التفسير من سنن سعيد بن منصور - محققا

سعيد بن منصور

مقدمة التحقيق

المقدمة الحمد لله الذي خَلَقَ السمواتِ والأرضَ وجَعَلَ الظلماتِ والنُّورَ ثم الذين كفروا بربهم يَعْدِلُون. والحمد لله الذي لا يُؤَدَّى شُكْرُ نِعْمةٍ من نِعَمِهِ إلا بِنِعْمةٍ منه تُوجِبُ على مُؤَدِّي مَاضِي نِعَمِهِ بِأَدَائِها نعمةً حَادِثَةً يَجِبُ عليه شُكْرُه بها. ولا يَبْلُغُ الواصفون كُنْهَ عَظَمَتِه الذي هو كما وَصَفَ نَفْسَهُ، وفوق ما يَصِفُهُ به خَلْقُه. أحمده حمداً كما يَنبغي لكرمِ وَجْهِهِ وعِزِّ جَلاله. وأستعينه استعانةَ من لا حَوْل له ولا قُوَّة إلا به. وأستَهْديه بِهُدَاهُ الذي لا يَضِلُّ من أَنْعَمَ به عليه. واستغفره لما أَزْلَفْتُ وأَخَّرْتُ استغفار من يُقِرُّ بعبوديَّته، ويعلم أنه لا يَغْفِرُ ذنبه ولا يُنَجِّيه منه إلا هو. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، المُصْطَفى لوَحْيه، المنْتَخَبُ لرسالته، المفضَّلُ على جميع خلقه بِفَتْحِ رحمتهِ، وخَتْمِ نبوَّته، وأعمُّ ما أُرسل به مُرْسَل قَبْلَه، المرفوعُ ذكرُهُ مع ذكره في الأُولى، والشَّافع المشفَّع في الأُخرى، أفضلُ خَلْقِه نفساً، وأجمعهم لكلِّ خُلُق رَضِيَهُ في دين ودُنيا، وخيرهم نسباً وداراً. صلَّى الله على نبينا كلَّما ذكره الذاكرون، وغَفَلَ عن ذكره الغافلون، وصلَّى عليه في الأولين والآخِرين، أفضلَ وأكثرَ وأزكَى ما صلَّى على أحد من خلقه، وجزاه الله عنّا أفضلَ ما جَزَى مُرْسلاً عَنْ مَنْ أُرْسِلَ إليه، فإنه أنقذَنا به من الهَلَكَةِ، وجعلنا في خير أمة أُخرجت

للناس، دَائِنينَ بدينه الذي ارْتَضَى واصْطَفَى به ملائكتَه ومَنْ أنْعَمَ عليه من خلقه، فلم تُمْسِ بنا نعمة ظَهَرَتْ ولا بَطَنَتْ نِلْنَا بها حظّاً في دينٍ ودُنْيَا، أو دُفِع بها عنّا مكروه فيهما وفي واحد منهما، إلا ومحمد - صلى الله عليه وسلم - سَبَبُها، القَائِدُ إلى خيرها، والهادي إلى رُشدها، فصلى الله على محمد وعلى آل محمد كما صلّى على إبراهيم وآل إبراهيم، إنه حميد مجيد (1) . وكما أنه - صلى الله عليه وسلم - بلَّغ رسالة ربه أتمَّ بلاغ وأكْمَلَه إمتثالاً لأمر ربه له بذلك في قوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} (2) ، فإنه - صلى الله عليه وسلم - حرص على استمرار هذا البلاغ في أمته، فقال: ((بلِّغوا عني ولو آية، وحَدِّثوا عن بني إسرائيل ولا حَرَج، ومن كذب علي متعمِّداً فَلْيَتَبَّوأْ مقعده من النار)) (3) . ودعى - صلى الله عليه وسلم - لسامع السنة ومبلِّغها بالنَّضَارَةِ- وهي النِّعمةُ والبَهْجَةُ (4) -، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((نَضَّر الله امرءاً سمع مِنَّا حديثاً، فحفظه حتى يبلِّغَه غيرَه، فرُبَّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ورُبَّ حامل فقه ليس بفقيه)) ، وفي لفظ: ((نَضَّر الله امرءاً سمع منا شيئاً، فبلَّغه كما سمعه، فرُبَّ مبلَّغ أَوْعَى من سامع)) (5) .

_ (1) من مقدمة الإمام الشافعي لكتاب الرسالة (ص 7 - 17) بتصرُّف. (2) الآية (67) من سورة المائدة. (3) أخرجه البخاري في صحيحه (6 / 496 رقم 3461) في أحاديث الأنبياء، باب ما ذكر عن بني إسرائيل. والترمذي في جامعه (7 / 431 - 432 رقم 2806) في العلم، باب ما جاء في الحديث عن بني إسرائيل، ثم قال الترمذي: (هذا حديث حسن صحيح) . (4) كما فسره الخطابي في معالم السنن (5 / 253) ، وابن الأثير في جامع الأصول (8 / 18) . (5) هو حديث متواتر صنَّف فيه الشيخ عبد المحسن العبّاد- أثابه الله- مصنّفاً بعنوان: (دراسة حديث، ((نضّر الله امرءاً سمع مقالتي)) رواية ودراية) ، وجمع فيه طرق هذا الحديث، فبلغت أربعة وعشرين طريقاً عن أربعة وعشرين صحابياً، ولحديث بعض =

ومن هذا المنطلق حرص سلف الأمة على هذا الفضل العظيم، فتفرَّق الصحابة رضي الله عنهم في الأمصار يبلِّغون ما سمعوه، وينشرون العلم بين الناس، ((وكان الخلفاء يُمِدُّون البلاد الجديدة بالعلماء، وقد استوطن كثير من الصحابة رضوان الله عليهم تلك الأمصار، يرشدون أهلها، ويعلِّمون أبناءها، وقد دخل الناس في دين الله أفواجاً، والْتَفُّوا حول أصحاب الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ينهلون من الينابيع التي أخذت عن الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، وتخرَّج في حلقاتهم التابعون الذين حملوا لواء العلم بعدهم، وحفظوا السنَّة الشريفة. وهكذا أصبحت في الأقاليم والأمصار الإسلامية مراكز علمية عظيمة، تُشِعُّ منها أنوار الإسلام وعلومه، إلى جانب مراكز الإشعاع الأولى التي أمدَّت هذه الأقطار بالأساتذة الأُوَل)) (1) . فمدينة الرسول - صلى الله عليه وسلم - هي موطن الخلافة الأولى، وكان فيها من الصحابة: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وأبو هريرة وعائشة وعبد الله بن عمر وأبو سعيد الخدري وزيد بن ثابت وغيرهم رضي الله عنهم، فنشروا علماً غزيراً. وفي مدرسة المدينة النبوية هذه تخرَّج خلق من

_ = الصحابة طرق عنه، وهو باللفظ الأول هنا من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه عند أبي داود في سننه (4 / 68 - 69 رقم 3660) في العلم، باب فضل نشر العلم، والترمذي في جامعه (7 / 415 - 417 رقم 2794) في العلم، باب في الحث على تبليغ السماع، والنسائي في سننه الكبرى (3 / 431 رقم 5847) في العلم، باب الحث على إبلاغ العلم. وأما اللفظ الثاني فهو من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عند الترمذي في الموضع السابق (7 / 417 رقم 2795) ، وابن ماجه في سننه (1 / 85 رقم 232) في المقدمة، باب من بلّغ علماً. قال الترمذي في الموضع الأول: (حديث زيد بن ثابت حديث حسن) ، وقال في الموضع الثاني: (هذا حديث حسن صحيح) . (1) السنة قبل التدوين لمحمد عجّاج الخطيب (ص 164) .

أفاضل التابعين، منهم: سعيد بن المسيّب، والقاسم بن محمد، وعروة بن الزبير، وخارجة بن زيد، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وعبيد اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عتبة، وسليمان بن يسار، وهؤلاء هم الفقهاء السبعة (1) . وفي مكة كان حَبْر الأمّة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما الذي تخرَّج على يديه خلق من سادات التابعين، منهم: مجاهد بن جَبْر، وعطاء بن أبي رباح، وسعيد بن جبير، وعكرمة، وطاوُس. ولما بويع عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ الله عنه بالخلافة، رحل إلى الكوفة، فانتفع به خلق كثير هناك، وكانت الكوفة إحدى قواعد الفتح الإسلامي في عصر الخلفاء الراشدين، ونزلها جَمٌّ غفير من الصحابة. قال إبراهيم النخعي: ((هبط الكوفة ثلاثمائة من أصحاب الشجرة، وسبعون من أهل بدر)) (2) ، وعلى رأس هؤلاء البدريين: ابن أُمِّ عَبْد: عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وكان عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عنه بعثه معلِّماً لأهل الكوفة، وكتب لهم كتاباً يقول فيه: ((يا أهل الكوفة، أنتم رأس العرب وجمجمتها وسهمي الذي أرمي به، إن أتاني شيء من هاهنا وهاهنا، قد بعثت إليكم بعبد الله، وخِرْتُ لكم، وآثرتكم به على نفسي)) (3) . وكان لعبد الله بن مسعود رضي الله عنه أثر كبير على أهل الكوفة، بحيث أصبحت مدرستها من أكبر مدارس الإسلام. قال إبراهيم التيمي: ((كان فينا- يعني أهل الكوفة- ستون شيخاً من أصحاب عبد الله)) (4) .

_ (1) مقدمة ابن الصلاح (ص 325) . (2) طبقات ابن سعد (6 / 9) . (3) المرجع السابق (6 / 7) . (4) السابق أيضاً (6 / 10) .

وعلى رأس هؤلاء الذين تخرّجوا من مدرسة ابن مسعود رضي الله عنه: عَبِيدَةُ السَّلْماني وعلقمة بن قيس والأسود بن يزيد ومسروق بن الأجْدَع والربيع بن خُثَيْم وشُريح القاضي وغيرهم خلق (1) . وهكذا البصرة والشام ومصر وغيرها من بلاد الإسلام (2) . وقد نشطت الحركة العلمية في عصر التابعين نشاطاً كان من آثاره بدء مرحلة التدوين الرَّسمي للسنة بأمر من الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز رحمه الله، بسبب خوفه من ذهاب العلم بذهاب العلماء. يقول عبد الله بن دينار رحمه الله: ((كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إلى أهل المدينة: أن انظروا حديث رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - فاكتبوه، فإني خِفْتُ دُرُوسَ (3) العلم وذهاب أهله)) (4) ، وفي رواية: ((كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إلى أبي بكر بن حزم: انظر ما كان من حديث رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، فاكتبه، فإن خفت دروس العلم وذهاب العلماء، ولا تقبل إلا حديث النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولْتُفْشُوا العلم، ولْتَجْلِسُوا حتى يُعَلَّمَ من لا يَعْلَمُ، فإن العلم لا يهلِك حتى يكون سرّاً)) (5) . ولم يكن أمرُه هذا مقصوراً على أهل المدينة فحسب، فقد روى أبو نعيم في تاريخ أصبهان هذه القصة بلفظ: ((كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إلى الآفاق: انظروا حديث رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - فاجمعوه)) (6) .

_ (1) السابق أيضاً (6 / 10) . (2) انظر في ذلك وفيما سبق: السنة قبل التدوين لمحمد عجاج الخطيب (ص 164 - 175) . (3) أي خاف عليه من أن تنمحي آثاره وتذهب. انظر لسان العرب (6 / 79) . (4) أخرجه الدارمي في سننه (1 / 104 رقم 494) ، والخطيب البغدادي في تقييد العلم (ص 106) . (5) أخرجه البخاري في صحيحه موصولاً إلى قوله: ((وذهاب العلماء)) ، وباقيه معلَّقاً. انظر صحيح البخاري (1 / 194) كتاب العلم، باب كيف يقبض العلم. (6) نقلاً عن فتح الباري (1 / 194 - 195) .

وموقف عمر بن عبد العزيز- رحمه الله- هذا شبيه بموقف عثمان- رضي الله عنه- في قصة جمعه للقرآن، فقد رحم الله الأمة بصنيع هذين الخليفتين. وكان أول من قام بتدوين السنة بأمر من عمر بن عبد العزيز: محمد بن مسلم بن شهاب الزُّهْري. يقول عبد العزيز بن محمد الدَّرَاوَرْدي: (أول من دَوَّن العلم وكتبه ابن شهاب) (1) . ويقول ابن شهاب الزُّهْري نفسه: (أمرنا عمر بن عبد العزيز بجمع السنن، فكتبناها دفتراً دفتراً، فبعث إلى كل أرض له عليها سلطان دفتراً) (2) . ويقول الحافظ ابن حجر: (وأول من دوَّن الحديث: ابن شهاب الزُّهْري على رأس المائة، بأمر عمر بن عبد العزيز، ثم كثر التدوين، ثم التصنيف، وحصل بذلك خير كثير، فلله الحمد) (3) . ويقول السُّيوطي في منظومته (4) : أَوَّلُ جامعِ الْحديثِ والأَثَرْ ... ابنُ شهابٍ آمراً له عُمَرْ ثم أَعْقَبَ التدوينَ مرحلةُ التَّصنيف كما سبق نقله عن ابن حجر، فأوَّل من صنَّف على الأبواب: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج (ت 150 هـ) بمكة، والإمام مالك بن أنس (ت 179 هـ) أو محمد بن إسحاق بن يَسَار (ت 151 هـ) بالمدينة، والرَّبيع بن صَبيح (ت 160 هـ) أو سعيد بن أبي عَرُوبة (ت 156 هـ أو 157 هـ) أو حماد بن سلمة (ت 167 هـ) بالبصرة، وسفيان بن سعيد الثوري

_ (1) جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر (1 / 88) . (2) المرجع السابق (1 / 91 - 92) . (3) فتح الباري (1 / 208) . (4) ألفية السيوطي (ص 10) .

(ت 161 هـ) بالكوفة، وعبد الرحمن بن عمرو الأَوْزاعي (ت 157 هـ) بالشام، وهُشَيم بن بشير الواسطي (ت 183 هـ) بواسط، ومعمر بن راشد (ت 153 هـ) باليمن، وجرير بن عبد الحميد (ت 188 هـ) بالرَّيّ، وعبد الله بن المبارك المَرْوَزي (ت 181 هـ) بِمَرْو وخراسان (1) . قال الحافظان: العراقي وابن حجر: (وكان هؤلاء في عصر واحد، فلا ندري أيُّهم أسبق) (2) . وقد قيل: إن ابن جريج هو أول من صنف الكتب (3) ، لكن ما ذكره العراقي وابن حجر أدقّ، ولذا يمكن أن يُقَيّد كلٌّ منهم بمصره، فيقال مثلاً: أول من صنف بالكوفة سفيان الثوري وهكذا. وكان معظم هذه المصنفات يضم أحاديث النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وما ورد عن الصحابة والتابعين، إلى أن رأى بعض الأئمة أن تفرد أحاديث النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خاصة، وذلك على رأس المائتين، فصنَّف أسد بن موسى (ت 212 هـ) مسنداً، وصنَّف عبيد الله بن موسى العَبْسي (ت 213 هـ) مسنداً، وصنَّف مُسَدَّد البصري (ت 228 هـ) مسنداً، وصنَّف نُعيم بن حماد الخُزَاعي (ت 228 هـ) مسنداً، ثم اقتفى الأئمة آثارهم، فقلَّ إمام من الحفاظ إلا وصنَّف حديثه على المسانيد، كأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وعثمان بن أبي شيبة وغيرهم (4) . وامتداداً لمرحلة التصنيف على الأبواب نجد عبد الرزاق بن هَمَّام الصنعاني (ت 211 هـ) صنَّف كتابه العظيم: (المصنَّف) ، ومثله أبو بكر عبد الله بن محمد أبي شيبة (ت 235 هـ) صنف كتاب:

_ (1) انظر المحدِّث الفاصل للرَّامَهُرْمُزِي (ص 611 - 618) ، وتدريب الراوي (1 / 89) . (2) الموضع السابق من تدريب الراوي. (3) تاريخ بغداد (10 / 400) . (4) تدريب الراوي (1 / 89) نقلاً عن ابن حجر.

(المصنَّف) ، وهذان الكتابان كما أنهما شبيهان في التسمية، فهما شبيهان أيضاً في المحتوى، فكلاهما مما صُنِّف على الأبواب (الموضوعات) ، ويشملان الأحاديث المرفوعة لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، والموقوفة على الصحابة رضي الله عنهم، ومقاطيع التابعين فمن بعدهم رحمهم الله، وبين هذين المصنَّفَيْن نجد مصنَّفاً آخر شبيهاً بهما من حيث طريقةُ التصنيف والمحتوى في الجملة، وهو كتاب: (السنن) لسعيد بن منصور (ت 227 هـ) وشَبَهُهُ بمصنَّف ابن أبي شيبة أكثر منه بمصنَّف عبد الرزاق (1) ، وقد قال الرَّامَهُرْمزي: (وتفرَّد بالكوفة أبو بكر ابن أبي شيبة بتكثير الأبواب، وجودة الترتيب، وحسن التأليف) (2) . ونجد كثيراً من المصنِّفين يروون كثيراً من الأحاديث والآثار من طريق هذه الكتب الثلاثة- مصنف عبد الرزاق، ومصنف ابن أبي شيبة، وسنن سعيد بن منصور-، أو يعزونها إليها (3) ، وهذا يعود لندرة محتواها، وعُلُوِّ أسانيدها، وغير ذلك من الاعتبارات. وقد حُظِيَ مصنف عبد الرزاق ومصنف ابن أبي شيبة بالنشر (4) - على ما فيهما من السقط والتصحيف والغلط-. وأما سنن سعيد بن منصور، فنشر منها الجزء الثالث فقط في

_ (1) كما سيأتي في التعريف بكتاب السنن. (2) المحدِّث الفاصل (ص 614) . (3) كما يتضح من مراجعة تخريج الأحاديث والآثار في القسم المحقق من السنن. (4) أما مصنف عبد الرزاق فقام بتحقيقه الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي، ونشره المجلس العلمي في أحد عشر مجلداً، لكن الحادي عشر منها وبعض العاشر هما كتاب الجامع لمعمر، من رواية عبد الرزاق عنه. وأما مصنف ابن أبي شيبة، فقد حققه الأستاذ عبد الخالق الأفغاني، واهتم بطباعته ونشره صاحب الدار السلفية بالهند: مختار الندوي، ونشر الكتاب في خمسة عشر مجلداً، إلا أنه سقط من هذه الطبعة القسم الأول من الجزء الرابع، فطبع في دار أخرى، وهي إدارة القرآن والعلوم الإسلامية في كراتشي بباكستان.

مجلدين تضمنا عدد (2978) من الأحاديث والآثار، في الفرائض والنكاح والجهاد، وما يلحق بالفرائض من الوصايا، وما يلحق بالنكاح من الطلاق والظهار ونحوهما. وكانت هذه السنن حبيسة المكتبات نتيجة خطأ ورد على غلاف النسخة الخطيّة كما سيأتي بيانه في التعريف بالكتاب، إلى أن قام الدكتور محمد حميد الله بالعثور على هذه القطعة التي تشكل الجزء الثالث، ودفعها لمحمد ميان السملكي رحمه الله، الذي دفعها بدوره للشيخ حبيب الرحمن الأعظمي، حيث قام بتحقيقها، ونشرت في هذين المجلدين المشار إليهما. وفي المقدمة التي كتبها الدكتور محمد حميد الله للتعريف بالسنن لسعيد بن منصور وذكر حكاية اكتشافه لها قال: (ولا أعرف نسخة أخرى لسنن الإمام سعيد بن منصور هذه، فلم يذكرها بروكلمان ((مع سعة فهرس فهارسه للكتب العربية الذي نشره بالألمانية تحت الاسم المُضِلّ: تاريخ الآداب العربية)) ولا غيره فيما أعرف، فنحن إذن ننشر كتاباً ليس يعرف له إلا نسخة واحدة في العالم) (1) . اهـ. ولم يشر الدكتور حميد الله إلى ما ذكره المباركفوري رحمه الله في مقدمة تحفة الأحوذي من وجود نسخة كاملة لسنن سعيد بن منصور، حيث قال: (ومنها: سنن سعيد بن منصور، وهو الحافظ سعيد بن منصور الخراساني المتوفى سنة 227 سبع وعشرين ومائتين، نسخة كاملة من هذا الكتاب موجودة في الخزانة الجرمنية، وهي مكتوبة بخط الإمام الشوكاني) (2) ، فإما أنه لم يطلع على هذا الكلام، وإما أنه ممن يستبعد صحته.

_ (1) مقدمة القسم المطبوع من سنن سعيد بن منصور (ص 16) . (2) مقدمة تحفة الأحوذي (1 / 336) .

وحينما كنت أدرس في السنة الرابعة من كلية أصول الدين، وكنت أتذاكر مع بعض الإخوة في أمور الكتب، ذكر أحدهم أنه رأى- أو ذُكر له- نسخة خطية لسنن سعيد بن منصور في إحدى المكتبات الخاصة في بلدة (الرَّيْن) (1) ، فوقع كلامه في نفسي، وبعد مدة سألت شيخنا العلامة عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الجبرين (2) عمّا إذا كان يعرف مكتبة هناك- وذكرت له ما قاله الأخ المذكور-، فوعدني بالتحرِّي عن ذلك إذا ما قدِّر له الذهاب إلى بَلَدِهِ (القويعية) . وقد وفَّى بوعده- جزاه الله عني وعن المسلمين خير الجزاء-، وفوجئت به يستدعيني، ويبشِّرني بعثوره على نسخة خَطِّيَّةٍ أصليّة من سنن سعيد بن منصور في مكتبة الشيخ محمد بن سعود الصُّبَيْحي إمام جامع بَلْدَة (الرَّيْن) (3) ، لكنها نسخة غير كاملة. وأخبرني أنه طلب من صاحبها السماح لي بتصويرها، فأجاب، وزيادة على ذلك كتب الشيخ معي كتاباً إليه، وأرسل معي أحد أبناء عمومته ليدُلَّني، وهو الشيخ حمد بن عبد العزيز الجبرين، فذهب معي مشكوراً، وحملت آلة النسخ معي في السيارة، ولا أطيل في ذكر التفاصيل، فقد دفع الشيخ محمد بن سعود الصبيحي الكتاب إلي، فصوّرته، وأعدته إليه، وكنت إذْ ذاك مشغولاً بإعداد رسالتي لنيل درجة التخصص (الماجستير) ، فلما انتهيت منها، تقدمت إلى قسم السنة وعلومها في كلية أصول الدين بالرياض بطلب الموافقة على إكمال دراستي لنيل درجة (الدكتوراة) في موضوع: (الإمام سعيد بن منصور وكتابه السنن) دراسةً وتحقيقاً،

_ (1) وهي بلدة إلى الجنوب من بلدة القويعية المعروفة على طريق الذاهب من الرياض إلى مكة. (2) والشيخ حفظه الله من أهل القويعية وإن كان يسكن الرياض. (3) وهو رجل فاضل أثنى عليه الشيخ عبد الله الجبرين، ومن عائلة معروفة بالعلم ومكتبته هذه متوارثة عن أسلافه.

على أن أبدأ من حيث انتهى المطبوع، وذلك ابتداء من كتاب (فضائل القرآن) ، ويليه (كتاب التفسير) ، بحيث أَنْتَهي إلى نهاية سورة المائدة من كتاب التفسير، فوافق القسم مشكوراً، وتُوِّج ذلك بموافقة مجلس الكلية. وقد دفعني إلى اختيار هذا الموضوع لإعداد درجة (الدكتوراة) عدة أسباب، من أهمها ما يأتي: (1) مكانة المؤلف العلمية، ويتجلَّى ذلك في: أ - كونه أحد الأئمة الحفاظ كما سيأتي في ترجمته. ب - كونه أحد رجال الكتب الستة، ممن رضيه الجماعة وأخرجوه في كتبهم. جـ - تتلمذ عدد من الأئمة عليه مثل مسلم وأبي داود، بل حتى الإمام أحمد، حدَّث عنه وهو حيّ. وسيأتي التعريف به على وجه التفصيل. (2) قيمة الكتاب العلمية، وتتجلَّى في: أ - كونه من الكتب القليلة التي تعنى بتخريج الآثار عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم، بالإضافة للأحاديث المرفوعة، ولا يخفى ما لتخريج الآثار من الأهمية، فإنها تعكس لنا ما كان عليه السلف من العمل في العقائد والأحكام وغير ذلك. ب - ما يمتاز به الكتاب من علوّ الإسناد، مما حدى بالعلماء إلى التخريج من طريقه، ومنهم أصحاب الكتب الستة وغيرهم، وقد ساهم في ذلك ما منّ الله به على المؤلف من طول العمر، حتى إنه أدرك شيوخاً لم يدركهم بعض من اتفق معه في سنة الوفاة، أو قاربها. جـ - كثرة العزو إليه عند الفقهاء والمحدثين والمفسرين وغيرهم.

د - تفرُّد المصنِّف ببعض الآثار التي لا توجد عند غيره- بحسب بحثي-. هـ - ذكره لبعض الآثار التي يشاركه فيها بعض أصحاب المؤلفات المفقودة، كعبد بن حميد وابن المنذر في تفسيريهما. و تفرُّده ببعض الطرق التي تقوِّي طرقاً أخرى، أو تفيد في كشف عِلَّةٍ لبعض الطرق، أو ترجيح بعض ما قد يُعَلُّ منها. (3) حاجة العلماء وطلبة العلم الماسّة لمزيد من مصادر السنة الأصلية التي تروي بالإسناد، وحاجتهم لهذا الكتاب بالأخص بسبب قيمته العلمية. (4) ما اشتهر لدى الأوساط العلمية من فقدان الكتاب، سوى ما طبع منه. لهذه الأسباب أقدمت مستعيناً بالله على اختيار هذا الموضوع مع اعترافي بالتقصير والضعف، وفيما يلي شرح لخطة البحث: - فقد قسمت الكتاب إلى مقدمة وثلاثة أقسام وخاتمة وملحق تعقبه الفهارس. أ - المقدمة: وفيها بيان أهمية الموضوع، وسبب اختياره، وشرح خطة البحث فيه. ب - القسم الأول: دراسة عن المؤلف سعيد بن منصور وكتابه السنن، وفيه مبحثان: o المبحث الأول: التعريف بالمؤلف سعيد بن منصور، ويشمل: دراسة عن بيئته وعصره، واسمه ونسبه وكنيته، ومولده ونشأته، وطلبه للعلم، ورحلته فيه، وشيوخه وتأثيرهم فيه، وتلاميذه وتأثيره فيهم، وجهوده في خدمة الحديث وعلومه، ومؤلفاته فيه، وثناء العلماء عليه، وما تُكُلِّم به فيه والجواب عنه، وعقيدته، ومن اتفق معه في الاسم واسم الأب، وأولاده، ووفاته.

o المبحث الثاني: التعريف بكتاب السنن، ويشمل: تسميته، وتوثيق نسبته للمؤلف مع ذكر سند الكتاب، وموضوعه، ومنهج المؤلف فيه ويتضمن: (ترتيب الكتاب، ومصادره، وطريقته في الرواية، وسياق الأسانيد والمتون، وتراجمه للأبواب، وأنواع المرويات عنده من أحاديث مرفوعة وآثار موقوفة أو مقطوعة، ودرجة أحاديث الكتاب، ومقارنته بطريقة علماء عصره) ، والزيادات عليه ومميزاته، وبعض المآخذ عليه، والتعريف بنسخ الكتاب. جـ- القسم الثاني: طريقة العمل في الكتاب، وتشمل: 1 - توثيق النص، وذلك بالرجوع إلى المصادر، ومحاولة بيان من نقل النص من العلماء عن سعيد مباشرة، أو بواسطة، وتخريج الأحاديث والآثار، مع ذكر الشواهد والمتابعات، ودراسة أسانيدها، والحكم عليها. 2 - تفسير غريب الحديث. 3 - توضيح النص، بالتعليق على كل ما يحتاج إلى توضيح. د- القسم الثالث: النص محققاً ومعلقاً عليه طبقاً لخطة العمل السابقة. هـ- الخاتمة: وفيها تقويم العمل على ضوء الدراسة والتحقيق، وذكر أهم النتائج التي توصلت إليها من خلال عملي بإيجاز. و ملحق: في تقويم العمل المطبوع من الكتاب مع مقارنته بالمخطوط. ز- الفهارس: وتشتمل على: 1 - فهرس الآيات مرتبة حسب ترتيب المصحف. 2 - فهرس الأحاديث والآثار مرتبة على حروف المعجم. 3 - فهرس الأحاديث والآثار مرتبة على المسانيد. 4 - فهرس الأحاديث والآثار مرتبة على الأبواب. 5 - فهرس شيوخ المصنف.

6 - فهرس رجال الأسانيد. 7 - فهرس الأعلام الواردين في النص. 8 - فهرس الرواة المترجمين في التعليق. 9 - فهرس الأبيات الشعرية. 10 - فهرس الأماكن والبلدان. 11 - فهرس الأنساب. 12 - فهرس غريب اللغة والحديث. 13 - فهرس المراجع. 14 - الفهرس العام. وفي الختام أتوجه بالشكر لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التي أتاحت لي الفرصة لإكمال دراستي، وأخص بذلك كلية أصول الدين ممثلة في عميدها ووكيليه وقسم السنة وعلومها، كما أشكر فضيلة الأستاذ الدكتور عبد المنعم السيد نجم على تفضله بقبول الإشراف على هذه الرسالة وقراءتها وإبداء الملاحظات عليها، كما لا يسعني أن أغفل الشكر الجزيل لفضيلة الشيخ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الجبرين على ما بذله من جهد في الحصول على هذا المخطوط، ولفضيلة الشيخ الدكتور أحمد معبد عبد الكريم على توجيهاته لي في هذا البحث وغيره، والتي كان لها أطيب الأثر في نفسي، فأسأل الله تعالى أن يجزيهما عني أفضل الجزاء، كما أشكر الشيخ حمد بن عبد العزيز الجبرين على ما ساعدني به في سبيل الحصول على هذا المخطوط، والشيخ محمد بن سعود الصبيحي على تفضله بالسماح لي بتصوير المخطوط لهذا الكتاب، وأشكر كل من أسدى إلي معروفاً؛ من نصح، أو توجيه أو غير ذلك، وأسأل الله تعالى أن يجزيهم عني أفضل الجزاء، وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك. سعد بن عبد الله بن عبد العزيز آل حُمَيِّد

القسم الأول دراسة عن المؤلف سعيد بن منصور وكتابه ((السنن))

القسم الأول دراسة عن المؤلف سعيد بن منصور وكتابه ((السنن)) وفيه مبحثان: المبحث الأول: التعريف بالمؤلف. المبحث الثاني: التعريف بكتاب السنن.

المبحث الأول التعريف بالمؤلف

المبحث الأول التعريف بالمؤلف (1)

_ (1) مصادر ترجمته هي: الطبقات الكبرى لمحمد بن سعد (5 / 502) ، ومعرفة الرجال لابن معين (رواية ابن محرز) (1 / 101 رقم 444) ، والتاريخ الكبير للبخاري (3 / 516 رقم 1722) ، والكنى لمسلم (ص 73) ، والمعرفة والتاريخ ليعقوب بن سفيان (انظر فهرسه والمواضع المحال عليها هنا) ، وتاريخ أبي زرعة الدمشقي (انظر فهرسه والمواضع المحال عليها هنا) ، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم (4 / 68 رقم 284) ، والثقات لاين حبان (8 / 268 - 269) ، وتاريخ مولد العلماء ووفياتهم لابن زَبْر الرَّبَعي (2 / 499 و 501) ، ورجال صحيح البخاري المسمى: (الهداية والإرشاد في معرفة أهل الثقة والسداد) للكَلابَاذِي (1 / 295 - 296 رقم 407) ، ورجال مسلم لابن مَنْجُوْيَهْ (1 / 249 رقم 536) ، و: (تسمية ما انتهى إلينا من الرواة عن سعيد بن منصور عالياً) لأبي نعيم الأصبهاني (ص 26) ، والإرشاد للخليلي (1 / 231 رقم 60) ، والمتفق والمفترق للخطيب البغدادي (ل 109 - 110) ، والتعديل والجرح لأبي الوليد الباجي (3 / 1087 رقم 1276) ، والجمع بين رجال الصحيحين لابن القيسراني (1 / 170) ، وترتيب المدارك للقاضي عياض (1 / 78، 168) و (3 / 200، 240) ، والمعجم المشتمل (ص 129 رقم 375) ، وتاريخ دمشق كلاهما لابن عساكر (7 / 354 - 357، مخطوط الظاهرية) ومختصره لابن منظور (10 / 12 - 13 رقم 8) وتهذيبه لابن بدران (6 / 177) ، والتقييد لابن نقطة (2 / 17 - 18) ، ومعجم البلدان لياقوت (1 / 420، 425) ، و (2 / 367) ، و (3 / 230) ، والعلم المشهور لابن دحية الكلبي (ص 161 و 162) ، وتهذيب الكمال للمزي (11 / 77 - 82 رقم 2361) ، وسير أعلام النبلاء (10 / 586 - 590) ، وتاريخ الإسلام (ص 184 - 186 / وفيات 221 - 230) ، وتذكرة الحفاظ (2 / 416) ، ودول الإسلام (1 / 137) ، والعبر (1 / 399) ، وميزان الاعتدال (2 / 159 رقم 3277) ، والكاشف (1 / 373 رقم 1982) ، وذكر من يعتمد قوله في الجرح والتعديل (ص 169 رقم 128) جميعها للذهبي، والوافي بالوفيات للصَّفَدي (15/ 263 رقم 370) ، والبداية والنهاية لابن كثير (10 / 299) ، وإكمال تهذيب الكمال لمغلطاي (ل 98 / ب - 99 / ب) ، والعقد الثمين للفاسي (4 / 586 - 587) وتهذيب التهذيب (4 / 89 - 90 رقم 148) ، وتقريب التهذيب (ص 241 رقم 2399) كلاهما لابن حجر، وطبقات الحفاظ للسيوطي (ص 179، رقم 403) ، وبحر الدم =

1 - بيئته وعصره: - ولد سعيد بن منصور- كما سيأتي- قبل سنة سبع وثلاثين ومائة، أو بعدها بيسير، وتوفي في سنة سبع وعشرين ومائتين، فهو إذاً عاش في الفترة التي نشأت فيها الدولة العباسية إلى أن بلغت أوْجَ قوَّتها، وكان يقال: (لبني العباس فاتحة وواسطة وخاتمة. فالفاتحة السَّفَّاح، والواسطة المأمون، والخاتمة المُعْتَضِد) (1) . فنشأة الدولة العباسية كانت في سنة اثنتين وثلاثين ومائة (132هـ) على أنقاض الدولة الأموية، وكان هذا قريباً من ولادة سعيد بن منصور الذي عاش بداية حياته في خراسان مُنْطَلَقِ الدعوة العباسية ومحطّ قوَّتها بقيادة أبي مسلم الخراساني الذي أَبْلَى مع العباسيين بلاءً كان عاقبته القتل من قبل ثاني خلفاء بني العباس: أبي جعفر المنصور؛ بعد أن أحسّ بخطر أبي مسلم الخراساني على دولتهم. عاش سعيد هذه الحياة الطويلة التي تزيد على تسعين عاماً، وعايش فيها أحداثاً كثيرة، سأتناول الحديث عنها بإيجاز، مقسَّماً على

_ = ليوسف بن عبد الهادي (ص 178 رقم 370) ، وخلاصة تذهيب الكمال للخزرجي (ص 143) ، وشذرات الذهب لابن العماد (2 / 62) ، والرسالة المستطرفة للكتّاني (ص 34) ، والفكر السامي للفاسي (2 / 73 رقم 268) ، ومعجم المؤلفين لعمر كحالة (4 / 232) . (1) تاريخ الخلفاء (ص 490) . والمعتضد هو الخليفة العباسي أبو العباس أحمد بن الموفق بالله طلحة بن المتوكل جعفر بن المعتصم محمد بن الرشيد. ولد في سنة اثنتين وأربعين ومائتين، وتولّى الخلافة سنة تسع وسبعين ومائتين، وتوفي سنة تسع وثمانين ومائتين، قال الذهبي في وصفه: (وكان ملكاً مهيباً شجاعاً كامل العقل ذا سياسة عظيمة، وفي دولته سكنت الفتن، وأسقط المَكْسَ، ونشر العدل، وقلل من الظلم، وكان يُسَمَّى السَّفّاح الثاني، أحيا رميم الخلافة التي ضعفت من مقتل المتوكل) اهـ بتصرف من سير أعلام النبلاء (13 / 463 -479) . وأما السَّفَّاح والمأمون فسيأتي الحديث عنهما.

عناوين ثلاثة: الحالة السياسية، والحالة الفكرية، والحالة العلمية. أ - الحالة السياسية: كانت الحالة السياسية في بداية حياة المؤلف (سعيد بن منصور) تشهد فتناً وقلاقل بسبب قيام الدولة العباسية التي وجدت مناهضين لها، شأنها في ذلك شأن أي دولة تنهض من مرحلة الضعف، فتكون عرضة لأطماع الطامعين، فإذا قُدِّر لها أن تقوى شوكتُها، ويصلب عودُها استطاعت أن ترسِّخ دعائم سلطانها، وتبسط نفوذها، وتبطش بأعدائها، وهذا ما حصل للدولة العباسية. فإنها قامت في سنة (132 هـ) على يد أبي العباس السَّفَّاح عبد الله ويقال: المرتضى، ويقال: القاسم بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب أوّل الخلفاء العباسيين الذي أخذ يطارد فُلُولَ الأمويين، إلى أن استقرّ له الأمر بعد مقتل آخر خلفاء بني أمية: مروان بن محمد. ثم أخذ أبو العباس يبسط نفوذه على البلاد والأقاليم، إلا أن كثيراً من الأقاليم كانت تنشقّ عنه بعد أن تكون أعطته البيعة، مثل قنسرين، ودمشق، وحمص، والجزيرة، وقرقيسيا، والرَّقَّة، وغيرها كثير (1) . كما أن هناك من قام بالخروج عليه، والتحم معه في قتال، مثل بسام بن إبراهيم، والخوارج، وشريك المهري ببخارى، وزياد بن صالح من وراء نهر بَلْخ (2) . ولم تدم الحياة طويلاً بالسفاح، فإنه ما لبث أن توفي في سنة ست وثلاثين ومائة (136 هـ) . ثم تولّى بعده أخوه أبو جعفر المنصور عبد الله بن محمد الذي استقبل تصدُّعاً في أجزاء دولته استطاع بدهائه رَأْبَه. فأول ذلك: حينما جاءه خبر وفاة أخيه أبي العباس، كان في الطريق

_ (1) انظر تفاصيل ذلك في البداية والنهاية (10 / 52 - 57) . (2) المرجع السابق.

عائداً من الحج، فتعجل حتى أتى العراق، فأُخذت له البيعة من أهل العراق وخراسان وسائر البلاد، سوى الشام، فإنه خرج بها عمُّه عبد الله بن علي مدَّعياً أن السَّفَّاح كان عهد إليه بالخلافة، فأرسل إليه أبو جعفر أبا مسلم الخراساني الذي استطاع أن يوقع به الهزيمة بعد حروب يطول ذكرها، كان من نتيجتها أن هرب عبد الله بن علي إلى أخيه سليمان بن علي في البصرة، فاختفى عنده، فعلم به المنصور، فأخذه، ويقال إنه سجنه في بيت بَنَى أساسه على الملح، ثم أطلق عليه الماء، فذاب الملح، وسقط البيت على عبد الله بن علي، فمات. ثم أحس أبو جعفر بعد ذلك باستفحال أمر أبي مسلم واستخفافه به واحتقاره له، فأوجس منه خيفة، فسعى في إهلاكه، فما زال به يستدرجه ويَعِدُهُ ويُمَنِّيه، إلى أن أقدمه عليه، فلما تمكَّن منه، أخذ يعاتبه على ما بدر منه، وأبو مسلم يعتذر، وكان أبو جعفر أمر بعض حرسه وقال لهم: كونوا من وراء الرُّواق، فإذا صَفَّقت بيدي، فاخرجوا عليه فاقتلوه، فخرجوا عليه فقتلوه، فيقال: إن المنصور أنشد عند ذلك: فَأَلْقَتْ عَصَاها واسْتَقَرَّ بها النَّوَى ... كما قَرَّ عَيْناً بالإِيَابِ المسافِرُ وشهد عصر المنصور بعد ذلك فتناً وقلاقل كثيرة، من أهمِّها: خروج محمد بن عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب وأخيه إبراهيم بن عبد الله في المدينة والبصرة، وبعد معارك ضارية استطاع المنصور إخماد هذه الفتنة بعد مقتل محمد وأخيه إبراهيم. وبدأت الأمور تستقرّ للمنصور، فشرع في تطوير مملكته، فبنى مدينة بغداد (1) ، وجعلها دار مملكته، وبنى مدناً أخرى، وهدأت الفتن والحروب، وتوجه للإصلاح الداخلي، ويعتبر أبو جعفر بحق الخليفة

_ (1) انظر تفاصيل بنائها في البداية والنهاية (10 / 96 - 103) .

الذي أرسى دعائم الدولة العباسية. وبعد هذه المدة التي عاشها في الحكم منذ سنة ست وثلاثين ومائة، أدركت أبا جعفر الوفاة في سنة ثمان وخمسين ومائة (158 هـ) بعد أن عهد بالخلافة لابنه محمد المهدي، ومن بعده لعيسى بن موسُى (1) ، إلا أن المهدي لما تولّى الخلافة، أَلَحَّ على عيسى أن يخلع نفسه ويتنازل عن الخلافة للهادي، فامتنع، ثم أجاب بعد ترغيب وترهيب ووعد ووعيد من المهدي له يطول ذكره (2) . وكان المهدي أتى للخلافة والأمور مستقرّة، فكان عصره بداية عصر ازدهار الدولة العباسية، لذلك نجده أول من عمل البريد من الحجاز إلى العراق (3) ، وأمر بعمارة طريق مكة، فبنى بها القصور، وحَفَرَ الآبار، وعمل المصانع والبِرَكَ، حتى صارت طريق الحجاز من العراق من أرفق الطرقات وآمنها وأطيبها (4) . ونجده أول خليفة حمل له الثَّلْجُ إلى مكة (5) . وفي سنة سبع وستين ومائة أمر بالزيادة الكبرى في المسجد الحرام، وأدخل في ذلك دوراً كثيرة (6) . وقد شهد عصره شيئاً من الاضطراب (7) ، لكنه لا يداني ما

_ (1) هو عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس، ابن أخ أبي جعفر، وكان فارس بني العباس، وسَيْفَهم المسلول، جعله السَّفّاح ولي العهد بعد المنصور، فتحيَّل عليه المنصور بكل ممكن حتى أخّره وقدّم عليه المهدي، فيقال: بذل له بعد الرغبة والرهبة عشرة آلاف ألف درهم. انظر سير أعلام النبلاء (7 / 434 - 435) . (2) انظر البداية والنهاية (10 / 130، 131) . (3) تاريخ الخلفاء (ص 437) . (4) انظر البداية والنهاية (10 / 133) ، وتاريخ الخلفاء (ص 436) . (5) كما في البداية (10 / 132) ، ويقول الذهبي: (لم يتهيّأ ذلك لملك قط) كما في تاريخ الخلفاء (ص 436) . (6) تاريخ الخلفاء (ص 436) . (7) انظر البداية والنهاية (10 / 133، 135، 145) .

حصل في عصر والده. كما أن عصره كان عصر فتوحات في بلاد الروم وجهة جُرْجَان (1) . وكان رحمه الله سَمْحَ الخلق، محبّاً للسنة، معظِّماً لحُرُمات الله، حسن الاعتقاد، مبغضاً للزنادقة. كان يصلي بالناس الصلوات الخمس في المسجد الجامع بالبصرة لما قدمها، فأقيمت الصلاة يوماً، فقال أعرابي: لستُ على طُهْرٍ، وقد رغبت في الصلاة خلفك، فَأْمُرْ هولاء بانتظاري، فقال: انتظروه، ودخل المحراب، فوقف إلى أن قيل: قد جاء الرجل، فكبَّر، فعجب الناس من سماحة أخلاقه (2) . وأصدر أمره بترك المقاصير التي في جوامع الإسلام، وقصّر المنابر، وصيّرها على مقدار منبر رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - (3) . وكان إذا عرضت قضيّة، واستُدِلَّ لها بحديث، وَثَبَ عند ذكر النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى يُلْصِقَ خَدَّهُ بالتراب ويقول: سمعت لما قال وأطعت (4) . وهاجت ريح سوداء ذات مرّة حتى خافوا أن تكون القيامة قد قامت، فطلبه أحد حُجَّابه، فلم يجده في الإيوان، فإذا هو في بيت ساجد على التراب يقول: اللهم لا تُشْمت بنا أعداءنا من الأمم، ولا تفجع بنا نبيّنا، اللهم إن كنت أخذتَ العامة بذنبي، فهذه ناصيتي بيدك، فما أتمّ كلامه حتى انْجلتْ (5) .

_ (1) انظر البداية والنهاية (10 / 146 - 150) . (2) تاريخ الخلفاء (ص 442) . (3) المرجع السابق (ص 436) . (4) السابق أيضاً (ص 442) . (5) سير أعلام النبلاء (7 / 402، 403) .

ويقول الذهبي عنه: (كان غارقاً- كنحوه من الملوك- في بحر اللذات، واللهو والصيد، ولكنه خائف من الله، معادٍ لأولي الضلالة، حَنِقٌ عليهم) (1) . وهذا الذي ذكره الذهبي من معاداة المهدي لأولي الضلالة وحَنَقِهِ عليهم، دليل على حسن اعتقاده الذي أشار إليه السيوطي بقوله: (كان المهدي جواداً ممدَّحاً، مليح الشكل، محبّباً إلى الرّعيّة، حسن الاعتقاد، تتبع الزنادقة، وأفنى منهم خلقاً كثيراً، وهو أول من أمر بتصنيف كتب الجدل في الرَّدّ على الزنادقة والملحدين) (2) . ويصفه الذهبي بأنه كان قصّاباً في الزنادقة، باحثاً عنهم (3) . والسبب في حرص المهدي على تتبع الزنادقة: أن الزندقة قد نشطت في ذلك العهد، مما اضطر المهدي في سنة ست وستين ومائة وفيما بعدها إلى أن يجدّ في تتبع الزنادقة وإبادتهم والبحث عنهم في الآفاق والقتل على التهمة (4) ، بل أنشأ ديواناً خاصاً للبحث عن الزنادقة، والتفتيش عنهم، ومحاكمتهم، وعهد به إلى رجل أطلق عليه اسم: (صاحب الزنادقة) ، كما أمر بوضع الكتب للرد عليهم ومناظرتهم، فإذا لم تُجْدِ هذه الوسائل كان يلجأ إلى العنف، فيسرف في قتل الملحدين (5) ، وتابعه على هذه السياسة ابنه الهادي الذي جَدّ

_ (1) سير أعلام النبلاء (7 / 402، 403) . (2) تاريخ الخلفاء (ص 434) . (3) سير أعلام النبلاء (7 / 401) . (4) تاريخ الخلفاء (ص 437) . (5) وصفه السيوطي كما سبق بأنه كان يقتل على التهمة، وإليك هذه القصة التي تحكي تعامله مع من اتهم بالزندقة:- رفع له ذات مرة صالح بن عبد القدوس البصري في الزندقة، فأراد قتله، فقال: =

في القضاء عليهم (1) بعد وفاة أبيه في سنة تسع وستين ومائة (169 هـ) ، حيث تولى الخلافة بعده، وعمل بوصية أبيه الذي أوصاه بقتل الزنادقة، واقتدى به في ذلك، وشرع في تَطَلُّبهم من الآفاق، وَجَدَّ في ذلك، فقتل منهم خلقاً كثيراً (2) . وكان موسى الهادي لما تولى الخلافة عزم على خلع أخيه هارون الرشيد من ولاية العهد بعده، والعهد بها لابنه جعفر كما صنع أبوه بعيسى بن موسى، فانقاد هارون لذلك ولم يظهر منازعة، واستدعى الهادي جماعة من الأمراء، فأجابوه لذلك، وأَبَتْ أُمُّهما الخيزران، وكانت تميل إلى ابنها هارون أكثر من موسى، فأَلَحَّ الهادي على أخيه هارون في الخلع، واستشار يحيى بن خالد بن بَرْمَك، فقال له: ماذا ترى فيما أريد من خلع هارون وتولية ابني جعفر؟ فقال: إني أخشى أن تهون الأيمان على الناس، ولكن المصلحة تقتضي أن تجعل جعفراً وليَّ العهد من بعد هارون، وأيضاً فإني أخشى أن لا يجيب أكثر الناس إلى البيعة لجعفر، لأنه دون البلوغ، فيتفاقم الأمر ويختلف الناس، فعدل الهادي عن رأيه، ولم يلبث إلا يسيراً حتى توفي في سنة سبعين ومائة (170 هـ) (3) ، وتولَّى الخلافة بعده أخوه هارون الرشيد،

_ = أتوب إلى الله، وأنشده لنفسه: ما يبلغ الأعداء من جاهل ... ما يبلغ الجاهل من نفسِهِ والشيخ لا يترك أخلاقه ... حتى يُوَارَى في ثرى رَمْسِهِ فصرفه المهدي، فلما قرب من الخروج، ردَّه، فقال: ألم تقل: والشيخ لا يترك أخلاقه؟ قال: بلى قال: فكذلك أنت، لا تدع أخلاقك حتى تموت، ثم أمر بقتله. انظر تاريخ الخلفاء (ص 438 - 439) . (1) الشعوبية وأثرها الاجتماعي والسياسي في الحياة الإسلامية في العصر العباسي الأول (ص 132) . (2) البداية والنهاية (10 / 157) ، وتاريخ الخلفاء (ص 446) . (3) البداية والنهاية (10 / 158) .

وكان عمره إذ ذاك ثنتين وعشرين سنة، فبعث إلى يحيى بن خالد بن بَرْمَك، وولاه الوزارة، وتمكَّن عنده (1) . وكان هارون من أَمْيَزِ الخلفاء، وأَجَلِّ ملوك الدنيا، ذا شجاعة ورأي، كثير الغزو والحج والصلاة والصدقة، مُحِبّاً للعلم وأهله، معظِّماً لحُرُمات الإسلام، مبغضاً للمِرَاء والجَدَل في الدين، والكلامِ في معارضة النصّ، وكان يبكي على نفسه ولهوه وذنوبه، لا سيّما إذا وُعِظَ (2) . دخل عليه مرَّة ابن السَّمَّاك الواعظ، فبالغ في إجلاله، فقال ابن السَّمَّاك: تواضعك في شرفك أشرف من شرفك، ثم وعظه فأبكاه (3) . ووعظه الفضيل بن عياض مرَّة حتى شهق في بكائه (4) . وقال عبد الرزاق: كنت مع الفضيل بمكة، فمرّ هارون، فقال فضيل: الناس يكرهون هذا، وما في الأرض أعزّ عليّ منه، لو مات لرأيت أموراً عظاماً (5) . وقال عمّار الواسطي: سمعت الفضيل بن عياض يقول: ما من نفس تموت أشد عليّ موتاً من أمير المؤمنين هارون، ولوددت أن الله زاد من عمري في عمره. قال: فكبُر ذلك علينا، فلما مات هارون، وظهرت الفتن، وكان من المأمون ما حمل الناس على خلق القرآن، قلنا: الشيخ كان أعلم بما تكلم (6) . ولما بلغه موت ابن المبارك، حزن عليه، وجلس للعزاء، فعزّاه الأكابر (7) .

_ (1) البداية والنهاية (10 / 160) . (2، 3، 4، 5) سير أعلام النبلاء (9 / 287 - 289) ، وتاريخ الخلفاء (ص 452 - 454) . (6) سير أعلام النبلاء (9 / 289) . (7) سير أعلام النبلاء (9 / 288) ، وتاريخ الخلفاء (ص 454، 455) .

وقال أبو معاوية الضَّرير: صبّ على يدي بعد الأكل شخص لا أعرفه، فقال الرشيد: تدري من يصبّ عليك؟ قلت: لا، قال: أنا، إجلالاً للعلم (1) . وقال القاضي الفاضل: ما أعلم أن لملك رحلة قطّ في طلب العلم، إلا للرشيد؛ فإنه رحل بولديه الأمين والمأمون لسماع الموطّأ على مالك رحمه الله، وكان أصل الموطّأ بسماع الرشيد في خزانة المصريين، قال: ثم رحل لسماعه السلطان صلاح الدين بن أيوب إلى الإسكندريّة، فسمعه على ابن طاهر بن عوف، ولا أعلم لهما ثالثاً (2) . وحدث أبو معاوية الضرير الرشيدَ يوماً عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، أبي هريرة بحديث احتجاج آدم وموسى، فقال عمّ الرشيد: أين التقيا يا أبا معاوية؟ فغضب الرشيد من ذلك غضباً شديداً، وقال: أتعترض على الحديث؟ عليّ بالنّطع والسيف، زنديق يطعن في الحديث، فأحضر ذلك، فقام الناس إليه يشفعون فيه، وما زال أبو معاوية يُسَكِّنه ويقول: بَادِرَةٌ منه يا أمير المؤمنين، حتى سكن، ثم قال: هذه زندقة، فأمر بسجنه، وأقسم أن لا يخرج حتى يخبرني من ألقى إليه هذا، فأقسم عمّه بالأيمان المُغَلَّظَة ما قال هذا له أحد، وإنما كانت هذه الكلمة بَادِرَةٌ منه، وهو يستغفر الله ويتوب إليه منها، فأطلقه (3) . ودخل بعضهم عليه وبين يديه رجل مضروب عنقه، والسياف يمسح سيفه في قفا الرجل المقتول، فقال الرشيد: قتلته لأنه قال: القرآن مخلوق، فقتلته على ذلك قربة إلى الله عز وجلّ (4) .

_ (1) سير أعلام النبلاء (9 / 288) ، وتاريخ الخلفاء (ص 454، 455) . (2) تاريخ الخلفاء (ص 468 - 469) . (3) سير أعلام النبلاء (9 / 288) ، والبداية والنهاية (10 / 215) ، وتاريخ الخلفاء (ص 454) . (4) الموضع السابق من البداية والنهاية.

وبلغه عن بشر المِرِّيسي القول بخلق القرآن، فقال: بلغني أن بشر بن غياث المِرِّيسي يقول: القرآن مخلوق، فلله علي إن أظْفَرَني به لأقتلنّه. فكان متوارياً أيام الرشيد، فلما مات الرشيد ظهر، ودعا إلى الضلالة (1) . وأَخَذَ مَرَّةً زنديقاً، فأمر بضرب عنقه، فقال له الزنديق: لم تضرب عنقي؟ قال له: أريح العباد منك. قال: فأين أنت من ألف حديث وضعتها عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -، كلُّها ما فيها حرف نَطَقَ به؟ قال: فأين أنت يا عدوَّ الله من أبي إسحاق الفَزَاري وعبد الله بن المبارك يَنْخُلانها، فيخرجانها حرفاً حرفاً (2) ؟. وكان عهد هارون الرشيد أطول عهود خلفاء بني العباس وأزهاها؛ فقد كثر فيه الغزو، واتَّسَعَت الفتوحات، ومن ذلك: أنه أرسل الفضل بن يحيى إلى خراسان، فأحسن السيرة فيها، وبنى الرُّبُطَ والمساجد، وغزا ما وراء النهر، واتخذ بها جنداً من العجم سَمَّاهم: العَبَّاسِيَّةَ، وفتح الفضل بلاداً كثيرة، منها كابل وما وراء النهر، وقَهَرَ مَلِكَ التُّرك وكان ممتنعاً، وأطلق أموالاً جزيلة، ثم قفل راجعاً إلى بغداد (3) . وغزا الرشيد بنفسه بلاد الروم، فافتتح حصناً يقال له: الصَّفْصَاف (4) وغيره (5) ، حتى إن الروم كانوا يدفعون إليه الأموال تعبيراً عن خضوعهم له مقابل صلح عقدوه بينهم وبينه في عهد

_ (1) سير أعلام النبلاء (11 / 236 - 237) ، وتاريخ الخلفاء (ص 453) . (2) تاريخ الخلفاء (ص 466) . (3) البداية والنهاية (10 / 172 - 173) . (4) الصَّفْصَافُ- بالفتح والسكون- كُورَةٌ من ثغور المِصيِّصَة. معجم البلدان (3 / 413) . (5) البداية والنهاية (10 / 177، 179) .

ملكتهم (رَنَى) الملقَّبة: (أغسطة) ، إلى أن قام الروم بعزل هذه الملكة، ونقض الصلح الذي كان بينهم وبين المسلمين، وملّكوا عليهم رجلاً يقال له (نقفور) وكان شجاعاً، وخلعوا (رنى) ، وسملوا عينيها، وكتب (نقفور) إلى الرشيد كتاباً يذكر فيه ضعف الملكة التي كانت قبله ويقول: (حملت إليك من أموالها ما كنت حقيقاً بحمل أمثاله إليها، وذلك من ضعف النساء وحمقهن، فإذا قرأت كتابي هذا فاردد إليّ ما حملته إليك من الأموال، وافتد نفسك به، وإلا فالسيف بيننا وبينك) . فلما قرأ هارون كتابه، أخذه الغضب الشديد، حتى لم يتمكن أحد أن ينظر إليه، ولا يستطيع مخاطبته، وأشفق عليه جلساؤه خوفاً منه، ثم استدعى بدواة وكتب على ظهر الكتاب: (بسم الله الرحمن الرحيم. من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم، قد قرأت كتابك يا ابن الكافرة، والجواب ما تراه دون ما تسمعه، والسلام) . ثم شخص من فوره وسار حتى نزل بباب هَرَقْلَةَ (1) ، ففتحها، واصطفى ابنة ملكها، وغنم من الأموال شيئاً كثيراً، وخرَّب وأحرق، فطلب منه (نقفور) الموادعة على خراج يؤديه إليه في كل سنة، فأجابه الرشيد إلى ذلك (2) . وبعد أن استمرّ في الخلافة مدة ثلاث وعشرين سنة أدركته الوفاة رحمه الله في سنة ثلاث وتسعين ومائة بعد أن عهد

_ (1) قال ياقوت في معجم البلدان (5 / 398) : (هِرَقْلَةُ: بالكسر ثم الفتح: مدينة ببلاد الروم، سُمِّيَتْ بهرقْلة بنت الروم بن اليفز بن سام بن نوح عليه السلام، وكان الرشيد غزاها بنفسه، ثم افتتحها عنوة بعد حصار وحرب شديد ورمي بالنار والنفط حتى غلب أهلها، فلذلك قال المكّي الشاعر: هَوَتْ هِرَقْلَةُ لمّا أنْ رَأتْ عَجَباً ... جَوَّ السَّماءِ تَرْتَمي بالنَّفْطِ والنّارِ كأنّ نيرانَنا في جَنْبِ قَلْعَتِهم ... مُصَبَّغات على أرْسَانِ قَصَّارِ) اهـ (2) البداية والنهاية (10 / 193 - 194، 199، 203) .

بالخلافة لابنه محمد الأمين، ومن بعده لابنه عبد الله المأمون (1) . ولما عهد الرشيد لابنه محمد الأمين بولاية العهد من بعده وقدَّمه على عبد الله المأمون قال: (إني لأعرف في عبد الله حَزْمَ المنصور، ونُسُكَ المهدي، وعِزَّةَ الهادي، ولو أشاء أن أنسبه إلى الرابع- يعني نفسه- لنسبته، وقد قدَّمت محمداً عليه، وإني لأعلم أنه منقادٌ إلى هواه، مُبَذِّر لما حوته يده، يشاركه في رأيه الإماء والنساء، ولولا أمُّ جعفر (2) ، ومَيْلُ بني هاشم إليه، لقدَّمتُ عبد الله عليه) (3) . وكان الأمين رحمه الله سُنِّياً، لكنه مسرف على نفسه، سيء التدبير. يقول الإمام أحمد: (إني لأرجو أن يرحم الله الأمين بإنكاره على إسماعيل بن عُلَيَّة؛ فإنه أُدْخِلَ عليه، فقال له: يا ابن الفاعلة، أنت الذي تقول: كلام الله مخلوق؟!) (4) .

_ (1) المرجع السابق (10 / 222، 223) وتاريخ الخلفاء (ص 474، 490) . (2) هي زبيدة بنت جعفر بن أبي جعفر المنصور، وهي أم الأمين، وأما المأمون فأمه أم ولد اسمها: مراجل، وإنما قدم الرشيد ابنه الأمين لأن أمه نسيبة، ولذلك يقول المسعودي: (ما ولي الخلافة إلى وقتنا هذا هاشمي بن هاشمية سوى علي بن أبي طالب، وابنه الحسن، والأمين، فإن أمه زبيدة بنت جعفر بن أبي جعفر المنصور، واسمها: أمة العزيز، وزبيدة لقب لها) اهـ. من تاريخ الخلفاء (ص 484) ، وانظر (ص 489) منه أيضاً. (3) المرجع السابق (ص 490) . (4) المرجع السابق أيضاً (ص 483) . والقصة مطوَّلة في تاريخ بغداد (6 / 237 - 238) ، وخلاصتها: أن إسماعيل بن علية حدّث بالحديث الآتي في تخريج الحديث رقم [484] ، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((تجيء البقرة وآل عمران يوم القيامة كأنهما غمامتان- أو غيايتان، أو فرقان من طير صوافّ- تحاجّان عن صاحبهما)) . فقيل له: ألهما لسانان؟ قال: نعم، فكيف تكلما؟ فشنّعوا عليه وقالوا: إنه يقول القرآن مخلوق، وهو لم =

وأما إسرافه على نفسه وسوء تدبيره فأشار إليه أبوه هارون كما سبق، وتجد جملة من أخباره في ذلك في البداية والنهاية (1) وتاريخ الخلفاء (2) ، وقد أعرضت عن ذكرها قصداً؛ لخروجها عن الغرض؛ ولأنها تحتاج إلى تمحيص. ولما تولى الأمين الخلافة سعى في جعل البيعة من بعده لابنه موسى، فعزل أخاه القاسم عمّا كان الرشيد ولاّه، وأرسل إلى أخيه

_ = يقله، وإنما غلط، فأحضر للأمين محمد بن هارون، فشتمه وقال: يا ابن كذا وكذا، أَيْشٍ قلت؟ فقال: أنا تائب إلى الله، لم أعلم، أخطات. وذكر الفضل بن زياد أنه سأل الإمام أحمد عن إسماعيل بن إبراهيم بن علية، فقال: ما زال إسماعيل وضيعاً من الكلام الذي تكلم به إلى أن مات. قال الفضل: قلت: أليس قد رجع وتاب على روؤس الناس؟ فقال: بلى، ولكن ما زال مبغضاً لأهل الحديث بعد كلامه ذاك إلى أن مات، ولقد بلغني أنه أدخل على محمد بن هارون، فلما رآه زحف إليه، وجعل محمد يقول له: يا ابن ... ، يا ابن ... ، تتكلم في القرآن؟ قال: وجعل إسماعيل يقول له: جعله الله فداه، زلّة من عالم، جعله الله فداه، زلّة من عالم. قال الفضل: ثم قال لي أبو عبد الله: لعلّ الله أن يغفر له- أي للأمين- لإنكاره على إسماعيل، ثم قال بعدُ: هو ثبت- يعني إسماعيل-. اهـ وانظر التهذيب (1 / 278 - 279) . وهذا من إنصاف الإمام أحمد رحمه الله، فإسماعيل رحمه الله ثقة حافظ كما سيأتي في ترجمته في الحديث [59] ، ولذا فإن الذهبي رحمه الله ذكر إسماعيل هذا في الميزان للدفاع عنه (1 / 216 - 220) ، ولما ذكر كلام الإمام أحمد فيه قال: (قلت: إمامة إسماعيل وثيقة لا نزاع فيها، وقد بدت منه هفوة، وتاب، فكان ماذا؟ إني أخاف الله لا يكون ذكرنا له من الغيبة) اهـ. وأما ما يتعلق بمسألة القرآن، فإن قوله فيه موافق لقول أهل السنة، قال الخطيب البغدادي في تاريخه (6 / 239) : (وقد رُوي عن ابن علية في القرآن قول أهل الحق ... ) ثم ساق بإسناده عن عبد الصمد بن يزيد مردويه أنه قال: (سمعت إسماعيل ابن علية يقول: القرآن كلام الله غير مخلوق) . (1) ص 241 فما بعد من الجزء العاشر. (2) ص 474 - 488.

المأمون يطلب منه أن يقدِّم موسى على نفسه، فردّ المأمون ذلك وأباه، ووقعت الوحشة بينهما، فخلع الأمين أخاه المأمون من ولاية العهد، فلما تيقن المأمون ذلك، تسمَّى بإمام المؤمنين وكان في خراسان، فأرسل إليه الأمين جيشاً لقتاله، وأرسل المأمون جيشاً، فالتقيا، وتقاتلا، وكانت الغلبة لجيش المأمون، واستمرّ القتال بينهما في حروب يطول ذكرها، انتهت بقتل الأمين في أول سنة ثمان وتسعين ومائة، وتولِّي المأمون الخلافة بعده (1) . وكان المأمون من أفضل رجال بني العباس حزماً وعزماً وحلماً وعلماً ورأياً ودهاء وهيبة وشجاعة وسؤدداً وسماحة، وله محاسن وسيرة طويلة، لولا ما أتاه من محنة الناس في القول بخلق القرآن، ومع ذلك كان معروفاً بالتشيع (2) ، وقد حمله ذلك على خلع أخيه المؤتمن في سنة إحدى ومائتين، وجعل ولي العهد من بعده علياً الرِّضا بن موسى الكَاظِم بن جعفر الصادق، حمله على ذلك إفراطه في التشيع، حتى قيل: إنه همّ أن يخلع نفسه ويفوِّض الأمر إليه، وهو الذي لقَّبه الرِّضا، وضرب الدراهم باسمه، وزوَّجه ابنته، وكتب إلى الآفاق بذلك، وأمر بترك لبس السواد شعار بني العباس ولبس الخضرة بدلاً منه، فاشتدّ ذلك على بني العباس جداً، وخرجوا عليه، وبايعوا إبراهيم

_ (1) انظر البداية والنهاية (10 / 222 - 227، 236 - 244) ، وتاريخ الخلفاء (ص 474 - 489) . (2) يقول عنه الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (10 / 275) : (وقد كان فيه تشيع واعتزال وجهل بالسنة الصحيحة ... ، وكان على مذهب الاعتزال لأنه اجتمع بجماعة منهم: بشر بن غياث المِرِّيسي، فخدعوه، وأخذ عنهم هذا المذهب الباطل، وكان يحب العلم، ولم يكن له بصيرة نافذة فيه، فدخل عليه بسبب ذلك الداخل، وراج عنده الباطل، ودعا إليه، وحمل الناس عليه قهراً، وذلك في آخر أيامه وانقضاء دولته) . اهـ.

ابن المهدي، ولُقَّب: (المبارك) ، فجهَّز المأمون لقتاله، وجرت أمور وحروب، وكان المأمون بخراسان، فسار نحو العراق، فلم يلبث علي الرِّضا أن مات في سنة ثلاث ومائتين، فكتب المأمون إلى أهل بغداد يعلمهم أنهم إنما نقموا عليه بيعته لعلي الرِّضا وقد مات، فردّوا جوابه أغلظ جواب، فسار إليهم، ثم بدأ الناس يتسللون من عهد إبراهيم بن المهدي، فعلم بذلك، فاختفى، ووصل المأمون إلى بغداد، فكلمه العباسيون في لبس السواد، فتوقف، ثم أجاب إلى ذلك (1) . وبلغ من تشيع المأمون: أنه في سنة إحدى عشرة ومائتين أمر بأن يُنَادَى: برئت الذِّمّة ممن ذكر معاوية بخير، وإن أفضل الخلق بعد رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -: علي بن أبي طالب (2) . وفي سنة اثنتي عشرة ومائتين أظهر القول بخلق القرآن مضافاً إلى تفضيل علي على أبي بكر وعمر رضي الله عنهم من غير سبّ لهما (3) ، فاشمأزَّت النفوس منه، وكاد البلد

_ (1، 2) تاريخ الخلفاء (ص 489 - 491، 492) . (3) يقول ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية (10 / 266 - 267) : (وفي ربيع الأول- يعني سنة ثنتي عشرة ومائتين- أظهر المأمون في الناس بدعتين فظيعتين، إحداهما أَطَمُّ من الأخرى، وهي: القول بخلق القرآن، والثانية: تفضيل علي بن أبي طالب على الناس بعد رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، وقد أخطأ في كل منهما خطأ كبيراً فاحشاً، وأثم إثماً عظيماً) ، ثم نقل (ص 276 - 277) عن ابن عساكر أنه روى من طريق النَّضْر بن شُمَيْل قال: دخلت على المأمون، فقال: كيف أصبحت يا نضر؟ قلت: بخير يا أمير المؤمنين، فقال: ما الإرجاء؟ فقلت: دين يوافق الملوك يصيبون به من دنياهم وينقصون به من دينهم. قال: صدقت. ثم قال: يا نضر، أتدري ما قلت صبيحة هذا اليوم؟ قلت: إني لمن علم الغيب لبعيد، فقال: قلت أبياتاً، وهي: أصبح ديني الذي أدين به ... ولست منه الغداة معتذرا حبّ علي بعد النبي ولا ... أشْتُم صِدِّيقاً ولا عُمرا ثم ابن عفّان في الجنان مع الـ ... أبرار ذاك القتيل مُصْطبرا ألا ولا أشتم الزبير ولا ... طلحة إن قال قائلٌ غَدَرَا

يفتتن، فكفّ عن ذلك حتى سنة ثمان عشرة ومائتين حيث امتحن الناس بالقول بخلق القرآن (1) ، ولم يتمّ له ما أراد لوفاته في نفس العام، ثم تولى زمام الفتنة من بعده أخوه المعتصم كما سيأتي. وما يدلّ على تميز المأمون بالحزم والدَّهاء والشجاعة وباقي الصفات المتقدم ذكرها: أن عصره شهد فتناً عظيمة وانصداعاً في رعيته، استطاع بدهائه وحزمه ورأيه أن يخمد الفتن ويسوس الناس، لولا خوضه فيما خاض فيه من أمور المعتقد (2) ، حتى إن هناك من يتهمه فيما أظهره من التشيع وحب آل البيت الذي أدّى به إلى أخذ البيعة لعلي الرِّضا بولاية العهد من بعده وتزويجه ابنته، ويرى أنه غير صادق في ذلك، وأنه إنما فعله سياسة لاكتساب ولاء الخراسانيين

_ = وعائش الأُمّ لست أشْتُمها ... من يفتريها فنحن منه بَرَا ثم قال ابن كثير بعد ذلك: (وهذا المذهب ثاني مراتب الشيعة، وفيه تفضيل علي على الصحابة، وقد قال جماعة من السلف والدارقطني: من فضّل علياً على عثمان فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار- يعني في اجتهادهم ثلاثة أيام، ثم اتفقوا على عثمان، وتقديمه على علي بعد مقتل عمر-، وبعد ذلك ست عشرة مرتبة في التشيع على ما ذكره صاحب كتاب البلاغ الأكبر والناموس الأعظم، وهو كتاب ينتهي به إلى أكفر الكفر) اهـ. (1) تاريخ الخلفاء (ص 492، 493) . (2) ولما ذكر ابن كثير في البداية والنهاية (10 / 277) قصة النَّضْر ين شُميل- السابق ذكرها- مع المأمون التي تدل على تشيعه قال- أي ابن كثير-: (وقد أضاف المأمون إلى بدعته هذه التي أزرى بها على المهاجرين والأنصار البدعة الأخرى والطّامّة الكبرى، وهي القول بخلق القرآن، مع ما فيه من الانهماك على تعاطي المسكر وغير ذلك من الأفعال التي تعدد فيها المنكر، ولكن كان فيه شهامة عظيمة وقوّة جسيمة في القتال وحصار الأعداء ومصابرة الروم وحصرهم، وقتل رجالهم وسبي نسائهم، وكان يقول: لعمر بن عبد العزيز وعبد الملك حُجَّاب، وأنا بنفسي، وكان يتحرَّى العدل ويتولّى بنفسه الحكم بين الناس والفصل) . اهـ.

الذين تشبعت نفوسهم بالعقائد الشيعية. ويحتج أصحاب هذا الرأي بأن علياً الرِّضا لم يكن راغباً في ولاية العهد، وإنما قبلها تحت ضغط المأمون عليه وتهديده له بضرب عنقه إن لم يقبل، ومع ذلك كان موته بسبب أكله لعنب يقال إنه كان مسموماً دسّه له المأمون للتخلص منه بعد أن ظفر منه بما أراد (1) ، فالله أعلم. وشهد عصر المأمون فتوحات كثيرة وبخاصة في بلاد الروم، وكان يخرج للغزو بنفسه (2) . ولما توفي خلفه من بعده أخوه أبو إسحاق محمد المعتصم بن هارون الرشيد، الذي كان عَرِيّاً من العلم كما يقول السيوطي (3) ، فإنه كان أُمِّياً لا يحسن الكتابة، وكان سبب ذلك: أنه كان يتردد معه إلى الكُتّاب غلام، فمات الغلام، فقال له أبوه الرشيد: ما فعل غلامك؟ قال: مات فاستراح من الكُتّاب، فقال الرشيد: وقد بلغ منك كراهة الكُتّاب إلى أن تجعل الموت راحة منه؟ والله يا بني لا تذهب بعد اليوم إلى الكُتّاب، فتركوه، فكان أُمِّيّاً، وقيل: بل كان يكتب كتابة ضعيفة (4) . وكان المعتصم ذا شجاعة وقوة وهمّة، حتى إنه كان يجعل زَنْدَ الرجل بين إصبعيه فيكسره (5) . وكتب إليه ملك الروم مرة كتاباً يتهدده فيه، فأمر بجوابه، فلما

_ (1) انظر مروج الذهب للمسعودي (4 / 33) ، ومقاتل الطالبين (ص 562 - 565) ، والشعوبية وأثرها الاجتماعي والسياسي في الحياة الإسلامية في العصر العباسي الأول (ص 299 - 300) . (2) انظر البداية والنهاية (10 / 269، 270، 271، 277) . (3) تاريخ الخلفاء (ص 531) . (4) سير أعلام النبلاء (10 / 291) ، والبداية والنهاية (10 / 295) . (5) تاريخ الخلفاء (ص531، 532) .

عُرِض عليه رماه، وقال للكاتب: اكتب: أما بعد، فقد قرأت كتابك، وفهمت خطابك، والجواب ما ترى لا ما تسمع، وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار (1) . وهو الذي استطاع القضاء على بَابِك الخُرَّمي الذي يقول عنه الذهبي: (كان أحد الأبطال، أخاف الإسلام وأهله، وهزم الجيوش عشرين سنة، وغلب على أَذِرْ بِيجَان وغيرها، وأراد أن يقيم الملّة المجوسية، وظهر في أيامه المازيار أيضاً بالمجوسية بطبرستان، وعظم البلاء، وكان المعتصم والمأمون قد انفقوا على حرب بابك قناطير مقنطرة من الذهب والفضة) (2) . ولما استنفر المعتصم الجيوش لحرب بابك، ضعفت جبهته مع الروم، وحينما أحيط ببابك الخُرَّمي، كتب الخبيث إلى ملك الروم يقول له: إن ملك العرب قد جهّز إليّ جمهور جيشه، ولم يبق في أطراف بلاده من يحفظها، فإن كنت تريد الغنيمة، فانهض سريعاً إلى ما حولك من بلاده، فخذها، فإنك لا تجد أحداً يمانعك عنها، فركب ملك الروم بعسكره حتى وصل إلى مَلَطْيَة (3) ، فقتلوا من أهلها خلقاً كثيراً، وأسروا نساءهم. فلما بلغ ذلك المعتصم انزعج جداً، وصرخ في قصره بالنفير، ثم نهض من فوره، وأمر بتعبئة الجيوش، وقال للأمراء: أي بلاد الروم أمنع؟ قالوا: عَمُّورِيَّة (4) ، لم يعرض لها أحد منذ كان الإسلام، وهي أشرف

_ (1) سير أعلام النبلاء (10 / 291) ، والبداية والنهاية (10 / 296) . (2) سير أعلام النبلاء (10 / 293 - 294) . (3) مَلَطْيَةُ- بفتح أوّله وثانيه، وسكون الطاء، وتخفيف الياء-: بلدة من بلاد الروم مشهورة مذكورة تتاخم الشام، وهي للمسلمين. معجم البلدان (5 / 192 - 193) . (4) عَمُّورية- بفتح أوّله وتشديد ثانيه-: بلد في بلاد الروم، سُمِّيَت بعمورية بنت الروم بن اليفز بن سام بن نوح، وهي التي افتتحها المعتصم في سنة ثلاث وعشرين ومائتين. المرجع السابق (4 / 158) .

عندهم من القسطنطينية، فسار إليها حتى افتتحها بعد حروب وأمور يطول ذكرها (1) ، وهذا الفتح هو الذي قال فيه أبو تَمَّام قصيدته المشهورة: السَّيْفُ أَصْدَقُ أَنْبَاءًَ من الكُتُبِ ... في حَدِّه الحَدُّ بين الجِدِّ واللعبِ إلى آخرها (2) . وبالجملة فللمعتصم محاسن ومناقب عديدة، إلا أنه شَانَها بفتنة الناس بالقول بخلق القرآن. يقول الذهبي رحمه الله: (كان المعتصم من أعظم الخلفاء وأهيبهم، لولا ما شَانَ سؤدده بامتحان العلماء بخلق القرآن) (3) . ويقول السيوطي: (بويع له بالخلافة بعد المأمون في شهر رجب سنة ثمان عشرة ومائتين، فسلك ما كان المأمون عليه وختم به عمره، من امتحان الناس بخلق القرآن، فكتب إلى البلاد بذلك؛ وأمر المعلّمين أن يعلِّموا الصبيان ذلك، وقاسى الناس منه مشقّة في ذلك، وقَتَلَ عليه خلقاً من العلماء، وضرب الإمام أحمد بن حنبل، وكان ضربه في سنة عشرين- يعني ومائتين (4) -) . ثم ما لبث المعتصم أن توفي سنة سبع وعشرين ومائتين (5) ، وهي السنة التي توفي فيها المصنِّف سعيد بن منصور. ب - الحالة الفكريّة: تقدم عرض موجز عن الحالة السياسية للفترة التي عاشها

_ (1) انظرها في سير أعلام النبلاء (10 / 297 - 298) ، والبداية والنهاية (10 / 285 - 288) . (2) انظر الموضع السابق من السير. (3) تاريخ الخلفاء (ص 531) . (4) تاريخ الخلفاء (ص 533) . (5) سير أعلام النبلاء (10 / 306) .

المصنِّف سعيد بن منصور ابتداء من بداية الدولة العباسية- تقريباً- وانتهاءً بنهاية ولاية المعتصم. ومن خلال ذلك العرض نلمح بروز العنصر الفارسي في ذلك العصر، وصَاحَبَهُ ظهور الشُّعُوبِيَّة (1) ، وحركة الزندقة، والتَّشَيُّع، وفي آخر الأمر محنة خلق القرآن. وجميع هذا موصول بنشأة الدولة العباسية التي ظهرت للوجود، وظهر لظهورها بعض المذاهب الفكرية الغريبة عن الحياة الإسلامية، مما تسبب في ظهور بعض الحركات الانفصالية، وانصداع المجتمع آنذاك، واتّساع الهُوَّة بين العلماء والفئة الحاكمة. ولاشك في أن هناك عدّة أسباب أدّت إلى ظهور هذه المذاهب، من أهمها- في نظري- سببان: أ - ترجمة الكتب الأعجمية واليونانيّة وغيرها إلى العربية. ب - بروز العنصر الفارسي ونشاطه وارتباطه بالجهة الحاكمة. أما ترجمة الكتب الأعجمية واليونانية وغيرها إلى العربية، فإنها أحدثت انفتاحاً آنذاك على ثقافات وعقائد تلك الأمم المترجمة كتبها، كالفارسية والهندية واليونانية، بالإضافة إلى انضمام بعض كُتَّابهم ومفكِّريهم إلى المجتمع الإسلامي، أمثال ابن المُقَفَّع، ومنهم من لبس لباس الإسلام وأبطن الكفر للطّعن في الإسلام من الداخل كما سيأتي في الكلام عن حركة الزنادقة، ومنهم من ليس كذلك، لكنه دخل في الإسلام متلوِّثاً بثقافته السابقة. وكان لبعض خلفاء بني العباس أثر ذو فاعلية في نشاط حركة

_ (1) الشُّعُوبِيَّةُ: فرقة تتعصّب على العرب وتحتقرها، ويربط ذلك بعضهم بتوجّه سياسي وأدبي. انظر: الشعوبية وأثرها الاجتماعي والسياسي في الحياة الإسلامية في العصر العباسي الأول (ص 20، 22 - 23) .

الترجمة. فأبو جعفر المنصور أوّل خليفة قرَّب المنجِّمين وعمل بأحكام النجوم، وأوّل خليفة تُرجمت له الكتب السّريانية والأعجمية بالعربية، ككتاب كليلة ودمنة وإقليدس (1) . وقال الذهبي: (كان المنصور يُصْغي إلى أقوال المنجِّمين وَيَنْفُقُون عليه، وهذا من هِنَاتِه مع فضيلته) (2) . وبلغت حركة ترجمة هذه الكتب ذِرْوَتَها في عصر المأمون الذي كان يُجِلُّ أهل الكلام ويتناظرون في مجلسه (3) ، فإنه استخرج كتب الفلاسفة واليونان من جزيرة قبرص (4) . ولذلك يعتبر هو أول من أدخل المنطق والفلسفة وسائر علوم اليونان في ملّة الإسلام (5) . ولما ذكره الذهبي (6) قال: (قرأ العلم والأدب والأخبار والعقليّات وعلوم الأوائل، وأمر بتعريب كتبهم، وبالغ، وعمل الرَّصَدَ فوق جبل دمشق، ودعا إلى القول بخلق القرآن وبالغ، نسأل الله السلامة) . وأما العنصر الفارسي، فإنه الذي قامت على أكتافه دولة بني العباس في عصرها الأول، ولذا عظم في ذلك العصر نفوذ الفرس، مما شجّع أصحاب الديانات الفارسية على القيام بحركة زندقية واسعة، وأتاح الفرصة للشعوبية في أن تسفر عن وجهها. فالموالي كان لهم الدور الأكبر في نشر الدعوة العباسية، وساهموا بالنصيب الأوفر في

_ (1) انظر تاريخ الخلفاء (ص 430) . (2) سير أعلام النبلاء (7 / 88) . (3) سير أعلام النبلاء (10 / 285) . (4) المرجع السابق (10 / 278 - 279) وتاريخ الخلفاء (ص 521) . (5) الوسائل إلى معرفة الأوائل للسيوطي (ص 134) . (6) في سير أعلام النبلاء (10 / 273) .

اعتلاء بني العباس عرش الخلافة، وهذا الذي جعلهم في ذلك العصر أصحاب الحَظْوَةِ والنُّفوذ والبأس، فقرَّبهم الخلفاء إليهم، وولَّوْهُم أعلى المناصب في الدولة، وكان لأبي جعفر المنصور قَدَمُ السَّبْقِ في ذلك؛ فهو أول من استعمل مواليه على الأعمال، وقَدَّمهم على العرب، وكثُر ذلك بعده حتى زالت رئاسة العرب وقيادتها، بحيث أصبح العنصر الفارسي أكثر العناصر امتيازاً وتَفَوُّقاً. وفي هذا الجوّ المتسامح استطاع الأعاجم أن يجهروا بعدائهم للعرب، وأن يفخروا عليهم، ويُحَقِّروا من شأنهم (1) . ولما ذكر الذهبي مصير الأمر إلى بني العباس قال: (فرحنا بمصير الأمر إليهم، ولكن- والله- ساءنا ما جرى- لَمَّا جرى- من سيول الدماء، والسبي والنهب، فإنا لله وإنا إليه راجعون. فالدولة الظالمة مع الأمن وحقن الدماء، ولا دولة عادلة تنتهك دونها المحارم، وأنَّى لها العدل؟ بل أتت دولة أعجميّة خراسانية جبّارة، ما أشبه الليلة بالبارحة!) (2) . وهذا ما دفع بعض المؤرخين للقول بأن دولة بني العباس دولة خراسانية شرقية (3) ، وفي هذا يقول المقريزي: (إن بني العباس أخذوا الخلافة بالغَلَبَةِ بأيدي عجم أهل خراسان، ونالوها بالقوة، حتى أزال عجم خراسان دولة بني أمية ... ، بل استحالت الخلافة كسرويَّة

_ (1) مقتبس من كتاب (الشعوبية وأثرها الاجتماعي والسياسي في الحياة الإسلامية في العصر العباسي الأول) (ص 77، 85، 131) ، مع بعض التصرف والزيادة من تاريخ الخلفاء (ص 430) . (2) سير أعلام النبلاء (6 / 58) . (3) الآثار الباقية للبيروني (213) نقلاً عن كتاب (الشعوبية وأثرها الاجتماعي ... ) ص 79.

قيصريَّة) (1) . ومن أظهر الأدلّة على النزعة الأعجمية في الدولة العباسية: ما حصل للعرب وقتها من القتل الذي يقال إنه بإيعاز من آل العباس أنفسهم. فقد وقع في يد مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية جواب كتاب كتبه إبراهيم بن محمد إلى أبي مسلم الخراساني يأمره فيه بقتل كل من تكلم بالعربية في خراسان (2) . ولذلك يقول الذهبي: (كان أبو مسلم بلاء عظيماً على عرب خراسان، فإنه أبادهم بحدِّ السيف) (3) . ويقول أيضاً: (وقد كان بعض الزنادقة والطُّغَام من التناسُخِيَّة اعتقدوا أن الباري سبحانه وتعالى حَلَّ في أبي مسلم الخراساني المقتول؛ عند ما رأوا من تجبُّره واستيلائه على الممالك وسفكه للدماء، فأخبار هذا الطاغية يطول شرحها) (4) . وسئل عبد الله بن المبارك رحمه الله عن أبي مسلم: أهو خير أم الحجاج؟ فقال: لا أقول إن أبا مسلم كان خيراً من أحد، ولكن كان الحجاج شراً منه (5) . وقال علي بن عَثَّام: قال إبراهيم الصائغ: لما رأيت العرب وصنيعها، خِفْتُ ألا تكون لله فيهم حاجة، فلما سلّط الله عليهم أبا مسلم، رجوت أن تكون لله فيهم حاجة (6) .

_ (1) النزاع والتخاصم للمقريزي (ص 66) نقلاً عن المرجع السابق. (2) سير أعلام النبلاء (6 / 58 - 59) . (3) المرجع السابق (6 / 53) . (4) السابق أيضاً (6 / 67) . (5) تاريخ دمشق لابن عساكر (10 / 196 مخطوط الظاهرية) ، والبداية والنهاية لابن كثير (10 / 71) . (6) تاريخ دمشق (10 / 190 مخطوط الظاهرية) ، وسير أعلام النبلاء (6 / 53) . ويعني إبراهيم الصائغ بكلامه هذا: أن العرب بَدَرَت منهم بعض الهفوات =

وكان إبراهيم بن ميمون الصائغ قائل هذه المقالة أحد ضحايا أبي مسلم، فإنه كان من أصحابه وجلسائه في زمن الدعوة لبني العباس، وكان أبو مسلم يَعِدُهُ إذا ظهر أن يقيم الحدود. فلما تمكّن أبو مسلم، ألَحَّ عليه إبراهيم بن ميمون في القيام بما وعده به حتى أَحْرَجَهُ، فأمر بضرب عنقه، وقال له: لم لا كنت تنكر على نصر بن سيّار وهو يعمل أواني الخمر من الذهب، فيبعثها إلى بني أميّة؟ فقال له: إن أولئك لم يقرِّبوني من أنفسهم، ويعدوني منها ما وعدتني أنت. وقد رأى بعضهم لإبراهيم بن ميمون هذا منازل عالية في الجنة؛ بصبره على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإنه كان آمراً ناهياً قائماً في ذلك، فقتله أبو مسلم (1) . ويقول أبو نعيم الأصبهاني: (قتله أبو مسلم مظلوماً شهيداً سنة إحدى وثلاثين ومائة) (2) . فظهر مما تقدم أن الشعوبية أعلنت عداءها للعرب في العصر العباسي الأول، وبرز العنصر الفارسي مستغلاً نصرته لدولة العباسية، هذا مع أن الدعوة العباسية ظهرت وانتشرت في خراسان، وكانت خراسان مركزاً للديانات والعقائد الفارسية (3) . والدولة العباسية، وإن كانت في أصلها دولة عربية، إلا أنها قامت على أكتاف قائد فارسي

_ = والمظالم التي جعلته يتخوّف عليهم من أن لا تكون لله فيهم حاجة، ولم يتصور أن العرب مع ما فيهم هم خير من غيرهم في الجملة، فلما رأى ولاية أبي مسلم وما صنع بالعرب من الظلم استدرك، فرجى أن تكون لله فيهم حاجة، فإن الظالم يسلط عليه من هو أظلم منه، ولذلك يقول علي بن عَثَّام بعد ذكره لهذا القول: (ما انتقم الله من قوم ((في الأصل: لقوم)) إلا بشرٍّ منهم) . (1) البداية والنهاية (10 / 68) . (2) تهذيب الكمال (2 / 224) . (3) انظر كتاب: (الشعوبية وأثرها الاجتماعي ... ) (ص 68 - 70، 80) .

الأصل، وهو أبو مسلم الخراساني (1) ، وكان مُعْظَمُ جيشه من أهل خراسان (2) ، وهذا الذي شجع أصحاب الديانات الفارسية على القيام بحركة زندقية واسعة (3) ، لأنها وجدت حافزاً لها في هذه البيئة المناسبة لدعوتها، وليس أدَلَّ على هذا من أن الذين قاموا يطالبون بالثأر لأبي مسلم الخراساني لما قتله أبو جعفر المنصور هم من المجوس، يقول الذهبي: (ولما قتل- يعني أبا مسلم- خرج بخراسان سنباذ للطلب بثأر أبي مسلم، وكان سنباذ مجوسياً، فغلب على نيسابور والرَّيّ، وظفر بخزائن أبي مسلم، واستفحل أمره، فجهز المنصور لحربه جمهور بن مَرَّار العجلي في عشرة آلاف فارس، وكان المصَافّ بين الرَّيّ وهمذان، فانهزم سنباذ، وقتل من عسكره نحو من ستين ألفاً، وعامتهم كانوا من أهل الجبال، فسبيت ذراريهم، ثم قتل سنباذ بأرض طبرستان) (4) . وتقدم قريباً ما ذكره الذهبي من أن بعض الزنادقة والطُّغَام من التناسخية اعتقدوا أن الباري سبحانه وتعالى حلّ في أبي مسلم الخراساني المقتول، ولذا نجد هناك من اتهم أبا مسلم في إسلامه. يقول ابن كثير: (قد اتهمه بعضهم على الإسلام، ورموه بالزندقة، ولم أر فيما ذكروه عن أبي مسلم ما يدلّ على ذلك، بل على أنه كان ممن يخاف الله من ذنوبه، وقد ادّعى التوبة فيما كان منه من سفك الدماء في إقامة الدولة العباسية، والله أعلم بأمره) (5) . والزَّنْدَقَةُ: لفظة فارسية معَرَّبَة، والزنادقة: هم المبطنون للكفر،

_ (1، 2، 3) انظر كتاب (الشعوبية وأثرها الاجتماعي ... ) (ص 68 - 70، 80) . (4) سير أعلام النبلاء (6 / 71) . (5) البداية والنهاية (10 / 71) .

المظهرون الإسلام، أو الذين لا يتديّنون بدين، يفعلون ذلك استخفافاً بالدين (1) . قال الدكتور عمر فلاتة (2) : ((وقد اندس الزنادقة بين صفوف المسلمين عند ما أكرهوا على الدخول في دين الله، فأظهر جماعة منهم الإسلام، ولم تنشرح صدورهم له، وقد كان بعض هؤلاء الزنادقة ذوي مكانة في مجتمعاتهم قبل الفتح الإسلامي لبلدانهم، وبسقوط إمبراطورياتهم ومملكاتهم أضحوا نسياً منسياً، فدفع بهم الحقد الدفين في نفوسهم إلى الكيد للإسلام والمسلمين، وقد أجهدوا أنفسهم للوصول إلى أغراضهم. ولما كان باب القرآن قد أُوصِد أمامهم، منذ جُمِع الناس على مصحف واحد، لجأوا إلى باب السنة، منه يدخلون، وعلى السذج من المسلمين يلفقون، فأذكوا نار الفتنة، ووسعوا دائرة الخلاف بين المسلمين، وأدرجوا في الشريعة السمحاء من معتقداتهم الباطلة، يعززونها بوضع الحديث عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -. وقد تعددت طرقهم في كيفية بث سمومهم ونشر مفترياتهم، فمنهم من اتخذ التشيع له شعاراً ينشر منه مفترياته كما فعل ابن سبأ. ومنهم من كان يدس الأباطيل والأكاذيب السخيفة عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -، قاصدين بذلك تشويه صورة الإسلام الناصعة، في عقائده وعباداته ومقاصده، فقد وضعوا أحاديث تتعلق بذات الله وصفاته تتناقض مع عقيدة الإسلام الصحيحة، وهي تَنُمُّ عما تنطوي عليه بواطنهم، بالإضافة إلى ما يقصدون من وراء ذلك من تنفير العامة عن الإسلام، وإظهاره بمظهر الدين المتناقض الذي يشتمل على كثير من الأمور

_ (1) انظر لسان العرب (10 / 147) ، وفتح المغيث للسخاوي (1 / 239) ، والوضع في الحديث لعمر فلاتة (1 / 220) . (2) في كتابه: الوضع في الحديث (1 / 220 - 223) .

المتناقضة وغير المعقولة. ومما تجدر الإشارة إليه، أن هؤلاء الزنادقة كثيراً ما نراهم يُقِرُّون بالوضع، بل إن غالبهم كان يُقِرُّ بأنه وضع أحاديث كثيرة تركها تجول بأيدي العامة من الناس. فهذا عبد الكريم بن أبي العوجاء، لما أراد محمد بن سليمان بن علي ضرب عنقه قال: والله لقد وضعت فيكم أربعة آلاف حديث، أحرّم فيها الحلال، وأحل فيها الحرام، ولقد فطرّتكم في صومكم، وصوّمتكم في يوم فطركم. وهذا المهدي يقول: أقرّ عندي رجل من الزنادقة أنه وضع أربعمائة حديث فهي تجول في أيدي الناس. ثم قال الدكتور عمر فلاتة: ويرى بعض الباحثين أن إقرار الزنادقة بوضع الحديث، وإصرارهم على ذلك، إنما هو من تحدِّيهم للمسلمين وإصرارهم على زندقتهم. وقد بدا لي والله أعلم أن إقرار بعضهم، واعترافهم بالوضع في الحديث بصور هائلة، وأرقام خيالية، هو جزء من مخططهم الرهيب، فقد أبت زندقتهم إلا تنفير الناس من معتقداتهم، والطعن عليهم في دينهم، وقد بذلوا جهدهم في ذلك حال تمتعهم بحرياتهم، فلما أُخذوا وأيقنوا بالهلاك، عملوا على تنفيذ مخططاتهم، بالتشكيك فيما في أيدي الناس من الأحاديث والروايات، وليس معنى هذا أنهم لم يكذبوا مطلقاً، بل إنهم كذبوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - بعض الأحاديث، وهم بذلك يُعَدُّون كذابين وضاعين، إلا أنه لا ينبغي أن يسلّم لهم وضع هذه الأعداد الهائلة، لا سيما وأن بعضهم حصرها في تحليل الحرام، أو تحريم الحلال. ولو تتبعنا الكتب التي عنيت بجمع الأحاديث الموضوعة، لم تبلغ هذا العدد، فضلاً عن أن تبلغ أحاديث الأحكام

هذا الرقم. فالزنادقة كما أفسدوا حال حياتهم، أرادوا أن يفسدوا أيضاً بعد أخذهم وتقتيلهم، فألقوا القول رغبة في تشكيك الناس في سنة رسولهم - صلى الله عليه وسلم -، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون. وقد أحسن الخلفاء صنعاً حينما أخذوهم وقعدوا لهم كل مرصد، وأراحوا الأمة الإسلامية منهم؛ بإنزال أشد العقوبة بهم، وكَفَوا المسلمين شرّهم، فقد سنّ الوالي خالد بن عبد الله القسري سنة حسنة فيهم حينما ضحّى بالجعد بن درهم سنة 125 هـ ثم صار خلفاء بني العباس على سنته لما أحسوا بخطرهم على كيان الإسلام، فتعقبوهم قتلاً وتشريداً، وأشهر من أعمل في رقابهم التأديب: الخليفة المهدي الذي أنشأ ديواناً خاصاً للزنادقة يتتبع فيه أوكارهم ويقضي على رؤسائهم) اهـ بتصرف. وهذا الذي أشار إليه الدكتور عمر فلاتة من أن المهدي أنشأ ديواناً خاصاً للزنادقة سبق الكلام عنه مع ذكر بعض من أوقع بهم العقوبة لاتهامهم بالزندقة (1) ، وسار ابناه الهادي والرشيد على طريقته، وسبق ذكر قصة الزنديق الذي أمر هارن الرشيد بضرب عنقه، فقال الزنديق: لم تضرب عنقي؟ قال له: أريح العباد منك. قال: فأين أنت من ألف حديث وضعتها عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -، كلُّها ما فيها حرف نطَقَ به؟ قال: فأين أنت يا عدو الله من أبي إسحاق الفَزَاري وعبد الله بن المبارك يَنْخُلانها، فيخرجانها حرفاً حرفاً (2) ؟. وأما التشيع فمتعلق بنشأة الدولة العباسية التي نشأت في خراسان تحت ستار الانتصار لأهل البيت، وخراسان هي مركز

_ (1، 2) انظر (ص 23 - 24، 27) من هذه المقدمة.

التشيع (1) ، وكانت الدعوة العباسية في بدايتها تسير مع التشيع جنباً إلى جنب، إلى أن جاء أبو جعفر المنصور، فنحَّى أولاد علي خوفاً على سلطان بني العباس، وهو أول من أوقع الفرقة بين ولد العباس وولد علي، وكان قبل ذلك أمرهم واحداً (2) . ولما رأى العلويون أنهم قد نُحُّوا، قاموا بعدة ثورات، منها ثورة محمد وأخيه إبراهيم ابني عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب على أبي جعفر المنصور، وتقدّمت الإشارة إليها (3) . وهناك ثورات أخرى من أهمها: ثورة الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب على الهادي في سنة تسع وستين ومائة (4) . وفي سنة سبعين ومائة خرج بعض أهل البيت على هارون الرشيد (5) . وفي سنة ست وسبعين ومائة خرج على الرشيد أيضاً يحيى بن عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب (6) . وفي سنة سبع ومائتين خرج على المأمون باليمن عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب (7) . وفي سنة تسع عشرة ومائتين خرج على المعتصم محمد بن القاسم بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب بالطّالقان من خراسان (8) .

_ (1) انظر كتاب (الشعوبية وأثرها الاجتماعي ... ) (ص 68) . (2) تاريخ الخلفاء (ص 430) . (3) انظر (ص 20) من هذه المقدمة. (4، 5، 6، 7، 8) انظر أخبار هذه الثورات في البداية والنهاية لابن كثير (10 / 157، 161، 167، 259، 260، 282) .

وقد أطلّ التشيع برأسه في عهد المأمون الذي كان يتشيع ويظهر التشيع، واسْتَوْزَرَ الفضل بن سهل، وهو أول وزير للمأمون، وسمّاه المأمون: ذا الرئاستين؛ لأنه تولى رئاسة السيف ورئاسة القلم- أي رئاسة الجيوش ورئاسة الديوان-، وهو أول وزير لُقِّب، وأول وزير اجتمعت له الوزارة واللقب والتأمير (1) . وكان الفضل متشيعاً، وله أثر كبير في نقل الخلافة من آل العباس إلى آل علي (2) حينما بايع المأمون عليّاً الرضا بولاية العهد من بعده على ما سبق بيانه (3) . وتقدم أن المأمون في سنة إحدى عشرة ومائتين أمر بأن يُنَادى: برئت الذِّمَّة ممن ذكر معاوية بخير، وإن أفضل الخلق بعد رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -: علي بن أبي طالب، وقدَّمه على أبي بكر وعمر رضي الله عنهم (4) . وكان المأمون أيضاً أول من أظهر القول بخلق القرآن، وكان قبل ذلك مُحَارَباً من خلفاء بني العباس، فهارون الرشيد توعَّد وقتل على هذه المسألة (5) . وكذلك ابنه الأمين، وقصته مع إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة معروفة، وسبق ذكرها (6) . فلما جاء المأمون أظهر القول بخلق القرآن في سنة اثنتي عشرة ومائتين، فكاد البلد يفتتن، فكفَّ عن ذلك حتى سنة ثمان عشرة ومائتين حيث امتحن الناس بالقول بخلق القرآن (7) ، ودفعه إلى ذلك أمران:

_ (1) انظر الوسائل إلى معرفة الأوائل للسيوطي (ص 85) ، وكتاب: (الشعوبية وأثرها ... ) (ص 293 - 303) . (2) الشعوبية وأثرها الاجتماعي ... (ص 296) . (3، 4، 5، 6) انظر (ص 26 - 32) من هذه المقدمة. (7) انظر ما تقدم (ص 33) .

1- تأثُّرُه بما أدخله في ملة الإسلام من المنطق والفلسفة وسائر علوم اليونان، التي يعتبر أول من أدخلها؛ حينما أحضرها من جزيرة قبرص (1) . 2- تأثُّرُه بالمعتزلة والجهمية الذين قرَّبهم وأدناهم ممن أخذوا بقول جهم بن صفوان، وجهم أخذه من الجعد بن درهم، والجعد أخذه من أبان بن سمعان، وأخذه أبان من طالوت ابن أخت لبيد بن الأعصم، وأخذه طالوت من خاله لبيد، وهو الذي سحر النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكان يقول بخلق التوراة (2) . يقول الذهبي رحمه الله: (كان الناس أمة واحدة، ودينهم قائماً في خلافة أبي بكر وعمر، فلما استُشهد قُفْلُ باب الفتنة عمر رضي الله عنه، وانكسر الباب، قام رؤوس الشر على الشهيد عثمان حتى ذُبح صبراً. وتَفَرَّقَت الكلمة، وتَمَّت وقعة الجمل، ثم وقعة صِفِّين، فظهرت الخوارج، وكفَّرت سادةَ الصحابة، ثم ظهرت الروافض والنواصب. وفي آخر زمن الصحابة ظهرت القدرية، ثم ظهرت المعتزلة بالبصرة، والجهمية والمجسِّمة بخراسان في أثناء عصر التابعين، مع ظهور السنة وأهلها، إلى ما بعد المائتين. فظهر المأمون الخليفة- وكان ذكياً متكلِّماً، له نظر في المعقول-، فاستجلب كتب الأوائل، وعَرَّبَ حكمة اليونان، وقام في ذلك وقعد، وخَبَّ (3) وَوَضَعَ (4) ، ورفعت الجهمية

_ (1) انظر ما تقدم (ص 38) ، وكتاب الوسائل إلى معرفة الأوائل للسيوطي (ص 134) ، وما سيأتي. (2) الوسائل للسيوطي (ص 131 - 132) . (3) أي أسرع في عَدْوِهِ، (لسان العرب 1 / 341) . (4) الوَضْعُ: ضرب من سير الإبل دون الشَّدَّ، وقيل: هو فوق الخَبَبَ. المرجع السابق (8 / 398) .

والمعتزلة رؤوسها، بل والشيعة، فإنه كان كذلك. وآل به الحالُ إلى أن حمل الأمة على القول بخلق القرآن، وامتحن العلماء، فلم يُمْهَلْ، وهَلَكَ لعامه، وخَلَّى بعده شرّاً وبلاءً في الدين، فإن الأمة ما زالت على أن القرآن العظيم كلام الله تعالى ووحيه وتنزيله، لا يعرفون غير ذلك، حتى نبغ لهم القول بأن كلام الله مخلوق مجعول، وأنه إنما يضاف إلى الله تعالى إضافة تشريف، كبيت الله، وناقة الله. فأنكر ذلك العلماء. ولم تكن الجهمية يظهرون في دولة المهدي والرشيد والأمين، فلما ولي المأمون، كان منهم، وأظهر المقالة) (1) . وقال أبو الفرج ابن الجوزي: (خالطه- أي المأمون- قوم من المعتزلة، فحسنَّوا له القول بخلق القرآن، وكان يتردد ويراقب بقايا الشيوخ، ثم قوي عزمه وامتحن الناس) (2) . وكانت بداية المحنة لمّا قوي عزم المأمون في سنة ثمان عشرة ومائتين، وكان مقامه آنذاك بطرسوس، فأرسل إلى نائبه ببغداد إسحاق بن إبراهيم كتاباً طويلاً لامتحان العلماء يقول فيه: (وقد عرف أمير المؤمنين أن الجمهور الأعظم والسواد الأكبر من حَشَوَةِ الرَّعيَّة، وسَفَلة العامّة ممن لا نظر له ولا رويَّة، ولا استضاء بنور العلم وبرهانه، أهل جهالة بالله وعمىً عنه، وضلالة عن حقيقة دينه ... ) إلى أن قال: (فاجمع من بحضرتك من القضاة، فأقرأ عليهم كتابنا، وامتحنهم فيما يقولون، واكشفهم عما يعتقدون في خلقه وإحداثه ... ) إلخ الكتاب (3) . ثم كتب المأمون إلى نائبه كتاباً آخر يأمره فيه أن يُشخص إليه

_ (1) سير أعلام النبلاء (11 / 236) . (2) سير أعلام النبلاء (11 / 237) . (3) انظره في سير أعلام النبلاء (10 / 287 - 288) ، وتاريخ الخلفاء (ص 493 - 494) .

سبعة من العلماء، وهم: محمد بن سعد كاتب الواقدي، ويحيى بن معين، وأبو خيثمة زهير بن حرب، وأبو مسلم المستملي عبد الرحمن بن يونس، وإسماعيل بن داود، وأحمد الدَّوْرَقي، وإسماعيل بن أبي مسعود، فامتُحنوا، فأجابوا. قال يحيى بن معين: (جَبُنّا خوفاً من السيف) . ثم كتب المأمون بعد ذلك كتاباً آخر يأمر فيه بإحضار من امتنع، وهم عدّة نفر، منهم: الإمام أحمد، ومحمد بن نوح، وعبيد الله بن عمر القواريري، والحسن بن حماد المعروف بـ: سجَّادة. فأجابوا كلهم إلا هؤلاء الأربعة، فأمر بهم إسحاق فقُيِّدوا، ثم سألهم من الغد وهم في القيود، فأجاب سجّادة، ثم عاودهم ثالثاً، فأجاب القواريري، وصمَّم الإمام أحمد ومحمد بن نوح، فبعث بهما مقيَّدين إلى المأمون، فتوفي محمد بن نوح- رحمه الله- في الطريق، ودعا الله الإمامُ أحمد أن لا يريه وجه المأمون، فتلقّاهم خبر موت المأمون في الطريق. ثم تولى الخلافة بعده المعتصم، فسلك ما كان المأمون ختم به عمره من امتحان الناس بخلق القرآن، فكتب إلى البلاد بذلك، وأمر المعلمين أن يعلموه الصبيان، وقاسى الناس منه مشقّة، وقَتَل عليه خلقاً من العلماء، وضُرب الإمام أحمد، وكان ضربه في سنة عشرين، وقيل: سنة تسع عشرة ومائتين، فصبر رحمه الله حتى أعيا المعتصم أمره، فكفّ عن ضربه، وفرّج الله عنه، واستمرّت هذه المحنة بقية ولاية المعتصم، ثم ابنه الواثق من بعده، حتى جاء المتوكِّل- رحمه الله- من بعدهما، فرفع المحنة عن الناس، وأظهر السنَّة (1) .

_ (1) انظر فيما سبق ومزيد تفصيل عن هذه المحنة الكتب الآتية: ذكر محنة الإمام أحمد =

قال الذهبي: (وامتحن- أي المعتصم- الناس بخلق القرآن، وكتب بذلك إلى الإمصار، وأخذ بذلك المؤذِّنين وفقهاء المكاتب، ودام ذلك حتى أزاله المتوكِّل بعد أربعة عشر عاماً) (1) . ومن الواضح أن هذه المحنة إنما طالت من كان قريباً من محلّ إقامة الخليفة، وكان سعيد بن منصور آنذاك بمكة، ولم يُذكر أن أحداً من العلماء المقيمين بمكة امتُحن كما امتُحن هؤلاء المذكورون ومن كان معهم، إلا أن صدى الفتنة عمَّ أرجاء العالم الإسلامي، فساء ذلك علماء أهل السنة، فشرعوا في الردّ على أصحاب هذه المقالة، والتحذير من الخوض في علم الكلام ومجالسة أهل الأهواء، وأقوالهم في هذا كثيرة جداً (2) . وكان بعض هذه الردود والتحذيرات في مؤلفات مستقلة ككتاب السنة لعبد الله بن الإمام أحمد، وبعضهم يسميه: (الرد على الجهمية) (3) ، ومعظم رواياته فيه عن أبيه، وبعض هذه الردود تأتي على صفة أبواب ضمن مؤلفات كما صنع سعيد بن منصور في سننه، فإنه عقد أبواباً تتعلق بأصول الاعتقاد؛ مثل الشفاعة، والقَدَر، والنهي عن مجالسة أهل الأهواء، والنهي عن الاستماع لأهل البدع، والنهي عن سب أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، وسيأتي مزيد تفصيل لهذا في الكلام عن معتقده.

_ = لابن عمه حنبل بن إسحاق، وكتاب المحن لأبي العرب التميمي (ص 438 - 444) ، وسير أعلام النبلاء (10 / 287 -288، 292، 307) ، (11 / 232 فما بعد) ، والبداية والنهاية لابن كثير (10 / 330 - 340) ، وتاريخ الخلفاء (ص 493 - 499) . (1) سير أعلام النبلاء (10 / 291) . (2) انظر على سبيل المثال كتاب الإبانة لابن بطّة (1 / 390 فما بعد) . (3) وقد طبع الكتاب عدة طبعات، منها طبعة جيدة بتحقيق الشيخ الدكتور محمد بن سعيد القحطاني، نشرته دار ابن القيم بالدمام عام 1406هـ، وقد ذكر في المقدمة (ص 57) أنه هناك من يسميه: (الرد على الجهمية) .

جـ- الحالة العلمية: إن هذه الفترة التي عاشها سعيد بن منصور هي الفترة الذهبية للحالة العلمية في تاريخ الأمة الإسلامية. فقد شهد هذا العصر كثيراً من الشخصيات العلمية البارزة التي كان لها أكبر الأثر على الأمة، ولا تزال آثارها باقية. وعلى رأس هؤلاء: الأئمة الأربعة: أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد رحمهم الله تعالى. كما أن هناك كثيراً من فحول العلماء الذين لا يقلّون عن هؤلاء أهمّية؛ أمثال: ابن جريج والأوزاعي وشعبة وسفيان الثوري وحماد بن سلمة وحماد بن زيد والليث بن سعد وعبد الله بن المبارك وهشيم بن بشير وعبد الله بن وهب وسفيان بن عيينة وعبد الرحمن بن مهدي ويحيى بن سعيد القطان، وغيرهم كثير. ويعتبر هذا العصر هو عصر التصنيف وتدوين السنة على الأبواب، وبدايته من سنة ثلاث وأربعين ومائة، وكانت السنّة قبل ذلك يتلقاها العلماء حفظاً، أو في صحف غير مرتّبة. يقول الذهبي رحمه الله: (في سنة ثلاث وأربعين- يعني ومائة- شرع علماء الإسلام في هذا العصر في تدوين الحديث والفقه والتفسير. فصنَّف ابن جريج بمكة، ومالك الموطأ بالمدينة، والأوزاعي بالشام، وابن أبي عروبة وحماد بن سلمة وغيرهما بالبصرة، ومعمر باليمن، وسفيان الثوري بالكوفة، وصنَّف ابن إسحاق المغازي، وصنف أبو حنيفة رحمه الله الفقه والرأي، ثم بعد يسير صنف هشيم، والليث، وابن لهيعة، ثم ابن المبارك، وأبو يوسف، وابن وهب، وكثُر تدوين العلم وتبويبه ودوِّنت كتب العربية، واللغة، والتاريخ، وأيام الناس. وقبل هذا العصر كان الأئمة يتكلمون من حفظهم، أو يَرْوُونَ العلم من صحف صحيحة غير مرتَّبة) (1) .

_ (1) تاريخ الخلفاء (ص 416 - 417) .

وسبق أن بَيَّنْتُ (1) متى بدأ التدوين والتصنيف، وأن أوَّل من صنّف على الأبواب: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج (ت 150 هـ) بمكة، والإمام مالك بن أنس (ت 179 هـ) أو محمد بن إسحاق بن يسار (ت 151 هـ) بالمدينة والربيع بن صَبيح (ت 160 هـ) أو سعيد بن أبي عروبة (ت 156 هـ أو 157 هـ) ، أو حماد بن سلمة (ت 167 هـ) بالبصرة، وسفيان الثوري (ت 161 هـ) بالكوفة، وعبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي (ت 157 هـ) بالشام، وهشيم بن بشير الواسطي (ت 183 هـ) بواسط، ومعمر بن راشد (ت 153 هـ) باليمن، وجرير بن عبد الحميد (ت 188 هـ) بالرَّيّ، وعبد الله بن المبارك المَرْوَزي (ت 181 هـ) بمَرْو وخراسان. أما ابن جريج، فصنّف كتاب السنن، وكتاب الحج أو المناسك، وكتاب التفسير، وكتاب الجامع (2) . وأما الإمام مالك، فصنّف كتاب الموطّأ (3) . وأما محمد بن إسحاق، فصنّف كتاب المغازي (4) . وأما سعيد بن أبي عروبة، فله مصنّفات كثيرة، منها: تفسير القرآن، والسنن، والمناسك، والنكاح، والطلاق (5) .

_ (1) انظر ما تقدم (ص 5 / ق - 7 / ق) . (2) انظر الفهرست للنديم (ص 282) والتهذيب (2 / 205) ، (4 / 244) ، ودراسات في الحديث النبوي للدكتور محمد مصطفى الأعظمي (ص 286 - 289) . وذكر النديم أن كتاب السنن يحتوي على مثل ما تحتوي عليه كتب السنن، مثل: الطهارة والصيام والصلاة والزكاة وغير ذلك. (3) وهو كتاب مشهور طبع عدة طبعات، منها بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي. (4) وهو مشهور أيضاً، يوجد منه قطعة نشرها الدكتور سهيل زكار، كما أن ابن هشام هذب سيرة ابن إسحاق وطبع كتابه هذا عدة طبعات. (5) انظر الفهرست للنديم (ص 283) ، وفتح الباري (9 / 464) ، ودراسات في الحديث النبوي (ص 254 - 256) .

وأما سفيان الثوري، فله كتب عدَّة، منها: الجامع الكبير، والجامع الصغير، والفرائض، والتفسير (1) . وأما الأوزاعي، فالّف كتباً عديدة، إلا أنها احترقت ولم يبق منها شيء سوى اقتباسات في بعض الكتب، فمن كتبه: كتاب السنن في الفقه، وكتاب المسائل في الفقه (2) . وأما هشيم بن بشير، فهو ممن كثرت عنايته بالآثار، وجمعه للأخبار، وحفظ، وصنَّف كتباً عديدة، منها: السنن في الفقه، والتفسير، والقراءات، والصلاة (3) . وأما معمر بن راشد، فصنّف كتاب المغازي، وكتاب التفسير، وكتاب الجامع (4) . وأما عبد الله بن المبارك، فصنّف كتباً عديدة، منها: المسند وكتاب الزهد، وكتاب الجهاد، وكتاب السنن في الفقه، وكتاب التفسير، وكتاب التاريخ، وكتاب البر والصلة (5) .

_ (1) الفهرست للنديم (ص 281) ، ودراسات في الحديث النبوي (ص 256 - 261) . (2) أيضاً الفهرست للنديم (ص 284) ، ودراسات في الحديث النبوي (ص 278 - 279) . (3) الفهرست للنديم (ص 284) ، وذكر أخبار أصبهان (1 / 118) ، ودراسات في الحديث النبوي (ص 318) . (4) الفهرست أيضاً (ص 106) ، ودراسات في الحديث النبوي (ص 312) . وقد طبع كتاب الجامع لمعمر في آخر مصنف عبد الرزاق بتحقيق الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي. (5) الفهرست للنديم (ص 284) . وقد طبع كثير من هذه الكتب لابن المبارك، أما كتاب المسند فهناك قطعة منه قام بتحقيقها صبحي السامرائي، ونشرته دار المعارف بالرياض عام 1407 هـ، ثم قام بتحقيقه أيضاً الدكتور مصطفى عثمان وضمّ إليه كتاب البر والصلة، ونشرته دار الكتب العلمية ببيروت عام 1411 هـ. =

وكان هؤلاء الأئمة في عصر واحد تقريباً، فلا ندري أيهم كان أسبق، وإن قال بعضهم: إن ابن جريج أول من صنف، إلا أن الأَوْلى أن يُقَيَّد كل منهم بمصره، فيقال: أول من صنف بالكوفة سفيان الثوري، وهكذا (1) . وبعض هؤلاء الذين هم أول من صنف من شيوخ سعيد بن منصور، مثل الإمام مالك وعبد الله بن المبارك وهشيم بن بشير وجرير بن عبد الحميد. ولم يكن التصنيف في ذلك العصر مقصوراً على هؤلاء، بل هناك عدد كثير ممن صنَّف غيرهم، نذكر منهم: 1- إبراهيم بن طَهْمان (ت 163 هـ) : كتب الكثير، ودوّن كتبه التي أثنى عليها ابن المبارك بقوله: (إبراهيم بن طهمان صحيح الكتب) (2) . ومن كتبه: التفسير، والسنن في الفقه، والعيدين، والمناقب (3) . 2- الحسين بن واقد المَرْوَزي (ت 159 هـ) : له كتاب التفسير، وكتاب الوجوه في القرآن (4) .

_ = وأما كتاب الزهد فقام بتحقيقه الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي، ونشره محمد عفيف الزعبي. وأما كتاب الجهاد، فقام بتحقيقه الدكتور نزيه حمّاد، ونشرته دار المطبوعات الحديثة بجدّة. (1) كما تقدم ذكره عن الحافظين: العراقي وابن حجر (ص 7 / ق) من هذه المقدمة. (2) الجرح والتعديل (2 / 108) . (3) الفهرست للنديم (ص 284) ، ودراسات في الحديث النبوي (ص 224) . وقد طبع جزء حديثي بعنوان: (مشيخة ابن طهمان) بتحقيق الدكتور محمد طاهر مالك الذي رجح في المقدمة (ص 6) أن هذا الكتاب هو كتاب السنن في الفقه لابن طهمان، وأن كلمة (سنن) تصحّفت إلى (مشيخة) . (4) الفهرست للنديم (ص 284) ، ودراسات في الحديث النبوي (ص 242) .

3- زائدة بن قدامة الثقفي (ت 160 هـ) : له كتب، منها: السنن، والقراءات، والتفسير، والزهد، والمناقب (1) . 4- سفيان بن عيينة (198 هـ) : له كتاب التفسير (2) . 5- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبي ذئب (ت 158 هـ) : له كتاب السنن، ويحتوي على الفقه، مثل: الصلاة، والطهارة، والصيام، والزكاة، والمناسك، وغير ذلك. وله كتاب الموطأ، وقد يكون هو نفس السنن، وقد بقي هذا الموطأ لعدة قرون (3) . وتقدم (4) أن معظم هذه المصنفات كان يضم أحاديث النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وما ورد عن الصحابة والتابعين، إلى أن رأى بعض الأئمة أن تفرد أحاديث النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خاصة، وذلك على رأس المائتين، فصُنِّفَت المسانيد. وقد كان لتلك الهجمة الشرسة من الزنادقة وأهل الكلام على العقيدة الإسلامية والسنة النبوية أثر إيجابي على الحركة العلمية آنذاك، حيث شعر العلماء بعظم المسئولية الملقاة على عاتقهم، فعنوا بنقد الأحاديث، والكشف عن أحوال الرواة، والرد على أهل الكلام والتحذير منهم.

_ (1) الفهرست أيضاً (ص 282) ، ودراسات في الحديث النبوي (ص 250) . (2) الفهرست (ص 282) ، ودراسات في الحديث النبوي (ص 261 - 262) . (3) الفهرست (ص 281) ، ودراسات في الحديث النبوي (ص 306) . (4) في (ص 7 / ق) .

فجواب هارون الرشيد لذلك الزنديق الذي ادّعى أنه وضع ألف حديث يدلّ على أن علماء الحديث قد تصدّوا لنقد الأحاديث التي وضعها الزنادقة وغيرهم، وبيّنوا الزائف من غيره. وشبيه به ما ذكره عبدة بن سليمان قال: قيل لابن المبارك: هذه الأحاديث المصنوعة؟ قال: تعيش لها الجهابذة، {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} (1) . وأما الكشف عن أحوال الرواة فَيَتَجَلَّى بالنظر إلى ذلك الكم الهائل المودع في كتب الرجال، من كلامهم في الرجال جرحاً وتعديلاً، وتمييز الثقات من الضعفاء والمجاهيل، ومن كان ثقة ثم عرض له عارض يوجب ضعفه كالاختلاط، ومن هو ثقة ولا تقبل روايته إلا بشروط كالمدلِّسين، والعناية بتواريخ مواليد الرواة ووفياتهم وبلدانهم ... ، إلى غير ذلك مما يتوصل من خلاله إلى نقد الأسانيد. وكان الكشف عن أحوال الرواة موجوداً منذ عهد النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لكن العلماء في هذا العصر تصدَّوا له بسبب ما تقدم ذكره من وجود الحاجة؛ للوقوف في وجه تلك التحديات المشار إليها. يقول صالح جزرة: (أول من تكلم في الرجال شعبة بن الحجاج، ثم تبعه يحيى بن سعيد القطان، ثم بعده أحمد بن حنبل ويحيى بن معين) (2) . قال ابن الصلاح تعليقاً على هذا الكلام: (قلت: وهؤلاء يعني أنه أول من تصدَّى لذلك وعُني به، وإلا فالكلام فيه جرحاً وتعديلاً متقدم ثابت عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -، ثم عن كثير من الصحابة والتابعين فمن بعدهم، وجُوِّز ذلك صوناً للشريعة ونفياً للخطأ والكذب عنها) (3) .

_ (1) الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (2 / 18) ، وفتح المغيث للسخاوي (1 / 241) . (2، 3) مقدمة ابن الصلاح (ص 440) .

وأما الرد على أهل الكلام والتحذير منهم، فتقدم الكلام عنه (1) . 2- اسمه، ونسبه، وكنيته: هو أبو عثمان سعيد بن منصور بن شعبة البَزَّازُ (2) ، الخُرَاساني (3) ، النَّيْسَابوري (4) ، الجُوزَجَاني (5) ،. . . . . . . . . . . . . . . . .

_ (1) انظر (ص 51 / ق) . (2) البَزَّازُ- بفتح الباء المنقوطة بواحدة، والزاي المشدَّدة، وفي آخرها الزاي-: نسبة إلى من يبيع البَزَّ، وهو الثياب، كما في الأنساب للسمعاني (2 / 199) . ولم أجد من نسب سعيد بن منصور إلى هذه النسبة سوى تلميذه مسلم في الكنى (ص 73) ، وعنه نقله ابن عساكر في تاريخ دمشق (7 / 355 مخطوط الظاهرية) . (3) هذه النسبة إلى الإقليم الذي هو منه، وهو: خُرَاسَانُ، وهي بلاد واسعة، أوَّلُ حدودها مما يلي العراق: (أزَاذْوار) قَصَبَةُ جُوَيْن وبَيْهق، وآخر حدودها مما يلي الهند: (طَخَارِسْتَانُ) و: (غَزَنَةُ) و: (سِجِسْتَانُ) و: (كِرْمَانُ) ، وليس ذلك منها، إنما هو أطراف حدودها، وتشتمل خراسان على أُمَّهات من البلاد، منها: نيسابور، ومَرْو، وبَلْخ، وطالْقان، وجُوزجان. وقد فتحت أكثر هذه البلاد عُنْوَةً وصُلْحاً في سنة إحدى وثلاثين للهجرة في أيام عثمان رضي الله عنه، بإمارة عبد الله بن عامر بن كُرَيْزَ. اهـ من معجم البلدان (2 / 350 - 354) . (4) هذه النسبة إلى مدينة (نَيْسَابُور) التي قد يكون سعيد بن منصور استوطنها مُدَّةً، وهي مدينة عظيمة من مدن خُراسان، ذات فضائل جسيمة، مَعْدِنُ الفُضَلاء، ومنبع العلماء، وكان المسلمون فتحوها في أيام عثمان رضي الله عنه كما في معجم البلدان (5 / 331) ، قال ياقوت: (لم أَرَ فيما طَوَّفْتُ من البلاد مدينة كانت مثلها) . ولم أجد من نسب سعيداً إلى نيسابور سوى أبي عبد الله الحاكم، فيما نقله عنه ابن عساكر في تاريخ دمشق (7 / 355) أنه قال: (سعيد بن منصور، أبو عثمان النَّيْسَابُوري، ويقال: الخُراساني، ويقال: الجُوزجاني، ويقال: البَلْخي، سكن مكة مجاوراً بها، فنسب إليها) اهـ. (5) هذه النسبة إلى (جُوزَجَان) لأنه وُلد بها كما نصّ عليه أحمد بن محمد بن الحسين- لعلَّهُ الماسِرْجِسي- حيث قال: (سعيد بن منصور، أبو عثمان الخراساني، الجوزجاني، وُلد بها) اهـ. من الموضع السابق من تاريخ دمشق. و: (جُوْزَجَانُ) : اسم كُورة واسعة من كور بَلْخ بخراسان، وهي بين مَرْو الرُّوذ =

البَلْخِي (1) ، المَرْوَزِي (2) - ويقال: الطَّالْقَاني (3) -، المكِّي، المجاور (4) . 3- مولده ونشأته:- تقدم معنا ما يدل على أن سعيد بن منصور تنقل بين مدن وبلدان خراسان، ما بين بلد ولد بها، وأخرى نشأ بها، وثالثة سكنها، وهكذا إلى أن استقر بمكة حتى الوفاة. فولادته كانت بجُوزَجَان (5) قريباً من سنة سبع وثلاثين ومائة

_ = وبَلْخ، فتحت عنوة سنة ثلاث وثلاثين للهجرة. اهـ. من معجم البلدان (2 / 182) . (1) هذه النسبة إلى مدينة (بَلْخ) لأنه نشأ بها كما نصّ عليه أحمد بن محمد بن الحسين حيث قال: (سعيد بن منصور، أبو عثمان الخراساني، الجوزجاني، ولد بها، ونشأ ببلخ، سكن مكة سنين مجاوراً) اهـ. من الموضع السابق من تاريخ دمشق. و: (بَلْخٌ) مدينة مشهورة بخراسان، من أَجَلِّ مدن خراسان وأذكَرها وأكثرها خيراً وأوسعها غَلَّة، فتحها الأحنف بن قيس من قِبَلِ عبد الله بن عامر أيام عثمان رضي الله عنه. اهـ. من معجم البلدان (1 / 479 - 480) . (2) هذه النسبة إلى مدينة (مَرْو الشَّاهِجَان) لأنه من أهلها كما نصّ عليه أبو سعيد بن يونس، ونقله عنه ابن عساكر في الموضع السابق من تاريخه أنه قال: (سعيد بن منصور، الخراساني من أهل مَرْو) . و: (مَرْو الشَّاهِجان) هذه هي مَرْو العظمى، أشهر مدن خراسان، والنسبة إليها: (مَرْوَزِيّ) ، وبينها وبين نيسابور سبعون فرسخاً، ومنها إلى بلخ مائة واثنان وعشرون فرسخاً. اهـ. من معجم البلدان (5 / 112 - 116) . (3) هذه النسبة إلى: (الطَّالْقَان) ، وهي بلدة بخراسان، بين (مَرْو الرُّوذ) وبَلْخ، مما يلي الجبال، بينها وبين (مَرْو الرُّوذ) ثلاث مراحل. انظر الأنساب للسمعاني (9 / 8) ، ومعجم البلدان (4 / 6 - 8) . ونسبة سعيد بن منصور إلى هذه البلدة في قول قيل كما في تهذيب الكمال المطبوع (11 / 77) ، وسير أعلام النبلاء (10 / 586) ، فإن صَحَّت النسبة، فقد يكون سكنها. (4) نسبة إلى مكة لأنه سكنها سنين مجاوراً إلى أن توفي بها كما سيأتي، وكما سبق نقله عن أبي عبد الله الحاكم وأحمد بن محمد بن الحسين. (5) كما سبق نقله عن أحمد بن محمد بن الحسين، وفي تاريخ دمشق (7 / 356) نقلاً عن أبي عبد الله محمد بن يعقوب الأصمّ أنه قال: (بلغني أنه ولد بجوزجان، ونشأ بِبَلْخ) .

إما قبلها أو بعدها بيسير؛ لأن وفاته كانت في سنة سبع وعشرين ومائتين، وتوفي وقد جاوز الثمانين أو التسعين. ولم أجد من حدد عمره حين توفي سوى الذهبي، واختلف قوله فيه، فمرة قال: ((قلت: كان من أبناء ثمانين سنة أو أزيد)) (1) ومرة ذكر أنه توفي في سنة سبع وعشرين ومائتين وهو في عشر التسعين (2) . وانتقل إلى بَلْخ حيث نشأ بها (3) . وليس هناك ما يسعفنا في معرفة سبب انتقال أسرته من جُوزجان إلى بَلْخ، ولا في معرفة حالة أسرته التي نشأ في كَنَفها. وأما بَلْخ فكانت من أجلِّ مدن خراسان، وأَذْكَرِها، وأكثرها خيراً، وأوسعها غلَّةً، تُحمل غلَّتُها إلى جميع خُراسان وإلى خَوارِزِمْ كما قال ياقوت (4) . وقال السمعاني: (خرج منها عالَم لا يُحصى من العلماء، والأئمة، والمحدِّثين، والصُّلَحَاء قديماً وحديثاً) (5) . ومن أبرزهم ثلاثة ممن عاصرهم سعيد بن منصور: أحدهم: أبو إسحاق إبراهيم بن أدْهَم بن منصور البَلْخي، الزاهد المشهور (6) .

_ (1) سير أعلام النبلاء (10 / 587) . (2) تذكرة الحفاظ (2 / 416) . (3) كما سبق نقله عن أحمد بن محمد بن الحسين، وفي تاريخ دمشق (7 / 356) نقلاً عن أبي عبد الله محمد بن يعقوب الأصمّ أنه قال: (بلغني أنه ولد بجوزجان، ونشأ بِبَلْخ) . (4) معجم البلدان (1 / 479) . (5) الأنساب للسمعاني (2 / 304) . (6) قال عنه ابن معين: (عابد ثقة) ، ووثقه ابن نمير والعجلي، وقال النسائي: (ثقة مأمون، أحد الزُّهَّاد) ، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: (أصله من بَلْخ، ثم انتقل بعد أن تاب وترك الإمارة إلى الشام طلباً للحلال، فأقام بها مرابطاً غازياً، يصبر على الجهد الجهيد والفقر الشديد والورع الدائم والسخاء الوافر، إلى أن مات في بلاد الروم سنة إحدى وستين ومائة) . اهـ من الثقات لابن حبان (6 / 24) ، والتهذيب (1 / 102 - 103) .

والثاني: عصام بن يوسف بن ميمون البَلْخي، أبو عِصْمَةَ الزاهد (1) . والثالث: مَكِّيُّ بن إبراهيم بن بشير الحَنْظَلي البَلْخي (2) . 4- طلبه للعلم ورحلته فيه: إن هذا العصر الذي زَخَرَ بهؤلاء الأئمة السَّالِفِ ذكرهم، هو العصر الذي فيه عاش فيه سعيد بن منصور وتكونت فيه شخصيته العلمية، نتيجة نشاطه في طلب العلم، وعُلُوِّ هِمَّتِهِ، مع ما أنعم الله به عليه من يُسْرِ الحال وطول العمر. ولم أجد فيما بين يدي من المراجع ما يُسْعِفُ في معرفة سِنِّه حال ابتداء الطلب، أو التاريخ الذي ابتدأ فيه بالطلب، ولذا فإن الضرورة تدعونا إلى التعرف على ذلك على وجه التقريب. فولادته- كما تقدم- كانت قريباً من سنة ست وثلاثين ومائة، إما قبلها أو بعدها بيسير. وهو يروي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن أبي ذئب (3) والحارث بن نَبْهَان (4) ، وهما أقدم شيوخه وفاة.

_ (1) وهو صدوق كما قال الخليلي، وقال ابن سعد: (كان عندهم ضعيفاً في الحديث) ، وقال ابن حبان: (كان صاحب حديث، ثبتاً في الرواية، ربما أخطأ ... ، ومات عصام سنة عشر ومائتين) ، وقال ابن عدي: (روى عصام هذا عن الثوري وعن غيره أحاديث لا يتابع عليها) . اهـ من الثقات لابن حبان (8 / 521) ، والكامل لابن عدي (5 / 2008) ، ولسان الميزان (4 / 168) . (2) هو ثقة ثبت من شيوخ البخاري، وممن أخرج له الجماعة، وقد وثقه الإمام أحمد والعجلي ومسلمة، وقال ابن سعد: (كان ثقة ثبتاً في الحديث) ، وقال الدارقطني: (ثقة مأمون) ، وقال الخليلي: (ثقة متفق عليه) ، وكانت ولادته سنة ست وعشرين ومائة، ووفاته سنة خمس عشرة ومائتين. اهـ من التهذيب (10 / 293 - 295 رقم 511) ، والتقريب (ص 545 رقم 6877) . (3) كما في تهذيب الكمال المطبوع (11 / 78) . (4) كما في الحديث رقم (20) من هذه الرسالة.

فابن أبي ذئب توفي سنة ثمان أو تسع وخمسين ومائة (1) . والحارث بن نبهان ذكره البخاري في فصل من مات بين الخمسين إلى الستين ومائة (2) . وقد قال سعيد بن منصور نفسه: (رأيت مالكاً يطوف وخلفه سفيان الثوري يتعلم منه كما يتعلم الصبي من معلِّمه، كلما فعل مالك شيئاً يفعله سفيان، يقتدي به) (3) . وسفيان الثوري توفي سنة إحدى وستين ومائة (4) . فنستفيد مما سبق: أن طلب سعيد بن منصور للعلم كان قبل سنة تسع وخمسين ومائة، فقد يكون عمره عشرين سنة أو أقل أو أكثر بقليل، وأنه رحل قبل سنة إحدى وستين ومائة. والذي يغلب على الظن أن الذي يبلغ به الشوق في طلب العلم إلى أن يرحل، إنما هو من أمضى مدَّةً في الطلب، وحصَّل ما عند شيوخ بلده، فرغب في المزيد. فالظاهر أن طلبه للعلم كان في حال الصِّغَر. وقد جاب سعيد البلاد شرقاً وغرباً، وضرب في الأرض؛ طلباً للشيوخ والظَّفَر بعلوّ الإسناد. يحكي الذهبي أنه سمع بخراسان والحجاز والعراق ومصر والشام والجزيرة وغير ذلك (5) . ويقول المِزِّي: (ولد بجُوزَجَان، ونشأ بِبَلْخ، وطاف البلاد، وسكن مكة ومات بها) (6) .

_ (1) كما في التقريب (ص 493 رقم 6082) . (2) انظر ترجمته في الحديث رقم (20) . (3) ترتيب المدارك (1 / 78، 168) . (4) كما سيأتي في ترجمته في الحديث رقم (30) . (5) سير أعلام النبلاء (10 / 586) . (6) تهذيب الكمال للمزي (11 / 77) .

وفيما يلي ذكر للمدن التي سمع بها أو روى عن شيوخ (1) من أهلها، وبعضها حدَّث بها: خُرَاسَان: ذكر الذهبي كما سبق أنه سمع بها. وهي إقليم واسع ينسب إليه سعيد بن منصور لأنه وُلد ونشأ في بلاد منه (2) ، فمن بدهيّات الأمور أن يكون أول سماعه فيه. وهذا الإقليم يتبعه بلاد عدّة. منها مَرْو الشَّاهِجَان والرَّيّ. وقد سمع سعيد بن منصور من عبد الله بن المبارك وهو من مرو، وسمع من جرير بن عبد الحميد، وكان قاضي الرَّيّ. كِرْمان: وهي آخر حدود خراسان مما يلي الهند، وليست تابعة لها (3) . وقد سمع سعيد من حَسَّان بن إبراهيم الكِرْماني العراق: ذكر الذهبي كما سبق أنه سمع بالعراق. وهي بلاد تشمل عدة مدن، منها: المدائن (4) ، والكوفة، والبصرة، وواسط، وبغداد. فممن سمع منه سعيد بن منصور من أهل المدائن: سَلاَّم بن سُلَيم الطويل، وعبد ربه بن نافع. ومن أهل الكوفة: أبو الأَحْوص سلاّم بن سُلَيْم الحنفي، وشريك بن عبد الله القاضي، وأبو معاوية الضَّرير محمد بن خازم، ومحمد بن فضيل، ويحيى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، وحُدَيج بن معاوية، وغيرهم كثير. ومن أهل البصرة خلق كثير أيضاً، منهم: إسماعيل بن إبراهيم بن

_ (1) لم أذكر شيئاً عن هؤلاء الشيوخ هنا اكتفاءً بما سيأتي من ذكرهم مرتبين على حروف المعجم مع الإشارة إلى ما يدل على رواية سعيد بن منصور عنهم. (2، 3) كما تقدم (ص 58 / ق) . (4) انظر معجم البلدان (5 / 75) ، والحديث الآتي رقم (94) .

عُلَيَّة، وحماد بن زيد، وعبد الوارث بن سعيد، ومعتمر بن سليمان، ومهدي بن ميمون، وجعفر بن سليمان الضُّبَعي، ونوح بن قيس، وغيرهم. ومن أهل واسط: هشيم بن بشير، وخالد بن عبد الله الطحّان، ويزيد بن هارون، وأبو عوانة وضّاح بن عبد الله، وخلف بن خليفة. ومن أهل بغداد: إبراهيم بن سليمان المؤدِّب. الجزيرة (1) : ذكر الذهبي كما سبق أنه سمع بالجزيرة. ومن أبرز شيوخه من أهل الجزيرة: عَتَّاب بن بشير الجَزَري. الشام: ذكر الذهبي كما سبق أنه سمع بالشام. وهي بلاد واسعة تضم العديد من أمهات المدن، منها: دمشق وحِمْص وعَسْقَلان والرَّمْلَة (2) ، وجميعها ممن سمع سعيد عن شيوخ من أهلها. أما دمشق، فمن شيوخه بها: الوليد بن مسلم، ومروان بن معاوية، وصدقة بن خالد، وسويد بن عبد العزيز، وعمر بن عبد الواحد السلمي، ومدرك بن أبي سعد. وأما حمص، فمن شيوخه بها: إسماعيل بن عيّاش وفرج بن فضالة. ومن أهل عسقلان: حفص بن ميسرة ومصعب بن ماهان. ومن الرَّمْلة: حجر بن الحارث الغسَّاني ومسكين بن ميمون. مصر: ذكر الذهبي كما سبق أنه سمع بها.

_ (1) وهي تطلق على عدة بلدان، والمقصود بها هنا: جزيرة أقُورَ، وهي التي بين دجلة والفرات، مجاورة للشام، سميت الجزيرة لأنها بين دجلة والفرات. انظر معجم البلدان (2 / 134) . (2) انظر معجم البلدان (3 / 69، 312) ، (4 / 122) .

وذكر أبو سعيد بن يونس أنه قدم مصر وكُتب عنه بها (1) . ومما يدلّ على أنه حدَّث بمصر: ما رواه يعقوب بن سفيان (2) قال: وسمعت الحميدي يقول: كنت بمصر، وكان لسعيد بن منصور حلقة في مسجد مصر، ويجتمع إليه أهل خراسان وأهل العراق ... إلخ الحكاية، وسيأتي ذكرها بتمامها. فمن شيوخه من أهل مصر: الليث بن سعد، وعبد الله بن وهب، ويعقوب بن عبد الرحمن وغيرهم، وهذا الأخير من أهل الإسكندرية. الحجاز: ذكر الذهبي كما سبق أنه سمع بالحجاز. وهو أقليم يضم العديد من المدن، من أهمها: مكة والمدينة حرسهما الله. وقد سكن سعيد مكة وتوفي بها. ومن شيوخه بها: سفيان بن عيينة- وكان راويته-، وفضيل بن عياض، وداود بن عبد الرحمن العطار، ومسلم بن خالد. وأما المدينة فشيوخه فيها كثيرون، منهم: إمام دار الهجرة مالك بن أنس، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، وعبد العزيز بن محمد الدَّرَاوَرْدي، وعبد العزيز بن أبي حازم، وعبد الرحمن بن أبي الزناد، وفُلَيحْ بن سليمان، وغيرهم. 5- شيوخه وتاثيرهم فيه: إن هذه الرِّحلة الواسعة في البلاد التي طافها سعيد بن منصور مكَّنته من السماع من عدد من الشيوخ على اختلافهم، فمنهم أئمة ثقات صالحون يُقتدى بهم، ومنهم أناس دونهم منزلة، ومنهم من هو مُضَعَّف، لكنه لا يبلغ درجة الترك عنده، بل هو ممن يكتب حديثه

_ (1) تاريخ دمشق لابن عساكر (7 / 355 / مخطوط الظاهرية) . (2) في المعرفة والتاريخ (2 / 179) .

وإن كان لا يحتجّ به. وتأثر الطالب بشيخه أمر لا يُنكر، حتى إنك لتجد بعضهم يقلِّد شيخه- ولو بغير قصد- في هيئته، ومشيته، وحركاته، وطريقته في الحديث، وبخاصة إذا اشتدّ إعجابه به، إما لعلمه، أو لصلاحه، أو ما إلى ذلك. ومن أمثلة ذلك ما حكاه سعيد بن منصور- كما سبق- قال: (رأيت مالكاً يطوف وخلفه سفيان الثوري يتعلَّم منه كما يتعلم الصبي من معلِّمه، كلما فعل مالك شيئاً يفعله سفيان، يقتدي به) . هذا مع أن سفيان يعتبر من أقران مالك- رحمهما الله تعالى-. وقد تتلمذ سعيد بن منصور على عدد من أئمة أهل السنة، كالإمام مالك، وابن المبارك، وابن عيينة، وغيرهم، ولذا أصبح هو من أئمة أهل السنة كما سيأتي في الكلام عن معتقده. وأما ما سوى ذلك، فلا يحضرني هنا أمر يمكن تعيينه مما يظهر أن سعيداً تأثر فيه بأحد من شيوخه، سوى مسألتين: الأولى: مجاورته بمكة، والثانية: موقفه من أهل الرأي. أما مجاورته بمكة فقد يكون تأثَّر بشيخه الفضيل بن عياض في ذلك، فكلاهما خراساني جاور بمكَّة حتى توفي بها، وكان سعيد معجباً بصلاح شيخه الفضيل، فإنه إذا حدَّث عنه أحياناً يقول: (الشيخ الصالح فضيل بن عياض) (1) . وأما موقفه من أهل الرأي فقد يكون تأثر بشيخه عبد الله بن المبارك في ذلك. ومن أمثلة ذلك: شدَّة عبد الله بن المبارك على القاضي أبي يوسف يعقوب بن إبراهيم، فإنه سأله رجل عن مسألة، فأفتاه فيها، فقال:

_ (1) تاريخ دمشق لابن عساكر (14 / 260 / مخطوط الظاهرية) .

قد سألت أبا يوسف فخالفك، فقال: إن كنت قد صلَّيت خلف أبي يوسف صلوات تحفظها فأعدها. وقال ابن المبارك أيضاً: إني لأكره أن أجلس في مجلس يُذكر فيه يعقوب (1) . وقيل له مرة: أي الرجلين أفقه: أبو يوسف أو محمد بن الحسن؟ فقال: لا تقل كان أيّهما. ولما قيل له: قال أبو يوسف، قال: لا ولا كرامة، قل: يعقوب. وواضح أن موقفه منه كان بسبب الرأي، فإنه مزَّق يوماً كتاباً فيه ذكر له، وذَكر أن بعضهم هوى جارية كان وطئها أبوه، فاستشار أبا يوسف، فقال له: لا تصدِّقها، وجعل ابن المبارك يقطِّع الكتاب (2) . ونجد لسعيد بن منصور أيضاً موقفاً من أبي يوسف يدلّ على عدم رضاه عنه. قال يعقوب بن سفيان (3) : سمعت سعيد بن منصور قال: قال

_ (1) أخرجهما يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (2 / 789) ، والعقيلي في الضعفاء (4 / 440، 441) . (2) أخرج هذه الآثار العقيلي في الضعفاء (4 / 440، 443) . وبكلّ حال فضرورة البحث ألجأتني إلى ذكر هذا الكلام عن أبي يوسف، وأعرضت عن أشياء لا داعي لذكرها، وأبو يوسف رحمه الله من أهل السنة في مسائل الاعتقاد وإن سلك مسلك أهل الرأي في الفقهيات، ويجلِّي ذلك كلام ابن حبان فيه، حينما ذكره في الثقات (7 / 645، 646) وقال: (كان شيخاً متقناً، لم يكن يسلك مسلك صاحبيه إلا في الفروع، وكان يباينهما في الإيمان والقرآن، ... ) إلى أن قال: (لسنا ممن يوهم الرعاع ما لا يستحلّه، ولا ممن يحيف بالقدح في إنسان وإن كان لنا مخالفاً، بل نعطي كل شيخ حظّه مما كان فيه، ونقول في كل إنسان ما كان يستحقه من العدالة والجرح. أدخلنا زُفَراً وأبا يوسف بين الثقات لما تبين عندنا من عدالتهما في الأخبار، وأدخلنا من لا يشبههما في الضعفاء بما صح عندنا مما لا يجوز الاحتجاج به) اهـ. (3) في المعرفة والتاريخ (2 / 790) .

رجل لأبي يوسف: رجل صلى مع الإمام في مسجد عرفة، ثم وقف حتى دفع بدفع الإمام، قال: ما له؟ قال: لا بأس به. قال: فقال: سبحان الله! قد قال ابن عباس: من أفاض من عُرَنَةَ فلا حجّ له؛ مسجد عرفة في بطن عُرَنَةَ. فقال: أنتم أعلم بالأعلام، ونحن بالفقه. قال: إذا لم تعرف الأصل فكيف تكون فقيهاً؟. فهاتان المسألتان- مجاورته بمكة، وموقفه من أهل الرأي- قد يكون سعيد بن منصور تأثر فيهما بشيخيه المذكورين، وقد يكون ذلك عن اجتهاد منه ورأياً رآه، وقد يكون موقفه من أبي يوسف بسبب تلك الرؤيا التي رآها، وهي ما رواه أبو يحيى بن أبي مَسَرَّة ومحمد بن عبد الرحمن الشامي عن سعيد بن منصور أنه قال: رأيت النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في النوم، فقلت: يا رسول الله، ألزم أبا يوسف أو هشيماً؟ قال: هشيماً (1) . وفيما يلي ذكر لشيوخ المصنِّف سعيد بن منصور مرتبين على حروف المعجم (2) : إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزُّهري (3) . إبراهيم بن سليمان بن رَزِين المؤدِّب، نزيل بغداد (4) . إبراهيم بن قدامة بن إبراهيم الجُمحي (5) .

_ (1) تهذيب التهذيب (11 / 63) . (2) وهم صنفان، فصنف أخرج لهم سعيد في هذا القسم المحقق، فهؤلاء أشير في الحاشية إلى رقم الحديث المترجم لذلك الشيخ فيه، وفي آخر الكتاب فهرس فيه ذكر للمواضع التي روى فيها سعيد عن هؤلاء الشيوخ يستفاد منه في معرفة عدد مرويات كل شيخ، وموضع روايته في هذا القسم المحقق. والصنف الآخر من لم يخرج لهم سعيد في هذا القسم شيئاً، فهؤلاء أُشير في الحاشية إلى المرجع الذي فيه ما يدل على أن المصنِّف روى عن ذلك الشيخ. (3) انظر المطبوع من سنن سعيد بتحقيق الأعظمي (2 / 102 رقم 2217) . (4) انظر الحديث رقم [53] . (5) انظر المطبوع من سنن سعيد أيضاً (1 / 271 رقم 1128) .

إبراهيم بن هراسة الشيباني الكوفي (1) . أحمد بن عبد الله (2) . إسماعيل بن إبراهيم بن مِقسَم الأسدي المعروف بابن عُلَيَّة، البصري (3) . إسماعيل بن زكريا بن مُرَّةَ الخُلْقَاني، الكوفي (4) . إسماعيل بن عَيّاش الحِمْصي (5) . إسماعيل بن مسلم المكي (6) . الجَرّاح بن مَلِيح الرُّؤَاسي، أبو وكيع الكوفي (7) . جرير بن عبد الحميد الضَّبِّي، الكوفي، نزيل الرَّيّ (8) . جعفر بن سليمان الضُّبَعي، البصري (9) . الحارث بن عبيد أبو قُدَامة الإيَادي، البصري (10) . الحارث بن نَبْهَان الجَرْمي، أبو محمد البصري (11) . حِبَّان بن علي العَنَزي، أبو علي الكوفي (12) . حجر بن حارث الغَسَّاني، الرَّمْلي (13) .

_ (1) تهذيب الكمال للمزي (11 / 77 / المطبوع) . (2) كذا جاء في تاريخ دمشق لابن عساكر (13 / 114 / الظاهرية) غير منسوب، ولم أستطع تمييزه. (3) انظر الحديث رقم [59] . (4) انظر الحديث رقم [81] . (5) انظر الحديث رقم [9] . (6) انظر المطبوع من سنن سعيد (2 / 23 رقم 1867) . (7) انظر الحديث رقم [103] . (8) انظر الحديث رقم [10] . (9) انظر الحديث رقم [27] . (10) انظر الحديث رقم [166] . (11) انظر الحديث رقم [20] . (12) انظر الحديث رقم [820] . (13) تهذيب الكمال المطبوع (11 / 78) .

حُدَيْج بن معاوية بن حُدَيْج الكوفي (1) . حَزْمُ بْنُ أَبِي حَزْمٍ القُطَعي البصري (2) . حسان بن إبراهيم الكِرْماني (3) . الحسن بن يزيد الأصَمّ (4) . حفص بن غياث بن طَلْق بن معاوية النَّخَعي، أبو عمر الكوفي (5) . حفص بن ميسرة الصنعاني، نزيل عسقلان (6) . الحكم بن ظُهير الفَزَاري، أبو محمد الكوفي (7) . حماد بن زيد بن دِرْهم الأزْدي، الجَهْضَمي، أبو إسماعيل البصري (8) . حماد بن شعيب الحِمّاني الكوفي (9) . حماد بن يحيى الأبَحّ، البصري (10) . خالد بن عبد الله الطَّحَّان الواسطي (11) . خلف بن خليفة بن صاعد، أبو أحمد الكوفي نزيل واسط (12) . داود بن عبد الرحمن العطّار، المكّي (13) .

_ (1) انظر الحديث رقم [1] . (2) انظر الحديث رقم [46] . (3) الموضع السابق من تهذيب الكمال أيضاً. (4) انظر الحديث رقم [186] . (5) انظر المطبوع من سنن سعيد (1 / 269 رقم 1119) . (6) الموضع السابق من تهذيب الكمال. (7) انظر الحديث رقم [421] . (8) انظر الحديث رقم [17] . (9) انظر المطبوع من سنن سعيد بن منصور بتحقيق الأعظمي (1 / 52 رقم 177) ، ولسان الميزان (2 / 348 رقم 1413) . (10) انظر الحديث رقم [41] . (11) انظر الحديث رقم [18] . (12) انظر الحديث رقم [76] . (13) انظر الحديث رقم [396] .

ذَوَّاد بن عُلبة الحارثي، أبو المنذر الكوفي (1) . سعيد بن عبد الرحمن الجُمَحي، أبو عبد الله المدني، قاضي بغداد (2) . سفيان بن عيينة بن ميمون الهلالي، أبو محمد المكّي (3) . سويد بن عبد العزيز السُّلمي، الدمشقي (4) . سَلاَّم بن سُليم أبو الأحوص الحنفي، الكوفي (5) . سَلاَّم بن سُليم الطويل المدائني (6) . شَريك بن عبد الله النّخعي، الكوفي (7) . شملة بن هزال، أبو الحتروش البصري (8) . شهاب بن خراش بن حوشب الشيباني، أبو الصلت الواسطي، نزيل الكوفة (9) . صالح بن موسى بن إسحاق بن طلحة التَّيْمي الكوفي (10) . صدقة بن خالد الدمشقي (11) .

_ (1) تهذيب الكمال للمزي (11 / 78 / المطبوع) . (2) انظر المطبوع من سنن سعيد بن منصور (1 / 73 رقم 272) ، وتقريب التهذيب (ص 238 رقم 2350) . (3) انظر الحديث رقم [15] . (4) انظر الحديث رقم [174] . (5) انظر الحديث رقم [52] . (6) انظر الحديث رقم [178] . (7) انظر الحديث رقم [4] . (8) انظر المطبوع من سنن المصنِّف سعيد بن منصور بتحقيق الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي (2 / 198 رقم 2477) ، والضعفاء للعقيلي (2 / 192 - 193) ، ولسان الميزان (3 / 153 - 154 رقم 550) . وقد تصحَّف شملة هذا في موضع آخر من السنن (2 / 81 رقم 2127) إلى: (سلمة) . (9) انظر الحديث رقم [206] . (10) تاريخ أبي زرعة الدمشقي (1 / 476) . (11) انظر الحديث رقم [423] .

طُعمة بن عمرو الجعفري الكوفي (1) . عباد بن عباد المُهَلَّبي، أبو معاوية البصري (2) . عبد الحميد بن سليمان الخزاعي، أبو عمر المدني (3) . عبد ربه بن نافع، أبو شهاب الحنّاط (4) . عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّناد (5) . عبد الرحمن بن زياد الرَّصَاصي (6) . عبد الرحمن بن زيد بن أسلم (7) . عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة (8) . عبد السلام بن حرب بن مسلم النَّهْدي، أبو بكر الكوفي (9) . عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ (10) . عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ العَمِّي (11) . عبد العزيز بن محمد الدَّرَاوَرْدي (12) . عبد الله بن جعفر بن نَجيح السَّعْدي، أبو جعفر المديني، ثم البصري (13) . عبد الله بن صالح بن محمد بن مسلم الجهني، أبو صالح المصري،

_ (1) تهذيب الكمال المطبوع (11 / 78) . (2) انظر الحديث رقم [319] . (3) تهذيب التهذيب (6 / 116) . (4) انظر الحديث رقم [7] . (5) انظر الحديث رقم [67] . (6) انظر الحديث رقم [6] . (7) انظر المطبوع من سنن سعيد (2 / 169 رقم 2410) . (8) سؤالات أبي عبد الرحمن السلمي للدارقطني (ل 8 / أ) . (9) المطبوع من سنن سعيد (2 / 15 رقم 1830) . (10) انظر الحديث رقم [790] . (11) انظر الحديث رقم [113] . (12) انظر الحديث رقم [69] . (13) انظر الحديث رقم [168] .

كاتب الليث (1) . عبد الله بن عبد العزيز الليثي، أبو عبد العزيز المدني (2) . عبد الله بن المبارك المروزي (3) . عبد الله بن محمد، أبو علقمة الفَرْوي، المدني (4) . عبد الله بن الوليد بن عبد الله بن معقل المزني، الكوفي (5) . عبد الله بن وهب بن مسلم، أبو محمد المصري (6) . عبد الله بن يزيد أبو عبد الرحمن المقريء (7) . عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان العنبري، أبو عبيدة البصري (8) . عبيد الله بن إياد بن لَقِيط السدوسي، أبو السَّلِيل الكوفي (9) . عبيدة بن حميد بن صهيب التيمي الحَذَّاء، أبو عبد الرحمن الكوفي (10) . عبيدة بن ميمون التيمي الرَّقَاشي (11) . عتاب بن بشير الجَزَري (12) . عثمان بن مطر الشيباني (13) . عطاف بن خالد المخزومي (14) .

_ (1) تهذيب الكمال المطبوع (15 / 103) . (2) المرجع السابق (11 / 78) . (3) انظر الحديث رقم [98] . (4) الموضع السابق من تهذيب الكمال. (5) أخبار مكة للفاكهي (2 / 261) . (6) انظر الحديث رقم [310] . (7) المطبوع من سنن سعيد (1 / 404 رقم 1737) . (8) تهذيب الكمال المطبوع (11 / 78) . (9) المرجع السابق. (10) المطبوع من سنن سعيد (1 / 229 رقم 943) . (11) تهذيب التهذيب (7 / 88) . (12) انظر الحديث رقم [204] . (13) المطبوع من سنن سعيد (2 / 311 رقم 2803) . (14) الموضع السابق من تهذيب الكمال.

عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ السُّلَمِيُّ (1) . عمرو بن ثابت الحدَّاد (2) . عمرو بن خالد بن فَرُّوخ بن سعيد، أبو الحسن الحَرَّاني، نزيل مصر (3) . عون بن موسى الليثي (4) . عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي (5) . فرج بن فضالة بن النعمان التَّنُوخي الشامي (6) . فضيل بن عياض بن مسعود التميمي، أبو علي الزاهد المشهور (7) . فليح بن سليمان بن أبي المغيرة الخزاعي، أبو يحيى المدني (8) . الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمي (9) . مالك بن أنس الأصبحي الإمام (10) . محمد بن أبان الجعفي (11) . محمد بن بسيط البصري (12) . محمد بن ثابت العبدي (13) . محمد بن خازم، أبو معاوية الضرير (14) .

_ (1) انظر الحديث رقم [281] . (2) انظر الحديث رقم [200] . (3) المطبوع من سنن سعيد (2 / 326 رقم 2839) . (4) انظر الحديث رقم [484] . (5) انظر الحديث رقم [249] . (6) انظر الحديث رقم [19] . (7) انظر الحديث رقم [85] . (8) انظر الحديث رقم [816] . (9) تهذيب الكمال المطبوع (11 / 78) . (10) المرجع السابق. (11) المطبوع من سنن سعيد (2 / 215 رقم 2506) . (12) المرجع السابق (2 / 52 رقم 1998) . (13) انظر الحديث رقم [458] . (14) انظر الحديث رقم [3] .

مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبي ذئب (1) . محمد بن عمار بن حفص بن عمر بن سعد المؤذن (2) . مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلِ بْنُ غَزْوَانَ (3) . محمد بن يحيى الذهلي (4) . مدرك بن أبي سعد الفزاري (5) . مروان بن معاوية الفزاري (6) . مسكين بن ميمون (7) . مسلم بن خالد الزَّنْجي (8) . مسلم بن عطاء، أبو عَتَّاب القرشي (9) . مصعب بن ماهان المروزي نزيل عسقلان (10) . معتمر بن سليمان التيمي (11) . المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي (12) . مهدي بن ميمون الأزْدي المِعْوَلي، أبو يحيى البصري (13) .

_ (1) تهذيب الكمال المطبوع (11 / 78) . (2) تهذيب التهذيب (9 / 358) . (3) انظر الحديث رقم [704] . (4) سير أعلام النبلاء (12 / 275) . (5) الموضع السابق من تهذيب الكمال. (6) انظر الحديث رقم [128] . (7) المعرفة والتاريخ ليعقوب بن سفيان (2 / 462) . (8) انظر الحديث رقم [213] . (9) المطبوع من سنن سعيد (1 / 94 رقم 359) . (10) انظر الحديث رقم [145] . (11) انظر الحديث رقم [242] . (12) تهذيب الكمال المطبوع (11 / 78) . (13) انظر الحديث رقم [111] .

نافع بن فضالة (1) . نَجيح بن عبد الرحمن أبو معشر السِّنْدي، المدني (2) . نوح بن قيس الأزْدي (3) . هشيم بن بشير الواسطي (4) . وائل بن داود التيمي (5) . وَضَّاح بن عبد الله، أبو عَوَانة اليَشْكُري (6) . الوليد بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ثور الهمداني (7) . الوليد بن مسلم القرشي الدمشقي (8) . وهب بن المبارك (9) . يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زائدة (10) . يزيد بن معاوية، أبو شيبة الكوفي (11) . يزيد بن هارون بن زاذان السُّلَمي، مولاهم، أبو خالد الواسطي (12) .

_ (1) كذا جاء في المطبوع من سنن سعيد (1 / 76 رقم 286) ، ولم أجد له ترجمة، ولم أجد الحديث الذي جاء فيه في المخطوط الذي عندي. (2) انظر الحديث رقم [167] . (3) انظر الحديث رقم [192] . (4) انظر الحديث رقم [8] . (5) انظر الحديث رقم [430] . (6) انظر الحديث رقم [24] . (7) انظر الحديث رقم [4] . (8) انظر الحديث رقم [130] . (9) كذا جاء في المطبوع من سنن سعيد (2 / 355 رقم 2916) ، وهو في المخطوط الذي عندي كذلك (ل 100 / ب) ، ولم أجد له ترجمة، وظني أن في الإسناد تصحيفاً. (10) انظر الحديث رقم [288] . (11) تهذيب التهذيب (11 / 360) . (12) انظر الحديث رقم [43] .

يعقوب بن عبد الرحمن القاريء، الإسكندراني (1) . يوسف بن عطية بن ثابت الصَّفَّار، أبو سهل البصري (2) . يونس بن أبي يعفور العبدي (3) . أبو الحريش القَصَّار (4) . هذا ما استطعت أن أظفر به من شيوخ سعيد بن منصور، وعدَّتهم: مائة وعشرة أنفس، أخرج سعيد في هذا القسم المحقق لاثنين وستين منهم، والباقي زدته من باقي المصادر، ومنها المطبوع من سنن سعيد بتحقيق الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي، وتهذيب الكمال للمِزّي، غير أن المزي لم يذكر من هؤلاء الشيوخ سوى سبعة وأربعين شيخاً، منهم ثلاثون شيخاً ممن أُخرج لهم في هذا القسم المحقق، فأصبح عدة من أُخرج لهم في هذا القسم ومن زادهم المِزِّي تسعة وسبعين شيخاً، والباقي وهم واحد وثلاثون شيخاً من باقي المصادر المشار إليها في الحواشي السابقة. وقد اختلف عدد الأحاديث التي أخرجها سعيد عن كل شيخ من هؤلاء الشيوخ الذين أخرج لهم في هذا القسم، فمنهم من أكثر عنه، ومنهم من أقلّ عنه، وهذا- في نظري- يعود لأمرين: 1- تاخر وفاة الشيخ حتى تمكن سعيد من الإكثار عنه. 2- مكانة الشيخ، فحرصه على الرواية عن الأئمة الثقات كهشيم بن بشير، وسفيان بن عيينة، وخالد بن عبد الله الطحّان، وإسماعيل بن

_ (1) انظر الحديث رقم [263] . (2) المعرفة والتاريخ ليعقوب بن سفيان (2 / 121) . (3) تهذيب الكمال المطبوع (11 / 78) . (4) المطبوع من سنن سعيد (2 / 165 رقم 2400) ، وذكره السمعاني في الأنساب (10 / 433) هكذا: (أبو الجريش القصار) بالجيم.

إبراهيم بن عُلَيَّة، وعبد الله بن المبارك، وأبي معاوية محمد بن خازم، وغيرهم، ليس كحرصه على الرواية عن مثل الحارث بن نَبْهان، أو الحكم بن ظُهير، أو الوليد بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ثور وأمثالهم من الضعفاء الذين تلجئه الضرورة إلى الإخراج عنهم، إما لكونه لم يجد الحديث عند أحد غيره من مشايخه، أو لكونه لا يتحصَّل له الحديث بِعُلُوّ إلا من طريق شيخه الضعيف، ولو رواه عن شيخه الثقة لنزل فيه، والحديث معروف عند أهل العلم من غير طريق ذلك الضعيف. وقد أكثر سعيد من الرواية عن بعض شيوخه إكثاراً بيِّناً، مما يَدُلُّ على شدة ملازمته لهم، وعلى رأس هؤلاء هُشيم بن بشير الواسطي، ثم سفيان بن عيينة. أما هُشيم بن بشير، فإنه في هذا القسم المحقق روى عنه أكثر من ربع الكتاب؛ فإن عدد أحاديث هذا القسم: تسعة وستون وثمانمائة حديث، روى عن هُشيم منها: تسعة وثلاثين ومائتي حديث، فهو أكثر شيخ له عنه رواية، وهذا يعود- في ظني- إلى رؤيا رآها، وهي ما رواه أبو يحيى بن أبي مَسَرَّة ومحمد بن عبد الرحمن الشامي، عن سعيد بن منصور أنه قال: رأيت النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في النوم، فقلت: يا رسول الله، ألزم أبا يوسف أو هُشيماً؟ قال: هُشيماً (1) . وقد كان سعيد بصيراً برواية هشيم، فمعظم روايته عنه نجد هشيماً يصرِّح فيها بالسماع، مما يدلّ على أنه حريص على اجتناب تدليسه ما أمكن، كما أن بعض علماء عصره كان كذلك. يقول سعيد بن منصور: جاء عبد الرحمن بن مهدي إلى هشيم، فسأله عن أحاديث، وجعل يتحفظ ألا يدلِّس، ويسمع ويتحفظ ولا

_ (1) انظر ما تقدم (ص 68 / ق) .

يكتب، ثم تنحَّى وجعل يكتب ما سأله باختيار (1) ، وكان فيما سأله: منصور بن زاذان عن الحسن، شيء في القوارير (2) . قال: فكتب باختيار، فقلت له: يا أبا سعيد (3) ، هذا لم تسمعه من منصور، وليس عليك (4) . قال: فقال لي المدائني الأحول (5) : فعل الله بك وفعل، ألا تركت الحُصَيَّةَ تتهوَّر (6) . وأما سفيان بن عيينة، فإنه لازمه في مكة، وهو راويته كما قال أبو عبد الله الحاكم (7) ، وأحد الحفاظ من أصحابه. يقول الدارقطني:

_ (1) المعنى: أن عبد الرحمن بن مهدي لم يكتب ما سمعه من هشيم خشية أن ينشغل بالكتابة فيدلِّس عليه هشيم، فلا يتنبّه، فاكتفى بالسماع والحفظ لما يسمع، مع الحذر من تدليس هشيم، فلما فرغ، جلس في ناحية، وأخذ يكتب بعض ما سمعه من هشيم ويترك بعضه، وهذا هو الاختيار. (2) أي: حديثاً عن الحسن البصري في ذكر القوارير. (3) هي كنية عبد الرحمن بن مهدي. (4) كأن المعنى- والله أعلم-: أن هذا الخلل في الإسناد ليس منك، وإنما هو من تدليس هشيم، فإنه إذا قال هشيم: منصور بن زاذان، لم يصرح بالسماع منه، فإذا كتبه عبد الرحمن كذلك، فكأن الرواية من عبد الرحمن، عن منصور، وهو لم يسمعه منه، فعبد الرحمن برغم حذره من تدليس هشيم لم يتنبّه لهذا حتى نبهه عليه سعيد بن منصور الخبير بتدليس شيخه. (5) لم أهتد إليه. وقد ذكر الدكتور أكرم ضياء العمري في حاشيته على الموضع الآتي من المعرفة والتاريخ أنه عامر بن عبد الواحد الأحول البصري، وعندي في هذا نظر، لأنه لم يُذكر أنه مدائني، بل هو بصري، وهو أعلى من هشيم طبقة. انظر التقريب (ص 288، 574 رقم 3103، 7312) . (6) المعرفة والتاريخ ليعقوب سفيان (2 / 666) . والحُصَيَّةُ: تصغير حصاة. وتَهَوَّر بمعنى تهدَّم وانصدع وسقط. وكل ما سقط من أعلى جُرُف، أو شفير رَكِيَّة في أسفلها فقد تَهَوَّر. والتهوُّر أيضاً: الوقوع في الشيء بقلّة مبالاة. انظر لسان العرب (5 / 268) . فظهر من هذا أن المدائني لام سعيداً على تنبيهه عبد الرحمن، ويقول له: لِمَ لَمْ تتركه على خطئه حتى يعاب به، وتسقط مكانته، وهذا من حسد الأقران بعضهم لبعض نسأل الله السلامة. (7) تاريخ دمشق لابن عساكر (7 / 355 / مخطوط الظاهرية) .

(أصحاب ابن عيينة الحفاظ منهم: الحميدي، ومُسَدَّد، وسعيد بن منصور، وأبو بكر بن أبي شيبة) (1) . ولم يكن سعيد أحفظ أصحاب ابن عيينة، بل كان الحميدي يفوقه باعترافه هو حيث يقول: (لا تسألوني عن حديث سفيان، فإن هذا الحميدي يجعلنا على طَبَق) (2) . ويقول الحميدي (3) : كنت بمصر، وكان لسعيد بن منصور حلقة في مسجد مصر، ويجتمع إليه أهل خراسان وأهل العراق. فجلست إليهم، فذكروا شيخاً لسفيان، فقالوا: كم يكون حديثه؟ فقلت: كذا وكذا. قال: فَسَبَّحَ سعيد بن منصور، وأنكر ذلك، وأنكر ابن دسيم (4) ، وكان إنكار ابن دسيم أشدَّ عليّ. فأقبلت على سعيد، فقلت: كم تحفظ عن سفيان عنه؟ فذكر نحو النصف مما قلت، وأقبلت على ابن دسيم، فقلت: كم تحفظ عن سفيان عنه؟ فذكر زيادة على ما قال سعيد نحو الثلاثين مما قلت أنا، فقلت لسعيد: تحفظ ما كتبت عن سفيان عنه؟ قال: نعم، فقلت: فَعُدَّ، قال: فَعَدَّ، ثم قلت لابن دسيم: عُدَّ ما كتبت عن سفيان عنه، فإذا سعيد يغرب على ابن دسيم بأحاديث، وابن دسيم يغرب على سعيد بأحاديث كثيرة، فإذا قد ذهب عليهما أحاديث يسيرة. قال: فذكرت ما ذهب عليهما. قال: فرأيت الحياء والخجل في وجهيهما.

_ (1) انظر حاشية المطبوع من تهذيب الكمال (11 / 82) . (2) المعرفة والتاريخ ليعقوب بن سفيان (2 / 178 - 179) (3) المعرفة والتاريخ ليعقوب بن سفيان (2 / 179) ، وعنه ابن عساكر في تاريخ دمشق (7 / 356 / مخطوط الظاهرية) ، ومنه صوبت بعض العبارات. (4) كذا في تاريخ دمشق (7 / 356) ، وفي المعرفة والتاريخ (2 / 179) : (ابن ديسم) ، ولم أهتد لأحد من الرواة بهذا الاسم أو ذاك.

وقد بلغ عدد روايات سعيد عن شيخه سفيان بن عيينة في هذا القسم اثنين وستين ومائة حديث، فهو الذي يلي هشيم، ثم يتلوهما باقي الشيوخ على اختلاف عدد رواياتهم، مع الفرق الكبير بينهم وبين هذين الاثنين. فالذي يتلو سفيان- من حيث العدد- هو خالد بن عبد الله الطَّحَّان، وعدد رواياته هنا: تسعة وخمسون حديثاً، ثم أبو معاوية محمد بن خازم، وعدد رواياته هنا: ثلاثة وأربعون حديثاً، ثم أبو عوانة وضَّاح بن عبد الله، وعدد رواياته هنا: اثنان وثلاثون حديثاً، ثم أبو الأحْوَص سلاَّم بن سُلَيْم، وعدد رواياته هنا: تسعة وعشرون حديثاً، ثم جرير بن عبد الحميد، وعددرواياته هنا: سبعة وعشرون حديثاً، ثم إسماعيل بن إبراهيم بن عُلَيَّة، وعدد رواياته هنا: أربعة وعشرون حديثاً ... ، وهكذا بقية شيوخه. وفي هذا دلالة على أن الفرق بينهم فرق يسير، ليس كالفرق بينهم وبين هشيم وسفيان اللذَيْن أكثر عنهما إكثاراً ظاهراً، مما يدل على عظم مكانتهما عنده. 6- تلاميذه وتأثيره فيهم: إن مكانة سعيد بن منصور العلمية جعلت أئمة الحديث يحرصون على التلقِّي عنه، فإمام أهل السنة أحمد بن حنبل- رحمه الله- ممن أخذ عنه، وحدَّث عنه وهو حي (1) . وكان إذا سُئل: من بمكة؟ قال: سعيد بن منصور (2) . وقد صنَّف أبو نعيم الأصبهاني كتاباً بعنوان: (تسمية ما انتهى إلينا من الرواة عن سعيد بن منصور عالياً) ذكر في مقدمته منهجه فيه، والسبب الباعث له على تأليفه، فقال: (ذكر من وقع لنا من أصحاب

_ (1) تاريخ دمشق لابن عساكر (7 / 355 / مخطوط الظاهرية) . (2) المعرفة والتاريخ ليعقوب بن سفيان (2 / 179) ، والمرجع السابق (ص 356) .

سعيد بن منصور عالياً، ذكرت لكل واحد منهم حديثاً واحداً؛ لأقف على عَدَدهم وأسمائهم. وحملني على ذلك قِدَمُ وفاة سعيد بن منصور، وموضعُه من التوثق والفضل. وهو سعيد بن منصور، أبو عثمان الخراساني، نزيل مكة، ثبت، صدوق، حدَّث عنه الكبار من الحُفّاظ والمتقنين؛ مثل: هارون الحَمَّال، وأحمد بن محمد بن حنبل، وأبو يحيى محمد بن عبد الرحيم صاعقة، وغيرهم) (1) . وقد أخرج أصحاب الكتب الستة لسعيد بن منصور (2) ، واحتجَّ به البخاري ومسلم في صحيحهما (3) ، وهو من شيوخهما، ومن شيوخ أبي داود السجستاني، إلا أن مسلماً أكثر من الإخراج عنه في الصحيح (4) أكثر من البخاري، فعدد الأحاديث التي رواها مسلم عنه في الصحيح ستون حديثاً (5) ، بخلاف البخاري الذي لم يخرج له سوى حديث واحد (6) . وهو أحد النَّفَر الأربعة الذين قيل إن مسلماً عَنَاهُم بقوله: (إنما وضعت هاهنا ما أجمعوا عليه) ، وهم: أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعثمان بن أبي شيبة، وسعيد بن منصور (7) .

_ (1) تسمية ما انتهى إلينا من الرواة عن سعيد بن منصور عالياً (ص 25 - 26) . (2) كما تدل عليه رموز تهذيب التهذيب (4 / 89 رقم 148) ، وتقريب التهذيب (ص 241 رقم 2399) . (3) قال أبو عبد الله الحاكم: (له مصنفات كثيرة، متفق على إخراجه في الصحيحين، فإن الإمامين محمد بن إسماعيل البخاري ومسلم بن الحجاج، قد رويا عنه، واحتجّا به في الصحيحين) اهـ. من تاريخ دمشق أيضاً (7 / 355) . (4) كما في الجمع بين الصحيحين (1 / 171) . (5) كما نقله مغلطاي في إكمال تهذيب الكمال (ل 99 / أ) عن كتاب الزهرة. (6) كما في الموضع السابق من الجمع بين الصحيحين. (7) جاء في صحيح مسلم (1 / 304 رقم 63) ، كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة: =

وقد كان بين سعيد والحميدي ما يكون بين الأقران غالباً (1) ، ومكانة الحميدي لا تُنكر، فالبخاري إذا وجد الحديث عنده لا يعدوه إلى غيره (2) ، ومع ذلك نجد مسلماً يُعْنَى بتخريج حديث سعيد بن منصور في الصحيح، ولا يُعَرِّجُ على حديث الحميدي، فهو لم يرو له إلا في المقدمة (3) ، فلست أدري هل تعمَّد هذا الصنيع لأجل شيخه سعيد كما تعمَّد ترك حديث محمد بن يحيى الذهلي لأجل البخاري (4) ؟ أو أنه اكتفى بغيره عنه ولم يتركه لشيء؟ وأما البخاري، فإنه روى في الصحيح عن سعيد بن منصور بواسطة يحيى بن موسى البلخي (5) ، ولم يرو عنه مباشرة، ولذا لم يذكره المِزِّي في تهذيب

_ = أن أبا بكر ابن أخت أبي النَّضْر سأل مسلماً عن حديث أبي هريرة: (وإذا قرأ- يعني الإمام- فانصتوا، فقال: هو عندي صحيح، فقال: لِمَ لَمْ تَضَعْه هاهنا؟ - يعني في الصحيح-، فقال: ليس كل شيء عندي صحيح وضعته هاهنا، إنما وضعت هاهنا ما أجمعوا عليه. واختلفوا في توجيه كلمة مسلم هذه. ومن جملة ما قيل في ذلك: ما حكاه السراج البلقيني في محاسن الاصطلاح (ص 91) حيث قال: (قيل: أراد مسلم بقوله: ما أجمعوا عليه أربعة: أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعثمان بن أبي شيبة، وسعيد بن منصور) اهـ. ولم يذكر البلقيني مرجعه في ذلك فالله أعلم. (1) سيأتي الكلام عن ذلك. (2) انظر التهذيب (5 / 215 - 216 رقم 272) ، والتقريب (ص 303 رقم 3320) . (3) كما تدل عليه الرموز في المرجعين السابقين. (4) انظر تفاصيل قصة مسلم والبخاري ومحمد بن يحيى الذهلي في سير أعلام النبلاء (12 / 453 فما بعد) . (5) روى عنه في كتاب الأذان، باب سرعة انصراف النساء من الصبح، وقلَّة مقامهن في المسجد (2 / 351 رقم الحديث 872) ، فقال: حدثنا يحيى بن موسى، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا فُليح، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - كان يصلي الصبح بغَلَس، فينصرفن نساءُ المؤمنين لا يُعرفن من الغَلَس، أو لايعرف بعضهن بعضاً.

الكمال (1) ، ولا الذهبي في سير أعلام النبلاء (2) ، ولا ابن حجر في تهذيب التهذيب (3) في شيوخ البخاري. وقد استوقفني هذا كثيراً وأدهشني! فهل فرّط البخاري في السماع من سعيد بن منصور، وهو الذي أفنى عمره في السماع من الشيوخ والرحلة إليهم؟ وما لبثت إلا يسيراً وإذا بدهشتي تزول بعد أن تيقَّنت أن سعيد بن منصور من شيوخ البخاري، وأن مارواه عنه في الصحيح بواسطة لم يتحصّل له منه مباشرة، وهذا يحصل كثيراً له ولغيره، وأن عدم ذكر المِزِّي والذهبي وابن حجر له في المواضع المشار إليها لا يعني استيفاءهم لشيوخ الراوي وتلاميذه، واستدللت على أن سعيداً من شيوخ البخاري بالآتي: 1- روايته عنه مباشرة في بعض كتبه، ومن ذلك: الأدب المفرد، والتاريخ الصغير. قال في الأدب المفرد (4) : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حدثنا عبيد الله بن إياد، عن أبيه، قال: سمعت ليلى امرأة بشير تحدِّث عن بشير بن الخَصَاصَية، وكان اسمه زحم، فسمّاه النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بشيراً. وقال في التاريخ الصغير (5) : حدثنا سعيد بن منصور، ثنا حجر بن الحارث الغَسَّاني الرَّمْلي، عن عبد الله بن عوف الكناني عامل عمر بن عبد العزيز على الرَّمْلَة، أنه شهد عبد الملك بن مروان قال لابن عقربة الجُهَني يوم قتل عمرو بن سعيد بن العاص: يا أبا اليمان، إني احتجت

_ (1) (11 / 79) . (2) (10 / 587) . (3) (4 / 89 - 90) . (4) الأدب المفرد مع شرحه فضل الله الصمد (2 / 294 رقم 830) . وهذا الحديث أخرجه أيضاً أبو زرعة الدمشقي في تاريخه (1 / 635) عن شيخه سعيد بن منصور، به نحو سياق البخاري. (5) التاريخ الصغير (1 / 159) .

اليوم إلى كلامك، قال: سَمِعَتِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - يقول: ((من قام بخطبة لا يلتمس إلا رياء وسمعة، وقفه الله يوم القيامة موقف رياء وسمعة)) . 2- قال مغلطاي في إكمال تهذيب الكمال (1) : (وفي كتاب الزهرة: روى عنه- أي عن سعيد بن منصور- البخاري، ثم روى عن يحيى بن موسى، عنه) . 3- قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (2) في تعليقه على الحديث الذي أخرجه البخاري عن يحيى بن موسى، عن سعيد بن منصور (3) : (قوله: سعيد بن منصور، هو من شيوخ البخاري، وربما روى عنه بواسطة كما هنا) . وأما تأثير سعيد بن منصور على تلاميذه، فلا يحضرني شيء مما يمكن أن يشار إلى أنه مما تأثر به تلاميذه فيه. وفيما يلي ذكر لتلاميذه مرتبين على حروف المعجم، مع الإشارة في الحاشية إلى المرجع الذي فيه ما يدل على أن هذا الراوي ممن روى عن سعيد. إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان الكَلْبي، أبو ثَوْر الفقيه، صاحب الشافعي (4) . إبراهيم بن أبي داود سليمان بن داود الأسدي، أبو إسحاق البُرُلُّسي (5) . إبراهيم بن فهد بن حكيم البصري (6) .

_ (1) إكمال تهذيب الكمال (ل 99 / أ) . (2) فتح الباري (2 / 351) . (3) تقدم ذكر الحديث (ص 83 / ق) . (4) تهذيب الكمال المطبوع (11 / 79) . (5) شرح معاني الآثار (1 / 344) ، وانظر تراجم شيوخ الطحاوي في مقدمة الشرح (ص 12) . (6) تاريخ دمشق لابن عساكر (10 / 156 / مخطوط الظاهرية) ، وانظر لسان الميزان (1 / 91) .

إبراهيم بن الهيثم البَلَدي (1) . أحمد بن خُلَيْد الَحَلبي. أحمد بن سهل بن أيوب الأهْوازي. أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم، أبو بكر بن البَرْقي. أحمد بن عبد الله الكندي. أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني، الإمام (2) . أحمد بن محمد بن الصلت البغدادي (3) . أحمد بن محمد بن هانئ، أبو بكر الأثرم (4) . أحمد بن منصور الرمادي (5) . أحمد بن نَجْدَةَ بن العُريان الهَرَوي (6) . إسماعيل بن عبد الله العَبْدي، سَمُّويَهْ الأصْبَهَانِي. بشر بن موسى الأسدي. بهلول بن إسحاق الأنْباري. جعفر بن محمد بن الحجاج. حرب بن إسماعيل الكِرْمَاني (7) . حَسَّان بن مُخَلَّد البُشْتي (8) . الحسن بن جرير بن عبد الرحمن الصُّوري (9) .

_ (1) مستدرك الحاكم (1 / 85) ، وانظر لسان الميزان (1 / 123) . (2) الأسماء الخمسة المتقدمة من الموضع السابق من تهذيب الكمال. وقد روى الإمام أحمد عن سعيد بن منصور في عدة مواضع من المسند، منها: (3 / 500) ، (4 / 212) ، (5 / 333، 415) . (3) تسمية ما انتهى إلينا من الرواة عن سعيد بن منصور عالياً (ص 95) . (4) تهذيب الكمال المطبوع (11 / 79) . (5) الكنى والأسماء للدولابي (1 / 94) . (6) هو أحد رواة كتاب السنن عن سعيد كما سيأتي. (7) الأسماء الستة المتقدمة من تهذيب الكمال المطبوع (11 / 79) . (8) معجم البلدان (1 / 425) . (9) تاريخ دمشق لابن عساكر (4 / 419 / مخطوط الظاهرية) .

الحسن بن علي بن زياد السُّرِّي (1) . الحسن بن علي بن محمد الهُذَلي، أبو علي الخَلاَّل، الحُلْوَاني، نزيل مكة (2) . الحسن بن محمد بن الصَّبَّاح الزَّعْفَراني (3) . الحسين بن إسحاق التُّسْتُري (4) . الحسين بن محمد بن جمعة (5) . حنبل بن إسحاق (6) . خلف بن عمرو العُكْبُري (7) . سعيد بن مَسْعَدَةَ العطّار (8) . سلمة بن شبيب المِسْمعِي النيسابوري، نزيل مكة (9) . سلمة بن محمد الخزاندي (10) . سليمان بن الأشْعَث بن إسحاق أبو داود السِّجِسْتَاني صاحب السنن (11) . صالح بن عبد الرحمن بن عمرو بن الحارث الأنصاري. العباس بن عبد الله السِّنْدي. العباس بن الفضل الأسْفَاطي.

_ (1) مستدرك الحاكم (1 / 85) . (2) تسمية ما انتهى إلينا من الرواة عن سعيد بن منصور عالياً لأبي نعيم (ص 55، 56) ، وانظر معه التقريب (ص 162 رقم 1262) . (3، 4) الموضع السابق من تهذيب الكمال. (5) تاريخ دمشق (5 / 118) ، (15 / 514) . (6) المرجع السابق (6 / 637) . (7) الموضع السابق من تهذيب الكمال. (8، 9) سير أعلام النبلاء (10 / 587) . (10) القند في ذكر علماء سمرقند (ص 104) ، وانظر اسم محمد بن أحمد الخزاندي الآتي. (11) الموضع السابق من تهذيب الكمال.

العباس بن محمد الدُّوري. عبد الرحمن بن عمرو أبو زرعة الدمشقي (1) . عبد الرحمن بن محمد بن سلاّم (2) . عبد الله بن أحمد بن أبي مَسَرَّة (3) . عبد الله بن الحسن بن أحمد أبو شعيب الحرَّاني (4) . عبد الله بن أبي العاص (5) . عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارمي (6) . عبد الله بن محمد البردي (7) , عبيد الله بن عبد الكريم أبو زرعة الرّازي. عثمان بن خُرَّزاذ الأنْطاكي. علي بن عبد العزيز البَغَوي (8) . عمر بن شَبَّة بن عُبيدة بن زيد النُّميري (9) . عمرو بن منصور النسائي (10) . عمير بن مرداس (11) . محمد بن إبراهيم بن سعيد بن عبد الرحمن البُوشَنْجي (12) .

_ (1) انظر في هؤلاء الخمسة المتقدمين تهذيب الكمال (11 / 79) . (2) تهذيب الكمال المخطوط (2 / 815) . (3) انظر تاريخ واسط (ص 138) وأخبار مكة للفاكهي (1 / 333) . (4) تهذيب الكمال المطبوع (11 / 79) . (5) تاريخ دمشق لابن عساكر (13 / 690 / مخطوط الظاهرية) . (6) الموضع السابق من تهذيب الكمال. (7) جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر (1 / 232) . (8) الأسماء الثلاثة السابقة من تهذيب الكمال المطبوع (11 / 79) . (9) تاريخ دمشق أيضاً (11 / 630) . (10) تهذيب الكمال المطبوع (11 / 79) . (11) سير أعلام النبلاء (10 / 587) . (12) تهذيب التهذيب (9 / 8) .

محمد بن إبراهيم، أبو الفضل الشاشي، المعروف بـ: ناقلة (1) . محمد بن أحمد، أبو بكر الخَزَاندي (2) . محمد بن إدريس بن عمر، أبو بكر ورَّاق الحميدي (3) . محمد بن إدريس بن المنذر الحنظلي، أبو حاتم الرازي (4) . محمد بن إسحاق الصاغاني (5) . محمد بن أسلم الطُّوسي (6) . محمد بن إسماعيل البخاري صاحب الصحيح (7) . محمد بن أيوب بن يحيى بن الضُّرَيس الرَّازي (8) . محمد بن حَسَّان البُسْري الحَسَّاني، أبو عبيد الزاهد (9) . محمد بن خليفة بن صدقة، أبو جعفر الدَّيْر عاقولي، يعرف بغُنْدر (10) . محمد بن رزيق بن جامع أبو عبد الله المديني (11) . محمد بن سعد بن منيع كاتب الواقدي، وصاحب الطبقات (12) . محمد بن سعيد بن منصور (13) .

_ (1) الإرشاد للخليلي (3 / 984) . (2) معجم البلدان (2 / 367) . وتقدم في الرواة عن سعيد أيضاً: سلمة بن محمد الخزاندي، فلست أدري، أهما اثنان، أم هناك تصحيف؟. (3) تاريخ واسط لبحشل (ص 135) ، وانظر الثقات لابن حبان (9 / 137 - 138) . (4، 5) الموضع السابق من تهذيب الكمال. (6) المنتظم لابن الجوزي (1 / 328) . (7) انظر ما تقدم (ص 84 / ق) . (8) الموضع السابق من تهذيب الكمال. (9) معجم البلدان (1 / 420) . (10) تهذيب التهذيب (9 / 150) ، وانظر معه التقريب (ص 477 رقم 5862) . (11) هو أحد رواة السنن عن سعيد كما في سدّ الأرب لأبي عبد الله الأمير (ص 120) . (12) روى عن سعيد بن منصور في مواضع كثيرة من الطبقات، منها على سبيل المثال (3 / 288، 313، 318) . (13) روى محمد عن أبيه بعض النصوص، انظر مثلاً سير أعلام النبلاء (12 / 280) .

محمد بن سليمان الواسطي (1) . محمد بن صالح (2) . محمد بن العباس الكابلي (3) . محمد بن عبد الرحمن الشامي (4) . محمد بن عبد الرحيم أبو يحيى البَزَّاز، المعروف بـ: صاعقة (5) . محمد بن عبد الله بن عمار، أبو جعفر الموصلي (6) . مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الصائغ المكِّي (7) . محمد بن علي بن داود، أبو بكر البغدادي المعروف بابن أخت غزال (8) . محمد بن علي بن مروان (9) . محمد بن علي بن ميمون العَطَّار الرَّقِّي (10) . محمد بن عمران بن علي بن عمران، أبو عبد الله الجرجاني، الزاهد، المعروف بالمقابري (11) . محمد بن عمرو بن المُوَجِّه، أبو المُوَجِّه المروزي (12) .

_ (1) تاريخ دمشق لابن عساكر (13 / 133 / مخطوط الظاهرية) . (2) أخبار مكة للفاكهي (1 / 415) . (3) تاريخ دمشق أيضاً (14 / 333) . (4) الثقات لابن حبان (8 / 268) ، وتهذيب التهذيب (11 / 63) . (5) تهذيب الكمال المطبوع (11 / 79) . (6) تاريخ الموصل (ص 166) . (7) الموضع السابق من تهذيب الكمال، وهذا هو راوي السنن عن سعيد بن منصور. (8) مشكل الآثار للطحاوي (4 / 142) . (9) جامع بيان العلم لابن عبد البر (1/ 233) . (10) تهذيب الكمال المطبوع (11 / 79) . (11) تاريخ جرجان (ص 391) . (12) تاريخ دمشق لابن عساكر (19 / 390 / مخطوط الظاهرية) ، وسير أعلام النبلاء (10 / 587) .

محمد بن محمد بن أبي الورد (أو: ابن الورد) (1) . محمد بن يحيى الذُّهْلي. محمد بن يونس الكُدَيْمي. مسعدة بن سعد العطّار المكِّي. مسلم بن الحجاج القُشيري، النيسابوري صاحب الصحيح. معاذ بن المثنى بن معاذ العنبري (2) . هارون بن إسحاق الهمداني (3) . هارون بن عبد الله الحَمّال. يحيى بن محمد بن يحيى الذُّهْلي. يحيى بن موسى بن عبد ربه الحدَّاني البَلْخي. يحيى بن يونس الشيرازي. يعقوب بن سفيان الفسوي (4) . يوسف بن سعيد بن مسلم (5) . يوسف بن يزيد أبو يزيد القراطيسي (6) . أبو علي السَّكَاني غير مُسَمّىً ولا منسوب (7) . 7- جهوده في خدمة الحديث وعلومه، ومؤلفاته فيه: إن هذه الرحلة الواسعة لتلك البلاد التي طافها سعيد بن منصور تعتبر مرحلة الجمع والتحصيل التي مكَّنته بعد ذلك من أن يقدم للأمة

_ (1) الغنية للقاضي عياض (ص 144) . (2) الأسماء الخمسة الماضية من تهذيب الكمال (11 / 79) . (3) تاريخ دمشق أيضاً (13 / 142) . (4) الأسماء الخمسة الماضية من تهذيب الكمال المطبوع (11 / 79) . (5) التقييد لابن نقطة (2 / 17) . (6) الموضع السابق من تهذيب الكمال. (7) الأنساب للسمعاني (7 / 154) ، ومعجم البلدان (3 / 230) .

