يعرف بالكنيسة قرب مدينة تونس، ثم أطلقه. وكان سبب إطلاق سراحه من السجن مسألة رجل اشترى حوتا فوجد في بطنه آخر فاختلف الفقهاء: هل هو للبائع أو للمشتري؟ فأفتى موسى: إن كان الشراء على الوزن فهو للمشتري وإن كان على الجزاف فهو للبائع. فلما بلغت فتواه الأمير أمر بإطلاقه. (¬1) توفي في ذي القعدة سنة ست وثلاثمائة. له: أحكام القرآن: في اثني عشرجزءا موضوعه استخراج الأحكام من الكتاب العزيز، وصفه معاصروه بالجودة والإتقان. 243 - النعمان بن محمد بن منصور بن أحمد بن حيون التميمي أبو حنيفة القاضي المغربي (¬2) من علماء الشيعة الباطنية في القرآن والفقه والأدب والتاريخ من أركان ¬

(¬1) العمر 1/ 1 / 111. (¬2) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 2/ 346، معجم المفسرين 2/ 703، تاريخ التراث 1/ 3 / 359، 363، لسان الميزان 6/ 167، الخطط 2/ 341، الولاة والقضاة 494، معجم المؤلفين 4/ 34، وفيات الأعيان 2/ 219، مرآة الجنان 2/ 379، شذرات الذهب 3/ 47، كشف الظنون 135، روضات الجنات 4/ 219، إيضاح المكنون 1/ 8، 48، 92 وغيرها، الأعلام 8/ 41، العبر 2/ 331، سير أعلام النبلاء 16/ 150، وفيات الأعيان 2/ 166، النجوم الزاهرة 4/ 106، اتعاظ الحنفا 1/ 215، بروكلمان 1/ 201، هدية العارفين 2/ 495، وانظر مقدمة كتابه الهمة في آداب اتباع الأئمة، مقدمة كتابه دعائم الإسلام، مقدمة كتابه ديوان المؤيد في الدين داعي الدعاة، مقدمة كتابه رسالة افتتاح الدعوة، مقدمة تحقيق أساس التأويل.

244 - هاشم بن محمد بن محمد بن محمد بن عبد الله بن طاهر المدغري

الدعوة للفاطميين والعبيديين بمصر. ولد بالقيروان ونشأ بها، وكان مالكيا ثم تحول إلى مذهب الباطنية، واتصل بالخلفاء العبيديين الفاطميين منذ قيام دولتهم وانتقل مع المعز إلى مصر، وولي بها القضاء مشاركة مع أبي الطاهر الذهلي الذي كان يلي القضاء قبل دخول الفاطميين ويعد النعمان فقيه الشيعة الإسماعيلية فهو الذي دون الفقه الشيعي الإسماعيلي في كتب كثيرة. وصفه الذهبي بالعلامة المارق وقال: كان مالكيا فارتد إلى مذهب الباطنية ... ونبذ الدين وراء ظهره ... ورد على أئمة الدين وانسلخ من الإسلام فسحقا له وبعدا. (¬1) في تصانيفه ما يدل على انحلاله. (¬2) وقال الداوودي: له تأويل القرآن فيه تحريف كبير. انتقل إلى غير رضوان الله بالقاهرة في رجب سنة ثلاث وستين وثلاثمائة. له: أساس التأويل. وهو تفسير شيعي باطني. وله أيضا: اختلاف أصول المذاهب، دعائم الإسلام، ذكر الحلال والحرام، تأويل دعائم الإسلام، المجالس والمسامرات، أخبار وأحداث، افتتاح الدعوة، الهمة في آداب اتباع الأئمة، الاقتصاد في فقه الشيعة، مختصر الآثار فيما روي عن الأئمة الأطهار، المناقب والمثالب، شرح الأخبار في فضائل النبي المختار وآله المصطفين الأخيار، المنتخبة: قصيدة في الفقه. وغير ذلك. 244 - هاشم بن محمد بن محمد بن محمد بن عبد الله بن طاهر المدغري (¬3) فقيه مالكي مفسر مشارك في بعض العلوم من أهل مدغرة بالمغرب. كان يقرئ تفسير ابن عطية بحضرة علماء سجلماسة. توفي نحو سنة خمس وستين ومائتين وألف. 245 - هود بن محكم الهوارى (¬4) فقيه إباضي. اشتغل بتفسير القرآن. من علماء النصف الثاني من القرن ¬

(¬1) السير 16/ 150. (¬2) انظر لسان الميزان 6/ 167. (¬3) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 807، معجم المحدثين والمفسرين 39. (¬4) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 713، تاريخ التراث 1/ 3 / 20، العمر 1/ 2 / 957 رقم 277، التراث الإباضي ص: 106، جواهر البداري ص: 219، السير وأخبار الأئمة ص: 359، طبقات الدرجيني 2/ 345، نظام العزابة 27، أخبار الأئمة الرستميين ص: 81، السير ص: 381، مقدمة تفسير هود بن محكم.

الثاني للهجرة والنصف الأول من القرن الثالث. وقطنت أسرته جبل أوراس. (¬1) كان أبوه قاضياً في عهد الإمام أفلح بن عبد الوهاب الرستمى (عاش من سنة 208 هـ - 258 هـ) كانت له منزلة في قومه فقد ذكر الشيخ ميمون بن حمودي أن هود بن محكم الهواري جاءه رجل من العزابة يستعين به على ما يفك كتابًا مرهونة عند رجل من النكار في خمسة دنانير، فدعا هود بن محكم رجلا فقال له: سر مع هذا الرجل إلى مواطن مزاتة فجاءهم فأخبرهم القصة. وتسارعوا فيما يصنعون له، ويجمعون له من أموال، فبسطوا بساطًا فطفق الرجال والنساء يرمون فيه الدنانير والدراهم وما أمكن كل واحد منهم. فجمع في ذلك مالاً كثيرًا. فلموا أطراف البساط فرفعوه، فأتوا به هود بن محكم فعمد الرجل صاحب الكتب إلى الخمسة دنانير فأخذها وترك الباقي. فقال لهود: أنت أولى به يا شيخ، فإن المؤونة عليك كبيرة ممن يقصدونك ويعترونك. (¬2) قال الشماخي: عالم متفنن خائض وهو صاحب التفسير المعروف وهو كتاب جليل في تفسير كلام الله لم يتعرض فيه للنحو والإعراب بل على طريقة المتقدمين. (¬3) له: تفسير القرآن. (¬4) نص الدكتور عمار الطالبي الأستاذ بجامعة الجزائر على أنه أول تفسير عرف في الجزائر. (¬5) ¬

(¬1) أخبار الأئمة ص: 49. (¬2) انظر مقدمة التفسير 1/ 16. (¬3) السير 381. وهو في الحقيقة اختصار تفسير يحيى بن سلام كما سيأتي في الفصل الثاني. (¬4) قال عادل نويهض: يقوم أحد كبار باحثيهم على مراجعته ونشره. ويقول الجعبيري: لم يتمه، وانتهى في تفسيره إلى الآية 238 من سورة البقرة. ثم يضيف: إن الكتاب بصدد التحقيق في وادي ميزاب وذكر البرادي أنه في سفرين كبيرين. والصواب أن الكتاب كامل وقد تم تحقيقه على يد بالحاج بن سعيد شريف وطبعته دار المغرب الإسلامي في أربع مجلدات كبار ط. الأولى 1990 م وأما الجزء الناقص فهو حاشية محمد ابن عمر بن أبي ستة المحشي وقد تقدمت ترجمته. (¬5) مقدمة تفسير الثعالبي ص: (أ)، وقد سبقه إلى الكتابة في التفسير عبد الرحمن بن رستم الإباضي مؤسس مدينة تاهرت أول ملوك الدولة الرستمية وانظر ترجمته فيما تقدم وكذا ابن عبد الوهاب كما في ترجمته أيضًا ولكن كتاب هود هو أقدم تفسير جزائري وصل إلينا كاملا كما أفاده بلحاج بن سعيد شريفي محققه.

246 - يحيى بن سلطان أبو زكريا اليغرفي

246 - يحيى بن سلطان أبو زكريا اليغرفي (¬1) من أهل أواخر القرن السابع الأستاذ المقرئ النحوي الإمام في النحو، الفقيه المتقن، كذا ذكره ابن رشيد في رحلته، وقال: أحد المحققين للعربية، مع مشاركة في تفسير، وأدب، ومنطق، وأصول. تخرج به نجباء تونس، وكان في إقرائه للعربية ذلق اللسان، حسن البيان، فإذا أقرأ غيرها من العلوم قصر عن تلك الرتبة وكان له بتونس جاه وصيت. 247 - يحيى بن أبي عبد الله محمد بن محمد بن عبد الله بن عيسى النائلي (¬2) أبو زكريا الشاوي الملياني الجزائري (¬3) مفسر، من فقهاء المالكية. ولد بمدينة مليانة سنة ثلاثين وألف ونشأ وتعلم بمدينة الجزائر. وحفظ القرآن وهو ابن ثمان سنين. أخذ عن محمد بن محمد البهلول وسعيد قدورة وأبي الحسن علي السجلماسي وعيسى الثعالبي، وروى عن سلطان المزاحي والشمس البابلي والنور الشبرملسي. وعنه علي النوري وعبد العزيز الفراتي والصفاقسيان وغيرهم. ومن تلاميذه محمد المحبي صاحب خلاصة الأثر. أقام مدة بمصر في عودته من الحج سنة أربع وسبعين وتصدر للإقراء بالأزهر. ثم رحل إلى سورية والروم (تركيا) فأكرمه شيخ الإسلام يحيى المنقاري والصدر الأعظم وحضر ¬

(¬1) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 2/ 370، معجم المفسرين 2/ 731، بغية الوعاة 2/ 335. (¬2) النائلي: نسبة إلى قبيلة أولاد نائل بالجزائر (فهرس الفهارس 2/ 1132). (¬3) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 736، معجم أعلام الجزائر 186، التحفة المرضية 75، الأعلام 8/ 169، معجم المؤلفين 4/ 114، خلاصة الأثر 4/ 486، هدية العارفين 2/ 533، إيضاح المكنون 2/ 224، 619، بروكلمان 2/ 701، فهرس الفهارس 2/ 1132، شجرة النور 1/ 316، تعريف الخلف 1/ 187، الفكر السامي 4/ 116، مقدمة تفسير الثعالبي ص: (ب)، نشر المثاني (موسوعة أعلام المغرب 4/ 1717) والشاوي: تسمية لا نسب.

248 - يحيى بن محمد بن محمد السراج النفزي الحميري أبو زكرياء الفاسي الأندلسي الرندي

مجلسا علميا بحضرة السلطان وعاد للقاهرة فتولى التدريس في الأشرفية وغيرها. قال عنه مخلوف: آية الله الباهرة في التفسير. (¬1) قال المحبي: قرأنا عليه في تركيا تفسير سورة الفاتحة من تفسير البيضاوي وأجازنا جميعا بإجازة نظمها لنا ... وكانت له قوة في البحث وسرعة الاستحضار للمسائل الغريبة، وبداهة الجواب لما يسأل عنه من غير تكلف. (¬2) ولي إمارة الحاج المغربي وحج بالركب مرتين. (¬3) مات في سفينة، راحلا للحج، في ربيع الأول سنة ست وتسعين وألف ونقل جثمانه إلى القاهرة ودفن بالقرافة الكبرى. له: المحاكمات بين أبي حيان والزمخشري: وهي حاشية على تفاسير ابن عطية والزمخشري وأبي حيان. (¬4) وله أيضا: حواش وشروح، منها: توكيد العقد فيما أخذ الله علينا من العهد: حاشية على شرح أم البراهين للسنوسي، رسالة في أصول النحو، شرح التسهيل لابن مالك، نظم لامية في إعراب الجلالة وشرحها، قرة العين في جمع البين من علم التوحيد، والنيل الرقيق في حلقوم أنساب الزنديق. 248 - يحيى بن محمد بن محمد السراج النفزي الحميري أبو زكرياء الفاسي الأندلسي الرُّندي (¬5) ¬

(¬1) الشجرة 1/ 316. (¬2) خلاصة الأثر 4/ 487. (¬3) نشر المثاني (الموسوعة 4/ 1717). (¬4) منه نسخة بالأزهرية ولاله لي وفيض الله أفندي (انظر الفهرس الشامل 2/ 730). (¬5) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 808، النبوغ المغربي 248، سلوة الأنفاس 2/ 57، مجلة البحث العلمي 7/ 249، جذوة الاقتباس 2/ 540، نشر المثاني وتذكرة المحسنين ولقط الفرائد (موسوعة أعلام المغرب 3/ 1098، 1100، 1101)، شجرة النور 1/ 294 آخر ترجمة عبد الواحد بن أحمد. وهناك آخر يسمى يحيى بن أحمد السراج نفزي رندي حميري أيضا وهو أكبر من صاحب الترجمة ويعرف بيحيى السراج الأكبر (انظر الجذوة 2/ 539، ونشر المثاني: الموسوعة 3/ 1099) النفزي: نسبة إلى قبيلة نفزة البربرية كما سبق ذكره في غير هذا الموضع أو إلى بلدة نفزة بالمغرب كما في نشر المثاني. والرُندي: نسبة إلى رُندة: بضم فسكون معقل حصين بالأندلس (انظر معجم البلدان 3/ 84) لعل أصوله منها.

249 - يحيى بن محمد بن موسى أبو زكريا التلمساني التجيبي

فقيه مالكي نحوي مفسر من أهل فاس ولد سنة إحدى وعشرين وتسعمائة. ولي الفتوى بها والإمامة والخطابة بمسجد القرويين وأقرأ التفسير ودرس المدونة بمدرسة العطارين. وأخذ عنه بمجلس تفسيره وغيره عبد الرحمن المكناسي وأبو القاسم بن سودة وابن القاضي وعبد الرحمن أعراب، وأخذ عنه أيضا عبد الرحمن بن محمد الفاسي وأبو محمد العربي والجلالي والزياتي وغيرهم. لما قرب أجله وضعف بدنه مات ولده فحصل في عقله بعض الخلل حتى كان يأتي الخطبة ولايجد مايقول. (¬1) توفي يوم الجمعة ثامن عشر جمادى الأولى عام سبع وألف. ورثاه المكناسي بأبيات مطلعها: لهفي على العلم قد تقضى ... لم يبق للناس منه رسما (¬2) 249 - يحيى بن محمد بن موسى أبو زكريا التلمساني التجيبي (¬3) مفسر واعظ من فقهاء المالكية من أهل تلمسان وبها نشأ وتعلم قال الذهبي: حج وجاور، وسمع بمكة من أبي الحسن بن البناء وسكن الإسكندرية ووعظ وصنف في التفسير والرقائق. توفي في تاسع شوال سنة اثنتين وخمسين وستمائة (¬4). 250 - يحيى بن محمد بن يحيى بن سلام (¬5) ولد بالقيروان سنة ثمان وتسعين ومائة. قرأ على والده وعلى غيره، واشتغل كأبيه وجده بالحديث والفقه عى مذهب العراقيين، أصحاب أبي حنيفة، وكان أمينا في علمه، ضابطا لكتبه كثير الحياء. قال تلميذه أبو العرب ¬

(¬1) نشر المثاني (الموسوعة 3/ 1100). (¬2) جذوة الاقتباس 2/ 540. (¬3) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للسيوطي 134، طبقات المفسرين للداوودي 2/ 376، طبقات المفسرين للأدنوي ص: 187، معجم المفسرين 2/ 735، معجم أعلام الجزائر 83، معجم المؤلفين 4/ 116 وفيه اسم جده يوسف. (¬4) وقع عند الأدنوي: وخمسمائة. (¬5) مصادر ترجمته: العمر 1/ 1 / 108 رقم 4، طبقات أبي العرب ص: 38، معالم الإيمان 2/ 195 وتحرف اسمه إلى محمد بن محمد بن يحيى بن سلام.

التميمي: كان صالحا، ثقة، صحبته سنين طويلة - نحوا من سبعين سنة ما رأيته غضب إلا مرة واحدة صاح على غلام له، وكان محسنا في علمه متواضعا فيه، قليل الادعاء والخوض فيما لا يعنيه. وعنه روى الناس - بعد أبيه - تفسير جده يحيى، وقد أقرأه في جامع عقبة بالقيروان فأخذه عنه القاصي والداني. وممن أخذ عنه أبو العرب وأبو الحسن علي بن الحسن البجائي. (¬1) توفي في سنة ثمانين ومائتين ودفن بالمقبرة البلوية حذو أبيه. له: كتاب التصاريف (¬2). واسمه تفسير القرآن مما اشتبهت أسماؤه وتصرفت معانيه. أبان فيه عن الكلمات الواردة بمعان مختلفة في القرآن الكريم كلفظ الزكاة والسكينة والصلاة، مع ذكر مواردها في الآيات، وهو ما يسمى بالأشباه والنظائر في علوم القرآن. قال حسن حسني: أظنه من أقدم ما صنف في تفسير القرآن من الناحية اللغوية. (¬3) قال ابن سلام: تفسير الخاسئ والخاسئين على وجهين: الوجه الأول: الخاسئين الصاغرين وذلك في قوله في البقرة (¬4) {كونوا قردة خاسئين} يعني صاغرين. وقال في سورة المؤمنون (¬5) {اخسئوا فيها} اصغروا فيها ولا تكلمون. والوجه الثاني: الخاسئ الفاتر المنقطع وذلك قوله في تبارك الذي بيده ¬

(¬1) انظر مقدمة التصاريف 86. (¬2) قال المعلقان على كتاب العمر: وقد تولت تحقيقه الباحثة هند شلبي ونشرتها الشركة التونسية للتوزيع سنة 1979 م. ونسبته ليحيى بن سلام (الجد) باستنتاجات غير واضحة ولا نظن البحث العلمي يسلم بها. أ. هـ والأمر كما قالا، بل لو كان ليحيى بن سلام لذكره من ترجم له وهم كثير، والسبب في عدم شهرة الكتاب عدم شهرة مؤلفه ولا شك أنه استفاد من تفسير جده حيث إنه راويته ولذا اتفق معه في مواضع كثيرة مما جعل الباحثة تذهب إلى ماذهبت إليه. (¬3) أقدم ما عرف من التآليف في هذا الفن كتاب (الأشباه والنظائر) لمقاتل بن سليمان المتوفي سنة 150 هـ طبع بتحقيق عبدالله شحاته. القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب 1395 هـ. (¬4) الآية: 65. (¬5) الآية: 108.

251 - أبو يحيى الكرسفي السوسي

الملك (¬1) {ينقلب إليك البصر خاسئا} يعني فاترا منقطعا (¬2) ... . 251 - أبو يحيى الكرسفي السوسي (¬3) مفسر من أهل القرن السابع تخرج من الأندلس توفي سنة ثلاث وثمانين وستمائة 252 - يوسف بن إبراهيم بن مياد السدراتي أبو يعقوب الورجلاني (¬4) مؤرخ مفسر أصولي من أكابر فقهاء الإباضية ولد بورجلان (¬5) سنة خمسمائة رحل في شبابه إلى الأندلس وسكن قرطبة طلبا للعلم. شبهه الأندلسيون بالجاحظ، وعاد إلى بلده، ومنها انتقل إلى المشرق وزار أشهر حواضره العلمية، ولقي أكابر العلماء والشيوخ، كما وصل في إحدى رحلاته العلمية إلى أواسط قارة إفريقية وإلى قريب من خط الاستواء، ثم استقر بورجلان منقطعا لخدمة العلم فقيل: إنه لم يخرج من داره مدة سبعة أعوام، لم يكن يرى فيها إلا ناسخا وللأقلام باريا وللدراسة فاعلا أو للحبر طابخا أو للدواوين مقابلا أو للكتب مفسرا. توفي بمسقط رأسه سنة سبعين وخمسمائة. له: تفسير القرآن الكريم في سبعين جزءا قال البرادي: رأيت منه في بلاد ريغ سفرا كبيرا لم أر ولا رأيت قط سفرا أضخم منه ولا أكبر منه حررت أنه يجاوز سبعمائة ورقة أو أقل أو أكثر فيه تفسير فاتحة الكتاب والبقرة وآل عمران ... . فلم أر ولا رأيت أبلغ منه ولا أشفى للصدر في لغة أو إعراب أو حكم مبين أو قراءة ظاهرة ولا شاذة أو ناسخ أو منسوخ أو جميع العلوم منه ... .الخ كلامه. وله أيضا: العدل والإنصاف في أصول الفقه، الدليل والبرهان في ¬

(¬1) الآية: 4. (¬2) التصاريف 316. (¬3) مصادر ترجمته: سوس العالمة ص: 34. (¬4) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 809، معجم أعلام الجزائر 741، سير الشماخي 443، دائرة المعارف 5/ 248، معجم المطبوعات 1914، تاريخ الجزائر العام 1/ 415، الأعلام 8/ 212، معجم المؤلفين 4/ 140، مقدمة تفسير الثعالبي ص: (ب). (¬5) ورجلان: بفتح أوله وسكون ثانيه وفتح الجيم آخره نون كورة بين إفريقية وبلاد الجريد ضاربة في البر (انظر معجم البلدان 5/ 427).

253 - يوسف بن عدون بن حمو أبو يعقوب

عقائد الإباضية، مرج البحرين في المنطق والهندسة والحساب، الجامع الصحيح (ترتيب مسند الربيع بن حبيب)، نظم. 253 - يوسف بن عدون بن حمو أبو يعقوب (¬1) من دعاة الإصلاح في وادي ميزاب بالجزائر وأظنه إباضيا. ولد سنة ثمان وخمسين ومائة وألف استخلفه الشيخ عبد العزيز الثميني في مسجد بني يسجن لما أسن وعجز. أقام بالقاهرة أربع سنين في رجوعه من الحج ولقي كبار علماء الأزهر. توفي بعد سنة ثلاث وعشرين ومائتين له: حاشية على تفسير البيضاوي. وله أيضا: شرح الدعائم، سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، أرجوزة في الشريعة وأسرارها: بضعة آلاف بيت. 254 - يوسف بن محمد المصعبي المليكي (¬2) ثم الجربي أبو يعقوب الإباضي (¬3) فقيه متكلم إباضي. قدم جربة مع والده صغيرا واستقر بها. أخذ العلم عن جماعة من علماء جربة مثل عمر الويراني وسعيد بن يحيى الجادوي. كان ضمن الوفد العلمي الجربي الذي شارك في اجتماع نالوت لبحث قضية فقهية. تولى الإفتاء بجربة ورأس مجلس الحكم فيها، وكانت له مجالس للتدريس في كثير من المساجد غير الجامع الكبير الذي هو محط رحله وكبير المدرسين به. فر إلى طرابلس بسبب شبهات حامت حوله في مقتل أحد المشبوه فيهم، ثم عاد إلى جربة سنة سبع وأربعين ومائة وألف، حيث تولى رآستها الدينية. توفي سنة ثمان وثمانين ومائة وألف بجربة، وقبره معروف في روضة الجامع الكبير. له: حاشية على تفسير الجلالين. (¬4) وله أيضا: حاشية على كتاب تبغورين بن ¬

(¬1) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 748، معجم أعلام الجزائر 206، الأعلام 8/ 241، نهضة الجزائر الحديثة 1/ 282. (¬2) المصعبي نسبة إلى جبل بني مصعب، والمليكي نسبة إلى مليكة إحدى قرى وادي بني ميزاب. (¬3) مصادر ترجمته: العمر 1/ 2 / 978 رقم 287، الإباضية في موكب التاريخ 3/ 199، 391، الحركة العلمية عند الإباضية بجربة / أعمال الملتقى حول تاريخ جربة ص: 30، نظام العزابة ص: 229، 273. (¬4) منها نسخة بجربة في المكتبة البارونية: مجلدان، ومنها نسخة مصورة في مكتبة الجعبيري (ملامح عن الحركة العلمية بجربة / أعمال الملتقى عن تاريخ جربة ص: 30).

255 - أبو عبد الله السعيلي

عيسى الملشوطي في أصول الدين، حاشية على كتاب الديانات لعامر الشماخي، رسالة وجهها إلى والي طرابلس في إثبات شهادة الإباضية والرد على من طعن في صحة شهادتهم من علماء طرابلس، رسالة أجاب بها الشيخ شعبان بن أحمد الغنوشي الجربي في مسائل مختلفة أهمها الكفارات التي تلزم المسلم عند التوبة، رسالة في تنجيس أبوال الحيوانات، حاشية على شرح مختصر العدل والإنصاف في أصول الفقه للمشاخي، وله مجموعة كبيرة من الأجوبة والفتاوى لو جمعت لكانت مجلدا ضخما. 255 - أبو عبد الله السعيلي (¬1) له: تفسير سورة يوسف. (¬2) 256 - ابن جزر (¬3) له: تفسير القرآن. (¬4) تراجم النساء 257 - رقية بنت الحاج أمين العايش اليعقوبية (¬5) عارفة بالتفسير من أهل شنقيط من أهل القرن الرابع عشر كانت تتواخى أسباب النزول وعلوم القرآن. 258 - صفية بنت المختار (¬6) عارفة بالتفسير والتجويد من أهل المغرب اشتغلت بالتدريس توفيت سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة وألف ¬

(¬1) لم أقف له على ترجمة ولعله من أهل المنطقة لتفرد خزانة ابن يوسف بكتابه كما سيأتي. (¬2) منه نسخة بخزانة ابن يوسف (انظر الفهرس الشامل 2/ 861). (¬3) لم أقف له على ترجمة ولعله من أهل المنطقة لتفرد الخزانة العامة بكتابه كما سيأتي. (¬4) منه نسخة بالخزانة العامة بالرباط (انظر الفهرس الشامل 2/ 847). (¬5) مصادر ترجمتها: معجم المفسرين 2/ 772، معجم المحدثين والمفسرين 20. (¬6) مصادر ترجمتها: معجم المفسرين 2/ 776، معجم المحدثين والمفسرين 20.

259 - هند شلبي

259 - هند شلبي معاصرة تونسية من المشتغلات بالتفسير وعلوم القرآن، تحصلت على درجة الدكتوراه في القرآن وعلومه من جامعة الزيتونة بتونس. قال علي الشابي رئيس قسم الكلام والتصوف بالزيتونة في تقديمه لكتاب التصاريف: إن كتاب التصاريف ليدل على إبداع تونسي مزدوج، فهو إبداع مبكر من ابن سلام ... وهو إبداع للمرأة التونسية يذكرنا بما كان لعدد من التونسيات في عهود مختلفة من شغف بالقرآن وانصراف إليه وعناية بكتابته واقتنائه وتحبيسه. وقال بلحاج شريفي في مقدمة تفسير هود بن محكم بعد أن وصف أعمالها بأنها ممتازة: فهي خير ماكتب حول الدراسات القرآنية في القرون الإسلامية الأولى بإفريقية ... فجزاها الله عنا وعن الإسلام وعن لغة القرآن وعلومه خير الجزاء. (¬1) لها: تحقيق كتاب التصاريف لابن سلام: وقد تقدم الكلام عليه في ترجمة يحيى بن محمد بن يحيى بن سلام. القراءات بإفريقية من الفتح إلى منتصف القرن الخامس الهجري. رسالة. القرآن وعلومه في تونس حتى منتصف القرن الخامس الهجري: رسالة دكتوراه. ولها عمل في تحقيق عدد من أجزاء تفسير يحيى بن سلام كما ذكرت في مقدمة التصاريف. 260 - وسيلة بلعيد معاصرة تونسية باحثة في التفسير وعلوم القرآن حاصلة على الدكتوراه في العلوم الإسلامية من جامعة تونس الكلية الزيتونية للشريعة وأصول الدين. لها: التفسير واتجاهاته بإفريقية من النشأة إلى القرن الثامن الهجري. ¬

(¬1) حاشية التفسير 1/ 26.

الفصل الثاني الوافدون إليها

الفصل الثاني الوافدون إليها

1 - إبراهيم بن أحمد الشيباني أبو اليسر الرياضي

1 - إبراهيم بن أحمد الشيباني أبو اليسر الرياضي (¬1) أديب من الكتاب العلماء أصله من بغداد ولد سنة ثلاث وعشرين ومائتين جال في البلاد من خراسان إلى الأندلس واستقر بالقيروان واستكتبه أمير إفريقية إبراهيم بن أحمد بن الأغلب ثم ابنه أبو العباس عبد الله ثم كان على بيت الحكمة في أيام زيادة الله بن عبد الله آخر ملوك الأغالبة. وهو الذي أدخل إفريقية رسائل المحدثين وأشعارهم وطرائف أخبارهم. (¬2) توفي بالقيروان يوم الأحد لأربع عشرة ليلة بقيت من جمادى الأولى سنة ثمان وتسعين ومائتين. له كتب منها: سراج الهدى في معاني القرآن وإعرابه وله أيضا: مسند في الحديث، لقط المرجان أكبر من عيون الأخبار، قطب الأدب، الوحيدة، المؤنسة، المرصعة والمدبجة في الأدب أيضا 2 - إبراهيم بن إسحق بن أبي زرد أبو إسحق الطليطلي (¬3) ¬

(¬1) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 1/ 8، مدرسة الحديث بالقيروان 2/ 735، شجرة النور 1/ 74، أعلام المغرب العربي 1/ 30، تراجم المؤلفين 2/ 405، التكملة 1/ 173، نفح الطيب 3/ 134، ورقات 1/ 244، هدية العارفين 5/ 4، الأعلام 1/ 28، معجم المؤلفين 1/ 10، بغية الوعاة 177، إيضاح المكنون1/ 70، 2/ 9، 234، 408، معجم المصنفين 3/ 65، منهج المقال 17، سفينة البحار 1/ 8 وجاء فيها اسم أبيه أحمد وفي مواضع أخرى جاء اسم أبيه محمد ولذا ترجمه بعضهم مرتين وانظر الأعلام 1/ 60، معجم المؤلفين 1/ 64، البيان المغرب 1/ 162. (¬2) تراجم المؤلفين 2/ 406. (¬3) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 1/ 7، معجم المفسرين 1/ 11، تاريخ العلماء بالأندلس 1/ 28، الصلة 1/ 87.

3 - إبراهيم بن حسين بن خالد بن مرتيل أبو إسحق القرطبي

كان فاضلا خيرا عابدا حافظا للتفسير من طليطلة رحل إلى المشرق وسمع به. وشهد جنازة السبئي العابد بالقيروان حدث وكتب عنه توفي يوم الاثنين ليومين مضيا من شهر رمضان سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة. 3 - إبراهيم بن حسين بن خالد بن مرتيل أبو إسحق القرطبي (¬1) كان خيرا فقيها عالما بالتفسير حافظا للفقه. من قرطبة، ولي أحكام الشرطة للأمير محمد بن عبد الرحمن بالأندلس. له رحلة إلى المشرق لقي فيها علي بن معبد، وعبد الملك بن هشام صاحب المشاهد، ومطرف بن عبد الله صاحب مالك بن أنس، ولقي سحنونا وروى عنه وكان فهما ذكيا بصيرا بطريق الحجة، كان يناظر يحيى بن مزين ويحيى بن يحيى وكان صلبا في حكمه عدلا، ناظر سحنونا في الشاة إذا بقر السبع بطنها أنها تذكى وتؤكل وإن لم ترج لها حياة، وحاجه في ذلك فظهر عليه، وأعجب ابن لبابة ذلك، وحكى أنه مذهب إسماعيل القاضي. اجتمع مرة في جنازة هو ويحيى فسئل يحيى عن النكاح بالأجرة فقال: لا يجوز فقال له إبراهيم: فقد جاء في القرآن عن نبيين كريمين موسى وشعيب إجازة ذلك فقال يحيى: قال الله تعالى: {لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا} (¬2) فقال إبراهيم: هذا إذا شرع لنا في القرآن شرع آخر وأما ما ذكر في القرآن ولم يشرع لنا خلافه فقد أمر نبينا - صلى الله عليه وسلم - أن يقتدي بهدي من ذكر من الأنبياء فكيف وقد جاء عن نبينا - صلى الله عليه وسلم - موافقة موسى وشعيب؟ فسكت يحيى ولزمته الحجة. وكان يذهب إلى النظر وترك التقليد. توفي في شهر رمضان سنة تسع وأربعين ومائتين. له: تفسير القرآن ¬

(¬1) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 1/ 8، معجم المفسرين 1/ 12، المدرسة القرآنية في المغرب 1/ 144، تاريخ العلماء بالأندلس 1/ 16، ترتيب المدارك 3/ 136، بغية الملتمس 201، جذوة المقتبس 145، الديباج المذهب 84، معجم المؤلفين 1/ 21، معجم المصنفين 3/ 110، هدية العارفين 1/ 3. (¬2) المائدة: 48.

4 - إبراهيم بن عبد القادر بن أحمد بن إبراهيم أبو إسحاق الطرابلسي الرياحي المالكي

4 - إبراهيم بن عبد القادر بن أحمد بن إبراهيم أبو إسحاق الطرابلسي الرياحي المالكي (¬1) عالم بالفقه والتفسير، متصوف من فقهاء المالكية. طرابلسي الأصل ولد في تستور سنة ثمانين ومائة وألف، ورحل إلى تونس فنشأ وتعلم بها، وكان رئيس المفتين بها وإمامها وخطيبها بالجامع الأعظم. وحج ودخل مصر، وأرسل في سفارة إلى الأستانة. توفي بتونس في رمضان سنة ست وستين ومائتين وألف. من كتبه: رسالة في تفسير (¬2) قوله تعالى: {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا} (¬3) وله أيضا: ديوان الخطب المنبرية، مبرد الصوارم والأسنة في الرد على من أخرج الشيخ التجاني من دائرة السنة، رد على الوهابية، مولد نبوي، النرجسة العنبرية في الصلاة على خير البرية، حاشية على شرح الفاكهي لقطر الندى في النحو، التحفة الإلهية في نظم الأجرومية، وله نظم في ديوان. (¬4) وقد جمعت أكثر رسائله في كتاب مطبوع باسم: تعطير النواحي بترجمة الشيخ سيدي إبراهيم الرياحي. - إبراهيم بن محمد الشيباني أبو اليسر الرياضي (¬5) 5 - إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن عليب أبو إسحق الطائي (¬6) مفسر مقرئ. قال الداوودي: كان عارفا بالقراءات وبالعربية صالحا عالما له دراية. (¬7) من أهل قيجاطة من الأندلس. رحل إلى المشرق فحج صغيرا وعاد إلى ¬

(¬1) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 755، شجرة النور 1/ 387، البواقيت الثمينة 1/ 89، فهرس الفهارس 1/ 328، معجم المطبوعات 1381، هدية العارفين 1/ 42، إيضاح المكنون 1/ 501، 506، 580، وغيرها، معجم المصنفين 3/ 197، الأعلام 1/ 48، معجم المؤلفين 1/ 37. (¬2) معجم المفسرين2/ 755. (¬3) النساء: 103. (¬4) انظر هدية العارفين 1/ 42، معجم المؤلفين 1/ 37، الأعلام1/ 48. (¬5) انظر إبراهيم بن أحمد. (¬6) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين 1/ 16، معجم المفسرين 1/ 19. (¬7) طبقات المفسرين 1/ 16.

6 - أحمد بن سعد بن محمد العسكري الأندرشي أبو العباس ضياء الدين الأندلسي الدمشقي

بلده. صحب الشيخ أبا إسحق بن الحاج ولازمه فظهرت بركته عليه، وسمع الحديث من جماعة من أهل الأندلس وعرف القراءات وأقرأ ببلده جماعة. كان جليلا في دينه وحاله، توفي عن نحو خمس وأربعين سنة في عشرين وستمائة. له: اختصار تفسير أبي محمد ابن عطية. وله أيضا: أربعون حديثا، كتاب في الأدعية. 6 - أحمد بن سعد بن محمد العسكري الأندرشي أبو العباس ضياء الدين الأندلسي الدمشقي (¬1) نحوي مقرئ مفسر. ولد في الأندلس في حدود السبعمائة. تعلم بمالقة وغيرها ثم رحل إلى المشرق فدخل مصر وأخذ عن أبي حيان وجماعة ثم حج واستوطن دمشق. قال الصفدي: شيخ العربية بدمشق في زمانه. توفي سنة خمسين وسبعمائة. له: تفسير كبير. قال الذهبي: شرع فيه. 7 - أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن سعيد بن حريث بن عاصم ابن مضاء أبو العباس اللخمي القرطبي (¬2) محدث ثقة، مقرئ، مفسر، عالم بالفقه وأصوله وبالطب والهندسه والحساب، عالم بالعربية. أصله القديم من جيان ثم من شذونة - من قرى شريش (¬3) - ومولده بقرطبة سنة ثلاث عشرة وخمسمائة. ولي القضاء بفاس وبجاية، ثم بمراكش وصرف عن القضاء فعاد إلى أشبيلية وأقام بها يسمع الحديث إلى أن مات سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة. من كتبه: تنزيه القرآن عما لا يليق من البيان وله أيضا: المشرق في إصلاح المنطق في النحو، الرد على النحاة. ¬

(¬1) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 1/ 41، معجم المفسرين 1/ 38، غاية النهاية 1/ 56، شذرات الذهب 6/ 166، بغية الوعاة 1/ 309، الدرر الكامنة 1/ 145، هدية العارفين 1/ 110. (¬2) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 758، معجم المحدثين والمفسرين 1/ 66، جذوة الاقتباس 71، بغية الملتمس 193، التكملة 1/ 79، الديباج 47، الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام 1/ 233، بغية الوعاة 1/ 323، الأعلام 1/ 146. (¬3) انظر هذه المناطق على خريطة رقم (9) ص: 128.

8 - أحمد بن عبد الصمد بن أبي عبيدة محمد بن أحمد بن عبد الرحمن ابن محمد بن عبد الحق الأنصاري الخزرجي أبو جعفر الساعدي

8 - أحمد بن عبد الصمد بن أبي عبيدة محمد بن أحمد بن عبد الرحمن ابن محمد بن عبد الحق الأنصاري الخزرجي أبو جعفر الساعدي (¬1) نسبة إلى سعد بن عبادة - رضي الله عنه - حافظ، محدث، عارف بالأدب، من فقهاء المالكية. ولد بقرطبة سنة تسع عشرة وخمسمائة، وسكن غرناطة مدة وبجاية أخرى، ثم استوطن مدينة فاس، وتصدر لإسماع الحديث والتكلم على معانيه بجامع القرويين، وكف بصره في آخر عمره، فكان خادمه يكتب عنه. توفي بفاس عقب ذي الحجة سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة. من كتبه: نفس الصباح: في تفسيرغريب القرآن ناسخ القرآن ومنسوخه. وله أيضا: آفاق الشموس وأعلاق النفوس، مقاطع الصلبان ومراتع رياض أهل الإيمان. (¬2) 9 - أحمد بن عبد الله بن أيوب بن سليمان بن أحمد بن عبد الله بن محمد الذهبي أبو بكر الأموي (¬3) من أهل قرطبة. مولده في جمادى الآخرة سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة. له رحلة إلى المشرق مع أبي زيد العطار وسمع بمكة على شيوخها وسمع بالقيروان من زياد بن يونس وابن مسرور وغيرهما. حدث عنه الصاحبان. (¬4) كان سكناه عند مسجد فخر وهو إمام مسجد السيدة. له: اختصار في تفسير القرآن للطبري وصفه صاحب الصلة بأنه حسن. 10 - أحمد بن عمر بن محمد أبو العباس الأنصاري المرسي (¬5) ¬

(¬1) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 759، المدرسة القرآنية 1/ 231، الوافي بالوفيات 7/ 66، التكملة 1/ 85، الديباج 50، شجرة النور1/ 156، جذوة الاقتباس 1/ 141، تعريف الخلف 2/ 61، الأعلام 1/ 146. (¬2) الجذوة 1/ 141. (¬3) مصادر ترجمته: المدرسة القرآنية في المغرب 1/ 157، الصلة 1/ 24. (¬4) الصاحبان هما أبو إسحق إبراهيم بن محمد بن شنظير وأبو جعفر أحمد بن محمد بن ميمون انظر الصلة 1/ 8، 12، 25. (¬5) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 761، نيل الابتهاج 64، الوافي 7/ 264، شجرة النور 187، نفح الطيب 2/ 389، الأعلام 1/ 186، النجوم الزاهرة 7/ 371.

11 - أحمد بن محمد القرشي الشريف الغرناطي أبو العباس المغربي

صوفي كبير، عارف بالتفسير من أهل الإسكندرية، وأصله من الأندلس. أخذ عن أبي الحسن الشاذلي ولازمه وصار شيخ الطريقة بعده. درس تفسير ابن عطية وغيره، ولأهل الإسكندرية فيه اعتقاد كبير إلى اليوم توفي سنة ست وثمانين وستمائة. له: المنتخب من تفسير القرآن العظيم (¬1) مختصر من تفسير الرازي. - أحمد بن قاسم بن عيسى الأقليشي (¬2) 11 - أحمد بن محمد القرشي الشريف الغرناطي أبو العباس المغربي (¬3) محدث مفسر من فقهاء المالكية. من علماء القرن السابع. من أهل غرناطة بالأندلس. انتقل إلى بجاية في المغرب الأوسط ومنها إلى المغرب الأقصى فجال فيه ولقي جماعة من العلماء، ثم دخل تونس وتصدر للتدريس فيها واستمر إلى أن مات. قال الغبريني: له تآليف منها على كتاب الله تعالى طالعت بعضها. (¬4) له: تفسير القرآن الكريم. (¬5) شرح آية الكرسي. (¬6) 12 - أحمد بن محمد بن أحمد بن رشد أبو القاسم (أبو العباس) القرطبي (¬7) قاض، من فقهاء المالكية ولد بقرطبة سنة سبع وثمانين وأربعمائة، وولي قضاءها ثم استعفي فأعفي، وهو والد الفيلسوف ابن رشد. روى عن أبيه القاضي أبي الوليد صاحب المقدمات ولازمه طويلا وأكثر عنه. وروى عنه ابنه وغيره. قال المكناسي: كان خيرا فاضلا دخل مدينة فاس وكان عاقلا محببا إلى الناس بارا بهم طالبا للسلامة منهم. (¬8) توفي ببلده في منتصف رمضان سنة ثلاث وستين وخمسمائة. ¬

(¬1) منه نسخة في الأسكوريال (الفهرس الشامل 1/ 344). (¬2) انظر أحمد بن معد بن عيسى. (¬3) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 1/ 66، عنوان الدراية 347، شجرة النور 1/ 199 واسمه فيه أحمد بن عبد الله، نيل الابتهاج 64، معجم المؤلفين 1/ 289. (¬4) عنوان الدراية 347. (¬5) الشجرة 1/ 199. (¬6) منه نسخة بمكتبة الشعب بإلمالي تركيا انظر الفهرس الشامل 2/ 891. (¬7) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 762، بغية الملتمس 156، تاريخ قضاة الأندلس 103 ترجمة حمد بن حمدين، شجرة النور 1/ 146، جذوة الاقتباس 1/ 139. (¬8) الجذوة 1/ 139.

13 - أحمد بن محمد بن حنبل أبو عبد الله الشيباني الوائلي

له: تفسير. قال مخلوف: في أسفار. (¬1) 13 - أحمد بن محمد بن حنبل أبو عبد الله الشيباني الوائلي (¬2) إمام المذهب الحنبلي، وأحد الأئمة الأربعة أصله من مرو، وولد ببغداد سنة أربع وستين ومائة. نشأ منكبا على طلب العلم، وسافر في سبيله أسفارا كبيرة إلى الكوفه والبصرة ومكة والمدينة واليمن والشام والثغور والمغرب والجزائر وفارس وخراسان والجبال والأطراف وغيرها. وكان أسمر اللون، حسن الوجه، طويل القامة، يلبس الأبيض ويخضب رأسه ولحيته بالحناء. وفي أيامه دعا المأمون إلى القول بخلق القرآن ومات قبل أن يناظر ابن حنبل، وتولى المعتصم فسجن ابن حنبل ثمانية وعشرين شهرا لامتناعه عن القول بخلق القرآن، ثم أطلق، ولم يصبه شر في زمن الواثق بالله - بعد المعتصم - ولما توفي الواثق وولي أخوه المتوكل ابن المعتصم أكرم الإمام ابن حنبل وقدمه، ومكث مده لا يولي أحدا إلا بشورته، وتوفي الإمام وهو على تقديمه عند المتوكل. قال الشافعي: أحمد إمام في ثمان خصال: إمام في الحديث، إمام في الفقه، إمام في اللغة، إمام في القرآن، إمام في الفقر، إمام في الزهد، إمام في الورع، إمام في السنة. (¬3) ¬

(¬1) الشجرة 1/ 146. (¬2) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 1/ 70، معجم المفسرين 1/ 57، نيل السائرين ص: 50، طبقات ابن سعد 7/ 354، التاريخ الكبير 2/ 5، التاريخ الصغير 2/ 375، تاريخ الفسوي 1/ 212، الجرح والتعديل 1/ 292، 2/ 68، حلية الأولياء 9/ 161، الفهرست 285، تاريخ بغداد 4/ 412، طبقات الحنابلة 1/ 4، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 110، وفيات الأعيان 1/ 63، تذكرة الحفاظ 2/ 431، العبر 1/ 435، تهذيب التهذيب 1/ 22، الوافي بالوفيات 6/ 363، مرآة الجنان 2/ 132، طبقات الشافعية للسبكي 2/ 27، 37، البداية والنهاية 10/ 325، غاية النهاية 1/ 112، النجوم الزاهرة 2/ 304، طبقات الحفاظ 186، خلاصة تهذيب الكمال 11، الرسالة المستطرفة 18، شذرات الذهب 2/ 96، المجددون في الإسلام 138، الأعلام 1/ 203، معجم المؤلفين 1/ 261، مقدمة كتابه الزهد، مناقب الإمام أحمد. (¬3) انظر طبقات الحنابلة 1/ 5.

وقال أبو اليمن العليمي: استنار ذكره في الأمصار استنارة الشمس في النهار فهو صيرفي في الحديث ينتقد الطيب من الخبيث، قيس في الزهد والعلم بالحسن البصري، وفي الرقائق والدقائق بذي النون المصري، وفي تفسير القرآن ومعانيه بابن العباس، وفي التشدد على أهل البدع بعمر بن الخطاب الشديد البأس، قام بإحياء الدين ونصره دون جميع أهل عصره، وذب عن حريم الملة بسيف الكتاب والسنة. (¬1) وقال المروزي: سمعت أبا عبد الله يقول لرجل: اقعد اقرأ. فجئته أنا بمصحف فقعد فقرأ عليه فكان يمر بالآية فيقف أبو عبد الله فيقول: ماتفسيرها؟ فيقول: لا أدري. فيفسرها لنا فربما خنقته العبرة فيردها. (¬2) ومماصنف في سيرته مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي، وابن حنبل حياته وعصره لمحمد أبي زهرة. توفي سنة إحدى واربعين ومائتين. له: التفسير. وهو بالمأثور على طريقة المتقدمين عبارة عن مائة وعشرين ألف رواية وقد ذكره ابن الجوزي (¬3) وابن المنادي في تاريخه كما نقله القاضي أبو الحسين (¬4) وابن النديم (¬5) وشيخ الإسلام ابن تيمية (¬6) وأبو اليمن العليمي (¬7) والداوودي (¬8) وغيرهم. كما تحصل الروداني المغربي على إجازة روايته فذكره في ثبته ثم ساق إسناده إليه (¬9). وقد أنكر وجود هذا التفسير الإمام الذهبي ظنا منه أنه لم يذكره إلا ابن المنادي والمثبت كما هو معلوم مقدم على النافي. (¬10) ومما نقله ابن القيم عن الإمام أحمد في تفسيره لبعض آيات من القرآن مابلغ حوالي تسع ¬

(¬1) المنهج الأحمد 1/ 52. (¬2) انظر بدائع الفوائد 3/ 108. (¬3) مناقب الإمام أحمد ص: 248. (¬4) طبقات الحنابلة ص: 1/ 183، وانظر تاريخ بغداد 9/ 375، سير أعلام النبلاء 11/ 328. (¬5) الفهرست ص: 285. (¬6) درء تعارض العقل والنقل 4/ 228، مقدمة في أصول التفسير ص: 37، الفتاوى 6/ 389، 13/ 355. (¬7) المنهج الأحمد 2/ 22. (¬8) طبقات المفسرين 1/ 296. (¬9) صلة الخلف ص: 39. (¬10) انظر سير أعلام النبلاء 11/ 328، مقدمة مرويات الإمام أحمد في التفسير 1/ 12 - 15.

صفحات منها قوله: {عوان بين ذلك} (¬1): لا كبيرة ولاصغيرة {لاشية فيها} (¬2): لا سواد فيها. (¬3) وأما تفسير الإمام أحمد المسند فهو غير موجود ولكن نقل عنه الحافظ ابن حجر رواية مصرحا بأنها من تفسيره (¬4)، وروى عنه جماعة من المفسرين بإسنادهم إليه روايات لا توجد في مسنده مثل ابن أبي حاتم في تفسيره (¬5) وابن مردوية في تفسيره (¬6)، والواحدي في أسباب النزول (¬7) وابن الجوزي في نواسخ القرآن (¬8)، وفي التبصرة. (¬9) قال الإمام أحمد في تفسيره: عن محمد بن جعفر غندر عن شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله عز وجل {صواع الملك} (¬10) قال: كان كهيئة المكوك من فضة يشربون فيه، وقد كان للعباس بن عبد المطلب مثل ذلك في الجاهلية. (¬11) وله أيضا: المقدم والمؤخر في القرآن. جوابات القرآن. الناسخ والمنسوخ. الرد على الزنادقة والجهمية فيما شكت فيه من متشابه القرآن. رسالة في القرآن. (¬12) وله أيضا: المسند، كتب في التاريخ، فضائل الصحابة، المناسك، الزهد، الأشربة، المسائل، العلل والرجال، وغير ذلك. ¬

(¬1) البقرة: 68. (¬2) البقرة: 71. (¬3) بدائع الفوائد 3/ 108. (¬4) تغليق التعليق 4/ 228. (¬5) انظر على سبيل المثال سورتي الأنفال والتوبة ص: 1316، سورة البقرة الجزء الأول رقم 227. (¬6) انظر تفسير ابن كثير 2/ 325. (¬7) انظر كمثال ص: 98، 200، 269. (¬8) انظر كمثال ص: 33، 46، 50، 63. (¬9) انظر كمثال 1/ 24، 33، 54، 76، 80. (¬10) يوسف: 72. (¬11) انظر تغليق التعليق 4/ 228. وقال ابن حجر: إسناده صحيح، وانظر أمثلة من روايات الإمام أحمد التفسيرية التي لاشك في احتواء تفسيره عليها فيما رواه ابنه عبد الله عنه في السنة 2/ 142، ومارواه من طريقه أبو نعيم في الحلية 3/ 299، ومارواه أبو داود في مسائل الإمام أحمد ص: 97 وغير ذلك. وانظر مرويات الإمام أحمد في التفسير. (¬12) منه نسخة في كلية الدراسات الشرقية والإفريقية انظر الفهرس الشامل 1/ 27.

14 - أحمد بن محمد بن عبد الله بن أبي عيسى لب بن يحيى بن محمد بن قزلمان أبو عمر المعافري الأندلسي المالكي الحافظ الطلمنكي

14 - أحمد بن محمد بن عبد الله بن أبي عيسى لب بن يحيى بن محمد بن قزلمان أبو عمر المعافري الأندلسي المالكي الحافظ الطلمنكي (¬1) أول من أدخل علم القراءات إلى الأندلس، كان عالما بالتفسير والحديث. أصله من طلمنكة (¬2). ومولده سنة أربعين وثلاثمائة. نزل قرطبة فسمع بها من أبي جعفر بن عون الله وأكثر عنه وعن أبي عبد الله بن مفرج القاضي وعن أبي محمد الباجي وأبي القاسم خلف بن محمد الخولاني وأبي الحسن الأنطاكي وأبي بكر الزبيدي وعباس بن أصبغ وغيرهم من علماء قرطبة وسائر بلاد الأندلس. سكن قرطبة وأقرأ الناس بها محتسبا وأسمعهم الحديث والتزم الإمامة بمسجد متعة منها، ثم خرج إلى الثغر فتجول فيه وانتفع الناس بعلمه، فسكن المرية، ثم مرسية، ثم سرقسطة. رحل إلى المشرق فحج ولقي بمكة أبا الطاهر محمد بن محمد بن جبريل العجيفي وأبا حفص عمر بن محمد بن عراك وأبا الحسن بن جهضم وغيرهم ولقي بالمدينة أبا الحسن يحيى بن الحسين المطلبي ولقي بمصر أبا بكر محمد بن علي الأدفوي وأبا الطيب بن غلبون المقرىء وعنه أخذ القراءة وأبا بكر بن إسماعيل وأبا القاسم الجوهري وأبا العلاء بن ماهان وغيرهم ولقي بدمياط أبابكر محمد بن يحيى بن عمار فسمع منه بعض كتب ابن المنذر ودخل إفريقية ولقي بالقيروان أبا محمد بن أبي زيد الفقيه وأبا جعفر بن دحمون، وانصرف إلى الأندلس بعلم كثير. روى عنه ابن عبد البر، وابن حزم وطائفة. قال الداوودي: كان حبرا في علوم القرآن، قراءاته وإعرابه، وناسخه ومنسوخه، وأحكامه ومعانيه، ذا عناية تامة بالحديث ونقله وروايته وضبطه، ¬

(¬1) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للسيوطي رقم 8، طبقات المفسرين للداوودي 1/ 77، طبقات المفسرين للأدنوي ص: 107، معجم المفسرين 1/ 62، نيل السائرين 91، الصلة 1/ 48، شذرات الذهب 3/ 243، طبقات الحفاظ 423، غاية النهاية 1/ 120، معرفة القراء الكبار 1/ 309، النجوم الزاهرة 5/ 28، ترتيب المدارك 4/ 749، العبر 3/ 168، تذكرة الحفاظ 1098، الوافي 8/ 32، بغية الملتمس 348، الديباج 39، الأعلام 1/ 212، سير أعلام النبلاء 17/ 566، بروكلمان 1/ 729، معجم المؤلفين 1/ 276. (¬2) طلمنكة: بفتح الطاء واللام والميم وسكون النون وفتح الكاف وهاء ساكنة من ثغر الأندلس الشرقي، كما في طبقات الداوودي.

15 - أحمد بن مسعود بن محمد القرطبي أبو العباس الخزرجي

والآثار ومعرفة الرجال، حافظا للسنن، جامعا لها إماما فيها، مظهرا للكرامات، عارفا بأصول الديانات، عالي الإسناد شديدا في ذات الله وكان سيفا مجردا قامعا لأهل الأهواء والبدع، غيورا على الشريعة. وله تواليف جليلة كثيرة النفع على مذاهب أهل السنة ظهر فيها علمه واستبان فيها فهمه. (¬1) وقال أبو القاسم بن بشكوال: أخبرنا أبو القاسم بن بقي الحجاري قال: خرج علينا أبو القاسم الطلمنكي يوما ونحن نقرأ عليه فقال: اقرأوا وأكثروا فإني لاأتجاوز هذا العام فقلنا له: ولم؟ قال: رأيت البارحة في منامي منشدا ينشدني يقول اغتنموا البر بشيخ ثوى ... ترحمه السوقة والغيد قد ختم العمر بعيد مضى ... ليس له من بعده عيد قال: فتوفي في ذلك العام. (¬2) رجع إلى بلده طلمنكة، فبقي بها إلى أن مات في ذي الحجة سنة تسع وعشرين وأربعمائة. له: كتاب في تفسير القرآن: نحو مائة جزء. (¬3) البيان في إعراب القرآن. وله أيضا: الوصول إلى معرفة الأصول، فضائل مالك، الروضة في علم القراءات، رجال الموطأ، الرد على ابن مسرة، رسالة في أصول الديانات إلى أهل أشبونة، وغير ذلك. 15 - أحمد بن مسعود بن محمد القرطبي أبو العباس الخزرجي (¬4) من علماء المالكية في وقته. قال المقري: كان إماما في التفسير والفقه والحساب والفرائض والنحو واللغة والعروض والطب وله تآليف حسان وشعر رائق. رحل من الأندلس إلى المشرق. توفي سنة إحدى وستمائة. له: القوانين في أصول الدين، الاختيار في علم الأخبار، تقريب الطالب، شعر. ¬

(¬1) طبقات الداوودي 1/ 77. (¬2) الصلة 1/ 50. (¬3) منه نسخة بالفاتيكان بورجيان. انظر بروكلمان الملحق 1/ 729، الفهرس الشامل 1/ 93. (¬4) مصادر ترجمته: نفح الطيب 2/ 614، هدية العارفين1/ 79، معجم الأطباء 125، البداية والنهاية 13/ 42، الأعلام 1/ 257، معجم المؤلفين 1/ 307، كشف الظنون 33، 464، 1451.

16 - أحمد بن معد بن عيسى بن وكيل التجيبي الوافي المالكي شهاب الدين أبو العباس ابن الأقليشي

16 - أحمد بن معد بن عيسى بن وكيل التجيبي الوافي المالكي شهاب الدين أبو العباس ابن الأقليشي (¬1) عالم بالحديث. أصله من أقليش بالأندلس. ولد ونشأ في دانيا. أخذ العربية والأدب عن أبي محمد البطليوسي وسمع الحديث من أبيه وابن العربي وأبي الوليد بن الدباغ وغيرهم. رحل إلى المشرق، فجاور بمكة سنين. عاد يريد المغرب، فتوفي بقوص من صعيد مصر سنة خمسين وخمسمائة وقد نيف على الستين. وقيل: مات بمكة في رابع رمضان سنة تسع وأربعين. من كتبه: تفسير العلوم والمعاني المستودعة في السبع المثاني لسورة الفاتحة. (¬2) قال فيه: وقد حرك خاطري رب الأرباب، أن فسر منه فاتحة الكتاب، لأنها سورة يربى فضلها على الحصر والحساب، وتوجب لعارفها أطمح الثواب وأنجح المتاب، وتحله زلفى وحسن مآب، وحسبك ماورد في فضلها في الذكر الحكيم، وعلى لسان النبي الكريم ... فذكر أسماءها وبدأ في شرح معاني هذه الأسماء وذكر الأحاديث والآثار الواردة في تسميتها وفضلها مع عزو كل رواية لمخرجها ثم تكلم عن البسملة وهل هي أية منها أم لا، وعن الجهر بها وحكم قراءة الفاتحة في الصلاة. ثم تكلم عن البسملة وفضلها وهل الاسم غير المسمى؟ ويقول عن لفظ الجلالة: ولكون هذا الاسم مخصوصا بهذه الخصائص العظيمة والمراتب الكريمة قيل: هو اسم الله الأعظم، ولكونه الاسم الأعظم عند كثير من أرباب القلوب، كانوا يلهجون بهذا الاسم لايزيدون عليه، فكان هجيراهم: الله، الله، امتثالا لقوله تعالى {قل الله} وقد ذكرت مذاهبهم ¬

(¬1) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 1/ 80، الأعلام 1/ 259، معجم المؤلفين 1/ 310، نفح الطيب 1/ 635، إنباه الرواة 1/ 136، بغية الوعاة 171، الديباج 74، مرآة الجنان 3/ 296، بروكلمان 1/ 370، ملحق 1/ 633، كشف الظنون 171، 186، 218 وغيرها، إيضاح المكنون 1/ 451، 452، التكملة 60، هدية العارفين 85، أخبار وتراجم أندلسية 24. وقد جاء باسم أحمد بن قاسم بن عيسى في معجم المفسرين 1/ 55 وحصل فيه أوهام وخلط وفي غاية النهاية 1/ 997، وجذوة المقتبس 133، بغية الملتمس 189، والأعلام 1/ 188، ومعجم المؤلفين 1/ 230 ويبدو أنهما اثنان وقع الخلط بينهما في بعض المعلومات والله أعلم. (¬2) منه نسخة في الأزهرية انظر الفهرس الشامل 1/ 203.

17 - أحمد بن يزيد بن عبد الرحمن بن أحمد بن بقي بن مخلد أبو القاسم الأموي القرطبي

ومقاصدهم في هذا الغرض في كتاب الحقائق الواضحات في شرح الباقيات الصالحات فتأمله تجد فيه آيات بينات. ثم شرع في تفسيره بقية ألفاظ الفاتحة. (¬1) الحقائق الواضحات في شرح الباقيات الصالحات. (¬2) قال في مقدمته: أسميته الحقائق الواضحات في شرح الباقيات الصالحات التي ذكرها الله تعالى مجملة ومفصلة، ووصف نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - جملا من فضلها. شفاء الظمآن في فضل القرآن. وله أيضا: النجم من كلام سيد العرب والعجم، الغرر من كلام سيد البشر، ضياء الأولياء، الكوكب الدري، الدر المنظوم فيما يزيل الفحوم والهموم، أنوار الآثار في فضل النبي المختار، وغير ذلك، وله شعر. 17 - أحمد بن يزيد بن عبد الرحمن بن أحمد بن بقي بن مخلد أبو القاسم الأموي القرطبي (¬3) قاضي القضاة بالمغرب كانت له إمامة في اللغة وعلم العربية. من أهل قرطبة. ولد بها سنة سبع وثلاثين وخمسمائة. ولي قضاء الجماعة بمراكش مضافا ذلك إلى خطتي المظالم والكتابة العليا، ثم ولي قضاء بلدة قرطبة. له تواشيح عرف بها. توفي ببلده سنة خمس وعشرين وستمائة. له: كتاب في الآيات المتشابهات. قيل: إنه أحسن ماكتب في بابه، وكان لا يفارقه في سفر ولا في حضر. 18 - أحمد بن يوسف بن أصبغ بن خضر الأنصاري أبو عمر الطليطلي (¬4) من أهل طليطلة سمع من أبيه يوسف بن أصبغ وعبد الرحمن بن محمد بن ¬

(¬1) تفسير العلوم والمعاني، ميكروفيلم رقم 1374 يقع في 105 ورقة بخط جميل مشكول بمكتبة الجامعة الإسلامية مصور من الأزهرية. (¬2) منه نسخة في خزانة الرباط، وأخرى في دار الكتب المصرية باسم إيضاح المعاني الزاهرات والإفصاح بحقائق العبارات في شرح الكلمات الباقيات الصالحات. مصورة عن نسخة فريدة انظر الفهرس الشامل 1/ 203. (¬3) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 1/ 83، التكملة 1/ 115، قضاة الأندلس 117، بغية الوعاة 1/ 399، هدية العارفين 1/ 91، الأعلام 1/ 257، معجم المؤلفين 1/ 325. (¬4) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للسيوطي 6، طبقات المفسرين للداوودي 1/ 98، طبقات المفسرين للأدنوي 147، معجم المفسرين 1/ 83، الصلة 1/ 71.

19 - إسماعيل بن خلف بن سعيد بن عمران الأنصاري أبو الطاهر السرقسطي المصري

عباس وكان يبصر الحديث بصرا جيدا والفرائض والتفسير وشوور في الأحكام كانت له رحلة إلى المشرق حج فيها وكان ثقة رضا وولي القضاء بطليطلة ثم صرف عنه. قال الداوودي: كان ماهرا في الحديث والتفسير والفرائض. (¬1) وقال الأدنوي: كان مفسرا للقرآن الكريم. (¬2) توفي بقرطبة سنة ثمانين وأربع مائة. قال ابن بشكوال: ووجد على قبره بمقبرة أم سلمة أنه توفي في شعبان سنة تسع وسبعين وأربعمائة. (¬3) 19 - إسماعيل بن خلف بن سعيد بن عمران الأنصاري أبو الطاهر السرقسطي المصري (¬4) عالم بالقراءات، نحوي، أديب. من أهل سرقسطة (¬5) بالأندلس. رحل إلى المشرق وأقرأ الناس بجامع عمرو بن العاص بالقاهرة. قال ابن خلكان: كان إماما في علوم الآداب ومتقنا لفن القراءات. (¬6) توفي بسرقسطة في يوم الأحد مستهل المحرم سنة خمس وخمسين وأربعمائة، وقيل ثلاث وخمسين. (¬7) له: إعراب القرآن. في تسع مجلدات. (¬8) وله أيضا: العنوان في قراءات السبعة القراء، الاكتفاء في القراءات، العيون، مختصر كتاب الحجة لأبي علي الفارسي. ¬

(¬1) الطبقات 1/ 98. (¬2) الطبقات ص: 147. (¬3) الصلة 1/ 71. (¬4) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 1/ 89، وفيات الأعيان 1/ 233، نزهة الألباء 418، غاية النهاية 1/ 164، الصلة 105، بغية الوعاة 1/ 448، حسن المحاضرة 1/ 283، روضات الجنات 113، معجم الأدباء 6/ 165 وهو فيه إسماعيل بن خلف الصقلي وإنه كان بعد سنة 510 هـ، الوافي 9/ 116، هدية العارفين 1/ 210، الأعلام 1/ 313، معجم المؤلفين1/ 363، يتيمة الدهر 4/ 289، بروكلمان 1/ 407، ملحق 1/ 720. (¬5) بفتح السين المهملة والراء وضم القاف وسكون السين الثانية وبعدها طاء مهملة: مدينة بشرق الأندلس من أحسن البلاد. انظر وفيات الأعيان 1/ 233. (¬6) المرجع السابق. (¬7) الصلة 105. (¬8) مخطوط والنصف الثاني منه في مكتبة الأسكندرية (انظر معجم المفسرين 1/ 89).

20 - إسماعيل بن علي بن الحسين بن محمد بن الحسن بن زنجويه الرازي أبو سعد السمان

20 - إسماعيل بن علي بن الحسين بن محمد بن الحسن بن زنجويه الرازي أبو سعد السمان (¬1) الحافظ الكبير المتقن. من أهل الري ولد بها سنة نيف وسبعين وثلاثمائة. كان إماما في القراءات والحديث والرجال والفرائض والشروط، عالما بالفقه الحنفي وبالخلاف بين الشافعية والحنفية وفقه الزيدية معتزليا. قال ابن بابويه: ثقة وأي ثقة حافظ مفسر وأثنى عليه. (¬2) رحل في طلب العلم فسمع بالعراق والحجاز والشام والمغرب وأصبهان، وقيل بلغت شيوخه ثلاثة آلاف وستمائة (¬3). كان يقال في مدحه: ماشاهد مثل نفسه. (¬4) قال الصفدي: كان زاهدا، ولم يكن لأحد عليه منة، ولم يضع يده في قصعة أحد طول عمره، ووقف كتبه التي لم يوجد مثلها على المسلمين. (¬5) وقال العليمي: كان تاريخ الزمان وشيخ الإسلام، فقال الذهبي: بل شيخ الاعتزال، ومثل هذا عبرة، فإنه مع براعته في علوم الدين ماتخلص ذلك من البدعة. (¬6) توفي بالري وقت العتمة من ليلة الأربعاء الرابع والعشرين من شعبان سنة خمس وأربعين وأربعمائة وقيل غير ذلك، ودفن بجبل طبرك (¬7) بقرب الفقيه محمد بن الحسن الشيباني. صنف كتبا كثيرة منها: البستان في تفسير القرآن. في عشر مجلدات. ¬

(¬1) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 1/ 109، معجم المفسرين 1/ 91، العبر 3/ 209، تاريخ دمشق 2/ 864، والوافي 9/ 156، تذكرة الحفاظ 3/ 1121، سير أعلام النبلاء 18/ 55، الأنساب 7/ 130، البداية والنهاية 12/ 65، الرسالة المستطرفة 59، أعيان الشيعة 12/ 35، الجواهر المضية 1/ 424، لسان الميزان 1/ 421، ميزان الاعتدال 1/ 239، الشذرات 3/ 273، النجوم الزاهرة 5/ 51، الوافي 9/ 156، هدية العارفين 1/ 210، الأعلام 1/ 316، إيضاح المكنون 1/ 181. (¬2) نظر لسان الميزان 1/ 433. (¬3) انظر تاريخ دمشق 2/ 864، وعقب عليه الذهبي بقوله: قلت: هذا العدد لشيوخه لا أعتقد وجوده ولايمكن. (تذكرة الحفاظ 3/ 1122). (¬4) الجواهر المضية 1/ 425. (¬5) الوافي 9/ 156. (¬6) طبقات الداوودي 1/ 109، وانظر السير 18/ 58. (¬7) طبرك قلعة على رأس جبيل بقرب مدينة الري على يمين القاصد إلى خراسان (معجم البلدان 3/ 507).

21 - بقي بن مخلد بن يزيد الأندلسي أبو عبد الرحمن القرطبي

وله أيضا: سفينة النجاة في الإمامة، وغير ذلك. 21 - بقي بن مخلد بن يزيد الأندلسي أبو عبد الرحمن القرطبي (¬1) الحافظ أحد الأعلام وصاحب التفسير والمسند ولد بالأندلس في شهر رمضان سنة إحدى ومائتين رحل إلى المشرق فلقي جماعة من أئمة المحدثين وكبار المسندين منهم، إبراهيم بن محمد الشافعي صاحب ابن عيينة وسمع بالحجاز أبا المصعب الزهرى، وإبراهيم بن بن المنذر الحزامي وبمصر يحيى بن عبد الله بن بكير صاحب مالك، وأحمد بن السرح أبا الطاهر، والحارث بن مسكين، وسلمة بن شبيب، وبدمشق هشام بن عمار، وبكار بن عبد الله ومحمد بن مصطفى ومحمد بن عبيد بن حسان صاحب حماد بن يزيد ومحمد بن المثنى أبو موسى الزمن ومحمد بن بشار بندار ومحمد بن عبد الله بن نمير وبالكوفة يحيى بن عبد الحميد الحماني وأبا بكر بن أبي شيبة وببغداد أحمد بن محمد بن حنبل وزهير بن عباد وأحمد بن إبراهيم الدروقي وهارون بن عبدالله الحمال وزهير بن حرب أبو هيثمة وأبو ثور صاحب الشافعي ومحمد بن أبي عمر العدني صاحب ابن عيينة وخلائق وسمع بإفريقية من سحنون بن سعيد وعون بن يوسف وغيرهم جماعة رجع إلى الأندلس فملأها علما جما. روى عنه ابنه أحمد وأيوب بن سليمان ¬

(¬1) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للسيوطي 25، طبقات المفسرين للداوودي 1/ 116، طبقات المفسرين للأدنوي ص: 36، نيل السائرين ص: 55، معجم المفسرين 1/ 106، المدرسة القرآنية في المغرب 1/ 151، إرشاد الأريب 3/ 386، تاريخ العلماء بالأندلس 283، الصلة 1/ 118، البداية والنهاية 11/ 56، تاريخ دمشق 3/ 405، تذكرة الحفاظ 2/ 629، العبر 2/ 65، النجوم الزاهرة 3/ 75، سير أعلام النبلاء 13/ 285، معجم الأدباء 7/ 75، مرآة الجنان 2/ 190، نفح الطيب 2/ 518، طبقات الحنابلة 1/ 79، معجم المؤلفين 1/ 433، شذرات الذهب 2/ 169، كشف الظنون 444، 1679، بروكلمان 1/ 164، 1/ 271، الأعلام 2/ 60، بغية الملتمس1/ 301، جذوة المقتبس رقم 332، فهرسة ابن خير 1/ 300، الإكمال 1/ 344، بروكلمان 1/ 164، ملحق 1/ 271، بقي بن مخلد القرطبي ومقدمة مسنده ص: 33، مقدمة ماروي في الحوض والكوثر. وبقي: بفتح الباء وكسر القاف.

المري وأسلم بن عبدالعزيز وهشام بن الوليد الغافقي ومحمد بن القاسم بن محمد ومحمد بن عمر ابن لبابة ومحمد بن وزير وآخرون وكان آخر أصحابه المحدثين عبدالله بن يونس والحسن بن سعد بن إدريس بن رزين الكتامي وعلي بن عبد القادر بن أبي شيبة الأندلسي وعبد الله بن يونس المرادي وكان مختصا به مكثرا عنه وعنه انتشرت كتبه الكبار ولعله آخر من حدث عنه من أصحابه. أنكر عليه أصحابه الأندلسيون، عبد الله بن مخلد ومحمد بن الحارث، وأبو زيد ما أدخله من كتب الاختلاف وغرائب الحديث وأغروا به السلطان وأخافوه به ثم إن الله بمنه وفضله أظهره عليهم وعصمه منهم فنشر حديثه وقرأ للناس روايته فمن يومئذ انتشر الحديث بالأندلس ثم تلاه ابن وضاح فصارت الأندلس دار حديث وإسناد وإنما كان الغالب عليها قبل ذلك حفظ رأي مالك وأصحابه. وكان بقي إماما قليل المثل بحرا في العلم مجتهدا لا يقلد أحدا بل يفتي بالأثر وهو الذي نشر الحديث بالأندلس وكثره، وكان صواما ورعا، فاضلاً زاهداً، كثير النذر مجاب الدعوة وقد ظهرت له إجابات في غير ما شيء. كان متواضعا ضيق العيش كان يمضي عليه الأيام في وقت طلبه ليس له عيش إلا ورق الكرنب الذي يرمى. وكان صواما قواما صادقا كثير التهجد لا يقلد أحدا بل يفتي بالأثر وهو الذي نشر الحديث بالأندلس. (¬1) كان يختم القرآن كل ليلة في ثلاث عشرة ركعة، وكان يصلي بالنهار مائة ركعة ويصوم الدهر وكان كثير الجهاد فاضلا يذكر أنه رابط اثنتين وسبعين غزوة. (¬2) وكان ورعا ذا دعوة مستجابة؛ جاءته امرأة فقالت: إن ابني قد أسره الروم ولاأقدر على مال أكثر من دويرة ولا أقدر على بيعها فلو أشرت إلى من يفديه بشيء فإنه ليس لي ليل ولا نهار ولانوم ولاقرار فقال: نعم انصرفي حتى أنظر في أمره إن شاء الله فأطرق وحرك شفتيه فلبث مدة وجاءت المرأة ومعها ابنها فأخذت تدعو له وتقول قد رجع سالما وله حديث يحدثك به فقال الشاب كنت في يدي بعض ملوك الروم مع جماعة من الأسارى وكان له إنسان يستخدمنا كل يوم يخرجنا إلى الصحراء للخدمة ثم يردنا وعلينا ¬

(¬1) طبقات الأدنوي ص: 36. (¬2) انظر نفح الطيب 3/ 375.

قيودنا فبينما نحن نجيء من العمل مع صاحبنا الذي كان يحفظنا فانفتح القيد من رجلي ووقع على الأرض ووصف اليوم والساعة فوافق الوقت الذي جاءت المرأة ودعا الشيخ فنهض إلي الذي كان يحفظني وصاح علي وقال: كسرت القيد؟ فقلت لا إلا أنه سقط من رجلي فتحير وأحضر صاحبه وأحضر الحداد وقيدوني فلما مشيت خطوات سقط القيد من رجلي وتحيروا في أمري فدعوا رهبانهم فقالوا لي: ألك والدة؟ قال: قلت: نعم قالوا: وافق دعاؤها الإجابة وقالوا: أطلقك الله فلايمكننا تقييدك فزودوني وأصحبوني إلى ناحية المسلمين. (¬1) قال ابن حزم: وكان متخيرا لا يقلد أحدا وكان ذا خاصة من أحمد بن حنبل وجاريا في مضمار أبي عبد الله البخاري وأبي الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري وأبي عبد الرحمن النسائي رحمة الله عليهم. (¬2) توفي بالأندلس ليلة الثلاثاء لليلتين بقيتا من جمادى الآخرة سنة ست وسبعين ومائتين، وصلى عليه ختنه محمد بن يزيد بين الظهر والعصر ودفن بمقبرة ابن العباس. له: تفسير القرآن. قال الداوودي: ولبقي بن مخلد تفسير القرآن، ومسند النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس لأحد مثله. وقال الذهبي: اللذين لانظير لهما. (¬3) وقال الحميدي: قال لنا أبو محمد علي بن أحمد: فمن مصنفات أبي عبد الرحمن كتابه في تفسير القرآن فهو الكتاب الذي أقطع قطعا لا استثناء فيه أنه لم يؤلف في الإسلام مثله ولا تفسير محمد بن جرير الطبري ولا غيره ومنها في الحديث مصنفه الكبير ... ومنها مصنفه في فتاوى الصحابة والتابعين ومن دونهم ... إلى أن قال: فصارت تواليف هذا الإمام الفاضل قواعد للإسلام لا نظير لها. (¬4) واختصر تفسيره هذا عبد الله بن محمد بن حسن بن عبد الله بن عبد الملك المتوفى سنة ثماني عشرة وثلاثمائة. قال ابن عبد البر: ... {الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في ¬

(¬1) الصلة 1/ 120. (¬2) الجذوة 332. (¬3) السير 13/ 285. (¬4) بغية الملتمس وجذوة المقتبس 1/ 301، 302.

22 - الحسن بن القاسم بن عبد الله بن علي المرادي المراكشي المصري أبو محمد بدر الدين ابن أم قاسم

منامها} (¬1) فروي عن ابن عباس وسعيد بن جبير أنهما قالا: تقبض أرواح الأموات إذا ماتوا، وأرواح الأحياء إذا ناموا، تتعارف ماشاء الله أن تتعارف؛ فيمسك التي قضى عليها الموت التي قد ماتت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى. ذكره بقي بن مخلد عن يحيى بن عبد الحميد الحماني عن يعقوب القمي عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير. وذكره أيضا عن يحيى بن رجاء عن موسى بن أعين عن مطرف عن جعفر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ومعنى حديثهما واحد. (¬2) وله أيضا: المسند، المصنف، ماروي في الحوض والكوثر. 22 - الحسن بن القاسم بن عبد الله بن علي المرادي المراكشي المصري أبو محمد بدر الدين ابن أم قاسم (¬3) وأم قاسم جدته واسمها زهراء وكانت أول ماجاءت من الغرب عرفت بالشيخة فكانت شهرته تابعة لشهرتها. نحوي مفسر أصولي مقرئ أديب من فقهاء المالكية. أصله من مدينة آسفي في المغرب الأقصى. مولده بمصر وشهرته وإقامته بالمغرب. أخذ العربية عن أبي عبد الله الطنجي والسراج الدمنهوري وأبي زكرياء الغماري وأبي حيان، والفقه عن الشرف المقيلي المالكي والأصول عن الشيخ شمس الدين بن اللبان، وأتقن العربية والقراءات على المجد إسماعيل الششتري وصنف وتفنن وأجاد. وكان تقيا صالحا. توفي ودفن بسرياقوس بمصر يوم عيد الفطر سنة تسع وأربعين وسبعمائة. له: تفسير القرآن. عشر مجلدات إعراب القرآن شرح الاستعاذة والبسملة، قال السيوطي: كراس ملكته بخطه. (¬4) وله أيضا: شرح التسهيل، شرح المفصل، ¬

(¬1) الزمر: 42. (¬2) التمهيد 5/ 241. (¬3) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 1/ 39، معجم المفسرين 1/ 144، الأعلام 2/ 211، معجم المؤلفين 1/ 578، كشف الظنون 152، 406، 607، وغيرها، بروكلمان 2/ 22، 2/ 16، غاية النهاية 1/ 227، الدرر الكامنة 2/ 32، حسن المحاضرة 1/ 309، شذرات الذهب 6/ 160، بغية الوعاة 226، هدية العارفين 1/ 286، روضات الجنات 225. (¬4) بغية الوعاة 1/ 517.

23 - سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب بن وارث أبو الوليد الباجي التجيبي القرطبي الذهبي المالكي

شرح الألفية، الجني الداني في حروف المعاني، شرح الشاطبية في القراءات. - الحسين بن أبي بكر (¬1) - أبو الحسين الكندي (¬2) 23 - سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب بن وارث أبو الوليد الباجي التجيبي القرطبي الذهبي المالكي (¬3) الإمام الحافظ العلامة الفقيه الأصولي المتكلم المفسر الأديب الشاعر، صاحب التصانيف النافعة من أهل قرطبة ولد بمدينة بطليوس في يوم الثلاثاء النصف من ذي القعدة سنة ثلاث وأربعمائة. انتقل جده إلى باجة المدينة التي بقرب إشبيلية فنسب إليها وليس هو من باجة القيروان التي ينسب إليها الحافظ أبو محمد. (¬4) سكن شرق الأندلس. قال عنه الذهبي: الشيخ الإمام العلامة شيخ القرآن ذو الفنون (¬5). وهو من الراحلين من الأندلس إلى المشرق فمكث بالقيروان أربعة أشهر ودخل مصر ¬

(¬1) انظر: عماد الكندي. (¬2) انظر: عماد الكندي. (¬3) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للسيوطي 93، طبقات المفسرين للداوودي 1/ 208، طبقات المفسرين للأدنوي ص: 131، معجم المفسرين 1/ 215، المدرسة القرآنية 1/ 179، نيل السائرين 101، البداية والنهاية 12/ 122، بغية الملتمس 289، الديباج المذهب 120، الرسالة المستطرفة 207، مرآة الجنان 3/ 108، معجم الأدباء 4/ 152، نفح الطيب 2/ 67، وفيات الأعيان 2/ 142، تاريخ دمشق 7/ 562، تهذيب تاريخ دمشق 6/ 248، تاريخ قضاة الأندلس 95، إرشاد الأريب 4/ 512، الصلة 1/ 197، تذكرة الحفاظ 3/ 1178، ترتيب المدارك 4/ 208، شذرات الذهب 3/ 443، فوات الوفيات 1/ 653، اللباب 1/ 28، الأنساب 1/ 246، سير أعلام النبلاء 18/ 535، المغرب في حلي المغرب 404، الوافي الوفيات 2/ 64، النجوم الزاهرة 5/ 114، الإكمال 1/ 468، روضات الجنات 322، كشف الظنون 19، 20، 419 وغيرها، إيضاح المكنون 1، 48، 71، 74وغيرها، هدية العارفين 1/ 397، بروكلمان 1/ 419، 1/ 743، 744. (¬4) وأما الحافظ ابن عساكر، فذكر أن أبا الوليد قد كان أتى من باجة قيروان تاجراً يختلف إلى الأندلس، قال الداوودي: وهذا أقوى مما ابتدأنا به وصار الباجيان نسبتهما إلى مكان واحد. (¬5) السير 18/ 535.

في شوالها فمكث بها سنة وحج. (¬1) أخذ عن يونس بن عبد الله القاضي، ومكي بن أبي طالب، ومحمد بن إسماعيل، وأبي بكر بن الحسين بن عبد الوارث وغيرهم. ارتحل للمشرق سنة ست وعشرين وأربعمائة أو نحوها فحج وجاور ثلاثة أعوام ملازما لأبي ذر الهروي الحافظ، حج فيها أربع حجج وحمل عنه علماً كثيراً، وكان يسافر معه ويخدمه، ثم رحل إلى بغداد فأقام فيها ثلاثة أعوام يدرس الفقه ويكتب الحديث ولقي فيها جلة من الفقهاء ودخل دمشق فسمع أبا قاسم بن الطبيز، وعلي بن موسى السمسار، والسكن بن ربيع الصيداوي، وأبا طالب عمر بن ابراهيم الزهري، وأبا طالب بن غيلان، وأبا القاسم عبدالله الأزهري، ومحمد بن عبد الله الصوري، وأبا بكر الخطيب، وطبقتهم وتفقه في بغداد بالقاضي أبي الطيب، والقاضي أبي عبد الله الحسين الصيمري وأبي العباس أحمد بن محمد بن عمروس المالكي، وأخذ الأصول عن الشيخ أبي إسحاق الشيرازي، وأقام بالموصل سنة على أبي جعفر السمناني وأخذ عنه العقليات، وبرع في الحديث وعلله، وفي الفقه وغوامضه وخلافه، وفي الكلام ومضايقه. ورجع إلى الأندلس بعد ثلاثة عشر عاماً بعلم جم حصله مع الفقر والتعفف. روى عنه الحافظ أبو بكر الخطيب، وأبو عمر ابن عبد البر، وهما أكبر منه، وأبو عبد الله الحميدي، وعلي بن عبد الله الصقلي، وأحمد بن علي بن غزلون، والحافظ أبو علي الصدفي، وولده الإمام أبو القاسم أحمد بن أبي الوليد الزاهد، وأبو بكر الطرطوشي، وأبو علي ابن سهل السبتي، وأبو بحر سفيان بن العاص ومحمد بن أبي القاضي وسواهم. قال القاضي عياض: آجر أبو الوليد نفسه لحراسة درب، وكان حين رجع إلى الأندلس يضرب ورق الذهب للغزل ويعقد الوثائق، قال لي أصحابه: كان يأتينا للإقراء وفي يده أثر المطرقة، إلى أن فشا علمه وهيئت الدنيا له، وعظم جاهه، وأجزلت صلاته حتى مات عن علمٍ وافر، وكان يستعمله الأعيان في ترسلهم ويقبل جوائزهم، ولى القضاء بمواضع من الأندلس (¬2). ¬

(¬1) انظر نفح الطيب 2/ 135. (¬2) المدارك 4/ 210.

قال أبو نصر ابن ماكولا: أما الباجي ذو الوزارتين أبو الوليد ففقيه متكلم، شاعر أديب سمع بالعراق ودرس الكلام وصنف، وكان جليلاً رفيع القدر والخطر (¬1). وقال أبو علي ابن سكره: مارأيت مثل أبي الوليد الباجي، ومارأيت أحداً على سمته وهيئته وتوقير مجلسه، ولما كنت ببغداد قدم ولده أبو القاسم فسرت معه إلى شيخنا قاضي القضاه الشامي فقلت له: أدام الله عزك، هذا ابن شيخ الأندلس، فقال لعله ابن الباجي؟ فقلت: نعم، فأقبل عليه. ولما تكلم أبو الوليد في حديث الكتابة يوم الحديبية الذي في البخاري، قال بظاهر لفظه، فأنكر عليه أبو بكر الصائغ، وكفره بإجازة الكتب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النبي الأمي وأنه تكذيب للقرآن، فتكلم في ذلك من لم يفهم الكلام، حتى أطلقوا الفتنة، وقبحوا عند العامة ماأتى به، وتكلم به خطباؤهم في الجمع وقال شاعرهم: برئت ممن شرى دنيا بآخرة ... وقال إن رسول الله قد كتبا وصنف أبو الوليد رسالة بين فيها أن ذلك غير قادح في المعجزة، فرجع بها جماعة. قال الذهبي عقب هذا الكلام، قلت: ماكل من عرف أن يكتب اسمه فقط بخارج عن كونه أمياً لأنه لا يسمى كاتباً، وجماعه من الملوك قد أدمنوا في كتابة العلامة وهم أميون، والحكم للغلبة لا للصورة النادرة، فقد قال عليه الصلاة والسلام: "إنا أمة أمية" أي أكثرهم كذلك لندرة الكتابة في الصحابة، وقال تعالى: {هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم} (¬2) مات بالمرية في تاسع عشر رجب سنة أربع وسبعين وأربع مائة، وذلك ليلة الخميس بين العشائين ودفن يوم الخميس بعد صلاة العصر بالرباط على ضفة البحر وصلى عليه ابنه أبو القاسم. له: التفسير. لم يتمه الناسخ والمنسوخ. لم يتمه ¬

(¬1) الإكمال 1/ 468. (¬2) الجمعة: 2، السير 18/ 537.

24 - سليمان بن نجاح أبي القاسم مولى هشام المؤيد بالله أبو داود الأموي المرواني الأندلسي القرطبي

وله أيضا: الاستيفاء والمعاني في شرح الموطأ، المنتقى في شرح الموطأ وهو اختصار الاستيفاء، الإيماء وهو اختصار المنتقى، الإيماء في الفقه، السراج في علم الحجاج، اختلاف الموطآت، مسائل الخلاف، المقتبس في علم مالك بن أنس، المذهب في اقتباس المدونه، الجرح والتعديل، الإشارة رسالة في أصول الفقه، شرح المدونه، مسألة اختلاف الزوجين في الصداق، إحكام الفصول في أحكام الأصول، الحدود في أصول الفقه، التسديد إلى معرفة طريق التوحيد، شرح المنهاج، سنن الصالحين وسنن العابدين، سبيل المهتدين، فرق الفقهاء، السنن في الرقائق والزهد، التعديل والتخريج لمن خرج عنه البخاري في الصحيح، غسل الرجلين، النصيحه لولديه، تحقيق المذهب وله غير ذلك. 24 - سليمان بن نجاح أبي القاسم مولى هشام المؤيد بالله أبو داود الأموي المرواني الأندلسي القرطبي (¬1) شيخ القراء وإمام الإقراء في وقته عالم بالتفسير كان أبوه مولى لصاحب الأندلس المؤيد بالله هشام بن الحكم (¬2). ولد في قرطبة سنة ثلاثة عشر وأربعمائة، وسكن دانية وبلنسية. روى عن أبي عمرو عثمان بن سعيد المقرئ وأكثر عنه وهو أثبت الناس به وعن أبي عمر بن عبد البر وأبي العباس العذري وأبي عبد الله بن سعدون القروي وأبي شاكر الخطيب وأبي الوليد الباجي وغيرهم. كان من جلة المقرئين وعلمائهم وفضلائهم وخيارهم عالما بالقراءات ورواياتها وطرقها حسن الضبط لها وكان دينا فاضلا ثقة في ما رواه، وله تواليف كثيرة في معاني القرآن وغيره وكان حسن الخط جيد الضبط روى الناس عنه كثيرا ¬

(¬1) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 1/ 207، معجم المفسرين 1/ 217، الصلة 1/ 203، بغية الملتمس 289، غاية النهاية 2/ 316، معرفة القراء 1/ 364، الأعلام 3/ 137، معجم المؤلفين 1/ 799، سير أعلام النبلاء 19/ 168، شذرات الذهب 3/ 403، نفح الطيب 2/ 135، 153، 4/ 171، عيون التواريخ 13/ 120، النجوم الزاهرة 5/ 187، العبر 3/ 343، هدية العارفين 1/ 398، الوافي بالوفيات 15/ 437. (¬2) معجم المفسرين 1/ 217.

25 - عبد الباسط بن خليل بن شاهين زين الدين ابن الوزير الملطي ثم القاهري

قال ابن بشكوال: أخبرنا عنه جماعة من شيوخنا ووصفوه بالعلم والفضل والدين توفي يوم الأربعاء بعد صلاة الظهر ودفن يوم الخميس لصلاة العصر بمدينة بلنسية واحتفل الناس لجنازته وتزاحموا على نعشه وذلك في رمضان لست عشرة ليلة خلت منه ست وتسعين وأربعمائة. ذكر له أحد تلاميذه تتمة ستة وعشرين مصنفا (¬1). ومن مؤلفاته: كتاب عن قوله تعالى {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى} (¬2) في مجلد البيان الجامع لعلوم القرآن في ثلاثمائة جزء. التبيين لهجاء التنزيل في ست مجلدات. وله أيضا: كتاب الرجز المسمى بالاعتماد في أصول القراءات وعدد هذه الأرجوزة ثمانية عشر ألف بيت وأربعمائة وأربعين بيتا، عقود الديانة وغير ذلك. 25 - عبد الباسط بن خليل بن شاهين زين الدين ابن الوزير الملطي ثم القاهري (¬3) مؤرخ له اشتغال بالتفسير واللغة وفقه الحنفية. ولد في ملطية (¬4) سنة أربع وأربعين وثمانمائة وتعلم في دمشق وطرابلس والقاهرة. قال السخاوي: دخل المغرب فأخذ دروسا في النحو والكلام والطب بل أتقنه بخصوصه (¬5). والمدن التي دخلها في المغرب هي: تونس، القيروان، قسنطينة، بجاية، تلمسان، وهران. وتوفي مسلولا سنة عشرين وتسعمائة. له: القول الخاص في تفسير سورة الإخلاص النفحة الفائحة في تفسير سورة الفاتحة وله أيضًا: نزهة السلاطين فيمن ولي مصر من السلاطين، غاية السول في سيرة الرسول، الزهر المقطوف في مخارج الحروف، القول المأنوس في ¬

(¬1) طبقات الداوودي 1/ 207. (¬2) البقرة: 238. (¬3) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 1/ 254، الضوء اللامع 4/ 27، هدية العارفين 1/ 494، الأعلام 3/ 270، معجم المؤلفين 2/ 40، المخطوطات المصورة 2/ 274، فهرس التيمورية 3/ 190، كشف الظنون 298، 470، 737، وغيرها. (¬4) ملطية: بفتح أوله وثانيه وسكون الطاء المهملة وتخفيف الياء التحتية، والعامة تقوله بتشديد الياء وكسر الطاء بلدة من بلاد الروم تتاخم الشام (معجم البلدان 5/ 223) وهي غير مالطة (انظر المصدر السابق 5/ 51). (¬5) الضوء اللامع 4/ 27.

26 - عبد الجليل بن موسى بن عبد الجليل أبو محمد الأنصاري الأوسي الأندلسي القرطبي الصوفي الزاهد القصري

حاشية القاموس، الروض الباسم في حوادث العمر والتراجم، نيل الأمل في ذيل الدول، وغيرها. 26 - عبد الجليل بن موسى بن عبد الجليل أبو محمد الأنصاري الأوسي الأندلسي القرطبي الصوفي الزاهد القصري (¬1) فقيه متكلم مفسر باحث متصوف أصله من قرطبة. المشهور بالقصري لنزوله بقصر عبد الكريم قصر كتامة (¬2) بالمغرب الأقصى، ويسمى الآن: "القصر": مدينة بالمغرب. كان متقدماً في الكلام مشاركاً في فنون، رأساً في العلم والعمل، منقطع القرين، متصوفاً زاهداً ورعا عن الدنيا روى عن أبي الحسن بن حنين، وأبي نصر فتح بن محمد المغربي، وأبي الحسن علي ابن خلف بن غالب وعنه أبو الحسن الغافقي، وغيره وأجاز لأبي محمد بن حوط الله قال الداوودي: كان له من الصيت والذكر الجميل ماليس لغيره وختم به بالمغرب التصوف على طريقة أهل السنة (¬3). نعته الزبيدي بالإمام. مات سنة ثمان وستمائة. له: تفسير القرآن. وله أيضا: شعب الإيمان، شرح الأسماء الحسنى، المسائل والأجوبة، اليقين، تنبيه الأنام في مشكل حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -، وغير ذلك 27 - عبد الحق بن عبد الرحمن بن عبد الله بن حسين الأزدي الإشبيلي أبو محمد ابن الخراط (¬4) محدث حافظ فقيه مشارك في الأدب واللغة والشعر. من أهل الأندلس ¬

(¬1) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للسيوطي رقم 84، طبقات المفسرين للداوودي 1/ 265، طبقات المفسرين للأدنوي ص: 217، معجم المفسرين 1/ 256، تاج العروس، نيل الابتهاج 184، تكملة الصلة 652، سير أعلام النبلاء 21/ 420، الأعلام 3/ 276، إيضاح المكنون 2/ 49، معجم المؤلفين 2/ 50. (¬2) قصر عبد الكريم: مدينة على ساحل بحر المغرب قرب سبتة مقابل الجزيرة الخضراء من الأندلس، قد نسب إليه بعضهم. معجم البلدان 4/ 409. (¬3) الطبقات 1/ 265. (¬4) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 1/ 257، عنوان الدراية 41، عصر المرابطين والموحدين 2/ 150، فوات الوفيات 2/ 256، الشذرات 4/ 271، العبر 4/ 243.

28 - عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد بن أصبغ بن خبيش بن سعدون ابن رضوان بن فتوح الإمام أبو زيد وأبو القاسم السهيلي الخثعمي الأندلسي المالقي المالكي الحافظ

ولد سنة عشر وخمسمائة رحل إلى بجاية بالجزائر وولي قضاءها مدة قليلة توفي بها سنة إحدى وثمانين وخمسمائة له: كتاب كبير في غريب القرآن والحديث 28 - عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد بن أصبغ بن خبيش بن سعدون ابن رضوان بن فتوح الإمام أبو زيد وأبو القاسم السهيلي الخثعمي الأندلسي المالقي المالكي الحافظ (¬1) ولد بمالقة سنة ثمان وخمسمائة قال الذهبي: هو من بيت علم وخطابة قال ابن الزبير: كان عالماً بالعربية، واللغة والقراءات، بارعاً في ذلك، جامعاً بين الرواية والدراية، نحوياً متقدماً، أديباً، عالماً بالتفسير وصناعة الحديث، حافظاً للرجال والأنساب، عارفاً بعلم الكلام والأصول، حافظاً للتاريخ، واسع المعرفة، غزير العلم، نبيهاً ذكيا، صاحب اختراعات واستنباطات، تصدَّر الإقراء والتدريس، وبعد صيته. أخد القراءات عن سليمان بن يحيى، وعن أبي منصور ابن الخير، وروى عن ابن العربي، وابن طاهر، وابن الطراوة. وعنه ابن الرندي، وابنا حوط الله، وأبو الحسن الغافقي وخلق. كف بصره وهو ابن سبع عشرة سنة، ونبغ، وبعد صيته وجل قدره فاتصل خبره بصاحب مراكش فطلبه إليها وأكرمه فأقام بها نحو ثلاث سنين ¬

(¬1) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 1/ 266، طبقات المفسرين للأدنوي ص: 197، 442، معجم المفسرين 1/ 267، 2/ 780، معجم المحدثين والمفسرين 22، المدرسة القرآنية 1/ 231، إنباه الرواة 2/ 162، البداية والنهاية 12/ 319، تذكرة الحفاظ 4/ 1348، الديباج المذهب 150، غاية النهاية 1/ 371، طبقات النحاة لابن قاضي شهبة 2/ 69، العبر 4/ 244، مرآة الجنان 3/ 422، نكت الهميان 187، وفيات الأعيان 2/ 323، بغية الوعاة 2/ 81، معجم المؤلفين 2/ 94، زاد المسافر 96، المغرب في حلى المغرب 1/ 488، الاستقصا 1/ 187، التكملة 570، شذرات الذهب 4/ 271، روضات الجنات 429، بغية الملتمس 354، المطرب230، كشف الظنون 421، 604، 869 وغيرها، إيضاح المكنون 2/ 451، هدية العارفين 1/ 520، الأعلام 3/ 313، فهرس الخزانة الحسنية 966. وسهيل: قرية من عمل مالقة، لا يرى سهيل من جميع الأندلس إلا من جبلها والخثعمي: نسبة إلى خثعم بن أنمار وهي قبيلة كبيرة (انظر وفيات الأعيان 2/ 323).

يصنف كتبه إلى أن توفي بها (¬1). قال ابن دحية: أنشدني السهيلي وقال: ما سأل الله بها حاجة إلا أعطاه إياها، وكذلك من استعمل إنشادها وهي هذه: يامن يرى مافي الضمير ويسمع ... أنت المعد لكل ما يتوقع يامن يرجى للشدائد كلها ... يامن إليه المشتكى والمفزع يامن خزائن قوله في قول كن ... امنن فإن الخير عندك أجمع مالي سوى فقري إليك وسيلة ... فبالافتقار إليك فقري أدفع مالي سوى قرعي لبابك حيلة ... فلئن رددت فأي باب أقرع ومن الذي أدعو وأهتف باسمه ... إن كان فضلك عن فقيرك يمنع حاشا لمجدك أن تقنط عاصيا ... الفضل أوجب والمواهب أوسع (¬2) قال السيوطي: رأيت بخط القاضي عز الدين ابن جماعة: وجد بخط الشيخ محيي الدين النواوي ما نصه: ما قرأ أحد هذه الأبيات ودعا الله عقبها بشيء إلا استجيب له (¬3). توفي بمراكش في ليلة الخميس خامس عشر من شوال سنة إحدى وثمانين وخمسمائة وقيل: ثلاث وثمانين وله بضع وسبعون سنة. من كتبه: تفسير سورة يوسف. (¬4) تفسير غريب القرآن. (¬5) الإيضاح والتبيين لما أبهم من تفسير الكتاب المبين. (¬6) التعريف والإعلام بما أبهم في القرآن من الأسماء والأعلام. (¬7) ¬

(¬1) معجم المفسرين 1/ 267. (¬2) انظر طبقات الداوودي 1/ 267. (¬3) بغية الوعاة 2/ 82. (¬4) منه نسخة في الخزانة العامة بالرباط. انظر الفهرس الشامل 1/ 208، ومنه نسخة بالخزانة الحسنية. (¬5) منه نسخة بالمكتبة العمومية باستامبول. انظر الفهرس الشامل 1/ 208. (¬6) منه نسخة في مكتبة الدولة ببرلين. انظر الفهرس الشامل 1/ 207. (¬7) منه نسخ كثيرة في مكتبة الدولة ببرلين وفي الفاتيكان وفي جامع صنعاء وفي البريطانية والأزهرية والظاهرية وفي المكتب الهندي والأسكوريال وجامعة استامبول وطوبقبوسراي ومعهد الاستشراق بليننغراد وبأوقاف بغداد وجاريت يهودا وكوبريلي والمكتبة الوطنية بمدريد وفي الخزانة العامة بالرباط ورامبور وجامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض ومكتبة أسعد أفندي وفي بلدية الإسكندرية والتيمورية وامبروزيانا وبودليانا وجامعة ليدن وفي المكتبة الحسنية والمكتبة العامة بالرباط ومكتبة حسن حسني ومحمد مراد ودار الكتب المصرية ومكتبة الدولة بميونيخ ومكتبة شهيد عي باشا وعاشر أفندي وعبد المجيد مولوي والعمومية ولا له لي والمتحف الآسيوي بالقوقاز ومكتبة ولي الدين. وقد وضع عليه البلنسي ت 782 هـ حاشية، واختصره بحرق الحضرمي، وزاد عليه مؤلف مجهول زيادات. انظر بروكلمان ملحق 1/ 734، الفهرس الشامل 1/ 207 وعليه كتابان هما التكميل والإتمام لكتاب التعريف والإعلام لمحمد بن علي بن خضر بن هارون ابن عسكر الغساني المتوفى 636 هـ، وكتاب الاستدراك والإتمام للتعريف والإعلام لأحمد بن يوسف بن فرتون السلمي المتوفى 660 هـ.

29 - عبد الرحمن بن الكمال أبي بكر محمد بن سابق الدين أبي بكر بن الفخر عثمان بن ناظر الدين محمد بن سيف الدين خضر بن نجم الدين أبي الصلاح أيوب بن ناصر الدين محمد بن الشيخ همام الدين همام الخضيري الطولوني المصري الشافعي جلال الدين أبو الفضل الحافظ السيوطي

قال الأدنوي: وهو مؤلف جليل تلقاه الفضلاء بأيدي القبول واعترفوا بفضله واشتغلوا بمطالعته وشرحه الحافظ العالم الفاضل محمد بن أحمد الغرناطي الأصل المالكي المذهب المتوفى سنة ثلاث وتسعمائة (¬1). نتائج الفكر لشرح آية الوصية في الفرائض. وله أيضا: الروض الأنف في شرح السيرة النبوية لابن هشام، القصيدة العينية، شرح الجمل، المسألة السر في عور الدجال، المسألة رؤية الله والنبي في المنام. 29 - عبد الرحمن بن الكمال أبي بكر محمد بن سابق الدين أبي بكر بن الفخر عثمان بن ناظر الدين محمد بن سيف الدين خضر بن نجم الدين أبي الصلاح أيوب بن ناصر الدين محمد بن الشيخ همام الدين همام الخضيري الطولوني المصري الشافعي جلال الدين أبو الفضل الحافظ السيوطي (¬2) العلامة المشهور في الآفاق وفضائله وتصنيفاته كثيرة. كان جده الأعلى ¬

(¬1) الطبقات 442. (¬2) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للأدنوي ص: 365، معجم المفسرين 1/ 264، نيل السائرين 258، معجم طبقات الحفاظ والمفسرين ص: 11، تذكرة المحسنين (موسوعة أعلام المغرب 2/ 819)، حسن المحاضرة 1/ 335، الضوء اللامع 4/ 65، الكواكب السائرة 1/ 226، شذرات الذهب 8/ 51، هدية العارفين 1/ 534، معجم المؤلفين 2/ 83، الأعلام 3/ 301، النور السافر 54، البدر الطالع 1/ 328، كشف الظنون 1/ 8 وغيرها، بروكلمان 2/ 143، خلاصة الأثر 3/ 345، فهرس الفهارس 1/ 351، الوافي بالوفيات 17/ 226، مقدمة طبقات المفسرين، مقدمة بغية الوعاة، مقدمة فهرس مخطوطات السيوطي، مقدمة المنحة في السبحة.

أعجميا من الشرق ولد بمحلة سيوط على البحر بمصر بعد المغرب ليلة الأحد مستهل رجب سنة تسع وأربعين وثمانمائة نشأ يتيما حيث مات أبوه وله من العمر ست سنوات. حفظ القرآن في سن مبكرة، فأتم حفظه قبل أن يبلغ الثماني سنوات ثم حفظ ما تيسر له، فحفظ العمدة، ومنهج الفقه، والأصول، وألفية ابن مالك ثم شرع في الاشتغال بالعلم وله من العمر ستة عشر عاما أخذ الفقه والنحو عن جماعة من الشيوخ، والفرائض عن العلامة فرضي زمانه الشيخ شهاب الدين الشارمساحي ولازم شيخ الإسلام البلقيني في الفقه إلى أن مات ثم لزم ولده علم الدين البلقيني ولزم العلامة أستاذ الوجود محيي الدين الكافيجي أربع عشرة سنة، فأخذ عنه الفنون في التفسير والأصول، والعربية والمعنى، وكتب له إجازة بذلك كثرت رحلاته للطلب، فسافر إلى الفيوم، والمحلة، ودمياط، ورحل إلى بلاد الشام والحجاز، واليمن، والهند، والمغرب. ذكر في ترجمته لنفسه في حسن المحاضرة أنه سافر للمغرب وبلاد التكرور وهي شنقيط. ووقع بينه وبين المغيلي (¬1) المفسر التلمساني نزاع في علم المنطق كما سبق في ترجمته. رزق التبحر في سبعة علوم: التفسير، والحديث، والفقه، والنحو، والمعنى، والبيان، والبديع على طريقة العرب والبلغاء، ووثق بنفسه إلى حد التحدي للشيوخ حيث قال: إن الذي وصلت إليه من هذه العلوم السبعة، سوى الفقه والنقول لم يصل إليه، ولا وقف عليه أحد من أشياخي. عندما بلغ الأربعين اعتزل الناس وتفرغ للتصنيف والكتابة، فاستطاع في غضون سنتين وعشرين سنة أن يغذي المكتبة الإسلامية بعدة مصنفات وصل بها بعضهم إلى تسع وعشرين ومائة وألف مصنفا (¬2)، في فنون شتى كالتفسير وعلومه، والحديث وعلومه، والفقه وأصوله، والعربية بكل فروعها، والسير، والتاريخ. وقد ترجم السيوطي لنفسه في كتابه حسن المحاضرة وادعى لنفسه الاجتهاد وأنه مجدد القرن التاسع في مواضع منها كتابه الرد على من أخلد ¬

(¬1) محمد بن عبد الكريم تقدمت ترجمته في أهل المنطقة. (¬2) انظر دليل مخطوطات السيوطي وأماكن وجودها ص: 9.

إلى الأرض وجهل أن الاجتهاد في كل عصر فرض، والتحدث بنعمة الله. كانت حياته حياة حافلة بالبحث والتأليف، فقد حبس نفسه لذلك في بيته في روضة المقياس فلم يتحول منها، وظل على هذا الحال حتى وافته منيته بعد أن تمرض سبعة أيام بورم شديد في ذراعه الأيسر، توفي على إثره في يوم الخميس التاسع عشر من جمادى الأولى سنة إحدى عشرة وتسعمائة بمنزله ودفن في حوش قوسون. وقد ألف عن السيوطي أكثر من ثلاثة وعشرين كتابا منها: السيوطي مفسرا لأحمد عمر هاشم، السيوطي والدراسات القرآنية لأحمد شلبي. له عدة كتب في التفسير منها: (¬1) الجلالين وهو تكملة تفسير الشيخ جلال الدين المحلي الدر المنثور في التفسير بالمأثور ترجمان القرآن في التفسير المسند. (¬2) مجمع البحرين ومطلع البدرين وهو شرح التفسير المسمى تحرير الرواية وتقرير الدراية. (¬3) منتقى من تفسير الفريابي منتقى من تفسير عبد الرزاق منتقى من تفسير ابن أبي حاتم (¬4) نواهد الأبكار وشوارد الأفكار وهي حاشية على تفسير أنوار التنزيل للبيضاوي. (¬5) تفسير الآية {ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب} (¬6) تفسير الزهراوين. (¬7) تفسير السيوطي. (¬8) تفسير القرآن. (¬9) تفسير الواقعة. (¬10) تفسير جامع الوجيزين. (¬11) جزء من التفسير. (¬12) جواهر الدرر في تفسير القرآن بالقول والأثر. (¬13) ¬

(¬1) انظر كمرجع لأماكن المخطوط منها الفهرس الشامل 1/ 520 - 544، دليل مخطوطات السيوطي وأماكن وجودها ص: 33 - 41، وللمطبوع المرجع الثاني ص: 205 - 227. (¬2) الثلاثة مطبوعة. (¬3) مخطوط غير معروف مكان وجوده (انظر دليل مخطوطات السيوطي ص: 187). (¬4) الثلاثة مخطوطات غير معروف مكان وجودها (انظر دليل مخطوطات السيوطي ص: 187، 188). (¬5) مطبوع. (¬6) آل عمران: 186 ومن نسخة بالسليمانية. (¬7) أي البقرة وآل عمران ومنه نسخة بشهيد علي باشا. (¬8) هكذا ورد اسمه ومنه نسخة بخزانة القرويين والسليمانية ولعله الدر أو غيره. (¬9) وهو مثل سابقه ومنه نسخة بولي الدين وخزانة ابن يوسف. (¬10) منه نسخة بتكلي أوغلو. (¬11) منه نسخة بطوبقبوسراي. (¬12) منه نسخة ببالخزانة العامة بالرباط. (¬13) منه نسخة بالمحمودية.

رسالة على مواضع من التفسير. (¬1) رسالة في أصول التفسير والحديث. (¬2) رسالة في أول سورة آل عمران. (¬3) تفسير الفاتحة، أو الأزهار الفائحة على الفاتحة. (¬4) مفاتيح الغيب التفسير من سورة سبح إلى آخر القرآن. (¬5) إتحاف الوفد بنبأ سورتي الخلع والحفد. (¬6) إفادة الخبر بنفسه في زيادة العمر ونقصه في تفسير قوله تعالى: {ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده} (¬7) أنموذج لطيف نقل من تفسير الخازن. (¬8) الإتحاف بتمييز ماتبع فيه البيضاوي صاحب الكشاف. (¬9) الإكليل في استنباط التنزيل. (¬10) الحبل الوثيق في نصرة الصديق في تفسير قوله تعالى {لا يصلاها إلا الأشقى ...} الآيات (¬11) فتح الجليل للعبد الذليل وهي رسالة في قوله تعالى: {الله ولي الذين آمنوا ...} الآية (¬12) نزهة الخاطر وسرور الناظر أو ربيع الإخوان الموضح لكلمات القرآن. (¬13) الفوائد البارزة والكامنة في النعم الظاهرة والباطنة في تفسير قوله تعالى {وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة} (¬14) القول المحرر في تفسير قوله تعالى: {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر} (¬15) ¬

(¬1) منه نسخة بالتيمورية. (¬2) منه نسخة بيكي جامع. (¬3) منه نسخة بالتيمورية. (¬4) منه نسخة ببرلين (دليل مخطوطات السيوطي ص: 34). (¬5) مخطوط غير معروف مكان وجوده (انظر دليل مخطوطات السيوطي ص: 187). (¬6) منه نسخ بالأسكوريال وبمكتبة الدولة ببرلين وبخدا بخش وبالسعيدية وبالآصفية. (¬7) الأنعام: 2 ومنه نسخة بدار الكتب المصرية. (¬8) منه نسخة بالوطنية بباريس. (¬9) منه نسخة بمتحف الجزائر. (¬10) مطبوع. (¬11) الليل: 15 - 21 منه نسخة بالجامع الكبير بصنعاء والتيمورية ودار الكتب المصرية ومكتبة الدولة ببرلين وبقولة. (¬12) البقرة: 257 منه نسخة بالتيمورية والأزهرية وكرافت وتشستربيتي والسعيدية وتونك ومعهد الاستشراق ليننغراد. (¬13) منه نسخة ببرلين منها مصورة بمركز المخطوطات والتراث والوثائق. (¬14) لقمان: 20 منه نسخة بالتيمورية. (¬15) الفتح: 2 ومنه نسخ بتشستربيتي وجامعة ليدن وجامعة كمبردج والجامع الكبير بصنعاء ودار الكتب المصرية ومكتبة الدولة ببرلين ولا لا إسماعيل ومعهد الاستشراق بلينغراد والمكتبة الوطنية بمدريد.

30 - عبد الرحمن بن محمد بن عيسى بن فطيس بن أصبغ بن فطيس أبو المطرف القرطبي المالكي

رسالة في قوله تعالى {يمحو الله ما يشاء ويثبت} (¬1) رياض الطالبين بشرح الاستعاذة والبسملة. (¬2) قطعة من الفتاوى التفسيرية. (¬3) وله أيضا فيما يتعلق بالتفسير وعلوم القرآن: الإتقان في علوم القرآن، أرجوزة معربات القرآن، الأوج في خبر عوج، الآية الكبرى في شرح قصة الإسرا، التبيان في متشابهات القرآن، الدر النظيم في فضائل القرآن العظيم، تشنيف السمع بتعديد السبع، رسالة في بيان الناسخ والمنسوخ في القرآن، رسالة في تقرير أن القرآن العظيم كلام قديم، قطف الثمر في موافقات عمر، قطف الأزهار في كشف الأسرار في متشابه القرآن: وصل فيه إلى آخر سورة براءة، لباب النقول في أسباب النزول، مفحمات الأقران في مبهمات القرآن، المهذب فيما وقع في القرآن من المعرب، التحبير في علوم التفسير، تناسق الدرر في تناسب السور، متشابه القرآن، ميدان الفرسان في شواهد القرآن، رسالة في الألفاظ التي وقعت في القرآن من غير العربية، مراصد المطالع في تناسب المقاطع والمطالع، معترك الأقران في إعجاز القرآن، ميزان المعدلة في شأن البسملة، نبذة من الكلام في حقيقة القرآن، نشر الطيب على الخطيب في إعراب قوله تعالى {يخرجهم من الظلمات إلى النور} (¬4)، اليد البسطى في تعيين الصلاة الوسطى وغير ذلك. 30 - عبد الرحمن بن محمد بن عيسى بن فطيس بن أصبغ بن فطيس أبو المطرف القرطبي المالكي (¬5) عالم بالتفسير والحديث وتاريخ الرجال ولد بقرطبة سنة ثمان وأربعين ¬

(¬1) الرعد: 39 منه نسخة بخدا بخش. (¬2) منه نسخ بمكتبة الدولة ببرلين وخدا بخش ورامبور والسعيدية والتيمورية وفاتح. (¬3) منه نسخة بيكي جامع. (¬4) البقرة: 257. (¬5) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 1/ 291، نيل السائرين ص: 84، معجم المفسرين 1/ 272، تذكرة الحفاظ2/ 1061، العبر 3/ 78، النجوم الزاهرة 4/ 231، الصلة 1/ 298، سير أعلام النبلاء 17/ 210، شذرات الذهب 3/ 163، المغرب في حلي المغرب 1/ 216، تاريخ قضاة الأندلس 87، الرسالة المستطرفة 588، الديباج المذهب 15، ترتيب المدارك 4/ 671، بغية الملتمس 356، معجم المؤلفين2/ 118، الأعلام 3/ 325، هدية العارفين 1/ 515، كشف الظنون 1/ 76، مرآة الجنان 3/ 4، طبقات الحفاظ 414، شجرة النور 1/ 102.

31 - عبد الرحمن بن مروان بن عبد الرحمن أبو المطرف القنازعي القرطبي الأنصاري المالكي

وثلاثمائة. ولي قضاءها مقرونا بولاية صلاة الجمعة والخطبة مضافا إلى ذلك خطته العليا من الوزارة، كان له ستة وراقين ينسخون دائما مايمليه من الحديث والأخبار أو مايختار نقله من كتب غيره، وجمع من الكتب في أنواع العلم مالم يجمعه أحد من أهل عصره بالأندلس. رحل إلى المشرق فدخل القاهرة وغيرها، وسمع من خلق من أهل المشرق فمن القيروان سمع من أبي محمد بن أبي زيد الفقيه وأحمد بن نصر الداوودي وغيرهما. (¬1) مات بقرطبة في صدر الفتنة البربرية بنصف ذي القعدة سنة اثنتين وأربعمائة وبيعت كتبه بعده بأربعين ألف دينار له: القصص والأسباب التي نزل من أجلها القرآن أكثر من مائة جزء الناسخ والمنسوخ ثلاثون جزءا وله أيضا: المصابيح في فضائل الصحابة، فضائل التابعين، أعلام النبوة، مسند ابن فطيس، العوالي، كرامات الصالحين، وغير ذلك. 31 - عبد الرحمن بن مروان بن عبد الرحمن أبو المطرف القنازعي القرطبي الأنصاري المالكي (¬2) القنازعي نسبة إلى ضيعة من بلاد المغرب يقال لها: قنازع (¬3)، وقيل نسبة إلى صنعته وهي: عمل القنازع ويرجح أنها صناعة القلانس. (¬4) فقيه، مالكي، من رجال الحديث والتفسير. من أهل قرطبة. ولد سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة. قال الذهبي: كان إماما متفننا حافظا متألها خاشعا متهجدا مفسرا بصيرا بالفقه واللغة. (¬5) ¬

(¬1) انظر النجوم الزاهرة 4/ 231، طبقات الداوودي 2/ 292. (¬2) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للسيوطي 18، طبقات المفسرين للداوددي 1/ 293، طبقات المفسرين للأدنوي ص: 102، نيل السائرين ص: 89، معجم المفسرين 1/ 278، المدرسة القرآنية ص: 177، بغية الملتمس 358، جذوة المقتبس 260، الديباج المذهب 1/ 380، العبر 3/ 112، ترتيب المدارك 4/ 726، سير أعلام النبلاء 17/ 342، غاية النهاية 1/ 380، شجرة النور 1/ 111، الأعلام 3/ 337، الصلة 316، المغرب في حلي المغرب 12/ 166، شذرات الذهب 3/ 198، هدية العارفين 1/ 516. ووقع اسمه في نيل السائرين: عبد الرحمن بن محمد بن أميرويه بن محمد. (¬3) انظر السير 17/ 343، طبقات الداوودي 2/ 294. (¬4) انظر الصلة 316، الأعلام 3/ 337. (¬5) السير 17/ 343.

32 - عبد الرحمن بن موسى الهواري أبو موسى الأستاجي

وقال الداوودي: كان إماما عالما عاملا، فقيها حافظا، عالما بالتفسير والأحكام، بصيرا بالحديث، عالما بالرأي، ورعا زاهدا، متقشفا قانعا باليسير، مجاب الدعوة، وله معرفة باللغة والأدب. (¬1) وعرض عليه السلطان الشورى فامتنع تفقه بالأصيلي، وأبي عمر ابن المكوي وغيرهما، وسمع الحديث من أبي عيسى، والقلعي، وابن عون الله وغيرهم. رحل إلى المشرق وحج وسمع بمصر من الحسن بن رشيق وغيره، وأخذ عن ابن أبي زيد القيرواني جملة من تواليفه. روى عنه ابن عتاب، وابن عبد البر، وابن الطبني وغيرهم. أقبل على نشر العلم وإقراء القرآن امتحن بالبرابرة في الفتنة، أيام ظهورهم على قرطبة، محنة أودت بحاله، وقدحت في خاطره، فعراه طيف خيال يغشاه ولا يؤذيه. مات في رجب سنة ثلاث عشرة وأربع مائة. له: مختصر تفسير القرآن ليحيى بن سلام. وله أيضا: شرح الموطأ، مختصر وثائق ابن الهندي 32 - عبد الرحمن بن موسى الهواري أبو موسى الأستاجي (¬2) من أهل أستجة الواقعة في الجنوب الغربي من قرطبة رحل إلى المشرق في أول خلافة الإمام عبد الرحمن بن معاوية فلقي مالك بن أنس وسفيان بن عيينة ونظرائهما من الأئمة ولقي الأصمعي وأبا زيد الأنصاري وغيرهما من رواة الغريب وداخل العرب وتردد في محالها. قدم الأندلس صادرا من سفره فعطب ببحر تدمير فذهبت كتبه ولما قدم أستجة أتاه أهلها يهنئونه بقدومه ويعزونه عن ذهاب كتبه فقال لهم: ذهب الخرج وبقي الدرج. يعني مافي صدره. قال ابن الفرضي: كان فصيحا ضربا من الأعراب وكان حافظا للفقه والتفسير والقراءات. (¬3) وكان أبو موسى إذا قدم قرطبة لم يفت يحيى ولا ¬

(¬1) طبقات المفسرين 1/ 293. (¬2) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 1/ 279، طبقات المفسرين للداوودي 1/ 291، المدرسة القرآنية في المغرب 1/ 138، تاريخ علماء الأندلس 778، معجم المؤلفين 2/ 124، هدية العارفين 1/ 512، بغية الوعاة 303، إيضاح المكنون 1/ 310، طبقات النحويين واللغويين للزبيدي 1/ 275، ترتيب المدارك 3/ 343، الديباج 148. (¬3) تاريخ علماء الأندلس 778.

33 - عبد السلام بن عبد الرحمن بن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن ابن برجان أبو الحكم اللخمي الإفريقي الإشبيلي

عيسى ولا سعيد بن حسان حتى يرحل عنها وكان يسكن بعض قرى مورور ثم انتقل إلى استجة واستقضي عليها أيام الأمير عبد الرحمن بن الحكم. توفي سنة ثمان وعشرين ومائتين. له: كتاب في تفسير القرآن. قال ابن الفرضي: قد رأيت بعضه كان يرويه عن محمد بن أحمد العتبي رواه عنه محمد بن عمرو بن لبابة. وله أيضا: كتاب في القراءات. 33 - عبد السلام بن عبد الرحمن بن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن ابن برَّجان أبو الحكم اللخمي الإفريقي الإشبيلي (¬1) المفسر المقرئ المحدث الصوفي العارف من أهل إشبيلية روى عن محمد بن أحمد بن منظور، روى عنه عبد الحق الإشبيلي، ومحمد بن خليل القيسي، وأبو القاسم القنطري، وآخرون قال ابن الأبار: كان من أهل المعرفة بالقراءات والحديث والتحقق بعلم الكلام والتصوف، مع الزهد والعبادة. عابوا عليه الإمعان في علم الحرف حتى استعمله في تفسير القرآن، وقصيدة ابن الزكي التي مدح بها السلطان صلاح الدين في ذلك مشهورة. قال ابن عبد الملك: سعي عليه سعاية باطلة عند علي بن يوسف بن تاشفين فأحضره إلى مراكش فلما وصل إليها قال: لا أعيش إلا قليلا ولا يعيش من أحضرني بعدي إلا قليلا. فعقدوا له مجلس مناظرة وأوردوا عليه ¬

(¬1) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للسيوطي 20، طبقات المفسرين للداوودي 1/ 306، طبقات المفسرين للأدنوي ص: 169، معجم المفسرين 1/ 282، 2/ 781، معجم المحدثين والمفسرين 10 وهو فيه محمد بن عبد الرحمن، المدرسة القرآنية 1/ 229، نيل السائرين166، 142 باسم ابن برهان، 120 باسم محمد بن عبد الرحمن، شجرة النور 1/ 132 وهو فيه أبو الحكم عبد الرحمن بن أبي الرجال، العبر 4/ 100، ذيل تذكرة الحفاظ 73، فوات الوفيات 1/ 569، لسان الميزان 4/ 13، مرآة الجنان 3/ 267، مفتاح السعادة 2/ 111، النجوم الزاهرة 5/ 207، وفيات الأعيان 4/ 236، سير أعلام النبلاء 20/ 72، تكملة الصلة رقم 1797، نيل الابتهاج 162، معجم المؤلفين 2/ 113، وفيه اسمه عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن، التشوف 148، هدية العارفين 1/ 570، كشف الظنون 303، الأعلام 4/ 6، الاستقصا 1/ 129، بروكلمان 1/ 559.

34 - عبد الله بن حكم الليثي

المسائل التي أنكروها فأجاب، وخرَّجها مخارج محتملة، فلم يرضوا منه بذلك؛ لكونهم لم يفهموا مقاصده، وقرروا عند السلطان أنه مبتدع، فاتفق أنه مرض بعد أيام قليلة، ومات في المحرم فرموه على مزبلة بغير صلاة ولا دفن، بحسب ما قرره معه من طعن عليه من المتفقهة. واتفق أن علي بن يوسف مات بعده في رجب، فاتفق أن بعض أهل الفضل لما بلغته وفاته، أرسل عبدا أسود نادى جهاراً، احضروا جنازة فلان، فامتلأت الرحاب بالناس، فغسلوه وصلوا عليه ودفنوه. مات بمراكش سنة ست وثلاثين وخمسمائة. وله تواليف منها: تفسير القرآن سماه: الإرشاد. (¬1) قال في كشف الظنون: هو تفسير كبير في مجلدات ذكر فيه من الأسرار والخواص ماهو مشهور فيما بين أصحاب هذا الشأن، وقد استنبطوا من رموزاته أمورا فأخبروا بها قبل الوقوع. وقال الزركلي: أكثر كلامه فيه على طريق الصوفية، لم يكمله. وله أيضا: شرح الأسماء الحسنى. - عبد الله بن حنين (¬2) 34 - عبد الله بن حكم الليثي (¬3) من أهل الجزيرة رحل فسمع من محمد بن عبد الله بن الحكم، ويونس بن عبد الأعلى وغيرهما من المصريين. قال ابن الفرضي: كان فقيهاً متقدماً في الفتيا وكان بصيراً بالقراءات، والتفسير متفنناً فيهما عالماً بهما. ¬

(¬1) منه عدة نسخ: يوسف أغا نسخة كاملة وبمكتبة الدولة بميونيخ ومكتبة داماد إبراهيم باشا وبالتيمورية وبعاشر أفندي وبفيض الله أفندي وبنور العثمانية وبالمكتبة الوطنية بعنيزة وبمكتبة السيد عبد الحي الكتاني الملحقة بالمكتبة الوطنية. بالرباط انظر الفهرس الشامل 1/ 151، معجم المفسرين 2/ 781 ويوجد تفسير باسم تفسير البرجاني منه نسخة بمكتبة محمد مراد لا أستبعد أن يكون هو انظر الفهرس الشامل 2/ 834 وربما كان لعبيد الله بن عثمان البرجاني وهو مفسر من أهل أشبيلية انظر طبقات الداوودي 1/ 371. (¬2) انظر عبد الله بن محمد بن حنين. (¬3) مصادر ترجمته: تاريخ العلماء بالأندلس 660.

35 - عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد أبو بكر وأبو خبيب الأسدي القرشي

35 - عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد أبو بكر وأبو خبيب الأسدي القرشي (¬1) الصحابي ابن الصحابي ولد حواري رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وابن أسماء ذات النطاقين وخالته عائشة الصديقة بنت الصديق وجده أبو بكر الصديق وجدته عمة النبي - صلى الله عليه وسلم - صفية وعمته أخت جده أم المؤمنين خديجة رضي الله عنهم أجمعين. أول مولود ولد بالمدينة بعد الهجرة للمسلمين. روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن أبيه وجده وخالته وعن عمر وعثمان وعلي وغيرهم. وروى عنه أخوه عروة وابناه عامر وعباد وعبيدة السلماني وطاوس وعطاء وابن أبي مليكة وعمرو بن دينار وثابت البناني وأبو الزبير وأبو إسحق السبيعي وهشام بن عروة وغيرهم. يعد من مشاهير مفسري القرآن الكريم من الصحابة كان من الفرسان المعدودين كأبيه، اشترك في غزو القسطنطينية وغزا إفريقية مع عبد الله بن سعد. قال: هجم علينا جرجير في عشرين ومائة ألف فأحاطوا بنا ونحن في عشرين ألفا. يعني في إفريقية. وهو الذي أدرك جرجيرا فطعنه فسقط فاحتز رأسه ونصبه على رمحه وكبر فحمل المسلمون على عدوهم ونصرهم الله. (¬2) وكان لاينازع في ثلاثة: شجاعة ولا عبادة ولا بلاغة، كان إذا قام إلى الصلاة كأنه عود وكان يصلي في الحجر لما حاصروه وحجر المنجنيق يقع حوله فما يلتفت. ولما قتل الحسين ثار ابن الزبير بالحجاز ثم بويع له بالخلافة عقب موت يزيد بن معاوية فحكم مصر والحجاز واليمن وخراسان والعراق وأكثر الشام وجعل قاعدة ملكه المدينة، وثارت ضده الفتن وبخاصة ¬

(¬1) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 1/ 308، التفسير والمفسرون 1/ 63، سير أعلام النبلاء 1/ 363، تهذيب التهذيب 5/ 213، حلية الأولياء 1/ 329، نسب قريش 237، المعرفة والتاريخ 1/ 243، الجمع بين رجال الصحيحين 1/ 240، أسد الغابة 3/ 242، الإصابة 2/ 309، العقد الثمين 5/ 141، الطبقات الكبرى 5/ 25، غاية النهاية 1/ 419، وفيات الأعيان 3/ 71، فوات الوفيات 2/ 171، تهذيب تاريخ دمشق 7/ 398، تاريخ دمشق 9/ 230، تاريخ الأمم والملوك 4/ 452، شذرات الذهب 1/ 79، الكامل 4/ 14، صفة الصفوة 1/ 322، كشف الظنون 1/ 428، مدرسة الحديث في القيروان 2/ 493. (¬2) انظر السير 1/ 371.

36 - عبد الله بن سعد بن سعيد بن أبي جمرة الأزدي أبو محمد الأندلسي

بالكوفة واشتغل بقتال الأمويين ودارت بينه وبينهم وقائع عدة انتهت بحصار الحجاج بن يوسف الثقفي له داخل الكعبة، قتل على أثره ابن الزبير وصلب بعد أن خذله أصحابه وبعد أن قاتل قتال الأبطال. دامت خلافته تسع سنوات وتوفي سنة ثلاث وسبعين وصلب مدة ثم أنزل فغسل بعد أن تقطعت أوصاله وكفن وصلي عليه وحمل إلى المدينة فدفن بها في دار أم المؤمنين صفية بالقرب من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (¬1) له في الصحيحين وغيرهما (¬2) أحاديث في التفسير في قوله تعالى {فلا وربك لايؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم} (¬3) وقوله {خذ العفو وأمر بالعرف} (¬4) وفي قوله {وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع} (¬5) وفي قوله {ياأيها الذين آمنوا لاتقدموا بين يدي الله ورسوله} (¬6) وقوله {ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم} (¬7) وغيرها. 36 - عبد الله بن سعد بن سعيد بن أبي جمرة الأزدي أبو محمد الأندلسي (¬8) عالم بالحديث مفسر من فقهاء المالكية أصله من الأندلس رحل إلى المشرق. قال ابن كثير عنه: الشيخ الإمام العالم الناسك ... كان قوالا بالحق أمارا بالمعروف نهاء عن المنكر. (¬9) قال التنبكتي: له كرامات عديدة رأيتها مجموعة في كراريس مع أخباره ... وناهيك من حاله وكراماته ماذكر أنه قال يوما: بحمد الله تعالى إنه لم يعص الله قط. (¬10) توفي بمصر سنة خمس وتسعين وستمائة وقيل غير ذلك. ¬

(¬1) انظر تهذيب تاريخ دمشق 7/ 421. (¬2) انظر لمواضعها تحفة الأشراف 4/ 323 - 327. (¬3) النساء: 65. (¬4) الأعراف: 199. (¬5) المائدة: 83. (¬6) الحجرات: 1. (¬7) الحديد: 16. (¬8) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للأدنوي ص: 162، معجم المفسرين 1/ 308، البداية والنهاية 13/ 346، نيل الابتهاج 140، شجرة النور 1/ 199، الأعلام 4/ 89، معجم المؤلفين2/ 243، هدية العارفين 1/ 462، كشف الظنون1/ 436، 437، 551 وغيرها، بروكلمان 1/ 372، ملحق: 1/ 635. (¬9) البداية 13/ 346. (¬10) النيل ص: 140.

37 - عبد الله بن طلحه بن محمد بن عبد الله أبو بكر وأبو محمد اليابري

له: تفسير القرآن ويعرف بتفسير ابن أبي جمرة. وله أيضا: جمع النهاية اختصر فيه البخاري، بهجة النفوس في شرح جمع النهاية، المرائي الحسان، شرح حديث عبادة بن الصامت وغير ذلك. 37 - عبد الله بن طلحه بن محمد بن عبد الله أبو بكر وأبو محمد اليابُري (¬1) أصله من يابرة (¬2)، ونزل أشبيلية قال الداوودي: كان ذا معرفة بالفقه والأصول والنحو والتفسير، خصوصا التفسير والتأليف فيه. (¬3) رحل إلى المشرق ودخل المهدية واستوطن مصر مدة ثم حج وقرأ عليه الزمخشري بمكة كتاب سيبويه. روى عن أبي الوليد الباجي وغيره روى عنه أبو المظفر الشيباني وأبو الحجاج يوسف القيرواني وغيرهما. قال ابن الأبار: كان ذا معرفة بالنحو والأصول والفقه وحفظ التفسير والقيام عليه وحلق به مدة بأشبيلية وغيرها، وهو كان الغالب عليه مع القصص. (¬4) توفي بمكة سنة ثماني عشرة وخمسمائة. له: شرح رسالة ابن أبي زيد، المدخل، الرد على ابن حزم، سيف الإسلام في مذهب مالك ألفه للأمير علي بن تميم الصنهاجي صاحب المهدية، (¬5) وغير ذلك. 38 - عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم أبو العباس القرشي (¬6) ¬

(¬1) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للسيوطي رقم 42، طبقات المفسرين للداوودي 1/ 238، طبقات المفسرين للأدنوي ص: 158، معجم المفسرين 1/ 310، بغية الوعاة 2/ 46، نيل الابتهاج ص: 131، التكملة 2/ 815، معجم البلدان 5/ 486، نفح الطيب 2/ 648، معجم المؤلفين 2/ 248. (¬2) يابرة: بياء تحتية فألف بعدها موحدة مضمومة مخففة ثم راء: بلد في غربي الأندلس من كور باجة الأندلس وهي قديمة. (انظر معجم البلدان 5/ 486، الروض المعطار 615). (¬3) الطبقات 1/ 238. (¬4) التكملة 2/ 815. (¬5) انظر النيل ص: 132. (¬6) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 1/ 232، طبقات المفسرين للأدنوي ص: 3، معجم المفسرين 1/ 310، التفسير والمفسرون 1/ 65، نسب قريش ص: 26، طبقات ابن سعد 2/ 365، أنساب الأشراف 3/ 290، طبقات أبي العرب ص: 17، حلية الأولياء 1/ 324، الاستيعاب 3/ 933، رياض النفوس 1/ 60، أسد الغابة 3/ 290، تهذيب التهذيب 5/ 276، الإصابة 2/ 330، حسن المحاضرة 1/ 214، غاية النهاية 1/ 425، معرفة القراء الكبار 1/ 46، وفيات الأعيان 3/ 62، سير أعلام النبلاء 3/ 331، تذكرة الحفاظ 1/ 37، النجوم الزاهرة 1/ 182، حلية الأولياء 1/ 314، تاريخ دمشق 9/ 475، الأعلام 4/ 95، تاريخ بغداد 1/ 173، التاريخ الكبير 5/ 3، مدرسة الحديث في القيروان 2/ 494.

الصحابي ابن الصحابي ترجمان القرآن ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخالته ميمونة أم المؤمنين رضي الله عنهم أجمعين. قال الذهبي: حبر الأمة وفقيه العصر وإمام التفسير. (¬1) ولد بشعب بني هاشم بمكة قبل الهجرة بثلاث سنين. روى عنه حوالي مائتي نفس منهم أئمة التفسير أصحاب مدرسته: عكرمة وطاووس وسعيد بن جبير ومجاهد بن جبر وأبو العالية وعطاء بن يسار وأربدة التميمي صاحب التفسير وأبو صالح باذام وعطاء بن أبي رباح والشعبي والحسن وابن سيرين ومحمد بن كعب القرظي والضحاك بن مزاحم والسدي وغيرهم. قال ابن يونس: غزا ابن عباس إفريقية مع ابن أبي السرح وروى عنه من أهل مصر خمسة عشر نفسا. (¬2) وهو الذي قسم الفيء بين المسلمين في فتح إفريقية. (¬3) قال ابن مسعود: نعم ترجمان القرآن ابن عباس. (¬4) وقال ابن عمر: هو أعلم الناس بما أنزل الله على محمد - صلى الله عليه وسلم -. (¬5) دعا له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم علمه الكتاب" وفي لفظ: الحكمة. (¬6) فكان من العلماء بكتاب الله عز وجل وتفسيره ومحكمه وناسخه ومنسوخه وعالما بالسنة وجميع العلوم الشرعية وكان طاوس يقول: هو بحر العلوم. قال ابن الجزري: بحر التفسير وحبر الأمة الذي لم يكن على وجه الأرض في زمانه أعلم منه. وعن ابن عباس قال: كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر فكأن بعضهم وجد في نفسه فقال: لم تدخل هذا معنا ولنا أبناء مثله؟ فقال ¬

(¬1) السير 3/ 331. (¬2) السير3/ 336. (¬3) رياض النفوس 1/ 60. (¬4) المعرفة 1/ 495. (¬5) انظر فتح الباري 7/ 100. (¬6) أخرجه البخاري في مواضع منها 7/ 100 وهو في المسند 1/ 266 وغيرها بلفظ: اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل، وأخرجه الحاكم في المستدرك 3/ 537 بلفظ: اللهم علمه تأويل القرآن.

عمر: إنه من حيث علمتم، فدعاه ذات يوم فأدخله معهم فما رأيت أنه دعاني يومئذ إلا ليريهم. قال: ماتقولون في قول الله تعالى: {إذا جاء نصر الله والفتح} (¬1)؟ فقال: بعضهم: أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا، وسكت بعضهم فلم يقل شيئا. فقال لي: أكذلك تقول ياابن عباس؟ فقلت: لا. قال: فما تقول؟ قلت: هو أجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلمه له. قال: {إذا جاء نصر الله والفتح} وذلك علامة أجلك {فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا} (¬2) فقال عمر: ما أعلم منها إلا ما تقول. (¬3) وقرأ ابن عباس يوما سورة النور ثم جعل يفسرها فقال رجل: لو سمعت هذا الديلم لأسلمت. (¬4) توفي بالطائف وقد كف بصره سنة ثمان وستين وصلى عليه محمد ابن الحنفية وقال: اليوم مات حبر هذه الأمة. وعن سعيد بن جبير قال: مات ابن عباس بالطائف فجاء طائر لم ير على خلقته فدخل نعشه ثم لم ير خارجا منه فلما دفن تليت هذه الآية على شفير القبر لا يدرى من تلاها {ياأيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية}. (¬5) له كتب لم يدونها وإنما رويت عنه وكثير مما فيها لايصح عنه منها: التفسير من رواية الكلبي عن أبي صالح عنه. (¬6) تفسير سورة الواقعة. (¬7) غريب القرآن الوارد عن ابن عباس. (¬8) مسائل نافع بن الأزرق: وهي في ألفاظ من القرآن ¬

(¬1) النصر: 1. (¬2) النصر: 3. (¬3) أخرجه البخاري 8/ 99. (¬4) انظر المعرفة 1/ 495. (¬5) الفجر: 27 والرواية أخرجها الحاكم في المستدرك 3/ 543 وقال الهيثمي: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح (مجمع الزوائد 9/ 285) وقال الذهبي بعد أن ذكرها من طرق: فهذه قضية متواترة (السير 3/ 358). (¬6) وهو مطبوع بهامش الدر المنثور بعنوان تنوير المقباس في تفسير ابن عباس، وله نسخ خطية كثيرة انظر لها الفهرس الشامل 1/ 11، قال السيوطي في معرض كلامه عن طرق التفسير عن ابن عباس: وأوهى طرقه طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس فإذا انضم إلى ذلك رواية محمد بن مروان السدي الصغير فهي سلسلة الكذب (الإتقان 2/ 242). (¬7) منه نسخة في المكتب الهندي وانظر بروكلمان الملحق 1/ 133، الفهرس الشامل 1/ 14. (¬8) منه نسخة في عاطف أفندي وانظر سزكين 1/ 27، 31، الفهرس الشامل 1/ 14 وهي بتنقيح عطاء بن أبي رباح انظر معجم المفسرين1/ 310.

39 - عبد الله بن عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى القرشي أبو عبد الرحمن العدوي

يستدل فيها ابن عباس على معانيها بالشعر. (¬1) وتوجد صحيفة تفسيرية عنه هي من أصح الروايات في تفسير ابن عباس وهي صحيفة علي بن أبي طلحة عنه استوعبها كلها تقريبا الطبري وابن أبي حاتم. (¬2) وله أيضا: اللغات في القرآن، عدد الأنبياء (¬3)، الإسراء والمعراج وهو مطبوع. 39 - عبد الله بن عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى القرشي أبو عبد الرحمن العدوي (¬4) الصحابي ابن الصحابي الفقيه الإمام الابن الأكبر للفاروق وأخو حفصة أم المؤمنين الشقيق رضي الله عنهم أجمعين ولد بمكة سنة عشر قبل الهجرة. أسلم صغيرا مع والده وهاجر إلى المدينة معه واستصغر يوم أحد وبايع بيعة الرضوان. لما قتل عثمان عرض عليه أن يبايع بالخلافة فأبى، واعتزل الفتنة أيام علي ومعاوية. روى علما كثيرا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن أبيه وأبي بكر وعثمان ¬

(¬1) وهي مروية متتالية في معجم الطبراني وكذا نقلها السيوطي في الإتقان (2/ 158 - 175) عن الطبراني والطستي وغيرهما وذكرها مفرقة في الدر المنثور كل رواية في مكانها من التفسير. ولها نسخ خطية في الظاهرية ومكتبة الدولة ببرلين وفي مكتبة أمبروزيانا وانظر الفهرس الشامل 1/ 14. (¬2) جمعها الأخ الشيخ أحمد عائش في رسالته للماجستير المقدمة لجامعة أم القرى باسم صحيفة علي بن أبي طلحة، وروى النحاس عن الإمام أحمد قوله: بمصر صحيفة تفسير رواها علي بن أبي طلحة لو رحل رجل فيها إلى مصر قاصدا ما كان كثيرا (انظر الناسخ والمنسوخ ص: 12) قال الذهبي: روى معاوية بن صالح عنه (أي عن علي بن أبي طلحة) عن ابن عباس تفسيرا كبيرا ممتعا (ميزان الاعتدال 3/ 134) وقد صحح إسنادها السيوطي كما في الإتقان (1/ 43) وانظر كمثال تفسير الطبري رقم 6574، تفسير ابن أبي حاتم (آل عمران ص: 48 رقم 71). (¬3) انظر نسخهما في الفهرس الشامل 1/ 14. (¬4) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 1/ 317، الطبقات الكبرى 4/ 142، حلية الأولياء 1/ 292، الاستيعاب 950، أسد الغابة 3/ 227، الإصابة 2/ 347، المعرفة والتاريخ 1/ 249، الجرح والتعديل 5/ 107، تهذيب التهذيب 5/ 328، صفة الصفوة 1/ 228، وفيات الأعيان 3/ 28، تاريخ بغداد 1/ 171، شذرات الذهب 1/ 81، العبر 1/ 83، غاية النهاية1/ 437، النجوم الزاهرة 1/ 192، كشف الظنون 1/ 430، مدرسة الحديث في القيروان 2/ 494.

40 - عبد الله بن محمد بن حنين (حسن) (حسين) بن عبد الله بن عبدالملك بن مروان بن عبيد الله الكلابي (الكلاعي) يعرف بابن أخي (أبي) ربيع (رفيع) الصباغ (الصائغ) القرطبي الأندلسي

وعلي وغيرهم. وروى عنه أمة منهم أبناؤه سالم وزيد وبلال وأنس بن سيرين والحسن البصري وسعيد بن جبير وسعيد بن المسيب وعطاء بن أبي رباح وعطية العوفي ومولاه نافع وغيرهم. غزا إفريقية مرتين الأولى مع ابن أبي السرح والثانية مع معاوية بن حديج. قال نافع لو نظرت إلى ابن عمر إذا اتبع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقلت: هذا مجنون. (¬1) وكان إذا قرأ {ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله} (¬2) بكى حتى يغلبه البكاء. (¬3) روى عنه مالك بن أنس أنه بلغه أن ابن عمر مكث على سورة البقرة ثمان سنين يتعلمها. (¬4) عمر طويلا وكف بصره في آخر عمره. توفي سنة ثلاث وسبعين وقيل: سمه الحجاج. ورد عنه اليسير من التفسير. (¬5) قال ابن الجزري: روى عنه عاصم الجحدري أنه كان يقرأ {في عين حامية} (¬6) بالألف ويقول: حارة. (¬7) 40 - عبد الله بن محمد بن حنين (حسن) (حسين) بن عبد الله بن عبدالملك بن مروان بن عبيد الله الكلابي (الكلاعي) يعرف بابن أخي (أبي) ربيع (رفيع) الصباغ (الصائغ) القرطبي الأندلسي (¬8) الإمام الحافظ العالم المتفنن من أهل قرطبة سمع من ابن الأعناقي وأبي صالح أيوب وابن لبابة وأحمد بن خالد وابن أيمن وعبد الله بن يحيى وأسلم بن ¬

(¬1) حلية الأولياء 1/ 310. (¬2) الحديد: 16. (¬3) الحلية 1/ 305. (¬4) الموطأ 1/ 205 وهذا البلاغ وصله ابن سعد بإسناد حسن ولفظه أن ابن عمر تعلم سورة البقرة في أربع سنين. (الطبقات 4/ 164) وانظر مرويات الإمام مالك في التفسير ص: 9. (¬5) انظر معجم المفسرين 1/ 317. (¬6) الكهف: 86. (¬7) غاية النهاية 1/ 437. (¬8) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 1/ 253، معجم المفسرين 1/ 307، 321، المدرسة القرآنية 1/ 157، تذكرة الحفاظ 3/ 891، الأعلام 4/ 119، سير أعلام النبلاء 15/ 245، تاريخ علماء الأندلس 1/ 223، جذوة المقتبس 390، بغية الملتمس 330، الديباج 139، طبقات الحفاظ 364، ترتيب المدارك 5/ 211، معجم المؤلفين 2/ 278. وقد حدث في اسمه ونسبته وشهرته تصحيفات أثبتها عاليه بين الأقواس وقد ترجمه صاحب معجم المفسرين مرتين لأجل ذلك.

41 - عبد الله بن محمد بن عبد الملك بن عبد الله بن محمد البكري التونسي أبو محمد المرجاني

عبد العزيز، ومحمد بن وضاح وطبقته رحل للمشرق ودخل مصر وأخذ عن أعلام منهم ابن يونس. قال أحمد بن سعيد: كان من أهل المروءة والعلم والتقى مع هدي حسن وسمت عجيب لم أر مثله وقارا وحلما وسعة فهم في الحديث ومعانيه. (¬1) توفي لاثنتي عشرة ليلة بقيت من ذي الحجة سنة ثمان عشرة وثلاثمائة وقيل: سنة اثنتين وعشرين. له: تفسير. اختصر فيه تفسير بقي بن مخلد. وله أيضا: تأليف في معرفة الرجال وعلل الحديث، مختصر مسند بقي بن مخلد، وهو الذي بدأ الاستيعاب ثم تممه ابن المكوى والمعيطي. 41 - عبد الله بن محمد بن عبد الملك بن عبد الله بن محمد البكري التونسي أبو محمد المرجاني (¬2) صوفي أصله من تونس، له معرفة بالفقه، ودراية بالتفسير على طريقة المتصوفة. ولد بالإسكندرية سنة ثلاث وثلاثين وستمائة، وقيل سبع وثلاثين. اشتهر بمواعظه مع حلو عبارته، ولطيف إشارته. وعظ بمصر والإسكندرية وقال عنه الذهبي - وهو معاصره -: لم يصنف شيئا ولا كان أحد يقدر أن يعيد ما يقوله لكثرة ما يقول على الآية. مات بتونس سنة تسع وتسعين وستمائة. له: الفتوحات الربانية في المواعظ المرجانية (¬3): وهي دروس تفسير لست وعشرين سورة جمعها أحد تلاميذه ومريديه يعرف بابن السكري (¬4) ¬

(¬1) المدارك 5/ 211. (¬2) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 1/ 324، الأعلام 4/ 125، تراجم المؤلفين 4/ 300، تذكرة الحفاظ ص: 1489، شجرة النور الزكية 4/ 193، شذرات الذهب 5/ 451، الطبقات الكبرى 2/ 172، العبر 5/ 408، كشف الظنون ص: 1237، مرآة الجنان4/ 232، معجم المؤلفين 2/ 286، هدية العارفين 1/ 463، الوافي بالوفيات 17/ 595، العمر 1/ 1 / 151 رقم 13. (¬3) منه نسخة خطية في مجلد بالمكتبة التيمورية، وأخرى بالمكتبة الظاهرية بدمشق (انظر العمر 1/ 1 / 152). (¬4) هو علي بن عبد العزيز بن الرحمان يعرف بابن السكري. كان حيا سنة 688 هـ كما هو مذكور بآخر نسخة كتاب الفتوحات الربانية فهرس الخزانة التيمورية. وانظر الفهرس الشامل 1/ 346.

42 - عبد الله بن مطرف بن محمد أبو محمد ابن آمنة القرطبي

مما كان يلقيه في دروسه ومواعظه. وله أيضا: شرح زايرجة المراكشي، بهجة النفوس والأسرار في هجرة النبي المختار. (¬1) 42 - عبد الله بن مطرف بن محمد أبو محمد ابن آمنة القرطبي (¬2) مفسر من أهل قرطبة من فقهاء المالكية سمع من ابن وضاح وغيره وأخذ عنه محمد بن قاسم وغيره. قال ابن بشكوال: كان رجلا مغفلا صالحا. رحل إلى المشرق سنة إحدى عشرة وثلاث مائة وكان وافقا في سفرته لأحمد بن سعيد، وابن أبي عيسى، ومحمد بن مسرة. رجع إلى بلده فتوفي بها سنة أربعين وثلاثمائة. له: كتاب في تفسير القرآن حذف منه الإسناد قال ابن بشكوال: رأيت بعضه بخطه. - عبد الله بن محمد بن حسن بن عبد الله بن عبد الملك (¬3) 43 - عبد اللطيف بن أحمد بن علي بن محمد بن محمد بن عبد الرحمن الحسني نجم الدين الفاسي أبو الثناء المكي الشافعي (¬4) فقيه أصولي مفسر مشارك في بعض العلوم قال الداوودي: عني بالفقه والأصلين والتفسير والعربية والمعاني والبيان والمنطق وغير ذلك. (¬5) أصله من فاس وولد بمكة سنة ثمان وسبعين وسبعمائة. سمع بمكة والمدينة والقاهرة واليمن ودخل تونس وحدث بها. أخذ عن عز الدين ابن جماعة وابن الملقن والأبناسي والبلقيني والعراقي وغيرهم. درس بالحرم الشريف وأفتى. عاد إلى القاهرة واستوطنها إلى أن توفي بها شهيدا بالطاعون يوم ¬

(¬1) انظر كشف الظنون ص: 1237. (¬2) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 1/ 328، المدرسة القرآنية 1/ 157، تاريخ العلماء بالأندلس 695، جذوة المقتبس 1/ 269، إيضاح المكنون 1/ 302، هدية العارفين 1/ 445، معجم المؤلفين 2/ 299. (¬3) انظر عبد الله بن محمد بن حنين. (¬4) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 1/ 352، معجم المفسرين 1/ 301، الضوء اللامع 4/ 322. (¬5) الطبقات 1/ 352.

44 - عبد الملك بن حبيب بن سليمان بن هارون بن جاهمة بن عباس ابن مرداس أبو مروان السلمي الإلبيري القرطبي

الخميس سادس جمادى الأولى سنة ثلاث وأربعين وثمانمائة. 44 - عبد الملك بن حبيب بن سليمان بن هارون بن جاهمة بن عباس ابن مرداس أبو مروان السلمي الإلبيري القرطبي (¬1) عالم بالتفسير والفقه والتاريخ والأدب أصله من طليطلة ولد بإلبيرة سنة أربع وسبعين ومائة وسكن قرطبة. رحل إلى المشرق وسمع من أصحاب مالك وقيل لقيه هو نفسه، ولما عاد رتبه الأمير عبد الرحمن بن الحكم في طبقة المفتين بقرطبة. أخذ عن الغاز بن قيس وابن الماجشون ومطرف وابن المبارك وأسد بن موسى وغيرهم. كان ذابا عن مذهب مالك وقال بعضهم: رأيته يخرج من الجامع وخلفه نحو ثلاثمائة نفر طالب حديث وفرائض وإعراب وفقه. (¬2) قال ابن المعلى: هل رأيت كتبا تحبب الله إلى خلقه وتعرفهم به ككتب عبد الملك ابن حبيب؟ (¬3) كان له قارورة قد أذاب فيها اللبان والعسل يشرب منها كل غداة على الريق للحفظ. توفي بقرطبة في ذي الحجة وقيل في رمضان سنة ثمان وثلاثين ومائتين وقيل: تسع وثلاثين فقال سحنون: مات عالم الأندلس، بل والله عالم الدنيا. له كتب كثيرة قيل له: كم ألفت؟ قال: ألف وخمسون كتابا. منها: تفسير القرآن: ستون جزءا الناسخ والمنسوخ إعراب القرآن رغائب القرآن وله أيضا: الواضحة في الفقه، الفرائض، كراهية الغناء، ¬

(¬1) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 1/ 353، معجم المفسرين 1/ 302، المدرسة القرآنية في المغرب 1/ 140، القرآن وعلومه في مصر 1/ 429، كشف الظنون 909، الذيل على كشف الظنون 3/ 309، الديباج 1/ 156، بغية الملتمس 364، تاريخ علماء الأندلس 1/ 313، جذوة المقتبس 1/ 264، نفح الطيب 3/ 214، شجرة النور الزكية 1/ 74، مرآة الجنان 2/ 122، الديباج 154، تهذيب التهذيب 3/ 391، لسان الميزان 4/ 59، ترتيب المدارك 3/ 30، بغية الوعاة 2/ 109، تذكرة الحفاظ 2/ 537، ميزان الاعتدال 2/ 652، إنباه الرواة 2/ 206، شذرات الذهب 2/ 90، النجوم الزاهرة 2/ 293، العبر 1/ 427، المغرب في حلي المغرب 2/ 96، طبقات النحاة لابن قاضي شهبة 2/ 100، طبقات النحويين للزبيدي 260، سير أعلام النبلاء 12/ 102، الأعلام 4/ 302، معجم المؤلفين 2/ 316. (¬2) طبقات الداوودي 1/ 354. (¬3) انظر نفح الطيب 2/ 8.

45 - عثمان بن سعيد بن عثمان بن سعيد بن عمر الأموي القرطبي ابن الصيرفي أبو عمرو الداني

الجامع، الرغائب، العلم بالجوارح، فضائل الصحابة، تفسير الموطأ، حروب الإسلام، طبقات الفقهاء والتابعين، غريب الحديث، مغازي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، سيرة الإمام، الباه والنساء، كتب في المواعظ وكتب في الطب وغير ذلك. 45 - عثمان بن سعيد بن عثمان بن سعيد بن عمر الأموي القرطبي ابن الصيرفي أبو عمرو الداني (¬1) الإمام العلم، نزيل دانية (¬2) ولد بقرطبة سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة قال: ابتدأت بطلب العلم في سنة ست وثمانين وثلاثمائة، ورحلت إلى المشرق سنة سبع وتسعين فمكثت بالقيروان أربعة أشهر، أكتب ثم دخلت مصر في شوال من السنة، فمكثت بها سنة، وحججت ودخلت الأندلس في ذي القعدة سنة تسع وتسعين وخرجت إلى الثغر سنة ثلاث وأربعمائة، فسكنت سرقسطة سبعة أعوام، ثم رحلت إلى قرطبة، قال: وقدمت دانية سنة سبع عشرة. استوطن دانية حتى مات قرأ على عبد العزيز بن جعفر بن خواستي الفارسي، وعلى خلف بن إبراهيم بن خاقان، وأبي الفتح فارس بن أحمد وأبي الأحمد طاهر بن غلبون وسمع الحديث من أبي مسلم، ومن أحمد بن فراس العبقسي، وعبدالرحمن بن أحمد الزاهد، وحاتم بن عبدالله البزاز، وأحمد بن فتح الرسان، ومحمد بن خليفه بن عبد الجبار، وأحمد بن عمر بن محفوظ الحيري، وعبد الرحمن بن عمر بن النحاس وأبي الحسن علي بن ¬

(¬1) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للسيوطي 159، طبقات المفسرين للداوودي 1/ 373، معجم المفسرين 1/ 342، إنباه الرواة 2/ 341، بغية الملتمس 399، تذكرة الحفاظ 3/ 1120، الصلة 398، جذوة المقتبس 286، الديباج المذهب 188، روضات الجنات 467، الرسالة المستطرفة 139، الصلة 2/ 385، غاية النهاية 1/ 503، معرفة القراء الكبار 1/ 325، طبقات النحاة لابن قاضي شهبة 2/ 127، العبر 3/ 207، شذرات الذهب 3/ 272، مرآة الجنان 3/ 62، معجم الأدباء 5/ 36، معجم البلدان 2/ 540، مفتاح السعادة 2/ 47، النجوم الزاهرة 5/ 54، نفح الطيب 2/ 136، الأعلام 4/ 206، شجرة النور الزكية 1/ 115، بروكلمان 1/ 407، ملحق 1/ 719، هدية العارفين 1/ 653، كشف الظنون 135، 355، 493 وغيرها، معجم المؤلفين 2/ 360، سير أعلام النبلاء 18/ 77. (¬2) مدينة بالأندلس من أعمال بلنسية على ضفة البحر شرقا (انظر معجم البلدان 2/ 494).

محمد القابسي، وأبي عبد الله بن أبي زمنين، وعبد الوهاب بن منير المصري، وطائفة كبيرة قرأ عليه أبو بكر ابن الفصيح، وأبو الحسين يحيى بن أبي زيد، وأبو بكر محمد بن المفرج، وأبو الحسن علي بن عبد الرحمن بن الدش، وأبو داود سليمان بن نجاح، وأبو عبد الله محمد بن مزاحم، وأبو علي الحسين بن علي، وأبو القاسم خلف بن إبراهيم، وأبو إسحاق إبراهيم بن علي، وخلق سواهم قال ابن بشكوال: كان أبو عمرو أحد الأئمة في علم القرآن رواياته ومعانيه وتفسيره وإعرابه، وجمع في ذلك تواليف حساناً مفيدة يطول تعدادها، وله معرفه بالحديث وطرقه وأسماء رجاله ونقلته، وكان حسن الخط، جيد الضبط، من أهل الحفظ والذكاء والتفنن، ديناً فاضلاً ورعاً سنيا. (¬1) وقال المغامي: كان أبو عمرو مجاب الدعوة مالكي المذهب. (¬2) قال الذهبي: وكتبه في غاية الحسن والإتقان ... بلغني أن له مائة وعشرين مصنفا (¬3). وكان بين الداني وابن حزم الظاهري منافرة عظيمة، أفضت إلى المهاجاة بينهما، ولكل واحد منهما في الآخر هجاء يقذع فيه غفر الله لهما ومن أرجوزته: ومن صحيح ماأتى به الخبر ... وشاع في الناس قديما وانتشر نزول ربنـ - ابلا امتراء ... في كل ليلة إلى السماء من غير ماحد ولاتكييف ... سبحانه من قادر لطيف ورؤية المهيمن الجبار ... وأننا نراه بالأبصار يوم القيامة بلا ازدحام ... كرؤية البدر بلا غمام وضغطة القبر على المقبور ... وفتنة المنكر والنكير فالحمد لله الذي هدانا ... لواضح السنة واجتبانا قال الذهبي: إلى أبي عمرو المنتهى في تحرير علم القراءات وعلم المصاحف مع البراعة في علم الحديث والتفسير والنحو وغير ذلك. (¬4) توفي الحافظ أبو عمرو الداني بدانية يوم الاثنين منتصف شوال، سنة أربع وأربعين ¬

(¬1) الصلة 2/ 406. (¬2) المرجع السابق. (¬3) السير 18/ 79. (¬4) السير 18/ 80.

46 - عطية بن محمد بن سالم المصري ثم المدني

وأربعمائة ودفن ليومه بعد العصر، ومشى صاحب دانية أمام نعشه، وشيعه خلق عظيم. له: جامع البيان في القراءات السبع وطرقها المشهورة والغريبة، إيجاز البيان في قراءة ورش، التلخيص في قراءة ورش، التيسير في القراءات السبع، المقنع في رسم المصحف، المحتوى في القراءات الشواذ، الأرجوزة في أصول السنة، طبقات القراء وأخبارهم، الوقف والابتداء، التمهيد لاختلاف قراءة نافع، الاقتصاد في القراءات السبع، اللامات والراءات لورش، الفتن، مذاهب القراء في الهمزتين، اختلافهم في الياءات، الفتح والإمالة لأبي عمرو بن العلاء، ثم عامة تواليفه جزءاً جزءاً. 46 - عطية بن محمد بن سالم المصري ثم المدني (¬1) فقيه قاض مشتغل بالتفسير من المعاصرين ولد بالمهدية من أعمال الشرقية بمصر سنة ست وأربعين وثلاثمائة وألف وبدأ حياته العلمية بالدراسة في حلقات المسجد النبوي حيث قرأ بلوغ المرام ورياض الصالحين وموطأ مالك ونيل الأوطار ثم صحيح البخاري والسنن لأبي داود وغير ذلك من كتب الفقه والمصطلح والفرائض واللغة على المشايخ. ثم التحق بالمعهد العلمي بالرياض ومنه انتقل إلى كليتي الشريعة واللغة فتحصل على المؤهلات العلمية فيهما. ولازم الأمين الشنقيطي المفسر طوال أربع سنوات لايكاد يفارقه حتى في رحلته للحج ورحلته إلى دول إفريقية التي كونتها الجامعة الإسلامية ورابطة العالم الإسلامي بمكة من الأمين رئيسا وثلاثة من خيرة طلابه ومنهم المترجم ومحمد أمان الجامي وسيد الأمين المامي، وشملت عشر دول إفريقية بدأت بالسودان وانتهت بموريتانيا وكان لها أثر كبير في تلك البلاد، فكانت فرصة عمره للتحصيل، وكان مما درس عليه التفسير وأصوله، وأصول الفقه والفرائض وأدب البحث والمناظرة وغير ذلك. (¬2) كما درس على عبد الرحمن الإفريقي وتأثر به، وكذا محمد الحركان ¬

(¬1) مصادر ترجمته: علماء ومفكرون عرفتهم 2/ 201 - 226، السلفية وأعلامها في موريتانيا ص: 371، مذكراتي الشخصية. (¬2) انظر السلفية وأعلامها ص: 371.

47 - علي بن سليمان الزهراوي الحاسب أبو الحسن الغرناطي

ومحمد بن تركي وكانوا من مشايخه بالحرم النبوي، كما استفاد كثيرا من شيخه عبد الرزاق عفيفي أثناء دراسته النظامية. وتأثر أيضا بعبد العزيز بن باز أثناء دراسته ثم عمله بالتدريس في الرياض وفي الجامعة الإسلامية، وعبد العزيز بن صالح أثناء اشتغاله بالقضاء تحت رئاسته. وقد تقاعد الشيخ من القضاء والتدريس وبقي مدرسا بالحرم النبوي إلى الآن وتقوم إذاعة القرآن الكريم بالمملكة بنقل دروسه عبرها نفع الله به، وهو يعاني حاليا من بعض الأمراض شفاه الله وعافاه. له أعمال علمية أشهرها وأحبها لقلبه: إكمال كتاب شيخه الأمين أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن. من نهاية سورة المجادلة إلى آخر القرآن. وله: سجدات القرآن. وله أيضا: فهارس التمهيد لابن عبد البر وغير ذلك. 47 - علي بن سليمان الزهراوي الحاسب أبو الحسن الغرناطي (¬1) فقيه مالكي كان من أهل العلم بالتفسير والقراءات والفرائض والعدد والهندسة مشارك في الطب وغيره، وكان إماما بجامع مدينة غرناطة خطيبا به أخذ العلوم الرياضية عن مسلمة بن أحمد المجريطي. رحل إلى المشرق فحج في نحو سبعة أشهر. حدث عنه أبو بكر المصحفي وغيره توفي سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة له: كتاب كبير في تفسير القرآن. وله أيضا: المعاملات على طريق البرهان سماه كتاب الأركان، الزهراوي في الطب. 48 - علي بن عبد الله بن محمد بن سعيد بن موهب أبو الحسن الجذامي (¬2) مفسر من أهل المرية بالأندلس ولد لعشر خلون من رمضان سنة إحدى ¬

(¬1) مصادر ترجمته: طبقات الداوودي 1/ 409، معجم المفسرين 1/ 362، المدرسة القرآنية 1/ 158، 177، الصلة 2/ 293، بغية الملتمس 410، عيون الإبناه 2/ 40، معجم الأطباء 306، هدية العارفين 1/ 686، الديباج 1/ 211، معجم المؤلفين 2/ 447. (¬2) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للسيوطي 24، طبقات المفسرين للداوودي 1/ 413، طبقات المفسرين للأدنوي 162، معجم المفسرين 1/ 368، المدرسة القرآنية 1/ 230، نيل السائرين 114، 162 باسم محمد بن علي، الصلة 2/ 504، مرآة الجنان 3/ 260، شذرات الذهب 4/ 99، العبر 4/ 88، سير أعلام النبلاء 20/ 48، معجم الأدباء 14/ 5، هدية العارفين 1/ 696.

49 - علي بن عبد الله بن خلف بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الملك الأنصاري أبو الحسن ابن النعمة

وأربعين وأربعمائة وكان من أهل العلم والمعرفة والذكاء والفهم وله معرفة بأصول الدين روى عن أبي العباس العذري كثيرا واختص به، وسمع من القاضي أبي إسحق بن وردون وغيره وأجاز له أبو عمر بن عبد البر وأبو الوليد الباجي ماروياه وحج بيت الله الحرام روى عنه جماعة منهم عبد الله بن محمد الأشيدي توفي ليلة الخميس السادس عشر من جمادى الأولى سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة له: تفسير القرآن. قال ابن بشكوال: جمع في تفسير القرآن كتابا حسنا مفيدا (¬1). وله أيضا: كتاب الأصول. 49 - علي بن عبد الله بن خلف بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الملك الأنصاري أبو الحسن ابن النعمة (¬2) عالم بالعربية حافظ مفسر ولد بالمرية بالأندلس وسكن بلنسية فكان خطيبها وانتهت إليه رئاسة الإقراء والفتوى فيها. قال ابن الأبار: كان عالما متقنا، حافظا للفقه والتفاسير ومعاني الآثار والسنن، متقدما في علم اللسان، فصيحا مفوها ورعا، معظما عند الخاصة والعامة وهو خاتمة العلماء بشرق الأندلس (¬3). انتهت إليه رئاسة الإقراء والإفتاء وانتفع به الناس وكثر الراحلون إليه. رحل إلى المشرق ودخل القاهرة. توفي في شهر رمضان سنة سبع وستين وخمسمائة. له: ري الظمآن في تفسير القرآن: في عدة مجلدات. ¬

(¬1) الصلة 2/ 504. (¬2) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للسيوطي 23، طبقات المفسرين للداوودي 1/ 407، طبقات المفسرين للأدنوي ص: 189، معجم المفسرين 1/ 368، نيل السائرين 139، بغية الملتمس 411، نيل الابتهاج 200، غاية النهاية 1/ 553، بغية الوعاة 2/ 171، النجوم الزاهرة 6/ 66، سير أعلام النبلاء 20/ 584، شذرات الذهب 4/ 223، العبر 4/ 198، مرآة الجنان 3/ 382، التكملة 669، المعجم 286، فهرس الفهارس 2/ 28، كشف الظنون 440، هدية العارفين 1/ 700، الأعلام 4/ 304. (¬3) التكملة 669.

50 - علي بن فضال بن علي بن غالب بن جابر أبو الحسن القيرواني المجاشعي التميمي الفرزدقي

وله أيضا: الإمعان في شرح سنن النسائي أبي عبد الرحمن. 50 - علي بن فضَّال بن علي بن غالب بن جابر أبو الحسن القيرواني المجاشعي التميمي الفرزدقي (¬1) من ذرية الفرزدق الشاعر. كان إماماً في اللغة والنحو والتصريف والأدب والتفسير والسير. ولد بهجر (¬2). من أهل القيروان وطوف الأرض فتنقل بين بلدان مصر والعراق والشام والعجم حتى وصل إلى مدينة غزنة. وأقام بغزنة مدة، وصادف بها قبولاً، ورجع إلى العراق وأقرأ ببغداد مدة النحو واللغة، وحدث بها عن جماعة من شيوخ المغرب، منهم مكي بن أبي طالب. قال هبة الله السقطي: كتبت عنه أحاديث فعرضتها على بعض المحدثين فأنكرها، وقال: أسانيدها مركبة على متون موضوعة، فاجتمع به جماعة من المحدثين وأنكروا عليه، فاعتذر، وقال: وهمت فيها وممن أنكرها عليه عبد الله سبعون القيرواني لمعرفته برجال المغرب. (¬3) قال عبد الغافر: ورد ابن فضال نيسابور فاجتمعت به، فوجدته بحراً في علمه ماعهدت في البلديين ولا في الغرباء مثله في حفظه ومعرفته وتحقيقه ... .، وكان حنبليا يقع في كل شافعي. (¬4) ¬

(¬1) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للسيوطي 57، طبقات المفسرين للداوودي 1/ 124، طبقات المفسرين للأدنوي ص: 135، معجم المفسرين 1/ 373، نيل السائرين 103، إنباه الرواة 2/ 299، البداية والنهاية 12/ 132، سير أعلام النبلاء 18/ 528، لسان الميزان 4/ 249، طبقات النحاة لابن قاضي شهبة 2/ 177، مرآة الجنان 3/ 132، معجم الأدباء 14/ 90، المنتظم 9/ 33، بغية الوعاة 2/ 183، النجوم الزاهرة 5/ 124، المنتخب من السياق ص: 395، معجم المؤلفين 2/ 485، الأعلام 4/ 319، المنتظم 9/ 33، الكامل 10/ 159، العبر 3/ 295، لسان الميزان 4/ 249، روضات الجنات 485، كشف الظنون 1027، 1179، إيضاح المكنون 1/ 116، 178، شذرات الذهب 3/ 363، هدية العارفين 1/ 693. (¬2) هجر: مدينة ناحية البحرين. انظر معجم البلدان 5/ 452، معجم مااستعجم 4/ 1346. (¬3) لسان الميزان 4/ 249. (¬4) انظر بغية الوعاة 2/ 183.

51 - علي بن القاسم بن يونش الإشبيلي أبو الحسن ابن الزقاق

وقال أيضا: ورد نيسابور في سني نيف وأربعمائة وعاد ثانية إليها سنة سبعين وأربعمائة ... أجاز لي بجميع مسموعاته ومجموعاته وتصانيفه. (¬1) ومن شعره الشهير: وإخوان حسبتهمُ دروعاً ... فكانوها ولكن للأعادي وخلتهمُ سهاما صائبات ... فكانوها ولكن في فؤادي وقالوا قد صفت منا قلوب ... لقد صدقوا ولكن من ودادي (¬2) مات ببغداد يوم الثلاثاء ثاني عشر ربيع الأول سنة تسع وسبعين وأربعمائة، دفن بباب إبرز. (¬3) من مصنفاته: البرهان العميدي في التفسير: عشرون مجلداً. الإكسير في علم التفسير: خمسة وثلاثون مجلداً. نكت المعاني على آيات المثاني. (¬4) كتاب كبير في بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: وقد وعده إمام الحرمين بألف دينار عليه فألفه فلما فرغ من قراءته عليه لم يعطه شيئا فتوعده بأن يهجوه فبعث إليه: عرضي فداؤك. (¬5) وله أيضا: إكسير الذهب في صناعة الأدب، شرح معاني الحروف للرماني، شرح عنوان الإعراب، الفصول في معرفة الأصول، الإشارة إلى تحسين العبارة، المقدمة في النحو، معارف الأدب في النحو، كتاب الدول في التاريخ، العوامل والهوامل في النحو، شرح معاني الأدب والعروض، شجرة الذهب في معرفة أئمة الأدب. 51 - علي بن القاسم بن يونش (¬6) الإشبيلي أبو الحسن ابن الزقاق (¬7) عالم بالعربية من أهل إشبيلية رحل إلى المشرق ونزل الجزيرة الفراتية وخطب برأس عين الخابور مدة وسكن دمشق ثم حلب. ¬

(¬1) المنتخب ص: 395. (¬2) انظر معجم الأدباء 14/ 93. (¬3) انظر البداية 12/ 132. (¬4) منه نسخة في طوبقبوسراي انظر الفهرس الشامل 1/ 116 وجاء في بعض المصادر باسم النكت في القرآن. (¬5) انظر السير 18/ 528، معجم الأدباء 14/ 97، إنباه الرواة 2/ 300. (¬6) بالشين المعجمة. (¬7) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 787، إنباه الرواة 2/ 304، وبغية الوعاة 2/ 184 وهو فيه ابن الدقاق، وتاج العروس 4/ 963، ومعجم المحدثين والمفسرين 44، والأعلام 5/ 137.