الإسلامية هذه الثروة العلمية التي لن ينقطع عنه أجرها- بإذنه تعالى- إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. وقد جاء في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه (1) عنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قال: ((إذا مات الإنسان انقطع عمله، إلا من ثلاث: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له)) . وها قد مضى على وفاة سعيد بن منصور ما يقرب من ألف ومائتي عام، والمسلمون ينتفعون بهذا العلم الذي حصّله وقدّمه. وسأتناول الحديث عن جهوده في خدمة الحديث وعلومه من خلال: أ- مجالس العلم التي كان يعقدها. ب- كلامه في الرواة جرحاً وتعديلاً. جـ- مؤلفاته. أ- أما مجالس العلم، فإنه كان يعقدها ليبثّ بين الناس ما جمعه وحصّله من علم، فأقبل عليه طلبة العلم ينهلون من هذا المعين، بعد أن عرفوا ما لسعيد بن منصور من مكانة، من خلال شهرته، وحث العلماء لهم على السماع منه. يقول الفضل بن زياد: (سمعت أبا عبد الله- يعني أحمد بن حنبل- وقيل له: من بمكة؟ قال: سعيد بن منصور) (2) . وقال حرب الكرماني: (كتبت عنه- أي عن سعيد بن منصور- سنة مائتين وتسع عشرة، وأملى علينا نحواً من عشرة آلاف حديث من حفظه، ثم صنف بعد ذلك الكتب، وكان موسعاً عليه) (3) .

_ (1) صحيح مسلم (3 / 1255 رقم 14) ، كتاب الوصية، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته. (2) المعرفة والتاريخ (2 / 179) ، وتاريخ دمشق (7 / 356 / مخطوط الظاهرية) . (3) تهذيب الكمال المطبوع (11 / 81) ، وسير أعلام النبلاء (10 / 587) .

وسيأتي- بإذنه تعالى- أثناء الكلام عن اعتقاد سعيد بن منصور ذكر قصة أحمد بن محمد بن القاسم بن أبي بَزَّة مع الحميدي، وفيها يقول أحمد: فدخلنا على سعيد بن منصور وهو يحدِّث، فلما افترق الناس، دنا منه- أي الحميدي-، فقال لي: حدِّث أبا عثمان حديث الجريجي ... إلخ القصة (1) . ولم يكن عقد سعيد لمجالس الحديث بعد فراغه من الرحلة واستقراره بمكة، بل كان يأخذ ويعطي في آن واحد. ففي رحلته إلى مصر، كان يعقد المجالس في مسجد مصر. يقول الحميدي: (كنت بمصر، وكان لسعيد بن منصور حلقة في مسجد مصر، ويجتمع إليه أهل خراسان وأهل العراق ... ) إلخ القصة (2) . ب- وأما الكلام في الرواة جرحاً وتعديلاً، فإن سعيد بن منصور قد انتدب نفسه لذلك في جملة علماء الحديث الذين قَبِل الناس قولهم في الجرح والتعديل، والذين قسمهم الذهبي- رحمه الله- إلى ثلاثة أقسام، حيث قال: (إعلم- هداك الله- أن الذين قَبِل الناس قولهم في الجرح والتعديل على ثلاثة أقسام: 1- قسم تكلّموا في أكثر الرواة؛ كابن معين، وأبي حاتم الرازي. 2- وقسم تكلّموا في كثير من الرواة، كمالك، وشعبة. 3- وقسم تكلّموا في الرجل بعد الرجل؛ كابن عيينة، والشافعي. والكلُّ أيضاً على ثلاثة أقسام: 1- قسم منهم مُتَعَنِّتٌ في الجرح، مُتَثَبِّتٌ في التعديل، يغمز الراوي بالغَلْطَتَيْن والثلاث، ويُلَيِّنُ بذلك حديثه.

_ (1) انظرها بتمامها في كتاب الرحلة للخطيب البغدادي (ص 181 - 185 رقم 81) . (2) تقدم ذكر القصة بتمامها (ص 80 / ق) .

فهذا إذا وثَّقَ شخصاً، فَعُضَّ على قوله بِنَاجِذَيْكَ، وتمسَّكْ بتوثيقه. وإذا ضَعَّفَ رجلاً فانظر هل وافقه غيرُه على تضعيفه، فإن وافقه، ولم يوثِّق ذاك أحدٌ من الحُذَّاق، فهو ضعيف. وإن وثّقه أحد، فهذا الذي قالوا فيه لا يقبل تجريحه إلا مفسَّراً، يعني لا يكفي أن يقول فيه ابن معين مثلاً: هو ضعيف، ولم يوضِّح سبب ضعفه، وغيره قد وثَّقه. فمثل هذا يُتَوقَّفُ في تصحيح حديثه، وهو إلى الحسن أقرب. وابن معين، وأبو حاتم، والجوزجاني: مُتَعَنِّتون. 2- وقسم في مقابلة هؤلاء؛ كأبي عيسى الترمذي، وأبي عبد الله الحاكم، وأبي بكر البيهقي: متساهلون. 3- وقسم كالبخاري، وأحمد بن حنبل، وأبي زرعة، وابن عدي: معتدلون منصفون) (1) . اهـ. وليس لسعيد بن منصور كثير كلام في الرواة نستطيع أن نصفه من خلاله بالتَّعَنُّت، أو التساهل، أو الاعتدال، بل هو من القسم الثالث الذين تكلَّموا في الرجل بعد الرجل كابن عيينة والشافعي واعتمد أهل الحديث قوله في الجرح والتعديل. قال الذهبي في مقدمة رسالته التي سماها: (ذكر من يعتمد قوله في الجرح والتعديل) (2) : (فنشرع الآن بتسمية من كان إذا تكلَّم في الرجال قُبِل قولُه، ورُجع إلى نقده، ونسوق من يَسَّر الله تعالى منهم على الطبقات والأزمنة ... ) ، ثم شرع في ذكرهم، وجعلهم ثنتين وعشرين طبقة، وذكر سعيد بن منصور في الطبقة الثالثة (3) .

_ (1) ذكر من يعتمد قوله في الجرح والتعديل للذهبي (ص 158 - 159) . (2) المرجع السابق (ص 162) . (3) السابق أيضاً (ص 167، 169) .

وقال في مقدمة كتابه: (تذكرة الحفاظ) (1) : (هذه تذكرة بأسماء مُعَدِّلي حملة العلم النبوي، ومن يرجع إلى اجتهادهم في التوثيق والتضعيف، والتصحيح والتزييف ... ) ، ثم شرع في ذكرهم، وجعلهم إحدى وعشرين طبقة، ثم قال (2) : (الطبقة الثامنة من الكِتَاب من أكابر الحفاظ، وعدَّتهم مائة وعشرون نفساً ... ) ، ثم ذكر سعيد بن منصور فيهم (3) . وقد سبق الذهبي إلى هذا الصنيع ابن عدي في كتاب (الكامل) ، فإنه قال في مقدمته (4) : (ذكر من استجاز تكذيب من تبين كذبه، من الصحابة، والتابعين، وتابعي التابعين، ومن بعدهم، إلى يومنا هذا، رجلاً رجلاً ... ) ، ثم ابتدأ بمن تكلم في الرجال من الصحابة، ثم التابعين، ثم تابعي التابعين، ثم قال (5) : (طبقة بعد تابعي التابعين، منهم: وكيع بن الجراح ... ) ، ثم ذكر سعيد بن منصور في هذه الطبقة (6) ، وأورد من كلامه محاورته لابن معين في كاتب الليث، وسيأتي ذكرها. وأسوق هنا بعض ما جاء عن سعيد بن منصور فيما عثرت عليه من كلامه في الرجال. فمن ذلك: ما رواه أبو زرعة الدمشقي في تاريخه، قال: (قلت لسعيد بن منصور: أكان مالك بن أنس يرى الكتاب عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ العزيز (7) ؟

_ (1) تذكرة الحفاظ (1 /1) . (2) المرجع السابق (2 / 413) . (3) السابق أيضاً (2 / 416) . (4) الكامل لابن عدي (1 / 61) . (5) المرجع السابق (1 / 117) . (6) السابق أيضاً (1 / 126) . (7) عبد الله بن عبد العزيز بن عبد الله بن عامر الليثي، المدني ضعيف، مجمع على ضعفه =

قال: ما سألته، وكان ثقة) (1) . وقال محمد بن يحيى السُّهْلي: (سألت عنه- أي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ العزيز الليثي- سعيد بن منصور، فقال: كان مالك يرضاه، وكان ثقة) (2) . فهذان النَّصَّان تَضَمَّنَا توثيق سعيد لعبد الله بن عبد العزيز الليثي، لكن ظاهرهما التعارض فيما يتعلق بمعرفة رأي مالك فيه، فالظاهر أنه لما سئل في المرة الأولى لم يكن يعرف رأي مالك فيه، ثم عرفه بعد ذلك ممن سأل مالكاً، فأجاب بجوابه الثاني. وقد يوصف سعيد من خلال هذا النصّ بالتساهل؛ لكون عبد الله بن عبد العزيز الليثي مجمعاً على ضعفه، لكن من الخطأ الحكم عليه بهذا؛ لأن نَصّاً واحداً لا يكفي في الحكم عليه بهذا، والله أعلم. ومما جاء عنه من الكلام في الرجال: ما حكاه هو نفسه، قال: جاءني ابن معين بمصر، فقال لي: يا أبا عثمان، أحب أن تمسك عن كاتب الليث (3) . فقلت: لا أمسك عنه، وأنا أعلم الناس به، إنما كان كاتباً للضِّياع (4) . فهذا النص يظهر منه أن سعيد بن منصور عرف حال أبي صالح،

_ = سوى ما ذكره سعيد. انظر التهذيب (5 / 301 - 302) ، والتقريب (ص 312 رقم 3444) . (1) تاريخ أبي زرعة الدمشقي (1 / 441 رقم 1091) . (2) تهذيب الكمال (15 / 240) ، وتهذيب التهذيب (5 / 302) . (3) هو عبد الله بن صالح بن محمد بن مسلم الجُهَني، أبو صالح المصري، كاتب الليث، صدوق كثير الغلط، ثَبْتٌ في كتابه، وكانت فيه غفلة، مات سنة اثنتين وعشرين ومائتين وله خمس وثمانون سنة. اهـ. من تقريب التهذيب (ص 308 رقم 3388) . (4) الكامل لابن عدي (1 / 126) ، وتاريخ بغداد (9 / 480) ، والتقييد لابن نقطة (2 / 17 - 18) .

وأنه لم يكتب كل ذلك الحديث الذي يرويه عن الليث بن سعد، وإنما كان كاتباً لضياع الليث، ولذلك كتب بكاتب الليث. ويُجَلِّي ذلك ما ذكره سعيد بن منصور أيضاً قال: قلت لأبي صالح كاتب الليث: سمعت من الليث؟ قال: لم أسمع من الليث إلا كتاب يحيى بن سعيد (1) . وقد كان لهذه الحكاية محلٌّ عند علماء الجرح والتعديل فيما يتعلق بسماع أبي صالح من الليث بن سعد. قال أبو عثمان سعيد بن عمرو البَرْذِعيّ: قلت لأبي زرعة: أبو صالح كاتب الليث؟ فضحك وقال: ذاك رجل حسن الحديث. قلت: أحمد يحمل عليه في كتاب ابن أبي ذئب، وحكاية سعيد بن منصور قد عرفتَها؟ قال: نعم، وشيء آخر؛ سمعت عبد العزيز بن عمران يقول: قرأ علينا كتاب عُقَيْل، فإذا في أوّله مكتوب: حدثني أبي، عن جدي، عن عقيل، فإذا هو كتاب عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد. قلت: فأي شيء حاله في يحيى بن أيوب، ومعاوية بن صالح، والمشيخة؟ قال: كان يكتب لليث، فالله أعلم (2) . ومن كلامه في الرجال أيضاً، ما نقله القاضي عياض في ترتيب المدارك (3) ، حيث قال: (قال سعيد بن منصور: إنا لنقول- أو إنه ليقال-: ما يطوف بهذا البيت أحد من خلق الله أفضل من القَعْنَبي) (4) .

_ (1) أسئلة البرذعي لأبي زرعة الرازي (2 / 466) ، وتاريخ بغداد (9 / 480) ، وتهذيب الكمال المطبوع (15 / 103) . (2) أسئلة البرذعي لأبي زرعة (2 / 492 - 494) ، وتاريخ بغداد (9 / 480) ، وتهذيب الكمال (15 / 103) . (3) ترتيب المدارك (3 / 200) . (4) هو عبد الله بن مسلم بن قَعْنَب، القَعْنَبي، الحارثي، ثقة عابد، كان ابن معين وابن =

ومن ذلك أيضاً قوله: (حدثنا الشيخ الصالح فضيل بن عياض) (1) . وفي حكايته المتقدمة (2) مع عبد الرحمن بن مهدي ما يدل على وصفه هشيماً بالتدليس. وكلامه أيضاً عن القاضي أبي يوسف بما يدل على عدم رضاه عنه، وسبق نقله (3) . وذكره حكاية اقتداء سفيان الثوري بالإمام مالك بما يدل على ثنائه على الإمام مالك، وسبق نقلها أيضاً (4) . ومن ذلك ما حكاه عن سفيان بن عيينة رحمه الله أنه قال: (عليكم بسماع المتقدم الذي سمعتم مني) (5) . وهذا النصّ يفيد في تقديم رواية من سمع من سفيان قديماً على سماع المتأخِّر، إذا كان هناك اختلاف عليه. وقد يحكي سعيد حكاية مفادها الجرح في الراوي، بسبب غفلته وسلامته، ودفعه كتبه إلى من لا يعرف، أو بسبب النوم في مجالس الحديث. فمن ذلك قوله عن رِشْدين بن سعد (6) : (كنت أخذت منه

_ = المديني لا يُقَدِّمان عليه في الموطأ أحداً، مات سنة إحدى وعشرين ومائتين. اهـ من تقريب التهذيب (ص 323 رقم 3620) . ومراد سعيد بهذا: تفضيل القعنبي في وقته، لا على الإطلاق. (1) تاريخ دمشق لابن عساكر (14 / 260 / مخطوط الظاهرية) . (2) ص 78 / ق- 79 / ق. (3) ص 67 / ق- 68 / ق. (4) ص 62 / ق. (5) المعرفة والتاريخ ليعقوب بن سفيان (2 / 179) . (6) هو رِشْدين- بكسر الراء وسكون المعجمة- ابن سعد بن مُفْلح المَهْرِي- بفتح الميم وسكون الهاء-، أبو الحجاج المصري، ضعيف، رجَّح أبو حاتم عليه ابن لهيعة، =

بعض كتبه لأكتبه وأسمع منه، ثم كَسَلْتُ عن ذلك، فكان يجيء إلى القَيْسَارِيَّة، فيقول لأصحابنا: إنسان منكم أخذ لنا كتاباً، وليس يَرُدُّه علينا (كذا) ، وذكر عنه سعيد سلامةَ عَقْلٍ (1) . ومن ذلك قوله: (كان عبد الله بن وهب (2) يسمع معنا عند المشايخ، فكان ينام في المجلس، ثم يأخذ الكتب من بعضنا، فيكتبها) (3) . وقد يذكر سعيد حكاية فيها مدح للراوي؛ كقوله: (قدم وكيع (4) مكة- وكان سميناً-، فقال له الفضيل بن عياض: ما هذا السِّمَنُ وأنت راهب العراق؟ فقال له وكيع: هذا من فرحي بالإسلام، فَأَفْحَمَهُ) (5) . ومن ذلك أيضاً ما رواه محمد بن سعيد بن منصور، قال: سمعت أبي يقول: قلت ليحيى بن معين: لِمَ لا تجمع حديث الزُّهْري؟ فقال: كفانا محمد بن يحيى (6) جَمْعَ حديث الزهري (7) .

_ = وقال ابن يونس: كان صالحاً في دينه، فأدركته غفلة الصالحين، فخلّط في الحديث، مات سنة ثمان وثمانين ومائة، وله ثمان وسبعون سنة. اهـ من التقريب (ص 209 رقم 1942) . (1) المعرفة والتاريخ ليعقوب بن سفيان (2 / 186) ، ووقع هناك: (سلامة وعقل) فصوّبتها، وقد تكون العبارة: ((سلامة وغفلة)) . (2) هو من شيوخ المصنِّف في هذا الكتاب، ثقة حافظ عابد كما سيأتي في الحديث [310] . (3) ترتيب المدارك للقاضي عياض (3 / 240) . (4) هو ابن الجراح، ثقة حافظ عابد كما سيأتي في الحديث [47] . (5) سير أعلام النبلاء (9 / 156) ، وتهذيب التهذيب (11 / 129) . (6) هو محمد بن يحيى الذُّهْلي، من تلاميذ سعيد بن منصور، ويروي عنه سعيد أحياناً. (7) سير أعلام النبلاء (12 / 280) ، وتهذيب التهذيب (9 / 514) .

وقال محمد بن سعيد بن منصور: كان أبي يحدِّث عن محمد بن يحيى، فيقول: حدثني محمد بن يحيى الزُّهْري، يعني لشهرته بحديث الزُّهْري (¬1) . وفي المعرفة والتاريخ ليعقوب بن سفيان عدة أحكام على بعض الرواة يتبادر إلى الذهن أنها صادرة من سعيد بن منصور، لكن الغالب على الظن أنها ليعقوب نفسه؛ يبين فيها أنه يروي عن ذلك الرجل المتكلم فيه بجرح أو تعديل من طريق شيخه سعيد بن منصور، ثم يحكم على الراوي، وهذا كقوله: (وحدثنا سعيد بن منصور، ثنا يوسف بن عطيّة، وهو ضعيف) (¬2) . وكقوله: (حدثنا سعيد بن منصور، عن أبي معاوية، عن شيبة بن نعامة، وهو ضعيف) (¬3) . وكقوله: (حدثنا سعيد، قال: ثنا سفيان، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بن علقمة، وهو مكّي ثقة كناني من أشرافهم) (¬4) . وكقوله: (حدثنا سعيد، عن سفيان، عن سعيد بن سعيد، مكِّي لا بأس به) (¬5) . ومما يقوِّي الظن أن الكلام ليعقوب بن سفيان: قوله مرة: (حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا مسكين بن ميمون مؤذِّن مسجد الرَّمْلَة، وهو لا بأس به، وقد سمعنا نحن من ابنه، وكان لا بأس ¬

_ (¬1) تهذيب التهذيب (9 / 515) . (¬2) المعرفة والتاريخ ليعقوب بن سفيان (2 / 121) . (¬3) المرجع السابق (3 / 59) ، وانظر شبيهاً به أيضاً في (3 / 141) . (¬4) المعرفة والتاريخ (3 / 240) . (¬5) المرجع السابق (3 / 53) .

به (¬1) . فقوله هنا: (وقد سمعنا نحن من ابنه، وكان لا بأس به) يظهر منه أن الكلام ليعقوب لا لسعيد، والله أعلم. وشبيه بهذا ما سيأتي في الحديث رقم [40] ؛ حيث يقول سعيد: نا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ إِدْرِيسَ- وَكَانَ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ-، قَالَ: قِيلَ لِلْحَسَنِ: إِنَّ لَنَا إِمَامًا يَلْحَنُ، قَالَ: أخِّروه. فهذا الثناء على إدريس يحتمل أن يكون من سعيد أو من شيخه جرير، ولم أجد ما يقوِّي أحد الاحتمالين، وسواء كان من هذا أو ذاك، فكلاهما ممن يعتمد قوله في الجرح والتعديل (¬2) . وقد ينقل سعيد الكلام في الراوي عن إمام آخر، كقوله: (قلت لابن إدريس (¬3) : رأيتَ سالم بن أبي حفصة؟ قال: نعم، رأيته طويل اللحية، أحْمَقَها، وهو يقول: لبَّيْك لبَّيْك قاتل نَعْثل، لبَّيْك لبَّيْك مُهْلِكَ بني أمية) (¬4) . ولم يقتصر جهد سعيد بن منصور على الكلام في الرواة جرحاً وتعديلاً، بل له إسهام في ذكر وفيات الرواة التي يستفاد منها في معرفة اتّصال السند من عدمه، وتصويب ما تصحّف من الأسماء، والاهتمام ¬

_ (¬1) السابق أيضاً (2 / 462) . (¬2) أما سعيد بن منصور فتقدم الكلام عنه، وأما جرير، فقد ذكره الذهبي في رسالته: (ذكر من يعتمد قوله في الجرح والتعديل) (ص164) . (¬3) هو عبد الله بن إدريس، من أئمة الجرح والتعديل كما في المرجع السابق (ص165) . (¬4) تهذيب الكمال للمزِّي (10 / 136 / المطبوع) . ومقصود ابن إدريس بهذا: بيان تشيًّع ابن أبي حفصة. وأما قوله: (نَعْثَل) ، فقد أشار محقق ميزان الاعتدال في حاشية الميزان (2 / 110) إلى أن في هامش إحدى النسخ ما نصه: (أشار- والله أعلم- إلى عثمان؛ وذلك لأن الخوارج الذين ساروا إلى عثمان، كانوا يشبِّهونه بيهودي بالمدينة يقال له نعثل) .

بمعرفة اسم من اشتهر بكنيته، والتعليق على بعض الأحاديث سنداً ومتناً. أما كلامه عن تواريخ الوفيات فليس بكثير، فمنه ما ذكره البخاري في التاريخ الصغير (¬1) حيث قال: (قال سعيد بن منصور: مات فُلَيح بن سليمان سنة ثمان وستين) - يعني ومائة-. وأما تصويب ما تصحَّف من الأسماء، فليس بكثير أيضاً، ومثاله: ما ذكره ابن حجر في ترجمة سعد بن عياض الثمالي من التهذيب قال: (وقال سعيد بن منصور: حدثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عن سعيد بن عياض ... ، فذكر أثراً. قال سعيد بن منصور: كذا قال! وإنما هو: سعد- يعني بسكون العين-) (¬2) . وأما معرفة اسم من اشتهر بكنيته، فليس بكثير أيضاً، ومثاله: ما جاء في تاريخ أبي زرعة الدمشقي: (وأبو عقيل السلمي ... ، قال أبو زرعة: فحدثنا سعيد بن منصور أنه سمع هشيماً يقول: هاشم بن بلال) (¬3) . وأما تعليقه على بعض الأحاديث، فمنه ما يتعلق بالسند، ومنه ما يتعلق بالمتن. أما السند، فمنه: تصويبه لأسماء بعض رجال الإسناد، وتقدم مثاله قبل قليل. ومنه بيانه للمبهم في الإسناد، ومثاله: ما أخرجه من طريق شيخه عيسى بن يونس، عن الأوزاعي، عن عبد الله بن سعد، عن الصنابُحي، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - سمّاه، قال: نهى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - عن الأغلوطات. قال الأوزاعي: يعني شرار المسائل. ¬

_ (¬1) التاريخ الصغير (2 / 176) . (¬2) تهذيب التهذيب (3 / 479) . (¬3) تاريخ أبي زرعة الدمشقي (1 / 483) .

ثم بين سعيد بعد ذلك من هو الصحابي المبهم فقال: (قال سعيد: هذا عن معاوية، ولكنه لم يُسَمِّه) (¬1) . ومنه بيانه لنسب بعض الرواة، ومثاله: ما أخرجه من طريق شيخه أبي وكيع الجراح بن مليح، عن الهزهاز بن ميزن، أن عدي بن فرس خيَّر امرأته ثلاثاً ... ، الحديث. ثم عقّب عليه سعيد بقوله: (قال سعيد: فَرَسُ: جَدُّ وكيع) (¬2) . ومنه تعقيبه على بعض الأحاديث بتفرُّد بعض الرواة به، مثل قوله: (ليس هذا الحديث عند أحد إلا عند أبي معاوية) (¬3) . وأما تعليقه على المتن، فمنه ما يتعلق بتوجيه بعض القراءات، مثل ما رواه عن عُبيد بن عُمير أنه قرأ: {يهدي بهُ الله} (¬4) ، ثم قال سعيد: لغة (¬5) . ومنه ترجيح بعض الآراء الفقهية، ومثاله: ما رواه عن الحسن البصري: في الرجل يوصي للرجل بالوصية، فيموت الموصى له قبل الموصي، قال الحسن: (الوصية لولد الموصى له) ، ثم عقّب سعيد على ذلك بقوله: (قال سعيد: لم يصنع شيئاً) ، ثم روى بعده أثراً عن إبراهيم النخعي أنه قال في المسألة نفسها: (يرجع إلى ورثة الموصي) ، ثم عقّب سعيد على ذلك بقوله: (قال سعيد: أصاب) (¬6) . وقد يذكر كنيته أحياناً بدل اسمه؛ فإنه رجَّح مرَّة قول مجاهد على ¬

_ (¬1) المطبوع من سنن سعيد بتحقيق الأعظمي (1 / 282 رقم 1179) . (¬2) المرجع السابق (1 / 386 رقم 1660) . (¬3) السابق أيضاً (1 / 81 رقم 311) . (¬4) الآية: (16) من سورة المائدة. (¬5) وهو الحديث الآتي برقم [724] . (¬6) المطبوع من سنن سعيد بتحقيق الأعظمي (1 / 95 - 96 رقم 367، 368) .

قول طاوس بقوله: (قال أبو عثمان: القول ما قال مجاهد) (¬1) . وقد يكون في عبارته أحياناً شيء من القسوة، فإذا لم يعجبه القول عقَّب عليه بقوله: (بئس ما قال) (¬2) . وهكذا في عدة أمثلة تدلّ بمجموعها على أن للمصنِّف سعيد بن منصور اختيارات فقهية (¬3) . جـ- وأما مؤلفاته، فذكروا منها: 1- كتاب (السنن) ، وبعضهم يسمِّيه: (مصنف سعيد بن منصور) . 2- كتاب التفسير. 3- كتاب الزهد. والواقع: أن كتاب التفسير، وكتاب الزهد من ضمن السنن كما سيأتي الحديث عنه مفصَّلاً في دراسة الكتاب- إن شاء الله-. وقد قال أبو عبد الله الحاكم: (له مصنفات كثيرة) (¬4) ، ولم أجد ذكراً لشيء من هذه المصنفات سوى السنن، وما هو جزء منها كالتفسير والزهد، فإما أن يكون هناك مصنفات أخرى لا نعلم عنها شيئاً، أو يكون الحاكم قصد بعض الكتب التي هي من ضمن السنن، والله أعلم. 8- ثناء العلماء عليه: إن أقوال العلماء في الثناء على سعيد بن منصور، وروايتهم عنه، واحتجاجهم بحديثه، جميع هذا يُجَلِّي لنا مكانته العلمية، ومحلَّه عند ¬

_ (¬1) المرجع السابق (1 / 247 رقم 1019) . (¬2) السابق أيضاً (1 / 276 رقم 1151) . (¬3) انظر بعض هذه الأمثلة في المطبوع من سنن سعيد بتحقيق الأعظمي (1 / 251، 326، 349، 406 رقم 1037، 1380، 1489، 1749، 1750) ، (2 / 8، 48، 61، 76 رقم 1797، 1980، 2041، 2106) . (¬4) تاريخ دمشق لابن عساكر (7 / 355 / مخطوط الظاهرية) .

علماء الحديث. فقد احتج به الجماعة أصحاب الكتب الستة في كتبهم، وعلى رأسهم البخاري ومسلم (¬1) ، وأخرج ابن خزيمة حديثه في صحيحه، وكذا أبو عوانة الاسفرائيني والدارمي. ولما أخرج الحاكم حديثه قال: (قد اتفقا جميعاً- يعني البخاري ومسلماً- على الاحتجاج بحديثه) (¬2) . وروى عنه جمع من كبار أئمة الحديث؛ كالإمام أحمد، ومحمد بن يحيى الذُّهْلي، وابنه يحيى، والبخاري، ومسلم، وأبي داود السجستاني، والدارمي، وأبي حاتم الرازي، وأبي زرعة الرازي، وأبي زرعة الدمشقي، وابن سعد صاحب الطبقات، ويعقوب بن سفيان صاحب المعرفة والتاريخ، وأبي ثور الفقيه، وهارون بن عبد الله الحمَّال، ومحمد بن أسلم الطُّوسي، ومحمد بن عبد الرحيم صاعقة، وابن عمار الموصلي، وأبي بكر الأثرم، وحرب الكرماني، وابن الضُّريس، والحافظ سَمُّويَهْ، وبشر بن موسى الأسدي، وعباس الدُّوري، وغيرهم خلق (¬3) . وكان الإمام أحمد- رحمه الله- كثير الامتداح له. يقول حرب الكرماني: (سمعت أحمد بن حنبل يحسن الثناء على سعيد بن منصور) (¬4) . وقال سلمة بن شبيب: (وذكرت له- أي للإمام أحمد- سعيد بن منصور، فأحسن الثناء عليه، وفخَّم أمره) (¬5) . وقال حنبل بن إسحاق: (قلت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل: ¬

_ (¬1) كما سبق بيانه (ص 82 / ق) . (¬2) إكمال تهذيب الكمال لمغلطاي (ل 99 / أ) . (¬3) انظر قائمة أسماء تلاميذه (ص 85 / ق - 91 / ق) . (¬4) الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (4 / 68 رقم 284) . (¬5) المعرفة والتاريخ ليعقوب بن سفيان (2 / 178) .

سعيد بن منصور؟ قال: من أهل الفضل والصدق) (¬1) . وكان رحمه الله يحث طلبة الحديث على السماع منه. قال الفضل بن زياد: (سمعت أبا عبد الله، وقيل له:من بمكة؟ قال: سعيد بن منصور) (¬2) . ومن عظم مكانته عنده: أنه حدث عنه وهو حي. قال عبد الله بن الإمام أحمد: (حدثنا أبي عنه وهو حي) (¬3) . ولم يكن الثناء على سعيد بن منصور مقصوراً على الإمام أحمد، بل توالت عبارات علماء الحديث في الثناء عليه وتوثيقه. فمحمد بن عبد الرحيم، المعروف بصاعقة كان إذا حدَّث عنه أثنى عليه وأطراه، وكان يقول: (حدثنا سعيد بن منصور، وكان ثبتاً) (¬4) . وقال أبو زرعة الدمشقي: فحدثني أحمد بن صالح (¬5) وعبد الرحمن بن إبراهيم (¬6) ، أنهما حضرا يحيى بن حسَّان (¬7) مقدِّماً لسعيد بن منصور، يرى له، ويثبت حفظه، وكان حافظاً (¬8) . وقال حرب بن إسماعيل الكرماني: (كتبت عنه سنة مائتين ¬

_ (¬1) المتفق والمفترق للخطيب البغدادي (ل 110 / أ) ، وتاريخ دمشق (7 / 356 / مخطوط الظاهرية) . (¬2) المعرفة والتاريخ (2 / 179) ، وتاريخ دمشق (7 / 356) . (¬3) مسند الإمام أحمد (3 / 500) ، وتاريخ دمشق أيضاً (7 / 355) . (¬4) تسمية ما انتهى إلينا في الرواة عن سعيد بن منصور عالياً لأبي نعيم (ص 26) ، وتهذيب الكمال (11 / 80) ، وسير أعلام النبلاء (10 / 587) . (¬5) أي المصري. (¬6) المعروف بـ: دُحَيْم. (¬7) أي ابن حَيَّان التِّنِّيسي. (¬8) تاريخ أبي زرعة الدمشقي (1 / 304 رقم 554) ، وتاريخ دمشق (7 / 356 / مخطوط الظاهرية) .

وتسع عشرة، وأملى علينا نحواً من عشرة آلاف حديث من حفظه، ثم صنَّف بعد ذلك الكتب، وكان موسعاً عليه) (¬1) . وقد وثّقه يحيى بن معين (¬2) وعبد الله بن نُمير، وابنه محمد (¬3) ، وأبو حاتم الرازي (¬4) ، وعبد الرحمن بن يوسف بن خراش (¬5) ، ومسلمة بن القاسم (¬6) ، والخطيب البغدادي (¬7) . وقال محمد بن سعد: (كان ثقة كثير الحديث) (¬8) . وقال الخليلي: (سعيد بن منصور ثقة، متفق عليه) (¬9) . وقال ابن قانع: (هو ثقة ثبت) (¬10) . وقال أبو حاتم ابن حِبّان: (كان ممن جمع وصنَّف، وكان من ¬

_ (¬1) تهذيب الكمال أيضاً (11 / 81) ، وسير أعلام النبلاء (10 / 587، 590) . (¬2) معرفة الرجال ليحيى بن معين (رواية ابن محرز) (1 / 101 رقم 444) . (¬3) كما في تاريخ دمشق (7 / 356) ، وإكمال تهذيب الكمال لمغلطاي (ل 99 / أ) . (¬4) كما في الجرح والتعديل (4 / 68) . ونقل المزِّي في تهذيب الكمال (11 / 80 / المطبوع) ، والذهبي في سير أعلام النبلاء (10 / 587) عن أبي حاتم الرازي أنه قال: (هو ثقة، من المتقنين الأثبات، ممن جمع وصنَّف) . والذي أطلق هذه العبارة على سعيد بن منصور هو أبو حاتم ابن حِبّان- كما سيأتي-، لا الرازي، وليس من عادة أبي حاتم الرازي إطلاق مثل هذه العبارات، والله أعلم. (¬5) تاريخ دمشق (7 / 356) ، وتهذيب الكمال (11 / 80) . (¬6) إكمال تهذيب الكمال لمغلطاي (ل 99 / أ) . (¬7) المتفق والمفترق للخطيب (ل 110 / أ) . (¬8) انظر الطبقات الكبرى له (5 / 502) ، وتاريخ دمشق (7 / 357 / مخطوط الظاهرية) ، وتهذيب الكمال المطبوع (11 / 80) . (¬9) الإرشاد للخليلي (1 / 231 رقم 60) . (¬10) إكمال تهذيب الكمال لمغلطاي (ل 99 / أ) ، وتهذيب التهذيب (4 / 90) .

المتقنين الأثبات) (¬1) . وقال الدارقطني: (أصحاب ابن عيينة الحُفَّاظُ منهم: الحميدي، ومُسَدَّدُ، وسعيد بن منصور، وأبو بكر بن أبي شيبة) (¬2) . وقال أبو عبد الله الحاكم: (هو رواية سفيان بن عيينة، وأحد أئمة الحديث، وله مصنَّفات كثيرة، متفق على إخراجه في الصحيحين؛ فإن الإمامين محمد بن إسماعيل البخاري، ومسلم بن الحجاج قد رويا عنه، واحتجّا به في الصحيحين) (¬3) . ولما صنَّف أبو نعيم الأصبهاني كتابه: (تسمية ما انتهى إلينا من الرواة عن سعيد بن منصور عالياً) ذكر السبب الحامل له على تصنيف هذا الكتاب، فقال: (وحملني على ذلك قِدَم وفاة سعيد بن منصور، وموضعه من التوثُّق والفضل. وهو سعيد بن منصور، أبو عثمان الخراساني، نزيل مكة، ثبت، صدوق، حدَّث عنه الكبار من الحفاظ والمتقنين) (¬4) . وفي ترجمة محمد بن يحيى الذُّهْلي من تاريخ بغداد قال الخطيب البغدادي: (حدَّث عنه- أي عن الذُّهْلي- جماعة من الكُبَراء ... ) ، ثم ذكر فيهم سعيد بن منصور (¬5) . ولما ذكر ابن دِحْيَةَ الكَلْبي حديثاً في كتابه (العَلَم المشهور) ، قال: (وأسنده الإمام المُجْمَعُ على عدالته، المتفق في الصحيحين على ¬

_ (¬1) الثقات لابن حبان (8 / 268 - 269) ، والمرجع السابق. (¬2) انظر حاشية المطبوع من تهذيب الكمال (11 / 82) . (¬3) تاريخ دمشق (7/ 355) . (¬4) تسمية ما انتهى إلينا من الرواة عن سعيد بن منصور عالياً (ص 26) . (¬5) تاريخ بغداد (3 / 415) .

إخراج حديثه وروايته: أبو عثمان سعيد بن منصور الخراساني) (¬1) . وقال ابن القطّان الفاسي: (هو أحد الأثبات) (¬2) . وقال الذهبي: (الحافظ، الإمام ... ، كان ثقة صادقاً، من أوعية العلم) (¬3) . وقال أيضاً: (رَحَلَ وطَوَّفَ، وصار من الحفاظ المشهورين، والعلماء المتقنين) (¬4) . وقال أيضاً: (من نظر سنن سعيد بن منصور، عرف حفظ الرجل وجلالته) (¬5) . وقال أيضاً: (الحافظ الثقة، صاحب السنن) (¬6) . وقال أيضاً: (الإمام الحجَّة) (¬7) . 9- ما تكلم به فيه والجواب عنه: اتفقت كلمة أئمة الجرح والتعديل السابق ذكرهم على توثيق سعيد بن منصور والثناء عليه. ويعكِّر على ذلك بعض الأقوال التي قيلت فيه مما يمكن أن يُعَدَّ جرحاً، لكنها ليست بشيء إذا وُضعت في ميزان النقد الصحيح. فمن ذلك: أ- أن سعيد بن منصور روى حديثاً عن شيخه إسماعيل بن إبراهيم، حدثنا محمد بن إسحاق، أخبرني يزيد بن أبي حبيب، عن مرثد بن ¬

_ (¬1) العالم المشهور لابن دحية (ص 161) . (¬2) إكمال تهذيب الكمال لمغلطاي (ل 99 / أ) . (¬3) سير أعلام النبلاء (10 / 586 - 587) . (¬4) تاريخ الإسلام (حوادث ووفيات 221 هـ - 230 هـ) (ص 184 - 185) . (¬5) المرجع السابق (ص 186) . (¬6) ميزان الاعتدال (2 / 159 رقم 3277) . (¬7) تذكرة الحفاظ (2 / 416) .

عبد الله اليَزَني، عن عبد الرحمن الصَّنَابُحي، قال: رأيت أبا بكر يمسح على الخمار. روى هذا الحديث يعقوب بن سفيان الفسوي، عن شيخه سعيد بن منصور، ثم ذكر يعقوب أن سعيداً سمَّى الصنابحي: عبد الرحمن بن عثيلة، وأن غير سعيد يقول: ابن عسيلة، قال يعقوب: (وهو الصحيح) - يعني بالسين، ثم قال: (وكان سعيد بن منصور إذا رأى في كتابه خطأ لم يرجع عنه) (¬1) . اهـ. ولأجل قول يعقوب هذا، ذكر الذهبي سعيد بن منصور في ميزان الاعتدال (¬2) ، وامتدحه بقوله: (الحافظ الثقة) ، ولم يلتفت إلى هذا القول فيه. وأما الحافظ ابن حجر، فإنه رأى أن صنيع سعيد هذا لا يقتضي جرحه؛ لأنه لم يكن من باب المكابرة في التمسك بالخطأ، بل من شدة ثقته بضبطه؛ فإنه لما ذكر سعيد بن منصور في التقريب (¬3) ، قال: (ثقة مصنِّف، وكان لا يرجع عما في كتابه لشدّة وثوقه به) . وعليه، فلا يقدح قول يعقوب هذا في شيخه طالما عُرف أنه كان واثقاً بكتابه؛ لشدَّة تحرِّيه أثناء سماع الحديث، وحفظه بعد ذلك لكتابه من أن يعبث به عابث. وسبق في بيان آرائه في الرجال أنه كان يَنْتَقِدُ شيخَه عبد الله بن وهب لأنه كان يسمع معهم عند المشايخ، وينام في المجلس، ثم يأخذ الكتب من بعضهم فيكتبها (¬4) . ¬

_ (¬1) المعرفة والتاريخ (2 / 222) . (¬2) (2 / 159 رقم 3277) . (¬3) (ص 241 رقم 2399) . (¬4) تقدم ذكر الحكاية (ص 99 / ق) .

ولم يحرص على الأخذ من رِشْدين بن سعد، لَمّا استبان له أنه يدفع كتابه لمن لم يعرف، وذكر عنه سلامةَ عَقْلٍ (¬1) . ومع هذا الحرص والتحرِّي، قد يخطئ سعيد كغيره من الأئمة الذين لم يسلم منهم أحد من الخطأ، لكن أخطاءهم مغمورة في بحر صوابهم، والماء إذا بلغ القُلَّتين لم يحمل الخبث. فهذا إمام الأئمة مالك بن أنس- رحمه الله- أخطأ في اسم الصُّنَابُحي هذا، خَطَّأه البخاري (¬2) ، فهل حَطَّ ذلك من قدره؟. وهذا إمام الجرح والتعديل يحيى بن سعيد القطّان يقول عنه الإمام أحمد: (ما رأيت أقلّ خطأ من يحيى، ولقد أخطأ في أحاديث) ، ثم قال: (ومن يَعْرَى من الخطأ والتصحيف؟) (¬3) . وكم للبخاري من أخطاء في الرواة في تاريخه الكبير، دفعت ابن أبي حاتم إلى أن يؤلِّف مؤلَّفاً في بيان أخطاء البخاري (¬4) ، فكان ماذا؟. فسعيد بن منصور أخطأ كما أخطأ غيره، ولم يكثر منه الخطأ حتى يكون قادحاً، بل الأئمة معترفون بحفظه وجلالته، وتقدم قول حرب الكرماني: (أملى علينا نحواً من عشرة آلاف حديث من حفظه) ¬

_ (¬1) تقدم ذكر الحكاية أيضاً (ص 98 / ق - 99 / ق) . (¬2) روى مالك حديثاً من طريق زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بن يسار، عن الصنابحي هذا، غير أنه سمّاه: (عبد الله الصنابحي) . قال الترمذي: (سألت محمد بن إسماعيل- يعني البخاري- عنه، فقال: وَهِمَ فيه مالك، وهو أبو عبد الله، واسمه عبد الرحمن بن عسيلة) . اهـ من تهذيب التهذيب (6 / 90 - 91) . (¬3) تهذيب التهذيب أيضاً (11 / 218) . (¬4) واسم مؤلَّفه هذا: (كتاب بيان خطأ محمد بن إسماعيل البخاري في تاريخه) ، وهو مطبوع في آخر التاريخ الكبير، بعد كتاب الكنى، بتحقيق العلاّمة عبد الرحمن المعلِّمي رحمه الله.

ووصفه بالحفظ يحيى بن حسّان وأبو زرعة الدمشقي، وقال ابن حبّان: (من المتقنين الأثبات) ، وسبق نقل قول الذهبي: (من نظر سنن سعيد بن منصور، عرف حفظ الرجل وجلالته) . فإن قيل: ليس الكلام في كونه أخطأ من عدمه، وإنما في كونه لا يرجع عما في كتابه من الخطأ. فالجواب: أن سعيداً لم يَسْتَجِزْ- والله أعلم- العدول عما هو موجود في كتاب رأى أنه قد ضبطه وجوّده. ولو أن الراوي عدل عن الوجه الذي تَلَقَّى عليه ذلك الحديث إلى الوجه الذي يراه صواباً، لاضطربت وجوه الترجيح بين الروايات التي فيها اختلاف، وازداد الإشكال في اختلاف الأحاديث. ب- ومن جملة ما تُكُلِّم به في سعيد بن منصور: ما ذكره سلمة بن شبيب، قال: (وقد كنت أسمع سليمان بن حرب- وهو بمكة- ينكر عليه الشيء بعد الشيء، وكذلك كان الحميدي، لم يكن الذي بينه وبين الحميدي حسناً، فكان الحميدي يُخَطِّئه في الشيء بعد الشيء من رواية ما يروي عن سفيان) (¬1) . وهذا الكلام لم يلتفت إليه أحد، ولذا لم يذكره الذهبي في ميزان الاعتدال (¬2) ، والسبب أن سليمان بن حرب وعبد الله بن الزبير الحميدي قرينان لسعيد بن منصور، وثلاثتهم من سكان مكة، وحماد بن زيد وسفيان بن عيينة من أبرز شيوخ سعيد كما تقدم، ويعتبر سليمان بن حرب راوية لحماد بن زيد، والحميدي راوية لسفيان بن عيينة، فلا عجب أن يكون بينهما وبين سعيد ما يكون بين الأقران غالباً، ¬

_ (¬1) المعرفة والتاريخ ليعقوب بن سفيان (2 / 178) . (¬2) انظر ميزان الاعتدال (2 / 159 رقم 3277) .

وكلام الأقران بعضهم في بعض لا يلتفت إليه، بل يُطْوَى ولا يُرْوَى. هذا مع أن ما بينهم لم يبلغ حدّ القدح والحطّ من أحدهم على الآخر، بل نلمس منهم اعتراف بعضهم بفضل الآخر، وهذه صفة أهل الإخلاص. فانظر إلى تواضع سعيد ولين جانبه ولُطْف عبارته حين يقول: (لا تسألوني عن حديث حماد بن زيد، فإن أبا أيوب (¬1) يجعلنا على طَبَق، ولا تسألوني عن حديث سفيان، فإن هذا الحميدي يجعلنا على طَبَق) (¬2) . وفي نظري أن سلمة بن شبيب رحمه الله بالغ بقوله: (لم يكن الذي بينه وبين الحميدي حسناً) ، إذ لو كان ذلك كذلك، لما كان الحميدي يحضر في مجالس الحديث التي كان يعقدها سعيد بن منصور (¬3) ، ولم يكن إذا ظفر بشيء من غرائب العلم يحرص على إطلاع سعيد عليه (¬4) ، فمؤدَّى عبارة سلمة هذه: أن بينهما ما يمنع من هذا كله، وقد عرفتَ ما فيه. ومع هذا فلا ننفي أن يكون دخل في النفوس شيء من جرَّاء ما يجري بينهما حال مذاكرة الحديث ورجحان وجهة نظر أحدهما على الآخر (¬5) ، إلا أن هذا لم يبلغ دينهما (¬6) ، بل هما كباقي العلماء الذين إذا جدّ الجِدّ رأيت منهم العجب. ¬

_ (¬1) هي كنية سليمان بن حرب، وفي تكنية سعيد بن منصور له هكذا ما يدل على ما له من مكانة عنده، فتنبَّه!. (¬2) المعرفة والتاريخ (2 / 178) . (¬3، 5) انظر القصة المتقدمة (ص 80 / ق) . (¬4) انظر القصة الآتية (ص 121 / ق - 122 / ق) . (¬6) ومما يحسن إيراده هنا: ما أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب الصمت (ص 353 رقم 248) بإسناد صحيح- كما قال محقق الكتاب- عن طارق بن شهاب رضي الله =

فهذا وكيع بن الجراح رحمه الله كان بينه وبين قرينه سفيان بن عيينة تباعد، وفي سنة أربع أو خمس وثمانين ومائة جاء وكيع إلى مكة، وحدَّث عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عن عبد الله البَهِيّ، أن أبا بكر الصديق جاء إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم بعد وفاته، فأكبَّ عليه، فقبَّله، وقال: بأبي وأمي، ما أطيب حياتك وميتتك!. ثم قال البَهِيُّ: وكان تُرك يوماً وليلة حتى رَبَا بطنه صلى الله عليه وسلم، وانْثَنَتْ خِنْصِرَاه. فلما حدَّث وكيع بهذا، اجتمعت قريش، ورفع أمره إلى العثماني والي مكة، فأرسل إليه، وحبسه، وعزم على قتله وصَلْبه، وأمر بخشبة أن تنصب خارج الحرم. وبلغ وكيعاً ذلك وهو في الحبس، فقال للحارث بن الصديق: ما أرانا إلا قد اضطررنا إلى هذا الرجل واحتجنا إليه- يعني سفيان بن عيينة-، فقال له الحارث: يا أبا سفيان، دع هذا عنك، فإن لم يُدْرِكْكَ قُتِلْتَ. فأرسل إلى سفيان، ففزع إليه، ودخل على العثماني، فكلَّمه فيه، والعثماني يَأْبَى، وكان من جملة ما قال سفيان: الله الله، هذا فقيه أهل العراق وابن فقيهه، وهذا حديث معروف. قال سفيان: ولم أكن سمعته، إلا أني أردت تخليص وكيع. ومن جملة ما قال سفيان أيضاً للعثماني: إني لك ناصح، إن هذا رجل من أهل العلم، وله عشيرة، فإن أنت أقدمت عليه، أقل ما يكون: أن تقوم عليك عشيرته وولده بباب أمير المؤمنين، فيشخصك لمناظرتهم. فَعَمِلَ فيه كلام سفيان، وأمر بإطلاقه من الحبس، فأُخرج وكيع من الحبس، وركب حماراً، وحُمِلَ متاعه عليه، وسافر متوجهاً إلى المدينة.

_ = عنه قال: كان بين سعد- يعني ابن أبي وقاص- وخالد- يعني ابن الوليد- كلام، فذهب رجل يقع في خالد عند سعد، فقال- أي سعد-: مَهْ! إن ما بيننا لم يبلغ دينَنَا.

قال سعيد بن منصور: كنا بالمدينة، فكتب أهل مكة إلى أهل المدينة بالذي كان من وكيع وابن عيينة والعثماني، وقالوا: إذا قدم عليكم، فلا تَتَّكلوا على الوالي، وارجموه بالحجارة حتى تقتلوه. فعزموا على ذلك، وبَلَغَنَا الذي هم عليه، فبعثنا بريداً إلى وكيع: أن لا يأتي إلى المدينة، ويمضي من طريق الرَّبَذَة (¬1) ، وكان قد جاوز مفرق الطريقين، فلما أتاه البريد، رجع راجعاً إلى الرَّبَذَة، ومضى إلى الكوفة (¬2) . فهذه القصة مَثَلٌ من عدّة أمثلة تحكي مواقف السلف في مثل هذه الأحوال والخطوب، وموقف سعيد بن منصور فيها موقف العالم الناصح المشفق. وأما ما يتعلق بالحديث ورواية وكيع له، فيقول الذهبي في ذلك: (فهذه زَلَّة عالم، فما لوكيع ولرواية هذا الخبر المنكر المنقطع الإسناد؟ كادت نفسه أن تذهب غلطاً ... ) ، ثم أخذ في الاعتذار عنه وتوجيه الرواية وجهة صحيحة، ثم قال: (وهذا بحث معترض في الاعتذار عن إمام من أئمة المسلمين، وقد قام في الدفع عنه مثل إمام الحجاز سفيان بن عيينة) (¬3) . 10- عقيدته: شهدت الفترة التي عاشها سعيد بن منصور ظهور عدة اتجاهات مباينة لمعتقد أهل السنة والجماعة (¬4) ، فاستشعر أهل السنة خطر هذه ¬

_ (¬1) الرَّبَذَةُ: من قرى المدينة، على ثلاثة أيام منها، قريبة من ذات عرق، وبها قبر أبي ذر رضي الله عنه. معجم البلدان (3 / 24) . (¬2) انظر القصة بكاملها في المعرفة والتاريخ ليعقوب بن سفيان (1 / 175 - 176) ، وسير أعلام النبلاء (9 / 159 - 165) . (¬3) سير أعلام النبلاء (9 / 160، 162) . (¬4) انظر المبحث المتقدم (ص 36 - 51) في الكلام على الحالة الفكرية في عصر المؤلِّف.

الاتجاهات، فوقفوا في وجهها بالردود العلمية المُدَعَّمَةِ بالكتاب والسنة، والتحذير من خطر البدعة والمبتدعين. وقد كان لسعيد بن منصور رحمه الله إسهام في هذا الجانب يدلّ على أنه من أئمة أهل السنة، ولذا كان الإمام أحمد رحمه الله يثني عليه ويطريه، وهو لا يفعل ذلك إلا بأهل السنة المعلنين بها، وموقفه من الذين أجابوا في فتنة خلق القرآن مكرهين معروف (¬1) . ويدلنا على معتقد سعيد بن منصور ما ذكره تلميذه حرب الكرماني في مسائله المشهورة (¬2) حيث قال: (هذه مذاهب أهل العلم، وأصحاب الأثر، وأهل السنة المتمسِّكين بها، المقتدى بهم فيها، من لدن أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، إلى يومنا هذا. وأدركت من أدركت من علماء أهل الحجاز والشام وغيرها عليها، فمن خالف شيئاً من هذه المذاهب، أو طعن فيها، أو عاب قائلها، فهو مخالف مبتدع، خارج عن الجماعة، زائل عن منهج السنة وسبيل الحق.- قال:- وهو مذهب أحمد (¬3) ، وإسحاق بن إبراهيم (¬4) ، وعبد الله بن مخلد (¬5) ، وعبد الله بن الزبير الحميدي، وسعيد بن منصور، وغيرهم ممن جالسنا وأخذنا عنهم العلم، وكان من قولهم: أن الإيمان قول وعمل ونيَّة وتَمَسُّكٌ ¬

_ (¬1) فإنه هجرهم ولم ير الكتابة عنهم. انظر سير أعلام النبلاء (11 / 322) . (¬2) وتسمَّى أيضاً: " السنَّة"، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الاستقامة (1 / 70) : (وكذلك لفظ الحركة، أثبته طوائف من أهل السنة والحديث، وهو الذي ذكره حرب بن إسماعيل الكرماني في السنّة التي حكاها عن الشيوخ الذين أدركهم: كالحميدي، وأحمد بن حنبل، وسعيد بن منصور، وإسحاق بن إبراهيم) . (¬3) يعني ابن حنبل. (¬4) المعروف بابن راهُويَهْ. (¬5) لعله يقصد عبد الله بن مَخْلَد بن خالد التميمي النيسابوري، النحوي المترجم في التهذيب (6 / 24) .

بالسنة، والإيمان يزيد وينقص ... ) ، ثم أخذ في ذكر هذه العقيدة (¬1) . ويزيد ذلك وضوحاً ما سأعرضه من بعض ما وقفت عليه من سننه في بعض مباحث العقيدة، فمن ذلك: ـ عند قوله سبحانه: {قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أعلم ما لا تعلمون} ، أورد أثراً بإسناد صحيح عن مجاهد أنه قَالَ: عَلِمَ مِنْ إِبْلِيسَ الْمَعْصِيَةَ، وخلقه لها (¬2) . وهذا من معتقد أهل السنة في باب القدر. ـ وعند قوله سبحانه: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التواب الرحيم} ، أورد أثراً من رواية أبي عون خصيف بن عبد الرحمن الجزري، عن مجاهد، وفيه: أن الله أمر إبراهيم الخليل عليه السلام أن يؤذِّن في الناس بالحج، وأن من أجاب إبراهيم من الخلق يومئذ فهو حاج، ثم قال مجاهد لخصيف: يَا أَبَا عَوْنٍ، القَدَريَّةُ لَا يصدِّقون بهذا (¬3) . وأوضحت في تعليقي على قول مجاهد هذا ما مراده به. ـ وعند قوله سبحانه: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فمن نفسك} ، أورد أثراً بإسناد صحيح عن أبي صالح ذَكْوان السَّمَّان- فِي قَوْلِهِ: {وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سيئة فمن نفسك} -، قَالَ: بِذَنْبِكَ، وإِنَّا قدَّرناها عَلَيْكَ (¬4) . وهذا أيضاً من معتقد أهل السنة في باب القدر. ¬

_ (¬1) ساقها ابن القيم في حادي الأرواح (ص 326 - 331) ، ولولا طولها لسقتها بتمامها. (¬2) الحديث رقم [184] من هذه الرسالة. (¬3) الحديث رقم [220] من هذه الرسالة. (¬4) الحديث رقم [662] من هذه الرسالة.

وفي القسم المخطوط من السنن عقد سعيد بعض الأبواب التي هي من صلب مباحث العقيدة، فمن ذلك أنه: ـ عَقَد باباً في ما جاء في لزوم الجماعة (¬1) . ـ وعقَد باباً في الأئمة المضلِّين (¬2) . ـ وعقَد باباً في ما جاء في خيار الأئمة (¬3) . ـ وعقَد باباً في النهي عن سبِّ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - واللعنة على من سبَّهم (¬4) . ـ وعقَد باباً في فضل عثمان بن عفان (¬5) . ـ وعقَد باباً في ما جاء في فضيلة الحسن والحسين ابني علي (¬6) . ـ وعقَد باباً في المِرَاء (¬7) . ـ وعقَد باباً في ما جاء بمن وُكِلَت الفتنة (¬8) . ـ وعقَد باباً في كراهية الاختلاف (¬9) . ـ وعقَد باباً في النهي عن مجالسة أهل الأهواء (¬10) . ـ وعقَد باباً في النهي عن الاستماع إلى أهل البدع (¬11) . ¬

_ (¬1) سنن سعيد بن منصور (ل 198 / أ) . (¬2) المرجع السابق (ل 198 / ب) . (¬3) المرجع السابق أيضاً (ل 224 / ب - 225 / ب) . (¬4) السابق أيضاً (ل 223 / أ - 223 / ب) . (¬5) السابق أيضاً (ل 213 / أ) . (¬6) السابق أيضاً (ل 229 / أ) . (¬7) السابق أيضاً (ل 202 / أ) . (¬8) السابق أيضاً (ل 202 / ب) . (¬9) السابق أيضاً (ل 205 / ب) . (¬10) السابق أيضاً (ل 218 / ب - 219 / أ) . (¬11) السابق أيضاً (220 / ب) .

ـ وعقَد باباً طويلاً في ما جاء في الشفاعة (¬1) . ـ وعقَد باباً طويلاً في ما جاء في القَدَر (¬2) . وهناك بعض النقول التي أتت في بعض الكتب مما يمكن أن يضاف لما سبق. فمن ذلك: ما رواه الخطيب البغدادي قال: أخبرنا الحسن بن أبي بكر، أنبأ أحمد بن محمد بن عبد الله القطان، ثنا عبد الكريم بن الهيثم، ثنا أحمد بن محمد بن القاسم بن أبي بَزَّة، ثنا أبو العباس الوليد بن عبد العزيز بن عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيْج، قال: حدثتني أمي، عن جدي عبد الملك، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عن أبي الدرداء قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - من فَلْقِ فيه إلى أذني هذه- ورآني أمشي بين يدي أبي بكر وعمر- فقال: ((يا أبا الدرداء، أتمشي بين يدي من هو خير منك؟)) (¬3) . فقلت: ومن هو يا رسول الله؟. فقال: ((أبو بكر وعمر، ما طلعت الشمس ولا غربت على أحد بعد النبيين والمرسلين خير من أبي بكر)) . قال (¬4) : فحدَّثت الحميدي (¬5) ، فقال لي: اذهب بنا إليه حتى أسمعه منه، فقلت له: منزله بالثقبة، والثقبة على رأس ثلاثة أميال من مكة. ¬

_ (¬1) السابق أيضاً (216 / أ - 217 / أ) . (¬2) السابق أيضاً (217 / أ - 218 / ب) . (¬3) الحديث المرفوع ضعيف بهذا الإسناد؛ لأنه من رواية عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، وهو مدلِّس، ولم يصرِّح بالسماع من عطاء، انظر ترجمة ابن جريج في الحديث الآتي برقم [9] من هذه الرسالة. (¬4) أي أحمد بن محمد بن القاسم بن أبي بَزَّة كما يتضح من سياق القصة. (¬5) هو عبد الله بن الزبير الحميدي شريك سعيد بن منصور في الرواية عن سفيان بن عيينة. وهذه القصة تدل على حسن علاقته بسعيد بن منصور، وأنه لم يكن بينهما هجر ولا قطيعة كما قد يفهم من قول سلمة بن شبيب الذي سبق نقله (ص 114 - 115) .

فلما كان ذات يوم دفنا رجلاً من قريش باكراً، ثم قال لي الحميدي: هل لك بنا في الرجل؟ قلت: نعم، فخرجنا نريده. فلما كنا بقصر داود بن عيسى لقينا ابن عم له فقال: يا أبا بكر أين تريد؟ قال: أردنا أبا العباس، فقال: يرحم الله أبا العباس، مات أمس. فقال الحميدي: هذه حَسْرة. ثم قال: أنا أسمعه منك. فدخلنا على سعيد بن منصور وهو يحدِّث، فلما افترق الناس، دنا منه، فقال لي: حدث أبا عثمان حديث الجُرَيْجي، فحدثته. فقال سعيد: قطع هذا كلَّ عِلَّة. فقلت للحميدي: ما قطع كل علة؟. فقال لي: إن أناساً زعموا أن علياً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - وأنه لا يقاس به أحد من الناس، فلما أن قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - ما قال، علمنا أن علياً ليس بنبي ولا مرسل، فقطع كل علة (¬1) . ومن ذلك أيضاً: ما رواه ابن عساكر في تاريخه من طريق سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا أبو معاوية، نا عمر بن ذر، قال: خرجت وافداً إلى عمر بن عبد العزيز بن في نفر من أهل الكوفة، وكان معنا صاحب لنا يتكلم في القَدَر، فسألنا عمر بن عبد العزيز عن حوائجنا، ثم ذكرنا له القَدَر، فقال: لو أراد الله أن لا يُعصى ما خلق إبليس، ثم قال: قد بيّن الله ذلك في كتابه: {فإنكم وما تعبدون ما أنتم عليه بفاتنين إلا من هو صال الجحيم} ، فرجع صاحبنا ذلك عن القَدَر (¬2) . 11- من اتفق معه في الاسم واسم الأب: أورد الخطيب البغدادي في كتابه: (المتفق والمفترق) (¬3) خمسة ممن ¬

_ (¬1) الرحلة للخطيب البغدادي (ص 181 - 185) . (¬2) تاريخ دمشق لابن عساكر (13 / 205 / مخطوط الظاهرية) . (¬3) (ل 109، 110) .

يُسَمَّون سعيد بن منصور، أحدهم صاحب السنن. وأذكر الأربعة الآخرين لتمييزهم عن المترجم له. أما الأول، فهو: سعيد بن منصور بن محرز بن مالك بن أحمد الجُذَامي، الشامي، أرسل عن جدّ أبيه مالك بن أحمد، وحدَّث عنه الوليد بن مسلم الدمشقي، وهذا أعلى طبقة من صاحب السنن، لأن الوليد بن مسلم من شيوخ صاحب السنن. وأما الثاني، فهو: سعيد بن منصور الرَّقِّي (¬1) ، يروي عن عثمان بن عطاء الخراساني، روى عنه عمر بن شَبَّةَ، وهذا يقارب طبقة صاحب السنن؛ لأن عمر بن شبة روى عنهما كليهما. وأما الثالث، فهو: سعيد بن منصور المشرقي الكوفي (¬2) ، يروي عن زيد بن علي بن الحسين، وعبد الله بن علي بن حسين، روى عنه إسماعيل وحصين ابنا عبد الرحمن الجعفي، وهذا أيضاً أعلى طبقة من صاحب السنن، لأنه يروي عن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب المقتول سنة اثنتين وعشرين ومائة (¬3) . وأما الرابع، فهو: سعيد بن منصور بن حنش، أبو حنش السبائي، وهو أعلى من المصنف طبقة، لأن الخطيب ذكر أنه توفي سنة أربع وثمانين ومائة. 12- أولاده:- لم أجد في ما وقفت عليه من المراجع ما يسعف في معرفة شيء ¬

_ (¬1) انظر أيضاً إكمال تهذيب الكمال لمغلطاي (ل 99 / ب) . (¬2) انظر أيضاً ترجمة حصين بن عبد الرحمن الجعفي في المتفق والمفترق (ل 70) . (¬3) كما في التقريب (ص 224 رقم 2149) .

عن عائلة سعيد بن منصور، سوى أن له من الأولاد: أحمد (¬1) ومحمداً (¬2) ، وهذان لم أجد من ترجم لهما، مع أن محمداً روى شيئاً عن والده كما سبق. وهناك بعض الرواة الذين يشتبه في أنهم من سلالة سعيد بن منصور. منهم: الشيخ الإمام المحدِّث الواعظ القدوة، شيخ الإسلام، الأستاذ أبو عثمان سعيد بن إسماعيل بن سعيد بن منصور النيسابوري، الحِيري. ولد سنة ثلاث ومائتين، وتوفي سنة ثمان وتسعين ومائتين (¬3) . ولم أجد أدنى إشارة تدلّ على أن أبا عثمان هذا حفيد لسعيد بن منصور صاحب السنن، إلا أن كنيته وطبقته تُقَوِّي الاحتمال بأنه حفيده، وقد يكون من أحفاد من اتفق مع سعيد في الاسم والنسب ممن تقدم ذكرهم (¬4) ، أو غيرهم، فالعلم عند الله. ولسعيد بن إسماعيل هذا ابن يقال له: أحمد، نقل عنه الذهبي، فقال: (قال أبو الحسين أحمد بن أبي عثمان: توفي أبي لعشر بقين من ربيع الآخر، سنة ثمان وتسعين ومائتين، وصلى عليه الأمير أبو صالح) (¬5) . وله أيضاً ابن يقال له محمد. ¬

_ (¬1) ذكر ذلك أحمد بن محمد بن الحسين- لعلّه الماسِرْجِسي-، ونقله عنه ابن عساكر في تاريخ دمشق (13 / 355 / مخطوط الظاهرية) . وقال الكلاباذي في رجال صحيح البخاري (1 / 296) : (وهو والد أحمد) . (¬2) روى محمد عن أبيه أشياء يسيرة، انظر ما تقدم (ص 99، 100) . (¬3) سير أعلام النبلاء (14 / 62 - 66) . (¬4) في المبحث المتقدم بعنوان: من اتفق معه في الاسم واسم الأب. (¬5) سير أعلام النبلاء (14 / 66) .

قال الذهبي: (الإمام الحافظ المجَوِّد القدوة الزاهد الأديب، أبو بكر، محمد بن الإمام الزاهد أبي عثمان سعيد بن إسماعيل، النيسابوري، الحِيْرِيّ. سمع عليّ بن الحسن الهلالي ومحمد بن عبد الوهاب الفرَّاء وتَمْتَاماً وإسماعيل القاضي وبكر بن سهل، وكان واسع الرِّحْلة عالماً. روى عنه: أبو علي الحافظ وولده أبو سعيد وأبو أحمد الحاكم. وكان من كبار الغزاة في سبيل الله، ويرابط بطرسوس. توفي في المحرم سنة خمس وعشرين وثلاثمائة) (¬1) . ولمحمد هذا ابن يقال له: أحمد. قال الخطيب البغدادي: (أحمد بن محمد بن سعيد بن إسماعيل بن سعيد بن منصور، أبو سعيد النيسابوري، المعروف بابن أبي عثمان، الغازي. وجَدُّه سعيد هو المُكَنَّى: أبو عثمان، وكان واعظ أهل نيسابور وشيخ الصُّوفية. فأما أبو سعيد، فكان من عباد الله الصالحين، وقدم بغداد حاجاً دفعات عدَّة، آخرها في سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة، ... بلغني أن ابن أبي عثمان خرج غازياً إلى طرسوس، فمات بها) (¬2) . وقال الحاكم أبو عبد الله: (أحمد بن محمد بن سعيد بن إسماعيل بن سعيد بن منصور، الواعظ، الحافظ، أبو سعيد بن أبي بكر بن أبي عثمان رضي الله عنهم وكان قد جمع الحديث الكثير، وصنَّف في الأبواب والشيوخ، ثم أدركته الشهادة بطرسوس،.... صنَّف التفسير الكبير، وخرَّج على المسند الصحيح لمسلم بن الحجاج، وكان من محبّته للحديث يكتب بخطه ويسمع إلى أن استشهد رحمه ¬

_ (¬1) المرجع السابق (15 / 258) . (¬2) تاريخ بغداد (5 / 23) .

الله....، وتوفي بطرسوس للنصف من شعبان سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة) (¬1) . فهل يا تُرى هذه الذرية الطيبة من سلالة هذا الإمام سعيد بن منصور صاحب السنن؟. 13- وفاته وبيان الراجح في تاريخها:- وهكذا بعد حياة حافلة بطلب العلم وتعليمه والتصنيف فيه، أدرك سعيداً الأمر الذي لابد منه، وهو الموت الذي كتبه الله على العباد. وقد اختلِفَ في تاريخ وفاته على أربعة أقوال: فمنهم من قال: توفي سنة ست وعشرين ومائتين، ومنهم من قال: سنة سبع وعشرين ومائتين، ومنهم من قال: سنة ثمان وعشرين ومائتين، ومنهم من قال: سنة تسع وعشرين ومائتين. واختُلف أيضاً في الشهر الذي توفي فيه، فمنهم من قال: توفي في رجب، ومنهم من قال: في رمضان. أ- أما الذي قال: إنه توفي سنة ست وعشرين ومائتين، فهو تلميذه أبو زرعة الدمشقي، حيث قال في تاريخه: (ومات سعيد بن منصور سنة ست وعشرين ومائتين) (¬2) . ب- أما الذي قال: إنه توفي سنة سبع وعشرين ومائتين فهم كثير، منهم: محمد بن سعد، وأبو داود، ومحمد بن عبد الله الحضرمي مُطَيَّن، وحاتم بن الليث الجوهري، وعبد الله بن محمد البغوي، وأبو سعيد ابن يونس، وابن حبان، وكذا جاء عن البخاري في بعض الروايات. ¬

_ (¬1) تاريخ دمشق لابن عساكر (2 / 173 - 174 / مخطوط الظاهرية) ، وانظر أيضاً سير أعلام النبلاء (16 / 29) . (¬2) تاريخ أبي زرعة الدمشقي (1 / 304 رقم 554) ، وعنه ابن عساكر في تاريخ دمشق (7 / 357) .

أما ابن سعد فقال: (سعيد بن منصور، ويُكّنَّى أبا عثمان، توفي بمكة سنة سبع وعشرين ومائتين) (¬1) . وأما أبو داود، فقال أحمد بن محمد بن الحسين: (وذكر أبو داود أنه مات سنة سبع وعشرين ومائتين) (¬2) . وأما محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي مُطَيَّن فقال: (وفيها- يعني سنة سبع وعشرين ومائتين- مات سعيد بن منصور الخراساني) (¬3) . وأما حاتم بن الليث الجوهري فقال: (مات سعيد بن منصور بمكة- ويكنى أبا عثمان- سنة سبع وعشرين ومائتين) (¬4) . وأما عبد الله بن محمد البغوي فقال: (ومات سعيد بن منصور بمكة وبها مات، في شهر رجب سنة سبع وعشرين ومائتين) (¬5) . وأما أبو سعيد ابن يونس الصَّدَفي فقال: (سعيد بن منصور الخراساني، من أهل مرو، قدم مصر، وكُتب عنه بها، وكان قد قطن بمكة وبها مات، في رمضان، سنة سبع وعشرين ومائتين) (¬6) . وأما ابن حبان فقال في كتاب الثقات: (مات بمكة سنة سبع وعشرين ومائتين) (¬7) . وأما البخاري، فسيأتي ذكر كلامه في حكاية القول الرابع. ¬

_ (¬1) الطبقات الكبرى لابن سعد (5 / 502) ، وعنه ابن عساكر في تاريخ دمشق (7 / 357 / مخطوط الظاهرية) . (¬2) تاريخ دمشق أيضاً (7 / 355) . (¬3) تاريخ دمشق أيضاً (7 / 357) . (¬4) تسمية ما انتهى إلينا في الرواة عن سعيد بن منصور عالياً (ص 26) . (¬5) تاريخ وفاة الشيوخ الذين أدركهم البغوي (ص 47 رقم 9) . (¬6) تاريخ دمشق لابن عساكر (7 / 355 / مخطوط الظاهرية) . (¬7) الثقات لابن حبان (8 / 268 - 269) .

جـ- وأما الذي قال: إنه توفي سنة ثمان وعشرين فلم أجده، ولكن حكاه المزِّي عن غير معيَّن. قال المِزِّي في تهذيب الكمال: (وقال أبو زرعة الدمشقي: مات سنة ست وعشرين ومائتين. وقال غيره: مات سنة ثمان وعشرين ومائتين) (¬1) . د- وأما الذي قال: إنه توفي سنة تسع وعشرين ومائتين، فهو موسى بن هارون الحمّال أحد تلامذة سعيد (¬2) . وأما البخاري، فاختُلف عنه. ففي التاريخ الكبير قال: (سعيد بن منصور، مات بمكة سنة تسع وعشرين ومائتين أو نحوها) (¬3) . وفي التاريخ الأوسط قال: (مات سعيد بن منصور بمكة- أبو عثمان الخراساني، سكن مكة- يعني سنة سبع وعشرين ومائتين) (¬4) . وهذا الاختلاف على البخاري يرجع- فيما يظهر- إلى تقارب رسم (سبع) و (تسع) ، فتصحفت (تسع) إلى: (سبع) في الأوسط، والصواب عن البخاري ما جاء في التاريخ الكبير، وقد أطال مغلطاي في بيان خطأ من رواه (سبع) عن البخاري، وذلك في كتابه إكمال تهذيب الكمال (¬5) . والراجح من هذه الأقوال قول من قال: إنه توفي سنة سبع وعشرين ومائتين لكثرتهم، وهذا الذي رجحه كل من جاء بعدهم، ¬

_ (¬1) تهذيب الكمال المطبوع (11 / 82) . (¬2) كما في الموضع السابق من تهذيب الكمال، وسير أعلام النبلاء (10 / 590) . (¬3) التاريخ الكبير (3 / 516) . (¬4) التاريخ الأوسط المطبوع باسم التاريخ الصغير (2 / 358) . (¬5) (ل 99 / أ) .

فقد اختاره أبو نعيم (¬1) ، وابن خير الإِشبيلي (¬2) ، وابن نقطة (¬3) ، وغيرهم. ولما ذكر المزِّي هذه الأقوال، قال: (والصحيح الأول والله أعلم) (¬4) - يعني قول من قال: سنة سبع وعشرين ومائتين-. وقال الذهبي: (قال ابن سعد، وأبو داود، وحاتم بن الليث، وجماعة: مات بمكة سنة سبع وعشرين. زاد ابن يونس، فقال: في رمضان. وقال أبو زرعة الدمشقي: سنة ست، والأول الصحيح. وصحَّف موسى بن هارون، فقال في سنة تسع وعشرين ومائتين) (¬5) . وقال أيضاً: (وقال ابن سعد، وأبو داود، ومُطّيَّن، وحاتم بن الليث: مات سنة سبع وعشرين. قال ابن يونس: مات بمكة في رمضان سنة سبع. وقال بعضهم: سنة ست، وهو غَلَط. وقال بعضهم: سنة تسع، وهو غلط أيضاً) (¬6) . وأما الشهر الذي توفي فيه، فاختلف فيه قول ابن يونس والبغوي كما سبق. فابن يونس يرى أنه توفي في شهر رمضان، والبغوي يرى أنه توفي في شهر رجب. ويصعب الترجيح بين القولين بلا مُرَجِّح، والذي ذكره المزِّي والذهبي أنه توفي في شهر رمضان بناءً على قول ابن يونس، والذي يظهر أنهما لم يطلعا على قول البغوي، والله أعلم. وهكذا بعد حياة دامت ما يقرب من تسعين عاماً قضاها سعيد ¬

_ (¬1) في تسمية ما انتهى إلينا من الرواة عن سعيد بن منصور عالياً (ص 26) . (¬2) في فهرسة ما رواه عن شيوخه (ص 135) . (¬3) في التقييد (2 / 18) . (¬4) تهذيب الكمال المطبوع (11 / 82) . (¬5) سير أعلام النبلاء (10 / 590) . (¬6) تاريخ الإسلام- وفيات 221 - 230 (ص 186) .

ابن منصور في جمع ميراث النبوة- العلم-، وتبليغه، وَافَتْهُ مَنِيَّتُهُ والأمر الذي لا مَفَرّ منه. نسأله تعالى أن يرفع درجته في عليين، مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، آمين. * * *

المبحث الثاني التعريف بكتاب السنن

المبحث الثاني التعريف بكتاب السنن 1- تسميته: - تكاد تجمع المصادر التي تذكر هذا الكتاب على تسميته بالسنن، والاستدلال على ذلك يطول، وقد جاء في آخر النسخة الخطية التي عثرتُ عليها ما نصه: (آخر كتاب السنن) ، وسيأتي مزيد استدلال في المبحث الآتي (¬1) . وسمّاه بعضهم: (المصنَّف) ، أو: (مصنَّف سعيد بن منصور) ، بمعنى مؤلَّف سعيد بن منصور. 2- توثيق نسبته للمؤلِّف: - إن صِحَّةَ نسبة كتاب السنن لمؤلفه سعيد بن منصور أمر مقطوع به؛ لشهرة هذه السنن، والأدلة متوافرة على ذلك. فهناك جَمٌّ غفير كلهم يعزو هذا الكتاب لسعيد بن منصور. وهناك من ينقل بعض الأحاديث مَعْزُوَّةً لهذا الكتاب ومصنِّفه. وهناك من يروي أحاديث من هذا الكتاب بسنده عن سعيد بواسطة أو بغير واسطة. وهناك من يروي هذا الكتاب بسنده إلى مصنِّفه سعيد. هذا بالإضافة لصحَّة سند الكتاب إلى مؤلفه. وهذا إجمال، وفيما يلي تفصيله مع الأمثلة: - أ- من ذكر الكتاب ونسبه إلى سعيد، أو نقل منه أحاديث وعزاها إليه: 1- ابن حزم الأندلسي (ت 456 هـ) : قال وهو يذكر مصنَّفات بَقِيّ ¬

_ (¬1) انظر المبحث الآتي بعنوان: توثيق نسبته للمؤلِّف.

ابن مَخْلَد: (ومنها: مصنَّفه في فتاوى الصحابة والتابعين ومن دونهم، الذي أرْبَى فيه على مصنَّف أبي بكر بن أبي شيبة، ومصنَّف عبد الرزاق، ومصنَّف سعيد بن منصور، وغيرها، وانتظم علماً عظيماً لم يقع في شيء من هذه) (¬1) . 2- البيهقي (ت 458 هـ) : ذكر في كتاب القراءة خلف الإمام (¬2) حديثاً، ثم قال: ((كذا قاله سعيد بن منصور في تفسيره)) . والتفسير من كتب السنن كما سيأتي. 3- الخطيب البغدادي (ت 463 هـ) : ذَكَر في كتاب الجامع أحق الكتب بالتقديم، ثم قال: (ثم الكتب المصنَّفة في الأحكام الجامعة للمسانيد وغير المسانيد، مثل كتب ابن جريج، وسعيد بن أبي عروبة، وعبد الله بن المبارك، وسفيان بن عيينة، وهشيم بن بشير، وعبد الله بن وهب، والوليد بن مسلم، ووكيع بن الجرَّاح، وعبد الوهاب بن عطاء، وعبد الرزاق بن همّام، وسعيد بن منصور، وغيرهم) (¬3) . وقال في ترجمة سعيد بن منصور في المتفق والمفترق: (وله كتاب في السنن والأحكام كبير، وحديثه كثير مشهور) (¬4) . وقد جمع محمد بن أحمد المالكي الأندلسي جزءاً (¬5) بعنوان: ((جزء فيه تسمية ما ورد به الشيخ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي دمشق، من الكتب من روايته من الأجزاء المسموعة والكبار المصنفة، وما جرى مجراها، سوى الفوائد والأمالي والمنثور، ¬

_ (¬1) نفح الطيب (2 / 519) ، (3 / 168 - 169) ، وسير أعلام النبلاء (3 / 291) . (¬2) (ص 111) . (¬3) الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (2 / 186) . (¬4) المتفق والمفترق (ل 110 / أ) . (¬5) وهذا الجزء من محفوظات المكتبة الظاهرية، الرسالة السادسة من مجموع رقم (18) ، وقد أورد هذا الجزء بكامله الدكتور محمود الطحان في كتابه ((الحافظ الخطيب البغدادي وأثره في علوم الحديث)) (ص 282 - 301) .

وتسمية بعض من صنفها)) ، وذكر فيه: ((تفسير سعيد بن منصور)) (¬1) ، و ((كتاب الجهاد)) و ((كتاب النكاح)) ، و ((منتخب كتبه في الأحكام)) (¬2) . 3- ابن خير الإشبيلي (ت 575 هـ) : قال في فهرسه: (مصنَّف سعيد بن منصور البلخي، نزيل مكة، وتوفي بها سنة 227، حدثني به أبو بكر ... ) (¬3) ، ثم أخذ في ذكر أسانيده إلى هذا الكتاب كما سيأتي. 4- ابن نُقْطَةَ محمد بن عبد الغني (ت 629 هـ) : قال في ترجمة سعيد بن منصور: (وصنَّف كتاب السنن، وجمع فيها من أقوال الصحابة والتابعين وفتاويهم ما لم يجمعه غيره ... ، وحدَّث عنه بكتاب السنن: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الصائغ، ووقع لنا حديثه عالياً) (¬4) . قلت: وهو يروي نفس السنن بنفس إسناد هذه النسخة الخطية كما سيأتي. وفي ترجمة كل راو من الرواة لكتاب السنن كان ابن نقطة يذكر روايته لها (¬5) . 5- ابن دِحْيَة الكَلْبي (ت 633 هـ) : قال: (وهذا المصنَّف الذي صنَّفه سعيد بن منصور هو أربعة وعشرون جزءاً ... ) (¬6) . 6- شمس الدين الذهبي (ت 748 هـ) : قال في السير: (سعيد بن منصور بن شعبة، الحافظ، الإمام، شيخ الحرم ... مؤلف كتاب السنن) (¬7) . ¬

_ (¬1) المرجع السابق (ص 283 رقم 24) . (¬2) المرجع السابق أيضاً (ص 288 رقم 150، 151، 152) . (¬3) فهرسة ما رواه عن شيوخه لابن خير الإشبيلي (ص 135) . (¬4) التقييد (2 / 17) . (¬5) انظر تراجم رجال سند الكتاب الآتية. (¬6) العَلَم المشهور (ص 162) . (¬7) سير أعلام النبلاء (10 / 586) .

وفي الميزان قال: (سعيد بن منصور بن شعبة الخراساني، الحافظ الثقة، صاحب السنن) (¬1) . وفي تاريخ الإسلام قال: (من نظر سنن سعيد بن منصور عرف حفظ الرجل وجلالته) (¬2) . وفي ترجمة أبي طاهر أحمد بن الحسن الكَرَجي من السير قال: (سمع من أبي علي ابن شاذان كتاب السنن لسعيد بن منصور) (¬3) . 7- ابن كثير الدمشقي (ت 774 هـ) : قال في البداية والنهاية: (وسعيد بن منصور صاحب السنن المشهورة التي لا يشاركه فيها إلا القليل) (¬4) . 8- ابن النَّحَاس (ت 814 هـ) : قال في مقدمة كتابه مشارع الأشواق: (وألَّفْتُ هذا الكتاب من الأصول المشهورة، وانتقيته من هذه الدواوين المذكورة، وهي: كتاب الجهاد للإمام عبد الله بن المبارك، وهو أول مؤلَّف أُلِّف في هذا الشأن فيما أعلم. ومصنف الإمام عبد الرزاق بن همام الصنعاني. وكتاب السنن للإمام سعيد بن منصور الخراساني ... ) (¬5) إلخ. 9- تقي الدين الفاسي (ت 832 هـ) : قال في ترجمة سعيد بن منصور: (أحد الأعلام، مؤلِّف السنن ... ، وروى عنه أيضاً محمد بن علي الصائغ المكي كتاب السنن له) (¬6) . ¬

_ (¬1) ميزان الاعتدال (2 / 159) . (¬2) تاريخ الإسلام (ص 186 / وفيات سنة 221 - 230) . (¬3) سير أعلام النبلاء (19 / 144) . (¬4) البداية والنهاية (10 / 299) . (¬5) مشارع الأشواق إلى مصارع العُشَّاق (1 / 72) . (¬6) العقد الثمين (4 / 586 - 587) .

وقال في ترجمة إبراهيم بن أحمد بن علي بن فراس: (كانت عنده سنن سعيد بن منصور، عن محمد بن علي الصائغ الصغير) (¬1) . 10- ابن حجر العسقلاني (ت 852 هـ) : ذكر سنن سعيد بن منصور في مواضع عديدة من فتح الباري (¬2) ، وفي تهذيب التهذيب (¬3) ، وتغليق التعليق (¬4) ، وغيرها من كتبه. وسيأتي ذكر سنده لكتاب السنن. 11- برهان الدين البقاعي (ت 885 هـ) : قال في كتابه مصاعد النظر: (وروى النسائي في السنن ... وسعيد بن منصور في سننه....) (¬5) ، ثم ذكر حديثاً. 12- جلال الدين السيوطي (ت 911 هـ) : قال في تدريب الراوي: (من مظان المعضل والمنقطع والمرسل: كتاب السنن لسعيد بن منصور، ومؤلفات ابن أبي الدنيا) (¬6) . وأما عزوه للسنن في كتبه فكثير جداً، فمن ذلك مثلاً: قال في الدر المنثور: (وأخرج سعيد بن منصور في سننه) (¬7) ، وكذا قال في تحذير الخواص من أكاذيب القُصَّاص (¬8) ،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ (¬1) المرجع السابق (3 / 200) . (¬2) انظر هذه المواضع في كتاب: (معجم المصنفات الواردة في فتح الباري) (ص 216) . (¬3) انظر مثلاً: (1 / 302، 512) ، (2 / 114، 280) ، (3 / 274، 286، 479) ، (4 / 154) . (¬4) انظر مثلاً: (3 / 44، 46، 48، 50، 51، 52، 53، 61، 72، 74، 77) . (¬5) مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور (2 / 246) . (¬6) تدريب الراوي (1 / 214) . (¬7) قال ذلك في (1 / 14، 20، 40) ، وانظر نماذج من هذا كثيرة جداً في تخريج أحاديث هذه الرسالة. (¬8) تحذير الخواص (ص 255) .

وفي شرح الصدور (¬1) . ب- من روى أحاديث من هذا الكتاب بسنده عن سعيد بواسطة أو بغير واسطة: وهم عدد كثير يصعب حصره، فمنهم: محمد بن سعد كاتب الواقدي في كتاب الطبقات (¬2) ، ومنهم الإمام أحمد في المسند (¬3) ، ومنهم البخاري (¬4) ، ومسلم (¬5) ، وأبو داود (¬6) ، ويعقوب بن سفيان (¬7) ، وأبو زرعة الدمشقي (¬8) ، وحرب بن إسماعيل الكرماني (¬9) . فهؤلاء من تلاميذه يروون عنه بلا واسطة. وأما من روى عنه بواسطة فهم كثيرون، ولذا سأقتصر على من روى أحاديث من هذا القسم المحقق من طريق المصنف، وسيكون العزو ¬

_ (¬1) انظر مثلاً: (ص 19، 21، 28، 41، 48، 55، 67، 83، 93، 107، 132، 134، 143، 144، 146، 148، 211، 263، 264، 307، 312، 314، 401) . (¬2) روى عنه في مواضع كثيرة من كتاب الطبقات، منها مثلاً: (3 / 170، 288، 313، 318، 368، 370، 416) . (¬3) روى عنه في مواضع من المسند، منها مثلاً: (3 / 500) ، (4 / 212) ، (5 / 333، 415) . (¬4) روى عنه في الأدب المفرد (2 / 294 رقم 830 / فضل الله الصمد) ، وفي التاريخ الصغير (1 / 159) ، وروى عنه في الصحيح (2 / 351 رقم 872) في الأذان، باب سرعة انصراف النساء من الصبح، وقلَّة مقامهن في المسجد، لكن بواسطة يحيى بن موسى، عنه. (¬5) روى عنه في مواضع من صحيحه، منها: (4 / 2097، 2148، 2149، 2268، 2283) . (¬6) روى عنه في مواضع من سننه، منها مثلاً: (3 / 26، 28، 29، 39، 40، 73، 79، 95، 97، 99، 122، 124، 136، 152، 153، 461، 530، 637) . (¬7) روى عنه في مواضع من كتابه المعرفة والتاريخ، منها مثلاً: (1 / 214، 222، 227، 346، 358، 440، 469، 493، 518، 533، 540، 556، 564، 676) . (¬8) روى عنه في مواضع من تاريخه، منها مثلاً: (1 / 152، 153، 182، 245، 407، 476، 483، 615، 635، 651) ، (2 / 677، 682) . (¬9) نقل ابن القيم في زاد المعاد (5 / 828) عن مسائل حرب الكرماني رواية لحرب عن سعيد بن منصور.

لرقم الحديث في هذا القسم. فمنهم: 1- ابن المنذر، روى في تفسيره الأحاديث الآتية من طريق سعيد: الحديث رقم [533، 535، 546، 547، 561، 564، 580، 593، 614، 716] . 2- ابن أبي داود، روى في كتاب المصاحف من طريق سعيد الحديثين الآتيين: رقم [169، 710] . 3- ابن أبي حاتم، روى في تفسيره حديثاً واحداً من طريق سعيد، وهو: رقم [220] . 4- الخَطَّابي، روى في غريب الحديث الأحاديث الآتية من طريق سعيد: رقم [19، 40، 408، 428، 736، 745] . 5- ابن مردويه، روى في تفسيره حديثاً واحداً من طريق سعيد، وهو: رقم [762] ، نقله عنه ابن كثير في تفسيره. 6- أبو القاسم الطبراني، روى في معجمه الكبير والأوسط من طريق سعيد الأحاديث الآتية: رقم [45، 67، 166، 417، 426، 482، 519، 638، 659، 676، 686، 687، 740، 772، 773] . 7- أبو الحسن الدارقطني، روى في سننه الحديث الآتي من طريق سعيد، وهو: رقم [686] . 8- أبو عبد الله الحاكم، روى في مستدركه الحديثين الآتيين من طريق سعيد، وهما: رقم [681، 686] . 9- ابن حزم، روى في المحلَّى الأحاديث الآتية من طريق سعيد: رقم [104، 109، 295، 832، 856، 857] . 10- البيهقي، روى من طريق سعيد هذه الأحاديث في كتبه الآتية: في الأسماء والصفات، رقم: [425، 427، 434، 442، 443] ...

وفي المدخل إلى السنن، رقم: [39] . وفي شعب الإيمان، رقم: [1، 8، 9، 23، 27، 29، 34، 37، 40، 41، 42، 45، 50، 60، 68، 70، 75، 76، 77، 80، 81، 83، 84، 89، 90، 95، 97، 98، 99، 135، 138، 146، 149، 154، 164، 166، 178، 229، 368، 406، 483، 485، 560، 597، 659، 698] . وفي السنن الكبرى، رقم: [48، 67، 104، 113، 115، 117، 119، 121، 124، 141، 142، 143، 145، 146، 247، 248، 250، 251، 253، 254، 258، 259، 260، 263، 279، 280، 281، 312، 328، 345، 370، 382، 387، 388، 389، 390، 391، 428، 455، 457، 463، 466، 506، 516، 534، 571، 572، 576، 585، 591، 600، 608، 612، 614، 615، 617، 618، 619، 621، 628، 629، 630، 632، 641، 657، 675، 685، 686، 702، 703، 716، 741، 742، 745، 748، 773، 782، 883، 788، 799، 803، 804، 805، 806، 816، 832، 835، 836، 851، 856، 857] . 11- الخطيب البغدادي، روى في كتابيه الفقيه والمتفقه والجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع الأحاديث الآتية: في الفقيه رقم [601] ، وفي الجامع رقم [32، 42، 67] . 12- الواحدي، روى في أسباب النزول حديثاً واحداً من طريق سعيد، وهو: رقم [289] . 13- الهروي، روى في ذم الكلام الأحاديث الآتية من طريق سعيد: رقم [35، 36، 41، 166، 492، 656، 660، 721، 723، 805] . 14- الثعلبي، روى في تفسيره حديثاً واحداً عن سعيد، وهو: رقم [431] . جـ- وأما من يروي كتاب السنن بسنده إلى مصنِّفه سعيد بن منصور....

فهم كثير أيضاً، ولذا فإني سأقتصر على ذكر من صَرَّح بأنه يروي كتاب السنن بالإسناد الذي ذكره. 1- الثعلبي في تفسيره المسمَّى: الكشف والبيان. قال في مقدمته: (وهذا ثبت الكتب التي عليها مباني كتابنا هذا، جمعتها هاهنا لئلا نحتاج إلى تكرار الأسانيد ... ) (¬1) ، ثم شرع في ذكر أسانيده إلى هذه الكتب، إلى أن قال: (تفسير سعيد بن منصور: أخبرنا عبد الله بن حامد، قال: نا أحمد بن عبد الله المزني، قال: نا أحمد بن نجدة بن العريان، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ) (¬2) . وتفسير سعيد جزء من سننه كما سيأتي. 2- السَّمعاني. قال في ترجمة أبي القاسم الفضل بن يحيى بن صاعد بن سيار: (سمعت منه كتاب الزهد لأبي عثمان سعيد بن منصور البَلْخي نزيل مكة، يرويه عن جده أبي العلاء صاعد بن سيار القاضي، عن أبي سعيد بن أبي محمد الفامي، عن أبي الفضل محمد بن عبد الله بن خميرويه الكرابيسي، عن أبي الفضل أحمد بن نجدة بن العُريان الهروي، عن سعيد بن منصور المكي) . وفي ترجمة أبي الفتح نصر بن سيار بن صاعد بن سيار قال: (ومن جملة ما سمعت منه: كتاب الترمذي ... ، وكتاب الزهد لسعيد بن منصور المكي، بروايته عن جده) (¬3) . قلت: وجده هو أبو العلاء صاعد بن سيار المذكور في الإسناد المتقدم. ¬

_ (¬1) الكشف والبيان للثعلبي (1 / ل 3 / ب) . (¬2) المرجع السابق (1/ ل 9) . (¬3) التحبير في المعجم الكبير للسمعاني (2 / 21 - 22، 344 - 345) ...

وكتاب الزهد لسعيد بن منصور جزء من السنن كما سيأتي. 3- ابن خير الإِشبيلي. قال في فهرسة ما رواه عن شيوخه: (مصنف سعيد بن منصور البلخي، نزيل مكة وتوفي بها سنة 227؛ حدثني به أبو بكر محمد بن أحمد بن طاهر وأبو جعفر أحمد بن محمد بن عبد العزيز رحمهما الله، قالا: نا به أبو علي حسين بن محمد الغساني، قَالَ: نا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ محمد بن أحمد بن يحيى بن مفرج، قال: نا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن فراس، قال: نا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الصائغ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ. ما خلا كتابي الجهاد فإن ابن مفرج رواهما عن أبي يحيى محمد بن عبد الرحمن المقري عن مسعدة بن سعد بن مسعدة عن سعيد بن منصور؛ وانتهى سماع ابن مفرج من ابن فراس في الجزء الثالث من المناسك إلى باب الرخصة للرعاء في ترك يوم ورمي يوم، وفي الجزء الرابع إلى باب المحصر بعمرة؛ وسمع ابن مفرج بقية الجزءين من أبي يحيى بن المقري عن مسعدة بن سعد عن سعيد بن منصور، قال أبو علي: وأخبرني أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد ابن عبد البر بكتاب الوضوء والصلاة والجنائز والزكاة وصلاة العيدين وصدقة الفطر والصيام والاعتكاف والمناسك والجهاد والفرائض والأشربة واللقطة والصيد والذبائح والضحايا والعقيقة، وبعض كتاب الحدود من باب إقامة الحد في المسجد إلى آخر الجزء، والأدب والجامع من مصنف سعيد بن منصور هذا، عن أبي محمد عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أسد الجهني عن أبي إسحاق بن فراس عن محمد بن علي عن سعيد بن منصور؛ هذا ما وجدت لأبي محمد ابن أسد مسموعاً أبي إسحاق ابن فراس من جملة المصنف، وكان سماع أبي محمد بن أسد وسماع أبي عبد الله بن مفرج في هذه الكتب واحداً؛ وكذلك روى ابن أسد كتاب الجهاد عن أبي يحيى بن المقري عن مسعدة بن سعد عن سعيد..

ابن منصور، غير أن ابن أسد فاته من الجزء الثاني شيء فأخبرني أبو عمر النمري بالجزء كله عن أبي محمد عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عبد المؤمن عن أبي يحيى بن المقري عن مسعدة بن سعد عن سعيد بن منصور؛ وكذلك حدثني أبو عمر بكتاب الفرائض عن أبي محمد ابن عبد المؤمن وأبي محمد بن أسد، جميعاً عن أبي إسحاق إبراهيم بن فراس عن محمد بن علي عن سعيد بن منصور؛ وهذا المصنف من رفيع الكتب وهو اثنان وعشرون جزءاً؛ قال أبو علي: وأخبرني به الشيخ الأجل أبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون البغدادي، عن أبي عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إبراهيم بن شاذان عن أبي مُحَمَّدٍ دَعْلَجُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ دعلج عن مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الصائغ عن سعيد بن منصور؛ وحدثني به أيضاً الشيخ أبو الحكم عبد الرحمن بن عبد الملك بن غشليان الأنصاري رحمه الله، إجازة، قال: حدثني به أبو الفضل بن الحسن بن خيرون البغدادي المذكور، إجازة منه لي بالسند المتقدم؛ وحدثني به أيضاً الشيخ أبو محمد بن عتاب رحمه الله، إجازة عن أبوي عمر أحمد بن محمد بن الحذاء ويوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري، إجازة منهما له أيضاً بالإسنادين المتقدمين) (¬1) . وقال أيضاً: (كتاب الزهد لسعيد بن منصور، حدثني به الشيخ أبو الحسن علي بن عبد الله بن موهب رحمه الله، قال: نا به أبو العباس أحمد بن عمر بن أنس العذري وأبو الوليد سليمان بن خلف الباجي، قالا: نا أبو ذر عبد بن أحمد الهروي، قال: نا محمد بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خميرويه، قال: نا أحمد بن نجدة، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ¬

_ (¬1) فهرسة ما رواه عن شيوخه (ص 135 - 136) ...

رحمه الله) (¬1) . 4- ابن نقطة. صنَّف كتاب التقييد، لمعرفة رواة السنن والمسانيد التي نصّ عليها في مقدمة كتابه بقوله: (معرفة أكثر السنن والمسانيد التي يشتمل هذا الكتاب على معرفة رواتها: كتاب الموطأ- رواية أبي مصعب-، وصحيح البخاري، وصحيح مسلم، وكتاب السنن لأبي داود، والسنن لسعيد بن منصور ... ) (¬2) ، ثم ذكر باقي الكتب. وفي ترجمة سعيد بن منصور قال: (حدَّث عنه بكتاب السنن مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الصائغ ووقع لنا حديثه عالياً) (¬3) . وفي ترجمة مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الصائغ قال: (حدَّث بالسنن عن سعيد بن منصور الخراساني، حدث بها عنه أَبُو مُحَمَّدٍ دَعْلَجُ بْنُ أَحْمَدَ السِّجْزي) (¬4) ، ثم ذكر سنده إلى الصائغ فقال: (أنبأنا عبد العزيز بن محمود بن الأخضر، قال: أنبأ أَبُو الْبَرَكَاتِ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ المبارك الأنماطي في كتابه، أنبأ أبو طاهر الباقلاني، أنبأ أبو علي ابن شاذان، أنبأ دعلج بن أحمد السِّجْزي، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الصائغ في ربيع الأول من سنة إحدى وتسعين ومائتين، وفيها مات) (¬5) . وكان يشير في ترجمة كل راو من رواة الكتاب إلى أنه روى سنن سعيد بن منصور. 5- ابن دِحْيَةَ الكَلْبي. ذكر في كتابه العَلَم المشهور حديثاً من سنن سعيد بن منصور، ثم قال: (وهذا المصنَّف الذي صنَّفه سعيد بن منصور ¬

_ (¬1) المرجع السابق (ص 271) . (¬2) التقييد (1 / 2 - 3) . (¬3) المرجع السابق (2 / 17) . (¬4، 5) السابق أيضاً (1 / 81، 83) ...

هو أربعة وعشرون جزءاً على الفقه والاختلاف، أجازه لنا الشيخ أبو الحسن علي بن الحسين بمنزله بمدينة فاس سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة- وفيها مات-، أنبأنا الفقيه أبو عبد الله أحمد بن محمد الخَوْلاني سنة إحدى وخمسمائة، أنبأنا الحافظ أبو عمر أحمد بن محمد، ثنا القاضي المصنِّف أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أحمد بن مفرج، ثنا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن فراس، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الصائغ، ثنا الإمام أبو عثمان سعيد بن منصور سماعاً عليه بمكة شرَّفها الله، أيام مجاورته بها) (¬1) . 6- ابن حجر العسقلاني. قال في خاتمة كتابه تغليق التعليق: (الفصل الثاني: في سياق أسانيدي في الكتب الكبار التي خرّجت منها الأحاديث التي لم أسق أسانيدها في هذا الكتاب اكتفاءً بما هنا ... ) (¬2) ، ثم أخذ في ذكرها إلى أن قال: (سنن سعيد بن منصور: أنبأنا بها أبو محمد عمر بن محمد بن أحمد البالسي- شِفَاهاً-، عن محمد بن أبي بكر بن أحمد بن عبد الدائم، عن جدِّه، عن مسعود بن النَّادِر بن الصَّفَّار، قال: أنا عبد الوهاب بن الأنْماطي الحافظ، أنا أبو الفضل أحمد بن الحسن بن خَيْرون، أنا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بن شاذان، أنا دَعْلَجُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ دَعْلَجٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الصائغ، ثنا سعيد بن منصور) (¬3) . وفي كتابه: تجريد أسانيد الكتب المشهورة والأجزاء المنثورة، المسمَّى بالمعجم المفهرس قال: ((السنن لسعيد بن منصور. أنبأنا به عمر بن محمد بن أحمد بن سليمان البالسي، محمد بن أبي بكر بن أحمد ¬

_ (¬1) العلم المشهور (ص 162) . (¬2) تغليق التعليق (5 / 442) . (¬3) تغليق التعليق (5 / 454 - 455) ...

ابن عبد الدائم، عن جده، عن مسعود بن النادر الصفار، أنا أبو محمد عبد الوهاب بن المبارك الأنْماطي، أنا أبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون، أنا أبو علي ابن شاذان، أنا دَعْلَجُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ دَعْلَجٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الصائغ، ثنا سعيد بن منصور به) (¬1) . ومن طريق ابن حجر يرويه الرُّوداني في صلة الخلف (¬2) ، وسعيد بن سنبل كما في الأوائل السنبلية (¬3) . ومن طريق ابن سنبل يرويه الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي (¬4) . 7- أبو عبد الله محمد الأمير. قال في كتابه سدّ الأرب: (وأما سنن سعيد بن منصور، فمن طريق السِّلَفي، عن أبي الحسن محمد بن مرزوق بن عبد الرزاق، عن أبي الغنائم محمد بن محمد البصري المقرئ ببيت المقدس، عن أبي القاسم عبد الرحمن بن الحسن، عن أبي محمد الحسن بن رشيق العسكري المعدّل بمصر، عن أبي عبد الله محمد بن رزيق (¬5) بن جامع المديني، عن سعيد بن منصور) (¬6) . د- سند الكتاب إلى مؤلفه: من أقوى دلائل توثيق نسبة الكتاب إلى مؤلِّفه سعيد بن منصور: صحة سند الكتاب. وهذا يتضح بعد سياق الإسناد الوارد على النسخة، والترجمة ¬

_ (¬1) المعجم المفهرس (ل 15 / ب) . (¬2) (ص 262) . (¬3) انظر الأوائل السنبلية (ص 15 - 16) وملحقها (ص 47) . (¬4) انظر مقدمة سنن سعيد بن منصور للشيخ حبيب الرحمن الأعظمي (ص هـ - و) ، فإنه ذكر سنده إلى سعيد بن منصور من طريق الأوائل السنبلية. (¬5) في الأصل: (رزين) ، والتصويب من سير أعلام النبلاء (16 / 280) . (¬6) سدّ الأرب لأبي عبد الله الأمير (ص 120 - 121) ...

لرجاله. جاء في بداية كتاب فضائل القرآن ما نصه: أخبرنا الْحَافِظُ أَبُو الْبَرَكَاتِ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْمُبَارَكِ بْنِ الْحَسَنِ الْأَنْمَاطِيُّ، وَأَبُو غَالِبٍ الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ القَزَّاز، قَالَا: أنا أَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْبَاقِلَانِيُّ الكَرَجي، قَالَ: نا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَاذَانَ، قَالَ: نا أَبُو مُحَمَّدٍ دَعْلَجُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ دَعْلَجٍ السِّجِسْتَاني قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ، قَالَ: نا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الصَّائِغُ فِي سَنَةِ 291 (¬1) ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ (¬2) . وهذا إسناد صحيح. فالراوي له عن مؤلِّفه سعيد بن منصور هو: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الصائغ، أبو عبد الله المكِّي (¬3) . حدَّث بالسنن عن سعيد بن منصور، حدَّث بها عنه أَبُو مُحَمَّدٍ دَعْلَجُ بْنُ أَحْمَدَ السِّجْزي (¬4) . وحدَّث أيضاً عن أبي نعيم، والقَعْنَبي، ويحيى بن معين، ومحمد بن بشر التِّنِّيسي، وإبراهيم بن المنذر، وغيرهم. وحدَّث عنه أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، وجعفر بن محمد الفريابي، وموسى بن هارون الحمّال، وأبو محمد الفاكهي، ¬

_ (¬1) كذا جاء تاريخ السماع في النسخة رقماً. (¬2) انظر بداية الكتاب (ص 5) الآتية. (¬3) انظر ترجمته في الثقات لابن حبان (9 / 152) ، وسؤالات حمزة السّهْمي للدارقطني (ص 73 رقم 5) ، والأنساب للسمعاني (8 / 269 -270) ، والتقييد لابن نقطة (1 / 81 - 83 رقم 88) ، وسير أعلام النبلاء (13 / 428 - 429) ، وتذكرة الحفاظ (2 / 659) ، والعبر (2 / 96) ، والعقد الثمين للفاسي (2 / 154 - 155) ، وشذرات الذهب (2 / 209) . (¬4) التقييد لابن نقطة (1 / 81) ...

وأبو علي حامد بن محمد الرَّفَّاء الهَرَوي، وغيرهم. ذكره ابن حبان في الثقات (¬1) . وقال الدارقطني: (ثقة) (¬2) . ولما ذكره الذهبي قال: (المحدِّث، الإمام، الثقة. سمع القَعْنبي. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . وعدَّةً، مع الصدق، والفهم، وسعة الرواية) (¬3) . أرَّخ أبو يعلى الخليلي وفاته سنة سبع وثمانين ومائتين (¬4) ، وهو وهم. والصواب ما ذكره الدارقطني حيث قال: (كتبت من كتاب الطحاوي بخط يده: توفي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ علي بن زيد الصائغ المكي في النصف الأول من ذي القعدة سنة إحدى وتسعين ومائتين) (¬5) . وهذا الذي رجّحه الذهبي (¬6) ، وذكر أن وفاته بمكة، وكان في عشر المائة (¬7) . وكان سماع دعلج لسنن سعيد بن منصور منه قبل موته بنحو ثمانية أشهر (¬8) . والراوي عن مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الصائغ هو: دَعْلَج بْنُ أَحْمَدَ بْنِ دَعْلَج بن عبد الرحمن، أبو محمد السِّجِسْتَاني، ويقال: السِّجْزي، ¬

_ (¬1) (9 / 152) . (¬2) سؤالات حمزة السهمي للدارقطني (ص 73 رقم 5) . (¬3) سير أعلام النبلاء (13 / 428) . (¬4) كما في السير (13 / 429) . (¬5) التقييد لابن نقطة (1 / 83) . (¬6) في الموضع السابق من السير. (¬7) كما في العبر للذهبي (2 / 96) . (¬8) يدلّ عليه أن دعلَج بن أحمد ذكر في سند السنن أن محمد بن علي الصائغ حدثهم سنة إحدى وتسعين ومائتين، وأوضحه إسناد ابن نقطة، وفيه يقول دعلج: (ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الصائغ في ربيع الأول من سنة إحدى وتسعين ومائتين، وفيها مات) - يعني في تلك السنة-. انظر التقييد لابن نقطة (1 / 83) ...

المعدَّل، البغدادي، التاجر، ذو الأموال العظيمة (¬1) . ولد سنة تسع وخمسين ومائتين- أو قبلها بقليل-، وسمع بعد الثمانين ما لا يوصف كثرة، بالحرمين، والعراق، وخراسان، والنواحي؛ حال جولانه في التجارة. ومن ذلك سماعه لسنن سعيد بن منصور بمكة من مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الصائغ سنة إحدى وتسعين ومائتين (¬2) . وسمع من علي بن عبد العزيز البغوي، ومحمد بن غالب تَمْتَام، وبشر بن موسى، وعبد الله بن الإمام أحمد، والعباس بن الفضل الأسْفَاطي، وعثمان بن سعيد الدارمي، وابن خزيمة وغيرهم. حدَّث عنه الدارقطني، وابن جُمَيْع الغسَّاني، وأبو عبد الله الحاكم، وأبو القاسم ابن بشران، وأبو علي بن شاذان، وأبو إسحاق الاسفراييني، وغيرهم. قال أبو سعيد ابن يونس: (كان ثقة) (¬3) . وقال حمزة السَّهمي: (سمعت أبا الحسن- يعني الدارقطني- ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في سؤالات حمزة السهمي للدارقطني (ص 214 رقم 290) ، وسؤالات أبي عبد الرحمن السُّلَمي للدارقطني (ل 5 / أ) ، وتكملة تاريخ الطبري لمحمد بن عبد الملك الهمذاني (ص 394 - 395) ، وتاريخ بغداد (8 / 387 - 392 رقم 4495) ، والمنتظم (7 / 10 - 14) ، وتاريخ دمشق (6 / 85 - 89 / مخطوط الظاهرية) ، والتقييد لابن نقطة (1 / 322 - 323 رقم 325) ، ووفيات الأعيان (2 / 271 - 272 رقم 228) ، وسير أعلام النبلاء (16 / 30 - 35) ، وتذكرة الحفاظ (3 / 881 - 882 رقم 850) ، والعبر (2 / 297) ، والوافي بالوفيات (14 / 17) ، وطبقات الشافعية (3 / 291 - 293) ، والبداية والنهاية (11 / 241 - 242) ، وطبقات الحفاظ (ص360 رقم 821) ، وشذرات الذهب (3 / 8) . (¬2) كما هو مثبت في إسناد الكتاب، وانظر التقييد لابن نقطة (1 / 322) . (¬3) تاريخ دمشق (6 / 86 / مخطوط الظاهرية) ...

سئل عن دَعْلَج بن أحمد، فقال: كان ثقة مأموناً، وذكر له قصة في أمانته وفضله ونُبْله) (¬1) . وقال أبو عبد الرحمن السُّلَمي: (وسألته- يعني الدارقطني- عن دعلج بن أحمد، فقال: الثقة المأمون، ملازماً لأصوله وكتبه) (¬2) . وقال الدارقطني أيضاً: (صنَّفْت لِدَعْلَج المسند الكبير، فكان إذا شك في حديث ضرب عليه، ولم أر في مشايخنا أثبت منه) (¬3) . وقال أبو عبد الله الحاكم: (دعلَج بْنُ أَحْمَدَ بْنِ دعلَج، الفقيه، أبو محمد السِّجْزي، شيخ أهل الحديث في عصره، له صدقات جارية على أهل الحديث بمكة وبغداد وسِجِسْتَان. وكان أول رحلة له إلى نيسابور، ثم انصرف مرة أخرى بعد دخوله العراق إلى نيسابور، فسمع المصنَّفات من أبي بكر ابن خزيمة، وكان يفتي على مذهبه، سمعته يقول ذلك. ثم إنه سكن مكة، وجاور بها، ثم انتقل إلى بغداد) (¬4) . وقال عمر بن جعفر البصري: (ما رأيت ببغداد ممن انتخبت عليهم أصحّ كتباً، ولا أحسن سماعاً من دعلج بن أحمد) (¬5) . وقال الخطيب البغدادي: (كان من ذوي اليسار والأحوال، وأحد المشهورين بالبر والإفضال، وله صدقات جارية، ووقوف محبَّسة على أهل الحديث ببغداد ومكة وسجستان. وكان جاور بمكة زماناً، ثم سكن بغداد واستوطنها وحدّث بها ... ، وكان ثقة ثبتاً، قَبِلَ الحُكَّام ¬

_ (¬1) سؤالات حمزة السهمي للدارقطني (ص 214 رقم 290) . (¬2) سؤالات السلمي للدارقطني (ل 5 / أ) . (¬3) تاريخ بغداد (8 / 388) . (¬4) تاريخ دمشق (6 / 86) . (¬5) تاريخ بغداد (8 / 388) ...

شهادته، وأثبتوا عدالته) (¬1) . وله رحمه الله حكايات كثيرة في الصدقة والبرّ والإفضال (¬2) . ولما ذكره الذهبي في السير قال: (المحدِّث الحجَّة، الفقيه الإمام) (¬3) . ولما ذكره في تذكرة الحفاظ قال: (الإمام الفقيه، محدِّث بغداد) (¬4) . وكانت وفاته رحمه الله يوم الجمعة، لإحدى عشرة ليلة بقيت من جمادى الآخرة، سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة. والراوي عن دعلج هو: الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بن الحسن بن محمد بن شاذان بن حرب بن مهران، أبو علي البغدادي، البَزَّاز، الأصولي (¬5) . ولد ليلة الخميس لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة. وبكَّر به والده، فأسمعه وله خمس سنين أو نحوها، وسمع ¬

_ (¬1) المرجع السابق (8 / 387 - 388) . (¬2) انظرها في تاريخ بغداد (8 / 389 - 392) ، وتاريخ دمشق (6 / 87 - 89 / مخطوط الظاهرية) . (¬3) سير أعلام النبلاء (16 / 30) . (¬4) تذكرة الحفاظ (3 / 881) . (¬5) انظر ترجمته في تاريخ بغداد (7 / 279 - 280 رقم 3772) ، وتبيين كذب المفتري (ص 245 - 246) ، والمنتظم (8 / 86 - 87) ، والتقييد لابن نقطة (1 / 273 - 274 رقم 273) ، وسير أعلام النبلاء (17 / 415 - 418) ، والعبر (3 / 157) ، وتذكرة الحفاظ (3 / 1075) ، والبداية والنهاية (12 / 39) ، والجواهر المضيَّة (2 / 38 - 39) ، والنجوم الزاهرة (4 / 280) ، والطبقات السنيّة (3 / 36 - 37 رقم 647) ، وشذرات الذهب (3 / 228 - 229) ...

من دعلج بن أحمد، وجعفر الخُلْدي، وأحمد بن كامل القاضي، وأبي بكر الشافعي، وابن قانع، وأبو علي بن الصَّوَّاف، وغيرهم. روى عنه البيهقي، والخطيب البغدادي، وأبو الفضل ابن خيرون، والمبارك بن عبد الجبار بن الطُّيُوري، وأبو إسحاق الشيرازي، وغيرهم. قال الخطيب البغدادي: (كتبنا عنه، وكان صدوقاً، صحيح الكتاب، وكان يفهم الكلام على مذهب الأشعري، وكان مشتهراً بشرب النبيذ، إلى أن تركه بأَخَرَةٍ، وكتب عنه جماعة من شيوخنا ... سمعت أبا الحسن بن رزقويه يقول: أبو علي ابن شاذان ثقة. وسمعت الأزهري يقول: أبو علي ابن شاذان من أوثق من بَرَأَ الله في الحديث، وسماعي منه أحبّ إليّ من السماع إلى غيره- أو كما قال-. حدثني محمد بن يحيى الكرماني قال: كنا يوماً بحضرة أبي علي ابن شاذان، فدخل علينا رجل شاب لا يعرفه منا أحد، فسَلَّم، ثم قال: أيُّكم أبو علي ابن شاذان؟ فأشرنا له أليه، فقال له: أيها الشيخ، رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - في المنام، فقال لي: سَلْ عن أبي علي ابن شاذان، فإذا لقيته، فَأَقْرِئْهُ مني السلام، ثم انصرف الشاب، فبكى أبو علي، وقال: ما أعرف لي عملاً أستحقّ به هذا، اللهم إلا أن يكون صبري على قراءة الحديث عليّ، وتكرير الصلاة عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - كلما جاء ذكره. قال الكرماني: ولم يلبث أبو علي بعد ذلك إلا شهرين أو ثلاثة، حتى مات) (¬1) . وقال ابن الجوزي: (كان ثقة صدوقاً) (¬2) . ¬

_ (¬1) تاريخ بغداد (7 / 279 - 280) . (¬2) المنتظم (8 / 86) ...

وقال ابن نقطة: (حدَّث بكتاب السنن لسعيد بن منصور عن دعلج بن أحمد السِّجْزي) (¬1) . وقال الذهبي: (الإمام الفاضل الصدوق، مسند العراق) (¬2) . وقال ابن كثير: (أحد مشايخ الحديث، سمع الكثير وكان ثقة صدوقاً) (¬3) . وكانت وفاته في ليلة السبت مُسْتَهَلّ المحرم، من سنة ست وعشرين وأربعمائة، بعد صلاة العتمة، ودفن من الغد في مقبرة باب الدِّير. والراوي عن ابن شاذان هو: أحمد بن الحسن بن أحمد بن الحسن بن محمد بن خُدَاداد أبو طاهر الكَرَجي،- بفتح الكاف والراء، آخرها جيم- الباقِلاَّني، البغدادي (¬4) . ولد في سنة ست عشرة وأربعمائة. وسمع من أبي علي ابن شَاذَان كتاب السنن لسعيد بن منصور، وسمع من أبي القاسم ابن بِشْران، وأبي بكر البَرْقاني وغيرهم كتباً مطوَّلة ينفرد بها. وهو ابن خال الحافظ أبو الفضل ابن خيرون، ورفيقه في الطلب. ¬

_ (¬1) التقييد (1 / 273) . (¬2) السير (17 / 415) . (¬3) البداية والنهاية (12 / 39) . (¬4) انظر ترجمته في المنتظم لابن الجوزي (9 / 98) ، والأنساب للسمعاني (11 / 66 - 67) ، والتقييد لابن نقطة (1 / 142 - 143) ، وسير أعلام النبلاء (19 / 144 - 145) ، والعبر (3 / 324) ، وتذكرة الحفاظ (4 / 1227) ، والوافي بالوفيات (6 / 306) ، وشذرات الذهب (3 / 392) ...

روى عنه عبد الوهاب الأنْماطي، وأبو علي الصَّدَفي، وابن ناصر، وآخرون، وأجاز للحافظ السِّلْفي. قال ابن الجوزي: (كان ثقة ضابطاً، وكان جميل الخصال، مقبلاً على ما يعنيه، زاهداً في الدنيا، حدث عنه عبد الوهاب الأنماطي وغيره من أشياخنا. قال شيخنا عبد الوهاب: كان يتشاغل يوم الجمعة بالتعبد، ويقول: لأصحاب الحديث من السبت إلى الخميس، ويوم الجمعة أنا بحكم نفسي؛ للتبكير إلى الصلاة وقراءة القرآن، وما قرئ عليه في الجامع حديث قط. قال (¬1) : ولما قَدِمَ نظام المُلْك إلى بغداد، أراد أن يسمع من شيوخها، فكتبوا له أسماء الشيوخ، وكتبوا في جماعتهم اسم أبي طاهر، وسألوه أن يحضر داره، فامتنع، فأَلَحُّوا، فلم يجب، قال (¬2) : أبو الفضل ابن خَيْرون قرابتي، وما أنفرد أنا بشيء عنه، ما سمعته قد سمعه، وهو [في الأصل: وأنا] في خزانة الخليفة، فما يمتنع عليكم، فأما أنا، فلا أحضر) (¬3) . وقال السمعاني: (كان شيخاً عفيفاً زاهداً منقطعاً إلى الله، ثقة فهماً، لا يظهر إلا يوم الجمعة. سمعت عبد الوهاب الأنماطي يقول: كان أبو طاهر الباقلاني أكثر معرفة من أبي الفضل ابن خَيْرون، وكان زاهداً، حَسَنَ الطريقة، ما حدَّث في الجامع، وكان يقول لنا: أنا بِحُكْمِكُم إلا يوم الجمعة، فإنه للتبكير والتلاوة. وكتبوا أسماء شيوخ بغداد لنظام المُلْك، وألَحُّوا على أبي طاهر، فما أجاب إلى المجيء إليه) (¬4) . ¬

_ (¬1) أي عبد الوهاب الأنماطي. (¬2) أي أبو طاهر الكَرَجي. (¬3) المنتظم (9 / 98) . (¬4) سير أعلام النبلاء (19 / 144) ...

وقال ابن نقطة: (حدَّث عن أبي علي ابن شاذان بسنن سعيد بن منصور، سمعه منه، وحدَّث به عنه عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي ... ) ، ثم نقل عن شجاع الذهلي أنه قال: (هو شيخ صالح، جميل الأمر، سمعنا منه شيئاً صالحاً من حديثه، وكان ثقة) (¬1) . ولما ذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء قال: (الشيخ الإمام، المحدِّث الحجَّة) (¬2) . وفي تذكرة الحفاظ وصفه بقوله: (المحدِّث المسنِد) (¬3) . وقال في العبر: (تفرَّد بسنن سعيد بن منصور عن أبي علي ابن شاذان، وكان صالحاً زاهداً، منقبضاً عن الناس، ثقة حجَّة، حسن السيرة) (¬4) . وقال الصَّفَدي: (سمع كتباً كباراً وانفرد بها، منها سعيد بن منصور، تفرَّد به عن ابن شاذان ... ، وعمل تأريخاً بدأ فيه من الهجرة، نقل منه ابن النجار كثيراً) (¬5) . وكانت وفاة أبي طاهر ليلة الاثنين، الرابع من ربيع الآخر، سنة تسع وثمانين وأربعمائة، ودفن بمقبرة باب حرب. والراوي عن أبي طاهر الباقِلاني اثنان، أحدهما: عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْمُبَارَكِ بْنِ أحمد بن الحسن بن بُنْدار، أبو البركات، الأنْمَاطي، البغدادي، الحافظ (¬6) . ¬

_ (¬1) التقييد (1 / 142) . (¬2) سير أعلام النبلاء أيضاً (19 / 144) . (¬3) تذكرة الحفاظ (4 / 1227) . (¬4) العبر في خبر من غبر (3 / 324) . (¬5) الوافي بالوفيات (6 / 306) . (¬6) انظر ترجمته في مشيخة ابن الجوزي (ص 85 - 86) ، والمنتظم (10 / 108 - 109) ، =..

ولد في يوم الجمعة الثاني من رجب سنة اثنتين وستين وأربعمائة. وسمع من أبي محمد الصَّرِيفيني، وأبي الحسين ابن النَّقُّور، وأبي القاسم ابن البُسْري، وأبي نصر الزينبي، وغيرهم. حدَّث عنه أبو الفرج ابن الجوزي، والسِّلَفي، وابن ناصر، وابن عساكر، والسمعاني، وأبو موسى المديني، وغيرهم. قال ابن الجوزي: (كان ذا دين وورع، وكان قد نصب نفسه للحديث طول النهار، وسمع الكثير من خلق كثير، وكتب بيده الكثير، وكان صحيح السماع، ثقة ثبتاً، وكنت أقرأ عليه الحديث وهو يبكي، فاستفدت ببكائه أكثر من استفادتي بروايته، وكان على طريقة السلف، وانتفعت به ما لم أنتفع بغيره. ودخلت عليه وقد بلي وذهب لحمه، فقال لي: إن الله لا يتهم في قضائه) . وقال أيضاً: (وما عرفنا من مشايخنا أكثر سماعاً منه، ولا أكثر كتابة للحديث، ولا أصبر على الإقراء، ولا أحسن بشراً ولقاءً، ولا أسرع دمعة، ولا أكثر بكاء. ولقد كنت أقرأ عليه الحديث في زمان الصِّبا، ولم أذُق بعدُ طعم العلم، فكان يبكي بكاء متصلاً وكان ذلك البكاء يعمل في قلبي، وأقول: ما يَبْكي هذا هكذا إلا لأمر عظيم. فاستفدت ببكائه ما لم استفد بروايته.

_ = وصفة الصفوة (2 / 498 - 499) ، ومناقب الإمام أحمد (ص 638) جميعها لابن الجوزي، وذيل تاريخ بغداد (1 / 380 - 384) ، والتقييد لابن نقطة (2 / 140 - 141) ، وسير أعلام النبلاء (20 / 134 - 137) ، وتذكرة الحفاظ (4 / 1282 - 1284) ...

وكان مجلسه منزَّهاً عن غيبة الناس، وكان رضي الله عنه على طريقة السلف، وكنا ننتظره يوم الجمعة ليأتي من داره بنهر القلائين إلى جامع المنصور، فلا يأتي على قنطرة باب البصرة، وإنما يمرُّ على القنطرة العتيقة، فسألته عن سبب هذا، فقال: كانت تلك دار ابن معروف القاضي، فلما قُبض عليه، بنيت قنطرة) (¬1) . وقال أيضاً: (وكانت فيه خلة أخرى عجيبة: لا يغتاب أحداً، ولا يُغْتابُ عنده. وكان صبوراً على القراءة عليه، يقعد طول النهار لمن يطلب العلم. وكان سهلاً في إعارة الأجزاء لا يتوقف. ولم يكن يأخذ أجراً على العلم، ويعيب من يفعل ذلك، ويقول: عَلِّم مجاناً كما عُلِّمتَ مجاناً) (¬2) . وقال ابن النجار: (سمع وقرأ وكتب الكثير، وحصّل العالي والنازل، ولم يزل يُسمع ويُفيد الناس إلى آخر عمره. وحدَّث بأكثر مروياته، وكتب عنه الكبار، ورووا عنه. وكان موصوفاً بالحفظ والمعرفة، وحسن الطريقة والديانة، والعفّة والنزاهة، والثقة والصدق والأمانة) (¬3) . وقال ابن ناصر: (كان عبد الوهاب الأنماطي بقيَّة الشيوخ، سمع الكثير، وحدَّث، وكان يفهم، وكان صحيح السماع بعد، مضى مستوراً ولم يتزوج) (¬4) . وقال أبو سعد ابن السمعاني: (عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي ¬

_ (¬1) صفة الصفوة (2 / 498 - 499) . (¬2) ذيل طبقات الحنابلة (1 / 203) . (¬3) ذيل تاريخ بغداد (1 / 380) . (¬4) المرجع السابق (1 / 383 - 384) ...

حافظ متقن، كثير السماع، واسع الرواية، دائم البشر، سريع الدمعة عند الذكر، حسن المعاشرة، مليح المحاورة، جمع الفوائد، وخرَّج التخاريج، صاحب أصول حسنة، ما بقي من العالي والنازل جزء إلا قرأه، وحصَّل نسخته، إما بخطِّه، أو خطِّ غيره، ونسخ الكتب الكبار بخطه، مثل الطبقات، وتاريخ الخطيب، وكان متفرغاً، مستعدّاً للتحديث، إما أن يُقرأ عليه، أو ينسخ شيئاً، وكان لا يجوز الإجازة على الإجازة، وجمع فيه شيئاً، قرأت عليه الكثير) (¬1) . وقال السِّلَفي: (كان عبد الوهاب رفيقاً حافظاً ثقة، لديه معرفة جيدة) (¬2) . وقال أبو موسى المديني في معجمه: (هو حافظ عصره ببغداد) (¬3) . وقال ابن نقطة: (حدَّث بكتاب السنن لسعيد بن منصور عن أبي طَاهِرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْبَاقِلَانِيُّ) (¬4) . ولما ذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء قال: (الشيخ الإمام، الحافظ المفيد، الثقة المسنِد، بقيَّة السلف) (¬5) . وفي تذكرة الحفاظ قال: (الحافظ العالم، محدِّث بغداد ... ، وكتب الكتب، وسمع العالي والنازل حتى انزف على ابن الطيوري جميع ما عنده) (¬6) . وكانت وفاة عبد الوهاب يوم الخميس الثاني والعشرين من ¬

_ (¬1) المرجع السابق أيضاً (1 / 383 - 384) . (¬2، 3) ذيل طبقات الحنابلة (1 / 202) . (¬4) التقييد لابن نقطة (2 / 140 - 141) . (¬5) سير أعلام النبلاء (20 / 134) . (¬6) تذكرة الحفاظ (4 / 1282) .

المحرم سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة، ودفن من الغد في مقابر الشونيزي. والراوي الآخر عن أبي طاهر الباقِلاَّني هو: الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ محمد بن منصور، أبو غالب القَزَّاز. ولم أجد راوياً بهذا الاسم، ولا يضرّ ذلك؛ لأنه متابع لعبد الوهاب الأنماطي، فالعمدة على رواية عبد الوهاب. وقد يكون في اسم هذا الراوي تصحيف، فيكون إما: أبا غالب محمد بن عبد الواحد بن الحسن بن مَنَازِل الشيباني، القَزَّاز، المعروف بابن زُرَيق (¬1) . قال ابن الجوزي: (كان ثقة، توفي ليلة الخميس خامس شوال) - يعني من سنة سبع وخمسمائة-. وقال السمعاني: (محدِّث مشهور) . أو يكون ابنه: أبا منصور عبد الرحمن بن أبي غالب محمد بن عبد الواحد بن الحسن بن مَنَازِل الشيباني، القَزَّاز، البغدادي، راوي تاريخ بغداد للخطيب (¬2) . قال ابن الجوزي: (كان من أولاد المحدِّثين، سمَّعه أبوه وعمُّه الكثير، وكان صحيح السماع ... ، وكان ساكناً قليل الكلام، خَيِّراً سليماً صبوراً على العزلة، حسن الأخلاق) (¬3) . وقال السمعاني: (شيخ ثقة صالح) (¬4) . ¬

_ (¬1) المترجم في المنتظم (9 / 179 رقم 294) ، والأنساب للسمعاني (10 / 407) . (¬2) المترجم في المنتظم (10 / 90 رقم119) ، والأنساب (6 / 293) ، (10 / 407) ، وسير أعلام النبلاء (20 / 69 - 70) . (¬3) المنتظم (10 / 90) . (¬4) الأنساب (10 / 407) .

وقال الذهبي: (الشيخ الجليل الثقة، أبو منصور عبد الرحمن بن المحدِّث أبي غالب ... ، كان شيخاً صالحاً متودِّداً، سليم القلب، حسن الأخلاق، صبوراً، مشتغلاً بما يعنيه) (¬1) . وكانت وفاته في رابع عشر شوال، سنة خمس وثلاثين وخمسمائة. ومع صحة إسناد الكتاب، فإنه يزداد توثيقاً بكثرة من رواه. ومن خلال ما تقدم في ذكر من روى الكتاب بسنده عن مؤلِّفه سعيد بن منصور، يتضح أن الكتاب روي عنه من أربعة طرق: طريق مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الصائغ، وطريق أبي الفضل أحمد بن نجدة بن العريان، وطريق مسعدة بن سعد بن مسعدة، وطريق أبي عبد الله محمد بن رزيق بن جامع المديني. 1- أما مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الصائغ، فيرويه عنه اثنان هما: دعلج بن أحمد السِّجْزي، إبراهيم بن أحمد بن فراس. أ- أما دعلج، فالراوي عنه هو أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بن إبراهيم بن شاذان. ويرويه عن ابن شاذان اثنان هما: أَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الباقِلاّني الكَرَجي، وأبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون. وأبو طاهر الكَرَجي هو الذي رويت من طريقه هذه النسخة الخطيَّة، رواها عنه: أَبُو الْبَرَكَاتِ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ المبارك الأنماطي، وأبو غَالِبٍ الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ القَزَّاز، وعنهما يروي صاحب النسخة. ومن طريق عبد الوهاب الأنماطي تُرْوَى النسخة التي اعتمدها ¬

_ (¬1) سير أعلام النبلاء (20 / 69) .

الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي في الجزء الذي أخرجه من السنن (¬1) ، وهو نفس الطريق الذي يروي ابن نقطة به السنن كما تقدم. فهذا بالنسبة لطريق أبي طاهر الكَرَجي، عن ابن شاذان. وأما طريق أبي الفضل ابن خيرون عن ابن شاذان، فلها عن أبي الفضل ابن خيرون ثلاث طرق: طريق أبي الْبَرَكَاتِ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْمُبَارَكِ الأنماطي، وطريق أبي علي حسين بن محمد الغَسَّاني، وطريق أبي الحكم عبد الرحمن بن عبد الملك بن غشليان الأنصاري. أما طريق أبي الْبَرَكَاتِ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْمُبَارَكِ الأنماطي، فهي التي يروي السنن من طريقها الحافظ ابن حجر كما تقدم. ومن طريق ابن حجر يرويها الرُّوداني في صلة الخلف، وسعيد بن سنبل في الأوائل السنبلية كما تقدم. وأما طريق أبي علي الغسَّاني، فيروي السنن من طريقها ابن خير الإِشبيلي في فهرسة ما رواه عن شيوخه كما تقدم. وكذا أيضاً طريق أبي الحكم الأنصاري، لكن بالإجازة. وليست رواية السنن عن دعلج مقصورة على ابن شاذان، بل هناك من يروي أحاديث من السنن من غير طريقه. فالبيهقي يروي كثيراً من طريق شيخه أبي الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران، أنبأ دَعْلَجُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ دَعْلَجٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الصائغ، ثنا سعيد بن منصور (¬2) . ¬

_ (¬1) ويبتدئ هذا الجزء بكتاب الفرائض، وينتهي بنهاية كتاب الجهاد، وإسناده هو نفس إسناد النسخة الخطية التي عثرت عليها لهذا الجزء، ليس فيه ذكر لأبي غالب القَزَّاز. (¬2) انظر سنن البيهقي (5 / 87) .

والخطيب البغدادي يروي من طريق شيخيه: ابن الفضل ومحمد بن الحسين القطان، كلاهما عن دعلج، عن الصائغ، عن سعيد بن منصور (¬1) . ب- وأما إبراهيم بن أحمد بن فراس، فيروي السنن عنه ثلاثة، وهم: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أحمد بن مفرج، وأبي محمد عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عبد المؤمن، وأبو محمد عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أسد الجهني. أما ابن مفرج فهو الذي يروي السنن من طريقه ابن خير الإِشبيلي في فهرسه، وابن دحية الكلبي في العَلَم المشهور كما تقدم. وأما ابن عبد المؤمن وابن أسد، فيروي السنن عنهما الحافظ أبو عمر ابن عبد البر، ومن طريق ابن عبد البر يرويها ابن خير الإِشبيلي أيضاً. وليست رواية السنن عن الصائغ مقصورة على دعلج وابن فراس، بل هناك من يروي السنن من غير طريقهما؛ كالخَطَّابي، فإنه كثيراً ما يروي أحاديث من السنن من طريق محمد بن المكّي، عن مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الصائغ، عن سعيد بن منصور (¬2) . فهذا بالنسبة لرواية الصائغ للسنن عن سعيد بن منصور. 2- وأما أبو الفضل أحمد بن نجدة بن العريان، فيروي السنن عنه اثنان هما: أحمد بن عبد الله المزني، وأبو الفضل محمد بن عبد الله بن خميرويه. أ- أما المزني، فهو الذي روى السنن من طريقه الثعلبي في الكشف ¬

_ (¬1) انظر الفقيه والمتفقه (2 / 201) ، والجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (2 / 194، 196) . (¬2) انظر غريب الحديث للخطابي (1 / 79) .

والبيان كما تقدم. ب- وأما ابن خميرويه، فيروي السنن عنه اثنان هما: أبو ذرّ عبد بن أحمد الهروي، وأبو سعيد بن أبي محمد الفامي. ويروي السنن من طريق أبي ذر ابن خير الإِشبيلي في فهرسه كما سبق. ويروي أبو طاهر السِّلَفي أحاديث من السنن لسعيد من طريق أبي ذر بهذا الإسناد في كتابه الوجيز في ذكر المُجَاز والمُجِيز (¬1) . وأما أبو سعيد الفامي، فهو الذي يروي السنن من طريقه السمعاني في التحبير كما تقدم. وليست رواية السنن عن أحمد بن نجدة مقصورة على المزني وابن خميرويه، فالبيهقي يروي كثيراً جداً أحاديث من السنن من طريق أبي منصور النَّضْروي، عن أحمد بن نجدة (¬2) . والواحدي يروي أحاديث من السنن من طريق العباس بن الفضل بن زكريا، عن أحمد بن نجدة (¬3) . 3- وأما مَسْعَدَةُ بن سعد بن مسعدة، فيروي السنن من طريقه ابن خير الإِشبيلي في فهرسه كما تقدم. 4- وأما أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ رزيق بن جامع المديني، فهو الذي يروي ¬

_ (¬1) انظر الوجيز (ص 126 - 127) . (¬2) انظر سنن البيهقي (10 / 139) . (¬3) انظر أسباب النزول للواحدي (ص 54) .

السنن من طريقه أبو عبد الله محمد الأمير في كتابه سدّ الأرب كما تقدم. وتتضح هذه الطرق بتمامها بالرسم الآتي لشجرة الأسانيد:

(شجرة إسناد الطريق الأولى لرواة السنن عن سعيد بن منصور)

_ - سعيد بن منصور -> مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الصائغ -> [أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن فراس، دَعْلَجُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ دَعْلَجٍ السِّجْزي] ـ[أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن فراس]ـ 1- أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أحمد بن يحيى بن مفرج -> • أبو عمر أحمد بن محمد -> أبو عبد الله أحمد بن محمد الخولاني -> أبو الحسن علي بن الحسين -> ابن دحية الكلبي في العلم المشهور (ص 162) • أبو علي حسين ابن الغساني -> •• أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر •• [أبو بكر محمد بن أحمد بن طاهر، أبو جعفر أحمد بن محمد بن عبد العزيز]-> ابن خير الإشبيلي في فهرسه (ص 135- 136) 2- أبو محمد عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عبد المؤمن -> أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر 3- أبو محمد عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أسد الجهني -> أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر ـ[دَعْلَجُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ دَعْلَجٍ السِّجْزي -> أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بن شاذان]ـ 1- أَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الباقلاني الكرجي -> [أَبُو الْبَرَكَاتِ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ المبارك الأنماطي، أبو غَالِبٍ الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ القزاز]-> • عبد العزيز بن محمود بن الأخضر -> ابن نقطة في التقييد (1 / 83) • سند المخطوطة التي اعتمدها الشيخ الأعظمي في الجزء الذي أخرجه من السنن (1/1) • سند المخطوطة 2- أبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون -> • أَبُو الْبَرَكَاتِ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ المبارك الأنماطي -> مسعود بن عبد الله بن النادر -> أحمد بن عبد الدائم (جدّه) -> محمد بن أبي بكر بن أحمد بن عبد الدائم -> أبو محمد عمر بن محمد البالسي -> الحافظ ابن حجر في المعجم (ل 14 / ب) وفي تغليق التعليق (5 / 454 - 455) . • أبو علي حسين بن محمد الغساني -> [أبو بكر محمد بن أحمد بن طاهر، أبو جعفر أحمد بن محمد بن عبد العزيز]-> ابن خير الإشبيلي في فهرسه (ص 136) • أبو الحكم عبد الرحمن الأنصاري (إجازة) -> ابن خير الإشبيلي في فهرسه (ص 136) إجازة

(شجرة إسناد الطريق الثانية لرواة السنن عن سعيد بن منصور) .

_ - سعيد بن منصور -> أبو الفضل أحمد بن نجدة بن العُريان الهروي -> 1- أحمد بن عبد الله المزني -> عبد الله بن حامد -> الثعلبي في تفسيره المسمَّى: الكشف والبيان (1/ ل 9) 2- أبو الفضل محمد بن عبد الله بن خميرويه -> • أبو سعيد بن أبي محمد الفامي -> أبو العلاء صاعد بن سيار القاضي (جدُّهما) -> [أبو القاسم الفضل بن يحيى بن صاعد بن سيار، أبو الفتح نصر بن سيار بن صاعد بن سيار]-> السمعاني في التحبير (2/ 21-22، 343- 345) . • أبو ذرّ عبد بن أحمد الهروي -> [أبو العباس أحمد بن عمر بن أنس العذري، أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي]-> أبو الحسن علي بن عبد الله بن موهب -> ابن خير الإِشبيلي في فهرسة ما رواه عن شيوخه (ص 271) .

(شجرة إسناد الطريق الثالثة لرواة السنن عن سعيد بن منصور) .

_ • سعيد بن منصور -> • مسعدة بن سعد بن مسعدة -> • أبو يحيى محمد بن عبد الرحمن المقرئ -> • [أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أحمد بن يحيى بن مفرج، (أبو محمد عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عبد المؤمن -> أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر) ]-> • أبو علي حسين بن محمد الغَسَّاني -> • [أبو بكر محمد بن أحمد بن طاهر، أبو جعفر أحمد بن محمد بن عبد العزيز]-> ابن خير الإشبيلي في فهرسة ما رواه عن شيوخه (ص 135 - 136)

(شجرة إسناد الطريق الرابعة لرواة السنن عن سعيد بن منصور) .

_ • سعيد بن منصور -> • أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ رزيق بن جامع المديني -> • الحسن بن رشيق العسكري المعدّل -> • أبو القاسم عبد الرحمن بن الحسن -> • أبو الغنائم محمد بن محمد البصري المقرئ -> • أبو الحسن محمد بن مرزوق بن عبد الرزاق -> • أبو طاهر السِّلَفي -> • ومن طريق السلفي يرويه أبو عبد الله الأمير في كتابه سدّ الأرب (ص 120 - 121)

3- موضوع الكتاب: - صنَّف سعيد بن منصور كتابه هذا ليشمل معظم أبواب الدين، مع الاهتمام بما يتعلق بالفقه والأحكام والاختلاف فيها، وإبراز هذا الاختلاف، وهذا الذي دعاه للاهتمام بأقوال الصحابة والتابعين وفتاويهم. وإليك أقوال العلماء التي يتحدد من خلالها موضوع الكتاب: يقول أبو محمد ابن حزم رحمه الله- وهو يذكر مصنَّفات بَقِيّ بن مَخْلَد-: ((ومنها مصنَّفه في فتاوى الصحابة والتابعين ومن دونهم، الذي أربى فيه على مصنَّف أبي بكر بن أبي شيبة، ومصنَّف عبد الرزاق، ومصنَّف سعيد بن منصور، وغيرها، وانتظم علماً عظيماً لم يقع في شيء من هذه)) (¬1) . ويقول الخطيب البغدادي في ترجمة سعيد بن منصور: ((وله كتاب في السنن والأحكام كبير، وحديثه كثير مشهور)) (¬2) . ومن الكتب التي وَرَدَ بها الخطيب البغدادي دمشق مما له حق روايته: منتخب كتب سعيد بن منصور في الأحكام (¬3) . ¬

_ (¬1) نفح الطيب (2 / 519) ، (2 / 168 - 169) ، وسير أعلام النبلاء (3 / 291) . (¬2) المتفق والمفترق (ل 110 / أ) . (¬3) جزء فيه تسمية ما ورد به الخطيب البغدادي دمشق من الكتب من روايته، أورد هذا =

ولما ذكر الخطيب في كتابه الجامع أحق الكتب بالتقديم، قال: ((ثم الكتب المصنَّفة في الأحكام، الجامعة للمسانيد وغير المسانيد، مثل كتب ابن جريج، وسعيد بن أبي عروبة ... ، وسعيد بن منصور)) (1) . ويقول ابن نقطة في ترجمة سعيد: ((صنَّف كتاب السنن، وجمع فيها من أقوال الصحابة والتابعين وفتاويهم ما لم يجمعه غيره)) (2) . ويقول ابن دحية الكلبي: ((هذا المصنَّف الذي صنَّفه سعيد بن منصور، هو أربعة وعشرون جزءاً على الفقه والاختلاف)) (3) . 4- منهج المؤلِّف في كتاب السنن:- سيكون الكلام على منهج المؤلِّف في كتاب السنن شاملاً للمباحث الآتية: ترتيب الكتاب، ومصادره، وطريقته في الرواية، وسياق الأسانيد والمتون، وتراجمه للأبواب، ودلالتها على فقهه واستنباطه، وأنواع المرويات عنده، ودرجة أحاديث الكتاب، ومقارنته بطريقة علماء عصره. أ- ترتيب الكتاب:- إن الحديث عن ترتيب سعيد بن منصور لكتابه السنن سيكون قاصراً بسبب فقد النصف الأول من الكتاب- وهو المهم؛ لأنه يشمل معظم الأحكام-. ولذا سيكون عمدتنا في الكلام عن ترتيب الكتاب ما نجده من أقوال لبعض العلماء، مضافاً لما لدينا من الموجود من كتاب السنن.

_ = الجزء الدكتور محمود الطحان في كتابه: ((الحافظ الخطيب البغدادي وأثره في علوم الحديث)) (ص 282 - 301) . (1) الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (2 / 186) . (2) التقييد لابن نقطة (2 / 17) . (3) العلم المشهور (ص 162) .

والكتاب مقسَّم إلى أجزاء، إلا أنه اختلف في هذه التجزئة. فابن خير الإشبيلي يقول: ((وهذا المصنَّف من رفيع الكتب، وهو اثنان وعشرون جزءاً)) (¬1) . وابن دحية الكلبي يقول: ((وهذا المصنَّف الذي صنَّفه سعيد بن منصور هو أربعة وعشرون جزءاً)) (¬2) . وهذا الاختلاف في التجزئة- في نظري- يحتمل ثلاثة أمور: 1- فإما أن تكون رواية ابن خير للسنن ناقصة، ورواية ابن دحية أتمّ منها، وقد أشار ابن خير قبل هذا إلى نقص بعض الروايات التي أكملها بروايات أخرى (¬3) ، ولذا فهذا الاحتمال ضعيف. 2- أو تكون تجزئة نسخة ابن خير تختلف عن تجزئة نسخة ابن دحية. 3- أو يكون ابن خير قصد جميع السنن، ما عدا كتاب الزهد، فإنه اعتبره كتاباً مستقلاً، بينما أدخله ابن دحية ضمن السنن. وهذا أقوى الاحتمالات عندي؛ بدليل أن ابن خير ذكر في موضع أنه يروي مصنَّف سعيد بأسانيد ذكرها، ثم ذكر في موضع آخر أنه يروي كتاب الزهد لسعيد بن منصور بإسناد آخر (¬4) . وأول ما ابتدأ به المصنِّف سننه (¬5) : باب الأذان، وأول حديث فيه قوله: حدثنا هشيم بن بشير، قَالَ نا حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرحمن، قال: أخبرنا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - اهتمّ للصلاة ... ، ثم ذكر الحديث في رؤيا عبد الله بن زيد للأذان. ¬

_ (¬1) فهرسة ما رواه عن شيوخه لابن خير الإشبيلي (ص 136) . (¬2) العلم المشهور لابن دحية الكلبي (ص 162) . (¬3، 4) انظر ما تقدم (ص 141 - 141) . (¬5) كما في الأوائل السنبلية (ص 15) ، والأربعين العجلونية (ص 352 / الفضل المبين) .

ثم يتلو ذلك عدة كتب، منها كتاب الوضوء، والصلاة، والجنائز، والزكاة، وصلاة العيدين، وصدقة الفطر، والصيام، والاعتكاف، والمناسك، والجهاد، والفرائض، والأشربة، واللقطة، والصيد، والذبائح، والضحايا، والعقيقة، والحدود، والأدب، والجامع. ذكر هذه الكتب بهذا الترتيب ابن خير الإشبيلي (¬1) . وفي ظني أن ترتيبه للكتب من كتاب الوضوء إلى كتاب المناسك يتفق مع ترتيب الكتاب، وأما ما بعد ذلك فلا؛ لأنه قدم كتاب الجهاد على كتاب الفرائض، والعكس هو الصحيح، فكتاب الفرائض يتقدم كتاب الجهاد، بل بينهما كتاب الوصايا، وكتاب النكاح، وكتاب الطلاق (¬2) ، ومع ذلك فكتاب الجهاد وكتاب الفرائض متأخران عن كتاب الأشربة واللقطة وما بعدهما من الكتب التي ذكرها ابن خير (¬3) . وكتاب المناسك يقع في الجزء الثالث والرابع. ومن أبواب كتاب المناسك الواقعة في الجزء الثالث: باب الرخصة للرعاء في ترك يوم ورمي يوم. ومن أبوابه الواقعة في الجزء الرابع: باب المحصر بعمرة. ومن أبواب كتاب الحدود: باب إقامة الحد في المسجد (¬4) . وجميع هذه الكتب المذكورة تقع في الجزء المفقود من السنن عدا كتاب الجهاد وكتاب الفرائض، فإنهما من ضمن المطبوع من السنن بتحقيق الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي، وهو يبدأ بكتاب ¬

_ (¬1) كما سبق نقله عنه (ص 140 - 141) . (¬2) انظر المطبوع من السنن بتحقيق الأعظمي (1 / 1، 84، 121، 256) ، (2 / 124) . (¬3) لأن كتاب الأشربة واللقطة وما بعدهما ضمن القسم الأول الذي لا يزال مفقوداً. (¬4) ذكر هذه الأبواب ابن خير أيضاً كما سبق نقله عنه (ص 140 - 141) .

الفرائض، ثم الوصايا، ثم النكاح، ثم الطلاق، ثم الجهاد، وهو آخر المطبوع. ويليه هذا القسم المحقق الذي يبدأ بكتاب فضائل القرآن، ثم كتاب التفسير مرتباً حسب ترتيب السور والآيات أيضاً، عدا مواضع يسيرة من الآيات فقط نبّهت عليها في مواضعها (¬1) ، وهكذا حتى نهاية كتاب التفسير، إلا أن الذي حققت منه ينتهي إلى نهاية سورة المائدة، والباقي لا يزال مخطوطاً. ثم يلي كتاب التفسير كتاب الزهد، وهو آخر كتب السنن. ويلاحظ أن اسم الكتاب قد لا يرد إلا في نهايته، وبدايته تكون ببعض أبوابه. فسعيد بن منصور ابتدأ كتابه بقوله: ((باب الأذان)) (¬2) ، ولم يقل: كتاب الأذان، أو كتاب الصلاة، باب الأذان. والمطبوع بتحقيق الأعظمي يبدأ بكتاب الفرائض، إلا أن تسميته بكتاب الفرائض لم ترد إلا في نهايته حيث قال: ((آخر كتاب الفرائض)) (¬3) ، وأما بدايته فهي: (( ... أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الصائغ، قال: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: باب الحث على تعليم الفرائض)) (¬4) . وكذا كتاب النكاح لم ترد تسميته إلا في آخره (¬5) ، وأما أوله فهو: (( ... أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ علي بن زيد الصائغ، أن سعيد ¬

_ (¬1) انظر الصفحات الآتية من الرسالة رقم: 772، 1063، 1065، 1066، 1073، 1074 - 1075، 1076، 1084 - 1085، 1088، 1089، 1268، 1270، 1285، 1371، 1401، 1660. (¬2) انظر ما تقدم (ص 169) . (¬3) المطبوع من سنن سعيد بن منصور بتحقيق الأعظمي (1 / 84) . (¬4) المرجع السابق (1 / 1) . (¬5) السابق أيضاً (1 / 255) .

ابن منصور حدثهم قال: باب الترغيب في النكاح)) (¬1) . وكذا كتاب التفسير وكتاب الزهد. أما التفسير، فجاءت تسميته في آخره هكذا: ((آخر كتاب التفسير)) (¬2) ، وأما أوّله فجاء فيه: ((باب تفسير فاتحة الكتاب)) (¬3) ، وقبله: ((فضائل القرآن)) (¬4) ، ولم يقل: كتاب، أو: باب، فلست أدري، هل هو تابع للتفسير، أو كتاب مستقلّ؟. وأما الزهد فجاء بعد كتاب التفسير ما نصّه: ((بسم الله الرحمن الرحيم. باب مداراة الرجل نفسه لما بعد الموت)) (¬5) ، وفي آخره ما نصه: ((آخر كتاب السنن)) (¬6) ، ولم يُسَمِّه، إلا أن مباحثه تدل بوضوح على أنه كتاب الزهد، فأول باب فيه: باب مداراة الرجل نفسه لما بعد الموت، ثم: باب ترك ما يشغل عن الآخرة، ثم: باب التواضع والنهي عن الفرح بالدنيا (¬7) ، ثم: باب محاسبة الرجل نفسه، ثم: باب ما يستحب من قلّة الطعام والرغبة ... ، وهكذا إلى أن ختم الكتاب بباب: ما جاء في زهرة الدنيا (¬8) . وفي هذا دلالة قوية على أن التفسير والزهد من السنن، وليسا كتابين مستقلين. ويؤيد هذا ما سيأتي نقله في تخريج الحديثين رقم [347، 492] عن الحافظين ابن كثير وابن حجر أنهما عزوا أحاديث من التفسير للسنن. ¬

_ (¬1) المرجع السابق أيضاً (1 / 121) . (¬2) النسخة الخَطِّيَّة للسنن (ل 191 / أ) . (¬3) انظر (ص 505) من هذه الرسالة. (¬4) انظر (ص 7) من هذه الرسالة. (¬5) النسخة الخطية للسنن أيضاً (ل 191 / أ) . (¬6) المرجع السابق (ل 236 / أ) . (¬7) في الأصل هكذا: ((باب التواضع والنهي عن ترك الفرح بالدنيا)) . (¬8) المرجع السابق (ل 233 / أ) .

وفي كنز العمال (¬1) عزا حديثاً من كتاب الزهد للسنن، وهو حديث بشر بن عقربة الجهني الآتي ذكره (¬2) . وقد يُسَمي الكتاب في أوّله كما في كتاب الوصايا (¬3) ، وكتاب الطلاق (¬4) ، وكتاب الجهاد (¬5) . وجرت عادة المصنف أن يقسم الكتاب إلى أبواب، عدا كتاب فضائل القرآن، فإنه سرد جميع مباحثه سرداً بلا تبويب. ب- مصادر المؤلِّف في كتاب السنن:- روى المصنِّف سعيد بن منصور في كتابه: ((السنن)) ، من طريق بعض المصنِّفين أحاديث نجدها في مصنَّفاتهم التي يمكن أن تعتبر من مصادره في كتابه هذا. فمن ذلك: o تفسير مجاهد: وهو من رواية عبد الله بن أبي نجيح عنه، وسيأتي الكلام عن هذه الرواية في الحديث رقم [184] . وقد طبع هذا التفسير بتحقيق عبد الرحمن السورتي (¬6) . وقد روى المصنِّف كثيراً من أحاديث هذا التفسير وبيّنت مواضعها في التخريج، منها: الحديث رقم [184، 211، 218، 243، 244، 282، 286، 291، 332، 336، 382، 462، 567، 707] . o تفسير سفيان الثوري: وهو من رواية أبي حذيفة النهدي عنه. وقد طبع هذا التفسير (¬7) . وقد روى المصنف بعض الأحاديث من هذا التفسير بينت مواضعها ¬

_ (¬1) (3 / 483 رقم 7532) . (¬2) انظر (ص 219 / ق) . (¬3) المطبوع من السنن بتحقيق الأعظمي (1 / 84) . (¬4) المرجع السابق (1 / 256) . (¬5) السابق أيضاً (2 / 124) . (¬6، 7) انظر قائمة المراجع في آخر هذه الرسالة.

في التخريج، منها: الحديث رقم [456] . o تفسير مسلم بن خالد الزَّنْجي: جمعه أبو جعفر محمد بن أحمد بن نصر الترمذي، الرَّمْلي، الشافعي، الزاهد. وقد طبع هذا التفسير مع تفاسير أخرى بتحقيق الدكتور حكمت بشير ياسين (¬1) . وقد روى المصنف الحديث الآتي برقم [510] من أحاديث هذا التفسير. o الزهد لعبد الله بن المبارك: وقد طبع هذا الكتاب بتحقيق الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي (¬2) . وروى المصنف من طريقه الحديث الآتي برقم [230] . o الجهاد لعبد الله بن المبارك: وقد طبع هذا الكتاب بتحقيق الدكتور نزيه حماد (¬3) . وروى المصنِّف من طريقه الحديث الآتي برقم [414] . o تفسير سفيان بن عيينة: وهو في عداد المفقود الآن، وقد قام أحمد بن صالح محايري بجمع روايات سفيان بن عيينة من كتب التفسير في كتاب سمّاه: تفسير سفيان بن عيينة (¬4) . وسفيان بن عيينة من شيوخ المصنِّف الذين أكثر عنهم جداً كما سبق بيانه (¬5) ، ونجده يروي في سننه أحاديث من طريقه عزاها بعض العلماء لتفسير سفيان بن عيينة، منها: الحديث رقم [179، 181، 184، 218، 227، 243، 244، 260، 285، 300، 336، 338، 339، 347، 348، 349، 350، 382، 466] . ¬

_ (¬1، 2، 3) وانظر قائمة المراجع في آخر هذه الرسالة. (¬4) وقد طبع الكتاب بالمكتب الإسلامي ببيروت عام 1403هـ. (¬5) (ص 79 / ق - 81 / ق) .

o مصنَّفات سعيد بن أبي عروبة: يروي المصنِّف أحاديث أحياناً من طريق سعيد بن أبي عروبة الذي هو من أوَّل من صنَّف بالبصرة، وله مصنفات كثيرة، منها: تفسير القرآن، والسنن، وغير ذلك (¬1) . فمن هذه الأحاديث التي يرويها سعيد بن منصور من طريق سعيد بن أبي عروبة: الحديث رقم [810، 811، 813] . o مصنَّفات هُشيم بن بشير: تقدم أن هشيم بن بشير أكثر الشيوخ الذين أخرج عنهم المصنِّف سعيد بن منصور، وهو أول من صنّف بواسط، وله مصنفات كثيرة، منها: السنن في الفقه، والتفسير، وغير ذلك (¬2) . ومن الواضح أن هذه الأحاديث الكثيرة التي يرويها سعيد بن منصور عن شيخه هشيم سيكون- على الأقل- جزء منها من مصنفات شيخه، وبخاصة إذا اتَّحَدَ الموضوع كالتفسير. وتقدم (¬3) أن عدد الأحاديث التي رواها سعيد عن شيخه هشيم بلغ تسعة وثلاثين ومائتي حديث، ويمكن مراجعة المواضع التي أخرج عنه فيها بواسطة فهرس شيوخ المصنِّف آخر هذه الرسالة. جـ- طريقة المصنِّف في الرواية وسياق الأسانيد والمتون:- ليس لسعيد بن منصور طريقة تميّزه عن غيره من المصنفين في عصره، فهو يسوق الإسناد، ثم يتبعه بالمتن، عدا ما يفعله أحياناً بدافع الاختصار مما يأتي بيانه مع أشياء أخرى تتعلق بالإسناد أو المتن. فهو يعنى بصيغ التحمل والأداء التي تظهر فائدتها في المواطن التي يخاف فيها من التدليس. ومن أمثلة ذلك: ما أخرجه البخاري في صحيحه (¬4) ، عن شيخه ¬

_ (¬1) انظر ما تقدم (ص 53 / ق) . (¬2) انظر ما تقدم (ص 54 / ق) . (¬3) (ص 78 / ق) . (¬4) في كتاب الأذان، باب إتمام التكبير في السجود (2 / 271 رقم 787) .

عمرو بن عون، قال: حدثنا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ عكرمة، قال: رأيت رجلاً عند المقام يكبِّر في كل خفض ورفع، وإذا قام، وإذا وضع، فأخبرت ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قال: أوَليس تلك صلاة رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - لا أُمَّ لك؟. فهذا الحديث في سنده هشيم، وهو مدلِّس، ولم يصرِّح بالسماع من شيخه أبي بشر، لكن قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (¬1) : ((قوله: عن أبي بشر، صرَّح سعيد بن منصور عن هشيم بأن أبا بشر حدَّثه)) . ونجده أحياناً يقرن روايات بعض شيوخه في سياق واحد، فيقول مثلاً نَا هُشَيْمٌ (¬2) ، وَخَالِدٌ (¬3) ، وَإِسْمَاعِيلُ (¬4) ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ (¬5) ، قَالَ (¬6) : إِذَا دُعِيَ لِيَشْهَدَ، وَإِذَا دعي ليقيمها، فكلاهما (¬7) . ويقول أيضاً: نا سُفْيَانُ (¬8) وَأَبُو مُعَاوِيَةَ (¬9) ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، قَالَ: أُتي عَبْدُ اللَّهِ (¬10) بِمُصْحَفٍ قَدْ زُيِّن، فَقَالَ: إِنَّ أَحْسَنَ مَا زُيِّن به المصحف تلاوته بالحق (¬11) . وقد لا يقرن شيوخه بل يفصل رواياتهم، مثل قوله: ¬

_ (¬1) (2 / 271) . (¬2) أي ابن بشير. (¬3) أي ابن عبد الله الطحّان. (¬4) أي ابن إبراهيم بن عليَّة. (¬5) أي البصري. (¬6) يعني في قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إذا ما دعوا} . (¬7) انظر الحديث الآتي برقم [463] . (¬8) أي ابن عيينة. (¬9) هو محمد بن خازم. (¬10) أي ابن مسعود رضي الله عنه. (¬11) الحديث رقم [164] .

نا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ عُبيد المُكْتِب، عَنْ مُجَاهِدٍ- فِي قوله: {وتقطعت بهم الأسباب} - قَالَ: الأوْصال الَّتِي كَانَتْ بَيْنَهُمْ في الدنيا (1) . نا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ عُبيد المُكْتب، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: الوصْل الَّذِي كَانَ بَيْنَهُمْ في الدنيا (2) . وليس السبب في قرنه بعض الروايات وفصله لبعضها الآخر اتحاد اللفظ واختلافه؛ لأننا نجده يفصل بعض الروايات مع اتّحاد اللفظ، مثل قوله: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الجَنَفُ فِي الْوَصِيَّةِ وَالْإِضْرَارُ فِيهَا مِنَ الكبائر (3) . نا خَالِدٌ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الْجَنَفُ فِي الْوَصِيَّةِ وَالْإِضْرَارُ فِيهَا من الكبائر (4) . نا سُفْيَانُ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الجَنَف- أَوِ: الحَيْف- فِي الْوَصِيَّةِ وَالْإِضْرَارُ فِيهَا من الكبائر (5) . بل إنك لتجده يصرِّح باتفاق اللفظ بقوله: ((مثله)) ، كالحديث الذي أخرجه من طريق شيخه هُشَيْمٌ، قَالَ: نا لَيْثٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: اشتر المصاحف، ولا تبعها (6) . ثم بعد ذلك قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا، عن ليث، عن مجاهد،

_ (1) الحديث رقم [240] . (2) الحديث رقم [241] . (3) الحديث رقم [258] . (4) الحديث رقم [259] . (5) الحديث رقم [260] . (6) الحديث رقم [119] .

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه مثله (1) . وإذا قرن شيخين في رواية، وكان في لفظ أحدهما زيادة بَيَّنَ ذلك، كقوله: نَا أَبُو عَوَانَةَ وَهُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: مَنْ لَمْ يَصُمِ الثَّلَاثَةَ أَيَّامٍ الَّتِي فِي الْحَجِّ آخِرُهَا يَوْمُ عَرَفَةَ، فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْهَدْيُ. قَالَ أَبُو بِشْرٍ: فَقُلْتُ لِسَعِيدٍ: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ؟ قَالَ: فَلْيَبِعْ ثَوْبَهُ. وَزَادَ هُشَيْمٌ: ويشتري شاة بثلاثة دراهم (2) . وقد يذكر كلاماً في بعض رجال الإسناد أثناء الرواية، مثل قوله: نا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ إِدْرِيسَ- وَكَانَ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ- قَالَ: قِيلَ لِلْحَسَنِ (3) : إِنَّ لَنَا إِمَامًا يَلْحَنُ، قَالَ: أخِّروه (4) . وقد يسوق بعض الروايات التي يُجَلِّي بعضها علَّة الأخرى؛ كالرواية التي ساقها عن شيخه سفيان بن عيينة، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ يَقُولُ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَصْحَابِهِ وهم يقرأون القرآن، فقال: ((اقرأوا فكلٌّ كِتَابُ اللَّهِ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ قَوْمٌ يقوِّمونه كَمَا يُقَامُ القِدْح، يَتَعَجَّلُونَهُ وَلَا يتأجَّلونه)) (5) . ثم أخرجه بعد ذلك من طريق شيخه خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَحْنُ نَقْرَأُ الْقُرْآنَ، وَفِينَا الْأَعْجَمِيُّ والأعرابي، فقال: ((اقرأوا وَكُلٌّ حَسَنٌ، وَسَيَأْتِي قَوْمٌ يقوِّمونه كما يقوَّم القِدْح، يتعجّلونه

_ (1) الحديث رقم [120] . (2) الحديث رقم [321] . (3) أي البصري. (4) الحديث رقم [40] . (5) الحديث رقم [30] .

ولا يتأجّلونه)) (1) . فرواية سفيان بن عيينة المرسلة أعلَّت رواية حميد الأعرج الموصولة، لأن سفيان أوثق، والصواب في الحديث أنه مرسل من هذا الوجه كما بيّنته في التخريج والحكم على الحديث. وشبيه به: ما أخرجه من طريق شيخه هشيم بن بشير، قَالَ: نا خَالِدٌ (2) ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ (3) ، أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ كَانَ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ ثَمَانٍ، وَأَنَّ تَمِيمًا الدَّاريّ كَانَ يختم في كل سبع (4) . فهذا الحديث لم يسمعه أبو قلابة من أبي بن كعب، بل بينهما واسطة، وهو ابن المُهَلَّب كما في الرواية الأخرى التي ساقها المؤلف من طريق شيخه عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي المُهَلَّب، عَنْ أُبَيّ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّهُ كَانَ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ ثَمَانٍ (5) . والمصنِّف شديد التَّوَقِّي في الرواية، فإن شك في شيء أو كان في الرواية شك من غيره بيَّن، كقوله: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: نا أَبُو عِمْرَانَ الجُوني، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرو، أَوْ عُمَر- شَكَّ سَعِيدٌ- قَالَ: هجَّرت إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - يوماً ... ، الحديث (6) . فهو هنا بيَّن أن الشك منه بقوله: ((شك سعيد)) .

_ (1) الحديث رقم [31] . (2) هو ابن مهران الحذَّاء. (3) هو عبد الله بن زيد الجَرْمي. (4) الحديث رقم [154] . (5) الحديث رقم [155] . (6) الحديث رقم [36] ، والصواب أنه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو.

وقد يكون الشك من غيره فيبيِّن، كقوله: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَوْ غَيْرِهِ- شَكَّ دَاوُدُ-، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى عَلَى الْأَمَةِ حَدًّا حَتَّى تزوَّج زوجاً حرّاً (1) . ونجده أحياناً أخرى لا يبين ممن الشك، لكن يغلب على الظن أنه منه، كقوله: ((عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ أَوْ غيره)) (2) ، وقوله: ((أرَاهُ قَالَ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ)) (3) . وقد يعقب على بعض الأحاديث تعقيباً يزيل الإشكال الوارد في سند الحديث، كبيان مبهم في الإسناد، أو بيان نسب بعض الرواة. فمن أمثلة بيانه للمبهم في الإسناد: ما أخرجه من طريق شيخه عيسى بن يونس، عن الأوزاعي، عن عبد الله بن سعد، عن الصنابُحي، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - سمَّاه، قال: نهى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - عن الأغلوطات. قال الأوزاعي: يعني شرار المسائل. ثم عقّب سعيد على الحديث ببيان ذلك الصحابي المبهم، فقال: ((قال سعيد: هذا عن معاوية، ولكنه لم يسمِّه)) (4) . ومن أمثلة بيان نسب بعض الرواة: ما أخرجه من طريق شيخه أبي وكيع الجراح ين مليح، عن الهزهاز بن ميزان، أن عدي بن فرس خيَّر امرأته ثلاثاً ... الحديث. ثم عقب عليه سعيد بقوله: ((قال سعيد: فَرَسُ: جَدُّ وكيع)) (5) .

_ (1) الحديث رقم [613] . (2) الحديث رقم [286] . (3) الحديث رقم [558] . (4) المطبوع من سنن سعيد بتحقيق الأعظمي (1 / 282 رقم 1179) . (5) المرجع السابق (1 / 386 رقم 1660) .

وقد يكون تعقيبه لبيان تفرُّد بعض الرواة بالحديث؛ مثل قوله: ((ليس هذا الحديث عند أحد إلا عند أبي معاوية)) (1) . وهذا كله فيما يتعلق بالإسناد. وأما المتن فإنه يحرص على عدم تكراره ما أمكن. فنجده أحياناً يورد الحديث بتمامه في موضع، ويختصره في موضع آخر فلا يوردُ منه إلا موضع الشاهد، كالحديثين رقم [426، 427] ، فإنه أورد منهما ما يتعلق بفضل آية الكرسي فقط، بينهما أوردهما بتمامهما في تفسير سورة النحل كما بيّنته في تخريج الحديثين المشار إليهما. ونجده كثيراً ما يحيل اللفظ على لفظ سابق قائلاً: ((مثله)) (2) ، أو: ((مثل ذلك)) (3) ، أو: ((قال ذلك)) (4) ، أو: ((مثل قول. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ (1) المرجع السابق أيضاً (1 / 81 رقم 311) . (2) ومثاله الحديث رقم [119] أخرجه من طريق شيخه هشيم، نا لَيْثٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: اشْتَرِ الْمَصَاحِفَ ولا تبعها. ثم أخرجه برقم [120] فقال: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا، عَنِ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِثْلَهُ. وانظر أمثلة أخرى في المطبوع من السنن بتحقيق الأعظمي (2 / 8، 48، 62) ، والحديث الآتي برقم (513) . (3) ومثاله الحديث رقم [332] أخرجه من طريق شيخيه أبي عَوَانَةَ وَهُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَالشَّعْبِيِّ أَنَّهُمَا قَالَا: شَوَّالٌ، وَذُو الْقَعْدَةِ، وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الحجة [يعني قَوْلُهُ تَعَالَى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} ] ، ثم أخرجه بعده برقم [333] ، فقال: نا هُشَيْمٌ، نَا يُونُسُ، عَنِ الحسن، مثل ذلك. وانظر أمثلة أخرى في المطبوع من السنن (1 / 185، 251) ، (2 / 8، 48، 76، 79) ، والأحاديث الآتية برقم [118، 280، 372، 446، 632] . (4) ومثاله ما أخرجه عن عطاء برقم [340] أَنَّهُ قَالَ: الرَّفَثُ: الْجِمَاعُ، وَالْفُسُوقُ: =

فلان)) (1) ... ، وهكذا. ويظهر من طريقته الدِّقَّةُ في بيان فروق الألفاظ، فإنه أخرج حديثاً من طريق شيخه سفيان بن عيينة، نا ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ وَأَيُّوبُ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ بِهِ وَهُوَ يُوقِدُ تَحْتَ قِدْرٍ لَهُ، والقَمْلُ يَتَهَافَتُ عَلَى وَجْهِهِ، فَقَالَ: أَيُؤْذِيكَ هوامُّك؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: احْلِقْ رَأْسَكَ، وانسُكْ نَسِيكَةً، أَوْ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ فَرَقاً بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ. ثم قَالَ: وَقَالَ سُفْيَانُ: قَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ: اذْبَحْ شَاةً، وَقَالَ أيوب: انسك نسيكة (2) . وإذا كان أكثر لفظ الحديث مثل لفظ الحديث السابق، واختلف بعض لفظه، عطف المماثل على مثله، وبيَّن اللفظ المختلف؛ كالحديث الذي أخرجه من طريق شيخه حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَبيدة السَّلْماني، قَالَ: أَتَى عَلِيًّا رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ، وَمَعَهُمَا فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ، فَبَعَثَ عَلِيٌّ حَكَماً مِنْ أَهْلِهَا وحَكَماً من أهله،

_ = الْمَعَاصِي، وَالْجِدَالُ: الْمِرَاءُ فِي الْحَجِّ حتى يغضبوا، ثم أخرجه بعده برقم [341] من طريق شيخه هُشَيْمٌ، أنا حَجَّاجٌ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ ذلك. وانظر المطبوع من السنن (2 / 80) . (1) ومثاله ما جاء في المطبوع من السنن (2 / 7) في رجل طلق امرأته قبل أن يدخل بها، فظن له عليها رجعة، فواقعها، فساق بسنده عن حماد بن أبي سليمان أنه قال: عليه مهر ونصف، ثم قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: أنا يُونُسُ وَمَنْصُورٌ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قال: صداق واحد. نا هشيم، عن محمد بن سالم، عن الشعبي، مثل قول الحسن. (2) الحديث رقم [291] .

ثُمَّ قَالَ لِلْحَكَمَيْنِ: أَتَدْرِيَانِ مَا عَلَيْكُمَا؟ إِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تفرِّقا، فَرَّقْتما، وَإِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تَجْمَعَا، جَمَعْتُمَا. فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: رَضِيتُ بِكَلِمَاتِ الله لي وعليَّ، قال الزَّوْجُ: أَمَّا الْفُرْقَةُ فَلَا، فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كَلَّا وَاللَّهِ، حَتَّى تقرَّ بِمِثْلِ مَا أقرَّت به (1) . ثم أخرجه بعده من طريق آخر، فقال: نا هُشَيْمٌ، نا مَنْصُورٌ وَهِشَامٌ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَبِيدَةَ، بِمِثْلِهِ. فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: رَضِيتُ وسلَّمت، فَقَالَ الزَّوْجُ: أَمَّا الفُرْقَة فَلَا، فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَيْسَ ذَاكَ لَكَ، لستَ ببارِحٍ حَتَّى تَرْضَى بِمِثْلِ مَا رَضِيَتْ به (2) . ومثله إذا زاد أحد الرواة لفظاً ليس عند الآخر؛ كقوله: نَا أَبُو عَوَانَةَ وَهُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: مَنْ لَمْ يَصُمِ الثَّلَاثَةَ أَيَّامٍ الَّتِي فِي الْحَجِّ آخِرُهَا يَوْمُ عَرَفَةَ، فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْهَدْيُ. قَالَ أَبُو بِشْرٍ: فَقُلْتُ لِسَعِيدٍ: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ؟ قَالَ: فَلْيَبِعْ ثَوْبَهُ. وَزَادَ هُشَيْمٌ: ويشتري شاة بثلاثة دراهم (3) . ومن منهج المصنِّف في الرواية: اهتمامه بالفقهيات حتى في التفسير، فتجده يعرض للمسائل المختلف فيها، فيسوق أقوالهم في هذه المسائل بإسناده إليهم، مثل مسألة بيع المصاحف وشرائها والإجارة على نسخها والأجرة على تعليم القرآن، فإنه أورد فيها أربعة وعشرين حديثاً وأثراً من رقم [102] حتى رقم [125] من هذه الرسالة. ومثله الصلاة الوسطى والخلاف فيها، هل هي صلاة العصر أو

_ (1) الحديث رقم [628] . (2) الحديث رقم [629] . (3) الحديث رقم [321] .

الصبح؟ فأورد فيها من الأحاديث والآثار من رقم [392] حتى رقم [403] من هذه الرسالة. وأمثال ذلك كثير. ومن منهجه في الرواية أيضاً: إيراده الحديث الواحد بأسانيد متعددة، مثل حديث ابن مسعود حينما قال لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -: ((اقرأ علي)) ، قال: يا رسول اللَّهِ، أَقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟ قَالَ: ((إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ من غيري ... )) الحديث. أورد سعيد هذا الحديث من أربع طرق وهي الآتية برقم [51، 52، 53، 56] . وكذا حديث كعب بن عجرة رضي الله عنه في فدية الأذى أورده من سبع طرق، وهي الآتية برقم [289، 290، 291، 292، 293، 296، 297] . ومن منهجه في الرواية أيضاً: تعقيبه على بعض الأحاديث أحياناً ببيان ما يحتاج إلى بيان، فإنه ذكر أن عبيد بن عمير قرأ: {يهدي بهُ الله} (1) بين أن هذه القراءة لغة (2) . وقد يكون التعقيب لنقد رأي فقهي، أو ترجيح رأي آخر، كقوله: ((بئس ما قال)) (3) إذا أورد بعض الآراء، أو كقوله: ((القول ما قال مجاهد)) (4) . د - تراجمه للأبواب: ليس في هذا القسم المحقق أبواب يترجم لها بخلاصة ما فيها من

_ (1) الآية (16) من سورة المائدة. (2) انظر الحديث الآتي برقم [724] . (3) السابق أيضاً (1 / 276 رقم 1151) . (4) المرجع السابق أيضاً (1 / 247 رقم 1019) .

مباحث، وإنما بوب للسُّوَر التي تطرق لتفسيرها، كقوله: ((باب تفسير فاتحة الكتاب)) (1) ، و: ((باب تفسير سورة البقرة)) (2) ، وهكذا. وكان بالإمكان الإتيان ببعض التراجم في هذا القسم في فضائل القرآن، فإنه اشتمل على الكثير من المباحث، كالحث على قراءة القرآن، والحث على تعاهده والتحذير من نسيانه، والحث على تعلمه وتعليمه، وما جاء في ختم القرآن والدعاء عند ختمه، وهكذا في مباحث عدة أهملها المصنِّف ولم يبوِّب لها في الكتاب بشيء، وإنما قال: ((فضائل القرآن)) (3) ، وسرد الأحاديث والآثار سرداً بلا تبويب. ولكن بالرجوع إلى المطبوع من السنن بتحقيق الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي والقسم الذي لا يزال مخطوطاً نجد أن المصنف يترجم للأبواب بخلاصة ما تضمنته من مباحث فقهية بترجمة مُطْلَقَة تدلّ على فقهه واستنباطه، ثم يورد تحتها من الأحاديث والآثار ما يندرج في تلك الترجمة ويقيِّد ما فيها من إطلاق؛ كقوله في كتاب الفرائض: باب الرجل إذا لم يكن له وارث يضع ماله حيث شاء (4) ، ثم أورد في هذا الباب أربعة أحاديث موقوفة على ابن مسعود، يذكر فيها أن الرجل يضع ماله حيث شاء إذا لم يُعْلَمْ له عصبة، ثم أورد بعده أثرين عن عَبيدة السلماني، وأثرين عن مسروق بنفس المعنى. وهكذا يصنع في كل باب؛ كقوله في كتاب النكاح: باب ما جاء في النهي عن أن يخطب الرجل على خطبة أخيه (5) ، وباب ما

_ (1) انظر (ص 505) من هذه الرسالة. (2) انظر (ص 544) من هذه الرسالة. (3) انظر (ص 5 - 7) من هذه الرسالة. (4) المطبوع من السنن بتحقيق الأعظمي (1 / 60) . (5) المرجع السابق (1 / 165) .

جاء في الرجل لا ينكح على عمّتها وخالتها (1) ، وكقوله في كتاب الطلاق: باب ما جاء في الرجل يسلم وعنده أكثر من أربع نسوة أو أختان (2) ، وكقوله في كتاب الجهاد: باب ما جاء في فضل الجهاد في سبيل الله (3) ، وكقوله في كتاب الزهد: باب مداراة الرجل نفسه لما بعد الموت (4) ، وباب التواضع وقلّة الشيء (5) . وجميع هذه التراجم وأمثالها تدل على فقه سعيد واستنباطه، لكنه يورد الحديث في أجمع المواضع لمضمون الحديث، ولا يكرره إلا نادراً، كالحديث الآتي برقم [354] ، وهو قول سعيد بن جبير الْأَيَّامُ الْمَعْلُومَاتُ أَيَّامُ الْعَشْرِ، وَالْأَيَّامُ المعدودات أيام التشريق. أورد سعيد هذا الأثر في تفسير قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أيام معدودات} (6) ، ثم أعاده في تفسير سورة لحج، عند قوله تعالى: {ويذكروا اسم الله في أيام معلومات} (7) . وعند تفسير قَوْلُهُ تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حقاً على المتقين} (8) ، أورد قول الحسن البصري رحمه الله: مَنْ أَوْصَى لِغَيْرِ ذِي قَرَابَتِهِ، فَلِلَّذِينَ أَوْصَى لَهُمُ ثُلُثُ الثُّلُثِ، ولقرابته ثلثا الثلث (9) .

_ (1) السابق أيضاً (1 / 166) . (2) المرجع السابق (2 / 22) . (3) المرجع السابق (2 / 124) . (4) المخطوط من السنن (ل 191 / أ) . (5) المخطوط من السنن (ل 193 / ب) . (6) الآية (203) من سورة البقرة. (7) الآية (28) من سورة الحج. (8) الآية (180) من سورة البقرة. (9) وهو الحديث الآتي برقم [254] .

وهذا القول كان قد أخرجه في كتاب الوصايا، باب هل يوصي الرجل من ماله بأكثر من الثلث (1) . لكن هذا التكرار عند سعيد ليس بكثير، وإذا كرره، ففي موضعين تقريباً، لا كما يصنع بعض من يُعْنَى بكثرة الاستنباط من الحديث، فيعيده في مواضع متعددة، تحت تراجم مختلفة، كالبخاري. فحديث أبي هريرة- مثلاً- عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - أنه قال: ((والذي نفسي بيده، لولا أن أشقّ على المؤمنين، ما قعدت عن سرية تغزو في سبيل الله أبداً، ولكن لا أجد سعة، ولا يجدون قوّة فيتبعوني، ولا تطيب أنفسهم أن يقعدوا بعدي)) . هذا الحديث أخرجه سعيد في كتاب الجهاد، باب ما جاء في فضل الجهاد فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (2) ، وأخرجه البخاري في موضع مشابه؛ في كتاب الجهاد، باب أفضل الناس مؤمن مجاهد بنفسه وماله في سبيل الله (3) ، ولكنه- أي البخاري- لم يقتصر على هذا الموضع، بل أخرجه أيضاً في الإيمان، باب الجهاد من الإيمان (4) ، وفي الجهاد أيضاً، باب تمني الشهادة (5) ، وباب الجعائل والحملان في سبيل الله (6) ، وفي كتاب الخمس، باب قوله - صلى الله عليه وسلم -: أحلت لكم الغنائم (7) ، وفي التمني، باب ما جاء في التمني ومن تمنى الشهادة (8) ، وفي التوحيد، باب

_ (1) المطبوع من سنن سعيد بتحقيق الأعظمي (1 / 93 رقم 355) . (2) المرجع السابق (2 / 124 رقم 2300) . (3) صحيح البخاري (6 / 6) . (4) المرجع السابق (1 / 92) . (5) المرجع السابق أيضاً (6 / 16) . (6) المرجع السابق أيضاً (6 / 124) . (7) المرجع السابق أيضاً (6 / 220) . (8) المرجع السابق أيضاً (13 / 217) .

باب قوله تعالى: {ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين} (1) ، وباب قوله تعالى: {قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي} (2) . وقد تكون الترجمة عند سعيد بلفظ الاستفهام، وهذا كثير؛ كقوله في كتاب الوصايا، باب هل يقضي الحي النذر عن الميت (3) ؟ وفي كتاب النكاح قال: باب ما جاء في الرجل يتزوج المرأة، فتموت قبل أن يدخل بها أو يطلقها، هل يصلح له أن يتزوج أمها (4) ؟ وفي كتاب الطلاق قال: باب الرجل يفجر بالمرأة، أله أن يتزوج بها، أو يتزوج أمها (5) ؟. وهكذا يصنع البخاري في بعض التراجم، وذلك حيث لا يتجه له الجزم بأحد الاحتمالين، وغرضه بيان هل يثبت ذلك الحكم أو لم يثبت، فيترجم على الحكم، ومراده ما يتفسر بعد؛ من إثباته أو نفيه، أو أنه محتمل لهما، وربما كان أحد المحتملين أظهر، وغرضه: أن يبقى للنظر مجالاً، وينبّه على أن هناك احتمالاً، أو تعارضاً يوجب التوقف، حيث يعتقد أن فيه إجمالاً، أو يكون المدرك مختلفاً في الاستدلال به، ذكر ذلك الحافظ ابن حجر (6) . ولا يظهر أن سعيد بن منصور يريد ذلك، فإنه قد يترجم بلفظ الاستفهام، ويرجح أحد القولين، كقوله: باب المتوفى عنها زوجها، أين تعتد؟ وذكر حديث فاطمة بنت قيس أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - أمرها أن تعتد

_ (1) المرجع السابق أيضاً (13 / 441) . (2) المرجع السابق أيضاً (13 / 444) . (3) المطبوع من السنن بتحقيق الأعظمي (1 / 105) . (4) المرجع السابق (1 / 227) . (5) المرجع السابق (1 / 398) . (6) في هدي الساري (ص 14) .

في غير بيت زوجها، وإنكار عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عنه لذلك بقوله: ما كنا نجيز في ديننا شهادة امرأة لا ندري لعلها نسيت أو شُبِّه لها، ثم أورد سعيد أثراً عن الشعبي أنه قال: امرأة من قريش ذات عقل ورأي، أتنسى قضاء قضي عليها؟ ثم عقب سعيد على ذلك بقوله: ((قال سعيد: وقول عمر أحبّ إلينا من هذا)) (*) . وقد تكون الترجمة عنده طويلة؛ كقوله في كتاب الطلاق: باب الرجل له أربع نسوة، فنهى واحدة عن الخروج، فوجد امرأة من نسائه قد خرجت، فقال: فلانة أنت طالق، أَيَّتُهُنَّ تطلق منه؟ (1) . وقد تتكرر عنده بعض التراجم؛ كقوله في كتاب الزهد: باب الزهد (2) ، ثم بعده بثلاثة أبواب قال: باب الحلم والتواضع والزهد (3) ، ثم بعده بثلاثة أبواب قال: باب الزهد في الدنيا (4) ، ثم بعده بباب واحد قال: باب الزهد والتواضع وما يكره من عجب الرجل بعمله (5) . ومثله ما جاء في كتاب الزهد أيضاً: باب ما جاء في دعاء النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (6) ، ثم بعده بخمسة أبواب قال: باب ما جاء في دعاء النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أيضاً (7) ، ثم بعده بخمسة أبواب أيضاً قال: باب ماجاء في

_ (*) المطبوع من سنن سعيد بن منصور بتحقيق الأعظمي (1 / 316، 321) . (1) السابق أيضاً (1 / 282) . (2) المخطوط من السنن (ل 203 / ب) . (3) المرجع السابق (ل 205 / ب) . (4) المرجع السابق (ل 206 / أ) . (5) المرجع السابق (ل 207 / ب) . (6) المرجع السابق (ل 221 / أ) . (7) المرجع السابق (ل 221 / ب) .

دعاء النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (1) . وكان بإمكان المصنف أن يضمّ هذه الأبواب وأمثالها بعضها إلى بعض وينسِّق بينها. كما أننا نجده أحياناً يبوِّب بباب جامع، ويورد فيه أحاديث بإمكانه أن يترجم لها، كقوله في كتاب الزهد: باب ما جاء في جامع (2) ، وأورد فيه حديثه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((مَا كان من حزن في القلب أو في العين فإنما هو رحمة، وما كان باللسان أو باليد فإنما هو من الشيطان)) ، وحديثه - صلى الله عليه وسلم -: ((إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم، فحسنوا أسماءكم)) ، وقول الشعبي: ترِّبوا الكتاب، فإنه أعظم للبركة، وأنجح للحاجة، وقول الضحاك: رخّص رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - للحامل والمرضع أن تفطرا وتقضيا (3) صياماً ... ، وعدة آثار في مواضيع متعددة، يمكن أن يلحق كل منها بموضوعه، فما كان بالأدب يلحق بكتاب الأدب، وما كان يتعلق بالصيام أُلحق بكتاب الصيام، وهكذا. ومثله أيضاً الأبواب التي لم يترجم لها، كقوله في كتاب الزهد أيضاً: بَابٌ (4) ، نَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بن عمير، عن عمرو بن حريث، عن سعيد بن زيد، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - قال: ((الكَمْأَةُ من المنّ ... )) الحديث، ثم أورد بعده أثراً وحديثاً في فضل أهل المغرب، وأثراً في زهد عمر. وفي كتاب الزهد أيضاً قال: بَابٌ (5) ، نَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ

_ (1) المرجع السابق (ل 222 / ب) . (2) المرجع السابق (ل 232 / أ) . (3) في الأصل: ((يفطران ويقضيان)) . (4) المخطوط من السنن (ل 227 / ب) . (5) المرجع السابق (ل 228 / أ) .

ابن عمير، عن الربيع بن عميلة، قال: سمعت من عبد الله كلمة ما سمعت يعني بعدَ آيةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وجل، ولا حديثِ رسولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - شيئاً أحبّ إليّ ولا أعجب إليّ منها؛ سمعته يقول: ((بحسب امريء إذا رأى منكراً لم يُسَمعْ له، غير أن يعلم الله من قلبه أنه له كاره)) . ثم أورد هذا الأثر من طريقين آخرين، وأثراً آخر بمعناه عن ابن مسعود أيضاً، وأثراً آخر عنه أيضاً في الفتن. هـ - أنواع المرويات عنده: سبق الحديث عن موضوع السنن لسعيد بن منصور (1) ، وبيّنت هناك أنه من الكتب التي صُنِّفت لتضمّ الأحاديث المسندة وغير المسندة، وهو شبيه بمصنفي عبد الرزاق وابن أبي شيبة الذين يضمّان العديد من الأحاديث والآثار، ففيها المرفوع- سواء كان موصولاً أو مرسلاً-، وفيها الموقوف، وفيها المقطوع. وهكذا سنن سعيد بن منصور. فهذا القسم الذي قمت بتحقيقه يضم تسعة وستين وثمانمائة من الأحاديث والآثار، منها واحد وخمسون ومائة حديث مرفوع، وهي قسمان: موصولة ومرسلة. فالموصول منها: اثنان وثمانون حديثاً، والمرسل: تسعة وستون حديثاً. وأما الموقوفة فعددها خمسة وعشرون وثلاثمائة حديث. وأما المقطوعة فعددها ستة وثلاثون وأربعمائة حديث، أكثرها عن التابعين، وبعضها- وهو قليل- عن أتباع التابعين؛ كقوله: نا

_ (1) (ص 167) .

سُفْيَانُ- وَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وإسماعيل ربنا تقبل منا} - قَالَ: سَأَلَا الْقَبُولَ، وَتَخَوَّفَا أَنْ يَكُونَ مِنْهُ شَيْءٌ لَا يُتَقَبَّلُ منهما (1) . وكقوله أيضاً: سَمِعْتُ فُضَيْلًا (2) يَقُولُ- فِي قَوْلِهِ: {فاذكروني أذكركم} - قَالَ: اذْكُرُونِي بِطَاعَتِي، أَذْكُرْكُمْ بِمَغْفِرَتِي (3) . وفيما يلي ذكر لأرقام الأحاديث موزّعة على انواع المرويات عنده، علماً بأن الرقم قد يرد في نوعين- وهو قليل- لاشتماله عليهما. أولاً: المرفوع: o الموصول منه: 9، 14، 16، 18، 20، 21، 23، 26، 31، 32، 35، 36، 45، 51، 56، 58، 69، 72، 109، 128، 129، 131، 132، 156، 166، 167، 168، 169، 178، 187، 215، 222، 223، 224، 277، 289، 290، 291، 292، 293، 352، 368، 369، 392، 393، 408، 417، 424، 450، 451، 475، 476، 478، 492، 501، 503، 539، 540، 544، 552، 587، 594، 597، 663، 666، 677، 681، 686، 694، 695، 696، 697، 699، 706، 748، 762، 768، 816، 821، 822، 841، 857. o المرسل منه: 5، 25، 30، 33، 46، 52، 53، 55، 57، 68، 75، 77، 78، 130، 160، 179، 193، 210، 230، 234، 239، 253، 275،

_ (1) الحديث رقم [219] . (2) يعني ابن عياض. (3) الحديث رقم [229] .

283، 246، 347، 407، 428، 429، 474، 479، 480، 483، 500، 502، 506، 507، 515، 518، 524، 538، 543، 552، 554، 572، 584، 586، 623، 624، 648، 660، 661، 682، 685، 688، 692، 693، 695، 696، 697، 700، 701، 702، 713، 751، 771، 798، 808، 811. ثانياً: الموقوف: 1، 2، 3، 4، 6، 7، 8، 13، 16، 17، 24، 27، 29، 34، 37، 39، 42، 43، 48، 49، 50، 54، 58، 59، 60، 62، 63، 67، 70، 71، 74، 80، 81، 89، 91، 94، 95، 97، 104، 108، 119، 120، 124، 126، 127، 133، 134، 136، 139، 140، 141، 142، 143، 146، 147، 148، 149، 150، 153، 154، 155، 156، 157، 158، 159، 161، 162، 163، 164، 165، 169، 170، 171، 172، 174، 175، 176، 177، 180، 181، 188، 189، 191، 195، 201، 203، 206، 207، 208، 215، 225، 226، 231، 232، 233، 245، 246، 248، 250، 251، 252، 258، 259، 260، 267، 269، 270، 273، 279، 281، 284، 285، 287، 289، 292، 293، 296، 297، 298، 299، 300، 301، 302، 310، 311، 312، 313، 314، 315، 316، 317، 318، 319، 328، 429، 331، 334، 338، 339، 341، 344، 345، 350، 351، 353، 355، 360، 365، 366، 367، 370، 375، 376، 383، 394، 398، 401، 402، 403، 416، 418، 419، 421، 423، 426، 427، 431، 432، 435، 437، 438، 440، 443، 444، 454، 455، 466، 467، 468، 473، 477، 481، 482، 485، 486، 487، 489، 493، 496، 508، 512، 513، 519، 520، 521، 522، 523، 526، 528، 531، 535، 541، 545، 547، 549، 558، 570، 571، 588، 589، 590، 591، 592، 593، 595، 600، 601، 605، 611، 613،

614، 615، 616، 620، 625، 628، 629، 638، 639، 640، 641، 644، 645، 646، 647، 649، 650، 651، 652، 657، 658، 659، 666، 667، 668، 669، 670، 671، 673، 675، 676، 677، 681، 683، 687، 708، 709، 710، 715، 716، 718، 726، 741، 742، 745، 749، 750، 752، 757، 758، 763، 765، 769، 772، 773، 774، 780، 781، 782، 783، 785، 786، 787، 788،789، 790، 791، 795، 799، 805، 806، 807، 809، 812، 814، 815، 817، 818، 819، 820، 823، 824، 825، 832، 833، 834، 835، 836، 837، 838، 839، 840، 842، 843، 844، 846، 847، 848، 849، 850، 860، 863، 864، 865، 868. ثالثاً: المقطوع: 10، 11، 12، 15، 19، 22، 28، 38، 40، 41، 44، 47، 61، 64، 66، 73، 76، 78، 79، 82، 83، 84، 85، 86، 87، 88، 89، 90، 92، 93، 96، 98، 99، 100، 101، 102، 103، 104، 105، 106، 107، 110، 111، 112، 113، 118، 121، 122، 123، 125، 135، 137، 138، 144، 145، 151، 152، 158، 163، 172، 173، 182، 183، 184، 185، 186، 190، 192، 194، 196، 197، 198، 199، 200، 202، 204، 205، 209، 211، 212، 213، 214، 216، 217، 218، 219، 220، 221، 227، 228، 229، 234، 235، 236، 237، 238، 239، 240، 241، 242، 243، 244، 247، 249، 253، 254، 255، 256، 257، 261، 262، 263، 264، 265، 266، 268، 271، 272، 274، 275، 276، 278، 280، 282، 283، 287، 288، 294، 295، 303، 304، 305، 306، 307، 308، 309، 310، 320، 321، 322، 323، 324، 325، 326، 327، 330، 332، 333، 335، 336، 337، 340، 342، 343، 346، 347، 348، 349، 354، 356، 357، 358،

359، 361، 362، 363، 364، 371، 372، 373، 374، 377، 378، 379، 380، 381، 382، 384، 385، 386، 387، 388، 389، 390، 391، 400، 404، 405، 406، 409، 410، 411، 412، 413، 414، 415، 420، 422، 425، 528، 429، 430، 433، 434، 436، 439، 441، 442، 445، 446، 447، 448، 449، 452، 453، 456، 457، 458، 459، 460، 461، 462، 463، 464، 465، 469، 470، 471، 472، 479، 484، 485، 488، 490، 491، 494، 495، 497، 498، 499، 502، 504، 505، 509، 510، 511، 514، 516، 517، 524، 525، 527، 529، 530، 531، 532، 533، 534، 536، 537، 542، 546، 548، 550، 551، 553، 554، 555، 556، 557، 558، 559، 560، 561، 562، 563، 564، 565، 566، 567، 568، 569، 573، 574، 575، 576، 577، 578، 579، 580، 581، 582، 583، 584، 585، 596، 598، 599، 602، 603، 604، 606، 607، 608، 609، 610، 612، 617، 618، 619، 621، 622، 626، 630، 631، 632، 633، 634، 635، 636، 637، 640، 642، 643، 644، 653، 657، 658، 662، 664، 672، 674، 675، 678، 679، 680، 681، 684، 687، 689، 690، 691، 698، 703، 704، 705، 707، 711، 712، 713، 714، 717، 719، 720، 721، 722، 723، 724، 725، 727، 729، 730، 731، 732، 733، 734، 735، 736، 737، 738، 739، 740، 743، 744، 746، 747، 751، 753، 754، 755، 756، 759، 760، 761، 764، 766، 767، 770، 775، 776، 777، 778، 779، 784، 789، 792، 793، 794، 796، 797، 798، 800، 801، 802، 803، 804، 805، 806، 808، 810، 813، 826، 827، 828، 829، 830، 831، 839، 845، 851، 852، 853، 854، 855، 856، 858، 859، 861، 862، 866، 867، 869.

و - درجة أحاديث الكتاب: جرت عادة أكثر المصنِّفين في العصر الذي عاش فيه سعيد بن منصور أن أحدهم إذا صنَّف أخرج في كتابه الصحيح والحسن والضعيف. وكانوا يتجنَّبون الموضوع، وكذا المنكر وما اشتدّ ضعفه في الغالب. فالإمام أحمد كان يحتجّ بعمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّه، إذا لم يكن في الباب غيره (1) . ولما سئل عن عمرو بن شعيب قال: ربما احتجبنا بحديثه، وربما وجس في القلب منه (2) . وقال مرَّةً لابنه: ((لو أردت أن أقتصر على ما صحّ عندي، لم أرو من هذا المسند إلا الشيء بعد الشيء، ولكنك يا بني تعرف طريقتي في الحديث: أني لا أخالف ما يضعف، إلا إذا كان في الباب شيء يدفعه)) (3) . وكان يقول: ((لا تكاد ترى أحداً ينظر في الرأي، إلا وفي قلبه دَغَل، والحديث الضعيف أحبّ إليّ من الرأي)) (4) . وكذا كان تلميذه أبو داود صاحب السنن، فإنه يخرج أحاديث جماعة من الضعفاء في الاحتجاج ويسكت عنها؛ مثل ابن لهيعة، وصالح مولى التَّوْأَمَة، وعبد اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، وموسى بن وردان، وسلمة بن الفضل، ودلهم بن صالح، وغيرهم (5) .

_ (1) نقله الحافظ ابن حجر في النكت على كتاب ابن الصلاح (1 / 436) عن ابن المنذر. (2) ذكره الأثرم عن الإمام أحمد كما في الميزان (3 / 265) . (3، 4) النكت على كتاب ابن الصلاح (1 / 437) . (5) المرجع السابق (1 / 438) .

بل قد يخرج لمن هو أضعف من هؤلاء بكثير، كإسحاق بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فروة وغيره من المتروكين (1) . ويوجد في كتابه عدد من الأسانيد المنقطعة، وأحاديث المدلِّسين التي لم يصرِّحوا فيها بالسماع، وأسانيد فيها من أُبهمت أسماؤهم (2) . وكذلك النسائي، كان من مذهبه: أنه يخرج عن كل من لم يتفق المحدِّثون على تركه (3) . ولذا يقول السيوطي في ألفيَّته (4) : يروي أبو داود أقوى ما وَجَدْ ... ثم الضعيفَ حيثُ غَيْرَهُ فَقَدْ والنَّسَائِي: من لم يكونوا اتفقوا ... تركاً له. . . . . . . . . . . وكتاب سعيد بن منصور شبيه بهذه الكتب وأمثالها في ذلك؛ فإنه تضمَّن جملة كبيرة من الأحاديث الصحاح والحسان، وفيه الضعيف الذي لم يشتدَّ ضعفه، وفيه عدد يسير من الأحاديث الشديدة الضعف التي قد تختلف وجهات النظر في الحكم عليها بشدة الضعف من عدمه. وقد بلغ عدد الأحاديث والآثار في هذا القسم المحقق تسعة وستين وثمانمائة حديث، منها ستة أحاديث توقفت في الحكم عليها لبعض الإشكال فيها، وهي رقم: [32، 310، 405، 526، 679، 865] ، وحديث آخر بعضه صحيح، وبعضه توقفت في الحكم

_ (1) السابق أيضاً (1 / 439 - 440) . (2) المرجع السابق أيضاً (1 / 440 فما بعد) . (3) منهج ذوي النظر (ص 42) . (4) (ص 17) .

عليه لبعض الإشكال في سنده، وهو رقم: [452] ، وقد أدرجته في عداد الصحيح؛ لما صحّ منه، فأصبح عدد الأحاديث المحكوم عليها ثلاثة وستون وثمانمائة حديث، بعضها صحيح لذاته، وبعضها حسن لذاته وارتقى للصحيح، وبعضها حسن لذاته ولم يرتق، وبعضها ضعيف ارتقى للصحيح، وبعضها ضعيف ارتقى للحسن، وبعضها ضعيف ولم يرتق، وبعضها ضعيف جداً صحّ متنه من وجه آخر، وبعضها ضعيف جداً ولم يصح متنه، وهذا الجدول يوضح عدد الأحاديث والنسبة المئوية لكل قسم، علماً بأن هناك بعض الأحاديث تضمنَّت حكمين، فجاءت مكررة في موضعين، وعددها واحد وثلاثون حديثاً:- * * *

جدول

وفيما يلي ذكر لأرقام الأحاديث موزعة على التقسيم السابق: أولاً: الصحيح لذاته: 3، 10، 15، 16، 17، 34، 36، 38، 44، 53، 61، 86، 91، 95، 99، 100، 104، 106، 110، 111، 112، 113، 114، 115، 116، 117، 121، 122، 123، 125، 128، 129، 131، 132، 136، 137، 138، 140، 141، 144، 146، 151، 152، 156، 164، 172، 173، 177، 182، 184، 185، 186، 187، 188، 190، 192، 194، 198، 202، 203، 207، 209، 214، 215، 217، 218، 219، 222، 223، 227، 229، 231، 236، 237، 238، 240، 241، 242، 243، 244، 246، 247، 248، 249، 252، 253، 254، 257، 258، 259، 260، 265، 266، 274، 277، 278، 280، 282، 284، 285، 286، 287، 288، 289، 290، 291، 295، 298، 299، 300، 302، 303، 305، 306، 308، 313، 314، 315، 318، 319، 321، 322، 324، 325، 326، 333، 335، 336، 338، 340، 342، 348، 349، 350، 352، 356، 357، 364، 366، 367، 371، 372، 374، 375، 377، 378، 382، 386، 387، 388، 389، 393، 394، 395، 397، 399، 404، 408، 409، 410، 411، 416، 420، 422، 426، 429، 430، 434، 435، 437، 439، 447، 450، 451، 452، 453، 455، 457، 460، 462، 463، 464، 465، 469، 470، 471، 475، 476، 477، 484، 490، 491، 498، 499، 501، 503، 504، 508، 509، 512، 513، 516، 519، 521، 523، 525، 527، 530، 531، 532، 535، 536، 537، 539، 545، 551، 556، 557، 558، 561، 562، 563، 565، 566، 567، 569، 570، 571، 573، 574، 576، 577، 579، 580، 585، 588، 589، 593، 594، 599، 600، 602، 603، 604، 605،

606، 607، 608، 609، 613، 614، 615، 616، 617، 618، 619، 624، 626، 627، 628، 629، 630، 631، 634، 635، 640، 641، 643، 651، 652، 654، 655، 657، 662، 666، 674، 676، 677، 684، 686، 694، 698، 703، 706، 710، 712، 715، 717، 718، 719، 720، 721، 722، 723، 724، 725، 726، 727، 728، 735، 736، 737، 741، 743، 744، 747، 748، 752، 755، 760، 765، 766، 767، 770، 772، 773، 776، 778، 780، 784، 785، 786، 787، 789، 791، 794، 796، 797، 800، 801، 804، 806، 809، 813، 814، 824، 825، 828، 829، 830، 833، 837، 840، 845، 847، 851، 852، 853، 855، 856، 857، 858، 860، 862، 864، 866. ثانياً: الحسن لذاته الذي ارتقى للصحيح: 6، 14، 21، 22، 27، 35، 89، 90، 118، 135، 143، 161، 176، 206، 276، 311، 383، 384، 392، 398، 403، 427، 443، 446، 456، 486، 511، 514، 549، 633، 681، 705، 761، 781، 790، 819، 859. ثالثاً: الحسن لذاته: 67، 98، 106، 183، 199، 204، 228، 267، 272، 433، 472، 542، 610، 646، 647، 649، 667، 678، 690، 691، 704، 756، 846. رابعاً: الضعيف الذي ارتقى للصحيح: 1، 2، 4، 7، 20، 24، 26، 28، 33، 42، 43، 48، 51، 52، 54، 56، 57، 58، 59، 62، 63، 74، 76، 82، 84، 88، 94، 96، 97، 119،

120، 124، 139، 142، 145، 147، 148، 153، 158، 159، 166، 167، 168، 174، 179، 189، 211، 213، 224، 225، 232، 245، 253، 268، 270، 275، 283، 292، 293، 294، 304، 312، 316، 317، 323، 329، 331، 337، 343، 344، 346، 347، 351، 353، 354، 355، 359، 361، 368، 369، 380، 385، 390، 391، 396، 401، 402، 414، 418، 423، 428، 429، 436، 444، 445، 448، 479، 480، 492، 500، 510، 544، 550، 552، 564، 572، 575، 584، 587، 590، 596، 597، 598، 601، 622، 638، 639، 644، 653، 656، 657، 658، 660، 661، 680، 682، 695، 696، 697، 699، 700، 701، 702، 709، 713، 730، 733، 734، 740، 749، 757، 758، 759، 768، 771، 774، 775، 777، 779، 788، 792، 793، 802، 803، 805، 806، 808، 810، 811، 812، 815، 816، 821، 822، 823، 831، 835، 836، 838، 841، 868. خامساً: الضعيف الذي ارتقى للحسن: 30، 31، 39، 45، 47، 58، 60، 103، 108، 109، 165، 169، 170، 172، 180، 181، 261، 323، 345، 376، 459، 467، 468، 510، 522، 540، 552، 659، 672، 673، 707، 733، 734، 763، 817، 818. سادساً: الضعيف: 5، 8، 9، 11، 12، 13، 19، 23، 29، 37، 40، 41، 46، 49، 50، 55، 64، 65، 66، 69، 70، 71، 73، 77، 78، 79، 80، 81، 83، 85، 87، 89، 92، 101، 102، 105، 107، 126، 130، 133، 134، 149، 150، 154، 155، 157، 160، 162، 163، 169، 171، 172، 175، 193، 195، 196، 197، 201، 205، 208، 212، 216، 220، 226،

233، 234، 235، 239، 250، 251، 255، 262، 263،264، 271، 279، 281، 296، 297، 301، 309، 320، 328، 330، 332، 334، 339، 341، 358، 360، 362، 363، 370، 373، 400، 406، 413، 418، 419، 424، 425، 431، 432، 438، 440، 441، 449، 454، 458، 461، 466، 472، 473، 478، 485، 488، 489، 493، 494، 495، 496، 497، 502، 505، 506، 507، 517، 518، 520، 529، 531، 533، 534، 536، 538، 541، 542، 543، 546، 547، 548، 553، 554، 555، 559، 560، 568، 572، 578، 580، 581، 583، 586، 591، 592، 595، 611، 612، 620، 621، 636، 637، 642، 645، 648، 649، 650، 656، 663، 664، 665، 668، 669، 670، 671، 675، 680، 683، 685، 687، 688، 689، 692، 693، 711، 714، 716، 729، 731، 738، 739، 745، 746، 750، 751، 753، 754، 759، 762، 764، 769، 775، 782، 783، 793، 795، 796، 798، 799، 803، 807، 820، 826، 827، 832، 834، 839، 842، 843، 848، 849، 850، 851، 854، 861، 863، 867، 869. سابعاً: الضعيف جداً: 18، 25، 68، 72، 75، 93، 127، 169، 178، 191، 200، 210، 221، 230، 256، 269، 273، 307، 327، 365، 379، 381، 412، 415، 421، 442، 474، 481، 483، 515، 524، 528، 582، 621، 623، 632، 665، 708، 732، 742، 844. ثامناً: الضعيف جداً الذي صح من وجه آخر: 407، 417، 482، 487. وهذه الأحاديث التي حكمت عليها بشدة الضعف- على قلّتها-

ثلاثة أقسام: 1- فقسم محل اجتهاد، وهي الأحاديث التي تتعدد أسباب الضعف فيها، فهذه بعضهم لا يلحقها بالضعيف الذي اشتد ضعفه. 2- والقسم الثاني: الأحاديث المُعْضَلَةُ، وهي قليلة العدد؛ لا تتجاوز سبعة أحاديث في هذا القسم. 3- والقسم الثالث: الأحاديث التي في سندها رواة اشتدّ ضعفهم، وهم من قيل فيه: ((متروك)) أو ((ضعيف جداً)) ، أو نحو ذلك. فهؤلاء قسمان: أ- فقسم- وهم الأكثر- من شيوخه الذين لقيهم، وعرف أحوالهم، واطلع على أحاديثهم، فميّز جَيَّدَها من رديئها. ولا شك أن المرء أشد معرفة بحديث شيوخه، وبصحيح حديثهم من ضعيفه ممن تقدم عصرهم. وبهذا اعتُذر عن البخاري فيما أخرجه في صحيحه من طريق بعض الرواة المُضَعَّفِين (1) . ب- وقسم ضعَّفهم العلماء جداً، لكنهم تساهلوا فيما يروونه مما ليس بمرفوع؛ كجويبر بن سعيد. فكثير من الأحاديث التي حكمت عليها بشدّة الضعف من روايته للتفسير عن الضحاك بن مزاحم، وهذه الرواية تساهل فيها العلماء. قال يحيى بن سعيد القطان: ((تساهلوا في أخذ التفسير عن قوم لا يوثقونهم في الحديث)) ، ثم ذكر الضحاك وجويبراً ومحمد بن السائب، وقال: ((هؤلاء لا يحمل حديثهم، ويكتب التفسير عنهم)) ، وقال أحمد بن سيار المروزي: ((جويبر بن سعيد كان من أهل بلْخ، وهو صاحب الضحاك، وله رواية ومعرفة بأيام الناس، وحاله حسن في التفسير، وهو ليِّن في الرواية)) ، وقال الإمام أحمد لما سئل

_ (1) كما في النكت على كتاب ابن الصلاح (1 / 288) .

عنه: ((ما كان عن الضحاك فهو أيسر، وماكان يسند عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - فهو منكر)) (1) . وقد يكون سعيد أخرج الحديث من طريق ذلك الراوي الذي اشتد ضعفه لكونه يرى أنه ضعيف فقط، فهو إمام ناقد، وله بعض الاجتهادات في أحوال الرجال؛ كتوثيقه عبد الله بن عبد العزيز الليثي وهو مُضَعَّف (2) . وبهذه الإحصائية يتضح خطأ ما قاله السيوطي في تدريب الراوي (3) حين قال: ((من مظان المعضل والمنقطع والمرسل: كتاب السنن لسعيد بن منصور، ومؤلفات ابن أبي الدنيا)) . وتابعه على قوله هذا: الكتّاني في الرسالة المستطرفة (4) . ووجه تخطئة السيوطي في كلامه هذا: تخصيصه سنن سعيد بن منصور دون سواها بوجود هذه الأنواع (المعضل والمنقطع والمرسل) بما يفيد كثرتها فيها، وهذا ليس بصحيح؛ فهذا القسم المحقق عدد أحاديثه تسعة وستون وثمانمائة حديث، ولم أجد فيه من المعضل سوى سبعة أحاديث، وهي رقم [72، 75، 191، 230، 415، 483، 515] . وأكثر هذه الأنواع- التي ذكرها- وجوداً في السنن هو المرسل، وعدد الموجود منه في هذا القسم: تسعة وستون حديثاً (5) ، وهذا إنما يشكل نسبة ثمانية في المائة فقط تقريباً (8%) . وليس وجود المرسل خاصاً بسنن سعيد بن منصور، لأن هناك

_ (1) تهذيب التهذيب (2 / 123 - 124) . (2) انظر (ص 95 - 96) من هذه المقدمة. (3) (1 / 214) . (4) (ص 34) . (5) كما تقدم (ص 191) .

من يشاركه في إخراج كثير من هذه الأحاديث المرسلة، ولم يجعل السيوطي كتابه من مظنَّة المرسل؛ كابن أبي شيبة، فإنه شارك سعيداً في إخراج كثير من هذه الأحاديث المرسلة، كالحديث رقم [30، 33، 53، 55، 57] وغيرها. هذا مع أن سعيد بن منصور لم يرد أن يجعل كتابه مقصوراً على الأحاديث المرفوعة المسندة، بل أدخل فيه المسند وغير المسند؛ كالموقوف والمرسل والمقطوع، وسبيل هذه واحد عند كل من صنف بناء على ذلك؛ لأنهم يحتجّون بالمرسل والموقوف؛ كالإمام مالك في الموطأ وغيره (1) . ز- مقارنته بطريقة علماء عصره: لما ابتدأت مرحلة التصنيف في عام ثلاثة وأربعين ومائة (2) ، كان معظم المصنفات التي صُنِّفت تضمّ أحاديث النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وما ورد عن الصحابة والتابعين مرتبة على الأبواب، إلى أن رأى بعض الأئمة أن تفرد أحاديث النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خاصة، وذلك في حدود عام مائتين (3) ، فصُنِّفت المسانيد التي أفردت أحاديث كل صحابي على حِدَةٍ غير مرتبة؛ فقد تجد حديثاً في النكاح يتلوه حديث في الصلاة، وهكذا، إلى أن جاءت طبقة بعدهم رتَّبت هذه الأحاديث المرفوعة على الأبواب الفقهية لا يخالطها شيء من الآثار عن الصحابة والتابعين في الغالب، كما في صحيحي البخاري (4) ومسلم، وسنن أبي داود والنسائي وابن ماجه،

_ (1) انظر النكت على كتاب ابن الصلاح (1 / 277 - 279) . (2) انظر ما تقدم (ص 52 / ق) . (3) انظر ما تقدم (ص 7 / ق) . (4) ولا يعني هذا خلوّ صحيح البخاري من الموقوف والمقطوع، فهي موجودة فيه، لكنه أخرجها عن موضوع الكتاب، فساقها في تراجم الأبواب محذوفة الأسانيد عمداً، =

وجامع الترمذي. ولا يعني هذا انقطاع التصنيف الذي يضم المرفوع والموقوف والمقطوع، بل استمرّ كما في مصنف عبد الرزاق (ت 211 هـ) ، وسنن سعيد بن منصور (ت 227 هـ) ، ومصنف ابن أبي شيبة (ت 235 هـ) ، وسنن الدارمي (ت 255 هـ) ، ومصنَّف بقيّ بن مخلد (ت 276 هـ) ، فإنها جميعها من الكتب التي صنِّفت على الأبواب، وتضمّ أحاديث النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وفتاوى الصحابة والتابعين. وشبه سنن سعيد- في الجملة- بمصنفي عبد الرزاق وابن أبي شيبة ظاهر. وتقدم ذكر قول ابن حزم (1) - وهو يذكر مصنفات بقي بن مخلد-: ((ومنها: مصنَّفه في فتاوى الصحابة والتابعين ومن دونهم، الذي أربى فيه على مصنف أبي بكر بن أبي شيبة، ومصنف عبد الرزاق، ومصنف سعيد بن منصور، وغيرها، وانتظم علماً عظيماً لم يقع في شيء من هذه)) . ويظهر هذا الشبه من خلال الكتب التي تضمنَّتها هذه المصنفات الثلاثة. فكتاب الوضوء (2) ، والصلاة، والجنائز، والمناسك، والجهاد، والفرائض، والأشربة، والعقيقة، والنكاح، والوصايا، وفضائل القرآن، جميعها من الكتب التي تضمنتها هذه المصنفات الثلاثة، إلا أن عبد الرزاق سمى كتاب الوضوء: كتاب الطهارة، وسماه ابن أبي شيبة:

_ = يصنع ذلك تنبيهاً واستشهاداً واستئناساً وتفسيراً لبعض الآيات. انظر النكت على كتاب ابن الصلاح (1 / 278) . (1) انظر (ص 131 - 132) من هذه المقدمة. (2) تقدم ذكر ما عثرت عليه من الكتب التي تضمنتها سنن سعيد بن منصور (ص 140) .

كتاب الطهارات (1) ، وسمى ابن أبي شيبة كتاب الصلاة: كتاب الصلوات، وكتاب المناسك: كتاب الحج. وكذا كتاب الزكاة، وصلاة العيدين، والصيام، والاعتكاف، واللقطة، والطلاق، جميعها جاءت عند عبد الرزاق أيضاً بهذا الاسم، وأما ابن أبي شيبة فإنه ذكر الأبواب المتعلقة بها، إلا أنه لم يرد عنده اسم الكتاب. وكتاب الأذان جاء عند ابن أبي شيبة هكذا، وأما عبد الرزاق فإنه أدخله ضمن كتاب الصلاة. وأما الصيد والحدود والأدب والزهد، فلم ترد عند عبد الرزاق، وهي موجودة عند ابن أبي شيبة. وأما كتاب صدقة الفطر، فجاء عند عبد الرزاق ضمن كتاب صلاة العيدين وعند ابن أبي شيبة ضمن أبواب الزكاة. وأما كتاب التفسير، فإن سعيد بن منصور أدخله ضمن السنن، وأفرده كل من عبد الرزاق (2) وابن أبي شيبة بتصنيف مستقلّ. وأما كتاب الجامع فلم يرد عند ابن أبي شيبة، وأما عبد الرزاق فجاء في آخر المطبوع من مصنفه (3) : كتاب الجامع، لكن مجرد الاطلاع عليه يدلّ على أنه الجامع لمعمر بن راشد، من رواية

_ (1) هذا إذا كانت التسمية منهما، فإن محققي الكتابين وضعا التسمية بين قوسين، فقد يكون ذلك من إضافتهما. (2) أما تفسير عبد الرزاق فإنه طبع في ثلاثة أجزاء بتحقيق الدكتور مصطفى مسلم، ونشرته مكتبة الرشد بالرياض عام 1410هـ. وأما تفسير ابن أبي شيبة فلا نعلم عنه شيئاً، وقد وصفه الذهبي في سير أعلام النبلاء (11 / 122) بأنه كبير. (3) (10 / 379) .

عبد الرزاق عنه. وثَمَّةَ كتب جاءت عند عبد الرزاق وابن أبي شيبة، ولم ترد فيما ذكر من كتب السنن، منها عند عبد الرزاق: كتاب الحيض، والجمعة، والمغازي، وأهل الكتاب، والبيوع، والشهادات، والمكاتب، والأيمان والنذور، والولاء، والمواهب، والصدقة، والمدبَّر، والعقول. وعند ابن أبي شيبة: كتاب الجمعة، والأيمان والنذور، والديات، وأقضية النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، والدعاء، والأمراء، والفضائل، والتاريخ، والجنة، وذكر النار، وذكر رحمة الله، والأوائل، والرد على أبي حنيفة، والمغازي، والفتن، والجمل. هذا عدا الأبواب التي لم يعنون لها ابن أبي شيبة بكتاب، كالبيوع وما يتعلق بها؛ كالرهن، والسلم، والسلف، وغير ذلك كثير. ولا يعني هذا الجزم بأن هذه الكتب ليست من محتويات السنن؛ لأن الذي ذكر ابن خير الإشبيلي إنما هو بعض كتب السنن، وعليه اعتمدت في معرفة بعض المفقود من كتب السنن كما سبق (1) . هذا بالإضافة إلى أن بعض هذه الكتب التي عند عبد الرزاق وابن أبي شيبة قد تكون ضمن كتب أخرى، فكتاب الحيض مثلاً عند عبد الرزاق، قد يكون سعيد أدخله في كتاب الوضوء، وكتاب الجمعة عندهما قد يكون سعيد أدخله ضمن كتاب الصلاة، وهكذا. وأكثر الكتابين شبهاً بسنن سعيد- من حيث محتوى كل كتاب- هو مصنف ابن أبي شيبة؛ يدل على ذلك موافقته له في إخراج كثير من الأحاديث والآثار في الكتب التي يتفقان عليها، بل إنه يتابعه

_ (1) انظر ما تقدم (ص 140) .

متابعة تامة في كثير من الأحاديث والآثار، لكونهما يتفقان في كثير من الشيوخ. وقد قمت بعمل مقارنة في كتاب اشترك هؤلاء الثلاثة- عبد الرزاق وسعيد وابن أبي شيبة- في إخراجه، وهو فضائل القرآن. فقد بلغ عدد أحاديث هذا الكتاب عند سعيد بن منصور: سبعة وستين ومائة حديث (1) ، أخرج عبد الرزاق منها: اثنين وأربعين حديثاً، بينما أخرج ابن أبي شيبة منها: اثنين وثمانين حديثاً، أي قريباً من ضعف ما أخرج عبد الرزاق، ونصف ما أخرج سعيد. وفيما يلي ذكر أرقام الأحاديث التي أخرجها كل من عبد الرزاق وابن أبي شيبة مما أخرجه سعيد:- 1- ما أخرجه عبد الرزاق: رقم [4، 7، 9، 14، 16، 17، 18، 21، 30، 47، 62، 77، 81، 83، 84، 89، 90، 97، 100، 101، 110، 113، 117، 118، 119، 120، 124، 131، 134، 135، 139، 142، 143، 146، 147، 149، 151، 155، 158، 161، 162، 164] . 2- ما أخرجه ابن أبي شيبة: رقم [1، 3، 4، 6، 7، 8، 10، 12، 14، 15، 16، 18، 21، 22، 24، 27، 28، 29، 30، 32، 33، 34، 35، 37، 39، 43، 44، 45، 47، 48، 51، 53، 54، 55، 56، 57، 58، 62، 63، 71، 80، 81، 82، 83، 84، 85، 87، 89، 91، 92، 97، 104، 110، 111، 116، 117، 118، 119، 120، 121، 122، 123، 124، 125، 128، 131، 134، 137،

_ (1) بداية هذا الكتاب (ص 7) ، ونهايته (ص 503) من هذا القسم المحقق.

140، 142، 143، 146، 147، 149، 151، 152، 155، 156، 157، 158، 164، 166] . وبرغم اتفاق سعيد وابن أبي شيبة على إخراج هذه الكمية من الأحاديث والآثار في هذا الكتاب، فإن ابن أبي شيبة رتبها وغيرها على أبواب، بينما سردها سعيد بلا تبويب. وفيما يلي ذكر لتراجم الأبواب التي ذكرها ابن أبي شيبة لهذه الأحاديث والآثار التي اتفق هو وسعيد على إخراجها، وفيه دلالة على أنه كان بإمكان سعيد أن يترجم بها، أو بما يشبهها من التراجم. فمن تلك الأبواب التي ذكرها ابن أبي شيبة في كتاب فضائل القرآن: باب ما جاء في إعراب القرآن، وباب ثواب من قرأ حروف القرآن، وباب في حسن الصوت بالقرآن، وباب في فضل من قرأ القرآن، وباب ما فسر بالشعر من القرآن، وباب في تعاهد القرآن، وباب في نسيان القرآن، وباب من كره أن يتأكَّل بالقرآن، وباب في التمسك بالقرآن، وباب التنطع بالقراءة، وباب في الماهر بالقرآن، وباب في الرجل إذا ختم ما يصنع، وباب من قال: يشفع القرآن لصاحبه يوم القيامة، وباب من قال لصاحب القرآن: اقرأ وارقه، وباب فيمن تعلم القرآن وعلّمه، وباب في الوصية بالقرآن وقراءته، وباب من قرأ مائة آية أو أكثر، وباب من كره أن يقول: قرأت القرآن كله، وباب من كره أن يفسر القرآن، وباب من كره أن يتناول القرآن عند الأمر بعرض من أمر الدنيا، وباب القرآن على كم حرف نزل، وباب في القراءة يسرع فيها، وباب من نهى عن التماري في القرآن، وباب في القرآن متى نزل، وباب في رفع القرآن والإسراء به، وباب من قال: عظِّموا القرآن، وباب في المصحف يُحَلَّى، وباب التعشير في

المصحف، وباب من قال: جرِّدوا القرآن، وباب من كره أن يقرأ بعض الآية ويترك بعضها، وباب في القرآن يختلف على الياء والتاء، وباب في درس القرآن وعرضه، وباب في قراءة النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على غيره. 5- الزيادات عليه:- جرت عادة بعض رواة كتب بعض الأئمة أن يقوم الراوي بزيادة أحاديث من مروياته في الكتاب الذي يرويه، كزيادات عبد الله بن الإمام أحمد على المسند والزهد وفضائل الصحابة لأبيه، وزيادات القطيعي الراوي عن عبد الله أيضاً، وزيادة بعض رواة سنن أبي داود، وغيرها. وهكذا محمد بن علي الصائغ الراوي للسنن عن سعيد بن منصور، له بعض الزيادات اليسيرة، والذي عثرت عليه منها- على عَجَلٍ- حديثان في القسم الذي حققه الشيخ الأعظمي. الحديث الأول جاء هكذا: حدثنا محمد، ثنا محمد بن معاوية، قال: نا ابن لهيعة، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن نوفل، عن عروة بن الزبير قال: قالت لنا أسماء بنت أبي بكر: يا بَنِيَّ وبَني بَنِيَّ، إن هذا النكاح رِقّ، فلينظر أحدكم عند من يُرِقّ كريمته (1) . والحديث الثاني جاء هكذا: حدثني محمد، قال: حدثني أبو عمرو سهل بن زنجلة الرازي، قَالَ: نا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عن الأوزاعي، قال: سألت الزهري: أيّ أزواج رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - التي استعاذت منه؟ فقال: حدثني عروة، عن عائشة، أن ابنة الجون الكلابية، لما دخلت عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -، فذهب يدنو منها، فقالت: عائذاً بالله، فقال: ((عذت بعظيم، ضُمِّي ثيابك، والحقي بأهلك)) (2) .

_ (1) المطبوع من سنن سعيد بتحقيق الأعظمي (1 / 149 رقم 591) ، وهو في المخطوط الذي عندي كذلك (ل 21 / أ) . (2) المطبوع من السنن أيضاً (1 / 206 رقم 832) ، والمخطوط (ل 28 / ب) .

6- مميزاته: لقد حرص العلماء على الظفر بسنن سعيد بن منصور وروايتها، ولذا تعددت طرقها عن المصنِّف وتلاميذه فمن بعدهم (1) . ويعود هذا الحرص والاهتمام بالكتاب إلى ما له من مميزات سأوجزها فيما يلي: 1- مكانة المؤلف العلمية، فهو أحد الأئمة الحفاظ المتقنين الذين أخرج لهم الجماعة أصحاب الكتب الستة، وممن تتلمذ عليه كبار الأئمة الحفاظ؛ كالإمام أحمد، والبخاري، ومسلم، وأبي داود، وأبي حاتم، وأبي زرعة، وغيرهم ممن تقدم ذكرهم (2) . ولذلك لما صنَّف أبو نعيم كتابه ((تسمية ما انتهى إلينا من الرواة عن سعيد بن منصور عالياً)) ، ذكر السبب الباعث له على تصنيف كتابه هذا فقال (3) : ((وحملني على ذلك: قِدَمُ وفاة سعيد بن منصور، وموضعه من التوثُّق والفضل، وهو سعيد بن منصور، أبو عثمان الخراساني، نزيل مكة، ثبت صدوق، حدَّث عنه الكبار من الحفاظ والمتقنين)) . ويقول الذهبي: ((من نظر سنن سعيد بن منصور عرف حفظ الرجل وجلالته)) (4) . 2- قيمة الكتاب العلمية، وتتجلَّى في: أ- كونه من الكتب القليلة التي تعنى بتخريج الآثار عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم، بالإضافة للأحاديث المرفوعة. ولا يخفى ما

_ (1) كما تقدم (ص 139 - 144) . (2) (ص 85 / ق - 91 / ق) . (3) (ص 25 - 26) . (4) تاريخ الإسلام (ص 186 / وفيات 221 - 230) .

لتخريج الآثار من الأهمية، فإنها تعكس لنا ما كان عليه السلف من العمل في العقائد والأحكام وغير ذلك. ب- ما يمتاز به الكتاب من علو الإسناد؛ لما منّ الله به على المؤلف من طول العمر، حتى إنه أدرك شيوخاً لم يدركهم بعض من اتفق معه في سنة الوفاة أو قاربها. وقد بلغ من حرص العلماء على الظفر بعلو الإسناد: أن الكثير منهم كان يرحل المسافات الطويلة لأجل ذلك. ومن أمثلة العلوّ في هذ السنن: الأحاديث الثلاثية من طريق بعض الصحابة، كأبي هريرة، والبراء بن عازب، وجابر بن عبد الله، وأنس بن مالك، وعائشة رضي الله عنهم أجمعين. فالحديث الآتي برقم [167] رواه المصنف عن شيخه أبي مَعْشَرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سعيد المَقْبُرِي، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. والحديث رقم [223] رواه المصنف عن شيخه أبي الأحوص، عن أبي إسحاق السبيعي، عن البراء بن عازب، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -. ومثله الحديث رقم [224] رواه من طريق شيخه حُدَيْجُ بنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي إسحاق السبيعي، عن البراء، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -. والحديث الآتي رقم [366] أخرجه المصنف عن شيخه أبي عَوَانَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عن جابر رضي الله عنه في سبب نزول قَوْلُهُ تَعَالَى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} (1) . وانظر أيضاً الحديثين رقم [645، 809] . والحديث الآتي رقم [683] أخرجه المصنف عن شيخه سفيان بن عيينة، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ رَأَى ابن أم مكتوم

_ (1) الآية (223) من سورة البقرة.

فِي بَعْضِ مَوَاطِنِ الْمُسْلِمِينَ، وَمَعَهُ لواء المسلمين. وانظر أيضاً الحديثين رقم [27، 718] . والحديث الآتي رقم [492] أخرجه المصنِّف عن شيخه حَمَّادُ بْنُ يَحْيَى الْأَبَحُّ، عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -. جـ- تفرُّد المصنِّف ببعض الآثار التي لا توجد عند غيره- حسب بحثي-، ولذلك يقول ابن نقطة في ترجمة سعيد بن منصور-: ((وصنَّف كتاب السنن، وجمع فيها من أقوال الصحابة والتابعين وفتاويهم ما لم يجمعه غيره)) (1) . ومن أمثلة ذلك: الحديث رقم [203] أخرجه المصنِّف بسند صحيح من طريق شيخه سفيان بن عيينة، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ: كَيْفَ نَقْرَأُ: {واتَّبِعُوا} (2) ، أَوِ: {اتَّبَعُوا} ؟ قَالَ: هُمَا سَوَاءٌ، اقْرَأْ قِرَاءَتَكَ الأولى. فهذا الحديث برغم صحة سنده، وبرغم أنه يتعلق بقراءةٍ من القراءات التي لم ترد- حسب علمي- عن غيره، لم أجد من رواه أو ذكره. وانظر أمثلة كثيرة فيما يظهر أن المصنف تفرَّد به في الأحاديث رقم: [49، 59، 75، 78، 96، 107، 163، 182، 196، 197، 202، 216، 217، 228، 271، 272، 310، 360، 423، 470، 471، 472، 477، 541، 548، 553، 569، 573، 583، 586، 627، 635، 671، 714، 752، 847] .

_ (1) التقييد (2 / 17) . (2) الآية (102) من سورة البقرة.

د- إخراج المصنف بعض الآثار التي يشاركه فيها بعض أصحاب المصنفات المفقودة، كعبد بن حميد وابن المنذر في تفسيريهما. ومن أمثلة ذلك الحديثان الآتيان برقم [529، 530] . هـ- تفرد المصنِّف ببعض الطرق التي تقوِّي طرقاً أخرى، أو تفيد في كشف علّة لبعض الطرق، أو ترجِّح بض الطرق حال وجود اختلاف في بعض الأحاديث. ومن أمثلة ذلك: ما أخرجه البخاري في صحيحه (1) عن شيخه عمرو بن عون، قال: حدثنا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ عكرمة قال: رأيت رجلاً عند المقام يكبِّر في كل خفض ورفع، وإذا قام، وإذا وضع، فأخبرت ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قال: أَوَليس تلك صلاة النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا أُمَّ لك؟. فهذا الحديث في سنده هشيم وهو مدلس، ولم يصرح بالسماع من شيخه أبي بشر، لكن قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (2) : ((قوله: عن أبي بشر، صرَّح سعيد بن منصور عن هشيم بأن أبا بشر حدَّثه)) . ومن ذلك أيضاً: ما أخرجه الإمام أحمد وغيره (3) عن زيد بن الحباب، عن إسماعيل بن مسلم، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ردد آية حتى أصبح. فهذا الحديث من نظر إليه بهذا السياق حكم عليه بالصحة، أو بالحُسْن على الأقل، لثقة رجاله، عدا زيد بن الحباب فمختلف فيه (4) .

_ (1) في كتاب الأذان، باب إتمام التكبير في السجود (2 / 271 رقم 787) . (2) (2 / 271) . (3) انظر تخريجه في الحديث الآتي رقم [160] . (4) انظر ترجمته في الحديث [160] أيضاً.

لكن للحديث علَّة كشفتها رواية سعيد بن منصور للحديث؛ فإنه أخرجه برقم [160] من طريق شيخه عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ إسماعيل بن مسلم، عن أبي المتوكل الناجي، مرسلاً. وهذا أصوب؛ لأن عبد الله بن المبارك أوثق من زيد بن الحباب. ومن ذلك أيضاً: ما أخرجه الإمام أحمد في المسند والترمذي وابن جرير وغيرهم (1) من طريق عبد الرحمن بن مهدي ويحيى القطان ووكيع وأبي نعيم، جميعهم عن سفيان الثوري، عن أبيه سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ أَبِي الضحى، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ((إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ وُلَاةً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِنَّ وَلِيِّي مِنْهُمْ: أَبِي وَخَلِيلُ رَبِّي)) ، ثُمَّ قَرَأَ: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتبعوه وهذا النبي} (2) . والحديث بهذه الصفة يكون ضعيفاً للانقطاع بين أبي الضحى وابن مسعود، والواقع أنه صحيح؛ لأنه رواه عن سفيان الثوري كل من أبي أحمد الزبيري، ومحمد بن عبيد الطنافسي، والواقدي، وروح بن عبادة، فقالوا: عن سفيان، عن أبيه، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عن ابن مسعود. فدلّ هذا على أن هناك اختلافاً على سفيان في وصله وقطعه، والاختلاف من سفيان نفسه كما أوضحه الشيخ أحمد شاكر (3) ، والصواب وصله؛ فإن سفيان قد توبع على وصله. فأخرجه سعيد بن منصور- كما سيأتي- برقم [501] عن شيخه أبي الأحوص سلاّم بن سليم، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ أبي الضُّحى،

_ (1) انظر تخريجه في الحديث الآتي برقم [501] . (2) الآية (68) من سورة آل عمران. (3) انظر تفصيل ذلك كله في الحديث رقم [501] .

عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، به. وهذا إسناد صحيح كما هو مبين في تخريج الحديث والحكم عليه. و كبر الكتاب، وكثرة حديثه، وشهرته، وندرته، وأهمية موضوعه. قال الخطيب البغدادي في ترجمة سعيد: ((وله كتاب في السنن والأحكام كبير، وحديثه كثير مشهور)) (1) . وقال ابن كثير: ((سعيد بن منصور صاحب السنن المشهورة التي لا يشاركه فيها إلاالقليل)) (2) . ويدل على هذه الأهمية للكتاب: حرص أصحاب الكتب على رواية حديثه، ومن أمثلة ذلك: الحديث الآتي برقم [681] ، وهو حديث طويل أخرجه سعيد من طريق شيخه عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، في سبب نزول قوله تعالى: {غير أولي الضرر} (3) . فهذا الحديث أخرجه ابن سعد في الطبقات، وأبو داود في سننه، والحاكم في المستدرك، ثلاثتهم من طريق المصنِّف سعيد بن منصور (4) به. ومثله الحديث رقم [686] ، وهو حديث طويل أيضاً أخرجه المصنِّف من طريق شيخه جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عن أبي عياش الزُّرَقي، في صفة صلاة النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لصلاة الخوف بعسفان. فهذا الحديث أخرجه أبو داود في سننه، والطبراني في المعجم

_ (1) المتفق والمفترق (ل 110 / أ) . (2) البداية والنهاية (10 / 299) . (3) الآية (95) من سورة النساء. (4) كما هو مبين في تخريج الحديث رقم [681] .

الكبير، والدارقطني في سننه، والحاكم في المستدرك، والبيهقي في سننه، جميعهم من طريق المصنِّف، به (1) . ومثله الحديث الذي أخرجه المصنِّف في كتاب الزهد (2) فقال: نا حجر بن الحارث الغساني- من أهل الرَّملة-، عن عبد الله بن عوف الطائي- وكان عاملاً لعمر بن عبد العزيز رضي الله عنه على الرملة-، أنه شهد عبد الملك بن مروان قال لبشر بن عقربة الجهني يوم قتل عمرو بن سعيد: يا أبا اليمان، إني قد احتجت اليوم إلى كلامك، فَتَكَلَّمْ، فقال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - يقول: ((من قام بخطبة لا يلتمس فيها إلا رياء وسمعة، وقفه الله عز وجل موقف رياء وسمعة)) . فهذا الحديث أخرجه ابن سعد في الطبقات (3) ، والإمام أحمد في المسند (4) ، والبخاري في التاريخ الصغير (5) ، والدولابي في الكنى (6) ، والطبراني في المعجم الكبير (7) ، وأبو نعيم في تسمية ما انتهى إلينا من الرواة عن سعيد بن منصور عالياً (8) ، وابن عساكر في تاريخه (9) ، جميعهم من طريق سعيد بن منصور، به. ز- ما يمتاز به الكتاب من جودة الأسانيد، وتقدم (10) ذكر إحصائية

_ (1) كما هو مبين في تخريج الحديث رقم [686] . (2) (ل 204 / أ) . (3) الطبقات لابن سعد (7 / 429) . (4) مسند الإمام أحمد (3 / 500) . (5) التاريخ الصغير للبخاري (1 / 159) . (6) الكنى والأسماء للدولابي (1 / 94) . (7) المعجم الكبير للطبراني (2 / 29 رقم 1227) . (8) تسمية ما انتهى إلينا من الرواة عن سعيد بن منصور عالياً لأبي نعيم (ص 46) . (9) تاريخ دمشق لابن عساكر (3 / 376) . (10) (ص 199) من هذه المقدمة.

لعدد الأحاديث الصحيحة والحسنة، وبينت أن الأحاديث المقبولة بلغت نسبة سبعين في المائة (70%) ، نسبة الصحيح منها (لذاته ولغيره) بلغت ثلاثة وستين في المائة تقريباً (63% تقريباً) منها أحاديث على شرط الشيخين أو أحدهما، ومنها أحاديث مروية بأصحّ الأسانيد. فالحديث رقم [34] مثلاً على شرط الشيخين ولم يخرجاه. والحديث رقم [16] على شرطهما وأخرجاه. والحديث رقم [215] على شرطهما وأخرجه البخاري. والحديث رقم [187] على شرطهما وأخرجه مسلم. وأما أصح الأسانيد، فمنها على سبيل المثال: الحديث رقم [131] مروي بأصح الأسانيد إلى عائشة رضي الله عنها: سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عروة عنها رضي الله عنها (1) . والحديث رقم [809] مروي بأصح أسانيد المكيين: سفيان بن عيينة، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جابر رضي الله عنه (2) . والحديث رقم [840] مروي بأصح الأسانيد إلى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ بن أبي حازم، عنه رضي الله عنه (3) . وهكذا في جملة كبيرة. حـ- الاستفادة من تعقيبات سعيد بن منصور على الأحاديث، وهي تعقيبات لها قيمتها لكونها صادرة من إمام، وسبق ذكر نماذج منها (4) . ط- قلة روايته للإسرائيليات في تفسيره.

_ (1، 2، 3) انظر كتاب النكت على كتاب ابن الصلاح (1 / 256 - 258) . (4) انظر (ص 102 - 104) من هذه المقدمة.

7- بعض المآخذ عليه: ومع ما تقدم من ذكر ما للكتاب من المميزات، فهناك بعض المآخذ عليه، ومنها: أ- فيما يتعلق بالتبويب، يؤخذ عليه ما تقدم ذكره (1) من أنه يخلي بعض الكتب من سننه أحياناً من التبويب كما صنع في فضائل القرآن. وتتكرر عنده أحياناً بعض تراجم الأبواب التي كان بإمكانه ضَمُّ بعضها إلى بعض. ويخلي بعض الأبواب أحياناً من الترجمة. ب- إخلاله أحياناً بترتيب بعض الأحاديث التي تتعلق بتفسير الآيات التي يتطرق لتفسيرها في كتاب التفسير، مما ألجأني إلى ترتيب تلك الأحاديث ترتيباً يتفق مع ترتيب الآيات (2) . جـ- ومما يؤخذ على الكتاب أيضاً: ما يقع للمصنف من الأوهام في بعض الأحيان، والشكّ في أحيان أخرى. فمن أمثلة وهمه: الحديث الآتي برقم [695] ، فإنه رواه عن شيخه سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُمَارَةَ بْنِ رُوَيْبَةَ الثقفي في تفسير قوله تعالى: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} (2) . فهذا الحديث وهم فيه سعيد بن منصور كما قال الدارقطني (3) ،

_ (1) (ص 189 - 190) من هذه المقدمة. (2) وهي مواضع ليست كثيرة، فانظر ما سيأتي (ص 772، 1063، 1065، 1066، 1073، 1074، 1075، 1076، 1084 - 1085، 1088، 1089، 1268، 1270، 1285، 1371، 1401، 1660) . (2) الآية (123) من سورة النساء. (3) انظر كلامه بتمامه في التعليق على الحديث رقم [695] .

وصوابه: عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي زهير بدل: ابن عمارة بن رويبة. ومن أمثلة شكِّه: الحديث الآتي برقم [36] ، فإن المصنِّف شكّ فيه في الصحابي، هل هو عبد الله بن عمر أو عبد الله بن عمرو، وصوابه: ابن عمرو كما مبين في تخريج الحديث. ومثل هذا الوهم والشك لم يكثر من المصنِّف حتى يقدح فيه، بل هو مما يقع مثله له ولغيره من الحفاظ، وتقدم الكلام عن ذلك (1) . د- عدم ذكره للآيات التي يتطرق لتفسيرها، وقد قمت باستدراك ذلك. هـ- إخراجه بعض الأحاديث من طريق بعض الرواة الذين اشتدّ ضعفهم؛ كالحكم بن ظهير وعمرو بن ثابت الحدّاد وأضرابهما إلا أنه يمكن أن يجاب عن ذلك بما سبق أن بيّنته من أن بعض هؤلاء الرواة من شيوخ المصنِّف الذين عرفهم واطلع على أحاديثهم فميَّز جيِّدها من رديئها، وبعضهم محل نظر من حيث الحكم عليهم بشدة الضعف من عدمه. 6- التعريف بنسخ الكتاب: يوجد للكتاب- حسب علمي- ثلاث نسخ: النسخة الأولى: نسخة كاملة موجودة في الخزانة الألمانية، مكتوبة بخط الشوكاني رحمه الله، ذكر ذلك المباركفوري في مقدمة تحفة الأحوذي (2) . وعمدة المباركفوري في ما ذكره: ما جاء في فهرسٍ كَتَبَهُ رجل هندي ذكر أنه زار هذه المكتبة، وانتخب من موجوداتها بعض العناوين، ومنها سنن سعيد بن منصور، وذكر أنها بخط الشوكاني،

_ (1) (ص 113) من هذه المقدمة. (2) انظر ما تقدم (ص 9 / ق) .

إلا أننا لا نعلم شيئاً عن هذه النسخة حتى الآن، وسمعت بعض المهتمّين بالمخطوطات يكذب ما جاء في هذا الفهرس، فالله أعلم. النسخة الثانية: هي النسخة التي اعتمدها الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي في ما نشره من هذه السنن، وهي نسخة مكتبة كوبريلي التي اكتشفها الدكتور محمد حميد الله. وذلك أنه كان يدرس بإستنابول عام 1380 هـ، وأثناء اشتغاله ببعض أموره العلمية في مكتبة محمد باشا كوبريلي، طلبت منه إدارة المكتبة مساعدتها في ترتيب بعض المخطوطات، ومنها المجلدات من رقم 438 إلى رقم 444 التي جاء في فهرس المكتبة المذكورة أنها نسخة أخرى لكتاب مشكاة المصابيح. فلما تصفّح الدكتور حميد الله هذه المجلدات، وجد مكتوباً على ناصية المجلد رقم 438 ما نصه: ((مصنف ابن أبي شيبة)) ، وعلى رقم 439 ما نصه: ((المجلد الرابع. غلط. صح: المجلد الثالث)) ، وعلى المجلدات من 440 إلى 444 أيضاً: ((مصنف ابن أبي شيبة)) ، وبعد أن بذل جهداً في المقابلة بين نسخ مصنف ابن أبي شيبة، تبين له أن رقم 439 ليس من مصنف ابن أبي شيبة، وإنما هو سنن سعيد بن منصور (1) ، فأخذه ودفعه لمحمد ميان السملكي، الذي دفعها بدوره للشيخ حبيب الرحمن الأعظمي. لكن هذه النسخة ناقصة، وتشكل فقط المجلد الثالث الذي يبدأ بكتاب الفرائض، وينتهي بنهاية كتاب الجهاد. النسخة الثالثة: هي النسخة التي اعتمدت عليها في تحقيق هذا

_ (1) انظر تفاصيل اكتشافه في مقدمة المطبوع من سنن سعيد بن منصور بتحقيق الأعظمي (1 / 2 - 7) .

القسم، وقد عثرت عليها في مكتبة الشيخ محمد بن سعود الصبيحي كما أسلفت (1) . وهي نسخة ناقصة تشكِّل- فيما يظهر- نصف السنن، وتقع في مجلد كبير عدد صفحاته سبعون وأربعمائة صفحة (235 ورقة) ، يبدأ بكتاب الفرائض، وينتهي بنهاية السنن، فهو يضمّ القسم المطبوع الذي حققه الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي بأكمله وزيادة. وهذه الزيادة تبدأ بفضائل القرآن، ثم كتاب التفسير، ثم كتاب الزهد، وهو آخر السنن. وهذه النسخة مكتوبة بخط رقعة جيد، ناسخها هو: مساعد بن ساري بن مسعود بن عبد الرحمن الهواري (2) سنة أربع وثمانين وسبعمائة للهجرة. تضم الصفحة الواحدة من هذه النسخة خمسة وعشرين سطراً، وفي السطر الواحد ثلاث وعشرون كلمة تقريباً. وقد تعرّضت الورقتان الأولى والأخيرة من هذه النسخة للتلف، إلا أن صاحب النسخة- الشيخ الصبيحي- أخبرني أنه استدرك ذلك، فنسخها قبل تلفها. والورقة الأولى ضمن المطبوع، وأما الأخيرة، فقد طلبت من صاحب النسخة- مؤخراً- تصويرها لي مع ما فيها من تلف، فأجاب مشكوراً. والناسخ لهذه النسخة من العلماء المشهورين- كما سيأتي في ترجمته-، ولذا فإن التصحيف في النسخة قليل جداً، لكن يبقى ما

_ (1) انظر (ص 10 / ق) من هذه المقدمة. (2) ستأتي ترجمته.

لا يسلم منه عالم ولا غيره، وهو السقط، الذي لا يمكن التحرُّز منه إلا بالمقابلة، وهذا هو عيب هذه النسخة، فإنها مع كونها قليلة التصحيف، فإنها كثيرة السقط؛ لكونها لم تقابل- فيما يظهر-. وكم بذلت من الجهد في استدراك ما سقط، فوفِّقتُ بحمد الله في كثير منه كما سيأتي في طريقة العمل في الكتاب، وبقي منه مواضع قليلة لم أستطع تداركها، فعسى أن يتيسر ذلك. ولا يعني هذا أنه ليس في النسخة استدراكات وتصويبات، بل هناك أشياء استدركت وصوِّبت في الهامش، إلا أن الذي لم يصوب كثير، فانظر مثلاً الأحاديث رقم [26، 36، 37، 40، 41، 45، 62، 73، 76، 121، 122، 124، 137، 138، 150، 157، 368، 376، 377، 405، 438، 465، 706] وغيرها. وجاء في أول هذه النسخة ما نصه: ((بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى. رب يسر، وأعن، وتمم، واختم لنا بخير يا كريم. أخبرنا الشيخ الْحَافِظُ أَبُو الْبَرَكَاتِ عَبْدُ الْوَهَّابِ بن المبارك ... )) ، وساق إسناد النسخة (1) . وفي آخر كتاب الجهاد الذي هو آخر المطبوع بتحقيق الشيخ الأعظمي جاء في هذه النسخة (2) ما نصه: ((آخر كتاب الجهاد، يتلوه إن شاء الله تعالى فضائل القرآن)) . وهذه العبارة: ((يتلوه إن شاء الله تعالى فضائل القرآن)) لم ترد في النسخة التي اعتمدها الشيخ الأعظمي (3) .

_ (1) وهو نفس الإسناد الذي على النسخة التي اعتمدها الشيخ الأعظمي فيما طبعه من السنن (1 / 1) . (2) (ل 104 / أ) . (3) انظر المطبوع من السنن بتحقيق الأعظمي (2 / 377) .

وفي آخر هذا المجلد ما نصه: ((آخر كتاب السنن. الحمد لله رب العالمين حمداً يوافي نعمه، ويكافيء مزيده، على كل حال أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي، وأزواجه أمهات المؤمنين، وذريته، وأهل بيته، وعلى إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد. وافق الفراغ من تعليق هذه النسخة المباركة من أولها إلى آخرها 4 (1) شهر الله الحرام، عام 784 (2) ، على يد فقير رحمة ربه وراجيها، وشفاعة مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مساعد بن ساري بن مسعود بن عبد الرحمن الهواري، الصخاوي، غريب الديار، بقرية. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . (3) من المرج القبلي بدمشق، حامداً مصلياً مسلماً)) . وليس على هذه النسخة سماعات. ويظهر أنها والنسخة التي اعتمدها الشيخ الأعظمي فيما طبعه من السنن نسختا عن أصل واحد، بدليل أن سندهما واحد (4) ، وتاريخ نسخهما متقارب (5) ومكانهما واحد (6) ، ونجد كثيراً من الأخطاء التي ترد في إحداهما موجوداً في الأخرى كذلك (7) . وفيما يلي ترجمة للناسخ لهذه النسخة، يتلوه نماذج من المخطوط:

_ (1، 2) كتابة الأربعة عند الناسخ تشبه العين هكذا: ((عـ)) . (3) الناسخ يسكن قرية عقربا كما سيأتي في ترجمته، لكن المكتوب لا يشبه رسم هذه الكلمة، وقد تعسّر عليّ قراءة الكلمة موضع النقط. (4) انظر ما تقدم (ص 163) . (5) فهذه النسخة كتبت سنة أربع وثمانين وسبعمائة كما تقدم، بينما كتبت الأخرى سنة خمس وعشرين وسبعمائة. انظر المطبوع من السنن بتحقيق الأعظمي (2 / 377) . (6) فكلاهما نسخ في مرج دمشق كما تقدم وكما في الموضع السابق من المطبوع من السنن. (7) انظر ما سيأتي من مقارنة المخطوط بما طبع بتحقيق الأعظمي في آخر الرسالة.

ترجمة ناسخ المخطوطة هو مساعد بن ساري بن مسعود بن عبد الرحمن الهواري، السخاوي، سعد الدين الشافعي، المصري، نزيل دمشق (1) . ولد سنة بضع وثلاثين وسبعمائة. قال الحافظ ابن حجر: ((وطلب بعد كبره، فقرأ على صلاح الدين العلائي، وولي الدين المنفلوطي، وبهاء الدين بن عقيل، والأسنوي، وغيرهم. ومهر في الفرائض والميقات، وكتب بخطِّه الكثير لنفسه ولغيره، ثم سكن دمشق، وانقطع بقرية عقربا، وكان الرؤساء يزورونه وهو لا يدخل البلد، مع أنه لا يقصده أحد إلا أضافه وتواضع معه. وكان ديِّناً متقشِّفاً، سليم الباطن، حسن الملبس، يستحضر الكثير من الفوائد وتراجم الشيوخ الذين لقيهم، دميم الشكل جداً رحمه الله. وله كتاب في الأذكار سمّاه: بدر الفلاح في أذكار المساء والصباح. ومات بقرية عقربا شهيداً بالطاعون سنة تسع عشرة- يعني وثمانمائة-)) (2) . وذكره ابن فهد في من توفي بدمشق في سنة تسع عشرة وثمانمائة، فقال: ((والزاهد المحدِّث سعد الدين مساعد بن شاري (3) بن مسعود الهواري)) (4) .

_ (1) انظر ترجمته في إنباء الغمر بأبناء العمر لابن حجر (7 / 248 - 249) ، ولحظ الألحاظ لابن فهد (ص 267 - 268) ، والضوء اللامع للسخاوي (10 / 155) ، وشذرات الذهب لابن العماد (7 / 143) . (2) إنباء الغمر (7 / 248 - 249) . (3) كذا جاء في لحظ الألحاظ بالشين المعجمة، وفي باقي المصادر بالسين المهملة. (4) لحظ الألحاظ (ص 267 - 268) .

وقال السخاوي: ((ذكره شيخنا- يعني ابن حجر- في أنبائه، وتبعه المقريزي في عقوده، وهو ممن أجاز لشيخنا الزَّمْزَمي في سنة ثمان وثمانين وسبعمائة)) (1) . * * *

_ (1) الضوء اللامع (10 / 155) .

أول صفحة من المخطوط وهي بخط صاحب النسخة الشيخ محمد بن سعود الصبيحي وهي أول المطبوع بتحقيق الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي

آخر صفحة من القسم الذي طبع بتحقيق الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي

بداية القسم المحقق

الورقة الأخيرة من المخطوطة وهي آخر السنن

القسم الثاني طريقة العمل في الكتاب

القسم الثاني طريقة العمل في الكتاب

طريقة العمل في الكتاب 1- قمت بنسخ المخطوط ومقابلته. 2- ضبطت النص وفق قواعد الإملاء الحديثة؛ لأن الناسخ أخلّ بهذه القواعد في بعض المواضع، فتجده يكتب ((إسحاق)) هكذا ((إسحق)) ، و ((معاوية)) هكذا ((معوية)) ، و ((أبو الضحى)) هكذا ((أبو الضحا)) ، و ((يخشى)) هكذا: ((يخشا)) ، ولا يكتب الهمزة، وإذا كان أصلها ياء أرجعها إلى أصلها، فيكتب ((عجائبه)) هكذا: ((عجايبه)) ، ويكتب العدد رقماً، فتجده يكتب ((ستة مساكين)) هكذا: ((6 مساكين)) . 3- صوبت ما أخطأ فيه الناسخ من الآيات، كالحديث الآتي برقم [283] ، فإنه كتب قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تأتوا البيوت} هكذا: {ليس البر ... } ، وفي الحديث رقم [292] كتب قوله تعالى: {فمن كان منكم مريضاً} هكذا: {ومن كان منكم مريضاً} . 4- نظراً لكون النسخة وحيدة، ولم يقم ناسخها بمقابلتها بعد نسخها- كما سبق بيانه-، فقد تعدد فيها السقط، بالإضافة إلى ما لا تكاد تخلو منه نسخة خَطِّيَّة من تصحيف أو تحريف أو خطأ لغوي، فلا يخفى على بصير بهذا العلم أن المعاناة مع النسخة الوحيدة التي هذا شأنها تكون صعبة. ولقد بذلت قُصَارى جُهدي في محاولة توثيق النص وضبطه؛ وذلك بالتوسع في التخريج ما أمكنني، ومحاولة معرفة ما إذا كان المصنِّف قد أخرج الحديث في مكان آخر من السنن، أو ما إذا كان هناك من أخرج الحديث من طريقه، أو نقله عنه. وقد وُفِّقتُ في هذا كثيراً- بحمد الله-، مع أن هناك بعض المواضع- وهي قليلة- لا يزال الغموض يَكْتَنِفُها.

وميّزت ما قمت بتصويبه أو استدراكه؛ بجعله بين قوسين، مع الإشارة في الحاشية إلى ما هو موجود في الأصل الذي اعتمدته، والمرجع الذي صوّبت أو استدركت منه. 5- وضعت خطّاً مائلاً هكذا (/) للدلالة على موضع ابتداء الصفحة في المخطوط، وأضع بحذائه في الهامش رقم اللوحة والوجه منها. فمثلاً: [ل 123 / ب] يعني الوجه الثاني (الأيسر) من اللوحة (الورقة) الثالثة والعشرين بعد المائة، وهكذا. 6- قمت بترقيم الأحاديث ترقيماً متسلسلاً، من بداية القسم الذي قمت بتحقيقه، وهو يبتديء بفضائل القرآن، وينتهي بنهاية تفسير سورة المائدة، فبلغ عدد الأحاديث [869] حديثاً. وقد اعتبرت الإسناد في الترقيم، مع غضّ الطرف عن المتن؛ لأن المتن الواحد قد يرد بأسانيد متعددة، فأعتبره بعدّة تلك الأسانيد. 7- دراسة الإسناد: قمت بالترجمة لرجال الإسناد؛ فأضع رقماً فوق اسم الراوي الذي لم أترجم له سابقاً، ثم أترجم له في الهامش، فأذكر اسمه كاملاً، ونسبه، ولقبه، وكنيته، وبلده- بحسب ما أجده من ذلك-، ثم أذكر عدداً من أشهر شيوخه وتلاميذه، مع الحرص على أن يكون المذكور في الإسناد منهم، ثم أذكر خلاصة الحكم عليه، وأتبعه بالبيان؛ وذلك بذكر أهم أقوال أئمة الجرح والتعديل فيه، ثم أذكر سنة وفاته وولادته إن وجدتا، أو إحداهما، وإلا ذكرت طبقته التي ذكرها الحافظ ابن حجر في التقريب، إن كان الراوي من المذكورين فيه. وإن كان روى له الجماعة أصحاب الكتب الستة بيَّنت؛ لأنه مما يزيد الراوي توثيقاً، وإلا أهملته. ثم أذكر المصادر التي استقيت منها ترجمة ذلك الراوي. وإذا كان الراوي من المُخْتَلَفِ فيهم، واستطعتُ الترجيح والمناقشة

فعلتُ. وفي معظم الأحيان أختار خلاصة الحكم على الراوي مما ذهب إليه الحافظ ابن حجر في التقريب إن كان الراوي من رجال الكتب الستة ووجدت حكم الحافظ عليه مناسباً لأقوال النقاد فيه، وإلا اجتهدت في ذكر خلاصة الحكم عليه مع التعليل ما أمكن ومحاولة الاعتماد على غير ابن حجر- إن أمكن، وكان ذلك مناسباً-؛ كالحافظ الذهبي في الكاشف أو غيره. وإن كان الراوي مدلِّساً أو مختلطاً بيَّنت حكم روايته من حيث القبول أو الردّ، وإن كان فيها تفصيل بيَّنته، مع الاعتماد على تقسيم الحافظ ابن حجر للمدلِّسين في كتابه ((طبقات المدلسين)) ، إلا أن يكون الراوي ممن يحتاج إلى تفصيل في روايته أكثر مما ذكره ابن حجر في الطبقات كالأعمش، فإني لا أعتمد حينذاك على حكمه عليه في الكتاب المذكور. 8- قمت بالتعليق على ما يحتاج إلى تعليق- حسب اجتهادي-، وذلك بوضع رقم على موضعه في المتن، والتعليق في الحاشية. وقد أجعل التعليق تذييلاً بعد الانتهاء من تخريج الحديث والحكم عليه؛ معنوناً له بـ: ((تنبيه)) ، أو: ((فائدة)) . 9- بعد ذلك أضع رقم الحديث- الذي في الأصل- في الحاشية، ثم أصدِّر الكلام عليه بالحكم عليه حسب قواعد أهل الاصطلاح، وحسب ما أدى إليه نظري، متجشِّماً الصعاب، فأسأله سبحانه إقالة العثرة ومغفرة الزلَّة. والحكم الذي أذكره- باديء ذي بدء- إنما هو على إسناد المصنِّف، فإن كان صحيحاً اكتفيت بذلك، وإن كان دون الصحيح وله شواهد أو متابعات يرتقي بها، بيَّنت ذلك عقب حكمي على إسناد

المصنِّف، ثم أذكر الحكم أيضاً عقب الفراغ من ذكر المتابعات والشواهد- إن وجدت-. 10- بعد ذلك أبدأ بتخريج الحديث، فأبدأ بمن عزا الحديث للمصنِّف كالسيوطي مثلاً في الدر المنثور، أو من نقله عنه كابن كثير في التفسير، ثم أذكر المتابعات التَّامَّة ثم القاصرة، فأبدأ بمن أخرج الحديث من طريق المصنِّف كالبيهقي، ثم من تابع المصنف على إخراجه عن شيخه، فشيخ شيخه، وهكذا ولو في الصحابي. ولربما كان المصنف قد أخرج الحديث في موضع آخر من السنن، فأذكره قبل البدء بتخريج المتابعات. وقد استفدت فائدة عظمى في تقويم النَّصّ من ذكر المصنِّف للحديث في موضع آخر من السنن، أو مِنْ نَقْلِ الحديث عنه، أو إخراجه من طريقه. 11- في أثناء التخريج عنيت بالإسناد والمتن، ولم أكتف بمجرّد الإحالة على من أخرج أصل الحديث، بل أذكر من الرواة مَنْ بذكره تتضح المتابعة، ثم أنبِّه على المتن، فإن كان بمثل سياق المصنِّف قلت: ((بمثله)) ، وإن كان قريباً منه قلت: ((بنحوه)) ، وإن كان اللفظ مختلفاً والمعنى واحداً قلت: ((بمعناه)) ، وإن كان فيه زيادة أو نقص بيَّنت ذلك، وقد أحتاج إلى ذكر اللفظ فأذكره. 12- لقد أكثر المصنِّف من ذكر القراءات مسندة إلى أصحابها من الصحابة والتابعين- في الأغلب-. وهنا أقوم بالرجوع إلى ما أستطعته من كتب القراءات والتفاسير، وأخرِّج تلك القراءة منها، مع ما يتبع ذلك من توجيه للقراءة ونحوه. 13- لقد سرد المصنِّف الأحاديث والآثار سرداً في تفسير كل سورة، ولم يذكر الآية التي يتعلق ذلك الحديث بتفسيرها، لذا قمت بوضع

الآيات من نفسي، بين معكوفتين هكذا: [] وجعلت تحتها الأحاديث التي تتعلق بتفسيرها كما صنع ابن جرير وابن أبي حاتم وغيرهما من المفسرين. 14- قمت بوضع فواصل بين كل سورة وما قبلها، ومكتوب في الفاصل اسم السورة الآتي تفسيرها. 15- التزم المصنف ترتيب الأحاديث والآثار حسب ترتيب الآيات، وهذا في الأعمّ الأغلب، لكنه أخل بهذا الترتيب في بعض المواضع، فقمت بترتيبها حسب ترتيب الآيات- وإن كان فيه إخلال بترتيب المصنف-، مع الإشارة في هامش الأحاديث- التي يبتديء الترتيب من عندها وينتهي- إلى ما صنعته من تقديم وتأخير. وهذا إنما حصل بالنسبة لترتيب الآيات. أما الموضوعات التي تندرج تحت تفسير الآية، فإن المصنف لم يلتزم ترتيبها حسب مجيئها في الآية، فقد يقدِّم مبحثاً على آخر، فوجدت أني سأخل بترتيب أكثر الكتاب إذا ما حاولت ترتيبها ترتيباً يتناسب مع مباحث الآية، فلذلك أهملته، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. * * *

فضائل القرآن

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرحَيمِ رب يسر، وتمم، وأعن، واختم بخير يا كريم [ل105/أ] أخبرنا الْحَافِظُ أَبُو الْبَرَكَاتِ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْمُبَارَكِ بْنِ الْحَسَنِ الْأَنْمَاطِيُّ، وَأَبُو غَالِبٍ الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، قَالَا: أنا أَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْبَاقِلَانِيُّ الكَرَجي، قَالَ: نا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَاذَانَ، قَالَ: نا أَبُو مُحَمَّدٍ دَعْلَجُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ دَعْلَجٍ السِّجِسْتَانِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ، قَالَ: نا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الصَّائِغُ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَتِسْعِينَ وَمِائَتَيْنِ، قَالَ: نا سعيد بن منصور قال:

فَضَائِلُ الْقُرْآنِ 1- حَدَّثنَا حُدَيْج بنُ مُعَاوِيَةَ (1) ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ (2) ، عَنْ مُرَّة (3) ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: ((مَنْ أَرَادَ الْعِلمَ فَعَلَيْهِ بِالْقُرْآنِ، فَإِنَّ فِيهِ (خبر) (4) الأولين والآخرين)) .

_ (1) هو أبو معاوية حُدَيْج بن معاوية بن حُدَيْج - مصغّرًا -، الجعفي، الكوفي، أخو زهير، يروي عن أبي إسحاق السبيعي وأبي الزبير وليث بن أبي سليم وغيرهم، وعنه أبو داود الطيالسي وعمرو بن عون وسعيد بن منصور وغيرهم، وكانت وفاته قبل وفاة أخيه زهير بستين، وكانت وفاة زهير سنة اثنتين وسبعين ومائة، وقيل: ثلاث وسبعين، وحديج هذا صدوق يخطئ قال البخاري: ((يتكلمون في بعض حديثه)) ، وقال أبو حاتم: ((محله الصدق، وليس مثل أخيه؛ في بعض حديثه ضعف؛ يكتب حديثه)) ، وضعفه النسائي. انظر: "الجرح والتعديل" (3 / 310 - 311 رقم 1382) ، و"الكامل" لابن عدي (3 / 837 - 838) ، و"التهذيب" (2 / 217 - 218 رقم 401) ، و (3 / 352) ، و"التقريب" (ص 154 رقم1152) . (2) هو عمرو بن عبد الله بن عبيد الهَمْداني، أبو إسحاق السَّبيعي - بفتح المهملة وكسر الموحّدة - الكوفي، مشهور بكنيته، ثقة مكثر عابد، روى عن زيد بن أرقم والبراء بن عازب وجابر بن سمرة والأسود وعبد الرحمن ابني يزيد وسعيد بن جبير ومسروق بن الأجدع ومُرَّة بن شراحيل وهبيرة بن يريم وغيرهم، وروى عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ والمغيرة بن شعبة، وقد رآهما، وقيل: لم يسمع منهما، روى عنه ابنه يونس وابن ابنه إسرائيل بن يونس والأعمش وشعبة ومسعر وسفيان الثوري وشريك وغيرهم، ولد لسنتين بقيتا من خلافة عثمان، وتوفي سنة ست وعشرين ومائة، وقيل: سنة سبع، وقيل: ثمان، وقيل: تسع وعشرون ومائة،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وقد وثّقه الإمام أحمد، وابن معين، وأبو حاتم، والنسائي، والعجلي، وروى له الجماعة، وهو مدلّس من الطبقة الثالثة، وصفه بالتدليس شعبة، ومعن، وابن حبان، والكرابيسي، والطبري، لكن رواية شعبة عنه مأمونة الجانب من تدليسه؛ قال شعبة: ((كفيتكم تدليس ثلاثة: الأعمش، وأبي إسحاق، وقتادة)) ، قال الحافظ ابن حجر: ((فهذه قاعدة جيّدة في أحاديث هؤلاء الثلاثة أنها جاءت من طريق شعبة دلّت على السماع، ولو كانت معنعنة)) وقد اختلط أبو إسحاق بآخره، لكن رواية شعبة، وسفيان الثوري، وقتادة وشريك بن عبد الله عنه قبل الاختلاط. انظر: "الجرح والتعديل" (6 / 242 - 243 رقم 1347) ، و"التهذيب" (8 / 63 - 67 رقم 100) ، و"التقريب" (ص423 رقم 5065) ، و""طبقات المدلسين"" (ص101، 151) ، و"الكواكب النيرات مع حاشيته" (ص341 - 357 رقم 41) . (3) هو مُرَّةُ بن شَراحيل البَكِيْلّي الهَمْداني - بسكون الميم -، أبو إسماعيل الكوفي، ثقة عابد، روى عن علي وأبي ذر وحذيفة وابن مسعود وأبي موسى وغيرهم، وروى عن أبي بكر وعمر وقيل لم يسمع منهما، روى عنه الشعبي وعطاء بن السائب وحصين بن عبد الرحمن وإسماعيل بن أبي خالد وغيرهم، وكانت وفاته سنة ست وسبعين للهجرة، وقد وثقه ابن معين والعجلي، وروى له الجماعة، ويقال له: مرة الطيب، ومرة الخير؛ لُقِّب بذلك لعبادته. انظر: "الجرح والتعديل" (8 / 336 رقم 1668) ، و"التهذيب" (10 / 88 - 89 رقم 158) ، و"التقريب" (ص525 رقم6562) . (4) في الأصل: ((خير)) ، والتصويب من الموضع الآتي من "شعب الإيمان" للبيهقي؛ فإنه روى الحديث من طريق المصنِّف. [1] سنده ضعيف لما تقدم عن حال حُدَيج وأبي إسحاق، وهو صحيح لغيره كما سيأتي. وقد أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (4 / 513 رقم 1808) من طريق المصنف هنا بمثله. وتقدم أن رواية شعبة، عن أبي إسحاق مأمونة الجانب من تدليسه، وهي قبل الاختلاط، وقد روى الحديث من طريق شعبة وغيره، عنه. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = فأخرجه مسدد في "مسنده" كما في "المطالب العالية المسندة" (ل108/ب) ، وانظر المطبوعة (3 / 133 رقم 3079) . وعبد الله بن الإمام أحمد في "زوائد الزهد" (ص229 رقم 854) . والطبراني في "الكبير" (9 / 146 رقم 8666) . ثلاثتهم من طريق شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: مَنْ أَرَادَ الْعِلمَ فليثور القرآن، فإن فيه علم الأولين والآخرين. وهذا سند صحيح على شرط الشيخين؛ شعبة بن الحجاج بن الورد العَتَكي، مولاهم، أبو بسطام الواسطي، ثم البصري ثقة حافظ متقن، كان الثوري يقول: ((هو أمير المؤمنين في الحديث)) ، وهو أول من فتّش بالعراق عن الرجال، وذبّ عن السنة، وكان عابدًا، روى له الجماعة، روى عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ وأيوب السختياني وثابت البناني وأبي بشر جعفر بن أبي وحشية وحصين بن عبد الرحمن والحكم بن عتيبة والأعمش وقتادة وأبي إسحاق السبيعي وغيرهم، روى عنه يحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي، ووكيع وعبد الله بن إدريس وعبد الله بن المبارك وأبو داود الطيالسي ومحمد بن جعفر غندر وغيرهم؛ وكانت ولادته سنة اثنتين وثمانين للهجرة، ووفاته سنة ستين ومائة. انظر: "الجرح والتعديل" (1 / 126 - 129) و (4 / 369 - 371 رقم 1609) ، و"التهذيب" (4 / 338 - 346 رقم 580) ، و"التقريب" (ص266 رقم 2790) . وشيخ مسدد في هذا الحديث والراوي عن شعبة هو: يحيى بن سعيد بن فَرُّوخ - بفتح الفاء، وتشديد الراء المضمومة، وسكون الواو، ثم معجمة -، التميمي، أبو سعيد القطّان، البصري، وهو ثقة متقن حافظ إمام قدوة، روى له الجماعة، كان الإمام أحمد يقول: ((إليه المنتهى في التثبيت بالبصرة، ما رأت عيناي مثله)) . روى عن سليمان التيمي وحميد الطويل وإسماعيل بن أبي خالد ويحيى بن سعيد الأنصاري وهشام بن عروة وعكرمة بن عمار والأعمش وابن جريج والأوزاعي والإمام مالك وشعبة والثوري وغيرهم، روى عنه الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه =

2- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حُدَيْج بنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ (1) ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: ((لَا يَضُرُّ الرَّجُلَ أَنْ لَا يُسْأَلَ عَنْ نَفْسِهِ، إِلَّا الْقُرْآنَ، فَإِنْ كَانَ يُحِبُّ الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولَهُ - صَلَّى الله عليه وسلم -)) .

_ = وعلي بن المديني ويحيى بن معين والفلَّاس ومسدد وابن أبي شيبة وغيرهم، وكانت ولادته سنة عشرين ومائة، ووفاته سنة ثمان وتسعين ومائة. انظر: "الجرح والتعديل" (9 / 150 - 151 رقم 624) ، و"التهذيب" (11 / 216 - 220 رقم 358) ، و"التقريب" (ص591 رقم 7557) . والحديث أخرجه ابن المبارك في "الزهد" (ص280 رقم 814) . ومن طريقه الفريابي في فضائل القرآن (ص197 رقم 78) . وأخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن (ص36 رقم 80) . وابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 485 رقم 10067) . ومن طريق النحاس في "القطع والائتناف" (ص84) . وأخرجه أبو الليث السمرقندي في "تفسيره" (1 / 202 - 204) . جميعهم من طريق سفيان الثوري، عن أبي إسحاق السبيعي، به بنحو لفظ المصنف واللفظ السابق. وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا (14 / 94 رقم 17688) من طريق زهير، عن أبي إسحاق، به نحو لفظ المصنف واللفظ السابق أيضًا. وأخرجه محمد بن نصر في قيام الليل كما في "مختصره" (ص158) . قال الهيثمي في "المجمع" (7 / 165) : ((رواه الطبراني بأسانيد، ورجال أحدها رجال الصحيح)) . (1) هو عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ قيس بن عبد الله النَّخَعي، أبو بكر الكوفي، ثقة، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وثقه ابن سعد وابن معين والعجلي وغيرهم، وروى له الجماعة. روى عن أخيه الأسود وعمِّه علقمة، وعن حذيفة وعثمان وابن مسعود وأبي موسى وعائشة رضي الله عنهم، روى عنه إبراهيم النخعي وعمارة بن عمير وأبو إسحاق السبيعي ومنصور بن المعتمر وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاث وثمانين للهجرة. انظر: "طبقات ابن سعد" (6 / 121 - 122) ، و"الجرح والتعديل" (5 / 299 رقم 1416) ، و"التهذيب" (6 / 299 رقم 580) ، و"التقريب" (ص253 رقم 4043) . [2] إسناد هذا الحديث كسابقه، فيه حُدَيْج بن معاوية وهو ضعيف الحديث لكنه قد توبع، وأبو إسحاق السبيعي مدلس ولم يصرح بالسماع، واختلط بآخره، لكن هذا الحديث من صحيح حديثه. فتقدم أن رواية شعبة عنه صحيحة، ورواية سفيان الثوري عنه قبل الاختلاط، وقد رويا عنه هذا الحديث. فأخرجه الطبراني في "الكبير" (9 / 142 رقم 8657) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (4 / 581 - 582 رقم 1861) . كلاهما من طريق شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ عبد الله قال: ((من أحب أن يعلم أنه يحب الله ورسوله فلينظر، فإن كان يحب القرآن، فهو يحب الله وَرَسُولَهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -)) . وأخرجه الفريابي في "الفضائل" (114 - 117 رقم 6 و 7) . والطبراني في "الكبير" (9 / 141 - 142 رقم 8656) . كلاهما من طريق سفيان الثوري، عن أبي إسحاق به، ولفظ الفريابي نحو لفظ المصنف، ولفظ الطبراني: ((من كان يحب القرآن ويعجبه فهو بخير)) . قال في "المجمع" (7 / 165) بعد أن عزاه للطبراني: ((رجاله ثقات)) . وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل" (ص6 رقم 10) . وعلي بن الجعد في "مسنده" (2 / 774 رقم 2040) . كلاهما من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق به نحوه. وأخرجه محمد بن نصر في قيام الليل كما في المختصر منه (ص159) بنحوه.

3- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ (1) ، عَنِ الْأَعْمَشِ (2) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ (3) ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: ((مَنْ أَحَبَّ القرآن فليبشر)) .

_ (1) هو محمد بن خازم - بمعجمتين - التميمي، السعدي، مولاهم، أبو معاوية الضرير، الكوفي، ثقة أحفظ الناس لحديث الأعمش، وقد يهم في حديث غيره، رمي بالإرجاء، وروى له الجماعة كما في "التقريب" (ص475 رقم 5841) ؛ روى عن الأعمش وعاصم الأحول وأبي مالك الأشجعي وداود بن أبي هند وهشام بن عروة وهشام بن حسان وغيرهم، روى عنه الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه وأبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة وسعيد بن منصور وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاث وتسعين ومائة، وقيل: أربع، وقيل: خمس وتسعين وله اثنتان وثمانون سنة، وقد وثقه ابن سعد، والعجلي، ويعقوب بن شيبة، والنسائي وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: ((كان حافظًا متقنًا، ولكنه كان مرجئًا)) ، وقال ابن خراش: ((صدوق، وهو في الأعمش ثقة، وفي غيره فيه اضطراب)) ، وكان شعبة ممن روى عن الأعمش، ومع ذلك يعظم أبا معاوية ويسأله عن حديث الأعمش، وقال شبابة بن سوار: كنا عند شعبة، فجاء أبو معاوية، فقال شعبة: هذا صاحب الأعمش، فاعرفوه. وقال وكيع: ((ما أدركنا أحداً كان أعلم بأحاديث الأعمش من أبي معاوية)) ، وقال الإمام أحمد: ((أبو معاوية الضرير في غير حديث الأعمش مضطرب، لا يحفظها حفظًا جيدًا)) . وقال أبو حاتم: ((أثبت الناس في الأعمش: الثوري، ثم أبو معاوية الضرير، ثم حفص بن غياث)) . أ. هـ. من "الثقات" لابن حبان (7 / 441 - 442) ، و"الجرح والتعديل" (7 / 246 - 248 رقم 1360) ، و"التهذيب" (9 / 137 - 139 رقم 191) . (2) هو سليمان بن مهران الأسدي الكاهلي، مولاهم، أبو محمد الكوفي، الأعمش، ثقة حافظ عارف بالقراءات ورع روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص254 رقم 2615) ؛ وروى هو عن زيد بن وهب وأبي وائل شقيق بن سلمة وإبراهيم النخعي، وأبي صالح ذكوان السّمان وأبي عمرو الشيباني وعامر الشعبي وعمارة بن عمير، ومجاهد وأبي الضحى وغيرهم، وروى عنه شعبة والسفيانان وجرير

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ابن حازم وابن المبارك وهشيم بن بشير وأبو معاوية وغيرهم، وكانت ولادته سنة إحدى وستين، وقيل: تسع وخمسين للهجرة، وكانت وفاته سنة سبع أو ثمان وأربعين ومائة، كان شعبة يقول: ((ما شفاني أحد في الحديث ما شفاني الأعمش)) ، وكان إذا ذكره قال: ((المصحف المصحف)) ، وقال عمرو بن علي الفلاس: ((كان الأعمش يسمى: المصحف؛ لصدقه)) ، وقال يحيى بن سعيد القطان: ((كان من النساك، وهو علامة الإسلام)) ، ووثقه ابن معين، وقال: ((فقير صبور مجانب للسلطان، ورع عالم بالقرآن)) وقال أبو حاتم: ((ثقة يحتج بحديثه)) ، وقال أبو زرعة: ((إمام)) ، وقال النسائي: ((ثقة ثبت)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (4 / 146 - 147 رقم 630) ، و"التهذيب" (4 / 222 - 226 رقم 376) . وقد وصف الأعمش بالتدليس جمع من الأئمة، منهم الثوري، وشعبة، وأبو معاوية، وهشيم، وابن معين، وابن حبان، ,وغيرهم. بل قال ابن المبارك: ((إنما أفسد حديث أهل الكوفة: أبو إسحاق، والأعمش)) . وقال مغيرة: ((أهلك أهل الكوفة أبو إسحاق وأُعَيْمشكم هذا)) . قال الذهبي في معنى كلام مغيرة هذا وردِّه: ((كأنه عنى الرواية عمن جاء، وإلا فالأعمش عدل صادق ثبت، صاحب سنة وقرآن، يحسن الظن بمن يحدثه ويروي عنه، ولا يمكننا أن نقطع عليه بأنه عَلِمَ ضعف ذلك الذي يدلّسه، فإن هذا حرام)) . قلت: الأعمش آية في الضبط والإتقان لاشك في ذلك، وإنما تُكُلِّم فيه بسبب التدليس، قال الذهبي: ((أحد الأئمة الثقات، عداده في صغار التابعين، ما نقموا عليه إلا التدليس)) . أقول: وهو كوفي: وكان الغالب على أهل الكوفة في ذلك الزمان: التدليس؛ قال يزيد بن هارون: ((قدمت الكوفة، فما رأيت بها أحدًا لا يدلس إلا شريكًا ومسعر بن كدام)) . اهـ. من "جامع التحصيل" (ص114) . وقد اختلف في قبول عنعنة الأعمش وردها. فالعلائي في "جامع التحصيل" (ص130) ، والحافظ ابن حجر في "طبقات المدلسين" =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = (ص67 رقم 55) ذكراه في الطبقة الثانية من "طبقات المدلسين"، وهم من احتمل الأئمة تدليسهم، وخرجوا لهم في الصحيح، وإن لم يصرحوا بالسماع؛ وذلك إما لإمامتهم، أو لقلة تدليسهم في جنب ما رووا، أو لأنهم لا يدلسون إلا عن ثقة. والذي يظهر أن ابن حجر متردد في الأعمش، فكما أنه في "طبقات المدلسين" ذكره في الطبقة الثانية، فإنه في النكت على كتاب ابن الصلاح (2 /640) ذكره في الطبقة الثالثة وهم من أكثروا من التدليس وعرفوا به. وذهب بعض أهل العلم إلى رد عنعنة الأعمش مطلقًا كما يظهر من عبارات بعضهم السابقة. وقال ابن عبد البر في "التمهيد" (1 / 30) : ((قالوا: لا يقبل تدليس الأعمش؛ لأنه إذا وقف أحال على غير مليء، يعنون: على غير ثقة؛ إذا سألته: عمّن هذا؟ قال: عن موسى بن طريف، وعباية بن ربعي، والحسن بن ذكوان)) . وساق ابن عبد البر أيضًا بإسناده (ص33) عن أبي معاوية، قال: ((كنت أحدّث الأعمش، عن الحسن بن عمارة، عن الحكم، عن مجاهد، فيجيء أصحاب الحديث بالعشي، فيقولون: حدثنا الأعمش، عن مجاهد، بتلك الأحاديث، فأقول: أنا حدثته عن الحسن بن عمارة، عن الحكم، عن مجاهد)) . وذكر العلائي في "جامع التحصيل" (ص115) هذه الحكاية عن أبي معاوية، ثم قال: ((والأعمش قد سمع من مجاهد، ثم (نراه) يدلس عن ثلاثة عنه، وأحدهم متروك، وهو الحسن بن عمارة)) . وقال أيضًا (ص116) : ((وهذا الأعمش من التابعين، وتراه دلس عن الحسن بن عمارة، وهو يعرف ضعفه)) . اهـ. قلت: أما أن يكون دلّس عن الضعفاء، فنعم، وأما أن يكون قد عرف ضعفهم، فتقدم ردّ الذهبي على من ادعى ذلك. وبالجملة فالتوقف عن قبول عنعنته هو الأحوط لما سبق، إلا في ثلاثة مواضع: (أ) ما كان في رواياته بالعنعنة في الصحيحين، فهذا محمول على السماع

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = كما نص عليه النووي في "التقريب" (1 / 230) ، وفيه خلاف، لكن هذا الذي تطمئن إليه النفس. ففي أسئلة تقي الدين السبكي للحافظ أبي الحجاج المزي، قال: وسألته عن ما وقع في الصحيحين من حديث المدلس معنعنًا، هل نقول: إنهما اطلعا على اتصالها؟ فقال: ((كذا يقولون، وما فيه إلا تحسين الظن بهما. وإلا ففيهما أحاديث من رواية المدلسين، ما توجد من غير تلك الطريق التي في الصحيح)) . اهـ. من "النكت على كتاب ابن الصلاح" (2 / 636) . (ب) ما كان من روايته عن شيوخه الذين أكثر عنهم ... قال الذهبي في "الميزان" (2 / 224) : ((هو يدلس، وربما دلّس عن ضعيف، ولا يدري به. فمتى قال: (حدثنا) ، فلا كلام. ومتى قال: (عن) ، تطرّق إليه احتمال التدليس، إلا في شيوخ له أكثر عنهم، كإبراهيم، وأبي وائل، وأبي صالح السمّان، فإن روايته عن هذا الصنف محمولة على الاتصال)) . اهـ. (جـ) ما كان من رواية شعبة عنه، ففي "طبقات المدلسين" للحافظ ابن حجر (ص151) نقل الحافظ عن البيهقي قوله: ((وروينا عن شعبة أنه قال: كفيتكم تدليس ثلاثة: الأعمش، وأبي إسحاق، وقتادة)) . قال ابن حجر عقب إيراده لهذا القول: ((فهذه قاعة جيدة في أحاديث هؤلاء الثلاثة أنها إذا جاءت من طريق شعبة دلّت على السماع ولو كانت معنعنة)) . اهـ. وأما روايته عن مجاهد فالأغلب فيها التدليس كما يظهر من الحكاية التي سبق ذكرها عن أبي معاوية، وفي "العلل" لابن أبي حاتم (2 / 210 رقم 2119) سأل عبد الرحمن أباه أبا حاتم عن حديث رفعه فطر والحسن بن عمرو ولم يرفعه الأعمش، فقال أبو حاتم: ((الأعمش أحفظهم، والحديث يحتمل أن يكون مرفوعًا، وأنا أخشى أن لا يكون سمع الأعمش من مجاهد؛ إن الأعمش قليل السماع من مجاهد، وعامة ما يروي عن مجاهد مدلَّس)) . اهـ. (3) هو إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود بن عمرو بن ربيعة بن ذهل النخعي، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = أبو عمران الكوفي، الفقيه، ثقة روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص95 رقم 270) . روى عن خاليه الأسود وعبد الرحمن ابني يزيد، وعن مسروق وعلقمة وشريح القاضي وغيرهم، روى عنه الأعمش ومنصور بن المعتمر وعبد الله بن عون ومغيرة بن مقسم وغيرهم، وكانت وفاته سنة ست وتسعين للهجرة وهو ابن تسع وأربعين سنة، وقيل: ابن ثمان وخمسين. قال الشعبي: ((ما ترك أحدًا أعلم منه)) . وقال الأعمش: ((كان إبراهيم خيّرًا في الحديث)) . وقال العجلي: ((كان مفتي أهل الكوفة، وكان رجلاً صالحًا فقيهًا متوقيًّا قليل التكلف)) . وقال أبو زرعة: ((إبراهيم النخعي علم من أعلام أهل الإسلام، وفقيه من فقهائهم)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (2 / 144 - 145 رقم 473) ، و"التهذيب" (1 / 177 - 179 رقم 325) . قلت: وذكر الحافظ ابن حجر أن الحاكم وصف إبراهيم بالتدليس، وبناء على قوله هذا ذكره في "طبقات المدلسين" (ص50 رقم 35) ، لكنه عدّه في الطبقة الثانية، وهم من احتمل الأئمة تدليسه، ولم أجد من ذكر هذا عنه سوى الحاكم، ولعلّه عنى الإرسال، فإن إبراهيم وصف بكثرة الإرسال، ففي الموضع السابق من "التهذيب" نقل ابن حجر عن العلائي قوله: ((هو مكثر من الإرسال، وجماعة من الأئمة صححوا مراسيله، وخص البيهقي ذلك بما أرسله عن ابن مسعود)) . قلت: وحجته في ذلك ما رواه ابن عبد البر في "التمهيد" (1 / 37 - 38) عن الأعمش قال: قلت لإبراهيم: إذا حدثتني حديثًا فأسنده، فقال: ((إذا قلت: عن عبد الله - يعني: ابن مسعود - فاعلم أنه عن غير واحد، وإذا سمّيت لك أحدًا، فهو الذي سمّيت)) . اهـ. قال العلائي في "جامع التحصيل" (ص88) : ((وأما ما ذكروه عن إبراهيم النخعي فهو صحيح، رواه شعبة، عن الأعمش، عنه. وكذلك قال أحمد بن حنبل: مرسلات إبراهيم النخعي لا بأس بها. وأشار البيهقي إلى أن هذا إنما يجيء فيما جزم به إبراهيم النخعي عن ابن مسعود، وأرسله عنه؛ لأنه قيّد فعله ذاك. =

4- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي ثَوْرٍ الهَمْداني (1) ، عَنْ أَبِي حَصين (2) ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ (3) ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: ((تَعلَّمُوا الْقُرْآنَ، فَإِنَّ بِكُلِّ حَرْفٍ مِنْهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ، لَا أَقُولُ: الم ولكن: ألف، ولام، وميم)) .

_ = فأما غيرها، فإنا نجده يروي عن قوم مجهولين لا يروي عنهم غيره، مثل هني بن نويرة، وجذامة الطائي، وقرثع الضبي، ويزيد بن أوس، وغيرهم)) . اهـ. [3] الحديث رجاله ثقات، وفيه عنعنة الأعمش، وإرسال إبراهيم له عن ابن مسعود. أما عنعنة الأعمش فإن روايته هنا عن إبراهيم، وهي محمولة على الاتصال كما سبق بيانه. وأما إرسال إبراهيم له، فتقدم أن مراسيله عن ابن مسعود صحيحة، على أنه قد وصله. فالحديث أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 560 رقم 10129) من طريق محمد بن عبيد. وأخرجه الدارمي في "سننه" (2 / 311 رقم 3326 و 3327) من طريق أبي عوانة ويعلى. ثلاثتهم عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ عبد الله، به، مثله، إلا أن لفظ ابن أبي شيبة فيه: ((من قرأ)) بدلاً من قوله: ((من أحب)) . فهؤلاء ثلاثة من الرواة خالفوا أبا معاوية فرووه عن الأعمش موصولاً. وعبد الرحمن بن يزيد تقدم في الحديث السابق أنه ثقة، وعليه فيكون الحديث صحيحًا، والله أعلم. (1) هو الوليد بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ثور المُرْهِبي الهَمْداني، الكوفي، وقد ينسب إلى جده، ضعيف كما "التقريب" (ص582 رقم 7431) ؛ يروي عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ وسماك بن حرب ومحمد بن سوقة وغيرهم، وعنه محمد بن الصباح وعباد بن يعقوب وسعيد بن منصور وغيرهم، وكانت وفاته سنة اثنتين وسبعين ومائة، ولم أجد من نص على أنه روى عن أبي حَصين، وسماعه منه محتمل كما يتضح من تاريخ وفاتيهما، وكلاهما كوفي، قال ابن معين: ((ليس بشيء)) ، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وقال أبو حاتم: ((يكتب حديثه، ولا يحتج به)) ، وقال أبو زرعة: ((منكر الحديث، يَهِم كثيرًا، في حديثه وهاء)) . انظر: "الجرح والتعديل" (9 / 2 - 3 رقم 6) ، والكامل لابن عدي (7 / 2538 - 2539) ، و"التهذيب" (11 / 137 - 138 رقم 229) . (2) هو عثمان بن عاصم بن حُصَين الأسيد، أبو حَصِين - بفتح المهملة - الكوفي، ثقة ثبت سُنّي، روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص384 رقم 4484) ؛ روى عن جابر بن سمرة وابن الزبير وابن عباس وأنس وأبي وائل وسعيد بن جبير وعامر الشعبي ومجاهد وغيرهم، روى عنه شعبة والثوري ومسعر وإسرائيل وزائدة وغيرهم، وكانت وفاته سنة سبع أو ثمان وعشرين ومائة، وقيل غير ذلك. قال عبد الرحمن بن مهدي: ((حفاظ الكوفة أربعة)) ، وذكر منهم أبا حصين، وقال سفيان الثوري: ((ثقة ثقة)) ، ووثقه ابن معين، وأبو حاتم، والعجلي، ويعقوب بن شيبة، والنسائي، وابن خراش، بل قال ابن عبد البر: ((أجمعوا على أنه ثقة حافظ)) . انظر: "الجرح والتعديل" (6 / 160 - 161 رقم 883) ، و"التهذيب" (7 / 126 - 128 رقم 269) . (3) هو عوف بن مالك بن نَضْلة - بفتح النون، وسكون المعجمة-، الجُشَمي - بضم الجيم، وفتح المعجمة-، أبو الأحوص الكوفي، مشهور بكنيته، ثقة من الثالثة، قتل في ولاية الحجاج على العراق. كما في "التقريب" (ص433 رقم 5218) ؛ وروى هو عن أبيه وله صحبه، وعن ابن مسعود وأبي موسى وأبي هريرة وغيرهم، روى عنه أبو إسحاق السبيعي وعبد الملك بن عمير وعبد الله بن مرة وأبو الزعراء وعطاء بن السائب وأبو حصين عثمان بن عاصم وغيرهم، وقد وثقه ابن سعد، وابن معين، والنسائي، وذكره ابن حبان في ثقاته. انظر: "الجرح والتعديل" (7 / 14 رقم 62) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (2 / 1065) ، و"التهذيب" (8 / 169 رقم 305) . [4] الحديث بإسناد المصنف فيه الوليد بن أبي ثور وهو ضعيف، لكنه لم ينفرد =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = به، فالحديث صحيح لغيره بمجموع طرقه. فقد روي الحديث عن ابن مسعود رضي الله عنه من سبعة طرق. الطريق الأول: طريق أبي الأحوص، وله عنه سبعة طرق. 1- طريق أبي حصين الذي أخرجه المصنف هنا. وأخرجه ابن منده في كتاب الرد على من يقول (آلم) حرف برقم (13) من طريق إبراهيم بن إسحاق الصيني، أخبرنا عبيدة، عن أبي حصين، به نحوه. وسنده ضعيف جدًّا، فإبراهيم بن إسحاق الصيني هذا متروك كما قال الدارقطني. وهو يروي عن الإمام مالك وقيس بن الربيع، ويروي عنه موسى ابن إسحاق ومطيِّن ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة. انظر: "الجرح والتعديل" (2 / 85 - 86 رقم 203) ، و"الضعفاء والمتروكين" للدارقطني (ص112 رقم 31) ، و"سؤالات البرقاني" (ص15 رقم 19) ، و"ديوان الضعفاء والمتروكين" للذهبي (ص8 رقم 150) . وذكره ابن حبان في "الثقات" (8 / 78) ، وقال: ((ربما خالف وأخطأ)) . وذكره الخطيب في الرواة عن مالك، وساق له حديثًا، ثم قال: ((كذا رواه إبراهيم، ووهم فيه، وصوابه: عن مالك، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيب، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - مرسلاً)) . وقال الحافظ ابن حجر: ((وجدت له خيرًا منكرًا جدًّا ... )) . انظر: "اللسان" (1 / 30 رقم 51) . 2- طريق عطاء بن السائب، وهو الآتي برقم [6] ، وهو صحيح بمجموع طرقه. 3- طريق إبراهيم الهجري، وهو الآتي برقم [7] ، وهو صحيح بمجموع طرقه. 4- طريق أبي إسحاق السبيعي، واختلف عليه. فرواه مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ عنه مرفوعًا. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وخالفه الباقون، فرووه عنه موقوفًا. أما رواية مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، فأخرجها: ابن منده في الرد على من يقول (الم) حرف رقم (11) ، فقال: أخبرنا أبي رحمه الله، أخبرنا عبد الواحد بن أبي الخصيب، حدثنا أحمد بن عبيد بن زياد الإيادي، حدثنا عبد الوهاب بن نجدة، حدثنا محمد بن خالد الوَهْبي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ علقمة، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((إن هذه القرآن مأدبة الله عز وجل، فتعلموا من مأدبته ما استطعتم. إن هذا القرآن هو حبل الله تبارك وتعالى، هو النور الْمُبِينُ، وَالشِّفَاءُ النَّافِعُ، عِصْمَةٌ لِمَنْ تمسّك به، ونجاة من تبعه، لا يَعْوَجُّ فيُقَوَّمُ، وَلَا يَزِيغُ فيُستَعتَبُ، وَلَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ، وَلَا يَخْلَقُ عن كثرة الرد، فاتلوه، فإن الله تعالى يَأْجُرُكُمْ عَلَى تِلَاوَتِهِ بِكُلِّ حَرْفٍ عَشْرَ حَسَنَاتٍ، أَمَا إِنِّي لَا أقول: (آلم) ، ولكن في الألف عشر، وفي اللام عشر، وفي الميم عشر)) . ومحمد بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ وقّاص الليثي المدني يروي عن أبيه وأبي سلمة بن عبد الرحمن، ومحمد بن إبراهيم التيمي وغيرهم، ويروي عنه شعبة والسفيانان وحماد بن سلمة ويحيى القطان وغيرهم، وكانت وفاته سنة أربع أو خمس وأربعين ومائة، وهو مختلف فيه، قال علي بن المديني: سألت يحيى بن سعيد - يعني القطان - عنه، فقال: تريد العفو، أو تُشَدَِّد؟ قلت: بل أشدِّد، قال: فليس هو ممن تريد. ووثقه ابن معين في رواية، وفي رواية قال: كانوا يتقون حديثه، وقال ابن المبارك: ((لم يكن به بأس)) ، وقال أبو حاتم: ((صالح الحديث)) ، وقال النسائي: ((ليس به بأس)) ، وقال ابن عدي: ((أرجو أنه لا بأس به)) . "الجرح والتعديل" (8 / 30 - 31 رقم 138) ، و"الكامل" لابن عدي (6 / 2229 - 2230) ، والتهذيب (9 / 375 - 377 رقم 617) .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = قلت: الراجح من حاله أنه صدوق كما هو اختيار الذهبي في ((من تكلم فيه وهو موثق)) (ص165 - 166 رقم 307) ، وابن حجر في "هدي الساري" (ص441) . وقال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (6 / 136) : ((حديثه في عداد الحسن)) ، وقال في "الميزان" (3 / 673) : ((شيخ مشهور حسن الحديث)) . وفي سند الحديث عند ابن منده عبد الواحد بن أبي الخصيب، وأحمد بن عبيد بن زياد الإيادي، ولم أجد لهما ترجمة، إلا أن الإيادي ذكره المزي في "تهذيب الكمال" (2 / 871) في الرواة عن عبد الوهاب بن نجدة الحوطي، وسماه: (أحمد بن عبد الله بن زياد بن زكريا بن إسماعيل الإيادي الأعرج، أبا علي) ، ولم أجد له ترجمة بهذا الاسم أيضًا. ومع ذلك فلم أجد من ذكر محمد بن عمرو فيمن روى عن أبي إسحاق السبيعي، وقد يكون أبو إسحاق هذا هو إبراهيم الهجري الآتي حديثه برقم [7] ، لكن لم أجد أيضًا من ذكر محمد بن عمرو في الرواة عنه، فالله أعلم. وأما الذين رووا الحديث عن أبي إسحاق موقوفًا، فهم: أ- شريك بن عبد الله النخعي القاضي عند ابن المبارك في "الزهد" (ص279 رقم 808) ، ولفظه نحو لفظ المصنف هنا. وسنده ضعيف؛ شريك بن عبد الله النخعي الكوفي القاضي صدوق، إلا أنه يخطئ كثيرًا؛ تغيّر حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة، مع كونه عادلاً فاضلاً عابدًا شديدًا على أهل البدع كما في "التقريب" (ص266 رقم 2787) . يروي عن أبي إسحاق السبيعي وعبد الملك بن عمير وإسماعيل بن أبي خالد وعاصم الأحول والأعمش وغيرهم، ويروي عنه ابن المبارك وعبد الرحمن بن مهدي ووكيع وهشيم وغيرهم، وكانت ولادته سنة تسعين للهجرة، ووفاته سنة سبع وسبعين ومائة، قال ابن معين: ((شريك ثقة، إلا أنه لا يتقن ويغلط)) . وروى معاوية بن صالح عن ابن معين أنه قال مرة: ((شريك صدوق ثقة، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = إلا أنه إذا خالف فغيره أحب إلينا منه)) . قال معاوية: وسمعت أحمد بن حنبل يقول شبيهًا بذلك. وقال يعقوب بن شيبة: ((شريك صدوق ثقة، سيء الحفظ جدًّا)) . انظر: "الجرح والتعديل" (4 / 365 - 367 رقم 1602) ، و"الكامل" (4 / 1321 - 1338) ، و"التهذيب" (4 / 333 - 337 رقم 577) . ب- عمر بن عبيد الطنافسي عند أبي عبيد في "الفضائل" (ص12 رقم 23) ، ولفظه نحو لفظ المصنف هنا أيضًا. وعمر بن عبيد بن أبي أمية الطَّنافِسي - بفتح الطاء والنون، وبعد الألف فاء مكسورة، ثم مهملة -، الكوفي، صدوق روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص415 رقم 4945) ، ونحوه اختيار الذهبي في "الكاشف" (2 / 318 رقم 4154) . يروي عن أبي إسحاق السبيعي وعبد الملك بن عمير والأعمش ومنصور وغيرهم، ويوري عنه أخوه يعلى والإمام أحمد وأبو عبيد وإسحاق بن راهويه وغيرهم، وكانت ولادته سنة أربع ومائة، ووفاته سنة خمس وثمانين ومائة، وقيل: سبع وقيل: ثمان وثمانين ومائة، وقد وثقه ابن سعد وابن معين والإمام أحمد والدارقطني. وأشار إلى معين إلى أنه دون أخويه يعلى ومحمد، وفي رواية قال عنه: ((صالح)) . وقال أبو حاتم: ((محله الصدق)) . وقال العجلي: ((عمر أخو يعلى ومحمد، وهو أسن منهما، وهو دونهما في الحديث، وكان صدوقًا)) . وذكره ابن حبان في "الثقات". "الجرح والتعديل" (6 / 123 رقم 668) ، و"طبقات ابن سعد" (6 / 387) ، و"التهذيب" (7 / 480 - 481 رقم 896) . جـ- معمر بن راشد عند عبد الرزاق في "المصنف" (3 / 368 - 369 رقم 5998) ، ولفظه: ((إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ مَأْدُبَةُ اللَّهِ، فمن استطاع أَنْ يَتَعَلَّمَ مِنْهُ شَيْئًا فَلْيَفْعَلْ، فإن أصفر البيوت من الخير الذي ليس فيه من كتاب الله تعالى شيء، وإن البيت الذي فيه كتاب الله شيء خرب كخراب =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = البيت الذي لا عامر له. وإن الشيطان يخرج من البيت يسمع سورة البقرة تقرأ فيه)) . ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الطبراني في "الكبير" (9 / 138 رقم 8642) . ومن طريق الطبراني أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (1 / 130 - 131) . قال الهيثمي في "المجمع" (7 / 164) : ((رجال هذه الطريق رجال الصحيح)) . قلت: معمر بن راشد الأزدي، مولاهم، أبو عروة البصري، نزيل اليمن، روى له الجماعة، ويروي عن ثابت البناني وقتادة والزهري وعاصم الأحول وأيوب السختياني وهشام بن عروة وعاصم بن أبي النجود، ويروي عنه ابن المبارك وابن عيينة وابن عليّة وعبد الرزاق وهشام بن يوسف وغيرهم، وكانت وفاته سنة اثنتين أو ثلاث وخمسين ومائة، وقيل: سنة أربع وخمسين ومائة وهو ابن ثمان وخمسين سنة، وهو ثقة ثبت فاضل، إلا أن في روايته عن ثابت والأعمش وهشام بن عروة شيئًا، وكذا فيما حدث به بالبصرة كما في "التقريب" (ص541 رقم 6809) وكذا حديثه عن أهل الكوفة وعاصم بن أبي النجود، فقد وثقه ابن معين والعجلي ويعقوب بن شيبة، وقال النسائي: ((ثقة مأمون)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: ((كان فقيهًا حافظًا متقنًا ورعًا)) . وأما روايته عن ثابت وعاصم والأعمش وهشام بن عروة، وأهل العراق، فقد قال ابن معين لابن أبي خيثمة: ((إذا حدثك معمر عن العراقيين فخالفه، إلا عن الزهري وابن طاووس، فإن حديثه عنهما مستقيم، فأما أهل الكوفة وأهل البصرة فلا، وما عمل في حديث الأعمش شيئًا)) . قال: ((وحديث معمر عن ثابت وعاصم بن أبي النجود وهشام بن عروة وهذا الضرب مضطرب كثير الأوهام)) . انظر: "الجرح والتعديل" (8 / 255 - 257 رقم 1165) ، و"الميزان" (4 / 154 رقم 8682) ، و"التهذيب" (10 / 243 - 246 رقم 439) ، و"هدي الساري" (ص444) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وقال الذهبي في "السير" (7 / 12) : ((ومع كون معمر ثقة ثبتا، فله أوهام، لاسيّما لما قدم البصرة لزيارة أمه، فإنه لم يكن معه كتبه، فحدَّث من حفظه، فوقع للبصريين عنه أغاليط. وحديث هشام وعبد الرزاق عنه أصح؛ لأنهم أخذوا عنه من كتبه)) . اهـ. والله أعلم. د- أبو سنان سعيد بن سنان البرجُمي عند الدارمي (2 / 308 رقم 3310) ، ولفظه نحو لفظ حديث معمر السابق، إلا أنه لم يذكر قوله: ((وإن الشيطان يخرج من البيت يسمع سورة البقرة تقرأ فيه)) . هـ- القاسم بن معن عند أبي نعيم في "أخبار أصبهان" (2 / 272) ، ولفظه نحو لفظ أول حديث معمر السابق، إلا أن أبا نعيم لم يتم سياقه، بل اختصره بقوله: ((الحديث)) . قلت: يتضح مما سبق أن رواية من رواه عن أبي إسحاق موقوفًا أرجح ممن رواه عنه مرفوعًا؛ لأنهم أوثق وأكثر عددًا، والله أعلم. 5- طريق قتادة: أخرج ابن الضريس في فضائل القرآن (ص46 رقم 60) ، من طريق معاذ بن هشام، عن أبيه، عن قتادة، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ الله، به موقوفًا عليه، بنحو لفظ المصنف هنا. 6- طريق عاصم بن أبي النجود: وله عن عاصم أربعة طرق: أ- طريق أبي يوسف في كتاب "الآثار" (ص44 رقم 222) ، عنه، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنِ ابْنِ مسعود - رضي الله عنه - قال: ((أما إن لكل حرف تلاه تالٍ من القرآن عَشْرَ حَسَنَاتٍ. أَمَا إِنِّي لَا أقول: (الم) ، ولكن الألف واللام والميم ثلاثون حسنة)) . ب- طريق أبي حنيفة: أخرجه محمد بن الحسن الشيباني في كتاب الآثار (ص55 رقم 272) ، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = عنه، عاصم، به موقوفًا نحو لفظ أبي يوسف. جـ- طريق عطاء بن أبي رباح: أخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص12 رقم 24) ، فقال: حدثنا حجاج، عن ابن جريج، قال: أخبرني عطاء، أن عاصم بن بهدلة، فذكره موقوفًا بنحو لفظ أبي يوسف. ومن طريق أبي عبيد أخرجه ابن منده في الرد على من يقول (الم) حرف رقم (12) . د- طريق عمرو بن أبي قيس: ويرويه عنه عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الدشتكي، واختلف عليه. فرواه حامد بن محمود بن حرب، عنه، عن عمرو، عن عاصم، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ الله قال: ((إن أصفر البيوت بيت ليس فيه من كتاب الله شيء فاقرؤوا القرآن، فإنكم تؤجرون عليه بِكُلِّ حَرْفٍ عَشْرَ حَسَنَاتٍ، أَمَا إني لا أقول (الم) ، ولكني أقول: ألف، ولام، وميم)) . أخرجه الحاكم في "المستدرك" (1 / 566) . ومن طريقه البيهقي في "الشعب" (4 / 550 - 551 رقم 1 / 1833) . ورواه عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدشتكي هذا عن أبيه، به نحوه، إلا أنه رفعه. أخرجه الحاكم في الموضع السابق. ومن طريقه البيهقي أيضًا. وأشار الحاكم لهذا الاختلاف، ثم قال: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)) ، وسكت عنه الذهبي. وحامد بن محمود بن حرب النيسابوري، أبو علي المقرئ، وعبد اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عبد الله بن سعد الدشتكي كلاهما مجهول الحال، لكن المقرئ أحسن حالاً من الدشتكي، وروايته أرجح، وهي موافقة لباقي الروايات. وقد تصحّف اسم حامد المقرئ في "المستدرك" المطبوع هكذا: (حامد =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ابن محمود بن حبيب) ، والصواب ما تقدم؛ فإن البيهقي روى الحديث من طريق الحاكم في "الشعب" على الصواب، وكذا جاء في ترجمته في "غاية النهاية" (1 / 202 رقم 929) ، ووصفه ابن الجزري بقوله: ((مقدم القراء بنيسابور)) ، وذكر أنه توفي سنة ست وستين ومائتين. وقد ذكر ابن حبان حامدًا هذا في كتاب "الثقات" (8 / 219) . أما عبد الله الدشتكي، فقد روى عنه أبو داود في كتاب "الناسخ والمنسوخ"، وعند الحاكم روى عنه أحمد بن يعقوب الثقفي، روى هو عن أبيه، وذكر الحافظ المزي في "تهذيب الكمال" المخطوط (2 / 703) أنه لم يجد له ذكرًا في غير الحديث الذي رواه عنه أبو داود، وفي "التقريب" (ص311 رقم 3432) ، قال عنه: ((مقبول)) وأنه من الطبقة العاشرة، وانظر "التهذيب" (5 / 294 رقم 500) . 7- طريق سعيد بن جبير: أخرجه ابن منده في الرد على من يقول (آلم) حرف برقم (10) ، من طريق أبان، عن مسلم بن أبي عمران، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ أبي الأحوص، به نحو لفظ المصنف، إلا أنه رفعه. وسنده ضعيف جدًّا، آفته أبان وهو ابن أبي عيَّاش: فيروز، البصري، أبو إسماعيل العبدي، يروي عن أنس بن مالك وسعيد بن جبير وخليد بن عبد الله العصري وغيرهم، يروي عنه أبو إسحاق الفزاري وعمران القطان ويزيد بن هارون ومعمر وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثمان وثلاثين ومائة، وهو متروك الحديث، قاله الفلاس والإمام أحمد وابن معين والنسائي وأبو حاتم والدارقطني، وغيرهم، وكان رجلاً صالحًا، ولكنه بلي بسوء الحفظ كما قال أبو حاتم: انظر: "الجرح والتعديل" (2 / 295 - 296 رقم 1087) ، و"الكامل" لابن عدي (1 / 372 - 378) ، و"التهذيب" (1 / 97 - 101 رقم 174) ، و"التقريب" (ص87 رقم 142) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = الطريق الثاني: طريق أبي عبيدة عامر بن عبد الله بن مسعود، وله عنه طريقان: 1- طريق عبد الكريم الجزري: أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (3 / 367 رقم 5993) ، عن معمر، عن عبد الكريم، عن أبي عبيدة، عن ابن مسعود، به موقوفًا نحو لفظ أبي يوسف السابق في روايته للحديث عن عاصم. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الطبراني في "الكبير" (9 / 139 رقم 8647) . ومن طريق الطبراني أخرجه ابن منده في الرد على من يقول: (آلم) حرف برقم (16) . 2- طريق قيس بن السكن: أخرجه الفريابي في "فضائل القرآن" (ص168 - 169 رقم 62) من طريق الأعمش، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ قيس بن السكن، عن أبي عبيدة، عن ابن مسعود، قال: ((ما من مسلم يقرأ حرفًا من القرآن إلا كتب له عشر حسنات)) . والحديث ضعيف من هذا الطريق؛ مداره على أبي عبيدة عامر بن عبد الله بن مسعود، يرويه عن أبيه، ولم يسمع منه كما نص عليه أبو حاتم وغيره. انظر: "المراسيل" لابن أبي حاتم (ص256 - 257) ، و"التهذيب" (5 / 75 - 76 رقم 121) . وقد أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 461 رقم 9981) هذا الحديث من طريق مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَبْدِ الملك بن أبجر، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ قيس بن السكن، قال: قال عبد الله ... ، فذكره موقوفًا بنحو لفظ المصنف، ولم يذكر أبا عبيدة في سنده. ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه النحاس في "القطع والائتناف" (ص80) إلا أنه سقط منه ذكر ابن مسعود، فجعله من قول قيس بن السكن، مع أن السيوطي ذكره في "الدر المنثور" (1 / 56) من رواية النحاس عن قيس، عن ابن مسعود. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ =وعزاه السيوطي أيضًا لأبي نصر السجزي في الإبانة. وتابع مروان بن معاوية عبد الرحمن بن عبد الملك بن أبجر عند ابن منده في الرد على من يقول: (الم) حرف برقم (15) ، بنحو سياق ابن أبي شيبة. الطريق الثالث: طريق علقمة أو الأسود: أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 462 رقم 9984) من طريق شيخه محمد بن بشر، عن مسعر، عن سليمان الضبي، عن إبراهيم، عن علقمة أو الأسود، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: ((مَنْ قرأ القرآن يبتغي به وجه الله كان له بكل حرف عشر حسنات، ومَحْوُ عشر سيئات)) . وسنده ضعيف؛ سليمان الضبي هذا هو سليمان بن قَرْم - بفتح القاف، وسكون الراء - ابن معاذ، التميمي، الضَّبِّي، أبو داود النحوي، ومنهم من ينسبه إلى جده معاذ، يروي عن أبي إسحاق السبيعي والأعمش وعطاء بن السائب وغيرهم، وعنه سفيان الثوري وهو من أقرأنه، وأبو الأحوص وأبو داود الطيالسي وأبو بكر بن عياش وغيرهم، وهو سيء الحفظ يتشيّع من الطبقة السابعة كما في "التقريب" (ص253 رقم 2600) . فقد وثقه الإمام أحمد، وقال: ((يفرط في التشيع)) . وقال ابن عدي: ((ولسليمان بن قرم أحاديث حسان ... ويدل صورة سليمان هذا على أنه مفرط في التشيع)) . وضعفه ابن معين والنسائي، وقال أبو زرعة: ((ليس بذاك)) . وقال أبو حاتم: ((ليس بالمتين)) ، وقال الحاكم: ((غمزوه بالغلو في التشيع وسوء الحفظ جميعًا)) . انظر: "الجرح والتعديل" (4 / 136 - 137 رقم 597) ، و"الكامل" (3 / 1105 - 1108) ، و"التهذيب" (4 / 213 - 214 رقم 367) ، و"فتح الباري" (8 / 687) . الطريق الرابع: طريق محمد بن كعب القرظي: أخرجه البخاري في "تاريخه الكبير" (1 / 216) . والترمذي في "سننه" (8 / 226 رقم 3075) . والبيهقي في "شعب الإيمان" (4 / 548 رقم 1831) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وابن منده في الرد على من يقول: (الم) حرف رقم (14) . جميعهم من طريق الضحاك بن عثمان، عن أيوب بن موسى قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ القرظي يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مسعود يقول: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: (الم) حرف، ولكن: ألف حرف، وميم حرف)) . هذا سياق الترمذي، ونحوه سياق الباقين إلا أن البخاري اختصر متنه، والبيهقي وابن منده زادا: ((ولام حرف)) ، وليس في رواية ابن منده تصريح محمد بن كعب بسماع الحديث من ابن مسعود. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 55) وعزاه أيضًا لابن الضريس، ومحمد بن نصر، وابن الأنباري في "المصاحف"، والحاكم، وابن مردويه، وأبي ذر الهروي في "الفضائل". قال الترمذي: ((هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه. سمعت قتيبة بن سعيد يقول: بلغني أن محمد بن كعب القرظي وُلِدَ في حياة النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -)) . قلت: وهذا وهم من قتيبة رحمه الله، وإنما الذي ولد في حياة النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هو كعب والد محمد هذا كما قال الحافظ ابن حجر في "التهذيب" (9 / 422) ، و"الإصابة" (6 / 346) ، ويدل عليه ما حكاه البخاري في الموضع السابق من أن كعبًا والد محمد هذا كان ممن لم يُنبت يوم قريظة، فتُرك، والراجح أن محمدًا إنما ولد في آخر خلافة علي - رضي الله عنه - كما في "التهذيب" (9 / 412) نقلاً عن يعقوب بن شيبة، ويوافقه قول ابن حبان في "الثقات" (5 / 351) : ((مات بها [يعني المدينة] سنة ثمان عشرة ومائة، وكنيته أبو حمزة، وقد قيل: إنه مات سنة سبع عشرة ومائة ... ، وكان له يوم توفي ثمانون سنة)) . اهـ. وأما عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، فإن وفاته كانت سنة اثنتين وثلاثين، وقيل ثلاث وثلاثين كما في "التهذيب" (6 / 28) ، وعليه فالحديث منقطع بين محمد =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ابن كعب وابن مسعود، فقول الترمذي عنه: ((حسن صحيح غريب)) ليس بصحيح، ولذا فإن البخاري رحمه الله حينما أورد الحديث في ترجمة محمد بن كعب، وفيه يقول محمد بن كعب: ((سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ)) ، قال البخاري عقبه: ((لا أدري، حفظه أم لا؟)) كأنه عنى به أحد الرواة، ولعله الضحاك بن عثمان بن عبد الله بن خالد الأسدي، الحِزَامي - بكسر أوله، وبالزاي-، يروي عن نافع مولى ابن عمر وأيوب بن موسى وزيد بن أسلم وسعيد المقبري، وغيرهم، يروي عنه ابنه عثمان والثوري وابن المبارك ووكيع ويحيى القطان وغيرهم، وكانت وفاته بالمدينة سنة ثلاث وخمسين ومائة، فقد وثقه أحمد وابن معين ومصعب الزبيري وابن بكير وابن المديني وأبو داود، وقال ابن سعد: ((كان ثبتًا ثقة كثير الحديث)) . وقال ابن نمير: ((لا بأس به، جائز الحديث)) . وقال يعقوب بن شيبة: ((صدوق في حديثه ضعف)) . وليّنه يحيى القطان مع أنه روى عنه. وقال أبو زرعة: ((ليس بقوي)) . وقال أبو حاتم: ((يكتب حديثه، ولا يحتج به)) . وقال ابن عبد البر: ((كان كثير الخطأ، ليس بحجة)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (4 / 460 رقم 2029) ، و"طبقات ابن سعد" (ص397 - 398 / القسم المتمم) ، و"الميزان" (2 / 324 - 325 رقم 3938) ، و"التهذيب" (4 / 446 - 447 رقم 777) . أقول: والراجح من حال الضحاك هذا أنه صدوق كما هو اختيار الذهبي في الموضع السابق من "الميزان"، وفي ((من تكلم فيه وهو موثق)) (ص102 رقم 165) . وقد روي الحديث من طريق محمد بن كعب، عن ابن مسعود موقوفًا عليه. أخرجه ابن منده في الرد على من يقول: (الم) حرف برقم (25 و 26) من طريق أبي عمر، وأبي رافع، كلاهما عن محمد بن كعب، عن ابن مسعود، ولفظ أبي عمر: ((ما من مؤمن يقرأ حرفًا من القرآن، ولو شئت لقلت: اسمًا تامًّا، ولكن حرفًا، إلا كتب الله تبارك وتعالى له عشر حسنات)) . ولفظ أبي رافع: ((من قرأ شيئًا من القرآن كُتب له بكل حرف عشر حسنات، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = أما إن الحرف ليس بالآية والكلمة، ولكن: (الم) ثلاثون حسنة)) . الطريق الخامس: طريق القاسم بن عبد الرحمن: أخرجه ابن منده في الموضع السابق برقم (17) من طريق علي بن زيد بن جدعان، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قال: ((أما إني لست ممن يزعم أن بكل آية عشر حسنات، ولكن أزعم أن بكل حرف من حروف المعجم عشر حسنات)) . وسنده ضعيف؛ علي بن زيد بن عبد الله بن جُدْعان التيمي، البصري ضعيف كما في "التقريب" (ص401 رقم 4734) ، روى عن أنس - رضي الله عنه -، وعن سعيد بن المسيب والحسن البصري ومحمد بن المنكدر وغيرهم، يروي عنه الحمادان: ابن زيد وابن سلمة والسفيانان وهشيم وابن عليّة، وغيرهم، وكانت وفاته سنة إحدى وثلاثين ومائة، وقيل: تسع وعشرين ومائة، وقد ضعفه الإمام أحمد وابن معين والجوزجاني والنسائي وغيرهم. انظر: "الجرح والتعديل" (6 / 186 - 187 رقم 1021) ، و"الكامل" لابن عدي (5 / 1840 - 1845) ، و"التهذيب" (7 / 322 - 324 رقم 544) . الطريق السادس: طريق أُسَيْر، ويقال: يسير بن عمرو، وقيل: ابن جابر. أخرجه ابن منده أيضًا برقم (18) من طريق السّريّ بن عاصم، عن علي بن إسحاق، عن محمد بن مروان، عن حميد بن هلال، عن أسير، عن ابن مسعود موقوفًا بنحو لفظ المصنف هنا. والحديث موضوع بهذا الإسناد، آفته السَّرِيّ بن عاصم، ومحمد بن مروان. أما السري بن عاصم بن سهل، أبو عاصم الهمداني، فقد كذبه ابن خراش، ورماه النقاش بالوضع. وقال ابن حبان وابن عدي: ((يسرق الحديث)) . انظر: "المجروحين" (1 / 335 - 356) ، و"الكامل" (3 / 1298) ، و"لسان الميزان" (3 / 12 رقم 41) . وأما محمد بن مروان بن عبد الله بن إسماعيل السُّدِّي - بضم المهملة والتشديد-، =

5- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ؛ قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الرَّقَاشِيِّ (1) ، عَنِ الْحَسَنِ (2) ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَهُوَ غِنًى لَا فَقْرَ بَعْدَهُ وَالْأَمَانَةُ غِنًى)) .

_ = وهو الأصغر، فهو متهم بالكذب من الطبقة الثامنة كما في "التقريب" (ص506 رقم 6284) ، ويروي عن الأعمش ويحيى بن سعيد الأنصاري ومحمد بن السائب الكلبي صاحب التفسير وغيرهم، يروي عنه ابنه علي والأصمعي والحسن بن عرفة وغيرهم، وقد كذبه جرير بن عبد الحميد وابن نمير، وقال صالح بن محمد: ((كان ضعيفًا، وكان يضع)) ، وقال أبو حاتم: ((ذاهب الحديث، متروك الحديث، لا يكتب حديثه البتّة)) . انظر: "الجرح والتعديل" (8 / 86 رقم 364) ، و"الكامل" (6 / 2266 - 2267) ، و"التهذيب" (9 / 436 - 437 رقم 719) . الطريق السابع: طريق أبي البختري: أخرجه الآجّري في "أخلاق أهل القرآن" (ص54 رقم 12) ، من طريق حماد بن سلمة، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أبي الأحوص، وأبي البختري، أن ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: ((تَعلَّمُوا الْقُرْآنَ واتلوه فإنكم تؤجرون به، إن بكل اسم منه عشرًا، أما إني لا أقول بـ: (آلم) عشر، ولكن بالألف عشر، وباللام عشر، وبالميم عشر)) . وسنده ضعيف لإرساله. أبو البختري اسمه سعيد بن فيروز الطائي مولاهم، وروايته عن ابن مسعود مرسلة كما في "جامع التحصيل" (ص222) ، و"التهذيب" (4 / 72) . (1) هو يزيد بن أَبَان الرَّقَاشي - بتخفيف القاف، ثم معجمة- أبو عمرو البصري، القاصّ - بتشديد المهملة - زاهد ضعيف، روى عن أبيه وأنس بن مالك والحسن البصري وغيرهم، روى عنه قتادة والأعمش ومحمد بن المنكدر وهم من أقرانه، والربيع بن صبيح وحسين بن واقد ومعتمر بن سليمان وغيرهم، وذكره البخاري =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = في "تاريخه الأوسط" في فصل من مات في عشر ومائة إلى عشرين ومائة، وقد ضعفه ابن سعد، وابن معين وغيرهما، بل قال شعبة: ((لأن أزني أحب إلي من أن أحدث عن يزيد الرقاشي)) ، وقال ابن حبان: ((كان من خيار عباد الله، من البكّائين بالليل في الخلوات والقائمين بالحقائق في السبرات، ممن غفل عن صناعة الحديث وحفظها، واشتغل بالعبادة وأسبابها، حتى كان يقلب كلام الحسن، فيجعله عن أنس، عن النبي عليه الصلاة والسلام وهو لا يعلم، فلما كثر في روايته ما ليس من حديث أنس وغيره من الثقات، بطل الاحتجاج به، فلا تحل الرواية عنه إلا على سبيل التعجب، وكان قاصًّا يقص بالبصرة ويبكّي الناس، وكان شعبة يتكلم فيه بالعظائم)) . اهـ. من "المجروحين" لابن حبان (3 / 98) ، و"الكامل" لابن عدي (7 / 2712) ، و"التهذيب" (11 / 309 - 311 رقم 597) ، و"التقريب" (ص599 رقم 7683) . (2) هو الحسن بن أبي الحسن البصري، واسم أبيه - يسار- بالتحتانية والمهملة-، الأنصاري، مولاهم. ثقة فقيه فاضل مشهور، وكان يرسل كثيرًا ويدلس، روى له الجماعة، وروى عن أبي هريرة وسمرة وعمران بن حصين وابن عمر وأنس رضي الله عنهم، وخلق كثير من الصحابة والتابعين، روى عنه حميد الطويل وقتادة وأيوب السختياني وعوف الأعرابي وأبو الأشهب وخالد الحذّاء ويونس بن عبيد وغيرهم، وكانت ولادته لسنتين بقيتا من خلافة عمر رضي الله عنه، وكانت وفاته سنة عشر ومائة، كان أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: ((سلوا الحسن؛ فإنه حفظ ونسينا)) ، وقال قتادة: ((ما جالست فقيهًا قط إلا رأيت فضل الحسن عليه)) . وقال أيوب: ((ما رأت عيناي رجلاً قط كان أفقه من الحسن)) . وقال ابن سعد: ((كان الحسن جامعًا عالمًا رفيعًا فقيهًا ثقة مأمونًا عابدًا ناسكًا كثير العلم فصيحًا جميلاً وسيمًا، وكان ما أسند من حديثه وروى عمّن سمع منه فهو حجة، وما أرسل فليس بحجة)) ، وقال العجلي: ((تابعي ثقة، رجل صالح صاحب سُنّة)) . وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: ((كان يدلس، وكان من أفصح أهل البصرة =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأجملهم وأعبدهم وأفقههم)) ، وقال البزار: ((كان يروي عن جماعة لم يسمع منهم، فيتجوّز، ويقول: حدثنا، وخطبنا - يعني قومه الذين حُدِّثوا وخُطبوا بالبصرة-)) . انظر: "طبقات ابن سعد" (7 / 156 - 178) ، و"الجرح والتعديل" (3 / 40 - 42 رقم 177) ، و"الثقات" لابن حبان (4 / 122 - 123) ، و"التهذيب" (2 / 263 - 270 رقم 488) ، و"التقريب" (ص160 رقم 1227) . وقد ذكر العلائي الحسن البصري في "جامع التحصيل" (ص130) في الطبقة الثالثة من "طبقات المدلسين"، وهم: من توقّف فيهم جماعة، فلم يحتجّوا بهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع، وقبلهم آخرون مطلقًا. وأما الحافظ ابن حجر فذكره في الطبقة الثانية من "طبقات المدلسين" (ص56 رقم 40) ، وهم: من احتمل الأئمة تدليسهم، وأخرجوا لهم في الصحيح؛ لإمامتهم وقلّة تدليسهم في جنب ما رووا، أو كانوا لا يدلسون إلا عن ثقة، فلعلّه ترجح للحافظ أن تدليس الحسن من هذا القبيل، غير أن الاحتياط في الرواية مطلوب، ولذا فالأحوط ما ذهب إليه العلائي، والله أعلم. [5] الحديث سنده ضعيف لضعف يزيد بن أَبَان الرقاشي وإرساله. وقد أخرجه محمد بن نصر المروزي في قيام الليل كما في "المختصر" (ص159) . وأبو يعلى في "مسنده" (5 / 159 - 160 رقم 2773) . ومن طريقه الشجري في "أماليه" (1 / 82) . وأخرجه الطبراني في "الكبير" (1 / 228 رقم 738) . والبيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 550 رقم 2376) . جميعهم من طريق محمد بن عباد المكي، عن حاتم بن إسماعيل، عن شريك، عن الأعمش، عن يزيد بن أبان الرقاشي، عن الحسن، عن أنس، أنَّ النَّبِيَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - قال: ((القرآن غنى، لا فقر بعده، ولا غنى دونه)) . وأخرجه الثعلبي في مقدمة "تفسيره" (1 / 14 / أ) من طريق إسحاق الأزرق، عن =

6- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ؛ قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ (1) ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ (2) ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْأَحْوَصِ، يَقُولُ: كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ، يَقُولُ: ((تَعلَّمُوا الْقُرْآنَ، وَاتْلُوهُ تُؤْجَروا بِكُلِّ حَرْفٍ عَشْرَ حَسَنَاتٍ، أَمَا إِنِّي لَا أَقُولُ: الم، ولكن ألف، ولام، وميم)) .

_ = شريك عن الأعمش، عن يزيد بن أبان، عن أنس مرفوعًا مثل سابقه. فشريك هنا رواه عن الأعمش، ووصله، وخالفه أبو معاوية عند المصنف فأرسله. والصواب إرساله؛ فأبو معاوية أحفظ الناس لحديث الأعمش كما في ترجمته في الحديث رقم [3] . وأما شريك بن عبد الله النخعي الكوفي القاضي، فهو صدوق، إلا أنه يخطئ كثيرًا؛ تغيّر حفظه منذ وُلّي القضاء بالكوفة، مع كونه عادلاً فاضلاً عابدًا شديدًا على أهل البدع كما في الحديث السابق رقم [4] . ومع ضعف شريك من قبل حفظه، فقد اختلف عليه كما سبق، فحاتم بن إسماعيل رواه عنه بإثبات الحسن البصري في سنده، وإسحاق الأزرق رواه عنه بإسقاطه، على أن ابن عدي أخرج الحديث في "الكامل" (4 / 1332) من طريق محمد بن عباد المكي، عن حاتم بن إسماعيل، عن شريك، به بإسقاط الحسن من سنده كما عند الثعلبي. ومما يزيد الحديث ضعفًا إلى ضعفه أنه روي عن يزيد الرقاشي أيضًا، فجعله من مسند أبي هريرة؛ أخرجه الطبراني كما في "مجمع الزوائد" (7 / 158) ، وقال الهيثمي: ((فيه يزيد الرقاشي، وهو ضعيف)) . وقال البيهقي في الموضع السابق من "الشعب": ((وروي هذا الحديث من وجه آخر ضعيف عن الحسن، عن أبي هريرة، وهذا أشبه)) . اهـ. والله أعلم. (1) هو عبد الرحمن بن زياد الرَّصَاصِي، أبو عبد الله، من أهل العراق، وسكن مصر، يروي عن شعبة والمسعودي ومبارك بن فضالة وابن لهيعة، روى عنه الحميدي ودُحيم والربيع بن سليمان وغيرهم، وروى عنه كثيرًا سيعد بن منصور في "سننه"، وهو صدوق؛ =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = قاله أبو حاتم. وقال أبو زرعة: ((لا بأس به)) - كما في "الجرح والتعديل" (5 / 235 رقم 1112) وذكره ابن حبان في "الثقات" (8 / 374) ، وقال: ((ربما أخطأ)) ، وهذا من تشدده في الجرح رحمه الله، ولم يفسر سبب جرحه له، وهو معارض بتوثيق أبي حاتم وأبي زرعة له. وقد ترجم الحافظ عبد الغني المقدسي لعبد الرحمن هذا في كتاب "الكمال"، لكن لم يرو له أحد من أصحاب الكتب الستة كما قال الحافظ ابن حجر في "لسان الميزان" (3 / 416 رقم 1630) . (2) هو عطاء بن السائب الثقفي، أبو محمد، ويقال: أبو السائب، الكوفي، يروي عن أبيه وعن أنس، وربما أدخل بينهما يزيد بن أبان، وعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى وسيعد بن جبير ومجاهد وأبي الأحوص عوف بن مالك وغيرهم، وهو ثقة؛ وثقه شعبة وأيوب وأحمد بن حنبل وابن سعد والنسائي والطبراني، لكنه اختلط في آخر عمره. قال الإمام أحمد: ((من سمع قديمًا فسماعه صحيح، ومن سمع منه حديثًا فسماعه ليس بشيء)) . ونص على اختلاطه ابن معين والقطان والعقيلي والعجلي وأبو حاتم والنسائي، وغيرهم. وهناك من سمع منه قبل الاختلاط، وهم: شعبة وسفيان الثوري وابن عيينة وحماد بن زيد وهشام الدستوائي وأيوب وزهير وزائدة بن قدامة والأعمش. وأما حماد بن سلمة فاختلف فيه، فالجمهور على أنه سمع منه قبل الاختلاط، منهم: ابن معين وأبو داود ويعقوب بن سفيان وابن الجارود والطحاوي وغيرهم. ورأى العقيلي وابن القطان أنه سمع منه في الصحة والاختلاط، وكان لا يميز هذا وهذا. قال الحافظ ابن حجر: ((يحصل لنا من مجموع كلامهم: أن سفيان الثوري وشعبة وزهيراً وزائدة وحماد بن زيد وأيوب عنه صحيح، ومن عداهم يتوقف فيه، إلا حماد بن سلمة، فاختلف قولهم، والظاهر أنه سمع منه مرتين مرة مع أيوب ... ، ومرة بعد ذلك لما دخل عليهم البصرة)) ، واختُلف في سنة وفاة عطاء، فقيل: سنة ثلاث وثلاثين ومائة، وقيل: أربع، وقيل: ست، وقيل: سبع وثلاثين ومائة. انظر في ذلك: "الجرح والتعديل" (6 / 332 - 334 رقم 1848) ، و"الكامل" =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = لابن عدي (5 / 1999 - 2002) ، و"التهذيب" (7 / 203 - 207 رقم 385) ، و"الكواكب النيرات وحاشيته" (ص319 - 335) . [6] الحديث سنده حسن لذاته؛ لحال عبد الرحمن بن زياد، وقد توبع كما سيأتي. وأما عطاء بن السائب، فإنه وإن كان قد اختلط، إلا أنه هنا من وراية شعبة عنه، وهو ممن سمع منه قبل الاختلاط كما سبق، وروى هذا الحديث عنه أيضًا سفيان الثوري وحماد بن زيد كما سيأتي، وهما ممن سمع منه قبل الاختلاط أيضًا، فالحديث صحيح لغيره بهذه المتابعات، وتقدم في الحديث رقم [4] ذكر جميع طرقه، وانظر الحديث الآتي برقم [7] . وأما هذا الطريق، فإن مداره على عطاء بن السائب، وله عنه ثمانية طرق: 1- طريق شعبة: أخرجه المصنف هنا من رواية عبد الرحمن بن زياد، عنه. وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص12 رقم 25) من طريق حجاج. والطبراني في "الكبير" (9 / 140 رقم 8649) من طريق علي بن الجعد. كلاهما عن شعبة، عن عطاء، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ الله، به نحو لفظ المصنف. 2- طريق أبي الأحوص سلّام بن سليم. أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 462 رقم 9983) . والفريابي في "فضائل القرآن" (ص169 رقم 63) . كلاهما من طريق أبي الأحوص هذا، عن عطاء، به نحوه أيضًا. 3- طريق حماد بن سلمة: أخرجه الآجري في "أخلاق أهل القرآن" (ص54 رقم 12) من طريقه عن عطاء، به، وتقدم ذكر لفظه في الطريق السابع في الحديث المتقدم برقم [4] . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = 4- طريق مسعر بن كدام. أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (4 / 551 رقم 1834) من طريق عبيد الله بن موسى، عن مسعر، عن عطاء، به نحو لفظ المصنف. 5- طريق جعفر بن سليمان الضبعي. أخرجه ابن الضريس في "الفضائل" (ص46 رقم 59) من طريقه، عن عطاء، به نحو لفظ المصنف، وزاد: ((بكل حرف عشر حسنات)) . 6- طريق سفيان الثوري، واختلف عليه. فرواه قبيصة أبو عامر، وعبد الرزاق، كلاهما عنه، عن عطاء، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنِ ابْنِ مسعود موقوفًا عليه كما في الروايات السابقة. وخالفهما أبو عاصم النبيل في رواية ابن الجنيد عنه، فرواه عن سفيان، به مرفوعًا. أما رواية قبيصة فأخرجها الدارمي في "سننه" (2 / 308 رقم 3311) بنحو لفظ الطريق السابق. وأما رواية عبد الرزاق فأخرجها ابن منده في الرد على من يقول: (الم) حرف عقب ذكره للحديث رقم [6] ، من طريق الطبراني، عن الدَّبَري، عن عبد الرزاق، بلفظ: ((اقرؤا القرآن، فإنكم تؤجرون عليه، أَمَا إِنِّي لَا أَقُولُ: (الم) حرف، ولكن: ألف عشرًا، ولام عشرًا، وميم عشرًا، فلذلك ثلاثون حسنة)) . وأما رواية أبي عاصم النبيل، فأخرجها: أبو جعفر النحاس في "القطع والائتناف" (ص80) . والخطيب في "تاريخه" (1 / 285 - 286) . وفي "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" (1 / 107 رقم 78) . وابن منده في الموضع السابق. ثلاثتهم من طريق محمد بن أحمد بن الجنيد، عن أبي عاصم، عن سفيان، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = به مرفوعًا، ولفظ ابن منده هو نفس اللفظ السابق ولفظ الخطيب والنحاس نحوه. وقد أخرج ابن منده هذا الحديث من طريق الطبراني، ونقل عنه قوله عقبه: ((رفعه أبو عاصم، ووقفه عبد الرزاق والناس)) . قلت: ووقفه هو الصواب؛ لأمرين: أ- جميع الطرق السابقة وغيرها تدل على أن الصواب وقفه. ب- كل من قبيصة وعبد الرزاق قد تابع الآخر على وقفه، فروايتهما أرجح من رواية أبي عاصم وقد يكون هناك من تابعهما أيضًا كما يظهر من كلام الطبراني السابق، ولا يعني هذا الحكم بالوهم على أبي عاصم، فقد يكون الوهم ممن دونه، وهو محمد بن أحمد بن الجنيد. 7- طريق حماد بن زيد، واختلف عليه أيضًا. فرواه عارم أبو النعمان عنه، عن عطاء، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنِ ابْنِ مسعود، موقوفاً عليه كما في الروايات السابقة. وخالفه معلّى بن منصور، فرواه عنه مرفوعاً. أما رواية عارم، فأخرجها الطبراني في "الكبير" (9 / 140 رقم 8648) ، بلفظ: ((تعلموا القرآن واتلوه، فإنكم تؤجرون به بكل حرف منه حسنة، أَمَا إِنِّي لَا أَقُولُ: (الم) حسنة، ولكن: ألف، ولام، وميم، ثلاثون حسنة؛ ذلك بأن اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: {مَنْ جَاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160] )) . وأما رواية معلّى بن منصور، فأخرجها ابن منده في الموضع السابق برقم (4) ، بلفظ: ((من قرأ حرفًا من كتاب الله تعالى كتب الله له عَشْرَ حَسَنَاتٍ، أَمَا إِنِّي لَا أقول: (الم) حرف، ولكن: ألف ولام وميم ثلاثون حسنة)) . والصواب والأرجح رواية عارم؛ لأمرين: أ- لكونها موافقة لجميع الروايات السابقة. ب- عارم أوثق من معلى، وبخاصة في حماد بن زيد. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وعارم لقبه، واسمه محمد بن الفضل السدوسي، أبو النعمان البصري، يروي عن جرير بن حازم ومهدي بن ميمون ووُهيب بن خالد والحمَّادَيْن بن زيد وابن سلمة وغيرهم، وهو ثقة ثبت، روى له الجماعة، لكنه تغيّر في آخر عمره كما في "التقريب" (ص502 رقم 6226) . قال ابن وارة: ((حدثنا عارم الصدوق الأمين)) . ووثقه أبو حاتم، وقال: ((إذا حدثك عارم فاختم عليه، وعارم لا يتأخر عن عفان، وكان سليمان بن حرب يقدم عارمًا على نفسه، إذا خالفه عارم في شيء رجع إلى ما يقول عارم، وهو أثبت أصحاب حماد بن زيد بعد عبد الرحمن بن مهدي)) . وقال أيضًا: ((اختلط عارم في آخر عمره، وزال عقله، فمن سمع منه قبل الاختلاط فسماعه صحيح، وكتبت عنه قبل الاختلاط سنة أربع عشرة، ولم أسمع منه بعد ما اختلط، فمن كتب عنه قبل سنة عشرين ومائتين، فسماعه جيد، وأبو زرعة لقيه سنة اثنتين وعشرين)) وكانت وفاته سنة أربع وعشرين ومائتين، وقيل: سنة ثلاث وعشرين. اهـ. من "الجرح والتعديل" (8 / 58 - 59 رقم 267) ، وانظر: "الميزان" (4 / 7 - 9 رقم 8057) ، و"التهذيب" (9 / 402 - 405 رقم 657) . قلت: وسمع منه قبل الاختلاط أيضًا: الإمام أحمد، وعبد الله بن محمد المسندي، ومحمد بن أحمد الذريقي، والجوزجاني، والكديمي، والذهلي، والبخاري، وجدّ العقيلي: محمد بن حماد بن صاعد. والراوي لهذا الحديث عن عارم هو شيخ الطبراني علي بن عبد العزيز البغوي، وقد اختلف في سماعه هو وشعيب بن عثمان الأهوازي من عارم؛ لأنهما سمعا منه سنة سبع عشرة ومائتين، فعلى قول أبي حاتم يكون سماعهما قبل الاختلاط. وخالفه أبو داود، فقال: اختلط سنة ست عشرة، ويؤيده قول جد العقيلي حيث قال: ((حججت سنة خمس عشرة، ورجعت إلى البصرة وقد تغيّر =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = عارم، فلم أسمع منه بعدُ شيئًا حتى مات)) . انظر: "الضعفاء" للعقيلي (4 / 121 - 123) ، و"الكواكب النيرات وحاشيته" (ص382- 394) . قلت: ما ذكره أبو داود وجدّ العقيلي لا يؤثر - إن شاء الله - على حديث عارم، فقد قال الدارقطني: ((تغير بأخَرَةٍ، وما ظهر منه بعد اختلاطه حديث منكر، وهو ثقة)) . وأما قول ابن حبان: ((اختلط في آخر عمره وتغيّر حتى كان لا يدري ما يحدِّث به، فوقع في حديثه المناكير الكثيرة، فيجب التنكّب عن حديثه فيما رواه المتأخرون، فإذا لم يعلم هذا من هذا، تُرك الكلّ، ولا يحتجّ بشيء منها)) . اهـ. فقول ابن حبان هذا ردّه الذهبي بقوله عقب ذكره لكلام الدارقطني آنفًا: ((فهذا قول حافظ العصر الذي لم يأت بعد النسائي مثله، فأين هذا القول من قول ابن حبان الخسّاف المتهوّر في عارم ... )) ، ثم ذكر قول ابن حبان السابق، وأردفه بقوله: ((ولم يقدر ابن حبان أن يسوق له حديثًا منكرًا، فأين ما زعم؟)) . انظر: الموضعين السابقين من "الميزان" و"التهذيب"، و"سير أعلام النبلاء" (10 / 267) . وأما معلّى بن منصور الرازي، أبو يعلى، نزيل بغداد، فإنه ثقة سنّي فقيه روى له الجماعة، طُلب للقضاء فامتنع، وأخطأء من زعم أن أحمد رماه بالكذب كما في "التقريب" (ص541 رقم 6806) . وهو يروي عن الإمام مالك وهشيم وحماد بن زيد وعبد الوارث بن سعيد وغيرهم، روى عنه ابنه يحيى وأبو خيثمة وأبو بكر بن أبي شيبة ويعقوب بن شيبة والبخاري وغيرهم، وكانت وفاته سنة إحدى عشرة أو اثنتي عشرة ومائتين، وقد وثقه ابن معين. وقال العجلي: ((ثقة صاحب سنّة، وكان نبيلاً، طلبوه للقضاء =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = غير مرّة، فأبى)) . وقال يعقوب بن شيبة: ((ثقة فيما تفرّد به وشورك فيه، متقن صدوق فقيه مأمون)) . ونقل عبد الحق في الأحكام عن الإمام أحمد أنه رماه بالكذب، والذي جاء عنه في حقه هو ما نقله ابن أبي حاتم عن أبيه، قال: ((قيل لأحمد بن حنبل: كيف لم تكتب عن المعلى بن منصور الرازي؟ فقال: كان يكتب الشروط، ومن كتبها لم يخلُ من أن يكذب)) . وقد عقّب أبو زرعة على هذا الموقف من الإمام أحمد بقوله: ((رحم الله أحمد بن حنبل، بلغني أنه كان في قلبه غصص من أحاديث ظهرت عن المعلى بن منصور، كان يحتاج إليها. وكان المعلى طلاّبة للعلم، رحل، وعنى، وهو صدوق)) . هذا مع أنه جاء عن الإمام أحمد أنه قال: ((معلى ابن منصور من كبار أصحاب أبي يوسف ومحمد، ومن ثقاتهم في النقل والرواية)) . انظر: "الجرح والتعديل" (8 / 334 رقم 1541) ، و"الكامل" لابن عدي (6 / 2372) ، و"الميزان" (4 / 150- 151 رقم 8676) ، و"التهذيب" (10 / 238 - 240 رقم 436) . 8- طريق همّام بن يحيى. أخرجه ابن منده في الموضع السابق برقم (5) ، فقال: أخبرنا سهل بن محمد بن الحسن، أخبرنا جدي، أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي يحيى الزهري، حدثنا إسماعيل بن يزيد القطان، حدثنا أبو داود، حدثنا همَّام بن يحيى، عن عطاء ابن السائب، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ الله بن مسعود قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -: ((اقرؤا القرآن، فإنكم تؤجرون بِكُلِّ حَرْفٍ مِنْهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ، لا أقول: (آلم) ، ولكن: الألف عشرًا، واللام عشرًا، والميم عشرًا)) . ومع مخالفة هذا الطريق للطرق السابقة، حيث روي هنا مرفوعًا، والصواب وقفه، فإنه لا يثبت عن همام. محمد بن أحمد بن أبي يحيى هو محمد بن أحمد بن يزيد الزهري شيخ للطبراني وأبي الشيخ. قال عنه أبو الشيخ: ((لم يكن بالقوي في الحديث)) ، وقال =

7- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو شِهَابٍ (1) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ الهَجَري (2) ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ((إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ مَأْدُبَةُ اللَّهِ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَعَلَّمَ مِنْهُ شَيْئًا فَلْيَفْعَلْ؛ فَإِنَّهُ حَبْلُ اللَّهِ عزَّ وجلَّ، وَالنُّورُ الْمُبِينُ، وَالشِّفَاءُ النَّافِعُ، عِصْمَةٌ لِمَنْ تَمَسَّكَ بِهِ، وَنَجَاةٌ لِمَنِ اتَّبعَهُ، وَلَا يَعْوَجُّ فيُقَوَّم، وَلَا يَزِيغُ فيُستَعتَبُ، وَلَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ، وَلَا يَخْلَقُ عَنْ كَثْرَةِ الرَّدِّ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَأْجُرُكُمْ عَلَى تِلَاوَتِهِ بِكُلِّ حَرْفٍ عَشْرَ حَسَنَاتٍ، أَمَا إِنِّي لَا أَقُولُ: (( (الم)) ) .

_ = أبو نعيم: ((كان كثير الخطأ والمصنفات)) ، كذا في "لسان الميزان" (5 / 41 رقم 141) ، والذي في "أخبار أصبهان" لأبي نعيم (2 / 250) : ((كثير الحديث والمصنفات)) . قال ابن حجر في الموضع السابق: ((يحتمل أن يكون هو شيخ ابن عدي المذكور قبله)) . قلت: إن كان هو فقد اتهمه ابن عدي بسرقة الحديث كما في "الكامل" (6 / 2297) . وفيما تقدم من الطرق الصحيحة غُنْية عن هذا الطريق، والله أعلم. (1) هو عبد ربه بن نافع الكناني، الحنّاط - بمهملة ونون-، نزيل المدائن، أبو شهاب، يروي عن يحيى بن سعيد الأنصاري والأعمش وإسماعيل بن أبي خالد وشعبة وإبراهيم الهَجَري وغيرهم، روى عنه يحيى بن آدم ومسدد وأبو الربيع الزهراني وسعيد بن منصور وغيرهم، وكانت وفاته سنة إحدى وسبعين ومائة، وهو صدوق روى له الشيخان كما في "الكاشف" (2 / 154 رقم 3166) ، فقد وثقه ابن معين والبزار والعجلي وابن سعد وزاد: ((كثير الحديث)) ، وقال ابن نمير: ((ثقة صدوق)) . وقال الإمام أحمد: ((ما بحديثه بأس)) . وقال ابن خراش والخطيب: ((صدوق)) . وقال يعقوب بن شيبة: ((كان ثقة، وكان كثير الحديث، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وكان رجلاً صالحًا لم يكن بالمتين، وقد تكلموا في حفظه)) . ولم يرض يحيى القطان أمره، وقال: ((لم يكن بالحافظ)) . ولما ذكر للإمام أحمد قول يحيى هذا لم يرضَ به، ولم يقرّه. وقال النسائي: ((ليس بالقوي)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (6 / 42 رقم 217) ، و"تاريخ بغداد" (1 / 36) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (2 / 771) ، و"التهذيب" (6 / 128 - 130 رقم 269) . أقول: أبو شهاب هذا مختلف فيه، والراجح من حاله أنه صدوق كما سبق، وهو قول ابن خراش واختاره الخطيب في "تاريخه"، ويقرب منه قول الإمام أحمد: ((ما بحديثه بأس)) ، وهو الذي رجحه الذهبي في "الكاشف"، ويقرب منه قوله في "الميزان" (2 / 544 رقم 4800) : ((صدوق في حفظه شيء)) ، وكذا قال في ((من تكلم فيه وهو موثق)) (ص116 رقم 201) ، بمعنى أنه حسن الحديث عنده؛ فقد قال في المقدمة (ص27) عن الرواة المذكورين في هذا الكتاب: ((فهؤلاء حديثهم إن لم يكن في أعلى مراتب الصحيح، فلا ينزل عن رتبة الحسن، اللهم إلا أن يكون للرجل منهم أحاديث تستنكر عليه، وهي التي تُكُلِّم فيه من أجلها، فينبغي التوقف في هذه الأحاديث)) . اهـ. وقال الحافظ ابن حجر في "هدي الساري" (ص417) عن أبي شهاب هذا: ((احتج الجماعة به سوى الترمذي، والظاهر أن تضعيف من ضعّفه إنما هو بالنسبة إلى غيره من أقرانه كأبي عوانة وأنظاره)) . اهـ. (2) هو إبراهيم بن مسلم العبدي أبو إسحاق الهجري - بفتح الهاء والجيم -، يروي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أوفى وأبي الأحوص عوف بن مالك وأبي عياض، وعنه شعبة وابن عيينة ومحمد بن فضيل بن غزوان، وأبو شهاب عبد ربه بن نافع وغيرهم، وهو من الطبقة الخامسة، ليّن الحديث؛ رفع موقوفات كما في "التقريب" (ص94 رقم 252) . قال ابن معين: ((ليس حديثه بشيء)) . وقال البخاري والنسائي: ((منكر الحديث)) . وقال الإمام أحمد: ((كان الهجري رفّاعًا)) ، وضعَّفه. وقال الفسوي: ((كان رفاعًا، لا بأس به)) ، وقال الأزدي: ((هو صدوق، ولكنه رفّاع =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = كثير الوهم)) ، وقال سفيان بن عيينة: ((أتيت إبراهيم الهجري، فدفع إليَّ عامة كتبه، فرحمت الشيخ، وأصلحت له كتابه، قلت: هذا عن عبد الله وهذا عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، وهذا عن عمر)) . قال الحافظ ابن حجر: ((القصة المتقدمة عن ابن عيينة تقتضي أن حديثه عنه صحيح؛ لأنه إنما عيب عليه رفعه أحاديث موقوفة، وابن عيينة ذكر أنه ميّز حديث عبد الله من حديث النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (2 / 131 - 132 رقم 417) ، و"الكامل" (1 / 214 - 216) ، و"التهذيب" (1 / 164 - 166 رقم 296) . [7] الحديث سنده ضعيف لأجل إبراهيم الهجري، وما تقدم ذكره من أقوال أئمة الجرح والتعديل فيه يتضح جليًّا في هذا الحديث؛ فإنهم قالوا عنه إنه رفع موقوفات، وهذا الحديث موقوف، وقد رواه عنه عدد من الرواة مرفوعًا، والصواب وقفه كما في الحديثين المتقدمين برقم [4، 6] ، وهكذا رواه عنه سفيان بن عيينة ومن وافقه، وتقدم أن رواية ابن عيينة عنه صحيحة لأنه ميّز حديثه، على أن للحديث متابعات تقدم ذكرها في الحديثين المشار إليهما، ومنها متابعة أبي إسحاق السبيعي بتمام لفظه بنحو ما هنا. وللحديث طرق كثير عن إبراهيم الهجري، وجدت منها أربعة عشر طريقًا، منها أربعة طرق موقوفة، وعشرة طرق مرفوعة. أما الموقوفة، فهي: 1- طريق أبي شهاب عبد ربه بن نافع. أخرجه المصنف هنا عنه. وأخرجه الشيعي يحيى بن الحسين الشجري في "أماليه" (1 / 88) بنحوه، لكن تصحّفت كنية عبد ربه هذا عنده إلى: (أبي سهل) ، بسبب تقارب الرسم. وأشار لهذا الطريق ابن منده في الرد على من يقول: (آلم) حرف، عقب روايته للحديث رقم (8) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ 2- طريق سفيان بن عيينة: أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (3 / 375 - 376 رقم 6017) عنه، به نحوه. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الطبراني في "الكبير" (9 / 139 رقم 6017) . ومن طريق الطبراني أخرجه: أبو نعيم في "الحلية" (1 / 130 - 131) . وابن منده في الموضع السابق برقم (9) . وسند هذا الطريق صحيح؛ لأنه من رواية سفيان بن عيينة عن الهجري، وتقدم الكلام عنها. وسفيان بن عيينة بن أبي عمران ميمون الهلالي، مولاهم أبو محمد الكوفي، ثم المكي، يروي عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ وأبي إسحاق السبيعي وإسماعيل بن أبي خالد وأيوب السختياني وابن أبي نجيح وعمرو بن دينار وغيرهم، روى عنه الشافعي ويحيى القطان وابن مهدي وعبد الرزاق وأحمد بن حنبل وابن معين وابن المديني وابنا أبي شيبة وإسحاق بن راهويه والحميدي وسعيد بن منصور وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثمان وتسعين ومائة، وهو ثقة حافظ فقيه إمام حجّة، روى له الجماعة، وكان ربما دلّس، لكن عن الثقات. قال الشافعي رحمه الله: ((لولا مالك وسفيان لذهب علم الحجاز)) . وقال ابن سعد: ((كان ثقة ثبتًا كثير الحديث، حجّة)) . وقال الإمام أحمد: ((ما رأيت أحدًا من الفقهاء أعلم بالقرآن والسنن منه)) . وقال أبو حاتم: ((ثقة إمام)) . وقال ابن خراش: ((ثقة مأمون ثبت)) . وقال ابن حبان: ((كان من الحفاظ المتقنين وأهل الورع والدين)) . وقال اللالكائي: ((هو مستغن عن التزكية لتثبته وإتقانه، وأجمع الحفاظ أنه أثبت الناس في عمرو بن دينار)) . انظر: "الجرح والتعديل" (4 / 225 - 227 رقم 973) ، و"التهذيب" (4 / 117 - 122رقم 205) ، و"التقريب" (ص245 رقم 2451) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = 3- طريق جعفر بن عون. أخرجه الدارمي في "سننه" (2 / 310 رقم 3318) ، والبهيقي في "شعب الإيمان" (4 / 594 رقم 1832) ، ولفظهما نحو لفظ المصنف هنا. 4- طريق إبراهيم بن طهمان: أخرجه البيهقي مقرونًا بالرواية السابقة. هذا بالنسبة لمن رواه عن الهجري موقوفًا. وأما الطرق المرفوعة، فهي: 5- طريق أبي معاوية. أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 482 - 483 رقم 10057) . وابن نصر في قيام الليل كما في "المختصر" (ص155) . والخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" (1 / 107 رقم 79) . ثلاثتهم من طريق أبي معاوية، عن الهجري، به مرفوعًا نحوه، إلا أن ابن أبي شيبة والخطيب لم يذكرا قوله: ((فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَأْجُرُكُمْ ... )) إلخ. 6- طريق أبي اليقظان عمار بن محمد الثوري. أخرجه أبو عبيد في "فضائله" (ص5 رقم 7) بنحو لفظ المصنف هنا. 7- طريق محمد بن فضيل. أخرجه ابن حبان في "المجروحين" (1 / 100) . ومن طريقه ابن الجوزي في "العلل" (1 / 101 - 102 رقم 145) . وأخرجه ابن منده في الموضع السابق برقم (7) . أما ابن حبان فبنحو لفظ المصنف، وأما ابن منده فلفظه: ((اتلوا القرآن، فإن الله تعالى يأجركم على تلاوته كل حَرْفٍ عَشْرَ حَسَنَاتٍ، أَمَا إِنِّي لا أقول: (الم) حرف، ولكن: ألف عشر، ولام عشر، والميم عشر)) . 8- طريق عبد الله بن الأجلح: أخرجه ابن حبان مقرونًا برواية محمد بن فضيل السابقة. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ومن طريقه ابن الجوزي في الموضع السابق. 9- طريق علي بن مسهر. أخرجه ابن منده مقرونًا برواية محمد بن فضيل السابقة. 10- طريق محمد بن عجلان. أخرجه أبو نعيم في أخبار أصبهان (2 / 278) . والثعلبي في الكشف والبيان (1 / 14 / ب - 15 / أ) و (2 / ل 87أ - 87 / ب) . والبيهقي في "شعب الإيمان" (4 / 493 - 494 رقم 1786) . ولفظ البيهقي والثعلبي نحوه، وأما لفظ أبي نعيم فمختصر. 11- طريق جرير بن عبد الحميد. أخرجه ابن الضريس في "فضائله" (ص46 رقم 58) ، ولفظه نحو لفظ ابن منده في طريق محمد بن فضيل رقم (7) . 12- طريق صالح بن عمر. أخرجه الحاكم في "المستدرك" (1 / 555) بنحو لفظ المصنف، ثم قال: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه بصالح بن عمر)) ، فتعقبه الذهبي بقوله: ((صالح ثقة خرج له مسلم، لكن إبراهيم بن مسلم ضعيف)) . 13- طريق يحيى بن عثمان الحنفي. أشار له البيهقي في "الشعب" (4 / 494) ، ثم أخرجه (4 / 550) بنحو لفظ المصنف، لكن تصحف في الموضع الثاني اسم يحيى بن عثمان إلى: ((يحيى بن عمر)) ، وأظنه من المحقق. وأشار ابن منده لهذه الرواية في الموضع السابق عقب الحديث رقم (8) . 14- طريق سليمان بن عبد العزيز. أخرجه ابن منده في الموضع السابق برقم (8) بنحو لفظه في طريق محمد بن فضيل رقم (7) . وبالجملة فالحديث صحيح لغيره موقوفًا على ابن مسعود، والله أعلم.

8- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ؛ قَالَ: نا هُشَيْمٌ (1) ، قَالَ: نا زِيَادُ بْنُ مِخْرَاقٍ (2) ، عَنْ أَبِي إِيَاسٍ (3) ، عَنْ أَبِي كِنَانَةَ (4) ، قَالَ: قَالَ أَبُو مُوسَى: ((إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ كَائِنٌ لَكُمْ أَجْرًا، وَكَائِنٌ لَكُمْ ذِكْرًا، وَكَائِنٌ عَلَيْكُمْ وِزْرًا، فَاتَّبِعُوا الْقُرْآنَ، وَلَا يَتَّبِعُكُمْ، فَإِنَّهُ مَنْ يَتَّبِعِ الْقُرْآنَ يَهْبطُ بِهِ رِيَاضَ الْجَنَّةِ، وَمَنْ يُتَّبع بِهِ الْقُرْآنُ يَزُخُّ (5) فِي قَفَاهُ حَتَّى يَقْذِفَهُ فِي جَهَنَّمَ)) .

_ (1) هو هُشَيْم - بالتصغير - ابن بشير بن القاسم بن دينار السُّلَمي، أبو معاوية الواسطي، روى عن يعلى بن عطاء وسليمان التيمي وإسماعيل بن أبي خالد وعمرو بن دينار وحصين بن عبد الرحمن وسيار أبي الحكم وخالد الحذّاء، وعبد الملك بن أبي سليمان ومغيرة بن مقسم وغيرهم، روى عنه ابنه سعيد وابن المبارك ووكيع ويزيد بن هارون وعلي بن المديني وابنا أبي شيبة وأحمد بن حنبل وسعيد بن منصور وغيرهم، وكانت ولادته في سنة أربع ومائة، وتوفي سنة ثلاث وثمانين ومائة، وهو ثقة ثبت كثير التدليس والإرسال الخفي وروى له الجماعة كما في "التقريب" (ص574 رقم 7312) . قال أبو عبيدة الحدّاد: قدم علينا هشيم البصرة، فذكرناه لشعبة، فقال: ((إن حدثكم عن ابن عباس وابن عمر فصدّقوه)) . وقال علي بن معبد الرقي: جاء رجل من أهل العراق، فذاكر مالكًا بحديث، فقال: ((وهل بالعراق أحد يحسن الحديث إلا ذاك الواسطي)) - يعني هشيمًا -. وقال عبد الرحمن بن مهدي: ((كان هشيم أحفظ للحديث من سفيان الثوري)) . ووثقه ابن سعد والعجلي وأبو حاتم. ووصفه بالتدليس العجلي وابن سعد وابن حبان وأحمد والنسائي. ولما قال له ابن المبارك: ((لِمَ تدلس وأنت كثير الحديث؟)) قال: ((كبيراك قد دلّسا: الأعمش وسفيان)) . وعدّه ابن حجر في الطبقة الثالثة من "طبقات المدلسين"، وهم: مَنْ أكثر من التدليس، فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع. انظر: "الجرح والتعديل" (9 / 115 رقم 486) ، و"التهذيب" (11 / 59 - 64 رقم 100) ، و"طبقات المدلسين" (ص115 - 116 رقم 111) .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = (2) زياد بن مِخْراق - بكسر الميم وسكون المعجمة - المزني، مولاهم، أبو الحارث البصري، يروي عن معاوية بن قُرَّة وأبي نعامة قيس بن عباية وغيرهم، روى عنه شعبة ومالك وحماد بن سلمة وابن عليَّة وابن عيينة، وغيرهم، وهو ثقة؛ من الطبقة الخامسة، وثقه ابن معين والنسائي، وقال ابن خراش: ((صدوق)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات". انظر: "الجرح والتعديل" (3 / 545 رقم 2461) ، و"التهذيب" (3 / 383 رقم 700) ، و"التقريب" (ص220 رقم 2098) . (3) وهو معاوية بن قُرّة بن إياس بن هلال المزني، أبو إياس البصري، روى عن أبيه ومعقل بن يسار وأبي أيوب الأنصاري وعبد الله بن مغفل وغيرهم، روى عنه ابنه إياس وثابت البناني ومنصور بن زاذان وقتادة وشعبة وآخرون، وكانت وفاته سنة ثلاث عشرة ومائة وهو ابن ست وسبعين، وهو ثقة؛ وثّقه ابن سعد وابن معين والعجلي والنسائي وأبو حاتم، وذكره ابن حبان في "ثقاته"، وروى له الجماعة. انظر: "الجرح والتعديل" (8 / 378 - 379 رقم 1734) ، و"التهذيب" (10 / 216 - 217 رقم 399) ، و"التقريب" (ص538 رقم 6769) . (4) هو أبو كنانة القرشي، ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (9 / 430 رقم 2135) وبيّض له، وقال الحافظ في "التقريب" (ص669 رقم 8327) : ((مجهول)) ، والراجح من حاله أنه مجهول الحال كما قال ابن القطان؛ فقد روى عنه زياد بن مخراق، وأبو إياس معاوية بن قرة، وغيرهما، ويروي هو عن أبي موسى الأشعري، وهو من الطبقة الثالثة، فلعل الحافظ لم يطلع على رواية أبي إياس عنه. انظر: "التهذيب" (12 / 213 رقم 988) ، و"الميزان" (4 / 565 رقم 10543) . (5) أي: يدفع. "النهاية في غريب الحديث" (2 / 298) . [8] الحديث سنده ضعيف لجهالة حال أبي كنانة. وقد أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (4 / 585 رقم 1866) من طريق المصنف، ولفظه: ((إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ كَائِنٌ لَكُمْ أجرًا، وكائن لكم ذخرًا، وكائن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = لكم وزرًا، فاتبعوا القرآن، ولا يتبعنكم القرآن، فَإِنَّهُ مَنْ يَتَّبِعِ الْقُرْآنَ يَهْبطُ به على رياض الجنة، ومن يتبعه القرآن يزج فِي قَفَاهُ حَتَّى يَقْذِفَهُ فِي نار جهنم)) . والحديث أخرجه أبو عبيد في "الفضائل" (ص25 رقم 54، 55) ، وفي "غريب الحديث" (4 / 172 - 173) ، من طريق هشيم وإسماعيل بن عليّة، عن زياد بن مخراق، به نحوه. ومن طريق أبي عبيد أخرجه البيهقي في الموضع السابق. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 484 رقم 10063) و (13 / 386 - 387 رقم 16671) ، والدارمي في "سننه" (2 / 313 رقم 3331) . كلاهما من طريق شعبة، عن زياد بن مخراق به نحوه. وأخرجه مسدد في "مسنده" كما في "المطالب العالية المسندة" (ل 135 / أ - ب) ، وهو في المطبوعة (3 / 297 رقم 3517) . والفريابي في "الفضائل" (ص128 - 129 رقم 22) . ومن طريقه الشجري الشيعي في "أماليه" (1 / 83) . وأخرجه الآجري في "أخلاق أهل القرآن" (ص40 رقم 3) . وأبو نعيم في "الحلية" (1 / 257) جمعيهم من طريق إسماعيل بن علية، عن زياد بن مخراق، به نحوه. وأخرجه ابن الضريس في "الفضائل" (ص48 رقم 67) من طريق عوف، عن زِيَادُ بْنُ مِخْرَاقٍ، عَنْ أَبِي كنانة عن أبي موسى، به نحوه هكذا بإسقاط أبي إياس من سنده. وأخرجه محمد بن نصر في قيام الليل كما في "المختصر" (ص158 - 159) . وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل" أيضًا (ص25 رقم 56) من طريق هشيم، قال: أخبرنا محمد مولى قريش، قال: سمعت أبا كنانة يحدث عن أبي موسى بمثل ذلك، أي: بمثل لفظ أبي عبيد السابق.

9- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ (1) ، عَنْ لَيْثٍ (2) ، عَنْ مُجَاهِدٍ (3) ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((مَنْ تَلَا آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - كَانَتْ لَهُ نُورًا يَومَ الْقِيَامَةِ، وَمَنِ اسْتَمَعَ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ حَسَنَةً مضاعفة)) .

_ (1) هو إسماعيل بن عيّاش بن سُلَيْم العَنْسي - بالنون-، أبو عتبة الحمصي، روى عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُليم وصفوان بن عمرو وعبد الرحمن بن جبير بن نفير والأوزاعي وشرحبيل بن مسلم وبحير بن سعد وزيد بن أسلم ومحمد بن عمرو وموسى بن عقبة وهشام بن عروة وخلق من أهل الشام والحجاز والعراق وغيرهم، روى عنه ابن المبارك وأبو داود الطيالسي وابن معين وأبو عبيد وعثمان بن أبي شيبة والحسن بن عرفة وسعيد بن منصور وغيرهم، وكان مولده سنة اثنتين ومائة، وقيل: خمس، وقيل: ست ومائة، وتوفي سنة إحدى وثمانين ومائة، وقيل: سنة اثنتين وثمانين، وهو صدوق في روايته عن أهل بلده، مخلّط في غيرهم كما في "التقريب" (ص109 رقم 473) ، وهو مدلس من الطبقة الثالثة، وصفه بالتدليس ابن معين وابن حبان كما في "طبقات المدلسين" (ص82 رقم 68) ، قال يعقوب بن سفيان: ((تكلم قوم في إسماعيل، وإسماعيل ثقة عدل، أعلم الناس بحديث الشام، وأكثر ما قالوا: يغرب عن ثقات المدنيين والمكيين)) . وقال يزيد بن هارون: ((ما رأيت أحفظ من إسماعيل بن عياش، ما أدري ما سفيان الثوري)) . وقال ابن معين: ((ثقة فيما يروي عن الشاميين. وأما روايته عن أهل الحجاز، فإن كتابه ضاع، فخلط في حفظه عنهم)) . وفي رواية عنه قال: ((إذا حدث عن الشاميين وذكر الخبر، فحديثه مستقيم. وإذا حدث عن الحجازيين والعراقيين خلط ما شئت)) . وذكر أبو بكر المرّوذي أنه سأل الإمام أحمد عنه، فحسّن روايته عن الشاميين، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وقال: ((هو فيهم أحسن حالاً مما روى عن المدنيين وغيرهم)) . انظر: "الجرح والتعديل" (2 / 191 - 192 رقم 650) ، و"الكامل" (1 / 288 - 296) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع (3 / 164) ، و"التهذيب" (1 / 321 - 326 رقم 584) . (2) هو ليث بن أبي سُلَيم بن زُنَيْم - بالزاي والنون مصغر- القرشي، مولاهم، أبو بكر الكوفي، يروي عن طاوس ومجاهد وعطاء وعكرمة ونافع وأبي إسحاق السبيعي وأبي الزبير المكي وغيرهم، روى عنه الثوري وشعبة وجرير بن عبد الحميد وعبد الواحد بن زياد وزائدة وشريك ومحمد بن فضيل وغيرهم، ومات بعد الأربعين ومائة، قيل: سنة إحدى أو اثنتين، وقيل ثلاث، وقيل: ثمان وأربعين ومائة، وهو صدوق اختلط جدًّا، ولم يتميز حديثه، فتُرك كما في "التقريب" (ص464 رقم 5685) قال الإمام أحمد: ((مضطرب الحديث، ما رأيت يحيى بن سعيد أسوأ رأيًا منه في ليث بن أبي سليم وأبي إسحاق وهمام، لا يستطيع أحد أن يراجعه فيهم)) . وقال ابن معين: ((كان يحيى بن سعيد لا يحدث عنه)) . وقال وكيع: ((كان سفيان لا يسمي ليثًا)) . وقال عيسى بن يونس: ((كان قد اختلط، وكان يصعد المنارة ارتفاع النهار فيؤذن)) . وقال أبو حاتم وأبو زرعة: ((ليث لا يشتغل به؛ هو مضطرب الحديث)) . وقال ابن حبان: ((اختلط في آخر عمره، فكان يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل، ويأتي عن الثقات بما ليس من حديثهم. تركه يحيى القطان، وابن مهدي، وابن معين، وأحمد)) . وقال يعقوب بن شيبة: ((هو صدوق ضعيف الحديث)) . وقال ابن شاهين في "الثقات": قال عثمان بن أبي شيبة: ((ليث صدوق، ولكن ليس بحجة)) . وقال الساجي: ((صدوق فيه ضعف، كان سيء الحفظ، كثير الغلط، كان يحيى القطان بآخرةٍ لا يحدث عنه)) . انظر: "الجرح والتعديل" (7 / 177 - 179 رقم 1014) ، و"الكامل" لابن عدي (6 / 2105 - 2108) ، و"التهذيب" (8 / 465 - 468 رقم 833) . (3) هو مجاهد بن جَبْر - بفتح الجيم، وسكون الموحدة-، أبو الحجاج المخزومي، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = مولاهم، المكي، روى عن العبادلة الأربعة وعائشة وأم سلمة وجابر وسراقة بن مالك وغيرهم، وروى عن علي وسعد بن أبي وقاص ورافع بن خديج وأبي سعيد الخدري وأبي هريرة، وقيل: لم يسمع منهم، روى عنه أيوب السختياني وعطاء وعكرمة وعمرو بن دينار والأعمش ومنصور بن المعتمر وغيرهم، وكان مولده سنة إحدى وعشرين للهجرة في خلافة عمر رضي الله عنه، وتوفي سنة مائة، وقيل: إحدى، وقيل: اثنتين، وقيل: ثلاث، وقيل: أربع ومائة، وهو ثقة إمام في التفسير وفي العلم، وروى له الجماعة كما في "التقريب" (ص520 رقم 6481) ، فقد وثقه ابن معين والعجلي وأبو زرعة. وقال ابن سعد: ((كان ثقة فقيهًا عالمًا كثير الحديث)) . وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: ((كان فقيهًا ورعًا عابدًا متقنًا)) . وقال الذهبي: ((أجمعت الأمة على إمامة مجاهد والاحتجاج به)) . انظر: "الجرح والتعديل" (8 / 319 رقم 1469) ، و"التهذيب" (10 / 42 - 44 رقم 68) . [9] سنده ضعيف جدًّا لضعف ليث وإسماعيل في غير أهل بلده؛ فإن روايته هنا عن ليث وهو كوفي، ومع ذلك فإسماعيل مدلس ولم يصرح هنا بالسماع، وأيضًا ففي رواية مجاهد عن أبي هريرة شك، هل سمع منه أوْ لا كما سبق؟ وقد اختلف في الحديث على إسماعيل كما سيأتي، ولعل هذا من خلطه. فالحديث روي عن أبي هريرة رضي الله عنه من طريقين: 1- طريق مجاهد، ويرويه عنه ليث بن أبي سليم، واختلف على ليث، فرواه إسماعيل بن عياش، عنه، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مرفوعًا. ورواه عبد الوراث بن سعيد، عنه، عن رجل يقال له الحسن من قوله. أما رواية إسماعيل فهي التي أخرجها المصنف هنا عنه. ومن طريق المصنف أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (4 / 546 رقم 1828) بمثله، إلا أنه قال: ((ومن استمع لآية)) ، وحسن السيوطي إسناده =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = في "الدر المنثور" (3 / 638) . وأما رواية عبد الوارث، فأخرجها ابن الضريس في "الفضائل" (ص45 رقم 56) ، عن الحسن هذا قال: ((من استمع إلى آية في كتاب الله كتبت له حسنة مضاعفة، ومن قرأها كَانَتْ لَهُ نُورًا يَومَ الْقِيَامَةِ)) . فلست أدري، هل الخلط من ليث، أو من إسماعيل، أو منهما كليهما؟ 2- طريق الحسن البصري، عن أبي هريرة: وله عن الحسن ثلاث طرق: أ- طريق عباد بن ميسرة. أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (2 / 341) من طريق شيخه أبي سعيد مولى بني هاشم، عن عباد هذا، عن الحسن، عن أبي هريرة مرفوعًا، به نحو لفظ المصنف. قال المنذري في "الترغيب" (2 / 206) : ((رواه أحمد عن عباد بن ميسرة، واختلف في توثيقه، عن الحسن، عن أبي هريرة، والجمهور على أن الحسن لم يسمع من أبي هريرة)) . وقال الهيثمي في "المجمع" (7 / 162) : ((فيه عباد بن ميسرة ضعفه أحمد وغيره، وضعفه ابن معين في رواية، وضعفه (كذا!) في أخرى، ووثقه ابن حبان)) . وقد أخرج الحديث من هذا الطريق أيضًا ابن مردويه كما في تخريج أحاديث "إحياء علوم الدين" (2 / 703 - 704) . والحديث ضعيف من هذا الطريق؛ له علتان: 1- الإنقطاع بين الحسن البصري وأبي هريرة. فالجمهور على أنه لم يسمع من أبي هريرة، منهم: أيوب السختياني، ويونس بن عبيد، وعلي بن زيد، وبهز بن أسد، وابن المديني، والإمام أحمد، وابن معين، وأبو حاتم، وأبو زرعة، والبزار. انظر: "المراسيل" لابن أبي حاتم (ص31 - 46) ، و"جامع التحصيل" (ص196- 197) ، و"التهذيب" (2 / 263- 270) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وقد أنكر بعضهم أن يكون الحسن رأي أبا هريرة كيونس بن عبيد، وأبي زرعة، والراجح أنه رآه وسمع منه حديثًا واحدًا، قال الحافظ ابن حجر في الموضع السابق من "التهذيب": ((وقع في "سنن النسائي" من طريق أيوب، عن الحسن، عن أبي هريرة في المختلعات، قال الحسن: لم أسمع من أبي هريرة غير هذا الحديث، أخرجه عن إسحاق بن راهويه، عن المغيرة بن سلمة، عن وهيب، عن أيوب، وهذا إسناد لا مطعن في أحد من رواته، وهو يؤيد أنه سمع من أبي هريرة في الجملة، وقصته في هذا شبيهة بقصته في سمرة سواء)) . اهـ. 2- عباد بن ميسر المِنْقَري، البصري ليّن الحديث عابد من الطبقة السابعة كما في "التقريب" (ص291 رقم 3149) . وهو يروي عن الحسن البصري ومحمد بن المنكدر وعلي بن زيد بن جدعان، ويروي عنه أبو الوليد الطيالسي ووكيع وهشيم وغيرهم، وقد ضعفه الإمام أحمد وابن معين، وقال ابن معين في رواية: ((إن حديثه ليس بالقوي، ولكنه يكتب)) ، وفي رواية قال: ((ليس به بأس)) . وقال أبو داود: ((ليس بالقوي)) ، وقال ابن عدي: ((هو ممن يكتب حديثه)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: ((كان من العباد)) . انظر: "الكامل" لابن عدي (4 / 1647 - 1648) ، و"التهذيب" (5 / 107 - 108 رقم 179) . ب- طريق صالح بن مقسم. أخرجه ابن منده في الرد على من يقول: (آلم) حرف برقم (24) من طريق إسماعيل بن عياش، عن صالح بن مقسم، عن الحسن، عن أبي هريرة، مرفوعًا، به نحو لفظ المصنف. وسنده ضعيف أيضًا، للانقطاع بين الحسن وأبي هريرة. وصالح بن مقسم مجهول، ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (4 / 414 رقم 1821) ، وبيض له، ولم يذكر أنه روى عنه سوى إسماعيل بن عياش. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وإسماعيل بن عياش روايته عن غير الشاميين ضعيفة، وصالح بن مقسم لم يذكر بلده في ترجمته، وقد يكون إسماعيل خلط في الحديث، فمرة يرويه عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أبي هريرة، ومرة عن صالح بن مقسم، عن الحسن، عن أبي هريرة، فالله أعلم بالصواب. جـ- طريق أبان بن أبي عياش: أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (3 / 373 رقم 6013) عن معمر، عن أبان، عن أنس، أو عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فذكره بنحوه هكذا على الشك. وسنده ضعيف جدًّا. أبان بن أبي عياش تقدم في الحديث رقم [4] أنه متروك الحديث. وقد روي بعضه من حديث ابن عباس موقوفًا. أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (3 / 373 رقم 6012) ، فقال: أخبرنا ابن جريج، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: ((من اسْتَمَعَ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ كَانَتْ لَهُ نُورًا يَومَ الْقِيَامَةِ)) . ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الدارمي في "سننه" (2 / 319 رقم 3370) ، والفريابي في "الفضائل" (ص170 رقم 64) . وأخرج أبو عبيد في "الفضائل" (ص13 رقم 27) من طريق حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عباس ... ، فذكره بنحو لفظ عبد الرزاق هكذا بإسقاط عطاء في سنده. والحديث بهذا الإسناد مداره على ابن جريج، وهو: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الأموي، مولاهم، المكي، يروي عن أبيه عبد العزيز، وعن عطاء بن أبي رباح وزيد بن أسلم والزهري وطاوس وابن أبي مليكة وعطاء الخراساني وعمرو بن دينار وأبي الزبير ومحمد بن المنكدر ونافع مولى ابن عمر وغيرهم، روى عنه ابناه عبد العزيز ومحمد =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وحماد بن زيد وعبد الوهاب الثقفي وابن عليّة وابن عيينة وابن المبارك وعبد الله بن إدريس ووكيع وعبد الرزاق وغيرهم، وكانت وفاته سنة خمسين ومائة وهو ابن سبعين سنة، وهو ثقة فقيه فاضل، روى له الجماعة، إلا أنه يدلّس ويرسل كما في "التقريب" (ص363 رقم 4193) ، وقد عدّه الحافظ ابن حجر في الطبقة الثالثة من "طبقات المدلسين" (ص95 رقم 83) ، وهم: من أكثر من التدليس فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع. قال يحيى بن سعيد: ((لم يكن أحد أثبت في نافع من ابن جريج فيما كتب، وهو أثبت من مالك في نافع)) . وقال أيضًا: ((كان ابن جريج صدوقًا، فإذا قال: حدثني فهو سماع، وإذا قال: أخبرني فهو قراءة، وإذا قال: قال فهو شبه الريح)) . وقال الإمام أحمد: ((ابن جريج أثبت الناس في عطاء)) ، وقال أيضًا: ((ابن جريج ثبت صحيح الحديث، لم يحدث بشيء إلا أتقنه)) . وقال مرة: ((إذا قال ابن جريج: قال فلان، وقال فلان، وأُخبرت، جاء بمناكير. وإذا قال: أخبرني، وسمعت، فحسبك به)) ، ووثقه ابن معين. وقال ابن سعد: ((كان ثقة كثير الحديث)) . وقال الذهلي: ((ابن جريج إذا قال: حدثني وسمعت فهو محتج بحديثه)) . وسئل عنه أبو زرعة، قال: ((بخ، من الأئمة)) . وقال ابن حبان: ((كان من فقهاء أهل الحجاز وقرائهم ومتقنيهم، وكان يدلس)) . وقال الدارقطني: ((تجنب تدليس ابن جريج، فإنه قبيح التدليس، لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 356 - 358 رقم 1687) ، و"التهذيب" (6 / 402 - 406 رقم 855) . قلت: ولم يصرح ابن جريج بالسماع في هذا الحديث، فيكون ضعيفًا لأجله.

10- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرٌ (1) ، عَنْ مَنْصُورٍ (2) ، عَنْ أَبِي الضُّحى (3) ، قَالَ: قَالَ الضحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ (4) : ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ: عَلِّمُوا أَوْلَادَكُمْ وَأَهَالِيَكُمُ الْقُرْآنَ؛ فَإِنَّهُ مَنْ كَتَبَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - (لَهُ مِنْ) (5) مُسْلِمٍ أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا قِيلَ لَهُ: اقْرَأْ، وَارْتَقِ فِي دَرَجِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى علمه من القرآن)) .