52 - علي بن محمد أبو الحسن الغرناطي

حج فمات عائدًا بطريق مكة سنة خمس وستمائة. له: شرح مفردات القرآن. 52 - علي بن محمد أبو الحسن الغرناطي (¬1) مفسر من فقهاء المالكية من أهل غرناطة، كان عالمًا زاهدًا. قال عبد العزيز بنعبد الله: صحب أبا بكر بن العربي المعافري فرآه مقتصرًا على علم التفسير فقال: إن هذا سيكون له شأن. فسر القرآن للناس من أوله إلى آخره. توفي بمراكش سنة سبع وسبعين وخمسمائة. 53 - علي بن محمد بن حسن الأنصاري الإشبيلي أبو الحسن الجياني (¬2) قاض أندلسي من الكتاب أصله من جيان (¬3) قال ابن عبد الملك: استقضي بحصن القصر من بلاد إشبيلية مدة واستكتبه الرشيد المؤمني. ثم ولي خطة الإشراف على بلاد حاحة التابعة لمراكش. توفي بتامطريت في المغرب سنة ثلاث وستين وستمائة. له: الجمع بين تفسيري الزمخشري وابن عطية: شرع فيه ومات قبل إتمامه وله: نظم حسن 54 - عماد الدين الكندي أبو الحسين بن أبي بكر بن الحسين الإسكندري المالكي النحوي (¬4) عالم فاضل مفسر محدث من فقهاء المالكية، قاضي الإسكندرية ولد بالإسكندرية سنة أربع وخمسين وستمائة اشتغل بالعلم خصوصا العربية وانتفع به الناس وهو ممن استوطن غرناطة بالأندلس حدث عن الدمياطي وأفتى ¬

(¬1) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 787، معجم المحدثين والمفسرين 27. (¬2) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 1/ 378، الأعلام 4/ 333. (¬3) بالفتح ثم التشديد وآخره نون مدينة لها كورة واسعة بالأندلس تتصل بكورة البيرة مائلة عن البيرة إلى ناحية الجوف في شرقي قرطبة. انظر معجم البلدان 2/ 226. (¬4) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 1/ 161، طبقات المفسرين للأدنوي ص: 265، معجم المفسرين 1/ 151، نيل السائرين 162، الديباج المذهب 1/ 312، الدرر الكامنة 2/ 73، حسن المحاضرة 1/ 459، بغية الوعاة 1/ 532، شذرات الذهب 6/ 130، كشف الظنون 3/ 1502، هدية العارفين 1/ 314، معجم المؤلفين 3/ 316 واسمه في بعض هذه المصادر الحسين بن أبي بكر.

55 - غالب بن عبد الرحمن بن غالب بن تمام بن عبد الرءوف بن عبدالله بن تمام بن عطية بن مالك بن عطية بن خالد بن خفاف بن غالب بن عطية الفقيه أبو بكر المحاربي الأندلسي الغرناطي المالكي

ودرس ونعت بقاضي القضاة وكان شيخ العلماء في وقته وكانت وفاته بالإسكندرية في ذي الحجة سنة إحدى وأربعين وسبعمائة وقيل: عشرين وسبعمائة. له: الكفيل بمعاني التنزيل في تفسير القرآن العظيم. (¬1) كان ابتداؤه بغرناطة وهو تفسير ضخم في ثلاث وعشرين مجلدة كبيرة وطريقته فيه أن يتلو الآية أو الآيات فإذا فرغ منها قال: قال الزمخشري: ... ويسوق كلامه، فإذا انتهى أتبعه بما عليه من مناقشة ومايحتاج إليه من توجيه ومايكون هناك من الزيادات الواقعة في غير الكشاف من التفاسير، وأكثر نظره فيه في النحو فإنه كان متقدما في معرفته. وقال الأدنوي: اقتفى فيه أثر العلامة الزمخشري في علمي المعاني والبيان فإذا نحا نحو مذهبه تركه وتبع ما عليه أهل السنة والجماعة وأكثر فيه من إيراد وجوه الإعراب (¬2). 55 - غالب بن عبد الرحمن بن غالب بن تمام بن عبد الرءوف بن عبدالله بن تمام بن عطية بن مالك بن عطية بن خالد بن خفاف بن غالب بن عطية الفقيه أبو بكر المحاربي الأندلسي الغرناطي المالكي (¬3) والد الإمام المفسر عبد الحق صاحب المحرر الوجيز حافظ للحديث لغوي أديب شاعر عالم بالتفسير من فقهاء المالكية. مولده بغرناطة (¬4) سنة إحدى وأربعين وأربعمائة. تفقه صغيرا على فقهاء بلده وسمع منهم، كالفقيه أبي ¬

(¬1) توجد منه نسخة مصورة على الميكروفيلم ضمن مخطوطات الجامعة الإسلامية ونسخ بدار الكتب المصرية وبمتحف طوبقبو سراي وبمكتبة فيض الله أفندي وانظر الفهرس الشامل 1/ 387. (¬2) الطبقات 265. (¬3) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 399، معجم المفسرين 1/ 413، فهرسة ابن عطية 14، الصلة 2/ 457، بغية الملتمس 1281، سير أعلام النبلاء 19/ 586، العبر 4/ 43، تذكرة الحفاظ 4/ 1269، شذرات الذهب 4/ 59، شجرة النور الزكية 1/ 129، الغنية 189، الخريدة 3/ 488، الإحاطة 4/ 237، الديباج 175. (¬4) بفتح أوله وسكون ثانيه ثم نون وبعد الألف طاء مهملة ويقال أصلها: أغرناطة أسقط العامة ألفها ومعناها رمانة بلسان عجم الأندلس وهي أقدم مدن كورة ألبيرة من أعمال الأندلس وأعظمها. انظر معجم البلدان 4/ 221.

الربيع، والفقيه أبي عثمان بن جعد وغيرهم وتأدب وقرأ القراءات السبع على أبي علي الحسن بن عبد الله الحضرمي، وغلب عليه الأدب في شبيبته وأجاد نظم الكلام والشعر، ثم عطف على الفقه والحديث فسمع بالأندلس من أبي بكر بن صاحب الأحباس، وأبي محمد بن أبي قحافة، وأبي عبد الله بن المرابط، وابن نعمة القروي، وغانم الأديب، ومحمد بن حارث النحوي، ثم من أبي علي الجياني أخيرا وله رحلة إلى الشرق لقي فيها بقية رجال أفريقية وتفقه معهم ولقي بالمهدية أبا عبد الله محمد بن معاذ، وأبا محمد عبد الحميد الصائغ، وابن العديم وروى عن محمد بن أبي غالب القروي. ورأى ابن عبد البر وحج سنة تسع وستين. وصحب بمصر الواعظ أبا الفضل الجوهري، وبمكة أبا عبد الله الجاحظ المري، وأبا عبد الله الطبري، وأخذ عنهم، ودرس هناك علم الاعتقاد والأصول، وحصل علما جما، وتقدم في علم الحديث، وأحسن التقييد والضبط وتصدر ببلده غرناطة للفتيا والتدريس، والإسماع والتفسير، وانتفع به الناس وأخذوا عنه كثيرا، وكان شيخهم المقدم، وكف آخرا بصره. حدث عنه ابنه عبد الحق وغيره وقال القاضي عياض: لقيته بسبتة ... وفاوضته كثيرا وسمعت من لفظه فوائد رحمة الله عليه. (¬1) قال ابن بشكوال: كان حافظا للحديث وطرقه وعلله عارفا بالرجال ذاكرا لمتونه ومعانيه قرأت بخط بعض أصحابنا أنه سمعه يذكر أنه كرر صحيح البخاري سبعمائة مرة. (¬2) قال الذهبي: الإمام الحافظ الناقد المجود. (¬3) وكان ربما أيقظ ابنه أبا محمد عبد الحق في الليلة مرتين يقول له: قم يابني اكتب كذا وكذا في موضع كذا من تفسيرك. قال الضبي: له فيه نكت كثيرة. (¬4) وتوفي رحمه الله بغرناطة ليلة الجمعة لست بقين من جمادى الآخرة سنة ثمان وعشرة وخمسمائة. ¬

(¬1) الغنية 189. (¬2) الصلة 2/ 457. (¬3) السير 19/ 586. (¬4) بغية الملتمس 1281.

56 - قاسم بن أصبغ بن محمد بن يوسف البياني أبو محمد القرطبي

56 - قاسم بن أصبغ بن محمد بن يوسف البياني أبو محمد القرطبي (¬1) محدث الأندلس في عصره من أئمة المالكية ولد في بيانة (¬2) من أعمال قرطبة سنة سبع وأربعين ومائتين سمع بقرطبة ثم رحل إلى المشرق فسمع بمصر والعراق والحجاز وعاد إلى قرطبة فسكنها فكان له بها قدر عظيم وسمع منه أمير المؤمنين عبد الرحمن بن محمد وولي عهده وكانت الرحلة إليه بالأندلس. قال الذهبي: انتهى إليه علو الإسناد بالأندلس مع الحفظ والإتقان وبراعة العربية والتقدم في الفتوى والمعرفة التامة والجلالة. (¬3) توفي سنة أربعين وثلاثمائة له: أحكام القرآن الناسخ والمنسوخ 57 - القاسم بن الفتح بن محمد بن يوسف أبو محمد ابن الريولي (¬4) عالم بالحديث والتفسير والقراءات عارف باختلاف الأئمة من أهل مدينة الفرج بالأندلس ولد سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة أثنى عليه ابن صاعد الأندلسي وغيره رحل إلى المشرق وحج. عاد إلى بلده فتوفي بها سنة إحدى وخمسين وأربعمائة ¬

(¬1) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 2/ 35، نيل السائرين ص: 74، معجم المفسرين 1/ 432، المدرسة القرآنية 1/ 157، الأعلام 5/ 173، معجم المؤلفين 2/ 638، سير أعلام النبلاء 15/ 472، تاريخ علماء الأندلس 1/ 364، جذوة المقتبس 311، بغية الملتمس 447، معجم الأدباء 16/ 236، تذكرة الحفاظ 3/ 853، العبر 2/ 254، مرآة الجنان 2/ 333، الديباج 222، لسان الميزان 4/ 458، طبقات الحفاظ 352، بغية الوعاة 2/ 251، شذرات الذهب 2/ 357، نفح الطيب 2/ 47، معجم البلدان 1/ 774، كشف الظنون 180، 1920، إيضاح المكنون 2/ 197، 430، الرسالة المستطرفة 25، النجوم الزاهرة 3/ 307، هدية العارفين 1/ 826. (¬2) بيانة بزيادة هاء: قصبة كورة قبرة بينها وبين قرطبة ثلاثون ميلا (انظر معجم البلدان 1/ 614 - 615). (¬3) سير أعلام النبلاء 15/ 472. (¬4) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للسيوطي 7، طبقات المفسرين للداوودي 1/ 37، معجم المفسرين 1/ 433، الصلة 2/ 470، نفح الطيب 3/ 423، 4/ 335، معجم المؤلفين 8/ 110.

58 - القاسم بن فيره بن خلف بن أحمد الرعيني أبو محمد وأبو القاسم الشاطبي

58 - القاسم بن فيره (¬1) بن خلف بن أحمد الرعيني (¬2) أبو محمد وأبو القاسم الشاطبي (¬3) إمام القراء، عالم بالحديث والتفسير واللغة، وكان ضريرا. ولد بشاطبة (¬4) في آخر سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة. قرأ بها القراءات وأتقنها على أبي عبد الله محمد بن علي بن أبي العاص النَّفزي المعروف بابن اللاية الشاطبي، ثم ارتحل إلى بلنسية، فعرض بها القراءات، وكتاب التيسير من حفظه على أبي الحسن علي بن محمد بن هذيل، وسمع الحديث منه ومن أبي الحسن بن النعمة، وأبي عبد الله بن سعادة، وأبي محمد بن عاشر وأبي عبد الله بن حميد. ارتحل إلى المشرق ليحج، فسمع من أبي طاهر السلفي وغيره. واستوطن القاهرة، واشتهر اسمه، وبعد صيته، وقصده الطلبة من النواحي. قال الداوودي: كان إماما علامة ذكيًا، كثير الفنون، منقطع القرين رأسًا في القراءات والتفسير حافظًا للحديث بصيرا بالعربية واللغة واسع العلم. (¬5) ¬

(¬1) فيره: بكسر الفاء وسكون الياء التحتية وتشديد الراء المضمومة كما قيده الذهبي والصفدي وغيرهما ومعناه باللاتيني (الحديد) (وانظر الأعلام). (¬2) الرعيني نسبة إلى ذي رعين أحد أقيال اليمن. (¬3) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 2/ 43، معجم المفسرين 1/ 434، البداية والنهاية 13/ 10، تذكرة الحفاظ 4/ 1356، حسن المحاضرة 1/ 496، الديباج 224، روضات الجنات 528، طبقات الشافعية للسبكي 7/ 270، غاية النهاية 2/ 20، معرفة القراء الكبار 2/ 457، مرآة الجنان 3/ 467، معجم الأدباء 6/ 184، مفتاح السعادة 2/ 49، النجوم الزاهرة 6/ 136، نفح الطيب 2/ 22، نكت الهميان 228، الذيل على الروضتين 7، وفيات الأعيان 3/ 234، إرشاد الأريب 5/ 184، سير أعلام النبلاء 21/ 261، العبر 4/ 273، الذيل والتكملة 5/ 548، بغية الوعاة 2/ 206، طبقات الأسنوي 2/ 113، شذرات الذهب 4/ 301، وفيات ابن قنفذ 45، بروكلمان 1/ 409 ملحق 1/ 725، معجم المؤلفين 2/ 647، هدية العارفين 1/ 828، كشف الظنون 343، 646، 1159، 1921، الأعلام 6/ 14. (¬4) بالطاء المهملة والباء الموحدة: مدينة في شرقي الأندلس وشرقي قرطبة وهي مدينة كبيرة قديمة. معجم البلدان 3/ 351. (¬5) الطبقات 2/ 43.

59 - قاسم بن محمد بن قاسم بن محمد بن سيار الأموي مولاهم أبو محمد البياني القرطبي

وقال ابن خلكان: كان إذا قرىء عليه صحيح البخاري ومسلم والموطأ، تصحح النسخ من حفظه. (¬1) كان موصوفًا بالزهد والعبادة والانقطاع، وتصدر للإقراء بالمدرسة الفاضلية من القاهرة، وكان يجتنب فضول الكلام، لاينطق في سائر أوقاته إلا بما تدعو إليه الضرورة، ولا يجلس للإقراء إلا على طهارة، وفي هيئة حسنة وتخشع واستكانة. توفي يوم الأحد بعد صلاة العصر الثامن والعشرين من جمادى الآخرة سنة تسعين وخمسمائة، ودفن بالقرافة الصغرى. له: حرز الأماني ووجه التهاني: القصيدة المشهورة في القراآت تعرف بالشاطبية. عقيلة أتراب الفضائل في رسم القراءات. قال الداوودي: قد سارت الركبان بهما وحفظهما خلق لايحصون، وخضع لهما فحول الشعراء وكبار البلغاء وحذاق القراء، ولقد أبدع وأوجز، وسهل الصعب. وله أيضا قصيدة دالية في خمسمائة بيت من حفظه أحاط علمًا بكتاب التمهيد لابن عبد البر. 59 - قاسم بن محمد بن قاسم بن محمد بن سيار الأموي مولاهم أبو محمد البياني القرطبي (¬2) فقيه محدث مفسر حافظ نسبته إلى بيان (¬3) بالأندلس ولد بقرطبة من كبار الفقهاء والمحدثين في الأندلس كان جده مولى للوليد بن عبد الملك رحل إلى مصر رحلتين ولازم ابن عبد الحكم حتى برع في الفقه وصار إماما مجتهدا لا يقلد أحدا. قال ابن الفرضي: كان يذهب مذهب الحجة والنظر ويميل إلى مذهب ¬

(¬1) وفيات الأعيان 3/ 234. (¬2) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 1/ 435، تاريخ علماء الأندلس 368، جذوة المقتبس 329، بغية الملتمس 431، تذكرة الحفاظ 648، نفح الطيب 2/ 50، معجم البلدان 1/ 614، شذرات الذهب 2/ 17، الديباج المذهب 221، الأعلام 6/ 15، معجم المؤلفين 2/ 654، طبقات الشافعية للسبكي 2/ 78، إيضاح المكنون 1/ 302، 2/ 276، 277. (¬3) بتشديد ثانيه: إقليم من أعمال بطليوس بالأندلس، وقيل نسبته إلى بيانة بزيادة هاء المتقدم ضبطها (انظر معجم البلدان 1/ 614).

60 - كامل (أو محمد كامل) بن مصطفى بن محمود الطرابلسي الحنفي

الشافعي. توفي بقرطبة سنة ست وسبعين ومائتين وقيل بعدها بسنة أو سنتين. (¬1) له: تفسير القرآن. وله أيضا: الإيضاح في الرد على المقلدين، كتاب في خبر الواحد. 60 - كامل (أو محمد كامل) بن مصطفى بن محمود الطرابلسي الحنفي (¬2) فقيه من أهل طرابلس الغرب. ولد سنة أربع وأربعين ومائتين وألف. حفظ القرآن بالزاوية الغربية ثم رحل إلى طرابلس الغرب فدرس النحو والفقه والحديث وفروعه. سافر إلى مصر ودخل الأزهر وتعمق في دراسة الفقه المالكي إلى جانب فقه أبي حنيفة والشافعي. وبعد سبع سنوات عاد إلى طرابلس. حج وزار تونس سنة ثمان وتسعين ومائتين وألف وولي الإفتاء إلى أن توفي. توفي سنة خمس عشرة وثلاثمائة. له: تعليق على تفسير البيضاوي. وله أيضا: الفتاوى الكاملية، في الحوادث الطرابلسية: على الفقه الحنفي. 61 - مبارك مولى محمد بن عمرو البكري أبو الحسن الإشبيلي (¬3) من أهل إشبيلية ولد سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة كان خيرا فاضلا مجتهدا في العمل الصالح كثير التلاوة للقرآن حافظا التفسير ذا حظ صالح من علم الحديث والرأي صحيح العقل. روى بالأندلس عن جماعة من الشيوخ. حج سنة ثمان وأربعمائة ولقي بالمشرق جماعة من الشيوخ وروى عنهم. روى عنه ابن خزرج وغيره. توفي سنة تسع وعشرين وأربعمائة وهو ابن ثمان وخمسين سنة. 62 - محمد بن إبراهيم بن أحمد بن أسود أبو بكر الغساني المالكي (¬4) ¬

(¬1) تاريخ علماء الأندلس 368. (¬2) مصادر ترجمته: الأعلام 5/ 218، معجم المؤلفين 2/ 666، أعلام من طرابلس ص: 171. (¬3) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 2/ 302، معجم المفسرين 2/ 461، الصلة 2/ 600. (¬4) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 2/ 51، معجم المفسرين 2/ 466، الصلة 2/ 553، بغية الملتمس 46، المعجم لابن الأبار 126، نفح الطيب 7/ 46، المقفى 1/ 31، هدية العارفين 2/ 88، إيضاح المكنون 308 (وفيه توفي 636)، معجم المؤلفين 3/ 24، الأعلام 5/ 295.

63 - محمد الغزالي بن أحمد السقا المصري

قاض مفسر من أهل المرية له رحلة إلى المشرق وقدم إلى مصر ولقي بها أبا بكر الطرطوشي وأبا الحسن بن مشرف وغيرهما ثم عاد إلى بلده، وشوور واستقضى بمرسية مدة طويلة لم تحمد سيرته فيها، ثم صرف عن ذلك وسكن مراكش. قال أبو جعفر بن الزبير: بيته بيت علم ودين. قال ابن بشكوال: توفي بمراكش في رجب من سنة ست وثلاثين وخمسمائة. (¬1) له: تفسير القرآن. (¬2) 63 - محمد الغزالي بن أحمد السقا المصري (¬3) من مفكري الإسلام ودعاته وكتابه ولد بقرية نكلا العنب مركز إيتاي البارود بمحافظة البحيرة بمصر سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة وألف. اشتهر بالغزالي لأن والده كان شديد الإعجاب بالغزالي مؤلف الإحياء، وأن هذا تراءى له ذات ليلة، فأخبره بأنه سيتزوج وينجب غلاما، وأشار عليه بأن يسميه الغزالي. تعلم بالأزهر وتخرج فيه، وانضم إلى جماعة الإخوان المسلمين، واعتقل، وعمل (سكرتيرًا) لمجلتهم الدعوة، ودرس بكليات الشريعة وأصول الدين والدراسات العربية في الأزهر، وفي جامعة أم القرى بمكة المكرمة، وشارك في تطوير كلية الشريعة بجامعة قطر. شارك في إنشاء جامعة الأمير عبد القادر الإسلامية بقسنطينة في الجزائر. عين وكيلا لوزارة الأوقاف بمصر ونال جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام. قال أحمد العلاونة: كان نقي السريرة، حلو المشعر، كريم الخلق، باسم الثغر، موطأ الأكناف، عذب الحديث، سريع النكتة، بسيطًا متواضعا، هينا لينا، مشرق البيان. (¬4) له منهج عقلي في التعامل مع النصوص الشرعية ظهر جليا في كتاباته وعلى وجه الخصوص كتابه السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث، مما حدا بكثير من أهل العلم إلى الرد عليه والإغلاظ في ذلك أحيانا ¬

(¬1) الصلة 2/ 553. (¬2) لعله كتاب البيان في تفسر القرآن الآتي ذكره في ترجمة محمد بن أحمد الغساني. (¬3) مصادر ترجمته: علماء ومفكرون عرفتهم 1/ 265، ذيل الأعلام ص: 193، الشيخ الغزالي كما عرفته للقرضاوي. (¬4) ذيل الأعلام ص: 193.

64 - محمد بن أحمد الغساني الأندلسي المالقي

وممن قام بالرد عليه ربيع بن هادي المدخلي في كتابه: كشف موقف الغزالي من السنة وأهلها، وسلمان العودة في كتابه: حوار هادئ مع الغزالي، وأبو بكر الجزائري في كتابه الرد العزيز الغالي على الداعية الغزالي. وفي المقابل أفرده بعضهم بالتأليف وحاول البعض تهدئة الوضع ومنهم القرضاوي في كتابه الشيخ الغزالي كما عرفته، وأحمد حجازي السقا في كتابه دفع الشبهات عن الشيخ محمد الغزالي، وعايض القرني في كتابه الغزالي في مجلس الإنصاف، ومحمد جلال كشك في كتابه الشيخ محمد الغزالي بين النقد العاتب والمدح الشامت. توفي بالرياض سنة ست عشرة وأربعمائة وألف، ودفن بالبقيع في المدينة المنورة. له نحو ستين مؤلفا منها: نحو تفسير موضوعي للقرآن الكريم. نظرات في القرآن. كيف نتعامل مع القرآن. معركة المصحف في العالم الإسلامي. وله أيضا: كيف نفهم الإسلام، جهاد الدعوة بين عجز الداخل وكيد الخارج، هموم داعية، عقيدة المسلم، فقه السيرة، مستقبل الإسلام خارج أرضه، قضايا المرأة بين التقاليد الراكدة والوافدة، دستور الوحدة الثقافية بين المسلمين، الحق المر، وغير ذلك. 64 - محمد بن أحمد الغساني الأندلسي المالقي (¬1) لا يعرف بالتفسير ويبدو أن أصحاب الفهرس الشامل خلطوا بينه وبين المتقدم. توفي سنة إحدى وأربعين وسبعمائة. وذكروا له كتاب: البيان في تفسير القرآن (¬2) 65 - محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي المالكي أبو عبد الله القرطبي الأندلسي (¬3) ¬

(¬1) مصادر ترجمته: الخزانة الحسنية رقم 558، معجم المؤلفين 3/ 104. (¬2) منه نسخة بالخزانة العامة بالرباط (انظر الفهرس الشامل 2/ 875). ويوجد كتاب البرق اللامع والغيث الهامع لأبي بكر محمد بن أحمد الغساني الوادي آشي واختصره ابن منظور المتوفى 750 هـ ومنه نسخ بتطوان ووطنية فلورنسا. انظر الفهرس الشامل 1/ 408، 2/ 900. (¬3) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للسيوطي رقم 88، طبقات المفسرين للداوودي 2/ 69، طبقات المفسرين للأدنوي ص: 246، معجم المفسرين 2/ 479، نيل السائرين 154، الديباج المذهب 317، الوافي بالوفيات 2/ 122، نفح الطيب 2/ 110، غاية النهاية 2/ 8، شذرات الذهب 5/ 335، شجرة النور 1/ 197، هدية العارفين 2/ 129، الأعلام 5/ 322، معجم المؤلفين 3/ 52، كشف الظنون 383، 390، 394 وغيرها، إيضاح المكنون 1/ 81، 2/ 241، بروكلمان 1/ 415الملحق 1/ 737.

من كبار المفسرين محدث صالح متعبد مصنف التفسير المشهور الذي سارت به الركبان. من أهل قرطبة رحل إلى المشرق واستقر بمصر كان من عباد الله الصالحين، والعلماء العارفين الورعين الزاهدين في الدنيا، المشغولين بما يعنيهم من أمور الآخرة أوقاته معمورة مابين توجه وعبادة وتصنيف. قال الذهبي: إمام متفنن متبحر في العلم له تصانيف مفيدة تدل على إمامته وكثرة اطلاعه ووفور عقله وفضله. (¬1) وقال أيضا: رحل وكتب وسمع وكان يقظا فهما حسن الحفظ مليح النظم حسن المذاكرة. (¬2) وكان طارح التكلف يمشي بثوب واحد وعلى رأسه طاقية. سمع من ابن رواج ومن ابن الجميزي والشيخ أبي العباس أحمد بن عمر القرطبي شارح مسلم بعضه وأبي علي الحسن بن محمد بن محمد البكري الحافظ وغيرهم. وروى عنه ولده شهاب الدين أحمد. توفي بمنية بني خصيب بشمال أسيوط من الصعيد الأدنى في ليلة الاثنين التاسع من شوال سنة إحدى وسبعين وستمائة. له: جامع أحكام القرآن والمبين لما تضمنه من السنة وآي القرآن (¬3) قال ابن فرحون: وهو من أجل التفاسير وأعظمها نفعا أسقط منه القصص والتواريخ وأثبت عوضها أحكام القرآن واستنباط الأدلة وذكر القراءات والإعراب والناسخ والمنسوخ. (¬4) وله أيضا: شرح الأسماء الحسنى، التذكار في أفضل الأذكار، ¬

(¬1) انظر طبقات السيوطي ص: 79. (¬2) انظر معجم المفسرين 2/ 479. (¬3) وهو مطبوع وقد اختصره سراج الدين الشيخ عمر بن علي الشهير بابن الملقن المتوفى 804، وقد التبس الأصل على المولى أبي الخير صاحب موضوعات العلوم فنسبه إلى الشيخ محمد بن عمر الأنصاري المتوفى سنة 631 (كشف الظنون 1/ 534، مفتاح السعادة 2/ 76). (¬4) الديباج 317.

66 - محمد بن أحمد بن سليمان بن أحمد بن إبراهيم الزهري أبو عبد الله الإشبيلي الأندلسي

التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة، شرح التقصي، قمع الحرص بالزهد والقناعة ورد ذل السؤال بالكتب والشفاعة، أرجوزة جمع فيها أسماء النبي - صلى الله عليه وسلم - وغير ذلك. 66 - محمد بن أحمد بن سليمان بن أحمد بن إبراهيم الزهري أبو عبد الله الإشبيلي الأندلسي (¬1) عالم بالأدب، نحوي له اشتغال في التفسير ولد بمالقة (¬2) سنة ستين وخمسمائة، وطاف الأندلس. رحل إلى المشرق فدخل مصر فسمع الحديث بها ودخل الشام وبلاد الجزيرة وقدم بغداد سنة تسعين وخمسمائة وعمره ثلاثون سنة، وأقام بها مدة وسمع من شيوخها ثم دخل أصبهان وبلاد الجبل وسكن الكرج ثم انتقل إلى بروجرد وأقرأ بها الأدب. توفي شهيدا قتله التتار في بروجرد في شهر رجب سنة سبع عشرة وستمائة. له: البيان فيما أبهم من الأسماء في القرآن. وله أيضا: شرح الإيضاح لأبي علي الفارسي، شرح المقامات، البيان والتبيين في أنساب المحدثين، أقسام البلاغة وإحكام الصناعة. 67 - محمد بن أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن صمادح أبو يحيى التجيبي (¬3) وال أندلسي عارف باللغة. من أهل سرقسطة، كان واليا على وشقة في شمال شرقي الأندلس، ثم تخلى عنها لابن عمه منذر بن يحيى التجيبي. ¬

(¬1) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 476، بغية الوعاة 1/ 25، الوافي بالوفيات 2/ 104، نفح الطيب 2/ 214، معجم الأدباء 17/ 277، كشف الظنون 263، معجم المؤلفين3/ 67، الأعلام 7/ 18، هدية العارفين 2/ 110. (¬2) بفتح اللام والقاف: مدينة بالأندلس عامرة وهي على الساحل (انظر معجم البلدان 5/ 52). (¬3) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 475، المدرسة القرآنية 1/ 193، التكملة 1/ 382، معجم المؤلفين 3/ 72، مقدمة مختصر تفسير الطبري. والتجيبي: بضم التاء الفوقية وكسر الجيم نسبة إلى قبيلة تجيب العربية وليس إلى محلة تجيب بمصر (انظر المدرسة القرآنية 1/ 193، اللباب 1/ 207).

68 - محمد بن أحمد بن عبد الله أبو عبد الله ابن اللجالش المري

قال ابن الأبار: كان مع رياسته من أهل العلم والأدب والفضل. (¬1) رحل للمشرق للحج فمات غرقا في البحر وهو في طريقه لأداء الفريضة سنة تسع عشرة وأربعمائة. له: اختصار في غريب القرآن (¬2). استخرجه من تفسير الطبري ورواه عنه ابنه أبو الأحوص معن بن محمد أمير المرية. قال في مقدمته: إني قصدت بما جمعته في هذا الكتاب من تفسير غريب القرآن وتأويله: ... تفسير اللفظة غير الجارية على ألسنة الناس كافة ولا المتعارف بين أكثرهم عليها ... التخفف بتجريد المختصر من القراءات والأحكام والإعراب والمعاني واللغات والاشتقاقات والأخبار وأكثر الروايات والناسخ والمنسوخ ... الإيجاز ليقل جرم الكتاب، ويسهل حمله في السفر ووجود المطلوب منه في الحضر، ويستوي فيه العالم والمتعلم ... الخ. (¬3) وله أيضا: الأمالي. 68 - محمد بن أحمد بن عبد الله أبو عبد الله ابن اللجالش المري (¬4) من أهل المرية (¬5) نحوي أصولي فقيه مالكي له اشتغال في التفسير رحل إلى المشرق واستوطن مكة أعزها الله. أخذ عن أبي المعالي الجويني وكريمة المروزية وغيرهما. أخذ الناس عنه هنالك وكان عالما بالأصول والنحو مقدما في معرفتهما. توفي في نحو التسعين وأربعمائة. له: اختصار كتاب أبي جعفر الطبري في تفسير القرآن. - محمد بن أحمد بن محمد بن علي (¬6) ¬

(¬1) التكملة 1/ 382. (¬2) طبع في جزأين في سلسلة تراثنا التي تصدرها الهيئة المصرية العالمية للتأليف والنشر بتحقيق محمد حسن أبو الحزم سنة 1390 هـ. (¬3) المختصر 1/ 29. (¬4) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 476، الصلة 2/ 335، المدرسة القرآنية 1/ 179، معجم المؤلفين 3/ 77. (¬5) بالفتح ثم الكسر وتشديد الياء التحتية: مدينة كبيرة من كورة ألبيرة من أعمال الأندلس (انظر معجم البلدان 5/ 140). (¬6) انظر محمد بن علي بن محمد.

69 - محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن سحمان الوائلي البكري جمال الدين أبو بكر الشريشي المالكي

69 - محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن سُحمان (¬1) الوائلي البكري جمال الدين أبو بكر الشريشي المالكي (¬2) نحوي أصولي مفسر ولد بشريش (¬3) في العشرين من صفر سنة إحدى وستمائة رحل إلى المشرق فسمع بالإسكندرية ودمشق وحلب وإربل وبغداد، وأقام بالقاهرة والقدس، ثم سكن دمشق يفتي ويدرس وطلب لقضائها فامتنع ورعا. مدحه السخاوي بقصيدة وكان من العلماء المتبحرين في الفقه على مذهب مالك ورعا زاهدا. (¬4) تخرج به ابن تيمية والمزي والذهبي والبرزالي وغيرهم قال الداوودي: تفقه وبرع في المذهب وأتقن العربية والأصول والتفسيروتفنن في العلوم (¬5). توفي برباط الملك الناصر بسفح قاسيون بدمشق يوم الاثنين الرابع والعشرين من شهر رجب سنة خمس وثمانين وستمائة. له: كتاب في الاشتقاق، شرح على ألفية ابن معطي، شرح مقامات الحريري. 70 - محمد عبده بن حسن خير الله آل التركماني (¬6) ¬

(¬1) سحمان: بسين مهملة مضمومة وحاء مهملة ساكنة بعدها ميم ثم نون. (طبقات الداوودي 2/ 79). (¬2) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 2/ 77، معجم المفسرين 2/ 480، الوافي بالوفيات 2/ 131، نفح الطيب 7/ 238، شذرات الذهب 5/ 392، بغية الوعاة 1/ 44، طبقات ابن قاضي شهبة 1/ 19، هدية العارفين 2/ 135، الأعلام 6/ 219، معجم المؤلفين 3/ 103. وهو غير محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن سحمان باسمه ونسبه ولقبه وكنيته، الشريشي الأصل الدمشقي فهذا شافعي ولد سنة 694 هـ وتوفي سنة 769 هـ ويبدو أنه حفيده اختصر نسبه والله أعلم (انظر معجم المؤلفين 3/ 96، شذرات الذهب 6/ 263، الدرر الكامنة 3/ 351). (¬3) بفتح الشين المعجمة بعدها راء ثم مثناة تحتية آخره مثل أوله - مدينة كبيرة من شذونة من بلاد الأندلس (انظر معجم البلدان 3/ 373، 386). (¬4) طبقات الداوودي 2/ 78. (¬5) الطبقات 2/ 78. (¬6) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 566، الأعلام 6/ 253، معجم المؤلفين3/ 474، تاريخ الأستاذ الإمام وزعماء الإصلاح 280، الإسلام والتجديد في مصر 20، 168، تاريخ الصحافة العربية 2/ 287، فيض الخاطر 8/ 155، زعماء الإصلاح في العصر الحديث 285، الأدب الحديث 227، حاضر العالم الإسلامي 1/ 283، كنز الجوهر في تاريخ الأزهر 165، رواد النهضة الحديثة 195، الأدب العربي المعاصر 190، تاريخ آداب اللغة العربية 4/ 280، أشهر مشاهير أدباء الشرق 2/ 82، أعلام الصحافة العربية 68، الفكر السامي 4/ 36، مشاهير الكرد 2/ 157 وفيه وفاته سنة 1321 هـ خطأ، معجم المطبوعات 1677.

مفتي الديار المصرية ومن كبار رجال الإصلاح والتجديد في الإسلام. ولد في حصة شبشير (من قرى الغربية بمصر) سنة ست وستين ومائتين وألف ونشأ في محلة نصر بالبحيرة وأحب في صباه الفروسية والرماية والسباحة وتعلم بالجامع الأحمدي بطنطا ثم بالأزهر وتصوف وتفلسف وعمل بالتعليم وكتب في الصحف ولا سيما جريدة الوقائع المصرية وقد تولى تحريرها. لما جاء جمال الدين الأفغاني إلى مصر لازمه وأخذ عنه الفلسفة والمنطق وتأثر به كثيرا. أجاد اللغة الفرنسية بعد الأربعين ولما احتل الإنجليز مصر ناوأهم، وشارك في مناصرة الثورة العرابية فسجن ثلاث شهور للتحقيق ونفي إلى بلاد الشام. سافر إلى باريس فأصدر مع صديقه وأستاذه جمال الدين الأفغاني جريدة العروة الوثقى وعاد إلى بيروت فاشتغل بالتدريس والتأليف. ولقيه الأمير شكيب أرسلان وأخذ عنه واستفاد منه. زار تونس مرتين الأولى في 6ديسمبر 1884 م، الثانية 9 ديسمبر 1903 م دعم فيها الصلة بين جمعية العروة الوثقى وأعضائها من التونسيين، كما زار الجزائر في صيف 1903 م (¬1)، وبقيت العلاقة بين أفكار الشيخ محمد عبده وبين تونس متصلة بعد وفاته عن طريق تلميذه ومكمل تفسيره الشيخ محمد رشيد رضا فهو وإن لم يزر تونس إلا أن صلته كانت بهم متينة عن طريق مجلته المنار. (¬2) أنشأ جيلا من العلماء حذا حذوه في التفسير على رأسهم محمد رشيد رضا ومصطفى المراغي. وسمح له بدخول مصر فعاد سنة ست وثلاثمائة وألف وتولى منصب القضاء ثم جعل مستشارا في محكمة الاستئناف فمفتيا للديار المصرية. توفي بالإسكندرية سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة وألف ودفن في ¬

(¬1) انظر شيخ الجامع الأعظم محمد الطاهر بن عاشور ص: 24. (¬2) انظر المرجع السابق ص: 26 - 27.

71 - محمد بن دليق (دلف) أبو عبد الله الأندلسي

القاهرة. ولمحمد رشيد رضا كتاب جمع فيه آثاره وأخباره وماقيل في رثائه سماه: تاريخ الأستاذ الإمام في ثلاثة أجزاء كبيرة. ولعثمان أمين كتاب محمد عبده، ومثله لأحمد الشايب، ولمصطفى عبد الرازق: سيرة الإمام الشيخ محمد عبده، ولعبد المنعم حمادة: رائد الفكر المصري الأستاذ الإمام محمد عبده، ولعبد الجواد سليمان: الشيخ محمد عبده ومثله لمحمد صبيح. له: تفسير القرآن الكريم: لم يتمه تفسير جزء عم وله أيضا: رسالة التوحيد، والرد على هانوتو، ورسالة الواردات في الفلسفة والتصوف، شرح نهج البلاغة، شرح مقامات البديع الهمذاني، الإسلام والرد على منتقديه، الإسلام والنصرانية مع العلم والمدنية، الثورة العرابية لم يتمه، وغير ذلك. 71 - محمد بن دليق (دلف) أبو عبد الله الأندلسي (¬1) محدث مفسر من فقهاء المالكية من أهل وشقة (¬2) بالأندلس قال القاضي عياض: كان من أهل العلم والفصاحة والحفظ لمعاني القرآن وتفاسيره وكان من العباد المجتهدين. (¬3) ورث عن أبيه مالا عظيما فتخلى عنه وفرقه وكان أبوه مولى لمسعود بن عمروس صاحب وشقة، وخرج إلى الحج وانصرف فلزم السياحة والتبتل نحو عشرين سنة ثم نكح آخرا وجلس للناس يفتيهم ويحدثهم. سمع منه حكم بن إبراهيم المرادي. توفي سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة 72 - محمد بن سليمان بن محمد بن سليمان بن عبد الملك المعافري أبو عبد الله ابن أبي الربيع الشاطبي (¬4) عالم بالقراءات مفسر محدث مولده بشاطبة سنة خمس وثمانين ¬

(¬1) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 2/ 147، معجم المفسرين 2/ 528، المدرسة القرآنية 1/ 157، ترتيب المدارك 3/ 454، تاريخ علماء الأندلس 2/ 56. (¬2) وشقة: بفتح أوله، وسكون ثانيه، والقاف: بليدة بالأندلس بشرقي مدينة سرقسطة (انظر معجم البلدان 5/ 433، الروض المعطار 612). (¬3) المدارك 3/ 454. (¬4) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 2/ 145، معجم المفسرين 2/ 535، غاية النهاية 2/ 149، حسن المحاضرة 1/ 521، الأعلام 6/ 150، معجم المؤلفين 3/ 335، نفح الطيب 1/ 394، النجوم الزاهرة 7/ 243، الوافي بالوفيات 3/ 128، هدية العارفين 2/ 129، إيضاح المكنون 1/ 55، 401، 618 وغيرها.

73 - محمد بن عبد الرحيم بن الطيب أبو العباس القيسي الضرير

وخمسمائة. تفقه وروى الحديث في الأندلس والشام والحجاز ومصر. قرأ بشاطبة على محمد بن سعادة وغيره وقرأ بدمشق على الواسطي وسمع عليه الحديث وانقطع للعبادة في الإسكندرية. توفي بها سنة اثنتين وسبعين وستمائة، وقيل سنة ثلاث ودفن بمرج سوار. (¬1) له: اللمعة الجامعة في العلوم النافعة: في تفسير القرآن. وله أيضا: شرف المراتب والمنازل: في القراءات، النبذ الجلية في ألفاظ اصطلح عليها الصوفية، المسلك القريب في ترتيب الغريب: في الحديث، الأربعون المضية في الأحاديث النبوية. 73 - محمد بن عبد الرحيم بن الطيب أبو العباس القيسي الضرير (¬2) مقرئ المغرب ولد بالجزيرة الخضراء (¬3) في حدود الثلاثين وستمائة. وقرأ القرآن على خطيبها أبي عبد الله الركيني، وعلى أبي عبد الله الشريشي السماتي، عن أبي عمرو بن عظيمة صاحب شريح. ثم تحول إلى سبتة، فأكرمه أميرها أبو القاسم محمد ابن أبي العباس العزفي، فلما جاء رمضان سأله أن يقرأ السيرة على الناس، فصار يدرس كل يوم ميعاداً منها ويورده. كان من أسرع الناس حفظاً، وأحسنهم صوتا، وكان إليه المنتهى في العصر في معرفة القراءات وضبطها وأدائها، كان يحفظ التيسير والكافي لابن شريح، وكان عارفا بالتفسير والعربية والحديث، حمل عنه أهل سبتة توفي في رمضان سنة إحدى وسبعمائة 74 - محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أحمد الإمام أبو بكر بن العربي الأندلسي الإشبيلي المالكي (¬4) ¬

(¬1) الوافي 3/ 128. (¬2) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 2/ 187، الدرر الكامنة 4/ 128، غاية النهاية 2/ 171. (¬3) مدينة مشهورة بالأندلس وقبالتها من البر بلاد بلاد البربر سبتة (انظر معجم البلدان 2/ 158). (¬4) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للسيوطي 34، طبقات المفسرين للداوودي 2/ 167، طبقات المفسرين للأدنوي ص: 180، معجم المفسرين 2/ 558، نيل السائرين 121، البداية والنهاية 12/ 228، بغية الملتمس 180، تذكرة الحفاظ 4/ 1294، الديباج المذهب 281، الصلة 2/ 558، مرآة الجنان 3/ 279، نفح الطيب 2/ 25، وفيات الأعيان 3/ 423، سير أعلام النبلاء 20/ 197، شذرات الذهب 4/ 141، قضاة الأندلس 105، الوافي بالوفيات 3/ 330، جذوة الاقتباس 160، سلوة الأنفاس 3/ 198، المغرب في حلي المغرب 1/ 249، مقدمة كتاب العواصم من القواصم، بروكلمان 1/ 412، 1/ 632، كشف الظنون 553، 559، 761 وغيرها، إيضاح المكنون 1/ 105، 145، 224 وغيرها، هدية العارفين 2/ 90، العبر 4/ 125، النجوم الزاهرة 5/ 302، شجرة النور 1/ 136، الأعلام 6/ 230، معجم المؤلفين 3/ 456.

العالم المستبحر الحافظ ختام علماء الأندلس، أحد الأعلام ولد بإشبيلية ليلة الخميس لثمان بقين من شعبان سنة ثمان وستين وأربعمائة وأبوه أبو محمد من فقهاء بلدة إشبيلية ورؤسائها حصلت له عند العبادية أصحاب إشبيلية رياسة ومكانة. ولما انقضت دولتهم خرج أبو بكر مع والده إلى الحج وله إذ ذاك نحو سبعة عشر عاماً وكان قد تأدب ببلده، وقرأ القراءات. لقي بمصر أبا الحسن الخلعي، وأبا الحسن بن مشرف، ومهديا الوراق، وأبا الحسن بن داود الفارسي. ولقي بالشام أبا نصر القدسي، وأبا سعيد الزنجاني، وأبا حامد الغزالي، وأبا سعيد الرهاوي، وأبا القاسم بن أبي الحسن المقدسي، والإمام أبا بكر الطرطوشي، وبه تفقه، وغيرهم. ودخل بغداد فسمع بها من ابن الطيوري، ومن أبي الحسن البزاز وأبي بكر بن طرخان في آخرين وحج في موسم سنة تسع وثمانين، وسمع بمكة من الحسين بن علي الطبري، وغيره ثم عاد إلى بغداد ثانية، وصحب العلماء والأدباء، فأخذ عنهم الفقه والأصول، وقيد الشعر، واتسع في الرواية، وأتقن مسائل الخلاف والأصول والكلام على أئمة هذا الشأن. ثم صدر عن بغداد إلى الأندلس، فأقام بالإسكندرية عند أبي بكر الطرطوشي، فمات أبوه بها في سنة ثلاث وتسعين ثم انصرف هو إلى الأندلس سنة خمس وتسعين، فقدم بلده إشبيلية بعلم كثير لم يأت به أحد قبله ممن كانت له رحلة إلى المشرق، وكان من أهل التفنن في العلوم والاستبحار فيها، والجمع لها، متقدما في المعارف كلها، متكلما في أنواعها، نافذا في جميعها حريصا على أدائها ونشرها، ثاقب الذهن في تمييز الصواب منها، وأحد من بلغ مرتبة الاجتهاد، وأحد من انفرد

بالأندلس بعلو الإسناد، صارما في أحكامه، ويجمع إلى ذلك كله آداب الأخلاق مع حسن المعاشرة، وكثرة الاحتمال، وكرم النفس، وحسن العهد، وثبات الود. ورحل إليه، للسماع والأخذ عنه. وممن أخذ عنه: القاضي عياض، وأبو زيد السهيلي، وأحمد بن خلف الطلاعي وعبد الرحمن بن ربيع الأشعري، والقاضي أبو الحسن الخلعي وخلائق قال القاضي عياض: واستقضى أبو بكر ببلده فنفع الله به أهلها لصرامته وشدته ونفوذ أحكامه، وكانت له في الظالمين سورة مرهوبة، يؤثر عنه في قضائه أحكام غريبة، ثم صرف عن القضاء، وأقبل على نشر العلم وبثه وكان فصيحا أديبا، شاعرا، كثير الخبر، مليح المجلس (¬1). قال الذهبي: فسر القرآن المجيد فأتى بكل بديع. (¬2) وقال عنه الضبي: أديب رائق الشعر رئيس وقته (¬3). توفي في ربيع الآخر سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة منصرفة من مراكش، وحمل ميتا إلى مدينة فاس، ودفن بها خارج باب المحروق. وتصانيفه كثيرة حسنة مفيدة منها: أنوار الفجر في تفسير القرآن: قال في كتابه القبس: إنه ألفه في عشرين سنة، ثمانين ألف ورقة، وتفرقت بأيدي الناس. قال الشيخ برهان الدين ابن فرحون: وأخبرني الشيخ الصالح أبو الربيع سليمان بن عبد الرحمن البرغواطي في سنة إحدى وستين وسبعمائة بالمدينة النبوية؛ قال أخبرني الشيخ الصالح يوسف الحزام المغربي بثغر الإسكندرية في سنة ستين وسبعمائة، قال: رأيت تأليف القاضي أبي بكر بن العربي في تفسير القرآن؛ المسمى أنوار الفجركاملا في خزانة الملك العادل أمير المسلمين أبي عنان فارس بن السلطان أمير المسلمين أبي سعيد عثمان بن يوسف بن عبد الحق، وكان السلطان أبو عنان إذ ذاك بمدينة مراكش؛ وكانت له خزانة كتب يحملها معه في الأسفار، وكنت أخدمه مع جماعة في حزم الكتب ¬

(¬1) انظر نفح الطيب 2/ 27. (¬2) السير 20/ 198. (¬3) التعبية 183.

75 - محمد بن عبد الله (أبي محمد) بن محمد بن ظفر المكي برهان الدين أبو هشام وأبو عبد الله وأبو جعفر الصقلي

ورفعها، فعددت أسفار هذا الكتاب فبلغت عدته ثمانين مجلداً ولم ينقص من الكتاب المذكور شيء قال أبو الربيع: وهذا المخبر يعني يوسف، ثقة صدوق، رجل صالح، كان يأكل من كده. (¬1) وذكر الضبي (¬2) أن أنوار الفجر ديوان كبير جدا أورد فيه مدح النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولعله قدم له بهذا الديوان فوقف عليه الضبي فظنه كل الكتاب، والله أعلم. أحكام القرآن. (¬3) الناسخ والمنسوخ في القرآن. (¬4) القانون في تفسير الكتاب العزيز: يسمى قانون التأويل في التفسير أو واضح السبيل في معرفة قانون التأويل وفوائد التنزيل. (¬5) وله أيضا: المسالك في شرح موطأ مالك، القبس على موطأ مالك بن أنس، عارضة الأحوذي على كتاب الترمذي، القواصم والعواصم، المحصول في أصول الفقه، سراج المريدين، المتوسط، المشكلين، شرح حديث أم زرع، معاني الأسماء الحسنى، الإنصاف في مسائل الخلاف، شرح حديث الإفك، شرح حديث جابر في الشفاعة، ستر العورة، أعيان الأعيان، كوكب الحديث والمسلسلات، أمهات المسائل، ترتيب الرحلة للترغيب في الملة، حسم الداء في الكلام على حديث السوداء، غوامض النحويين، نزهة الناظر، وغير ذلك. 75 - محمد بن عبد الله (أبي محمد) بن محمد بن ظفر (¬6) المكي برهان الدين أبو هشام وأبو عبد الله وأبو جعفر الصقلي (¬7) ¬

(¬1) طبقات الداوودي169 - 170. (¬2) بغية الملتمس182. (¬3) وهو مطبوع ومنه نسخ خطية كثيرة (انظر الفهرس الشامل 1/ 192). (¬4) منه نسخة في خزانة القرويين (انظر الفهرس الشامل 1/ 193). (¬5) منه نسخ بالقرويين والأسكوريال ودار الكتب بالقاهرة (انظر بروكلمان ملحق 1/ 732، الفهرس الشامل 1/ 193، الأعلام 6/ 230). (¬6) ظفر: بفتح الظاء المعجمة والفاء آخره راء (وفيات الأعيان 4/ 29). (¬7) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 2/ 171، 246، طبقات المفسرين للأدنوي ص: 188، معجم المفسرين 2/ 559، نيل السائرين 138، المدرسة القرآنية 1/ 231، لسان الميزان 5/ 371، المختصر في أخبار البشر 3/ 52، معجم الأدباء 7/ 102، مفتاح السعادة 1/ 233، هدية العارفين 2/ 96، الوافي بالوفيات 1/ 141، وفيات الأعيان 4/ 29، سير أعلام النبلاء 20/ 522، بغية الوعاة 1/ 142، روضات الجنات 188، خريدة القصر 3/ 49، العقد الثمين 2/ 344، الأعلام 6/ 230، معجم المؤلفين 3/ 456، إيضاح المكنون 1/ 68، 2/ 244، العقد الثمين 2/ 344، كشف الظنون 101، 126، 171 وغيرها، بروكمان 1/ 351 الملحق 1/ 595.

المنعوت حجة الإسلام النحوي اللغوي المالكي المفسر قال عنه الذهبي: العلامة البارع حجة الدين (¬1). ولد بمكة (¬2) - وقيل بصقلية ونشأ بمكة (¬3) - سنة سبع وتسعين وأربعمائة ثم قدم مصر في صباه، ولقي أبابكر الطرطوشي بالإسكندرية ودخل الأندلس فلقي فيها أبا بكر بن العربي، وأبا مروان الباجي، وأبا الوليد الدباغ، وابن مسرة. وقصد بلاد إفريقية، فجال فيها ودخل المغرب فأقام بالمهدية مدة، وشاهد بها حروبا من الفرنج وأخذت من المسلمين وهو هناك، ثم انتقل إلى صقلية، ثم إلى مصر، ثم قدم حلب، وأقام بمدرسة ابن أبي عصرون، وصنف بها تفسيرا كبيرا، ثم جرت فتنة بين الشيعة وأهل السنة، فنهبت كتبه فيما نهب، فقدم حماة، فصادف قبولا، وأجري له راتب، وصنف هناك تصانيفه (¬4). وكان رجلا صالحا ورعا زاهدا، مشتغلا بما يعينه، وله شعر حسن، وكان أعلم باللغة من النحو ومن شعره: ببسم الله يفتتح العليم ... وبالرحمن يعتصم الحليم وكيف يلومني في حسن ظني ... بربي لائم وهو الرحيم ولم يزل يكابد الفقر طول عمره، وزوج ابنته من الضرورة بغير كفء فسافر بها من حماة وباعها في بعض البلاد (¬5). أقام بحماة إلى أن مات بها سنة خمس وستين وخمسمائة وقيل غير ذلك. له: ينبوع الحياة في تفسير القرآن الحكيم: في اثني عشر مجلدا. (¬6) التفسير الكبير إكسير كيمياء التفسير فوائد الوحي الموجز ¬

(¬1) السير 20/ 522. (¬2) انظر بغية الوعاة 1/ 142، طبقات المفسرين 167. (¬3) انظر طبقات الداوودي 2/ 246، السير 20/ 522، الأعلام 6/ 230. (¬4) انظر طبقات الداوودي 2/ 177. (¬5) وفيات الأعيان 4/ 30. (¬6) منه عدة نسخ في المكتبة الوطنية بباريس وفي تشستربيتي وفي الآصفية وبدار الكتب المصرية وبمكتبة الدولة ببرلين وانظر بروكلمان ملحق 1/ 596، الفهرس الشامل 1/ 205.

76 - محمد بن عبد الله بن محمد بن أبي الفضل السلمي أبو عبد الله شرف الدين المرسي

إلى فوائد الوحي المعجز أساليب الغاية في أحكام آية وله أيضا: المنشي في الفقه على مذهب مالك بن أنس، التشجين في أصول الدين، معاتبة الجري على معاقبة البري في اعتقاد أبي حنيفة والأشعري، العادات في الاعتقاد، الجنة في اعتقاد أهل السنة، خير البُشر بخير البَشَر، ملح اللغة فيما اتفق لفظه واختلف معناه، درة الغواص في إبهام الخواص، المطول في شرح المقامات، كشف الكسف في نقض الكتاب المسمى بالكشف، غرر أنباء نجباء الأنبياء، مالك الأذكار في مسالك الأفكار، سلوان المطاع في عدوان الطباع، الخوذ الواقية والعوذ الراقية، نصائح الذكرى، البرهانية في شرح الأسماء الحسنى، الاشتراك اللغوي والاستنباط المعنوي، الإشارة إلى علم العبارة، وغير ذلك. 76 - محمد بن عبد الله بن محمد بن أبي الفضل السلمي أبو عبد الله شرف الدين المرسي (¬1) عالم بالأدب والتفسير والحديث، ضرير. أصله من مرسية ومولده بها في ذي الحجة سنة تسع وستين وخمسمائة وقيل سنة سبعين. قال السيوطي عنه: العلامة شرف الدين النحوي الأديب الزاهد المفسر المحدث الفقيه الأصولي. (¬2) وقال ياقوت: أحد أدباء عصرنا، ومن أخذ من النحو والشعر بأوفر ¬

(¬1) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للسيوطي 35، طبقات المفسرين للداوودي 2/ 172، طبقات المفسرين للأدنوي ص: 239، معجم المفسرين 2/ 560، ذيل مرآة الزمان 1/ 76، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد ص: 17، العبر 5/ 224، طبقات الشافعية للسبكي 8/ 69، العقد الثمين 2/ 18، شذرات الذهب 5/ 269، مرآة الجنان 4/ 137، معجم الأدباء 7/ 16، النجوم الزاهرة 7/ 59، نفح الطيب 2/ 41، هدية العارفين 2/ 125، الوافي بالوفيات 3/ 354، بغية الوعاة 1/ 144، طبقات النحاة واللغويين لابن قاضي شهبة 141 وفيه محمد بن محمد بن عبد الله، طبقات الشافعية للأسنوي 2/ 451، سير أعلام النبلاء 23/ 312، كشف الظنون 458، 558، وغيرها، إيضاح المكنون 1/ 604، إرشاد الأريب 7/ 16، التكملة 2/ 663، بروكلمان 1/ 312، الأعلام 6/ 233، معجم المؤلفين 3/ 458. (¬2) بغية الوعاة 1/ 144.

نصيب، وضرب فيه بالسهم المصيب. (¬1) وقال الذهبي: الإمام العلامة البارع القدوة المفسر المحدث النحوي ذو الفنون. (¬2) وقال ابن النجار: كان من الأئمة الفضلاء في جميع فنون العلم؛ الحديث وعلوم القرآن والفقه والخلاف والأصلين والنحو واللغة، وله قريحة حسنة، وفهم ثاقب، وتدقيق في المعاني وله مصنفات في جميع ما ذكرناه ... وله النظم والنثر المليح ومع ذلك فهو زاهد متورع حسن الطريقة متدين كثير العبادة متعفف نزه النفس قليل المخالطة للناس. (¬3) تنقل في الأندلس، ورحل إلى المشرق فزار خراسان وبغداد، وأقام مدة في حلب ودمشق، وحج وعاد إلى دمشق وسكن المدينة، ثم انتقل إلى مصر. قرأ القرآن على ابن غلبون وغيره، والنحو على أبي الحسن علي بن يوسف بن شريك الداني، والطيب بن محمد بن الطيب النحوي، والشلوبيني، والتاج الكندي، والأصول على إبراهيم بن دقماق، والعميدي، والخلاف على معين الدين الجاجرمي. وسمع الحديث الكثير بواسط وبهمذان وبنيسابور وبهراة وبمكة من أئمة هذا العلم. قال الفاسي: وهو الشيخ الإمام العالم الزاهد، فخر الزمان، علم العلماء، زين الرؤساء، إمام النظار، رئيس المتكلمين، أحد علماء الزمان المتصرف أحسن التصرف في كل فن ... جمع الأقطار في رحلته، ارتحل إلى غرب بلاده ثم الأندلس، والديار المصرية، والشام والعراقين والعجم، وناظر وقرأ وأقرأ، واستفاد وأفاد، ولم يزل يقرئ ويدرس حيث حل، ويقر له بعلمه وفضله في كل محل، وجاور بمكة كثيراً سمع منه الحفاظ والأعيان من العلماء، وبالغوا في الثناء عليه ... (¬4) ذكره الحافظ شرف الدين الدمياطي في معجمه وترجمه بالنحو والأدب والفقه والحديث والتفسير والزهد. (¬5) ¬

(¬1) معجم الأدباء 7/ 16. (¬2) السير 23/ 312. (¬3) انظر المستفاد من ذيل تاريخ بغداد ص: 17 - 18. (¬4) انظر العقد الثمين 2/ 18. (¬5) انظر بغية الوعاة 1/ 146.

وقال الذهبي: سمع الموطأ بالمغرب بعلو من الحافظ أبي محمد عبد الله ابن عبيد الله الحجري، وسمع من عبد المنعم بن الفرس. روى عنه المحب الطبري، والشرف الفزاري، ومحمد بن يوسف بن المهتار وكان نبيلاً ضريرا، يحل بعض مشكلات إقليدس ويحفظ صحيح مسلم مجرداً عن السند لزم النسك والعبادة والانقطاع. قال ياقوت: وأنشدني لنفسه وقد تماروا عنده في الصفات فقال: من كان يرغب في النجاة فما له ... غير اتباع المصطفى فيما أتى ذاك السبيل المستقيم وغيره ... سبل الغواية والضلالة والردى فاتبع كتاب الله والسنن التي ... صحت فذاك إذا اتبعت هو الهدى ودع السؤال بكم وكيف فإنه ... باب يجر ذوي البصيرة للعمى الدين ماقال الرسول وصحبه ... والتابعون ومن مناهجهم قفا (¬1) وله - والبيت الثاني تضمين لغيره -: دخلت هَرَاة أستفيد علومها ... فألفيت من فيها حمير الورى فهما يمرون بي لايعرفون مكانتي ... كأني دينار يمر به أعمى (¬2) مات متوجها إلى دمشق بين العريش وتل الزعقة من منازل الرمل يوم الاثنين خامس عشر ربيع الأول سنة خمس وخمسين وستمائة، ودفن بتل الزعقة. له: التفسير الكبير واسمه ري الظمآن: يزيد على عشرين جزءًا. (¬3) وتفسيره من أحسن التفاسير وألطفها ذكر فيه ارتباط الآيات بعضها ببعض وهو في ثمانية أسفار ثم اختصره بعد في سفرين. (¬4) ومما قاله في تفسيره: ... جمع القرآن علوم الأولين والآخرين بحيث لم ¬

(¬1) الأبيات في معجم الأدباء 7/ 17، والمستفاد ص: 18. (¬2) انظر طبقات الداوودي 2/ 173. (¬3) منه نسخة بالمكتبة الوطنية بتونس من سبأ إلى الإنسان انظر الفهرس الشامل 1/ 254. (¬4) انظر طبقات الأدنوي ص: 240، الفهرس الشامل 3/ 716.

77 - محمد بن عبد الله بن مسرة بن نجيح الجبلي أبو عبد الله الأندلسي القرطبي

يحط بها علما حقيقة إلا المتكلم بها ثم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلا ما استأثر الله به سبحانه وتعالى ثم ورث عنه معظم ذلك سادات الصحابة وأعلامهم مثل الخلفاء الأربعة وابن مسعود وابن عباس حتى قال: لو ضاع لي عقال بعير لوجدته في كتاب الله تعالى ثم ورث عنهم التابعون بإحسان، ثم تقاصرت الهمم وفترت العزائم وتضاءل أهل العلم وضعفوا عن حمل ماحمله الصحابة والتابعون من علومه وسائر فنونه فنوعوا علومه وقامت كل طائفة بفن من فنونه ... الخ. (¬1) التفسير الأوسط: عشرة أجزاء. التفسير الصغير: ثلاثة أجزاء. وله أيضا: الكافي في النحو، الإملاء على المفصل، الضوابط النحوية في علم العربية، كتاب في أصول الفقه والدين، كتاب في البديع والبلاغة، مختصر مسلم. 77 - محمد بن عبد الله بن مسرة بن نجيح الجبلي أبو عبد الله الأندلسي القرطبي (¬2) متصوف متفلسف من دعاة الإسماعيلية من أهل قرطبة ولد ليلة الثلاثاء لسبع مضين من شوال سنة تسع وستين ومائتين أخذ عن أبيه ومحمد بن وضاح والخشني وغيرهم. كان يجمع بين مبادئ المتصوفة وبين أصول الاعتزال. أثر تفكيره الفلسفي والصوفي تأثيرًا كبيرًا في الأندلس حيث كثر تلاميذه مما أثار الشك في سلامة آرائه، واتهم بالزندقة فخرج فارا إلى المشرق. دخل القيروان والحجاز وحج غير مرة ثم عاد إلى بلاده وأثارت آراؤه بعض الخصومات الجدلية في المشرق والمغرب. ألف القاضي الأندلسي ابن زرب في الرد عليه واستتاب بعض أتباعه وأحرق ماوجد عندهم من كتبه. (¬3) ورد عليه جماعة من أهل المشرق منهم ابن الأعرابي وغيره، والناس فيه فرقتان فرقة تبلغ به مبلغ الإمامة في العلم والزهد وفرقة تطعن عليه بالبدع. ¬

(¬1) انظر الإتقان في علوم القرآن 2/ 161 فقد نقل عنه أكثر من صفحتين في نسق واحد هذا الجزء منها. (¬2) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 800، معجم المحدثين والمفسرين 41، تاريخ علماء الأندلس2/ 41، جذوة المقتبس1/ 109، نفح الطيب 3/ 178، الأعلام 6/ 223. (¬3) انظر تاريخ قضاة الأندلس 78، الأعلام 6/ 223.

78 - محمد بن عبد الله بن ميمون بن إدريس بن محمد العبدري أبو بكر القرطبي

قال الحميدي: له طريقة في البلاغة وتدقيق في غوامض إشارات الصوفية وتواليف في المعاني نسبت إليه بذلك مقالات نعوذ بالله منها والله أعلم بها. (¬1) وقال ابن الفرضي: أظهر نسكا وورعا واغتر الناس بظاهره ... ثم ظهر الناس على سوء معتقده ... وذكر أنه كان يحرف التأويل في كثير من القرآن. (¬2) توفي بعد عصر الأربعاء ودفن يوم الخميس لخمس خلون من شوال سنة تسع عشرة وثلاثمائة. 78 - محمد بن عبد الله بن ميمون بن إدريس بن محمد العبدري أبو بكر القرطبي (¬3) عالم بالقراءات والأدب شاعر مفسر فقيه من بلغاء الكتاب قال في تاريخ غرناطة: كان عالما بالقراءات، ذاكراً للتفسير حافظا للفقه واللغات والآداب، شاعراً محسناً، كاتباً بليغاً، مبرزاً في النحو، جميل العشرة حسن الخلق، متواضعا، فكه المحاضرة، ظريف الدعابة. (¬4) أصله من قرطبة، ولد في حدود سنة خمسمائة أو دونها بقليل. قال ابن الأبار: خرج منها في الفتنة فنزل مراكش وأقرأ بها العربية والآداب وعرف مكانه. (¬5) روى عن أبي بكر بن العربي، وأبي الحسن شريح، وعبد الرحمن بن بقي وأبي الحسن بن الباذش، وأبي الوليد بن رشد ولازمه عشر سنين، ويونس بن مغيث وأبي عبد الله بن الحاج، وأبي محمد بن عتاب، وسمع أبا بحر الأسدي وغيرهم روى عنه أبو البقاء يعيش بن القديم وأبو زكريا المرجيقي وغيرهما دخل غرناطة، واستوطن مراكش ومن شعره: لا تكترث بفراق أوطان الصبا ... فعسى تنال بغيرهن سعوداً فالدر ينظم عند فقد بحاره ... بجميل أجياد الحسان عقوداً ¬

(¬1) الجذوة 1/ 109. (¬2) تاريخ العلماء والرواة 2/ 41. (¬3) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 2/ 172، معجم المفسرين 2/ 560، بغية الوعاة 1/ 147، هدية العارفين 2/ 96، الديباج المذهب 302، المغرب في حلي المغرب 1/ 111، التكملة 2/ 511، معجم المؤلفين 3/ 461، الأعلام 6/ 231، المطرب من أشعار أهل المغرب 198، كشف الظنون 213، 604، 1686، 1788. (¬4) انظر بغية الوعاة 1/ 147. (¬5) التكملة 2/ 511.

79 - محمد بن عبد الملك بن سليمان بن أبي الجعد التستري أبو بكر الحنبلي

مات بمراكش يوم الثلاثاء لاثنتي عشرة ليلة بقيت من جمادى الآخرة سنة سبع وستين وخمسمائة وقد قارب السبعين له: شرحان على الجمل كبير وصغير، شرح أبيات الإيضاح للفارسي، شرح مقامات الحريري، مشاحذ الأفكار فيما أخذ على النظار، وغير ذلك. 79 - محمد بن عبد الملك بن سليمان بن أبي الجعد التستري أبو بكر الحنبلي (¬1) ولد بتستر (¬2) سنة خمس وخمسين وثلاثمائة قدم الأندلس تاجرا سنة ثلاثين وأربعمائة قال الخزرجي: كان خيرا متدينا نزيه النفس متسننا مؤتما بأحمد بن حنبل وداينا بمذهبه، وروايته واسعة عن شيوخ جلة بالعراق وخراسان وكان عالما بفنون علوم القرآن من قراءات وإعراب وتفسير ... وكان ممتعا قوي الأعضاء مصححا. توفي بعد الثلاثين وأربعمائة. 80 - محمد بن عبد الوهاب بن عبد الكافي بن عبد الوهاب بن عبدالواحد بن محمد بن علي بن أحمد سعد الدين أبو بكر وأبو اليمن وأبو المعالي، وأبو سعيد الأنصاري، الدمشقي، الشيرازي ابن الحنبلي الأطروش (¬3) واعظ مفسر من دمشق شيرازي الأصل أخذ عن أبيه، وأبي محمد عبد الغني المقدسي، وأبي اليمن زيد الكندي، وقرأ عليه القراءت السبع، وقرأ على أبي البقاء العكبري شرحه لمقامات الحريري وأخذ عن أبي الفرج بن الجوزي حفظ الكثير، وعرف التفسير قدم مصر، ودخل الأندلس سنة إحدى وخمسين وستمائة وعبر سبتة، وتكلم في الوعظ بجامعها أشهراً، وجال في الأندلس، ورجع إلى سبتة وتوجه إلى أزمور، وقدم مراكش وهو يعظ في كل ¬

(¬1) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 2/ 189، معجم المفسرين 2/ 565 الصلة2/ 865. (¬2) تستر: بالضم ثم السكون وفتح التاء الأخرى وراء أعظم مدينة بخوزستان. معجم البلدان 2/ 34. (¬3) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 2/ 192، معجم المفسرين 2/ 570، المقفى 2/ 74، ذيل طبقات الحنابلة 2/ 267.

81 - محمد بن علي بن خليفة الغرياني

ذلك فيفتتح مجلسه بالتفسير بعد الخطبة والدعاء وشيء من أخبار الصالحين، ومن كلام ابن الجوزي ويختم بفصل من السير. ومجالسه على التوالي، يبدأ اليوم من حيث انتهى بالأمس، وكلامه في ذلك متقن، يشهد بحسن تقدمه، ولم يكن عنده كتاب يسعده، ليذكر ما كان بسبيله سوى خطب من كلام الجوزي في سفر بخطه. وكان يشارك في الطب وغيره، وكان شديد الصمم، لايكاد يسمع شيئاً البتة، إنما يخاطب بالكتابة، فيجيب بالعين والإشارة وكان شافعي المذهب، مستحسن المنزع، لولا حرص كان فيه من باب التكسب، ومع ذلك فقد كان من حسنات وقته. مات بالقرب من مراكش في رجب سنة اثنتين وخمسين وستمائة. له: مصباح الواعظ 81 - محمد بن علي بن خليفة الغرياني (¬1) نسبة إلى بلدة غريان بطرابلس، ومنها أصله. قال عنه الكتاني: الإمام العلامة محدث تونس ومسندها. (¬2) وقرأ أولا بجربة على الشيخ إبراهيم الجمني. ثم قدم تونس فأخذ عن أساتذة وقته كالشيخ زيتونة والريكلي ومنصور المنزلي. وحج ولقي بمصر علماء منهم محمد الحفناوي ومحمد البليدي. وأخذ أيضا عن سليمان المنصوري وتاج الدين القلعي المكي والعماري وابن عقيلة وغيرهم. وعنه ابناؤه محمد الصالح ومحمد السنوسي وأحمد ومحمد بن قاسم المحجوب وعلي البقلوطي وغيرهم. وتخرج عليه علماء كثيرون من أشهرهم الوزير حمودة بن عبد العزيز، وقد مدحه بقصائد وموشحات كثيرة مثبتة في ديوانه. ولما عاد إلى تونس نصبه الباشا علي باي الأول شيخا بالمدرسة السليمانية التي أسسها فكان أول مدرس بها. كانت بينه وبين الحافظ مرتضى الزبيدي مكاتبات وأجاز كل منهما صاحبه. وذكره الورثلاني في رحلته إلى الحجاز، وقد تعرف به عند مروره من ¬

(¬1) مصادر ترجمته: العمر 1/ 2 / 840 رقم 236، أعلام ليبيا ص: 290، تراجم المؤلفين 3/ 459، دليل المؤلفين العرب الليبين ص: 297، شجرة النور الزكية 1/ 349، فهرس الفهارس 2/ 885. (¬2) فهرس الفهارس 2/ 885.

82 - محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن عربي الحاتمي الصوفي

تونس وأثنى عليه الثناء الجميل ووصفه بكرم الطباع قال: وبالجملة ففضل الشيخ الغرياني علما وعملا وأنسا وإجلالا وتعظيما كثير لا يكاد يخفى على أعدائه. وهو فقيه محدث نحوي أصولي متكلم، وهو أيضا رحيم للأمة المحمدية لاسيما غرباء الطلبة يأخذ بيد الضعيف منهم (¬1). جمع بعض حفدته أخباره وفضائله في رسالة مستقلة. توفي يوم الأربعاء رابع عشر شوال سنة أربع وتسعين ومائة وألف، وبنى الأمير علي باي على قبره تربة بالزلاج. له: تفسير البسملة. (¬2) وله أيضا: حاشية على مقدمات السنوسي، حاشية على الخبيصي على متن التهذيب في المنطق، فيض الخلاق في الصلاة على راكب البراق، شرح على مقدمة مختصر خليل، تعليق على شمائل الترمذي، حكم الخنثى مشكل، رسالة في تعدد الضامنين، فهرس مروياته، جواب في مسائل في الإيجار وصفة الثواب. 82 - محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن عربي الحاتمي الصوفي (¬3) الفقيه الظاهري المحدث من ولد عبد الله بن حاتم أخي عدي بن حاتم ولد في ليلة الاثنين سابع عشر رمضان سنة ستين وخمسمائة بمرسية من بلاد الأندلس. ¬

(¬1) انظر العمر 1/ 2 / 840. (¬2) منه نسخة بمكتبة حسن حسني عبد الوهاب بخط يده أتمها سنة 1193 هـ. (¬3) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للسيوطي 38، طبقات المفسرين للداوودي 2/ 204، طبقات المفسرين للأدنوي ص: 230، نيل السائرين 143، معجم المفسرين 2/ 581، البداية والنهاية 13/ 156، روضات الجنات 192، غاية النهاية 2/ 208، لسان الميزان 5/ 311، مرآة الجنان 4/ 100، العبر 5/ 158، ميزان الاعتدال 3/ 659، النجوم الزاهرة 6/ 339، نفح الطيب 2/ 161، الوافي بالوفيات 4/ 173، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد ص: 28، سير أعلام النبلاء 23/ 48، جذوة الاقتباس 175، مفتاح السعادة 1/ 187، بروكلمان 1/ 441 الملحق: 1/ 790، شذرات الذهب 5/ 190، التكملة 1/ 351، الأعلام 6/ 281، المجددون في الإسلام 275، فهرس الفهارس 1/ 233، دائرة المعارف الإسلامية 1/ 231، جامع كرامات الأولياء 1/ 198، معجم المؤلفين 3/ 531، الذيل على الروضتين 170، فوات الوفيات 2/ 241، كشف الظنون 14، 58، 82 وغيرها، إيضاح المكنون 1/ 73، 84، 134 وغيرها، هدية العارفين 2/ 114، الفهرس الشامل 3/ 706. وانظر مقدمة فصوص الحكم، مقدمة الفتوحات المكية.

قال ابن الأبار: أخذ عن مشيخة بلده، ومال إلى الآداب، وكتب لبعض الولاة، ثم رحل إلى المشرق حاجا، فأدى الفريضة ولم يعد بعدها إلى الأندلس وسمع بقرطبة من الحافظ أبي القاسم خلف بن بشكوال، وغيره وبإشبيلية من أبي بكر محمد بن خلف بن صاف اللخمي، وقرأ عليه القرآن الكريم بالقراءات السبع. وسمع على قاضي مدينة فاس أبي محمد عبد الله التادلي وعلى القاضي أبي بكر محمد بن أحمد بن أبي جمرة وعلى القاضي أبي عبد الله محمد بن سعيد بن زرقون الأنصاري، وعلى أبي محمد عبد الحق بن عبد الرحمن بن عبد الله الإشبيلي، وعلى عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل بن الحرستاني وعلى يونس بن أبي الحسن العباسي نزيل مكة، وعلى المكين بن شجاع بن زاهر بن رستم الأصبهاني إمام المقام، وعلي بن البرهان نصر بن أبي الفتوح بن علي وسالم بن رزق الله الأفريقي، ومحمد بن أبي الوليد بن أحمد بن شبل، وأبي عبد الله ابن عيشون وأجازه جماعة كثيرة منهم الحافظ أبو القاسم ابن عساكر، وأبو الطاهر السلفي، وأبو الفرج ابن الجوزي. وسمع بسبتة من أبي محمد بن عبيد الله، وذكر أنه لقي عبد الحق بن عبد الرحمن ببجاية. وقدم إلى مصر وأقام بالحجاز مدة ودخل بغداد والموصل وبلاد الروم قال ابن النجار: قدم بغداد في سنة ثمان وستمائة، وكان يومأ إليه بالفضل والمعرفة، والغالب عليه طريق أهل الحقيقة، وله قدم في الرياضة والمجاهدة، وكلام على لسان أهل التصوف، ورأيت جماعة يصفونه بالتقدم والمكانة عند جماعة من أهل هذا الشأن بدمشق، وبلاد الشام والحجاز، وله أصحاب وأتباع، ووقفت له على مجموع من تأليفه وقد ضمنه منامات رأى فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما سمعه منه، ومنامات قد حدث بها عمن رآه - صلى الله عليه وسلم -، فكتب عني شيئاً من ذلك، وعلقت عنه منامين فحسب (¬1). وقال ابن مسدي: وكان يلقب بالقشيري، لقب غلب عليه لما كان يشير من التصوف إليه، وكان جميل الجملة والتفصيل، محصلا لفنون العلم أخص ¬

(¬1) المستفاد ص: 28.

تحصيل، وله في الأدب الشأو الذي لايلحق، والتقدم الذي لم يسبق. كان ظاهري المذهب في العبادات باطني النظر في الاعتقادات أنكر عليه أهل الديار المصرية شطحات صدرت عنه فعمل بعضهم على إراقة دمه كما أريق دم الحلاج وأشباهه وحبس فسعى في خلاصه علي بن فتح البجائي من أهل بجاية فنجا واستقر في دمشق. (¬1) قال الذهبي: ومن أردأ تواليفه كتاب الفصوص فإن كان لاكفر فيه فما في الدنيا كفر نسأل الله العفو والنجاة فواغوثاه بالله. (¬2) وقال العز بن عبد السلام: هو شيخ سوء مقبوح كذاب يقول بقدوم العالم ولا يحرم فرجا. وسئل عن كذبه، فقال: كان ينكر تزويج الإنس بالجن، ويقول: الجن روح لطيف والإنس جسم كثيف لا يجتمعان، ثم زعم أنه تزوج امرأة من الجن وأقامت معه مدة ثم ضربته بعظم جمل فشجته، وأرانا شجةً بوجهه وقد برئت (¬3). وخرج هو وابن سراقة العامري من باب الفراديس بدمشق، فقال: بعد كذا وكذا ألف سنة، يخرج ابن العربي وابن سراقة من هذا الباب على هذه الهيئة. (¬4) وقال القطب اليونيني في ذيل مرآة الزمان عنه: وكان يقول أعرف الاسم الأعظم، وأعرف الكيمياء. وحكى بعضهم عنه أنه كان يقول: ينبغي للعبد أن يستعمل همته في الحضور في مناماته، بحيث يكون حاكما على خياله يصرفه بعقله نوما، كما كان يحكم عليه يقظة فإذا حصل للعبد هذا الحضور وصار خلقا له، وجد ثمرة ذلك في البرزخ، وانتفع به جدا، فليهتم العبد بتحصيل هذا القدر، فإنه عظيم الفائدة بإذن الله. وقال: إن الشيطان ليقنع من الإنسان بأن ينقله من طاعة إلى طاعة ليفسخ عزمه بذلك. كتب عنه كثيرون قدحا ومدحا ومن ذلك: تنبيه الغبي إلى تكفير ابن عربي، للبقاعي، تنبيه الغبي في تنزيه ابن عربي، البرهان الأزهر في مناقب ¬

(¬1) الأعلام 6/ 281. (¬2) السير 23/ 48. (¬3) انظر طبقات الداوودي 2/ 209. (¬4) هذا اعتقاد تناسخ الأرواح نسأل الله السلامة.

الشيخ الأكبر للقادري، الكبريت الأحمر في بيان علوم الشيخ الأكبر للشعراني. وفي سيرته: محيي الدين ابن عربي لطه عبد الباقي سرور والدر الثمين في مناقب الشيخ محيي الدين د. صلاح الدين المنجد. مات بدمشق في ليلة الجمعة الثامن والعشرين من شهر ربيع الآخر وقيل في شهر شوال سنة ثمان وثلاثين وستمائة، ودفن يوم الجمعة بسفح قاسيون في تربة بني الركي في محلة الصالحية. (¬1) له نحو ثلاثمائة كتاب ورسالة (¬2)، منها: كتاب في التفسير غير موجود. قال عنه: جاء بديعا في شأنه وما أظن على البسيطة من نزع في القرآن ذلك المنزع. (¬3) وقال صاحب نفح الطيب: وهو تفسير كبير بلغ فيه إلى سورة الكهف عند قوله تعالى: {وعلمناه من لدنا علما} (¬4) وتوفي ولم يكمل وهذا التفسير كتاب عظيم كل سفر بحر لاساحل له. تفسير القرآن ويسمى تفسير ابن عربي. (¬5) التفسير المختصر. (¬6) كشف الأسرار وهتك الأستار في تفسير القرآن العظيم. (¬7) مجالس التفسير. (¬8) العظمة في تفسير سورة الفاتحة. (¬9) كشف أسرار المعاني ووصف أنوار المثاني مجلد في تفسير الفاتحة. (¬10) الجمع والتفصيل في أسرار معاني التنزيل المثلثات الواردة في ¬

(¬1) هي قرية كبيرة قرب جبل قاسيون. معجم البلدان 3/ 390. (¬2) انظر معجم المفسرين 2/ 581. (¬3) المرجع السابق. (¬4) الكهف: 65. (¬5) منه نسخ في الجامعة الآسيوية والمكتبة العامة بأصفهان وملك الوطنية والتيمورية ورامبور ومكتبة الدولة ببرلين وبالأزهرية وبدكملي بابا ومكتبة شهيد علي باشا ومكتبة غرب ومجلس النواب بطهران ومحمد مراد انظر الفهرس الشامل 1/ 246، وقد طبع كتاب في التفسير نسب لابن عربي ولم يعتمد صاحب تلك الطبعة هذه المخطوطات. (¬6) منه نسخة في المكتبة العمومية باستامبول انظر الفهرس الشامل 1/ 246. (¬7) منه نسخ بالظاهرية ومكتبة فاتح وولي الدين. انظر الفهرس الشامل 1/ 247. (¬8) منه نسخة في الصبيحية انظر الفهرس الشامل 1/ 248. (¬9) منه نسخ بالأسكوريال وخدا بخش وبأوقاف الموصل وجامعة الإمام محمد بن سعود وبأوبسالا وجامعة لايبزج وبجون ريلاند وبمكتبة الدولة ببرلين ومكتبة شهيد علي باشا وفيض الله أفندي والوزيري والوطنية بباريس وولي الدين. انظر الفهرس الشامل 1/ 247. (¬10) انظر حاشية الأدنوي وكشف الظنون 2/ 1487.

83 - محمد بن علي بن محمد بن حسن الصقلي الأندلسي البرجي أبو عبد الله الحاج الشطيبي

القرآن الكريم مثل قوله تعالى: {لافارض ولا بكر عوان} (¬1) وقوله: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا} (¬2) المسبعات الواردة في القرآن الكريم مثل قوله: {خلق سبع سموات} (¬3)، {وسبعة إذا رجعتم} (¬4). رد معاني الآيات المتشابهات إلى معاني الآيات المحكمات. (¬5) إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن. (¬6) سر العالمين في علوم القرآن الكريم. (¬7) إشارات القرآن في عالم الإنسان. (¬8) المقصد الأسمى فيما وقع في القرآن من الأسما. (¬9) وله أيضا: فصوص الحكم، الفتوحات المكية، الإعلام بإشارات أهل الإلهام، القسم الإلهي بالاسم الرباني، المبادئ والغايات، كشف المعنى في تفسير الأسماء الحسنى، وغير ذلك كثير. وأسماء كتبه يكتنفها الغموض ومن ذلك: عنقاء مغرب، التوقيعات، أيام الشأن، إنشاء الدوائر، درر السر الخفي، شجرة الكون، اللمعة النورانية، الصحف الناموسية، الجفر الجامع والنور اللامع والسر الهامع، الاتحاد الكوني والمشهد العيني بحضرة الشجرة الإنسانية والطيور الأربعة الروحانية، وغيرها. (¬10) وله شعر. 83 - محمد بن علي بن محمد بن حسن الصقلي الأندلسي البرجي أبو عبد الله الحاج الشطيبي (¬11) مؤرخ مفسر رحل في طلب العلم وحج توفي في تازغدره من جبال ¬

(¬1) البقرة: 68. (¬2) الإسراء: 110. (¬3) في مواضع منها سورة الملك: 3. (¬4) البقرة: 196. (¬5) منه نسخة بالسعيدية انظر الفهرس الشامل 1/ 247. (¬6) منه نسخ في القادرية والحرم المكي ومكتبة طلعت ودكملي بابا انظر الفهرس الشامل 1/ 246ومنه نسخة مصورة في الجامعة الإسلامية ميكروفيلم رقم 1493). (¬7) منه نسخة بمكتبة العيدروس الحبشي انظر الفهرس الشامل 1/ 247. (¬8) منه نسخ في جامعة ليدن ومكتبة جون ريلاند ومكتبة ولي الدين (انظر الفهرس الشامل 1/ 246). (¬9) منه نسخة في مكتبة شهيد علي باشا انظر الفهرس الشامل 1/ 248. (¬10) انظر الأعلام 6/ 281، معجم المؤلفين 3/ 531. (¬11) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 590، درة الحجال 1/ 247، دوحة الناشر 14 واسمه فيها محمد بن أحمد بن محمد بن علي، دليل مؤرخ المغرب 1/ 156 وهو فيه: محمد ابن علي بن عطية، الأعلام 6/ 292.

84 - محمد بن علي بن محمد بن الفخار أبو بكر الأركشي الجذامي

غمارة في ريف المغرب سنة ثلاث وستين وتسعمائة وقيل سنة ستين. له: اللباب في مشكلات الكتاب في التفسير. (¬1) 84 - محمد بن علي بن محمد بن الفخار أبو بكر الأركشي الجذامي (¬2) عالم بالفقه والعربية. ولد ونشا في أركش. (¬3) خرج من بلده أركش حين استولى عليه العدو فاستوطن شريش (¬4) وقرأ بها العربية والأدب على الأستاذ أبي الحسن بن إبراهيم السكوني، وأبي بكر محمد بن محمد الديباج وغيرهما، ولحق بالجزيرة الخضراء لما استولى العدو على شريش، فأخذ بها عن أبي عبد الله بن خميس وغيره. ثم أخذ عن أبي الحسين بن أبي الربيع وغيره بسبتة، وابن الصائغ بغرناطة، ثم استوطن مالقة وسمع بها على أبي عمر بن حوط الله، وتصدر للإقراء، فكان يدرس من صلاة الصبح إلى الزوال، ويقرئ القرآن، ويفتي النساء بالمسجد إلى بعيد العصر، ويأتي الجامع الأعظم بعد المغرب فيفتي إلى العشاء الآخرة، ولا يقبل من أحد شيئاً، ووقعت له مشاحنات مع فقهاء بلده في فتاوى، وعقدت له مجالس، وشهر فيها وبالغ الناس في تعظيمه. قال في تاريخ غرناطة: كان متفنناً عالما بالفقه والعربية والقراءات والأدب الحديث، خيراً صالحاً شديد الانقباض، ورعاً، سليم الباطن، كثير العكوف على العلم، قليل الكلام والتصنع، عظيم الصبر. توفي بمالقة سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة. كان مغرى بالتأليف، ألف نحو الثلاثين تأليفاً في فنون مختلفة، منها: تحبير الجمان في تفسير أم القرآن. (¬5) وله أيضا: انتفاع الطلبة النبهاء في ¬

(¬1) منه نسخة في قبيلة بني زروال بالمغرب وثانية سقيمة في خزانة الرباط. (¬2) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 2/ 542، معجم المفسرين 2/ 585، الدرر الكامنة 4/ 199، الديباج المذهب 303، بغية الوعاة 1/ 187، الأعلام 6/ 284، هدية العارفين 2/ 159، معجم المؤلفين 3/ 533. (¬3) من بلدان الأندلس تقع بالقرب من شريش (انظر الخريطة رقم 9 ص: 128). (¬4) بشين معجمة مفتوحة في أوله وراء مكسورة ثم ياء تحتية آخره مثل أوله: مدينة كبيرة من كورة شذونة وهي قاعدة هذه الكورة. انظر معجم البلدان 3/ 386. (¬5) منه نسخة باسم تفسير الفاتحة بجامعة الإمام محمد بن سعود (الفهرس الشامل 1/ 362).

85 - محمد بن علي بن يحيى بن علي الغرناطي أبو عبد الله بالشامي

اجتماع السبعة القراء، الأحاديث الأربعون فيما ينتفع بها القارئون والسامعون، منظوم الدرر في شرح كتاب المختصر، نصح المقالة في شرح الرسالة، الجواب المختصر المروم في تحريم سكن المسلمين ببلاد الروم، استواء النهج في تحريم اللعب بالشطرنج، النصل المنتضى المهزوز في الرد على من أنكر صيام يوم النيزور، تفضيل صلاة الصبح للجماعة في آخر وقتها المختار على صلاة الصبح للمنفرد في أول وقتها بالابتدار، إرشاد السالك في بيان إسناد زياد عن مالك، الجوابات المجمعة على السؤالات المنوعة، إملاء الدول في ابتداء مقاصد الجمل، شرح قوانين الجزولية، التكملة والتبرية في إعراب البسملة والتصلية، وغير ذلك. 85 - محمد بن علي بن يحيى بن علي الغرناطي أبو عبد الله بالشامي (¬1) نحوي أديب شاعر مفسر من فقهاء المالكية من أهل غرناطة بالأندلس ولد سنة إحدى وسبعين وستمائة وبها نشأ وتعلم، وحج وأقام بالحرمين الشريفين مدة. قال ابن حجر: كان يناظر في الفقه على مذهب مالك والشافعي وله شعر جيد (¬2). أورد له المقري قصيدة أنشدها على قبر حمزة بن عبد المطلب - رضي الله عنه - (¬3). توفي بالمدينة المنورة سنة خمس عشرة وسبعمائة له: تفسير القرآن الاستدراك على التعريف والإعلام فيما أبهم في القرآن من الأسماء والأعلام وله أيضًا: شرح الجمل، مدائح نبوية. 86 - محمد بن علي الخروبي الطرابلسي أبو عبد الله السفاقسي ثم الجزائري المالكي (¬4) ¬

(¬1) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 585، نفح الطيب 2/ 661، الدرر الكامنة 4/ 214، هدية العارفين 2/ 143، بغية الوعاة 1/ 193، معجم المؤلفين 3/ 554، وكشف الظنون 603، 604، 1344. (¬2) الدرر الكامنة 4/ 214. (¬3) انظر نفح الطيب 2/ 662. (¬4) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 590، معجم أعلام الجزائر 132، تعريف الخلف 2/ 483، المنهل العذب 200، طبقات الحضيكي 2/ 31، نفحات النسرين والريحان 116، الاستقصا 5/ 31، أعلام ليبيا 286، الأعلام 6/ 292، معجم المؤلفين 3/ 509، شجرة النور 1/ 284، بروكلمان 2/ 701، مرآة المحاسن 209، إيضاح المكنون 2/ 274، 471، هدية العارفين 2/ 245، جذوة الاقتباس 1/ 322، سلوة الأنفاس 2/ 258، مجلة معهد المخطوطات 3/ 226، 227، مقدمة تفسير الثعالبي ص: (ب)، تذكرة المحسنين ودوحة الناشر (موسوعة أعلام الجزائر 2/ 895) والخروبي بالخاء المعجمة كما في هدية العارفين.

صوفي فقيه الجزائر في عصره. ولد بقرية قرقارش من قرى طرابلس الغرب نحو سنة تسعين وثمانمائة. مات أبوه وهو صغير فربته أمه. تعلم بطرابلس ومصراته وأقام مدة في سفاقس (¬1) وأخرى بمدينة تونس ثم دخل الجزائر فأقام بها وولي الخطابة بجامعها ونال شهرة واسعة. دخل مراكش مرتين سفيرا بين سلطان آل عثمان والأمير أبي عبد الله الشريف، للمهادنة بينهما. قال ابن عسكر: كان من العارفين وله قدم بارع في فنون التصوف والمعارف الروحانية مع تفننه في علوم الفقه والحديث وله تصانيف عجيبة. (¬2) أخذ عن الثعالبي والشيخ زروق وأبي عبد الله الزيتوني والمديوني وغيرهم. وعنه محمد بن يوسف الترغي ومحمد الحضري والأغضاوي وغيرهم. توفي بالجزائر في الوباء (¬3) الذي وقع بها سنة ثلاث وستين وتسعمائة. له: رياض الأزهار وكنز الأسرار في تفسير القرآن في ثمانية مجلدات. (¬4) وله أيضا: الحكم الكبرى، شرح كتاب عيوب النفس ومداواتها، كفاية المريد وحلية العبيد في التصوف، شرح صلوات ابن مشيش، رسالة ذوي الإفلاس إلى خواص أهل فاس، مزيل اللبس عن أداب وأسرار القواعد الخمس. ¬

(¬1) سبق ضبطها وتحديد موقعها. (¬2) دوحة الناشر (الموسوعة 2/ 896). (¬3) انظر جذوة الاقتباس 1/ 322. (¬4) منه نسخة بمكتبة طلعت ومكتبة نور عثمانية (انظر الفهرس الشامل 1/ 604) وقد اطلع مؤلف أعلام ليبيا على نسخة منه وفي نهاية الجزء الثامن منها ما يشير إلى أنه بخطه أنجزه في غرة ربيع الثاني سنة أربع وستين وتسعمائة وعلق على ذلك بأنه لا يتفق مع تاريخ وفاته المعروف وهو سنة ثلاث وستين. وذكر المكناسي في الجذوة أن بعض الجزائريين رآه بجزائر بني مزغنة.

87 - محمد بن عمر بن يوسف الإمام أبو عبد الله الأنصاري ابن مغايظ القرطبي

87 - محمد بن عمر بن يوسف الإمام أبو عبد الله الأنصاري ابن مغايظ (¬1) القرطبي (¬2) المقرئ المالكي قال الذهبي: كان إماما صالحا، جاهداً مجوداً للقراءات، عارفاً بوجوهها، بصيرا بمذهب مالك، حاذقا بفنون العربية، وله يد طولى في التفسير (¬3). وقال ابن الجوزي: إمام عالم فقيه مفسر نحوي زاهد مقرئ (¬4) ولد بالأندلس سنة سبع أو ثمان وخمسين وخمسمائة نشأ بفاس، وحج وسمع بمكة من عبد المنعم الفراوي، وبالإسكندرية من ابن موقا، وبمصر من البوصيري، والأرتاحي، وأبي القاسم ابن فيره الشاطبي، ولازمه مدة، وقرأ عليه القراءات، وجلس بعد موته مكانه للإقراء، ولم يسمع أحد من الشاطبي الرائية كاملة سواه وسوى التجيبي، وله فيها أبيات انفرد بروايتها عنه، وكذلك في الشاطبية بيتان: أحدهما في البقرة والآخر في الرعد (¬5) وأقرأ القرآن والحديث، وجاور بالمدينة الشريفة وشهر بالفضل والصلاح والورع، ونوظر عليه في كتاب سيبويه روى عنه الزكي المنذري، والشهاب القوصي، وجماعة آخرهم الحسن سبط زيادة مات بمصر (¬6) في مستهل صفر سنة إحدى وثلاثين وستمائة، ودفن بالقرافة. 88 - محمد بن أبي الفرج بن فرج بن أبي القاسم المازري أبو عبد الله المالكي الكتاني الذكي (¬7) مفسر نحوي فقيه لغوي أديب ولد بمازرة بجزيرة صقلية سنة سبع ¬

(¬1) بالغين والظاء المعجمتين. (¬2) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للسيوطي 120، طبقات المفسرين للداوودي 2/ 553، طبقات المفسرين للأدنوي ص: 226، معجم المفسرين 1/ 597، بغية الوعاة 1/ 201، شذرات الذهب 5/ 145، معرفة القراء الكبار 2/ 510، العبر 5/ 125، غاية النهاية 2/ 219، النجوم الزاهرة 6/ 287، مرآة الجنان 4/ 75، الوافي بالوفيات 4/ 261. (¬3) معرفة القراء الكبار 2/ 510. (¬4) غاية النهاية 3/ 219. (¬5) انظر غاية النهاية 2/ 220. (¬6) وقال ابن الجوزي: بالمدينة (الغاية 2/ 220). (¬7) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 602، الوافي بالوفيات 4/ 320، بغية الوعاة 1/ 210، هدية العارفين 2/ 79، الأعلام 6/ 328، معجم المؤلفين 3/ 585.

89 - محمد بن متولي الشعراوي المصري

وعشرين وأربعمائة تحول إلى القيروان ورحل إلى المغرب الأقصى ثم عاد إلى إفريقية ومنها قصد المشرق فجال في مصر والشام والعراق وخراسان وغزنة وخاصم في الهند أئمة مخاصمات آلت إلى طعنهم فيه. قال السلفي: لم يخرج من المغرب إلا وهو إمام في الفقه والنحو غير أنه كان يتتبع عثرات الشيوخ فدعوا عليه فلم يفلح (¬1). وقد ألف فيه حسن حسني عبد الوهاب رسالة سماها الإمام المازري. عاد إلى أصبهان ومات فيها سنة ست عشرة وخمسمائة. قال حسن حسني: له تآليف كثيرة في القراءات والتفسير واللغة والنحو. 89 - محمد بن متولي الشعراوي المصري (¬2) داعية إسلامي كبير لغوي مفسر متصوف من المعاصرين ولد سنة تسع وعشرين وثلاثمائة وألف بقرية دقادوس بمركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية بدلتا مصر. حفظ القرآن قبل بلوغه الخامسة عشر، ودرس بمعهد الزقازيق الديني والتحق بالأزهر بكلية اللغة العربية وترقى في الدراسة حتى حصل على شهادة العالمية وإجازة التدريس. تولى التدريس بمعاهد طنطا والزقازيق والإسكندرية الدينية، وأعير للمملكة العربية السعودية مدرسا بمدرسة الأنجال بالرياض ثم مدرسا للعقيدة بكلية الشريعة بجامعة أم القرى بمكة، وعمل أستاذا زائرا بجامعة الملك عبد العزيز بكلية الشريعة وتولى رئاسة قسم الدراسات العليا بها. عمل وكيلا لمعهد طنطا ثم مديرا للدعوة بوزارة الأوقاف ثم مفتشا للعلوم العربية ثم ¬

(¬1) انظر بغية الوعاة 1/ 201. (¬2) مصادر ترجمته: جريدة الجمهورية 23/ 2 / 1419 هـ ص: 1، 4، 5، جريدة المسلمون 3/ 3 / 1419 هـ ص: 6، 10/ 3 / 1419 هـ ص: 1، مجلة الأربعاء 26/ 9 / 1419 هـ (عالم القرن العشرين وغواص في بحر القرآن ص: 8)، جريدة الرياض 25/ 2 / 1419 هـ ص: 35، المدينة 24/ 2 / 1419 هـ ص: 10، 27/ 2 / 1419 هـ ص: 16، 19/ 3 / 1419 هـ ص: 15، الشرق الأوسط 6/ 3 / 1419 هـ، البلاد 24/ 2 / 1419 هـ ص: 18، 25/ 2 / 1419 هـ ص: 16، عكاظ 23/ 2 / 1419 هـ ص: 18، ردود على الشيخ الشعراوي من مجلة التوحيد 2/ 1401 هـ، 9/ 1401 هـ، 5/ 1402 هـ، 5/ 1407 هـ، 6/ 1407 هـ، 12/ 1410 هـ، 4/ 1412 هـ، 5/ 1412 هـ.

مديرا لمكتب شيخ الأزهر. ترأس بعثة الأزهر للجزائر عام 1966 م لمدة عام وعاد إلى القاهرة فعين مديرا للأوقاف بحافظة الغربية ثم وكيلا للدعوة بالأزهر ثم وكيلا للأزهر ثم مديرا عاما بمكتب وزير الدولة لشئون الأزهر حتى أحيل إلى التقاعد. ثم تولى منصب وزير الأوقاف واستمر به ثلاث تشكيلات وزارية متعاقبة ترك بعدها الوزارة وتفرغ للدعوة وتفسير القرآن. رحل إلى شتى أنحاء العالم الإسلامي كداعية ومن ذلك إلى كراتشي لحضور المؤتمر الإسلامي الآسيوي وإلى كندا لإلقاء محاضرة للرد عل المستشرقين. سافر إلى الجزائر وعمل هناك لمدة سبع سنوات. (¬1) وقد نشر بعض المغرضين مقالا قال فيه: ولم يكن الشيخ الغزالي وحده الذي ذهب إلى الجزائر ليلقن الجيل الجزائري الجديد أفكاره الأصولية التي فرخت فيما بعد العنف الدامي الذي تعيشه الجزائر اليوم بل كان الشيخ الشعراوي إلى جانبه أيضا هناك. (¬2) وقد رد عليه بعض الكتاب هذه الفرية. (¬3) قام الشعراوي بتفسير القرآن الكريم مجانا للإذاعة المصرية، كما أذيعت حلقات تفسيره بالتلفاز فاشتكته إسرائيل للسادات وبالأخص في حلقات سورة البقرة التي تكشف حقيقة اليهود وخبثهم. وكان يطلق على تفسيره " خواطر" ولا يسميه تفسيرا وهو أقرب إلى الواقع. وقد وصل في هذا التفسير إلى سورة الحجرات كما أفاد ابنه سامي ثم أخبر صديقه محمد عبده يماني وزير الإعلام السعودي الأسبق أن المملكة تملك تسجيلا لتفسير الأجزاء الثلاثة الأخيرة يعود إلى عام 1973 م فتم بذلك تفسير القرآن له - إلا جزءا وشيئا يسيرا - في 2300 ساعة. (¬4) يقول الأستاذ الدكتور أحمد محمد الأهدل: لايخفى على الجميع ماقدمه الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله للعالم الإسلامي من تفسير لكتاب الله عز وجل وهو أجل تفسير في هذا الزمن لأنه كان يخاطب العامة وبسلاسة يعرفها كل واحد في أي مستوى ثقافي يتميز به. أما الأستاذ الدكتور عبد اللطيف الصباغ ¬

(¬1) البلاد 25/ 2 / 1419 هـ ص: 16. (¬2) الشرق الأوسط 6/ 3 / 1419 هـ. (¬3) انظر المدينة 19/ 3 / 1419 هـ ص: 15. (¬4) انظر الجمهورية 23/ 2 / 1419 هـ ص: 5، المسلمون 3/ 3 / 1419 هـ ص: 6.

يقول: كان على درجة عالية من التمكن بعلوم القرآن الكريم بالدرجة الأولى وعلوم التفسير بشكل خاص وفي شتى المعارف الإسلامية والمفاهيم الإسلامية وبذلك كان مرجعًا وحجة. وتناول الدكتور محمد الراوي منهج الشيخ الشعراوي في التفسير وقال: إن الشيخ الشعراوي ملك عددًا من القواعد لمنهج جديد في التفسير القرآني الأمر الذي يمكن أن نطلق عليه أنه صاحب مدرسة في التفسير. وقال الدكتور محمد بكر إسماعيل المسؤول الإعلامي للمشيخة الإسلامية بكوسوفا ومقدونيا: إن الشيخ الشعراوي من الشخصيات التي خدمت الإسلام والمسلمين من خلال تفاسيره التي وصلت إلى كل أرجاء المعمورة فلم يقتصر تفسير الشيخ الشعراوي للقرآن على البلاد الإسلامية فقط بل تعداها إلى العالم الغربي والأوروبي فقد استفاد من علم هذا الرجل وفكره جميع المسلمين في أوروبا وتحديدًا في كوسوفا وألبانيا ومقدونيا. (¬1) وقع في تفسيره بعض الشطحات وعلى وجه الخصوص عند بعض الآيات التي أخضعها لميوله الصوفية (¬2) أو أطلق فيها العنان لاجتهاداته اللغوية (¬3) أو تأثر فيها بعقيدته الأشعرية. (¬4) اكتسب عضوية مجمع البحوث الإسلامية ¬

(¬1) انظر لهذه النقول: عالم القرن العشرين وغواص في بحر القرآن ص: 8 - 11. (¬2) انظر كمثال ماكتبه الدكتور إبراهيم إبراهيم هلال في مقاله: القرآن وشطحات الصوفية بمجلة التوحيد عدد ذي الحجة 1410 هـ ص: 23 حول قول الشعراوي في تفسير قوله تعالى {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولايشرك بعبادة ربه أحدا} الكهف: 110: وحتى لو جعل العابد قصده من عبادته دخول جنة الله سبحانه كان بذلك من الذين أشركوا بعبادة ربهم غيره معه. (¬3) انظر كمثال ماكتبه الدكتور مصطفى عبد الواحد في حلقاته شيء من الوعي تحت عنوان ذكريات مع الشعراوي (المدينة 5/ 3 / 1419 هـ - 9/ 3 / 1419 هـ) حول اجتهاد الشعراوي في تفسير "نا" العظمة في قوله تعالى {وأنزل من السماء ماء فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى} طه: 53 حيث جعله لله والزارعين. (¬4) انظر كمثال تفسيره لقوله تعالى {ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم} البقرة: 115 حيث قال: ولأن الله تبارك وتعالى موجود في كل مكان أينما كنتم ستجدون الله مقبلا عليكم بالتجليات ... لأن الله واسع موجود في كل مكان في هذا الكون وفي كل مكان خارج هذا الكون ... (تفسير الشعراوي ص: 557).

ومجلس الشورى المصري ومجلس اللغة العربية بالقاهرة ومجمع الخالدين والهيئة التأسيسة لرابطة العالم الإسلامي. منح وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى وجائزة الدولة التقديرية ودرجة الدكتوراه الفخرية ورشح لجائزة الملك فيصل العالمية. له مشاركات في تنظيمات ضد الإنجليز وفي بعض الحركات الوطنية دخل السجن على إثرها. له شعر أعلن أنه لن ينشره مادام حيا. (¬1) كان صاحب فكاهة وكرم ضيافة وله مشاريع خيرية منها إطعام مرضى مستشفى الأمراض العقلية بمصر، وموائد إفطار للصائمين، وإنشاء مجمع الشعراوي الإسلامي ببلدته وفيه مسجده، كما تبرع بمبالغ كثيرة منها ثلاثة عشر مليون جنيها على مشروعات في قريته منها إنشاء مستشفى ومعاهد أزهرية ومدارس ومساجد. (¬2) وله مواقف مشهودة منها موقفه عندما هم الملك سعود بنقل مقام إبراهيم لتوسعة المطاف، فلم يفعل بناء على كلام للشعراوي في ذلك أيده علماء المملكة. (¬3) كتبت عنه عدة كتب منها: الشعراوي رؤية اقتصادية لمحمد أبو الأسعاد، الشعراوي رؤية علمية له أيضا، محاكمة الشعراوي لمحمد الباز، عمائم وخناجر لإبراهيم عيسى، لا ياشيخ شعراوي لمحمد جلال، وغير ذلك. توفي بمنزله بالهرم الساعة السادسة والنصف يوم الأربعاء الثالث والعشربن من صفر سنة تسع عشرة وأربعمائة وألف بعد معاناة من عدة أمراض عن قرابة التسعين عاما فنعته الأمة الإسلامية والعربية من علماء ومفكرين وأدباء وسياسيين وغيرهم وشيعت جنازته من قريته ودفن بها حسب وصيته. وأعلنت المشيخة العامة للطرق الصوفية أنه من أصحاب الكرامات وأنه لايقل شأنا عن الأقطاب الكبار في تاريخ الصوفية فتوافد العوام من قريته وماحولها على قبره بالذبح وغيره من الشركيات وطالب البعض بعمل مولد له وتحويل قبره إلى مزار واستنكر هذه الأفعال علماء الأزهر وطالبوا أبناءه بالتصدي لذلك. (¬4) تفرغ للتعليم الشفهي إلا أنه قد طبعت له كتب بإذنه وبغير إذنه منقولة من أحاديثه منها: معجزة القرآن الكريم: ترجم ووزع في معظم أنحاء العالم. القصص ¬

(¬1) انظر عكاظ 23/ 2 / 1419 هـ ص: 18. (¬2) انظر الجمهورية 23/ 1419 هـ ص: 5. (¬3) انظر المدينة 27/ 2 / 1419 هـ ص: 16. (¬4) انظر المسلمون 10/ 3 / 1419 هـ ص: 1.

90 - محمد الزمزمي بن محمد بن الصديق الغماري المنصوري الطنجي

القرآني في سورة الكهف المختار في تفسير القرآن الكريم سلسلة تفسير القرآن الكريم وطبعت دار أخبار اليوم خواطره حول القرآن الكريم تحت اسم تفسير الشعراوي. وسجل ماصدر منه كاملا على أشرطة صوتية ثم سجل على اسطوانة مدمجة تعمل تحت نظام النوافذ في الكمبيوتر. وله أيضا: معجزات الرسول - صلى الله عليه وسلم -، الفتاوى الكبرى، معجزة الإسراء والمعراج، عقيدة المسلم، الدعاء المستجاب، الخير والشر، السحر والحسد، الشيطان والإنسان، إثبات وجود الله ووحدانيته، القضاء والقدر، وكثير من الكتب المطبوعة نقلا عن أحاديثه الإذاعية والتليفزيونية، وقد طبعت القوات المسلحة المصرية خمسين موضوعا من أحاديثه في خمسين كتابا. - محمد بن محمد بن ظفر (¬1) 90 - محمد الزمزمي بن محمد بن الصديق الغماري المنصوري الطنجي (¬2) فقيه علامة بحاث له ميل إلى دراسة الأصول والتفسير والتاريخ. (¬3) ولد ببورسعيد بمصر يوم الأربعاء من إحدى الجمادين سنة ثلاثين وثلاثمائة وألف. نقله والده إلى طنجة وهناك درس وتعلم. أخذ عن محمد الأندلسي وعلى شقيقه أحمد. ارتحل إلى القاهرة فدرس على عبد السلام غنيم والذهبي ومحمود الإمام ومصطفى صفوت وعبد المجيد الشرقاوي وبخيت المطيعي ومحمد حسنين مخلوف. عاد إلى طنجة فدرس بالجامع الكبير التفسير والحديث وفي زاويتهم الفقه والأصول والمنطق وغيره. ولي الخطابة بعدة جوامع وحج وعاد إلى بلده. توفي بمدينة طنجة يوم الجمعة الثامن والعشرين من ذي الحجة سنة ثمان وأربعمائة وألف ودفن بجانب مسجده. له تآليف كثيرة مطبوعة ومخطوطة منها: تفسير سورة الفتح. (¬4) كشاف الأخدان ¬

(¬1) انظر محمد بن عبد الله بن محمد بن ظفر وقد تقدم. (¬2) مصادر ترجمته: إسعاف الإخوان الراغبين بتراجم ثلة من علماء المغرب المعاصرين ص: 121، تتمة الأعلام 2/ 79. (¬3) وصفه بذلك ابن الحاج صاحب إسعاف الإخوان. (¬4) منه نسخة في مكتبة حسن حسني (انظر الفهرس الشامل 2/ 886).

91 - محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف شمس الدين أبو الخير ابن الجزري

عما في القرآن من الإخبار بأمور وقعت في هذا الزمان. (¬1) المعجزة القرآنية في الإخبار بالأقمار الصناعية. مطبوع ثناء القرآن على سيد ولد عدنان. مخطوط وله أيضا: الانتصار لطريق الصوفية الأخيار، الحجة الواضحة على أن حالق اللحية ملعون وصلاته باطلة، القنبلة الذرية على الخطيب الذي يأمر الناس بحلق اللحية، مناظرة بين محمد الزمزمي وناصر الدين الألباني، المحجة البيضاء فيما يجب اعتقاده في المعية والاستواء، تحذير الإخوان من إتيان الكهان، تقدير نصاب الزكاة بالميزان. وغير ذلك. 91 - محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف شمس الدين أبو الخير ابن الجزري (¬2) الإمام المقرئ شيخ الإقراء في زمانه. من حفاظ الحديث. نسبته إلى جزيرة ابن عمر. (¬3) ولد ليلة السبت الخامس والعشرين من شهر رمضان سنة إحدى وخمسين سبعمائة داخل خط القصاعين بين السورين بدمشق. نشأ في دمشق، وابتنى فيها مدرسة سماها "دار القرآن" ورحل إلى مصر مرارًا، ودخل بلاد الروم، وسافر مع تيمورلنك إلى ما وراء النهر. سمع الحديث من جماعة من أصحاب الفخر ابن البخاري وأصحاب الدمياطي والأبرقوهي وغيرهم وأفرد القراءات وجمعها على عدة من المشايخ في أنحاء المعمورة في الشام ومصر والحجاز والروم وبلاد ماوراء النهر والعراق. (¬4) سافر إلى تونس رحلتين لقي ¬

(¬1) منه نسخة بخزانة تطوان كتبت في 1360 هـ بخط المؤلف (انظر الفهرس الشامل 2/ 830). (¬2) مصادر الترجمة: طبقات المفسرين للأدنوي 320، نيل السائرين 222، معجم المفسرين 2/ 620، غاية النهاية 2/ 247، إنباء الغمر 8/ 245، البدر الطالع 2/ 257، الضوء اللامع 9/ 255، طبقات الحفاظ 3/ 85، هدية العارفين 2/ 187، الأعلام 7/ 45، مفتاح السعادة 1/ 392، دائرة المعارف الإسلامية 1/ 118، بروكلمان 2/ 274، الملحق: 2/ 201، معجم المؤلفين 3/ 687، شذرات الذهب 7/ 204، قضاة دمشق 121، كشف الظنون 53، 114، 128 وغيرها، روضات الجنات 211، فهرس الفهارس 1/ 223، 224، إيضاح المكنون 1/ 8، 26، 81 وغيرها، هدية العارفين 2/ 187، 188. (¬3) بلدة فوق الموصل بينهما ثلاثة أيام قيل أول من عمرها الحسن بن عمر بن الخطاب التغلبي (انظر معجم البلدان 2/ 160). (¬4) انظر غاية النهاية 2/ 247 - 250.

92 - محمد بن الوليد بن محمد بن خلف القرشي الفهري الأندلسي أبو بكر الطرطوشي ابن أبي رندقة

في الثانية منها محمد بن عبد السلام التونسي الحباس شيخ الإقراء بها. (¬1) قال الأدنوي: كان حافظا قارئا محدثا وماهرا في المعاني والبيان والتفسير ... وألف في التفسير والحديث والفقه. (¬2) رحل إلى شيراز فولي قضائها. توفي ضحوة الجمعة لخمس خلون من أول الربيعين سنة ثلاث وثمانمائة بمدينة شيراز وكانت جنازته مشهودة. له: كفاية الألمعي (¬3) في تفسير آية {وقيل ياأرض ابلعي} (¬4) فضائل القرآن. (¬5) وله أيضا: النشر في القراءات العشر، غاية النهاية في طبقات القراء، واختصره في: نهاية الدرايات في أسماء رجال القراءات، التمهيد في علم التجويد، منجد المقرئين، التتمة في القراءات، تقريب النشر في القراءات العشر، ذات الشفاء في سيرة النبي والخلفاء، الهداية في علم الرواية، الجوهرة في النحو، أحاديث مسلسلات وعشاريات الإسناد عاليات، الأربعون العوالي، شرح المصابيح، وله نظم، أكثره أراجيز في القراءات. 92 - محمد بن الوليد بن محمد بن خلف القرشي الفهري الأندلسي أبو بكر الطرطوشي ابن أبي رَندقة (¬6) من فقهاء المالكية، الحفاظ. من أهل طرطوشة (¬7) بشرقي الأندلس، ولد ¬

(¬1) انظر غاية النهاية 2/ 171. (¬2) الطبقات ص: 320. (¬3) منه نسخة بالظاهرية وبدار الكتب المصرية، انظر بروكلمان 2/ 260، وملحق 2/ 278، والفهرس الشامل 1/ 455. (¬4) هود: 44. (¬5) انظر معجم المفسرين 2/ 620. (¬6) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 646، المدرسة القرآنية 1/ 235، وفيات الأعيان 1/ 479، الديباج 276، نفح الطيب 1/ 368، بغية الملتمس 256، دائرة المعارف الإسلامية 1/ 77، حسن المحاضرة 1/ 256، بروكلمان 1/ 459، 1/ 829، الديباج 276، معجم المؤلفين 3/ 762، الصلة 517، مرآة الجنان 3/ 225، شذرات الذهب 4/ 62، كشف الظنون 984، 1113، 1414، 1417، مفتاح السعادة 1/ 343، هدية العارفين 2/ 85، الأعلام 7/ 133، أعلام العرب ص: 75، الأنساب 8/ 235، معجم البلدان 4/ 34، المغرب في حلي المغرب 2/ 242، العبر 4/ 48، الوافي بالوفيات 5/ 175، عيون التواريخ 13/ 462، شجرة النور الزكية 1/ 124، تراجم أندلسية 289. ورندقة: براء مفتوحة ونون ساكنة ودال مهملة وقاف مفتوحتين آخره هاء: وهي لفظة إفرنجية معناها: رد تعال (انظر وفيات الأعيان 4/ 265، معجم البلدان 4/ 34). (¬7) بالفتح ثم السكون ثم طاء أخرى مضمومة وواو ساكنة وشين معجمة: مدينة بالأندلس تتصل بكورة بلنسية (معجم البلدان 4/ 34).

سنة إحدى وخمسين وأربعمائة. تفقه ببلاده ورحل إلى المشرق فحج وزار العراق ومصر وفلسطين ولبنان، وأقام مده في الشام. وسكن الإسكندرية، فتولى التدريس واستمر فيها إلى أن توفي. وكان زاهداً لم يتشبث من الدنيا بشيء. أخذ عن القاضي أبي الوليد وأبي علي التستري وأبي بكر الشاشي وغيرهم. وعنه ابن العربي والسلفي وغيرهما. قال ابن العربي: قال لي: إذا عرض لك أمر دنيا وأمر آخرة فبادر بأمر الآخرة يحصل لك أمر الدنيا والآخرة. وقال: وكان كثيرا ماينشدنا: إن لله عبادا فطنا ... طلقوا الدنيا وخافوا الفتنا فكروا فيها فلما علموا ... أنها ليست لحي وطنا جعلوها لجة واتخذوا ... صالح الأعمال فيها سفنا (¬1) توفي بالإسكندرية سنة عشرين وخمسمائة. له: مختصر تفسير الثعلبي. (¬2) المجالس (¬3): وهي سبعة مجالس تفسيرية المجلس الأول في قوله تعالى {الله لطيف بعباده} (¬4) والثاني في قوله {وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم} (¬5) والثالث في قوله {ضرب الله مثلا عبدا مملوكا} (¬6) والرابع في قوله {فانظر إلى آثار رحمة الله} (¬7) والخامس في قوله {وكذلك جعلناكم أمة وسطا} (¬8) والسادس في قوله {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده} (¬9) ¬

(¬1) الصلة 517. (¬2) كذا في الأعلام ومعجم المفسرين وهو الصواب لنص أهل العلم على ذلك في ترجمة الثعلبي، كما ذكرت في ترجمة عبد الرحمن بن مخلوف الثعالبي، ولأن تفسير الثعلبي كبير جدا وهو في حاجة للاختصار، والثعلبي هو أبو إسحاق أحمد بن محمد النيسابوري صاحب الكشف والبيان في تفسير القرآن وعرائس المجالس ت 427 هـ، والذي في المدرسة القرآنية ومعجم المؤلفين: الثعالبي، ولايمكن أن يكون الثعالبي المفسر الجزائري المتقدم ترجمته في أهل المنطقة فذلك متأخر الوفاة توفي 875 هـ. وقد ذكر الزركلي أنه مخطوط. (¬3) منه نسخة بالخزانة الوطنية بالرباط (انظر المدرسة القرآنية 1/ 26). (¬4) الشورى: 19. (¬5) الأنعام: 54. (¬6) النحل: 75. (¬7) الروم: 50. (¬8) البقرة: 143. (¬9) الشورى: 25.

93 - محمد بن يحيى بن أحمد بن خليل الإشبيلي أبو سعيد الشلوبين

والسابع في قوله {ألهاكم التكاثر} (¬1). وهو يفتتح هذه المجالس غالبا ببيتين من الشعر أو أكثر تناسب معنى الآية التي يتكلم عليها ثم يقدم بمقدمة تناسب المقام ثم يبدأ الكلام على الآية وقد افتتح المجلس الأول بقوله: الحمد لله الذي لايؤنسه موجود، الحكيم الذي لايوحشه مفقود، العليم الذي لا يلده والد فيرثه مولود، الكريم الذي لاينازعه معبود، الواحد الذي لايقوم بذاته حادث، الماجد الذي لايرثه وارث، القادر الذي ليس له أعوان ولا أنصار ... الخ. (¬2) وله أبضا: سراج الملوك، التعليقية: في الخلافيات، كتاب كبير عارض به إحياء علوم الدين للغزالي، بر الوالدين، الفتن، الحوادث والبدع، شرح رسالة ابن أبي زيد. 93 - محمد بن يحيى بن أحمد بن خليل الإشبيلي أبو سعيد الشَلَوْبين (¬3) عالم بالتفسير من فقهاء المالكية من أهل إشبيلية بالأندلس روى عن أبيه وعمه أبي علي الشلوبين. رحل إلى المشرق مع أخيه أبي الفضل محمد وحجا. قال المقريزي: اعتنى بعلم التفسير اعتناء كبيرا. وغلب عليه حال العبادة. مات إثر وصوله من الحج في عشر الأربعين وستمائة. له: كتاب في غوامض التأويل. وله أيضا: كتاب في الأحكام. - محمد بن يحيى بن سعادة (¬4) 94 - محمد بن يحيى بن سلام بن أبي ثعلبة البصري التيمي (¬5) ولد بالبصرة سنة ثمانين ومائة. وفد القيروان صغيرا مع أبيه، وقرأ بها عليه وعلى غيره من المحدثين كالبهلول بن راشد، واتجهت عنايته إلى الحديث ¬

(¬1) التكاثر: 1. (¬2) انظر المدرسة القرآنية 1/ 237. (¬3) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 2/ 268، معجم المفسرين 2/ 648. والشلوبين: بفتح المعجمة واللام وسكون الواو بعدها موحدة مكسورة آخره نون: كلمة أندلسية معناها الأبيض الأشقر. (انظر حاشية طبقات الداوودي 2/ 268). (¬4) انظر محمد بن يوسف. (¬5) مصادر ترجمته: العمر 1/ 1 / 106 رقم 3، طبقات أبي العرب ص: 113، 206، معالم الايمان 2/ 145، فهرسة ابن خير ص: 56، مدرسة الحديث في القيروان 2/ 719، المدارك 3/ 335 ضمن ترجمة أبي العرب، مقدمة كتاب التصاريف ص: 76.

95 - محمد بن يوسف بن سعادة أبو عبد الله المرسي

خاصة فبرع فيه حتى عد من جلة نقلته ورواته، واشتهر بمعرفة رجاله وحملته. صحب أباه إلى الحج وزار المشرق، ولما مات أبوه حصلت له حظوة كبيرة بين العلماء. كان يقرئ تفسير القرآن بكتاب أبيه في المسجد الجامع بالقيروان، وقد رواه عنه جماعة من أبناء إفريقية والأندلس، وسنده في الحديث وكذا في التفسير سند عال. كانت له في داره حلقة عظيمة يحضرها عدد كبير من الطلاب وهي التي استهوت أبا العرب التميمي ودفعته للطلب والانتقال من حياة الأمراء إلى حياة العلماء. (¬1) قال عنه أبو العرب: ثقة نبيل. (¬2) كان على عقيدة أهل السنة شديدا على المبتدعة فقد عاتب عباسا السدري وأنكر عليه رأيه السوء. (¬3) قال الدباغ: كان له عناية كاملة بالحديث ونقله وروايته وضبطه ومعرفة رجاله وحملته حافظا للسنن جامعا لها إماما فيها عارفا بأصول الديانات ... مبرزا في المعرفة والفهم على هدي وسنة واستقامة وقال: كان فقيها ورعا حافظا مطبوعا على الأخلاق الكريمة قليل الكلام والخوض في أمور الناس طويل الصلاة. (¬4) ولم يزل في مقام التعظيم والإجلال من أهل زمانه إلى أن توفي في منتصف ذي القعدة سنة اثنتين وستين ومائتين. له: زيادات على تفسير أبيه يحيى بن سلام: كانت تروى بالأندلس وإفريقية. (¬5) 95 - محمد بن يوسف بن سعادة أبو عبد الله المرسي (¬6) فقيه مالكي قاض نحوي كان عارفا بالسنن والآثار والتفسير والفروع ¬

(¬1) انظر المدارك 3/ 335، مدرسة الحديث 2/ 720. (¬2) الطبقات ص: 113. (¬3) انظر طبقات أبي العرب ص: 206، مدرسة الحديث 2/ 721. (¬4) المعالم 2/ 145. (¬5) منها أجزاء متفرقة قديمة مكتوبة على الرق محفوظة بمكتبة جامع عقبة. عليها سماعات كثيرة يرجع تاريخها إلى عصر المؤلف، وانظر العمر 1/ 1 / 106، فهرسة ابن خير ص: 57. (¬6) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 2/ 280، معجم المفسرين 2/ 653، التكملة 2/ 505، بغية الملتمس 132، شذرات الذهب 4/ 218، بغية الوعاة 1/ 277، الديباج 287، معجم ابن الأبار 176، الوافي بالوفيات 5/ 250، معجم الأدباء 19/ 109 وهو فيه محمد بن يحيى.

96 - محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان الإمام أثير الدين أبو حيان الأندلسي الغرناطي النفزي

والأدب وعلم الكلام مائلا إلى التصوف أصله من بلنسية ولد بمرسية سنة ست وتسعين وأربعمائة وتعلم بها سمع أبا علي الصدفي واختص به وأكثر عنه. رحل إلى المشرق فحج وأخذ عن علماء مكة والإسكندرية والمهدية وعاد إلى مرسية فولي خطة الشورى بها مضافة إلى الخطبة بجامعها، ثم ولي قضاءها فقضاء شاطبة. توفي بشاطبة مصروفا عن القضاء في منسلخ ذي الحجة سنة خمس وستين وخمسمائة ودفن أول يوم من سنة ست وستين. 96 - محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان الإمام أثير الدين أبو حيان الأندلسي الغرناطي النفزي (¬1) نحوي عصره، ولغويه، ومفسره، ومحدثه، ومقرئه، ومؤرخه، وأديبه ولد بمطخشارش، مدينة من حضرة غرناطة في آخر شوال سنة أربع وخمسين وستمائة. نشأ بغرناطة وقرأ بها القراءات وجال في بلاد المغرب ثم قدم مصر قبل سنة ثمانين وستمائة. (¬2) أخذ القراءات عن أبي جعفر بن الطباع، والعربية عن أبي الحسن الأبذي، وأبي جعفر بن الزبير وابن أبي الأحوص، وابن الصائغ وأبي جعفر اللبلي وبمصر عن البهاء بن النحاس وجماعة وتقدم في النحو، وأقرأ في حياة شيوخه بالمغرب، وسمع الحديث بالأندلس وإفريقية والإسكندرية ومصر والحجاز من نحو أربع مائة وخمسين شيخا، منهم أبو الحسين بن ربيع وابن أبي الأحوص والرضي الشاطبي، والقطب القسطلاني، ¬

(¬1) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 2/ 287، طبقات المفسرين للأدنوي ص: 278، التفسير والمفسرون 1/ 317، معجم المفسرين 2/ 655، نيل السائرين 179، البدر الطالع 2/ 288، حسن المحاضرة 1/ 534، الدرر الكامنة 5/ 70، ذيل تذكرة الحفاظ 23، ذيل العبر 245، الرسالة المستطرفة 101، طبقات الشافعية للسبكي 6/ 31، النجوم الزاهرة 10/ 111، غاية النهاية 2/ 285، الأعلام 7/ 152، معجم المؤلفين 3/ 784، النور السافر 178، كشف الظنون 5، 6، 49 وغيرها، إيضاح المكنون 1/ 24، 101، 122، وغيرها بروكلمان 2/ 109، 2/ 135، شذرات الذهب 6/ 145، نفح الطيب 2/ 535، فوات الوفيات 4/ 71، دائرة المعارف الإسلامية 1/ 332، هدية العارفين 2/ 152، الوافي 5/ 267، نكت الهميان 280، بغية الوعاة 1/ 280. والنفزي: نسبة إلى قبيلة نفزة من البربر. (¬2) انظر طبقات الأدنوي ص: 278.

والعز الحراني وأجاز له خلق من المغرب والمشرق، منهم الشرف الدمياطي، والتقي ابن دقيق العيد، والتقي ابن رزين، وأبو اليمن ابن عساكر وأكب على طلب الحديث وأتقنه وبرع فيه، وفي التفسير والعربية، والقراءات والأدب والتاريخ واشتهر اسمه، وطار صيته وأخذ عنه أكابر عصره وتقدموا في حياته، كالشيخ تقي الدين السبكي، وولديه، والجمال الأسنوي، وابن قاسم، وابن عقيل، والسمين، وناظر الجيش، والسفاقسي وابن مكتوم، وخلائق قال الصفدي: لم أره قط إلا يسمع أو يكتب أو ينظر في كتاب، وكان ثبتا قيماً عارفا باللغة وأما النحو والتصريف فهو الإمام المجتهد المطلق فيهما خدم هذا الفن أكثر عمره حتى صار لا يدركه أحد في أقطار الأرض فيهما غيره، وله يد طولى في التفسير والحديث، وتراجم الناس ومعرفة طبقاتهم، خصوصاً المغاربة وأقرأ الناس قديماً وحديثا وألحق الصغار بالكبار. (¬1) وكان سبب رحلته عن غرناطة أنه حملته حدة الشبيبة على التعرض للأستاذ أبي جعفر بن الطباع، وقد وقعت بينه وبين أستاذه أبي جعفر ابن الزبير واقعة، فنال منه وتصدى لتأليف في الرد عليه وتكذيب روايته، فرفع أمره إلى السلطان، فأمر بإحضاره وتنكيله فاختفى، ثم ركب البحر، ولحق بالمشرق. قال الصفدي: وقرأ على العلم العراقي، وحضر مجلس الأصبهاني، وتمذهب للشافعي، وكان أبو البقاء يقول: إنه لم يزل ظاهرياً قال الحافظ ابن حجر: كان أبو حيان يقول: محال أن يرجع عن مذهب الظاهر من علق بذهنه. (¬2) قال الأدفوي: وكان يفخر بالبخل كما يفخر الناس بالكرم، وكان ثبتاً صدوقاً حجة سالم العقيدة من البدع الفلسفية ... والتجسيم، ومال إلى مذهب أهل الظاهر وإلى محبة علي بن أبي طالب، كثير الخشوع والبكاء عند قراءة القرءان وكان شيخاً طوالاً حسن النغمة، مليح الوجه، ظاهر اللون، مشرباً بحمرة، منور الشيبة كبير اللحية، مسترسل الشعر. وكان يعظم الشيخ تقي الدين ابن تيمية، ثم وقع بينه وبينه في مسألة نقل فيها أبو حيان شيئاً عن سيبويه، ¬

(¬1) الوافي 5/ 267. (¬2) الدرر الكامنة 5/ 72.

فقال ابن تيمية: وسيبويه كان نبي النحو! لقد أخطأ سيبويه في ثلاثين موضعاً من كتابه، فأعرض عنه ورماه في تفسيره "النهر" بكل سوء. وكان عالما بلغات أخرى فكان يجيد الفارسية والتركية وأتقن الحبشية. (¬1) تولى تدريس التفسير بالمنصورية، والإقراء بجامع الأقمر، وكانت عبارته فصيحة، لكنه في غير القرآن يعقد القاف قريبة من الكاف. ومن شعره: عداي لهم فضل علي ومنة ... فلا أذهب الرحمن عني الأعاديا هموا بحثوا عن زلتي فاجتنبتها ... وهُمْ نافسوني فاكتسبت المعاليا وفي شعره طبع كتاب ببغداد لأحمد مطلوب وخديجة الحديثي من شعر أبي حيان الأندلسي وحدث، فسمع منه الأئمة العلماء والحفاظ وغيرهم، وأضر قبل موته بقليل. مات بمنزله بظاهر القاهرة في صفر سنة خمس وأربعين وسبعمائة، ودفن بمقابر الصوفية. تزيد تصانيفه على خمسين مصنفا منها: البحر المحيط في التفسير. وهو كتاب عظيم القدر في أسفار عديدة. (¬2) النهر الماد من البحر: مختصر البحر المحيط، وكلاهما مطبوع إعراب القرآن. (¬3) النكات الحسان على معاني القرآن. (¬4) شرح الفاتحة. (¬5) تحفة الأريب فيما في القرآن من الغريب: نظم. (¬6) رتبه على حروف المعجم وهو مختصر لطيف كثير الفائدة. وله أيضا: التذييل والتكميل في شرح التسهيل، مطول الارتشاف ¬

(¬1) انظر معجم المؤلفين 3/ 784. (¬2) قال الأدنوي: اختصره تلميذه تاج الدين الشيخ أحمد بن عبد القادر الشهير بابن مكتوم وسماه النهر من البحر ثم اختصره تلميذه أيضا الفاضل محمد بن محمد الشهير بالأنصاري وسماه الدر اللقيط رد فيه على العلامة الزمخشري وابن عطية في مواضع عديدة. الطبقات ص: 279، كذا قال، وهو خطأ وانظر كشف الظنون. (¬3) منه نسخة بالأسكوريال ونسخة بمتحف الجزائر (انظر الفهرس الشامل 1/ 399). (¬4) منه نسخة بكوبريلي (انظر الفهرس الشامل 1/ 399). (¬5) من نسخة بخزانة ابن يوسف (انظر الفهرس الشامل 1/ 399). (¬6) وهو مطبوع (انظر معجم المفسرين 2/ 655) ومنه نسخ خطية بالأسكوريال والظاهرية والوطنية بباريس وجامعة استنبول وجاريت يهودا وبالأزهرية وبالجامع الكبير بصنعاء. (انظر الفهرس الشامل 1/ 399).

97 - محمد بن يوسف بن أبي القاسم بن يوسف العبدري أبو عبد الله المواق الغرناطي

ومختصره، التنخيل الملخص من شرح التسهيل، الإسفار الملخص من شرح سيبويه، التجريد لأحكام كتاب سيبويه، التذكرة في العربية، التقريب، مختصر المقرب، التدريب في شرح المبدع في التصريف، غاية الإحسان في النحو، شرح الشذا في مسألة كذا، اللمحة والشذرة كلاهما في النحو، الارتضاء في الضاد والظاء، عقد اللآلئ في القراءات على وزن الشاطبية وقافيتها، الحلل الحالية في أسانيد القرآن العالية، نحاة الأندلس، الأبيات الوافية في علم القافية، منطق الخرس في لسان الفرس، الإدراك للسان الأتراك، شرح الألفية، نهاية الإغراب في التصريف والإعراب، نور الغبش في لسان الحبش، مجاني الهصر في تواريخ أهل العصر، وله ديوان شعر. 97 - محمد بن يوسف بن أبي القاسم بن يوسف العبدري أبو عبد الله المواق الغرناطي (¬1) عالم غرناطة ومفتيها وإمامها وصالحها في وقته من فقهاء المالكية أخذ عنه أبو عبد الله المنثوري. دخل فاسا وتوفي سنة سبع وتسعين وثمانمائة. له: سنن المهتدين في مقامات الدين: في تفسير قوله تعالى {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا} (¬2) في تسع مقامات. قال عنه مخلوف: أبان فيه عن معرفة بالفنون أصولا وفروعا وتصوفا وغيرها مع الفوائد الجمة أرسله للإمام الرصاع ولما وقف عليه أثنى عليه كثيرا وشكره. (¬3) 98 - منذر بن سعيد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن قاسم بن عبد الله أبو الحكم البلوطي الكزني (¬4) ¬

(¬1) مصادر ترجمته: معجم المفسرين 2/ 807، معجم المحدثين والمفسرين 37، جذوة الاقتباس 319، شجرة النور 1/ 262، سلوة الأنفاس 3/ 96، معجم المطبوعات 1814، تاج العروس 7/ 74، نيل الابتهاج 324، نشر المثاني 1/ 62، الضوء اللامع 10/ 68، درة الحجال 2/ 141. (¬2) فاطر: 29. (¬3) الشجرة 1/ 262. (¬4) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 2/ 336، معجم المفسرين 2/ 686، نيل السائرين ص: 76، تاريخ العلماء بالأندلس 2/ 142، قضاة قرطبة وعلماء أفريقية 175، شذرات الذهب 3/ 17، معجم الأدباء 7/ 178، مرآة الجنان 2/ 358، معجم المؤلفين 3/ 911، شجرة النور الزكية 1/ 90، الأعلام 7/ 294، مطمح الأنفس 37، نفح الطيب 1/ 335، البداية والنهاية 11/ 288، قضاة الأندلس 66، فهرست ابن خير 54، بغية الملتمس 450، بغية الوعاة 398، إيضاح المكنون 1/ 7، أزهار الرياض 2/ 294، جذوة المقتبس 326، الكامل 8/ 223، إنباه الرواة 3/ 325، إرشاد الأريب 7/ 178، هدية العارفين 2/ 472، سير أعلام النبلاء 16/ 173، طبقات النحويين واللغويين 319، معجم البلدان 1/ 492، اللباب 1/ 176، البلغة في تاريخ أئمة اللغة 264. والبلوطي: نسبة إلى (فحص البلوط) بقرب قرطبة. والكزني: نسبه إلى فخذ من البربر يسمى (كزنة) بضم الكاف.

قاضي قضاة الأندلس في عصره. كان فقيهاً خطيباً شاعراً فصيحاً. من أهل قرطبة ولد سنة ثلاث وسبعين ومائتين وقيل غير ذلك. سمع بالأندلس من عبيد الله بن يحيى وغيره رحل حاجا سنة ثمان وثلاثمائة فأقام في رحلته أربعين شهرا فأخذ بمكة من ابن المنذر وغيره، روى بمصر وسمع من ابن النحاس وكان مذهبه في الفقه مذهب النظار والاحتجاج وترك التقليد وكان عالما باختلاف العلماء وكان يميل إلى رأي داود بن علي بن خلف العباسي ويحتج له ويأخذ به لنفسه فإذا جلس مجلس الحكومة قضى بمذهب مالك الذي عليه العمل في بلده. (¬1) ولي قضاء مدينة ماردة وما والاها من مدن الجوف ثم ولي قضاء الثغور الشرقية ثم قدم إلى قضاء الجماعة بقرطبة وولي الصلاة بمدينة الزهراء فلم يزل قاضيا إلى أن توفي ولم تحفظ له قضية جور ولا جربت عليه في أحكامه زلة. قال ابن الفرضي: كان بصيراً بالجدل، منحرفاً إلى مذهب أهل الكلام، لهجاً بالاحتجاج ... وله كتب مشهورة كثيرة مؤلفة في القرآن، والفقه، والرد أخذها الناس عنه وقرأوها عليه وكان خطيباً بليغاً شاعراً. له اليوم المشهور الذي ملأ فيه الآذان وبهر العقول أمام رسول الروم، وله أخبار في الاستسقاء عجيبة. (¬2) ومن مواقفه القرآنية أن أمير المؤمنين الناصر عمل في بعض سطوح الزهراء قبة بالذهب والفضة، وجلس فيها ودخل الأعيان فجاء منذر بن سعيد فقال له الخليفة كما قال لمن قبله: هل رأيت أو سمعت أن أحدًا من الخلفاء قبلي فعل مثل هذا؟ فأقبلت دموع القاضي تتحدر، ثم قال: والله ما ظننت ¬

(¬1) انظر معجم المفسرين. (¬2) انظر تفصيل ذلك في سير أعلام النبلاء 16/ 174 - 176.

99 - موسى بن حسين بن موسى بن عمران القيسي أبو عمران الزاهد الميرتلي

ياأمير المؤمنين أن الشيطان يبلغ منك هذا المبلغ، أن أنزلك منازل الكفار، قال: لم؟ فقال: قال الله عز وجل {ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفًا من فضة} إلى قوله {والآخرة عند ربك للمتقين} (¬1) فنكس الناصر رأسه طويلاً، ثم قال: جزاك الله عنا خيرًا وعن المسلمين، الذي قلت هو الحق، وأمر بنقض سقف القبة. (¬2) توفي يوم الخميس لليلتين بقيتا من ذي القعدة سنة خمس وخمسين وثلاثمائة وهو ابن اثنتين وثمانين سنة وسبعة أشهر ودفن بمقبرة قريش وصلى عليه ابنه عبد الملك. له كتب في القرآن والسنة والرد على أهل الأهواء، منها: أحكام القرآن واسمه: الإنباه على استنباط الأحكام من كتاب الله. قال عنه ابن حزم: هو في أحكام القرآن غاية. (¬3) الناسخ والمنسوخ وله أيضا: الإبانة عن حقائق أصول الديانة. 99 - موسى بن حسين بن موسى بن عمران القيسي أبو عمران الزاهد الميرتُلي (¬4) وقد ينسب لجده فيقال موسى بن عمران. (¬5) شاعر أندلسي، له علم بالتفسير والفقه والحديث. أصله من ثغر ميرتلة من أعمال باجة بالأندلس ولد سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة. أقام بإشبيلية. ومن كلامه: "ملك فؤادك من أفادك"، "من خف لسانه وقدمه كثر ندمه". توفي بمدينة فاس، في صفر سنة ثلاث وستمائة ودفن بخارج باب الفتوح. وقيل غير ذلك. (¬6) له: ديوان شعر: أكثره في الزهد والتخويف. - يحيى بن إبراهيم بن مزين (¬7) ¬

(¬1) الزخرف 33 - 35. (¬2) سير أعلام النبلاء 16/ 177. (¬3) انظر: نفح الطيب 4/ 169. (¬4) مصادر الترجمة: معجم المفسرين 2/ 691، الأعلام 7/ 322، التكملة 687، تحفة القادم 58، الغصون اليانعة 135، المغرب في حلي المغرب 1/ 406، دليل مؤرخ المغرب 2/ 386، معجم المؤلفين 3/ 931. (¬5) انظر المغرب 2/ 386. (¬6) انظر الأعلام 7/ 322. (¬7) انظر يحيى بن زكريا.

100 - يحيى بن إسحاق بن يحيى بن يحيى الليثي أبو إسماعيل ابن الرقيعة القرطبي

100 - يحيى بن إسحاق بن يحيى بن يحيى الليثي أبو إسماعيل ابن الرقيعة القرطبي (¬1) من أهل قرطبة. سمع من أبيه، ورحل فسمع بإفريقية من يحيى بن عمرو بن طالب، وبمصر من محمد بن أصبغ بن الفرج، وبالعراق من إسماعيل القاضي، وأحمد بن زهير وغيرهما قال ابن الفرضي: شوور في الأحكام، وكان متصرفا في العربية، واللغة والتفسير، نبيها. توفي في الوباء بقرطبة سنة ثلاث وثلاثمائة وقيل ثلاث وتسعين ومائتين. له: كتب مبسوطة في اختلاف أصحاب مالك وأقواله. 101 - يحيى بن خلف بن نفيس أبو بكر ابن الخلوف الغرناطي (¬2) مقرئ كبير مفسر من أهل غرناطة ولد سنة ست وستين وأربعمائة رحل إلى المشرق وسمع بالإسكندرية ودمشق وبغداد، وعاد فتصدر للإقراء بجامع غرناطة. قال ابن الأبار: طال عمره وشاع ذكره وكان رأسا في القراءات عارفا بالتفسير كثير التفنن. توفي سنة إحدى وأربعين وخمسمائة. 102 - يحيى بن زكريا بن إبراهيم بن مزين مولى رملة بنت عثمان بن عفان أبو زكريا القرطبي (¬3) عالم بالحديث ورجاله من فقهاء المالكية ولد بطليطلة وانتقل إلى قرطبة فأكرمه أميرها عبد الرحمن وابتنى له دارا ووصله بصلة جزيلة. رحل إلى المشرق وحج ودخل العراق وسمع بمصر وولي قضاء طليطلة ¬

(¬1) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 677، معجم المفسرين 2/ 726، ترتيب المدارك 5/ 160، الديباج المذهب 353، تاريخ العلماء بالأندلسي 2/ 183، جذوة المقتبس 373، بغية الملتمس 483، شجرة النور 1/ 77، معجم المؤلفين 4/ 88. (¬2) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 2/ 362، معجم المفسرين 2/ 729، معرفة القراء الكبار 2/ 407، غاية النهاية 2/ 369. (¬3) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 2/ 367، معجم المفسرين 2/ 726، المدرسة القرآنية في المغرب 1/ 149، جذوة المقتبس 373، تاريخ علماء الأندلس 2/ 181، بغية الملتمس 482، الديباج المذهب ص: 354، ترتيب المدارك 3/ 238.

103 - يحيى بن سعدون بن تمام بن محمد الأزدي أبو بكر ضياء الدين القرطبي

قال ابن لبابة: هو أفقه من رأيت في علم مالك وأصحابه. مات بقرطبة سنة تسع وخمسين ومائتين. له: فضائل القرآن 103 - يحيى بن سعدون بن تمام بن محمد الأزدي أبو بكر ضياء الدين القرطبي (¬1) عالم بالقراءات وعلوم القرآن والحديث والنحو واللغة من أهل قرطبة ولد سنة ست وثمانين وأربعمائة قرأ بها على ابن النحاس رحل فقرأ بالمهدية وسمع بالإسكندرية والقاهرة ودخل بغداد فأخذ عن علمائها. وأقام بدمشق مدة واجتمع به السمعاني وسمع منه بها. استوطن الموصل ورحل منها إلى أصبهان ثم عاد إليها. توفي بها سنة سبع وستين وخمسمائة. 104 - يحيى بن السلام (¬2) بن أبي ثعلبة أبو زكريا البصري التيمي تيم ربيعة مولاهم (¬3) الإمام صاحب التفسير ولد بالكوفة سنة أربع وعشرين ومائة ونشأ ¬

(¬1) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 2/ 368، معجم المفسرين 2/ 730، بغية الوعاة 2/ 334، غاية النهاية 2/ 372، وفيات الأعيان 6/ 171، نفح الطيب 2/ 116، العبر 4/ 200، معرفة القراء الكبار 2/ 429، معجم الأدباء 20/ 14، مرآة الجنان 3/ 380، النجوم الزاهرة 6/ 66، المغرب في حلي المغرب 1/ 135. (¬2) في أغلب المراجع بدون لام التعريف والمثبت من الرياض وينظر تعليق المحقق عليه، وقد اختلف في اسم أبيه فقيل: السلام مخففا معرفا وقيل: سلام بدون تعريف وقيل: سالم بتقديم الألف على اللام وقيل: سلام بالتشديد ورجحه الزركلي لقول الشاعر: يارب معنى قد استنبطته فهما ... فقيل يحفظ تفسير ابن سلام. (¬3) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للسيوطي ص: 18، طبقات المفسرين للداوودي 2/ 685، التفسير ورجاله ص: 23، معجم المفسرين 2/ 730، المدرسة القرآنية في المغرب ص: 135، التفسير واتجاهاته بإفريقية ص: 51، الجرح والتعديل 8/ 155، طبقات أبي العرب ص: 89، رياض النفوس 1/ 188، فهرست ابن خير ص: 56، الحلة السيراء 1/ 105، جامع بيان العلم وفضله 2/ 148، معالم الإيمان 1/ 321، ميزان الاعتدال 4/ 380، لسان الميزان 6/ 259، غاية النهاية 2/ 373، الأعلام 8/ 148، بروكلمان: ملحق 1/ 332، تاريخ التراث 1/ 204، معجم المؤلفين 4/ 97، الثقات 9/ 261، القراءات بإفريقية 151، الكواكب النيرات 205، العمر: 1/ 1 / 95 رقم 2، مدرسة الحديث في القيروان 2/ 771، مقدمة كتاب التصاريف ص: 67.

بالبصرة ثم انتقل إلى مصر. خرج من مصر يريد إفريقية بنية التجارة، فقصد القيروان واستقر بها، فشاع في الأوساط ذكره وانتشر خبر علمه وفضله، فأقبل العلماء والطلاب عليه. وقد بلغ في صيته أن قربه الأمير إبراهيم بن الأغلب لأول ولايته على إفريقية من نفسه وألحقه بخواص جلاسه ومستشاريه. واتخذه عمران بن مجالد الربعي، الثائر على إبراهيم بن الأغلب، سفيرا وشفيعا للحصول على العفو منه، والأمان لنفسه ولولده وأهله وماله. قيل: إنه ما سمع شيئا قط إلا حفظه حتى إنه كان إذا مر بمن يتغنى من أهل الملاهي يسد أذنيه لئلا يسمعه فيحفظه. روى الحروف عن أصحاب الحسن البصري عن الحسن بن دينار وغيره وله اختيار في القراءة من طريق الآثار. وروى عن حماد بن سلمة، وهمام بن يحيى، وسعيد بن أبي عروبة وغيره. كان يقول: أحصيت بقلبي من لقيت من العلماء فعددت ثلاثمائة وثلاثة وستين عالما سوى التابعين وهم أربعة وعشرون وامرأة تحدث عن عائشة رضي الله عنها. روى عنه جماعة بالمشرق والمغرب وسمع منه بمصر عبد الله بن وهب، ومثله من الأئمة كان يقول: كل من رويت عنه العلم روى عني إلا القليل منهم. وقال: روى عني من العلماء: مالك والليث بن سعد وعبد الله بن لهيعة وقال: كتب عني مالك بن أنس ثمانية عشر حديثا. وقد رماه بعضهم بالإرجاء (¬1) ولا يثبت عنه: عن عون بن يوسف قال: كنت عند عبد الله بن وهب وهو يقرأ عليه فمر حديث ليحيى بن السلام فقال: امحه فقال عون: فقلت له: لم تمحوه أصلحك الله؟ فقال: بلغني أنه يقول بالإرجاء فقلت له: فأنا كشفته عن ذلك فقال لي: أنت؟ فقلت له: نعم فقال لي: فما قال لك؟ قال: قلت له فقال: معاذ الله أن يكون هذا رأيي أو أدين الله به ولكن أحاديث ¬

(¬1) الإرجاء هو: القول بأن الأعمال لاتدخل في مسمى الإيمان وإنما الإيمان إقرار باللسان وتصديق بالجنان فقط وعليه فإن الإيمان لايزيد ولاينقص ولايتفاوت الناس فيه. وغلاة المرجئة يقولون: لايضر مع الإيمان ذنب كما لاينفع مع الكفر طاعة، ويذهب أهل السنة والجماعة أنه الإيمان قول واعتقاد وعمل وأنه يزيد وينقص ويتفاضل فيه الناس حسب أعمالهم. (انظر شرح أصول الاعتقاد 2/ 830، شرح العقيدة الطحاوية 313 - 335 - 295 - 305).

رويتها عن رجال يقولون: الإيمان قول وآخرين يقولون: الإيمان قول وعمل فحدثنا بما سمعنا منهم فقال لي ابن وهب: فرجت عني فرج الله عنك قال عون: فلما قدمت القيروان - وكان يحيى باقيا بعد - أتاني فسلم علي وقال لي: يا أبا محمد، قد بلغني محضرك فجزاك الله خيرا، والله ما قلت إلا حقا، وما دنت الله به قط. (¬1) وقال سليمان بن سالم: إنما نسب إلى يحيى بن السلام الإرجاء أن موسى بن معاوية الصمادحي أتاه فقال له: يا أبا زكريا، ما أدركت الناس يقولون في الإيمان؟ فقال: أدركت مالكا وسفيان الثوري وغيرهم - كذا - يقولون: الإيمان قول وعمل وأدركت مالك بن مغول وفطر بن خليفة وعمر بن ذر يقولون: الإيمان قول. قال سليمان: فأخبر موسى سحنون بن سعيد بما ذكر يحيى عن عمر بن ذر وفطر بن خليفة ومالك بن مغول ولم يذكر له ما قال عن غيرهم فقال سحنون: هذا مرجئ. ولاشك أن قولة سحنون هذه قد طارت في الآفاق لما له من منزلة عالية عند الأفارقة ولكن أبى الله عز وجل إلا أن يظهر حقيقة الأمر وتبرأ ساحة يحيى بن السلام مما نسب إليه. قال أبو العرب: سألت أبا يحيى بن محمد بن يحيى بن السلام خاليا عن قول جده في الإيمان فقال لي: كان جدي يقول: الإيمان قول وعمل ونية قال: وكان أبو يحيى ثقة صدوقا لا يقول عن جده إلا الحق. وقال عون: قلت ليحيى بن السلام: إن الناس يرمونك بالإرجاء، فأخذ يحيى لحيته بيده وقال: أحرق الله هذه اللحية بالنار إن كنت دنت الله عز وجل قط بالإرجاء. (¬2) ومما يدل على ورعه وتقواه واتعاظه بكتاب الله عز وجل وحديث رسوله - صلى الله عليه وسلم - تلك القصة المعبرة: قال ابنه محمد: كنت أمشي مع أبي إلى أن انتهينا إلى موقف الخيل بالقيروان فبينما نحن نمشي إذ جذبني جذبة شديدة ثم دخل إلى سقيفة هنالك ¬

(¬1) الطبقات ص: 38، الرياض 1/ 191 - 192. (¬2) الطبقات ص: 37، والرياض 1/ 190.

وأدخلني معه، فقلت لأبي: ما القصة؟ قال: يا بني، رأيت غريما لي فخفت أن يراني فيرتاع مني، وذكرت قول الله عز وجل: {وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة} (¬1) فقعدنا ساعة ثم خرجنا فلما مشينا قليلا التفت إلي وقال: يابني، إنه قد جاء في الحديث "من رحم يرحم ". وكان ثقة ثبتاً، ذا علم بالكتاب والسنة، ومعرفة اللغة والعربية، صاحب سنة قال يحيى بن سلام: لا ينبغي لمن لا يعرف الاختلاف أن يفتي، ولا يجوز لمن لا يعلم الأقاويل أن يقول هذا أحب إلي. (¬2) وسئل قاضي القيروان عيسى بن مسكين عن رأيه في يحيى بن سلام، فقال: والله إنه لخير منا. وقال أبو العرب: كان ثقة ثبتا لا يقول إلا الحق. وقال: كان يحيى بن السلام من خيار خلق الله تعالى: دعا الله تعالى أن يقضي عنه الدين فقضى دينه، ودعا الله عز وجل أن يورث ولده العلم فكان كما دعا، ودعا الله عز وجل أن يكون قبره بمقطم مصر، فكان كذلك وقبره إلى جانب قبر ابن فروخ وقيل: إنه يرى عليهما كل ليلة قنديلان. (¬3) حنت نفسه إلى زيارة الحجاز وإعادة العمرة فتأهب لذلك وسافر برا من طريق طرابلس، وقد صاحبه ابنه محمد فمرا بمصر، ودخلا الحجاز وحجا، وزارا مدينة الرسول. ثم عادا فمرض يحيى في طريق رجوعه، فما وصلا إلى مصر حتى أدركته المنية بعد أيام من حلوله بالفسطاط في خلال شهر صفر من سنة مائتين وانفجع العلماء لوفاته واحتفلوا بتشييع جنازته ودفن بالمقطم إلى جانب قبر عبد الله بن فروخ المحدث القيرواني. وقال سزكين: توفى في مكة حاجاً. (¬4) له: تفسير القرآن ويعرف باسمه "تفسير يحيى بن سلام " وهو تفسير بالآثار على طريقة المتقدمين وربما كان أقدم ما لدينا من نوعه، وكان فيما سلف معروفا شائعا كثيرا إلى القرن الخامس للهجرة. قال أبو عمرو الداني: وليس لأحد من المتقدمين مثله. ثم قل تداوله بظهور التفاسير ¬

(¬1) البقرة: 280. (¬2) جامع بيان العلم وفضله 2/ 147. (¬3) الطبقات ص: 37. (¬4) تاريخ التراث 1/ 204، ويبدو أن كون وفاته بعد رحلة حج أوهم سزكين وظن أنه توفي بمكة.

105 - يحيى بن مجاهد بن عوانة أبو بكر الفزاري الأندلسي الإلبيري

المطولة المحشوة بمسائل النحو والبلاغة، والموجود منه الآن متفرق في ثلاث مكتبات. (¬1) وقد عني من قديم جماعة من العلماء بهذا التفسير فأقرأوه وشرحوه، واختصروه (¬2)، وقد زاد عليه ابنه محمد - بعد وفاة أبيه - زيادات مهمة جعلها كالشرح عليه، وتقدم ذكر ذلك في ترجمته. التصاريف: تفسير القران بما اشتبهت أسماؤه وتصرفت معانيه. (¬3) وله أيضا: الجامع: على أبواب الفقه، كتاب الأشربة ولعله جزء من الجامع. 105 - يحيى بن مجاهد بن عوانة أبو بكر الفزاري الأندلسي الإلبيري (¬4) من أهل إلبيرة وسكن قرطبة قال ابن الفرضي: كان منقطع القرين في العبادة، بعيد الاسم في الزهد ... عني بعلم القراءات والتفسير وأخذ نصيبا من الفقه. (¬5) وبنحو ذلك قال الذهبي أيضا. (¬6) حج فسمع بمصر من الأسيوطي ¬

(¬1) قال الفاضل بن عاشور: نسخه عظيمة القدر موزعة الأجزاء نسخت منذ ألف عام تقريبا منها مجلد يشتمل على سبعة أجزاء بالمكتبة العبدلية، وآخر يشتمل على عشرة أجزاء بمكتبة جامع القيروان (التفسير وص: 44) الجانب الكبير - وهو غير متتابع - محفوظ بمكتبة جامع القيروان، ونحو 13 حزبا في سفر قديم على الرق بالعبدلية، مكتبة جامع الزيتونة وفي مكتبة حسن حسني الخصوصية. ومنه نسحة في مكتبة ألبرت الأول أولها سورة الإسراء وآخرها سورة سبأ (انظر الفهرس الشامل 1/ 21). (¬2) وممن اختصره محمد بن عبد الله بن عيسى الألبيري المعروف بابن أبي زمنين الأندلسي المتوفى سنة 399 هـ ويوجد من هذا الاختصار قطعة بالمتحف البريطاني، ويوجد منه نسخ في القرويين وفي خونتا (انظر الفهرس الشامل 1/ 64) كما اختصره عبد الرحمن بن مروان الأنصاري القنازعي القرطبي المتوفى سنة 413 هـ وانظر ترجمته في الوافدين. (¬3) نسبته له هند شلبي محققته والأقرب أنه لحفيده يحيى بن محمد بن يحيى بن سلام وقد تقدم ذكر ذلك في ترجمة يحيى في أهل المنطقة. (¬4) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للسيوطي رقم 133، طبقات المفسرين للداوودي 2/ 375، طبقات المفسرين للأدنوي ص: 81، معجم المفسرين 2/ 734، تاريخ علماء الأندلس 2/ 190، جذوة المقتبس 356، بغية الملتمس 1490، نفح الطيب 2/ 631، سير أعلام النبلاء 16/ 244. (¬5) تاريخ علماء الأندلس 2/ 190. (¬6) السير 16/ 244.

106 - عائشة بنت محمد بن عبد الرحمن المصرية الدمياطية بنت الشاطئ

وأبي محمد بن الورد وابن شعبان وغيرهم. وكان له حظ من الفقه والرواية إلا أن العبادة غلبت عليه. أحب المستنصر بالله أن يجتمع به فلم يقدر عليه ووجه له من يتلطف به فقال مالي حاجة وإنما يدخل على السلطان الوزراء وأصحاب الهيئة وأيش يعمل بأصحاب الأطمار الرثة؟ وقال عمر بن عفيف: كان من أهل العلم والزهد والتقشف والعبادة وجميل المذهب. جمع يونس بن عبد الله كتابا في فضائله. توفي في جمادى الأولى سنة ست وستين وثلاثمائة، وهو ابن سبعين سنة أو نحوها. تراجم النساء 106 - عائشة بنت محمد بن عبد الرحمن المصرية الدمياطية بنت الشاطئ (¬1) كاتبة أديبة من المشتغلات بالتفسير ولدت سنة ثلاثين وثلاثمائة وألف بمحلة دمياط على نيل مصر. كان والدها من العلماء لم يسمح لها بدخول المدارس المدنية لفسادها وأراد لها أن تتلقى العلم على مشايخ الكتاتيب، ولكنها لم ترض بذلك وتلقت تعليمها كما أرادت. عرفت ببنت الشاطئ خوفا من إظهار اسمها على كتاباتها وهي ابنة الأسرة المحافظة، وأرادت بذلك شاطئ دمياط على نيل مصر. (¬2) أصيبت بعدة مصائب حيث فقدت والديها ثم زوجها ثم ابنها وبناتها الثلاث في حياتها وبقيت وحيدة فريدة. كانت مقالاتها وبحوثها تنشر في جريدة الأهرام اليومية. كانت لها عدة معارك ومنها معركة عنيفة مع الدكتور مصطفى محمود الذي قدم تفسيرا عصريا للقرآن الكريم رأت فيه كثيرا من الشطط. (¬3) يقول نجيب محفوظ: هي أحد أهم من كتبوا في العلوم الدينية بمختلف التخصصات والنوعيات وحدث أن زاملتها عمرا طويلا في مبنى جريدة الأهرام حيث عملنا سويا في غرفة واحدة، فعرفت عنها كريم الخلق وسمو ¬

(¬1) مجلة الأربعاء 26/ 9 / 1419 هـ (بنت الشاطئ والتفسير ص: 30)، مجلة الأربعاء 12/ 9 / 1419 هـ (بنت الشاطئ رصاصة الحق في صدر العلمانيين ص: 8). (¬2) بنت الشاطئ رصاصة ص: 8. (¬3) المرجع السابق ص: 9.

الفكر والعقيدة ومدى تمسكها بدينها ومعتقداتها وعلمها. (¬1) ويقول د. مصطفى عبد الواحد: هي امرأة ممتازة عن نساء عصرها .. إذ دخلت ميدان تفسير القرآن وعلوم الحديث وتفرغت في هذه المباحث في الشطر الأخير من حياتها بعد أن كانت في أول أمرها تكتب القصص الأدبية في مجلة الهلال ... متخرجة من معهد المعلمات في عاصمة إقليمها "دمياط" تلك المدينة العتيدة إلى الحصول على شهادة التوجيهية الثانوية بكلية الآداب بجامعة فؤاد الأول (القاهرة) درست على جماعة منهم طه حسين وأحمد أمين وأمين الخولي الذي كان يدرس علوم القرآن بقسم اللغة العربية فأعجب من تلميذته وتزوجها مع فارق السن الكبير بينهما ومع أنه كان له زوجة وأولاد كبار. وكان أمين الخولي صاحب دراسات قرآنية مجترئة بعيدة عن المنهج العلمي الصحيح. اتجهت بكل أدواتها في البحث والتحقيق إلى مجال ماأسمته التفسير البياني للقرآن فكتبت فيه كتابًا من جزئين يجمعان الدروس التي ألقتها على طالباتها في كلية البنات بجامعة عين شمس. (¬2) سافرت إلى تونس والمغرب وشغلت مناصب تدريسية هناك وأشرفت على رسائل علمية منها "المدرسة القرآنية إلى ابن عطية" لعبد السلام أحمد الكنوني وهي رسالة لنيل دبلوم الدراسات الإسلامية العليا بدار الحديث الحسنية بالرباط. توفيت بمصر في شهر شعبان سنة تسع عشرة وأربعمائة وألف. لها حوالي أربعون كتابا منها: التفسير البياني للقرآن الكريم. يقول الدكتور مصطفى عبد الواحد: والذي يعنينا هنا أن نشير إلى طريقتها في التفسير فهي تعتمد أساسًا على معجم ألفاظ القرآن الذي أصدره مجمع اللغة العربية واستغرق إعداده فترة طويلة تتجاوز عشر سنين واشتراك زوجها أمين الخولي الذي كان عضوًا بمجمع اللغة العربية في إعداده إذ تبدأ حين تناولها لتفسير كلمة في آية باستعراض عدد مرات ذكرها في القرآن والسياق الذي ذكرت فيه ... ثم تنتقل إلى المعنى اللغوي ثم إلى صلة الكلمة بما قبلها وبعدها وقد كانت تحاول الاجتهاد فتصيب حينًا وتخطئ حينًا آخر. ¬

(¬1) المرجع السابق ص: 10. (¬2) انظر بنت الشاطئ والتفسير ص: 30.

أهالني وقوع بعض الأخطاء في اجتهاداتها وقد رددت عليها في محاضرتي التي طبعت في مذكرة للطلاب ولم تطبع في كتاب حتى الآن. فمن ذلك قولها: إن القسم في قوله تعالى {والنازعات غرقا} (¬1) لايحتاج إلى جواب ونعت على المفسرين أنهم عنوا أنفسهم بالبحث عن جواب للقسم سواء كان موجودًا في الآيات أو محذوفًا مقدرًا .. ولم نعرف في لغة العرب قسمًا لايحتاج إلى جواب وإلا كان استخدام أسلوب القسم عبثًا ولغوًا ومعاذ الله أن نظن ذلك في القرآن. وكذلك ماذهبت إليه أن قول الكافرين {أئنا لمردودون في الحافرة} (¬2) إنما يكون بعد خروجهم من القبور وقد أثبت بالأدلة العلمية أن ذلك القول كانوا يقولونه في الدنيا استهزاء بعقيدة البعث ولا يعقل أن يقولوا ذلك بعد أن عاينوا البعث والحشر ورأوا أهوال القيامة. (¬3) الدراسات الإسلامية والقرآنية. ولها أيضا: رسالتها في الماجستير: بحوث في كتاب الأغاني، رسالتها في الدكتوراه: تحقيق رسالة الغفران، الريف المصري، أم النبي - صلى الله عليه وسلم -، تراجم سيدات بيت النبوة، حقيقة البهائية وخطرها على الإسلام، قضية الفلاح المصري، صور من حياتهن، وغيرها. ¬

(¬1) النازعات: 1. (¬2) النازعات: 10. (¬3) المرجع السابق.

الباب الثاني التفسير في غرب إفريقية

الباب الثاني التفسير في غرب إفريقية ويشتمل على: - الفصل الأول دراسة عن التفسير في هذه البلاد. - الفصل الثاني دراسة أمثلة للتفسير بالمأثور بالمنطقة. - الفصل الثالث دراسة أمثلة للتفسير بالرأي بالمنطقة.

الفصل الأول دراسة عن التفسير في هذه البلاد

الفصل الأول دراسة عن التفسير في هذه البلاد

المبحث الأول: نبذة عن علم التفسير ونشأته في هذه البلاد

المبحث الأول: نبذة عن علم التفسير ونشأته في هذه البلاد: لقد سبق أن ذكرت في التمهيد ما لعلم التفسير من منزلة عليا شرف بها على سائر العلوم لكونه الطريق الموصل لفهم كلام الله المنزل الذي عليه مدار الفلاح في الدارين، ولذلك فإنه ملازم للدعوة إلى الله منذ اللحظة الأولى، فليس هناك من دعوة إلى هذا الدين إلا ومبناها على كتاب الله جل وعلا، وهذا الكتاب يحتاج إلى بيان، وما التفسير إلا هذا البيان المنشود. نشأة التفسير في المنطقة في الصدر الأول: ومنطقتنا كسائر المناطق الإسلامية التي فتحها الرعيل الأول من الصحابة الكرام، شرفت بتلك النخبة الواعية لمقومات الفتح وأهدافه، فليس الفتح في منظورهم إلا فتح القلوب بالهداية والتعليم، وليس النصر في تصورهم إلا قهر القوى الشيطانية التي أضلت العباد، وليس همهم الأكبر إلا إخراج الناس من الظلمات إلى النور ومن عبادة العباد إلى عبادة رب العباد. ومع ماتقرر من كون المؤمن كالغيث أينما وقع نفع، وماثبت في الكتاب والسنة من حث على العلم والتعليم والأمر بالدعوة والتبليغ يتضح لنا أن علم التفسير نشأ مواكبا للفتح الإسلامي بلا مراء. ولقد اشترك صحابة كثيرون في فتح إفريقية (¬1) غير أن ظروف الفتح وما كان من ارتدادات الأفارقة (¬2) لم تساعد على استقرار بعض الصحابة للتعليم والتفقيه في ¬

(¬1) كان ذلك بداية من سنة 27 هـ. انظر فتح إفريقية والأندلس ص: 37. (¬2) الأمر الذي أدى إلى إعادة الفتح مرارًا. انظر فتوح البلدان ص: 227، البيان المغرب 1/ 4، الكامل 3/ 34، تاريخ ابن خلدون 2/ 129.

الدين ... ولذا لم تذكر المصادر شيئًا من هذا الجانب التعليمي، الذي كان يقوم به الصحابة في البلاد المفتوحة. فقام بهذه المهمة التعليمية الدينية، التابعون الذين أتوا إلى إفريقية منذ النصف الثاني من القرن الأول الهجري، ومنهم أبو عبد الرحمن ابن رباح اللخمي، سكن القيروان وبنى بها دارًا ومسجدًا وانتفع به أهلها (¬1). وأبو رشيد حنش بن عبد الله الصنعاني الذي سكن القيروان ومات بها (¬2)، كما سكن القيروان أيضًا أبو سعيد كيسان المقبري (¬3). وهكذا دخل إفريقية جماعة من التابعين، وسكنوا القيروان وعلموا أبناءها الحلال والحرام، وكانت العلوم الدينية في هذه العصور تستمد من مصدرين رئيسين هما القرآن والسنة، وقد كان الطلبة يتلقون عنهم: القراءات والتفسير، وعلوم القرآن، وكل مايتعلق بآيات الأحكام. والملاحظ أن هؤلاء التابعين أخذوا عن كبار الصحابة الذين اشتهروا خاصة بالتفسير كابن عباس، مما سيدعم مدرسته في التفسير (¬4) بالقيروان والتي أسسها عكرمة في نهاية القرن الأول وفجر القرن الثاني، وكان مجلس عكرمة في مؤخر جامع القيروان في غربي المنارة الموضع الذي يسمى بالركيبية (¬5) وقد دخل عكرمة القيروان لا للغزو وإنما لنشر العلم بها (¬6)، وهو من أبرز تلاميذ ابن عباس (¬7) في التفسير وأعلمهم به (¬8)، وقد حل بالقيروان في أواخر أيامه وهو في منتهي نضجه ¬

(¬1) انظر رياض النفوس 1/ 77. (¬2) نفس المصدر1/ 78. (¬3) نفس المصدر 1/ 80. (¬4) وقد أشار ابن تيمية إلى أهمية هذه المدرسة بقوله: وأما التفسير فإن أعلم الناس به أهل مكة لأنهم أصحاب ابن عباس. الفتاوى 13/ 347. (¬5) طبقات علماء إفريقية وتونس 1/ 92. (¬6) المصدر السابق. (¬7) ذكر ابن سعد أن ابن عباس كان يضع في رجل عكرمة قيدًا ولا يفكه منه حتى يتم أخذ تفسيره. الطبقات الكبرى 2/ 182، وقد ذكرت في ترجمة عكرمة شهادات كثيرة تثبت مكانة عكرمة في التفسير، ولا عجب فإن ملازمة طلبة القيروان له وتحلقهم حوله لنقل مروياته عن ابن عباس كان له الأثر في تطور التفسير بإفريقية واعتماد المؤلفين فيه على هذه المدرسة خاصة. (¬8) طبقات علماء إفريقية وتونس 1/ 92.