_ (1) هو جرير بن عبد الحميد بن قُرْط الضبي، أبو عبد الله الرازي، يروي عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ وأبي إسحاق الشيباني ويحيى بن سعيد الأنصاري، والأعمش ومنصور بن المعتمر ومغيرة بن مقسم وغيرهم، روى عنه إسحاق بن راهويه وابنا أبي شيبة وابن المديني، وابن معين وسعيد بن منصور وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثمان وثمانين ومائة، وولادته سنة سبع ومائة، وقيل: عشر ومائة، وهو ثقة صحيح الكتاب، وروى له الجماعة. قال اللالكائي: ((أجمعوا على ثقته)) ، وكذا قال الخليلي. وقال أبو خيثمة: ((لم يكن يدلس)) . وقال ابن سعد: ((كان ثقة يرحل إليه)) . ووثقه العجلي والنسائي وأبو حاتم، وقال: ((يحتج بحديثه)) . وقال الإمام أحمد: ((لم يكن بالذكي)) . وقال البيهقي: ((نسب في آخر عمره إلى سوء الحفظ)) . اهـ. من "هدي الساري" (ص395) ، وانظر: "الجرح والتعديل" (2 / 505 - 507 رقم 2080) ، و"الميزان" (1 / 394 رقم 1466) ، و"التهذيب" (2 / 75 - 77 رقم 116) ، و"التقريب" (ص139 رقم 916) ، و"الكواكب النيرات وحاشيته" (ص120 - 122) . أقول: جرير ثقة صاحب كتاب كما يتضح من "الميزان" (1 / 395) ، وقول الإمام أحمد عنه: ((لم يكن بالذكي)) يوضح باقي كلامه حيث قال: ((اختلط عليه حديث أشعث وعاصم الأحول حتى قدم عليه بهز فعرّفه)) . اهـ. فهذا مقصور على حديث هذين المذكورين، وقد زال. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأما قول البيهقي إنه: ((نسب في آخر عمره إلى سوء الحفظ)) ، فقد قال الحافظ ابن حجر في الموضع السابق من "هدي الساري": ((ولم أر ذلك لغيره - أي البيهقي- بل احتج به جماعة)) . اهـ. أقول: وقد يكون التبس على البيهقي بجرير بن حازم كما حصل لصاحب الحافل أبي العباس النباتي؛ حيث ذكر عن أبي حاتم أن جريرًا تغير قبل موته بسنة فحجبه أولاده، وهذا إنما وقع لجرير بن حازم، فكأنه اشتبه على صاحب الحافل كما نص على ذلك الذهبي في "الميزان"، وابن حجر في "التهذيب"، والله أعلم. (2) هو منصور بن المعتمر بن عبد الله السُّلَمي، أبو عتّاب - بمثنّاة ثقيلة، ثم موحدة -، الكوفي، يروي عن أبي وائل شقيق بن سلمة وإبراهيم النخعي والحسن البصري وسعيد بن جبير وطلحة بن مُصَرِّف ومجاهد وأبي الضحى مسلم بن صبيح وغيرهم، روى عنه أيوب السختياني وحصين بن عبد الرحمن والأعمش وغيرهم من أقرانه، وسفيان الثوري وابن عيينة وشعبة ومسعر وجرير بن عبد الحميد وغيرهم، وكانت وفاته سنة اثنتين وثلاثين ومائة، وهو ثقة ثبت، وكان لا يدلّس وروى له الجماعة. قال سفيان الثوري: ((ما بالكوفة آمن على الحديث من منصور)) . وقال ابن مهدي: ((لم يكن بالكوفة أحفظ من منصور)) . وقال أبو زرعة عن إبراهيم بن موسى: ((أثبت أهل الكوفة: منصور، ثم مسعر)) . وقال أبو حاتم: ((ثقة)) ، وسئل عنه وعن الأعمش، فقال: ((الأعمش حافظ، يخلط ويدلس، ومنصور أتقن، لا يخلط ولا يدلس)) . وقال العجلي: ((ثقة ثبت في الحديث، كان أثبت أهل الكوفة، وكأن حديثه القدح، لا يختلف فيه أحد، متعبّد رجل صالح)) . وقال ابن معين: ((منصور من أثبت الناس)) . انظر: "الجرح والتعديل" (8 / 177 - 179 رقم 778) ، و"التهذيب" (10 / 312 - 315 رقم 546) ، و"التقريب" (ص547 رقم 6908) . (3) هو مسلم بن صُبَيْح - بالتصغير -، الهَمْداني، أبو الضُّحى الكوفي، العطّار، مشهور بكنيته، يروي عن النعمان بن بشير وابن عباس وابن عمر وشتير =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ابن شكل ومسروق وعلقمة وغيرهم، روى عنه الأعمش ومنصور وسعيد بن مسروق وعطاء بن السائب ومغيرة وحصين بن عبد الرحمن وغيرهم، وكانت وفاته في خلافة عمر بن عبد العزيز سنة مائة، وهو ثقة فاضل روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص530 رقم 6632) ؛ فقد وثقه ابن سعد وابن معين وأبو زرعة والنسائي والعجلي، وذكره ابن حبان في "الثقات". انظر: "الجرح والتعديل" (8 / 186 رقم 815) ، و"التهذيب" (10 / 132 - 133 رقم 235) . (4) الضحّاك بن قيس لم ينسب هنا، والمترجم لهم في هذه الطبقة ثلاثة، والراوي عنه هنا هو أبو الضحى مسلم بن صبيح، ولم يذكر المزي في ترجمته في "تهذيب الكمال" المخطوط (3 / 1326) أنه روى عن أحد ممن اسمه الضحاك، ولم أجد في تراجم هؤلاء الثلاثة أن أبا الضحى روى عن أحد منهم. أما أحد هؤلاء الثلاثة، فهو: الضحاك بن قيس بن خالد بن وهب بن ثعلبة الفهري، القرشي، أبو أنيس أخو فاطمة بنت قيس، أمير مشهور، وصحابي صغير. انظر: "التاريخ الكبير" (4 / 332 رقم 3018) ، و"الإصابة" (3 / 478 - 480) ، و"التهذيب" (4 / 448 - 449 رقم 781) ، و"التقريب" (ص279 رقم 2976) . وأما الآخر، فهو: الضحاك بن قيس، روى عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، ولم يذكر سماعًا. فرّق ابن معين بينه وبين الفهري، وتبعه الخطيب في "المتفق والمفترق". اهـ. من "التهذيب" (4 / 449 رقم 782) . وأما الثالث فهو: الضحاك بن قيس الكندي، السكوني. يروي عن ابن عمر. قال عنه الإمام أحمد: ((ثقة صالح صاحب سنة)) . وذكره ابن حبان في "ثقاته". انظر: "التاريخ الكبير" (4 / 332 رقم 3019) ، و"الجرح والتعديل" (4 / 485 رقم 2023) ، و"الثقات" (4 / 387) . (5) في الأصل: (ما من) ، وما أثبته من "مصنف ابن أبي شيبة" وسيأتي تمام لفظه. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = [10] الحديث سنده صحيح إلى قائله الضحاك، وقد صح معناه مرفوعًا إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - كما سيأتي. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 449 رقم 10108) و (13 / 375 رقم 16642) متابعًا لسعيد، فقال: حدثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي الضحى، قال: كان الضحاك بن قيس يقول: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ، عَلِّمُوا أَوْلَادَكُمْ وَأَهَالِيَكُمُ الْقُرْآنَ، فَإِنَّهُ مَنْ كُتِبَ له من مسلم يدخله الله الجنة أتاه ملكان، فاكتنفاه، فقالا لَهُ: اقْرَأْ وَارْتَقِ فِي دَرَجِ الجنة، حتى ينزلا به حيث انتهى علمه من القرآن)) . وفي الموضع الثاني: ((فإنه من كتب الله له من مسلم أن يدخله الجنة)) . والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8 / 315) وعزاه لابن أبي شيبة فقط. وله شاهد من حديث عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ العاص وأبي هريرة، وأبي سعيد - رضي الله عنهم-. أما حديث عبد الله بن عمرو، فيرويه عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - قَالَ: ((يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ: اقْرَأْ وارْقَ ورتِّل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها)) . أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (2 / 192) واللفظ له. وابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 498 رقم 10105) . وأبو داود في "سننه" (2 / 153 رقم 1464) في الصلاة، باب استحباب الترتيل في القراءة. والترمذي في "سننه" (8 / 232 رقم 3081 و 3082) ، في فضائل القرآن، باب منه. والنسائي في "فضائل القرآن" (ص97 رقم 81) . وابن حبان في "صحيحه" (3 / 43 رقم 766 / الإحسان) . والحاكم في "المستدرك" (1 / 552 - 553) . جميعهم من طريق سفيان الثوري، عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدلة، عَنْ زرّ، عن عبد الله بن عمرو، به. =

11- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، عَنِ الْعَوَّامِ (1) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ (2) ، قَالَ: يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ: اقْرَأْ، وارْقَ، وَرَتِّلْ، فَيَنْتَهِي حَيْثُ يَنْتَهِي به القرآن)) .

_ = قال الترمذي: ((هذا حديث حسن صحيح)) ، وصححه ابن حبان كما سبق، ونقل الذهبي تصحيح الحاكم له وأقرَّه، وسقط كلام الحاكم من "المستدرك" المطبوع. وأما حديث أبي هريرة، فأخرجه ابن أبي شيبة في الموضع السابق برقم (10104) . والإمام أحمد في "المسند" (2 / 471) . كلاهما عن شيخهما وكيع، قال: حدثنا الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أبي سعيد، أو: عن أبي هريرة - شكّ الأعمش -، قال: يقال لصاحب القرآن يوم القيامة: اقرأ وارْقَهْ، فإن منزلك عند آخر آية تقرؤها. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7 / 162) : ((رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح)) . قلت: والشك من الأعمش لا يضر، فأبو سعيد وأبو هريرة صحابيان. وقد أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (3 / 40) . وابن ماجه في "سننه" (2 / 1242 رقم 3780) في الأدب، باب: ثواب القرآن. كلاهما من طريق شيبان، عن فراس، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري، قال: قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((يقال لصاحب القرآن يوم القيامة إذا دخل الجنة: اقرأ واصعد، فيقرأ ويصعد بكل آية درجة، حتى يقرأ آخر شيء معه)) . قال البوصيري في "الزوائد" (3 / 187) : ((هذا إسناد فيه عطية العَوْفي، وهو ضعيف)) . وعليه فالحديث صحيح بمجموع هذه الطرق، والله أعلم. (1) هو العوّام بن حَوشْب بن يزيد الشيباني، أبو عيسى الواسطي، يروي عن المسيب بن رافع وأبي إسحاق السبيعي ومجاهد وسلمة بن كهيل وعمرو بن مرّة وأبي إسحاق الشيباني وإبراهيم التيمي وغيرهم، روى عنه شعبة وهشيم ويزيد بن هارون =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ومحمد بن عبيد الطنافسي وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثمان وأربعين ومائة، وهو ثقة ثبت فاضل روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص433 رقم 5211) ؛ قال الإمام أحمد: ((ثقة ثقة)) ، ووثقة ابن معين وأبو زرعة والعجلي وابن سعد والحاكم. انظر: "طبقات ابن سعد" (7 / 311) ، و"الجرح والتعديل" (7 / 22 رقم 117) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (2 / 1064) ، و (3 / 1331) ، و"التهذيب" (8 / 163 - 164 رقم 297) . (2) هو إبراهيم بن يزيد بن شريك التيمي الكوفي العابد. يروي عن أبيه وأنس والحارث بن سويد وعمرو بن ميمون وغيرهم، روى عنه بيان بن بشر والحكم بن عتيبة ويونس بن عبيد وغيرهم وهو ثقة روى له الجماعة، وكان يرسل؛ فقد وثقه ابن معين وأبو زرعة. وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: ((كان عابدًا صابرًا على الجوع الدائم)) . انظر: "الجرح والتعديل" (2 / 145 رقم 474) ، و"الثقات" لابن حبان (4 / 7 - 8) ، و"التهذيب" (1 / 176 - 177 رقم 124) ، و"التقريب" (ص95 رقم 269) . قلت: ذكر الحافظ في الموضع السابق من "التقريب" أنه كان يدلس، اعتمادًا منه على عبارة الكرابيسي حيث قال: ((حدث عن زيد بن وهب قليلاً أكثرها مدلسة)) كما في الموضع السابق من "التهذيب"، مع أن الحافظ لم يذكره في "طبقات المدلسين"، ولم أجد من ذكره ممن ألف في المدلسين، وإنما ذكره العلائي فيمن يرسل كما في "جامع التحصيل" (ص167) . وزيد بن وهب لا أدري، سمع منه التيمي أم لا؟ فلم يذكره المزي فيمن سمع منه، انظر: "تهذيب الكمال" المطبوع (2 / 232) ، وسماعه منه محتمل، فكلاهما كوفي، وقد تعاصرا فالتيمي توفي على الراجح سنة (93هـ) ، وزيد بن وهب قيل: بعد الثمانين، وقيل: سنة (96هـ) كما في "التقريب" (ص225 رقم 2159) . وبالجملة فكلام الكرابيسي يفتقر إلى الدليل، هذا إن سلم من الوهم. [11] سنده ضعيف؛ هشيم مدلس من الثالثة كما في الحديث المتقدم برقم [8] ، ولم يصرح بالسماع هنا.

12- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، عَنِ الْعَوَّامِ، عَنِ المسيِّب بْنِ رَافِعٍ (1) ، قَالَ: يَجِيءُ الْقُرْآنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَافِعٌ مُطَاعٌ، ومَاحِلٌ (2) مُصَدَّق، فيَشْفَعُ لِصَاحِبِهِ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ اجْزِهِ؛ فَإِنَّهُ كَانَ يَعْمَلُ بِي، وَيَسْهَرُ بِي، وَيَنْصَبُ بِي، فَاجْزِهِ، فَيُقَالُ: ((حُلَّة الْكَرَامَةِ)) ، فَيَقُولُ: يَا رب اجزه [ل105/ب] ؛ فَإِنَّهُ كَانَ يَعْمَلُ بِي، وَيَسْهَرُ بِي، وَيَنْصَبُ بِي، فَاجْزِهِ، فَيُقَالُ: ((تَاجُ الْكَرَامَةِ)) ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ اجْزِهِ، فَإِنَّهُ كَانَ يَعْمَلُ بِي، وَيَسْهَرُ بِي، وَيَنْصَبُ بِي، قَالَ: فَيُقَالُ: ((رِضْوَانِي لَا سَخَطَ بَعْدَهُ)) . قَالَ: فَإِلَى ذَلِكَ تَنْتَهِي شَفَاعَةُ القرآن.

_ (1) هو المسيب بن رافع الأسدي الكاهلي، أبو العلاء الكوفي، الأعمى، يروي عن البراء بن عازب وحارثة بن وهب وأبي صالح ذكوان السمّان وغيرهم، يروي عنه العوام بن حوشب وأبو إسحاق السبيعي والأعمش ومنصور بن المعتمر وغيرهم، وكانت وفاته سنة خمس ومائة، وهو ثقة روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص532 رقم 6675) ، فقد وثقه ابن معين والعجلي، وذكره ابن حبان في "الثقات". انظر: "الجرح والتعديل" (8 / 293 رقم 1348) ، و"الثقات" (5 / 437) ، و"التهذيب" (10 / 153 رقم 291) . (2) أي: خصم مجادل. / النهاية في غريب الحديث (4 / 303) . [12] سنده ضعيف كسابقه، وقد صحّ معناه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - كما سيأتي. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 495 - 496 رقم 10097) من طريق محمد بن فضيل، عن الحسن بن عبيد الله، عَنِ الْمُسَيِّبِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ أبي صالح، قال: يشفع القرآن لصاحبه يوم القيامة، فيكسى حلة الكرامة، فيقول: أي رب زده، فإنه ... ، قال: فيكسى تاج الكرامة، قال: فيقول: أي رب زده، فإنه ... ، فيقول: رضائي. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه ابن الضريس في "الفضائل" (ص62 رقم 102) ، وأخرجه الدارمي في "سننه" (2 / 309 - 310 رقم 3316) ، من طريق موسى بن خالد، حدثنا إبراهيم بن محمد الفزاري، عن الحسن بن عبيد الله، به نحو سياق ابن أبي شيبة. وأبو صالح هذا هو ذكوان السمّان الزيات المدني، يروري عن أبي هريرة وأبي الدرداء وأبي سعيد الخدري وجابر وابن عمر وابن عباس وغيرهم، روى عنه أولاده سهيل وصالح وعبد الله وعطاء بن أبي رباح وزيد بن أسلم والأعمش وغيرهم، شهد الدار زمن عثمان - رضي الله عنه - ومات سنة إحدى ومائة، وهو ثقة ثبت روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص203 رقم 1841) . قال الإمام أحمد: ثقة ثقة، من أجل الناس وأوثقهم، ووثّقه ابن معين والعجلي. وقال ابن سعد: ((كان ثقة كثير الحديث)) . وقال أبو حاتم: ((ثقة صالح الحديث يحتجّ بحديثه)) . وقال أبو زرعة: ((ثقة مستقيم الحديث)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 450 - 451 رقم 2039) ، و"التهذيب" (3 / 219 - 220 رقم 417) ، والمسيب بن رافع تقدم أنه ثقة. والحسن بن عبيد الله بن عروة النخعي، أبو عروة الكوفي يروي عن إبراهيم النخعي وإبراهيم التيمي وزيد بن وهب وأبي وائل شقيق بن سلمة وعامر الشعبي وأبي الضحى مسلم بن صبيح وغيرهم، روى عن شعبة والسفيانان، وزائدة وأبو إسحاق الفزاري ومحمد بن فضيل وغيرهم، ولم أجد من نصّ على أنه روى عن المسيب بن رافع، وسماعه منه محتمل؛ فإن المسيب توفي سنة خمس ومائة كما سبق، وأما الحسن بن عبيد الله فكانت وفاته سنة تسع وثلاثين ومائة، وقيل: سنة اثنتين وأربعين ومائة، وكلاهما كوفي. والحسن هذا ثقة فاضل كما في "التقريب" (ص162 رقم 1254) . وثقه ابن معين والعجلي وأبو حاتم والنسائي، وقال الساجي: ((صدوق)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال المديني: قلت ليحيى بن سعيد: أيما أعجب إليك، الحسن بن عبيد الله، أو الحسن بن عمرو؟ =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = قال: ((الحسن بن عمرو أثبتهما، وهما جميعًا ثقتان صدوقان)) . وقال البخاري: ((لم أخرج حديث الحسن بن عبيد الله؛ لأن عامة حديثه مضطرب)) ، وضعفه الدارقطني بالنسبة للأعمش، فقال في "العلل" بعد أن ذكر حديثًا للحسن هذا خالفه فيه الأعمش: ((الحسن ليس بالقوي، ولا يقاس بالأعمش)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 23 رقم 96) ، و"التهذيب" (2 / 292 رقم 521) . قلت: أما قول البخاري ففيه مجازفة - إن صح عنه-، وأين كان أولئك الأئمة الذين وثقوه من أحاديثه التي عامتها مضطربة؟! وأما قول الدارقطني السابق فليس على إطلاقه، وإنما هو بالنسبة إلى الأعمش، وأين الحسن من الأعمش؟ فإذا اختلف هو وإياه في حديث، قُدِّم الأعمش، مع كون الحسن ثقة. ولم يذكر الذهبي الحسن هذا في "الميزان" وحينما ترجم له في "السير" (6 / 144 - 145) لم يذكر قول أحد ممن جرحه، وفي "الكاشف" (1 / 223 رقم 1048) ، قال: ((ثقة)) ، واستدركه الحافظ العراقي على الذهبي في "ذيل الميزان" (ص186 - 187 رقم 284) ، وذكر جرح الدارقطني، ولم يذكر كلام البخاري، فالله أعلم. ورواه عن الحسن هذا اثنان: أحدهما: شيخ ابن أبي شيبة: مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلِ بْنُ غَزْوان الضَبِّي، مولاهم، أبو عبد الرحمن الكوفي، يروي عن أبيه وإساعيل بن أبي خالد وعاصم الأحول وأبي إسحاق الشيباني وهشام بن عروة والأعمش وغيرهم، روى عنه الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه، وأبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة وعمرو بن الفلَّاس وغيرهم، وكانت وفاته سنة أربع وتسعين ومائة، وقيل: خمس وتسعين، وهو ثقة شيعي روى له الجماعة كما في "الكاشف" للذهبي (3 / 89 رقم 5194) . فقد وثقه ابن معين، وكذا العجلي ويعقوب بن سفيان، ووصفاه بالتشيع. وذكره ابن شاهين في "الثقات" وقال: ((قال علي بن المديني: كان محمد بن فضيل ثقة ثبتًا في =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = الحديث، وما أقل سقط حديثه)) . وقال ابن سعد: ((كان ثقة صدوقًا كثير الحديث، متشيعًا، وبعضهم لا يحتج به)) . وقال الإمام أحمد: ((كان يتشيع، وكان حسن الحديث)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: ((كان يغلو في التشيع)) ، وقال الدارقطني: ((كان ثبتًا في الحديث، إلا أنه كان منحرفًا عن عثمان)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (8 / 57 - 58 رقم 263) ، و"الثقات" لابن شاهين (ص208 رقم 1256) ، و"التهذيب" (9 / 405 - 406 رقم 658) . والآخر: إبراهيم بن محمد بن الحارث بن أسماء الفَزَاري، الإمام، أبو إسحاق، يروي عن حميد الطويل وأبي إسحاق السبيعي والأعمش ومالك وشعبة والثوري وغيرهم، يروي عنه ابن المبارك وأبو أسامة حماد بن أسامة ومحمد بن كثير المصِّيصي والمسيب بن واضح وغيرهم، وكانت وفاته سنة خمس وثمانين ومائة، وقيل: ست وثمانين، وقيل: ثمان وثمانين ومائة، وهو ثقة حافظ له تصانيف، روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص92 رقم 230) . قال ابن عيينة: ((كان أبو إسحاق الفزاري إمامًا)) . وقال عبد الرحمن بن مهدي: ((كان الأوزاعي والفزاري إمامين في السنة)) . وقال ابن معين: ((ثقة ثقة)) . وقال أبو حاتم: ((الثقة المأمون الإمام)) . وقال النسائي: ((ثقة مأمون أحد الأئمة)) . وقال العجلي: ((كان ثقة رجلاً صالحًا، صاحب سنّة، وهو الذي أدّب أهل الثغر، وعلمهم السنّة، وكان يأمر وينهى، وإذا دخل الثغر دخل مبتدع أخرجه، وكان كثير الحديث، وكان له فقه)) . انظر: "الجرح والتعديل" (1 / 281 - 286) ، و"التهذيب" (1 / 151 - 153 رقم 271) . والراوي للحديث عن أبي إسحاق الفزاري هذا هو: شيخ الدارمي: موسى بن خالد الشامي، أبو الوليد الحلبي، خَتَن أبي إسحاق الفزاري، يروي عن أبي إسحاق الفزاري وعيسى بن يونس ومعتمر بن سليمان وابن عيينة، روى عنه الدارمي =

13- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ؛ قَالَ: نا هُشَيْمٌ، عَنِ الْعَوَّامِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ صُعَير (1) ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ، يَقُولُ: لَأَنْ أَكُونَ جَمَعْتُ الْقُرْآنَ، ثُمَّ قُمْتُ بِهِ سَنَةً، كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا، وَذَلِكَ: أَنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّهُ يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ: ((اقْرَأْ، وارْقَ، وَرَتِّلْ، فَيُرْجَى إِذَا كَانَ جَمَعَ الْقُرْآنَ أن يكون من المقربين)) .

_ = ومحمد بن سهل وغيرهما، وهو مقبول من الطبقة العاشرة كما في "التقريب" (ص550 رقم 6957) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (9 / 161) ، وروى له مسلم حديثًا له طرق أخرى في الصحيح كما في "التهذيب" (10 / 341 رقم 601) . ومن خلال ما سبق يتضح أن سند الحديث صحيح إلى أبي صالح، وسيأتي معناه عن مجاهد برقم [22] وهو صحيح عنه. وقد صح من رواية أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -. فأخرجه الترمذي في "سننه" (8 / 227 - 228 رقم 3076) في فضائل القرآن، باب: ما جاء في من قرأ حرفًا من القرآن، ما له من الأجر؟ والحاكم في "المستدرك" (1 / 552) . كلاهما من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث، عن شعبة، عن عاصم، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - قال: ((يجيء صاحب القرآن يوم القيامة، فيقول القرآن: يا ربِّ حَلِّهِ، فيُلبس تاج الكرامة، ثم يقول: يا رب زدْه فيلبس حُلَّة الكرامة، ثم يقول: يا ربِّ ارْضَ عنه، فيقال له: اقرأ وارقَ ويزاد بكل آية حسنة)) . قال الترمذي: ((هذا حديث حسن صحيح)) . وقال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي. قلت: لكن أخرجه الترمذي عقبة برقم (3077) من طريق محمد بن جعفر غندر عن شعبة، فوقفه على أبي هريرة، ثم قال الترمذي: ((وهذا أصح عندنا من حديث عبد الصمد، عن شعبة)) . اهـ (1) هناك نقطة فوق الراء في الأصل الخطي بحيث يخيل للقارئ أن الكلمة: ((صفين)) . ولم أجد من ترجم لعقبة هذا بما يشفي، وإنما ذكره ابن ماكولا في "الإكمال" (5 / 183) فقال: ((وعقبة بن صعير، سمع أبا صالح، روى عنه العوام بن حوشب)) ، وذكره ابن حجر =

14- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ؛ قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ (1) ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ (أَوْفى) (2) ، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ الْأَنْصَارِيِّ (3) ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((مَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهُوَ لَهُ حَافِظٌ مَثَلُ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ (4) ، وَمَثَلُ الَّذِي يَقْرَؤُهُ وَلَيْسَ بِحَافِظٍ، وَهُوَ عَلَيْهِ شَدِيدٌ، وهو يتعاهده فله أجران)) .

_ = في "تبصير المنتبه" (3 / 836) فقال: ((وعقبة بن صُعَير شيخ للعوام بن حوشب)) . اهـ. قلت: وحيث لم يرو عنه سوى العوام، ولم يوثق من إمام معتبر، فهو مجهول، والله أعلم. [13] الحديث سنده ضعيف لجهالة عقبة بن صعير، وهشيم تقدم أنه مدلس من الثالثة، ولم يصرح بالسماع هنا. (1) هو قتادة بن دِعَامة بن قتادة السَّدوسي، أبو الخطّاب البصري، ثقة ثبت روى له الجماعة وروى هو عن أنس بن مالك وعبد الله بن سَرْجس، وقيل: لم يسمع منه، وروى أيضًا عن زرارة بن أوفى وعكرمة وعطاء بن أبي رباح وغيرهم، روى عنه أيوب السختياني وشعبة وجرير بن حازم وسعيد بن أبي عروبة ومعمر وغيرهم، وكانت ولادته سنة إحدى وستين للهجرة ووفاته سنة سبع عشرة ومائة، وقيل: ثمان عشرة ومائة. وقال الحاكم: ((لم يسمع قتادة من صحابي غير أنس)) ، وذكر ابن أبي حاتم عن الإمام أحمد مثل ذلك، وزاد: قيل له: فابن سرجس؟ فكأنه لم يره سماعًا، وذكر الإمام أحمد أيضًا أنه لم يسمع من سعيد بن جبير، وقال ابن معين: ((لم يلق سعيد بن جبير ولا مجاهداً ولا سليمان بن يسار)) ، وهو مدلس من الطبقة الثالثة كما في "طبقات المدلسين" (ص102 رقم 92) ، إلا أن رواية شعبة عنه محمولة على السماع، وإن كانت بالعنعنة كما في ترجمة أبي إسحاق السبيعي في الحديث رقم [1] .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = قال سعيد بن المسيب لما رأى حفظ قتادة: ((ما كنت أظن أن الله خلق مثلك)) . وقال ابن سيرين: ((قتادة هو أحفظ الناس)) . وقال أبو حاتم: ((سمعت أحمد بن حنبل، وذكر قتادة، فأطنب في ذكره، فجعل ينشر من علمه وفقهه ومعرفته بالاختلاف والتفسير، ووصفه بالحفظ والفقه، وقال: قلّما تجد من يتقدمه، أما المثل، فلعلّ)) . ووثقه ابن معين، وقال ابن سعد: ((كان ثقة مأمونًا حجة في الحديث، وكان يقول بشيء من القدر)) . وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: ((كان من علماء الناس بالقرآن والفقه، ومن حفاظ أهل زمانه ... ، وكان مدلّسًا، على قَدَرٍ فيه)) . وقال الشعبي: ((قتادة حاطب ليل)) - يعني: أنه يأخذ عن كل أحد-. وقال شعبة: ((كان قتادة إذا جاء ما سمع قال: ((حَدَّثنا، وإذا جاء ما لم يسمع قال: قال فلان)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (7 / 133 - 135 رقم 756) ، و"التهذيب" (8 / 351 - 356 رقم 635) ، و"التقريب" (ص453 رقم 5518) . قلت: ومن أحسن من بيّن حال قتادة: الذهبي - رحمه الله - في "سير أعلام النبلاء" (5 / 269 - 271) حيث قال: ((حافظ العصر، قدوة المفسرين والمحدّثين ... ، كان من أوعية العلم، وممن يضرب به المثل في قوّة الحفظ ... ، وهو حجّة بالإجماع إذا بيّن السماع؛ فإنه مدلّس معروف بذلك، وكان يرى القَدَر، نسأل الله العفو. ومع هذا فما توقّف أحد في صدقه وعدالته وحفظه. ولعلّ الله يعذر أمثاله ممن تلبّس ببدعة يريد بها تعظيم الباري وتنزيهه، وبَذَل وسعه، والله حكم عدل لطيف بعباده، ولا يُسئل عما يفعل. ثم إن الكبير من أئمة العلم إذا كثر صوابه، وعُلِمَ تحرّيه للحق، واتّسع علمه، وظهر ذكاؤه، وعُرف صلاحه وورعه واتّباعه، يغفر له زلله، ولا نضلّله ونطرحه وننسى محاسنه، نعم ولا نقتدي به في بدعته وخطئه، ونرجو له التوبة من ذلك)) . اهـ. (2) في الأصل: (أبي أوفى) ، وما أثبته من مصادر التخريج، ومصادر ترجمته. وهو زُرارة - بضم أوله - بن أوفى العارمي، الحَرَشي - بمهملة وراء مفتوحتين، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = - ثم معجمة -، أبو حاجب البصري، قاضيها، يروي عن المغيرة بن شعبة وأنس وأسير بن جابر ومسروق وسعد بن هشام وغيرهم، يروي عنه قتادة وداود بن أبي هند وعوف الأعرابي وأيوب السختياني وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاث وتسعين، وهو ثقة عابد روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص215 رقم 2009) ، فقد وثقه ابن سعد وابن معين والنسائي والعجلي، وزاد: ((رجل صالح)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: ((كان من العباد)) . انظر: "طبقات ابن سعد" (7 / 150) ، و"الجرح والتعديل" (3 / 603 رقم 2727) ، و"الثقات" لابن حبان (4 / 266) ، و"التهذيب" (3 / 322 - 323 رقم 598) . (3) هو سعد بن هشام بن عامر الأنصاري المدني، يروي عن أبيه وعائشة وابن عباس وأبي هريرة وأنس وغيرهم، وعنه حميد بن هلال وزرارة بن أوفى والحسن البصري وغيرهم وهو ثقة من الطبقة الثالثة، استشهد بأرض الهند، روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص232 رقم 2258) . فقد ابن سعد والنسائي، وذكره ابن حبان في "الثقات". انظر: "طبقات ابن سعد" (7 / 209) ، و"الثقات" لابن حبان (4 / 294) ، و"التهذيب" (3 / 483 رقم 900) . (4) السَّفَرةُ: هم الملائكة، جمع سافر، والسافر في الأصل: الكاتب، سُمِّي به لأنه يُبيّن الشيء ويوضّحه، ومنه قوله تعالى: {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ} [عبس: 15 - 16] . انظر: "النهاية في غريب الحديث" (2 / 371) . [14] الحديث سنده حسن لذاته؛ عبد الرحمن بن زياد تقدم في الحديث [6] أنه صدوق. وبقية رجال الإسناد ثقات، والحديث صحيح من غير هذا الطريق، فإن له طرقًا بعضها في الصحيحين. فمدار الحديث على قتادة، يرويه عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ سعد بن هشام، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. وله عن قتادة سبعة طرق: =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = 1- طريق شعبة. أخرجه المصنف هنا من طريق عبد الرحمن بن زياد عنه. وأخرجه الطيالسي في "مسنده" (ص210 رقم 1499) . ومن طريق الطيالسي أخرجه الترمذي في "سننه" (8 / 215 - 216 رقم 3068) . والبيهقي في "شعب الإيمان" (4 / 537 رقم 1822) . وأخرجه علي بن الجعد في "مسنده" (1 / 505 رقم 991) . ومن طريقه النحاس في "القطع والائتناف" (ص79) . وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل" (ص5 و 30 رقم 6 و 66) . والإمام أحمد في "المسند" (6 / 110) . والبخاري في "صحيحه" (8 / 691 رقم 4937) ، وفي "خلق أفعال العباد" (ص94 رقم 295) . وابن الضريس في "الفضائل" (ص39 رقم 30) . والنسائي في "التفسير" (2 / 492 رقم 666) ، وانظر "تحفة الأشراف" (11 / 406) . وتمام في "فوائده" (ص669 رقم 1189) . والبيهقي في "سننه" (2 / 395) . 2- طريق هشام. أخرجه الطيالسي في "مسنده" (ص210 رقم 1499) . ومن طريق الترمذي (8 / 215 - 216 رقم 3068) . والبيهقي في "الشعب" (4 / 537 رقم 1822) . وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 490 رقم 10085) . والإمام أحمد في "المسند" (6 / 48 و 192 و 239) . والدارمي في "سننه" (2 / 319 رقم 3371) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ومسلم في "صحيحه" (1 / 550 رقم 798) . وأبو داود في "سننه" (2 / 148 رقم 1454) . والنسائي في "فضائل القرآن" (ص92 رقم 72) . والفريابي في "فضائل القرآن" (ص113 - 114 رقم 5) . وابن الضريس في "فضائل القرآن" (ص39 و 40 رقم 29 و 33) . وابن حبان في "صحيحه" (2 / 71 - 72 رقم 764 / الإحسان) . 3- طريق سعيد بن أبي عروبة. أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (6 / 98 و 170 و 266) . ومسلم في "صحيحه" (1 / 550 رقم 798) . وابن ماجه في "سننه" (2 / 1242 رقم 3779) . والنسائي في "الفضائل" (ص92 رقم 70 و 71) . وتمام في "فوائده" (ص669 رقم 1190) . 4- طريق همّام. أخرجه أبو عبيد في "الفضائل" (ص4 و 30 رقم 5 و 65) . والإمام أحمد في "مسنده" (6 / 94) . وأبو داود في "سننه" (2 / 148 رقم 1454) . والدارمي (2 / 319 رقم 3371) . 5- طريق معمر. أخرجه عبد الزراق في "المصنف" (2 / 491 رقم 4194) ، و (3 / 375 رقم 6016) ، عنه، عن قتادة، به نحوه، إلا أنه لم يذكر سعد بن هشام في سنده. 6- طريق أبي عوانة. أخرجه مسلم في "صحيحه" (1 / 549 - 550 رقم 798) . وابن الضريس في "فضائل القرآن" (ص40 رقم 35) . =

15- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ (1) ، عَنْ عَطَاءٍ (2) ، قَالَ: ((الَّذِي تَهُونُ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ يُكْتَبُ مِنَ السَّفَرَةِ، وَالَّذِي تَشُقُّ عَلَيْهِ قِرَاءَتُهُ، وَتَثْقُلُ عليه فله أجران)) .

_ = والفريابي في "فضائل القرآن" (ص111 - 112 رقم 3) . والنسائي في "فضائل القرآن" (ص91 - 92 رقم 70) . والبيهقي في "سننه" (2 / 395) . 7 - طريق روح بن القاسم. أخرجه تمام في فوائده (ص670 رقم 1191) . (1) هو عمرو بن دينار المكي، أبو محمد الأَثْرم، الجُمَحي، مولاهم، ثقة ثبت، روى له الجماعة، وروى عن جابر وابن عباس وابن الزبير وابن عمر وعبد الله بن عمرو وسعيد بن جبير وطاوس وعروة بن الزبير وعكرمة، وهو رواية عطاء بن أبي رباح، روى عنه سفيان بن عيينة والثوري وشعبة ومالك وهشيم وأبو عوانة وحماد بن زيد وحماد بن سلمة وغيرهم، ومات سنة خمس أو ست وعشرين ومائة. قال شعبة: ((ما رأيت في الحديث أثبت من عمرو بن دينار)) . وقال ابن عيينة: ((عمرو ثقة ثقة ثقة)) . ومرض عمرو مرة، فعاده الزهري، فلما قام الزهري قال: ((ما رأيت شيخًا أنصّ للحديث الجيّد من هذا الشيخ)) . وقال يحيى القطان وأحمد بن حنبل: ((عمرو أثبت من قتادة)) ، وقال أحمد أيضًا: ((هو أُثبت الناس في عطاء)) - يعني: ابن أبي رباح -. وقال النسائي: ((ثقة ثبت)) ووثقه أبو زرعة وأبو حاتم. اهـ.. من "الجرح والتعديل" (6 / 231 رقم 1280) ، و"سير أعلام النبلاء" (5 / 300 - 307) ، و"التهذيب" (8 / 28 - 30 رقم 45) ، و"التقريب" (ص421 رقم 5024) . (2) هو عطاء بن أبي رَباح - بفتح الراء والموحّدة -، واسم أبي رباح: أسلم، القُرشي، مولاهم، المكّي، ثقة فقيه فاضل، لكنه كثير الإرسال، روى له =

16- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ شَقِيقٍ (1) ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: تَعَاهَدُوا الْقُرْآنَ؛ فَإِنَّهُ لَهُوَ أَسْرَعُ تَفَصِّيًا (2) مِنْ صُدُورِ الرِّجَالِ مِنَ النَّعم مِنْ عُقُله (3) ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((بِئْسما لِأَحَدِكُمْ أَنْ يَقُولَ: نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وكَيْتَ، بل هو نُسِّي)) .

_ = الجماعة، وروى عن ابن عباس وابن عمر وابن الزبير وابن عمرو وجابر وغيرهم، روى عنه عمرو بن دينار وأبو إسحاق السبيعي ومجاهد والزهري، والأعمش ويونس بن عبيد وغيرهم، وكانت ولادته سنة سبع وعشرين، ووفاته سنة أربع عشرة ومائة. قال ابن عباس: ((تجتمعون إليَّ يا أهل مكة وعندكم عطاء؟!)) . ووثقه ابن معين وأبو زرعة، وقال ابن سعد: ((كان ثقة فقيهًا عالمًا كثير الحديث)) . وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: ((كان من سادات التابعين فقهًا وعلمًا وورعًا وفضلاً)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (6 / 330 - 331 رقم 1839) ، و"التهذيب" (7 / 199 - 203 رقم 384) . وقد قيل أن عطاءً تغير بأخَرة. قال ابن المديني: ((كان عطاء بأَخَرة قد تركه ابن جريج، وقيس بن سعد)) . وأجاب عن هذا الذهبي في "السير" (5 / 87) ، فقال: ((لم يَعْنِ علي بقوله: تركه هذان الترك العرفي، ولكنه كبر وضعفت حواسّه، وكانا قد تكفّيا منه وتفقّها وأكثرا عنه، فبطّلا، فهذا مراده بقوله: تركاه)) . وفي "الميزان" (3 / 70) أجاب بقوله: ((لم يَعْنِ الترك الاصطلاحي، بل عنى أنهما بطّلا الكتابة عنه، وإلا فعطاء ثبت رضّي)) ، وكان قد قال عنه: ((سيّد التابعين علمًا وعملاً وإتقانًا في زمانه بمكة ... ، وكان حجّة إمامًا كبير الشأن)) . اهـ. [15] الحديث سنده صحيح. وقد أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 490 رقم 10086) من طريق شيخه سفيان بن عيينة، به نحوه. ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه ابن الضريس في "فضائل القرآن" (ص40 رقم 31) . (1) هو شقيق بن سَلَمة الأَسدي، أبو وَائِل الكوفي، مشهور بكنيته، ثقة مخضرم، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = روى له الجماعة، وروى عن الخلفاء الأربعة وسعد بن أبي وقاص وابن مسعود وحذيفة وأبي هريرة وغيرهم، روى عنه الأعمش ومنصور بن المعتمر وحصين بن عبد الرحمن وعاصم بن بَهْدلة، ولد في عهد النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سنة إحدى من الهجرة، وتوفي سنة اثنتين وثمانين. وثقه وكيع، وقال ابن معين: ((ثقة، لا يُسئل عن مثله)) . وقال ابن سعد: ((كان ثقة كثير الحديث)) . وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: ((سكن الكوفة، وكان من عبادها، وليست له صحبة)) . وقال ابن عبد البر: ((أجمعوا على أنه ثقة حجّة)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (4 / 371 رقم 1613) ، و"الاستغناء في معرفة المشهورين من حملة العلم بالكنى" لابن عبد البر (2 / 986 رقم 1208) ، و"التهذيب" (4 / 361 - 363 رقم 609) ، و"التقريب" (ص268 رقم 2816) . (2) قوله: ((أسرع تفصِّيًا)) أي: أسرع خروجًا. يقال: تَفَصَّيْتُ من الأمر تفصِّيًا: إذا خرجت منه وتخلَّصْت. انظر: "النهاية في غريب الحديث" (3 / 452) . (3) قوله: ((عُقُله)) جمع عِقَال، وهو: الحبل الذي يُعقل به البعير. انظر: "النهاية" (3 / 280) . [16] الحديث سنده صحيح، وهو مخرّج في الصحيحين كما سيأتي. فالحديث له عن ابن مسعود رضي الله عنه ستة طرق: الطريق الأول: طريق أبي وائل شقيق بن سلمة، وله عنه أربعة طرق. 1- طريق منصور بن المعتمر، وله عنه سبعة طرق. أ- طريق سفيان بن عيينة. أخرجه المصنف هنا عنه. وأخرجه الحميدي في "مسنده" (1 / 50 - 51 رقم 91) . وابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 478 رقم 10043) . والفريابي في "فضائل القرآن" (ص234 رقم 160) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = أما الحميدي وابن أبي شيبة فبنحو ساق المصنف، وأما الفريابي فقرنه برواية أبي الأحوص الآتية ولفظه جميعه مرفوع. ب- طريق سفيان الثوري. أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (3 / 359 رقم 5967) . ومن طريقه وطريق آخر أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 423 و 429) . وأخرجه البخاري في "صحيحه" (9 / 85 رقم 5039) في "فضائل القرآن"، باب: نسيان القرآن، وهل يقول: نسيت آية كذا وكذا؟ والنسائي في "عمل اليوم وا لليلة" (ص440 رقم 727) . وفي "فضائل القرآن" (ص89 رقم 67) . أما عبد الرزاق فرواه عنه بنحوه بتمامه مرفوعًا، وأما الباقون فشطره الثاني: ((بئسما ... )) ، مرفوعًا ولم يذكروا أوّله. جـ- طريق شعبة: أخرجه الطيالسي في "مسنده" (ص34 - 35 رقم 261) . ومن طريقه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 417) . والترمذ ي في "سننه" (8 / 262 رقم 4012) ، في القراءات. وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص135 رقم 336) . والإمام أحمد في "المسند" أيضًا (1 / 429 و 438 - 839) . والدارمي في "سننه" (2 / 217 و 316 رقم 2748 و 3350) . والبخاري في "صحيحه" (9 / 79 رقم 5032) في فضائل القرآن، باب: استذكار القرآن وتعاهده. ومن طريقه البغوي في "شرح السنة" (4 / 494 - 495 رقم 1222) . وأخرجه محمد بن نصر في "قيام الليل" كما في المختصر (ص161) . والنسائي في "سننه" (2 / 154 - 155 رقم 943) . وفي "عمل اليوم والليلة" (ص440 رقم 726) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وفي "فضائل القرآن" (ص88 رقم 64) . والفريابي في "فضائل القرآن" (ص234 رقم 161) . والإسماعيلي في "مستخرجه" كما في "فتح الباري" (9 / 82) . جميعهم رووه بنحوه بتمامه مرفوعًا، عدا الإمام أحمد في الموضع الأول، والنسائي في "عمل اليوم والليلة"، فإنما أخرجا شطره الثاني فقط، وإلا الفريابي فرواه موقوفًا بنحوه بتمامه. د- طريق جرير: أخرجه البخاري في الموضع السابق من "صحيحه" (9 / 79 رقم 5032) ، ومسلم (1 / 544 رقم 228) في صلاة المسافرين، في باب: فضائل القرآن وما يتعلق به. والنسائي في "الفضائل" (ص89 رقم 65) . وأبو يعلى في "مسنده" (9 / 69 رقم 5136) . والإسماعيلي في "مستخرجه" كما في "فتح الباري" (9 / 82) . والبيهقي في "سننه" (2 / 395) ، وفي "شعب الإيمان" (4 / 518 - 519 رقم 1812) . جميعهم رووه بنحوه بتمامه مرفوعًا، إلا أن ظاهر سياق النسائي أنه موقوف، وفي آخره ما يشعر برفعه. هـ- طريق أبي الأحوص سلَّام بن سُلَيْم: أخرجه الفريابي في "الفضائل" (ص234 رقم 160) بنحوه جميعه مرفوعًا. و طريق عمر بن عبد الرحمن أبي حفص الأبّار: أخرجه أبو عبيد في "الفضائل" (ص134 رقم 335) ، وفي "غريب الحديث" (3 / 148) بنحوه بتمامه مرفوعًا. ز- طريق حماد بن زيد، وهو الآتي في الحديث رقم [17] . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = 2- طريق عبدة بن أبي لبابة، عن شقيق، وله عن عبدة طريقان: أ- طريق ابن جريج. أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (3 / 359 رقم 5969) . ومن طريقه أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 449) . والطبراني في "الكبير" (10 / 239 رقم 10436) . وأخرجه مسلم في الموضع السابق من "صحيحه" (1 / 544 - 545 رقم 790) . ب- طريق محمد بن جحادة: أخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة" (ص439 رقم 724) . وأبو عوانة في "مسنده" كما في "فتح الباري" (9 / 82) . 3- طريق الأعمش، عن شقيق، وله عن الأعمش خمسة طرق. أ- طريق أبو معاوية: أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 477 رقم 10042) . ومسلم في "صحيحه" (1 / 544 رقم 790) ، الموضع السابق. والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (ص439 رقم 725) . وأخرجه الإسماعيلي من طريق الأعمش كما في "فتح الباري" (9 / 82) . ب- طريق عبد الله بن نمير: أخرجه مسلم في الموضع السابق من "صحيحه". والهيثم بن كليب في "مسنده" (ل 56 / أ) . والبيهقي في "سننه" (2 / 395) . جـ- طريق شيبان: أخرجه الهيثم في الموضع السابق من "مسنده". د- طريق سعيد بن أبي عروبة. أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (2 / 69 - 70 رقم 759 و 760 / الإحسان) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = والطبراني في "الكبير" (10 / 244 رقم 10449) . هـ- طريق شريك: أخرجه الطبراني في "الكبير" (10 / 233 - 234 رقم 10418) . 4- طريق عاصم، عن شقيق، وهو الآتي في الحديث رقم [17] . الطريق الثاني: طريق زِرّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ. أخرجه الهيثم في "مسنده" (ل 72 / أ) . والطبراني في "الكبير" (10 / 168 - 169 رقم 10231) . والحاكم في "المستدرك" (1 / 553) . ثلاثتهم من طريق زهير بن معاوية، عن شعيب بن خالد، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عن زرّ، عن ابن مسعود، به. الطريق الثالث: طريق عبيدة السلماني، عن ابن مسعود. أخرجه الطبراني في "الكبير" (10 / 207 رقم 10347) ، وفي "الصغير" (1 / 110) . في كلا الموضعين من طريق ابْنِ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عن عبيدة، به. الطريق الرابع: طريق أبي الأحوص عوف بن مالك، عن ابن مسعود. أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (2 / 69 رقم 758) من طريق سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مرفوعًا، لكن شطر الحديث الثاني فقط. وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل" (ص135 رقم 337) عن أبي بكر بن عياش، عن عاصم، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ الله، به نحو لفظ سعيد بن منصور، إلا أنه وقفه على ابن مسعود. ومن طريق أبي بكر ابن عياش أخرجه ابن أبي داود في كتاب الشريعة كما في "فتح الباري" (9 / 82) ، لكن قال: ((عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عن عبد الله)) . مرفوعًا، وهذا فيه مخالفة لأبي عبيد في روايته للحديث عن أبي بكر بن عياش على الوجه السابق، والخلاف إما أن يكون من الراوي للحديث عن أبي بكر، أو مَنْ دونه عند ابن أبي داود، أو من أبي بكر بن عياش نفسه، فإنه مع كونه ثقة عابدًا، إلا أنه لما كبر ساء حفظه، وأما كتابه فصحيح، وليس =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = في هذه الرواية ما يدل على أنها من كتابه، وقد روى عن عاصم بن بهدلة وأبي إسحاق السبيعي وحصين بن عبد الرحمن ومحمد بن عمرو وغيرهم، روى عنه الثوري وابن المبارك وابن مهدي وأحمد بن حنبل وابن معين وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاث وتسعين ومائة، قال الإمام أحمد: ((ثقة، وربما غلط)) ، وقال أبو نعيم: ((لم يكن في شيوخنا أكثر غلطًا منه)) ، وسُئل أبو حاتم عنه وعن شريك، فقال: ((هما في الحفظ سواء، غير أن أبا بكر أصح كتابًا)) ، وذكره ابن عدي في "الكامل" وقال: ((لم أجد له حديثًا منكرًا من رواية الثقات عنه)) ، وقال ابن حبان: ((كان يحيى القطان وعلي بن المديني يسيئان الرأي فيه، وذلك أنه لما كبر ساء حفظه، فكان يهم)) ، وقال ابن سعد: ((كان ثقة صدوقاً عالمًا بالحديث، إلا أنه كثير الغلط)) ، وقال العجلي: ((كان ثقة صاحب سنة، وكان يخطئ بعض الخطأ)) ، وقال يعقوب بن شيبة: ((كان له فقه وعلم ورواية، وفي حديثه اضطراب)) . اهـ. من "هدي الساري" (ص455) ، وانظر: "الجرح والتعديل" (9 / 348 - 350 رقم 1565) ، و"التهذيب" (12 / 34 - 37 رقم 151) ، و"التقريب" (ص624 رقم 7985) . الطريق الخامس: طريق المسيب بن رافع، عن ابن مسعود. أخرجه أبو عبيد أيضًا في الموضع نفسه برقم (338) من طريق شيبان، عن عاصم، عن المسيب، عن ابن مسعود، به موقوفًا مثل سابقه. الطريق السادس: طريق مرة، عن ابن مسعود. أخرجه الطبراني في "الكبير" (9 / 151 رقم 8688) من طريق زبيد، عنه، عن ابن مسعود موقوفًا بشطر الحديث الأول فقط. تنبيه: اعلم أن للحديث لفظين: 1- ((تعاهدوا - وفي لفظ: استذكروا - الْقُرْآنَ، فَإِنَّهُ لَهُوَ أَسْرَعُ تَفَصِّيًا مِنْ صُدُورِ الرِّجَالِ مِنَ النَّعَم من عقله)) . 2- ((بِئْسَمَا لِأَحَدِكُمْ أَنْ يَقُولَ: نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ، بَلْ هُوَ نُسِّي)) . وقد =

17- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ (1) ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَة (2) ، وَمَنْصُورٌ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ((بِئْسَمَا لِأَحَدِكُمْ - أَوْ قَالَ: لِأَحَدِهِمْ - أَنْ يَقُولَ: نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ، وَكَيْتَ، بَلْ هُوَ نُسِّي، اسْتَذْكِرُوا الْقُرْآنَ، فَلَهُوَ أَسْرَعُ تَفَصِّيًا مِنْ صُدُورِ الرِّجَالِ مِنَ النَّعَمِ مِنْ عُقُلها)) ، أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا (3) : ((مِنْ عُقُله)) .

_ = اختلف الرواة في هذين اللفظين، فمنهم من رفعهما لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ومنهم من وقفهما على ابن مسعود، ومنهم من وقف الأول ورفع الثاني، ومنهم من روى الأول فقط ورفعه، ومنهم من روى الثاني فقط ورفعه. وسعيد بن منصور هنا روى الأول موقوفًا، والثاني مرفوعًا، وتابعه على ذلك الحميدي، وابن أبي شيبة، ثلاثتهم عن سفيان بن عيينة. وفي الحديث الآتي برقم [17] رواه من طريق حماد بن زيد موقوفًا على ابن مسعود. والصواب أن كلا اللفظين مرفوعان؛ لاتفاق أكثر الرواة على ذلك، وهذا الذي اختاره البخاري ومسلم، وأخرجاه في صحيحهما، وانظر تفصيل ذلك في "فتح الباري" (9 / 82) ، وانظر الحديث الآتي. (1) هو حماد بن زيد بن دِرْهم الأزدي الجَهْضَمِي، أبو إسماعيل البصري، ثقة ثبت فقيه روى له الجماعة، وروى عن عاصم بن بهدلة ومنصور بن المعتمر وثابت البناني وعمرو بن دينار وغيرهم، روى عنه المصنِّف سعيد بن منصور ومسدّد وعفّان وآخرون، منهم الثوري وهو أكبر منه، وكانت ولادته سنة ثمان وتسعين للهجرة، وتوفي سنة تسع وسبعين ومائة، قال عبد الرحمن بن مهدي: ((أئمة الناس في زمانهم أربعة: سفيان الثوري بالكوفة، ومالك بالحجاز، والأوزاعي بالشام، وحماد بن زيد بالبصرة)) . وقال ابن سعد: ((كان ثقة ثبتًا حجّة كثير الحديث)) . وقال ابن معين: ((حماد بن زيد أثبت من عبد الوارث، وابن علية، والثقفي، وابن عيينة)) . وقال أيضًا: ((ليس أحد أثبت في أيوب منه)) . وقال =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = مرة: ((من خالفه من الناس جميعًا، فالقول قوله في أيوب)) . وقال الإمام أحمد: ((حماد بن زيد أحب إلينا من عبد الوارث، حماد من أئمة المسلمين من أهل الدين والإسلام، وهو أحب إلي من حماد بن سلمة)) . وقال أبو زرعة: ((حماد بن زيد أثبت من حماد بن سلمة بكثير، وأصح حديثًا وأتقن)) . وقال الخليلي: ((ثقة متفق عليه رضيه الأئمة)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (1 / 176 - 183) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع (7 / 241 - 242) ، و"التهذيب" (3 / 9 - 11 رقم 13) ، و"التقريب" (ص178 رقم 1498) . (2) هو عاصم بن بَهْدَلَة بن أبي النَّجود الأسدي، مولاهم الكوفي، أبو بكر المقرئ ثبت حجة في القراءة، وأما في الحديث فمختلف فيه، وقد روى عن أبي وائل وأبي صالح السمّان والمسيب بن رافع وزرّ بن حبيش وأبي عبد الرحمن السلمي وغيرهم، روى عنه الأعمش ومنصور وشعبة والسفيانان والحمادان وغيرهم، وكانت وفاته سنة سبع وعشرين ومائة، وقيل: ثمان وعشرين، ووثقه الإمام أحمد وأبو زرعة والعجلي، وقال ابن معين: ((لا بأس به)) ، وقال ابن سعد: ((كان ثقة، إلا أنه كان كثير الخطأ في حديثه)) . وقال النسائي: ((ليس به بأس)) . وقال مرة: ((ليس بحافظ)) . وقال أبو حاتم: ((محله الصدق)) . وقال الدارقطني: ((في حفظ عاصم شيء)) . وقال ابن خراش: ((في حديثه نُكرة)) . انظر: "الجرح والتعديل" (6 / 340 - 341 رقم 1887) ، و"التهذيب" (5 / 38 - 40 رقم 67) . قلت: والراجح من حال عاصم أنه صدوق حسن الحديث، كما هو اختيار الذهبي في: ((من تكلم فيه وهو موثق)) (ص104 رقم 171) ، وكذا في "سير أعلام النبلاء" (5 / 260) حيث قال: ((قلت: كان عاصم ثبتًا في القراءة، صدوقًا في الحديث، وقد وثقه أبو زرعة وجماعة، وقال أبو حاتم: محلّه الصدق، وقال الدارقطني: في حفظه شيء، يعني للحديث، لا للحروف، وما زال في كل وقت يكون العالم إمامًا في فنّ، مقصِّرًا في فنون)) . اهـ. وفي "الميزان" (2 / 357) قال: ((ثبت في القراءة، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وهو في الحديث دون الثبت، صدوق يهم ... ، حسن الحديث ... ، خرَّج له الشيخان، لكن مقرونًا بغيره، لا أصلاً وانفرادًا)) . اهـ. (3) قوله: (أحدهما) أي: إما عاصم، أو منصور، فيكون الشك من حماد. [17] الحديث صحيح من غير هذا الطريق كما في الحديث السابق رقم [16] ، وأما هذا الطريق فظاهر سنده الصحّة، إلا أنه معلول. فحماد بن زيد رواه هنا عن عاصم ومنصور، كلاهما عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ الله موقوفًا. وقد خولف حماد. فرواه سفيان بن عيينة، والثوري، وشعبة، وجرير، وأبو الأحوص سلَّام بن سُلَيم، وعمر بن عبد الرحمن، جميعهم عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، به مرفوعًا إلا أن ابن عيينة وقف قوله: ((اسْتَذْكِرُوا الْقُرْآنَ فَلَهُوَ أَسْرَعُ تَفَصِّيًا مِنْ صُدُورِ الرِّجَالِ مِنَ النَّعَمِ من عقلها)) ، ورفع الباقي، والصواب أن جميعه مرفوع لاتفاق باقي الرواة على ذلك، وكذا أخرجه الشيخان في صحيحيهما كما في الحديث السابق. وقد أشار الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (9 / 82) إلى هذا الاختلاف عند إيراد البخاري لمتابعة عَبْدَة لمنصور، فقال ابن حجر: ((كأن البخاري أراد بإيراد هذه المتابعة دفع تعليل من أعلّ الخبر برواية حماد بن زيد وأبي الأحوص له عن منصور موقوفة على ابن مسعود. قال الإسماعيلي: روى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ مَنْصُورٍ وعاصم الحديثين معًا موقوفين، وكذا رواهما أبو الأحوص عن منصور. وأما ابن عيينة فأسند الأول، ووقف الثاني. قال: ورفعهما جميعًا إبراهيم بن طهمان، وعَبيدة بن حُميد، عن منصور، وهو ظاهر سياق سفيان الثوري)) . اهـ. قلت: كلام الإسماعيلي وابن حجر المتقدم يدل على أن رواية أبي الأحوص للحديث عن منصور موقوفة مثل رواية حماد بن زيد، والذي وقفت عليه من رواية أبي الأحوص للحديث عن منصور أنها مرفوعة كما في الحديث السابق، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = فإما أن يكون هناك اختلاف على أبي الأحوص أيضًا، أو يكون اشتبه عليهما بأبي الأحوص عوف بن مالك وهو ممن روى الحديث عن ابن مسعود، وروي عنه مرة موقوفًا كما سبق بيانه، فالله أعلم. والحديث هنا يرويه المصنف عن حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ مَنْصُورٍ وعاصم، به موقوفًا. ووافقه قتيبة بن سعيد عند النسائي في "عمل اليوم والليلة" (ص440 رقم 728) فرواه عن حماد، عن منصور وعاصم، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنِ ابْنِ مسعود، موقوفًا عليه بمثل لفظ المصنف، إلا أنه قال: ((بئسما لأحدهما)) ، ولم يذكر باقي الحديث من قوله: ((استذكروا ... )) إلخ. وخالفهما عفان بن مسلم، فرواه عن حماد بلفظ قريب من لفظ المصنف، إلا أنه رفعه إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -. أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 463) عن عفان. والصواب أنه موقوف من رواية حماد، لاتفاق المصنف وقتيبة على ذلك. وأما رواية عاصم للحديث عن أبي وائل، فإن حماد بن زيد رواه هنا عن عاصم، به موقوفًا على عبد الله. وخالف حمادًا كل من معمر، وأبان بن زيد العطّار، وشريك بن عبد الله، فرووه عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عن عبد الله مرفوعًا. أما رواية معمر، فأخرجها عبد الرزاق في "المصنف" (3 / 359 رقم 5968) عنه، به نحوه، إلا أن الرواية جاءت على الشك في كون الحديث عن أبي وائل، أو عن أبي الضحى، والصواب عن أبي وائل كما هو ظاهر. وأما رواية أبان وشريك، فأخرجهما الطبراني في "الكبير" (10 / 233 - 234 رقم 10415 و 14018) ، ولفظهما نحو لفظ المصنف هنا، إلا أن شريكًا لم يذكر بقية الحديث: ((استذكروا ... )) إلخ.

18- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ (1) ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ (2) ، عَنْ عِيسَى بْنِ فَائِدٍ (3) ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَهُ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَلَا مَرَّتَيْنِ أَنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ((مَا مِنْ أَمِيرِ عَشَرَةٍ إِلَّا يُؤْتَى بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَغْلُولًا (4) ، لَا يفُكُّه مِنْ غلِّه إِلَّا الْعَدْلُ، وَمَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ، ثُمَّ نَسِيَهُ، لَقِيَ اللَّهَ عز وجل (أَجْذَم) (5)) ) .

_ (1) هو خالد بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن يزيد الطحّان، الواسطي، المزني، مولاهم، ثقة ثبت، روى له الجماعة، وروى هو عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ وإسماعيل بن أبي خالد وبيان بن بشر وخالد الحذّاء، وغيرهم، روى عنه المصنِّف سعيد بن منصور وعبد الرحمن بن مهدي ويحيى القطان ووكيع وغيرهم، وكانت ولادته سنة خمس عشرة ومائة، ووفاته سنة تسع وسبعين ومائة، وقيل سنة اثنتين وثمانين ومائة، وقد وثقه ابن سعد وأبو زرعة والنسائي وأبو حاتم، وزاد: ((صحيح الحديث)) ، وقال الإمام أحمد: ((كان خالد الطحان ثقة صالحًا في دينه، وهو أحب إلينا من هشيم)) ، وقال الترمذي: ((ثقة حافظ)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 340 - 341 رقم 1536) ، و"تهذيب الكمال" (8 / 101 / المطبوع) ، و"التهذيب" (3 / 100 - 101 رقم 187) ، و"التقريب" (ص189 رقم 1647) . (2) هو يزيد بن أبي زياد الهاشمي، مولاهم، الكوفي، ضعيف كبر فتغيّر وصار يتلقّن، وكان شيعيًا، وروى عن مولاه عبد الله بن الحارث وإبراهيم النخعي وأبي صالح السمّان وعكرمة وعيسى بن فائد وغيرهم، روى عنه خالد الطحّان وشعبة وزائدة وهشيم وأبو عوانة والسفيانان وغيرهم، ولد سنة سبع وأربعين للهجرة، وتوفي سنة ست وثلاثين ومائة، وقيل: سبع وثلاثين، قال ابن سعد: ((كان ثقة في نفسه، إلا أنه اختلط في آخر عمره، فجاء بالعجائب)) . وقال ابن معين والبرديجي والنسائي وأبو حاتم وأبو أحمد الحاكم: ((ليس بالقوي)) . وقال العجلي: ((جائز =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = الحديث وكان بآخره يلقن)) . وقال ابن حبان: ((كان صدوقًا، إلا أنه لما كبر ساء حفظه وتغيّر، وكان يلقّن ما لُقِّن، فوقعت المناكير في حديثه، فسماع من سمع منه من قبل التغيُّر صحيح)) . وقال ابن فضيل: ((كان من أئمة الشيعة الكبار)) . وقال ابن عدي: ((هو من شيعة الكوفة، ومع ضعفه يكتب حديثه)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 265 رقم 1114) ، و"الكامل" (7 / 2729 - 2730) ، و"التهذيب" (11 / 329 - 331 رقم 630) ، و"التقريب" (ص601 رقم 7717) . (3) هو عيسى بن فائد - بالفاء -، أمير الرَّقّة، مجهول، وروايته عن الصحابة مرسلة، وإنما يروي عَنْ رَجُلٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عبادة، وقيل: عن سعد بلا واسطة، وقيل: عن عبادة بن الصامت ولا يصح، قال ابن عبد البر: ((عيسى بن فائد لم يسمع من سعد بن عبادة ولا أدركه)) ، وذكر ابن المديني أنه لم يرو عنه سوى يزيد بن أبي زياد، وقال - أي: ابن المديني -: ((مجهول)) . وقال الذهبي: ((لا يُدرى من هو)) . انظر: "الميزان" (3 / 319 رقم 6594) ، و"التهذيب" (8 / 227 رقم 420) ، و"التقريب" (ص440 رقم 5319) . (4) قوله: (مغلولاً) أي: جُعل في يده وعنقه الغُلُّ، وهو القيد المختصّ بهما. "النهاية" (3 / 381) . (5) في الأصل: (أجذما) ، وما أثبته من "شعب الإيمان" للبيهقي كما سيأتي؛ حيث روى الحديث من طريق المصنف، وهو الأصوب لأنه ممنوع من الصرف. ومعنى قوله: ((أَجْذَم) أي: مقطوع اليد، من الجَذْم وهو القطع. "النهاية" (1 / 251) . [18] سنده ضعيف جدًّا؛ فيه أربع علل: 1- الراوي للحديث عن سعد بن عبادة رجل مبهم. 2- جهالة عيسى بن فائد. 3- ضعف يزيد بن أبي زياد. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = 4- اضطراب يزيد في الحديث، فرواه مرة عَنْ عِيسَى بْنِ فَائِدٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، ورواه مرة فأسقط الراوي المبهم، وفي أخرى أعضله فأسقط المبهم والصحابي، ورواه مرة فجعله من مسند عبادة بن الصامت وأسقط المبهم، وذلك أن الحديث روي عن يزيد من طرق: 1- طريق خالد بن عبد الله الطحّان. أخرجه المصنف هنا عنه. ومن طريق المصنف أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (4 / 528 رقم 1818) به مثله، إلا أنه قال: (لا يفكه إلا العدل) ، و: (لقي الله يوم القيامة أجذم) . وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (5 / 285) . وإبراهيم الحربي في "غريب الحديث" (2 / 428) . والطبراني في "الكبير" (6 / 27 و 28 رقم 5389 و 5392) . ثلاثتهم بنحوه، إلا أن الحربي إنما ذكر شطره الثاني فقط: ((من قرأ ... )) ، وأما الطبراني فرواه مفرّقًا، فذكر شطره الأول في الموضع الأول، والثاني في الثاني. 2- طريق جرير بن عبد الحميد. أخرجه أبو عبيد في الفضائل (ص133 رقم 332) من طريقه، عن يزيد، عن عيسى بن فائد، عمّن سمع سعد بن عبادة ... ، فذكر شطره الثاني فقط بنحوه. 3- طريق شعبة. أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (5 / 284) . وعبد بن حميد في "مسنده" (ص127) رقم (306 / المنتخب) . والدارمي في "سننه" (2 / 314 - 315 رقم 3343) . ثلاثتهم من طريق شعبة، عن يزيد، عن عيسى ولم ينسبه، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عبادة، به نحوه. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وكذا أخرجه محمد بن نصر في "قيام الليل" كما في المختصر (ص162) ، ولكن ذكر شطره الثاني فقط. وأخرجه أبو عبيد في "غريب الحديث" (3 / 48) وذكر شطره الثاني فقط بنحوه، وفيه قال: ( ... عيسى بن فائد، قال: حدثني من سمع سعد بن عبادة ... ) . وأخرجه الطبراني في "الكبير" (6 / 26 - 27 رقم 5387 و 5390) مفرّقًا بنحوه، وفي كلا الموضعين قال: (عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عن عيسى بن لقيط) . وأخرجه الخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" (1 / 110 رقم 86) . والبيهقي في "الشعب" (4 / 527 - 528 رقم 1817) . كلاهما من طريق شعبة، عن يزيد، عن عيسى بن لقيط، أو إياد بن لقيط، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عبادة ... ، به نحوه، إلا أن الخطيب لم يذكر شطره الأول. وأخرجه البزار كما في "كشف الأستار" (2 / 254 رقم 1642) ، بنحوه، وفيه يقول شعبة: (عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عن عيسى بن فائد أو لقيط) هكذا على الشك، وقد عدّوا هذا من أوهام شعبة - رحمه الله-، فقال المزِّي في "تحفة الأشراف" (3 / 274) : ((رواه شعبة ومحمد بن فضيل وجرير بن عبد الحميد وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ فَائِدٍ، عَنْ رَجُلٍ، عن سعد بن عبادة، إلا أن شعبة، قال: عن سعيد بن إياد، وقال مرة: عن عيسى بن لقيط بدل عيسى بن فائد، وذلك معدود في أوهامه)) . اهـ. وتَعَقَّبَ الحافظ ابن حجر المزي في "النكت الظراف" بأن ابن أبي داود أخرجه من طريق محمد بن فضيل ... ، فذكره مثل شعبة. قلت: وطريق محمد بن فضيل هو الآتي، ولم يذكر أحد عنه مثل رواية شعبة، فقد يكون وهمًا من الراوي له عن ابن فضيل، أو مَنْ دونه عند ابن أبي داود، والصواب ما ذكره المزي - رحمه الله-. 4- طريق محمد بن فضيل. أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 478 رقم 10044) و (12 / 219 رقم 12599) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ومن طريق ابن أبي شيبة وغيره أخرجه الطبراني في "الكبير" (6 / 27و 28 رقم 5338 و 52391) . وأخرجه البزار كما في "كشف الأستار" (2 / 254 رقم 1642) . أما ابن أبي شيبة والطبراني ففرّقاه في الموضعين بنحوه، وأما البزار فأخرجه بتمامه بنحوه. (5) و (6) : طريقا سفيان بن عيينة، وابن إدريس. أما طريق سفيان فأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (3 / 365 رقم 5989) . وأما طريق بن إدريس فأخرجه أبو داومد في "سننه" (2 / 158 رقم 1474) . ومن طريق أبي داود أخرجه الخطيب في "الجامع" (1 / 110 رقم 85) . كلاً من سفيان وابن إدريس، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ فَائِدٍ، عَنْ سعد بن عبادة، به بذكر شطره الثاني فقط بنحوه، وبإسقاط الرجل المبهم. 7- طريق وكيع، عن أصحابه. ذكره المزي في الموضع السابق من "التحفة" فقال: ((رواه وكيع، عن أصحابه، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ فَائِدٍ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مرسلاً)) . اهـ. وتعقبه ابن حجر في "النكت" بقوله: ((الأولى أن يقول: معضلاً؛ فإنه سقط منه الرجل المبهم والصحابي)) . 8 و 9 و 10- طريق عبد العزيز بن مسلم، وأبي عوانة، وأبي بكر بن عياش. أما طريق عبد العزيز بن مسلم فأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (5 / 323) . وأما طريق أبي عوانة فأخرجه عبد الله بن الإمام أحمد في "زوائده على المسند" (5 / 327 - 328) . وأما طريق أبي بكر بن عياش، فذكره المزي في الموضع السابق، ولم يعزه لأحد. ثلاثتهم قالوا: (عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ فَائِدٍ، عَنْ عبادة بن الصامت، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ولفظ عبد العزيز بن مسلم، وأبي عوانة نحو لفظ المصنف هنا، وذكر أبو عوانة في روايته أن عيسى كان أميرًاعلى الرَّقّة. قال المزي في الموضع السابق: ((رواه أبو بكر بن عياش، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ فَائِدٍ، عَنْ عبادة بن الصامت، ولم يتابع على ذلك)) . اهـ. وتعقبه ابن حجر في "النكت" بقوله: ((قلت: وافقه عبد العزيز بن مسلم؛ أخرجه أحمد في "مسنده" من طريقه، ووافقهما أبو عوانة؛ أخرجه عبد الله بن أحمد من طريقه)) . اهـ. قلت: وتابعهم أيضًا عبد الله (غير منسوب) ، عن يزيد، به نحوه. أخرجه ابن اللمش في "تاريخ دنيسر" (ص53 - 54) . فتبين بهذا أن الاضطراب من يزيد بن أبي زياد نفسه، عدا ما ذُكر عن شعبة. ولشطر الحديث الأول شاهد من حديث أبي أمامة وأبي هريرة وبريدة وابن عباس وأبي الدرداء وثوبان وحصين وعمرو بن مرة الجهني وكعب بن عجرة وزيد - رضي الله عنهم -. 1- أما حديث أبي أمامة، فأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (5 / 267) . والطبراني في "الكبير" (8 / 204 رقم 7724) . كلاهما من طريق أبي اليمان الحكم بن نافع، عن إسماعيل بن عياش، عن يزيد بن (أبي) مالك (وعند الطبراني: يزيد بن أيهم) ، عَنْ لُقْمَانَ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ أبي أمامة، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - قال: ((ما من رجل يلي أمر عشرة فما فوق ذلك، إلا أتى الله عز وجل مغلولاً يوم القيامة يده إلى عنقه، فكّه برّه، أو أَوْبَقه إثمه، أوّلها ملامة، وأوسطها ندامة، وآخراه خزي يوم القيامة)) . هذا لفظ الإمام أحمد، ونحوه لفظ الطبراني، وكذا قال أبو اليمان، وخالفه سليمان بن عبد الرحمن، وحَيْوَة بن شريح، فروياه عن إسماعيل بن عياش، عن يزيد بن أبي مالك، عن سليم بن عامر، عن أبي أمامة، به نحوه سابقه. أخرجه الطبراني (8 / 202 رقم 7720) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = قال المنذري في "الترغيب" (3 / 132 - 133) : ((رواه أحمد، ورواته ثقات، إلا يزيد بن أبي مالك)) . وقال (4 / 294) : ((يزيد بن أبي مالك الدمشقي ثقة، وقال بعضهم: ليّن)) . وقال الهيثمي في "المجمع" (5 / 204 - 205) : ((رواه أحمد والطبراني، وفيه يزيد بن أبي مالك وثقه ابن حبّان وغيره، وبقية رجاله ثقات)) . وذكر الشيخ الألباني هذا الحديث في "السلسلة الصحيحة" الحديث رقم (349) ، وقال: ((هذا إسناد شامي جيّد)) . والحديث ذكره المتّقي الهندي في "كنز العمال" (6 / 32 رقم 14720) ، وعزاه لأبي سعيد النقاش في القضاة. 2- وأما حديث أبي هريرة، فله عنه خمسة طرق: أ- طريق يحيى بن سعيد الأنصاري، واختلف عليه. فرواه حماد بن سلمة، عنه، عن سعيد بن يسار، عن أبي هريرة. ورواه عبيد بن عمرو القيسي، عنه عن سعيد (ولم ينسبه) عن أبي هريرة. ورواه علي بن مسهر، عنه، عن سعيد بن يسار عن ابن عمر، عن أبي هريرة. أما طريق حماد بن سلمة، فأخرجه: الدارمي (2 / 157 رقم 2518) . والبزار كما في "كشف الأستار" (2 / 253 رقم 1639) . ولفظ هذا الطريق: ((مَا مِنْ أَمِيرِ عَشَرَةٍ إِلَّا يؤتى به يوم القيامة مغلولة يداه إلى عنقه، أطلقه الحق، أو أوبقه)) . وأما طريق عبيد بن عمرو، فأخرجه: البزار في الموضع السابق برقم (1638) بنحو سابقه. وأما طريق علي بن مسهر، فأخرجه: ابن أبي شيبة في "المصنف" (12 / 220 رقم 12602) بنحو سابقه. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = قال البزار بعد أن روى طريق عبيد بن عمرو: ((هكذا رواه عبيد، والثقات يروونه عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ سعيد بن يسار، عن أبي هريرة، وهو الصواب)) . ب، جـ- طريق محمد بن عجلان، عن أبيه وعن سعيد، عن أبي هريرة. أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (2 / 431) . والبزار في الموضع السابق برقم (1640) . كلاهما من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن محمد بن عجلان، عن أبيه، وعن سعيد، كلاهما عن أبي هريرة، به نحو سابقه. قال البزار: ((لا نعلم أحدًا جمع ابن عجلان عن سعيد، وابن عجلان عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، إلا يحيى)) . قلت: وقد رواه أبو خالد الأحمر، وأبو عاصم، وعبد الله بن محمد بن عجلان، ثلاثتهم عن محمد بن عجلان، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، ولم يذكروا سعيدًا. أما رواية أبي خالد الأحمر، فأخرجها: ابن أبي شيبة في "المصنف" (12 / 219 رقم 12600) . وأما رواية أبي عاصم، فأخرجها: البيهقي في "سننه" (3 / 129) ، و (10 / 95) . وأما رواية عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عجلان، فأخرجها: البيهقي أيضًا (10 / 96) . ثلاثتهم بنحو اللفظ السابق، إلا أن لفظ أبي خالد قال فيه: ((ما من أمير ثلاثة ... )) إلخ. وسند هذا الطريق حسن لذاته. عجلان المدني والد محمد بن عجلان مولى فاطمة بنت عتبة لا بأس به، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وهو من الطبقة الرابعة، روى عن مولاته فاطمة وعن أبي هريرة وزيد بن ثابت - رضي الله عنهم -، روى عنه ابنه محمد وبكير بن عبد الله وإسماعيل بن أبي حبيبة إن كان محفوظًا؛ قال أبو داود: ((لم يرو عنه غير ابنه محمد)) ، وقال النسائي: ((لا بأس به)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات". اهـ. من "الثقات" لابن حبان (5 / 277 - 278) ، و"التهذيب" (7 / 162 رقم 324) ، و"التقريب" (ص387 رقم 4534) . وابنه محمد بن عجلان المدني يروي عن أبيه وأنس بن مالك والأعرج وأبي الزناد وعكرمة وزيد بن أسلم ونافع مولى ابن عمر وأبي إسحاق السبيعي، وغيرهم، روى عنه الإمام مالك ومنصور بن المعتمر وشعبة والسفيانان والليث بن سعد ويحيى القطان وأبو خالد الأحمر وأبو عاصم النبيل وغيرهم، وكانت وفاته بالمدينة سنة ثمان وأربعين ومائة، وقيل: تسع وأربعين، وقد وثقه ابن عيينة والإمام أحمد وابن معين والعجلي وأبو حاتم وأبو زرعة والنسائي، وقال يعقوب بن شيبة: ((صدوق وسط)) ، وقال الساجي: ((هو من أهل الصدق، لم يحدث عنه مالك إلا يسيرًا)) . انظر: "الجرح والتعديل" (8 / 49 - 50 رقم 228) ، و"الميزان" (3 / 644 - 647 رقم 7938) ، و"التهذيب" (9 / 341 - 342 رقم 564) . ونقل بن حبان في كتاب "الثقات" (7 / 386) عن يحيى القطان قال: سمعت محمد بن عجلان يقول: ((كان سعيد المقبري يحدث عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وعن أبي هريرة، فاختلط علي، فجعلتها كلها عن أبي هريرة)) . قلت: محمد بن عجلان صدوق كما هو اختيار الذهبي في "الميزان" (3 / 644) ، وفي ((من تكلم فيه وهو موثق)) (ص165 رقم 306) ، وكذا ابن حجر في "التقريب" (ص496 رقم 6136) ، وفي "هدي الساري" (ص458) ، حيث قال: ((صدوق مشهور فيه مقال من قِبَل حفظه)) ، وفي "التقريب" قال: ((صدوق إلا أنه اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة)) . اهـ. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = قلت: فالكلام فيه إنما ينحصر في روايته لأحاديث أبي هريرة من طريق سعيد المقبري، وردها جميعها فيها إجحاف به، فإن النظر إنما يتجه فيما رواه عن سعيد عن أبي هريرة، وأما ما رواه عن سعيد، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فلا، كما نص على ذلك ابن حبان عقب نقله لكلام يحيى القطان السابق حيث قال: ((قد سمع سعيد المقبري من أبي هريرة، وسمع من أبيه عن أبي هريرة. فلما اختلط على ابن عجلان صحيفته ولم يميز بينهما، اختلط فيهما، وجعلها كلها عن أبي هريرة، وليس هذا مما يوهِّى الإنسان به، لأن الصحيفة كلها في نفسها صحيحة، فما قال ابن عجلان، عن سعيد، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فذاك مما حمل عنه قديمًا قبل اختلاط صحيفته عليه، وما قال: عن سعيد، عن أبي هريرة، فبعضها متصل صحيح وبعضها منقطع، لأنه أسقط أباه منها فلا يجب الاحتجاج عند الاحتياط إلا بما يروي الثقات المتقنون عنه، عن سعيد، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ)) . اهـ. وقال الذهبي في "السير" (6 / 320) عن ابن عجلان هذا: ((هو حسن الحديث)) ، وقال (ص322) : ((فحديثه إن لم يبلغ رتبة الصحيح، فلا ينحطّ عن رتبة الحسن)) . اهـ. والله أعلم. ويحيى بن سعيد القطان تقدم في الحديث رقم [1] أنه ثقة متقن حافظ إمام قدوة. والحديث ذكره المنذري في "الترغيب" (3 / 139) من رواية الإمام أحمد، وقال: ((رواه أحمد بإسناد جيد رجاله رجال الصحيح)) . وذكره في الموضع نفسه من رواية البزار، وقال: ((رجال البزار رجال الصحيح)) . د- طريق عبد الله بن نافع، عن أبي هريرة. أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1 / 194 - 195 رقم 274) من طريق شيخه أحمد بن رشدين، عن روح بن صلاح، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ، عن زيد =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ابن أبي العتّاب، عن عبد الله بن نافع، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -: ((ما من أمير عشرة فصاعدًا إلا وهو يأتي مغلول يوم القيامة، عافاه الله بما شاء، أو عاقبه بما شاء)) . وسنده ضعيف. شيخ الطبراني أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين بن سعد، أبو جعفر المصري كذَّبه أحمد بن صالح المصري، وقال مسلمة في الصلة: ((كان ثقة عالمًا بالحديث)) ، وقال ابن يونس: ((كان من حفاظ الحديث وأهل الصنعة)) . انظر: "اللسان" (1 / 257 - 258 رقم 804) . والأرجح من حال أحمد هذا أنه ضعيف كما هو رأي ابن عدي فيه؛ فإنه ساق له بعض الأحاديث التي انتقدت عليه، ثم قال: ((وابن رشدين هذا صاحب حديث كثير، حدّث عنه الحفّاظ بحديث مصر، وأنكرت عليه أشياء مما رواه، وهو ممن يكتب حديثه مع ضعفه)) . اهـ. "الكامل" (1 / 201) . هـ- طريق بشر بن سعيد، عن أبي هريرة. أخرجه الحاكم في "المستدرك" (4 / 89) من طريق مخرمة بن بكير، عن أبيه، عن بشر بن سعيد، عن أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -: ((ما من أحد يؤمّر على عشرة فصاعدًا لا يقسط فيهم، إلا جاء يوم القيامة في الأصفاد والأغلال)) . قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، ولسنا بمعذورين في ترك أحاديث مخرمة بن بكير أصلاً)) . ووافقه الذهبي. 3- وأما حديث بريدة. فأخرجه البزار كما في "كشف الأستار" (2 / 254 رقم 1641) من طريق عطية العوفي، عن عبد الله بن بريدة، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((لا يستعمل رجل على عشرة فما فوقهم، إلا جيء به يوم القيامة مغلولة يده إلى عنقه. فإن كان محسنًا فُكّ غُلُّه، وغن كان مسيئًا زيد غُلاً إلى غله)) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (5 / 206 - 207) ، وقال: ((رواه الطبراني في "الأوسط" بإسنادين، وكلاهما فيه ضعف (كذا! والصواب: ضعيف) ولم يوثق)) . 4- وأما حديث ابن عباس، فله عن طريقان. أ- طريق سعدان بن الوليد، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - قال: ((من ولي على عشرة فحكم بينهم بما أحبوا أو كرهوا، جيء به يوم القيامة مغلولة يداه إلى عنقه، فإن حكم بما أنزل الله، ولم يرتش في حكمه، ولم يحف، فكَّ الله عنه يوم القيامة يوم لا غلّ إلا غلّه. وإن حكم بغير ما أنزل الله تعالى، وارتشى في حكمه وحابى، شُدَّت يساره إلى يمينه، ورمي به في جهنم، فلم يبلغ قعرها خمس مائة عام)) . أخرجه الحاكم في "المستدرك" (4 / 103) ، ثم قال: ((سعدان بن الوليد البجلي كوفي قليل الحديث، ولم يخرجا عنه)) . وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (5 / 206) وقال: ((رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه سعدان بن الوليد، ولم أعرفه)) . ب- طريق الأعمش، عن طريف بن ميمون، عن ابن عباس يرفعه: ((ما من رجل ولي عشرة إلا أتي به يوم القيامة مغلولة يداه إلى عنقه حتى يقضى بينه وبينهم)) . أخرجه الطبراني في "الكبير" (12 / 135 رقم 12689) . وفي "الأوسط" (1 / 200 - 201 رقم 288) . قال الهيثمي في "المجمع" (5 / 206) : ((رجاله ثقات)) . 5- وأما حديث أبي الدرداء. فأخرجه الطبراني في "الأوسط" (1 / 381 - 382 رقم 663) من طريق إبراهيم بن هشام بن يحيى الغساني، عن سعيد بن عبد العزيز، عن عدي بن عدي الكندي، عن أبي الدرداء قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - يقول: =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ((ما من والي ثلاثة إلا لقي الله مغلولة يمينه، فكّه عدله، أو غلّه جَوْرُه)) . وذكره في "كنز العمال" (6 / 34 رقم 14730) وعزاه أيضًا لابن عساكر. قال الهيثمي في "المجمع" (5 / 206) : ((فيه إبراهيم بن هشام بن يحيى الغسّاني وثقه ابن حبان وغيره، وكذّبه أبو حاتم وأبو زرعة، وبقية رجاله ثقات)) . وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" (7 / 28 رقم 4508 / الإحسان) بمثله، وفي أوّله قصة، إلا أنه زاد في سنده: ((عمرو بن قيس السكوني) بين سعيد بن عبد العزيز، وعدي بن عدي. 6- وأما حديث ثوبان. فأخرجه أبو نعيم في "الحلية" (6 / 118) من طريق بقيّة، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ راشد، عن ثوبان مرفوعًا بنحو اللفظ السابق، إلا أنه قال: ((ما من والي عشرة ... )) . وذكره الهيثمي في "المجمع" (5 / 207) بمعناه موقوفًا على ثوبان، وقال: ((رواه الطبراني في "الأوسط" عن شيخه مسلمة بن رجاء ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات)) . 7- وأما حديث حصين (غير منسوب) . فأخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة" (1 / 183 / أ) من طريق عطاء الخرساني عن الوليد بن بحير، عن الحارث بن يُمجد، عن حصين سَمِعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - يقول: ((ما من والي عشرة إلا جيء به يوم القيامة مغلولاً معذبًا، أو مغفورًا له)) . وأخرجه أيضًا ابن منده كما في "كنز العمال" (6 / 33 رقم 14728) ، و"الإصابة" (2 / 94) ، حيث قال الحافظ ابن حجر: ((ذكره ابن منده بسند منقطع ... )) . 8 و 9 و 10- وأما أحاديث زيد، وعمرو بن مرة، وكعب بن عجرة =

19- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا فَرَجُ بنُ فَضَالة (1) ، عَنْ لُقْمَانَ بْنِ عَامِرٍ (2) ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ جَبَلَةَ الْفَزَارِيِّ (3) ، قَالَ (4) : سَمِعْتُهُ (5) يَقُولُ: ((مَا أُبالي، تَعَلَّمْتُ سُورَةً مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ تَرَكْتُهَا، أَوْ مَشِيتُ فِي الناس مقطوعة يدي)) .

_ = فذكرها صاحب "كنز العمال" (6 / 33 و 39 و 40 رقم 14723 و 14757 و 14761) ، بعضها بنحو اللفظ السابق، وبعضها بمعناه، وعزا حديث عمرو لابن عساكر، وحديث كعب للحاكم في "الكنى"، وأما حديث زيد، فأشار إلى أن النسائي أخرجه من حديث عبد الله بن زيد، عن أبيه، ولم أجده عند النسائي، ولا في مظنّته من "تحفة الأشراف". وبالجملة فشطر الحديث الأول بمجموع هذه الطرق صحيح لغيره، وأما شطره الثاني في الوعيد لمن نسي القرآن فلم أجد ما يشهد له، فيبقى على شدة ضعفه، والله أعلم. (1) هو فرج بن فَضَالة بن النعمان التَّنُوخي الشامي يروي عن يحيى بن سعيد الأنصاري وهشام بن عروة ولقمان بن عامر وغيرهم، روى عنه وكيع وأبو معاوية ويزيد بن هارون وعلي بن الجعد وقتيبة بن سعيد وسعيد بن منصور وغيرهم، وكان مولده في خلافة الوليد بن عبد الملك سنة ثمان وثمانين، ووفاته سنة سبع وسبعين ومائة، وهو ضعيف، فقد ضعفه ابن معين وابن المديني والنسائي والدارقطني والساجي وتركه ابن مهدي، وقال البخاري ومسلم: ((منكر الحديث)) ، وذكره يعقوب بن سفيان في باب من يرغب عن الرواية عنهم، وفي رواية عن ابن معين، قال: ((ليس به بأس)) ، وقال ابن المديني في رواية: ((هو وسط، وليس بالقوي)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (7 / 85 - 86 رقم 483) ، و"الكامل" (6 / 2054 - 2055) ، و"التهذيب" (8 / 260 - 262 رقم 485) ، و"التقريب" (ص444 رقم 5383) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = (2) هو لقمان بن عامر الوُصَابي - بتخفيف المهملة- أبو عامر الحمصي، أرسل عن أبي الدرداء، وروى عن أبي هريرة وأبي أمامة وسويد بن جبلة وغيرهم، روى عنه محمد بن الوليد الزَّبيدي وعقيل بن مدرك وفرج بن فضالة وغيرهم، وهو صدوق، من الطبقة الثالثة، وثقه العجلي كما في "تاريخ الثقات" له (ص399 رقم 1429) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (5 / 345) ، وقال أبو حاتم: ((يكتب حديثه)) كما في "الجرح والتعديل" (7 / 182 رقم 1034) ، وانظر "تهذيب الكمال" المخطوط (3 / 1152) ، و"ميزان الاعتدال" (3 / 419 رقم 6986) ، و"تقريب التهذيب" (ص464 رقم 5679) ، و"التهذيب" (8 / 455 - 456 رقم 827) . (3) هو سُوَيْد بن جَبَلة الفَزَاري السُّلمي. ذكره ابن حبان في "الثقات" (4 / 325) ، ولم أجد من وثّقه سواه. وسكت عنه البخاري في "تاريخه" (4 / 146 - 147 رقم 2273) . وبيّض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (4 / 2363 رقم 1010) ، وذكره يعقوب بن سفيان الفسوي في الطبقة العليا من تابعي أهل الشام في "تاريخه" (2 / 348 - 349) ، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلاً. وزعم أبو زرعة الدمشقي أن له صحبة، فأدخله في "مسند الشاميين"، ونفى ذلك أبو حاتم فقال كما في الموضع السابق من "الجرح والتعديل": ((ليست له صحبة)) . وقال الدارقطني وابن منده: ((لا يصح له صحبة، وحديثه مرسل)) . انظر: "الإصابة" (3 / 304 - 305) . (4) أي: لقمان بن عامر. (5) أي: سويد بن جبلة. [19] سنده ضعيف لضعف فرج بن فضالة. وهذا الأثر أخرجه الخطابي في "غريب الحديث" (1 / 310) من طريق المصنف هنا بمثله، إلا أنه لم يذكر قوله: ((الفزاري)) .

20- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا الْحَارِثُ بْنُ نَبْهان (1) ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدلة، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ (2) ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((إِنَّ خَيْرَكُمْ مَنْ تَعلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ)) ، وَأَخَذَ بِيَدِي فَأَجْلَسَنِي مَجْلِسِي هذا، فأقرأني.

_ (1) هو الحارث بن نَبْهان الجَرْمي - بفتح الجيم-، أبو محمد البصري، يروي عن أبي إسحاق السبيعي، وعاصم بن بهدلة والأعمش وغيرهم، روى عنه جعفر بن سيلمان الضُّبَعي وعبد الله بن وهب وغيرهما، وروى عنه هنا سعيد بن منصور، وذكره البخاري في "التاريخ الأوسط" في فصل من مات بين الخمسين، إلى الستين ومائة، وهو متروك؛ قال ابن المديني: ((كان ضعيفًا ضعيفًا)) ، وقال الإمام أحمد: ((رجل صالح، لم يكن يعرف الحديث ولا يحفظ، منكر الحديث)) ، وقال ابن معين: ((ليس بشيء، لا يكتب حديثه)) ، وقال النسائي: ((ليس بثقة)) ، وقال مرة: ((متروك الحديث)) ، وكذا قال أبو حاتم، وزاد: ((ضعيف الحديث، منكر الحديث)) ، وقال البخاري: ((منكر الحديث، لا يبالي ما حدّث)) ، وضعّفه جدًّا، وقال يعقوب بن سفيان: ((منكر الحديث)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 91 - 92 رقم 426) ، و"الكامل" (2 / 609 - 610) ، و"التهذيب" (2 / 158 - 159 رقم 276) ، و"التقريب" (ص148 رقم 1051) . (2) هو مصعب بن سعد بن أبي وقّاص الزهري، أبو زُرَارة المدني، روى عن أبيه وعثمان وعلي وطلحة وغيرهم، روى عنه عاصم بن بَهْدلة والحكم بن عتيبة وعمرو بن مُرّة وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاث ومائة، وهو ثقة روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص533 رقم 6688) ؛ قال ابن سعد: ((كان ثقة كثير الحديث)) ، ووثقه العجلي، وذكره ابن حبان في "الثقات". انظر: "طبقات ابن سعد" (5 / 169) ، و"تاريخ الثقات" للعجلي (ص429 رقم 1578) ، و"ثقات" ابن حبان (5 / 411) ، و"التهذيب" (10 / 160 رقم 304) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = [20] الحديث سنده ضعيف جدًّا لشدّة ضعف الحارث بن نبهان، وهو صحيح من حديث عثمان بن عفان - رضي الله عنه - كما في الحديث الآتي. وأما هذا الحديث فقد أخرجه تمّام في "فوائده" (ص116 - 117 رقم 213) من طريق المصنف هنا، ثنا الْحَارِثُ بْنُ نَبْهَانَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سعد، عن سعد، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -: ((خياركم مَنْ تَعلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ)) ، وَأَخَذَ بيدي، فأجلسني في مكاني هذا. وأخرجه الدارمي في "سننه" (2 / 314 رقم 3342) . والدَّوْرَقي في "مسند سعد بن أبي وقاص" (ص104 رقم 50) . وابن ماجه (1 / 77 رقم 213) في المقدمة، باب: فضل من تعلم القرآن وعلمه. وابن الضريس في "فضائل القرآن" (ص77 رقم 134) . والبزار في "مسنده" (3 / 356 رقم 1157) . وأبو يعلى في "مسنده" (2 / 136 رقم 814) . ومن طريقه ابن عدي في "الكامل" (2 / 610) . وأخرجه العقيلي في "الضعفاء" (1 / 218) . وابن أبي حاتم في "العلل" (2 / 65 رقم 1684) . والهيثم بن كليب في "مسنده" (ل 13 / أ) . والآجري في "أخلاق أهل القرآن" (ص66 رقم 17) . والدارقطني في "الأفراد" كما في "الأطراف" (ل 57 / أ) ، وانظر "العلل" له (4 / 326 - 327) . جميعهم من طريق الحارث بن نبهان، به نحوه، إلا أن ابن الضريس والبزار، وابن أبي حاتم، والدارقطني لم يذكروا قوله: ((وأخذ بيدي ... )) إلخ، وعند الباقين: ((أقريء)) بدل قوله: ((فأقرأني)) . وذكر ابن أبي حاتم أنه سأل أباه عن هذا الحديث، فقال: ((هذا خطأ، إنما هو عاصم، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، مرسل)) . اهـ. وقال الدارقطني: ((غريب من حديث عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ مصعب، تفرد =

21- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَد (1) ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ عُبَيْدة (2) يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ (3) ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ((إِنَّ خَيْرَكُمْ مَنْ تعَلَّم الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ)) ، وَقَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: ذَلِكَ أَقْعَدَنِي مَقْعَدِي هَذَا.

_ = به الحارث بن نبهان)) . اهـ. وأما البزار فإنه بعد أن أخرج الحديث قال: ((وهذا الحديث لا نعلم أحدًا رواه عن عاصم، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أبيه إلا الحارث بن نبهان، وقد خالف الحارث بن نبهان في إسناده هذا الحديث شريك، فرواه شريك، عن عاصم، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، والحارث فغير حافظ، وشريك يتقدمه عند أهل الحديث، وإن كان غيرحافظ أيضًا)) . اهـ. قلت: ورواية شريك هذه أخرجها ابن الضريس في "فضائل القرآن" (ص77 رقم 137) . (1) هو علقمة بن مَرْثَد - بفتح الميم وسكون الراء، بعدها مثلّثة-، الحضرمي، أبو الحارث الكوفي، يروي عن سعد بن عبيدة وزِرِّ بن حبيش وطارق بن شهاب وغيرهم، روى عنه شعبة والثوري ومسعر وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة السادسة وروى له الجماعة كما في "التقريب" (ص397 رقم 4682) ، فقد وثقه الشعبي والإمام أحمد والنسائي والعجلي ويعقوب بن سفيان، وزاد أحمد: ((ثبت في الحديث)) . انظر: "تاريخ الثقات" للعجلي (ص341 رقم 1162) ، و"الجرح والتعديل" (6 / 406 رقم 2269) ، و"التهذيب" (7 / 278 - 279 رقم 485) . (2) هو سعد بن عُبَيْدة السلمي، أبو حمزة الكوفي، روى عن المغيرة بن شعبة وابن عمر والبراء بن عازب وأبي عبد الرحمن السُّلَمي، وكان خَتَنَهُ على ابنته، روى =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = عنه الأعمش ومنصور بن المعتمر وعمرو بن مُرَّة وعلقمة بن مرثد وغيرهم، وهو ثقة روى له الجماعة، من الطبقة الثالثة، مات في ولاية عمر بن هُبيرة على العراق كما في "التقريب" (ص232 رقم 2249) ، فقد وثقه ابن معين والنسائي والعجلي، وقال ابن سعد: ((كان ثقة كثير الحديث)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات". (4) هو عبَد الله بن حبيب بن رُبَيِّعة - بفتح الموحدة وتشديد الياء -، أبو عبد الرحمن السلمي، الكوفي، المقرئ، مشهور بكنيته، ولأبيه صحبة، روى عن عمر وعثمان وعلي وسعد وابن مسعود وحذيفة وأبي موسى الأشعري وأبي هريرة وغيرهم - رضي الله عنهم -، روى عنه إبراهيم النخعي وعلقمة بن مرثد وسعد بن عبيدة وأبو إسحاق السبيعي وسعيد بن جبير وغيرهم، قيل: كانت وفاته سنة سبعين، وقيل: اثنتين وسبعين للهجرة، وقيل غير ذلك، وله من العمر تسعون عامًا، وهو ثقة ثبت روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص299 رقم 3271) ، فقد وثقه العجلي والنسائي، وقال ابن سعد: ((كان ثقة كثير الحديث)) ، وقال ابن عبد البر: ((هو عند جميعهم ثقة)) . انظر: "طبقات ابن سعد" (6 / 172 - 175) ، و"الاستغناء" لابن عبد البر (2 / 793 رقم 927) ، و"التهذيب" (5 / 183 - 184 رقم 317) . [21] الحديث سنده حسن؛ عبد الرحمن بن زياد الرصاصي تقدم في الحديث [6] أنه صدوق، ولكنه لم ينفرد به، فالحديث أخرجه البخاري وغيره من غير طريقه كما سيأتي. فقد روي الحديث عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ من خمسة طرق. الطريق الأول: طريق علقمة بن مرثد. وله عنه عشرة طرق: 1- طريق شعبة. أخرجه المصنف هنا من طريق عبد الرحمن بن زياد عنه. وأخرجه الطيالسي في "مسنده" (ص13 رقم 73) عنه. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ومن طريق الطيالسي أخرجه: الترمذي في "سننه" (8 / 222 - 223 رقم 3071) في "فضائل القرآن"، باب: ما جاء في تعليم القرآن. والفسوي في "المعرفة" (2 / 590) . وأخرجه علي بن الجعد في "مسنده" (1 / 385 - 386 رقم 489) عن شعبة. ومن طريق ابن الجعد أخرجه: النحاس في "القطع والائتناف" (ص78) . والآجري في "أخلاق أهل القرآن" (ص61 رقم 15) . وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص2 رقم 1) . وابن سعد في "الطبقات" (6 / 172) . وابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 502 رقم 10120) . والإمام أحمد في "المسند" (1 / 58 و 69) . وفي "الزهد" (ص506 - 507 رقم 2140) . والدارمي في "سننه" (2 / 314 رقم 3341) . والبخاري في "صحيحه" (9 / 74 رقم 5027) في "فضائل القرآن"، باب: ((خَيْرَكُمْ مَنْ تَعلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ)) . وأبو داود في "سننه" (2 / 147 رقم 1452) في الصلاة، باب: في ثواب قراءة القرآن. وابن ماجه (1 / 76 رقم 211) في المقدمة، باب: فضل من تعلَّم القرآن وعلَّمه. والفسوي في "المعرفة" (2 / 590) . والترمذي (8 / 224 رقم 3073) في الموضع السابق. وابن الضريس في "فضائل القرآن" (ص76 و 77 و 78 رقم 132 و 133 و 140) . والفريابي في "فضائل القرآن" (ص120 - 123 رقم 11 و 12 و 13) . والنسائي في "فضائل القرآن" (ص87 - 88 رقم 61 و 62) . وابن حبان في "صحيحه" (1 / 165 رقم 118 / الإحسان) . وابن عدي في "الكامل" (6 / 2068 - 2069) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأبو نعيم في "الحلية" (4 / 193 - 194) و (8 / 384) . والقضاعي في "مسند الشهاب" (2 / 226 - 227 رقم 1240) . والبيهقي في "شعب الإيمان" (4 / 490 رقم 1785) و (5 / 164 - 165 رقم 2016 و 2017) . والخطيب في "تاريخه" (4 / 109 و 302) . جميعيهم من طريق شُعْبَةَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عن سعد بن عبيدة، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عن عثمان، به. 2 و 3 و 4- طرق أبي حنيفة ومسعر وقيس بن الربيع. أخرجها الخطيب في "تاريخه" (4 / 109) مقرونة بطريق شعبة السابق، ثلاثتهم، عن علقمة بن مرثد، عن سعد بن عبيدة، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عن عثمان، به، فوافقوا شعبة في إسناده. وأخرجه الخطيب أيضًا (11 / 35) من طريق آخر عن قيس، به مثل سابقه. وأخرجه تمام في "فوائده" (ص116 رقم 211) من طريق محمد بن بشير، عن مسعر، به، إلا أنه لم يذكر سعد بن عبيدة في إسناده. وأخرجه ابن عدي في "الكامل" (6 / 2068 - 2069) من طريق قيس، عن علقمة، عن سعد، به. 5- طريق سفيان الثوري. أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 69) . وابن ماجه (1 / 76 رقم 211) . والترمذي (8 / 224 رقم 3073) . وابن الضريس في "الفضائل" (ص78 رقم 140) . والفريابي في "الفضائل" (ص122 - 123 رقم 13) . والنسائي في "الفضائل" (ص87 - 88 رقم 62) . والقضاعي في "مسند الشهاب" (2 / 226 - 227 رقم 1240) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = والبيهقي في "الشعب" (5 / 164 رقم 2016) . والخطيب في "تاريخه" (4 / 302) . جميعهم من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن سفيان، عن علقمة، عن سعد بن عبيدة، به، فوافق فيه شعبة. وكذا رواه كادح بن رحمة وسعيد بن سالم القدّاح عن سفيان. أخرجه ابن عدي في "الكامل" (3 / 1233) عن القدّاح، والخطيب في تاريخه (4 / 109) عن كادح. وخالف يحيى القطان وسعيد بن سالم القداح وكادح بن رحمة الباقون، فرووه عن سفيان، عن علقمة، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، به، ليس فيه ذكر لسعد بن عبيدة، وكذا أيضًا رواه الباقون عن علقمة بن مرثد كما سيأتي. فالحديث أخرجه وكيع في "الزهد" (3 / 839 رقم 521) . ومن طريق وكيع أخرجه: الإمام أحمد في "المسند" (1 / 57) . وابن ماجه (1 / 77 رقم 212) . وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (3 / 367 - 368 رقم 5995) . ومن طريق عبد الرزاق أخرجه: البيهقي في "الشعب" (4 / 489 رقم 1783) . وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل" (ص2 رقم 2) . والإمام أحمد في "المسند" (1 / 57) . كلاهما من طريق عبد الرحمن بن مهدي. وأخرجه البخاري في "صحيحه" (9 / 74 رقم 5028) . والبيهقي في الموضع السابق. كلاهما من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين. وأخرجه الترمذي (8 / 223 رقم 3072) من طريق بشر بن السري. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وابن الضريس في "الفضائل" (ص77 رقم 135) من طريق محمد بن كثير العبدي. والنسائي في "الفضائل" (ص88 رقم 63) من طريق عبد الله بن المبارك. جميع هؤلاء: وكيع، وعبد الرزاق، وعبد الرحمن بن مهدي، وأبو نعيم، وبشر بن السري، ومحمد بن كثير، وعبد الله بن المبارك رووه عن سفيان الثوري، عن علقمة بن مرثد، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، به، ليس فيه ذكر لسعد بن عبيدة. 6- طريق الجّراح الكندي. أخرجه ابن الضريس في "الفضائل" (ص78 رقم 138) . والفريابي في "الفضائل" (ص123 - 124 رقم 14 و 15 و 16) . وتمام في "فوائده" (ص975 رقم 1741) . والبيهقي في "الشعب" (5 / 166 رقم 2019) ، وفي "الأسماء والصفات" (1 / 371 و 372) ، وفي "الاعتقاد" (ص101) . واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" (2 / 338 رقم 556) . وابن النجار في "ذيل تاريخ بغداد" (1 / 16) . 7- طريق عبد الله بن عيسى بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى. أخرجه الفريابي في "الفضائل" (ص119 - 120 رقم 10) . 8- طريق موسى الفرّاء. أخرجه الخطيب في "تاريخه" (5 / 129) . 9- طريق يحيى بن سعيد الأنصاري. أخرجه تمام في "فوائده" (ص115 رقم 209) . والخليلي في "الإرشاد" (2 / 629) ، ونقل عن الحافظ أبي حفص عمر بن سهل أنه خطّأ من قال: ((يحيى بن سعيد)) ، وإنما هو: ((يحيى بن شعيب أبو اليسع)) . وجميع هؤلاء: الجراح بن الضحّاك الكندي، وعبد الله بن عيسى، وموسى الفرّاء، ويحيى بن سعيد، عن علقمة، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، به، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ليس فيه ذكر لسعد بن عبيدة، كما في رواية الأكثرين عن سفيان الثوري، وفي لفظ الجراح زيادة، ورواية عبد الله بن عيسى موقوفة على عثمان، وسيأتي الكلام عنها. 10- طريق عمرو بن قيس، واختلف فيه. فأخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2 / 33 - 34) من طريق عمرو بن عثمان البرّي، ثنا سعدان بن نصر، ثنا شجاع بن الوليد، عن عمرو بن قيس الملائي، يحدّث عن علقمة بن مرثد، عن أبي عبد الرحمن، به هكذا ليس فيه ذكر لسعد بن عبيدة. وأخرجه البيهقي في "الشعب" (4 / 490 رقم 1784) من طريق ابن بشران، عن محمد بن عمرو الرزاز وإسماعيل الصفار، كلاهما عن سعدان بن نصر، به وزاد في سنده سعد بن عبيدة بين علقمة وأبي عبد الرحمن. تنبيه: اعلم أن هذا الحديث من طريق علقمة بن مرثد قد اختلف فيه سندًا ومتنًا. 1- أما سندًا؛ فإن من الرواة من يدخل سعد بن عبيدة بين علقمة بن مرثد، وأبي عبد الرحمن السلمي، ومنهم من يسقطه. ومنهم من وقفه على عثمان - رضي الله عنه -، ومنهم من رفعه. 2- وأما متنًا؛ فإن الخلاف إنما هو في رواية الجراح بن الضحاك الكندي، فإنه زاد في روايته قوله: ((وفضل القرآن على سائر الكلام كفضل الله تعالى على خلقه، وذلك أنه منه)) . فهذه الزيادة، منهم من رفعها، ومنهم من جعلها من قول أبي عبد الرحمن السلمي. وقد تطرق لهذا الاختلاف الدارقطني في كتابيه: "العلل" (3 / 53 - 59) ، و"التتبع" (ص355 - 357) ، فذكره، وذكر اختلافًا آخر في سنده، ورجح في "العلل" رواية شعبة ومن وافقه، فقال: ((وأصحّها حديث علقمة بن مرثد، عن سعد بن عبيدة، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عثمان، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -)) . وأما الترمذي في "سننه" (8 / 224) فرجّح رواية الأكثرين عن الثوري بإسقاط سعد =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ابن عبيدة، فنقل عن محمد بن بشّار قوله: ((أصحاب سفيان لا يذكرون فيه عن سفيان، عن سعد بن عبيدة. قال محمد بن بشّار: وهو أصح. قال أبو عيسى: وقد زاد شعبة في إسناد هذا الحديث سعد بن عبيدة، وكأن حديث سيفان أشبه)) . وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (9 / 74 - 75) في كلامه عن حديث عثمان هذا: ((وقد أطنب الحافظ أبو العلاء العطار في كتابه "الهادي في القرآن" في تخريج طرقه. فذكر ممن تابع شعبة ومن تابع سفيان جمعًا كثيراً، وأخرجه أبو بكر بن أبي داود في أول الشريعة له، وأكثر من تخريج طرقه أيضًا. ورجح الحافظ رواية الثوري، وعدوا رواية شعبة من المزيد في متصل الأسانيد. وقال الترمذي: كأن رواية سفيان أصح من رواية شعبة. وأما البخاري، فأخرج الطريقين، فكأنه ترجح عنده أنهما جميعًا محفوظان، فيحمل على أن علقمة سمعه أولاً من سعد، ثم لقي أبا عبد الرحمن، فحدثه به، أو سمعه مع سعد من أبي عبد الرحمن، فثبته فيه سعد ... ، وقد شذّت رواية عن الثوري بذكر سعد بن عبيدة فيه ... ، وهكذا حكم علي بن المديني على يحيى القطان فيه بالوهم. وقال ابن عدي: جمع يحيى القطان بين شعبة وسفيان، فالثوري لا يذكر في إسناده سعد بن عبيدة، وهذا مما عُدّ في خطأ يحيى القطّان على الثوري)) . اهـ. هذا بالنسبة لمن زاد في الإسناد سعد بن عبيدة ومن لم يزده. أما الخلاف في رفع الحديث ووقفه، فإن جميع الرواة على وقفه، عدا عبد الله بن عيسى بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، فقد اختلف عليه في رفعه ووقفه، ورجح الدارقطني في "العلل" (3 / 57) أن الصواب في رواية عبد الله بن عيسى الوقف على عثمان. وأما الزيادة التي رواها الجراح في متن الحديث، والخلاف في كونها مرفوعة، أو من قول أبي عبد الرحمن السلمي، فالصواب أن ذلك من قول أبي عبد الرحمن كما نص عليه الدارقطني في الموضع السابق، والله أعلم. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = الطريق الثاني: طريق سلمة بن كهيل، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ. أخرجه الفريابي في "الفضائل" (ص124 - 125 رقم 17 و 18) . والخطيب في "تاريخه" (5 / 363) ، وفي "الموضح" (2 / 269) . والذهبي في "تذكرة الحفاظ" (2 / 514) . الطريق الثالث: طريق عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي عبد الرحمن السلمي. أخرجه الخطيب في "تاريخه" (9 / 243) من طيرق سفيان الثوري، عن عطاء، به، ثم قال الخطيب: ((هذا غريب جدًّا من حديث الثوري، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أبي عبد الرحمن، لا أعلمه، يروى إلا من هذا الوجه)) . الطريق الرابع: طريق عبد الكريم الجزري، عن أبي عبد الرحمن. أخرجه ابن عدي في "الكامل" (4 / 1568) . وتمام في "فوائده" (ص114 رقم 208) . الطريق الخامس: طريق عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ، عَنْ أَبِي عبد الرحمن. أخرجه تمام أيضًا (ص115 رقم 210) من طريق إسحاق بن عبد الله البوقي، عن شريك، عن عاصم. وأشار الدارقطني في "العلل" (3 / 58 و 59) إلى أنه رواه أيضًا حفص بن سليمان، عن عاصم، وخالد بن عمرو، عن شريك، عن عاصم، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عثمان. وأشار الدارقطني في الموضع السابق إلى أنه رواه محمد بن بكير الحضرمي، عن شريك، عن عاصم، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ ابن مسعود. ورواه يحيى الحماني، عن شريك، عن عاصم، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، مرسلاً. ولم يرجِّح الدارقطني شيئًا من هذه الروايات.

22- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ؛ قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّة (1) ، قَالَ: سَمِعْتُ (مُجَاهِدًا) (2) يَقُولُ: ((الْقُرْآنُ يَشْفَعُ لِصَاحِبِهِ يَوَمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ: يَا رَبِّ جَعَلْتَنِي فِي جَوْفِهِ، فأَسْهَرْتُ ليْلَهُ، ومنعتُه كَثِيرًا مِنْ شَهْوَتِهِ، وَلِكُلِّ عَامِلٍ عَمَالة، فَيَقُولُ: ابْسُطْ يَدَكَ، أَوْ قَالَ: يَمِينَكَ، فَيَمْلَأُهَا مِنْ رِضْوَانِهِ فَلَا يَسْخَطُ عَلَيْهِ بَعْدَهَا، ثُمَّ يُقَالُ: اقْرَهْ، وارْقَهْ، فَيُرْفَعُ لَهُ بِكُلِّ آيَةٍ دَرَجَةً، وبكل آية حسنة)) .

_ (1) هو عمرو بن مُرّة بن عبد الله بن طارق الجَمَلي - بفتح الجيم والميم -، المرادي، أبو عبد الله الكوفي، الأعمى، روى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أوفى، وأبي وائل شقيق بن سلمة ومرّة الطيِّب وإبراهيم النخعي وجماعة، وروى هنا عن مجاهد، روى عنه ابنه عبد الله والأعمش ومنصور وحصين بن عبد الرحمن وشعبة وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثمان عشرة ومائة، وقيل: ست عشرة ومائة، وهو ثقة عابد، كان لا يدلّس، ورمي بالإرجاء، روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص426 رقم 5112) ، فقد وثقه ابن معين وابن نمير ويعقوب بن سفيان، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال العجلي: ((كوفي ثبت، كان يرى الإرجاء)) . وقال أبو حاتم: ((صدوق ثقة كان يرى الإرجاء)) . وقال شعبة: ((ما رأيت أحدًا من أصحاب الحديث لا يدلّس، إلا ابن عون وعمرو بن مرّة)) . اهـ. من "تاريخ الثقات" للعجلي (ص370 رقم 1286) ، و"الجرح والتعديل" (6 / 257 - 258 رقم 1421) ، و"التهذيب" (8 / 102 - 103 رقم 163) . (2) في الاصل: (مجاهد) . [22] الحديث سنده حسن عن مجاهد؛ عبد الرحمن بن زياد تقدم في الحديث [6] أنه صدوق، لكنه قد توبع، فالحديث صحيح لغيره، عن مجاهد، ولم يذكر مجاهد عمن أخذ هذا الخبر. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وقد روي عنه من ثلاثة طرق. 1- طريق عمرو بن مرّة. أخرجه المصنف هنا من طريق عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ شعبة، عنه. وأخرجه ابن المبارك في "الزهد" (ص278 رقم 806) ، فقال: أنا شعبة ... ، فذكره بنحوه. وأخرجه ابن أبي شيبة (10 / 496 و 499 رقم 10098 و 10107) ، فقال: حدثنا غندر، عن شعبة ... ، فذكره بنحوه، إلا أنه في الموضع الثاني إنما ذكر من قوله: ((اقرأ وارقه ... )) إلخ. ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه ابن الضريس في "الفضائل" (ص62 / رقم 102 / أ) . 2- طريق منصور، قال: حُدِّثت عن مجاهد. أخرجه ابن شيبة (10 / 496 - 497 رقم 10099) ، فقال: حدثنا حسين بن علي، عن زائدة، قال: قال منصور: حُدِّثت عن مجاهد ... ، فذكره بمعناه، إلا أنه لم يذكر قوله: ((اقرأ وارقه ... )) إلخ. وسنده ضعيف لإبهام شيخ منصور، وقد يكون منصور رواه عن عمرو بن مرة، أو عن عاصم بن بهدلة راوي الطريق الآتي، فإنه قد روى عنهما كما في "تهذيب الكمال" (3 / 1376) . ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه ابن الضريس برقم (103) . 3- طريق عاصم بن بهدلة، واختلف عليه. فرواه سفيان الثوري، عنه، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ موقوفًا. ورواه حماد بن زيد، عنه، عن مجاهد من قوله. أما رواية سفيان الثوري، فأخرجها الدارمي في "سننه" (2 / 309 رقم 3315) ، فقال: حدثنا موسى بن خالد، ثنا إبراهيم بن محمد الفزاري، عن سفيان ... ، فذكره عن ابن عمر بنحوه، إلا أنه لم يذكر قوله: ((فلا يسخط عليه بعدها ... )) إلخ، وزاد: ((ويكسى كسوة الكرامة ويُحلّى حلية الكرامة، ويلبس تاج الكرامة)) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأما رواية حماد بن زيد، فأخرجها ابن الضريس (ص57 رقم 94) ، فقال: أخبرنا أبو الربيع الزهراني، حدثنا حماد ... ، فذكره عن مجاهد بمعناه. وعاصم في حفظه كلام كما في ترجمته في الحديث رقم [17] ، والراجح أنه صدوق حسن الحديث، فإن لم يكن الاختلاف من قبله، فالراجح رواية حماد بن زيد، عنه عن مجاهد من قوله، كماك في رواية عمرو بن مرة، ومنصور، وتكون وراية سفيان الثوري مرجوحة؛ لأنها من رواية شيخ الدارمي موسى بن خالد، عن الفزاري، عن سفيان. وشيخ الدارمي موسى بن خالد تقدم في الحديث [12] أنه مقبول. وأما حماد بن زيد فتقدم في الحديث [17] أنه ثقة ثبت فقيه. والراوي للحديث عنه هو شيخ ابن الضريس أبو الربيع الزهراني، واسمه: سليمان بن داود العَتَكي، البصري، نزيل بغداد، يروي عن حماد بن زيد وجرير بن حازم وجرير بن عبد الحميد وابن المبارك وغيرهم، روى عنه البخاري ومسلم وأبو داود وغيرهم، وكانت وفاته سنة أربع وثلاثين ومائتين، وهو ثقة لم يتكلم فيه أحد بحجّة، وروى له الشيخان كما في "التقريب" (ص251 رقم 2556) . فقد وثقه ابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم ومسلمة بن القاسم وابن قانع، وزاد: ((صدوق)) . وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال ابن خراش: ((تكلم الناس فيه، وهو صدوق)) ، فتعقبه ابن حجر بقوله: ((لا أعلم أحدًا تكلم فيه، بخلاف ما زعم ابن خراش)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (4 / 113 رقم 493) ، و"التهذيب" (4 / 190 - 191 رقم 322) . وعليه فالحديث صحيح عن مجاهد من قوله، وتقدم معناه في الحديث رقم [12] عن أبي صالح، وهو صحيح عنه، والله أعلم.

23- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحَارِثِ الذِّمَاري (1) ، عَنِ الْقَاسِمِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ (2) ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، وَتَمِيمٍ الدَّاريِّ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ:

_ (1) هو يحيى بن الحارث الذِّمَاري - بكسرالمعجمة، وتخفيف الميم-، أبو عمرو الشامي، القارئ، يروي عن واثلة بن الأسقع - رضي الله عنه - وقرأ عليه، وعن سعيد بن المسيب وعبد الله بن عامر وسالم بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ والقاسم أبي عبد الرحمن وغيرهم، روى عنه ابنه عمرو والأوزاعي وصدقة بن خالد والوليد بن مسلم وإسماعيل بن عياش وغيرهم، وكانت وفاته سنة خمس وأربعين ومائة، وهو ثقة كما في "التقريب" (ص89 رقم 7522) . فقد وثقه ابن معين ودحيم وأبو داود وأبو حاتم، وزاد: ((كان عالمًا بالقراءة)) . وقال يعقوب ابن سفيان وابن معين في رواية وأبو داود في رواية: ((ليس به بأس)) . وذكره ابن حبان في "الثقات". انظر: "الجرح والتعديل" (9 / 135 - 136 رقم 575) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (3 / 1492) ، و"التهذيب" (11 / 193 - 194 رقم 326) . (2) هو القاسم بن عبد الرحمن، أبو عبد الرحمن الدمشقي يروي عن علي وابن مسعود وتميم الداري وفضالة بن عبيد وغيرهم، روى عنه علي بن يزيد الأَلْهاني وعبد الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ ويحيى بن الحارث الذَّمَاري وغيرهم، وكانت وفاته سنة اثنتي عشرة ومائة، وقيل: سنة ثمان عشرة ومائة، وهو صدوق يغرب كثيرًا كما في "التقريب" (ص450 رقم 5470) . فقد وثقه ابن المديني وابن معين ويعقوب بن شيبة ويعقوب بن سفيان والترمذي وابن شاهين والعجلي، وزاد: ((يكتب حديثه، وليس بالقوي)) . وقال يعقوب بن شيبة في موضع آخر: ((قد اختلف الناس فيه، فمنهم من يضعف روايته، ومنهم من يوثقه)) . وقال ابن حبان: ((كان يروي عن الصحابة المعضلات)) . قلت: وكان الإمام أحمد يحمل على القاسم هذا كثيرًا، ويقول: ((في حديث القاسم مناكير مما يرويها الثقات، يقولون من قبل القاسم)) ، وقال: ((ما أرى البلاء إلا من القاسم)) . اهـ. =

((مَنْ قَرَأَ عَشْرَ آيَاتٍ فِي لَيْلَةٍ كُتِبَ مِنَ الْمُصَلِّينَ، وَلَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ، وَمَنْ قَرَأَ خَمْسِينَ آيَةً كُتِبَ مِنَ الْحَافِظِينَ حَتَّى يُصْبِحَ، وَمَنْ قَرَأَ ثَلَاثَمِائَةِ آيَةٍ يَقُولُ الْجَبَّارُ: قَدْ نصِبَ (3) عَبْدِي فيَّ، وَمَنْ قَرَأَ أَلْفَ آيَةٍ كُتِبَ لَهُ قِنْطار، وَالْقِنْطَارُ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَأَكْثَرُ، مَا شَاءَ مِنَ الْأَجْرِ، [ل106/أ] فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يَقُولُ رَبُّكَ لِلْعَبْدِ: اقْرَأْ وارقَ بِكُلِّ آيَةٍ دَرَجَةً، حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى آخِرِ آيَةٍ مَعَهُ، يَقُولُ رَبُّكَ لِلْعَبْدِ: اقْبِضْ، يَقُولُ الْعَبْدُ بِيَدِهِ: يَا رَبِّ أَنْتَ أَعْلَمُ، قَالَ: يَقُولُ: بِهَذِهِ الْخُلْدُ، وَبِهَذِهِ النَّعِيمُ)) .

_ = والأرجح أن هذه الأحاديث التي انتقدت على القاسم ليس البلاء منه، وإنما من الرواة عنه. قال ابن معين: ((الثقات يروون عنه هذه الأحاديث ولا يرفعونها)) . وقال أيضًا: ((يجيء من المشايخ الضعفاء ما يدل حديثهم على ضعفهم)) . وقال في موضع آخر: ((إذا روى عنه الثقات أرسلوا ما رفع هؤلاء)) . وقال البخاري: ((روى عنه العلاء بن الحارث، وكثير بن الحارث، وسليمان بن عبد الرحمن، ويحيى بن الحارث أحاديث متقاربة، وأما من يُتَكلَّم فيه، مثل جعفر بن الزبير، وعلي بن يزيد، وبشر بن نمير، ونحوهم، ففي حديثهم عنه مناكير واضطراب)) . وقال أبو حاتم: ((حديث الثقات عنه مستقيم لا بأس به، وإنما يُنكِر عنه الضعفاء)) . انظر: "تاريخ ابن معين" (2 / 481) ، و"سؤالات ابن أبي شيبة" لعلي بن المديني (ص153 رقم 210) ، و"التاريخ الكبير" للبخاري (7 / 159 رقم 712) ، و"الصغير" له أيضًا (1 / 220) ، و"تاريخ الثقات" للعجلي (ص388 رقم 1375) ، و"تاريخ أسماء الثقات" لابن شاهين (ص189 رقم 1150) ، و"تهذيب الكمال" (2 / 1111 - 1112) ، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = و"التهذيب" (8 / 322 - 324 رقم 581) . (3) أي: تعب. "النهاية في غريب الحديث" (5 / 62) . [23] سنده ضعيف، فإسماعيل بن عياش الشّامّي تقدم في الحديث [9] أنه صدوق في روايته عن أهل بلده مخلّط في غيرهم، وهذا الحديث من روايته عن أهل بلده، فشيخه يحيى بن الحارث شامي، لكن إسماعيل هذا مدلِّس ولم يصرِّح هنا بالسماع، ومع ذلك فقد خولف في سند الحديث والصواب وقفه، فقد روى الحديث من ثلاثة طرق: 1- طريق يحيى بن الحارث، عَنِ الْقَاسِمِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عن فضالة وتميم. وله عن يحيى ثلاثة طرق: أ- طريق إسماعيل بن عياش. أخرجه المصنف هنا عنه. ومن طريق المصنف أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 153 - 154 رقم 2006) ، إلا أنه لم يذكر تميمًا الداري في سنده، ولفظه: ((مَنْ قَرَأَ عَشْرَ آيَاتٍ فِي لَيْلَةٍ كُتِبَ مِنَ الْمُصَلِّينَ، وَلَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ، وَمَنْ قَرَأَ خَمْسِينَ آيَةً كُتِبَ مِنَ الْحَافِظِينَ حتى يصبح، ومن قرأ بثلاث مائة آية يقول الجبار: قد أنصب عبدي فيّ، ومن قرأ بألف آية كتب له قناطير، وَالْقِنْطَارُ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فيها؛ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يَقُولُ ربك عز وجل: ((اقرأ وارق، كل آيَةٍ دَرَجَةً، حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى آخر آية معه)) . أخرجه ابن أبي حاتم في "العلل" (1 / 151 رقم 422) . والطبراني في "الكبير" (2 / 38 رقم 1253) ، وفي "الأوسط" كما في "مجمع الزوائد" (2 / 267) . والبيهقي في "الشعب" (5 / 154 - 155 رقم 2007) . أما ابن أبي حاتم فمن طريق محمد بن الخليل، وأما الطبراني والبيهقي =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = فمن طريق محمد بن بكير، كلاهما عن إسماعيل بن عياش، به مرفوعًا. وذكر ابن أبي حاتم أنه سأل أباه عن هذا الحديث، فقال: ((هذا حديث خطأ، إنما هو موقوف عن تميم وفضالة)) . وقال الهيثمي في الموضع السابق: ((فيه إسماعيل بن عياش، ولكنه من روايته عن الشاميين، وهي مقبولة)) . والحديث أخرجه محمد بن نصر في "قيام الليل" كما في المختصر (ص147) . بطوله بنحوه. ب- طريق يحيى بن حمزة. أخرجه الدارمي (2 / 332 و 333 و 335 رقم 3445 و 3446 و 3450 و 3455 و 3465) ، من طريق يحيى بن بسطام، عن يحيى بن حمزة، عن يحيى بن الحارث، عن القاسم، عن فضالة وتميم موقوفًا عليهما، والموضع الأول أخرجه عن تميم فقط، ورواه مفرقًا ببعض ألفاظه في هذه المواضع، ولم يذكر قوله: ((ومن قرأ ثلاث مائة آيَةٍ يَقُولُ الْجَبَّارُ: قَدْ نَصَبَ عبدي فيّ)) ، ولا قوله: ((فإذا كان يوم القيامة ... )) إلخ الحديث، وزاد قوله: ((ومن قرأ بمائة آية في ليلة كتب من القاتنين)) . وتقدم أن أبا حاتم رجح رواية من وقف الحديث. ويحيى بن حمزة بن واقد الحضرمي أبو عبد الرحمن الدمشقي القاضي يروي عن الأوزاعي وعبد الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ ومحمد بن الوليد الزبيدي ويحيى بن الحارث الذَّماري وغيرهم، روى عنه عبد الرحمن بن مهدي والوليد بن مسلم وأبو مسهر وغيرهم، وكانت ولادته سنة ثلاث ومائة ووفاته سنة ثلاث وثمانين ومائة، وهو ثقة رمي بالقدر، روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص589 رقم 7536) . فقد وثقه ابن معين ودحيم والغلابي والعجلي ويعقوب بن شيبة وأبو داود والنسائي وغيرهم. ورماه بالقدر ابن معين والغلابي وأبو داود. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = انظر: "ثقات" العجلي (ص470 رقم 1801) ، و"التهذيب" (11 / 200 - 201 رقم 339) . وشيخ الدارمي هو يحيى بن بسطام بن حريث الزهراني، أبو محمد المصفّر، البصري يروي عن ابن لهيعة وبكر بن مضر ويحيى بن حمزة وغيرهم، وهو صدوق حسن الحديث، ورمي بالقدر؛ فقد ذكره البخاري والعقيلي في الضعفاء؛ وابن حبان في "المجروحين"، أما البخاري فقال: ((يذكر بالقدر)) . وأما العقيلي فذكر عبارة البخاري هذه، وذكر حديثًا مما أنكر عليه، وأما ابن حبان فقال: ((كان قدريًّا داعية إلى القدر، لا تحلّ الرواية عنه لهذه العلّة، ولما في روايته من المناكير التي تخالف رواية المشاهير)) ، ولم يذكر شيئًا من هذه المناكير. وقال أبو داود: ((تركوا حديثه؛ قال له معتمر بن سليمان: أنت قدري؟ قال: نعم)) . انظر: "التاريخ الكبير" للبخاري (8 / 264 رقم 2938) ، و"الضعفاء الصغير" له أيضًا (ص119 رقم 394) ، و"الضعفاء" للعقيلي (4 / 394) ، و"المجروحين" لابن حبان (3 / 119) . قلت: أما الأحاديث التي أنكرت على يحيى فلم يذكروا منها إلا الحديث الذي رواه العقيلي في ترجمته، والحمل فيه ليس على يحيى بن بسطام؛ لأنه من رواية شيخ العقيلي محمد بن زكريا الغلَّابي، وقد قال عنه الدارقطني: ((يضع الحديث)) . كما في "الضعفاء والمتروكين" له (ص350 رقم 483) ، وانظر "اللسان" (5 / 168 - 169) ، وعليه فيكون الجرح في يحيى هذا بسبب رميه بالقدر، وكونه داعية إليه كما قال ابن حبان، وقد ذكر ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (9 / 132 رقم 556) يحيى هذا وقال: ((سألت أبي عنه فقال: شيخ صدوق ما بحديثه بأس، قدري أدخله البخاري في كتاب الضعفاء، فسمعت أبي يقول: يحوّل من هناك)) . اهـ. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وعليه فسند هذا الطريق حسن لذاته. جـ- طريق الهيثم بن حميد. ذكر البيهقي في الموضع السابق من "الشعب" هذا الحديث من رواية إسماعيل بن عياش مرفوعًا، ثم قال: ((ورواه الهيثم بن حميد، عن يحيى بن الحارث موقوفًا، عن تميم وفضالة بن عبيد)) . قلت: ولم أجد من أسند الحديث من طريقه. 2- طريق العباس بن ميمون، عن تميم الداري. أخرجه الدارمي (2 / 332 رقم 3445) فقال: (حدثني عثمان بن مسلم، عن العباس بن ميمون، عن تميم الداري، قَالَ: ((مَنْ قَرَأَ عَشْرَ آيَاتٍ في ليلة لم يكتب من الغافلين)) ) كذا جاء في "سنن الدارمي" المطبوع، وقد تصحّف اسم شيخ الدارمي، وصوابه: (عفّان بن مسلم) ، وأما العباس بن ميمون فلم أجد له ذكرًا فيما لدي من كتب التراجم، ولا آمن أن يكون في الإسناد تصحيف أيضًا، والله أعلم. 3- طريق كثير بن مرّة، عن تميم الداري. أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 103) . والدارمي (2 / 333 رقم 3453) . وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (ص183 رقم 673) . والطبراني في "الكبير" (2 / 38 رقم 1252) . أما الإمام أحمد وابن السني والطبراني فمن طريق الهيثم بن حميد، وأما الدارمي فمن طريق يحيى بن حمزة، كلاهما عن زيد بن واقد، عن سليمان بن موسى، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ تميم الدارمي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ((مَنْ قَرَأَ بمائة آية في ليلة كتب له قنوت ليلة)) . قال الهيثمي في "المجمع" (2 / 267) : ((فيه سليمان بن موسى الشامي وثقه ابن معين وأبو حاتم، وقال البخاري: عنده مناكير، وهذا لا يقدح)) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = قلت: سليمان هذا هو ابن موسى الأموي مولاهم، الدمشقي، المعروف بالأَشْدق، روى عن واثلة بن الأسقع وأبي أمامة وطاوس والزهري وغيرهم، روى عنه ابن جريج وسعيد بن عبد العزيز والأوزاعي وزيد بن واقد وغيرهم، وكانت وفاته سنة خمس عشرة ومائة، وقيل: تسع عشرة ومائة، وهو صدوق كما قال الذهبي في ذكر أسماء من تكلم فيه وهو موثق (ص94 رقم 148) قال عطاء بن أبي رباح: ((سيد شباب أهل الشام سليمان بن موسى)) . وقال سعيد بن عبد العزيز: ((كان أعلم أهل الشام بعد مكحول)) . وقال الزهري: ((سليمان بن موسى أحفظ من مكحول)) . ووثقه دحيم وابن سعد، وقال ابن معين: ((ثقة، وحديثه صحيح عندنا)) . وقال الدارقطني: ((من الثقات، أثنى عليه عطاء والزهري)) . وذكر ابن المديني أن سليمان هذا قد خولط قبل موته بيسير. وقال أبو حاتم: ((محله الصدق، وفي حديثه بعض الاضطراب، ولا أعلم أحدًا من أصحاب مكحول أفقه منه، ولا أثبت منه)) . وقال البخاري: ((عنده مناكير)) . وقال النسائي: ((أحد الفقهاء، وليس بالقوي في الحديث)) . وقال ابن عدي: ((هو فقيه راو حدّث عنه الثقات من الناس، وهو أحد علماء أهل الشام، وقد روى أحاديث ينفرد بها لا يرويها غيره، وهو عندي ثبت صدوق)) . قال الذهبي: ((هذه الغرائب التي تستنكر له يجوز أن يكون حفظها)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (4 / 141 - 142رقم 615) ، و"الكامل" لابن عدي (3 / 113 - 119) ، و"الميزان" (2 / 225 - 226 رقم 3518) ، و"التهذيب" (4 / 226 - 227 رقم 377) . ولهذا الإسناد علّة، وهي الانقطاع بين سليمان بن موسى هذا وكثير بن مرّة. قال الذهبي في "السير" (5 / 434) : ((ويروي عن كثير بن مرة، فلعله أدركه)) . اهـ. قلت: قد نصّ ابن معين، وأبو مُسهر، والغلابي على أنه لم يدرك كثير بن مرة. انظر: "الكامل" لابن عدي (3 / 113) ، و"السير" (5 / 435) ، و"جامع التحصيل" (ص230 - 231) . وقد خفيت هذه العلة على الشيخ ناصر الدين الألباني، فصحح الحديث من هذا الطريق. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = انظر: "السلسلة الصحيحة" (2 / 248 - 249 رقم 644) . ولبعض ألفاظ الحديث شواهد، عن أبي أمامة، وأبي سعيد الخدري، وعبد اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وأبي هريرة، وعبد الله بن عمر - رضي الله عنهم -. 1- أما حديث أبي أمامة - رضي الله عنه -، فقال الدارمي في "سننه" (2 / 335 رقم 3464) : أخبرنا الحكم بن نافع، أنا حَريز، عن حبيب بن عبيد، قال: سمعت أبا أمامة يقول: من قَرَأَ أَلْفَ آيَةٍ كُتِبَ لَهُ قنطار من الأجر. والقيراط من ذلك القنطار لا يفي به ديناكم- أو قال: لا يعدله دنياكم -. وهذا إسناد صحيح. حبيب بن عبيد الرَّحَبي - بالمهملة المفتوحة، ثم الموحدة -، أبو حفص الحمصي روى عن العرباض بن سارية والمقدام بن معدي كَرب وأبي أمامة وغيرهم، روى عنه حريز بن عثمان ومعاوية بن صالح وشريح بن عبيد وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة الثالثة كما في "التقريب" (ص151 رقم 1101) . وثقه النسائي والعجلي، وذكره ابن حبان في "الثقات". انظر: "تاريخ الثقات" للعجلي (ص106 رقم 249) ، و"الثقات" لابن حبان (4 / 138) ، و"التهذيب" (2 / 187 - 188 رقم 344) . وحَرِيز- بفتح أوله، وكسر الراء وآخره زاي - ابن عثمان الرَّحَبي، الحمصي، روى عن عبد الله بن بسر المازني الصحابي وحبيب بن عبيد وخالد بن معدان وعبد الرحمن بن جبير بن نفير وغيرهم، روى عنه الوليد بن مسلم وإسماعيل بن عياش وبقية بن الوليد وعيسى بن يونس، ويحيى بن سعيد القطان ويزيد بن هارون وأبو اليمان الحكم بن نافع وغيرهم، وكانت ولادته سنة ثمانين للهجرة، ووفاته سنة ثلاث وستين ومائة، وهو ثقة ثبت رُمي بالنصب كما في "التقريب" (ص156 رقم 1184) . قال ابن المديني: ((لم يزل من أدركناه من أصحابنا يوثقونه)) . وقال الإمام أحمد: ((ثقة ثقة)) . وقال أيضًا: ((ليس بالشام أثبت من حريز إلا أن يكون بحير)) . ووثقه =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ابن معين ودحيم والعجلي، وزاد: ((يحمل على علي)) . وقال عمرو بن علي الفلَّاس: ((كان ينتقّص عليًّا، وينال منه، وكان حافظًا لحديثه)) . وقال أبو حاتم: ((حسن الحديث، لم يصحّ عندي ما يقال في رأيه، ولا أعلم بالشام أثبت منه، وهو ثقة متقن)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 289 رقم 1288) ، و"التهذيب" (2 / 237 - 241 رقم 436) . والحكم بن نافع البَهْراني - بفتح الموحدة -، أبو اليمان الحمصي مشهور بكنيته، روى عن شعيب بن أبي حمزة وحريز بن عثمان وصفوان بن عمرو وغيرهم، روى عنه الإمام أحمد وابن معين والبخاري والدارمي وأبو حاتم الرازي وغيرهم، وكانت وفاته سنة إحدى أو اثنتين وعشرين ومائتين وهو ابن ثلاث وثمانين سنة، وهو ثقة ثبت، يقال إن أكثر حديثه عن شعيب مناولة، روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص176 رقم 1464) . سئل عنه الإمام أحمد فقال: ((أما حديثه عن صفوان وحريز فصحيح)) . ووثقه ابن معين وابن عمار. وقال العجلي: ((لا بأس به)) . وقال أبو حاتم: ((نبيل صدوق ثقة)) . وقال أبو زرعة: ((لم يسمع أبو اليمان من شعيب إلا حديثًا واحدًا، والباقي إجازة)) . اهـ. "من سؤالات ابن الجنيد لابن معين" (ص397 رقم 523) ، و"الجرح والتعديل" (3 / 129 رقم 586) ، و"التهذيب" (2 / 441 - 443 رقم 768) . 2- وأما حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -، فقال الدارمي أيضًا (2 / 334 رقم 3461) : حدثنا أبو النعمان، ثنا حماد بن زيد، عَنْ سَعِيدٍ الجُرَيْري، عَنْ أَبِي نَضْرة، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: مَنْ قَرَأَ فِي لَيْلَةٍ عَشْرَ آيات كتب من الذاكرين، ومن قرأ بمائة آيَةٍ كُتِبَ مِنَ الْقَانِتِينَ، وَمَنْ قرأ بخمسمائة آية إلى الألف أصبح وله قنطار من الأجر. قيل: وما القنطار؟ قال: ملء مَسْك الثور ذهبًا. وهذا إسناد صحيح أيضًا. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = أبو نَضْرة اسمه المنذر بن مالك بن قُطَعة - بضم القاف، وفتح المهملة- العَبْدي، العَوَفي - بفتح المهملة والواو، ثم قاف-، البصري، مشهور بكنيته روى عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وأبي موسى الأشعري وأبي ذر وأبي هريرة وأبي سعيد الخدري وابن عباس وابن الزبير وابن عمر وأنس وغيرهم - رضي الله عنهم -، روى عنه سليمان التيمي وحميد الطويل وعاصم الأحول وقتادة وسعيد الجُريري وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثمان أو تسع ومائة، وهو ثقة كما في "التقريب" (ص546 رقم 6890) ، فقد وثقه الإمام أحمد وابن معين والعجلي وأبو زرعة والنسائي وابن شاهين. وقال ابن سعد: ((كان ثقة كثير الحديث، وليس كل أحد يحتج به)) . وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: ((كان من فصحاء الناس ... ، وكان ممن يخطئ)) . انظر: "تاريخ الثقات" للعجلي (ص439 رقم 1633) ، و"الجرح والتعديل" (8 / 241 رقم 1088) ، و"الثقات" لابن حبان (5 / 420) ، و"تاريخ أسماء الثقات" لابن شاهين (ص235 رقم 1442) ، و"التهذيب" (10 / 302 - 303 رقم 527) . أقول: وابن حبان متشدد في الجرح، والمعوّل عليه كلام الأئمة الذين وثقوه، والله أعلم. وسعيد بن إياس الجُرَيري - بضم الجيم -، أبو مسعود البصري يروي عن أبي الطفيل وأبي عثمان النَّهْدي وعبد الله بن بريدة وأبي نضرة وغيرهم وكانت وفاته سنة أربع وأربعين ومائة، وهو ثقة روى له الجماعة، إلا أنه اختلط قبل موته بثلاث سنين. لكن الراوي عنه هنا حماد بن زيد وقد سمع منه قبل الاختلاط، وسمع منه كذلك قبل الاختلاط: شعبة والسفيانان وحماد بن سلمة وإسماعيل بن علية ومعمر وعبد الوارث بن سعيد ويزيد بن زريع ووهيب بن خالد وعبد الوهاب الثقفي وعبد الأعلى بن عبد الأعلى وبشر بن المفضل. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأما من سمع منه بعد الاختلاط، فمنهم: محمد بن أبي عدي وإسحاق الأزرق ويحيى القطان ويزيد بن هارون وعيسى بن يونس وابن المبارك. وسعيد هذا وثقه ابن معين والنسائي وزاد: ((أُنكر أيام الطاعون)) . وقال ابن سعد: ((كان ثقة إن شاء الله، إلا أنه اختلط في آخر عمره)) . وقال العجلي: ((بصري ثقة، واختلط بآخره، روى عنه في الاختلاط يزيد بن هارون وابن المبارك وابن أبي عدي، وكلما روى عنه مثل هؤلاء فهو مختلط، إنما الصحيح عنه حماد بن سلمة، وإسماعيل بن علية، وعبد الأعلى من أصحهم سماعًا؛ سمع منه قبل أن يختلط بثمان سنين وسفيان الثوري وشعبة صحيح)) . وقال أبو حاتم: ((تغير حفظه قبل موته، فمن كتب عنه قديمًا فهو صالح، وهو حسن الحديث)) . وقال ابن حبان: ((كان قد اختلط قبل أن يموت بثلاث سنين)) . وقال ابن عدي: ((مستقيم الحديث، وحديثه حجة، من سمع منه قبل الاختلاط)) . انظر: "تاريخ الثقات" للعجلي (ص181 رقم 531) ، و"الجرح والتعديل" (4 / 1 - 2 رقم 1) ، و"الكامل" لابن عدي (3 / 1228 - 1229) ، و"التهذيب" (4 / 5 - 7 رقم 8) ، و"التقريب" (ص233 رقم 2273) ، و"الكواكب النيرات وحاشيته" (ص178 - 189) . وتقدمت ترجمة حماد بن زيد في الحديث رقم [17] ، وأبي النعمان محمد بن الفضل السدوسي الملقب بعارم في الحديث رقم [6] ، وهما ثقتان ثبتان. 3- وأما حديث عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ العاص - رضي الله عنهما-، فيرويه عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - قال: ((من قام بعشر آيَاتٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ، ومن قام بمائة آيَةٍ كُتِبَ مِنَ الْقَانِتِينَ، وَمَنْ قام بألف آية كتب من المقنطرين)) . أخرجه أبو داود في "سننه" (2 / 118رقم 1398) . وابن خزيمة في "صحيحه" (2 / 181 رقم 1144) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وابن حبان في "صحيحه" كما في الإحسان (4 / 120 رقم 2563) . وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (ص189 رقم 703) . جميعهم من طريق عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ عمرو بن الحارث، أن أبا سَويّة حدثه أنه سمع ابن حُجَيْرة يخبر عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ... ، فذكره، غير أن ابن السني سمّى أبا سَويّة (أبا الأسود) ، وأما ابن حبان فسمّاه: (أبا سويد) ، ثم قال: ((أبو سويد اسمه حميد بن سويد من أهل مصر، وقد وهم من قال: أبو سَويّة)) . وصوّب المزّي في "تحفة الأشراف" (6 / 357) قول من قال: أبو سَويّة. وذكر الحافظ ابن حجر في "النكت الظِّراف" قول ابن حبان السابق، ثم قال: ((والظاهر أنه هو الواهم ... )) . وقال ابن خزيمة قبل سياقه للحديث: ((باب فضل قراءة ألف آية في ليلة إن صح الخبر، فإني لا أعرف أبا سَويّة بعدالة ولا جرح ... )) ، ثم ذكر الحديث. قلت: أبو سَويّة اسمه عبيد بن سَويّة - بفتح المهملة وكسر الواو وتشديد التحتانية-، الأنصاري روى عن عبد الرحمن بن حُجَيرة، وأرسل عن سُبَيْعة الأسلميّة، روى عنه حَيْوة بن شُريح وعمرو بن الحارث وابن لهيعة وغيرهم، وكانت وفاته سنة خمس وثلاثين ومائة، وهو صدوق كما في "التقريب" (ص377 رقم 4378) . قال ابن حبان: ((ثقة)) . وأخرجه في الصحيح. وقال ابن يونس: ((كان رجلاً صالحًا، وكان يفسر القرآن)) . وقال ابن ماكولا وأبو عمير الكندي: ((كان فاضلاً)) . انظر: "الثقات" لابن حبان (6 / 193) ، و"التهذيب" (7 / 67 - 68 رقم 140) . والحديث ذكره القرطبي في مقدمة "تفسيره" (1 / 9) وعزاه لأبي داود الطياليسي في "مسنده"، ولم أجده في المطبوع منه. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وذكره الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" (2 / 244 رقم 642) ، وقال عن إسناده: ((جيّد)) ، وكذا قال في تعليقه على "صحيح ابن خزيمة". 4- وأما حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، فأخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (ص188 - 189 رقم 702) . والحاكم في "المستدرك" (1 / 555) . كلاهما من طريق محمد بن إبراهيم بن كثير الصوري، عن مؤمل بن إسماعيل، عن حماد بن سلمة، عن سهيل بن أبي صالح، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -: ((مَنْ قَرَأَ فِي لَيْلَةٍ عَشْرَ آيَاتٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ)) . قال الحاكم: ((صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي. ووقع في "المستدرك" المطبوع: (موسى بن إسماعيل) ، والصواب: (مؤمل بن إسماعيل) كما عند ابن السني، وهو مُؤَمَّل - بوزن محمد، بهمزة - ابن إسماعيل، أبو عبد الرحمن البصري نزيل مكة، صدوق، إلا أنه سيء الحفظ كما في "التقريب" (ص555 رقم 7029) . فقد وثقه ابن معين وإسحاق بن راهويه وابن سعد وزاد: ((كثير الغلط)) ، والدارقطني وزاد: ((كثير الخطأ)) . وقال الساجي: ((صدوق كثير الخطأ، وله أوهام يطول ذكرها)) . وقال أبو حاتم: ((صدوق شديد في السنة، كثير الخطأ)) . وقال البخاري: ((منكر الحديث)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (8 / 374 رقم 1709) ، و"التهذيب" (10 / 380 - 381 رقم 682) . وعليه فسند الحديث ضعيف لضعف مؤمل من قبل حفظه. 5- وأما حديث عبد الله بن عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عنهما-، فهو الآتي، وهو ضعيف. وبالجملة فالحديث حسن بمجموع طرقه، وبعض لفظه صحيح لغيره بشواهده المتقدمة, وله حكم الرفع؛ لأن مثله لا يقال من قبل الرأي، والله أعلم.

24- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانَةَ (1) ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ (2) ، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: ((مَنْ قَرَأَ فِي لَيْلَةٍ عَشْرَ آيَاتٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ)) .

_ (1) هو وضّاح - بتشديد المعجمة، ثم مهملة -، ابن عبد الله اليشكُري - بالمعجمة -، الواسطي، أبو عوانة البزَّاز، مشهور بكنيته، يروي عن الأسود بن قيس وقتادة وأبي بشر جعفر بن إياس وحصين بن عبد الرحمن وبيان بن بشر وأبي إسحاق الشيباني وأبي إسحاق السبيعي وغيرهم، روى عنه ابن عليّة وأبو داود وأبو الوليد الطيالسيَّان وعبد الرحمن بن مهدي وعفان بن مسلم ومسدَّد وقتيبة بن سعيد وسعيد بن منصور وغيرهم، وكانت وفاته سنة ست وسبعين ومائة، وقيل: خمس وسبعين ومائة، وهو ثقة ثبت روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص580 رقم 7407) . قال ابن مهدي: ((كتاب أبي عوانة أثبت من حفظ هشيم)) . وقال مسدد: ((سمعت يحيى القطان يقول: ما أشبه حديثه بحديثهما - يعني أبا عوانة وشعبة وسفيان-)) . وقال عفان: ((كان أبو عوانة صحيح الكتاب، كثير العجم، والنقط، وكان ثبتًا، وأبو عوانة في جميع حاله أصح حديثًا عندنا من هشيم)) . وقال الإمام أحمد: ((إذا حدث أبو عوانة من كتابه فهو أثبت، وإذا حدث من غير كتابه ربما وهم)) . وقال ابن عبد البر: ((أجمعوا على أنه ثقة ثبت حجة فيما حدث به من كتابه، وكان إذا حدث من حفظه ربما غلط)) . وقال الذهبي: ((مجمع على ثقته، وكتابه متقن بالمرّة)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 40 - 41 رقم 173) ، و"الاستغناء" لابن عبد البر (2 / 851 - 852 رقم 997) ، و"الميزان" (4 / 334 رقم 9350) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (2 / 1039 - 1040) ، و"التهذيب" (11 / 116 - 120 رقم 204) . (2) هو السَّبيعي، واسمه عمرو بن عبد الله. [24] سنده ضعيف لأجل الرجل المبهم شيخ أبي إسحاق، ومتنه صحيح لغيره كما سبق بيانه في الحديث السابق. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = والحديث له عن ابن عمر طريقان: 1- طريق أبي إسحاق، واختلف عليه. فرواه أبو عوانة وشعبة، عنه، عن راوٍ مبهم، عن ابن عمر. ورواه وكيع عنه، عن ابن عمر بلا واسطة. ورواه إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق، عنه، عن المغيرة بن عبد الله الجدلي، عن ابن عمر. أما رواية أبي عوانة، فهي التي أخرجها المصنف هنا. وأما رواية شعبة، فأخرجها ابن الضريس في "الفضائل" (ص84 رقم 63) ، من طريق عمرو بن مرزوق، أخبرنا شعبة، عن أبي إسحاق، عمّن سمع ابن عمر يقول ... ، فذكره بمثله وزاد: ((ومن قرأ مائة آية كتب من القاتنتين)) . وأما رواية وكيع، فأخرجها ابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 508 رقم 10137) ، فقال: حدثنا وَكِيعٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ ابن عمر ... ، فذكره بنحوه. وأما رواية إسرائيل، فأخرجها الدارمي في "سننه" (2 / 332 و 334 رقم 3448 و 3460) ، من طريق شيخه أبي غسان مالك بن إسماعيل، ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن المغيرة بن عبد الله الجدلي، عن ابن عمر ... ، فذكره بمثله، وزاد في الموضع الثاني قوله: ((ومن قرأ في ليلة بمائة آيَةٍ كُتِبَ مِنَ الْقَانِتِينَ، وَمَنْ قرأ بمائتي آية كتب من الفائزين)) . والمغيرة بن عبد الله الجدلي هذا لم أجد من ذكره بهذه النسبة، وقال الشيخ ناصر الدين الألباني في "السلسلة الصحيحة" (2 / 244 - 245) عن سند هذا الحديث: ((رجاله ثقات غير المغيرة بن عبد الله الجدلي، فلم أعرفه، وفي طبقته المغيرة بن عبد الله اليَشْكُري الكوفي، روى عن جماعة، منهم: أبو إسحاق السبيعي، فلعله هذا)) . قلت: إن كان هو فهو ثقة من الطبقة الرابعة كما في "التقريب" (ص543 =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = رقم 6842) ؛ فقد روى له مسلم في "صحيحه"، ووثقه العجلي، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وهو يروي عن أبيه عبد الله بن أبي عقيل اليَشْكُري وعن المغيرة بن شعبة وبلال بن الحارث وغيرهم، ولم أجد من نصّ على أنه روى عن ابن عمر، روى عنه جامع بن شدّاد وعلقمة بن مرثد وأبو إسحاق السبيعي وأبو إسحاق الشيباني وغيرهم. انظر: "تاريخ الثقات" للعجلي (ص438 رقم 1624) ، و"ثقات" ابن حبان (5 / 410) ، و"التهذيب" (10 / 263 رقم 473) . والراجح رواية أبي عوانة وشعبة، عن أبي إسحاق، عن الراوي المبهم، عن ابن عمر، فأبو إسحاق السبيعي تقدم في الحديث رقم [1] أنه اختلط بأخرة، وأن رواية شعبة عنه قبل الاختلاط، وقد وافق شعبة أبو عوانة. 2- طريق محمد بن كعب القرظي، عن ابن عمر. واختلف على محمد بن كعب. فأخرجه الدارمي في "سننه" (2 / 332 و 333 رقم 3447 و 3452) ، فقال: حدثنا إسماعيل بن أبان، ثنا أبو أويس، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ محمد بن كعب القرظي، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: ((مَنْ قرأ في ليلة بعشر آيَاتٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ)) هذا لفظه في الموضع الأول، وفي الثاني بنفس الإسناد، قَالَ: ((مَنْ قَرَأَ فِي لَيْلَةٍ بمائة آية كتب من القانتين)) . كذا رواه موسى بن عقبة، عن محمد بن كعب. وخالفه عبد الله بن زياد، فرواه عن محمد بن كعب، عن ابن عمر، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -. أخرجه الحاكم في "المستدرك" (1 / 555 - 556) بنحو لفظي الدارمي، وسكت عنه، وقال الذهبي في "التلخيص": ((إسناده واهٍ)) . قلت: وآفته عبد الله بن زياد بن سليمان بن سمعان المخزومي يروي عن الزهري ومجاهد وزيد بن أسلم وابن المنكدر وسعيد المقبري وغيرهم، روى =

25- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ (1) ، قَالَ: نا بَعْضُ أَشْيَاخِنَا أنَّ النَّبِيَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: ((مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ، وَأَعْرَبَ بِقِرَاءَتِهِ، فَمَاتَ عَلَى ذَلِكَ، كَانَ كَالشَّهِيدِ المُتَخَبِّطِ فِي دَمِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ)) .

_ = عنه عبد الرزاق وعبد الله بن وهب وبقيّة بن الوليد ومحمد بن فضيل وغيرهم، وهو كذاب، رماه بالكذب عدة، منهم الإمام مالك وهشام بن عروة وإبراهيم بن سعد وابن معين وأبو داود والجوزجاني، وغيرهم. انظر: "الجرح والتعديل" (5 / 60 - 62 رقم 279) ، و"الكامل" لابن عدي (4 / 1444 - 1446) ، و"التهذيب" (5 / 219 - 221 رقم 378) . وعليه فالراجح رواية موسى بن عقبة للحديث عن محمد بن كعب، عن ابن عمر موقوفًا، وهي ضعيفة. فأبو أويس هو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن أويس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي، المدني، قريب الإمام مالك وصهره، روى عن الزهري، وابن المنكدر وهشام بن عروة وغيرهم، روى عنه ابناه أبو بكر وإسماعيل، وروى عنه يعقوب بن إبراهيم ومعلى بن منصور وغيرهم، وكانت وفاته سنة تسع وستين ومائة، وهو صدوق يهم كما في "التقريب" (ص309 رقم 3412) . قال عنه الإمام أحمد: ((لا بأس به)) ، وفي رواية قال: ((صالح)) ، وكذا قال ابن معين وزاد: ((ولكن حديثه ليس بذاك الجائز)) ، وقال مرة: ((صدوق، وليس بحجّة)) ، وضعفه ابن المديني وابن معين في رواية. وقال عمرو بن علي الفلاس: ((فيه ضعف، وهو عندهم من أهل الصدق)) . وقال يعقوب بن شيبة: ((صدوق صالح الحديث، وإلى الضعف ما هو)) . وقال أبو زرعة: ((صالح صدوق كأنه ليّن)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 92 رقم 423) ، و"الكامل" لابن عدي (4 / 1499 - 1500) ، و"التهذيب" (5 / 280 - 282 رقم 477) . (1) هو أبو بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي مريم الغسّاني الشامي، وقد ينسب إلى جده، قيل: =

26- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ (بَحِير بْنِ سَعْدٍ) (1) ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدان (2) ، (عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرّة) (3) ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الجُهَني، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((الْجَاهِرُ بِالْقُرْآنِ كَالْجَاهِرِ بِالصَّدَقَةِ، والمُسِرُّ بِالْقُرْآنِ كالمسِرِّ بِالصَّدَقَةِ)) .

_ = اسمه: بُكير، وقيل: عبد السلام، روى عن أبيه وابن عمه الوليد بن سفيان بن أبي مريم وراشد بن سعد وخالد بن معدان وغيرهم، روى عنه عبد الله بن المبارك وعيسى بن يونس والوليد بن مسلم وإسماعيل بن عياش وغيرهم، وكانت وفاته سنة ست وخمسين ومائة، وهو ضعيف؛ كان قد سُرق بيته، فاختلط كما في "التقريب" (ص623 رقم 7974) . فقد ضعفه ابن سعد وأحمد وابن معين وأبو زرعة والنسائي والدارقطني وأبو حاتم وزاد: ((طرقه لصوص، فأخذوا متاعه، فاختلط)) . وقال أبو داود: ((سرق له حلي، فأنكر عقله)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (2 / 404 - 405 رقم 1590) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (3 / 1583 - 1584) ، و"التهذيب" (12 / 28 - 29 رقم 139) . [25] سنده ضعيف جدًّا؛ لضعف أبي بكر بن أبي مريم، وإبهام مَنْ حدّثه، ومع ذلك فهو من طبقة أتباع التابعين كما يتضح من مصادر ترجمته، فيكون في الإسناد انقطاع بين أشياخه والنبي - صلى الله عليه وسلم -، وإسماعيل بن عيّاش مدلِّس ولم يصرِّح بالسماع. (1) تصحّفت العبارة في الأصل إلى: (يحيى بن سعيد) بسبب تقارب الرسم، والصواب ما هو مثبت كما في بقية مصادر التخريج. وهو بَحِير - بكسر المهملة - ابن سعد السَّحولي - بمهملتين -، أبو خالد الحمصي، روى عن خالد بن مَعْدان ومكحول، روى عنه إسماعيل بن عياش وبقيّة بن الوليد ومعاوية بن صالح وغيرهم، وهو ثقة ثبت من الطبقة السادسة كما في "التقريب" (ص120 رقم 640) ، قال الإمام أحمد: ((ليس بالشام أثبت =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = من حريز، إلا أن يكون بحير)) . ووثقه دحيم وابن سعد والعجلي والنسائي، وذكره ابن حبان في "الثقات". انظر: "الجرح والتعديل" (2 / 412 رقم 1625) ، و"ثقات" العجلي (ص77 رقم 135) ، و"التهذيب" (1 / 421 رقم 777) . (2) هو خالد بن مَعْدان الكَلَاعي، أبو عبد الله الحِمْصي روى عن ثوبان وابن عمر وابن عمرو ومعاوية بن أبي سفيان والمقدام بن معدي كَرِب وأبي أمامة وغيرهم - رضي الله عنهم -، روى عنهم بحير بن سعد ومحمد بن إبراهيم التيمي وحريز بن عثمان وحسان بن عطية وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاث ومائة، وقيل: سنة أربع، وقيل: خمس، وقيل: ثمان ومائة، وهو ثقة عابد يرسل كثيرًا روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص190 رقم 1678) ؛ فقد وثقه ابن سعد والعجلي ويعقوب بن شيبة وابن خراش والنسائي، وكان الأوزاعي يعظّمه، وكان إذا كبرت حلقته قام مخافة الشهرة. وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: ((كان من خيار عباد الله)) . انظر: "طبقات ابن سعد" (7 / 455) ، و"تاريخ الثقات" للعجلي (ص142 رقم 370) ، و"الثقات" لابن حبان (4 / 196) ، و"التهذيب" (3 / 118 - 120 رقم 222) . (3) ما بين القوسين ليس في الأصل، وهو مثبت في جميع طرق الحديث كما سيأتي. وهو كثير بن مُرّة الحضرمي الرَّهَاوي، أبو شَجَرة، ويقال: أبو القاسم، الحِمْصي، روى عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - مرسلاً، وعن معاذ بن جبل وعمر بن الخطاب وعبادة بن الصامت وأبي الدَّرْداء وعقبة بن عامر وأبي هريرة وابن عمر وغيرهم - رضي الله عنهم -، روى عنه خالد بن مَعْدان ومكحول وعبد الرحمن بن جُبير بن نُفير وشريح بن عبيد وغيرهم، وذكره البخاري في "التاريخ الأوسط" في فصل من مات بين السبعين والثمانين للهجرة، وهو ثقة، ووهم من عدّه في الصحابة كما في "التقريب" (ص460 رقم 563) ؛ فقد وثقه ابن سعد والعجلي، وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال النسائي: ((لا بأس به)) . وقال ابن خراش: ((صدوق)) . وقال =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = العسكري: ((أخرجه ابن أبي خيثمة في الصحابة الذين يعرفون بكناهم، وهو وهم)) . انظر: "طبقات ابن سعد" (7 / 448) ، و"تاريخ الثقات" للعجلي (ص397 رقم 1410) ، و"التهذيب" (8 / 428 - 429 رقم 766) . [26] الحديث سنده ضعيف؛ فإسماعيل بن عياش تقدم في الحديث رقم [9] أنه صدوق في روايته عن أهل بلده، مخلّط في غيرهم ومدلِّس، وهذا الحديث من روايته عن أهل بلده، لكنه لم يصرِّح فيه بالسماع. وقد توبع إسماعيل عليه كما سيأتي، فالحديث صحيح لغيره بمجموع طرقه؛ ومداره على كثير بن مرّة، وله عنه طريقان: 1- طريق بَحِيرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بن معدان، عنه. وله عن بحير ثلاثة طرق. أ- طريق إسماعيل بن عياش. أخرجه المصنف عنه هنا. وأخرجه الحسن بن عرفة في جزئه (ص90 رقم 84) متابعًا لسعيد بن منصور، فقال: حدثنا إسماعيل بن عياش ... ، فذكره بمثله. وأخرجه الترمذي في "سننه" (8 / 237 رقم 3086) ، في فضائل القرآن. والبيهقي في "سننه" (3 / 13) ، وفي "شعب الإيمان" (5 / 545 - 546 رقم 2372) . وشيخ الإسلام ابن تيمية في "الأربعين" - برواية الذهبي - (ص102 - 103 رقم 13) . وفي الأحاديث العوالي من جزء ابن عرفة - انتقاء الذهبي - (ص21 رقم 2) . وأخرجه الذهبي في "تذكرة الحفاظ" (1 / 255) . جميعهم من طريق الحسن بن عرفة، به مثله. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ =وأخرجه أبو داود في "سننه" (2 / 83 - 84 رقم 1333) . والطبراني في "الكبير" (1 / 334 رقم 924) . أما أبو داود فمن طريق عثمان بن أبي شيبة، وأما الطبراني فمن طريق عبد الوهاب بن نجدة الحوطي، كلاهما عن إسماعيل بن عياش، به، ولفظ أبي داود مثله، ولفظ الطبراني نحوه. قال الترمذي: ((هذا حديث حسن غريب)) . ب- طريق معاوية بن صالح، عن بحير بن سعد. أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 151 و 158) . والبخاري في "خلق أفعال العباد" (ص181 رقم 567) . ومحمد بن نصر في "قيام الليل" كما في المختصر (ص117) . والنسائي في "سننه" (5 / 80 رقم 2561) . وأبو يعلى في "مسنده" (3 / 278 - 279 رقم 1737) . وابن حبان في "صحيحه" (2 / 58 رقم 731) . والبيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 546 رقم 2373) . وشيخ الإسلام ابن تيمية في "الأربعين" (ص101 - 102) . جميعهم من طريق معاوية بن صالح، عن بحير بن سعد، به مثله، عدا لفظ الطبراني والبيهقي فنحوه. جـ- طريق يحيى بن أيوب، عن بحير بن سعد. أخرجه الحاكم في "المستدرك" (1 / 554 - 555) بمثله، إلا أنه جعله من مسند معاذ بن جبل، ثم قال الحاكم: ((صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي. ومن طريق الحاكم أخرجه البيهقي في "الشعب" (5 / 93 رقم 1947) ، ثم قال: ((كذا وجدته، عن معاذ بن جبل، ورواه إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ بَحِيرِ بن سعد، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وقال عن عقبة بن عامر. قال: وكذلك روى سليمان بن موسى، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عقبة بن عامر)) . اهـ. قلت: والصواب رواية إسماعيل بن عياش؛ لأنه قد وافقه معاوية بن صالح. ويحيى بن أيوب هذا هو الغافقي أبو العباس المصري، يروي عن حميد الطويل ويحيى بن سعيد الأنصاري وابن جريج ومحمد بن عجلان والإمام مالك وغيرهم، روى عنه سعيد بن أبي مريم وجرير بن حازم وابن وهب وابن المبارك وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثمان وستين ومائة، وهو صدوق ربما أخطأ كما في "التقريب" (ص588 رقم 7511) ، فقد وثقه ابن معين وإبراهيم الحربي والبخاري، وقال يعقوب بن سفيان: ((كان ثقة حافظًا)) . وقال ابن عدي: ((صدوق لا بأس به)) . وقال أحمد: ((سيء الحفظ)) . وقال الساجي: ((صدوق يهم، كان أحمد يقول: يحيى بن أيوب يخطئ خطأً كثيرًا)) . وقال ابن سعد: ((منكر الحديث)) . وقال أبو حاتم: ((محل يحيى الصدق، يكتب حديثه ولا يحتج به)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 127 - 128 رقم 542) ، و"الكامل" لابن عدي (7 / 2671 - 2673) ، و"التهذيب" (11 / 186 - 188 رقم 315) . ولم أجد من نصّ على أن يحيى بن أيوب هذا روى عن بحير بن سعد. وشيخ الحاكم هو عبيد الله بن محمد البَلْخي التاجر، ولم أجد من ترجم له، وكذا قال محقق "شعب الإيمان" للبيهقي. وعليه فالحديث بهذا الإسناد منكر؛ لما فيه من الضعف والمخالفة لرواية الثقات. 2- طريق زيد بن واقد، واختلف عليه. فرواه الهيثم بن حميد عنه، عن سليمان بن موسى، عن كثير، عن عقبة، به نحوه. ورواه محمد بن عيسى بن سميع عنه، عن كثير بلا واسطة، به بنحوه أيضًا. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = أما رواية الهيثم ففي "مسند أحمد" (4 / 201) ، وهي مما وجده عبد الله بن أحمد في كتاب أبيه بخط يده. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (17 / 334 رقم 925) . والهَيْثم بن حُميد الغَسَّاني، مولاهم، أبو أحمد، ويقال: أبو الحارث الدمشقي، روى عن زيد بن واقد ويحيى بن الحارث والأوزاعي وثور بن يزيد وداود بن أبي هند وغيرهم، روى عنه الوليد بن مسلم ومُعَلّى بن منصور وأبو مسهر وعبد الله بن يوسف وغيرهم، وهو صدوق من الطبقة السابعة ورُمي بالقدر كما في "التقريب" (ص577 رقم 7362) . فقد وثقه ابن معين وأبو داود، وقال النسائي: ((ليس به بأس)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وضعفه أبو مسهر، ورماه هو وأبو داود بالقدر. انظر: "الجرح والتعديل" (9 / 82 رقم 334) ، و"الثقات" لابن حبان (9 / 235) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (3 / 1455) ، و"التهذيب" (11 / 92 - 93 رقم 154) . وأما رواية محمد بن عيسى بن سميع، فأخرجها النسائي في "سننه" (3 / 225 رقم 1663) ، ووقع في النسخة المطبوعة من "سنن النسائي": (يزيد) ، والصواب: (زيد) كما في "تحفة الأشراف" (7 / 315) . ومحمد بن عيسى بن القاسم بن سُمَيْع - بالتصغير -، الدمشقي الأموي، مولاهم، يروي عن زيد بن واقد وحميد الطويل وهشام بن عروة والأوزاعي وابن أبي ذئب وغيرهم، روى عنه العباس بن الوليد الخلّال والهيثم بن مروان وهشام بن عمار وغيرهم، وكانت ولادته سنة أربع عشرة ومائة، ووفاته سنة أربع ومائتين، وقيل: ست ومائتين، وقد رمي بالقدر، وهو صدوق كما هو اختيار الذهبي في "ذكر أسماء من تكلم فيه وهو موثق" (ص166 رقم 309) ، إنما عيب عليه التدليس، فقد عدّه الحافظ ابن حجر في الطبقة الرابعة من "طبقات المدلسين" (ص134 رقم 126) ، وهم من اتُّفق على =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = أنه لا يحتج بشيء من حديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع؛ لكثرة تدليسهم على الضعفاء والمجاهيل. قال هشام بن عمار: ((حدثنا محمد بن عيسى الثقة المأمون)) . ووثقه ابن شاهين. وقال أبو داود: ((ليس به بأس، إلا أنه كان يتهم بالقدر)) . وقال الدارقطني: ((ليس به بأس)) . وقال أبو حاتم: ((يكتب حديثه ولا يحتج به)) . قلت: كلام أبي حاتم هذا يحمل على أنه بسبب حديث رواه فدلّسه؛ قال صالح بن محمد: ثنا هشام بن عمار، ثنا محمد بن عيسى بن القاسم، عن ابن أبي ذئب، عن الزهري ... ، حديث مقتل عثمان. قال: ((فجهدت به كل الجهد أن يقول: حدثنا ابن أبي ذئب، فأبى. قال صالح: قال لي محمود بن بنت محمد بن عيسى: هو في كتاب جدي عن إسماعيل بن يحيى بن عبيد الله، عن ابن أبي ذئب. قال صالح: وإسماعيل بن يحيى هذا يضع الحديث)) . اهـ. قال ابن حبان في "الثقات": ((مستقيم الحديث إذا بين السماع في خبره، فأما خبره الذي روى عن ابن أبي ذئب، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيب في مقتل عثمان، لم يسمعه من ابن أبي ذئب، سمعه من إسماعيل بن يحيى بن عبيد الله التَّيمي، عن ابن أبي ذئب، فدلَّس عنه، وإسماعيل واهٍ)) . وقال ابن عدي: ((هو حسن الحديث، والذي أنكر عليه حديث مقتل عثمان أنه لم يسمعه من ابن أبي ذئب)) . وقال أبو أحمد الحاكم: ((مستقيم الحديث، إلا أنه روى عن ابن أبي ذئب حديثًا منكرًا، وهو حديث مقتل عثمان، ويقال: كان في كتابه عن إسماعيل بن يحيى، عن ابن أبي ذئب، فأسقطه، وإسماعيل ذاهب الحديث)) . انظر: "ثقات" ابن حبان (9 / 43) ، و"الكامل" لابن عدي (6 / 2250) ، و"التهذيب" (9 / 390 - 392 رقم 638) . قلت: وقد صرّح محمد بن عيسى بالتحديث في هذا الحديث عند النسائي، لكن خالفه الهيثم بن حميد، وهو أوثق منه. =

27- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعي (1) ، عَنْ ثَابِتٍ البُنَاني (2) ، عَنْ أَنَسٍ: ((أَنَّهُ كَانَ إِذَا خَتَمَ الْقُرْآنَ جَمَعَ أَهْلَهُ فدعا)) .

_ = وأشار المزي في "تحفة الأشراف" (7 / 315) إلى أن الحديث رواه ثابت ابن ثوبان، عن مكحول، عن عقبة بن عامر، لكن لم أجد من أخرجه. والحديث ذكره الشيخ الألباني في "صحيح سنن الترمذي" (3 / 10 رقم 3098) ، وقال عنه: ((صحيح)) . تنبيه: قال الترمذي في الموضع السابق من "سننه": ((ومعنى هذا الحديث: أن الذي يُسرُّ بقراءة القرآن أفضل من الذي يجهر بقراءة القرآن؛ لأن صدقة السرّ أفضل عند أهل العلم من صدقة العلانية. وإنما معنى هذا عند أهل العلم: لكي يأمن الرجل من العُجْب؛ لأن الذي يسر بالعمل لا يُخاف عليه بالعجب ما يُخاف عليه في العلانية)) . اهـ. والله أعلم. (1) هو جعفر بن سيلمان الضُّبَعي - بضم المعجمة، وفتح الموحدة - أبو سليمان البصري، روى عن ثابت البُنَاني وسعيد الجُرَيْري وحميد بن قيس الأعرج وابن جريج وعوف الأعرابي وغيرهم، روى عنه هنا سعيد بن منصور، وروى عنه أيضًا عبد الله بن المبارك وعبد الرحمن بن مهدي وعبد الرزاق وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثمان وسبعين ومائة، وهو صدوق زاهد، لكنه كان يتشيع كما في "التقريب" (ص140 رقم 942) . فقد وثقه ابن المديني وابن معين، وقال أحمد: ((لا بأس به)) . وكان يحيى بن سعيد القطان لا يكتب حديثه، وقال البخاري في "الضعفاء": ((يخالف في بعض حديثه)) . قال البزار: ((لم نسمع أحدًا يطعن عليه في الحديث، ولا في خطأ فيه، إنما ذكرت عنه شيعيته، وأما حديثه فمستقيم)) . وقال ابن حبان في "الثقات": ((كان جعفر بن سليمان من الثقات المتقنين في الروايات، غير أنه كان ينتحل الميل إلى أهل البيت، ولم يكن بداعية إلى مذهبه، وليس بين أهل الحديث من أئمتنا خلاف أن الصدوق المتقن إذا كان فيه بدعة، ولم يكن يدعو إليها أن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = الاحتجاج بخبره جائز، فإذا دعا إلى بدعته سقط الاحتجاج بخبره)) . وقال ابن عدي: ((هو حسن الحديث، وهو معروف في التشيع ... ، وأرجو أنه لا بأس به ... ، وهو عندي ممن يجب أن يقبل حديثه)) . وقال ابن شاهين في "المختلف" فيهم: ((وهذا الخلاف في جعفر من ابن عمار في ضعفه، ومن يحيى بن سعيد تركه، لِعِلِّةِ المذهب ... ، وما رأيت من طعن في حديثه إلا محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (2 / 581 رقم 1957) ، و"الثقات" لابن حبان (6 / 140 - 141) ، و"الكامل" لابن عدي (2 / 567 - 572) ، و"المختلف" فيهم لابن شاهين الملحق "بتاريخ جرجان" للسهمي (ص553 - 554) ، و"التهذيب" (2 / 95 - 98 رقم 145) . (2) هو ثابت بن أسلم البُناني - بضم الموحَّدة، ونونين-، أبو محمد البصري، روى عن أنس بن مالك وابن الزبير وابن عمر وعبد الله بن مغفَّل وغيرهم - رضي الله عنهم -، روى عنه حميد الطويل وشعبة وجرير بن حازم وجعفر بن سليمان وغيرهم، وكانت وفاته سنة سبع وعشرين ومائة، وقيل: ثلاث وعشرين ومائة، وهو ثقة عابد روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص132 رقم 810) . قال الإمام أحمد: ((ثابت ثبت في الحديث، من الثقات المأمونين، صحيح الحديث، وكان يقصّ)) . ووثقه ابن معين والنسائي والعجلي وزاد: ((رجل صالح)) . وقال ابن سعد: ((كان ثقة مأمونًا)) . وقال أبو حاتم: ((ثقة صدوق)) . وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: ((كان من أعبد أهل البصرة)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (2 / 449 رقم 1805) ، و"التهذيب" (2 / 2 - 4 رقم 2) . [27] سنده حسن من هذا الطريق، وصحيح من طرق أخرى حيث لم ينفرد جعفر به كما سيأتي. فالحديث له عن أنس - رضي الله عنه - طريقان: 1- طريق ثابت، وله عنه ثلاثة طرق: أ- طريق جعفر بن سليمان الضبعي. أخرجه المصنف هنا عنه. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ومن طريق المصنف أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 33 رقم 1907) بمثله، إلا أنه لم يذكر قوله: (فدعا) . وأخرجه الدارمي في "سننه" (2 / 336 رقم 3477) من طريق عفان. والفريابي في "فضائل القرآن" (ص187 رقم 83) من طريق قتيبة بن سعيد. والطبراني في "الكبير" (1 / 213 رقم 674) من طريق خالد بن خداش. ثلاثتهم عن جعفر بن سليمان، به نحوه. ب- طريق همّام. أخرجه الفريابي في "الفضائل" (ص189 رقم 84) من طريق عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ همام، عن ثابت، به نحوه، ولم يذكر أنه دعا. جـ- طريق صالح بن بشير المُرِّي. أخرجه الدارمي (2 / 336 رقم 3476) من طريق سليمان بن حرب. وابن الضريس في "فضائل القرآن" (ص51 رقم 78) من طريق أحمد بن عبد الله بن يونس. كلاهما عن صالح بن بشير المري، عن ثابت البناني، قال: كان أنس بن مالك إذا أشفى على ختم القرآن بالليل، بقّي منه شيئًا حتى يصبح، فيجمع أهله، فيختمه معهم. هذا لفظ الدارمي، ولفظ ابن الضريس نحوه. وسند هذا الطريق ضعيف. صالح بن بشير بن وادع المُرِّي - بضم الميم وتشديد الراء -، أبو بشر البصري، القاصّ الزاهد يروي عن الحسن البصري وابن سيرين وقتادة وهشام بن حسّان وثابت البُناني وغيرهم، روى عنه عفّان بن مسلم وهاشم بن القاسم وإبراهيم ابن الحجّاج السّامي وغيرهم، وكانت وفاته اثنتين وسبعين ومائة، وقيل: ست وسبعين ومائة، وهو ضعيف كما في "التقريب" (ص271 رقم 2845) . فقد ضعفه ابن المديني وابن معين والفلَّاس والنسائي والدارقطني. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = انظر: "الجرح والتعديل" (4 / 395 - 396 رقم 1730) ، و"الكامل" (4 / 1378 - 1381) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع (13 / 16 - 17) ، و"التهذيب" (4 / 382 - 383 رقم 641) . 2- طريق قتادة، عن أنس. وله عن قتادة طريقان: أ- طريق همّام بن يحيى. أخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص47 رقم 108) من طريق ابن المبارك، عنه، عن قتادة، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ كان يجمع أهله عند الختم. ب- طريق مسعر. أخرجه عنه ابن المبارك في "الزهد" (ص279 رقم 809) بمثل اللفظ السابق. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 490 رقم 10087) . ومن طريقه ابن الضريس في "الفضائل" (ص53 رقم 84) . وأخرجه الفريابي في "الفضائل" (ص189 رقم 85 و 86) . وأبو بكر الأنباري في الردّ على من خالف مصحف عثمان كما في مقدمة "تفسير القرطبي" (1 / 30 - 31) . ثلاثتهم من طريق وكيع، عن مسعر، عن قتادة، عن أنس، بنحو سابقه. وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" (7 / 260) . والبيهقي في "الشعب" (5 / 34 رقم 1908) . كلاهما من طريق محمد بن موسى الدولابي، عن أبي نعيم، عن مسعر، عن قتادة، عن أنس قال: كان النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا ختم جمع أهله ودعا. قال البيهقي: ((رفعه وهم، وفي إسناده مجاهيل، والصحيح رواية ابن المبارك، عن مسعر، موقوفًا على أنس بن مالك)) . وكان البيهقي قبل أن يروي الحديث من هذا الطريق قد رواه من طريق سعيد بن منصور كما سبق، ثم قال عقبه: ((هذا هو الصحيح موقوف، وقد =

28- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي أميَّة (1) ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: ((مَنْ خَتَمَ الْقُرْآنَ أُعْطِيَ دعوة لا تُردّ)) .

_ = روى من وجه آخر عن قتادة، عن أنس مرفوعًا، وليس بشيء)) . (1) هو عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي المُخَارِق - بضم الميم، وبالخاء المعجمة -، أبو أمية المعلِّم، البصري، نزيل مكة، واسم أبيه قيس، وقيل: طارق، يروي عن أنس بن مالك وطاوس ونافع مولى ابن عمر ومجاهد وغيرهم، روى عنه ابن جريج والإمام مالك وحماد بن سلمة وحماد بن زيد والسفيانان: الثوري وابن عيينة وغيرهم، وكانت وفاته سنة سبع وعشرين ومائة، وهو ضعيف كما في "التقريب" (ص361 رقم 4156) ، فقد ضعفه ابن معين وأبو حاتم. وقال أيوب السختياني والسعدي: ((كان غير ثقة)) . وكان يحيى وعبد الرحمن لا يحدثان عنه. وقال النسائي والدارقطني: ((متروك)) . وقال ابن عبد البر: ((مجمع على ضعفه)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (6 / 59 - 60 رقم 311) ، و"الكامل" (5 / 1976 - 1978) ، و"التهذيب" (6 / 376 - 379 رقم 716) . [28] سنده ضعيف لضعف أبي أمية عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي الْمُخَارِقِ. وقد صحّ الحديث بغير هذا اللفظ من طريق الحكم بن عتيبة، عن مجاهد. وله عن الحكم طريقان. 1- طريق شعبة. أخرجه الدارمي في "سننه" (2 / 337 رقم 3485) . وابن الضريس في "فضائل القرآن" (ص44 رقم 49) . والفريابي في "فضائل القرآن" (ص190 - 191 رقم 90 و 91 و 92) . والبيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 35 رقم 1909) . أما الدارمي فمن طريق سعيد بن الربيع، وأما ابن الضريس فمن طريق عمرو بن مرزوق، وأما الفريابي فمن طريق معاذ بن معاذ وبقيّة بن الوليد ومحمد بن جعفر غندر، وأما البيهقي فمن طريق علي بن الجعد، جميعهم عن شعبة، عن الحكم قال: بعث إليّ مجاهد وعبدة بن أبي لبابة، فقالوا: =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = إنا نريد أن نختم القرآن، وإنه كان يقال: إن الدعاء يستجاب عند ختم القرآن. هذا لفظ عمرو بن مرزوق، ولفظ الآخرين نحوه. وسند هذا الطريق صحيح. شعبة هو أمير المؤمنين في الحديث، تقدمت ترجمته في الحديث رقم [1] . والحكم بن عُتَيبة - بالمثناة، ثم الموحّدة مصغرًا-، أبو محمد الكندي، الكوفي، روى عن أبي جُحَيفة وعبد الله بن أبي أوفى وشريح القاضي وعطاء وطاوس ومجاهد وغيرهم، روى عنه الأعمش ومنصور بن المعتمر وأبو إسحاق السبيعي والأوزاعي وشعبة وغيرهم، وكانت ولادته سنة خمسين للهجرة، ووفاته سنة ثلاث عشرة ومائة، وقيل: أربع عشرة ومائة، وقيل: خمس عشرة ومائة، وهو ثقة ثبت فقيه، روى له الجماعة، إلا أنه ربما دلّس، لكن عدّه الحافظ ابن حجر في الطبقة الثانية من "طبقات المدلسين"، وهم: من احتمل الأئمة تدليسه وأخرجوا له في "الصحيح"؛ لإمامته وقلّة تدليسه في جنب ما روى، أو لكونه لا يدلّس إلا عن ثقة. قال ابن مهدي: ((الحكم بن عتيبة ثقة ثبت ولكن يختلف معنى حديثه)) . ووثقه ابن معين وأبو حاتم والنسائي، وزاد: ((ثبت)) ، وكذا قال العجلي، وزاد: (وكان من فقهاء أصحاب إبراهيم، وكان صاحب سنة واتباع، وكان فيه تشيّع، إلا أن ذلك لم يظهر منه)) . وقال ابن سعد: ((كان ثقة ثقة، فقيهًا عالمًا رفيعًا، كثير الحديث)) ، وقال يعقوب بن سفيان: ((كان فقيهًا ثقة)) . ووصفه بالتدليس النسائي وابن حبان والدارقطني. انظر: "الجرح والتعديل" (3/123 - 125 رقم 567) ، و"التهذيب" (2 / 432 - 434 رقم 756) ، و"التقريب" (ص175 رقم 1453) ، و"طبقات المدلسين" (ص58 رقم 43) . 2- طريق منصور. أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 491 رقم 10089) . =

29- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ (1) ، قَالَ أَنَا شَيْخٌ، قَالَ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: ((أَعْرِبُوا الْقُرْآنَ؛ فَإِنَّهُ عَرَبِيٌّ، وَسَيَكُونُ بَعدَكُمْ أَقْوَامٌ يَثْقُفُونَه (2) وَلَيْسُوا بِخِيَارِكُمْ)) .

_ = ومن طريقه ابن الضريس (ص53 رقم 86) . وأخرجه الفريابي (ص190 رقم 89) . وأبو بكر الأنباري في الرد على من خالف مصحف عثمان كما في مقدمة "تفسير القرطبي" (1 / 31) . ثلاثتهم من طريق جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَكَمِ قال: كان مجاهد وعبدة بن أبي لبابة وناس يعرضون المصاحف، فلما كان اليوم الذي أرادوا أن يختموا، أرسلوا إليّ وإلى سلمة بن كهيل، فقالوا: إنا كنا نعرض المصاحف، فأردنا أن نختم اليوم، فأحببنا أن تشهدونا؛ إنه كان يقال: إذ خُتم القرآن نزلت الرحمة عند خاتمته - أو حضرت الرحمة عند خاتمته -. هذا لفظ ابن أبي شيبة، ولفظ الفريابي والأنباري مختصر. وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا (10 / 491 رقم 10091) . والفريابي (ص189 رقم 87) . كلاهما من طريق وكيع، عن سفيان، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مجاهد قال: الرحمة تنزل عند ختم القرآن. وأخرجه ابن الضريس (ص52 رقم 81) من طريق أبي إسرائيل، أو غيره. والفريابي (ص189 رقم 88) من طريق الفضيل بن عياض. كلاهما عن منصور، عن الحكم، به نحو لفظ جرير السابق. (1) هو إسماعيل بن أبي خالد، واسم أبي خالد: سعد، الأحْمسي، مولاهم، البَجَلي، روى عن أبيه وأبي جُحَيَفة وعبد الله بن أبي أَوْفى وعمرو بن حُرَيْث وغيرهم - رضي الله عنهم -، روى عنه شعبة والسفيانان وهشيم وابن المبارك ويحيى القطان =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ويزيد بن هارون وغيرهم، وكانت وفاته سنة ست وأربعين ومائة، وهو ثقة ثبت روى له الجماعة في "التقريب" (ص107 رقم 438) . فقد وثقه ابن مهدي وابن معين والنسائي والعجلي وأبو حاتم. وقال سفيان الثوري: ((حفاظ الناس ثلاثة: إسماعيل بن أبي خالد، وعبد الملك بن أبي سليمان، ويحيى بن سعيد الأنصاري)) . وقال يعقوب بن شيبة: ((كان ثقة ثبتًا)) . وقال يعقوب بن سفيان: ((كان أُمّيًّا حافظًا ثقة)) . انظر: "الجرح والتعديل" (2 / 174 - 176 رقم 589) ، و"التهذيب" (1 / 291 - 292 رقم 543) . (2) ثقف تأتي على عدة معاني، منها: الحَذَق، يقال: ثَقِفَ الشيء، أي حَذَقَه. ومنها: الأخذ والظَّفَر، قال تعالى: {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الحَرْبِ} ، وكلا المعنيين متّجه لما في النص هنا، وانظر: "لسان العرب" (9 / 19 - 20) . [29] سنده ضعيف لإبهام شيخ إسماعيل بن أبي خالد. وقد روي الحديث عن ابن مسعود من ثلاثة طرق. 1- طريق إسماعيل بن أبي خالد، واختلف عليه. فرواه هشيم عنه، عن شيخ مبهم، عن ابن مسعود. ورواه سفيان الثوري عنه، واختلف على سفيان. فرواه قبيصة، عنه، عن إسماعيل، عن يسار أبي حمزة، عن ابن مسعود. ورواه محمد بن يوسف الفريابي، عن سفيان، عن إسماعيل، عن سيار أبي الحكم، عن ابن مسعود. أما رواية هشيم، فهي التي أخرجها عنه المصنف هنا. ومن طريق المصنف أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 243 رقم 2100) بمثله. وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص143 رقم 361) من طريق حجاج، عن هشيم، عن إسماعيل، عمّن حدثه، عن ابن مسعود، بنحوه. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأما رواية سفيان الثوري فأخرجها: البيهقي في الموضع السابق من طريق قبيصة عنه، عن إسماعيل، عن سيار أبي حمزة، عن ابن مسعود، به نحوه. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (9 / 150 رقم 8686) من طريق شيخه عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سعيد بن أبي مريم، ثنا محمد بن يوسف الفريابي، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خالد، عن سيار أبي الحكم، عن ابن مسعود، به نحوه. قال الهيثمي في "المجمع" (7 / 165) عن شيخ الطبراني هذا: ((شيخه عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سعيد بن أبي مريم ضعيف)) . قلت: عبد الله هذا ضعيف جدًّا؛ ذكره ابن عدي في "الكامل" (4 / 1568) ، وقال: ((مصري يحدث عن الفريابي وغيره بالبواطيل)) ، وقال أيضًا: ((إما أن يكون مغفلاً لا يدري ما يخرج من رأسه، أو متعمدًا، فإني رأيت له غير حديث مما لم أذكره أيضًا هاهنا غير محفوظ)) . وسيار أبو الحكم وأبو حمزة كلاهما يروي عنهما إسماعيل بن أبي خالد، ويشتبه كل منهما بالآخر، وهما لا يرويان عن أحد من الصحابة سوى طارق بن شهاب وهو من صغار الصحابة ممن رأى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم يسمع منه، فروايتهما عن ابن مسعود منقطعة، فالحديث ضعيف إن ثبت أن الراوي المبهم هو أحدهما. انظر: "التهذيب" (4 / 291 - 292 و 293 رقم 501 و 502) ، و"التقريب" (ص281 رقم 3000) . 2- طريق أبي العلاء يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّير، عن ابن مسعود. أخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص318 رقم 744) . وابن أبي شيبة في "المصنف" (140 / 457 رقم 9966) . كلاهما من طريق سفيان، عن عقبة الأسدي، عن أبي العلاء قال: قال عبد اللَّهُ: أَعْرِبُوا الْقُرْآنَ، فَإِنَّهُ عَرَبِيٌّ. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وسنده ضعيف، عقبة الأسدي هذا مجهول، ذكره البخاري في "تاريخه" (6 / 440 رقم 2921) وسكت عنه، وبيّض له ابن أبي حاتم (6 / 319 رقم 1780) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (7 / 245 - 246) ، ولم يذكروا أنه روى عنه سوى سفيان الثوري. 3- طريق علقمة. ويرويه لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنِ طلحة بن مصرّف، عن إبراهيم النخعي، عن علقمة، عن ابن مسعود. وله عن ليث طريقان: أ- طريق زائدة. أخرجه الطبراني في "الكبير" (9 / 150 رقم 8685) ، ولفظه: أعربوا القرآن. ب- طريق محمد بن فضيل، واختلف عليه. فرواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 456 رقم 9962) عنه، عن ليث، به مثل لفظ زائدة السابق. وأخرجه الطبراني في الموضع السابق برقم (8684) من طريق شيخه إبراهيم بن أحمد الوكيعي، عن أبيه، عن محمد بن فضيل، عن ليث، عن طلحة بن مصرف، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عبد الله يرفعه لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ((أعربوا القرآن، فإنه عربي)) . وذكر الشيخ ناصر الدين الألباني أن الحديث رواه أيضًا أبو علي الصواف في الفوائد، وأبو علي الهروي في الأول والثاني من الفوائد، كلاهما من طريق الليث، به مرفوعًا بلفظ: ((أعربوا القرآن)) ، ولم يذكر الذي روياه من طريقه عن الليث. انظر: "السلسلة الضعيفة" (3 / 521) . وسواء كان مرفوعًا أو موقوفًا، فمداره على الليث بن أبي سليم، وتقدم في الحديث [9] أنه ممن اختلط جدًّا، فلم يتميز حديثه، فتُرك، فالحديث ضعيف من هذا الطريق لأجله، ولا ينجبر ضعفه بشيء من الطرق السابقة، والله أعلم.

30- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الْمُنْكَدِرِ (1) يَقُولُ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَصْحَابِهِ وَهُمْ يقرأون القرآن، فقال: ((اقرؤا فَكُلٌّ كتابُ اللَّهِ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ قَوْمٌ يقوِّمونه كَمَا يُقَامُ القِدْحُ (2) ، يَتَعَجَّلُونَهُ وَلَا يَتَأَجَّلُونَهُ)) .

_ (1) هو محمد بن المُنْكَدِر بن عبد الله بن الهُدَير - بالتصغير - التيمي، المدني، يروي عن أنس وجابر وابن الزبير وابن عباس وابن عمر وغيرهم، روى عنه أيوب السختياني ويونس بن عبيد وموسى بن عقبة وهشام بن عروة وشعبة والثوري وابن عيينة وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاثين أو إحدى وثلاثين ومائة، وله من العمر ست وسبعون سنة، وهو ثقة فاضل روى له الجماعة كما في التقريب (ص508 رقم 6327) . قال ابن عيينة: ((محمد بن المنكدر، من معادن الصدق، يجتمع إليه الصالحون)) . وقال الحميدي: ((حافظ)) . ووثقه ابن معين والعجلي وأبو حاتم. وقال يعقوب بن شيبة: ((صحيح الحديث جدًّا)) . وقال إبراهيم بن المنذر: ((غاية في الحفظ والإتقان والزهد، حجة)) . اهـ من الجرح والتعديل (8 / 97 - 98 رقم 421) ، ,التهذيب (9 / 473 - 475 رقم 767) . (2) القِدْحُ: هو السهم الذي كانوا يَسْتَقْسمون به، أو الذي يُرمى به عن القوس. يقال للسهم أوّل ما يقطع: قِطْعٌ، ثم يُنْحت ويُبْرى، فيسمّى: بريًّا، ثم يُقَوّم، فيُسمى: قِدْحًا، ثم يُراش ويُركّب نَصْله فيسمى: سهمًا. انظر: النهاية في غريب الحديث (4 / 20) . [30] سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مرسله، وحسن لغيره بمجموع طرقه، ويرويه هكذا مرسلاً عن ابن المنكدر السفيانان: ابن عيينة والثوري. وخالفهما حميد الأعرج وأسامة بن زيد الليثي، فروياه عن ابن المنكدر، عن جابر مرفوعًا. أما رواية ابن عيينة فهي التي أخرجها المصنف هنا عنه. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وتابع المصنف عبد الرزاق فأخرجه في "مصنفه" (3 / 283 رقم 6034) عن ابن عيينة، به نحوه. وأما رواية سفيان الثوري، فأخرجها: ابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 480 رقم 10053) . والبيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 575 رقم 2398) . أما ابن أبي شيبة فمن طريق وكيع، وأما البيهقي فمن طريق محمد بن يوسف الفريابي، كلاهما عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ المنكدر مرسلاً بنحوه. وأما روايتا حميد الأعرج وأسامة بن زيد فهما الآتيتان في الحديث بعده. والراجح رواية السفيانين للحديث عن ابن المنكدر مرسلاً؛ لأنهما أوثق من حميد وأسامة. فسفيان بن عيينة تقدم في الحديث رقم [7] أنه ثقة حافظ فقيه إمام حجة. وسفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، أبو عبد الله الكوفي، يروي عن أبيه وأبي إسحاق الشيباني وأبي إسحاق السبيعي وعبد الملك بن عمير وإسماعيل بن أبي خالد والأعمش ومحمد بن المنكدر وغيرهم، روى عنه عبد الرحمن بن مهدي ويحيى بن سعيد القطان وعبد الله بن المبارك وحفص بن غياث وعبد الرزاق وعبيد الله الأشجعي ويزيد بن هارون ووكيع ومحمد بن يوسف الفريابي وغيرهم، وكانت ولادته سنة سبع وتسعين للهجرة، ووفاته سنة إحدى وستين ومائة، وهو ثقة حافظ فقيه عابد، إمام حجة، روى له الجماعة. قال شعبة وابن عيينة وأبو عاصم وابن معين وغير واحد من العلماء: ((سفيان أمير المؤمنين في الحديث)) . وقال الخطيب: ((كان إمامًا من أئمة المسلمين، وعلمًا من أعلام الدين، مجمعًا على إمامته، بحيث يستغنى عن تزكيته، مع الاتقان، والحفظ والمعرفة والضبط والورع والزهد)) . انظر: ترجمته في "تاريخ بغداد" (9 / 151 - 174 رقم 4763) ، و"سير أعلام النبلاء" (7 / 229 - 279) ، و"التهذيب" (4 / 111 - 115 رقم 199) ، و"التقريب" (ص244 رقم 2445) . وأما حميد الأعرج وأسامة بن زيد فستأتي ترجمتهما في الحديث الآتي. =

31- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ (1) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَنَحْنُ نَقْرَأُ الْقُرْآنَ، وَفِينَا الْأَعْجَمِيُّ وَالْأَعْرَابِيُّ، فَقَالَ: ((اقْرَءُوا وَكُلٌّ حَسَنٌ، وَسَيَأْتِي قَوْمٌ يقوِّمونه كَمَا يُقَوَّم القِدْحُ، يتعجّلونه ولا يتأجّلونه)) .

_ = وعليه فاتفاق هذين الإمامين: الثوري وابن عيينة على رواية الحديث مرسلاً مقدّم على مخالفة من خالفهما ممن لا يبلغ مرتبتهما ولا يدانيها، فالصواب في الحديث أنه ضعيف من طريق ابن المنكدر لإرساله، وهو حسن لغيره بمجموع طرقه الآتي ذكرها في الحديث بعده. (1) هو حميد بن قيس الأعرج المكي، أبو صفوان القارئ الأسدي، مولاهم، روى عن مجاهد ومحمد بن إبراهيم التيمي والزهري ومحمد بن المنكدر وغيرهم، روى عنه السفيانان الثوري وابن عيينة ومالك ومعمر وخالد بن عبد الله الطحّان وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاثين ومائة، وهو ثقة روى له الجماعة؛ وثقه أحمد وابن معين والبخاري والعجلي وأبو داود ويعقوب بن سفيان وأبو زرعة الرازي وأبو زرعة الدمشقي وابن خراش وزاد: ((صدوق)) . وقال ابن سعد: ((كان ثقة كثير الحديث، وكان قارئ أهل مكة)) . وقال النسائي: ((ليس به بأس)) ، وكذا قال أبو حاتم وزاد: ((وابن أبي نجيح أحب إليَّ منه)) . وقال عنه الإمام أحمد في رواية: ((ليس هو بالقوي في الحديث)) . وذكر ابن عدي هذه العبارة، وذكر بعض الأحاديث التي انتقدت عليه، ثم قال: ((حميد بن قيس هذا له أحاديث غير ما ذكرت صالحة، وهو عندي لا بأس بحديثه، وإنما يؤتي ما يقع في حديثه من الإنكار من جهة من يروي عنه، وقد روى عنه مالك، وناهيك به صدقًا إذا روى عنه مثل مالك، فإن أحمد ويحيى قالا: لا نبالي أن لا نسأل عمّن روى عنه مالك)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 227 - 228 رقم 1001) ، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = و"الكامل" لابن عدي (2 / 686 - 687) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع (7 / 384 - 389) ، و"التهذيب" (3 / 46 - 47 رقم 80) . [31] سنده ظاهره الصحة، لكنه معلول، فالصواب أنه عن ابن المنكدر مرسلاً كما سبق بيانه في الحديث قبل هذا، وهو حسن لغيره بشواهده. والحديث أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (3 / 397) . وأبو داود في "سننه" (1 / 520 رقم 830) . والفريابي في "فضائل القرآن" (ص244 رقم 174) . والآجري في "أخلاق أهل القرآن" (ص92 - 93 رقم 28) . ومن طريقه ابن النجار في "تاريخه" (1 / 129) . وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 575 - 576 رقم 2399) . جميعهم من طريق خالد بن عبد الله الطّحان، به نحوه. وتابع حميدًا أسامة بن زيد الليثي. أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (3 / 357) . وأبو يعلى في "مسنده" (4 / 140 رقم 2197) . والبيهقي في "الشعب " (5 / 576 - 577 رقم 2400 و 2401) . أما الإمام أحمد فمن طريق عبد الوهاب بن عطاء، وأما أبو يعلى فمن طريق سفيان بن وكيع عن أبيه، وأما البيهقي فمن طريق سليمان بن بلال، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، جميعهم عن أسامة بن زيد، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جابر، به نحوه. وأسامة بن زيد الليثي، مولاهم، أبو زيد المدني يروي عن الزهري ونافع مولى بن عمر وعطاء بن أبي رباح ومحمد بن المنكدر وغيرهم، روى عنه يحيى القطان وابن المبارك والثوري وابن وهب والأوزاعي ووكيع والدَّرَاوَرْدي وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاث وخمسين ومائة وله بعض وسبعون سنة، وهو صدوق يهم كما في "التقريب" (ص98 رقم 317) . فقد وثقه ابن معين =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = والعجلي، وقال أبو حاتم: ((يكتب حديثه ولا يحتج به)) . وتركه يحيى القطان. وقال أحمد: ((ليس بشيء ... ، روى عن نافع أحاديث مناكير)) . وقال النسائي: ((ليس بالقوي)) . وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: ((يخطئ، كان يحيى القطان يسكت عنه)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (2 / 284 - 285 رقم 1031) ، و"الثقات" لابن حبان (6 / 74) ، و"التهذيب" (1 / 201 - 208 رقم 392) . وللحديث شاهدان، الأول من حديث سهل بن سعد، والثاني موقوف على حذيفة. أما حديث سهل بن سعد - رضي الله عنه - فله عنه طريقان: 1- طريق بكر بن سوادة، عن وفاء بن شريح، عن سهل، وله عن بكر طريقان: أ- طريق عمرو بن الحارث. أخرجه أبو داود في "سننه" (1 / 520 رقم 831) . ومن طريقه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 579 رقم 2404) . وأخرجه ابن حبان في كتاب "الثقات" (5 / 498) ، وفي "صحيحه" (2 / 69 رقم 757 / الإحسان) و (8 / 256 رقم 6690 / الإحسان بتحقيق الحوت) . والطبراني في "الكبير" (6 / 254 رقم 6024) . ثلاثتهم من طريق عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ عمرو بن الحارث، عن بكر بن سَوَادة، عن وَفَاء بن شُريح، عن سهل بن سعد الساعدي، قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمًا ونحن نقترئ، فقال: ((الحمد لله، كتاب الله واحد، وفيكم الأحمر، وفيكم الأبيض، وفيكم الأسود، اقرؤوه قبل أن يقرأه أقوام يقيمونه كما يقوّم السهم يتعجل أجره ولا يتأجَّله)) . وسنده ضعيف؛ وَفَاء بن شُريح الصَّدَفي الحضرمي المصري يروي عن سهل بن سعد ورويفع بن ثابت والمستورد بن شدّاد - رضي الله عنهم -، وهو مقبول من الطبقة الرابعة كما في "التقريب" (ص581 رقم 7410) ، فقد ذكره ابن حبان في "الثقات" (5 / 497 - 498) ، وروى عنه بكر بن سوادة وزياد بن نعيم. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = انظر: "الجرح والتعديل" (9 / 49 رقم 210) ، و"التهذيب" (11 / 121 رقم 207) . ب- طريق ابن لهيعة، واختلف عليه. فأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص138 رقم 345) . وأبو داود في الموضع السابق مقرونًا برواية عمرو بن الحارث. ومن طريقه البيهقي في الموضع السابق من "الشعب". أما أبو عبيد فمن طريق حجاج، وأما أبو داود فمن طريق عبد الله بن وهب، كلاهما عن ابن لهيعة، عن بكر بن سوادة، عن وفاء بن شريح، عن سهل بن سعد باللفظ السابق. وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (5 / 338) من طريق الحسن بن موسى الأشيب، عن ابن لهيعة، وهذا موافق لرواية عمرو بن الحارث، عن بكر، ورواية حجاج وابن وهب عن ابن لهيعة. وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (3 / 146 و 155) ، و (5 / 338) . والفريابي في "فضائل القرآن" (ص244 - 245 رقم 175) . أما الإمام أحمد فمن طريق حسن بن موسى الأشيب ويحيى بن إسحاق، وأما الفريابي فمن طريق قتيبة بن سعيد، ثلاثتهم عن ابن لهيعة، به نحو اللفظ السابق، إلا أنه جعله من مسند أنس بن مالك. والظاهر أن ابن لهيعة يرويه من حديث سهل وأنس كليهما، فإن أبا عبيد رواه في الموضع السابق من طريق حجاج عنه إلى سهل، ثم أتبعه برقم (346) بروايته عن حجاج، عن ابن لهيعة أيضًا إلى أنس، وكذا الإمام أحمد، رواه عن الحسن بن موسى الأشيب، عن ابن لهيعة، به عن سهل وعن أنس، فهاتان قرينتان قوّيتان تدلان على أن ابن لهيعة رواه مرة هكذا ومرة هكذا، والله أعلم. تنبيه: الراوي للحديث عن سهل كما تقدم هو وفاء بن شريح، وفي رواية الإمام أحمد الحديث عن الحسن بن موسى الأشيب عن ابن لهيعة، عن بكر بن سوادة سمّاه: ((وفاء الخَوْلاني)) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وفي رواية الباقين ذكروا كنيته فقط هكذا: ((أبو حمزة الخولاني)) . وهذا يحتمل أن يكون اختلافًا آخر على ابن لهيعة، ويحتمل أن يكون اسمًا وكنية لراوٍ واحد، وذكر هذا الاختلاف الشيخ ناصر الدين الألباني في "السلسلة الصحيحة"، في تخريج الحديث رقم (259) ، وقال: ((الظاهر أنهما واحد إذا صحّت رواية ابن لهيعة)) . اهـ. قلت: ويشكل عليه أن هذا نُسب خولانيًا، ووفاء بن شريح نسب صدفيًّا، وفرق بينهما كما في "الأنساب" للسمعاني (5 / 234) و (8 / 286) ، فالخولاني نسبة إلى خولان بن عمرو بن مالك بن الحارث بن مرة بن أُدَد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ. وانظر: "اللباب" (1 / 472) . وأما الصَّدَفي فنسبة إلى الصّدِف - بكسر الدال -، وهو الصدف بن سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن جيدان بن قطن بن عريب بن زهير بن أيمن بن الهميسع بن حمير بن سبأ. 2- طريق عبد الله بن عبيدة، عن سهل بن سعد. أخرجه ابن المبارك في "الزهد" (ص280 رقم 813) . ومن طريقه الآجري في "أخلاق أهل القرآن" (ص94 - 95 رقم 29) . وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل" (ص138 رقم 344) . وابن أبي شيبة في "مسنده" كما في "المطالب العالية " المسندة (ل 133 / ب - 134 / أ) ، وانظر المطبوعة (3 / 285 رقم 3492) . وأخرجه عبد بن حميد في "مسنده" (ص171 رقم 466) . والفريابي في "الفضائل" (ص245 - 246 رقم 176) . والبيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 578 رقم 2403) . جميعهم من طريق موسى بن عبيدة، عن أخيه عبد الله بن عبيدة، عن سهل بن سعد، به نحو اللفظ السابق، وفيه زيادة: ((لا يجاوز تراقيهم)) . وسنده ضعيف. =

32-حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ (عُبَيْدِ اللَّهِ) (1) بْنِ أَبِي يَزِيدَ (2) ، عَنْ أَبِيهِ (3) ، عَنْ أُمِّ أَيُّوبَ، عَنِ النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: ((نَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، فَبِأَيِّ حَرْفٍ قرأت أصبت (4)) ) .

_ = موسى بن عُبيدة بن نَشيط الرَّبذَي، أبو عبد العزيز المدني روى عن أخويه عبد الله ومحمد وعبد الله بن دينار وعلقمة بن مرثد ومحمد بن كعب القُرظي وغيرهم، روى عنه سفيان الثوري وعبد الله بن المبارك وعيسى بن يونس والدَّرَاوَرْدي، ووكيع وغيرهم، وكانت وفاته سنة اثنتين وخمسين ومائة، وقيل: ثلاث وخمسين ومائة، وهو ضعيف، لاسيّما في عبد الله بن دينار، وكان عابدًا كما في "التقريب" (ص552 رقم 6989) ، فقد ضعفه ابن المديني وابن معين والنسائي وابن حبّان وغيرهم. وقال الإمام أحمد: ((منكر الحديث)) ، وفي وراية: ((لا تحلّ الرواية عنه)) ، وفي رواية: ((ليس بالكذوب، ولكنه روى عن عبد الله بن دينار أحاديث مناكير)) . وقال البزار: ((موسى بن عبيدة رجل مفيد، وليس بالحافظ، وأحسب إنما قصّر به عن حفظ الحديث شغله بالعبادة)) . اهـ. من "الكامل" (6 / 2333 - 2336) ، و"التهذيب" (10 / 356 - 360 رقم 636) . وأما حديث حذيفة، فهو الآتي برقم [60] ، وهو موقوف عليه، ولفظه: ((لَيَقْرَأَنَّ الْقُرْآنَ أَقْوَامٌ يُقِيمُونَهُ كَمَا يُقَامُ الْقَدَحُ، لَا يَدَعُونَ مِنْهُ أَلِفًا وَلَا يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ)) . وهذا وإن كان موقوفًا على حذيفة، فله حكم الرفع؛ لأنه لا يقال من قبل الرأي، وسنده إلى حذيفة رجال ثقات، لكنه ضعيف لأن الأعمش مدلَّس ولم يصِّرح بالسماع وعليه فالحديث بمجموع هذه الطرق حسن لغيره، والله أعلم. (1) في الأصل: (عبيد) ، وما أثبته من الموضع الآتي من "الجامع لأخلاق الراوي =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = للخطيب البغدادي، حيث روى الحديث من طريق المصنف وانظر ترجمته الآتية. (2) هو عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ المكي مولى آل قَارِظ بن شَيْبة، يروي عن أبيه وعن ابن عباس وابن عمر وابن الزبير وغيرهم، روى عنه ابنه محمد وابن جريج وَوَرْقاء بن عمر وحماد بن زيد وسفيان بن عيينة وغيرهم، وكانت وفاته سنة ست وعشرين ومائة، وله ست وثمانون سنة، وهو ثقة كثير الحديث روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص375 رقم 4353) . فقد وثقه ابن المديني وابن معين والعجلي وأبو زرعة والنسائي وابن سعد وزاد: ((كثير الحديث)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات". انظر "الجرح والتعديل" (5 / 337 - 338 رقم 1594) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (2 / 891) ، و"التهذيب" (7 / 56 رقم 109) . (3) هو أبو يزيد المكي حليف بني زُهرة مولى آل قَارِظ بن شيبة، يقال له صُحْبة، يروي عن عمر بن الخطاب وسباع بن ثابت وأم أيوب الأنصارية - رضي الله عنهم -، روى عنه ابنه عبيد الله، وهو من الطبقة الثانية، ذكره ابن حبان في "الثقات" (5 / 578) في التابعين، وذكره في أتباع التابعين (7 / 657) ، وانظر: "التهذيب" (12 / 280 - 281 رقم 1284) ، و"التقريب" (ص685 رقم 8453) . (4) انظر التعليق على الحديث الآتي برقم [55] . [32] الحكم على سنده متوقف على معرفة حال أبي يزيد، فإن كان صحابيًا فالسند صحيح، وقد ذكر ابن كثير هذا الحديث في "فضائل القرآن" (ص19) من رواية الإمام أحمد الآتية، وقال: ((هذا إسناد صحيح، ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة)) . والحديث أخرجه الخطيب في "الجامع" (2 / 196 رقم 1595) من طريق المصنف بمثله سواء. وأخرجه الحميدي في "مسنده" (1 / 163 رقم 340) . =

33- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ؛ قَالَ: نا سُفْيَانُ (1) ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ((أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، كُلُّها شافٍ كافٍ (2)) ) .

_ = ومن طريقه أبو نعيم في "معرفة الصحابة" (2 / 372 / ب) . وأخرجه ابن أبي شيبة (10 / 515 - 516 رقم 10166) . والإمام أحمد في "المسند" (6 / 433 و 462 - 463) . والطبري في "تفسيره" (1 / 30 و 31 رقم 20 و 23) . والطحاوي في "مشكل الآثار" (4 / 183) . وأبو الحسن بن حَيَّوَيْه في "من وافقت كنيته كنية زوجه من الصحابة" (ص39 - 40) . جميعهم من طريق سفيان، به نحوه. وأخرجه الطبري أيضًا (1 / 32 رقم 24) من طريق أبي الربيع السمّان، عن عبيد الله، به نحوه. والحديث ذكره صاحب "كنز العمال" (2 / 54 رقم 3095) وعزاه للطبراني وأبي نصر السجزي في "الإبانة". وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7 / 154) وعزاه للطبراني فقط، وقال: ((رجاله ثقات)) . ولم يرد هذا الحديث في ترجمة أم أيوب في معجم الطبراني "الكبير" المطبوع (25 / 136) ، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((نَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ)) مروي في "الصحيحين" وغيرهما، وسيأيت ذكر ذلك في الحديث الآتي برقم [55] . (1) من أول الإسناد إلى هنا مكرر في الأصل. (2) انظر التعليق على الحديث الآتي برقم [55] . [33] سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مرسله عمرو بن دينار. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (1 / 516 رقم 10167) . والطبري في "تفسيره" (1 / 44 - 45 رقم 42) . كلاهما عن سفيان، به مثله. ومتنه صحيح كما سيأتي في الحديث رقم [55] .

34- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ((إِنِّي قَدِ اسْتَمَعْتُ إِلَى الْقِرَاءَةِ فَلَمْ أَسْمَعْهُمْ إلا متقاربين، فاقرؤا عَلَى مَا عُلِّمتم، وَإِيَّاكُمْ والتنطُّع وَالِاخْتِلَافَ، فَإِنَّمَا هُوَ كَقَوْلِ أَحَدِكُمْ: أقبل، وهَلُمَّ، وتعال (1)) ) .

_ (1) قال ابن الأثير في "النهاية" (5 / 74) في معنى الحديث: ((أراد النهي عن الملاحاة في القراءات المختلفة، وأن مرجعها كلِّها إلى وجه واحد من الصواب، كما أن هَلُمَّ بمعنى: تعال)) . اهـ. [34] سنده صحيح، الأعمش وإن كان مدلّسًا ولم يصرح بالسماع، إلا أن روايته هنا عن شيخه أبي وائل شقيق بن سلمة، وتقدم في الحديث رقم [3] أن رواية الأعمش عن مثل أبي وائل محمولة على الاتصال. والحديث أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 218 رقم 2072) من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال: (إني سمعت) و: (في الاختلاف) ، و: (إنما هو) . وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (2 / 320) من طريق سفيان الثوري، عن الأعمش، به نحوه، وفيه زيادة. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الطبري في "تفسيره" (16 / 30 رقم 18998) . وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص316 و 334 رقم 740 و 784) . وفي "غريب الحديث" (3 / 160) . في كلا الموضعين من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، به نحوه. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 488 رقم 10077) من طريق أبي معاوية وحفص، كلاهما عن الأعمش، به نحوه. وأخرجه الطبري في "تفسيره" (1 / 50 رقم 48) من طريق شعبة وأبي معاوية كلاهما عن الأعمش، به نحوه. وأخرجه عمر بن شبّة في "تاريخ المدينة" (3 / 1007) . والطبراني في "الكبير" (9 / 149 رقم 8680) ، كلاهما من طريق زائدة، عن الأعمش، به نحوه. =

35- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرة (1) ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّزّال بْنَ سَبْرَة (2) يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: سَمِعتُ رَجُلًا قَرَأَ آيَةً سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، خِلافَها، فأخذتُه فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَعَرِفْتُ فِي وَجْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْكَرَاهِيَةَ، فَقَالَ: ((كِلَاكُمَا مُحْسِنٌ، لا تختلفوا)) .

_ =وأخرجه البيهقي في "السنن" (2 / 385) من طريق عمرو بن مرزوق، عن شعبة، عن الأعمش، به نحوه. وأخرجه الخطيب في "تاريخه" (5 / 125 - 126) من طريق عبد الرحمن بن مغراء، عن الأعمش، به نحوه. (1) هو عبد الملك بن مَيْسَرةَ الهلالي، أبو زيد العامري الكوفي، الزَّرَّاد، يروي عن ابن عمر وأبي الطفيل وزيد بن وهب وطاوس وسعيد بن جبير ومجاهد وغيرهم، روى عنه شعبة ومنصور بن المعتمر وسليمان بن بلال وغيرهم، وذكره البخاري في "التاريخ الأوسط" في فصل من مات في العشر الثاني من المائة الثانية، وهو ثقة روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص365 رقم 4221) ، فقد وثقه ابن معين وابن نمير وابن خراش والعجلي والنسائي وابن سعد وزاد: ((كثير الحديث)) ، وأبو حاتم وزاد: ((صدوق)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 365 - 366 رقم 1717) ، و"التهذيب" (6 / 426 رقم 886) . (2) هو النَّزّال بن سبْرةَ - بفتح المهملة وسكون الموحدة -، الهلالي، الكوفي روى عن عثمان وعلي وابن مسعود وغيرهم - رضي الله عنهم -، روى عنه عبد الملك =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ابن ميسرة وعامر الشعبي والضحّاك بن مزاحم وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة الثانية، وقيل أن له صحبة كما في "التقريب" (ص560 رقم 7105) ، فقد وثقه ابن سعد والعجلي وابن معين وزاد: ((من يسئل عنه)) ، وقال أبو حاتم: ((لا بأس به)) ، وقال ابن عبد البر: ((ذكروه فيمن رأى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولا أعلم له رواية إلا عن علي وابن مسعود، وهو معدود في كبار التابعين)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (8 / 498 رقم 2279) ، و"التهذيب" (10 / 423 - 424 رقم 463) . [35] سنده حسن، عبد الرحمن بن زياد الرصاصي، تقدم في الحديث رقم [6] أنه صدوق، لكن قد رواه البخاري وغيره من غير طريقه كما سيأتي، فالحديث روي عن ابن مسعود من طريقين: 1- طريق النزال بن سبرة. أخرجه المصنف هنا من طريق عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ ميسرة، عنه، به. ومن طريق المصنف أخرجه الهروي في "ذم الكلام" (1 / ل 10 / ب) . وأخرجه الطيالسي في "مسنده" (1 / 382 رقم 478) . وأبو عبيد في "الفضائل" (ص322 رقم 755) . وابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 529 رقم 10219) . والإمام أحمد في "المسند" (1 / 393 و 411 و 456) . والبخاري في "صحيحه" (5 / 70 رقم 2410) ، و (6 / 513 - 514 رقم 3476) ، و (9 / 101 رقم 5062) . والنسائي في "فضائل القرآن" (ص120 رقم 119) . وأبو يعلى في "مسنده" (9 / 171 و 234 رقم 5262 و 5341) =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = والهيثم بن كليب في "مسنده" (ل 85) . وأبو عمرو الداني في "الأحرف السبعة للقرآن" (ص53 و 54 رقم 60 و 61) . جميعهم من طريق شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ ميسرة، عن النزال بن سبرة، عن ابن مسعود، به نحوه، وزاد بعضهم: (قال شعبة: أظنه قال: ((لا تختلفوا، فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا)) . 2- طريق زر بن حبيش. أخرجه أبو عبيد في "الفضائل" (ص323 رقم 757) . والإمام أحمد في "المسند" (1 / 401 و 419) . والطبري في "تفسيره" (1 / 23 - 24 رقم 12 - 13) . وابن حبان في "صحيحه" (2 / 63 - 64 رقم 743 و 744 الإحسان) . والآجري في "أخلاق أهل القرآن" (ص141 و 142 رقم 67 و 68) . والهيثم في "مسنده" (ل 71 / أ) . والحاكم في "المستدرك" (2 / 223 - 224) . وأبو عمرو الداني في "الأحرف السبعة" (ص55 رقم 62) . جميعهم من طريق عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجود، عَنْ زِرّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قال: أقرأني رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - سورة من الثلاثين من آل حم - قال: يعني الأحقاف - قال: وكانت السورة إذا كانت أكثر من ثلاثين آية سميت الثلاثين. قال: فرحت إلى المسجد، فإذا رجل يقرؤها على غير ما أقرأني، فقلت: من أقرأك؟ فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -. قال: فقلت لآخر: اقرأها، فقرأها على غير قراءتي وقراءة صاحبي، فانطلقت بهما إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إن هذين يخالفاني في القراءة، قال: فغضب وتمعّر وجهه، وقال: ((إنما أهلك من كان قبلكم الاختلاف)) . قال: قال زر: وعنده رجل، قال: فقال الرجل: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - يأمركم أن يقرأ كل رجل منكم كما أقرئ، =

36- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: نا أَبُو عِمْرَانَ الجَوْني (1) ، (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَباح) (2) ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرو، أَوْ عُمَر - شَكَّ سَعِيدٌ (3) - قَالَ: هجَّرت (4) إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، يَوْمًا، فَسَمِعَ رَجُلَيْنِ اخْتَلَفَا فِي آيَةٍ، فَخَرَجَ وَقَدْ عُرف الغضبُ فِي وَجْهِهِ، فَقَالَ: ((أَلَا إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِاخْتِلَافِهِمْ في الكتاب)) .

_ = فإنما أهلك من كان قبلكم الاختلاف. قال: قال عبد الله: فلا أدري شيئًا أسَّره إليه رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -؟ أَوْ علم ما في نفس رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -: قال: والرجل هو: علي بن أبي طالب صلوات الله عليه. هذا لفظ حديث الإمام أحمد في "المسند" (1/419) ، ولفظ الباقين نحوه، إلا أنه بعضهم لم يذكر اسم السورة، وبعضهم ذكر أنها سورة الرحمن، وبعضهم ذكر أن الذي خالف ابن مسعود في القراءة واحد. قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه بهذه السياقة)) ، وأقرّه الذهبي. (1) هو عبد الملك بن حبيب الأزدي، أو الكندي، أبو عِمْران الجَوْني، مشهور بكنيته، البصري، روى عَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ البَجَلي وأنس بن مالك وعبد الله بن رباح الأنصاري وغيرهم، روى عنه سليمان التَّيْمي وعبد الله بن عون وشعبة والحمّادان: ابن سلمة وابن زيد وغيرهم، قيل: كانت وفاته سنة ثلاث، وقيل: ثمان، وقيل: تسع وعشرين ومائة، وهو ثقة روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص362 رقم 4172) . فقد وثقه ابن معين وابن سعد، وزاد: ((وله أحاديث)) . وقال أبو حاتم: ((صالح)) . وقال النسائي: ((ليس به بأس)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات". اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 346 رقم 1636) ، و"التهذيب" (6 / 389 رقم 734) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ما بين القوسين سقط من الأصل، فأثبته في الموضع الآتي من "ذم الكلام" للهروي؛ لأنه روى الحديث من طريق المصنِّف. وهو عبد الله بن رَباح الأنصاري، أبو خالد المدني، سكن البصرة، وروى عن أُبَيّ بن كعب وعمار بن ياسر وعمران بن حصين وأبي هريرة وعبد اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وغيرهم، روى عنه ثابت البُناني وعاصم الأحول وقتادة وخالد الحذّاء وأبو عمران الجَوْني وغيرهم، وكانت وفاته في حدود سنة تسعين للهجرة كما قال الذهبي، وهو ثقة روى له الجماعة عدا البخاري، ووثقه ابن سعد والعجلي والنسائي. اهـ. من "تاريخ الثقات" للعجلي (ص255 رقم 804) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع (4 / 487 - 488) ، و"تهذيب التهذيب" (5 / 206 - 207 رقم 357) ، و"التقريب" (ص302 رقم 3307) . (3) والصواب أنه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، كما سيأتي. (4) أي: بَكَّرْتُ. انظر: "النهاية في غريب الحديث" (5 / 246) . [36] سنده صحيح، وشكَّ المصنِّف لا يقدح في صحة الحديث؛ لأن كلاً من عبد الله بن عُمر وعبد الله بن عَمرو صحابي، والصواب أنه ابن عمرو كما سيأتي. فالحديث أخرجه الهروي في "ذم الكلام" (1 / ل 14 / أ) من طريق المصنف وغيره، عن حماد بن زيد، به نحوه، على أنه من حديث ابن عمرو، وأوضح الهروي أن سعيد بن منصور قال: ((أو عبد الله بن عُمر)) . وأخرجه مسلم في "صحيحه" (4 / 2053 رقم 2) في العلم، باب: النهي عن اتباع متشابه القرآن. والنسائي في "فضائل القرآن" (ص121 رقم 120) . أما مسلم فمن طريق أبي كامل فُضيل بن حسين الجَحْدَريّ، وأما النسائي فمن طريق داود بن معاذ، كلاهما عن حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن رباح الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عمرو، به نحوه.

37- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَازِمٍ (1) ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَار (2) ، قَالَ: خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ (عَنْهُ) (3) -، عَلَى قَوْمٍ يقرأون الْقُرْآنَ، وَيَتَراجَعُونَ فِيهِ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ (فَقَالُوا) (4) : نَقْرَأُ الْقُرْآنَ، وَنَتَرَاجَعُ فِيهِ، فَقَالَ: ((تَرَاجَعُوا، وَلَا تَلْحَنُوا)) .

_ (1) هو يزيد بن حازم بن زيد الأزدي البصري، أو بكر، أخو جرير بن حازم، يروي عن سليمان بن يسار وعكرمة وعبد الله بن أبي سلمة وغيرهم، روى عنه أخوه جرير وحماد بن زيد وأخوه سعيد بن زيد وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثمان وأربعين ومائة، وهو ثقة كما في "التقريب" (ص600 رقم 7700) ، فقد وثقه أحمد وابن معين والعجلي، وقال ابن سعد: ((كان ثقة إن شاء الله)) ، وقال النسائي: ((ليس به بأس)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات". اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 257 رقم 1085) ، و"التهذيب" (1 / 317 - 318 رقم 613) . (2) هو سليمان بن يسار الهلالي أبو أيوب المدني، يروي عن ميمونة وأم سلمة وعائشة وفاطمة بنت قيس وزيد بن ثابت وابن عباس وابن عمر وجابر وغيرهم - رضي الله عنهم -، روى عنه عمرو بن دينار وعبد الله بن دينار وأبو الزَّناد ومكحول ونافع مولى ابن عمر ويحيى بن سعيد الأنصاري ويزيد بن حازم وغيرهم، قيل: كانت ولادته سنة أربع وعشرين، وقيل: سبع وعشرين للهجرة، واخُتلف في وفاته، فقيل: سنة أربع وتسعين، وقيل: سنة مائة، وقيل: ثلاث ومائة، وقيل: أربع ومائة، وقيل: تسع ومائة، وقيل: عشر ومائة، وهو ابن ثلاث وسبعين سنة، وهو ثقة فاضل، أحد الفقهاء السبعة، روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص255 رقم 2619) . ذكر أبو الزناد وغيره أنه أحد الفقهاء السبعة، وقال ابن سعد: ((كان ثقة عالمًا رفيعًا فقيهًا كثير الحديث)) . وقال العجلي: ((مدني تابعي ثقة مأمون فاضل عابد)) . وقال أبو زرعة: ((ثقة مأمون فاضل عابد)) . وقال النسائي: ((أحد الأئمة)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (4 / 149 رقم 643) ، و"التهذيب" (4 / 228 - 230 رقم 381) . =

38- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَتيق (1) ، قَالَ سَأَلْتُ الْحَسَنَ، عَنِ الرَّجُلِ يَتَعَلَّمُ الْعَرَبِيَّةَ ليُقيم بِهَا كلامَه، وَيُقِيمَ بِهَا الْقُرْآنَ، فَقَالَ: ((لَا بَأْسَ بِهِ؛ فَإِنَّ الرَّجُلَ [106/ب] يَقْرَأُ الْآيَةَ فَيَعْيَا (2) بِوَجْهِهَا فَيَهْلَكُ)) .

_ = وسليمان بن يسار هنا يروي عن عمر بن الخطاب، وهو لم يسمع منه كما نص عليه أبو زرعة، وكما يتضح من سنة ولادته. انظر: "المراسيل" لابن أبي حاتم (ص82) ، و"جامع التحصيل" (ص231 - 232) . (3) ما بين القوسين ليس في الأصل، وهي زيادة يتقضيها السياق. (4) في الأصل: (فقال) ، وما أثبته من الموضع الآتي من "شعب الإيمان" للبيهقي حيث روى الحديث من طريق المصنف. [37] سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مرسله سليمان بن يسار. وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 242 رقم 2099) ، من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه لم يذكر قوله: ((ابن الخطاب - رضي الله عنه -)) ، ولم يذكر قوله: ((فيه)) بعد قوله: ((ونتراجع)) . وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 459 رقم 9973) من طريق يحيى بن آدم، عن حماد بن زيد، به نحوه. وذكره صاحب "كنز العمال" (2 / 333 رقم 2168) وعزاه لسعيد بن منصور، وابن الأنباري في "الإيضاح"، والبيهقي في "الشعب". (1) هو يحيى بن عَتيق الطُّفاوي - بضم المهملة، وتخفيف الفاء -، البصري، روى عن الحسن البصري ومحمد بن سيرين ومجاهد، روى عنه الحمّادان: ابن زيد وابن سلمة وإسماعيل بن عليّة وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة السادسة، وروى له الجماعة كما في "التقريب" (ص594 رقم 7603) ، فقد وثقه ابن سعد والإمام أحمد وابن معين وأبو حاتم والنسائي، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: ((كان متقنًا ورعًا)) . =

39- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ (1) ، عَنِ أَبِي مُلَيْكَةَ (2) ، قَالَ: سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ -، قَالَ: أَيّة أَرْضٍ تُقِلُّني (3) ، أَوْ أيَة سَمَاءٍ تُظِلُّني، أَوْ أَيْنَ أَذْهَبُ، وَكَيْفَ أَصْنَعُ إِذَا أَنَا قُلْتُ فِي آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ بِغَيْرِ مَا أراد الله بها؟

_ = انظر: "الجرح والتعديل" (9 / 176 رقم 730) ، و"الثقات" لابن حبان (7 / 594) ، و"التهذيب" (11 / 255 رقم 411) . (2) عَيِىَ تأتي بمعنى: جهَل، وعَجَز، ولعلّ المعنى هنا: ((يعجز عنها ويشكل عليه أمرها)) . انظر: "النهاية في غريب الحديث" (3 / 334) . [38] سنده صحيح. وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص320 رقم 751) ، فقال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، وحجاج، كلاهما عن حماد بن زيد ... ، فذكره بنحوه. وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (4 / 321 رقم 1568) من طريق علي بن المديني، عن حماد بن زيد، به نحوه. (1) هو أيوب بن أبي تَمِيمَة كَيْسان السَّخْتياني، أبو بكر البصري، روى عن عمرو بن سلمة وحُميد بن هلال وعطاء وعكرمة وعمرو بن دينار وأبي رجاء العُطاردي وأبي عثمان النَّهدي وعبد الله بن أبي مُليكة وغيرهم، روى عنه حماد بن زيد وحماد بن سلمة والسفيانان: الثوري وابن عيينة وشعبة ومالك وغيرهم، قيل: إنه ولد سنة ست وستين للهجرة، وقيل: سنة ثمان وستين، وتوفي سنة إحدى وثلاثين ومائة، وهو ثقة ثبت حجة في كبار الفقهاء العباد، روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص117 رقم 605) . قال الحسن البصري: ((أيوب سيد شباب أهل البصرة)) . وقال شعبة: ((كان سيد الفقهاء)) . ووثقه ابن معين. وقال ابن سعد: ((كان ثقة ثبتًا في الحديث، جامعًا كثير العلم حجة عدلاً)) . وقال =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = أبو حاتم: ((ثقة لا يسأل عن مثله)) . وقال النسائي: ((ثقة ثبت)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (2 / 255 - 256 رقم 915) ، و"التهذيب" (1 / 397 - 399 رقم 733) . (2) هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مُلَيْكة - بالتصغير - ابن عبد الله بن جدعان، التيمي أدرك ثلاثين من الصحابة، فروى عن العبادلة الأربعة والمسور بن مخرمة وأسماء وعائشة وأم سلمة وغيرهم - رضي الله عنهم -، روى عنه حميد الطويل وعمرو بن دينار وجرير بن حازم وابن جريج وأيوب السختياني وغيرهم، وكانت وفاته سنة سبع عشرة ومائة، وهو ثقة فقيه روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص312 رقم 3454) . فقد وثقه أبو زرعة وأبو حاتم والعجلي وابن سعد وزاد: ((كثير الحديث)) . انظر: "الجرح والتعديل" (5 / 99 - 100 رقم 461) ، و"التهذيب" (5 / 306 - 307 رقم 523) . وفي "المراسيل" لابن أبي حاتم (ص113) نصّ على أن روايته عن عمر وعثمان مرسلة، فمن باب أولى روايته عن أبي بكر، وقد نصّ على هذا البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 228) حيث ذكر هذا الحديث من طريق آخر، ثم قال: ((رواه ابن أبي مليكة عن أبي بكر كذلك مرسلاً)) . اهـ. (3) أي: تحملني، يقال: أقلَّ الشيءَ يُقِلُّه واستقلَّه يستقلُّه: إذا رفعه وحمله. انظر: "لسان العرب" (11 / 565) . [39] سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مرسله ابن أبي مليكة، وله متابعات يرتقي بها إلى درجة الحسن لغيره، فإنه روي عن أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - من أربعة طرق: 1- طريق ابن أبي مليكة. أخرجه المصنف هنا، وأشار إليه البيهقي في "الشعب" (5 / 228) ، ثم أخرجه في كتاب "المدخل" (ص430 رقم 792) من طريق المصنِّف، به مثله، إلا أنه قال: ((وأية سماء)) ، و: ((أو كيف أصنع)) . 2- طريق إبراهيم التيمي. أخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص352 رقم 824) . وابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 513 رقم 10156) . أما أبو عبيد فمن طريق شيخه محمد بن يزيد، وأما ابن أبي شيبة فمن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = طريق شيخه محمد بن عبيد الطنافسي، كلاهما عَنِ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ إبراهيم التيمي، أن أبا بكر الصديق سئل عن قوله: {وَفَاكِهَةً وَأَبًّا} ، فقال: أي سماء تظلني، أو أي أرض تقلّني إن أنا قلت في كتاب الله ما لا أعلم. وهذا مرسل صحيح أيضًا. إبراهيم التيمي تقدم في الحديث [11] أنه ثقة عابد. والعَوَّام بن حوشب تقدم في الحديث [11] أيضًا أنه ثقة ثبت فاضل. وشيخ ابن أبي شيبة محمد بن عبيد بن أبي أمية الطنافسي الكوفي الأحدب، روى عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ والأعمش وهشام بن عروة والعوام بن حَوْشب وغيرهم، روى عنه الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه ويحيى بن معين وابنا أبي شيبة وغيرهم، وكان مولده سنة أربع وعشرين ومائة، ووفاته سنة أربع ومائتين، وقيل: ثلاث، وقيل: خمس ومائتين، وهو ثقة يحفظ، روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص495 رقم 6114) ، فقد وثقه أحمد وابن معين والنسائي والدارقطني وابن سعد وزاد: ((كثير الحديث)) ، والعجلي وزاد: ((كان عثمانيًا)) ، وقال ابن عمار: ((ثبت)) . انظر: "الجرح والتعديل" (8 / 10 - 11 رقم 40) ، و"التهذيب" (9 / 327 - 329 رقم 539) . والحديث ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في مقدمته في "أصول التفسير" (ص108) ، من رواية أبي عبيد، ثم قال: ((منقطع)) . وذكره الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (1 / 5) و (4 / 473) وأعلّه بالانقطاع بين التيمي وأبي بكر - رضي الله عنه -. وذكره الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (13 / 271) ، وعزاه لعبد بن حميد في "تفسيره"، وأعله بالانقطاع أيضًا. 3- طريق أبي معمر عبد الله بن سَخْبَرَةَ الأزدي. أخرجه مسدد كما في "المطالب العالية" المسندة (ل 135 / ب) ، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = والمطبوعة (3 / 300 رقم 3527) ، من طريق عبد الله بن مرّة. وأخرجه الطبري في "تفسيره" (1 / 78 رقم 78 و 79) من طريق إبراهيم النخعي وعبد الله بن مرة، كلاهما عن أبي معمر، به نحو لفظ المصنف. وذكره الحافظ ابن حجر في "الفتح" (13 / 271) وعزاه لعبد بن حميد، لكن من طريق إبراهيم النخعي، عن أبي بكر، ولم يذكر أبا معمر في سنده. قال ابن حجر: ((وهذا منقطع بين النخعي والصديق)) . قلت: وعبد الله بن سُخْبرة الأزدي، أبو معمر الكوفي يروي عن عمر وعلي والمقداد وابن مسعود وأبي موسى وغيرهم - رضي الله عنهم -، روى عنه مجاهد وعمارة بن عمير وإبراهيم النخعي، وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة الثانية، وروى له الجماعة، ولكن روايته عن أبي بكر مرسلة. فقد وثقه ابن سعد وابن معين والعجلي،، وذكره ابن حبان في "الثقات". انظر: "تاريخ الثقات" للعجلي (ص256 رقم 810) ، و"التهذيب" (5 / 230 - 231 رقم 397) ، و"التقريب" (ص305 رقم 3341) . 4- طريق الشعبي. أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 512 رقم 10152) . والخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" (2 / 193 رقم 1585) . كلاهما من طريق الحسن بن عمر، ويقال: ابن عمرو، عن الشعبي، به نحوه. وعامر بن شراحيل الشعبي ثقة مشهور فقيه فاضل، روى له الجماعة، وروى عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وزيد بن ثابت وعبادة بن الصامت وأبي موسى الأشعري وأبي هريرة والعبادلة الأربعة وغيرهم، وروى عن علي شيئًا يسيرًا، قال الدارقطني: ((لم يسمع الشعبي من علي إلا حرفًا واحدًا، ما سمع غيره)) ، قال الحافظ ابن حجر: ((كأنه - أي الدارقطني - عَنَى ما أخرجه البخاري =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = في الرجم عنه - أي الشعبي-، عن علي حين رجم المرأة، قال: رجمتها بسنّة النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -)) ، وممن روى عن الشعبي: أبو إسحاق السبيعي وإسماعيل بن أبي خالد وبيان بن بشر وحصين بن عبد الرحمن وداود بن أبي هند ومنصور بن المعتمر ومغيرة بن مِقْسم وغيرهم، وقد أرسل عن عمر وطلحة وابن مسعود - رضي الله عنهم -، فمن باب أولى أن تكون روايته عن أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مرسلة، وذلك أن مولده كان سنة تسع عشرة للهجرة، وقيل بعد ذلك، وأما وفاته فاختُلف فيها، فقيل: سنة ثلاث، وقيل: أربع، وقيل: خمس، وقيل: ست، وقيل: سبع، وقيل: تسع، وقيل: سنة عشر ومائة. قال الحسن البصري في ثنائه على الشعبي: ((كان والله كثير العلم، عظيم الحلم، قديم السلم، من الإسلام بمكان)) . وقال مكحول: ((ما رأيت أفقه من الشعبي)) . ووثقه ابن معين وأبو زرعة وغير واحد. انظر: "الجرح والتعديل" (6 / 322 - 324 رقم 1802) ، و"التهذيب" (5 / 65 - 69 رقم 110) ، و"التقريب" (ص287 رقم 3092) . 5- طريق القاسم بن محمد. أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 228 رقم 2082) من طريق علي بن زيد بن جدعان، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَنَّ أبا بَكْرٍ الصِّدِيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال ... ) فذكره بنحوه. وعلي بن زيد بن جدعان تقدم في الحديث رقم [4] أنه ضعيف. والقاسم بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصديق التيمي ثقة، أحد الفقهاء بالمدينة، روى له الجماعة، روى عن أبيه وعمّته عائشة، وعن العبادلة الأربعة وأبي هريرة وغيرهم، روى عنه ابنه عبد الرحمن والشعبي وسالم بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ والزهري ونافع مولى ابن عمر ويحيى بن سعيد الأنصاري، وابن أبي مُليكة وعلي بن زيد بن جدعان وغيرهم، وكانت وفاته سنة ست ومائة وهو ابن سبعين سنة، فتكون ولادته قريبًا من سنة ست وثلاثين للهجرة، =

40- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا (جَرِيرٌ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ) (1) ، عَنْ إِدْرِيسَ (2) - وَكَانَ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ -، قَالَ: قِيلَ لِلْحَسَنِ: ((إِنَّ لَنَا إِمَامًا يلحن، قال: أخِّروه)) .

_ = قال أيوب السختياني: ((ما رأيت أفضل منه)) . وقال أبو الزناد: ((ما رأيت أحدًا أعلم بالسنة منه، ولا أحدّ ذهنًا)) . وقال يحيى بن سعيد: ((ما أدركنا بالمدينة أحدًا بفضله على القاسم)) . وقال الإمام مالك: ((كان القاسم من فقهاء هذه الأمة)) . وقال ابن حبان: ((كان من سادات التابعين، من أفضل أهل زمانه علمًا, وأدبًا وفقهًا، وكان صموتًا)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (7 / 118 رقم 765) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (2 / 967) ، و"التهذيب" (8 / 333 - 335 رقم 601) ، و"التقريب" (ص451 رقم 5489) . أقول: وروايته عن جده أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مرسلة، وذلك واضح من تاريخ ولادته كما سبق، وقد قال العلائي في "جامع التحصيل" (ص310) : ((أرسل عن جده - رضي الله عنه -، وذلك واضح؛ لأن أباه محمدًا ولد في حجة الوداع، فكان عمره حين توفي أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - نحو ثلاث سنين)) . اهـ. قلت: فالحديث بمجموع هذه الطرق لا ينزل عن رتبة الحسن، وقد ذكر الحافظ ابن حجر في الموضع السابق من "فتح الباري" الأثرين عن التيمي والنخعي، وأعلهما بالانقطاع، ثم قال: ((لكن أحدهما يقوي الآخر)) . اهـ. والله أعلم. (1) في الأصل: (جرير عن عبد الحميد) ، والصواب ما هو مثبت حيث أخرجه الخطابي من طريق المصنف هكذا كما سيأتي. (2) هو إدريس بن جويرية الأعمى، البصري، ذكره البخاري في "تاريخه" (2 / 37 رقم 1606) ، وسكت عنه، وبيّض له ابن أبي حاتم (2 / 264 رقم 951) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (6 / 78) ، وأثنى عليه جرير بن عبد الحميد هنا بقوله: ((وكان من خيار الناس)) وروى عنه هو ويحيى بن حسان، فهو مجهول الحال، ويحتمل =

41- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ (يَحْيَى) (1) الأبَحّ (2) ، عَنْ مَرْوَانَ الأصْفَر (3) ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ جَالِسًا، فَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ -، فَقَالَ لَهُ سَعِيدٌ: اللَّهُ أَعْلَمُ، فَقَالَ لَهُ (الرَّجُلُ) (4) : قُلْ فِيهَا أَصْلَحَكَ اللَّهُ بِرَأْيِكَ، فَقَالَ: ((أَقُولُ فِي كِتَابِ اللَّهِ بِرَأْيِي؟! فَرَدَّدَهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ولم يجبه بشيء)) .

_ = أن الذي أثنى على إدريس هو المصِّنف سعيد بن منصور. [40] سنده ضعيف لجهالة حال إدريس بن جويرية. وأخرجه الخطابي في "غريب الحديث" (1 / 61) . والبيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 245 رقم 2104) . كلاهما من طريق المصنف، به مثله سواء. وأخرجه البخاري في "تاريخه" (2 / 37) من طريق محمد بن سلام، عن جرير، به مثله، إلا أنه لم يذكر ثناء جرير على إدريس. وأخرجه ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (2 / 264) من طريق يحيى بن حسان، عن إدريس، به مثل رواية البخاري. (1) في الأصل: ((زيد)) ، وما أثبته من مصادر التخريج الآتية التي أخرجت الحديث من طريق المصنف، وانظر ترجمته الآتية. (2) هو حماد بن يحيى الأبَحّ - بالموحّدة المفتوحة، بعدها مهملة -، أبو بكر السلمي البصري، روى عن ثابت البُناني وسليمان التَّيْمي وأبي إسحاق السبيعي وابن أبي مُليكة ومكحول والزهري، وروى عن مروان الأصفر هنا، وصرّح عنه بالتحديث في رواية البيهقي الآتية، روى عنه أبو داود الطيالسي وأبو نُعيم وقتيبة ابن سعيد وسعيد بن منصور وغيرهم، وهو صدوق يخطئ، من الطبقة الثامنة كما في "التقريب" (ص179 رقم 1509) . قال الإمام أحمد: ((صالح الحديث، ما أرى به بأسًا)) . وقال أبو حاتم: ((لا بأس به)) . وقال ابن معين: ((ثقة)) . وقال البخاري: ((يهم في الشيء بعد الشيء)) . وقال أبو داود: ((يخطئ كما يخطئ الناس)) . وقال أبو زرعة: ((ليس بقوي)) . وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ((يخطئ ويهم)) . وذكر له ابن عدي بعض الأحاديث التي انتقدت عليه، ثم قال: ((ولحماد بن يحيى غير ما ذكرت أحاديث حسان، وبعض ما ذكرت مما لا يتابع عليه، وهو ممن يكتب حديثه)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 151 - 152 رقم 659) ، و"الكامل" لابن عدي (3 / 663 - 665) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع (7 / 292 - 293) ، و"التهذيب" (3 / 21 - 23 رقم 24) . (3) هو مروان الأصفر أبو خلف البصري، قيل اسم أبيه: خاقان، وقيل: سالم، روى عن ابن عمر وأبي هريرة وأنس وأبي وائل وشقيق بن سلمة ومسروق بن الأجدع والشعبي وغيرهم، روى عنه خالد الحذّاء وعوف الأعرابي وشعبة وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة الرابعة؛ وثقه أبو داود، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وأخرجه له الشيخان. انظر: "الكنى" لمسلم (1 / 284 رقم 1001) ، و"الثقات" لابن حبان (5 / 424) ، و"التهذيب" (10 / 98 - 99 رقم 178) ، و"التقريب" (ص526 رقم 6576) . ووقعت كنيته في "التقريب": (أبو خليفة) ، والصواب ما ذكر كما في بقية مصادر ترجمته. (4) في الأصل: ((رجل)) ، وما أثبته من الموضع الآتي من "شعب الإيمان" للبيهقي. [41] سنده ضعيف لضعف حماد بن يحيى من قبل حفظه. وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 231 رقم 2088) من طريق المصنف، ثنا حماد بن يحيى، ثنا مروان الأصفر ... فذكره بمثله، إلا أنه لم يذكر قوله: (عز وجل) ، وعنده: (فقال سعيد) . ومن طريق المصنِّف أيضًا أخرجه الهروي في "ذم الكلام" (1 / 67 / أ) بمثله، إلا أنه قال: ((من كتاب الله، فقال: الله أعلم، فقال: قل فيها)) ، ولم يذكر قوله: ((فردده)) . ومن طريق الهروي أخرجه ابن عبد الهادي في "هداية الإنسان إلى الاستغناء بالقرآن" (1 / ل 85 / ب - 86 / أ) .

42- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيم، قَالَ: نا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشب، قَالَ: نا إِبْرَاهِيمُ التَّيْمي، قَالَ خَلَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، ذَاتَ يَومٍ يُحَدِّثُ نَفْسَهُ، فأَرْسَلَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: كَيْفَ تَخْتَلِفُ هَذِهِ الْأُمَّةُ وَنبِيُّهَا وَاحِدٌ، وَكِتَابُهَا وَاحِدٌ، وَقِبْلَتُهَا؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْقُرْآنُ، فَقَرَأْنَاهُ، وَعَلِمْنَا فِيمَ أُنزل، وَإِنَّهُ سيكون بعدنا أقوام يقرأون الْقُرْآنَ، وَلَا يَعْرِفُونَ فِيمَ نُزِّلَ، فَيَكُونُ لِكُلِّ قَوْمٍ فِيهِ رَأْيٌ، فَإِذَا كَانَ لِكُلِّ قَوْمٍ فِيهِ رَأْيٌ اخْتَلَفُوا، فَإِذَا اخْتَلَفُوا اقْتَتَلُوا، فَزَبَرَهُ (1) عُمَرُ وانتَهَرَهُ (2) ، فَانْصَرَفَ ابْنُ عَبَّاسٍ، ثُمَّ دَعَاهُ بَعْدُ، فَعَرَفَ الَّذِي قَالَ، ثُمَّ قَالَ: (إيهٍ) (3) أعِد عليّ)) .

_ (1) أي: انتهره وأغلظ له في القول والردّ. انظر: "النهاية في غريب الحديث" (2 / 293) . (2) أي: زجره واستقبله بكلام يزجره عن خبر. انظر: "لسان العرب" (5 / 239) . (3) في الأصل: ((إيهى)) ، وفي الموضعين الآتيين من "شعب الإيمان" و"كنز العمال": (إيها) ، وما أثبته من الموضع الآتي من "الجامع" للخطيب حيث روى الحديث من طريق المصنف، وهو الأليق بالسياق، فقوله: ((إيهِ)) : كلمة يراد بها الاستزادة، وهي مبنيّة على الكسر، فإذا وصَلْتَ نوَّنْتَ، فقلتَ: ((إيهٍ حدِّثنا)) وإذا قلت: ((إيهًا)) بالنصب فإنما تأمره بالسكوت، وقد ترد منصوبة بمعنى التصديق والرضى بالشيء، كما في حديث ابن الزبير لما قيل له: يا ابن ذات النِّطاقين، فقال: ((إيهًا والإله)) أي: صدقتَ ورضيتُ بذلك، ويروى: ((إيهِ)) بالكسر، أي: زدني من هذه المنقبة. اهـ. من "النهاية" (1 / 87) . [42] الحديث صحيح لغيره كما سيأتي، وأما هذا الإسناد فرجاله ثقات، إلا أنه ضعيف للانقطاع بين التيمي وعمر بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فإن التيمي =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = لم يدرك زمن عمر، بل لم يدرك من تأخرت وفاته كثيرًا عن عمر، فقد قال الدارقطني: ((لم يسمع من حفصة، ولا من عائشة، ولا أدرك زمانهما)) . انظر: "التهذيب" (1 / 176 - 177) . قلت: ومقصد الدارقطني بالإدراك: إدراك السماع، وإلا فإن ولادته كانت قبل وفاة عائشة - رضي الله عنها -، فإنها توفيت سنة ثمان وخمسين كما في "التهذيب" (12 / 435 - 436) ، وأما إبراهيم التيمي فإن الحجاج قتله سنة اثنتين وقيل أربع وتسعين، قال أبو داود: ولم يبلغ أربعين سنة كما في ترجمته في الموضع السابق من "التهذيب". والحديث ذكره صاحب "كنز العمال" (2 / 333 رقم 4167) وعزاه لسعيد بن منصور، والبيهقي في "الشعب"، والخطيب في "الجامع". وقد أخرجه البيهقي في "الشعب" (5 / 230 - 231 رقم 2086) . والخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" (2 / 194 رقم 1587) . كلاهما من طريق المصنف، به، ولفظ الخطيب: (خلا عمر بن الخطاب ذات يوم، فجعل يُحَدِّثُ نَفْسَهُ، فأَرْسَلَ إِلَى ابْنِ عباس، قال: كيف تختلف هذه الأمة، وكتابها واحد، ونبيها واحد، وقبلتها واحدة؟ قال ابْنُ عَبَّاسٍ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: إنما أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْقُرْآنُ، فَقَرَأْنَاهُ، وَعَلِمْنَا فيمَ نزل، وإنه يكون بعدنا أقوام ... ) ، ثم ذكر الباقي مثل لفظ المصنّف سواء، ونحوه لفظ البيهقي، إلا أنه قال: ((ابن عياش)) ، بدل ((ابن عباس)) . وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص42 رقم 95) عن هشيم، به نحوه. وله طريق آخر. فأخرجه عبد الرزاق في جامع معمر الملحق بالمصنّف (11 / 217 - 218 رقم 20368) . ومن طريقه الهروي في ذم الكلام (1 / ب 47 / ب - 48 / أ) . وأخرجه يعقوب بن سفيان الفسوي في المعرفة والتاريخ (1 / 516 - 517) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = كلاهما من طريق معمر، عن علي بن بَذيمة الجَزَري أنه حدثه عن يزيد بن الأصَمّ، عن ابن عباس قال: قدم على عمر بن الخطاب رجل، فجعل عمر يسأله عن الناس، فقال: يا أمير المؤمنين، قرأ منهم القرآن كذا وكذا، فقال ابن عباس: والله ما أحب أن يسارعوا يومهم هذا في القرآن هذه المسارعة. قال: فزَبَرني عمر، ثم قال: مَهْ. قال: فانطلقت إلى منزلي مكتئبًا حزينًا، فقلت: قد كنت نزلت من هذا الرجل بمنزلة، ما أرى إلا أني قد سقطت من نفسه. قال: فرجعت إلى منزلي، فاضطجعت على فراشي حتى عادني نسوة أهلي، وما بي من وجع، وما هو إلا الذي نقلني (كذا!) به عمر. قا: فبينا أنا كذلك إذ أتاني رجل فقال: أجب أمير المؤمنين. قال: فخرجت، فإذا هو قائم قريبًا ينتظرني، فأخذ بيدي، ثم خلا بي، فقال: ما كرهت مما قال الرجل؟ قال: قلت: يا أمير المؤمنين، إن كنتُ أسأت فاستغفر الله - عز وجل - وأتوب إليه، نوة أهلي، أحببتَ. قال: لتحدثنّي ما الذي كرهت مما قال الرجل؟ فقلت: يا أمير المؤمنين، إنهم متى يسارعوا هذه المسارعة تحنفوا (كذا!) ، ومتى تحنفوا اختلفوا، ومتى اختلفوا يفشلوا. قال: لله أبوك! والله لقد كنت أكاتمها الناس، حتى جئت بها. اهـ. واللفظ للفسوي، ونحوه لفظ عبد الرزاق. وسنده صحيح. يزيد بن الأصم عمرو بن عبيد بن معاوية البَكَّائي - بفتح الموحدة والتشديد -، أبو عوف الكوفي نزيل الرَّقّة، ابن أخت ميمونة أم المؤمنين، يقال له رؤية ولا يثبت، روى عن خالته ميمونة وابن خالته عبد الله بن عباس، وعن سعد بن أبي وقّاص وأبي هريرة وعائشة وغيرهم - رضي الله عنهم -، روى عنه ابنا أخيه عبد الله وعبيد الله ابنا عبد الله بن الأصمّ، والأَجْلَح الكندي والزهري وميمون بن مهران وأبو إسحاق الشيباني وعلي بن بَذِيمة الجزري وغيرهم، قيل: كانت وفاته سنة إحدى ومائة، وقيل: سنة ثلاث أو أربع ومائة، وهو ابن ثلاث وسبعين سنة، وهو ثقة كما في "التقريب" (ص599 رقم 7686) ، فقد وثقه ابن سعد والعجلي وأبو زرعة والنسائي، وذكره ابن حبان في "الثقات". =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = انظر: "الجرح والتعديل" (9 / 252 رقم 1055) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (3 / 1529) ، و"التهذيب" (11 / 313 - 314 رقم 600) . وعلي بن بَذِيمة - بفتح الموحدة وكسر المعجمة الخفيفة، بعدها تحتانية ساكنة -، الجَزَري روى عن الشعبي وسعيد بن جبير ومجاهد وعكرمة ويزيد بن الأصمّ وغيرهم، روى عنه الأعمش وشعبة والثوري وشريك ومعمر وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاث وثلاثين ومائة، وقيل: سنة ست وثلاثين ومائة، وهو ثقة رمي بالتشيع كما في "التقريب" (ص398 رقم 4692) ، فقد وثقه ابن سعد وابن معين والعجلي وأبو زرعة والنسائي، وقال الإمام أحمد: ((صالح الحديث، كان رأسًا في التشيع)) . انظر: "الجرح والتعديل" (6 / 175- 176 رقم 962) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (2 / 956) ، و"التهذيب" (7 / 285 - 286 رقم 495) . ومعمر بن راشد تقدم في الحديث [4] أنه ثقة ثبت فاضل روى له الجماعة، إلا أن في روايته عن ثابت والأعمش وهشام بن عروة وعاصم بن أبي النجود وأهل الكوفة والبصرة شيئًا، وليس هذا من روايته عنهم. والفسوي روى الحديث عن شيخه علي بن الحسن بن شقيق، عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ معمر، به. وعبد الله بن المبارك المروزي مولى بني حنظلة يروي عن سليمان التيمي وحميد الطويل وإسماعيل بن أبي خالد ويحيى بن سعيد الأنصاري وعاصم الأحول وعبد الله بن عون ومحمد بن عجلان وموسى بن عقبة والأعمش وهشام بن عروة والثوري وشعبة والأوزاعي وابن جريج ومالك والليث بن سعد وبان أبي ذئب ومعمر بن راشد وغيرهم، روى عنه أبو أسامة حماد بن أسامة وابن مهدي والقطّان وإسحاق بن راهويه ويحيى بن معين وأبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة وسعيد بن منصور وعلي بن الحسن بن شقيق وغيرهم، وكانت ولادته سنة ثمان عشرة =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ومائة، ووفاته سنة إحدى وثمانين ومائة، وهو ثقة ثبت فقيه عالم جواد مجاهد جُمعت فيه خصال الخير، وروى له الجماعة. قال ابن مهدي: ((الأئمة أربعة: الثوري، ومالك، وحماد بن زيد، وابن المبارك)) ، وقال سفيان بن عيينة: ((نظرت في أمر الصحابة فما رأيت لهم فضلاً على ابن المبارك إلا بصحبتهم النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وغزوهم معه)) ، وقال أيضًا: ((كان فقيهًا عالمًا عابدًا زاهدًا شيخًا شجاعًا شاعرًا)) ، وقال الإمام أحمد: ((لم يكن في زمانه أطلب للعلم منه، جمع أمرًا عظيمًا، ما كان أحد أقل سقطًا منه، كان رجلاً صاحب حديث، حافظ، وكان يحدث من كتاب)) . وفضائله - رحمه الله - كثيرة. انظر: "الجرح والتعديل" (1 / 262 - 281) و (5 / 179 - 181 رقم 838) ، و"التهذيب" (5 / 382 - 387 رقم 657) ، و"التقريب" (ص320 رقم 3570) . وعلي بن الحسن بن شقيق، أبو عبد الرحمن المروزي روى عن ابن المبارك والحسين بن واقد وخارجة بن مصعب وعبد الوارث بن سعيد وإبراهيم بن طهمان وغيرهم، روى عنه الإمام أحمد وابن معين وأبو بكر بن أبي شيبة والبخاري وغيرهم، وروى عنه هنا يعقوب بن سفيان الفسوي، وكانت ولادته سنة سبع وثلاثين ومائة، ووفاته سنة خمس عشرة ومائتين، وقيل غير ذلك، وهو ثقة حافظ روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص399 رقم 4706) . قال الإمام أحمد: ((لم يكن به بأس، إلا أنهم تكلموا فيه للإرجاء، وقد رجع عنه)) ، وقال ابن معين: ((لا أعلم قدم علينا من خراسان أفضل منه، وكان عالمًا بابن المبارك)) ، وقال العباس بن مصعب: ((كان علي بن الحسن بن شقيق جامعًا، وكان في الزمان الأول يُعدّ من أحفظهم لكتب ابن المبارك، وقد شارك ابن المبارك في كثير من رجاله)) . اهـ. من "تاريخ بغداد" (11 / 370 - 372 رقم 6222) ، و"التهذيب" (7 / 298 - 299 رقم 510) .

43- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ (1) ، عَنْ حُميد الطَّوِيل (2) ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَرَأَ عَلَى الْمِنْبَرِ: (( {وَفَاكِهَةً وَأَبًّا} (3) ، فَقَالَ: هَذِهِ الْفَاكِهَةُ قَدْ عَرَفْنَاهَا، فَمَا الْأَبُّ (4) ؟ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ، فَقَالَ: لَعَمْرُكَ، إِنَّ هَذَا لهو التكلُّف يا عمر)) .

_ (1) هو يزيد بن هارون بن زاذان السُّلَمي، مولاهم، أبو خالد الواسطي، روى عن سليمان التيمي وحميد الطويل وعاصم الأحول وإسماعيل بن أبي خالد وأبي مالك الأشجعي ويحيى بن سعيد الأنصاري وغيرهم، روى عنه هنا سعيد بن منصور وروى عنه الإمام أحمد وإسحاق ابن راهويه ويحيى بن معين وعلي بن المديني وابنا أبي شيبة وغيرهم، وكانت وفاته سنة ست ومائتين، وهو ثقة متقن عابد، روى له الجماعة. وثقه ابن معين، ويعقوب بن شيبة وقال: ((كان يُعدّ من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر)) . وقال ابن المديني: ((هو من الثقات، ما رأيت أحفظ منه)) . وقال الإمام أحمد: ((صاحب صلاة، حافظ متقن للحديث، صوانه، وحسن مذهب)) . انظر: "الجرح والتعديل" (9 / 295 رقم 1257) ، و"التهذيب" (11 / 366 - 369 رقم 711) ، و"التقريب" (ص606 رقم 7789) . (2) هو حميد بن أبي حميد الطويل، أبو عبيدة البصري، اختلف في اسم أبيه على نحو عشرة أقوال، روى عن أنس بن مالك وثابت البُناني والحسن البصري وابن أبي مليكة وعبد الله بن شقيق وغيرهم، روى عنه حماد بن سلمة ويحيى بن سعيد الأنصاري وحماد بن زيد والسفيانان وشعبة ومالك ويحيى القطان ويزيد بن هارون وغيرهم، وكانت وفاته سنة اثنتين وأربعين ومائة، وقيل: ثلاث وأربعين ومائة، وله من العمر خمس وسبعون سنة، وهو ثقة روى له الجماعة، إلا أنه كثير التدليس عن أنس، حتى قيل: إن معظم حديثه عنه بواسطة ثابت وقتادة. فقد وثقه ابن معين والعجلي والنسائي وابن سعد وزاد: ((كثير الحديث، إلا أنه ربما دلّس عن أنس)) . وقال أبو حاتم: ((ثقة لا بأس به)) . وقال ابن خراش: =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ((ثقة صدوق)) . وقال مرة: ((في حديثه شيء، يقال: إن عامة حديثه عن أنس إنما سمعه من ثابت)) . وقال البرديجي: ((وأما حديث حميد، فلا يحتج منه إلا بما قال: حدثنا أنس)) . وقال العلائي: ((فعلى تقدير أن يكون أحاديث حميد مدلسة، فقد تبين الواسطة فيها، وهو ثقة صحيح)) . وقد ذكر الحافظ ابن حجر حميدًا في الطبقة الثالثة من "طبقات المدلسين"، وهم من أكثر من التدليس، فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرّحوا فيه بالسماع. انظر: "الجرح والتعديل" (3 / 219 رقم 961) ، و"التهذيب" (3 / 38 - 40 رقم 65) ، و"التقريب" (ص181 رقم 1544) ، و"طبقات المدلسين" (ص86 رقم 71) . قلت: وأما ما ذكره العلائي من أن الواسطة في أحاديث حميد المدلسة قد تبيّن وهو ثقة صحيح، فهذا القول ليس على إطلاقه، فإن الواسطة بينه وبين أنس ليس هو ثابتاً البناني على الدوام، بل قد تكون الواسطة قتادة، وهو مدلس من الطبقة الثالثة أيضًا كما في ترجمته في الحديث رقم [14] ، وقد يكون غيره، فقد قال الحافظ ابن حجر في مقدمة "الفتح" (ص399) : ((كان يدلس حديث أنس، وكان سمع أكثره من ثابت وغيره من أصحابه عنه)) . اهـ. ولذا فإن البخاري لم يخرج لحميد في "صحيحه" إلا بما صرح فيه بالسماع، قال الحافظ في الموضع السابق: ((قد اعتنى البخاري في تخريجه لأحاديث حميد بالطرق التي فيها تصريحه بالسماع)) . اهـ. وفي "الفتح" أيضًا (10 / 490) ذكر الحافظ إعراض البخاري عن بعض الطرق لبعض الأحاديث، ثم أوضح السبب فقال: ((حميد مدلس، والبخاري يخرج له ما صرّح فيه بالتحديث)) . اهـ. (3) الآية: (31) من سورة عبس. (4) الأَبُّ: هو المَرْعى المُتَهَيِّئُ للرَّعي والقطع، وقيل: الأَبُّ من المرعى للدواب كالفاكهة للإنسان. انظر: "النهاية في غريب الحديث" (1 / 13) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = [43] سنده رجال ثقات، إلا أنه ضعيف من هذا الطريق لكون حميد لم يصرح بالسماع من أنس، وهو صحيح لغيره بما سيأتي من طرق، فإن حميدًا قد توبع. فالحديث مداره على أنس بن مالك، يرويه عن عمر - رضي الله عنهما -. وله عن أنس ستة طرق: 1- طريق حميد. أخرجه المصنف هنا من طريق يزيد بن هارون، عنه. وعزاه صاحب "كنز العمال" (2 / 328 رقم 4154) ، والشوكاني في "فتح القدير" (5 / 387) للمصنف. وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص352 رقم 825) . وابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 512 - 513 رقم 10154) . والحاكم في "المستدرك" (2 / 514) . ومن طريقه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 229 - 230 رقم 2084) . ثلاثتهم من طريق يزيد بن هارون، به مثله، عدا لفظ الحاكم فنحوه. وأخرجه الطبري في "تفسيره" (30 / 59 / طبعة الحلبي) من طريق بشر بن المفضل، ومحمد بن إبراهيم بن أبي عدي، كلاهما عن حميد، به نحوه. قال ابن كثير في "التفسير" (4 / 473) عن طريق ابن أبي عدي: ((إسناده صحيح)) . وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (2 / 290) من طريق عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ حميد، به بلفظ: قرأ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عنه -: {وَفَاكِهَةً وَأَبًّا} ، فقال بعضهم هكذا، وقال بعضهم هكذا، فقال عمر: دعونا من هذا، آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ ربنا. قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين، ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي. وأخرجه الهروي في "ذم الكلام" (1 / ل 107 / أ) من طريق حماد بن سلمة، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = عن حميد، به نحو لفظ المصنِّف. 2- طريق ثابت، عن أنس. أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (3 / 327) . والبخاري في "صحيحه" (13 / 264 - 265 رقم 7293) . وعبد بن حميد في "تفسيره" كما في مقدمة "أصول التفسير" لابن تيمية (ص109) ، و"فتح الباري" (13 / 271) . وأبو نعيم في "المستخرج" كما في الموضع السابق من "فتح الباري". جميعهم من طريق سليمان بن حرب، عن حماد بن زيد، عن ثابت، عن أنس، به نحوه، عدا البخاري، فأخرجه مختصرًا بلفظ: كنا عند عمر، فقال: نهينا عن التَكَلُّف. وأخرجه عبد بن حميد أيضًا من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت، ففي الموضع السابق من "الفتح" بعد أن ذكر الحافظ رواية عبد بن حميد للحديث من طريق حماد بن زيد، قال: ((وأخرجه (يعني عبد بن حميد) أيضًا عن سليمان بن حرب، عن حماد بن سلمة بدل حماد بن زيد، وقال بعد قوله: فما الأبّ؟ ثم قال: يا ابن أم عمر، إن هذا لهو التكُّلف، وما عليك أن لا تدري ما الأَبّ؟ وسليمان بن حرب سمع من الحمادين، لكنه اختص بحماد بن زيد، فإذا أطلق قوله: حدثنا حماد، فهو ابن زيد، وإذا روى عن حماد بن سلمة نسبه)) . اهـ. وأخرجه الإسماعيلي أيضًا كما في الموضع السابق من "الفتح" من طريق هشام ابن ثابت ويونس بن عبيد، كلاهما عن ثابت، به، ولفظ هشام نحوه، وأما لفظ يونس فقال: إن رجلاً سأل عمر بن الخطاب عن قوله: {وَفَاكِهَةً وَأَبًّا} : ما الأََبّ؟ فقال عمر: نهينا عن التَّعَمُّق والتَّكَلُّف. 3- طريق الزهري، عن أنس. أخرجه عبد بن حميد في "تفسيره" كما في الموضع السابق من "الفتح". =

44- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنِ ابْنِ عَوْن (1) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرين (2) ، قَالَ: سَأَلْتُ عَبِيدَةَ (3) ، عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَقَالَ: ((عَلَيْكَ بِتَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، والسَّدَاد (4) ، فَقَدْ ذَهَبَ الَّذِينَ كَانُوا يعلمون فِيمَ أُنزل القرآن)) .

_ = والحاكم في "المستدرك" (2 / 514) . ومن طريقه البيهقي في الموضع السابق من "الشعب". كلاهما من طريق صالح بن كيسان، عن الزهري، عن أنس، به نحوه، وزاد: اتبعوا ما بُيِّن لكم من هذا الكتاب. قال الحاكم: ((صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)) ووافقه الذهبي. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (30 / 60 - 61 / طبعة الحلبي) ، من طريق عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ يونس بن يزيد الأَيْلي، وعمرو بن الحارث، كلاهما عن الزهري، به نحو سابقه. وأخرجه الهروي في ذم الكلام (1 / ل 107 / أ) من طريق شعيب، عن الزهري، به نحو سابقه. (4) و (5) و (6) - طريق قتادة، ومعاوية بن قرة، وموسى بن أنس، ثلاثتهم عن أنس، به نحو لفظ المصنف، عدا لفظ معاوية فمختصر. أخرج هذه الطرق ابن جرير الطبري في "تفسيره" (30 / 59) . (1) هو عبد الله بن عَوْن بن أَرْطبان، أبو عون البصري، روى عن محمد بن سيرين وأنس بن سيرين وإبراهيم النخعي والحسن البصري وعامر الشعبي، وغيرهم، روى عنه الثوري وشعبة والقطان وابن المبارك ووكيع وهشيم وابن عليّة ويزيد بن هارون وغيرهم، وكانت ولادته سنة ست وستين للهجرة، ووفاته سنة إحدى وخمسين ومائة، وهو ثقة ثبت فاضل روى له الجماعة. قال ابن المبارك: ((ما رأيت أحدًا ذكر لي قبل أن ألقاه ثم لقيته إلا وهو على دون ما ذكر لي، إلا ابن عون وحيوة - أو سفيان -. فأما ابن عون، فلوددت أني لزمته حتى أموت أو يموت)) . وقال ابن مهدي: ((ما كان بالعراق أحد أعلم بالسنة منه)) . وقال =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ابن معين: ((ثبت)) . ووثقه يعقوب بن شيبة والعجلي وأبو حاتم وابن سعد وزاد: ((وكان عثمانيًا، وكان كثير الحديث، وَرِعًا)) . وقال النسائي: ((ثقة مأمون)) ، وقال في موضع آخر: ((ثقة ثبت)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 130 - 131 رقم 605) ، و"التهذيب" (5 / 346 - 349 رقم 600) ، و"التقريب" (ص317 رقم 3519) . (2) هو محمد بن سيرين الأنصاري، أبو بكر البصري، روى عن مولاه أنس بن مالك وعن زيد بن ثابت ورافع بن خديج وسمرة بن جندب وأبي هريرة وعمران بن حصين وعبد الله بن عمر وغيرهم، روى عنه الشعبي وثابت البُناني وخالد الحذّاء وداود بن أبي هند وهشام بن حسان ويونس بن عبيد وعبد الله بن عون وغيرهم، وكانت وفاته سنة عشر ومائة وهو ابن سبع وسبعين، وهو ثقة ثبت عابد كبير القدر، روى له الجماعة. وثقه أحمد وابن معين والعجلي وأبو زرعة، وقال ابن سعد: ((كان ثقة مأمونًا عاليًا رفيعًا فقيهًا إمامًا كثير العلم ورعًا، وكان به صمم)) . وقال ابن حبان: ((كان محمد بن سيرين من أورع أهل البصرة، وكان فقيهًا فاضلاً حافظًا متقنًا يُعبِّر الرؤيا)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (7 / 280 - 281 رقم 1518) ، و"التهذيب" (9 / 214 - 217 رقم 336) ، و"التقريب" (ص483 رقم 5947) . (3) هو عَبيدة بن عمرو السَّلْماني - بسكون اللام، ويقال بفتحها -، المُرادي، أبو عمرو الكوفي، روى عن علي وابن مسعود وابن الزبير، روى عنه الشعبي وابن سيرين وأبو إسحاق السبيعي وغيرهم، وكانت وفاته سنة اثنتين وسبعين للهجرة، وقيل غير ذلك، وهو تابعي كبير مخضرم فقيه ثبت، روى له الجماعة. كان شريح القاضي إذا أشكل عليه شيء كتب إليه. وقال ابن معين: ((ثقة لا يُسئل عن مثله)) . وقال العجلي: ((كوفي تابعي ثقة جاهلي، أسلم قبل وفاة النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بسنتين، ولم يره)) . وقال ابن المديني والفلَّاس: ((أصلح الأسانيد: محمد بن سيرين، عن عبيدة، عن علي)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (6 / 91 رقم 466) ، و"التهذيب" (7 / 84 - 85 رقم 185) ، و"التقريب" (ص379 رقم 4412) . (4) السَّدَاد هو: القصد في الأمر والعدل فيه، فلا يغلو ولا يسرف. انظر: "النهاية في غريب الحديث" (2 / 352) . =

45- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرٌ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ خَيْثَمَةَ بْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ الْأَنْصَارِيِّ الْبَصْرِيِّ (1) ، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ يَطُوفُ وَهُوَ يَقْرَأُ سُورَةَ يُوسُفَ، وَيَجْتَمِعُ النَّاسُ عَلَيْهِ، فَإِذَا فَرَغَ سَأَلَ، فَقَالَ الْحَسَنُ: كُنْتُ مَعَ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ، فَمَرَّ بِهَذَا السَّائِلِ، فَقَامَ، فَاسْتَمَعَ لِقِرَاءَتِهِ، فَلَمَّا فَرَغَ سَأَلَ، فَقَالَ (عِمْرَانُ) (2) : إِنَّا للَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، اذْهَبْ بِنَا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، يَقُولُ: ((مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ، فَلْيَسْأَلِ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ -، فَإِنَّهُ سَيَجِيءُ قَوْمٌ يَقْرَأُونَ الْقُرْآنَ يَسْأَلُونَ بِهِ النَّاسَ)) .

_ = [44] سنده صحيح على شرط الشيخين. والحديث مداره علي ابن سيرين، وله عنه أربعة طرق: 1- طريق ابن عون. أخرجه المصنف هنا من طريق يزيد بن هارون عنه. وتابعه ابن أبي شيبة فأخرجه في "المصنف" (10 / 511 رقم 10148) عن يزيد، به مثله. وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص353 رقم 830) . والطبري في "تفسيره" (1 / 86 رقم 97) . والبيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 230 رقم 2085) . أما أبو عبيد فمن طريق محمد بن أبي عدي، وأما الطبري فمن طريق ابن علية، وأما البيهقي فمن طريق أبي أسامة، ثلاثتهم عن ابن عون، به نحوه. 2- طريق سَلَمَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ سيرين. أخرجه أبو عبيد مقرونًا بالرواية السابقة. 3 و 4- طريقا هشام وأيوب، عن ابن سيرين. أخرجهما الطبري في "تفسيره" (1 / 86 رقم 96 و 97) بنحوه. (1) هو خيثمة بن أبي خيثمة، واسم أبي خيثمة: عبد الرحمن، الأنصاري، أبو نصر =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = البصري، روى عن أنس والحسن البصري، روى عنه الأعمش ومنصور بن المعتمر وجابر الجُعْفي وغيرهم، وهو ليِّن الحديث من الطبقة الرابعة كما في "التقريب" (ص197 رقم 1772) . قال ابن معين: ((ليس بشيء)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات". انظر: "الجرح والتعديل" (3 / 394 رقم 1809) ، و"الثقات" لابن حبان (4 / 214) ، و"التهذيب" (3 / 178 رقم 337) . (2) في الأصل: (عمر) ، وما أثبته هو الذي يقتضيه السياق، وكذا هو عند الطبراني والبيهقي في "الشعب" كما سيأتي، حيث رويا الحديث من طريق المصنف. [45] سنده ضعيف لما تقدم عن حال خيثمة، وهو حسن لغيره كما سيأتي. ومدار الحديث على خيثمة هذا، وله عنه طريقان: 1- طريق منصور بن المعتمر. أخرجه المصنف هنا من طريق جرير عنه. ومن طريق المصنف أخرجه الطبراني في "الكبير" (18 / 166 رقم 371) . والبيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 564 رقم 2388) . ولفظ الطبراني مختصر هكذا: ( ... سعيد بن منصور، ثنا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ منصور، عن حثمة بن أبي حثمة، عن الحسن، عن عمران بن حصين، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: ((مَنْ قرأ القرآن فليسأل الله به، فإنه سيأتي أقوام يقرأون القرآن ويسألون الناس به)) ) . وأما لفظ البيهقي فمثل لفظ المصنف، إلا أنه وقع عنده: (يطوف ويقرأ) ، و: (فيجتمع) ، و: (كنت مع عمران بن حصين) ، و: (فمّر به السائل) ، و: (فيسألون) . وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 436 - 437) . والآجري في "أخلاق أهل القرآن" (ص108 رقم 42) . والطبراني في "الكبير" (18 / 167 رقم 372) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ثلاثتهم من طريق يزيد بن هارون، عن شريك، عن منصور، عن خيثمة، به نحوه، إلا أن رواية الطبراني مثل روايته السابقة، وفيه: (حثمة بن أبي حثمة) . وأخرجه الطبراني أيضًا (18 / 167 رقم 373) من طريق إدريس الكوفي، عن منصور، عن رجل، عن الحسن، عن عمران، به نحو روايته السابقة. وأخرجه أيضًا (18 / 166 رقم 370) من طريق سهيل بن عثمان، عن زياد بن عبد الله وعبيدة بن حميد، كلاهما عن منصور، عن حثمة بن أبي حثمة، عن الحسن، به نحو لفظ المصنف. 2- طريق الأعمش، عن خيثمة. أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 480 رقم 10051) . وأحمد في "المسند" (4 / 439) . والترمذي في "سننه" (8 / 234 - 235 رقم 3084) . والبيهقي في "الشعب" (5 / 563 - 564 رقم 2387) . جميعهم من طريق أبي أحمد الزبيري، عن سفيان الثوري، عن الأعمش، عن خيثمة، به نحوه. وخالفه عبد الرزاق، ومؤمل. أما عبد الرزاق فأخرجه الإمام أحمد (4 / 432) من طريقه، عن سفيان، عن الأعمش، عن خيثمة، أو عن رجل، عن عمران بن حصين، قال: مر برجل ... فذكره بنحوه. وأما مؤمل، فأخرجه الإمام أحمد أيضًا (4 / 445) من طريقه، عن سفيان، عن الأعمش، عن خيثمة، ليس فيه عن الحسن البصري، قال: مرّ عمران بن حصين برجل ... ، فذكره بنحو سابقه. والصواب رواية أبي أحمد الزبيري، فإنه قد وافقه محمد بن يوسف الفريابي، وقبيصة بن عقبة. أخرجه الطبراني (18 / 167 رقم 374) من طريقهما، به نحوه، إلا أنه وقع =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = عنده (حثمة بن أبي حثمة) ، وهذه التسمية وردت في جميع الروايات السابقة في "معجم الطبراني الكبير" المطبوع، ولا شك أنها خطأ، لأمرين: 1- جميع المراجع التي أخرجت الحديث ليست فيها هذه التسمية، وإنما هي بالخاء بعدها ياء. 2- لم أجد فيما لدي من كتب التراجم من اسمه هكذا: (حثمة بن أبي حثمة) ، بل الذي يطلع على مصادر ترجمة خيثمة السابقة يجزم بأنه هو، فهو الذي يروي عن الحسن البصري، وعنه منصور والأعمش. وأخرجه الآجري في "أخلاق أهل القرآن" (ص106 - 107 رقم 41) . والبيهقي في "الشعب" (5 / 562 - 563 رقم 2386) . أما الآجري فمن طريق سعد بن الصلت، وأما البيهقي فمن طريق الحسن بن عمارة، كلاهما عن الأعمش، عن خيثمة، عن الحسن، فذكره بنحوه هكذا، فوافقا رواية أبي أحمد الزبيري ومن وافقه للحديث عن سفيان، عن الأعمش. والحديث أخرجه محمد بن نصر في "قيام الليل" من طريقين كما في مختصره (ص163 - 164) ، ولم يذكر المختصر سند هاتين الروايتين. وله شاهد من حديث أبي سيعد الخدري - رضي الله عنه -. أخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص137 رقم 343) . ومحمد بن نصر في "قيام الليل" كما في "المختصر" (ص163) . والبيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 564 - 565 رقم 2389) . ثلاثتهم من طريق ابن لهيعة، عن موسى بن وردان، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سعيد الخدري - رضي الله عنه -، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، قال: ((تعلموا القرآن، واسألوا الله به قبل أن يتعلمه قوم يسألون به الدنيا، فإن القرآن يتعلمه ثلاثة نفر: رجل يباهي به، ورجل يستأكل به، ورجل يقرأه لله عز وجل)) . هذا لفظ أبي عبيد، لفظ الآخرين نحوه. وسنده ضعيف. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = عبد الله بن لهيعة - بفتح اللام وكسر الهاء - ابن عقبة الحضرمي، أبو عبد الرحمن المصري القاضي يروي عن الأعرج وأبي الزبير ويزيد بن أبي حبيب وعطاء بن أبي رباح وموسى بن وَرْدان وغيرهم، روى عنه ابن المبارك وابن وهب وعبد الله بن يزيد المقرئ والوليد بن مسلم وسعيد بن أبي مريم وقتيبة بن سعيد وغيرهم، وكانت ولادته سنة ست وتسعين للهجرة، ووفاته سنة أربع وسبعين ومائة، وهو ممن كثر الكلام فيه. قال قتيبة بن سعيد: حضرت موت ابن لهيعة، فسمعت الليث يقول: ((ما خلَّف مثله)) . وقال الإمام أحمد: ((من كان مثل ابن لهيعة بمصر في كثرة حديثه وضبطه وإتقانه)) . وكان يحيى بن سيعد لا يراه شيئًا. وقال ابن مهدي: ((لا أحمل عنه قليلاً ولا كثيرًا)) . قلت: ومن جرحه قد فسّر الجرح، فابن مهدي لما ذكر كلامه السابق، قال: ((كتب إليّ ابن لهيعة كتابًا فيه: حدثنا عمرو بن شعيب. قال عبد الرحمن بن مهدي: فقرأته على ابن المبارك فأخرجه إليّ ابن المبارك من كتابه عن ابن لهيعة، قال: حدثني إسحاق بن أبي فروة، عن عمرو بن شعيب)) . اهـ. وأما ثناء من أثنى عليه من الأئمة، فلأجل صلاحه، كان قد احترقت كتبه سنة تسع وستين ومائة، فما كان من روايته قبل احتراق كتبه فهو أحسن حالاً مها بعد اختلاطه بسبب احتراقها، ولذا قالوا: إن من سمع منه في أول أمره أحسن حالاً في روايته ممن سمع منه بآخرة، وذلك كابن المبارك، وابن وهب، ونحوهما، وبعضهم ألحق روايتهم عنه بالصحيح، وردّها بعضهم. قال ابن أبي حاتم: ((قلت لأبي: إذا كان من يروي عن ابن لهيعة مثل ابن المبارك، فابن لهيعة يحتج به؟ قال: لا)) . اهـ. وأما وصف الإمام أحمد ابن لهيعة بالضبط والإتقان كما في عبارته السابقة، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = فلعله عنى به في أول أمره، فقد روى عنه حنبل قال: ((ما حديث ابن لهيعة بحجة، وإني لأكتب كثيرًا مما أكتب أعتبر به، وهو يَقوي بعضُه ببعض)) . اهـ. والكلام في ابن لهيعة يطول، وأحسن من فصل في حاله - فيما أرى-: ابن حبان؛ حيث قال: ((كان شيخًا صالحًا، ولكنه كان يدلّس عن الضعفاء قبل احتراق كتبه، ثم احترقت كتبه في سنة سبعين ومائة قبل موته بأربع سنين، وكان أصحابنا يقولون: إن سماع من سمع منه قبل احتراق كتبه مثل العبادلة، فسماعهم صحيح، ومن سمع منه بعد احتراق كتبه فسماعه ليس بشيء، وكان ابن لهيعة من الكتّابين للحديث، والجمّاعين للعلم، والرحّالين فيه ... قال أبو حاتم [أي ابن حبان] : قد سبرت أخبار ابن لهيعة من رواية المتقدمين والمتأخرين عنه، فرأيت التخليط في رواية المتأخرين عنه موجودًا، وما لا أصل له من رواية المتقدّمين كثيرًا، فرجعت إلى الاعتبار، فرأيته كان يدلس عن أقوام ضعفى عن أقوام رآهم ابن لهيعة ثقات، فالتزقت تلك الموضوعات به ... ، وأما رواية المتأخرين عنه بعد احتراق كتبه، ففيها مناكير كثيرة، وذاك أنه كان لا يبالي ما دفع إليه قراءة، سواء كان ذلك من حديثه أو غير حديثه. فوجب التنكُّب عن رواية المتقدمين عنه قبل احتراق كتبه؛ لما فيها من الأخبار المدلّسة عن الضعفاء والمتروكين، ووجب ترك الاحتجاج برواية المتأخرين عنه بعد احتراق كتبه؛ لما فيه مما ليس من حديثه)) . اهـ. من "المجروحين" (2 / 11 - 14) ، وانظر: "الجرح والتعديل" (5 / 145 - 148 رقم 682) ، و"الكامل" لابن عدي (4 / 1462 - 1472) ، و"التهذيب" (5 / 373 - 379 رقم 648) ، و"طبقات المدلسين" (ص142 رقم 140) . وعليه فالحديث بمجموع حديثي عمران وأبي سعيد حسن لغيره، وقد حسّنه الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" (1 / 2 / 117 رقم 257) .

46- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَزْمُ بْنُ أَبِي حَزْمٍ (1) ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: بَلَغَنِي أَنَّ النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: ((مَنْ قَرَأَ فِي لَيْلَةٍ مِائَةَ آيَةٍ كُتِبَ لَهُ قُنُوتُ لَيْلَةٍ، وَمَنْ قَرَأَ مِائَتَيْ آيَةٍ لَمْ يُحَاجِّهِ الْقُرْآنُ، وَمَنْ قَرَأَ خَمْسَمِائَةِ آيَةٍ أَصْبَحَ لَهُ قِنْطَارٌ (مِنَ) (2) الْأَجْرِ، وَالْقِنْطَارُ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا (3)) ) .

_ (1) هو حَزْم - بسكون الزاي - ابن أبي حزم القُطَعي - بضم القاف، وفتح الطاء -، أبو عبد الله البصري، روى عن الحسن البصري وعاصم الأحول وسليمان التيمي وغيرهم، روى عنه هنا سعيد بن منصور وروى عنه أيضًا ابن المبارك ومعتمر بن سليمان ومسدّد وغيرهم، وكانت وفاته سنة خمس وسبعين ومائة، وهو ثقة روى له البخاري كما في "الكاشف" للذهبي (1 / 215 رقم 1000) ، ووثقه أحمد وابن معين والدراقطني. وقال أبو حاتم: ((صدوق لا بأس به، هو من ثقات من بقي من أصحاب الحسن)) . وقال النسائي: ((لا بأس به)) . وذكره ابن شاهين في "الثقات". وأما ابن حبان فشذّ، فذكره في "الثقات"، وقال: ((يخطئ)) ، واعتمد ابن حجر على عبارته هذه، فقال في "التقريب": ((صدوق يهم)) . وجرح ابن حبان له غير مفسّر، وهو معارض بتوثيق هؤلاء الأئمة فلا يلتفت إليه. انظر: "الجرح والتعديل" (3 / 294 رقم 1209) ، و"سؤالات البرقاني" للدارقطني (ص26 رقم 116) ، و"تاريخ أسماء الثقات" لابن شاهين (ص74 رقم 306) ، و"التهذيب" (2 / 242 - 243 رقم 442) ، و"التقريب" (ص157 رقم 1190) . (2) في الأصل: ((في)) ، وما أثبته من الموضع الآتي من "سنن الدارمي"، و"قيام الليل" لمحمد بن نصر. (3) في الأصل: ((12 ألفًا)) . [46] سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مرسله الحسن البصري. وأخرجه الدارمي في "سننه" (2 / 334 - 335 رقم 3462) من طريق يونس، عن الحسن، به بلفظ: ((مَنْ قَرَأَ فِي لَيْلَةٍ مِائَةَ آية لم يحاجّه القرآن تلك الليلة، =

47- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْبَصْرِيِّ (1) ، عَنْ طَاوُسٍ (2) أَنَّهُ قَالَ: وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَحْسَنَ قِرَاءَةً مِنْ طَلْق بْنِ حَبِيبٍ (3) ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ، وَسُئِلَ مَنْ أَقْرَأُ النَّاسِ؟ قَالَ: ((مَنْ إِذَا سَمِعْتَ قِرَاءَتَهُ رَأَيْتَ أَنَّهُ يَخْشَى اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ -)) .

_ = ومن قرأ في ليلة مائتي آيَةٍ كُتِبَ لَهُ قُنُوتُ لَيْلَةٍ، ومن قرأ في ليلة خمسمائة آية إلى الألف أصبح وله قنطار من الأجر)) ، قالوا: وما القنطار؟ قال: ((اثنا عشر ألفًا)) . وأخرجه مسدد في "مسنده" كما في "المطالب العالية" (3 / 299 رقم 3525) . ومحمد بن نصر في "قيام الليل" كما في "المختصر" (ص147 - 148) . وابن الضريس كما في "كنز العمال" (7 / 799 رقم 21463) . جميعهم بنحو لفظ الدارمي وزيادة قوله: ((وإن أصفر البيوت من الخير: بيت لا يقرأ فيه القرآن)) ، وفي "كنز العمال": ((أصبح له قنطار في الجنة)) ، وليس فيه، ولا عند ابن نصر قوله: ((اثنا عشر ألفًا)) ، وإنما قال: ((دية أحدكم)) ، وفي "المطالب": ((دية أحدكم اثنا عشر ألفًا)) . (1) هو ابن أبي المُخَارق، ضعيف تقدمت ترجمته في الحديث رقم [28] . (2) هو طاوس بن كيسان اليماني، أبو عبد الرحمن الحميري، مولاهم، الفارسي، يقال اسمه: ذكوان، وطاوس لقب، روى عن العبادلة الأربعة وأبي هريرة وعائشة وغيرهم، روى عنه ابنه عبد الله وسليمان التيمي والزهري وعبد الكريم الجَزَري وعبد الكريم بن أبي المخارق وغيرهم، ومات سنة إحدى، وقيل: ست ومائة، وقيل غير ذلك، وهو ثقة فقيه فاضل، روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص281 رقم 3009) . قال ابن عباس: ((إني لأظن طاووسًا من أهل الجنة)) . ووثقه ابن معين والعجلي وأبو زرعة. وقال ابن حبان: ((كان من عباد أهل اليمن، ومن سادات التابعين، وكان قد حجّ أربعين حجة، وكان مستجاب الدعوة)) . انظر: "الجرح والتعديل" (4 / 500 - 501 رقم 2203) ، و"تاريخ الثقات" للعجلي (ص234 رقم 720) ، و"التهذيب" (5 / 8 -10 رقم 14) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = (3) هو طَلْق - بسكون اللام - ابن حبيب العَنَزي - بفتح المهملة والنون -، البصري، روى عن ابن عباس وابن الزبير وعبد اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وجابر وأنس وغيرهم، روى عنه طاوس والأعمش ومنصور وابن المعتمر وسليمان التيمي وغيرهم، ذكره البخاري في "التاريخ الأوسط" في فصل من مات بعد التسعين إلى المائة من الهجرة، وهو ثقة عابد مرجئ. قال حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: عَنْ أَيُّوبَ، قال لي سعيد بن جبير: ((لا تجالسه)) . قال حماد: ((وكان يرى الإرجاء)) . وقال ابن سعد: ((كان مرجئًا، ثقة - إن شاء الله تعالى -)) . وقال العجلي: ((بصري ثقة)) . وقال أبو زرعة: ((ثقة، لكن كان يرى الإرجاء)) . وقال أبو حاتم: ((صدوق في الحديث، وكان يرى الإرجاء)) . انظر: "الجرح والتعديل" (4 / 490 - 491 رقم 2157) ، و"تاريخ الثقات" للعجلي (ص237 رقم 729) ، و"التهذيب" (5 / 31 - 32 رقم 49) . [47] سنده ضعيف لضعف عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي الْمُخَارِقِ واضطرابه في الحديث، وهو حسن لغيره كما سيأتي. فالحديث له عن طاوس سبعة طرق: 1- طريق عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي الْمُخَارِقِ، وله عنه ثلاثة طرق: أ- طريق سفيان بن عيينة، عنه، عن طاوس من قوله. أخرجه المصنف هنا عن سفيان. ب- طرق ابن جريج. أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (2 / 488 رقم 4185) عنه، عن عبد الكريم، عن طاوس، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - ... ، فذكره مرفوعًا بنحوه، إلا أنه نص على أن القائل: ((ما سمعت قراءة أطيب من قراءة طلق ابن حبيب)) هو طاوس. تنبيه: وقع في المصنف: ( ... من قراءة حبيب) ، وعلق المحقق عليه بقوله: ((لعل الصواب: ابن حبيب، وهو عبد الله بن حبيب، أبو عبد الرحمن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = السلمي المقرئ المعروف)) . اهـ. قلت: والصواب كما في هذا الحديث أنه طلق بن حبيب. جـ- طريق مسعر، واختلف عليه. فأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 464 - 465 رقم 9694) من طريق أبي أسامة، عنه، عن عبد الكريم، عن طاوس، سئل: مَنْ أَقْرَأُ النَّاسِ؟ قَالَ: مَنْ إذا قرأ رأيته يخشى الله. قال: وكان طلق من أولئك. هكذا أخرجه ابن أبي شيبة، إلا أن المحقق بعد قوله: (سئل) زاد: [النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] . وذكر أن هذه الزيادة من "سنن الدارمي"، مع أن الدارمي أخرجه من غير طريق أبي أسامة كما سيأتي. وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا (2 / 522) . ومحمد بن نصر في "تعظيم قدر الصلاة" كما في تخريج أحاديث "إحياء علوم الدين" (2 / 709) . كلاهما من طريق وكيع، عن مسعر، عن عبد الكريم، عن طاوس، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - مرسلاً، ولم يذكر قوله: ((عن طلق بن حبيب)) . وكذا أخرجه الدارمي في "سننه" (2 / 338 رقم 3492) . والبيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 110 - 111 رقم 1959) . كلاهما من طريق جعفر بن عون، عن مسعر، به نحو سابقه. وأخرجه ابن عدي في "الكامل" (2 / 693) ، وأبو نعيم في "الحلية" (4 / 19) ، وفي "أخبار أصبهان" (2 / 90) . والبيهقي في "الشعب" (5 / 109 - 110 رقم 1958) . ثلاثتهم من طريق إسماعيل بن عمرو البجلي، عن مسعر، عن عبد الكريم، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مرفوعًا بنحو سابقه. وأخرجه البزار في "مسنده" (3 / 98 رقم 2336 /"كشف الأستار") . وابن أبي داود في كتاب "الشريعة" كما في "تخريج أحاديث الإحياء" (2 / 709) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = والطبراني في "الأوسط" كما في "مجمع البحرين" (ل 181 / أ) . وابن عدي في "الكامل" (2 / 693) . وتمام في "فوائده" (ص817 رقم 1449) . والخطيب في "تاريخه" (3 / 208) . جميعهم من طريق حميد بن حماد بن خُوار، عن مسعر، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر مرفوعاً، بنحو سابقه. قال البزار عقبة: ((لم يتابع حميد على روايته هذه، إنما يرويه مسعر، عن عبد الكريم، عن مجاهد مرسلاً ومسعر لم يحدّث عن عبد الله بن دينار بشيء، ولم نسمع هذا إلا من محمد بن معمر، أخرجه إلينا من كتابه)) . وقال ابن عدي: ((وهذا عن مسعر، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، لم يروه إلا حُميد بن حماد هذا، وقد روي هذا الحديث عن مسعر لون آخر (كذا) ، عن عبد الكريم المعلِّم، عن طاوس، سئل النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - - مرسل....)) ، ثم أخرجه من طريق إسماعيل بن عمرو، عن مسعر كما سبق، ثم قال: ((والروايتان جميعًا غير محفوظتين، والصحيح مرسل عن طاوس، قال: سئل النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، رواه أبو أسامة ومحمد بن بشر وشعيب بن إسحاق وغيرهم، عن مسعر مرسلاً)) . اهـ. وقال الخطيب: ((تفرد بروايته ابن خُوار، وخالفه إسماعيل بن عمرو، عن مسعر، عن عبد الكريم، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -)) . وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7 / 170) : ((فيه حميد بن حماد بن خوار (في الأصل: حوار) وثقه ابن حبان وقال: ربما أخطأ، وبقية رجال البزار رجال الصحيح)) . قلت: من خلال النظر في طرق الحديث عن مسعر يتضح أنه روي عنه على أربعة أوجه: فأبو أسامة رواه عنه على أنه من قول طاوس كما عند المصنف هنا. ووكيع وجعفر بن عون روياه عنه، به إلى طاوس مرسلاً. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وإسماعيل بن عمرو البجلي رواه عنه، به إلى طاوس، عن ابن عباس مرفوعًا. وحميد بن حماد رواه عنه، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر مرفوعًا. أما روايتا إسماعيل وحميد فلا يلتفت إليهما، لضعفهما ومخالفتهما لمن هو أوثق منهما. فإسماعيل بن عمرو بن نجيح البجلي، الكوفي، ثم الأصبهاني يروي عن سفيان الثوري والأعمش ومسعر وغيرهم، روى عنه عبيد بن الحسن الغزال والفضل بن أحمد وعبد السلام بن حرب، وكانت وفاته سنة سبع وعشرين ومائتين، وهو ضعيف؛ ضعفه أبو حاتم والدارقطني وابن عدي، وزاد: ((له عن مسعر غير حديث منكر لا يتابع عليه)) . وقال الأزدي: ((منكر الحديث)) . وقال العقيلي: ((في حديثه مناكير، ويحيل على من لا يحتمل)) . وقال أبو الشيخ: ((غرائب حديثه تكثر)) . وقال الخطيب: ((صاحب غرائب ومناكير عن الثوري وغيره)) . وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: ((يغرب كثيرًا)) . وذكره إبراهيم بن أَوَرْمَة فأحسن الثناء عليه. انظر: "الضعفاء والمتروكين" للعقيلي (1 / 86) ، والثقات لابن حبان (8 / 100) ، و"الكامل" لابن عدي (1 / 316 - 317) ، و"الميزان" (1 / 239 رقم 922) ، و"اللسان" (1 / 425 - 426 رقم 1323) . وحُميد بن حمّاد بن خُوار - بضمّ المعجمة وتخفيف الواو -، ويقال: ابن أبي الخوار، التميمي، أبو الجَهْم، يروي عن الأعمش وسماك بن حرب والثوري ومسعر وغيرهم، روى عنه أبو كريب ومحمود بن غيلان وزيد بن الحباب وغيرهم، وكانت وفاته سنة خمس عشرة ومائتين، وهو ليّن الحديث كما في "التقريب" (ص181 رقم 1543) . فقد ضعفه أبو داود وابن قانع. وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: ((ربما أخطأ)) . وقال ابن عدي: ((يحدث عن الثقات بالمناكير)) ، وفي موضع آخر قال: ((قليل الحديث، وبعض حديثه على قلّته لا يتابع عليه)) ، وقال الدارقطني: ((يعتبر به)) . انظر: "الثقات" لابن حبان (8 / 196 - 197) ، و"الكامل" لابن عدي (2 / 693 - 694) ، و"التهذيب" (3 / 37 - 38 رقم 64) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وعليه فيبقى الخلاف بين رواية أبي أسامة، وبين رواية وكيع وجعفر بن عون، وهو خلاف يسير، والراجح رواية وكيع وجعفر، كلاهما عن مِسْعَر، عن عبد الكريم، عن طاوس مرسلاً، فكل من وكيع وجعفر قد تابع الآخر، ووكيع بمفرده أوثق من أبي أسامة، وثلاثتهم ثقات. أما أبو أسامة، فاسمه حماد بن أسامة القرشي مولاهم، الكوفي، المشهور بكنيته، روى عن هشام بن عروة وإسماعيل بن أبي خالد والأعمش وسفيان الثوري وشعبة ومِسْعَر بن كِدَام وغيرهم، روى عنه الإمامان الشافعي وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين وإسحاق بن راهويه وابنا أبي شيبة وغيرهم، وكانت وفاته سنة إحدى ومائتين وهو ابن ثمانين سنة، وهو ثقة ثبت، متفق على الاحتجاج به، إلا أنه ربما دلّس، لكنه يبيّن تدليسه، وقد أورده الحافظ ابن حجر في الطبقة الثانية من "طبقات المدلسين"، وهم من احتمل الأئمة تدليسه. وقد وثقه ابن معين والعجلي، وقال ابن سعد: ((كان ثقة مأمونًا كثير الحديث، يدلّس ويبيّن تدليسه، وكان صاحب سنة وجماعة)) . انظر: "الجرح والتعديل" (3 / 132 - 133 رقم 600) ، و"التهذيب" (3 / 2 - 3 رقم 1) ، و"التقريب" (ص177 رقم 1487) ، و"طبقات المدلسين" (ص59 رقم 44) . وقد قيل: إن سفيان الثوري قال: ((إني لأعجب، كيف جاز حديث أبي أسامة! كان أمره بيِّنًا، كان من أسرق الناس لحديث جيّد)) . وأورد الذهبي أبا أسامة هذا في "ميزان الاعتدال" (1 / 588 رقم 2235) ، وذكر هذا القول المرويّ عن سفيان، وذكر أنه روي بدون إسناد، ثم قال: ((قلت: أبو أسامة لم أورده لشيء فيه، ولكن ليعرف أن هذا القول باطل. وقد روى عنه أحمد وعلي وابن معين وابن راهويه. وقال أحمد: ثقة من أعلم الناس بأمور الناس وأخبارهم بالكوفة، وما كان أرواه عن هشام، وما كان أثبته! لا يكاد يخطئ)) . اهـ. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ووكيع بن الجّراح بن مَليح الرُّؤاسي- بضم الراء، وهمزة، ثم مهملة -، أبو سفيان، الكوفي، روى عن أبيه وإسماعيل بن أبي خالد وهشام بن عروة والأعمش وسفيان الثوري وشعبة ومسعر بن كدام وغيرهم، روى عنه عبد الرحمن بن مهدي والإمام أحمد وعلي بن المديني ويحيى بن معين وإسحاق بن راهويه وابنا أبي شيبة وغيرهم، وكانت ولادته سنة ثمان وعشرين ومائة، ووفاته سنة ست وتسعين ومائة، وهو ثقة حافظ عابد روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص581 رقم 7414) . قال الإمام أحمد: ((ما رأيت أوعى للعلم من وكيع، ولا أحفظ منه)) . وقال أيضًا: ((كان مطبوع الحفظ. وكان وكيع حافظًا حافظًا، وكان أحفظ من عبد الرحمن بن مهدي كثيرًا كثيرًا)) . وقال ابن معين: ((والله ما رأيت أحدًا يحدّث لله تعالى غير وكيع، وما رأيت أحفظ منه، ووكيع في زمانه كالأوزاعي في زمانه)) . وقال ابن سعد: ((كان ثقة مأمونًا عاليًا، رفيع القدر، كثير الحديث، حجّة)) . وقال العجلي: ((كوفي ثقة عابد صالح أديب، من حفّاظ الحديث، وكان يفتي)) . وقال يعقوب بن شيبة: ((كان خيرًا، فاضلاً، حافظًا)) . وقال ابن حبان: ((كان حافظًا متقنًا)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (1 / 219 - 232) ، (9 / 37 - 39 رقم 168) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (3 / 1463 - 1464) ، و"تهذيب التهذيب" (11 / 123 - 131 رقم 211) . وأما جعفر بن عون بن عمرو بن حُريث المخزومي، فإنه يروي عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ والأعمش وهشام بن عروة ومسعر بن كدام وغيرهم، وروى عنه الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه وعبد بن حميد وابنا أبي شيبة والحسن بن علي الحلواني وغيرهم، وكانت وفاته سنة ست ومائتين، وقيل: سبع ومائتين وهو ابن سبع وثمانين سنة، وقيل: سبع وتسعين سنة، وهو ثقة روى له الجماعة كما في "الكاشف" (1 / 185 رقم 805) . فقد وثقه ابن معين وابن قانع، وذكره ابن حبان وابن شاهين في "الثقات". وقال الإمام أحمد: ((ليس به بأس، كان رجلاً صالحًا)) . وقال أبو حاتم: ((صدوق)) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = انظر: "الجرح والتعديل" (2 / 485 رقم 1981) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع (5 / 71) ، و"التهذيب" (2 / 101 رقم 153) . 2 و 3- طريقا ابن طاوس، والحسن بن مسلم، كلاهما عن طاوس. أخرجهما أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص98 رقم 230) ، من طريق سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ ابن طاوس، عن أبيه، وعن الحسن بن مسلم، عن طاوس، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - ... ، فذكره بنحوه، ولم يذكر قوله عن طلق. وسند هذا الطريق ضعيف. عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج تقدم في الحديث رقم [9] أنه مدلس، وقد عنعن هنا. ومع ذلك فهو مرسل. 4- طريق رجل مبهم، عن طاوس. أخرجه ابن المبارك في "الزهد" (ص37 رقم 113) من طريق عمر بن سعيد بن أبي حسين، عن رجل، عن طاوس قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((لَا يَسْمَعُ القرآن من رجل أشهى منه ممن يخشى الله عز وجل)) . وهذا سند ضعيف لإبهام الراوي عن طاوس، وإرساله. 5- طريق اللَّيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ طاوس. أخرجه أبو عبيد في "الفضائل" (ص98 رقم 231) . وفي "غريب الحديث" (2 / 141) . في كلا الموضعين من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة، عن ليث، عن طاوس، قال: ((أحسن الناس صوتًا بالقرآن: أخشاهم لله تعالى)) . وسنده ضعيف. ليث بن أبي سليم تقدم في الحديث رقم [9] أنه اختلط، فتُرك حديثه. 6- طريق عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ. أخرجه الطبراني في "الكبير" (11 / 7 رقم 10852) من طريق ابن لهيعة، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طاوس، عن ابن عباس، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - قال: =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ((إن أحسن الناس قراءة: من إذا قرأ يتحزن)) . ومن طريق الطبراني أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (4 / 19) . قال الهيثمي في "المجمع" (7 / 170) : ((فيه ابن لهيعة وهو حسن الحديث، وفيه ضعف)) . قلت: ابن لهيعة تقدم في الحديث رقم [45] أنه ضعيف ومدلس، وقد عنعن هنا، فالحديث ضعيف بهذا الإسناد لأجله. وقد خالف الطبراني ابن إشكيب، فإن الطبراني روى هذا الحديث عن شيخه يحيى بن عثمان بن صالح المصري، عن أبيه، عن ابن لهيعة هكذا. وأخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2 / 58) من طريق ابن إشكيب، ثنا يحيى بن عثمان بن صالح المصري، ثنا أبي، ثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن يزيد، عن ابن شهاب عن عروة، عن عائشة مرفوعًا: ((إن أحسن الناس قراءة: الذي قرأ رُئيت أنه يخشى الله)) . والأرجح رواية الطبراني، فإنه إمام مشهور. وأما سعيد بن إشكيب بن كوفي بن رُسْته، فله ترجمة في "أخبار أصبهان" (1 / 328) ، ولم يذكر فيه أبو نعيم جرحًا ولا تعديلاً. والراوي عنه سعيد بن يعقوب بن سعيد أبو عثمان القرشي السّراج، ذكره أبو نعيم أيضًا في الموضع السابق (1 / 330) ، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلاً. 7- طريق سليمان الأحول، عن طاوس. أخرجه عبد بن حميد في "مسنده" (2 / 35 رقم 800 / المنتخب) . ومحمد بن نصر في "قيام الليل" (ص122 / المختصر) . وابن أبي داود في كاب "الشريعة" كما في "تخريج الإحياء" (2 / 709) . ثلاثتهم من طريق مرزوق أبي بكر، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عنه -، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - قيل له: أي الناس أحسن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = قراءة؟ قال: ((الذي إِذَا سَمِعْتَ قِرَاءَتَهُ رَأَيْتَ أَنَّهُ يخشى الله عز وجل)) . قلت: وكون الراوي عن طاوس هنا هو سليمان الأحول فيه نظر؛ فإن رواية ابن نصر ليس فيها التصريح بأنه سليمان، وإنما جاءت هكذا: (عن الأحول) ، ورواية ابن أبي داود لم تذكر بتمامها في المرجع السابق، والتصريح بأنه سيلمان إنما هو في رواية عبد بن حميد، والذي يدعو للتوقف أن مرزوقًا الباهلي أبا بكر إنما يروي عن عاصم الأحول كما في "تهذيب الكمال" المخطوط (3 / 1315) ، و"تهذيب التهذيب" (10 / 86 رقم 151) . وسواء كان سليمان، أو عاصمًا، فهما ثقتان بحمد الله، وهذا الطريق هو أحسن طرق الحديث. أما سليمان فهو ابن أبي مسلم المكي الأحول، يروي عن طارق بن شهاب وسعيد بن جبير ومجاهد وعطاء وأبي سلمة بن عبد الرحمن وطاوس وغيرهم، روى عنه ابن جريج وشعبة وسفيان بن عيينة وغيرهم، وهو ثقة ثقة، قاله أحمد. ووثقه ابن عيينة وابن معين وأبو حاتم وأبو داود والنسائي والعجلي وابن وضاح، وذكره ابن حبان وابن شاهين في "الثقات"، وروى له الجماعة. انظر: "الجرح والتعديل" (4 / 143 رقم 620) ، و"التهذيب" (4 / 218 رقم 368) ، و"التقريب" (ص254 رقم 2608) . وأما عاصم فهو ابن سليمان الأحول، أبو عبد الرحمن البصري، روى عن أنس وعبد الله بن سَرْجِس وأبي مجلز لاحق بن حميد والحسن البصري وغيرهم، روى عنه سليمان التيمي وداود بن أبي هند ومعمر وشعبة والسفيانان وغيرهم، وكانت وفاته سنة اثنتين وأربعين ومائة، وهو ثقة روى له الجماعة، لم يتكلم فيه سوى يحيى القطان، فكأنه بسبب دخوله في الولاية. فقد وثقه أحمد وابن معين وابن المديني وأبو زرعة والعجلي وابن عمار والبزار. وكان يحيى القطان يضعفه ويقول: ((لم يكن بالحافظ)) . انظر: "الجرح والتعديل" (6 / 343 - 344 رقم 1900) ، و"تهذيب الكمال" =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = المطبوع (13 / 486) ، و"تهذيب التهذيب" (5 / 42 - 43 رقم 73) ، و"التقريب" (ص285 رقم 360) . وأما مرزوق الباهلي، أبو بكر البصري مولى طلحة، فإنه يروي عن عاصم الأحول وزيد بن أسلم وقتادة ومحمد بن المنكدر وأبي الزبير وغيرهم، روى عنه جعفر بن سليمان ومعتمر بن سليمان وأبو داود الطيالسي وأبو نعيم وغيرهم، وهو صدوق من الطبقة السابعة كما في "التقريب" (ص525 رقم 6555) . قال أبو زرعة: ((ثقة)) . وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: ((يخطئ)) . وقال ابن خزيمة: ((أنا بريء من عهدته)) . انظر: "الجرح والتعديل" (8 / 264 رقم 1204) ، و"الثقات" لابن حبان (7 / 487) ، و"التهذيب" (10 / 86 - 87 رقم 151) . وللحديث شاهد من حديث ابن عباس، وجابر، ومن حديث الزهري مرسلاً. 1- أما حديث ابن عباس فأخرجه أبو نعيم في "الحلية" (3 / 317) من طريق أحمد بن عمر الوكيعي، ثنا قبيصة، ثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: سئل النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أي الناس أحسن قراءة؟ قال: ((إذا قرأ رأيت أنه يخشى الله)) . قال أبو نعيم: ((هذا حديث غريب من حديث الثوري، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، انفرد به أحمد بن عمر، عن قبيصة)) . قلت: وعلى فرض ثبوته عن الثوري، فإنه ضعيف لأن ابن جريج مدلِّس ولم يصرح بالسماع، مع أن في ثبوته عن الثوري نظر، فالراوي عن الوكيعي هو العباس بن أحمد بن الحسن بن يزيد، أبو الفضل الوشّاء، يعرف بالمحب، قال عنه إسماعيل بن علي الخطبي: ((كان من الدارسين للقرآن)) ، وقال الخطيب: ((كان أحد الشيوخ الصالحين)) ، وكانت وفاته سنة ثمان وتسعين ومائتين. انظر: "تاريخ بغداد" (12 / 151 رقم 6613) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = فهذا الراوي لم يوثق، ومجرد وصفه بالصلاح ودراسة القرآن لا يفيد الضبط، وإنما يفيد العدالة، والصالحون تلتبس عليهم الأحاديث لانشغالهم بالعبادة عن حفظها، وهذا الحديث مما يناسب حال هذا الراوي، وأخشى أن يكون غلط فيه، وصوابه: (قبيصة، عن سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ ابن طاوس، عن أبيه، وعن الحسن بن مسلم، عن طاوس، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - ... ) الحديث، هكذا رواه أبو عبيد في "فضائله" عن قبيصة، وتقدم ذكر الحديث من هذا الطريق في الطريقين رقم (2 و 3) . 2- وأما حديث جابر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -: ((إن من أحسن الناس صوتًا بالقرآن: الذي إذا سمعتموه يقرأ، حسبتموه يخشى الله)) . فأخرجه ابن ماجه في "سننه" (1 / 425 رقم 1339) . واللفظ له. والآجري في "أخلاق أهل القرآن" (ص161 رقم 83) . وابن أبي داود في "الشريعة" كما في "تخريج أحاديث الإحياء" (2 / 708) . جميعهم من طريق عبد الله بن جعفر المديني، عن إبراهيم بن إسماعيل بن مُجمِّع، عن أبي الزبير، عن جابر، به. قال البوصيري، في "الزوائد" (1 / 435 - 436) : ((هذا إسناد ضعيف لضعف إبراهيم بن إسماعيل بن مُجَمِّع، وعبد الله بن جعفر)) . 3- وأما مرسل الزهري، فأخرجه ابن المبارك في "الزهد" (ص37 - 38 رقم 114) ، فقال: أخبرنا يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قال: بلغنا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - قال: ((إن من أحسن الناس صوتًا بالقرآن: الذي إذا سمعته يقرأ أُريت أَنَّهُ يَخْشَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ)) . ومن طريق ابن المبارك أخرجه الآجري في "أخلاق أهل القرآن" (ص163 رقم 84) . ويونس بن يزيد هو ابن أبي النَّجاد الأَيْلي - بفتح الهمزة، وسكون التحتانية، بعدها لام -، أبو يزيد مولى آل أبي سفيان، يروي عن =

48- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي السَّفَر (1) ، قَالَ: قَالَ حُذَيْفَةُ: ((إِنَّا قَوْمٌ أُوتِينَا الْإِيمَانَ قَبْلَ أَنْ نُؤْتَى الْقُرْآنَ، وَإِنَّكُمْ قَوْمٌ أُوتِيتُمُ الْقُرْآنَ قَبْلَ أَنْ تؤتوا الإيمان)) .

_ = الزهري ونافع مولى ابن عمر وهشام بن عروة وعكرمة وغيرهم، روى عنه عبد الله بن المبارك والليث بن سعد والأوزاعي وغيرهم، وكانت وفاته بصعيد مصر سنة تسع وخمسين ومائة، وهو ثقة روى له الجماعة، إلا أن في روايته عن الزهري وهمًا قليلاً، وفي غير الزهري خطأ. فقد وثقه أحمد مطلقًا وابن معين والعجلي والنسائي ويعقوب بن شيبة والجمهور، واحتج به الجماعة. وقال وكيع: ((سيء الحفظ)) . قوال الميموني سئل أحمد: من أثبت في الزهري؟ قال: معمر، قيل: فيونس؟ قال: روى أحاديث منكرة، وقال ابن سعد: ((كان كثير الحديث، وليس بحجة، وربما جاء بالشيء المنكر)) . وقال الحافظ ابن حجر عنه: ((ثقة حافظ)) . وقال أيضًا: ((وثقه الجمهور مطلقًا، وإنما ضعفوا بعض روايته حيث يخالف أقرأنه، أو يحدث من حفظه، فإذا حدث من كتابه فهو حجّة)) . وعدّ الذهبي جرح وكيع وابن سعد شذوذًا، وقال عنه: ((ثقة حجة)) . انظر: "الجرح والتعديل" (9 / 247 - 249 رقم 1042) ، و"الميزان" (4 / 484 رقم 9924) ، و"هدي الساري" (ص455) ، و"فتح الباري" (3 / 551) ، و"التهذيب" (11 / 450 - 452 رقم 769) ، و"التقريب" (ص614 رقم 7919) . وبالجملة فالحديث بمجموع هذه الطرق يصل لدرجة الحسن لغيره - إن شاء الله -، والله أعلم. (1) هو سعيد بن يُحْمِد - بضم الياء التحتانية، وكسر الميم -، أبو السَّفَر - بفتح المهملة والفاء-، الهَمْداني، الثوري، الكوفي، روى عن ابن عباس وعبد الله بن عُمر وعبد الله بن عَمرو والبراء بن عازب وغيرهم، روى عنه ابنه عبد الله =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وإسماعيل بن أبي خالد ومُطَرِّف بن طريق والأعمش وشعبة وغيرهم، وكانت وفاته سنة اثنتي عشرة أو ثلاث عشرة ومائة، وهو ثقة روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص242 رقم 2413) . فقد وثقه ابن معين ويعقوب بن سفيان، وقال أبو حاتم: ((صدوق)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال ابن عبد البر: ((أجمعوا على أنه ثقة فيما روى وحمل)) . انظر: "الجرح والتعديل" (4 / 73 رقم 307) ، و"التهذيب" (4 / 96 - 97 رقم 162) . وأبو السفر يروي الحديث هنا عن حذيفة بن اليمان، ولم أجد له عنه رواية في غير هذا الموضع، ولا من نصّ على أنه سمع منه، ولا أظنه سمع منه، فالفرق بين وفاتيهما يقرب من سبع وسبعين سنة، وفي الموضع السابق من "التهذيب" النص على أن روايته عن أبي الدرداء مرسلة، ونقل الحافظ ابن حجر في نهاية ترجمته عن الترمذي قوله: ((لا أعرف له سماعًا من أبي الدرداء)) ، ثم عقّب ابن حجر على قول الترمذي بقوله: ((ما أظنه أدركه، فإن أبا الدرداء قديم الموت)) . اهـ. قلت: ووفاة حذيفة قريبة من وفاة أبي الدرداء، أما حذيفة فوفاته كانت ست وثلاثين للهجرة، وأما أبو الدرداء، فقيل سنة أربع، وقيل ثلاث، وقيل اثنتين وثلاثين. انظر: "التهذيب" (2 / 220) و (8 / 176) . [48] الحديث سنده رجاله ثقات، إلا أنه ضعيف للانقطاع بين أبي السفر وحذيفة، لكنه حسن لغيره بالمتابعة الآتية، وصحيح لغيره بما سيأتي له من شواهد. وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (3 / 120) في الصلاة، باب: البيان أنه إنما قيل: يؤمّهم أقرؤهم، أخرجه من طريق المصنّف به مثله سواء. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (15 / 19 رقم 18985) ، فقال: حدثنا عبد الله بن نمير، قال: حدثنا الصلت بن بهرام، قال: أخبرنا المنذر بن هوذة، عن خرشة، أن حذيفة دخل المسجد، فمر على قوم يقرئ بعضهم بعضًا، فقال: إن تكونوا على الطريقة، لقد سبقتم سبقًا بعيدًا، وإن تدعوه فقد ضللتم. قال: =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ثم جلس إلى حلقة، إنا كنا قومًا آمنا قبل أن نقرأ، وإن قومًا سيقرأون قبل أن يؤمنوا. فقال رجل من القوم: تلك الفتنة، قال: أجل، قد أتتكم من أمامكم حيث تسوء وجوهكم، ثم لتأتينكم ديمًا ديمًا، إن الرجل ليرجع، فيأتمر الأمرين: أحدهما عجز، والآخر فجور. قال خرشة: فما برحت إلا قليلاً حتى رأيت الرجل يخرج بسيفه يستعرض الناس. وسنده ضعيف لجهالة منذر بن هوذة، فإنه لم يرو عنه سوى الصلت بن بهرام، وقد ذكره البخاري في "تاريخه" (7 / 357 رقم 1543) وسكت عنه، وبيض له ابن أبي حاتم (8 / 242 رقم 1096) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (7 / 480) . ومن طريق الصلت أخرجه الهروي في "ذم الكلام" (2 / ل 68 / ب - 269 / أ) ، مختصرًا. وقد ورد نحو هذا من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعًا، وموقوفًا على عبد الله بن عمر وجندب بن عبد الله - رضي الله عنهم -. 1- أما حديث عبد الله بن عمرو فأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (2 / 172) وتمام في "فوائده كما في الروض البسام" (1 / 92 رقم 22) . كلاهما من طريق ابن لهيعة، عن حُيَيّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي عب الرحمن الحُبُلي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: يا رسول الله إني أقرأ القرآن، فلا أجد قلبي يعقل عليه، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((إن قلبك حشي الإيمان، وإن الإيمان يعطى العبد قبل القرآن)) . هذا سياق الإمام أحمد، ونحوه سياق تمام، إلا أنه ليس في سنده ذكر لأبي عبد الرحمن الحبلي. والحديث من هذا الطريق لضعف ابن لهيعة كما في ترجمته في الحديث رقم [45] . 2- أما حديث عبد الله بن عمر، فيرويه: القاسم بن عوف البكري، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عمر يقول: لقد عشنا برهة من دهرنا وإن أحدنا ليؤتى الإيمان =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = قبل القرآن، وتنزل السورة على مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فنتعلم حلالها وحرامها، وما ينبغي أن يوقف عنده منها، كما تتعلمون أنتم اليوم القرآن، ولقد رأيت اليوم رجالاً يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان، فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته، ما يدري ما آمره ولا زاجره، ولا ما ينبغي أن يوقف عنده منه، وينثره نثر الدقل. اهـ. أخرجه النّحاس في "القطع والائتناف" (ص87) . وابن منده في "الإيمان" (2 / 369 - 370 رقم 207) . والحاكم في "المستدرك" (1 / 35) . والهروي في "ذم الكلام" (2 / ل 269 / أ) . والبيهقي في "سننه" (3 / 120) في الصلاة، باب البيان أنه إنما قيل: يؤمّهم أقرؤهم. جميعهم من طريق عبد الله بن عمرو الرَّقِّي، عن زيد بن أبي أنسية، عن القاسم، به، واللفظ للنحاس، ونحوه لفظ الباقين، إلا أن الهروي لم يذكر قوله: ((وتنزل السورة ... )) إلخ. قال ابن منده: ((هذا إسناد صحيح على رسم مسلم والجماعة، إلا البخاري)) . وقال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولا أعرف له علّة، ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي. 3- وأما حديث جندب بن عبد الله، فلفظه: ((كنا غلمانًا حزاورة مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -، فيُعلِّمنا الإيمان قبل القرآن، ثم يعلمنا القرآن، فازددنا به إيمانًا، وإنكم اليوم تعلّمون القرآن قبل الإيمان)) . أخرجه الإمام أحمد في "الإيمان" (ل 142 / أ) . وابن ماجه في "سننه" (1 / 23 رقم 61) في المقدمة، باب: في الإيمان. وابن منده في "الإيمان" (2 / 370 رقم 208) . والبيهقي في الموضع السابق من "سننه". جميعهم من طريق وكيع، عن حماد بن نجيح، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الجَوْني، عَنْ =

49- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ مِسْعَر (1) ، عَنْ مَعْن (2) ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: ((مَا خَيَّب اللَّهُ بَيْتًا أَوَى إِلَيْهِ امْرؤٌ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ، أَوْ آلِ عِمْرَانَ، أو بعض صواحبهن)) .

_ = جندب، به، واللفظ البيهقي، ولفظ الباقين نحوه، إلا أنهم لم يذكروا قوله: ((وإنكم اليوم تعلمون القرآن قبل الإيمان)) . وأخرجه ابن منده أيضًا من طريق أبي عامر العَقَدي، عن حماد، به مقرونًا بالرواية السابقة، وذكر أن عبد الصمد وغيروه رووه أيضًا عن حماد، ثم قال ابن منده: ((البخاري استشهد بحمّاد هذا وهو صالح)) . وذكر ابن ماجه في سياقه أن حمادًا هذا ثقة. وقال البوصيري في "الزوائد" (1 / 55) : ((هذا إسناد صحيح رجاله ثقات)) . وعليه فالحديث صحيح لغيره بمجموع طرقه السابقة، عدا حديث عبد الله بن عمرو المرفوع فلا يصح، والله أعلم. (1) هو مسعر بن كِدَام - بكسر أوله، وتخفيف ثانيه - ابن ظَهير الهلالي، أبو سلمة الكوفي، روى عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وأبي إسحاق السبيعي والأعمش ومنصور بن المعتمر ومعن بن عبد الرحمن وغيرهم، روى عنه ابن المبارك ووكيع ويحيى القطان وأبو نعيم وسفيان بن عيينة وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاث أو خمس وخمسين ومائة، وهو ثقة ثبت فاضل روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص528 رقم 6605) . قال يحيى بن سعيد القطان: ((ما رأيت مثل مسعر، كان مسعر من أثبت الناس)) . وقال شعبة: ((كنا نسمى مسعرًا المصحف)) . وقال أحمد: ((كان ثقة خياراً، حديثه حديث أهل الصدق)) . وقال ابن عمار: ((حجة، ومن كان بالكوفة مثله؟)) . وقال العجلي: ((كوفي ثقة ثبت في الحديث)) . ووثقه ابن معين وأبو زرعة. "الجرح والتعديل" (8 / 368 - 369 رقم 1685) ، و"التهذيب" (10 / 113 - 115 رقم 209) . =

50- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ مِسْعَرٍ، قَالَ: أَتَى عَبْدَ اللَّهِ رَجُلٌ، فَقَالَ: أَوْصِنِي، فَقَالَ: ((إِذَا سَمِعْتَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: {يَا أَيُّهَا الذين آمنوا} ، فَأَصْغِ لَهَا سَمْعَكَ، فَإِنَّهُ خَيْرٌ تُؤْمَرُ بِهِ، أَوْ شَرٌّ تُصْرَفُ عنه)) .

_ = هو مَعْن بن عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود الهُذلي، المسعودي، الكوفي، أبو القاسم القاضي، روى عن أبيه وأخيه القاسم وعون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وغيرهم، روى عنه الليث بن أبي سُليم وعبد الرحمن بن عبد الله روى له الشيخان كما في "التقريب" (ص542 رقم 6819) . فقد وثقه ابن معين ويعقوب بن سفيان وابن سعد، وزاد: ((قليل الحديث)) . وقال أبو حاتم: ((صالح)) . وقال العجلي: ((كان على قضاء الكوفة، وكان صارمًا، عفيفًا، مسلمًا، جامعًا للعلم)) . انظر: "الجرح والتعديل" (8 / 277 رقم 1270) ، و"التهذيب" (10 / 252 رقم 451) . قلت: ورواية معن، عن جده عبد الله بن مسعود منقطعة، فإنه لم يدركه، بل إن أباه عبد الرحمن في سماعه من أبيه عبد الله بن مسعود خلاف؛ لأنه توفي ولعبد الرحمن من العمر نحو ست سنين. انظر: "جامع التحصيل" (ص272) ، و"التهذيب" (6 / 215 - 216) . [49] سنده ضعيف للانقطاع بين معن وجده عبد الله بن مسعود. [50] سنده ضعيف لانقطاعه، فمسعر بن كدام لم يسمع من أحد من الصحابة، وإنما هو من طبقة أتباع التابعين، ذكره ابن حبان في "ثقاته" (7 / 507) منهم، وقد خالف ابنُ المبارك سفيانَ كما سيأتي، فرواه عن مسعر، عن عون ومعن، أو أحدهما. والحديث أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 10 رقم 1886) من طريق المصنف: سمعت سفيان بن عيينة يقول: سمعت مسعر بن كدام يقول: قال رجل لعبد الله بن مسعود: أَوْصِنِي، قَالَ: إِذَا سَمِعْتَ اللَّهَ عز وجل =

51-[ل107/أ] حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ (1) ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (2) ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ لَهُ: ((اقْرَأْ عَلَيَّ)) ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: أَقْرَأُ عَلَيْكَ، وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟! فَقَالَ: ((إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعُهُ مِنْ غَيْرِي)) ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ سُورَةَ النِّسَاءِ، حَتَّى إِذَا بَلَغَ: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} (3) ، فَاسْتَعبَرَ (4) رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَمسَكَ عَبْدُ اللَّهِ.

_ = يَقُولُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} ، فأصغ إليها سمعك، فإنه خير توصى به، أو سوء تصرف عنه. وأخرجه عبد الله بن المبارك في "الزهد" (ص12 - 13 رقم 36) فقال: أخبرنا مسعر، قال: حدثني عون ومعن، أو أحدهما، أن رجلاً أتى عبد الله بن مسعود، فقال: اعهد إليّ، فقال ... ، فذكره بنحوه. ومن طريق ابن المبارك أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" (2 / 2) . والصواب في الحديث أنه عن مسعر، عن معن، عن ابن مسعود، هكذا أخرجه الإمام أحمد في "الزهد" (ص231 رقم 864) عن وكيع، عن مسعر، فوافق فيه ابن المبارك، وأزال الشك في كونه عن معن، أو عون. والحديث منقطع أيضًا من هذا الطريق، فمعن تقدم في الحديث السابق أنه لم يدرك جده عبد الله بن مسعود. وقد أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (1 / 130) من طريق الإمام أحمد، به. والحديث سيعيده المصنف في تفسير سورة المائدة، برقم [848] من نفس الطريق. (1) هو عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بن عتبة بن عبد الله بن مسعود، الكوفي، المسعودي، روى عن أبي إسحاق السبيعي وأبي إسحاق الشيباني وعلقمة بن مرثد =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = والقاسم بن عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود وغيرهم، روى عنه السفيانان وشعبة وهم من أقرانه وجعفر بن عون وأبو داود الطيالسي وأبو نعيم ووكيع وغيرهم، وكانت وفاته سنة خمس وستين ومائة، هو ثقة اختلط قبل موته، وضابطه أن من سمع منه ببغداد فبعد الاختلاط، وروايته عن القاسم ومعن وعون وشيوخه الكبار أعدل من روايته عن غيرهم، وقد أطلق القول بتوثيقه عدد من الأئمة منهم: ابن معين، وأحمد، وابن نمير، وابن سعد، ويعقوب بن شيبة، والعجلي، وابن خراش، وجميعهم وصفه بأنه اختلط بآخرة، ونص أحمد على أن من سمع منه ببغداد فبعد الاختلاط، ومن سمع منه بالبصرة والكوفة فقبل الاختلاط. وممن سمع منه بعد الاختلاط: يزيد بن هارون، وحجاج بن محمد الأعور، وعاصم بن علي، وأبو النضر هاشم بن القاسم، وعبد الرحمن بن مهدي، وأبو داود الطيالسي، وعلي بن الجعد. وممن سمع منه قبل الاختلاط: وكيع، وأبو نعيم، ويحيى بن سعيد القطان، وأمية بن خالد، وبشر بن المفضل، وجعفر بن عون، وخالد بن الحارث، وسفيان ابن حبيب، وسفيان الثوري، أبو قتيبة سَلْم بن قتيبة وطلق بن غنام، وعبد الله بن رجاء، وعثمان بن عمر بن فارس، وعمرو بن مرزوق، وعمرو بن الهيثم، والقاسم بن معن بن عبد الرحمن، ومعاذ بن معاذ العنبري، والنضر بن شميل، ويزيد بن زريع. قلت: وهذا ما وجدت ممن نُصّ على أنه سمع منه قبل الاختلاط، وينبغي أن يلحق بهم سفيان بن عيينة الراوي عنه هنا، فإنه من أقرانه، وقد قال محمد بن عبد الله بن نمير: ((ما روى عنه الشيوخ مستقيم)) . وقال ابن سعد: ((رواية المتقدمين عنه صحيحة)) . وروايته هنا عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وهي مما أثنى عليه العلماء؛ قال ابن المديني: ((كان ثقة، إلا أنه كان يغلط فيما روى عن ابن بهدلة وسلمة، وما روى عن القاسم ومعن صحيح)) . وقال ابن معين: ((كان يغلط ويخطئ فيما يروي عن شيوخه الصغار، كعاصم، وسلمة، والأعمش، بخلاف ما يروي عن الكبار)) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وقال أيضًا: ((أحاديثه عن الأعمش مقلوبة، وأحاديثه عن القاسم، وعن عون صحيحة)) . انظر: "الجرح والتعديل" (5 / 250 - 252 رقم 1197) ، و"الميزان" (2 / 574 - 575 رقم 4907) ، و"التقييد والإيضاح شرح مقدمة ابن الصلاح" للعراقي (ص452 - 454) ، و"التهذيب" (6 / 210 - 212 رقم 427) ، و"الكواكب النيرات وحاشيته" (ص282 - 298) . (2) هو القاسم بن عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود المسعودي، أبو عبد الرحمن الكوفي، روى عن أبيه وعن ابن عمر وجابر بن سمرة ومسروق بن الأجدع وغيرهم، روى عنه أخوه معن وعبد الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عتبة وأخوه أبو العُميس عتبة بن عبد الله بن عتبة وأبو إسحاق السبيعي وأبو إسحاق الشيباني ومسعر بن كدام وغيرهم، وكانت وفاته سنة عشرين ومائة، وقيل: سنة ست عشرة ومائة، وهو ثقة عابد كما في "التقريب" (ص450 رقم 5469) . قال ابن عيينة: قلت لمسعر: من أثبت من أدركت؟ قال: ((القاسم بن عبد الرحمن وعمرو بن دينار)) . ووثقه ابن معين، وابن خراش، وابن سعد، وزاد: ((كثير الحديث)) . وقال العجلي: ((كان ثقة رجلاً صالحًا)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (7 / 112 رقم 647) ، و"التهذيب" (8 / 321 - 322 رقم 579) . قلت: وفي الموضع السابق من "التهذيب" النص على أن روايته عن جده عبد الله بن مسعود مرسلة، وهذه منها. (3) الآية: (41) من سورة النساء. (4) من العَبْرة وهي تَحلُّب الدمع. "النهاية" (3 / 171) . [51] الحديث ضعيف بهذا الإسناد للانقطاع بين القاسم بن عبد الرحمن وجده عبد الله بن مسعود، وهو صحيح لغيره بما يأتي من الطرق. فالحديث له عن ابن مسعود - رضي الله عنه - ثمانية طرق: =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = 1- طريق القاسم بن عبد الرحمن الذي أخرجه المصنف هنا. وتابع المصنف عليه الحميدي، فأخرجه في "مسنده" (1 / 55 رقم 101) عن سفيان بنحوه. 2- طريق أبي الضحى، وهو الآتي برقم [52] . 3- طريق عبيدة السلماني، وهو الآتي برقم [53] ، وهو مخرج في الصحيحين. 4- طريق أبي حيان الأشجعي، وهو الآتي برقم [56] . 5- طريق علقمة، وسيأتي ذكره في تخريج الحديث رقم [53] . 6- طريق أبي زرين مسعود بن مالك. أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 374) . وأبو يعلى في "مسنده" (9 / 254 - 255 رقم 5375) . والطبراني في "الكبير" (9 / 80 رقم 8466) . أما الإمام أحمد والطبراني فمن طريق هشيم، وأما أبو يعلى فمن طريق جرير، كلاهما عن مغيرة، عن أبي رزين، به نحوه. 7- طريق زر. أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 564 رقم 10354) . والنسائي في "الفضائل" (ص109 رقم 102) . والطبراني في "الكبير" (9 / 78 رقم 8459) . ثلاثتهم من طريق حسين بن علي الجعفي، عن زائدة، عن عاصم، عن زر، عن ابن مسعود، به نحوه. 8- طريق عبد الأعلى القاصّ، عمن أخبره، عن ابن مسعود. أخرجه أبو يوسف في كتاب "الآثار" (ص46 رقم 234) من طريق أبي حنيفة، عن عبد الأعلى، به نحوه، إلا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - طلب من ابن مسعود قراءتها ثلاث مرات، وفي جميعها يبكي، حين يصل إلى هذه الآية.

52- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا (أَبُو) (1) الأحْوَص (2) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ (3) ، عَنْ أَبِي الضُّحى، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لِعَبْدِ اللَّهِ: ((اقْرَأْ)) ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ أَقْرَأُ عَلَيَكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟! قَالَ: ((إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعُهُ مِنْ غَيْرِي)) وَافْتَتَحَ عَبْدُ اللَّهِ سُورَةَ النِّسَاءِ، وقرأ: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} ، ذَرَفَت عيناه (4) ، وقال: ((حسبك)) .

_ (1) ما بين القوسين سقط من الأصل، فاستدركته من بعض مصادر التخريج الآتية. (2) هو سلام بن سليم الحنفي، مولاهم، أبو الأحوص الكوفي، روى عن أبي إسحاق السبيعي وعاصم بن سليمان وسماك بن حرب وبيان بن بشر والأعمش ومنصور بن المعتمر وسعيد بن مسروق وغيرهم، روى عنه يحيى بن آدم ووكيع وابن مهدي وأبو نعيم وابنا أبي شيبة وهنّاد بن السَّري ومسدّد وسعيد بن منصور وغيرهم، وكانت وفاته سنة تسعة وسبعين ومائة، وهو ثقة متقن صاحب حديث، روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص261 رقم 2703) . قال ابن معين: ((ثقة متقن)) . ووثقه ابن نمير، وأبو زرعة، والنسائي، والعجلي، وزاد: ((صاحب سنة واتباع)) . انظر: "الجرح والتعديل" (4 / 259 - 260 رقم 1121) ، و"التهذيب" (4 / 282 - 283 رقم 486) . (3) سعيد بن مسروق الثوري، والد سفيان، روى عن إبراهيم التيمي وسلمة بن كهيل وأبي وائل شقيق بن سلمة والشعبي وأبي الضحى وغيرهم، روى عنه أولاده سفيان وعُمر ومبارك وشعبة بن الحجّاج وأبو الأحوص وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثمان وعشرين ومائة، وقيل: سنة ست، وقيل: سبع وعشرين ومائة، وهو ثقة روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص241 رقم 2393) ؛ وثقه ابن المديني وابن معين وأبو حاتم والعجلي والنسائي. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = انظر "الجرح والتعديل" (4 / 66 رقم 278) ، و"التهذيب" (4 / 82 رقم 142) . (4) أي جرى دَمْعُها. انظر: "النهاية" (2 / 159) . [52] الحديث سنده ضعيف للانقطاع بين أبي الضحى مسلم بن صبيح وبين ابن مسعود، ففي "جامع التحصيل" (ص344) ، و"التهذيب" (10 / 132) النص على أن رواية أبي الضحى عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مرسلة، وابن مسعود كانت وفاته سنة اثنتين، وقيل: ثلاث وثلاثين كما في "التهذيب" (6 / 28) ، أي قبل وفاة علي رضي الله عنه بنحو سبع سنين، ولذا قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (9 / 99) عن هذا الحديث: ((رواية أبي الضحى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ منقطعة، ووقع في رواية أبي الْأَحْوَصِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عن أبي الضحى: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - قال لعبد الله بن مسعود ... ، فذكره، وهذا أشد انقطاعًا، أخرجه سعيد بن منصور)) . اهـ. وقصد ابن حجر بقول: ((أشد انقطاعًا)) ؛ لأن رواية المصنف هنا ظاهرها الإرسال، لكن ابن سعد أخرج الحديث في "الطبقات" (2 / 342) متابعًا للمصنف، عن أبي الْأَحْوَصِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عن أبي الضحى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - ... ، فذكره. وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 380) . والبخاري في "صحيحه" (9 / 98 رقم 5055) . والبيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 16 - 17 رقم 1892) . ثلاثتهم من طريق سفيان الثوري، عن أبيه سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ أَبِي الضحى، عن ابن مسعود، به، لكنه مقرون برواية سفيان للحديث عن الأعمش، الآتية في الحديث رقم [53] .

53- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُلَيْمَانَ مؤدِّب أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (1) ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبيدة، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لِعَبْدِ اللَّهِ: ((اقْرَأْ عَلَيَّ)) ، قَالَ: أَقْرَأُ عَلَيْكَ، وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟ فَقَالَ: ((إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعُهُ مِنْ غَيْرِي)) ، فَقَرَأَ سُورَةَ النِّسَاءِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَوْلِهِ: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} ، قَالَ: فَغَمَزَنِي، فَنَظَرْتُ فَإِذَا دُمُوعُهُ تَنْحَدِر.

_ = (1) هو إبراهيم بن سليمان بن رَزِين، الأُرْدُنِّي، أبو إسماعيل المؤدب، مشهور بكنيته، روى عن الأعمش وعاصم الأحول وإسماعيل بن أبي خالد وغيرهم، روى عنه ابنه إسماعيل، وابنا أبي شيبة ويحيى بن يحيى النيسابوري وغيرهم، وروى عنه هنا سعيد بن منصور، وهو ثقة من الطبقة التاسعة، فقد وثقه ابن معين والعجلي وأبو داود والدارقطني. وقال الإمام أحمد، والنسائي: ((ليس به بأس)) . وقال ابن خراش: ((كان صدوقًا)) . "الجرح والتعديل" (2 / 102 - 103 رقم 286) ، و"التهذيب" (1 / 125 - 126 رقم 220) ، و"التقريب" (ص90 رقم 181) . قلت: النقل عن ابن معين بأنه وثقه جاء في "سؤالات الدارمي له" (ص158 رقم 557) ، و"سؤالات ابن الجنيد" (ص380 رقم 435) ، وسؤالات ابن الهيثم (ص88 رقم 279) ، وكذا نقل عنه جعفر بن أبي عثمان الطيالسي كما في "تاريخ بغداد" (6 / 87) ، وأبو داود كما "تهذيب الكمال" للمزي (2 / 100 / المطبوع) ، ونحوه ما في الموضع السابق من "الجرح والتعديل" نقلاً عن أبي قدامة عبيد الله بن سعيد السرخسي؛ حيث قال: ((سألت يحيى بن معين عن أبي إسماعيل المؤدب، فقا: ليس به بأس)) . اهـ. وأما معاوية بن صالح بن أبي عبيد الله الأشعري، فقد روى عنه محمد بن أحمد أبو بشر الدولابي ما نقله عن ابن معين، غير أنه اختلف على الدولابي في هذا النقل. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = أما العقيلي في "الضعفاء" (1 / 50) ، وابن عدي في "الكامل" (1 / 249) ، فرويا عنه، عن معاوية بن صالح، قال: سمعت يحيى بن معين قال: ((أبو إسماعيل المؤدب ضعيف)) . وأما أحمد بن محمد بن إسماعيل المهندس، فروى عنه، عن معاوية بن صالح، قال: ((إبراهيم بن سليمان مؤدب بني أبي عبد الله، قال يحيى بن معين: ثقة صحيح الكتاب، كتبت عنه)) أخرج هذا النقل الخطيب البغدادي في "تاريخه" (6 / 87) ، فقال: أخبرنا يوسف بن رباح البصري، أخبرانا أحمد بن محمد بن إسماعيل المهندس بمصر ... ، فذكره. وأحمد بن محمد بن إسماعيل المهندس هذا ذكره الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (16 / 462 رقم 334) ، وقال: ((محدِّث مصر ... ، انتقى عليه الحفاظ، وكان ثقةً خيِّرًا تقيًّا)) . وشيخ الخطيب يوسف بن رباح بن علي بن موسى، أبو محمد الشاهد البصري قال الخطيب في "تاريخ بغداد" (14 / 328 رقم 7654) : ((كتبنا عنه، وكان سماعه صحيحًا)) . وعليه فالذي يظهر - والله أعلم - أن الاختلاف من الدولابي نفسه، فإنه متكلم فيه كما يظهر من ترجمته في "لسان الميزان" (5 / 41 - 42 رقم 142) ، وعليه فالصحيح عن ابن معين توثيقه لأبي إسماعيل المؤدب، ولو سلمنا بصحة ما نقل عنه من تضعيفه له، فيحمل على رواية بعينها مما ذُكر أنه يغرب فيه؛ فإن ابن عدي - رحمه الله - لما نقل تضعيف ابن معين له، قال: ((وأبو إسماعيل المؤدِّب لم أجد من ضعفه إلا ما حكاه معاوية بن صالح عن يحيى، وهو عندي حسن الحديث، ليس كما رواه معاوية عن يحيى، وله أحاديث كثيرة غرائب حسانًا (كذا) ، تدلّ على أن أبا إسماعيل من أهل الصدق، وهو ممن يكتب حديثه)) . اهـ. والله أعلم. [53] الحديث سنده صحيح، وإن كان ظاهره الإرسال، إلا أنه جاء في بقية الروايات التصريح برواية عبيدة له عن ابن مسعود، وبعضها في الصحيحين. فالحديث مداره على إبراهيم النخعي، وله عنه أربعة طرق: =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = 1- طريق الأعمش، وله عنه ستة طرق. أ- طريق أبي إسماعيل المؤدب إبراهيم بن سليمان، وهو الذي أخرجه المصنف هنا. ب- طريق حفص بن غياث. أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 563 رقم 10352) . ومن طريق ابن أبي شيبة وغيره أخرجه مسلم في "صحيحه" (1 / 551 رقم 247) . وأخرجه البخاري في "صحيحه" (9 / 93 رقم 5049) . وأبو داود في "سننه" (4 / 74 رقم 3668) . والنسائي في "فضائل القرآن" (ص108 رقم 100) . ومحمد بن نصر في "قيام الليل" كما في المختصر (ص125) . والهيثم بن كليب في "مسنده" (ل 88 / ب) . والبيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 3 - 14 رقم 1890) و (3 / 62 - 63) . جميعهم من طريق حفص بن غياث، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - ... فذكره بنحوه. جـ- طريق عبد الواحد بن زياد. أخرجه البخاري في "صحيحه" (9 / 98 رقم 5056) بنحوه إلى قوله: ((إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعُهُ مِنْ غيري)) . ومن طريق البخاري أخرجه البغوي في "شرح السنة" (4 / 490 رقم 1220) . دـ- طريق علي بن مسهر. أخرجه مسلم في "صحيحه" (1 / 551 رقم 247) . وأبو يعلى في "مسنده" (9 / 5 رقم 5069) . والطبراني في "الكبير" (9 / 78 رقم 8461) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ثلاثتهم بنحوه. هـ- طريق سفيان الثوري. أخرجه ابن المبارك في "الزهد" (ص36 رقم 110) . ومن طريق ابن المبارك أخرجه: الترمذي في "سننه" (8 / 380 رقم 5015) . والنسائي في "الفضائل" (ص109 - 110 رقم 103) . والآجري في "أخلاق أهل القرآن" (ص118 - 119 رقم 48) . وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 380 و 432 - 433) . والبخاري في "صحيحه" (8 / 250 رقم 4582) و (9 / 94 - 98 رقم 5050 و 5055) . والترمذي في "سننه" أيضًا (8 / 379 رقم 5014) . وفي "الشمائل" (ص255 رقم 306) . وأبو يعلى في "مسنده" (9 / 147 رقم 5228) . والهيثم بن كليب في "مسنده" (ل 88 / ب) . والبيهقي في "سننه" (10 / 231) ، وفي "دلائل النبوة" (1 / 356) . وفي "شعب الإيمان" (5 / 16 - 17 رقم 1892) و (3 / 61 - 62 رقم 755) . جميعهم من طريق سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عن عبيدة، عن عبد الله، به نحوه. قال الترمذي: ((هذا أصح من حديث أبي الأحوص)) . قلت: حديث أبي الأحوص فيه مخالفة لجميع هؤلاء كما سيأتي بيانه في الحديث الآتي: (و) طريق أبي الأحوص. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = أخرجه الترمذي قبل الحديث السابق (8 / 378 رقم 5013) . والنسائي في "الفضائل" (ص109 رقم 101) . وابن ماجه في "سننه" (2 / 1043 رقم 4194) . والطبراني في "الكبير" (9 / 80 رقم 8467) . جميعهم من طريق هناد بن السري، عن أبي الأحوص، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أمرني رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - أن أقرأ عليه وهو على المنبر ... ، الحديث بنحوه، إلا أن ابن ماجه لم يذكر المنبر. قال الترمذي: ((هكذا روى أبو الأحوص، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ علقمة، عن عبد الله، وإنما هو: إبراهيم، عن عبيدة، عن عبد الله)) . قلت: قد روى أيضًا من غير طريق أبي الأحوص، والأعمش. فقد أخرجه الطبراني في "الكبير" (9 / 79 رقم 8463) من طريق البزار، عن أحمد بن مالك التستري، عن المفضل بن محمد النحوي، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ الأعمش ومغيرة، كلاهما عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عبد الله، به نحوه. هكذا رواه المفضل عن إبراهيم بن مهاجر. ورواه شعبة، عن إبراهيم بن مهاجر أيضًا، واختلف على شعبة. فرواه سليمان بن حرب عنه، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ إبراهيم النخعي، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، ليس فيه ذكر للأعمش. أخرجه الطبراني (9 / 80 رقم 8465) . ورواه وهب بن جرير، وحجاج بن منهال، كلاهما عن شعبة، عن إبراهيم =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ابن مهاجر، عن إبراهيم النخعي، عن عبد الله، ليس فيه ذكر للأعمش ولا لعلقمة. أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (2 / 342) من طريق وهب. وأخرجه الهيثم بن كليب في "مسنده" (ل 107 / أ) من طريق حجاج. ورواه عمرو بن مرزوق، عن شعبة، واختلف على عمرو. فرواه أبو مسلم الكشي، ويوسف القاضي، كلاهما عنه، عن شعبة، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ إبراهيم النخعي، عن ابن مسعود. أخرجه الطبراني في "الكبير" (9 / 79 رقم 8464) عنهما كليهما. وأخرجه الهيثم في "مسنده" (ل 106 / ب) عن أبي مسلم فقط. ورواه محمد بن زكريا، عن عمرو بن مرزوق، عن شعبة، عن إبرهيم بن مهاجر، عن النخعي، عن علقمة، عن ابن مسعود. أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (7 / 203) ، ثم قال: ((رواه غندر والناس (عن) شعبة، فلم يذكروا علقمة، وما كتبته متصلاً من حديث شعبة إلا هكذا)) . قلت: محمد بن زكريا هذا هو الغلابي، وتقدم في الحديث [23] أنه يضع الحديث، فلا يلتفت إلى روايته هذه، وبه يتبين أن الصواب في هذا الطريق: شعبة، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ إبراهيم النخعي، عن ابن مسعود، وهكذا رواه عمرو بن مرة، عن النخعي، وهو الطريق الثاني الآتي: 2- طريق عمرو بن مرّة عن إبراهيم النخعي. أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 380) . والبخاري في "صحيحه" (8 / 250 رقم 4582) ، (9 / 98 رقم 5055) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 16 - 17 رقم 1892) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ثلاثتهم من طريق سفيان الثوري، عن الأعمش، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ إبراهيم النخعي، عن ابن مسعود، به مقرونًا برواية سفيان الثوري السابقة للحديث عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عبيدة، عن ابن مسعود. وأخرجه مسلم في "صحيحه" (1 / 551 رقم 248) . وأبو يعلى في "مسنده" (8 / 435 رقم 5019) . كلاهما من طريق مِسْعَرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عن إبراهيم، قال: قال النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لعبد الله بن مسعود ... ، فذكره بنحوه. قلت: وهذا الإسناد منقطع بين إبراهيم النخعي وابن مسعود، كما في "فتح الباري" (8 / 251) ، وهو عند مسلم وأبي يعلى أشد انقطاعًا. فإن قيل: كيف أخرجه الشيخان من هذا الطريق وهو منقطع؟! فالجواب: إن البخاري إنما أخرجه مقرونًا برواية أخرى موصولة، ومسلم أخرجه متابعًا، ومع ذلك فمراسيل إبراهيم النخعي عن ابن مسعود صحيحة كما سبق بيانه في الحديث [3] . 3- طريق فضيل بن عمرو، عن إبراهيم النخعي، عن عبيدة، عن ابن مسعود. أخرجه الطبراني في "الصغير" (1 / 75) بنحوه، ثم قال: ((لم يروه عن فضيل ابن عمرو إلا أبان بن تغلب، ولا عن أبان بن تغلب إلا القاسم بن معن، ولا عن القاسم إلا بشر، تفرد به ابن الأصفر، وبشر الذي روى هذا الحديث هو بشر بن آدم الأكبر، مات قبل العشرين ومائتين، وبشر بن آدم الأصغر هو ابن بنت أزهر بن سعد السمان، وهما بصريان)) . 4- طريق إبراهيم بن مهاجر، عن النخعي: أخرجه الطبراني في "الكبير" (9 / 78 - 79 رقم 8462) من طريق أبي كامل الجحدري، عن المفضل بن محمد الكوفي، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ إبراهيم النخعي، عن عبيدة، عن عبد الله به نحوه، وزاد في آخره قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((مَنْ أحب أن يقرأ القرآن غضًّا كما أنزل، فليقرأه على قراءة ابن أم عبد)) . =

54- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ (1) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: قَرَأَ عَلْقَمَةُ (2) عَلَى عَبْدِ اللَّهِ، وَكَانَ حَسَنَ الصَّوْتِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: ((رَتِّلْ فِدَاكَ أَبِي، وَأُمِّي، فإنه زين القرآن)) .

_ = قلت: وسبق في الطريق السادس عن الأعمش ذكر الاختلاف في رواية إبراهيم بن مهاجر للحديث عن الأعمش، فلست أدري، أهذا اختلاف آخر، أم أن إبراهيم حفظ الحديث من هذا الطريق؟ وحديث ابن مسعود هذا ذكره السيوطي في "الدرر المنثور" (2 / 541) وعزاه أيضًا لعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم. (1) هو مغيرة بن مِقْسَم - بكسر الميم -، الضبّي، مولاهم، أبو هشام الكوفي الأعمى، روى عن إبراهيم النخعي وأبي وائل شقيق بن سلمة وعامر الشعبي ومجاهد وغيرهم، روى عنه سليمان التيمي وشعبة والثوري وأبو عوانة وخالد بن عبد الله الطحّان وهشيم وغيرهم، واختلف في سنة وفاته، فقيل توفي سنة اثنتين وثلاثين ومائة، وقيل: سنة ثلاث، وقيل: أربع، وقيل: ست وثلاثين ومائة، وهو ثقة متقن روى له الجماعة، إلا أنه كان يدلّس، ولا سيّما عن إبراهيم النخعي، وهذا الحديث من روايته عنه بالعنعنة. قال شعبة: ((كان مغيرة أحفظ من الحكم)) ، وفي رواية: ((أحفظ من حماد)) . وقال ابن معين: ((ثقة مأمون)) . وثقه أبو حاتم، والنسائي، وابن سعد، وزاد: ((كثير الحديث)) . وقال العجلي: ((كوفي ثقة، وكان من فقهاء أصحاب إبراهيم وكان عثمانيًا ... ، وكان مغيرة يكنى: أبا هشام، مولى لِضَبَّةَ، فقيه الحديث، إلا أنه كان يرسل الحديث عن إبراهيم، وإذا أوقف أخبره ممن سمعه، وكان يحمل على علي بعض الحمل)) . وقال الإمام أحمد: ((حديث مغيرة مدخول، عامة ما روى عن إبراهيم إنما سمعه من حماد، ومن يزيد بن الوليد، والحارث العكلي، وعبيدة وغيرهم)) ، وجعل يضعّف حديث مغيرة عن إبراهيم وحده. وقال ابن فضيل: ((كان يدلس، وكنا لا نكتب عنه إلا ما قال: حدثنا إبراهيم)) . وذكره ابن حجر في الطبقة الثالثة من "طبقات المدلسين"، وهم: من أكثر من التدليس، فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = إلا بما صرحوا فيه بالسماع. انظر "تاريخ الثقات" للعجلي (ص347 رقم 1622) ، و"الجرح والتعديل" (8 / 228 - 229 رقم 1030) ، و"التهذيب" (10 / 269 - 271 رقم 482) ، و"التقريب" (ص543 رقم 6851) ، و"طبقات المدلسين" (ص112 رقم 107) . (2) هو علقمة بن قيس بن عبد الله النخعي، أبو شبل الكوفي، ولد في حياة النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وروى عن عمر وعثمان وعلي وسعد وحذيفة وأبي الدرداء وأبي موسى وعائشة وابن مسعود وغيرهم - رضي الله عنهم -، روى عنه ابن أخيه عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ قيس وابن أخته إبراهيم بن يزيد النخعي، وعامر الشعبي وأبو وائل شقيق بن سلمة وغيرهم، واختلف في وفاته، فقيل: توفي سنة اثنتين وستين للهجرة، وقيل: سنة ثلاث، وقيل: خمس وستين، وقيل: سنة اثنتين وسبعين، وقيل: ثلاث وسبعين وله تسعون سنة، وهو ثقة ثبت فقيه عابد، روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص397 رقم 4681) . قال أحمد: ((ثقة من أهل الخير)) . ووثقه ابن معين، وعثمان بن سعيد الدارمي، وابن سعد، وزاد: ((كثير الحديث)) . وقال مرة الهمداني: ((كان علقمة من الربانيين)) وقال إبراهيم النخعي: ((كان عبد الله يشبه بالنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي هديه ودلّه وسَمْته، وكان علقمة يشبه بعبد الله)) . وفضائله رحمه الله كثيرة، ولا أدلّ على ذلك من قول ابن مسعود له في هذا الحديث: ((فداك أبي وأمي)) . انظر "طبقات ابن سعد" (6 / 86) ، و"تاريخ الثقات" للعجلي (ص340 - 341 رقم 1161) ، و"الجرح والتعديل" (6 / 404 - 405 رقم 2258) ، و" تاريخ بغداد" (12 / 296 - 300) ، و"التهذيب" (7 / 276 - 278 رقم 484) . [54] الحديث سنده ضعيف لأن هشيمًا ومغيرة مدلِّسان ولم يصرِّحا بالسماع، وهو صحيح لغيره كما سيأتي، وقد يكون ظاهر الحديث هنا الإرسال، لكن في الروايات الآتية ما يدل على وصله، فإنه روي عن إبراهيم النخعي من أربعة طرق: =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = 1- طريق مغيرة: أخرجه المصنف هنا من طريق هشيم عنه. وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص89 رقم 211) . وابن سعد في "الطبقات" (6 / 86) . وابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 520) و (10 / 524 رقم 10201) . والبيهقي في "سننه" (2 / 54) ، وفي "شعب الإيمان" (5 / 124 رقم 1973) . أما أبو عبيد فمن طريق جرير، وأما ابن سعد وابن أبي شيبة فمن طريق أبي الأحوص، وأما البيهقي فمن طريق علي بن عاصم، ثلاثتهم عن مغيرة، به نحوه، إلا أن ابن سعد وابن أبي شيبة لم يذكر قوله: ((وكان حسن الصوت)) . 2- طريق الأعمش: أخرجه ابن سعد (6 / 90) . والبخاري في "خلق أفعال العباد" (ص85 رقم 260) . والعجلي في "تاريخ الثقات" (ص340) . والطبراني في "الكبير" (9 / 152 رقم 8695) . أما ابن سعد والبخاري فمن طريق أبي شهاب، وأما العجلي فمن طريق سفيان الثوري، وأما الطبراني فمن طريق زائدة، ثلاثتهم عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ علقمة، قال: قال لي عبد الله: اقرأ - وكان علقمة حسن الصوت -، فقرأ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: رَتِّلْ فِدَاكَ أبي وأمي. هذا لفظ ابن سعد والبخاري، ونحوه لفظ العجلي، إلا أنه لم يذكر قوله: ((وكان علقمة حسن الصوت، ووقع عنده: ((فقرأت)) ، ولفظ الطبراني قريب من لفظ العجلي. وسنده صحيح، والراوي له عن أبي شهاب هو شيخ ابن سعد أحمد بن عبد الله بن يونس، وعن سفيان الثوري هو شيخ العجلي محمد بن يوسف الفريابي. أما شيخ ابن سعد فهو أحمد بن عبد الله بن يونس بن عبد الله بن قيس =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = التميمي، اليربوعي، الكوفي، يروي عن الثوري وابن عيينة وأبي شهاب عبد ربه بن نافع وغيرهم، روى عنه البخاري ومسلم وأبو بكر بن أبي شيبة، وروى عنه هنا محمد بن سعد وغيرهم، وكانت ولادته سنة ثلاث أو أربع وثلاثين ومائة، ووفاته سنة سبع وعشرين ومائتين، وهو ثقة حافظ روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص81 رقم 63) ، قال الإمام أحمد لرجل: ((أخرج إلى أحمد بن يونس؛ فإنه شيخ الإسلام)) . وقال أبو حاتم: ((كان ثقة متقنًا)) ، ووثقه النسائي والعجلي، وزاد: ((صاحب سنة)) ، وقال ابن سعد: ((كان ثقة صدوقًا صاحب سنة وجماعة)) . وقال ابن قانع: ((كان ثقة مأمونًا ثبتًا)) . انظر: "الجرح والتعديل" (2 / 57 رقم 79) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع (1 / 375 - 378) ، و"تهذيب التهذيب" (1 / 50 - 51 رقم 87) . وشيخ العجلي هو: محمد بن يوسف بن واقد بن عثمان الضَّبِّي، مولاهم، الفِرْيابي، روى عن الثوري ولازمه، وعن الأوزاعي وجرير بن حازم وغيرهم، وروى عنه الإمام أحمد والبخاري وابن وارة وغيرهم، وروى عنه هنا العجلي، وكانت ولادته سنة عشرين ومائة، ووفاته سنة اثنتي عشرة ومائتين، وهو ثقة فاضل عابد، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين، والعجلي، والنسائي، وأبو حاتم، وزاد: ((صدوق)) . وقال الإمام أحمد: ((كان رجلاً صالحًا)) . وقال البخاري: ((كان من أفضل أهل زمانه)) . انظر: "الجرح والتعديل" (8 / 119 - 120 رقم 533) ، و"التهذيب" (9 / 535 - 537 رقم 878) ، و"التقريب" (ص515 رقم 6415) . قلت: وقد روى الفريابي عن ابن عيينة، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد قال: ((الشعر في الأنف أمان من الجذام)) . وأنكر ابن معين عليه ذلك وقال: ((هذا حديث باطل)) . وأجاب عنه الذهبي في "الميزان" (4 / 71) فقال: ((إنما الباطل أن يجعله من قول النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أما أن يكون مجاهد قاله، فهذا صحيح عنه، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = رواه عباس الخلال وغيره، عن محمد، وهو ثقة فاضل عابد، من جملة أصحاب الثوري، حديثه في كتب الإسلام، وقد ارتحل إليه أحمد بالقصد، فبلغه موته، فعدل إلى حمص)) . وذكر ابن عدي الفريابي هذا في كتابه "الكامل" (6 / 2236 - 2237) ، وقال: ((له عن الثوري إفرادات)) . وذكر الذهبي في الموضع السابق من "الميزان" قول ابن عدي هذا، وقال: ((قلت: لأنه لازمه مدة، فلا ينكر له أن ينفرد عن ذاك البحر)) . اهـ. 3- طريق منصور. أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (6 / 89) . وأبو نعيم في "الحلية" (2 / 99) . أما ابن سعد فمن طريق إسرائيل، وأما أبو نعيم فمن طريق هشيم، كلاهما عن منصور، عن إبراهيم، أن علقمة قرأ على عبد الله ... ، فذكره بنحوه. والحديث أخرجه ابن نصر في "قيام الليل" كما في "المختصر" (ص116) . 4- طريق حماد بن أبي سليمان، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: كنت رجلاً قد أعطاني الله عز وجل حسن الصوت بالقرآن، وكان ابن مسعود يرسل إليّ، فأقرأ عليه، فإذا فرغت من قراءتي قال: زدنا فداك أبي وأمي، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: ((إِنَّ حسن الصوت زينة القرآن)) . أخرجه علي بن الجعد في "مسنده" (2 / 1187 رقم 3582) ، فقال: أنا أبو معاوية، عن حماد، عن إبراهيم ... ، فذكره باللفظ المتقدم. وأبو معاوية هذا قال ابن منيع البغوي الراوي للمسند عن ابن الجعد: ((هو عندي سعيد بن زربي؛ لأن هذه الأحاديث حدث بها سعيد)) . ومن طريق علي بن الجعد أخرجه ابن عدي في "الكامل" (3 / 1202) . والحديث أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (6 / 90) . والبزار في "مسنده" كما في "كشف الأستار" (3 / 96 - 97رقم 2331) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = والهيثم بن كليب في "مسنده" (ل 40 / ب) . وابن أبي داود في كتاب "الشريعة" كما في "تخرج أحاديث الإحياء" (2 / 702) . وابن عدي في "الكامل" (3 / 1202 - 1203) . جميعهم من طريق مسلم بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زربي، عن حماد، به نحو اللفظ السابق. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (10 / 101 رقم 10023) من طريق عبد الغفار بن داود أبي صالح الحراني، ثنا سعيد بن زربي ... ، فذكره بنحو سابقه. ومن طريق الطبراني أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (2 / 99) . وأخرجه ابن أبي داود في "الشريعة"، وأبو نعيم في "المستخرج" كما في الموضع السابق من "تخريج أحاديث الإحياء". كلاهما من طريق أبي ربيعة زيد بن عوف، عن سعيد بن زربي، به. قال البزار: ((تفرد به سعيد، وليس بالقوي)) . قلت: سعيد بن زَرْبي - بفتح الزاي - وسكون الراء، بعدها موحدة مكسورة -، الخزاعي، البصري، العَبَّاداني، أبو عبيدة، أو أبو معاوية يروي عن حماد بن أبي سليمان والحسن البصري ومحمد بن سيرين وغيرهم، روى عنه علي بن الجعد ومسلم بن إبراهيم ويزيد بن هارون وغيرهم، ذكره البخاري في "التاريخ الأوسط" في فصل من مات بين الستين إلى السبعين ومائة، وهو منكر الحديث كما في "التقريب" (ص235 رقم 2304) . قال ابن معين: ((ليس حديثه بشيء)) . وقال البخاري ومسلم: ((عنده عجائب)) . وقال أبو حاتم: ((ضعيف الحديث، منكر الحديث، عنده عجائب من المناكير)) . وضعفه أبو داود، وقال النسائي: ((ليس بثقة)) . وقال أبو أحمد الحاكم: ((منكر الحديث جدًّا)) . "الجرح والتعديل" (4 / 23 - 24 رقم 95) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع (10 / 431) ، و"التهذيب" (4 / 28 - 29 رقم 42) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وعليه فالحديث بهذا الإسناد ضعيف جدًّا، لضعف سعيد بن زربي، ومخالفته للرواة الآخرين، فإنهم رووه موقوفًا على ابن مسعود، وأما هو فرفعه، ولذا فقد ذكر الذهبي هذا الحديث في ترجمته سعيد في "الميزان" (2 / 136) ، وعدّه من مناكيره. وقد تابعه قيس بن الربيع عند ابن عدي في "الكامل" (6 / 2068) ، فرواه عن حماد بن أبي سليمان، به نحو رواية سعيد بن زربي، إلا أن هذا الطريق لا يفرح به؛ فقيس بن الربيع هذا هو الأسدي، أبو محمد الكوفي، يروي عن حماد بن أبي سليمان وأبي إسحاق السبيعي والأعمش وهشام بن عروة وغيرهم، روى عنه عبد الله بن نمير وأبو معاوية ووكيع وعبد الرزاق وغيرهم، واختلف في سنة وفاته، فقيل: مات سنة خمس وستين ومائة، وقيل: سنة ست، وقيل: سبع، وقيل: ثمان وستين، وهو صدوق، إلا أنه تغيّر لما كبر، وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه، فحدّث به كما في "التقريب" (ص457 رقم 5573) . فد وثقه سفيان الثوري، وشعبة، وأبو الوليد الطيالسي. وكان يحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي لا يحدثان عنه. وكان وكيع يضعفه، وأحمد بن حنبل يليّنه. وقال ابن معين: ((ليس حديثه بشيء)) . وقال النسائي: ((ليس بثقة)) . وقال في موضع آخر: ((متروك)) . وضعفه علي بن المديني جدًّا، وقال: ((إنما أهلكه ابن له قلب عليه أشياء من حديثه)) . وقال جعفر بن أبان: سألت ابن نمير عن قيس بن الربيع، فقال: ((كان له ابن هو آفته؛ نظر أصحاب الحديث في كتبه، فأنكروا حديثه، وظنوا أن ابنه قد غيّرها)) . وقال أبو داود الطيالسي: ((إنما أتي قيس من قبل ابنه، كان ابنه يأخذ حديث الناس، فيدخلها في فُرَج كتاب قيس، ولا يَعرف الشيخ ذلك)) . وقال ابن حبان: ((تتبعت حديثه، فرأيته صادقًا، إلا أنه لما كبر ساء حفظه، فيدخل عليه ابنه، فيحدث منه ثقة به، فوقعت المناكير في روايته، فاستحق المجانبة)) . =

55- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ وَهِشَامٍ (1) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَمِيكَائِيلَ، نَزَلَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ لَهُ مِيكَائِيلُ: ((اقْرَأْ عَلَى حَرْفٍ، وَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: اسْتَزِدْهُ فَاسْتَزَادَهُ، فَقَالَ لَهُ: اقْرَأْ عَلَى حَرْفَيْنِ، فَقَالَ لَهُ: اسْتَزِدْهُ، فَقَالَ لَهُ: اقْرَأْ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحْرُفٍ، فَاسْتَزَادَهُ حَتَّى بَلَغَ سَبْعَةَ أَحْرُفٍ، فَقَالَ: اقْرَأْ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، فَسَكَتَ النَّبِيُّ - صَلَّى الله عليه وسلم - وسكت)) .

_ = انظر: "الجرح والتعديل" (7 / 96 - 98 رقم 553) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (2 / 1133) ، و"التهذيب" (8 / 391 - 395 رقم 696) . وعليه فالصحيح أن الحديث موقوف على ابن مسعود، وأما المرفوع فضعيف جدًّا، والله أعلم. (1) هو هشام بن حسّان الأزدي القُرْدُسي - بالقاف، وضم الدال -، أبو عبد الله البصري، روى عن محمد وأنس وحفصة بني سيرين وعن الحسن البصري وعكرمة وهشام وبن عروة وغيرهم، روى عنه شعبة والسفيانان: الثوري وابن عيينة، والحمادان: ابن زيد وابن سلمة وحفص بن غياث وغيرهم، وكانت وفاته سنة ست أو سبع أو ثمان وأربعين ومائة، وهو ثقة، من أثبت الناس في ابن سيرين، وفي روايته عن الحسن وعطاء مقال؛ لأنه قيل: كان يرسل عنهما، وقد روى له الجماعة. كان ابن سيرين يقول: ((هشام منا أهل البيت)) . وقال سعيد بن أبي عروبة: ((ما رأيت أحفظ عن محمد بن سيرين من هشام)) . ووثقه ابن معين، وعثمان بن أبي شيبة، والعجلي، وزاد: ((حسن الحديث، يقال إن عنده ألف حديث حسن ليست عند غيره)) . وقال ابن سعد: ((كان ثقة - إن شاء الله تعالى -، كثير الحديث)) . وقال علي بن المديني: ((أما حديث هشام عن محمد فصحاح، وحديثه عن الحسن عامتها يدور على حوشب، وهشام أثبت من خالد الحذاء =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = في ابن سيرين وهشام ثبت. وقال أبو داود: ((إنما تكلموا في حديثه عن الحسن وعطاء؛ لأنه كان يرسل، وكانوا يرون أنه أخذ كتب حوشب)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 54 - 55 رقم 229) ، و "التهذيب" (11 / 34 - 37 رقم 75) ، و "التقريب" (ص572 رقم 7289) . [55] الحديث سنده ضعيف لإرساله، وفي متنه مخالفة للأحاديث الصحيحة في كون القائل: ((اقرأ)) هو ميكائيل، بينما الصحيح أن القائل ذلك هو جبريل كما سيأتي. وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (1 / 53 - 54 رقم 55) من طريق ابن عليّة، عن أيوب عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: نُبِّئت أن جبرائيل وميكائيل أتيا النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال له جبرائيل: اقرأ القرآن على حرفين، فقال له ميكائيل: استزده، فقال: اقرأ القرآن على ثلاثة أحرف، فقال له ميكائيل: استزده، قال: حتى بلغ سبعة أحرف. قال محمد: لا تختلف في حلال ولا حرام، ولا أمر ولا نهي، هو كقولك: تعال: وهَلُمّ، وأقبل. قال: وفي قراءتنا: {إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً} [سورة يس، الآية: 29] في قراءة ابن مسعود: (إن كانت إلا زقية واحدة) . هكذا رواه ابن جرير من طريق ابن علية عن أيوب، وهو مخالف لرواية سعيد هنا عن حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ وَهِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ في كون القائل: ((اقرأ)) هو ميكائيل، وموافق للروايات الصحيحة الآتية في كون القائل ذلك هو جبريل. فالحديث أخرجه أبو عبيد في "الفضائل " (ص303 رقم 714) فقال: حدثنا يزيد ويحيى بن سعيد، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسِ بن مالك، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: ما حكّ في صدري شيء منذ أسلمت، إلا أني قرأت آية، وقرأها آخر غير قراءتي، فقلت: أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -، وقال: أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -، فأتينا النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = فقلت: يا رسول الله، أقرأتني كذا وكذا؟ قال: ((نعم)) . وقال الآخر: ألم تقرئني كذا وكذا؟ قال: ((نعم)) . فقال: ((إن جبريل وميكائيل أتياني، فقعد جبريل عن يميني، وقعد ميكائيل عن يساري، فقال جبريل: اقرأ القرآن على حرف، فقال ميكائيل: استزده، حتى بلغ سبعة أحرف، كل حرف شافٍ كافٍ)) . وسنده رجاله ثقات تقدموا، إلا أن حميد الطويل مدلس، ولم يصرح بالسماع، لكن قد روي الحديث من غير طريقه كما سيأتي. وقد أخرج الحديث من هذا الطريق ابن شيبة في المصنف (10 / 517 رقم 10172) . والإمام أحمد في "المسند" (5 / 114 و 122) ، وابنه عبد الله في "زوائده على المسند" (5 / 122) . والنسائي في "سننه" (2 / 154 رقم 941) ، وفي "فضائل القرآن" (ص54 - 55 رقم 11) . والطحاوي في "مشكل الآثار" (4 / 188 - 189) . وابن أبي حاتم في "العلل" (2 / 84) . أما ابن أبي شيبة والنسائي في "الفضائل" فمن طريق يزيد بن هارون، وأما الإمام أحمد والنسائي في "سننه" فمن طريق يحيى بن سعيد القطان، وأما عبد الله بن أحمد فمن طريق بشر بن المفضل والمعتمر، وأما الطحاوي فمن طريق عبد الله بن أبي بكر السهمي، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق زهير، جمعيهم عن حميد، به، نحوه، لا أن لفظ ابن أبي شيبة مختصر. وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل" (ص304 رقم 717) . والإمام أحمد في "المسند" (5 / 127 - 128) . ومسلم في "صحيحه" (1 / 562 - 563 رقم 274) . وأبو داود في "سننه" (2 / 160 - 161 رقم 1478) . والنسائي في "سننه" (2 / 152 - 153 رقم 939) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = والطحاوي في "مشكل الآثار" (4 / 191) . جميعهم من طريق شُعْبَةَ عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ليلى، عن أبيّ بن كعب أنَّ النَّبِيَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - كان عند أضاة بني غفار، قال: فأتاه جبريل - عليه السلام - فقال: إن الله يأمرك أن تَقرأَ أمتُك القرآنَ على حرف. فقال: «أسأل الله معافاته ومغفرته وإن أمتي لا تطيق ذلك» . ثم أتاه الثانية فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على حرفين فقال: «أسأل الله معافاته ومغفرته وإن أمتي لا تطيق ذلك» . ثم جاءه الثالثة فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على ثلاثة أحرف. فقال «أسأل الله معافاته ومغفرته وإن أمتي لا تطيق ذلك» . ثم جاءه الرابعة فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على سبعة أحرف فأيُّما حرف قرأوا عليه فقد أصابوا. واللفظ لمسلم. وأخرجه البخاري في "صحيحه" (9 / 23 رقم 4991) . ومسلم (1 / 561 رقم 272) . كلاهما من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - قال: ((أقرأني جبريل على حرف، فراجعته، فلم أزل أستزيده ويزيدني، حتى انتهى إلى سبع أحرف)) . تنبيه: قد يشكل على بعض الأفهام معنى هذا الحديث، وليس بمشكل؛ إذ المعنى: أن الله سبحانه بعث الرسل بألسنة قومهم كما قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [سورة إبراهيم؛ الآية: 4] ، ومنهم رسول الهدى صلوات الله وسلامه عليه، فإنه بعث بلسان قومه وهم قريش، لا ما سواها من العرب، قال تعالى: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ} [سورة الزخرف، الآية: 44] ، وقال تعالى: {وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الحَقُّ} [سورة الأنعام، الآية: 66] ، وكان - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ أُرسل إلى العرب وغيرهم من الأمم كما قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} [سورة سبأ، الآية: 28] ، فكان فيمن اتبعه بعض أهل الألسنة العربية التي تخالف لسان قومه، وبعضٌ من العجم كسلمان الفارسي، =

56- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: نا حُصَين (1) ، عن

_ = فمثل هؤلاء لا يتهيأ لأحدهم أن يقرأ بلسان قريش إلا بالرياضة الشديدة الغليظة، وهم في حاجة لحفظ القرآن لقراءته في صلواتهم، والتقرب إلى الله بكثرة التلاوة، والتعلم من معانيه، فوسع الله عليهم في ذلك أن يتلوه بمعانيه وإن خالفت ألفاظهم التي يتلونه بها ألفاظ نبيهم - صلى الله عليه وسلم -. انظر: "مشكل الآثار" للطحاوي (4 / 185 - 186) . وليس المعنى أن يكون الحرف الواحد يقرأ على سبعة أوجه، بل المعنى كما قال أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص307) : ((ليس معنى تلك السبعة أن يكون الحرف الواحد يقرأ على سبعة أوجه، وهذا شيء غير موجود، ولكنه عندنا: أنه نزل على سبع لغات متفرقة في جميع القرآن من لغات العرب. فيكون الحرف منها بلغة قبيلة، والثاني بلغة أخرى سوى الأولى، والثالث بلغة أخرى سواهما، كذلك إلى السبعة وبعض الأحياء أسعد بها وأكثر حظًا فيها من بعض)) . اهـ. فإن قيل: هي القراءة بهذه الأحرف السبعة جائزة الآن؟ فالجواب ما ذكره الطحاوي في "مشكل الآثار" (4 / 190 - 191) حيث قال: ((فكانت هذه السبعة للناس في هذه الحروف لعجزهم عن أخذ القرآن على غيرها مما لا يقدرون عليه ... ، فكانوا على ذلك حتى كثر من يكتب منهم، وحتى عادت لغاتهم إلى لسان رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، فقرأوا بذلك على تحفظ القرآن بالألفاظ التي نزل بها، فلم يسعهم حينئذٍ أن يقرأوا بخلافها، وبان بما ذكرنا أن تلك السبعة الأحرف إنما كانت في وقت خاص؛ لضرورة دعت إلى ذلك، ثم ارتفعت تلك الضرورة، فارتفع حكم هذه السبعة الأحرف، وعاد ما يقرأ به القرآن إلى حرف واحد)) . اهـ. والله أعلم. (1) هو حصين بن عبد الرحمن السُّلمي، أبو الهذيل الكوفي، روى عن جابر بن سمرة وعمارة بن رويبة - رضي الله عنهما -، وعن زيد بن وهب وأبي وائل شقيق بن سلمة والشعبي وعبد الرحمن بن أبي ليلى وهلال بن يساف وغيرهم، روى عنه شعبة والثوري وهشيم وأبو عوانة وخالد بن عبد الله الطحّان الواسطي =

هِلَالِ بْنِ يِسَاف (2) ، عَنْ أَبِي حَيّان الأَشْجعي (3) ، قَالَ: لَقِيَ رَجُلٌ عَبْدَ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ: اقْرَأْ عَلَيَّ، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: إِنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ لِي: ((اقْرَأْ عَلَيَّ)) ، (فَقُلْتُ) (4) : يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَيْسَ مِنْكَ تَعلَّمْتُهُ؟ فَقَالَ: ((بَلَى، وَلَكِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعُهُ مِنْ غَيْرِي)) .

_ = وغيرهم، وكانت وفاته سنة ست وثلاثين ومائة، وهو ثقة إلا أنه تغير حفظه في الآخر، وقد روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص170 رقم 1369) . فقد وثقه ابن معين، وقال الإمام أحمد: ((حصين بن عبد الرحمن الثقة المأمون، من كبار أصحاب الحديث)) . وقال العجلي: ((ثقة ثبت في الحديث، والواسطيون أروى الناس عنه)) . وقال ابن أبي حاتم: ((سألت أبا زرعة عنه، فقال: ثقة، قلت: يحتجّ بحديثه؟ قال: إي والله)) . وقال أبو حاتم: ((صدوق، ثقة في الحديث، وفي آخر عمره ساء حفظه)) . وقال النسائي: ((تغيّر)) . اهـ. من "الميزان" (1 / 551 - 552 رقم 2075) ، و "التهذيب" (2 / 381 - 383 رقم 659) . قلت: والراوي عن حصين هنا هو خالد بن عبد الله الواسطي، وهو ممن روى عنه قبل الاختلاط كما في "هدي الساري" (ص398) . (2) هو هلال بن يساف - بكسر التحتانية، ثم المهملة، ثم فاء -، ويقال: ابن إساف، الأشجعي، مولاهم، الكوفي، روى عن الحسن بن علي وأبي الدرداء وسمرة بن جندب وعمران بن حصين وعائشة وغيرهم - رضي الله عنهم -، روى عنه أبو إسحاق السبيعي والأعمش ومنصور بن المعتمر وحصين بن عبد الرحمن وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة الثالثة كما في "التقريب" (ص576 رقم 7352) ، فقد وثقه ابن معين، والعجلي، وابن سعد، وزاد: ((كثير الحديث)) وذكره ابن حبان في "الثقات". انظر: "الجرح والتعديل" (9 / 72 رقم 278) ، و "التهذيب" (11 / 86 - 87 رقم 144) .

57- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا مَنْصُورُ بْنُ زَاذَان (1) ، عن

_ (3) اسمه منذر الأشجعي، أبو حيّان، من أصحاب ابن مسعود، وهو مجهول، لم يذكروا أنه روى عنه سوى ختنه هلال بن يساف، وقد سكت عنه البخاري، وبيّض له ابن أبي حاتم، وذكره ابن حبان في "الثقات". انظر: "التاريخ الكبير" (7 / 357 رقم 1539) ، و "الكنى" لمسلم (1 / 269 رقم 926) ، و "المعرفة والتاريخ" للفسوي (2 / 147) و (3 / 70) ، و "الكنى" للدولابي (1 / 161) ، و "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (8 / 241 - 242 رقم 1092) ، و "الثقات" لابن حبان (5 / 420) ، و "المقتنى" للذهبي الترجمة رقم (1846) . (4) في الأصل: ((فقال)) والتصويب من مصادر التخريج، وهو الذي يقتضيه السياق. [56] سنده ضعيف لجهالة أبي حيّان الأشجعي، وهو صحيح لغيره بالطرق المتقدمة برقم [51 و 52 و 53] . والحديث أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 563 رقم 10353) . والإمام أحمد في "المسند" (1 / 374) . وأبو يعلى في "مسنده" (9 / 84 رقم 5150) . أما ابن أبي شيبة فمن طريق ابن إدريس، وأما الإمام أحمد فمن طريق هشيم، وأما أبو يعلى فمن طريق جرير، ثلاثتهم عن حصين، به نحوه، إلا أن أول لفظ الحديث عند الإمام أحمد قال فيه: عن أبي حيان الأشجعي، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ لي: اقرأ علي من القرآن، قال: فقلت له: أليس منك تعلمّته، وأنت تقرئنا؟! ... ، فذكره بنحوه. ولم يرد صدر الحديث عند ابن أبي شيبة، وأبي يعلى. (1) هو منصور بن زاذان - بزاي وذال معجمة -، الواسطي، أبو المغيرة الثقفي، روى عن أبي العالية وعطاء بن أبي رباح والحسن البصري ومحمد بن سيرين وغيرهم، روى عنه جرير بن حازم وخلف بن خليفة وأبو عوانة وهشيم وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثمان وعشرين ومائة، وقيل: سنة تسع وعشرين ومائة، =

ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: كَانُ جِبْرِيلُ، يُعَارِضُ (2) النَّبِيَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فِي كُلِّ شَهْرِ رَمَضَانَ، فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ، عَارَضَهُ مَرَّتَيْنِ. قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: ((فَيُرْجَى أَنْ تَكُونَ قراءتُنا هذه على العَرْضة الأخيرة)) .

_ = وقيل: سنة إحدى ثلاثين ومائة، وهو ثقة ثبت عابد، روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص546 رقم 6898) . وثقه أحمد، وابن معين، وأبو حاتم، والنسائي، وقال العجلي: ((رجل صالح متعبد، كان ثقة ثبتًا)) . انظر: "الجرح والتعديل" (8 / 172 رقم 759) ، و "التهذيب" (10 / 306 - 307 رقم 535) . (2) أي: كان يدارسه جميع ما نزل من القرآن؛ من المعارضة، وهي: المقابلة، ومنه عارضت الكتاب بالكتاب، أي: قابلته به. "النهاية في غريب الحديث" (3 / 212) . [57] سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف لإرساله، وهو صحيح لغيره كما سيأتي في الحديث بعده. والحديث أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (2 / 195) . وابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 560 رقم 10341) . أما ابن سعد فمن طريق ابن عون، وأما ابن أبي شيبة فمن طريق هشام، كلاهما عن ابن سيرين، به نحوه، إلا أن ابن أبي شيبة لم يذكر قوله: فيرجى ... إلخ. وأخرج ابن شبّة في "تاريخ المدينة" (3 / 993 - 994) من طريق هشام عن ابن سيرين قصة جمع عثمان للمصحف، وفيه يقول ابن سيرين: ظننت أنهم كانوا إذا اختلفوا في الشيء أخّروه حتى ينظروا آخرهم عهدًا بالعرضة الأخيرة، فكتبوه على قوله. قال محمد بن سيرين: فأرجو أن تكون قراءتنا هذه آخرتها عهدًا بالعرضة الأخيرة.

58- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي ظَبْيَان (1) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ لِي (2) : أيُّ الْقِرَاءَتَيْنِ تَعُدُّونَ أَوَّلًا؟ قُلْنَا: قِرَاءَتَنَا، فَقَالَ: لَا بَلْ قِرَاءَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ: ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، يُعْرَضُ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ فِي كُلِّ رَمَضَانَ، فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، عَرَضَ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ، فَشَهِدَ ابنُ مَسْعُودٍ مَا نُسخ منه وما بُدِّل)) .

_ (1) هو حصين بن جندب بن الحارث الجَنْبي - بفتح الجيم، وسكون النون، ثم موحدة - أبو ظَبْيان - بفتح المعجمة وسكون الموحدة -، الكوفي، روى عن عُمر وعلي وابن مسعود وسلمان، وقيل: لم يسمع منهم، وروى عن حذيفة وأبي موسى وابن عباس وابن عمر وعائشة وغيرهم - رضي الله عنهم -، روى عنه ابنه قابوس وأبو إسحاق السبيعي وحصين بن عبد الرحمن وعطاء بن السائب والأعمش وغيرهم، وكانت وفاته سنة تسع وثمانين للهجرة، وقيل: سنة تسعين، وهو ثقة روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص169 رقم 1366) . فقد وثقه ابن سعد، وابن معين، والعجلي، وأبو زرعة، والنسائي، والدارقطني. انظر: "الجرح والتعديل" (3 / 190 رقم 824) ، و "التهذيب" (2 / 379 - 380 رقم 654) . (2) أي: قال ابن عباس لأبي ظبيان. [58] سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف؛ فالأعمش تقدم في الحديث [3] أنه مدلِّس، ولم يصرِّح هنا بالسماع، وهو حسن لغيره بهذا السياق بالطريق الثاني الآتي عن ابن عباس، وَذِكْرُ عَرْضِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - القرآن الصحيح لغيره ببقية الطرق الآتي ذكرها. فالحديث له عن ابن عباس ثلاث طرق. 1- طريق أبي ظبيان، يرويه عنه الأعمش. أخرجه المصنف هنا من طريق أبي معاوية عن الأعمش. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" (2 / 342) . وابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 559 رقم 10337) . والبخاري في "خلق أفعال العباد" (ص122 رقم 382) . والطحاوي في "مشكل الآثار" (4 / 196) . وابن عساكر في "تاريخه" (39 / 91) . جميعهم من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، به، ولفظ ابن سعد: قال: أي القراءتين تعدون أولى؟ قلنا: قراءة عبد الله، فقال: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - كان يعرضُ عليه القرآن ... ، الحديث بنحوه. ولفظ البخاري والطحاوي، وابن عساكر بنحو لفظ ابن سعد. وأما ابن أبي شيبة فذكر الحديث من قوله: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - كان يعرض ... ، الحديث بنحوه. وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 362) من طريقي محمد ويعلى ابني عبيد الطنافسي، كلاهما عن الأعمش، به نحو لفظ ابن سعد المتقدم. وأخرجه أبو يعلى في "مسنده" (4 / 435 رقم 2562) من طريق جرير، عن الأعمش، به نحو لفظ ابن سعد. وأخرجه الطحاوي في الموضع السابق من طريقي شريك ووكيع كلاهما عن الأعمش، به، ولفظه هو نفس اللفظ السابق؛ حيث قرن روايتهما برواية أبي معاوية. وأخرجه في "شرح معاني الآثار" (1 / 356) من طريق شريك فقط. وأخرجه النسائي في "فضائل القرآن" (ص62 رقم 19) ، وفي "فضائل الصحابة" (ص147 - 148 رقم 154) في كلا الموضعين من طريق سليمان بن طَرْخان التَّيْمي، عن الأعمش، به بلفظ: أي القراءتين تقرؤون؟ قلنا: قراءة عبد الله، قال: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - كان يَعرِض القرآن ... ، الحديث بنحوه. 2- طريق مجاهد، عن ابن عباس. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 275 و 325) . والبزار في "مسنده" كما في "كشف الأستار" (3 / 251 رقم 2683) . والطحاوي في "مشكل الآثار" (4 / 196) . والحاكم في "المستدرك" (2 / 230) . جميعهم من طريق إسرائيل بن يونس، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أي القراءتين كانت أخيرًا، قراءة عبد الله، أو قراءة زيد؟ قال: قلنا: قراءة زيد، قال: لا، ألا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - كان يعرض القرآن على جبرائيل كل عام مرة، فلما كان في العام الذي قبض فيه، عرضه عليه مرتين، وكانت آخر القراءة: قراءة عبد الله. اهـ. هذه لفظ الإمام أحمد في الموضع الأول، ولفظ الباقين نحوه. قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه بهذه السياقة)) ، وأقره الذهبي في "التلخيص". وعزاه الهيثمي في "المجمع" (9 / 288) لأحمد والبزار، وقال: ((رجال أحمد رجال الصحيح)) . قلت: في سنده إبراهيم بن مهاجر بن جابر البجلي، أبو إسحاق الكوفي، روى عن طارق بن شهاب وله رؤية، وعن الشعبي وإبراهيم النخعي وأبي الأحْوص عوف بن مالك ومجاهد وغيرهم، روى عنه شعبة والثوري ومِسْعر وأبو عونة وإسرائيل بن يونس وغيرهم، وهو صدوق، إلا أنه ليِّن الحفظ، من الطبقة الخامسة كما في "التقريب" (ص94 رقم 254) . فقد وثقه ابن سعد، وقال الثوري وأحمد: لا بأس به، وضعفه ابن معين بحضرة عبد الرحمن بن مهدي، فغضب عبد الرحمن، وكره ما قال. وقال يحيى القطان: ((لم يكن بقوي)) . وسأل الحكم الدارقطني عنه، فقال: ((ضعفوه)) . فقال الحاكم: بحجة؟ فقال: ((بلى؛ حدث بأحاديث لا يتابع عليها، وقد غمزه شعبة أيضًا)) . اهـ. من "طبقات ابن سعد" (6 / 331) ، و "الجرح والتعديل" (2 / 132 - 133 رقم 421) ، و "تهذيب الكمال" (2 / 211 - 214) ، و "التهذيب" =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = (1 / 167 - 168 رقم 300) . وعليه فالحديث بهذا الإسناد ضعيف لضعف إبراهيم من قبل حفظه. 3- طريق عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن عتبة بن مسعود، عن ابن عباس. أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (2 / 195) . وابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 559 - 560 رقم 10338) . والإمام أحمد في "المسند" (1 / 230 - 231 و 326) . جميعهم من طريق يعلى بن عبيد، عدا الإمام أحمد في الموضع الثاني فمن طريق محمد بن عبيد، كلاهما عن محمد بن إسحاق، عن ابن شهاب الزهري، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الله بن عتبة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - يعرض الكتاب على جبريل في كل رمضان، فإذا أصبح النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من ليلته التي يعرض فيها ما يعرض أصبح وهو أجود من الريح المرسلة، لا يسأل شيئًا إلا أعطاه، فلما كان الشهر الذي هلك بعده، عرضه عليه عرضتين. اهـ. هذا لفظ ابن سعد، ونحوه لفظ الإمام أحمد، وأما لفظ ابن أبي شيبة فمختصر. وفي سنده محمد بن إسحاق بن يسار المطَّلبي، مولاهم، المدني، نزيل العراق، روى عن محمد بن إبراهيم التيمي والقاسم بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وعاصم بن عمر بن قتادة وابن المنكدر ومكحول والزهري وغيرهم، روى عنه شعبة والسفيانان والحمّادان: ابن سلمة وابن زيد وهشيم وأبو عوانة وجرير بن عبد الحميد ومحمد ويعلى ابنا عبيد وغيرهم، وكانت وفاته سنة خمسين ومائة وقيل: إحدى، وقيل: اثنتين، وقيل: ثلاث وخمسين ومائة، وهو إمام في المغازي صدوق، إلا أنه مدلّس من الطبقة الرابعة، وهم: من اتُّفق على أنه لا يُحتجُّ بشيء من حديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع، لكثرة تدليسهم على الضعفاء والمجاهيل. قال شعبة: ((ابن إسحاق أمير المؤمنين في الحديث لحفظه)) . وكان الزهري =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = يثني عليه كثيرًا، ووثقه العجلي، وقال البخاري: رأيت علي بن عبد الله - يعني ابن المديني - يحتج بحديث ابن إسحاق. قال: وقال علي: ما رأيت أحدًا يتهم ابن إسحاق. وقال ابن سعد: ((كان ثقة، ومن الناس من يتكلم فيه)) . قلت: تكلم فيه بعضهم لأحاديث أخطأ فيها، وهذا لا يقدح في مثله؛ لكثرة حديثه، وكل مكثر يخطئ، فوثقه ابن معين في بعض الروايات، وضعفه في بعضها، وقال الإمام أحمد مرّةً: ((هو حسن الحديث)) ، وسأله مرة أيوب بن إسحاق بن سامري، فقال: ((إذا انفرد ابن إسحاق بحديث تقبله؟)) قال: ((لا والله؛ إني رأيته يحدث عن جماعة بالحديث، ولا يفصل الكلام ذا من ذا)) . قلت: الرجل مدلس لا شك في ذلك؛ فقد وصفه بالتدليس الإمام أحمد والدارقطني وغيرهما. وأما ما ذكره الإمام أحمد من أنه يحدث بالحديث عن جماعة ولا يفصل حديث بعضهم عن بعض، فمبلغ هذا القول الاحتياط فيما يرويه ابن إسحاق من الحديث عن بعض الرواة مقرونًا بعضهم ببعض، وأما إطّراح سائر حديثه لهذه العلة، ففيه تعسُّف. قال ابن عدي رحمه الله: ((فتّشت أحاديثه الكثيرة، فلم أجد فيها ما يتهيأ أن يقطع عليه بالضعف، وربما أخطأ، أو يهم في الشيء بعد الشيء كما يخطئ غيره، وهو لا بأس به)) . والكلام في ابن إسحاق والخلاف فيه طويل، وما ذكرته هو خلاصة القول فيه، وهو الذي ذهب إليه الذهبي وابن حجر. انظر: "الجرح والتعديل" (7 / 191 - 194 رقم 1087) ، و "الثقات" لابن حبان (7 / 380 - 385) ، و "الكامل" لابن عدي (6 / 2116 - 2125) ، و "تهذيب الكمال" المخطوط (3 / 1167) ، و "سير أعلام النبلاء" (7 / 33 - 55) ، و "الميزان" (3 / 468 - 475 رقم 7197) ، و: ((من تكلم فيه وهو موثق)) للذهبي =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = (ص159 رقم 293) ، و "التهذيب" (9 / 38 - 46 رقم 51) ، و "التقريب" (ص467 رقم 5725) ، و"طبقات المدلسين" (ص132 رقم 125) قال ابن حبان في الموضع السابق من "الثقات": ((من أحسن الناس سياقًا للأخبار، وأحسنهم حفظًا لمتونها، وإنما أتى ما أتى لأنه كان يدلس على الضعفاء، فوقع المناكير في روايته من قبل أولئك. فأما إذا بيّن السماع فيما يرويه، فهو ثبت يحتج بروايته)) . قلت: وقد استثنى الذهبي من حديث ابن إسحاق ما شذّ فيه، فقال في الموضع السابق من "السير": ((له ارتفاع بحسبه، ولاسيّما في السِّيَر، وأما في أحاديث الأحكام، فَيَنْحَطُّ حديثه فيها عن رتبة الصحة إلى رتبة الحسن، إلا ما شذّ فيه، فإن يُعدّ منكرًا، هذا الذي عندي في حاله، والله أعلم)) . وقال في الموضع السابق من "الميزان": ((فالذي يظهر لي أن ابن إسحاق حسن الحديث، صالح الحال، صدوق، وما انفرد به ففيه نكارة، فإن في حفظه شيئًا، وقد احتجّ به أئمة، والله أعلم)) . قلت: أما كلام هشام بن عروة والإمام مالك في ابن إسحاق مما يخرجه عن حدّ العدالة فلا يلتفت له؛ لأنهم أولاً: أقران، وكلام الأقران بعضهم في بعضهم معلوم موقف العلماء منه وعدم قبوله. وثانيًا: بالنسبة لكلام هشام بن عروة فيه إنما هو بسبب روايته عن زوجته فاطمة بنت المنذر، وهشام يزعم أن ابن إسحاق لم يرها قط، ورد العلماء ذلك بأنه قد يكون سمع منها من وراء الحجاب دون أن يعلم هشام. وأما الإمام مالك فإنه قد رجع عن قوله فيه كما نص عليه ابن حجر في الموضع السابق من "التهذيب". وبالجملة فالحديث ضعيف من هذا الطريق لعدم تصريح ابن إسحاق بالسماع فقط، وهو حسن لغيره بمجموع طرقه السابقة، وأصل الحديث في الصحيحين من غير طريق ابن إسحاق، وليس فيه قوله: ((فلما كان الشهر الذي هلك بعده عرضه عليه عرضتين)) . =

59- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (1) ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ: نُبِّئْت أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يَقُولُ: ((لَوْ أَعْلَمُ أَحَدًا تَبْلُغْنِيهِ الْإِبِلُ أَحْدَث عَهْدًا بالعَرْضة الْآخِرَةِ مِنِّي لَأَتَيْتُهُ أَوْ: لتكلّفت أن آتيه)) .

_ = فالحديث أخرجه البخاري في "صحيحه" (1 / 30 رقم 6) ، و (4 / 116 رقم 1902) ، و (6 / 305 و 565 رقم 3220 و 3554) ، و (9 / 43 رقم 4997) . ومسلم (4 / 1803 و 1804 رقم 50) . كلاهما من طريق يونس، ومعمر، وإبراهيم بن سعد، ثلاثتهم عن ابن شهاب الزهري، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الله بن عتبة، عن ابن عباس، به نحو سياق ابن إسحاق، دون الزيادة المشار إليها. وله شاهد من حديث أبي هريرة وفاطمة - رضي الله عنهما -. أما حديث أبي هريرة فأخرجه البخاري في "صحيحه" (9 / 43 رقم 4998) ، من طريق ذكوان، عنه، قال: كان يُعرض عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - القرآن كل عام مرة، فعُرض عليه مرتين في العام الذي قبض فيه. وأما حديث فاطمة - رضي الله عنها -، فأخرجه البخاري أيضًا (6 / 627 و 628 رقم 3623 و 3624) ، من طريق مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عنها -، في حديث وفاته - صلى الله عليه وسلم -، وفيها أنها سألت فاطمة - رضي الله عنها - عن الذي أسرّ إليها النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - به، فقالت: أسرّ إلي: إن جبريل كان يعارضني القرآن كل سنة مرة، وإنه عارضني هذا العام مرتين، ولا أراه إلا حضر أجلي. وأخرجه مسلم (4 / 1904 - 1905 رقم 98) عنها بنحو سياق البخاري. وعليه فالحديث صحيح لغيره بمجموع هذه الطرق والله أعلم. (1) هو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي، مولاهم، أبو بشر البصري، المعروف بابن عُلَيَّة، روى عن سليمان التيمي وحميد الطويل وعاصم الأحول وعبد الله بن عون وعوف الأعرابي ويونس بن عبيد وأيوب السختياني وغيرهم، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = روى عنه عبد الله بن وهب والإمامان: الشافعي وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين وعلي بن المديني وإسحاق بن راهويه وابنا أبي شيبة وغيرهم، وروى عنه سعيد بن منصور وأكثر عنه في "سننه"، وكانت وفاته سنة أربع وتسعين ومائة، وهو ثقة حافظ روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص105 رقم 416) . قال ابن المديني: ((ما أقول إن أحدًا أثبت في الحديث من ابن علية)) . وقال ابن سعد: ((كان ثقة، ثبتًا في الحديث، حجّة)) . وقال ابن معين: ((كان ثقة، مأمونًا، صدوقًا، مسلمًا، ورعًا تقيًا)) . وقال الإمام أحمد: ((إليه المنتهى في التثبت بالبصرة)) . وقال أبو حاتم: ((ثقة متثبت في الرجال)) . وقال النسائي: ((ثقة ثبت)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (2 / 153 - 155 رقم 513) ، و "التهذيب" (1 / 275 - 279 رقم 513) . [59] الحديث سنده رجاله ثقات، إلا أنه ضعيف لإبهام شيخ محمد بن سيرين، وهو صحيح لغيره عن ابن مسعود، روي عنه من ثلاثة طرق: 1- طريق ابن سيرين، عن راوٍ مبهم، عن ابن مسعود. أخرجه المصنف هنا، ولم أجد من أخرجه سواه. 2- طريق مسروق عنه. أخرجه البخاري في "صحيحه" (9 / 47 رقم 5002) في "فضائل القرآن"، باب القُرَّاء مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -. ومسلم (4 / 1913 رقم 115) في فضائل ابن مسعود من كتاب "فضائل الصحابة" - رضي الله عنهم -. وابن سعد في "الطبقات" (2 / 342) . وابن جرير الطبري في "مقدمة تفسيره" (1 / 80 رقم 83) . وابن أبي داود في كتاب "المصاحف" (ص23 - 24) . والخطيب في "الرحلة في طلب الحديث" (ص94 - 95 رقم 25 و 26) . ومن طريق الخطيب وابن أبي داود وطرق أخرى أخرجه ابن عساكر في =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = "تاريخه" (39 / 81 و 84 و 85) . جميع هؤلاء من طريق الأعمش، عن أبي الضحى مسلم بن صبيح، عن مسروق، قال: قال عبد الله - رضي الله عنه -: وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، مَا أنزلت سورة من كتاب الله، إلا أنا أعلم أين نزلت، ولا أنزلت آية من كتاب الله إلا أنا أعلم فيمن أنزلت، ولو أعلم أحدًا أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل لركبت إليه. اهـ. هذا لفظ البخاري ولفظ الباقين نحوه. وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص21) ، من طريق مغيرة، عن أبي الضحى، به نحو سابقه، وفي أوله زيادة. ومن طريق ابن أبي داود أخرجه ابن عساكر (39 / 85) . 3- طريق شقيق، عن ابن مسعود. أخرجه البخاري (9 / 46 - 47 رقم 5000) . ومسلم (4 / 1912 رقم 114) . وابن سعد (2 / 343 -344) . وابن شبّة في "تاريخ المدينة" (3 / 1007) . والنسائي في "فضائل القرآن" (ص65 رقم 22) . وابن أبي داود في "المصاحف" (ص22 - 23) . ومن طريقه وطرق أخرى أخرجه ابن عساكر (39 / 86 و 87) . جميعهم من طريق الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ الله أنه قال: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ القِيَامَةِ} [سورة آل عمران، الآية: 161] ، ثم قال: على قراءة من تأمروني أن أقرأ؟ فلقد قرأت عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - بضعًا وسبعين سورة، ولقد علم أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - أني أعلمهم بكتاب الله، ولو أعلم أن أحدًا أعلم مني لرحلت إليه. اهـ. هذا لفظ مسلم ولفظ الباقين نحوه، وبعضهم اختصره.

60- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي عَمَّارٍ (1) ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: ((لَيَقْرَأَنَّ الْقُرْآنَ أَقْوَامٌ يُقِيمُونَهُ كَمَا يُقَامُ القِدْح، لَا يَدَعُونَ مِنْهُ أَلِفًا، ولا يجاوز [ل107/ب] إيمانُهم حناجِرَهم)) .

_ (1) هو عَرِيب - بفتح أوله، وكسر الراء، بعدها تحتانية، ثم موحدة -، ابن حُميد، أبو عمّار الهمداني، الدُّهني - بالضم، وسكون الهاء، ونون -، روى عن علي وحذيفة وعمار وغيرهم - رضي الله عنهم -، روى عنه أبو إسحاق وطلحة بن مصرِّف والأعمش وغيرهم، وهو كوفي ثقة من الطبقة الثالثة؛ وثقه يحيى بن معين، والإمام أحمد، وذكره ابن حبان في "الثقات". انظر: "الجرح والتعديل" (7 / 32 رقم 173) ، و "التهذيب" (7 /191 رقم 363) ، و "التقريب" (ص390 رقم 4573) . [60] الحديث سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف؛ لأن الأعمش مدلِّس كما في الحديث [3] ، ولم يصرِّح هنا بالسماع. والحديث جاء مرفوعًا إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - من غير طريق حذيفة بنحو لفظه، وهو حسن لغيره كما سبق بيانه في الحديث رقم [31] . وللحديث عن حذيفة طريقان: 1- طريق أبي عمار عَريب بن حميد الذي أخرجه المصنف هنا. ومن طريق المصنف أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 580 رقم 2405) ، ولفظ الحديث عنده: ((يقرأ القرآن أقوام يقومونه كَمَا يُقَامُ الْقَدَحُ، لَا يَدَعُونَ منه ألفًا ولا واوًا، ولا يجاوز إيمانهم حناجرهم)) . وأخرجه الإمام أحمد في "الإيمان" (ل 126 أو ب) عن أبي معاوية، به نحوه. 2- طريق شيخ يكنى: أبا محمد، عن حذيفة. أخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص99 رقم 232) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = والفسوي في "المعرفة والتاريخ" (2 / 480) . ومن طريقه البيهقي في الموضع السابق من "الشعب" برقم (2406) . وأخرجه محمد بن نصر في "قيام الليل" (ص119) . والحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" (3 / 104 / ب / النسخة المسندة) . والطبراني في "الأوسط" كما في "مجمع البحرين" (ل 180 / ب) . وابن عدي في "الكامل" (2 / 510 - 511) . ومن طريقه ابن الجوزي في "العلل" (1 / 111 رقم 160) . جميعهم من طريق بقية بن الوليد، عن حصين بن مالك الفزاري، عن هذا الشيخ الذي يكنى أبا محمد، عن حذيفة بن اليمان قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -: ((اقرؤوا القرآن بلحون العرب وأصواتها، وإياكم ولحون أهل الفسق وأهل الكتابين، وسيجيء قوم من بعدي يرجّعون بالقرآن ترجيع الغناء والرهبانية والنوح، لا يجاوز حناجرهم، مفتونة قلوبهم، وقلوب الذين يعجبهم شأنهم)) . هذا لفظ أبي عبيد، ولفظ الباقين نحوه. فلت: وسنده ضعيف جدًّا، وقد حكم عليه الذهبي بالنكارة. فحصين بن مالك الفزاري شيخ بقية في هذا الحديث ذكره الذهبي في "الميزان" (1 / 553 رقم 2089) ، وذكر هذا الحديث في ترجمته، ثم قال: ((تفرد عنه بقيّة، ليس بمعتمد، والخبرُ منكر)) . وشيخ حصين هذا كنيته أبو محمد، ولم أجد له ترجمة، والذهبي في ترجمة حصين السابقة أبهمه، فقال: ((حصين بن مالك الفزاري، عن رجل، عن حذيفة)) ، ويظهر من سياق الحديث أن حصين بن مالك نفسه لم يعرفه، حيث يقول: ((سمعت شيخًا يكنى أبا محمد، يحدث عن حذيفة)) . وقد صرح ابن الجوزي بجهالته، فقال في الموضع السابق من "العلل": ((هذا حديث لا يصح، وأبو محمد مجهول، وبقيّة يروي عن الضعفاء ويدلّسهم)) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = قلت: ((وبقيّة هذا هو ابن الوليد بن صائد بن كعب الكَلاعي، أبو يُحْمِد - بضم التحتانية، وسكون المهملة، , وكسر الميم -، الحمصي، يروي عن محمد بن زياد الأَلْهاني وصفوان بن عمرو الأوزاعي وحَريز بن عثمان وغيرهم، روى عنه يزيد بن هارون ووكيع وإسماعيل بن عياش وغيرهم، وهو صدوق، إلا أنه كثير التدليس عن الضعفاء، وهو ممن عدّه الحافظ ابن حجر في الطبقة الرابعة من "طبقات المدلسين"، وهو من اتُّفق على أنه لا يحتج بشيء من حديثهم إلا بما صرّحوا فيه بالسماع؛ لكثرة تدليسهم على الضعفاء والمجاهليل، ومع ذلك فبقيّة هذا يدلّس تدليس التسوية، وقد عنعن بينه وبين شيخه، ومن فوقه. قال ابن المبارك: ((كان صدوقًا، ولكنه كان يكتب عمّن أقبل وأدبر)) . وقال عبد الله بن الإمام أحمد: سئل أبي عن بقية وإسماعيل - يعني: ابن عياش -، فقال: ((بقية أحب إلي، وإذا حدّث عن قوم ليسوا بمعروفين فلا تقبلوه)) . وسئل عن ابن معين، فقال: ((إذا حدث عن الثقات مثل صفوان بن عمرو، وغيره، فاقبلوه، وأما إذا حدث عن أولئك المجهولين فلا. وإذا كنّى الرجل، ولم يُسمِّه، فليس يساوي شيئًا)) . وقال يعقوب بن شيبة: ((بقيّة ثقة حسن الحديث إذا حدّث عن المعروفين. ويحدّث عن قوم متروكي الحديث، وعن الضعفاء، ويحيد عن أسمائهم إلى كناهم، وعن كناهم إلى أسمائهم)) . وقال النسائي: ((إذا قال: حدثنا، وأخبرنا، فهو ثقة، وإذا قال: عن فلان، فلا يؤخذ عنه؛ لأنه لا يُدرى عمّن أخذه)) . انظر: "الجرح والتعديل" (2 / 434 - 436 رقم 1728) ، و "التهذيب" (1 / 473 - 478 رقم 878) ، و "التقريب" (ص126 رقم 734) ، و "طبقات المدلسين" (ص121 رقم 117) . قلت: في كتاب "العلل" لابن أبي حاتم (2 / 154 - 155) فائدة نقلها عن أبيه، بيّن فيها أن بقية يدلّس تدليس التسوية، وخلاصتها: أن بقيّة روى حديثًا عن عبيد الله بن عمرو، عن إسحاق بن أبي فروة، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، =

61- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسرة (1) ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: ((كُنْتُ أَتَحدَّى النَّاسَ بِالْحِفْظِ، فَصَلَّيتُ خلْفَ مَسْلَمة بْنِ مُخْلَّد (2) ، فَقَرَأَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ، فَمَا ترك ألفًا، ولا واوًا)) .

_ = مرفوعًا، فعمد بقية إلى إسحاق بن أبي فروة لكونه متروكًا، فأسقطه من الإسناد، ثم كنى شيخه عبيد الله بن عمرو ونسبه، فقال: حدثني أبو وهب الأسدي، وذلك لكيلا يفطن له، فرحم الله أبا حاتم الذي كشف مثل هذا التدليس، وانظر: "جامع التحصيل" للعلائي (ص117 - 118) . وخلاصة ما سبق أن الحديث من الطريق الأول عن حذيفة، مع ما سبق في الحديث [31] حسن لغيره، وأما الطريق الثاني عن حذيفة، فلا يثبت، ولا يصلح للاستشهاد؛ لشدة ضعفه، والله أعلم. (1) هو إبراهيم بن ميسرة الطائفي، نزيل مكة، روى عن أنس ووهب بن عبد الله بن قارب - وله صحبه -، وعن طاوس وسعيد بن جبير ومجاهد وغيرهم، روى عنه أيوب السختياني وشعبة والسفيانان وابن جريج وغيرهم، مات قريبًا من سنة اثنتين وثلاثين ومائة، وهو ثبت حافظ، روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص94 رقم 260) . قال الحميدي، عن سفيان بن عيينة: ((أخبرني إبراهيم بن ميسرة من لم تر عيناك والله مثله)) . ووثقه أحمد، وابن معين، والعجلي، والنسائي، وابن سعد، وزاد: ((كثير الحديث)) . انظر: "الجرح والتعديل" (2 / 133 - 134 رقم 423) ، و "التهذيب" (1 / 172 رقم 313) . (2) هو مسلمة بن مُخَلَّد - بتشديد اللام - الأنصاري، الزرقي، صحابي صغير، سكن مصر، ووليها مرّة، روى عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، روى عنه أسلم أبو عمران وعلي بن رباح ومجاهد وغيرهم، توفي النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو ابن عشر سنين، وقيل: وهو ابن أربع عشرة سنة، وكانت وفاته سنة اثنتين وستين للهجرة. انظر: "سير أعلام النبلاء" (3 / 424 - 426) ، و "التهذيب" (10 / 148 رقم 282) ، و "التقريب" (ص532 رقم 666) .

62- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ (1) ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدة (2) ، قَالَ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: الْقُرْآنُ ذَكَرّ (3) ، فَذَكِّرُوهُ.

_ [61] سنده صحيح. وأخرجه أبو عمر بن يوسف الكندي في "تاريخ مصر وولاتها" (ص39) . والحاكم في "المستدرك" (3 / 495) . وابن عساكر في "تاريخه" (16 / 458) . أما الكندي فمن طريق ابن أبي عمر، وأما الحاكم فمن طريق الحميدي، وأما ابن عساكر فمن طريق عمرو بن عثمان وعبد الله بن محمد الزهري، جميعهم عن سفيان بن عيينة به، ولفظ ابن عساكر مثل لفظ المصنف هنا، ولفظ الكندي والحاكم ونحوه. والحديث ذكره ابن الأثير في "أسد الغابة" (4 / 399) ، والذهبي في "السير" (3 / 425) ، ولم يعزواه لأحد. (1) هذا الحديث مكرور سندًا ومتنًا في النسخة. (2) هو يحيى بن جَعْدة بن هُبَيْرة بن أبي وَهْب المخزومي، روى عن جدته أم هانئ وعن أبي هريرة وزيد بن أرقم وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه حبيب بن أبي ثابت ومجاهد وأبو الزبير وعمرو بن دينار وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة الثالثة، وأرسل عن ابن مسعود ونحوه كما في "التقريب" (ص588 رقم 7520) . فقد وثقه أبو حاتم والنسائي، وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال الحربي في "العلل": ((لم يدرك ابن مسعود)) . وقال أبو حاتم: ((لم يلقه)) ، وقال ابن المديني: ((لم يسمع من أبي الدرداء)) . انظر "الجرح والتعليل" (9 / 133 رقم 562) ، و "التهذيب" (11 / 192 - 193 رقم 324) . (3) أي: أنه جليل خطير فأجلُّوه. انظر "النهاية في غريب الحديث" (2 / 163) . [62] سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف للانقطاع بين يحيى بن جعدة وابن مسعود، وهو صحيح لغيره بمجموع طرقه، فإنه روى عن ابن مسعود من ثلاث طرق: (1) طريق يحيى بن جعدة الذي أخرجه المصنف هنا. وتابعه ابن أبي شيبة، فرواه في المصنف (10 / 556 رقم 10327) عن سفيان به مثله. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = (2) طريق الشعبي، وهو الآتي برقم [63] ، والصواب أنه من طريق علقمة عن ابن مسعود كما رواه ابن أبي شيبة بسند صحيح كما سيأتي. (3) طريق زرّ. أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (10 / 556 رقم 10326) . والطبراني في "الكبير" (9 / 152 رقم 8697) . كلاهما من طريق معاوية بن عمرو، عن زائدة، عن عاصم، عن زر، عن ابن مسعود قال: إذا تماريتم في القرآن، في ياء أو تاء، فاجعلوها يَاءٍ، وَذَكِّرُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ مُذَكّر. اهـ. واللفظ لابن أبي شيبة. وسند هذا الطريق حسن، رجاله ثقات، عدا عاصم، فصدوق. أما زِرّ - بكسر أوله وتشديد الراء -، ابن حُبَيْش - بمهملة وموحدة ومعجمة، مصغّر -، ابن حُبَاشة - بضم المهملة، بعدها موحدة، ثم معجمة -، الأسدي الكوفي، أبو مريم، روى عن عُمر وعثمان وعلي وأبي ذر وابن مسعود وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه إبراهيم النخعي والشعبي وأبو إسحاق الشيباني وعاصم بن بَهْدَلة وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاث وثمانين للهجرة، وقيل: إحدى، وقيل: اثنتين وثمانين وهو ابن سبع وعشرين ومائة سنة وهو ثقة جليل مخضرم، روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص215 رقم 2008) . فقد وثقه ابن معين، والعجلي، وابن سعد، وزاد: ((كثير الحديث)) . وقال أبو جعفر البغدادي: قلت لأحمد: فَزرٌّ، وعلقمة، والأسود؟ قال: ((هؤلاء أصحاب ابن مسعود، وهم الثبت فيه)) . وقال ابن عبد البر: ((كان عالمًا بالقرآن، قارئًا فاضلاً)) . انظر "الجرح والتعديل" (3 / 622 - 623 رقم 2817) ، و"التهذيب" (3 / 321 - 322 رقم 597) . وأما عاصم فتقدم في الحديث [17] أنه صدوق حسن الحديث. وأما زائدة بن قُدامة الثَّقَفي، أبو الصَّلْت الكوفي، فهو يروي عن أبي إسحاق =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = السبيعي وسليمان التيمي وإسماعيل بن أبي خالد وهشام بن عروة وأبي إسحاق الشيباني والأعمش وعاصم بن بَهْدَلة بن أبي النَّجود وغيرهم، روى عنه ابن المبارك وابن مهدي وابن عيينة وأبو نعيم ومعاوية بن عمرو وغيرهم، وكانت وفاته في أرض الروم غازيًا سنة ستين، أو إحدى وستين ومائة، وهو ثقة ثبت صاحب سنة، روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص213 رقم 1982) . قال أبو أسامة: ((حدثنا زائدة، وكان من أصدق الناس وأبّره)) . وقال الإمام أحمد: ((المثبتون في الحديث أربعة: سفيان وشعبة وزهير وزائدة)) . ووثقه ابن معين والنسائي. وقال ابن سعد: ((كان ثقة مأمونًا صاحب سنة)) . وقال أبو حاتم والعجلي: ((ثقة صاحب سنة)) . وقال ابن حبان: ((كان من الحفاظ المتقنين)) . انظر "الجرح والتعديل" (3 / 613 رقم 2777) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع (9 / 274) ، و"التهذيب" (3 / 306 - 307 رقم 571) . وأما معاوية بن عمرو بن المهلَّب بن عمرو الأزدي، المَعْنِيُّ - بفتح الميم، وسكون المهملة، وكسر النون-، أبو عمرو البغدادي، ويعرف بابن الكِرْمَاني، فهو يروي عن زائدة بن قدامة وجرير بن حازم وإسرائيل بن يونس وفضيل بن مرزوق وغيرهم، روى عنه يحيى بن معين وابنا أبي شيبة وعبد بن حميد والبخاري وغيرهم، وكانت ولادته سنة ثمان عشرة ومائة، ووفاته سنة أربع عشرة ومائتين، وقيل: ثلاث عشرة ومائتين، وهو ثقة روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص538 رقم 6768) . قال الإمام أحمد: ((صدوق ثقة)) ، ووثقه أبو حاتم، وذكره ابن حبان في "الثقات". انظر "الجرح والتعديل" (8 /386 رقم 1762) ، و"التهذيب" (10 / 215 - 216 رقم 395) . وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه (3 / 362 رقم 5979) من طريق سفيان الثوري، عن عاصم، به، بلفظ: أديموا النظر في المصحف، وإذا اختلفتم في =

63- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: نا دَاوُدُ (1) ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: الْقُرْآنُ ذِكْرٌ، فَذَكِّرُوهُ، وَإِنِ اخْتَلَفْتُمْ فِي الْيَاءِ وَالتَّاءِ، فَاجْعَلُوهَا ياء.

_ = ياء وتاء فاجعلوها ياء، ذكروا القرآن. هذا لفظ الطبراني في "الكبير" (9 / 152 رقم 8696) حيث روى الحديث من طريق عبد الرزاق، وأما المصنَّف المطبوع فعبارته لا تستقيم. وعليه فالحديث بمجموع هذه الطرق صحيح لغيره، والله أعلم. (1) هو داود بن أبي هند القُشيري مولاهم، أبو بكر، أو أبو محمد البصري، أحد الأعلام، كان حافظًا، صوامًا دهره، قانتًا لله. روى عن الشعبي وعكرمة وسعيد بن المسيب ومكحول الشامي وغيرهم، روى عنه شعبة والثوري وابن جريج والحمّادان ويزيد بن هارون وإسماعيل بن إبراهيم بن عليّة وغيرهم، وكانت وفاته سنة تسع وثلاثين ومائة، وقيل: أربعين، وقيل: إحدى وأربعين ومائة، قال الثوري: ((هو من حفاظ البصريين)) ، وقال الإمام أحمد: ((ثقة ثقة)) ، وسئل عنه مرة أخرى، فقال: ((مثل داود يُسئل عنه؟!!)) . ووثقه ابن معين، وأبو حاتم، والنسائي، وابن خراش، وابن سعد، وزاد: ((كثير الحديث)) . وقال يعقوب بن شيبة: ((ثقة ثبت)) ، وقال العجلي: ((بصري ثقة، جيد الإسناد، رفيع، وكان صالحًا)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 411 - 412 رقم 1881) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع (8 / 463) ، و"الكاشف" (1 / 292 رقم 1479) ، و"التهذيب" (3 / 204 - 205 رقم 388) . قلت: وفي "التقريب" (ص200 رقم 1817) قال الحافظ ابن حجر عن داود هذا: ((ثقة متقن، كان يَهِم بأَخَرةٍ)) . اهـ. ولم أجد من وصف داود هذا بأنه كان يهم في أخر عمره، ولم يذكره سبط ابن العجمي في "الاغتباط"، ولا ابن الكيال في "الكواكب النيرات"، ولا الذهبي في "الميزان"، والظاهر أن ابن حجر اعتمد على قولٍ لابن حبان، ونقل عن الإمام أحمد. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = أما الإمام أحمد، ففي الموضع السابق من "التهذيب" قال الحافظ: ((قال الأثرم عن أحمد: كان كثير الاضطراب والخلاف)) ، وهذا إن صح عن الإمام أحمد معارض بما تقدم عنه من حسن الثناء على داود هذا وشدة التوثيق. وأما ابن حبان، فإنه ذكر داود هذا في كتابه "الثقات" (6 / 278 - 279) ، وقال: ((كان داود من خيار أهل البصرة من المتقنين في الروايات، إلا أنه كان يهم إذا حدث من حفظه، ولا يستحق الإنسان الترك بالخطأ اليسير يخطئ، والوهم القليل يهم، حتى يفحش ذلك منه؛ لأن هذا مما لا ينفكّ منه البشر)) . اهـ. فكلام ابن حبان هذا يفيد أن وهم داود وخطأه لم يكن بالكثير، ومع ذلك فابن حبان متشدد في الجرح، وكلامه هذا معارض بثناء الأئمة المتقدم ذكرهم. [603] الحديث سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف للانقطاع بين الشعبي وابن مسعود، فقد نص أبو حاتم والدارقطني والحاكم على أنه لم يسمع منه كما في "المراسيل" لابن أبي حاتم (ص160) ، و"جامع التحصيل" (ص248) ، و"التهذيب" (5 / 68) . لكن ابن أبي شيبة أخرجه الحديث في مصنفه (10 / 555 - 556 رقم 10324) من طريق شيخه علي بن مسهر، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ علقمة، عن عبد الله، به نحوه. وهذا إسناد صحيح، وقد زاد علي بن مسهر في الإسناد علقمة، وعلي حافظ فقيه محدث ثقة، فزيادته مقبولة، وهو علي بن مُسْهِر - بضم الميم وسكون المهملة وكسر الهاء -، القرشي، أبو الحسن الكوفي، قاضي الموصل، يروي عن يحيى بن سعيد الأنصاري وهشام بن عروة وإسماعيل بن أبي خالد والأعمش وداود بن أبي هند وغيرهم، روى عنه أبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة وهنّاد بن السّري وعلي بن حجر وغيرهم، وكانت وفاته سنة تسع وثمانين ومائة، وقد وثقه ابن معين، وقال: ((هو أثبت من ابن نمير)) ، ووثقه النسائي وابن سعد، وزاد: ((كثير الحديث)) ، وقال العجلي: ((صاحب سنة، ثقة في الحديث، ثبت فيه، صالح الكتاب، كثير الرواية عن الكوفيين)) ، وقال =

64- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: سَمِعْتُ عطيَّة بْنَ قَيْسٍ (1) وأشياخَنَا يَقُولُونَ: إِذَا اخْتَلَفْتُمْ في قراءة ياء، وتاء، فاقرؤا عَلَى يَاءٍ، وذكِّروا الْقُرْآنَ، فَإِنَّهُ مُذَكَّر. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَسَمِعْتُ أَشْيَاخَنَا يَقُولُونَ: الْيَاءُ عَامَّةٌ، وَالتَّاءُ خاصة.

_ = أبو زرعة: ((صدوق ثقة)) . انظر "الجرح والتعديل" (6 / 204 رقم 1119) ، و"الكاشف" (2 / 295 رقم 4026) ، و"التهذيب" (7 / 383 - 384 رقم 623) . وللحديث طرق أخرى تقدم ذكرها في الحديث السابق، فهو صحيح عن ابن مسعود، والله أعلم. (1) هو عطية بن قيس الكلابي، أبو يحيى الشامي، روى عن أُبَيّ بن كعب ومعاوية والنعمان بن بشير وأبي الدرداء وابن عُمر وابن عَمرو وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه أبو بكر بن أبي مريم وسعيد بن عبد العزيز وعبد الرحمن بن يزيد وغيرهم، وكان مولده سنة سبع عشرة للهجرة، ووفاته سنة إحدى وعشرين ومائة، وقيل: إنه ولد في حياة النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سنة سبع وتوفي سنة عشر ومائة، وهو ثقة مقرئ كما في "التقريب" (ص393 رقم 4622) . قال ابن سعد: ((كان معروفًا وله أحاديث)) ، وقال عبد الواحد بن قيس: ((كان الناس يصلحون مصاحفهم على قراءة عطية بن قيس)) ، وقال دحيم: ((كان أسنَّهم - يعني أسنّ أقرانه -، وكان غزا مع أبي أيوب الأنصاري، وكان هو وإسماعيل بن عبيد الله قارئ الجند)) ، وقال أبو حاتم: ((صالح الحديث)) ، وقال أبو مسهر، ((كان مولده في حياة رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - في سنة (7) ، وغزا في خلافة معاوية، وتوفي في سنة عشر ومائة)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: ((كان مولده سنة (17)) ) ، وكذا قال أبو حاتم أيضًا. =

65- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الكَلَاعي (1) ، قَالَ: سَمِعْتُ خَالِدَ بْنَ مَعْدان، يَقُولُ: إِذَا اخْتَلَفْتُمْ فِي قِرَاءَةِ يَاءٍ، وَتَاءٍ، فاقرؤوا عَلَى يَاءٍ، وَذَكِّرُوا الْقُرْآنَ، فَإِنَّهُ مُذَكَّر. 66- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ دِينَارٍ (2) ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ يَقُولُ: قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ سُنّة، يَأْخُذُهَا الْآخِرُ عَنِ الْأَوَّلِ.

_ = انظر "الجرح والتعديل" (6 / 383 - 384 رقم 2131) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (2 / 940) ، والتهذيب (7 / 228 رقم 418) . [64] الحديث سنده ضعيف لضعف أبي بكر بن أبي مريم كما في الحديث المتقدم برقم [25] ، ولأن إسماعيل بن عياش لم يصرِّح بالسماع، وهو مدلس كما في ترجمته في الحديث [9] ، وأما معنى الحديث فصحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه كما في الحديثين السابقين. (1) لم أجد راويًا بهذا الاسم، والظاهر أن في الإسناد تصحيفًا وأن الصواب: ((عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدٍ الْكَلَاعِيِّ)) ، فإنه هو الذي يروي عن إسماعيل بن عياش، فإن كان هو فهو ثقة كما سيأتي في ترجمته في الحديث [70] . [65] الحكم على سند الحديث متوقف على معرفة حال مالك الكلاعي، ومع ذلك فإسماعيل بن عياش مدلِّس كما في ترجمته في الحديث [9] ، ولم يصرِّح هنا بالسماع. وقد صح الحديث عن ابن مسعود كما تقدم برقم [62 و 63] . (2) هو شعيب بن أبي حمزة دينار الأموي، مولاهم، أبو بشر الحمصي، روى عن الزهري ومحمد بن المنكدر ونافع مولى ابن عمر وهشام بن عروة وغيرهم، روى عنه ابنه بشر وبقيّة بن الوليد والوليد بن مسلم وغيرهم، وكانت وفاته سنة اثنتين أو ثلاث وستين ومائة وقد جاوز السبعين، وهو ثقة عابد من أثبت =

67- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَاد (1) ، عَنْ أَبِيهِ (2) ، عَنْ خَارِجَة بْنِ زَيْدٍ (3) ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: القراءة سُنَّة.

_ = الناس في الزهري، روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص267 رقم 2798) ، فقد وثقه يعقوب بن شيبة، وأبو حاتم، والنسائي، وابن معين، وزاد: ((من أثبت الناس في الزهري، كان كاتبًا له)) ، وقال العجلي: ((ثقة ثبت)) وقال الخليلي: ((ثقة متفق عليه، حافظ، أثنى عليه الأئمة)) . انظر "الجرح والتعديل" (4 / 344 - 345 رقم 1508) ، و"التهذيب" (4 / 351 - 352 رقم 588) . [66] الحديث سنده ضعيف لتدليس إسماعيل بن عياش، فإنه مدلس من الثالثة كما في ترجمته في الحديث رقم [9] ، وقد دلّس هذا الحديث، فأسقط شيخه الليث ابن أبي سليم. فالحديث أخرجه الخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" (2 / 196 رقم 1597) من طريق خلف بن هشام، عن إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ لَيْثٍ عن شعيب بن دينار ... ، فذكره بلفظه. وليث بن أبي سليم اختلط فتُرك حديثه كما في الحديث رقم [9] ، فالحديث ضعيف بهذا الإسناد لأجله، والله أعلم. (1) هو عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عبد الله بن ذكوان المدني، مولى قريش، روى عن أبيه وموسى بن عقبة وهشام بن عروة والأوزاعي وغيرهم، روى عنه المصنِّف سعيد بن منصور في مواضع من سننه، وروى عنه أبو داود الطيالسي وهناد بن السَّريّ وعلي بن حجر وغيرهم، وكانت ولادته سنة مائة، ووفاته سنة أربعين وسبعين ومائة، وهو صدوق تغير حفظه لما قدم بغداد، وكان فقيهًا، ولي خراج المدينة فحُمد كما في "التقريب" (ص340 رقم 3861) . فقد وثقه العجلي، وصحح الترمذي عدة من أحاديثه وقال: ((ثقة حافظ)) ، وقال ابن معين: ((أثبت الناس في هشام بن عروة: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ)) . وحكى الساجي عن ابن معين أيضًا أنه قال: ((عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عن أبيه، عن الأعرج، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = عن أبي هريرة حجّة)) ، وجاء في روايات أُخر عن ابن معين أنه ضعفه، وضعفه كذلك النسائي، وقال الإمام أحمد: ((مضطرب الحديث)) ، وقال يعقوب بن شيبة: ((ثقة صدوق، وفي حديثه ضعف)) ، وقال ابن المديني: ((حديثه بالمدينة مقارب، وما حدث به بالعراق فهو مضطرب، وقد نظرت فيما روى عنه سليمان بن داود الهاشمي فرأيتها مقاربة)) ، وقال أيضًا: ((ما حدث به عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ بالمدينة فهو صحيح، وما حدث به ببغداد أفسده البغداديون)) ، وقال الفلاس: ((عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ فيه ضعف، وما حدث بالمدينة أصح مما حدث ببغداد)) . انظر "الجرح والتعديل" (5 / 252 رقم 1201) ، و"تاريخ بغداد" (10 / 228 - 230) ، و"التهذيب" (6 / 170 - 173 رقم 353) . (2) هو عبد الله بن ذكوان القرشي، أبو عبد الرحمن المدني، المعروف بأبي الزناد، روى عن أنس وعائشة بنت سعد وأبي أمامة بن سهل بن حُنيف وسعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن وخارجة بن زيد والأعرج وهو راويته، روى عنه ابناه عبد الرحمن وأبو القاسم والأعمش ومحمد بن عجلان وهشام بن عروة وموسى بن عقبة والسفيانان وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاثين ومائة، وقيل: إحدى، وقيل: اثنتين وثلاثين ومائة وهو ابن ست وستين سنة، وهو ثقة فقيه، روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص302 رقم 3302) ، فقد وثقه أحمد والعجلي والنسائي والساجي والطبري وابن سعد، وزاد: ((كثير الحديث فصيحًا بصيرًا بالعربية)) . وكان سفيان يسميه: أمير المؤمنين، وقال ابن معين: ((ثقة حجة)) ، وقال أبو حاتم: ((ثقة فقيه، صالح الحديث، صاحب سنة، وهو ممن تقوم به الحجة إذا روى عن الثقات)) . "الجرح والتعديل" (5 / 49 - 50 رقم 227) ، و"التهذيب" (5 / 203 - 205 رقم 351) . (3) هو خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ الأنصاري، أبو زيد المدني، روى عن أبيه وعمه =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = يزيد وأسامة بن زيد وسهل بن سعد وغيرهم، روى عنه ابنه سليمان والزهري والمطلب بن عبد الله بن حنطب وأبو الزناد وغيرهم، وكانت وفاته سنة تسع وتسعين أو مائة، وهو ثقة فقيه، أحد الفقهاء السبعة، روى له الجماعة، وثقه العجلي وابن سعد وزاد: ((كثير الحديث)) ، وقال ابن خراش: ((خارجة بن زيد أجلّ من كل من اسمه خارجة)) ، وقال أبو الزناد: ((كان أحد الفقهاء السبعة)) ، وقال مصعب الزبيري: ((كان خارجة وطلحة بن عبد الله بن عوف يقسمان المواريث، ويكتبان الوثائق، وينتهي الناس إلى قولهما)) . انظر "سير أعلام النبلاء" (4 / 437 - 441) ، و"التهذيب" (3 / 74 - 75 رقم 143) ، و"التقريب" (ص186 رقم 1609) . [67] الحديث في سنده عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، وتقدم الكلام عنه، لكن الذي يظهر أن هذا مما حفظه عبد الرحمن، فإنه قد رواه عنه سليمان بن داود الهاشمي كما سيأتي، وروايته عنه أثنى عليها ابن المديني كما سبق، فأقل أحوال الحديث أنه حسن لذاته، وقد صححه الحاكم كما سيأتي ووافقه الذهبي. وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (5 / 145 - 146 رقم 4855) . والبيهقي في "سننه" (2 / 385) في الصلاة، باب وجوب القراءة على ما نزل من الأحرف السبعة. والخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" (2 / 196 رقم 1596) . ثلاثتهم من طريق المصنِّف، به مثله، إلا أن الخطيب قال في روايته: ((عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّهُ كان يقول)) . وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (2 / 224) من طريق سليمان بن داود الهاشمي، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزناد، لكن تحرّف في المطبوع قوله: ((سنة)) إلى: ((سبعة)) ، وتصحف اسم عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ إلى: ((عبد الله بن أبي الزناد)) . وقد أخرجه البيهقي في "الشعب" (5 / 600 رقم 2425) من طريق الحاكم على الصواب. =

68- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ تَمَامِ بْنِ نَجيح (1) ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ أَخَذَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ وَعَمِلَ بِهِ، فَقَدْ أَخَذَ أَمْرَ ثُلُثِ النُّبُوَّةِ، وَمَنْ أَخَذَ نِصْفَ الْقُرْآنِ، فَقَدْ أَخَذَ أَمْرَ نِصْفِ النُّبُوَّةِ، وَمَنْ أَخَذَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ، فَعَمِلَ بِهِ، فَقَدْ أَخَذَ النُّبُوَّةَ كلها)) .

_ = قال سلميان بن داود عقب روايته للحديث: ((يعني أن لا تخالف الناس برأيك في الاتباع)) . قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي. وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص334 رقم 786) ، من طريق حجاج بن محمد المصيِّصي، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزناد، به مثله. وأخرجه الطبراني من طريق سعيد بن أبي مريم وعيسى بن ميناء، كلاهما عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزناد، به مقرونًا بالرواية السابقة، وزاد ابن أبي مريم: ((لا تخالف الناس برأيك)) . وكان أبو عبيد قد قال قبل إخراجه (ص333) : ((وإنما نرى القراء عرضوا القراءة الأخيرة على أهل المعرفة بها، ثم تمسكوا بما علموا منها مخافة أن يزيغوا عن ما بين اللوحين بزيادة أو نقصان، ولهذا تركوا سائر القراءات التي تخالف الكتاب، ولم يلتفتوا إلى مذاهب العربية فيها إذا خالف ذلك خطّ المصحف، وإن كانت العربية فيها أظهر بيانًا من الخط، ورأوا تتبع حروف المصاحف وحفظها عندهم كالسنن القائمة التي لا يجوز لأحد أن يتعداها، وقد وجدنا هذا المعنى في حديث مرفوع وغير مرفوع ... )) ، ثم ذكر الحديث السابق برقم [35] ، وذكر أثر زيد بن ثابت هذا، ثم قال: ((فقول زيد هنا يبين لك ما قلنا؛ لأنه الذي ولي نسخ المصاحف التي أجمع عليها المهاجرون والأنصار، فرأى اتباعها سنة واجبة)) . اهـ. والله أعلم. (1) هو تمّام بن نَجيح الأسدي الدمشقي، نزيل حلب، روى عن الحسن البصري =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وعطاء بن أبي رباح وعمر بن عبد العزيز وغيرهم، روى عنه إسماعيل بن عياش وبقية بن الوليد ومبشّر بن إسماعيل وغيرهم، وهو ضعيف من الطبقة السابعة كما في "التقريب" (ص130 رقم 898) ؛ فقد وثقه ابن معين، وقال أبو توبة: ثنا إسماعيل بن عياش، ثنا تمام وهو ثقة، وقال البزار: ((صالح الحديث)) ، وقال مرة: ((ليس بقوي)) . وقال البخاري: ((فيه نظر)) ، وقال أبو زرعة: ((ضعيف)) ، وقال أبو حاتم: ((منكر الحديث ذاهب)) . وقال ابن حبان: ((روى أشياء موضوعة عن الثقات، كأنه المتعمد لها)) ، وقال ابن عدي: ((عامة ما يرويه لا يتابعه عليه الثقات، وهو غير ثقة)) . انظر "الجرح والتعديل" (2 / 445 رقم 1788) ، و"التهذيب" (1 / 510 - 511 رقم 949) . [68] الحديث سنده ضعيف جدًّا لإرساله وضعف تمّام بن نجيح، ولأن إسماعيل بن عياش مدلِّس كما في ترجمته في الحديث [9] ، ولم يصرِّح بالسماع هنا. وقد أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 532 رقم 2354) من طريق المصنف بمثله، إلا أنه لم يذكر قوله: ((أمر)) في الموضعين. وذكره السيوطي في "اللآلئ" (1 / 243) من رواية المصنف، فقال: ((قال سعيد بن منصور في سننه ... )) ، فذكره مثل لفظ البيهقي. والحديث ذكره صاحب "كنز العمال" (1 / 524 رقم 2346) ، وعزاه لابن الأنباري في "المصاحف". وابن الأنباري أخرجه من طريق إدريس بن خلف، عن إسماعيل بن عياش، به بمثله، إلا أنه لم يذكر قوله: ((فعمل به)) ، نقله عنه القرطبي في "مقدمة تفسيره" (1 / 8 - 9) . وله شاهدان لا يثبت الحديث بشيء منهما، أحدهما من حديث أبي أمامة، والآخر من حديث ابن عمر. أما حديث أبي أمامة، فلفظه نحو لفظ المصنف هنا، وفيه زيادة. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = أخرجه ابن حبان في "المجروحين" (1 / 187 - 188) . وابن عدي في "الكامل" (2 / 440 - 441) . وابن الأنباري في "المصاحف" كما في "مقدمة تفسير القرطبي" (1 / 8) ، و"اللآلئ" (1 / 243) ، و"الجامع الكبير" للسيوطي (1 / 819) . والبيهقي في "شعب الإيمان" (4 / 557 - 558) و (5 / 530) . وابن الجوزي في "الموضوعات" (1 / 252 - 253) . جميعهم من طريق بشر بن نمير، عن القاسم مولى خالد بن يزيد، عن أبي أمامة مرفوعًا، به. قال ابن الجوزي: ((هذا حديث لا يصح عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -؛ قال أحمد: ترك الناس حديث بشر، وقال مَرَّةً: يحيى بن العلاء كذابٍ يضع الحديث، وبشر بن نمير أسوأ حالاً منه. وقال يحيى بن سعيد: كان ركنًا من أركان الكذب. وقال أبو حاتم الرازي: متروك. وقال ابن حبان: والقاسم يروي عن أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - المعضلات)) . اهـ. وقال السيوطي في "الجامع": ((أورده ابن الجوزي في الموضوعات، فلم يصب)) ، وتعقبه في "اللآلئ" بذكر هذه الشواهد. وفي ترجمة بشر في "الميزان" (1 / 326) أورد الذهبي هذا الحديث، ثم قال: ((ولبشر عن القاسم نسخة كبيرة ساقطة)) . قلت: تعقب السيوطي لابن الجوزي في غير موضعه؛ لأن الشواهد التي أوردها بعضها لا يصلح للاستشهاد، وبعضها يشهد لجزء من الحديث. فحديث أبي أمامة هذا موضوع لما تقدم عن حال بشر بن نمير. وأما حديث ابن عمر، فأخرجه الخطيب في "تاريخه" (12 / 446) من طريق قاسم بن إبراهيم الملطي، حدثنا لوين، حدثنا مالك بن أنس، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، به مرفوعًا بلفظ: ((من قرأ ثلث القرآن أعطي ثلث النبوة، ومن قرأ ثلثي القرآن أعطي ثلثي النبوة، ومن قرأ القرآن كله أعطي النبوة كلها ... )) الحديث، وفيه زيادة. قال الخطيب في الموضع السابق عن إبراهيم الملطلي: ((كان كذابًا أفّاكًا يضع الحديث، روى عنه =

69- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ (1) ، قَالَ: نا عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو (2) ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ هِنْدٍ (3) ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ (4) ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ أَخَذَ السَّبْعَ الطُّوَّل مِنَ القرآن، فهو خير)) .

_ = الغرباء، عن أبي أمية المبارك بن عبد الله، وعن لوين، عن مالك عجائب من الأباطيل)) . اهـ. وقد ذكر الذهبي القاسم هذا في "الميزان" (3 / 367 - 368) ، ونقل عن الدارقطني أنه قال عنه: ((كذاب)) ، ثم قال الذهبي: ((قلت: أتى بطامّات لا تطاق ... )) ، ثم ذكر حديثًا وقال بعده: ((وأطمّ منه ما روى عن لوين ... )) ، ثم ذكر هذا الحديث، وقال: ((وهذا باطل وضلال كالذي قبله)) . اهـ. وبهذا يتضح أن تعقب السيوطي لابن الجوزي ليس في موضعه، لأن هذين الحديثين موضعان لا يساويان مداد تسويدهما. (1) هو عبد العزيز بن محمد بن عبيد الدَّراوَرْدي، أبو محمد الجهني، مولاهم، المدني، روى عن زيد بن أسلم ويحيى بن سعيد الأنصاري وهشام بن عروة وحميد الطويل وعمرو بن أبي عمرو وغيرهم، روى عنه الإمام الشافعي وعبد الرحمن بن مهدي وعبد الله بن وهب ووكيع والحميدي وسعيد بن منصور وغيرهم، واختُلف في سنة وفاته، فقيل: سنة سبع وثمانين ومائة، وقيل: تسع وثمانين ومائة، وقيل: ست وثمانين ومائة، وهو صدوق حسن الحديث، عدا روايته عن عبيد الله بن عمر العمري فمنكرة، وقد روى له الجماعة، لكن رواية البخاري عنه مقرونة. فقد وثقه مالك، وقال ابن معين: ((ثقة حجة)) ، وقال ابن سعد: ((كان ثقة كثير الحديث يغلط)) ، وقال الإمام أحمد: ((كان معروفًا بالطلب، وإذا حدث من كتابه فهو صحيح، وإذا حدث من كتب الناس وهم، وكان يقرأ من كتبهم فيخطئ، وربما قلب حديث عبد الله بن عمر يرويها =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = عن عبيد الله بن عمر)) ، وقال النسائي: ((ليس به بأس، وحديثه عن عبيد الله بن عمر منكر)) ، وقال أبو حاتم: ((محدِّث)) ، وقال أبو زرعة: ((سيء الحفظ، فربما حدث من حفظه الشيء فيخطئ)) . انظر "الجرح والتعديل" (5 / 395 - 396 رقم 1833) ، و"التهذيب" (6 / 353 - 355 رقم 677) . وقد خرج الذهبي - رحمه الله - في كتابيه: ((الميزان)) و ((السير)) ، بأن الدراوردي صدوق حسن الحديث، فقال في "الميزان" (2 / 633 رقم 5125) : ((عبد العزيز بن محمد الدراوردي صدوق من علماء المدينة، غيره أقوى منه)) . وقال في "سير أعلام النبلاء" (8 / 368) : ((قلت: حديثه في دواوين الإسلام الستة، لكن البخاري روى له مقرونًا بشيخ آخر، وبكل حال فحديثه وحديث ابن أبي حازم لا ينحطّ عن مرتبة الحسن)) . اهـ. (2) هو عمرو بن أبي عمرو ميسرة مولى المطلب، أبو عثمان المدني، روى عن أنس بن مالك ومولاه المُطَّلبِ وعكرمة وسعيد بن جبير وحبيب بن هند وغيرهم، روى عنه عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ ويزيد بن الهاد والإمام مالك والدَّرَاوَرْدي وغيرهم وكانت وفاته سنة أربع وأربعين ومائة، وهو ثقة ربما وهم، حسن الحديث، روى له الجماعة، وهو مختلف فيه، وانتقدت عليه بعض الروايات، فوثقه أبو زرعة والعجلي وزاد: ((ينكر عليه حديث البهيمة)) ، وقال الإمام أحمد: ((ليس به بأس)) ، وقال أبو حاتم: ((لا بأس به)) ، وكذا قال ابن عدي وزاد: ((لأن مالكًا يروي عنه، ولا يروي مالك إلا عن صدوق ثقة)) وقال الساجي: ((صدوق، إلا أنه يهم)) . وضعفه ابن معين، وقال أبو داود: ((ليس هو بذاك)) ، وقال النسائي: ((ليس بالقوي)) . قلت: والراجح من حاله أنه حسن الحديث، قال الذهبي: ((صدوق، حديثه مُخرّج في الصحيحين في الأصول ... ، حديثه صالح حسن منحطّ عن الدرجة العليا من الصحيح)) ، ولما قال ابن القطان: ((الرجل مستضعف، وأحاديثه تدلّ على =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = حاله)) ، ردّ عليه الذهبي بقوله: ((ما هو بمستضعف ولا بضعيف، نعم ولا هو في الثقة كالزهري وذويه)) . انظر "الجرح والتعديل" (6 / 252 - 253 رقم 1398) ، و"الكامل" لابن عدي (5 / 1768 - 1769) ، و"الميزان" (3 / 281 - 282 رقم 6414) ، و"التهذيب" (8 / 82 - 84 رقم 122) ، و"التقريب" (ص425 رقم 5083) . (3) هو حبيب بن هند بن أسماء بن هند بن حارثة الأسلمي، مجهول الحال، روى عن أبيه وعروة بن الزبير، وعنه عبد الله بن أبي بكر وعمرو بن أبي عمرو، ذكره البخاري في "تاريخه" (2 / 327 رقم 2639) ، وسكت عنه، وبيّض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (3 / 110 رقم 505) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (4 / 141 - 142) و (6 / 177) ، وانظر "تعجيل المنفعة" (ص59 - 60 رقم 178) . (4) عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد الأسدي، أبو عبد الله المدني، روى عن أبيه وأخيه عبد الله وأمه أسماء بنت أبي بكر وخالته عائشة وعلي بن أبي طالب وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه أولاده عبد الله وعثمان وهشام ومحمد ويحيى، وروى عنه أيضًا سليمان بن يسار وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ والزهري وأبو الزناد وابن أبي مليكة وعطاء بن أبي رباح وعمرو بن دينار ومحمد بن المنكدر وحبيب بن هند وغيرهم، واختُلف في سنة وفاته، فقيل: توفي سنة اثنتين وتسعين للهجرة، وقيل: سنة أربع، وقيل: خمس، وقيل: تسع وتسعين، أو مائة، أو إحدى ومائة، ومات وهو ابن سبع وستين سنة، وهو ثقة فقيه مشهور روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص389 رقم 4561) . قال ابن سعد: ((كان ثقة كثير الحديث فقيهًا عالمًا ثبتًا مأمونًا)) ، وقال العجلي: ((مدني تابعي ثقة، وكان رجلاً صالحًا لم يدخل في شيء من الفتن)) . انظر "طبقات ابن سعد" (5 / 178 - 182) ، و"التهذيب" (7 / 180 - 185 رقم 351) . [69] الحديث سنده ضعيف لجهالة حبيب بن هند، وقد ذكره الحافظ ابن كثير في =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = "التفسير" (1 / 35) من رواية أبي عبيد الآتية، ثم قال: ((غريب، وحبيب بن هند بن أسماء بن هند بن حارثة الأسلمي، وروى عنه عمرو بن عمرو [كذا!] ، وعبد الله بن أبي بكر، وذكره أبو حاتم الرازي، ولم يذكر فيه جرحًا، فالله أعلم)) . وقد صحح الحاكم هذا الحديث كما سيأتي ووافقه الذهبي. والحديث أخرجه البزار في "مسنده" (3 / 95 رقم 2327 / كشف) . والفريابي في "فضائل القرآن" (ص171 - 172 رقم 65) . والطحاوي في "مشكل الآثار" (2 / 153 - 154) . والبغوي في "شرح السنة" (4 / 468 رقم 1203) . جميعهم من طريق عبد العزيز بن محمد، به نحوه. وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل" (ص157 رقم 404) . والإمام أحمد في "المسند" (6 / 72 - 73) . ومحمد بن نصر في "قيام الليل" (ص153) . والطحاوي في الموضع السابق (ص154) . والحاكم في "المستدرك" (1 / 564) . والبيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 353 رقم 2191) . والبغوي في الموضع السابق. جميعهم من طريق إسماعيل بن جعفر، عن عمرو بن أبي عمرو، به. وأخرجه الإمام أحمد (6 / 82) . والواحدي في "الوسيط" (2 / 123 / ب) . والخطيب في "تاريخه" (10 / 108) . ومن طريقه ابن الجوزي في "العلل" (1 / 103 - 104 رقم 149) . جميعهم من طريق سليمان بن بلال، عن عمرو بن أبي عمرو، به. قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي. والحديث ذكره الألباني في "صحيح الجامع" (5 / 232 رقم 5855) ، وقال عنه: =

70- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدٍ الكَلاعي (1) ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (يَقُولُ) (2) : أَعْرِبُوا الْقُرْآنَ، فَإِنَّهُ عَرَبِيٌّ، وَتَفَقَّهُوا فِي السُّنَّة، وَأَحْسِنُوا عِبَارَةَ الرُّؤْيَا، وَإِذَا قَصَّ أَحَدُكُمْ عَلَى أَخِيهِ، فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ خَيْرًا فَلَنَا، وَإِنْ كَانَ شرًّا فعلى عدونا.

_ = ((حسن)) ، وعزا تخريجه للسلسلة الصحيحة رقم (2305) ، ولم يطبع بعد. تنبيه: السبع الطوال من القرآن هي: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، ويونس. وسميت طوالاً؛ لطولها. انظر "شعب الإيمان" للبيهقي (5 / 356 - 357) ، و"القطع والائتناف" للنحاس (ص82) . (1) هو عبيد الله بن عبيد، أبو وهب الكَلاَعي - بفتح الكاف -، روى عن مكحول وبلال بن سعد وحسّان بن عطيّة وغيرهم، روى عنه الأوزاعي وسويد بن عبد العزيز والهيثم بن حميد وإسماعيل بن عيّاش وغيرهم، وكانت وفاته سنة اثنتين وثلاثين ومائة، وهو ثقة، وثقه دُحيم، وقال ابن معين: ((ليس به بأس)) . انظر "تاريخ ابن عساكر" (10 / 702 - 704) ، و"التهذيب" (7 / 35 رقم 65) . وروايته هنا عن عمر بن الخطاب، وهو لم يدركه؛ لأن الفرق بين وفاته ووفاة عمر رضي الله عنه ما يقرب من ثمان سنين ومائة، بل لم يذكروا في ترجمته أنه روى عن أحد من الصحابة، وإنما يروي عن التابعين، وعليه فهو من أتباع التابعين، وبذا صرح ابن عساكر في الموضع السابق حيث قال: ((كلاعي من تابعي التابعين)) . أما الحافظ ابن حجر فذكر في "الإصابة" (7 / 461) أنه تابعي، وذلك في معرض التفريق بينه وبين أبي وهب الجُشَمي الصحابي، وليست أدري على أي شيء اعتمد في وصفه بأنه تابعي؟! (2) ما بين القوسين سقط من الأصل، وما أثبته من الموضعين الآتيين من "شعب الإيمان" و"كنز العمال".

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ [70] الحديث سنده ضعيف للانقطاع بين عبيد الله الكلاعي وعمر رضي الله عنه، ولأن إسماعيل بن عياش مدلِّس كما في ترجمته في الحديث [9] ، ولم يصرِّح بالسماع هنا. وقد ذكره صاحب "كنز العمال" (15 / 517 رقم 42014) وعزاه لسعيد بن منصور. وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 242 رقم 2098) من طريق سعيد بن منصور، به مثله، إلا أنه قال: ((فإذا قص)) . والحديث له عن عمر رضي الله عنه ثلاثة طرق: (1) طريق عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدٍ الْكَلَاعِيِّ الذي أخرجه المصنف هنا. (2) طريق الحسن البصري، وهو الآتي برقم [89] ، وهو ضعيف. (3) طريق عمرو بن دينار: أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (10 / 456 - 457 رقم 9963) ، فقال: حدثنا عيسى بن يونس، عن ثور، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: كتب عمر إلى أبي موسى: أما بعد، فتفقهوا في السنة، وتفقهوا في العربية، وأعربوا القرآن فإنه عربي، وتمعددوا فإنكم مَعْديّون. هكذا أخرجه ابن أبي شيبة في هذا الموضع، وكان قد أخرجه قبل ذلك (8 / 603 رقم 5703) من نفس الطريق السابق مختصرًا، إلا أنه قال: (عمر بن زيد) بدل: (عمرو بن دينار) . وسنده ضعيف أيضًا للانقطاع بين عمرو بن دينار وعمر بن الخطاب. فعمرو بن دينار إنما يروي عن صغار الصحابة، والانقطاع بينه وبين عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عنه - ظاهر، فولادته كانت بعد سنة خمس وأربعين بيقين، فإنه توفي وقد جاوز السبعين كما قال ابن حبان، ووفاته كانت سنة خمس أو ست وعشرين ومائة كما قال الإمام أحمد. انظر "التهذيب" (8 / 30) . وعليه فالحديث لا ينجبر ضعفه بهذه الطرق، وانظر الحديث الآتي برقم [89] .

71- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: أَعْرِبُوا الْقُرْآنَ. 72- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ (1) ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْزَلَ هَذَا الْقُرْآنَ آمِرًا، وَزَاجِرًا، وَسُنَّةً خَالِيَةً، وَمَثَلًا مَضْرُوبًا، (فِيهِ) (2) نَبَؤُكُمْ، وَنَبَأُ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، وَخَبَرُ مَنْ بَعْدَكُمْ، وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ، مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ، وَمَنْ خَاصَمَ بِهِ فَلَجَ (3) ، وَمَنْ عَمِلَ بِهِ أُجِرَ، وَمَنْ تَمَسَّكَ بِهِ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، لَا يُخْلِقُه طولُ الرَّدِّ، وَلَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ)) .

_ [71] الحديث سنده ضعيف، فليث بن أبي سليم تقدم في الحديث [9] أنه صدوق اختلط جدًّا فلم يتميز حديثه، فتُرك. وقد أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (10 / 457 رقم 9965) من طريق معتمر، عن ليث، به مثله. (1) هو عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بن حمزة بن صهيب بن سنان الحمصي، روى عن نافع مولى ابن عمر ومحمد بن المنكدر ومجاهد وغيرهم، لم يرو عنه سوى إسماعيل بن عياش، وهو متروك كما قال الدارقطني، وقال ابن معين: ((ضعيف الحديث، لم يحدِّث عنه غير إسماعيل)) ، وقال أبو زرعة: ((مضطرب الحديث، واهي الحديث)) ، وقال أبو حاتم: ((هو عندي عجيب ضعيف الحديث منكر الحديث، يكتب حديثه؛ يروي أحاديث مناكير، ويروي أحاديث حسانًا)) . وقال أبو داود: ((ليس بشيء)) ، وقال النسائي: ((ليس بثقة، ولا يكتب حديثه)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 387 - 388 رقم 1085) ، و"التهذيب" (6 / 348 - 349 رقم 668) . وقال الذهبي في "الكاشف" (2 / 201 رقم 3446) : ((واهٍ)) . قلت: وهو من أتباع التابعين، يروي عن التابعين مثل نافع ومحمد بن المنكدر

73- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: نا عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلةَ، عَنِ المُسَيَّب بْنِ رَافِعٍ أَوْ غَيْرِهِ - شَكَّ حَمَّادٌ - قَالَ: مَنْ قَرَأَ: {إِذَا زُلْزِلَتِ} فَكَأَنَّمَا قَرَأَ نِصْفَ الْقُرْآنِ، وَمَنْ قَرَأَ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ} ، وَمَنْ قَرَأَ: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} فَكَأَنَّمَا قَرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ.

_ = وغيرهما، فروايته هنا معضلة. (2) في الأصل: ((فيها)) . (3) أي: غَلَبَ. انظر "النهاية في غريب الحديث" (3 / 468) . [72] سنده ضعيف جدًّا لإعضاله وشدّة ضعف عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ. (1) هكذا في الأصل لم يذكر شيئًا من فضلها، وفي رواية ابن الضريس الآتية وغيرها ذكر أنها ربع القرآن. [73] الحديث سنده رجاله ثقات، عدا عاصم فصدوق، لكنه ضعيف؛ لأن حماد بن زيد لم يضبط هذا الحديث. فهو هنا يرويه عن عاصم، عن المسيب، أو غيره - على الشك -. وأخرجه ابن الضريس في "فضائل القرآن" (ص127 رقم 300) من طريق شيخه أبي الربيع الزهراني، عن حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ عَاصِمِ قال: كان يقال: {قل هو الله أحد} ثلث القرآن، و {إذا زلزلت} نصف القرآن، و {قل يا أيها الكافرون} ربع القرآن. وقد ورد الحديث مرفوعًا من حديث ابن عباس وأنس وأبي هريرة رضي الله عنهم. أما حديث ابن عباس، فأخرجه الترمذي (8 / 205 - 206 رقم 3059) في فضائل القرآن، باب ما جاء في سورة الإخلاص وإذا زلزلت. وابن الضريس (ص126 رقم 298) . وابن عدي في "الكامل" (7 / 2638) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = والحاكم في "المستدرك" (1 / 566) . ومن طريقه البيهقي في "الشعب" (5 / 452 - 453 رقم 2284) . جميعهم من طريق يزيد بن هارون، عن يمان بن المغيرة، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -: (( {إذا زلزلت} تعدل نصف القرآن، و {قل هو الله أحد} تعدل ثلث القرآن، و {قل يا أيها الكافرون} تعدل ربع القرآن)) . وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (8 / 591) وعزاه أيضًا لمحمد بن نصر، وأشار إليه المقريزي في "مختصر قيام الليل" لمحمد بن نصر (ص144) . قال الترمذي: ((هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث يمان بن مغيرة)) . وقال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)) ، فتعقبه الذهبي بقوله: ((بل يمان ضعفوه)) . وذكره الحافظ في "الفتح" (9 / 61 - 62) وعزاه أيضًا لأبي الشيخ، وقال: ((صحح الحاكم حديث ابن عباس، وفي سنده يمان بن المغيرة، وهو ضعيف عندهم)) . والحديث ذكره الألباني في "السلسلة الضعيفة" (3 / 518) ، وقال عنه: ((منكر)) ، وأعله بيمان بن المغيرة. وأما أحاديث أنس، فله عنه طريقان: (1) طريق ثابت عنه: أخرجه الترمذي (8 / 203 - 204 رقم 3057) . والعقيلي في "الضعفاء" (1 / 243) . والبيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 454 - 455 رقم 2886) . ثلاثتهم من طريق محمد بن موسى الحَرشي، عن الحسن بن سَلْم العجلي، عن ثابت، عن أنس قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((مَنْ قَرَأَ {إذا زلزلت} عدلت له بنصف الْقُرْآنِ، وَمَنْ قَرَأَ: {قُلْ يَا أيها الكافرون} عدلت بربع القرآن، وَمَنْ قَرَأَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أحد} عدلت له بثلث القرآن)) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = قال الترمذي: ((هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث هذا الشيخ الحسن بن سلم)) . وقال العقيلي: ((الحسن بن مسلم (كذا!) بن صالح العجلي، بصري، عن ثابت، مجهول في النقل، وحديثه غير محفوظ)) . اهـ. ثم ذكر هذا الحديث، وقال: ((وقد روي في: {قل هو الله أحد} أحاديث صالحة الأسانيد من حديث ثابت، وأما في {إذا زلزلت} و {قل يا أيها الكافرون} ، أسانيدها مقارب هذا الإسناد)) . وقال البيهقي: ((هذا العجلي مجهول)) . وذكر الذهبي في "الميزان" (1 / 493) الحسن بن سَلْم هذا، وذكر حديثه هذا، ثم قال: ((هذا منكر، والحسن لا يعرف، ولا روى عنه سوى محمد بن موسى الحَرَشي)) . (2) طريق يزيد الرقاشي عن أنس: أخرجه محمد بن نصر في "قيام الليل" كما في المختصر (ص144) من طريق عمر بن رياح، سمعت يزيد الرقاشي، عن أنس رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - قال..، فذكره بنحو سابقه، إلا أنه زاد فيه: ((من قرأ {إنا أنزلناه في ليلة القدر} عدلت بربع القرآن)) . وسنده هذا الحديث ضعيف جدًّا، فيه يزيد بن أبان، وعمر بن رياح. أما يزيد بن أبان الرَّقَاشي - بتخفيف القاف، ثم معجمة -، أبو عمرو البصري، القاصّ - بتشديد المهملة -، فهو زاهد ضعيف كما في "التقريب" (ص599 رقم 7683) ، وهو يروي عن أبيه وأنس بن مالك والحسن البصري وغيرهم، روى عنه قتادة وابن المنكدر والأعمش وغيرهم، وذكره البخاري في "التاريخ الأوسط" في فصل من مات بين العشر ومائة إلى عشرين ومائة، وقد ضعَّف يزيد هذا: ابن سعد وابن معين والدارقطني والبرقاني وغيرهم، وقال ابن حبان: ((كان من خيار عباد الله من البكّائين بالليل، لكنه غفل عن حفظ الحديث شغلاً بالعبادة حتى كان يقلب كلام الحسن فيجعله =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = عن أنس، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، فلا تحل الرواية عنه إلا على جهة التعجب)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 251 - 252 رقم 1053) ، و"التهذيب" (11 /309 - 311 رقم 597) . وأما عمر بن رِياح - بكسر أوّله، وتحتانيّةٍ-، العبدي، البصري، الضرير، فهو يروي عن مولاه عبد الله بن طاوس وعن عمرو بن شعيب وثابت البُناني وهشام بن عروة، وغيرهم، روى عنه يحيى بن حسّان ومعلّى بن أسد وأحمد بن عبدة وغيرهم، وهو متروك، وكذبّه بعضهم، من الطبقة الثامنة كما في "التقريب" (ص412 رقم 4896) . قال عمرو بن علي الفلاّس: ((هو دجال)) ، وقال النسائي والدارقطني: ((متروك)) ، وقال أبو أحمد الحاكم: ((ذاهب الحديث)) ، وقال ابن حبان: ((كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات، لا يحل كتابة حديثه إلا على جهة التعجب)) . اهـ. من "المجروحين" لابن حبان (2 / 86) ، و"التهذيب" (7 / 447 - 448 رقم 738) . وأما حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - فأخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (ص185 رقم 686) . وأبو أمية الطرسوسي في مسند أبي هريرة (195 / 2) كما في "السلسلة الضعيفة" للألباني (3 / 519) . كلاهما من طريق عيسى بن ميمون، عن يحيى بن ميمون، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هريرة مرفوعًا به نحوه. قال الشيخ ناصر الدين الألباني: (لكنه إسناد ضعيف جدًّا؛ عيسى بن ميمون الظاهر أنه المدني المعروف بالواسطي، ضعفه جماعة، وقال أبو حاتم وغيره: ((متروك الحديث)) . وأبو أمية نفسه صدوق يهم كما قال الحافظ، فلا يصلح شاهدًا) . اهـ. قلت: أما أبو أمية الطرسوسي فلم يتفرّد بالحديث، فإن ابن السني أخرجه من طريق آخر. وأما عيسى بن ميمون فالشيخ رجح أنه الواسطي ولم يذكر مستنده في =

74- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ (مَسْرُوقٍ) (1) ، عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ (2) ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيم (3) ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: مَنْ قَرَأَ: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} ، كَانَتْ لَهُ عدل ثلث القرآن.

_ = الترجيح، ولم يتكلم عن يحيى بن ميمون بشيء، والظاهر أنه جاء مهملاً في إسناد الطرسوسي فظن الشيخ أنه يحيى بن عبد العزيز الأردنّي الذي يروي عن يحيى بن أبي كثير، والذي يظهر أن عيسى بن ميمون ويحيى بن ميمون مجهولان وهما أو أحدهما آفة الحديث؛ فإني لم أجد من ترجم لهما. وعليه فالحديث لا يتقوى بشيء من هذه الطرق، عدا ما ذكر من فضل {قل هو الله أحد} وأنها تعدل ثلث القرآن، فهذا ثابت في الصحيحين وغيرهما، وسيأتي تخريجه في الحديث الآتي بعده، والله أعلم. (1) في الأصل: (منصور) والصواب ما أثبته، فسعيد بن مسروق الثوري هو الذي يروي عن منذر الثوري، وعنه أبو الأحوص كما في "التهذيب" (4 / 82) ، وهكذا ورد على الصواب في رواية ابن الضريس في "الفضائل"، ورواية النسائي في "عمل اليوم والليلة" كما سيأتي، وانظر "تحفة الأشراف" (3 / 109) ، وانظر ترجمة سعيد بن مسروق في الحديث رقم [52] . (2) هو المنذر بن يعلى الثوري، أبو يعلى الكوفي، يروي عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رضي الله عنه -، وعن الربيع بن خثيم وسعيد بن جبير وغيرهم، روى عنه الأعمش وفطر بن خليفة وسعيد بن مسروق وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة السادسة وروى له الجماعة كما في "التقريب" (ص546 رقم 6894) ، وثقه ابن سعد، وابن معين، والعجلي، وابن خراش. انظر "الجرح والتعديل" (8 / 242 رقم 1093) ، و"التهذيب" (10 / 304 - 305 رقم 531) .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ (3) هو الربيع بن خُثَيْم - بضم المعجمة، وفتح المثلثة -، ابن عائذ بن عبد الله الثوري، أبو يزيد الكوفي، يروي عن ابن مسعود وأبي أيوب رضي الله عنهما، وعن عمرو بن ميمون وعبد الرحمن بن أبي ليلى وغيرهم، روى عنه ابنه عبد الله ومنذر الثوري والشعبي وإبراهيم النخعي وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاث وستين للهجرة، وهو ثقة عابد مخضرم روى له الشيخان كما في "التقريب" (ص206 رقم 1888) ، قال الشعبي: ((كان من معادن الصدق)) ، وقيل لأبي وائل: أيما أكبر، أنت، أو الربيع؟ قال: ((أنا أكبر منه سنًا، وهو أكبر مني عقلاً)) ، وقال ابن معين: ((ثقة لا يُسأل عنه)) ، وقال العجلي: ((تابعي ثقة، وكا خيارًا)) ، وكان ابن مسعود يقول له: ((والله لو رآك رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - لأحبك)) . انظر "الجرح والتعديل" (3 / 459 رقم 2068) ، و"التهذيب" (3 / 242 رقم 467) . [74] الحديث سنده ظاهر الصِّحَّة، لكنه معلول من هذا الطريق، وصوابه: أنه عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ خُثيم، عَنْ عمرو بن ميمون، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ليلى، عن امرأة من الأنصار رضي الله عنها، عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، وهو صحيح من هذا الطريق كما سيأتي. والحديث أخرجه ابن الضريس في "فضائل القرآن" (ص114 رقم 259) . والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (ص423 رقم 678) . كلاهما من طريق أبي الْأَحْوَصِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، به نحوه. وقد اختُلف في إسناد هذا الحديث اختلافًا شديدًا. فمنهم من رواه عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ أبي أيوب كما هنا، ومنهم من رواه عن الربيع، عن امرأة من الأنصار، عن أبي أيوب مرفوعًا، ومنهم من رواه عن الربيع، عن عمرو بن ميمون، عن امرأة، عن أبي أيوب مرفوعًا، ومنهم من رواه عن الربيع، عن عمرو بن ميمون، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ليلى، عن امرأة، عن أبي أيوب مرفوعًا، إلى غير ذلك من الاختلاف الذي يطول ذكره، وتجده في "التاريخ الكبير" للبخاري (3 / 137) ، وفي "العلل" لابن أبي حاتم (2 / 70 و 80 رقم 1702 و 1735) ، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأطال فيه وفي تخريج طرقه النسائي في "عمل اليوم والليلة" (ص423 - 427) ، وذكره الدارقطني في "العلل" (2 / ل 50 أو ب) ، ورجح بعض الروايات، وخلاصة ما رجحه الدارقطني - رحمه الله - قال: ((رواه زائدة بن قدامة فضبط إسناده؛ رواه عن منصور، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ الربيع بن خثيم، عن عمرو بن ميمون، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ليلى، عن امرأة من الأنصار، عن أبي أيوب)) . اهـ. ثم ذكر بعض الاختلاف، وقال: ((والقول قول زائدة بن قدامة)) ، وقال أيضًا: ((والحديث حديث زائدة، عن منصور، وهو أقام إسناده وحفظه)) . اهـ. وهذا الذي رجحه الدارقطني هو الذي رجحه الترمذي واختاره، فإنه أخرج الحديث في "جامعه" (8 / 206 - 209 رقم 3060) . وأخرجه كذلك الإمام أحمد في "المسند" (5 / 418 - 419) . وعبد بن حميد في "مسنده" (ص103 رقم 222) . وابن الضريس في "الفضائل" (ص112 رقم 254) . والنسائي في "السنن" (2 / 172) ، وفي "عمل اليوم والليلة" (ص424 رقم 681) . والطبراني في "الكبير" (4 / 199 رقم 4026) . والبيهقي في "الشعب" (5 / 486 - 487 رقم 2313) . أما الترمذي والإمام أحمد والنسائي فمن طريق عبد الرحمن بن مهدي، وأما عبد بن حميد وابن الضريس والبيهقي فمن طريق حسين بن علي، وأما الطبراني فمن طريق معاوية بن عمرو، ثلاثتهم عن زائدة، عن منصور، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ ربيع بن خثيم، عن عمرو بن ميمون، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ليلى، عن امرأة أبي أيوب، عن أبي أيوب، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -: ((أيعجز أحدكم أن يقرأ في ليلة ثلث القرآن؟ من قرأ: الله الواحد الصمد، فقد قرأ ثلث القرآن)) . هذا لفظ الترمذي، ولفظ الباقين نحوه، إلا أن ابن الضريس، والنسائي لم يذكرا السؤال: ((أيعجز أحدكم ... )) ، ولم يصرح أحد منهم بأن المرأة هي امرأة أبي أيوب سوى الترمذي. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = قال النسائي: ((لا أعرف في الحديث الصحيح إسنادًا أطول من هذا)) . وقال الترمذي: ((هذا حديث حسن، ولا نعرف أحدًا روى هذا الحديث أحسن من رواية زائدة، وتابعه على روايته إسرائيل، والفضيل بن عياض. وقد روى شعبة وغير واحد من الثقات هذا الحديث عن منصور، واضطربوا فيه)) . اهـ. قلت: أما الفضيل بن عياض فإنه قد تابع زائدة على الحديث، وذكر إسناده بكامله، لكنه قدّم فيه وأخّر؛ حيث جعل الربيع شيخًا لعمرو بن ميمون، وعمرًا يروي الحديث عن الربيع، قال الدارقطني في الموضع السابق: ((رواه فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ مَنْصُورٍ، فقدم في إسناده وأخر؛ جعله عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ عمرو بن ميمون، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ ابن أبي ليلى، عن امرأة، عن أبي أيوب)) . اهـ. وأما إسرائيل فقد تابع زائدة كما ذكر الترمذي، وروايته أخرجها الدارمي (2 / 331 رقم 3440) . والنسائي والترمذي كلاهما قد أخرجا الحديث عن شيخهما بندار محمد بن بشار، ولكن لم يذكر النسائي، ما ذكر الترمذي من أن المرأة هي زوجة أبي أيوب، فإن كان الترمذي حفظه، فسند الحديث صحيح رجاله ثقات تقدم بعضهم، والباقون تراجمهم كما يأتي: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى الأنصاري المدني، ثم الكوفي، يروي عن أبيه، وعن علي بن أبي طالب وسعد بن أبي وقاص وحذيفة وابن مسعود وأبي أيوب الأنصاري وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه عمرو بن ميمون وهو أكبر منه، والشعبي وثابت البُناني ومجاهد وغيرهم، وكانت ولادته لست سنين بقيت من خلافة عمر رضي الله عنه، وتوفي سنة اثتنين وثمانين للهجرة، وهو ثقة روى له الجماعة. قال عبد الملك بن عمير: ((لقد رأيت عبد الرحمن في حلقة فيها نفر من الصحابة فيهم البراء يسمعون لحديثه وينصتون له)) ، وقال عبد الله بن الحارث بن نوفل: ((ما ظننت أن النساء يلدن مثله)) ، ووثقه ابن معين والعجلي. اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 301 رقم 1424) ، و"التهذيب" (6 / 260 - 262 رقم 515) ، و"التقريب" (ص349 رقم 3993) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وعمرو بن ميمون الأَوْدي يروي عن عمر وابن مسعود وسعد بن أبي وقاص وعائشة وأبي هريرة وابن عباس وغيرهم رضي الله عنهم، وروى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ليلى والربيع بن خثيم وهما أصغر منه، روى عنه سعيد بن جبير والشعبي وإبراهيم التيمي وهلال بن يساف والربيع بن خثيم وغيرهم، وكانت وفاته سنة خمس وسبعين للهجرة، وهو مخضرم مشهور، ثقة عابد روى له الجماعة. قال أبو إسحاق السبيعي: ((كان عمرو بن ميمون إذا دخل المسجد فرؤي، ذُكر الله)) ، ووثقه ابن معين والعجلي والنسائي، وقال ابن عبد البر: ((أدرك النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وصدّق إليه، وكان مسلمًا في حياته)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (6 / 258 رقم 1422) ، و"التهذيب" (8 / 109 - 110 رقم 180) ، و"التقريب" (ص427 رقم 5122) . وشيخ الإمام أحمد في هذا الحديث هو الذي روى الترمذي والنسائي الحديث من طريقه، وهو: عبد الرحمن بن مهدي بن حسّان العَنْبري، مولاهم، أبو سعيد البصري روى عن جرير بن حازم ومهدي بن ميمون والإمام مالك وشعبة والسفيانين والحمّادَيْن وزائدة بن قدامة وغيرهم، روى عنه الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه وعلي بن المديني ويحيى بن معين وابنا أبي شيبة ومحمد بن بشار بندار وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثمان وتسعين ومائة وهو ابن ثلاث وستين سنة، وهو ثقة ثبت حافظ عارف بالرجال والحديث، روى له الجماعة. قال الشافعي: ((لا أعرف له نظيرًا في الدنيا)) ، وقال ابن المديني: ((كان عبد الرحمن بن مهدي أعلم الناس)) - قالها مرارًا -، وقال مرة: ((لو حُلِّفت بين الركن والمقام لحلفت بالله أني لم أر أحدًا قط أعلم بالحديث من عبد الرحمن بن مهدي)) ، وقيل للإمام أحمد: كان عبد الرحمن حافظًا؟ فقال: ((حافظ، وكان يتوقّى كثيرًا، كان يحب أن يحدث باللفظ)) ، وقال صدقة بن الفضل: سألت يحيى بن سعيد عن حديث، فقال: ((الزم عبد الرحمن بن مهدي)) ، وقال أبو حاتم: ((هو أثبت أصحاب حماد بن زيد، وهو إمام ثقة، أثبت من يحيى بن سعيد، وأتقن من وكيع)) ، وقال ابن حبان: ((كان من الحفاظ المتقنين وأهل الورع في الدين، ممن حفظ وجمع وتفقه =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وصنَّف، وحدّث، وأبى الرواية إلا عن الثقات)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (1 / 251 - 262) ، و (5 / 288 - 290 رقم 1382) ، و"التهذيب" (6 / 279 - 281 رقم 549) ، و"التقريب" (ص351 رقم 4018) . والذي يظهر - والله أعلم - أن المرأة هي زوجة أبي أيوب، ففي رواية الدارمي للحديث عن إسرائيل عن منصور ما يشعر بأنها هي، وإن لم تكن هي فهي صحابية، ففي هذه الرواية تذكر المرأة أن أبا أيوب أتاها، فقال: ألا ترين إلى ما جاء به رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -؟ قالت: رُبّ خير قد أتانا به رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، فما هو؟ قال: قال لنا: ((أيعجز ... )) الحديث. فهذا ظاهر في أن المرأة تلقت الحديث عن أبي أيوب في حياته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَفِيهِ دليل على صحبتها، ولذا فإن النسائي - رحمه الله - قد صحح الحديث قال: ((لا أعرف في الحديث الصحيح إسنادًا أطول من هذا)) ، على أن الحديث مروي في الصحيحين من غير طريق أبي أيوب. فقد أخرجه البخاري في "صحيحه" (9 / 58 - 59 رقم 5013 و 5014 و 5015) و (11 / 535 رقم 6643) و (13 / 347 رقم 7374) ، أخرجه من حديث أبي سعيد الخدري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قَالَ: قَالَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأصحابه: ((أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة؟)) فشقّ ذلك عليهم وقالوا: أيُّنا يطيق ذلك يا رسول الله؟ فقال: ((الله الواحد الصمد ثلث القرآن)) . وأخرجه مسلم في "صحيحه" (1 / 556 رقم 259 و 260) من حديث أبي الدرداء - رضي الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - قال: ((أيعجز أحدكم أن يقرأ في ليلة ثلث القرآن؟)) قالوا: وكيف يقرأ ثلث القرآن؟ قال: {قل هو الله أحد} تعدل ثلث القرآن)) . وفي رواية: ((إن الله جزّأ القرآن ثلاثة أجزاء، فجعل {قل هو الله أحد} جزءًا من أجزاء القرآن)) .

75- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أُسِيد بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الخَثْعَمي (1) ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ (2) ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((مَنْ قَرَأَ: {يس} ، فَكَأَنَّمَا قَرَأَ القرآن عشر مرات)) .

_ (1) أسيد - بفتح الهمزة - ابن عبد الرحمن الخَثْعمي الرَّمْلي، روى عن مكحول وخالد بن دُريك وفروة بن مجاهد وغيرهم، روى عنه الأوزاعي وإسماعيل بن عياش والمغيرة بن المغيرة وغيرهم، وكانت وفاته سنة أربع وأربعين ومائة، وهو ثقة، وثقه يعقوب بن سفيان، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وكذا ابن شاهين في "ثقاته" وقال: ((قال أحمد بن صالح - في رواية ابن رشدين عنه -: ((أَسيد من وجوه أهل خثعم، من أهل الرملة، من ثقات أهل الشام)) . اهـ. من "ثقات" ابن شاهين (ص43 رقم 104) ، و"التهذيب" (1 / 346 رقم 630) ، و"التقريب" (ص112 رقم 514) . (2) حسّان بن عطيّة المحاربي مولاهم، أبو بكر الدمشقي، روى عن خالد بن مَعْدان وسعيد بن المسيب ومحمد بن المنكدر ونافع مولى ابن عمر وغيرهم، روى عنه الأوزاعي والوليد بن مسلم وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان وغيرهم، وذكره البخاري في "التاريخ الأوسط" في فصل من مات بين العشرين إلى الثلاثين ومائة، وهو ثقة فقيه عابد روى له الجماعة. قال الأوزاعي: ((ما أدركت أحدًا أشد اجتهادًا ولا أعمل منه)) . وقال: ((كان حسان يتنحّى إذا صلى العصر في ناحية المسجد، فيذكر الله حتى تغيب الشمس)) ، ووثقه أحمد وابن معين والعجلي، وقال البخاري: ((كان من أفاضل أهل زمانه)) . اهـ. من "سؤالات الدارمي ليحيى بن معين" (ص89 رقم 225) ، و"تهذيب التهذيب" (2 / 251 رقم 460) ، و"التقريب" (ص158 رقم 1204) . وحسان هنا يروي الحديث عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، ولم يذكروا أنه سمع من أحد مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - سوى أبي أمامة صدي بن عجلان، وقيل: لم يسمع منه، ولذا ذكره ابن حبان في "ثقاته" في أتابع التابعين (6 / 223) ، وانظر" جامع التحصيل" (ص194 رقم 132) .

76- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ (1) ، قَالَ: نا أَبُو سِنَان (2) ، عَنِ (ابْنِ) (3) أَبِي الهُذَيْل (4) قَالَ: إِذَا قَرَأَ أَحَدُكُمُ الْآيَةَ، فلا يقطعها حتى يُتِمَّها.

_ [75] الحديث سنده ضعيف جدًّا لإعضاله، ولأن إسماعيل بن عياش مدلِّس كما في ترجمته في الحديث [9] ، ولم يصرح بالسماع هنا. وقد أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 397 رقم 2232) من طريق المصنف، به مثله، ثم قال: ((هذا مرسل)) . (1) هو خلف بن خليفة بن صاعد الأَشْجَعي، مولاهم، أبو أحمد الكوفي، نزل واسط، ثم بغداد، روى عن أبيه وإسماعيل بن أبي خالد والإمام مالك وغيرهم، روى عنه سعيد بن منصور وقتيبة بن سعيد وأبو بكر بن أبي شيبة والحسن بن عرفة وغيرهم، وكانت وفاته سنة إحدى وثمانين ومائة، وقيل: تسع وسبعين ومائة أو ثمانين ومائة، وهو صدوق، إلا أنه اختلط في آخر عمره. قال ابن معين والنسائي: ((ليس به بأس)) ، وكذا ابن عمار، وزاد: ((لم يكن صاحب حديث)) ، وقال ابن معين أيضًا وأبو حاتم: ((صدوق)) ، ووثقه العجلي وابن سعد، وقال: ((أصابه الفالج قبل موته حتى ضعف وتغير واختلط)) . ووثقه مسلمة وقال: ((من سمع منه قبل التغير فروايته صحيحة)) ، وقال الإمام أحمد: ((رأيته مفلوجًا سنة سبع وسبعين ومائة، وكان لا يفهم، فمن كتب عنه قديمًا فسماعه صحيح)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 369 رقم 1681) ، و"التهذيب" (3 / 150 - 152 رقم 289) ، و"التقريب" (ص194 رقم 1731) ، و"الكواكب النيرات" (ص155 - 161 رقم 20) . قلت: وفي "تهذيب الكمال" (8 / 286) ذكر أن الحسن بن عرفة العبدي آخر من حدَّث عن خلف، وفي الموضع السابق من "تهذيب التهذيب" قال الحافظ ابن حجر: ((قد حدث عنه هشيم ووكيع من القدماء)) . وقد ادعى خلف أنه رأى الصحابي عمرو بن حريث، فأنكر ذلك عليه ابن عيينة والإمام أحمد، فقد سئل الإمام أحمد فقيل له: هل رأى خلف بن خليفة عمرو =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ابن حريث؟ قال: ((لا، ولكنه عندي شُبِّه عليه، هذا ابن عيينة وشعبة والحجاج لم يروا عمرو بن حريث، ويراه خلف؟!!)) . وأما ابن عيينة فقال: ((لعله رأى جعفر بن عمرو بن حريث)) . انظر الموضع السابق من "التهذيب". وقد حكى خلف عن نفسه أن عمر بن عبد العزيز فرض له وهو ابن ثمان سنين، فاستُدِلَّ بذلك على خطئه فيما زعم من رؤية عمرو بن حريث، فقد ذكر الذهبي قوله هذا في "السير" (8 / 342) ، وقال: ((قلت: هذا ينفي رؤيته عمرو بن حريث)) . وذكر ابن حجر قول خلف السابق، ثم قال: ((يكون مولده على هذا سنة (91) أو اثنتين، لأن ولاية عمر كانت سنة (99) ... ، وعلى هذا فيبعد إدراكه لعمرو بن حريث بعدًا بيِّنًا)) . قلت: لأن عمرو بن حريث توفي سنة خمس وثمانين كما في "التهذيب" (8 / 18) . (2) هو ضرار بن مُرَّة الكوفي، أبو سنان الشيباني الأكبر، روى عن أبي صالح السَّمَّان وسعيد بن جبير وعبد الله بن أبي الهُذيل وغيرهم، روى عنه شعبة وشريك والسفيانان وهشيم وجرير بن عبد الحميد وغيرهم، وكانت وفاته سنة اثنتين وثلاثين ومائة، وهو ثقة ثبت، وثقه غير واحد من الأئمة، منهم يحيى القطان، والنسائي، وقال الإمام أحمد: «كوفي ثبت» ، وقال العجلي: «ثقة ثبت في الحديث» ، بل قال ابن عبد البر: «أجمعوا على أنه ثقة ثبت» . انظر "الجرح والتعديل" (4 / 465 رقم 2044) ، و"التهذيب" (4 / 457 رقم 789) ، و"التقريب" (ص 280 رقم 2983) . (3) ما بين القوسين سقط من الأصل، واستدركته من الموضع الآتي من "شعب الإيمان" حيث روى البيهقي الحديث من طريق المصنف، وهو الصواب كما يتضح من ترجمة أبي سنان في الموضع السابق من "التهذيب"، وغيره من كتب التراجم، وكما يأتي في ترجمة ابن أبي الهذيل، وانظر سند الحديث رقم [141] . (4) هو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الهُذيل العَنَزي، أبو المغيرة الكوفي، روى عن عمر وعلي =

77- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَبِيد (1) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ (2) ، أَوْ غَيْرِهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْمَلَ رَجُلًا شَابًّا، فَكَأَنَّهُمْ قَالُوا فِيهِ، وَقَدْ كَانَ قَرَأَ الْقُرْآنَ، فَقَالَ: ((إِنَّمَا مَثَلُ القرآن مثل جِراب (3) مُلئ [ل108/أ] مِسْكًا، إِنْ فَتَحْتَهُ فَتَحْتَهُ طَيِّبًا، وإن أوعيته (4) أوعيته طيبًا)) .

_ = وعمار بن ياسر وابن مسعود وغيرهم، روى عنه إسماعيل بن رجاء وواصل الأحدب وأبو سنان ضرار بن مُرَّة وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة الثانية؛ وثقه النسائي، والعجلي وزاد: «كان عثمانيًّا» ، وذكره ابن حبان في "الثقات". اهـ. من "تاريخ الثقات" للعجلي (ص 282 - 283 رقم 904) ، و"التهذيب" (6 / 62 رقم 121) ، و"التقريب" (ص 327 رقم 3679) . [76] الحديث سنده فيه خلف بن خليفة وتقدم أنه اختلط، لكنه لم ينفرد به، فقد تابعه أبو الأحوص كما سيأتي في الحديث رقم [137] ، وعليه فالحديث صحيح الإسناد. وقد أخرجه البيهقي في "الشعب" (5 / 528 رقم 2350) من طريق المصنف، بمثله سواء. (1) هو عبد الله بن أبي لَبيد - بفتح اللام - أبو المغيرة المدني، روى عن أبي سلمة بن عبد الرحمن والمطّلب بن عبد الله بن حنطب وعبد الله بن سليمان بن يسار وغيرهم، روى عنه محمد بن إسحاق ومحمد بن عمرو بن علقمة والسفيانان وغيرهم، وهو ثقة رمي بالقدر، من الطبقة السادسة، روى له الشيخان، ووثقه ابن معين والعجلي، وقال أبو حاتم: «صدوق في الحديث» ، وقال الإمام أحمد: «ما أعلم بحديثه بأسًا» ، وقال النسائي: «ليس به بأس» ، وقال الساجي: «كان صدوقًا، غير أنه اتهم بالقدر» ، وقال ابن عيينة: «كان من عباد أهل المدينة» ، وقال ابن سعد: «كان من العباد المنقطعين، وكان يقول بالقدر، وكان قليل الحديث» . اهـ من "الجرح والتعديل" (5 / 148 رقم 684) ، و"التهذيب" (5 / 372 رقم 645) ، و"التقريب" (ص 319 رقم 3560) .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ (2) محمد بن كعب بن سليم بن أسد، أبو حمزة القرظي المدني، روى عن فضالة بن عبيد والمغيرة بن شعبة وأبي هريرة وغيرهم، روى عنه الحكم بن عتيبة ومحمد بن عجلان ومحمد بن المنكدر وغيرهم، وكانت وفاته سنة سبع عشرة ومائة، وقيل: تسع عشرة، وقيل: عشرين ومائة، وهو ثقة عالم روى له الجماعة. وثقه علي بن المديني وأبو زرعة والعجلي وزاد: ((رجل صالح عالم بالقرآن)) ، وقال ابن سعد: ((كان ثقة عالمًا كثير الحديث ورعًا)) ، وقال ابن حبان: ((كان من أفاضل أهل المدينة علمًا وفقهًا)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (8 / 67 رقم 303) ، و"التهذيب" (9 / 420 - 422 رقم 689) ، و"التقريب" (ص504 رقم 6257) . وتقدم في الحديث رقم [4] أن محمد بن كعب هذا ولد في آخر خلافة علي - رضي الله عنه -. (3) الجِرابُ: وعاء من إهاب الشاء لا يوعى فيه إلا يابس. "لسان العرب" (1 / 261) . (4) أَوْعَيْتُ الشيء في الوعاء: إذا أدخلته فيه. "النهاية" (5 / 207) . [77] الحديث سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف لإرساله، والصواب أنه عن سليمان بن يسار بدل محمد بن كعب كما سيأتي. وقد أخرجه البيهقي في "الشعب" (5 / 614 - 615 رقم 2439) من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه جاء عنده: ((وكأنهم قالوا فيه، وكان قد قرأ القرآن)) ، و: ((أودعته)) بدلاً من: ((أوعيته)) . قال البيهقي: ((هذا مرسل)) . اهـ. ورواية سعيد هنا جاءت على الشك في كون الحديث عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ أَوْ غيره، والظاهر أن الشك من سعيد نفسه؛ فإن عبد الرزاق قد أخرج الحديث في "مصنفه" (3 / 376 رقم 6018) عن سفيان بن عيينة، حدثني ابن أبي لبيد، عن سليمان بن يسار، به مرسلاً. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وقد روى الحديث موصولاً من طريق أبي هريرة وعثمان بن عفان رضي الله عنهما. أما حديث أبي هريرة رضي الله عنه فمداره على سعيد المقبري، واختُلف عليه. فرواه عبد الحميد بن جعفر، عنه، عن عطاء مولى أبي أحمد، عن أبي هريرة مرفوعًا. ورواه الليث بن سعد، عن سعيد، عن عطاء مولى أبي أحمد، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - مرسلاً. ورواه عمر بن طلحة الليثي وإبراهيم بن طهمان كلاهما عن سعيد، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مرفوعًا. أما رواية عبد الحميد بن جعفر، فأخرجها: الترمذي في "جامعه" (8 / 186 - 187 رقم 3041) . وابن ماجه في "سننه" (1 / 78 رقم 217) . ومحمد بن نصر في "قيام الليل" (ص11 - 12) . والنسائي في السير من "الكبرى" كما في "تحفة الأشراف" (10 / 280 رقم 14242) . وابن خزيمة في "صحيحه" (3 / 5 رقم 1509) . ومن طريقه ابن حبان في "صحيحه" (3 / 284 - 285 رقم 2123) . وأخرجه أبو الشيخ في "الأمثال" (ص226 رقم 334) . والحاكم في "المستدرك" (1 / 443) . والمزي في "تهذيب الكمال" (2 / 938) . جميعهم من طريق عبد الحميد بن جعفر، عن سعيد المقبري، عن عطاء مولى أبي أحمد، عن أبي هريرة قال: بعث رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - بعثًا وهم ذوو عدد، فاستقرأهم، فاستقرأ كل رجل منهم - يعني ما معه من القرآن -، فأتى على رجل من أحدثهم سنًّا، فقال: ((ما معك يا فلان؟)) قال: معي كذا وكذا، وسورة البقرة، فقال: ((أمعك سورة البقرة؟)) قال: ((اذهب فأنت أميرهم)) ، فقال رجل =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = من أشرافهم: والله ما منعني أن أتعلّم البقرة إلا خشيةُ أن لا أقوم بها، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((تعلموا القرآن واقرأوه، فإن مثل القرآن لمن تعلّمه فقرأه وقام به كمثل جراب محشوٍّ مسكًا يفوح ريحه في كل مكان. ومثل من تعلمه فيرقد وهو في جوفه كمثل جراب أوكي على مسك)) . هذا لفظ الترمذي، ولفظ الباقين نحوه، إلا أن ابن ماجه وأبا الشيخ والمزِّي إنما ذكروا المرفوع منه، ولم يذكروا القصة، ولفظ النسائي لم أقف عليه، والحاكم ذكر القصة ولم يذكر المرفوع منه. قال الترمذي: ((هذا حديث حسن)) ، وقال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)) ووافقه الذهبي. وأما رواية الليث بن سعد، فأخرجها أبو عبيد في "الفضائل" (ص362 رقم 856) . والترمذي في "جامعه" (8 / 188 رقم 3042) في فضائل القرآن، باب ما جاء في سورة البقرة وآية الكرسي. كلاهما من طريق الليث، عن سعيد المقبري، عن عطاء مولى أبي أحمد، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - مرسلاً. وأخرجه البخاري في "تاريخه" (6 / 462 رقم 2995) . وأما روايتا عمر بن طلحة وإبراهيم بن طهمان، فأخرجهما البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 615 - 617 رقم 2440 و 2441) . قال البيهقي عقب رواية ابن طهمان: ((كذا قال! ورواه عبد الحميد بن جعفر عن سعيد المقبري، عن عطاء مولى أبي أحمد، عن أبي هريرة. ورواه الليث بن سعد، عن سعيد المقبري، عن عطاء مولى أبي أحمد، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - مرسلاً، أخبرناه ... )) ، ثم ساق بإسناده إلى البخاري أنه ذكر رواية عطاء هذا عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، وساق سنده - أي: البخاري - إلى عطاء، فقال: ((قال لنا عبد الله بن يوسف، عن الليث، عن سعيد المقبري، عن عطاء. وقال عمر =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ابن طلحة: عن المقبري، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -)) . اهـ. وهذا النص عن البخاري في "تاريخ الكبير" (6 / 462) بنحوه، وزاد: ((والأول أصح)) - يعنين رواية الليث بن سعد -، وهذا الذي رجحه الدارقطني، ففي "العلل" له (3 / ل 186 / أ) أنه سئل عن هذا الحديث، فقال: ((اختلف فيه على المقبري، فرواه عن عمر بن طلحة بن عمرو بن علقمة ابن أخي مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عن المقبري، عن أبي هريرة. وخالفه عبد الحميد بن جعفر، فرواه عن المقبري، عن عطاء مولى أبي أحمد، عن أبي هريرة. ورواه الليث بن سعد، عن المقبري، عن عطاء مولى أبي أحمد مرسلاً، ولم يذكر أبا هريرة، وقول الليث أشبه بالصواب)) . اهـ. ثم استشهد الدارقطني على صحة ما ذهب إليه بما أسنده عن يحيى بن معين قال: ((أثبت الناس في سعيد: الليث بن سعد)) . قلت: قد اتفق هذان الجهبذان - البخاري والدارقطني - على أن رواية الليث، عن سعيد، عن عطاء مرسلاً هي الأصح، وعندهما أن رواية عمر بن طلحة عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، والذي في "شعب الإيمان" للبيهقي: عن سعيد المقبري، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فالله أعلم بالصواب. وحيث ترجح أن رواية الليث أصوب، فيكون الحديث ضعيفًا جدًّا لإرساله؛ ولجهالة عطاء مولى أبي أحمد، أو: ابن أبي أحمد بن جحش، فإنه لم يرو عنه سوى سعيد المقبري، وسكت عنه البخاري في "تاريخه" (6 / 462 رقم 2995) ، وبيّض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (6 / 338 رقم 1870) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (5 / 205) ، وذكره الذهبي في "الميزان" (3 / 77 رقم 5658) ، وقال: ((لا يُعرف)) ، وانظر "التهذيب" (7 / 219 رقم 401) . وأما حديث عثمان بن عفان، فأخرجه الرامهرمزي في "الأمثال" (ص134 رقم 48) . والطبراني في "الأوسط" كما في "مجمع البحرين" (ل / 180 / أ) . والحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" (3 / 101 / ب) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ثلاثتهم من طريق يحيى بن سلمة بن كهيل، عن أبيه، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عن عثمان، قال: بعث النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وفدًا إلى اليمن، فأمّر عليهم أميرًا منهم وهو أصغرهم، فمكث أيامًا لم يسر، فلقي النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رجلاً منهم، فقال: ((يا فلان، مالك؟ أما انطلقت؟)) قال: يا رسول الله، أميرنا يشتكي رجله، فأتاه النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ونفث عليه: ((بسم الله، وبالله، أعوذ بالله وقدرته من شر ما فيها)) - سبع مرات -، فبرأ الرجل، فقال له شيخ: يا رسول الله، أتؤمره علينا وهو أصغرنا؟ فذكر النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قراءته القرآن، فقال الشيخ: يا رسول الله، لولا أني أخاف أن أتوسّد فلا أقوم به لتعلمته، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((فتعلمه، فإنما مثل القرآن كجراب ملأته مسكًا ثم ربطت على فيه، فإن فتحت فاح إليك ريح المسك، وإن تركته كان مسكًا موضوعًا، كذلك مثل القرآن إذا قرأته، أو كان في صدرك)) . هذا لفظ الطبراني، ونحوه لفظ الرامهرمزي والحكيم، إلا أن الرامهرمزي إنما ذكر المرفوع فقط، ولم يذكر القصة. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7 / 161) : ((فيه يحيى بن سلمة بن كهيل ضعفه الجمهور، ووثقه ابن حبان، وقال: في أحاديث ابنه عنه مناكير. قلت: ليس هذا من رواية ابنه عنه)) . اهـ. قلت: يحيى بن سلمة بن كُهَيْل - بالتصغير - الحضرمي، أبو جعفر الكوفي يروي عن أبيه وإسماعيل بن أبي خالد وبيان بن بشر وعاصم بن بَهْدَلة وغيرهم، روى عنه ابنه إسماعيل وعبد الله بن نمير ويحيى بن عبد الحميد الحمّاني وغيرهم، وكانت وفاته سنة تسع وسبعين ومائة، وقيل: سنة اثنتين وسبعين ومائة، وهو متروك، وكان شيعيًّا كما في "التقريب" (ص591 رقم 7561) . قال ابن معين: ((ليس بشيء)) ، وقال البخاري: ((منكر الحديث)) وقال النسائي: ((متروك الحديث)) ، وقال الدارقطني: ((متروك)) ، وقال ابن سعد: ((كان ضعيفًا جدًّا)) . اهـ. من "الكامل" لابن عدي (7 / 2652 - 2655) ، و"التهذيب" (11 / 224 - 225 رقم 362) . وأما ابن حبان فإنه قد تناقض في يحيى هذا، فذكره في "الثقات" (7 / 595) وذكر =

78- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ (1) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ (2) - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} (3) ، قَالَ: أُنْزِلَ الْقُرْآنُ جُمْلَةً عَلَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَكَانَ جِبْرِيلُ يَجِيءُ بَعْدُ إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عليه وسلم.

_ = العبارة التي نقلها عنه الهيثمي، وذكره في "المجروحين" (3 / 112) ، وقال: ((منكر الحديث جدًّا، يروي عن أبيه أشياء لا تشبه حديث الثقات، كأنه ليس من حديث أبيه، فلما أكثر عن أبيه مما خالف الأثبات بطل الاحتجاج به فيما وافق الثقات)) . اهـ. وعليه فالحديث ضعيف جدًّا من هذا الطريق، ولا ينجبر ضعفه بشيء من هذه الطرق، والله أعلم. (1) هو أبو هاشم الرُّمَّاني - بضم الراء وتشديد الميم -، الواسطي، اسمه يحيى بن دينار، وقيل: ابن الأسود، وقيل: ابن نافع، يروي عن إبراهيم النخعي وأبي وائل شقيق بن سلمة وأبي العالية والحسن البصري وعكرمة وغيرهم، روى عنه شعبة والثوري والحمّادان وهشيم وخلف بن خليفة وغيرهم، وكانت وفاته سنة اثنتين وعشرين ومائة، وقيل: سنة خمس وأربعين ومائة، وهو ثقة روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص680 رقم 8425) . وثقه أحمد وابن معين وأبو زرعة والنسائي، وقال ابن عبد البر: ((لم يختلفوا في أن اسمه يحيى، وأجمعوا على أنه ثقة)) . انظر "الجرح والتعديل" (9 / 140 رقم 595) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (3 / 1654) ، و"التهذيب" (12 / 261 - 262 رقم 1208) . (2) هو ابن يزيد النخعي، تقدم. (3) الآية (3) من سورة الدخان. [78] الحديث سنده ضعيف لاختلاط خلف بن خليفة كما في ترجمته في الحديث [76] . =

79- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حُصين، عَنْ حَكِيمِ بْنِ جُبَيْرٍ (1) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: نُزل الْقُرْآنُ جُمْلَةً مِنَ السَّمَاءِ الْعُلْيَا، إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، لَيْلَةَ الْقَدْرِ، ثم نزل مفصّلاً (2) .

_ = وقد أعاده المصنف في أول تفسير سورة الدخان (ل 173 / أ) سندًا ومتنًا، إلا أنه قال: ((نزل القرآن..)) . وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7 / 339) وعزاه لسعيد بن منصور فقط. (1) هو حكيم بن جبير الأسدي الكوفي يروي عن أبي جُحَيْفة وأبي الطُّفيل وعلقمة وأبي وائل وإبراهيم النخعي وسعيد بن جبير وغيرهم، روى عنه الأعمش والسفيانان وزائدة وشعبة وغيرهم، ولم أجد من نصّ على أن حُصين بن عبد الرحمن قد سمع منه، وسماعه منه محتمل؛ لأن حُصين بن عبد الرحمن في طبقة الذين يروون عنه، وكلاهما كوفي، وحكيم هذا ضعيف رمي بالتشيع، من الطبقة الخامسة كما في "التقريب" (ص176 رقم 1468) . فقد تركه شعبة، وقال الإمام أحمد: ((ضعيف الحديث، مضطرب)) ، وقال ابن معين وأبو داود: ((ليس بشيء)) ، وقال يعقوب بن شيبة وأبو حاتم: ((ضعيف الحديث)) ، زاد أبو حاتم: ((منكر الحديث، له رأي غير محمود، نسأل الله السلامة)) ، وسأله ابنه عبد الرحمن فقال: حكيم بن جبير أحب إليك أو ثوير؟ قال: ((ما فيهما إلا ضعيف غال في التشيع، وهما متقاربان)) ، قال عبد الرحمن: سألت أبا زرعة عن حكيم بن جبير، فقال: في رأيه شيء، قلت: ما محله؟ قال: محله الصدق إن شاء الله. اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 201 - 202 رقم 873) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع (7 / 166 - 167) ، و"التهذيب" (2 / 445 - 446 رقم 773) . (2) الفَصْلُ: إبانة أحد الشيئين من الآخر حتى يكون بينهما فرجة، والمعنى: أنه نزل مفرّقًا. انظر "لسان العرب" (11 / 524) ، و"المفردات في غريب القرآن" للراغب الأصفهاني (ص381) .

80- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شَدَّاد الهُنَائي (1) ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ (2) بْنِ سُلَيْمَانَ (3) ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو حُكَيْمة الْعَبْدِيُّ (4) ، قَالَ: أَتَى عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَأَنَا أَكْتُبُ مُصْحَفًا -، فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى كِتَابِي، فَقَالَ: أجِلَّ (5) ، قَلَمَكَ فَقَضَمْتُ (6) مِنْ قَلَمِي قَضْمَة، ثُمَّ جَعَلْتُ أَكْتُبُ، فَنَظَرَ إليَّ، فَقَالَ: نَعَمْ، نوِّرْه (7) كَمَا نوَّرَه اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.

_ [79] الحديث سنده ضعيف لضعف حكيم بن جبير. وقد أعاده المصنف في أول تفسير سورة الدخان (ل 173 / أ) سندًا ومتنًا، إلا أنه قال: ((ثم نزل بعد مفصلاً)) . وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7 / 399) وعزاه لسعيد بن منصور فقط، ولفظه عنده: (نزل القرآن مِنَ السَّمَاءِ الْعُلْيَا إِلَى السَّمَاءِ الدنيا جميعًا في ليلة القدر، ثم فُصِّل بعد ذلك في تلك السنين) . (1) هو عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شَدَّادٍ الهُنائي، الأزدي، الجُدَيْدي، مجهول الحال، روى عن الحسن البصري وعبيد الله بن سليمان، روى عنه هشيم، ووكيع وعفان، وغيرهم، وذكره البخاري في "تاريخه" (5 / 419 رقم 1360) ، وسكت عنه، وبيّض له ابن أبي حاتم (5 / 353 رقم 1671) ، وذكره ابن ماكولا في "الإكمال" (2 / 53 و 494) ، وابن الأثير في "اللباب" (1 / 264) ، والذهبي في "المشتبه" (1 / 145) ، ولم يذكروا فيه جرحًا ولا تعديلاً. وقد قيل في نسبته: (الأَوْدي) - بالواو -، و: (الحُدَيْدي) - بالحاء المهملة -، والصواب ما أثبته؛ لأن الهُنائي، والجُديدي من الأزد، وبه يمكن الجمع بين هذه النسب الثلاث، وانظر "اللباب" (3 / 393) ، والتعليق الآتي. (2) كذا كان يسميه هشيم، وخالفه غيره فقال: (عبيد الله) وهو الصواب؛ قال ابن ماكولا في "الإكمال" (2 / 494) : ((أبو حُكَيْمة: مرّبي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَأَنَا أَكْتُبُ مُصْحَفًا -. روى حديثه عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شَدَّادٍ الْهُنَائِيُّ =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = - وقيل: الأودي -، واختُلف عليه فيه، فرواه عنه هشيم فقال: عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ سُلَيْمَانَ، وخالفه عفان بن مسلم عن عبد الملك، فرواه عنه، عن عبيد الله بن سليمان، وتابعه وكيع، فرواه عن عبد الملك بن شداد الأودي، عن عبيد الله بن سليمان - قاله أبو بكر بن أبي شيبة -. وقال محمد بن إسماعيل الأحمسي عن وكيع كذلك، إلا أنه قال: الأزدي بدلاً من الأودي. ورواه أبو نعيم الفضل بن دكين، عن عبد الملك بن شداد، فقال: حدثني عبد الله بن أبي سليمان. ورواه محمد بن عبد الملك أبو جابر، عن عبد الملك بن شداد الجُدَيدي، عن عبد الله بن سليمان، وسمّاه البخاري في تاريخه: عبيد الله بن سليمان)) . اهـ. قلت: وسماه الدارقطني في "المؤتلف والمختلف" (2 / 566) : (عبد العزيز) . وأما محقق "شعب الإيمان" للبيهقي فإنه وجد البيهقي قد أخرج الحديث من طريق سعيد بن منصور، وفيه: (عبد العزيز) ، فجعله: (عبيد الله) ، وذكر أن في الأصلين الذين اعتمد عليهما: (عبد العزيز) مصحّفًا، كذا قال! ولو اطلع على الاختلاف في ذلك لعلم أنه ليس بتصحيف. انظر "شعب الإيمان" (5 / 593) . (3) هو عبيد الله بن سليمان العَبْدي، يروي عن سعيد بن المسيب وأبي حكيمة العبدي، روى عنه صباح بن عبد الله العبدي وعبد الملك بن شدّاد، وهو ثقة من الطبقة السابعة، فقد وثقه ابن معين وذكره ابن حبان في "الثقات". انظر "الجرح والتعديل" (5 / 316 رقم 1503) ، و"التهذيب" (7 / 18 رقم 36) ، و"التقريب" (ص371 رقم 4300) . وقد وقع في "التقريب" هكذا: (عبيد الله بن سلمان) ، والصواب ما سبق كما في بقية المصادر. (4) أبو حُكَيْمة العَبْدي ذكره الدولابي في "الكنى" (1 / 155 - 156) ، والدارقطني في "المؤتلف والمختلف" (2 / 566) ، وابن ماكولا في "الإكمال" (2 / 494) ، وابن حجر في "تبصير المنتبه" (1 / 449) بهذه الكنية، ولم يذكروا فيه جرحًا ولا تعديلاً، وقد =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = روى عنه عبيد الله بن سليمان، وعلي بن مبارك عند ابن أبي شيبة وغيره كما سيأتي، وأبو الضحاك، على ما رجحه ابن ماكولا، فهو مجهول الحال وقد أخطأ محقق ((الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي)) (1 / 260) حيث زعم أن أبا حكيمة هذا هو عصمة الذي ذكره البخاري في "التاريخ الكبير"، ولو رجع إلى المراجع السابقة لعلم أنه ليس الذي أراد، والله أعلم. (5) أي غَلِّظْهُ، وعظِّمْه، وكَبِّرْه. انظر "لسان العرب" (11 / 116 - 123) . (6) القَضْمُ: الأكل بأطراف الأسنان. , المرجع السابق (12 / 487) . (7) نوِّرْه بمعنى: أوْضِحْهُ وبيِّنْهُ. المرجع السابق (5 / 240) . [80] الحديث سنده ضعيف لجهالة حال أبي حكيمة العبدي، وأما عبد الملك بن شداد، فإنه قد توبع كما سيأتي. فالحديث أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 593 رقم 2417) من طريق المصنف، به، ولفظه: أتى عليَّ عليٌّ وأنا كاتبٌ مُصْحَفًا، فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى كِتَابِي، فقال: أجلّ قلمك، فقططت من قلمي، ثم جعلت أكتب، فَقَالَ: نَعَمْ: نوِّرْه كَمَا نَّوَره الله. وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص57 و 375 رقم 132 و 891) من طريق حجاج. وابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 498) و (10 / 543 - 544 رقم 10275) . وابن أبي داود في "المصاحف" (ص145) . كلاهما من طريق وكيع. ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه الخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" (1 / 260 رقم 535) . =

81- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا (1) ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ (2) ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ كَانَ: يَكْرَهُ أَنْ يُكْتَبَ الْمُصْحَفُ فِي الشَّيْءِ الصَّغِيرِ.

_ = وأخرجه الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" (3 / 104 / ب - 105 / أ) من طريق عبد الله بن المبارك. وابن أبي داود في "المصاحف" (ص145) من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين. وأخرجه هو أيضًا (ص145 - 146) . والدولابي في "الكنى" (1 / 155 - 156) . كلاهما من طريق أبي جابر محمد بن عبد الملك. وجميع هؤلاء، عن عبد الملك بن شداد، عن عبيد الله بن سليمان العبدي، عن أبي حكيمة، به نحوه. وله طريق آخر عن أبي حكيمة. فأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 98) و (10 / 554 رقم 10276) . وابن أبي داود في "المصاحف" (ص145) . والحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" (3 / 105 / أ) . ثلاثتهم من طريق علي بن مبارك، عن أبي حكيمة، به نحوه. (1) إسماعيل بن زكريّا بن مُرَّة الخُلقاني - بضم المعجمة وسكون اللام بعدها قاف -، أبو زياد الكوفي، لقبه: شَقُوصًا - بفتح المعجمة وضم القاف الخفيفة، وبالمهملة -، روى عن الأعمش وإسماعيل بن أبي خالد وأبي إسحاق الشيباني وعاصم الأحول وغيرهم، روى عنه سعيد بن منصور وأبو الربيع الزهراني ومحمد بن الصباح الدولابي وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاث وسبعين ومائة، وهو صدوق روى له الجماعة كما في "الكاشف" (1 / 123 رقم 378) ، و"الميزان" (1 / 228 رقم 878) . فقد اختلف فيه قول ابن معين، فوثقه مرة، وضعفه أخرى، ومرة قال: ((ليس به بأس)) ، ووثقه الإمام أحمد مرة، وضعفه أخرى، ومرة قال: ((ما كان به بأس)) ، ومرة قال: ((أما الأحاديث المشهورة التي يرويها، فهو فيها مقارب الحديث صالح، ولكن ليس ينشرح الصدر له، ليس يعرف)) - يريد بالطلب -. وقال ابن خراش: ((صدوق)) ، ووثقه أبو داود، وضعفه العجلي، وقال ابن عدي: =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ((وهو حسن الحديث، يكتب حديثه)) . اهـ. من "الكامل" (1 / 311 - 312) ، و"التهذيب" (1 / 297 - 298 رقم 551) . (2) هو النخعي، تقدم في الحديث [3] أنه توفي سنة ست وتسعين للهجرة وهو ابن تسع وأربعين سنة، وقيل: ابن ثمان وخمسين، وعليه فتكون ولادته قريبًا من سنة سبع وأربعين أو ثمان وثلاثين للهجرة، وقد نصّ ابن حبان على أنه ولد سنة خمسين كما في "التهذيب" (1 / 178) ، فعلى جميع الأقوال لا يمكن أن يكون سمع من علي، ولذا قال أبو زرعة: ((النخعي عن علي مرسل)) كما في الموضع السابق من "التهذيب". [81] سنده ضعيف للانقطاع بين إبراهيم النخعي وعلي رضي الله عنه. وقد أخرجه البيهقي في "الشعب" (5 / 594 رقم 2417) من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه لم يذكر قوله: ((رضي الله عنه)) . وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (4 / 323 رقم 7945) . وابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 498) و (10 / 543 رقم 10274) . وابن أبي داود في "المصاحف" (ص152) . ثلاثتهم من طريق سفيان الثوري، عن الأعمش، به نحوه. وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص58 و 375 رقم 133 و 892) . وابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 449) و (10 / 543 رقم 10273) . وابن أبي داود في "المصاحف" (ص152) . ثلاثتهم من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، به نحوه. وأخرجه أبو عبيد في الموضعين السابقين من طريق علي بن هاشم مقرونًا برواية أبي معاوية. وأخرجه ابن أبي داود في الموضع السابق من طريق محمد بن عبيد مقرونًا برواية أبي معاوية. وأخرجه الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" (ل 105 / أ) من طريق ابن شقيق، عن الأعمش بمعناه. وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص151 و 152) من طريق أبي بكر بن عياش وسعد بن الصلت، كلاهما عن الأعمش، به، ولفظ أبي بكر نحو لفظ المصنف، وأما سعد بن الصلت، فرواه عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: لا تُكتب المصاحف صغارًا.

82- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: جَرِّدُوا (1) الْقُرْآنَ، وَلَا تَخْلِطُوا عَلَيْهِ مَا لَيْسَ منه.

_ (1) أي لا تقرنوا به شيئًا، أراد: جرِّدوه من النقط والإعراب وما أشبههما. انظر "النهاية في غريب الحديث" (1 / 256) . [82] سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف، فمغيرة تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه كان يدلس، لاسيّما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه بالعنعنة، لكنه لم ينفرد به كما سيأتي. فالحديث أخرجه البيهقي في "الشعب" (5 / 598 رقم 2424) من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال: ((عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانَ يُقَالُ)) و: ((لا تخلطوا به)) . وأخرجه أبو عبيد في "غريب الحديث" (4 / 47) . وفي "فضائل القرآن" (ص369 رقم 872) في كلا الموضعين من طريق هشيم، به نحوه، وفيه زيادة قوله: ((كان يكره نقط المصاحف)) . ومن طريق أبي عبيد أخرجه أبو عمرو الداني في "المحكم" (ص10 - 11) . وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 498) و (10 / 550 رقم 10303) من طريق وكيع، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قال: كان يقال: جرّدوا القرآن. وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص156) من طريق هشيم، به نحو لفظ المصنف هنا. وأخرجه أيضًا من طريق وكيع مثل ابن أبي شيبة. وللحديث طريقان آخران عن إبراهيم، الأول: طريق الأعمش عنه، والثاني: طريق أبي جمرة. أما طريق الأعمش، فأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص153) فقال: حدثنا محمد بن حاتم بن بزيع، حدثنا أبو الجَوَّاب، حدثنا عمار، عن الأعمش، قال: سألت إبراهيم عن التعشير في المصحف، ويكتب: سورة كذا وكذا، فكرهه، وكان يقول: جرِّدوا القرآن. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وسنده حسن. الأعمش تقدم في الحديث [3] أنه ثقة حافظ. وعمار هو ابن رُزَيق - بتقديم الراء، مصغّر -، الضبّي، أو التميمي، أبو الأحوص الكوفي، روى عن أبي إسحاق السبيعي والأعمش ومنصور بن المعتمر وغيرهم، روى عنه أبو الجوّاب وأبو الأحوص سلَّام بن سُليم وأبو أحمد الزُّبيري وغيرهم، وكانت وفاته سنة تسع وخمسين ومائة، وهو ثقة؛ وثقه ابن المديني وابن معين وأبو زرعة، وقال الإمام أحمد: ((كان من الأثبات)) ، وقال أبو حاتم: ((لا بأس به)) ، وقال النسائي والبزار: ((ليس به بأس)) ، وذكره ابن حبان وابن شاهين في الثقات. انظر "الجرح والتعديل" (6 / 392 رقم 2182) ، و"تاريخ أسماء الثقات" لابن شاهين (ص156 رقم 880) ، و"التهذيب" (7 / 400 - 401 رقم 647) . وأبو الجَوَّاب هو الأحوص بن جَوَّاب - بفتح الجيم وتشديد الواو -، الضبّي، الكوفي روى عن سفيان الثوري وعمّار بن رُزيق وسُعير بن الخِمْس وغيرهم، روى عنه محمد بن عبد الله بن نمير وعلي بن المديني وابن أبي شيبة ومحمد بن حاتم بن بزيع وغيرهم، وكانت وفاته سنة إحدى عشرة ومائتين، وهو صدوق كما قال أبو حاتم، واختاره الذهبي في "الكاشف" (1 / 100 رقم 237) ، وفي "الميزان" (1 / 167 رقم 674) قال: ((صدوق مشهور)) ، وقد اختلف فيه قول ابن معين، فوثقه مرةٍ، ومرة قال: ((ليس بذاك القوي)) ، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ((كان متقنًا وربما وهم)) . انظر "الثقات" لابن حبان (6 / 89 - 90) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع (2 / 288 - 289) ، و"التهذيب" (1 / 191 - 192 رقم 357) . ومحمد بن حاتم بن بَزِيع - بفتح الموحدة وكسر الزاي - أبو بكر البصري، نزيل بغداد، روى عن أسود بن عامر وعبد الوهاب بن عطاء وعلي بن الحسن بن شقيق وأبي الجّواب وغيرهم، روى عنه البخاري وأبو داود وابن ماجه وابن أبي الدنيا وابن أبي داود وغيرهم، وكانت وفاته سنة تسع وأربعين ومائتين، وهو ثقة؛ روى له الشيخان، ووثقه النسائي، وذكره ابن حبان في الثقات. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = انظر "تاريخ بغداد" (2 / 268 - 269 رقم 738) ، و"التهذيب" (9 / 100 - 101 رقم 133) ، و"التقريب" (ص472 رقم 5791) . وأما طريق أبي جمرة، فأخرجه بن أبي داود أيضًا (ص154) ، فقال: حدثنا إسحاق بن وهب، حدثنا يزيد، قال: أخبرنا حماد، عن أبي جمرة قال: أتيت إبراهيم بمصحف لي مكتوب فيه: سورة كذا، وكذا آية، فقال إبراهيم: إمح هذا، فإن ابن مسعود كان يكره هذا ويقول: لا تخلطوا بكتاب الله ما ليس منه. أما يزيد فهو ابن هارون، تقدم في الحديث [43] أنه ثقة متقن عابد. وأما أبو جَمْرة - بالجيم -، فهو: نصر بن عمران بن عصام الضُّبَعي - بضم المعجمة، وفتح الموحّدة، بعدها مهملة -، البصري، نزيل خراسان، مشهور بكنيته، وهو يروي عن أبيه وعن ابن عباس وابن عمر وأنس بن مالك وغيرهم، روى عنه ابنه علقمة وشعبة وأبو عوانة والحمّادان وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثمان وعشرين ومائة، وهو هنا يروي عن إبراهيم النخعي، ولم أجد من نصّ على سماعه منه، وسماعه محتمل، فإن إبراهيم توفي سنة ست وتسعين كما في ترجمته في الحديث [3] ، وأبو جمرة هذا ثقة ثبت روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص561 رقم 7122) ، وثقه الإمام أحمد وابن معين وأبو حاتم وأبو زرعة، وقال ابن سعد: ((كان ثقة مأمونًا)) ، وقال ابن عبد البر: ((أجمعوا على أنه ثقة)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (8 / 465 رقم 2130) ، و"التهذيب" (10 / 431 - 432 رقم 783) . وأما شيخ ابن أبي داود فهو إسحاق بن وهب بن زياد العلاَّف، أبو يعقوب الواسطي، روى عن يزيد بن هارون وعمر بن يونس اليمامي ويعقوب بن محمد الزهري وغيرهم، روى عنه البخاري وابن ماجه وأبو زرعة وأبو حاتم وابن أبي داود وغيرهم، وهو صدوق من الطبقة الحادية عشرة، مات سنة بضع وخمسين ومائتين كما في "التقريب" (ص103 رقم 389) . قال أبو حاتم: ((صدوق)) ، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ((كان هو والمدائني جميعًا علافين صدوقين)) . اهـ. من =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = "الجرح والتعديل" (2 / 236 رقم 834) ، و"التهذيب" (1 / 253 - 254 رقم 478) . وأما حماد فهو ابن سلمة؛ فإن أبا عمرو الداني قد أخرج هذا الحديث في "المحكم" (ص16) من طريق يحيى بن سلام، قال: حدثني حماد بن سلمة، عن أبي جمرة [في الأصل: حمزة] ... ، فذكره. وحماد بن سلمة بن دينار، أبو سلمة البصري روى عن ثابت البُناني وقتادة وخاله حُميد الطويل وأيوب السختياني وخالد الحذّاء وأبي جمرة نصر بن عمران وغيرهم، روى عنه ابن المبارك وعفّان بن مسلم وابن مهدي ويحيى القطان ويزيد بن هارون وغيرهم، وكانت وفاته سنة سبع وستين ومائة، وهو ثقة عابد، إلا أنه تغير حفظه بأَخَرة. لكن ما كان من روايته عن ثابت أو خاله حميد الطويل، أو من رواية عفان بن مسلم عنه، فهي صحيحة - إن شاء الله -؛ أما ثابت البناني، فلأن حماد بن سلمة أثبت الناس فيه، قال الإمام أحمد: ((أثبتهم في ثابت: حماد بن سلمة)) ، وقال ابن المديني: ((لم يكن في أصحاب ثابت أثبت من حماد بن سلمة)) ، وقال ابن معين: ((من خالف حماد بن سلمة في ثابت، فالقول قول حماد)) ، ولذا فإن مسلمًا - رحمه الله - لم يخرج في صحيحه لحماد بن سلمة في الأصول إلا من روايته عن ثابت، وخرّج له في الشواهد والمتابعات عن طائفة. وأما روايته عن حميد الطويل فقد كان الإمام أحمد يثني عليها كثيرًا، فقال مرة: ((حماد بن سلمة أثبت في حميد الطويل؛ سمع منه قديمًا)) ، وقال: ((ما أحسن ما روى حماد عن حميد!)) ، وقال أيضًا: ((حماد بن سلمة أعلم الناس بحديث حميد وأصحّ حديثًا)) ، وقال أيضًا: ((حميد يختلفون عنه اختلافًا شديدًا. قال: ولا أعلم أحدًا أحسن حديثًا عنه من حماد بن سلمة؛ سمع منه قديمًا)) . وأما رواية عفان بن مسلم عن حماد، فقد أثنى عليها ابن معين، فقال: ((من أراد أن يكتب حديث حماد بن سلمة، فعليه بعفان بن مسلم)) . وقد أثنى على حماد بن سلمة كثير من العلماء، فوثقه الإمام أحمد وابن معين والنسائي، وقال الساجي: ((كان حافظًا ثقة مأمونًا)) ، وقال العجلي: ((ثقة رجل =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = صالح حسن الحديث)) ، وقال ابن سعد: ((كان ثقة كثير الحديث، وربما حدث بالحديث المنكر)) . وقد عرّض ابن حبان البخاري لمجانبته حديث حماد بن سلمة، فقال: ((كان من العباد المجابين الدعوة في الأوقات، ولم ينصف من جانب حديثه واحتجّ في كتابه بأبي بكر بن عياش، فإن كان تركه إياه لما كان يخطئ، فغيره من أقرانه مثل الثوري وشعبة كانوا يخطئون. فإن زعم أن خطأه قد كثر حتى تغير، فقد كان ذلك في أبي بكر بن عياش موجودًا، ولم يكن من أقران حماد بن سلمة بالبصرة مثله في الفضل والدين والنسك والعلم والكتب والجمع والصلابة في السنة والقمع لأهل البدع)) ، واعتذر أبو الفضل بن طاهر المقدسي عن صنيع البخاري، فقال: ((حماد بن سلمة إمام كبير مدحه الأئمة وأطنبوا، لما تكلم فيه بعض منتحلي المعرفة: أن بعض الكذبة أدخل في حديثه ما ليس منه، لم يخرج عنه متعمدًا عليه، بل استشهد به في مواضع ليبين أنه ثقة، وأخرج أحاديثه التي يرويها من حديث غيره من أقرانه كشعبة وحماد بن زيد وأبي عوانة وأبي الأحوص وغيرهم، ومسلم اعتمد عليه لأنه رأى جماعة من أصحابه القدماء والمتأخرين رووا عنه حديثًا لم يختلفوا عليه، وشاهد مسلم منهم جماعة وأخذ عنهم، ثم عدالة الرجل في نفسه، وإجماع أئمة النقل على ثقته وإمامته)) . اهـ. وقال البيهقي: ((هو أحد أئمة المسلمين، إلا أنه لما كبر ساء حفظه، فلذا تركه البخاري، وأما مسلم فاجتهد، وأخرج من حديثه عن ثابت ما سمع منه قبل تغيره، وما سوى حديثه عن ثابت لا يبلغ اثني عشر حديثًا أخرجها في الشواهد)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 140 - 142 رقم 623) ، و"شروط الأئمة الستة" لابن طاهر (ص18 - 19) ، و"تهذيب الكمال" للمزي/المطبوع (7 / 253 - 269 رقم 1482) ، و"الميزان" للذهبي (1 / 590 - 595 رقم 2251) ، و"شرح علل الترمذي" لابن رجب (2 / 517) ، و"التهذيب" (3 / 11 - 16 رقم 14) ، و"التقريب" (ص178 رقم 1499) . =

83- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: كَانَ يُقَالُ: يُكْرَهُ بَيْعُ الْقُرْآنِ وَشِرَاؤُهُ، وَكِتَابَتُهُ عَلَى الْأَجْرِ، وَكَانَ يُقَالُ: لَا يُوْرَث الْمُصْحَفُ، إِنَّمَا هُوَ لقُرَّاء أَهْلِ الْبَيْتِ، وَكَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُحَلَّى الْمُصْحَفُ، وَأَنْ يُعَشّر (1) ، أَوْ يُصَغّر (1) ، قَالَ: وَكَانَ يُقَالُ: عَظِّموا الْقُرْآنَ، وَلَا تَخْلِطُوا بِهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ، وَكَانَ يُكْرَهُ أَنْ يُكْتَبَ بِالذَّهَبِ، أو يُعَلَّمَ عند رؤوس الْآيِ، قَالَ: وَكَانَ يُقَالُ: جَرِّدوا القرآن.

_ = ورواية حماد بن سلمة هنا ليست عن ثابت أو حميد، ولا من رواية عفان عنه، لكنه لم ينفرد بالحديث، وعليه فالحديث بمجموع طرقه صحيح لغيره، والله أعلم. (1) تعشير القرآن: هو وضع كلمة عشر عند نهاية كل عشر آيات، وبعضهم يكتب في موضع الأعشار رأس العين بدلاً من كلمة عشر. انظر "لسان العرب" (4 / 571) ، و"مناهل العرفان" للزرقاني (1 / 403) . (2) أي يقال: مُصَيْحف كما سيأتي في الحديث [85] . [83] سنده كسابقه رجاله ثقات، لكنه ضعيف لأن مغيرة لم يصِّرح بالسماع، وهو مدلِّس كما في ترجمته في الحديث [54] ، لاسيّما ما كان من روايته عن إبراهيم النخعي، وهذه منها، لكن قد توبع مغيرة على بعضه. وأما بهذا السياق فأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 599) من طريق المصنف، به بلفظ: ((كان يقال: يُكره أن يعَشّر المصحف، أو يصغّر، وكان يقول: عظموا ... )) إلخ مثله سواء، إلا أنه قال: ((وكان يقول)) . وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص195 - 196) من طريق حجاج بن منهال عن أبي عوانة به نحوه، إلا أنه لم يذكر قوله: ((وكتابته على الأجر)) . وأخرجه أيضًا (ص161) من طريق حجاج، عن أبي عوانة به مختصرًا بلفظ: كان يُكْرَهُ أَنْ يُكْتَبَ بِالذَّهَبِ أَوْ يعلم رأس الآي. ومن طريق حجاج عن أبي عوانة أخرجه ابن حزم في "المحلَّى" (9 / 683) =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = مختصرًا بلفظ: إنه كان يقول: لا يورث المصحف، هو لأهل البيت القُرّاء منهم. وأخرج ابن أبي داود بعض ألفاظه مفرّقة من طريق عن مغيرة، عن إبراهيم (ص151 و 153 و 156 و 159 - 160 و 167 و 190 و 195 و 196) . وأخرجه بعضه مختصرًا: أبو عبيد في "الفضائل" (ص365 و 374) من طريق هشيم، عن مغيرة. وعبد الرزاق في "المصنف" (4 / 322 رقم 7941) من طريق سفيان الثوري، عن مغيرة. وابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 497 و 498) و (10 / 549 رقم 10297) من طريق سفيان الثوري عن مغيرة. و (10 / 546 رقم 10283) من طريق معتمر، عن أبيه، عن مغيرة. وابن الضريس في "الفضائل" (ص42 رقم 42 و 44) من طريقي سفيان وأبي إسحاق، كلاهما عن مغيرة. وقد تابع مغيرة على بعض أجزائه كل من: الأعمش، ومنصور، وحماد بن أبي سليمان، ومُحِلّ. أما الرواية الأولى عن الأعمش فسندها حسن وتقدم ذكرها والكلام عليها في الحديث السابق، ولفظها: يقول الأعمش: سألت إبراهيم عن التعشير في المصحف، ويكتب: سورة كذا وكذا، فكرهه، وكان يقول: جرِّدوا القرآن. وأما الأخرى فأخرجها ابن أبي داود في "المصاحف" (ص190) فقال: حدثنا أحمد بن سنان، حدثنا مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ أنه كره بيع المصاحف. وسنده صحيح رجاله ثقات تقدموا، عدا شيخ ابن أبي داود: أحمد بن سنان بن أسد بن حِبّان - بكسر المهملة بعدها موّحدة -، أبو جعفر القطان الواسطي، يروي عن أبي معاوية محمد بن خازم ويحيى بن سعيد القطّان ويزيد بن هارون والشافعي وغيرهم، روى عنه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن خزيمة وأبو بكر بن أبي داود وغيرهم، وكانت وفاته سنة تسع وخمسين ومائتين، وقيل: ثمان، وقيل: ست وخمسين ومائتين، وهو ثقة حافظ روى له الجماعة عدا =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = الترمذي. قال أبو حاتم: ((ثقة صدوق)) ، وقال النسائي: ((ثقة)) ، وقال الدارقطني: ((كان من الثقات الأثبات)) ، وقال إبراهيم بن أورمة: ((أعدنا عليه ما سمعناه من بندار وأبي موسى)) - يعني لإتقانه وضبطه -، وقال مسلمة بن القاسم في "الصلة": ((ثقة جليل، حدثنا عنه غير واحد)) ، وقال الحاكم في "فضائل الشافعي": ((أحمد بن سنان القطَّان المحدِّث بواسط، ثقة مأمون، له مسند مخرج على الرجال، حدّث عنه أئمة الحديث)) ، ووثقه ابن ماكولا. اهـ. من "الجرح والتعديل" (2 / 53 رقم 60) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع وحاشيته (1 / 332 - 323 رقم 45) ، و"تهذيب التهذيب" (1 / 34 - 35 رقم 62) ، و"التقريب" (ص80 رقم 44) . وأما رواية منصور، فأخرجها ابن أبي داود أيضًا (ص189) فقال: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا يحيى، حدثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قال: كانوا يكرهون بيع المصاحف ويقولون: إن كنتم لابد فاعلين، فمن يهودي أو نصراني - يعني الشراء -. ثم أخرجه ابن أبي داود (ص189 و 190) أيضًا من طريق محمد بن عبد الوهاب القنّاد السُّكّري، ومؤمّل، كلاهما عن سفيان بهذا. وسنده صحيح؛ منصور بن المعتمر، وسفيان الثوري، ويحيى بن سعيد القطّان ثلاثتهم من الأئمة الثقات الأثبات، تقدمت تراجمهم. وأما شيخ ابن أبي داود: محمد بن بشّار بن عثمان العبدي، أبو بكر الملقب بـ: بُنْدار، فهو يروي عن يحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي وعبد الوهاب الثقفي ومحمد بن جعفر غندر ويزيد بن هارون، وغيرهم، روى عنه الجماعة وأبو زرعة وأبو حاتم وبَقيّ بن مخلد وعبد الله بن الإمام أحمد وأبو بكر بن أبي داود وغيرهم، وكانت ولادته سنة سبع وستين ومائة، ووفاته سنة اثنتين وخمسين ومائتين، وهو ثقة ممن روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص469 رقم 5754) . قال البخاري في "صحيحه": ((كتب إليّ بندار ... )) ، فذكر حديثًا مسندًا، ولولا شدة وثوقه ما حدث عنه بالمكاتبة مع أنه في الطبقة الرابعة من شيوخه، إلا أنه كان مكثرًا، فيوجد عنده ما ليس عند غيره. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وكان ابن خزيمة يعظّمه ويقول: ((حدثنا الإمام محمد بن بشار بندار)) ، وقال في "كتاب التوحيد": ((حدثنا أهل زمانه في العلم والأخبار محمد بن بشار)) ، وقال العجلي: ((بصري ثقة كثير الحديث)) ، وقال أبو حاتم: ((صدوق)) ، وقال النسائي: ((صالح لا بأس به)) ، وقال ابن سيّار: ((ثقة)) ، وقال مسلمة بن القاسم: ((كان ثقة مشهورًا)) ، وقال ابن حبان في "الثقات": ((كان يحفظ حديثه ويقرؤه من حفظه)) ، وقال الدارقطني: ((من الحفاظ الأثبات)) . وقد تكلم بعضهم في محمد بن بشار بما لا يحطّ من مكانته؛ قال عبد الله بن الدورقي: ((كنا عند يحيى بن معين، فجرى ذكر بندار، فرأيت يحيى لا يعبأ به ويستضعفه، ورأيت القورايري لا يرضاه، وكان صاحب حَمَام)) ، ورد هذا القول أبو الفتح الأزدي بقوله: ((بندار كَتَبَ الناس عنه وقبلوه، وليس قول يحيى والقواريري مما يجرحه، وما رأيت أحدًا ذكره إلا بخير وصدق)) ، وذكر الذهبي قول الدورقي السابق وردّه بقوله: ((قد احتجّ به أصحاب الصحاح كلهم، وهو حجة بلا ريب)) ، وقال الذهبي أيضًا: ((محمد بن بشار البصري الحافظ، بندار، ثقة صدوق، كذّبه الفلاس، فما أصغى أحد إلى تكذيبه؛ لتيقُّنهم أن بندارًا صادق أمين)) ، وقال أيضًا: ((كان من أوعية العلم)) . اهـ من "سير أعلام النبلاء" (12 / 144 - 149) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (3 / 1177) ، و"الميزان" (3 / 490 - 491 رقم 7269) ، و"التهذيب" (9 / 70 - 73 رقم 87) . وأخرجه ابن أبي داود أيضًا (ص190) من طريق شُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عن أصحابه قال: كان يكرهون بيع المصاحف وشراءها. وأما رواية حماد بن أبي سليمان، فأخرجها ابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 497) و (10 / 548 رقم 10292) من طريق حجاج، عن حماد، عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ التعشير في المصحف، وأن يكتب فيه شيء من غيره. وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص178 و 191) من طريقي موسى بن خلف، وأبي سنان، كلاهما عن حماد، عن إبراهيم أنه كره بيعها وشراءها. =

84- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: أَنَّهُ كان يكره نقط المصحف.

_ = وأما رواية مُحِلّ بن مُحْرِز الضبّي، فأخرجها ابن أبي داود في "المصاحف" أيضًا (ص190 - 191 و 194) من طريق عبيد الله بن موسى، ووكيع، ويحيى القطان، ثلاثتهم عن محل قال: سألت إبراهيم عن بيع المصاحف، فقال: لا تشترها ولا تبعها. هذا لفظ عبيد الله بن موسى، ونحوه لفظ يحيى، وأما رواية وكيع، فيقول محلّ: قلت لإبراهيم: لابدّ للناس من المصاحف، فقال: اشتر المداد والورق، واستعن - يعني: من يكتب لك -. وبمجموع هذه الروايات يتضح أن كراهة بيع المصاحف وشرائها، وتعشير المصحف، وقوله: جردوا الْقُرْآنَ، وَلَا تَخْلِطُوا بِهِ مَا ليس منه، جميع هذا صحيح عن إبراهيم، وما عداه مما نُصَّ عليه في هذا الحديث لم أجد من تابع مغيرة عليه عن إبراهيم، فيبقى على ضعفه. وانظر التعليق على الحديث الآتي برقم [125] فيما يتعلق ببيع المصاحف وشرائها وكتابتها على الأجر. [84] سنده ضعيف؛ لأن هشيمًا ومغيرة مدلِّسان ولم يصرِّحا بالسماع، وقد تابع هشيمًا سفيان الثوري كما سيأتي، ومعنى الحديث صحيح عن إبراهيم كما كان في الحديثين السابقين رقم [82 و 83] . وقد أخرجه البيهقي في "الشعب" (5 / 599) من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال: ((أنه كره ... )) إلخ. وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل" (ص369 رقم 872) من طريق هشيم، به مثله، وهو عنده جزء من الحديث المتقدم برقم [82] . ومن طريق أبي عيبد أخرجه الداني في "المحكم" (ص10 - 11) . وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (4 / 322 رقم 7941) . وابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 498) و (10 / 549 رقم 10297) . =

85- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا فُضيل (1) ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُصَغَّر الْمُصْحَفُ، وَالْمَسْجِدُ، يقال: مُصَيْحِف، ومُسَيْجِد.

_ = ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه الداني في "المحكم" (ص16 - 17) . وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص153 و 156 و 159 - 160) . جميعهم من طريق سفيان الثوري، عن مغيرة، عن إبراهيم، به مثله، وفي لفظ بعضهم زيادة. (1) هو فضيل بن عياض بن مسعود التميمي، أبو علي الزاهد المشهور، أصله من خراسان، وسكن مكة، روى عن الأعمش ومنصور بن المعتمر وهشام بن حسّان وحميد الطويل وليث بن أبي سُليم وغيرهم، روى عنه يحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي وعبد الرزاق وعبد الله بن وهب والإمام الشافعي وغيرهم، وروى عنه سعيد بن منصور هنا وفي مواضع أخرى، وكانت وفاته سنة سبع وثمانين ومائة، وهو ثقة عابد إمام روى له الجماعة عدا ابن ماجه كما في "التقريب" (ص448 رقم 5431) . فقد وثقه ابن عيينة والدارقطني، وقال ابن سعد: ((كان ثقة نبيلاً فاضلاً عابدًا ورعًا كثير الحديث)) ، وقال العجلي: ((كوفي ثقة متعبد رجل صالح)) ، وقال أبو حاتم: ((صدوق)) ، وقال النسائي: ((ثقة مأمون رجل صالح)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (7 / 73 رقم 416) ، و"التهذيب" (8 / 294 - 297 رقم 538) . [85] سنده ضعيف لضعف ليث بن أبي سليم كما في ترجمته في الحديث رقم [9] . وقد أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 594) من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه نسب فضيلاً، فقال: ((فضيل بن عياض)) ، وقال: ((فيقال: مصيحف ... )) . وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 499) و (10 / 544 رقم 10277) من طرق عن سفيان، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّهُ كره أن يقول: مصيحف. وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص170 و 171) من طريق سعد بن الصلت، والمحاربي، وسفيان، ثلاثتهم عن ليث، به نحوه، وفي لفظ بعضهم زيادة.

86- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا مَنْصُورٌ، قَالَ: سَأَلْتُ الْحَسَنَ، عَنْ نَقْطِ الْمَصَاحِفِ، قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ، مَا لَمْ تبغوا.

_ [86] سنده صحيح ومنصور هو ابن زاذان، والحسن هو ابن أبي الحسن البصري. وأخرجه البيهقي في "الشعب" (5 / 599) من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال: ((لا بأس بها)) . وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل" (ص370 رقم 876) من طريق هشيم، به مثله سواء. ومن طريق أبي عبيد أخرجه الدّاني في "المحكم" (ص12) . وأخرجه أبو عبيد أيضًا (ص370 رقم 875) . ومن طريقه الداني (ص12 - 13) . وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص160) . كلاهما من طريق أشعث عن الحسن، به، ولفظ أبي عبيد: قال: لا بأس بنقط المصاحف، وكرهه ابن سيرين. ولفظ ابن أبي داود: عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ لَا يرى بأسًا أن ينقط المصحف بالنحو. وأخرجه ابن أبي داود أيضًا (ص161) . والداني (ص12) . أما ابن أبي داود فمن طريق محمد بن إسماعيل الأَحْمَسي وعلي بن محمد بن أبي الخصيب، وأما الداني فمن طريق أبي بكر بن أبي شيبة، ثلاثتهم عن وكيع، عن أبي بكر الهُذَلي، عن الحسن قال: لا بأس ببيعها وبشرائها وبنقطها بالأجرة. هذا لفظ ابن أبي داود. وأما لفظ الداني فهو: عن الحسن قال: لا بأس بنقطها بالأحمر. وللحديث طريق آخر عن منصور سيأتي برقم [90] ، وطريق آخر عن الحسن سيأتي برقم [89] ، وجميعها تدل على تجويز الحسن البصري - رحمه الله - =

87- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، أنَا مُخبر، عَنْ أَبِي مَعْشر (1) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: قَالَ: لَحْسُ الدَّبَرِ (1) أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَقْطِ الْمَصَاحِفِ.

_ = لنقط المصاحف، وقد روى عنه كراهة ذلك. فأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص369 رقم 874) فقال: حدثنا يزيد، عن هشام، عن الحسن وابن سيرين، أنهما كانا يكرهان نقط المصاحف. وسنده رجاله ثقات، ويزيد هو ابن هارون، وهشام هو ابن حسان، لكن رواية هشام عن الحسن فيها مقال كما سبق في الحديث [55] ، لأنه قيل: كان يرسل عنه، وأما ابن سيرين فهو من أثبت الناس فيه، وقد صح عن ابن سيرين أنه كره النقط كما سيأتي برقم [89] ، وعلل ذلك بأنه خشية الزيادة في الحروف، وصح عنه أنه أجازه كما سيأتي برقم [88 و 89] فيحمل تجويزه لذلك على أنه لمن أمن عليه من الزيادة في الحروف. وأما الحسن البصري فالروايات الصحيحة عنه تجويزه لذلك، وأما الكراهية فلا تثبت؛ لما تقدم، والله أعلم. (1) هو زياد بن كليب الحَنْظلي، أبو مَعْشر الكوفي، روى عن إبراهيم النخعي والشعبي وسعيد بن جبير وغيرهم، روى عنه قتادة وخالد الحذَّاء ومنصور بن المعتمر وشعبة وسعيد بن أبي عروبة وغيرهم، وكانت وفاته سنة عشرين ومائة، وقيل: سنة تسع عشرة ومائة، وهو ثقة كما في "التقريب" (ص220 رقم 2096) . فقد وثقه ابن المديني والعجلي والنسائي وأبو جعفر السبتي، وقال ابن حبان: ((كان من الحفاظ المتقنين)) . وأما أبو حاتم فقال: ((صالح)) ، وقال مرة: ((من قدماء أصحاب إبراهيم، وهو أحب إلى حماد من أبي سليمان، وليس بالمتين في حفظه)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 542 رقم 2449) ، و"التهذيب" (3 / 382 رقم 698) . وقول أبي حاتم في أبي معشر معارض بتوثيق من تقدم، وأبو حاتم معروف بتشدده في الجرح، والصواب ما رجحه الحافظ ابن حجر في "التقريب" من أن أبا معشر ثقة. (2) الدَّبَرُ: جمع دَبَرة - بالتحريك -، وهي قَرْحَةُ الدابة والبعير. "لسان العرب" (4 / 273) .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ [87] سنده ضعيف لإبهام شيخ هشيم، وهو صحيح عن إبراهيم بغير هذا الللفظ؛ لأن في متن الحديث خطأ، وبيانه: أن الحديث أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (6 / 61 رقم 251) . ومن طريقه ابن حزم في "المحلى" (9 / 683) . وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص188 و 190) . أما ابن أبي شيبة فمن طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عُلَيَّة، وأما ابن أبي داود فمن طريق سعد بن الصلت، وابن أبي عدي، وحماد بن سلمة، جميعهم عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةٍ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ النخعي قَالَ: لَحْسُ الدَّبَر أَحَبُّ إِلَيَّ من بيع المصاحف. وسند ابن أبي شيبة صحيح رجاله ثقات تقدموا، عدا سعيد بن أبي عروبة مهران اليشكري، مولاهم، أبو النضر البصري، روى عن قتادة والحسن البصري وأيوب السختياني وأبي معشر زياد بن كليب وغيرهم، روى عنه شعبة وعبد الأعلى بن عبد الأعلى ومحمد بن أبي عدي وحماد بن سلمة وإسماعيل بن عليّة وغيرهم، وكانت وفاته سنة ست أو سبع وخمسين ومائة، وهو ثقة حافظ له تصانيف، من أثبت الناس في قتادة، وممن روى له الجماعة، وكان يدلّس، واختلط. أما تدليسه فقد احتمله الأئمة؛ فقد ذكره الحافظ ابن حجر في الطبقة الثانية من طبقات المدلسين وهم الذين احتمل الأئمة تدليسهم. وأما اختلاطه، فإن إسماعيل بن عليّة وحماد بن سلمة ممن روى عنه هذا الحديث، وقد سمعا منه قبل اختلاطه. فقد وثقه ابن معين والعجلي والنسائي، وقال أبو زرعة: ((ثقة مأمون)) ، وقال ابن أبي خيثمة: ((أثبت الناس في قتادة: سعيد بن أبي عروبة وهشام الدستوائي)) ، وقال أبو حاتم: ((سعيد بن أبي عروبة قبل أن يختلط ثقة، وكان أعلم الناس بحديث قتادة)) ، وقال ابن سعد: ((كان ثقة كثير الحديث ثم اختلط في آخر عمره)) ، وقال العجلي: ((روى عن ابن أبي عروبة في الاختلاط: يزيد بن هارون، وابن المبارك، وابن أبي عدي، كل ما روى عنه مثل هؤلاء الصغار =

88- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاء (1) ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى ابْنِ سِيرِينَ: فَرَأَيْتُهُ يَقْرَأُ في مصحف منقوط.

_ = فهو مختلط، إنما الصحيح حديث حماد بن سلمة، وابن عليّة، وعبد الأعلى عنه، والثوري وشعبة صحيح)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (4 / 65 - 66 رقم 276) ، و"شرح علل الترمذي" لابن رجب (2 / 565 - 570) ، و"التهذيب" (4 / 63 - 66 رقم 110) ، و"التقريب" (ص239 رقم 2365) ، و"النكت على كتاب ابن الصلاح" (2 / 638 - 639) ، و"طبقات المدلسين" (ص63 رقم 50) ، و"الكواكب النيرات" (ص190 - 212 رقم 25) . (1) هو خالد بن مِهْران، أبو المَنَازل - بفتح الميم، وقيل: بضمّها، وكسر الزاي -، البصري، الحَذّاء - بفتح المهملة، وتشديد الذال المعجمة -، قيل له ذلك لأنه كان يجلس عند الحذائين، وقيل: لأنه كان يقول احْذ على هذا النحو، روى عن أنس ومحمد وحفصة أبناء سيرين، وعن عبد الله بن شقيق وأبي رجاء العطاردي والحسن البصري وغيرهم، روى عنه الحمّادان والثوري وشعبة وابن علية وخالد بن عبد الله الواسطي وهشيم بن بشير وغيرهم، وكانت وفاته سنة إحدى أو اثنتين وأربعين ومائة، وهو ثقة يرسل، وروى له الجماعة، وثقه ابن معين والعجلي والنسائي، وقال الإمام أحمد: ((ثبت)) ، وقال ابن سعد: ((كان خالد ثقة مهيبًا كثير الحديث)) . وقال أبو شهاب: قال لي شعبة: ((عليك بحجاج بن أرطأة وابن إسحاق، فإنهما حافظان، واكتم عليّ عند البصريين في هشام وخالد)) ، وردّ ذلك الذهبي بقوله: ((ما التفت أحد إلى هذا القول أبدًا)) ، وقال في موضع آخر: ((هذا الاجتهاد من شعبة مردود ولا يلتفت إليه، بل خالد وهشام محتجّ بهما في الصحيحين، هما أوثق بكثير من حجاج وابن إسحاق، بل ضعف هذين ظاهر، ولم يُتركا)) . وقال حماد بن زيد: ((قدم علينا - يعني خالدًا - قدمة من الشام، فكأنا أنكرنا حفظه)) ، وقال أبو حاتم: ((يكتب حديثه ولا يحتج به)) . وأورده الذهبي في "الميزان" فقال: ((خالد بن مهران الحذّاء، أبو المنازل البصري =

89- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ مُحَمَّدِ بْنِ سَيْفٍ (1) ، قَالَ: سَأَلْتُ الْحَسَنَ عَنْ مصحف

_ = الحافظ، أحد الأئمة)) ، وذكر هذه الأقوال، وقال: ((ما خالد في الثبت بدون هشام بن عروة وأمثاله)) . وقال الحافظ ابن حجر: ((أحد الأثبات ... ، تكلم فيه شعبة وابن عليّة إما لكونه دخل في شيء من عمل السلطان، أو لما قال حماد بن زيد ... )) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 352 - 353 رقم 1593) ، و"الميزان" (1 / 642 - 643 رقم 2466) ، و"سير أعلام النبلاء " (6 / 191) ، و"هدي الساري" (ص400) ، و"التهذيب" (3 / 120 - 122 رقم 224) ، و"التقريب" (ص191 رقم 1680) . [88] الحديث في سنده هشيم وهو مدلس ولم يصرِّح بالسماع، لكنه لم ينفرد به، فهو صحيح من غير طريقه. فقد أخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص161) من طريق هشيم، به نحوه. وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص370 رقم 877) . من طريقه الداني في "المحكم" (ص13) . وأخرجه ابن الضريس في "الفضائل" (ص41 رقم 37) . أما أبو عبيد فمن طريق شيخه عبد الرحمن بن مهدي، وأما ابن الضريس فمن طريق شيخه أبي الربيع الزهراني سليمان بن داود، كلاهما عن حماد بن زيد، عن خالد الحذاء قال: كنت أمسك على محمد بن سيرين في مصحف منقوط. وهذا سند صحيح، حماد بن زيد وعبد الرحمن بن مهدي وأبو الربيع الزهراني كلهم ثقات تقدمت تراجمهم. وأخرجه ابن أبي داود أيضًا (ص160 و 161) من طريق خارجة بن مصعب وإسماعيل بن إبراهيم بن علية، كلاهما عن خالد، به نحوه. (1) هو محمد بن سيف الأزدي الحُدّاني - بضم المهملة وتشديد الدال -، أبو رجاء البصري، روى عن الحسن البصري ومحمد بن سيرين وعكرمة وغيرهم، روى عنه شعبة وحماد بن زيد وابن عليّة وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة السادسة؛ وثّقه ابن سعد وابن معين والنسائي، وذكره ابن حبان في الثقات. =

يُنْقَطُ بالعَرَبِيَّة؟ قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ، أَوَما بَلَغَكَ عَنْ كِتَابِ عُمَرَ: أَنَّهُ كَتَبَ: تَعَلَّمُوا الْعَرَبِيَّةَ، وَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ، وَأَحْسِنُوا عِبَارَةَ الرُّؤْيَا؟ قَالَ أَبُو رَجَاءٍ: وَسَأَلْتُ ابْنَ سِيرِينَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنِّي أَخْشَى أَنْ تَزِيدُوا فِي الحروف.

_ = انظر "الجرح والتعديل" (7 / 281 رقم 1519) ، و"التهذيب" (9 / 217 رقم 337) ، و"التقريب" (ص483 رقم 5948) . [89] سنده حسن إلى الحسن البصري وابن سيرين؛ رجاله ثقات عدا عبد الرحمن بن زياد فصدوق، وهو صحيح لغيره إليهما، فإن ابن زياد قد توبع كما سيأتي. وأما نقل الحسن عن عمر فضعيف؛ لأنه أخذه بلاغًا عن كتابه كما يظهر من السياق، والحسن إنما ولد لسنتين بقيتا من خلافة عمر - رضي الله عنه - كما في "التهذيب" (2 / 263) . والحديث أخرجه البيهقي في "الشعب" (5 / 599 - 600) من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال: ((المصحف)) ، ولم يذكر سؤال أبي رجاء لابن سيرين. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (4 / 323 - 324 رقم 7948) . وابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 458 رقم 9971) . ومن طريقه الداني في "المحكم" (ص11) . وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص158 و 159 و 160) . أما عبد الرزاق فمن طريق عبد الله بن كثير، وأما ابن أبي شيبة فمن طريق أبي داود الطيالسي، وأما ابن أبي داود فمن طريق محمد بن جعفر غندر ومسكين، جميعهم عن شعبة، به نحوه، إلا أن رواية ابن أبي داود عن غندر إنما ذكر فيها سؤال أبي رجاء لابن سيرين، وأما روايته عن مسكين ففرّقها، فجعل سؤال الحسن في موضع، وسؤال ابن سيرين في موضع آخر، وأما رواية الداني للحديث من طريق ابن أبي شيبة فإنما ذكر فيها سؤال ابن سيرين فقط. =

90- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ، قَالَ: سَأَلْتُ الْحَسَنَ وَابْنَ سِيرِينَ عَنْ ذَلِكَ (1) ، (فَقَالَا) (2) : لَا بَأْسَ بِهِ. 91- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا حُصَيْنٌ، قَالَ: نا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ (1) ، قَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ يُسأل عَنْ عَرَبيَّة القرآن، فيُنْشِد الشعر.

_ = والحديث أخرجه أبو عبيد في "الفضائل" (ص320 رقم 750) من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة متابعًا لشعبة، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ مُحَمَّدِ بْنِ سيف قال: قلت للحسن: ما تقول فيمن يتعلم العربية، أما يخاف أن يكون يزيد في الهجاء؟ فقال: ليس به بأس، قال عمر بن الخطاب: عليكم بالتفقه في الدين، والتفهم في العربية، وحسن العبارة. وتقدم عن عمر نحو ما هنا برقم [70] ، وهو ضعيف أيضًا. (1) أي: عن نقط المصحف. (2) في الأصل: ((فقال)) ، وما أثبته من "شعب الإيمان" للبيهقي حيث روى الحديث من طريق المصنف كما سيأتي. [90] سنده حسن رجاله ثقات عدا عبد الرحمن بن زياد فصدوق، وهو صحيح لغيره، فإن ابن زياد قد توبع كما سيأتي. فالحديث أخرجه البيهقي في "الشعب" (5 / 599) من طريق المصنف، به مثله سواء. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (4 / 324) من طريق عبد الله بن كثير، عن شعبة، به مثله. وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص160) من طريق مسكين، ويحيى ابن بكير، كلاهما عن شعبة، به نحوه. وتقدم للحديث طريق آخر عن منصور، عن الحسن برقم [86] ، وطريق آخر عن الحسن في الحديث السابق، وقد روى عنه كراهة ذلك ولا يصح كما سبق بيانه في الحديث رقم [86] . (1) هو عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن عتبة بن مسعود الهُذَلي، أبو عبد الله المدني، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = روى عن أبيه وعمار بن ياسر وأبي هريرة وعائشة وابن عباس وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه أخوه عون والزهري وأبو الزناد وحصين بن عبد الرحمن السُّلمي وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثمان وتسعين للهجرة، وقيل: سنة اثنتين، وقيل: أربع أو خمس، وقيل: تسع وتسعين، وهو ثقة فقيه ثبت، روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص372 رقم 4309) . قال العجلي: ((كان أعمى، وكان أحد فقهاء المدينة، تابعي ثقة، رجل صالح جامع للعلم، وهو معلِّم عمر بن عبد العزيز)) ، وقال أبو زرعة: ((ثقة مأمون إمام)) ، وقال الطبري: ((كان مقدّمًا في العلم والمعرفة بالأحكام والحلال والحرام، وكان مع ذلك شاعرًا مجيدًا)) ، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ((كان من سادات التابعين)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 319 - 320 رقم 1517) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع (6 / 519 - 523) ، و"التهذيب" (7 / 23 - 24 رقم 50) . [91] سنده صحيح، واختلاط حصين بن عبد الرحمن السلمي غير مؤثِّر؛ لأن الراوي عنه هنا هو هشيم بن بشير، وهو ممن روى عنه قبل الاختلاط كما في "هدي الساري" (ص398) . وقد أخرجه الخطابي في "غريب الحديث" (1 / 61) من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال: ((رأيت ابن عباس)) . وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل" (ص312 رقم 733) . وفي "غريب الحديث" (4 / 373) . في كلا الموضعين من طريق هشيم، به نحوه. ومن طريق أبي عبيد أخرجه البيهقي في "الشعب" (4 / 315 رقم 1559) . قال أبو عبيد في معنى الحديث: ((يعني أنه كان يستشهد به على التفسير)) . وأخرج البيهقي في "السنن" (10 / 241) ، وفي "الشعب" (4 / 316 - 317 رقم 1560) من طريق وكيع. والخطيب في "الجامع" (2 / 198 رقم 1603) من طريق ابن فرّوخ. =

92- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، أنَا مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يَتَأَوَّلُوا شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ عِنْدَمَا يُعْرَضُ مِنْ أَحَادِيثِ الدُّنْيَا. قِيلَ لِهُشَيْمٍ نَحْوُ قَوْلِهِ: {جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى} (1) ؟ قال: نعم.

_ = والسمعاني في "أدب الإملاء والإستملاء" (ص71) من طريق محمد بن إسماعيل الحسّاني. ثلاثتهم عن أسامة بن زيد الليثي، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: إذا قرأ أحدكم شيئًا من القرآن فلم يدر ما تفسيره، فليلتمسه في الشعر فإنه ديوان العرب. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (8 / 705 - 706 رقم 6100) و (10 / 474 رقم 10032) من طريق مسمع بن مالك، عن عكرمة. وأخرج ابن سعد في "الطبقات" (2 / 367) . والخطيب في "الجامع" (2 / 198 رقم 1602) . كلاهما من طريق حماد بن زيد، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ يوسف بن مهران وسعيد بن جبير أنهما قالا: كنا نسمع ابن عباس كثيرًا يُسئل عن القرآن، فيقول: هو كذا وكذا، أما سمعتم الشاعر يقول كذا وكذا؟ (1) الآية (40) من سورة طه. [92] سنده ضعيف؛ لأن مغيرة يدلِّس لاسيّما عن إبراهيم النخعي كما في ترجمته في الحديث [54] ، وهذا من روايته عنه، ولم يصرِّح بالسماع. وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص62 رقم 142) . والحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" (3 / ل 104 / أ) . كلاهما من طريق هشيم، به نحوه إلا أنهما لم يذكر قوله: قيل لهشيم ... ، إلخ. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 515 رقم 10164) من طريق جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: كَانَ يكره أن يقرأ القرآن بعرض من أمر الدنيا. =

93- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا جُوَيْبر (1) ، عَنِ الضَّحَّاكِ (2) ، قَالَ: لَوْلَا تلاوةُ الْقُرْآنِ، لَسَرَّنِي أَنْ أَكُونَ صَاحِبَ فِرَاشٍ حَتَّى أَمُوتَ؛ وَذَلِكَ أَنَّ الْمَرِيضَ يُرْفَعُ عَنْهُ الْحَرَجُ، وَتُكَفَّرُ عَنْهُ خَطَايَاهُ، وَيُكْتَبُ لَهُ بِصَالِحِ مَا كَانَ يعمل.

_ = قال أبو عبيد في معنى ذلك: ((وهذا كالرجل يريد لقاء صاحبه، ويهمّ بالحاجة، فيأتيه من غير طلب، فيقول: كالمازح: (جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى) ، وهذا من الاستخفاف بالقرآن، ومنه قول ابن شهاب: ((لا تناظروا بكتاب الله، ولا بسنّة رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -. قال أبو عبيد: يقول: لا تجعل لها نظيرًا من القول ولا الفعل)) . اهـ. وقال الحكيم الترمذي بعد أن أخرجه: ((والتأويل: مثل قولك للرجل إذا جاءك: (جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى) ، ومثل قولك: (كلوا واشربوا هنيئًا) ، هذا عند حضور الطعام، وأشباه هذا)) . اهـ. (1) هو جويبر - تصغير جابر - ابن سعيد الأزدي، أبو القاسم البلخي، نزيل الكوفة، راوي التفسير، ويقال: اسمه جابر، وجويبر لقب، روى عن أنس بن مالك وأبي صالح السمّان والضحاك بن مزاحم وغيرهم، روى عنه عبد الله بن المبارك والثوري وحماد بن زيد وغيرهم، وروى عنه هشيم كثيرًا عند المصنف سعيد بن منصور في "سننه"، وذكره البخاري في "التاريخ الأوسط" في فصل من مات بين الأربعين إلى الخمسين ومائة، وهو ضعيف جدًّا كما في "التقريب" (ص143 رقم 987) . فقد كان يحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي لا يحدثان عنه، وقال ابن معين: ((ليس بشيء)) ، وسأل عبد الله بن علي بن المديني أباه عنه، فضعّفه جدًّا، وقال النسائي وعلي بن الجنيد والدارقطني: ((متروك)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (2 / 540 - 541 رقم 2246) ، و"الكامل" لابن عدي (2 / 554 - 546) ، و"التهذيب" (2 / 123 - 124 رقم 200) . (2) هو الضحاك بن مزاحم الهلالي، أبو القاسم، أو: أبو محمد الخراساني، روى عن ابن عمر وابن عباس وأبي هريرة وأبي سعيد وزيد بن أرقم وأنس بن مالك، وقيل: لم يثبت له سماع من أحد من الصحابة، وروى عن الأسود بن يزيد =

94- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، عَنِ العوَّام بْنِ حَوْشب، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفي (1) ، قَالَ: نا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ المَدَائِن (2) قَالَ: سَمِعْتُ سَلْمَانَ الْفَارِسِيَّ يَقُولُ: كلُّ مَا لَمْ يَذكر اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْقُرْآنِ، فَهُوَ مِنْ عَفْوِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.

_ = وعطاء بن أبي رباح وأبي الأحوص الجشمي وغيرهم، روى عنه جويبر بن سعيد وحكيم بن الديلم وإسماعيل بن أبي خالد وغيرهم، وكانت وفاته سنة خمس أو ست ومائة، وهو صدوق كثير الإرسال كما في "التقريب" (ص280 رقم 2978) . قال أحمد: ((ثقة مأمون)) ، ووثقه ابن معين وأبو زرعة والعجلي والدارقطني، وأما يحيى بن سعيد القطان، فقال: ((كان الضحاك عندنا ضعيفًا)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (4 / 458 - 459 رقم 2024) ، و"التهذيب" (4 / 453 - 454 رقم 784) . [93] سنده ضعيف جدًّا لشدة ضعف جويبر. وأخرجه ابن أبي الدنيا في "المرض والكفارات" (ل 9 / ب) من طريق عبد الله بن مطيع، عن هشيم، به نحوه. ويشهد لبعضه ما أخرجه البخاري في "صحيحه" (6 / 136 رقم 2996) في الجهاد، باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة، من طريق إبراهيم السَّكْسَكي، قال: سمعت أبا بردة، واصطحب هو ويزيد بن أبي كبشة في سفر، فكان يزيد يصوم في السفر، فقال له أبو بردة: سمعت أبا موسى مرارًا يقول: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((إذا مرض العبد أو سافر كُتب له مثلُ ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا)) . (1) لم أجد من يكنى بهذه الكنية وينسب بهذه النسبة، وقد روي الحديث من طرق أُخر عن سلمان كما سيأتي، منها طريق أبي عبد الله الجَدَلي، وأبي عبيد الله مولى ابن عباس، كلاهما عن سلمان بلا واسطة، فالله أعلم. (2) المَدَائِنُ: موضع كان مسكن الملوك من الأكاسرة الساسانيّة وغيرهم، فكان كل واحد منهم إذا ملك بنى لنفسه مدينة إلى جنب التي قبلها وسمّاها باسم، وهي =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = سبع مدائن، بين كل مدينة إلى الأخرى مسافة قريبة أو بعيدة، افتتحها سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - في صفر سنة عشرة للهجرة في عهد عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عنه. انظر "معجم البلدان" (5 / 74 - 75) . [94] سنده ضعيف؛ فيه الراوي المبهم عن سلمان، وأبو عبد الله الثقفي، وتقدم أني لم أجد من ذكره، وهو صحيح لغيره بمجموع شواهده الآتي ذكرها. فالحديث روي عن سلمان - رضي الله عنه - من ثلاثة طرق: (1) طريق أبي عبد الله الجدلي، عن سلمان الفارسي - رضي الله عنه - قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - عن الجبن والسمن والفراء، فقال النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((الحلال ما أحلّ الله في القرآن، والحرام ما حرم الله في القرآن، وما سكت عنه فقد عفا عنه)) . أخرجه الطبراني في "الكبير" (6 / 319 - 320 رقم 6159) ، فقال: حدثنا الحسن بن علي المعمري، ثنا عبد الغفار بن عبد الله الموصلي، ثنا علي بن مسهر، عن أبي إسماعيل - يعني بشيرًا [في الأصل: بشر]-، عن مسلم البطين، عن أبي عبد الله الجدلي ... ، فذكره. وسنده ضعيف؛ فيه عبد الغفار بن عبد الله بن الزبير الزبيري، أبو نصر الموصلي، وهو مجهول الحال؛ ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (6 / 54 رقم 285) وبيّض له، وذكره ابن حبان في "الثقات" (8 / 421) ، وروى عنه شيخ الطبراني الحسن بن علي المعمري، وإبراهيم بن يوسف الهسنجاني كما في "الجرح والتعديل". وفي الحديث كلام من حيث رفعه أو وقفه كما سيأتي. (2) طريق أبي عبيد الله، عن سلمان مرفوعًا، بمثل اللفظ السابق سواء. أخرجه البيهقي في "سننه" (9 / 320) من طريق يونس بن خباب، عن أبي عبيد الله ... ، فذكره. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = قال الشيخ ناصر الدين الألباني في "غاية المرام" (ص16 - 17) : ((هذا إسناد ضعيف من أجل يونس بن خباب، ضعفه جماعة، وقال الحافظ في "التقريب": صدوق يخطئ. وأبو عبيد الله لعلّه مسلم بن مشكم الدمشقي، فإن كان هو، فهو ثقة، وإن كان غيره، فلم أعرفه)) . اهـ. قلت: أبو عبيد الله هذا هو مولى ابن عباس، ذكره البخاري في "الكنى" (ص53 رقم 458) وسكت عنه، وذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (9 / 405 رقم 1948) وبيض له، وذكره ابن حبان في "الثقات" (5 / 570) ، ولم يذكروا أنه روى عنه سوى يونس بن خبّاب، وذكره الذهبي في "المقتنى" (1 / 380 رقم 3959) ، وذكر أنه روى عنه حجاج بن أرطأة وغيره، فهو مجهول الحال. (3) طريق أبي عثمان النهدي، عن سلمان قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - عن السمن والجبن والفراء، فقال: ((الحلال ما أحلّ الله في كتابه، والحرام ما حرّم الله في كتابه، وما سكت عنه فهو مما عفى عنه)) . أخرجه الترمذي في "العلل الكبير" (2 / 722) ، وفي "سننه" (5 / 396 رقم 1780) في اللباس، باب ما جاء في لبس الفراء. وابن ماجه (2 / 1117 رقم 3367) في الأطعمة، باب أكل الجبن والسمن. والعقيلي في "الضعفاء" (2 / 174) . وابن أبي حاتم في "العلل" (2 / 10 رقم 1503) . وابن حبان في "المجروحين" (1 / 346) . وابن عدي في "الكامل" (3 / 1267) . والطبراني في "الكبير" (6 / 306 - 307 رقم 6124) . ومن طريقه المزّي في "تهذيب الكمال" (12 / 335 / المطبوع) . وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (4 / 115) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وبيبي بنت عبد الصمد في "جزئها" (ص66 رقم 85) . وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1 / 212) . والبيهقي في "سننه" (10 / 12) في الضحايا، باب ما لم يُذكر تحريمه، ولا كان في معنى ما ذُكر تحريمه مما يؤكل أو يشرب. جميعهم من طريق سيف بن هارون البُرْجُمي، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمي، عَنْ أَبِي عثمان، به. قال الترمذي: ((هذا حديث غريب لا نعرفه مرفوعًا إلا من هذا الوجه، وروى سفيان وغيره عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عثمان قوله، وكأن الحديث الموقوف أصحّ)) . وقال في "العلل": ((سألت محمدًا [يعني البخاري] عن هذا الحديث، فقال: ما أراه محفوظًا، روى سفيان بن عيينة، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عثمان، عن سلمان هذا الحديث موقوفًا، وروى سيف بن هارون، عن سليمان مرفوعًا. قال محمد: وسيف بن هارون مقارب الحديث)) . وقال ابن أبي حاتم: ((قال أبي: هذا خطأ؛ رواه الثقات عن التيمي، عن أبي عثمان، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - مرسل، ليس فيه سلمان، وهو الصحيح)) . وأما العقيلي فإنه بعد أن أخرج الحديث من طريق سيف قال: ((لا يحفظ إلا عنه بهذا الإسناد)) ، ثم أخرجه من طريق الحسن البصري مرسلاً، وقال: ((هذا أولى)) . وقال ابن عدي: ((هذا وإن كان معروفًا بسيف، عن سليمان، فقد روي عن غيره، عن سليمان التيمي)) . وقال الحاكم: ((هذا حديث مفسِّر في الباب، وسيف بن هارون لم يخرجاه)) ، فتعقبه الذهبي بقوله: ((قلت: ضعّفه جماعة)) . قلت: أشار ابن عدي إلى أن الحديث روي عن سليمان التيمي من غير طريق سيف، وأعله البخاري والترمذي برواية سفيان بن عيينة له عن سليمان التيمي موقوفًا. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وهذه الرواية لم أجد من أخرجها على هذا الوجه، لكن وجدت البيهقي أخرج الحديث في "سننه" (10 / 12) من طريق ابن عيينة على الشك، مع ترجيحه الرفع، فقال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران العدل ببغداد، أنا إسماعيل بن محمد بن الصفّار، ثنا بشر بن موسى أبو علي، ثنا الحميدي، عن سفيان، ثنا سليمان، عن أبي عثمان، عن سلمان - رضي الله عنه - أراه رفعه -، قال: ((إن الله عز وجل أحلّ حلالًا وحرّم حرامًا، فما أحل فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو)) . وهذا سند صحيح. أبو عثمان النَّهْدي اسمه عبد الرحمن بن ملّ - بلام ثقيلة، والميم مثلّثة -، ابن عمرو بن عدي، مشهور بكنيته، وهو ثقة عابد مخضرم، أسلم في زمن النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم يلقه، وروى عن عمر وعلي وسعد وطلحة وابن مسعود وسلمان الفارسي وغيرهم، روى عنه ثابت البُناني وقتادة وعاصم الأحول وسليمان التيمي، وغيرهم، واختلف في سنة وفاته، فقيل: سنة خمس وتسعين، وقيل: سنة مائة، وهو ابن ثلاثين ومائة، وقيل: ابن أربعين ومائة، وقد روى له الجماعة، ووثقه ابن سعد وأبو حاتم وأبو زرعة والنسائي وابن خراش، وقال سليمان التيمي: ((إني لأحسب أن أبا عثمان كان لا يصيب ذنبًا، كان ليله قائمًا، ونهاره صائمًا)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 283 رقم 1350) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (2 / 819) ، و"التهذيب" (6 / 277 - 278 رقم 546) ، و"التقريب" (ص351 رقم 4017) . وسليمان هو ابن طَرْخان التَّيّمي، أبو المعتمر البصري، نزل في التَّيْم فنسب إليهم، روى عن أنس بن مالك وطاوس وأبي إسحاق السبيعي وأبي عثمان النَّهدي وغيرهم، روى عنه ابنه معتمر وشعبة والسفيانان وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاث وأربعين ومائة وهو ابن سبع وتسعين سنة، وهو ثقة عابد =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = روى له الجماعة في "التقريب" (ص252 رقم 2575) . قال سفيان الثوري: ((حفاظ البصرة ثلاثة ... )) ، فذكره فيهم. ووثقه أحمد وابن معين والعجلي والنسائي وابن سعد وزاد: ((كثير الحديث، وكان من العباد المجتهدين، وكان يصلي الليل كله بوضوء عشاء الآخرة، وكان مائلاً إلى علي بن أبي طالب)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (4 / 124 - 125 رقم 539) ، و"التهذيب" (4 / 201 - 203 رقم 341) . وسفيان بن عيينة تقدم في الحديث [7] أنه ثقة حافظ فقيه إمام حجة. وعبد الله بن الزبير بن عيسى القرشي الأسدي الحُمَيْدي، أبو بكر المكي ثقة حافظ فقيه، أجلّ أصحاب ابن عيينة، روى له الجماعة عدا ابن ماجة فلم يرو له في السنن. قال الإمام أحمد: ((الحميدي عندنا إمام)) ، وقال ابن سعد: ((كان ثقة كثير الحديث)) ، وقال أبو حاتم: ((أثبت الناس في ابن عيينة: الحميدي، وهو رئيس أصحاب ابن عيينة)) ، وقال عنه أيضًا: ((ثقة إمام)) ، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ((صاحب سنة وفضل ودين)) ، وقال الحاكم: ((ثقة مأمون، ومحمد بن إسماعيل إذا وجد الحديث عنه لا يخرجه إلى غيره من الثقة به)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 56 - 57 رقم 264) ، و"التهذيب" (5 / 215 - 216 رقم 272) . وبشر بن موسى بن صالح، أبو علي الأسدي البغدادي المحدِّث الإمام الثبت، كان الإمام أحمد يكرمه، وكتب له إلى الحميدي في مكة، قال الدارقطني: ((ثقة نبيل)) ، وقال الخطيب: ((كان ثقة أمينًا عاقلاً ركينًا)) . انظر "تاريخ بغداد" (7 / 86 رقم 3523) ، و"سير أعلام النبلاء" (13 / 352 - 354 رقم 170) ، و"تذكرة الحفاظ" (2 / 611) . وإسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن صالح بن عبد الرحمن، أبو علي الصفّار النحوي، مسند ثقة متعصِّب للسنة، انتهى إليه علو الإسناد، وثقه الدارقطني وقال: ((كان متعصبًا للسنة)) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = انظر "تاريخ بغداد" (6 / 302 - 303 رقم 3344) ، و"سير أعلام النبلاء" (5 / 440 رقم 250) . وشيخ البيهقي هو أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران الأموي، المعدل، شيخ عالم مسند صدوق ثبت، قال الخطيب: ((كان صدوقًا ثقة ثبتًا حسن الأخلاق، تام المرؤة، ظاهر الديانة)) . انظر "تاريخ بغداد" (12 / 98 - 99 رقم 6527) ، و"سير أعلام النبلاء" (17 / 311 - 312 رقم 189) . وعليه فمن خلال ما تقدم يترجح أن الحديث صحيح لغيره مرفوعًا بمجموع هذه الروايات الثلاث، لكن يشكل عليه إعلال الأئمة للمرفوع، وترجيح بعضهم للموقوف، ومنهم البخاري والترمذي كما سبق. وقال الحافظ ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" (ص243) : ((قال أحمد: هو منكر، وأنكره ابن معين أيضًا ... )) ، ثم ذكر إعلال أبي حاتم للحديث بالإرسال، وقال: ((قلت: وقد روي عن سليمان من قوله من وجوه أُخر ... ، ورواه صالح [في الأصل: أبو صالح] المرِّي، عن الجُرَيري، عن أبي عثمان النهدي، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وأخطأ في إسناده)) . اهـ. وعليه يتضح أن الحديث أُعِلّ على أربعة أوجه: 1- أعلّه أبو حاتم بأنه عن أبي عثمان النَّهْدي، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - مرسلاً. 2- أعلّه العقيلي بأنه عن الحسن البصري، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - مرسلاً. 3- أعلّه البخاري والترمذي بالوقف على سلمان. 4- أعلّه الإمام أحمد وابن معين بالنكارة. واختلاف هؤلاء الأئمة في إعلال الحديث يدل على أنه ليس له علة ظاهرة. أما ما ذكره العقيلي من أن الصواب في الحديث أنه عن الحسن البصري، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - مرسلاً، فهذا ليس بشيء؛ لأن الحديث من طريق الحسن البصري لا علاقة له بحديث سلمان، بل هو طريق مستقلّ. وأما إعلال =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = أبي حاتم له بأنه عن أبي عثمان النهدي، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - مرسلاً، فهو معارض بما ذكره البخاري والترمذي: من أن الصواب فيه أنه عن أبي عثمان، عن سلمان موقوف عليه، فبأي هذين نأخذ؟ مع أنه قد روي عن سلمان من غير طريق أبي عثمان كما سبق، وله شواهد كما سيأتي. وعليه، فالذي يظهر أن العلة الأقوى: ما ذكره ابن رجب عن الإمام أحمد وابن معين أنهما أعلاَّ الحديث بالنكارة، فهذا إن ثبت عنهما، فإنما هو لما قد يفهم من الحديث من قَصْر الحِلِّ والحُرْمة على القرآن فقط، وعدم ذكر السنة، وهذا مخالف لصريح القرآن؛ حيث يقول سبحانه: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} [الآية: (7) من سورة الحشر] ، إلى غير ذلك من الأدلة. لكن يمكن أن يجاب عن ذلك، فنقول: إن قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((الحلال ما أحل الله في كتابه ... )) إلخ، ليس مقصورًا على القرآن فقط، بل إن لفظ: ((الكتاب)) يشمل جميع ما أوحي إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - من القرآن والسنة معًا؛ لأن ما أوحي إليه - صلى الله عليه وسلم - نوعان: أحدهما: وحي يتلى، والآخر: وحي لا يتلى كما نقل ذلك الدكتور عبد الغني عبد الخالق عن البيهقي. انظر "حجية السنة" (ص479) . ويمكن أن يقال أيضًا: إنه لو كان المراد بكتاب الله: القرآن، فإن السنة داخلة فيه، منصوص عليها فيه كما في الآية السابقة، وهناك من الأدلة ما يؤيد هذا المعنى. فمن ذلك ما أخرجه البخاري في "صحيحه" (8 / 620 رقم 4886) في التفسير، باب: {وما آتاكم الرسول فخذوه} . ومسلم في "صحيحه" (3 / 1678 رقم 120) في اللباس والزينة، باب تحريم فعل الواصلة. كلاهما من طريق علقمة، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قال: لعن الله =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = الواشمات والمستوشمات، والنامصات والمتنمِّصات، والمتفلِّحات للحسن، المغيِّرات خلق الله. فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها: أم يعقوب - وكانت تقرأ القرآن -، فأتته، فقالت: ما حديث بلغني عنك: أنك لعنت الواشمات والمستوشمات، والمتنمصات، والمتفلجات للحسن، المغيرات خلق الله؟ فقال عبد الله: ومالي ألعن من لعن رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، وهو في كتاب الله؟ فقالت المرأة: لقد قرأت ما بين لوحي المصحف، فما وجدته، فقال: لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه؛ قال الله عز وجل: {وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم فانتهوا} ... ، الحديث. وانظر تفصيل ذلك في "حجية السنة" للدكتور عبد الغني عبد الخالق (ص387 - 388، و 479 - 480) . وللحديث ثلاثة شواهد مرفوعة، وآخر موقوف. أما المرفوعة، فالأول من حديث أبي الدرداء، والثاني من حديث ابن عمر، والثالث من حديث جابر وأما الموقوف، فعن ابن عباس رضي الله عنهم أجمعين. 1- حديث أبي الدرداء يرفعه إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - قال: ((ما أحلّ الله في كتابه فهو حلال، وما حرّم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو، فاقبلوا من الله عافيته، فإن الله لم يكن لينسَ شيئًا، ثم تلا هذه الآية: {وما كان ربك نسيًّا} [الآية (64) من سورة مريم] . وأخرجه البزار في "مسنده" كما في "كشف الأستار" (1 / 78 رقم 123) و (3 / 58 و 325 رقم 2231 و 2855) . والحاكم في "المستدرك" (2 / 375) . ومن طريقه البيهقي في الموضع السابق من "سننه" (10 / 12) . أما البزار فمن طريق إسماعيل بن عياش، وأما الحاكم فمن طريق أبي نعيم، كلاهما عن عاصم بن رجاء بن حَيْوة، عن أبيه، عن أبي الدرداء، به. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = قال البزار: ((لا نعلمه يروى عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - إلا بهذا الإسناد، وعاصم بن رجاء حدث عنه جماعة، وأبوه روى عن أبي الدرداء غير حديث، وإسناده صالح؛ لأن إسماعيل قد حدّث عنه الناس)) . وقال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)) ، وأقرّه الذهبي. وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7 / 55) وعزاه للبزار وقال: ((رجاله ثقات)) . وذكره في موضع آخر من "المجمع" (1 / 171) وقال: ((رواه البزار والطبراني في "الكبير"، وإسناده حسن ورجاله موثّقون)) . وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (5 / 531) وعزاه أيضًا لابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردوية. وذكر الشيخ الألباني في "غاية المرام" (ص14 - 15) تصحيح الحاكم لهذا الحديث وموافقة الذهبي، ثم قال: ((إنما هو حسن فقط، فإن جاء رجاء بن حيوة قال فيه ابن معين: صويلح، وقال أبو زرعة: لا بأس به، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الذهبي في "الميزان": ويقال تكلم فيه ابن قتيبة)) . 2- حديث ابن عمر قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - عن الجبن والسمن والفراء، قال - صلى الله عليه وسلم -: ((الحلال ما أحل الله في كتابه، والحرام ما حرم الله في كتابه، وما سكت عنه فهو مما عفا عنه)) . أخرجه ابن عدي في "الكامل" (7 / 2481) ، من طريق نعيم بن مورِّع العنبري، عن ابن جريج، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، به. وسنده ضعيف جدًّا؛ فنعيم بن مورِّع بن توبة العنبري البصري هذا اتهمه ابن عدي بسرقة الحديث. 3- حديث جابر مثل حديث أبي الدرداء. أخرجه ابن مردوية كما في "الدر المنثور" (5 / 531) . 4- حديث ابن عباس قال: كان أهل الجاهلية يأكلون أشياء ويتركون =

95- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا حُصين، عَنْ عَبْدِ الله بن [ل108/ب] عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ (1) قَالَ: قُلْتُ لجدَّتي أسماء: كيف كان

_ = أشياء تقذُّرًا، فبعث الله تعالى نبيِّه - صلى الله عليه وسلم -، وأنزل كتابه، وأحلّ حلاله، وحرّم حرامه، فما أحل فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو، وتلا: {قل لا أجد فيما أوحي إليَّ محرمًا} إلى آخر الآية [145من سورة الأنعام] . أخرجه أبو داود في "سننه" (4 / 157 رقم 3800) في الأطعمة، باب ما لم يُذكر تحريمه. والحاكم في "المستدرك" (4 / 115) . وابن مردوية كما في "تفسير ابن كثير" (2 / 184) . أما أبو داود فمن طريق محمد بن داود بن صبيح، وأما لحاكم وابن مردوية فمن طريق أحمد بن حازم الغفاري، كلاهما عن أبي نعيم الفضل بن دكين، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شَرِيكٍ الْمَكِّيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أبي الشعثاء، عن ابن عباس، به. قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه)) ، وسكت عنه الذهبي. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 372) وعزاه أيضًا لعبد بن حميد، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ. (1) عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الزبير بن العوام، أبو بكر الأسدي، يروي عن أبيه وعمِّه عبد الله وجدَّته أسماء بنت أبي بكر وابن عمر وغيرهم، روى عنه ابنه عمر وأخواه هشام وعبيد الله والزهري وابن جريج وحصين بن عبد الرحمن وغيرهم، وبقي إلى قريب العشرين ومائة للهجرة كما قال الذهبي، وهو ثقة ثبت فاضل روى له الجماعة عدا أبي داود كما في "التقريب" (314 رقم 3475) . فقد وثقه =

يَصْنَعُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم إذا قرأوا الْقُرْآنَ؟ (قَالَتْ) (2) : كَانُوا كَمَا نَعَتَهُمُ (3) اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: تَدْمَعُ أَعْيُنُهُمْ، وَتَقْشَعِرُّ جُلُودُهُمْ (4) ، قُلْتُ: فَإِنَّ نَاسًا هَاهُنَا إِذَا سَمِعُوا ذَلِكَ تَأْخُذُهُمْ عَلَيْهِ غَشْية، فَقَالَتْ: أَعُوذُ بِاللَّهِ من الشيطان!.