العلمي، فالتف حوله كثير من طلبة العلم وأخذوا عنه مارواه عن شيخه من تفسيره وبهذا يكون عكرمة واضع أسس مدرسة ابن عباس في التفسير المعتمدة على الأثر واللغة، مما سيؤثر على اتجاه التفسير بالمنطقة. وعليه فإن مدرسة التفسير بالمأثور قامت أساسا على علم ابن عباس، عن طريقه شخصيا، ثم عن طريق عكرمة تلميذه النجيب ومولاه البربري الأصل، وقامت أيضا على المدرستين الأخريين من مدارس التفسير بالمأثور في ذلك الحين أعني مدرستي المدينة والعراق بدرجة أقل، فقد انتقل علم مدرسة التفسير بالمدينة، عن طريق تلاميذ الإمام مالك الذين نقلوا تفسيره المروي عن زيد بن أسلم وغيره، وعن طريق وكيع الذي أخرج روايات من تفسير أبي بن كعب، وانتقل علم مدرسة العراق عن طريق الأعمش وسفيان الثوري، كما وصلهم التفسير عن علي ابن أبي طالب، عن طريق رواية ابن عيينة عنه في تفسيره، وسوف يأتي في حديثنا عن الرحلة إلى المشرق ومنه إلى المنطقة مايتصل بذلك. كما أنه قد أسهم في إرساء قواعد مدرسة التفسير بالمأثور تشرف المنطقة بدخول علماء من الصحابة عرفوا بتضلعهم في التفسير أمثال عبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير، وتردد بعضهم عليها، وكان لهذا التردد أثر كبير في نشر العلم، وذلك لأن هؤلاء قد عرفوا البلاد وطبائع أهلها، فهم أقدر على معرفة مداخلها وأصلح الطرق لنشر العلم بها، ولاشك أنه قد أصبح لهم بها أصحاب وتلاميذ. ولعل أقدم نص يشير إلى تعليم القرآن بالمنطقة مارواه غياث بن أبي شبيب قال: كان سفيان بن وهب صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمر بنا ونحن غلمة بالقيروان فيسلم علينا بالكتاب (¬1)، وكان وجود سفيان بالقيروان بين سنوات (60 هـ و78 هـ) (¬2). ويستفاد من هذا الخبر أن تعليم القرآن قد شاع بها بعد تأسيس القيروان وأن بعض الكتاتيب قد برزت في الأحياء الرئيسية منها، كما ¬

(¬1) معالم الإيمان في معرفة أهل القيروان 1/ 151. المصدر السابق 1/ 59. (¬2) المعالم 1/ 151.

كثرت المساجد (¬1) واهتم العلماء برواية الحديث والتفسير، وخاصة مايتعلق منها بآيات الأحكام. وتدعم هذا العمل ببعثة الفقهاء العشرة، الذين أرسل بهم عمر بن عبد العزيز لتفقيه أهل إفريقية، فما أن انتهت الفتوح في إفريقية واستقر الإسلام بين البربر حتى قدمت من المشرق دعامة عظيمة للحياة العلمية بالقيروان، تلكم هي بعثة عمر بن عبد العزيز العلمية سنة 99 هـ، وقد تكونت من عشرة من التابعين فبنوا المساجد، والكتاتيب في القيروان، وأقبلوا على نشر العلم بها، وانتفع بهم أهل إفريقية، وطال مقام بعضهم بالقيروان حتى زاد على الثلاثين عامًا، وعلى أيديهم تخرجت طلائع علماء القيروان. (¬2) وقد كان لهؤلاء العلماء من التابعين دور حاسم في نشر العلوم الإسلامية، وخاصة مايتعلق منها بأحكام القرآن وتفسيره ورواية الحديث. وقد تم على أيدي هؤلاء إسلام البربر ونشر تعاليم الإسلام في شتى أنحاء المغرب الإسلامي. ولعل المهمة الأساسية للبعثة التعليمية تتضح من خلال رسالتهم التي كتبوها لحنظلة ابن صفوان (¬3) ليبعث بها إلى أهالي طنجة لما ثاروا عليه، والتي تتضمن أبرز مواضيع القرآن، حيث أشاروا إلى أن آياته لا تخرج عن مواضيع أساسية عشرة: أمر بالمعروف، وزجر عن المنكر، وتبشير بالجنة، وإنذار بالنار، وإخبار عن الأولين والآخرين، ومحكم القرآن يعمل به، ومتشابهه يؤمن به، وحلاله أمر أن يؤتى، وحرامه أمر أن يتجنب، وفيه أمثال ومواعظ فمن يطع الآمرة وتزجره الزاجرة، فقد استبشر بالمبشرة، وأنذرته المنذرة، ومن يحلل الحلال ويحرم الحرام، ويرد العلم فيما اختلف فيه الناس ¬

(¬1) وصف حسن حسني عبد الوهاب انتشار الكتاتيب وتطور التعليم بإفريقية وسائر أنحاء المغرب بقوله: ومع الزمان تدرجت الدراسة في الكتاتيب إلى المساجد والجوامع وحلق الطلبة على الشيوخ من حفاظ القرآن وقرائه، ورواه الحديث، وحملة الفقه وما إلى ذلك، فشاعت منذ نلك الوقت طريقة التعليم على غرار ما كان موجودًا بأمصار المشرق العربي. (ورقات 1/ 79 - 80). (¬2) انظر مدرسة الحديث في القيروان 1/ 126. (¬3) حنظلة بن صفوان، ولاه هشام بن عبد الملك على إفريقية والمغرب سنة 124 هـ. تاريخ إفريقية والمغرب ص: 115.

إلى الله، مع طاعة واضحة ونية صالحة، فقد أفلح وأنجح، وحيا حياة الدنيا والآخرة (¬1). فهذه الرسالة في إيجازها وبلاغة ألفاظها، تضمنت خلاصة عن مواضيع القرآن التي سبق ذكرها، وهي تدل على أن مهمة هؤلاء في الدرجة الأولى كانت تعليم القرآن وتفسيره وبيان أهدافه، كما أنها تبين اتجاه التفسير في تلك المرحلة والمتمثل في العمل بالمحكم، والإيمان بالمتشابه، ورد مااختلف فيه الناس إلى الله تعالى مع طاعة واضحة وهي في جملتها تتعلق بالعقيدة، وبسلوك الإنسان في المجتمع الجديد. وقد تخرج على هؤلاء العلماء الجيل الأول من أبناء إفريقية الذين سيتولون مواصلة مهمتهم التعليمية الدينية، والذين سيرتحل بعضهم إلى المشرق لزيادة التلقي عن محدثيه وفقهائه. ويأتي في مقدمتهم عبدالرحمن بن زياد بن أنعم الذي روى عن جماعة من التابعين بالمشرق، وتوسع في العلوم الإسلامية. وقد أقام بمكة مدة ودرس بها، وكانت له فيها مجالس مشهورة حتى أقبل عليه سفيان الثوري المفسر الإمام وأخذ عنه (¬2)، ثم رجع إلى القيروان ودرس بها. ومن علماء إفريقية الأوائل عبد الله بن فروخ الفارسي (¬3) الذي رحل في طلب العلم إلى المشرق ولقي مالكا وسفيان الثوري وكلاهما من مشاهير المفسرين وكانت له مكاتبات مع مالك يسأله عن بعض القضايا فيجيبه. كما لقي ابن فروخ، عبد الملك بن جريج صاحب أول تصنيف في التفسير على أشهر الروايات وفي إفريقية أخذ عن ابن فروخ يحيى بن سلام (¬4) صاحب أقدم تفسير إفريقي وأقدم تفسير باق إلى اليوم. وسوف يأتي عند حديثنا عن تأثر المنطقة بالمشرق مكملات لهذا المقطع. وبعد منتصف القرن الثاني دخلت بعض أجزاء تفاسير المشارقة إلى القيروان ورويت بها، مثل تفسير المسيب بن شريك الكوفي، الذي كان يقرأ ¬

(¬1) رياض النفوس1/ 67. (¬2) رياض النفوس 1/ 96 - 103. (¬3) طبقات علماء إفريقية 34 - 37. (¬4) طبقات علماء إفريقية ص: 36.

على أسد بن الفرات في جامع عقبة. ثم ظهر في القيروان على يد يحيى بن سلام ت 200 هـ أول تفسير كامل للقرآن عرف حتى الآن. وقد حفظت كتب الطبقات بعض دروس أسد بن الفرات في التفسير، والتي ظهرت فيها صلابة الرجل ورده على أهل الأهواء وخاصة في مسألة رؤية الله وخلق القرآن فعن ابن الحداد قال: حدثت عن أسد أن أصحابه كانوا يقرأون عليه يوما في تفسير المسيب بن شريك إلى أن قرأ القارئ {وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة} (¬1) وكان سليمان بن حفص جالسًا بين يديه فقال له: ياأبا عبدالله! من الانتظار؟ فقال: وكان إلى جانب أسد نعل غليظ، فأخذ أسد بتلابيبه - وكان أيدا - وأخذ بيده الأخرى نعله وقال: أي والله يازنديق لتقولنها أو لأبيضن بها عينك! فقال: نعم، ننظره. (¬2) وقد ذكر أبو العرب في مسألة خلق القرآن أن داود بن يحيى رأى أسد بن الفرات يعرض التفسير فتلا هذه الآية {فاستمع لما يوحى إنني أنا الله لاإله إلا أنا فاعبدني} (¬3) فقال عند ذلك أسد: ويح لأهل البدع هلكت هوالكهم، يزعمون أن الله جل وعز خلق كلامًا يقول ذلك الكلام المخلوق {أنا الله لاإله إلا أنا}. (¬4) وبهذا كانت دروس التفسير شائعة في حلقات التعليم (¬5) بإفريقية على أيدي أبنائها الذين أسهموا في نشر العلوم الإسلامية، وأصبحت القيروان عاصمة العلم بالمغرب الإسلامي يفد عليها الطلبة من الأندلس والمغربين الأقصى والأوسط، حتى انتهت حضارتها وأصبحت أثرا بعد عين عقب نهب أعراب بني هلال وبني سليم لها وانتقل مشعل الحضارة للمهدية وتونس الحفصية كما سبق ذكره في التمهيد. ¬

(¬1) القيامة: 22، 23. (¬2) انظر طبقات علماء إفريقية ص: 219، رياض النفوس 1/ 182. وسليمان بن حفص الفراء هذا الذي عنفه أسد هو رأس المعتزلة بالقيروان على عهده، وكان يحضر دروسه ليحاول بث الفتنة ونشر نحلته المتمثلة في إنكار رؤية الله يوم القيامة وفي القول بخلق القرآن. (¬3) طه: 13 - 14. (¬4) الطبقات ص: 82. (¬5) ذكر حسن حسني عبد الوهاب أن الحلق بجامع عقبة بالقيروان كانت مكتظة بالطلبة من سائر أنحاء إفريقية والمغرب والأندلس وحتى من السودان الغربي. ورقات 1/ 107.

الطرق التي انتشر بها علم التفسير في المنطقة

الطرق التي انتشر بها علم التفسير في المنطقة: تم نشر العلوم الإسلامية في المنطقة في تلك الفترة وعلى وجه الخصوص التفسير الذي نحن بصدد الحديث عنه عن طريق: 1 - المساجد: وكان الحظ الأوفر في ذلك من نصيب جامع عقبة، الذي بدأ التدريس فيه على عهد الصحابة بعد تأسيسه مباشرة في غزوة عقبة الأولى، التي استمرت لمدة خمس سنوات كاملة (50 هـ - 55 هـ) كان أهم عمل للمسلمين فيها هو اختطاط المدينة، ولم تقع أثناءها غزوات كبيرة تتطلب غيابًا طويلاً عن القيروان، وقد سكن الناس واستقروا، وذلك يستلزم أن الصحابة الثمانية عشر الذين كانوا مع عقبة، قد جلسوا في الجامع لنشر علوم الكتاب والسنة، وتعليم مبادئ الإسلام لمن أسلم من البربر. أما بعد غزوة عقبة الثانية، سنة 62 هـ، فقد ورد أن عقبة أوصى أولاده - والمسلمين من ورائهم باعتباره قائد الجيش - بعدم رواية الحديث إلا عن الثقات، وعدم كتابة ما يشغلهم عن القرآن، وخير مكان يقع فيه ذلك هو المسجد الجامع، وقد شهدت القيروان نوعًا من الاستقرار، بعد أن مضى على بداية تأسيسها قرابة اثني عشر عامًا، وسكنها الناس وبدءوا يعيشون حياة طبيعية. ومن لوازم ذلك أن الصحابة الذين كانوا موجودين آنذاك وهم خمسة وعشرون رجلاً، قد جلسوا في جامع القيروان لنشر العلم وتوجيه المسلمين الجدد. أما في عهد التابعين فقد زادت الرسالة العلمية للمسجد الجامع واتسعت عن ذي قبل، فكان حافلاً بالمجالس العلمية، لوفرة من كان بالقيروان من التابعين واهتمامهم بالرواية. وقد ثبت أن عكرمة مولى بن عباس لم يدخل إفريقية غازيًا، وإنما دخلها لنشر العلم، وكان مجلسه في مؤخرة الجامع كما ذكرنا آنفا، وكانت الحلقة فيه مكتظة من سائر أنحاء إفريقية والمغرب والأندلس، وحتى من السودان الغربي، على نمط ما نعرفه في الجامع الأزهر بالقاهرة، وجامع الزيتونة بتونس والقرويين بفاس. (¬1) 2 - قصور الرباط: وهي الحصون التي تنشأ قريبًا من السواحل غالبًا، ¬

(¬1) انظر مدرسة الحديث في القيروان 1/ 133 - 135.

3 - دور العلماء

وتتخذ لمراقبة العدو القادم من البحر، وقد بدأ إنشاؤها من منتصف القرن الثاني للهجرة على يد بعض ولاة الدولة العباسية بإفريقية، منهم هرثمة بن أعين الذي بنى قصر رباط المنستير سنة 180 هـ، ثم تكاثرت وشاعت على يد أمراء الدولة الأغلبية، بحيث إن الإشارات الضوئية التي كانت تستعمل للإنذار بالخطر بين هذه المراكز، كانت تصل من سبتة بالمغرب إلى الإسكندرية في ليلة واحدة. (¬1) وكانت هذه الربط من جملة مواضع التعليم بإفريقية ويسكنها مقيمون رسميون من العلماء والعباد، كما يتناوب الحراسة بها أهل القيروان وغيرهم، وكان العلماء كثيرًا ما يقصدونها وخاصة في شهر رمضان حيث يعتكفون ويعلّمون الناس. ويعتبر (الفرد بل) أن الرباط كان له نفس دور المسجد في نشر الإسلام. وقد كانوا يسمون قصر زياد دار مالك لكثرة ما فيه من العلماء، وما يعقد فيه من المجالس العلمية، وقد اجتمع فيه أربعة عشر رجلاً من أصحاب سحنون، كما اجتمع في قصر ابن الجعد بالمنستير قبل تمامه ثمانية وأربعون حافظا للقرآن. (¬2) 3 - دور العلماء: ومنهم محمد بن يحيى بن سلام المفسر (ت 262 هـ) الذي كانت في داره حلقة كبيرة أعجب بها الحافظ أبو العرب التميمي، وكانت سببا في إقباله على طلب العلم. (¬3) ومحمد بن محمد أبو بكر ابن اللباد المفسر (ت 333 هـ) شيخ السنة بالقيروان عندما سجن ثم أطلق ومنع الفتوى والإسماع واجتماع الطلبة عليه، كان الطلبة يجتمعون إليه في بيته سرًا، وربما وضعوا الكتب في أوساطهم حتى تبتل بالعرق خوفًا من أبي عبيد (¬4). وكانت حلقة ربيع القطان المفسر (ت 334 هـ) في منزله حافلة بالطلبة في ذلك العهد أيضا (¬5). كما كان عيسى بن مسكين يحدث بكتب ابن وهب صاحب التفسير في منزله (¬6). ¬

(¬1) انظر البيان المغرب 1/ 89، تاريخ ابن خلدون 4/ 417، أعلام الفكر الإسلامي 17. (¬2) انظر الرياض 2/ 117، الفرق الإسلامية 100، مدرسة الحديث 1/ 154، 155. (¬3) انظر مدرسة الحديث 1/ 160. (¬4) المعالم 3/ 25. (¬5) الرياض 2/ 326. (¬6) انظر الرياض 1/ 365، المدارك 3/ 335، المكتبة الأثرية 34.

4 - حوانيت العلماء

4 - حوانيت العلماء: ومنهم المفسر ربيع القطان الذي حول حلقته إلى حانوته في عهد بني عبيد، قال عياض: وكان جعل على نفسه ألا يشبع من طعام ولا نوم حتى يقطع الله دولة بني عبيد، وكان مع ذلك ملتزمًا في حانوته يبيع فيه القطن، وفيه يأتيه من يطلب منه ويسأله. (¬1) تطور التفسير في المنطقة بعد خراب القيروان: بعد انتهاء عصر العبيديين وحلول ما حل بالقيروان ظهرت دولة المرابطين ثم الموحدين وفي تلك الحقبة ازدهرت العلوم الإسلامية حيث إن هاتين الدولتين قامتا أساسا على الدين وظهر من علماء التفسير المبرزين أبو الحسن علي بن محمد الغرناطي نزيل مراكش ت 577 هـ الذي كان يجتمع إليه الناس فيفسر لهم القرآن من أوله إلى آخره كما ظهر محمد بن علي ابن الجوزي السبتي صاحب التفسير ت 483 هـ، وعبد الجليل بن موسى الأنصاري الأوسي ت 608 هـ، وغيرهم. وبعد ذلك العصر (¬2) انقسمت المنطقة إلى ثلاث دول كما قدمنا ومر عليها حكومات متعددة سبق الحديث عنها بالتفصيل في التمهيد ونذكر هنا على وجه الاختصار بعض سمات تطور التفسير أثناء تلك العهود: ففي العهد الحفصي ظهر على الساحة ابن عرفة المفسر الفقيه ت 803 هـ الذي اعتبر آخر المجددين وبعده أعلن علماء المغرب غلق باب الاجتهاد فتحجر العلم وأجدبت أرضه وانطوى العلماء. وقد ظهر من التفاسير في العصر الحفصي غير تفسير ابن عرفة، تفسير عبد العزيز ابن إبراهيم ابن بزيزة التونسي ت 674 هـ الذي جمع فيه بين تفسيري ابن عطية والزمخشري، وإعراب القرآن لأبي إسحاق برهان الدين إبراهيم بن محمد الصفاقسي ت 752 هـ، وكانت تدرس في ذلك العصر مشاهير التفاسير ¬

(¬1) المدارك 5/ 313. (¬2) لقد وصل تأثير زوال دولة المرابطين على التفسير في موريتانيا إلى معاداة أهل شنقيط لمن يفسر القرآن وإذا سمعوا آية تتلى لتفسيرها نفروا عنه نفرة الحمر الوحشية. كذا ذكر محمد بن محمد بن علي اللمتوني في الرسالة التي أرسلها للسيوطي في شوال 898 هـ. انظر: الحاوي للفتاوي 1/ 287 والسلفية وأعلامها 228.

مثل: الزمخشري وابن عطية والفخر الرازي وأبي حيان (¬1). وفي العهد المريني راجت دراسة التفسير في الصقع السوسي وظهر من المفسرين أبو يحيى الكرسفي ت 683 هـ وهو من الدارسين بالأندلس. (¬2) وكان من مزايا عصر السعديين الاعتناء بتفسير القرآن، وتعدد المفسرين ومن بينهم الحاج محمد الشنقيطي ت 963 هـ وعبد الرحمن القصري ت 1036 هـ وعلي بن الواحد الأنصاري السجلماسي ت 1054 هـ، وبلقاسم بن إبراهيم الدكالي ت 978 هـ، وغيرهم (¬3). وفي العهد التركي أغلقت الأبواب في وجه التيارات الجديدة منذ استقرار الأندلسيين وتوقف الارتحال إلى المشرق، وتوقف المد الثقافي وعكف الناس على المختصرات الفقهية يشرحونها ويعلقون عليها حتى أصبحت دراسة الكتب هي الهدف وضاع العلم واختفى الاجتهاد، وقد تأثر علم التفسير بهذا الركود، على أن اليقظة العلمية بعد ذلك جعلت الناس يعتنون بعلم التفسير واشتهر تفسير أبي السعود وقام الشيخ زيتونة المنستيري ت 1138 هـ بكتابة حاشية عليه كما يأتي ذكره في التأثر بالمشرق. وظهر في الصقع السوسي كتاب إعراب القرآن لأبي زيد الجشتيمي ت 1269 هـ ثم شهد العالم تطورا مذهلا في شتى المجالات، فواكب ذلك نشاط في التأليف وساعدت وسائل الإعلام الحديثة في نشر العلوم، فكان للتفسير حظ ملحوظ واشتهر في المنطقة من المفسرين عبد الحميد بن باديس ت 1359 هـ ومحمد الأمين الشنقيطي ت 1393 هـ ومحمد الطاهر بن عاشور ت 1393 هـ ومحمد المكي الناصري ت 1414 هـ ومن أشهر من بقي على قيد الحياة من أهل التفسير في المنطقة أبو بكر جابر الجزائري صاحب أيسر التفاسير، والأخضر بن قويدر الدهمة صاحب قطوف دانية. وقد ساهم في نهضة علم التفسير بالمنطقة، أن هيأ الله له طائفة من الملوك ومؤسسي الدول في تلك البقعة اشتغلوا بالتفسير وبرعوا فيه حتى صنفوا ¬

(¬1) جامع الزيتونة ص: 32، 33. (¬2) انظر سوس العالمة ص: 34. (¬3) انظر: سلوة الأنفاس 2/ 128، المغرب عبر التاريخ 2/ 460.

المراحل التي مر بها التفسير في المنطقة

فيه المصنفات ومن هؤلاء: عبد الرحمن بن رستم الإباضي ت 171 هـ مؤسس دولتهم (¬1). عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم ت 208 هـ ثاني أئمة الدولة الرستمية (¬2). عبد الله بن ياسين الجزولي ت 451 هـ المؤسس الحقيقي لدولة المرابطين (¬3). محمد بن محمد بن زيدان المهدي ت 964 هـ من ملوك السعديين. (¬4) زيدان ابن المنصور الملقب الذهبي ت 1037 هـ من ملوك السعديين (¬5). المولى سليمان بن محمد ت 1238 هـ من الأشراف العلويين (¬6). المولى عبد الحفيظ بن الحسن ت 1356 هـ من الأشراف العلويين (¬7). ومن المجاهدين الذين كان لهم دور بارز قيادي في توجيه أهل المنطقة: محمد المصطفى ماء العينين الشنقيطي ت 1328 هـ (¬8) عبد الحميد بن باديس الصنهاجي ت 1359 هـ (¬9) وقد وصفت المصادر العديد من علماء المنطقة بمعرفة التفسير ومعاني القرآن، والذي يمكن الجزم به استنادًا إلى المصادر أن مختلف علوم القرآن كانت تدرس بالمنطقة وخاصة التفسير والقراءات، والناسخ والمنسوخ وإعراب القرآن وبيان مشكله ... والمتأمل في تراجم المفسرين من أهل المنطقة والوافدين عليها يظهر له ذلك جليا على مر القرون المختلفة منذ نشأة التفسير فيها وحتى عصرنا الحالي وبنظرة خاطفة في فهرس المفسرين بآخر البحث يستطيع القارئ الإحاطة السريعة بأعلام المفسرين في كل قرن من تلك القرون. المراحل التي مر بها التفسير في المنطقة: ويتضح مما تقدم أن التفسير في المنطقة مر بثلاث مراحل: مرحلة التلقي والرواية على أيدي كبار التابعين، ثم الرحلة إلى المشرق للتوسع والاستزادة، ومرحلة الإسهام بتدريس التفاسير المروية عن علماء المشرق. ثم المرحلة الثالثة والأخيرة، وهي الإسهام بالتأليف والتفسير. ¬

(¬1) مترجم برقم 77. (¬2) مترجم برقم 106. (¬3) مترجم برقم 101. (¬4) مترجم برقم 216. (¬5) مترجم برقم 64. (¬6) مترجم برقم 67. (¬7) مترجم برقم 73. (¬8) مترجم برقم 220. (¬9) مترجم برقم 74.

اتجاهات التفسير بالمنطقة

اتجاهات التفسير بالمنطقة: لقد ظهر في المنطقة المدروسة جميع اتجاهات التفسير تقريبا ويرجع ذلك لعاملين أساسيين هما: 1 - طول الفترة الزمنية التي شملها البحث وقوامها أربعة عشر قرنا. 2 - ضخامة المساحة المدروسة والتي شملت مناطق الغرب الإسلامي كله تقريبا. فمدرسة التفسير بالمأثور يتربع على عرشها بعد الصدر الأول تفسير يحيى بن سلام الذي يمثل الصورة السلفية للتفسير بالمأثور ويعتبر أقدم تفسير بالمأثور وهو يمثل الحلقة التي تصل بين أول تصنيف في التفسير على يد عبد الملك بن جريج، وبين أشهر تفسير بالمأثور لمحمد بن جرير الطبري. ولهذا التفسير أهمية تاريخية بالغة وأهمية علمية كبيرة إذ به يتضح تطور منهج التفسير عما كان عليه في عهد ابن جريج إلى ماأصبح عليه في تفسير الطبري. ويقول الفاضل ابن عاشور: ويتضح أيضا لمن كان الطبري مدينا بذلك المنهج الأثري النظري الذي درج عليه في تفسيره العظيم (¬1). وللطاهر المعموري نظرة أخرى في تفسير ابن سلام إذ قال: لم يحتل التفسير بإفريقية مكانة كبيرة منذ بدأت العلوم الإسلامية تنتشر في البلاد لعدم حاجة الناس إليه وضعف استعدادهم لممارسته حتى إن مشاهير الإفريقيين لم تكن البيئة هي التي دفعتهم إلى وضع تفاسير اشتهرت بنسبتها إلى إفريقية، بل الأجواء الخارجية من شرقية وأندلسية هي التي بعثت فيهم تلك الهمة، فأبو زكريا يحيى بن سلام بن أبي ثعلبة البصري الذي وضع تفسير مشهورا، لم تساهم البيئة الإفريقية في تكوينه لأنه تفقه على علماء المشرق وأخذ عنهم، وهو بصري قبل أن يكون إفريقيا. إنما المدة التي قضاها بإفريقية ثم تدريسه الكتاب بها جعلا الأفارقة يدعون أنه تفسير إفريقي. (¬2) وفي كلامه نظر واسع يرد معظمه ماسبق بيانه عن تطور التفسير بالمنطقة، وكون المفسر تأثر بالمشرق أمر لابد منه فإن المشرق هو منبع ¬

(¬1) التفسير ورجاله ص: 27. (¬2) انظر جامع الزيتونة ومدارس العلم في العهدين الحفصي والتركي 32 - 33.

الإسلام وأرض العرب أهل لغة القرآن، وجميع المفسرين إنما نقلوا علومهم عنهم ومن خرج عن تلك الدائرة تأكد زيغه وضلاله لأنه لن يحكم في تفسير كتاب الله غير هواه والله المستعان. وفي الجانب المقابل نلاحظ مبالغة واضحة من الفاضل ابن عاشور حيث إن اتفاق الطبري مع ابن سلام في اعتماد الرواية في التفسير لا يعني أن المتأخر منهما مدين بهذا المنهج للمتقدم، كيف وقد كان هذا هو المنهج السائد في تلك الفترة على جميع التصانيف سواء التفاسير أم كتب العقيدة أم الأجزاء الفقهية، بل إن تفسير الطبري متفرد عن تفسير ابن سلام بأمور عدة تثبت تفرده بمنهجه وأهمها تدخله بالترجيح والنقد في الروايات التفسيرية والقراءات، وكذا اهتمامه الكبير باللغويات والاستشهاد بالشعر وغير ذلك. ثم يظهر لنا في الاتجاه الأثري للتفسير الإمام الجهبذ بقي بن مخلد القرطبي بتفسيره منقطع النظير فهو وإن لم يكن من أهل المنطقة إلا أنه من الداخلين إليها وقد بث علمه فيها في تلك الفترة المبكرة، كما رحل إليه واستفيد من علمه، والتداخل بين أهل المنطقة والأندلس واضح ومعلوم وسيأتي الحديث عنه باستقلالية في المباحث التالية. وتطور التفسير بالمأثور في المنطقة على أيدي المهدوي ومكي بن أبي طالب إذ تخلصا من الأسانيد المطولة مع الالتزام بنقل الصحيح من الأخبار، وإلى هذا التطور الذي لحق ذلك الاتجاه، أشار حاجي خليفة بقوله: ... .ثم انتصبت طبقة إلى تصنيف تفاسير مشحونة بالفوائد محذوفة الأسانيد مثل أبي إسحاق الزجاج، وأبي علي الفارسي .. ومثل مكي بن أبي طالب وأبي العباس المهدوي (¬1). كما ظهر أخيرا عبد الرحمن بن مخلوف الثعالبي بتفسيره الجواهر الحسان والذي هو في الحقيقة اختصار لتفسير ابن عطية المحرر الوجيز، وقد اعتبره البعض (¬2) من التفاسير بالمأثور لاهتمامه بهذا الجانب واحتوائه على كم كبير من الأحاديث والآثار، إلا أنني صنفته في قسم التفسير بالرأي المحمود لأنه ألصق بذلك كما يأتي بيانه في دراسته. ¬

(¬1) كشف الظنون 1/ 431. (¬2) منهم الشيخ الذهبي في التفسير والمفسرون 1/ 247.

ويظهر لنا في تلك المدرسة أيضا تفسير القرآن بالقرآن وقد برز فيه بجلاء كتاب أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن للأمين الشنقيطي، وهو يعتبر أول من سلك هذا الاتجاه في التفسير (¬1)، وهو مع مافي كتابه من علم جم وماله من فضل مشهود، إلا أنني لا أوافق على هذا الاتجاه في التفسير بهذا المفهوم من الانفرادية فالقرآن وحده ليس كافيا لتفسير آياته، ولم يسلك هذا المنهج سلف الأمة ولا مفسروها السابقون، ولا الشيخ نفسه فقد استدل كثيرا بالحديث والآثار وبالشواهد الشعرية ولغة العرب، كما حرمنا من تفسير آيات كثيرة تجاوزها لعدم وقوفه على مايفسرها من كتاب الله سبحانه وتعالى. والشيخ قد حماه الله بخلوص عقيدته من مغبة هذا الاتجاه من التفسير الذي سلكه من بعده بمفهوم آخر وهو إنكار السنة والاعتماد على القرآن فقط وهذه أم المهالك. ومدرسة التفسير بالرأي وتنقسم بدورها للرأي المحمود والرأي المذموم: ففي قسم الرأي المحمود ينبثق لنا اتجاهات عدة: فبالنسبة للاتجاه اللغوي فإن عناية الأفارقة بلغة القرآن، وقواعدها قد ظهرت حتى في مراحل التعليم الأولى عندما اشترطوا على مؤدبي الكتاتيب تعليم أبنائهم إعراب القرآن فقد ذكر محمد بن سحنون أن المؤدب ينبغي أن يعلم الأطفال إعراب القرآن، وذلك لازم له (¬2). واستمرت العناية في المراحل التعليمية الأخرى حتى أصبح لإفريقية علماؤها في اللغة والنحو الذين اشتهروا وفاقوا أئمة المشرق، ومنهم من اشتهر بالتفسير كأبي عثمان سعيد بن الحداد الذي كان يحفظ كتاب سيبوية، وكانت له مؤلفات كثيرة من أهمها: كتاب توضيح المشكل في القرآن، وكتاب الاستواء (¬3) وهو تفسير لجملة آيات تتعلق بهذه القضية الكلامية. ومن أشهر علماء اللغة بالقيروان أبو القاسم إبراهيم بن عثمان بن الوزان ¬

(¬1) وممن كتب في ذلك من المشارقة: عبد الكريم الخطيب في كتابه: التفسير القرآني للقرآن وكان حيا عام 1386 هـ تاريخ كتابة المقدمة، ولم يقتصر على القرآن بل احتج بأحاديث كثيرة وسلك مسلك التفسير بالرأي عامة. (¬2) آداب المعلمين ص: 82. (¬3) طبقات النحويين واللغويين ص: 261.

(يعد إمام الناس في النحو وكبيرهم في اللغة) (¬1) قيل: إنه فاق المبرد وثعلبا وابن النحاس المصري في هذا المجال وآخذ الشافعي في تفسيره لقوله عز وجل {ذلك أدنى أن لاتعولوا} (¬2) وخطأه في فهم معنى الآية إذ فسرها بقوله: أن لا يكثر عيالكم. فقال: أخطأ، يقال: عال يعيل: إذا افتقر، وأعال: إذا كثر عياله، وعال يعول عولا: إذا زاد، ومنه عالت الفريضة، وعالني الشيء يعولني: إذا أثقلني، ومنه قول الخنساء: ويكفي العشيرة ماعالها ويقال: عال يعيل عولاً، إذا تبختر، ... فذكر كلاما فيما يشبهه من أفعال (¬3). وهذا التوسع في ذكر مشتقات فعل (عال) وإيراد مختلف الأفعال المشابهة لدليل على عمق معرفة هذا العالم الإفريقي بلغة القرآن. ويبدو أن لحركة الاعتزال (¬4) تأثيرًا كبيرًا في توجيه التفسير نحو الوجهة ¬

(¬1) نفس المصدر ص: 269. (¬2) النساء آية 5. (¬3) نفس المصدر ص: 271. وانظر رد أبي بكر الجصاص على الشافعي في تفسيره هذه الآية في أحكام القرآن 2/ 69، وعلل الفخر الرازي تفسير الشافعي لهذه الآية حيث ذكر أن طاووسا كان يقرأ: ذلك أدنى أن لاتعيلوا. وهو تفسير الآية. انظر التفسير واتجاهاته ص: 20. (¬4) المعتزلة: من الفرق الزائغة تعود نشأتهم إلى الخلاف الواقع بين واصل بن عطاء ت 131 هـ والحسن البصري ت 110 هـ حول مرتكب الكبيرة فقال واصل: هو في منزلة بين المنزلتين واعتزل مجلس الحسن. ولهم أصول خمسة: العدل، التوحيد، الوعيد، المنزلة بين المنزلتين، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ويعنون بالعدل: أن الله لم يخلق الشر وأنه لاقدر وأن كل عبد يخلق أفعاله. ويعنون بالتوحيد: الاعتماد على العقل في الأصول وأن الدلائل السمعية معه في ذلك بمنزلة الشهود الزائدين على النصاب ونفي الصفات والقول بخلق القرآن ونفي رؤية الله في الآخرة ويعنون بالوعيد: وجوب إنفاذ ماأوعد الله به عبيده فلايعفو عمن يشاء ولايغفر لمن يريد يعنون بالمنزلة بين المنزلتين: أن مرتكب الكبيرة ليس مؤمنا ولاكافرا وإنما في منزلة بينهما فهو قد خرج من الإيمان ولم يدخل في الكفر ويعنون بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: إلزام غيرهم بمذهبهم والخروج على الإمام الجائر بالسيف. وكان مبعوث واصل إلى إفريقية هو عبد الله بن الحارث (انظر الفرق بين الفرق 93 - 169، شرح العقيدة الطحاوية 528، التفسير والمفسرون 1/ 368، المدخل الصغير إلى علوم القرآن والحديث والعقيدة والتفسير ص: 84).

اللغوية ولذا عرف المعتزلة بحذق اللغة والتبحر فيها وكتبهم شاهد على ذلك. وقد استغلوا سعة مدلولات اللغة والمسرح الواسع للبيان للعبث ببعض النصوص الشرعية للي عنقها كي توافق أهواءهم، وخاصة خوضهم في المتشابهات التي أمسك السلف عن الخوض فيها. (¬1) إلا أن اللغة تعتبر سدًا منيعًا يحول دون تأويلات فرق أخرى كالشيعة والصوفية ونحوهما، ممن خرج عن جميع المدلولات التي تحتملها الآيات ببواطن أملتها عليهم ضلالاتهم. كما أنها تدفع في نحر من حمل الآيات مالاتحتمله من دلالة على المكتشفات العلمية والنظريات الحديثة. والوسط في الأمر هو حمل الكلمات على ظاهر مدلولاتها إلا بصارف دل عليه الدليل الشرعي والاعتماد في ذلك على أهل اللسان من سلف الأمة. وقد تنازعت مدرسة التفسير في المنطقة في أحدث عصورها قضية المجاز في القرآن ففي حين اعتمد عليه الطاهر ابن عاشور في كتابه اعتمادًا أساسيًا وتذرع به كثيرًا نجد الأمين الشنقيطي يؤلف كتابه نفي جواز المجاز في المنزل للإعجاز. ويلاحظ أنه ربما غلب على المفسر الاهتمام بالنحو والإعراب مثل مكي بن أبي طالب وأبي حيان. وربما غلب عليه الاهتمام بالناحية البيانية مثل الطاهر ابن عاشور. وصنف بعضهم في مفردات القرآن ومنهم محمد بن كي الموريتاني من علماء القرن الرابع عشر له قاموس أوضح التبيان في تفسير ألفاظ القرآن. ويظهر في المنطقة مبكرا علم الأشباه والنظائر فتقدم لنا ثاني الكتب المصنفة في ذلك العلم في تاريخ الإسلام وهو كتاب التصاريف ليحيى بن محمد بن يحيى بن سلام ت 280 هـ، وقد نسبه البعض لجده يحيى بن سلام ت 200 هـ. كما يظهر في المنطقة من المفسرين من صنف في غريب القرآن نظما ¬

(¬1) انظر التفسير ورجاله ص: 42 - 43، التفسير واتجاهاته ص: 20 - 28.

ونثرا فمن المنظوم تفسير غريب القرآن لمحمد بن الحسن المجاصي ت 1103 هـ في منظومة تحوي 695 بيتا، ومن المنثور محمد بن عبد السلام بوستة ت بعد 1340 هـ. وألف بعضهم في إعراب القرآن كالصفاقسي والجشتيمي وغيرهما. وأما الاتجاه الفقهي فسوف يأتي حديثنا عن تأثر التفسير بالفقه في المباحث التالية وقد اشتهر من مفسري هذا الاتجاه المنذر بن سعيد وابن عربي والقرطبي. ومن أقدم من ألف في أحكام القرآن محمد بن سحنون ت 256 هـ. وبعده موسى بن حبيب القطان ت 306 هـ وربما غلب الاشتغال بالقراءات وتوجيهها على اتجاه المفسر وقد ظهر هذا الاتجاه على تفسير المهدوي ومكي وسوف يأتي الحديث عن ذلك أيضا في المباحث التالية. وأما قسم الرأي المذموم فنرى فيه من سلك الاتجاه الصوفي والذي ينقسم بدوره إلى صوفي نظري فلسفي مثل ابن عربي والحرالي والعفيف التلمساني وغيرهم. وإلى صوفي إشاري مثل ابن عجيبة وعبد الرحمن بن يوسف القصري وغيرهما وهناك جماعة صنفوا في التفسير على طريقة الصوفية مطلقا ومنهم محمد المهدي بن سودة له هداية المنان في تفسير الفاتحة، وعبد الله بن محمد المرجاني القادم من مصر والمتوفى بتونس 699 هـ له تفسير على تلك الطريقة. ومنهم من ألف في التفسير على طريقة الحكماء ومنهم ابن مرزوق الحفيد له تفسير سورة الإخلاص. ونرى فيه من سلك منهج الخوارج مثل عبدالوهاب بن رستم وهود بن محكم الهواري والورجلاني وإطفيش وغيرهم. ونرى فيه من سلك الاتجاه الباطني الشيعي مثل النعمان بن حيون والعفيف التلمساني. كما نرى فيه من تأثر بالمعتزلة وسلك مسلك الأشاعرة (¬1) في التأويل مثل ابن عاشور وغيره. ¬

(¬1) وينتسبون إلى أبي الحسن الأشعري وكان قد تتلمذ على زوج أمه إمام المعتزلة أبي علي الجبائي ثم انفصل عنه ورد على المعتزلة والجهمية والرافضة وأول كثيرا من صفات الله عز وجل ثم رجع إلى مذهب السلف الصالح وألف في ذلك كتبا منها الإبانة والمقالات، وبقي أتباعه على عقيدتهم الأولى إلى الآن على الرغم من دورهم الجيد في الرد على سائر الفرق وهم كثرة كاثرة في البلاد الإسلامية ومن اعتقادات الأشاعرة إثبات وجود الله عن طريق الحدوث والقدم، وإثبات مايسمونه بصفات المعاني وفرعها والصفات السلبية، وتأويل غيرها من الصفات، ويقولون بأن القرآن هو معنى قائم بذات الله عبر عنه بالعربية فهو ليس كلام الله حقيقة وإنما هو عبارة عنه، واختلفوا فيمن عبر عنه فقيل هو جبريل وقيل هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويؤمنون بأن مصدر التلقي هو العقل بل قالوا بتقديمه على النقل عند التعارض. انظر المدخل الصغير إلى علوم القرآن والحديث والعقيدة والتفسير ص: 85) وفي دخول الأشعرية في المغرب وتأثر التفسير بذلك. انظر السلفية وأعلامها ص: 220.

وعلى الرغم من مرور المنطقة بعهد الأغالبة (¬1) الذي فشا فيه الاعتزال وصارت له صولة وجولة وامتحن فيه أهل السنة بسبب علماء المعتزلة إلا أنني لم أقف على تفسير مغربي يدعو إلى الاعتزال - إذا استثنينا مختصرات الكشاف (¬2) التي لم نطلع عليها، أو من كان مثل العشاب ت 730 هـ الذي جمع في تفسيره بين الكشاف وابن عطية ولم نطلع على كتابه أيضا - بل وقف المغاربة وقفة المنافح عن السنة ضد المعتزلة وقام بعضهم بالرد على الزمخشري وتتبع مخالفاته لأهل السنة ومنهم: عبد العزيز بن بزيزة ت 662 هـ الذي جمع في كتابه البيان والتحصيل بين مشكلات الزمخشري وابن عطية، ومثل أبي علي السكوني ت 716 هـ ووالده أبي بكر ت 646 هـ في كتابهما التمييز لما أودعه الزمخشري من الاعتزال في تفسيره للكتاب العزيز، وغيرهم. على أن من المغاربة من اختصر الكشاف فأزال عنه الاعتزال مثل: محمد بن علي ابن العابد الفاسي ت 662 هـ. وقد قال السلاوي متحدثا عن نقاء عقيدة أهل المنطقة في الحقبة الأولى بالرغم من دخول الأهواء إليها: فبعد أن طهرهم الله تعالى من نزعة الخارجية أولاً، والرافضة ثانيًا (وأضيف أنا والمعتزلة ثالثا) أقاموا على مذهب أهل السنة والجماعة مقلدين للجمهور من السلف، رضي الله عنهم في الإيمان بالمتشابه، وعدم التعرض له بالتأويل، مع التنزيه عن الظاهر، وهو - والله - أحسن المذاهب ¬

(¬1) انظر ماتقدم في التمهيد عن ذلك العهد. (¬2) ينظر حكم شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم على تفاسير المعتزلة لاسيما الكشاف في مقدمة في أصول التفسير ص: 22، أعلام الموقعين 1/ 78.

وأسلمها. (¬1) كما نرى من أهل المنطقة من أفرد آيات أو سور أو بعض سور بالتفسير، مثل سور المفصل، وسورة الفاتحة، وسورة الإخلاص، ومثل البسملة وآية التطهير (¬2) وآية الاصطفاء (¬3) وغيرها (¬4). ومن عجائب عطاء المنطقة في التفسير كتاب الدر النفيس في تفسير القرآن بالتنكيس (¬5) الذي صنفه محمد بن عبد السلام الدرعي الناصري ت 1239 هـ وكتاب السابق واللاحق لمحمد بن عبد الواحد الدكالي ت 763 هـ وهو تفسير مطول جدا التزم فيه ألا ينقل حرفا من تفسير أحد ممن تقدمه وقال الصفدي: كانت طريقته في التفسير غريبة مارأيت له في ذلك نظيرا. (¬6) وأيضا كتاب بدع التفاسير لعبد الله بن محمد الصديق الغماري الذي قال في أوله: هذا كتاب ما سبقت بمثله ... حجم الفوائد ناصح الثمرات مهدت فيه مسائلا وقواعد تنفي ... عن التفسير بعض هنات (¬7) وقال في مقدمته: هذا مؤلف عجيب، ليس له في بابه ضريب، تضمن التنبيه على بعض التفاسير المخطئة وقد تكون أحيانا خاطئة يجب اجتنابها في فهم كلام الله تعالى والبعد به عن أن تكون من جملة معانية لنبو لفظه عنها أو مخالفتها لما تقتضيه القواعد المأخوذة من الكتاب والسنة. وقد ذكر فيه كثيرا من الانحرافات في التفسير وركز على نوعين من التفاسير: أولهما: تفاسير المعتزلة أمثال أبي مسلم الأصفهاني والرماني والجبائي والزمخشري. ¬

(¬1) انظر الاستقصا 1/ 140. (¬2) المراد بها قوله تعالى {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا} الأحزاب: 33. (¬3) المراد بها قوله تعالى {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا} فاطر: 32. (¬4) انظر فهرس الكتب المصنفة في التفسير. (¬5) تقدم شرح الكلمة في ترجمة المفسر. (¬6) انظر البدر الطالع 2/ 212. (¬7) بدع التفاسير 3.

وثانيهما: تفاسير بعض المعاصرين مثل محمد فريد وجدي والخطيب والدمنهوري وعبد الجليل عيسى ومحمود شلتوت وعبد الوهاب النجار. (¬1) إلا أنه وقع فيما فر منه في موقفه من صفات الله عز وجل. (¬2) ونختتم الحديث في هذا المبحث بماقاله عبد السلام الكنوني واصفا الطابع المميز للمدرسة القرآنية بالمغرب: أولا: تهتم بتوثيق النص عن طريق العناية بالقراءات إسنادا ونقلا وحفظا ودراسة. ثانيا: تشغل في التفسير بفهم النص إعرابا وناسخا ونسوخا وإعجازا. ثالثا: تتجه إلى تفسيره وتدبر معانيه واستخلاص أحكامه. (¬3) ¬

(¬1) انظر ص: 4 - 6. (¬2) انظر ص: 10. (¬3) المدرسة القرآنية 1/ 294.

المبحث الثاني: تأثر التفسير في المنطقة بمدرسة المشرق

المبحث الثاني: تأثر التفسير في المنطقة بمدرسة المشرق: الرحلة من المشرق إلى المنطقة والعكس (¬1): لقد بدأت العلاقة بين المشارقة والمنطقة منذ الفتح الإسلامي وهذا بطبيعة الحال إلا أن الرحلة العلمية من المشرق إلى المنطقة قد بدأت ببعثة عمر بن عبد العزيز سنة 99 هـ وكانت لنشر العلم فيها لا لطلب العلم منها. (¬2) وقد كانت بداية دعوة المرابطين كما ذكرت في التمهيد على يد المفسر الفقيه المالكي عبد الله بن ياسين الذي وفد مع زعيم قبيلة جدالة الأمير يحيى بن إبراهيم إلى المنطقة بعد حج سنة 429 هـ، فما كان من عبد الله بن ياسين إلا أن أسس رباطه الذي نشر عن طريقه العلم وحث الناس على الجهاد. أما الرحلة من المنطقة إلى المشرق فقد بدأت من بعد الفتح الإسلامي وبالتحديد قبل سنة 94 هـ قبل قدوم بعثة عمر بن عبد العزيز العلمية. (¬3) ومن ذلك رحلة خالد بن أبي عمران الذي رحل بمسائل الأفارقة المسلمين ليسأل عنها التابعين في المشرق. (¬4) وفي حوالي منتصف القرن الثاني بدأت الرحلة إلى المشرق تتكثف لاقتباس ما عند أهله من علوم الكتاب والسنة، وكان أكثر إقبال أهل القيروان على محدثي المدينة، لوفرتهم من جهة، ولكثرة تردد القرويين على مدنية الرسول - صلى الله عليه وسلم - من جهة أخرى، وكان في المقدمة عندهم ¬

(¬1) كل من ذكرنا له رحلة تقدم مصدر ذلك في ترجمته فليراجع هناك. (¬2) انظر مدرسة الحديث 1/ 214 - 219. (¬3) انظر مدرسة الحديث 1/ 200. (¬4) انظر طبقات أبي العرب 235، 236.

الإمام أنس بن مالك، فأقبلوا عليه واتبعوا مذهبه، لاعتماده على الحديث، وموافقة ذلك ما في أنفسهم من التعطش إلى السنة والسعي إلى التزام الآثار، خاصة وأنه المذهب الوحيد، آنذاك، الذي يعتمد على الحديث إذ لم يظهر بعد مذهبا الشافعي وأحمد. (¬1) وممن رحل إلى المشرق عبد الله بن فروخ الذي سمع من الإمام مالك بن أنس ومن سفيان الثوري والأعمش وابن جريج وكلهم من أعلام المفسرين ثم عاد إلى القيروان فأقام بها يعلم الناس فانتفع به كثيرون (¬2). ورحل موسى بن معاوية الصمادحي إلى المشرق، وسمع بمكة من سفيان بن عيينة صاحب التفسير المشهور، وسمع أيضا من وكيع بن الجراح بالعراق خمسة وثلاثين ألف حديث، وأخذ عنه مصنفه ورواه في القيروان وكما هو معلوم فإن وكيعا صاحب تفسير مسند ولاشك في دخول مرويات هذا التفسير أو جزء كبير منها في هذه الروايات (¬3). كما كان لعلي بن زياد شرف إدخال جامع سفيان الثوري الكبير وجامعه الأوسط إلى إفريقية (¬4). وأما سفيان الثوري فقد روى عنه كثير من أهل القيروان وسمعوا منه جامعيه الكبير والصغير، وكان بعضهم يميل إلى رأيه (¬5) ولايخفى اشتغاله بالتفسير وتصنيفه فيه وليس ثمة شك في وصول تفسيره إلى المغرب رواية عنه. وممن رحل في طلب العلم إلى المشرق من أبناء إفريقية أسد بن الفرات فلقي مالكا وصاحبي أبي حنيفة أبا يوسف يعقوب الكوفي ومحمد بن الحسن الشيباني الذي أقام عنده أسد مدة طويلة، واختص بالأخذ عنه في الفقه والتفسير، وذكر المالكي سؤال أسد للشيباني عن تعيين الذبيح فقال: قلت يومًا ¬

(¬1) انظر مدرسة الحديث في القيروان 1/ 127. (¬2) انظر المعالم 1/ 293، الرياض 1/ 177. (¬3) انظر التقريب 1/ 312، سير أعلام النبلاء 12/ 109، المحن 85، المعالم 2/ 52، الرياض 1/ 377، فهرس ابن عطية 64. (¬4) طبقات أبي العرب 251، المدارك 3/ 326، الإكمال 1/ 524. (¬5) انظر الرياض 1/ 201، طبقات أبي العرب 52، 251، ورقات 1/ 73، الحياة الاجتماعية 72.

لمحمد بن الحسن، اختلفت الروايات في الذبيح من هو؟ فقال قوم إسحاق، وقال قوم إسماعيل، وقال محمد أصح الروايات عندنا إسماعيل لأن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم {فبشرناه بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب} (¬1) فكيف يختبر إبراهيم بذبح إسحاق وقد أعلمه الله أنه سيولد له إسحاق ويولد لإسحاق يعقوب؟ وإنما الاختبار فيما لم يعرف عاقبته وهو إسماعيل (¬2). ورحل إلى المشرق أيضا جماعة كبيرة من المفسرين بالمنطقة ومنهم محمد بن سحنون ت 256 هـ ومحمد بن سعيد الفاسي ت 778 هـ وممن دخل المدينة وسمع بها سليمان بن سالم أبو الربيع القطان ت 281 هـ، ومحمد ابن عرفة الورغمي ت 803 هـ وممن دخل الحجاز ودرس فيه من المتأخرين محمد عبد الحي الكتاني ت 1382 هـ ومحمد تقي الدين الهلالي ت 1407 هـ وغيرهما. كما قدم من مكة إلى المنطقة عبد اللطيف بن أحمد بن علي الفاسي ت 843 هـ. وعلى الرغم من أن العراق لم تكن في طريق رحلة القرويين إلى الحرمين فقد تكونت صلات علمية بين الطرفين حيث قصد أهل القيروان مختلف مدن العراق، وخاصة بغداد والبصرة والكوفة، وأخذوا عن علمائها ومنهم من أقام بها. كما أن بعض أهل العراق قد قدموا إلى القيروان واستوطنوها وبثوا فيها العلم، ويضاف إلى هذا الإجازات المتبادلة بين أهالي الجهتين، والمصنفات التي أدخلها القرويون من العراق. (¬3) وممن دخل العراق من المفسرين بالمنطقة: فمن المتقدمين عكرمة مولى ابن عباس ت 105 هـ دخل البصرة وغيرها. ومن المتأخرين محمد تقي الدين الهلالي ت 1407 هـ دخل البصرة أيضا. ومن الإباضية دخلها إبراهيم بن محمد إطفيش الإباضي ت 1385 هـ. وممن قدم من العراق من المفسرين جماعة على رأسهم يحيى بن سلام البصري الذي استوطن القيروان وحدث فيها بتفسيره. كما دخلها محمد بن يحيى بن سلام ت 262 هـ الذي قدم مع أبيه صغيرا وأقام بالمنطقة. ومن بغداد دخلها إمام أهل السنة أحمد بن حنبل ¬

(¬1) هود 71. (¬2) المالكي المصدر السابق 1/ 178. (¬3) انظر مدرسة الحديث 1/ 432.

ت 241 هـ وأبو اليسر إبراهيم بن أحمد الشيباني البغدادي ت 298 هـ الذي استوطن القيروان وكانت بها وفاته. وأما بلاد الشام فدخلها جماعة كبيرة منهم: علي بن أحمد الحرالي ت 637 هـ الذي جال في البلاد وكانت وفاته بسورية. وعلي بن عبد الله بن ناشر الوهراني ت 615 هـ الذي سكن دمشق وكان خطيبا لداريا. سليمان بن علي العفيف التلمساني ت 690 هـ وقد سكن دمشق. ومحمد بن محمد بن أبي القاسم المشذالي ت 865 هـ وسكن بيت المقدس. محمد بن رشيد الفهري السبتي ت 721 هـ. ومحمد بن علي الدكالي ت 763 هـ. ومحمد بن محمد ابن القوبع ت 738 هـ. ومحمد بن أحمد المقري التلمساني ت 759 هـ والتقى هناك بالإمام ابن القيم وهو من هو في التفسير وغيره فاستفاد منه. ومحمد بن إبراهيم التلمساني ت 845 هـ وتزاحم عليه الناس حين علموا فضله وأجلوه. محمد بن محمد بن الطيب التافلالتي ت 1191 هـ وقد دخل دمشق مرارا. وممن دخل الشام من المتأخرين ودرّس فيه محمد عبد الحي الكتاني ت 1382 هـ، محمد الخضر حسين ت 1377 هـ وكان له تأثير كبير فيه. وأما من قدم من الشام إلى المنطقة فمنهم: محمد بن عبد الوهاب بن عبد الكافي الواعظ الأطروش ت 652 هـ وقد أقام بمراكش وتوفي بالقرب منها. وإمام القراء محمد بن محمد ابن الجزري ت 803 هـ ودخلها من ملطية عبد الباسط بن خليل بن شاهين ابن الوزير ت 920 هـ وأخذ بالمغرب النحو والكلام والطب. وأما اليمن وتركيا (الروم) وبلاد ما وراء النهر فكانت الصلة بها محدودة جدًا لبعد المسافة إلا أنه لم يعدم الاتصال ومن أمثلة ذلك رحلة يوسف بن يحيى المغامي القرطبي نزيل القيروان إلى اليمن حيث سمع بها من إسحق بن إبراهيم الدبري صاحب عبد الرزاق وراوي مصنفه ومعلوم أن عبد الرزاق له تفسير مسند ولا يستبعد أن يكون يوسف سمعه أيضا من إسحق (¬1). وأيضا رحل ابن أبي منظور قاضي قيروان إلى صنعاء، فسمع بها من الدبري مصنف عبد الرزاق (¬2). وممن دخل بلاد الروم العفيف التلمساني ¬

(¬1) انظر الديباج 356، الشجرة 1/ 76، الأنساب 11/ 418، تاريخ ابن الفرضي 2/ 201. (¬2) انظر طبقات الخشني 173، الرياض 2/ 357، المدارك 3/ 339، تكملة الصلة 1/ 363.

ت 690 هـ، وأحمد بن محمد شهاب الدين المقري ت 1041 هـ دخل استانبول وغيرها ونال حفاوة من البلاد التي دخلها ودرس فيها، ويحيى بن محمد الشاوي الملياني ت 1096 هـ وقرأ عليه المحبي وغيره وهو في تركيا تفسير سورة الفاتحة من تفسير البيضاوي، ومحمد بن الطيب الشرقي ت 1170 هـ، وأحمد بن مصطفى المستغانمي ت 1353 هـ، ومحمد الخضر حسين ت 1377 هـ وقد وصل بعض أهل المنطقة في رحلته إلى المشرق إلى أواسط قارة أفريقيا قريبا من خط الاستواء وهو يوسف بن إبراهيم أبو يعقوب الورجلاني ت 570 هـ وأما من قدم من المفسرين من تلك البقاع ونحوها إلى المنطقة فقلة: فقدم من الري إسماعيل بن علي ابن زنجويه أبو سعد السمان المعتزلي ت 445 هـ وقدم من تستر إلى المنطقة محمد بن عبد الملك بن سليمان الحنبلي الذي كان حيا سنة 430 هـ كما قدم علي بن فضال المجاشعي ت 479 هـ من هجر. أما مصر فتأثيرها في المنطقة كبير جدا وهذا واضح لمن تأمل التراجم فجل من رحل منهم إلى المشرق مر بمصر ونهل من علومها ودرس على علمائها وكثير منهم استقر بها وعلى وجه الخصوص بعد عودته من الحج، كما استفاد أمة من متأخريهم من الأزهر ورجاله وبعضهم انتسب إليه وارتبط به حتى درس فيه. ومن هؤلاء: مكي بن أبي طالب القيسي ت 437 هـ علي بن محمد الحصار ت 611 هـ. محمد بن أبي القاسم بن جميل الربعي وتوفي بها 715 هـ ومحمد بن محمد ابن القوبع وتوفي بها 738 هـ محمد بن علي بن عبد الواحد الدكالي وتوفي بها 763 هـ محمد بن رشيد الفهري السبتي ت 721 هـ. عبد العزيز ابن الدروال ت 733 هـ وقد أقام بمصر ولم يحج. إبراهيم بن محمد أبو إسحق السفاقسي ت 742 هـ استقر بالقاهرة ولازم أباحيان الأندلسي. محمد بن أحمد بن مرزوق العجيسي الجد الخطيب ت 781 هـ محمد بن خلفة الوشتاتي الأبي ت 827 هـ القاسم بن سعيد العقباني ت 854 هـ عبد الرحمن بن مخلوف الثعالبي ت 875 هـ وقد دامت رحلته إلى المشرق عشرين عاما. محمد بن محمد بن أبي القاسم المشذالي ت 865 هـ درس بمصر فبهر العقول محمد بن عمر القلشاني ت 890 هـ الذي

التفاعل بين المشارقة والمغاربة بعد توقف الرحلة

أقرأ التفسير بمصر. يحيى بن محمد الشاوي الملياني ت 1096 هـ أقام بمصر وأقرأ بها. محمد بن محمد بن الطيب التافلالتي الأزهري ت 1191 هـ وهو ممن تعلم بالأزهر وتحول إلى المذهب الحنفي. محمد بن أحمد أبو راس المعسكري ت 1239 هـ أحمد بن محمود بن عبد الكريم ت 1315 هـ وكان له دروس في المشهد الحسيني حضرها محمد الخضر حسين وأعجب بها. وأبو شعيب الدكالي ت 1356 هـ أما محمد الخضر حسين ت 1377 هـ فقد استقر بمصر وكان له تأثير كبير فيها وتولى مشيخة الأزهر. أحمد بن محمد الغماري ت 1380 هـ وقد دخل القاهرة ودرس بها. محمد العربي التطواني ت 1400 هـ وهو ممن رحل للأزهر واستفاد بمصر من الشيخ رشيد رضا. ودخلها من الإباضية صالح بن عمر بن داوود ت 1347 هـ، ومحمد بن عمر بن أبي ستة المحشي ولزم حلق الأزهر ودرس به وتخرج عليه جماعة من الإباضية هناك، وإبراهيم بن محمد إطفيش ت 1385 هـ وكان مرجعا للفتوى في المذهب الإباضي عند المشارقة والمغاربة. وغيرهم كثير. أما المفسرون القادمون من مصر إلى المنطقة فقلة جلهم من المتأخرين ومنهم: عبد الله بن محمد بن عبد الملك المرجاني الصوفي ت 699 هـ بتونس، وعماد الكندي السكندري ت 741 هـ، والحسن بن القاسم ابن أم قاسم ت 749 هـ، وعبد الرحمن السيوطي ت 911 هـ. كما قدمها محمد عبده ت 1323 هـ وكان تأثيره كبيرا على المنطقة، ومحمد الزمزمي بن محمد الصديق الغماري ت 1408 هـ بطنجة، محمد الغزالي السقا ت 1416 هـ وقد ساهم في إنشاء جامعة الأمير عبد القادر الإسلامية بالجزائر، ومحمد متولي الشعراوي ت 1419 هـ مبتعثا من الأزهر ومدرسا بها. ومن المعاصرين عطية محمد سالم الذي قدمها في بعثة كان لها أثر كبير في المنطقة. التفاعل بين المشارقة والمغاربة بعد توقف الرحلة: وفي العهد التركي كان الفقه والإنتاج الثقافي قد غلبت عليه التبعية والتقليد نتيجة للعوامل الفكرية التي كانت تسيطر آنذاك، وكأن البلاد أغلقت أبوابها في وجه التيارات الجديدة منذ استقرار الأندلسيين وتوقف الارتحال إلى

كتب التفسير التي دخلت المنطقة

المشرق، وبعد حصول اليقظة العلمية عقب تلك الفترة ظهر اعتناء ببعض التفاسير المشرقية وعلى وجه الخصوص تفسير أبي السعود الذي اشتهر ووضعت عليه الحواشي أمثال حاشية الشيخ محمد زيتونة المنستيري المفسر (ت 1138 هـ) الذي سبقت ترجمته وسماها: مطالع السعود. (¬1) وقد رحل الحسن بن مسعود اليوسي ت 1102 هـ إلى المشرق وقال: مابقي بالبلاد المشرقية من تشد له الرحال في طلب العلم. فرد عليه الكتاني. (¬2) ثم كان للشيخ محمد عبده ومحمد رشيد رضا من المشارقة تأثير واضح في المنطقة لاسيما في تونس والجزائر وتأثر بهما المفسر عبد الحميد بن باديس (ت 1359 هـ) رئيس جماعة العلماء بالجزائر التي حاربت البدع المنتشرة عن طريق الطرق الصوفية واعتبرت حركة إصلاحية سلفية. كما تأثر بهما أيضا محمد الطاهر بن عاشور صاحب التحرير والتنوير في التفسير (ت 1393 هـ). ومن تفاعل مفسري المنطقة مع المشارقة التعقب الذي ألفه أحمد بن محمد أبو العباس التطواني الرهوني ت 1373 هـ على إنكار الشيخ محمد عبده سحر النبي - صلى الله عليه وسلم - عند تفسيره للمعوذتين. وممن تأثر كثيرا برحلته إلى المشرق محمد الأمين الشنقيطي ت 1393 هـ فقد توجه إلى العقيدة السلفية وأثر ذلك التوجه في تفسيره وكان له تأثير بالغ في بلاده في تغيير مسار العقيدة فيها. وعندما ألف الشنقيطي تفسيره متأثرا فيه برحلته إلى المشرق كان للموريتانيين منه موقف مشهور. (¬3) ومازالت العلاقة بين المنطقة والمشرق قائمة في عصرنا الحاضر متمثلة في انتقال المشتغلين بالتفسير من المنطقة للمشرق والعكس ونذكر من ذلك على سبيل المثال: أحمد بن أحمد المختار الشنقيطي الذي قدم من موريتانيا فاستفاد من علماء المشارقة ثم عاد إلى بلاده واشتغل بنشر العلم بها. كتب التفسير التي دخلت المنطقة (¬4): لقد قدمت أن دخول أجزاء من الكتب التفسيرية مثل تفسير ¬

(¬1) انظر جامع الزيتونة ص: 32. (¬2) فهرس الفهارس 2/ 1160. (¬3) انظر للتفاصيل السلفية وأعلامها في موريتانيا 380 - 383. (¬4) ينظر لذلك للاستزادة فهرسة ابن خير الإشبيلي ففيها كتب هامة.

المسيب بن شريك ونحوه إلى المنطقة كان في وقت مبكر، ومما دخل المنطقة أيضا من كتب التفسير ومايتعلق به: التفسير المنسوب لابن عباس من رواية الكلبي. (¬1) تفسير الحسن بن أبي الحسن. (¬2) تفسير عبد الله بن نافع. (¬3) تفسير عبد الرزاق. (¬4) تفسير القرآن للنسائي. (¬5) معاني القرآن للزجاج. (¬6) تفسير ابن جرير. (¬7) تفسير الفريابي. (¬8) شفاء الصدور للنقاش. (¬9) تفسير الماوردي. (¬10) إعراب القرآن، معاني القرآن، الناسخ والمنسوخ الثلاثة للنحاس. (¬11) غريب القرآن لأبي عبيد القاسم بن سلام. (¬12) تفسير ابن كثير. (¬13) تفسير النسفي. (¬14) ولست أشك في دخول تفسير الإمام أحمد (¬15) المغرب في رحلته إليها ويؤيد ذلك حصول الروداني المغربي على إجازته كما ذكرت في ترجمة الإمام أحمد، وماسقته في ترجمة بقي بن مخلد القرطبي الذي أكاد أجزم أن تفسيره العظيم يقوم أساسا على تفسير الإمام أحمد. وفي العصور المتأخرة دخلت جل تفاسير المشارقة بسبب سهولة الاتصال بما يغني عن ذكر أسمائها هنا. (¬16) ¬

(¬1) انظر تاريخ العلماء بالأندلس 2/ 107. (¬2) انظر تاريخ العلماء بالأندلس رقم 419. (¬3) انظر تاريخ العلماء بالأندلس 2/ 190. (¬4) انظر تاريخ العلماء بالأندلس 2/ 169، الغنية ص: 179. (¬5) انظر فهرسة ابن خير ص: 145، مدرسة الحديث 2/ 671. (¬6) انظر تاريخ العلماء بالأندلس رقم 753. (¬7) انظر تاريخ العلماء بالأندلس رقم 565، 703، السلفية وأعلامها 284 - 312. (¬8) انظر تاريخ العلماء بالأندلس رقم 565. (¬9) انظر الصلة 2/ 604. (¬10) انظر الصلة 2/ 893. (¬11) انظر تاريخ العلماء بالأندلس 2/ 84. (¬12) انظر مدرسة الحديث 1/ 240. (¬13) انظر السلفية وأعلامها في موريتانيا 112. (¬14) انظر فتح الشكور 85. (¬15) الكتاب كما ذكرت في ترجمة الإمام أحمد مفقود وقد حاول جمع من الباحثين تحت إشراف الدكتور حكمت بشير ياسين جمع مرويات الإمام أحمد في التفسير من خلال مصنفاته الكثيرة وقد طبع الكتاب بهذا الاسم. (¬16) انظر كمثال الجلالين (إسعاف الإخوان الراغبين ص: 94).

اهتمام المغاربة ببعض تفاسير المشارقة

اهتمام المغاربة ببعض تفاسير المشارقة (¬1): لقد كان من نتاج العلاقة القائمة بين مدرسة التفسير في المشرق وبين مدرستنا، اهتمام أهل المنطقة بكثير من تفاسير المشارقة شرحا وتعليقا واختصارا، وكان من أكثر كتب التفسير التي كتب عليها حواش وتعليقات وعمل لها اختصارات الزمخشري والبيضاوي: ومن ذلك: حاشية أحمد القصار على الزمخشري، وهو معاصر لابن عرفة من أهل القرن الثامن. ومنها حاشية يحيى الشاوي الملياني ت 1096 هـ ومنها تقييدات محمد المختار السوسي وهو من أهل القرن الرابع عشر. وقد قدمنا أن العشاب ت 730 هـ جمع في تفسيره بين الكشاف وابن عطية وأن عبد العزيز بن بزيزة ت 662 هـ جمع في كتابه البيان والتحصيل بين مشكلات الزمخشري وابن عطية، وأن أبا علي السكوني ت 716 هـ ووالده أبا بكر ت 646 هـ ألفا كتابهما التمييز لما أودعه الزمخشري من الاعتزال في تفسيره للكتاب العزيز، وأن هناك من اختصر الكشاف فأزال عنه الاعتزال مثل: محمد بن علي بن العابد الفاسي ت 662 هـ. وأما البيضاوي فكتب عليه محمد بن محمد البليدي ت 1176 هـ حاشية، ومحمد ابن الحسن الجنوي ت 1200 هـ حاشية، ويوسف بن عدون بن حمو ت 1223 هـ حاشية، ومحمد بن عثمان النجار ت 1331 هـ تقريرات. كما ظهرت بعض الحواشي على كتب أخرى مثل تفسير الجلالين الذي كتب عليه حاشية يوسف بن محمد المصعبي المليكي ت 1188 هـ ومحمد بن الحسن الجنوي التطاوني ت 1200 هـ كما قام بعض المغاربة باختصار كتاب الطبري ت 310 هـ وممن قام باختصاره ثلاثة مترجمون في البحث وهم: أبو يحيى محمد بن أحمد بن صمادح التجيبي ت 419 هـ، ومحمد بن أحمد بن عبد الله ابن اللجالش ت 490 هـ، ومحمد الطيب بن إسحق التنبكتي ت 1363 هـ. وكان الهدف من ¬

(¬1) كل مايتعلق بالمفسرين في هذا المبحث مذكور مصدره في تراجمهم.

ومن كتب التفاسير التي اختصرها أهل المنطقة أيضا

ذلك تيسير وصول مضمون الكتاب الأصلي للعامة كما صرح بذلك ابن صمادح في المقدمة (¬1)، ولاشك أنه كان لذلك دور كبير في تأثر أهل المنطقة بجهود المشارقة التفسيرية. ومن كتب التفاسير التي اختصرها أهل المنطقة أيضا: تفسير الفخر الرازي اختصره محمد بن أبي قاسم بن جميل الربعي ت 715 هـ. تفسير ابن الخطيب اختصره محمد بن محمد بن عبد النور التونسي كان حيا سنة 762 هـ. وقام جماعة من مفسري المغاربة بتدريس بعض تفاسير المشارقة ومن ذلك: تفسير الدر المنثور للسيوطي كان يدرسه محمد الكبير السرغيني ت 1164 هـ ومن المصادر التي أثرت في التفسير من كتب المشارقة أيضا: التبيان الجامع لكل علوم القرآن لأبي جعفر الطوسي الشيعي ت 460 هـ، لطائف الإشارات لعبد الكريم القشيري ت 465 هـ، أحكام القرآن لعماد الدين الكيا الطبري ت 504 هـ، مفاتيح الغيب للفخر الرازي ت 606 هـ، التحرير والتحبير لأقوال أئمة التفسير في معاني كلام السميع البصير لجمال الدين ابن النقيب ت 698 هـ (¬2) ولا شك أن المشارقة استفادوا أيضا من تفاسير أهل المنطقة وليس المجال مجال تتبع لذلك إلا أننا نشير هنا إلى أقدم استفادة وقفت عليها للدلالة على حصول هذا التأثير منذ المراحل الأولى لنشأة التفسير في منطقتنا وهو نقل ابن جرير الطبري شيخ مفسري التفسير بالمأثور عند المشارقة عن يحيى بن سلام شيخ مفسري التفسير بالمأثور عند المغاربة كما سيأتي عند كلامنا عن تفسيره. ¬

(¬1) مختصر تفسير الطبري 1/ 29. (¬2) انظر مدرسة التفسير في الأندلس ص: 116، 117.

المبحث الثالث: تأثر التفسير في المنطقة بالتفسير عند أهل الأندلس وغيرها من الدول المجاورة

المبحث الثالث: تأثر التفسير في المنطقة بالتفسير عند أهل الأندلس وغيرها من الدول المجاورة: الرحلة من الأندلس إلى المنطقة والعكس: لم يكن بالأندلس من العلم في بداية عهدها ما يغري الأفارقة بالرحلة لاكتسابه ثم إن من بها من العلماء كانوا يدخلون المنطقة عادة عند رحلتهم إلى المشرق وقد ابتدأت الرحلة إليها في آخر القرن الثالث. (¬1) وأما الرحلة من الأندلس إلى القيروان فكانت على درجة عالية من النشاط حيث إنه لايخرج أندلسي للحج أو للطلب إلا ويمر على المنطقة وبخاصة القيروان ليتزود من علمائها ثم كان منهم من قام بالعطاء بها بعد عودته من المشرق واكتسابه الكثير من العلوم، وقد بدأت رحلة الأندلسيين إلى القيروان في أواخر القرن الثاني حيث قصد جماعة منهم يحيى بن سلام المفسر وأسد بن الفرات وغيرهما. (¬2) وفي القرن الثالث تكثفت الرحلة، وحل بالقيروان كبار محدثي الأندلس منهم: بقي بن مخلد (ت 276 هـ) محدث الأندلس ومسندها، صاحب التفسير والمسند اللذين لانظير لهما (¬3). وقد كانت رحلة الأندلسيين إلى المنطقة كثيفة جدا وجل الفصل المتعلق بالوافدين على المنطقة إنما هو في المفسرين الأندلسيين، وقد استمرت الرحلة من الأندلس إلى المنطقة حتى أواسط القرن ¬

(¬1) مدرسة الحديث 1/ 210. (¬2) انظر 1/ 119 - 120. (¬3) انظر تاريخ ابن الفرضي 1/ 107، جذوة المقتبس 167، طبقات المفسرين للسيوطي 40، سير أعلام النبلاء 13/ 285 الصلة 1/ 116.

الثامن حيث كانت جل الممالك الإسلامية قد سقطت في أيدي الفرنجة، ولم يبق إلا مملكة غرناطة التي منيت بالهزيمة في معركة طريف 741 هـ ثم ضربها الوباء 749 هـ ثم استمر الصراع بينها وبين قشتالة إلى أن سقطت 897 هـ، (¬1) وقد شملت الرحلة جل مناطق الأندلس الشهيرة ونذكر هنا على سبيل المثال مايؤيد ماذكرناه: ففي القرن الثالث: عبد الملك بن حبيب السلمي ت 238 هـ من ألبيرة إبراهيم بن حسين بن مرتيل ت 249 هـ من قرطبة قاسم بن محمد البياني ت 276 هـ من قرطبة وفي القرن الرابع: محمد بن عبد الله بن مسرة الصوفي ت 319 هـ من قرطبة محمد بن دليق ت 335 هـ من وشقة قاسم بن أصبغ ت 340 هـ من بيانة المنذر بن سعيد ت 355 هـ من فحص البلوط يحيى بن مجاهد ت 366 هـ من إلبيرة إبراهيم بن إسحق بن أبي زرد ت 382 هـ من طليطلة وفي القرن الخامس: عبد الرحمن بن فطيس أبو المطرف ت 402 هـ من قرطبة عبد الرحمن بن مروان القنازعي ت 413 هـ من قرطبة محمد بن أحمد بن صمادح ت 419 هـ من سرقسطة أحمد بن محمد الطلمنكي ت 429 هـ من طلمنكة عثمان بن سعيد أبو عمرو الداني ت 444 هـ من قرطبة القاسم بن الفتح ابن الريولي ت 451 هـ من مدينة الفرج سليمان بن خلف أبو الوليد الباجي ت 474 هـ من بطليوس محمد بن أحمد بن اللجالش ت 490 هـ من المرية وفي القرن السادس: عبد الله بن طلحة بن محمد ت 518 هـ من يابرة غالب بن عبد الرحمن ابن عطية ت 518 هـ من غرناطة محمد بن الوليد أبو بكر الطرطوشي ت 520 هـ من طرطوشة علي بن عبد الله بن موهب الجذامي ت 532 هـ من المرية محمد بن إبراهيم أبو بكر الغساني ت 536 هـ من المرية واستوطن مراكش ومات بها. عبد السلام بن أبي الرجال ابن برجان الصوفي ت 536 هـ من أشبيلية وتوفي بمراكش. محمد بن عبد الله ابن العربي ت 543 هـ من أشبيلية أحمد بن معد الإقليشي ت 550 هـ من دانيا علي بن ¬

(¬1) انظر التاريخ الأندلسي 543 - 552.

عبد الله بن النعمة ت 567 هـ من المرية علي بن محمد الغرناطي ت 577 هـ من غرناطة وتوفي بمراكش أحمد بن عبد الصمد الخزرجي ت 582 هـ من قرطبة وكان يدرس بجامع القرويين. القاسم بن فيره الشاطبي ت 590 هـ من شاطبة أحمد بن عبد الرحمن بن مضاء ت 592 هـ من قرطبة وفي القرن السابع: عبد الجليل بن موسى القصري ت 608 هـ من قرطبة محمد بن أحمد بن سليمان الإشبيلي ت 617 هـ من مالقة إبراهيم بن محمد أبو إسحق الطائي ت 620 هـ من قيجاطة محمد بن علي ابن عربي الصوفي ت 638 هـ من مرسية محمد بن عبد الله بن أبي الفضل ت 655 هـ من مرسية محمد بن عبد الله بن ميمون ت 657 هـ من قرطبة واستوطن مراكش وبها توفي. علي بن محمد بن الحسن ت 663 هـ من جيان وتوفي بتامطريت بالمغرب محمد بن أحمد القرطبي صاحب التفسير ت 671 هـ من قرطبة محمد بن سليمان بن أبي الربيع ت 672 هـ من شاطبة محمد بن أحمد بن سحمان ت 685 هـ من شريش وفي القرن الثامن: محمد بن عبد الرحيم القيسي ت 701 هـ من الجزيرة الخضراء محمد بن علي الجذامي ت 723 هـ من أركش محمد بن يوسف أبو حيان ت 745 هـ من مطخشارش ويلاحظ أن أعلى الفترات كثافة هو القرن السادس حيث ازدهرت الحياة العلمية ثم القرن السابع وأن أقل القرون حركة هو القرن الثامن لما تقدم. وأما الذين رحلوا من المنطقة للأندلس وأخذوا عن علمائها فمنهم أحمد بن علي الربعي الباغايي المقرئ المفسر ت 401 هـ وأقرأ بجامع قرطبة. وأحمد بن عمار المهدوي ت 431 هـ والقاضي عياض اليحصبي السبتي 544 هـ وعمران بن موسى الهواري السلاوي ت 640 هـ وأحمد بن يوسف بن فرتون ت 660 هـ وأحمد بن محمد العشاب ت 736 هـ ورحل يوسف بن إبراهيم أبو يعقوب الورجلاني الإباضي ت 570 هـ إلى الأندلس لطلب العلم وسكن قرطبة وقد شبهه الأندلسيون بالجاحظ. وقد نعمت الأندلس بالإسلام قرابة ثمانية قرون منذ الفتح سنة 92 هـ وحتى سقوط غرناطة آخر معاقل الإسلام بالمنطقة في أيدي الفرنجة عليهم من الله سخطه عام 897 هـ، وختم عهد المفسرين بالأندلس بأبي حيان

التفاعل بين أهل المنطقة والأندلس في نتاج التفسير

ت 745 هـ. فانقطعت الرحلة حيث انقطع العطاء لزوال العلم الشرعي وسيم المسلمون أصناف العذاب والهوان فيما يسمى بمحاكم التفتيش وحاول الكفار إزالة كل مايمت للإسلام بصلة حتى غيروا أسماء المدن وحولوا المساجد إلى كنائس ولا حول ولا قوة إلا بالله (¬1)، وانقسمت الأندلس إلى أسبانيا والبرتغال، ولم أقف على من دخل تلك البلاد بعد ذلك من المفسرين سوى إبراهيم بن محمد التادلي ت 1311 هـ الذي دخلها لأخذ بعض العلوم الحديثة. وأما المفسرين الأندلسيين الذين رحل إليهم واستفيد من علومهم وإن لم يخرجوا من بلدهم الأندلس فكثير ومنهم على سبيل المثال: من الفتح إلى انتهاء حكم الدولة الأموية: يوسف بن عبد البر النمري القرطبي 360 هـ (¬2) وفي عصر ملوك الطوائف أبو محمد بن حزم الأندلسي الظاهري 456 هـ (¬3) وفي عصر الموحدين أبو محمد عبد الحق بن غالب بن عطية 546 هـ (¬4) التفاعل بين أهل المنطقة والأندلس في نتاج التفسير: ومن تفاسير المشارقة التي اهتم بها أهل الأندلس وكان لها انتشار واسع: تفسير ابن سلام: والذين أجيزوا بتفسير ابن سلام من أهل الأندلس جماعة كثيرة منهم ابن الفرضي وغيره. (¬5) وكان من أهل الأندلس من يجيز بتفسير ابن سلام ومنهم أحمد بن سعيد بن عبد الملك من أهل بجانة (¬6) وعلي بن الحسن المري (¬7)، وقد سمع الناس بإلبيرة تفسير ابن سلام من علي بن عمر بن حفص الألبيري ت 384 هـ وروى محمد بن وضاح الصدفي وهو من ¬

(¬1) انظر لما تقدم نفح الطيب 5/ 507 - 529، نهاية الأندلس 250 - 288، أزهار الرياض 1/ 68 - 70، التاريخ الأندلسي 543 - 573. (¬2) ينظر الحديث عنه وعن عطائه في التفسير في: ابن عبد البر وجهوده في التفسير من خلال كتاب التمهيد. (¬3) انظر الحديث عنه وعن جهوده في التفسير في المدرسة القرآنية 1/ 219. (¬4) قد صنف في التفسير كتابه المحرر الوجيز وهو مطبوع. (¬5) انظر تاريخ العلماء بالأندلس رقم 184، 753، 921، 930، 990. (¬6) انظر تاريخ العلماء بالأندلس 1/ 68. (¬7) انظر تاريخ العلماء بالأندلس 2/ 148، 189.

الصلة بصقلية وغيرها من المناطق المجاورة

أهل شذونة بالأندلس تفسير ابن سلام بالقيروان. (¬1) كما قام بعض الأندلسيين باختصاره ومنهم محمد بن عبد الله بن أبي زمنين ت 399 هـ، وعبد الرحمن أبو المطرف القنازعي ت 413 هـ. تفسير المهدوي: قال الحافظ السيوطي في كتاب المهدوي: وقد اختصره أبو حفص الشيخ عمر بن أحمد الأندلسي وسماه: عين الأعيان وكان ذلك في سنة أربع وستين وسبعمائة (¬2). كما أن تفسير المهدوي مصدر من مصادر ابن عطية وقد ذكر ذلك في مقدمة كتابه ووصفه بالإتقان (¬3). تفسير أبي موسى الهواري: وممن كان يرويه من أهل الأندلس المسيب بن سليمان الأستاجي. (¬4) وفي الجانب المقابل اهتم أهل المنطقة بتفاسير الأندلسيين ومن ذلك: تفسير ابن عطية الإشبيلي (الوجيز) ت 541 هـ (¬5): وابن عطية كمفسر أندلسي كان له أثر على التفسير في المنطقة فقد جمع بين مشكلاته ومشكلات الزمخشري ابن بزيزة في تفسيره الموسوم بالبيان والتحصيل، واستفاد منه جمع ونقلوا عنه ومنهم الثعالبي الذي يعتبر ملخصا ومهذبا له وابن عاشور الذي نقل عنه في مواضع عدة من تفسيره. وقام يحيى الشاوي الملياني ت 1096 هـ بتأليف كتابه المحاكمات وهو حاشية على تفاسير ابن عطية وأبي حيان والزمخشري. كما قام بتدريسه بعض مفسري المغاربة ومنهم: هاشم بن محمد المدغري ت 1265 هـ وهكذا تفاعلت مدارس التفسير في شتى بقاع المسلمين وتلاقحت فيما بينها مما أثرى علم التفسير وساهم في نضوجه ووصوله للمستوى الذي وصل إليه الآن. الصلة بصقلية (¬6) وغيرها من المناطق المجاورة: بدأت الصلات العلمية بين أهل المنطقة وبين صقلية على يد فاتحها ¬

(¬1) تاريخ علماء الأندلس 2/ 32، 75. (¬2) طبقات المفسرين ص: 111. (¬3) انظر مقدمة المحرر الوجيز 1/ 20، 42. (¬4) تاريخ العلماء بالأندلس 2/ 150. (¬5) عصر المنصور ص: 247. (¬6) هي جزيرة تقع في البحر المتوسط مقابل تونس تم فتحها من القيروان ومنها كان يعين قضاتها وولاتها وبقيت في أيدي المسلمين حتى سنة أربع وثمانين وأربعمائة حيث غلب عليها الإفرنج. (انظر معجم البلدان 3/ 416، العرب في صقلية 85، مدرسة الحديث في القيروان 1/ 449).

أسد بن الفرات وهو الفقيه المحدث الذي نشر بها مؤلفاته ثم ظهر فيها من المفسرين سليمان بن سالم أبو الربيع القطان ت 281 هـ وهو من تلاميذ سحنون وكان ابن مسكين قد ولاه مظالم القيروان ثم ولاه قضاء صقلية فخرج إليها ونشر بها علما كثيرا. قال الشيرازي: وعنه انتشر مذهب مالك بها فلم يزل عليها قاضيا إلى أن مات. وقد تردد أهل صقلية على المنطقة لطلب العلم ومنهم: محمد بن أبي الفرج المازري ت 516 هـ، محمد بن عبد الله بن ظفر ت 565 هـ أما طرابلس الغرب فلم تنعدم الصلة بها بل قدم منها جماعة من المتأخرين للاستفادة من أهل المنطقة والإفادة ومنهم: محمد بن علي الخروبي ت 963 هـ الذي دخل الجزائر ونال بها شهرة واسعة وتوفي بها، ومحمد بن علي بن خليفة الغرياني ت 1194 هـ، وإبراهيم بن عبد القادر أبو إسحق ت 1266 هـ بتونس، وكامل بن مصطفى ت 1315 هـ وممن دخل طرابلس من أهل المنطقة محمد بن محمد التافلالتي ت 1191 هـ.

المبحث الرابع: الفقه المالكي والظاهري وأثره في التفسير بالمنطقة

المبحث الرابع: الفقه المالكي والظاهري وأثره في التفسير بالمنطقة: عندما شعر أهل المنطقة بقلة منابع العلم في بلادهم خاصة بعد وفاة من عندهم من التابعين واستشهاد كثير من العلماء في الحروب الطويلة مع الخوارج بدأ توجههم يتكثف نحو المشرق لطلب العلم، تعويضا عن هذا النقص واتصلوا بكبار المحدثين والفقهاء من أمثال أبي حنيفة النعمان ومالك بن أنس وسفيان الثوري - وكان صاحب مذهب متبوع - وغيرهم ثم عادوا إلى القيروان ونشروا علم هؤلاء الشيوخ فكانت تلك هي البذرة الأولى لظهور المذاهب في المغرب. ونظرًا لتطور البنية العامة للمجتمع الإسلامي وظهور المدارس الفقهية في الساحة وبروز المذاهب الفقهية المختلفة ظهر مايسمى بالتفسير الفقهي وتأثر بما صاحب ذلك من تقليد وانتصار لصاحب المذهب المتبوع حيث التمس كل تابع الأدلة الشرعية لمتبوعه، وأهم مايلتمس فيه الأدلة الشرعية هو كتاب الله سبحانه وتعالى. فظهرت كتب خاصة بأحكام القرآن تتتبع آيات الأحكام فقط وتفسيرها، وتستنبط منها الأحكام الشرعية المستفادة، وظهرت كتب في التفسير غلب عليها الطابع الفقهي والاستطراد في الأحكام كلما مر صاحبها بآية من آيات الأحكام. المذهب المالكي (¬1): لقد تلقى أهل القيروان مذهب السلف على يد الصحابة والتابعين، ثم ¬

(¬1) انظر: الفرق الإسلامية 127، الصراع المذهبي 39، الحياة الاجتماعية 58.

شاهدوا بأعينهم الفتن التي أدى إليها التأويل والبعد عن النصوص، ولذلك ماإن أدخل علي بن زياد (ت 381 هـ) الموطأ إلى إفريقية وفسر لهم قول مالك ولم يكونوا بعرفونه، حتى أقبلوا عليه إقبالا منقطع النظير، لأنهم وجدوا فيه ضالتهم المنشودة لجمعه بين البساطة والأصالة، واعتماده على الحديث فإن صاحب هذا المذهب يدرس في مدينة رسول الله ص:، ويلتزم النص من الكتاب والسنة، ولايأخذ إلا عن الثقات، وبرع في السنة حتى سمي أمير المؤمنين في الحديث، وهو إلى جانب ذلك شديد الورع لايفتي إلا بحذر شديد وينفر من الرأي والتأويل. (¬1) ويرجع سبب اختيار الأفارقة لمذهب مالك على غيره إلى اعتماده على الحديث وتقدمه على غيره من المذاهب التي سلكت نفس المنهج فقد كانوا متعطشين للوصول إلى المذهب الذي تتمثل السنة فيه، وقد وجدوا ذلك في مذهب مالك المبني أساسا على حديث أهل الحجاز، وهم الصفوة والكثرة من الصحابة والتابعين، كما أشار الأستاذ حسن حسني عبد الوهاب إلى أن السبب في ميل الأفارقة إلى مذهب مالك هو اتحاد سندهم وسند مدرسة مالك، حيث ذكر أن رواية الأفارقة للحديث أي قبل نشأة المذاهب، أكثر ما كانت بطريق المدنيين وسندهم. (¬2) وهناك أمر آخر يجدر التنبيه عليه، وبه يكتمل هذا التعليل، وهو التقدم الزمني للمذهب المالكي على غيره من المذاهب الأخرى المشتهرة بالاعتماد على الحديث، وخاصة مذهب الإمام الشافعي ومذهب الإمام أحمد، فكان الخيار أمام الأفارقة محصورا في المذهبين الحنفي والمالكي، فتجنبوا الأول لاشتهاره بالميل إلى الرأي، الذي كان سببا في الفتن التي عاشوها كما تقدم، وأقبلوا على الثاني، لاعتماده على الحديث وموافقة ذلك مافي نفوسهم من التعطش إلى السنة. ¬

(¬1) انظر أعلام الفكر الإسلامي1/ 383، الرياض 1/ 432، مقدمة الرياض ص: 11 فما بعدها، جذوة المقتبس 306. (¬2) انظر الإمام المازري 15.

ويأتي في الدرجة الثانية من التعليل ماذهب إليه ابن خلدون (¬1) من أن رحلة أهل إفريقية كانت غالبا إلى الحجاز فاقتصروا على الأخذ عن علماء المدينة، وكذلك لمناسبة البداوة بين الشعبين. وعلى يد علي بن زياد تخرجت الطبقة الأولى من علماء المالكية بالقيروان (¬2)، مثل أسد بن الفرات، والبهلول بن راشد، وعبدالله بن غانم، وغيرهم ثم تسارع أهل هذه الطبقة للأخذ مباشرة عن الإمام مالك، حتى زاد الرواة عنه من أهل القيروان عن ثلاثين تلميذا (¬3)، وبذلك كثر رواة الموطأ بالقيروان، وانتشر علم مالك، فأقبل عليه. ثم جاء الإمام سحنون فجمع في مدونته علم مالك وفقهه، واستشهد لمسائلها بالآثار، فأصبحت عمدة المذهب، والكتاب الثاني بعد الموطأ، وقد أخذها عنه أهل إفريقية والمغرب والأندلس، حتى بلغ تلاميذه نحو السبعمائة (¬4) نشروا علم مالك في هذه البلاد، قال الخشني: ثم قدم سحنون بذلك المذهب، وجمع مع ذلك فضل الدين والعقل والورع والعفاف والانقباض، فبارك الله تعالى فيه للمسلمين، فمالت إليه الوجوه وأحبته القلوب وصار زمانه كأنه مبتدأ، وقد محا ماقبله فكان سراج القيروان (¬5)، وأقبل تلاميذ سحنون ومن بعدهم على التصنيف في المذهب واهتموا بالمدونة خاصة، مابين شارح ومختصر ومعلق ثم جاء ابن أبي زيد القيرواني الملقب بمالك الصغير، وعلى يديه استقر المذهب فهو الذي لخص المذهب وضم نشره، وذب عنه، وملأت البلاد تآليفه (¬6) واستمر المذهب في نمو حتى صار في مطلع القرن الخامس هو المذهب الوحيد بإفريقية، وهكذا أصبحت القيروان هي المركز الثاني للمذهب المالكي بعد المدينة المنورة. وبعد رحيل العبيديين لم يزل أمر السنة يقوى والمعز يعد العدة للتخلص من سلطانهم حتى كانت سنة 435 هـ وفيها قطع دعوتهم، ولعنهم على المنابر، ¬

(¬1) المقدمة 449. (¬2) انظر موطأ ابن زياد 31. (¬3) انظر المعالم 2/ 38. (¬4) انظر الشجرة 1/ 69. (¬5) المعالم 2/ 83. (¬6) الديباج 137.

المذهب الظاهري

ودخل في طاعة الدولة العباسية وحمل الناس على مذهب الإمام مالك حسما للخلاف، ولأنه مذهب معظم أهل إفريقية، وكانت بإفريقية مذاهب منحرفة كالشيعة والصفرية والإباضية والنكارية والمعتزلة، ومن مذاهب أهل السنة الحنفية والمالكية، فلم يبق في أيامه إلا مذهب الإمام مالك (¬1). والإمام مالك من صدور أئمة التفسير المشهورين (¬2) وله تفسير فقد قال الداوودي عنه: هو أول من صنف في تفسير القرآن بالإسناد على طريقة الموطأ وتبعه الأئمة ... (¬3) وقال القاضي عياض: وله في تفسير القرآن كلام كثير وقد جمع وتفسير يرويه عنه بعض أصحابه وقد جمع أبو محمد مكي مصنفا فيما روي عنه من التفسير والكلام في معاني القرآن وأحكامه ... (¬4) وقد نقل ابن العربي في كتابه القبس في شرح الموطأ جزءا من هذا التفسير. (¬5) وجل المفسرين الذين ذكرنا تراجمهم من المالكية مما كان له أثر كبير على التفسير في المنطقة. وسوف يأتي في دراسة تفاسير بعض أهل المنطقة اهتمامهم بالفقه على مذهب مالك ومنافحتهم عنه في بعض الأحيان وترجيحهم له على غيره من المذاهب. المذهب الظاهري: وهذا المذهب لاينسب لشخص بعينه وإن نسبه البعض إلى داود بن علي بن خلف الأصبهاني المولود بالكوفة 202 هـ والمستقر ببغداد حيث يقال: إنه أول من قال بالظاهر في الشريعة الإسلامية. (¬6) وإنما هذا منهج فقهي يقوم على نفي القياس في الأحكام الشرعية على ¬

(¬1) المؤنس 82، وانظر الشجرة 2/ 129. (¬2) قام بعض الباحثين بجمع مروياته في التفسير في كتاب بعنوان " مرويات الإمام مالك بن أنس في التفسير". (¬3) طبقات المفسرين 2/ 300. (¬4) ترتيب المدارك 1/ 81. (¬5) انظر مقدمة مرويات الإمام مالك في التفسير ص: (هـ). (¬6) انظر تاريخ بغداد 8/ 374.

خلاف بين أهله، واستخراج الأحكام من ظواهر النصوص دون تأويل ولا بحث عن العلة. (¬1) وقد انتشر هذا المذهب في المشرق حتى غدا في القرنين الثالث والرابع الهجريين مذهبا رابعا لمذاهب الحنفية والمالكية والشافعية. وأول من أدخل هذا المذهب إلى منطقة المغرب والأندلس عبد الله بن محمد بن قاسم بن هلال 292 هـ تلميذ داود بن علي الظاهري فنسخ كتبه واجتهد في نشرها. (¬2) ومذهب داوود بن علي الأصبهاني الظاهري (ت 275 هـ) أدخله للمنطقة أبو جعفر بن خيرون (¬3)، ويعتبر أول منافح عنه منذر بن سعيد البلوطي المفسر الذي كان كثير الاحتجاج والنظر ثم تلاه العبقري الفذ الذي قعد للمذهب ورفعه إلى أوج رفعته أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم وهو إمام في كل فن ومن ذلك التفسير على الرغم من كونه لم يصنف فيه، ومؤلفاته تشهد له بذلك وقد أفرده صاحب المدرسة القرآنية بفصل ذكر فيه جهوده التفسيرية. (¬4) وابن حزم وإن لم يخرج من الأندلس إلا أن علمه قد خرج عن طريق من تتلمذ عليه من العلماء والمكاتبات بينه وبين غيره وخروج مؤلفاته وكتبه. كما أنه قد تأثر بمفسري المنطقة الأندلسيين وغيرهم ومن هؤلاء بقي بن مخلد القرطبي الذي وصف ابن حزم كتابه في التفسير بقوله: هو الكتاب الذي أقطع قطعا لا استثناء فيه أنه لم يؤلف في الإسلام مثله ولا تفسير محمد بن جرير الطبري ولا غيره. (¬5) ويكفي أن المنذر بن سعيد قد وطئ المنطقة وبث فيها من فكر أهل الظاهر الشيء الكثير. وقد قام بتصنيف كتابه في أحكام القرآن: الإنباه على ¬

(¬1) انظر: تاريخ المذاهب الإسلامية 2/ 381. (¬2) جذوة المقتبس ص: 264. (¬3) انظر طبقات الخشني 175، المدارك 1/ 54. (¬4) انظر 1/ 219 - 226. (¬5) بغية الملتمس وجذوة المقتبس 1/ 301، 302.

استنباط الأحكام من كتاب الله. وقد رواه عنه الناس وقرأوه عليه كغيره من كتبه، كما صنف الناسخ والمنسوخ ولا شك أن هذه الكتب بناها على منهجه الفقهي وقرر فيها مايميل إليه. وقد مدحه ابن حزم بأنه في أحكام القرآن غاية. (¬1) وظهر بعده من تبنى هذا المنهج وعلى رأسهم الإمام أبو حيان الأندلسي صاحب البحر المحيط الذي كان يقول: محال أن يرجع عن مذهب الظاهر من علق بذهنه. (¬2) وقد نقل المفسرون من أهل المنطقة قديما وحديثا نقولا عن أهل الظاهر عند تفسيرهم لآيات الأحكام ولا أطيل هنا بتتبع ذلك. (¬3) وقد اقتصرت في هذا المبحث على هذين المذهبين لانتشارهما وتأثر التفسير بهما بخلاف غيرهما من المذاهب الإسلامية التي ظهرت بصورة ضئيلة فيها ولكنها سرعان مااندثرت ولم يكثر الآخذون بها مثل مذهب أبي عمر الأوزاعي (ت 157 هـ) ومذهب سفيان الثوري (ت 161 هـ) أما مذهب محمد بن إدريس الشافعي (ت 204 هـ) فقد كان حظه بالقيروان أكثر من سابقيه حيث مال إليه مجموعة من أهلها وقد صنف بعض علماء القيروان في الرد على مذهب الشافعي كتبا منها كتاب الرد على الشافعي لمحمد بن سحنون (ت 256 هـ) وكتاب الحجة في الرد على الشافعي فيما أغفل من كتاب الله وسنة نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - ليحيى بن عمر (ت 289 هـ) ومن المفسرين الذين تمذهبوا بالمذهب الشافعي من أهل المنطقة: محمد بن علي بن عبد الواحد ابن النقاش الدكالي ت 763 هـ وعبد الله بن محمد بن الصديق الغماري ت 1413 هـ وقد كان مالكيا ثم أصبح شافعيا ثم ترك التقليد. ¬

(¬1) انظر: نفح الطيب 4/ 169. (¬2) الدرر الكامنة 5/ 72. (¬3) انظر كمثال للمتقدمين الجامع لأحكام القرآن 1/ 119، 166، 351، 4/ 162، 6/ 90، وغيرها كثير، والبحر المحيط 3/ 211وغيرها، وكمثال للمتأخرين التحرير والتنوير 1/ 2 / 165.

أما المذهب الحنفي فيعتبر أسبق المذاهب في الدخول إلى القيروان، وكان هو الغالب على أهلها قبل دخول المذهب المالكي باعتباره مذهب الدولة الرسمي ثم ضعف عندما أقبل الناس على مذهب مالك إلا أنه عاد إلى الظهور في عهد بني عبيد لموافقتهم إياهم في بعض المسائل إلى أن زالت أسبابه في مطلع القرن الخامس فامحت آثاره من إفريقية، وخاصة بعد ماألزم المعز بن باديس الناس بمذهب مالك حسماً لمادة الخلاف في المذاهب. (¬1) وممن تمذهب بالمذهب الحنفي من أهل المنطقة من المفسرين: الحسين بن محمد ابن العنابي الجزائري ت 1150 هـ، محمد بن محمد بن الطيب المغربي التافلالتي ت 1191 هـ وقد كان مالكيا، وأحمد بن محمد ابن الخوجة ت 1313 هـ شيخ الحنفية في وقته، وأحمد بن محمود بن عبد الكريم ت 1315 هـ شيخ الحنفية أيضا. ¬

(¬1) انظر مدرسة الحديث 1/ 179.

المبحث الخامس: القراءات وأثرها في التفسير بالمنطقة

المبحث الخامس: القراءات وأثرها في التفسير بالمنطقة: إن القرآن الكريم هو أهم مايحرص المسلم على تلاوته وحفظه وفهم معانيه والعمل به. وهو أول ماتسعى الجيوش الفاتحة لأن تلقنه لمن أسلم من أهل البلاد المفتوحة، وذلك يستلزم ضرورة أن تتضمن تلك الجيوش أعدادا كبيرة من القراء، ولم يتخلف هذا الأمر عند فتح إفريقية، فقد اشتهر بعض من دخلها من الصحابة جميعا من العناية الفائقة بالقرآن والاهتمام بشأنه، وعلى عهد الصحابة نشأت الكتاتيب بالقيروان، كما ذكرت في التمهيد، وكانت مهمتها الأساسية تعليم القرآن، ثم ازدادت انتشارا في عهد التابعين، الذين عرف كثير منهم بالتقدم في علوم القرآن، مثل عكرمة مولى ابن عباس وراوي علمه، وقد كانت له حلقة علمية في جامع عقبة، وإسماعيل بن عبيد الله مؤدب ولد عبد الملك بن مروان الخليفة وجعثل بن عاهان الرعيني الذي كان من القراء وغيرهم وعن طريق التابعين تلقى أهل القيروان علوم القرآن المنقولة بالرواية، والتي كانت في تلك المرحلة تعتبر من أبواب الحديث. وعليه فقد نشأ علم القراءات بالمنطقة كغيرها من بلدان المسلمين عن طريق القراء من الصحابة والتابعين ثم انتشرت بعض القراءات أكثر من غيرها في بعض المناطق لاعتبارات متعددة وعلى الرغم من وصول القراءات السبع إلى المنطقة حيث نقل المقري مايدل على وصولها إلى الأندلس (¬1)، إلا أن القراءة التي اعتمدت في جميع الأقاليم هي قراءة نافع بن أبي نعيم المدني (¬2) ¬

(¬1) انظر نفح الطيب 1/ 206. (¬2) انظر الحلل السندسية 1/ 276.

ويعزى ذلك للانتماء إلى مذهب أهل المدينة في الفقه والارتباط الشديد بها منذ العهود الأولى والرحلة منها وإليها. وقد كان محمد بن برغوث القروي (ت 272 هـ) يدرس مختلف القراءات في جامع عقبة، ويتوسع في ذلك فأمره القاضي عبد الله بن أحمد بن طالب (ت 275 هـ) بالاقتصار على قراءة نافع. (¬1) ولقد حفلت المنطقة بأئمة كبار من أئمة القراءات بل إن بعضهم كان المعول الذي عول عليه في هذا الفن سواء في المشرق أم في المغرب - وأعني بذلك أبناء المنطقة والداخلين إليها - والذي يعنينا هنا المفسرون منهم ونذكر على سبيل المثال: الإمام أحمد بن عمار المهدوي المولود بالمهدية ت 431 هـ صاحب الهداية والكفاية وغيرهما من كتب القراءات، والإمام مكي بن أبي طالب القيسي المولود بالقيروان ت 437 هـ صاحب المصنفات العظيمة في هذا العلم، ثم أبو عمرو الداني المولود بقرطبة ت 444 هـ صاحب التيسير الكتاب الذي يعتبر عمدة القراء من بعده، ثم الإمام الشاطبي المولود بشاطبة ت 538 هـ صاحب الشاطبية التي طار ذكرها في الآفاق. (¬2) وأهمية القراءات ودورها في التفسير من الأمور المعلومة لدى المشتغلين بالقرآن وعلومه وقد اعتبر أهل العلم الإلمام بعلم القراءات من شروط المفسر الذي ينبري لتفسير كتاب الله وسير أغواره. (¬3) وقال السيوطي: باختلاف القراءات يظهر الاختلاف في الأحكام ... (¬4) وقال أيضا: وبالقراءات يترجح بعض الوجوه المحتملة على بعض. (¬5) وقد ذكر ابن الجزري ومن بعده السيوطي - وكلاهما قد دخل منطقتنا - فوائد ¬

(¬1) القراءات بإفريقية 281. (¬2) وقد وصل الأمر بالبعض أن لا يثبت قرءانا إلا ما كان في الشاطبية والتيسير مما حدا بابن الجزري إلى تأليف كتابه النشر في القراءات العشر. (انظر المقدمة 1/ 54) ووصل الغلو في الشاطبية إلى أن قيل فيها كل بيت دخلته فصاحبه من أهل الجنة. (¬3) انظر الإتقان 2/ 231، التفسير والمفسرون 1/ 267. (¬4) الإتقان 1/ 108. (¬5) الإتقان 2/ 232.

المرحلة الأولى

تنوع القراءات ومن ذلك أن يريد الله أكثر من معنى للآية فيضمن معنيين مثلا في قراءتين، أو تكون إحدى القراءتين مفسرة وموضحة لإجمال في القراءة الأخرى، وتعلق هذا بالتفسير وطيد بالإضافة لما فيه من المبالغة في إعجاز القرآن بإيجازه إذ تنوع القراءات بمنزلة الآيات ولو جعلت دلالة كل لفظ آية على حدة لم يخف مافيه من التطويل. (¬1) وقد مرت القراءات في المنطقة بمراحل: المرحلة الأولى: وهي طور القراءة الحرة قبل أن تعرف القراءات السبع أو العشر فقد رويت في ذلك حروف عن عبد الله بن عباس وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمر ابن الخطاب وعبد الله بن عمرو بن العاص وعقبة بن عامر وعبد الرحمن بن الأسود وغيرهم من الصحابة الذين دخلوا المنطقة بل كان لبعضهم مصاحف خاصة، وكذا عن بعض التابعين أمثال عكرمة وحنش الصنعاني وعلي بن رباح اللخمي وغيرهم وقد كان لبعضهم أيضا مصاحف خاصة. (¬2) وفي تلك المرحلة لا يظهر أثر واضح للقراءات في التفسير إلا في آحاد الآثار المروية عن هؤلاء الصحابة والتابعين حيث لا يعرف تفسير متكامل لأحد منهم. ويدخل في ذلك قول السيوطي: من المهم معرفة التفاسير الواردة عن الصحابة بحسب قراءة مخصوصة، وذلك أنه قد يرد عنهم تفسيران في الآية الواحدة مختلفان، فيظن اختلافا وليس باختلاف، وإنما كل تفسير على قراءة. وقد تعرض السلف لذلك فأخرج ابن جرير في قوله تعالى {لقالوا إنما سكرت أبصارنا} (¬3) من طرق عن ابن عباس وغيره أن سكرت بمعنى سدت، ومن طرق أنها بمعنى أخذت. ثم أخرج عن قتادة قال: من قرأ سكرت مشددة فإنما يعني سدت، ومن قرأ سكرت مخففة فإنه يعني سحرت. وهذا الجمع من قتادة نفيس بديع. (¬4) المرحلة الثانية: طور الاختيار وقد تخلى فيه أهل المنطقة عن القراءات ¬

(¬1) انظر النشر 1/ 50 - 52، الإتقان 1/ 108. (¬2) انظر القراءات بإفريقية 97 - 121. (¬3) الحجر: 15. (¬4) الإتقان 2/ 235.

المرحلة الثالثة

الشاذة التي لا توافق المصحف العثماني مع حرية اختيار القراءة دون التزام بقراءة مصر معين، وذلك بعد بعثة عمر بن عبد العزيز سنة 99 هـ. (¬1) ثم ظهر في أواخر القرن الثاني يحيى بن السلام المفسر الذي ظهر له اختيار في القراءات (¬2) كما سبق ذكره في ترجمته وذلك من خلال مروياته الواسعة في القراءات عن أهل البصرة والكوفة وأهل المدينة ويظهر سعة علمه في ذلك من خلال تفسيره الذي تأثر تأثرا بليغا بمحصلة صاحبه في القراءات. (¬3) ويظهر أثر المرحلة الثانية في انتشار القراءات في المنطقة في التفاسير المصنفة في تلك الحقبة ولم يصلنا منها إلا تفسير يحيى وما بني عليه مثل تفسير هود بن محكم الهواري الذي يعتبر اختصارا لتفسير يحيى مع تشويه في العقيدة لتوافق مذهب الإباضية كما سيأتي بيانه في دراسة الكتاب، ويلاحظ أن سوق القراءات فيه لا ينتمي لقراءة معينة أو لمصر معين. المرحلة الثالثة: طور ترجيح القراءات بعد تسبيع السبعة من أبي بكر بن مجاهد (ت 324 هـ) فقد ذكر ابن الفرضي مايفيد أن أهل إفريقية كان الغالب عليهم قراءة حمزة حتى قدم عليهم محمد بن عمر بن خيرون ت 306 هـ بقراءة نافع فاجتمع إليه الناس ورحل إليه لتعلمها بعد أن كان لايقرأ بها إلا الخواص. (¬4) ويرجع انتشار قراءة حمزة أولا لانتشار المذهب الحنفي آنذاك بالمنطقة ومنبعه من الكوفة فتبنى الناس القراءة الشائعة بمصر إمامهم، كما وجدت أيضا قراءة أبي عمرو البصري نتيجة لتتلمذ الأفارقة على شيوخ بصريين دخل بعضهم المنطقة ومكث فيها وعلى رأسهم يحيى بن سلام. (¬5) ثم كان ما كان ¬

(¬1) انظر القراءات في إفريقية 122 - 150. (¬2) انظر غاية النهاية 2/ 373. (¬3) انظر القراءات بإفريقية 151 - 184. (¬4) تاريخ العلماء والرواة بالأندلس 2/ 112. (¬5) انظر القراءات بإفريقية ص: 207 - 214.

من ضعف توجه أهل المنطقة لغير قراءة نافع حتى حمل الناس عليها. وقد تأثرت التفاسير تأثرا ظاهرا بالقراءات جملة ويظهر ذلك جليا في تفاسير أئمة الإقراء المبرزين أمثال المهدوي ومكي ونحوهما بل إن بعضهم كالمهدوي اعتبر تفسيره مبنيا على كتبه في القراءات زاد عليها أو أن التفسير هو الأصل ثم اختصر منه كتبه في القراءات ونقحها. ورغم كثرة تآليف المهدوي في القراءات إلا أنه خصص لها بابا في التفسير بكتابيه التفصيل والتحصيل هو الباب الثالث كما أدمجها مع الإعراب في الباب الرابع ثم جعل لها في آخر التفسير قسما خاصًا بأصولها. (¬1) كما كان من التأثير البين لقراءة نافع في التفسير في العصور المتأخرة أن اعتبرها بعض المفسرين الأصل في تفاسيرهم بخلاف المشارقة الذين اعتمدوا قراءة عاصم من رواية حفص في الغالب ولم أقف على من خالف في ذلك سوى الشوكاني. وممن نص على اعتماد قراءة نافع في تفسيره محمد الطاهر ابن عاشور في التحرير والتنوير، ومحمد المكي الناصري في التيسير في أحاديث التفسير، وعبد الله كنون في تفسير سور المفصل، والأخضر بن قويدر في قطوف دانية من آيات قرآنية. ¬

(¬1) انظر التفسير واتجاهاته ص: 125 وقد وضحت الباحثة تشابها بين كتابه الموضح في تعليل وجوه القراءات وبين ماذكره في التفسير ص: 126.

الفصل الثاني دراسة أمثلة للتفسير بالمأثور بالمنطقة

الفصل الثاني دراسة أمثلة للتفسير بالمأثور بالمنطقة

تفسير يحيى بن سلام من خلال تفسيره ومختصره لابن أبي زمنين

تفسير يحيى بن سلام من خلال تفسيره ومختصره لابن أبي زمنين مؤلف هذا التفسير هو يحيى بن السلام بن أبي ثعلبة البصري ثم القيرواني ت 200 هـ وهو من أئمة القيروان ولو أنه مولود بالكوفة ونشأ بالبصرة وقد صنف تفسيره بالقيروان ومنها انتشر. (¬1) التعريف بالتفسير: وتفسير ابن سلام مشهور باسمه وهو من التفاسير المخطوطة غير الكاملة (¬2) وقد رجعت إلى بعض أجزاء منه بمكتبة المخطوطات بالجامعة الإسلامية بعضها مصورة برقم 611، 610، وبعضها على ميكروفيلم برقم 1343، 1344، 1345، 1346، وهي نسخة عن دار الكتب القومية برقم 24791 / ب، 24792 / ب. وتفسير ابن سلام اهتم به عدة من الباحثين (¬3) فحاولوا تحقيق بعض أجزائه ولكن لم أقف على شيء طبع من ذلك حتى الآن. وقد جاء تفسير ابن سلام من طرق: منها طريق ابنه محمد (ت 262 هـ) الذي كانت له عناية كاملة ومعرفة بالحديث، ومنها طريق أبي داوود بن موسى بن جرير الأزدي العطار (ت 274 هـ)، الذي اشتهر بطلب العلم منذ صغر سنه، وقد عمر، وعن طريقه انتشر تفسير ابن سلام بالأندلس وبالمشرق. وتفسير ابن سلام اختصره عالمان أندلسيان هما أبو عبد الله محمد بن ¬

(¬1) تقدمت ترجمته في الوافدين برقم (103). (¬2) قد ذكرت مواضع نسخ الكتاب في ترجمة يحيى بن السلام. (¬3) منهم حمود صمود والبشير ورشيد الغزي تحت إشراف الدكتور محمد طالبي (انظر مقدمة تفسير هود 1/ 26 الحاشية، وانظر مقدمة التصاريف ص: 83).

عيسى بن أبي زمنين (¬1)، وعبد الرحمن بن مروان القنازعي ت 413 هـ، ولم يصلنا غير مختصر ابن أبي زمنين وقد اطلعت عليه في مكتبة المخطوطات بالجامعة الإسلامية النسخة المصورة برقم 3131، والميكروفيلم برقم 1350، 4498 وقال في مقدمته: قرأت كتاب يحيى بن سلام في تفسير القرآن، فوجدت فيه تكرارا كثيرا وأحاديث ذكرها يقوم التفسير دونها، فطال بذلك الكتاب ... فاختصرت في هذا الكتاب مكرره وبعض أحاديثه ورددت مافيه من غير كتاب يحيى مالم يفسره يحيى، وأتبعت ذلك إعرابا كثيرا ... الخ. (¬2) ولهذا التلخيص أهمية كبيرة إذا يساعد على تلافي ما لحق تفسير ابن سلام من نقص، إذ الموجود منه، في مختلف قطعه، يقارب ثلثيه. (¬3) وهناك كتاب ثالث يعتبر اختصارا لتفسير ابن سلام وإن لم يصرح صاحبه بذلك إلا أنه عبث ببعض النصوص العقدية لتوافق معتقده ألا وهو تفسير هود بن محكم الهواري الإباضي وسوف يأتي الحديث عنه مفصلا في الفصل القادم. وقد تكلم عن منهج ابن سلام في تفسيره عدة (¬4)، سوف ألخص كلامهم وأزيد عليه مايتيسر إلا أنني لن أطيل في بيان منهجه لأنني سوف أتعرض له مرة ثانية ضمنا عند حديثي عن منهج هود الهواري. ومقدمة تفسير ابن سلام مفقودة وجاء على بعض أجزائه: الجزء الحادي والعشرون والثاني والعشرون من تفسير يحيى بن سلام البصري رحمه الله رواية أبي الحسن علي ابن ¬

(¬1) من علماء الأندلس ولد بغرناطة سنة 324 هـ وتوفي بألبيرة سنة 399 هـ وله ترجمة في طبقات المفسرين للداوودي 2/ 161، الديباج ص: 269. والكتاب منه نسخة بمكتبة القرويين وأخرى بالمتحف البريطاني. (¬2) المقدمة ق: 2، ولم أنقل في هذا المبحث من مختصر ابن أبي زمنين إلا ما صرح فيه أنه عن يحيى. (¬3) انظر التفسير واتجاهاته ص: 53. (¬4) منهم حسين شواط في مدرسة الحديث في القيروان 2/ 912، ووسيلة بلعيد في التفسير واتجاهاته بإفريقية 57، وعبد السلام الكنوني في المدرسة القرآنية في المغرب ص: 135، وبالحاج شريفي في مقدمة تفسير هود بن محكم 1/ 26، وابن عاشور في التفسير ورجاله ص: 36. وكتبت عنه رسالة علمية باللغة التركية بعنوان "يحيى بن سلام ومنهج تفسيره" أعدها إسماعيل جراح أوغلو بكلية الإلهيات بجامعة أنقرة 1970 م.

المنهج العام للتفسير

الحسن عن أبي داود وأحمد بن موسى عن يحيى بن سلام سماع لعبد الرحمن بن مروان بن عبد الرحمن. وفيها خرم كثير وتكرار في بعض المواضع. وقد ذكر ابن أبي زمنين أنه سيبدأ اختصاره بما بدأ به يحيى بن سلام وهو قوله: حدثنا سفيان الثوري عن عبد الأعلى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار. (¬1) كما يتبين من نقل ابن أبي زمنين أن مقدمة ابن سلام تضمنت ذكر حد الناسخ والمنسوخ والمكي والمدني وبعض مايتعلق بنزول القرآن وترتيب الآيات داخل السور وماجاء في البسملة. ونقل ابن أبي زمنين عن يحيى أيضا قوله في مقدمته: ولا يعرف تفسير القرآن إلا من عرف اثنتي عشرة خصلة: القرآن المكي والمدني والناسخ والمنسوخ والتقديم والتأخير والمقطوع والموضوع والخاص والعام والإضمار والعربية (¬2). المنهج العام للتفسير: وتفسير يحيى بن سلام تفسير أثري على منهج القدماء وهو حلقة بين التفاسير المتقدمة الخالية من أي تدخل من المفسر مثل تفسير ابن جريج ومجاهد وغيرهما وبين تفسير ابن جرير الطبري الذي استفاض في ذكر اللغويات والقراءات والترجيحات. وهذا التفسير يعتبر أقدم تفسير بالمأثور موجود إلى اليوم حيث لم يصل إلينا ما ألف من تفاسير قبله (¬3). ومنهج يحيى فيه أنه يذكر الآية ثم يسوق الأحاديث والآثار الواردة فيها ¬

(¬1) المقدمة ق: 2. (¬2) انظر للعلوم التي يحتاج إليها المفسر: التيسير في قواعد التفسير ص: 144 - 148، الإتقان 2/ 225 - 235 ولم أجد فيما ذكره أهل العلم المقطوع والموضوع ويبدو - والله أعلم - أنه أراد علمين من علوم الحديث لهما أثر في التفسير بالمأثور وهما: المقطوع: وهو الموقوف على التابعين قولاً وفعلاً، والموضوع: وهو المختلق المصنوع من الحديث (انظر الباعث الحثيت ص: 38، 65). (¬3) باستثناء التفسير المنسوب إلى مجاهد (ت 101 هـ) والأقرب فيه أنه لآدم بن أبي إياس (ت 221 هـ) وما فيه عن مجاهد هو أغلب مروياته كما حققه فضيلة الدكتور حكمت بشير ياسين (انظر مجلة الجامعة الإسلامية 1412 هـ - ملحق رقم 2).

المنهج التفصيلي للمؤلف

بإسناده إلى أصحابها، وربما علق السند ولم يذكره كاملا، ويتعرض أحيانا للقراءات وبعض اللغويات. المنهج التفصيلي للمؤلف: أولا: يذكر ابن سلام أسماء السور مجردة: فيقول مثلا: سورة التوبة ثم يسوق الروايات، لايتعرض لأسماء أخرى للسورة أو لعد آيها ومواضع الوقوف منها ونحو ذلك. وهو يذكر مكية أم مدنية ومن أمثلة ذلك (¬1): قال: تفسير سورة الرعد وهي مكية ماعدا آية واحدة مدنية {ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة} (¬2) إلى آخر الآية وقال: تفسير سورة الجمعة، وهي مدنية كلها تفسير سورة المزمل، وهي مكية كلها تفسير سورة الممتحنة، وهي مدنية كلها تفسير سورة الحواريين (¬3)، وهي مدنية كلها، وهكذا ثانيا: موقفه من العقيدة: ومن خلال تفسيره، يبرز مذهبه العقائدي المتمثل في اتباع السلف الصالح، والابتعاد عن التأويل، والرد على المبتدعة وأصحاب الضلالات. وهو على مذهب السلف في الإمساك عن الخوض في آيات الصفات فقد فسر قوله تعالى {ثم استوى على العرش} (¬4) بأنه مثل قوله تعالى {الرحمن على العرش استوى} (¬5). (¬6) وساق آثارا في العرش وماهيته فقال: عن أبيه عن ابن آمنة عن الحسن قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بين السماء السابعة وبين العرش كما بين سماءين" (¬7). ¬

(¬1) يلاحظ أن النسخة التي رجعت إليها هنا وفي بعض المواضع الأخرى غير مرقمة الصفحات. (¬2) الرعد: 31. (¬3) يعني سورة الصف. (¬4) الرعد: 2. (¬5) طه: 5. (¬6) ق: 656. (¬7) إسناده ضعيف لإرساله. وقد روي عن العباس نحو ذلك مطولا أخرجه أحمد 1/ 207 وغيره، وقد حسن إسناده الذهبي، وروي عن ابن مسعود أخرجه ابن مهدي وغيره (انظر: كتاب التوحيد مع فتح المجيد ص: 513 - 514، وانظر: العرش وما روي فيه ص: 55 - 56).

عن أبيه عن المعلى بن هلال عن عمار الدهني عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: الكرسي الذي وسع السموات والأرض لموضع القدمين ولا يقدر قدر العرش إلا الذي خلقه (¬1). وقال في قوله تعالى: {وهو معكم} (¬2): حاضركم {أينما كنتم والله بما تعملون بصير} (¬3). وذكر في تفسير قوله تعالى {ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا} (¬4) أن النضر سمع أبا قلابة يقول لأيوب: يا أيوب احفظ مني ثلاثا: لا تقاعد أهل الأهواء ولا تستمع منهم ولا تفسرن القرآن برأيك فإنك لست بذلك في شيء وانظر هؤلاء الرهط من أصحاب النبي فلا تذكرهم إلا بخير (¬5). ثم يقول زيادة في التأكيد على ذم اتباع أهل الأهواء ومجادلتهم: ثلاث ارفضوهن: مجادلة أصحاب الأهواء وشتم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والنظر في النجوم (¬6). كما تعرض أيضا إلى رأي السلف في القدر فأكد أن كل شيء بقدر وأن الخوض في القدر منهي عنه، فقد روى عن ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا ذكر القدر فأمسكوا، وإذا ذكرت النجوم فأمسكوا، وإذا ذكر أصحابي فأمسكوا" (¬7). وفي قوله تعالى {الذي له ملك السموات والأرض ولم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شيء فقدره تقديرا} (¬8) روى أثرا عن علي قال: كل شيء بقدر حتى هذه ووضع طرف أصبعه السبابة على طرف لسانه ثم وضعها على ظفر إبهامه اليسرى. ¬

(¬1) أخرجه ابن خزيمة في التوحيد ص: 71 وعبد الله بن أحمد في السنة ص: 71 وغيرهما. وقال الذهبي: رواته ثقات. وقال الألباني: صحيح. (انظر مختصر العلو ص: 102). (¬2) الحديد: 4. (¬3) الحديد: 4. (¬4) الحشر: 10. (¬5) ق: 346. (¬6) ق: 347. (¬7) ق: 346، أخرجه الطبراني في الكبير 2/ 278، وأبو نعيم في الحلية 4/ 108 وفي إسناده مسهر بن عبد الملك قال الحافظ: لين الحديث (التقريب 6667) ولكن للحديث طرق وشواهد يرتقي بها للصحة (انظر: السلسلة الصحيحة رقم 34، صحيح الجامع رقم 559). (¬8) الفرقان: 2.

وفي مبحث الإيمان تعرض ابن سلام إلى أن الشرك بالله يوجب النار وأنه لا ينجي منها إلا الإيمان بالله الواحد الأحد، وذكر جملة أحاديث وآثار وجميعها تفيد أن المشرك في النار وأن الموحد في الجنة (¬1)، وذلك عند تفسير قوله تعالى {ومن جاء بالسيئة} (¬2) ويؤكد ابن سلام على أهمية أعمال المؤمنين وعلى أنها المعيار الذي يحدد المنزلة التي ينالونها في الجنة خلافا لما شاع عنه من تهمة الإرجاء (¬3). فقد ذكر في تفسير قوله تعالى: {ولكل درجات مما عملوا وليوفيهم أعمالهم وهم لا يظلمون} (¬4) أن للمؤمنين درجات في الجنة على قدر أعمالهم وللمشركين درجات في النار على قدر أعمالهم (¬5). كما أكد على القيام بالفرائض والاشتغال بذكر الله وذلك في تفسيره لقوله تعالى: {رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله} (¬6) ونقل عن السدي أن هؤلاء كانوا إذا سمعوا المؤذن تركوا بيعهم وقاموا إلى الصلاة وذكر الله (¬7). وفي موضوع البعث والحساب يوم القيامة يورد ابن سلام أخبارا مطولة فيها تفصيلات لما يلقاه المؤمنون من جزاء حسن ينتهي بهم إلى منازلهم في الجنة ومايناله الكافرون والمشركون من عقاب وسوء مصير يفضي بهم إلى جهنم خالدين فيها وقد أوضح ابن سلام (¬8) هذه المعاني عند تفسيره لقوله تعالى {وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا} (¬9) كما نقل ابن سلام أحاديث متعددة في فضل الصحابة رضي الله عنهم ومن ذلك: عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إن في السماء الدنيا ثمانين ألف ملك يستغفرون لمن أحب أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، وفي السماء الثانية ثمانون ألف ملك يلعنون من أبغض أبا بكر وعمر، ومن أحب جميع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد برئ من النفاق" (¬10). ¬

(¬1) ق: 76. (¬2) النمل: 90. (¬3) سبق وأن تحدثت عنها في ترجمته. (¬4) الأحقاف: 19. (¬5) ق: 565. (¬6) النور 36. (¬7) ق: 54. (¬8) ق: 7. (¬9) الإسراء: 13 - 14. (¬10) ق: 99، رواه الخطيب والديلمي وأبو نعيم وقد حكم بوضعه غير واحد منهم الخطيب والشوكاني (انظر الفوائد المجموعة ص: 338).

ثالثا: موقفه من تفسير القرآن بالقرآن

ثالثا: موقفه من تفسير القرآن بالقرآن: إن تفسير القرآن بالقرآن كثير في تفسير يحيى فمن ذلك قول يحيى: قوله: {من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له} (¬1) وتفسيره في سورة البقرة {مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم} (¬2) وقال: قوله تعالى: {يغشي الليل النهار} (¬3) وهو كقوله: {يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل} (¬4). وقال: قوله {هو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام} (¬5) فيها إضمار خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام، اليوم منها ألف سنة كقوله {وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون} (¬6). وقوله: {للتي هي أقوم} (¬7) وقال في المزمل {وأقوم قيلا} (¬8): أصوب. وقوله: {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا} (¬9) تفسير الحسن: ألا يعذب قوم باستئصال حتى يحتج عليهم بالرسول كقوله {وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا} (¬10) وكقوله {وإن من أمة إلا خلا فيها نذير} (¬11) يعني الأمم التي أهلكها الله بالعذاب. وقوله: {كلا سنكتب ما يقول ونمد له من العذاب مدا} (¬12) يقول: هي كقوله تعالى {فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا} (¬13) (¬14) وقال في تفسير قوله تعالى {ومن آياته منامكم بالليل} (¬15): هي كقوله عز وجل {ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه} (¬16) كما فسر قوله تعالى {وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد} (¬17) قال: هو كقوله {وياقوم استغفروا ¬

(¬1) البقرة: 245. (¬2) البقرة: 261، ق: 84 / ب. (¬3) الأعراف: 54. (¬4) الزمر: 5. (¬5) الحديد: 4. (¬6) الحج: 47. (¬7) الإسراء: 9. (¬8) المزمل: 6. (¬9) الإسراء: 15. (¬10) القصص: 59. (¬11) فاطر: 24. (¬12) مريم: 78. (¬13) النبأ: 30. (¬14) ق: 24. (¬15) الروم: 23. (¬16) القصص: 73، ق: 80. (¬17) إبراهيم: 7.

رابعا: موقفه من تفسير القرآن بالسنة

ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا} (¬1) وكقوله: {ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون} (¬2) (¬3) رابعا: موقفه من تفسير القرآن بالسنة: ومن الأحاديث المرفوعة التي ذكرها يحيى في قوله في تفسير قوله تعالى {قل نار جهنم أشد حرا} (¬4): وحدثني حماد عن محمد بن زياد عن أبي هريرة قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ناركم هذه جزء من سبعين جزءا من نار جهنم " قيل: يارسول الله! إن كانت لكافية. قال: "فإنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءا." (¬5) وقال في قوله {له معقبات} (¬6): عن نعيم بن عبد الله عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل والنهار فيجتمعون عند صلاة الصبح وعند صلاة العصر فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم كيف تركتم عبادي فيقولون أتيناهم وهم يصلون وتركناهم وهم يصلون" (¬7). وقال في تفسير قوله تعالى {وجئتك من سبأ} (¬8) وحدثني ابن لهيعة عن عبد الله بن هبيرة عن عبد الرحمن بن وعلة أنه سمع ابن عباس يقول: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن سبأ أرجل أم امرأة؟ فقال: "بل هو رجل ولد عشرة فباليمن منهم ستة وبالشام أربعة، فأما اليمانيون فمذحج وحمير وكندة وأنمار والأزد والأشعريون، وأما الشاميون فلخم وجذام وعاملة وغسان " (¬9) ¬

(¬1) هود: 52. (¬2) الأعراف: 96. (¬3) ق: 357. (¬4) التوبة: 81. (¬5) ق: 598، أخرجه بنحوه البخاري - بدء الخلق - باب صفة النار 4/ 90 والترمذي - كتاب صفة جهنم - باب ما جاء أن ناركم هذه جزء من سبعين جزءا 4/ 709. (¬6) الرعد: 11. (¬7) أخرجه البخاري - التوحيد - باب قوله تعالى {تعرج الملائكة والروح إليه} 9/ 154، ومسلم - المساجد ومواضع الصلاة - باب فضل صلاة الصبح والعصر 1/ 439. (¬8) النمل: 22. (¬9) ق: 23، أخرجه أحمد 1/ 316 والحاكم في المستدرك - كتاب التفسير - سورة سبأ 2/ 423 وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وسكت الذهبي. وله شاهد من حديث فروة بن مسيك (انظر مرويات الإمام أحمد في التفسير 3/ 445).

وقال في تفسير قوله تعالى {إني وجدت امرأة تملكهم} (¬1) وحدثني المبارك عن الحسن عن أبي بكرة قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لن يفلح قوم تملكهم امرأة" (¬2) وقال في تفسير قوله تعالى {ونفخ في الصور} (¬3) عثمان عن نعيم به عبد الله عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أنا أول من تنشق عنه الأرض فأجد موسى متعلقا بالعرش فلا أدري أصعق فيمن صعق أم أجزأته الصعقة الأولى" (¬4) وقال: وقال بعضهم {وتقلبك في الساجدين} (¬5) كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرى في الصلاة من خلفه كما يرى من بين يديه قال يحيى: سمعت سعيدا يذكر عن قتادة عن أنس بن مالك قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "أحسنوا الركوع والسجود إذا ماركعتم وإذا ماسجدتم والذي نفسي بيده إني لأراكم من بعد ظهري كما أراكم من بين يدي". حماد عن ثابت البناني عن أنس بن مالك قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "استووا والذي نفسي بيده إني لأراكم من ورائي كما أراكم من بين يدي". (¬6) وقد اشتمل تفسير يحيى من ذلك على ثروة كبيرة من الحديث حتى إن ابن أبي زمنين قد صرح في مقدمة المختصر أن الدافع لاختصاره هو كثرة ما اشتمل عليه من الأحاديث. وهو لا يلتزم بإخراج الصحيح بل ربما أورد أحاديث ضعيفة بل وموضوعة كما تقدم، ومن ذلك أيضًا قوله: {الذين يأكلون الربا لا يقومون ... .} (¬7) نا حماد عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حدث عن ليلة أسري به فكان في حديثه أنه أتي به على سابلة آل فرعون حيث ينطلق بهم إلى النار يعرضون عليها ¬

(¬1) النمل: 23. (¬2) ق: 24، أخرجه البخاري - كتاب الفتن - باب 13/ 53 من طريق الحسن به بلفظ: ولوا أمرهم امرأة. (¬3) الزمر: 68. (¬4) ق: 39، أخرجه مسلم - كتاب الفضائل - باب من فضائل موسى عليه السلام4/ 1844 بأطول منه. (¬5) الشعراء: 219. (¬6) ق: 18، أخرجه البخاري - كتاب الصلاة - باب إقبال الإمام على الناس عند تسوية الصفوف 2/ 208 وباب إلزاق المنكب بالمنكب 2/ 211 وباب الخشوع في الصلاة 2/ 225، ومسلم - كتاب الصلاة - باب الأمر بتحسين الصلاة 1/ 319. (¬7) البقرة: 275.

غدوا وعشيا فإذا رأوها قالوا: ربنا لاتقيمن الساعة لما يرون من عذاب الله قال: "فإذا أنا برجال بطونهم كالبيوت يقومون فيقعون لظهورهم ولبطونهم فيأتي عليهم آل فرعون ... . بأرجلهم ... قلت: من هؤلاء ياجبريل؟ فقال: هؤلاء أكلة الربا " ثم تلا هذه الآية {الذين يأكلون الربا لايقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس} (¬1) ومارواه أيضا عن أبي الأشهب والمبارك عن الحسن قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاثة من حفظهن هو عبد لي حقا، ومن ضيعهن فهو عدو لي؛ ائتمن الله ابن آدم على ثلاث: الصلاة، ولو شاء قال: قد صليت. وعلى الصوم، ولو شاء قال: قد صمت. وعلى الغسل من الجنابة، ولو شاء قال: قد اغتسلت." ثم تلا هذه الآية {يوم تبلى السرائر} (¬2). (¬3) وأما أسباب النزول فهو يهتم بذكرها وأمثلتها كثيرة ومن ذلك: قال في تفسير قوله عز وجل {قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد} (¬4): حدثني الفرات عن طاووس أن رجلا قال: يا رسول الله! إني رجل أقف المواقف، أريد وجه الله، وأحب أن يرى مكاني، فلم يرد عليه رسول الله شيئا، فنزلت هذه الآية (¬5). (¬6) ¬

(¬1) أخرجه ابن إسحاق (انظر سيرة ابن هشام 2/ 38) وابن جرير 15/ 11 والبيهقي في دلائل النبوة 2/ 390 وابن عدي في الكامل 6/ 2123 وابن عساكر في تاريخ دمشق 1/ 581 من طريق أبي هارون به مطولا ولم يسمه ابن إسحاق وقد ضعفه ابن كثير والذهبي (انظر البداية 3/ 111، السيرة النبوية ص: 181) وأبو هارون اسمه عمارة بن جوين قال الحافظ: متروك ومنهم من كذبه، شيعي (التقريب 4840) (انظر صحيح السيرة النبوية 2/ 404). (¬2) الطارق: 9. (¬3) ق: 92، وهو حديث قدسي إسناده ضعيف لإرساله وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن أبي الدرداء نحوه وزاد: الزكاة. وأخرج ابن المنذر عن عطاء نحو ذلك من قوله (انظر الدر المنثور 6/ 375). (¬4) الكهف: 110. (¬5) ق: 21. (¬6) ضعيف لإرساله أخرجه ابن أبي حاتم وابن أبي أبي الدنيا في كتاب الإخلاص عن طاووس به، وقال السيوطي: مرسل. وأخرجه الحاكم من طريق طاوس عن ابن عباس موصولاً وصححه على شرط الشيخين وله شواهد عن مجاهد وغيره (انظر لباب النقول ص: 22) ولم يذكره صاحب الصحيح المسند من أسباب النقول.

وقال يحيى: عاصم بن حكيم عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود قال: لما نزلت هذه الآية {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} (¬1) قال أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -: وأينا لم يظلم نفسه؟ فنزلت هذه الآية {إن الشرك لظلم عظيم} (¬2). (¬3) وعند تفسيره لقوله تعالى {أم اتخذ عند الرحمن عهدا} (¬4)، قال: أخبرني صاحب عن الأعمش عن أبي الضحاك عن مسروق عن خباب بن الأرت قال: كنت قينا في الجاهلية، فعملت للعاصي بن وائل حتى اجتمع لي عنده دراهم فأتيته أتقاضاه، فقال: والله لا أقضيك حتى تكفر بمحمد، فقلت: لا أكفر بمحمد حتى تموت ثم تبعث، قال: وإني لمبعوث؟. قلت: نعم. قال: فسيكون لي ثَمّ مال وولد فأقضيك، فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته، فأنزل الله تبارك وتعالى هذه الآية إلى قوله {ويأتينا فردا} (¬5). (¬6) وأما تعرضه لفضائل السور والآيات فمن أمثلته: ذكر في آخر آية من سورة البقرة وهي قوله {لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما كسبت} (¬7)، أنها دعاء غفر الله به للنبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم نقل حديثا من طريق قتادة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " إن الله كتب كتابا قبل أن يخلق السموات والأرض بألفي سنة، فوضعه تحت العرش فأنزل منه آيتين فختم بهما سورة البقرة، لا تقرآن في بيت، فيقربه الشيطان ثلاث ليال {آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه} (¬8) إلى آخر السورة. ¬

(¬1) الأنعام: 82. (¬2) لقمان: 13. (¬3) ق: 82، أخرجه البخاري - كتاب التفسير: تفسير سورة لقمان - {لاتشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم} رقم 4776، ومسلم - كتاب الإيمان - باب صدق الإيمان وإخلاصه رقم 124 كلاهما من طريق الأعمش به. (¬4) مريم: 78. (¬5) مريم: 80. (¬6) ق: 24. (¬7) البقرة: 28. (¬8) البقرة: 285، 286إسناده ضعيف لإرساله ولكن أخرج أحمد 4/ 274 والترمذي - كتاب فضائل القرآن - باب ماجاء في سورة البقرة 5/ 160، والدارمي - كتاب فضائل القرآن - باب في فضل سورة البقرة 2/ 449 وابن حبان باب قراءة القرآن - ذكر البيان بأن آخر سورة البقرة إذا قرئ في دار ... 2/ 110، والحاكم في المستدرك - كتاب فضائل القرآن - باب أخبار في فضل سورة البقرة 1/ 562، كتاب التفسير - باب من سورة البقرة 2/ 260 وغيرهم عن النعمان بن بشير مرفوعا الجزء الأول منه وصححه ابن حبان والحاكم وقال الترمذي: حسن غريب. وله طرق أخرى وشواهد (انظر موسوعة فضائل سور وآيات القرآن 1/ 186 - 188) وأما الجزء الثاني فهو عند ابن حبان وغيره وأخرجه عبد الرزاق في تفسيره ص: 91 عن أبي قلابة مرسلا. وأخرج الطبراني 2/ 161 عن معاذ ابن جبل في حديث طويل معناه وأخرجه أيضا الحاكم 1/ 563 وصححه وسكت الذهبي.

خامسا: موقفه من تفسير القرآن بأقوال السلف

كما ذكر فضل بعض الآيات من سورة الكهف، وهو ما جاء في حديث أبي الدرداء قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من فتنة الدجال " (¬1). ويروي ابن سلام حديثًا آخر عن فضل خاتمة سورة الكهف عن قتادة أيضًا وهو قوله: "من حفظ خاتمة سورة الكهف كانت له نورا يوم القيامة من لدن قرنه إلى قدمه " (¬2). خامسا: موقفه من تفسير القرآن بأقوال السلف: كثيرا ما يفسر يحيى الآيات بأقوال الصحابة والتابعين مسندة وغير مسندة: ففي قوله تعالى {له معقبات} (¬3) قال يحيى: عبد القدوس بن مسلم عن ليث عن مجاهد قال: مامن آدمي إلا ومعه ملكان يحفظانه في ليله ونهاره ونومه ويقظته من الجن والإنس والدواب والسباع والهوام ... (¬4) وقال في قوله عز وجل {وتوكل على العزيز الرحيم الذي يراك حين تقوم} (¬5): قال قتادة: الذي يراك قائما وجالسا وفي صلاتك. قال {وتقلبك في الساجدين} (¬6) قال قتادة: في الصلاة وقال بعضهم: {الذي يراك حين تقوم} في الصلاة وحدك {وتقلبك في الساجدين} في صلاة الجميع وقال بعضهم: {الذي يراك حين تقوم} في الصلاة قائما {وتقلبك في الساجدين} في الركوع والسجود قال يحيى: أحد هذين ¬

(¬1) أخرجه مسلم - كتاب صلاة المسافرين - باب فضل سورة الكهف 1/ 555، وأحمد 5/ 196، 6/ 446، 449 وغيرها. (¬2) أخرجه هكذا مرسلا عبد الرزاق في المصنف 3/ 377 وأصله حديث أبي الدرداء السابق ذكره فقد جاء من طريقه موصولا عند أبي عبيد في فضائل القرآن ص: 177. (¬3) الرعد: 11. (¬4) في إسناده ليث بن أبي سليم قال الحافظ: صدوق اختلط جدا ولم يتميز حديثه فترك (التقريب 5685) ولكن أخرجه ابن جرير 13/ 115 من طرق أخرى عن مجاهد بنحوه، وقد جاء هذا التفسير عن غيره من السلف أيضا (انظر الدر 4/ 54، 55). (¬5) الشعراء: 219. (¬6) الشعراء: 220.

الوجهين تفسير السدي وقتادة ... وتفسير ابن مجاهد عن أبيه: الذي يراك حين تقوم أينما كنت. (¬1) وقال في قوله {ياموسى لا تخف إني لا يخاف لدي} (¬2): قال قتادة: عندي {المرسلون إلا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء فإني غفور رحيم} (¬3) تفسير الحسن: {لا يخاف لدي المرسلون} في الآخرة وفي الدنيا لأنهم أهل الولاية وأهل المحبة {إلا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء} فغفر الله له وهو قتل ذلك القبطي لم يتعمد قتله ولكن تعمد وكزه. (¬4) قال: قوله عز وجل: {وأدخل يدك} (¬5) قال السدي: يعني يده بعينها، {في جيبك} (¬6) قال قتادة: أي في جيب قميصك {تخرج بيضاء من غير سوء} (¬7) قال: من غير برص، وهو تفسير السدي. قال: قوله {ما كان للنبي والذين آمنوا ... .الجحيم} (¬8) أخبرنا سعيد عن قتادة وهشام عن قتادة قال: كان أنزل في سورة بني إسرائيل {وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا} (¬9) ثم أنزل هذه الآية {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} (¬10) إلى آخر الآية فلا ينبغي لمسلم أن يستغفر لوالديه إذا كانا مشركين ولا يقول رب ارحمهما (¬11). وقال الحسن: {من بعد ماتبين لهم أنهم أصحاب الجحيم} (¬12) ماتوا ¬

(¬1) ق: 18 وفي مختصر ابن أبي زمنين 129 / ب: {الذي يراك حين تقوم} يعني حين تقوم في الصلاة وحدك {وتقلبك في الساجدين إنه هو السميع العليم}. (¬2) النمل: 10. (¬3) النمل: 11. (¬4) ق: 21 وفي ابن أبي زمنين130 / أ: إني لا يخاف لدي المرسلون أي عندي إلا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء فإني غفور رحيم أي فإنه لا يخاف عندي وكان موسى ممن ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء غفر الله له وهو قتل ذلك القبطي لم يتعمد قتله ولكن تعمد وكزه. قال محمد: قوله {إلا من ظلم} قال: هو استثناء ليس من الأول والله أعلم: لكن من ظلم من المسلمين وغيرهم ثم تاب. (¬5) النمل: 12. (¬6) النمل: 12. (¬7) النمل: 12. (¬8) التوبة: 113. (¬9) الإسراء: 23 - 24. (¬10) التوبة: 113. (¬11) هو مذكور بنحوه في الناسخ والمنسوخ لقتادة ص: 181، وقد ذكره النحاس في ناسخه ص: 181. (¬12) التوبة: 113.

على الكفر. قال يحيى: يقول: اللهم اهده ولا يقول: اللهم اغفر له. (¬1) وفي قوله تعالى {وآخرين منهم لما يلحقوا بهم} (¬2) قال يحيى: عن صاحب له عن فطر بن خليفة عن مجاهد قال: {وآخرين منهم لما يلحقوا بهم}: إخوانهم من العجم (¬3). وقال: قوله {كما أنزلنا على المقتسمين الذين جعلوا القرآن عضين} (¬4) تفسير الحسن يقول: أنزلنا عليك القرآن كما أنزلنا على المقتسمين والمقتسمون أهل الكتابين الذين اقتسموه فجعلوه كتبا بعد إذ كان كتابا واحدا فجعلوه كالأعضاء وحرفوه عن مواضعه ثم قالوا: هذا من عند الله. وكتب الله كلها القرآن. وقال: قول الله تعالى: {لمسجد أسس على التقوى من أول يوم} (¬5) حدثني إبراهيم بن محمد عن محمد بن المنكدر عن عبد الله بن جعفر عن علي وعمر قالا: المسجد الذي أسس على التقوى مسجد النبي عليه السلام (¬6). وقال في تفسير قوله تعالى: {رفع السموات بغير عمد ترونها} (¬7) سعيد عن قتادة عن ابن عباس: لها عمد ولكن لا ترونها (¬8). وفي قوله {فلا أقسم بمواقع النجوم} (¬9) قال: أقسم بمواقع النجوم إن هذا القرآن {لقرآن كريم} على الله {في كتاب مكنون} عند الله بأيدي الملائكة السفرة الكرام البررة {لا يمسه إلا المطهرون} (¬10) يعني من الذنوب وهم الملائكة وهو تفسير السدي. ¬

(¬1) ق: 605. (¬2) الجمعة: 3. (¬3) إسناده ضعيف لأن فيه مبهما وقد أخرجه ابن جرير 28/ 95 من غير هذه الطريق عن مجاهد وعزاه السيوطي لسعيد بن منصور وعبد بن حميد وغيرها (الدر 6/ 238). (¬4) الحجر: 90 - 91. (¬5) التوبة: 108. (¬6) ق: 21، وفي إسناده ابراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي قال الحافظ: متروك، (التقريب 241) وانظر (تهذيب الكمال 1/ 63) وقد روي ذلك عن غير واحد من الصحابة (انظر الدر المنثور 3/ 300) ورواه الترمذي مرفوعًا - كتاب التفسير 5/ 280 وقال: حسن صحيح غريب. (¬7) الرعد: 2. (¬8) إسناده ضعيف لانقطاعه قتادة لم يسمع من غير أنس من الصحابة (انظر التهذيب 8/ 351) وقد فسرها بذلك تلميذ ابن عباس: مجاهد (انظر التفسير المنسوب إليه 1/ 323). (¬9) الواقعة: 75. (¬10) الواقعة: 79.

سادسا: موقفه من السيرة والتاريخ وذكر الغزوات

قوله عند تفسير قول الله تعالى: {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات} (¬1). هشام عن قتادة عن مطرف بن عبد الله قال: فضل العلم أعجب إلي من فضل العبادة. قيل: لم؟ قال: لأنه أورع لله عن محارمه (¬2). عاصم بن حكيم عن هلال بن خباب قال: قلت لسعيد بن جبير: متى هلاك هذه الأمة؟ فقال: إذا هلك فقهاؤها هلكوا (¬3). سادسا: موقفه من السيرة والتاريخ وذكر الغزوات: ذكر ابن سلام عدة روايات في الإسراء مستقاة من السيرة في بداية سورة الإسراء ومن ذلك قوله: وقال بعض من رواه: يامحمد نسألك عن عيرنا هل رأيتها في الطريق؟ قال: نعم قال: أين؟ قال: مررت على عير بني فلان بالروحاء وقد أضلوا ناقة لهم وهم في طلبها ... . فذكر قصة طويلة. ومن مواضع تعرضه للسيرة بيانه لقوله عز وجل {لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج} (¬4) بالاستناد إلى رواية الكلبي حيث ذكر أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لما تزوج أسماء بنت النعمان الكندية وكانت من أحسن البشر، فقالت نساء نبي الله: لئن تزوج رسول الله علينا الغرائب، ما له فينا حاجه، فحبس الله نبيه على أزواجه اللائي عنده، وأحل له من بنات العم والعمة والخال والخالة ما شاء. (¬5) وفسر قوله عز وجل {وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضًا لم تطأوها} (¬6)، بما رواه من أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، لما حاصر بني النضير وقطع نخلهم، فرأوا أنه قد ذهب بعيشهم فصالحوه على أن يجليهم إلى الشام. (¬7) ¬

(¬1) المجادلة: 11. (¬2) أخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 1/ 32 من طريق قتادة به نحوه وإسناده صحيح. هشام: هو ابن سنبر الدستوائي قال الحافظ: ثقة ثبت (التقريب 7299) وقتادة: ثقة مشهور. (¬3) ق: 127، أخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 1/ 153 من طريق هلال به وعاصم: قال الحافظ: صدوق (التقريب 355) وهلال: قال الحافظ: صدوق تغير بأخرة (التقريب 7334) فالإسناد حسن. (¬4) الأحزاب: 52. (¬5) ق: 91. (¬6) الأحزاب: 27. (¬7) ق: 118.

سابعا: موقفه من الإسرائيليات

سابعا: موقفه من الإسرائيليات: والإسرائيليات في تفسير يحيى كثيرة لأنه ينقل عن الكلبي في مواضع عدة ومن ذلك قوله في تفسير قوله عز وجل: {قيل لها ادخلي الصرح} (¬1) وقال الكلبي: إن الجن استأذنوا سليمان وقالوا: ذرنا فلنبن لها صرحا من قوارير - والصرح قصر - ننظر كيف عقلها وخافت الجن أن يتزوجها سليمان فتطلع سليمان على أشياء كانت الجن تخفيها من سليمان، قال قتادة: وكان أحد أبويها جنيا قال يحيى: فلذلك تخوفوا ذلك منها، قال الكلبي: وأذن لهم فعمدوا إلى الماء فحجزوه في أرض فضاء ثم أكثروا فيه من الحيتان والضفادع ثم بنوا عليه سترة من زجاج ثم بنوا عليه صرحا - قصرا ممردا - من قوارير - والممرد الألمس - ثم أدخلوا عرش سليمان - أي سرير سليمان - وعرشها وكراسي عظماء الملوك ثم دخل الملك سليمان ودخل معه عظماء جنده ثم قيل لها: ادخلي الصرح وفتح الباب فلما أرادت الدخول إذا هي بالحيتان والضفادع فظنت أنها مُكِر بها لتغرق ثم نظرت فإذا هي بالملك سليمان على سريره والناس عنده على الكراسي فظنت أنها مخاضة فكشفت عن ساقيها وكان بها سوء فلما رآها سليمان كرهها فلما عرفت الجن أن سليمان قد رأى منها ماكانت تكتم من الناس قالت لها الجن: لاتكشفي عن ساقيك ولا قدميك ... .الخ. وقال ابن مجاهد عن أبيه: وكانت أم بلقيس جنية وكان قدم بلقيس كحافر حمار وقال قتادة: وكان مؤخر رجلها كحافر الدابة. (¬2) وفي قوله تعالى {إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض} (¬3): قال: عن كعب الأحبار قال: إن يأجوج ومأجوج ينقرون كل يوم بمناقرهم في السد، فيشرعون فيه، فإذا أمسوا قالوا: نرجع غدا فنفرغ منه، فيصبحون وقد عاد كما كان، فإذا أراد الله تبارك وتعالى خروجهم قذف على ألسن بعضهم الاستثناء، فقالوا: نرجع غدا إن شاء الله، فنفرغ منه، فيصبحون وهو كما تركوه، فينقرونه فيخرجون على الناس. ¬

(¬1) النمل: 44. (¬2) ق: 28 ونقله أيضا ابن أبي زمنين 132 / أعن الكلبي. (¬3) الكهف: 90.

ثامنا: موقفه من اللغة

ومما يتصل بهذا المبحث روايته لبعض الأخبار المتعلقة بتوضيح مبهمات القرآن فقد ذكر في تفسير الرجل، والمدينة من قوله تعالى {وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى} (¬1) أن الرجل هو حبيب النجار، وأن المدينة هي أنطاكية (¬2). ثامنا: موقفه من اللغة: يقوم بتفسير بعض المفردات التي لا رواية فيها ومن ذلك قوله: قال يحيى: {الدين} (¬3) في اللغة الجزاء، ومن كلام العرب دنته أي جازيته (¬4). وقال: قوله عز وجل {إنه هو السميع العليم} (¬5) لاأسمع منه ولا أعلم منه. (¬6) وقال يحيى: قوله: {وإذا أنزلت سورة أن آمنوا بالله وجاهدوا مع رسوله استأذنك أولو الطول منهم} (¬7) ذوو السعة والغنى في البقاء والتخلف عن الجهاد، {وقالوا ذرنا نكن مع القاعدين} (¬8) النساء (¬9). وأقول: هذا فيه نظر وإنما النساء أردن بقوله: الخوالف، وأما القاعدون فهو جمع مذكر سالم أريد به المتخلفون من المعذورين (¬10). وقال يحيى عند تفسير قول الله عز وجل: {بئسما اشتروا به أنفسهم} (¬11): وكل شيء في القرآن "اشتروا" فهو شراء إلا هذه الآية، وكل شيء في القرآن "شروا" فهو بيع (¬12). وقال {طوبى لهم} (¬13) أي: حسنًا لهم وهي كلمة من كلام العرب. (¬14) ومن تعرضه أيضا لبعض النواحي اللغوية قوله: {سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار} (¬15) فيها تقديم وتأخير: سواء من أسر القول منكم ومن جهر به ... ¬

(¬1) القصص: 25. (¬2) ق: 657. (¬3) الفاتحة: 4. (¬4) انظر ابن أبي زمنين 7 / ب. (¬5) الشعراء: 220. (¬6) ق: 18. (¬7) التوبة: 86. (¬8) التوبة: 86. (¬9) ق: 19. (¬10) انظر تفسير الطبري 10/ 207 - 208. (¬11) البقرة: 90. (¬12) انظر ابن أبي زمنين 11 / ب. (¬13) الرعد: 29. (¬14) ق: 668. (¬15) الرعد: 10.

تاسعا: موقفه من القراءات

قوله: {له معقبات} (¬1) لهذا المستخفي وهذا السارب، {من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله} (¬2) فيها تقديم وتأخير: له معقبات من بين يديه ومن خلفه من أمر الله، أولئك يحفظونه (¬3). وتعرض ابن سلام إلى بعض الألفاظ الواردة في القرآن والتي هي من أصل أعجمي فنسبها إلى أصولها. مثل لفظة (المشكاة) في قوله تعالى {الله نور السموات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح} (¬4) قال: المشكاة: الكوة في البيت التي ليست بنافذة وهي بلسان الحبشة (¬5). ولفظة (المنسأة) في قوله تعالى {فلما قضينا عليه الموت مادلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته} (¬6) قال: وهي العصا بالحبشية (¬7). وقال في أصل لفظة (القسطاس) في قوله تعالى: {وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم} (¬8) بالقسطاس: العدل بالرومية (¬9) ولم أقف على استدلال ليحيى بالشعر فيما رجعت إليه من تفسيره (¬10). تاسعا: موقفه من القراءات (¬11): لقد وصف الشيخ محمد الفاضل ابن عاشور منهج ابن سلام بقوله: ... يتدرج من اختيار المعنى إلى اختيار القراءة التي تتماشى وإياه، مشيرا إلى ¬

(¬1) الرعد: 11. (¬2) الرعد: 11. (¬3) ق: 27. (¬4) النور: 35. (¬5) ق: 53. (¬6) سبأ: 14. (¬7) ق: 93. (¬8) الإسراء: 35. (¬9) ق: 9. (¬10) وقد وقعت صاحبة التفسير واتجاهاته في مأزق كبير ويبدو أنها لا تحفظ القرآن حيث نسبت لابن سلام أنه يحتج للتفسير اللغوي بالشعر العربي القديم وقالت: فقد ذكر في تفسير معنى (أسفا) من قوله تعالى {فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا} (الكهف: 6): غضبا وهو تفسير قتادة ثم قال: مثل قوله: ... فلما آسفونا أغضبونا انظر التفسير واتجاهاته ص: 95 فظنت أن قوله: فلما آسفونا أغضبونا شطرا من بيت شعر عربي ووصفته بأنه قديم والمراد كما هو واضح تفسير كلمة آسفونا من قوله تعالى {فلما آسفونا انتقمنا منهم} (الزخرف: 55) بأن معناها: أغضبونا. وهو موافق لما رواه ابن جرير 25/ 84 عن قتادة وغيره. (¬11) انظر دراسة خاصة بالقراءات عند يحيى بن سلام من خلال تفسيره عند هند شلبي في القراءات بإفريقية ص: 151 - 185.

اختياراته في القراءة بما يقتضي أن له رواية، أو طريقا، لا يبعد أن تكون راجعة إلى قراءة أبي عمرو بن العلاء البصري، لأن يحيى بن سلام بصري النشأة. (¬1) ويؤيد كلامه هذا ما جاء في تفسير يحيى لقوله تبارك وتعالى {أن لهم النار وأنهم مُفْرَطون} (¬2) حيث قال: معجلون إلى النار ... وبعضهم يقرأ هذا الحرف {وأنهم مُفَرِّطون} يعني أنهم مفرّطون: قولهم: {يا حسرتنا على ما فَرّطنا فيها} (¬3)، ثم قال: وكذلك قرأتها عند أبي عمرو. وقد كان له مصحف معتمد رجح البعض أنه مصحف البصرة (¬4) ظهر ذلك عند تفسيره لقوله تعالى {الزانية والزاني} (¬5) حيث قال يحيى: وأما الرجم فهو في مصحف أبي بن كعب وفي مصحفنا. (¬6) وكثيرًا ما يشير يحيى في تفسيره إلى أوجه القراءة المختلفة، غير أنه لا يصرح بأسماء أصحاب تلك القراءات إلا قليلا، ولا غرابة في ذلك، فقد ذكر ابن الجزري أنه روى الحروف عن أصحاب الحسن البصري ومنهم الحسن بن دينار وغيره. وقال: وله اختيار في القراءة من طريق الآثار. (¬7) ومن نماذج ذلك ما يلي: قوله {ولهم عذاب أليم بما ¬

(¬1) التفسير ورجاله ص: 27. (¬2) النحل: 62. (¬3) الأنعام: 31. (¬4) انظر القراءات بإفريقية ص: 176. (¬5) النور: 2. (¬6) ق: 49. (¬7) غاية النهاية 2/ 373 ورواية الحروف لم أقف على من حد لها حدا ولكنها غير عرض القراءات قطعا، وربما يتضح معناها مما ذكره ابن الجزري في ترجمة يحيى بن سعيد الكوفي حيث قال: قال يوسف القطان: قلت لجرير بن عبد الحميد كيف أخذتم هذه الحروف عن الأعمش؟ قال: إذا كان شهر رمضان جاء أبو حيان التميمي وحمزة الزيات مع كل واحد منهما مصحف فيمسكان على الأعمش المصحف ويقرأ ويجتمع الناس ويسمعون قراءته فأخذنا الحروف من قراءته. غاية النهاية 2/ 372 - 373 وقال القاري: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد تلقى أحرف القرآن السبعة ... ثم علق قائلا: الحرف لغة الوجه ومعناه هنا وجه القراءة وعند الصحابة كانوا يستعملون هذا الاصطلاح مرادفا للقراءة فقول عمر بن الخطاب: سمعت هشام بن حكيم بن حزام يقرأ سورة الفرقان فإذا هو يقرؤها على حروف كثيرة، أي على قراءات كثيرة، ويقولون: حرف زيد وحرف أبي وحرف ابن مسعود، كل ذلك معناه القراءة التي يرويها هؤلاء، فالنسبة إليهم كنسبة الحديث النبوي إلى راويه. سنن القراء ومناهج المجودين ص: 32. وتعبير روى الحروف ونحوه متكرر عند ابن الجزري بكثرة في غايته انظر أمثلة لذلك 2/ 36، 106، 108، 168، 261، 274 ويلاحظ أن هذا التعبير غالبا مايكون في المتقدمين قبل تسبيع السبعة.

كانوا يكذبون} (¬1)، أشار يحيى إلى أن أنها تقرأ بالتخفيف والتثقيل أي: يَكْذِبون من الكذب، ويُكَذِّبون من التكذيب. (¬2) قوله {وأتموا الحج والعمرة لله} (¬3) قال يحيى: مقرأ العامة بالنصب فيهما. وذكر قراءة أخرى وهي: نصب الحج ورفع العمرة، وذكر أن هذه القراءة تتفق مع قول من ذهب إلى أن الحج فريضة والعمرة تطوع. (¬4) قوله {قالوا ساحران تظاهرا وقالوا إنا بكل كافرون} (¬5) قال: يعنون موسى ومحمدا - صلى الله عليه وسلم - في تفسير الحسن، وقال سعيد بن جبير: يعنون موسى وهارون عليهما السلام. (¬6) قوله {فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون} (¬7) قال: وهي تقرأ زُبُرا وزُبَرا فمن قرأها زُبَرا يقول: قطعا، ومن قرأها زُبُرا يقول: كتبا. (¬8) قوله {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية} (¬9) قال: وهي تقرأ على وجهين: {قَرن} و {قِرن}، فمن قرأها {وقِرن} فمن قبل القرار، ومن قرأها {وقَرن} فمن قبل الوقار. (¬10) قوله {سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آيات بينات لعلكم تذكرون} (¬11) قال: وهي تقرأ على وجهين: {فرَضناها} و {فرَّضناها} على التخفيف ¬

(¬1) البقرة: 10. (¬2) انظر مختصر ابن أبي زمنين ل4 / ب. (¬3) البقرة: 196. (¬4) انظر مختصر ابن أبي زمنين ل21 / ب. (¬5) القصص: 48. (¬6) ق: 34 ويلاحظ هنا أنه اعتمد قراءة الحسن وأهل البصرة وغيرهم: ساحران بفتح المهملة بعدها ألف، والقراءة الأخرى وهي قراءة أهل الكوفة: سحران بكسر المهملة بدون مد ثم سكون وهما قراءتان سبعيتان. انظر: إتحاف فضلاء البشر ص: 343. (¬7) المؤمنون: 53. (¬8) قراءة العشرة بضم الباء وقرأ بالفتح الأعمش قال أبو حيان: جمع زبرة. انظر البحر المحيط 6/ 338. (¬9) الأحزاب: 33. (¬10) ق: 120 والقراءة الأولى بفتح القاف والثانية بكسرها وهما قراءتان سبعيتان. (¬11) النور: 1.

والتثقيل ثم قال: فرض فيها فرائضه قال قتادة: وحد فيها حدوده وسن فيها سننه يعني مافرض في هذه السورة وسن فيها. وقال السدي: وفرَّضناها: يعني بيناها. (¬1) قوله {حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة} (¬2)، قال: وهي تقرأ على وجهين: {حمئة} و {حامية} ثم قال: حدثني المعلى عن محمد بن عبيدالله عن ابن أبي مليكة قال: تمارى ابن عباس وعمرو بن العاص في {عين حمئة} فقال ابن عباس: حمئة، وقال عمرو: عين حامية فجعلا بينهما كعب الحبر فقال كعب: نجدها في التوراة تغرب في ماء وطين كما قال ابن عباس. (¬3) ثم أشار ابن سلام إلى معنى ما جاء في قول كعب الأحبار فقال: يعني بالحمأ: الطين المنتن (¬4)، ومن قرأها حامية يقول حارة. (¬5) وهو يتعرض للقراءات الشاذة المخالفة لرسم المصحف: ومن هذا النوع ما ذكره في قراءة قوله تعالى: {فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما} (¬6) قال: قال سعيد عن قتادة: كانت تقرأ في الحرف الأول: صمتا (¬7) وبلغني عن أنس بن مالك أنه كان يقرؤها {صوما} صمتا. (¬8) قوله {أن بورك من في النار ومن حولها} (¬9) قال: قال قتادة: {ومن حولها} الملائكة وهي في مصحف أبي بن كعب: نودي أن بوركت النار ومن حولها. (¬10) قوله: {له معقبات من بين يديه ومن خلفه} (¬11). قال: سعيد عن قتادة قال: هي في قراءة أبي بن كعب: له معقبات من بين يديه ورقيب من ¬

(¬1) ق: 49. (¬2) الكهف: 86. (¬3) أخرج ابن جرير نحوه 16/ 11 من طريق عطاء ابن أبي رباح عن ابن عباس. وعزاه السيوطي أيضا لسعيد بن منصور وابن المنذر (انظر الدر المنثور 4/ 272). (¬4) انظر المفردات في غريب القرآن ص: 133. (¬5) ق: 19، وهما قراءاتان سبعيتان انظر لتوجيههما بنحو مما هنا: إتحاف فضلاء البشر ص: 294. (¬6) مريم: 26. (¬7) أخرجه ابن جرير 16/ 75 من طريق يزيد بن زريع عن سعيد به مثله وفيه زيادة. (¬8) ق: 22. (¬9) النمل: 8. (¬10) ق: 20. (¬11) الرعد: 11.

عاشرا: موقفه من الفقه والأصول

خلفه. وأما اختيار يحيى في القراءات الذي أشرنا إليه آنفا حفظ لنا بعض حروفه ابن أبي زمنين في مختصره ومن ذلك قوله: {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} (¬1) قال محمد: قراءة يحيى: {واتخِذوا} بكسر الخاء. وقوله {ومن يعش عن ذكر الرحمن} (¬2) قال محمد: قراءة يحيى: يعشَ، بفتح الشين. (¬3) وقوله {في غيابة الجب} (¬4) قال محمد: كل شيء غيب عنك شيئا فهو غيابة، وكذلك قرأ يحيى: {غيابة الجب}. (¬5) عاشرا: موقفه من الفقه والأصول: وهو يتعرض للفقهيات دائما في نقوله عن الصحابة والتابعين وأحيانا من كلامه هو كما في تفسير قوله تعالى {ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله} (¬6) بعد أن ذكر الآثار والكلام في الرجم قال يحيى: ولا تحصن الأمة ولا اليهودية ولا النصرانية ولا يحصن المملوك الحرة ولا يحصن الحر إذا كانت له امرأة لم يدخل بها ولا تحصن امرأة لها زوج لم يدخل بها وإذا أحصن الرجل أو المرأة فوطئ مرة واحدة ثم زنا بعد ذلك وليس له امرأة يوم زنا أو زنت امرأة ليس لها زوج يوم زنت فهما محصنان يرجمان وإذا زنا أحد الزوجين وقد أحصن ولم يحصن الآخر رجم الذي أحصن منهما وجلد الذي لم يحصن منهما مائة ولا تحصن أم الولد وإن ولدت له أولادا وإذا زنا الغلام أو الجارية وقد تزوجا وقد دخل الغلام بامرأته أو دخل على الجارية زوجها ولم يكن الغلام احتلم ولم تكن الجارية حاضت فلا حد عليهما لا رجم ولا جلد حتى يحتلم أو تحيض ... الخ كلامه فهو أطول من ذلك. (¬7) وأطال أيضا في المواريث تحت قوله تعالى {يوصيكم الله في أولادكم ...} (¬8) الآيات، إطالة مملة لا علاقة لها بالتفسير حيث عدد حالات تفصيلية: ومن ذلك قوله: أخ لأب وأم نصفه حر وأخ لأب حر فنصف المال للأخ ¬

(¬1) البقرة: 125. (¬2) الزخرف: 36. (¬3) ل315 / أ. (¬4) يوسف: 10. (¬5) ل152 / أ. (¬6) النور: 2. (¬7) ق: 735. (¬8) النساء: 11 - 12.

لأب وأم لأن نصفه حر والنصف الثاني للأخ للأب وقوله: رجل ترك ثلاثة بنين أحدهم حر ونصف الآخر حر ... الخ وعقد أبوابا: ميراث الملاعنة في قول ابن مسعود وعلي ... وللأرحام في قول ابن مسعود ... الخ. وكثيرًا ما يذكر يحيى اختياره من بين ما يورده من الروايات، معبرًا عن ذلك، بقوله: " وبه يأخذ يحيى" ومن ذلك: أنه أورد عدة روايات في نفقه المطلقة ثلاثًا وسكنها، ثم أورد الرواية عن عمر - رضي الله عنه - بأن لها السكنى والنفقة، وقال على إثرها: " وبه يأخذ يحيى ". (¬1) كما ساق يحيى عدة روايات تتعلق بنفقة الحامل المتوفى عنها زوجها، وفي آخرها أورد رواية عن جابر بن عبد الله والحسن وسعيد بن المسيب وعطاء، قالوا: الحامل المتوفى عنها لا نفقه لها ثم قال: "وبه يأخذ يحيى". (¬2) ومن رواياته في النسخ: ما تقدم في قوله {ما كان للنبي والذين آمنوا ... .الجحيم} (¬3) قال: أخبرنا سعيد عن قتادة وهشام عن قتادة قال: كان أنزل في سورة بني إسرائيل {وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا} (¬4) ثم أنزل هذه الآية {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} (¬5) إلى آخر الآية، فلا ينبغي لمسلم أن يستغفر لوالديه إذا كانا مشركين ولا يقول: رب ارحمهما. (¬6) وللمؤلف استطرادات في بعض الأحيان سوى ماتقدم في الفقهيات ومن ذلك إطالته في الحديث عن الجمعة وخطبتها في تفسير سورة الجمعة فساق أحاديث وآثارا جانبية لا علاقة لها بالتفسير ومنها قوله: ابن لهيعة عن عبد ربه بن سعيد عن أخت لعمرة بنت عبد الرحمن قالت: حفظت هذه السورة ق: والقرآن المجيد من في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ظهر قلب وهو على المنبر كل يوم جمعة. (¬7) ¬

(¬1) ق: 53. (¬2) ق: 53 وانظر أيضا ق: 20. (¬3) التوبة: 113. (¬4) الإسراء: 23 - 24. (¬5) التوبة: 113. (¬6) سبق تخريجه وتخريج الآيات في موقف المؤلف من تفسير القرآن بأقوال السلف. (¬7) ابن لهيعة مشهور وفيه كلام كثير، وعبد ربه قال الحافظ: ثقة (التقريب 3786) وأخت عمرة هي أم حارثة بنت النعمان وقد أخرج حديثها هذا غير واحد من طرق أخرى ومنهم مسلم - كتاب الجمعة - باب تخفيف الصلاة والخطبة 2/ 595 من طريق يحيى بن سعيد عن عمرة عن أختها به نحوه.

تفسير بقي بن مخلد من خلال نقول من تفسيره وكتابه في الحوض والكوثر

تفسير بقي بن مخلد من خلال نقول من تفسيره وكتابه في الحوض والكوثر مؤلف هذا التفسير هو بقي بن مخلد بن يزيد الأندلسي أبو عبد الرحمن القرطبي ت 276 هـ وهو من الوافدين على المنطقة دخل إفريقية وسمع بها من الإمام سحنون وجماعة من أهلها. (¬1) التعريف بالتفسير: وتفسير بقي بن مخلد من التفاسير المفقودة ويبدو أنه فقد فيما فقدته الأمة من تراث مع الهجمات الصليبية على الأندلس (¬2)، والكتاب له مكانة كبيرة عند أهل العلم. قال الداوودي: ولبقي بن مخلد تفسير القرآن، ومسند النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس لأحد مثله. (¬3) ووصفهما الذهبي بقوله: لانظير لهما. (¬4) وقال الحميدي: قال لنا أبو محمد علي بن أحمد: فمن مصنفات أبي عبد الرحمن كتابه في تفسير القرآن فهو الكتاب الذي أقطع قطعا لا استثناء فيه أنه لم يؤلف في الإسلام مثله ولا تفسير محمد بن جرير الطبري ولا غيره ومنها في الحديث مصنفه الكبير ... ومنها مصنفه في فتاوى الصحابة والتابعين ومن دونهم ... إلى أن قال: فصارت تواليف هذا الإمام الفاضل قواعد للإسلام لا نظير لها. (¬5) ¬

(¬1) تقدمت ترجمته في الوافدين برقم 20. (¬2) انظر بقي بن مخلد القرطبي ومقدمة مسنده ص: 50. (¬3) طبقات المفسرين 1/ 117. (¬4) انظر السير 13/ 285. (¬5) بغية الملتمس وجذوة المقتبس 1/ 301، 302.

منهج المؤلف العام في تفسيره

وقد اختصر تفسيره هذا عبد الله بن محمد بن حسن بن عبد الله بن عبد الملك أبو محمد القرطبي المتوفى سنة 318 هـ ولم يصلنا هذا المختصر أيضا. وتفسير بقي يرويه ابن عبد البر عن شيخه أحمد بن عبد الله بن محمد الباجي عن أبيه عن عبد الله بن يونس بن محمد المرادي القبري عن بقي به. (¬1) وسوف أعطي عرضا موجزا عن تفسيره من خلال النقول التي وقفت عليها في كتاب التمهيد لابن عبد البر كما رواها عنه، ومن خلال بعض الروايات التفسيرية التي رواها بقي في كتابه: ماروي في الحوض والكوثر. منهج المؤلف العام في تفسيره: يبدو من خلال ماوقفنا عليه من نصوص تفسيرية أن منهج بقي في تفسيره هو سرد الروايات التفسيرية المسندة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وإلى الصحابة والتابعين ذات العلاقة بتفسير الآية، ويسوق الطرق ومختلف الألفاظ أحيانا ولا يتدخل بتعليقات من عنده على نهج كتب الأئمة المتقدمين المقتصرين على التفسير بالمأثور أمثال عبد الرزاق وعبد ابن حميد والنسائي وابن أبي حاتم وغيرهم، وتتضمن هذه الروايات نصوصا لغوية وأسباب نزول وناسخا ومنسوخا وغير ذلك. المنهج التفصيلي للمؤلف: أولا: موقفه من العقيدة: ذكر بقي بعض الروايات التي تخدم أبوابا من أبواب العقيدة، وهي تدلل على عقيدة سلفية ومن ذلك مارواه في عذاب القبر: قال (¬2): حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل قال حدثنا هشام بن يوسف عن ابن جريج قال أخبرني ابن طاوس، عن أبيه: {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا} (¬3) لا إله إلا الله {وفي الآخرة} المسألة ¬

(¬1) انظر جهود ابن عبد البر ص: 127. (¬2) انظر التمهيد 22/ 249. (¬3) إبراهيم: 27.

في القبر. (¬1) ومارواه في إثبات الشفاعة للنبي - صلى الله عليه وسلم - قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد قال: حدثنا قيس عن عاصم عن زر، عن ابن مسعود {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} (¬2): الشفاعة (¬3). كما قال ابن عبد البر (¬4) محيلا القارئ إلى أقاويل العلماء في قوله تعالى {فلما تجلى ربه للجبل} (¬5): فلينظر في تفسير بقي بن مخلد ومحمد بن جرير وليقف على ما ذكرا من ذلك ففيما ذكراه كفاية. وفي بعض القضايا المتعلقة بالروح: قال ابن عبد البر (¬6): ... {الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها} (¬7) فروي عن ابن عباس وسعيد بن جبير أنهما قالا: تقبض أرواح الأموات إذا ماتوا، وأرواح الأحياء إذا ناموا، تتعارف ماشاء الله أن تتعارف؛ فيمسك التي قضى عليها الموت التي قد ماتت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى. ذكره بقي بن مخلد عن يحيى بن عبد الحميد الحماني عن يعقوب القمي عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير. وذكره أيضا عن يحيى بن رجاء عن موسى بن أعين عن مطرف عن جعفر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ومعنى حديثهما واحد. (¬8) ¬

(¬1) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 2/ 432 وابن جرير في تفسيره 13/ 218 وذكره النحاس في معاني القرآن 3/ 530 والسيوطي في الدر 5/ 33. إسحاق: قال الحافظ ابن حجر: صدوق تكلم فيه لوقفه في القرآن (التقريب 338). وهشام: قال الحافظ: ثقة (التقريب 7309)، وابن طاوس: اسمه عبد الله قال الحافظ: ثقة فاضل عابد (التقريب 3397) ثقتان وابن جريج وطاووس مشهوران وقد صرح ابن جريج بالسماع فأمنا تدليسه فالإسناد حسن. (¬2) الإسراء: 79. (¬3) في إسناده يحيى بن عبد الحميد الحماني قال الحافظ: حافظ إلا أنهم اتهموه بسرقة الحديث (التقريب 7591) وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن مسعود معناه مطولاً، كما رواه أحمد والحاكم وغيرهما عنه مرفوعًا بمعناه (انظر الدر المنثور 4/ 218). (¬4) التمهيد 7/ 153. (¬5) الأعراف: 143. (¬6) التمهيد 5/ 241. (¬7) الزمر: 42. (¬8) أخرجه ابن جرير في تفسيره 24/ 9 وأبو الشيخ في العظمة 3/ 884 - 885 كلاهما من طريق يعقوب القمي عن سعيد بن جبير به من قوله. ويعقوب: قال الحافظ: صدوق يهم (التقريب 7822) وجعفر: مثله (التقريب960) فالإسناد إلى سعيد حسن.

ثانيا: موقفه من تفسير القرآن بالسنة

ثانيا: موقفه من تفسير القرآن بالسنة: وتحت قوله تعالى {طوبى لهم وحسن مآب} (¬1) وقفت على رواية لبقي قال: نا ابن ذكوان، قال: حدثنا مروان، قال: نا معاوية بن سلام، قال: حدثني أخي زيد بن سلام أنه سمع جده أبا سلام قال: حدثني عامر بن زيد البكالي أنه سمع عتبة بن عبد السلمي يقول: جاء أعرابي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله ما حوضك هذا الذي تحدث عنه؟ قال: "هو ما بين البيضاء إلى بصرى، ويمدني الله فيه بكراع (¬2) لا يدري أحد ممن خلق الله أين طرفيه". قال: فكبر عمر. فقال: أما الحوض فيرد عليه فقراء المهاجرين الذين يقتلون في سبيل الله ويموتون في سبيل الله، وأرجو أن يوردني الله الكراع فأشرب منه. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله وعدني أن يدخل من أمتي الجنة سبعين ألفا من غير حساب، ويشفع كل ألف لسبعين ألفا وحثا لي بكفه ثلاث حثيات" قال: فكبر عمر، فقال: سبعون ألفا كلهم يشفعون في آبائهم وأبنائهم وعشائرهم، وأرجو أن يجعلني الله في إحدى الحثيات الثلاث. فقال: يارسول الله وهل في الجنة شجر؟ قال: "نعم، فيها شجرة تدعى: طوبى، بطنان (¬3) الفردوس." قال: يارسول الله وأي شجرنا تشبه؟ قال: "شجرة بالشام يقال لها: الجوزة، تنبت على ساق واحد وينتشر أعلاها." قال: يارسول الله فما غلظها؟ قال: "لو ركبت على جذعة من إبلك ما أحطت بها حتى يتكسر مشفرها (¬4) من السير". قال: يارسول الله هل فيها عنب؟ قال: "نعم." قال: فما عظم العنقود؟ قال: "مسيرة الغراب شهرا لا يفتر، ولا يقع." قال: فما عظم الحبة؟ قال: "هل يجد أبوك تيسا عظيما فيسلخ جلده، فقال لأمك: أفرِ (¬5) لنا هذه الجلد نصنع به ما شئنا " فقال: يارسول الله إن هذه الحبة تشبعني وأهل بيتي! قال: "نعم وعامة عشيرتك" (¬6). وتحت تفسير سورة الكوثر ¬

(¬1) الرعد: 29. (¬2) الكُراع: طرف من ماء الجنة (انظر لسان العرب 5/ 3858). (¬3) بُطْنان الجنة: وسطها (لسان العرب 1/ 304). (¬4) المِشفَر للبعير كالشفة للإنسان (لسان العرب 4/ 2288). (¬5) أفرى الشيء: أصلحه. وفرى المزادة يفريها إذا خرزها وأصلحها .. (انظر لسان العرب 5/ 3407). (¬6) أخرجه أحمد في المسند 4/ 183، 184عن طريق عامر بن زيد البكالي به مختصرًا. وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الأوسط وفي الكبير وأحمد باختصار عنهما وفيه عامر ابن زيد البكالي وقد ذكره ابن أبي حاتم ولم يجرحه ولم يوثقه وبقية رجاله ثقات. (مجمع الزوائد10/ 413) وأخرجه ابن جرير في التفسير 16/ 442 (طبعة شاكر) من طريق أبي سلام عن عامر بن زيد وجود إسناده المحقق، ثم صحح إسناد الإمام أحمد اعتمادًا على كون ذكر ابن أبي حاتم للرجل يعد توثيقًا وفيه نظر. وعزاه السيوطي في الدر 4/ 59 أيضًا لابن أبي حاتم وغيره. وعامر ذكره الحافظ وقال: هو معروف، واعتبره ثقة عند ابن حبان (انظر تعجيل المنفعة ص: 204 وفيه تصحيف).

وقفت على تلك الروايات لبقي بن مخلد قال: نا أبو الأصبغ، قال: حدثني محمد بن إسحاق، عن جعفر بن عمرو، عن عبد الله ابن مسلم الزهري، عن أنس بن مالك، ونا الحزامي، قال: نا معن بن عيسى، عن ابن أخي ابن شهاب، عن أبيه عبدالله ابن مسلم، قال: أخبرني أنس، وقرئ على يحيى وأنا أسمع: عن الليث، عن ابن الهادي، عن عبد الله بن مسلم، عن ابن شهاب، عن أنس، ونا يونس بن عبد الأعلى، قال: نا يحيى بن بكير، قال حدثني الليث، عن ابن الهادي، عن عبد الوهاب، عن عبد الله بن مسلم عن ابن شهاب، عن أنس أن رجلا قال: يارسول الله ماالكوثر الذي أعطاك ربك؟ قال: "نهر في الجنة أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل، ما بين صنعاء إلى أيلة ترده طير لها أعناق كأعناق الإبل". فقال عمر: والله يارسول الله إنها لناعمة! قال: " آكلها أنعم منها" (¬1). قال أبو الأصبغ في حديثه: قيل: يارسول الله، ولم يذكر: أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل. وقال الحزامي في حديثه: "فيه طيور أعناقها كأعناق الجزر". وقال: نا ابن فضيل عن المختار بن فلفل، قال: سمعت أنسا يقول، ونا أبو بكر، قال: نا علي بن مسهر عن المختار، عن أنس قال: بينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم بين أظهرنا إذ غفا إغفاءة، ثم رفع رأسه متبسما. فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله؟ قال: "نزلت علي آنفا سورة " فقرأ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، إنا أعطيناك الكوثر، ¬

(¬1) أخرجه أحمد 3/ 220، والترمذي - صفة الجنة - باب ما جاء في صفة طير الجنة 4/ 680، وابن جرير 30/ 324 من طريق ابن أخي ابن شهاب به وقال الترمذي: حسن غريب.

فصل لربك وانحر، إن شانئك هو الأبتر} (¬1). ثم قال: "هل تدرون ما الكوثر؟ ". قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: "فإنه نهر وعدنيه ربي، عليه خير كثير، هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة، آنيته عدد النجوم، فيختلج العبد منه، فأقول: يا رب هو من أمتي. فيقول: لا تدري ما أحدثوا بعدك" (¬2). ولم يذكر يحيى في حديثه: "بينا رسول الله بين أظهرنا"، وقال: فإما قال لهم، وإما قالوا له: لم ضحكت؟، وقال: "وعدنيه ربي في الجنة، عليه خير كثير، عليه حوض". نا هدبة بن خالد، قال: نا همام، قال: نا قتادة، عن أنس بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "بينا أنا أسير في الجنة، إذا بنهر حافتاه الدر المجوف. فقلت: "ما هذا يا جبريل؟ "قال: هذا الكوثر الذي أعطاك ربك. قال: "فضرب الملك بيده، فإذا طينته مسك أذفر (¬3) " (¬4). ونا هدبة قال: نا حماد بن سلمة، عن ثابت قال: أخبرني أنس في {إنا أعطيناك الكوثر} قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الكوثر نهر في الجنة يجري على وجه الأرض، حافتاه قباب" (¬5). نا يحيى بن عبد الحميد. قال: نا عبد العزيز بن محمد، عن حرام بن عثمان، عن الأعرج، عن المسور بن مخرمة عن أسامة بن زيد أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أتى بيت حمزة بن عبد المطلب إلى الباب، فتبعته، فسلم، فردت عليه امرأته السلام - وكانت امرأة من بني النجار - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أثم أبو عمارة؟ ". قلت: لا والله يا رسول الله بأبي أنت وأمي، خرج الساعة عامدًا إليك، فأظنه أخطأك في بعض أزقة بني النجار. أفلا تدخل يا رسول الله؟. فدخل، فقدمت إليه حيسًا، فأكل منه. ¬

(¬1) سورة الكوثر 1 - 3. (¬2) أخرجه مسلم - كتاب الصلاة - باب حجة من قال البسملة آية 2/ 12 - 13، وأحمد 3/ 102 من طريق المختار به. (¬3) أَذْفَر: أي طيب الريح (لسان العرب 3/ 1504). (¬4) انظر الحديث الآتي. (¬5) أخرجه البخاري - كتاب التفسير - سورة إنا أعطيناك الكوثر 6/ 219، ومسلم - الفضائل - باب إثبات حوض نبينا - صلى الله عليه وسلم - 4/ 1801 ط. فؤاد، وأحمد 3/ 103، 247، وابن جرير 30/ 323 من طرق عن أنس بألفاظ مختلفة.

فقالت: يا رسول الله هنيئًا لك ومريئًا، لقد جئت وأنا أريد أن آتيك فأهنئك وأمرئك؛ أخبرني أبو عمارة أنك أعطيت نهرًا في الجنة يدعى الكوثر. قال: "أجل، وعرصته ياقوت ومرجان وزبرجد ولؤلؤ". قالت: أحب أن تصف لي حوضك بصفة أسمعها منك؟ قال: "هو ما بين أيلة وصنعاء، فيه أباريق مثل عدد النجوم، وأحب واردها علي قومك يا بنت قهد " - يعني الأنصار - (¬1). ومن مواضع اهتمام بقي بأسباب النزول قوله تعالى: {ولاتحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون} (¬2) قال ابن عبد البر (¬3) في سبب نزول هذه الآية: ذكر بقي بن مخلد، قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا عبد الله بن إدريس، عن محمد بن إسحاق، عن إسماعيل بن أمية عن أبي الزبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لما أصيب إخوانكم يوم أحد جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر، ترد أنهار الجنة، وتأكل من ثمرها، وتأوي إلى قناديل من ذهب مذللة في ظل العرش، فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم ومقيلهم، فالوا: من يبلغ إخواننا عنا أنا أحياء في الجنة نرزق، لئلا ينكلوا عن الحرب ولا يزهدوا في الجهاد؟ قال: فقال الله عز وجل: أنا أبلغهم عنكم، فأنزل الله تعالى: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا} (¬4) الآية. (¬5) ¬

(¬1) أخرجه ابن جرير 30/ 325 من طريق حرام بن عثمان عن عبد الرحمن الأعرج عن أسامة بنحوه ولم يذكر المسور، وفي إسناده حرام بن عثمان، قال مالك ويحيى: ليس بثقة، وقال الشافعي: الرواية عن حرام حرام (انظر لسان الميزان 2/ 182) وعزاه السيوطي أيضًا لابن مردويه (الدر المنثور 6/ 450). (¬2) آل عمران: 169. (¬3) التمهيد 11/ 61. (¬4) آل عمران: 169. (¬5) أخرجه أحمد في المسند 1/ 256 - 266 وابن جرير في تفسيره 4/ 170 كلاهما من طريق ابن إسحاق عن إسماعيل بن أمية بهذا الإسناد. وجاء في المسند تصريح ابن إسحاق بالسماع. وأخرجه أبو داود في السنن - كتاب الجهاد - باب فضل الشهادة 3/ 15، وأحمد في المسند 1/ 262، والحاكم في المستدرك - كتاب التفسير - سورة آل عمران 2/ 297، والواحدي في أسباب النزول ص: 128 كلهم من طريق عبد الله بن إدريس عن ابن إسحاق به وعندهم في الإسناد (سعيد بن جبير) بين أبي الزبير وابن عباس وقد صححه الحاكم على شرط مسلم، وسكت الذهبي. والحديث حسنه الشيخ الألباني في صحيح سنن أبي داود 3/ 479 وذكره ابن كثير 1/ 403 من رواية المسند الأولى، وأشار إلى زيادة (سعيد ابن جبير) في الإسناد عند أبي داود والحاكم ثم قال: وهذا أثبت.

ثالثا: موقفه من تفسير القرآن بأقوال السلف

وفي سبب نزول قوله تعالى {ياأيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم} (¬1) قال ابن عبد البر (¬2) وذكر بقي بن مخلد، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الشافعي قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن ابن أبي خالد قال: سمعت عبد الله بن أبي قتادة قال: نزلت في أبي لبابة: {ياأيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أمانتكم} قال سفيان: هكذا قرأ. (¬3) ثالثا: موقفه من تفسير القرآن بأقوال السلف: قال ابن عبد البر (¬4): روى بقي بن مخلد، حدثنا يحيى بن عبد الحميد، قال: حدثنا هشيم عن العوام بن حوشب، عن الشعبي عن عبد الله بن مسعود {واعتصموا بحبل الله جميعا} (¬5) قال: حبل الله: الجماعة. قال بقي: وحدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا محمد بن الحسن الأسدي، عن هشيم، عن العوام بن حوشب، عن الشعبي، عن عبد الله في قوله: {واعتصموا بحبل الله جميعا} قال: الحبل الذي أيد الله به: الجماعة (¬6). قال بقي: وحدثنا أبو كريب، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي حصين، ¬

(¬1) الأنفال: 27. (¬2) التمهيد 20/ 83. (¬3) أخرجه ابن جرير في تفسيره 9/ 222 من طريق ابن عيينة، عن إسماعيل بن أبي خالد الأحمسي به دون ذكر القراءة، وذكره السيوطي في الدر 3/ 193وعزاه أيضًا لسعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ، وإسناده فيه ضعف لإرساله لأن عبد الله ابن أبي قتادة من التايعين إلا أن له شواهد كثيرة ذكرها السيوطي. (¬4) التمهيد 21/ 272 - 273. (¬5) آل عمران: 103. (¬6) أخرجه سعيد بن منصور في سننه 3/ 1084 وابن جرير في تفسيره 4/ 30 - 31 والطبراني في الكبير رقم 9033 كلهم من طريق هشيم، عن العوام - به نحوه. وذكره الهيثمي في المجمع 6/ 326 وحكم على سنده بالانقطاع، وذلك لأن الشعبي لم يسمع من ابن مسعود (انظر جامع التحصيل ص: 248) ويبدو أن الواسطة هو ثابت بن قطبة كما سيأتي.

عن الشعبي عن ثابت بن قطبة قال: قال ابن مسعود في خطبته: أيها الناس عليكم بالطاعة والجماعة، فإنها حبل الله الذي أمر به، وإن ما تكرهون في الجماعة خير مما تحبون في الفرقة. (¬1) وقال ابن عبد البر (¬2): وقال بقي: وحدثنا ابن المسيب، قال حدثنا ابن المبارك، عن ابن جريج، عن مجاهد في قوله: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا} (¬3) الآية، قال: يرزقون من ثمر الجنة فيجدون ريحها. (¬4) قال: وحدثنا محمد بن عبيد، قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر عن قتادة في قوله: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا} الآية، قال: بلغنا أن أرواح الشهداء في صورة طير بيض، يأكلون من ثمار الجنة. (¬5) وقال ابن عبد البر (¬6): ذكر بقي بن مخلد قال: حدثنا سفيان بن وكيع قال: حدثنا جرير عن منصور، عن مجاهد في قوله: {وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا} (¬7) قال: صلاة الفجر يجتمع فيها ملائكة الليل وملائكة النهار. (¬8) وذكر بقي قال: حدثنا محمد بن المثنى قال حدثنا محمد بن ¬

(¬1) أخرجه ابن جرير في تفسيره 4/ 32 من طرق تلتقي عند ثابت بن قطبة به، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره رقم 1102 من طريق ثابت به. وذكره السيوطي في الدر 2/ 60 ونسبه إليهما فقط وثابت بن قطبة ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 2/ 457، والبخاري في التاريخ 2/ 168 ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا، وذكره ابن حبان في الثقات 4/ 92 وقال العجلي: ثقة (تاريخ الثقات ص: 90) وروى عنه جماعة فالأثر صحيح. (¬2) التمهيد 11/ 61. (¬3) آل عمران: 169. (¬4) أخرجه ابن جرير في تفسيره 2/ 39 من طريق عيسى بن ميمون، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد بنحوه. وإسناده صحيح رجاله ثقات كما في التقريب (2662، 5334) وذكره السيوطي في الدر 2/ 96. (¬5) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 1/ 139 وابن جرير في تفسيره 2/ 39 من طريقه عن معمر عن قتادة به، وأخرجه ابن جرير أيضًا 4/ 172 من طريق يزيد بن زريع عن سعيد عن قتادة وإسناده صحيح رجاله ثقات مشاهير. (¬6) التمهيد 8/ 71، 19/ 51. (¬7) الإسراء: 78. (¬8) إسناده ضعيف فيه سفيان بن وكيع قال الحافظ: سقط حديثه (التقريب 2456) إلا أنه جاء من غير طريقه فقد أخرجه البخاري معلقًا 8/ 251 بلفظ قال مجاهد: صلاة الفجر. وأخرجه ابن جرير في تفسيره 15/ 141 من طرق عن مجاهد به، وذكره السيوطي في الدر 5/ 322 وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي شيبة.

رابعا: موقفه من القراءات

جعفر قال حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن عبد الله أنه قال في هذه الآية: {وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا} قال: تدارك الحرسان، اقرأوا إن شئتم: {وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا}. قال: تنزل ملائكة الليل وتصعد ملائكة النهار. (¬1) وقال ابن عبد البر (¬2): ذكر بقي بن مخلد قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا غندر عن شعبة، عن أبي رجاء، عن الحسن في قوله: {ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا} (¬3) قال: الحسد. (¬4) رابعا: موقفه من القراءات: وربما تعرض بقي للقراءات أثناء سوق الروايات وقد تقدم معنا في أسباب النزول مارواه بقي من طريق سفيان بن عيينة عن ابن أبي خالد في قراءة {وتخونوا أمانتكم} (¬5)، يعني: بالإفراد (¬6). خامسا: موقفه من الفقه والأصول: ومن مرويات بقي التي وقفت عليها مايتعلق بقضية النسخ، قال ابن ¬

(¬1) إسناده منقطع لأن الجمهور على أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه (انظر جامع التحصيل ص: 249) وقد قبل روايته عنه جماعة منهم الدارقطني وليس المجال هنا متسعًا للفصل في ذلك (وانظر تهذيب التهذيب 5/ 76). أخرجه ابن جرير في تفسيره 15/ 140 بالإسناد نفسه عن شيخه محمد بن المثنى. وذكره السيوطي في الدر 5/ 323 وزاد نسبته إلى سعيد بن منصور وابن المنذر والطبراني. (¬2) التمهيد 6/ 122. (¬3) الحشر: 9. (¬4) أخرجه البخاري معلقًا - كتاب التفسير - باب {ويؤثرون على أنفسهم} 8/ 500 وابن جرير في تفسيره 28/ 42من طريق شعبة وابن علية عن أبي رجاء به واسمه محمد بن سيف قال الحافظ: ثقة (التقريب 5948) فالإسناد صحيح. (¬5) الأنفال: 27. (¬6) قراءة الإفراد قراءة شاذة نقلها أبو حيان عن مجاهد وقال: روي ذلك عن أبي عمرو أ. هـ وقرأ العشرة {أماناتكم} بالجمع (وانظر البحر المحيط 4/ 486).

عبد البر (¬1): بقي بن مخلد قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: حدثنا سفيان بن حسين، عن الحكم، عن مجاهد قال: لم ينسخ من المائدة إلا هاتان الآيتان: {فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم} (¬2) نسختها: {وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم} (¬3) وقوله: {ياأيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام} (¬4) نسختها: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} (¬5). (¬6) هذا مااستطعت الوقوف عليه من مرويات بقي التفسيرية، ولعل الله ييسر الوقوف على هذا التفسير العظيم فيخرج للنور بعد غيابه تلك القرون الطويلة. ¬

(¬1) التمهيد 14/ 388. (¬2) المائدة: 42. (¬3) المائدة: 49. (¬4) المائدة: 2. (¬5) التوبة: 5. (¬6) أخرجه أبو عبيد في الناسخ والمنسوخ ص: 136 رقم 247 وابن جرير في تفسيره 6/ 245 كلاهما من طريق يزيد بن هارون به نحوه. وأخرجه أيضًا أبو عبيد في الناسخ والمنسوخ 135رقم 244 والنحاس في ناسخه 2/ 295 رقم 455 وابن الجوزي في نواسخ القرآن ص: 312 من طريق هشيم عن منصور بن زاذان، عن الحكم به مختصرًا والحكم هو ابن عتيبة قال الحافظ: ثقة ثبت فقيه إلا أنه ربما دلس (التقريب 1453) وهو من الطبقة الثانية من المدلسين الذين اغتفر لهم تدليسهم (انظر تعريف أهل التقديس ص: 8، 20) فالإسناد صحيح.

الفصل الثالث دراسة أمثلة للتفسير بالرأي بالمنطقة

الفصل الثالث دراسة أمثلة للتفسير بالرأي بالمنطقة

المبحث الأول: أمثلة الرأي المحمود

المبحث الأول: أمثلة الرأي المحمود تفسير المهدوي من خلال كتابيه التفصيل والتحصيل مؤلف هذا التفسير هو أبو العباس أحمد بن عمار بن أبي العباس المهدوي التونسي ت 431 هـ وهو من أهل المنطقة ولد بالمهدية من بلاد القيروان (¬1). التعريف بالتفسير: كتاب "التفصيل الجامع لعلوم التنزيل" من التفاسير المخطوطة (¬2)، ولا يوجد منه إلا الجزء الأول وهو مصور عن المكتبة الوطنية بباريس برقم 594، ويبدأ من تفسير قوله تعالى {ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين} (¬3) الباب الرابع في شرح خفي إعراب سورة البقرة ووجوه قراءاتها، وينتهي عند تفسير سورة التوبة الباب الأول في ذكر مافيها من الأحكام والناسخ والمنسوخ (¬4). وأما كتاب "التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل" فهو ¬

(¬1) تقدمت ترجمته في أهل المنطقة برقم 20. (¬2) ذكرت مواضع نسخه عند ترجمة المؤلف. (¬3) البقرة: 35. (¬4) التفصيل1/ 291.

المنهج العام للتفسير

كتاب مخطوط أيضًا ومنه عدة نسخ (¬1) ومنه نسخة مصورة غير كاملة على الميكروفيلم بمكتبة الجامعة الإسلامية برقم 1370، 1317 عن دار الكتب الظاهرية قد رجعت لها. وقد اشتغل المهدوي وهو بالأندلس بتأليف كتاب (التحصيل)، الذي هو اختصار لكتابه (التفصيل) الذي أدخله معه الأندلس. ويبدو أن تأليف هذا المختصر كان بسبب عدم الإقبال عليه في الأندلس والتشكيك في علمه وخاصة مايتعلق بتفسيره الكبير. وفي رواية أخرى ذكر بعض المؤرخين أنه قدم كتابه هذا إلى الوالي فطلب إليه اختصاره، وقد سجل المهدوي هذا في مقدمة (التحصيل) فقال: أمر الموفق ... باختصار كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل بمؤلف لخزانته العالية أدام الله فيها بدوام أيامه النعم المتوالية، بعد حصوله لديه، ووقوفه عليه، ليكون هذا الاختصار، قريب المتناول لمن أراد التذكار، كما كان الجامع خزانة جامعة لمن أراد المطالعة فبادرت إلى امتثال أمره ولم أقصر. المنهج العام للتفسير (¬2): وتفسير المهدوي تفسير فقهي نحوي مولع بالقراءات وتوجيهها ولا يغفل الاعتماد على المأثور. أما المنهج العام الذي سار عليه المصنف في كتابه التفصيل فهو منهج غريب تفرد به ولم يرتضه ابن عطية إذ رأى فيه تشتيتا للنظر ومشعبة للفكر (¬3). وهو كما قال حيث قام المهدوي بتقسيم الكتاب إلى خمسة أبواب فيأتي للسورة المعتزم تفسيرها فيجعل الباب الأول في أحكامها وناسخها ومنسوخها. (¬4) والباب الثاني في تفسيرها ومعانيها وغريبها ومشكلها ومايتعلق بذلك. (¬5) ¬

(¬1) ذكرت مواضعها في ترجمة المصنف. (¬2) ممن تكلم عن منهج المهدوي في تفسيره عبد السلام الكنوني في المدرسة القرآنية ص: 199 - 206 ووسيلة بلعيد في التفسير واتجاهاته ص: 126 - 165، 212 - 276. (¬3) انظر المحرر الوجيز 1/ 34. (¬4) انظر كمثال سورة النساء: التفصيل1/ 85. (¬5) انظر كمثال التفصيل1/ 111.

والباب الثالث في ذكر مافيها من الحروف التي اختلف القراء فيها. (¬1) والباب الرابع في ذكر خفي إعرابها وشرح وجوه قراءتها. (¬2) والباب الخامس في ذكر مواضع نزولها واختلاف العادين في عددها وتسمية رءوس آيها. (¬3) وأما كتاب التحصيل فقد سلك فيه نفس المنهج تقربيا إلا أنه لم يطبقه على السورة بأكملها وإنما على مقاطع منها كل على حدة وفي ذلك يقول: وأجعل ترتيب السور مفصلة ليكون أقرب متناول، فأقول: القول من أول السورة كذا إلى موضع كذا منها، فأجمع من آيها عشرين آية أو نحوها، بقدر طول الآي، وقصرها، ثم أقول الأحكام والنسخ، فأقولهما ثم أذكر التفسير، فأذكره، ثم أقول القراءات، فأذكرها، ثم أقول الإعراب والتوجيه فأذكره، ثم أذكر الجزء الذي يليه، حتى آتي إن شاء الله تعالى إلى آخر الكتاب على شرطه فيه، فأذكر آخر كل سورة موضع نزولها واختلاف أهل الأمصار في عددها. (¬4) فهو يذكر الآية أو الآيات، ويبدأ خدمته لها بذكر النسخ والأحكام إن وجد: ففي سورة مريم مثلاً قال: القول من أولها إلى قوله تعالى: {ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون} (¬5) لاأحكام فيها ولا نسخ. وفي سورة الكهف قال: القول من أولها إلى قوله تعالى {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا} (¬6) وصدر الكلام عليها بقوله ليس فيها نسخ وليس فيها من أحكام سوى قوله تعالى {ولاتقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت} (¬7) فذكر مايتعلق بها من أحكام. وبانتهائه بذكر مايتعلق في الآيات بالنسخ والأحكام يتابع المهدوي شرحه لها تحت عناوين ثلاثة: التفسير، القراءات، الإعراب. في التفسير يستهل الكلام على السورة بما ورد في فضلها. ثم ينتقل مباشرة إلى تفسير السورة مقسمة إلى مجموع آيات يحددها ويفسرها ثم ينتقل ¬

(¬1) انظر كمثال التفصيل1/ 129. (¬2) انظر كمثال التفصيل1/ 138. (¬3) انظر كمثال التفصيل1/ 150. (¬4) التحصيل1/ 2. (¬5) مريم: 34. (¬6) الكهف: 30. (¬7) الكهف: 23 - 24.

المنهج التفصيلي للمؤلف

إلى مجموعة آيات أخرى. لايفسر كل كلمة في الآية بل يقتصر منها على ما يراه في حاجة إلى التفسير ويقدمه بقوله: والمعنى. القراءات: ثم يفرغ للقراءات التي يخصص لها عنوانا مستقلا بعد تفسير السورة الإعراب: يسير على خطته في التفسير والقراءات فيفرع له بعدهما بعنوان مستقل: الإعراب فلا يعرب إلا مايراه في حاجة إلى إعراب وما فيه اختلاف في القراءات لمقتضى الاختلاف في الإعراب. إلا أن طريقته هذه في تقسيم الكلام في كل سورة إلى (مدخل - تفسير - قراءات - إعراب) لم يسر عليها في سور: الفيل - الكافرون - النصر - القارعة - الناس) حيث قال: ليس في حروفها اختلاف ولا إعراب مشكل. المنهج التفصيلي للمؤلف: أولا: بالنسبة للمكي والمدني وعد الآي ونحو ذلك فهو يهتم به ومن ذلك: قوله في آخر سورة البقرة: هذه السورة مدنية وعددها في الكوفي مائتان وست وثمانون وفي البصري سبع وثمانون وفي بقية العدد خمس وثمانون اختلافها إحدى عشرة آية. (¬1) وقال: الأنعام: هذه السورة مكية وقد روي عن ابن عباس وغيره ثلاث آيات منها نزلت بالمدينة من قوله تعالى {أتل} (¬2) إلى قوله {تتقون} (¬3) ونزلت جميعها سواهن جملة بمكة ... عددها في المدنيين والمكي مائة آية وسبع وستون آية وفي البصري والشامي ست، وفي الكوفي خمس اختلف فيها في أربع آيات ... فذكرهن. وفي سورة الانفطار قال: هذه السورة مكية تسع عشرة آية بإجماع. (¬4) ¬

(¬1) التحصيل1/ 155. (¬2) الأنعام: 151 ويعني قوله تعالى {قل تعالوا أتل ماحرم ربكم عليكم ...} الآية. (¬3) الأنعام: 153. (¬4) التحصيل4/ 182.

ثانيا: موقفه من العقيدة

وفي سورة الكوثر: هي مكية وقيل إنها نزلت بالحديبية وعددها ثلاث آيات بإجماع. (¬1) ثانيا: موقفه من العقيدة: يلاحظ أنه يميل للتأويل في باب الصفات قال المهدوي في تفسير قوله تعالى: {ثم استوى إلى السماء} (¬2) قيل معناها: أقبل عليها، وقيل: صعد أمره، وقيل: قصد إلى خلقها بالإرادة، وبعد إيراده لما روي في تفسير الآية أشار إلى تنزيه الله سبحانه وتعالى عن الانتقال والحركة فقال: ولا يجوز أن يحمل شيء مما جاء في ذلك على انتقال ولا حركة ولا زوال، وإنما يحمل ذلك على علو قدرته وأمره، وما يجوز أن يوصف به تعالى. وقال عند قوله سبحانه {مامنعك أن تسجد لما خلقت بيدي} (¬3) قال: اليدان صفة من صفات الله عز وجل. وقيل: عبر باليدين عن القدرة وقيل: عبر بهما عن القوة وقيل: ذكرتا للتأكيد على ماتستعمله العرب من نحو قولهم: هذا جنته يداك، فمعنى {لما خلقت بيدي} على هذا: لما خلقته. وقال في قوله تعالى {بل عجبتُ ويسخرون} (¬4) في قراءة الضم: ويجوز أن يكون إخبار الله تعالى عن نفسه بالعجب محمولا على أنه ظهر من أمره وسخطه على من كفر به؛ ما يقوم مقام العجب من المخلوقين، كما يحمل إخباره تعالى عن نفسه بالضحك لمن رضي عنه - على ماجاء في الخبر عن النبي عليه السلام - على أنه أظهر له من رضاه عنه ما يقوم له مقام الضحك من المخلوقين مجازا واتساعا. ونقل المهدوي في تفسير قوله تعالى {وهو الله في السموات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم} (¬5)، عن الحسن البصري قال: اجتمع أربعة أملاك فقال أحدهم: جئت من الأرض السفلى. قالوا: فأين تركت ربنا؟ قال: ثم. وقال أحدهم: جئت من المشرق. قالوا: فأين تركت ربنا؟ قال: ثم وقال أحدهم: جئت من المغرب. قالوا: فأين تركت ربنا؟ قال: ثم. ثم علق المهدوي على ¬

(¬1) التحصيل4/ 213. (¬2) البقرة: 29. (¬3) ص: 75. (¬4) الصافات: 12. (¬5) الأنعام: 3.

هذا الخبر مؤكدًا على تنزيه الله تعالى عن المكان. قال: وهذا كله إنما يحمل على مايجوز أن يوصف به الباري سبحانه مما قدمناه في أول الكتاب، لا على وجه التحيز وشغل الأمكنة وغير ذلك مما يوصف به المخلوقون، تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرا. واهتم المهدوي بمسألة الشفاعة وحللها، وذكر مفهومها اللغوي وقرر مذهب أهل السنة والجماعة فيها وذلك عند تفسير قوله تعالى {واتقوا يومًا لاتجزي نفس عن نفس شيئا ولايقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة} (¬1). قال المهدوي: سميت الشفاعة شفاعة لأن طالبها جاء بآخر معه يشفع، والشفع هو: الزوج، وهذا عام في اللفظ خاص في المعنى خوطب به اليهود لأنهم زعموا أن آباءهم يشفعون لهم، ويبين ذلك قوله تعالى في موضع آخر {ولا يشفعون إلا لمن ارتضى} (¬2) ثم أنهى المهدوي مبحث الشفاعة برأي بعض المعتزلة الذي أنكر الشفاعة إنكارًا كليا، وبين أن في هذا ردا للكتاب والسنة. كما ذكر مذهب أهل السنة والجماعة في قضية مرتكب الكبيرة عند تفسير قوله تعالى {إن تجتنبوا كبائر ماتنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم} (¬3) فقال: أعلم الله تعالى أنه يكفر الصغائر باجتناب الكبائر وروى ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال في الكبائر: أن تدعو لله ندًا وقد خلقك، وأن تقتل ولدك من أجل أن يأكل معك، وأن تزني بحليلة جارك، وتلا {والذين لايدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون} (¬4) (¬5) وذكر آثارا عن ابن عباس وابن عمر ثم ذكر حكم مرتكب الكبيرة عند أهل السنة فأوضح أنها تغفر لمن أقلع عنها وتاب قبل الموت، وأضاف أنها قد تغفر لمن مات عليها من المسلمين مستشهدًا بقوله تعالى {إن الله لايغفر أن يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء} (¬6). ويقصد بذلك من مات على الذنوب، فانتفاء الغفران مرتبط بالشرك، وأما من لم يشرك ومات على ذنوبه فهو من أهل الغفران تحت المشيئة. ¬

(¬1) البقرة: 123. (¬2) الأنبياء: 28. (¬3) النساء: 31. (¬4) الفرقان: 68. (¬5) أخرجه البخاري - كتاب التفسير - باب {والذين لايدعون مع الله إلها آخر} رقم 4761، ومسلم - كتاب الإيمان - باب كون الشرك أقبح الذنوب رقم86. (¬6) النساء: 48.

ثالثا: موقفه من تفسير القرآن بالقرآن

ثالثا: موقفه من تفسير القرآن بالقرآن: ومن مواضع تفسيره القرآن بالقرآن قوله في تفسير قوله تعالى {إن الله لايستحيي أن يضرب مثلا ما} (¬1): لا يوصف الله تعالى بالاستحياء على حد مايوصف به المخلوقين، والمعنى لا يخشى، كما جاء يخشى بمعنى يستحيي، كقوله {وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه} (¬2)، قاله جماعة من المفسرين واختاره الطبري. (¬3) وقال في قوله {وقالوا قلوبنا غلف} (¬4) أي قلوبنا مستورة عما تقول كقوله {وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه} (¬5) (¬6) ويستدل على معنى اللفظة القرآنية بما جاء في مواضع القرآن، ففي تفسير الإخوة من قوله تعالى: {ولأبويه لكل واحد منهما السدس ..} (¬7) إلى قوله {فإن كان له إخوة فلأمه السدس} (¬8)، يذهب إلى أن الإخوة في قول سائر العلماء، اثنان فأكثر، يحجبون الأم عن الثلث ويردونها إلى السدس. وقد قال إخوة، لأن الاثنين جماعة، بدليل قوله {وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب} (¬9) وكانا ملكين اثنين، وقوله تعالى لموسى وهارون {إنا معكم مستمعون} (¬10) وقوله في داود وسليمان {وكنا لحكمهم شاهدين} (¬11)، وذلك كثير ... (¬12). رابعا: موقفه من تفسير القرآن بالسنة: وهو يعتمد على الحديث في تفسير كتاب الله بجانب القرآن إلا أن منهجه فيه يقوم على حذف الأسانيد وإهمال التخريج بالإضافة إلى عدم اشتراط الصحة فربما ذكر حديثا ضعيفا. قال في تفسير قوله تعالى {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم} (¬13) وروى ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال في الكبائر: أن تدعو لله ندا وقد خلقك، وأن تقتل ولدك من أجل أن يأكل معك وأن تزاني بحليلة جارك، وتلا {والذين لايدعون مع الله إلها ¬

(¬1) البقرة: 26. (¬2) الأحزاب: 37. (¬3) التحصيل 1/ 17. (¬4) البقرة: 88. (¬5) فصلت: 5. (¬6) التحصيل 1/ 47. (¬7) النساء: 11. (¬8) النساء: 11. (¬9) ص: 21. (¬10) الشعراء: 15. (¬11) الأنبياء: 78. (¬12) التحصيل1/ 212. (¬13) النساء: 31.

آخر ...} (¬1). (¬2) وفي تفسير {هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل ..} (¬3) ذكر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "باب التوبة مفتوح من قبل المغرب، عرضه مسيرة سبعين عاما، فإذا طلعت الشمس منه لم تقبل لأحد توبة " وتلا الآية السابقة. (¬4) وروى أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أن العلامات التي لا ينفع الإيمان بعدها طلوع الشمس من مغربها والدجال ودابة الأرض (¬5). وأورد في تفسير قوله تعالى {إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس} (¬6) عن أبي عبيدة بن الجراح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: قتلت بنو إسرائيل ثلاثة وأربعين نبيا من أول النهار في ساعة واحدة، فقام مائة رجل واثنا عشر رجلا من أبناء بني إسرائيل فأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر فقتلوا جميعا في آخر النهار من ذلك اليوم وهم الذين ذكر الله عز وجل في هذه الآية. (¬7) وفي تفسير قوله تعالى {وجزاء سيئة سيئة مثلها} (¬8) ذكر أن الشافعي تأول هذه الآية بأن الإنسان يأخذ من مال من خانه بمقدار ما خانه من غير علم، واستشهد على ذلك بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لهند زوج أبي سفيان: خذي من ماله ما يكفيك وولدك. (¬9) ¬

(¬1) الفرقان: 68. (¬2) التحصيل 1/ 225، والحديث تقدم تخريجه من الصحيحين. (¬3) الأنعام: 158. (¬4) التحصيل 2/ 10، أخرجه أحمد في مسنده 4/ 241، والترمذي - كتاب الدعوات - باب فضل التوبة والاستغفار 4/ 269، وعبد الرزاق في مصنفه 1/ 204، والحميدي في مسنده 2/ 388، والنسائي في تفسيره رقم 198 من حديث صفوان بن عسال المرادي، وقال الترمذي: حسن صحيح. (¬5) أخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الإيمان - باب بيان الزمن الذي لايقبل فيه الإيمان 1/ 138، والترمذي - كتاب التفسير سورة الأنعام 5/ 264 وغيرهما. (¬6) آل عمران: 21. (¬7) التحصيل 1/ 162 - 163. أخرجه ابن جرير 3/ 216، وابن أبي حاتم 2/ 161، والبغوي في تفسيره 2/ 331 بأطول منه، وضعف إسناده محقق تفسير ابن أبي حاتم وقد ذكره القرطبي ونسبه للمهدوي (الجامع 4/ 46). (¬8) الشورى: 40. (¬9) التحصيل 4/ 56. أخرجه البخاري - كتاب الأحكام - باب القضاء على الغائب 9/ 89، ومسلم - كتاب الأقضية - باب قضية هند 5/ 129 من حديث عائشة.

وفي قوله تعالى: {وأقم الصلاة لذكري} (¬1) ذكر أن أنس بن مالك روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من نسي صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها فإن الله تعالى يقول: {وأقم الصلاة لذكري} " (¬2) وهو من المهتمين بإيراد أسباب النزول ومن ذلك: في قوله عز وجل {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون} (¬3) قال: روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا اليهود إلى كتاب الله عز وجل فقال له نعيم بن عمرو، والحارث بن زيد: على أي دين أنت يامحمد؟ فقال له: "على ملة إبراهيم ودينه"، قال: فإن إبراهيم كان يهوديا. فقال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فهلموا إلى التوراة فهي بيننا وبينكم" فأبيا من ذلك فنزلت الآية (¬4). وفي قوله تعالى: {يسألونك عن الأنفال} (¬5) قال: عن ابن عباس قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر: "من أتى مكان كذا وكذا فله كذا" فأسرع الشباب وبقي الشيوخ فجاء الشباب يطلبون ماجعل لهم فنازعهم الشيوخ فنزلت (¬6). وفي قوله تعالى {ياأيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا} (¬7) قال: قال ابن عباس: نزلت في قوم من المسلمين مروا براع، فقال: سلام عليكم، فقالوا: إنما تعوذ، فقتلوه (¬8). ¬

(¬1) طه: 14. (¬2) أخرجه البخاري - كتاب مواقيت الصلاة - باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها رقم 597، ومسلم - كتاب المساجد - باب قضاء الصلاة 1/ 477. (¬3) آل عمران: 23. (¬4) التحصيل1/ 163. أخرجه ابن جرير 3/ 217 من طريق سعيد بن جبير وعكرمة عن ابن عباس، وأخرجه ابن أبي حاتم 2/ 166 عن عكرمة مرسلا ولعله سقط منه ابن عباس وخرجه محققه بحسن إسناده إلى ابن عباس. (¬5) الأنفال: 1. (¬6) أخرجه أبو داود - كتاب الجهاد - باب في النفل 3/ 29، وابن حبان (موارد الظمآن ص: 431)، والحاكم - كتاب قسم الفيء 2/ 132، وانظر أيضا2/ 221، 326، وصححه ابن حبان والحاكم وسكت الذهبي. (¬7) النساء: 94. (¬8) التحصيل1/ 247. أخرجه البخاري - كتاب التفسير سورة النساء - باب {ولاتقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا} رقم 4591، ومسلم - كتاب التفسير رقم 3025 بأطول منه.

{واذكر ربك إذا نسيت} (¬1) قال: روي أن ذلك إنما نزل بسبب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما سأله اليهود عن ذي القرنين وعن خبر صاحب موسى وعن الروح قال: غدًا أخبركم ولم يقل إن شاء الله فأبطأ عنه الوحي بضع عشرة ليلة، ثم جاءته سورة الكهف (¬2). وربما ذكر أكثر من رواية في سبب نزول الآية من غير ترجيح ومن ذلك: في قوله تعالى {ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء} (¬3) ذكر أنها إما نزلت في عامر بن طفيل وأربد بن قيس حين أرادا الغدر بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فأرسل الله على أربد صاعقة فمات، وأصاب عامر الطاعون في عنقه فمات (¬4). وقيل: نزلت في يهودي قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: أخبرني من أي شيء ربك؟ أمن لؤلؤ أو من ياقوت؟ فجاءت صاعقة فأحرقته، روي ذلك عن مجاهد وأنس (¬5). وهو يتعرض لفضائل السور والآيات ومن ذلك: عند تفسيره لقوله تعالى {آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله ..} (¬6) قال: روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "كتب الله كتابا قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي عام فأنزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة ولا تقرآن في دار ثلاث ليال، فيقربها الشيطان" (¬7). وقال: جاء في الخبر أن سورة الأنعام نزل معها سبعون ألف ملك مع آية واحدة منها اثنا عشر ألف ملك وهي {وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو} (¬8) ¬

(¬1) الكهف: 24. (¬2) أخرجه ابن المنذر عن مجاهد مرسلا مطولا، وهو ضعيف لإرساله. وأخرج ابن مردويه بعضه عن ابن عباس (انظر الدر 4/ 239). (¬3) الرعد: 31. (¬4) التحصيل 4/ 44. أخرجه ابن جرير 13/ 126 عن ابن جريح مرسلا وهو ضعيف لإرساله. وعزاه السيوطي أيضًا لأبي الشيخ (انظر الدر 4/ 60) وأخرجه ابن جرير 13/ 119 مطولا جدًا عن ابن زيد مرسلا وهو ضعيف أيضًا لإرساله. (¬5) التحصيل 4/ 44. حديث أنس أخرجه البزار (انظر كشف الأستار 3/ 54)، والنسائي في التفسير رقم 279 وأبو يعلى في مسنده 3/ 54، وابن جرير 13/ 125، والواحدي في أسباب النزول ص: 204 وغيرهم. قال الهيثمي: رجال البزار رجال الصحيح غير دليم ابن غزوان وهو ثقة (مجمع الزوائد7/ 42) وقال الألباني: صحيح (وانظر الصحيح المسند من أسباب النزول ص: 89) ورواية مجاهد أخرجها ابن جرير 13/ 125. (¬6) البقرة: 285. (¬7) تقدم تخريجه ص: 629. (¬8) الأنعام: 59.

خامسا: موقفه من تفسير القرآن بأقوال السلف

الآية ونزلت سورة الأنعام جملة (¬1). وقال في سورة الكهف: روى وهب بن منبه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ألا أخبركم بسورة عظيمة ملأت مابين السماء والأرض وما جاء فيها من الأجر مثل ذلك؟ ". قالوا: يانبي الله أي سورة هي؟ قال: "سورة الكهف من قرأ بها يوم الجمعة أعطي نورًا بين السماء والأرض ووقي بها فتنة القبر" (¬2). وعن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة غفر له مابينه وبين الجمعة الأخرى وزيادة ثلاثة أيام" (¬3). خامسا: موقفه من تفسير القرآن بأقوال السلف: يلاحظ اهتمام المهدوي بإيراد الأقوال المختلفة عن علماء الصحابة والتابعين ومن ذلك: قوله تعالى {كأنهن بيض مكنون} (¬4) قال: قال ابن عباس: يعني اللؤلؤ المكنون. وعن الحسن وابن يزيد: شبهن ببيض النعام يكن تحت الريش من الريح والغبار. سعيد بن جبير والسدي: شبهن ببطن البيض قبل أن يقشر وتمسه الأيدي (¬5). قوله تعالى {طوبى لهم وحسن مآب} (¬6) عن ابن عباس: طوبى شجرة في الجنة، ونقل عنه أيضًا: أنها الجنة (¬7). ¬

(¬1) في نزولها جملة معها سبعون ألف ملك ماأخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن ص: 340، والطبراني 12/ 210 عن ابن عباس وله شواهد كثيرة وأخرج الحاكم - كتاب فضائل القرآن 2/ 314 عن جابر - رضي الله عنه - قال: لما نزلت سورة الأنعام سبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: "لقد شيع هذه السورة من الملائكة ماسد الأفق". وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم. وانظر موسوعة فضائل سور وآيات القرآن (1/ 255 - 261). (¬2) أخرج ابن الضريس في فضائل القرآن 103 / أنحوه وفيه زيادة عن إسماعيل بن رافع مرسلا وهو ضعيف لإرساله وروي نحوه عن عائشة أخرجه ابن مردويه. انظر الدر المنثور 4/ 209. (¬3) جاء ذلك في حديث عائشة المتقدم ذكره، ولم أقف عليه من حديث أنس. وفي مغفرة مابين الجمعتين لقارئها ماأخرجه ابن مردويه عن ابن عمر وفيه: وغفر له مابين الجمعتين. وقال المنذري: إسناده لابأس به (الترغيب 1/ 513). (¬4) الصافات: 49. (¬5) التحصيل 4/ 8. (¬6) الرعد: 29. (¬7) التحصيل 2/ 151.

قوله {وذروا ظاهر الإثم وباطنه} (¬1) قال قتادة: يعني علانيته وسره. ابن جبير: الظاهر مانهي عنه من قوله: {ولاتنكحوا مانكح آباؤكم من النساء} (¬2) والباطن الزنا. ابن زيد: الظاهر التجرد في الطواف، والباطن الأخدان. قوله: {وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم} (¬3) يعني أن إبليس يوصي إلى مشركي قريش يقول لهم: كيف تعبدون ربا لا تأكلون ما قتل؟ قاله ابن عباس. قوله: {الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجًا قيما} (¬4) قال ابن عباس: أي لم يجعل له ملتبسًا. وعنه أيضًا: لم يجعله مخلوقًا. وقيل: لم يجعل له اختلافًا. والعوج: العدول عن طرفي الاستقامة. ومعنى قوله قيمًا في قول ابن عباس: عدلاً، الضحاك: مستقيمًا، ابن إسحاق: معتدلاً لااختلاف فيه. وقيل: معناه قيمًا على الكتب يصدقها. قوله {واذكر ربك إذا نسيت} (¬5) قال ابن عباس: المعنى استثن في يمينك إذا ذكرت أنك نسيت في حال اليمين قال: وله أن يستثني ولو بعد سنة. وقال أبو العالية: يستثني متى ذكر. عكرمة: المعنى واذكر ربك إذا غضبت. قوله تعالى: {يغاثوا بماء كالمهل} (¬6) قال: المهل كل شيء أذيب حتى أماع. ابن عباس: دردي الزيت (¬7)، ومجاهد: الدم والقيح ... سعيد بن جبير: هو الذي انتهى حره. وقيل: هو ماأذيب من الذهب والفضة والرصاص والنحاس. الضحاك: هو ماء جهنم، هو أسود، وشجرها أسود وأهلها سود. وقيل: هو عكر القطران يشوي الوجوه أي يحرقها. قوله تعالى: {يوم يأتي بعض آيات ربك} (¬8) عن ابن عباس وغيره قال: يعني بعد طلوع الشمس من مغربها. قوله تعالى {ويمنعون الماعون} (¬9) عن ابن عمر ¬

(¬1) الأنعام: 120. (¬2) النساء: 22. (¬3) الأنعام: 121. (¬4) الكهف: 1. (¬5) الكهف: 24. (¬6) الكهف: 29. (¬7) دُرْدي الزيت وغيره: مايبقى في أسفله. لسان العرب 2/ 1355. (¬8) الأنعام: 158. (¬9) الماعون: 7.

سادسا: موقفه من السيرة والتاريخ وذكر الغزوات

والحسن وغيرهما أن الماعون: هو الزكاة، وعن ابن المسيب أنه المال بلغة قريش. وعن ابن مسعود وابن عباس وغيرهما: ما يتداوله الناس نحو الفأس والقدر (¬1). قوله تعالى: {ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمأ مسنون} (¬2) عن ابن عباس وغيره: سمي صلصالا لأنه يصلصل أي يصوت. مجاهد: هو مثل الخزف الذي يصلصل وعنه أيضا: هو المنتن (¬3). وربما تعرض المهدوي إلى نقد بعض الآثار والتعليق عليها قال في تفسير قوله سبحانه {فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين} (¬4): إن مجاهدا خالف جميع من سبقه من أهل التفسير عندما ذهب إلى القول بعدم المسخ المادي، وتأول ذلك بأن المراد هو المسخ لقلوبهم، وظاهر الآية يشير إلى المسخ بدون تأويل وهذا ما يستفاد من تفسير ابن عباس الذي روي عنه أنهم مسخوا قردة فأقاموا ثلاثة أيام ثم ماتوا (¬5). سادسا: موقفه من السيرة والتاريخ وذكر الغزوات: يلاحظ أن المهدوي يهتم بذكر حوادث السيرة وبعض التفاصيل الدقيقة للغزوات أثناء تفسيره ومن ذلك ماجاء في قوله تعالى {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة} (¬6) قال: يعني بيعة الرضوان التي كانت في الحديبية بايع المسلمون النبي - صلى الله عليه وسلم - تحت شجرة على الموت، وكانوا ألفا وستمائة وقيل فيما زاد على الألف: إنه خمسمائة، وقيل: ثلاثمائة، وعن ابن عباس: ألف وخمسمائة وعشرون. ثم نقل الأخبار في تعيين الفتح القريب في قوله تعالى {وأثابهم فتحًا قريبا} (¬7)، يعني فتح خيبر، عن أبي ليلى وغيره، وقيل: هو فتح مكة (¬8). وفي قوله تعالى {كمن مثله في الظلمات} (¬9) قال: روي أن أبا جهل رمى النبي - صلى الله عليه وسلم - بفرث فأُخبر بذلك حمزة قبل إسلامه فغضب للنبي - صلى الله عليه وسلم - فمر أبا جهل فعلاه بقوس كان في يده وأسلم حمزة - رضي الله عنه - ونزلت الآية في ذلك. وقد تقدم في أسباب النزول طرف مما يتعلق بالسيرة أيضًا. ¬

(¬1) التحصيل 4/ 212. (¬2) الحجر: 26. (¬3) التحصيل 2/ 162. (¬4) البقرة: 65. (¬5) التحصيل 1/ 39. (¬6) الفتح: 18. (¬7) الفتح: 18. (¬8) التحصيل 4/ 88. (¬9) الأنعام: 122.

سابعا: موقفه من الإسرائيليات

سابعا: موقفه من الإسرائيليات: وليس المهدوي من المكثرين من ذكر الإسرائيليات في تفسيره إلا أنه ربما تعرض لها لاسيما عند تعيين بعض من أبهم ومن ذلك قوله تعالى: {وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه} (¬1) حيث ذكر أن الرجل عند الحسن: قبطي ابن عم لفرعون، وأما السدي فيجعله إسرائيليًا يكتم إيمانه من آل فرعون، وذكر بعض المفسرين أن اسم هذا الرجل حبيب، وقيل: سمعان وقيل: حزقيل. ثم يعلق المهدوي على هذه الروايات بقوله: ومن جعل الرجل قبطيًا فمن عنده متعلقة بمحذوف، صفة لرجل، والتقدير: وقال رجل مؤمن منسوب من آل فرعون، ومن جعله إسرائيليًا فمن متعلقة بيكتم في موضع مفعول ثان ليكتم. ويختار المهدوي التفسير الأول وهو تفسير الحسن محتجًا لذلك بقوله تعالى {ياقوم لكم الملك اليوم ظاهرين في الأرض} (¬2)، قال: وفي قول الرجل ياقوم دليل على أنه قبطي (¬3). ثامنا: موقفه من اللغة: يتضح لدارس تفسير المهدوي أحاطته الواسعة بفنون اللغة وأساليبها واستعمالاتها، وامتلاكه لقواعد اشتقاقها وتصريفها، ومعرفة غريبها، وقدرته الفائقة على توجيهه القراءات القرآنية، وحل مشاكل الإعراب الخفية. ويتسم منهج المهدوي في تناول شرح المفردات اللغوية في التفسير باعتماد علماء اللغة والنحو، الذين سبقوه في الظهور، وخاصة من اشتهر منهم بالعناية بالتفسير اللغوي للقرآن كسيبويه والفراء وأبي عبيدة والأصمعي والمبرد وغيرهم ... . قال في تفسير قوله تعالى: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} (¬4): وأصل اسم الله الذي هو "الله" عند سيبويه (لاه) دخلت عليه الألف واللام للتعظيم، لا للتعريف ولسيبويه أيضا قول آخر: أن أصله (إله) فحذفت الهمزة .. الخ. (¬5) ¬

(¬1) غافر: 28. (¬2) غافر: 29. (¬3) التحصيل 4/ 40 - 41. (¬4) الفاتحة: 1. (¬5) التحصيل 1/ 5.

وفي قوله تعالى {وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة} (¬1) ذكر أن اشتقاق آدم من الأدمة في اللون، وهي السمرة فلا يصرف على هذا الوجه، إذا سمي به، ثم نكر عند سيبويه. وقيل: هو مشتق من أديم الأرض: وهو وجهها فيصرف إذا سمي به في المعرفة والنكرة (¬2). وفسر السبات بأنه الراحة في قوله تعالى {وجعلنا نومكم سباتا} (¬3)، وقال: يقال: سبتت المرأة شعرها: إذا حلته وأرسلته. وقيل: إن أصل السبات الانقطاع عن العمل من أجل الراحة. ومنه يوم السبت (¬4). وفي شرح قوله تعالى: {والذين كفروا فتعسا لهم وأضل أعمالهم} (¬5) قال ثعلب: التعس: الشر. وقيل: هو البعد. ابن السكيت: التعس، أن يخر على وجهه، والنكس أن يخر على رأسه. والتعس أيضا: الهلاك (¬6). وقال في قوله تعالى {لافيها غول ولا هم عنها ينزفون} (¬7): والغول في اللغة: الأذى والمكروه. يقال غاله الشراب واغتاله، إذا أذاه وذهب بعقله، والنزيف: السكران، وهو المنزف أيضًا، يقال: نزف الرجل: إذا ذهب عقله من السكر. وحكى أبو عبيدة: أنزف، إذا سكر. وقال في قوله تعالى {ولاتؤمنوا إلا لمن تبع دينكم قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم أو يحاجوكم} (¬8): إن (أو) عند الفراء تدل على حتى، وتدل على (إلا أن) وذهب إلى نفس المعنى الكسائي واستدل بقول العرب: لا نلتقي أو تقوم الساعة. أما عند الأخفش فهي عاطفة على {ولا تؤمنوا} أي ولا تصدقوا أن يحاجوكم عند ربكم (¬9). وفي قوله تعالى {وفتحت أبوابها} (¬10)، قال: الواو إثباتها عطف جملة وحذفها للضمير العائد من الجملة الثانية. وقيل: الواو في قصة أهل الجنة زائدة، وقيل: زيادة الواو دليل على أن الأبواب، فتحت لهم قبل أن يأتوا لكرامتهم على الله عز وجل، والتقدير: حتى إذا جاؤوها وأبوابها مفتحة. وحذف الواو في قصة أهل النار، لأنهم وقفوا على النار وفتحت بعد ¬

(¬1) البقرة: 31. (¬2) التحصيل 1/ 19. (¬3) النبأ: 9. (¬4) التحصيل 4/ 170. (¬5) محمد: 9. (¬6) التحصيل 4/ 83. (¬7) الصافات: 47. (¬8) آل عمران: 73. (¬9) التحصيل 1/ 175. (¬10) الزمر: 73.

وقوفهم، إذلالا وترويعا لهم وهو قوله تعالى {حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها} (¬1)، ثم ذكر أن الواو زيدت في قصة أهل الجنة الذين فتحت لهم الأبواب {وفتحت أبوابها}، لأن أبواب الجنة ثمانية. أما أبواب جهنم فهي سبعة، ووقع التفريق بينهما - الجنة وجهنم - بزيادة الواو (¬2). وفسر قوله تعالى {وإذا العشار عطلت} (¬3) بأن العشار من النوق: الحامل التي بلغت عشرة أشهر في حملها وواحدها عشراء، وقد تسمى بذلك إلى أن تلد، وبعيد ذلك. والعشار أعز مايكون عند العرب، واهتمامهم بها أشد فأخبر أنها تعطل يوم القيامة (¬4). وهو لا يكثر من الاستدلال بالشعر ففي قرابة ستين صفحة لم يذكر سوى بيتين من الشعر تقريبا. ومن مواضع استدلاله بالشعر في قوله سبحانه {وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفي} (¬5) قال: وقيل: إن الطرف هاهنا العين، والمعنى ينظرون من عين ضعيف النظر، والعرب تستعمل هذا في المريب ومنه قول الشاعر: فغض الطرف إنك من نمير ... . . . . . . . . وقال في تفسير آية {ولتعرفنهم في لحن القول} (¬6)، أي في فحواه ومعناه، ومنه قول الشاعر: وخير الكلام ما كان لحنا ... . . . . . . . . أي ما عرف بالمعنى ولم يصرح به. وقد ذكرنا أنه يفرد فصلا يقول فيه: الإعراب ويرتبه بناء على القراءات التي ذكرها، ويمثل قسم الإعراب جانبا هاما من تفسير المهدوي. والمهدوي في حل مشكل إعراب القرآن يعرض الوجوه المختلفة، وينتقد بعضها أحيانا، مع تعليل سبب الاعتراض، ولا يكتفي بإعراب مشكل الآية بل يعلل الإعراب ويختار مايراه أسلم في الذوق العربي، وأقرب إلى منطق القواعد النحوية. ¬

(¬1) الزمر: 71. (¬2) التحصيل 4/ 37. (¬3) التكوير: 4. (¬4) التحصيل 4/ 178. (¬5) الشورى: 45. (¬6) محمد: 30.

ففي سورة الكهف بعد أن انتهى من ذكر فضلها والتفسير والقراءات قال: الإعراب: قوله: {قيما} (¬1) منصوب على الحال من الكتاب. وقوله: {ولم يجعل له عوجا} (¬2) اعتراض بين الحال وبين ذي الحال الذي هو الكتاب. وقيل إن {قيمًا} منصوب بإضمار فعل، المعنى: ولكن جعله قيمًا فهو مفعول ثان لجعل المضمر فيوقف على هذا التقدير على الكتاب ولا يوقف عليه على التقدير الأول وقيل: انتصابه على تقدير: {الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا} (¬3) أنزله قيمًا. فهو منصوب على الحال من الهاء المضمرة في الفعل المضمر. وسكوت حفص على {عوجا} إيذان بأن الجملة معترضة وفرار من أن يتوهم في وصله أن {قيمًا} وصف لعوج. وسكوته على {مرقدنا} (¬4) ليدل على أن هذا ماوعد الرحمن. وفي سورة طه: بدأ بعد التفسير الإعراب فقال قوله: {إلا تذكرة لمن يخشى} (¬5): مفعول له على تقدير فعل مضمر، التقدير: ما أنزلنا القرآن لتشقى، ما أنزلناه إلا تذكرة، ولا يجوز حمله على الفعل الأول، لأن ثم مفعولاً آخر، فلا يكونان لفعل واحد. وأجاز بعض النحويين أن يكون بدلاً من {لتشقى} (¬6) وأنكره أبو علي (يعني الكسائي) من أجل أن التذكرة ليست بتشقى. ويجوز أن ينتصب على أنه مصدر على التقدير: أنزلناه به تذكرة. وفي سورة المسد بعد أن تكلم عن التفسير والقراءات قال: الإعراب: فتح الهاء وإسكانها من أبي لهب لغتان، {وامرأته حمالة الحطب} (¬7) يجوز أن تكون ابتداء وخبره فيمن رفع {حمالة} يكون: {في جيدها حبل من مسد} (¬8) فيوقف على ماتقدم على {ذات لهب} ويجوز أن تكون "وامرأته" معطوفة على المضمر في {سيصلى} (¬9) فلا يوقف على {ذات لهب} ويوقف على {امرأته} وتكون {حمالة الحطب} خبر مبتدأ محذوف ومن نصب {حمالة} فعلى الذم كأنها اشتهرت بذلك فجاءت الصفة للذم لا للتخصيص. وفي إعرابه لقوله تعالى {قل اللهم مالك الملك} (¬10)، نقل عن سيبويه أن الميم من {اللهم} هي عوض عن ياء النداء، ولا توصف لفظة {اللهم}، وقوله: {مالك الملك} منصوب على النداء. ونقل عن الزجاج والمبرد ¬

(¬1) الكهف: 2. (¬2) الكهف: 1. (¬3) الكهف: 1. (¬4) يس: 52. (¬5) طه: 3. (¬6) طه: 2. (¬7) المسد: 4. (¬8) المسد: 5. (¬9) المسد: 2. (¬10) آل عمران: 26.

وغيرهما أنه صفة. وأشار المهدوي إلى أن أبا علي اختار رأي سيبويه لأنه أبين ولأنه ليس في الأسماء الموصوفة شيء على حد اللهم، فإذ خالف أصل ما عليه الأسماء الموصوفة، ودخل في حيز الأصوات وجب ألا يوصف. ثم نقل المهدوي تعليل أبي علي لهذا الإعراب المتمثل في أن {اللهم} اسم منادى، وأن الأصل عدم وصف المنادى المعرفة المفرد، فلما وصف بسماع كما حكى سيبويه عن العرب من قولهم: ياتميم أجمعين، وضم إلى اسم الله تعالى صوت، وصيغ معه، وكان حكم الأصوات ألا توصف، وكان قياس المضموم إليه هذا الصوت قبل ضمه، ألا يوصف، صار بمنزلة صوت مضموم إلى صوت ... (¬1) وقال في إعراب قوله عز وجل: {جنات عدن مفتحة لهم الأبواب} (¬2): في {مفتحة} ضمير الجنات، والأبواب بدل منها، بدل البعض من الكل أو بدل الاشتمال، لأن الأبواب بعض الجنات، وهي مشتملة عليها. والفراء يذهب إلى أن {الأبواب} مرفوعة بلفظة مفتحة والألف واللام في مقام الضمير والتقدير: مفتحة لهم أبوابها. وأنكر أبو علي القولين معا وقال: لو جاز ماذهب إليه الفراء لم يقولوا: هند حسنة الوجه، ولقالوا هند حسن الوجه. كما قالوا: هند حسن وجهها، ففي ذلك دليل على أن الألف واللام لا تسد مسد الضمير في اللفظ، وإن كان المعنى عليه ... الخ (¬3) وهو لا يهتم كثيرا بالنكات البلاغية، وإنما يشير إلى بعضها أثناء تفسيره بايجاز، ففي أسلوب التمثيل تناول تفسير قوله تعالى {وأما ماينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال} (¬4) فأوضح أن هذا مثل ضربه الله للحق في ثباته، والباطل في زواله ليعلم أن الباطل وإن قوي وعلا، فإنه إلى اضمحلال واندثار كالزبد الذي يذهب جفاء والماء في الآية هو الحق والزبد الرابي هو الباطل، والأودية مثل القلوب ... الخ (¬5) وعني المهدوي بأسلوب الحذف في القرآن، وأشار إلى ماورد في ذلك، والحذف حسب رأي سيبويه وابن عطية والزركشي وغيرهم، من مجاز القرآن، ¬

(¬1) التحصيل 1/ 167. (¬2) ص: 50. (¬3) التحصيل 4/ 29. (¬4) الرعد: 17. (¬5) التفصيل 2/ 147.

تاسعا: موقفه من القراءات

وهو أنواع منه حذف المفعول، وحذف المضاف، وحذف الجواب (¬1). ومن أمثلة الحذف ماذكره المهدوي في تفسير قوله تعالى {ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض ..} (¬2) فأوضح أن الجواب محذوف، كأنه قال: هذا القرآن، ثم أورد رأي الفراء في تعيين الجواب المحذوف وهو: لو فعل لهم هذا لكفروا. كما نقل عن بعض النحاة رده لتعيين الجواب المحذوف الذي هو: هذا القرآن. وذلك لأن الآية لم تأت لتفضيل القرآن، بل سيقت في معرض ذم الكفار، والدليل ما جاء قبلها في القرآن، وهو قوله تعالى {وهم يكفرون بالرحمن قل هو ربي} (¬3)، وما جاء بعدها {أفلم ييأس الذين آمنوا} (¬4) (¬5) تاسعا: موقفه من القراءات: ورغم كثرة تآليف المهدوي في القراءات إلا أنه خصص لها بابا في التفسير بكتابيه التفصيل والتحصيل، وهو الباب الثالث كما أدمجها مع الإعراب، في الباب الرابع ثم جعل لها في آخر التفسير قسما خاصا بأصولها. وقد قال في مقدمة كتابه: وأذكر القراءات السبع في الروايات التي اقتصر عليها أهل الأمصار، سوى من لم يبلغ مبلغهم في الاشتهار إلا مالا اختلاف بين السبعة القراء، فإني أذكره منسوبا إلى بعض من روي عنه من القراء، ليعرف من هذا الاختصار ما هو من القراءات المروية مما لم يقرأ بها قارئ، وإن كان جائزا في العربية (¬6). وإن القسم الخاص بالقراءات من تفسير المهدوي ليشكل كتابا بمفرد في القراءات واختلاف أوجهها يمكن أن يضاف إلى كتبه الأخرى التي أفردها للتأليف في القراءات خاصة إذا أضيف إليها ما ألحقه بآخر التفسير من عناية بأصول القراءات. وجاء في آخر كتابه قوله: قد أتيت في جميع سور القرآن على ما شرطته في صدر الديوان وأنا أذكر على أثر ذلك أصول القراءات وأجمل منها ما بسطته في الكبير (¬7). ¬

(¬1) انظر البرهان 3/ 103. (¬2) الرعد: 31. (¬3) الرعد: 30. (¬4) الرعد: 31. (¬5) التحصيل 1/ 151. (¬6) التحصيل 4/ 200. (¬7) التحصيل 4/ 218.

وقد ذكرت صاحبة التفسير واتجاهاته خلاصة لخصائص معالجة المهدوي لفن القراءات في تفسيره وهي: 1 - له اهتمام كبير بالقراءات، إذ هو من أئمة هذا العلم. 2 - ماذكره في التفسير بقسم القراءات يمثل كتابا خاصا منفردا فيها. 3 - يعتمد منهجه في القراءات على قواعد أساسية ثابتة هي: أ - أخذ جملة آيات وعرض القراءات المختلفة فيها. ب - جمع القراءات وذكر الاختلاف بين القراء حول الحرف الواحد. ت - تعليل القراءة والاحتجاج لها بالشعر وأقوال العرب. ث - تفسير القرآن بحسب اختلاف القراءة. ج - رده بعض القراءات المخالفة للرسم القرآني. ح - التنصيص على القراءة الشاذة. خ - العناية بالوقف. د - عدم التخلي عن ذكر تخلف القراء، أو الإعراب في السورة، والتنصيص على الاستثناءات في كل ذلك (¬1). ومن الأمثلة التطبيقية على بعض ماتقدم قال: سورة الأنعام: تقدم القول في قوله {ميتا} (¬2) و {رسالاته} (¬3) ابن كثير: {يجعل صدره ضَيْقا حرجا} بالتخفيف وشدد الباقون، وكذلك الاختلاف في الفرقان (¬4). نافع وأبوبكر: {حرِجا} بكسر الراء وفتح الباقون. ابن كثير: {كأنما يَصْعَد في السماء} أبوبكر {يصّاعَد} الباقون {يَصَّعَّد} (¬5) ابن هرمز والحسن: ... .الخ وذكر فيمن ذكر من القراء: أبا رجاء وطلحة بن مصرف وأبا السمال وابن رئاب والنخعي. ¬

(¬1) التفسير واتجاهاته ص: 253. (¬2) الأنعام: 122. (¬3) الأنعام: 124. (¬4) يعني قوله: {وإذا ألقوا منها مكانا ضيقًا} آية: 15، وآية الأنعام رقمها125. (¬5) الأنعام: 125وقراءة ابن كثير بإسكان الصاد المهملة وتخفيف العين بدون ألف وقراءة أبي بكر شعبة بتشديد الصاد والألف أصلها "يتصاعد" أدغمت التاء في الصاد (انظر إتحاف فضلاء البشر ص: 216).

ثم تكلم عن توجيهها جميعا وقال: فيها عشر ياءات إضافة فذكرها وفيها محذوفتان فذكرهما. وبعد أن انتهى من تفسير سورة الكهف قال: القراءات. كان حفص عن عاصم يسكت على قوله {عوجا} (¬1) سكتة خفيفة وكذلك {مرقدنا} (¬2) نافع وابن عامر: {مَرفِقا}، والباقون: {مِرفَقا} (¬3). ابن عامر: {تَزْورّ (¬4) عن كهفهم} (¬5)، عاصم وحمزة والكسائي: {تَزَاوَر} بالتخفيف، والباقون: {تَزَّاور} بالتشديد، وروى الجحدري: {تَزْوَارّ} (¬6). وفي سورة الأنبياء بعد أن انتهى من التفسير قال: القراءات. معاذ بن جبل: "وبالله لأكيدن أصنامكم" (¬7)، الكسائي: {فجعلهم جِذاذا} (¬8) بكسر الجيم، وابن عباس وأبو نهيك وأبو السمال بفتحها. أبو حيوة: " ثم نكِّسوا على رؤوسهم" (¬9) بتشديد الكاف. وقال أيضا: القراءات الواردة في سورة (ص:) من قوله تعالى {واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار} (¬10) إلى آخر آية من السورة. ابن كثير {واذكر عبدنا إبراهيم} على التوحيد. والباقون {عبادنا} بالجمع. الحسن وعيسى الثقفي والأعمش: "أولي الأيد والأبصار" (¬11)، بغير ياء. نافع وهاشم عن ابن عامر {بخالصةِ ذكرى الدار} (¬12) بالإضافة والباقون بتنوين خالصة. ابن كثير وأبو عمرو {هذا ما يوعدون ليوم الحساب} (¬13) بياء (¬14) ¬

(¬1) الكهف: 1. (¬2) يس: 52. (¬3) قراءة نافع وابن عامر بفتح الميم وكسر الفاء والباقين بكسر الميم وفتح الفاء. وهما بمعنى واحد (انظر إتحاف فضلاء البشر ص: 288، الغاية في القراءات العشر ص: 194). (¬4) بإسكان الزاي وتشديد الراء بدون ألف كتحمر (انظر إتحاف فضلاء البشر ص: 288). (¬5) الكهف: 17. (¬6) بألف بعد الواو على وزن تحمارّ ووافقه على ذلك أبو رجاء وأيوب السختياني وابن أبي عبلة وهي قراءة شاذة (انظر البحر المحيط 6/ 107 وإملاء مامن به الرحمن ص: 100). (¬7) وهي قراءة شاذة وقرأ الجمهور {وتالله لأكيدن أصنامكم} الأنبياء: 57. (¬8) الأنبياء: 58. (¬9) وهي قراءة شاذة وقرأ الجمهور {ثم نكسوا} الأنبياء: 65 بالتخفيف. (¬10) ص: 45. (¬11) قراءة شاذة والجمهور قرأها {أولي الأيدي والأبصار} ص: 45. (¬12) ص: 46. (¬13) ص: 35. (¬14) يعني تحتية.

والباقون بتاء (¬1). حفص وحمزة والكسائي {حميم وغسّاق} (¬2) بالتشديد، وكذلك الذي في {عم يتساءلون} (¬3)، والباقون بالتخفيف. أبو عمرو: {وأُخر من شكله أزواج} (¬4) جمع أخرى. والباقون {وآخر} مفرد مذكر. الخ ماذكره من القراءات. ثم ذكر بعد هذه القراءات المختلفة، أن سورة ص: تضمنت ست ياءات إضافة، وقع الاختلاف فيها، فأما حفص فقد فتح {وليَ نعجة واحدة} (¬5) {ما كان ليَ من علم} (¬6) الخ ثم أشار إلى أن في السورة يائين محذوفتين وهما قوله تعالى {بل لما يذوقوا عذاب} (¬7) وقوله {فحق عقاب} (¬8) وقد أثبت الياء سلام ويعقوب (¬9). وفي سورة المسد قال: القراءات. ابن كثير: {يدا أبي لَهْب} (¬10) بإسكان الهاء، وفتح الباقون، الأعمش: "وما اكتسب" (¬11) وهو خلاف المرسوم. ومن مواضع اهتمامه بتوجيه القراءات: قوله تعالى {بل عجبت ويسخرون} (¬12) قال: من فتح التاء فهو على الخطاب للنبي عليه السلام، ومن ضم، جاز أن يكون على معنى أن حالهم إذا تأملتموها كانت مما يقول القائل منكم: عجبتُ. ويجوز أن يكون على إضمار القول كأنه قال: قل يامحمد: عجبت. وإضمار القول كثير (¬13). وقد رد المهدوي عدة قراءات لمخالفتها للمصحف ومن ذلك قراءة من حذف الكاف في قوله تعالى {ونادوا يا مالك} (¬14)، وقراءة: "وهو الذي في السماء الله وفي الأرض الله" (¬15). وربما أحال القارئ على القسم المخصص لأصول القراءات في آخر الكتاب، فقد ذكر في إشباع كسرة الكاف في قراءة قوله تعالى {مالك يوم الدين} (¬16)، أن ¬

(¬1) يعني فوقية. (¬2) ص: 57. (¬3) يقصد قوله: {إلا حميما وغساقا} النبأ: 25. (¬4) ص: 58. (¬5) ص: 23. (¬6) ص: 69. (¬7) ص: 8. (¬8) ص: 14. (¬9) التحصيل 4/ 28. (¬10) المسد: 1. (¬11) قراءة شاذة وقراءة الجمهور {وماكسب} المسد: 2. (¬12) الصافات: 12. (¬13) التحصيل 4/ 25. (¬14) الزخرف: 48. (¬15) التحصيل 4/ 67، وقراءة الجمهور {وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله} الزخرف: 84. (¬16) الفاتحة: 4.

عاشرا: موقفه من الفقه والأصول

أحمد بن صالح روى عن ورش عن نافع، إشباع كسرة الكاف وقال: وذلك مذكور في باب في آخر الكتاب (¬1). ومن مواضع تناوله لموضوع الوقوف في القرآن: ذكر في قوله تعالى {أفلا تبصرون أم أنا خير من هذا ...} (¬2)، أن الوقف على {أفلا تبصرون} وقال: وروي عن عيسى الثقفي ويعقوب الحضرمي أنهما وقفا على (أم)، على أن يكون التقدير: أفلا تبصرون أم تبصرون؟، فحذف تبصرون الثاني. وقيل من وقف على (أم) جعلها زائدة، وكأنه وقف على {تبصرون} من قوله {أفلا تبصرون}، ولا يتم الوقف على {تبصرون} عند الخليل وسيبويه لأن (أم) تقتضي الاتصال بما قبلها (¬3). عاشرا: موقفه من الفقه والأصول: وكما ذكرنا فإن المهدوي يفرد الأحكام والنسخ بالقسم الأول عند تفسيره الآيات وهو لايصرح باختياره لأحد الآراء الفقهية، وهو المنهج الذي سلكه في تناوله لأغلب المسائل الخلافية. غير أنه يمكن ملاحظة ميله إلى مذهبه المالكي إذ كثيرا مايورد رأي مالك في الصدارة ثم يعقبه برأي الشافعي تلميذه قبل ذكر رأي أبي حنيفة. في قوله تعالى {واستشهدوا شهيدين من رجالكم} (¬4) قال: يعني الأحرار خاصة في قول أكثر العلماء. ولا تجوز شهادة العبد عند مالك والشافعي وأبي حنيفة وغيرهم. وأجازها شريح وابن حنبل وإسحاق وغيرهم. وأجازها الشعبي والنخعي في الشيء اليسير. ثم أشار المهدوي إلى شهادة الصبيان واختلاف أئمة الفقه حولها فصدر ذلك برأي مالك، الذي يجيز شهادتهم فيما بينهم في الجراح خاصة مالم يختلفوا، ولا تجوز شهادة الواحد منهم على كبير أو لكبير على صغير .. ولم يجز الشافعي وأبو حنيفة وأصحابه شهادة الصبيان. ثم تعرض إلى الاختلاف حول شهادة القاذف إذا تاب، وهي التي أجازها ¬

(¬1) التحصيل 1/ 7. (¬2) الزخرف: 51 - 52. (¬3) التحصيل 4/ 64. (¬4) البقرة: 282.

مالك والشافعي، ولم يجزها أبو حنيفة وأصحابه، وبين أن أكثر العلماء يجيزون شهادة من أتى حدا من الحدود كشرب الخمر وغيره إذا تاب وحسنت توبته. وبعد أن أورد المهدوي أقوال العلماء في تعيين من تقبل شهادتهم واختلافهم في ذلك، انتقل إلى موضوع آخر له اتصال بالشهادة، وهو شهادة أهل الأهواء، وهل تقبل شهادتهم ومن يردها من الأئمة، ومن يعمل بها منهم، قال: ولم يجز مالك شهادة القدرية، وأجاز الشافعي وأبو حنيفة شهادة أهل الأهواء. ثم تكلم بعد ذلك عن نوع آخر من الشهود فقال: وتجوز شهادة لاعب الشطرنج في قول مالك، والشافعي وغيرهما، قال الشافعي: إلا أن تشغله عن الصلاة. أما شهادة شاهد الزور فلا تقبل أبدا عند مالك، وتقبل شهادته عند الشافعي وأبي حنيفة إذا تاب. ولا تقبل عند مالك وأبي حنيفة والشافعي شهادة الولد للوالدين ولا الوالدين للولد. وعقب المهدوي على ذلك بذكر من يقبل هذه الشهادة وهم أبو ثور وابن راهويه وغيرهما. ثم تعرض إلى حكم شهادة أحد الزوجين لصاحبه فأوضح أن مالكا لا يقبلها، في حين قبلها الشافعي وأبو ثور وغيرهما. كما أورد القول في شهادة الأعمى التي أجازها مالك وغيره ولم يجزها الشافعي وأبو حنيفة (¬1). وفي قوله تعالى {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة} (¬2) ذكر اختلاف العلماء حول هذا الموضوع، بعضهم لا يضبطه بمقدار، يكثر ويقل بحسب ما تواصوا به، وهو مذهب الحسن البصري وعمرو بن دينار والثوري والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبي ثور وابن المسيب، ويجمعون على أنه لو أصدقها سوطا حلت به ... وحدد مالك المهر بربع دينار، وحدد أبو حنيفة وأصحابه أقل المهر بعشرة دراهم. وذكر ابن جبير أنه يجب أن يكون خمسين درهما، والأوزاعي يكتفي بمهر قدره درهم ... . ¬

(¬1) التحصيل 1/ 149. (¬2) النساء: 4.

وكل هذا يستفاد مما نقل عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وصحابته والتابعين من إكثار في المهر وإقلال وتوسط. وقد سأل أبو سلمة بن عبد الرحمن عائشة رضي الله عنها عن صداق النبي - صلى الله عليه وسلم -، الذي كان يقدمه لنسائه، فقالت: اثنتي عشرة أوقية ونش (¬1). قال مجاهد: الأوقية أربعون درهما، والنش عشرون درهما. وروي أن الحسن بن علي لما تزوج إحدى نسائه أرسل إليها مائة جارية، ومع كل جارية ألف درهم .. . وتزوج عمر بن الخطاب ابنة علي بن أبي طالب على أربعين ألف درهم. وأصدق ابن عمر صفية عشرة آلاف درهم، وكذلك كان يزوج بناته. وتزوج ابن عباس شميلة على عشرة آلاف درهم أيضا ... كما تزوج أنس بن مالك بنفس هذا المقدار ... . وروي عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قوله لرجل: "فالتمس ولو خاتما من حديد" (¬2). وفي سورة طه الآيات من أولها إلى قوله تعالى: {وقد خاب من افترى} (¬3) حدد المهدوي مايتعلق بالأحكام في تلك الآية بقوله: فيه ما يتعلق بها في موضعين: أحدهما قوله تعالى {فاخلع نعليك إنك بالوادي المقدس طوى} (¬4) فظاهر هذه الآية يدل على وجوب نزع النعلين في المساجد. وذلك غير لازم. وإنما أمر موسى بخلع نعليه لأنهما كانتا من جلد حمار غير ذكي. وروي ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. (¬5) ¬

(¬1) أخرجه مسلم - كتاب النكاح - باب الصداق ... 2/ 1042. (¬2) التفصيل 1/ 87، أخرجه البخاري مختصرًا بنحو هذا اللفظ - باب المهر بالعروض وخاتم من حديد 9/ 216. وأخرجه البخاري بنحوه مطولا - كتاب النكاح - باب التزويج على القرآن ولو بغير صداق 9/ 205، ومسلم - كتاب النكاح - باب الصداق وجواز كونه تعليم قرآن وخاتم حديد 2/ 1040. (¬3) طه: 61. (¬4) طه: 12. (¬5) يعني أن نعليه كانتا من جلد حمار غير ذكي روي ذلك فيما أخرجه الترمذي - كتاب اللباس - باب ماجاء في لبس الصوف 4/ 224 والعقيلي في الضعفاء رقم 97 والحاكم في المستدرك 2/ 379 وغيرهم عن ابن مسعود مرفوعا. وقال الترمذي: غريب. وقال الحاكم: صحيح على شرط البخاري فتعقبه الذهبي بقوله: بل ليس على شرط البخاري، وإنما غره أن في الإسناد حميد بن قيس كذا وهو خطأ إنما هو حميد الأعرج الكوفي ابن علي أو ابن عمار أحد المتروكين فظنه المكي الصادق. وانظر السلسلة الضعيفة 3/ 389،.

وقال الحسن ومجاهد وغيرهما إنما أمر بخلعها ليباشر الوادي المقدس بقدميه تبركا به. قال الحسن وابن جريح: كانت نعلاه من جلد بقر. وقد تبين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي في نعليه ولا ينزعهما (¬1) وكان يدخل بهما في مسجده والمسجد الحرام. والآية الأخرى قوله تعالى: {وأقم الصلاة لذكري} (¬2)، ... الخ فذكر مافيها على نفس النهج. وقال في سورة الأعراف: القول من أولها إلى قوله {فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون} (¬3) لا أحكام ولا نسخ فيها ثم قال: التفسير ... وتحت قوله تعالى: {يواري سوءاتكم} (¬4) أفاض في الكلام عن حد العورة وتطرق منه لصلاة المرأة وشعرها مكشوف أو شيء من بدنها ونقل أقوال المذاهب في ذلك على غرار ماتقدم. وأما موقف المؤلف من النسخ فهو يقول بوقوعه مثل الجمهور، ويدل على هذا وضعه العناوين الخاصة بذلك مثل: الأحكام والنسخ، لا أحكام ولا نسخ، لا أحكام والنسخ كذا ... الخ. وقد قدم تعريفا موجزا للنسخ وأنواعه محيلا على كتابه الكبير لزيادة البيان والتفصيل، وذلك أثناء تفسيره لقوله تعالى {ماننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها} (¬5) حيث قال: أصل النسخ إبدال الشيء من غيره، وهو على ضروب: نسخ الرسم وبقاء الحكم، ونسخ الحكم وبقاء الرسم، ونسخ الرسم والحكم جميعا ثم أشار إلى أن من معانيه تحويل الخط من كتاب إلى كتاب وختم بقوله: وقد بينت ذلك في الكبير (¬6). وقال في تفسير بقية الآية وهو قوله تعالى {أو ننسها}، يعني النسيان الذي هو ضد الذكر كما قال تعالى {سنقرئك فلا تنسى} (¬7) ثم قال {نأت بخير منها أو مثلها}، يعني بخير منها لنا في العاجل ... وقد ذكر نسخ أول الأنفال بقوله {واعلموا أنما غنمتم من شيء} (¬8) وقال: ¬

(¬1) من ذلك ما أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب اللباس - باب النعال السبتية وغيرها 10/ 308 عن أنس. (¬2) طه: 14. (¬3) الأعراف: 25. (¬4) الأعراف: 26. (¬5) البقرة: 106. (¬6) التحصيل 1/ 59. (¬7) الأعلى: 6. (¬8) الأنفال: 41.

وممن روي عنه أنها منسوخة ابن عباس ومجاهد وغيرهما. ومن الآيات التي رجح أنها منسوخة، ما جاء في تفسيره لقوله تعالى {لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله} (¬1) قال: قال ابن عباس وعائشة وغيرهما: هي محكمة، والمعنى عندهما أن الله تعالى يحاسب خلقه على ماعملوه وما أسروه في أنفسهم فيغفر للمؤمنين ويؤاخذ الكافرين والمنافقين. وعن عائشة رضي الله عنها أن محاسبة الله عز وجل خلقه على ما أسروه ولم يعملوه، إنما هو بالمصائب في الدنيا هذا معنى قولها. وروي معناه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. (¬2) وعن مجاهد وعكرمة وغيرهما أنها محكمة مخصوصة في كتمان الشهادة. وعن ابن عباس أيضا وأبي هريرة وابن مسعود وسعيد بن جبير وغيرهم أنها منسوخة بقوله {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها} (¬3). ويعقب المهدوي على كل هذا بقوله وأحسن ما يحمل هذا المذهب عليه أن تكون الآية إنما نسخت الشدة اللاحقة بأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - عند نزولها، فيكون من قولهم: نسخت الريح الآثار أي أزالتها، ومن قولهم نسخت الشمس الظل إذا أزالته وحلت محله فكأن اللين في الآية الأخرى أزال الشدة التي في الأولى وحل محلها، فإن لم يحمل على هذا ففيه بعد، لأنه خبر، وإذا لم يكن في الخبر معنى الأمر والنهي استحال نسخه (¬4). ولا يجيز المهدوي نسخ القرآن بالسنة وقد عبر عن رأيه هذا عند تفسير قوله تعالى {آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا} (¬5)، وتأول معنى الحديث الذي اعتبره البعض ناسخا للآية السابقة فقال: قال بعض من يجيز نسخ القرآن بالسنة أن زكريا عليه السلام منع الكلام وهو قادر وأنه منسوخ، بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ولا صمات يوم إلى الليل" (¬6). وأكثر العلماء على أنه ليس ¬

(¬1) البقرة: 284. (¬2) أخرجه البخاري - كتاب المرضى - باب ما جاء في كفارة المرض وقول الله تعالى {من يعمل سوءا يجز به} 10/ 103 عن عائشة مرفوعا: " ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر الله بها عنه حتى الشوكة يشاكها". (¬3) البقرة: 286. (¬4) التحصيل 1/ 150 - 151. (¬5) آل عمران: 41. (¬6) أخرجه أبو داود - كتاب الوصايا - باب متى ينقطع اليتم 3/ 115 عن علي بن أبي طالب مرفوعا في حديث أطول منه، وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الصغير ورجاله ثقات (المجمع4/ 334).

بمنسوخ، وعلى أن زكريا إنما منع من الكلام بآفة دخلت عليه منعته من الكلام، وتلك الآفة عدم المقدرة على الكلام مع الصحة، كذلك قال المفسرون. وذهب كثير من العلماء إلى أن قوله عليه الصلاة والسلام: "لا صمات يوم إلى الليل" إنما معناه عن ذكر الله، وأما عن الهذر وما لا فائدة فيه، فالصمت عن ذلك واجب (¬1). كما لا يقبل نسخ الأخبار كما تقدم ويرى أنه مستحيل ولهذا فهو يرفض أن تكون آية النساء الواردة في وعيد القاتل ناسخة لآخر آية في سورة الفرقان المتضمنة حصول التوبة له (¬2). ومن مواضع تعرضه لبعض الأصول الأخرى: ماجاء في تفسيره لقوله عز وجل {أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافًا كثيرا} (¬3) حيث فسر قوله تعالى {يتدبرون} بالتفكير في القرآن وفي معانيه وأوامره ونواهيه ثم قال: وفي الآية دليل بين على وجوب فهم معاني القرآن وفساد قول من قال لا يجوز أن يؤخذ التفسير إلا من النبي - صلى الله عليه وسلم - وفيها دليل على فساد التقليد والأمر بالنظر، والاستدلال، وفيها دليل على إثبات القياس (¬4). ونظرا لتقدم هذا التفسير نراه لا يتعرض للعلوم الحديثة والرياضة والفلسفة والمعجزات الكونية. أما موقفه من المواعظ والآداب فنراه سلبيا لا يظهر لها ذكر واضح وإنما تأتي ضمنا خلال سوق النقول التفسيرية. ¬

(¬1) التحصيل 1/ 162. (¬2) التحصيل 1/ 233. (¬3) النساء: 82. (¬4) التفصيل 1/ 119.

تفسير مكي بن أبي طالب من خلال كتبه الهداية ومشكل الإعراب وتفسير المشكل

تفسير مكي بن أبي طالب من خلال كتبه الهداية ومشكل الإعراب وتفسير المشكل مؤلف هذا التفسير هو أبو محمد مكي بن أبي طالب حموش القيسي القيرواني ت 435 هـ وهو من أهل المنطقة ولد بالقيروان ونشأ بها (¬1). التعريف بالتفسير: وتفسيره المسمى "الهداية إلى بلوغ النهاية في علم معاني القرآن وتفسيره وأحكامه" تفسير مخطوط يوجد منه أربع مجلدات، موزعة على مكتبات شتى في العالم، سبق ذكر مواضعها في ترجمته. ومنه نسخة تقتصر على السفر الثالث من أول سورة مريم إلى آخر سورة الزمر مكتوبة على رق الغزال بتاريخ 485 هـ تقع في 401 صفحة يوجد منها نسخة مصورة على ميكروفيلم بمكتبة الجامعة الإسلامية تحت رقم 1898، 3031 عن نسخة الخزانة العامة بالرباط رجعت إليها. وأما كتابه مشكل إعراب القرآن فهو مطبوع طبعتان محققتان. وأما كتابه تفسير المشكل من غريب القرآن على الإيجاز والاختصار، فهو مطبوع في مجلد لطيف طبعة محققة. وقد كتب د / أحمد حسن فرحات عن مكي دراسة هامة أحاط فيها بمختلف جوانب شخصيته التفسيرية وهي بعنوان: "مكي بن أبي طالب وتفسير القرآن" طبعتها دار الفرقان بالأردن - ط 1 سنة1404 هـ. (¬2) وهذه الدراسة حواشيها نادرة جدا واعتمادها في النقد مبني على وجهات ¬

(¬1) تقدمت ترجمته في أهل المنطقة برقم 235. (¬2) وممن تكلم عن منهج مكي أيضا: عبد السلام الكنوني في المدرسة القرآنية ص: 207 - 217، ووسيلة بلعيد في التفسير واتجاهاته ص: 173 - 211.

المنهج العام للتفسير

نظر الباحث مع نقول مجردة. وتفسير مكي يعد مرحلة أساسية من مراحل التفسير بإفريقية، إذ على يده تطور التفسير بالمأثور، الذي مثله ابن سلام، فاتجه به مكي نحو حذف السند والاكتفاء بإثبات الروايات ونقدها، مع التعمق في علمي اللغة والقراءات اعتمادا على اللغويين الذين أسهموا بالتأليف في كتب معاني القرآن، مثل الفراء، وأبي عبيدة ... واستناداً إلى ما لحق القراءات، من نمو التأليف، وتنوع البحث فيها. المنهج العام للتفسير: وتفسير مكي بن أبي طالب يعتبر تفسيرا نحويا لغويا يهتم بالأثر ويعنى كثيرا بالقراءات. قال مكي في مقدمة الهداية: هذا كتاب جمعت فيه ما وصل إلي من علوم كتاب الله جل ذكره واجتهدت في تلخيصه وبيانه واختياره واختصاره، وتقصيت ما وصل إلي من مشهور تأويل الصحابة والتابعين ومن بعدهم في التفسير دون الشاذ على حسب مقدرتي، وما تذكرته في وقت تأليفي له، وذكرت المأثور عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما وجدت إليه سبيلاً، من روايتي، أو ما صح عندي من رواية غيري (¬1). ثم أخذ مكي في تعداد الكتب التي اعتمدها، قال: جمعت أكثر هذا الكتاب من كتاب شيخنا أبي بكر الأدفوي رحمه الله، وهو الكتاب المسمى بكتاب (الاستغناء) والمشتمل على نحو ثلاثمائة جزء في علوم القرآن أفضيت في هذا الكتاب نوادره، وغرائبه ومكنون علومه، مع ما أضفت إلى ذلك من كتاب تفسير القرآن، تأليف أبي جعفر الطبري، وما تخيرته من كتب أبي جعفر النحاس، وكتاب أبي إسحاق الزجاج، وتفسير ابن سلام، ومن كتاب الفراء ومن غير ذلك من الكتب في علوم القرآن والتفسير والمعاني والغريب والمشكل، انتخبته من ألف جزء أو أكثر مؤلفة في علوم القرآن مشهورة مروية. وقال: أعني بقولي: بلوغ النهاية إلى ماوصل إلي من ذلك لأن علم ¬

(¬1) الهداية ق: 1.

كتاب الله لايقدر أن يبلغ أحد إلى نهايته وفوق كل ذي علم عليم. وقد تخفف في كل ماذكره من الأقوال والمأثورات من ذكر الأسانيد مصرحًا بذلك بقوله: وأضرب عن الأسانيد ليخف حفظه على من أراد، وليتفرغ إلى ماجمع فيه من علوم كثيرة، وفوائد عظيمة من تفسير المأثور، وذكر الأحكام والناسخ والمنسوخ وغيرهما من فنون علم كتاب الله من قراءة عربية أو إعراب غامض أو اشتقاق مشكل أو تصريف خفي أو تعليل نادر أو تصريف مسموع مع ما يتعلق بذلك من أنواع علوم يكثر تعدادها ويطول ذكرها. وصرح في ختام مقدمته بأنه فيما قدم من علل النحو والغامض من الإعراب تخفف من نبذ جمعها لئلا يطول الكتاب وأنه أفرد كتابا مختصرا في شرح مشكل الكتاب بغية التفرغ لما ألف كتاب الهداية من أجله وهو تفسير التلاوة وبيان القصص والأخبار وكشف مشكل المعاني وذكر الاختلاف في ذلك وبيان الناسخ والمنسوخ وذكر الأسباب التي نزل فيها. ووفاء بالأمانة العلمية أخبر أنه سيتصرف في أقوال العلماء المتقدمين فينقلها بأسلوبه - على وجه التضمين - بغية تقريب معناها وذهاب غامضها، إلا إذا انتفى السبب الذي حمله على التصرف فيها قال: ذكرت ألفاظهم بعينها، مالم يشكل. وقد أفرد فرحات في دراسته الباب الثالث لمنهج مكي في تفسيره (¬1) وجعله في ثلاثة فصول: (انظر أيضا: كلام وسيلة على منهج مكي (¬2) الفصل الأول: احتجاجه بالأثر 1 - تفسير القرآن بالقرآن. 2 - تفسير القرآن بالحديث الصحيح. 3 - عنايته بأسباب النزول. 4 - التفسير بأقوال الصحابة فمن بعدهم. 5 - بيان القصص والأخبار. 6 - موقفه من الإسرائيليات. ¬

(¬1) ص: 227. (¬2) ص: 173 - 211.

الفصل الثاني: اعتداده بالعربية: 1 - بيان المفردات. 2 - عنايته بالاشتقاق. 3 - معاني الحروف. 4 - اختلاف الإعراب وأثره في الأحكام. 5 - علوم البلاغة. 6 - النقد اللغوي. 7 - التعليل اللغوي. الفصل الثالث: احتفاله بالنظر: 1 - بيان معنى النظر وحدوده. 2 - مجالات النظر ودرجاته: 1 - مجال النقد اللغوي. 2 - الآيات المشكلة. 3 - آيات العقيدة. ردوده على الرافضة وعلى المعتزلة. وفرق في هذا الفصل بين معنى النظر والرأي عند مكي، إذا أن النظر عنده هو: التدبر والتفكر في مجموع النصوص ومقابلتها ببعضها ومحاولة الوصول إلى فهم صحيح يجلو الغوامض ويزيل الالتباس، ويكشف مشكل المعاني. كما أشار فرحات إلى المجال الذي يدور فيه النظر، فبين أنه محدود بحدين: حد النصوص وحد اللغة، أي التمييز والاختيار بين النصوص على ضوء المعاني. وبذلك أوضح أن النظر عند مكي لا يدخل في باب التفسير بالرأي المجرد لأنه ليس رأيا شخصيا له وإنما هو فهم على أصول وقواعد، كما حدد مجالات النظر عند مكي ودرجاته، فبين أنه يظهر في النقد اللغوي، وتفسير الآيات المشكلة، وآيات العقيدة حيث يستطرد للرد على الفرق المخالفة كالمرجئة والمعتزلة.

وفي الباب الخامس تكلم عن قيمة تفسير مكي فذكر كلام القاضي عياض وابن سعيد وابن عطية (¬1). ثم ذكر نماذج من استفادة ابن عطية منه (¬2) ثم القرطبي (¬3) ثم أبي حيان (¬4) ومن أهم نتائجه لهذه الدراسة أنه بين ولأول مرة مكانة مكي العلمية وقيمة تفسيره، وأثره في المفسرين من بعده، كما ظهر له أن تفسير مكي (يعتبر في جملته تلخيصا جيدا لتفسير الطبري، لا يخل بجوهره لأنه لم يحذف منه إلا الأسانيد والمكررات). والمآخذ على هذه النتيجة، أن الباحث اعتمد فيها على مثال وجده في تفسير الطبري يتفق وتفسير مكي وهذا لا يكفي للحكم على تفسير مكي بأكمله، وفي دراسة حسن فرحات ما يفيد أن مكيًا ألف تفسيره في مدة طويلة استغرقت شبابه وكهولته، ولو كان تلخيصا لكتاب الطبري، لأتمه في مدة محدودة، وقد ذكر مكي نفسه أن من مراجعه الأساسية تفسير الطبري وذكر غيره من المصادر وعلى وجه الخصوص كتاب الاستغناء مما يبعد تماما فكرة التلخيص هذه. وطريقة مكي في تفسيره الهداية أنه يستهل تفسير السورة بالبسملة والتصلية ويقول: قوله تعالى ذكره .. ثم يذكر آية أو عدة آيات ثم يذكر قراءاتها وإعرابها وتفسيرها. وقلما يهتم بذكر الروايات مسندة لأصحابها في أسباب النزول، أما الإعراب والتصريف فكثيرًا ما يسند الأقوال فيهما إلى علماء اللغة إذا كان بينهم خلاف في التوجيه الإعرابي للآية. وكذلك يذكر الأقوال مسندة إلى من رويت عنهم في تأويل غريب القرآن، وكلما تقدم في التفسير استغنى عن خدمة الألفاظ التي سبق له أن فسرها في سورة قبلها. وقد أفرد مكي كتابه "تفسير المشكل من غريب القرآن العظيم على الإيجاز والاختصار" لبيان معاني المفردات وتميز منهجه فيه بالأمور التالية (¬5): 1 - أنه جمع فيه غريب القرآن ممن تقدمه من مصنفي الغريب، وكان أكثر اعتماده على كتاب "تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة. ¬

(¬1) ص: 540. (¬2) ص: 550. (¬3) ص: 557. (¬4) ص: 562. (¬5) انظر مقدمة تفسير المشكل ص: 71، 72.

2 - أنه اعتمد في ترتيب كتابه على نسق الآيات والسور في القرآن الكريم، وهذا أحد منهجين سار عليهما العلماء الذين ألفوا في غريب القرآن ويقوم المنهج الآخر على ترتيب الكلمات حسب حروف المعجم كما فعل السجستاني والراغب الأصفهاني. 3 - أنه يختار أولى الأقاويل في تفسير الغريب ويتجنب المنحول من التفسير والشاذ من الآراء، ويعتمد في أسلوبه اللفظ الموجز، والعبارة السهلة الواضحة، والاختصار الشديد وعدم التفصيل اللغوي، وذكر الآراء المختلفة، والمسائل النحوية التي حفلت بها كتب الغريب ككتاب "معاني القرآن" للفراء و "معاني القرآن" للأخفش الأوسط. أما كتاب مشكل إعراب القرآن: فقد ذكر مكي في سبب تأليفه لهذا الكتاب أنه رأى أن كل من تكلم عن الإعراب أطال الكلام في الخفض وحروفه والجزم وحروفه وبما هو ظاهر من ذكر الفاعل والمفعول واسم إن وخبرها مما يستوي في معرفته العالم والمبتدئ وأغفلوا مشكلات الإعراب التي هي حرية بالبيان، وهذا الإغفال دعاه إلى تفسيرها وذكر عللها وصعبها ونادرها حتى يسهل فهمها ويقرب تناولها لمن أراد حفظها. وقد بين أنه قد ألف كتابه هذا لمن بلغ مستوى عاليًا في معرفة النحو وقواعده وهو ما أشار إليه في مقدمة هذا الكتاب بقوله: ولم أؤلف كتابنا هذا لمن لايعلم من النحو إلا الخافض والمخفوض والفاعل والمفعول والمضاف والمضاف إليه والنعت والمنعوت في أشباه لهذه، إنما ألفناه لمن شدا طرفا منه، وعلم ظواهره وجملاً من عوامله، وتعلق بطرف من أصوله (¬1). ونبه في هذه المقدمة على أنه تحرى أن يوضح إعراب كل مشكل في الكلمات القرآنية لايترك إلا مايدخل في أشباه له أو نظائر سبق إيضاحها فيها تقدم من كتب تلافيا لآفة التكرار ورغبة في الاختصار مع نصه على موضع الكلام مما سبق كقوله مثلا في إعراب {وما أدراك ما يوم الدين} (¬2) في ¬

(¬1) مشكل إعراب القرآن 1/ 2 - 3. (¬2) الانفطار: 17.

المنهج التفصيلي للمؤلف

سورة الانفطار: قد تقدم الكلام فيه وفي نظيره في الحاقة والواقعة وغيرهما. المنهج التفصيلي للمؤلف: أولا: موقفه من أسماء السور وعدد الآيات والوقوف وبيان المناسبات: يتعرض مكي لذكر السورة هل هي مكية أم مدنية فقط ولا يتعرض لعد الآي ولا المناسبات ونحو ذلك مثل قوله: سورة طه مكية. الأنبياء مكية. وقال في سورة مريم بعد البسملة والتصلية: وكان نزولها قبل أن يهاجر أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أرض الحبشة. ثانيا: موقفه من العقيدة: يلاحظ أن موقف مكي من قضية الصفات هو موقف السلف الصالح من إثباتها من غير تشبيه أو تأويل أو تحريف أو تعطيل: قال في قوله تعالى {الرحمن على العرش استوى} (¬1): أي على عرشه ارتفع وعلا قال أبو عبيدة: استوى: علا، وقال غيره: استقر وقيل: معناه استولى وأحسن الأقوال في هذه: علا. والذي يعتقده أهل السنة ويقولونه في هذا أن الله جل ذكره فوق سماواته على عرشه دون أرضه وأنه في كل مكان بعلمه وله تعالى ذكره كرسي وسع السموات والأرض كما قال جل ذكره وكذلك ذكر شيخنا أبو محمد ابن أبي زيد رحمه الله وقد سأل رجل مالكا عن هذا ... .فذكر أثر مالك المشهور في الاستواء. (¬2) وقال مكي في معرض تفسير قوله تعالى: {ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية} (¬3): ما جاء في القرآن والأحاديث من النزول والمجيء غير ذلك مضافا إلى الله - جل ذكره - فلا يجب أن يتأول فيه انتقال ولا حركة على الله، إذ لا يجوز عليه ذلك، والحركة والنقلة إنما هما من صفات المخلوقين، وكل ما جاء من هذا، فإنما هو صفة من صفات الله لا كما هي من المخلوقين فأجرها على ما أتت، ولا تعتقد ولا تتوهم في ذلك أمرا مما شاهدته في الخلق، إذ ليس كمثله شيء. ¬

(¬1) طه: 5. (¬2) الهداية 3/ 28. (¬3) الحاقة: 17.

ثم يقول: وقد قال جماعة من العلماء في وصف الله - جل ذكره - بالمجيء والإتيان والتنزل، إنها أفعال يحدثها الله متى شاء، سماها بذلك فلا تقدم بين يديه، ولا تكيف ولا تشبه، وتقول كما قال، وتنفي عنه - جل ذكره - التشبيه، ولا تعترض في شيء مما أتى في كتابه من ذلك، وما روي عن نبيه - صلى الله عليه وسلم -. (¬1) وربما سلك مسلك التأويل فيما أشكل مثلما قال عند قوله {قدم صدق} (¬2) ومعنى {قدم صدق} قال الضحاك: ثواب صدق، وقال مجاهد: الأعمال الصالحات، وهو اختيار الطبري، قال ابن عباس: أجرًا حسنا قدموا من أعمالهم وعن ابن عباس {قدم صدق}: ماتقدم لهم من السعادة في اللوح المحفوظ. وقال قتادة والحسن وزيد بن أسلم {قدم صدق}: هو محمد - صلى الله عليه وسلم - شفيع لهم. والقدم في اللغة: على أربعة أوجه: 1 - قدم الإنسان مؤنثة. 2 - والقدم: السابقة والعامل الصالح مؤنثة أيضًا. 3 - والقدم: الشجاع مذكر. 4 - والقدم: المتقدم، مذكر أيضًا. وفي الحديث "أن جهنم لاتسكن حتى يضع الجبار فيها قدمه" (¬3) وفي رواية أخرى "حتى يضع الله فيها قدمه" قال الحسن: معناه حتى يجعل فيها الذين قدمهم لها، فيمن قدم الله إلى النار. والمؤمنون قدمهم إلى الجنة. ومن رواه: "حتى يضع الجبار" فمعناه ماذكرنا إن جعلت الجبار اسمًا لله، وقيل: ¬

(¬1) الهداية ق: 226. (¬2) يونس: 2. (¬3) أخرجه البخاري - كتاب التفسير سورة ق: - باب {وتقول هل من مزيد} 8/ 594 - 595، عن أنس بلفظ: "حتى يضع قدمه فتقول: قط قط". وعن أبي هريرة بلفظ: "فيضع الرب تبارك وتعالى قدمه عليها فتقول: قط قط". وعنه أيضًا بلفظ: "حتى يضع رجله فتقول قط قط قط".

ثالثا: موقفه من تفسير القرآن بالقرآن

الجبار اسم لجنس يدل على جميع الجبارين على الله، فالمعنى حتى يضع الجبارون على الله فيها أقدامهم، أي حتى يدخلوها فعند ذلك تقول: قط قط: أي كفى كفى. وفي هذا الحديث اختلاف روايات بألفاظ مختلفة لكنا فسرنا موضع الإشكال منه (¬1). وأما موقفه من القدر فيظهر في تفسيره لقوله تعالى: {سواء عليهم ءأنذرتهم} (¬2) حيث قال: أعلمه الله عز وجل في هذه الآية، أمر من سبق له في علم الله سبحانه، الكفر والثبات عليه إلى الموت، لايؤمن ولا ينفعه الإنذار، وأن الإنذار وتركه سواء عليه (¬3). وهذا مما يدل على إثباته القدر بخلاف ماتقوله المعتزلة. ثالثا: موقفه من تفسير القرآن بالقرآن: قال في قوله تعالى {صراط الذين أنعمت عليهم} (¬4): ... المنعم عليهم هم الأنبياء صلوات الله عليهم والصديقون والصالحون بدلالة قوله {فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين} (¬5) وقال في قوله تعالى: {يوم تبيض وجوه وتسود وجوه} (¬6): ومعنى تبيض: تشرق، كما قال {وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة} (¬7) فهي تشرق لما تصير إليه من النعيم، وتسود وجوه من أجل ماتصير إليه من العذاب (¬8). وفي شرح مشكل الغريب يستشهد على تفسير الكلمات الغريبة بالآيات القرآنية ومن ذلك قوله {آنست نارا} (¬9) أي أبصرت، و {آنستم منهم رشدا} (¬10) أي علمتم (¬11). وقوله: {إن تتبعون إلا رجلا مسحورا} (¬12) أي: مخادعا. ومنه قوله تعالى: {فأنى تسحرون} (¬13) أي: من أين تخدعون (¬14). ¬

(¬1) الهداية 2/ 1 - 2. (¬2) البقرة: 6. (¬3) الهداية 1/ 15. (¬4) الفاتحة: 7. (¬5) النساء: 69. (¬6) آل عمران: 106. (¬7) عبس 38 - 39. (¬8) الهداية 1/ 151. (¬9) طه: 10. (¬10) النساء: 6. (¬11) تفسير المشكل ص: 247. (¬12) الإسراء: 47. (¬13) المؤمنون: 89. (¬14) تفسير المشكل ص: 228.

رابعا: موقفه من تفسير القرآن بالسنة

رابعا: موقفه من تفسير القرآن بالسنة: قال عند قوله تعالى {يرثني ويرث من آل يعقوب} (¬1): وأنكر آخرون وراثة المال في هذا لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "نحن معشر الأنبياء لا نورث ما تركنا صدقة" (¬2) وهذا الحديث يجب أن يكون حكمه مخصوصا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وأخبر عن نفسه على لفظ الجماعة ... ويحتمل أن تكون هذه شريعة كانت ونسختها شريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - فمنع وراثته. (¬3) وقال: وروى أبو سعيد الخدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يجاء بالموت فيوضع بين الجنة والنار كأنه كبش أملح" قال: "فيقال ياأهل الجنة هل تعرفون هذا؟ فيشرئبون وينظرون فيقولون: نعم هذا الموت" قال: "فيقال: ياأهل النار هل تعرفون هذا؟ فيشرئبون وينظرون فيقولون: نعم هذا الموت ثم يؤمر به فيذبح" قال: "فيقول: ياأهل الجنة خلود بلا موت وياأهل النار خلود بلا موت " ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - {وأنذرهم يوم الحسرة} (¬4) الآية وأشار بيده في الدنيا يريد الغفلة في الدنيا". (¬5) وفي قوله تعالى {ووصينا الإنسان بوالديه إحسانًا حملته أمه كرهًا ووضعته كرها} (¬6) ذكر مارواه ابن مسعود أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - سئل: أي الأعمال أفضل؟ قال: "إيمان بالله، والصلاة لوقتها، وبر الوالدين، والجهاد في سبيل الله " (¬7). ¬

(¬1) مريم: 6. (¬2) أخرجه البخاري - كتاب الفرائض - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "لانورث ما تركنا صدقة" 12/ 6، 7، ومسلم كتاب الجهاد والسير باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "لانورث ماتركنا فهو صدقة" 3/ 1379. (¬3) الهداية 3/ 2. (¬4) مريم: 39. (¬5) الهداية 3/ 12. أخرجه البخاري - كتاب التفسير - باب {وأنذرهم يوم الحسرة} رقم 4730، ومسلم - كتاب الجنة - باب النار يدخلها الجبارون رقم 2849 من حديث أبي سعيد. (¬6) الأحقاف: 15. (¬7) أخرجه البخاري - كتاب التوحيد - باب وسمى النبي - صلى الله عليه وسلم - الصلاة عملا 13/ 510، ومسلم - كتاب الإيمان - باب كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال 1/ 89.

وذكر غيره من أحاديث في بر الوالدين وعقوقهما. وريما تكلم عن الحديث من حيث الصناعة الحديثية مثل الحديث المروي في حل أكل ذبائح المجوس وهو قوله: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب" (¬1) فأشار إلى أن سنده غير متصل، وأن المراد به الجزية فقط. وقد ذكرت صاحبة التفسير واتجاهاته تبعا لفرحات أن من أهم خصائص منهج مكي: 1 - اقتصاره على رواية الصحيح من الحديث دون غيره، وهو بهذا تقدم خطوة حاسمة بمنهج التفسير بالمأثور نحو تخليصه من الروايات الضعيفة والواهية والموضوعة. 2 - حذفه الأسانيد وهو ماذكره في مقدمته بقوله: وأضربت عن الأسانيد ليخف حفظه على من أراده. وقالت: واعتمد مكي في تفسير القرآن على الأحاديث الصحيحة دون غيرها، بعد حذف أسانيدها، قصد التخفيف على من يرغب في حفظ الكتاب. وهو منهج سلكه كثير من المفسرين والفقهاء، خاصة بعد أن دونت الأحاديث وعرف رجالها ووضعت المجاميع والمسانيد. قالت: ومما يؤكد اعتماد مكي على صحيح الحديث دون غيره ماقام بتحقيقه حسن فرحات إذا تتبع بعض الأحاديث الواردة في التفسير وقارنها مع ماخرجه ابن كثير في تفسيره فلاحظ التطابق بينهما في التفسيرين والمعلوم أن ابن كثير قد اشتهر بنقل الأحاديث الصحيحة مسندة ونقد رجالها جرحًا وتعديلاً (¬2). ¬

(¬1) أخرجه مالك في الموطأ - كتاب الزكاة - باب جزية أهل الكتاب والمجوس 1/ 278 عن محمد بن علي أن عبد الرحمن بن عوف قال: أشهد لسمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول "سنوا بهم سنة أهل الكتاب". قال ابن كثير: روي مرسلاً وقال: لم يثبت بهذا اللفظ (التفسير 3/ 37) وقال ابن عبد البر: هذا منقطع (انظر تنوير الحوالك 1/ 205) وقال الألباني: ضعيف (انظر إرواء الغليل 5/ 88). (¬2) التفسير واتجاهاته ص: 178.

وهذا الذي ذكرته بالنسبة لاعتماده ذكر الصحيح فقط ليس بصحيح، كما أن تفسير ابن كثير به جملة من الأحاديث الضعيفة، والغريب أنها أتبعت كلامها ببعض مواضع استدلال مكي بالحديث فكانت الأمثلة في أحاديث ضعيفة ومن ذلك قولها: والمثال الأول منها: ماذكره مكي في تفسير قوله عز وجل {فويل لهم مما كتبت أيديهم} (¬1) قال سفيان وابن عباس: ويل ماء يسيل من صديد، في أسفل جهنم، وروى عثمان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "الويل جبل في النار" (¬2) وروى عنه عليه السلام أبو سعيد الخدري أنه قال: "ويل وادي في جهنم يهوي فيه الكافر أربعين خريفًا قبل أن يبلغ قعره" (¬3). وكل من حديث عثمان وأبي سعيد غير صحيح. قالت: ومن أمثلة تفسيره للقرآن بالحديث ماجاء في بيان معنى قوله تعالى {ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك} (¬4) قال: معناه نعظمك بالحمد والشكر وقيل: التسبيح الصلاة. وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إن لله في السموات السبع ملائكة يصلون". وإن عمر بن الخطاب قال له: يارسول الله ماصلاتهم؟ فلم يرد عليه النبي عليه السلام شيئا، فأتاه جبريل عليه السلام فقال له: يانبي الله: سألك عمر عن صلاة أهل السماء. "قال: نعم"، فقال له: اقرأ على عمر السلام وأخبره أن أهل السماء الدنيا سجود إلى يوم القيامة يقولون: سبحان ذي الملك والملكوت. وأهل السماء الثانية ركوع إلى يوم القيامة يقولون: سبحان ذي العزة والجبروت. وأهل السماء الثالثة قيام إلى يوم القيامة يقولون: سبحان الحي الذي لا يموت (¬5). ¬

(¬1) البقرة: 79. (¬2) أخرجه ابن جرير 1/ 378، 379 مطولا من طريق كنانة العدوي عن عثمان به. وكنانة عده الحافظ من الرابعة (التقريب 5668) ولا يعرف بسماع من عثمان، وفي الإسناد من لم أجد له ترجمة، ولم يعزه السيوطي في الدر لغير ابن جرير. (¬3) أخرجه الترمذي - كتاب صفة جهنم - باب ماجاء في صفة قعر جهنم رقم 2576، وابن حبان (انظر موارد الظمآن ص: 649) والحاكم 4/ 596 وقال الترمذي: غريب. وقال ابن كثير: منكر (التفسير 1/ 168) وقال الألباني: ضعيف (انظر ضعيف الترمذي 1/ 617، ضعيف الجامع 6/ 269). (¬4) البقرة: 30. (¬5) أخرجه ابن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة 1/ 262، وأبو الشيخ في العظمة 3/ 1014، والحاكم في المستدرك 3/ 87 من حديث عبد الله بن عمر مطولا وأخرجه ابن نصر أيضًا من رواية سعيد بن جبير والحسن مرسلاً 1/ 264، 266، وقال الحاكم: صحيح على شرط البخاري فتعقبه الذهبي بقول: منكر غريب وما هو على شرط البخاري عبد الملك ضعيف تفرد به. أ. هـ وقال ابن كثير: حديث غريب جدًا بل منكر نكارة شديدة (التفسير 4/ 445).

وهذا أيضا حديث غير صحيح. وتحت قوله تعالى {أفمن شرح الله صدره للإسلام} (¬1) ذكر أن أصحاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - سألوه بقولهم: أو ينشرح القلب؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: "نعم، إذا أدخل الله فيه النور انشرح، وانفسح". قالوا: فهل لذلك من علامة تعرف؟ قال: "نعم. التجافي عن دار الغرور، والإنابة إلى دار الخلود، والاستعداد للموت قبل الموت" (¬2). وهو حديث ضعيف كذلك. أما الأمثلة على الأحاديث الصحيحة فقد تقدم جملة منها. وبالنسبة لأسباب النزول فهو من المهتمين بها المعتنين بإيرادها قال في قوله تعالى {وما كان الله ليضيع إيمانكم} (¬3): أي صلاة من مات منكم، وهو يصلي إلى بيت المقدس. وقال المشركون من أهل مكة: تحير محمد في دينه، فكان ذلك فتنة للناس، واختبارًا وتمحيصًا للمؤمنين. قال قتادة: صلت الأنصار حولين بين بيت المقدس قبل هجرة النبي، ثم هاجر النبي - صلى الله عليه وسلم - فصلى نحوها ستة عشر شهرًا، ثم وجهه الله نحو الكعبة، فقال قائلون من الناس: ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها. وقالوا: لقد اشتاق الرجل إلى مولده، فابتلى الله عباده بما شاء من أمره، فأنزل الله في اليهود والمنافقين: {سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم} إلى ¬

(¬1) الزمر: 22. (¬2) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 1/ 210، وابن جرير 8/ 26 - 27 وغيرهما عن ابن مسعود موصولا وعن غيره مرسلا (وانظر الدر المنثور 5/ 358) وقال ابن كثير: فهذه الطرق لهذا الحديث مرسلة ومتصلة يشد بعضها بعضا والله أعلم. (التفسير2/ 175) وقال ابن الجوزي: روي من طرق كلها وهم والصواب عن عمرو بن مرة عن أبي جعفر عبد الله ابن المسور مرسلا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كذلك قاله الثوري، وابن المسور متروك. العلل المتناهية 2/ 318. (¬3) البقرة: 143.

{مستقيم}، وأنزل في المؤمنين {وما كان الله ليضيع إيمانكم} إلى {رحيم}. (¬1) (¬2) وقال في قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم} (¬3): هذه الآية نزلت في سبب أقوام سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - مسائل امتحانا له، فيقول له بعضهم إذا ضلت ناقته: أين ناقتي؟ فنهى الله عز وجل عن ذلك. (¬4) قال أنس: سأل الناس النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى أحفوه بالمسألة، فصعد المنبر ذات يوم وقال: "لا تسألوني عن شيء إلا بينت لكم " فألقى الناس ثيابهم على رؤوسهم يبكون، فأنشأ رجل كان إذا لاحى دعي بغير أبيه، فقال: يارسول الله! من أبي؟ قال: "حذافة " فقام عمر فقبل رجل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا، أعوذ بالله من شر الفتن، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أما والذي نفسي بيده، لقد صورت مثل الجنة والنار آنفا في عرض هذا الحائط، فلم أر كاليوم في الخير والشر ". (¬5) قال الزهري: فقالت أم عبد الله بن حذافة: ما رأيت ولدا أعق منك قط، أكنت تأمن أن تكون أمك قد قارفت ما قارفت أهل الجاهلية فتفضحها على رؤوس الناس؟ فقال: والله لو ألحقني بعبد أسود للحقته. وقال أبو هريرة: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو غضبان، حتى جلس على المنبر، فقام رجل فقال: أين أنا؟ فقال: "في النار"، وقال آخر: من أبي؟ فقال: "حذافة"، فقام عمر فقال: رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا ¬

(¬1) الهداية ق: 84 والآيتان من سورة البقرة برقم: 142، 143. (¬2) أخرجه ابن جرير 2/ 5 وهو ضعيف لإرساله ولكن روى البخاري نحو ذلك من حديث البراء - كتاب التفسير - باب {سيقول السفهاء من الناس} 8/ 171. (¬3) المائدة: 101. (¬4) أخرجه البخاري - كتاب التفسير - باب {لاتسألوا عن أشياء} 8/ 280 وابن جرير 7/ 80 عن ابن عباس به. (¬5) أخرجه البخاري - كتاب التفسير - باب {لاتسألوا عن أشياء} 8/ 280، ومسلم - كتاب الفضائل - باب توقيره - صلى الله عليه وسلم - 7/ 94.

خامسا: موقفه من تفسير القرآن بأقوال السلف

وبالقرآن إماما. فنزلت الآية. (¬1) وقال علي بن أبي طالب: لما نزلت هذه الآية {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا} فقالوا: يارسول الله، أفي كل عام؟ فسكت، ثم قالوا: أفي كل عام؟ فسكت، ثم قال: "لا، ولو قلت نعم، لوجب " فأنزل الله الآية. وروي أنه قال - لما كرر عليه القول -: "والذي نفسي بيده لو قلت: نعم، لوجبت ولو وجبت عليكم ما أطقتموه، ولو تركتموه لكفرتم " فأنزل الله {لا تسألوا عن أشياء} الآية. (¬2) وروي عنه أنه قال: "لو قلت لوجبت، ولو وجبت ثم تركتم لهلكتم اسكتوا عني ما سكت عنكم، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم " فأنزل الله الآية. (¬3) وفي شرح مشكل الغريب لم يكثر الاستشهاد بالحديث الشريف واقتصر على حديث واحد فقط في الكتاب كله وهو في تفسير قوله تعالى {فمن اعتدى بعد ذلك} (¬4) قال: أي قتل بعد أن أخذ الدية من الجاني روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "لا أعافي أحدا قتل بعد أخذ الدية" (¬5). خامسا: موقفه من تفسير القرآن بأقوال السلف: قال: قوله تعالى ذكره {كهيعص} (¬6) وهذه الحروف عند ابن عباس مأخوذة من أسماء دالة على ذلك. فالكاف يدل على كبير. وقيل: الكاف يدل على كافٍ. قاله ابن جبير والضحاك، وروى أيضا ابن جبير أن الكاف تدل على كريم. ¬

(¬1) أخرجه ابن جرير 7/ 82 وقال الوادعي: رجاله رجال الصحيح إلا محمد ابن علي شيخ ابن جرير وهو ثقة. (الصحيح المسند من أسباب النزول ص: 63). (¬2) أخرجه الترمذي - كتاب تفسير القرآن - باب ومن سورة المائدة 5/ 256 وقال: حديث حسن غريب. (¬3) الهداية 1/ 375 - 376. (¬4) البقرة: 178. (¬5) شرح مشكل الغريب ص: 108، أخرجه أحمد 3/ 363 وأبو داود - كتاب الديات - باب من قتل بعد أخذ الدية 4/ 646 عن جابر، وقال المنذري: الحسن لم يسمع من جابر فهو منقطع. وأخرجه ابن جرير 2/ 112 عن قتادة مرسلاً وهو ضعيف لإرساله وعزاه السيوطي أيضًا لابن المنذر وذكر أن سمويه أخرجه في فوائده عن سمرة موصولاً (الدر 1/ 181) وضعفه الألباني (ضعيف الجامع 5/ 6173) والفريوائي (لحظ الألحاظ 1/ 767). (¬6) مريم: 1.

قال ابن عباس وابن جبير: الهاء تدل على هاد. كذلك قول الضحاك. قال ابن جبير: الياء من حكيم ... وقال ابن عباس وابن جبير: العين من عالم. وعن ابن عباس أيضًا: العين من عزيز وقال الضحاك: العين من عدل. وقال ابن عباس وابن جبير: الصاد من صادق. وعنه أيضا: الكاف كافٍ والهاء هاد والياء يد من الله على خلقه والعين عالم والصاد صادق. وعنه أيضًا أنه كان يقول: كهيعص اغفر لي. وعن ابن عباس أنه قال: هو قسم أقسم الله به، وهو من أسماء الله. وقال أبو العالية: كل حرف على حدته ليس من أسماء الله. وقال قتادة: كهيعص من أسماء القرآن. وقوله تعالى {نداء خفيا} (¬1) أي: دعاء سرًا كراهية الرياء قاله ابن جريح وغيره وقال السدي: رغب زكريا في الولد فقام يصلي ثم دعا ربه سرًا. {أولى الأيدي ...} (¬2) قال ابن عباس: أولى القوة والعبادة، {والأبصار}: الفقه في الدين. قال مجاهد: {أولي الأيدي} القوة في أمر الله {والأبصار} العقول. وقال قتادة: أعطوا قوة في العبادة وبصرا في الدين. وقال السدي: {الأيدي} القوة في طاعة الله {والأبصار} التبصر بعقولهم في دينهم. وقال في قوله تعالى {أقم الصلاة لدلوك الشمس} (¬3): قال علي بن أبي طالب دلوكها: غروبها. وهو قول ابن مسعود، وروي عن ابن عباس: دلوكها: زوالها، وقاله ابن عمر وأبو هريرة. {وقرآن الفجر} صلاة الصبح، وقال قتادة: {وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس} (¬4) هي صلاة الفجر، {وقبل غروبها} هي صلاة العصر، {ومن آناء الليل} صلاة المغرب والعشاء الآخرة (¬5). وقال في تفسير قوله تعالى {اهبطوا مصرًا} (¬6): إن قتادة ومجاهد وغيرهما يرون أن ذلك يعني مصرًا من الأمصار بالتنكير. وأما أبو العالية فيرى أنها مصر التي بها فرعون وهو قول الكسائي أيضًا. وذكر مكي أن ¬

(¬1) مريم: 3. (¬2) ص: 45. (¬3) الإسراء: 78. (¬4) طه: 135. (¬5) الهداية 1/ 49. (¬6) البقرة: 61.

سادسا: موقفه من السيرة والتاريخ وذكر الغزوات

أبيا وابن مسعود قرءا اهبطوا مصر، بغير صرف معرفة، وأن بعضهم يقول بأنها الشام، وروى أشهب عن مالك أنها بلاده مصر. وختم مكي هذه الروايات بقوله: في رأيي هي بلاد فرعون (¬1). وفي شرح مشكل الغريب يستشهد مكي بأقوال الصحابة الكرام والتابعين وتابعيهم من المفسرين مع توسط في هذا الأمر وعدم الإكثار منه، ومن الشواهد على ذلك قوله في تفسير أول سورة البقرة {الم} وعن ابن عباس - رضي الله عنه - أنه قال: الألف الله، واللام جبريل، والميم محمد، روى ذلك عنه عطاء والضحاك قال: وكل ما ذكرنا من تفسير أوائل السور عن ابن عباس فهو مما رواه عنه عطاء والضحاك. (¬2) سادسا: موقفه من السيرة والتاريخ وذكر الغزوات: يتعرض مكي لذكر بعض حوادث السيرة أثناء تفسيره ومن ذلك قوله في قراءة {وكأين من نبي قتل معه ربيون} (¬3) بعد أن ذكر عدة أوجه في توجيهها: والأول أحسن لأن كعب بن مالك قال: أول من عرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه لم يقتل يوم أحد، أنا، رأيت عينه من تحت المغفر فناديت بأعلى صوتي: هذا رسول الله. فأومأ إلي النبي - صلى الله عليه وسلم - أن اسكت، وكان قد صاح الشيطان يوم أحد: قتل محمد فانهزم المسلمون خلا قليل منهم. وهناك مواضع أطال فيها جدًا في ذكر أحداث السيرة ومن ذلك ماذكره تحت قوله تعالى: {إنا فتحنا لك فتحا مبينا} (¬4) حيث ذكر تفاصيل غزوة الحديبية وقصة البيعة وقصة أبي جندل ثم ذكر المعجزات التي حصلت على يد النبي - صلى الله عليه وسلم - في تلك الغزوة. وتحت قوله تعالى {لتجدن أشد الناس عداوة} (¬5) ذكر قصة جعفر مع النجاشي بطولها من حديث ابن عباس وأم سلمة والسدي وغيرهم. ولذا قال فرحات عن مكي: ... فهو لايترك فرصة تمر دون أن يعلق على الآيات التي تتصل بالسيرة، ويشرح تفاصيل حوادثها ويستنتج منها العبر، ¬

(¬1) الهداية 1/ 31. (¬2) تفسير المشكل ص: 85. (¬3) آل عمران: 146. (¬4) الفتح: 1. (¬5) المائدة: 82.

سابعا: موقفه من الإسرائيليات

مما يجعل كتابه غنيًا بالنصوص التاريخية التي توضح النص القرآني في نفس الوقت الذي تعطي فيه قارئها ثقافة لا بأس بها في سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬1). سابعا: موقفه من الإسرائيليات: لقد ذكر مكي في تفسيره كثيرًا من الإسرائيليات نظرًا لاهتمامه بالجانب الأثري ومن ذلك ماساقه من روايات كثيرة تحت قوله تعالى {واتبعوا ماتتلوا الشياطين على ملك سليمان ... .} (¬2) ومنها قوله: وروي عن ابن عباس في قصة الملكين: أن الله تعالى أطلع الملائكة على أعمال بني آدم، فقالوا: يا رب هؤلاء بنو آدم الذي خلقته بيدك وأسجدت له ملائكتك، وعلمته أسماء كل شيء؛ يعملون بالخطايا؟ فقال الرب تعالى لهم: أما إنكم لو كنتم مكانهم لعملتم مثل أعمالهم، قالوا: سبحانك ما كان ينبغي لنا ذلك. فأمروا أن يختاروا ملكين ليهبطا إلى الأرض فاختاروا هاروت وماروت فأهبطا إلى الأرض، وأحل لهم كل شيء إلا الشرك والسرقة والزنا وشرب الخمر وقتل النفس. قال: فما استقرا حتى عرض لهما بامرأة قد قسم لها نصف الحسن فلما أبصراها تعرضا لها قالت: لا، إلا أن تكفرا بالله وتشربا الخمر، وتقتلا النفس، وتسجدا لهذا الصنم، قالا: ما كنا لنشرك بالله شيئا، فقال أحدهما للآخر: ارجع إليها فقالت لا، إلا أن تشربا الخمر. فشربا الخمر، فشربا حتى ثملا، فدخل عليهما سائل فقتلاه فلما وقعا فيما وقعا من الشر أفرج الله لملائكة السماء لينظروا إليهما فقالوا: سبحانك إنك أنت أعلم، فأوحى الله إلى سليمان بن داود أن يخيرهما بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، فاختارا عذاب الدنيا. ونكتفي في بيان موقف مكي بن أبي طالب من الإسرائيليات بذكر النتيجة الني توصل لها فرحات من دراسته: قال فرحات: وإذا كان مكي قد انتبه بالنسبة لتفسير القرآن بالحديث فحرص على أن يفسر بالصحيح منه دون غيره (¬3)، فإنه لم يوفق في جانب القصص الإسرائيلية والروايات التاريخية ¬

(¬1) مكي بن أبي طالب وتفسير القرآن ص: 261. (¬2) البقرة: 102. (¬3) سبق انتقاد هذه النتيجة التي توصل لها المؤلف.

ثامنا: موقفه من اللغة

الأخرى إلى تحقيقها ونقدها والإشارة إليها من قريب أو بعيد. (¬1) قال: لقد ذكرت تلك المصادر حوادث وأخبار في قصة داوود وأوريا وشعيب وابنتيه وسليمان والجن مما يتعارض أشد التعارض مع ما ينبغي أن يكون عليه الأنبياء من صفات خلقية نبيلة وكان على علمائنا أن يردوا هذه الأخبار (¬2) وأن لا يستشهدوا بها في كتبهم وألا يجعلوها في تفاسير تشرح كتاب الله تعالى. (¬3) ثامنا: موقفه من اللغة: لقد أشار مكي في مقدمة التفسير إلى أنه سوف لايطيل القول في الناحية الإعرابية خاصة لأنه أفردها بالتأليف، فقال: قدمت في أوله نبذًا من علل النحو وغامض الإعراب، ثم خففت ذكر ذلك فيها، لئلا يطول الكتاب ولأني قد أفردت كتابًا مختصرًا في شرح مشكل الإعراب خاصة (¬4). وقد كان يؤكد على هذا المنهج الذي التزم به، ويذكر به من حين إلى آخر أثناء تفسيره للآيات القرآنية، ذكر في بيان قوله تعالى {هدى للمتقين} (¬5)، قال: وقد فسرنا إعراب هذا وما يشابهه في كتاب: تفسير مشكل إعراب القرآن، فأخلينا هذا الكتاب من بسط لئلا يطول، إلا أن يقع نادر من الإعراب، فنذكره على شرطنا المتقدم فاعلم ذلك (¬6). ومن أمثلة اهتمامه باللغويات: تفسيره لقوله تعالى {وترى الملائكة حافين من حول العرش} (¬7)، أي وترى يامحمد يوم القيامة الملائكة محدقين من حول العرش والعرش: السرير، وواحد حافين: حاف: قاله الأخفش، وقال المبرد: لا يفرد. ¬

(¬1) ص: 274. (¬2) بعض هذه الأخبار ثابت عن بعض الصحابة أو كبار مفسري التابعين الذين شهدت لهم الأمة بالفضل والمعرفة بما يجوز على الأنبياء وما لايجوز وهم أعرف بالاعتقاد الصحيح منا والذي ينبغي أن يقال: إنه يجب تنقيح تلك الروايات ومعرفة الصحيح منها ثم توجيهه وحمله على المحمل اللائق فإن بعضها لاغنى عنه في التفسير. والله تعالى أعلم. (¬3) ص: 275. (¬4) الهداية 1/ 1. (¬5) البقرة: 2. (¬6) الهداية 1/ 9. (¬7) الزمر: 75.

ودخلت "من" في قوله: {من حول العرش} لأنه ظرف، والفعل يتعدى إلى الظرف بحرف وبغير حرف، ومثله قوله {وإلى الذين من قبلك} (¬1)، وقال بعض البصريين: دخلت من في الموضعين توكيدًا (¬2). كما بين مكي إعراب الباء في باسم الله فقال: والباء متعلقة بفعل مضارع، والمعنى أبدأ باسم الله، فإذا اختلفت الأفعال التي نريد أن يسمى الله عليها، أضمرت لكل معنى فعلاً يشاكله، فإذا أردت القيام فقلت: باسم الله؛ أضمرت: أقوم باسم الله، وإذا أردت القعود؛ قدرت: أقعد باسم الله، وكذلك الركوب وشبهه ... الخ. وانتقل من بيان معنى الحروف، إلى تقرير قاعدة نحوية تتعلق بعمل حروف الجر، فقال: وإنما سميت الباء، ومن، وعن، وشبهها بحروف الجر، لأنها تجر الأفعال إلى الأسماء، لأن معناها الإضافة، تضيف فعلا إلى الاسم، أو معنى إلى الإسم كقولك: مررت بزيد، وعمرو كزيد، وإنما كسرت الباء لتكون حركتها مثل عملها (¬3). وبين الفرق بين الاستفهام والتسوية عند تفسير قوله تعالى {إن الذين كفروا سواء عليهم ءأنذرتهم ام لم تنذرهم لايؤ منون} (¬4) قال: ومعنى لفظ الاستفهام في {ءأنذرتهم} التسوية وهو في المعنى خبر لكن التسوية تجري في اللفظ مجرى لفظ الاستفهام. والمعنى على الخبر تقول: سواء علي أقمت أم قعدت. وإنما صار لفظ التسوية مثل لفظ الاستفهام للمعارضة التي بينهما، وذلك أنك إذا قلت: قد علمت أزيد في الدار أم عمرو. فقد سويت علم المخاطب فيهما، فلا يدري أيهما في الدار، مع علمه أن أحدهما في الدار، ولايدري بعينه، فهذا تسوية. وتقول في الاستفهام: أزيد في الدار أم عمرو؟ فأنت لاتدري أيهما في الدار، وقد استوى علمك في ذلك، وتدري أحدهما في الدار، ولا تدري عينه منهما فقد صار الاستفهام كالتسوية، في عواقب الأمور. غير أن التسوية إبهام على المخاطب وعلم يقين عند المتكلم، والاستفهام إبهام على المتكلم، ¬

(¬1) الشورى: 3. (¬2) الهداية 3/ 398. (¬3) الهداية 3/ 202. (¬4) البقرة: 6.

ويجوز أن يكون المخاطب مثل المتكلم في ذلك، ويجوز أن يكون عنده يقين ما سئل عنه، فاعرف الفرق بينهما (¬1). ومن مواضع تعرضه للإعراب قوله: قوله جل ذكره: {ذكر رحمة ربك عبده زكريا} (¬2) {ذكر} مرفوع عند الفراء على خبر {كهيعص} ثم رد معللاً إياه بقوله: لأن كهيعص ليس مما أثنى الله به على زكريا وليس كهيعص في شيء من قصة زكريا والتقدير: هذا الدين يدل على ذكر رحمة ربك عبده زكريا والتقدير فيما يتلى عليك يامحمد ذكر عبده زكرياء برحمته. وأما شرحه للمفردات فمثل قوله: ومعنى {وهن العظم}: ضعف ورق من الكبر وقوله {اشتعل الرأس شيبا} أي كثر الشيب في الرأس. ونصب شيبًا. على المصدر لأن معنى اشتعل شاب. وقال الزجاج: نصبه على التمييز أي اشتعل من الشيب. وقال في قوله تعالى: {أولي الأيدي} (¬3): وقيل: {الأيدي} جمع يد من النعمة أي هم أصحاب النعم التي أنعم الله عليهم بها وقيل: هم أصحاب النعم والإحسان لأنهم قد أحسنوا وقدموا خيرا وأصل اليد أن تكون للجارحة ولكن لما كانت العدة فيها سميت القوة يدا. والبصر هنا عني به بصر القلب الذي ينال به معرفة الأنبياء. أجاز الطبري أن يكون المعنى: أنهم أصحاب الأيدي عند الله بالأعمال الصالحة التي قدموها تمثيلاً باليد. وقد أفرد مكي للغريب كتابه تفسير المشكل كما ذكرنا قبل ذلك. واستدلاله بالشعر قليل فربما مرت عشرات الصفحات فلا يذكر فيها بيتًا واحدا. ومن مواضع استدلاله بالشعر في تفسير قوله تعالى: {فامسحوا برؤوسكم وأرجلكم} (¬4) في عطف المسح على الغسل قال: ورأيت زوجك قد غدا ... متقلدًا سيفًا ورمحًا قال: فعطف الرمح على السيف وليس الرمح مما يتقلد به ولكن عطفه عليه لاشتراكهما في الحمل وفي أنهما سلاح. أما في شرح مشكل الغريب فلم ¬

(¬1) الهداية 1/ 16. (¬2) مريم: 2. (¬3) ص: 45. (¬4) المائدة: 6.

يستشهد إلا ببيت واحد من الشعر في الكتاب كله في الكلام على قوله تعالى {فيما طعموا} (¬1) أي ما شربوا من الخمر قبل التحريم يقال: لم أطعم خبزا ولا نوما قال الشاعر: فإن شئت حرمت النساء سواكم ... وإن شئت لم أطعم نقاخا ولا بردا (¬2) قال: النقاخ: الماء، والبرد: النوم (¬3). ومن كتاب مشكل إعراب القرآن ننقل تلك الأمثلة (¬4): تكلم في البسملة على إعراب ثلاثة ألفاظ: الباء من بسم الله: لم يتكلم عن المعروف من عملها بل عن اختصاص كسر بائها معللاً ذلك بأنها كسرت لتكون حركتها مشابهة لعملها، أو كسرت فرقًا بين ما يخفض ولا يكون إلا حرفا نحو الباء واللام. وبين ما يخفض وقد يكون اسما نحو الكاف أما عملها الخفض فعلله بأنها لا معنى لها إلا في الأسماء. فعملت الإعراب الذي لا يكون إلا في الأسماء وهو الخفض. كما ذكر في تعليل حذف الألف من باسم الله خطا كثرة الاستعمال أو بسبب لزوم الباء لهذا الاسم أو حذفت لعلة تحرك السين في الأصل، لأن أصل السين الحركة، وسكونها لعلة دخلتها. اسم: تكلم عن أصله ... وعند البصريين مشتق من سما يسمو أو من سمى يسمى. وجمعه أسماء. وجمع أسماء أسامي. وعند الكوفيين مشتق من السمة. وأصله وسم. وبعد أن حلل كلا المذهبين صرح بقوله: وقول الكوفيين أقوى في المعنى. وقول البصريين أقوى في التصريف. الله: حكى ثلاثة آراء في أصل الكلمة: أصله إلاه. دخلت الألف واللام. فصار الإلاه فحذفت الهمزة بعد أن ألقيت حركتها على اللام الأولى، ثم أدغمت اللام في الثانية، ولزم الإدغام للتعظيم والتفخيم وقيل: حذفت ¬

(¬1) المائدة: 93. (¬2) البيت للعرجي وقوله نقاخا: هو الماء الطيب وبردًا هنا: الريق (انظر لسان العرب 6/ 4517). (¬3) شرح مشكل الغريب ص: 155. (¬4) انظر دراسة فرحات له والأمثلة التي ذكرها ص: 355 - 381.

تاسعا: موقفه من القراءات

الهمزة وعوض منها الألف واللام، ولزمتا للتعظيم. وقيل: أصله لاه. دخلت الألف واللام ولزمتا للتعظيم، ووجب الإدغام لسكون الأول من المثلين. ودل على ذلك قولهم: لهي أبوك، يريدون: لله أبوك ... ويدل عليها أيضًا قوله: لاه ابن عمك. يريد: لله. وذكر الزجاج في بعض أماليه عن الخليل: أن أصله: ولاه، ثم أبدل من الواو همزة كإشاح ووشاح. والألف في لاه منقلبة عن ياء دل على ذلك قولهم: لهي أبوك. فظهرت الياء عوضًا من الألف تدل على أن أصل الألف الياء. وختم كلامه عن هذه الثلاثة بالتنبيه على القياس على ذلك فيما يغفله بعد من الأشباه والنظائر فقال: وإنما أشبعنا الكلام في هذين الاسمين لقياس عليهما شبههما مما لعلنا نغفله. وكذلك نغفل في كل ماهو مثل هذا. وفي مشكل إعراب سورة الفاتحة: تكلم عن كلمة سورة واشتقاقها ومعاني كل، ثم عن كلمة الحمد وسبب رفعها وتعلق اللام في قوله: لله. ثم تكلم عن كلمة: إياك فأطال في بيان مشكل إعرابها. وفي مشكل إعراب سورة الكوثر قال: قوله تعالى: {إنا أعطيناك} (¬1) أصل إنا: إننا. فحذفت إحدى النونات لاجتماع الأمثال، والمحذوف هي الثانية بدلالة جواز حذفها في أن تقول: إن زيدًا لقائم، فحذفت الثانية وتبقى الأولى على سكونها ساكنة. ولو كانت المحذوفة هي الأولى لبقيت الثانية متحركة، لأنها كانت كذلك قبل الحذف، ولا يجوز حذف الثانية لأنها من الاسم. تاسعا: موقفه من القراءات: لقد وقع حسن فرحات في خلل في دراسته حيث أغفل جانب القراءات في تفسير مكي مع أهميته القصوى واهتمامه بها وبتوجيهها على الرغم من حديثه عن القراءات عند مكي من خلال كتبه الأخرى في القراءات وننقل هنا بعضًا من مواضع ذكر مكي في تفسيره للقراءات وتوجيهه لها: في قوله تعالى {بما كانوا يكذبون} (¬2) قال: أي بتكذيبهم الرسل، وقيل بتكذيبهم محمد - صلى الله عليه وسلم -، وهذا التفسير يدل على صحة قراءة من قرأ {يُكَذّبون} بالتشديد. ويدل على قوة التشديد أن الكذب لايوجب العذاب الأليم، إنما يوجبه التكذيب. وأيضًا فإنه تعالى أخبرهم بالشك في أول الكلام، ¬

(¬1) الكوثر: 1. (¬2) البقرة: 10.

ومن شك في شيء فقد كذب به، فالتكذيب أولى بالآية على هذا القول. ومما استدل به من قرأ {يَكْذِبون} بالتخفيف، أن الله عز وجل أخبر أنهم يقولون آمنا وما هم بمؤمنين فأخبر عنهم بالكذب في قولهم آمنا وتواعدهم عليه بالعذاب الأليم، فهو من الكذب أولى من أن يكون من التكذيب، إذ لم يتقدم في صدر الآية إلا الإخبار عنهم بالكذب لابالتكذيب. والقراءتان قويتان متداخلتان حسنتان لأن المرض: الشك، ومن شك في شيء، فقد كذب به (¬1). قوله تعالى {وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم ...} (¬2) قال: ومن قرأ {قُتِل} فالمعنى عند عكرمة أن القتل إخبار عما فعل بالأنبياء، وأنهم قتلوا فيمامضى وأن من كان معهم لم يضعف بعدهم ولا تضعضع. ثم أخبر عن قولهم بعد نبيهم وثباتهم على دينهم، فيكون التمام على هذا قتل وفيه بعد، لأن مابعده من صفة نبي ويكون معنى الآية: إن الله وبخ بذلك أصحاب النبي الذين ضعفوا يوم أحد، حين قيل: قتل محمد. فأخبرهم أن كثيرًا من الأنبياء قتلوا، فلم يضعف من كان معهم ليتأسوا بهم. وقيل المعنى: أن الله أخبر أنه قد قتل مع الأنبياء ربيون كثير فما وهن من بقي ولا ضعف، ولا ذل، فيتأسى المؤمنون بهذا، فلا يضعفوا لما أصاب أصحابهم من القتل يوم أحد فلا يكون التمام على هذا {قتل}، لأن الربيين مرفوعون بقتل. والأول أحسن لأن كعب بن مالك قال: أول من عرف رسول الله أنه لم يقتل يوم أحد، أنا، رأيت عينه من تحت المغفر فناديت بأعلى صوتي: هذا رسول الله. فأومأ إلي النبي أن اسكت، وكان قد صاح الشيطان يوم أحد: قتل محمد فانهزم المسلمون خلا قليل منهم، فأنزل الله {وكأين من نبي قتل} (¬3) أي كثير من الأنبياء قتلوا، ولم يضعف من كان معه بعده ولا ذل. فكيف أردتم أيها المؤمنون أن تضعفوا حين سمعتم الشناعة بأن محمدًا قد قتل، فتأسوا أيها المؤمنون بمن كان قبلكم من أصحاب الأنبياء الربيين وعلى هذا التأويل اختار قوم من العلماء قراءة من قرأ {قتل} لأنهم عوتبوا على ضعف بعضهم لما سمعوا بقتل النبي عليه السلام ومن قرأ {قاتل} حمله ¬

(¬1) الهداية 1/ 13. (¬2) آل عمران: 146. (¬3) آل عمران: 146.

على معنى أنهم وهنوا لقتل أصحابهم وجراحهم، فأنزل الله عليهم يعلمهم أن كثيرًا من الأنبياء قاتل معه أصحابه وأتباعه فلم يضعفوا لما أصابهم من قتل وجراح فيتأسوا بهم، واختار بعض أهل اللغة {قاتل} لأنه أبلغ في المدح للجميع (¬1). وقال: {كهيعص} (¬2) قرأ بعض القراء بإمالة الياء، وعلة الإمالة أنها حرف مقصور، فإذا ثنيت ثنيت بالياء فشابهت ما ثني بالياء من الأسماء. فأميلت لذلك. وسبب الإمالة فيها عند الخليل وسبويه أنها أسماء للحروف فجازت إمالتها لتفرق ههنا بينها وبين الحروف التي لا يجوز إمالتها نحو: ما ولا وإلا ... فإن سميت بشيء منها جازت الإمالة. ولا يحسن إمالة كاف ولا قاف وصاد لأن الألف متوسطة. {واذكر عَبْدَنا إبراهيم} (¬3) قال: أي اذكر إبراهيم وولده إسحاق وولده يعقوب. ومن قرأ {عبادنا} بالجمع أدخل الجمع في العبودية. وجعل ما بعده معطوفًا عليه. وهو يتعرض في حديثه عن القراءات للشاذ أيضا: ومن ذلك عند قوله عز وجل {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون} (¬4) قال: قرأ عثمان بن عفان - رضي الله عنه -: وينهون عن المنكر ويستعينون بالله على ماأصابهم. ثم قال مكي زاد خمس كلمات ولا يقرأ بذلك اليوم، لأنه خلاف لخط المصحف المجمع عليه. قال: وقرأ ابن مسعود "أكان للناس عجبٌ " (¬5) بالرفع جعل {أن أوحينا} في موضع نصب وهو بعيد، لأن المصدر معرفة، فهو أحق أن يكون اسم كان عجبا، لأنه نكرة. وفي شرح مشكل الغريب اهتم بإيراد القراءات القرآنية لما لها من أثر في توجيه معاني الآيات ويبرز بوضوح في هذا الكتاب من كتب مفردات القرآن، طغيان مسائل القراءات القرآنية على الجانب اللغوي الذي امتازت به كتب المتقدمين من أئمة اللغة: ومن ذلك قوله في تفسير كلمة {فأزالهما} (¬6) ¬

(¬1) الهداية 1/ 160. (¬2) مريم: 1. (¬3) ص: 45. (¬4) آل عمران: 104. (¬5) وهي قراءة شاذة والجمهور قرأها {عجبا} يونس: 2. (¬6) البقرة: 36.

بالألف من الزوال أي نحّاهما، وبغير ألف من الزلل أي استزلهما (¬1). وقوله في تفسير كلمة {يرتعْ} (¬2) من أسكن العين أراد يأكل، ومن كسر العين فمعناه يحرس بعضنا بعضا، ومنه رعاك الله أي حفظك الله (¬3). وقال في مشكل الإعراب: قوله تعالى: {إن هذان لساحران} (¬4) على لغة بني الحارث بن كعب: يأتون بالمثنى بالألف على كل حال (¬5)، قال بعضهم: ... تزود منا بين أذناه طعنة وقيل: {إن} بمعنى نعم، وفيه بعد لدخول اللام في الخبر، وذلك لا يكون إلا في الشعر كقوله: أم الحليس لعجوز شهربة (¬6) وكان وجه الكلام: لأم الحليس عجوز كذلك وجه الكلام في الآية إن حملت "إن" على "معنى" نعم: إن لهذان ساحران كما تقول: نعم لهذان ساحران، ونعم لمحمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفي تأخير اللام مع لفظ إن بعض القوة على نعم. وقيل: الهاء مضمرة مع إن، وتقديره إنه هذان لساحران كما تقول: إنه زيد منطلق، وهو قول حسن لولا دخول اللام في الخبر بعده. فأما من خفف إن فهي قراءة حسنة لأنه أصلح أوجه الإعراب ولم يخالف بالخط لكن دخول اللام في الخبر يعترضه على مذهب سيبويه لأنه يقدر أنها المخففة من الثقيلة ارتفع مابعدها بالابتداء والخبر لنقص بنائها فرجع مابعدها إلى أصله فاللام لا تدخل في خبر الابتداء أى على أصله إلا في شعر كما ذكرنا. ¬

(¬1) والقراءة بدون ألف هي {فأزلهما} بتشديد اللام وهي لغير حمزة من العشرة. انظر إتحاف فضلاء البشر ص: 134. (¬2) يوسف: 12. (¬3) {يرتع} بالياء وسكون العين هي قراءة عاصم وحمزة والكسائي ويعقوب وخلف، وأما القراءة بكسر العين مع الياء أيضا فهي بنفس المعنى وهي قراءة نافع وأبي جعفر والخلاف في كون الفعل صحيحا أم معتلا، أما القراءة بكسر العين مع النون {نرتع} فهي التي بالمعنى الذي ذكره مكي وهي قراءة ابن كثير وفي إثبات الياء في آخره خلاف من رواية قنبل، وقرأ أبو عمرو وابن عامر بالنون وسكون العين. انظر إتحاف فضلاء البشر ص: 262 - 263. (¬4) طه: 63. (¬5) يعني على قراءة {إن} مشددة. (¬6) الشَهْرَبة: العجوز الكبيرة (انظر لسان العرب 4/ 2352).

عاشرا: موقفه من الفقه والأصول

وأما على مذهب الكوفيين فهو من أحسن شئ لأنهم يقدرون "أن" الخفيفة بمعنى ما واللام بمعنى إلا فتقدير الكلام ماهذان إلا ساحران فلا خلل في هذا التقدير إلا ما ادعو أن اللام تأتي بمعنى إلا (¬1). عاشرا: موقفه من الفقه والأصول: لم يفرد فرحات ولا وسيلة بلعيد لذلك فصلاً مستقلاً إلا مايأتي ذكره عن النسخ عند مكي وهذا مقصور واضح في دراسة منهج مكي بن أبي طالب. وقد أطال مكي في بيان بعض الفقهيات: ففي قوله تعالى: {إن الصفا والمروة من شعائر الله ... .} (¬2) قال: والطواف بين الصفا والمروة عند مالك والشافعي فرض، فمن نسي ذلك رجع وسعى وإن بعد فإن كان قد أصاب النساء فعليه عمرة وهدي بعد تمام سعيه إذا رجع. ومذهب الثوري وأبي حنيفة وأبي يوسف أنه يجزيه دم إن نسي السعي بينهما ولا عودة عليه إلا أن يشاء ذلك. وفي قوله تعالى: {فكلوا مما أمسكن عليكم} (¬3) قال: قال ابن عمر: يؤكل (أي الصيد) وإن أكل (أي الكلب منه)، وبه قال جماعة ومالك معهم. ومن أرسل كلبا غير معلم، فأخذ فلا يؤكل ما أخذ، إلا أن تدرك ذكاته. فإن أرسل معلما فأخذ ولحقه قبل أن يموت، فاشتغل عن تذكيته حتى مات فلا يؤكل، لأنه أدركه حيا وفرط في تذكيته. فإن كان أدركه وقد أنفذ الكلب أو البازي مقاتله - وهو لم يدركه حتى مات - أكل، لأن الذكاة ليست بشيء إذ هو ميت لا محالة، لو ترك مات. فإن أرسل المعلم، فوجد معه كلبا آخر معلما أو غير معلم فلا يؤكل، لأنه لا يدري لعل الآخر قتله، ولم يرسله، ولا سمى الله عليه، كذلك قال مالك والشافعي وغيرهما. وقال الأوزاعي: إن كان الثاني معلما أكل، وإن كان غير معلم لم يؤكل ... الخ ولا بأس عند مالك بلعاب الكلب الصائد يصيب ثواب الإنسان، وقال الشافعي: هو نجس. وذكر كلاما كثيرا. ¬

(¬1) المشكل ص: 210. (¬2) البقرة: 158. (¬3) المائدة: 4.

وفي قوله: {فاقطعوا أيديهما} (¬1) قال: ولا قطع على السارق حتى يخرج المتاع من حرزه، أو ما يشبه الحرز. وهو قول الشعبي والزهري وعطاء. وروي ذلك عن عثمان وابن عمر، وهو قول مالك والشافعي وغيرهما. ولو نقب بيتا فأدخل يده، وأخذ متاعا فرمى به إلى الخارج، ثم خرج وأخذه، فعليه في ذلك القطع - عند مالك وغيره - لأنه قد أخذه من حرزه وهو الحائط ولو ناوله آخر خارجا من البيت كان القطع على الداخل، ولم يقطع الخارج. ولو دخل جماعة بيتا وأخذوا متاعا وحملوه على أحدهم، وخرجوا به، فقال ابن القاسم - عن مالك - لا يقطع إلا من حمله. وفي قوله: {أقم الصلاة لدلوك الشمس} (¬2) قال: وأجمع أهل العلم، على أن أول وقت الظهر: الزوال. وقال مالك: آخر وقتها أن يصير ظل كل شيء مثله بعد الزوال. وبه قال الثوري والشافعي وأبو ثور. وقال عطاء: لاتفريط في الظهر حتى تصفر الشمس. وقال طاوس: لاتفوت حتى الليل. وقال النعمان: آخر وقتها مالم يصر الظل قامتين. وبالنسبة للأصول أفرد مكي للناسخ والمنسوخ كتابين هما: الإيجاز لناسخ القرآن ومنسوخه، والإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه، وقد خص فرحات فصلاً كاملاً للنسخ عند مكي جعل عمدته فيه كتاب الإيضاح وقد ذكر أمثلة كثيرة للنسخ عند مكي فلتنظر هناك (¬3). أما موقفه من العلوم الحديثة والرياضة والفلسفة والمعجزات الكونية فهو بطبيعة الحال لا يتعرض لها لتقدم عهده حيث لم يظهر الاهتمام بمعظم تلك الأمور. وهو لا يتعرض في تفسيره لذكر شيء من المواعظ والآداب وإنما يأتي ذلك ضمنا في عرض الأقوال التفسيرية المنقولة حسب مايقتضيه المقام. ¬

(¬1) المائدة: 38. (¬2) الإسراء: 78. (¬3) انظر مكي بن أبي طالب وتفسير القرآن ص: 459 - 506.

تفسير ابن ظفر من خلال كتابه ينبوع الحياة

تفسير ابن ظفر من خلال كتابه ينبوع الحياة مؤلف هذا التفسير هو حجة الدين أبو جعفر محمد بن عبد الله بن ظفر الصقلي المكي ت 565 هـ وهو من الوافدين على المنطقة قصد بلاد إفريقية، فجال فيها ودخل المغرب فأقام بالمهدية مدة. (¬1) التعريف بالتفسير: وتفسيره المسمى ينبوع الحياة من التفاسير المخطوطة (¬2) ويقع في اثني عشر مجلدا وقد رجعت إلى نسخة ناقصة منه على الميكروفيلم بمكتبة المخطوطات بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة برقم 1353 هـ وهي مصورة عن نسخة مكتبة تسشتربيتي وتقع في 415 ورقة غير مرقمة تبدأ بالمقدمة وتنتهي عند تفسير قوله تعالى {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم} (¬3) من سورة آل عمران، وبداية المقدمة غير واضحة وقد كتب عليها تفسير القرآن العظيم وهو ينبوع الحياة تأليف الفقيه حجة الدين محمد بن عبد الله بن ظفر المكي رحمة الله عليه، وفي النسخة خلط بين الأوراق في بعض المواضع. وقد بدأ المؤلف المقدمة بذكر أسانيده لبعض كتب السنة المشهورة ويبدأ الجزء الموجود بذكر إسناده لسنن أبي داود ثم ذكر مقدمة في أصول التفسير وعلومه وفي عدد آيات القرآن ثم انقطعت المقدمة إلى تفسير قوله تعالى {مالك يوم الدين} (¬4). ¬

(¬1) تقدمت ترجمته في الوافدين برقم 74. (¬2) سبق ذكر مواضع مخطوطاته في ترجمته. (¬3) آل عمران: 133. (¬4) الفاتحة: 3.

المنهج العام للتفسير

المنهج العام للتفسير: وتفسير ينبوع الحياة يعتبر في الجملة تفسيرا لغويا يهتم بالقراءات وتوجيهها ولا يغفل الاعتماد على المأثور، وطريقة مؤلفه فيه أنه يقسم السورة إلى مقاطع يبدأ الحديث عن كل مقطع بذكر القراءات الواردة فيه وتوجيهها ثم يثني بالتفسير اللغوي لهذا المقطع، ويدرج فيه الآثار الواردة في تفسير تلك الآيات. فمثلا يقول في سورة البقرة: الكلام عليها من فاتحتها إلى قول الله سبحانه {وأولئك هم المفلحون} (¬1) ثم يقول: ذكر القراءات فيتكلم عنها وعن التوجيه ثم يبدأ التفسير. وقد وقفت على رسالة علمية لنيل درجة الماجستير بعنوان " ابن ظفر ومنهجه في التفسير من خلال كتابه ينبوع الحياة " قدمها صالح عبد الرحمن الفايز تحت إشراف د. عبد العزيز القاري سنة1410 هـ بالجامعة الإسلامية مرقونة على الآلة الكاتبة، ولم أرها إلا بعد دراستي للتفسير فألحقت بعض الفوائد منها على عجالة ويلاحظ أنه ذكر أن مقدمة الكتاب غير موجودة (¬2) كما ذكرت كما أنه عقد فصلا لمصادر ابن ظفر في تفسيره (¬3). المنهج التفصيلي للمؤلف: أولا (¬4): لا يهتم المصنف بعد الآي ولا بالوقوف ولا بالمناسبات بين السور أو الآيات، وقد عقد فصلا في البسملة ابتدأه بقوله: ليست آية البسملة من الفاتحة ولا من أوائل السور عند المدني رحمه الله. ويبدأ تفسير السورة بقوله مثلا: السورة التي يذكر فيها البقرة (كذا)، ويذكر مدنية أم مكية أما في آل عمران فقال: سورة آل عمران. ويبدو أن الوجهين في التسمية عنده جائزان خلافا لمن كره ذلك. (¬5) ¬

(¬1) البقرة: 5. (¬2) انظر ص: 5. (¬3) انظر ص: 93 - 131. (¬4) أفرد الفايز فصلاً تحدث فيه عن موقف المؤلف من علوم القرآن ومن ذلك المكي والمدني وأول مانزل وآخر مانزل. انظر ص: 213 - 233. (¬5) كره بعض أهل العلم أن يقال سورة كذا وإنما يقال: السورة التي يذكر فيها كذا استنادا لحديث ضعيف قال بعضهم بوضعه والصواب: جواز ذلك بل هو السنة حيث ورد هكذا في غير حديث. انظر لتفصيل ذلك: الإتقان 1/ 69.

ثانيا: موقفه من العقيدة

ثانيا: موقفه من العقيدة (¬1): المصنف يحمل على المعتزلة بشدة فمن أول وهلة قال في قوله تعالى {إياك نعبد وإياك نستعين} (¬2): وفي الكلام ما يشعر قلوب المؤمنين من تعاطي الحول والقوة إلا بالله وهذا مما حرمه المعتزلة وسيأتي بيانه. ومن ذلك أيضا قوله: ولهذا قلنا إن المعتزلة اعتزلوا مقام التعبد لله سبحانه. ويقول: وزعم المعتزلة أن الإنسان يقدر على أن يخلق الهدى لنفسه ولا يخلق الله الهدى له وأنهم اهتدوا بغير هدى من الله خلقه لهم فحصلوا من ذلك على تسمية الهوى هدى قال الله سبحانه {ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله} (¬3) وقد أمر الله سبحانه عباده المهتدين بأن يقولوا: {اهدنا الصراط المستقيم} (¬4) رغبة في أن يخلق لهم الثبات على الذي أنعم عليهم به. ومن ردوده على المعتزلة قوله: وإضلال الله وهدايته يكونان قدره وقضاؤه بذلك، ويكونان خلقه لهم الضلال والهداية، وإذا قدر ذلك وقضى على أحد في سابق علمه فلا بد أن يخلقه له. وقالت المعتزلة: ذلك محمول على التسمية والحكم بأنهم قد اهتدوا أو ضلوا. وذلك غير معلوم في اللغة، لا يقول العربي: هديت فلانا ولا أضللته بمعنى حكمت بأنه مهتد أو ضال أو سميته بذلك. ثم ما يصنعون بقول الله سبحانه {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام} (¬5) الآية؟ ثم إن قوله تعالى {يضل به كثيرا} (¬6) إنما هو جواب قولهم: {ماذا أراد الله بهذا مثلا} (¬7)؟ فلا يطابقه الجواب إلا إذا كان التقدير: يريد أن يضل به كثيرا وما يضل به إلا الفاسقين. فيه دليل قول أهل الحق بالكسب لأنهم كسبوا الفسق فعوقبوا بالإضلال. وكذلك رد على المعتزلة عند قوله تعالى {ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد} (¬8) بالتفريق بين الإرادة والأمر. وهو يعتقد بوقوع ¬

(¬1) انظر أيضًا ابن ظفر الصقلي ص: 244 - 270. (¬2) الفاتحة: 5. (¬3) القصص: 50. (¬4) الفاتحة: 6. (¬5) الأنعام: 125. (¬6) البقرة: 26. (¬7) البقرة 26. (¬8) البقرة: 253.

السحر للنبي - صلى الله عليه وسلم - خلافا للمعتزلة وغيرهم من العقلانيين فقال عند كلامه عن آيات السحر في سورة البقرة وموقف اليهود منه: وقد سحروا المصطفى محمدا - صلى الله عليه وسلم - وسيأتي هذا. وهو لا يتذرع بالمجاز ولا يميل للعقلانيات ولعل هذا أمر طبعي مع مايظهر من موقفه الصارم من الاعتزال وأهله فيقول عند قوله تعالى {وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار} (¬1) - بعد أن ذكر بعض الآيات والأحاديث الدالة على حصول الخشية من الحجارة -: وأما قول من قال: هذا على تقدير وجود الحياة والفهم لها، أي: لو كانت حية فاهمة لكان ما ذكر من تشققها أو سقوطها لخشية الله، وقول من قال: أضيفت الخشية إليها مجازا وحقيقة الخشية للمعتبرين بها، وأشباه هذا من الأقوال الملفقة؛ فإنها نتاج تعجب واستبعاد وجوانح نفس نافرة من غير معتاد. وقد استطرد في بعض المواضع ومن ذلك: أنه ذكر تحت قوله سبحانه {بديع السموات} (¬2) معنى الابتداع ثم تطرق منه إلى الفرق المبتدعة من الخوارج والشيعة ثم القدرية وتصحيح منهج من رد على أهل البدع بالحجج العقلية واستدل لذلك ببعض الآيات التي رد فيها القرآن على المشركين بدلائل العقل مثل قوله تعالى {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا} (¬3) ونحوها، وبعض الأحاديث كقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث العدوى: "فمن أعدى الأول؟ " (¬4). وتكلم عن البدعة الحسنة وقول عمر: "نعمت البدعة". في قيام رمضان. ومن الفصول الاستطرادية قوله: فصل: قرأ رجل من المتكلمين في هذا العلم {ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم} (¬5) ثم قال: الرؤية والنظر قد يراد بهما العلم بالمعلوم والخبرة للمختبر، وقد يراد بهما إدراك المبصرات بمعنى هو البصر، فإذا قرنا بإلى في الاستفهام أو في الإخبار اختصا بالإبصار. فقيل له: كيف ترى أمة سلفت؟ فقال: أتستبعد هذا لمحبوب محظوظ مكاشف بسطور من اللوح المحفوظ ... ثم ذكر استدلالات من قصة الإسراء ¬

(¬1) البقرة: 74. (¬2) الأنعام: 101. (¬3) الأنبياء: 22. (¬4) أخرجه البخاري - كتاب الطب - باب لاصفر ... 1/ 171، ومسلم - كتاب السلام - باب لاعدوى ... 4/ 1742 عن أبي هريرة مطولاً. (¬5) البقرة: 243.