_ = أبو حاتم والنسائي والدارقطني، وزاد: ((أحد الأثبات)) ، وذكره ابن حبان في الثقات. وقال الزبير بن بكار: ((كان له عقل وحزم ولسان وفضل وشرف، وكان يشبه عبد الله بن الزبير في لسانه)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 133 رقم 618) ، و"سؤالات البرقاني للدارقطني" (ص41 رقم 265) ، و"التهذيب" (5 / 319 - 321 رقم 546) . (2) في الأصل: (قال) ، والتصويب من المراجع الآتية التي أخرجت الحديث من طريق المصنف، ومن المراجع التي عزت الحديث للمصنف. (3) أي: وصفهم. انظر: "تاج العروس" (5 / 123 - 125) . (4) أي: تجتمع وتنقبض، والقُشْعَريرة هي الرِّعْدة. انظر "لسان العرب" (5 / 95) . [95] سنده صحيح، واختلاط حصين بن عبد الرحمن السُّلمي لا يؤثِّر، لأن الراوي عنه هنا هو هشيم بن بشير، وهو ممن روى عنه قبل الاختلاط كما سبق في الحديث رقم [91] . والحديث أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 24 رقم 1900) من طريق المصنف، به بلفظ: قُلْتُ لِجَدَّتِي أَسْمَاءَ: كَيْفَ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - إذا سمعوا القرآن؟ قالت: تدمع أعينهم، وتقشعّر جلودهم، كما نعتهم الله. قال: قُلْتُ: فَإِنَّ نَاسًا هَاهُنَا إِذَا سمع أحدهم القرآن خرّ مغشيًّا عليه؟ قالت: أعوذ بالله من الشيطان. ومن طريق البيهقي أخرجه ابن عساكر في "تاريخه" (ص20 / تراجم النساء) بمثل =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = لفظه، إلا أنه زاد في آخر قوله: ((الرجيم)) . وقال الشاطبي في "الاعتصام" (1 / 275 - 276) : ((وخرّج سعيد بن منصور في تفسيره عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ بن الزبير قال....)) ، فذكره بمثله، إلا أنه لم يذكر قوله: ((يصنع)) و: ((عز وجل)) ، وقال: ((إن ناسًا)) بدل قوله: ((فإن ناسًا)) ، وزاد في آخر قوله: ((الرجيم)) . وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7 / 222) وعزاه للمصنِّف وابن المنذر وابن مردويه وابن أبي حاتم وابن عساكر. وأخرجه ابن الجوزي في "تلبيس إبليس" (ص281) ، وفي القصّاص والمذكرين (ص147) ، في كلا الموضعين من طريق خالد بن عبد الله الواسطي، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قال: قلت لأسماء ... ، فذكره بنحوه هكذا على أن السائل هو حصين، وحصين لم يذكر في ترجمته في "تهذيب الكمال" المطبوع (6 / 519 - 520) وغيره أنه روى عن أسماء، فالظاهر أن رواية ابن الجوزي سقط منها ذكر عبد الله بن عروة، والله أعلم. وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص145 رقم 367) من طريق عكرمة، قال: سُئلت أسماء: هل أحد من السلف يغشى عليه من الخوف؟ فقالت: لا، ولكنهم كانوا يبكون. وهذه الصفة التي أنكرتها أسماء رضي الله عنها مما يحصل لبعض الناس من الصعق ونحوه، صفة ظهرت من بعض من يدّعون الزهد والصلاح، ولم تكن معروفة من قبل، وأنكرتها أسماء رضي الله عنها كما أنكرها غيرها من الصحابة. قال الشاطبي - رحمه الله - في "الاعتصام" (1 / 276 - 279) : [وخرّج أبو عبيد من حديث أبي حازم قال: مرّ ابن عمر برجل من أهل العراق ساقط والناس حوله، فقال: ((ما هذا؟)) فقالوا: إذا قرئ عليه القرآن، أو سمع الله يُذكر، خرّ من خشية الله قال ابن عمر: ((والله إنا لنخشى الله ولا نسقط)) ، وهذا إنكار. وقيل لعائشة رضي الله عنها: إن قوماً إذا سمعوا القرآن يغشى عليهم. فقالت: إن القرآن أكرم =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = من أن تنزف عنه عقول الرجال، ولكنه كما قال الله تعالى: {تقشعرّ منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله} ، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه سئل عن القوم يُقرأ عليهم القرآن فيصعقون، فقال: ذلك فعل الخوارج. وخرّج أبو نعيم (عن عامر بن عبد الله بن الزبير) قال: جئت أبي، فقال: أين كنت؟ فقلت: وجدت أقواماً يذكرون الله فيرعد أحدهم حتى يغشى عليه من خشية الله فقعدت معهم، فقال: ((لا تقعد بعدها)) . فرآني كأنه لم يأخذ ذلك فيّ فقال: ((رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - يتلو القرآن. ورأيت أبا بكر وعمر يتلوان القرآن، فلا يصيبهم هذا، أفتراهم أخشع لله من أبي بكر وعمر)) ، فرأيت ذلك كذلك فتركتهم، وهذا بأن ذلك كله تعمُّل وتكلُّف لا يرضى به أهل الدين. وسئل محمد بن سيرين، عن الرجل يُقرأ عنده فيصعق، فقال: ميعاد ما بيننا وبينه أن يجلس على حائط ثم يُقرأ عليه القرآن من أوله إلى آخره، فإن وقع فهو كما قال....، وقد صحّ من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه، قال: وعظنا رسول صلى الله عليه وسلم موعظةً بليغة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب....، الحديث. فقال الإمام الآجري العالم السنّي أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ميِّزوا هذا الكلام؛ فإنه لم يقل: صرخنا من موعظته، ولا طرقنا على رؤوسنا، ولا ضربنا على صدورنا، ولا زفنّا ولا رقصنا -، كما يفعل كثير من الجهال، يصرخون عند المواعظ ويزعقون، ويتناشون - قال: وهذا كله من الشيطان يلعب بهم، وهذا كله بدعة وضلالة، ويقال لمن فعل هذا: اعلم أنَّ النَّبِيَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم أصدق الناس موعظةً، وأنصح الناس لأمته، وأرقّ الناس قلبًا، وخير الناس من جاء بعده، لا يشك في ذلك عاقل، ما صرخوا عند موعظته ولا زعقوا ولا رقصوا ولا زفنوا، ولو كان هذا صحيحاً لكانوا أحق الناس به أن يفعلوه بين يدي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم، ولكنه بدعة وباطل ومنكر فاعلم ذلك)) ] . اهـ.، والعبارة التي بين القوسين فيما نقل الشاطبي عن أبي نعيم صوَّبتُها من "الحلية" (3 / 167) .

96- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: يُسرى بِالْقُرْآنِ لَيْلًا، فَيُرْفَعُ مِنْ أَجْوَافِ الرِّجَالِ، فَيُصْبِحُونَ لَا يَصْدُقون حَدِيثًا، وَلَا يُصْدِقون (1) النِّسَاءَ، يَتَسَافَدُون (2) تسافُدَ الْحَمِيرِ، فَيَبْعَثُ اللَّهُ رِيحًا، فَتَقْبِضُ رُوحَ كُلِّ مُؤْمِنٍ.

_ (1) الصَّداق والصِّداق: مهر المرأة، وأَصْدق الرجلُ المرأة حين تزوّجها، أي: جعل لها صداقًا. انظر: "لسان العرب" (10 / 197) . (2) السِّفادُ: نَزْوُ الذكر على الأنثى، ويستعمل في الماشي والطائر والسابح أيضًا، يقال: تَسَافَدَ السِّبَاعُ والطيور، ويكنّى به عن الجماع. قال الأصمعي: يقال للسباع كلها: سَفَدَ أنثاه، وللتيس والثور والبعير والسباع والطير. انظر "اللسان" (3 / 218) ، و"تاج العروس" (8 / 207 - 208) . قلت: والذي يظهر من المعنى اللغوي أنه أكثر ما يطلق على نَزْو البهائم بعضها على بعض، وشبّه من يفعل ذلك في آخر الزمان بها، وبالحُمُر بخاصة؛ تحقيرًا لهم، وتنفيرًا من فعلهم. [96] الحديث سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف لعنعنة مغيرة، فإنه مدلِّس كما سبق في الحديث [54] ، ومع ذلك فهو مرسل؛ لأن إبراهيم النخعي لم يذكر مستنده في الإخبار عن أمر غيبي كهذا، لكن قوله: ((يُسرى بِالْقُرْآنِ لَيْلًا، فَيُرْفَعُ مِنْ أجواف الرجال)) صحّ نحوه عن ابن مسعود - رضي الله عنه - من قوله كما في الحديث الآتي. وأما باقي الحديث فصحّ مرفوعًا عنه - صلى الله عليه وسلم -. فقد أخرج مسلم في "صحيحه" (4 / 2250 - 2255 رقم 110) من حديث النوّاس بن سمعان رضي الله عنه، وهو حديث طويل في ذكر الدجّال وبعض أشراط الساعة، وفي آخره قال - صلى الله عليه وسلم -: ((ويبقى شرار الناس يَتَهارَجُون فيها تهارُجَ الحُمُر، فعليهم تقوم الساعة)) . قال النووي - رحمه الله - في "شرح صحيح مسلم" (18 / 70) : ((يتهارجون تهارج الحُمُر: ((أي يجامع الرجال النساء بحضرة الناس كما يفعل الحمير، ولا يكترثون =

97- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، قَالَ: نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ (1) ، سَمِعَ شَدّاد بْنَ مَعْقِل (2) ، سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: أَوَّلُ مَا تَفْقِدُونَ مِنْ دِينِكُمُ: الْأَمَانَةُ، وَآخِرُ مَا يَبْقَى الصَّلَاةُ، وَإِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ الَّذِي بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ أَوْشَكَ أَنْ يُرْفَعَ. قَالُوا: وَكَيْفَ، وَقَدْ أَثْبَتَهُ اللَّهُ فِي قُلُوبِنَا، وَأَثْبَتْنَاهُ فِي الْمَصَاحِفِ؟! قَالَ: يُسرى عَلَيْهِ لَيْلًا، فَيَذْهَبُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ، وَيُرْفَعُ مَا فِي الْمَصَاحِفِ، ثُمَّ قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ: {وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلًا} (3) .

_ = لذلك. والهَرْجُ - بإسكان الراء -: الجماع، يقال: هَرَج زوجته: أي جامعها، يهرجها - بفتح الراء، وضمّها، وكسرها)) . اهـ. وفي "النهاية في غريب الحديث" (5 / 257) : ((الهَرْجُ: كثرة النكاح، يقال: بات يَهْرُجُها لَيْلَتَه جَمْعاء)) . اهـ. وله شاهد من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - يرفعه: ((والذي نفسي بيده، لا تفنى هذه الأمة حتى يقوم الرجل إلى المرأة فيفترشها في الطريق، فيكون خيارهم يومئذ من يقول: لو واريتها وراء هذا الحائط)) . أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (11 / 43 - 44 رقم 6183) . وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7 / 331) : ((رجاله رجال الصحيح)) . وله شواهد أُخر بهذا المعنى ذكرها الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" في تخريج الحديث رقم (481) وصحح الحديث بمجموعها بلفظ: ((لا تقوم الساعة حتى يتسافدوا في الطريق تسافد الحمير)) . (1) هو عبد العزيز بن رُفَيع - بفاء مصغرًا -، الأسدي، أبو عبد الله المكي نزيل الكوفة، روى عن أنس وابن الزبير وابن عباس وابن عمر وغيرهم، روى عنه الأعمش ومغيرة وأبو إسحاق الشيباني وشعبة والسفيانان وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاثين ومائة، وقيل بعد ذلك، وهو ثقة روى له الجماعة؛ وثقه أحمد =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وابن معين وأبو حاتم والعجلي والنسائي. انظر "الجرح والتعديل" (5 / 381 رقم 1782) ، و"التهذيب" (6 / 337 - 338 رقم 649) ، و"التقريب" (ص357 رقم 4095) . (2) هو شداد بن معقل الأسدي، الكوفي، مجهول الحال؛ ذكره ابن سعد في "الطبقات" (6 / 177) وقال: ((روى عن علي وعبد الله، وكان قليل الحديث - رحمه الله -)) ، وذكره البخاري في "تاريخه" (4 / 225 رقم 2595) وسكت عنه، وذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (4 / 329 رقم 1439) وبيّض له، وذكره ابن حبان في "الثقات" (4 / 357) ، وروى عنه عبد العزيز بن رفيع والمسيب بن رافع، وانظر "التهذيب" (4 / 318 رقم 545) . (3) الآية (86) من سورة الإسراء، وفي الأصل: (لك علينا به وكيلا) . [97] سنده ضعيف لجهالة حال شداد بن معقل، لكنه لم ينفرد به، فالحديث صحيح لغيره بما سيأتي من طرق، فقد روي عن ابن مسعود رضي الله عنه من أربعة طرق: (1) طريق شداد بن معقل، وله عنه طريقان: أ- طريق عبد العزيز بن رفيع. أخرجه المصنف هنا من طريق سفيان بن عيينة عنه. ومن طريق المصنف أخرجه البيهقي في "الشعب" (4 / 589 - 590 رقم 1869) ، به مثله، إلا أنه قال: ((إن أول)) ، و: ((كيف)) بلا واو. وتابع المصنف نعيم بن حماد والحميدي، كلاهما عن سفيان، به. أما نعيم، فأخرجه في "الفتن" برقم (1609) كما في "حاشية المصنف" لابن أبي شيبة (15 / 176) . وأما الحميدي، فأخرجه من طريقه البخاري في "خلق أفعال العباد" (ص117 - 118 رقم 368) . والحاكم في "المستدرك" (4 / 504) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وللحديث طرق أُخر عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ. فأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (3 / 362 رقم 5980) من طريق سفيان الثوري. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الطبراني في "الكبير" (9 / 153 رقم 8698) . وأخرجه الطبراني أيضًا (9 / 153 و 361 - 362 رقم 8699 و 9562) . والخرائطي في "مكارم الأخلاق" (ص28) . كلاهما من طريق الثوري. وأخرجه عبد الرزاق (3 / 363 رقم 5981) من طريق إسرائيل. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الطبراني أيضًا (9 / 153 رقم 8700) . ومن طريق الطبراني أخرجه الضياء المقدسي في "اختصاص القرآن" (ص37 رقم 19) . وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 534 - 535 رقم 10242) و (14 / 93 رقم 17683) و (15 / 175 - 176 رقم 19431) من طريق أبي الأحوص. وأخرجه البخاري في "خلق أفعال العباد" (ص117 رقم 367) من طريق زهير. وأخرجه البيهقي في "سننه" (6 / 289) من طريق شعبة. وجميع هؤلاء - الثوري، وإسرائيل، وأبو الأحوص، وزهير، وشعبة، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، به، وبعضهم رواه بنحوه، وبعضهم روى بعض أجزائه. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (15 / 158 / طبعة الحلبي) من طريق أبي بكر بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بن رفيع، به نحوه ولم يذكر الصلاة والأمانة، وفي المطبوع من تفسير الطبري خطأ في الإسناد؛ حيث جعل بندارًا شيخًا لعبد العزيز بن رفيع! =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأخرجه الضياء المقدسي في "اختصاص القرآن" (ص35 - 36 رقم 18) . من طريق فضيل بن عياض، عن عبد العزيز به نحوه. ب- طريق المسيّب بن رافع، عن شدّاد. أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (3 / 362 رقم 5980) من طريق سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، عن أبيه، عَنِ الْمُسَيِّبِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ شداد بن معقل، به نحوه، إلا أنه لم يذكر الصلاة والأمانة. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الطبراني في "الكبير" (9 / 153 رقم 8698) . وأخرجه الطبري في "تفسيره" (15 / 158) من طريق إسحاق بن يحيى، عن المسيب بن رافع، به، لكن سقط من سنده شداد بن معقل. (2) طريق شقيق، عن ابن مسعود. أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 534 رقم 10241) فقال: حدثنا علي بن مسهر، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ واصل بن حيان، عن شقيق بن سلمة، عن عبد الله قال: كيف أنتم إذا أسري على كتاب الله، فذُهب به؟ قال: يا أبا عبد الرحمن، كيف بنا في أخوَات الرجال؟ قال: يبعث الله ريحًا طيبة وتلفت كل مؤمن. وهذا إسناد صحيح. علي بن مسهر، وشقيق بن سلمة تقدم أنهما ثقتان. وواصل بن حيّان الأحدب الأسدي، الكوفي، بيّاع السابري - بمهملة وموحّدة -، يروي عن أبي وائل شقيق بن سلمة وشريح القاضي وإبراهيم النخعي وغيرهم، روى عنه أبو إسحاق الشيباني وجرير بن حازم وشعبة والثوري وغيرهم، وكانت وفاته سنة عشرين ومائة، وقيل: تسع وعشرين ومائة، وهو ثقة ثبت روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص579 رقم 7382) ، فقد وثقه العجلي ويعقوب بن سفيان وأبو داود والنسائي والبزار، وابن معين في رواية، وفي أخرى قال: ((ثبت)) . انظر "الجرح والتعديل" (9 / 29 - 30 رقم 133) ، و"التهذيب" (11 / 103 رقم 177) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأما أبو إسحاق الشيباني، فاسمه: سليمان بن أبي سليمان، الكوفي، وهو يروي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أوفى بن حبيش وأبي الزناد وعكرمة وإبراهيم النخعي وغيرهم، روى عنه شعبة والثوري وابن عيينة، وهشيم وعلي بن مسهر وغيرهم، واختلف في وفاته، فقيل: سنة تسع وعشرين ومائة، وقيل: ثمان وثلاثين، وقيل تسع وثلاثين، وقيل: سنة إحدى أو اثنتين وأربعين ومائة، وهو ثقة روى له الجماعة كما في "التقريب" (252 رقم 2568) ، قال ابن معين: ((ثقة حجّة)) ، وقال أبو حاتم: ((صدوق ثقة صالح الحديث)) ، ووثقه العجلي والنسائي، وقال ابن عبد البر: ((هو ثقة حجة عند جميعهم)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (4 / 135 رقم 592) ، و"التهذيب" (4 / 197 - 198 رقم 334) . (3) طريق أبي الزعراء عن ابن مسعود. أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (14 / 102 رقم 17727) من طريق شيخه ابن نمير، عن مالك بن مغول، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أبي الزعراء، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنَّ أَوَّلُ مَا تَفْقِدُونَ مِنْ دِينِكُمُ الأمانة، وآخر ما تفقدون الصلاة. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (9 / 412 رقم 9754) من طريق شُعْبَةُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، به نحو سياق ابن أبي شيبة. وسند ابن أبي شيبة صحيح. أبو الزعراء اسمه: عبد الله بن هانئ، الكوفي، وهو أبو الزعراء الأكبر، يروي عن عمر وابن مسعود، روى عنه ابن أخته سلمة بن كهيل، وهو ثقة من الطبقة الثانية؛ قال ابن سعد: ((كان ثقة وله أحاديث)) ، وقال العجلي: ((ثقة من كبار التابعين)) ، وذكره ابن حبان في الثقات. وأما البخاري، فأعلّ حديثًا له حيث قال: ((عبد الله بن هانئ أبو الزعراء الكوفي في الشفاعة، لا يتابع عليه)) . انظر "طبقات ابن سعد" (6 / 171) ، و"ثقات العجلي" (ص272 رقم 903) ، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = و"الكامل" لابن عدي (4 / 1549) ، و"التهذيب" (6 / 61 رقم 119) ، و"التقريب" (ص327 رقم 3677) . وسلمة بن كهيل الحضرمي، أبو يحيى الكوفي، يروي عن أبي جُحيفة وجندب بن عبد الله وابن أبي أوفى والشعبي وإبراهيم التيمي وخاله أبي الزعراء وغيرهم، روى عنه سعيد بن مسروق الثوري وابنه سفيان الثوري والأعمش وشعبة وإسماعيل بن أبي خالد وغيرهم، وكانت ولادته سنة سبع وأربعين للهجرة، ووفاته سنة إحدى وعشرين ومائة، وقيل: اثنتين، وقيل: ثلاث وعشرين ومائة، وهو ثقة روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص248 رقم 2508) ، وثقه ابن معين، وقال أحمد: ((متقن الحديث)) ، وقال ابن سعد: ((كان ثقة كثير الحديث)) ، وقال العجلي: ((تابعي ثقة ثبت في الحديث، وكان فيه تشيع قليل، وهو من ثقات الكوفيين)) ، وقال أبو زرعة: ((ثقة مأمون ذكي)) ، وقال أبو حاتم: ((ثقة متقن)) ، وقال النسائي: ((ثقة ثبت)) ، وكذا قال يعقوب بن شيبة وزاد: ((على تشيّعه)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (4 / 170 - 171 رقم 742) ، و"التهذيب" (4 / 155 - 157 رقم 269) . ومالك بن مِغْوَل - بكسر أوّله، وسكون المعجمة، وفتح الواو -، البجلي، أبو عبد الله الكوفي، يروي عن أبي إسحاق السبيعي ونافع مولى ابن عمر والحكم بن عتيبة وغيرهم، روى عن شعبة والثوري وابن عيينة ومسعر وابن نمير وغيرهم، وكانت وفاته سنة سبع، وقيل: ثمان، وقيل: تسع وخمسين ومائة، ولم أجد من نصّ على أنه سمع من سلمة بن كهيل، وسماعه منه محتمل، فكلاهما كوفي، وقد تعاصرا كما يتضح من سنه وفاتيهما، ومالك هذا ثقة ثبت روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص518 رقم 6451) ، وثقه أبو نعيم الفضل بن دكين وابن معين وأبو حاتم والنسائي، وقال الإمام أحمد: ((ثقة ثبت في الحديث)) ، وقال ابن سعد: ((كان ثقة مأمونًا كثير الحديث، فاضلاً خيّرًا)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (8 / 215 - 216 رقم 961) ، و"التهذيب" (10 / 22 - 23 رقم 35) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وشيخ ابن أبي شيبة: عبد الله بن نُمير - بنون، مصغّر -، الهمداني، الخارفي، أبو هشام الكوفي روى عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ والأعمش وهشام بن عروة والأوزاعي ومالك بن مغول وغيرهم، روى عنه ابنه محمد والإمام أحمد وابن المديني وأبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة وغيرهم، وكانت وفاته سنة تسع وستين ومائة، وهو ثقة صاحب حديث، من أهل السنة، روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص327 رقم 3668) . فقد وثقه ابن معين، وقال ابن سعد: ((كان ثقة كثير الحديث، صدوق)) ، وقال العجلي: ((ثقة صالح الحديث صاحب سنّة)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 186 رقم 869) ، و"التهذيب" (6 / 57 - 58 رقم 109) . (4) طريق زرّ بن حُبَيْش، عن ابن مسعود. أخرجه الدارمي في "سننه" (2 / 315 رقم 33446) بلفظ: ليسرينّ على القرآن ذات ليلة، ولا يترك آية في مصحف ولا في قلب أحد إلا رفعت. (5) طريق عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن ابن مسعود. أخرجه الدارمي في "سننه" (2 / 315 رقم 3344) . والبيهقي في "الشعب" (4 / 578 - 589 رقم 1868) . أما الدارمي فمن طريق صفوان بن سليم، وأما البيهقي فمن طريق موسى بن سعد [في الأصل: سعيد، وهو خطأ] ، كلاهما عن ناجية بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود، قال: أكثروا تلاوة القرآن قبل أن يرفع، قالوا: هذه المصاحف ترفع، فكيف بما في صدور الرجال؟ قال: يُسرى عليه ليلاً فيصبحون منه فقراء، وينسون قول لا إله إلا الله، ويقعون في قول الجاهلية وأشعارهم وذلك حين يقع القول عليهم. وأخرجه ابن المبارك في "الزهد" (ص277 رقم 803) من طريق ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن موسى بن سعد بن زيد، عن ابن مسعود، به نحوه، هكذا بإسقاط ناجية وأبيه من الإسناد، ولعل الوهم في ذلك من =

98- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْأَسْوَدِ (1) ، عَنْ حُميد الْأَعْرَجِ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: إِذَا تَثَاءَبْتَ وَأَنْتَ تَقْرَأُ، فَأَمْسِكْ عَنِ الْقِرَاءَةِ حتى يذهب عنك.

_ = ابن لهيعة، فإنه ضعيف كما تقدم في الحديث [45] . والحديث أشار له البخاري في ترجمة ناجية من "تاريخه" (8 / 107 - 108) . وعليه فالحديث بمجموع هذه الطرق صحيح لغيره عن ابن مسعود رضي الله عنه والله أعلم. (1) هو عثمان بن الأسود بن موسى المكي، مولى بني جُمَح، روى عن أبيه وسليمان الأحول وابن أبي مُليكة وسعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح ومجاهد وحميد بن قيس الأعرج وغيرهم، روى عنه الثوري وابن إدريس وعبد الله بن المبارك ويحيى القطان وغيرهم، وكانت وفاته سنة خمسين ومائة، وقيل: تسع وأربعين ومائة، وهو ثقة ثبت روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص382 رقم 4451) ، قال يحيى القطان: ((كان ثقة ثبتًا)) ، ووثقه أحمد وابن معين وابن نمير والعجلي وابن سعد، وزاد: ((كثير الحديث)) ، وقال أبو حاتم: ((ثقة، لا بأس به)) . انظر "الجرح والتعديل" (6 / 144 رقم 784) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع (7 / 385) ، و"التهذيب" (7 / 107 رقم 229) . [98] سنده صحيح. وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 88) من طريق المصنف، به مثله سواء. وأخرجه الآجُرِّي في "أخلاق أهل القرآن" (ص149 رقم 74) من طريق الحسين بن الحسن المروزي، عن ابن المبارك، به مثله، إلا أنه لم يذكر قوله: ((عن القراءة)) . وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص56 رقم 129) ، فقال: حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عثمان بن أبي الأسود، عن حميد بن هلال، عن مجاهد ... ، فذكره بنحوه. =

99- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ (1) ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: كَانَ رُبَّمَا قَرَأَ - وَقَوْمٌ نِيَامٌ -، فَيَجِدُ الرِّيحَ، فَيُمْسِكُ عن القراءة حتى تذهب.

_ = وقول: ((عثمان بن أبي الأسود)) ، و: ((حميد بن هلال)) خطأ لعلّه من النساخ، والصواب كما في إسناد المصنِّف والآجري. (1) هو عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ - بفتح الراء وتشديد الواو -، واسم أبي روّاد: ميمون، وقيل: أيمن، ابن بدر، أبو عبد الرحمن مولى الأزد، روى عن نافع مولى ابن عمر وعكرمة والضحاك بن مزاحم وغيرهم، روى عنه ابن المبارك وابن مهدي ويحيى القطان ووكيع وعبد الرزاق وغيرهم، وكانت وفاته سنة تسع وخمسين ومائة، وقيل غير ذلك، ولم أجد من نصّ على أنه سمع من مجاهد، وهو ثقة مرجئ عابد كما في "الكاشف" (2 / 198 رقم 3432) ، وهو ممن اختُلف فيه، فقال يحيى القطان مع تشدده في الرجال: ((عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ ثقة في الحديث، ليس ينبغي أن يترك حديثه لرأي أخطأ فيه)) ، وقال الإمام أحمد: ((كان رجلاً صالحًا، وكان مرجئًا، وليس هو في الثبت مثل غيره)) ، ووثقه ابن معين والعجلي، وقال ابن سعد: ((له أحاديث، وكان مرجئًا، وكان معروفًا بالورع والصلاح والعبادة)) ، وقال أبو حاتم: ((صدوق ثقة في الحديث متعبِّد)) ، وقال النسائي: ((ليس به بأس)) ، وقال الساجي: ((صدوق يرى الإرجاء)) ، وقال الحاكم: ((ثقة عابد مجتهد)) . وقال الدارقطني: ((هو متوسط في الحديث، وربما وهم في حديثه)) ، وقال علي بن الجنيد: ((كان ضعيفًا،، وأحاديثه منكرات)) ، وقال ابن حبان: ((لم يصلّ عليه الثوري لأنه كان يرى الإرجاء، وكان ممن غلب عليه التقشُّف حتى كان لا يدري ما يحدث به، فروى عن نافع أشياء لا يشك مَنْ الحديث صناعته إذا سمعها أنها موضوعة، كان يحدّث بها توهمًّا، لا تعمُّدًا، ومن حدّث على الحسبان، وروى على التوهّم حتى كثر ذلك منه سقط الاحتجاج به، وإن كان فاضلاً في نفسه، وكيف يكون التقيّ في نفسه من كان شديد الصلابة في =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = الإرجاء، كثير البغض لمن انتحل السنن)) . وقال ابن عدي: ((في بعض رواياته ما لا يتابع عليه)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 394 رقم 1830) ، و"المجروحين" (2 / 136 - 138) ، و"الكامل" (5 / 1928 - 1929) ، و"التهذيب" (6 / 338 - 339 رقم 650) . قلت: عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ كان يرى الإرجاء، وهو مخطئ في رأيه، ولو أن كل من رأى رأيًا من الآراء المبتدعة التي لا تخرج صاحبها من دائرة الإسلام تركنا حديثه لما بقي لنا إلا القليل من الأخبار ولذا فكلام يحيى القطان - رحمه الله - الذي سبق نقله هو الأليق بحال الرجل، وأما كلام الإمام أحمد فغايته أن عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ ليس في التثبت مثل غيره كشعبة وسفيان ونحوهما، ومع ذلك فهو ثقة. وأما ابن حبان فتشدده وتسرّعه في جرح الرواة معروف، وقول مخالف بأقوال الأئمة الذين مرّ ذكرهم، ومع ذلك فلا يستطيع أن يُثبت سوى الإرجاء، وأما قوله عنه بأنه كثير البغض لمن انتحل السنن، فقد استَدلّ عليه بحكاية أوردها من طريق راوٍ مبهم، فهل من الإنصاف أن يلصق بالرجل نقل عن مبهم لا يُدرى من هو؟ وأما الأحاديث الموضوعة التي ذكر أن عبد العزيز رواها عن نافع، فقد ردّ عليه الذهبي في "السير" (7 / 187) بقوله: ((قلت: الشأن في صحة إسنادها إلى عبد العزيز، فعللها قد أُدخلت عليه)) ، وعلى هذا يحمل أيضًا كلام الدارقطني وابن الجنيد وابن عدي، فإن الحافظ الذهبي - رحمه الله - في "الميزان" (2 / 628 - 629) ذكر حديثًا من الأحاديث التي أوردها ابن عدي في ترجمة عبد العزيز في "كامله" مما يُنتقد عليه، فرد عليه الذهبي بقوله: ((هذا من عيوب كامل ابن عدي؛ يأتي في ترجمة الرجل بخبر باطل لا يكون حدّث به قط، وإنما وُضع من بعده، فهذا خبر باطل وإسناد مظلم، وابن المغيرة ليس بثقة، وأما ابن حبان فبالغ في تنقُّص عبد العزيز وقال ... )) . اهـ.

100- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ زُرْزُر (1) ، قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا سَأَلَ عَطَاءً، قَالَ: أَقْرَأُ الْقُرْآنَ، فَيَخْرُجُ الرِّيحُ مِنِّي، فَقَالَ: أَمْسِكْ عَنِ الْقِرَاءَةِ حَتَّى تَذْهَبَ عَنْكَ.

_ [99] سنده صحيح إن كان عبد العزيز سمع من مجاهد. وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 188 رقم 1943) من طريق المصنف، به مثله سواء. والمصنِّف أخرجه من طريق شيخه عبد الله بن المبارك. وابن المبارك أخرجه في "الزهد" (ص275 رقم 798) بنحوه. وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص56 رقم 128) من طريق حفص بن غياث، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي روّاد، عن مجاهد، أنه كان إذا صلى فوجد ريحًا، أمسك عن القراءة. (1) هو زُرْزُرُ بن صُهيب مولى آل جبير بن مطعم حجازي من أهل خرشة، وقيل: شرجة، يروي عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، روى عنه سفيان بن عيينة، ثقة؛ قال ابن عيينة: ((زرزر رجل من أهل مكة صالح)) ، ووثقه ابن معين، وذكره ابن حبان وابن شاهين في ثقاتيهما. انظر "المعرفة والتاريخ" للفسوي (2 / 195) ، و"الجرح والتعديل" (3 / 623 - 624 رقم 2821) ، و"الثقات" لابن حبان (6 / 348) ، و"الثقات" لابن شاهين (ص95 رقم 420) ، و"الأنساب" للسمعاني (8 / 76) ، و"معجم البلدان" (3 / 334) ، و"الميزان" للذهبي (2 / 70 رقم 2858) . [100] الحديث سنده صحيح. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (1 / 341 رقم 1326) . والآجري في "أخلاق أهل القرآن" (ص149 رقم 73) . والبيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 88 رقم 1942) . ثلاثتهم من طريق سفيان، به نحوه، إلا أنه وقع عند الآجري: ((زرّ)) وهو تصحيف، وهو السائل لعطاء عند الآجري، لا الرجل المبهم.

101- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا شَرِيكٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ عَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ، وَمُجَاهِدٍ أَنَّهُمْ قَالُوا: لَا يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلَّا وَهُوَ طَاهِرٌ، أَوْ قالوا: المصحف.

_ [101] سنده ضعيف لضعف ليث بن أبي سليم وشريك بن عبد الله القاضي من قبل حفظه. لكن قد صحّ معناه عن عطاء، وروي عن طاوس من وجه آخر، ولا يصحّ. فأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (1 / 342 - 343 رقم 1332 و 1333) عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قال: لا يمسّ المصحف مفضيًا إليه غير متوضئ. قلت: فبين أيديهما وبين أخبتة ثوب؟ قال: ولا، الخباء أكفّ من الثوب. قلت: غير المتوضئ وهو في خبائه؟ قال: نعم، لا يضرّه. قلت: فيأخذه مطبقًا؟ قال: نعم. وهذا سند صحيح، وابن جريج اسمه عبد الملك بن عبد العزيز، وتقدم في الحديث [9] أنه ثقة، وأما تدليسه فلا يضرّ هنا؛ لأنه هو السائل لعطاء. وأخرجه عبد الرزاق أيضًا (1 / 343 رقم 1334) عن الثوري، عن جابر، عن الشعبي وطاوس والقاسم بن محمد كرهوا أن يمسّ المصحف وهو على غير وضوء. وسنده ضعيف جدًّا. جابر هو ابن يزيد بن الحارث الجعفي، أبو عبد الله الكوفي، روى عن الشعبي وطاوس والقاسم بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وأبي الضُّحى وعكرمة وعطاء وغيرهم، روى عن شعبة والثوري وإسرائيل ومسعر ومعمر وغيرهم، وكانت وفاته سنة سبع وعشرين ومائة، وقيل: سنة ثمان وعشرين، وقيل: سنة اثنتين وثلاثين ومائة، وهو مُخْتَلَف فيه. فروى ابن عليّة عن شعبة قال: ((جابر صدوق في الحديث)) ، وقال: - أي شعبة - في رواية يحيى بن أبي بكير عنه: ((كان جابر إذا قال: حدثنا، و: سمعت، فهو من أوثق الناس)) . وروى يحيى أيضًا عن زهير بن معاوية قال: ((كان إذا قال: سمعت، أو: سألت، فهو من أصدق الناس)) . وقال وكيع: ((مهما شككتم في شيء، فلا تشكّوا في أن جابرًا ثقة)) ، وأثنى عليه سفيان الثوري وشريك. وخالف هؤلاء جماعة، فحكموا عليه بأنه كذاب، منهم: سعيد بن جبير، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأبو حنيفة، وليث بن أبي سليم، وأيوب السختياني، وزائدة، وابن عيينة، وأحمد بن خراش، والجوزجاني، وابن معين، وفي رواية عن ابن معين: ((لا يكتب حديثه، ولا كرامة)) . وقال إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ: قَالَ الشعبي لجابر: ((لا تموت حتى تكذب عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -)) . قال إسماعيل: ((فما مضت الأيام والليالي حتى اتهم بالكذب)) . قلت: أما غلوّه في الرفض فلم أجد من يخالف فيه، وكذا تدليسه. وأما أرجح الأقوال في الحكم عليه، فالذي ترجح لي ما اختاره الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (2 / 4) حيث قال عنه: ((ضعيف جدًّا)) ، وهو رأي ابن سعد فيه حيث قال: ((كان يدلس، وكان ضعيفًا جدًّا في رأيه وروايته)) ، وهو بمعنى ما اختاره النسائي حيث قال: ((متروك الحديث)) ، وقال يحيى القطان: ((تركنا حديث جابر قبل أن يقدم علينا الثوري)) ، وقال الإمام أحمد: ((تركه يحيى وعبد الرحمن)) ، وقال أبو أحمد الحاكم: ((ذاهب الحديث، يؤمن بالرجعة، اتهم بالكذب)) . انظر "الضعفاء" للعقيلي (1 / 191 - 196) ، و"الكامل" لابن عدي (2 / 537 - 543) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع (4 / 466) ، و"التهذيب" (2 / 46 - 51 رقم 75) . وهذا الأثر متضمن لمسألة مس المصحف لغير المتوضئ، وهي من المسائل التي طال الخلاف فيها، وقد ورد فيها أحاديث مرفوعة تجد الكلام عنها مفصّلاً في "سنن الدارقطني" (1 / 121 - 124) ، و"المحلى" لابن حزم (1 / 107 - 111) ، و"نصب الراية" للزيلعي (1 / 196 - 199) ، و"الدارية" (1 / 86 - 88) ، و"التلخيص الحبير" (1 / 140) كلاهما لابن حجر، و"إرواء الغليل" (1 / 158 - 161) ، ولا يصحّ منها شيء، عدا حديث أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، فإنه اختُلف فيه، فالدارقطني في الموضع السابق من سننه رجّح أنه مرسل رجاله ثقات، وذهب بعضهم إلى أن هذا المرسل عبارة عن كتاب، وأنه صحيح، قال ابن عبد البر: ((إنه أشبه المتواتر لتلقّي الناس له بالقبول)) ، وقال يعقوب بن سفيان: ((لا أعلم =

102- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا فُضَيْلٌ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ مُسْلِمٍ الْأَعْوَرِ (1) ، قَالَ: كَتَبَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ لِمُجَاهِدٍ مُصْحَفًا، فَأَعْطَاهُ خمسمائة درهم.

_ = كتابًا أصحّ من هذا الكتاب، فإن أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - يرجعون إليه ويَدَعون رأيهم)) ، وقال الحاكم: ((قد شهد عمر بن عبد العزيز والزهري لهذا الكتاب بالصحة)) ، وقد صححه أيضًا الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه، واحتجّ به الإمام أحمد كما في "إرواء الغليل" (1 / 161) نقلاً عن مسائل إسحاق المروزي وفوائد أبي شعيب. ويعضد هذا المرسل باقي الأحاديث التي سبقت الإشارة إليها والتي لا يخلو شيء منها من مقال، وبعض الآثار عن بعض الصحابة، ومنها: ما رواه الدارقطني وصححه (1 / 124 رقم 10) ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عن سلمان، قال عبد الرحمن: كنا معه في سفر، فانطلق، فقضى حاجته، ثم جاء، فقلت: أي أبا عبد الله، توضأ؛ لعلنا نسألك عن آي من القرآن، فقال: سلوني، فإني لا أمسّه؛ إنه لا يمسّه إلا المطهرون، فسألناه، فقرأ علينا قبل أن يتوضأ. ومنها ما أخرجه الإمام مالك في "الموطأ" (1 / 42 رقم 59) في الطهارة، باب الوضوء من مسّ الفرج، من طريق مصعب بن سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّهُ قال: كنت أمسك المصحف على سعد بن أبي وقاص، فاحتككت، فقال سعد: لعلك مسست ذكرك؟ قال: فقلت: نعم، فقال: قم، فتوضأ، فقمت، فتوضأت، ثم رجعت. قال الشيخ الألباني في الموضع السابق من "إرواء الغليل": ((سنده صحيح)) . (1) هو مسلم بن كَيْسان الضَّبّي المُلائي البرّاد الأعور، أبو عبد الله الكوفي، روى عن أنس بن مالك ومجاهد وسعيد بن جبير وغيرهم، روى عنه الأعمش وشعبة والثوري وفضيل بن عياض وغيرهم، وهو ضعيف من الطبقة الخامسة كما في "التقريب" (ص530 رقم 6641) ، قال عمرو بن علي الفلَّاس: ((كان يحيى بن سعيد وابن مهدي لا يحدّثان عن مسلم الأعور، وكان شعبة وسفيان =

103- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو وَكِيعٍ (1) ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِل (2) ، أَنَّ عُبيد اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ (3) بَعَثَ إِلَيْهِ: أَنْ يَقُومَ بِالنَّاسِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، فَقَامَ بِهِمْ فَبَعَثَ إِلَيْهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بِحُلَّةٍ، وَخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَقَالَ: مَا أَنَا بِآخِذٍ على القرآن أجرًا.

_ = يحدثان عنه، وهو منكر الحديث جدًّا)) وقال الإمام أحمد: ((لا يكتب حديثه)) ، وقال ابن معين: ((ليس بثقة)) ، وقال ابن المديني والعجلي: ((ضعيف الحديث)) ، وقال البخاري: ((ضعيف ذاهب الحديث، لا أروي عنه)) ، وقال أبو حاتم: ((يتكلمون فيه، وهو ضعيف الحديث)) ، وقال أبو زرعة: ((ضعيف الحديث)) ، وقال النسائي والدراقطني وعلي بن الجنيد: ((متروك)) . انظر "الجرح والتعديل" (8 / 192 - 193 رقم 844) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (3 / 1327) ، و"التهذيب" (10 / 135 - 136رقم 247) ، و"التقريب" (ص530 رقم 6641) . [102] سنده ضعيف لضعف مسلم الأعور. وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص147) من طريق ليث، عن مجاهد، أن رجلاً كتب له مصحفًا، فأعطاه أجره. وسنده ضعيف لأجل ليث بن أبي سليم؛ فإنه كان قد اختلط، فلم يتميّز حديثه، فتُرك كما في الحديث رقم [9] . وقد ساق المصنف هذا الأثر والأحاديث والآثار الآتية بعده حتى رقم [125] فيما يتعلق بمسألة أخذ الأجرة على كتابة المصاحف، وعلى تعليم القرآن، وبيع المصاحف وشرائها، وسيأتي الكلام عنها في التعليق على الحديث رقم [125] . (1) هو الجَرَّاح بن مَلِيح بن عَديّ الرُّؤاسي - بضم الراء، بعدها واو بهمزة، وبعد الألف مهملة -، الكوفي، والد وكيع، روى عن أبي إسحاق السبيعي وعطاء بن السائب وعاصم الأحول وغيرهم، روى عنه ابنه وكيع وابن مهدي ومسدد وغيرهم، وروى عنه هنا سعيد بن منصور، وكانت وفاته سنة ست وسبعين ومائة، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وهو صدوق يهم؛ وثقه ابن معين مرة وضعّفه أخرى، ووثقه أبو داود وأبو الوليد الطيالسي، وقال النسائي وغيره: ((ليس به بأس)) ، وضعفه ابن سعد وابن عمّار، وقال أبو حاتم: ((يكتب حديثه ولا يحتجّ به)) ، وقال البرقاني: ((سألت الدارقطني عن الجرّاح، فقال: ليس بشيء، هو كثير الوهم، قلت: يعتبر به؟ قال: لا)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (2 / 523 رقم 2175) ، و"الميزان" (1 / 389 رقم 1451) ، و"التهذيب" (2 / 66 - 68 رقم 108) ، و"التقريب" (ص138 رقم 908) . (2) هو عبد الله بن مَعْقِل - بفتح أوّله وسكون المهملة، بعدها قاف -، ابن مُقَرِّن المُزَني، أبو الوليد الكوفي، روى عن أبيه وعلي وابن مسعود وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه أبو إسحاق السبيعي وعبد الملك بن عمير وأبو إسحاق الشيباني وغيرهم، وكانت وفاته بالبصرة سنة بضع وثمانين للهجرة، وهو ثقة روى له الجماعة، وقال ابن سعد: ((كان ثقة قليل الحديث)) ، وقال العجلي: ((تابعي ثقة من أصحاب عبد الله من خيار التابعين)) ، وذكره ابن حبان في الثقات. وقال الحافظ ابن حجر: ((ذكره ابن فتحون في ذيل الاستيعاب، ولم يذكر مستندًا لذكره في الصحابة، وقد قال ابن قتيبة: ليست له صحبة، ولا إدراك)) . اهـ. من "تاريخ الثقات" للعجلي (ص280 رقم 891) ، و"الإصابة" (5 / 212 - 213) ، و"التهذيب" (6 / 40 - 41 رقم 69) ، و"التقريب" (ص324 رقم 3634) . (3) هو عبيد الله بن زياد بن أبيه، أبو حَفْص، أمير العراق، ولي البصرة سنة خمس وخمسين وله ثنتان وعشرون سنة، وولي خراسان فكان أول عربي قطع نهر جَيْحُون، وافتتح بِيكَنْد وغيرها، وهو الذي قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما، وكانت أمه مرجانة تقول لابنها عبيد الله هذا: ((قتلت ابن بنت رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، لا ترى الجنة)) ، أو نحو هذا. وقال الذهبي في وصفه: ((كان جميل الصورة قبيح السريرة)) ، وقال أيضًا: ((الشيعي لا يطيب عيشه حتى يلعن هذا ودونه، ونحن نبغضهم في الله، ونبرأ منهم، ولا نلعنهم، وأمرهم إلى الله)) . انظر "التاريخ الكبير" للبخاري (5 / 381 رقم 1219) ، و"تاريخ دمشق" لابن عساكر =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = (10 / 654 - 669 / الظاهرية) ، و"سير أعلام النبلاء" (3 / 545 - 549) . [103] سنده ضعيف لحال أبي وكيع، لكنه حسن لغيره بالطريق الآتي. فالحديث أخرجه العجلي في "تاريخ الثقات" (ص280) فقال: حدثنا موسى بن أيوب، حدثنا مخلد، عن هشام، عن ابن سيرين، أن عبد الله بن معقل صلّى بالناس في رمضان، فلما انقضى الشهر أرسل إليه الأمير بخمسمائة درهم، فلما أتاه الرسول قال: ما هذا؟ قال: بعث بها إليك الأمير، فلم يقبلها. وهذا سند حسن. محمد بن سيرين تقدم في الحديث [44] أنه ثقة ثبت. وهشام بن حسّان في الحديث [55] أنه ثقة من أثبت الناس في ابن سيرين. ومَخْلد بن الحسين الأَزْدي المُهَلَّبي، أبو محمد البصري، نزيل المصيِّصَة، يروي عن الأوزاعي وابن جريج وهشام بن حسّان وغيرهم، روى عنه الوليد بن مسلم وعَبْدة بن سليمان وحجاج بن محمد وغيرهم، وكانت وفاته سنة إحدى وتسعين ومائة، وهو ثقة فاضل؛ قال ابن سعد: ((كان ثقة فاضلاً)) ، وقال العجلي: ((ثقة، رجل صالح، وكان من عقلاء الرجال)) ، وقال المسيب بن واضح: ((ما رأيت في زماننا أوفى عقلاً منه)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: ((كان من العُبَّاد الخُشَّن، ممن لا يأكل إلا الحلال المحض)) . اهـ. من "تاريخ الثقات" للعجلي (ص422 رقم 1547) ، و"الثقات" لابن حبان (9 / 185) ، و"التهذيب" (10 / 72 - 73 رقم 124) ، و"التقريب" (ص523 رقم 6530) . وموسى بن أيوب بن عيسى النَّصيبي، أبو عِمْران الأَنْطاكي، روى عن أبيه والجّراح ابن مليح البهراني وعبد الله بن المبارك ومخلد بن الحسين وغيرهم، روى عنه أبو زرعة وأبو حاتم والحسن بن علي بن عفان وأحمد بن صالح العجلي وغيرهم، وهو صدوق من الطبقة العاشرة كما في "التقريب" (ص550 رقم 6947) ، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = فقد وثقه العجلي وقال أبو حاتم: ((صدوق)) ، وذكره ابن حبان في الثقات. انظر "الجرح والتعديل" (8 / 134 - 135 رقم 609) ، و"تاريخ الثقات" (ص444 رقم 1655) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (3 / 1383) ، و"التهذيب" (10 / 336 - 337 رقم 589) . وأشار ابن حزم للحديث في "المحلى" (9 / 24) وصححه فقال: (وصح عن عبد الله بن مغفل [كذا! والصواب: معقل] ، أنه أعطاه الأمير مالاً لقيامه بالناس في رمضان، فأبى، وقال: إنَّا لا نأخذ للقرآن أجرًا) . وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص140 رقم 353) من طريق أبي إسحاق السبيعي، قال: أمر مصعب بن الزبير عبد الله بن مغفّل أن يصلي بالناس في شهر رمضان، فلما أفطر أرسل إليه خمسمائة درهم وحلّة، فردّها، وقال: ما كنت لآخذ على القرآن أجرًا. وذِكْرُ عبد الله بن مُغَفَّل هنا خطأ لا شك فيه، ولعل الخطأ في الطباعة، لا في الأصل؛ لأن عبد الله بن مغفّل رضي الله عنه توفي سنة سبع وخمسين، وقيل: سنة ستين، وأكثر ما قيل في وفاته: سنة اثنتين وستين، وحتى هذا التاريخ لم يكن مصعب بن الزبير قد تولى الإمارة؛ لأن يزيد بن معاوية توفي سنة أربع وستين، وبوفاته استقر الأمر لعبد الله بن الزبير رضي الله عنه بالحجاز، ثم ولّى أخاه مصعبًا إمرة العراق بعد حروب يطول ذكرها، تجدها مفصّلة في "البداية والنهاية" لابن كثير (8 / 238) فما بعد. فالذي يظهر أن الناسخ أو الطابع اشتبه عليه: (معقل) بـ: (مغفّل) بسبب الشبه الكبير بين رسم الكلمتين. أما ذكر مصعب بن الزبير في الحديث، فإما أن تكون الحادثة وقعت لعبد الله بن معقل مرتين، مرة مع ابن زياد، ومرة مع مصعب بن الزبير، وإما أن يكون التصريح باسم الأمير في إحدى الروايتين - رواية سعيد بن منصور ورواية أبي عبيد - خطأ، وأما رواية العجلي - وهي الأصح إسنادًا -، فليس فيها التصريح باسم الأمير، والله أعلم.

104- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ إِيَاسٍ الجُرَيري، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقيق (1) ، قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْرَهُونَ بَيْعَ الْمَصَاحِفِ، وَتَعْلِيمَ الْغِلْمَانِ بِالْأَجْرِ، ويُعَظِّمون ذَلِكَ.

_ (1) هو عبد الله بن شَقيق العُقَيْلي - بالضمّ -، بصري، يروي عن عمر وعثمان وعلي وأبي ذر وأبي هريرة وعائشة وابن عباس وابن عمر وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه محمد بن سيرين وعاصم الأحول وقتادة وحميد الطويل وأيوب السختياني وسعيد الجُريري وغيرهم، وكانت وفاته بعد المائة، وقيل سنة ثمان ومائة، وهو ثقة، فيه نصب، قال الإمام أحمد والعجلي: ((ثقة وكان يحمل على عليّ)) ، وقال ابن سعد: ((قالوا: كان عبد الله بن شقيق عثمانيًا، وكان ثقة في الحديث، وروى أحاديث صالحة)) ، وقال ابن معين: ((ثقة من خيار المسلمين، لا يطعن في حديثه)) ، ووثقه أبو حاتم وأبو زرعة وابن خراش وزاد: ((كان عثمانيًا يبغض عليًّا)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 81 رقم 376) ، و"التهذيب" (5 / 253 - 254 رقم 444) ، و"التقريب" (ص307 رقم 3385) . [104] الحديث سنده صحيح، وسعيد بن إياس الجُرَيْري وإن كان اختلط قبل موته بثلاث سنين، لكن قد روى هذا الأثر عنه سفيان الثوري وإسماعيل بن عليّة كما سيأتي، وهما ممن روى عنه قبل الاختلاط كما تقدم بيانه في الحديث [23] ، وأما الراوي عنه هنا عند المصنف فهو خالد بن عبد الله الطحان، ولم يُذكر فيمن روى عنه قبل الاختلاط أو بعده، وقد أخرج له البخاري من طريقه متابعة؛ قال الحافظ ابن حجر في "هدي الساري" (ص405) : ((أخرج له البخاري أيضًا من رواية خالد الواسطي عنه، ولم يتحرر لي أمره إلى الآن، هل سمع منه قبل الاختلاط أو بعد؟ لكن حديثه عنه بمتابعة بشر بن المفضَّل، كلاهما عنه، عن [ابن] أبي بكرة، عن أبيه)) . اهـ. قلت: وبشر بن المفضل ممن روى عن سعيد قبل الاختلاط كما سبق بيانه في الحديث المشار إليه. =

105- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَشْتَرِطَ المعلِّم. 106- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ أَبِي مِسْكِينٍ (1) ، عَنْ عَطَاءٍ، أَوْ خَالِدٍ (2) ، عَنْ أَبِي قِلَابة (3) ، أَنَّهُمَا كَانَا (4) لَا يَرَيَانِ بِالْأَجْرِ (5) بأسًا.

_ = والحديث أخرجه ابن حزم في "المحلى" (9 / 24 و 681 - 682) . والبيهقي في "سننه" (6 / 16) في البيوع، باب ما جاء في كراهية بيع المصاحف. كلاهما من طريق المصنِّف به مثله، إلا أن البيهقي لم يذكر قوله: ((وتعليم الغلمان ... )) إلخ، وأما ابن حزم فوقع عنده: ((بالأرش)) بدل قوله: ((بالأجر)) . وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (8 / 115 رقم 14534) عن سفيان الثوري، عن سعيد الجريري، به نحوه، ولم يذكر قوله: ((ويعظمون ذلك)) . وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (6 / 224 - 225 رقم 885) من طريق شيخه إسماعيل بن علية، عن الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شقيق، قال: يكره أرش المعلم، فإن أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - كانوا يكرهونه ويرونه شديدًا. [105] سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف؛ لأن مغيرة مدلّس كما في ترجمته في الحديث رقم [54] ، لاسيّما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه، ولم يصرح بالسماع. وهذا الأثر أشار له ابن حزم في "المحلّى" (9 / 24) وصححه، فقال: (وصحّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يشترط المعلِّم وأن يأخذ أجرًا على تعليم القرآن) . (1) هو أيوب بن مسكين، ويقال: ابن أبي مسكين، التميمي، أبو العلاء القصّاب الواسطي، روى عن قتادة وسعيد المقبُري وأبي سفيان طلحة بن نافع وأبي هاشم الرمّاني وغيرهم، روى عنه إسحاق بن يوسف الأزرق وهشيم ويزيد بن هارون وغيرهم، وكانت وفاته سنة أربعين ومائة، ولم أجد من نصّ على أن أيوب هذا روى عن عطاء، ولا أنه روى عنه خالد بن عبد الله الطحّان =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = الواسطي، لكن سماع خالد منه محتمل، فكلاهما واسطي، وقد تعاصرا، وأيوب هذا لا بأس به كما قال الإمام أحمد في رواية، وفي رواية عنه وعن أحمد بن صالح قالا: ((رجل صالح ثقة)) ، ووثقه ابن سعد والنسائي، وقال أبو حاتم: ((لا بأس به، شيخ صالح يكتب حديثه، ولا يحتج به)) ، وقال الدارقطني: ((يعتبر به)) ، وذكره ابن شاهين وابن حبان في ثقاتيهما، وزاد ابن حبان قوله: ((كان يخطئ)) ، وذكره ابن حبان في مشاهير علماء الأمصار وقال: ((كان يهم ويخالف)) ، وقال أبو داود: ((كان يتفقّه، ولم يكن يجيد الحفظ للإسناد)) ، وقال أبو أحمد الحاكم: ((في حديثه بعض الاضطراب)) ، وذكره ابن عدي في الكامل، وذكر أربعة أحاديث انتُقدت عليه، ثم قال: ((وهذه الأحاديث التي ذكرتها عن أيوب أبو العلاء (كذا!) هي أحاديث معروفة، ولم أجد في سائر أحاديثه غير ما ذكرت أيضًا شيئًا منكرًا؛ ولهذا قال ابن حنبل لا بأس به؛ لأن أحاديثه ليست بالمناكير، وهو ممن يكتب حديثه)) . اهـ. من "مشاهير علماء الأمصار" (ص177 رقم 1400) ، و"الكامل" لابن عدي (1 / 346 - 347) ، و"تاريخ أسماء الثقات" لابن شاهين (ص31 رقم 27) ، و"تهذيب الكمال" للمزّي (3 / 492 - 494 رقم 624 / المطبوع) ، و"تهذيب التهذيب" (11 / 411 - 412 رقم 754) . والأحاديث الأربعة التي ذكرها ابن عدي قد تتبعها الشيخ عبد العزيز التخيفي في "دارسة المتكلّم فيهم من رجال التقريب" (1 / 221 - 225) وبيّن أن ثلاثة منها لم ينفرد بها أيوب، بل تابعه غيره، وخرج من دراسته لحال الرجل أنه ثقة، والذي ترجَّح لي أن أيوب هذا لا بأس به، وحديثه في عداد الحسن ولا يرتقي لدرجة الصحيح؛ لأن كلام العلماء الذين تقدم ذكرهم يدلّ على أن في حفظه شيئًا، وقد ذكره الحافظ الذهبي في كتابه ((ذكر أسماء من تُكُلِّم فيه وهو موثَّق)) (ص51 رقم 47) ، وقال: ((وثّقه غير واحد، وليَّنه بعضهم)) ، ومقتضى صنيعه أن يكون أقلّ أحواله عنده أن حسن الحديث، فإنه قال في مقدمة هذا الكتاب (ص27) : =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ((أما بعد: فهذا فصل نافع في معرفة ثقات الرواة الذين تكلم فيهم بعض الأئمة بما لا يرد أخبارهم وفيهم بعض اللين، وغيرهم أتقن منهم وأحفظ، فهؤلاء حديثهم إن لم يكن في أعلى مراتب الصحيح، فلا ينزل عن رتبة الحسن، اللهم إلا أن يكون للرجل منهم أحاديث تستنكر عليه، وهي التي تكلم فيه من أجلها، فينبغي التوقف في هذه الأحاديث)) . اهـ. (2) كذا في الأصل، والذي يظهر - والله أعلم - أن الصواب: (وخالد) ، فيكون الحديث يرويه خالد بن عبد الله الطحّان عَنْ أَيُّوبَ بْنِ أَبِي مِسْكِينٍ وخالد الحذّاء، وأيوب يرويه عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وخالد الحذّاء يرويه عن أبي قلابة. (3) هو عبد الله بن زيد بن عمرو - أو: عامر -، الجَرْمي، أبو قِلاَبة البصري، يروي عن ثابت بن الضحاك الأنصاري وسمرة بن جندب ومالك بن الحويرث وأنس بن مالك وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه أيوب السختياني وخالد الحذّاء ويحيى بن أبي كثير وعاصم الأحول وغيرهم، وكانت وفاته بالشام سنة أربع ومائة، وقيل: خمس، وقيل: ست، وقيل: سبع ومائة، وهو ثقة فاضل كثير الإرسال، روى له الجماعة، وثقه ابن سيرين وأبو حاتم وابن خراش وابن سعد، وزاد: ((كثير الحديث)) ، وقال العجلي: ((بصري تابعي ثقة، وكان يحمل على عليّ)) . انظر "الجرح والتعديل" (5 / 57 - 58 رقم 268) ، و"التهذيب" (5 / 224 - 226 رقم 387) ، و"التقريب" (ص304 رقم 3333) . (4) يعني عطاءً وأبا قلابة. (5) أي الأجر على تعليم القرآن للغلمان. [106] سنده عن عطاء حسن لذاته إن كان أيوب سمع منه، وسنده عن أبي قلابة صحيح. وقال ابن حزم في "المحلى" (9 / 25) : (وصح عن عطاء وأبي قلابة إباحة أجر المعلِّم على تعليم القرآن) . =

107- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا فُضَيْلٌ، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: إِذَا قَاطَعَ المعلِّم وَلَمْ يَعْدِلْ، كُتِبَ مِنَ الظَّلَمَةِ. 108- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ صَفْوان بن (عمرو) (1) و (2) ، عَنْ عُمير بْنِ هَانِئٍ (3) ، أَنَّ رَجُلًا كَانَ يُقرئ رَجُلًا الْقُرْآنَ، فحجَّ ذَلِكَ الرَّجُلُ، فَأَهْدَى لِلَّذِي أَقْرَأَهُ قَوْسًا، فَأَتَى عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ (4) ، فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ لَهُ: أَلْقِها عَنْكَ، فَقَالَ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَغْزُوَ، فَقَالَ: أَلْقِهَا عَنْكَ، فَقَالَ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَغْزُوَ بِهَا، فَقَالَ لَهُ عَوْفٌ: أَتُرِيدُ أَنْ تعلَّق قَوْسًا مِنْ نَارٍ؟ قَالَ: فردَّها الرجل إلى صاحبها.

_ = وقال البيهقي في "السنن" (6 / 124) : (وروينا عن عطاء وأبي قِلَابَةَ أَنَّهُمَا كَانَا لَا يَرَيَانِ بتعليم الغلمان بالأجر بأسًا) . [107] سنده ضعيف لضعف ليث بن أبي سليم كما في ترجمته في الحديث [9] . والأثر ذكره البيهقي في "السنن" (9 / 124) فقال: (وروينا عن عطاء ... ، وعن الحسن رحمه الله قَالَ: إِذَا قَاطَعَ الْمُعَلِّمُ وَلَمْ يعدل، كتب من الظلمة) . وأخرجه ابن أبي الدنيا في "العيال" (1 / 534 رقم 355) من طريق شيخه أبي طالب الهروي عن الفضيل، به نحوه. (1) في الأصل: (عمر) ، والصواب ما هو مثبت كما يتضح من مصادر ترجمته الآتية. (2) هوصفوان بن عمرو بن هَرِم السَّكْسَكي، أبو عمرو الحمصي، روى عن عبد الله بن بسر المازني الصحابي وجبير بن نفير وشريح بن عبيد وغيرهم، روى عنه ابن المبارك وأبو إسحاق الفزاري وإسماعيل بن عياش وغيرهم، وكانت وفاته سنة مائة، وهو ثقة، وثقه العجلي ودُحيم والنسائي أبو حاتم، وقال ابن سعد: ((كان ثقة مأمونًا)) ، وقال ابن خراش: ((كان ابن المبارك وغيره يوثقه)) . انظر "الجرح والتعديل" (4 / 422 - 423 رقم 1852) ، و"التهذيب" (4 / 428 - 429 رقم 741) ، و"التقريب" (ص277 رقم 2938) .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ (3) هو عُمَيْر بن هانئ العَنْسي - بسكون النون ومهملتين -؛ أبو الوليد الدمشقي الدَّاراني، روى عن معاوية وابن عمر وأبي هريرة وأبي ثعلبة الخشني وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه الأوزاعي وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان والزهري وغيرهم، وذكره البخاري في "التاريخ الأوسط" في فصل من مات سنة مائة إلى عشر ومائة، ولم أجد من نصّ على أن عميرًا هذا روى عن عوف بن مالك ولا من نصّ على أن صفوان بن عمرو روى عنه، وسماعه من عوف، وسماع صفوان منه محتمل، لأنه عاصرهم كما يتضح من سنّي وفياتهم، وكلهم شاميون، وعمير هذا ثقة روى له الجماعة، وقال العجلي: ((شامي تابعي ثقة)) ، وقال الفسوي: ((لا بأس به)) ، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال أبو داود: ((كان قدريًا)) . انظر "تاريخ الثقات" للعجلي (ص375 رقم 1311) ، و"المعرفة والتاريخ" للفسوي (2 / 465) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (2 / 1061) ، و"الميزان" (3 / 297 رقم 6492) ، و"التهذيب" (8 / 149 - 151 رقم 266) ، و"التقريب" (ص431 رقم 5189) . (4) هو عوف بن مالك الأشجعي، أبو حماد، ويقال غير ذلك، صحابي مشهور من مسلمة الفتح، سكن دمشق، روى عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - وعن عبد الله بن سلام، روى عنه أبو مسلم الخولاني وجبير بن نفير وأبو إدريس الخولاني وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاث وسبعين للهجرة. انظر: الجرح والتعديل (7 / 13 - 14 رقم 61) ، و"الإصابة" (4 / 742) ، و"التقريب" (ص433 رقم 5217) ، و"التهذيب" (8 / 168 رقم 303) . [108] سنده ضعيف؛ لأن إسماعيل بن عياش مدلّس كما في ترجمته في الحديث رقم [9] ، ولم يصرِّح بالسماع هنا، وهو حسن لغيره كما سيأتي. والحديث ذكره ابن حزم في "المحلى" (9 / 24) فقال بعد أن ذكر حديثًا في معناه: ((ورويناه عن عوف بن مالك من قوله مثل هذا، أنه قال في قوس أهداها إنسان إلى من كان يقرئه: أَتُرِيدُ أَنْ تُعَلَّقَ قَوْسًا مِنْ نار)) . =

109- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ زَيْتون (1) ، عَنِ الطُّفَيل بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: أَقْرَأَنِي أُبَيٌّ الْقُرْآنَ، فأَهْدَيْتُ إِلَيْهِ قَوْسًا، فَغَدَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ متقلِّد بِهَا، فَقَالَ: ((مَنْ سَلَّحَكَ هَذِهِ؟)) . قَالَ: الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو؛ أَقْرَأْتُهُ الْقُرْآنَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((تَقَلَّدَها شِلْوةً (2) مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ)) . قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا نَأْكُلُ مِنْ طَعَامِهِمْ (3) ؟ فَقَالَ: (( (أَمَا طَعَامٌ) (4) صُنِعَ لِغَيْرِكَ، فَحَضَرْتَهُ، فَلَا بَأْسَ أَنْ تَأْكُلَهُ، وَأَمَا مَا صُنِعَ لك، فإنما تأكل بِخَلَاقِك)) (5) .

_ = وأخرجه الطبراني في "الكبير" (18 / 53 رقم 96) من طريق محمد بن إسماعيل بن عياش، حدثنا أبي، عن ضمضم بن زرعة، عن شريح بن عبيد، أنه حدثهم عن عوف بن مالك أنه كان معه رجل يعلمه القرآن، فقال لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -: صاحبي الذي رأيته معي اشترى قوسًا وأهداها إليَّ، أفآخذها منه؟ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((لا)) ، ثم مكث حتى إذا كان رأس الحول، عاد عليه، فقال: يا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -: آخذها؟ قال: ((لا)) ثم مكث حتى كان رأس الحول، قال: آخذ تلك القوس يا رسول الله؟ قال: ((لا)) ، قال: أفلا آخذها يا رسول الله فتكون عنده؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((أتريد أن تلقى الله يا عوف يوم القيامة وبين كتفيك جمرة من جهنم؟)) . قال الهيثمي في "المجمع" (4 / 96) : ((فيه محمد بن إسماعيل بن عياش وهو ضعيف)) . اهـ. قلت: ومع ضعفه فقد خالف من هو أوثق منه وهو سعيد بن منصور كما يتضح من سياق الحديث. وللحديث شواهد يرتقي بها لدرجة الحسن لغيره كما سيأتي في الحديث بعده. (1) هو عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ عمير بن زيتون الدمشقي، مقبول، ذكره البخاري =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = في "تاريخه" وسكت عنه، وبيض له ابن أبي حاتم، وذكره ابن حبان في الثقات، وروى عن أم الدرداء ورجاء بن حيوة وابن محيريز، روى عنه رجاء ابن أبي سلمة وإسماعيل بن عياش. انظر "التاريخ الكبير" للبخاري (6 / 77 - 78 رقم 1765) ، و"الجرح والتعديل" (6 / 43 رقم 221) ، و"الثقات" لابن حبان (7 / 153) ، و"التهذيب" (6 / 127 رقم 264) ، و"التقريب" (ص335 رقم 3787) . وعبد ربه هذا يروي الحديث هنا عن الطفيل بن عمرو رضي الله عنه، وهو لم يسمع منه كما سيأتي نقل ذلك عن البغوي. وقال الحافظ ابن حجر في الموضع السابق من التهذيب عن عبد ربه هذا: ((لم يذكره ابن عساكر في التاريخ)) . والسبب في ذلك أن ابن عساكر يرى أنه ليس بحمصي، ولا بدمشقي، وإنما هو من أهل بيت المقدس، فإنه نقل عن البغوي قوله عنه: ((أحسبه من أهل حمص)) ، ثم ردّ ذلك ابن عساكر بقوله: ((ابن زيتون من أهل بيت المقدس، وليس بحمصي)) . انظر "تاريخ ابن عساكر" (8 / 514) . (2) أي: قطعة، والشِّلْوُ: العُضْوُ. انظر "النهاية في غريب الحديث" (2 / 498) . (3) أي: من طعام الذين أقرأوهم. (4) في الأصل: (إنما طعامهم) ، والتصويب من "المحلى" لابن حزم (9 / 23) حيث روى الحديث من طريق المصنف. (5) أي: بحظِّك ونصيبك من الدين. "النهاية في غريب الحديث" (2 / 71) . [109] سنده ضعيف لجهالة حال ابن زيتون، والانقطاع بينه وبين الطفيل، ولأن إسماعيل بن عياش مدلِّس كما في ترجمته في الحديث [9] ، ولم يصرِّح هنا بالسماع. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وللحديث طرق أخرى يرتقي بها لدرجة الحسن لغيره كما سيأتي. والحديث أخرجه ابن حزم في "المحلى" (9 / 23) من طريق المصنف؛ حيث ذكر بعض الأحاديث بهذا المعنى، ثم قال: (ومن طريق سعيد بن منصور، عن إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ ربه بن سليمان بن عمير بْنِ زَيْتُونٍ، عَنِ الطُّفَيْلِ بْنِ عمرو، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - أنه عرض له ذلك في القوس مع أبي بن كعب، وفيه زيادة أنه قال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا نَأْكُلُ من طعامهم؟ قال: ((أَمَا طَعَامٌ صُنِعَ لِغَيْرِكَ فَحَضَرْتَهُ فلا بأس أن تأكله، أما ما صنع لك فإن أكلته فإنما تأكله بخلاقك)) ) . أقول: وواضح من طريقة ابن حزم اختصاره للقصة. والحديث أخرجه البغوي في "معجم الصحابة" كما في "الإصابة" (3 / 522) ، و"جمع الجوامع" للسيوطي (2 / 423) . ومن طريق البغوي أخرجه ابن عساكر في "تاريخه" (8 / 513 - 514) . قال البغوي: ((والذي روى عنه إسماعيل بن عياش هذا الحديث: عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ زيتون أحسبه من أهل حمص، ولم يسمع من الطفيل بن عمرو، وهو حديث غريب)) . وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (1 / 274 رقم 442) من طريق عبيد بن جناد، عن إسماعيل بن عياش، به نحوه، إلا أنه وقع عنده: (عبد الله) بدلاً من: (عبد ربه) . قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (4 / 95) : ((فيه عبد الله بن سليمان بن عمير، ولم أجد في ترجمه، ولا أظنه أدرك الطفيل)) . وقد ورد الحديث من مسند أُبَيِّ بن كعب، وروي عنه من طريقين: (1) طريق عبد الرحمن بن سَلْم، أو: ابن أبي مسلم، عن عطية بن قيس الكلاعي، ويقال: الكلابي، عن أُبَيِّ بن كعب رضي الله عنه قال: علمت رجلاً القرآن، فأهدى إليَّ قوسًا، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - فقال: ((إن أخذتها أخذت قوسًا من نار)) ، فردَدْتُها. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = أخرجه ابن ماجه في "سننه" (2 / 730 رقم 2158) في التجارات، باب الأجر على تعليم القرآن. والبيهقي في "سننه" (6 / 125 - 126) في الإجارة، باب من كره أخذ الأجر عليه - أي: على تعليم القرآن -. كلاهما من طريق ثور بن يزيد، لكنه عند البيهقي يروي الحديث عن عبد الرحمن بلا واسطة، وأما عند ابن ماجه فيرويه عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ عبد الرحمن بن سلم. والظاهر أن ذكر خالد بن معدان في الإسناد غلط؛ فقد ذكر محقق "تحفة الأشراف" للمزي (1 / 36) أنه وجد في حاشية إحدى النسخ بخط الحافظ ابن عبد الهادي ما نصه: ((خالد بن معدان في هذا الإسناد فضلة لا يحتاج إليه، ولم يذكره الحافظ أبو القاسم)) . وذكر أن وجد حاشية أخرى بما نصه: ((رواه محمد بن هارون الروياني، عن محمد بن بشار، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ الرحمن بن أبي مسلم، عن عطية بن قيس)) . وقال الحافظ ابن حجر في "النكت الظراف" المطبوع بحاشية "تحفة الأشراف": ((لم أقف في النسخ التي عن ابن ماجه على ذكر خالد بن معدان بين ثور وعبد الرحمن فيه، وكذا أخرجه الروياني في "مسنده" عن بندار، عن يحيى بن سعيد بدونه ولم يذكره ابن عساكر وهو سلف المزّي، وكذا لم يرقم المزي في "التهذيب" لخالد بن معدان في الرواة عن عبد الرحمن بن مسلم)) . اهـ. قلت: وسند هذا الطريق ضعيف لأمرين: 1- عبد الرحمن بن سَلْم - بفتح المهملة وسكون اللام - شامي مجهول كما في "التقريب" (ص341 رقم 3881) ، قال الحافظ الذهبي في =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = "الميزان" (2 / 567 رقم 4878) : ((ما روى عنه سوى ثور بن يزيد)) ، وانظر "التهذيب" (6 / 187 رقم 377) . 2- في سند الحديث اضطراب واختلاف يتضح مما تقدم، وإليه أشار الحافظ الذهبي في الموضع السابق من "الميزان" بقوله: ((إسناده مضطرب في الذي أهدى لأُبَيّ قوسًا)) ، وكذا الحافظ ابن حجر في الموضع السابق من "التهذيب" بقوله: ((في إسناد حديثه اختلاف كثير)) . وهذا الحديث ذكره الشيخ الألباني في "إرواء الغليل" (5 / 316 - 317) وضعفه لهاتين العلتين، وذكر علة ثالثة وهي الانقطاع بين عطية وهو ابن قيس الكلاعي وأُبَيّ، وذلك اعتمادًا منه على ما نقله البوصيري في "زوائد ابن ماجه عن العلائي في المراسيل" حيث قال: ((عطية بن قيس عن أبي بن كعب مرسل)) . والعلائي اعتمد في قوله على مرجع آخر، فإنه قال في "جامع التحصيل في أحكام المراسيل" (ص292 رقم 527) مانصه: ((عطية بن قيس عن أبي بن كعب وأبي الدرداء مرسلاً، قاله في التهذيب)) . اهـ. وقد رجعت إلى "تهذيب الكمال" ولم أجد ما ذكر العلائي، بل ظاهر صنيع المزّي أنه سمع من أبي بن كعب وأبي الدرداء. انظر "تهذيب الكمال" المخطوط (2 / 940) ، والمطبوع (2 / 262 - 264) . وسماعه ممكن، فإنه اختلف في ولادته ووفاة أبي بن كعب. ففي الموضع السابق من "تهذيب الكمال" المخطوط، وفي "تهذيب التهذيب" (7 / 228) ذكر أبو مسهر أن عطية ولد في حياة النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في سنة سبع، وفيها أيضًا النقل عن ابنه سعد بن عطية بما يفيد أنه ولد سنة سبع عشرة للهجرة، وهذا الذي اختاره ابن حبان. وأما أبي بن كعب، ففي "تهذيب التهذيب" (1 / 188) ، قال الحافظ: ((قال =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = الهيثم بن عدي: مات سنة (19) ، وقيل سنة (32) في خلافة عثمان، وفي موته اختلاف كثير جدًّا، الأكثر على أنه في خلافة عمر، وروى ابن سعد في "الطبقات" بإسناد رجاله ثقات، لكن فيه إرسال: أن عثمان أمره أن يجمع القرآن، فعلى هذا يكون موته في خلافته. قال الواقدي: وهو أثبت الأقاويل عندنا. قلت: وصحح أبو نعيم أنه مات في خلافة عثمان بخبر ذكره عن زرّ بن حبيش أنه لقيه في خلافة عثمان)) . اهـ. كلام الحافظ، وبه يتضح ضعف قول من ادّعى الانقطاع بين عطية وأُبَيّ، كالبيهقي حينما قال في "السنن" (6 / 125) : ((وروي من وجه آخر منقطع عن أبي بن كعب)) ، فرد عليه ابن التركماني في "الجوهر النقي" بقوله: ((عطية هذا تابعي، ذكر صاحب الكمال عن أبي مسهر أنه ولد في حياة النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فعلى هذا روايته عن أبي محمولة على الاتصال)) . (2) طريق أبان، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ علم رجلاً سورة من القرآن، فأهدى إليه ثوبًا، أو قال: خميصة، قال: فذكر ذلك لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: ((لو أنك أخذته)) ، أو قال: ((إن أخذته - شك محمد -، أُلبست ثوبًا من النار)) . أخرجه عبد بن حميد في "مسنده" (ص91 رقم 175) من طريق محمد بن جحادة - وهو الذي شك -، قال: أخبرني رجل يقال له أبان ... ، فذكره. وهذا الطريق أشار إليه المزي في "تحفة الأشراف" (1 / 36) . وهذا سند ضعيف لجهالة أبان، والانقطاع بينه وبين أبيّ. فـ: أبان هذا غير منسوب، يروي عن أبي بن كعب، ويروي عنه محمد بن جحادة، ذكره ابن حبان في "الثقات" (4 / 37) وقال: ((شيخ ... ، لا أدري من هو؟ ولا ابن من هو؟)) ، وذكره البخاري في "تاريخه" (1 / 453 رقم 1446) وسكت عنه، وذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (2 / 296 رقم 1088) وبيض له، وانظر "لسان الميزان" (1 / 26 رقم 33) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأما الانقطاع، فقد قال البخاري في الموضع السابق: ((أبان، أن أبّي بن كعب مرسل)) . وكذا قال ابن أبي حاتم نقلاً عن أبيه. وقد روي الحديث من طريقين آخرين مرسلين، أما المرسل الأول: (1) فمن طريق عَلِيّ - ويقالُ: عُلَيّ بالتصغير - ابن رباح، أَنَّ أُبَيّ بْنَ كَعْبٍ كَانَ يعلم رجلاً مكفوفًا، فكان إذا أتاه غدّاه، قال: فوجدت في نفسي من ذلك، فسألت رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، فقال: إن [كان] شيء يتحفك به فلا خير فيه، وإن كان في طعامه وطعام أهله فلا بأس)) . أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (6 / 225 رقم 886) فقال: حدثنا محمد بن ميسرة أبو سعد، عن موسى بن علي، عن أبيه، أن أبي بن كعب ... ، فذكره. ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه ابن حزم في "المحلى" (9 / 23 - 24) ، وما بين المعكوفين زيادة منه. وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل" (ص139 رقم 351) من طريق عبد الله بن صالح، عن موسى بن علي، به نحوه. وأشار إلى هذا الطريق المزي في "تحفة الأشراف" (1 / 36) . وسنده ضعيف لإرساله وضعف محمد بن ميسر. أما الإرسال، فإن علي بن رابح لم يدرك الرسول - صلى الله عليه وسلم -، بل هو تابعي كما يتضح من ترجمته في "التهذيب" (7 / 317 - 319) ، ولم يصرح بسماعه للحديث من أبي. وأما شيخ ابن أبي شيبة: محمد بن مُيَسَّر - بتحتانية ومهملة -، الجعفي، أبو سعد الصّاغَاني، البَلْخي، الضرير، نزيل بغداد، ويقال له: محمد بن أبي زكريا، فهو ضعيف، ورمي بالإرجاء. فقد ضعفه ابن معين والدارقطني، وقال النسائي: ((متروك الحديث)) ، وقال مرة: ((ليس بثقة =

110- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي حَصين (1) ، عَنْ أَبِي الضُّحَى (2) قَالَ: سَأَلْتُ ثَلَاثَةً - فَلَمْ آلُوا -: عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ (3) ، ومسروقًا (4) ، وشريحًا (5) ، [ل109/أ] عَنْ بَيْعِ الْمَصَاحِفِ، فَقَالُوا: لَا تَأْخُذْ لِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ثمنًا.

_ = ولا مأمون)) ، وقال ابن حبان: ((لا يحتج به)) ، وقال ابن عدي: ((والضعف بين على رواياته)) ، وقال الإمام أحمد: ((صدوق، ولكن كان مرجئًا)) . انظر "الكامل" لابن عدي (6 / 2231 - 2232) ، و"التهذيب" (9 / 484 رقم 786) ، و"التقريب" (ص509 رقم 6344) . وأما المرسل الثاني: (2) فمن طريق أبي إدريس الخَوْلاني قال: كان عند أُبَيّ بن كعب ناس يقرئهم من أهل اليمن، فجاءت رجلاً منهم أقواس من أهله، فغمز أُبَيّ قوسًا فأعجبته، فقال الرجل: أقسمت عليك إلا تسلّحتها في سبيل الله، فقال: لا، حتى أسأل رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، فقال: ((أتحب أن يأتي الله بها في عنقك يوم القيامة نارًا؟)) . ذكره الذهبي في "الميزان" (2 / 261) فقال: قال عبد الله بن روح المدائني الصدوق: حدثنا شبابة، حدثنا عبد الله بن العلاء بن زبر، حدثنا بسر بن عبيد الله، عن أبي إدريس الخولاني ... ، فذكره. وأخرجه ابن حزم في "المحلى" (9 / 23) من طريق قاسم بن أصبغ، نا عبد الله بن روح، ... فذكره بنحوه. قال الذهبي بعد أن أورده: ((هذا مرسل جيد الإسناد غريب)) . وعليه فالحديث حسن لغيره بمجموع طرقه هنا وفي الحديث السابق رقم [108] ، وسيأتي الكلام عن مسألة أخذ الأجرة على تعليم القرآن في الحديث الآتي برقم [125] ، والله أعلم. (1) هو عثمان، تقدم في الحديث [4] أنه ثقة ثبت سُنِّي. (2) هو مسلم بن صُبَيْح، تقدم في الحديث [10] أنه ثقة فاضل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ (3) هو عبد الله بن يزيد بن حصين الأنصاري الخَطْمي - بفتح المعجمة وسكون المهملة - صحابي صغير ولي الكوفة لابن الزبير، وروى له الجماعة. نص على صحبته ابن معين والدارقطني وغيرهما، وخالف في ذلك آخرون، قال الحافظ ابن حجر: ((روايته عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - في صحيح البخاري)) ، روى عنه ابنه موسى وعامر الشعبي وأبو إسحاق السبيعي ومحمد بن سيرين وغيرهم، وروى عنه هنا أبو الضحى مسلم بن صُبيح. انظر "الإصابة" (4 / 267 - 268) ، و"التهذيب" (6 / 78 - 79 رقم 155) ، و"التقريب" (ص329 رقم 3704) . (4) هو مسروق بن الأجدع بن مالك الهَمْداني الوادعي، أبو عائشة الكوفي، روى عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود وعائشة وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه أبو وائل شقيق بن سلمة والشعبي وإبراهيم النخعي وأبو إسحاق السبيعي وأبو الضحى وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاث وستين للهجرة، وقيل: سنة اثتنين وستين، وهو ثقة فقيه عابد مخضرم روى له الجماعة. كان ابن عيينة لا يفضل عليه بعد علقمة أحدًا، وقال ابن المديني: ((ما قدم على مسروق من أصحاب عبد الله أحدًا)) ، وقال ابن معين: ((ثقة لا يسئل عنه)) ، وقال العجلي: ((كوفي تابعي ثقة، وله أحاديث صالحة)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (8 / 396 - 397 رقم 1820) ، و"التهذيب" (10 / 109 - 111 رقم 205) ، و"التقريب" (ص528 رقم 6601) . (5) هو شريح بن الحارث بن قيس الكوفي النخعي القاضي، أبو أُمَيَّة، يروي عن عمر وعلي وابن مسعود وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه أبو وائل شقيق ابن سلمة والشعبي وابن سيرين وغيرهم، وروى عنه هنا أبو الضحى، واختلف في سنة وفاته اختلافًا كثيرًا، فقيل: كانت وفاته سنة ثمان وسبعين للهجرة، وقيل: سنة خمس وثمانين، وقيل: سنة تسع وتسعين، وقيل غير ذلك، وهو مخضرم ثقة، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وقيل: له صحبة. وثقه ابن سعد والعجلي وابن معين وقال: ((كان في زمن النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولم يسمع منه)) . انظر "الجرح والتعديل" (4 / 332 - 333 رقم 1458) ، و"التهذيب" (4 / 326 - 328 رقم 564) ، و"التقريب" (ص265 رقم 2774) . [110] سنده صحيح وقد صححه ابن حزم في "المحلى" (9 / 25) فقال: ((وصح عن عبد الله بن يزيد وشريح: لَا تَأْخُذْ لِكِتَابِ اللَّهِ ثَمَنًا)) . وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 111 - 112 رقم 14520) . وابن أبي داود في "المصاحف" (187) . كلاهما من طريق سفيان بن عيينة، به نحوه. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (6 / 62 رقم 258) . وابن أبي داود في "المصاحف" (ص188) . وابن حزم في "المحلى" (9 / 682) . ثلاثتهم من طريق سفيان الثوري، عن أبي حصين به نحوه. وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل" (ص366 رقم 866) من طريق إسرائيل، عن أبي حصين، به نحوه. وأخرجه ابن أبي داود أيضًا (ص187 و 188) من طريق قيس بن الربيع، وشريك بن عبد الله، وأبي بكر بن عياش، وإبراهيم بن طهمان، جميعهم، عن أبي حصين، به نحوه، إلا أن رواية شريك بمعناه ولم يذكر عبد الله بن يزيد، ورواية أبي بكر بن عياش نحوه، إلا أنه جعل عَبيدة مكان شريح. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 111 رقم 14519) . وابن أبي شيبة في "المصنف" (6 / 60 رقم 248) . وابن أبي داود في "المصاحف" (ص187) . ثلاثتهم من طريق أبي إسحاق الشيباني سليمان بن أبي سليمان، عن أبي الضحى، به نحوه. =

111- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ (1) ، قَالَ: سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ عَنْ كُتَّابِ الْمَصَاحِفِ بِالْأَجْرِ، قَالَ: كُره كِتَابَتُهَا، وَاسْتِكْتَابُهَا، وبيعها، وشراؤها.

_ = وللحديث طريق آخر عن أبي حصين يرويه أبو عوانة وضاح اليشكري وهو الآتي برقم [112] . (1) هو مهدي ميمون الأَزْدي المِعْوَلي - بكسر الميم؛ وسكون المهملة، وفتح الواو -، أبو يحيى البصري، روى عن ابن سيرين وهشام بن عروة وواصل الأحدب وغيرهم، روى عنه عبد الرحمن بن مهدي ووكيع ويحيى القطان وسعيد بن منصور وغيرهم، وكانت وفاته سنة إحدى أو اثنتين وسبعين ومائة، وهو ثقة روى له الجماعة. وثقه شعبة وأحمد وابن معين والنسائي وابن خراش والعجلي وغيرهم. "الجرح والتعديل" (8 / 335 - 336 رقم 1547) ، و"التهذيب" (10 / 326 - 327 رقم 571) ، و"التقريب" (ص548 رقم 6932) . [111] سنده صحيح. وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص148) من طريق شيبان، عن مهدي بن ميمون، به نحوه. وأخرجه ابن حزم في "المحلى" (9 / 683) من طريق الحجاج بن منهال، عن مهدي بن ميمون، به مثله، إلا أنه قال: (كتابها) . وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (6 / 62 رقم 257) . وابن أبي داود في "المصاحف" (ص192) . كلاهما من طريق هشام عن ابن سيرين كان يكره بيعها وشراءها. وأخرجه ابن أبي داود (ص189 و 192) من طريق يزيد بن إبراهيم، عن ابن سيرين أنه كره بيع المصاحف وشراءها. وأخرجه ابن أبي داود أيضًا (ص148 و 192 و 193) من طريق أشعث وسلام ابن مسكين، كلاهما عن ابن سيرين بمعناه. =

112- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، قَالَ: سَأَلْتُ شُرَيْحًا، وَمَسْرُوقًا، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ عَنْ بَيْعِ الْمَصَاحِفِ، فَقَالُوا: لَا تَأْخُذْ لِكِتَابِ اللَّهِ ثَمَنًا. 113- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ العَمِّي (1) ، قَالَ: نا مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ (2) ، قَالَ: دَخَلَ عليَّ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ (3) وَأَنَا أَكْتُبُ، فَقُلْتُ: كَيْفَ تَرَى صَنْعَتِي هَذِهِ (يَا أَبَا) (4) الشَّعْثاء؟ فَقَالَ: مَا أَحْسَنَ صَنْعَتَكَ! تَنْقُلُ كِتَابَ اللَّهِ وَرَقَةً إِلَى وَرَقَةٍ، وَآيَةً إِلَى آيَةٍ، وَكَلِمَةً إِلَى كَلِمَةٍ، هَذَا الْحَلَالُ لَا بَأْسَ به.

_ = وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص366 رقم 865) . وابن أبي داود في "المصاحف" (ص148) . كلاهما من طريق ابْنِ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أنه كره بيعها وشراءها. [112] سنده صحيح. وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص188) من طريق أبي عوانة، به مثله. وللحديث طرق أخرى عن أبي حصين، وطريق آخر عن أبي الضحى تقدم تخريجهما برقم [110] . (1) هو عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ العَمِّى، أبو عبد الله البصري، روى عن أبي عمران الجَوْني وداود بن أبي هند ومنصور بن المعتمر ومالك بن دينار وغيرهم، روى عنه الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه وعلي بن المديني ويحيى بن معين وغيرهم، وروى عنه هنا سعيد بن منصور، وكانت وفاته سنة سبع وثمانين ومائة، وقيل: ثمان، وقيل: تسع وثمانين ومائة، وقيل: تسعين ومائة، وهو ثقة حافظ روى له الجماعة. وثقه أحمد وأبو زرعة وأبو داود والعجلي والنسائي، وقال القواريري: ((كان حافظًا)) . ولما مات قال عبد الرحمن بن مهدي: =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ((ما مات لكم منذ ثلاثين سنة شبهه، أو مثله، أو أوثق منه)) . "الجرح والتعديل" (5 / 388 - 389 رقم 1809) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (3 / 1298) ، و"التهذيب" (6 / 346 - 347 رقم 664) ، و"التقريب" (ص358 رقم 4108) . (2) هو مالك بن دينار السّامي - بمهملة -، الناجي، الزاهد، أبو يحيى البصري، روى عن أنس بن مالك والحسن البصري وابن سيرين وعكرمة وعطاء وغيرهم، وروى هنا عن جابر بن زيد، روى عنه أبان العطّار وسعيد بن أبي عروبة وعبد السلام بن حرب وعبد العزيز العَمِّي وغيرهم، وكانت وفاته سنة سبع وعشرين ومائة، وقيل: سنة ثلاث وعشرين ومائة، وقيل: ثلاثين، وقيل: إحدى وثلاثين ومائة، وهو ثقة عابد. قال جعفر بن سليمان: كنا عند مالك بن دينار، فحضرت العصر، فقام يتوضأ، فقال ابن واسع: ((نعم الرجل مالك، نعم الرجل مالك، خذوا عن مالك، خذوا عن مالك وثابت)) ، ووثقه النسائي وابن سعد وزاد: ((قليل الحديث)) ، وقال الدارقطني: ((ثقة، ولا يكاد يحدث عنه ثقة)) ، وذكره العجلي في الثقات، وكذا ابن حبان وقال: ((كان يكتب المصاحف بالأجرة، ويتقوّت بأجرته، وكان لا يأكل شيئًا من الطيبات، من المتعقدة الصبر، والمتقشِّفة الخشن)) . انظر "تاريخ الثقات" للعجلي (ص418 رقم 1523) ، و"المعرفة والتاريخ" للفسوي (2 / 264) ، و"سؤالات البرقاني للدارقطني" (ص66 رقم 497) ، و"التهذيب" (10 / 14 - 15 رقم 15) . وفي الموضع السابق من "التهذيب" نقل الحافظ عن الأزدي قوله عن مالك هذا: ((يعرف وينكر)) ، وهذا القول من الأزدي لم أجد من وافقه عليه، ولم يذكر حجته فيه، وقول الأزدي لا عبرة به إذا انفرد كما صرح به الحافظ ابن حجر في "التهذيب" (4 / 399) . (3) هو أبو الشعثاء جابر بن زيد الأزدي اليَحْمدي، ثم الجَوْفي، البصري، مشهور =

114- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرٌ (1) ، عَنْ مَنْصُورٍ (2) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَرَادَ عَلْقَمَةُ أَنْ يَكْتُبَ مُصْحَفًا، فَكَرِهَ أَنْ يُعْطِيَ عَلَى كِتَابَتِهِ أَجْرًا، فَاشْتَرَى وَرَقَهُ ومِداده (1) ، وَمَا يَنْبَغِي، وَأَعْطَاهُ بعضَ أَصْحَابِهِ، فَكَتَبَهُ له.

_ = بكنيته، روى عن ابن عباس وابن عمر وابن الزبير وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه قتادة وعمرو بن دينار وأيوب السختياني وغيرهم، قيل: كانت وفاته سنة ثلاث وتسعين، وقيل: سنة ثلاث ومائة، وقيل: أربعة ومائة، وهو ثقة فقيه روى له الجماعة. قال الرباب: سألت ابن عباس عن شيء فقال: ((تسألوني وفيكم جابر بن زيد؟)) ووثقه ابن معين وأبو زرعة والعجلي، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: ((كان فقيهًا ... ، وكان من أعلم الناس بكتاب الله)) ، ولما مات قال قتادة: ((اليوم مات أعلم أهل العراق)) . "الجرح والتعديل" (2 / 494 - 495 رقم 2032) ، و"التهذيب" (2 / 38 - 39 رقم 61) ، و"التقريب" (ص136 رقم 865) . (4) في الأصل هكذا: (بايا) ، وما أثبته من الموضع الآتي من "سنن البيهقي" حيث رواه من طريق المصنف. [113] سنده صحيح. وأخرجه البيهقي في "سننه" (6 / 17) من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال: ((كتاب الله عز وجل)) . وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (8 / 113 رقم 14528) من طريق جعفر بن سليمان، عن مالك بن دينار، به نحوه، وزاد: ((قال مالك: وسألت عنه الحسن والشعبي، فلم يريا به بأسًا)) . وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص146) من طريق عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ وحماد بن واقد، كلاهما عن مالك بن دينار، به نحوه. وأخرجه أيضًا من طريق عبد الملك قال: دخل أبو الشعثاء على مالك بن دينار، فقال: أبا الشعثاء ... ، فذكره بنحوه. (1) هو ابن عبد الحميد. =

115- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، قَالَ: نا مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ، أَنَّ عِكْرِمَةَ (1) : بَاعَ مُصْحَفًا لَهُ، وَأَنَّ الْحَسَنَ كَانَ لَا يَرَى بِهِ بأسًا.

_ (2) هو ابن المعتمر. (3) المِدَادُ - بالكسر -: هو كل ما يُمَدُّ به الشيء، أي: يُزَادُ فيه لِمَدِّه والانتفاع به، كحِبْر الدَّوَاة، وسليط السراج، وما يوقد به من دهن ونحوه، ثم خُصَّ المدادُ في عُرْف اللغة بالحبر. انظر "تاريخ العروس" (9 / 158) . [114] سنده صحيح. وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص148) من طريق عبيدة، عن إبراهيم أن علقمة اشترى ورقًا فأعطى أصحابه فكتبوه له. وأخرجه أيضًا من طريق سفيان الثوري، عن منصور، به نحو سابقه. (1) هو عكرمة أبو عبد الله مولى ابن عباس، أصله بَرْبري، ثقة ثبت عالم بالتفسير، لم يثبت تكذيبه عن ابن عمر، ولا تثبت عنه بدعة، روى عن مولاه ابن عباس وعلي بن أبي طالب وأبي هريرة وابن عمر وغيرهم، روى عنه إبراهيم النخعي والشعبي وأبو إسحاق السبيعي وقتادة وسماك بن حرب وحصين بن عبد الرحمن وداود بن أبي هند والحكم بن أبان ومالك بن دينار وغيرهم. واختلف في وفاته، فقيل: سنة أربع ومائة، وقيل: سنة ست، وقيل: سبع ومائة، وقد روى له الجماعة وكثر الكلام فيه حتى عيب على البخاري إخراجه في الصحيح، وأحسن من فصّل في حاله الحافظ ابن حجر في "هدي الساري" (ص425 - 430) ، وخلاصة ما قاله فيه: ((اما قول من وهّاه فمدارها على ثلاثة أشياء: على رميه بالكذب، وعلى الطعن فيه بأنه كان يرى رأي الخوارج، وعلى القدح فيه بأنه كان يقبل جوائز الأمراء، فهذه الأوجه الثلاثة يدور عليها جميع ما طعن به فيه: =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = فأما البدعة: فإن ثبتت عليه فلا تضر حديثه؛ لأنه لم يكن داعية، مع أنها لم تثبت عليه. وأما قبول الجوائز، فلا يقدح أيضًا إلا عند أهل التشديد، وجمهور أهل العلم على الجواز كما صنف في ذلك ابن عبد البر. وأما التكذيب: فسنبين وجوه رده بعد حكاية أقوالهم، وأنه لا يلزم من شيء منه قدح في روايته. فالوجه الأول فيه أقوال، فأشدها ما روي عن ابن عمر أنه قال لنافع: لا تكذب عليّ كما كذب عكرمة على ابن عباس ... ، وقال إسحاق بن عيسى الطباع: سألت مالكًا: أبلغك أن ابن عمر قال لنافع: لا تكذب علي كما كذب عكرمة على ابن عباس؟ قال: لا، ولكن بلغني أن سعيد بن المسيب قال ذلك لبرد مولاه ... )) ، ثم ذكره الحافظ أقوالاً أخرى في تكذيبه، ثم قال: ((فأما الوجه الأول، فقول ابن عمر لم يثبت عنه؛ لأنه من رواية أبي خلف الجزار، عن يحيى البكّاء، أنه سمع ابن عمر يقول ذلك. ويحيى البكّاء متروك الحديث، قال ابن حبان: ومن المحال أن يجرح العدل بكلام المجروح. وقال ابن جرير: إن ثبت هذا عن ابن عمر فهو محتمل لأوجه كثيرة لا يتعين منه القدح في جميع روايته، فقد يمكن أن يكون أنكر عليه مسألة من المسائل كذَّبه فيها. قلت: [القائل ابن حجر] : وهو احتمال صحيح؛ لأنه روي عن ابن عمر أنه أنكر عليه الرواية عن ابن عباس في الصَّرْف، ثم استدل ابن جرير على أن ذلك لا يوجب قدحًا فيه بما رواه الثقات عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن عمر أنه قال - إذ قيل له: إن نافعًا مولى ابن عمر حدّث عن ابن عمر في مسألة الإتيان في المحلّ المكروه -: كذب العبد على أبي. قال ابن جرير: ولم يروا ذلك من قول سالم في نافع جرحًا، فينبغي أن لا يروا ذلك من ابن عمر في عكرمة جرحًا. وقال ابن حبان: أهل الحجاز يطلقون كَذَبَ في موضع أخطأ.... وأما قول سعيد بن المسيب، فقال ابن جرير: ليس ببعيد أن يكون الذي حُكي عنه نظير الذي حكي عن ابن عمر. [قال ابن حجر:] قلت: وهو كما قال، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = فقد تبين ذلك من حكاية عطاء الخراساني عنه في تزويج النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بميمونة، ولقد ظُلم عكرمة في ذلك، فإن هذا مرويّ عن ابن عباس من طرق كثيرة ... ، وأما ذَمُّ مالك فقد بيّن سببه، وأنه لأجل ما رمي به من القول ببدعة الخوراج، وقد جزم بذلك أبو حاتم، قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن عكرمة، فقال: ثقة: قلت: يحتج بحديثه؟ قال: نعم؛ إذا روى عنه الثقات، والذي أنكر عليه مالك إنما هو بسبب رأيه، على أنه لم يثبت عنه من وجه قاطع أنه كان يرى ذلك، وإنما كان يوافق في بعض المسائل، فنسبوه إليهم. وقد بّرأه أحمد العجلي من ذلك، فقال في "كتاب الثقات" له: عكرمة مولى ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، مكي تابعي ثقة، بريء مما يرميه الناس به من الحرورية. وقال ابن جرير: لو كان كل من ادُّعي عليه مذهب من المذاهب الرديئة ثبت عليه ما ادعي به وسقطت عدالته وبطلت شهادته بذلك، للزم ترك أكثر محدثي الأمصار؛ لأنه ما منهم إلا وقد نسبه قوم إلى ما يرغب به عنه. وأما قبوله لجوائز الأمراء، فليس ذلك بمانع من قبول روايته، وهذا الزهري قد كان في ذلك أشهر من عكرمة، ومع ذلك فلم يترك أحد الرواية عنه بسبب ذلك)) . اهـ. كلام الحافظ ملخصًا في الذب عن عكرمة. وأما ثناء العلماء عليه فكثير، فمنه ما رواه محمد بن فضيل، عن عثمان بن حكيم، كنت جالسًا مع أبي أمامة بن سهل بن حنيف، إذ جاء عكرمة، فقال: يا أبا أمامة، أذكّرك الله، هل سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: مَا حدثكم عني عكرمة فصدقوه، فإنه لم يكذب علي؟ فقال أبو أمامة: نعم. قال الحافظ ابن حجر: ((وهذا إسناد صحيح)) ، وقال حماد بن زيد: قال لي أيوب: لو لم يكن عندي ثقة، لم أكتب عنه، وقال مغيرة: قيل لسعيد بن جبير: تعلم أحدًا أعلم منك؟ قال: نعم، عكرمة. وقال قتادة: كان أعلم التابعين أربعة، فذكره فيهم. وقال سفيان الثوري: خذوا التفسير من أربعة، فبدأ به. وقال البخاري: ليس أحد من أصحابنا إلا احتجّ بعكرمة، وقال جعفر الطيالسي عن ابن معين: إذا رأيت =

116- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا يُونُسُ (1) ، عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا ببيعها واشترائها.

_ = إنسانًا يقع في عكرمة فاتهمه على الإسلام. وقال المرُّوذي قلت لأحمد بن حنبل: يحتج بحديثه؟ قال: نعم. وقال محمد بن نصر المروزي: أجمع عامة أهل العلم على الاحتجاج بحديث عكرمة، واتفق على ذلك رؤساء أهل العلم بالحديث من أهل عصرنا، منهم: أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبو ثور، ويحيى بن معين، ولقد سألت إسحاق عن الاحتجاج بحديثه، فقال: عكرمة عندنا إمام أهل الدنيا، وتعجب من سؤالي إياه. ووثقه ابن معين والنسائي وغيرهما، وتقدم توثيق أبي حاتم والعجلي له. اهـ. من الموضع السابق من "هدي الساري"، و"التقريب" (ص397 رقم 4673) ، وانظر "الجرح والتعديل" (7 / 7 - 9 رقم 32) ، و"الكامل" لابن عدي (5 / 1905 - 1910) . [115] سنده صحيح. وأخرجه البيهقي في "سننه" (6 / 17) من طريق المصنِّف، به مثله سواء. وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص200) من طريق يحيى بن حكيم، وعبد الله بن الصباح، وعلي بن الحسين الدرهمي، قالوا: حدثنا عبد العزيز أبو عبد الصمد العمي، به نحوه. وسيأتي ذكر طرقه عن الحسن البصري في الحديث الآتي بعده. (1) هو يونس بن عبيد بن دينار العَبْدي، أبو عبيد البصري، يروي عن إبراهيم التَّيْمي وثابت البُناني وابن سيرين وعطاء بن أبي رباح والحسن البصري وغيرهم، روى عنه شعبة والثوري والحمّادان وخالد بن عبد الله الطحّان وهشيم بن بشير وغيرهم، وكانت وفاته سنة تسع وثلاثين ومائة، وهو ثقة ثبت فاضل ورع وروى له الجماعة، وثقه ابن سعد وأحمد وابن معين والنسائي وأبو حاتم وغيرهم، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: ((كان من سادات أهل زمانه وفضلاً وحفظًا وإتقانًا وسنة وبغضًا لأهل البدع، مع التقشُّف الشديد في الدين، والحفظ الكثير)) . =

117- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا دَاوُدُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنَّمَا يَبِيعُ ثَمَنَ وَرَقِهِ، وَأَجْرَ كِتَابِهِ. 118- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا، عَنْ دَاوُدَ، عن الشعبي، مثل ذلك.

_ = "الجرح والتعديل" (9 / 242 رقم 1020) ، و"التهذيب" (11 / 442 - 445 رقم 855) ، و"التقريب" (ص613 رقم 7909) . وقد وصف النسائي يونس بن عبيد بالتدليس، لكن ذكره الحافظ ابن حجر في الطبقة الثانية من "طبقات المدلسين" (ص77 رقم 64) ، وهم: من احتمل الأئمة تدليسهم وأخرجوا لهم في الصحيح؛ لإمامتهم وقلة تدليسهم في جنب ما رووا، أو لأنهم لا يدلسون إلا عن ثقة. [116] سنده صحيح. وأخرجه البيهقي في "سننه" (6 / 17) من طريق المصنِّف، به مثله، إلا أنه قال: ((ببيع المصاحف)) . وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل" (ص367 رقم 869) من طريق هشيم، بمثل لفظ البيهقي. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (6 / 65 رقم 271) من طريق عبد الله بن إدريس، عن هشام، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُ كَانَ لَا يرى ببيعها وشرائها بأسًا. وأخرجه أيضًا برقم (273) من طريق داود عن الحسن، أنه لم يكن يرى ببيعها وشرائها بأسًا. وتقدم في الحديث [113] أن رواية عبد الرزاق في "المصنف" فيها زيادة: (قال مالك: وسألت عنه الحسن والشعبي، فلم يريا به بأسًا) ، وسنده صحيح. وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص200 و 201) من طريق أبي بكر الهذلي، وسلام بن مسكين، ويزيد بن إبراهيم، والأشعث، وعوف الأعرابي، وخالد الحذاء، ومطر الوراق، وداود بن أبي هند، وهشام، جميعهم عن الحسن، به نحوه ومعناه. [117 و 118] * أما الأول فسنده صحيح، وأما الثاني فسنده حسن لذاته، وصحيح لغيره. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأخرجه البيهقي في "سننه" (6 / 17) من طريق المصنِّف، ثنا هشيم، ثنا داود، عن الشعبي ... ، فذكره بمثله، إلا أنه وقع فيه: (يبتغي) ، وأشار المحقق إلى أن في هامش إحدى النسخ: (سع) كذا، ولم ينقطها! وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل" (ص367 رقم 870) من طريق هشيم، بنحوه. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 113 رقم 14527) من طريق الثوري، عن داود، عن الشعبي قال: إنما يشتري ورقه وعمله. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (6 / 64 رقم 270) من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة، عن داود، به بنحوه. وأخرجه البخاري في "خلق أفعال العباد" (ص77 رقم 232) من طريق وهيب، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ فِي بيع المصاحف: أنه لا يبيع كتاب الله، وإنما يبيع عمل يديه. وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص202) من طريق ابن أبي عدي، وشعبة، وسفيان الثوري، وحماد، وجميعهم عن داود، به بنحو لفظ البخاري. وأخرجه ابن أبي داود أيضًا (ص192) من طريق ابن فضيل، عن داود قال: سألت عامرًا [هو الشعبي] فقال: إنما يبيعون الكتاب والأوراق، ولا يبيعون كتاب الله. وأخرجه أيضًا (ص202) من طريق إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ الشعبي، بنحو سابقه. وجاء معناه من طريق مطر الورّاق، عن الحسن والشعبي أنهما كانا لا يريان بأسًا ببيع المصاحف. أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (6 / 65 رقم 272) . وعبد الرزاق في "مصنفه" (8 / 113 رقم 14526) . وأبو عبيد في "الفضائل" (ص367 رقم 868) . وابن أبي داود في "المصاحف" (ص201) . والبيهقي في "سننه" (6 / 17) . =

119- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا لَيْثٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: (اشْتَرِ) (1) الْمَصَاحِفَ، (وَلَا تَبِعْهَا) (1) . 120- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مثله.

_ (1) في الأصل: (لا تشتري) و: (ولا تبيعها) ، وما أثبته من "سنن البيهقي" حيث روى الحديث من طريق المصنِّف، لكنه بصيغة الإفراد عنده، وسيأتي لفظه. [119 و 120] * إسنادهما ضعيف لضعف الليث بن أبي سليم، لكنه صحيح من طرق أخرى كما سيأتي. وأخرجه البيهقي في "سننه" (6 / 16) في البيوع، باب ما جاء في كراهية بيع المصاحف، من طريق المصنِّف، ثنا هشيم، ثنا لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عباس قَالَ: اشْتَرِ الْمُصْحَفَ وَلَا تَبِعْهُ. وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل": (ص364 رقم 860) : حدثنا هشيم، أخبرنا الليث ... ، فذكره بمثل لفظ المصنِّف. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (6 / 63 رقم 261) من طريق إسماعيل بن إبراهيم، وابن إدريس، كلاهما عن ليث، به بمعناه. وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص197) من طريق زهير، وسعيد بن زيد، والمحاربي، ثلاثتهم عن ليث، به بمعناه، إلا أن رواية المحاربي هكذا: (رُخِّص في شرائها وكره بيعها) . قال ابن أبي داود: ((كذا قال: رُخِّص! كأنه صار مسندًا)) . وذكر النووي في "المجموع" (9 / 303) هذا الأثر فقال: ((وعن ابن عبسا بإسناد ضعيف: اشتر المصحف ولا تبعه)) ، مع أنه قد صح من طرق أخرى. فقد روي عن ابن عباس أيضًا من ثلاثة طرق: (1) طريق عطاء بن أبي رباح. أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 112 رقم 14521) فقال: أخبرنا عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال في بيع =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = المصاحف: اشترها ولا تبعها. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن حزم في "المحلى" (9 / 682) . وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص196 و 197) من ثلاثة طرق عن عبد الملك. وسند عبد الرزاق صحيح. عطاء بن أبي رباح تقدم في الحديث [15] أنه ثقة فقيه فاضل. وعبد الملك بن أبي سليمان ميسرة العَرْزَمي - بفتح المهملة، وسكون الراء، وبالزاي المفتوحة -، روى عن أنس بن مالك وعطاء بن أبي رباح وسعيد بن جبير وغيرهم، روى عنه شعبة والثوري وابن المبارك ويحيى القطان وهشيم وعبد الرزاق وغيرهم، وكانت وفاته سنة خمس وأربعين ومائة، وهو ثقة حافظ ربما أخطأ، فقد وثقه أحمد وابن معين والنسائي، وقال ابن عمار: ((ثقة حجة)) ، وقال ابن سعد: ((كان ثقة مأمونًا ثبتًا)) ، وقال العجلي: ((ثقة ثبت في الحديث)) ، وقال يعقوب بن سفيان: ((ثقة متقن فقيه)) ، وقال الترمذي: ((ثقة مأمون، لا نعلم أحدًا تكلم فيه غير شعبة)) . وكان سفيان الثوري يسميه الميزان، ويقول: ((حدثني الميزان)) ، ويقول بيده كأنه يزن، وقال مرة: ((حفاظ الناس: إسماعيل بن أبي خالد - فبدأ به -، وعبد الملك بن أبي سليمان العرزمي، ويحيى بن سعيد الأنصاري ... )) ، وذكر جماعة. وقال عبد الله بن المبارك: ((عبد الملك ميزان)) ، وقال عبد الرحمن بن مهدي: ((كان شعبة يعجب من حفظ عبد الملك)) . قلت: ومع ذلك ترك حديثه؛ قال أمية بن خالد: قلت لشعبة: مالك لا تحدث عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سليمان؟ قال: تركت حديثه، قلت: تحدث عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ العرزمي وتدع عبد الملك وقد كان حسن الحديث؟! قال: من حسنها فررت. وقال الحسين بن حبان: وجدت في كتاب أبي بخط يده: سئل يحيى بن معين عن حديث عطاء، عن جابر في الشفعة، فقال: هو حديث لم يحدث به أحد إلا عبد الملك، وقد أنكره الناس عليه، ولكن عبد الملك ثقة صدوق لا يرد على مثله. قلت: تكلم =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = فيه شعبة؟ قال: نعم. وقال أبو داود: قلت لأحمد - أي ابن حنبل -: عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ؟ قال: ثقة، قلت: يخطئ؟ قال: نعم، وكان من أحفظ أهل الكوفة، إلا أنه رفع أحاديث عن عطاء. اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 366 - 368 رقم 1719) ، و"الكامل" لابن عدي (5 / 1940 - 1941) ، و"تاريخ بغداد" (10 / 393 - 398 رقم 5570) ، و"التهذيب" (6 / 396 - 398 رقم 848) . قلت: وقد ذكر الخطيب في "تاريخه" كلام شعبة المتقدم، ثم رد عليه بقوله: ((قد أساء شعبة في اختياره حيث حدث عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ العرزمي وترك التحدث عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سيلمان؛ لأن محمد بن عبيد الله لم تختلف الأئمة من أهل الأثر في ذهاب حديثه وسقوط روايته، وأما عبد الملك فثناؤهم عليه مستفيض، وحسن ذكرهم له مشهور)) ، ثم أخذ في ذكر أقوال الأئمة في توثيقه والثناء عليه. وقد ذكر ابن حبان عبد الملك هذا في "الثقات" (7 / 97 - 98) وقال: ((ربما أخطأ)) ، ثم قال: ((كان عبد الملك من خيار أهل الكوفة وحفاظهم، والغالب على من يحفظ ويحدث من حفظه أن يهم، وليس من الإنصاف ترك حديث شيخ ثَبْت صَحَّتْ عدالته بأوهام يهم في روايته، ولو سلكنا هذا المسلك للزمنا ترك حديث الزهري وابن جريج والثوري وشعبة لأنهم أهل حفظ وإتقان، وكانوا يحدثون من حفظهم، ولم يكونوا معصومين حتى لا يهموا في الروايات، بل الاحتياط والأولى في مثل هذا: قبول ما يروي الثبت من الروايات، وترك ما صح أنه وهم فيها، ما لم يفحش ذلك منه حتى يغلب على صوابه، فإن كان كذلك استحق الترك حينئذ)) . اهـ. وهذا الذي ذكر ابن حبان فيه إنصاف لهؤلاء الأئمة الحفاظ الذين يغلب =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = على حديثهم الضبط والإتقان، وقد يهمون في الشيء بعد الشيء كعبد الملك بن أبي سليمان، وقد اختار القول بتويثقه الشيخ عبد العزيز التخيفي في دراسته للمتكلم فيهم من رجال تقريب التهذيب (2 / 59 - 65) . ومع ذلك فلم يتفرد عبد الملك بهذا الحديث عن عطاء، بل تابعه عليه ابن جريج، وأبو عامر الخزاز صالح بن رستم. فقد أخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص196) من طريق سفيان الثوري، وأبي عاصم النبيل، كلاهما عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، به نحو سابقه. وقد صرّح ابن جريج بالسماع في رواية أبي عاصم. وأخرجه ابن أبي داود أيضًا (ص196 و 197) من ست طرق عن أبي عامر الخزاز، عن عطاء، بنحو سابقه. (2) طريق سعيد بن جبير. أخرجه ابن أبي شبية في "المصنف" (6 / 63 رقم 263) من طريق قتادة عن سعيد بن جبير بنحو لفظ المصنف. (3) طريق الشابة قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ بيع المصحف، فقال: اشتره ولا تبعه. أخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص198) من طريق رقيم بن الشابة، عن أبيه، قال ... ، فذكره. وبالجملة فهذا القول صحيح عن ابن عباس بما تقدم من الطرق، فتضعيف النووي له إنما هو باعتبار طريق الليث بن أبي سليم، والله أعلم.

121- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: أنا أَبُو بِشْرٍ (1) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: (اشْتَرِهَا، وَلَا تَبِعْهَا) (2) . 122- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: (اشْتَرِ) (3) الْمُصْحَفَ، (وَلَا تَبِعْهُ) (4) .

_ (1) هو جعفر بن إياس، وهو ابن أبي وَحْشِيَّة - بفتح الواو، وسكون المهملة، وكسر المعجمة، وتثقيل التحتانية -، اليَشْكُريّ، أبو بشر الواسطي، يروي عن عباد بن شرحبيل وله صحبة، وعن سعيد بن جبير وعطاء وعكرمة ومجاهد وغيرهم، روى عنه داود بن أبي هند وشعبة وأبو عوانة وهشيم وخالد بن عبد الله وغيرهم، واختلف في سنة وفاته، فقيل: مات سنة ثلاث وعشرين ومائة، وقيل: أربع، وقيل: خمس، وقيل: ست وعشرين ومائة، وقيل: سنة إحدى وثلاثين ومائة، وهو ثقة، من أثبت الناس في سعيد بن جبير، وضعف شعبه روايته عن حبيب بن سالم، وعن مجاهد، وقال: إنه لم يسمع منهما، وقد روى له الجماعة، ووثقه ابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم والعجلي والنسائي، وقال البرديجي: ((كان ثقة، وهو من أثبت الناس في سعيد بن جبير)) . انظر "الجرح والتعديل" (2 / 473 رقم 1927) ، و"التهذيب" (2 / 83 - 84 رقم 129) ، و"التقريب" (ص139 رقم 930) . (2) في الأصل: (اشتريها، ولا تبيعها) . (3، 4) في الأًصل: (اشتري) و (ولا تبيعه) . [121 و 122] * سنداهما صحيحان. وقال النووي في "المجموع" (9 / 303) : ((وبإسناد صحيح عن سعيد بن جبير: اشتره ولا تبعه)) . وأخرجه البيهقي في "سننه" (6 / 16) في البيوع، باب ما جاء في كراهية بيع المصاحف، من طريق المصنِّف، (ثنا هشيم، ثنا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جبير مثله من قوله) . وقوله: (مثله) : أي مثل لفظ أثر سابق له عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: (اشْتَرِ المصحف ولا تبعه) . =

123- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا خَالِدٌ (1) ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَبِيدَة السَّلْماني: أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ بَيْعَ الْمَصَاحِفِ وَاشْتِرَاءَهَا.

_ = وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل" (ص365 رقم 862) من طريق هشيم، به مثله. وأخرجه ابن حزم في "المحلى" (9 / 684) من طريق وكيع، عن شعبة، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بن جبير قَالَ: اشْتَرِ الْمَصَاحِفَ وَلَا تَبِعْهَا. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (6 / 63 رقم 262) . وابن أبي داود في "المصاحف" (ص198) . كلاهما من طريق حماد بن أبي سليمان، عن سعيد بن جبير، به، ولفظ ابن أبي داود مثل لفظ حديث شعبة السابق، ولفظ ابن أبي شيبة بمعناه. وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص368 رقم 871) من طريق أبي شهاب موسى بن نافع قال: قال سعيد بن جبير: هل لك في مصحف عندي قد كفيتك عرضه تشتريه؟ وبمعنى سياق أبي عبيد أخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص175) من طريق أبي شهاب. (1) هو ابن مهران الحذّاء، تقدم في الحديث [88] أنه ثقة. [123] سنده صحيح. وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل" (ص366 رقم 864) من طريق هشيم، به نحوه. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (6 / 61 رقم 249) من طريق ابن علية، عن خالد، به نحوه. وأخرجه ابن حزم في "المحلى" (9 / 683) من طريق ابن أبي شيبة السابق، ومن طريق يزيد بن زريع، عن خالد الحذاء، به نحوه. وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص192) من طريق سفيان، عن خالد الحذاء، به نحوه.

124- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا، عَنْ لَيْث بْنِ أَبِي سُليم، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ (1) ، قَالَ: قَالَ (ابْنُ) (2) عُمَرَ: لَوَدِدْتُ أَنَّ (الْأَيْدِيَ) (3) قُطعت في بيع المصاحف.

_ (1) هو سالم بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بن الخطاب القرشي العدوي المدني، أحد الفقهاء السبعة، روى عن أبيه وأبي هريرة وأبي رافع وأبي أيوب وغيرهم، روى عنه الزهري وأبو قلابة الجَرْمي وحميد الطويل وعمرو بن دينار وغيرهم، وكانت وفاته سنة ست ومائة، وكان ثبتًا عابدًا فاضلاً، كان يُشَبَّه بأبيه في الهدي والسَّمت، وقد روى له الجماعة. قال مالك: ((لم يكن أحد في زمان سالم ابن عبد الله أشبه من مضى من الصالحين في الزهد والفضل والعيش منه)) ، وقال ابن المبارك: ((كان فقهاء أهل المدينة سبعة)) ، فذكره فيهم. ووثقه العجلي وابن سعد، وزاد: ((كثير الحديث، عاليًا من الرجال)) ، وقال ابن حبان: ((كان يشبه أباه في السَّمْت والهدي)) . اهـ. من "طبقات ابن سعد" (5 / 195 - 201) ، و"تاريخ الثقات" للعجلي (ص174 رقم 499) ، و"التهذيب" (3 / 463 - 438 رقم 807) ، و"التقريب" (ص226 رقم 2176) . (2) ما بين القوسين ليس في الأصل، وإنما زيد من "سنن البيهقي" لكونه روى الحديث من طريق المصنِّف. (3) في الأصل: (يدي) ، وما أثبته من "سنن البيهقي". [124] سنده ضعيف لضعف الليث بن أبي سليم، لكنه صحيح من طريق آخر. وأخرجه البيهقي في "سننه" (6 / 16) في البيوع، باب ما جاء في كراهية بيع المصاحف، من طريق المصنف، به مثله سواء. وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص180) من طريق أبي سنان سعد بن سنان، عن اللَّيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ نافع، عن ابن عمر، به نحوه، فلست أدري، أهو اضطراب من الليث، أم أن له فيه إسنادًا غير الإسناد الأول. وقد صح الحديث من طريق سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عمر. أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (6 / 62 رقم 255) ، فقال: نا وكيع، عن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = سفيان، عن سَالِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عن ابن عمر قال: وددت أني رأيت الأيدي تقطع في بيع المصاحف. وأخرجه ابن حزم في "المحلى" (9 / 682) من طريق وكيع، به مثل لفظ ابن أبي شيبة. وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات تقدموا، عدا سالم بن عَجْلان الأَفْطَس، الأُموي، مولاهم، أبي محمد الحرَّاني، يروي عن سعيد بن جبير والزهري ونافع مولى ابن عمر وغيرهم، روى عنه ابنه عمر بن سالم وإسرائيل وسفيان الثوري وغيرهم، وكانت وفاته سنة اثنتين وثلاثين ومائة، وهو ثقة، إلا أنه رمي بالإرجاء، فقد وثقه الإمام أحمد والعجلي وابن سعد وزاد: ((كثير الحديث)) ، وقال الدارقطني: ((ثقة يجمع حديثه)) ، وقال أبو حاتم: ((صدوق، وكان مرجئًا، نقيَّ الحديث)) . وأما ابن حبان فقال: ((كان ممن يرى الإرجاء، ويقلب الأخبار، وينفرد بالمعضلات عن الثقات، اتهم بأمر سوء، فقتل صبرًا)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (4 / 186 رقم 806) ، و"التهذيب" (3 / 441 - 442 رقم 814) ، و"التقريب" (ص227 رقم 2183) . قلت: وابن حبان معروف بتشديده في الجرح، وكلام الأئمة الآخرين بخلافه، وأما الإرجاء فلا تُردّ روايته لأجله إن لم تكن مما يؤيد بدعته، أو كان داعيًا إليه. والحديث أخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص180 و 181) من طريق سفيان الثوري، عن سالم، به نحوه. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 112 - 113 رقم 14525) من طريق إسرائيل، عن سالم، به نحوه. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (6 / 61 رقم 250) . وابن أبي داود في "المصاحف" (ص180) . كلاهما من طريق اللَّيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ سالم، به نحوه. =

125- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، قَالَ: سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ عَنْ كِتَابِ المعلِّم، فَقَالَ: كَانَ مُعَلِّمٌ بِالْمَدِينَةِ، وَكَانَ عِنْدَهُ أَوْلَادُ أُولَئِكَ الضِّخام (1) ، وَكَانَ مَمْلُوكًا، وَكَانَ مَوَالِيهِ يكلِّفونه الشَّيْءَ، فَيَقُولُ الْغِلْمَانُ: دَعْنا نَكْفيك، فَيَأْبى عليهم.

_ = وأخرجه ابن أبي داود أيضًا من طريق أبي مالك النخعي، وشريك بن عبد الله، وقيس بن الربيع، ثلاثتهم عن سالم، به، ولفظ أبي مالك مثل لفظ المصنف، ولفظ الآخرين نحوه. وعليه فالحديث بهذا الطريق صحيح لغيره عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عنهما، والله أعلم. (1) لعله يقصد أهل السُّؤْدد والشرف من الناس، ففي "لسان العرب" (12 / 354) : ((المِضْخَم: السيِّد الضخم الشريف)) . [125] سنده صحيح. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (6 / 223 رقم 883) فقال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا مهدي بن ميمون، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: كَانُ بالمدينة معلم عنده من أبناء أولئك الضخام، فكانوا يعرفون حقه في النيروز والمهرجان. ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه ابن حزم في "المحلى" (9 / 25) . تنبيه: وقع في المطبوع من المصنف تصحيف معظمه ناشئ من سوء تصرف المحقق، وما أثبته هو الصواب؛ بالاستعانة بالمحلى؛ لكون ابن حزم روى الحديث من طريق ابن أبي شيبة. وهذه الأحاديث والآثار من رقم [102] حتى هنا، أوردها المصنِّف فيما يتعلق بمسألة بيع المصحف وشرائه، والإجارة على نسخة، والإجارة على تعليم القرآن ونحو ذلك من أعمال القُرَب، وهي من المسائل المختلف فيها، وتجد الكلام عنها مفصلاً في "المحلّى" لابن حزم (9 / 22 - 26) ، و"المهذَّب" للشيرازي (1 / 269) وشرحه: ((المجموع)) للنووي (9 / 302 - 303) ، و"المغني" لابن قدامة (4 / 291 - 292) و (5 / 553 - 554 و 555 - 559) ، و"الفتاوى" لشيخ الإسلام =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ابن تيمية (30 / 204 - 207) ، و"نصب الراية" للزيلعي (4 / 135 - 141) ، و"فتح الباري" لابن حجر (4 / 453 - 458) و (9 / 205 - 216) ، و"نيل الأوطار" للشوكاني (5 / 322 - 327) ، و"كتاب الإجارة الواردة على عمل الإنسان" للدكتور شرف بن علي الشريف (ص146 - 160) . وأما ما يتعلق ببيع المصاحف وشرائه ونسخه بالأجرة، فالراجح جواز ذلك، لأن فيه نشرًا لكتاب الله والانتفاع به، ولأنه لم يأت دليل صريح بالمنع من ذلك، فبقي على أصله: الإباحة، وهو قول الشافعية، إلا أن بعضهم ذهب إلى جواز الشراء وكراهة البيع. قال الشيرازي في "المهذب" (1 / 269) : ((ويجوز بيع المصاحف وكتب الأدب؛ لما روي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه أنه سئل عن بيع المصاحف، فقال: لا بأس؛ يأخذون أجور أيديهم، ولأنه طاهر منتفع بهن فهو كسائر الأموال)) . قال في "المجموع" (9 / 302 - 303) بعد أن ذكر عبارة "المهذب": [اتفق أصحابنا على صحة بيع المصحف، وشرائه، وإجارته، ونسخه بالأجرة. ثم إن عبارة المصنِّف والدارمي وغيرهما: أنه يجوز بيعه، وظاهر هذه العبارة أنه ليس بمكروه، وقد صرَّح بعدم الكراهة الرُّوياني، والصحيح من المذهب: أنه بيعه مكروه، وهو نصّ الشافعي في كتاب اختلاف علي وابن مسعود، وبه قطع البيهقي في كتابه "السنن الكبير"، و"معرفة السنن والآثار"، والصيمري في كتابه "الإيضاح"، وصاحب "البيان"، فقال: يكره بيعه، قال: وقيل: يكره البيع دون الشراء، هذا تفصيل مذهبنا، وروى الشافعي والبيهقي بإسناده الصحيح عن ابن مسعود أنه كره شراء المصحف وبيعه. قال الشافعي: ولا يقول أبو حنيفة وأصحابه بهذا بل لا يرون بأسًا ببيعه وشرائه. قال: ومن الناس من لا يرى بأسًا بالشراء. قال الشافعي: ونحن نكره بيعها. وقال ابن المنذر في "الإشراف": اختلفوا في شراء المصاحف وبيعه، فروي عن ابن عمر أنه شدد في بيعه، وقال: وددت أن الأيدي تقطع في بيع المصاحف. قال: =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وروينا عن أبي موسى الأشعري كراهة ذلك. قال: وكره بيعها وشراءها علقمة وابن سيرين والنخعي وشريح ومسروق وعبد الله بن يزيد، ورخص جماعة في شرائها، وكرهوا بيعها روينا هذا عن ابن عباس وسعيد بن جبير وإسحاق، وقال أحمد: الشراء أهون، وما أعلم في البيع رخصة. قال: ورخصت طائفة في بيعه وشرائه منهم الحسن وعكرمة والحكم. وروى البيهقي بإسناده عن ابن عباس ومروان بن الحكم أنها سُئلا عن بيع المصاحف للتجارة فقالا: لا نرى أن تجعله متجرًا، ولكن ما علمت بيديك فلا بأس به. وعن مالك بن أنس أنه قال: لا بأس ببيع المصحف وشرائه. وعن ابن عباس بإسناد ضعيف: ((اشتر المصحف ولا تبعه)) ، وبإسناد صحيح عن سعيد بن جبير: ((اشتره ولا تبعه)) ، وعن عمر أنه قال: ((كان يمر بأصحاب المصاحف فيقول: بئس التجارة)) ، وبإسناد صحيح عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ التابعي المجمع على جلالته وتوثيقه قال: ((وكان أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَكْرَهُونَ بَيْعَ الْمَصَاحِفِ)) . قال البيهقي: وهذه الكراهة على وجه التنزيه تعظيمًا للمصحف عن أن يبذل بالبيع؛ أو يجعل متجرًا، قال: وروي عن ابن مسعود الترخيص فيه، وإسناده ضعيف، قال: وقول ابن عباس اشتر المصحف ولا تبعه - إن صح عنه - يدل على جواز بيعه مع الكراهة والله سبحانه وتعالى أعلم] . اهـ. وأما ما يتعلق بالإجارة على تعليم القرآن، فإن كان من بيت مال المسلمين فهو جائز كما يعطى الأئمة والمؤذنون والقضاة. والخلاف إنما هو فيما كان على وجه الارتزاق، فهذا جوّزه بعضهم، ومنعه آخرون، وقال بعضهم بجوازه مع الحاجة دون الغنى، وقال بعضهم بجوازه إذا دفع إليه من غير سؤال ولا استشراف نفس، قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في "الفتاوى" (30 / 205 - 206) : ((وإنما تنازع العلماء في جواز الاستئجار على تعليم القرآن والحديث والفقه على قولين مشهورين، هما روايتان عن أحمد: إحداهما - وهو مذهب أبي حنيفة وغيره -: أنه لا يجوز الاستئجار على ذلك. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = والثانية- وهو قول الشافعي -: أنه يجوز الاستئجار. وفيها قول ثالث في مذهب أحمد: أنه يجوز مع الحاجة دون الغني كما قال تعالى في ولي اليتيم: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كان فقيرًا فليأكل بالمعروف} . ويجوز أن يعطى هؤلاء من مال المسلمين على التعليم؛ كما يعطى الأئمة والمؤذنون والقضاة، وذلك جائز مع الحاجة)) . اهـ. وقال الشوكاني في "نيل الأوطار" (5 / 324) : ((وذهب الجمهور إلى أنها تحلّ الأجرة على تعليم القرآن، وأجابوا عن أحاديث الباب بأجوبة، منها: أن حديث أبي وعبادة قضيّتان في عين، فيحتمل أنَّ النَّبِيَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - علم أنهما فعلا ذلك خالصًا لله، فكره أخذ العوض عنه. وأما من علّم القرآن على أنه لله، وأن يأخذ من المتعلِّم ما دفعه إليه بغير سؤال ولا استشراف نفس، فلا بأس به)) . اهـ.، وحديث أُبَيّ هذا الذي ذكره الشوكاني تقدم تخريجه برقم [109] . وممن ذهب إلى جواز الإجارة على ذلك: ابن حزم، فقال في "المحلّى" (9 / 22) : والإجارة جائزة على تعليم القرآن، وعلى تعليم العلم مشاهرة وجملة، وكل ذلك جائز وعلى الرُّقى، وعلى نسخ المصاحف، ونسخ كتب العلم; لأنه لم يأت في النهي، عن ذلك نصّ، بل قد جاءت الإباحة..)) ، ثم استدلّ على الجواز بما أخرجه البخاري في "صحيحه" (10 / 198 - 199 رقم 5737) في الطب، باب الشروط في الرقية بفاتحة الكتاب، من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أن نفرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - مرُّوا بماء فيهم لديغ - أو سليم -، فعرض لهم رجل من أهل الماء، فقال: هل فيكم من راقٍ؟ إن في الماء رجلاً لديغًا - أو: سليمًا -، فانطلق رجل منهم، فقرأ بفاتحة الكتاب شاء، فبرأ، فجاء بالشاء إلى أصحابه، فكرهوا ذلك، وقالوا: أخذت على كتاب الله أجرًا؟ حتى قدموا المدينة، فقالوا: يا رسول الله، أخذ على كتاب الله أجرًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((إن أحق ما أخذتم عليه أجرًا: كتاب الله)) . وأخرجه البخاري أيضًا (4 / 453 رقم 2276) في الإجارة، باب ما يُعطى في =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = الرقية على أحياء العرب بفاتحة الكتاب، و (10 / 198 رقم 5736) في الطب، باب الرقى بفاتحة الكتاب، من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: انطلق نفر مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم في سفرة سافروها، حتى نزلوا على حيٍّ من أحياء العرب، فاستضافوهم فأبوا أن يضيِّفوهم، فلُدِغ سيِّد ذلك الحيّ، فسعوا له بكل شيء، لا ينفعه شيء فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا لعلّه أن يكون عند بعضهم شيء، فأتوهم فقالوا: يا أيها الرهط، إن سيّدنا لدغ وسعينا له بكل شيء لا ينفعه، فهل عند أحد منكم من شيء؟ فقال بعضهم: نعم والله، إني لأَرْقي، ولكن والله لقد استضفناكم فلَم تضيِّفونا فما أنا براقٍ لكم حتى تجعلوا لنا جُعلاً فصالحوهم على قطيع من الغنم، فانطلق يَتْفِلُ عليه ويقرأ: {الحمد لله رب العالمين} . فكأنما نشِط من عقال فانطلق يمشي وما به قَلَبَة، قال: فَأَوْفَوْهم جعلهم الذي صالحوهم عليه، فقال بعضهم: اقسموا فقال الذي رقى: لا تفعلوا حتى نأتي النبي صلى الله عليه وسلم فنذكر له الذي كان فننظر ما يأمرنا فقدموا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - فذكروا له، فقال: ((وما يدريك أنها رقية؟)) . ثم قال: ((قد أصبتم اقسموا واضربوا لي معكم سهمًا)) ، فضحك النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. اهـ. وقوله في الحديث: ((وما به قَلَبَة)) ، أي: أَلَمٌ وعِلَّةٌ كما في "النهاية في غريب الحديث" (4 / 98) . وحديث أبي سعيد هذا أخرجه مسلم في "صحيحه" (4 / 1727 - 1728 رقم 65 و 66) ، في السلام، باب جواز أخذ الأجرة على الرقية بالقرآن والأذكار. واستدلّ ابن حزم أيضًا بحديث سهل بن سعد الساعدي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إِنِّي لفي القوم عند رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، إذا قامت امرأة فقالت: يا رسول الله، إنها قد وهبت نفسها لك، فَرَ فيها رأيك، فلم يجبها شيئًا، ثم قامت فقالت: يا رسول الله، إنها قد وهبت نفسها لك، فَرَ فيها رأيك، فلم يجبها شيئًا ثم قامت الثالثة، فقالت: إنها قد وهبت نفسها لك، فَرَ فيها رأيك، فقام رجل، فقال: يا رسول الله أنكحْنِيها، قال: ((هل عندك من شيء؟)) قال: لا، قال: ((اذهب فاطلب ولو خاتمًا =

126- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حُدَيْج بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: نا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِيبٍ (1) ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: أُنزل المفصَّل بِمَكَّةَ، فَمَكَثْنَا حِججًا نقرؤه، لا ينزل غيره.

_ = من حديد، فذهب وطلب، ثم جاء فقال: ما وجدت شيئًا، ولا خاتمًا من حديد، قال: ((هل معك من القرآن شيء؟)) قال: معي سورة كذا وسورة كذا، قال: ((اذهب فقد أنكحُتكها بما معك من القرآن)) . أخرجه البخاري في "صحيحه" (9 / 205 رقم 5149) في النكاح، باب التزويج على القرآن وبغير صداق. ومسلم في "صحيحه" (2 / 1040 - 1041 رقم 5149) في النكاح، باب التزويج على القرآن وبغير صداق. ومسلم في "صحيحه" (2 / 1040 - 1041 رقم 76 و 77) في النكاح، باب الصداق، وجواز كونه تعليم قرآن وخاتم حديد. وهذا الذي ذهب إليه ابن حزم وغيره هو الراجح الذي تؤيّده الأدلة، وأما أدّلة المانعين، ومن أهما الحديثان المتقدمان برقم [108 و 109] ، فقد أجاب عنها المجيزون بأجوبة سبق نقل بعضها عن الشوكاني، وتجد باقيها في "نيل الأوطار" (5 / 324) ، وذهب ابن حزم إلى تضعيفها حيث قال (6 / 25 - 26) : ((أما الأحاديث في ذلك عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -، فلا يصح منها شيء ... )) ، ثم أخذ في إعلالها، وبعضها حسن لغيره كما تقدم بيانه برقم [108 و 109] . وأما الآثار عن الصحابة رضي الله عنهم، فأجاب عنها ابن حزم بقوله: ((والصحابة رضي الله عنهم قد اختلفوا، فبقي الأثران الصحيحان عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - اللذان أوردناهما لا معارض لهما)) . اهـ. ويعني ابن حزم بالأثرين: حديثي الرقية بفاتحة الكتاب، والواهبة نفسها، وتقدم ذكرهما، والله أعلم. (1) هو أبو عبد الرحمن السلمي، تقدم في الحديث [21] أنه ثقة ثبت. [126] سنده ضعيف؛ فيه حُديج بن معاوية وأبو إسحاق السبيعي، وتقدم في الحديث [1] أن حديج بن معاوية صدوق يخطئ، وأن أبا إسحاق مدلِّسٌ واختلط في آخر عمره، ولم يصرِّحْ أبو إسحاق هنا بالسماع، ولم يُذكر حديجٌ فيمن روى عنه قبل الاختلاط. =

127- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حُدَيْج بنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَا يَغُرَّنَّكُمْ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ، إِنَّمَا هُوَ كَلَامٌ يُتَكَلَّمُ بِهِ، وَلَكِنِ انْظُرُوا إلى من يعمل به.

_ = والحديث أخرجه الطبراني في "الأوسط" من طريق المصنِّف، به مثله، إلا أنه قال: ((نزل)) و: ((نقرأ)) . انظر "مجمع البحرين" (ل 179 / ب) . قال الطبراني: ((لم يروه عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عبد الرحمن إلا حديج)) . وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7 / 157) وقال: ((رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه حديج بن معاوية، وثقه أحمد وغيره، وضعفه جماعة)) . وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 522 رقم 10192) . والحاكم في "المستدرك" (2 / 224) . كلاهما من طريق إسرائيل، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ الله قال: قرأنا المفصل حججًا ونحن بمكة ليس فيه: {يا أيها الذين آمنوا} . وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 84) وعزاه أيضًا لعبد بن حميد. قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي. أقول: وكلا الطريقين مدارهما على أبي إسحاق السبيعي، وتقدم أنه مدلس واختلط، فيبقى الحديث على ضعفه لاحتمال أن يكون هذا من أثر اختلاطه؛ حيث رواه مرة عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عبد الله بن حبيب، ومرة عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، ويحتمل أن يكون له فيه إسنادان فإنه مكثر، لكن لم يتبيّن. [127] سنده ضعيف جدًّا؛ حديج بن معاوية تقدم أنه صدوق يخطئ، وأبو إسحاق السبيعي قد اختلط، وفيه انقطاع بينه وبين عمر فإنه لم يدركه، إنما ولد بعد وفاة عمر رضي الله عنه، قيل إنه ولد سنة تسع وعشرين، وقيل اثنتين وثلاثين كما في "التهذيب" (8 / 66) .

128- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ (1) ، قَالَ: نا أَبُو مَالِكٍ الأَشْجعي (2) ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفل الْأَشْجَعِيِّ (3) ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي حَدِيثُ عَهْدٍ بِشِرْكٍ، فَمُرْنِي بِأَمْرٍ (4) يُبَرِّئُنِي مِنَ الشِّرْكِ. قَالَ: اقْرَأْ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ} ، فَمَا أَخْطَأَهَا أَبِي مِنْ يَوْمٍ وَلَا لَيْلَةٍ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا.

_ (1) هو مروان بن معاوية بن الحارث بن أسماء الفزاري، أبو عبد الله الكوفي، نزيل مكة ودمشق، روى عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ وحميد الطويل وسليمان التيمي وعاصم الأحول وأبي مالك الأشجعي وغيرهم، روى عنه الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه ويحيى بن معين والحميدي وسعيد بن منصور وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاث وتسعين ومائة، وهو ثقة حافظ، وكان يدلِّس أسماء الشيوخ، وقد روى له الجماعة، ووثقه ابن سعد ويعقوب بن شيبة والنسائي، وقال ابن معين: ((ثقة ثقة)) ، وقال الإمام أحمد: ((ثبت حافظ)) ، وفي رواية: ((ثقة ما كان أحفظه!)) . وأما تدليسه للشيوخ، فما كان من روايته عن المعروفين فعدّه العلماء صحيحًا، وما كان عن المجهولين فغير صحيح؛ قال ابن المديني: ((ثقة فيما يروي عن المعروفين)) ، وضعفه فيما يروي عن المجهولين، وقال ابن نمير: ((كان يلتقط الشيوخ من السكك)) ، وقال العجلي: ((ثقة ثبت، ما حدث عن المعروفين، وما حدث عن المجهولين، ففيه ما فيه، وليس بشيء)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (8 / 272 - 273 رقم 1246) ، و"التهذيب" (10 / 96 - 98 رقم 177) ، و"التقريب" (ص526 رقم 6575) . (2) هو سعد بن طارق بن أَشْيَم - بمفتوحة، فساكنة معجمة، وفتح مُثَنَّاة تحت -، أبو مالك الأشجعي، الكوفي، روى عن أبيه وأنس وعبد الله بن أبي أوفى =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه خلف بن خليفة وابن إسحاق وشعبة والثوري ومروان بن معاوية وغيرهم، وبقي إلى حدود الأربعين ومائة، وهو ثقة؛ وثقه محمد بن إسحاق، وابن معين، والإمام محمد، والعجلي، وابن نمير، وقال ابن عبد البر: ((لا أعلمهم يختلفون في أنه ثقة عالم)) . "الجرح والتعديل" (4 / 86 - 87 رقم 378) ، و"التهذيب" (3 / 472 - 473 رقم 880) ، و"التقريب" (ص231 رقم 2240) . (3) عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ الْأَشْجَعِيِّ، كوفي يروي عن أبيه وله صحبة، روى عنه أبو مالك الأشجعي، وهو ثقة، قال العجلي في "تاريخ الثقات" (ص300 رقم 987) : ((كوفي تابعي ثقة)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (5 / 112) ، وسكت عنه البخاري في "تاريخه" (5 / 357 رقم 1134) ، وبيّض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (5 / 294 رقم 1392) . (4) في الأصل فوق الراء نقطة، وفي "الدر المنثور" (8 / 657) : (فمرني بآية تبرئني) ، نقلاً منه عن سعيد بن منصور وغيره. [128] سنده صحيح، ويتقوّى بالطريق الآخر الآتي. وعزاه الشوكاني في "فتح القدير" (5 / 505) إلى سعيد بن منصور. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (9 / 74 رقم 6580) و (10 / 249 - 250 رقم 9355) . والبخاري في "التاريخ الكبير" (5 / 357) . وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (2 / ل 222 / أ) . أما ابن أبي شيبة فعن مروان مباشرة، وأما البخاري فمن طريق أبي جعفر، وأما أبو نعيم فمن طريق حفص بن عبد الله الحلواني، عن مروان، به، ولفظ ابن أبي شيبة والبخاري نحوه، ولفظ أبي نعيم مثله، إلا أنه قال: ((فما تركها أبي في يوم ولا ليلة حتى مات)) ، ولم يذكر هذا ابن أبي شيبة. وطريق عبد الرحمن بن نوفل هذا أشار إليه الترمذي في "سننه" (9 / 349 - 350) في الدعوات، باب ما جاء فيمن يقرأ القرآن عند المنام. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وللحديث طريق آخر مداره على أبي إسحاق السبيعي، واختلف عليه اختلافًا كثيرًا. فمنهم من رواه عنه، عن فروة بن نوفل، عن أبيه، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -. ومنهم من رواه عنه، عن أبي فروة الأشجعي، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -. ومنهم من رواه عنه، فروة بن نوفل، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -. ومنهم من رواه عنه، عن رجل، عن فروة، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -. ومنهم من رواه عنه، عن فروة، عن جبلة، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -. ومنهم من رواه عنه، قال: جاء رجل من أشجع ... ، هكذا مرسلاً. وقد ذكر هذا الاختلاف الدارقطني في "العلل" (1 / ل 152 / ب) حيث سئل عن هذا الحديث فأجاب بقوله: ((يرويه أبو إسحاق السبيعي، واختلف عنه، فرواه الثوري، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي فروة الأشجعي، رفعه إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، وتابعه عبد العزيز بن مسلم، وقال: عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عن عروة بن نوفل ونوفل، وكلاهما وهم. ورواه إسرائيل وأشعث بن سوّار وأبو مريم ومحمد بن أبان عن أبي إسحاق، عن فروة بن نوفل الأشجعي وهو الصحيح. ورواه أَبُو مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرحمن بن نوفل، عن أبيه، ولعلّه أخو فروة، والله أعلم)) . اهـ. وهذا نص ما جاء في النسخة الخطية من "علل الدارقطني"، وأظنه لا يسلم من التصحيف، ومن ذلك: جعله عبد العزيز بن مسلم يروي الحديث عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، مع أن رواية عبد العزيز مستقلّة عن رواية شعبة، ومن ذلك قوله: (عن عروة بن نوفل ونوفل) ، وسيتضح خطأ ما هنا من خلال تخريج الروايات كما سيأتي. فالحديث أخرجه علي بن الجعد في "مسنده" (2 / 923 - 924 رقم 2654) عن شيخه زهير. ومن طريق ابن الجعد أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (2 / 82 رقم 787 / الإحسان) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (9 / 74 رقم 6579) و (10 / 249 رقم 9353) . والدارمي في "سننه" (2 / 329 رقم 3430) . كلاهما - أي ابن أبي شيبة والدارمي - من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين، عن زهير. وأخرجه أبو داود في "سننه" (5 / 303 رقم 5055) في الأدب، باب ما يقول عند النوم، من طريق عبد الله بن محمد النفيلي، عن زهير. ومن طريق أبي داود أخرجه الخطيب في "الأسماء المبهمة" (ص308) . وأخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة" (ص468 رقم 801) ، وفي تفسير سورة {قل يا أيها الكافرون} من كتاب التفسير (2 / 562 - 563 رقم 729) ، من طريق يحيى بن آدم، عن زهير. ومن طريق النسائي أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (ص185 - 186 رقم 689) . وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (2 / 538) من طريق أحمد بن يونس، عن زهير. ومن طريق الحاكم أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 459 - 460 رقم 2289) . وأخرجه أبو نعيم في "المعرفة" (2 / ل 222 / أ) من طريق أحمد بن يونس أيضًا وعون بن سلام، كلاهما عن زهير. جميع هؤلاء رووه عن زهير، عن أبي إسحاق، عن فروة بن نوفل، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ له: ((هل لك في ربيبة لنا فتكفلها؟)) ثم جاء فسأله عنها، فقال: تركتها عند أمها، قال: ((ما جاء بك؟)) قال: جئت يا رسول الله لتعلمني شيئًا أقول عند منامي، قَالَ: ((اقْرَأْ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الكافرون} ، ثم من على خاتمتها، فإنها براءة من الشرك)) . هذا لفظ علي بن الجعد، ولفظ الباقين نحوه, وبعضهم لم يذكر قصة الربيبة، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وقد بيَّن علي بن الجعد إدراجًا لزهير في الحديث يبين فيه أن الربيبة هي زينب. قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي. وقد تابع زهيرًا على روايته إسرائيل وزيد بن أبي أنيسة وأشعث بن سوّار وفطر بن خليفة. أما رواية إسرائيل، فأخرجها: الإمام أحمد في "المسند" (5 / 456) . والترمذي في "سننه" (9 / 349 رقم 3464) في الدعوات، باب منه. والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (ص468 رقم 802) . والحاكم في "المستدرك" (1 / 565) . ومن طريقه البيهقي في "الشعب" (5 / 460 - 461 رقم 2290) . وأشار الحافظ ابن حجر في "النكت الظراف" (9 / 64) إلى أن البزار أخرجه أيضًا من هذا الطريق. جميعهم من طريق إسرائيل، عن جده أبي إسحاق، به نحو رواية زهير مع ذكر القصة، إلا أن الترمذي أحال على لفظ حديث شعبة الآتي، فقال: ((فذكره نحوه بمعناه)) ، وأما النسائي ففي روايته شيء من الاختلاف، وهي من رواية شعيب عن إسرائيل، وفيها ذَكَر نوفل أن صاحب القصة هو ظئر زيد بن ثابت. قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي. وأما رواية زيد بن أبي أنيسة، فأخرجها ابن حبان في "صحيحه" (2 / 81 - 82 رقم 786 / الإحسان) ، عنه، عن أبي إسحاق، عن فروة بْنِ نَوْفَلٍ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قال: دخلت عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، فقلت: يا نبي الله، علّمني شيئًا أقوله إذا أويت إلى فراشي، قَالَ: ((اقْرَأْ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الكافرون} )) . وأما روايتا أشعث بن سوّار وفطر بن خليفة، فلم أجد من أخرجهما، لكن أشار إليهما أبو نعيم في "المعرفة" (2 / ل 222 / أ) عقب إخراجه لرواية زهير السابقة، فقال: ((رواه زيد بن أبي أنيسة وأشعث بن سوّار وإسرائيل وفطر بن خليفة، عن أبي إسحاق مثله)) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وخالف هؤلاء سفيان الثوري، وشعبة، وعبد العزيز بن مسلم، وشريك، وإسماعيل بن أبي خالد. أما سفيان، فقد اختلف عليه أيضًا. فرواه أبو داود الحَفري عنه، عن أبي إسحاق، عن فروة، عن أبيه كما في "التهذيب" (8 / 266) ، وهذه الرواية موافقة لرواية زهير ومن وافقه، وهي التي ذكرها أبو موسى المديني كما في "الإصابة" (5 / 367) حيث قال: ((ورواه الثوري، عن أبي إسحاق، عن فروة، عن أبيه)) . وأخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة" (ص469 رقم 804) من طريق عبد الله بن المبارك، عنه، عن أبي إسحاق، عن فروة الأشجعي، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - لرجل: ((اقْرَأْ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} عند منامك، فإنها براءة من الشرك)) . هكذا رواه ابن المبارك عن سفيان مرسلاً، وانظر "تحفة الأشراف" (9 / 64) . ورواه النسائي أيضًا (ص468 - 469 رقم 803) من طريق مخلد بن يزيد، عن سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ أبي فروة الأشجعي، عن ظئر لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم قال: ((من قَرَأَ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} عند منامه فقد برئ من الشرك)) . كذا رواه مخلد، عن سفيان، فجعله من رواية أبي فروة، عن ظئر رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -. وخالفهما أبو أحمد الزبيري، فرواه عن سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ أبي فروة الأشجعي، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - قال لرجل: ... ، فذكره بنحو سابقه. أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 459 رقم 2288) . وأما رواية شعبة، فأخرجها الترمذي في الموضع السابق من "سننه" (9 / 348 - 349 رقم 3463) ، من طريق أبي داود الطيالسي، عنه، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ رَجُلٍ، عن فروة بن نوفل، أنه أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، فقال: يا رسول الله، علّمني شيئًا أقوله إذا أويت إلى فراشي، فقال ... ، فذكره بنحو سابقه. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأما رواية عبد العزيز بن مسلم، فأخرجها أبو يعلى في "مسنده" (3 / 169 رقم 1596) ، من طريق عبد الواحد بن غياث، عنه، عن أبي إسحاق، عن فروة بن نوفل قال: أتيت المدينة، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -: ((ما جاء بك؟)) . قال: قلت: لتعلمني ... ، الحديث بنحو سابقه. ومن طريق أبي يعلى أخرجه ابن حبان في "الثقات" (3 / 330 - 331) . وابن الأثير في "أسد الغابة" (4 / 59) . وأما شريك، فاختلف عليه أيضًا. فأخرجه الإمام أحمد في "المسند" كما في "تفسير ابن كثير" (4 / 560) من طريق حجاج، حدثنا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ فروة بن نوفل، عن الحارث بن جبلة، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، علّمني ... ، الحديث بنحو سابقه، هكذا على أنه من مسند الحارث بن جبلة، ولم أجده في "المسند" المطبوع، وهو من "أطراف المسند" للحافظ ابن حجر (1 / ل 62 / أ) مثل ما جاء في "تفسير ابن كثير". وأخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة" (ص467 رقم 800) من طريق سعيد بن سليمان، حدثنا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ فروة، عن جبلة ... ، الحديث بنحو سابقه، هكذا على أنه من مسند جبلة بن حارثة أخي زيد بن حارثة. انظر "التهذيب" (2 / 61) . وأخرجه الطبراني في "الكبير" (2 / 322 رقم 2195) من طريق محمد بن الطفيل، ثنا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ جبلة بن حارثة، أنَّ النَّبِيَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - قال: ((إذا أويت إلى فراشك فاقرأ ... )) ، الحديث بنحوه هكذا ليس فيه ذكر لفروة بين أبي إسحاق وجبلة. وثَمَّ اختلاف آخر؛ ففي "الإصابة" (5 / 367) : ((ورواه أبو صالح الحرّاني عن شريك، فزاد فيه رجلاً؛ قال بعد جبلة: عن أخيه زيد بن حارثة)) . وذكر الحافظ ابن حجر في "الإصابة" (1 / 456 - 457) جبلة هذا، وقال: ((وله في النسائي حديث متصل صحيح الإسناد من رواية أبي إسحاق، عن فروة، عن جبلة بن حارثة في القول عند النوم، ولفظه ... )) ، ثم ذكره. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وهذا عجيب من الحافظ - رحمه الله -؛ إذ كيف يكون صحيح الإسناد وهو من رواية شريك بن عبد الله النخعي القاضي، وقد قال عنه هو في "التقريب": ((صدوق يخطئ كثيرًا تغيَّر حفظه منذ ولي القضاء)) كما تقدم بيانه في الحديث رقم [4] ؟! ومع ذلك فقد أعلّ ابن حجر نفسه هذا الطريق في موضع آخر، فقال في "الإصابة" (5 / 367) : ((وخالف الجميع شريك بن عبد الله القاضي، فقال: عن أبي إسحاق، عن جبلة بن حارثة، أخرجه النسائي من رواية سعيد بن سليمان عنه)) . اهـ، وهذا في معرض كلامه عن الاضطراب في هذا الحديث. وأما رواية إسماعيل بن أبي خالد، فأخرجها الخطيب في "الأسماء المبهمة" (ص308) من طريق محمد بن إسماعيل الصاغاني وعباس بن محمد بن حاتم، قالا: حدثنا يعلى - هو ابن عبيد الطنافسي -، قال: حدثنا إسماعيل - يعني ابن أبي خالد -، عن أبي إسحاق قال: جاء رجل من أشجع إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، فقال: يا رسول الله، علمني ... ، الحديث بنحو سابقه هكذا عن أبي إسحاق مرسلاً. وبهذا العرض للاختلاف على أبي إسحاق فمن دونه يمكن ترجيح رواية من رواه عن أبي إسحاق، عن فروة بن نوفل، عن أبيه، وهم زهير بن معاوية وإسرائيل وزيد بن أبي أنيسة ومن وافقهم ممن أشار إليهم أبو نعيم، وهذا الترجيح هو الذي قال به الترمذي، وأبو موسى المديني، والمزِّي، وابن حجر؛ لأن الذين رووه على هذا الوجه من الحفاظ، وهم الأكثر، وتؤيّدهم رواية عبد الرحمن بن نوفل عند المصنف هنا وغيره، ولأن كل طرق من الطرق التي فيها مخالفة يعتريها بعض ما يستوجب ترجيح سواها عليها كما سيأتي. أما الترمذي، فإنه أخرج الحديث من طريق شعبة وإسرائيل كما سبق، ثم قال بعد ذكره لرواية إسرائيل (9 / 349 - 350) : ((وهذا أصح، وروى زهير هذا الحديث عن أبي إسحاق، عن فروة بن نوفل، عن أبيه، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - نحوه، وهذا أشبه وأصحّ من حديث شعبة. وقد اضطرب أصحاب أبي إسحاق في =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = هذا الحديث. وقد روي هذا الحديث من غير هذا الوجه؛ قد رواه عبد الرحمن بن نوفل، عن أبيه، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، وعبد الرحمن هو أخو فروة بن نوفل)) . اهـ. وأما أبو موسى المديني، فإنه ذكر الحديث من رواية سفيان الثوري السابق ذكرها، والتي هي موافقة لرواية زهير ومن وافقه، ثم قال: ((وقيل: عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عن رجل، عن فروة، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، والمشهور الأول)) . اهـ. من "الإصابة" (5 / 367) . وأما المزِّي، فإنه ذكر في "تحفة الأشراف" (9 / 63 - 64) رواية زهير وإسرائيل، ثم عرض بعض الاختلاف السابق، ثم رجَّح رواية زهير ومن وافقه بقوله: ((والأول أصح)) . اهـ. وأما ابن حجر، فإن ابن عبد البر ذكر في "الاستيعاب" (10 / 336 - 337) نوفل ابن فروة الأشجعي، ثم قال: ((حديثه في {قل يا أيها الكافرون} مختلف فيه، مضطرب الإسناد لا يثبت)) ، فردَّ عليه ابن حجر في "الإصابة" (6 / 482 - 483) فقال: ((زعم ابن عبد البر بأنه حديث مضطرب، وليس كما قال، بل الرواية التي فيها (عن أبيه) أرجح، وهي الموصولة، رواته ثقات فلا يضرّه مخالفة من أرسله، وشرط الاضطراب: أن تتساوى الوجوه في الاختلاف، وأما إذا تفاوتت، فالحكم للراجح بلا خلاف، وقد أخرجه ابن أبي شيبة من طريق أبي مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، فذكره)) . اهـ. وفي "التهذيب" (8 / 266) أشار إلى رواية سفيان الثوري الموافقة لرواية زهير ومن وافقه، ثم قال: وكذا أرّخه أصحاب السنن الثلاثة من طريق زهير بن معاوية وإسرائيل، عن أبي إسحاق، وهو الصواب، واختلف فيه على أبي إسحاق اختلافًا كثيرًا)) . اهـ. وأما الجواب عن بقية الروايات، فكما يأتي: (1) أما رواية سفيان الثوري، ففيها اضطراب واختلاف على سفيان، وإحدى الروايات عنه موافقة للرواية الر اجحة التي هي أقوى من رواية سفيان، بكثرة العدد وسلامتها من الاختلاف. (2) وأما رواية شعبة فالرواية الراجحة أقوى منها لكثرة عدد من رواها مع =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = توفر الضبط والإتقان فيهم، وبقرينة رواية عبد الرحمن بن نوفل عند سعيد بن منصور وغيره، وكذا رواية إسماعيل بن أبي خالد، القول فيها كالقول في رواية شعبة. (3) وأما رواية شريك فلا تنهض لمعارضة الرواية الراجحة؛ لأن شريكًا يخطئ كثيرًا كما في ترجمته في الحديث رقم [4] ، ومع ذلك فقد اختلف عليه أيضًا. (4) وأما رواية عبد العزيز بن مسلم فيترتب عليها إثبات صحبة فروة بن نوفل، وهذا أمر نفاه علماء الجرح والتعديل، فقد نقل ابن حجر في "الإصابة" (5 / 367) عن ابن أبي حاتم قوله في فروة: ((لا صحبة له)) . وذكر ابن حبان فروة هذا في كتاب "الثقات" (3 / 330 - 331) في الصحابة، وقال: ((يقال إن له صحبة)) ، وساق الحديث في ترجمته من طريق عبد العزيز بن مسلم، ثم قال: ((القلب يميل إلى أن هذه اللفظة ليست بمحفوظة؛ من ذكر صحبة رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، وإنا نذكره في كتاب التابعين أيضًا؛ لأن ذلك الموضع به أشبه، وعبد العزيز بن مسلم القَسْمَلي ربما أوهم فأفحش)) . وذكره في التابعين من "الثقات" (5 / 297) ، وقال: ((قد قيل: إن له صحبة، وقد ذكرناه في الصحابة، والقلب إلى تلك اللفظة ليست بمحفوظة أَمْيَلُ، إنما قالها عبد العزيز بن مسلم القسملي، عن أبي إسحاق)) . اهـ. فإن قيل: لعلّ هذا الاختلاف من أبي إسحاق نفسه، فإنه قد اختلط. فالجواب: أن من الرواة عنه لهذا الحديث: شعبة وسفيان الثوري وشريك، وهم ممن روى عنه قبل الاختلاط كما سبق بيانه في الحديث رقم [1] . وبالجملة فالحديث صحيح من طريق عبد الرحمن بن نوفل، يتقوّى برواية أبي إسحاق له عن فروة بن نوفل، عن أبيه، والله أعلم.

129- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الأحْوَص، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ التَّيْمي (1) قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا يَقُولُ: كُنْتُ أَسِيرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي لَيْلَةٍ ظَلْمَاءَ، فَسَمِعَ قَارِئًا يَقْرَأُ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ} ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أمَّا هَذَا فَقَدْ بَرِئَ مِنَ الشِّرْكِ)) . وَسِرْنَا، فَسَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} ، فَقَالَ: ((أَمَا هَذَا فَقَدْ غُفر لَهُ)) ، (فَكَفَفْتُ) (2) رَاحِلَتِي لِأَنْظُرَ مَنْ هُوَ، فَأُبَشِّرَهُ، فَنَظَرْتُ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَمَا رأيت أحدًا.

_ (1) هو مُهاجِر أبو الحسن التَّيْمي، مولاهم، الكوفي، الصائغ، روى عن البراء بن عازب وابن عباس ورجل من الحضرميين له صحبة وغيرهم، روى عنه شعبة والثوري ومسعر وأبو عوانة وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة الرابعة، وروى له الجماعة عدا ابن ماجه، ووثقه أحمد وابن معين والعجلي ويعقوب بن سفيان والنسائي. "الجرح والتعديل" (8 / 260 رقم 1182) ، و"التهذيب" (10 / 324 رقم 566) ، و"التقريب" (ص548 رقم 6927) . (2) في الأصل: ((فككففت)) ، وأصل الكفّ: المنع، ومن هذا قيل لطرف اليد: كَفٌّ؛ لأنها يُكَفُّ بها عن سائر البدن، وهي الراحلة مع الأصابع. انظر "لسان العرب" (9 / 305) . ويؤيد هذا المعنى رواية ابن الضريس للحديث (ص128 - 129) ، وفيها: ((فقصرت راحلتي لأنظر ... )) . [129] سنده صحيح، وجهالة الصحابي لا تضرّ. وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 65) و (5 / 378) من طريق شريك، و (5 / 376) من طريق المسعودي. والدارمي (2 / 329 رقم 3429) من طريق شعبة. وابن الضريس في "فضائل القرآن" (ص128 - 129 رقم 305) . =

130- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ (1) ، عَنِ الأَوْزَاعي (2) ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ (3) ، عَنْ مَوْلًى لفَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ (4) ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَلهُ (5) أَشَدُّ أَذَنًا (6) إلى الرجل [ل109/ب] الْحَسَنِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ مِنْ صَاحِبِ القَيْنَة (7) إلى قينته)) .

_ = والنسائي في فضائل القرآن" (ص82 رقم 53) ، وفي "عمل اليوم والليلة" (ص431 رقم 704) ، كلاهما - أي ابن الضريس والنسائي - من طريق أبو عوانة. وجميعهم - شريك والمسعودي وشعبة وأبو عَوَانَةَ -، عَنْ مُهَاجِرٍ أَبِي الْحَسَنِ، به نحوه إلى قوله: ((غفر له)) ، ولم يذكر آخره سوى ابن الضريس، ولفظه: ((فقصرت راحلتي لأنظر من الذي قرأ، فأبشره بما قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -، فما دريت أي الناس هو)) . لكن لفظ رواية المسعودي عند الإمام أحمد: ((وجبت له الجنة)) ، بدلاً من قوله: ((غفر له)) . وله شاهد من حديث ابن مسعود قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سفر، ونحن نسير، فقرأ رجل من القوم: {قل يا أيها الكافرون} ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((أما صاحبكم فقد برئ من الشرك)) ، فذهبت أنظر من هو، فأبشره، فقرأ رجل آخر: {قل هو الله أحد} ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((أما صاحبكم فقد غفر له)) . أخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة" (ص431 رقم 705) من طريق سعيد بن أبي هلال، عن أبي المصفَّى، أخبره أن ابن أبي ليلى الأنصاري أخبره عن ابن مسعود ... ، به. وهذا إسناد ضعيف. أبو المُصَفَّى المدني هذا الذي يروي الحديث عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ليلى، لم يرو عنه سوى سعيد بن أبي هلال، فهو مجهول كما في "الميزان" (4 / 573 رقم 10608) ، و"التقريب" (ص673 رقم 8371) ، وانظر "التهذيب" (12 / 237 - 238 رقم 1076) . (1) هو الوليد بن مسلم القرشي، أبو العباس الدمشقي، روى عن حَريز بن عثمان =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وصفوان بن عمر والأوزاعي وابن جريج وغيرهم، روى عنه هنا سعيد بن منصور، وروى عنه أيضًا الحميدي والإمام أحمد وإسحاق بن راهويه وابن المديني وغيرهم، وكانت وفاته سنة خمس وتسعين ومائة، وهو ثقة، لكنه كثير التدليس والتسوية، وقد روى له الجماعة، ووثقه العجلي ويعقوب بن شيبة، وقال ابن سعد: ((كان ثقة كثير الحديث)) ، وقال مروان بن محمد: ((كان الوليد عالمًا بحديث الأوزاعي)) ، وقال أيضًا: ((إذا كتبت حديث الأوزاعي عن الوليد، فما تبالي من فاتك)) ، وقال أبو مسهر: ((كان الوليد معتنيًا بالعلم)) ، وقال أيضًا: ((كان من ثقات أصحابنا)) ، وقال الإمام أحمد: ((كان الوليد كثير الخطأ)) ، وقال أبو مسهر: ((كان الوليد ممن يأخذ عن أبي السَّفَر حديث الأوزاعي، وكان أبو السفر كذابًا)) ، وقال أيضًا: ((كان الوليد بن مسلم يحدث حديث الأوزاعي عن الكذابين، ثم يدلّسها عنهم)) ، وقال صالح بن محمد: سمعت الهيثم بن خارجة يقول: قلت للوليد: ((قد أفسدت حديث الأوزاعي، قال: كيف؟ قلت: تروي عن الأوزاعي، عن نافع، وعن الأوزاعي، عن الزهري ويحيى بن سعيد، وغيرك يدخل بين الأوزاعي وبين نافع عبد الله بن عامر، وبينه وبين الزهري إبراهيم بن مرّة، وقرّة، وغيرهما، فما يحملك على هذا؟ قال: أنبِّل الأوزاعي عن هؤلاء، قلت: فإذا روى الأوزاعي عن هؤلاء وهؤلاء - وهم ضعفاء - أحاديث مناكير، فأسقطتهم أنت، وصيّرتها من رواية الأوزاعي عن الثقات، ضعُف الأوزاعي، قال: فلم يلتفت إلى قولي)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 16 - 17 رقم 70) ، و"التهذيب" (11 / 151 - 155 رقم 254) ، و"التقريب" (ص584 رقم 8456) . وقد ذكر الحافظ ابن حجر الوليد هذا في الطبقة الرابعة من طبقات المدلسين (ص134 رقم 127) ، وهم من اتُّفق على أنه لا يحتجّ بشيء من حديثهم إلا بما صرّحوا فيه بالسماع؛ لكثرة تدليسهم على الضعفاء والمجاهيل. (2) هو عبد الرحمن بن عمرو بن أبي عمرو الأوزاعي، أبو عمرو الفقيه، روى عن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = عبدة بن أبي لُبابة وعطاء بن أبي رباح وقتادة ونافع مولى ابن عمر والزهري وإسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر وغيرهم، روى عنه الإمام مالك وشعبة والثوري وابن المبارك وابن أبي الزناد وعبد الرزاق وإسماعيل بن عياش والوليد بن مسلم وغيرهم، وكانت ولادته سنة ثمان وثمانين للهجرة، واختُلف في سنة وفاته، فقيل: سنة خمس وخمسين، وقيل: ست، وقيل: ثمان وخمسين ومائة، وقيل غير ذلك، وهو ثقة جليل روى له الجماعة. قال ابن مهدي: ((الأئمة في الحديث أربعة: الأوزاعي ومالك والثوري وحماد بن زيد)) ، وقال أيضًا: ((ما كان بالشام أعلم بالسنة منه، وقال ابن عيينة: ((كان إمام أهل زمانه)) ، وقال العجلي: ((شامي ثقة من خيار المسلمين)) ، وقال ابن سعد: ((كان ثقة مأمونًا صدوقًا فاضلاً خيِّرًا كثير الحديث والعلم والفقه)) ، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ((كان من فقهاء أهل الشام وقرّائهم وزهّادهم)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (1 / 184 - 219) و (5 / 266 - 267 رقم 1257) ، و"التهذيب" (6 / 238 - 242 رقم 484) ، و"التقريب" (ص347 رقم 3967) . (3) هو إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المُهَاجِر المَخْزُومي، مولاهم، أبو عبد الحميد الدمشقي، روى عن أنس وعبد الرحمن بن غنم وأم الدَّرداء وميسرة مولى فضالة وغيرهم، روى عنه ربيعة بن زيد وسعيد بن عبد العزيز وعبد الرحمن بن يزيد ابن جابر والأوزاعي وغيرهم، وكانت ولادته سنة إحدى وستين للهجرة، ووفاته سنة إحدى وثلاثين ومائة، وقيل: اثنتين وثلاثين ومائة، وهو ثقة روى له الجماعة عدا الترمذي، ووثقه العجلي والفسوي ومعاوية بن صالح والدارقطني، وقال الأوزاعي: ((كان مأمونًا على ما حدّث)) ، وكان سعيد بن عبد العزيز إذا حدّث عنه قال: ((كان ثقة صدوقًا)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (2 / 182 - 183 رقم 621) ، و"التهذيب" (1 / 317 رقم 576) ، و"التقريب" (ص109 رقم 466) . (4) هو مَيْسَرَةُ مولى فَضَالَة بن عُبيد، دمشقي مقبول، روى عن مولاه وأبي الدرداء، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = روى عنه إسماعيل بن عبيد الله ابن أبي المهاجر، ذكره البخاري في "تاريخه" (7 / 375 - 376 رقم 1614) وسكت عنه، وبيّض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (8 / 253 رقم 1150) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (5 / 425) ، وانظر "التهذيب" (10 / 387 رقم 695) ، و"التقريب" (ص555 رقم 7041) . (5) في الأصل: (لا اللهُ) . (6) قال أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص95) عقب إخراجه لهذا الحديث: (قوله: ((أشدّ أَذَنًا)) هكذا الحديث، وهو في كلام العرب: أشدّ أذَنًا: يعني السماع، وهو قوله في الحديث الآخر: ((ما أذن الله لنبيّ)) ، أي: ما استمع) . اهـ. (7) القَيْنَةُ: الأمة، غَنَّت، أَوْلَمْ تُغَنِّ، والماشطة، وكثيرًا ما تطلق على المغنِّية من الإماء كما في هذا الحديث. انظر "النهاية في غريب الحديث" (4 / 135) . [130] سنده ضعيف جدًّا من طريق الوليد بن مسلم فيه أربع علل. 1- الحديث مرسل؛ يرويه ميسرة مولى فضالة، وهو تابعي. 2- ميسرة هذا مجهول الحال. 3 - الوليد بن مسلم مدلس ولم يصرح بالسماع، ويدلِّس أيضًا تدليس التسوية ولم يصرح بالسماع بين شيخه وشيخ شيخه فمن فوقه. 4- الاختلاف على الوليد في الحديث. وقد روى الحديث من غير طريق الوليد، لكنه ضعيف للانقطاع الذي سيأتي بيانه. فمدار الحديث على إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر، وله عنه طريقان: (1) طريق عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، وله عنه ثلاثة طرق: أ- طريق الوليد بن مسلم، واختلف عليه. فرواه سعيد بن منصور هنا عنه، عن الأوزاعي، عن إسماعيل، عن مولى فضالة مرسلاً، ولم أجد من تابع سعيد بن منصور على روايته هكذا. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ورواه بعضهم عن الوليد، عن الأوزاعي، عن إسماعيل، عن ميسرة مولى فضالة، عن فضالة، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -. وممن رواه هكذا: علي بن بحر، وصدقة، وراشد الرملي، وزياد بن أيوب، ومحمد بن عقبة، وداود بن رُشَيد، ودُحَيم في بعض الطرق عنه. ورواه آخرون عن الوليد، عن الأوزاعي، عن إسماعيل، عن فضالة، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، ليس فيه ذكر لمولى فضالة. وممن رواه هكذا: العباس بن الوليد، وإسحاق الطالقاني، ودُحَيم في بعض الطرق عنه. فالحديث أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (6 / 20) . والطبراني في "الكبير" (18 / 301 رقم 772) . كلاهما من طريق علي بن بحر. وأخرجه البخاري في "تاريخه الكبير" (7 / 124) من طريق صدقة. وعلّقه في "خلق أفعال العباد" (ص81 رقم 248) عن ميسرة. وأخرجه ابن ماجه في "سننه" (1 / 425 رقم 1340) في إقامة الصلاة، باب في حسن الصوت بالقرآن، من طريق راشد بن سعيد الرَّمْلي. ومحمد بن نصر في "قيام الليل" (ص120) من طريق زياد بن أيوب. والبيهقي في "سننه" (10 / 230) في الشهادات، باب تحسين الصوت بالقرآن والذكر، من طريق محمد بن عقبة السدوسي. والسمعاني في "أدب الإملاء والاستملاء" (ص93 - 94) من طريق داود بن رُشَيْد. جميعهم عن الوليد، عن الأوزاعي، عن إسماعيل، عن ميسرة مولى فضالة، عن فضالة بن عبيد، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - قال: ((لَله عز وجل أشد أَذَنًا للرجل الْحَسَنِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ مِنْ صَاحِبِ القينة إلى قينته)) . هذا لفظ الإمام أحمد، ولفظ الباقين نحوه، إلا أن ابن ماجه قال: ((الحسن الصوت بالقرآن يجهر به ... )) إلخ. قال البوصيري في "مصباح الزجاجة" (1 / 436) : ((هذا إسناد حسن؛ لقصور درجة ميسرة مولى فضالة وراشد بن سعيد عن درجة أهل الحفظ =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = والضبط)) . وأما دُحَيم عبد الرحمن بن إبراهيم فقد اختُلف عليه. فأخرجه ابن حبان في "صحيحه" (2 / 66 - 67 رقم 751 / الإحسان) من طريق عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سلم. والطبراني في "الكبير" (18 / 301 رقم 772) من طريق أحمد بن دحيم. كلاهما عن دحَيْم، عن الوليد، عن الأوزاعي، عن إسماعيل، عن ميسرة مولى فضالة، عن فضالة، به نحو سابقه، موافقًا لرواية السابقين عن الوليد. وخالفهما سعيد بن هاشم الطبراني عند الحاكم في "المستدرك" (1 / 571) ، فرواه عن دُحَيْم، عن الوليد، عن الأوزاعي، عن إسماعيل، عن فضالة، به نحو سابقه، هكذا ليس فيه ذكر لميسرة مولى فضالة. وهذه الرواية موافقة لروايتي العباس بن الوليد وإسحاق الطالقاني عن الوليد. فقد أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (6 / 19) . والبيهقي في "سننه" (10 / 230) ، وفي "شعب الإيمان" (5 / 108 رقم 1957) . أما الإمام أحمد فمن طريق إسحاق بن إبراهيم الطالقاني، وأما البيهقي فمن طريق العباس بن الوليد بن مسلم، كلاهما عن الوليد، عن الأوزاعي، عن إسماعيل، عن فضالة، به نحو سابقه هكذا ولم يذكرا ميسرة مولى فضالة. قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)) ، فتعقبه الذهبي بقوله: ((بل هو منقطع)) . والذي يظهر - والله أعلم - أن هذه الرواية أولى بالصواب من رواية من زاد في إسناده مولى فضالة؛ لأنه روي عن الأوزاعي من طريقين آخرين، وروي عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ من طريق آخر، وليس في شيء منها ذكر لمولى فضالة كما سيأتي. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ ب- طريق يحيى بن حمزة، عن الأوزاعي، قال: ثني إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ فضالة بن عبيد، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - ... ، فذكره بنحو لفظ الإمام أحمد السابق. أخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص95 رقم 222) ، قال: حدثني هشام بن عمار، عن يحيى بن حمزة ... ، فذكره، ثم قال أبو عبيد: ((هذا الحديث بعضهم يزيد في إسناده، يقول: عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عن مولى فضالة، عن فضالة)) . جـ- طريق بشر بن بكر، ثنا الأوزاعي، حدثني إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر، عن فضالة بن عبيد الأنصاري ... ، فذكره. أخرجه الحاكم مقرونًا برواية دحيم السابقة، من طريق أبي العباس محمد بن يعقوب، ثنا بحر بن نصر، ثنا بشر بن بكر، فذكره، وتقدم نقل كلام الحاكم وتعقب الذهبي له. (2) طريق ثور بن يزيد الكلاعي، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عن فضالة بن عبيد، نحو لفظ الإمام أحمد السابق. أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" (7 / 124) فقال: قال إبراهيم بن موسى، عن عيسى بن يونس، نا ثور ... ، فذكره. وبالجملة فالحديث ضعيف من هذه الطرق، والأرجح أنه من رواية إسماعيل عن فضالة، وهذه منقطعة كما قال الذهبي، لأن إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر ولد سنة إحدى وستين كما تقدم. وأما فضالة بن عبيد فوفاته على الصحيح كانت سنة ثلاث وخمسين كما في "التهذيب" (8 / 268) . فإن قيل: بل الصواب أنه متصل، فرواية من زاد ميسرة مولى فضالة من المزيد في متصل الأسانيد. =

131- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ (1) ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِرَاءَةَ أَبِي مُوسَى، فَقَالَ: ((لَقَدْ أُوتِيَ هَذَا مِنْ مزامير آل داود)) (2) .

_ = فالجواب: أن هذا إنما يكون إذا لم توجد قرينة ترجح إحدى الروايات على الأخرى، فأما إذا وجدت قرينة فيحكم للراجح بهذه القرينة كما هنا في رواية من رواه عن إسماعيل، وعن الأوزاعي، بل وعن الوليد نفسه، وانظر في ذلك "الباعث الحثيث" مع حاشيته (ص176 - 178) . ولو سلّمنا بأنه من المزيد، فالحديث ضعيف أيضًا لجهالة حال ميسرة مولى فضالة، والله أعلم. (1) هو محمد بن مسلم بن عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن شهاب الزهري، القرشي، أبو بكر الفقيه الحافظ، متفق على جلالته وإتقانه، روى له الجماعة، وروى هو عن ابن عمر وسهل بن سعد وأنس وجابر وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم، وروى عن خارجة بن زيد وحميد الطويل وسعيد بن المسيب وسليمان بن يسار وعروة بن الزبير وغيرهم من التابعين، روى عنه عطاء بن أبي رباح وأبو الزبير وعمر بن عبد العزيز وعمرو بن دينار وأيوب السختياني والأوزاعي وابن جريج وسفيان بن عيينة وغيرهم، قيل: كان مولده سنة خمسين للهجرة، وقيل: إحدى وخمسين، وقيل: ست، وقيل: ثمان وخمسين، وكانت وفاته سنة ثلاث أو أربع وعشرين ومائة، وقيل: سنة خمس وعشرين ومائة، قال عمر بن عبد العزيز لجلسائه: ((لم يبق أحد أعلم بسنة ماضية منه)) ، وقال مكحول: ((ما بقي على ظهرها أعلم بسنة ماضيه من الزهري)) ، وقال جعفر ابن ربيعة: قلت لعراك بن مالك: مَنْ أفقه أهل المدينة؟ فذكر سعيد بن المسيب، وعروة، وعبد اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ عراك: ((وأعلمهم عندي جميعًا: ابن شهاب؛ لأنه جمع علمهم إلى علمه)) . قال ابن سعد: ((قالوا: وكان الزهري ثقة كثير الحديث والعلم والرواية، فقيهًا جامعًا)) ، ووثقه العجلي. اهـ. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = من "طبقات ابن سعد" (ص157 - 186 / القسم المتمم) ، و"تاريخ الثقات" للعجلي (ص412 رقم 1500) ، و"التهذيب" (9 / 445 - 451 رقم 732) ، و"التقريب" (ص506 رقم 6296) . (2) شبَّه حسن صوته، وحلاوة نغمته بصوت المِزْمار. وداود هو النبي عليه السلام، وإليه المنتهى في حُسن الصوت بالقراءة. اهـ. من "النهاية في غريب الحديث" (2 / 312) . [131] سنده صحيح. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (2 / 485 رقم 4177) . وابن سعد في "الطبقات" (2 / 344) . وابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 463 رقم 9989) . وأحمد في "المسند" (6 / 37) . والدارمي في "سننه" (1 / 288 رقم 1497) في الصلاة، باب التغني بالقرآن. والفاكهي في "أخبار مكة" (3 / 25 رقم 1730) . ومحمد بن نصر في "قيام الليل" (ص121) . والنسائي في "سننه" (2 / 180 - 181) في افتتاح الصلاة، باب تزيين القرآن بالصوت. جميعهم من طريق سفيان بن عيينة، عن الزهري، به مثله، عدا لفظ عبد الرزاق وابن أبي شيبة والدارمي فنحوه، إلا أن ابن سعد جاء الشك في روايته هل هو عن عروة، أو عمرة، عن عائشة. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" مقرونًا بالرواية السابقة، من طريق معمر، عن الزهري، متابعًا فيه لسفيان بن عيينة. ومن طريق عبد الرزاق، أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (6 / 167) . والنسائي في الموضع السابق من "سننه" (2 / 181) ، وفي "فضائل القرآن" (ص95 رقم 76) . وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" (2 / 344) من طريق مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة، مقرونًا بالرواية السابقة. =

132- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَسَمِعْتُ قِرَاءَةً، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالُوا: حَارِثَةُ بْنُ النُّعْمَانِ (1) ، كَذَلِكُمُ الْبِرُّ، كذلكم البر)) .