والمعراج وغيرها. وهو يميل إلى التأويل فهو أشعري العقيدة وذلك واضح جلي في تفسيره حيث فسر آيات الصفات وفقا لمذهب الأشاعرة وانتصر له وطعن في المخالفين له وغمز أهل السنة ولمزهم ووصفهم بأوصاف ذميمة قبيحة (¬1): يقول في قوله تعالى: {ثم استوى إلى السماء} (¬2) وقال الزجاج: أي عمد وقصد إلى السماء كما تقول: فرغ الأمير من بلد كذا ثم استوى إلى العراق. والاستواء أيضا: العلو، قال الشاعر: أقول وقد قطعن بنا شَرَورَى ... نواجي واستوين من الضَّجوعي (¬3) أي: علون منها، والضجوع: مواضع منخفضة. والاستواء أيضا يكون بمعنى الاستيلاء إذا قرن بعلى، تقول: استوى فلان على الملك أي: استولى عليه مثل الإحاطة وكل ذلك جائز في وصف الله سبحانه. فأما الحلولية القائلون استوى: استقر؛ فإنهم مجسمون وقد أكذبهم الله بقوله {ليس كمثله شيء} (¬4) إلى ما ادعوه من أن الله سبحانه ليس بغني عن ما خلق والله غني عن العالمين، وقد أجمع المسلمون على أن الله سبحانه كان غنيا عن العرش قبل خلقه فالقول بأنه حدث له حاجة إليه بعد خلقه، كفر صراح تعالى الله عن أن يكون محمولا بشيء أو حالا في شيء أو مجاذبا لشيء أو متنَفّعا بشيء وهو العلي الكبير. وقيل هذا من المتشابه الذي لا يتتبع الفكر فيه والسؤال عنه إلا من في قلبه زيغ؛ روي لنا أن رجلا سأل عنه مالك بن أنس فأجابه بأن قال: الاستواء غير مجهول والتكييف غير معقول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة وما أراك إلا ضالا، ثم قال: أخرجوه. وقال في قوله تعالى {بأسماء هؤلاء} (¬5) دليل على أن الاسم غير المسمى ومن آمن بأن أسماء الله تعالى ليس لها مثل لم ينكر أن ينفرد في هذا بحكم. ¬

(¬1) انظر: ابن ظفر الصقلي ومنهجه في التفسير ص: 28. (¬2) البقرة: 29. (¬3) الضَّجوع: رملة بعينها معروفة (انظر لسان العرب 4/ 2555) وشَرَوْرَى: اسم جبل في البادية (المصدر السابق 4/ 2255). (¬4) الشورى: 11. (¬5) البقرة: 31.

ثالثا: موقفه من تفسير القرآن بالقرآن

ويقول: ولا يجوز أن تكون الكتابة كلام الله لأن الكتابة فعل الكاتب وكلام الله صفة لذات الله وصفات الذات لا تفارق الذات ما بقيت الذات لكن المكتوب في اللوح المحفوظ وفي المصحف هو كلام الله والكتابة تدل عليه دلالة العبارة على المعبر عنه. وفي قوله تعالى {منه آيات محكمات وأخر متشابهات} (¬1) قال: قال ابن جبير: هن آيات تشابهن على الناس ومن أجل تشابههن ضل من ضل، تقرأ الفرقة الآية منها فتزعم أنها لها فمما اتبع الحرورية من المتشابه {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} (¬2) ويقرءون معها {ثم الذين كفروا بربهم يعدلون} (¬3) فإذا رأوا الإمام يحكم بغير حق قالوا: قد كفر، ومن كفر فقد عدل بربه، ومن عدل بربه فقد أشرك بربه ... وقد أطال الحديث عن المتشابه وهل يعلم أحد تأويله أم لا؟ ثالثا: موقفه من تفسير القرآن بالقرآن (¬4): من مواضع ذلك عند المصنف قوله في تفسير قوله تعالى {الذين أنعمت عليهم} (¬5): والذين أنعم الله عليهم: النبيون والصديقون والشهداء والصالحون، وهذا من التفسير بالكتاب. وهو يعني بذلك قوله تعالى {من الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين} (¬6). {ولا تلبسوا الحق بالباطل} (¬7) قال: وقيل: أي لا تخلطوا الحق من كتابكم بالباطل من تحريفكم كقوله تعالى: {يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب} (¬8) الآية. وقال: وقوله سبحانه {لا تجزي نفس عن نفس شيئا} (¬9) كقوله تعالى {ولا تزر وازرة وزر أخرى} (¬10) فهذا من التفسير الفرقاني. وقال {فاستقيما} (¬11) فأمر بالثبات على الطاعة والنهضة بالأمر ومثله {فاستقم كما أمرت ومن تاب معك} (¬12) ¬

(¬1) آل عمران: 7. (¬2) المائدة: 44. (¬3) الأنعام: 1. (¬4) انظر أيضًا: ابن ظفر الصقلي ص: 135 - 139. (¬5) الفاتحة: 7. (¬6) النساء: 69. (¬7) البقرة: 42. (¬8) آل عمران: 78. (¬9) البقرة: 123. (¬10) فاطر: 18. (¬11) يونس 89. (¬12) هود: 112.

رابعا: موقفه من تفسير القرآن بالسنة

رابعا: موقفه من تفسير القرآن بالسنة (¬1): ومن منهج المصنف الاحتجاج بالحديث في التفسير وهو يذكر الرواية بدون إسناد أو عزو للمخرجين ومن مواضع ذلك قوله: وروي لي أن رجلا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو بوادي القرى (¬2) فقال: يا رسول الله! من المغضوب عليهم؟ قال: "اليهود" قال: ومن الضالون؟ قال: "النصارى" (¬3). وربما ذكر بعض المخرجين ومن ذلك قوله عند تفسير قوله تعالى {وقولوا حطة} (¬4) روي لنا مارواه مسلم بإسناده من حديث أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " قيل لبني إسرائيل: {ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم} (¬5) فبدلوا فدخلوا الباب يزحفون على أستاههم وقالوا: حبة في شعرة" (¬6). وذكر أحاديث في التأمين وهي من مشاهير الأحاديث الصحيحة. وهو لا يلتزم الصحة فيما يورده من أحاديث بل ربما ذكر بعض الأحاديث الضعيفة مثل قوله: وروي لي أن ابن عباس قال: سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - ما معنى آمين؟ قال: "رب افعل" (¬7). وقال في قوله {وطهر بيتي للطائفين} (¬8): قال ابن عباس: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن لله عز وجل في كل يوم عشرين ومائة رحمة ينزلها على البيت: ¬

(¬1) انظر ابن ظفر الصقلي ص: 143 - 149. (¬2) وادي القرى: واد بين المدينة والشام كثير القرى. (انظر معجم البلدان 5/ 397). (¬3) أخرجه أحمد 5/ 23 - 33 - 77، وابن جرير 1/ 80 - 83 ورواه ابن مردويه من حديث أبي ذر وحسن إسناده الحافظ ابن حجر (انظر فتح الباري 8/ 159) وله طرق كثيرة بألفاظ أخرى. (¬4) البقرة: 58. (¬5) البقرة: 58. (¬6) أخرجه البخاري - كتاب التفسير - باب {وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية} رقم 4479، ومسلم - كتاب التفسير 4/ 2312. (¬7) أخرجه جويبر في تفسيره عن الضحاك عن ابن عباس به وأخرجه الثعلبي من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به. قال الحافظ: وجويبر بن سعيد ضعيف جدًا (التقريب 987) وأما الكلبي فقال: ما حدثت عن أبي صالح عن ابن عباس فهو كذب فلا ترووه (انظر التهذيب 9/ 179) (وانظر الدر 1/ 23). (¬8) الحج: 26.

ستون للطائفين، وأربعون للمصلين، وعشرون للناظرين" (¬1). وأما أسباب النزول فهو من المهتمين بإيرادها ومن ذلك: قال في قوله تعالى {أتامرون الناس بالبر} (¬2): كان الرجل من الأوس والخزرج يأتي حليفه أو رضيعه من اليهود فيسأله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فينصح له ويأمره باتباعه فنزلت الآيات في هذا (¬3). قال في قوله تعالى {ليس لك من الأمر شيء} (¬4) الآيتين: قيل: إنها أنزلت يوم أحد وهو ما روي لنا أن أنس بن مالك قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كسرت رباعيته في يوم أحد وشج في رأسه فجعل يسلت الدم عنه وهو يقول: "كيف يفلح قوم شجوا نبيهم وكسروا رباعيته وهو يدعوهم إلى الله؟ " فأنزل الله عز وجل {ليس لك من الأمر شيء} (¬5) وروي لنا أيضا أن عبد الله بن عمر سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - ورفع رأسه من الركوع في الركعة الأخيرة من الفجر يقول: "اللهم العن فلانا وفلانا وفلانا" بعد ما يقول: "سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد " فأنزل الله تعالى {ليس لك من الأمر شيء أو يتوب الله عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون} (¬6) وروي لنا من حديث أبي هريرة (¬7) ... فلعلها إن شاء الله نزلت في الأمرين معا. وفي تحويل القبلة ذكر روايات كثيرة منها حديث أنس المشهور وغيره. وبالنسبة لفضائل السور والآيات: يفتتح بها كلامه عن التفسير مثل قوله: ¬

(¬1) أخرجه الطبراني في الأوسط وابن عساكر وغيرهما وقال ابن الجوزي: حديث لايصح. انظر العلل المتناهية رقم940، والسلسلة الضعيفة رقم187، ضعيف الجامع رقم 1760، وأسنى المطالب رقم 1776، وذخيرة الحفاظ رقم 1987. (¬2) البقرة: 44. (¬3) أخرجه الواحدي في أسباب النزول ص: 15 من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس وقد تقدم قول الكلبي ماحدثت عن أبي صالح عن ابن عباس فهو كذب فلا ترووه. وعزاه السيوطي أيضًا للثعلبي (انظر الدر 1/ 70). (¬4) آل عمران: 128. (¬5) أخرجه مسلم - كتاب الجهاد والسير - باب غزوة أحد رقم 1791. (¬6) أخرجه البخاري - كتاب التفسير - باب {ليس لك من الأمر شي} رقم 4559. (¬7) أخرجه البخاري - كتاب التفسير - باب {ليس لك من الأمر شيء} رقم 4560.

خامسا: موقفه من تفسير القرآن بأقوال السلف

روي لنا أن أبا أمامة الباهلي قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "اقرءوا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة" (¬1). قيل: البطلة السحرة فهم أهل باطل ولا يستطيعون أن يسحروا من قرأها. وقيل: البطلة السفهاء أهل البطالة لا يستطيعون تحفظها قراءة. وذكر حديث النواس بن سمعان: "يؤتى بالقرآن وأهله ... " (¬2) وحديث الآيتين من أواخر سورة البقرة عن أبي مسعود (¬3). وقد ذكر أحاديث عدة في فضل آية الكرسي. وافتتح تفسير سورة آل عمران ببعض فضائلها. وذكر حديثا ضعيفا في فضل قوله تعالى {شهد الله أنه لا إله إلا هو ...} وهو حديث غالب القطان عن الأعمش. (¬4) خامسا: موقفه من تفسير القرآن بأقوال السلف (¬5): قال في قوله تعالى {أنعمت عليهم} (¬6): قال أبو العالية: هم محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووزيراه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما. وقال في قوله تعالى {وقودها الناس والحجارة} (¬7) قال ابن عباس في الحجارة: إنها حجارة الكبريت. وقال في قوله تعالى {وأتوا به متشابها} (¬8) قال ابن عباس: الرمان يؤدي طعم الكمثرى والسفرجل والتفاح. فجعل التشابه في المطعوم ... وقال مقاتل بن سليمان: يؤتون به بكرة على مقدار بكرة الدنيا في صحاف الدر والياقوت، ثم يؤتون به عشية على مقدار عشية الدنيا، فيقولون: هذا الذي طعمناه بكرة ... ¬

(¬1) أخرجه مسلم - كتاب صلاة المسافرين - باب فضل قراءة القرآن رقم 804 ضمن حديث طويل. (¬2) أخرجه مسلم أيضًا بطوله - كتاب صلاة المسافرين - باب فضل قراءة القرآن رقم 805. (¬3) أخرجه البخاري - كتاب فضائل القرآن - باب فضل سورة البقرة 9/ 55، ومسلم - كتاب صلاة المسافرين - باب فضل الفاتحة وخواتيم سورة البقرة رقم 807. (¬4) آل عمران: 18. أخرجه ابن الجوزي في العلل المتناهية 1/ 102 - 103 وقال هذا حديث لايصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، تفرد به عمر بن المختار وعمر يحدث بالبواطيل .. أ. هـ وهو على كل ليس صريحًا في فضل الآية إنما هو في فضل الشهادة. وقد أخرجه أيضًا الخطيب في تاريخ بغداد 7/ 193 وأبو نعيم في الحلية 6/ 187. (¬5) انظر: ابن ظفر الصقلي ص: 150 - 164. (¬6) الفاتحة: 7. (¬7) البقرة: 24. (¬8) البقرة: 25.

وقال في قوله تعالى {أزواج مطهرة} (¬1): قال قتادة: مطهرة من الإثم والأذى. وقال مجاهد والحسن: من الحيض والبول والنخامة والبصاق وكل الأقذار. وقال عبد الله بن عمر: إن أزواج أهل الجنة لتغنين بأحسن أصوات سمعها أحد وإن مما يتغنين: نحن الخيرات الحسان أزواج قوم كرام ينظرون بقرة أعيان وإن مما يتغنين: نحن الخالدات فلا نموت ونحن الآمنات فلا نخاف ونحن المقيمات فلا نظعن وقال في قوله تعالى {ولا تلبسوا الحق بالباطل} (¬2): قال قتادة: أي لا تلبسوا اليهودية بالإسلام وأنتم تعلمون أن دين الله هو الإسلام. وفي قوله {وقولوا للناس حسنا} (¬3): قال ابن عباس وغيره: أي حقا وصدقا في شأنه - صلى الله عليه وسلم - ولا تغيروا نعته. وقال الحسن والثوري: هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وقال الربيع وعطاء وغيرهما هذا على العموم في تحسين القول للناس كلهم. وقد وقفت له على أثر يرويه بإسناده تحت تفسير قوله تعالى {لا تأخذه سنة ولا نوم} (¬4) فقال: واللفظ الذي ذكرته روي لي فأخبرني به الفقيه أبو بكر محمد بن عبد الله المعافري عن الحسن بن عمر بن الحسن الهوزني عن عبد الله بن الوليد بن سعيد عن علي بن الحسن بن العباس بن فهر عن الحسن بن علي بن شعبان عن أبي بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر بن محمد بن علي النجار عن عبد الرزاق عن معمر عن الحكم بن أبان عن عكرمة. ولي فيه إسناد أقرب من هذا. واللفظ الذي ذكره قبل ذلك عن عكرمة: سأل سائل من بني إسرائيل ¬

(¬1) البقرة: 25. (¬2) البقرة: 42. (¬3) البقرة: 83. (¬4) البقرة: 255.

سادسا: موقفه من السيرة والتاريخ

موسى عليه السلام: أينام ربنا؟ فصمت عنه، فأرسل الله تعالى إلى موسى ملائكة فأرقوه ثلاث ليال، ثم أعطوه قارورتين، فأمروه أن يمسك في كل يد قارورة وحذروه من كسرهما، فجعل ينعس وينتبه، ثم ينعس وينتبه، حتى نعس نعسة فضرب بإحداهما الأخرى فكسرهما (¬1). سادسا: موقفه من السيرة والتاريخ: وهو يتعرض لبعض حوادث السيرة عند الحاجة لذلك فقد ذكر قصة العاقب والسيد وقدومهما على النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنها سبب نزول قوله تعالى {زين للناس حب الشهوات} (¬2) وذكر كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - لهرقل تحت قوله تعالى {قل يا أهل الكتاب تعالوا} (¬3) فقال: وبهذه الآية كاتب النبي - صلى الله عليه وسلم - هرقل ملك الروم ... .. فذكر الحديث بطوله. كما سبق بعض الآيات المتعلقة بغزوة أحد في حديثنا عن أسباب النزول. وسوف يأتي في الحديث عن الإسرائليات روايات تاريخية تتعلق بالأمم الماضية. ولم يفرد الفايز في دراسته فصلا في ذلك، وهو من سلبيات رسالته. سابعا: موقفه من الإسرائيليات (¬4): والمصنف من المكثرين جدا في نقل الروايات عن أهل الكتاب، وهو يسلك في ذلك مسلك قدامى المفسرين فلا يرد ما اشتهر رده عند جمهور المتأخرين: ومن ذلك قوله عند تفسير قوله تعالى {فأزلهما الشيطان عنها} (¬5) قال ابن عباس: عرض إبليس نفسه على كل دابة من دواب الجنة أن يدخل فيها فتدخله الجنة فأبين إلا الحية فإنها طاعت له بذلك فدخل بين فكيها فأدخلته الجنة. وقال أيضا: قالت الحية: إني أخاف آدم. فقال: أنت في ذمتي منه ¬

(¬1) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ص: 113 ومن طريقه ابن جرير 3/ 7 - 8 وهو ضعيف لإرساله وقد أخرجه ابن أبي حاتم وغيره عن ابن عباس موقوفًا (انظر الدر 1/ 336) وأخرجه ابن جرير عن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنحوه. (¬2) آل عمران: 14. (¬3) آل عمران: 64. (¬4) انظر: ابن ظفر الصقلي ص: 235 - 241. (¬5) البقرة: 36.

ومن ولده. قال ابن عباس: أخفروا ذمة عدو الله فإنه أعطى الحية ميثاقا أن يمنعها من آدم وولده. وقال في قوله تعالى {ولا تقربا هذه الشجرة} (¬1): واختلف في تعيين الشجرة؛ قال ابن عباس: هي السنبلة ... وقاله وهب بن منبه قال: وكانت الحبة مثل كلية الثور وأحلى من العسل وألين من الزبد. وحكى السدي عن ابن عباس أنه قال: هي شجرة العنب وكذلك قال ابن مسعود. وقال قتادة: هي الكرمة. وحكاه بعض العلماء عن علي كرمه الله والذي روي لنا عنه أنه قال: هي شجرة الكافور ... وقال ابن جريج: هي شجرة التين ... الخ. وقال في قوله تعالى {قلنا اهبطوا} (¬2): فأهبط آدم إلى أرض الهند بسرنديب. قال محمد بن إسحق: إن مهبط آدم وحواء على جبل بأرض الهند يقال له: واشم ... والجمهور على أن حواء أهبطت بجدة على ساحل مكة ... الخ وقال في قوله تعالى {يابني إسرائيل} (¬3): قال السدي: سمي إسرائيل لأنه هرب من عيصو فكان يسير ليلا ... الخ وفي قوله {بعصاك الحجر} (¬4) قال: قيل كان حجرا طورانيا أخذه موسى عليه السلام من جبل الطور وقال مقاتل: كان لطيفا مربعا أحمر وقيل: كان من حجار الجنة. وقد ذكر قصة بقرة بني إسرائيل كاملة بعد تفسيره للآيات فقال: ذكر القصة قال ابن عباس في رواية عنه ما معناه: كان في بني إسرائيل رجل صالح فلما حضرته الوفاة ... .فذكر القصة ثم نقل جزءا عن وهب بن منبه وآخر عن عكرمة ثم قال: وروي لي في ذلك بيان عزاه أبو الحسن علي بن إبراهيم الحوفي (¬5) إلى ابن عباس في كتاب التفسير الذي ألفه فقال قال: عباس ... فذكر أكثر من صفحة وأتبعها بصفحتين عن ابن عباس أيضا في قصة القتيل. كما ذكر قصة هاروت وماروت المشهورة عن ابن عباس وابن عمر ولم ¬

(¬1) البقرة: 35. (¬2) البقرة: 38. (¬3) البقرة: 40. (¬4) البقرة: 60. (¬5) هو علي بن إبراهيم بن سعيد المصري له تفسير يسمى "البرهان في تفسير القرآن" قال عنه الداوودي: تفسير جيد. ت 430 هـ (انظر طبقات المفسرين 2/ 388).

ثامنا: موقفه من اللغة

يذكر غير هذا القول في تفسير الآية. وفي قوله تعالى {ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم} (¬1) ذكر قصتهم مع نبيهم حزقيل عن وهب بن منبه، وبعضها عن مقاتل. وذكر فصلا مستقلا بعد أن فسر الآيات المتعلقة بطالوت فقال: ذكر قصة التابوت وتمليك طالوت وقتل داود جالوت فقال: قال الطبري وغيره ... فذكر أكثر من ثمان صفحات في ذلك. وكذا في قوله تعالى {أو كالذي مر على قرية} (¬2) قال: ذكر ما قاله المفسرون في القصة ... فذكر فصلا مستقلا فيها حوالي سبع صفحات. وفي قوله {كلما دخل عليها زكريا المحراب} (¬3) قال: ذكر القصة: كانت حنة بنت فاقود علت في السن ... الخ وذكر فصلا قال فيه: ذكر جمل من أمر زكريا ويحيى عليهما السلام ... فنقل فيه عن ابن إسحق وغيره حوالي ست صفحات. ثامنا: موقفه من اللغة (¬4): وأما موقفه من اللغة فقد قدمنا أن تفسيره يعد من التفاسير اللغوية لأن الصناعة اللغوية تغلب عليه. وهو يكثر النقل عن الفراء وأبي عبيدة والزجاج ونحوهم من أئمة اللغة. قال في قوله تعالى {ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم} (¬5): وانتصبت {يتوب} لأن {أو} عاطفة على قوله {ليقطع طرفا من الذين كفروا أو يكبتهم} (¬6) وقيل {أو} هي التي تأتي بمعنى: حتى، في مثل قولك: لأدعون أو يستجاب لي. وليس بجيد لأن ذلك يقتضي نفي ملك الأمر عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى غاية وأمد، وقوله سبحانه {ولله ما في السموات وما في الأرض} (¬7) تأكيد بيان لانفراده سبحانه بملك الخلق والأمر. وفي تفسير قوله {ولا تلبسوا الحق بالباطل} (¬8) تكلم عن اللبس لغويا وفسر الآية بناء عليه. وهو يطنب في المسائل اللغوية ويستدل بالشعر، ¬

(¬1) البقرة: 243. (¬2) البقرة: 259. (¬3) آل عمران: 37. (¬4) انظر ابن ظفر الصقلي ص: 190 - 199. (¬5) آل عمران: 128. (¬6) آل عمران: 127. (¬7) آل عمران: 129. (¬8) البقرة: 42.

وقلما تخلو صفحة من بيت شعر أو أكثر، ومن ذلك قوله: وسمي الدعاء عبادة لتذلل الداعي، والطريق المعبد هو الذي ذلل بالوطىء، والإبل إذا جربت عبدت جلودها بالهناء (¬1) قال الشاعر: . . . . . . . . ... وأقردت أقراد البعير المعبد وقوله: وأصل {نستعين} نستعون أي نسأل العون فنقلت كسرة الواو إلى العين فسكنت الواو وانقلبت لسكونها وانكسار ما قبلها ياء. ويقول: ومن صنوف الفصاحة تقلب وجه الخطاب بين لفظي الغيبة والحضور قال الشاعر: يالهف نفسي كان جدة خالد ... وبياض وجهك للتراب الأعفر وأطال في بيان لغويات الهدى واستشهد لبعض معانيه بقول الشاعر: . . . . . . . . ... وهادية الصوار قوامها قال: والصوار القطيع من بقر الوحش ويقول: وقال جرير: أمير المؤمنين على صراط ... إذا اعوج الموراد مستقيم ومن ذلك قوله في معنى "آمين": يارب لا تسلبني حبها أبدا ... ويرحم الله عبدا قال آمينا وهو يكثر من الرجز كقوله في تفسير {رزقوا منها من ثمرة رزقا} (¬2): شبهت بالفاروق فافرق فرقه ... وارزق عيال المسلمين رزقه وقد تكلم عن الحروف التي في أوائل السور وعن موقعها من الإعراب وفائدتها في بداية سورة البقرة. ومن كلامه عن وقوع المعرب في القرآن قال: {والقناطير المقنطرة} (¬3) والقناطير جمع قنطار، فزعموا أنه بلسان الروم: ألف دينار، ولا ينكر توافر اللغتين في كلمات، ولا أعتقد أن في القرآن كلمة فما فوقها ليست عربية سوى الأسماء الأعلام العجمية، وإن صح أن العرب نطقت بكلمات من غير لغتها وفشا استعمالهم إياها فقد صارت بذلك الاستعمال الفاشي كلاما للعرب. ¬

(¬1) الهِناء: القطران تقول هَنأت البعير بالفتح أهنؤه إذا طليته بالهناء (لسان العرب 6/ 4708). (¬2) البقرة: 25. (¬3) آل عمران: 14.

تاسعا: موقفه من القراءات

ومن الفضول اللغوي ما ذكره تحت قوله تعالى {وإذ قالت الملائكة يا مريم} (¬1) قال: فصل: أبو عبيدة يقول أن "إذ" و "إذا" من الكلمات التي تزاد صلة ... فذكر فصلاً مستقلاً في ذلك. وبعد أن ذكر حديث هرقل وكتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - له قال: تفسير ألفاظ من هذا الحديث ... فذكر حوالي ست صفحات في تفسير بعض ألفاظه. تاسعا: موقفه من القراءات (¬2): المصنف من المهتمين بالقراءات وتوجيهها وكما قدمنا نجده يفرد بابا للقراءات فيقول: ذكر القراءات فيتكلم عنها وعن توجيهها، وقد بين شيئا من منهجه في ذلك فقال عند قوله تعالى {بارئكم} (¬3): ولم أتعرض في هذا الكتاب غالبا لبيان أصولهم في التغليظ والترقيق والإدغام والإظهار والغنة والهمز والمد والإضجاع والوقف وإنما أودعته مالا يسع المفسر الجهل به في التلاوة. أ. هـ وليس الأمر كما قال، فقد استفاض في أمور يسع المفسر جهلها لعدم تعلقها بمعاني القرآن البتة وسوف يأتي شيء من ذلك. قال: قرأ قنبل عن ابن كثير {السراط} (¬4) و {سراط} (¬5) بالسين حيث كان وقرأ خلف عن سليم عن حمزة بإشمام الزاي حيث كان، ووافقه خلاد عن سليم عن حمزة، وقرأ الباقون بالصاد المحضة حيث كان. وقال: قرأ حمزة وحده {عليهم} (¬6) و {إليهم} (¬7) و {لديهم} (¬8) بضم الهاء منهن خاصة حيث كن وبكسر الهاء من غيرهن ... قال الفراء: لأن الأصل في هذه الهاء من عليهم وإليهم ولديهم؛ الضم في قولك: هم. وهذا صحيح لكن تلزم المحافظة على ذلك فيما أشبه هذه الكلمات ... وذكر فصلا طويلا وتكلم عن الحروف المقطعة في أول سورة البقرة وسكت يزيد بن القعقاع عليها وأردف ذلك بتوجيه القراءات الواردة في هذه الآيات. ويقول: قرأ اليزيدي عن أبي عمرو {بارئكم} (¬9) ¬

(¬1) آل عمران: 42. (¬2) انظر: ابن ظفر الصقلي ص: 165 - 178. (¬3) البقرة: 54. (¬4) الفاتحة: 6. (¬5) الفاتحة: 7. (¬6) الفاتحة: 7. (¬7) المائدة: 66. (¬8) آل عمران: 44. (¬9) البقرة: 54.

عاشرا: موقفه من الفقه

بإختلاس كسرة الهمزة وروى شجاع عنه إسكان الهمزة وحقق كسرتها الباقون ولو اضطر قارئ إلى الوقوف عليها لهمزها إلا على طريقة حمزة فيقف عليها بغير همز على ما أصله. ومن تفريعاته في القراءات قوله: حكى الحلواني وحده عن قالون إسكان هاء {أن يملَّ هْوَ} (¬1) وهو يذكر الشواذ وغيرها مثل قوله: وقرأ قتادة "مثوبة" (¬2) بإسكان الثاء وفتح الواو وهو الأصل وهي لغة فيها وفي أشباهها. وفي قوله تعالى {الله لا إله إلا هو الحي القيوم} (¬3) قال: وقرأ عمر كرمه الله وابن مسعود "القيَّام". وربما حمل على بعض القراءات المتواترة ومن ذلك قوله: {وإذ ابتلى إبراهيم} (¬4) قال: قرأ هشام عن ابن عامر {إبراهام} (¬5) بألف وهو مذكور في هذه السورة خمس عشرة مرة، وهذه القراءة تنسب إلى عبد الله بن الزبير وهي شاذة، ولم يشتهر بها في قراءة ولا سنة نبوية ولا في أثر صحابي نقل. ومن مواضع توجيهه للقراءات لغويا قوله: قرأ عاصم وحده {تجارةً حاضرةً} (¬6) فنصبها لأن التقدير عنده إلا يكون المال تجارة، ورفعها سائرهم لأنهم جعلوا كان بمعنى حدث. عاشرا: موقفه من الفقه (¬7): يلاحظ على المؤلف ميله لمذهب مالك كسائر أهل المنطقة وهو ينقل عن غيره ولا يلمح في كلامه روح التعصب المذهبي، كما أنه ربما استطرد استطرادا عجيبا في بعض المسائل الفقهية على الرغم من كون تفسيره ¬

(¬1) البقرة: 282. (¬2) هي قراءة شاذة، وقراءة الجمهور {مثوبة} المائدة: 60 بضم الثاء وإسكان الواو. (¬3) البقرة: 255. (¬4) البقرة: 124. (¬5) هذه قراءة سبعية متواترة ولم ينفرد بها هشام عن ابن عامر بل قرأ بها ابن ذكوان عنه (انظر إتحاف فضلاء البشر ص: 147) وقال ابن الجزري: وهو لغة فاشية للعرب (النشر 2/ 222) ولا تؤخذ القراءة من أثر وإنما هي سنة متبعة تؤخذ من أفواه القراء، كلٌ يقرأ كما عُلّم. انظر (سنن القراء ص: 17) وقرأ ابن عامر هذه القراءة على أبي هاشم المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن المغيرة عن عثمان بن عفان وقرأ أيضًا على أبي الدرداء وقرأ عثمان وأبو الدرداء على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (انظر النشر 1/ 144). (¬6) البقرة: 282. (¬7) انظر ابن ظفر الصقلي ص: 200 - 212.

لا يصنف ضمن التفاسير الفقهية، ومن الأمثلة على ماذكرت: قوله في البسملة: ويختار ترك قراءتها في أول الفاتحة وغيرها من السور سرا وجهرا في الصلوات المكتوبة خاصة، ثم ذكر حجته والخلاف، ثم تكلم عن وجوب قراءة الفاتحة. وفي قتل الساحر قال: وعن المدني رحمه الله أن الساحر الذي وصفت كافر بسحره على الإطلاق وإن تظاهر بالإسلام وادعى أنه لا يستحله كالزنديق، فيقتل من غير أن يستتاب، فإن كان كافرا ذميا؛ فقد اختلفت الرواية عنه فيه فقال مرة: يقتل ولايستتاب كالساحر المسلم، وقال مرة: يستتاب وتوبته إسلامه. وعند آيات تحويل القبلة تطرق إلى حكم الصلاة داخل الكعبة واستدل لمالك. ومن مواضع إطالته الكلام أحيانا بما يخرج عن حد التفسير: في تفسير قوله تعالى {وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات} (¬1) أطال الكلام في الكلمات التي أمر بها إبراهيم عليه السلام، واستطرد إلى السنة في حلق العانة وقص الشارب ونحو ذلك. وفي قوله {لا ينال عهدي الظالمين} (¬2) استنبط من الآية عصمة الأنبياء عن الظلم وعدم صحة الإمامة للظالم قال: وينتظم ذلك الإمامة في حملة الكتاب والسنة والقضاء والفتيا والصلاة، على تفصيل في الظلم الذي ليس بشرك ... الخ وفي تحريم الميتة قال: من العلماء من قال: لا يجوز لغير المضطر أن ينتفع من الميتة بشيء لأن التحريم جاء فيها مطلقا لا مجملا ... .إلى أن قال وهو قول مالك رحمه الله وأجراه في جميع وجوه الانتفاع بالميتة وبكل نجس حتى قال: لا يطعم الكلب المقتنى لحم الميتة ولا يسقى الزرع بالماء النجس ... .. الخ واختلف أصحاب مالك في طهارة الزيت النجس إذا غسل واختلف قوله في طهارة اللحم إذا أصابته نجاسة في حال الطبخ ... الخ كما استفاض كثيرا عند حكم الإيلاء، وذكر مسائل منها: أن رجلا حلف ألا يطأ امرأته حتى يفطم ولده فلم ير علي ذلك إيلاء وأن مالكا عمل بذلك. كما عقد فصلا عند الكلام على العدة فقال: فصل: تجب العدة على المطلقة بمجرد الخلوة عند مالك وفي أظهر قولي الشافعي ... .. الخ ¬

(¬1) البقرة: 124. (¬2) البقرة: 124.

كما أطال الكلام عن الخلع وهل هو طلاق أم لا؟ وعن الطلاق ثلاثا ونحو ذلك من أحكام الطلاق. وأطال الحديث عن الذي بيده عقدة النكاح، وعن ولاية الأب على ابنته، وعن الصلاة الوسطى. كما أطال الكلام عن الربا وذكر ربا الفضل وتفرع إلى تفريعات دقيقة فيه فحكى مذهب الشافعي في إلحاق كل مطعوم للتغذي أو للتأدم أو للتداوي أو للتفكه وقال والتحق بها الأدهان والزعفران والطين الأرميني والطين الذي يأكله بعض الناس لشهوة ودهن البنفسج ... .الخ وهو يتعرض للأصول أحيانا ويرى جواز النسخ ومن ذلك قوله في قصة بقرة بني إسرائيل: قال ابن عباس: لو ذبحوا أي بقرة ذبحوا لأجزت عنهم ولكن شددوا فشدد الله عليهم. قال: وفي هذا شهادة لجواز النسخ قبل فعل المأمور بفعله لأن طاعة الأمر كانت تحصل منهم بذبح أي بقرة شاءوا، ثم نسخ ذلك بإلزامهم ذبح بقرة مخصوصة بأوصاف مخصوصة. كما استنبط منها أيضا أن امتثال الأمر يحصل بفعل أقل ما يقع عليه الاسم إذا كان المأمور به غير موصوف ولا محدود قال: وفيها أن الأمر الذي لم يخصص بزمان معين لا يلزم حمله على الفور لأنهم أخروا فعل ما أمروا بفعله حتى راجعوا في الخطاب. وفيها أن الأمر إذا لم يقترن به ما يدل على الندب أو الاستحباب لزم حمله على الوجوب، ولا يخفى أن قوله: اذبحوا بقرة عري عن القرائن. وقد تكلم عن النسخ فأطال وذكر بعض الآيات التي دخلها النسخ مثل: قوله تعالى {فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت} (¬1) وقوله {والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم} (¬2) وقوله {إن يكن منكم عشرون صابرون} (¬3) ورد على اليهود في إنكارهم النسخ بوقوعه عندهم وذكر أمثلة على ذلك. ويقول في قوله تعالى {لا إكراه في الدين} (¬4) والنسخ تعطيل للمنسوخ فلا يصار إليه إلا بحديث نبوي وعند عدم المروي عن بعض السلف بما فيه مندوحة عن القضاء بالنسخ على الكلمة المنزلة وعند امتناع الجمع بين ما قيل إنه ناسخ وما قيل إنه منسوخ. والمصنف لا يعتبر في تفسيره هذا مجرد جامع أو ناقل ومهذب بل ¬

(¬1) النساء: 15. (¬2) النساء: 33. (¬3) الأنفال: 65. (¬4) البقرة: 256.

تظهر شخصيته في ترجيحه بين الأقوال ومن مواضع ترجيحه في تفسير قوله تعالى {وسيدا وحصورا} (¬1) قال وقال عكرمة: ... وأما الحصور: الذي لا يأتي النساء. وتبعه في هذا مجاهد وقتادة وابن جبير والضحاك وعطية العوفي وغيرهم، وروي عنه أيضا أنه قال: الحصور: الذي لا ينزل الماء. ويشبه هذا قول الربيع بن أنس: الحصور: هو الذي لا يولد له. قال: والتفسير الأول أصح بالقبول لحديث رواه سعيد بن المسيب عن عبد الله بن عمرو أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما من عبد يلقى الله تعالى إلا ذا ذنب إلا يحيى بن زكريا فإن الله تعالى يقول: {وسيدا وحصورا} (¬2) " قال: "وإنما كان ذكره مثل هدبة الثوب ". (¬3) ولما حسمت عنه شهوة النساء سلم من الذنوب، ومن نقب عن أسباب أكثر الذنوب عرف أنها متصلة بالرغبة في النساء على قرب وبعد. ولم يتعرض المصنف للمواعظ والآداب فيما وقفت عليه من تفسيره، إلا بطريقة غير مباشرة كما تقدم في كلامه السابق. ونظرا لتقدمه لا نجد في كلامه ذكرا للعلوم الحديثة والرياضة والفلسفة والمعجزات الكونية ونحو ذلك مما ظهر في تفاسير المتأخرين. هذا وقد ذكر الفايز في رسالته بعض المزايا التي تميز بها تفسير ابن ظفر وبعض المآخذ التي أخذت عليه (¬4) وسوف أجملها في ما يلي: ¬

(¬1) آل عمران: 39. (¬2) آل عمران: 39. (¬3) أخرجه ابن جرير 3/ 255 وابن أبي حاتم في التفسير رقم 482 والحاكم في المستدرك - كتاب التفسير 2/ 373 وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه وسكت الذهبي. وأخرجه أحمد في الزهد ص: 90 وابن أبي شيبة في المصنف 11/ 560 وابن أبي حاتم في التفسير رقم 483 عن عبد الله بن عمرو موقوفًا. وقال ابن كثير في الموقوف: هو أقوى إسنادًا من المرفوع بل وفي صحة المرفوع نظر (التفسير 2/ 30) وقال السيوطي في الموقوف أيضا: هو أقوى إسنادًا من المرفوع (الدر2/ 190). (¬4) انظر ص: 276 - 278.

أولا: المزايا: - يهتم بالمأثور - يهتم باللغة - يهتم بآيات الأحكام - يهتم بعلوم القرآن ثانيا: المآخذ: - ... مخالفته لأهل السنة وشتمه لهم. - عدم تمحيص الروايات. - إهماله لمذهب أبي حنيفة وأحمد. - كثرة الإسرائيليات.

تفسير ابن بزيزة من خلال كتابه البيان والتحصيل

تفسير ابن بزيزة من خلال كتابه البيان والتحصيل مؤلف هذا التفسير هو أبو محمد عبد العزيز بن إبراهيم ابن بزيزة المالكي الصوفي ت 662 هـ وهو من أهل المنطقة ولد بتونس وتوفي بها (¬1). التعريف بالتفسير: وتفسيره المسمى "البيان والتحصيل المطلع على علوم التنزيل" من التفاسير المخطوطة الناقصة وقد رجعت إلى نسخة على الميكروفيلم بمكتبة المخطوطات بالجامعة الإسلامية وهي مصورة عن نسخة مكتبة القرويين وتقع في140ورقة غير مرقمة وتبدأ من قوله تعالى {ولقد وصلنا لهم القول} (¬2) من سورة القصص إلى سورة محمد وفيها سقط في الوسط وخلط شديد مع سوء في الخط. وعلى آخر لوحة من القسم الثاني من الكتاب جاء قوله: كمل السفر ... . من تفسير القرآن العظيم المسمى بالبيان والتحصيل المطلع على علوم التنزيل الجامع بين الزمخشري وابن عطية وكان الفراغ من نسخه من أصل مؤلفه في بوم الأحد الرابع والعشرين من شهر المحرم عام ستة عشر وسبعمائة مؤلف هذا الكتاب هو الشيخ عبد العزيز بن إبراهيم بن أحمد القرشي التميمي التونسي عرف بابن بزيزة ... كان رحمه الله خيرا صوفيا وعالما فقيها جليلا ... وذكر بعض مؤلفاته وينتهي هذا القسم عند قوله: قوله عز وجل {ويقول الذين آمنوا لولا نزلت سورة} (¬3). ¬

(¬1) مترجم في أهل المنطقة برقم 87. (¬2) القصص: 51. (¬3) محمد: 20.

المنهج العام للتفسير

المنهج العام للتفسير: إن تفسير البيان والتحصيل تفسير متسع للقرآن جمع فيه مؤلفه المشكلات بين تفسيري ابن عطية والزمخشري ومن الأمثلة على نقله عنهما قوله: قال تعالى {لما أنزلت إلي من خير فقير} (¬1) قال ابن عطية: اتفق جميع المفسرين على أنه طلب في هذا المقام مايأكله ولم يصرح بذلك ... (¬2) قال الزمخشري: فإن قلت كيف ساغ لنبي الله شعيب أن يرضى لابنتيه بسقي الماشية؟ قلت: الأمر في نفسه ليس بمحظور، فالدين لا يأباه، وأما المروءة فالناس مختلفون في ذلك والعادات متباينة فيه، وأحوال العرب فيه خلاف أحوال العجم ومذهب أهل البدو فيه غير مذهب أهل الحضر خصوصا إذا كانت الحالة حالة ضرورة (¬3). وهو يعتبر تفسيرا جامعا يقطتف من كل بستان زهرة دون تركيز على اتجاه معين وإن ظهر منه شيء من الاستطراد في بعض الفقهيات. وهو يبدأ بقوله سورة كذا ثم يذكر جملة من آياتها ثم يشرع في التفسير وذلك مثل قوله: سورة العنكبوت مكية قوله: {الم أحسب الناس أن يتركوا} (¬4) إلى أول الحزب ... الخ المنهج التفصيلي للمؤلف: أولا: لا يهتم بعد الآي ولا بالوقوف ولا المناسبات ويبدأ التفسير بقوله سورة كذا ويذكر مكية أم مدنية ومن ذلك قوله: تفسير سورة القتال ... اختلفوا هل هي مكية أو مدنية فقال مجاهد: مدنية، وقال الضحاك: مكية وهو قول ابن جبير كذا نقله الزمخشري وقال ابن عطية: هي مدنية بإجماع غير أن بعض الناس قال في قوله تعالى {وكأين من قرية} (¬5) أنها نزلت بمكة في وقت دخول النبي عليه السلام عام الفتح أو سنة الحديبية وما كان مثل هذا فهو معدود في المدني لأن المراعاة في ذلك إنما هو ما كان قبل الهجرة أو بعدها (¬6). ¬

(¬1) القصص: 24. (¬2) المحرر الوجيز 4/ 284، ولفظه: ولم يصرح بالسؤال هكذا روى جميع المفسرين أنه طلب. (¬3) الكشاف 3/ 171 وفيه: ... لنبي الله الذي هو شعيب عليه السلام. (¬4) العنكبوت: 1 - 2. (¬5) محمد: 13. (¬6) انظر المذاهب الثلاثة في اعتبار المكي والمدني في الإتقان 1/ 11 - 12 والذي ذكره ابن عطية هو المشهور وقد ذكر السيوطي عن يحيى بن سلام المغربي قوله: مانزل بمكة وما نزل في طريق المدينة قبل أن يبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة فهو من المكي، وما نزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - في أسفاره بعد ماقدم المدينة فهو من المدني.

ثانيا: موقفه من العقيدة

ثانيا: موقفه من العقيدة: وهو يتعرض لبعض مسائل الاعتقاد فمن ذلك تعقبه للزمخشري في قوله {إنا جعلناه قرآنا عربيا} (¬1) حيث قال الزمخشري: {جعلناه} بمعنى صيرناه معدى إلى المفعولين أو المعنى خلقناه معدى للواحد كقوله {وجعل الظلمات والنور} (¬2) ونحوه. قال المؤلف عفا الله عنه: هذا فاسد لأن القرآن ليس بمخلوق (¬3) كما تقرر في قواعد علم الكلام لاستحالة قيام الحوادث بذات الله سبحانه لما يلزم من حدوثه تقدير قبول الذات العليا لقيام الحوادث. فالذي لا يصح غيره؛ أن الجعل هنا بمعنى ... (¬4) والحكم والإنزال ... وهذه من غلطاته الشنيعة التي هي عند أهل السنة آيلة إلى الجهل بصفات الله سبحانه وقد اختلفوا في تكفير من جهل الصفات كما بسطناه في موضعه. ومن استطراداته ماذكره في قوله تعالى {ياأيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا} (¬5) قال: قال العلماء: والنبي إذا عظم قدره عظمت أسماؤه. قال بعض الصوفية: لله ألف اسم، وللنبي عليه السلام ألف اسم. قال القاضي أبو بكر بن العربي: فأما أسماء الله فهذا العدد حقير فيها {قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي} (¬6) وأما أسماء النبي - صلى الله عليه وسلم - فالمعلوم منها سبعة وستون اسما وهي النبي الرسول الرشيد المصدق ... الخ فذكرها كلها. أقول: وجلها لا اعتبار له ولا صحة وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "لي خمسة أسماء؛ أنا محمد وأنا أحمد وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي وأنا العاقب" (¬7) كما في الصحيح وجاء النص على بعض الأسماء زيادة على تلك الخمسة أرى أن الاقتصار عليها ¬

(¬1) الزخرف: 3. (¬2) الأنعام: 1. (¬3) انظر كتاب العقيدة السلفية في كلام رب البرية ص: 283 - 321 حيث تكلم عن شبه المعتزلة في خلق القرآن والرد عليهم. (¬4) كلمة غير واضحة في المخطوط. (¬5) الأحزاب: 45. (¬6) الكهف: 109. (¬7) أخرجه البخاري - كتاب المناقب - باب ماجاء في أسماء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - 6/ 554، ومسلم - كتاب الفضائل - باب في أسمائه - صلى الله عليه وسلم - 4/ 1828 عن جبير بن مطعم.

أولى (¬1) وجعل بعض الصفات أسماء أمر توسعي ظاهر يشترك فيه جمل من الناس. على أنه قد أوصل البعض أسماءه - صلى الله عليه وسلم - إلى تسعة وتسعين اسما ذكروها في كتاب (¬2) وكذا أوصلوا أسماء عبد القادر الجيلاني!! (¬3) والآية التي نقلها عن ابن العربي لا حجة فيها على موضوعنا، وقد ثبت في الصحيح قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة" (¬4). وقد تعب العلماء في حصرها، والزيادة التي وردت في الحديث في تعيينها مدرجة لا تصح. (¬5) ومن مواضع تأثر ابن بزيزة باتجاهه الصوفي: قوله: {عسى ربي أن يهديني سواء السبيل} (¬6): وهذه الآية أصل المتوكلين في الخروج بغير زاد ولأنه خرج حافيا خائفا بغير زاد ولا دراهم قالوا: ولم يكن له طعام إلا ورق الشجر. أقول: وهذا الكلام فيه نظر من وجوه: أولا: نفس الاستدلال فإن الآية ليس فيها أنه خرج من غير زاد ولا دراهم وإنما هذا مما نقل من أخبار لا زمام لها، ثم إن موسى عليه السلام - لو سلم بما نقل - كان قد خرج خائفا وفي عجلة من أمره وفي هذا مدعاة لترك الجهاز وليس ذلك من التوكل في شيء، ثم إنه لو صح أنه خرج بدون زاد بنية التوكل لم يكن في ذلك حجة لأن موسى عليه السلام لم يكن نبئ بعد، ولم يَعْدُ تصرفه أن يكون سلوكا خاصا لا شرعا، وأخيرا لو كان كل ذلك متحققا لما كان فيه دليل لأنه شرع سابق عارضه شرعنا وننتقل بذلك للنقطة التالية. ثانيا: قد ثبت في الصحيح في سبب نزول قوله تعالى {وتزودوا فإن ¬

(¬1) وهي نبي الرحمة ونبي التوبة ونبي الملحمة والخاتم والمقفي انظر فتح الباري 6/ 556، صحيح مسلم - الكتاب والباب السابق 4/ 1828 ومسند أحمد 4/ 404 والمستدرك 2/ 604، 608 ودلائل النبوة للبيهقي 1/ 152 - 156. (¬2) انظر كتاب وظائف مجموعة باللغة الأردية والعربية ص: 55. (¬3) المصدر السابق ص: 121. (¬4) أخرجه البخاري - كتاب الدعوات - باب لله مائة اسم غير واحد 8/ 109، ومسلم - كتاب الذكر - باب في أسماء الله تعالى 8/ 63 عن أبي هريرة. (¬5) أخرجه ابن ماجه بهذه الزيادة - كتاب الدعاء - باب أسماء الله عز وجل رقم 3861، وقال الألباني: ضعيف (انظر ضعيف الجامع 1941) وانظر: مرويات ابن ماجه في التفسير ص: 210. (¬6) القصص: 22.

ثالثا: موقفه من تفسير القرآن بالقرآن

خير الزاد التقوى} (¬1) مايرد ذلك حيث نزلت في أهل اليمن الذين كانوا يحجون ولا يتزودون (¬2). فما ذكره مخالف لشريعتنا، ولو لم يكن مخالفا لكان في الاستدلال به نظر للخلاف المشهور بين الأصوليين هل شرع من قبلنا شرع لنا أم لا؟ (¬3). ثالثا: موقفه من تفسير القرآن بالقرآن: لا يُلحظ في القسم الذي وقفت عليه من الكتاب اهتمام كبير من المؤلف بهذا الجانب، وربما كان ذلك لكونه متتبعا لغيره ناقلا عنه ثم محللا، ومن مواضع تفسيره للقرآن بالقرآن قوله {إنا أنزلناه} (¬4) الضمير عائد على القرآن {في ليلة مباركة} اختلفوا في هذه الليلة المرادة فقيل: ليلة القدر، وقيل: ليلة النصف من شعبان، والأول أصح لقوله سبحانه {إنا أنزلناه في ليلة القدر} (¬5) وفي قوله {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن} (¬6). رابعا: موقفه من تفسير القرآن بالسنة: قال في قوله تعالى {وما يهلكنا إلا الدهر} (¬7): وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كان أهل الجاهلية يقولون إنما يهلكنا الليل والنهار فقال الله عز وجل: يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر بيدي الأمر؛ أقلب الليل والنهار" (¬8). وقد أطال تحت قوله {فيها يفرق كل أمر حكيم} (¬9) في الكلام على ليلة النصف من شعبان وفضلها وأن ماء زمزم فيها يحلو وكذا ماء البحر وذكر فيها آثارا وأحاديث في قيامها وصيامها وفضلها منها قوله وروي عن عثمان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "تقطع الآجال من السنة إلى السنة في ليلة النصف من شعبان" (¬10). وهذا كله على الرغم من أنه صدر ¬

(¬1) البقرة: 197. (¬2) أخرجه البخاري - كتاب الحج - باب قول الله تعالى {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى} 3/ 383 عن ابن عباس. (¬3) انظر الإحكام في أصول الأحكام 2/ 943 - 973. (¬4) الدخان: 1. (¬5) القدر: 1. (¬6) البقرة: 185. (¬7) الجاثية: 24. (¬8) أخرجه البخاري - كتاب التفسير - باب سورة الجاثية 8/ 574 مقتصرًا على الحديث القدسي. وأخرجه كاملاً الطبري 25/ 92. (¬9) الدخان: 4. (¬10) عثمان هنا ليس هو ابن عفان - رضي الله عنه - وإنما هو عثمان بن محمد ابن المغيرة بن الأخنس وهو من صغار التابعين أخرجه ابن جرير 25/ 109 انظر التقريب 5/ 45 عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً وهو ضعيف لإرساله.

كلامه عنها بقول الحافظ أبي بكر ابن العربي: من قال إنها ليلة النصف من شعبان فهو باطل ولم يثبت في ليلة النصف من شعبان حديث يعول عليه في فضلها ولا في نسخ الآجال فيها. وهو يذكر أسباب النزول ومن ذلك قوله: {من المؤمنين رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه} (¬1) قال أنس: غاب عمي أنس ابن النضر ... عن بدر ... وقال: غبت عن أول مشهد شهده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكر الحديث في مقتله بأحد بعد بلاء شديد وقال: فما عرفناه حتى عرفته أخته ببنانه ونزلت {من المؤمنين رجال ...} قال: وكنا نقول نزلت هذه الآية فيه وفي أصحابه (¬2). وهو يتعرض لفضائل السور والآيات غير مبال بالرواية هل هي صحيحة أم ضعيفة أم موضوعة: قال في آخر الأحقاف: روي عن ابن عباس (¬3) أنه قال: إذا عسر على المرأة الطلق فليكتب هاتين الآيتين والكلمتين في صحيفة ثم تغسل وتسقى منها وهي بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لاإله إلا الله الحليم الكريم سبحان الله رب السموات ورب العرش العظيم {كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها} (¬4) {كأنهم يوم يرون مايوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار} (¬5) صدق الله العظيم. وعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من قرأ سورة الأحقاف كتب له عشر حسنات بعدد كل رملة في الدنيا" (¬6). ¬

(¬1) الأحزاب: 23. (¬2) أخرجه البخاري - كتاب الجهاد - باب قول الله عز وجل {من المؤمنين رجال ..} رقم 2807، كتاب التفسير - سورة الأحزاب باب {فمنهم من قضى نحبه} رقم 4784. (¬3) أخرجه ابن السني في اليوم والليلة ص: 231 وإسحق بن إبراهيم في كتاب الطب (انظر تاريخ جرجان 229) وابن أبي شيبة في مصنفه 7/ 385، وعزاه السيوطي للديلمي (انظر الدر 4/ 24) موقوفا ومرفوعا وهو حديث لا يصح (انظر: تكميل النفع بما لم يثبت به وقف ولا رفع1/ 2). (¬4) النازعات: 46. (¬5) الأحقاف: 35. (¬6) أخرجه الثعلبي 106 / أ / 1 من طريق هارون بن كثير عن زيد بن أسلم عن أبيه عن أبي أمامة عن أبي به وهو قطعة من الحديث الطويل الموضوع في فضائل القرآن. وانظر الكشف الإلهي عن شديد الضعف والموضوع والواهي 1/ 102.

رابعا: موقفه من تفسير القرآن بأقوال السلف

رابعا: موقفه من تفسير القرآن بأقوال السلف: وهو يهتم بهذا الجانب ومن ذلك قوله: {ولما توجه تلقاء مدين} (¬1) ... وكان موسى عليه السلام لا يعرف الطريق إليها قال ابن عباس: خرج وليس له علم بالطريق إلا حسن ظنه بربه. وعن ابن مسعود: أفرس الناس ثلاثة بنت شعيب وصاحبة فرعون في قولها {عسى أن ينفعنا} (¬2) وأبو بكر في عمر. {سواء السبيل} (¬3) ... قال الحسن: أراد سبيل الهدى. وقال مجاهد: أراد طريق مدين. وقال {ولقد وصلنا لهم القول} (¬4) ... وعن ابن زيد: وصلنا لهم خير الدنيا بخير الآخرة (¬5). خامسا: موقفه من السيرة وذكر الغزوات: وعلى الرغم من كون القسم الذي اطلعت عليه من التفسير قسما محدودا وفيه سقط فقد وقفت على عدة نقول نقلها المصنف من سيرة ابن هشام وغيرها فيما يتعلق بأحداث السيرة والغزوات فمن ذلك: تحت قوله تعالى {إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم} (¬6) ذكر قصة النبي - صلى الله عليه وسلم - مع ابن الزبعرى. وذكر تحت قوله تعالى {وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن} (¬7) قضية اللقاء بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين الجن فقال: اختلف السلف في هذه القضية في مواطن؛ الأول: هل كان عند النبي عليه السلام علم بوفود الجن عليه أم لا ... الخ. الموطن الثاني: الاختلاف في عددهم ... الخ. الموطن الثالث: هل حضر ابن مسعود ليلة الجن أم لا؟ ... الخ. كما ذكر من قتل من الكفار صبرا يوم بدر تحت قوله تعالى {فإما منا بعد وإما فداء}. (¬8) وتحت قوله تعالى {وشهد شاهد من بني إسرائيل} (¬9) قال: وفي حديث أنس جاء عبد الله إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قدمه المدينة فقال: إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي: ما أول أشراط الساعة؟ ... الخ الحديث. (¬10) ¬

(¬1) القصص: 22. (¬2) القصص: 9. (¬3) القصص: 22. (¬4) القصص: 51. (¬5) هذا على قراءة {وصلنا} بالتخفيف كما سيأتي في القراءات. (¬6) الأنبياء: 98. (¬7) الأحقاف: 29. (¬8) محمد: 4. (¬9) الأحقاف: 10. (¬10) أخرجه البخاري - كتاب مناقب الأنصار 7/ 272.

سادسا: موقفه من الإسرائيليات

سادسا: موقفه من الإسرائيليات: يتعرض لها أحيانا ومن ذلك قوله تحت آية {قالت إن أبي يدعوك} (¬1): واختلف أهل الآثار في قائلة هذا القول هل هي الصغرى أو الكبرى؟ وكانت الكبرى تسمى صفيرا والصغرى صبيرا (¬2) وكذلك اختلفت الآثار هل زوجه الصغرى أو الكبرى؟ فروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه زوجه الصغرى ذكره الثعلبي وغيره (¬3) وفي كتاب النقاش: كانتا توأمين ولدت إحداهما قبل الأخرى بنصف نهار. وقال: {ولما توجه تلقاء مدين} (¬4) هي قرية شعيب سميت بمدين بن إبراهيم ولم تكن في سلطان فرعون وبينها وبين مصر مسيرة ثمان ... وقيل: خرج حافيا لا يعيش إلا بورق الشجر فما وصل حتى سقط خف قدمه ... ويقال: إن الله تعالى بعث إليه ملكا يسدده الطريق وأعطاه عصاه التي كانت فيها الآيات والصحيح أن العصا إنما أخذها من عند شعيب. سابعا: موقفه من اللغة: وهو يتعرض للنحويات والإعراب ومن ذلك: قوله: {أو من ينشأ في الحلية} (¬5) أجازوا في محل {من} وجهين في قوله {أو من ينشأ} أحدهما أن تكون في محل نصب مفعول بفعل مضمر يدل عليه جعلوا تقديره: أو من ينشأ في الحلية جعلتم أو اتخذتم ونحوه مما يقتضي المعنى ... والثاني أن يكون في محل رفع بالابتداء والتقدير: أو من ينشأ في الحلية من الذي خصصتم به الله سبحانه ... الخ. وقال: {أجر ماسقيت لنا} (¬6) أي جزاء سقيك لنا "وما" مصدرية ... وعندما ذكر حديث: وأنا الدهر تحت قوله تعالى {ومايهلكنا إلا الدهر} (¬7) قال: فيه روايتان ¬

(¬1) القصص: 25. (¬2) الذي في الكشاف 3/ 171 الكبرى: صفراء. والصغرى: صفيراء. والذي في الدر المنثور 5/ 137 صفورا، وصفيرا. (¬3) أخرج ذلك البزار وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط وابن مردويه قال السيوطي: بسند ضعيف عن أبي ذر مرفوعا، وأخرجه ابن مردويه عن أبي هريرة. انظر: الدر المنثور 5/ 138. (¬4) القصص: 22. (¬5) الزخرف: 18. (¬6) القصص: 25. (¬7) الجاثية: 24.

ثامنا: موقفه من القراءات

وأنا الدهر على الابتداء والخبر ونصب الدهر على الظرف وخبر المبتدأ الذي هو أنا؛ الجملة بعده التي هي "بيدي الأمر" وهو قليل ذكر الشعر، إلا أنه أطال في ذكر بعض الأبيات عند كلامه عن الهوى في قوله تعالى {واتبعوا أهواءهم} (¬1)، حيث نقل عن ابن المبارك وأبي العتاهية وابن دريد وغيرهم أشعارا في الهوى. كما ذكر بعض الشعر أيضا عند قوله {وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا} (¬2) فقال: قال الزمخشري: وعن بعض العرب أن امرأته وضعت بنتا فهجر البيت الذي فيه المرأة، فقالت المرأة في ذلك: ما لأبي حمزة لا يأتينا يظل في البيت الذي يلينا غضبان ألا نلد البنينا ليس لنا من أمرنا ما شينا وإنما نأخذ ما أعطينا (¬3) وفي قوله: {ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون} (¬4) قال: إنه لن يريحهم التأسي باشتراكهم في العذاب، ثم ذكر قول الخنساء: ولولا كثرة الباكين حولي ... على إخوانهم لقتلت نفسي وما يبكون مثل أخي ولكن ... أعزي النفس عنه بالتأسي ثامنا: موقفه من القراءات: وهو يذكر القراءات ويوجهها ومن ذلك: قوله عز وجل {ولقد وصلنا لهم القول} (¬5) إلى آخر السورة قرئ {وصَلنا} بالتخفيف والتشديد وقرئ {واصلنا} (¬6) أي تابعنا إنزال الكتاب بعد الكتاب التوراة ثم الإنجيل ثم القرآن والقول واقع على الكتب الإلهية وقيل: على القرآن وحده، ¬

(¬1) محمد: 14. (¬2) الزخرف: 19. (¬3) انظر الكشاف 3/ 482 وفيه: أنثى بدلا من "بنتا" و"فقالت" بدلا من "فقالت المرأة" في ذلك. (¬4) الزخرف: 39. (¬5) القصص: 51. (¬6) قراءة التخفيف وإثبات الألف شاذتان وانظر البحر 7/ 125.

تاسعا: موقفه من الفقه والأصول

والمعنى: جعلناه متواصلا وعدا ووعيدا وقصصا وعبرا ونصائح ومواعظ إرادة أن يذكروا، وعن ابن زيد: وصلنا لهم خير الدنيا بخير الآخرة. وقال {وقال موسى ربي أعلم} (¬1) الجمهور على إثبات الواو وقرأ ابن كثير {قال موسى} بغير واو، وقرئ {ومن تكون} بالتاء على التأنيث للعاقبة لفظا وبالياء من حيث أن تأنيثها غير حقيقي. تاسعا: موقفه من الفقه والأصول: والمؤلف يتعرض للفقهيات ومن ذلك قوله: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} (¬2) قال المؤلف عفا الله عنه: قد أكثر أهل الآثار في تحريم الغناء وذكر أبو حامد الغزالي في الإحياء فيه أخبارا كثيرة وورد عن ابن المنكدر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من استمع إلى قينة صب في أذنيه الآنك يوم القيامة" (¬3) واختلف أهل العلم في سماع الغناء، وأقاويل العلماء في ذلك بينة؛ فمنهم من حرمه، ومنهم من كرهه، ومنهم من أجازه. وحكى المازري وغيره الاتفاق على تحريم سماعه بآلة واختلفوا في جواز سماعه بغير آلة ... الخ ثم ذكر أحاديث في الغناء والمغنيات. وهو أحيانا يستطرد في الحديث الفقهي ومن ذلك إطالته في لبس الذهب والحرير وحكمها للنساء دون الرجال تحت قوله تعالى {في الحلية} (¬4) وقال في قوله: {أجر ماسقيت لنا} (¬5): وفي الآية دلالة على أن الإجارة كانت مشروعة عندهم وكذلك كانت في كل ملة لأنها من المصالح الداعي إليها ضرورة ... . وأجمعت أمة محمد عليه السلام على جوازها. وأخذ العلماء من الآية فوائد حكيمة منها جواز عرض الرجل الولي وليته على الرجل وقد عرض صالح مدين ابنته على صالح بني اسرائيل وعرض عمر بن الخطاب ابنته حفصة على أبي بكر وعثمان وعرضت أم المؤمنين أختها على رسول - صلى الله عليه وسلم - وفي حديث حفصة أنه لما عرضها على أبي بكر سكت أبو بكر ... .. فذكر جزءا من الحديث. وقال: حكي في هذه الآية خصائص منها أنه لم يعين الزوجة قال ¬

(¬1) القصص: 37. (¬2) لقمان: 6. (¬3) هذا مرسل وقد أخرجه ابن عساكر عن أنس موصولا وقال الألباني: موضوع (انظر ضعيف الجامع 5418) وانظر أيضا: المشتهر من الحديث الموضوع والضعيف 1/ 135. (¬4) الزخرف: 18. (¬5) القصص: 25.

المؤلف عفا الله عنه: هذا فيه نظر لأن هذا عرض لا عقد إذ لو كان عقدا لعين المعقود عليها وقد اتفق الفقهاء على أن الإبهام في النكاح لا يجوز إذ لا يجوز في النكاح خيار واختلفوا في جوازه في البيع مثل أن يقول ... (وأطال في تلك المسألة) ومن مواضع تعرضه لبعض الأصول ماذكره تحت قوله {فضرب الرقاب ... فإما منا بعد وإما فداء} (¬1) حيث تكلم عن نسخها أو عدمه وقال: ولا دليل في ذلك على النسخ ... ثم أخذ يقرر ذلك. ولتقدم المؤلف لا نجد ذكرا للعلوم الحديثة والكونيات ونحو ذلك في تفسيره، كما لا نلمح منه اهتماما بجانب الوعظ والحديث عن الآداب أو الاجتماعيات بصفة مباشرة، كما نلاحظ أن له بعض الاستطرادات فيما لا علاقة له بالتفسير ومن ذلك قوله: ليس في الصحابة من اسم أبيه سلام إلا رجلين عبد الله بن سلام هذا ورجل آخر ذكره أبو بكر ابن ثابت الخطيب في تاريخه. ¬

(¬1) محمد: 4.

تفسير ابن عرفة من خلال تقييد الأبي والبسيلي

تفسير ابن عرفة من خلال تقييد الأبي والبسيلي مؤلف هذا التفسير هو محمد بن محمد بن عرفة الورغمي التونسي ت 803 هـ وهو من أهل المنطقة ولد وتوفي بتونس (¬1). التعريف بالتفسير: وتفسير ابن عرفة عبارة عن مجالس أملاها في التفسير فقيدها عنه بعض تلاميذه واشتهر منها رواية البسيلي وهو أحمد بن محمد أبو العباس التونسي (¬2) وله تقييدان عن شيخه تقييد كبير وآخر صغير وكلاهما مخطوط والكبير فقدت بعض أجزائه والصغير ناقص، وليس كل مافيه من كلام ابن عرفة كما تقدم في ترجمة البسيلي ويوجد من رواية البسيلي نسخة مصورة على ميكروفيلم بمكتبة المخطوطات بالجامعة الإسلامية تحت رقم 1260، 1261 عن نسخة الخزانة الملكية بالرباط، ورواية الأبي وهو محمد بن خلفة الوشتاتي (¬3) وهي أكمل الروايات لتفسير ابن عرفة ومنها نسخ خطية كثيرة من أكملها نسخة المكتبة الوطنية بتونس وقد نقلت عنها أكثر النصوص، وقد طبع جزء من هذه الرواية في مجلدين إلى نهاية سورة البقرة بتحقيق الدكتور حسن المناعي نشرها مركز البحوث بكلية الزيتونة سنة 1986 م، ورواية أبي القاسم الشريف الإدريسي السلاوي من أهل القرن التاسع (¬4) وله تقييد في مجلدين وهو مفقود. ¬

(¬1) تقدمت ترجمته في أهل المنطقة برقم 212. (¬2) ت 848 هـ تقدمت ترجمته في أهل المنطقة برقم 24. (¬3) ت 827 هـ تقدمت ترجمته في أهل المنطقة برقم 160. (¬4) تقدمت ترجمته في أهل المنطقة برقم 130.

المنهج العام للتفسير

المنهج العام للتفسير: (¬1) وتفسير ابن عرفة تفسير بياني منطقي أصولي فقهي لا يغفل المأثور ويهتم بذكر القراءات. وقدم له ابن عرفة بمقدمة تكلم فيها عن علم التفسير وشروط المفسر ثم شرع في تفسير الاستعاذة (¬2). وقد أفاض محمد الفاضل ابن عاشور في بيان أصاله تفسير ابن عرفة وشموله العناية بالناحية اللغوية والبيانية البلاغية وأصول العقيدة والشريعة ونزعته النقدية، وتعدد مصادره (¬3) التي كان تفسير ابن عطية يحتل فيها الصدارة. ومن مصادر ابن عرفة في تفسيره أيضا: كتاب " فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب" لشرف الدين الطيبي، وهو من المصادر الهامة في تفسيره. وقد بين ابن عاشور منهجه بقوله: ويهتم بالتخريج والتأويل حتى تتضح دلالة الآية مستقيمة على المعنى الذي تتعلق به، ويرد ماعسى أن يكون قد وقع من تخريج بعيد أو تأويل غير مقبول، بتطبيق القواعد اللغوية، والنكت البلاغية، أو بإثارة مايتعلق بالمفاد من مباحث أصلية ترجع إلى أصول الدين أو أصول الفقه، جاعلا عمدته في هذه المباحث تفسير ابن عطية غير معرض عن تفسير الكشاف، فيعتبر كلام ابن عطية حاصلا بين أيدي مستمعية، ليسايره أو يرده ويورد كلام الزمخشري ويكثر إيراد الآراء والمذاهب عن العلماء في كل مسألة. (¬4) وقال المناعي ملخصا منهج ابن عرفة في تفسيره: سارت دروس التفسير في منهجها على نسق متشابه حيث كانت تتلى الآية أو الآيات ثم يبدأ في التفسير، فيورد كلام أئمة القراءات أو اللغة والنحو، ويعتني ببيان ما احتمل التأويل أو الاختلاف بين المفسرين، فيذكر أقوال العلماء من أصوليين وفقهاء ومحدثين، وقد يعرج في ذكر نكتة بلاغية أو علمية أو شواهد شعرية أو قضايا اجتماعية ظرفية أو مباحث في أصول الدين أو أصول الفقه ليقوم بهما ما لم ¬

(¬1) تكلم عن منهج ابن عرفة الدكتور حسن المناعي في مقدمة تفسير ابن عرفة 1/ 37 - 42، الفاضل ابن عاشور في التفسير ورجاله ص: 113 ووسيلة بلعيد في التفسير واتجاهاته ص: 289 - 399. (¬2) تفسير ابن عرفة 1/ 59 - 64. (¬3) انظر التفسير واتجاهاته ص: 384. (¬4) التفسير ورجاله ص: 113.

المنهج التفصيلي للمؤلف

يستقم من تفسير أو تأويل، ويرجح به آراء على أخرى، وتلتقي جميعها أحيانا في الآية الواحدة، وتعرض على التلاميذ لتناقش، فيصير الدرس محكمة تفسيرية تتداول فيها الآراء سجالا بين الحاضرين، فتجمع الاحتمالات العديدة والأوجه المختلفة وتتدارس برؤى سنية أشعرية ومنهجية حرة، ربما كانت فيها الكلمة الأخيرة لأحد الطلبة يقره عليها شيخه بكل تواضع علمي. ولقد اختار ابن عرفه لنفسه هذا المنهج التربوي وآثره على غيره من المناهج، وسار بالتفسير وجهة جديدة؛ وجهة السؤال والجواب قبل تقرير المسألة. (¬1) وقال أيضا: فجاء هذا التفسير يزخر بالنقل عن عشرات الكتب الثمينة النادرة وعشرات العلماء في كل فن، دون تمييز أحدهم عن سواهم، وإن كان قد خص بعضهم باهتمام أكثر من غيرهم كالزمخشري وابن عطية، وهو ما حمل المرحوم الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور على القول بكون هذا التقييد تعليقًا على ابن عطية أشبه منه بالتفسير. والحقيقة أن هذا غير صحيح ذلك لأننا نلاحظ مثلا في سورة البقرة أن النقل عن ابن عطية يكاد يتساوي مع النقل عن الزمخشري عدديا فعن الأول نقل ابن عرفة مائتين وخمسًا وأربعين مرة وعن الثاني مائتين وإحدى عشرة مرة. (¬2) المنهج التفصيلي للمؤلف: أولا: لقد اعتنى ابن عرفة بمجال المناسبات فبحث عن وجه مناسبة الآية لما قبلها وبين ما كان منها مكملاً للآخر، ووجه اتصال الآية بما قبلها، وما سيقت له، ومن ذلك: ماذكره في تفسير قوله جل ذكره {زين للناس حب الشهوات} (¬3)، فقال: مناسبتها لما قبلها أن الآية المتقدمة اقتضت الحض على الجهاد، ومدح المتصف به، ومن خالف نفسه في سبيل الراحة، أتت هذه الآية في معرض الذم لمن لم يتصف بذلك وطاوع نفسه وشهوته البهيمية (¬4). ومثل ذلك تفسيره لقوله تعالى: {ولله على الناس حج البيت} (¬5)، ¬

(¬1) مقدمة تفسير ابن عرفة1/ 37 - 38. (¬2) المصدر السابق 1/ 41. (¬3) آل عمران: 13 - 14. (¬4) ق: 71. (¬5) آل عمران: 97.

قال: لما تضمن الكلام السابق التنبيه على بركة البيت كان ذلك كالسبب الحامل على حجه وأعمال السفر إليه، وأركان معظم الحج عرفة كما في الحديث "الحج عرفة" (¬1) إنما ذلك لأجل أن عرفة له وقت (¬2). وكذلك قوله تعالى: {واضرب لهم مثل الحياة الدنيا ...} (¬3)، قال ابن عرفة: وجه مناسبتها لما قبلها أنه لما تقدم ذم الحياة الدنيا باعتبار مانشأ عنها من ... العجب والرياء عقبه ببيان ذمها في نفسها، لأن نعيمها زائل مضمحل ... ، فالماء كونه ينزل فينشأ عنه النبات الأخضر الناعم ثم يضمحل، فكذلك الإنسان مثله، يوجد بعد أن لم يكن، تتدرج حاله من الصغر إلى الشباب ثم إلى الكبر ثم ينعدم (¬4). ومن مباحث ابن عرفة قوله: قيل البسملة آية من كل سورة. فقال الغزالي في المستصفى: معناه أنها آية من كل سورة وليست جزءا من كل سورة. وقال غيره: معناه أنها آية - أي جزء - من كل سورة. وورد في الحديث عن عائشة رضي الله عنها: ما كنا نعلم تمام السورة إلا بالبسملة. (¬5) فظاهره أنها تكرر إنزالها مع كل سورة مثل {فبأي آلاء ربكما تكذبان} (¬6). (¬7) وهو يتعرض لأسماء السور ومكيتها ومدنيتها ولا يتعرض لعد آيها ومن ذلك قوله في الفاتحة: اختلفوا فيها؛ فقال ابن عباس رضي الله عنهما وجماعة: إنها مكية واحتج له ابن عطية بقوله تعالى في الحجر: {ولقد آتيناك سبعًا من المثاني والقرآن العظيم} (¬8) وهي مكية بإجماع وفي حديث أبي بن كعب أنها السبع المثاني. قال الإمام: وذهب عطاء والزهري وجماعة إلى أنها مدنية وقيل: إنها نزلت بمكة والمدينة، وأبطله القاضي العماد بأنه يجب عليه تحصيل الحاصل وهو محال. أجاب ابن عرفة بأن التأكيد شائع في كلام العرب وليس فيه ¬

(¬1) أخرجه ابن ماجه - كتاب المناسك - باب من أتى عرفة قبل الفجر رقم 3015 وقال ابن كثير: إسناده صحيح (التفسير 1/ 350) وقال الألباني: صحيح (صحيح ابن ماجه 2/ 173). (¬2) ق: 83. (¬3) الكهف: 45. (¬4) ق: 201. (¬5) الحديث أخرجه الحاكم في المستدرك - كتاب الصلاة 1/ 231 وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وقال الذهبي: أما هذا فثابت. (¬6) الرحمن: 13 وقد تكررت في 31 موضعا. (¬7) تفسير ابن عرفة1/ 71. (¬8) الحجر: 87.

ثانيا: موقفه من العقيدة

تحصيل الحاصل فإن قلت: يلزم عليه أن تكون الفاتحة في القرآن مرتين لنزولها مرتين وكان تكرر كما تكرر {فبأي آلاء ربكما تكذبان} (¬1) قلنا: إنما ذلك إذا نزلت على أنها غير الأولى. فقد ذكر الأصوليون على أن الغيرين يصدقان على المثلين، أما إذا نزلت على أنها هي الأولى بعينها فلا يلزم ذلك فيها. زاد القاضي العماد في إبطال النزول بمكة والمدينة أنه يلزم منه أن يكون كلما نزل بمكة نزل بالمدينة مرة أخرى، لأن جبريل عليه السلام كان يعرضه القرآن في كل سنة مرة وفي الأخيرة مرتين فيكون ذلك إنزالا آخر وهذا لايقوله أحد. وقال: ولعلهم يعنون بنزولها مرتين، أن جبريل نزل حين حولت القبلة فأخبره عليه الصلاة والسلام أن الفاتحة ركن في الصلاة كما كانت بمكة وأقرأه فيها قراءة لم يكن أقرأه بها في مكة فظنوا ذلك إنزالا وهو ضعيف. (¬2) ثانيا: موقفه من العقيدة: من مواضع تعرض ابن عرفة للمسائل الاعتقادية قضية الاسم والمسمى وقد ذكر فيها ثلاثة أقوال قال: الأول: أن الاسم هو المسمى وهو قول أهل الحق. الثاني: أنه غيره وهو مذهب المعتزلة. ومثله للأشعري في بعض كتبه. الثالث: ما كان اسمًا لله تعالى باعتباره صفة فعل كخالق فهو غير المسمى، وإلا فهو المسمى وهو قول الباقلاني الإمام. (¬3) وقال أيضا: قال الفخر ابن الخطيب في نهاية العقول: المشهور عن أصحابنا أن الاسم هو المسمى، وعن المعتزلة أنه التسمية، وعن الغزالي أنه مغاير لهما، والناس طولوا في هذا وهو عندي فضول. (¬4) ويفسر ابن عرفة آيات العقيدة، معتمدًا مذهبه السني المالكي الأشعري، رادًا على المخالفين كالمعتزلة، وغيرهم. ¬

(¬1) الرحمن: 13 وقد تكررت في 31 موضعا كما تقدم. (¬2) تفسير ابن عرفة1/ 91 - 92. (¬3) تقييد البسيلي، وبدأ ذلك بقوله: وحصل شيخنا في المسألة من حيث الجملة ثلاثة أقوال: ... فذكرها. (¬4) تفسير ابن عرفة 1/ 84.

قال ابن عرفة: ولما قال {إياك نعبد} أوهم أن للإنسان في العبادة ضربا من المشاركة والاختيار، فعقبه بطلب الهداية تنبيها على كمال الافتقار وأن كل العبادة والطاعة من الله تعالى وليس للعبد عليها قدرة، فهو دليل لأهل السنة. (¬1) وقد تعرض ابن عرفة إلى رأي المعتزلة في قول الزمخشري: إن الشيء يطلق على الممكن والمستحيل. ثم قال معلقًا على هذا الرأي: وظاهر الآية حجة للمعتزلة لأنه لو كان المراد أن الله على كل موجود قدير، للزم تحصيل الحاصل، ثم تعرض بعد ذلك إلى شرح متعلق القدرة فقال: القدرة تتعلق بالممكن المعدوم المقدر الوجود، كما يفهم من معنى قوله تعالى {الزانية والزاني ...} (¬2)، المراد من حصل منه الزنى بالفعل، ومن سيحصل منه الزنى؛ يصدق عليه في الحال أنه زان باعتبار، على تقدير أنه سيوجد منه، وهذا كما يقول المنطقيون: القضية الخارجية، والقضية الحقيقية، ويجعلون الخارجية عامة في الأزمنة الثلاثة، مثل كل أسود مجمع للبصر، وكل أبيض مفرق للبصر، المراد كل موصوف بالسواد مطلقًا في الماضي والحال والاستقبال (¬3). ثم ذكر حجة الزمخشري في نفي الرؤية، قال: وقوله {لن تراني} (¬4) استدل بها الزمخشري على عدم الرؤية منطلقًا، لأن لن عنده لنفي دائم وهي المسماة بلن الزمخشرية ونحن نقول: إنها لنفي غير دائم، ويثبت بعد ذلك الرؤية مستدلا عليها بقوله تعالى {فإن استقر مكانه فسوف تراني} (¬5)، قال: دليل على أن الرؤيا ممكنة لأن استقرار الجبل في مكان، ممكن عقلا، وقد علق عليه بسوف تراني فدل على إمكان الرؤية إذ لايصح تعليق المستحيل على الممكن ... (¬6) كما يناقش الزمخشري في تفسير قوله تعالى {لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم} (¬7)، الذي يرى أن {بإذن ربهم} تعني بتسهيله فرد ابن عرفة عليه بأن هذا التفسير متماش مع مذهبه في نسبة أفعال العباد إليهم، وأنها ليست مقدورة لله، وإنما ييسرها ويسهلها الله عليهم ... . ¬

(¬1) تفسير ابن عرفة 1/ 102 - 103. (¬2) النور: 2. (¬3) ق: 9. (¬4) الأعراف: 143. (¬5) الأعراف 143. (¬6) ق: 144. (¬7) إبراهيم: 1.

ثم ناقش ابن عطية في نفس الموضوع الذي فسر بإذن ربهم بعلم الله، واقتضائه وتوفيقه، فرد عليه ابن عرفة بأن هذه نزعة اعتزالية ولولا قوله واقتضائه لكان صريحًا في اتباع المعتزلة، لانهم يقولون: إن العبد يستقل بافعاله، ويخلقها، وإن الله لم يخلق الشر، ولا أراد. ثم يفسر ابن عرفة الآية بما يراه صوابًا وهو أن معنى قوله بإذن ربهم، أي بقدرته وخلقه واختراعه وأنه خلق الهداية والضلال، وأراد تعالى أن يكون في ملكه مالا يريد (¬1). وفي قوله تعالى {ولكم في القصاص حياة ... .} (¬2)، قال ابن عرفة: فيه دليل لأهل السنة القائلين بأن لاحسن ولا قبح لأن الآية خرجت مخرج الامتنان بتعداد هذه النعم فدل على أنها تفضل من الله تعالى، ولو كان القصاص واجبًا في العقل لما حسن كونه نعمة، ولما صح الاتيان به لأن ذلك تحصيل الحاصل (¬3). وهو يفسر الألفاظ حسب اصطلاح أهل الكلام عليها: وقال في تفسير قوله تعالى {فيعلمون أنه الحق ...} (¬4)، الحق يقع في القرآن كثيرًا كقوله تعالى {ماخلقنا السموات والارض وما بينهما إلا بالحق} (¬5)، فمن يفهمه على ظاهره يعتزل، لأن مذهب المعتزلة مراعاة الأصلح على قاعدة التحسين والتقبيح. والصواب أن يقال في تفسير الحق: هو الأمر الثابت في نفس الأمر الذي دل الدليل الشرعي على ثبوته. أو يقال: إنما هو الثابت بدليل شرعي أو مدلول الكلام القديم الأزلي (¬6). وفي قوله تعالى {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا} (¬7) قال ابن عرفة: حكى ابن الخطيب اختلاف المتكلمين على الاستطاعة مع الفعل أو قبله؟ قال: والآية حجة لمن يقول إنها قبله، ورد ابن عرفة هذا الرأي وقال: الاستطاعة تطلق على معنين فتارة يراد بها التمكن من الفعل كقوله: زيد الفاعل مستطيع على القيام فهذا لاخلاف أنها تشترط فيها المقارنة وليست هي المصطلح عليها عند المتكلمين، وتارة يراد بها القدرة على ¬

(¬1) ق: 180. (¬2) البقرة: 179. (¬3) ق: 41. (¬4) البقرة: 26. (¬5) الأحقاف: 3. (¬6) ق: 11. (¬7) آل عمران: 97.

الفعل فهذه التي تعرض لها الأصوليون وذكروا فيها الخلاف، والآية من القسم الأول (¬1). ويفسر لفظة "إله" من قوله تعالى {وإلهكم إله واحد لاإله إلا هو الرحمن الرحيم} (¬2)، معتمدا على الأصوليين واللغويين، ويختم كل ذلك بالاستشهاد بالقرآن. قال: الإله في اصطلاح المتقدمين من الأصوليين هو الغني بذاته المفتقر غيره إليه، وعند الأصوليين المتأخرين واللغويين: هو المعبود تقربا، وبه يفهم قوله عز وجل {وقال فرعون يا أيها الملأ ماعلمت لكم من إله غيري} (¬3)، وقول إبراهيم لأبيه آزر {أتتخذ أصنامًا آلهة ..} (¬4)، وقول الله عز وجل {ءآلهتنا خير أم هو ...} (¬5) (¬6). كما يستدل ابن عرفة بقوله {ولا ليهديهم طريقا إلا طريق جهنم} (¬7) لعقيدة أهل السنة فقال: وفيه دليل لأهل السنة في أن الله تعالى يخلق الخير والشر (¬8). وفي قوله تعالى {ومن يرتدد منكم عن دينه} (¬9)، قال ابن عرفة: في لفظ هذه الآية رحمة وتفضل من الله عز وجل لأن قبلها {حتى يردوكم عن دينكم} (¬10)، فكان المناسب أن يقال: ومن يرد منكم عن دينه لكنه لو قيل هكذا لدخل في عمومه من أكره على الردة فإن الله سبحانه لما قال ومن يرتدد: يكون الوعيد مختصًا بمن ارتد مختارًا متعمدًا وتسائل ابن عرفة: هلا قيل فيمت وهو مرتد ليناسب أول الآية آخرها؟ ويسمونه رد العجز على الصدر فقال: إن من عادتهم يجيبون بأنه لو قيل كذلك لتناول مرتكب الكبيرة من المسلمين لأنه يصدق عليه أنه مرتد عن دينه لقوله تعالى {إن الدين عند الله الإسلام} (¬11)، وأشار إلى مفهوم الإسلام الوارد في الحديث والمتمثل في الشهادتين وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والصوم والحج للمستطيع فأفاد بأن الإسلام حقيقة مركبة من هذه القواعد الخمسة فمتى عدم بعضها عدم الإسلام لامتناع وجود الماهية بدون بعض أجزائها، فمن فعلها كلها ثم بدا له ¬

(¬1) ق: 83. (¬2) البقرة: 163. (¬3) القصص: 38. (¬4) الأنعام: 74. (¬5) الزخرف: 58. (¬6) ق: 39. (¬7) النساء: 168 - 169. (¬8) ق: 113. (¬9) البقرة: 217. (¬10) البقرة 217. (¬11) آل عمران: 19.

ثالثا: موقفه من تفسير القرآن بالقرآن

بعضها فلم يفعله يصدق عليه أنه مرتد عن دينه، وأنه غير مسلم فلذلك قال: فيمت وهو كافر (¬1). ثالثا: موقفه من تفسير القرآن بالقرآن: وابن عرفة ممن يهتم بهذا الجانب من التفسير ومن ذلك قوله: {يسبحون الليل والنهار لايفترون} (¬2) معناه: لايفترون من العبادة وفي آية أخرى {والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض} (¬3) (¬4) وهو يجمع بين الآية التي يفسرها مع آية أخرى استعملت فيها نفس اللفظة ليبين أن المعاني القرآنية متناسقة وأن الألفاظ التي تدل عليها متآلفة، يقول عند تفسير قوله تعالى {قل هو أذى} (¬5)، وقال تعالى {لن يضروكم إلا أذى} (¬6)، والجامع أن الأذى: هو الأمر المؤلم الذي يقصد إماطته وأتى هنا بالحكم مقرونا بعلته ونصوا على أن الأصل تقديم العلة على المعلول كهذه الآية. وكقولك: سهى فسجد وزنى فرجم (¬7). ويحلل تقديم الصغير على الكبير في قوله تعالى {ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرًا أو كبيرًا إلى أجله} (¬8)، بخشية التهاون به والتفريط فيه، واستدل بقوله تعالى {لايغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها} (¬9)، وقوله: {من بعد وصية يوصى بها أو دين} (¬10)، وقوله {فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة} (¬11) (¬12). ومن الأمثلة أيضا مايأتي في الفقرة التالية. رابعا: موقفه من تفسير القرآن بالسنة: ويتعرض ابن عرفة لتفسير القرآن بالحديث، كما في قوله تعالى {لاإكراه في الدين ..} (¬13) حيث قال: فالدين هنا عام، خصص بقوله سبحانه {إن الدين عند الله الإسلام} (¬14)، ووقع تفصيله وزيادة ¬

(¬1) ق: 51. (¬2) الأنبياء: 20. (¬3) الشورى: 5. (¬4) تقييد البسيلي. (¬5) البقرة: 222. (¬6) آل عمران: 111. (¬7) ق: 53. (¬8) البقرة: 282. (¬9) الكهف: 49. (¬10) النساء: 12. (¬11) النساء: 92. (¬12) ق: 67. (¬13) البقرة: 256. (¬14) آل عمران 19.

بيانه بقوله - صلى الله عليه وسلم - "أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا ". (¬1) كما ذكر في تفسير قوله تعالى: {وذلك جزاء المحسنين} (¬2)، أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - فسر الإحسان في حديث القدر بقوله: "هو أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك" (¬3) ثم أوضح أن الحديث أخص مما جاء في قوله تعالى بيانًا لمعنى المحسنين {هدىً ورحمة للمحسنين، الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم يوقنون} (¬4). (¬5) وفي تفسير قوله تعالى: {الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم} (¬6)، يذكر تفسيره لمعنى الظن الذي يراه مصروفًا لزمن ملاقاة الله، أي أن هؤلاء يستحضرون الموت، ويظنونه واقعا عليهم في كل حين، ثم يواصل شرح الآية بما نقله القشيري من أن أبا بكر وعمر جلسا ذات يوم مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال أبو بكر - رضي الله عنه -: إني إذا أصبحت لا أدري هل أمسي أم لا؟. وقال عمر - رضي الله عنه -: إذا أمسيت لا أدري هل أصبح أم لا؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: "وإذا صعد النفس لاأدري هل أرده أم لا؟ " (¬7) وهذا المثال دليل على عدم تدقيقه في صحة الرواية أم عدم صحتها. أما أسباب النزول فهو يتعرض لها ومن ذلك: قوله تعالى {وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ...} (¬8) قال: كانوا إذا حجوا واعتمروا يلتزمون أن لايحول بينهم وبين السماء شيء فيدخلون بيوتهم من ¬

(¬1) ق: 62 والحديث أخرجه ضمن حديث طويل عن أبي هريرة: البخاري - كتاب الإيمان - باب سؤال جبريل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الإيمان 1/ 115، ومسلم - كتاب الإيمان - باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان 1/ 39 - 40. (¬2) المائدة: 85. (¬3) انظر الحديث السابق. (¬4) لقمان: 3 - 4. (¬5) ق: 121. (¬6) البقرة: 46. (¬7) ق: 15، وذكر الغزالي رواية عن أبي سعيد الخدري مرفوعا في معنى هذا الحديث ولفظها: " ... ولا رفعت طرفي فظننت أني واضعه حتى أقبض ... " وهو حديث طويل أخرجه ابن أبي الدنيا في قصر الأمل والطبراني وغيرهما وقال العراقي: إسناده ضعيف (انظر: الإحياء مع المغني عن حمل الأسفار 4/ 437) وهذا الحديث لم أقف له على أصل صحيح أو ضعيف أو موضوع. (¬8) البقرة: 189.

خلفها (¬1) ينقبون الحائط، أو من سقفها، أو يطلعون سلم على السطح فينزلون في وسط الدار، وهذا عند البداء الدخول، فإذا تكرر ذلك تركوه. (¬2) وقال في قوله عز ذكره {فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وماله في الآخرة من خلاق} (¬3): قال ابن عطية: سببها أنهم كانوا في الجاهلية يدعون في مصالح الدنيا فقط إذ كانوا لايعرفون الآخرة فنهوا عن ذلك. (¬4) وفي قوله تعالى {ومن الناس من يعجبك قوله} (¬5) قال ابن عرفة: حكى ابن عطية في سبب نزولها ثلاثة أوجه: إما أنها عامة في كل من أبطن الكفر وأظهر الإسلام. وإما أنها خاصة بقوم من المنافقين تكلموا في قوم من المؤمنين استشهدوا في غزوة الرجيع. (¬6) وإما أنها خاصة بالأخنس بن شريق. (¬7) (¬8) وقال في تفسير قوله تعالى: {لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها} (¬9): ذكر المفسرون في سبب نزولها أن المشركين طلبوا من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يصير لهم الصفا ذهبًا وفضة وحينئذ يؤمنون. (¬10) وأما فضائل السور والآيات فليس من ¬

(¬1) أخرج معناه عن البراء: البخاري - كتاب التفسير - باب {وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها} 8/ 183. (¬2) ق: 45. (¬3) البقرة: 200. (¬4) ق: 48، أخرج معناه ابن أبي حاتم رقم 1379 عن ابن عباس وصححه الضياء في المختارة وأخرجه أيضا ابن مردويه (انظر الدر 1/ 232). (¬5) البقرة: 204. (¬6) أخرج معناه ابن إسحق (السيرة 3/ 97) ومن طريقه ابن جرير 2/ 313، وابن أبي حاتم رقم 1480 من حديث ابن عباس وإسناده حسنه الحافظ ابن حجر (انظر فتح الباري 7/ 322) والسيوطي (الإتقان 2/ 242). (¬7) أخرجه صاحب تنوير المقباس في تفسير ابن عباس 1/ 99 - 100 من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس وهو تفسير موضوع كما قال الحاكم وغيره (انظر التهذيب 9/ 179 - 181). (¬8) ق: 48. (¬9) الأنعام: 109. (¬10) ق: 131، وأخرج ابن جرير معناه ضمن رواية مرسلة عن محمد بن كعب القرظي وهي ضعيفة لإرسالها.

خامسا: موقفه من تفسير القرآن بأقوال السلف

المكثرين في ذكرها ومن مواضع تعرضه لها قوله في الفاتحة: قال ابن عطية: ويروى أنها تعدل ثلثي القرآن (¬1). والعدل إما في المعاني باشتمالها على التوحيد وغيره و {قل هو الله أحد} (¬2) على التوحيد فقط، وإما أن يكون فضلا من الله لايعلل. (¬3) وقوله: قال الزمخشري: وعنه عليه الصلاة والسلام: "من قرأ الآيتين من سورة البقرة في كل ليلة كفتاه" (¬4) قال ابن عرفة: أولهما {آمن الرسول} ومعنى كفتاه أن يرفعان قارئهما عن رتبة من حرم قيام اليل. (¬5) وربما تعرض ابن عرفة لبعض أصول علم الحديث ومن ذلك قوله: نص المحدثون على أن الراوي إذا قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنه من قبيل المسند لكنه عندهم يحتمل السماع مباشرة أو بواسطة، لكن الصحابي إنما يروي عن صحابي فلذلك عدوه في المسند وفي هذه زيادة اللام للمقول له كقولك: قال لي فلان: كذا. فهو أصرح في الدلالة على المباشرة من الأول. (¬6) خامسا: موقفه من تفسير القرآن بأقوال السلف: ومن اعتماد ابن عرفة على ماأثر عن الصحابة، تفسيره لقوله تعالى {وللرجال عليهن درجة} (¬7)، والمعنى درجة في التفضيل، إلا أن تفسير لفظة درجة وقع حوله خلاف، فعند الجمهور هي حسن المعاشرة وهو رأي ابن عباس، وهو الظاهر، فيقولون وله عليها من القيام بحقه المبادرة إلى غرضه ورفقه، مثل الذي عليه وزيادة درجة التقديم. وأشار ابن عرفة إلى تفسير غريب نقل عن ابن مسعود مفاده أن الدرجة: هي اللحية. (¬8) ¬

(¬1) أخرجه عبد بن حميد عن ابن عباس مرفوعا انظر إتحاف المهرة 46 / أ / 4 وقد حسنه البوصيري والصواب تضعيفه لتفرد أبان وشهر به فأما الأول فقد تغير آخرا وأما الثاني فكثير الأوهام كما قال الحافظ (انظر التقريب رقم 138، 2830). (¬2) الإخلاص: 1. (¬3) تفسير ابن عرفة 1/ 97. (¬4) أخرجه البخاري - كتاب فضائل القرآن - باب فضل سورة البقرة رقم 5009، ومسلم - كتاب صلاة المسافرين وقصرها رقم 808 عن أبي مسعود. (¬5) تفسير ابن عرفة 2/ 821. (¬6) تفسير ابن عرفة 1/ 237. (¬7) البقرة: 228. (¬8) ق: 54.

سادسا: موقفه من السيرة والتاريخ وذكر الغزوات

وفي تفسير قوله {ليس البر أن تولوا وجوهكم} (¬1)، يعرض ابن عرفة روايتين حول الخطاب، أولاهما بأنه للمؤمنين، وهو مانقله ابن عطية عن ابن عباس وعن مجاهد ومعناه: أيه المؤمنون ليس البر أن تكتفوا بالصلاة ... وثاني الروايتين تجعل الخطاب لليهود والنصارى وهذا مروي عن قتادة والربيع. (¬2) سادسا: موقفه من السيرة والتاريخ وذكر الغزوات: وهو يتعرض للسيرة ضمن حديثه عن أسباب النزول وغيرها ومن ذلك: قوله تحت آية {إن الذين كفروا سواء عليهم} (¬3): قال ابن عطية: وقال الربيع ابن أنس: إن الآية نزلت في قادة الأحزاب وهم أهل القليب. وأهل القليب ببدر. قال ابن عرفة: وهو الصحيح فإن غزوة الأحزاب متأخرة عن بدر وأهل القليب ببدر قتلوا فلم يبق منهم أحد للأحزاب. قال ابن عرفة: إلا أن يريد بالأحزاب الجماعة ولا يريد بهم الغزوة. (¬4) وقوله في الآية {ومنهم من يستمع إليك} (¬5)، قال الزمخشري: سبب نزولها أن أبا سفيان والوليد والنضر وعتبة وشيبة وأبا جهل، استمعوا قراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا للنضر: ياأبا قتيلة مايقول محمد؟ فقال: والذي جعلها بيته - يعني الكعبة - ماأدري مايقول محمد، إلا أنه يحرك لسانه ويقول أساطير الأولين. فقال أبو سفيان: إني لأراه حقا، فقال أبو جهل: كلا فنزلت الآية. (¬6) سابعا: موقفه من الإسرائيليات: لا يلاحظ على تفسير ابن عرفة اهتمام كبير بها، ولعل ذلك لما سبق ذكره من كون التفسير عبارة عن تقييدات للمجالس وليس تفسيرا متكاملا، ويتضح مما هنا أن ابن عرفة ممن يقف منها موقف الناقد كعادته. ففي قوله تعالى {ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات} (¬7) قيل لابن ¬

(¬1) البقرة: 176. (¬2) ق: 40. (¬3) البقرة: 6. (¬4) تفسير ابن عرفة 1/ 117. (¬5) الأنعام: 25. (¬6) ق: 126. (¬7) البقرة: 29.

عرفة: أو يجاب بعكس ما قال الزمخشري؛ وهو أنه خلقت السموات والأرض ملتصقة ثم خلقت الأرض ودحيت ثم فصلت السموات وصيرت سبعا والله أعلم؟ فقال: هذا يمكن لكن الأثر الذي أورده هنا أن الأرض خلقت كالفهر وعلاها الدخان فخلقت منه السموات يرده ماذكره الشيخ الزمخشري ونقله عن الحسن وللفخر في الأربعين كلام طويل وليس فيه خبر صحيح. (¬1) وقال: قال ابن عطية: قال ابن عباس - رضي الله عنه -: كانت الجن قبل بني آدم في الأرض فأفسدوا وسفكوا الدماء فبعث الله إليهم قبيلا من الملائكة فقتلت بعضهم وهربت باقيهم وحصروهم إلى البحار ورؤوس الجبال وجعل آدم وذريته خليفة. قال ابن عرفة: هذا يدل على أن الجن أجسام كبني آدم لأجل القتل والمبالغة فيه. قيل لابن عرفة: كيف يفهم هذا مع قوله تعالى: {هو الذي خلق لكم مافي الأرض جميعا} (¬2) إن اللام في لكم تقضي اختصاصه بنا؟ فقال: لعل اللام هنا ليست للاختصاص، ولو سلمنا أنها للاختصاص يكون مافي الأرض لهم ولا يلزم من ذلك كونه قاصرًا عليهم فهو خلق لهم ولا ينافي أن يكون خلقا لغيرهم. وقال: قال ابن عطية: لما دخل إبليس لآدم سأله عن حاله فقال له: ما أحسن هذا لو أن خلدا كان. فوجد به السبيل إلى إغوائه. قال ابن عرفة: هذا إلهام للنطق بما وقع في الوجود حيث قال إبليس: {هل أدلك على شجرة الخلد} (¬3) كما قال يعقوب عليه السلام لبنيه {وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون} فقالوا له {إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب} (¬4) كما قال الشاعر: احفظ لسانك أن تقول فتبتلى ... إن البلاء موكل بالمنطق وأكله من الشجرة إما لظنه أن النهي للكراهة أو المنهي عنها شجرة واحدة بالشخص وهذا من نوعها فقط. زاد ابن عطية: إن حواء سقته الخمرة فأكل في حال السكر. قيل لابن عرفة: خمر الجنة لا يسكر فقال: إن تلك الجنة التي من دخلها يؤمن من الخروج منها ولعل هذه إذ ذاك كان خمرها ¬

(¬1) تفسير ابن عرفة 1/ 234. (¬2) البقرة: 29. (¬3) طه: 120. (¬4) الآيتان من سورة يوسف: 13، 17.

ثامنا: موقفه من اللغة

مسكرا. قال: ومذهب مالك أن جميع ما يصدر عن السكران من طلاق وقذف وقتل وزنى وسرقة كله يلزمه ويؤاخذ به وهي أول مسألة في العتبية من النكاح الأول. قيل له: إنما هذا اللزوم بعد تحريم الخمر وقد كانت حين إذ حلالا فيعذر شاربها؟ فقال: حفظ العقول من الكليات الخمس الذي اتفقت جميع الملل عليها فالسكر حرام وإنما كان يجوز فيها ما لا يسكر. (¬1) وفي قوله تعالى {وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو} (¬2) قال ابن عطية: المخاطب بالهبوط آدم وحواء وإبليس والحية؟ وقال الحسن: آدم وحواء والوسوسة. قال ابن عرفة: أي عدو الوسوسة. وقال غيره: والحية لأن إبليس قد كان أهبط. (¬3) وفي قوله: {هاروت وماروت} (¬4) قال: قال ابن عطية: روي أنهما ملكان اختصمت إليهما امرأة وحكى القصة وضعفه ابن عطية من جهة السند. قال ابن عرفة: بل هو ضعيف من جهة الاستدلال فإنه قد قام الدليل على عصمة الملائكة، ولا يقال: إنهما كانا معصومين ثم انتقت العصمة عنهما حينئذ فإن ذلك إنما هو فيمن يتصف بالحفظ لابالعصمة، فيصح أن يحفظ تارة دون تارة، أما العصمة فلا تزول عمن ثبتت له أبدًا. وقد كان الشيوخ يخطئون ابن عطية في هذا الموضوع لأجل ذكره هذه الحكاية ونقل بعضهم عن القرافي: أن مالكًا أنكر ذلك في حق هاروت وماروت. (¬5) وفي قصة بقرة بني إسرائيل لم يتعرض لتفاصيلها ومر عليها مرور الكرام. (¬6) ثامنا: موقفه من اللغة: لقد عني ابن عرفة باللغويات ومن ذلك وضع الحروف في الجملة القرآنية وأهميته في تصوير المعنى، ومن ذلك قوله: الألف واللام في {الحمد} (¬7) ¬

(¬1) تفسير ابن عرفة 1/ 261 - 262. (¬2) البقرة: 36. (¬3) تفسير ابن عرفة 1/ 263. (¬4) البقرة: 102. (¬5) تفسير ابن عرفة 1/ 386. (¬6) تفسير ابن عرفة 1/ 322. (¬7) الفاتحة: 2.

للجنس ويتناول الحمد القديم وهو حمده تعالى نفسه وبنفسه ويتناول حمده في الدنيا وحمده في الآخرة وإن كان خبرا بمعنى الطلب فيكون " الـ " للماهية إذ لا يقدر أحد على حمده تعالى بجميع محامده ولذا قال عليه الصلاة والسلام: فأحمده بمحامد يعلمنيها لم أكن أحمده بها قبل ذلك. (¬1) في قوله تعالى {ذهب الله بنورهم} (¬2) قال: وفي التعدية بالباء التى للمصاحبة نوع زيادة وإشعار بدوام الذهاب، وملازمته بسبب ملازمة فاعل الذهاب له، فلا يزال ذاهبا عنهم، فهو أشد في عقوبتهم حتى لا يتصور رجوعه إليهم بوجه. (¬3) وفي قوله تعالى {فإن آمنوا بمثل ماآمنتم به، فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم في شقاق} (¬4) قال: الباء إما للسبب والمراد أسباب إيمانكم وهي البراهين والمعجزات أو للتعدية به، والمراد متعلق الإيمان وهو الإله، فإن كانت للسبب فواضح أي: فإن آمنوا، بسبب مثل الأسباب التي أرشدتكم أنتم إلى الإيمان، فقد اهتدوا، وإن أريد متعلق الإيمان فمشكل، ثم أورد رأي ابن عطية في معنى الباء الواردة وفي نفس الآية، ويتمثل في ثلاثة أقوال ... (¬5) كما يتعرض للمتشابه اللفظي مثل ماجاء في قوله تعالى: {فلهم أجرهم عند ربهم} (¬6)، وقوله تعالى: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة لهم أجرهم عند ربهم} (¬7) حيث ذكر أن الآية الأولى التي أثبتت فيها الفاء، كان ماسبق لها وهو قوله تعالى {الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية ... .} (¬8)، أكمل وأبلغ إذ أكده بالسر والعلانية، بينما في الآية الثانية، حذفت الفاء لأنه لاحاجة للتأكيد، إذ هو موجود وثابت بحرف إن. (¬9) وهو يستشهد بالشعر أحيانا كما في تفسير قوله تعالى {ومنهم أميون لايعلمون الكتاب إلا أماني ..} (¬10)، قال: والأماني إما بمعنى التلاوة أي لايعلمون معنى الكتاب بل يحفظون ألفاظه فقط وأنشدوا عليه قولا في عثمان: ¬

(¬1) تقييد البسيلي. (¬2) البقرة: 17. (¬3) ق: 7. (¬4) البقرة: 137. (¬5) ق: 33. (¬6) البقرة: 274. (¬7) البقرة: 277. (¬8) البقرة: 274. (¬9) ق: 66. (¬10) البقرة: 78.

تمنى كتاب الله أول ليله ... وآخره لاقى حمام المقادر وإما معنى التمني أنهم يتمنون أن يكونوا يحفظونه ... الخ. (¬1) وسيأتي أمثلة أخرى فيما يلي. ومن مواضع تعرضه للبلاغيات وأفانين الكلام: في قوله تعالى {ذلك الكتاب لا ريب فيه} (¬2)، قال: أورد الزمخشري هنا سؤالاً قال: الإشارة بذلك للبعيد وهو هنا قريب؟ وأجاب بأن المراد البعد المعنوي ورد ابن عرفة سؤال الزمخشري فقال: السؤال غير وارد لأنه أجاب في غير هذا الموضوع في قوله تعالى {فذلكن الذي لمتنني فيه} (¬3) وفي قوله تعالى {عوان بين ذلك} (¬4) بأن الإشارة بلفظ البعيد للقريب على سبيل التعظيم، وهو معنى يذكرة البيانيون. وعبر عنه باسم الإشارة دون ضمير الغيبة تنبيها على أنه كالمحسوس المشار إليه، فهو دليل على عظمته في النفوس. (¬5) ومن معاني اسم الإشارة عند علماء البلاغة ماذكره ابن عرفة في تفسير قوله تعالى {أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم ...} (¬6)، قال: قال أهل البيان اسم الإشارة يؤتى به للتحقير كهذه الآية، ومثله {بل فعله كبيرهم هذا} (¬7)، وقوله: تقول وصكت صدرها بيمينها ... أبعلي هذا بالرحى المتقاعس يصف امرأة رأت بعلها يطحن وهو في جمع من النساء فاحتقرته. (¬8) ونوع آخر من أنواع المجاز يذكره ابن عرفة وهو مجاز التمثيل قال في قوله تعالى: {خطوات الشيطان} (¬9): ليس المراد النهي عن اتباع خطواته حقيقة، إذ لانراه نحن بل الخطوات معنوية. كما تعرض لأسلوب الالتفات في القرآن فقال في تفسير قوله تعالى: {تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق ... .} (¬10)، الإشارة إلى الآيات المتقدمة وعبر عن التلاوة الماضية بصيغة المستقبل للتصور والدوام وإما أن يكون {نتلوها} مستقبلا حقيقة، والإشارة إلى التقدم باعتبار لفظه فقط مثل: عندي درهم ¬

(¬1) ق: 22. (¬2) البقرة: 2. (¬3) يوسف: 32. (¬4) البقرة 68. (¬5) ق: 4. (¬6) المائدة: 53. (¬7) الأنبياء: 63. (¬8) ق: 38. (¬9) البقرة: 208. (¬10) البقرة 252.

ونصفه، أو الإشارة إلى المستقبل المقدر في الذهن تحقيقًا لوقوعه، وتنزيلاً له، منزلة الواقع حقيقة وهي الآية، التفاتا بالانتقال من الغيبة إلى التكلم. (¬1) كما بين حسن التركيب في قوله تعالى {ويعلم مافي السموات وما في الأرض والله على كل شيء قدير} (¬2)، قال: انظر حسن تركيب هذه الآية .. فإن الوعيد والتخويف إنما يكون لمجموع صفتي العلم والقدرة، فالقادر إذا لم يعلم بمخالفة عبده له، لايعاقبه، وكذلك إن علم ولم يقدر على العقوبة. (¬3) كما تكلم عن اللف والنشر وبين أنه قسمان: أحدهما موافق وهذا مثل قوله تعالى {فمنهم شقي وسعيد فأما الذين شقوا ففي النار} (¬4)، والثاني مخالف كقوله سبحانه {يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم} (¬5) قال: وحكمة ذلك في الجمع الاهتمام بمقام التخويف والإنذار فلذلك بدأ بأهل الشقاوة في الآيتين. (¬6) ومن الصور البديعية في القرآن تأكيد الذم بما يشبه المدح وهو ماأشار إليه ابن عرفة عند تفسير قوله تعالى {لايعلمون الكتاب إلا أماني} (¬7)، قال: هو من تأكيد الذم بما يشبه المدح، كقول الشاعر: هو الكلب إلا أن فيه ملالة ... وسوء مراعاة وما ذلك في الكلب (¬8) وأما الإعراب فحين يقع الاختلاف بين المفسرين حول الإعراب في الآية يعرض آراءهم، ثم يأخذ بالرأي الذي يتفق مع منهجه في إبراز معاني الآية، وهو في سبيل الوصول إلى هذا الغرض يعرض الآراء ويحللها ويناقشها مرجحا بعضها على بعض. مثال ذلك تفسيره لقوله تعالى {يخادعون الله والذين آمنوا} (¬9)، عرض رأي الزمخشري في هذه الجملة بأنه إما تفسير لما قبلها أو استئناف. وحلل ابن عرفة هذا الرأي بأن الفرق بينهما أنه على الأول يكونون وصفوا بأمرين: بعدم الإيمان وبالخداع، وعلى الثاني وصفوا بعدم الإيمان، فكأن قائلاً يقول: لم حكم عليهم بعدم الإيمان؟ فقيل: لأنهم يخادعون الله. ¬

(¬1) ق: 60. (¬2) آل عمران 29. (¬3) ق: 74. (¬4) هود: 105. (¬5) آل عمران: 106. (¬6) ق: 11. (¬7) البقرة: 78. (¬8) تفسير ابن عرفة 1/ 346. (¬9) البقرة: 9.

ثم عرض رأي أبي حيان بما نصه: {يخادعون} مستأنفة أو بدل من {يقول آمنا} ولا موضع لها، أو حال من فاعل يقول، فموضعها نصب. ثم انتقل إلى عرض رأي أبي البقاء الذي أجاز أن تكون الجملة حالا من الضمير في {مؤمنين}، وأشار ابن عرفة إلى أنه اعترض بأنه يلزم منه نفي الإيمان المقيد بالخداع، وهو فاسد، لأن المقيد بقيد إذا نفي فله طريقان، إما نفي المقيد فقط وإثبات المقيد، وهو الأكثر، فيلزم إثبات الإيمان، ونفي الخداع وهو فاسد، وإما نفيهما معًا، فيلزم نفي الإيمان والخداع وهو فاسد. قال: ومنع أن تكون الجملة حالا من الضمير في آمنا، لأن آمنا محكي بيقول، فيلزم أن يكونوا أخبروا عن أنفسهم بأنهم يخادعون وهو باطل، وأيضًا فلو كان من قولهم لكان يخادع بالنون. وفي الخلاصة يؤيد ابن عرفة رأي أبي البقاء المتمثل في إعراب الجملة حالا من الضمير بمؤمنين، ومثال ذلك أن تقول: قال زيد: إن عمرا منطلق، وهو كاذب. فهذه الجملة الأخيرة وهو كاذب في موضع حال مع أنها ليست من قول زيد، وبذلك لايلزم أن يكون {يخادعون الله} (¬1) مقولا لهم بأي وجه من الوجوه. (¬2) وبالإضافة إلى تعرضه للمواضيع النحوية فإنه يعللها أحيانا، ومن هذا تعليله للتأكيد في قوله تعالى {ومن لم يطعمه فإنه مني} (¬3)، حيث أبان أنه أكد الثاني بإن، ولم يقل في الأول: فمن شرب منه فإنه ليس مني. وإنما جاءت الآية بقوله {فمن شرب منه فليس مني} (¬4) فأجاب ابن عرفة على هذا بأنه لم يقع تأكيد الأول لأن سببه أكثر في الوقوع، وتم تأكيد الثاني لأن سببه أقل في الوقوع، بهدف التحريض على المبادرة إلى امتثال سببه والعمل بمقتضاه. (¬5) ويرد ابن عرفة إعراب الزمخشري في قوله تعالى {وصدها ماكانت تعبد} (¬6)، مستشهدًا على رأيه بالشعر حيث أشار إلى أن واصل صدها: "ما" في الأظهر في حين أن الزمخشري جعله مضمرًا أي ضلالها أو الله أو ¬

(¬1) البقرة: 9. (¬2) ق: 3. (¬3) البقرة: 249. (¬4) البقرة: 249. (¬5) ق: 59. (¬6) النمل: 43.

سليمان، وما مفعول على إسقاط حرف الجر، أي صدها عما كانت تعبد ولا يقبل ابن عرفة هذا التأويل ويرده ويضعفه لأنه ليس من مواضع حذف الجار، وهو لايجوز إلا للضرورة الشعرية كقولهم: تمرون الديار ولم تعوجوا ... . . . . . . . . (¬1) وهو يهتم بالنكات التفسيرية: ومن ذلك قوله في قوله تعالى {الرحمن} (¬2): وقدم على {الرحيم} إما لأن الرحمن انفرد به البارئ تعالى أو لإفادته عموم الرحمة فكان أصلا، والرحيم كان كالزيادة في التشريف للمؤمنين قال تعالى: {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} (¬3) وإما لأجل رأس الآي في الفاتحة. وقيل: الرحيم أبلغ بدليل ذكره بعد الرحمن، ولأن الرحمن يفيد نوعًا من القهر والكبرياء قال تعالى: {الملك يومئذ الحق للرحمن وكان يوما على الكافرين عسيرا} (¬4) ولولا ذلك لما ناسب ذكر الوعيد معه، ولأن ختم الكلام بما هو أقوى دلالة على أن الرحمة أرجى وأقرب لحسن الظن بالله تعالى. (¬5) وقال: فإن قلت: لم قال {الذين أنعمت عليهم} (¬6) بلفظ الفعل و {غير المغضوب عليهم} بلفظ الاسم؟ وهلا قال: صراط المنعم عليهم كما قال: غير المغضوب؟ قلت: فالجواب أنه قصد التنبيه على التأدب مع الله تعالى بنسبة الإنعام عليه وعدم نسبة الشر إليه بل أتى به بلفظ المفعول الذي لم يتم فاعله فلم ينسب الغضب إليه على معنى الفاعلية وإن كان هو الفاعل المختار لكل شيء لكن جرت العادة في مقام التأدب أن ينسب للفاعل الخير دون الشر. وأجاب القاضي العماد بوجوه: الأول: من ألطاف الله أنه إذا ذكر نعمة أسندها إليه فقال: {وإنا إذا أذقنا الإنسان منا رحمة فرح بها، وإن تصبهم سيئة ...} (¬7) ولذلك قال إبراهيم عليه السلام: {وإذا مرضت فهو يشفين} (¬8) ¬

(¬1) ق: 72. (¬2) الفاتحة: 1. (¬3) يونس: 26. (¬4) الفرقان: 26. (¬5) تقييد البسيلي. (¬6) الفاتحة: 7. (¬7) الشورى: 48. (¬8) الشعراء: 80.

تاسعا: موقفه من القراءات

الثاني إنما قال: {غير المغضوب عليهم}، ليدخل غضبه وغضب الملائكة والأنبياء والمؤمنين فهو أعم فائدة. الثالث: إنما لم يقل صراط المنعم عليهم لأن إبراز ضمير فاعل النعمة ذكر وشكر له باللسان وبالقلب فيكون دعاء مقرونا بالشكر والذكر. الرابع فيه فائدة بيانية، وهو أنه من التفنن في الكلام لأنه لو أجري على أسلوب واحد لم يكن فيه تلك اللذاذة وإذا اختلف أسلوبه ألقى السامع إليه سمعه وهو تنبيه وطلب إحضار ذهنه من قريب ومن بعيد. قال: وإشارة إلى قوله تعالى: {ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك} (¬1) فالنعمة تفضل ورحمة والانتقام عدل وقصاص. (¬2) وقوله: وفي دعوة الله عباده المؤمنين إلى الجنة والمغفرة في قوله تعالى {والله يدعو إلى الجنة والمغفرة} (¬3)، تساءل ابن عرفة بقوله: هلا قال: والمؤمنون يدعون إلى الجنة والمغفرة بإذنه، كما أسند للمشركين الدعاء إلى النار. وأجاب بأن فيه كمال تشريف لدين الإسلام، وهذا شبيه بقوله تعالى {إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله} (¬4). تاسعا: موقفه من القراءات: ومن مواضع تعرضه للقراءات كلامه في الاستعاذة حيث قال: وحكى أبو عمرو الداني في بحار البيان في كيفيته ثلاثة أوجه: إما أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، وإما أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وإما أعوذ بالله من الشيطان الرجيم إنه هو السميع العليم وحكى في كتاب الإقناع: أن الأولى أن تقول: أعوذ بالله القوي من الشيطان الغوي. وقال الشاطبي: إذا ما أردت الدهر تقرأ فاستعذ ... جهارًا من الشيطان بالله مسجلا على ماأتى في النحل يسرًا وإن تزد ... لربك تنزيهًا فلست مجهلا وقد ذكروا لفظ الرسول فلم يزد ... ولو صح هذا النقل لم يبق مجملا (¬5) ¬

(¬1) النساء: 79. (¬2) تفسير ابن عرفة1/ 104 - 105. (¬3) البقرة: 122. (¬4) الفتح: 10. (¬5) حرز الأماني ووجه التهاني ص: 10.

فظاهره أن الآية مجملة، هو خطأ لأن المجمل عند الأصوليين هو اللفظ المحتمل معينين فصاعدا على التساوي، وليست الآية كذلك بل هي عندهم من قبيل المطلق الذي يصدق بصورة ... قال: وعادتهم يجيبون عنه بأنه من قبيل الإجمال اللغوي لا الاصطلاحي. ثم قال: وفيه مقال في الأصول فروعه ... فلا تعد منها باسقًا ومظللا (¬1) ومراده بالأصول إما الكتب المطولة وإما أصول الفقه. (¬2) وفي قوله تعالى: {ءأنذرتهم ...} (¬3) قال: أنكر الزمخشري هنا قراءة ورش وجعلها لحنا وكفره الطيبي وظاهر كلام الطيبي هذا أن السبع قراءات أخبار آحاد وليس بمتواتر قال ابن عرفة: وحاصل كلام الناس فيها أنها على وجهين: فأما ما يرجع إلى آحاد الكلام كملك ومالك ويخدعون ويخادعون فهو متواتر اتفاقًا من غير خلاف منصوص إلا أن ظاهر كلام الداوودي على ما نقل عنه الأنباري أنها غير متواترة وأما ما يرجع إلى كيفية النطق بها من إعراب وإمالة وكيفية وقف ففيه ثلاثة أقوال: الأول: نقل الأنباري شارح البرهان عن أبي المعالي أنها متواترة وأنكره عليه وهو اختيار الشيخ أبي عبد الله محمد بن سلامة من أشياخنا الثاني: أنها متواترة عند القراء فقط نقله المازري في شرح البرهان واختاره شيخنا ابن عرفة. الثالث: أنها غير متواترة قاله ابن العربي في العواصم والقواصم والأنباري وابن رشد في كتاب الصلاة الأول وفي كتاب الجامع الرابع من البيان والتحصيل قال ابن عرفة: وهو اختيار الشيخ أبي إسحاق إبراهيم الجزري وشيخنا القاضي أبي عبد الله محمد بن عبد السلام وصاحبنا الفقيه أبي العباس أحمد بن إدريس البجائي. (¬4) وهو يتعرض للقراءات من حيث التركيب اللغوي ويطنب في ذلك: ¬

(¬1) المصدر السابق وقد عدلت لفظ البيت منها. (¬2) تفسير ابن عرفة1/ 66 - 67. (¬3) البقرة: 6. (¬4) تفسير ابن عرفة 1/ 120 - 123.

ذكر في تفسير قوله سبحانه {والله يؤيد بنصره من يشاء إن} (¬1)، أنها قرئت بتسهيل الهمزة، وأن أبا حيان جوز تسهيلها، وبعضهم يذهب إلى عدم تسهيلها، لأنه قريب من السكون فيلتقي ساكنان، غير أن ابن عرفة يرد قولهم هذا بما ورد في قراءة الآية {سواء عليهم ءأنذرتهم} (¬2)، التي وقع فيها تسهيل، في حين التقى فيها ثلاث سواكن. (¬3) وقال في قوله تعالى {فتلقى آدم من ربه كلمات} (¬4): وقرأ ابن كثير {آدم} بالنصب و {كلمات} بالرفع. قال ابن عرفة: قراءة الجماعة بالرفع ظاهرة لأنه هو فاعل التلقي فكلفة التلقي والقصد إليه وإمعان النظر فيه ظاهر وأما قراءة ابن كثير فتقتضي أن آدم عليه السلام أتاه التلقي هجما من غير نظر فيمكن فهمه على أنه أتته أوائل درجات النظر بالبديهة لأن المعقولات فرع المحسوسات فأول درجات النظر مدرك معلوم بالبديهة لا يفتقر إلى تقدم شيء قبله لأن لا يلزم عليه التسلسل وتنكير {كلمات} للتشريف والتعظيم. (¬5) وهو يتعرض للقراءات الشاذة ومن ذلك قوله: قال ابن عطية: وقرأ سفيان بن عينية ورؤبة بن العجاج "الحمد لله" بفتح الدال ... على إضمار فعل. قال ابن عرفة: وقالوا: وقراءة الضم أدل على الثبوت ... ، قال الزمخشري: ومنه قوله تعالى: {قالوا سلاما قال سلام} (¬6) بالرفع في الثاني ليدل على أن إبراهيم حياهم بتحية أحسن من تحيتهم لأن الرفع دال على الثبوت. وكذا قال السكاكي في علم البيان. (¬7) كما ذكر ابن عرفة رأي ابن جني في قراءة قوله تعالى: {فرجل وامرأتان} (¬8)، وهو المتمثل في أنه لانظير لتسكين الهمزة المتحركة، وإنما خففوا الهمزة فقرب من الساكن، ثم بالغوا في التخفيف، فصارت الهمزة ألفا ساكنة، ثم جعلوا الهمزة على الألف ساكنة ومثلوا له بقراءة ابن كثير {وكشفت عن سأقيها} (¬9)، لكن ابن عرفة بعد عرضه للقراءة التي نقلها ابن جني وتعليقه عليها يشير إلى أنه ¬

(¬1) آل عمران: 13. (¬2) البقرة: 6. (¬3) ق: 71. (¬4) البقرة: 37. (¬5) تفسير ابن عرفة 1/ 264. (¬6) هود: 69. (¬7) تفسير ابن عرفة 1/ 95. (¬8) البقرة: 282. (¬9) النمل: 44.

عاشرا: موقفه من الفقه والأصول

توجد في القرآن، ثلاث نظائر لتسكين الهمزة المتحركة إجراء للوصل مجرى الوقف أولها في قوله تعالى {وجئتك من سبأ بنبأ يقين} (¬1) ورويت هذه القراءة عن قنبل، والموضع الثاني في قوله تعالى {مادلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته} (¬2)، ورويت هذه القراءة عن ابن ذكوان، والموضع الثالث في قوله عز وجل {ومكر السيء} (¬3) وهي قراءة حمزة. (¬4) كما كان لابن عرفة موقف موفق في رده قراءة ابن عطية التي خالف فيها القراءة المتواترة في قوله تعالى {لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك والمقيمين الصلاة} (¬5)، إذ قرأ ابن عطية المقيمون، وهي قراءة شاذة، وأشار إلى أن كلام الزمخشري في هذه الآية أصوب من كلام ابن عطية الذي أطنب في تخطئه قراءة {المقيمين} مع أنها نالت إجماع القراء السبعة. (¬6) عاشرا: موقفه من الفقه والأصول: إن المتتبع لتفسير ابن عرفة يلاحظ اهتمامه بالفقه وأصوله: فهو يتوقف عند آيات الأحكام ويستخرج منها الأدلة الأصولية، ويعنى بالتفريعات الفقهية مما يدل على سعة علم الرجل، ودقة فهمه، وهو يقوم بهذا العمل حتى مع الآيات التي ظاهرها لايتناول الفقه فيستنتج منها حقائق أصولية واجتهادات فقهية، وقد أشار إلى هذا الشيخ ابن عاشور بقوله: وهو شديد الاهتمام بأن ينتزع من الآيات ماهو من سياقها أو ليس منه بما يرجع إلى الأحكام التكليفية من مسائل الأصول ومسائل الفقه، وإيراد مايتعلق بذلك من الأنظار ومناقشتها. (¬7) وهو في تناوله لمسائل الفقه في تفسيره لايعرض رأيًا إلا وينسبه لقائله، ولا يتعرض إلى المسائل الخلافية إلا في القليل النادر، لأن المقام لايستدعي الإطالة، إذ هو يلقي دروسه على طلبته في علم التفسير وهو ليسوا في حاجة ¬

(¬1) النمل: 22. (¬2) سبأ: 14. (¬3) فاطر: 43. (¬4) تفسير ابن عرفة 1/ 785. (¬5) النساء: 162. (¬6) ق: 112. (¬7) التفسير ورجاله ص: 114.

إلى الخلافيات والمقارنات الفقهية، التي يتناولونها في دروس الفقه. في قوله تعالى {ثلاثة قروء} (¬1): يذهب إلى رأي يجمع فيه بين رأي مالك والشافعي لأن الأول يفسر القرء بالطهر، والشافعي يفسره بالحيض فيرى ابن عرفة أن القرء مشترك بين الطهر والحيض، غير أن الطلبة وهم يناقشون شيخهم في هذه المسالة قالوا له: كنت قلت لنا أن هذا ليس من ذلك لأن الجمع من قرية الماء في الحوض غير مهموز، والقرء مهموز، وقلت لنا الصحيح أنه للقدر المشترك، وهو براءة الرحم، فرد ابن عرفة على الطلبة: أن ظاهر الآية يدل على أن القرء هو الحيض، يعني معنى التربص هو الانتظار، وهذا الانتظار يستلزم قروء مستقبلة، إذ الشارع قد أمر بطلاق لم تمس فيه المرأة، فإذا اعتبرنا القرء حيضًا صح الانتظار وإذا اعتبرناه طهرًا لم يستقم إسناد الانتظار. (¬2) ومن أمثلة ذلك رده لاجتهاد الإمام المازري في تجويزه إعطاء الرشوة للحصول على القضاء عند تفسيره لقوله تعالى {ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام} (¬3)، قيل لابن عرفة أن المازري حكى في تعليقه عن الشعبي أن الفقيه إذا علم وتأكد لديه أن ليس هناك من هو أفضل منه في بلده، فلا بأس أن يسعى للحصول على ولاية القضاء، ولو أدى به الأمر إلى إعطاء الأجرة والرشوة لولاة الأمر فأنكر ابن عرفة هذا الرأي، وقال: إنه من باب أكل المال بالباطل والمشارفة فيه على الخطأ، وأشار إلى أن ماأدرك عليه القضاة أن بعضهم كان يتسبب في الحصول على المنصب القضائي بالكلام فقط. (¬4) وتفسير ابن عرفة كما ذكرنا متميز بأنه تفسير أصولي ويظهر ذلك في مواضع كثيرة إذ يستفيض في هذا المجال لأدنى مناسبة ومن ذلك عندما رد تفسير ابن عطية لقوله تعالى {لم تلبسون الحق بالباطل} (¬5) حيث اعتمد رأي ابن جريج في أن المعنى يلبسون التوراة والإنجيل بالقرآن. فصرح ابن عرفة بأنه خطأ واضح لأن القرآن حق، وأما الذي دخلت عليه الباء في ¬

(¬1) البقرة: 228. (¬2) ق: 54. (¬3) البقرة: 188. (¬4) ق: 44. (¬5) آل عمران: 71.

الآية فهو الباطل ثم شرح الآية مستخدمًا في تفسيره طريقة أصول الفقه حيث إن عادة الأصوليين إيراد السؤال وهو أن القاعدة في اشتمال الكلام على أمرين: أعم وأخص، وأن يبدأ في الإثبات بالأعم ثم بالأخص. وفي النفي يبدأ بالأخص ثم بالأعم لأن ثبوت الأخص يستلزم ثبوت الأعم، ونفي الأعم يستلزم نفي الأخص والذم على فعل الشيء، يتنزل منزلة نفية، والكفر بآيات الله أعم من إلباس الحق بالباطل على مافسروه، لأن الكافر يلبس فيخلط التوراة بغيرها. وقد لا يفعل ذلك. والإلباس للحق بالباطل أخص لأنه كفر بلاشك. (¬1) وفي قوله تعالى: {وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبًا فرهان مقبوضة} (¬2) قال ابن عرفة: مفهوم الآية ملغي بنص السنة لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - رهن درعه في الحضر وأيضًا فهو مفهوم خرج مخرج الغالب لأن السفر مظنة لعدم وجدان الكاتب أو هو شيء من الأدلة غالبا بخلاف الحضر. قال ابن عطية: أجمع الناس على صحة قبض المرتهن وعلى قبض وكيله. واختلفوا في قبض عدل فجعله الإمام مالك قبضا. قال ابن عرفة إذا لم يكن من جهة الراهن. وقال الحكم ابن عيينة وقتادة: ليس بقبض. قال ابن عرفة: إذا قبض المرتهن الرهن ولم يزل حائزا له كان أحق به بلا خلاف. وإن كان قبضه بالشهادة ثم أذن المرتهن للراهن في التصرف فيه فتصرف فيه الراهن بطل الحوز بلا خلاف وإن أذن المرتهن الراهن في التصرف فيه فلم يتصرف فيه ولم يزل بيد ... الخ. (¬3) وقال ابن عرفة في قوله تعالى {والله يعلم وأنتم لا تعلمون} (¬4) الآية تدل على أن جميع الأحكام الشرعية تعلل، وذلك أنهم اختلفوا في التعبدات، فذهب جماعة منهم الشيخ همام عز الدين ابن عبد السلام إلى أنها الأحكام التي لاعلة لها، والآية تقتضي أن الأحكام كلها لاتكون إلا لمصلحة لأنها خرجت مخرج التبيين على كمال المبادرة إلى امتثال الأحكام الشرعية فدل على أن المراد والله أعلم، مافي ذلك من المصلحة، وأنتم لا ¬

(¬1) ق: 80. (¬2) البقرة: 283. (¬3) تفسير ابن عرفة 1/ 797. (¬4) آل عمران: 66.

تعلمون هذا فعليكم أن تأخذوها بالقبول. (¬1) ويرد على ابن عطية الذي اعتبر تخصيص القرآن لفعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - نسخًا. وتفصيل ذلك ماذكره من أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتي بصدقة فجاءه يهودي يطلب العطاء فرد عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "ليس لك من صدقة المسلمين شيء". فذهب اليهودي غير بعيد، فنزلت الآية، فدعاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم أعطاه، قال ابن عطية: نسخ الله ذلك بقوله: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين} (¬2)، قال ابن عرفة: هذا ليس بنسخ، لكن المتقدمين يطلقون عليه نسخًا والمتأخرين يقولون العام إذا عمل به، ثم ورد بعد ذلك خاص، فهو نسخ له، وإن ورد الخاص بعده، وقبل العمل به، فهو تخصيص لانسخ. (¬3) وتعرض ابن عرفة إلى مسألة نسخ القرآن بخبر الواحد وهي مسالة خلافية، حيث إن الجمهور على جواز هذا النوع من النسخ عقلا، وأما وقوعه شرعًا ففيه خلاف بين العلماء. ذكر أبو المعالي أنه وقع في مسجد قباء، وذلك عندما كان جمع من الصحابة يصلون صلاة العصر إلى القدس فمر بهم صحابي وأعلمهم بأن القبلة حولت إلى المسجد الحرام فتحولوا. (¬4) وتعرض ابن عرفة إلى نسخ الحكم الأثقل بالأخف، فأشار إلى ماأورده ابن عطية من إمكانية هذا النسخ ومثاله نسخ قتال الواحد للعشرة، ونسخ الثبوت للعشرة بالثبوت لشخصين فقط. ويبين ابن عرفة أن العبرة، في الثقل والخفة بالمصلحة فقد يكون متعلق هذه المصلحة أرجح من متعلق المصلحة الأخرى أو مساويًا لها ولا شك أن وقوف الواحد للعشرة ثوابه يكون أعظم من ثواب ماهو أخف منه، وأقل ثوابًا لكونه أكثر الوقوع، فيتعدد ثوابه ويكثر بتعدد وقوعه. (¬5) كماعرض إلى موضوع نسخ القرآن بالقياس، فمنع وقوعه كما منع النسخ بالإجماع وأشار إلى هذا بقوله ولا يصح نسخ النص بالقياس، لأن النص المقيس عليه إما أن يكون موافقًا لذلك النص المنسوخ أو مخالفًا، فإن كان موافقًا، فلا نسخ، وإن كان مخالفًا فهو الناسخ لا القياس، ثم قال: ولا ينسخ ¬

(¬1) ق: 51. (¬2) التوبة: 60. (¬3) ق: 64. (¬4) ق: 28. (¬5) ق: 28.

النص بالإجماع لأنه إنما يكون في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم -، والإجماع إنما هو بعد وفاته. (¬1) ومن مواضع إطنابه في بعض المسائل قوله: ولقد اختلف الأصوليون في واضع اللغة على تسعة مذاهب ... فذكرها (¬2) عاشرا: موقفه من العلوم الحديثة والرياضة والفلسفة والمعجزات الكونية: لقد أعجب ابن عرفة بعلم المنطق وألف فيه (المختصر في المنطق) وطبقة في دروسه الفقهية، واعتمده كذلك في تفسيره فكان يورد تعاريف المناطقة ومصطلحاتهم أحيانًا يستعين بها لبيان المعاني القرآنية، ومن ذلك: في تفسيره لقوله عز وجل {ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم} (¬3)، حيث تطرق إلى بيان التعبير بالنفي بحرف ليس. فقال: والنفي بليس لما يتوهم وقوعه، والإثم كان متوهما وقوعه في سفر الحج للتجارة، بخلاف النفي بلا حسبما ذكره المنطقيون في السالبة والمعدولة، مثل الحائط لايبصر وزيد ليس يبصر أو غير بصير. (¬4) ويفصل القول في إحدى قضايا المنطق، وهي قضية القياس الشرطي، فيبين علاقة اللزوم والمتابعة فيها، وذلك عند تفسيره لقوله تعالى {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا ...} إلى قوله تعالى: {فإن حزب الله هم الغالبون} (¬5). (¬6) كما تعرض ابن عرفة لبعض القضايا العلمية الطبيعية فاستدل ابن عرفة على كروية الأرض بقوله تعالى {ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله} (¬7)، وبقوله تعالى: {فلا أقسم برب المشارق والمغارب} (¬8)، حيث بين أن تعدد المشرق والمغرب، دليل على أن الأرض كروية لأن كل مغرب وضع لقوم وكل مشرق وضع لآخرين. (¬9) ورد على من ينكر كروية الأرض واعتبارها بسيطة، وهو مايستفاد من قوله تعالى {وهو الذي مد الأرض} (¬10)، فأوضح أن مد الأرض هو ¬

(¬1) ق: 28. (¬2) تفسير ابن عرفة 1/ 240. (¬3) البقرة: 198. (¬4) ق: 47. (¬5) المائدة: 55 - 56. (¬6) ق: 119. (¬7) البقرة 115. (¬8) المعارج 40. (¬9) ق: 29. (¬10) الرعد: 3.

بسطها وأنها نظرًا لاتساعها وكبرها تبدو بسيطة في حين أنها كروية، وأتى برأي إقليدس. (¬1) كما يؤكد على كروية الأرض في قوله تعالى {ولله مافي السموات وما في الأرض} (¬2). ويذهب إلى أن السماء كروية أيضًا (¬3) وهو مذهب المتأخرين واحتج بقوله تعالى {رفع السموات بغير عمد} (¬4) إذ قال: مذهب الجمهور أنها مرفوعة بغير عمد والضمير عائد على السموات والصحيح عندهم أنها كروية. وفي قوله {الصراط المستقيم} (¬5) قال: وصفه على هذا بالمستقيم لأن طريق الخير قسمان قريبة وبعيدة. فالمستقيم نص إقليدس على أنه أقرب خطين بين نقطتين فالخط المستقيم أقرب من المعوج فلذلك وصفه على هذا بالمستقيم. (¬6) وحول مغرب الشمس أشار إلى أن الشمس أكبر من الأرض وأن غروبها لايقع في الحقيقة في العين الحمئة الواردة في قوله تعالى {حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة} (¬7)، لأن الجرم الكبير لايغرب في الصغير فالمراد أن ذلك هو المحل الذي رآها منه حتى غربت ولا تغرب كل يوم فيه فإن لها مغارب ومشارق، مع أنها تغرب على قوم وتطلع على آخرين. أما المواعظ والآداب فلم يكن لها في تفسير ابن عرفة حظ كبير بل تتضمنها بعض النقول التفسيرية التي نقلها المفسر وبعض تعليقاته. ¬

(¬1) ق: 174. (¬2) البقرة: 283. (¬3) ق: 68. (¬4) الرعد: 2. (¬5) الفاتحة: 6. (¬6) تفسير ابن عرفة 1/ 102. (¬7) الكهف: 86.

تفسير الثعالبي من خلال كتابه الجواهر الحسان

تفسير الثعالبي من خلال كتابه الجواهر الحسان مؤلف هذا التفسير هو عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي الجزائري ت 875 هـ وهو من أهل المنطقة ولد بوادي يسر بالجزائر وتوفي بعاصمتها (¬1). التعريف بالتفسير: وتفسيره المسمى "الجواهر الحسان في تفسير القرآن" طبع أكثر من مرة فهو مطبوع في الجزائر سنة1327 طبعة قديمة في المطبعة الثعالبية دون عناية أو تحقيق، وله معجم مختصر في شرح غريب بعض ألفاظ القرآن طبع بآخر التفسير. وله طبعة أخرى قديمة بعناية محمد بن المصطفى ابن الخوجة بالجزائر سنة 1905 م وله طبعتان حديثتان الأولى بتحقيق عمار الطالبي - المؤسسة الوطنية للكتاب والثانية بتحقيق محمد الفاضلي - المكتبة العصرية - بيروت سنة 1417 هـ ونظرا لكون هذا التفسير أو تفسير مطبوع أتعرض له في الدراسة فسوف أختصر فيه المقال عن سابقيه لسهولة الوصول إليه، وأستعيض عن نقل النصوص الطويلة منه بالإشارة لأرقام الصفحات، وهكذا سيكون المنهج مع غيره ممن هو مثله إن شاء الله تعالى. وقد كتبت دراسة علمية بعنوان " عبد الرحمن الثعالبي ومنهجه في التفسير" كتبها عبدالحق عبد الدائم سيف القاضي وهي رسالة ماجستير مرقونة على الآلة الكاتبة بإشراف د. عبد الفتاح سلامة بالجامعة الإسلامية سنة 1405 هـ. ¬

(¬1) تقدمت ترجمته في أهل المنطقة برقم 82.

المنهج العام للتفسير

وننقل هنا خلاصة ماتوصل له الباحث حول هذا التفسير، قال: جاء تفسير الثعالبي سديدا في منهجه وعذوبة مورده بعيدا عن الحشو والتطويل وفضول الكلام. ويعد مرجعا مهما في بابه لأنه يعتبر عصارة تفسير ابن عطية الذي يعتبره ابن خلدون عصارة التفاسير المتقدمة عليه. فقام إلى تفسير ابن عطية ونحى منه وفرة وفيرة من الأقوال المتشعبة والاختلافات الكثيرة والروايات المتعددة واختار منها ماهو أقرب إلى الروح القرآنية السمحة ... وهو بهذا يطمع أن ينتفع بذلك جمهرة كبيرة من العامة والخاصة كما نوه بذلك في مقدمة تفسيره وكان حريصا أثناء اختصاره لتفسير ابن عطية على تنقية الآراء وعلى إبقاء الطابع العام كما هو دون تغيير أو تبديل حتى تبقى شخصية ابن عطية ماثلة واضحة جلية إلا أنه أحيانا كانت تجذبه العاطفة الدينية كلما سنحت له الفرصة فيطلق لقلمه العنان في سرد الأحاديث والأقوال المتعلقة بالترغيب والترهيب والتذكير بأمور الآخرة والتزهيد في الدنيا والتقليل من شأنها ... الخ (¬1). وقد خلص الباحث إلى ملاحظات من خلال مقارنة الثعالبي بابن عطية تتلخص فيما يلي: - تفوق الثعالبي على ابن عطية في مجال الحديث. - تعقب الثعالبي ابن عطية في مسائل قال بها ثم عدل عنها. - استدراك الثعالبي على ابن عطية فيما يتعلق بمنزلة الأنبياء وعصمتهم. - ترجيح الثعالبي لغير آراء ابن عطية في فهم بعض الآيات القرآنية. - مناقشة الثعالبي لابن عطية في بعض القضايا المختلفة. - مخالفة الثعالبي لابن عطية في بعض الألفاظ اللغوية والنحوية. المنهج العام للتفسير: (¬2) وتفسير الجواهر الحسان يعتير في الجملة تفسيرا أثريا ذا نزعة صوفية ¬

(¬1) المقدمة (ز، ح). (¬2) انظر الرسالة السابق ذكرها " الثعالبي ومنهجه في التفسير"، وقد تكلم أيضا عن منهج الثعالبي الدكتور عمار الطالبي في مقدمة تحقيق التفسير (1 / ط - ت)، وكذا محمد الفاضلي 1/ 7 - 8، وتكلم عنه أيضا الفاضل ابن عاشور في التفسير ورجاله ص: 7 - 8.

وعظية يهتم بالقضايا الاجتماعية. كما يهتم بالمقارنة بين مختلف التفاسير، وترجيح بعضها على الآخر، وذلك في مواضع كثيرة من تفسيره كقوله مثلاً: "وأرجح الأقوال عندي قول هذه الطائفة وفي الحديث الصحيح ... " وذلك باعتماده على حديث صحيح، وكقوله: "وهي مع ذلك عند التأمل يلوح منها تأويل قتادة المتقدم فتأمله"، وكقوله: "وهذا التأويل عندي أبين إذا لخص وإن كان قد استبعده ابن عطية"، ويرجح أحيانًا تفسير الطبري فيقول: "وما قال الطبري عندي أبين" ويقول: "وهذا هو الراجح الذي تدل عليه الأحاديث وظواهر الآيات"، " وأظهرها عندي قول أبي جعفر". ويرجح أحيانًا عند مقارنته تفسير أهل بلده مثل ترجيحه تفسير عبد الحق الخراطي أو البجائي فيقول: " وهذا هو الصواب إن شاء الله تعالى وهو تأويل صاحب العاقبة" ويميل أحيانا أخرى إلى تأويل الحديث ليخلص إلى رأى اجتهادي له كرأيه في عدم القيام للقادم لتحيته يقول: "وفي الاحتجاج بقضية سعد نظر لأنها احتفت بها قرائن سوغت ذلك، والسلامة عندي ... "، ويرجح أحيانا كثيرة تفسير البخاري كقوله مثلا: " والأول أبين وهو تفسير البخاري ". ولم يخل منهجه من عنصر النقد، فكما نقد كثيرا من الآثار والروايات سندا ومتنا نقد أيضا في مواضع متعددة جماعة من المفسرين وعلى رأسهم ابن عطية الذي اختاره المصنف ليكون أساس تفسيره فيصرح أحيانا ببعد تفسير أو لفظة عن السياق فيقول مثلا: "وهذا تأويل بعيد من لفظ الآية كما ترى". ويكشف أحيانا عما يسميه قلقا في التوجيه أو في التعبير ويبين أحيانا أخرى أن ابن عطية خصص بدل أن يعمم بدون دليل مثل قوله في تفسير قوله تعالى: {إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا} (¬1) " والصواب عندي أن يقال: أما ثقله باعتبار سائر الامة فهو ماذكر من ثقل المعاني". كما ينبه في مواضع أخرى على تناقض ابن عطية فيقول مثلا: وماضعفه رحمه الله صححه في ¬

(¬1) المزمل: 5.

سورة البقرة ويقول: " وفي نظره رحمه الله نظر يمنعني من البحث معه ماأنا له قاصد من الإيجاز والاختصار دون البسط والانتشار ". ونجده أحيانا أخرى ينبه إلى أخطاء وقع فيها ابن عطية فيقول: "وماذكره رحمه الله تعالى من البطلان لا يصح " ويشير في مواضع أخرى إلى أنه ترك عبارات من تفسير ابن عطية كلمات الواجب طرحها ولهذا أعرض عنها. أو أنه لم يتبع الأحسن في تفسير لفظة أو آية يقول: "فسر رحمه الله تعالى لفظ {خاوية} (¬1) في سورة الحج والنمل بخالية والأحسن أن تفسر هنا وفي الحج بساقطة وأما التي في النمل فيتجه أن تفسر بخالية وبساقطة". كما خطأ ابن عطية في ادعائه الإجماع على معنى آية فقال: "وليس هذا الإجماع بصحيح". ويصلح له بعض العبارات مثال ذلك قوله: "وصوابه أن يقول: عن بعض المقدورات لا عن كلها وهذا هو مراده ألا تراه قال في قوله تعالى: {ولا يحيطون بشيء من علمه} (¬2) قال: يعني بشيء من معلوماته لأن علمه تعالى لا يتجزأ فافهم راشدا. " ولكن الإنصاف جعل الثعالبي يدافع عن ابن عطية إذا انتقده من لم يكن محقا في نقده كالصفاقسي، وأكثر من ذلك فإنه انتصر له في عدم موافقته الطبري في بعض مايذهب إليه. والتزم في طريقته تجنب التكرار والإعادة فيقول مثلا: "فأغنانا عن إعادته وهذه هي عادتنا في هذا المختصر." (¬3) وبدأ الثعالبي بمقدمة لتفسيره جاء فيها: وماانفردت بنقله عن الطبري فمن اختصار الشيخ أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن أحمد اللخمي النحوي لتفسير الطبري نقلت لأنه اعتنى بتهذيبه ... ، وكل مافي آخره انتهى، فليس هو من كلام ابن عطية، بل ذلك مما انفردت بنقله عن غيره ومن أشكل عليه لفظ في هذا المختصر فليراجع الأمهات المنقول منها، فليصلحه منها ولا يصلحه برأيه وبديهة عقله فيقع في الزلل من حيث لا يشعر، وجعلت علامة "التاء" لنفسي بدلا من "قلت" ومن شاء كتبها "قلت"، وأما "العين" فلابن عطية ومانقلته من الإعراب عن غير ابن عطية ¬

(¬1) الحج: 45، النمل: 52. (¬2) البقرة: 255. (¬3) انظر لما تقدم: مقدمة الجواهر الحسان للطالبي (1 / ل - س).

المنهج التفصيلي للمؤلف

فمن الصفاقسي مختصر أبي حيان غالبا وجعلت "الصاد" علامة عليه، وربما نقلت عن غيره معزوا لمن عنه نقلت وكل مانقلته عن أبي حيان فإنما نقلي له بواسطة الصفاقسي غالبا. قال الصفاقسي: وجعلت علامة مازدته على أبي حيان وما يتفق لي إن أمكن فعلامته: قلت، وبالجملة فحيث أطلق فالكلام لأبي حيان. قال: ومانقلته من الأحاديث الصحاح والحسان عن غير البخاري ومسلم وأبي داود والترمذي في باب الأذكار والدعوات فأكثره من النووي وسلاح المؤمن، وفي الترغيب والترهيب وأحوال الآخرة فمعظمه من التذكرة للقرطبي والعاقبة لعبد الحق وربما زدت زيادات كثيرة من مصابيح البغوي وغيره كما ستقف عليه إن شاء الله تعالى كل ذلك معزو لمحاله وبالجملة فكتابي هذا محشو بنفائس الحكم وجواهر السنن الصحيحة والحسان المأثورة عن سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -. وبعد المقدمة جعل بابا في فضل القرآن، ثم بابا في فضل تفسير القرآن وإعرابه، ثم فصلا في الجرأة على التفسير ومراتب المفسرين، ثم فصلا في المعرب من القرآن، ثم بابا في أسماء القرآن ومعنى السورة والآية، ثم شرع في تفسير البسملة، ثم قال: تفسير الفاتحة بحول الله وقوته. المنهج التفصيلي للمؤلف: أولا: يهتم المصنف بذكر المكي والمدني وأسماء السورة ومن ذلك قوله في فاتحة الكتاب (¬1): قال ابن عباس وغيره: إنها مكية ويؤيد هذا أن في سورة الحجر {ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم} (¬2) والحجر مكية بإجماع وفي حديث أبي بن كعب أنها "السبع المثاني" (¬3). ولاخلاف أن فرض الصلاة ¬

(¬1) الجواهر 1/ 35. (¬2) الحجر: 87. (¬3) أخرجه مالك في الموطأ 1/ 80 والحاكم في المستدرك - كتاب فضائل القرآن 1/ 557 وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه وسكت الذهبي.

ثانيا: موقفه من العقيدة

كان بمكة وما حفظ أنه كانت قط في الإسلام صلاة بغير الحمد لله رب العالمين وروي عن عطاء بن يسار وغيره أنها مدنية. وأما أسماؤها فلا خلاف أنه يقال لها: فاتحة الكتاب. واختلف هل يقال لها: أم الكتاب؟ فكره ذلك الحسن بن أبي الحسن وأجازه ابن عباس وغيره. وقوله في سورة البقرة (¬1): هذه السورة مدنية نزلت في مدد شتى وفيها آخر آية نزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهي {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ماكسبت وهم لا يظلمون} (¬2) وهو يتعرض لعد الآي ومن ذلك قوله: وعدد آي سورة البقرة مائتان وخمس وثمانون آية، وقيل: وست وثمانون، وقيل: وسبع وثمانون. (¬3) ثانيا: موقفه من العقيدة: وأما من الناحية الكلامية فمنهجه منهج الأشعري يأول آيات العقائد تأويل الأشعرية ويوجهها توجيههم، ولنأخذ مثالا على ذلك قال في قوله تعالى: {ثم استوى على العرش} (¬4) والمعتقد في هذا أنه سبحانه مستو على العرش على الوجه الذي قاله، وبالمعنى الذي أراده، استواء منزها عن المماسة والاستقرار والتمكن والحلول والانتقال، لا يحمله العرش بل العرش وحملته محمولون بلطف قدرته ومقهورون في قبضته كان الله ولا شيء معه، كان سبحانه قبل أن يخلق المكان والزمان وهو الآن على ماعليه كان. (¬5) وقوله: {العلي} (¬6): يراد به علو القدر والمنزلة لا علو المكان لأن الله سبحانه وتعالى منزه عن التحيز (¬7) وله ردود على المعتزلة وغيرهم وقد هاجم الزمخشري الذي ذهب إلى أن "لن" لتأبيد النفي لينفي رؤية الله سبحانه في قوله {لن تراني} (¬8) وهنا نرى أن الثعالبي ينقد تفسير الزمخشري (¬9) كما أنه لا يحبذ مطالعته متأثرا في ذلك ببعض شيوخه الأشاعرة الذين يرغبون عنه لاعتزاله (¬10). ¬

(¬1) الجواهر1/ 48. (¬2) البقرة: 281. (¬3) الجواهر1/ 44. (¬4) الرعد: 2. (¬5) الجواهر 2/ 263. (¬6) البقرة: 255. (¬7) الجواهر1/ 244. (¬8) الأعراف: 143 وانظر الجواهر 2/ 52. (¬9) انظر أيضا الجواهر 4/ 226. (¬10) انظر: معجم الجواهر ص: 177.

وفي قوله {ليس عليك هداهم} (¬1) قال: ثم أخبر سبحانه أنه يهدي من يشاء، وفي الآية رد على القدرية، وطوائف المعتزلة، ثم بين تعالى أن النفقة المقبولة ما كان ابتغاء وجه الله، وفي الآية تأويل وهو أنها شهادة من الله تعالى للصحابة أنهم إنما ينفقون ابتغاء وجه الله سبحانه فهو خبر عنهم لهم فيه تفضيل. وقال في قوله تعالى {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ماكسبت} (¬2) ويومًا نصب على المفعول، لاعلى الظرف، وجمهور العلماء على أن هذا اليوم المحذر منه: هو يوم القيامة والحساب والتوفية، وقال قوم: هو يوم الموت، والأول أصح، وهو يوم تنفطر لذكره القلوب، وفي هذه الآية نص على أن الثواب والعقاب متعلق بكسب الإنسان، وهذا رد على الجبرية. الجانب الصوفي في منهجه: وإذا كان منهج الثعالبي منهجا تحقيقيا في أساسه وطابعه العام فإنه لم يخل من جانب صوفي واضح إذ كان هو نفسه صوفيا سنيا لا يذهب مذهب الحلول والغوص في مذهب وحدة الوجود (¬3)، وهو ينقل في تفسيره نصوصا عن القشيري والمحاسبي من رعايته ومن مختصرها للعز بن عبد السلام ومن كتاب سنن الصالحين لأبي الوليد الباجي ومن التنوير لابن عطاء الله السكندري وعن صاحب التشوف المغربي وعن أبي القاسم عبد الرحمن بن يوسف اللجائي الصوفي وعن أبي مدين البجائي التلسماني وعن أبي الحسن الشاذلي وغيرهم. (¬4) ومفهوم الولي عنده مفهوم قرآني قال في تفسير قوله تعالى: {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون} (¬5): وأولياء الله هم المؤمنون الذين والوه بالطاعة والعبادة وهذه الآية يعطي ظاهرها أن من آمن واتقى الله فهو داخل في أولياء الله وهذا هو الذي تقتضي الشريعة في الولي. (¬6) وقد انتقد ظاهرة التصنع والرياء لدى بعض المتصوفة المرائين المتصنعين ¬

(¬1) البقرة: 272. (¬2) البقرة: 281. (¬3) انظر مايأتي في المبحث الثاني من هذا الفصل في تفاسير الصوفية المدروسة هناك. (¬4) انظر مقدمة الطالبي (1 / ع). (¬5) يونس: 62. (¬6) الجواهر 2/ 183.

فقال عند تفسير قوله تعالى {فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين} (¬1): وهذا كله تغليظ على المرائين والمتصنعين ولا خلاف أعلمه بين أرباب القلوب وأئمة التصوف أن المتصنع عندهم بهذه الأمور ممقوت وأما من غلبه الحال لضعفه وقوي الوارد عليه حتى أذهبه عن حسه فهو إن شاء الله من السادة الأخيار يطول تعدادهم كابن وهب، وأحمد بن معتب المالكيين ذكرهما عياض في مداركه وأنهما ماتا من ذلك، وكذلك مالك بن دينار مات من ذلك ذكره عبد الحق في العاقبة ومن كلام عز الدين بن عبد السلام رحمه الله في قواعده الصغرى قال: وقد يصيح بعضهم لغلبة الحال عليه، وإلجائها إياه إلى الصياح، وهو في هذا معذور، ومن صاح لغير ذلك فمتصنع ليس من القوم في شيء، وكذلك من أظهر شيئا من الأحوال رياء أو تسميعا فإنه ملحق بالفجار دون الأبرار. (¬2) ونعلق على ماذكره هنا بأن أولى الناس بالخشوع النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم صحابته الكرام وعلماء الأمة الصدور من التابعين ومن بعدهم كالأئمة الأربعة ومن في منزلتهم ولم يصدر ذلك عن أحد منهم مما يدلل على كون ذلك مدخلا من مداخل الشيطان وتلبيسا من تلبيساته كما أفاض في ذكر جمل من ذلك ابن الجوزي في كتابه تلبيس إبليس وأفرده الشيخ أبو عبد الرحمن بن عقيل في رسالة مستقلة. ومن صوفياته قوله تحت قوله تعالى {الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض} (¬3) وأخذ أبو سليمان الداراني قدح الماء ليتوضأ لصلاة الليل وعنده ضيف فرآه لما أدخل إصبعه في أذن القدح أقام كذلك مفكرًا حتى طلع الفجر، فقال له: ماهذا ياأبا سليمان؟ فقال: إني لما طرحت إصبعي في أذن القدح تذكرت قول الله سبحانه {إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون في الحميم} (¬4) فتفكرت في حالي، وكيف أتلقى الغل إن طرح في عنقي يوم القيامة، فما زلت في ذلك حتى أصبحت. ¬

(¬1) الزمر: 22. (¬2) الجواهر4/ 55. (¬3) آل عمران: 191، الجواهر 1/ 404 - 405. (¬4) غافر: 71.

ثالثا: موقفه من تفسير القرآن بالقرآن

ونقل عن ابن عطية قوله: وحدثني أبي رضي الله عنه عن بعض علماء المشرق قال: كنت بائتًا في مسجد الأقدام بمصر فصليت العتمة فرأيت رجلا قد اضطجع في كساء له حتى أصبح، وصلينا نحن تلك الليلة وسهرنا، فلما أقيمت صلاة الصبح قام ذلك الرجل، فاستقبل القبلة فصلى مع الناس فاستعظمت جرأته في الصلاة بغير وضوء، فلما فرغت الصلاة خرج فتبعته لأعظه فلما دنوت منه سمعته وهو ينشد: منسحق الجسم غائب حاضر ... منتبه القلب صامت ذاكر منقبض في الغيوب منبسط ... كذاك من كان عارفًا ذاكرا يبيت في ليله أخا فكر ... فهو مدى الليل نائم ساهر قال: فعلمت أنه ممن يعبد بالفكرة، فانصرفت عنه. (¬1) وهذا أيضا الذي ذكره لا محل له من أهل الصدر الأول وهم أخشى الناس وأتقاهم، وقد حرم المسكين من قيام الليل ومناجاة الخالق سبحانه وتعالى والاقتراب منه في السجود، والتفكر في آيات الله وهو بين يدي الله، ليس وهو نائم أو سارح! غفر الله لنا تقصيرنا. ثالثا: موقفه من تفسير القرآن بالقرآن: من الأمثلة على انتهاجه منهج تفسير القرآن بالقرآن في بعض المواضع ماذكره في قوله تعالى {ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها} (¬2) قال: (¬3) أي نؤت من شئنا منها ماقدر له يبين ذلك قوله تعالى {من كان يريد العاجلة ...} (¬4) ومن تفسير القرآن بالقرآن قوله {المغضوب عليهم} (¬5) اليهود و {الضالون} النصارى ... وذلك بين من كتاب الله لأن ذكر غضب الله على اليهود متكرر فيه كقوله {وباءوا بغضب من الله} (¬6) {قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله} (¬7) ... والنصارى كان محققوهم على شرعة قبل ورود شرع محمد - صلى الله عليه وسلم - فلما ورد ضلوا، وأما غير متحققيهم فضلالتهم متقررة منذ تفرقت أقوالهم في عيسى ¬

(¬1) انظر المحرر الوجيز1/ 555 وقد عدلت بعض الألفاظ منه. (¬2) آل عمران: 145. (¬3) الجواهر1/ 317. (¬4) الإسراء: 18. (¬5) الفاتحة: 7. (¬6) آل عمران: 112. (¬7) المائدة: 60.

رابعا: موقفه من تفسير القرآن بالسنة

عليه السلام وقد قال الله تعالى فيهم {ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل} (¬1) (¬2) رابعا: موقفه من تفسير القرآن بالسنة: ذكرنا فيما سبق منهجه في ذلك في كلامه الذي ختمه بقوله: وبالجملة فكتابي هذا محشو بنفائس الحكم وجواهر السنن الصحيحة والحسان المأثورة عن سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -. (¬3) وهو يقول أيضا: "وليس لأحد مع الحديث إذا صح نظر". (¬4) ويمكن القول بأن منهج الثعالبي في تفسيره يقوم على تحقيق النصوص ونقدها حيث يقول: " وقد تحرينا في هذا المختصر التحقيق فيما علقناه جهد الاستطاعة ". كما اعتنى فيه اعتناء عظيما بالسنة النبوية باعتبارها بيانا للقرآن وأساسا هاما لمنهج التفسير بالمأثور الذي اختاره لنفسه فالتزم تخريج الأحاديث التي يوردها أو يوردها غيره من المفسرين فينقد سندها أحيانا ومتنها أحيانا أخرى مثال نقده للمتن نقده للحديث الذي ذكره تحت قوله تعالى {ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين} (¬5) وأخرجه الترمذي عن ابن عباس - رضي الله عنه - في شأن المرأة التي كانت تصلي خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال الثعالبي فيه: "والحديث المتقدم إن صح فلا بد من تأويل فإن الصحابة ينزهون عن فعل ما ذكر فيؤول بأن ذلك صدر من بعض المنافقين أو بعض الأعراب الذين قرب عهدهم بالإسلام ولم يرسخ الإيمان في قلوبهم، وأما ابن عباس فإنه كان يومئذ صغيرًا بلا شك، هذا إذا كانت الآية مدنيه، فإن كانت مكية فهو يومئذ في سن الطفولية وبالجملة فالظاهر ضعف هذا الحديث من وجوه" (¬6). ¬

(¬1) المائدة: 77. (¬2) الجواهر 1/ 40. (¬3) الجواهر1/ 4. (¬4) الجواهر 4/ 17 وانظر أيضا 4/ 383. (¬5) الحجر: 24. (¬6) الجواهر 2/ 293 وهذا الحديث أخرجه أحمد في مسنده رقم 2784 وصححه محققه أحمد شاكر وأخرجه أيضا الترمذي - كتاب التفسير - باب ومن سورة الحجر 5/ 296 والحاكم 2/ 353 وابن حبان (موارد الظمآن 1749) وصححه ابن حبان والحاكم وصححه أيضا الألباني (صحيح ابن ماجه 858) وعلقه الترمذي مرسلا وقال: وهذا أشبه أن يكون أصح ووصفه ابن كثير بأنه غريب جدا وقال: فيه نكارة شديدة وقال: فالظاهر أنه من كلام أبي الجوزاء ليس فيه لابن عباس ذكر (التفسير 4/ 450) وروى ابن جرير 14/ 26 عن محمد بن كعب القرظي إنكار انها في صفوف الصلاة وبين أن المراد بالمستقدمين من مات وقتل والمستأخرين من لم يخلق بعد وهو التفسير المروي نحوه عن ابن عباس نفسه وعن جمهور السلف ومنهم تلاميذ ابن عباس كمجاهد وعكرمة وغيرهما وهو اختيار ابن جرير .. والذي يؤكد عدم صحة هذا التفسير أن سورة الحجر مكية وشهود النساء الصلاة في جماعة إنما كان في المدينة، ثم السياق لايساعد هذا التفسير فهو يتكلم عن الإحياء والإماتة ثم الحشر فلادخل هنا لصلاة جماعة ولانساء. ثم إن عمرو بن مالك النكري الراوي للحديث عن أبي الجوزاء له أوهام وأبو الجوزاء: قال البخاري: في إسناده نظر ويختلفون فيه أ. هـ وبإسناد عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء عن ابن عباس غرائب أخرى والله أعلم. وانظر مرويات الإمام أحمد في التفسير 3/ 4.

وكذلك نقده لما أورده النقاش، قال الثعالبي: "وأما ما ذكره من الحبل [يعني حبل المرأة من الجن] فلا شك في ضعفه، وفساد قول قائله، ولم أر في ذلك حديثًا لا صحيحًا ولا سقيمًا ولو أمكن أن يكون الحبل من الجن - كما زعم ناقله - لكان ذلك شبهة يدرأ بها الحد عمن ظهر بها حبل من النساء اللواتي لا أزواج لهن، لاحتمال أن يكون حبلها من الجن كما زعم هذا القائل، وهو باطل". (¬1) وكتعليقه على حديث آخر في تفسير قوله تعالى: {كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه} (¬2)، قال: "وهذا لين الإسناد والمتن كما ترى". (¬3) ومن مواضع استدلاله بالحديث الصحيح: قوله تعالى {وإن كان ذو عسرة ... ..} (¬4) قال: وفي الصحيحين (¬5) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "كان رجل يداين الناس فكان يقول لفتاه إذا أتيت معسرًا فتجاوز عنه لعل الله يتجاوز عنا قال: فلقي الله فتجاوز عنه" وفي صحيح مسلم (¬6): "من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة ¬

(¬1) الجواهر 2/ 293. (¬2) الفتح: 39. (¬3) الجواهر 4/ 135. (¬4) البقرة 280، الجواهر1/ 273. (¬5) البخاري - كتاب البيوع - باب من أنظر معسرا 4/ 308، مسلم - كتاب المساقاة - باب فضل إنظار المعسر 3/ 1196 عن أبي هريرة. (¬6) كتاب المساقاة - باب فضل إنظار المعسر 3/ 1196 عن أبي قتادة.

فلينفس عن معسر، أو يضع عنه " وفي رواية "من أنظر معسرًا أو وضع عنه أنجاه الله من كرب يوم القيامة " وفي رواية "من أنظر معسرًا أو وضع عنه أنجاه الله من كرب يوم القيامة " وفي رواية "من أنظر معسرًا أو وضع عنه أظله الله في ظله". وهو في الواقع كما أنه يكثر من الأحاديث الصحيحة ففي نفس الوقت يكثر من الأحاديث الضعيفة ومن ذلك قوله: وقد روى ابن المبارك في (رقائقه) قال: أخبرنا ابن لهيعة قال: حدثني سعيد بن أبي سعيد أن رجلا قال: يارسول الله كيف لي أن أعلم كيف أنا؟ قال: "إذا رأيت كلما طلبت شيئا من أمر الآخرة وابتغيته يسر لك، وإذا أردت شيئا من الدنيا وابتغيته عسر عليك، فأنت على حال حسنة، وإذا رأيت كلما طلبت شيئا من أمر الآخرة وابتغيته عسر عليك، وإذا أردت شيئا من أمر الدنيا وابتغيته يسر لك، فأنت على حال قبيحة". انتهى فتأمله راشدا. (¬1) (¬2) ومن ذلك أيضا قوله (¬3): خرج الحاكم أبو عبد الله في المستدرك على الصحيحين عن معقل بن يسار - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " اعملوا بالقرآن، أحلوا حلاله وحرموا حرامه، واقتدوا به ولا تكفروا بشيء منه وما تشابه عليكم منه فردوه إلى الله وإلى أولي العلم من بعدي كيما يخبروكم وآمنوا بالتوراة والإنجيل والزبور وما أوتي النبيون من ربهم وليسعكم القرآن وما فيه من البيان فإنه شافع مشفع وماحل مصدق ... .الخ " (¬4) وهو يهتم بذكر أسباب النزول: ومن ذلك قوله {الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار} (¬5) قال ابن عباس: نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - كانت له أربعة دراهم فتصدق بدرهم ليلا وبدرهم ¬

(¬1) الجواهر1/ 382 - 383 وانظر 1/ 140. (¬2) هذا مرسل ضعيف لإرساله وللكلام المشهور في ابن لهيعة. وقال الألباني: ضعيف (ضعيف الجامع رقم 601). (¬3) الجواهر 1/ 43. (¬4) المستدرك - كتاب فضائل القرآن 2/ 568 وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. فتعقبه الذهبي بقوله: قلت: عبيد الله قال أحمد: تركوا حديثه. أ. هـ وضعفه ابن قدامة في رسالة لطيفة في أحاديث متفرقة ضعيفة 1/ 82. (¬5) البقرة: 274.

نهارا وبدرهم سرا وبدرهم علانية. (¬1) وفي قوله {قل ادعو الله أو ادعو الرحمن} (¬2) قال: سبب نزول هذه الآية أن بعض المشركين سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو "ياالله يارحمن" فقالوا: كان محمد يأمرنا بدعاء إله واحد وهو يدعو إلهين. قاله ابن عباس؛ فنزلت الآية مبينة أنها أسماء لشيء واحد. (¬3) وقال: وفي صحيح البخاري (¬4) بسنده عن ابن عباس في قوله سبحانه {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} (¬5) قال: نزلت ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - مختف بمكة كان إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن فإذا سمع المشركون سبوا القرآن ومن أنزله ومن جاء به فقال الله تبارك وتعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم - {ولا تجهر بصلاتك} أي بقراءتك فيسمع المشركون فيسبوا القرآن ولا تخافت به عن أصحابك فلا تسمعهم وابتغ بين ذلك سبيلا. (¬6) وفي قوله {يحلفون بالله ماقالوا} (¬7) قال: نزلت في الجلاس بن سويد وقوله: لئن كان مايقول محمد حقا لنحن شر من الحمر فسمعها منه ربيبه أو رجل آخر فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فجاء الجلاس فحلف بالله ماقال هذه الكلمة فنزلت الآية. (¬8) وقال قتادة: نزلت في عبد الله بن أبي سلول وقوله في غزوة المريسيع مامثلنا ومثلهم إلا كما قال الأول: سمن كلبك يأكلك ولئن رجعنا إلا المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل} فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فوقفه ¬

(¬1) الجواهر 1/ 268 والحديث أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 1/ 118 وفي إسناده عبد الوهاب بن مجاهد بن جبر ذكره ابن حبان في المجروحين 2/ 146 وقال: استحق الترك. وأخرجه أيضا الطبراني وغيره قال السيوطي: بسند ضعيف (انظر لباب النقول 1/ 66). (¬2) الإسراء: 110. (¬3) الجواهر 2/ 504 والحديث أخرجه ابن مردويه وغيره (انظر لباب النقول 2/ 16). (¬4) كتاب التفسير - باب {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} 8/ 404. (¬5) الإسراء: 110. (¬6) الجواهر2/ 504. (¬7) التوبة: 74. (¬8) الجواهر 2/ 188، أخرجه ابن أبي حاتم عن ابن عباس (انظر لباب النقول 1/ 202) وأخرج ابن جرير 10/ 185 عن عروة بن الزبير وابن إسحق ومجاهد نحوه. ولم يذكره صاحب الصحيح المسند من أسباب النزول.

خامسا: موقفه من تفسير القرآن بأقوال السلف

فخلف أنه لم يقل ذلك فنزلت الآية مكذبة له. (¬1) وهو يتعرض لذكر فضائل السور والآيات: فذكر أحاديث فضل الفاتحة فقال: مثل حديث أبي سعيد بن المعلى إذ قال له - صلى الله عليه وسلم -: " ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن؟ الحمد لله رب العالمين هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته" (¬2) انتهى من سلاح المؤمن تأليف الشيخ المحدث أبي الفتح تقي الدين محمد بن علي بن همام رحمه الله. وقال أيضا: ويقال لسورة البقرة فسطاط القرآن وذلك لعظمها وبهائها وماتضمنت من الأحكام والمواعظ وفيها خمسمائة حكم، وخمسة عشر مثلا وروي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " أعطيت سورة البقرة من الذكر الأول، وأعطيت طه والطواسين من ألواح موسى وأعطيت فاتحة الكتاب وخواتم سورة البقرة من تحت العرش " (¬3) كما ذكر أحاديث في الفضائل صحيحة ومعزوة لمخرجيها في آية الكرسي (¬4) وغيرها. (¬5) خامسا: موقفه من تفسير القرآن بأقوال السلف: وهو يقدم تفسير الصحابة فيقول في إحدى ترجيحاته مبررًا: " ... ولأنه تفسير صحابي وهو مقدم على غيره". (¬6) ومن مواضع اهتمامه بتفسير السلف قوله: قال ابن عباس: {كرسيه} (¬7) علمه. .. ومنه الكراسة. قوله: {وتثبيتا من أنفسهم} (¬8)، قال قتادة وغيره: وتثبيتا معناه: وتيقنا، أي أن نفوسهم لها بصائر متأكدة فهي تثبتهم على الإنفاق في طاعة الله تثبيتًا، وقال مجاهد والحسن: معنى قوله وتثبيتا: أي أنهم يتثبتون أين يضعون صدقاتهم، قال الحسن: الرجل إذا هم تثبت فإن كان ذلك لله أمضاه، وإن خالطه شيء أمسك. (¬9) ¬

(¬1) الجواهر2/ 189 وأخرجه ابن جرير10/ 186 وهو ضعيف لإرساله. (¬2) أخرجه البخاري - كتاب فضائل القرآن - باب ماجاء في فاتحة الكتاب 8/ 156. (¬3) أخرجه ابن نصر في الصلاة (المختصر ص: 72) والحاكم 1/ 559 والطبراني 20/ 225 وغيرهم عن معقل بن يسار وفي إسناده عبيد الله بن أبي حميد قال الحافظ: متروك الحديث (التقريب 4285). (¬4) الجواهر 1/ 244. (¬5) الجواهر1/ 44. (¬6) الجواهر 2/ 293. (¬7) البقرة: 255. (¬8) البقرة: 265. (¬9) الجواهر1/ 258.

سادسا: موقفه من السيرة والتاريخ وذكر الغزوات

قوله {فطل} (¬1): المستدق من القطر، قاله ابن عباس وغيره. (¬2) وفي قوله: {إن تبدوا الصدقات فنعما هي} (¬3)، قال ابن عباس: جعل الله صدقة السر في التطوع، تفضل علانيتها، يقال: بسبعين ضعفا، وجعل صدقة الفريضة علانيتها أفضل من سرها، يقال بخمسة وعشرين ضعفًا، قال: وكذلك جميع الفرائض والنوافل في الأشياء كلها. (¬4) وفي قوله {تعرفهم بسيماهم} (¬5) قال: السيما مقصورة العلامة واختلف المفسرون في تعيينها، فقال مجاهد: هي التخشع والتواضع، وقال الربيع والسدي: هي جهد الحاجة وقصف الفقر في وجوههم وقلة النعمة وقال ابن زيد: هي رثة الثياب، وقال قوم وحكاه مكي: هي أثر السجود. (¬6) سادسا: موقفه من السيرة والتاريخ وذكر الغزوات: قال تحت قوله: {ربنا وابعث فيهم رسولا} (¬7): وقد تواترت أخبار نبينا - صلى الله عليه وسلم - وبعثته في الكتب السالفة، وعلم بذلك الأحبار، وأخبروا به، وبتعيين الزمن الذي يبعث فيه، وقد روى البيهقي أحمد بن الحسين وغيره: عن طلحة بن عبيد الله - رضي الله عنه -، قال: حضرت سوق بصري، فإذا راهب في صومعة، يقول: سلوا أهل هذا الموسم، أفيهم من هو من هذا الحرم؟ قال: قلت أنا فما تشاء؟ قال: هل ظهر أحمد بعد؟ قلت: ومن أحمد؟ قال: أحمد بن عبدالله بن عبد المطلب، هذا شهره الذي يخرج فيه، وهو خاتم الأنبياء، مخرجه من الحرم، ومهاجره إلى نخل وسباخ، إذا كان فلا تسبقن إليه، فوقع في قلبي ماقال، وأسرعت اللحاق بمكة فسألت هل ظهر بعدي أمر؟ فقالوا: محمد الأمي قد تنبأ، واتبعه أبو بكر ابن أبي قحافة، فمشيت إلى أبي بكر، وأدخلني إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسلمت. (¬8) ¬

(¬1) البقرة: 265. (¬2) الجواهر1/ 259. (¬3) البقرة: 271. (¬4) الجواهر 1/ 263. (¬5) البقرة: 273، الجواهر 1/ 267. (¬6) الجواهر 1/ 267. (¬7) البقرة: 129. (¬8) أخرجه البيهقي في دلائل النبوة 2/ 166 من طريق محمد بن عمر الواقدي بسنده إلى طلحة بن عبيد الله به. والواقدي قال فيه الحافظ: متروك مع سعة علمه (التقريب 6175) وقد اتهمه جماعة بالكذب كما هو مشهور.

قال: وقد روى العذري وغيره عن أبي بكر - رضي الله عنه - أنه قال: لقيت شيخًا باليمن، فقال لي: أنت حرمي؟ فقلت: نعم، فقال: وأحسبك قرشيًا؟ قلت: نعم. قال: بقيت لي فيك واحدة، اكشف لي عن بطنك! قلت: لا أفعل، أو تخبرني لم ذلك؟ قال: أجد في العلم الصحيح أن نبيًا يبعث في الحرمين يقارنه على أمره فتى، وكهلا، أما الفتى فخواض غمرات، ودفاع معضلات، وأما الكهل فأبيض نحيف، على بطنه شامة، وعلى فخده اليسرى علامة، وما عليك أن تريني ماسألتك عنه فقد تكاملت فيك الصفة إلا ماخفي علي. قال أبو بكر: فكشفت له عن بطني، فرأى شامة سوداء فوق سرتي، فقال: أنت هو ورب الكعبة ... وخف الله فيما خولك وأعطاك، قال أبو بكر: فلما ودعته قال: أتحمل عني إلى ذلك النبي أبياتا؟ قلت: نعم، فأنشأ الشيخ يقول: ألم تر أني قد سئمت معاشري ... ونفسي قد أصبحت في الحي هاهنا حييت وفي أيام المرء عبرة ... ثلاث مئين بعد تسعين آمنا وقد خمدت مني شرارة قوتي ... وألفيت شيخا لا أطيق الشواحنا وأنت ورب البيت تأتي محمدا ... لعامك هذا قد أقام البراهنا فحيي رسول الله عني فإنني ... على دينه أحيا وإن كنت قاطنا قال أبو بكر: فحفظت شعره، وقدمت مكة، وقد بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - فجاءني صناديد قريش وقالوا: ياأبا بكر يتيم أبي طالب يزعم أنه نبي، قال: فجئت إلى منزل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقرأت عليه فخرج إلي، فقلت: يامحمد فقدت من منازل قومك، وتركت دين آبائك، فقال: "ياأبا بكر إني رسول الله إليك، وإلى الناس كلهم، فآمن بالله " فقلت: وما دليلك؟ "قال الشيخ الراهب الذي لقيته باليمن"، قلت: وكم من شيخ لقيت؟ قال: "ليس ذلك أريد، إنما أريد الشيخ الذي أفادك الأبيات " قلت: ومن أخبرك بها؟ قال: "الروح الأمين الذي كان يأتي الأنبياء قبلي " قلت: مد يمينك أشهد أن لاإله إلا الله وأنك رسول الله، قال أبو بكر: فانصرفت وما بين لابتيها أشد من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرحا بإسلامي. انتهى من تأليف ابن القطان في الآيات والمعجزات. (¬1) ¬

(¬1) الجواهر1/ 383 - 384.

سابعا: موقفه من الإسرائيليات

وفي ذكر هذين الموضعبن دليل على إهمال المصنف منهج التحقيق تماما في جانب السيرة فكلا الخبرين موضوع وهل كان بمكة لابتان؟؟ فما أسخف الوضاعين! وهل أسلم أبو بكر بعد أن فشا خبره - صلى الله عليه وسلم - في مكة؟ وهو أول من أسلم من الرجال فيما ثبتت به الأخبار الصحيحة المستفيضة. كما ذكر طرفا من قصة غزوة بدر تحت قوله تعالى {وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين} (¬1) فقال: في هذه الآية قصص حسن محل استيعابه كتاب سيرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لابن هشام واختصاره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما بلغه ... الخ (¬2) وكذا ذكر بعضا من مشاهد السيرة تحت قوله {ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم} (¬3) (¬4) سابعا: موقفه من الإسرائيليات: وقد نقد المصنف الإسرائيليات في عدة مواضع من تفسيره منها تعليقه على التفسير قوله تعالى: {ولقد فتنا سليمان} (¬5). قال: "قد أكثروا في قصص هذه الآية بما لا يوقف على صحته" (¬6) وتبنى نقد أبي بكر بن العربي في أحكامه ونقل نصه: "وقد قال ابن العربي في توهين هذا القول وتزييفه: وهذا القول ونحوه مذكور في ضعيف الحديث في الترمذي وغيره، وفي الإسرائيليات التي ليس لها أساس ثابت، ولا يعول عليها من له قلب". (¬7) إلا أن ذلك لا يعني أنه أهمل الإسرائيليات تماما بل إنه ذكر جملة منها ومن ذلك: في قوله تعالى {ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه} (¬8) قال: {ألم تر} (¬9) تنبيه وهي رؤية القلب، والذي حاج إبراهيم هو نمروذ بن كنعان ملك زمانه وصاحب النار والبعوضة، قاله مجاهد وغيره. قال قتادة: هو أول من تجبر وهو صاحب الصرح ببابل قيل: إنه ملك الدنيا بأجمعها، وهو أحد الكافرين، والآخر بختنصر، وقيل: إن النمروذ الذي حاج إبراهيم هو نمروذ بن فالخ، وفي قصص هذه المحاجة روايتان إحداهما: ذكر زيد بن أسلم أن النمروذ قعد يأمر للناس بالميرة، فلما جاء قوم قال: من ربكم وإلهكم؟ ¬

(¬1) الأنفال: 7. (¬2) الجواهر 2/ 111. (¬3) التوبة: 25. (¬4) الجواهر 2/ 163. (¬5) ص: 34. (¬6) الجواهر 4/ 39. (¬7) الجواهر 2/ 73. (¬8) البقرة: 258. (¬9) البقرة: 258.

ثامنا: موقفه من اللغة

فيقولون: أنت، فيقول: ميروهم، وجاء إبراهيم عليه السلام يمتار، فقال له: من ربك وإلهك؟ قال إبراهيم: {ربي الذي يحيي ويميت} (¬1) فلما سمعها نمروذ قال: {أنا أحيي وأميت} فعارضه إبراهيم بأمر الشمس {فبهت الذي كفر} وقال: لاتميروه، فرجع إبراهيم إلى أهله دون شيء، فمر على كثيف رمل كالدقيق، فقال: لو ملأت غرارتي من هذا، فإذا دخلت به فرح الصبيان حتى أنظر لهما، فذهب بذلك فلما بلغ منزله فرح الصبيان، وجعلا يلعبان فوق الغرارتين، ونام هو من الإعياء، فقالت امرأته: لو صنعت له طعامًا يجده حاضرًا إذا انتبه، ففتحت إحدى الغرارتين، فوجدت أحسن مايكون من الحواري، فخبزته، فلما قام وضعته بين يديه، فقال: من أين هذا؟ قالت: من الدقيق الذي سقت، فعلم إبراهيم أن الله يسر لهم ذلك. (¬2) وقوله {أو كالذي مر على قرية} (¬3): عطفت (أو) في هذه الآية على المعنى الذي هو التعجب في قوله: {ألم تر إلى الذي حاج} (¬4) قال ابن عباس وغيره: الذي مر على القرية هو عزير، وقال وهب بن منبه وغيره: هو أرميا. قال ابن إسحاق: أرميا هو الخضر، وحكاه النقاش عن وهب بن منبه، واختلف في القرية ماهي؟ فقيل: المؤتفكة، وقال زيد بن أسلم: قرية الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف. وقال وهب بن منبه وغيره: المقدس لما خربها بختنصر البابلي. (¬5) ثامنا: موقفه من اللغة: وهو يهتم ببيان المفردات وذلك مثل قوله: {لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي} (¬6) الدين في هذه الآية هو المعتقد والملة ومقتضى قول زيد بن أسلم. (¬7) {وهي خاوية على عروشها} (¬8): قال: والعريش: سقف البيت، قال السدي: يقول هي ساقطة على سقفها أي سقطت السقف، ثم سقطت الحيطان عليها، وقال غيره: معناه خاوية من الناس، وخاوية معناه خالية، يقال: خوت الدار تخوي خواء وخويا، ويقال: خويت، قال الطبري: والأول أفصح. ¬

(¬1) البقرة: 258. (¬2) الجواهر 1/ 246 - 247. (¬3) البقرة: 259. (¬4) البقرة: 258. (¬5) الجواهر1/ 248. (¬6) البقرة: 256. (¬7) الجواهر1/ 245. (¬8) البقرة: 259.

{الربا} (¬1): قال: هو الزيادة، مأخوذ من ربا يربوا إذا نما وزاد عل ما كان وغالبه ماكانت العرب تفعله من قولها للغريم: أتقضي أم تربي؟ فكان الغريم يزيد في عدد المال ويصبر الطالب عليه. (¬2) وهو يتعرض للإعراب والنحو: ومن ذلك قوله: {من سيئاتكم} (¬3) للتبعيض المحض لا أنها زائدة كما زعم قوم. (¬4) {كلوا مما في الأرض حلالا طيبا} (¬5) الخطاب عام و {ما} بمعنى: الذي، و {حلالا} حال من الضمير العائد على {ما} و {طيبا} نعت، ويصح أن يكون حالاً من الضمير في {كلوا} تقديره مستطيبين. ومن النكات التفسيرية قوله: {عرضها السموات والأرض} (¬6): وخص العرض بالذكر لأنه يدل متى ما ذكر على الطول، والطول إذا ذكر لايدل على قدر العرض، بل قد يكون الطويل يسير العرض، كالخيط ونحوه. {ليغيظ بهم الكفار} (¬7): والغيظ أصل الغضب، وكثيرًا مايتلازمان، ولذلك فسر بعض الناس الغيظ بالغضب، وليس تحرير الأمر كذلك، بل الغيظ حال للنفس لا تظهر على الجوارح، والغضب حال لها تظهر في الجوارح وفعلٍ ما، ولابد، ولهذا جاز إسناد الغضب إلى الله سبحانه، إذ هو عبارة عن أفعاله في المغضوب عليهم، ولا يسند إليه تعالى الغيظ. وهو يقدم الحقيقة على المجاز في التفسير فيقول: " حمل اللفظ على حقيقته أولى إن لم يمنع مانع " (¬8) وهو لايكثر من الشعر: ومن مواضع استدلاله به قوله تحت قوله تعالى {إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله} (¬9): ثم قال تعالى تسلية للمؤمنين {إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله} والأسوة مسلاة للبشر ومنه قول الخنساء: ولولا كثرة الباكين حولي ... على إخوانهم لقتلت نفسي وما يبكون مثل أخي ولكن ... أعزي النفس عنه بالتأسي (¬10) ¬

(¬1) البقرة 275. (¬2) الجواهر1/ 269. (¬3) البقرة: 271. (¬4) الجواهر1/ 264. (¬5) البقرة: 168. (¬6) آل عمران: 133. (¬7) الفتح: 29. (¬8) الجواهر 3/ 124. (¬9) آل عمران: 140. (¬10) الجواهر1/ 495.

تاسعا: موقفه من القراءات

تاسعا: موقفه من القراءات: وهو يهتم بذكر القراءات المتواترة وتوجيهها وإعرابها ولا يذكر الشواذ وجل اعتماده في ذلك على ابن عطية والسفاقسي ومن ذلك قوله: وقرأ ابن كثير وغيره: {ونكفر} بالنون ورفع الراء، وقرأ ابن عامر: {ويكفر} بالياء ورفع الراء، وقرأ نافع وغيره: {ونكفر} بالنون والجزم. فأما رفع الراء فهو على وجهين؛ أحدهما: أن يكون الفعل خبر ابتداء، تقديره: ونحن نكفر، أو والله يكفر، والثاني: القطع والاستئناف، والواو لعطف جملة على جملة، والجزم في الراء أفصح هذه القراءات، لأنها تؤذن بدخول التكفير في الجزاء وكونه مشروطًا إن وقع الإخفاء، وإما رفع الراء فليس فيه هذا المعنى. (¬1) وقال أيضا: وقرأ ابن عامر {هو مولاها} (¬2) (¬3) وقوله: {والأرحام} (¬4) أي واتقوا الأرحام. وقرأ حمزة {والأرحام} بالخفض عطفًا على الضمير كقولهم: أسألك بالله وبالرحم، قاله مجاهد وغيره. قال (ع) وهذه القراءة عند نحاة البصرة لا تجوز، لأنه لا يجوز عندهم أن يعطف ظاهر على مضمر مخفوض إلا في ضرورة الشعر كقوله: فاذهب فما بك والأيام من عجب لأن الضمير المخفوض لا ينفصل، فهو كحرف من الكلمة، ولا يعطف على حرف، واستسهل بعض النحاة هذه القراءة. انتهى كلام (ع) قال (ص:): والصحيح جواز العطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار، كمذهب الكوفيين، ولاترد القراءة المتواترة بمثل مذهب البصريين، قال: وقد أمعنا الكلام عليه في قوله تعالى: {وكفر به والمسجد الحرام} (¬5) انتهى وهو حسن، ونحوه للإمام الفخر. (¬6) ¬

(¬1) الجواهر1/ 264. (¬2) البقرة: 148 وقراءة ابن عامر بفتح اللام وألف بعدها اسم مفعول، والباقون بكسر اللام وياء بعدها اسم فاعل. انظر إتحاف فضلاء البشر ص: 150. (¬3) الجواهر1/ 146. (¬4) النساء: 1. (¬5) البقرة: 217. (¬6) الجواهر1/ 390.

عاشرا: موقفه من الفقه والأصول

عاشرا: موقفه من الفقه والأصول: ولم يرد الثعالبي أن ينهج منهجا فقهيا مبسوطا في تفسيره حيث يقول: "تركت ذلك خشية التطويل وإذ محل بسطها كتب الفقه". (¬1) وعليه فهو يتعرض للفقهيات بدون الإطالة ويركز على قول مالك ومن ذلك قوله: {ولا تباشروهن ...} (¬2) قالت فرقة: المعنى ولا تجامعوهن، وقال الجمهور: ذلك يقع على الجماع فما دونه مما يتلذذ به من النساء و {عاكفون} أي ملازمون، قال مالك رحمه الله وجماعة معه: لااعتكاف إلا في مساجد الجماعات. وروي عن مالك أيضًا أن ذلك في كل مسجد، ويخرج إلى الجمعة كما يخرج إلى ضروري أشغاله. قال ابن العربي في (أحكامه): وحرم الله سبحانه المباشرة في المسجد، وكذلك تحرم خارج المسجد، لأن معنى الآية ولا تباشروهن وأنتم ملتزمون للاعتكاف في المساجد، معتقدون له. (¬3) وقال أيضا: قال ابن العربي: قال علماؤنا وفي الآية دليل على أن ملك اليمين لاحق لها في الوطء والقسم، لأن المعنى {فإن خفتم أن لاتعدلوا} (¬4) في القسم {فواحدة أو ماملكت أيمانكم} (¬5) فجعل سبحانه ملك اليمين كله بمنزلة الواحدة، فانتفى بذلك أن يكون للأمة حق في وطء أو قسم، انتهى من الأحكام. وقد أطال الكلام في النسخ وإثباته (¬6) تحت قوله: {ما ننسخ من آية} (¬7) ومن كلامه أيضا: فمن قال إن السنة المتواترة تنسخ القرآن جعل رجم الرسول دون جلد ناسخًا لجلد الثيب وهذا الذي عليه الأمة أن السنة المتواترة تنسخ القرآن، إذ هما جميعًا وحي من الله سبحانه، ويوجبان جميعًا العلم والعمل، ويتجه عندي في هذه النازلة بعينها أن يقال: إن الناسخ لحكم الجلد هو القرآن المتفق على رفع لفظه، وبقاء حكمه، في قوله تعالى: "والشيخ والشيخة فارجموهما البتة" وهذا نص في الرجم، وقد قرره عمر على المنبر ¬

(¬1) الجواهر 2/ 323. (¬2) البقرة: 187. (¬3) الجواهر1/ 180. (¬4) النساء: 3. (¬5) النساء: 3. (¬6) الجواهر1/ 119 - 120. (¬7) البقرة: 106.

حادي عشر: موقفه من المواعظ والآداب

بمحضر الصحابة. والحديث بكماله في مسلم، والسنة هي المبينة ولفظ البخاري {أو يجعل الله لهن سبيلا} (¬1) الرجم للثيب والجلد للبكر. ويذهب إلى أن العقل لا مجال له في عالم الغيب وأن العبرة في ذلك بصحة النقل ففي صيرورة الحيوانات ترابًا يوم القيامة يقول: "واعلم أني لم أقف على حديث صحيح في عودها ترابًا ... والمعول عليه في هذا: النقل، فإن صح فيه شيء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وجب اعتقاده، وصير إليه، وإلا فلا مدخل للعقل هنا" (¬2) وهو مع ذلك يقول بالقياس وبالتأويل قال: "وفيه دليل على صحة القياس، لأنه علمهم سبحانه الاستدلال بالنشأة الأولى على النشأة الأخرى". (¬3) حادي عشر: موقفه من المواعظ والآداب: لقد أولى المصنف هذا الجانب عناية ملحوظة تميز بها تفسيره فنجده يعلق تعليقات وعظية كثيرة دون أن يطيل فيها ويدعونا أحيانا للتأمل والتدبر في آيات القرآن كقوله مثلا: "ينبغي للمؤمن العاقل أن يتدبر هذه الآية ونظائرها ويقدر في نفسه أنه المقصود بها ". (¬4) وقال تحت قوله تعالى: {لا يسألون الناس إلحافا} (¬5): وينبغي للفقير أن يتعفف في فقره، ويكتفي بعلم ربه قال الشيخ ابن أبي جمرة: وقد قال أهل التوفيق: من لم يرض باليسير فهو أسير انتهى. وذكر عبد الملك بن محمد ابن أبي القاسم ابن الكردبوس في الاكتفاء في أخبار الخلفاء قال: وتكلم علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - بتسع كلمات: ثلاث في المناجاة وثلاث في الحكمة وثلاث في الآداب أما المناجاة فقال: كفاني فخرا أن تكون لي ربا، وكفاني عزا أن أكون لك عبدا، وأنت كما أحب فاجعلني كما تحب. وأما الحكمة فقال: قيمة كل امرئ ما كان يحسنه، وماهلك امرؤ عرف قدر نفسه، والمرء مخبوء تحت لسانه. وأما الآداب فقال: استغن عمن شئت فأنت نظيره، وتفضل على من شئت فأنت أميره، واضرع إلى من شئت فأنت أسيره انتهى. ¬

(¬1) النساء: 15. (¬2) الجواهر 4/ 383. (¬3) الجواهر 4/ 255. (¬4) الجواهر 4/ 105. (¬5) البقرة: 273.

ولما كانت السيما تدل على حال صاحبها ويعرف بها حاله أقامها الله سبحانه مقام الإخبار عن حال صاحبها فقال: {تعرفهم بسيماهم} (¬1) وقد قال الشيخ العارف بالله صاحب الكلم الفارقية والحكم الحقيقية: كل مادل على معنى فقد أخبر عنه ولو كان صامتا، وأشار إليه ولو كان ساكتا، لكن حصول الفهم والمعرفة بحسب اعتبار المعتبر ونظر المتأمل المتدبر. انتهى (¬2) ومنه قوله: حدثني من أثق به أنه جلس عند شيخ من الأفاضل يجود عليه القرآن، فقرئت عليه هذه الآية فبكى عندها ثم بكى إلى أن فاضت نفسه، ومال فحركوه فإذا هو ميت رحمه الله، ونفع به. ياهذا من صحا عقله من سكر هواه وجهله، احترق بنار الندم والخجل من مهابة نظر ربه، وتنكرت صورة حاله في عينه نفوس الأغبياء الجهال، غافلة عن العظمة والجلال، ولاهية عن أهوال العباد والمآل، مشغولة برذائل الأموال، ولا يعلمون أنها فتنة ووبال، وطول حساب وبلاء وبلبال، اغتنموا ياذوي البصائر نعمة الإمهال، واطرحوا خوادع الأماني وكواذب الآمال، فكأن قد فجأتكم هواجم الآجال. انتهى من (الكلم الفارقية في الحكم الحقيقية) (¬3) وقال في سورة النساء: تأمل رحمك الله صدر هذه السورة؛ معظمه إنما هو في شأن الأجوفين البطن والفرج مع اللسان، وهما المهلكان، وأعظم الجوارح آفة وجناية على الإنسان، وقد روينا عن مالك في الموطأ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من وقاه الله شر اثنتين ولج الجنة، مابين لحييه وما بين رجليه، مابين لحييه وما بين رجليه، مابين لحييه وما بين رجليه " (¬4) قال أبو عمر ابن عبد البر في التمهيد: ومعلوم أنه أراد - صلى الله عليه وسلم - مابين لحييه: اللسان، وما بين رجليه: الفرج".والله أعلم (¬5) ¬

(¬1) البقرة: 273. (¬2) الجواهر 1/ 267 - 268. (¬3) الجواهر 1/ 274 - 275. (¬4) الموطأ - كتاب الجامع - باب مايخاف من شر اللسان 2/ 253 عن عطاء بن يسار مرسلا وقال ابن عبد البر: ورد معناه متصلا من حديث جابر وسهل بن سعد وأبي موسى وأبي هريرة (انظر تنوير الحوالك 2/ 253) وحديث سهل أخرجه الترمذي - كتاب الزهد - باب في حفظ اللسان 4/ 606 وقال: حسن صحيح غريب. (¬5) الجواهر 1/ 419.

وقال في قوله تعالى: {ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب} (¬1) قال الأستاذ أبو بكر الطرطوشي في سراج الملوك: ولما ضرب ابن ملجم عليا - رضي الله عنه - أدخل منزله فاعترته غشية، ثم أفاق فدعا أولاده الحسن والحسين ومحمدًا فقال: أوصيكم بتقوى الله في الغيب والشهادة، وكلمة الحق في الرضا والغضب، والقصد في الغنى والفقر، والعدل على الصديق والعدو، والعمل في النشاط والكسل، والرضا عن الله في الشدة والرخاء، يابني! ما شر بعده الجنة بشر، ولاخير بعده النار بخير، وكل نعيم دون الجنة حقير، وكل بلاء دون النار عافية، من أبصر عيب نفسه شغل عن عيب غيره، ومن رضي بقسم الله لم يحزن على مافاته، ومن سل سيف بغي قتل به، ومن حفر لأخيه بئرًا وقع فيها، ومن هتك حجاب أخيه كشف عورات بنيه، ومن نسي خطيئته استعظم خطيئة غيره، ومن استغنى بعقله زل، ومن تكبر على الناس ذل، ومن أعجب برأيه ضل، ومن جالس العلماء وقر، ومن خالط الأنذال احتقر، ومن دخل مداخل السوء اتهم، ومن مزح استخف به، ومن أكثر من شيء عرف به، ومن كثر كلامه كثر خطؤه، ومن كثر خطؤه قل حياؤه، ومن قل حياؤه قل ورعه، ومن قل ورعه مات قلبه، ومن مات قلبه دخل النار ... .الخ. (¬2) وقد اهتم الثعالبي بموضوعات معاصرة لها صلة بحياة المسلمين: منها الجهاد (¬3) وقد ذكر أسباب ضعف أحوال المسلمين وأنها تعود إلى حب الدنيا وكراهية بذل النفوس لله فيقول: ألا ترى إلى حال الصحابة رضي الله عنهم وقلتهم في صدر الإسلام وكيف فتح الله بهم البلاد ودان لدينهم العباد لما بذلوا لله أنفسهم في الجهاد؟ وحالنا اليوم كما ترى عدد أهل الإسلام كثير ونكايتهم في الكفار نزر يسير. وأورد الحديث الذي أخرجه أبو داود (¬4) الذي أوله "يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها ... " ثم علق على ذلك ووصف حال ملوك زمانه وتركهم الجهاد فقال: فانظر رحمك الله فهل هذا ¬

(¬1) النساء: 131. (¬2) الجواهر1/ 501 - 502. (¬3) انظر الجواهر1/ 318، 396، 460. (¬4) السنن - كتاب الملاحم - باب في تداعي الأمم على الإسلام 4/ 111 وقال الألباني: صحيح. (صحيح الجامع رقم 8035).

الزمان إلا زماننا بعينه وتأمل حال ملوكنا إنما همتهم جمع المال من حرام وحلال وإعراضهم عن أمر الجهاد فإنا لله وإنا إليه راجعون على مصائب الإسلام وهذا موقف شجاع من مواقف الثعالبي. كما تكلم عن الرباط في سبيل الله (¬1) والزكاة (¬2) واهتم بشئون المرأة (¬3) وبين أهمية الشورى (¬4) أما موقفه من العلوم الحديثة والرياضة والفلسفة والمعجزات الكونية ونحو ذلك فلا نرى له اهتماما بهذا الجانب، والله أعلم. ¬

(¬1) انظر الجواهر1/ 344 - 345، 2/ 106 - 107. (¬2) انظر الجواهر2/ 127 - 128، 137. (¬3) انظر الجواهر1/ 343، 4/ 117. (¬4) انظر الجواهر1/ 327، 4/ 114.

تفسير ابن باديس من خلال مجالس التذكير

تفسير ابن باديس من خلال مجالس التذكير مؤلف هذا التفسير هو عبد الحميد بن باديس الصنهاجي الجزائري ت 1359 هـ وهو من أهل المنطقة ولد بقسنطينة وتوفي بها. (¬1) التعريف بالتفسير: وتفسير ابن باديس طبع باسم "تفسير ابن باديس في مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير " جمع وترتيب وإعداد وتعليق محمد الصالح رمضان أستاذ بوزارة التربية الجزائرية، وتوفيق محمد شاهين بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر - ط 2 دار الفكر سنة1391 هـ. والكتاب عبارة عن مجالس قرآنية كان ابن باديس يفتتح بها مجلة الشهاب التي كان يتولى إصدارها، وقد جمعها المذكوران في هذا الكتاب بعد أن قام بجمع بعضها أحمد بوشمال. (¬2) المنهج العام للتفسير: وتفسير ابن باديس في الجملة تفسير أدبي اجتماعي يناسب وضعه كدروس تلقى على العامة وغيرهم. والكتاب له مقدمة في التذكير وحاجة الخلق إليه وفي أفضل الأذكار وأنواع الذكر وتلاوة القرآن. (¬3) ثم خطبة افتتاح لدروس التفسير ذكر فيها طريقته في التفسير فقال: هي تفسير الألفاظ بأرجح معانيها اللغوية وحمل التراكيب على أبلغ أساليبها البيانية وربط الآيات بوجوه المناسبات معتمدين في ذلك على صحيح المنقول وسديد المعقول مما ¬

(¬1) تقدمت ترجمته في أهل المنطقة برقم 74. (¬2) انظر ص: 27. (¬3) ص: 29 - 48.

جلاه أئمة السلف المتقدمون أو غاص عليه علماء الخلف المتأخرون رحمة الله عليهم أجمعين وعمدتنا فيما نرجح إليه من كتب الأئمة: 1 - تفسير ابن جرير الطبري الذي يمتاز بالتعاليق السلفية وبأسلوب الترسل البليغ في بيان معنى الآيات القرآنية وبترجماته لأول الأقوال عنده بالصواب. 2 - وتفسير الكشاف الذي يمتاز بذوقه البياني في الأسلوب القرآني وتطبيقه فنون البلاغة على آيات الكتاب، والتنظير لها بكلام العرب واستعمالها في أفانين الكلام. 3 - وتفسير أبي حيان الأندلسي الذي يمتاز بتحقيقاته النحوية واللغوية وتوجيه القراءات. 4 - وتفسير الرازي الذي يمتاز ببحوثه في العلوم الكونية مما يتعلق بالجماد والنبات والحيوان والإنسان وفي العلوم الكلامية ومقالات الفرق والمناظرة والحجاج في ذلك. (¬1) ومجالس ابن باديس تشمل أقساما ستة سورة الإسراء وسورة الفرقان وسورة النمل وسورة يس والمعوذتين ثم آيات متفرقة من سور يوسف والنحل والمائدة والنور ومريم وطه والأنبياء والحج والمؤمنون والذاريات والقسم السابع يعتبر تفسيرا موضوعيا عن العرب في القرآن. وهو يذكر آية أو عدة آيات ثم يتكلم عن مناسبتها ثم يتكلم عن معاني المفردات ثم يشرحها مستخرجا منها الآداب والإعجاز والنكات اللغوية وغير ذلك. وقد تكلم البشير الإبراهيمي عن خصائص تفسير ابن باديس في كلمة سماها "خصائص التفسير الباديسي" انظرها كاملة. (¬2) وهو فيها يعتبر ظهور محمد عبده معجزة ويصفه بأنه إمام المفسرين وأنه قد خلفه ترجمان أفكاره محمد رشيد رضا ثم يجعل إمامة التفسير بعده في العالم الإسلامي كله إلى ابن باديس. (¬3) ¬

(¬1) ص: 50 - 51. (¬2) ص: 19. (¬3) ص: 24 - 27.

المنهج التفصيلي للمؤلف

المنهج التفصيلي للمؤلف: أولا: يلاحظ أن المؤلف لا يتعرض لأسماء السور ولا عد الآي ولا للمكي والمدني ونحو ذلك لأنه ليس تفسيرا شاملا كما ذكرنا. أما المناسبات فهو يهتم بها ومن ذلك قوله: ولما ذكر تعالى آيته ونعمته بالقرآن الذي يهدي للتي هي أقوم ذكر آيته ونعمته بالليل والنهار المتعاقبين على ذلك على هذا الكون الأعظم فقال تعالى: {وجعلنا الليل والنهار آيتين}. (¬1) وانظر أيضا المناسبة في الربط بين الإحسان للوالدين وإفراد الله بالعبادة. (¬2) ثانيا: موقفه من العقيدة: لقد أولى ابن باديس القضايا الاعتقادية اهتماما بينا فعلى الرغم من قلة المادة التفسيرية التي وقفنا عليها نجد أنه تطرق إلى مسائل متعددة من مسائل العقيدة فقد تكلم عن التوحيد وأنه أساس الدين كله (¬3) تحت قوله تعالى: {لا تجعل مع الله إلها آخر فتقعد مذموما مخذولا} (¬4) وتكلم عن أقسام التوحيد توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية والتوحيد العلمي والتوحيد العملي (¬5) وعن أقسام الكفر (¬6) وتكلم عن الأحكام الشرعية والأحكام القدرية تحت قوله تعالى: {وإن من قرية إلا نحن مهلكوها ... ..} (¬7) ثم قال: فما حكم من أحكامه القدرية إلا وله سببه وعلته لا لوجوب أو إيجاب عليه بل بمحض مشيئته ومقتضى عدله وحكمته (¬8). وتطرق للرياء الذي هو شرك أصغر عند قوله تعالى: {ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها} (¬9) فقال: إن قصد الثواب والجزاء على العمل لا ينافي الإخلاص فيه لله. وتكلم عن العامل الذي لا يريد الآخرة أصلا وإنما ¬

(¬1) الإسراء: 12، ص: 57. (¬2) ص: 94 وانظر أيضا ص: 108، 116، 136، 141. (¬3) ص: 87. (¬4) الإسراء: 22. (¬5) ص: 90، 91. (¬6) ص: 213. (¬7) الإسراء: 58. (¬8) ص: 193. (¬9) الإسراء: 19.

أراد الرياء أو منفعة دنيوية وفصل في ذلك تفصيلا جيدا. (¬1) وتحت قوله تعالى {إلا من تاب وآمن ..} (¬2) تساءل هل يخرج غير التائب من النار؟ فقرر العقيدة السلفية من عدم خلود أهل الكبائر كالقاتل والزاني في النار (¬3). ومع كونه امتدادا لمدرسة محمد عبده إلا أنه يرى جواز السحر على النبي - صلى الله عليه وسلم - ويرى أنه من التأثير البدني فقط خلافا لمحمد عبده وذلك في تفسيره لقوله تعالى: {ومن شر النفاثات في العقد} (¬4) (¬5) كما تحدث عن منزلة الدعاء (¬6). وفي الغيبيات يقول تحت قوله تعالى: {ولا تقف ماليس لك به علم} (¬7): ... أحوال مابعد الموت فلا نقول فيها إلا ما كان لنا به علم بما جاء في القرآن العظيم أو ثبت في الحديث الصحيح (¬8). وأما موقفه من البدع: فقد تطرق من ذلك إلى الإنكار على المبتدعة من المشركين الأوائل الذين اخترعوا الرقص والزمر والطواف حول القبور والذبح عندها ونداء أصحابها ... .الخ وذكر فساد ذلك، وحث المسلمين على أن يقتصروا في العبادة على ماثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (¬9) ومن ردوده على الصوفية قوله: زعم قوم أن أكمل أحوال العابد أن يعبد الله تعالى لا طمعا في جنته ولا خوفا من ناره وهذه الآية وغيرها رد قاطع عليهم. الخ يعني قوله {والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم} (¬10) وقد تنازع في ذلك مع أحد هؤلاء ردا وجوابا (¬11). وهو يرفض تفاسير الصوفية التي ليس لها معاني صحيحة في نفسها، ولم تؤخذ من التركيب القرآني أخذا عربيا صحيحا، وليس لها مايشهد من أدلة الشرع؛ فيقول: ... أما مالم تتوفر فيه الشروط المذكورة - وخصوصا الأول والثاني - ¬

(¬1) ص: 70 - 75. (¬2) الفرقان: 70. (¬3) ص: 371 - 374. (¬4) الفلق: 4. (¬5) ص: 633، 634. (¬6) ص: 93. (¬7) الإسراء: 36. (¬8) ص: 160. (¬9) ص: 75 - 76. (¬10) الفرقان: 65. (¬11) ص: 329 - 353 فأطال في تقرير ذلك. وانظر ص: 357 وانظر من كلامه أيضا في العقيدة ص: 181 - 183.

ثالثا: موقفه من تفسير القرآن بالقرآن

فهو الذي لا يجوز في تفسير كلام الله وهو كثير في التفاسير المنسوبة لبعض الصوفية كتفسير أبي عبد الرحمن السلمي من المتقدمين والتفسير المنسوب لابن عربي من المتأخرين. (¬1) ثالثا: موقفه من تفسير القرآن بالقرآن: قال في قوله: {ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وماله في الآخرة من نصيب} (¬2) ونظيرها أيضا آية {من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها ...} (¬3) وقال في قوله: {وننزل من القرآن ماهو شفاء} (¬4) وصف الله تعالى القرآن بأنه شفاء في مواضع من كتابه منها هذه ومنها قوله تعالى {ياأيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين} (¬5) ومنها قوله: {قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء ...} (¬6) رابعا: موقفه من تفسير القرآن بالسنة: ويتميز تفسير ابن باديس بانتقائه للأحاديث في الجملة فغالب أحاديثه صحيحة أو حسنة وهو يعزو الأحاديث لمخرجيها في معظم المواضع (¬7). وهذه ظاهرة عزيزة لا تكاد توجد في أي من التفاسير، فهي حسنة من حسنات ابن باديس رحمه الله. وربما ذكر الحديث بدون عزو أو ذكر لدرجة صحته كقوله: وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء؛ فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة" (¬8). (¬9) وتحت قوله {ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها} (¬10) ¬

(¬1) ص: 444. (¬2) الشورى: 20. (¬3) هود: 15، 16. (¬4) الإسراء: 82. (¬5) يونس: 57. (¬6) فصلت: 44، ص: 225. (¬7) انظر ص: 84، 92، 93، 96، 97، 98، 103، 106، 210، 211، 212. (¬8) ص: 81 وانظر أيضا ص: 98. (¬9) أخرجه مسلم - كتاب الصيد والذبائح - باب الأمر بإحسان الذبح والقتل وتحديد الشفرة 3/ 1548 عن شداد بن أوس. (¬10) الإسراء: 19.

ذكر عدة أحاديث مستطردا: منها قوله: جاء حديث أبي هريرة في الصحيح قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد فأتي به فعرفه نعمه فعرفها قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت. قال: كذبت ولكنك قاتلت لأن يقال: جريء فقد قيل ... ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن ... ورجل وسع الله عليه ... ." الخ (¬1). وقال: حديث أبي هريرة في الصحيح قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال الله تبارك وتعالى " أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه" (¬2). وقال: وسئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن هذا - أي الرجل يبتغي الجهاد وهو يريد من عرض الدنيا - فقال: "لا أجر له"، وقال: رواه أبو داود وابن حبان. (¬3) وكذا قوله: ومن أدلة هذا قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث أبي ذر - رضي الله عنه - عند مسلم: "وفي بضع أحدكم صدقة" قالوا يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: "أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر" (¬4). وبتعرض لأسباب النزول ومن ذلك قوله: {أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة ... .} (¬5) قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: هي في نفر من الإنس كانوا يعبدون نفرا من الجن فأسلم الجن وبقي الإنس على عبادتهم (¬6). ¬

(¬1) ص: 72 والحديث أخرجه مطولا: مسلم - كتاب الإمارة - باب من قاتل للرياء والسمعة استحق النار 3/ 1513. (¬2) ص: 73 والحديث أخرجه مسلم - كتاب الزهد والرقائق - باب تحريم الرياء 4/ 2289. (¬3) الحديث بطوله في سنن أبي داود - كتاب الجهاد - باب فيمن يغزو ويلتمس الدنيا 3/ 14، صحيح ابن حبان 10/ 494. (¬4) ص: 74 أخرجه مسلم - كتاب الزكاة - باب بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف 2/ 697. (¬5) الإسراء: 57. (¬6) ص: 186 أخرجه البخاري - كتاب التفسير - سورة الإسراء باب {قل ادعوا الذين زعمتم من دونه} 8/ 397.

خامسا: موقفه من تفسير القرآن بأقوال السلف

خامسا: موقفه من تفسير القرآن بأقوال السلف: نظرا لاستعمال ابن باديس الأسلوب الأدبي الذي يخاطب مستوى العامة نلاحظ عدم اهتمامه بنسبة الأقوال للمفسرين جملة وبالتالي لم يظهر اهتمامه بالتنصيص على المفسرين من السلف إلا لماما. قال تحت قوله: {واجعلنا للمتقين إماما} (¬1): قال مجاهد التابعي الجليل الثقة الثبت المفسر الكبير: أئمة نقتدي بمن قبلنا ويقتدي بنا من بعدنا. ذكره البخاري ورواه ابن جرير بسند صحيح. (¬2) سادسا: موقفه من السيرة والتاريخ وذكر الغزوات: وربما تطرق ابن باديس لبعض حوادث السبرة والتاريخ ومن ذلك: قال في قوله: {إما يبلغن عندك الكبر} (¬3): يعني الوالدين، وكان والداه - أي النبي - صلى الله عليه وسلم - عليهما الرحمة قد توفيا فلم يدخلا في الخطاب قطعا (¬4). وقال في قوله {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك} (¬5): والمخاطب بهذا الخطاب إما مفرد غير معين فيشمل جمع المكلفين غير النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه كان يأخذ لعياله قوت سنتهم حين أفاء الله عليه النضير وفدك وخيبر (¬6). وقد ذكر بعضا من أهل الجاهلية أحيوا الموءودة تحت قوله تعالى {ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق} (¬7) كزيد بن عمرو بن نفيل وصعصعة بن ناجية (¬8). سابعا: موقفه من الإسرائيليات: وعلى الرغم من محدودية القطع التفسيرية التي نوقع عليها الدراسة، فقد ¬

(¬1) الفرقان: 74. (¬2) ص: 395. (¬3) الإسراء: 23. (¬4) ص: 127 وهذا على قول من يرى إيمان أبويه - صلى الله عليه وسلم - أما من يرى عدم إيمانهما فلا يجوز الترحم عليهما كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " استأذنت ربي أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي ... " أخرجه مسلم - كتاب الجنائز - باب استئذان النبي - صلى الله عليه وسلم - ربه عز وجل في زيارة قبر أمه 2/ 671. (¬5) الإسراء: 29. (¬6) السورة مكية وهذه الآيات قبل ماذكره المصنف بزمان. (¬7) الإسراء: 31. (¬8) ص: 133ومن مراجعه في السيرة كتاب الشفا للقاضي عياض انظر: ص: 214 كما ذكر قصصا تاريخية عن إبراهيم بن المهدي والمأمون ص: 322.

ثامنا: موقفه من اللغة

ظهر موقف ابن باديس من الإسرائيليات في قوله: تحذير: رويت في عظم ملك سليمان روايات كثيرة ليست على شيء من الصحة، ومعظمها من الإسرائيليات الباطلة التي امتلأت بها كتب التفسير، مما تلقي من غير تثبت ولا تمحيص من روايات كعب الأحبار ووهب بن منبه، وروى شيئا من ذلك الحاكم في مستدركه وصرح الذهبي ببطلانه، ومن هذه المبالغات الباطلة أنه ملك الأرض كلها مشارقها ومغاربها، فهذه مملكة عظيمة "سبأ" كانت مستقلة عنه ومجهولة لديه على قرب مابين عاصمتها باليمن وعاصمته بالشام. (¬1) ثامنا: موقفه من اللغة: يهتم المؤلف بشرح المفردات كوسيلة مباشرة لتوضيح المعنى لمن يلقي عليهم دروسه، ومن ذلك قوله في قوله تعالى {وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل} (¬2): {جعلنا الليل}: ... وجعل الشيء هو وضعه على حاله أو كيفية خاصة (¬3). {آيتين}: الآية: العلامة الدالة (¬4). {فمحونا}: المحو هو الإزالة (¬5). وفي قوله {محظورا} (¬6) قال: والحظر: المنع والمحظور الممنوع (¬7). ومن استدلاله بالشعر أحيانا قوله: والأوابون في قوله تعالى {فإنه كان للأوابين غفورا} (¬8) هم الكثيرو الرجوع إلى الله تعالى والأوبة في كلام العرب هي الرجوع قال عبيد: وكل ذي غيبة يؤوب ... وغائب الموت لايؤوب (¬9) وربما ذكر بيت شعر لا على سبيل التوضيح اللغوي: ومن ذلك ما نقله عن البوصيري: كفاك بالعلم في الأمي معجزة ... في الجاهلية والتأديب في اليتم (¬10) ¬

(¬1) ص: 451. (¬2) الإسراء: 12. (¬3) ص: 57. (¬4) ص: 58. (¬5) ص: 60. (¬6) الإسراء: 20. (¬7) ص: 80، وانظر أيضا ص: 88، 116، 122. (¬8) الإسراء: 25. (¬9) ص: 110، وانظر أيضا: ص: 113، 163، 180، 216. (¬10) ص: 61.

وربما تعرض للإعراب أحيانا (¬1). ومن مواضع تعرضه للنكات البلاغية: {كلا نمد هؤلاء} (¬2) قال: قدم المفعول وهو {كلا} ردا على من يعتقد أن الله يمد بعضا دون بعض وفيه إيجاز بالحذف والأصل كلا الفريقين يعني فريق مريدي العاجلة ومريدي الآخرة (¬3). قوله {إنه كان للأوابين غفورا} (¬4): وقد أكد الكلام بإن لتقوية الرجاء في المغفرة وجيء بلفظ كان لتفيد أن ذلك هو شأنه مع خلقه من سابق وهذا مما يقوي الرجاء فيه في اللاحق ... الخ (¬5). وقال {واخفض لهما جناح الذل} (¬6) فشبه الولد في سعيه وحنوه وعطفه على والديه بالطائر في ذلك كله على فراخه وحذف المشبه به وأشير إليه بلازمه وهو خفض الجناح لأن الطائر هو ذو الجناح ... فيكون في الكلام استعارة بالكناية (¬7). كما تكلم عن سر توجيه الخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله {لا تجعل مع الله إلها آخر} (¬8) وتكلم عن سر تنكير إحسانا في قوله {وبالوالدين إحسانا} (¬9) وتكلم عن إعجاز القرآن: ومن ذلك كلامه عن الآيات من قوله: {لا تجعل مع الله إلها آخر فتقعد مذموما مخذولا} (¬10) إلى قوله {لا تجعل مع الله إلها آخر فتلقى في جهنم ملوما مدحورا} (¬11) فقال: فهذه ثمان عشرة آية من سورة الإسراء قد أتت في إيجاز ووضوح على أصول الهداية الإسلامية كلها وأحاطت بأسباب السعادة في الدارين من جميع وجوهها ... ثم بين ذلك مفصلا (¬12). ¬

(¬1) انظر 186. (¬2) الإسراء: 20. (¬3) ص: 80. (¬4) الإسراء: 25. (¬5) ص: 112. (¬6) الإسراء: 24. (¬7) ص: 101، وانظر أيضا ص: 113، 125. (¬8) الإسراء: 22، ص: 89. (¬9) الإسراء: 23، ص: 96، وانظر أيضا ص: 224. (¬10) الإسراء: 22. (¬11) الإسراء: 39. (¬12) ص: 86، وانظر في معجزات القرآن أيضا ص: 190.

تاسعا: موقفه من القراءات

تاسعا: موقفه من القراءات: وربما تعرض ابن باديس للقراءات وهو نادر ومن ذلك قوله في آية {كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها} (¬1): {ذلك} إشارة إلى جميع ماتقدم من المأمورات والمنهيات على قراءة {سيئُهُ} (¬2) فالمكروه هو سيء ماتقدم وهو القبائح المنهي عنها، أو إشارة إلى خصوص القبائح على قراءة {سيئَةً} (¬3). (¬4) عاشرا: موقفه من الفقه والأصول: يتعرض للفقه لماما مثل قوله تحت آية {وبالوالدين إحسانا} (¬5): وإنما تحل مخالفتهما - أي الوالدين - إذا منعاه من واجب عيني أو أمراه بمعصية. ويقول: لأن القيام عليهما فرض عيني والجهاد كان عليه فرض كفاية ولو تعين عليه ولم يكونا عن كفاية قدم القيام عليهما وكفايتهما عليه (¬6). وفي قوله {ولا تقربوا الزنا} (¬7) قال: وقد حمى الشرع الشريف العباد من هذه الفاحشة بما فرض من الحجاب الشرعي وهو ستر الحرة ماعدا وجهها، وجمع ثيابها عند الخروج بالتجلبب وبما حرم من تطيب المرأة وقعقعة حليها عند الخروج وخلوتها بالأجنبي واختلاط النساء بالرجال. وتحت قوله {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما} (¬8): تساءل هل يسلَّم على الكافر؟ قال: نعم. كما قال إبراهيم لأبيه {سلام عليك} (¬9) وقد قال تعالى {قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم} (¬10) ولم يستثن إلا قوله لأبيه لأستغفرن لك (¬11). وقد فات ابن باديس النهي الوارد في السنة الصحيحة من قوله - صلى الله عليه وسلم -: ¬

(¬1) الإسراء: 38. (¬2) قراءة ابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي وخلف بضم الهمز والهاء وإشباع ضمتها على الإضافة والتذكير. (¬3) قراءة الباقين بفتح الهمزة ونصب تاء التأنيث مع التوحيد. انظر إتحاف فضلاء البشر ص: 283. (¬4) ص: 166. (¬5) الإسراء: 23. (¬6) ص: 98. (¬7) الإسراء: 32. (¬8) الفرقان: 63. (¬9) مريم: 47. (¬10) الممتحنة: 4. (¬11) ص: 322.

"لا تبدءوا اليهود ولا النصارى بالسلام فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه" (¬1). وقد تعرض أيضا لحكم تارك الصلاة (¬2). ومن مصادره في الفقهيات ابن العربي المالكي (¬3). ويلاحظ أن ابن باديس ليس ناقلا فقط وإنما يناقش ويحلل ويرجح ومن ذلك كلامه في التهجد تحت قوله {ومن الليل فتهجد به} (¬4) وهل كان مفروضا على النبي - صلى الله عليه وسلم - وحده أم لا؟ (¬5). ومن تفرداته واجتهاداته ماذكره تحت قوله: {أقم الصلاة لدلوك الشمس} (¬6) حيث ذكر قولا ثالثا في تفسيرها وقال: ولم أره لأحد، واللفظ يحتمله: أن ميل الشمس يبتدئ بالزوال وينتهي فيما يرى لنا بالبصر بمغيب الشفق غير أن ميلها في الزوال والغروب مشاهد بمشاهدة ذاتها، وميلها بعد الغروب مستدل عليه بما يشاهد من أخذ الشفق في المغيب إلى أن يغيب بتمامه، ولا شك أن ذلك نتيجة ميلها من وراء الأفق فالصلوات الأربع على هذا واجبة لدلوك الشمس (¬7). وهو يتعرض للأصول أثناء التفسير ومن ذلك: قوله: والمطلق محمول على المقيد في البيان والأحكام. (¬8) وقوله: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب (¬9). وتكلم عن: التقليد وحكمه (¬10). والاجتهاد وخبر الآحاد والفتوى بالدليل (¬11). وفي الحمل على الظاهر (¬12). ومن كلامه: وماأحسن التفسير عندما تعضده الأحاديث الصحاح. (¬13) ويقول: عندما يختلف عليك الرعاة الذين يدعي كل منهم أنه يدعوك إلى الله تعالى فانظر من يدعوك بالقرآن إلى القرآن ومثله ماصح من السنة ¬

(¬1) أخرجه مسلم - كتاب السلام - باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام 4/ 1707 عن أبي هريرة. (¬2) انظر ص: 213. (¬3) انظر ص: 127. (¬4) الإسراء: 79. (¬5) ص: 218 - 220. (¬6) الإسراء: 78. (¬7) ص: 209. (¬8) ص: 67. (¬9) ص: 135. (¬10) ص: 157. (¬11) ص: 158، 159. (¬12) ص: 301. (¬13) ص: 305.

حادي عشر: موقفه من العلوم الحديثة والرياضة والفلسفة والمعجزات الكونية

لأنها تفسيره وبيانه فاتبعه (¬1) .. أما النسخ فهو يرى وقوعه ويرفض الغلو فيه، ومن ذلك قوله في قوله تعالى: {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما} (¬2): فهو أدب مشروع مؤكد وحكم دائم محكم، وهو في معاملات الأفراد كما ترى فلا ينافي ماشرع من الحرب عند وجود أسبابها وتوفر شروطها بين الأمم والجماعات، وهي من الأمور العامة كما ترى، فبطل قول من زعم أن هذه الآية بالنسبة لغير المسلم منسوخة بآية السيف لأن هذه الآية حكمها في حال وآية السيف حكمها في حال أخرى فلا تنسخ إحداهما الأخرى وماأكثر ماقتلت أحكام بآية السيف هذه!! وهي عند التحقيق غير معارضة لمباينة حالها لحالها (¬3). وقوله: ولحديث عائشة رضي الله عنها: إن الله افترض قيام الليل في أول هذه السورة (المزمل) قيام الليل فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه حولا وأمسك الله خاتمتها اثني عشر شهرا حتى أنزل الله في آخر هذه السورة التخفيف فصار قيامه تطوعا بعد فرضه. رواه مسلم. (¬4) حادي عشر: موقفه من العلوم الحديثة والرياضة والفلسفة والمعجزات الكونية: لقد تعرض ابن باديس لبعض الكونيات فنراه يقرر كروية الأرض في تفسيره لقوله تعالى {يكور الليل على النهار} (¬5) (¬6) ويقول في قوله {وجعلنا الليل والنهار آيتين} (¬7) قال: بتعاقبهما مقدرين بأوقات متفاوتة بالزيادة والنقص على نظام محكم وترتيب بديع بحسب الفصول الشتوية والصيفية وبسبب الأمكنة ومناطق الأرض المناطق الاستوائية والقطبية الشمالية والجنوبية وما بينهما حتى يكونا في القطبين ليلة ويوما في السنة، ليلة فيها ستة أشهر هي شتاء القطبين ويوم في ستة أشهر هو صيفهم (¬8). وقد تكلم عن القمر عند علماء الفلك ثم عن المعجزة العلمية في محو القمر بمعنى أنه كان شديد الحمو والحرارة في الأزمان القديمة منذ ملايين ¬

(¬1) ص: 309. (¬2) الفرقان: 63. (¬3) ص: 321. (¬4) ص: 219 والحديث أخرجه مسلم مطولا جدا - كتاب صلاة المسافرين - باب جامع صلاة الليل 1/ 513. (¬5) الزمر: 5. (¬6) ص: 58. (¬7) الإسراء: 13. (¬8) ص: 58.

ثاني عشر: موقفه من المواعظ والآداب

الستين ثم برد وزالت إضاءته على ماهو الآن (¬1). وعند التحقيق فهذه نظرية لا علاقة لها بالآية وهذا إغراق في تطبيق تلك النظريات على الآيات في حين ثبوت خطئها في كثير من الأحيان، والمراد بالمحو ظلمة الليل كما فهمه أهل اللغة الذين نزل القرآن بمخاطبتهم أصلا ونحن لهم تبع. كما تكلم عن استمداد القمر ضوءه من الشمس (¬2). كما عقد ابن باديس فصلا في المدنية الحديثة (¬3). ثاني عشر: موقفه من المواعظ والآداب: وقد اهتم المؤلف بجانب الاجتماعيات والآداب اهتماما كبيرا مع شيء من الوعظ والإرشاد: فمن الآداب والاجتماعيات تكلم في سورة الإسراء مثلا على أصول الهداية وبر الوالدين وصلاح النفوس وإصلاحها والعلم والأخلاق والقول الحسن وغير ذلك. ومن استفاضته في التوجيه والإرشاد تطرقه إلى بر الوالدين بعد موتهما (¬4). وفي قوله تعالى {من كان يريد العاجلة} (¬5) قال: ومن مقتضى هذا أن من أهمل تلك الأسباب الكونية التقديرية الإلهية ولم يأخذ بها لم ينل مسبباتها ولو كان من المؤمنين وهذا معلوم ومشاهد من تاريخ البشر في ماضيهم وحاضرهم. ثم قسم ابن باديس العباد إلى أربعة أقسام: مؤمن آخذ بالأسباب فهو سعيد في الدنيا والآخرة، ودهري تارك لهما فهو شقي فيهما، ومؤمن تارك للأسباب شقي في الدنيا ناج بعد المؤاخذة على ترك الأسباب في الآخرة، ودهري آخذ بالأسباب فهو سعيد في الدنيا هالك في الآخرة. ويقول: فلا يفتتن المسلمين بعد هذا مايرونه من حالهم وحال من لا يدين دينهم ... الخ (¬6). وفي قوله تعالى {فأولئك كان سعيهم مشكورا} (¬7) قال: ¬

(¬1) ص: 60. (¬2) ص: 61، وانظر أيضا ص: 62. (¬3) ص: 152. (¬4) ص: 103. (¬5) الإسراء: 19. (¬6) ص: 68. (¬7) الإسراء: 19.

فهذا كان سعيه مشكورا بثلاثة شروط: أن يقصد بعمله ثواب الآخرة ... ، أن يعمل لهما عملها ... ، أن يكون مؤمنا موقنا بثواب الله ... الخ وتحدث عن المجتمع السعيد ومقوماته (¬1). وله تقسيمات جيدة في أنواع الأمراض وفي التداوي بالقرآن (¬2). ومن توجيهاته الوعظية: قال: فهذه الكلمات القليلة الكثيرة {لتبتغوا فضلا من ربكم} (¬3) جمعت أصول السعادة في هذه الحياة، بالعمل مع الجد فيه والمحبة له والرجاء في ثمرته الذي به قوام العمران وبالرضا والتسليم للمولى الذي به طمأنينة القلب وراحة الضمير وبالكف للقلب واليد عن الناس الذي به الأمن والسلام (¬4). وفي قوله {من كان يريد العاجلة} (¬5) يقول: كل الناس في هذه الحياة حارث وهمام، عامل ومريد، فسفيه ورشيد، وشقي وسعيد، منهم من يريد بأعماله هذه الدار العاجلة والحياة الدنيا عليها قصر همه وعلى حظوظها عقد ضميره ... لايرجو سواها ثوابا ولا يخاف عقابا ... الخ (¬6). ويقول: وإذا أخلصت في رجائك وخوفك هانت عليك نفسك فقمت في طاعته مجاهدا ... .. الخ (¬7). ويقول في قوله تعالى {قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم ...} (¬8): هذه نملة وفت وأدت نحوهم واجبها فكيف بالإنسان العاقل فيما يجب عليه نحو قومه؟ هذه عظة بالغة لمن لا يهتم بأمور قومه، ولا يؤدي الواجب نحوهم، ولمن يرى الخطر داهما لقومه فيسكت أو يتعامى، ولمن يقود الخطر إليهم ويصبه بيده عليهم! آه .. ماأحوجنا معشر المسلمين إلى أمثال هذه النملة! (¬9) ¬

(¬1) ص: 116، وانظر أيضا ص: 82، ص: 195 - 196. (¬2) ص: 226 - 232. (¬3) الإسراء: 12. (¬4) ص: 63. (¬5) الإسراء: 18. (¬6) ص: 65. (¬7) ص: 70، وانظر أيضا ص: 83، 90، 108، 111، 123، 197. (¬8) النمل: 18. (¬9) ص: 435.

تفسير ابن عاشور من خلال كتابه التحرير والتنوير

تفسير ابن عاشور من خلال كتابه التحرير والتنوير مؤلف هذا التفسير هو محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي ت 1393 هـ وهو من أهل المنطقة ولد بتونس وتوفي بها (¬1). التعريف بالتفسير: وتفسيره المسمى بالتحرير والتنوير اسمه الأصلي: "تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد وتفسير الكتاب المجيد". والكتاب له طبعتان: طبعة على هيئة أجزاء متفرقة نشرتها الدار التونسية للنشر، وطبعة في خمس مجلدات، وطبعة قديمة سنة 1384 هـ بمطبعة عيسى البابي الحلبي لم أقف منها على غير الجزء الأول فقط. قدم له المؤلف بتمهيد واف ذكر فيه مراده من هذا التفسير وقال: فجعلت حقًا علي أن أبدي في تفسير القرآن نكتا لم أر من سبقني إليها، وأن أقف موقف الحكم بين طوائف المفسرين تارة لها وآونة عليها، فإن الاقتصار على الحديث المعاد، تعطيل لفيض القرآن الذي ماله من نفاد، ولقد رأيت الناس حول كلام الأقدمين أحد رجلين: رجل معتكف فيما شاده الأقدمون، وآخر آخذ بمعولة في هدم ما مضت عليه القرون وفي تلك الحالتين ضر كثير، وهنالك حالة أخرى ينجبر بها الجناح الكسير، وهي أن نعمد إلى ما أشاده الأقدمون فنهذبه ونزيده وحاشا أن ننقضه أو نبيده، علما بأن غمص فضلهم كفران للنعمة، وجحد مزايا سلفها ليس من حميد خصال الأمة. (¬2) ¬

(¬1) سبقت ترجمته في أهل المنطقة برقم 217. (¬2) 1/ 1 / 7.

المنهج العام للتفسير

وقد ذكر فيها أهم التفاسير في نظره فبدأها بتفسير الكشاف ثم المحرر الوجيز ثم مفاتيح الغيب وتفسير البيضاوي والآلوسي وذكر بعض الحواشي على الكشاف والبيضاوي وتفسير أبي السعود والقرطبي وتقييد الأبي على ابن عرفة وتفسير ابن جرير ودرة التنزيل. ثم قال: ولقصد الاختصار أعرض عن العزو إليها. فكأنها مراجعه الأساسية. ولقد أخر ما حقه التقديم فجعل أولها كتاب الكشاف المعتزلي وجعل في آخرها كتاب ابن جرير أعظم المفسرين وعمدة السابقين واللاحقين مما يعطي الانطباع بأن منهج الشيخ عقلاني أكثر منه أثري. ثم قال: وقد ميزت ما يفتح الله لي من فهم في معاني كتابه وما أجلبه من المسائل العلمية مما لا يذكره المفسرون. (¬1) كما وضح أن فن البلاغة لم يخصه أحد من المفسرين بكتاب كما خصوا أفانين القرآن الأخرى ومن أجل ذلك التزم أن لا يغفل التنبيه على ما يلوح له منه كلما ألهمه. وأخيرًا فهو يمتدح كتابه بقوله: ففيه أحسن ما في التفاسير، وفيه أحسن مما في التفاسير. (¬2) وقد أتبع كلامه عن تفسيره بعشر مقدمات: الأولى: في التفسير والتأويل وتعرض فيه لبيان أن التفسير ليس علمًا إلا على وجه التسامح وناقش ذلك بمقدمات منطقية ترسم أبعادًا لمنهجه العقلاني الذي يتضح من خلال مطالعة تفسيره شيئًا فشيئًا. (¬3) وقد أثنى في تلك المقدمة على تفسيري الكشاف وابن عطية وقال: وكلاهما عضادتا الباب ومرجع من بعدهما من أولي الألباب. (¬4) وسوف يأتي ذكر بقية المقدمات في غضون كلامنا عن المنهج التفصيلي. المنهج العام للتفسير: (¬5) وتفسير التحرير والتنوير بعتير في الجملة تفسيرا بلاغيا بيانا لغويا عقلانيا ¬

(¬1) 1/ 1 / 7. (¬2) 1/ 1 / 8. (¬3) 1/ 1 / 12. (¬4) 1/ 1 / 16. (¬5) وممن تكلم عن منهج ابن عاشور في تفسيره: د بلقاسم الغالي في كتابه شيخ الجامع الأعظم محمد الطاهر ابن عاشور ص: 75 - 85.

المنهج التفصيلي للمؤلف

لا يغفل المأثور ويهتم بالقراءات. وطريقة مؤلفه فيه أن يذكر مقطعا من السورة ثم بشرع في تفسيره مبتدئا بذكر المناسبة ثم لغويات المقطع ثم التفسير الإجمالي ويتعرض فيه للقراءات والفقهيات وغيرها. وهو يقدم عرضا تفصيليا لما في السورة ويتحدث عن ارتباط آياتها. (¬1) المنهج التفصيلي للمؤلف: أولا: أسماء السور وعدد الآيات والوقوف وبيان المناسبات: لقد أفرد ابن عاشور المقدمة الثامنة من مقدماته وجعلها في اسم القرآن وآياته وسوره وترتيبها وأسمائها. ثم هو يتعرض أثناء التفسير لأسماء السور ومن ذلك في سورة الفاتحة إذ يقول: سورة الفاتحة من السور ذات الأسماء الكثيرة. أنهاها صاحب الإتقان إلى نيف وعشرين بين ألقاب وصفات وجرت على ألسنة القراء من عهد السلف، ولم يثبت في السنة الصحيحة والمأثور من أسمائها إلا فاتحة الكتاب، والسبع المثاني، وأم القرآن، أو أم الكتاب، فلنقتصر على بيان هذه الأسماء الثلاثة. (¬2) ومما قاله في تقديمه لكتابه: واهتممت أيضًا ببيان تناسب اتصال الآي بعضها ببعض وبين أن البحث عن تناسب مواقع السور ليس حقًا على المفسر. ويتعرض لمكية السور ومدنيتها وترتيب نزولها كما في الفاتحة والبقرة وغيرهما. (¬3) وفي ترتيب النزول جاء قوله: تحير المفسرون في محل هاته الحروف الواقعة في أول هاته السور، وفي فواتح سور أخرى عدة جميعها تسع وعشرون سورة ومعظمها في السور المكية، وكان بعضها في ثاني سورة نزلت وهى {ن والقلم} (¬4) وأخلق بها أن تكون مثار حيرة ومصدر أقوال متعددة وأبحاث كثيرة (¬5). وعند النظر لأول وهلة يتبين أن تحديد المصنف لتلك السورة بأنها ثاني سورة نزلت ليس بصحيح فإن أولى السور نزولا هي العلق ثم ¬

(¬1) انظر كمثال1/ 1 / 203. (¬2) 1/ 131، وانظر أيضا في أسماء السور1/ 1 / 201. (¬3) انظر1/ 135 - 202. (¬4) القلم: 1. (¬5) 1/ 1 / 206.

ثانيا: موقفه من العقيدة

المدثر والخلاف محصور فيهما مع الفاتحة، فسورة ن هي الرابعة على أقل تقدير. (¬1) وهو يتعرض لعد الآي ومن ذلك قوله في سورة البقرة: وعدد آيها مائتان وخمس وثمانون آية عند أهل العدد بالمدينة ومكة والشام، وست وثمانون عند أهل العدد بالكوفة، وسبع وثمانون عند أهل العدد بالبصرة (¬2). وقد تعرض للخلاف في عد الفواتح. (¬3) ثانيا: موقفه من العقيدة: وهو في العقيدة يسلك مسلك المؤولة: يقول: فوصف الله تعالى بصفات الرحمة في اللغات ناشئ على مقدار عقائد أهلها في ما يجوز على الله ويستحيل، وكان أكثر الأمم مجسمة، ثم يجيء ذلك في لسان الشرائع تعبيرًا على المعاني العالية بأقصى ما تسمح به اللغات مع اعتقاد تنزيه الله عن أعراض المخلوقات بالدليل العام على التنزيه وهو مضمون قول القرآن {ليس كمثله شيء} (¬4) فأهل الإيمان إذا سمعوا أو أطلقوا وصفي: الرحمن الرحيم؛ لا يفهمون منه حصول ذلك الانفعال الملحوظ في حقيقة الرحمة في متعارف اللغة العربية لسطوع أدلة تنزيه الله تعالى عن الأعراض بل إنه يراد بهذا الوصف في جانب الله تعالى إثبات الغرض الأسمى من حقيقة الرحمة وهو صدور آثار الرحمة من الرفق واللطف والإحسان والإعانة لأن ماعدا ذلك من القيود الملحوظة في مسمى الرحمة في متعارف الناس لا أهمية له، لولا أنه لا يمكن بدونه حصول آثاره فيهم ألا ترى أن المرء قد يرحم أحدًا ولا يملك له نفعا لعجز أو نحوه وقد أشار إلى ما قلناه أبو حامد الغزالي في المقصد الأسنى بقوله: الذي يريد قضاء حاجة المحتاج ولا يقضيها فإن كان قادرًا على قضائها لم يسم رحيمًا إذ لو تمت الإرادة لوفى بها وإن كان عاجزا فقد يسمى رحيما باعتبار ما اعتبره من الرحمة والرقة ولكن ناقص. وبهذا تعلم أن إطلاق نحو هذا الوصف على الله تعالى ليس من المتشابه ¬

(¬1) انظر الإتقان 1/ 31 - 33. (¬2) 1/ 1 / 202. (¬3) انظر1/ 1 / 218. (¬4) الشورى: 11.

لتبادر المعنى المراد منه بكثرة استعماله وتحقق تنزه الله عن لوازم المعنى المقصود في الوضع مما لا يليق بجلال الله، كما نطلق العليم على الله مع التيقن بتجرد علمه عن الحاجة إلى النظر والاستدلال وسبق الجهل، وكما نطلق الحي عليه تعالى مع اليقين بتجرد حياته عن العادة والتكون، ونطلق القدرة مع اليقين بتجرد قدرته عن المعالجة والاستعانة، فوصفه تعالى بالرحمن الرحيم من المنقولات الشرعية فقد أثبت القرآن رحمة الله في قوله {ورحمتي وسعت كل شيء} (¬1) فهي منقولة في لسان الشرع إلى إرادة الله إيصال الإحسان إلى مخلوقاته في الحياة الدنيا وغالب الأسماء الحسنى من هذا القبيل. (¬2) ويقول: وإذا كانت حقيقة الغضب يستحيل اتصاف الله تعالى بها، وإسنادها إليه على الحقيقة، للأدلة القطعية الدالة على تنزيه الله تعالى عن التغيرات الذاتية والعرضية؛ فقد وجب على المؤمن صرف إسناد الغضب إلى الله عن معناه الحقيقي، وطريقة أهل العلم والنظر في هذا الصرف أن يصرف اللفظ إلى المجاز بعلاقة اللزوم أو إلى الكناية باللفظ عن لازم معناه، فالذي يكون صفة لله من معنى الغضب هو لازمه، أعني: العقاب والإهانة يوم الجزاء واللعنة أي الإبعاد عن أهل الدين والصلاح في الدنيا أو هو من قبيل التمثيلية. وكان السلف في القرن الأول ومنتصف القرن الثاني يمسكون عن تأويل هذه المتشابهات، لما رأوا في ذلك الإمساك من مصلحة الاشتغال بإقامة الأعمال التي هي مراد الشرع من الناس، فلما نشأ النظر في العلم وطلبوا معرفة حقائق الأشياء وحدث قول الناس في معاني الدين بما لا يلائم الحق، لم يجد أهل العلم بدًا من توسيع أساليب التأويل الصحيح لإفهام المسلم وكبت الملحد، فقام الدين بصنيعهم على قواعده، وتميز المخلص له عن ماكره وجاحده، وكل فيما صنعوا على هدى. وبعد البيان لا يرجع إلى الإجمال أبدًا، (¬3) وما تأولوه ¬

(¬1) الأعراف: 156. (¬2) 1/ 169 - 170. (¬3) ما أجمل منهج السلف في هذا الباب وماذا أفاد الخوض فيه من خاضه وهل لا يكبت المعاند التمسك بالنفي والإثبات؟ فننفي عن الله المثيل والشبيه ونثبت له ماأثبته على مراده وكما يليق بجلاله، وما أجمل تلك القاعدتين المفحمتين لكل متكلم: القول في الصفات فرع عن الكلام في الذات. القول في بعض الصفات كالقول في بعضها الآخر. ورحم الله الرازي إذ يقول: نهاية إقدام العقول عقال ... وغاية سعي العالمين ضلال وأرواحنا في وحشة من جسومنا ... وحاصل دنيانا أذى ووبال ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا ... سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا لقد تأملت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية، فما رأيتها تشفي عليلا ولا تروي غليلا، ورأيت أقرب الطرق طريقة القرآن، أقرأ في الإثبات: {الرحمن على العرش استوى} طه: 5 {إليه يصعد الكلم الطيب} فاطر: 10 وأقرأ في النفي {ليس كمثل شيء} الشورى: 11 {ولا يحيطون به علما} طه: 110 ثم قال: ومن جرب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي. أ. هـ فماذا بعد الحق إلا الضلال؟ وانظر: تصحيح المفاهيم في جوانب من العقيدة ص: 22 - 32، شرح العقيدة الطحاوية ص: 167 - 170.

إلا بما هو معروف في لسان العرب مفهوم لأهله. فغضب الله تعالى على العموم يرجع إلى معاملته الحائدين عن هديه العاصين لأوامره ويترتب عليه الانتقام وهو مراتب أقصاها عقاب المشركين والمنافقين بالخلود في الدرك الأسفل من النار ودون الغضب الكراهية. (¬1) وقد يستطرد أحيانا في تلك القضايا المتعلقة بالصفات ويكفي القارئ لمعرفة مدى الاستطراد الذي وقع فيه المؤلف الخارج عن نطاق التفسير أن يقرأ هذه الفقرة التي ساقها ضمن كلامه الطويل عن الحمد: قال: ... ومنه أنه يكون ثناء على الجميل الاختياري: وبهذا يندفع الإشكال عن حمدنا الله تعالى على صفاته الذاتية كالعلم والقدرة دون صفات الأفعال، وإن كان اندفاعه على اختيار الجمهور أيضًا ظاهرا؛ فإن ما ورد عليهم من أن مذهبهم يستلزم أن لا يحمد الله تعالى على صفاته لأنها ذاتية، فلا توصف بالاختيار إذ الاختيار يستلزم إمكان الاتصاف. وقد أجابوا عنه إما بأن تلك الصفات العلية نزلت منزلة الاختيارية لاستقلال موصوفها وإما بأن ترتب الآثار الاختيارية عليها يجعلها كالاختيارية، وإما بأن المراد بالاختيارية ¬

(¬1) 1/ 197 - 198.

أن يكون المحمود فاعلا بالاختيار وإن لم يكن المحمود عليه اختياريًا. وعندي أن الجواب أن نقول: إن شرط الاختياري في حقيقة الحمد - عند مثبته - لإخراج الصفات غير الاختيارية، لأن غير الاختياري فينا ليس من صفات الكمال إذ لا تترتب عليها الآثار الموجبة للحمد، فكان شرط الاختيار في حمدنا زيادة في تحقق كمال المحمود، أما عدم الاختيار المختص بالصفات الذاتية الإلهية فإنه ليس عبارة عن نقص في صفاته، ولكنه كمال نشأ من وجوب الصفة للذات لقدم الصفة فعدم الاختيار في صفات الله تعالى زيادة في الكمال لأن أمثال تلك الصفات فينا لا تكون واجبة للذات ملازمة لها، فكان عدم الاختيار في صفات الله تعالى دليلا على زيادة الكمال، وفينا دليلا على النقص. وما كان نقصًا فينا باعتبار ما، قد يكون كمالا لله تعالى باعتبار آخر، مثل عدم الولد، فلا حاجة إلى الأجوبة المبنية على التنزيل إما باعتبار الصفة أو باعتبار الموصوف، على أن توجيه الثناء إلى الله تعالى بمادة (حمد) هو أقصى ما تسمى به اللغة الموضوعة لأداء المعاني المتعارفة لدى أهل تلك اللغة، فلما طرأت عليهم المدارك المتعلقة بالحقائق العالية عبر لهم عنها بأقصى ما يقربها من كلامهم. (¬1) ويقول في خلق الأفعال وقضية اللطف وهو كلام يشم منه رائحة الاعتزال: {فزادهم الله مرضا} (¬2) وإنما أسندت زيادة مرض قلوبهم إلى الله تعالى مع أن زيادة هاته الأمراض القلبية من ذاتها، لأن الله تعالى لما خلق هذا التولد وأسبابه وكان أمره خفيا، نبه الناس على خطر الاسترسال في النوايا الخبيثة والأعمال المنكرة، وأنه من شأنه أن يزيد تلك النوايا تمكنا من القلب فيعسر أو يتعذر الإقلاع عنها بعد تمكنها، وأسندت تلك الزيادة إلى اسمه تعالى لأن الله غضب عليهم فأهملهم وشأنهم ولم يتداركهم بلطفه الذي يوقظهم من غفلاتهم لينبه المسلمين إلى خطر أمرها وأنها مما يعسر إقلاع أصحابها عنها ليكون حذرهم من معاملتهم أشد ما يمكن. وله كلام جيد في تقدير المحذوف في لا إله إلا الله: قال: قد أفادت ¬

(¬1) 1/ 156. (¬2) البقرة: 10.

جملة (لا إله إلا هو) التوحيد لأنها نفت حقيقة الألوهية عن غير الله تعالى. وخبر" لا" محذوف دل عليه ما في" لا "من معنى النفي لأن كل سامع يعلم أن المراد نفي هذه الحقيقة فالتقدير لا إله موجود إلا هو، وقد عرضت حيرة للنحاة في تقدير الخبر في هاته الكلمة ... الخ (¬1) كما تعرض للخلاف في مسمى الإيمان فأطال فيه إطالة خرجت عن حد التفسير (¬2) وتورط فيها ورطة كبيرة كما سيأتي في نهاية حديثنا عن هذا التفسير. وله ردود ومناقشات مع الفرق ومن ذلك: حملته في المقدمة الثالثة على تفسير الباطنية وقد عرج على التفسير الإشاري وخرجه تخريجًا يوحي بقبوله له وقال في بعض أنحائه: ورأيت الشيخ محيي الدين يسمي هذا النوع سماعًا ولقد أبدع. (¬3) وقد تعرض للإباضية وقولهم في الإيمان (¬4) كما تعرض لبعض الخلافات بين الأشاعرة والمعتزلة (¬5) وابن عاشور يؤخذ عليه أنه ينقل عن أناس معروفين بالزيغ في باب الاعتقاد فهو ينقل عن ابن سينا (¬6) وأمثاله إذ يقول بعد ذكر كلام للرازي: قلت: ولم يسم الإمام المرتبة الثالثة باسم والظاهر أنها ملحقة في الاسم ¬

(¬1) 2/ 1 / 75. (¬2) 1/ 1 / 266، 274. (¬3) 1/ 1 / 36. (¬4) انظر1/ 1 / 268. (¬5) 1/ 1 / 235، 257. (¬6) الحسين بن عبد الله الرئيس الفيلسوف كان أبوه من دعاة الإسماعيلية قال الذهبي: هو رأس الفلاسفة الإسلامية لم يأت بعد الفارابي مثله فالحمد لله على الإسلام والسنة وله كتاب الشفاء وغيره وأشياء لاتحتمل وقد كفره الغزالي في كتاب المنقذ من الضلال وكفر الفارابي (سير أعلام النبلاء 17/ 531) وقال أيضا الذهبي: ماأعلمه روى شيئا من العلم ولو روى لماحلت الرواية عنه لأنه فلسفي النحلة ضال لارضي الله عنه. وقال ابن أبي الحموي: وقد اتفق العلماء على أن ابن سينا كان يقول بقدم العالم ونفي المعاد الجسماني ولا ينكر الميعاد النفساني ونقل عنه أنه قال: إن الله لا يعلم عن الجزئيات بعلم جزئي بل بعلم كلي فقطع علماء زمانه ومن بعدهم من الأئمة ممن يعتبر قولهم أصولا وفروعا بكفره وبكفر أبي نصر الفارابي من أجل اعتقاده هذه المسائل وإنها حلاف إعتقاد المسلمين. (انظر لسان الميزان 2/ 291 - 293).

ثالثا: موقفه من تفسير القرآن بالقرآن

في المرتبة الثالثة أعني العبودية لأن الشيخ ابن سينا قال في الإشارات: العارف يريد الحق لا لشيء غيره ولا يؤثر شيئًا على عرفانه وتعبده له فقط لأنه مستحق للعبادة ولأنها نسبة شريفة إليه لا لرغبة أو رهبة أ. هـ فجعلهما حالة واحدة. (¬1) كما ينقل عنه مرة ثانية بعدها بصفحة فيقول: وأقل منه قول الشيخ ابن سينا في الإشارات: لما لم يكن الإنسان بحيث يستقل وحده بأمر نفسه إلا بمشاركة آخر من بني جنسه وبمعاوضة ومعارضة تجريان بينهما يفرغ كل واحدة منهما لصاحبه عن مهم لو تولاه لنفسه لازدحم على الواحد كثير وكان مما يتعسر إن أمكن، وجب أن يكون بين الناس معاملة وعدل يحفظه شرع يفرضه شارع متميز باستحقاق الطاعة، ووجب أن يكون للمحسن والمسيء جزاء من عند القدير الخبير، فوجب معرفة المجازي والشارع، وأن يكون مع المعرفة سبب حافظ للمعرفة ففرضت عليهم العبادة المذكِّرة للمعبود، وكررت عليهم ليستحفظ التذكير بالتكرير أ. هـ (¬2) وتقدم نقله عن ابن عربي. (¬3) كما تأثر بمن لديه انحراف في عقيدته ونقل عنه كثيرا أمثال الزمخشري، وهو يثني على الغزالي وينقل عنه كثيرًا أيضا. (¬4) ثالثا: موقفه من تفسير القرآن بالقرآن: ومن مواضع تفسير ابن عاشور للقرآن بالقرآن وهي تكاد تكون نادرة وغير مباشرة قوله: {يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم} (¬5) قال: وقيل: أريد بالذين آمنوا الذين أظهروا الإيمان فتكون خطابا للمنافقين فيؤول قوله {الذين آمنوا} بمعنى أظهروا الإيمان فيكون تهكما بهم على حد قوله {وقالوا ياأيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون} (¬6) فيكون خطابا للمنافقين ... الخ. (¬7) وقال: والعلو في قوله {ولتعلن علوا كبيرا} (¬8) مجاز في الطغيان والعصيان كقوله كقوله {إن فرعون علا في الأرض} (¬9) وقوله ¬

(¬1) 1/ 1 / 181. (¬2) 1/ 1 / 182. (¬3) وانظر أيضا1/ 1 / 207، 210. (¬4) انظر كمثال 1/ 34، 42. (¬5) البقرة: 108. (¬6) الحجر: 6. (¬7) 2/ 2 / 277. (¬8) الإسراء: 4. (¬9) القصص: 4.

رابعا: موقفه من تفسير القرآن بالسنة

{إنه كان عاليا من المسرفين} (¬1) وقوله {ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين} (¬2) تشبيها للتكبر والطغيان بالعلو على الشيء لامتلاكه تشبيه معقول بمحسوس. (¬3) رابعا: موقفه من تفسير القرآن بالسنة: وأفرد ابن عاشور المقدمة الثالثة من مقدماته العشر: في صحة التفسير بغير المأثور ومعنى التفسير بالرأي وقد انتقد فيها كتب التفسير بالمأثور حتى تجاوز الانتقاد إلى ذكر ما ليس بحقيقة كقوله: وإن أرادوا بالمأثور ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن الصحابة خاصة وهو ما يظهر من صنيع السيوطي في تفسيره الدر المنثور. لم يتسع ذلك المضيق إلا قليلا ولم يغن عن أهل التفسير فتيلا. (¬4) وهذا غير صحيح فالدر المنثور جامع لأقوال التابعين وبعض تابعي التابعين أكثر مما جمع عن الصحابة. وقد انتقد الطبري وقال عن طريقته: وذلك طريق ليس بنهج وقد سبقه إليه بقي ابن مخلد ولم نقف على تفسيره، وشاكل الطبري فيه معاصروه، مثل ابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم، فلله در الذين لم يحبسوا أنفسهم في تفسير القرآن على ما هو مأثور مثل الفراء وأبي عبيدة من الأولين، والزجاج والرماني ممن بعدهم، ثم الذين سلكوا طريقهم مثل الزمخشري وابن عطية. (¬5) وأقول: بل لله در من حبسوا نفسهم على منهاج أولهم ولم تزل أقدامهم في مازلت فيه أقدام غيرهم ممن خرجوا من القفص لحتفهم. أما موقفه من الحديث فيتعرض له على وجه التفسير وربما جاء به لدلالة لغوية ونحوها. وهو في الغالب يذكر الأحاديث بدون تخريج (¬6). وربما ذكر التخريج وهو قليل (¬7). وقد يخالف المصنف عادته لحاجة في نفس يعقوب ومن ذلك كلامه ¬

(¬1) الدخان: 31. (¬2) النمل: 31. (¬3) 15/ 30. (¬4) 1/ 1 / 32. (¬5) 1/ 33. (¬6) انظر 1/ 1 / 275، 311، 333، 2/ 1 / 44، 47، 54، 69، 03، 149. (¬7) انظر 1/ 1 / 154، 202، 2/ 1 / 70، 71، 81.

عن حديث تحويل القبلة حيث لم يكتف بالتخريج ولا بالصناعة الحديثية بل ذكر أيضا طرفا من الأسانيد فقال عند قوله {سيقول السفهاء من الناس ماولاهم عن قبلتهم} (¬1): ولذلك جزم أصحاب هذا القول بأن هذه الآية نزلت بعد نسخ استقبال بيت المقدس ورووا ذلك عن مجاهد. وروى البخاري في كتاب الصلاة (¬2) من طريق عبدالله بن رجاء عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء حديث تحويل القبلة ووقع فيه: فقال السفهاء - وهم اليهود -: {ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها} {قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم}. وأخرجه في كتاب الإيمان (¬3) من طريق عمرو بن خالد عن زهير عن أبي إسحاق عن البراء بغير هذه الزيادة، ولكن قال عوضها: وكانت اليهود قد أعجبهم إذ كان يصلي قبل بيت القدس، وأهل الكتاب، فلما ولى وجهه قبل البيت أنكروا ذلك. وأخرجه في كتاب التفسير (¬4) من طريق أبي نعيم عن زهير بدون شيء من هاتين الزيادتين، والظاهر أن الزيادة الأولى مدرجة من إسرائيل عن أبي إسحاق، والزيادة الثانية مدرجة من عمرو بن خالد لأن مسلما والترمذي والنسائي قد رووا حديث البراء عن أبي إسحاق من غير طريق إسرائيل ولم يكن فيه إحدى الزيادتين، فاحتاجوا إلى تأويل حرف الاستقبال من قوله {سيقول السفهاء} بمعنى التحقيق لا غير، أي قد قال السفهاء: ماولاهم (¬5). وهذا التخريج المطول - بالنسبة للتفسير - لاقيمة له من حيث الصناعة الحديثية لإثبات الإدراج في الحديث، ولابد في ذلك من نص عالم متخصص من الحفاظ على ذلك الإدراج أو التتبع الكامل لجميع طرق الحديث ثم عرضها على قواعد أهل المصطلح للوصول لتلك الدعوى العريضة. وهو أحيانا يغض طرفه عن مشهور الحديث بعبارة مقتضبة لعدم قناعته بالتفسير المترتب عليه ومن ذلك: قوله {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} (¬6) ¬

(¬1) البقرة: 142. (¬2) باب التوجه نحو القبلة 1/ 502 وفيه: وقال السفهاء من الناس - وهم اليهود ... الخ. (¬3) باب الصلاة من الإيمان 1/ 95. (¬4) باب {سيقول السفهاء ...} 8/ 171. (¬5) 2/ 1 / 6، 7. (¬6) الفاتحة: 7.

قال: فالمغضوب عليهم: جنس للفرق التي تعمدت ذلك واستخفت بالديانة عن عمد أو تأويل بعيد جدًا، والضالون: جنس للفرق التي أخطأت الدين عن سوء فهم وقلة إصغاء، وكلا الفريقين مذموم لأننا مأمورون باتباع سبيل الحق وصرف الجهد إلى إصابته، واليهود من الفريق الأول والنصارى من الفريق الثاني وما ورد في الأثر مما ظاهره تفسير {المغضوب عليهم} باليهود و {الضالين بالنصارى} فهو إشارة إلى أن في الآية تعريضًا بهذين الفريقين اللذين حق عليهما هذان الوصفان لأن كلا منهما صار علما فيما أريد التعريض به فيه. (¬1) فقوله: "وما ورد في الأثر مما ظاهره .. "واضح جدا فيما ذكرته، وتفسير الآية بذلك يعتبر نصا فيها لا ظاهرا كما يوهم كلامه وهو حديث مشهور رواه عدة واتفق السلف على تفسير الآية بذلك حتى قال ابن أبي حاتم: لا أعلم بين المفسرين في هذا الحرف خلافا. (¬2) وربما نقد بعض الأحاديث (¬3) ثم تناقض. (¬4) وقد وهم في حديث نسبه للنبي - صلى الله عليه وسلم - وهو من مشهور كلام علي بن أبي طالب وذلك في قوله: فالعالم يحرم عليه أن يكتم من علمه ما فيه هدى للناس لأن كتم الهدى إيقاع في الضلالة سواء في ذلك العلم الذي بلغة إليه في تاريخ الخبر كالقرآن والسنة الصحيحة والعلم الذي يحصل عن النظر كالاجتهادات إذا بلغة مبلغ غلبة الظن بأن فيها خيرًا للمسلمين، ويحرم عليه بطريق القياس الذي تومئ إليه العلة أن يثبت في الناس ما يوقعهم في أوهام بأن يلقنها وهو لا يحسن تزيلها ولا تأويلها، فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "حدثوا الناس بما يفهمون أتحبون أن يكذب الله ورسوله؟ " (¬5) وكذلك كل ما يعلم أن الناس لا يحسنون وضعه (¬6). وهو يتعرض لذكر أسباب النزول وقد أفرد لها المقدمة الخامسة حيث ¬

(¬1) 1/ 196. (¬2) التفسير 1/ 23. (¬3) انظر: 2/ 1 / 24، 52. (¬4) انظر: 2/ 1 / 53. (¬5) رواه البخاري في صحيحه - كتاب العلم - باب من خص بالعلم قوما دون قوم 1/ 225 عن علي بن أبي طالب من قوله هو وليس حديثا كما ذكرت. (¬6) 2/ 1 / 69، 70، 71.

خامسا: موقفه من تفسير القرآن بأقوال السلف

تكلم فيها عن فوائدها وأنكر على من توسع فيها وخلط الغث بالسمين. ومن مواضع ذكره لأسباب النزول ماتقدم في قضية تحويل القبلة. ومنه أيضا قوله في آية {ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض} (¬1): ... فنزلت لبيان الأمر الأجدر فيما جرى في شأن الأسرى في وقعت بدر. وذلك مارواه مسلم عن ابن عباس والترمذي عن ابن مسعود ما مختصره أن المسلمين لما أسروا الأسارى، قال أبو بكر: يانبي الله هم بنو العم والعشيرة أرى أن تأخذ منهم فدية فتكون لنا قوة على الكفار، فعسى الله أن يهديهم للإسلام وقال عمر: أرى أن تمكننا فنضرب أعناقهم فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها. فهوي رسول الله ما قال أبو بكر فأخذ منهم الفداء. (¬2) كما رواه أحمد عن ابن عباس فأنزل الله {ما كان لنبي أن يكون له أسرى}. (¬3) خامسا: موقفه من تفسير القرآن بأقوال السلف: أما أقوال الصحابة والتابعين فلا يكثر نقلها وهو في نقله غالبا تابع لابن عطية والرازي ونحوهما لا عن المصادر الأساسية، وأما أكثر نقوله فهي عن المتأخرين أمثال الرازي والغزالي وصاحب الكشاف والسكاكي والسيالكوتي والتفتازاني ونحوهم. ومن مواضع نقله عن السلف قوله: ويعضدنا في هذا ما ذكر الفخر عن ابن عباس والبراء بن عازب والحسن أن المراد بالسفهاء المشركون (¬4). (¬5) ومن المواضع التي تستحق التنبيه لتعلقها بتفسير السلف قوله: ... مثل اللات يزعم العرب أنه رجل كان يلت السويق للحجيج وأن أصله اللاتّ. (¬6) وهذا الذي ذكره ليس زعما للعرب بل هو تفسير صحيح ثابت عن حبر الأمة وترجمان القرآن ابن عباس (¬7). ¬

(¬1) الأنفال: 67. (¬2) انظر صحيح مسلم - كتاب الجهاد والسير - باب الإمداد بالملائكة في غزوة بدر 3/ 1385. (¬3) 10/ 72 - 73 وانظر أيضا في أسباب النزول 2/ 1 / 11، 60. (¬4) 2/ 1 / 6. (¬5) وانظر أيضا 2/ 1 / 163، 164. (¬6) انظر 2/ 1 / 94. (¬7) أخرجه البخاري - كتاب التفسير - باب {أفرأيتم اللات والعزى} النجم: 19 - 8/ 611.

سادسا: موقفه من السيرة والتاريخ وذكر الغزوات

سادسا: موقفه من السيرة والتاريخ وذكر الغزوات: والمصنف يتعرض للسيرة في مناسبات كثيرة منها ماتقدم في أسارى بدر. (¬1) ومن مواضع تعرضه للأمور التاريخية حديثه عن شهور العرب وإطالته فيها تحت قوله تعالى {شهر رمضان} (¬2). سابعا: موقفه من الإسرائيليات: والمصنف إذ ينعى على التفسير بالمأثور إغراقه في الإسرائيليات ونقلها عن أئمة أهل الكتاب ممن أسلم أمثال عبد الله بن سلام - رضي الله عنه - ووهب بن منبه وكعب ابتكر تعاملا جديدا معها وهو النقل المباشر من الأسفار ومن ذلك (¬3): قوله: وقد جاء ذكر اللعنة على إضاعة عهد الله في التوراة مرات وأشهرها العهد الذي أخذه موسى على بني إسرائيل في (حواريب) حسبما جاء في سفر الخروج في الإصحاح الرابع والعشرين، والعهد الذي أخذه عليهم في (مؤاب) وهو الذي فيه اللعنة على من تركه وهو في سفر التثنية في الإصحاح الثامن والعشرين والإصحاح التاسع والعشرين ومنه: أنتم واقفون اليوم جميعكم أمام الرب إلهكم ... لكي تدخلوا في عهد الرب وقسمه لئلا يكون فيكم اليوم منصرف عن الرب ... الخ (¬4) ثامنا: موقفه من اللغة: ومما قاله المصنف في تقديمه لكتابه: وقد اهتممت في تفسيري هذا ببيان وجوه الإعجاز ونكت البلاغة العربية وأساليب الاستعمال. وقال: واهتممت بتبيين معاني المفردات في اللغة بضبط وتحقيق مما خلت عن ضبطه وتحقيقه كثير منه قواميس اللغة. وهو كما قال فعلا حيث خرج من التفسير إلى إضافة قاموس لغوي لمفردات القرآن ومن أمثلة ذلك: ¬

(¬1) وانظر في ذلك أيضا 1/ 1 / 263، 264، 2/ 1 / 173. (¬2) انظر 2/ 1 / 169، 171. (¬3) انظر 2/ 1 / 68 (¬4) وانظر أيضا في النقل عن أسفار التوراة 2/ 1 / 9، 143، 175، وفي الإسرائيليات أيضا 2/ 2 / 487 - 488.

الإطناب في كلمة حجارة (¬1) الإطناب الشديد في فواتح السور (¬2) وجعل المقدمة الثانية: في استمداد علم التفسير وركز على أهمية علمي البيان والمعاني ثم الشعر وبهما صدر العلوم التي يستمد منها التفسير فقدم ما حقه التأخير وأخر ما حقه التقديم. (¬3) وجعل المقدمة التاسعة: في أن المعاني التي تتحملها جمل القرآن تعتبر مرادة بها. وأما المقدمة العاشرة والأخيرة فكانت في إعجاز القرآن ويقول فيها: وإن علاقة هذه المقدمة بالتفسير هي أن مفسر القرآن لا يعد تفسيره لمعاني القرآن بالغًا حد الكمال في غرضه ما لم يكن مشتملاً على بيان دقائق من وجوه البلاغة في آيه المفسرة بمقدار ما تسموا إليه الهمة من تطويل واختصار. (¬4) وفي هذا مبالغة مكشوفة فإن تفسير ترجمان القرآن وحبر الأمة على الإطلاق كان خاليا مما ذكر ثم من بعده من أئمة التفسير من الصحابة الكبار والتابعين الأبرار الذين أجمعت الأمة على إمامتهم في ذلك الفن لم يتعرضوا لما ذكر، ثم جهابذة المفسرين المشهود لهم أمثال الإمام مالك والإمام أحمد وبقي بن مخلد والنسائي وابن أبي حاتم والطبري ثم ابن كثير وغيرهم لم يتعرضوا لما ذكر أيضا. ومن إطناباته اللغوية التي خرجت عن حد التفسير والتي هي كثيرة: كلامه عن اشتقاق كلمة الفاتحة في قريب من صفحة كاملة. (¬5) كما أفاض في وجه إضافة سورة إلى فاتحة الكتاب بما يقرب من صفحة أيضًا. (¬6) وكذا في أصل كلمة بسملة أكثر من صفحة كاملة. (¬7) وفي متعلق الباء. (¬8) وفي اشتقاق كلمة اسم. (¬9) وفي الفرق بين الحمد والثناء والمدح. (¬10) كما نقل بابا من كلام سيبويه باختصار فوقع في أكثر من ¬

(¬1) 1/ 1 / 344. (¬2) 1/ 1 / 207 - 218. (¬3) 1/ 1 / 18 - 23. (¬4) 1/ 1 / 102. (¬5) 1/ 1 / 131. (¬6) 1/ 1 / 132. (¬7) 1/ 1 / 137. (¬8) 1/ 1 / 146 - 147. (¬9) 1/ 1 / 147 - 151. (¬10) 1/ 1 / 154 - 158.

صفحة كاملة وهو باب ما ينصب من المصادر على إضمار الفعل غير المستعمل إظهاره. (¬1) وفي جملة الحمد هل هي إنشائية أم خبرية. (¬2) وهو لاشك متمكن من اللغة وإمام بارع فيها وله إضافات جميلة ومن ذلك قوله عند قوله تعالى {وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد} (¬3) وقد عن لى في بيان إيقاعهم الفساد أنه مراتب: أولها: إفسادهم أنفسهم بالإصرار على تلك الأدواء القلبية التى أشرنا إليها فيما مضى وما يترتب عليها من المذام ويتولد من المفاسد. الثانية: إفسادهم الناس ببث تلك الصفات والدعوة إليها وإفسادهم أبناءهم وعيالهم في اقتدائهم بهم في مساوئهم كما قال نوح عليه السلام {إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا} (¬4) الثالثة: إفسادهم بالأفعال التي ينشأ عنها فساد المجتمع، كإلقاء النميمة والعداوة وتسعير الفتن وتأليب الأحزاب على المسلمين وإحداث العقبات في طريق المصلحين. والإفساد: فعل ما به الفساد، والهمزة فيه للجعل أي جعل الأشياء فاسدة في الأرض. والفساد أصله استحالة منفعة الشيء النافع إلى مضر به أو بغيره، وقد يطلق على وجود الشيء مشتملا على مضرة، وإن لم يكن فيه نفع من قبل يقال: فسد الشيء بعد أن كان صالحا، ويقال: فاسد إذا وجد فاسدا من أول وهلة، وكذلك يقال: أفسد إذا عمد إلى شيء صالح فأزال صلاحه، ويقال: أفسد إذا أوجد فسادا من أول الأمر. والأظهر أن الفساد موضوع للقدر المشترك في الأطعمة، ومنه إزالة الأشياء النافعة كالحرق والقتل للبرآء، ومنه إفساد الأنظمة كالفتن والجور، ومنه إفساد المساعي كتكثير الجهل وتعليم الدعارة وتحسين الكفر ومناوأة الصالحين، ولعل المنافقين قد أخذوا من ضروب الإفساد بالجميع، فلذلك حذف متعلق تفسدوا تأكيدا للعموم المستفاد من وقوع الفعل في حيز النفي. ¬

(¬1) 1/ 1 / 156 - 157. (¬2) 1/ 1 / 160 - 161. (¬3) البقرة: 205، 1/ 1 / 284. (¬4) نوح: 27.

وذكر المحل الذي أفسدوا ما يحتوى عليه وهو الأرض لتفظيع فسادهم بأنه مبثوث في هذه الأرض لأن وقوعه في رقعة منها تشويه لمجموعها. والمراد بالأرض هذه الكرة الأرضية بما تحتوى عليه من الأشياء القابلة للإفساد من الناس والحيوان والنبات وسائر الأنظمة والنواميس التي وضعها الله تعالى لها. (¬1) ومن التحقيقات اللغوية عميقة الدلالة كلامه عن "كذلك" في قوله تعالى {وكذلك جعلناكم أمة وسطا} (¬2). وكلامه عن "لعل" وانفراده بقول مستقل فيها حيث يقول: وعندي وجه آخر مستقل وهو أن "لعل" الواقعة في مقام تعليل أمر أو نهى لها استعمال يغاير استعمال "لعل" المستأنفة في الكلام سواء وقعت في كلام الله أم في غيره، فإذا قلت: افتقد فلانا لعلك تنصحه، كان إخبارا باقتراب وقوع الشيء وأنه في حيز الإمكان إن تم ما علق عليه، فأما اقتضاؤه عدم جزم المتكلم بالحصول فذلك معنى التزامي أعلى قد يعلم انتفاؤه بالقرينة، وذلك الانتفاء في كلام الله أوقع، فاعتقادنا بأن كل شيء لم يقع أو لا يقع في المستقبل هو القرينة على تعطيل هذا المعنى الالتزامي دون احتياج إلى التأويل في معنى الرجاء الذي تفيده "لعل" حتى أن يكون مجازًا أو استعارة لأن "لعل" إنما أتي بها لأن المقام يقتضي معنى الرجاء فالتزام تأويل الدلالة في كل موضع في القرآن تعطيل لمعنى الرجاء الذي يقتضيه المقام والجماعة لجئوا إلى التأويل لأنهم نظروا إلى "لعل" بنظر متحد في مواقع استعمالها بخلاف "لعل" المستأنفة فإنها أقرب إلى إنشاء الرجاء من إلى إخبار به، وعلى كل فمعنى "لعل" غير معنى أفعال المقاربة (¬3). وقد أطال في معنى الواو في قوله تعالى {أولو كان آباؤهم} (¬4) كما توسع في اسم الإشارة: ذلك في تفسير قوله تعالى {ذلك الكتاب} (¬5) ومن إطنابه في مسائل البيان بما يخرج أيضًا عن ¬

(¬1) 1/ 1 / 284. (¬2) البقرة: 143 وانظر 2/ 1 / 15، 17. (¬3) 1/ 1 / 330. (¬4) البقرة: 170، وانظر 2/ 1 / 107. (¬5) البقرة: 2، وانظر: 1/ 1 / 219، 220.

حد التفسير قوله: فسورة الفاتحة بما تقرر منزلة من القرآن منزلة الديباجة للكتاب أو المقدمة للخطبة، وهذا الأسلوب له شأن عظيم في صناعة الأدب العربي وهو أعون للفهم وأدعى للوعي. وقد رسم أسلوب الفاتحة للمنشئين ثلاث قواعد للمقدمة: القاعدة الأولى: إيجاز المقدمة لئلا تمل نفوس السامعين بطول انتظار المقصود وهو ظاهر في الفاتحة، وليكون سنة للخطباء فلا يطيلوا المقدمة كي لا ينسبوا إلى العي فإنه بمقدار ما تطال المقدمة يقصر الغرض، ومن هذا يظهر وجه وضعها قبل السور الطوال مع أنها سورة قصيرة. الثانية: أن تشير إلى الغرض المقصود وهو ما يسمى براعة الاستهلال لأن ذلك يهيئ السامعين لسماع تفصيل ما سيرد عليهم فيتأهبوا لتلقيه إن كانوا من أهل التلقي فحسب، أو لنقده وإكماله إن كانوا في تلك الدرجة، ولأن ذلك يدل على تمكن الخطيب من الغرض وثقته بسداد رأيه فيه بحيث ينبه السامعين لوعيه، وفيه سنة للخطباء ليحيطوا بأغراض كلامهم. وقد تقدم بيان اشتمال الفاتحة على هذا عند الكلام على وجه تسميتها أم القرآن. الثالثة: أن تكون المقدمة من جوامع الكلم وقد بين ذلك علماء البيان عند ذكرهم المواضع التي ينبغي للمتكلم أن يتأنق فيها. الرابعة: أن تفتتح بحمد الله. (¬1) وهو من المكثرين جدا في الاستدلال بالشعر في أصل الكتاب وحاشيته وقلما تمر صفحة إلا وفيها بيت من الشعر إن لم يكن أكثر. وهو حريص جدا على نسبة الشواهد الشعرية لأصحابها حتى إنه قال فيما لم يقف على من قاله: كقول بعض فتاك العرب في أمه (أنشده في الكشاف ولم أقف على تعيين قائله) ... (¬2). ومن مواضع خروجه عن التفسير استطراده في تسمية بعض الشعراء تعليقا على اسم شاعر استدل ببيت له. (¬3) ومن استطراداته بذكر أشعار كثيرة كشواهد في مسألة واحدة ما ذكره ¬

(¬1) 1/ 1 / 152 - 153. (¬2) 1/ 1 / 301. (¬3) 1/ 1 / 220.

تحت قوله تعالى {الم} (¬1) وقد وصل به الأمر إلى شرح شعر الشواهد. (¬2) وهو يعتمد في كثير من ذلك على الكشاف وشروحه اعتمادًا كبيرًا. ومن مواضع اهتمامه بالتنبيه على النكات البلاغية: واختيار لفظ النور في قوله تعالى {ذهب الله بنورهم} (¬3) دون الضوء ودون النار لأن لفظ النور أنسب، لأن الذي يشبه النار من الحالة المشبهة هو مظاهر الإسلام التي يظهرونها، وقد شاع التعبير عن الإسلام بالنور في القرآن، فصار اختيار لفظ النور هنا بمنزلة تجريد الاستعارة لأنه أنسب بالحال المشبهة، وعبر عما يقابله في الحال المشبه بها بلفظ يصلح لهما أو هو بالمشبه أنسب في إصطلاح المتكلم كما قدمنا الإشارة إليه في وجه جمع الضمير في قوله {بنورهم}. (¬4) وانظر كلامه عن المثل في اللغة والتمثيل. (¬5) وله كلام جيد عن التشبيه في قوله {ومثل الذين كفروا} (¬6) وفي الاستعارة هل هي تبعية أم تمثيلية؟ (¬7) ومن اهتمامه بالتنبيه على النكات في المتشابه اللفظي قوله: قد يقول قائل إن قريبًا من هذه الجملة تقدم عند قوله تعالى {قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من الله من ولي ولا نصير} (¬8) فعبر هنالك باسم الموصول (الذي) وعبر هنا باسم الموصول (ما)، وقال هنالك (بعد) وقال هنا (من بعد) وجعل جزاء هنالك انتفاء ولي ونصير، وجعل الجزاء هنا أن يكون من الظالمين، وقد أورد هذا السؤال صاحب درة التنزيل وغرة التأويل وحاول إبداء خصوصيات تفرق بين ما اختلفت فيه الآيتان ولم يأت بما يشفي ... .ثم ذكر وجهًا آخر أحسن منه. (¬9) وقد تعرض المصنف للإعجاز في مواضع عدة ومن ذلك: مقارنة بين ¬

(¬1) البقرة: 1، وانظر 1/ 1 / 109 - 110. (¬2) انظر: 1/ 1 / 316. (¬3) البقرة: 17. (¬4) البقرة: 17، 1/ 1 / 310. (¬5) 1/ 1 / 302، 307. (¬6) البقرة: 171، 1/ 1 / 110. (¬7) راجع الصفحات 1/ 1 / 242، 245. (¬8) البقرة: 120. (¬9) 249/ 1 / 38، 39.

تاسعا: موقفه من القراءات

شعر وآية (¬1) الإعجاز وتعلقه بسورة أو آيات (¬2) وقد أطال في الحديث عن الإعجاز تحت قوله {ولن تفعلوا} (¬3). (¬4) تاسعا: موقفه من القراءات: وقد جعل المصنف المقدمة السادسة في القراءات وبين فيها سبب إعراضه عن ذكر كثير من القراءات في أثناء التفسير. (¬5) وقال رحمه الله: (تنبيه) أنا أقتصر في هذا التفسير على التعرض لاختلاف القراءات العشر المشهورة خاصة في أشهر روايات الراوين عن أصحابها لأنها متواترة، وإن كانت القراءات السبع قد امتازت على بقية القراءات بالشهرة بين المسلمين في أقطار الإسلام. وأبني أول التفسير على قراءة نافع برواية عيسى بن مينا المدني الملقب بقالون لأنها القراءة المدنية إماما وراويًا ولأنها التي يقرأ بها معظم أهل تونس، ثم أذكر خلاف بقية القراء العشرة خاصة. (¬6) ولم يلتزم بما قال، بل أطنب إطنابا غريبا في بعض المواضع ومن ذلك قوله: والصراط: الطريق وهو بالصاد والسين وقد قرئ بهما في المشهورة وكذلك نطقت به بالسين جمهور العرب إلا أهل الحجاز نطقوه بالصاد مبدلة عن السين لقصد التخفيف في الانتقال من السين إلى الراء ثم إلى الطاء قال في لطائف الإشارات عن الجعبرى: إنهم يفعلون ذلك في كل سين بعدها غين أو خاء أو قاف أو طاء وإنما قلبوها هنا صادًا لتطابق الطاء في الإطباق والاستعلاء والتفخم مع الراء استثقالا للانتقال من سفل إلى علو أ. هـ. أى بخلاف العكس نحو طست لأن الأول عمل والثاني ترك. وقيسٌ قلبوا السين بين الصاد والزاي وهو إشمام وقرأ به حمزة في رواية خلف عنه. ومن العرب من قلب السين زايًا خالصة قال القرطبي: وهي لغة عذرة وكلب وبني القين وهي مرجوحة ولم يقرأ بها، وقد قرأ باللغة الفصحى (بالصاد) جمهور القراء وقرأ بالسين ابن كثير في رواية قنبل، والقراءة بالصاد هي الراجحة لموافقتها ¬

(¬1) 2/ 1 / 84. (¬2) 1/ 1 / 103. (¬3) البقرة: 24. (¬4) انظر 1/ 1 / 343، 350. (¬5) 1/ 51. (¬6) 1/ 63.

رسم المصحف وكونها اللغة الفصحى. (¬1) وقال: واختلفوا أيضا في حركة ميم ضمير الجمع الغائب المذكر في الوصل إذا وقعت قبل متحرك فالجمهور قرأوا {عليهم غير المغضوب عليهم} (¬2) بسكون الميم وقرأ ابن كثير وأبو جعفر وقالون في رواية عنه بضمة مشبعة {غير المغضوب عليهمو} (¬3) وهي لغة لبعض العرب وعليها قول لبيد: وهمو فوارسها وهم حكامها فجاء باللغتين وقرأ ورش بضم الميم وإشباعها إذا وقع بعد الميم همز دون نحو {غير المغضوب عليهم} (¬4) وأجمع الكل على إسكان الميم في الوقف. وفي قوله {فمن اضطر غير باغ} (¬5) قال: وقرأ أبو جعفر: فمن اضطر بكسر الطاء، لأن أصله اضطرر براءين أولاهما مكسورة فلما أريد إدغام الراء الأولى في الثانية نقلت حركتها إلى الطاء بعد طرح حركة الطاء. (¬6) وانظر أيضا في تعرضه للأصول في القراءات كلامه في قوله تعالى {ءأنذرتهم} (¬7) وهذا خروج سافر عما أخذه على نفسه من عدم الإطالة في القراءات فجل المفسرين إنما يتكلمون في الخلاف المؤثر في المعنى أو المتعلق به لا في الأداء ونحوه. وقد أخطأ خطأ فاحشا في عزو القراءات في قوله تعالى {يخادعون الله والذين آمنوا ومايخدعون إلا أنفسهم ومايشعرون} (¬8) حيث قال: ويؤيد هذا التأويل قراءة ابن عامر ومن معه: يخدعون الله. وهذا إنما يدفع الإشكال عن إسناد صدور الخداع من الله والمؤمنين مع تنزيه الله والمؤمنين عنه، ولا يدفع إشكال صدور الخداع من المنافقين لله. وأما التأويل في فاعل {يخادعون} المقدر وهو المفعول أيضا فبأن يجعل المراد أنهم يخادعون رسول الله فالإسناد إلى الله تعالى إما على طريق المجاز العقلي لأجل الملابسة بين الرسول ومرسله، وإما مجاز بالحذف ¬

(¬1) 1/ 190. (¬2) الفاتحة: 7. (¬3) الفاتحة: 7. (¬4) الفاتحة: 7. (¬5) البقرة: 173. (¬6) 2/ 1 / 121. (¬7) البقرة: 6 وانظر: 1/ 1 / 251. (¬8) البقرة: 9.

عاشرا: موقفه من الفقه والأصول

للمضاف، فلا يكون مرادهم خداع الله حقيقة، ويبقى أن يكون رسول الله مخدوعا منهم ومخادعا لهم، وأما تجويز مخادعة الرسول والمؤمنين للمنافقين لأنها جزاء لهم على خداعهم كذلك غير لائق. (¬1) وقال: واعلم أن قوله {وما يخادعون إلا أنفسهم} (¬2) أجمعت القراءات العشرة على قراءته بضم التحتية وفتح الخاء بعدها ألف، والنفس في لسان العرب الذات والقوة الباطنة المعبر عنها بالروح وخاطر العقل. (¬3) وهذا الذي ذكره هو عكس الحقيقة فقد أجمع القراء على قراءة {يخادعون الله والذين آمنوا} بضم الياء والألف على المفاعلة، وأما في الموضع الثاني فاختلفوا فقرأها الجميع ماعدا نافع وابن كثير وأبي عمرو واليزيدي {ومايخدعون إلا أنفسهم} بفتح الياء وسكون الخاء بدون ألف، وقرأها الباقون كالحرف الأول. (¬4) وقد أطال إطالة شديدة في اختلافهم في قراءة {ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله} (¬5) عاشرا: موقفه من الفقه والأصول: أطال رحمه الله نفسه كعادته في بعض المسائل التي لا علاقة لها بالتفسير ومن ذلك قراءة البسملة عند الشروع في قراءة السورة أو أجزائها. (¬6) وقد أطنب في مسألة هل البسملة آية من كل سورة أم لا إطناب الفقهاء لا المفسرين. (¬7) ومن مواضع حديثه عن الفقهيات بتطويل مسألة استقبال القبلة. (¬8) وله كلام فقهي عجيب في ماذبح بنية أن الجن تشرب دمه ولايذكرون اسم الله عليه تحت قوله تعالى {وما أهل به لغير الله} (¬9) وهو لا يلتزم مذهب مالك (¬10) وينقل عن الظاهرية وأهل الحديث (¬11) ومن كلامه الجيد في الفقه مع كونه استطرادا في التفسير قوله: ومن العجيب ما ¬

(¬1) 1/ 1 / 276. (¬2) البقرة: 9. (¬3) 1/ 1 / 278. (¬4) انظر إتحاف فضلاء البشر ص: 128. (¬5) البقرة: 165، 2/ 1 / 94، 95. (¬6) 1/ 144 - 146. (¬7) 1/ 138 - 141، 144. (¬8) انظر 2/ 1 / 13. (¬9) البقرة: 173، انظر 2/ 1 / 120. (¬10) انظر 2/ 1 / 120. (¬11) انظر1/ 1 / 267، 2/ 1 / 165.

يتعرض له المفسرون والفقهاء من البحث في حرمة خنزير الماء وهي مسألة فارغة إذ أسماء أنواع الحوت روعيت فيها المشابهة كما سموا بعض الحوت فرس البحر وبعضه حمام البحر وكلب البحر، فكيف يقول أحد بتأثير الأسماء والألقاب في الأحكام الشرعية؟ وفي المدونة توقف مالك أن يجيب في خنزير الماء وقال: أنتم تقولون خنزير. قال ابن شأش: رأى غير واحد أن توقف مالك حقيقة لعموم {أحل لكم صيد البحر} (¬1) عموم قوله تعالى {ولحم الخنزير} (¬2) ورأى بعضهم أنه غير متوقف فيه حقيقة، وإنما امتنع من الجواب إنكارا عليهم تسميتهم إياه خنزيرا ولذلك قال: أنتم تسمونه خنزيرا؟ يعني أن العرب لم يكونوا يسمونه خنزيرا وأنه لا ينبغي تسميته خنزيرا، ثم السؤال عن أكله حتى يقول قائلون: أكلوا لحم الخنزير، أي فيرجع كلام مالك إلى صون ألفاظ الشريعة ألا يتلاعب بها، وعن أبي حنيفة أنه منع أكل خنزير البحر غير متردد أخذا بأنه سمي خنزيرا، وهذا عجيب منه وهو المعروف بصاحب الرأي، ومن أين لنا ألا يكون لذلك الحوت اسم آخر في لغة بعض العرب فيكون أكله محرما على فريق ومباحا لفريق؟ (¬3) (¬4) موقفه من النسخ: وهو يقول بالنسخ وله في تفاصيله تفردات ومن ذلك قوله معللا بقاء تلاوة المنسوخ حكما: وقد بدا لي دليل قوي على هذا وهو بقاء الآيات التي نسخ حكمها وبقيت متلوة من القرآن ومكتوبة في المصاحف فإنها لما نسخ حكمها لم يبق وجه لبقاء تلاوتها وكتبها في المصاحف إلا ما في مقدار مجموعها من البلاغة بحيث يلتئم منها مقدار ثلاث آيات متحدى بالإتيان بمثلها مثال ذلك آية الوصية في سورة العقود. (¬5) ومن كلامه في النسخ قوله: وقد اتفق علماء الإسلام على أن الوصية لا تكون لوارث لما رواه أصحاب السنن عن عمرو بن خارجة وما رواه أبو داود ¬

(¬1) المائدة: 96. (¬2) البقرة: 173. (¬3) 2/ 1 / 119. (¬4) وانظر في الاستطراد الفقهي2/ 1 / 82، 116، 117. (¬5) 1/ 1 / 104.

والترمذي عن أبي أمامه كلاهما يقول سمعت النبيء قال: "إن الله أعطى كل ذى حق حقه، ألا لا وصية لوارث" (¬1). وذلك في حجة الوداع، فخص بذلك عموم الوالدين وهذا التخصيص نسخ، لأنه وقع بعد العمل بالعام وهو وإن كان خبر آحاد فقد اعتبر من قبيل المتواتر، لأنه سمعه الكافة وتلقاه علماء الأمة بالقبول. (¬2) وفي معرض استبعاده لتشريع كيفية الصيام السابقة لصيام رمضان الثابتة في الأحاديث الصحيحة قال: فأما أن يكون ذلك قد شرع ثم نسخ فلا أحسبه، إذ ليس من شأن الدين الذي شرع الصوم أول مرة يوما في السنة ثم درجه فشرع الصوم شهرًا على التخيير بينه وبين الطعام تخفيفًا على المسلمين؛ أن يفرضه بعد ذلك ليلاً ونهارًا فلا يبيح الفطر إلا ساعات قليلة من الليل. (¬3) والرد عليه في هذا الكلام يطول ويكفي في ذلك ثبوت الرواية ولم ينتبه لمدلول كلمة {تختانون} (¬4) وكلمة {فتاب عليكم} (¬5) وكلمة {وعفا عنكم} (¬6) حيث أضرب عن تفسيرها تمامًا، كما حاول تأويل كلمة {فالآن} (¬7) لأنها ليست متوافقة مع ماذهب إليه. ومن مواضع تعرضه للأصول قوله: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا} (¬8) وأما كون الآية دليلاً على حجية إجماع المجتهدين عن نظر واجتهاد فلا يؤخذ من الآية إلا بأن يقال: إن الآية يستأنس بها لذلك فإنها لما أخبرت أن الله تعالى جعل هذه الأمة وسطًا وعلمنا أن الوسط هو الخيار العدل الخارج من بين طرفيه إفراط وتفريط علمنا أن الله تعالى أكمل عقول هذه الأمة بما تنشأ عليه العقول من الاعتقاد بالعقائد الصحيحة ومجانبة الأوهام السخيفة التي ساخت فيها عقول الأمة. (¬9) ¬

(¬1) انظر سنن الترمذي - كتاب الوصايا - باب ماجاء " لا وصية لوارث" رقم 2121 وقال في حديث عمرو: حسن صحيح. (¬2) 2/ 1 / 150، 151. (¬3) 2/ 1 / 182، 183. (¬4) البقرة: 187. (¬5) البقرة: 187. (¬6) البقرة: 187. (¬7) البقرة: 187. (¬8) البقرة: 143. (¬9) 2/ 1 / 19.

حادي عشر: موقفه من العلوم الحديثة والرياضة والفلسفة والمعجزات الكونية

ويقول أيضا: وعلى هذا التفسير يجىء قول الفقهاء إن شهادة أهل المعرفة بإثبات العيوب أو بالسلامة لا تشترط فيها العدالة، وكنت أعلل ذلك في دروس الفقه بأن المقصود من العدالة تحقق الوازع عن شهادة الزور، وقد قام الوازع العلمي في شهادة أهل المعرفة مقام الوازع الديني لأن العارف حريص ما استطاع أن يؤثر عنه الغلط والخطأ وكفى بذلك وازعا عن تعمده وكفى بعلمه مظنة لإصابة الصواب فحصل المقصود من الشهادة. (¬1) ود أطال في حديثه عن بعض القضايا العقلية الأصولية وهي قضية التكليف بالمحال عند قوله تعالى {سواء عليهم ءأنذرتهم} (¬2) وهو يتذرع كثيرا بالمجاز ومن ذلك ماذكره تحت قوله تعالى {ختم الله على قلوبهم} (¬3) حادي عشر: موقفه من العلوم الحديثة والرياضة والفلسفة والمعجزات الكونية: وقد اهتم بذلك ابن عاشور على الرغم من استنكاره على المفسرين الحشو والنقل غير الدقيق فحشا بها تفسيره ومن ذلك قوله: قال ابن عرفة عند قوله تعالى: {تولج الليل في النهار} (¬4) كان بعضهم يقول: إن القرآن يشتمل على ألفاظ يفهمها العوام وألفاظ يفهمها الخواص وعلى ما يفهمه الفريقان ومنه هذه الآية فإن الإيلاج يشمل الأيام التي لا يدركها إلا الخواص والفصول التي يدركها سائر العوام. أقول: وكذلك قوله تعالى: {أن السموات والأرض كانتا رتقًا ففتقناهما} (¬5) والدليل على إصراره على هذا الفهم المعكوس قوله: وفي ذلك آية لخاصة العقلاء إذ يعلمون أسباب اختلاف الليل والنهار على الأرض وإنه من آثار دوران الأرض حول الشمس في كل يوم ولهذا جعلت الآية في اختلافهما وذلك يقتضي أن كلا منهما ... الخ (¬6) ويبدو أن جهلة القرن التاسع عشر عند ابن عاشور هم الخواص الذين ¬

(¬1) 2/ 1 / 340. (¬2) البقرة: 6، انظر: 1/ 1 / 252، 253. (¬3) البقرة: 7، 1/ 1 / 254، 255. (¬4) آل عمران: 27. (¬5) الأنبياء: 30، 1/ 127. (¬6) 2/ 1 / 78.

خاطبهم القرآن وعلماء القرون المفضلة من الصحابة والتابعين هم العوام حشرنا الله معهم. ويقول: وأعظم تلك الأسرار تكوينها على هيئة كرية. قال الفخر: كان عمر بن الحسام يقرأ كتاب المجسطي على عمر الأبهري فقال لهما بعض الفقهاء يومًا: ما الذي تقرأونه؟ فقال الأبهري أفسر قوله تعالى {أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها} (¬1) فأنا أفسر كيفية بنائها. ولقد صدق الأبهري فيما قال فإن كل من كان أكثر توغلا في بحار المخلوقات كان أكثر علمًا بجلال الله تعالى وعظمته. أ. هـ (¬2). ويبدو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يطبق هذا الأمر من النظر إلى السماء كيف بناها الله كما أنه لم يعلم أعظم الأسرار التي لاتدخل جنة ولا تنجي من نار! وكذا صحبه الأخيار ثم علماء الأمة الأبرار حتى جاء هذا الذي لعله لايحسن وضوءه ليفسرها. والنتيجة التي وصل إليها غير صحيحة فكم من عالم متوغل في بحار المخلوقات وهو من أعظم الناس جهلا بربه. وقال: وأما وجه شبه السماء بالبناء فهو أن الكرة الهوائية جعلها الله حاجزة بين الكرة الأرضية وبين الكرة الأثيرية فهي كالبناء فيما يراد له البناء وهو الوقاية من الأضرار النازلة، فإن الكرة الهوائية بين الكرة ... الخ فأطال بما لايسمن ولايغني من جوع. (¬3) ثم وقع رحمه الله في طامة من الطامات التي يقع فيها غالبا المفتونون بتلك العلوم المقحمون لها في دبن الله عز وجل بغير ترو ولا بصيرة فقال: والسماوات جمع سماء والسماء إذا أطلقت فالمراد بها الجو المرتفع وإذا جمعت فالمراد بها أجرام عظيمة ذات نظام عظيمة وهي السيارات العظيمة المعروفة والتي عرفت من بعد والتي ستعرف عطارد، والزهرة، والمريخ، والشمس، والمشتري، وزحل، وأروانوس، ونبتون. ولعلها هي السماوات السبع والعرش العظيم وهذا السر في جمع السماوات هنا وإفراد الأرض لأن الأرض عالم ¬

(¬1) ق: 6. (¬2) 2/ 1 / 78. (¬3) 1/ 1 / 331.

واحد في بعض الآيات فهو معنى طبقاتها أو أقسام سطحها. (¬1) السموات السبع والعرش العظيم؟؟ سبحانك هذا بهتان عظيم، ولا نقول إلا: لا حول ولا قوة إلا بالله!! فكيف نفهم إذن أحاديث المعراج المتواترة، وكيف نفهم أحاديث قبض الأرواح والأحاديث التي تتحدث عن خلق السموات؟ وماذا يقول مفسرنا لو عاش إلى يومنا هذا واكتشف أن هذه الأجرام التي فتنه العلم السطحي بها ليست إلا مجموعة من المجموعات الشمسية في مجرة رأس التبانة التي هي واحدة من ملايين المجرات التي تسيح في هذا الكون؟ ثم وقع رحمه الله في كلام غير علمي من ناحية العلوم الحديثة ليته لم يقحم نفسه فيه فيضحك علينا من ليس منا، قال: والدم معروف مدلوله في اللغة وهو إفراز من المفرزات الناشئة عن الغذاء وبه الحياة وأصل خلقته في الجسد آت من انقلاب دم الحيض في رحم الحامل إلى جسد الجنين بواسطة المصران المتصل بين رحم وجسد الجنين وهو الذي يقطع حين الولادة، وتجدده في جسد الحيوان بعد بروزه من بطن أمه يكون من الأغذية بواسطة هضم الكبد للغذاء المنحدر إليها من المعدة بعد هضمه في المعدة، ويخرج من الكبد مع عرق فيها فيصعد إلى القلب الذي يدفعه إلى الشرايين وهي العروق الغليظة وإلى العروق الرقيقة بقوة حركة القلب بالفتح والإغلاق حركة ماكينيكية هوائية، ثم يدور الدم في العروق منتقلا من بعضها إلى بعض بواسطة حركات القلب وتنفس الرئة، وبذلك الدوران يسلم من التعفن فلذلك إذا تعطلت دورته حصة طويلة مات الحيوان. (¬2) ومن شغفه أيضا بالكونيات كلامه عن الحديد وأصنافه وصدئه وأكسيده وأماكن وجوده وماوجد منه في مدافن الفراعنة بمنفيس وغير ذلك مما تميز به عمن سبقه من المفسرين!!!. (¬3) ¬

(¬1) 2/ 1 / 77، 38. (¬2) 2/ 1 / 118، وانظر التفسير الطبي الصحيح لظاهرة الطمث في متاعب المرأة في مرحلة الزواج ص: 26 - 28. (¬3) 15/ 126 - 127 وانظر أيضا 2/ 1 / 84، 85، 87.

ثاني عشر: موقفه من المواعظ والآداب

وربما نقل ابن عاشور شيئا من كلام الحكماء والفلاسفة هو في غنى عنه ومن ذلك قوله: والصوم بمعنى إقلال تناول الطعام عن المقدر الذي يبلغ حد الشبع أو ترك بعض المأكل: أصل قديم من أصول التقوى لدى المليين ولدى الحكماء الإشراقيين، والحكمة الإشراقية مبناها على تزكية النفس بإزالة كدرات البهيمية عنها بقدر الإمكان، بناء على أن للإنسان قوتين: إحداهما روحانية منبتة في قرارتها من الجسمانية كلها. (¬1) ثاني عشر: موقفه من المواعظ والآداب: أفرد المصنف المقدمة الرابعة: فيما يحق أن يكون غرض المفسر فذكر ثمانية أمور وهي إصلاح الاعتقاد وتهذيب الأخلاق والتشريع وسياسة الأمة والتأسي بأخبار الأمم والتعلم والوعظ والإعجاز بالقرآن. (¬2) كما جعل المقدمة السابعة: في قصص القرآن وفوائده. وذكر عشر فوائد كما ذكر حكمة تكرار القصة في مواضع عدة. (¬3) ولم يظهر له اهتمام كبير في هذا الجانب ومما وقفت عليه من كلامه فيما يندرج تحته إعداده شجرة بتفريعات جيدة في الأمراض النفسانية الناشئة عن النفاق مبنية على الآيات والأحاديث ليحذرها المسلم (¬4). إلى هنا وصلت إلى دراسة منهج المصنف بصورة لا بأس بها، وهذه جملة من الانتقادات الموجهة له خلا ماتقدم في الحديث عن المنهج التفصيلي أدى إليها الإعجاب به أختم بها حديثي عن تفسيره: فهو أولا: ذو ثقة زائدة بنفسه أوقعته في مزالق: فمن مواقف ثقته الزائدة بنفسه وتفرده قوله: والظاهر أن المراد بالقبلة المنسوخة وهي استقبال بيت المقدس أعني الشرق وهي قبلة اليهود ولم يشف أحد من المفسرين وأسباب النزول الغليل في هذا على أن المناسبة بينها وبين الآي الذي قبلها غير واضحة فاحتاج بعض المفسرين إلى تكلف إبدائها. (¬5) ¬

(¬1) 2/ 1 / 159 - 160. (¬2) 1/ 40 - 41. (¬3) 64 - 69. (¬4) 1/ 1 / 280. (¬5) 2/ 1 / 5.

وقوله: وأنا أقول كلمة أربأ بها عن الانحياز إلى نصرة وهي أن اختلاف المسلمين في أول خطوات مسيرهم وأول موقف من مواقف أنظارهم وقد مضت عليه الأيام بعد الأيام وتعاقبت الأقوام يعد نقصا علميا لا ينبغى البقاء عليه. ولا أعرفني بعد هذا اليوم ملتفتا إليه. (¬1) ثم وقع في إشكال كبير في مسمى الإيمان والإسلام خرج به عن عقيدة أهل السنة والجماعة! والعجيب أنه ظن أنه استوفى المسألة وفصل فيها وهو لم يستوعب عشر معشار أدلة أحد الفريقين والمقام لا يحتمل سوق الأدلة والردود وفي نفس الوقت خرج عن حد التفسير فلا هو استوفى ولا هو راعى المقصد. (¬2) كذلك عدم اعتباره التفسير علما كما ذكر في المقدمة، وعلى الرغم من كونه يعلم تماما أنه لم يسبقه أحد لهذا الفهم وأنه تحصيل حاصل ذهب إليه، وكان الأولى به أن ينخرط في آلاف العلماء من جميع عصور الإسلام الذين اعتبروا التفسير علما بل اعتبروه أجل العلوم. وكذا حملته الشعواء على التفسير بالمأثور واستقلاله له واستخفافه بأهله، عظيمة من العظائم، فبدون التفسير بالمأثور ضلت الأمة وبغير نوره زاغ المفسرون، وهو نفسه من الدلائل على ذلك فهو على الرغم من استفادته منه في كل تفسيره إلا أنه حاد عنه في بعض المواضع فوقع فيما وقع فيه. وانظر أيضا من مواضع مخالفته بالمأثور وثقته الزائدة بنفسه واستخدامه "لعله" لغير حجة. (¬3) ثانيا: صاحب استطراد وتكلف خرج عن حد التفسير جملة وتفصيلا على الرغم من إهماله التفسير في مواضع لا يستغنى عن تفسيرها: فمع اهتمامه بإثبات الياء في دعان أو عدم إثباتها أهمل تفسير قوله تعالى {فإني قريب} (¬4) ومن التكلفات التي دفع إليها الاستطراد قوله: وعندي أن البسملة كان ما يرادفها قد جرى على ألسنة الأنبياء من عهد إبراهيم عليه السلام فقد حكى الله عن إبراهيم أنه قال لأبيه: {يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن} (¬5) وقال: {سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا} (¬6) ومعنى الحفى قريب ¬

(¬1) 1/ 1 / 270. (¬2) 1/ 1 / 273. (¬3) ص: 181. (¬4) البقرة: 186، 2/ 1 / 179. (¬5) مريم: 45. (¬6) مريم: 47.

من الرحيم وحكي عنه قوله {وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم} (¬1) وقوله: وقال الأستاذ محمد عبده: إن النصارى كانوا يبتدئون أدعيتهم ونحوها باسم الأب والابن والروح القدس إشارة إلى الأقانيم الثلاثة عندهم، فجاءت فاتحة كتاب الإسلام بالرد عليهم موقظة لهم بأن الإله الواحد وإن تعددت أسماؤه فإنما هو تعدد الأوصاف دون تعدد المسميات، يعني فهو رد عليهم بتغليظ وتبليد. وإذا صح أن فواتح النصارى وأدعيتهم كانت تشمل على ذلك إذ الناقل أمين فهي نكتة لطيفة. ثالثا: ذو ولع شديد بالنقد وإن كان هناك مندوحة لترك الانتقاد انتقاده لوجه في التفسير مقبول عند قوله تعالى {فزادهم الله مرضا} (¬2) قال: قال بعض المفسرين: هي دعاء عليهم كقول جبير بن الأضبط: تباعد عنى فقال إذ دعوته ... أمين فزاد الله ما بيننا بعدا قال: وهو تفسير غير حسن لأنه خلاف الأصل في العطف بالفاء ولأن تصدى القرآن لشتمهم بذلك ليس من دأبه، ولأن الدعاء عليهم بالزيادة تنافي ما عهد من الدعاء للضالين بالهداية في نحو "اللهم اهد قومى فإنهم لا يعلمون ". (¬3) وهذا ليس بلازم فقد قال تعالى {قتل الإنسان ما أكفره} (¬4) وقال {ملعونين أينما ثقفوا} (¬5) وقال {قاتلهم الله أنى يؤفكون} (¬6) غير ذلك. وقد كنت من المعجبين بهذا الكتاب وحرصت على اقتنائه بطبعته التونسية على الرغم من غلاء سعره جدا وعدم اكتماله وقتها وذلك قبل أكثر من سبع عشرة سنة، إلا أنني لمحت فيه تلك السلبيات مما حدا بي إلى الإطالة في بيانها. والكتاب في الجملة كتاب جيد من حيث الإضافات العلمية التي أضافها وقد كان تحرر صاحبه سلاحا ذا حدين فكما أفادنا في مواضع كثيرة، زلت قدمه في مواضع أكثر والمعصوم من عصمه الله. ¬

(¬1) 1/ 151، والآية من سورة البقرة رقم: 128. (¬2) البقرة: 10. (¬3) 1/ 1 / 281، 282. وقوله: "اللهم اهد قومي" جزء من حديث أخرجه الضياء في المختارة من الأحاديث الصحيحة 10/ 14. (¬4) عبس: 17. (¬5) الأحزاب: 61. (¬6) التوبة: 30.

تفسير المكي الناصري من خلال كتابه التيسير

تفسير المكي الناصري من خلال كتابه التيسير مؤلف هذا التفسير هو محمد المكي الناصري ت 1414 هـ وهو من أهل المنطقة ولد بالرباط وعاش وتوفي بالمغرب (¬1). التعريف بالتفسير: وكتاب "التيسير في أحاديث التفسير " تفسير مطبوع طبعته دار الغرب الإسلامي ببيروت في ستة مجلدات ط 1 سنة 1405 هـ، وهو عبارة عن دروس يومية إذاعية في التفسير كان يلقيها المؤلف في إذاعة المغرب في الستينات الميلادية، وقد أذيعت أيضا في إذاعة المملكة العربية السعودبة خلال سنة 1418 هـ. المنهج العام للتفسير: هو تفسير اجتماعي يقوم على الإنشاء. وقد قدم له مؤلفه بمقدمة بين فيها المقصد من تلك الأحاديث التفسيرية فقال: ولتقدم (أي هذه الأحاديث) للجمهور المسلم معاني القرآن خالصة من جميع الشوائب التي تتنافى مع روح القرآن، ولتبرئ ساحة القرآن من كل ما يمت بسبب ولا نسب إلى القرآن أو السنة الصحيحة التي هي بيان القرآن، ولتستعن على بسط ما هو مجمل، وتقييد ما هو مطلق، وتخصيص ما هو عام، وتوضيح ما قد يعرض في فهمه إشكال أو غموض بمقارنة الآيات القرآنية الواردة في كل موضوع موضوع وكل ميدان ميدان، فكتاب الله من بدايته إلى نهايته كتاب واحد، يفسر بعضه بعضا ... ¬

(¬1) سبقت ترجمته في أهل المنطقة برقم 233.

أقدم بين يدي الآيات ... مدخلا تمهيديا لتلك الآيات ونظرة عامة عليها ... وفي هذا المدخل أدرج ... ما يصح أن يكون شرحا لبعض المفردات ... وحتى لا يتشعب القول في هذه الأحاديث ... لم أجعل منها معرضا للمصطلحات العلمية ولا مرجعا للخلافات المذهبية ... ولم أشحنها بذكر القواعد العلمية ... إذ الغاية الأولى والأخيرة من هذه الأحاديث هي المساهمة العملية واليومية في التثقيف الشعبي والديني ... وإعداد برنامج إذاعي خاص للتعريف كل يوم برسالة القرآن الجامعة وهدايته النافعة، ولكل مقام مقال. أما الأسلوب الذي اخترته لإملاء هذه الأحاديث، فهو أسلوب مبسط وسط يفهمه الأمي، ويرتاح له المتعلم، بحيث لا ينزل حتى يتبذل عند الخاصة، ولا يعلو حتى يصعب على العامة. قال: وعسى أن تكون هذه الأحاديث فاتحة عهد جديد بصفتها أول تفسير إذاعي للمصحف الكريم عرفته الإذاعات العربية والإسلامية. (¬1) وقد اعتمد الناصري في تفسيره تقسيما لم يسبق إليه وهو تفسير القرآن ربعا ربعا فيبدأ بالربع الأول من الحزب الأول (¬2) ثم الربع الثاني من الحزب الأول وهكذا حتى ينتهي من الأحزاب الستين للقرآن الكريم، ويتم ذلك إذاعيا بعد تلاوة الربع المعتزم تفسيره كاملا برواية قالون عن نافع المدني بصوت القارئ أبي سنينة. ويلاحظ في تفسير المكي الناصري كثرة الاعتذار عن عدم تفسير الآيات وإرجاءها إلى مناسبات قادمة. (¬3) وهو تفسير مختصر جدا لا يوفي بحاجة طالب التفسير. وقد فسر الربع الأول مثلا جميعه في صفحتين بالخط الكبير وبكلام عام عبارة عن سوق الآيات مرة ثانية وسوف أنقل هنا ما ذكره لإعطاء ¬

(¬1) مقدمة التيسير 1/ 8 - 10، وقد تزامن مع إذاعته بالمملكة، إذاعة خواطر الشعراوي حول تفسير القرآن، وتفسير التفاسير لأبي عبد الرحمن ابن عقيل الظاهري إلا أن الأخير قد توقف بثه. (¬2) انظر التيسير 1/ 14، 15. (¬3) انظر التيسير 1/ 140، 202، 295.

الصورة بدقة فقال: والآن نلقي نظرة سريعة بالخصوص على الآيات الأولى من سورة البقرة: لقد وصف القرآن الكريم في هذه الآيات ثلاث طوائف، عايش بعضها بعضا في بدء الهجرة المحمدية إلى المدينة، وهذه الأصناف من البشر وجدت في كل جيل مضى وتوجد في كل جيل لاحق فوصف القرآن الكريم لها وصف كاشف لها في جميع الأجيال والعصور. تلك الطوائف الثلاث هي طائفة المؤمنين الذين أكرمهم الله بالإيمان فساروا على هدي الأنبياء والرسل وطبقوا التعاليم الإلهية على حياتهم الخاصة وحياتهم العامة. ثم طائفة الكافرين الذين تمردوا على طاعة الله وتنكروا الهداية وأشهروا الحرب بالقول والفعل على دعوته. وأخيرا طائفة المنافقين الذين هم أخطر على المؤمنين من الكافرين والذين يلعبون أدوارا شيطانية ملتوية ولشدة خطر هذه الطائفة جعل الله عقابها أشد عقاب فقال تعالى {إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا} (¬1) فهذه الطوائف الثلاث التي عايشت حمل الرسالات، وعاصرت جميع الدعوات، ألقى عليها التنزيل الحكيم من أضوائه القوية ما كشف عنها القناع فوضح سمات المؤمنين التي لا لبس فيها ولا غموض في أربع آيات ... فذكرها. ووضح سمات الكافرين المعلنين بالكفر في آيتين ... .. فذكرهما. قال: ثم تطرق كتاب الله لوصف الطائفة الثالثة طائفة المنافقين فأطال الحديث عنها وخصص للكشف عن نفاقها ثلاث عشرة آية كاملة ... . فذكرها. ثم ذكر ما يأتي من النكتة في الإطالة في الحديث عن المنافقين ثم قال: ومن معجزات القرآن الكريم التي وصف بها هذه الطوائف الثلاث (المؤمنين والكافرين والمنافقين) كانت ولا تزال هي السمات البارزة والثابتة في كل طائفة منهم تحقيقا لمدلول هذه الآيات البينات التي أوصى بها خالق النفوس العليم الخبير بخلجات القلوب. صدق الله العظيم وبلغ رسوله المصطفى الكريم (¬2). ¬

(¬1) النساء: 145. (¬2) التيسير1/ 24، 26.

ثم دخل في الربع الثاني. كما فسر الربع الأخير من الحزب الأول من أول قوله تعالى {وإذ استسقى موسى} (¬1) إلى قوله {أفتطمعون أن يؤمنوا لكم} (¬2) في ثلاث صفحات بالخط الكبير الموسع (¬3). وكذا الربع الأول من الحزب الثاني وهكذا جل الكتاب. فلا تحليل لمعاني الكلمات ولا تعرض للإعراب إلا نادرا ولا استدلال بالأحاديث إلا قليلا. وهو قليل النقل عن المفسرين السابقين وغيرهم وممن نقل عنهم: ابن العربي في أحكام القرآن (¬4) وابن جرير الطبري في تفسيره (¬5) وابن كثير (¬6) والرازي (¬7) والقرطبي (¬8) والقاضي عبد الجبار (¬9) والقشيري (¬10) ومما تميز به بالإضافة إلى سهولة أسلوبه، ما يعرضه من نظرة شاملة لموضوعات كل سورة وبيان لمحورها الذي يضمها ويربط بينها جميعا فقال مثلا في سورة البقرة متحدثا عن محورها: ذلك هو الحديث عن الجماعة الإسلامية الناشئة التي أخذت تنمو وتقوى بالمدينة وعن الجماعات الأخرى المناهضة للإسلام ... وعلى رأسها الجالية الإسرائيلية ... فهذه السورة تشرح كيف استقبل بنو إسرائيل الدعوة الإسلامية وكيف كان موقفهم من الرسول وأتباعه المهاجرين والأنصار ويمتد الحديث في نفس الموضوع حتى يشمل الأطوار التي مر بها بنو إسرائيل عبر التاريخ ... كما يتناول الحديث فيها توضيح المنهج الذي اختاره الله لسلوك المسلمين في عباداتهم ومعاملاتهم وتحديد النظام الإسلامي الذي شرعه لتنظيم حياتهم الخاصة وحياتهم العامة فيما بينهم وبعضهم مع بعض وفيما بينهم وبين الملل الأخرى ... الخ (¬11). وانظر أيضا محور سورة آل عمران (¬12). وهناك آيات أضرب عنها صفحا ¬

(¬1) البقرة: 60. (¬2) البقرة: 75. (¬3) التيسير1/ 48 - 51. (¬4) التيسير1/ 114، 120، 132، 186، 198، 212، 240. (¬5) التيسير1/ 140، 478. (¬6) التيسير1/ 151، 190، 191، 475. (¬7) التيسير1/ 93. (¬8) التيسير1/ 94. (¬9) التيسير2/ 304. (¬10) التيسير1/ 475، 478. (¬11) التيسير1/ 23. (¬12) التيسير1/ 201.

المنهج التفصيلي للمؤلف

فلم يذكر فيها حرفا: ومن ذلك قوله تعالى {يسألونك عن الأهلة} إلى قوله {الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل مااعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين} (¬1) وفي سورة آل عمران ترك تفسيرها من أولها إلى قوله {زين للناس} (¬2) وآيات أخرى اكتفى فيها بأقل القليل؛ فأشكل آية في كتاب الله ومعضلة المعضلات وهي قوله تعالى {وأتموا الحج والعمرة لله ...} (¬3) إلى قوله {فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي لألباب} (¬4) اكتفى فيها بقوله: يتجلى رفق الإسلام وما ابتنى من السماحة واليسر حيث يسمح لمن أصابه مرض أو لحقه أذى أثناء حجه بارتكاب ما كان ممنوعا عليه في حالة الصحة وعدم الأذى، والفدية عنه مقابل الرخصة التي رخص له بها الحق سبحانه وتعالى تيسيرا وتخفيفا، وتعرف هذه الفدية بفدية الأذى. (¬5) المنهج التفصيلي للمؤلف: أولا: يهتم بذكر أسماء السور، فقد ذكر في المدخل لتفسير الفاتحة أسماءها ولم سميت الفاتحة. (¬6) وكذا سورة البقرة ولم سميت بذلك (¬7). وهو يتعرض أحيانا للمكي والمدني ومن ذلك قوله: وسورة البقرة هذه واحدة من تسع عشرة سورة كلها نزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة. (¬8) ولم يذكر في سورة آل عمران هل هي مدنية أم مكية، وكذلك سورة النساء. (¬9) وأما عد الآي فقد اعتمد فيه العدد الكوفي على الرغم من اعتماده قراءة قالون عن نافع المدني. (¬10) ¬

(¬1) البقرة: 189 - 194. (¬2) آل عمران: 14، التيسير 1/ 202. (¬3) البقرة: 196. (¬4) البقرة: 197. (¬5) التيسير1/ 120. (¬6) التيسير1/ 19. (¬7) التيسير1/ 21. (¬8) التيسير1/ 22. (¬9) انظر التيسير 1/ 201، 295. (¬10) حيث عد البسملة وترك {عليهم} في الفاتحة كمثال، وعد {الم} في البقرة كمثال آخر. وقد قال الناظم: والكوف مع مك يعد البسملة ... سواهما أولى عليهم عد له مابدؤه حرف التهجي الكوف عد ... لا الوتر مع طس مع ذي الرا اعتمد انظر: نفائس البيان ص: 8، 9.

ثانيا: موقفه من العقيدة

ثانيا: موقفه من العقيدة: يمر عليها مرورا سريعا ويكفي أن آية مثل آية الكرسي لم يفسرها إطلاقا. (¬1) وفي قوله {الظاهر والباطن} (¬2) قال: نقل البخاري في صحيحه تفسير معنى الظاهر والباطن عن يحيى حيث قال: الظاهر على كل شيء علما والباطن على كل شيء علما، والمراد بيحيى هنا يحيى ابن زياد الفراء صاحب كتاب "معاني القرآن". وفي قوله {وهو معكم أينما كنتم} (¬3) قال: وقال ابن كثير: قوله تعالى {وهو معكم أينما كنتم} أي رقيب عليكم شهيد على أعمالكم حيث كنتم وأين كنتم من بر أو بحر في ليل أو نهار في البيوت أو في القفار ... .الخ (¬4) وهو على منهج أهل السنة والجماعة في القول بالتوقيف في أسماء الله وصفاته فقد قال في قوله تعالى {الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى} (¬5): والمراد بالأسماء الحسنى الأسماء التي تطلق على الحق سبحانه وتعالى إشارة إلى ذاته العلية أو صفاته الأزلية أو أفعاله القدسية، والتسمية بها أمر توقيفي لا دليل عليه إلا الشرع من كتاب أو سنة أو إجماع. قال أبو منصور التميمي البغدادي في كتابه "أصول الدين": ومن سماه بالقياس صار من القياس في إياس. (¬6) وقد ظهر في كلامه منهج التأويل عند تفسيره للاستواء حيث قال: والاستواء على العرش في قوله تعالى هنا {الرحمن على العرش استوى} (¬7) كناية عن انفراده سبحانه وتعالى بالملك والسلطان وهمينته المطلقة على جميع الأكوان فلا عرش في الحقيقة إلا عرشه، ولا ملك إلا ملكه {لله ملك السموات والأرض وما فيهن} (¬8) والعرش في كلام العرب مرتبط بمعنى الملك يقولون: ثل عرش فلان إذا ذهب ملكه، وتفاديا من أن يفهم معنى ¬

(¬1) التيسير1/ 167. (¬2) الحديد: 3. (¬3) الحديد: 4. (¬4) التيسير6/ 162. (¬5) طه: 8. (¬6) التيسير4/ 62. (¬7) طه: 5. (¬8) المائدة 120.

ثالثا: موقفه من تفسير القرآن بالقرآن

الاستواء على وجه فيه تكييف وتجسيم أجاب الإمام مالك من سأله عن الاستواء في هذه الآية فقال: الاستواء معلوم والكيف مجهول والسؤال عنه بدعة والإيمان به واجب. (¬1) ثالثا: موقفه من تفسير القرآن بالقرآن: إن تفسير المكي الناصري للقرآن بالقرآن قليل لدرجة أنه ذكر مدلول الآية عند تفسيره قوله {الذين أنعمت عليهم} (¬2) ولم يذكرها صراحة فقال: إشارة إلى سلسلة النور التي برزت أول حلقة من حلقاتها منذ أقدم العصور من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين الذي تعاقبوا على عرش الخلافة الإلهية في هذه الأرض (¬3). وفي قوله {ورفعنا لك ذكرك} (¬4) قال: وإلى هذا المعنى ينظر قوله تعالى في آية أخرى {وإنه لذكر لك ولقومك} (¬5). (¬6) رابعا: موقفه من تفسير القرآن بالسنة: وهو ليس متبعا للمأثور بالمعنى المتعارف عليه ومن أمثلة ذلك تفسيره لقوله تعالى: {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} (¬7) حيث قال: إشارة إلى الفئات المنحرفة من بني الإنسان التي لم تستجب لنداء الرحمن، والتي قابلت الهداية الإلهية بالتمرد والعصيان والجحود والكفران (¬8). فلم يذكر تفسيرها المأثور باليهود والنصارى ولم يشر إلى حديث ولا أثر. ومن الأحاديث القليلة التي ذكرها في تفسيره قوله عند كلامه عن السحر: الأمر الثاني: أن عمل السحر واستعماله كفر أو يؤدي إلى الكفر {وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا} (¬9) ... وفي الصحيح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أتى عرافا أو كاهنا فقد كفر بما أنزل على محمد". (¬10) ¬

(¬1) التيسير4/ 60. (¬2) الفاتحة: 7. (¬3) التيسير1/ 20. (¬4) الشرح: 4. (¬5) الزخرف: 44. (¬6) انظر التيسير6/ 439. (¬7) الفاتحة: 7. (¬8) التيسير1/ 20. (¬9) البقرة: 102. (¬10) أخرجه الحاكم في المستدرك - كتاب الإيمان 1/ 8 عن أبي هريرة وفيه: "فصدقه فيما يقول ... " وقال: صحيح على شرطهما جميعا ... ولم يخرجاه. وسكت الذهبي. وقال الألباني: صحيح (صحيح الجامع 5815).

ودلالة الحديث في الحقيقة لا تتطابق مع ما ذكره قبله. وهو غالبا يذكر الأحاديث مع التخريج والدرجة (¬1)، وأغلبها من الصحيح (¬2) مثل قوله: كما جاء في الحديث الذي خرجه الترمذي في سننه ووصفه بأنه حديث حسن صحيح عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الحمد لله أم القرآن وأم الكتاب والسبع المثاني". (¬3) وقوله روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يقول الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ... " الحديث (¬4) وقوله: روى الإمام مسلم عن أبي أمامة الباهلي ... (¬5) وانظر أيضا أحاديث صحيحة (¬6) في فضل ليلة القدر وتحريها. ومن الأحاديث الضعيفة التي ذكرها قوله تحت آية {لم تحرم ماأحل الله لك} (¬7) "أدبني ربي فأحسن تأديبي" (¬8) وقوله {إن مع العسر يسرا} (¬9) قال قتادة: ذكر لنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشر أصحابه بهذه الآية فقال: "لن يغلب عسر يسرين" (¬10) ¬

(¬1) التيسير1/ 122. (¬2) انظر التيسير1/ 113، 150، 199، 221، 378. (¬3) التيسير 1/ 20. أخرجه البخاري - كتاب التفسير - باب {ولقد آتيناك سبعا من المثاني} الحجر: 8/ 381. (¬4) التيسير 1/ 21. والحديث في صحيح مسلم - كتاب الصلاة - باب قراءة الفاتحة في كل ركعة رقم 395. (¬5) التيسير 1/ 22. (¬6) التيسير6/ 448. (¬7) التحريم: 1. (¬8) التيسير6/ 262. والحديث قال فيه ابن تيمية: معناه صحيح، ولكن لا يعرف له إسناد ثابت. وقال الألباني: ضعيف (انظر السلسلة الضعيفة رقم 72) وذكره الشوكاني في الفوائد المجموعة رقم 1019. (¬9) الشرح: 6. (¬10) التيسير6/ 441. مرسل ضعيف وقد أخرجه ابن جرير 30/ 236 وأخرج نحوه أيضا من مرسل الحسن البصري. وقد ضعفه الألباني (انظر الضعيفة 3/ 593) وذكره السخاوي في المقاصد الحسنة رقم 877.

وبالنسبة لأسباب النزول (¬1) لا يتعرض لها إلا ضمنا مثل قوله: {إن الصفا والمروة من شعائر الله ...} (¬2) قال: يتحدث كتاب الله عن السعي بين الصفا والمروة ويؤكد تقرير الإسلام لحرمة كل منهما بصفتها من شعائر الله وذلك إزالة لمخاوف المسلمين الذين توقفوا في أمرهما ظنا منهم أنه يسري عليهما حكم الإسلام في منع كثير من مظاهر الجاهلية وتقاليدها. (¬3) وربما ذكر سبب النزول ومن ذلك قوله: فقد جاء في صحيح البخاري عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: كانت عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقا في الجاهلية فتأثموا في الإسلام أن يتجروا فيها - أي خافوا أن ينالهم إثم التجارة فيها - فنزلت الآية {ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم} (¬4) يعني في موسم الحج. (¬5) وقوله: هذه السورة نزلت ردا على المشركين الذين قالوا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يامحمد انسب لنا ربك. فأنزل الله تعالى {قل هو الله أحد} (¬6) (¬7) وعندما فسر سورة العلق لم يتطرق لشيء من أسباب النزول مع كونها لصيقة جدا بالمعنى ولا يتضح بدونها وأضرب صفحا عن تفسير عدة آيات منها لأجل ذلك. (¬8) ويتعرض لفضائل القرآن بدون ضابط فهو مثلا لم يذكر شيئا مما ورد في فضل آية الكرسي (¬9) ولكنه ذكر فضل غيرها ومن ذلك ماتقدم ذكره من ¬

(¬1) وانظر أيضا في أسباب النزول: التيسير1/ 199، 123. (¬2) البقرة: 158. (¬3) التيسير1/ 99. (¬4) البقرة: 198. (¬5) التيسير1/ 120. والحديث في صحيح البخاري - كتاب التفسير - باب {ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم} 8/ 186. (¬6) الإخلاص: 1، التيسير6/ 477. (¬7) الحديث أخرجه أحمد 5/ 133 والترمذي - كتاب تفسير القرآن - باب ومن سورة الإخلاص 5/ 451 وابن جرير 30/ 221 والحاكم 2/ 540 والواحدي في أسباب النزول ص: 346 وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه وسكت الذهبي. (¬8) التيسير6/ 446. (¬9) التيسير1/ 167.

خامسا: موقفه من تفسير القرآن بأقوال السلف

أحاديث في فضل الفاتحة، وذكر حديثا واحدا في فضل سورة البقرة وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: " اقرءوا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة " (¬1) كما ذكر فضل أواخر البقرة. (¬2) خامسا: موقفه من تفسير القرآن بأقوال السلف: ومن مواضع نقوله القليلة قوله: {في جيدها حبل من مسد} (¬3) قال مجاهد: أي في جيدها طوق من حديد. وقال سعيد بن المسيب: كانت لها قلادة فاخرة فقالت لأنفقنها في عداوة محمد فأعقبها الله عنها حبلا في جيدها من مسد النار. (¬4) {إنا أعطيناك الكوثر} (¬5) قال ابن عباس: الكوثر هو الخير الكثير الذي أعطاه الله إياه. وقيل لسعيد بن جبير: إن ناسا يزعمون أنه نهر في الجنة، فقال سعيد: النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه الله إياه. وروي عن أنس وأبي العالية ومجاهد وغير واحد من السلف أن الكوثر نهر في الجنة. (¬6) ويقول: وبآية {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى} (¬7) استشهد عثمان عندما قال: لأحدثنكم حديثا لولا آية من كتاب الله عز وجل ماحدثتكموه. وإليها استند أبو هريرة إذ قال: إن الناس يقولون أكثر أبو هريرة! ووالله لولا آية في كتاب الله ماحدثت شيئا. (¬8) ويقول: وهكذا تم التوجه إلى بيت المقدس في بدء الهجرة بأمر نبوي كريم صدر عن اجتهاده عليه السلام كما حكاه القرطبي في تفسيره عن عكرمة وأبي العالية والحسن البصري رضوان الله عليهم. (¬9) وهذا الكلام فيه نظر لأن التوجيه إلى بيت المقدس كان بأمر من الله ¬

(¬1) التيسير 1/ 22 ذكر المصنف أنه أخرجه مسلم وقد تقدم تخريجه. (¬2) التيسير1/ 200. (¬3) المسد: 5. (¬4) التيسير6/ 476. (¬5) الكوثر: 1. (¬6) التيسير6/ 473. (¬7) البقرة: 174. (¬8) التيسير1/ 102. (¬9) التيسير1/ 92.

سادسا: موقفه من السيرة والتاريخ وذكر الغزوات

ويدل عليه قوله تعالى {وما جعلنا القبلة التي كنت عليها} (¬1) وهو قول الجمهور كما حكاه القرطبي أيضا. (¬2) وهناك نقول أخرى عن جماعة من السلف ومنهم: ابن عباس (¬3) وعلي (¬4) وابن مسعود (¬5) والشعبي (¬6) وعبيدة السلماني وأبو العالية. (¬7) سادسا: موقفه من السيرة والتاريخ وذكر الغزوات: يتعرض المكي الناصري للسيرة أثناء دروسه التفسيرية باختصار وبدون سوق للأحداث مثل قوله: ومن هنا ينتقل كتاب الله إلى الحديث بالخصوص عن يوم أحد وماجبلت فيه بعض المواقف من متاعب للمسلمين خصوصا ماوقع فيه من أولى المشركين لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويبين بالأخص أسباب الهزيمة في هذا اليوم (¬8). وقوله: والغم الثالث غم الدعاية الكاذبة التي روجها المشركون عن المسلمين وفحواها أن الرسول قد قتل في المعركة مما يدخل في حرب الأعصاب (¬9). وقوله: {إن شانئك هو الأبتر} (¬10) دفاع من الله عن كرامة رسوله فقد تهجم أبو لهب على مقام الرسول عليه السلام وقال عنه: إنه قد بتر. لوفاة ابنه الذكر وكان العرب يقولون ذلك. (¬11) وربما ذكر بعض المشاهد المختصرة من السيرة (¬12) ¬

(¬1) البقرة: 143 وثبت أيضا عن ابن عباس عند الطبري وغيره قوله: أمره الله أن يستقبل بيت المقدس. وهذا قال فيه ابن حجر: يرد قول من قال إنه باجتهاد. الفتح 1/ 502. (¬2) انظر الجامع لأحكام القرآن 1/ 533. (¬3) التيسير1/ 93، 122، 189، 308، 347، 383، 386. (¬4) التيسير1/ 200. (¬5) التيسير1/ 109. (¬6) التيسير1/ 309. (¬7) التيسير1/ 309. (¬8) التيسير1/ 267. (¬9) التيسير1/ 275. (¬10) الكوثر: 3. (¬11) التيسير6/ 474. (¬12) التيسير1/ 278، 275، 476، 6/ 50، 51.

سابعا: موقفه من الإسرائيليات

سابعا: موقفه من الإسرائيليات: بالنسبة لقصة هاروت وماروت اكتفى بقوله: ويشير القرآن الكريم إلى أن بني إسرائيل كانوا يذيعون بين الناس أن السحر إنما هو تراث أخذوه عن سليمان عليه السلام كما كانوا ينسبونه إلى الملكين هاروت وماروت ومقصدهم من ذلك أن يجعلوا للسحر سنداً صحيحا مرفوعا إلى الأنبياء والملائكة مع أن السحر من الأمور التي يتحاشى منها مقام الأنبياء ومقام الملائكة جميعا. وهكذا ينفى القرآن الكريم تهمة السحر عن سليمان كما ينفيها عن الملكين هاروت وماروت وبذلك ينهدم الأساس المزور الذي يبني عليه بنو إسرائيل سحرهم ويثبت القرآن الكريم في نفس الوقت أن السحر إنما هو في الحقيقة من صنع الشياطين وحدهم أولا وأخيرا. (¬1) ويلاحظ هنا أنه ذهب إلى اعتبار مافي قوله تعالى {وما أنزل على الملكين} (¬2) نافية وهو قول مرجوح يتناقض مع سياق القصة. وقال في الربع الأخير من الحزب الرابع: تناولت أغلب آياته الكريمة قصة تجري وقائعها بأرض فلسطين بعد مرور حقبة من الدهر انتصر فيها الفلسطينيون على بني إسرائيل، وهزموهم هزيمة شنعاء، واستولوا على التابوت الذي كان بنو إسرائيل يتحصنون به من قبل في حروبهم بالتبرك بما فيه من آثار موسى وهارون، فلما طال أمر الهزيمة على بني إسرائيل لجأوا إلى نبيهم صمويل يطلبون منه أن يختار لهم ملكا ... إلى أن قال: وأما داود فهو الفتى الشجاع الذي أردى جالوت قتيلا بمقلاعه البسيط وأحجاره الملساء، بعد مارأى بني إسرائيل يتساقطون كالذباب أمام جالوت العملاق، وقد كان إقباله على هذه المغامرة بعد استئذان منه لملكه طالوت، الذي زوجه بعد الانتصار على جالوت وجنوده ابنته مكيال مكافأة له على شجاعته التي أصبحت مضرب الأمثال، الأمر الذي كان بعد ذلك من أقوى العوامل في ترشيح داود لملك بني إسرائيل عندما تخلى طالوت وساح في الفلوات هائما على وجهه يتلمس النجاة والتوبة. (¬3) ¬

(¬1) التيسير1/ 65. (¬2) البقرة: 102. (¬3) التيسير1/ 158، 159.

ثامنا: موقفه من اللغة

وواضح أننا لم نكن في حاجة لسوق مثل هذه القصة خاصة مع ضيق المقام بل إن فيها حشوا لا يمت لتفسير الآيات من قريب أو بعيد. ثامنا: موقفه من اللغة: لا يهتم المصنف باللغويات ولا يتعرض للإعراب كما سبق أن ذكرت ولكنه يتعرض للمفردات بقلة ومن ذلك قوله: وقوله تعالى {نقيرا} (¬1): المراد بالنقير النقرة التي في ظهر نواة التمر ومما يتصل به لفظ القطمير والمراد به اللفافة التي على نواة التمرة ولفظ الفتيل والمراد به الخيط الذي في شق النواة وهذه الألفاظ الثلاثة كلها وردت في القرآن الكريم. ثم ذكر مواضعها (¬2) وهو لايتعرض للشعر إلا نادرا ومن ذلك: قوله في {ورفعنا لك ذكرك} (¬3): وفي مثل هذا المقام قال حسان بن ثابت: أغر عليه للنبوة خاتم ... من الله نور يلوح ويشهد وضم الإله اسم النبي إلى اسمه ... إذا قال في الخمس المؤذن أشهد (¬4) وربما ذكر بعض الأمثال مثل: " على نفسها جنت براقش". (¬5) ومن الجاري على الألسنة: "لكل اسم من مسماه نصيب". (¬6) وهو ينبه بين الفينة والأخرى على بعض النكات التفسيرية ومن ذلك: قوله: وإنما طال الحديث عن طائفة المنافقين بما لم يطل به عن الطائفتين الأخريين لأن طائفة المنافقين ذات ألوان مختلفة وأقنعة متعددة، والكشف عن جوهرها المعقد وعن شخصيتها المزدوجة وعن تناقض مظهرها مع مخبرها؛ يحتاج إلى مزيد من الأضواء ... الخ (¬7). وقال في قوله: {ولقد آتينا موسى الكتاب وقفينا من بعده بالرسل وآتينا عيسى ابن مريم البينات} (¬8): ومما يستلفت النظر في هذا المقام ورود اسم عيسى المسيح إلى جانب اسم موسى الكليم لأول مرة في سورة البقرة، ¬

(¬1) النساء: 53. (¬2) التيسير1/ 386 - 387. (¬3) الشرح: 4. (¬4) التيسير6/ 440. (¬5) التيسير1/ 111. (¬6) التيسير1/ 315. (¬7) التيسير1/ 25. (¬8) البقرة: 87.

تاسعا: موقفه من القراءات

وفي ذلك تقرير لتسلسل الرسالات المنزلة من عند الله وتماسك حلقاتها وتأكيد لترابطها وتكاملها وإقامة للحجة على بني إسرائيل الذين أنكروا رسالة جميع الرسل بعد موسى منذ عيسى ابن مريم إلى محمد بن عبد الله. (¬1) ومع مافي هذه النكتة من نظر فإنه ليس هناك رسل منذ عيسى ابن مريم إلى محمد ابن عبد الله - صلى الله عليه وسلم - وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: " أنا أولى الناس بابن مريم ... ليس بيني وبينه نبي". (¬2) ومن اللطائف التفسيرية: (¬3) قال: ومن لطائف التفسير ماذهب إليه الرازي أثناء تفسيره لهذه الآيات من أن كتاب الله ذكر ثلاثة أشياء في حق داود وثلاثة أشياء في حق سليمان عليهما السلام .. فذكرها (¬4) ومن المبالغات التي وقع فيها بسبب اعتماده على التفسير الإنشائي قوله: ويلاحظ فيما جرت حكايته على لسان بني إسرائيل أنهم بدلا من أن يقولوا: ادع لنا ربنا، يفضلون أن يقولوا: ادع لنا ربك ويكررونها عدة مرات بهذه الصيغة، كأنهم لا يزالون في شك من أمره، ولا يعتبرونه ربا لهم بقدر ما يعتبرونه ربا لموسى وحده، وفي ذلك جحود منهم ظاهر لربوبية الله رب العالمين، وجرأة على مقامه الأقدس. وليس هذا بغريب عليهم فقد قالوا من قبل لموسى كما سبق في الربع الماضي {يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة} (¬5). فقوله: جحود ظاهر لربوبية الله تكفير ظاهر لهم، وهذا لم يقل به أحد ولم تدل عليه الآيات، ولايساعد على هذا الفهم استمرار موسى عليه السلام معهم. تاسعا: موقفه من القراءات: القراءة المعتمدة كما ذكر المصنف في مقدمته هي قراءة قالون عن نافع وقد اعتمدها بالضبط المناسب لها (¬6).وعلى الرغم من ضيق المقام تعرض ¬

(¬1) التيسير1/ 57. (¬2) أخرجه البخاري - كتاب بدء الخلق - باب قول الله {واذكر في الكتاب مريم} مريم: 16 عن أبي هريرة 6/ 476. (¬3) وانظر أيضا لبعض النكات واللطائف: التيسير 1/ 142، 170، 347. (¬4) التيسير5/ 176، 177. (¬5) البقرة: 55، التيسير 1/ 50. (¬6) انظر كمثال في الربع الأول قراءة ملِك، وما يخادعون، بما كانوا يُكَذّبون.

عاشرا: موقفه من الفقه والأصول

أحيانا للقراءات ومن ذلك قوله: {إن في ذلك لآيات للعالمين} (¬1) وحسب قراءة "العالمين" بفتح اللام كما في قراءة ورش عندنا يكون المعنى أن التعرف على هذه الآيات الكونية والبشرية في متناول عموم الخلق لا يختص به فريق دون فريق لأنه على مرأى ومسمع منهم جميعا. وتروى فيه قراءة أخرى بكسر اللام وطبقا لهذه القراءة الثانية يكون المعنى أن الذين يدركون أسرار هذه الآيات ويستخلصون منها النتائج القريبة والبعيدة الجامعة بين العلم والإيمان هم الذين بلغوا درجة كافية من العلم ويشهد لهذه القراءة قوله تعالى في آية أخرى: {ومايعقلها إلا العالمون} (¬2) عاشرا: موقفه من الفقه والأصول (¬3): والمؤلف يتعرض للفقهيات بطريقة إجمالية: ومن ذلك قوله: وإنما يباح الفطر للمسافر إذا لم ينو إقامة أربعة أيام فأكثر بالمكان الذي انتقل إليه، فإذا نوى الإقامة به أربعة أيام فأكثر لزمه الصيام منذ وصوله، ولم يجز له الفطر. وقد اعتبر علماء الإسلام في حكم المريض: المرأة الحامل والمرأة المرضع إذا خافتا على نفسهما من الصيام أو خافت الأولى على حملها والثانية على رضيعها ... أما الذين فقدوا القدرة على الصيام، كالشيخ الهرم الذي بلغ من الكبر عتيا، والمرأة الكبيرة التي عجزت عن الإمساك؛ فقد رخص الإسلام لهما ولمن ماثلهما بالإفطار، على أن يقوموا بإطعام مسكين واحد، فدية عن كل يوم، ولا قضاء عليهم بالمرة ... (¬4). ويقول: واتفق الإمامان مالك وأبو حنيفة رضي الله عنهما على اشتراط الصوم في الاعتكاف استنادا إلى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "اعتكف وصم" (¬5) (¬6). ¬

(¬1) الروم: 22. (¬2) العنكبوت: 43، التيسير 5/ 30 - 31. (¬3) وانظر من مواضع تعرضه للفقهيات: التيسير 1/ 330، 6/ 256، 257. (¬4) التيسير1/ 109. (¬5) أخرجه أبو داود - كتاب الصوم - باب المعتكف يعود المريض 2/ 334 عن ابن عمر. وقال الألباني: صحيح دون قوله: وصم. وقال الشوكاني: أخرجه أبو داود ... من طريق عبد الله بن بديل ولكنه ضعيف (انظر نيل الأوطار 4/ 360). (¬6) التيسير1/ 110.

وقال: قال مالك: والتكبير في أيام التشريق على الرجال والنساء من كان في جماعة أو وحده بمنى أو بالآفاق كلها واجب وقال: "الأيام المعدودات" أيام التشريق (¬1) وفي حين نجد الشيخ يعتذر بسبب ضيق الوقت المخصص لتفسير الربع الثاني من الحزب الرابع من قوله {يسألونك عن الخمر والميسر} (¬2) إلى {والوالدات} (¬3) فيقول: واضح أن ضيق الوقت المخصص لحصتنا اليومية لا يتسع لإلقاء نظرات مع هذه الموضوعات جميعا فسنقتصر على بعضها دون البعض على أن نتدراك الباقي في أول مناسبة قادمة فتكلم فقط عن الخمر؛ نجده أطال في الحديث عن الزواج من الكتابية ونقل عدة آثار عن ابن عمر وابن عباس وطلحة وحذيفة وعمر بن الخطاب وشقيق بن سلمة وذلك على خلاف عادته تماما. وفي قوله تعالى {يعملون له مايشاء من محاريب وتماثيل} (¬4) قال: وتعليقا على كلمة تماثيل الواردة في هذه الآية وماتفيده من إباحة التصوير على عهد سليمان قال ابن العربي ما نصه: ورد على ألسنة أهل الكتاب أنه كان أمرا مأذونا فيه والذي أوجب النهي عنه في شرعنا - والله أعلم - ماكانت العرب عليه من عبادة الأوثان والأصنام فكانوا يصورون ويعبدون، فقطع الله الذريعة وحمى الباب (¬5). وقد تكلم عن قضية الربا وكان حديثه عنها حديثا جيدا إلا أنه صب الحديث على ربا النسيئة ولم يتعرض البتة لربا الفضل. (¬6) كما ترك آيات (¬7) من سورة النساء وهي كلها في المواريث فلم يفسر منها حرفا. وكذلك لم يقل شيئا عن قوله {واللاتي يأتين الفاحشة} (¬8) إلى {عذابا أليما} (¬9) وكذلك قوله {وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ...} (¬10) حتى آية الوضوء مر عليها مرور الكرام. (¬11) ¬

(¬1) التيسير1/ 129. (¬2) التيسير1/ 219. (¬3) التيسير 1/ 233. (¬4) سبأ: 13. (¬5) التيسير5/ 176. (¬6) التيسير1/ 188 - 192. (¬7) النساء: 11، 12. (¬8) النساء: 15. (¬9) النساء: 18. (¬10) النساء: 92، 93. (¬11) التيسير1/ 339.

حادي عشر: موقفه من العلوم الحديثة والرياضة والفلسفة والمعجزات الكونية

أما موقفه من النسخ: فيقول في قوله تعالى: {ماننسخ من آية ...} (¬1) بعد أن ذكر إنكار اليهود للنسخ: وردا عليهم وإبطالا لنظريتهم جاءت الآية الكريمة تقول {ماننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها} تؤكد - على عكس مايدعون - إمكان النسخ في الشرائع بل تثبت وقوعه فيها فعلا ثم توضح وجه الحكمة فيه ... الخ (¬2). وفي آية الوصية لا يرى النسخ فقال: ولا يستغرب السامع ذكر الوالدين هنا في سياق الوصية دون الإرث فهناك من الوالدين من لاحق لهم فيه أيضا مثال ذلك الأم الكتابية التي ليست على دين ابنها المسلم والزوجة الكتابية .. الخ (¬3) ومن تعرضه لبعض الأصول: قال في قوله تعالى {ومن يشاقق الرسول ...} (¬4): وعلى هذه الآية نفسها اعتمد الشافعي - رضي الله عنه - في الحكم بحجية الإجماع ومايجب له من الاتباع (¬5). حادي عشر: موقفه من العلوم الحديثة والرياضة والفلسفة والمعجزات الكونية: لا يظهر على تفسير المكي الناصري تركيز على هذا الجانب أو اهتمام به إلا أنه قد تعرض لشيء من الظواهر الكونية (¬6). ثاني عشر: موقفه من المواعظ والآداب: هذا هو الجانب الذي اهتم به المكي الناصري اهتماما بينا وركز عليه في تفسيره وهو ملائم لكون التفسير أحاديث إذاعية تدخل بيوت عامة الناس ويرجى تأثيرها على المجتمع، ومن القضايا الاجتماعية التي اهتم بها: نبه على مضار الزواج في الوقت الحاضر من الكتابية مما يؤكد تأثره بأمراض المجتمع الإسلامي وتحذيره من سلبياته (¬7). واهتم بشأن اليتامى (¬8). ¬

(¬1) البقرة: 106. (¬2) التيسير1/ 72. (¬3) التيسير1/ 114. (¬4) النساء: 115. (¬5) التيسير1/ 383. (¬6) انظر التيسير5/ 61، 62. (¬7) التيسير1/ 140. (¬8) التيسير1/ 308 - 311.

وتكلم عن الاعتقادات في الجن (¬1). وعن محاربة العنصرية والشعوبية (¬2). وغير ذلك من القضايا الاجتماعية الكثيرة (¬3). وقال في قوله تعالى: {اذهبا إلى فرعون إنه طغى} (¬4) يستفاد منه أمران: الأمر الأول: أن الدعوة إلى الله ينبغي أن تكون مصحوبة بالتفاؤل والرجاء لا بالتشاؤم والإياس بحيث يكون الداعي قوي الثقة بالله قوي الثقة بفعالية الدعوة وتأثيرها في النفوس والوصول بها إلى النتيجة المرجوة. الأمر الثاني: أن الدعوة إلى الله ينبغي أن تكون لغتها لغة مهذبة وأن يكون أسلوبها أسلوبا لينا فلا فحش ولا غلظة ولا جفوة. ونفس التوجيه الذي تلقاه موسى وهارون عليهما السلام تلقاه خاتم الأنبياء والمرسلين صلوات الله عليه، إذ خاطبه ربه قائلا {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن} (¬5) قال القرطبي: القول اللين هو القول الذي لا خشونة فيه وإذا كان موسى أمر بأن يقول لفرعون قولا لينا فمن دونه أحرى بأن يقتدي بذلك في خطابه وأمره بالمعروف في كلامه قال تعالى {وقولوا للناس حسنا}. (¬6) ¬

(¬1) التيسير5/ 177 - 178. (¬2) التيسير5/ 31. (¬3) انظر التيسير 1/ 148، 152، 160، 161، 170، 188، 218 - 221، 250، 308، 375، 392. (¬4) طه: 43. (¬5) النحل: 125. (¬6) التيسير4/ 66 - 67 والآية من سورة البقرة رقم: 83.

تفسير أبي بكر الجزائري من خلال كتابه أيسر التفاسير وحاشيته نهر الخير

تفسير أبي بكر الجزائري من خلال كتابه أيسر التفاسير وحاشيته نهر الخير مؤلف هذا التفسير هو الشيخ أبو بكر جابر بن موسى بن عبد القادر الجزائري وهو واعظ بالمسجد النبوي الشريف ومن المعاصرين وقد التقيت به مرارا وهو من أهل المنطقة ولد بالجزائر سنة 1340 هـ ولا زال على قيد الحياة نفع الله به (¬1). التعريف بالتفسير: وتفسيره المسمى "أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير" من التفاسير المطبوعة وقد وضع عليه حاشية مكملة اسمها " نهر الخير على أيسر التفاسير "، والطبعة التي وقفت عليها تقع في خمس مجلدات كبار وهي الطبعة الثالثة للكتاب. وقد ذكرت في ترجمة الشيخ الباعث على تأليفه هذا التفسير وأضيف هنا قوله: وشاء الله تعالى أن أجلس في أواخر محرم عام 1406 هـ، إلى فضيلة الدكتور عبد الله بن صالح بن العبيد رئيس الجامعة الإسلامية ويلهم أن يقول لي: لو أنك وضعت تفسيرا على الجلالين يحل محله في المعاهد ودور الحديث تلتزم فيه العقيدة السلفية التي خلا منها تفسير الجلالين فضرّ كثيرا بقدر ما نفع، وصادف في النفس رغبتها فأجبته بأن سأفعل إن شاء الله تعالى وبهذا الوعد تعنيت واستعنت الله تعالى وشرعت. (¬2) ¬

(¬1) تقدمت ترجمته في أهل المنطقة برقم 53. (¬2) 1/ 5.

المنهج العام للتفسير

المنهج العام للتفسير: أما عن المنهج العام في هذا التفسير فقد كفانا الشيخ حفظه الله استنباطه بذكره له في المقدمة وهو تفسير وعظي شامل. قال الجزائري: هذا وإن مميزات هذا التفسير التي بها رجوت أن يكون تفسير كل مسلم ومسلمة لا يخلو منه بيت من بيوت المسلمين فهي: 1 - الوسطية بين الاختصار المخل، والتطويل الممل. 2 - اتباع منهج السلف في العقائد والأسماء والصفات. 3 - الالتزام بعدم الخروج عن المذاهب الأربعة في الأحكام الفقهية. 4 - إخلاؤه من الإسرائيليات صحيحها وسقيمها إلا ما لابد منه لفهم الآية الكريمة وكان مما تجوز روايته لحديث " وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج " (¬1). 5 - إغفال الخلافات التفسيرية. 6 - الالتزام بما رجحه ابن جرير الطبري في تفسيره عند اختلاف المفسرين في معنى الآية، وقد لا آخذ برأيه في بعض التوجيهات للآية. 7 - إخلاء الكتاب من المسائل النحوية والبلاغية والشواهد العربية 8 - عدم التعرض للقراءات إلا نادرا جدا للضرورة حيث يتوقف معنى الآية على ذلك وبالنسبة للأحاديث فقد اقتصرت على الصحيح والحسن منها دون غيرهما، ولذا لم أعزها إلى مصادرها إلا نادرا. 9 - خلو هذا التفسير من ذكر الأقوال وإن كثرت والالتزام بالمعنى الراجح والذي عليه جمهور المفسرين من السلف الصالح حتى إن القارئ لا يفهم أن هناك معنى غير الذي فهم من كلام ربه تعالى، وهذه ميزة جليلة وذلك لحاجة جمع المسلمين على فكر إسلامي موحد صائب سليم. 10 - التزمت في هذا التفسير بالخطة التي مثلتها هذه المميزات رجاء أن ¬

(¬1) أخرجه البخاري - كتاب أحاديث الأنبياء - باب ما ذكر عن بني إسرائيل 6/ 496 من حديث عبد الله بن عمرو.

يسهل على المسلمين تناول كتاب الله دراسة وتطبيقا وعملا، لا هم لهم إلا مرضاة الله بفهم كلامه والعمل به، والحياة عليه عقيدة وعبادة وخلفا وأدبا وقضاء وحكما، فلذا أخليته من كل ما من شأنه أن يشتت الذهن، أو يصرف عن العمل إلى القول والجدل ولذا فقد جعلت الكتاب دروسا منظمة منسقة فقد أجعل الآية الواحدة درسا فأشرح كلماتها، ثم أبين معناها، ثم أذكر هدايتها المقصودة منها للاعتقاد والعمل وقد أجعل الآيتين درسا، والثلاث آيات والأربع والخمس ولا أزيد على الخمس إلا نادرا، وذلك طلبا لوحدة الموضوع وارتباط المعنى به. وقد جعلت الآيات مشكولة على قراءة حفص وبخط المصحف وإني أطالب المسلم أن يقرأ أولا الآيات حتى يحفظها، فإذا حفظها درس كلماتها حتى يفهمها، ثم يدرس معناها حتى يعيه، ثم يقرأ هداياتها للعمل بها فيجمع بين حفظ كتاب الله تعالى وفهمه والعمل به، وبذلك يسود ويكمل ويسعد إن شاء الله تعالى. (¬1) وقد ذكر الشيخ أن كتابه هذا قد اعتمد فيه على مراجع أربعة وهي: جامع البيان في تفسير القرآن لابن جرير الطبري تفسير الجلالين المحلي والسيوطي تفسير المراغي تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان لعبد الرحمن بن ناصر السعدي أما حاشية نهر الخير؛ فقد ذكرت الغرض منها في ترجمة المؤلف وسوف نوقع هذه الدراسة على الكتاب وحاشيته إن شاء الله تعالى. وهو لم يقتصر على المراجع المذكورة في المقدمة عندما صنف" نهر الخير" ولكن رجع إلى مصادر أخرى مثل: تفسير ابن كثير: ومن ذلك قوله: ذهب ابن كثير إلى أن استوى هنا مضمن معنى قصد لتعديته بإلى إذ يقال: " استوى على كذا" إذا كان بمعنى العلو والارتفاع، "واستوى إلى كذا " قصده، ويكون المعنى ثم قصد إلى السماء أي السموات فخلقهن سبع سموات، ولفظ السماء اسم جنس تحته أفراد لذا قال: {فسواهن} (¬2) بالجمع. (¬3) تفسير القرطبي: ومن ذلك قوله: ذكر القرطبي في تفسيره أن السجود ¬

(¬1) 1/ 617. (¬2) البقرة: 29. (¬3) 1/ 39.

المنهج التفصيلي للمؤلف

الذي أمرت به الملائكة هو أن يسجدوا لله تعالى مستقبلين وجه آدم وعليه فهو كصلاتنا خلف المقام، الصلاة لله والاستقبال للمقام. (¬1) وسيأتي غير ذلك من المراجع مثل التحرير والتنوير. المنهج التفصيلي للمؤلف: أولا: أسماء السور وعدد الآيات والوقوف وبيان المناسبات: يذكرالجزائري أسماء السور ومكية أم مدنية وعدد آياتها كقوله: سورة الفاتحة وهي مكية وآياتها سبع ثم قال: ولها أسماء كثيرة منها أم القرآن والسبع المثاني وأم الكتاب ثم شرح تلك الأسماء في حاشيته نهر الخير. (¬2) وهو يتعرض لذكر المناسبات بين الآيات ومن ذلك قوله عن تفسير {يا أيها الناس اعبدوا ربكم} (¬3) وجه المناسبة أنه تعالى لما ذكر المؤمنين المفلحين، والكافرين الخاسرين ذكر المنافقين وهم بين المؤمنين الصادقين والكافرين الخاسرين، ثم على طريقة الالتفات نادى الجمع بعنوان الناس، ليكون نداء عاما للبشرية جمعاء في كل مكان وزمان، وأمرهم بعبادته ليقوا أنفسهم من الخسران، معرفا لهم نفسه ليعرفوه بصفات الجلال والكمال فيكون ذلك أدعى لاستجابتهم له، فيعبدونه عبادة تنجيهم من عذاب وتكسبهم رضاه وجنته. (¬4) ثانيا: موقفه من العقيدة: وهو يقرر عقيدة السلف في القدر عند قوله {سواء عليهم ءأنذرتهم أم لم تنذرهم} (¬5) فقال في نهر الخير: قد يقال: ما دام قد علم الله تعالى أن بعضا لا يؤمنون فلم ينذرون؟ إذ إنذارهم مع العلم بأنه لا ينفعهم، تكليف بالمحال والجواب: أن دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - لكل أحد وهو - صلى الله عليه وسلم - لم يعلم من كتب الله تعالى عليه الشقاء ممن كتب له السعادة؛ فلذا هو يدعو وينذر، ومن كان من أهل السعادة أجاب الدعوة، ومن لم يكن من أهلها رفضها ولم يجب. (¬6) ¬

(¬1) 1/ 43. (¬2) 1/ 910. (¬3) البقرة: 21. (¬4) 1/ 33. (¬5) البقرة: 6. (¬6) 1/ 23.

ويقول: ذهب المعتزلة - أذهب الله ريحهم - إلى أن الجنة التي هبط منها آدم وحواء كانت بستانا في الأرض في مرتفع منها، وهو قول باطل لا يسمع له ولا يلتفت إليه، إذ كل سياق القرآن دال على أنها الجنة دار النعيم لأولياء الله في الآخرة. ويقول في الشفاعة: الشفاعة ضم جاه إلى جاه ليحصل النفع للمشفوع له، والشفعة ضم ملك إلى ملك، والشفع الزوج مقابل الوتر، ولا تقبل شفاعة أحد يوم القيامة إلا بشرطين اثنين الأول: أن يكون الشافع قد أذن الله تعالى له في الشفاعة، والثاني: أن يكون المشفوع له ممن رضي الله قوله وعمله وهو المؤمن الموحد. (¬1) ويقول في السحر: اختلف هل للسحر حقيقة أو هو مجرد خداع لا أصل له؟ أهل السنة والجماعة على أن له حقيقة. وهو أنواع عديدة، وحكمه: أن من تعاطاه إذا أضر به فأفسد عقلا أو قتل فإنه يقتل بذلك وإلا فإنه يعزر حتى يتوب منه، ويشهد لمذهب الجمهور أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سحره لبيد بن الأعصم وأنزل الله تعالى سورة الفلق فرقاه بها جبريل فشفي وقال: إن الله شفاني. والحديث في البخاري وغيره. (¬2) ويقول في خلق القرآن: روي أن أحمد استدل على كفر من قال بخلق القرآن بهذه الآية: {من بعد ما جاءك من العلم} (¬3) وهو القرآن، فمن قال بخلق القرآن قال بخلق علم الله تعالى وهو كفر صريح. (¬4) ويقول في معية الله لخلقه في صلب الكتاب: {فثم وجه الله} (¬5): هناك الله تعالى، إذ الله عز وجل محيط بخلقه فحيثما اتجه العبد شرقا أو غربا شمالا أو جنوبا وجد الله تعالى، إذ الكائنات كلها بين يديه وكيف لا يكون ¬

(¬1) 1/ 52. (¬2) 1/ 92. وانظر: صحيح البخاري - كتاب الطب - باب السحر 10/ 221 عن عائشة. وليس فيه الرقية بسورة الفلق إنما جاءت الرقية بها وبسورة الناس في رواية سفيان بن عيينة للحديث في تفسيره وقال ابن حجر: صحيح (انظر تلخيص الحبير 4/ 40). (¬3) آل عمران: 61. (¬4) 1/ 106. وانظر في ذلك كتاب: "الرد على من يقول القرآن مخلوق" للنجاد. (¬5) البقرة: 115.

ثالثا: موقفه من تفسير القرآن بالقرآن

ذلك وقد أخبر عن نفسه أن الأرض قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه، فليس هناك جهة تخلو من علم الله تعالى وإحاطته بها وقدرته عليها ويقرر هذا قوله إن الله {واسع عليم}، إنه واسع الذات والعلم والفضل والجود والكرم عليم بكل شيء لأنه محيط بكل شيء. (¬1) ويقول {وسع كرسيه السموات والأرض} (¬2) لكمال ذاته ثم ذكر في نهر الخير قوله: أورد ابن كثير عن ابن عباس رضي الله عنها قوله: الكرسي موضع القدمين، والعرش لا يقدر أحد قدره. رواه الحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. (¬3) وفي بعض الآيات المشكلة مثل قوله: {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة} (¬4) اكتفى فيها بقوله: ما ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وعند ذلك يؤمنون، ومثل هذا الإيمان الاضطراري لا ينفع حيث يكون العذاب لزاما بقضاء الله العادل. (¬5) ولم يذكر شيئا في الحاشية. ثالثا: موقفه من تفسير القرآن بالقرآن: وهو غير مكثر في ذلك ويتعرض له في الحاشية مثل قوله {الذين أنعمت عليهم} (¬6) هم النبيون والصديقون والشهداء والصالحون. ثم قال في الحاشية: ورد هذا البيان في قوله تعالى من سورة النساء {ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين} (¬7) ومثل قوله: {ثم يقول للملائكة} وهم أمامهم تقريرا للمشركين وتأنيبا {أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون} (¬8) فتتبرأ الملائكة من ذلك. ثم قال في الحاشية: هذا كقوله تعالى {وإذ قال الله ياعيسى ابن مريم ءأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله} (¬9) ... الخ. (¬10) ¬

(¬1) 1/ 102. (¬2) البقرة: 255. (¬3) 1/ 245. وانظر المستدرك - كتاب التفسير 2/ 282 وسكت الذهبي. (¬4) البقرة: 210. (¬5) 1/ 188. (¬6) الفاتحة: 7. (¬7) النساء: 69. (¬8) سبأ: 40. (¬9) المائدة: 116. (¬10) 4/ 328.

رابعا: موقفه من تفسير القرآن بالسنة

رابعا: موقفه من تفسير القرآن بالسنة: لا يذكر الأحاديث كثيرا في صلب الكتاب وربما يذكرها في الحاشية ومن ذلك قوله في صلب الكتاب: وفي الحديث" الدعاء هو العبادة " ثم ذكر في الحاشية قوله: رواه أصحاب السنن وصححه الترمذي عن النعمان بن بشير - رضي الله عنه -. (¬1) وفي موضع آخر يقول عند قوله تعالى {بل أحياء ولكن لاتشعرون} (¬2) أما الآية فقد تضمنت نهيه تعالى لهم أن يقولوا معتقدين: إن من قتل في سبيل الله ميت إذ هو حي في البرزخ وليس بميت بل هو حي يرزق في الجنة كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أرواح الشهداء في حواصل طيور خضر تسرح في الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى قناديل معلقة تحت العرش" رواه مسلم. (¬3) وقوله في في هداية الآيات: فضيلة الاسترجاع عند المصيبة وهو قول: إنا لله وإنا إليه راجعون، وفي الصحيح يقول - صلى الله عليه وسلم -: "ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها إلا أجره الله في مصيبته وأخلف له منها". رواه مسلم (¬4) ويقول تحت قوله تعالى {كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية} (¬5) يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فلا وصية لوارث" (¬6). ونسخ الوجوب وبقي الاستحباب ولكن لغير الوالدين والأقربين الوارثين إلا أن يجيز ذلك الورثة وأن تكون الوصية ثلثا فأقل فإن زادت وأجازها الورثة جازت لحديث ابن عباس عند الدارقطني: "لا تجوز الوصية لوارث إلا أن يشاء الورثة" (¬7) ودليل ¬

(¬1) 1/ 15. وانظر سنن الترمذي - كتاب الدعاء - باب ماجاء في فضل الدعاء 5/ 456. (¬2) البقرة: 154. (¬3) 1/ 134 وانظر صحيح مسلم - كتاب الإمارة - باب بيان أن أرواح الشهداء في الجنة 3/ 1502. (¬4) 1/ 135، وانظر صحيح مسلم - كتاب الجنائز - باب ما يقال عند المصيبة 2/ 633. (¬5) البقرة: 180. (¬6) سبق تخريجه انظر ص: 855. (¬7) انظر سنن الدارقطني 4/ 97 وأخرجه أيضا البيهقي 6/ 263 من طريق عطاء عن ابن عباس وقال: عطاء هذا هو الخراساني لم يدرك ابن عباس ولم يره. وقال الألباني: منكر (ضعيف الجامع رقم 6211، إرواء الغليل 6/ 96).

استحباب الوصية حديث سعد في الصحيح حيث أذن له الرسول في الوصية بالثلث، وقد تكون الوصية واجبة على المسلم وذلك إن ترك ديونا لازمة، وحقوقا واجبة في ذمته فيجب أن يوصي بقضائها واقتضائها بعد موته لحديث ابن عمر في الصحيح: "ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده" (¬1) أسباب النزول: يكثر المصنف من ذكرها في الأصل والحاشية (¬2)، ومن ذلك قوله في نهر الخير: ذكر ابن كثير في سبب نزول قوله تعالى {وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة} (¬3) أن عكرمة قال: خاصمت اليهود رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: لن ندخل النار إلا أربعين ليلة وسيخلفنا فيها آخرون يعنون محمدا وأصحابه فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده على رؤوسهم: "بل أنتم خالدون لا يخلفنكم فيها أحد" فأنزل الله عز وجل {وقالوا لن تمسنا النار الآية}. (¬4) وقوله: روى الترمذي في سبب نزول {قل من كان عدوا لجبريل} (¬5) الآية أن اليهود قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إنه ليس نبي من الأنبياء إلا يأتيه ملك من الملائكة من عند ربه بالرسالة وبالوحي فمن صاحبك حتى نتبعك؟ قال جبريل قالوا: ذلك الذي ينزل بالحرب وبالقتال ذلك عدونا لو قلت: ميكائيل الذي ينزل بالقطر والرحمة تابعناك فأنزل الله الآية إلى قوله {للكافرين}. (¬6) ويقول في الأصل: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى} (¬7) هذه الآية نزلت في حيين من العرب كان أحد الحيين يرى أنه ¬

(¬1) 1/ 158. والحديث أخرجه البخاري - كتاب الوصايا - باب الوصايا وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - ... الخ 5/ 355، ومسلم - كتاب الوصية 3/ 1249. (¬2) انظر أيضا 1/ 125، 126، 165، 167، 195، 198. (¬3) البقرة: 80. (¬4) 1/ 75. والأثر أخرجه ابن جرير 1/ 382 وهو ضعيف لإرساله. (¬5) البقرة: 97. (¬6) 1/ 85. وانظر سنن الترمذي - التفسير - سورة الرعد رقم3117 وقال: حسن غريب وقال الألباني: صحيح (صحيح سنن الترمذي2492). (¬7) البقرة: 178.

أشرف من الآخر فلذا يقتل الحر بالعبد، والرجل بالمرأة تطاولا وكبرياء فحدث بين الحيين قتل وهم في الإسلام فشكوا ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنزلت هذه الآية تبطل ذحل (¬1) الجاهلية، وتقر مبدأ العدل والمساواة في الإسلام فقال تعالى {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى} فلا يقتل بالرجل رجلان، ولا بالمرأة رجل ولا امرأتان، ولا بالعبد حر ولا عبدان. (¬2) ويقول: روي أن بعض الصحابة رضوان الله عليهم سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائلين: ما بال الهلال يبدو دقيقا، ثم يزيد حتى يعظم ويصبح بدرا، ثم لا يزال ينقص حتى يعود كما كان أول بدئه؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية {يسألونك عن الأهلة} (¬3) وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقول لهم: {هي مواقيت للناس}. (¬4) فضائل السور والآيات: يتعرض لها في نهر الخير مثل قوله: الحمد لله أعظم سورة في القرآن لحديث البخاري عن أبي سعيد بن المعلى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: "لأعلمنك أعظم سورة في القرآن، وقوله له ما أنزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في القرآن مثلها". (¬5) وقوله: ورد وصح في فضل سورة البقرة قوله - صلى الله عليه وسلم -: "اقرءوا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا يستطيعها البطلة" (¬6) ويقول: صح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " يا أبا المنذر - أبي بن كعب - أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟ " قال: قلت الله لا إله إلا هو الحي القيوم ¬

(¬1) الذَّحْل: الثأر (لسان العرب 3/ 1490). (¬2) 1/ 155، 156. وقد أخرج ابن جرير معناه 2/ 103 من مرسل قتادة. (¬3) البقرة: 189. (¬4) 1/ 171. أخرجه ابن عساكر عن ابن عباس بمعناه وقال السيوطي: بسند ضعيف (الدر1/ 203). (¬5) 1/ 13. أخرجه البخاري - كتاب التفسير - باب ماجاء في فاتحة الكتاب 8/ 156. (¬6) 1/ 18. والحديث سبق تخريجه ص: 728.

خامسا: موقفه من تفسير القرآن بأقوال السلف

فضرب في صدري وقال: " ليهنك العلم يا أبا المنذر ". (¬1) وروى أحمد أن آية الكرسي تعدل ربع القرآن وأن الزلزلة والكافرون والنصر كل واحدة تعدل ربع القرآن وأن الصمد تعدل ثلث القرآن. (¬2) خامسا: موقفه من تفسير القرآن بأقوال السلف: والمصنف لا ينسب شيئا من الأقوال للمفسرين من السلف في صلب الكتاب أما في الحاشية فربما نسب بعض ذلك مثل قوله: قال رجل لابن عباس رضي الله عنهما: إنا نصيب في العمد من أموال أهل الذمة الدجاجة والشاة ونقول ليس علينا في ذلك بأس فقال له: هذا كما قال أهل الكتاب {ليس علينا في الأميين سبيل} (¬3) إنهم إذا أدوا الجزية لا تحل لكم أموالهم إلا عن طيب أنفسهم. (¬4) وقد مر وسوف يأتي في النقول الآتية روايات منسوبة لبعض الصحابة والتابعين. سادسا: موقفه من السيرة والتاريخ وذكر الغزوات: وهو يتعرض للسيرة أثناء الآيات المتعلقة بالغزوات مثل غزوة بدر وأحد وتبوك والأحزاب وغيرها. ومن مواضع ذلك عند قوله تعالى {وآخرون اعترفوا بذنوبهم} (¬5) ذكر قصة أبي لبابة ومن معه. (¬6) وعند قوله تعالى {والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا} (¬7) ذكر قصة مسجد الضرار وما كان من أبي عامر الفاسق. (¬8) وعند قوله تعالى {لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار} (¬9) ذكر قصة توبة كعب بن مالك ومن معه باختصار. (¬10) ¬

(¬1) 1/ 244. والحديث أخرجه مسلم - كتاب صلاة المسافرين - باب فضل سورة الكهف وآية الكرسي 1/ 556. (¬2) 1/ 244. والحديث في المسند 3/ 221 وفي إسناده سلمة بن وردان قال الحافظ: ضعيف (التقريب رقم2514). (¬3) آل عمران: 75. (¬4) 1/ 334. (¬5) التوبة: 102. (¬6) 2/ 420. (¬7) التوبة: 107. (¬8) 2/ 425. (¬9) التوبة: 117. (¬10) 2/ 434.

سابعا: موقفه من الإسرائيليات

ومن تحريره لبعض المسائل التاريخية قوله: ذهب الشيخ محمد الطاهر بن عاشور صاحب تفسير التحرير والتنوير إلى أن القائل لبني إسرائيل: {ادخلوا هذه القرية} (¬1) الآية هو موسى عليه السلام وأنه أرسل جواسيس يكتشفون أمر العدو ويقدرون قوته قبل إعلان الحرب عليهم فرجعوا وهم يهولون من شأن العدو وقوته وينشرون الفزع والرعب في بني إسرائيل ما عدا اثنين منهم وهما: يوشع بن نون قريب موسى، وطالب بن قته الذين ذكرا في سورة المائدة {قال رجلان} (¬2) الآية وخالف في هذا جمهور المفسرين وادعى الغلط لهم، وما حمله على ذلك سوى أن السياق ما زال مع موسى وقومه مع أن الله تعالى لم يذكر موسى بل قال: {وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية} (¬3) والرسول - صلى الله عليه وسلم - في حديث البخاري قال: قيل لبني إسرائيل. ولم يقل: قال موسى لبني إسرائيل ونص الحديث: " قيل لبنى إسرائيل: ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة يغفر لكم خطاياكم فبدلوا وقالوا: حنطة حبة في شعرة " (¬4). والآمر لهم حقيقة هو الله تعالى على لسان يوشع، إذ هو الذي قاد الحملة ونصره الله، ودخل بيت المقدس، وأحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - شاهدة. (¬5) سابعا: موقفه من الإسرائيليات: تقدم ما ذكره المصنف في المقدمة عن موقفه من الإسرائيليات لكنه لم يلتزم به وذكر منها طرفا في الحاشية ومن ذلك: قوله: اشتهر بين علماء السلف أن ما تتلوه الشياطين على عهد سليمان كان سببه أن مردة من الشياطين كتبوا كتابا ضمنوه الكثير من ضروب السحر والشعوذة والأباطيل ونسبوه إلى كاتب سليمان - وهو آصف - ودفنوه تحت كرسي سليمان حين ابتلي بنزع ملكه، ولما مات سليمان أخرج الكتاب شياطين الجن بالتعاون مع شياطين الإنس، وأعلنوا في الناس أن سليمان كان ساحرا، وما غلب الجن والإنس إلا بالسحر فصدقهم أناس وكذب آخرون، ولما بعث محمد - صلى الله عليه وسلم - وكفر به اليهود وتنكروا للتوراة لاتفاقها مع القرآن أنزل الله تعالى قوله {واتبعوا ما تتلوا الشياطين} (¬6) فبرأ سليمان وكفر اليهود. ¬

(¬1) البقرة: 58. (¬2) المائدة: 23. (¬3) البقرة: 58. (¬4) سبق تخريجه ص: 726. (¬5) 1/ 58. (¬6) البقرة: 102.

وكذا قوله: الملكان - وهما هاروت وماروت - ذكر قصتهما علماء السلف ورواها مثل أحمد وعبد الرزاق وابن أبي حاتم وابن جرير وخلق كثير ولم يصح فيها حديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولكنها مروية عن ابن عمر، وابن عباس وعلي رضي الله عنهم ولعلها مروية عن كعب الأحبار، وفي الآيات عبارة وإشارة ولا مانع شرعا ولا عقلا من هذه القصة، ومفادها أن الملائكة أنكروا على بني آدم ما يرتكبون من الذنوب والمعاصي ويعجبون من ذلك فأمرهم تعالى أن يختاروا ملكين منهم ويركب فيهم غرائز بني آدم ويكافئهم وينزلهم إلى الأرض يعبدون الله كبني آدم ثم ينظرون هل يعصون الله أولا يعصونه فلما نزلا إلى الأرض ارتكبا كبائر الذنوب فخيرا بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة فاختارا عذاب الدنيا فجعلا في بابل يعلمان الناس السحر فإذا أتاهما من يريد ذلك نصحا له بأن تعلم السحر كفر فإذا أصر وجهاه إلى شيطان فأتاه فعلمه كيفية السحر وما يصل إليه إلا بعد أن يكفر أفظع أنواع الكفر. وقوله: {ولا تقربا هذه الشجرة} (¬1) قال: الشجرة شجرة من أشجار الجنة وجائز أن تكون كرما أو تينا أو غيرهما وما دام الله تعالى لم يعين نوعا فلا ينبغي السؤال عنها. (¬2) وقوله في الحاشية {ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم ...} (¬3) قال: ذكر القرطبي أن اسم هذه القرية دارودان وهي من نواحي شرق واسط بينهما فرسخ. (¬4) وقوله في الحاشية أيضا {إذ قالوا لنبي لهم} (¬5) قال: هو شمويل بن بال بن علقمة هكذا ذكره القرطبي في تفسيره ويقال فيه: شمعون أيضا ويعرف بابن العجوز لأن أمه كانت عجوزا فسألت الله الولد فوهبها إياه بعد عقم كبر سن. (¬6) {وقال لهم نبيهم} (¬7) شمويل (¬8) وقال: وأما كيفية حمل الملائكة للتابوت فإن الأخبار تقول إن العمالقة تشاءموا بالتابوت عندهم إذ ¬

(¬1) البقرة: 35. (¬2) 1/ 45. (¬3) البقرة: 243. (¬4) 1/ 231. (¬5) البقرة: 243. (¬6) 1/ 234. (¬7) البقرة: 248. (¬8) 1/ 235.

ثامنا: موقفه من اللغة

ابتلوا بمرض البواسير وبآفات زراعية وغيرها، ففكروا في أن يردوا هذا التابوت لبني إسرائيل، وساق الله أقدارا لأقدار، فجعلوه في عربة يجرها بقرتان أو فرسان ووجهوها إلى جهة منازل بني إسرائيل فمشت العربة فساقتها الملائكة حتى وصلت بها إلى منازل بني إسرائيل فكانت آية وأعظم آية وقبل بنو إسرائيل بقيادة طالوت، وبسم الله تعالى قادهم. (¬1) وقال: لم يقص الله تعالى علينا شيئا عن كيفية قتل داود لجالوت لعدم الفائدة الكبيرة منها وخلاصتها كما يلي: كان والد داود في جيش طالوت وله ستة أبناء معه واسمه إيشا، وكان داود أصغرهم وكان يرعى الغنم، وكان لنبيهم درع وأوحى الله أن من استوت عليه درعك هو الذي يقتل جالوت، فاستوت على داود. وقبل البراز قال طالوت: من قتل جالوت أشاطره ملكي وأزوجه ابنتي، وكان داود قد مر بحجر فناداه أن خذني ياداود وقاتل بي، فجعله في مخلاته واحتفظ به، فلما برز لجالوت جعل الحجر في مقلاعه وكان راميا فرمى جالوت فقتله. وهذه بداية أمره عليه السلام. (¬2) ثامنا: موقفه من اللغة: يهتم الجزائري بشرح المفردات في كل مجموعة من الآيات من غير تعرض لشواهد شعرية ثم يبين في حاشيته اشتقاق الكلمة ويسوق بعض الشواهد الشعرية ومثال ذلك قوله: السورة: قطعة من كتاب الله تشتمل على ثلاث آيات فأكثر. ثم يقول في حاشيته: لفظ السورة مشتق إما من سور البلد لارتفاعها الخ ثم قال: ويشهد لذلك قول الشاعر: ألم تر أن الله أعطاك سورة ... ترى كل ملك دونها يتذبذب (¬3) وكقوله: الرب السيد المالك المصلح المعبود بحق جل جلاله ثم قال في نهر الخير: مما شهد لإطلاق لفظ الرب على المعبود قول الشاعر: ¬

(¬1) 1/ 236، 237. (¬2) 1/ 239. (¬3) 1/ 9.

تاسعا: موقفه من القراءات

أرب يبول الثعلبان برأسه ... لقد هان من بالت عليه الثعالب (¬1) ويتعرض في الحاشية إلى كثير من القضايا النحوية والبلاغية ومن ذلك قوله: {ومن الناس} (¬2) خبر، والمبتدأ: {من يقول}، والسر في تقديم الخبر هنا هو إخفاء المخبر عنه لأنه ذو صفات ذميمة. (¬3) وقوله في {أنؤمن كما آمن السفهاء} (¬4) الاستفهام هنا إنكاري. (¬5) وقوله: أصل لقوا: لقيوا نقلت الضمة إلى القاف وحذفت الياء لالتقاء الساكنين. وقوله: عدي فعل خلوا بـ إلى ولم يعد بالباء إذ يقال خلا بكذا لأن خلوا هنا بمعنى ذهبوا وانصرفوا. (¬6) ومن مواضع تعرضه للمتشابه اللفظي: قال في قوله {ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة} (¬7) يلاحظ: تقديم الشفاعة في النداء الثاني على أخذ العدل وتأخير الشفاعة في هذا النداء وتقديم العدل وما هو إلا تفنن في الأسلوب إذهابا للسآمة. وهذا شأن الكلام البليغ. (¬8) وقال في الإعجاز القرآن البياني: بلاغة القرآن الكريم إذ كان حكماء العرب في الجاهلية يقولون: القتل أنفىللقتل، فقال القرآن: {ولكم في القصاص حياة} (¬9) فلم يذكر لفظ القتل بالمرة فنفاه لفظا وواقعا. (¬10) وقد يرجح الشيخ خلاف قول الجمهور في بعض الآيات ومن ذلك قوله: الجمهور على تفسير الضمير في {وإنها لكبيرة} (¬11) بالصلاة وخالفتهم في ذلك لوجود من قال: إنها ما أمروا به ونهوا عنه وهو أعم من الصلاة. (¬12) تاسعا: موقفه من القراءات: اعتمد قراءة حفص كما في ذكر في المقدمة وربما ذكر شيئا من القراءات في نهر الخير مثل قوله قرأ حفص {مالك} (¬13) باسم الفاعل وقرأ نافع {ملك} بدون ألف وهما قراءتان سبعيتان. والله حقا هو الملك ¬

(¬1) 1/ 12. (¬2) البقرة: 8. (¬3) 1/ 24. (¬4) البقرة: 13. (¬5) 1/ 216. (¬6) 1/ 27. (¬7) البقرة: 123. (¬8) 1/ 108. (¬9) البقرة: 179. (¬10) 1/ 157. (¬11) البقرة: 45. (¬12) 1/ 51. (¬13) الفاتحة: 3.

عاشرا: موقفه من الفقه والأصول

المالك. (¬1) قرأ نافع {يومنون} بتخفيف الهمزة جمعا وإفرادا في كامل القرآن وقرأها حفص مهموزة في كل القرآن. (¬2) قرأ نافع والجمهور {وما يخادعون} (¬3) بألف بعد الخاء وقرأ حفص يخدعون بسكون الخاء (¬4) ومن تعرضه للقراءات في أصل الكتاب قوله: {ولا تسأل عن أصحاب الجحيم} (¬5) ولا تسأل قرئ بالتاء للجمهور ولا نافية والفعل مرفوع، وقرئ بالبناء للمعلوم ولا ناهية والفعل مجزوم (¬6). ثم علق عليها في النهر بأن القراءة الثانية لنافع وحده. عاشرا: موقفه من الفقه والأصول: كما أنه يتعرض لبعض الأحكام الفقهية كقوله: حكم الاستعاذة: يسن لكل من يريد قراءة شيء من القرآن سورة فأكثر أن يقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ثم يقرأ. ثم بين في نهر الخير الدليل فقال: لقوله تعالى {فإذا قرأت القران فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم} (¬7) (¬8) كما تكلم عن حكم البسملة فقال: مشروع للعبد ومطلوب منه أن يبسمل عند قراءة كل سورة من كتاب الله تعالى إلا عند قراءة سورة التوبة. (¬9) وفي نهر الخير يستطرد أكثر فيقول مثلا عند قوله تعالى {قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر} (¬10) الآيات استدل الجمهور بهذه الصفات المذكورة للبقرة على جواز بيع السلم في الحيوان كما استدلوا بقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الصحيح: " لا تنعت المرأة المرأة لزوجها، كأنه ينظر إليها " (¬11) وخالف أبو حنيفة وقال بعدم صحة السلم في الحيوان (¬12) وعند قوله: {فقلنا اضربوه ببعضها} (¬13) وفي هذه الآية شاهد لمالك في أن الجريح إذا أخبر عن جرحه ومات أن إخباره يعد لوثا وتجري في الحادث القسامة وخالف ¬

(¬1) 1/ 13. (¬2) 1/ 18. (¬3) البقرة: 9. (¬4) 1/ 24. (¬5) البقرة: 119. (¬6) 1/ 104. (¬7) النحل: 98. (¬8) 1/ 11. (¬9) 1/ 12. (¬10) البقرة: 68. (¬11) أخرجه البخاري بنحوه - كتاب النكاح - باب لاتباشر المرأة المرأة 9/ 338 عن ابن مسعود. (¬12) 1/ 69. (¬13) البقرة: 73.

الجمهور وقالوا: إخبار القتيل لا يكفي في وجود اللوث المقتضي للقسامة ولرأي مالك شاهد من السنة وهي الجارية التي رض اليهودي رأسها كما في البخاري. (¬1) وكقوله أجمع العلماء على أن للمرأة ثلاثة أحكام في رؤيتها الدم السائل من فرجها، فإن كان أسود خاثرا تعلوه حمرة فذلك الحيض ويحرم عليها الصوم والصلاة ويحرم وطؤها، وتقضي الصوم ولا تقضي الصلاة للأحاديث الصحيحة في ذلك، وأكثر الحيض خمسة عشر يوما وأقله لا حد له على الصحيح وأقل الطهر أيضا خمسة عشر يوما ليكمل الشهر حيضا وطهرا، وإن كان الدم زائدا على مدة الحيض فهو الاستحاضة وتصلي معه وتصوم وتوطأ أيضا والحكم الثالث دم النفاس وأكثره أربعون يوما وأقله يوم وليلة وحكمه حكم الحيض (¬2) وقد يخالف قول الجمهور ومن ذلك: قوله: {وعلى الوارث} (¬3): الوارث هو الرضيع نفسه إن كان له مال وإلا فعلى من يكفله من عصبته. ثم قال في النهر: الجمهور على أن المراد بالوارث، ورثة الرضيع إذا هلك من نساء ورجال ذكره القرطبي في تفسيره وقال غيره: إن الوارث هو الرضيع إذا مات والده وترك مالا أجرة المرضع من ماله فإن كان لا مال له فمن مال وارثه هو ولا تضار هي في واجب نفقتها ولا الوالد أو وارثه في أدائها وما فسرنا به الآية واضح ومستقيم والحمد لله رب العالمين. (¬4) وهو يتميز باختيار القول الراجح في مواضع عدة مع الإضراب عن القول المرجوح مثل قوله في هداية الآية: {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن} (¬5) حرمة نكاح المشركات أما الكتابيات فقد أباحهن الله تعالى بآية المائدة إذ قال {والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم} (¬6) وفي هداية آية {فأتوهن من حيث أمركم الله} (¬7) قال: حرمة نكاح المرأة في دبرها لقوله تعالى {فأتوهن من حيث أمركم الله} وهو القبل. (¬8) ¬

(¬1) 1/ 71. (¬2) 1/ 205. (¬3) البقرة: 233. (¬4) 1/ 221. (¬5) البقرة: 221. (¬6) المائدة: 5. (¬7) البقرة: 222. (¬8) 1/ 207.

وفي هداية آية {الشهر الحرام بالشهر الحرام} (¬1) يقول: نسخ القتال في الشهر الحرام بدليل قتال الرسول - صلى الله عليه وسلم - هوازن وثقيف في شوال وأول القعدة وهما من الأشهر الحرم (¬2) كما أنه يتعرض للقضايا الأصولية تارة في الكتاب مثل تفصيله في قضية النسخ تحت قوله تعالى {ما ننسخ من آية} (¬3) فقال: يخبرنا تعالى رادا على الطاعنين في تشريعه الحكيم الذين قالوا: إن محمدا يأمر أصحابه اليوم بأمر وينهى عنه غدا، أنه تعالى ما ينسخ من آية تحمل حكما شاقا على المسلمين إلى حكم أخف كنسخ الثبوت لعشرة في قتال الكافرين إلى اثنين، أو حكما خفيفا إلى شاق زيادة في الأجر كنسخ يوم عاشوراء بصيام رمضان، أو حكما خفيفا إلى حكم خفيف مثله كنسخ القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة، أو حكما إلى غير حكم آخر كنسخ صدقة من أراد أن يناجي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن الحكم رفع ولم يشرع حكم آخر بدلا عنه، أو نسخ الآية بإزالتها من التلاوة ويبقى حكمها كآية الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله فقد نسخ اللفظ من التلاوة وبقي الحكم، أو بنسخ الآية وحكمها وهذا معنى قوله: أو ننسها وهي قراءة نافع، فقد ثبت أن قرآنا نزل وقرأه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبعض أصحابه ثم نسخه الله تعالى لفظا ومعنى فمحاه من القلوب بالمرة فلم يقدر على قراءته أحد، وهذا مظهر من مظاهر القدرة الإلهية (¬4). وتارة في الحاشية مثل قوله عن تفسير {قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين} (¬5) في الآية دليل على بطلان التقليد وهو قبول قول الغير بلا دليل وفي الآية أن من ادعى شيئا نفيا أو إثباتا يطالب بالدليل وإلا بطلت دعواه (¬6) وقوله {وكذلك جعلناكم أمة وسطا} (¬7) في هذه الآية دليل على صحة الإجماع ووجوب الحكم به لعدالة الأمة بشهادة ربها فإذا اجتمعت على أمر وجب الحكم به وفي أي عصر من العصور إلى قيام الساعة. (¬8) وفي قوله: {وإذا قيل لهم اتبعوا} (¬9) استدل بهذه الآية على ¬

(¬1) البقرة: 194. (¬2) 1/ 96. (¬3) البقرة: 106. (¬4) 1/ 96. (¬5) البقرة: 111. (¬6) 1/ 99. (¬7) البقرة: 143. (¬8) 1/ 125. (¬9) البقرة: 170.

حادي عشر: موقفه من العلوم الحديثة والرياضة والفلسفة والمعجزات الكونية

حرمة التقليد في العقائد مطلقا، أما في الفروع فهو أهون والتقليد هو قبول الحكم بلا دليل ولا حجة. (¬1) حادي عشر: موقفه من العلوم الحديثة والرياضة والفلسفة والمعجزات الكونية: لم يظهر لي اهتمام للشيخ بهذا المجال ولعل السبب في ذلك ما شرطه على نفسه في مقدمة التفسير. ثاني عشر: موقفه من المواعظ والآداب: وقد تفرد كتاب الشيخ بذكر ما سماه هداية الآيات: ويسوق تحتها ما يستفاد من الآية بأسلوب دراسي وعظي وهو الغرض الأصلي من تفسيره كما بين في المقدمة مثل قوله في تفسير {إن الذين كفروا سواء عليهم} (¬2) من هداية الآيتين: 1 - بيان سنة الله تعالى في أهل العناد والمكبرة والإصرار بأن يحرمهم الله تعالى الهداية وذلك بتعطيل حواسهم حتى لا ينتفعوا بها فلا يؤمنوا ولا يهتدوا. 2 - التحذير من الإصرار على الكفر والظلم والفساد الموجب للعذاب العظيم. 3 - تقديم السمع على البصر في عدة آيات من القرآن يفيد أن حاسة السمع أنفع من حاسة البصر وهو كذلك والعقل أعظم من ذلك. (¬3) ويقول: ومما يؤسف ويحزن أن المسلمين لما ابتلاهم الله باستعمار النصارى لهم كانوا كلما استقل شعب أو إقليم طلب قانون الكافرين فحكم به المسلمين، وبنو إسرائيل لما استقلوا على يد موسى ذهب بقانون الرب ليحكم به. (¬4) ويقول في نهر الخير: يتساءل البعض هل آدم أرتكب بأكله من الشجرة كبيرة وهل يجوز في حق الأنبياء ارتكاب الكبائر؟ والجواب: أن آدم ما نبئ إلا بعد أن هبط إلى الأرض، إذ هي دار التكليف أما وهو في السماء فما ¬

(¬1) 1/ 145. (¬2) البقرة: 6. (¬3) 1/ 23. (¬4) 1/ 55.

كان قد نبئ بعد وأكله من الشجرة لم يترتب عليه عقاب أكثر من الخروج من الجنة لأنها ليست دار إقامة لمن يخالف فيها أمر الله تعالى، أما الأنبياء فلا يجوز في حقهم ارتكاب الكبائر ولا الصغائر لعصمة الله تعالى لهم لأنهم محل أسوة لغيرهم (¬1) وبقول: مواطن الصبر ثلاثة: صبر على الطاعة فلا تفارق، وصبر عن المعصية فلا ترتكب، وصبر على المصائب فلا يجزع منها ولا يتسخط، ولكن يصبر، ويسترجع أي: يقول: إنا إليه راجعون. ويقول: من الأوقات التي يرحى فيها استجابة الدعاء: ما بين الأذان والإقامة، والسحر، ووقت الفطر، وحال السفر، والمرض، وفي السجود، ودبر الصلوات، وعند اشتداد الكرب من ظلم وغيره، فقد ورد من الأحاديث والآثار ما يصدق هذا ويؤكده. (¬2) ¬

(¬1) 1/ 45. (¬2) 1/ 165.

المبحث الثاني: أمثلة الرأي المذموم

المبحث الثاني: أمثلة الرأي المذموم تفسير هود بن محكم الهواري الإباضي من خلال كتابه تفسير كتاب الله العزيز مؤلف هذا التفسير هو هود بن محكم الهواري إباضي من علماء النصف الثاني من القرن الثاني للهجرة والنصف الأول من القرن الثالث جزائري من أهل المنطقة (¬1). التعريف بالتفسير: وتفسير الكتاب العزيز من التفاسير المطبوعة حديثا، تمت طباعته في أربعة مجلدات بدار الغرب الإسلامي الطبعة الأولى 1990 م، بتحقيق بالحاج بن سعيد الشريفي وهو إباضي أيضا (¬2). ¬

(¬1) تقدمت ترجمته في أهل المنطقة برقم 240. (¬2) محقق الكتاب واضح جدًا أنه إباضي المذهب كما يظهر من ثنائه العطر على صاحبه وعلى الإباضية عامة ويكفي في بيان ذلك وصفة عبد الوهاب الرستمي مؤسس الدولة الرستمية بالامام عبد الوهاب رضي الله عنه. 1/ 17 وقد ذكر في شيوخه علي بن يحيى بن معمر صاحب كتاب الإباضية في موكب التاريخ 1/ 8 كما ذكر أنه أبدى ملاحظاته لأستاذه المرحوم إبراهيم بيوض وهو إباضي عن علاقة تفسير هود بن محكم بتفسير يحيى بن سلام فقال: ما كنا نعلم هذا ولا سمعنا به 1/ 23 ويقول في تعليقه على السعي بين الصفا والمروة: وذهب بعض الإباضية إلى أنه سنة يلزم تاركه دم ... ورجح بعض المحققين من الأصحاب فرضيته فلا يتم حج أو عمرة لمن تركه عمدًا 1/ 161. ويقول المحقق أيضا: فإن الراجح عند الأصحاب وعند إمامنا جابر بن زيد أن الصلاة الوسطى هي صلاة الصبح، وهو قول روي أيضًا عن عمر ومعاذ وجابر بن عبد الله وغيرهم. 1/ 228 وقد وصف المحقق محمد إطفيش بأنه قطب الأئمة 2/ 249، كما أن تعليقه على آية الحجر رقم 2 إذ يقول: "ومسألة الخلود - أي للعصاة في النار - كما تعلم من مسائل الخلاف بين الإباضية وبين بعض الفرق الإسلامية " 2/ 341 يؤكد ماذهبت إليه.

ولقد ظل هذا التفسير أكثر من أحد عشر قرنًا منسيا مغمورًا إلى أن ظهرت مخطوطاته المتفرقة في بعض الخزائن الخاصة، وهي خزائن لعلماء من القرون الأربعة الأخيرة يحتفظ بها أبناؤهم وحفدتهم وهي موجودة في وادي ميزاب جنوب الجزائر بمدن العطف، وبني يسجن، والقرارة، وفي جزيرة جربة، بالبلاد التونسية (¬1). إن المصادر الإباضية القديمة هي وحدها التي أشارت إلى هذا التفسير وأول مصدر مطبوع ذكره هو كتاب السير للبدر الشماخي وبعد ذلك بقليل ذكره موتلانسكي (¬2) في بحث له أورد فيه قائمة بأسماء كتب للإباضية لمؤلف مجهول وهي لأبي القاسم البرادي الإباضي. وقد ذكر محقق تفسير كتاب الله العزيز أن هناك صلة وثيقة بين تفسير هود وبين تفسير يحيى بن سلام البصري وبينهما قرن من الزمان، ويؤيد ذلك بكثرة الروايات فيه عن علماء البصرة صحابة وتابعين، ثم عقد مقارنة بينهما تثبت العلاقة الوثيقة. (¬3) ثم قال: واليوم وبعد أكثر من عشر سنوات من التحقيق والمقارنة والاستقراء، أستطيع أن أقول بدون تردد أن الشيخ هودًا الهواري اعتمد اعتمادًا كثيرا إن لم أقل اعتمادًا كليا، على تفسير ابن سلام البصري. ولو جاز لي أن أضع للكتاب عنوانًا غير الذي وجدته في المخطوطات لكان العنوان هكذا: تفسير الشيخ هود الهواري ¬

(¬1) انظر مقدمة التحقيق 1/ 5. (¬2) كان موتلانسكي ترجمانًا عسكريًا بملحقة غرداية بعد إلحاق وادي ميزاب سنة1882 م واخضاعه للنظام العسكري الفرنسي. انظر المرجع السابق 1/ 6. (¬3) 1/ 22، 23.

مختصر تفسير ابن سلام البصري، لأن تفسير ابن سلام أصل لتفسير الشيخ هود الهواري مافي ذلك شك، وهذا هو عين الحقيقة والصواب. والأمانة العلمية تقتضيني أن أجلو هذا وأبينه في تقديمي للكتاب (¬1). وقد يكون الهواري رحل إلى القيروان طلبًا للعلم فتلقاه مباشرة من محمد بن يحيى بن سلام أو من أبي داود العطار تلميذ يحيى، والذي أضافه هو تحريف عقيدة ابن سلام السلفية في تفسيره إلى عقيدة الإباضية. وقال البدر الشماخي - وهو إباضي - عن هذا التفسير: وهو كتاب جليل في تفسير كلام الله لم يتعرض فيه للنحو والإعراب بل هو على طرق المتقدمين. (¬2) وقد كان له منزلة كبيرة في قومه؛ ذكر الشيخ ميمون حمودي أن رجلين اختصما على تفسير هود بن محكم الهواري حتى بلغ تشاجرهما قبيلتيهما، وحتى كادت الثورة تقوم بينهم. وتصاف الفريقان، وكاد الشر يقع بينهم. فلما رأى ذلك أبو محمد جمال نزع المصحف (التفسير) من بينهم فقسمه نصفين، فوافق قرطاسًا بين النصفين لم يكتب، وأعطى لكل نصفًا، وزال الشر واصطلحوا. (¬3) نبذة عن الإباضية وعلاقتهم بالتفسير: (¬4) سبق أن ذكرت في التمهيد أصل الخوارج ودخولهم المنطقة وانقاسمهم إلى فرق عدة، (¬5) وقد دخل المغرب منهم فرقتان فقط هما: الإباضية والصفرية، وكان ظهورهما في مطلع القرن الثاني. وتنسب فرقة الإباضية إلى عبد الله بن إباض المري (¬6)، ومن أهم مبادئهم: تكفير مخالفيهم من المسلمين كفر النعمة، وتكفير مرتكب الكبيرة وخلوده في النار، ونفي رؤية الله في الآخرة، والقول بخلق القرآن، وتأويل صفات الله عز وجل، وإنكار الشفاعة ¬

(¬1) 1/ 42. (¬2) السير ص: 381. (¬3) انظر المقدمة 1/ 19. (¬4) انظر في ذلك: التفسير والمفسرون 2/ 300 - 319، إتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر 1/ 281 - 303. (¬5) انظر ص: 53. (¬6) الفرق بين الفرق 103.

لمرتكب الكبيرة، وتكفير بعض الصحابة. وهم يكثرون من التأويلات الباطلة كتأويل الميزان بأنه العدل، وتأويل الصراط بأنه الدين القيم. وهم أفضل من غيرهم من فرق الخوارج في بعض الأمور ومنها تحريم دماء مخالفيهم من المسلمين وعدم جواز سبي ذراريهم، واعتبار دارهم دار توحيد إلا معسكر السلطان، وتجويزهم مناكحتهم وموارثتهم، وهذا ماجعلهم أقدر من غيرهم على الاستمرارية في المجتمعات السنية. وفي تاهرت انقسم الإباضيون على أنفسهم، وظهرت فرقة النكار الذين أنكروا إمامة عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم، ومن زعمائهم: أبو يزيد صاحب الثورة الشهيرة ضد العبيديين، وقد كان له منكرات لايفعلها حتى أعداء الدين؛ لأن مذهبه تكفير أهل السنة واستباحة أموالهم ونسائهم (¬1). وقد نقل محقق تفسير هود عن ناصر المرموري ما نصه: كان علماء الإباضية يهابون تفسير القرآن. قال لي الإمام غالب رواية عن بعض مشايخه: إن الشيخ أبا نبهان جاعد بن خميس حاول ذلك فبدأ من سورة الناس، فلما بلغ سورة الحاقة عند قوله تعالى: {ولو تقول علينا بعض الأقاويل، لأخذنا منه باليمين، ثم لقطعنا منه الوتين، فما منكم من أحد عنه حاجزين} (¬2) قطع أوراقه وترك التفسير هيبة وخوفًا. (¬3) ولا يعرف من مفسري الإباضية في منطقتنا - بل على الإطلاق - غير قلة سبق ترجمتهم في المفسرين من أهل المنطقة، وليس لهم تراث تفسيري باق ولا لغيرهم من الخوارج؛ سوى هذا التفسير الذي بين أيدينا، والتفاسير الثلاثة التي ألفها إطفيش من القرن الرابع عشر، وقد قام بدراسة منهج تفسير إطفيش الدكتور حسين الذهبي (¬4) والدكتور فهد الرومي (¬5) وها أنا أقدم دراسة لهذا التفسير والله المستعان. ¬

(¬1) انظر: المؤنس 57، رحلة التجاني 328، مدرسة الحديث 1/ 96 - 98. (¬2) الحاقة: 44 - 47. (¬3) 1/ 34. (¬4) انظر التفسير والمفسرون 2/ 319. (¬5) انظر اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر1/ 303.

المنهج العام للتفسير

المنهج العام للتفسير: (¬1) لا شك أن منهج هذا التفسير أثري إذ كان مختصرا لتفسير ابن سلام كما قدمت، لذا فمنهجه هو نفس منهج ابن سلام (¬2)، لا يختلف عنه إلا في تدخل هود في المواضع التي يريد فيها تأييد مذهبه اعتقادا وفقها. والملاحظ على هذا التفسير أنه ينتقل كثيرًا عن علماء الإباضية في روايات كثيرة جاءت منسوبة إلى جابر بن زيد وإلى عبيدة بن مسلم خاصة وإلى عامة علماء الإباضية وفقهائهم الذين يصفهم بقوله أصحابنا. (¬3) [المنهج التفصيلي للمؤلف:] وأما في تفصيل المنهج الذي سار عليه هود فسأكتفي بقليل من الأمثلة لأنه هو نفسه منهج ابن سلام (¬4)، إلا أنني سوف أركز على مفارقته لمنهج ابن سلام لاختلافهما في العقيدة، ولكون هذه النقطة هي التي نقلت تفسير هود بن محكم من مصاف التفاسير الأثرية السلفية إلى التفاسير المذمومة التي يجب التحذير منها وإظهار عوارها. وقد قدم المؤلف لكتابه بمقدمة حوت بعضًا من علوم القرآن وقد فقد أولها لأن المخطوطات الموجودة اتفقت على عدم وجود بداية المقدمة مثل أول ما نزل وآخر ما نزل ونزول القرآن على سبعة أحرف وقراء القرآن في عهده - صلى الله عليه وسلم - وعدد سور القرآن والمكي والمدني وفي القول في القرآن بغير علم وما يلزم من تكلم في التفسير من علوم وفضل ابن عباس في التفسير. ويورد في ذلك كله آثارا فقط يبدؤها بقوله ذكروا، ذكروا ويسندها لصاحبها بدون ذكر سنده إليه (¬5) ومن ذلك قوله: ذكروا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعا لابن عباس: "اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل" (¬6). وهذا هو منهجه في سائر الكتاب. ¬

(¬1) تكلم عن منهج هود في تفسيره بالحاج شريفي في تقديمه للكتاب 1/ 32 - 38. (¬2) انظر دراسة تفسير ابن سلام المتقدمة ص: 619. (¬3) انظر المقدمة 1/ 21. (¬4) ينظر ص: 620 - 644 من الرسالة. (¬5) 1/ 61 - 72. (¬6) سبق تخريجه في ترجمة ابن عباس في الوافدين على المنطقة.

أولا: لا يهتم بعد الآي، ولكنه يذكر المكي والمدني.

وهو يعتبر بحق أول مختصر لتفسير ابن سلام وقد حفظه في صورته الكاملة أو القريبة من الكمال فهو أقرب زمنًا من المؤلف من ابن أبي زمنين كما أنه حوى من الآثار والأخبار ما لا يوجد فيه. (¬1) وهناك آيات أغفل تفسيرها المصنف جملة مثل {إياك نعبد وإياك نستعين} (¬2) وكذا لم يفسر قوله: {وإذ أخذنا ميثاقكم لاتسفكون دمائكم} (¬3) ... إلى قوله {تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان} (¬4) ومما لم يفسره {والوزن يومئذ الحق} (¬5) وهي موجودة في مختصر ابن أبي زمنين ويبدو أنه أعرض عنها لأنها تورطه في إثبات الميزان. كما يلاحظ أنه يسرد الأقوال دون ترجيح. (¬6) وله بعض التفسيرات غير الوجيهة. (¬7) المنهج التفصيلي للمؤلف: أولا: لا يهتم بعد الآي، ولكنه يذكر المكي والمدني. (¬8) وبالنسبة لأسماء السور يتعرض لها وقد تفرد فيها بغريبة من الغرائب حيث قال في سورة التوبة: ذكر بعضهم قال: كانت هذه السورة تسمى جاهرة أي: جهرته وبعضهم يقول: حافرة، أي حفرت ذنوب القوم، يعني المنافقين. وقال بعضهم: كانت هذه السورة تسمى فاضحة المنافقين لأنها أنبتت بمقالتهم وأعمالهم. وقال الحسن: كانت تسمى حافرة، أنبأت بما في قلوب المنافقين يعني سورة التوبة. (¬9) ثانيا: موقفه من العقيدة: ووقوف الهواري ضد من يقول بالإرجاء شيء بارز في ثنايا الكتاب ولكنه يرد على إرجاء أهل السنة وليس إرجاء المرجئة ويقرر عقيدة الخوارج بطريقة غير جائزة. ¬

(¬1) انظر مقدمة المحقق ص: 38. (¬2) الفاتحة: 5. (¬3) البقرة: 84. (¬4) البقرة: 85، 1/ 122. (¬5) الأعراف: 7. (¬6) انظر كمثال2/ 177. (¬7) انظر كمثال 2/ 217، 342. (¬8) انظر كمثال 1/ 5، 71، 111،. (¬9) 2/ 146.

قال ابن سيرين في الخوارج: إنهم عمدوا إلى آيات الوعيد النازلة في المشركين فوضعوها على المسلمين فجاءوا ببدعة القول بالتكفير بالذنب. (¬1) عندما يقول ابن سلام مثلاً في قول الله تعالى {ولا تتخذوا أيمانكم دخلاً بينكم} (¬2) قال الحسن: كما صنع المنافقون، فلا تصنعوا كما صنع المنافقون، فتظهروا الإيمان وتسروا الشرك، والدخل إظهار الإيمان وإسرار الشرك. يقول الهواري: {دخلا بينكم} أي: خيانة وغدرًا كما صنع المنافقون الذين خانوا الله إذا نقضوا الإيمان فقالوا ولم يعملوا، وتركوا الوفاء بما أقروا لله به والدخل الخيانة. وإذا قال ابن سلام في قوله تعالى {وارتابت قلوبهم} (¬3) أي شكت في الله عز وجل وفي دينه (¬4) قال الهواري: أي: وشكت قلوبهم في أن لا يعذبهم الله بالتخلف عن الجهاد بعد إقرارهم بالله وبالنبي ... ولم يكن ارتيابهم شكًا في الله وإنما كان ارتيابهم وشكهم في أن لايعذبهم الله بتخلفهم عن نبي الله بعد إقرارهم وتوحيدهم. (¬5) ويقول ابن سلام في تفسير قول الله تعالى {إليه يصعد الكلم الطيب} (¬6) أي التوحيد {والعمل الصالح يرفعه} التوحيد، لا يرتفع العمل إلا بالتوحيد. يزيد الهواري: ولا التوحيد إلا بالعمل، كقوله تعالى: {وسعى لها سعيها وهو مؤمن} (¬7) والإيمان قول وعمل، لاينفع القول دون العمل. (¬8) وأحيانا نجد الهواري يضيف زيادات لتأكيد هذا المعنى، ويحمل الآية ما لاتحتمل. فقال في قوله تعالى: {ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين} (¬9) فهو يرى في معنى التكذيب الذي ورد في الآية رأيًا خاصا. قال: وقال بعضهم: هم المنافقون وليس تكذيبهم هذا تكذيبًا بالبعث، ولكنه بالعمل الذي لم يكملوه، ولم يتموا ¬

(¬1) انظر التحرير والتنوير 1/ 50. (¬2) النحل: 94. (¬3) التوبة: 45. (¬4) كما جاء في مختصر ابن أبي زمنين ق: 127. (¬5) 1/ 35. (¬6) فاطر: 10. (¬7) الإسراء: 19. (¬8) 1/ 36. (¬9) الأنعام: 27.

فرائضه. ومن قال إنها في المنافقين فيقول: التكذيب تكذيبان: تكذيب بالبعث الذي فيه جزاء الأعمال، وهو تكذيب المشركين، والمنافقون منه برآء. وتكذيب آخر، هو تكذيب المنافقين وهو ترك الوفاء وانتقاص الفرائض التي لا يكون أهلها مؤمنين إلا باستكمالها فالمنافقون مكذبون بهذه الجهة، وبهذا المعنى لا على الإنكار والجحود، لكن على ترك الوفاء واستكمال الفرائض كان تكذيبهم. والحق أن من تدبر هذه الآية من سورة الأنعام يدرك أنها لاتعني المنافقين بالمعنى العام للنفاق، الذي نقرأ صورًا عنه في سورة براءة مثلا، فإن السورة هنا مكية. وسياق الآيات قبلها وبعدها يوحي بأنها نزلت في مشركي قريش الذين ينكرون نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - ورسالته، وينكرون البعث ويكذبون به، ولكن هودًا يرى في هذا التكذيب هنا معنى انتقاص الفرائض، ويسمي أصحابه منافقين، وهو معنى بعيد متكلف أملاه عليه فكره المنحرف. ومن كلامه في تقرير عقيدة الخوارج قوله: ثم ذكر الله صنفًا آخر من الناس، يعني المنافقين فقال: {ومن الناس من يقول ءامنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين} (¬1) يقول: أقروا لله بألسنتهم وخالفت أعمالهم وما هم بمؤمنين، أي: حتى يستكملوا دين الله ويوفوا بفرائضه {وإبراهيم الذي وفى} (¬2) أي الذي أكمل الإيمان وأكمل الفرائض. قوله: {يخادعون الله والذين آمنوا} (¬3) أي بما أعطوهم من الإقرار والتصديق، وأعطوا الحقوق من الزكاة، يخادعون بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين، فجعل الله مخادعتهم رسوله والمؤمنين كمخادعة منهم لله. وهو كقوله: {إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله} (¬4). والإيمان بالنبي عليه السلام إيمان بالله، والكفر به هو كفر بالله، وكذلك مخادعة الله قال: {وما يخادعون إلا أنفسهم} أي: إن ذلك يرجع إليهم عذابه وثواب كفره. وتفسير خدعة الله إياهم في سورة الحديد، وما يشعرون أي: أن ذلك يصير عليهم. ثم قال: {في قلوبهم مرض} (¬5) يعني بذلك النفاق. يقول: في قلوبهم نفاق، فنسب النفاق إلى القلب كما نسب الإثم إليه، كقوله في الشهادة: {ومن يكتمها فإنه آثم قلبه} (¬6) قال: {فزادهم الله مرضًا} أي ¬

(¬1) البقرة: 8. (¬2) النجم: 37. (¬3) البقرة: 9. (¬4) الفتح: 10. (¬5) البقرة: 10. (¬6) البقرة: 283.

الطبع على قلوبهم بكفرهم. {ولهم عذاب أليم}: يعني عذابًا موجعا. {بما كانوا يكذبون} مخففة؛ أي: بقولهم: إنا مؤمنون وليسوا بمؤمنين إذ لم يستكملوا فرائض الله ولم يوفوا بها. فهذا تفسير من قرأها بالتخفيف. ومن قرأها بالتثقيل: {بما كانوا يُكَذِّبون} فهو يريد: بعض العمل أيضًا تكذيب؛ إن التكذيب تكذيبان: تكذيب بالقول، وتكذيب بالعمل. ومثله في اللغة أن يقول القائل للرجل إذا حمل على صاحبه فلم يحقق في حملته: كذب الحملة، وإذا حقق قالوا: صدق الحملة. فمن قرأها بالتخفيف فهو يريد الكذب على معنى ما فسرناه أولا. وأخت هذه الآية ونظيرتها التي في براءة: {فأعقبهم نفاقًا في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون} (¬1) يقول: أعقبهم، بالخلف والكذب الذي كان منهم، نفاقًا في قلوبهم إلى يوم يلقونه. ومن قرأها بالتثقيل فهو بالمعنى الآخر الذي وصفناه آخرًا، ولا يعني به جحدًا ولا إنكارا، لأن مرض النفاق غير مرض الشرك، وكذلك كفر النفاق غير كفر الشرك. قوله: {وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض} (¬2) بالعمل بالمعصية {قالوا إنما نحن مصلحون} يزعمون أنهم بمعصية الله والفساد في الأرض مصلحون. قال الله تعالى: {ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون} أي: لا يشعرون أن الله يعذبهم في الآخرة ولا ينفعهم إقرارهم وتوحيدهم. وهذا يدل على أن المنافقين ليسوا بمشركين. قوله: {وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس} (¬3) يعني: وإذا قال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنون آمنوا كما آمن الناس أي: أكملوا إيمانكم بالفعل الذي ضيعتموه. كما آمن الناس أي: كما آمن المؤمنون المستكملون القول والعمل {قالوا} يقول بعضهم لبعض {أنؤمن كما آمن السفهاء} أنؤمن كما آمن سفيه بني فلان وسفيه بني فلان ممن آمن ووفى، يعيبونهم بالوفاء والكمال، ولم يعلنوا ذلك للنبي عليه السلام. قال الله: {ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون} إنهم سفهاء في تفسير الحسن. وفي تفسير السدي: ولا يعلمون أن الله يخبر نبيه بقولهم. والذي جاء في تفسير ابن أبي زمنين: {وإذا قيل لهم لا تفسدوا في ¬

(¬1) التوبة: 77. (¬2) البقرة: 11. (¬3) البقرة: 13.

الأرض} (¬1) يعني لا تشركوا. {قالوا إنما نحن مصلحون} أي أظهروا الإيمان {ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون} (¬2) أن الله يعذبهم في الآخرة. وهذا تفسير ابن سلام ولا شك. وما جاء من تغيير في التأويل أو من زيادة فهو لهود الهواري. ومن تحريفه حتى يوافق عقيدته قوله في الشفاعة: {ولا تنفعها شفاعة} (¬3) أي لا ينفع لها أحد عند الله لأنه لا تكون الشفاعة إلا للمؤمنين خاصة. (¬4) وقوله: {ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا} (¬5) وهو المنافق الذي يقر بالإيمان ولا يعمل بالفرائض {ويشهد الله على ما في قلبه} أي من ترك الوفاء بما أقر به {وهو ألد الخصام} أي: كذاب. إذ لم يوف لله بما أقر به إذ لم يعمل بفرائضه. (¬6) وقد خالف في هذا الموضع يحيى بن سلام تأيدا لمذهبه الباطل وأما ابن سلام فقد قال: وهو المنافق الذي يقر بالإيمان في العلانية {ويشهد الله على مافي قلبه} من الكفر والجحود بما أقر به في العلانية {وهو ألد الخصام} أي كاذب القول. (¬7) وقوله: {بما كانوا بآياتنا يظلمون} (¬8) أي: أنفسهم وهو ظلم فوق ظلم وظلم دون ظلم. فالآية محتملة لظلم الشرك وظلم النفاق. (¬9) {وما كانوا بآياتنا يجحدون} (¬10) يعني أنه ليس أصحاب النار كلهم جاحدين يقول: {وماكانوا} أي: ولم يكونوا أي أهل النار جميعا بآياتنا يجحدون. أي إن من أهل النار الجاحد بآياتنا وغير الجاحد. وهذا حقيقة التأويل، لأنه قد دخلت النار بغير الجحود دخلها أكلة الربا وراكبوا الزنا، وقاتلوا الأنفس، وآكلوا أموال اليتامى وأموال الناس بالباطل وغير ذلك من الكبائر الموبقة. والآية جامعة لجميع الكفار من كافر مشرك، وكافر منافق على المعنى الذي فسرنا. فمن قال: إن أهل النار كلهم جاحدون أكذبه الوجود، فقد دخلها بغير جحود من وصفنا. ومن قال: إنهم جميعا غير ¬

(¬1) البقرة: 11. (¬2) البقرة: 12. (¬3) البقرة: 123. (¬4) 1/ 142. (¬5) البقرة: 204. (¬6) 1/ 194. (¬7) 1/ 194. (¬8) الأعراف: 9. (¬9) 2/ 7. (¬10) الأعراف: 51.

ثالثا: موقفه من تفسير القرآن بالقرآن

جاحدين لقول الله {وماكانوا بآياتنا يجحدون}، أي: إنهم جميعا لم يكونوا جاحدين أكذبه الوجود أن أهل الجحد والإنكار من أهل النار. قال الله: {وماكانوا بآياتنا يجحدون}، فانقطعت قصة أهل الجنة وأهل النار هاهنا. (¬1) وهذا تحريف واضح فإن "ما" هنا مصدرية وليست نافية. وقال أيضا: وقال بعضهم: الآية جامعة محتملة لفسق الشرك والنفاق، يقول: {والله لا يهدي القوم الفاسقين} (¬2) أي لا يكونون بالفسق مهتدين عند الله، من فاسق مشرك أو منافق؛ وهو فسق فوق فسق، وفسق دون فسق. (¬3). ويقول: وفي هذه الآية دليل على أهل الفراق أن هؤلاء الذين وعدوا بالعذاب ممن ناداهم الله بالإيمان، وسماهم بما قبلهم من خصال الإيمان كلما قيل المؤمنون فقال: {إلا تنفروا} (¬4) أنتم الذين نودوا بالإيمان وسموا به، {يعذبكم عذابا أليما} (¬5) فلا يجوز لواصف أن يصف الله أنه يعذبهم إن لم ينفروا كما استنفرهم وهم مؤمنون (¬6) قوله: {وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك} (¬7) أي: إلا ما سبقهم به الذين دخلوا قبلهم. وذكر هاهنا ما افترت الفرقة الشاكة من أن قومًا يدخلون النار، ثم يخرجون منها بالشفاعة؛ فإن هذا موضعه وموضع الرد عليهم. (¬8) ومن المواضع التي سلك فيها مسلك التأويل قوله {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله} (¬9) يوم القيامة {في ظلل من الغمام والملائكة} أي وتأتيهم الملائكة {وقضي الأمر} يعني الموت {وإلى الله ترجع الأمور} يعني عواقبها. قال بعض المفسرين {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله} أي بأمره {في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر} أي الموت. ثالثا: موقفه من تفسير القرآن بالقرآن (¬10): يقول: {صراط الذين أنعمت عليهم} (¬11) يعني بالإسلام. قال ¬

(¬1) 2/ 22. (¬2) التوبة: 80. (¬3) 2/ 121. (¬4) التوبة: 39. (¬5) الفتح: 16. (¬6) 2/ 132. (¬7) هود: 108. (¬8) 2/ 250. (¬9) البقرة: 210. (¬10) وانظر أيضا في تفسير القرآن بالقرآن 2/ 5، 6. (¬11) الفاتحة: 7.

رابعا: موقفه من تفسير القرآن بالسنة

بعضهم: الذين أنعمت عليهم هم الأنبياء، وهو كقوله: {أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين .. إلى آخر الآية} (¬1) والإسلام يجمعهم جميعا. (¬2) ويقول: {الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه} (¬3) وهو الميثاق الذي أخذ عليهم في صلب آدم. وتفسيره في سورة الأعراف. (¬4) وقد تقدم شيء من ذلك أيضا فيما سبق. رابعا: موقفه من تفسير القرآن بالسنة: وقد قام الهواري بحذف كثير من الأحاديث والأخبار الواردة في تفسير ابن سلام. والتي لا تتفق وأصول مذهبه. ومن ذلك: حذف أحاديث في تفسير قوله تعالى {لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا} (¬5) وهي أحاديث في الشفاعة. حذف أحاديث متتابعة في تفسير قوله تعالى {ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين} (¬6) وهي أحاديث الجهنميين، أو عتقاء الرحمن. كما اختصر هود أغلب سلاسل الإسناد أو حذفها، واكتفى بذكر الصحابي الذي روى الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ومن الأحاديث التي تفرد بذكرها أو وهم فيها: قال: ذكر أبو زيد قال: كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة نمشي في بعض طرق المدينة ويدي في يده، إذ مررنا برجل يتهجد من الليل وهو يقرأ فاتحة الكتاب، فذهبت أكلم النبي عليه السلام فأرسل يدي من يده وقال: صه، وجعل يستمع. فلما فرغ الرجل منها قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مافي القرآن مثلها. (¬7) وهو يذكر أحاديث لا أصل لها ومن ذلك تكراره لحديث نسبه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: السنة سنتان، وما سوى ذلك فريضة: سنة في فريضة، الأخذ بها هدى وتركها ضلالة، وسنة في غير فريضة، الأخذ بها فضيلة وتركها ليس بخطيئة. (¬8) ومن ذلك قوله: ذكر بعضهم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "العقل ¬

(¬1) مريم: 58. (¬2) 1/ 77. (¬3) البقرة: 27. (¬4) 1/ 91. (¬5) مريم: 87. (¬6) الحجر: 2. (¬7) 1/ 75 ولم أقف على هذا الحديث. (¬8) قال المحقق: لم أجد هذا القول حديثًا مرفوعًا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وسيتكرر وروده في هذا التفسير وأقرب ما وجدته من ذلك قول نسب إلى مكحول بلفظ " السنة سنتان: سنة أخذها هدى وتركها ضلالة، وسنة أخذها حسن وتركها لا بأس به" 1/ 82.

على العصبة والدية على الميراث". (¬1) ومن ذلك قوله: {وأتموا الحج والعمرة لله} (¬2) قال بعض المفسرين: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما هي حج وعمرة فمن قضاها فقد قضى الفريضة أوقضى ما عليه، فما أصاب بعد ذلك فهو تطوع". (¬3) قوله: ذكر بعضهم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " لاتدفعوا حتى يدفع الإمام فإنها السنة". (¬4) ومما انفرد به أيضا قوله: ويذكر أن النبي عليه السلام قال لثابت بن قيس: "شاطرها الصداق وطلقها". (¬5) يعني حين اختلعت منه زوجته. وفي قوله تعالى: {فضرب بينهم بسور} (¬6). ذكروا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن أحدًا جبل يحبنا ونحبه. وإنه يمثل يوم القيامة بين الجنة والنار، يحشر عليه أقوام يعرفون كلا بسيماهم، هم إن شاء الله من أهل الجنة ". (¬7) وهو يهتم بذكر أسباب النزول وانظر ذلك عند قوله {قد نرى تقلب وجهك في السماء} (¬8)، {وما كان الله ليضيع إيمانكم} (¬9)، {ولله المشرق والمغرب} (¬10) وفي قوله {يسألونك عن الشهر الحرام} (¬11) قال: قال بعض المفسرين: ذكر لنا أن واقد ابن عبد الله التيمي وكان من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قتل عمرو ابن الحضرمي رجلاً من المشركين في أول يوم من رجب فعير المشركون أصحاب النبي عليه السلام فأنزل الله {يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله} يقول الصد عن سبيل الله والكفر بالله أشد من القتل في الشهر الحرام وإخراج أهله - يعني محمدا - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه - أكبر عند الله. وذكر روايات كثيرة بعدها. (¬12) ومن تركه لبعض الروايات الباطلة إهماله لقصة ثعلبة بن حاطب التي ¬

(¬1) 1/ 169. (¬2) البقرة: 196. (¬3) 1/ 183. (¬4) 1/ 189. (¬5) 1/ 221. (¬6) الحديد: 13. (¬7) 2/ 20. (¬8) البقرة: 144. (¬9) البقرة: 143، 1/ 153 - 155. (¬10) البقرة: 115، 1/ 139. (¬11) البقرة: 217. (¬12) 1/ 203، 204.

خامسا: موقفه من تفسير القرآن بأقوال السلف

يذكرها المفسرون تحت قوله تعالى {ومنهم من عاهد الله} (¬1). (¬2) وأما فضائل القرآن فسوف يأتي في أقوال السلف التعرض لشيء من فضائل الفاتحة. خامسا: موقفه من تفسير القرآن بأقوال السلف: وقد حذف هود أسانيد الروايات أيضا من تفسير ابن سلام وعلقها عن أصحابها أو ذكرها بدون نسبة. وكان يبدأ الكلام أحيانًا بقوله: قال بعضهم، أو: ذكر عن بعضهم ... وربما قال أحيانًا: بلغني كذا وكذا فيظن القارئ أن العبارة من قوله هو، ولكن عند المقارنة يتبين أن العبارة لابن سلام. وهذا خطأ منهجي ما كان ينبغي أن يقع فيه الهواري خاصة وهو يؤلف في عهد كان فيه الإسناد والرواية من العلوم التي يعنى بها عناية بالغة. (¬3) ومن مواضع نقله للآثار قوله: {يوم الدين} (¬4) هو يوم الحساب في تفسير مجاهد والحسن. وقال بعضهم: يوم يدين الله الناس فيه بأعمالهم. وقولهم جميعًا في هذا واحد. (¬5) ومن كلامه معلقًا على الآثار قوله في الفاتحة: غير واحد من العلماء قال: السبع المثاني هي فاتحة الكتاب وإنما سميت السبع المثاني لأنهن يثنين في كل قراءة يعني في كل ركعة. (¬6) سادسا: موقفه من السيرة والتاريخ وذكر الغزوات (¬7): يذكر هود بعض مواقف السيرة وذلك مثل قوله في تفسير {أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ...} (¬8) وقال مجاهد: هذا حين شتمهم النبي وقال: "يا إخوان القردة والخنازير" (¬9) وقال في قوله {فقليلا ما يؤمنون} (¬10): وقال بعض المفسرين لا نعلم أحدًا من اليهود أسلم على عهد النبي إلا رجل واحد. والحسن يذكر آخر، ولا ندري من هو. وقال في قوله تعالى: {الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون} (¬11) ذكروا عن رفاعة القرظي في قوله {الذين آتيناهم الكتاب من ¬

(¬1) التوبة: 75. (¬2) 2/ 155. (¬3) انظر مقدمة المحقق 1/ 37. (¬4) الفاتحة: 4. (¬5) 1/ 76. (¬6) 1/ 75. (¬7) وانظر أيضا في السيرة 2/ 73، 77، 84، 122. (¬8) البقرة 76. (¬9) 1/ 119. (¬10) البقرة: 88. (¬11) القصص: 52.

سابعا: موقفه من الإسرائيليات

قبله هم به يؤمنون} قال: نزلت في عشرة من اليهود ... بعد ما أسلم الرجلان اللذان ذكر بعض أهل التفسير، فيكونون تمام اثني عشر كما قال كعب. والله أعلم. (¬1) سابعا: موقفه من الإسرائيليات (¬2): لقد تبع هود الهواري ابن سلام في سوق الإسرائيليات فملأ كتابه منها. وأكثرها عن الكلبي ومن ذلك قوله: وفي تفسير الكلبي قال: خلق الله كل شيء قبل ءادم عليه السلام، فجعل الملائكة هم عمار السماوات. وفي كل سماء ملائكة. ولكل أهل سماء دعاء وتسبيح وصلاة. وكل أهل سماء فوق سماء أشد عبادة وأكثر دعاء وتسبيحًا وصلاة من الذين تحتهم. فكان إبليس في جند من الملائكة في السماء الدنيا: قال: وكانوا أهون أهل السماوات عملاً. وكان الجن بنو الجان الذي خلقه الله من مارج من نار عمار الأرض؛ وهو عند الحسن: إبليس. وقال الكلبي: فلما وقع بينهم التحاسد والفتن اقتتلوا. فبعث الله جنداً من السماء الدنيا فيهم إبليس، وهو رأسهم. فأمروا أن يهبطوا إلى الأرض فيجلوا منها الجن بني الجان. فهبطوا فأجلوهم عن وجه الأرض، فهان عليهم العمل فيها، وأحبوا المكث فيها. ثم أحب الله تبارك وتعالى أن يخلق آدم عليه السلام وذريته، فيكونوا هم عمار الأرض فقال للملائكة الذين كانوا في الأرض، يعني إبليس وأصحابه، إني جاعل في الأرض خليفة ورافعكم منها. فوجدوا من ذلك وقالوا: أتجعل فيها من يفسد فيها كما أفسدت الجن، ويسفكوا الدماء كما سفكوا، ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك؟ قال: إني أعلم ما لا تعلمون. وقد علم أنه سيكون من بني آدم من يسبح بحمده ويقدس له ويطيع أمره. فخلق آدم وصور جسدًا ينظرون إليه ويعجبون منه، ولم يكونوا رأوا فيما خلق الله شيئًا يشبهه. (¬3) وقوله: ذكر بعضهم قال: أول ما خلق الله في الأرض طير وحوت، ¬

(¬1) 1/ 124. (¬2) وانظر أيضا في الإسرائيليات2/ 34، 38، 65، 225. (¬3) 1/ 94 - 95.

ثامنا: موقفه من اللغة

فجعل الطير يخبر الحوت خبر السماء، وجعل الحوت يخبر الطير خبر الأرض. فلما خلق الله آدم جاء الطير إلى الحوت فقال: لقد خلق الله اليوم خلقًا كذا وكذا. فقال الحوت للطير: فإن كنت صادقًا ليستنزلنك من السماء وليستخرجني من الماء قال الكلبي: فأشفق إبليس عدو الله منه وقال: إني لأرى صورة مخلوق سيكون له نبأ. فقال لأصحابه: أرأيتم هذا الذي لم تروا على خلقه شيئًا من الخلق إن فضل عليكم ما تفعلون؟ قالوا: نطيع ربنا ونفعل ما يأمرنا به. قال إبليس في نفسه: إن فضل علي لا أطيعه. وإن فضلت عليه لأهلكنه. فلما نفخ الله الروح في آدم جلس فعطس فقال: الحمد لله رب العالمين. فكان أول شيء تكلم به. فرد الله عليه عند ذلك: يرحمك الله، لهذا خلقتك؛ لكي تسبح باسمي وتقدس لي. ذكر بعضهم قال: لما نفخ في آدم الروح فعطس فحمد ربه قال الله له: يرحمك ربك، فكانت هي الرحمة التي سبقت لآدم عليه السلام. (¬1) ومن الإسرائيليات أيضا كلام الكلبي في قصة خاتم سليمان والسحر عند قوله: {واتبعوا ما تتلوا الشياطين ...} (¬2) وفي قصة هاروت وماروت. (¬3) ثامنا: موقفه من اللغة: ومن كلامه في اللغويات: قوله: {مثلا ما} (¬4) قال: "ما" هاهنا كلمة عربية ليس لها معنى زيادة في الكلام. وهو في كلام العرب سواء: بعوضة فما فوقها، وما بعوضة فما فوقها. (¬5) وقلما يتعرض المؤلف إلى وجوه الإعراب في تفسيره ومن ذلك قوله عند قوله تعالى {وقولوا حطة} (¬6) ويقولوا حطة وهو كقولك: احطط عنا خطايانا. وإنما ارتفعت لأنها حكاية قال: قولوا: كذا وكذا. (¬7) ¬

(¬1) 1/ 95 - 96 وانظر أمثلة لأخبار الكلبي الإسرائيلية (1/ 98، 101، 105، 108، 110) وإسرائيليات أخرى 1/ 233 - 236، 242، 245. (¬2) البقرة: 102. (¬3) 1/ 129 - 132. (¬4) البقرة: 26. (¬5) 1/ 90. (¬6) البقرة: 58. (¬7) 1/ 109.

تاسعا: موقفه من القراءات وتوجيهها

ومن التفسيرات اللغوية الغربية قوله: {قردة خاسئين} (¬1): الخاسئ الذي لا يتكلم. (¬2) وقال في قوله: {وإن من الحجارة لما يتفجر منه} (¬3) اللام هنا صلة. وقال في قوله {وإن منها لما يهبط} واللام هنا صلة. (¬4) وهنالك جانب نقص آخر في أسلوب هود وهو التكرار الممل أحيانًا، أو وجود بعض عبارات في التفسير بلغت من الركاكة والقلق حدًا (¬5) لا يليق بمستوى تفسير كتاب الله. وهو يتعرض للمعرب في القرآن: ففي قوله {متبر ماهم فيه} (¬6) قال بعضهم: بلغنا إنها نزلت بالسريانية. (¬7) تاسعا: موقفه من القراءات وتوجيهها: وبالنسبة للقراءات يتعرض لها أحيانًا ويوجهها ومن ذلك قوله {مالك يوم الدين} (¬8) ذكروا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمر كانوا يقرأونها {ملك يوم الدين} وتفسيرها على هذا المقرأ مالكه الذي يملكه، من قبل الملك. وبعضهم يقرؤها " مالكَ يوم الدين " يجعلها نداء. وتفسيره على الدعاء: يا مالك يوم الدين. ويوم الدين هو يوم الحساب في تفسير مجاهد والحسن. وقال بعضهم: يوم يدين الله الناس فيه بأعمالهم. وقولهم جميعًا في هذا واحد. (¬9) قال الله: {ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما يعملون} (¬10) وهي تقرأ على ثلاثة أوجه: بالتاء جميعًا: تردون وتعملون، والوجه الآخر بالياء؛ يقول للنبي: يردون ويعملون. والوجه الثالث يقوله لهم: فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون جميعًا. (¬11) ¬

(¬1) البقرة: 65. (¬2) 1/ 114. (¬3) البقرة: 74. (¬4) 1/ 117 - 118والصواب أنها لام الابتداء وتسمى المزحلقة. وتفيد توكيد مضمون الجملة. (¬5) انظر: 2/ 23، 43، 197. (¬6) الأعراف: 139. (¬7) 2/ 41. وانظر أيضا 2/ 242. (¬8) الفاتحة: 3. (¬9) 1/ 76. (¬10) البقرة: 85. (¬11) 1/ 122.

عاشرا: موقفه من الفقه والأصول

قوله تعالى {إلا من اغترف غرفة بيده} (¬1) قال: قال بعض المفسرين: وهي تقرأ على وجهين بفتح الغين ورفعها: {غَرفة} و {غُرفة} فمن قرأها غَرفة فهو يعني الغرفة التي اغترف مرة واحدة كما تقول: إلا من فعل الفعلة. ومن قرأها غُرفة فهو يعني الغرفة بعينها ملء اليد وبعضهم يقرأها بمقرأ ثالث: إلا من اغترف غِرفة يقول: إلا من فعل فعلة اغترف اغترافًا. (¬2) ويذكر القراءات الشاذة مثل {قالوا نعبد إلهك وإله آبائك} (¬3) قال: ذكروا عن الحسن أنه كان يقرؤها وإله أبيك. (¬4) عاشرا: موقفه من الفقه والأصول: ومن المواضع الفقهية في تفسيره - وهو مما يؤكد سطوه على تفسير ابن سلام - قوله: {ومما رزقناهم ينفقون} (¬5) يعني الزكاة المفروضة على ما سن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الذهب والفضة، والإبل والبقر والغنم، والبر والشعير، والتمر والزبيب. وفي قول الحسن وغيره من أصحابنا: وما سوى ذلك فليس فيه زكاة حتى يباع فتكون فيه زكاة الأموال يزكيه مع ماله إذا زكى إذا كان له مال. وبعض أصحابنا يجعل الذرة مع البر والشعير. وقد فسرنا ذلك في أحاديث الزكاة. ولا يعرف لهود الهواري كتاب في الحديث ويبدو أن هذه الجملة من تفسير ابن سلام نقلت حرفيًا وأراد بها كتابه الجامع الذي صنفه في الحديث وقد رجح ذلك المحقق (¬6). وفي قوله تعالى: {ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين} (¬7) أضرب صفحًا عن ذكر شيء من الآثار التي تنهى عن قتل النساء والصبيان لأن الخوارج يرون جواز ذلك فقال: {ولا تعتدوا} أي في حربكم فتقتلوا من لا يقاتلونكم، وتقتلوا من قد آمنتموه وتحرم بحرمتكم {إن الله لا يحب المعتدين} ثم أمر بقتالهم في سورة براءة فقال: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} (¬8) ومن مواضع ترجيحه لمذهبه كلامه في الصلاة لغير القبلة. (¬9) ¬

(¬1) البقرة: 249. (¬2) 1/ 236. (¬3) البقرة: 133. (¬4) 1/ 105. (¬5) البقرة: 3. (¬6) 1/ 82. (¬7) البقرة: 190. (¬8) التوبة: 5. (¬9) 1/ 139 - 140.

وأما موقفه من النسخ فإيجابي فهو يقول في قوله تعالى {قل قتال فيه كبير} (¬1) وهذا منسوخ كان قبل أن يؤمر بقتالهم عامة. (¬2) وفي الختام نذكر شيئا من غرائبه في تفسيره وقد تقدم بعضها (¬3): قال: {إنما يعمر مساجد الله} (¬4) يعني الكعبة لأنها مسجد جميع الخلق، إليها يؤمون {من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وءاتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين} وعسى من الله واجبة. (¬5) ومن الفوائد الاستطرادية التي ذكرها قوله: وسئل بعض السلف عن الرجل العالم الفقيه الذي قد اتخذه المسلمون سلفا وإماما، فاستقل بأمور المسلمين والنظر في حوائجهم، وهو فقير، هل ينظر المسلمون له نظرًا يغنونه عن المسألة ويفضلونه على من سواه ممن لم يحتمل من أمور المسلمين مااحتمل؟ فقال: نعم وهل ينبغي للمسلمين إلا هذا؟ وهل يجوز لهم أن يحتاج فيهم مثل هذا؟ وقد كان عمر بن الخطاب يفضل أهل الفضل في الإسلام ويخصهم من الصدقة والفيء بما لايخص به غيرهم لما يحتملون من المسلمين، ويشغلون أنفسهم بحوائج المسلمين عن حوائجهم، فأهل أن يفضلوا، وأهل أن يشرفوا، وأهل أن ينظر لهم المسلمون بما يسعهم ويقوتهم ويقوت عيالهم (¬6). ¬

(¬1) البقرة: 217. (¬2) 1/ 203، وانظر أيضا في النسخ 2/ 68 - 107. (¬3) وانظر أيضا: 2/ 119، 146، 249. (¬4) التوبة: 18. (¬5) 2/ 119. (¬6) 2/ 145. وذلك تحت قوله تعالى {إنما الصدقات للفقراء والمساكين ...} التوبة: 60.

تفسير ابن حيون الشيعي من خلال كتابيه أساس التأويل وتأويل الدعائم

تفسير ابن حيون الشيعي من خلال كتابيه أساس التأويل وتأويل الدعائم مؤلف هذا التفسير هو أبو حنيفة النعمان بن محمد بن منصور ابن حيون القاضي المغربي الشيعي الباطني الإسماعيلي ت 363 هـ، ويعرف في تاريخ أدب الدعوة الإسماعيلية المستعلية بسيدنا قاضي القضاة وداعي الدعاة النعمان بن محمد، وقد يختصره المؤرخون فيقولون (القاضي النعمان) تمييزا له عن أبي حنيفة صاحب المذهب الحنفي، وهو من أهل المنطقة ولد بالقيروان ونشأ بها وتوفي بالقاهرة. تعريف مختصر بالإمامية الإسماعيلية: هي فرقة من فرق الشيعة الإمامية يرون أن الإمامة بعد جعفر الصادق انتقلت إلى ابنه إسماعيل نصا من أبيه ثم إلى ابنه محمد المكتوم وهو أول الأئمة المستورين وبعده تتابع أئمة مستورون إلى أن ظهر بالدعوة عبد الله المهدي رأس الفاطميين، ولهم أسماء عدة منها الباطنية والقرامطة. (¬1) وهؤلاء يبطلون الشريعة جملة وتفصيلا، ويعتقدون أن لها بواطن غير هذه الظواهر، ويستحلون المحرمات. واعتقادهم في الله والأنبياء من أبطل الباطل وينكرون القيامة والمعاد، ويعادون الإسلام وأهله أشد العداوة، وقد قتلوا الحجيج وألقوهم في بئر زمزم، وسرقوا الحجر الأسود. وهم دائما عون لأعداء الإسلام عليه، واتفق العلماء على كفرهم وخروجهم من الملة. (¬2) وأصول مذهبهم مبنية على: ¬

(¬1) انظر التفسير والمفسرون 2/ 9. (¬2) انظر لتفاصيل ذلك الأديان والفرق والمذاهب المعاصرة ص: 77 - 101، كتاب الحركات الباطنية في العالم الإسلامي.

القرآن: ويتأولونه حسب أهوائهم. الحديث المروي عن رجالهم: وجله موضوع أو مؤول على غير وجهه. اجتهاد الأئمة: فالإمام عندهم هو المصدر الثالث للتشريع، وكما أن الرسول مختص بعلم الظاهر فالأئمة مختصون بعلم الباطن. (¬1) والمصادر الرئيسية عند الفاطميين هي خمسة كتب: أولا: دعائم الإسلام للنعمان بن محمد قاضي قضاة المعز لدين الله الفاطمي. ثانيا: تأويل الدعائم للنعمان بن محمد أيضا. ثالثا: راحة العقل لداعي دعاة الفاطميين أحمد حميد الدين بن عبد الله الكرماني في عهد الحاكم بأمر الله. رابعا: الأنوار اللطيفة في الحقيقة للداعي اليماني طاهر بن إبراهيم الحارثي. خامسا: المجالس المؤيدية، وملخصها "جامع الحقائق" لداعي الدعاة الفاطميين هبة الله بن موسى المؤيد في عهد الخليفة المستنصر بالله. ومن الكتب الهامة الأخرى كتاب الذخيرة وكنز الولد وأسرار النطقاء وسرائر النطقاء وقد نشر منها كتابان: دعائم الإسلام وراحة العقل. أما أعلام الدعوة وأئمة المذهب عند الفاطميين فهم ثلاثة: أولا: صاحبنا قاضي قضاة المعز لدين الله النعمان بن محمد المغربي. ثانيا: أحمد بن عبد الله حميد الدين الكرماني. ثالثا: داعي الدعاة الفاطميين في عهد الخليفة المستنصر بالله هبة الله بن موسى المؤيد الشيرازي. ويدعي بعض المؤرخين أن الحركة الإسماعيلية نشأت سنة 128 هـ في العراق وفاس كحركة دينية أوجدها الإمام جعفر الصادق 148 هـ تحولت فيما ¬

(¬1) انظر تفاصيل ذلك في المدارس الكلامية 219 - 292، مدرسة الحديث في القيروان 1/ 107.

التعريف بالتفسير

بعد إلى حركة عقلية تدل على أصحاب مذاهب دينية مختلفة وأحزاب سياسية واجتماعية متعددة وآراء فلسفية وعلمية متنوعة (¬1). غير أن بعض الإسماعيليين يرجعون بحركتهم إلى ما قبل هذا التاريخ، إلى عهد إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهما السلام، ويستدلون على ذلك بنظريات فلسفية وعقائدية. واشتط بعضهم في الغلو فقال: إن دعوتهم قديمة قدم الوجود (¬2). التعريف بالتفسير: وتفسير أساس التأويل تفسير شيعي باطني وهو مطبوع بتحقيق عارف ثامر بدار الثقافة بيروت، وكذلك كتاب تأويل دعائم الإسلام مطبوع. وكتاب " أساس التأويل " للنعمان يعتبر أساس المذهب الباطني، كما أن كتاب دعائم الإسلام له يعتبر أساس للفقه والشريعة عند الإسماعلية (¬3). وتأويل دعائم الإسلام هذا هو العنوان المتداول لهذا الكتاب ولكن اسمه: "تربية المؤمنين بالتوفيق على حدود باطن علم الدين". وهو تأويل الدعائم المعروف والكتاب في جزأين في التأويل الباطني للأحكام التي جاءت في كتاب دعائم الإسلام نشرته دار المعارف بالقاهرة، وإن كان النعمان لحقته المنية قبل إتمام الكتاب وهو يعد ثاني كتاب هام بعد الدعائم. ولا يزال هذا الكتاب هو الوحيد الذي يسيطر على حياة طائفة البواهر: أتباع الخلفاء الفاطميين في شبه القارة الباكستانية الهندية، واليمن وحضرموت في الهند والباكستان وغيرهما. وعليه المعول في أحوالهم الشخصية وأحكام الأسرة، ومن عجب أن التشريع الإسلامي بالهند الآن يحافظ على شيء من القوانين التي كانت تطبق بمصر في عهد الفاطميين. والتأويل عند الإسماعيلية كما قال عارف تامر في مقدمة تحقيقه للكتاب: هو باطن المعنى أو رمزه أو جوهرة، وهو حقيقة مستورة وراء لفظة لا تدل ¬

(¬1) تاريخ الدعوة الإسماعيلية 1/ 12. (¬2) تاريخ الدعوة الإسماعيلية 1/ 15. (¬3) انظر عن الاتجاه الباطني: التفسير واتجاهاته ص: 401.

المنهج العام للتفسير

عليها، وما سمي التأويل عند الإسماعلية مقصور على أئمتهم دون غيرهم (¬1). وقد جعلوا محمدا - صلى الله عليه وسلم - صاحب التنزيل، فالتنزيل اختص به الناطق في حياته. وهو علم الظاهر وأحكام الشريعة والعلم المصرح بتعليمه وتبيينه واعتناقه لطبقات العامة. والباطن اختص به الإمام أو الأساس، وهو علم التأويل والحقيقة ومرموزاتها وتعاليمها التي لا يمكن الإفصاح عتها إلا لجنود الدعوة المخلصين الذين تدرجوا في مراتبها وتربعوا في مناصبها وهم طبقات الخاصة. (¬2) المنهج العام للتفسير: (¬3) لم يتناول ابن حيون في تفسيره القرآن كله، بل أخذ بعض الآيات التي ظهر له أنها تؤيد المذهب الذي يدعو إليه. وقد تعرض في كتابه تأويل الدعائم لتأويل كم هائل من الآيات والأحاديث. وتجدر الإشارة إلى أن التأويل عند الإسماعيلية يختلف عن التفسير بمعناه الشرعي الصحيح لدى أغلب الفرق الإسلامية الأخرى، فهو تأويل غريب لا يتلاءم مع مفهوم اللغة والشرع والعقل، ولذا فسوف أكتفي بعرض بعض النماذج التي لا أزمة لها وهي تبين عن نفسها. قال في أساس التأويل: في قوله تعالى {وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا} (¬4)، قال: الطريقة هي النبي الناطق في زمانه، والإمام في أوانه من بعده، والماء الغدق هو العلم الغزير (¬5). وفي تأويل قوله جل ذكره {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا} (¬6) قال: فصاحب العصر سواء كان نبيا أو إماما يدعى ناطقا، لأنه ينطق بالظاهر، ويقوم به، وحجته يدعى صامتا لأنه صامت عن الظاهر قائم بالباطن. ¬

(¬1) تاريخ الدعوة الإسماعيلية 1/ 12. (¬2) مقدمة المحقق 1/ 5. (¬3) وممن تكلم عن منهج ابن حيون في تفسيره: عبد السلام الكنوني في المدرسة القرآنية 1/ 171 - 174، ووسيلة بلعيد في التفسير واتجاهاته ص: 402 - 404. (¬4) الجن: 16. (¬5) مقدمة المحقق ص: 39. (¬6) الأنبياء: 22.

فالإمام والحجة يتعاقبان تعاقب الليل والنهار ... وفي ذلك قال الله تعالى: {وجعلنا الليل والنهار آيتين} (¬1)، إن آيات الله في الباطن حجج على خلقه، وهم الذين افترض عليهم طاعتهم. وفي تأويل آيات الفاتحة قال: {اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين} (¬2): والصراط في اللغة: الطريق. ممثل هنا بالطريق لأن من لزم الطريق يصل، وكذلك من لزم الإمام يصل، والمراد ههنا بالطريق الإمام لا الطريق المسلوك في الأرض. وقد أثبت النعمان وجود الظاهر والباطن في القرآن مستشهدًا بقوله تعالى {ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون} (¬3) وبقوله تعالى {وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة} (¬4). ويقول: إن من معجزات القرآن أن يأتي بالشيء الواحد، وله معنى في ظاهره ومعنى في باطنة، وبذلك كان ظاهره معجزة الرسول، وباطنه معجزة الأئمة من أهل بيته (¬5). وقال في قوله تعالى {ألم نشرح لك صدرك} (¬6) قال: عنى به شرح الظاهر (¬7). ويؤول قوله تعالى {محمد رسول الله والذين معه} (¬8) بأنهم الأئمة، ثم قال: وقد بينا في غير موضع أن اسم الإيمان يقع على الرسول والأسس والأئمة وجميع المؤمنين المتصلين بهم. (¬9) وذكر أنهم الذين اتبعوه بالحقيقة وآمنوا به وصدقوه بظاهره وباطنه وقاموا بأمره في حياته وبعد مماته من أسبابه الذين كانوا في عصره والأئمة من بعده منهم {معه} باتباعهم إياه وتمسكهم بأمره واتصالهم به لأنهم في نظام واحد معه، فهم حبل الله المتصل طرفه بيد الله وطرفه بيد العباد كما وصفه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فالرسول هو أول حدّ من الحبل في العالم السفلي والأساس متصل به، والأئمة يتصلون بالأساس واحدا بعد واحد، والطرف الأدنى الذي هو بيد العباد إمام كل زمان في زمانه فمن تمسك به فقد تمسك بحبل الله، ¬

(¬1) الإسراء: 12. (¬2) الفاتحة: 7. (¬3) الذاريات: 94. (¬4) لقمان: 20. (¬5) أساس التأويل ص: 33. (¬6) الشرح: 1. (¬7) أساس التأويل ص: 343. (¬8) الفتح: 29. (¬9) أساس التأويل ص: 345.

وكل واحد منهم في زمانه هو العروة الوثقى التي لا انفصام لها، كالسلسلة، كل عروة منها متصلة بالأخرى فمن تمسك بأدناها فقد تمسك بها كلها وبعضها مع بعض وذلك قول الله عزّ وجلّ: {محمد رسول الله والذين معه} (¬1) وذكر في تأويل قوله تعالى {فصلّ لربك وانحر} (¬2) أن معناها: أقم الدعوة لله باطنا، وهي باطن الصلاة وأقمها في الظاهر ولا الظاهر دون الباطن {وانحر} أي خذ عهد الأساسية على أساسك ونصبه للبيان تتصل ذريتك الباطنة ويكثر المستجيبين لدعوتك وينبتر أمر شانئك وقائل ذلك فيك. فكان كما وعد الله جل ذكره، والنحر إنما يكون للجمال وهي أمثال الأئمة، والذبح للغنم وهي أمثال المؤمنين، والبقر أمثال الحجج، فضرب مثل أساس إبراهيم بالكبش وأساس موسى بالبقر وأساس محمد بالبعير وذلك الذي ذكره من قول إبراهيم لأساسه إسماعيل. (¬3) وقال في قوله تعالى {ولقد آتيناك سبعا من المثاني} (¬4) أي الأئمة السبعة (¬5)، أئمة الإسماعيلية. وقال في تأويل قوله تعالى {فإن مع العسر يسرا} (¬6) مع التنزيل الظاهر بيان باطني يوضحه وييسره لمن عسر عليه أمره بالبيان الذي هو التأويل (¬7). وقال في تأويل قوله تعالى {والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصدّيقون والشهداء عند ربهم} (¬8) فالشهداء الأئمة والصدّيقون هم أيضا. ومن ذلك قول الله عز وجل {وجيء بالنبيين والشهداء وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون} (¬9) وقوله تعالى {أيها الصديق} (¬10)، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله " (¬11) يعني الإمام (¬12) ¬

(¬1) الفتح: 29. (¬2) الكوثر: 2. (¬3) أساس التأويل ص: 347. (¬4) الحجر: 87. (¬5) أساس التأويل ص: 268. (¬6) الشرح: 5. (¬7) أساس التأويل ص: 438. (¬8) الحديد: 19. (¬9) الزمر: 69. (¬10) يوسف: 46. (¬11) أخرجه الترمذي - كتاب التفسير - باب ومن سورة الحجر 5/ 298 وقال الترمذي: حديث غريب. وقال الألباني: ضعيف (ضعيف الجامع رقم 127) وانظر أيضا الموضوعات 1/ 74. (¬12) أساس التأويل ص: 341.

ويقول في تأويل الدعائم: كذلك يرفض المؤمن المستجيب ما كان عليه من ظاهر أهل الباطن ويتمسك بظاهر أهل الحق وباطنهم ومثل ما يترك من سرته عند قطعها ويربط ويكوى طرفه إلى أن يجف ويسقط مثل ما يترك المستجيب عليه من توحيد أهل الظاهر الذي هو إلى الشرك أقرب كما قال تعالى: {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون} (¬1) فيترك على ذلك في وقت الأخذ عليه إلا أنه يعرف أنه سيوقف على حقيقة توحيد الله وتنزيهه عن كل مثل وضد لئلا يعتقد ما كان عليه من ذلك من التشبيه والشرك وذلك مثل ربط السرة وحسمها فإذا عرف حقيقة توحيد الله وتبين له ذلك سقط عنه ما كان يعتقده من افتراء المبطلين على الله في ذلك وهذا مثل سقوط سرة المولود بعد أيام من ولادته. (¬2) ويقول: وقد سمعتم فيما بسط لكم من الأصول وقرئ عليكم من حد الرضاع في الباطن أن لكل جنس من الحيوان أمثالا من الناس يرمز في الباطن بهم لهم ويكنى عنهم بذكرهم في القرآن وفي الكلام ومن ذلك قول الله: {وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء} (¬3) فأخبر تعالى جل من مخبر أن جميع الدواب والطير أمثال للعباد الآدميين فضرب من ذلك أمثالا كثيرة قد سمعتم بعضها وتسمعون من ذلك ما يأتي في موضعه إن شاء الله تعالى وقد سمعتم أن أمثال حشرات الأرض وخشاشها والهوام أمثال الحشو والرعاع من الناس وأن النحل أمثال المؤمنين. ومن ذلك الحديث المأثور (¬4): "المؤمنون كالنحل لو علمت الطير ما في بطونها لأكلتها" كذلك المؤمن لو علم الكافر ما فيه من الفضل والعلم والحكمة لقتله حسدا له والزنابير أمثال حشو أهل الباطل الذين يتشبهون بأهل الإيمان كما أن الزنبور يشبه النحل ويحكي صنعة بيتها الذي تصنعه بالشمع ¬

(¬1) يوسف: 106. (¬2) تأويل الدعائم ص: 48. (¬3) الأنعام: 38. (¬4) قد يكون مأثورا عن علي أو جعفر الصادق أو غيرهما، وليس ذلك صريحا في نسبته لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما يتبين من كلامه لمن تأمله.

فيبنيه الزنبور بالطين وليس فيه عسل كذلك أمثاله من حشو أهل الباطل لا خير عندهم وإن تشبهوا بأهل الحق، والضب أحد الحشرات فضرب - صلى الله عليه وسلم - جحر الضب وخشرم الدبر والدبر جماعة الزنابير كما قلنا مثلا لدعوة أشرار الناس وأوباشهم وأخبر الأمة أنهم سيسلكون في أتباعهم أمثالهم مسلك من تقدمهم من الأمم وقد فعلوا واتبعوا السفلة والأشرار وأوباش الخلق وائتموا بهم وكذبوا عليه - صلى الله عليه وسلم - فزعموا أنه قال: "أطع إمامك وإن كان أسود مجدعا " (¬1) فائتموا بالسودان والعبدان والأوباش والأشرار ونصبوهم أئمة من دون أولياء الله فهذا تأويل الحديث ومنه قول يعقوب ليوسف: {وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث} (¬2) فأما جحر الضب وخشرم الدبر فليس مما يدخله الناس ولا يصح القول بذلك في الظاهر وقول الله تعالى: {ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط} (¬3) له تأويل سيأتي ذكره في موضعه إن شاء الله تعالى. (¬4) ويقول: والصلاة مثلها مثل إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - وهو الذي بنى البيت الحرام ونصب المقام فجعل الله البيت قبلة والمقام مصلى وحكى قوله تعالى: {إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين} (¬5) وكان هذا القول هو افتتاح الصلاة للمصلين، والزكاة مثلها مثل موسى {إذ ناداه ربه بالواد المقدس طوى اذهب إلى فرعون إنه طغى فقل هل لك إلى أن تزكى} (¬6) فكان أول ما أمره الله أن يدعوه إليه أن يزكى، والصوم مثله عيسى عليه السلام وهو أول ما خاطب به أمه أن تقول لمن رأته من البشر وهو قوله الذي حكاه تعالى عنه لها: {فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا} (¬7) وكان هو كذلك يصوم دهره ولم يكن يأتي النساء كما لا يجوز للصائم أن يأتيهن في حال ¬

(¬1) حديث صحيح أخرجه البخاري - كتاب الأذان - باب إمامة العبد والمولى 2/ 184 عن أنس بلفظ: اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل حبشي كأن رأسه زبيبة. وأخرجه مسلم - كتاب المساجد - باب كراهية تأخير الصلاة 1/ 448 عن أبي ذر بلفظ: إن خليلي - صلى الله عليه وسلم - أوصاني أن أسمع وأطع وإن كان عبدا حبشيا مجدع الأطراف. (¬2) يوسف: 6. (¬3) الأعراف: 40. (¬4) تأويل الدعائم ص: 50. (¬5) الأنعام: 79. (¬6) النازعات: 16 - 18. (¬7) مريم: 26.

صومه والحج مثله مثل محمد - صلى الله عليه وسلم - وهو أول من أقام مناسك الحج وسن سنته وكانت العرب وغيرها من الأمم تحج البيت في الجاهلية ولا تقيم شيئا من مناسكه كما أخبر الله تعالى عنهم بقوله: {وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية} (¬1) ... وكان الحج خاتمة الأعمال المفروضة وكان هو - صلى الله عليه وسلم - خاتم النبيين فلم يبق بعد الحج من دعائم الإسلام غير الجهاد وهو مثل سابع الأئمة الذي يكون سابع أسبوعهم الأخير الذي هو صاحب القيامة ... قال: ففضله الله بذلك على سائر من تقدمه من المرسلين وجعل له دونهم فضيلتين ومثلين الحج والجهاد وإذا كان الذي مثله مثل الجهاد من أهل دعوته وشريعته وأحد أولاده وأئمة دينه فلذلك قام هو أيضا بالجهاد مع إقامة الحج، والجهاد ليس من أصل الأعمال إنما هو دعاء إلى اتباع الشريعة وقتل من امتنع من ذلك وكذلك مثله الذي هو خاتم الأئمة لا يكون في وقته عمل كما أخبر تعالى عن ذلك بقوله: {يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا} (¬2) ... قال: وكذلك يجري هذه الأمثال في أسابيع الأئمة يكون أول كل أسبوع منهم مثله مثل الولاية لأنه أول من افترض الله منهم ولايته والثاني مثله مثل الطهارة والثالث مثله مثل الحج على ما تقدم من أمثال النطقاء والسادس منهم يسمى متما كما سمى محمد - صلى الله عليه وسلم - خاتم النبيين ويكمل به أمر الأسبوع ويكون السابع أقواهم ويتم الأمر به ومثله مثل الجهاد على ما تقدم به القول. فهذه أمثال السبع الدعائم التي هي دعائم الإسلام وأمثالها الذين هم النطقاء والأئمة كذلك هم دعائم الدين التي استقر عليها فافهموا الأمثال أيها المؤمنون تكونوا من العالمين فإن الله يقول: {وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون} (¬3). (¬4) ويقول: وكل ما أظهر من الباطن على ألسنة الأنبياء والأئمة صار ظاهرا وكان قبل ذلك باطنا ولا يزال ذلك حتى يقوم آخر قائم من أئمة محمد ¬

(¬1) الأنفال: 35. (¬2) الأنعام: 158. (¬3) العنكبوت: 43. (¬4) تأويل الدعائم ص: 51 - 53.

صلى الله عليه وعلى آله الأئمة من ذريته الذي هو صاحب القيامة فيكشف الباطن كله ويرتفع الظاهر والعمل كما قال تعالى: {لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا} (¬1) وكما قال تعالى {يوم يكشف عن ساق} (¬2) والساق من الباطن لأنها مما يستر ولا يكشف {ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون} يعني أنه قد ارتفع العمل والانتفاع بالطاعة فلا يستطاع ذلك. (¬3) ويقول: والعرب في لغتها والمعروف من لسانها تسمى الشيء باسم ما صحبه ولاءمه وألفه ومن ذلك أيضا كان الكتاب مثل الإمام لأن القرآن هو أليف كل إمام وبه يعمل وعليه يعول وعنده علمه قال الله لرسوله - صلى الله عليه وسلم -: {قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب} (¬4) يعني وصية عليا صلى الله عليه الذي أودعه ذلك والأئمة من ولده الذين انتقل ذلك عنه إليهم، والعرب تسمى الكتاب إماما قال أصحاب التفسير في قول الله: {وكل شيء أحصيناه في إمام مبين} (¬5) قالوا: يعني في كتاب. (¬6) ويقول: قول الله تعالى: {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون} (¬7) وإنما خاطب الله عز وجل بهذا الخطاب المؤمنين جميعا وكذلك قال تعالى {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض} (¬8) وقد ذكرنا أن الولاية دعامة من دعائم الإسلام وأمر الله في كتابه بطاعة أولي الأمر وقرن ولايتهم بولاية رسوله بقوله: {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا} (¬9) وذلك فرض فرضه الله عز وجل على المؤمنين، والولاية أصلها السمع والطاعة، فلو كان القول في ذلك ما قالته العامة؛ من أن المراد بالولاية ها هنا وبالمؤمنين جميع من آمن بالله ورسوله، لم يدر من المأمور منهم بالسمع والطاعة، ومن يجب ذلك له من جميعهم، ولكانت طاعة جميعهم واجبة على جميعهم، وأهواؤهم مختلفة وقلوبهم وآراؤهم شتى، ومنهم المطيع والعاصي والمؤالف والمخالف. وقد علم الله ذلك منهم فلم يكن سبحانه ليوجب من ذلك ما لا يعرف حقيقته ولا يصح أمره ولا يثبت واجبه، ولكن اسم الإيمان ¬

(¬1) الأنعام: 185. (¬2) القلم: 42. (¬3) تأويل الدعائم ص: 55. (¬4) الرعد: 43. (¬5) يس: 12. (¬6) تأويل الدعائم ص: 61. (¬7) المائدة 55 - 56. (¬8) التوبة: 71. (¬9) المائدة: 55.

يقع على جميع من آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله من أنبيائه وأئمة دينه وجميع أوليائه وجميع من صدق بذلك وأصل الإيمان التصديق قال الله تعالى {وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين} (¬1) أي ما أنت بمصدق لنا وإن صدقنا ومعلوم في لسان العرب الذي نزل به القرآن وخوطبوا منه بما يعرفون في لغاتهم ولسانهم أن الخطاب قد يكون عاما عندهم ويراد به الخاص كما قال الله تعالى {الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم} (¬2) فأراد أن بعض الناس قال ذلك وأنه أراد أن بعض الناس هم الذين جمعوا لهم وذلك ما لا يجوز غيره لأن القائلين ذلك والمخاطبين به هم من الناس فلا يجوز أن يراد بقوله {قال لهم الناس} جميع الناس والذين جمعوا لهم هم جميع الناس والذين جمعوا لهم من الناس فهذا مما ظاهره يقع على العموم وباطنه يراد به الخاص دون العام وهو كثير في القرآن وفي كلام العرب وما يجري منه بين الناس ويتداولونه بينهم كما يقول القائل منهم لقيت العلماء ورأيت الملوك وسمعت كلام الناس وركبت الخيل وشاهدت الأعمال وأشباه ذلك من القول وهو لم يرد بذلك الجميع وإنما أراد البعض ممن لقيه ورآه وشاهده فكذلك قول الله {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا} (¬3) ولم يرد به جميع المؤمنين لأن الخطاب بذلك لمن أوجب عليه ولاية من أوجب ولايته منهم وإنما أراد بالمؤمنين ها هنا الأئمة الذين قرن الله طاعتهم بطاعته وطاعة رسوله بقوله: {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} (¬4) كما قرن ولايتهم بولايته وولاية رسوله وقد تقدم البيان فيما سمعتموه أن اسم الإيمان يقع على جميع من آمن بالله ورسوله قال الله عز وجل حكاية عن موسى - صلى الله عليه وسلم -: {سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين} (¬5) وقال: {آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله} (¬6) وقال {وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب} (¬7) ومن ذلك قول الله تعالى: {والذين آمنوا بالله ورسوله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم} (¬8) وقد أخبر الله أن الشهداء إنما هم واحد في كل أمة بقوله: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا} (¬9) وقال: {وجيء بالنبيين والشهداء} (¬10) فليس كل من آمن بالله وبرسوله يكون صديقا ¬

(¬1) يوسف: 17. (¬2) آل عمران: 173. (¬3) المائدة: 55. (¬4) النساء: 59. (¬5) الأعراف: 143. (¬6) البقرة: 285. (¬7) الشورى: 15. (¬8) الحديد: 19. (¬9) النساء: 41. (¬10) الزمر: 69.

وشهيدا بل أكثرهم وإن آمنوا في الظاهر فقد أشركوا كما أخبر تعالى عن ذلك بقوله: {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون} (¬1) والمراد بالصديقين والشهداء من المؤمنين الأئمة منهم وكذلك قوله: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض} (¬2) فالأئمة أولياء من دونهم من المؤمنين، وولايتهم مفترضة على سائر من دونهم من المؤمنين وهم أولياء المؤمنين الذين ولايتهم فرض عليهم، وبعض الأئمة أولياء بعض لأنه لم يكن منهم إمام يستحق الإمامة إلا من بعد أن كان مأموما وكان من قبله إمامه والرسول إمام جميع الأئمة ووليهم فهذا معنى قول الله: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض} وولاية من له الولاية منهم من يولي منهم عليه واسم الإيمان كما ذكرنا يجمعهم والخطاب وإن جمعهم في الظاهر فإنه يخص بعضهم دون بعض في الباطن وقوله تعالى: {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون} (¬3) وكل المؤمنين القائمين بما افترضه الله عليهم يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويركعون في الظاهر وقد نص الله على ولاية من وصفه بهذه الصفة ودل بها عليه فلو حمل ذلك أيضا على ظاهره لرجع إلى المعنى الذي بينا فساده، ولكن الصلاة والزكاة كما بينا ذلك في كتاب الدعائم من الإيمان ومما يوجبه وهما مفروضتان مع سائر الفرائض على الأئمة وعلى كافة المؤمنين، ولكن المراد ها هنا بالذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون الأئمة صلى الله عليهم وسلم لأنهم هم الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة بالحقيقة ظاهرا وباطنا فأما في الظاهر فإن الصلاة الظاهرة التي هي الركوع والسجود والقيام والقعود والتشهد أفضلها ما كان في جماعة ومنها ما لا يجزى إلا كذلك كصلاة الجمعة والعيدين، ولا تكون جماعة إلا بإمام، فالأئمة هم الذين يقيمون الصلاة بالحقيقة وإيتاؤهم الزكاة هو أن العباد قد تعبدوا بدفع مايلزمهم منها إليهم وتعبدوهم بإيتائها من تجب له وصرفها في وجوهها فهم الذين يؤتون الزكاة بالحقيقة من يستحقها وركوعهم طاعتهم لله ولرسوله والصلاة في الباطن هي الدعوة فهم صلى الله عليهم وسلم يقيمونها والمال في الباطن هو العلم وإخراج الزكاة منه في الباطن هو إخراج ما أوجب الله على أهله الذين هم أئمة دينه أن يبذلوه لمستحقه. ¬

(¬1) يوسف: 106. (¬2) التوبة: 71. (¬3) المائدة: 55.

ومن ذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لكل شيء زكاة وزكاة العلم نشره " (¬1) فهم المقيمون الصلاة والمؤتون الزكاة والراكعون بالحقيقة ظاهرا أو باطنا وإياهم عنى الله بذلك. وقد روت العامة أن هذه الآية نزلت في علي - صلى الله عليه وسلم - وذلك قالوا: إنه تصدق بخاتمه على سائل مر به وهو راكع. وقد جاء في كتاب الدعائم عن محمد بن علي - صلى الله عليه وسلم - أنه سئل عن قول الله: {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا} (¬2) من عنى بالذين آمنوا؟ فقال: إيانا عنى بذلك وأنه سئل عن قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا} (¬3) في مواضع كثيرة من القرآن من مثل هذا مما لا يجوز أن يعنى بها جميع المؤمنين وقال: إيانا عنى بذلك. وقال في بعضها: وعلي - صلى الله عليه وسلم - أولنا وأفضلنا وأخيرنا بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فكان ذلك من قوله مما يؤيد ما ذكرناه من أن الأئمة هم الذين عنى الله بقوله: {يا أيها الذين آمنوا} فيما يرتفع من حدود المؤمنين دونهم وأن اسم الإيمان يجمعهم وإياهم وكذلك المعنيون صلى الله عليهم بكثير من القول في القرآن مما قد ادعته العامة لأنفسها مثل قوله تعالى {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا} (¬4) ومثل قوله: {وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون} (¬5) ومثل قوله {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل} (¬6) ومثل قوله {وكونوا مع الصادقين} (¬7) ومثل قوله {هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج} (¬8) ومثل قوله: {الصديقون والشهداء} (¬9) ومثل قوله: {ولكل قوم هاد} (¬10) ومثل قوله: {والراسخون في العلم} (¬11) ومثل قوله {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا} (¬12) ومثل هذا كثير. (¬13) ويقول: فالمراد بالعلم في ذلك العلم المأثور عن أولياء الله وأنبيائه ¬

(¬1) لم أجده كاملا والمشهور في كتب الأحاديث الضعيفة والموضوعة حديثان: لكل شيء زكاة وزكاة الجسد الصوم، لكل شيء زكاة وزكاة البيت دار الضيافة. (انظر كمثال العلل المتناهية في الأحاديث الواهية رقم 825، 885). (¬2) المائدة: 55. (¬3) آل عمران: 200. (¬4) البقرة: 143. (¬5) العنكبوت: 43. (¬6) النساء: 58. (¬7) التوبة: 119. (¬8) الحج: 78. (¬9) الحديد: 19. (¬10) الرعد: 7. (¬11) آل عمران: 7. (¬12) فاطر: 32. (¬13) تأويل الدعائم ص: 61 - 65.

وأئمته صلى الله عليهم والمراد بالعلماء هم صلى الله عليهم ومن تعلم منهم فهو يعد من العلماء على سبيل المجاز باتباعه لهم وتوليه إياهم كقوله تعالى: {فمن تبعني فإنه مني} (¬1) وقوله: {ومن يتولهم منكم فإنه منهم} (¬2) فهم العلماء بالحقيقة صلى الله عليهم وقد يقع اسم العلماء على المجاز على كل عالم بشيء ما كان، فليس أولئك وإن وقع عليهم اسم العلماء ممن يعني بالعلماء في الحقيقة ... قال: ومن ذلك قوله تعالى: {بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم} (¬3) يعني أولياءه ولا يكون أهل العلم ها هنا كل من علم شيئا ما كان وكذلك قوله: {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات} (¬4) وإنما عنى بالعلم ها هنا العلم الحقيقي الذي قد قدمنا ذكره المأثور عن أولياء الله. (¬5) قال: ومما ذكرناه من أن العلماء بالحقيقة هم أولياء الله ما جاء في كتاب الدعائم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "تعلموا من عالم أهل بيتي أو ممن تعلم من عالم أهل بيتي تنجوا من النار". (¬6) قال: ومنه قول نوح - صلى الله عليه وسلم -: {ولمن دخل بيتي مؤمنا} (¬7) وقد ذكرنا أن لسان العرب يسمى فيه الشيء باسم ما صحبه ولاءمه فمثل صلى الله عليه بيته الذي هو دعوته بأهل بيته القائمين بها والمعنى الذي أراد تمثيل دعوته بدعوة نوح هو أنه كما هلك من تخلف عنها، كذلك يهلك من تخلف عن دعوته، وكما نجا من دخلها كذلك ينجو من دخل دعوته، لأن نوحا أول أصحاب الشرائع وأول أولي العزم ومحمد - صلى الله عليه وسلم - آخر أصحاب الشرائع وآخر أولي العزم. (¬8) ويقول: {كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم مالم تكونوا تعلمون} (¬9) وقال: ¬

(¬1) إبراهيم: 36. (¬2) المائدة: 51. (¬3) العنكبوت: 49. (¬4) المجادلة: 11. (¬5) تأويل الدعائم ص: 65 - 66. (¬6) تأويل الدعائم ص: 67، وهذا الحديث لم أقف له على أصل لا صحيح ولا ضعيف ولا موضوع. (¬7) نوح: 28. (¬8) تأويل الدعائم ص: 69. (¬9) البقرة: 151.

{هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين} (¬1) فالكتاب في الظاهر هاهنا كتاب الله، والحكمة مابينه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجاء من عنده والكتاب في الباطن الإمام كما ذكرنا والحكمة في الباطن التأويل الباطن فعلمهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك ظاهرا وباطنا على درجاتهم ومنازلهم والواجب لأهل كل طبقة منهم ومن ذلك قوله تعالى: {وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة} (¬2) وهذا من أعظم نعمه فلم يكن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ليعلمهم من ذلك ظاهرا دون الباطن ولا باطنا دون ظاهر بل أسبغ الله عليهم به كما أخبر نعمه ظاهرة وباطنة، فعلمهم مما علمه الله تعالى ظاهر العلم وباطنه بأن علمهم تنزيل الكتاب وأخبرهم بواجب السنة وأوقفهم على إمام زمانهم من بعده وعلى واجب الإمامة للصفوة من ولده وأودع علم التأويل من أقامه مقامه لهم ليكون معجزة له وبأن ينقله كذلك واحد من بعد واحد منهم فيمن يخلفه للأمة ويقوم فيها مقامه من بعده. (¬3) ويقول: والطهارة في الباطن التطهر بالعلم وبما يوجبه العلم من أحداث النفوس قال الله: {وأنزلنا من السماء ماء طهورا} (¬4) وقال {وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام} (¬5) وقد تقدم القول بأن الماء مثله مثل العلم فكما يطهر الماء الظاهر من أحداث الأبدان الظاهرة، كذلك يطهر العلم من أحداث النفوس الباطنة وأفاعيلها الردية الموبقة وكذلك يكون الطهور بما يوجبه العلم من الواجبات قال تعالى {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم} (¬6) ... (¬7) وقال: وقال تعالى: {وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود} (¬8) فلم يسكنه إلا الصفوة من ولد إسماعيل - صلى الله عليه وسلم - ولما تغيرت الأمور من بعده وسكن الحرم المشركون وبعث الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - كان فيما أنزله عليه قوله: {إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا} (¬9) فنفاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الحرم فكان طهور البيت إسكان أولياء الله فيه وإخراج أعدائه ¬

(¬1) الجمعة: 2. (¬2) لقمان: 20. (¬3) تأويل الدعائم ص: 71. (¬4) الفرقان: 48. (¬5) الأنفال: 11. (¬6) التوبة: 103. (¬7) تأويل الدعائم ص: 72. (¬8) الحج: 26. (¬9) التوبة: 28.

منه ولم يكن ذلك بالماء في الظاهر هو كما يكون الطهور الظاهر وقال الله تعالى لرسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - {ياأيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر وثيابك فطهر} (¬1) فكان أول ما افترض عليه بعد إنذاره أن يبدأ بتطهير ثيابه والثياب في التأويل الظاهر لأن الثياب ظاهرة فأمره الله بإقامة ظاهر الشريعة وتطهيره من أنجاس الكفرة الجاهلية وما كانت تعبده وتذهب إليه في ظاهر ماتتدين به وكذلك يجب كما ذكرنا على المؤمنين أن يبدأ ويبتدئ به من يعلمه الإيمان بإقامة ظاهره وتطهيره مما كان يذهب إليه من ظاهر أهل الباطن وقد فسر ذلك كثير من المفسرين من العامة على غير الطهر الظاهر المتعارف عندهم الماء فقال بعضهم قوله: {وثيابك فطهر} (¬2) أي طهر نفسك من الذنوب فكنى عنها بثيابه. وقال آخرون: أراد أن لا تلبس ثيابك على كذب ولا فجور ولا إثم، البسها وأنت طاهر من ذلك. وقال آخرون: أي قصرها. وقال آخرون: العرب تقول ألبست فلانا ثوب خزية وعار، إذا ألبسته ذما ونقيصة. فكلهم تأولوا ذلك على غير الطهارة من أنجاس الأبدان في الظاهر بالماء ومن أنجاس الأرواح في الباطن بالعلم. (¬3) ويقول: فالإيمان على ضربين براءة من الباطل وأهله ودخول في الحق وأهله، وقد ذكرنا أن مثل الصلاة مثل البراءة من الباطل وأهله والصلاة تدعى إيمانا وقد جاء أن القبلة لما صرفت إلى جهة الكعبة قال المسلمون لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يارسول الله أفيذهب ثواب صلاتنا من قبل؟ فأنزل الله: {وما كان الله ليضيع إيمانكم} (¬4) يعني صلاتكم (¬5) فسمى صلاتكم إيمانا وكذلك هي في الباطن إيمان لأن الدعوة جماع الإيمان. (¬6) ويقول: وقد جاء أن عورة الرجل مابين السرة والركبتين وأن المرأة عورة كلها فباطن ذلك أن أمثال الرجال كما ذكرنا أمثال المفيدين وهم الذين يفيدون من دونهم من المؤمنين العلم والحكمة، وهم في ذلك على طبقات بعضها فوق بعض فكل مفيد مثله مثل الذكر وكل مستفيد مثله مثل الأنثى، والمستفيد يجب ¬

(¬1) المدثر: 1 - 4. (¬2) المدثر: 4. (¬3) تأويل الدعائم ص: 72 - 73. (¬4) البقرة: 143. (¬5) لم يأت سبب النزول بهذا اللفظ والذي ورد في معناه أخرجه البخاري عن البراء - كتاب الإيمان - باب الصلاة من الإيمان 1/ 95. (¬6) تأويل الدعائم ص: 75.

عليه ستر جميع مايفيده المفيد فمثله في ذلك مثل المرأة التي يجب سترها كلها والمفيد لا ينبغي له كشف جملة ماعنده من ذلك لمن يفيده وإنما ينبغي له أن يفيده أطرافا من الحكمة والعلم ويكشف من ذلك لكل من يفيده بقدره ويكون عنده من ذلك ما يستره عمن دونه ليستحق به الفضل عليه وكان الذي يجب ستره على الرجل ثلاثة أشياء من بدنه فخذاه وفرجاه وفكاه ومن ذلك قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم} (¬1) فعني بالذين آمنوا هاهنا: المفيدين، وبالذين ملكت أيمانكم: المستفيدين منهم غير المأذون لهم، وبالذين لم يبلغوا الحلم: المحرمين المستفيدين والمأذونين الذين لم يبلغوا حد الإطلاق. فأمر المفيدين أن يستروا عنهم من هذه الثلاث العورات كلها فلا يفاتحوهم بما في حدودها من العلم حتى يجب ذلك لهم. (¬2) ويقول: مثل الصلاة مثل أول قائم بالدعوة التي افترضت فيها وهو محمد - صلى الله عليه وسلم - وهذا مما ذكرنا أن الشيء يسمى باسم ماصحبه ولاءمه وأن الطهارة مثلها مثل أساسه وهو علي - صلى الله عليه وسلم - وقيل إن ذلك يدل عليه حروفهما فقيل صلاة أربعة أحرف ومحمد أربعة أحرف وطهر كذلك ثلاثة أحرف وعلي - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة أحرف فلا يصح إقرار بنبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - إلا لمن أقر بأن عليا - صلى الله عليه وسلم - وصيه من بعده وكذلك لا تكون صلاة في الظاهر من مصل إلا بطهارة ومن ذلك أيضا قولهم الوضوء مفتاح الصلاة كذلك لا يولي النبي إلا من قبل وصيه كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أنا مدينة العلم وعلي - صلى الله عليه وسلم - بابها فمن أراد العلم فليأت الباب" (¬3) ومنه قوله تعالى: {وأتوا البيوت من أبوابها} (¬4) ... (¬5) ¬

(¬1) النور: 58. (¬2) تأويل الدعائم ص: 83. (¬3) أخرجه الحاكم - كتاب معرفة الصحابة 3/ 126 وقال: صحيح الإسناد. فتعقبه الذهبي بقوله: قلت: بل موضوع وأبو الصلت قال: ثقة مأمون قلت: لا والله لا ثقة ولا مأمون. وقال: قلت: العجب من الحاكم وجرأته في تصحيحه هذا وأمثاله من البواطيل وأحمد هذا دجال كذاب. أ. هـ وقال الألباني: موضوع (انظر ضعيف الجامع رقم 1416) وذكره الذهبي في ترتيب الموضوعات 1/ 287. (¬4) البقرة: 189. (¬5) تأويل الدعائم ص: 86.

ويقول: فالقبلة في التأويل مثلها مثل الحجة لأهل دعوة الباطن وأساس الشريعة وهو وصي النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن ذلك قوله تعالى لمحمد - صلى الله عليه وسلم -: {قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها} (¬1) يعني عليا - صلى الله عليه وسلم - ونصبه للحجة وأساسا لإمامة من بعده وأمر الناس بالتوجه إليه وأن يوليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شطر المسجد الحرام وهو وجهه الذي قال فيه {فول وجهك شطر المسجد الحرام} (¬2) وقد ذكرنا أن مثل المسجد الحرام مثل الناطق ودعوته وحجة الناطق وهو وجهه الذي يتوجه إلى الناس به في التأويل وتوليته شطر المسجد الحرام هو توليته باطن الدعوة وهي نصفها لأنها دعوتان ظاهرة وباطنة، فظاهر الدعوة تكون للناطق يقيم بها ظاهر الدين وأحكامه. وباطنها وهي الدعوة الباطنة يقيم بها حجته ويقيم الحجة لها نقباءه ودعاته يدعون إليها فهذا تأويل قوله: {فول وجهك شطر المسجد الحرام} أي ول أمر وصيك أمر الدعوة الباطنة ثم قال لجميع المؤمنين: {وحيث ماكنتم فولوا وجوهكم شطره} أي حيث ما كنتم فاقبلوا على دعوة الحق. (¬3) وقال: الوفد في اللغة جمع وافد وهو الذي يأتي الملك عن القوم فكذلك الأئمة هم الذين يفدون إلى الله بأهل أزمانهم وهم الشهداء عليهم كما قال جل من قائل: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد} (¬4) وقال: {وجيء بالنبيين والشهداء} (¬5) وقال: {أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم} (¬6) وكذلك الدعاة هم وفود أهل زمانهم إلى أئمتهم عندهم عليهم بأعمالهم التي طلعوا فيها عليهم. (¬7) ويلاحظ فيما ذكرنا من النقول ما يقوم عليه تأويل هؤلاء من جعل كل شيء في الأئمة ودعوتهم وطاعتهم ومن هذا المنطلق يصلون لربط الشريعة ككل بما يمليه عليهم أئمتهم وهذا هو الأساس الذي هدموا به الدين وانسلخوا منه كلية والعياذ بالله ومن أراد الاستزادة عن المراحل التالية لتلك المرحلة وما وصل إليه الأمر عندهم عليه بمراجعة كتاب الحركات الباطنية في العالم الإسلامي. ¬

(¬1) البقرة: 144. (¬2) البقرة: 149. (¬3) تأويل الدعائم ص: 237. (¬4) النساء: 41. (¬5) الزمر: 69. (¬6) الحديد: 19. (¬7) تأويل الدعائم ص: 239.

تفسير ابن برجان الصوفي من خلال كتابه الإرشاد

تفسير ابن برجان الصوفي من خلال كتابه الإرشاد مؤلف هذا التفسير هو أبو الحكم عبد السلام بن عبد الرحمن بن أبي الرجال محمد ابن برجان اللخمي الإفريقي الإشبيلي الصوفي من الوافدين على المنطقة ت 536 هـ بمراكش. (¬1) وقد ذكرت في ترجمته أنهم عابوا عليه الإمعان في علم الحرف واستخدامه إياه في التفسير وقرروا أنه مبتدع. نبذة عن موقف الصوفية (¬2) من التفسير: (¬3) قال الحافظ ابن الصلاح رحمه الله عندما سئل عن كلام الصوفية في القرآن: وجدت عن الإمام أبي الحسن الواحدي المفسر أنه قال: صنف أبو عبد الرحمن السلمي "حقائق التفسير" فإن كان قد اعتقد أن ذلك تفسير فقد كفر. قال ابن الصلاح: وأنا أقول: الظن بمن يوثق به منهم أنه إذا قال شيئا من أمثال ذلك أنه لم يذكره تفسيرا ولاذهب مذهب الشرح للكلمة المذكورة من القرآن العظيم فإنه لو كان كذلك كانوا قد سلكوا مسلك الباطنية، وإنما ذلك منهم ¬

(¬1) تقدمت ترجمته في الوافدين يرقم 32. (¬2) الصوفية: اختلف أهل العلم في نسبتهم ومنشئهم ومنهم الغلاة الذين مرقوا من دين الإسلام وقالوا بوحدة الوجود وأغرقوا في الفلسفة، ومنهم المعتدلون الذين اعتبروا التصوف مرادفا للزهد والعزوف عن الدنيا كما كان أهل الصدر الأول، ولكن هذا القسم يكاد يكون منعدما وتحول أمر مدعيه إلى جنون وجذب وخرافات وطبل وزمر وموالد، وينظر للاستفاضة: هذه هي الصوفية وصوفيات كلاهما لعبد الرحمن الوكيل، الرد على القائلين بوحدة الوجود لعلي سلطان قاري، التصوف بين الحق والخلق لمحمد فهر شقفة، حوار مع الصوفية لأبي بكر العراقي. (¬3) انظر: التفسير والمفسرون 2/ 338، اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر 1/ 357.

التعريف بالتفسير

تنظير لما ورد به القرآن فإن النظير يذكر بالنظير ... ومع ذلك فياليتهم لم يتساهلوا في مثل ذلك لما فيه من الإبهام والإلباس. (¬1) وقد قسم الدكتور حسين الذهبي التفسير الصوفي إلى قسمين: التفسير الصوفي النظري: وهو مابني على مباحث نظرية وتعاليم فلسفية وهو يقوم على مذهب وحدة الوجود. التفسير الصوفي الفيضي أو الإشاري: وهو تأويل لآيات القرآن على خلاف الظاهر بمقتضى إشارات خفية تظهر لمن يطلق عليهم أرباب السلوك، ويفترض فيه إمكانية التطبيق بينه وبين الظواهر المرادة. (¬2) وهذا الأخير له شروط عند من قبله وقد تقدم شيء من ذلك في كلام ابن باديس رحمه الله إلا أن تلك الشروط لا تكاد تنطبق عند النقد. وأضيف هنا قسما ثالثا: وهو التفسير الصوفي الحرفي: وهو استعمال الحروف وأسرارها التي هي من وحي الشياطين في تفسير كتاب الله تعالى، وتفسير ابن برجان من هذا النوع، وأما النوع الأول فسوف نتعرض له في تفسير ابن عربي، والنوع الثاني سوف نتعرض له في تفسير ابن عجيبة، نسأل الله السلامة. التعريف بالتفسير: وتفسيره المسمى "الإرشاد" من التفاسير المخطوطة وقد ذكر الزركلي أنه لم يكمله وأن أكثر كلامه فيه على طريق الصوفية، وفي كشف الظنون أنه ذكر فيه من الأسرار والخواص ما هو مشهور فيما بين أصحاب هذا الشأن. وقد وقفت على نسخة على الميكروفيلم بمكتبة الجامعة الإسلامية جاء عليها: النصف الأول من تفسير القرآن العظيم للشيخ الإمام العارف الرباني أبي الحكم عبدالسلام بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن اللخمي عن السليمانية بتركيا 8951/ 1 - 2، وهي التي اعتمدتها في دراسة الكتاب، وهي من سورة الفاتحة إلى سورة الكهف. ¬

(¬1) الفتاوى ص: 29. (¬2) انظر التفسير والمفسرون 2/ 339، 352.

وقد افتتح المؤلف الكتاب بخطبة ثم عقد فصلا يدل على انحراف فكره قال فيه: ثم قد يكشف الله جل جلاله لبصائر بعض عباده المؤمنين فيرون بها ما غاب عن أبصار رءوسهم ... فرأوا بنور الإيمان وحقيقة الإيقان ما ليس بشخص ولا جوهر ولا عرض ولا هو من قبيل ذلك .. ثم قد يرون أيضا ما ليس كالأجسام المعهودة ... .مرائي روحانية يصورها مصور العقل في باطن الذكر ... وكذلك يزيل الوقر عن أسماع قلوبهم فيسمعون بها ما غاب عن آذان رءوسهم ... إلى أن قال: وأما الإلهام ... الخ وأما التوسم ... الخ فلم يكن الله جل جلاله ليجعل كلامه الكريم ظاهرا كله للحكمة والحكم اللذين في كلامه ولئلا يصل إلى فهم رفيع خطابه إلا من صرف همته إليه ... ثم ذكر الظاهر والباطن. ثم شرع في الحديث عن البسملة. وهذا التفسير في الجملة تفسير صوفي يركز على الحرف وشيء من الإشارة وأنواع من الهذيان، وهو لا ينقل عن أحد سبقه البتة، ولا يهتم باللغويات والنحو. ويبدأ بذكر اسم السورة كقوله سورة البقرة ... .ولا يذكر مكية أو مدنية ولا عدد آي ولا مناسبات ... . وربما خالف ذلك مثل قوله سورة الأنعام مكية غير تسع آيات نزلت هذه السورة ليلا المنسوخ منها أربع عشرة آية (¬1). ويتعرض للكلام في العقائد فقال تحت قوله تعالى: {إذ قال الله ياعيسى إني متوفيك} (¬2) بعد أن ذكر كلاما كثيرا عن المسيح والمسيح الدجال تطرق للكلام عن علي بن أبي طالب وقال: وحتى هذا اعتقد قوم أنه حي وأنه تكون منه رجعه فيفعل ما يفعل الوصي فإنهم ادعوا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جعله وصيا وهذا لم يثبت وإنما يكون في نسله ومنهم يكون الرجل الصالح المهدي المبشر به فهذا أوقع أولئك في هذيانهم من قولهم بالرجعة (¬3). وهو يذكر الآيات القرآنية بكثرة في نسق واحد وفي الغالب يكون لا تعلق لها بالآية المراد تفسيرها أو تعلقها طفيف جدا وربما ذكر تفسيرا مقبولا لآية بآية كما هو منهج المفسرين ومثل ذلك قوله: {أولئك ما يأكلون في بطونهم ¬

(¬1) 213 / أ. (¬2) آل عمران: 55. (¬3) 147 / ب.

إلا النار} (¬1) ذكر بعض المفسرين في ذلك أنه على المال ولهذا نظير قوله تعالى: {الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا} (¬2) ثم استطرد بآيات على طريقته فقال: ومثله قوله تعالى: {إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا ... .. لا يبصرون} (¬3) وقوله {أولئك الذين كفروا بربهم وأولئك الأغلال في أعناقهم ... خالدون} (¬4). (¬5) وقد يذكر بعض الأحاديث الصحيحة كقوله: جاء في الصحيح المأثور أن جبريل ورسول الله صلوات الله وسلامه عليهما (¬6) كانا قاعدين معا إذ سمع جبريل نقيضا في السماء. (¬7) فذكر الحديث في فضل الفاتحة وأواخر البقرة. وقال: فصل: فذكر فيه حديث أبي بن كعب فقال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي بن كعب - رضي الله عنه -: "يا أبي إني لأرجو أن لا تخرج من المسجد ... .الخ " (¬8) الحديث في فضل الفاتحة. ومن الأحاديث غير الصحيحة قوله: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله جزأ القرآن ثلاثة أجزاء فجعل قل هو الله أحد جزءا" وفي أخرى "فجعل سورة يس جزءا" (¬9). (¬10) وقد يتعرض لأسباب النزول: ومن ذلك قوله: {يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى} (¬11) قال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: صنع لنا عبد الرحمن بن عوف طعاما فدعانا وسقانا الخمر فأخذت منا وحضرت الصلاة فقدموني فقرأت: {قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون} (¬12) ونحن نعبد ما تعبدون فأنزل الله {ياأيها الذين ¬

(¬1) البقرة: 174. (¬2) النساء: 10. (¬3) يس: 8. (¬4) الرعد: 5. (¬5) 102 / ب. (¬6) 7 / أ. (¬7) أخرجه مسلم - كتاب صلاة المسافرين - باب فضل الفاتحة 1/ 554 عن ابن عباس. (¬8) سبق تخريجه. (¬9) الرواية الأولى صحيحة أخرجها مسلم في صحيحه - كتاب صلاة المسافرين - باب فضل قراءة قل هو الله أحد 1/ 556 عن أبي الدرداء، وأما رواية يس فلم أقف لها على أصل إلا أنه روي أن من قرأها فكأنما قرأ القرآن. أخرجه عبد الرزاق في المصنف 3/ 273 عن قتادة عن رجل مرفوعا. (¬10) 12 / ب. (¬11) النساء: 43. (¬12) الكافرون: 1، 2.

آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى} (¬1) (¬2) وأما السيرة والتاريخ فمن مواضع تعرضه لها: قال في قوله {واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا} (¬3): اختلف الناس فيمن هو المعني بهذا المعنى فقال قوم: هو بلعام بن باعوراء وقيل: باعر وقال آخرون: هو البسوس عابد من بني إسرائيل قالوا: كانت له ثلاث دعوات استفذهن على ما ذكروه في امرأة والله أعلم أكان ذلك أم لا؟ وقال قوم: هو أمية بن أبي الصلت وقال قوم: نزلت في راهب بن صيفي وقال قوم: إنها نزلت مثلا في اليهود والنصارى وكل من آتاه الله من آياته وعلمه كتابه فانسلخ من ذلك فهو المعنى بهذا ثم اختلفوا في القصص عن هؤلاء المذكورين وأنا ذاكر طرفا من قصص أمية بن الصلت لقرب طريقه وتارك ذكر قصص ما قص في شأن أولئك لبعد الطريق وتعذر الوقوف على صحته وسقمه ... .فذكر طرفا وذكر شعرا كثيرا له في التوحيد. (¬4) والعجيب أنه عندما أتى على قصة موسى والخضر اختصرها اختصارا شديدا ولم يتعرض لا لماهية الخضر ولا لحقيقة العلم اللدني الذي كان من المتوقع إسهابه فيه ولم يزد عن ذكر القصة مختصرة وبدأها بقوله: العلم اللدني هو خاص الخاص من العلم ولما سأله الصحبة وأعلمه سبب رحلته إليه قال ياموسى أنت على علم ملكه الله لا أعلمه أنا وأنا على علم علمنيه الله لا تعلمه أنت ... .الخ ومما ذكره قبل سوقه للآيات عن سبب القصة قوله: رأى - صلى الله عليه وسلم - أنه أوتي العلم دون أهل الأرض إذ لم يعلم في الأرض رسولا غيره فأراد الله أن يكشف له عن علم هو أرفع من علم الرسالة التي هي للبشر فأعلمه بصاحبه. (¬5) وأما الإسرائيليات فقد انفرد برأي غريب بالنسبة لهاروت وماروت فقال: وكان الغالب ما أنزل عليهما ما هو من سبيل علم الأسماء وما يقتضيه وما يكون دواء من السحر وعلى الأقرب فالأقرب من معانيها وخاصة كل اسم منها في منافعه ... . إلى أن قال: وكلاهما من عند الله جل وعز ومن ¬

(¬1) النساء: 43. (¬2) 176 / أ. (¬3) الأعراف: 175. (¬4) 265 / ب، 266 / أ. (¬5) 418 / ب.

رسله وملائكته لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون فافهم مرسل الله من فضله ... .. فكانا عليهما السلام لأجل ذلك يقولا للمتعلمين منهما إنما نحن فتنة فلا تكفر أي لا تزغ ولا تعدل عن الطريق فيعدل بك ... فمن آمن منهم واتقى الله أعلم رقية العلم ونال ذروة شرفه ونجا من الفتنة ووصف الله عز وجل المتعلمين منهم على السبل المذمومة أنهم إنما كانوا يتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه بدل الذي يوجب الألفة وكرم الوداد في الله ثم ما يتبع ذلك لا محالة مما يضاده ... .الخ (¬1) وأما اللغويات: فربما تعرض لشرح المفردات مثل قوله: الهداية: التسديد والإرشاد وإتمام النعمة على المهدي. (¬2) ويتعرض للقراءات أحيانا مثل قوله: قرئ الحمد لله بالنصب على المصدر والحمد لله بضم الدال واللام على الاتباع وبالكسر أيضا. فذكر القراءات المتواتر منها والشاذ عن جعفر الصادق وثابت البناني وأيوب السختياني والمخالف منها لرسم المصحف. كما ذكر القراءات في الملكين في قوله {على الملكين ببابل} (¬3) وذكر القراءات في {ماننسخ من آية أو ننسها} (¬4) ونذكر هنا مثالا لأسلوبه في معالجة الآيات الفقهية يقول: قوله تعالى: {كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ...} (¬5) إلى آخر المعنى أعلم الله جل ذكره عباده بكتب الصيام عليهم مجملا لا يدري من لفظ الصيام ماهو قدره إلا ما قال الله {كما كتب على الذين من قبلكم} (¬6) فتوجه على المسلمين أن يصوموا صيام من كان قبلهم فكانوا يصومون ويفطرون قبل غروب الشمس كصيام أهل الإنجيل فبين الله جل جلاله هذا المجمل بقوله ثم أتموا الصيام إلى الليل وكانوا يصومون إذا أفطروا فرفع أحدهم يده عن الطعام أو نام عنه لم يرجع إليه إلى مثلها فضر ذلك بعضهم فبين الله جل جلاله بقوله وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر وكانوا لا يمسون النساء ولا يجامعوهن في الصيام ¬

(¬1) 62 / أ، ب. (¬2) 16 / أ. (¬3) البقرة: 102. (¬4) البقرة: 106. (¬5) البقرة: 183. (¬6) البقرة: 183.

وكانوا مع ذلك يتهافتون فيه ويحرجهم ذلك فبين الله جل ذكره ذلك بقوله {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم ...} (¬1) إلى أن قال: وليس من القرآن في هذا كله شيء منسوخ ... .ثم قال {ومن كان مريضا أو على سفر} (¬2) فعليه أن يصوم عدة ما أفطر أياما أخر من غيره وفي الخطاب {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين} (¬3) فوجب على المريض والمسافر عدة أيام أخر وبقي على المطيقين وهي الحامل إذا خافت على ما في بطنها أفطرت وأطعمت وإن كانت هي مطيقة للصوم وكذلك المرضع إذا خافت على رضيعها أفطرت وأطعمت وأما الهرماء والزمنى الذين لا ترجى صحتهم فهم يطعمون ولا يكلفون صوما لعذرهم الدائم وفيه فمن تطوع خيرا ... .الخ (¬4) {أحل لكم} قال: وقد تقدم ذكر هذه الثلاثة الأحوال أنها نسخت بالقرآن العزيز فالمنسوخ بالقرآن هو شرع من كان قبلنا وكتابهم كما قال تعالى {كتب عليكم ... .قبلكم} فكان ذلك شيء للكتاب المتقدم لا نسخا للقرآن. (¬5) وقد تكلم عن النسخ عند قوله تعالى: {ماننسخ من آية ...} (¬6) ومما قاله: وماورد في القرآن العزيز من ناسخ ومنسوخ فمعلوم وهو قليل قد يسر الله جل ذكره ناسخه عند منسوخه كنسخ الصدقة عند مناجاة الرسول بالآية التي أعقبها بها ... .. فذكرها ثم بين أن ذلك ليس نسخا وإنما إنساء. وقد ظهر أنه يرجح عدم وجود النسخ في القرآن وفسر الآية تفسيرا جديدا وربطها بقصة هاروت وماروت فقال: وإن كان الكلام في نسخ القرآن ما أنزل على الملكين عليهما السلام فتقديره {ما ننسخ من آية} مما أنزل عليهما {نأت بخير منها} أي أعظم مثوبة وأبعد من الفتنة وأقرب إلى السلامة. (¬7) هذا عرض شبه تفصيلي لمنهج المفسر وهو يشم منه الانحراف عن الجادة وننقل هنا بعض النقول التي تتحدث عن نفسها في بيان انحراف هذا ¬

(¬1) البقرة: 187. (¬2) البقرة: 185. (¬3) البقرة: 184. (¬4) 104 / أ، ب. (¬5) 106 / أ. (¬6) البقرة: 106. (¬7) 64 / ب.

التفسير فمن ذلك: ذكر كلاما كثيرا به تخليط وتخبيط يشتمل على أحاديث كثيرة صحيحة وآيات قرآنية بعضها في محلها وبعضها ليس في محلها ليقرر أن الفاتحة سبعة فصول تنفصل هذه السبعة فصول إلى مائة فصل عدد أسمائه جل ذكره وعددها عدد درجات الجنة عنها انفصل العلم كله وإليها رجع. قال: وهذه الفصول الأربعة للقرآن شبيهة بالفصول السبعة للأسماء وقد تقدم ذكرها في شرح الأسماء (يعني كتابه الذي ألفه في شرح الأسماء الحسنى) وهي أيضا شبيهة بالأيام السنة سابعها يوم الجمعة وهو جامعها وموضع فريدها، عنه انفصلت وإليه ترجع على نحو ما تقدم من العبرة في اسم الشهيد وهذه الفصول السبعة وما تفصلت إليه ترجع كلها إلى فصلين فصل الإلهية وفصل النبوة ويرجعان معا إلى فصل الإلهية، الأعلى ينتظم الأسفل. (¬1) ثم يقول: إنباه إياي أعني ونفسي أخاطب أين يذهب بك أيها اللاعب المتلاهي والبطال المتغافل أغفلت حظك ولهيت عن فوزك رب العالمين الرحمن الرحيم ذو العرش العظيم يذكرك ويثني كلامه على تلاوتك ... .. إلى أن قال: إنا لله وإنا إليه راجعون وعند الله نحتسب غفلة التخلف {وكأين من آية في السموات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون، وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون، أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله} (¬2) {إن ربنا لغفور شكور}. (¬3) وقال في تفسير كلمة {الرحيم} (¬4) فصل: كان الله جل جلاله ولا شيء قبله ولا موجود سواه ولما كتب في الذكر كل شيء ثم أوجد أوائل ما كتبه فكان ذلك ثناء لفردانيته ثم استوى على العرش فحمد كل شيء باستوائه على العرش إذ حيي باستوائه ذلك العبد الكلي واستوى أي كمل وتم كما شاءه المستوي العلي الكبير فهو جل ذكره لا يعزب عنه من موجودات عبده الكلي والجزئي مثقال ذرة في العلو ولا في المنتهى ولا ماهو أصغر من ذلك ولا أكبر فكان مقتضى اسمه الرحمن شامل للجملة ومقتضى اسمه الرحيم عام للمطيعين. (¬5) ¬

(¬1) 12 / ب. (¬2) يوسف: 105 - 107. (¬3) 14 / ب، فاطر: 34. (¬4) الفاتحة: 3. (¬5) 15 / ب.

ويقول في {إياك نعبد} (¬1) وهي كلمة مركبة من أربعة أحرف هن حروف المعرفة الهمزة والباء والألف والكاف والهمزة صادرة من ذات المخاطب إلى الكاف التي هي لمواجهة المخاطب والياء والألف سبيل إلى ذلك وعماد له أشار بها السر المخاطب بالاخلاص للعبادة على حكم التوحيد المحض .. الخ. ويقول: {الم} (¬2) ثلاثة حروف مرسومة ظاهرة وأربعة رءوس وستة توالي دخلت لضرورة النطق بالرءوس المرسومة الرءوس ولما كانت الهمزة إنما دخلت لضرورة النطق بالألف لحقت بالتوالي إذا سبعة والمرسومة ثلاثة فهي عشرة كانت هذه التوالي ... إلى أن قال: فصل فالهمزة يعطي معناها هاهنا كلما ما أفهمته من معنى وما أعلمته من معلوم وكذلك الألف وكذلك اللام إذ هي أوائل المعاني في كل ما دخلت عليه كل صحيح معتبر ... .. الخ (¬3) فذكر في الحروف حوالي خمس صفحات: قال فيها: وعلى هذا السبيل تأولها حبر العرب عبد الله بن عباس - رضي الله عنه - حيث قال: {الم} أنا الله أعلم، {الر} (¬4) أنا الله أعلم وأرى. ولإمعانه في العلم بالحروف لما سئل عن تفسير قوله جل وعز {كهيعص} (¬5) قال: لو أخبرتكم بتفسيرها لكفرتموني وفي أخرى لكفرتم أي بتكذيبكم الحق. وقال: وأما دلالة الميم المتأخرة الموجودة في حرف لام وحرف الميم فنقول هو الله لا إله إلاهو الحليم الحكيم ... .الماضي والمضاء والمتمادي والأمر النافذ والتدبير المبرم هكذا ويدخل في الاعتبار والأحكام والقصص ... .الخ (¬6) ورجع للحروف مرة أخرى بعد أن تكلم عن نزول القرآن على سبعة أحرف. وعقد عدة فصول تحت قوله {الذين يؤمنون بالغيب} (¬7) قال في بعضها: ومصداق هذا قول الله عز وجل {ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا} (¬8) وأخبر جل جلاله أن ذلك من أمره أنزله إلينا وأعظم اليسر ما يفتحه الله عز وجل ¬

(¬1) الفاتحة: 5. (¬2) البقرة: 1. (¬3) 17 / أ. (¬4) يونس: 1. (¬5) مريم: 2. (¬6) 18 / أ. (¬7) البقرة: 3. (¬8) الطلاق: 4.

على بواطن المتقين وينزله عليهم من فتوحاته وإلهامه ... .الخ (¬1) قال: ثم درجة أخرى منها تترقى إليها إن سمت بك همة وهي ستة معالم احتوت على معارف أحكام الملكوت التي أطلع الله جل ثناؤه عليها خصوص عباده وكلفهم تعلم علمها ... الخ (¬2) فذكر قرابة عشرين صفحة في الغيب. وعندما مر بقوله تعالى {إن الصفا والمروة} (¬3) تركه ومضى ولم يفسره إلى أن جاء قوله تعالى {إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار} (¬4) فأسهب فيه فذكر قرابة اثنتين وخمسين صفحة (¬5) وتكلم عن الفلك والظواهر الكونية فأطال جدا. وقال في قوله تعالى: {ولكم في القصاص حياة} (¬6) أحد وجهي الخطاب معناه وهو الأظهر إرادة التشديد والزجر في حرمة للدماء بقتل القاتل من كان وهو الحق والصواب والحكمة. والوجه الثاني وهو الأظهر في آخر الآية: القصاص من الأنفس قوله {لعلكم تتقون} إنه القصاص من الأنفس وتلك سنة أولي الألباب من كانت ذنوبه بكثرة الضحك يقاص منها بكثرة البكاء ومن سهر في البطالة فليسهر في العبادة والاجتهاد ... الخ (¬7) ¬

(¬1) 26 / أ. (¬2) 27 / ب. (¬3) البقرة: 158. (¬4) آل عمران: 190. (¬5) 72 / أ - 98 / ب. (¬6) البقرة: 179. (¬7) 103 / ب.

تفسير ابن عربي الصوفي من خلال التفسير المنسوب إليه وكتابيه فصوص الحكم والفتوحات المكية

تفسير ابن عربي الصوفي من خلال التفسير المنسوب إليه وكتابيه فصوص الحكم والفتوحات المكية مؤلف هذا التفسير هو محيي الدين محمد بن علي بن محمد ابن عربي الحاتمي الأندلسي الصوفي ت 638 هـ وهو من الوافدين على المنطقة، دخل سبتة وبجاية وغيرهما (¬1). التعريف بالتفسير: وتفسيره المنسوب إليه تفسير باطني صوفي اتحادي فلسفي لا علاقة له بالتفسير، وهو تفسير مطبوع باسم تفسير القرآن الكريم لابن عربي ويقع في مجلدين من منشورات دار اليقظة العربية للتأليف والترجمة والنشر ط. 1 بيروت 1387 هـ ويؤيد اتجاهه فيه النقول التفسيرية التي سوف نذكرها من الفصوص والفتوحات المكية، وكلاهما له بلا جدال. المنهج العام للتفسير: بذكر المصنف في هذا التفسير مجموعة من الآبات يقوم بتفسيرها بناء على فكرة وحدة الوجود وكل همه منصب على تقرير تلك الفكرة الإلحادية التي ليست بمعزل عن منهج ابن عربي العام، لذا فإن الطعن في نسبة الكتاب له لا أرى لها وحها حيث إن المنهج واحد والأفكار متشابهة. وربما ذكر حديثا أو تعرض لشيء من اللغوبات وأبيات الشعر. وأنقل هنا نصا من الفتوحات قرر فيه ابن عربي عقيدته ومنها يكون الانطلاق للحديث ¬

(¬1) تقدمت ترجمته في الوافدين برقم 81.

عن النصوص التفسيرية: يقول: فقلنا: العزة الإنسانية كالحضرة الإلهية لا بل هي عينها. (¬1) وبعد أن ذكر عقيدة تقارب عقيدة المسلمين وأشهد على نفسه باعتقادها قال: فهذه عقيدة العوام من أهل الإسلام أهل التقليد وأهل النظر ... . ثم أتلوها إن شاء الله بعقيدة الناشية الشادية ... ثم أتلوها بعقيدة خواص الله من أهل طريق الله - من المحققين - أهل الكشف والوجود ... .. وأما التصريح بعقيدة الخلاصة فما أفردتها على التعيين لما فيها من الغموض ... فمن رزقه الله الفهم فيها يعرف أمرها ... فإنها العلم الحق والقول الصدق ... ويستوي فيها البصير والأعمى تلحق الأباعد بالأداني وتلحم الأسافل بالأعالي والله الموفق لا رب سواه. (¬2) وكما سبق في شبيهه النعمان بن حيون الباطني أقول هنا فلندع النصوص تحدث عن نفسها: في الفتوحات يقول في قوله تعالى: {مرج البحرين يلتقيان ... .فبأي آلاء ربكما تكذبان} (¬3): هل بالبحر الذي أوصله به فأفناه عن الأعيان؟ أو بالبحر الذي فصله عنه وسماه بالأكوان؟ أو بالبرزخ الذي استوى عليه الرحمن؟ {فبأي آلاء ربكما تكذبان} يخرج من بحر الأزل اللؤلؤ، ومن بحر الأبد المرجان، {فبأي آلاء ربكما تكذبان} {وله الجوار} (¬4) الروحانية {المنشئات} من الحقائق الأسمائية {في البحر} الذاتي الأقدسي {كالأعلام فبأي آلاء ربكما تكذبان} (¬5) ... يسأله العالم العلوي على علوه وقدسه والعالم السفلي على نزوله ونجسه كل خطرة في شأن ... .. الخ ويقول: فهكذا لو اعتبر القرآن لما اختلف اثنان ولا ظهر خصمان ولا تناطح عنزان فتدبروا آياتكم ولا تخرجوا عن ذاتكم ... . (¬6). ويقول: واعلموا أن بسملة سورة براءة هي التي في سورة النمل فإن الحق سبحانه وتعالى إذا وهب شيئا لم يرجع فيه ولا يرده إلى العدم فلما خرجت ¬

(¬1) الفتوحات1/ 241. (¬2) الفتوحات1/ 173. (¬3) الرحمن: 19 - 21. (¬4) الرحمن: 24. (¬5) الرحمن 24 - 25. (¬6) 1/ 271 - 272.

رحمة براءة وهي البسملة حكم التبري من أهلها برفع الرحمة عنه فوقف الملك بها لا يدري أين يضعها فقال تعالى أعطوا هذه البسملة للبهائم التي آمنت بسليمان ... . الخ (¬1) ويقول تحت فصل بدو العالم ومناله الهباء والحقيقة المحمدية: فلما أراد تعالى وجود العالم وبدأه على حد ما علمه بعلمه بنفسه انفعل عن تلك الإرادة المقدسة بضرب تجل من تجليات التنزيه إلى الحقيقة الكلية نقول انفعل عنها حقيقة تسمى الهباء ... .. وهذا أول موجود في العالم وقد ذكره علي بن أبي طالب رضي الله عنه وسهل بن عبد الله التستري رحمه الله وغيرهما من أهل التحقيق أهل الكشف والوجود ثم إنه سبحانه تجلى بنوره إلى ذلك الهباء ... . أصحاب الأفكار الهيلولي الكلي ... .. قال تعالى {مثل نوره كمشكاة فيها مصباح} (¬2) فشبه نوره بالمصباح فلم يكن أقرب إليه تعالى قبولا في ذلك الهباء إلا حقيقة محمد - صلى الله عليه وسلم - ... . بالعقل فكان سيد العالم بأسره وأول ظاهر في الوجود فكان وجوده من ذلك النور الإلهي ومن الهباء والحقيقة الكلية وفي الهباء وجد عينه وعين العالم من تجليه وأقرب الناس إليه علي بن أبي طالب وأسرار الأنبياء. (¬3) ومن تفسيره ننقل هذه المقاطع: قال: {إن الله لا يغفر أن يشرك به} (¬4) إشارة إلى أن الشقاوة العلمية الاعتقادية مخلدة لا تتدارك أبدا دون العملية أي لايستر بوجوده ولا يفنى بذاته من يثبت غيره في الوجود (¬5). قال: {ولو أنا كتبنا عليهم} (¬6) أي فرضنا عليهم {أن اقتلوا أنفسكم} بقمع الهوى الذي هو حياتها وإفناء صفاتها {أو اخرجوا من دياركم} مقاماتكم التي هي الصبر والتوكل والرضا وأمثالها لكونها حاجبة عن التوحيد كما قال الحسين بن منصور قدس الله روحه لإبراهيم بن أدهم رحمه الله لما سأله عن حاله وأجابه بقوله: أدور في الصحاري وأطوف في البراري حيث لا ماء ولا شجر ولا روض ولا مطر هل يصح حالي في التوكل أم لا؟ فقال: إذا ¬

(¬1) 1/ 355. (¬2) النور: 35. (¬3) 2/ 226 - 227. (¬4) النساء: 48. (¬5) 1/ 264. (¬6) النساء: 66.

أفنيت عمرك في عمران بطنك فأين الفناء في التوحيد (¬1). قال: {وإذا ضربتم في الأرض ... ..} (¬2) وإذا سافرتم في أرض الاستعداد بالطريق العلمي لطلب اليقين فليس عليكم جناح أن تقصروا من الأعمال البدنية وأداء حقوق العبودية من الشكر والحضور لقوله عليه الصلاة والسلام "من أوتي حظه من اليقين فلا يبالي بما انتقص من صلاة وصوم" (¬3). وقال: {فآمنوا بالله ورسله} (¬4) بالجمع والتفصيل ولا تقولوا ثلاثة بزيادة الحياة والعلم على الذات فيكون الإله ثلاثة أشياء ويكون عيسى جزء من حياته بالنفخ أو بالتفرقة بين ذات الحق وعالم النور وعالم الظلمة ويكون عيسى متولدا من نوره بل قولوا بالكل من حيث هو كل فيكون العلم والحياة عن الذات وكذا عالم النور والظلمة ويكون عيسى فانيا غير موجودا بوجوده حيا بحياته عالما بعلمه وذلك وحدته الذاتية المعبر عنها بقوله {إنما الله إله واحد سبحانه} (¬5) نزهه أن يكون موجود غيره فيتولد منه وينفصل ويجانسه بأنه موجود مثله بل هو الموجود من حيث هو موجود (¬6). وقال: {لن تراني} (¬7) إشارة إلى استحالة الاثنينية وبقاء الإنية في مقام المشاهد كقوله إذا تغيبت بدا ... وإن بدا غيبني (¬8) وعند قوله تعالى {ولقد آتينا موسى الكتاب وقفينا من بعده بالرسل ... إلى قوله ... كأنهم لا يعلمون} (¬9) يقول: والظاهر أن جبرئيل هو العقل الفعال وميكائيل هو روح الفلك السادس وعقله المفيض للنفس الحيوانية الكلية الموكلة بالحيوانات وعزرائيل هو روح الفلك السابع الموكل بالأرواح الإنسانية كلها يقبضها بنفسه أو بالوسائط التي هي أعوانه ويسلمها إلى الله تعالى. (¬10) ¬

(¬1) 1/ 275. (¬2) النساء: 101. (¬3) 1/ 281. وهذا الحديث لم أقف له على أصل. (¬4) النساء: 171. (¬5) النساء: 171. (¬6) 1/ 301. (¬7) الأعراف: 143. (¬8) 1/ 449. (¬9) البقرة: 87. (¬10) 1/ 51.

قال: {ق:} (¬1) إشارة إلى القلب المحمدي الذي هو العرش الإلهي المحيط بالكل كما أن {ص:} (¬2) إشارة إلى صورته على مارمز إليه ابن عباس في قوله: {ص:} جبل بمكة كان عليه عرش الرحمن حيث لاليل ولا نهار. ولكونه عرش الرحمن قال: "قلب المؤمن عرش الله" (¬3). وقال: "لايسعني أرضي ولا سمائي ويسعني قلب عبدي المؤمن" (¬4). قال: {قل أعوذ برب الناس} (¬5) رب الناس هو الذات مع جمع الصفات لأن الانسان هو الكون الجامع الحاصر لجميع مراتب الوجود فربه الذي أوجده وأفاض عليه كماله هو الذات باعتبار جميع الأسماء بحسب البداية المعبر عنها بالله ولهذا قال تعالى {مامنعك أن تسجد لما خلقت بيدي} (¬6) بالمتقابلين من الصفات كاللطف والقهر والجمال والجلال الشاملين لجميعها (¬7) وهذه أمثلة لبعض نقوله الأثرية خلا ماتقدم في كلامه: قال: {واعتصموا بحبل الله جميعا} (¬8) ولهذا قال أمير المؤمنين عليه السلام: لا بد للناس من إمام بر أو فاجر. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من فارق الجماعة قيد شبر لم ير بحبوحة الجنة" (¬9). وقال: "الله مع الجماعة" (¬10). ولما نزل قوله تعالى {وأن هذا صراطي مستقيما ... . سبيله} (¬11) خط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطا فقال: "هذا سبيل الرشد " ثم خط عن يمينه وشماله خطوطا فقال: "هذه سبل الشيطان يدعوه إليه" (¬12) قال: عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال ¬

(¬1) ق: 1. (¬2) ص: 1. (¬3) موضوع. انظر الموضوعات للصغاني 1/ 70، كشف الخفا رقم 1886. (¬4) 2/ 526. والحديث المذكور لا أصل له. انظر: سلسلة الأحاديث التي لا أصل لها 1/ 3، وانظر أيضا أحاديث القصاص 1/ 1. (¬5) الناس: 1. (¬6) ص: 75. (¬7) 2/ 873. (¬8) آل عمران: 103. (¬9) أخرجه الترمذي - كتاب الفتن - باب ماجاء في لزوم الجماعة 4/ 465 عن عمر مرفوعا بلفظ: من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة. وقال: حسن صحيح غريب. (¬10) المرجع السابق عن ابن عباس مرفوعا بلفظ: يد الله مع الجماعة. وقال الترمذي: حسن غريب. (¬11) الأنعام: 153. (¬12) 1/ 208 والحديث أخرجه أحمد في مسنده رقم 4142، 4437 عن ابن مسعود مرفوعا بنحوه. وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح.

"أسست السموات السبع والأرضون السبع على قل هو الله أحد ". وهو معنى صمديته. (¬1) ومن مواضع ذكره للشعر قوله: لأن المتوكل على الله الصابر على بلائه المستعين به لا بغيره ظافر في طلبته ... .. الخ كما قال الشاعر من استعان بغير الله في طلب ... فإن ناصره عجز وخذلان (¬2) وقوله تحت قوله {وليمحص مافي قلوبكم} (¬3) وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيانا لفضله: "ماأوذي نبي مثل ما أوذيت" (¬4) ... ولقد أحسن من قال لله در النائبات فإنها ... صدأ اللئام وصيقل الأحرار وهذه النقول من الفصوص والفتوحات على نفس الأسلوب المتقدم في معالجة التفسير: يقول في قوله تعالى في شأن إدريس عليه السلام: {ورفعناه مكانا عليا} (¬5) وأعلى الأمكنة المكان الذي تدور عليه رحى عالم الأفلاك وهو فلك الشمس وفيه مقام روحانية إدريس وتحته سبعة أفلاك وفوقه سبعة أفلاك وهو الخامس عشر ثم ذكر الأفلاك التي تحته والتي فوقه ثم قال: وأما علو المكانة فهو لنا أعنى المحمديين كما قال تعالى: {وأنتم الأعلون والله معكم} (¬6) في هذا العلو وهو يتعالى عن المكان لا عن المكانة. ويقول في قوله تعالى {ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه} (¬7): وقوله عند ربه العامل في الظرف في طريقنا، قوله ومن يعظم أي من يعظمها عند ربه، أي في ذلك الموطن كان خيرا له ... والمؤمن إذا نام على طهارة فروحه عند ربه، فيعظم هناك حرمة الله، فيكون الخير الذي له في مثل هذا الموطن المبشرة التي تحصل له في نومه أو يراها له غيره. والمواطن ¬

(¬1) 2/ 871 والحديث لايصح انظر: أسنى المطالب 1/ 186 وهو مروي عن كعب الأحبار من قوله بنحوه رواه عنه ابن جرير 30/ 347 وغيره (انظر الدر 6/ 465). (¬2) 1/ 216. (¬3) آل عمران: 154. (¬4) أخرجه ابن حبان في صحيحه - باب ذكر البيان بأن المصطفى قد أوذي ... 14/ 515 عن أنس بلفظ: لقد أوذيت في الله ومايؤذى أحد. (¬5) مريم: 57. (¬6) محمد: 35. (¬7) الحج: 30.

التي يكون العبد فيها عند ربه كثيرة فيعظم فيها حرمات الله على الشهود. (¬1) وفي قوله تعالى {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه} (¬2) يقول: فعلماء الرسوم يحملون لفظ قضى على الأمر، ونحن نحمله على الحكم كشفا ... . وهو الصحيح؛ فإنهم اعترفوا أنهم ما يعبدون هذه الأشياء إلا لتقربهم إلى الله زلفى، فأنزلهم منزلة النواب الظاهرة بصورة من استنابهم، وما ثم صورة إلا الألوهية فنسبوها إليهم. ولهذا يقضى الحق حوائجهم إذا توسلوا بها إليه غيرة منه على المقام أن يهتضم، وإن أخطأوا في النسبة فما أخطأوا في المقام، ولهذا قال: {إن هي إلا أسماء سميتموها} (¬3) أي أنتم قلتم عنها: إنها ألهة ... .. وإلا فسموهم، فلو سموهم لقالوا: هذا حجر، أو شجر، أو ما كان، فتتميز عندهم بالاسمية؛ إذ ما كل حجر عبد ولا اتحذ إلها، ولا كل شجر، ولا كل جسم منير، ولا كل حيوان. فلله الحجة البالغة عليهم بقوله: {قل سموهم} (¬4). وإنما الخطأ في إثبات الغير وهو القول بالشرك، فهذا القول بالعدم: لأن الشريك ليس ثم، وذلك لا يغفره الله، لأن الغفر الستر، ولا يستر إلا من له وجود، والشريك عدم فلا يستر ... فهي كلمة تحقيق {إن الله لا يغفر أن يشرك به} (¬5) لأنه لا يجده. فلو وجده لصح وكان للمغفرة عين تتعلق بها، وما في الوجود من يقبل الأضداد إلا العالم من حيث ما هو واحد، وفي هذا الواحد ظهرت الأضداد، وما هي إلا أحكام عين الممكنات في عين الوجود التي بظهورها علمت الأسماء الإلهية المتضادة وأمثالها. (¬6) وفي تفسيره لقوله تعالى {فادخلي في عبادي وادحلي جنتي} (¬7) يقول: وادخلي جنتي التي هي ستري وليست جنتي سواك فأنت تسترني بذاتك الإنسانية فلا أعرف إلا بك كما أنك لا تكون إلا بي فمن عرفك عرفني أنا لا أعرف فأنت لا تعرف، فإذا دخلت جنته دخلت نفسك فتعرف نفسك معرفة أخرى غير المعرفة التي عرفتها حين عرفت ربك بمعرفتك إياها فتكون صاحب معرفتين معرفة به من حيث أنت ومعرفة بك من حيث ¬

(¬1) الفتوحات 4/ 115. (¬2) الإسراء: 23. (¬3) النجم 23. (¬4) الرعد: 33. (¬5) النساء: 48. (¬6) الفتوحات 3/ 117. (¬7) الفجر: 29، 30.

هو لا من حيث أنت، فأنت عبد أنت رب، وأنت رب لمن فيه أنت عبد، وأنت رب وأنت عبد لمن في الخطاب عهد ... الخ (¬1) ونختم تلك النقول بما ذكره في قوله تعالى {إن الذين كفروا سواء عليهم ءأنذرتهم أم لم تنذرهم ...} (¬2) يقول: يا محمد ... .. {إن الذين كفروا} ستروا محبتهم فيّ ... .دعهم فسواء عليهم ءأنذرتهم بوعيدك الذي أرسلتك به، أم لم تنذرهم لا يؤمنون بكلامك فإنهم لا يعقلون غيري، وأنت تنذرهم بخلقي وهم ما عقلوه ولا شاهدوه، وكيف يؤمنون بك وقد ختمت على قلوبهم فلم أجعل فيها متسعا لغيري، وعلى سمعهم فلا يسمعون كلاما في العالم إلا مني، وعلى أبصارهم غشاوة من بهائي عند مشاهدتي، فلا يبصرون سواي، ولهم عذاب عظيم عندي .. أردهم بعد هذا المشهد السنى إلى إنذارك وأحجبهم عني، كما فعلت بك بعد قاب قوسين أو أدنى قربا ... أنزلتك إلى من يكذبك، ويرد ما جئت به إليه مني في وجهك، وتسمع في ما يضيق له صدرك، فأين ذلك الشرح الذي شاهدته في إسرائك؟ فهكذا أمنائي على خلقي الذين أخفيتهم رضاي عنهم. (¬3) وهذا التفسير الذي ذهب إليه ابن عربي في فتوحاته قد خالفه في كتاب آخر سلك فيه منهج التفسير الظاهر وهو إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن وهو مخطوط منه نسخة مصورة على الميكروفيلم بالجامعة الإسلامية قد رجعت إليها وهي تقع في ثمانية أجزاء وخطها جميل واضح 158 ورقة تنتهي عند قوله {تلك الرسل ... .} (¬4) منقولة من أصل بخط المؤلف 1323 هـ فقال: قوله: {إن الذين كفروا} (¬5) - الآية يقول: بكل ماتقدم ذكره، الكافر هو الساتر للحق والساترون للحق على قسمين قسم يسترون الحق مع معرفتهم بأنه الحق فلا يمكن أن يستروه عن نفوسهم بل ستروه عن الغير بما يوردونه من الشبه المضلة والتشكيكات الصارفة عن ظهوره وهو قوله {يعرفونه كما يعرفون أبناءهم} (¬6) فهؤلاء جاحدون. والقسم ¬

(¬1) الفصوص1/ 191. (¬2) البقرة: 6. (¬3) الفتوحات 1/ 115. (¬4) البقرة: 253. (¬5) البقرة: 6. (¬6) البقرة: 146.

الآخر هو الذي ستر الحق عن نفسه بما ظهر له من الشبه فقامت له سترا بينه وبين الحق فيسمى أيضا بهذا كافرا لأنه ماوفى النظر حقه في الأدلة فالأول معاند والثاني مفرط قال الله لنبيه عليه السلام: {سواء عليهم} (¬1) ولم يقل: عليك، {ءأنذرتهم} يقول: خوفتهم وأعلمتهم بأسباب السعادة والشقاء {أم لم تنذرهم} يقول: أو سكت عنهم {لا يؤمنون} يقول: لا يصدقون إما عنادا وجحدا وإما جهالة ... . الخ (¬2) ويبدو أن الرجل متخبط أو متظاهر بموافقة أهل العلم في التفسير بالظاهر وقت الاحتياج إلى ذلك، ويكتب مايكتب من القول بالباطن لمن هو على شاكلته وقد قدمت في ترجمته مايمكن أن يبرر له ذلك فقد كان علماء مصر قد أفتوا بإراقة دمه ولم ينج إلا بصعوبة. ¬

(¬1) البقرة: 6. (¬2) 12 / أ.

تفسير ابن عجيبة الصوفي من خلال كتابه البحر المديد

تفسير ابن عجيبة الصوفي من خلال كتابه البحر المديد مؤلف هذا التفسير هو أبو العباس أحمد بن محمد بن المهدي ابن عجيبة الأنجري الصوفي الفاسي ت 1224 هـ من أهل المنطقة وتوفي ببلدته أنجرة (¬1). التعريف بالتفسير: وتفسيره هذا المسمى "البحر المديد في تفسير القرآن المجيد" من التفاسير المخطوطة وقد طبع قديما بدار الثناء للطباعة بمصر سنة 1373 هـ جزء من أوله ينتهي عند قوله تعالى {إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب} (¬2) والكتاب تحت الطبع الآن في دار الكتب المصرية. وقد اعتمدت في هذه الدراسة الجزء المطبوع. المنهج العام للتفسير: وتفسير البحر المديد تفسير صوفي إشاري لايغفل التفسير بالظاهر وطريقة مؤلفه فيه أنه يقسم السورة إلى مقاطع ثم يقوم بتفسير كل مقطع حسب مايقنضيه الظاهر ويتبع ذلك بالنفسير الإشاري. وقد ذكرت في ترجمة المصنف السبب الباعث له على تأليف هذا التفسير، ومما قاله في مقدمته: فإن علم تفسير القرآن من أجل العلوم، وأفضل ما ينفق فيه نتائج الأفكار وقرائح الفهوم ولكن لايتقدم لهذا الخطر الكبير إلا العالم النحرير، الذي رسخت أقدامه في العلوم الظاهره عربية وتصريفا، ولغة وبيانا وفقها وحديثا وتاريخا يكون أخذ ذلك من أفواه الرجال ثم غاص في علوم التصوف ذوقًا وحالا ¬

(¬1) تقدمت ترجمته في أهل المنطقة برقم 38. (¬2) آل عمران: 190.

ومقالا، بصحبة أهل الأذواق من أهل الكمال، وإلا فسكوته عن هذا الأمر العظيم أسلم، واشتغاله بما يقدر عليه من علم الشريعة الظاهرة أتم، واعلم أن القرآن العظيم له ظاهر لأهل الظاهر وباطن من لأهل الباطن، وتفسير أهل الباطن لا يذوقه إلا أهل الباطن، ولا يفهمه غيرهم ولا يذوقه سواهم، ولا يصح ذكره إلا بعد تقدير الظاهر ثم يشير إلى علم الباطن بعبارة رقيقه وإشارة دقيقة، فمن لم يبلغ فهمه لذوق تلك الأسرار، فليسلم ولا يبادر بالإنكار، فإن علم الأذواق من وراء طور العقول، ولا يدرك بتواتر النقول. قال في لطائف المنن: اعلم أن تفسير هذه الطائفة - يعنى الصوفية - لكلام الله وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم - بالمعاني الغريبة ليس إحالة للظاهر عن ظاهره ولكن ظاهر الآية مفهوم منه ما جاءت الآية له عليه في حرف اللسان وثم أفهام باطنه تفهم من الآية والحديث لمن فتح الله قلبه. وقد جاء أنه عليه السلام قال: لكل آيه ظاهر وباطن، وحد ومطلع - فلا يصدنك عن تلقى المعاني الغربية منهم أن يقول لك ذو جدل ومعارضة: هذا إحالة لكلام الله عز وجل وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم - فليس ذلك بإحالة وإنما يكون إحالة لكلام الله لو قالوا لا معنى للآية إلا هذا، وهم لا يقولون ذلك، بل يقرون الظواهر على ظواهرها ومراداتها وموضوعاتها ويفهمون عن الله ماأفهمهم. (¬1) وهو ينقل في هذا التفسير عن أساتذة التصوف ومشاهيره مثل أبي العباس المرسي (¬2) والقشيري (¬3) وأبي الحسن النوري (¬4)، وابن الفارض ويقول - رضي الله عنه - (¬5)، والحلاج ويقول - رضي الله عنه - (¬6)، وأبي يزيد البسطامي (¬7)، وشيخ المشايخ القطب الجيلاني (¬8)، وأبي الحسن الشاذلي (¬9)، ومحي الدين ابن عربي (¬10)، والجنيد (¬11)، وذي النون (¬12)، وابن الفارض (¬13)، ورابعة العدوية (¬14)، ¬

(¬1) ص: 4 - 5. (¬2) ص: 12، 14، 23، 53، 91. (¬3) ص: 12، 18، 36، 75، 112، 116. (¬4) ص: 38، 41، 54. (¬5) ص: 51. (¬6) ص: 53. (¬7) ص: 56. (¬8) ص: 56. (¬9) ص: 78، 92، 133. (¬10) ص: 85. (¬11) ص: 10، 85. (¬12) ص: 90. (¬13) ص: 132. (¬14) ص: 133.

المنهج التفصيلي للمؤلف

والحارث المحاسبي (¬1)، ابن أبي مدين (¬2)، صاحب الحكم العطائية (¬3)، الششتري (¬4)، وغيرهم. ومن المصادر التي يحيل عليها من التفاسير تفسير الفاتحة الكبير له (¬5) وينقل عن الرازي (¬6)، والبيضاوي (¬7) والواحدي والإقليشي (¬8) وابن جزي (¬9)، والمحشي الفاسي (¬10)، والزمخشري (¬11)، وابن عطية (¬12)، والثعلبي (¬13)، والسيوطي (¬14). كما ينقل عن الغزالي (¬15)، وابن البنا (¬16)، وغيرهما المنهج التفصيلي للمؤلف: أولا: أسماء السور وعدد الآيات والوقوف وبيان المناسبات: يتعرض ابن عجيبة لعد الآي قوله: قال سيدنا علي كرم الله وجهه: أول سورة نزلت بالمدينة سورة البقرة، وفيها ستة آلاف ومائة وإحدى وعشرون كلمة، ومائتان وستة وثمانون آية، وقيل سبع وثمانون. (¬17) وقد ذكر أسماء الفاتحة وعدد الآيات عند الشافعي ومالك. وهو يحاول الربط بين الآيات بمناسبات مختصرة مثل قوله: ولما أراد الله تعالى أن يتكلم على الحج قدم الكلام على الأحوال لأنها سبب في وجوبه والوصول إليه. (¬18) وقال: ولما أراد الحق تعالى أن يتكلم عن أحكام الحج قدم الكلام على الهلال لأنه معتبر في الحج أداء وقضاء (¬19) ¬

(¬1) ص: 134. (¬2) 18، 175. (¬3) ص: 23. (¬4) ص: 137. (¬5) ص: 5، 6. (¬6) ص: 8. (¬7) ص: 8، 11، 97، 110، 115، 118، 137. (¬8) ص: 6. (¬9) ص: 7، 12، 127. (¬10) ص: 112. (¬11) ص: 152. (¬12) ص: 157، 177. (¬13) ص: 152. (¬14) ص: 153. (¬15) ص: 7. (¬16) ص: 68. (¬17) ص: 20. (¬18) ص: 154. (¬19) ص: 155.

ثانيا: موقفه من العقيدة

ثانيا: موقفه من العقيدة: هذا هو الباب الأساسي في زيغ هذا التفسير فانظر مثلا إلى قوله في حديثه عن الفاتحة: حمد نفسه بنفسه، ومجد نفسه بنفسه، وعظم نفسه بنفسه، ووحد نفسه بنفسه، ولله در السعدوى حيث قال: ما وحد الواحد من واحد إذ كل من وحده جاحد توحيد من ينطق عن نعته عارية أبطلها الواحد توحيده إياه توحيده ونعت من ينعته لاحد فقال في تمجيد نفسه بنفسه مترجما نفسه بنفسه: {الحمد لله رب العالمين} (¬1). (¬2) وهذا انحراف عقدي خطير إن لم يكن كفرا والعياذ بالله لأن "ما" النافية مع "من" تفيد الاستغراق وتنكير لفظة "واحد" تدل على شمول ذلك للرسل صلوات الله عليهم وهم قد وحدوا الله حق توحيده. أما توحيد هؤلاء فلاشك أن الرسل لم يوحدوا به الله لأنه عين الشرك وقد قال تعالى {ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين بل الله فاعبد وكن من الشاكرين} (¬3) وقال تعالى عن رسله {أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده} (¬4) وقال أيضا مما يوحي بتأثره بوحدة الوجود وهو مايظهر كثيرا في كلامه وإن خالفه غيره: لا عبرة بظواهر الأشياء وإنما العبرة بالسر المكنون وليس ذلك إلا بظهور الحق وارتفاع عطاياه، وزوارل أستاره وخفاياه، فإذا تحقق ذلك التجلى والظهور، استولى على الأشياء الفناء والدثور، وانقشعت الظلمات بإشراق النور، فهناك يبدو عين اليقين، ويحق الحق المبين، وعند ذلك تبطل دعوى المدعين، كما يفهم العامة بطلان ذلك يوم الدين، حين يكون الملك لله رب العالمين. وليت شعرى أي وقت كان الملك لسواه حتى يقع التقييد {الملك يومئذ لله} (¬5) وقوله: {والأمر يومئذ لله} (¬6) لولا الدعاوي العريضة من القلوب المريضة. (¬7) ويقول: الطريق المستقيم الذي أمرنا الحق بطلبه، هو طريق الوصول إلى ¬

(¬1) الفاتحة: 2. (¬2) ص: 10. (¬3) الزمر: 65 - 66. (¬4) الأنعام: 90. (¬5) الحج: 56. (¬6) الإنفطار: 19. (¬7) ص: 10.

الحضرة، التي هي العلم بالله على نعت الشهود والعيان، وهو مقام التوحيد الخاص الذي هو أعلى درجات في التوحيد، وليس فوقه إلا مقام توحيد الأنبياء والرسل، ولابد فيه من تربية على يد شيخ كامل عارف بطريقة السير، قد سلك المقامات تذوقا وكشفا، وجاز مقام الفناء والبقاء، وجمع بين الجذب والسلوك، لأن الطريق عويص، قليل خطاره، كثير قطاعه، وشيطان هذه الطريق فقيه بمقاماته ونوازله، فلا بد فيه من دليل وإلا ضل سالكه عن سواء السبيل. (¬1) أقول: والحمد لله الدليل هو كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، والصراط الذي أمرنا بطلبه هو صراط النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، لا الأقطاب والأغواث والمجاذيب!!! ويقول: ثم افتتح السورة برموز رمز بها بينه وبين حبيبه فقال: {الم} (¬2) وقد حارت العقول في رموز الحكماء، فكيف بالأنبياء؟ فكيف بالمرسلين؟ فكيف بسيد المرسلين؟ فكيف يطمع أحد في إدراك حقائق رموز رب العالمين؟ قال الصديق رضي الله عنه: في كل كتاب سر وسر القرآن فواتح السور أ. هـ فمعرفة أسرار هذه الحروف لا يقف عليها إلا الصفوة من أكابر الأولياء، وكل واحد يلمع له على قدر صفاء شربه. قال: قلت: والأظهر أنه حروف تشير للعوالم الثلاثة: فالألف لوحدة الذات في عالم الجبروت، واللام لظهور أسرارها في عالم الملكوت، والميم لسريان أمدادها في عالم الرحموت، والصاد لظهور تصرفها في عالم الملك وكل حرف من هذه الرموز يدل على ظهور أثر تصرف الذات في عالم الشهادة فالألف يشير إلى سريان الوحدة في مظاهر الكوان، واللام يشير إلى فيضان أنوار الملكوت من بحر الجبروت، والميم يشير والميم يشير إلى تصرف الملك في عالم الملك. قال جعفر الصادق: لقد تجلى الله تعالى لخلقه في كلامه ولكن لا يشعرون. وقال أيضا وقد سألوه عن حالة لحقته في الصلاة حتى خر مغشيا ¬

(¬1) ص: 17. (¬2) البقرة: 1.

عليه، فلما سرى عنه قيل له في ذلك فقال: مازلت أردد الآية على قلبي حتى سمعتها من المتكلم بها فلم يثبت جسمي لمعاينة قدرته أ. هـ فدرجات القراءة ثلاث: أدناها: أن يقرأ العبد كأنه يقرأ على الله تعالى واقفا بين يديه، وهو ناظر له ومستمع منه فيكون حاله السؤال والتملق والتضرع والابتهال، والثانية: أن يشهد بقلبه كأن الله تعالى يخاطبه بألفاظه، ويناجيه بإنعامه وإحسانه، فمقامه الحياء والتعظيم والإصغاء والفهم، والثالثة: أن يرى في كلام المتكلم، فلا ينظر إلى نفسه ولا إلى قراءته، بل يكون فانيا عن نفسه، غائبا في شهود ربه، لم يبق له عن نفسه إخبار، ولا مع الله غير قرار. فالأولى لأهل الفناء في الأفعال، والثانية في أهل الفناء في الصفات، والثالثة لأهل الفناء في الذات، رضي الله تعالى عنهم، وحشرنا على مناجيهم، آمين. فلا ترضى بغير الله حبا ... وكن أبدا بعشق واشتياق ترى الأمر المغيب ذا عيان ... وتحظى بالوصول وبالتلاقي يامن غرق في بحر الذات وتيار الصفات، ذلك الكتاب الذي تسمعه من أنوار ملوكتنا وأسرار جبروتنا، لا ريب فيه أنه من عندنا، فلا تسمعه من غيرنا {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه} (¬1) فهو هاد لشهود ذاتنا، ومرشد للوصول إلى حضرتنا لمن اتقى شهود غيرنا، وغرق في بحر وحدتنا. (¬2) ويقول: وقيل لأبي الحسن النوري: ماهذه الأماكن والمخلوقات الظاهرة؟ فقال: عز ظاهر، وملك قاهر، ومخلوقات ظاهرة به، وصادرة عنه، لا هي متصلة به، ولا منفصلة عنه، فرغ من الأشياء ولم تفرغ منه، لأنها تحتاج إليه وهو لا يحتاج إليها. كيف تنكرون ظهور نور الحق في الأكوان وتبعدون عن حضرة الشهود والعيان، وقد كنتم أمواتا بالغفلة وغم الحجاب، فأحياكم باليقظة والإياب، ثم يميتكم بالفناء عن شهود ماسواه، ثم يحييكم بالرجوع إلى شهود أثره بالله، ثم إليه ترجعون في كل شيء، لشهود نوره في كل شيء، وقبل كل شيء، وبعد كل شيء، وعند كل شيء، كان الله ولا شيء معه وهو الآن على ما عليه كان. ¬

(¬1) القيامة: 18. (¬2) ص: 20، 21، 22، 23.

وفي بعض الكتب المنزلة يقول الله تعالى يا عبدي إنما منحتك صفاتي لتعرفني بها فإن أدعيتها لنفسك سلبتك الولاية ولم أسلبك صفاتي، يا عبدي أنت صفتي وأنا صفتك فارجع إلي أرجع إليك، ياعبدي فيك للعلوم باب مفتاحه أنا، وفيك للجهل باب مفتاحه أنت فاقصد أي البابين شئت ... الخ. ويقول: اعلم أن الروح القائمة بهذا الآدمي، هي قطعة من الروح الأعظم، التي هي المعاني القائمة بالأواني، وهي آدم الأكبر، والأب الأقدم، وفي ذلك يقول ابن الفارض: وإني وإن كنت ابن آدم صورة ... فلي فيه معنى شاهد بأبوتي ويقول: وقال بعض العارفين: الحق تعالى منزه عن الأين والجهة والكيف والمادة والصورة ومع ذلك لا يخلو منه أين ولا مكان ولا كم ولا كيف ولا جسم ولا جوهر ولا عرض لأنه للطفة سار في كل شيء، ولنوريته ظاهر في كل شيء ولإطلاقه وإحاطته متكيف بكل كيف غير متقيد بذلك فمن لم يعرف هذا ولم يذقه ولم يشهده فهو أعمى البصيرة، محروم من مشاهدة الحق تعالى وهذه الإشارات لا يفهمها إلا أهل الأذواق من أهل المعاني تذوق أسرارهم وتفهم إشاراتهم وإلا فحسبك أن تعتقد كمال التنزيه وبطلان التشبيه وتمسك بقوله تعالى: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} (¬1) وسلم للرجال في كل حال. وأقول: الأولى أن يقول: وسلم للمحال بكل حال، ومن هم هؤلاء الرجال؟ وما الضابط الذي يضبط لنا من نسلم له ممن لا نسلم له؟ أهو السير عريانا في الشوارع أمثال سيدهم إبراهيم العريان؟ (¬2) أم إتيان الحمارة على قارعة الطريق بمرأى الناس أمثال سيدهم علي وحيش؟ (¬3) ويقول: اعلم أن الأماكن والجهات وكل ماظهر من الكائنات قائمة بأنوار الصفات ممحوة بأحدية الذات كان الله محق الآثار بإجلاء الأنوار وامتحت الأنوار بأحدية الأسرار وانفرد بالوجود الواحد القهار ولله در القائل: ¬

(¬1) الشورى: 11. (¬2) انظر ترجمته وماجاء فيها في الطبقات الكبرى ص: 595. (¬3) انظر ترجمته وماجاء فيها في الطبقات الكبرى ص: 606 - 607.

مذ عرفت الإله لم أر غيرا ... وكذا الغير عندنا ممنوع فمن كحل عين بصيرته بإثمد الخاص لم يقع بصره إلا على الحق ولا يعرف إلا إياه، ورأى الأشياء كلها قائمة بالله، بل لا وجود لها مع الله ومن فتح الله سمع قلبه، لم يسمع إلا من الحق ولا يسمع إلا به كما قال القائل: أنا بالله أنطق ... ومن الله أسمع وقال الجنيد - رضي الله عنه -: لي أربعين سنة أناجي الحق، والناس يرون أني أناجي الخلق فالخلق محذوفون عند أهل العلم بالتحقيق، مثبتون عند أهل الجهل والتفريق يقولون: {لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية} (¬1) مع أنه يكلمهم في كل وقت وساعة. وينقل عن ابن عربي قوله: من رأي الخلق لا فعل لهم فقد فاز ومن رآهم لا صورة لهم فقد جاز ومن رآهم بين العدم فقد وصل (¬2) وانظر أيضا (¬3) وقال: قال بعض العارفين: لو كلفت أن أرى غيره لم أستطع فإنه لا غير معه حتى أشهده. (¬4) ويقول في مقامات التوحيد التي ذكرها تحت قوله تعالى {وإلهكم إله واحد} (¬5): واعلم أن توحيد الخلق لله تعالى على قدرته درجات، الأولى توحيد العامة وهو الذي يعصم النفس والمال وينجو به من الخلود في النار وهو نفي الشركاء والأنداد والصاحبة والأولاد والأشباه والأضداد، الثانية توحيد الخاصة وهو أن يرى الأفعال كلها صادرة من الله وحده ويشاهد ذلك بطريق الكشف لا بطريق الاستدلال فإن ذلك حاصل لكل مؤمن وإنما مقام الخاصة يقين في القلب بعلم ضروري لا يحتاج إلى دليل وثمرة هذا العلم الانقطاع إلى الله والتوكل عليه وحده فلا يرجو إلا الله ولا يخاف أحدا سواه إذ ليس يرى فاعلا إلا الله فيطرح الأسباب وينبذ الأرباب الدرجة الثالثة ألا يرى في الوجود إلا الله ولا يشهد معه سواه، فيغيب عن النظر إلى الأكوان في شهود المكون وهذا هو مقام الفناء فإن رد إلى شهود الأثر بالله سمى مقام البقاء. (¬6) ¬

(¬1) البقرة: 118. (¬2) ص: 100. (¬3) ص: 101. (¬4) ص: 156. (¬5) البقرة: 163. (¬6) ص: 131.

ثالثا: موقفه من تفسير القرآن بالقرآن

ومما يلحظ في هذا التفسير استخدام اسم الحق لله سبحانه وتعالى عند الكلام على التفسير سواء في الظاهر وفي الباطن وأخشى أن يكون ذلك تأثرًا بالاتحادية الصوفية فإنهم يعتبرون أن كل ما في الوجود باطل والحق هو الله وحده ولم ألحظ استخدام هذا الاسم من أحد المفسرين المتقدمين. (¬1) وهو يقول بأن الإنسان خليفة لله في الأرض فيقول في قوله تعالى: {إني جاعل في الأرض خليفة} (¬2): يخلفني في أرضي وتنفيذ أحكامي. (¬3) وانظر في وحدة الوجود (¬4) وذكره الشعر في ذلك. (¬5) ومن غلوه في طريقته يقول تحت قوله تعالى {لتكونوا شهداء على الناس} (¬6): ثم إن العلماء بأحكام الله، إذا لم يحصل لهم الكشف عن ذات الله يكونون حجة على العامة يشهدون على الناس، والأولياء يشهدون على العلماء فيزكون من يستحق التزكية، ويردون من لا يستحقها لأن العارفين بالله عالمون بمقامات العلماء أهل الظاهر. لا يخفي عليهم شيء من أحوالهم ومقاماتهم بخلاف العلماء لا يعرفون مقامات الأولياء ولا يشمون لها رائحة كما قال القائل: تركنا البحور الزاخرات وراءنا ... فمن أين يدري الناس أين توجهنا. (¬7) وله ردود سريعة على بعض الفرق ومن ذلك: قوله في {إياك نعبد وإياك نستعين} (¬8) قال: قال ابن جزي: أي نطلب العون منك على العبادة وعلى جميع أمورنا فهذا دليل على بطلان قول القدرية والجبرية وأن الحق بين ذلك. (¬9) ويقول: أما القرآن العظيم فلا بد من الإيمان أنه منزل على نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - فمن اعتقد أنه منزل على غيره كالروافص فإنه كافر بالإجماع (¬10). ثالثا: موقفه من تفسير القرآن بالقرآن: ومن تفسيره القرآن بالقرآن وهو قليل قوله: {فتلقى} (¬11) أي ¬

(¬1) انظر كمثال: ص: 8، 9، 12، 13، 28، 29. (¬2) البقرة: 30. (¬3) ص: 40. (¬4) ص: 97. (¬5) ص: 98. (¬6) البقرة: 143. (¬7) ص: 116. (¬8) الفاتحة: 4. (¬9) ص: 12. (¬10) ص: 24. (¬11) البقرة: 37.

رابعا: موقفه من تفسير القرآن بالسنة

أخذ {آدم من ربه كلمات} وهي {ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفرلنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين} (¬1) رابعا: موقفه من تفسير القرآن بالسنة: وهو يذكر الأحاديث بكثرة إلا أنه لايعتني بصحة الحديث من عدمها ومن ذلك ذكره أحاديث كثيرة في التأمين ومن مصادره ابن ماجه وابن خزيمة وأبو داود (¬2) وقوله: وروى الترمذي الحكيم عن ابن عمر رضي الله عنهما يرفعه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أمتي كالمطر لا يدري أوله خير أم آخره". (¬3) وفي قوله تعالى {فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم} (¬4) قال: وقد كتب على اليهود القصاص وحده وعلى النصارى العفو مطلقا وخيركم أيها الأمة المحمدية بين أخذ الدية والقصاص فمن اعتدى بعد أخذ الدية وقتل فله عذاب أليم في الدنيا والآخرة في الدنيا بأن يقتل لا محالة لقوله عليه السلام: "لا أعافي أحدا قتل بعد أخذ الدية" (¬5). ومن الأحاديث التي يذكرها بدون تخريج: "أولياء الله إذا رءوا ذكر الله". (¬6) وانظر مثالا لحديث أخطأ فيه. (¬7) وانظر أمثلة أخرى للأحاديث (¬8) ومن الأحاديث الموضوعة التي ذكرها قوله: وفي حديث طويل عن عائشة رضي الله عنها في قصة الحولاء امرأة من الأنصار قال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مامن امرأة حملت من زوجها حين تحمل إلا لها من الأجر مثل القائم ليله الصائم نهاره والغازي ¬

(¬1) ص: 43، الأعراف: 23. (¬2) ص: 19. (¬3) ص: 92. والحديث أخرجه الترمذي (وهو غير الحكيم) - كتاب الأمثال 5/ 152 بنحوه عن أنس وقال: حسن غريب. وأما حديث ابن عمر فهو عند الطبراني وانظر (المقاصد الحسنة رقم997). (¬4) البقرة: 178. (¬5) سبق تخريجه. (¬6) الحديث أخرجه الحكيم الترمذي عن أنس بلفظ: "أفضلكم الذين إذا ... " وقال الألباني: ضعيف (ضعيف الجامع رقم1148). وانظر أيضا ص: 65، 126. (¬7) انظر ص: 131. (¬8) ص: 70، 81، 83، 138، 142، 143، 179.

في سبيل الله وما من امرأة يأتيها الطلق إلا كان لها بكل طلقة عتق نسمة وبكل رضعة عتق رقبة، فإذا فطمت ولدها ناداها مناد من السماء قد كفيت العمل فيما مضى، فاستأنفي العمل فيما بقي " قالت عائشة رضي الله عنها: قد أعطى النساء خيرا كثيرا، فمالكم يامعشر الرجال، فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: "مامن رجل مؤمن يأخذ بيد امرأته يراودها إلا كتب الله له حسنة، وإن عانقها فعشر حسنات، وإن ضاجعها فعشرون حسنة، وإن أتاها كان خيرا من الدنيا وما فيها، فإذا قام ليغتسل لم يمس الماء شعرة من على جسده إلا محي عنه سيئة، ويعطى له درجة، ومايعطى بغسله خير من الدنيا وما فيها، وإن الله تعالى يباهي الملائكة فيقول: انظروا إلى عبدي قام في ليلة قرة يغتسل من الجنابة يتيقن بأني ربه، اشهدوا أني قد غفرت له" (¬1). وقوله: روي عن علي كرم الله وجهه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "عليكم بالعدس فإنه مبارك مقدس وإنه يرقق القلب ويكثر الدمعة، وإنه بارك فيه سبعون نبيا آخرهم عيسى ابن مريم" (¬2). وانظر أمثلة أخرى للأحاديث الضعيفة والموضوعة. (¬3) وربما ذكر لفظ الحديث ولا ينص على أنه حديث مثل قوله: فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي أمروا به وقالوا مكان حطة: حنطة حبة في شعرة. (¬4) وهو يذكر أسباب النزول بدون دقة ولا عزو في كثير من المواضع. (¬5) ويتعرض لفضائل السور والآبات ومن ذلك قوله: وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن لكل شيء سناما، وإن سنام القرآن البقرة، من قرأها في بيته نهارا لم يدخله شيطان ثلاثة أيام، ومن قرأها في بيته ليلا لم يدخله شيطان ثلاث ليال، وفيها ¬

(¬1) أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات 2/ 270، وذكره السيوطي في اللآلئ المصنوعة 2/ 169. (¬2) أخرجه السيوطي في اللآلئ المصنوعة 2/ 212 ونقل عن ابن المبارك قوله لما سئل عنه: لا ولا على لسان نبي واحد وإنه لمؤذ ينفخ. (¬3) ص: 19، 32، 59، 120، 152. (¬4) ص: 56. (¬5) وانظر: ص: 29، 84، 89، 93، 95، 138، 152، 153، 157، 158، 179.

خامسا: موقفه من تفسير القرآن بأقوال السلف

سيدة القرآن وهي آية الكرسي" (¬1) وإنما كانت سنام القرآن أي ذروته لأنها اشتملت على جملة مافيه من أحوال الإيمان وفروع الإسلام. وقال - صلى الله عليه وسلم -: "أعطيت سورة البقرة من الذكر الأول، وأعطيت طه والطواسين من ألواح موسى، وأعطيت فاتحة الكتاب وخواتيم البقرة من تحت العرش" (¬2). خامسا: موقفه من تفسير القرآن بأقوال السلف: لا يتعرض ابن عجيبة لسوق الآثار إلا قليلا وفيها بواطيل مثل ماتقدم عن علي وأبي بكر وجعفر الصادق. وقد نقل عن ابن عباس نقولا كثيرة منها قوله: {إياك نعبد} (¬3) نعبدك ولا نعبد غيرك (¬4) وذكر آثارا عن علي، والنخعي، والزهري، وعائشة. (¬5) وعن الحسن (¬6)، وابن زيد (¬7)، ومالك (¬8)، وعبد الواحد بن زياد (¬9) ومقاتل (¬10) سادسا: موقفه من السيرة والتاريخ وذكر الغزوات: نظرا لكون القسم المطبوع محدود لم أقف إلا على شيء يسير من تعرض المصنف للسيرة ومن ذلك ذكره لسرية عبد الله بن جحش في شهر جمادى وقتلهم لعمرو بن الحضرمي في أول يوم من رجب وماحصل بناء على ذلك تحت قوله تعالى {يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه} (¬11). كما ذكر عن الواقدي قصة خروجه - صلى الله عليه وسلم - إلى أحد وبعض الأحداث تحت قوله تعالى {وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال} (¬12)، واسترسل في ذكر أحداث الغزوة في الآيات التالية. (¬13) ¬

(¬1) أخرجه ابن حبان 2/ 109 والعقيلي في الضعفاء 2/ 6 وله شواهد وقد صححه ابن حبان. وانظر موسوعة فضائل سور وآيات القرآن 1/ 106 - 109. (¬2) سبق تخريجه. (¬3) الفاتحة: 4. (¬4) ص: 10، وانظر أيضا ص: 32، 81، 107، 137. (¬5) ص: 146، 147. (¬6) ص: 166. (¬7) ص: 96. (¬8) ص: 108. (¬9) ص: 88. (¬10) ص: 137. (¬11) البقرة: 217. (¬12) آل عمران: 121. (¬13) ص: 322 - 325، 332 - 336، 341 - 343.

سابعا: موقفه من الإسرائيليات

سابعا: موقفه من الإسرائيليات (¬1): وابن عجيبة من المفسرين الذين يذكرون الإسرائليات بغير تمحيص ويتزيدون في ذكرها ومن ذلك: ما نقله تحت قوله {العالمين} عن الفخر الرازي قال: روي أن بني آدم عشر الجن، وبنى آدم والجن عشرحيوانات البر، وهؤلاء كلهم عشر الطيور وهؤلاء كلهم عشر حيوانات البحار، وهؤلاء كلهم عشر ملائكة الأرض الموكلين ببني آدم، وهؤلاء عشر ملائكة السماء الدنيا، وهؤلاء كلهم عشر ملائكة السماء الثانية، ثم على هذا الترتيب إلى ملائكة السماء السابعة، ثم الكل في مقابلة ملائكة الكرسي نزر قليل، ثم هؤلاء عشر ملائكة السرادق الواحد في سرادقات العرش التي عددها مائة ألف، طول كل سرادق وعرضه كذلك إذا قبلت السماوات والأرض وما فيها وما بينها يكون شيئا يسيرا ونزرا قليلا، وما من موضع شير إلا وفيه ملك ساجد أو راكع أو قائم وله زجل بالتسبيح والتهليل، ثم هؤلاء في مقابلة الذين يحولون حول العرش كالقطرة من البحر ولا يعلم عددهم إلا الله تعالى. (¬2) وقال وهب بن منبه - رضي الله عنه -: قوائم العرش ثلاثمائة وست وستون قائمة، وبين كل قائمة وقائمة ستون ألف صحراء، وفي كل صحراء ستون ألف عالم، وكل عالم قدر الثقلين. (¬3) وقد ذكر قصة هاروت وماروت وقال: ذكرها المنذري في شرب الخمر وقال في حديثها: رواه أحمد وابن حبان في صحيحه من طريق زهير بن محمد وقد قيل إن الصحيح وقفه على كعب وقال ابن حجر: قصة هاروت وماروت بسند حسن خلافا لمن زعم بطلانها كعياض ومن تبعه. (¬4) ثم قال فإن قلت: الملائكة معصومون فكيف يصح هذا مع هاروت وماروت قلنا: لما ركب الله فيما الشهوة انتسخا من حكم الملائكة لحكم البشرية ابتلاء من الله تعالى لهما فلم يبق لهما حكم الملائكة من العصمة. (¬5) ¬

(¬1) وانظر في الإسرائيليات أيضا ص: 39، 112. (¬2) ص: 8. (¬3) ص: 9. (¬4) ص: 87. (¬5) ص: 88.

ثامنا: موقفه من اللغة

وقال أيضا: والأسباط أولاد يعقوب عليه السلام وهم: روبين وشمعون ولاوى ويهودا ويشسوخور وزبزلزن وزوانا وأمهم ليا ثم خلف على أختها راحيل فولدت له يوسف وبنيامين. وولد له من سريتين تفثونا وكوذا وأوشير. قال ابن حجر اختلف في نبوتهم فقيل كانوا أنبياء وقيل لم يكن فيهم نبي وإنما المراد بالأسباط قبائل بني إسرائيل. فقد كان منهم من الأنبياء كثير وممن صرح بنفي تبوتهم عياض وجمهور المفسرين. انظر المحشي الفاسي. وفي تفسير المبهمات يقول {ولا تقربا هذه الشجرة} (¬1) العنب أو التين أو الحنطة ويقول: فدخل إبليس خفية أو في فم الحية. (¬2) ويقول: واسم فرعون الذي كان في زمن موسى مصعب بن ريان وقيل اسمه الوليد (¬3) ثامنا: موقفه من اللغة: أما معاني المفردات فهو يتعرض لها بدون عزو كلما بدأ تفسير أحد المقاطع مثل قوله: اللقاء: المصادفة بلا قصد. والخلو بالشيء أو معه: الإنفراد به والشيطان: فيعال من شطن إذا بعد أو فعلان من شاط إذا بطل. والاستهزاء بشيء: الاستخفاف بحقه والعمه في البصيرة: كالعمى في البصر. (¬4) ويتعرض أيضا للغويات مثل اشتقاق اسم وتعلق الباء ومذهب البصريين والكوفيين. (¬5) ومن ذلك أيضا كلامه عن أصل كلمة رب واشتقاقها. (¬6) وأحيانا يتعرض للإعراب مثل قوله {الحمد لله} (¬7): قلت الحمد مبتدأ ولله خبر وأصله النصب وقرئ به (¬8) ويقول: {سواء} (¬9) خبر مقدم. و {ءأنذرتهم} مبتدأ لسبقه بهمزة التسوية، أي الإنذار وعدمه سواء في حق هؤلاء الكفرة، والجملة خبر إن و {غشاوة} (¬10) مبتدأ والجار قبله خبره، والغشاوة ما يغشى الشيء ويغطيه كنى به عن تعاميهم عن الإيمان. ويقول: {استوقد} (¬11) السين والتاء يحتمل أن يكون للطلب، أو زائدة بمعنى أوقد ولما شرطية. وذهب جواب، وإذا كان لفظ الموصول مفردا ¬

(¬1) البقرة: 35. (¬2) ص: 42. (¬3) ص: 50. (¬4) ص: 29. (¬5) ص: 6. (¬6) ص: 7. (¬7) الفاتحة: 1. (¬8) ص: 6. (¬9) البقرة: 6. (¬10) البقرة: 7. (¬11) البقرة: 17.

واقعا على جماعة يصح في الضمير مراعاة لفظه فيفرد ومعناه فجمع، فأفرد في الآية أولا وأجمع ثانيا، ويقال: أضاء يضيء، ضاء يضوء: ضوءا. (¬1) والصيب المطر فيفعل من صاب المطر إذا نزل، وهو على حذف مضاف أي أو كذا صيب، وأصله صيوب كسيد، قلبت الواو ياء وأدغمت، ولا يوجد هذا إلا في المعتل كهيب ولين وضيق وطيب بالتشديد. وربما استدل عل وجوه الإعراب من ألفية ابن مالك. (¬2) وهو يكثر من الاستدلال بالشعر وجله في الإشارات وقد تقدم طرف من ذلك وعندما استدل في التفسير الظاهر أتى بيتين صوفيين وهما قول الشاعر: ياتائها في مهمه عن سره ... انظر تجد فيك الوجود بأسره أنت الكمال طريقة وحقيقة ... ياجامعا سر الإله بأسره (¬3) ومن الأشعار أيضًا في تفسيره للظاهر قوله: فلا ترضى بغير الله حبا ... وكن أبدا بعشق واشتياق ترى الأمر المغيب ذا عيان ... وتحظى بالوصول وبالتلاقي وهي صوفيات أيضا (¬4). ومن استدلالاته القليلة بالشعر على المعاني (¬5) قوله والفوم قيل الحنطة والأصح أنه الثوم قال الشاعر: وأنتم أناس لئام الأصول ... طعامكم الفوم والحوقل (¬6) وهو يتعرض لأساليب البلاغة أحيانا وينبه على النكات التفسيرية ومن ذلك: قوله: لم قدم الرحمن على الرحيم والقياس الترقي من الأدنى للأعلى؟ فقال: لتقدم رحمة الدنيا ولأنه صار كالعلم من حيث إنه لا يوصف به غيره. (¬7) ¬

(¬1) ص: 31. (¬2) انظر ص: 136، 140. (¬3) ص: 7. (¬4) ص: 23. (¬5) وفي استدلاله بالشعر على معاني الكلمات: انظر 135، 152. وانظر أيضا في الشعر ص: 17، 34، 48. (¬6) ص: 58. (¬7) ص: 7.

تاسعا: موقفه من القراءات

وقوله {إياك نعبد وإياك نستعين} (¬1): قال: وكرر الضمير ولم يقل إياك نعبد ونستعين 0لأن إظهاره أبلغ في إظهار الاعتماد على الله، وأمدح ألا ترى أن قولك بك أنتصر وبك أحتمي وبك أنال مأربي، أبلغ وأمدح من قولك بك أنتصر وأحتمى الخ. وقدم العبادة على الاستعانه لتوافق رءوس الآي، وليعلم منه أن تقديم الوسيلة على طلب الحاجة أدعى إلى الإجابة، فإن من تلبى لخدمة الملك وشرع فيها بحسب وسعه، ثم طلب منه الإعانة عليها أجيب إلى مطلبه، بخلاف من كلفه الملك بخدمته فقال: أعطنى ما يعينني عليها، فهو سوء أدب، وأيضا من استحضر الأوصاف العظام ما أمكنه إلا المسارعة إلى الخضوع والعبادة وأيضا لما نسب المتكلم العبادة إلى نفسه، أوهم ذلك تبجحا واعتدادا منه بما يصدر عنه فعقبه بقوله: وإياك نستعين دفعا لذلك التوهم. (¬2) ومن كلامه عن الالتفات قوله: ومن عادة العرب التفنن في الكلام والعدول عن أسلوب إلى آخر تطرية وتنشيطا للسامع، فتعدل من الخطاب إلى الغيبة إلى التكلم قوله تعالى: {حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح} (¬3) ولم يقل بكم وقوله: {أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد} (¬4) أي ولم يقل فساقه ... ، والالتفات هنا في قوله إياك نعبد ولم يقل إياه نعبد لأن الظاهر من قبل الغيبة، وحسنه أن الموصوف تعين وصار حاضرا. وقال أيضا: فإن قلت: الريب في القرآن قد وقع من الكفار قطعا فكيف عبر بإن الدالة على الشك والتردد؟ قلت: لما كان ريبهم واقعا في غي محله، إذ لو تأملوا أدنى تأمل لزال ريبهم لوضوح الأمر وسطوع البرهان كان ريبهم كأنه مشكوك فيه ومتردد في وقوعه. (¬5) تاسعا: موقفه من القراءات (¬6): وهو يتعرض للقراءات وتوجيهها وربما ذكر القراءات الشاذة ومن ذلك: ¬

(¬1) الفاتحة: 4. (¬2) ص: 10. (¬3) يونس: 22. (¬4) فاطر: 9. (¬5) ص: 12. (¬6) وانظر في القراءات أيضا ص: 104، 135، 137، 140، 148، 179.

عاشرا: موقفه من الفقه والأصول

قوله: وقرئ الحمد لله باتباع الدال للام وبالعكس (¬1). وقال: {مالك} قراءة الجماعة بغير ألف من الملك بالضم وقرأ عاصم والكساني بالألف من الملك بالكسر ثم أخذ يوجهها. (¬2) ومن ذلك قوله: وجبرئيل فيه ثمان لغات أربع قرئ بهن وهي: جبرئيل كسلسبيل، وجبرئل كجحمرش، وجبريل بفتح الجيم بلا همز، وجبريل بكسرها. وأربع شواذ جبرال وجبرائيل وجبرائل وجبرين بالنون. (¬3) وقوله: {واتخذوا} (¬4) على قراءة الأمر محكى بقول محذوف أي: وقلنا اتخذوا وعلى قراءة الماضي معطوف على جعلنا أي جعلناه مثابة واتخذه الناس مصلى. {فإنما يقول له كن فيكون} (¬5) قال: وقرأ ابن عامر بنصب المضارع ولحنه بعضهم لأن المنصوب في جواب الأمر لا بد أن يصح جوابا لشرطه تقول اضرب زيدا فيستقيم أي إن تضربه يستقم ولا يصح أن تقول إن يكن يكن وقد يجاب لعله على المعنى والتقدير إن قلت كن يكن. (¬6) ويتعرض للرسم مثل قوله في بسم: حذفت الألف لكثرة الاستعمال (¬7) عاشرا: موقفه من الفقه والأصول: وأما تعرضه للفقهيات فضئيل جدا وليس هناك نقول عن المذاهب واختلافات الفقهاء ومن ذلك: كلامه عن البسملة، وهل هي آية من كل سورة أم لا وحكمها في الصلاة. (¬8) وقال {وعلى الذين يطيقونه ...} (¬9) وعلى الذين يطيقونه بلا مشقة إن أرادوا أن يفطروا فدية ... وأن تصوموا أيها المطيقون للصيام خير لكم إن كنتم تعلمون مافي الصيام من الأسرار والخير المدرار ثم نسخ بقوله فمن شهد منكم الشهر فليصمه (¬10) {ولتكبروا الله على ماهداكم} (¬11) ووقت التكبير عند مالك من ¬

(¬1) ص: 6. (¬2) ص: 8. (¬3) ص: 83. (¬4) البقرة: 125. (¬5) مريم: 35. (¬6) ص: 99. (¬7) ص: 6. (¬8) ص: 5. (¬9) البقرة: 184. (¬10) 148 - 149. (¬11) البقرة: 185.

حيث يخرج إلى المصلى بعد الطلوع إلى مجيء الإمام إلى الصلاة. (¬1) وقال في تفسير قوله تعالى {ولاتقاتلوهم عند المسجد الحرام} (¬2) ابتداءا {حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم} فيه {فاقتلوهم} فيه وفي غيره {كذلك جزاء الكافرين}. (¬3) هكذا اقتصر في تفسير الآية مع مافيها من كلام كثير لأهل العلم. وكذلك قال في قوله {فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي} (¬4) فإن أحصرتم ومنعتم من إتمامها فتحللوا منهما وعليكم مااستيسر من الهدي وذلك شاة {ولا تحلقوا رؤوسكم} أي لا تتحللوا {حتى يبلغ الهدي محله} أي حيث يحل ذبحه وهو محل الإحصار عند الشافعي فيذبح فيه بنية التحلل ويفرق، ومنى أو مكة عند مالك فيرسله فإذا تحقق أنه وصل وذُبح حل وحلق. (¬5) وقوله تحت تفسير {يسألونك عن الخمر والميسر} (¬6) والميسر قال ابن عباس والحسن: كل قمار ميسر من شطرنج ونرد ونحوه حتى لعب الصبيان بالجوز والكعاب إذا كان بالفلوس وسمي ميسرا ليسر صاحبه بالمال الذي يأخذه وأما إذا كان بغير عوض إنما هو لعب فقط فلا بأس قاله ابن عرفة (¬7). ويقول: يقول الحق جل جلاله: ياأيها المؤمنون {كتب عليكم القصاص} (¬8) في شأن القتلى في العمد فاستسلموا للقصاص فالحر يقتل بالحر ولا يقتل بالعبد بل يغرم قيمته لسيده ودليله قوله عليه السلام: "لا يقتل مسلم بكافر ولا حر بعبد "والعبد يقتل بالعبد إن أراد سيد المقتول قتله فإن استحياه خير سيده بين إسلامه وفدائه بقيمة العبد وكذلك إن قتل الحر، خير أولياؤه بين قتله أو استرقاقه فإن استحيوه خير سيده بين إسلامه وفدائه بدية الحر العمد والأنثى تقتل بالأنثى والذكر بالذكر يقتل بالأنثى وتخصيص الآية بالمساوي قال مالك: أحسن ماسمعت في هذه الآية أنه يراد بها الجنس أي جنس الحر والذكر والأنثى فيه سواء، وأعاد ذكر الأنثى تأكيدا لرد ما كان يفعله الجاهلية من عدم القود فيها ثم قال الحق جل جلاله: {فمن عفي له} من دم {أخيه شيء} ¬

(¬1) 149. (¬2) البقرة: 191. (¬3) ص: 158. (¬4) البقرة: 196. (¬5) ص: 160. (¬6) البقرة: 219. (¬7) ص: 179. (¬8) البقرة: 178.

ولو قل فقد سقط القتل فالواجب اتباع القاتل بالدية بالمعروف من غير تعنيف ولا تعنيت وأداء من القاتل بإحسان من غير مطل ولا بخس ذلك الذي شرعت لكم من أمر العفو والدية تخفيف من ربكم ورحمة بكم. (¬1) ومن دعوة أهل التصوف إلى ترك الجهاد وسائر العبادات يفيض علينا مفسرنا ببعض فيوضاته في تفسيره لقوله تعالى {كتب عليكم القتال} (¬2) فيصف القتال بأنه جهاد أصغر وأن مجاهدة النفس جهاد أكبر ويبين أن المراد هو تجلي الحق لهم وهذا هو ثمرة الجهاد الأكبر. وبقول: أما الجهاد الأصغر فلا يحصل شيئا من هذا، فلذلك كان مفضولا عند أهل الجهاد الأكبر فيتركونه لما هو أرجح منه كما قال الششتري - رضي الله عنه -: دع السيف والسبحة والسجاد ... واعقد سكيرة من خمرة الإفراد (¬3) وربما تعرض لشيء من الأصول ومن ذلك: كلامة عن تأخير البيان عن وقت الحاجة والفرق بينه وبين تأخير البيان لوقت الحاجة. (¬4) وقال عند قوله تعالى {وإذ قتلتم نفسا} (¬5) واستدلت المالكية بالقصة على التدمية الحمراء وهي قبول قول القتيل قبل موته بأن فلانا قتله، وفيه نظر لأن هذا حيي بعد موته فلا يتطرقه الكذب، واستدلت أيضا على حرمان القاتل من الإرث، وفيه نظر لأن هذه شريعة من قبلنا يطرقها النسخ لكن ثبت في الحديث أنه لا يرث. (¬6) ومن كلامه في النسخ قوله في آية الوصية: وهذه الآية منسوخة في وصية الوالدين محكمة في الأقربين غير الوارثين، فإذا كان الوالدين غير وارثين كالكافرين أو العبدين فهي محكمة. (¬7) وقوله: والنسخ إنما يكون في الأوامر والنواهي دون الأخبار، لأنه يكون كذبا ومعنى النسخ انتهاء العمل بذلك الحكم، ونقل العباد من حكم إلى حكم ¬

(¬1) ص: 145. (¬2) البقرة: 216. (¬3) ص: 177. (¬4) ص: 152. (¬5) البقرة: 72. (¬6) ص: 64. (¬7) ص: 147.

حادي عشر: موقفه من العلوم الحديثة والرياضة والفلسفة والمعجزات الكونية

لمصلحة فلم يلزم عليه البدء كما قالت اليهود - والنسخ عندنا ثلاثة أقسام: نسخ اللفظ والمعنى كما كان يقرأ لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم ثم نسخ - ونسخ اللفظ دون المعنى كالشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة ثم نسخ لفظه وبقي حكمه وهو الرجم - ونسخ المعنى دون اللفظ كآية السيف بعد الأمر بالمهادنة مع الكفار، والله تعالى أعلم. (¬1) حادي عشر: موقفه من العلوم الحديثة والرياضة والفلسفة والمعجزات الكونية: لا يتعرض لشيء من ذلك سوى الفلسفة وهي فلسفة التصوف الكامنة في كلام ابن عربي وابن الفارض ونحوهما وقد قدمنا شيئا من ذلك عند الحديث عن موقف المصنف من العقيدة وسوف يأتي تكميل لنفس الموضوع في الفقرة التالية. ثاني عشر: موقفه من المواعظ والآداب: نظرا لكون الكتاب صوفي إشاري فإنه يتضمن شيئا من الزهديات والوعظ مع مايحمل في طياته من انحراف منهجي واضح ولذا فسوف أتكلم في هذه الفقرة عن صوفيات هذا التفسير ومظاهر انحرافه. فمن الصوفبات التي أقحمها المصنف في تفسير الظاهر على الرغم من كون ذلك مخالفا لمنهجه الذي ذكره قوله: {اهدنا الصراط المستقيم} (¬2) فإن قلت: إذا كان العبد ذاهبا على هذا المنهاج المستقيم، فكيف يطلب ماهو حاصل؟ فالجواب: أنه طلب التثبت على ماهو حاصل، والإرشاد إلى ماهو ليس بحاصل، فأهل مقام الإسلام الذي هو حاصل، يطليون الترقي إلى مقام الإيمان الذي ليس بحاصل، على طريق الصوفية الذين يخصون العمل الظاهر بمقام الإسلام، والعمل الباطن بمقام الإيمان، وأهل الإيمان يطلبون الثبات على الإيمان الذي هو حاصل، والترقي إلى مقام الإحسان الذي ليس بحاصل، وأهل مقام الإحسان يطلبون الثبات على الإحسان والترقي إلى مالا نهاية له من كشوفات العرفان {وفوق كل ذي علم عليم} (¬3) وقال الشيخ أبو العباس ¬

(¬1) ص: 91. (¬2) الفاتحة: 6. (¬3) يوسف: 76.

المرسي - رضي الله عنه -: {اهدنا الصراط المستقيم} بالتثبت فيما هو حاصل والإرشاد بما ليس بحاصل. ثم قال: عموم المؤمنين يقولون اهدنا الصراط المستقيم أي بالتثبت فيما هو حاصل والإرشاد لما ليس بحاصل، فإنه حصل لهم التوحيد، وفاتهم درجات الصالحين والصالحون يقولون: {اهدنا الصراط المستقيم} معناه نسألك التثبت فيما هو حاصل، والإرشاد إلى ماليس بحاصل فإنهم حصل لهم الصلاح وفاتهم درجات الشهداء. والشهداء يقولون: {اهدنا الصراط المستقيم} أى بالتثبت فيما هو حاصل، والإرشاد ماليس بحاصل، فإنهم حصلت لهم الشهادة، وفاتهم درجات الصديقين. والصديقون يقولون: {اهدنا الصراط المستقيم} أي بالتثبت فيما هو حاصل والإرشاد إلى ماليس بحاصل، فإنهم حصل لهم درجات الصديقين، وفاتهم درجات القطب. والقطب يقول: {اهدنا الصراط المستقيم} بالتثبت فيما هو حاصل، والإرشاد إلى ماليس بحاصل، فإنه حصل له رتبة القطبانية وفاته علم ما إذا شاء الله أن يطلعه عليه. وليت شعري في أي آية في كتاب الله ذكرت درجة القطب هذه أم في أي حدبث صحبح؟ وليس بعد الصديقين إلا الأنبياء، وهل كان أبو بكر قطبا أم كان عمر أم عثمان أم علي؟ وهل أخفى ذلك عنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أم الصحابة رضي الله عنهم؟ ويقول: والشكر على ثلاث درجات: درجة العوام الشكر على النعم ودرجة الخواص الشكر على النعم والنقم وعلى كل حال، ودرجة خواص الخواص أن يغيب عن رؤية النعم بمشاهدة المنعم. قال رجل لإبراهيم بن أدهم - رضي الله عنه -: الفقراء إذا أعطوا شكروا، وإذا منعوا صبروا، فقال إبراهيم: هذه أخلاق الكلاب ولكن القوم إذا منعوا شكروا وإذا أعطوا آثروا. وماأدري أكلام هذا نقدمه أم كلام منزل الكتاب؟ قال تعالى {الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وأنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون} (¬1) وقال: {والصابرين على ماأصابهم} (¬2) وقال: {والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون} (¬3) وقال {واصبر على ماأصابك إن ¬

(¬1) البقرة: 156 - 157. (¬2) الحج: 35. (¬3) البقرة: 177.

ذلك من عزم الأمور} (¬1) ولم يقل: شكروا، والشاكرين، واشكر!! وماأدري أكلام هذا نقدمه أم كلام الذي أنزل عليه الكتاب من رب الأرباب؟ يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له". (¬2) فهل هو مؤمن بنص حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أم كلب من الكلاب بنص ... ؟ ولاشك أن هذا منهج سلوكي مصادم للفطرة، فإن الذي يشكر على المصيبة إنسان غير سوي، ويتضمن هذا الكلام نفي أصل العبادة وأمها وهو الدعاء لأن الذي يشكر على المصاب كيف يدعو برفعه؟ وفي ذلك حط من شأن الأنبياء الذين جابهوا المصائب بالدعاء بكشفها لا بالشكر عليها، وهذا التنطع معارضة للشريعة السمحة التي أعطت كل ذي حق حقه. أما الإيثار فهو من دلائل الشكر على النعمة فليس ثمة تعارض أصلا. وأما إشارياته فنتركها تتحدث عن نفسها وهي جلها منصبة على أهل خصوصية والمنكرين عليهم من أهل العلم أو العوام فهو يجعل فريق المؤمنين يراد به أهل الخصوصية وفريق الكافرين أو المنافقين يراد به أهل العلم أو عوام الناس. (¬3) وقد صرح بذلك في قوله: اعلم أن قاعدة تفسير أهل الإشارة هي أن كل عقاب توجه لمن ترك طريق الإيمان وأنكر على أهله، يتوجه مثله لمن ترك طريق مقام الإحسان وأنكر على أهله وكل وعيد توعد به أهل الكفر حسي بدني، وعذاب أهل الحجاب معنوي قلبي، فنقول فيمن رضي بعيبه، وأقام على مرض قلبه، وأنكر الأطباء ووجود أهل التربية: بئسما اشتروا به أنفسهم وهو كفرهم بما أنزل الله من الخصوصية على قلوب أوليائه بغيا وحسدا، أو جهلا وسوء ظن أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده، فباءوا بغضب ¬

(¬1) لقمان: 17. (¬2) أخرجه مسلم - كتاب الزهد والرقائق - باب المؤمن أمره كله خير 4/ 2295 عن صهيب مرفوعا. (¬3) انظر كمثال ص: 29، 30، 33، 68، 69، 77، 79، 90، 120، 172.

الحجاب على غضب البعد والارتياب، أو بغضب سقم القلوب، على غضب الإصرار على المساويء والعيوب من لم يتغلغل في علمنا هذا مات مصرا على الكبائر وهو لا يشعر كما قال الشاذلي - رضي الله عنه - ولا يصح يتغلغل فيه إلا بصحبة أهله وللكافرين بالخصوصية عذاب الطمع وسجن الأكوان وهما شجرتا الذل والهوان، وإذا قيل لهم: آمنوا بما أنزل الله من أسرار الحقيقة وأنوار الطريقة، قالوا: نؤمن بما أنزل علينا من ظواهر الشريعة، ويكفرون بما وراءه من أسرار ككشف أسرار الذات، وأنوار الصفات. (¬1) أقول: وقد شابه هؤلاء في منهجهم ذلك الرافضة الذين جعلوا كل آية ذم في أبي بكر وعمر والصحابة رضوان الله عليهم، وكل آية ثناء في علي وآل البيت، فبئس الشبيه وبئس المشبه به. قال: والأحسن أن يقال: {غير المغضوب عليهم} (¬2) هم الذين أوقف بهم عن السير أتباع الحظوظ والشهوات، فأوقعتهم في مهاوي العصيان والمخالفات {ولا الضالين} الذين حبسهم الجهل والتقليد، فلم تنفذ بصائرهم إلى إخلاص التوحيد، فنكصوا عن توحيد العيان إلى توحيد الدليل والبرهان، وهو ضلال عند أهل الشهود والعيان، ولو بلغ في الصلاح غاية. وما أسوأ أحسنه!! ويقول في قوله: {سواء عليهم ءأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون} (¬3): فسبحان من حجب العالمين بصلاحهم عن مصلحهم، وحجب العلماء بعلمهم عن معلومهم، واختص قوما بنفوذ غرائبهم إلى مشاهدة ذات محبوبهم، فهم في رياض ملوكته يتنزهون، وفي بحار جبروته يسبحون {لمثل هذا فليعمل العاملون} (¬4). ويقول في قوله: {وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون} (¬5) وإذا قيل لمن يشتغل بالتعويق عن طريق الله، والإنكار على أولياء الله: أقصر من هذا الإفساد، وارجع عن هذا الغي والعناد، فقد ظهرت معالم الإرشاد لأهل المحبة والوداد، قال: إنما أنا مصلح ناصح، وفي أحوالي كلها صالح، يقول ¬

(¬1) ص: 78. (¬2) الفاتحة: 7. (¬3) البقرة: 6. (¬4) الصافات: 61. (¬5) البقرة: 11.

الحق جل جلاله: بل أفسدت قلوب عبادي. ورددتهم عن طريق محبتي وودادي، وعوقتهم عن دخول حضرتي، وحضرتهم شهود ذاتي وصفاتي، سددت بأحبائي، آيستهم من وجود التربية، وتحكمت على القدرة الأزلية، ولكنك لا تشعر بما أنت فيه من البلية، ولقد صدق من سبقت له العناية، وأتحف بالرعاية والهداية حيث يقول: فهذه طريقة الإشراق ... كانت وتبقى ما الوجود باق وأنكروه ملأ عوام ... لم يفهموا مقصوده فهاموا فتب أيها المنكر قبل الفوات واطلب من يأخذ بيدك قبل الممات لئلا تلقي الله بقلب سقيم، فتكون في الحضيض الأسفل من عذابه الأليم، فسبب العذاب وجود الحجاب، وإتمام النعم النظر لوجهه الكريم، منحنا الله الحظ الأوفر في الدنيا والآخرة، آمين. (¬1) ويقول: اعلم أن كثيرا من الناس يعتمدون على صحبة الأولياء، ويطلقون عنان أنفسهم في المعاصي والشهوات، ويقولون: سمعنا من سيدي فلان يقول: من رآنا لا تمسه النار، وهذا غلط وغرور، وقد قال عليه السلام لبنته: يافاطمة بنت محمد، لا أغنى عنك من الله شيئا، اشتري نفسك من الله، وقال للذي قال: ادع الله أن أكون رفيقك في الجنة، قال له: أعني على نفسك بكثرة السجود. نعم هذه المقالة إن صدرت من ولي متمكن مع الله فهي حق، لكن بشرط العمل ممن رآه بالمأمورات، وترك المحرمات، فإن المأمول من فضل الله ببركة أوليائه، أن يستقبل الله منه أحسن ما عمل، ويتجاوز عن سيئاته، فإن الولياء المتمكنين اتخذوا عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده، وهو أن من تعلق بهم وتمسك بالشريعة شفعوا فيه والغالب على من صحب الأولياء المتمكنين الحفظ وعدم الإصرار، فمن كان كذلك لا تمسه النار، وفي الحديث إذا أحب الله عبدا لم يضره ذنب - يعني يلهم التوبة سريعا كما قيل لأهل بدر: افعلوا ما شئتم فقد غفرت لكم. وقال في القصد: يبلغ الولي مبلغا يقال له: أصحبناك السلامة، وأسقطنا عنك الملامة فاصنع ما شئت، ومصداقه قوله تعالى في حق سليمان عليه السلام: {هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب} (¬2) هذا إن كان ¬

(¬1) ص: 27. (¬2) ص: 39.

نبيا لأجل العصمة، فمن كان من الأولياء في مقام الإمامة قسط من أجل الحفظ، والله تعالى أعلم، ولا يتخذ عند الله العهد إلا أهل الفناء والبقاء، لأنهم بالله فيما يقولون، فليس لهم عند نفسهم إخبار، ولا مع الله قرار. (¬1) وأقول: سبحان الله! ما هذه الجرأة الوقحة التي توصل صاحبها إلى أن يقول: من رآنا لاتمسه النار. ولا أظن رجلا صالحا فضلا عن ولي لله بقول: من رآني لاتمسه النار، بل لايقول ذلك إلا فاسق جريء على ربه وقد وصف الله عباده الصالحين بقوله {إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون} (¬2) ... إلى أن قال: {والذين يؤتون ماآتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون} (¬3) وقال: {فلايأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون} (¬4) وكان أبو بكر الصديق سيد الأولياء والعارفين يقول: لو أن إحدى قدمي بالجنة والأخرى خارجها ماأمنت مكر الله. وكان سميه عمر يقول: لو نادى مناد يوم القيامة أن ادخلوا جميعا الجنة إلا واحدا لفرقت أن أكون هو. بل إن سيد الخلق - صلى الله عليه وسلم - قال: "والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي" (¬5). وهو مصداق لقوله تعالى {وما أدري مايفعل بي ولا يكم} (¬6) وقد غفل صاحبنا عن مصيبة وليه واشتغل بالمريد المسكين الملبس عليه. وليت شعري من الذي يقول للولي: أصحبناك السلامة وأسقطنا عنك الملامة فاصنع ماشئت أهو رسول موحى إليه مثل الذي قال لأهل بدر ماقال؟ أم أنه هو عين القائل لسليمان {فامنن أو أمسك بغير حساب} (¬7) وما أظن الذي قال للولي المزعوم ذلك إلا إبليس عليه لعنة الله. ومن إشارته النادرة المقبولة لا لكونها تفسيرا إشاريا إنما لكونها يشملها عموم اللفظ قوله تحت آية {أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم} (¬8): كل من أشار إلى مقام لم يبلغ قدمه إليه، فهذا التوبيخ متوجه إليه وكل من ذكر ¬

(¬1) ص: 70. (¬2) المؤمنون: 57. (¬3) المؤمنون: 60. (¬4) الأعراف: 99. (¬5) أخرجه البخاري - كتاب مناقب الأنصار - باب مقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه المدينة 7/ 264 عن أم العلاء. (¬6) الأحقاف: 9. (¬7) ص: 39. (¬8) البقرة: 44.

غيره بعيب لم يتخلص منه، قيل له: أتأمر الناس بالبر وتنسى نفسك خالية منه، فلا يسلم من توبيخ هذه الآية إلا النادر في الصفاء والوفاء. قال البيضاوي: المراد بها حث الواعظ على تزكية النفس، والإقبال عليها بالتكميل ليقوم فيقيم غيره، لا منع الفاسق عن الوعظ، فإن الإخلال بأحد الأمرين المأمور بهما لا يوجب الإخلال بالآخر فانظر. وتأمل قول القائل: ياأيها الرجل المعلم غيره ... هلا لنفسك كان ذا التعليم تصف الدواء لذى السقام وذي الضنى ... كيما يصح به وأنت سقيم وأراك تلقح بالرشاد عقولنا ... نصحا وأنت من الرشاد عديم ابدأ بنفسك فإنهما عن غيها ... فإذا انتهت عنه فأنت حكيم فهناك يقبل إن وعظت ويقتدى ... بالقول منك وينفع التعليم لا تنه عن خلق وتأتي مثله ... عار عليك إذا فعلت عظيم (¬1) وأردف هذه الإشارة بإشارة أخرى وبدون تعليق إلا أن أقول: اشتهر عن هذه الطائفة قولهم: إذا رأيت شيخك على فاحشة فظن به خيرا، وقد ذكر صاحب سلوة الأنفاس فيما ذكر من الكرامات أن فلانا من الأولياء كان يفعل في حمارة في الطريق فقيل له في ذلك فقال: أصلح السفينة ... ويسوق القصة التي تدلل على إصلاح سفينة معطلة في عرض البحر فجأة بعد أن أعيت أصحابها في نفس اللحظة الجنسية الشاذة. (¬2) قال مفسرنا تحت قوله {أو كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم} (¬3) بعد أن قرر عدم جواز حل المريد عقدته مع شيخه لينتقل إلى شيخ آخر: وصحب تلميذ شيخا فرآه يوما قد زنا بامرأة!! فلم يتغير من خدمته، ولا أخل في شيء من مرسومات شيخه، ولا ظهر منه نقص احترامه وقد عرف الشيخ أنه رآه فقال له يوما: يابني قد عرفت أنك رأيتني حين فسقت بتلك ¬

(¬1) ص: 47. (¬2) ذكر الشعراني نحو هذه القصة بدون سفينة ثم قال: وقد أخبرت عنه سيدي محمد عنان رضي الله عنه فقال: هؤلاء يخيلون للناس هذه الأفعال وليس لها حقيقة. انظر الطبقات الكبرى ص: 607. (¬3) البقرة: 100.

المرأة!! وكنت أنتظر فراقك عني من أجل ذلك فقال له التلميذ: ياسيدي إن الإنسان معرض لمجاري أقدار الله عليه، وإني من الوقت الذي دخلت فيه إلى خدمتك ما خدمتك على أنك معصوم وإنما خدمتك على أنك عارف بكيفية السلوك عليه الذي هو طلبي وكونك تعصي شيء بينك وبين الله عز وجل لا يرجع شيء من ذلك علي، فما وقع منك ياسيدي شيء يوجب نفاري وزوالي عنك وهذا هو عقدي فقال له الشيخ: هكذا وإلا فلا، فربح ذلك التلميذ وجاء منه ماتقر به العين من حسن الحال وعلو المقام. (¬1) ومن الفوائد التي تضمنها التفسير وهي استطراد منه على كل حال قوله: {وبشر الصابرين} (¬2) قال ابن جزي: فائدة ورد ذكر الصبر في القرآن في أكثر من سبعين موضعا وذلك لعظم موقفه في الدين قال بعض العلماء كل الحسنات لها أجر معلوم إلا الصبر فإنه لا يحصر أجره لقوله تعالى: {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} (¬3) وذكر الله للصابرين ثمان من الكرامات ... فذكرها (¬4). ¬

(¬1) ص: 85. (¬2) البقرة: 155. (¬3) الزمر: 10. (¬4) ص: 127.

الخاتمة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الخاتمة الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على سيد البريات نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى بوم الدبن وبعد فقد كمل هذا البحث المتواضع بفضل من الله ومنة، وهذا جهد المقل وأملي أن أكون قد أضفت عملا نافعا، أجده في صحيفة عملي يوم حشري ونشري، وآن في هذه الخاتمة الموجزة أن أدلي بدلو العاجز المقصر بما توصلت إليه من نتائج وأوصي وصية من تبوأ غير مقعده بما عن لي من توصيات فأقول مستعينا بالواحد الأحد: أولا: لقد تبين لي من خلال هذا البحث عظم عطاء مدرسة التفسير في منطقة غرب إفريقيا، واستمرارية هذا العطاء على مدى عصور الإسلام، فلم يتوقف هذا المد على الرغم من المعوقات التي وقفت في طريقه بفضل الله ثم بعزيمة العلماء وجهود الصالحين والأخيار. ثانيا: وجود الكثير من المفسرين في تلك المنطقة الذين لم يحظوا بالاشتهار الذي يلائم منزلتهم العلمية وخاصة في منطقة المشرق بل ريما كان كثير منهم من المجهولين لدى طلبة العلم والمشتغلين به. ثالثا: وجود كم هائل من المخطوطات التي لم تر النور بعد في تفسير كتاب الله ومايتعلق به من إنتاج تلك المدرسة، لا بوجد عنها تصور ولم تحظ بدراسة لمنهج مؤلفيها فيها. رابعا: إن الدراسات التي عنيت بالمنطقة مازالت في حدود ضيقة، ولم توف بعد بإعطاء صورة متكاملة عن التفسير بها.

خامسا: لابد لطالب العلم أن يبرأ من حوله وقوته وأن يلجأ إلى ربه ليهديه سواء السبيل فكم من عالم زل بل ضل ولاشك أن لذلك أسبابه ومبرراته التي يجب على طالب العلم اجتنابها إلا أنه يبقى ماذكرته من الفزع إلى الله فهو نور السموات والأرض. سادسا: الحق لا يعرف بالرجال وإنما يعرف الرجال بالحق، فلا يغنر طالب العلم برنين الأسماء وكثرة الثناء، فالحق أبلج والباطل لجلج، وإن للحق نورا يعرف به ومقياسه هو الكتاب والسنة ومنهج سلف الأمة وإباك إباك وبنيات الطريق. سابعا: إن لمصر - وللأزهر - خاصة دورا بارزا وقياديا في حركة التفسير في المنطقة المدروسة من خلال احتوائها لكثير من مفسريها وتهيئتها المجال للدراسة والتدريس بها، وهذا هو دأبها نسأل الله لها الدوام على ذلك. وأما التوصيات فأقول: أولا: لابد من صقل الاتصال بين المشارقة والمغاربة من خلال تبادل الأبحاث والكتب المطبوعة والمخطوطات فكم من بحث في إحدى المنطقتين لا علم للمنطقة الأخرى به، وكم من مخطوطات هنا ليس لها مصورات هناك، وأما المطبوعات وما أدراك ما المطبوعات فالأمر فيها عجيب، فلو وجدت الجهة التي تنسق للاتصال وتوفير تبادل المعلومات بين المنطقتين لكان في ذلك الخير الكثير. ثانيا: ضرورة توجيه طلبة العلم والباحثين من أهل الدراسات إلى هذا الكم الهائل من المخطوطات لتحقيقها وإخراجها للناس فكم بذل فيها من جهد وكم حوت من علوم وهي رهن المكتبات العلمية لايطلع عليها إلا النزر اليسير. ثالثا: توجيه الباحثين إلى دراسة مناهج هؤلاء المفسرين الذين لا يعرف شيء عن مناهجهم، وإبراز جوانب التميز سلبا وإيجابا في تلك المناهج. هذا ما ظهر لي فإن كان صوابا فمن الله وإن كان خطأ فمني ومن الشيطان وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

فهرس المراجع

فهرس المراجع 1 - إتحاف أعلام الناس بمن حل بمدينة فاس - المكناسي 2 - إتحاف أهل الزمان بأخبار ملوك تونس وعهد الأمان، لأحمد بن أبي الضياف، الدار التونسية للنشر، ط 2، 1396 هـ. 3 - إتحاف المطالع: ابن سودة = موسوعة أعلام المغرب 4 - إتحاف فضلاء البشر - الشيخ أحمد بن محمد بن عبد الغني الدمياطي - مكتبة ومطبعة المشهد الحسيني. 5 - إحياء علوم الدين - الغزالي - مطبعة مصطفى بابي الحلبي 6 - أخبار الأئمة الرستميين - ابن الصغير - ت د: محمد ناصر وإبراهيم بحار - الجزائر سنة 1405 هـ. 7 - أخبار وتراجم أندلسية ومغربية، إحسان عباس، دار الثقافة بيروت، ط 1، 1963 م، (مستخرجة من معجم السفر) للسلفي. 8 - آداب اللغة - جرجي زيدان - مصر 1914 هـ 9 - آداب المعلمين لمحمد بن سجنون تح ح. ح عبد الوهاب، مراجعه محمد العروسي المطوي، دار الكتب الشرقية، تونس، ط 2، 1392 هـ. 10 - إرشاد الأريب = معجم الأدباء 11 - إرواء الغليل - محمد ناصر الدين الألباني - المكتب الإسلامي. 12 - أزمة المغرب الأقصى لاندروم ترجمة علي وحسين الحوت القاهرة 1916 م 13 - أزهار الرياض في أخبار عياض، أحمد بن محمد المقري التلمساني، تح مجموعة من علماء المغرب، مطبعة فضالة بالمغرب. 14 - أساس البلاغة - محمود بن عمر الزمخشري - ت عبد الرحيم محمود - دار المعرفة - بيروت 1399 هـ 15 - أساس التأويل - النعمان بن محمد ابن حيون - ت عارف تامر - بيروت

16 - أسباب النزول - الإمام المحقق أبي القاسم هبة الله ابن سلامة أبي النصر - مكتبة المتنبي القاهرة مكتبة سعد الدين دمشق. 17 - أسباب النزول - الواحدي - مكتبة المتنبي، مكتبة سعد الدين. 18 - أسد الغابة في معرفة الصحابة - ابن الأثير - دار المعرفة. 19 - إسعاف الإخوان الراغبين بتراجم ثلة من علماء المغرب المعاصرين، لمحمد بن الفاطمي ابن الحاج، مطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء، الطبعة الأولى 1412 هـ - 1992 م. 20 - أسنى المطالب في أحاديث مختلفة المراتب - محمد بن السيد درويش الحوت - ت خليل الميس - دار الكتاب العربي - بيروت الطبعة الثانية 1403 هـ. 21 - أضواء البيان في إضاح القرآن بالقرآن - محمد الأمين بن محمد المختار الشنقيطي - عالم الكتب بيروت. 22 - أطلس العالم مجموعة من الإساتذة - مكتبة لبنان بيروت. 23 - أعلام الإصلاح في الجزائر - محمد علي دبوز 24 - أعلام الفكر الإسلامي في تاريخ المغرب العربي، محمد الفاضل بن عاشور، مطبعة النجاح تونس. 25 - أعلام المغرب، عبد الوهاب بن منصور، المكتبة الملكبة بالرباط، ط 1، 1398 هـ. 26 - أعمال الأعلام فيمن بويع قبل الاحتلام من ملوك الإسلام، (قسم3خاص بالمغرب)، لسان الدين بن الخطيب الأندلسي (ت 776 هـ)، تح د. أحمد العبادي ومحمد الكتاني، دار الكتاب، الدار البيضاء 1964 م. 27 - أعيان الشيعة محسن الأمين - دمشق 1353. 28 - أقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك - خير الدين التونسي ت المنصف الشنوفي - الدار التونسية 1986 م. 29 - إملاء ما من به الرحمن من وجوه الإعراب والقراءات في جميع القرآن - أبي البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري - دار الكتب العلمية - بيروت، لبنان - الطبعة الأولى 1399 هـ. 30 - إنباء الغمر بأبناء العمر - ابن حجر العسقلاني 31 - إنباه الرواة على أنباه النحاة، لأبي الحسن علي بن يوسف القفطي، تح محمد أبو الفضل إبراهيم، دار الكتب المصرية، ط 1، 1371 هـ

32 - أنساب الأشراف - أبو العباس أحمد بن يحي البلاذري - نشر مكتبة المثنى بغداد - القدس مطبعة الجامعة 1936 م. 33 - أنموذج الزمان في شعراء القيروان، الحسن بن رشيق القيرواني - جمع وتحقيق الأستاذين: بشير بكوش ومحمد العروسي المطوي، المؤسسة الوطنية للكتاب بالجزائر، الشركة التونسية للتوزيع 1406 هـ. 34 - أيسر التفاسير الكلام العلي الكبير - أبو بكر جابر الجزائري - الطبعة الثالثة 1410 هـ. 35 - إيضاح المكنون - إسماعيل باشا بن محمد أمين - دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان - 1413 هـ. 36 - اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر - فهد بن عبد الرحمن بن سليمان الرومي - بدون ناشر - الطبعة الأولى 1407 هـ. 37 - اتعاظ الحنفاء بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفاء، لأحمد بن علي المقريزي (ت 845 هـ)، تح د. جمال الدين الشيال، القاهرة، 1387 هـ. 38 - الإباضية بالجريد في العصور الإسلامية الأولى، صالح باجيّة، دار بو سلامة، تونس، ط 1. 39 - الإباضية في موكب التاريخ - على يحي معمر (ت 1400 هـ) مكتبة وهبة سنة 1384 هـ - دار الثقافة سنة1385 هـ - المطبعة الغربية بالجزائر سنة 1450 هـ. 40 - الإتقان في علوم القرآن - شيخ الإسلام جلال الدين السيوطي الطبعة الرابعة 1398 هـ 1978 م مطبعة مصطفى البابي الحلبي. 41 - الإتقان في علوم القرآن - عبد الرحمن السيوطي - دار المعرفة 42 - الإحاطة في أخبار غرناطة، لسان الدين بن الخطيب الأندلسي (ت 776 هـ)، تح محمد عبد الله عنان، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط 2، 1393 هـ، 43 - الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان - ترتيب ابن بلبان - ت شعيب أرناؤوط - مؤسسة الرسالة ط 1، 1988 م. 44 - الإحكام في أصول الأحكام - ابن حزم - مكتبة عاطف. 45 - الأدب العربي المعاصر في المغرب الأقصى - سيد حامد النساج - دار التراث القاهرة 1963 م. 46 - الأديان والفرق والمذاهب المعاصرة - عبد القادر شيبة الحمد - مطبوعات الجامعة الإسلامية

47 - الأزهار الرياضية في أئمة وملوك الإباضية - سليمان بن عبد الله الباروني النفوس. 48 - الإشارة إلى وفيات الأعيان المنتقى من تاريخ الإسلام، للإمام الحافظ المؤرخ شمس الدين أبي عبدالله محمد بن أحمد الذهبي الدمشقي، دار ابن الأثير، بيروت الطبعة الأولى 1411 هـ - 1991 م 49 - الإصابة في تمييز الصحابة، لشيخ الإسلام شهاب الدين أبي الفضل أحمد بن علي العسقلاني، تحقيق طه محمد الزيني، الطبعة الأولى، مكتبة الكليات الأزهرية. 50 - الأعلام الشرقية في المئة الرابعة عشر - زكي محمد مجاهد - مصر 1368 هـ. 51 - الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام - عباس بن محمد المراكشي - فاس 1936 هـ. 52 - الأعلام قاموس تراجم لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين والمستشرقين، لخير الدين الزركلي، دار العلم للملايين بيروت - لبنان الطبعة الثانية عشر شباط / فبراير 1997. 53 - الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ - أبو الخير بن محمد السخاوي - دار الكتاب العربي بيروت 1399 هـ. 54 - الأغالبة، سياستهم الخارجية، د. محمد إسماعيل، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، ط 2، 1978 م. 55 - الإكمال - ابن ماكولا - ت عبد الرحمن المعلمي اليماني - الناشر محمد أمين دمج - بيروت 56 - الإمام المازري - حسن حسني عبد الوهاب - دار الكتب الشرقية، تونس. 57 - الإمام عبد الله بن ياسين - إبراهيم الجمل - دار الإصلاح 1981 م 58 - الأنساب - الإمام أبي سعد عبد الكريم التميمي السمعاني - عبد الرحمن بن يحيى اليماني الناشر محمد أمين دمج - بيروت لبنان. 59 - الأنيس المطرب بروض القرطاس في أخبار ملوك المغرب وتاريخ مدينة فاس - ابن أبي زرع محمد ابن عبد الحليم - فاس طبع حجر. 60 - الاستبصار في عجائب الأمصار - مجهول - الإسكندرية 1958 م. 61 - الاستقصاء لأخبار دول المغرب الأقصى، أحمد بن ناضر السلاوي، تح ولدي المؤلف دار الكتاب، الدار البيضاء 1954 م.

62 - الاستيعاب في معرفة الأصحاب، لأبي عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر - بهامش الإصابة في معرفة الصحابة = انظر الإصابة 63 - الانبساط بتلخيص الاغتباط بتراجم أعلام الرباط - محمد بن محمد بن عبد الله - مصر 1347 هـ. 64 - الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث لابن كثير - أحمد محمد شاكر، الطبعة الثالثة 1399 هـ - 1979 م دار التراث. 65 - البحر المحيط وبهامشه النهر الماد - محمد بن يوسف بن حيان الأندلسي - مكتبة ومطابع النصر الحديثة - الرياض. 66 - البحر المديد - أبو العباس أحمد بن محمد بن عجيب الأنجري - دار الثناء مصر 1373 هـ. د 67 - البداية والنهاية، الحافظ ابن كثير الدمشقي، الطبعة الثانية 1402 هـ، مكتبة المعارف - بيروت. 68 - البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع لمحمد بن علي الشوكاني - الناشر دار المعرفة بيروت لبنان الطبعة الأولى 1348 هـ 69 - البرهان في علوم القرآن - بدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي - ت محمد أبو الفضل إبراهيم - بيروت دار المعرفة سنة 1391 هـ. 70 - البستان الظريف في دولة أولاد مولاي الشريف - أبو القاسم الزياني - مخطوط بالخزانة العامة الرباط 71 - البستان في ذكر الأولياء والعلماء بتلسمان تحقيق محمد بن أبي شنب الجزائر 1908 م. 72 - البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب، لابن عذارى المراكشي (ت 706 هـ)، الدار العربية للكتاب، بيروت، ط 3، 1983 م. 73 - التاج المكلل من جواهر قائد الطراز الآخر والأول - محمد صديق حسن خان - مكتبة دار السلام الرياض 1488 هـ. 74 - التاريخ الكبير - الحافظ أبي عبد الله إسماعيل بن إبراهيم البخاري - دار الكتب العلمية. 75 - التحفة المرضية في الدولة البكراشية في بلاد الجزائر المحمية - محمد بن ميمون الزواوي - ت محمد عبدالكريم الشركة الوطنية للنشر الجزائر 1392 هـ. 76 - الترغيب والترهيب من الحديث الشريف - زكي الدين عبد العظيم بن عبد القوي المنذري - دار إحياء التراث العربي - بيروت.

77 - التشوف إلى رجال التصوف - التادلي 78 - التصاريف، يحيى بن سلام (ت 200 هـ)، تح هند شلبي، الشركة التونسية للتوزيع 1400 هـ. 79 - التصور والتصديق بأخبار الشيخ محمد بن الصديق - أبو الفيض أحمد بن الصديق - مكتبة الخانجي القاهرة 1366 هـ. 80 - التصوف بين الحق والخلق - محمد فهر شقفة - الدار السلفية - الكويت - ط 3 - 1403 هـ 81 - التعليق على الأنساب = الأنساب. 82 - التفسير والمفسرون محمد حسين الذهبي دار الكتب الحديثة الطبعة الثانية 13961976 م 83 - التفسير ورجاله - الفاضل ابن عاشور - الشركة التونسية لفنون الرسم - الطبعة الثانية 1972 84 - التفسير ورجاله، محمد الفاضل بن عاشور، دار الكتب الشرقية، تونس، ط 2، 1972 م. 85 - التقريب للإمام الحافظ شهاب بن حجر العسقلاني الطبعة الأولى 1406 هـ - 1986 م دار الرشيد. 86 - التكملة لكتاب الصلة - لأبي عبد الله محمد بن أبي بكر القضاعي المعروف بابن الأبار - ت السيد عزت العطار الحسيني - القاهرة سنة1956 هـ. 87 - التكملة لكتاب الصلة لأبي عبد الله محمد بن أبي بكر القضاعي المعروف بابن الأبار (ت 659 هـ) مكتب الثقافة الإسلامية مصر 1375 هـ. 88 - التكملة لوفيات النقلة، عبد العظيم المنذري (ت 656 هـ)، تح بشار عواد، تقديم د. مصطفى جواد، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط 2، 1401 هـ. 89 - التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير - ابن حجر العسقلاني - عناية عبد الله هاشم اليماني - دار المعرفة بيروت - 1384 هـ 90 - التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد - ابن عبد البر - مكتبة السوادي. 91 - التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر (ت 463 هـ)، تح جماعة من العلماء، ط المغرب.

92 - التوحيد مع فتح المجيد - الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ دار الباز مطبعة السنة المحمدية الطبعة السابعة 1377 هـ - 1957. 93 - التوحيد وإثبات صفات الرب - محمد بن إسحق بن خزيمة - راجعه محمد خليل هراس - دار الكتب العلمية 1398 هـ. 94 - التيسير في أحاديث التفسير - محمد المكي الناصري - دار الغرب الإسلامي - بيروت - الطبعة الأولى 1405 هـ. 95 - التيسير في قواعد علم التفسير - محمد بن سليمان الكافييجي - ت ناصر المطرودي - دار القلم، دار الرفاعي، دمشق، الرياض. 96 - الثعالبي ومنهجه في التفسير - عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي - المطبعة الثعالبية الجزائر 1327 هـ. 97 - الثقات - ابن حبان - دار العلم. 98 - الثقات - للإمام الحافظ محمد بن حبان بن أحمد أبي حاتم التميمي - مؤسسة الكتب الثقافية الطبعة الأولى 1408 هـ - 1988 م. 99 - الجامع - الترمذي لأبي عيسى محمد بن عيسى بن سوْرة الطبعة الثانية 1395 هـ - مطبعة مصطفى البابي الحلبي. 100 - الجامع في السنن والآداب والمغازي والتاريخ، أبو محمد عبد الله بن زبد القيرواني (ت 386 هـ)، تح محمد أبو الأجفان، عثمان بطيخ، مؤسسة الرسالة بيروت، المكتبة العتيقة تونس، ط 1، 1402 هـ. 101 - الجامع لأحكام القرآن - أبي عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي - دار الريان للتراث. 102 - الجرح والتعديل - الإمام الحافظ شيخ الإسلام الرازي - دار الكتب العلمية الطبعة الأولى 1372 هـ م 1953 م مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية. 103 - الجزائر العربية - إحسان حقي. 104 - الجواهر الحسان في تفسير القرآن - بتحقيق محمد الفاضلي - المكتبة العصرية - بيروت سنة 1417 هـ. 105 - الجواهر الحسان في تفسير القرآن - بعناية محمد بن المصطفى ابن الخوجة بالجزائر سنة 1905 م الجواهر الحسان في تفسير القرآن - بتحقيق عمار الطالبي - المؤسسة الوطنية للكتاب 106 - الجواهر المضيئة في طبقات الحنفية لابن أبي الوفاء القرشي دار العلوم الرياض الطبعة الأولى 1408 هـ - 1988 م 107 - الحركات الباطنية في العالم الإسلامي - محمد أحمد الخطيب - مكتبة الأقصى - الأردن - ط 2 - 1406

108 - الحركة الأدبية والفكرية في تونس - الفاضل ابن عاشور 109 - الحركة الإصلاحية في تونس خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر - حبيب الجنجاني - حوليات الجامعة التونسية 9691 110 - الحركة العلمية في عصر الرسول وخلفائه - محمد السيد الوكيل - دار المجتمع جدة 1409 هـ. 111 - الحركة الوطنية في الجزائر - د. أبو القاسم سعد الله 112 - الحضارة الإسلامية في المغرب والأندلس عصر المرابطين والموحدين - حسن علي حسن - القاهرة مكتبة الحانجي 1980 م. 113 - الحضارة المغربية عبر التاريخ لحسن السائح دار الثقافة الدار البيضاء ط 1 سنة 5791 م 114 - الحلة السيراء - أبو عبد الله محمد بن عبد الله ابن الأبار - حسين مؤنس الشركة العربية القاهرة 1383 هـ. 115 - الحلل السندسية في الأخبار التونسية، محمد بن محمد الأندلسي، الوزير، السراج، (ت 1149 هـ)، الدار التونسية للنشر 1970 م. 116 - الحلل السندسية في الأخبار التونيسية لمحمد بن محمد الأندلسي السراج دار الغرب الإسلامي بيروت لبنان الطبعة الأولى 1985. 117 - الحلل الموشية في ذكر الأخبار المراكشية لمؤلف أندلسي من أهل القرن الثامن ت: د سهيل زكار، عبد القادر زمامة دار الرشاد الحديثة الدار البيضاء ط 1، 1399 هـ 118 - الحملة الصليبية على الإسلام في شمال إفريقية مسألة تجنيس المسلمين بالجنسية الفرنسية المطبعة السلفية سنة 2531 هـ. 119 - الحياة الاجتماعية في الأندلس وأثرها في الأدب العربي - محمد سعيد الرغلي. 120 - الخلاصة النقية في أمراء إفريقية، لأبي عبد الله محمد الباجي المسعودي، مطبعة الدولة التونسية 1283 هـ. 121 - الخلافة والخوارج في المغرب العربي، رفعت فوزي عبد المطلب، ط 1، 1393 هـ. 122 - الخوارج في بلاد المغرب حتى منتصف القرن الرابع، د. محمود إسماعيل عبدالرزاق، دار الثقافة، الدار البيضاء، ط 1، 1976 م. 123 - الدر المنثور في التفسير بالماثور - عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي - دار المعرفة.

124 - الدر النفيس والنور الأنيس في مناقب الإمام إدريس - أحمد بن عبد الحي - فاس 1214 هـ. 125 - الدرر السنية في أخبار السلالة الإدريسية - محمد بن على السنوسي - مصر 1349 هـ. 126 - الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة - أحمد بن على حجر العسقلاني - حيدر أ. ب 1945 م. 127 - الدولة الحفصية - أحمد بن عامر - دار الكتب الشرقية 128 - الدولة الموحدية بالمغرب في عهد عبد المؤمن بن علي - عبد الله علي - القاهرة 1971 م. 129 - الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب، إبراهيم بن علي بن فرحون اليعمري (ت 7989 هـ)، دار الكتب العلمية، بيروت. 130 - الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب لابن فرحون المالكي ت: د. محمد الأحمدي أبو النور - دار التراث - القاهرة - بدون تاريخ. 131 - الذيل على كشف الظنون = إيضاح المكنون. 132 - الذيل لكتاب البشائر أهل الإيمان في فتوحات آل عثمان = ذيل البشائر 133 - الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة، أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الملك الأنصاري الأوسي المراكشي (ت 703 هـ)، تح إحسان عباس، دار الثقافة بيروت، ط 1، 19651973 هـ. 134 - الرد على القائلين بوحدة الوجود علي سلطان قاري - ت علي رضا - دار المأمون - دمشق ط 1 - 1415 هـ 135 - الرد على من يقول القرآن مخلوق - أحمد بن سليمان النجاد - ت رضا الله محمد - مكتبة الصحابة - الكويت 136 - الرسالة المستطرفة لبيان مشهور كتاب السنة المشرفة - الإمام السيد محمد بن جعفر الكتاني - دار الكتب العلمية بيروت - لبنان. 137 - الزاوية الدلائية ودورها الديني والعلمي والسياسي، محمد العياشي وجهاده ضد الأسبان والبرتغال 138 - الزهد - أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني - راجعها لجنة من العلماء بإشراف الناشر - دار الكتب العلمية - بيروت، لبنان - الطبعة الأولى 1403 هـ. 139 - السعادة الأبدية في التعريف بمشاهير الحضرة المراكشية - لابن المبارك.

140 - السلسلة الصحيحة - محمد ناصر الدين الألباني الطبعة الأولى 1403 هـ - المكتبة الإسلامية، الدار السلفية. 141 - السلفية وأعلامها في موريتانيا، للشيخ الطيب بن عمر بن الحسين، دار بن حزم - بيروت الطبعة الأولى 1416 هـ. 142 - السنة - أبي عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني - ت محمد بن سعيد بن سالم القحطاني - دار ابن القيم - الطبعة الأولى 1406 هـ. 143 - السنن - أبو داود - دار الكتاب العربي. 144 - السنن - أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني - ت محمد محيي الدين عبد الحميد - المكتبة الإسلامية - استانبول، تركيا. 145 - السنن - الدارقطني - دار المحاسن للطباعة 146 - السنن - الدارمي - دار الكتب العلمية. 147 - السنن - سعيد بن منصور - دار الكتب العلمية - بيروت، لبنان. 148 - السنن الكبرى - البيهقي - دار الفكر 149 - السيادة والحكم في إفريقيا عبدالملك عودة طالقاهرة 9591 م 150 - السير للشماخي أحمد بن سعيد الشماخي (ت 928 هـ) ت: أحمد السيابي نشر وزارة سلطة عمان سنة 1407 هـ 151 - السير وأخبار الأئمة - أبو زكريا يحيى بن أبي بكر الورجلاني - ت عبد الرحمن أيوب الدار التونسية للنشر تونس سنة1405 هـ. 152 - السيرة النبوية لابن هشام - تحقيق الدكتور سهيل زكار - الطبعة الأولى 1412 هـ - 1992 م دار الفكر. 153 - الصحاح - الجوهري 154 - الصحيح المسند من أسباب النزول - مقبل بن هادي الوادعي - مكتبة ابن تيمية - القاهرة 1408 هـ. 155 - الصراع المذهبي بإفريقية، عبد العزيز المجذوب، الدار التونسية للنشر. 156 - مختصر الصلاة وقيام الليل لابن نصر - المقريزي 157 - الصلة في تاريخ أئمة الأندلس وعلمائهم ومحدثيهم وفقهائهم وأدبائهم، لأبي القاسم خلف بن عبد الملك بن بشكوال، الناشر مكتبة الخانجي بالقاهرة، الطبعة الثانية - 1414 هـ - 1994 م 158 - الضعفاء الكبير - محمد بن عمرو العقيلي - ت عبد المعطي قلعجي - دار الكتب العلمية - بيروت ط 1 - 1404 هـ.

159 - الضوء اللامع لأهل القرن التاسع - بيروت - دار مكتبة الحياة - د. ت. 160 - الطبقات - خليفة بن خياط - ت أكرم العمري - مكتبة طيبة - الرياض 1983 م 161 - الطبقات الكبرى - عبد الوهاب الشعراني - المكتبة التوفيقية - مصر 162 - الطبقات الكبرى - لابن سعد - دار صادر بيروت 163 - العبر في خبر من غبر، الحافظ الذهبي، تح صلاح الدين المنجد، الكويت 1984 م. 164 - العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر، عبد الرحمن بن محمد بن خلدون (ت 808 هـ)، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت. 165 - العرش وما روي فيه - محمد بن عثمان بن أبي شيبة العبسي - ت محمد بن حمد الحمود - مكتبة المعلم - الكويت. 166 - العظمة - لأبي الشيخ الأصبهاني - ت رضاء الله المباركفوري - دار العاصمة - الرياض. 167 - العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين - تقي الدين محمد بن أحمد الحسني الفاسي - دار الكتب المصرية. 168 - العقيدة السلفية في كلام رب البرية - عبد الله بن يوسف الجديع - الطبعة الأولى1408 هـ. 169 - العلل المتناهية في الأحاديث الواهية - للإمام أبي الفرج عبد الرحمن بن علي ابن الجوزي التيمي - حققه الأستاذ إرشاد الحق الأثري إدارة ترجمان السنة شادمان - لاهور. 170 - العمر في المصنفات والمؤلفين التونسيين لحسن حسني عبد الوهاب دار الغرب الإسلامي بيروت لبنان الطبعة الأولى 1990 م 171 - العواصم من القواصم الصلة في تحقيق مواقف الصحابة - محمد بن علي بن العربي - تحقيق محب الدين الخطيب - مطبعة السلفية 1387 هـ 172 - العيون والحدائق في أخبار الحقائق (من خلافة الوليد بن عبد الملك إلى خلافة المعتصم)، لمؤلف مجهول، مكتبة المثنى، بغداد. 173 - الغاية في القراءات العشر - أبي بكر بن الحسين بن مهران النيسابوري - ت محمد بن غياث الجنباز - الطبعة الأولى 1405 هـ.

174 - الغصون اليانعة في محاسن شعراء المائة السابعة - أبي الحسن علي بن موسى الأندلسي - مصر 1945 م 175 - الغنية فهرست شيوخ القاضي عياض دار الغرب الإسلامي بيروت لبنان الطبعة الأولى 1402 هـ 1928 م 176 - الفارسية في مبادىء الدولة الحفصية - أبو العباس أحمد بن حسين ابن القنفذ القسنطيني - تحقيق محمد الشاذلي النيفر - الدار التونسية 1968 م 177 - الفتوحات المكية - محيي الدين ابن عربي - ت عثمان يحيى - الهيئة المصرية العامة للكتاب 1392 هـ 178 - الفرق الإسلامية في الشمال الإفريقي من الفتح العربي حتى اليوم، الفرد بل، ترجمة عبد الرحمن بدوي، دار الغرب الإسلامي، بيروت ط 2، 1981 م. 179 - الفرق بين الفرق - عبد القاهر بن طاهر البغدادي - ت لجنة إحياء التراث العربي - دار الآفاق الجديدة - بيروت ط 5، 1402 هـ. 180 - الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي - محمد بن الحسن الحجوي الثعالبي الفاسي - المكتبة العلمية للنمنكاني بالمدينة المنورة ط.1397 هـ 181 - الفهرس الشامل للتراث العربي الإسلامي المخطوط - مؤسسة آل البيت - عمان 1989 م. 182 - الفهرست - أبو الفرج محمد بن إسحاق بن النديم - القاهرة - مطبعة الاستقامة، د. ت. 183 - الفهرست لابن النديم دار المعرفة بيروت لبنان. 184 - الفوائد المجموعة لشيخ الإسلام محمد بن علي الشوكاني الطبعة الثالثة 1402 المكتب الإسلامي. 185 - القاموس المحيط - القاهرة طبعة بولاف سنة 1272 هـ 186 - القرآن وعلومه في مصر - الدكتور عبد الله خورشيد 187 - القراءات بإفريقية من الفتح إلى منتصف القرن الحامس الهجري، هند شلبي، الدار العربية للكتب، 1983 م. 188 - القيروان عبر عصور ازدهارها الحضارة الإسلامية في المغرب العربي، د. الحبيب الجنحاني، الدار التونسية للنشر 1968 م. 189 - الكامل في التاريخ لابن الأثير علي بن محمد بن محمد الشيباني (ت 630 هـ) دارصادر، بيروت. 190 - الكامل في ضعفاء الرجال - أبي أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني - دار الفكر - الطبعة الأولى 1405 هـ.

191 - الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - دار الفكر ط 1 - 1397 هـ 192 - الكشف الإلهي عن شديد الضعف والموضوع والواهي - محمد بن محمد بن محمد الطرابلسي - ت محمد محمود أحمد بكار - دار العليان - مكة، بريدة - الطبعة الأولى 1408 هـ. 193 - الكواكب السائرة بأعيان المائة العاشرة - نجم الدين الغزي - ت جبرائيل جبور - دار الآفاق الجديدة بيروت ط 3، 1979 م. 194 - الكواكب النيرات أبي البركات محمد بن أحمد المعرفي بابن الكيال - جامعة أم القرى بمكة ت عبد القيوم عبدرب النبي - دار المأمون للتراث بيروت 1401 هـ 195 - اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة - عبد الرحمن السيوطي - دار المعرفة - بيروت ط 1 - 1401 هـ 196 - اللباب في تهذيب الأسباب - عز الدين ابن الأثير الجزري - دار هادر بيروت سنة 1400 هـ 197 - المؤنس في أخبار إفريقية وتونس، أبو عبد الله محمد بن أبي القاسم الرّعيني القيرواني، المعروف بابن أبي دينار تح محمد شمام، المكتبة العتيقة، تونس، ط 3، 1387 هـ. 198 - المازري الفقيه المتكلم وكتاب المعلم - محمد الشاذلي النيفر - المطبعة العصرية - تونس 199 - المجالس والمسامرات - ت الحبيب الثقفي وإبراهيم شرح محمد المندوي - المطبعة الرسمية - تونس 1975 م. 200 - المجالس والمسامرات - تحقيق الحبيب الفقي وغيره - تونس المطبعة الرسمية 1978 201 - المجتمع التونسي على عهد الأغالبة، عثمان الكعاك، مطبعة الغرب، تونس. 202 - المجددون في الإسلام لأمين الخولي - دار المعرفة - القاهرة 1965 م 203 - المجددون في الإسلام لعبد المتعال الصعيدي - القاهرة مكتبة الآداب ومطبعتها بدون تاريخ 204 - المحاضرات للحسن اليوسي تحقيق: د. محمد حجي، أحمد الشرقاوي إقبال - دار الغرب الإسلامي - بيروت 1982 م 205 - المحرر الوجيز - ابن عطية الأندلسي - دار الكتب العلمية.

206 - المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - القاضي أبي عمر عبد الحق ابن غالب ابن عطية تحقيق عبد السلام عبد الشافي محمد - الأندلس - دار الكتب العلمية بيروت لبنان. 207 - المحن، الحافظ أبو العرب التميمي القيرواني (ت 333 هـ)، تح يحيى الجبوري، دار الغرب الإسلامي، بيروت ط 1، 1403 هـ. 208 - المختارة من الأحاديث الصحيحة - محمد بن عبد الواحد الضياء المقدسي - ت عبد الملك بن دهيش - دار النهضة الحديثة - مكة ط 1 - 1410 هـ 209 - المختصر في أخبار البشر أبو النداء إسماعيل بن علي الشافعي - بيروت دار الكتب اللبناني 1960 م 210 - المدارس الكلامية بإفريقية إلى ظهور الأشعرية - د عبد المجيد بن حمدة - دار العرب - تونس ط 1، 1406 211 - المدرسة القرآنية في المغرب من الفتح الإسلامي إلى ابن عطية - عبد السلام الكنوني - مكتبة المعارف - الرباط. 212 - المذهب التربوي عند ابن سحنون رائد التأليف التربوي الإسلامي. عبد الرحمن عثمان حجازي بيروت، مؤسسة الرسالة 1406 هـ 213 - المسالك والممالك، عبد الله بن عبد الله خرداذبة (ت حوالي300 هـ)، ليدن 1889 م. 214 - المسالك والممالك = انظر المغرب في ذكر أفريقية والمغرب 215 - المستدرك - للإمام الحافظ أبي عبد الله الحاكم النيسابوري - دار الكتاب العربي. 216 - المستفاد من ذيل تاريخ بغداد لابن النجار - أحمد الحسيني - ت قيسر أبو فرح - دار الكتب العلمية - بيروت. 217 - المسند - لأبي يعلى أحمد بن علي بن المثنى التميمي - ت حسين سليم أسد - دار المأمون للتراث - دمشق، بيروت. 218 - المسند - أحمد بن محمد بن حنبل - تحقيق أحمد شاكر دار الفكر - المكتب الإسلامي. 219 - المسند - لأبي بكر عبد الله بن الزبير الحميدي - ت حبيب الرحمن الأعظمي - عالم الكتب - بيروت. 220 - المشتبه في الرجال أسمائهم وأنسابهم - أبي عبد الله محمد أحمد الذهبي تحقيق محمد علي محمد البجاوي - دار إحياء المكتب العلمية 1962 م.

221 - المشتهر من الحديث الموضوع والضعيف والبديل الصحيح - عبد المتعال الجبري - مكتبة وهبة - مصر 1407 222 - المصنف - لابن أبي شيبة - الدار السلفية. 223 - المصنف - لأبي بكر عبد الرزاق بن همام الصنعاني - ت حبيب الرحمن الأعظمي - المكتب الإسلامي ط 1 224 - المطرب من أشعار أهل المغرب - لابن دحية 225 - المعجب في تلخيص أخبار المغرب، محمد بن عبد الواحد المراكشي، دار الكتاب بالمغرب، ط 7، 1978 م. 226 - المعجم الصغير - الطبراني - دار الكتب العلمية. 227 - المعجم الكبير - الطبراني - وزارة الأوقاف العراقية 228 - المعجم في أصحاب القاضي أبي علي الصدفي، لأبي عبد الله محمد بن عبد الله القضاعي، ابن الأبار (ت 659 هـ)، مطبعة روخس، مجريط، 1885 م. 229 - المعرفة والتاريخ - يعقوب بن سفيان البسوي - ت أكرم العمري - مؤسسة الرسالة. 230 - المعسول محمد المختار السوسي - الدار البيضاء مطبعة النجاح 1380 هـ 231 - المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوى علماء إفريقية والأندلس والمغرب - أبو العباس أحمد بن يحيى الونشريسي - بيروت دار المغرب الإسلامي 1401 هـ 232 - المغرب الإسلامي، د. الجيب الجنحاني، الشركة التونسية للتوزيع 1389 هـ. 233 - المغرب العربي - إحسان حقي 234 - المغرب العربي الكبير في العصر الحديث د شوقي عطا الله الحجلي - مكتبة الأنجلوا المصرية ط 10 سنة 1977 م. 235 - المغرب العربي تاريخه وثقافته، رابح بونار، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائلر، ط 2، 1981 م. 236 - المغرب العربي دراسة تاريخية - صلاح العقاد 237 - المغرب الكبير العصر الإسلامي في الإسكندرية: سنة 1966 م سالم دكتور السيد عبد العزيز. 238 - المغرب عبر التاريخ إبراهيم حركان دار الرشاد الحديثة الدار البيضاء ط 1 سنة 8931 هـ.

239 - المغرب في حلي المغرب ابن سعيد علي بن موسى بن محمد جزءان تحقيق الدكتور شوقي ضيف القاهرة 1953، 1955 م 240 - المغني عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار - العراقي = انظر إحياء علوم الدين. 241 - المقتبس من أنباء أهل الأندلس لابن حيان القرطبي دار الكتاب العربي بيروت لبنان 1393 هـ - 1973 م 242 - المقفى الكبير تراجم مغربية ومشرقية من الفترة العبيدية لتقي الدين المقريزي دار الغرب الإسلامي بيروت - لبنان الطبعة الأولى 14071987 243 - الملل والنحل - محمد بن عبد الكريم الشهرستاني ت محمد سيد كلاني - بيروت - دار المعرفة للطباعة والنشر 1395 هـ. 244 - المنار المنيف في الصحيح والضعيف - محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن القيم - ت عبد الفتاح أبو غدة - مكتب المطبوعات الإسلامية - حلب - الطبعة الثانية 1402 هـ. 245 - المنتخب من السياق لتاريخ نيسابور - الإمام أبي الحسين عبد الغافرين إسماعيل الفارسي ت محمد أحمد عبد العزيز - دار الكتب العلمية بيروت، لبنان. 246 - المنتظم في تاريخ الملوك الأمم - أبو الفرج عبد الرحمن ابن الجوزي - مطبة دائرة المعارف العلمية 1357 هـ حيدر آباد الدكن. 247 - المنهل العذب في تاريخ طرابلس الغرب - أحمد النائب الأنصاري ج1 بيروت 1113 هـ. 248 - المهدي بن تومرت (كاملا) - أبو بكر الصنهاجي البيدق - ت ليفي بروفنسال - باريس 249 - المهدية عبر التاريخ - الطيب الفقيه أحمد - دار القلم تونس 250 - المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار - المقريزي - مصر 1327 هـ. 251 - الموسوعة العربية الميسرة - إشراف محمد شقيق غربال - دار القلم القاهرة 1965 م. 252 - الموضوعات - الحسن بن محمد الصغاني - ت نجم عبد الرحمن خلف - دار المأمون للتراث - دمشق ط 2 - 1405 هـ 253 - الموطأ رواية محمد بن الحسن = عبد الوهاب عبد اللطيف - لجنة إحياء التراث الإسلامي ط 2 القاهرة 1387 هـ.

254 - الناسخ والمنسوخ - أبو جعفر النحاس - دار الرسالة. 255 - الناسخ والمنسوخ في كتاب الله تعالى - قتادة بن دعامة السدوسي - ت حاتم صالح الضامن - مؤسسة الرسالة - بيروت - الطبعة الثانية 1406 هـ. 256 - النبوغ المغربي في الأديب العربي - عبد الله كنون الحسيني - بيروت مكتبة المدرسة 1395 هـ. 257 - النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، يوسف بن تعزي بردي الأتابكي (ت 874 هـ)، المؤسسة المصرية العامة، القاهرة 1348 هـ 258 - النشر في القراءات العشر - أبي الخير محمد بن محمد ابن الجزري الدمشقي - دار الكتب العلمية بيروت 259 - النور السافر عن أخبار القرن العاشر - عبد القادر بن شيخ العيدروس - بغداد 1353 هـ. 260 - الهمة في آداب اتباع الأئمة - أبو حنيفة النوار بن محمد ابن حيون - ت محمد كامل حسين - دار الفكر العربي القاهرة د. ت. 261 - الوافي بالوفيات - طبعة هلموت ريثر ط 1، 1318 هـ. 262 - الوسيط في تراجم أدباء شنقيط لأحمد بن الأمين الشنقيطي الناشر مكتبة الخانجي بالقاهرة 1409 هـ 1989 م 263 - الوفيات، العباس أحمد بن حسن بن علي المعروف بابن قنفذ القستطيني (ت 810 هـ) المكتب التجاري، بيروت، تح عادل نويهض، ط 1، 1971 م. 264 - الولاة والقضاة - محمد بن يوسف الكندي - بيروت 1918 م. 265 - اليواقيت الثمينة على أعيان مذهب عالم المدينة - محمد البشير ظافر - مطبعة الملاهي العباسية 1325 هـ. 266 - انتصاب الحماية في تونس - علي المحجوب - سداس للنشر سنة 1985 م 267 - انتصار عبد الكريم - محمود كامل فريد - مطبعة التقدم سنة 1925 م 268 - بدائع الفوائد - أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن القيم الجوزية - توزيع دار النفائس - دار الكتاب العربية بيروت، لبنان. 269 - بدع التفاسير - عبد الله محمد الصديق الغماري - ط 1، 1385 هـ. 270 - برنامج الوادي آشي - لمحمد بن جابر الوادي آشي - دار الغرب الإسلامي بيروت 1982 الطبعة الثالثة. 271 - بصائر ذوي التمييز - في لطائف الكتاب العزيز - أبو طاهر محمد الفيروز بادي - نخبة إحياء التراث الإسلامي 1383 هـ.

272 - بطل الريف الأمير محمد بن عبدالكريم - عبر أبوالنصر - دمشق سنة 1934 م 273 - بغية الرواد في ذكر الملوك من بني عبد الواد - محمد بن خلدون - طبع الجزائر 1903 م. 274 - بغية الملتمس في تاريخ رجال أهل الأندلس، أحمد بن يحي الضبي (ت 599 هـ) مطبعة روخس، مجريط (إسبانيا) 1884 م. 275 - بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة للحافظ جلال الدين دار الفكر عبد الرحمن السيوطي الطبعة الثانية 1399 هـ - 1979 م 276 - بقي بن مخلد ومقدمة مسنده (عدد ما لكل واحد من الصحابة من الحديث) تح ودراسة د. أكرم العمري، ط 1، 1404 هـ. 277 - بنت الشاطئ رصاصة الحق في صدر العلمانيين = انظر مجلة الأربعاء 278 - بنت الشاطئ والتفسير = انظر مجلة الأربعاء 279 - بنو هلال أصحاب التغريبة في التاريخ والأدب - الظاهري وعويس - النادي الأدبي - الرياض 1401 هـ 280 - تأويل دعائم الإسلام - النعمان بن محمد ابن حيون - ت محمد حسن الأعظمي 281 - تاج العروس من جواهر القاموس، محمد مراضي الزبيدي، المطبعة الخيرة، مصر، ط 1، 1306 هـ. 282 - تاريخ آداب اللغة العربية = آداب اللغة العربية 283 - تاريخ إفريقية في العهد الحفصي روبار برنشتيك نقله إلى العربيه حمادي الساحلي مجلدان دار الغرب الإسلامي. 284 - تاريخ إفريقية والمغرب، أبو إسحاق إبراهيم بن القاسم الرقيق القيرواني (ت بعد 417 هـ)، تح المنحنى الكعبي، مطبعة الوسط، تونس 1968 م. 285 - تاريخ ابن الفرضي = تاريخ العلماء والرواة للعلم. 286 - تاريخ ابن خلدون = العبر وديوان المبتدأ والخبر. 287 - تاريخ ابن معين = يحي بن معين وكتابه التاريخ. 288 - تاريخ الأستاذ الإمام وزعماء الإصلاح - محمد رشيد رضا - مصر. 289 - تاريخ الإسلام - الذهبي - ت عمر عبد السلام تدمري - دار الكتب العربي - مؤسسة الرسالة. 290 - تاريخ الأمم والملوك - محمد بن جرير الطبري - بيروت 1939 م.

291 - تاريخ الأندلس في عهد المرابطين والموحدين - ابن الكردبوس أبو مروان عبد الملك التوزري - ت الأستاذ محمد عبد الله عنان القاهرة 1958 م. 292 - تاريخ التراث العربي لفؤاد سزكين أشرفت على طباعته ونشره إدارة الثقافة والنشر بالجامعة، جامعة الإمام، الرياض 1403 هـ - 1983 م 293 - تاريخ التمدن الإسلامي - جيرجي زيدان - مصر 1951 م. 294 - تاريخ الثقات - للإمام الحافظ أحمد بن عبد الله بن صالح أبي الحسن العجلي - دار الكتب العلمية الطبعة الأولى 1405 هـ - 1984 م. 295 - تاريخ الجزائر الحديث - محمد خير فارس 1969 م 296 - تاريخ الجزائر العام - أبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني - ت شهاب الدين 195 م بيروت. 297 - تاريخ الجزائر في القديم والحديث - مبارك بن محمد الهلالي الميلي - الطبعة الجزائرية الإسلامية بقسطنطينة. 298 - تاريخ الدول الإسلامية - بالجداول المرضية - أحمد بن زيني دحلان - طبع بمصر. 299 - تاريخ الدولة السعدية لمؤلف مجهول نشر جورج لوكلان 300 - تاريخ الدولتين - الموحدية والحفصية - ت محمد ماصنور - تونس مكتبة العقيقة. 301 - تاريخ الشعوب الإسلامية - كارل بروكلمان تقريب منير البعلبكي ونبيه فارس - بيروت. 302 - تاريخ الصحافة العربية = فيليبا دي طرازي - المطبعة الأدبية بيروت. 303 - تاريخ الطبري تاريخ الأمم والملوك - أبي جعفر محمد بن جرير الطبري - توزيع دار الباز عباس أحمد الباز مكة المكرمة. 304 - تاريخ العلماء والرواة للعلم بالأندلس لأبي الولي عبد الله بن محمد بن يوسف الأزدي المعروف بابن الفرضى الناشر مكتبة الخانجى مطبعة المدني بالقاهرة الطبعة الثانية 1408 هـ 305 - تاريخ الفكر الأندلسي - آنخل جنثالث بالنثيا. نقلة عن الإسبانية حسين مؤنس - طبع بمصر 1934 306 - تاريخ المغرب - الوزاني 307 - تاريخ المغرب العربي، د. سعد زغلول عبد الحميد، مطبعة أطلس، القاهرة 1979 م.

308 - تاريخ المغرب الكبير، د. السيد عبد العزيز سالم، دار النهضة العربية بيروت 1981 م. 309 - تاريخ بغداد - الخطيب البغدادي - دار الكتاب العربي. 310 - تاريخ بغداد - محمد بن ثابت الخطيب - دار الكتاب العربي 311 - تاريخ تطوان - محمد داود 312 - تاريخ تونس - محمد الهادي الشريف 313 - تاريخ خليفة - خليفة خياط - ت أكرم العمري - دار القلم ط 2 دمشق 1397 هـ. 314 - تاريخ دمشق الكبير - أبي القاسم علي ابن عساكر - نسخة مصورة نشر مكتبة الدار 1407 هـ. 315 - تاريخ علماء الأندلس - لابن الفرضي - طبع في مدريد 1890 م. 316 - تاريخ قضاة الأندلس أو المرقبة العليا فيمن يستحق القضاء والفتيا - المالقي أبو الحسن علي بن عب الله بن الحسن النباهي - نشر ليفي بروفنسال القاهرة 1948 م. 317 - تاريخ قفصة وعلمائها، مقالات لجماعة من الباحثين، دار المغرب العربي، تونس، ط 1، 1972 م. 318 - تاريخ معالم التوحيد في القديم والجديد - محمد بن الخوجة - المطبعة التونسية ط 1، 1358 319 - تبصير المنتبه بتحرير المشتبه - ابن حجر العسقلاني - الكتبة العلمية - بيروت. 320 - تتمة الأعلام - محمد خير رمضان يوسف - دار ابن حزم 1418 هـ. 321 - تحريم النرد والشطرنج والملاهي - الآجري - ت عمر غرامة العمروي 322 - تحفة الزائر في مآثر الأمير عبد القادر وأخبار الجزائر محمد عبد القادر الجزائري الإسكندرية 1903 م 323 - تحفة القادم - محمد بن عبد الله بن الأبار - ت إحسان عباس - دار الغرب الإسلامي بيروت 1406 هـ. 324 - تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي - السيوطي - ت عبد الوهاب عبد اللطيف. 325 - تذكرة الحفاظ - شمس الدين الذهبي - دار إحياء التراث العربي بيروت - لبنان 326 - تذكرة المحسنين = انظر موسوعة أعلام المغرب

327 - تراجم إسلامية شرقية وأندلسية، محمد عبد الله عنان، مكتبة الخانجي، القاهرة ط 2، 1390 هـ. 328 - تراجم الأعلام المعاصرين في العالم الإسلامي - أنور الجندي - مكتبة الأنجلو القاهرة 1970 م. 329 - تراجم المؤلفين التونسيين، محمد محفوظ، دار الغرب الإسلامي، بيروت، لبنان، ط 1، جـ1، 2 (1982 م)، جـ3 (1984 م)، جـ4 (1985 م)، جـ5 (1986 م). 330 - تربية المؤمنين بالتوفيق على حدود باطن علم الدين = انظر تأويل الدعائم 331 - ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك - القاضي عياض بن موسى بن عياض السبتي الطبعة الثانية 1403 هـ 332 - ترتيب الموضوعات - محمد بن أحمد الذهبي - ت كمال بسيوني - دار الكتب العلمية - بيروت ط 1، 1415 هـ 333 - تصحيح المفاهيم في جوانب من العقيدة - محمد أمان الجامي - مطبوعات الجامعة الإسلامية 1399 هـ 334 - تعجيل المنفعة - للإمام أبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني - دار الكتاب العربي. 335 - تعريف أهل التقديس - لأبي الفضل شهاب الدين أحمد بن علي العسقلاني - مكتبة الكليات الأزهرية. 336 - تعريف الخلف برجال السلف - لأبي القاسم محمد الحفناوي - الجزائر 1324 هـ. 337 - تعزية أهل القيروان بما جرى في البلدان من هيجان وتقلب الأزمان 338 - تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزي - مكتبة الدار - المدينة المورة - الطبعة الأولى 1406 هـ. 339 - تغليق التعليق - الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني - سعيد عبد الرحمن القذفي - المكتب الإسلامي - دار عمار بيروت، دمشق. 340 - تفسير ابن أبي حاتم - أبي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي - ت: حكمت بشير، وأحمد عبد الله الزهراني - مكتبة الدار - المدينة المنورة. 341 - تفسير ابن باديس في مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير - عبد الحميد بن باديس - جمع محمد رمضان توفيق، محمد شاهين - دار الفكر

342 - تفسير ابن عرفة - أبو عبدالله محمد بن محمد بن عرفة الورغمي - ت حسن المناعي - مركز البحوث بالكلية 343 - تفسير ابن كثير = تفسير القرآن العظيم. 344 - تفسير الشعراوي - محمد متولي الشعراوي - مطابع دار أخبار اليوم. 345 - تفسير الطبري = جامع البيان 346 - تفسير القرآن العزيز - عبد الرزاق بن همام الصنعاني - ت عبد المعطي قلعجي - دار المعرفة - بيروت - ط 1 - 1411 هـ 347 - تفسير القرآن العظيم - أبي الفداء الحافظ ابن كثير - ت عدة أساتذة - دار الشعب. 348 - تفسير القرآن الكريم - محيي الدين ابن عربي - منشورات دار اليقظة العربية 349 - تفسير المشكل من غريب القرآن - مكي بن أبي طالب - ت هدى الطويل المرعشلي - دار النور الإسلامي ط 1 - 1408 هـ 350 - تفسير النسائي - أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي النسائي - ت سيد الجليمي، صبري الشافعي - مكتبة السنة - الطبعة الأولى 1990 م. 351 - تفسير سور المفصل - من القرآن الكريم - السيد عبد الله كنون - دار الثقافة - المغرب 1401 هـ 352 - تفسير كتاب الله العزيز - هود بن محكم الهواري - ت بالحاج ابن سعيد شريفي - دار الغرب الإسلامية بيروت، لبنان. 353 - تفسير مجاهد - مجاهد بن جبر - ت عبد الرحمن السورتي - المنشورات العلمية بيروت. 354 - تفسير هود بن محكم = تفسير كتاب الله العزيز. 355 - تقريب التهذيب - ابن حجر العسقلاني - ت محمد عوامة - دار الرشيد سوريا - ط 1 - 1406 هـ 356 - تكميل النفع بما لم يثبت به وقف ولا رفع - محمد عمرو عبد اللطيف - مكتبة التوعية الإسلامية - مصر ط 1 - 1410 هـ 357 - تلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير الإمام أبي الفضل شهاب الدين أحمد العسقلاني - دار المعرفة بيروت لبنان. 358 - تنظيم الحماية الفرنسية في المغرب - محمد خير فارس 359 - تنوير الحوالك - عبد الرحمن السيوطي = انظر موطأ مالك 360 - تنوير المقباس في تفسير ابن عباس - منسوب إلى الفيروز آبادي - بهامش الدر المنثور.

361 - تهذيب الأسماء واللغات - النووي 362 - تهذيب التهذيب - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني - دائرة المعارف النظامية - الهند 1325 هـ. 363 - تهذيب تاريخ دمشق لابن عساكر (ت 676 هـ)، عبد القادر بدران (ت 1346 هـ)، دار المسيرة، بيروت ط 2، 1399 هـ. 364 - توشيح الديباج وحلية الابتهاج لبدر الدين القرافي دار الغرب الإسلامي الطبعة الأولى 1403 هـ 365 - تونس في عهد الحماية - نقولا زيادة 366 - تونس وجامع الزيتونة - محمد الخضر حسين - الدار التونسية. 367 - تيسير التفسير - محمد المكي الناصري - دار الغرب الإسلامي - بيروت 1405 هـ. 368 - ثبت أبي جعفر أحمد بن علي البلوي الوادي آشي دار الغرب الإسلامي الطبعة الأولى 1403 هـ 369 - ثبت ابن عابدين - محمد بن عابدين - دمشق 1302. 370 - ثورة ابن غذاهم - وثائق تونسية الجزء الأول الدار التونسية للنشر 1967 م ب سلامة 371 - ثورة علي بن غذاهم - جان غانياج - ترجمة لجنة من كتابة الدولة - الدار التونسية - المطبعة الرسمية للجمهورية التونسية 1965 م. 372 - جامع البيان في تفسير القرآن - أبي جعفر محمد بن جرير الطبري - الطبعة الثالثة 1388 هـ - 1968 م مطبعة مصطفى البابي الحلبي. 373 - جامع التحصيل - الحافظ صلاح الدين ابن سعيد خليل بن كيكلدي العلائي - الطبعة الأولى 1398 هـ - 1798 م الدار العربية للطباعة. 374 - جامع الزيتونة ومدارس العلم في العهد الحفصي والتركي للطاهر المعموري الدار العربية للكتاب 1980 375 - جامع بيان العلم وفضله وما ينبغي في روايته وحمله - ابن عبد البر - دار الكتب العلمية بيروت 1398 هـ 376 - جامع كرامات الأولياء - يوسف النبهاني - مصر 1329 هـ. 377 - جذوة الاقتباس في ذكر من حل من الأعلام مدينة فاس، أحمد بن القاضي المكناسي (ت 1205 هـ)، دار المنصور، الرباط، 1974 م.

378 - جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس، وأسماء رواة الحديث، والأدب، وذوي النباهة والشعر، لأبي عبد الله محمد بن فتوح الحميدي (ت 488 هـ)، مكتب نشر الثقافة الإسلامية القاهرة (د. ت)، مطبعة السعادة، مصر، 1953 م. 379 - جواهر البداري الجواهر المنتقاق في إتمام ما أحل به كتاب الطبقات - أبو القاسم بن إبراهيم البرادي - القاهرة 1302 هـ. 380 - حاشية الأدنوي = انظر طبقات الأدنوي. 381 - حاضر العالم الإسلامي - لو ثروب ستودارد - نقله إلى العربية عجاج نويهض - مصر - 1352 هـ. 382 - حرز الأماني ووجه التهاني (الشاطبية) - القاسم بن فيره الشاطبي. 383 - حسن البيان عما بلغته إفريقية في الإسلام من السطوة والعمران - محمد النيفر - تونس 1353 هـ. 384 - حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة، للحافظ جلال الدين السيوطي (ت 911 هـ)، تح محمد أبو الفضل إبراهيم، دار إحياء الكتب العربية، ط 1، 1387 هـ. 385 - حلية الأولياء وطبقات الأصفياء - للحافظ أبي نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني - دار الكتاب العربي الطبعة الثالثة 1400 هـ. 386 - حوادث الأمير عبد الكريم - محمود كامل فريد - مطبعة التقدم 387 - حوار مع الصوفية - أبو بكر العراقي - مكتبة دار العاصمة 388 - خريدة القصر للعماد الأصفهاني - مصر - 1951 م. 389 - خطط المقريزي = المواعظ والاعتبار 390 - خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر للمجي - مصر 1284 هـ. 391 - خلاصة تاريخ تونس، ح. ح. عبد الوهاب، الشركة التونسية للتوزيع، ط 5، 1976 م. 392 - خلاصة تهذيب الكمال في أسماء الرجال - أحمد بن عبد الله الخزرجي - مصر 1322 هـ. 393 - خلال جزولة - محمد المختار السوسي - تطوان 394 - خير الدين التونسي - أبو القاسم محمد كرو - تونس 395 - خير الدين باشا - المنجي الشملي - تونس 1972 م 396 - دائرة المعارف الإسلامية، جماعة من المستشرقين 1352 هـ. 397 - درء تعارض العقل والنقل - ابن تيمية

398 - درة الحجال في أسماء الرجال - أحمد بن محمد القاضي - للرباط. 399 - دعائم الإسلام - النعمان بن محمد ابن حيون - ت آصف فيضي - طبع بالقاهرة. 400 - دلائل النبوة - لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي - الطبعة الأولى 1405 هـ - دار الكتب العلمية. 401 - دليل مؤرخ المغرب - ابن سودة 402 - دوحة الناشر لمحاسن من كان بالمغرب من مشاهير القرن العاشر - محمد بن علي الحسيني - فاس 1309 هـ. 403 - دور المرابطين في نشر الإسلام في غرب إفريقية - عصمت عبد اللطيف - دار الغرب الإسلامي بيروت 1408 هـ 404 - دور كتامة في تاريخ الخلافة الفاطمية - د موسى لقبال - الشركة الوطنية للنشر والتوزيع الجزائر 1979 405 - دولة الأدارسة ملوك تلمسان وفاس وقرطبة - إسماعيل العربي - دار الغرب الإسلامي ط 1403 هـ 406 - ذخيرة الحفاظ المخرج على الحروف والألفاظ - محمد بن طاهر بن علي بن القيسراني - ت د. عبد الرحمن بن عبد الجبار الفريوائي - دار السلف، دار الدعوة - الرياض، الهند - الطبعة الأولى 1416 هـ. 407 - ذكرى الإمام المازري، عبد الله الزناد، دار بو سلامة، تونس، 1387 هـ. 408 - ذكريات مع الشعراوي = انظر جريدة المدينة 409 - ذيل الأعلام - أحمد العلاونة - دار المنارة جدة ط 1، 1418 هـ 410 - ذيل البشائر - حسين خوجة - تونس 1326 هـ. 411 - ذيل العبر في خبر من غبر - محمد بن أحمد بن عثمان ابن قايماز الذهبي ت أبوا هاجر محمد السعيد ابن بسيومي زغلول - دار الكتب العلمية - بيروت، لبنان. 412 - ذيل تذكرة الحفاظ - أبي المحاسن الحسيني الدمشقي - دمشق 1347 هـ. 413 - ذيل طبقات الحفاظ - أبو بكر عبد الرحمن السيوطي - دمشق 1347 هـ. 414 - ذيل طبقات الحنابلة - ابن رجب - بيروت 1370 هـ. 415 - ذيل مرآة الزمان - موسى بن محمد اليونيني - حيدر آباد 1374 هـ. 416 - رحلة التجاني، أبو محمد عبد الله بن محمد التجاني، المطبعة الرسمية. تونس 1377 هـ.

417 - رحلة الحج إلى بيت الله الحرام - محمد الأمين الشنقيطي - دار الشروق 1403 هـ الطبعة الأولى. 418 - رسالة افتتاح الدعوة، القاضي النعمان بن محمد الشيعي الإسماعيلي (ت 363 هـ) تح وداد القاضي، دار الثقافة بيروت، ط 1، 1970 م. 419 - رسالة لطيفة في أحاديث متفرقة ضعيفة - محمد بن قدامة المقدسي - ت محمد عيد العباسي - دار الثقافة للجميع - ط 1، 1400 هـ 420 - رواد النهضة الحديثة - مارون عبود - بيروت 1952 م. 421 - روض القرطاس = انظر الأنيس المطرب. 422 - روضات الجنات - الخوانساري 423 - روضة التعريف بمفاخر مولاي إسماعيل بن الشريف لأبي عبد الله محمد الصغير اليفرني المطبعة الملكية بالرباط 1382 هـ 424 - رياض الجنة = معجم الشيوخ 425 - رياض النفوس في طبقات علماء القيروان وإفريقية وزهادهم ونساكهم وسير من أخبارهم وفضائلهم وأوصافهم لأبي بكر عبد الله المالكي دار الغرب الإسلامي بيروت - لبنان 1403 هـ 426 - ريحانة الألبا وزهر الحياة الدنيا - الخفاجي - مصر 1273 هـ. 427 - زاد المسير في علم التفسير - ابن الجوزي - المكتب الإسلامي. 428 - زعماء الإصلاح في العصر الحديث - أحمد أمين - 1948 هـ. 429 - زهرة الآس في بناء مدينة فاس - الحسن علي الجرثاني - الجزائر 1341 هـ. 430 - سفينة البحار - عباس بن محمد رضا القمي - نجف 1355 هـ. 431 - سل النصال = موسوعة أعلام المغرب. 432 - سلافة العصر في محاسن الشعراء - ابن معصوم - مصر 1324 هـ. 433 - سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة - محمد ناصر الدين الألباني - مكتبة المعارف الرياض الطبعة الأولى 1408 هـ - 1987 م. 434 - سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر - مرادي - مصر 1324 هـ. 435 - سلم العامة والمبتدئين إلى معرفة أئمة الدين - عبد الله بن يحيى الباروني النفوسي - رساله في علماء الإباضة - مصر 1324 هـ. 436 - سلوة الأنفاس ومحادثة الأكياس لمحمد الكتاني - فاس 1316 هـ. 437 - سنن القراء ومناهج المجودين - عبد العزيز بن عبد الفتاح القاري - مكتبة الدار - ط 1 - 1414 هـ

438 - سوس العالمة - المختار السوسي 439 - سير أعلام النبلاء للإمام شمس الدين محمد بن أحمد الذهبي مؤسسة الرسالة الطبعة الثانية 1402 هـ - 1982 م 440 - سير الأئمة وأخبارهم المعروف بتاريخ أبي زكرياء لأبي زكرياء يحيى بن أبي بكر دار الغرب الإسلامي بيروت - لبنان الطبعة الثانية 1402 هـ 1982 م 441 - سيرة ابن هشام - الطبعة الثالثة 1398 هـ - 1978 م - مطبعة الفجالة الجديدة. 442 - سيرة القيروان، محمد العروسي المطوي، الدار العربية للكتاب، 1981 م. 443 - شجرة النور الزكية في طبقات المالكية، محمد بن محمد مخلوف، دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان. دار الفكر 444 - شذرات الذهب في أخبار من ذهب أبي الفلاح عبد الحي الحنبلي منشورات ت دار الآفاق الجديدة. 445 - شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز - مكتبة الدعوة الإسلامية. 446 - شرح ديوان ابن رازكه - محمد سعيد بن دهاه 447 - شرح مشكل غريب القرآن أبي محمد مكي بن أبي طالب القيسي - دار النور الإسلامي - الطبعة الأولى - بيروت لبنان 1408 هـ. 448 - شرف الطالب = انظر موسوعة أعلام المغرب 449 - شهيرات التونسيات، ح. ح عبد الوهاب، مكتبة المنار، تونس، ط 2، 1966 هـ. 450 - شيخ الجامع الأعظم محمد الطاهر ابن عاشور - بلقاسم الغالي - دار ابن حزم بيروت - ط 1 - 1417 هـ 451 - صبح الأعشى القلقشندي (أبو العباس أحمد بن علي) في صناعة الإنشا تحقيق الدكتور إحسان عباس بيروت 452 - صحيح ابن ماجه - الألباني - مكتب التربية. 453 - صحيح البخاري - انظر فتح الباري 454 - صحيح الجامع - محمد ناصر الدين الألباني الطبعة الأولى 1388 م - 1969 هـ المكتب الإسلامي. 455 - صحيح السيرة النبوية - ابن طرهوني - الطبعة الأولى 1414 هـ مكتبة العلم. 456 - صحيح سنن أبي داود - الألباني - مكتب التربية. 457 - صحيح مسلم للإمام أبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري - دار إحياء الكتب العربية.

458 - صراع مع الحماية - محمد المرزوقي 1973 م 459 - صفة الصفوة - ابن الجوزي - حيدر آباد 1355 هـ. 460 - صفحات من تاريخ مدن الجزائر - عبدالقادر نور الدين - قسنطينة 461 - صفوة من انتشر = انظر موسوعة أعلام المغرب. 462 - صورة الأرض - أبو القاسم بن حوقل النصيبي، ليدن، 1938 م. 463 - صوفيات - عبد الرحمن الوكيل - مطبعة سفير ط 1 - 1413 هـ 464 - ضعيف الترمذي - الألباني - مكتب التربية. 465 - ضعيف الجامع الصغير وزيادته - محمد ناصر الدين الألباني - المكتب الإسلامي دمشق بيروت. 466 - طبقات ابن قاضي شهبة النحاة واللغويين. 467 - طبقات الحفاظ - عبد الرحمن السيوطي 468 - طبقات الحنابلة - القاضي أبو يعلىمحمد بن عبد القادر النابلسي. - دمشق 1350 هـ. 469 - طبقات الشاذلية = جامع الكرامات العلمية. 470 - طبقات الشافعية - الأسنوي 471 - طبقات الشافعية الكبرى الإمام أبي نصر عبد الوهاب ابن تقي الدين السبكي - دار المعرفة - بيروت لبنان 472 - طبقات الفقهاء، إبراهيم بن علي الشيرازي، أبو إسحاق (ت 476 هـ) 473 - طبقات المشايخ بالمغرب - أبو العباس أحمد بن سعيد الدرجني (ت 670 هـ) = إبراهيم طلاي مطبعة البحث قسنطينة 1394 هـ. 474 - طبقات المفسرين، جلال الدين السيوطي (ت 911 هـ)، تح على محمد عمر، مكتبة وهبة القاهرة، ط 1، 1396 هـ. 475 - طبقات المفسرين لأحمد بن محمد الأدنوي الناشر مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة الطبعة الأولى 1417 هـ - 1997 م 476 - طبقات المفسرين للإمام جلال الدين عبد الرحمن السيوطي دار الكتب العلمية بيروت - لبنان الطبعة الأولى 1403 هـ - 1983 م 477 - (*) طبقات المفسرين للحافظ شمس الدين محمد بن أحمد الداوودي دار الكتب العلمية بيروت - لبنان الطبعة الأولى 1403 هـ 1983 م 477 - طبقات النحاة واللغويين لابن قاضي شهبة 478 - طبقات النحويين واللغويين، أبو بكر، محمد بن الحسن الزبيدي الأندلسي، تح محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعارف، مصر.

_ (*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: هذا ليس بالمطبوع

479 - طبقات علماء إفريقية - أبي العرب محمد بن أحمد بن تميم - جمع محمد بن أبي شنب - الجزائر 1332 هـ. 480 - طبقات علماء إفريقية (وتونس) أبو العرب محمد بن أحمد بن تميم (ت 333 هـ). تح محمد بن أبي شنب، الجزائر، 1915 م. تصوير دار الكتاب اللبناني، بيروت. تح علي الشابي ونعيم اليافي، الدار التونسية للنشر، 1968 م. 481 - (*) طبقات علماء إفريقية، محمد بن حارث الخشني (ت 361 هـ)، تح محمد بن أبي شنب، كلية الأداب بالجزائر، 1915 م. 481 - طبقات علماء إفريقية وتونس لأبي العرب محمد بن أحمد بن تميم القيرواني الدار التونسية للنشر تونس المؤسسة الوطنية للكتاب الطبعة الثانية 1985 482 - عالم القرن العشرين وغواص في بحر القرآن = انظر مجلة الأربعاء 483 - عبد الكريم أمير الريف - روبرت فورنو ترجمة فؤاد أيوب - دمشق 484 - عبقرية اليوسي - عباس الجراري - الدار البيضاء 1981 م 485 - عجائب الآثار - للجبرتي 486 - عصر المرابطين والموحدين = الحضارة الإسلامية في المغرب والأندلس 487 - عقود اللآلي في الأسانيد العوالي = ثبت العابدين. 488 - علماء ومفكرون عرفتهم - محمد المجذوب - دار الشرق. 489 - عنوان الأريب عمن نشأ بالمملكة التونسية من عالم وأديب، محمد النيفر، المطبعة التونسية 1351 هـ. 490 - عنوان الدراية فيمن عرف من العلماء في المائة السابعة بيجاية - أحمد بن أحمد العنبري - الجزائري 1328 هـ. 491 - عيون التواريخ - لابن شاكر الكتبي. 492 - غاية النهاية في طبقات القراء لشمس الدين أبي الخير الجزري دار الكتب العلمية بيروت لبنان عنى بنشره ج. برجستراسر الطبعة الثالثة 1402 هـ 1982 م ط 2، 1400 هـ. 493 - فتح الباري شرح صحيح البخاري - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني - مكتبة الرياض. 494 - فتح الشكور في معرفة أعيان علماء التكرور - أبي عبد الله الطالب بن محمد بن أبي بكر الصديق البرتلي الولاتي - ت محمد إبراهيم الكتاني، محمد حجي - دار الغرب الإسلامي بيروت - ط 1، 1981 م 495 - فتح المغيث بشرح ألفية الحديث - السخاوي - ت علي حسين - المطبعة السلفية - الهند 1407 هـ.

_ (*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: هذا ليس بالمطبوع

496 - فتوح إفريقية، عبد الله بن عمر الواقدي (ت 207 هـ) مطبعة المنا، تونس 1966 م. 497 - فتوح البلدان، أحمد بن يحي البلاذري (ت 279 هـ) دار الكتب العلمية، بيروت 1403 هـ. 498 - فتوح مصر وأخبارها، عبد الرحمن بن عبد الله بن الحكيم (ت 257 هـ)، ليدن 1930 هـ. 499 - فصوص الحكم - محيي الدين ابن عربي 500 - فضائل إفريقية في الآثار والأحاديث الموضوعة محمد العروسي المطوي، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1403 هـ. 501 - فهارس الخزانة الحسنية بالقصر الملكي بالرباط المجلد السادس الفهرس الوصفي لعلوم القرآن محمد العربي الخطابي الرباط 7041 هـ ط الأولى مطبعة النجاح 502 - فهرس ابن عطية - ابن عطية - ت أبو الأجفان ومحمد الزاهي - دار الغرب الإسلامي بيروت 1983 م. 503 - فهرس الفهارس والأثبات ومعجم المعاجم والمشيخات والمسلسلات، عبد الحي بن عبد الكبير الكتاني، تح إحسان عباس، دار الغرب الإسلامي، ط 2، 1402 هـ. 504 - فهرس مخطوطات خزانة القرويين، محمد العابد الفاسي، الدار البيضاء، 1399 هـ. 505 - فهرس مخطوطات مركز أحمد بابا للتوثيق والبحوث التاريخية بتنبكتو - مجموعة من المكتبيين بالمركز - مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي - لندن. 506 - فهرسة من رواه عن شيوخه، أبو بكر محمد بن خير الأشبيلي (ت 575 هـ)، المكتب التجاري، بيروت مكتبة المثنى، بغداد، مؤسسة الخانجي القاهر، ط 2، 1382 هـ. 507 - فوات الوفيات - ابن شاكر الكتبي - مصر 1299 هـ. 508 - قادة فتح المغرب - محمود شيث خطاب - دار الفتح - بيروت الطبعة الأولى 1386 هـ. 509 - قضاة دمشق - لابن طولون المجمع العلمي العربي دمشق 1956 م. 510 - قضاة قرطبة، محمد بن حارث الخشني القيرواني، (ت 361 هـ)، الدار المصرية للتأليف والترجمة 1966 م.

511 - قطوف دانية من آيات قرآنية - الأخضر بن قويدر الدهمة - المطبعة العربية غرداية - الجزائر 1418 هـ 512 - قلائد العقيان - للفتح بن خافان - صورة للطبعة باريس - تونس 1966 م. 513 - قيام دولة المرابطين - حسن أحمد محمود - دار الفكر العربي - بدون تاريخ 514 - ضياء التأويل - لابن فودي - قواند - طبع بمطابع الاستقامة بالقاهرة 515 - كشف الأستار عن زوائد البزار - نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي - ت حبيب الرحمن الأعظمي - مؤسسة الرسالة - الطبعة الثانية 1404 هـ. 516 - كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون للعلامة مصطفى بن عبد الله القسطنطيني الرومي الحنفي دار الكتب العلمية بيروت - لبنان 1413 هـ 1992 م 517 - كنز الجوهر في تاريخ الأزهر سليمان الحنفي الزرياني - مصر - 1320 هـ. 518 - لباب النقول في أسباب النزول - للإمام جلال الدين السيوطي - دار التراث. 519 - لحظ الألحاظ في الاستدراك والزيادة على ذخيرة الحفاظ - عبد الرحمن بن عبد الجبار الفريوائي - دار الدعوة، دار السلف - الهند، الرياض - الطبعة الأولى 1416 هـ. 520 - لسان العرب - ابن منظور - دار المعارف 521 - لسان الميزان - للإمام شهاب الدين أبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني - مؤسسة الأعلمي للمطبوعات الطبعة الثالثة 1390 هـ. 522 - لقط الفرائد - أحمد بن محمد ابن القاضي المكناسي 523 - متاعب المرأة في مرحلة الزواج - عز الدين محمد نجيب - مكتبة ابن سينا - مصر الجديدة القاهرة 524 - مجمع الزوائد ومنبع الفوائد - للحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي - دار الكتاب العربي الطبعة الثالثة 1402 هـ. 525 - محمد العياشي وجهاده ضد الأسبان والبرتغال - شوقي الجمل - مجلة الجمعية المصرية للدراسات التاريخية عدد عام 6791 م 526 - مختصر العلو للعلي الغفار - الحافظ شمس الدين الذهبي، اختصره وحققه محمد ناصر الدين الألباني، الطبعة الأولى المكتب الإسلامي. 527 - مدرسة الحديث في القيروان من الفتح الإسلامي إلى منتصف القرن الخامس الهجري للحسين بن محمد شواط الدار العالمية للكتاب الإسلامي الطبعة الأولى - 1411 هـ

528 - مرآة الجنان وعبر اليقظان لأبي محمد بن عبد الله اليافعي اليمني، بيروت 1954 م. 529 - مراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع، عبد المؤمن بن الحق البغدادي (ت 739 هـ)، مطبعة الحلبي، القاهرة ط 1، 1373 هـ. 530 - مرويات الإمام أحمد في التفسير - مجموعة من الباحثين منهم حكمت بشير ومحمد طرهوني - الطبعة الأولى 1414 هـ - 1994 م. 531 - مرويات الإمام مالك - ت حكمة بشير ياسين وابن طرهوني - دار المؤيد الرياض 1415 هـ. 532 - مسائل الإمام أحمد - لعبد الله بن أحمد - المكتب الإسلامي. 533 - مسائل الإمام أحمد - للنيسابوري - المكتب الإسلامي. 534 - مسامرات الظريف بمحاسن التعريف - تاريخ فقهاد الدولة الحسينية بتونس - محمد السنوسي - تونس 535 - مشاهير علماء الأمصار - أبوا حاتم ابن حبان البستي - القاهرة مطبعة الجنة التأليف الترجمة 1379 هـ 536 - مشاهير علماء نجد - عبد الرحمن بن عبد اللطيف آل الشيخ - دار اليمامة للبحث 1394 هـ. 537 - مطمح الأنفس - الفتح بن خاقان بيروت - مؤسست الرسالة 1403 هـ. 538 - معالم الإيمان في معرفة أهل القيروان، عبد الرحمن بن محمد الأنصاري الدباغ، (ت 696 هـ)، أبو القاسم بن عيسى بن ناجي (839 هـ) مكتبة الخانجي بمصر، المكتبة العتيقة تونس ط 2، 1388 هـ. 539 - معالم التنزيل - أبي محمد الحسين بن مسعود الفراء البغوي بهامش تفسير الخازن - دار الفكر 1399 هـ 540 - معالم تاريخ المغرب والأندلس، د. حسين مؤنس، مؤسسة المعارف، بيروت، ط 1، 1980 م. 541 - معاني القرآن - أبو جعفر النحاس - ت محمد علي الصابوني - شركة مكة للطباعة - الطبعة الأولى 1408 هـ. 542 - معجم أعلام الجزائر، عادل نويهض، مؤسسة نويهض الثقافية بيروت، ط 2، 1400 هـ. 543 - معجم الأدباء شهاب الدين أبو عبد الله باقوة الحموي - القاهرة - نشرة مرجليوت - المطبعة الهندية سنة 1923 م.

544 - معجم الأطباء - أحمد عيسى - القاهرة - مطبعة فتح الله إلياس 1361 هـ. 545 - معجم الأنساب والأسر الحاكمة - زامباور - ترجمة زكي حسن وآخرين - القاهرة - مطبعة جامعة فؤاد 1951 م. 546 - معجم البلدان، ياقوت الحموي (ت 626 هـ)، دار صادر، بيروت، 1955 م. 547 - معجم الجواهر = انظر الجواهر الحسان 548 - معجم الشيوخ - محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي - تحقيق محمد الهيلة - الطائف مكتبة الصديق 1408 هـ. 549 - معجم المؤلفين - عمر رضا كحالة مؤسسة الرسالة بيروت الطبعة الأولى 1414 هـ 1993 م 550 - معجم المحدثين والمفسرين - لعبد العزيز بن عبد الوحد بن علي بن عبد الله 551 - معجم المصنفين - للتونكي 552 - معجم المطبوعات العربية - لعلي جواد طاهر 553 - معجم المطبوعات - ليوسف سركيس 554 - معجم المفسرين من صدر الإسلام حتى العصر الحاضر - لعادل نويهض - مؤسسة نويهض الثقافية الطبعة الثالثة 1409 هـ - 1988 م 555 - معجم طبقات الحفاظ والمفسرين - عبد العزيز عز الدين السيروان - عالم الكتب الطبعة الأولى 1404 هـ - 1984 م 556 - معجم مااستعجم في أسماء البلدان والمواضع - أبو عبيد عبد الله بن عبد العزيز البكري: تحقيق مصطفى السقا - عالم الكتب - بيروت ط 3 سنة 1403 هـ 557 - معجم مقاييس اللغة - أحمد بن فارس - تحقيق عبد السلام هارون - القاهرة دار إحياء الكتب العربية 1366 هـ. 558 - معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار - سيد جاد الحق - دار الكتب الحديثة - القاهرة سنة 1969 م. 559 - معرفة علوم الحديث - الحاكم النيسابوري - مؤسسة الرسالة. 560 - مفتاح السعادة ومصباح السيادة - طاش كبري زادة - حيد آباد 1329 هـ. 561 - مفكرون وأدباء من خلال آثارهم - أنور الجندي - دار الإرشاد للطباعة بيروت - 1967 م. 562 - مقدمة ابن خلدون - ولي الدين عبد الرحمن بن خلدون - القاهرة - دار الشعب 1389 هـ.

563 - مقدمة الفتح = فتح الباري 564 - مقدمة المحرر الوجيز = المحرر الوجيز 565 - مقدمة تفسير ابن عرفة = تفسير ابن عرفة. 566 - مقدمة تفسير الثعالبي = تفسير الثعالبي 567 - مقدمة دولة الأدارسة = دولة الأدارسة 568 - مقدمة سلسلة الأحاديث الضعيفة = سلسلة الأحاديث الصحيحة 569 - مقدمة طبقات أبي العرب = طبقات أبي العرب 570 - مقدمة فتح الباري = فتح الباري 571 - مقدمة في أصول التفسير - ابن تيمية - المكتبة السلفية 572 - مقدمة مختصر تفسير الطبري = مختصر تفسير الطبري 573 - مقدمتان في علوم القرآن - تحقيق آرثر جفري - القاهرة مكتبة الخانجي 1951 م 574 - مكتبة حسن حسني عبد الوهاب (مخطوطاتها) عبد الحفيظ منصور. المعهد القومي للآثار، تونس، 1975 م. 575 - مكي بن أبي طالب وتفسير القرآن - د. أحمد حسن فرحات - دار الفرقان - الأردن - ط 1، 1404 هـ. 576 - ملاك التأويل القاطع بذوي الإلحاد والتعطيل في توجيه المتشابه اللفظ من آي التنزيل - أحمد بن إبراهيم بن الزبير العاصمي الغرناطي - ت سعيد الفلاح - دار الغرب الإسلامي - بيروت، لبنان - ط 1، 1983 هـ. 577 - مناقب أبي إسحاق الجبنياني (ت 369 هـ)، أبو القاسم اللبيدي، تح هـ. ر. إدريس، 578 - مناقب الإمام أحمد - عبد الرحيم ابن الجوزي - مكتبة الخانجي، تحقيق عبد الله بن عميس القاهرة 1399 هـ 579 - مناقب الحضيكي - محمد بن أحمد - الدار البيضاء 1357 هـ 580 - مناهل الصفا في مآثر موالينا الشرفا القشتالي تحقيق د عبدالكريم كريم مطبوعات وزارة الأوقاف بالرباط 581 - منهج المقال في تحقيق أقوال الرجال - محمد بن علي الأسترابادي. طهران 1304 هـ. 582 - موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان - نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي - ت محمد عبد الرزاق حمزة - دار الكتب العلمية - بيروت، لبنان.

583 - موريتانيا بلاد شنقيط - محمود شاكر - مكتبة دار الفتح بدمشق. 584 - موسوعة أعلام المغرب - محمد حجي - دار الغرب الإسلامي. 585 - موسوعة فضائل سور وآيات القرآن - ابن طرهوني - مكتبة العلم. 586 - موطأ ابن زياد - تحقيق محمد شاذلي النيفر - الدار التونسية للنشر 1399 هـ 587 - موطأ مالك مع تنوير الحوالك - رواية يحيى - مطبعة الحلبي. 588 - موقعة وادي المخازن الحاسمة محمد الفاسي - مجلة البحث العلمي يصدرها المركز الجامعي للبحث العلمي بالرباط العدد التاسع ديسمبر سنة 1966 589 - ميزان الاعتدال - الذهبي - دار المعرفة. 590 - نزهة الألباء في طبقات الأدباء - عبد الرحمن بن محمد ابن الأنباري - ت إبراهيم السامرائي - مكتبة المنار الأردن - ط 3 - 1405 هـ 591 - نزهة الأنظار في فضل علم التاريخ والأخبار - حسن بن محمد الورتيلاني - الجزائر - 1326 هـ. 592 - نزهة الحادي في أخبار ملوك القرن الحادي أبوعبدالله محمد الصغير اليفراني طبعة حجرية بفاس بدون أرقام 593 - نشر المثاني لأهل القرلان الحادي عشر والثاني عشر - محمد بن الطيب القادري - فاس 1315 هـ. 594 - نظم الدرر والعقيان في بيان شرف بني زيان لأبي عبدالله محمد بن عبدالله بن عبدالجليل التنسي مخطوط حقق منه الجزء المتعلق بالأدارسة ملحق بكتاب دولة الأدارسة 595 - نفائس البيان شرح الفرائض الحسان في عد آي القرآن - عبد الفتاح القاضي - مطبعة عيسى البابي الحلبي. 596 - نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، أحمد بن محمد المقرَّي (ت 1041 هـ)، تح د. إحسان عباس، دار إصدار، بيروت، 1388 هـ. 597 - نكت الهميان في نكت العميان، صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي، المطبعة الجمالية، مصر، 1329 هـ. 598 - نهاية الأرب في فنون الأدب - لأحمد بن عبد الوهاب محمد بن عبد الدايم البكري التميمي القرشي النويري سنة 732 هـ. 599 - نواسخ القرآن - للعلامة ابن الجوزي - المجلس العلمي الطبعة الأولى 1404 هـ - 1984 م.

600 - نيل الأوطار من أحاديث سيد الأخيار - محمد بن علي الشوكاني - دار الجيل - بيروت 1973 م 601 - نيل الابتهاج بتطريز الدّيباج، أحمد بابا بن أحمد التنبكتي (ت 1032 هـ)، (على هامش الديباج لابن فرحون)، دار الكتب العلمية، بيروت. 602 - نيل السائرين في طبقات المفسرين محمد طاهر بمساعدة الحاج حاجي بهادر دار القرآن مركز إشاعة التوحيد والسنة باكستان كتب المقدمة سنة 1386 هـ وولد سنة 1335 هـ 603 - هدية العارفين أسماء المؤلفين وآثار المصنفين إسماعيل باشا البغدادي - اسطنبول 1955 م. 604 - هذه مراكش - عبد المجيد جلون القاهرة 1949 605 - هذه هي الصوفية - عبد الرحمن الوكيل - دار الكتب العلمية - بيروت ط 4 - 1984 م 606 - ورقات عن الحضارة العربية بإفريقية التونسية، حسن حسني عبد الوهاب، مكتبة المنار، تونس، ط 2، 1972 م، 1981 م. 607 - وصف إفريقيا للحسن بن محمد الوزان الفاسي دار الغرب الإسلامي بيروت الطبعة الثانية 1983 608 - وظائف مجموعة - مطبوعة تاج أفس بامبي 609 - وفيات ابن قنفذ - تحقيق عادل نويهض بيروت - 1971 م 610 - وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، أبو العباس أحمد بن محمد بن خلكان (ت 810 هـ)، تح إحسان عباس، دار صادر، بيروت، 1398 هـ. 611 - وفيات الونشريسي = انظر موسوعة أعلام المغرب 612 - يتيمة الدهر للثعالبي، دمشق 1303 هـ. ثانيا: المخطوطات والرسائل الجامعية والأبحاث غير المطبوعة والحوليات: 613 - إتحاف المهرة الخيرة بزوائد المسانيد العشرة - البوصيري - ميكروفيلم 614 - إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن لابن عربي الطائي ميكروفيلم 615 - البيان والتحصيل لابن بزيزة ميكروفيلم 616 - التحصيل للمهدوي، ميكروفيلم 617 - الدولة الأغلسة، عمار الطالبي، رسالة جامعية. 618 - الشنفيطي ومنهجه في التفسير - سميرة بنت صقر - رسالة جامعية 619 - المدخل الصغير إلى علوم القرآن والحديث والعقيدة والتفسير - ابن طرهوني - مرقونة على الكمبيوتر.

620 - الهداية لمكي بن أبي طالب ميكروفيلم 621 - تاريخ دمشق - للحافظ أبي القاسم علي بن الحسين المعروف بابن عساكر - مصورة 1407 هـ مكتبة الدار. 622 - تفسير ابن سلام مصور وميكروفيلم 623 - تفسير ابن عرفة ميكروفيلم 624 - تفسير الفاتحة للإقليشي ميكروفيلم 625 - تقييد البسيلي ميكروفيلم 626 - تهذيب الكمال - للإمام الحافظ جمال الدين أبي الحجاج يوسف المزي - دار المأمون للتراث دار الكتب - مصور 627 - جريدة أم القرى 628 - جريدة البلاد 629 - جريدة الجمهورية 630 - جريدة الشرق الأوسط 631 - جريدة المدينة 632 - جريدة المسلمون 633 - جريدة عكاظ 634 - جهود ابن عبد البر في التفسير من خلال كتاب التمهيد - رسالة جامعية. 635 - جهود الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في تقرير عقيدة السلف لعبد العزيز بن صالح بن إبراهيم الطويان - رسالة جامعية. 636 - حوليات الجامعة التونسية 637 - ردود على الشيخ الشعراوي من مجلة التوحيد 638 - عبد الرحمن الثعالبي ومنهجه في التفسير - عبد الحق عبد الدائم سيف القاضي - رسالة جامعية 639 - مجلة الأربعاء 640 - مجلة البحث العلمي 641 - مجلة الجامعة الإسلامية. 642 - مجلة الرابطة 643 - مجلة المنهل 644 - مجلة الهداية الإسلامية 645 - مجلة تطوان

646 - مجلة دعوة الحق 647 - مجلة معهد المخطوطات 648 - مختصر تفسير ابن سلام لابن أبي زمنين ميكروفيلم 649 - منهج الشنقيطي في تفسير آيات الأحكام من أضواء البيان لعبد الرحمن بن عبد العزيز السديس 650 - ينبوع الحياة لابن ظفر ميكروفيلم 651 - عرائس البيان - الثعلبي - مصور 652 - صلة الخلف بموصول السلف - محمد بن سليمان الروداني - مخطوط في مكتبة الحرم المكي - طبع جزء منه في مجلة المخطوطات العربية 1402 هـ. 653 - فضائل القرآن - أبو عبيد القاسم بن سلام - محمد تجاني - رسالة جامعية. 654 - فضائل القرآن - يحيى ابن الضريس - مصور

§1/1