_ = وأصل الحديث أخرجه مسلم في "صحيحه" (1 / 546 رقم 235 و 236) في صلاة المسافرين، باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن، من حديث بريدة بن الحصيب وأبي موسى الأشعري نفسه. أما حديث بريدة فلفظه: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((إن عبد الله بن قيس - أو الأشعري - أعطي مزمارًا من مزامير آل داود)) . وأما حديث أبي موسى فلفظه: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - لأبي موسى: ((لو رأيتني وأنا أستمع لقراءتك البارحة؛ لقد أوتيت مزمارًا من مزامير آل داود؟)) . (1) هو حارثة بن النعمان بن نَفْع بن زيد بن عُبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار الأنصاري، كان ممن شهد بدرًا، وعاش حتى أدرك خلافة معاوية رضي الله عنه، ومات فيها بعد أن ذهب بصره. انظر "الإصابة" (1 / 618 - 619) . [132] سنده ظاهر الصحّة، لكن ذكر عروة فيه غلط، ولست أدري، هل الغلط من المصنِّف أو أنه تصحيف من الناسخ بسبب رواية المصنف للحديث قبله من هذا الطريق عن عروة، عن عائشة، فاشتبه عليه عروة بعمرة بسبب تقارب الرسم، ولكونه من نفس الطريق؟ والصواب أن الحديث من رواية سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عمرة، عن عائشة، وسنده صحيح كما سيأتي. فقد أخرجه عبد الله بن وهب في "جامعه" (ص22) . والحميدي في "مسنده" (1 / 316 رقم 285) . والإمام أحمد في "مسنده" (6 / 36) . وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (4 / 16 رقم 1959) . وأبو يعلى في "مسنده" (7 / 399 رقم 4425) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = والحاكم في "المستدرك" (3 / 208) . والبغوي في "شرح السنة" (13 / 7 رقم 3418) . جميعهم من طريق سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عمرة، عن عائشة، به، ولفظ ابن أبي عاصم مثله، ولفظ ابن وهب والحميدي والبغوي مثله، إلا أن عندهم: ((فسمعت فيها قراءة)) ، ولفظ الباقين نحوه. وزاد الحميدي: ((فقيل لسفيان: هو عن عمرة؟ قال: نعم لا شك فيه؟ كذلك قال الزهري)) . وأما أبو يعلى فوقع عنده قوله: ((كذلكم البر)) ثلاث مرات، وزاد: ((وكان برًّا بأمه)) . قال الحافظ ابن حجر في "الإصابة" (1 / 618) : ((إسناده صحيح)) . وتابع سفيان عليه معمر ويونس بن يزيد الأيلي. فقد أخرجه عبد الرزاق في "جامع معمر" الملحق بالمصنف (11 / 132 رقم 20119) عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ عروة، عن عائشة، به نحوه، وزاد: ((وكان أبر الناس بأمه)) . كذا جاء في الجامع: (عن عروة) . وكذا أخرجه الحاكم في "المستدرك" (4 / 151) . وأبو نعيم في "الحلية" (1 / 356) كلاهما من طريق عبد الرزاق. ومن طريق أبي نعيم أخرجه ابن النجار في "ذيل تاريخ بغداد" (2 / 253 - 254) . وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (6 / 151 - 152 و 166 - 167) . وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (4 / 16 رقم 1960) . والنسائي في "فضائل الصحابة" (ص130 رقم 129) . والبغوي في "شرح السنة" (13 / 7 رقم 3419) . جميعهم من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن عروة، عن عائشة، موافقًا لرواية سفيان، عن الزهري. والاختلاف في هذه الرواية ليس على عبد الرزاق، وإنما على الراوي عنه وهو إسحاق بن إبراهيم بن عباد الدَّبَري. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = فالإمام أحمد رواه عن عبد الرزاق مباشرة، وروايته موافقة لرواية سفيان. وابن أبي عاصم رواه عن سلمة بن شبيب، عن عبد الرزاق، بمثل سابقه. وأما النسائي فأخرجه من طريقين عن عبد الرزاق، إحداهما عن محمد بن رافع مثل رواية الإمام أحمد. وأما الأخرى عند النسائي فمن طريق إسحاق بن إبراهيم الدبري المختلف عليه. فالنسائي ومحمد بن زكريا العُذَافري - عند البغوي في "شرح السنة" - روياه عن إسحاق بن إبراهيم الدبري، عن عبد الرزاق مثل روايتي الإمام أحمد ومحمد بن رافع. وخالفهما أبو عمر أحمد بن خالد، والطبراني سليمان بن أحمد، ومحمد بن علي الصنعاني، فرووه عن إسحاق على الوجه المتقدم؛ على أنه من رواية الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ. أما أبو عمر أحمد بن خالد بن يزيد القرطبي المعروف بابن الجَبَّاب، فهو الراوي للجامع عن إسحاق الدبري. وأما سليمان بن أحمد الطبراني فهو الذي روى أبو نعيم الحديث من طريقه، عن إسحاق. وأما محمد بن علي الصنعاني فهو الذي روى الحاكم الحديث من طريقه، عن إسحاق، ثم قال الحاكم عقب إخراجه للحديث: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه بهذه السياقة)) ، وفي "التلخيص" قال الذهبي: ((أخرجاه مختصرًا)) ، وقد بحثت عنه في مظانه من الصحيحين، فلم أجده، فالله أعلم. ولاشك أن الصواب رواية النسائي ومحمد بن زكريا عن إسحاق؛ لأنها موافقة لرواية الإمام أحمد وسلمة بن شبيب ومحمد بن رافع عن عبد الرزاق. وأما رواية الآخرين عن إسحاق فغلط، ولعل منشأه تصحيف في كتاب عبد الرزاق من رواية الدبري. لأن روايته عن عبد الرزاق من تصانيفه ليس عليه - أي الدبري - منها تبعة =

133- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْني (1) ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ (2) ، أَنَّ عَلِيًّا فَرَضَ - أَوْ أَعْطَى - لِمَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ أَلْفَيْنِ أَلْفَيْنِ، وَكَانَ أَبِي مِمَّنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ، فَلَمْ يَأْخُذْ.

_ = إلا من هذا الجانب، ويوضح هذا ما نقله الحافظ ابن حجر في "لسان الميزان" (1 / 349 - 350) عن ابن الصلاح أنه قال: ((ذكر أحمد أن عبد الرزاق عمي، فكان يُلقَّن فيتلقنن فسماع من سمع منه بعدما عمي لا شيء. قال ابن الصلاح: وقد وجدت فيما روى الدبري عن عبد الرزاق أحاديث أسْتَنْكِرُها جدًّا، فَأَحَلْتُ أمرها إلى الدبري؛ لأن سماعه منه متأخر جدًّا، والمناكير التي تقع في حديث عبد الرزاق، فلا يلحق الدبري منه تبعة، إلا أنه صحّف، أو حرّف، وإنما الكلام في الأحاديث التي عنده في غير التصانيف، فهي التي فيها المناكير، وذلك لأجل سماعه منه في حالة الاختلاط، والله أعلم)) . اهـ. فهذا بالنسبة لمتابعة معمر لسفيان. وأما متابعة يونس بن يزيد الأيلي، فقال ابن وهب في "جامعه" (ص20) : أخبرني يونس بن زيد، عن ابن شهاب، قال: أخبرتني [في الأصل: أخبرني] عمرة ابنة عبد الرحمن، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - قال ... ، فذكره بنحو رواية عبد الرزاق. وقوله: (يونس بن زيد) خطأ، ولعله من الطباعة، وصوابه: (يونس بن يزيد) وهو الأَيْلي، انظر "تهذيب الكمال" المخطوط (3 / 1270) . وهذه الرواية مرسلة عن عمرة، وليس فيها ذكر لعائشة. وبالجملة فالصواب في الحديث أنه عن الزهري، عن عمرة، عن عائشة، وسنده صحيح كما سبق نقله عن الحافظ ابن حجر، وذكره الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" (2 / 616 - 617 رقم 912) من رواية وهب عن ابن عيينة، وقال: ((هذا سند صحيح على شرط الشيخين)) . (1) هو عمّار بن معاوية الدُّهْني - بضم أوّله، وسكون الهاء، بعدها نون -، أبو معاوية البَجَلي، الكوفي، يروي عن أبي الطفيل وأبي سلمة بن عبد الرحمن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وسعيد بن جبير وسالم بن أبي الجعد وغيرهم، روى عنه ابنه معاوية وشعبة والسفيانان وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاث وثلاثين ومائة، وهو ثقة يتشيّع، وثقه أحمد وابن معين وأبو حاتم والنسائي، وقال ابن المديني عن سفيان: ((قطع بشر بن مروان عرقوبيه في التشيع)) ، وقال الذهبي: ((ما علمت أن أحدًا تكَلَّم فيه ... ، ولكنه شيعي)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (6 / 390 رقم 2175) ، و"الميزان" (3 / 172 رقم 6012) ، و"التهذيب" (7 / 406 - 407 رقم 661) . (2) هو سالم بن أبي الجعد رافع الغَطَفاني، الأشجعي، مولاهم، الكوفي، يروي عن عبد الله بن عمر وابن عباس وعبد الله بن عمرو وجابر وأنس وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه ابنه الحسن والحكم بن عتيبة وعمرو بن دينار وأبو إسحاق السبيعي والأعمش وعمار الدهني وغيرهم، قيل: كانت وفاته سنة سبع أو ثمان أو تسع وتسعين للهجرة، وقيل: سنة مائة، وقيل: إحدى ومائة، وهو ثقة وكان يرسل كثيرًا، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين والعجلي وأبو زرعة والنسائي، وقال ابن سعد: ((كان ثقة كثير الحديث)) ، وقال إبراهيم الحربي: ((مجمع على ثقته)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (4 / 181 رقم 785) ، و"التهذيب" (3 / 432 - 433 رقم 799) ، و"التقريب" (ص226 رقم 2170) . وروايته عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - منقطعة، فإنه لم يلقه، قال أبو زرعة: ((سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ عمر وعثمان وعلي مرسل)) . انظر "جامع التحصيل" (ص217 رقم 218) ، والموضع السابق من "التهذيب". [133] سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف للانقطاع بين سالم وعلي رضي الله عنه. وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 621 رقم 2449) من طريق أبي سعيد ابن الأعرابي، حدثنا سعدان بن نصر، حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمار الدهني ... ، فذكره بنحوه. وقد صحح البيهقي هذا الأثر عن علي، فقال: ((والصحيح عن علي ما أخبرنا ... )) ، فذكره. =

134- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ أَبِي نَضْرَةَ (1) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ إِيَاسٍ الجُرَيْري (2) ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ (3) ، عَنْ أَبِي فِرَاس (3) ، أَنَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ أَتَى عَلَيَّ زَمَانٌ، وَأَنَا لَا أَدْرِي أَنَّ أَحَدًا يُرِيدُ بِقِرَاءَتِهِ غَيْرَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، حَتَّى خُيِّلَ إِلَيَّ بِآخِرَةٍ أَنَّ أَقْوَامَا يُرِيدُونَ بِقِرَاءَتِهِمْ غَيْرَ اللَّهِ، فَأَرِيدُوا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِقِرَاءَتِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ.

_ = وانظر التعليق على الحديث رقم [125] فيما يتعلق بأخذ الأجرة على تعليم القرآن ونحو ذلك. (1) كذا في الأصل! ولم أجد أحدًا من الرواة بهذا الاسم، غير أن في "تهذيب الكمال" (13 / 307 / المطبوع) في تسمية الرواة عَنْ أَبِي سِنَانٍ ضِرَارِ بْنِ مرة ذكر المزّي منهم: (خازم بن جبلة بن أبي نضرة العبدي) ، وهذا أيضًا لم أجد له ترجمة. والذي يظهر لي - والله أعلم - أن خالدًا هذا هو ابن عبد الله الطحّان الواسطي، فإنه من الرواة عَنْ سَعِيدِ بْنِ إِيَاسٍ الْجُرَيْرِيِّ، وكثيرًا ما يروي عنه سعيد بن منصور، بل يروي عنه، عن سعيد بن إياس كما في الحديث رقم [104] ، وقد روى خالد الطحان هذا الحديث عن الجريري عند الفريابي في "فضائل القرآن" (ص243 رقم 171) ، فلعل قوله: (بن أبي نضرة) تصحيف بسبب وجود أبي نضرة في إسناد هذا الحديث، والله أعلم. (2) هو المنذر بن مالك تقدم في الحديث [23] أنه ثقة. (3) هو أبو فِراس النَّهدي، قيل اسمه: الربيع بن زياد، مجهول، قال أبو زرعة: ((لا أعرفه)) ، وقال الذهبي: ((لا يعرف)) ، وذكره ابن حبان في الثقات، ولم يذكروا أنه روى عنه غير أبي نضرة العبدي. انظر "الثقات" لابن حبان (5 / 585) ، و"الميزان" (4 / 561 رقم 10503) ، و"التهذيب" (12 / 201 رقم 930) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ [134] سنده ضعيف لجهالة أبي فراس النهدي، وضعفه كذلك البوصيري لهذه العلة كما في "حاشية المطالب العالية" (2 / 212 / المطبوع) . وأخرجه الفريابي في "فضائل القرآن" (ص243 رقم 171) من طريق خالد الطحان، عن الجريري، به نحوه، وفي أوله زيادة. ولفظ المصنف هنا جزء من حديث طويل أخرجه بطوله أبو يعلى في "مسنده" (1 / 174 - 175 رقم 196) . والبيهقي في "سننه" (9 / 42) ، في السير، باب ما على الوالي من أمر الجيش. كلاهما من طريق عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أسماء، حدثنا مهدي بن ميمون، حدثنا سعيد الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أبي فراس قال: شهدت عمر بن الخطاب وهو يخطب الناس، قال: فقا: يا أيها الناسُ، إنّهُ قد أَتى عليَّ زمانٌ وأنا أَرَى أنّ مَنْ قَرَأ القرآن يُريد الله وما عنده، فيُخيَّل إليَّ أن قومًا قرؤوه يريدون به الناس ويريدون به الدنيا، ألا فأريدوا الله بأعمالكم، ألا إنّا إنما كنا نعرفكم إذ ينزل الوحي وإذ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بين أظهرنا، وإذ يُنبئنا الله من أخباركم، فقد انقطع الوحي وذهب نبي الله، فإنما نعرفكم بما نقول لكم، ألا من رأينا منه خيرًا ظننا به خيرًا وأحببناه عليه، ومن رأينا به شرًّا ظننا به شرًّا وأبغضناه عليه، سرائركم بينكم وبين ربكم، ألا إني إنما أبعث عُمَّالي ليُعلِّموكم دينكم، وليعلموكم سننكم، ولا أبعثهم ليضربوا ظهوركم، ولا ليأخذوا أموالكم، ألا فمن رابه شيء من ذلك فليرفعه إليَّ، فوالذي نفس عمر بيده لأُقِصَّنَّكُمْ منه. قال: فقام عمرو بن العاص فقال: يا أمير المؤمنين، أرأيت إن بعثت عاملاً من عمالك فأدب رجلاً من أهل رعيته فضربه، إنك لمقصه منه؟ قال: فقال: نعم. والذي نفس عمر بيده لأُقِصَّنَّ منه، ألا أُقِصُّ وقد رأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - يُقِصُّ مِنْ نفسه؟ ألا لا تضربوا المسلمين فتذلوهم، ولا تمنعوهم حقوقهم فتُكَفِّروهم، ولا تُجَمِّرُوهم فتفتنوهم، ولا تنزلوهم الغياض فتضيعوهم. وقوله: ((ولا تُجَمِّروهم فتفتنوهم)) : تجمير الجيش: جمعهم من الثغور، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وحَبْسُهم عن العَوْد إلى أهلهم. اهـ. من "النهاية في غريب الحديث" (1 / 292) . وقوله: ((ولا تنزلوهم الغياض فتضيِّعوهم)) : الغَياضُ: جمع غَيْضة، وهي الشجر المُلْتَفُّ؛ لأنهم إذا نزلوها تفرقوا فيها، فتمكَّن منهم العدو. اهـ. من المرجع السابق (3 / 402) . وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 480 رقم 10050) . وأحمد في "المسند" (1 / 41) . ومن طريقه المزّي في "تهذيب الكمال" (3 / 1637 / المخطوط) . وأخرجه النسائي في "سننه" (8 / 34) في القسامة، باب القصاص من السلاطين. والفريابي في "الفضائل" (ص243 رقم 172) . جميعهم من طريق إسماعيل بن إبراهيم المعروف بابن عُلَيَّة، عن سعيد الجريري، به، ولفظ الإمام أحمد نحو لفظ أبي يعلى بطوله، وكذا الفريابي، إلا أنه لم يخرجه بتمامه، وأما لفظ ابن أبي شيبة فنحو لفظ المصنِّف، ولفظ النسائي مختصر، إنما أخرج منه قوله: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - يُقصُّ من نفسه. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (3 / 383 رقم 6036) من طريق معمر، عن الجريري، به نحو لفظ أبي يعلى إلى قوله: (سرائركم بينكم وبين ربكم) ، ولم يذكر آخره. وأخرجه أبو داود في "سننه" (4 / 674 رقم 4537) في الديات، باب القود بغير حديد. والبيهقي في "سننه" (9 / 29) في السير، باب الإمام لا يحجر بالغزى. وفي "شعب الإيمان" (5 / 555 رقم 2379) . كلاهما من طريق أبي إسحاق الفزاري، عن سعيد الجريري، به، ولفظ البيهقي في "الشعب" نحو لفظ المصنِّف، وأما لفظه في "السنن"، ولفظ أبي داود فلم يذكرا فيه لفظ المصنِّف، وإنما أخرجا ما يتعلق ببعث العمال والقصاص منهم. وأخرجه الفريابي في "الفضائل" (ص241 - 242 و 243 رقم 170 و 173) =

135- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو شِهَاب (1) ، عَنِ الصَّلْت بْنِ بَهْرَام (2) ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ قَرَأَهُ عَبِيدٌ وَصِبْيَانٌ لَمْ يَأْخُذُوهُ مِنْ أَوَّلِهِ، وَلَا عِلْمَ لَهُمْ بِتَأْوِيلِهِ. إِنَّ أحقَّ النَّاسِ بِهَذَا (3) الْقُرْآنِ مَنْ رُئي فِي عَمَلِهِ، قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى (4) : {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ} (5) ، وُإِنَّمَا تدبُّرُ آيَاتِهِ: اتِّبَاعُهُ بِعَمَلِهِ، يَقُولُ أَحَدُهُمْ لِصَاحِبِهِ: تَعَالَ أُقَارِئْكَ (6) ، وَاللَّهِ مَا كَانَتِ القُرَّاء تَفْعَلُ هَذَا، وَاللَّهِ مَا هُمْ بالقُرَّاء، وَلَا الوَرَعَة، لَا كثَّر اللَّهُ فِي النَّاسِ أَمْثَالَهُمْ، لَا كثَّر اللَّهُ في الناس أمثالهم.

_ = من طريق وهيب بن خالد، وشعبة، كلاهما عن سعيد الجريري، به بنحو لفظ المصنف، وفيه زيادة يسيرة من باقي الحديث. ومن طريق الفريابي أخرجه الآجري في "أخلاق القرآن" (ص90 رقم 26) ، لكن من طريق شعبة فقط. وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (4 / 439) من طريق عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ سعيد الجريري، به بطوله نحو سياق أبي يعلى السابق. قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي، مع أن في إسناده أبا فراس ولم يخرج له مسلم. وأخرجه مسدد في "مسنده"، فقال: حدثنا يزيد، ثنا سعيد الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قال خطب عمر ... ، فذكر الحديث بطوله بنحو سياق أبو يعلى، هكذا على أنه من رواية ابن عباس عن عمر كما في "المطالب العالية المسندة" (ل 75 / ب) ، و"إتحاف الخيرة" للبوصيري (4 / ل 47 / أ) ، وانظر المطبوع من "المطالب العالية" (2 / 211 - 212 رقم 2067) . ولاشك بأن قوله: (عن ابن عباس) تصحيف عن: (عن أبي فراس) ، والله أعلم. (1) هو عبد ربّه بن نافع، تقدم في الحديث [7] أنه صدوق.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = هو الصَّلْت بن بَهْرام التَّيْمي، أبو هاشم الكوفي، روى عن أبي وائل شقيق بن سلمة وزيد بن وهب والحسن البصري وغيرهم، روى عنه محمد بن بكر المقرئ وأهل الكوفة، وروى عنه هنا أبو شهاب، وهو ثقة رمي بالإرجاء، وثقه أحمد وابن معين والعجلي وابن عمار، وقال ابن سعد: ((ثقة - إن شاء الله -)) . وقال أبو معمر القطيعي: ((حدثنا ابن عيينة، حدثنا الصلت بن بهرام، وكان أصدق أهل الكوفة)) ، وقال إسحاق بن راهويه في "مسنده": ((أخبرنا وكيع، حدثنا الصلت بن بهرام، وهو ثقة)) ، وقال أبو حاتم: ((هو صدوق، ليس له عيب إلا الإرجاء)) ، وقال البخاري: ((يذكر بالإرجاء، وهو صدوق في الحديث)) ، وقال الدارقطني: ((لا بأس به)) ، وذكره ابن حبان وابن شاهين في كتاب الثقات. انظر "طبقات ابن سعد" (6 / 354) ، و"الجرح والتعديل" (4 / 438 - 439 رقم 1920) ، و"تاريخ أسماء الثقات" لابن شاهين (ص119 رقم 587) ، و"سؤالات البرقاني" للدارقطني (ص37 رقم 228) ، و"التهذيب" (4 / 432 - 433 رقم 750) ، و"لسان الميزان" (3 / 194 رقم 869) ، و"تعجيل المنفعة" (ص128 - 129 رقم 476) . (3) قوله: (إن أحق الناس بهذا) مكرور في الأصل. (4) في الأصل: (قال الله تبارك وتعالى قال الله تعالى) . (5) ؛ الآية (29) من سورة ص. (6) أي: أُدَرِاسُكَ. انظر "تاج العروس" (1 / 364) . والذي يظهر من السياق أن المقصود: المدارسة التي فيها ممارة ومحبة في الظهور على الأقران. [135] سنده حسن، وهو صحيح لغيره بما سيأتي من طرق. وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 581 - 582 رقم 2408) من طريق المصنِّف، به مثله، إلا أنه قال: ((عز وجل)) بدل قوله: ((تبارك وتعالى)) ، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ولم يذكر قوله: (تعال) ، وقولُه: (لَا كَثَّرَ اللَّهُ فِي النَّاسِ أمثالهم) مرة واحدة عنده. وقد روى الحديث عن الحسن من ثلاث طرق أخرى. (1) طريق يحيى بن المختار. أخرجه ابن المبارك في "الزهد" (ص274 رقم 793) فقال: أخبرنا معمر، عن يحيى بن المختار، عن الحسن ... ، فذكره بنحوه. ومن طريق ابن المبارك أخرجه الفريابي في "فضائل القرآن" (ص246 - 247 رقم 177 و 178) . والآجري في "أخلاق أهل القرآن" (ص100 - 101 رقم 34) . وسنده ضعيف لجهالة حال يحيى بن المختار الصنعاني، فإنه مستور كما في "التقريب" (ص596 رقم 7642) ، وفي "التهذيب" (11 / 278 رقم 552) ذكر أنه روى عنه معمر، والحكم بن ظهير، ويوسف بن يعقوب الضبعي، ولم يذكر أن أحدًا وثقه. (2) طريق عمرو بن قيس المُلائي. أخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص144 رقم 365) ، فقال: حدثنا شجاع بن الوليد، عن عمرو بن قيس الملائي، عن الحسن ... ، فذكره بنحوه. وهذا إسناد حسن. فعمرو بن قيس المُلائي - بضم الميم، وتخفيف اللام، والمدّ -، أبو عبد الله الكوفي، يروي عن أبي إسحاق السبيعي وعكرمة والمنهال بن عمرو وغيرهم، روى عنه إسماعيل بن أبي خالد والثوري وأبو خالد الأحمر وغيرهم، وكانت وفاته بسجستان سنة ست وأربعين ومائة، وهو ثقة متقن عابد، وثقه أحمد وابن معين وأبو حاتم والنسائي والعجلي ويعقوب بن سفيان والترمذي وابن خراش وابن نمير وغيرهم، وقال أبو زرعة: ((ثقة مأمون)) ، وقال ابن حبان =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = في "الثقات": ((كان من ثقات أهل الكوفة ومتقنيهم، وعباد أهل بلده وقرّائهم)) ، وقال ابن عدي: ((كان من ثقات أهل العلم وأفاضلهم)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (6 / 452 - 255 رقم 1406) ، و"التهذيب" (8 / 92 - 93 رقم 146) ، و"التقريب" (ص426 رقم 5100) . ولم أجد من نصّ على أن عمرو بن قيس روى عن الحسن البصري، وعنه شجاع بن الوليد، لكن سماعه من الحسن، وسماع شجاع منه محتمل كما يتضح من تاريخ وفاتهم وبلدانهم، والحسن البصري تقدم في الحديث [5] أن وفاته كانت سنة عشر ومائة. وشجاع بن الوليد بن قيس السَّكُوني، أبو بدر الكوفي يروي عن الأعمش وموسى بن عقبة وزهير بن معاوية وغيرهم، روى عنه الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه وابن معين وابن المديني وأبو عبيد القاسم بن سلام وغيرهم، وكانت وفاته سنة خمس ومائتين، وقيل: سنة ثلاث، وقيل: أربع ومائتين، وهو صدوق ورع روى له الجماعة، ووثقه ابن معين، ونقل ابن خلفون توثيقه عن ابن نمير، وقال الإمام أحمد: ((كان أبو بدر شيخًا صالحًا صدوقًا، كتبنا عنه قديمًا)) ، وقال العجلي: ((كوفي ليس به بأس)) ، وقال أبو زرعة: ((لا بأس به)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات". وتكلم فيه ابن معين وأبو حاتم. أما ابن معين، فأشد ما نقل عنه في ذلك ما ذكره الإمام أحمد: أن ابن معين لقيه يومًا، فقال له: يا كذاب، فقال له الشيخ: إن كنتُ كذابًا، وإلا فهتكك الله، قال أبو عبد الله الإمام أحمد: فأظن دعوة الشيخ أدركته. وقد علّق الحافظ ابن حجر على هذه الرواية بقوله: ((كأنه مازحه، فما احتمل المزاح)) . وأما الذهبي فيرى أن هذا كان من ابن معين قديمًا، ثم عدل عنه إلى توثيقه، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = قال الذهبي بعد أن ذكر هذه الحكاية: ((قلت: ثم إن يحيى بن معين وثّقه وأنصفه، نَقَل عن يحيى توثيقه أحمدُ بن أبي خيثمة)) . وأما أبو حاتم: فنقل عنه ابنه أنه قال: ((هو ليّن الحديث، شيخ ليس بالمتين، لا يحتجّ به، إلا أن عنده عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ علقمة أحاديث صحاحًا)) . وقد رد الذهبي كلام أبي حاتم هذا بقوله: ((قلت: قد قفز القنطرة، واحتجّ به أرباب الصحاح)) ، وقال الحافظ ابن حجر: ((تكلّم فيه أبو حاتم بعنت)) . والقول بأنه صدوق هو الذي اختاره الذهبي، حيث قال في "الميزان": ((الحافظ، صدوق مشهور)) ، وقال في "سير أعلام النبلاء": ((الإمام المحدِّث العابد الصادق ... كان أمامًا ربانيًا، من العلماء العاملين، وحديثه في دواوين الإسلام)) . انظر "الجرح والتعديل" (4 / 378 - 379 رقم 1654) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع (12 / 384) ، و"ميزان الاعتدال" (2 / 264 رقم 3668) ، و"سير أعلام النبلاء" (9 / 353 - 354) ، و"هدي الساري" (ص409 و 462) ، و"التهذيب" (4 / 313 - 314 رقم 536) ، و"دراسة المتكلم فيهم من رجال تقريب التهذيب" للشيخ عبد العزيز التخيفي (1 / 494 - 499) . (3) طريق أيوب السختياني، عمن سمع الحسن يقول ... ، بنحوه. أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (3 / 363 - 364 رقم 5984) ، عن معمر، عن أيوب. وهذا إسناده ضعيف لإبهام الراوي عن الحسن. والحديث أخرجه محمد بن نصر المروزي في "قيام الليل" كما في "المختصر" (ص159 - 160) ، ولم يذكر "المختصر" سنده حتى يمكن معرفة الطريق التي رُوي منها. وبالجملة فالحديث صحيح لغيره بمجموع الطرق المتقدمة، والله أعلم.

136- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الْأَحْوَصِ (1) ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ (2) ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ (3) ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَوْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: مَنْ قَرَأَ فِي لَيْلَةٍ مِائَةَ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ الْقَانِتِينَ (4) . وَمَنْ حَافَظَ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ لم يكتب من الغافلين.

_ (1) هو سلام بن سُلَيْم، تقدم في الحديث [52] أنه ثقة متقن. (2) هو ضرار بن مرّة تقدم في الحديث [76] أنه ثقة ثبت. (3) هو ذَكْوَان السَّمَّان، تقدم في الحديث [12] أنه ثقة ثبت. (4) قال ابن الأثير في "النهاية" (4 / 111) : ((قد تكرر ذكر القنوت في الحديث، ويَرِدُ بمعان متعددة، كطاعة، والخشوع، والصلاة، والدعاء، والعبادة، والقيام، وطول القيام، والسكوت، فيُصرف في كل واحد من هذه المعاني إلى ما يحتمله لفظ الحديث الوارد فيه)) . اهـ. أقول: ولفظ الحديث هنا يحتمل أن معنى القنوت الوارد في هذا الحديث: (القيام) ، وقد يحتمل غيره، لكن هذا الذي ظهر لي، والله أعلم. [136] سنده صحيح ولا داعي للشك، فإنه عن أبي هريرة بيقين كما يتضح من التخريج. فقد أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" (2 / 180 رقم 1142) . ومحمد بن نصر في "قيام الليل" (ص146 - 147) . والحاكم في "المستدرك" (1 / 308) . ومن طريقه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 150 - 151 رقم 2002) . أما ابن خزيمة ومحمد بن نصر فمن طريق علي بن الحسن بن شقيق، وأما الحاكم فمن طريق عبدان، كلاهما - الحسن وعبدان - عن أبي حمزة السكري، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عن أبي هريرة، به، ولفظ الحاكم: ((من حافظ على هؤلاء الصلوات المكتوبات لم يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ، وَمَنْ قَرَأَ فِي لَيْلَةٍ مِائَةَ آيَةٍ كُتِبَ من القانتين)) . ومثله لفظ ابن خزيمة ومحمد بن نصر، إلا أن ابن نصر لم يذكر الصلوات، =

137- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنْ (ابْنِ) (1) أَبِي الْهُذَيْلِ، قَالَ: كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يَقْرَءُوا بَعْضَ الْآيَةِ وَيَتْرُكُوا بَعْضًا. 138- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ سُبَيْع (2) قَالَ: مَنْ قَرَأَ (عِنْدَ) (3) مَنَامِهِ (4) آيَاتٍ مِنَ الْبَقَرَةِ لَمْ يَنْسَ الْقُرْآنَ: (أَرْبَعَ) (5) آيَاتٍ مِنْ {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} (6) ، وَآيَةَ الْكُرْسِيِّ، وَالثَّلَاثَ آيَاتٍ مِنْ آخرها.

_ = وإنما ذكر القراءة، وعندهما: ((مَنْ قَرَأَ فِي لَيْلَةٍ مِائَةَ آية لم يكتب من الغافلين، أو: كتب من القانتين)) ، هكذا على الشك. قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي، وقال الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" (2 / 247 رقم 643) : ((هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين)) . (1) ما بين القوسين ليس في الأصل، ولابد منه كما سبق بيانه في الحديث رقم [76] . [137] سنده صحيح، وسبق أن أورده المصنف برقم [76] من طريق خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ أَبِي سنان، به بلفظ: ((إِذَا قَرَأَ أَحَدُكُمُ الْآيَةَ، فَلَا يقطعها حتى يتمّها)) وتخريجه هناك. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 552 رقم 10313) من طريق محمد بن فضيل، عن أبي سنان، به مثله، إلا أنه قال: ((ويتركوا بعضها)) . (2) هو المغيرة بن سُبَيْع - بمهملة وموحّدة، مُصَغّر -، العجلي، الكوفي، يروي عن عمرو بن حريث وعبد الله بن بريدة، وعنه أبو التيّاح الضُّبَعي، وأبو فروة الهمداني وأبو سنان الشيباني ضرار بن مرة، وهو ثقة من الطبقة الخامسة، قال العجلي: ((تابعي ثقة)) ، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الدارقطني: =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ((كوفي يُحتجّ به)) . اهـ. من "تاريخ الثقات" للعجلي (ص437 رقم 1617) ، و"سؤالات البرقاني" للدارقطني (ص67 رقم 511) ، و"التهذيب" (10 / 260 رقم 466) ، و"التقريب" (ص543 رقم 6835) . (3) ما بين القوسين استدركته من "شعب الإيمان" للبيهقي؛ حيث روى الحديث من طريق المصنف، وليس في الأصل، وإنما فيه إشارة إدخال بعد قوله: (قرأ) ، ولم يُكتب في الهامش شيء. (4) في هذا الموضع في الأصل إشارة إدخال، ولم يكتب في الهامش شيء، ورواية البيهقي كما هنا في هذا الموضع، وفي "سنن الدارمي" كما سيأتي: (عشر آيات) . (5) في الأصل: (وأربع) بواو العطف! والمثبت من عند البيهقي، والذي يظهر لي - والله أعلم - أن هذه الفروق من أصل الرواية كما يتضح من "شعب الإيمان" للبيهقي، والصواب في لفظ الحديث - فيما أرى -: ((من قرأ عند منامه عشر آيَاتٍ مِنَ الْبَقَرَةِ لَمْ يَنْسَ القرآن: أربع آيات من أوّلها مِنْ: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} ، وآية الكرسي، وآيتان بعدها، والثلاث آيات من آخرها)) . فهذه عدّتها عشر آيات، وهذا التصويب من جرّاء التوفيق بين رواية الدارمي ورواية سعيد بن منصور. (6) الآية (163) من سورة البقرة. [138] سنده صحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 70) بلفظ الدارمي الآتي، وعزاه لسعيد بن منصور، والدارمي، والبيهقي في "الشعب". وقد أخرجه البيهقي في "الشعب" (5 / 350 رقم 2189) من طريق المصنِّف، ولفظه: ((مَنْ قَرَأَ عِنْدَ مَنَامِهِ آيَاتٍ مِنَ الْبَقَرَةِ لَمْ يَنْسَ الْقُرْآنَ: أربع آيات: {وإلهاكم إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هو الرحمن الرحيم} ، وآية الكرسي، وثلاث آيات من آخرها)) . =

139- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَيْسَ الْخَطَأُ أَنْ تَجْعَلَ خَاتِمَةَ آيَةٍ خاتمة آية أخرى (1) .

_ = وأخرجه الدارمي في "سننه" (2 / 322 رقم 3388) ، فقال: حدثنا إسحاق بن عيسى، عن أبي الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنْ المغيرة بن سبيع - وكان من أصحاب عبد الله -، قَالَ: ((مَنْ قَرَأَ عَشْرَ آيَاتٍ من البقرة عند منامه لَمْ يَنْسَ الْقُرْآنَ: أَرْبَعَ آيَاتٍ من أوّلها، وآية الكرسي، وآيتان بعدها، وثلاث من آخرها)) . والمغيرة من أصحاب عبد الله بن مسعود كما في رواية الدارمي، فلعلّه تلقى هذا الحديث من عبد الله، فإنه قد روي عنه نحوه مع بعض الاختلاف. فأخرجه الدارمي في الموضع السابق برقم (3386) من طريق عاصم، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قال: ((من قرأ أربع آيات من أول سورة البقرة، وآية الكرسي، وآيتان (كذا!) بعد آية الكرسي، وثلاثًا من آخر سورة البقرة، لم يقربه ولا أهله يومئذ شيطان، ولا شيء يكرهه، ولا يُقْرأْنَ على مجنون إلا أفاق)) . ومن طريق عاصم أخرجه أيضًا ابن الضريس في "الفضائل" (ص84 و 88 رقم 166 و 179) بنحوه. وأخرجه أيضًا الدارمي برقم (3385) . والطبراني في "الكبير" (9 / 147 - 148 رقم 8673) . كلاهما من طريق أبي العميس، عن الشعبي، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: ((مَنْ قرأ عشر آيات من سورة البقرة في ليلة لم يدخل ذلك البيت شيطان تلك الليلة حتى يصبح: أربعًا من أوّلها، وآية الكرسي، وآيتان بعدها، وثلاث خواتيمها، أوّلها: {لله ما في السموات} [آية 285 من سورة البقرة] )) . وسنده ضعيف، قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10 / 118) : ((رجاله رجال الصحيح، إلا أن الشعبي لم يسمع من ابن مسعود)) . (1) سيأتي تفسير أبي عبيد لقول ابن مسعود هذا. [139] سنده رجاله ثقات، إلا أن مغيرة يدلِّس، ولاسيّما عن إبراهيم كما سبق بيانه. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = في الحديث [54] ، ولم يصرّح بالسماع هنا، فالحديث ضعيف بهذا الإسناد لأجله، وهو صحيح لغيره من طرق أخرى كما سيأتي. وقد أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 222 - 223 رقم 2076) من طريق المصنِّف، لكن رواية غير هذه، فقد أخرجه عن سعيد بن منصور، حدثنا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عن همّام قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَيْسَ الخطأ أن يقرأ: {غفور رحيم} مكان: {عزيز حكيم} ، ولكن الخطأ أن يقرأ ما ليس منه، أو يختم آية رحمة بآية عذاب، أو آية عذاب بآية رحمة. وهذه الرواية لم أجدها عند المصنف في فضائل القرآن، فلعلها في موضع آخر. وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص328 رقم 772) . وعبد الرزاق في "المصنف" (3 / 364 رقم 5985) . أما أبو عبيد فمن طريق أبي معاوية، وأما عبد الرزاق فمن طريق سفيان الثوري، كلاهما عن الأعمش، به نحو رواية البيهقي السابقة. وسند هذا الطريق صحيح رجاله ثقات تقدموا، وعنعنة الأعمش لا تضر إذا كانت عن كبار شيوخه كإبراهيم النخعي ونحوه كما سبق بيانه في الحديث [3] . والحديث في "كتاب الآثار" لأبي يوسف (ص44 رقم 223) . و"كتاب الآثار" لمحمد بن الحسن (ص55 رقم 274) . كلاهما من طريق أبي حنيفة، عن حماد، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، أن رجلاً كان يقرئه ابن مسعود، وكان أعجميًا، فجعل يقول: {إن شجرة الزقوم طعام الأثيم} ، فجعل الرجل يقول: (طعام اليتيم) ، فردّ عليه، كلُّ ذلك يقول: (طعام اليتيم) ، فقال ابن مسعود: قل: طعام الفاجر، ثم قال ابن مسعود: إن الخطأ في القرآن ليس أن تقول: {الغفور الرحيم} ، {العزيز الحكيم} ، إنما الخطأ أن تقرأ آية الرحمة آية العذاب، وآية العذاب آية الرحمة، وأن يزاد في كتاب الله ما ليس فيه. هذا لفظ رواية أبي يوسف، ونحوه رواية محمد بن الحسن. =

140- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ (1) ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَا يقولنَّ أحدُكم: أَخَذْتُ الْقُرْآنَ كلَّه، وَمَا يُدْرِيهِ مَا كلُّه، قَدْ ذَهَبَ مِنْهُ قُرْآنٌ كَثِيرٌ، وَلَكِنْ يَقُولُ: أَخَذْنَا مَا ظَهَرَ منه (2) .

_ = وأخرجه الطبراني في "الكبير" (9 / 150 رقم 8683) من طريق زائدة، عن منصور، عن إبراهيم، به بلفظ: ليس الخطأ أن يقرأ بعضه في بعض، ولكن الخطأ أن تلحقوا به ما ليس منه. قال أبو عبيد القاسم بن سلام - رحمه الله - عقب إخراجه للرواية السابقة: ((أرى أن عبد الله أراد بهذا: أنه إذا سمع السامع من يقرأ هذه الحروف من نعوت الله عز وجل لم يجز له أن يقول: أخطأت؛ لأنها كلها من نعوت الله، ولكن يقول: هو كذا وكذا على ماقال أبو العالية، وليس وجهه أن يضع كل حرف من هذا في موضع الآخر وهو عامد لذلك. فإذا سمع رجلاً ختم آية رحمة بآية عذاب، أو آية عذاب بآية رحمة، فهناك يجوز له أن يقول: أخطأت، لأنه خالف الحكاية عن الله عز وجل، فهذا عندنا مذهب عبد الله في الخطأ)) . اهـ. وقول أبي عبيد هنا: ((على ما قال أبو العالية)) ، يعني به ما أخرجه هو قبل ذلك (ص237 رقم 770) عن شعيب بن الحَبْحاب قال: كان أبو العالية الرياحي إذا قرأ عنده رجل لم يقل: ليس كما تقرأ، ويقول: أما أنا فأقرأ كذا وكذا. (1) هو نافع أبو عبد الله المدني، مولى ابن عمر، روى عن مولاه وعن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري ورافع بن خديج وعائشة وأم سلمة وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه عبد الله بن دينار وأبو إسحاق السبيعي وأيوب السختياني والإمام مالك وغيرهم، قيل: كانت وفاته سنة سبع عشرة ومائة، وقيل: تسع عشرة، وقيل: عشرين ومائة، وهو ثقة ثبت فقيه مشهور، روى له الجماعة، ووثقه العجلي والنسائي وابن سعد وزاد: ((كثير الحديث)) ، وقال ابن خراش: ((ثقة نبيل)) ، وقال عبيد الله بن عمر: ((لقد منّ الله علينا بنافع)) ، وقال أحمد =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ابن صالح المصري: ((كان نافع حافظًا ثبتًا له شأن)) ، وقال الخليلي: ((نافع من أئمة التابعين بالمدينة، إمام في العلم، متفق عليه، صحيح الرواية، منهم من يقدمه على سالم، ومنهم من يقارنه به، ولا يعرف له خطأ في جميع ما رواه)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (8 / 451 - 452 رقم 2070) ، و"التهذيب" (10 / 412 - 415 رقم 742) ، و"التقريب" (ص559 رقم 70860) . (2) علّق محقق "فضائل القرآن" لأبي عبيد، - أثابه الله - على هذا الأثر بتعليق نفيس، نفى فيه ما يتبادر للذهن منه؛ من ضياع شيء من القرآن، فقال: (ص285) : (هذا الاثر نقله السيوطي في "الإتقان" (2 / 25) ، وسكت عنه، مع أن ظاهره يفيد ضياع جزء كبير من القرآن. وقال الألوسي: ((وكل خبر ظاهره ضياع شيء من القرآن إما موضوع أو مؤوّل)) ، فظاهر هذا السند صحيح لا مجال للشك فيه؛ لأنه محلّىً بسلسلة من أئمة الحديث، فإسماعيل هو: ابن عليّة، وأيوب: هو السختياني، ونافع مولى ابن عمر، ولكننا أمام احتمالين لا ثالث لهما: إما أن نقول: إن مراد ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: الضياع بلا نسخ، وهذا باطل؛ لتظافر الأدلة القاطعة على سلامة القرآن من أي نقص، كما أنه بعيد من مثل ابن عمر الصحابي الجليل أن يقول ذلك. وأما إن نقول: إن مراده السقوط بسبب النسخ، وهذا جائز، بل هو الواقع، ومن أجله وضع المؤلف هذا الخبر في هذا الباب. ويمكننا بيان كلام ابن عمر للتابعين: ((أخذت القرآن كله)) ، أي: كل ما نزل عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - مما نسخت تلاوته وما استقرّ متلوًّا، ((ذهب منه قرآن كثير)) ، أي: سقط منه في حياة النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أو: أُسقط في الجمعين المجمع عليهما بعده؛ لعدم استيفائه شروط ثبوت قرآنيته حسب العرضة الأخيرة، وشروطًا أخرى غيرها، ((ما ظهر)) : ما استقر قرآنًا فلم ينسخ، أو: ما تواتر وأُثبت في المصاحف الإمام، والله أعلم. ويفهم من كلام ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أنه في رأيه أن الآيات المنسوخة بعد نسخها تمسى كذلك قرآنًا، تجاوزًا، أو باعتبار ما كان) . اهـ. [140] سنده صحيح. =

141- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي سِنَان، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الهُذَيل، عَنْ حَنْظلة بْنِ خُويلد العَنَزي (1) ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ ابْنِ مَسْعُودٍ حَتَّى أَتَى السُّدَّة (2) سُدَّة السُّوقِ، فَاسْتَقْبَلَهَا، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِهَا وَخَيْرِ أَهْلِهَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ أَهْلِهَا، ثُمَّ مَشَى حَتَّى أَتَى دَرَجَ الْمَسْجِدِ، فَسَمِعَ رَجُلًا يَحْلِفُ بِسُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ، فَقَالَ: يَا حَنْظَلَةُ، أَتَرَى هَذَا يُكَفِّرُ عَنْ يَمِينِهِ؟ إِنَّ لِكُلِّ (آيَةٍ) (3) كَفَّارَةً، - أَوْ قَالَ: يَمِينٍ -.

_ = وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل" (ص285 رقم 689) من طريق إسماعيل بن إبراهيم، به مثله مع اختلاف يسير في اللفظ. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 509 رقم 10142) من طريق حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أنه كان يكره أن يقول: قرأت القرآن كله. (1) هو حَنْظَلَةُ بن خويلد العَنَزي، يروي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وروى هنا عن ابن مسعود، وروى عنه هنا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ، وروى عنه أيضًا الأسود ابن مسعود على اختلاف فيه عليه، وهو ثقة من الطبقة الثانية، وثقه ابن معين، وذكره ابن حبان في الثقات. اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 240 رقم 1067) ، و"التهذيب" (3 / 59 - 60 رقم 108) ، و"التقريب" (ص183 رقم 1580) . وقد اختُلف في اسم حنظلة هذا، فقيل أيضًا: سويد بن حنظلة، وقيل: عبد الله بن حنظلة، وقيل: حنظلة بن سويد. انظر الموضع السابق من "الجرح والتعديل"، و"التاريخ الكبير" للبخاري (3 / 42 رقم 162) مع حاشيته. وثَمَّة قول آخر في اسمه لم يُشَر إليه في المواضع المتقدمة، وهو: سليم بن حنظلة كما سيأتي في رواية الطبراني للحديث، وانظر "التاريخ الكبير" للبخاري (4 / 122 - 124 رقم 2181 و 2184) ، و"الجرح والتعديل" (4 / 212 =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = رقم 914) ، و"الثقات" لابن حبان (4 / 331) . (2) السُّدَّة: كالظُّلَّة على الباب لتقيه من المطر، وقيل: هي الباب نفسه، وقيل: هي الساحة بين يديه كما في "النهاية" (2 / 353) ، فيكون المعنى: أن ابن مسعود أتى مقدِّمة السوق، إما الظُّلَّة التي تظلله كما في بعض الأسواق، أو: باب السوق ومدخله، أو الساحة التي تكون عادة بين يدي السوق. (3) ما بين القوسين ليس في الأصل، وأثبته من "سنن البيهقي" حيث روى الحديث من طريق المصنف. [141] سنده صحيح. وأخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 43) في الأيمان، باب ما جاء في الحلف بصفات الله تعالى، من طريق المصنِّف، به مثله، إلا أنه وقع عنده: (العنبري) بدل: (العنزي) ، وفيه: (بالسوق) ، وسقط منه قوله: (اللهم) . والحديث أشار إليه البخاري في "تاريخه الكبير" (3 / 42) في ترجمة حنظلة. وعَلَّقَهُ ابن سعد في "الطبقات" (6 / 205) ، فقال: (حنظلة بن خويلد الشيباني، روى عن عبد الله قال: أشرف عبد الله على السُّدَّة فقال: اللهم أسألك خيرها وخير أهلها) . وأخرجه اللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" (2 / 231 - 232 رقم 387) من طريق أبي عوانة، عن أبي سنان، به نحوه. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (9 / 202 رقم 8895) . وفي "الدعاء" (2 / 1168 - 1169 رقم 796) . في كلا الموضعين من طريق سفيان الثوري، عَنْ أَبِي سِنَانٍ ضِرَارِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي الهذيل، عن سليم بن حنظلة، أن عبد الله أتى سُدَّة السوق، فقال: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِهَا وَخَيْرِ أَهْلِهَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شرها وشر أهلها. هكذا الرواية في "الكبير"، إلا أن فيه تصحيفًا أظنه طباعيًا، حيث جاء فيه: =

142- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ (عَبْدِ اللَّهِ) (1) بْنِ مُرَّة (2) ، عَنْ أَبِي كَنِف (3) ، قَالَ: بَيْنَا أَنَا أَمْشِي مَعَ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي سُوقِ الرَّقيق، إِذْ سَمِعَ رَجُلًا يَحْلِفُ بِسُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: إِنَّ عَلَيْهِ لِكُلِّ آية منها (يمينًا) (4) .

_ = (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الهذيل بن سليم بن حنظلة) ، فتصحّفت: (عن) إلى: (بن) . وأما الرواية في "كتاب الدعاء"، فجاءت على الصواب في هذا الموضع، لكن وقع فيها: (عن أبي حصين) بدل قوله: (عن أبي سنان) . وفي كلا الروايتين: (سليم حنظلة) ، بدل: (حنظلة بن خويلد) ، وسبق بيان الاختلاف في تسميته. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10 / 129) بعد أن ذكر الحديث: ((رجاله رجال الصحيح، غير سليم بن حنظلة، وهو ثقة)) . وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (ص14 رقم 85 / القسم الأول من الجزء الرابع) من طريق محمد بن فضيل ووكيع، كلاهما عن سفيان الثوري، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ، عَنْ عبد الله بن حنظلة، عن عبد الله قال: من حلف بسورة من القرآن لقي الله بعدد آيها خطايا. كذا سماه سفيان في روايته هنا: (عبد الله بن حنظلة) ، وعند الطبراني من طريقه - كما سبق - سمّاه: (سليم بن حنظلة) . وأخرجه البيهقي أيضًا في الموضع السابق من طريق عبد الله بن الوليد، عن سفيان، به نحو رواية المصنف، وسماه أيضًا: (عبد الله بن حنظلة) . وللحديث طريق أخرى عن ابن مسعود، وهي الآتية. (1) في الأصل: (عبيد الله) ، وما أثبته من الموضع الآتي من "سنن البيهقي" حيث روى الحديث من طريق المصنف. (2) هو عبد الله بن مُرَّة الهمداني، الخَارِفي - بمعجمة وراء وفاء -، الكوفي، يروي عن ابن عمر والبراء وأبي الأحوص ومسروق وغيرهم، روى عنه =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = الأعمش ومنصور بن المعتمر، وكانت وفاته في خلافة عمر بن عبد العزيز سنة مائة، وقيل: سنة تسع وتسعين، وهو ثقة روى له الجماعة، ووثقه ابن معين والعجلي وأبو زرعة والنسائي وابن سعد وزاد: ((وله أحاديث صالحة)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 165 - 166 رقم 763) ، و"التهذيب" (6 / 24 - 25 رقم 35) ، و"تقريب التهذيب" (ل 70 / ب / الخطية) . تنبيه: إنما صار العزو هنا إلى النسخة الخطية من "التقريب"؛ لأن المطبوعة سقط منها قوله: (ثقة) . انظر "التقريب" المطبوع (ص322 رقم 3607) . (3) هو أبو كَنِف العَبْدي، مجهول الحال، روى عنه الشعبي وعبد الله بن مرة، وسكت عنه البخاري في "الكنى" (ص65 رقم 596) ، وبيّض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (9 / 431 رقم 2139) ، وانظر "الاستغناء" لابن عبد البر (2 / 1231 رقم 1723) ، و"المقتنى" للذهبي (2 / 34 رقم 5228) . (4) في الأصل: (يمين) ، وما أثبته من "سنن البيهقي" حيث روى الحديث من طريق المصنف. [142] سنده ضعيف لجهالة حال أبي كَنِف، ولأن الأعمش مدلِّس ولم يصرح بالسماع، وليس هذا الموضع مما تحتمل روايته فيه إذا لم يصرح بالسماع كما سبق بيانه في الحديث رقم [3] ، ومعناه صحيح عن ابن مسعود، كما في الحديث المتقدم، والآتي. وأخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 43) في الأيمان، باب ما جاء في الحلف بصفات الله تعالى، من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه وقع عنده: (بينما) ، و: (الدقيق) ، و: (بسورة البقرة) ، بدلاً من قوله: (بينا) ، و: (الرقيق) ، و: (بسورة من القرآن) . وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 472 رقم 15947) من طريق سفيان الثوري، عن الأعمش، به نحوه، إلا أنه لم يذكر السوق. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (ص14 رقم 84 / القسم الأول من الجزء الرابع) =

143- قَالَ الْأَعْمَشُ (1) : فَذَكَرْتُ ذَلِكَ (2) لِإِبْرَاهِيمَ (3) ، فَقَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: مَنْ حَلَفَ بِالْقُرْآنِ فَعَلَيْهِ بِكُلِّ آيَةٍ يَمِينٌ، وَمَنْ كَفَرَ بِآيَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ فَقَدْ كَفَرَ بِهِ كلِّه.

_ = من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، به نحوه، إلا أنه وقع عنده: (أبي كريب) بدل قوله: (أبي كنف) ، وهو تصحيف، ووقع عنده أيضًا: (سوق الرحق) . وأخرجه مسدد في "مسنده"، فقال: حدثنا يحيى، عن سفيان، حدثني الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي كِنْفٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: مَنْ حَلَفَ بِالْقُرْآنِ، فَعَلَيْهِ بِكُلِّ آيَةٍ يَمِينٌ، كما في "المطالب العالية المسندة" (ل 63 / ب) ، و"إتحاف الخيرة" للبوصيري (4 / ل 144 / ب) ، وانظر "المطالب العالية" المطبوعة (2 / 86 رقم 1726) . ومن طريق مسدد أخرجه اللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" (2 / 232 رقم 379) . (1) أي بالإسناد المتقدم: (حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بن زكريا، عن الأعمش) . (2) أي حديث أبي كنف المتقدم في الرجل الذي حلف بسورة من القرآن. (3) هو ابن يزيد النخعي، تقدم في الحديث [3] أنه فقيه ثقة. [143] سنده حسن، فإسماعيل بن زكريا تقدم في الحديث [81] أنه صدوق، وهو صحيح لغيره؛ لأن إسماعيل قد توبع كما سيأتي، ومراسيل إبراهيم النخعي عن ابن مسعود صحيحة كما سبق بيانه في الحديث رقم [3] . والحديث أخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 43) في الأيمان، باب ما جاء في الحلف بصفات الله تعالى، من طريق المصنف، به مثله مقرونًا بالرواية السابقة في الحديث [142] . وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 472 رقم 15946) من طريق الثوري، عن الأعمش، به نحوه. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (ص14 رقم 87 / القسم الأول من الجزء =

144- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، عَنْ غَيْلَان (1) ، عَنْ مُطَرِّف (2) ، قَالَ: لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُولُوا: قَالَ الله عز وجل.

_ = الرابع) من طريق أبي معاوية عن الأعمش، به مثله بشطره الأول فقط، ولم يذكر قوله: ((ومن كفر ... )) إلخ. وأخرجه مسدد في "مسنده"، فقال: حدثنا يحيى، عن سفيان، حدثني الأعمش ... ، فذكره بنحوه مقرونًا بالحديث السابق كما في "المطالب العالية المسندة" (ل 63 / ب) ، و"إتحاف الخيرة" للبوصيري (4 / ل 144 / ب) ، وانظر "المطالب العالية" المطبوعة (2 / 86 رقم 1726) . ومن طريق مسدد أخرجه اللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" (2 / 232 رقم 379) . ولبعضه طريق أخرى عن ابن مسعود. فأخرجه الهروي في "ذم الكلام" (2 / 154 / أ) من طريق أبي وائل شقيق بن سلمة، عن ابن مسعود أنه أمرهم أن لا يتنازعوا في القرآن، وأخبرهم أن من جحد آية منه فقد جحده كله. (1) هو غَيْلان بن جرير المِعْوَلي الأَزْدي البصري، روى عن أنس بن مالك والشعبي وأبي قلابة ومُطَرِّف بن عبد الله وغيرهم، روى عنه أيوب السختياني وجرير بن حازم وحماد بن زيد ومهدي بن ميمون وغيرهم، وكانت وفاته سنة تسع وعشرين ومائة، وهو ثقة روى له الجماعة، وثقه أحمد وابن معين والعجلي وأبو حاتم والنسائي، وقال ابن سعد: ((كان ثقة، وله أحاديث)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (7 / 52 - 53 رقم 297) ، و"التهذيب" (8 / 253 - 254 رقم 468) ، و"التقريب" (ص443 رقم 5369) . (2) هو مُطَرِّف بن عبد الله الشِّخِّير - بكسر الشين المعجمة، وتشديد المعجمة المكسورة، بعدها تحتانية ساكنة، ثم راء -، العامري، الحَرَشي - بمهملتين مفتوحتين، ثم معجمة - أبو عبد الله البصري، يروي عن أبيه وعثمان وعلي =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأبي ذر وعمار بن ياسر وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه أخوه يزيد والحسن البصري وثابت البُناني وغيلان بن جرير وغيرهم، وكانت وفاته سنة خمس وتسعين، وقيل: سنة تسع وثمانين، وكانت ولادته في حياة النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهو ثقة عابد فاضل روى له الجماعة. قال ابن سعد: ((كانة ثقة ذا فضل وورع وأدب)) ، وقال العجلي: ((ثقة من خيار التابعين، رجل صالح)) ، وقال ابن حبان في "الثقات": ((ولد في حياة النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ... ، وكان من عباد أهل البصرة وزهّادهم)) . اهـ. من "تاريخ الثقات" للعجلي (ص431 رقم 1586) ، و"الثقات" لابن حبان (5 / 429) ، و"التهذيب" (10 / 173 - 174 رقم 324) ، و"التقريب" (ص534 رقم 6706) . [144] سنده صحيح. وأخرجه ابن أبي الدنيا في "الصمت" (ص429 رقم 371) . وأبو نعيم في "الحلية" (2 / 203) . كلاهما من طريق شعبة، عن خالد الحذّاء، عن غيلان، به نحوه، وفيه زيادة. ولم أجد من وافق مُطَرِّفًا على هذا القول، وهو يعني بنهيه هذا التفريق بين الفعل المضارع: ((يقول)) ، الذي يفيد وقوع الفعل في الحاضر والاستمرار فيه، وبين الماضي: ((قال)) الذي يدل على أن هذا الفعل قد فُرغَ منه، وهو اجتهاد من مطرِّف - رحمه الله -، ولا يعني التسليم له بما قال؛ لأنه لا بأس بالإخبار عن وقوع قول مضى بصيغة المضارع؛ كما لو أرسلك شخص برسالة شفهية إلى آخر، فقلت له: ((إن فلانًا يقول لك كذا وكذا)) ، مع أنه قال ذلك القول في الماضي، وهذا كثير في السنة، ومن أمثلة ذلك: ما أخرجه البخاري في "صحيحه" (13 / 384 رقم 7405) في التوحيد، باب قول الله تعالى: {ويحذركم الله نفسه} . ومسلم في "صحيحه" (4 / 2061 رقم 2) في الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب الحث على ذكر الله تعالى، و (4 / 2067 - 2068 رقم 19 و 20 و 21) في الذكر أيضًا، باب فضل الذكر والدعاء. كلاهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - قال: ((يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته =

145- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا مُصْعَبُ بن مَاهَان (1) [ل110/أ] ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجر (2) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ (3) ، أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَكْتُبُ الْقُرْآنَ فَيَسْقِيهِ، فَقَالَ: إِنِّي أَرَى سَيُصِيبُهُ بَلَاءٌ.

_ = في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرَّب إليَّ شبرًا تقرَّبت إليه ذراعًا، وإن تقرب إليَّ ذراعًا تقربت إليه باعًا، وإن أتاني يمشي أتيته هَرْوَلَةً)) ، وانظر "الأذكار" للنوي (ص332) . (1) هو مصعب بن مَاهَان المَرْوزي، نزيل عَسْقلان، روى عن سفيان الثوري وداود بن نصير وعباد كثير، روى عنه هنا سعيد بن منصور، وروى عنه أيضًا إبراهيم بن شماس وزكريا بن نافع وأبو توبة الربيع بن نافع وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثمانين أو إحدى وثمانين ومائة، وهو صدوق عابد كثير الخطأ. قال الإمام أحمد: ((كان رجلاً صالحًا)) ، وأثنى عليه خيرًا، وقال: ((وكان حديثه مقاربًا، في شيء من الخطأ)) ، وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه، فقال: ((شيخ)) ، وحكى غيري عن أبي أنه قال: ((ثقة عابد)) ، وقال العقيلي: ((له أحاديث لا يتابع عليها)) ، وقال ابن وضاح: ((ثقة)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (8 / 308 - 309 رقم 1427) ، و"التهذيب" (10 / 164 رقم 310) ، و"التقريب" (ص533 رقم 6694) . (2) تقدم في الحديث [58] أنه صدوق ليّن الحفظ. (3) أي: ابن يزيد النخعي. [145] سنده ضعيف لضعف مصعب بن ماهان وإبراهيم بن مهاجر من قبل حفظهما، لكنه صحيح لغيره بالطريق الآتي. وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 404 - 405 رقم 2241) من طريق المصنِّف، به مثله سواء. وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص358 رقم 843) فقال: حدثنا هشيم، أخبرنا ابن عون، قال: سألت إبراهيم عن رجل كان بالكوفة يكتب من الفزع آيات فيسقي المريض، فكره ذلك. =

146- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَير (1) ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ (2) ، قال: قال عبد الله: اقرؤا القرآن في سبع، ولا تقرؤه فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ، وَلْيُحَافِظِ الرَّجُلُ فِي يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ عَلَى جزئه.

_ = وسنده صحيح. هشيم تقدم في الحديث [8] أنه ثقة ثبت، كثير التدليس، لكنه صرّح هنا بالسماع. وعبد الله بن عون بن أرطبان تقدم في الحديث [44] أنه ثقة ثبت فاضل. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" في القسم الأول من الجزء الثامن (ص29 رقم 3565) من طريق هشيم، بنحو لفظ أبي عبيد. (1) هو عمارة بن عُمَير التّيْمي، الكوفي، يروي عن الأسود بن يزيد والحارث بن سويد وعبد الرحمن بن يزيد وأبي الأحوص عوف بن مالك وغيرهم، روى عنه إبراهيم النخعي والحكم بن عتيبة ومنصور بن المعتمر والأعمش وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثمان وتسعين للهجرة، وقيل: سنة اثنتين وثمانين، وهو ثقة ثبت روى له الجماعة، ووثقه ابن معين وأبو حاتم والنسائي، وقال عبد الله بن أحمد: سألت أبي عنه، فقال: ((ثقة وزيادة، يُسئل عن مثل هذا؟!)) ، وقال العجلي: ((كوفي ثقة، وكان خيارًا)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (6 / 366 - 367 رقم 2022) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (3 / 1065) ، و"التهذيب" (7 / 421 رقم 686) ، و"التقريب" (ص409 رقم 4856) . (2) هو عوف بن مالك، تقدم في الحديث [4] أنه ثقة. [146] سنده صحيح، والأعمش قد صرح بالسماع في رواية الفريابي كما سيأتي، وصححه الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (9 / 97) بعد أن عزاه للمصنف. والحديث أخرجه البيهقي في "سننه" (2 / 396) في الصلاة، باب مقدار ما يستحب له أن يختم فيه القرآن، وفي "شعب الإيمان" (5 / 136 - 137 رقم 1985) ، في كلا الموضعين من طريق المصنِّف، به مثله سواء، إلا أنه =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وقع في "شعب الإيمان": ((ولا تقرأوا)) ، و: ((على جزء)) . وذكره الزبيدي في "إتحاف السادة المتقين" (4 / 472) ، وعزاه لسعيد بن منصور، وابن أبي داود في "الشريعة". وأخرج ابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 502) من طريق أبي معاوية، به بلفظ: اقرؤوا القرآن في سبع، ولا تقرؤوه في ثلاث. وأخرجه الفريابي في "فضائل القرآن" (ص217 - 218 رقم 130 و 131) من طريق معاذ بن معاذ العنبري وخالد بن الحارث، كلاهما عن شعبة، عن سليمان الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، وفي رواية خالد بن الحارث قال الأعمش: سمعت عمارة، عن أبي الأحوص ... ، فذكره بنحوه. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (3 / 353 رقم 5948) من طريق سفيان الثوري، عن الأعمش، به نحو لفظ المصنف. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الطبراني في "الكبير" (9 / 154 - 155 رقم 8707) ، لكن وقع قي المطبوع تصحيف في الإسناد. وأخرجه الطبراني أيضًا (9 / 155 رقم 8708 و 8709) من طريق زائدة وحجاج، كلاهما عن الأعمش به مثل لفظ عبد الرزاق. قال الهيثمي في "المجمع" (2 / 269) : ((رجاله رجال الصحيح)) . وتابع عمارة أبو إسحاق السبيعي، فرواه عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ فَهُوَ راجز. أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (3 / 353 رقم 5946) عن معمر، عن أبي إسحاق، به. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الطبراني في "الكبير" (9 / 154 رقم 8701) . قال الهيثمي في الموضع السابق: ((رجاله رجال الصحيح)) . وهذا اللفظ قد صح عن ابن مسعود من طرق أخرى كما سيأتي.

147- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الأَحْوَص، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدة (1) ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ، فَهُوَ رَاجِز (2) ، هَذًّا (3) كَهَذِّ الشِّعْر، ونَثْرًا (4) كَنَثْرِ الدَّقَل (5) .

_ (1) هو عامر بن عبد الله بن مسعود، أبو عُبَيْدة الكوفي، مشهور بكنيته، روى عن أبيه ولم يسمع منه، وعن أبي موسى وكعب بن عجرة وعائشة وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه إبراهيم النخعي وأبو إسحاق السبيعي ومجاهد وغيرهم، وكانت وفاته سنة إحدى أو اثنتين وثمانين للهجرة، وهو ثقة روى له الجماعة، قال الإمام أحمد: ((كانوا يُفضِّلون أبا عبيدة على عبد الرحمن)) ، وعبد الرحمن هو أخوه، ثقة كما سيأتي في الحديث [150] . وقال العجلي: ((كوفي ثقة، ولم يسمع من أبيه شيئًا)) ، وقال ابن سعد: ((روى عن أبيه رواية كثيرة، وذكروا أنه لم يسمع منه شيئًا، وكان ثقة كثر الحديث)) . اهـ. من "طبقات ابن سعد" (6 / 210) ، و"تاريخ الثقات" للعجلي (ص504 رقم 1993) ، و"التهذيب" (5 / 75 - 76 رقم 121) ، و"التقريب" (ص656 رقم 8231) ، وانظر أيضًا في سماعه من أبيه من عدمه ما تقدم في الحديث رقم [4] . (2) الرَّجَزُ: بحر من بحور الشِّعر معروف، ونوع من أنواعه، يكون كل مِصْرَاع منه مُفْرَدًا، وتُسَمَّى قصائده: أَرَاجِيز،، وَاحِدُها: أُرْجُوزَةٌ، فهو كهيئة السَّجْع، إلا أنه في وزن الشِّعر، ويُسَمَّى قائله: رَاجِزًا كما يسمى قائل بحور الشعر: شاعرًا. وإنما سمّاه ابن مسعود هنا راجزًا؛ لأن الرَّجَزَ أخفُّ على لسان المُنْشِد، واللسان به أسرع من القصيد. اهـ. من "النهاية في غريب الحديث" (2 / 199 و 200) . (3) الهَذُّ: سرعة القطع، والمراد: أنه يسرع في قراءة القرآن كما يسرع في قراءة الشِّعر. انظر "النهاية": (5 / 255) .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ (4) أي: كما يتساقط الرُّطب اليابس من العِذْق إذا هُزَّ. "النهاية" (5 / 15) . (5) الدَّقَلُ: هو رديء التمر ويابسه. "النهاية" (2 / 127) . [147] سنده ضعيف للانقطاع بين أبي عبيدة وأبيه، وأبو إسحاق السبيعي مدلس ولم يصرح هنا بالسماع، ومع ذلك فقد اختلط بآخره، لكن تابعه على بن بَذِيمة كما سيأتي، والحديث صحيح عن ابن مسعود من غير طريق أبي عبيدة كما سيأتي. وقد أشار البيهقي في "الشعب" (5 / 135) لهذا الطريق، فقال بعد أن أخرج الحديث من طريق علي بن بذيمة الآتي: ((رواه أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ وزاد فيه: هَذًّا كَهَذِّ الشِّعْرِ، وَنَثْرًا كَنَثْرِ الدَّقَل)) . والحديث أخرجه الفريابي في "فضائل القرآن" (ص226 رقم 147) من طريق قتيبة، حدثنا أبو الأحوص ... ، فذكره بمثله سواء. وأخرجه أيضًا برقم (148) من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق ... ، به مثله، ولم يذكر قوله: ((هذًّا كهذ الشعر ... )) إلخ. ورواه حُدَيج بنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِي إسحاق، وسيأتي برقم [153] . وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف (3 / 353 رقم 5947) من طريق معمر وسفيان الثوري، كلاهما عن علي بن بَذِيمة، عن أبي عبيدة، به بمثله بشطره الأول فقط إلى قوله: ((راجز)) . ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الطبراني في "الكبير" (9 / 154 رقم 8704) . وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 501) . والفريابي (ص225 - 226 رقم 146) . كلاهما من طريق مسعر وسفيان الثوري. وأخرجه الطبراني في الموضع السابق برقم (8702 و 8703) من طريق شعبة مسعر. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = والبيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 135 رقم 1983) من طريق شعبة. ثلاثتهم عن علي بن بَذيمة، عن أبي عبيدة، به مثل لفظ عبد الرزاق. وعلي بن بَذِيمة تقدم في الحديث [42] أنه ثقة، فيبقى الحديث ضعيفًا من هذا الطريق للانقطاع بين أبي عبيدة وأبيه فقط. وقد رُوي الحديث عن ابن مسعود من تسعة طرق: (1) طريق أبي عبيدة عنه، وهو هذا الطريق. (2) طريق أبي الأحوص عنه، وهو صحيح وتقدم برقم [146] . (3) طريق الحسن البصري عنه، وهو ضعيف وسيأتي برقم [148] . (4) طرق أبي وائل شقيق بن سلمة عنه، وهو صحيح ومخرّج في الصحيحين، وسيأتي برقم [156] . (5) و (6) طريقا الأسود وعلقمة، وسيأتي تخريجهما مع طريق أبي وائل. (7) طريق الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: لا تهذّوا القرآن كهذّ الشعر، ولا تنثروه نثر الدَّقَل، وقفوا عند عجائبه، وحرّكوا به القلوب. أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 521) و (10 / 525 رقم 10205) . وسنده ضعيف؛ لأن الشعبي لم يسمع من ابن مسعود كما سبق بيانه في الحديث [63] . (8) طريق القاسم بن الوليد، عن ابن مسعود، بمثل لفظ الشعبي. أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 8 رقم 1883) . وسنده ضعيف أيضًا؛ لأن القاسم بن الوليد لم يسمع من ابن مسعود، فهو من أتباع التابعين كما يتضح من ترجمته في "التهذيب" (8 / 340) ، بل أخشى أن يكون هذا الطريق والذي قبله واحدًا؛ لأن القاسم هذا من الرواة عن الشعبي كما في الموضع السابق من "التهذيب". (9) طريق إبراهيم النخعي، عن ابن مسعود، قال: =

148- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ، فَهُوَ رَاجِزٌ.

_ = لا تهذّوا القرآن كهذّ الشعر، ولا نثرًا كنثر الدقل. أخرجه أبو يوسف في "كتاب الآثار" (ص46 رقم 233) ، ومحمد بن الحسن في "الآثار" أيضًا (ص54 - 55 رقم 271) ، كلاهما عن أبي حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم، به. وأخرجه البيهقي في "الشعب" (5 / 8 - 9 رقم 1884) ، من طريق المغيرة، عن أبي حمزة، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ الله: اقرؤوا القرآن، وحرّكوا به القلوب، ولا يكن همّ أحدكم آخر السورة. وبالجملة فالحديث صحيح عن ابن مسعود كما تقدم برقم [146] ، وكما سيأتي. [148] سنده ضعيف؛ لأن رواية هشام بن حسان عن الحسن البصري ضعيفة كما تقدم في الحديث [55] ، ومع ذلك فهو منقطع بين الحسن البصري وابن مسعود، فإنه لم يسمع منه. قال قتادة: ((ما شافه الحسن أحدًا من البدريين)) ، وقال أيوب السختياني: ((ما حدثنا الحسن عن أحد من أهل بدر مشافهة)) ، وسئل أبو زرعة: هل سمع الحسن أحدًا من البدريين؟ قال: ((رأهم رؤية، رأى عثمان وعليًّا. قيل: هل سمع منهما حديثًا؟ قال: لا، رأى عليًّا بالمدينة، وخرج على الكوفة والبصرة، ولم يلقه الحسن بعد ذلك)) . اهـ. من "جامع التحصيل" (ص194 - 199 رقم 135) ، و"التهذيب" (2 / 263 - 270) . فإذا كان الحسن لم يسمع من علي وعثمان، فمن باب أولى أن لا يكون سمع من ابن مسعود؛ لأنه توفي قبلهما، ففي "التهذيب" (6 / 28) أنه مات سنة اثنتين وثلاثين، وقيل ثلاث وثلاثين، هذا مع قول من قال: إنه لم يشافه بدريًا قط. =

149- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، عَنْ حُصين، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي ثَلَاثٍ، لَا يَسْتَعِينُ عَلَيْهِ مِنَ النهار إلا باليسير.

_ = ومن أوضح الأدلة رواية الطبراني للحديث. فإنه أخرجه في "المعجم الكبير" (9 / 154 رقم 8705) من طريق زائدة، عن هشام، عن الحسن أنه بلغه عن ابن مسعود قال: ... ، فذكره بمثله. فهذا يدل على أن الحسن أخذه عن ابن مسعود بواسطة رجل لم يفصح باسمه. لكن الحديث صحيح عن ابن مسعود من غير هذا الطريق كما تقدم في الحديثين السابقين وكما سيأتي. [149] سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف للانقطاع بين عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن عتبة ابن مسعود وعم أبيه عبد الله بن مسعود، فإن روايته عنه مرسلة كما في "التهذيب" (7 / 23) . وأما هشيم فهو وإن لم يصرح بالسماع هنا، فإنه قد توبع كما سيأتي. وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 135 - 136 رقم 1984) من طريق المصنِّف، به مثله سواء. وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (3 / 353 رقم 5945) . ومن طريقه الطبراني في "الكبير" (9 / 155 رقم 8710) . وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 501) . كلاهما من طريق سفيان الثوري، عن حصين، به نحوه. وقد تابع أبو عبيدة عبيدَ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. فأخرجه ابن ابي عمر في "مسنده" كما في "المطالب العالية المسندة" (ل 135 / ب) ، والمطبوعة (3 / 298 رقم 3524) . والطبراني في "الكبير" (9 / 155 رقم 8711) . أما ابن أبي عمر فمن طريق عبد الله بن يزيد المقرئ، وأما الطبراني فمن =

150- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ ذَكْوان (1) ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ (2) ، (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ كَانَ) (3) يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي رَمَضَانَ فِي ثَلَاثٍ، وَفِي غَيْرِ رَمَضَانَ مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَى الجمعة.

_ = طريق أبي نعيم الفضل بن دُكين، كلاهما عن المسعودي، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أبي عبيدة قال: كان عبد الله يقرأ القرآن في كل ثلاث، وقلّما يأخذ منه بالنهار. وهذا سند رجاله ثقات، لكنه ضعيف للانقطاع بين أبي عبيدة وأبيه كما سبق بيان ذلك في الحديث [4] و [147] . وأما اختلاط المسعودي عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بن عتبة بن عبد الله بن مسعود، فإن من الرواة عنه هنا أبا نعيم الفضل بن دُكين، وهو ممن روى عنه قبل الاختلاط كما سبق بيانه في الحديث رقم [51] . وعليه فالحديث بمجموع هذين الطريقين حسن لغيره. وسيأتي في الحديث بعده رقم [150] ما يشهد لبعضه. (1) هو محمد بن ذَكْوان الأسدي الكوفي، بيّاع الأكسية، من شيوخ شعبة، يروي عن عبد الرحمن وأبي عبيدة ابني عبد الله بن مسعود، وهو ثقة؛ قال أبو داود الطيالسي: حدثنا شعبة، قال: حدثني محمد بن ذكوان، وكان كخير الرجال، ووثقه ابن معين، وذكره ابن حبان في الثقات. اهـ. من "الجرح والتعديل" (7 / 251 - 252 رقم 1387 و 1379) ، و"الثقات" لابن حبان (7 / 419) ، و"التهذيب" (9 / 156 - 157 رقم 227 و 228) ، و"التقريب" (ص477 رقم 5872) . وقد وهم ابن أبي حاتم فخلط بعض ترجمة محمد هذا بترجمة محمد بن ذكوان الجَهْضَمي الضعيف خال ولد حماد بن زيد، مع أنه فرّق بينهما، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = مما أدى إلى تجريد الأسدي هذا من بعض ألفاظ التوثيق التي صدرت في حقِّه، ورميه بالضعف عند من لا يستطيع التفريق بينه وبين الآخر الضعيف. وقد تبع ابن أبي حاتم في وهمه المزِّي في "تهذيب الكمال" (3 / 1169 / المخطوط) ، وتبعهما ابن حجر في الموضع السابق من "التهذيب"، فأدرج ابن أبي حاتم والمزي وابن حجر ثناء شعبة وتوثيق ابن معين في ترجمة الجهضمي الضعيف، وذكروا من الرواة عنه: شعبة، ولم يذكروا الدليل على ذلك، مع أنهم ذكروا الأسدي، وذكروا من الرواة عنه شعبة، فكان ينبغي ذكر ما يفرّق بين الاثنين، ومن العجيب أنهم ذكروا في ترجمة الجهضمي أن شعبة روى عنه حديثًا واحدًا هو هذا الحديث الذي هنا، وكتاب البخاري "التاريخ الكبير" بين أيديهم وفيه ما يكفي في التدليل على ما وهموا فيه كما سيأتي! وخلاصة القول: 1- أن راوي هذا الحديث هو الأسدي الثقة، لا الجهضمي الضعيف. 2- وأن شعبة إنما يروي عن محمد بن ذكوان الأسدي، ولم يرو عن محمد بن ذكوان الجهضمي. 3- وأن ثناء شعبة وتوثيق ابن معين إنما هو للأسدي، لا للجهضمي وإليك الدليل على ذلك: 1- ذكر البخاري في "تاريخه" (1 / 78 و 79 رقم 204 و 209) كُلاً من الأسدي والجَهْضَمي، وفرَّق بينهما، وذكر هذا الحديث في ترجمة الأسدي. 2- ذكر البخاري وابن أبي حاتم وابن حبان والمزّي وابن حجر أن الأسدي يروي عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الله بن مسعود، ولم يذكروا ذلك في ترجمة الجهضمي. 3- ذكر ابن أبي حاتم والمزي وابن حجر أن شعبة روى عن الجهضمي حديثًا واحدًا، وأشاروا إليه، وهو هذا الحديث الذي يرويه محمد بن ذكوان عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الله بن مسعود، فكان عليهم - إذ رأوا ذلك - أن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ينصّوا على أن الجهضمي يروي عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الله بن مسعود، ولكن عكس ذلك فعلوا؛ حيث ذكروه في ترجمة الأسدي، لا الجهضمي. 4- أورد هؤلاء الثلاثة - ابن أبي حاتم، والمزي، وابن حجر - قول أبي داود الطيالسي عن شعبة: (حدثني محمد بن ذكوان، وكان كخير الرجال) ، وهذا القول إنما صدر من شعبة في حق محمد بن ذكوان راوي هذا الحديث عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الله بن مسعود كما في رواية الفريابي في "الفضائل" (ص218 - 219 رقم 132) ، لا في حق الجهضمي الذي لم يذكروا أنه روى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الله بن مسعود. 5- وحيث ذكر هؤلاء الثلاثة أن شعبة إنما روى عن الجهضمي حديثًا واحدًا، فكلام ابن معين إذًا يتجه إلى الأسدي راوي هذا الحديث الذي أشاروا إليه؛ بدليل أنهم اعتمدوا على عبارة أبي داود الطيالسي التي قالها عقب روايته لهذا الحديث عن شعبة، ففي رواية الفريابي السابقة قال أبو داود: (لم يرو شعبة عنه إلا هذا) . (2) هو عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود الهُذَلي الكوفي، روى عن أبيه ولم يسمع منه إلا شيئًا يسيرًا، وروى عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ والأشعث بن قيس ومسروق ابن الأجدع، روى عنه ابناه القاسم ومعن وسماك بن حرب وأبو إسحاق السبيعي ومحمد بن ذكوان وغيرهم، وكانت وفاته سنة تسع وسبعين للهجرة، وهو ثقة روى له الجماعة، فقد وثقه ابن معين والعجلي وأبو حاتم وابن سعد وزاد: ((قليل الحديث)) ، وقال يحيى بن سعيد: ((مات عبد الله وعبد الرحمن بن ست سنين أو نحوها)) ، وقال ابن المديني: ((لقي أباه)) ، وقال أيضًا: ((سمع من أبيه حديثين: حديث الضب وحديث تأخير الوليد للصلاة)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 248 رقم 1185) ، و"التهذيب" (6 / 215 - 216 رقم 433) ، و"التقريب" (ص344 رقم 3924) . (3) ما بين القوسين ليس في الأصل، وأثبته من "شعب الإيمان" للبيهقي، ونحوه ما في باقي مصادر التخريج.

151- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا فُضَيْلٌ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ مَنْصُورٍ (1) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: كَانَ الْأَسْوَدُ (2) يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِي كُلِّ لَيْلَتَيْنِ، وَيَنَامُ فِيمَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ (3) ، وَكَانَ يَخْتِمُ فِيمَا سوى ذلك في ستة (4) .

_ [150] سنده رجاله ثقات، عدا عبد الرحمن بن زياد فصدوق، لكنه ضعيف للانقطاع بين عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود وأبيه. وأخرجه مسدد في "مسنده" كما في "المطالب العالية المسندة" (ل 135 / ب) ، والمطبوعة (3 / 298 رقم 3523) من طريق يحيى بن سعيد القطان. والبخاري في "تاريخه الكبير" (1 / 78) من طريق آدم. والفريابي في "الفضائل" (ص218 - 219 رقم 132) من طريق أبي داود الطيالسي. والطبراني في "الكبير" (9 / 154 رقم 8706) من طريق علي بن الجعد. ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية" (7 / 166) . وأخرجه أبو نعيم أيضًا في الموضع السابق نفسه من طريق إسماعيل بن عُلَيَّة. والبيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 201 رقم 2055) من طريق النضر بن شميل. جميعهم عن شعبة، به نحوه، إلا أن لفظ البخاري مختصر، أما الفريابي فلفظه: حدثني يونس بن حبيب الأصبهاني، قال: حدثنا أبو داود، قال: ثنا شعبة، قال: حدثني محمد بن ذكوان - قال شعبة: وكان كخير الرجال - قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عبد الله بن مسعود يحدث أن أباه كان يختم فِي رَمَضَانَ فِي ثَلَاثٍ، وَفِي غَيْرِ رَمَضَانَ مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَى الجمعة. قال أبو داود: ((لم يرو شعبة عنه إلا هذا)) . ويشهد لبعض الحديث ما تقدم في الحديث [149] أن ابن مسعود كان يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي ثَلَاثٍ لَا يَسْتَعِينُ عَلَيْهِ مِنَ النَّهَارِ إِلَّا باليسير، ولم يحدد ذلك برمضان، وتقدم أنه حسن لغيره. (1) هو ابن المعتمر.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ (2) هو الأسود بن يزيد بن قيس النَّخَعي، أبو عمرو، أو: أبو عبد الرحمن، روى عن أبي بكر وعمر وعلي وابن مسعود وحذيفة وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه ابنه عبد الرحمن وأخوه عبد الرحمن وابن أخته إبراهيم بن يزيد النخعي وغيرهم، وكانت وفاته سنة أربع أو خمس وسبعين للهجرة، وهو مخضرم ثقة مكثر فقيه، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين وأحمد وزاد: ((من أهل الخير)) ، قال ابن سعد: ((كان ثقة، وله أحاديث صالحة)) ، وقال العجلي: ((كوفي جاهلي، رجل صالح)) ، وذكره إبراهيم النخعي فيمن كان يفتي من أصحاب ابن مسعود، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: ((كان فقيهًا زاهدًا)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (2 / 291 - 292 رقم 1061) ، و"التهذيب" (1 / 342 - 343 رقم 625) ، و"التقريب" (ص111 رقم 509) . (3) سيأتي توجيه الكلام في النهي عن النوم قبل العشاء. (4) أي: ستة أيام، وسيأتي الحديث بعده رقم [152] : ((وكان الأسود يختم في كل ست)) ، أي: ست ليالٍ. [151] سنده صحيح. وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" (2 / 102 - 103) من طريق عبد الله بن صندل (كذا!!!) ، عن الفضيل بن عياض، به نحوه، إلا أنه قال: ((وكان يختم القرآن في غير رمضان في كل ست ليال)) . وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 501) . والفريابي في "الفضائل" (ص223 - 224 رقم 141) . والبيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 149 رقم 2000) . أما ابن أبي شيبة فمن طريق جرير وسفيان الثوري، وأما الفريابي فمن طريق أبي عوانة، وأما البيهقي فمن طريق شعبة، جميعهم عن منصور، به نحوه، إلا أنهم لم يذكروا قوله: (وَيَنَامُ فِيمَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ) ، وعند ابن أبي شيبة والبيهقي زيادة: أن علقمة كان يقرؤه في كل خمس ليال، وهذه الزيادة ستأتي في الحديث رقم [152] . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (3 / 355 رقم 5954) عن منصور، به نحوه، ولم يذكر قوله: (وكان يختم فيما سوى ... ) إلخ. وأما نوم الأسود فيما بين المغرب والعشاء، ففيه مخالفة ظاهرًا لما جاء في حديث أبي بَرْزَة، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - كان يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها. أخرجه البخاري في "صحيحه" (2 / 49 رقم 568) في مواقيت الصلاة، باب ما يكره من النوم قبل العشاء. ومسلم في "صحيحه" (1 / 447 رقم 237) في المساجد، باب استحباب التبكير بالصبح. لكن يجاب عن ذلك بجوابين: (1) أن هذا كان من الأسود في رمضان، وهذا قد رخّص فيه بعض أهل العلم، قال الترمذي: ((رخّص بعضهم في النوم قبل صلاة العشاء في رمضان)) . اهـ. من "سنن الترمذي" (1 / 314 / بتحقيق أحمد شاكر) ، في الصلاة، باب ما جاء في كراهية النوم قبل العشاء والسَّمَر بعدها. (2) نظر بعضهم إلى أن علة النهي: خشية خروج الوقت، فرخّص في النوم إذا كان له من يوقظه، أو عُرف من عادته أنه لا يستغرق وقت الاختيار بالنوم؛ ذكر هذا الحافظ في "الفتح" (2 / 49) وقال: ((هذا جيد إذا قلنا إن علة النهي خشية خروج الوقت)) . واستدل هؤلاء بما رواه البخاري (2 / 50 رقم 570) ، في مواقيت الصلاة، باب النوم قبل العشاء لمن غُلب، من أن ابن عمر كان لا يبالي، أقدّمها - أي العشاء - أو أخّرها إذا كان لا يخشى أن يغلبه النوم عن وقتها، وكان يرقد قبلها. قال الحافظ في "الفتح" (2 / 51) : ((وهو محمول على ما إذا لم يخش أن يغلبه النوم عن وقتها كما صرّح به قبل ذلك حيث قال: وكان لا يبالي، أقدّمها أم أخّرها. وروى عبد الرزاق عن معمر، عن أيوب، عن نافع، أن =

152- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا فُضَيْلٌ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ (1) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: كَانَ عَلْقَمَةُ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ خَمْسٍ، وَكَانَ الْأَسْوَدُ يَخْتِمُهُ فِي كُلِّ سِتٍّ، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ يختمه في كل سبع.

_ = ابن عمر كان ربما رقد عن العشاء الآخرة، ويأمر أن يوقظوه، والمصنِّف [أي البخاري] حمل ذلك في الترجمة على ما إذا غلبه النوم، وهو اللائق بحال ابن عمر)) . اهـ. والله أعلم. (1) هو ابن مهران الأعمش. [152] سنده صحيح، والأعمش وإن لم يصرح بالسماع، فروايته هنا عن إبراهيم النخعي وهي محمولة على الاتصال كما تقدم في الحديث [3] . والحديث أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 501) من طريق أبي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قال: كان عبد الرحمن بن يزيد يقرأ القرآن في كل سبع، وكان علقمة والأسود يقرؤه أحدهما في خمس والآخر في ست، وكان إبراهيم يقرؤه في سبع. وأخرجه أيضًا (13 / 419 رقم 16775) من نفس الطريق، بذكر عبد الرحمن بن يزيد فقط. وأخرجه الفريابي في "فضائل القرآن" (ص223 رقم 139) من طريق سفيان الثوري، عن منصور عن إبراهيم، أن علقمة كان يقرأ في خمس. قال: وقرأه في مكة في ليلة. وأخرجه الفريابي أيضًا برقم (140) . وأبو نعيم في "الحلية" (2 / 99) . كلاهما من طريق جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قال: كان علقمة يقرأ القرآن في خمس. وتقدم في الحديث السابق تخريج ختم الأسود للقرآن في ست، وفي بعض طرقه زيادة أن علقمة كان يقرؤه في كل خمس ليال.

153- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حُدَيْج بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: نا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبيدة (1) ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: مَنْ قَرَأَ فِي لَيْلَةٍ أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ الْقُرْآنِ فَهُوَ رَاجِزٌ. 154- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا خَالِدٌ (2) ، عَنْ أَبِي قِلَابة، أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ كَانَ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ في كل ثمان، وأن تميمَ الدَّارِيّ كَانَ يَخْتِمُ فِي كُلِّ سَبْعٍ. 155- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي المُهَلَّب (3) ، عَنْ أُبَيَّ بْنِ كَعْبٍ: أَنَّهُ كَانَ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ ثَمَانٍ.

_ (1) هو عامر بن عبد الله بن مسعود. [153] سنده ضعيف للانقطاع بين أبي عبيدة وأبيه، وأما حديج بن معاوية فتقدم في الحديث [1] أنه صدوق يخطئ، لكنه لم ينفرد به، بل تابعه أبو الأحوص في الحديث [147] ، وقد توبع أيضًا أبو إسحاق السبيعي كما تقدم هناك، والحديث صحّ عن ابن مسعود من غير طريق أبي عبيدة، فانظر الحديث رقم [146] و [147] و [148] و [156] . (2) هو ابن مهران الحذّاء. [154] سنده رجاله ثقات إلا أنه منقطع بين أبي قلابة وأُبَيّ، والواسطة بينهما أبو المهلب كما سيأتي في الحديث بعده. وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 137 رقم 1986) من طريق المصنِّف، به مثله سواء، إلا أنه سقط من الإسناد هشيم، فجاء الحديث عن سعيد، أخبرنا خالد. ولعل الذي أسقط أبا المهلب هو هشيم، فإن الفريابي أخرج الحديث في "الفضائل" (ص222 رقم 136) من طريق وهيب بن خالد، عن خالد وهو الحذّاء، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ... ، فذكره بنحوه. وسيأتي ذكر باقي طرق الحديث في الحديث الآتي. (3) هو أبو المُهَلَّب الجَرْمي البصري، عمّ أبي قلابة، اختلف في اسمه، فقيل: =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = عمرو، وقيل: عبد الرحمن بن معاوية، أو: ابن عمرو، وقيل النضر، وقيل: معاوية؛ روى عن عمر وعثمان وأُبَيِّ بن كعب وتميم الداري وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه ابن أخيه: أبو قلابة ومحمد بن سيرين وسعيد الجُرَيْري وعوف الأعرابي، وهو ثقة من الطبقة الثانية وثقه العجلي وابن سعد وزاد: ((قليل الحديث)) ، وذكره ابن حبان قي الثقات. اهـ. من "طبقات ابن سعد" (7 / 126) ، و"تاريخ الثقات" للعجلي (ص512 رقم 2053) ، و"التهذيب" (12 / 250 رقم 1144) ، و"التقريب" (ص676 رقم 8398) . [155] سنده ضعيف، ورجاله ثقات، عدا عبد الرحمن بن زياد فصدوق، وقد توبع، لكن الحديث منقطع بين أبي المهلب، وأُبَيّ، ففي مقدمة "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (ص129) نقل عن شعبة أنه قال: ((أبو المهلب لم يسمع من أُبَيّ حديثه أنه كان يقرأ القرآن في ثمان)) . ومدار الحديث على أيوب السختياني. ورواه عنه شعبة وسفيان الثوري وحماد بن زيد وإسماعيل بن علية ووهيب ابن خالد ومعمر وعبيد الله عمرو الرَّقي جميعهم قالوا: عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي المهلَّب، عَنْ أُبَيّ، إلا أنه اختلف على سفيان، والصواب عنه: ((عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي المهلَّب، عَنْ أُبَيّ)) . وخالف هؤلاء عبد الوهاب الثقفي، فرواه عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عن أُبَيّ، ليس فيه ذكر لأبي المهلب. وهذا إجمال تفصيله ما يأتي: فالحديث أخرجه المصنف هنا من طريق عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ شعبة. وأخرجه علي بن الجعد في "مسنده" (1 / 558 رقم 1209) ، فقال: أنا شعبة ... ، فذكره بنحوه. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (3 / 354 رقم 5949) . والرامهرمزي في "المحدث الفاصل" (ص393 و 394) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = أما عبد الرزاق فعن سفيان الثوري مباشرة، وأما الرامهرمزي فمن طريق عبد العزيز بن أبان ويعلى وعبيد الله وأبي نعيم وقبيصة، جميعهم عن سفيان عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ أُبَيِّ بن كعب قال: إنا لنقرؤه في ثمان، إلا أن يعلى قال: عن أبي قلابة، عن رجل، عن أبي. وخالف هؤلاء وكيع، فرواه عن سفيان، وجعله عن أبي المهلب، عن عثمان، لكن وكيعًا رجع عن ذلك في تردد. فقد أخرجه الرامهرمزي في الموضع السابق عن أبي عتبة الليث بن هارون العُكْلي قال: ((كنا عند وكيع بن الجراح، فقال وكيع: حدثنا سفيان، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عن أبي المهلب، عن عثمان بن عفان أنه كان يقرأ القرآن في ثمان. فقال نوفل بن مطهر الضبّي: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ أُبَيّ بْنِ كَعْبٍ أنه كان يقرؤه في ثمان. فقال وكيع: لم تأت بمثل سفيان. فقال نوفل: ثنا ابن عليّة، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ أُبَيّ. فقال وكيع: ولا أيضًا. فقال نوفل: ثنا عبد العزيز بن أبان، عن سفيان، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ أُبَيّ. فقال وكيع: دعوه. فلما كان بالعشي قال وكيع: اجعلوه عن عثمان، أو عن أُبَيّ)) . اهـ. وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" (3 / 500) . والفريابي في "الفضائل" (ص221 رقم 133) . والرامهرمزي في الموضع السابق. ثلاثتهم من طريق حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ أُبي بْنِ كَعْبٍ قال: إنا لنقرؤه في ثمان - يعني القرآن -. هذا لفظ ابن سعد، ونحوه لفظ الآخرين، إلا أن أيوب سقط من إسناد الفريابي. وأخرجه عبد الرزاق في الموضع السابق من "المصنف" من طريق معمر عن أيوب، مقرونًا برواية سفيان الثوري السابقة. =

156- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ قَالَ: نا سَيَّار (1) ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ (2) : جَاءَ إِلَيْهِ (3) رَجُلٌ (4) ، فَقَالَ: إِنِّي قَرَأْتُ المفصَّل (5) الْبَارِحَةَ فِي رَكْعَةٍ، فَغَضِبَ، وَقَالَ: إِنَّمَا فُصِّل لتفصِّلوه، هَذًّا كَهَذِّ الشِّعْرِ، وَنَثْرًا كَنَثْرِ الدَّقَل؟ لَقَدْ علمتُ النَّظَائِرَ (6) الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرِنُ بَيْنَهُنَّ، بِسُورَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، بِسُورَتَيْنِ فِي كل ركعة.

_ = وأخرجه ابن سعد في الموضع السابق. والفريابي أيضًا (ص21 - 222 رقم 134) . كلاهما من طريق وُهَيب بن خالد، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ كَانَ يَخْتِمُ القرآن في ثمان ليال، وكان تميم الداري يختمه في سبع. هذا لفظ ابن سعد، ولفظ الفريابي: عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ قال: أما أنا فأقرأ القرآن في ثمان ليال. وأخرجه ابن سعد في الموضع نفسه من طريق عبيد الله بن عمرو الرَّقي، عن أيوب، به مثل سياق الفريابي السابق سواء. وأخرجه الرامهرمزي في الموضع السابق أيضًا من طريق إسماعيل بن علية، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ أُبَيّ، به. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 501) من طريق عبد الوهاب الثقفي، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عن أُبَيّ أَنَّهُ كَانَ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي ثَمَانٍ، وَأَنَّ تَمِيمًا الدَّاريّ كَانَ يختم القرآن في سبع. هكذا رواه عبد الوهاب الثقفي بإسقاط أبي المهلب من الإسناد، فخالف الرواة السابقين، وروايتهم أرجح من روايته؛ لكثرتهم، وبعضهم جبال في الحفظ والإتقان، أمثال شعبة وسفيان وحماد ... وغيرهم. (1) هو سَيَّار أبو الحَكَم العَنَزي، وأبوه يُكَنَّى: أبا سيّار، واسمه: وَرْدان: وقيل: =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ورد، وقيل غير ذلك، روى عن ثابت البُناني وعامر الشعبي وأبي وائل شقيق بن سلمة وغيرهم، روى عنه إسماعيل بن أبي خالد وسليمان التيمي وشعبة والثوري وهشيم وغيرهم، وكانت وفاته سنة اثنتين وعشرين ومائة، وهو ثقة روى له الجماعة، وثقه ابن معين والنسائي وذكره ابن حبان وابن شاهين في ثقاتيهما، وقال الإمام أحمد: ((صدوق ثقة ثبت في كل المشايخ)) . اهـ. من "ثقات ابن حبان" (6 / 421) ، و"تاريخ أسماء الثقات" لابن شاهين (ص104رقم 491) ، و"التهذيب" (4 / 291 - 292 رقم 501) ، و"التقريب" (ص262 رقم 2718) . (2) القائل هو أبو وائل شقيق بن سلمة. (3) أي إلى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. (4) هو نَهيك بن سِنان كما سيأتي مصرّحًا به في بعض الروايات، بل قد روي الحديث من طريقه هو يخبر فيه عن مجيئه إلى ابن مسعود كما سيأتي، وانظر "الأسماء المبهمة" للخطيب (ص317) . (5) المفصَّل اتفقوا على أن منتهاه آخر القرآن، واختلفوا في أوله على عشرة أقوال ذكرها الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (2 / 249) ، فقيل: هو من أول الصافات، وقيل: الجاثية، وقيل: القتال (محمد) ، وقيل: الفتح، وقيل: الحجرات، وقيل: ق، وقيل: الصف، وقيل: تبارك، وقيل: سبِّح، وقيل: الضحى، ورجح الحافظ (ص259) أن أوله: (ق) ، وهذا ما كان رجّحه الحافظ ابن كثير؛ حيث قال في بداية تفسيره لسورة (ق) (4 / 220) : ((هذه السورة هي أول الحزب المفصَّل على الصحيح، وقيل: الحجرات. وأما ما يقوله العوام: إنه من (عمّ) ، فلا أصل له، ولم يقله أحد من العلماء - رضي الله عنهم - المعتبرين - فيما نعلم -، والدليل على أن هذه السورة هي أول المفصَّل ... )) ، ثم استدل رحمه الله بحديث أوس بن حذيفة الذي أخرجه الإمام أحمد في "مسنده" (4 / 9) وغيرُه، وفيه يقول أوس: فسألنا أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - حين أصبحنا، قال: قلنا: كيف تُحَزِّبون القرآن؟ قالوا: نحزِّبه: ثلاث سور، وخمس سور، وسبع سور، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وتسع سور، وإحدى عشرة سورة، وثلاث عشرة سورة، وحزب المفصَّل من: (ق) حتى يختم. (6) قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (2 / 259) : ((قوله: لقد عرفت النظائر، أي: السور المتماثلة في المعاني، كالموعظة، أو الحكم، أو القصص، لا المتماثلة في عدد الآي، كما سيظهر عند تعيينها. قال المحب الطبري: كنت أظن أن المراد أنها متساوية في العدّ، حتى اعتبرتها فلم أجد فيها شيئًا متساويًا)) . اهـ. [156] سنده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه كما سيأتي. فالحديث روي عن ابن مسعود رضي الله عنه من ستة طرق: (1) طريق أبي وائل شقيق بن سلمة، وروي عنه من ستة طرق أيضًا: أ- طريق سيّار أبي الحكم عنه. أخرجه المصنف هنا من طريق هشيم، عن أبي سيار. ومن طريق المصنف أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 346) ، إلا أنه أحال لفظه على لفظ حديث قبله أخرجه من طريق عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي وائل. وأشار الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (9 / 90) إلى رواية المصنِّف فقال: ((وعند سعيد بن منصور من طريق سيار [في الأصل: يسار] ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ الله أنه قال في هذه القصة: إنما فُصِّل لتفصِّلوه)) . وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل" (ص108 رقم 260) . والإمام أحمد في "المسند" (1 / 427) . ومن طريق أبي عبيد والإمام أحمد أخرجه الطبراني في "الكبير" (10 / 40 - 41 رقم 9860) . ثلاتثهم من طريق هشيم، عن سيار، عن أبي وائل، به نحوه. ب- طريق الأعمش، عن أبي وائل. أخرجه الطيالسي في "مسنده" (ص34 رقم 259) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ومن طريقه الترمذي في "سننه" (3 / 219 - 220 رقم 599) ، في الصلاة، باب ما ذكر في قراءة سورتين في ركعة. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 520) . ومن طريقه مسلم في "صحيحه" (1 / 563 رقم 275) في صلاة المسافرين، باب ترتيب القراءة واجتناب الهذّ. والبيهقي في "سننه" (3 / 9) في الصلاة، باب من استحب الإكثار من الركوع والسجود. وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 380) . ومن طريقه الخطيب في "الأسماء المبهمة" (ص318) . وأخرجه البخاري في "صحيحه" (9 / 39 رقم 4996) في فضائل القرآن، باب تأليف القرآن. ومسلم في الموضع السابق و (1 / 564 رقم 276 و 277) . والنسائي في "سننه" (2 / 174 - 175) في افتتاح الصلاة، باب قراءة سورتين في ركعة. وابن خزيمة في "صحيحه" (10 / 269 - 270 رقم 538) . والطبراني في "الكبير" (10 / 42 رقم 9864) . والبيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 139 - 140 رقم 1989) . جميعهم من طريق الأعمش، عن أبي وائل، قال: جاء رجل يُقال له: نَهيك بن سنان إلى عبد الله، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ كيف تقرأ هذا الحرف ألِفًا تجده أم ياءً: (من ماء غير آسن) ، أو: (من ماء غير ياسن) قال: فقال عبد الله: وكُلَّ القرآن قد أحصيت غير هذا؟ قال: إني لأقرأ المفصَّل في ركعة، فقال عبد الله هذًّا كهذّ الشعر؟ إن قومًا يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم ولكن إذا وقع فى القلب فرسخ فيه نفع إن أفضل الصلاة الركوع والسجود إني لأعلم النَّظَائِرَ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = يقرن بينهن، سورتين في كل ركعة، ثم قام عبد الله، فدخل علقمة في إثره، ثم خرج فقال: قد أخبرنى بها. وفي رواية: فجاء علقمة ليدخل عليه، فقلنا له: سَلْهُ عن النَّظَائِرَ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يقرأ بها في ركعة، فدخل عليه، فسأله، ثم خرج علينا فقال: عشرون سورة من المفصَّل في تأليف عبد الله. هذا لفظ مسلم، ونحوه لفظ الباقين مع بعض الاختلاف عند بعضهم، ورواية البخاري والنسائي مختصرة، ووقع عند البخاري: على تأليف ابن مسعود آخرهن الحواميم: حم الدخان، وعمّ يتساءلون. وفي لفظ الطبراني ونحوه لفظ البيهقي: نظيرتها: عمّ يتساءلون. وزاد ابن خزيمة: قال الأعمش: وهي عشرون سورة على تأليف عبد الله، أوّلهن، الرحمن، وآخرتهن: الدخان، الرحمن، والنجم، والذاريات، والطور، هذه النظائر، واقتربت، والحاقّة، والواقعة، ون، والنازعات، وسأل سائل، والمدثر، والمزَّمِّل، وويل للمطففين، وعبس، ولا أقسمن وهل أتى، وَالْمُرْسَلَاتُ، وَعَمَّ يَتَسَاءَلُونَ، وَإِذَا الشَّمْسُ كوّرت، والدّخان. جـ- طريق عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي وائل. أخرجه الطيالسي في "مسنده" (ص35 رقم 267) . ومن طريقه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 346) . وأخرجه علي بن الجعد في "مسنده" (1 / 283 رقم 76) . ومن طريقه الطبراني في "الكبير" (10 / 41 رقم 9863) . وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 436) . والبخاري في "صحيحه" (2 / 255 رقم 775) في الأذان، باب الجمع بين السورتين في الركعة. ومسلم في الموضع السابق من "صحيحه" (1 / 565 رقم 279) . والفريابي في "الفضائل" (ص215 - 216 رقم 126) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = والنسائي في الموضع السابق (2 / 175) . والبزار في "مسنده" (1 / 173 / ب) . والطحاوي أيضًا (1 / 346) . والبيهقي في "سننه" (2 / 60) في الصلاة، باب الجمع بين سورتين في ركعة واحدة، وفي "شعب الإيمان" (5 / 142 رقم 1990) . والخطيب في "الأسماء المبهمة" (ص317) . جميعهم من طريق شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، سمع أبا وائل يحدث عن أن رجلاً جاء إلى ابن مسعود فقال: قرأت المفصل الليلة في ركعة، فقال عبد الله: هذًّا كهذ الشعر، لقد عرفت السور النَّظَائِرَ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرِنُ بينهن، فذكر عشرين سورة من المفصل، سورتين سورتين في ركعة. هذا لفظ الطيالسي، ولفظ الباقين نحوه. د- طريق واصل الأحدب، عن أبي وائل. أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 421 و 462) . والبخاري في "صحيحه" (9 / 88 رقم 5043) في فضائل القرآن، باب الترتيل في القراءة. ومسلم في الموضع السابق (1 / 564 رقم 278) . والطبراني في "الكبير" (10 / 42 رقم 9865) . جميعهم من طريق واصل الأحدب، عن أبي وائل، قال: غدونا على عبد الله بن مسعود ذات يوم بعد صلاة الغداة، فسلمنا بالباب، فأذن لنا، فقال رجل من القوم: قرأت المفصل البارحة كله، فقال: هذًّا كهذ الشعر، إنا قد سمعنا القراءة، وإني لأحفظ القرائن التي كان يقرأ بهن رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، ثماني عشرة سورة من المفصل، وسورتين من آل حم. هذا لفظ الإمام أحمد، ولفظ الباقين نحوه، إلا أن لفظ مسلم في أوله قصة. هـ- طريق منصور، عن أبي وائل. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = أخرجه مسلم في الموضع السابق من "صحيحه" (1 / 565 رقم 279) . والطبراني في "الكبير" (10 / 42 رقم 9866) . كلاهما من طريق منصور، عن شقيق، قال: جاء رجل من بني بَجيلة يقال له: نَهيك بن سنان إلى عبد الله، فقال: إني أقرأ المفصّل في ركعة، فقال عبد الله: هذًّا كهذ الشعر؟ لَقَدْ عَلِمْتُ النَّظَائِرَ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - يقرأ بهن، سورتين في ركعة. هذا لفظ مسلم، ولفظ الطبراني مختصر. و طريق سلمة بن كهيل، عن أبي وائل. أخرجه بن البزار في "مسنده" (1 / 175 / ب) . والطبراني في "الكبير" (10 / 41 رقم 9861 و 9862) . أما البزار والطبراني في الموضع الثاني فمن طريق يحيى بن سلمة بن كهيل، وأما الطبراني في الموضع الأول فمن طريق محمد بن سلمة بن كهيل، كلاهما عن أبيهما سلمة، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ الله، قال: قد عَلِمْتُ النَّظَائِرَ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلي بهن: والذاريات، والطور، والنجم، واقتربت الساعة، والواقعة، ون والقلم، والحاقة، وسأل سائل، والمزمل، والمدثر، ولا أقسم بيوم القيامة، وهل أتى على، والمرسلات، وعم يتساءلون، والنازعات، وعبس، وإذا الشمس كورت، وويل للمطففين، وحم الدخان. هذا لفظ البزار، ولفظ الطبراني نحوه، إلا أنه زاد: (والرحمن) ، ولم يذكر، (وسأل سائل) (والمدثر) . قال البزار: ((وهذا الحديث لا نعلم أحدًا جاء به بهذا اللفظ إلا سلمة بن كهيل، ولا نعلم روى سلمة عن وائل إلا هذا الحديث)) . قلت: أحد الطريقين ضعيف لضعف محمد، والآخر ضعيف جدًّا لشدة ضعف يحيى. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = أما يحيى بن سلمة بن كُهَيْل الحضرمي، فتقدم في الحديث [77] أنه متروك. وأما محمد بن سلمة بن كهيل الكوفي، فإنه ضعيف يتشيع؛ ضعفه ابن سعد وابن معين وابن شاهين، وقال الجوزجاني: ((ذاهب واهي الحديث)) ، وذكره ابن عدي في "الكامل" وقال: ((كان ممن يعد من متشيعي الكوفة)) ، وذكره ابن حبان في الثقات. اهـ. من "الكامل" (6 / 2221 - 2222) ، و"الميزان" (3 / 568 رقم 7614) ، و"اللسان" (5 / 183 رقم 633) . (2) طريق نَهيك بن سنان، عن ابن مسعود. أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 417) . والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 345 - 346) . والطبراني في "الكبير" (10 / 42 و 43 رقم 9867 و 9868) . ثلاثتهم من طريق إبراهيم النخعي، عن نهيك بن سنان السلمي، أنه أتى عبد الله بن مسعود، فقال: قرأت المفصل الليلة في ركعة، فقال: هذًّا مثل هذا الشعر، ونثرًا مثل نثر الدقل، إنما فُصل لتفصلوا، ولقد عَلِمْتُ النَّظَائِرَ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقرن، عشرين سورة: الرحمن، والنجم على تأليف ابن مسعود، كل سورتين في ركعة، وذكر الدخان وعمّ يتساءلون في ركعة. هذا لفظ الإمام أحمد ونحوه لفظ الطحاوي، وأما لفظ الطبراني، فجاء فيه: (عن نهيك بن سنان، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَبْدِ الله بن مسعود، فقال: إني قرأت ... ) الحديث إلى قوله: (عشرين سورة) ثم قال: (في عشر ركعات) . (3) طريق زرّ، عن ابن مسعود. أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 412) من طريق عاصم، عن زر، أن رجلاً قال لابن مسعود ... ، فذكر الحديث بنحو سياق الأعمش عن أبي وائل السابق، وزاد في آخره: (وكان أول مفصل ابن مسعود: الرحمن) . (4) طريق مسروق، عن ابن مسعود. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = أخرجه الفريابي في "فضائل القرآن" (ص214 - 215 رقم 125) . والنسائي في الموضع السابق من "سننه" (2 / 175 - 176) . والطبراني في "الكبير" (10 / 40 رقم 9858) . ثلاثتهم من طريق أبي حصين، عن يحيى بن وثَّاب، عن مسروق، عن عبد الله، به نحو سياق عمرو بن مرّة للحديث عن أبي وائل، إلا أن الطبراني اختصره، وأما النسائي، فزاد: (عشرين سورة من المفصل من آل حم) . وأما الفريابي، فإنما ذكر قول ابن مسعود: (لقد حفظت ... ) ، ولم يذكر مجيء الرجل، وسمّى السور، فقال: (الرحمن والنجم في ركعة، والذاريات والطور في ركعة، واقتربت والحاقة في ركعة، والمزمل والمدثر في ركعة، وويل للمطففين وعبس في ركعة، وهل أتى على الإنسان ولا أقسم بيوم القيامة في ركعة، والمرسلات وعمّ يتساءلون في ركعة، وإذا الشمس كورت والدخان في ركعة) . لكن الحديث بهذا اللفظ عند الفريابي من طريق قيس بن الربيع الأسدي، وتقدم في الحديث [54] أنه صدوق تغير لما كبر، وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدّث به. (5) طريق علقمة، عن ابن مسعود. أخرجه البزار في "مسنده" (1 / 164 / أ) . والهيثم بن كليب في "مسنده" (ل 40 / أ) . والطبراني في "الكبير" (10 / 40 رقم 9857) . ثلاثتهم من طريق إبراهيم النخعي، عن علقمة، به نحو رواية عمرو بن مرة للحديث عن أبي وائل. وأخرجه أبو داود في "سننه" (2 / 117 رقم 1396) في الصلاة، باب تحزيب القرآن. والفريابي في "الفضائل" (ص213 - 214 رقم 122 و 123 و 124) . =

157- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ (1) ، عَنْ (عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ) (2) نَافِعِ بْنِ لَبِيبة (3) قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ: قَرَأْتُ المفصَّل فِي رَكْعَةٍ، فَقَالَ: أَفَعَلْتُمُوهَا؟ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَوْ شَاءَ أَنْ يُنَزِّلَهُ جُمْلَةً وَاحِدَةً فَعَلَ، أَعْطُوا كُلَّ سُورَةٍ حظَّها من الركوع والسجود.

_ = والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 346) . والبيهقي في "سننه" (3 / 9 - 10) ، في الصلاة، باب من استحب الإكثار من الركوع والسجود. جميعهم من طريق أبي إسحاق السبيعي، عن الأسود بن يزيد وعلقمة، به نحو سابقه، إلا أنه زاد ذكر السور مقرونة بمثل سياق قيس بن الربيع لها في رواية مسروق للحديث عن ابن مسعود. (6) طريق الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ مسعود. أخرجه أبو داود، والفريابي، والطحاوي، والبيهقي مقرونًا برواية علقمة السابقة. (1) هو يعلى بن عطاء العامري، ويقال: الليثي، الطَّائِفي، روى عن أبيه وأوس بن أبي أوس وعمرو بن الشريد بن سويد وغيرهم، روى عنه شعبة والثوري وشريك وهشيم وغيرهم، وكانت وفاته بواسط سنة عشرين ومائة، وهو ثقة، وثقه ابن معين والنسائي وابن سعد. انظر "الجرح والتعديل" (9 / 302 رقم 1302) ، و"التهذيب" (11 / 403 - 404 رقم 780) ، و"التقريب" (ص609 رقم 7845) . (2) ما بين القوسين ليس في الأصل، وأثبته من مصدري الترجمة وبعض مصادر التخريج. (3) هو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَافِعِ بْنِ لَبِيبة الطَّائِفي، مجهول الحال، روى عن أبي هريرة وابن عمر، روى عنه عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خثيم ويعلى بن عطاء، وذكره =

158- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَل، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: قَالَتِ امْرَأَةُ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (1) - حِينَ قُتِلَ -: لَقَدْ قَتَلْتُمُوهُ، وَإِنَّهُ لَيُحْيِي اللَّيْلَ كلَّه بِالْقُرْآنِ فِي رَكْعَةٍ (2) .

_ = ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (5 / 294 رقم 1393) وبيّض له، وانظر "تهذيب الكمال" للمزي (3 / 1556 / مخطوط) . [157] سنده ضعيف لجهالة حال عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَافِعِ بْنِ لبيبة، وأما هشيم فإنه وإن لم يصرح بالسماع هنا، إلا أن شعبة قد تابعه كما سيأتي. فالحديث أخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص107 رقم 258) . والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 345) . أما أبو عبيد فمن طريق حجاج، وأما الطحاوي فمن طريق أبي داود، كلاهما عن شعبة، عن يعلى بن عطاء، به نحوه، إلا أنه وقع عند أبي عبيد: (عبد الرحمن بن أبي لبيبة) ، وأما الطحاوي فعنده: (عن يعلى بن عطاء، قال: سمعت ابن لبيبة) ، ولم يصرح ابن لبيبة عندهما أنه هو القائل لابن عمر، ففي لفظ أبي عبيد: (عن ابن عمر أن رجلاً أتاه فقال ... ) ، ونحوه لفظ الطحاوي. وأما قوله: ((أَعْطُوا كُلَّ سُورَةٍ حَظَّهَا مِنَ الركوع والسجود)) ن فقد ورد مرفوعًا إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -. أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (1 / 369) من طريق عبدة. والإمام أحمد في "المسند" (5 / 59) من طريق أبي معاوية وعبدة. كلاهما عن عاصم، عن أبي العالية، قال: حدثني من سَمِعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - ... ، فذكره. وسنده صحيح، وأبو العالية هو رُفَيع بن مهران، وعاصم هو ابن سليمان الأحول، وعبدة هو ابن سليمان، وأبو معاوية هو محمد بن خازم، وقد صححه الشيخ الألباني في "صحيح الجامع" برقم (1054) . (1) هي نَائِلةُ بنت الفرافصة بن الأحوص بن عمرو - ويقال: عُفَير - ابن ثعلبة الكَلْبِيَّة كما جاء مصرحًا به في بعض الروايات، كان أبوها نصرانيًا، وتزوجها عثمان رضي الله عنه، وكانت لها مواقف محمودة في الدفاع عنه حين دخل عليه الثُوَّار، انظر ترجمتها في "طبقات ابن سعد" (8 / 483) ، و"تاريخ ابن عساكر" (ص404 - 411 / تراجم النساء) . (2) هذا يتعارض مع حديث عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ العاص رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((اقرأ القرآن في كل شهر)) ، قال: قلت: إني أجد قوَّة، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = قال: ((فاقرأه في عشرين ليلة)) ، قال: قلت: إني أجد قوّة، قال: ((فاقرأه في سبع، ولا تزد على ذلك)) . أخرجه البخاري في "صحيحه" (9 / 94 - 95 رقم 5052 و 5053 و 5054) ، في فضائل القرآن، باب في كم يقرأ القرآن. ومسلم في "صحيحه" (2 / 813 - 814 رقم 182 و 183 و 184) في الصيام، باب النهي عن صوم الدهر. وجاء عند البخاري في رواية (4 / 224 رقم 1978) في الصوم، باب صوم يوم وإفطار يوم، عنه رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - قال: ((صم من الشهر ثلاثة)) ، قال: أطيق أكثر من ذلك، فما زال حتى قال: ((صُم يومًا وأفطر يومًا)) فقال: ((اقرأ القرآن في كل شهر)) ، قال: إني أطيق أكثر، فما زال حتى قال: ((في ثلاث)) . لكن أُجيبَ عن ذلك بما ذكره الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (9 / 97) ، قال رحمه الله: ((وثبت عن كثير من السلف أنهم قرأوا القرآن في دون ذلك)) . قال النووي: والاختيار أن ذلك يختلف بالأشخاص، فمن كان من أهل الفهم وتدقيق الفكر، استُحبَّ له أن يقتصر على القدر الذي لا يختلّ به المقصود من التدبُّر واستخراج المعاني، وكذا من كان له شغل بالعلم أو غيره من مهمات الدين ومصالح المسلمين العامة، يستحبّ له أن يقتصر منه على القدر الذي لا يخلُّ بما هو فيه، ومن لم يكن كذلك، فالأولى له الاستكثار ما أمكنه، من غير خروج إلى الملل، ولا يقرؤه هذرمة، والله أعلم)) . وقال أيضًا: ((وأغرب بعض الظاهرية، فقال: يحرم أن يقرأ الْقُرْآنَ فِي أقلَّ مِنْ ثَلَاثٍ، وقال النووي: أكثر العلماء على أنه لا تقدير في ذلك، وإنما هو بحسب النشاط والقوّة، فعلى هذا يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص)) . اهـ. [158] سنده رجاله ثقات، إلا أنه ضعيف لانقطاعه، فابن سيرين لم يسمع من عثمان رضي الله عنه، فإنه إنما ولد لسنتين بقيتا من خلافته كما في "التهذيب" (9 / 215) . وأما أبو معاوية محمد بن خازم، فإنه وإن كان قد يهم في غير حديث الأَعْمش، إلا أنه قد تابعه عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ عاصم بن سليمان الأَحْول كما سيأتي، وقد توبع أيضًا عاصم، وكذا ابن سيرين، فالحديث صحيح لغيره كما سيأتي. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = فقد روي الحديث عن عثمان رضي الله عنه من خمسة طرق: (1) طريق محمد بن سيرين، عنه رضي الله عنه. وله عن ابن سيرين ثمانية طرق: (أ) طريق عاصم بن سليمان الأحول. أخرجه المصنف هنا من طريق أبي معاوية عنه. وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" (3 / 76) . وأبو نعيم في "الحلية" (1 / 57) . ومن طريقه ابن عساكر في ترجمة عثمان من "تاريخه" (ص227 - 228) . كلاهما من طريق أبي معاوية، به، ولفظ ابن سعد مثله، ولفظ أبي نعيم نحوه، لكن وقع عند أبي نعيم: ((عن عاصم، عن أنس بن مالك، قال: قلت....)) ، وقال أبو نعيم عقبه: ((كذا قال: أنس بن مالك! ورواه الناس، فقالوا: أنس بن سيرين)) . قلت: وليس الأمر كما قال أبو نعيم، بل هو محمد بن سيرين، فهو الذين يروي عنه عاصم، ولم يذكروا أنه روى عن أنس بن سيرين كما في "تهذيب الكمال" المطبوع (13 / 486) . وقد جاء الحديث من بعض الطرق مصرحًا فيها بأنه محمد بن سيرين. وأخرجه ابن المبارك في "الزهد" (ص452 - 453 رقم 1277) فقال: أخبرنا عاصم بن سليمان، عن ابن سيرين، أن تميمَ الدَّارِيَّ كان يقرأ القرآن في ركعة، قال: وقالت امرأة عثمان حين دخلوا عليه ليقتلوه ... ، فذكره بنحوه. (ب) طريق هشام الدَّستوائي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، أَنَّ عثمان كان يحيي الليل فيختم القرآن في ركعة. أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (3 / 75) من طريق يزيد بن هارون، عن هشام، واللفظ له. وأخرجه ابن عساكر في ترجمة عثمان من "تاريخه" (ص328) من طريق سفيان، عن هشام نحو لفظ يزيد. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = (جـ) طريق منصور، عن ابن سيرين، به نحو لفظ المصنِّف. أخرجه أبو عبيد في "الفضائل" (ص114 - 278) . وابن أبي شيبة في "المصنف" (1 / 367) . والإمام أحمد في "الإيمان" (ل 49 / ب) . (د) طريق سلام بن مسكين، عن محمد بن سيرين، به نحو لفظ المصنِّف أيضًا. أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (3 / 76) . والطبراني في "الكبير" (1 / 43 رقم 130) . ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية" (1 / 57) . وأخرجه ابن عساكر في الموضع السابق. (هـ) طريق قُرَّة بن خالد، عن محمد بن سيرين، به نحوه. أخرجه ابن سعد في الموضع السابق مقرونًا برواية سلام بن مسكين. (و) طريق يزيد بن إبراهيم، عن ابن سيرين، عن عثمان أنه قرأ القرآن في ركعة في ليلة. أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 503) . وأخرجه ابن عساكر مقرونًا بالرواية الآتية. (ز) و (ح) طريقًا الفضل بن دلهم والربيع بن صبيح، كلاهما عن ابن سيرين، بنحو لفظ المصنف. أخرجه ابن عساكر في الموضع السابق، وقرن معهما رواية يزيد بن إبراهيم السابقة. (2) طريق عبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله التيمي، عن عثمان رضي الله عنه. وله عن عبد الرحمن أربعة طرق. (1) طريق محمد بن إبراهيم التيمي، عن عبد الرحمن بن عثمان قال: قمت خلف المقام وأنا أريد أن لا يغلبني عليه أحد تلك الليلة، فإذا رجل يغمزني، فلم ألتفت، ثم غمزني، فنظرت، فإذا عثمان بن عفان، فتنحيّت، فتقدم، فقرأ =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = القرآن في ركعة، ثم انصرف. أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (3 / 75 - 76) . وابن أبي شيبة في "المصنف" (1 / 368) و (2 / 502 - 503) . والبيهقي في "سننه" (3 / 24 - 25) في الصلاة، باب الوتر بركعة واحدة. وفي "شعب الإيمان" (5 / 145 - 146 رقم 1993) . ومن طريق البيهقي وطريق آخر أخرجه ابن عساكر في الموضع السابق من "تاريخه" (ص225) . جميعهم من طريق مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ بن وقاص الليثي، عن محمد بن إبراهيم، به. وهذا إسناد حسن، وهو صحيح لغيره بما يأتي من طرق. فعبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله التيمي، ابن أخي طلحة بن عبيد الله، صحابي قتل مع ابن الزبير، وكان قد أسلم يوم الحديبية، وقيل: يوم الفتح، روى عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - وعن عمه طلحة بن عبيد الله وعثمان بن عفان، روى عنه ابناه عثمان ومعاذ ومحمد بن إبراهيم التيمي والسائب بن يزيد وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاث وسبعين للهجرة مقتولاً مع ابن الزبير. انظر "الجرح والتعديل" (5 / 247 - 248 رقم 1181) ، و"التهذيب" (6 / 227 رقم 457) ، و"التقريب" (ص346 رقم 3944) ، و"الإصابة" (4 / 332 رقم 5163) . ومحمد بن إبراهيم بن الحارث بن خالد التيمي، أبو عبد الله المدني، يروي عن أبي سعيد الخدري وجابر وأنس وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري ومحمد بن عمرو بن علقمة وهشام بن عروة وغيرهم، وكانت وفاته سنة عشرين ومائة، وقيل: إحدى وعشرين، وقيل: سنة تسع عشرة ومائة، وهو ثقة له أفراد، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين، ويعقوب بن شيبة وأبو حاتم والنسائي وابن خراش وابن سعد وزاد: ((كثير الحديث)) ، وذكره العقيلي =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = في الضعفاء، وروى عن عبد الله بن الإمام أحمد أنه قال: سمعت أبي يقول: ((في حديثه شيء، يروي أحاديث مناكير)) ، فردّ ذلك الحافظ ابن حجر بقوله: ((قلت: المنكر أطلقه أحمد بن حنبل وجماعة على الحديث الفرد الذي لا متابع له، فيحتمل هذا على ذلك، وقد احتجّ به الجماعة)) . اهـ. من "الضعفاء" للعقيلي (4 / 20) ، و"هدي الساري" (ص437) ، و"التهذيب" (9 / 5 - 7 رقم 8) ، و"التقريب" (ص465 رقم 5691) . وأما مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ بن وقاص الليثي فتقدم في الحديث [4] أنه صدوق. (ب) طريق محمد بن المنكدر، عن عبد الرحمن بن عثمان بنحو سابقه وزاد: فلما انصرف قلت: يا أمير المؤمنين، إنما صليت ركعة؟! قال: أجل، هي وتري. أخرجه عبد الله بن المبارك في "الزهد" (ص452 رقم 1276) واللفظ له. ومن طريق ابن المبارك أخرجه ابن عساكر في ترجمة عثمان من "تاريخه" (ص226) . وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 294) . والبيهقي في الموضع السابق من "سننه" (3 / 25) . ومن طريقه ابن عساكر في الموضع السابق (ص225) . جميعهم من طريق فليح بن سليمان، عن محمد بن المنكدر، به. (جـ) طريق السائب بن يزيد أن رجلاً سأل عبد الرحمن بن عثمان التيمي عن صلاة طلحة بن عبيد الله، قال: إن شئت أخبرتك عن صلاة عثمان بن عفان، قال: نعم، قال: قلت: لأغلبن الليلة النفر على الحجر - يريد المقام - قال: فلما قمت إذا رجل يزحمني متقنعًا، قال: فنظرت فإذا هو عثمان، فتأخرت عنه فصلّى، فإذا هو يسجد سجود القرآن، حتى إذا قلت: هذا هو أذن الفجر، أوتر بركعة لم يصلّ غيرها، ثم انطلق. أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (3 / 24 رقم 4653) واللفظ له. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن عساكر في الموضع السابق (ص225 - =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = 226) . وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل" (ص114 رقم 277) . كلاهما من طريق ابن جريج، أخبرني يزيد بن خصيفة، عن السائب بن يزيد، به. وهذا إسناد صحيح. السائب بن يزيد بن سعيد بن ثُمامة الكندي - وقيل غير ذلك في نسبه -، ويعرف بابن أخت النَّمر، صحابي صغير له أحاديث قليلة، وحُجَّ به في حجة الوداع وهو ابن سبع سنين، وولاه عمر سوق المدينة، روى عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - وعمر وعثمان وطلحة وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه ابنه عبد الله ويحيى بن سعيد الأنصاري وابن أخته يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خصيفة وغيرهم، وكانت وفاته سنة إحدى وتسعين، وهو آخر من مات بالمدينة من الصحابة، وقد روى له الجماعة. اهـ. من "التقريب" (ص228 رقم 2202) ، وانظر "الجرح والتعديل" (4 / 241 رقم 1031) ، و"التهذيب" (3 / 450 - 451 رقم 839) . ويزيد بن عبدا لله بن خُصَيفة- بمعجمة ثم مهملة - ابن عبد الله بن يزيد الكندي المدني، وقد ينسب لجده، يروي عن أبيه والسائب بن يزيد وبسر بن سعيد وغيرهم، روى عنه هنا ابن جريج، وروى عنه أيضًا الإمام مالك والسفيانان وغيرهم وهو ثقة من الطبقة الخامسة، روى له الجماعة، ووثقه أحمد وأبو حاتم والنسائي، وقال ابن معين: ((ثقة حجة)) ، وقال ابن سعد: ((كان عابدًا ناسكًا كثير الحديث ثبتًا)) ، وقال ابن عبد البر: ((كان ثقة مأمونًا)) . وروى الآجري عن أبي داود أن الإمام أحمد قال عن يزيد هذا: ((منكر الحديث)) ، وأوضح ذلك الحافظ ابن حجر بقوله: ((هذه اللفظة يطلقها أحمد على من يغرب على أقرانه بالحديث، عُرف ذلك بالاستقراء من حاله، وقد احتج بابن خصيفه مالك والائمة كلهم)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 274 رقم 1153) ، و"التهذيب" (11 / 340 رقم 652) ، و"هدي الساري" (ص453) ، و"التقريب" (ص602 رقم 7738) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأما ابن جريج فتقدم في الحديث [9] أنه ثقة فقيه فاضل، وهو مدلِّس، لكنه صرح بالسماع في هذه الرواية. (د) طريق عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان التيمي، قال: قال أبي: لأغلبن الليلة على المقام ... ، فذكر الحديث بنحو سابقه، إلا أنه قال في آخره: ثم أخذ نعليه، فلا أدري أصلى قبل ذلك شيئًا أم لا؟ أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (1 / 56 - 57) . (3) طريق سليمان بن يسار، أن عثمان بن عفان قام بعد العشاء فقرأ القرآن كله في ركعة لم يصلّ قبلها ولا بعدها. أخرجه ابن المبارك في "الزهد" (ص452 رقم 1275) فقال: أخبرنا ابن لهيعة، قال: حدثني بكير الأشج، عن سليمان بن يسار ... ، فذكره. ومن طريق ابن المبارك أخرجه ابن عساكر في الموضع السابق من "تاريخه" (ص226) . وسنده ضعيف له علتان: 1- ضعف ابن لهيعه كما سبق بيانه في الحديث رقم [45] . 2- الانقطاع بين سليمان بن يسار وعثمان، فسليمان بن يسار مولده في أواخر أيام عثمان في سنة أربع وثلاثين على ما رجحه الحافظ الذهبي وغيره. انظر "سير أعلام النبلاء" (4 / 447) ، و"التهذيب" (4 / 229 - 230) . (4) طريق عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، أَنَّ عثمان بن عفان صلى بالناس، ثم قام خلف المقام، فجمع كتاب الله في ركعة كانت مرة، فسُمِّيت: البتيراء. أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (3 / 76) فقال: أخبرنا يوسف بن الغرق، قال: أخبرنا خالد بن بكير، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ ... ، فذكره. ومن طريق ابن سعد أخرجه ابن عساكر في الموضع السابق (ص227) . وسنده ضعيف جدًّا. =

159- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو شِهَابٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ المُسَيَّب (1) ، عَنْ طَالُوت (2) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: لأنْ أَقْرَأَ الْبَقَرَةَ فِي لَيْلَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ كله في ليلة.

_ = عطاء أبي رباح روايته عن عثمان مرسلة كما في "التهذيب" (7 / 199) . ويوسف بن الغرق بن أبي لمازة الباهلي قاضي الأهواز متروك، فقد ضرب أحمد ويحيى بن معين وأبو خثيمة على حديثه وأسقطوه، وفي رواية عن الإمام أحمد أنه قال: ((رأيته ولم أكتب عنه شيئًا)) ، وقال أبو علي الحافظ: ((منكر الحديث)) ، وقال: أبو حاتم: ((ليس بالقوي)) . اهـ. "الجرح والتعديل" (9 / 227 - 228 رقم 955) ، و"لسان الميزان" (6 / 236 - 237) . (5) طريق موسى بن طلحة، قال: حجت في خلافة عثمان، فقلت: آتي المقام حين ينكفت الناس ويخفّون، فأتيته في ذلك الوقت، فإني لقائم أصلي، إذا كفّ على منكبي يطلب السعة، فلم أتنحّ، فرفع يده عني، ثم رجع إلى وراء، فلحظته فإذا هو عثمان بن عفان، وهو إذ ذاك خليفة، فأوسعت له، ودخل فيما بيني وبين صاحبي ... ، فذكر الحديث بمعنى حديث عبد الرحمن بن عثمان. أخرجه ابن عساكر في الموضع السابق (ص226 - 227) . وعليه يتضح أن الحديث بمجموع هذه الطرق صحيح لغيره، والله أعلم. (1) هو العلاء بن المُسَيّب بن رافع الأسدي، الكَاهِلي، ويقال: التَّغْلبي، الكوفي، روى عن أبيه وعكرمة وعطاء وغيرهم، روى عنه عبد الواحد بن زياد وزهير بن معاوية وحفص بن غياث وأبو شهاب الحَنَّاط عبد ربه بن نافع وغيرهم، وهو ثقة ربما وهم، من الطبقة السادسة، روى له الجماعة إلا الترمذي، ووثقه ابن سعد والعجلي ويعقوب بن سفيان، وقال ابن معين: ((ثقة مأمون)) ، وقال ابن عمار: ((ثقة يحتجّ بحديثه)) ، وأما الحاكم فقال: ((له أوهام في الإسناد والمتن)) . اهـ. من "طبقات ابن سعد" (6 / 348) ، و"تاريخ الثقات" للعجلي (ص343 رقم 1173) ، و"التهذيب" (8 / 192 - 193 رقم 348) ، و"التقريب" (ص436 رقم 5258) . =

160- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ العَبْدي (1) ، عَنْ أَبِي المُتَوَكِّل النَّاجِي (2) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَقَامَ لَيْلَتَهُ بِآيَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ يكررها على نفسه.

_ (2) هو طالوت أبو سعيد القرشي، مجهول، روى عن سلمان وابن عباس، روى عنه العلاء بن المسيب فقط، وذكره البخاري في "تاريخه" (4 / 362 رقم 3153) وسكت عنه، وبيّض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (4 / 494 رقم 2174) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (4 / 398) . [159] سنده ضعيف لجهالة طالوت، وهو صحيح لغيره بالطرق الآتية في الحديث رقم [161] . (1) هو إسماعيل بن مسلم، العَبْدي، أبو محمد البصري، قاضي قيس، روى عن الحسن البصري ومحمد بن واسع وسعيد بن مسروق وأبي المتوكِّل الناجي، روى عنه عبد الله بن المبارك وعبد الرحمن بن مهدي وابن عيينة ويحيى القطان وأبو نعيم وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة السادسة، وثقه ابن معين وأبو زرعة والنسائي والدارقطني وأبو حاتم وزاد: ((صالح)) ، وقال أحمد: ((ليس به بأس، ثقة)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (2 / 196 - 197 رقم 667) ، و"التهذيب" (1 / 331 رقم 597) ، و"التقريب" (ص110 رقم 483) . (2) هو علي بن داود، ويقال: ابن دُؤاد - بضم الدال، بعدها واو بهمزة - أبو المتوكل الناجي - بنون وجيم -، البصري، مشهور بكنيته، روى عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة وابن عباس وجابر وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه ثابت البُناني وقتادة وحميد الطويل وإسماعيل بن مسلم العبدي وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثمان ومائة، وقيل: سنة اثنتين ومائة، وهو ثقة، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين وابن المديني وأبو زرعة والعجلي، والبزار والنسائي. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = "الجرح والتعديل" (6 / 184 - 185 رقم 1014) ، و"التهذيب" (7 / 318 رقم 539) ، و"التقريب" (ص401 رقم 4731) . [160] الحديث سنده ضعيف لإرساله، فإن أبا المتوكل تابعي كما يظهر في ترجمته، وقد اختُلف على إسماعيل بن مسلم في الحديث، فرواه المصنِّف هنا عن ابن المبارك، عنه، عن أبي المتوكل مرسلاً. وخالفه زيد بن الحباب، فرواه عن إسماعيل بن مسلم، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رد آية حتى أصبح. أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (3 / 62) . والبيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 7 رقم 1881) . ورواية المصنف هنا أرجح، لأن الراوي للحديث على هذه الصفة هو ابن المبارك، وتقدم في الحديث [42] أنه ثقة ثبت فقيه عالم جواد مجاهد جمعت فيه خصال الخير. والذي خالفه هو زيد بن الحُبَاب - بضم المهملة وموحدتين - ابن الرَّيّان التميمي، أبو الحسن العُكْلي - بضم المهملة وسكون الكاف -، يروي عن أيمن بن نابل ويونس بن أبي إسحاق والإمام مالك والثوري وغيرهم، روى عنه الإمام أحمد وابنا أبي شيبة وعلي بن المديني وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاث ومائتين، وهو صدوق، إلا أنه يخطئ في حديث الثوري، فقد وثقه ابن معين في رواية ووثقه ابن المديني والعجلي وعثمان بن أبي شيبة والدارقطني وابن ماكولا وغيرهم، وقال أبو حاتم: ((صدوق صالح الحديث)) ، وقال الإمام أحمد: ((كان صدوقًا وكان يضبط الألفاظ عن معاوية بن صالح، لكن كان كثير الخطأ)) ، وقال ابن معين في رواية: ((كان يقلب حديث الثوري، ولم يكن به بأس)) ، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ((يخطئ، يعتبر حديثه إذا روى عن المشاهير، وأما روايته عن المجاهيل ففيها مناكير)) . "الجرح والتعديل" (3 / 561 - 562 رقم 2538) ، و"التهذيب" (3 / 402 - 404 رقم 738) ، و"التقريب" (ص222 رقم 2124) .

161- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي جَمْرة، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: إِنِّي لَأَقْرَأُ الْقُرْآنَ فِي لَيْلَةٍ مَرَّةً، أَوْ مَرَّتَيْنِ، قَالَ: فَأَكْثَرُ ظَنِّي أَنَّهُ قَالَ: مَرَّتَيْنِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَأَنْ لَا أَقْرَأَ إِلَّا سُورَةً وَاحِدَةً، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَصْنَعَ ذلك، فإن كنت لابدَّ فَاعِلًا، فَاقْرَأْ قِرَاءَةً تُسْمِعُ أُذُنَيْكَ، وتُوعيه قلبك.

_ [161] سنده حسن؛ رجاله ثقات، عدا عبد الرحمن بن زياد الرصاصي فصدوق كما في ترجمته في الحديث رقم [6] ، لكنه لم ينفرد به، بل تابعه حجاج بن محمد وشبابة عن شعبة، وقد توبع شعبة أيضًا كما سيأتي، فالحديث صحيح لغيره. ومدار الحديث على أبي جمرة نصر بن عمران، وروي عنه من أربعة طرق: (1) طريق شعبة عنه. أخرجه المصنف هنا من طريق عبد الرحمن بن زياد، عنه. وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص89 رقم 213) من طريق حجاج. وأخرجه البيهقي في "السنن" (2 / 396) في الصلاة، باب مقدار ما يستحب له أن يختم فيه القرآن من الأيام، و (3 / 13) في الصلاة أيضًا، باب ترتيل القراءة، وفي "شعب الإيمان" (5 / 124 رقم 1972) ، في جميع هذه المواضع من طريق شبابة. كلاهما - حجاج وشبابة - عن شعبة، به نحوه. (2) طريق أيوب السختياني، عن أبي جمرة. أخرجه أبو عبيد في المواضع السابق برقم (212) . والآجُرِّي في "أخلاق أهل القرآن" (ص169 رقم 89) . والبيهقي في "السنن" (2 / 396) ، وفي "شعب الإيمان" (5 / 7 رقم 1882) . ثلاثتهم بنحو لفظ المصنف، إلا أنه قال: ((إني أقرأ القرآن في ثلاث)) ، ولم يذكر قوله: ((فإن كنت لابد ... )) إلخ. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وسند أبي عبيدة صحيح لذاته؛ فإنه رواه عن شيخه إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة، عن أيوب، به. وإسماعيل بن إبراهيم بن عليّة تقدم في الحديث [59] أنه ثقة حافظ. وأيوب بن أبي تميمة السختياني تقدم في الحديث [39] أنه ثقة ثبت. (3) طريق معمر، عن أبي جمرة. أخرجه ابن المبارك في "الزهد" (ص420 رقم 1193) . وعبد الرزاق في "المصنف" (2 / 489 رقم 4187) . ولفظ ابن المبارك: قلت لابن عباس: إني رجل في قراءتي وكلامي عجلة، فقال ابن عباس: لأن أقرأ البقرة أرتّلها، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَقْرَأَ القرآن كله. ومثله لفظ عبد الرزاق، إلا أنه قال: ((من أن أهذّ القرآن كله)) . (4) طريق حماد بن سلمة، عن أبي جمرة، بنحو اللفظ السابق. أخرجه أبو عبيد في "الفضائل" (ص89 رقم 213) ، وفي "غريب الحديث" (4 / 220) . وأخرجه ابن الضريس في "الفضائل" (ص40 رقم 32) . والبيهقي في "السنن" (2 / 54) في الصلاة، باب كيف قراءة المصلي، و (3 / 13) ، في الصلاة أيضًا، باب ترتيل القراءة، وفي "شعب الإيمان" (5 / 123 - 124 رقم 1971) . وللحديث طرق آخر عن ابن عباس تقدم برقم [159] . ومن خلال ما سبق يتضح أن الحديث صحيح لغيره، والله أعلم.

162- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ (1) ، وَيَحْيَى (2) ابْنَيْ (3) سَعِيدٍ، عَنْ رَجُلٍ تَبَّان (4) مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ يُسأل عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، قَالَ: لَأَنْ أَقْرَأَ فِي شَهْرٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ خَمْسَ عَشْرَةَ، وَخَمْسَ عَشْرَةَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ عَشْرٍ، وَعَشْرٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ سَبْعٍ , أَقِفُ عِنْدَ مَا يَنْبَغِي أَنْ أَقِفَ عِنْدَهُ، وَأَدْعُوا اللَّهَ عَزَّ وجل وأسأل.

_ = هو عبد ربه بن سعيد بن قيس الأنصاري، أخو يحيى، المدني، روى عن جده قيس وأبي أمامة بن سهل بن حنيف ومحمد بن المنكدر وغيرهم، روى عنه الإمام مالك وشعبة والسفيانان وعبد الله بن المبارك وغيرهم، وكانت وفاته سنة تسع وثلاثين أو أربعين ومائة وهو ثقة، روى له الجماعة، ووثقه العجلي والنسائي وابن سعد، وزاد: ((كثير الحديث، دون أخيه يحيى)) ، وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: ((عبد ربه بن سعيد لا بأس به)) ، قلتك يحتج بحديثه؟ قال: ((هو حسن الحديث ثقة)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (6 / 41 رقم 213) ، و"التهذيب" (6 / 126 - 127 رقم 263) ، و"التقريب" (ص335 رقم 3786) . (2) هو يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري، المدني، أبو سعيد القاضي، روى عن أنس بن مالك وعبد الله بن عامر بن ربيعة وسعيد بن المسيب والقاسم بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وغيرهم، روى عنه الزهري ومحمد بن عجلان والإمام مالك والأوزاعي وشعبة والسفيانان وغيرهم، واختلف في سنة وفاته، فقيل: مات سنة ثلاث، وقيل: أربع، وقيل: ست وأربعين ومائة، وهو ثقة ثبت، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين وأبو حاتم وأبو زرعة، وقيل لهشام بن عروة: سمعتَ أباك يقول كذا وكذا؟ فقال: لا، ولكن حدثني العدل الرضى الأمين، عدل نفسي عندي: يحيى بن سعيد)) ، وقال الإمام أحمد: ((يحيى بن سعيد أثبت الناس)) ، وقال =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = العجلي: ((مدني تابعي ثقة، له فقه، وكان رجلاً صالحًا)) ، وقال النسائي: ((ثقة مأمون)) ، وفي موضع آخر: ((ثقة ثبت)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 147 - 148 رقم 620) ، و"التهذيب" (11 /221 - 224 رقم 360) ، و"التقريب" (ص591 رقم 7559) . (3) قوله: ((ابني)) جاءت في نهاية الوجه الأول من اللوحة (110) ، وكررها الناسخ في بداية الوجه الثاني. (4) كذا جاء في الأصل، وعند أبي عبيد في "فضائل القرآن" كما سيأتي. والتِّبْنُ معروف، وهو عَصيفة الزَّرع من البرِّ ونحوه، واحدته: ((تِبْنَة)) ، ورجل تَبَّانٌ: هو الذي يبيع التِّبْنَ. انظر "لسان العرب" (13 / 71) . [162] سنده ضعيف لجهالة عين الرجل التبّان وأبيه. وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص90 رقم 215) ، فقال: حدثنا أبو النَّضْر، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ وَيَحْيَى ابْنَيْ سَعِيدٍ، عَنْ رَجُلٍ تبّان من أهل المدينة، عن أبيه، عن زيد بن ثابت، به بنحو لفظ الإمام مالك الآتي. وأخرجه محمد بن نصر في "قيام الليل" كما في "المختصر" منه (ص132) بنحو لفظ المصنف. وأخرجه الإمام مالك في "الموطأ" (1 / 200 - 201 رقم 4) في كتاب القرآن، باب ما جاء في تحزيب القرآن، أخرجه عن شيخه يحيى بن سعيد قال: كنت أنا ومحمد بن يحيى بن حَبَّان جالسين، فدعا محمد رجلاً فقال: أخبرني بالذي سمعت من أبيك، فقال الرجل: أخبرني أبي أنه أتى زيد بن ثابت، فقال له: كيف ترى في قراءة القرآن في سبع؟ فقال زيد: حَسَنٌ، ولأن أقرأه في نصف، أو عشر، أحبُّ إليّ، وسلني: لم ذاك؟ قال: فإني أسألك، قال زيد: لكي أتدبّره وأقف عليه. ومن طريق الإمام مالك أخرجه البيهقي في "الشعب" (5 / 9 رقم 1885) ، =

163- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ (1) ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ رَبِيعَةَ (1) ، قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ يَدْرُسُ الْقُرْآنَ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ.

_ = إلا أنه قال: ((عشرين)) بدل قوله: ((عشر)) . وأخرجه ابن المبارك في "الزهد" (ص420 رقم 1194) . وعبد الرزاق في "المصنف" (3 / 354 رقم 5951) عن الثوري. والبيهقي في الموضع السابق عن سليمان بن بلال. ثلاثتهم - ابن المبارك، والثوري، وسليمان - عن يحيى بن سعيد، به نحو سياق الإمام مالك، وعندهم: ((عشرين)) بدل قوله: ((عشر)) . وأخرجه أبو عبيد في الموضع السابق برقم (214) من طريق يزيد بن هارون، عن يحيى بن سعيد، به بنحو لفظ الإمام مالك، وعنده أيضًا: ((عشرين)) ، بدل قوله: ((عشر)) . (1) هو محمد بن يزيد الرَّحَبي، أبو بكر الدمشقي، مجهول الحال، سكت عنه البخاري في "التاريخ" (1 / 261 رقم 833) ، وبيض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (8 / 127 رقم 570) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (9 / 35) ، وأطال ابن عساكر في ترجمته في "تاريخه" (16 / 126 - 128 / مخطوط) ، ولم يذكر عنه ما يفيد جرحًا أو تعديلاً، وقد روى عنه الهيثم بن حميد، وإسماعيل بن عياش، ومحمد بن المهاجر، وسعيد بن عبد العزيز، وغيرهم. (2) هو عمير بن ربيعة مولى بني عبد شمس، وقيل: إنه أوزاعي، روى عن ابن مسعود مرسلاً، روى عنه خالد بن يزيد بن صالح بن صبيح، ومغيث بن سمي، ومحمد بن يزيد الرحبي، وهو مجهول الحال، ذكره البخاري في "تاريخه" (6 / 540 رقم 3252) وسكت عنه، وبيض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (6 / 376 رقم 2077) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (5 / 257) ، وانظر ترجمته في "تاريخ دمشق" لابن عساكر (13 / 675 - 676 / مخطوط) . =

164- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، قَالَ: أُتِيَ عَبْدُ اللَّهِ بِمُصْحَفٍ قَدْ زُيِّن، فَقَالَ: إِنَّ أَحْسَنَ مَا زُيِّن بِهِ الْمُصْحَفُ تلاوته بالحق.

_ [163] سنده ضعيف لجهالة حال محمد بن يزيد وعمير بن ربيعة، ولأن إسماعيل بن عياش لم يصرِّح بالسماع هنا وهو مدلِّس كما في ترجمته في الحديث [9] . ولم أجد من أخرج هذا الأثر، ولم يخرجه ابن عساكر في ترجمة عمير بن ربيعة، برغم أنه يعنى بمثله؛ لأن فيه دلالة على أن عمير بن ربيعة رأى أبا الدرداء، وهذا شيء لم يذكره أحد ممن ترجم لعمير بن ربيعة. [164] سنده صحيح، والأعمش وإن لم يصرح بالسماع هنا، فإن هذا من روايته عن أحد كبار شيوخه الذين أكثر عنهم، وهو أبو وائل شقيق بن سلمة وهي محمولة على الاتصال. ومع ذلك فقد روى هذا الحديث عن الأعمش شعبة كما سيأتي، وروايته عنه محمولة على السماع وإن لم يصرح الأعمش بالسماع، وسبق بيان ذلك في الحديث رقم [3] . والحديث أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 181 - 182 رقم 2032) من طريق المصنف، به مثله سواء. وأخرجه أبو عبيد "الفضائل" (ص373 رقم 884) . وابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 546 رقم 10284) . والبخاري في "خلق أفعال العباد" (ص123 رقم 389) . وابن الضريس في "الفضائل" (ص43 رقم 46) . وابن أبي داود في "المصاحف" (ص168) . وأبو نعيم في "الحلية" (4 / 105) . جميعهم من طريق أبي معاوية، به نحوه. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (4 / 323 رقم 7947) . وابن أبي داود في "المصاحف" (ص169) . =

165- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا فَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ (1) ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ (2) ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: إِذَا حَلَّيْتُمْ مَصَاحِفَكُمْ، وَزَخْرَفْتُمْ مَسَاجِدَكُمْ، فالدمار عليكم.

_ = كلاهما من طريق سفيان الثوري، عن الأعمش، به نحوه. وأخرجه أبو عبيد في الموضع السابق مقرونًا برواية أبي معاوية. وابن أبي داود في الموضع السابق. كلاهما من طريق وكيع، عن الأعمش، به نحوه. وأخرجه البخاري في الموضع السابق برقم (388) من طريق حفص بن غياث عن الأعمش، به نحوه. وأخرجه ابن الضريس في الموضع السابق مقرونًا برواية أبي معاوية. وابن أبي داود في "المصاحف" (ص168) . كلاهما من طريق عبد الله بن نمير، عن الأعمش، به نحوه. وأخرجه الفريابي في "فضائل القرآن" (ص236 رقم 164) من طريق أبي مسهر، عن الأعمش به نحوه. وأخرجه ابن أبي داود في الموضع السابق. وأبو نعيم في "الحلية" (4 / 105) . كلاهما من طريق أبي خالد، عن الأعمش، به نحوه. وأخرجه ابن أبي داود أيضًا (ص168 و 169) من طريق شعبة والمحاربي وأبي يحيى الحِمَّانِي، ثلاثتهم، عن الأعمش، به نحوه. (1) تقدم في الحديث [19] أنه ضعيف. (2) هو يحيى بن سعيد الأنصاري، تقدم في الحديث [162] أنه ثقة ثبت، لكن روايته هنا عن أبي هريرة وهو لم يسمع منه، بل لم يسمع من صحابي غير أنس بن مالك رضي الله عنه كما نص عليه ابن المديني. انظر "التهذيب" (11 / 223) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = [165] سنده ضعيف لضعف فرج بن فضالة، والانقطاع بين يحيى بن سعيد وأبي هريرة. وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص168) من طريق أبي داود، عن فرج بن فضالة، به نحوه. وقد روي الحديث عن أبي الدرداء وأبي ذر موقوفًا عليهما، وروي في بعضها مرفوعًا. أما حديث أبي الدرداء، فله عنه طريقان: (1) طريق بكر بن سوادة، عنه رضي الله عنه قال: إذا حلّيتم مصاحفكم، وزوّقتم مساجدكم، فالدمار عليكم. أخرجه ابن المبارك في "الزهد" (ص275 رقم 797) فقال: أخبرنا يحيى بن أيوب، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ بكر بن سوادة ... ، فذكره. ومن طريق ابن المبارك أخرجه الفريابي في "الفضائل" (ص247 - 248 رقم 179) . وسنده ضعيف؛ له علتان: أ- يحيى بن أيوب تقدم في الحديث [26] أنه صدوق ربما أخطأ. ب- بكر بن سوادة لم يسمع من أبي الدرداء فيما يظهر، فإن أبا الدرداء رضي الله عنه توفي قريبًا من سنة (33هـ) ، لسنتين بقيتا من خلافة عثمان رضي الله عنه كما في "التهذيب" (8 / 176) ، وأما بكر بن سوادة فإنه توفي سنة (128هـ) ؛ قيل: غرقًا في بحار الأندلس كما في "التهذيب" (1 / 483) ، فالفرق بين وفايتهما قريب من خمس وتسعين سنة، فإذا ما أضيف له سن التحمُّل، ظهرت وجاهة القول بعدم سماعه منه، وبخاصة إذا كانت وفاة بكر غرقًا، فهو لم يُتَوَفَّ عن كبر، ولذا نجد في ترجمته في الموضع السابق من "التهذيب" أنه إنما يروي عن صغار الصحابة ممن تأخرت وفاته كعبد اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما، ومع ذلك قال النووي: ((لم يسمع من =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ العاص)) ، نقله عنه الحافظ ابن حجر في المرجع السابق، وقد أشار الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" (3 / 337) لهذه العلة، فقال: ((لا أدري، إذا كان بكر بن سوادة سمع من أبي الدرداء، أم لا؟)) . ومعنى قوله: ((زوّقتم)) ، أي: زخرفتم وزيّنتم. انظر "النهاية في غريب الحديث" (2 / 319) . (2) طريق رجل مبهم من أهل الشام، عنه رضي الله عنه بنحو لفظ المصنف هنا، إلا أنه قال: ((الدَّثار)) ، بدل قوله: ((الدمار)) ، ومعناهما متقارب، فالدُّثُور: هو الدُّرُوس، وهو أن تهبَّ الرياح على المنزل، فتُغَشِّي رسومه بالرمل، وتغطيها بالتراب كما في "النهاية" (2 / 100) . والحديث من هذا الطريق أخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص168) ، من طريق عمرو بن عامر البجلي، عن صخر بن صدقة، أو: من حدّثه عنه، عن رجل من أهل الشام، قال: قال أبو الدرداء ... ، فذكره. وسنده ضعيف لإبهام الراوي عن أبي الدرداء، والواسطة بين عمرو بن عامر وصخر على الشك؛ وقد خولف عمرو في روايته للحديث. فأخرجه الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" (3 / 105 / ب) من طريق إسماعيل بن عياش، عن صخر بن صدقة، عن رجل من أهل دمشق، عن أبي الدرداء، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - ... ، فذكره بمثل لفظ المصنِّف هكذا مرفوعًا. وهذا ضعيف أيضًا لإبهام الراوي له عن أبي الدرداء. وأما حديث أبي ذر رضي الله عنه، فله عنه طريقان أيضًا: (1) طريق أبي إسحاق السبيعي، قال: قال أبو ذر ... ، فذكره بنحو لفظ المصنف. أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 547 رقم 10286) ، من طريق سفيان، عن أبي إسحاق، به. وسنده ضعيف للانقطاع بين أبي إسحاق السبيعي وأبي ذر. فأبو ذر رضي الله عنه توفي سنة اثنتين وثلاثين في خلافة عثمان كما في =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = "التهذيب" (12 / 91) . وأبو إسحاق ولد بعد وفاته بعام، فإنه ولد لسنتين بقيتا من خلافة عثمان رضي الله عنه كما في "التهذيب" (8 / 63) . (2) طريق شعيب بن أبي سعيد مولى قريش، قال: قال أبو ذر ... ، الحديث بنحوه. أخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص373 رقم 886) من طريق الليث بن سعد، عن شعيب. وسنده ضعيف، فشعيب بن أبي سعيد، أبو يونس، ويقال: أبو بشر، مولى قريش روايته عن أبي ذر مرسلة، ومع ذلك فهو مجهول الحال، ذكره البخاري في "تاريخه" (4 / 218 رقم 2561) وسكت عنه، وبيّض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (4 / 347 رقم 1516) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (4 / 356) . وروى عنه الليث ومحمد بن عجلان وحيوة بن شريح، ونص أبو حاتم على أن روايته عن أبي ذر وأبي هريرة مرسلة. ورواه محمد بن عجلان عن شعيب، لكنه خالف الليث في إسناده، فجعله عن شعيب، عن أبيّ بن كعب. أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 529) فقال: حدثنا أبو خالد، عن محمد بن عجلان، عن شعيب بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أُبَيّ قال: إذا حليتم مصاحفكم وزوّقتم مساجدكم فالدمار عليكم. وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا (10 / 545 رقم 10281) من نفس الطريق، به مثله، إلا أن اسم شعيب تصحّف في المطبوع إلى: (سعيد) . وقد ذكر الشيخ ناصر الدين الألباني هذا الحديث في "السلسلة الصحيحة" (3 / 336 رقم 1351) ، وقال: ((رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (1 / 100 / 2 - مخطوط الظاهرية) : أبو خالد الأحمر، عن محمد بن عجلان، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ مرفوعًا)) ، ثم قال عقبه: ((قلت: وهذا إسناد مرسل حسن)) . كذا قال الشيخ: ((وإنما هو تصحيف وقع في النسخة التي عزا الحديث إليها، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وابن أبي شيبة أخرج الحديث في ثلاثة مواضع من مصنفه، منها الموضعان المتقدمان، والموضع الثالث هو الذي عزا الشيخ الألباني الحديث له، وهو في المطبوع (1 / 309) وهذا نصه: (حدثنا أبو خالد الأحمر، عن محمد بن عجلان، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، قال: قال أبي: إذا زوّقتم مساجدكم وحليتم مصاحفكم فالدّبار عليكم) . فهذا السياق كسابقه تصحف فيه اسم شعيب إلى: (سعيد) ، والحديث فيه موقوف على أبيّ، وليس مرفوعًا كما في النسخة التي عزا إليها الشيخ الألباني، وصوابه ما جاء في الموضع الأول (2 / 529) ، ولا يمكن أن يكون ذلك اختلافًا؛ لأن شيخ ابن أبي شيبة في جميعها واحد. وقد أخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص167 - 168) من طرق محمد بن آدم وعبد الله بن سعيد، كلاهما عن أبي خالد الأحمر مثل سياق ابن أبي شيبة المذكور أولاً، إلا أن ابن آدم سمى شيخ ابن عجلان سعيد بن أبي سعيد، وقال عبد الله بن سعيد: (سعيد بن أبي شعيب، هكذا قال أبو خالد) . ورواية الليث بن سعد للحديث عن شعيب أصح من رواية محمد بن عجلان. فمحمد بن عجلان تقدم في الحديث [18] أنه صدوق. وأما الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفَهْمي أبو الحارث المصري، فهو يروي عن نافع وابن أبي مليكة وهشام بن عروة وعطاء بن أبي رباح وأبي الزبير المكي وغيرهم، روى عنه ابن المبارك وابن وهب وسعيد بن أبي مريم وكاتبه أبو صالح عبد الله بن صالح وغيرهم، وكانت ولادته سنة أربع وتسعين للهجرة، ووفاته سنة خمس وسبعين ومائة، وهو ثقة ثبت فقيه إمام مشهور، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين والعجلي والنسائي، وقال أحمد: ((ثقة ثبت)) ، وكذا قال ابن المديني، وقال ابن سعد: ((كان ثقة كثير الحديث صحيحه، وكان سريًا من الرجال نبيلاً سخيًا)) ، وقال ابن حبان: ((كان من سادات أهل زمانه فقهًا وورعًا وعلمًا وفضلاً وسخاءً)) ، وقال الخليلي: ((كان إمام وقته بلا مدافعة)) . اهـ. من =

166- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا الْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ الإِيَادي (1) ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الجُوْنِي (2) ، عَنْ جُنْدُب بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (3) : ((اقْرَءُوا الْقُرْآنَ مَا ائْتَلفَتْ (4) عَلَيْهِ قلوبكم، فإذا اختلفتم فقوموا)) .

_ = "الجرح والتعديل" (7 / 179 - 180 رقم 1015) ، و"التهذيب" (8 / 459 - 465 رقم 832) ، و"التقريب" (ص464 رقم 5684) . وبالجملة فالحديث بمجموع هذه الطرق يكون حسنًا لغيره، لكنه موقوف على هؤلاء الصحابة الذين رووه وهم: أبو هريرة وأبو الدرداء وأبو ذر، وأما رفعه فلا يصح، إلا أن يقال: إنه مما يدخل في عداد ماله حكم الرفع؛ لأنه لا مجال للرأي فيه، والله أعلم. (1) هو الحارث بن عبيد الإيَادي - بكسر الهمزة، بعدها تحتانية -، أبو قُدامة البصري، يروي عن أبي عمران الجوني وسعيد الجُرَيْري ومطر الورّاق وثابت البُناني وغيرهم، روى عنه عبد الرحمن بن مهدي وأبو داود الطيالسي وأبو نعيم وسعيد بن منصور وغيرهم، وهو صدوق يخطئ، من الطبقة الثامنة كما في "التقريب" (ص147 رقم 1033) ، كان عبد الرحمن بن مهدي يحدث عنه ويقول: ((كان من شيوخنا، وما رأيت إلا خيرًا)) ، وقال الساجي: ((صدوق عنده مناكير)) ، وقال النسائي: ((صالح)) ، وقال مرَّةً ((ليس بذاك القوي)) ، وقال الإمام أحمد: ((مضطرب الحديث)) ، وقال ابن معين: ((ضعيف الحديث)) ، وقال أبو حاتم: ((ليس بالقوي، يكتب حديثه ولا يحتج به)) ، وقال ابن حبان: ((كان ممن كثر وهمه حتى خرج عن جملة من يحتج بهم إذا انفردوا)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 81 رقم 371) ، و"التهذيب" (2 / 149 - 150 رقم 254) . (2) هو عبد الملك بن حبيب، تقدم في الحديث [36] أنه ثقة. (3) في الأصل: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - قال) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ (4) أي أَلِفَ بعضها بعضًا، والمعنى: اجتمع بعضها إلى بعض. انظر "لسان العرب" (9 / 10 - 11) . [166] سنده فيه الحارث بن عبيد وتقدم أنه صدوق يخطئ، ولكنه لم ينفرد به، فالحديث صحيح لغيره، فقد أخرجه البخاري ومسلم من غير طريقة كما سيأتي. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (2 / 175 - 176 رقم 1673) من طريق المصنِّف مقرونًا ببعض الروايات الآتي ذكرها، ولفظه: ((اجتمعوا على القرآن ما ائتلفتم عليه، فإذا اختلفتم فيه فقدموا)) ، وهذا فيه اختلاف عن لفظ المصنف، فالظاهر أن الطبراني اعتمد لفظًا غير لفظه. وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 210 رقم 2064) من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال: ((فإذا اختلفتم فيه فقوموا)) . ومثله الهروي في "ذم الكلام" (1 / ل 44 و 45) حيث أخرجه من طريق المصنف وغيره. وأخرجه مسلم في "صحيحه" (4 / 2053 رقم 3) في العلم، باب النهي عن اتباع متشابه القرآن. وأبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص326 رقم 765) . وابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 528 رقم 10216) . والدارمي في "سننه" (2 / 318 رقم 3364) . والطبراني في "الكبير" (2 / 175- 176 رقم 1673) . والبيهقي في "الشعب" (5 / 210 - 211 رقم 2065) . جميعهم من طريق الحارث بن عبيد، به مثل لفظ البيهقي السابق، عدا الطبراني فتقدم لفظه. وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص326 رقم 766) . والبخاري في "صحيحه" (9 / 101 رقم 5060) في فضائل القرآن، باب: اقرأوا =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = الْقُرْآنَ مَا ائْتَلفَتْ عَلَيْهِ قُلُوبُكُمْ. ومن طريق البغوي في "شرح السنة" (4 / 500 رقم 1224) . وأخرجه أبو يعلى في "مسنده" (3 / 89 رقم 1519) . ومن طريقه ابن حبان في "صحيحه" (3 / 5 و 36 رقم 732 و 759 / الإحسان) . وأخرجه الطبراني في "الكبير" (2 / 176 رقم 1673) . والخطيب في "تاريخه" (4 / 228) . جميعهم من طريق حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي عمران الجوني، به مثل سابقه. وأخرجه البخاري (13 / 336 رقم 7365) في الاعتصام، باب كراهية الاختلاف. ومسلم في الموضع السابق (4 / 2054 رقم 4) . والدارمي في "سننه" (2 / 318 رقم 3363) . أما البخاري ومسلم فمن طريق عبد الصمد، وأما الدارمي فمن طريق يزيد بن هارون، كلاهما عن همام، عن أبي عمران، به نحوه، لكن يزيد بن هارون وقفه على جندب بن عبد الله. وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 312) . والبخاري في الموضعين السابقين برقم (5061 و 7364) . والنسائي في "فضائل القرآن" (ص122 رقم 122) . والطبراني في "الكبير" (2 / 175 - 176 رقم 1673) . جمعيهم من طريق سلام بن أبي مطيع، عن أبي عمران، به نحوه. وأخرجه مسلم في الموضع السابق برقم (4) من طريق أبان، عن أبي عمران، به مثله. وأخرجه الدارمي في "سننه" (2 / 317 - 318 رقم 3362) . والنسائي في "الفضائلط (ص122 رقم 123) . والطبراني في "الكبير" (2 / 176 رقم 1674) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ثلاثتهم من طريق هارون بن موسى النحوي الأعور، عن أبي عمران، به نحوه. وأخرجه النسائي أيضًا (ص121 رقم 121) . والطبراني برقم (1675) . وأبو نعيم في "الحلية" (3 / 109) و (8 / 291) . أما النسائي فمن طريق شيخه هارون بن زيد بن يزيد، عن أبيه، وأما الطبراني وأبو نعيم فمن طريق المعافى بن عمران، كلاهما عن سفيان الثوري، عن حجاج بن فرافصة، عن أبي عمران، به نحوه. قال النسائي عقبه: ((وأخبرنا به مرة أخرى ولم يرفعه)) . وذكر الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (9 / 102) أن الحسن بن سفيان أخرج الحديث في "مسنده" من طريق أبي هشام المخزومي، عن سعيد بن زيد أخي حماد بن زيد، قال: سمعت أبا عمران قال: حدثنا جندب ... ، فذكر الحديث مرفوعًا، وفي آخره: ((فإذا اختلفتم فيه فقوموا)) ، ثم رواه الحافظ في "تغليق التعليق" (4 / 390) من طريق الحسن بن سفيان. فجميع هؤلاء الرواة رووا الحديث عن أبي عمران، عن جندب مرفوعًا، عدا ما تقدم من الاختلاف على همام، ومن رواية النسائي للحديث عن حجاج بن فرافصة. وأشار الدارقطني كما سيأتي إلى أن سهيل بن أبي حزم القُطَعي روى الحديث أيضًا عن أبي عمران، عن جندب مرفوعًا، وكذا حماد بن نجيح كما أشار إليه الخطيب البغددي كما سيأتي. وخالف هؤلاء شعبة وعبد الله بن شوذب وحماد بن سلمة وأبو عامر الخزّاز، فرووه عن أبي عمران، عن جندب موقوفًا. وخالف هؤلاء جميعًا ابن عون، فرواه عن أبي عمران: عن عبد الله بن الصامت، عن عمر بن الخطاب موقوفًا عليه. أما رواية شعبة، فعلقها البخاري في "صحيحه" (9 / 101) في فضائل القرآن، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = باب اقرؤا الْقُرْآنَ مَا ائْتَلفَتْ عَلَيْهِ قُلُوبُكُمْ. ووصلها أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص326 رقم 767) من طريق حجاج عنه. وذكر الحافظ في الموضع السابق من "الفتح" أن الإسماعيلي وصلها أيضًا من طريق بندار، عن غندر، عن شعبة، ثم أخرجه الحافظ في "تغليق التعليق" (4 / 391) من طريق الإسماعيلي. وأما رواية عبد الله بن شوذب، فأخرجها أبو عبيد في "الفضائل" (ص326 رقم 768) من طريق محمد بن كثير عنه. وأما رواية حماد بن سلمة، فقال الحافظ في الموضع السابق من "الفتح": ((أما رواية حماد بن سلمة فلم تقع لي موصولة)) . وأما رواية أبي عامر الخزّاز فأشار إليها الدارقطني في "العلل" كما سيأتي. وأما مخالفة ابن عون لهؤلاء كلهم، فعلقها البخاري في الموضع السابق. ووصلها أبو عبيد في "الفضائل" (ص327 رقم 769) . والنسائي في "الفضائل" (ص122 رقم 124) . والبيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 212 - 213 رقم 2066 و 2067) . ثلاثتهم عن ابن عون، عن أبي عمران، عن عبد الله بن الصامت قال: قال عمر: ((اقرؤا القرآن ما اتفقتم، فإذا اختلفتم فقوموا عنه)) . وأكثر الأئمة على أن الصواب رواية من رواه عن أبي عمران، عن جندب مرفوعًا؛ فقد رجَّح ذلك البخاري ومسلم فأخرجاه في صحيحهما، بل قال البخاري عقب ذكره للاختلاف (9 / 101) : ((وجندب أصح وأكثر)) ، وعقّب على ذلك الحافظ في "الفتح" (9 / 102) فقال: ((أي أصح إسنادًا وأكثر طرقًا، وهو كما قال؛ فإن الجمّ الغفير رووه عن أبي عمران فالحكم لهم. وأما رواية ابن عون فشاذّة لم يتابع عليها، قال أبو بكر بن أبي داود: لم يخطئ ابن عون قط إلا في هذا، والصواب عن جندب. انتهى. ويحتمل أن يكون ابن عون =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = حفظه، ويكون لأبي عمران فيه شيخ آخر، وإنما توارد الرواة على طريق جندب لعلوّها والتصريح برفعها. أهـ. وسئل الدارقطني في "العلل" (4 / ل 92 / ب) عن هذا الحديث فقال: (( ... يرويه همام بن يحيى وحماد بن سلمة وأبو عامر الخزاز، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ جندب موقوفًا. ورفعه الحارث بن عبيد أبو قدامة وهارون بن موسى الأعور وسهيل بن أبي حزم القطعي والحجاج بن فرافصة وسلام بن أبي مطيع. واختلف عن همام بن يحيى، فرفعه داود بن شبيب عن همام، ورفعه عاصم بن علي عنه، وقيل: عن حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي عمران، عن جندب مرفوعًا. ورواه ابن عون، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ عبد الله بن الصامت، عن عمر قوله: وَرَفْعُهُ عن جندب صحيح)) . اهـ. وقال الخطيب البغدادي في "تاريخه" (4 / 228) : ((وهكذا روى هذا الحديث أبو الربيع الزهراني [في المطبوع: الزهري] وعباس بن الوليد النرسي وإسحاق بن إسرائيل، عن حماد بن زيد. ورواه أحمد بن إبراهيم الموصلي عن حماد مرفوعًا مُجَوَّدًا من غير شك. ووقفه شعبة عن أبي عمران على جندب. ورواه الحارث بن عبيد وهارون الأعور وسلام بن أبي مطيع وحماد بن نجيح وحجاج بن فرافصة، خمستهم عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ جندب مرفوعًا إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -)) . اهـ. وخالف هؤلاء أبو حاتم الرازي، فرجح رواية ابن عون؛ قال عبد الرحمن بن أبي حاتم في "العلل" (2 / 63) : (سألت أبي عن حديث رواه الحارث بن عبيد، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ جندب، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - قال: ((اقرؤا الْقُرْآنَ مَا ائْتَلفَتْ عَلَيْهِ قُلُوبُكُمْ، فإذا اختلفتم فقوموا)) ، فقال: روى هذا ابن عون عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ عبد الله بن الصامت قال: قال عمر، وهذا الصحيح، قلت: الوهم ممن؟ قال: من الحارث بن عبيد) . اهـ. =

167- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مَعْشَر (1) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ (2) ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((إِنَّ لِهَذَا الْقُرْآنِ شِرَّةً (3) ، ثُمَّ إِنَّ لِلنَّاسِ عَنْهُ فَتْرةً، فَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى الْقَصْدِ فَنِعِمّا هُوَ، وَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى الْإِعْرَاضِ فَأُولَئِكُمْ بُوْرٌ)) (4) .

_ = قلت: لم ينفرد الحارث بن عبيد بهذا حتى يحكم عليه بأنه وهم فيه، فالعبرة بما رجحه البخاري ومسلم والدارقطني والخطيب، وبه يتضح أن الحديث صحيح عن جندب، مرفوعًا، والله أعلم. (1) هو نَجيح بن عبد الرحمن السِّندي - بكسر المهملة وسكون النون -، أبو معشر المدني، مولى بني هاشم، مشهور بكنيته، يروي عن سعيد بن المسيب ومحمد بن كعب القرظي وهشام بن عروة وسعيد بن أبي سعيد المقبُري وغيرهم، روى عنه الليث بن سعد وعبد الله بن إدريس وهشيم وعبد الرحمن بن مهدي وسعيد بن منصور وغيرهم، وكانت وفاته سنة سبعين ومائة، وهو ضعيف؛ أسنّ واختلط. قال أبو نعيم: ((كان كيّسًا حافظًا)) ، وقال عمرو بن علي: ((كان يحيى بن سعيد لا يحدث عنه، ويضعفه، ويضحك إذا ذكره، وكان ابن مهدي يحدث عنه)) ، وقال الأثرم عن أحمد: ((حديثه عندي مضطرب، لا يقيم الإسناد، ولكن أكتب حديثه أعتبر به)) ، وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه: ((كان صدوقًا، لكنه لا يقيم الإسناد، ليس بذاك)) ، وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: سألت أبي عن أبي معشر، فقال: ((كنت أهاب حديث أبي معشر حتى رأيت أحمد بن حنبل يحدث عن رجل عنه أحاديث، فتوسعت بَعْدُ في كتابة حديثه)) ، قيل له: هو ثقة؟ قال: ((هو صالح ليّن الحديث، محلّه الصدق)) ، وقال ابن معين: ((ضعيف، يكتب من حديثه الرقاق، وكان أميًا، يُتّقى من حديثه المسند)) ، وقال البخاري: ((منكر الحديث)) ، وقال أبو زرعة: ((صدوق في الحديث، وليس بالقوي)) ، وقال ابن أبي خيثمة: سمعت محمد بن بكار الريان يقول: ((كان =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = أبو معشر تغيّر قبل أن يموت تغيرًا شديدًا، حتى كان يخرج منه الريح ولا يشعر بها)) ، وضعفه أبو داود والنسائي والدارقطني. اهـ. من "الجرح والتعديل" (8 / 493 - 495 رقم 2263) ، و"التهذيب" (10 / 419 - 422 رقم 758) ، و"التقريب" (ص559 رقم 7100) . (2) هو سعيد بن أبي سعيد كيسان المقبُري، أبو سعيد المدني، يروي عن أبي هريرة وأبي سعيد وعائشة وأنس وجابر وابن عمر وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه الإمام مالك ومحمد بن إسحاق وابن أبي ذئب والليث بن سعد ويحيى بن سعيد الأنصاري ومحمد بن عجلان وغيرهم، واختلف في سنة وفاته، فقيل: سنة سبع عشرة ومائة، وقيل: سنة ثلاث، وقيل: خمس، وقيل: ست وعشرين ومائة، وهو ثقة روى له الجماعة، ويقال: اختلط قبل موته بأربع سنين، وفي ثبوته نظر، وإن ثبت فإنه لم يرو شيئًا في حال الاختلاط - فيما يظهر-، ولا يوجد له شيء منكر، فيحمل على أنه إنما شاخ ووقع في الهرم، فقد أطلق القول بتوثيقه ابن المديني والعجلي وأبو زرعة والنسائي، وقال الإمام أحمد: ((ليس به بأس)) ، وقال ابن خراش: ((ثقة جليل أثبت الناس فيه الليث بن سعد)) ، وقال ابن معين: ((سعيد أوثق)) - يعني من العلاء بن عبد الرحمن -، وقال أبو حاتم: ((صدوق)) . وقال يعقوب بن شيبة: ((قد كان تغير وكبر واختلط قبل موته يقال بأربع سنين، وكان شعبة يقول: حدثنا سعيد المقبري بعد ما كبر)) ، وذكره ابن عدي في "الكامل" وقال: ((إنما ذكرت سعيدًا المقبري في جملة من اسمه سعيد لأن شعبة يقول: ثنا سعيد بعدما كبر، وأرجو أن سعيدًا من أهل الصدق، وقد قبله الناس، وروى عنه الأئمة والثقات من الناس، وما تكلم فيه أحد إلا بخير)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: ((اختلط قبل موته بأربع سنين)) ، وهذا قول الواقدي، وكأن تلميذه ابن سعد تابعه عليه فقال: ((كان سعيد بن أبي سعيد ثقة كثير الحديث، ولكنه كبر وبقي حتى اختلط قبل موته بأربع سنين)) ، ولما ذكر السخاوي قول =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ابن سعد هذا قال: ((زاد غيره: وكأنه لم يرو فيها شيئًا، أو تميز، وإلا فقد احتج به الأئمة الستة)) . اهـ. من "طبقات ابن سعد" (ص145 - 147 /القسم المتمم) ، و"الكامل" لابن عدي (3 / 1227 - 1228) ، و"التهذيب" (4 / 38- 40 رقم 61) ، و"التحفة اللطيفة" للسخاوي (2 / 155) ، وانظر "التقريب" (ص236 رقم 2321) ، و"الملحق للكواكب النيرات" (ص466 - 467) . قلت: وهذا القول ذكره السخاوي كأنه أخذه عن الذهبي، فإنه ذكر سعيدًا في "الميزان" (2 / 139 - 140 رقم 3187) وقال: ((ثقة حجة، شاخ، ووقع في الهرم، ولم يختلط)) ، ثم ذكر قول من رماه بالاختلاط، فتعقبه بقوله: ((ما أحسب أن أحدًا أخذ عنه في الاختلاط؛ فإن ابن عيينة أتاه فرأى لعابه يسيل، فلم يحمل عنه)) ، وفي "سير أعلام النبلاء" (5 / 217) قال: ((ما أحسبه روى شيئًا في مدة اختلاطه، وكذلك لا يوجد له شيء منكر)) ، وقال الحافظ ابن حجر في "هدي الساري" (ص405) : ((مجمع على ثقته، لكن كان شعبة يقول: حدثنا سعيد المقبري بعد أن كبر، وزعم الواقدي أنه اختلط قبل موته بأربع سنين، وتبعه ابن سعد ويعقوب بن شيبة وابن حبان، وأنكر ذلك غيرهم، وقال الساجي عن يحيى بن معين: أثبت الناس فيه ابن أبي ذئب، وقال ابن خراش: أثبت الناس فيه الليث بن سعد. قلت: أكثر ما أخرج له البخاري من حديث هذين عنه، وأخرج أيضًا من حديث مالك وإسماعيل بن أمية وعبيد الله بن عمر العُمري، وغيرهم من الكبار، وروى له الباقون، لكن لم يخرجوا من حديث شعبة عنه شيئًا)) . اهـ. (3) قال الخطابي في "غريب الحديث" (1 / 199) : ((قوله: إن للقرآن شِرَّة، معناه: إن للقاري المبتدئ فيه رغبة ونشاطًا، ومنه: شِرَّة الشباب، وهي: مَيْعَتُه ونشاطه ... ، والمعنى: مَدْح الاقتصاد في القراءة والأمر بالمواظبة عليه)) . اهـ. (4) أي: هَلْكَى. انظر "غريب الحديث" للخطابي (1 / 200) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ [167] سنده ضعيف لضعف أبي معشر، وله طريق آخر عن أبي هريرة بغير هذا اللفظ، وهو حسن لذاته، وله شاهد صحيح من حديث عبد الله بن عمرو كما سيأتي. والحديث أخرجه الخطابي في "غريب الحديث" (1 / 198 - 199) من طريق المصنف، به مثله سواء. وأخرجه ابن أبي شيبة في "مسنده" كما في "المطالب العالية المسندة" (ل 120 / أ) ، والمطبوعة (3 / 201 رقم 3254) . وأبو يعلى في "مسنده" (11 / 434 رقم 6557) . والبيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 566 رقم 2391) . أما ابن أبي شيبة فمن طريق محمد بن بشر، وأما أبو يعلى فمن طريق محمد بن بكار، وأما البيهقي فمن طريق أحمد بن يونس، ثلاثتهم عن أبي معشر، به نحوه. وعزاه الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7 / 168 - 169) لأبي يعلى وقال: ((فيه أبو معشر نجيح وهو ضعيف يعتبر بحديثه)) . وقد روي الحديث من وجه آخر عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا بلفظ: ((إن لكل شيء شِرَّة، ولكل شِرَّة فترة، فإن صاحبُها سدَّد وقارب فارجوه، وإن أشير إليه بالأصابع فلا تعدّوه)) . أخرجه الترمذي (7 / 149 رقم 2570) في صفة القيامة، باب منه. والطحاوي في "مشكل الآثار" (2 / 89) . وابن حبان في "صحيحه" (2 / 62 رقم 349 / الإحسان) . ثلاثتهم من طريق محمد بن عجلان، عن القعقاع بن حكيم، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هريرة، به. قال الترمذي: ((هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه)) . انظر "سنن الترمذي" بتحقيق إبراهيم عطوه، وأولها بتحقيق أحمد شاكر (4 / 635 رقم 2453) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = قلت: سنده حسن، فأبو صالح ذكوان السّمّان تقدم في الحديث [12] أنه ثقة ثبت. ومحمد بن عجلان تقدم في الحديث [18] أنه صدوق. وأما القعقاع بن حكيم الكناني المدني فهو ثقة؛ وثقه أحمد وابن معين، وقال أبو حاتم: ((ليس بحديثه بأس)) ، وذكره ابن حبان في الثقات. اهـ. من "الجرح والتعديل" (7 / 136 رقم 764) ، و"التهذيب" (8 / 383 رقم 679) ، و"التقريب" (ص456 رقم 5558) . وله شاهد من حديث عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ العاص. وله عن عبد الله طريقان: (1) طريق مجاهد عنه، وله عن مجاهد طريقان: أ- طريق حصين بن عبد الرحمن السُّلّمي. أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (2 / 188 و 210) . والطحاوي في مشكل الآثار (2/88) . وابن حبان في "صحيحه" (1 / 187 - 188 رقم 11 / الإحسان) . وابن منده في "الرد على من يقول (آلم) حرف" (ص33 - 34 رقم 1) . جميعهم من طريق شعبة، عن حصين، عن مجاهد، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ((لكل عمل شرّة، ولكل شرّة فَتْرَةً، فَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى سنتي فقد أفلح، ومن كان إلى غير ذلك فقد هلك)) . وسنده صحيح، رجاله إلى شعبة ثقات تقدمت تراجمهم، وقد رواه الإمام أحمد عن شيخه محمد بن جعفر غندر، عن شعبة، به. ومحمد بن جعفر الهُذَلي، مولاهم، أبو عبد الله البصري المعروف بـ: غُنْدر يروي عن عوف الأعرابي ومعمر وسعيد بن أبي عروبة وابن جريج وغيرهم، روى عنه الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه ويحيى بن معين وعلي بن المديني وأبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة وغيرهم، وهو ثقة روى له الجماعة، صحيح =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = الكتاب، وهو من أوثق الناس في شعبة؛ فإنه روى عنه فأكثر، وجالسه نحوًا من عشرين سنة، وكان ربيبه، وقد وثقه ابن معين وابن سعد والمستملي والعجلي وزاد: ((كان من أثبت الناس في حديث شعبة)) ، وقال أبو حاتم: ((كان صدوقًا، وكان مؤدبًا، وفي حديث شعبة ثقة)) ، وقال ابن المبارك: ((إذا اختلف الناس في حديث شعبة، فكتاب غندر حكم بينهم)) ، وقال عبد الرحمن بن مهدي: ((غندر أثبت في شعبة مني)) ، وقال أيضًا: ((كنا نستفيد من كتب غندر في حياة شعبة، وكان وكيع يسميه: الصحيح الكتاب)) ، وقال ابن المديني: ((هو أحب إليّ من عبد الرحمن في شعبة)) ، وقال أيضًا: ((كنت إذا ذكرت غندرًا ليحيى بن سعيد عوج فمه؛ كأنه يضعفه)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: ((كان من خيار عباد الله، ومن أصحَّهم كتابًا، على غفلة فيه)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (7 / 221 - 222 رقم 1223) ، و"التهذيب" (9 / 96 - 98 رقم 129) . أقول: أما ما ذكره ابن المديني عن يحيى بن سعيد القطان من أنه يعوج فمه إذا ذُكر غندر كأنه يضعفه، فهو جرح غير مفسَّر ومعارض بأقوال الأئمة التي تقدم ذكرها، وغندر قرين ليحيى بن سعيد، فيحمل هذا على أنه من كلام الأقران بعضهم في بعض. وأما وصف ابن حبان لغندر بالغفلة، فالظاهر أنه استند على حكاية فيها تَنَدُّر، ذُكرت في ترجمة غندر، وهي: أنه اشترى سمكًا، وقال لأهله: أصلحوه، ونام فأكلوا السمك، ولطّخوا يده، فلما انتبه قال: هاتوا السمك، فقالوا: قد أكلت، قال: لا، قالوا: فشُمَّ يَدَك، ففعل، فقال: صدقتم، ولكني ما شبعت. وقد أنكر غندر هذه الحكاية كما في "ميزان الاعتدال" (3 / 502) ، وقال: ((أما كان يَدُلُّني بطني؟!)) . ولذا قال يحيى بن معين: ((كان غندر أصح الناس كتابًا، أراد بعض الناس أن يخطِّئه فلم يقدر، أخرج إلينا كتابًا، فقال: اجْهدوا أن تخرجوا فيه خطأ، فما وجدنا شيئًا، وكان يصوم يومًا ويفطر يومًا منذ خمسين سنة)) ، ولما ذكره الذهبي =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = في الموضع السابق من "الميزان" قال: ((أحد الأثبات المتقين، ولاسيما في شعبة)) . وكانت وفاته رحمه الله سنة ثلاث وتسعين ومائة. وأخرجه أحمد أيضًا (2 / 158) . والطحاوي في الموضع نفسه. كلاهما من طريق هشيم، عن حصين، به نحوه، وفي لفظ أحمد قصة. وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (1 / 27 - 28 رقم 51) من طريق محمد بن فضيل، عن حصين، به نحوه. قال الشيخ الألباني في تعليقه على الحديث: ((إسناده صحيح على شرط الشيخين)) . ب- طريق مغيرة بن مقسم الضبيّ، عن مجاهد. أخرج الإمام أحمد (2 / 158) مقرونًا بطريق حصين السابق، من رواية هشيم عنهما. (2) طريق أبي العباس بن فروخ الشاعر مولى بن الدِّيْل، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قال: ذكر لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - رجال يجتهدون في العبادة اجتهادًا شديدًا فقال: ((تلك ضراوة الإسلام وشرّته، ولكل ضراوة شرّة، ولكل شرّة فَتْرَةً، فَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى اقتصاد وسنة فلأمّ ما هُوَ، وَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى المعاصي فذلك الهالك)) . أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (2 / 165) من طريقين عن محمد بن إسحاق، عن أبي الزبير المكي، عن أبي العباس، به، وقد صرح ابن إسحاق بالسماع في أحد الطريقين، وحسّن الألباني سند هذا الطريق في تعليقه على الحديث في الموضع السابق من "السنة" لابن أبي عاصم. وعليه فالحديث بمجموع طرقه صحيح لغيره، والله أعلم.

[كتاب التفسير] (1) باب [تفسير سورة الفاتحة] (1) (1) العنوان ليس في الأصل.

سورة الفاتحة

بَابُ تَفْسِيرِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ 168- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ (1) ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْقُوبَ (2) ، عَنْ أَبِيهِ (3) ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ (4) ، فَهِيَ خِدَاجٌ غَيْرُ تَمَامٍ)) . قُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، إِنِّي أَكُونُ أَحْيَانًا وَرَاءَ إِمَامٍ؟ فَغَمَزَ ذِرَاعِي، وَقَالَ: يَا فَارِسِيُّ، اقْرَأْهَا فِي نَفْسِكَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: قَسَمْتُ السُّورَةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، فَنِصْفُهَا لِي، وَنِصْفُهَا

_ (1) هو عبد الله بن جعفر بن نَجيح السَّعْدي، مولاهم، أبو جعفر المديني، والد علي بن المديني، بصري أصله من المدينة، روى عن عبد الله بن دينار والعلاء بن عبد الرحمن وأبي الزناد وغيرهم، روى عنه ابنه علي وعلي بن الجعد وقتيبة بن سعيد وغيرهم، وروى عنه هنا سعيد بن منصور، وهو ضعيف؛ يقال تغيَّر حفظه بأخَرَةٍ كما في "التقريب" (ص298 رقم 3255) ؛ قال ابن معين: ((ليس بشيء)) ، وفي رواية: ((كان من أهل الحديث، ولكنه بلي في آخر عمره)) ، وقال عمرو بن علي: ((ضعيف الحديث)) ، وقال أبو حاتم: ((منكر الحديث جدًّا، ضعيف الحديث، يحدث عن الثقات بالمناكير، يكتب حديثه ولا يحتج به)) ، وقال النسائي: ((متروك الحديث)) ، وقال ابن حبان: ((كان ممن يهم في الأخبار حتى يأتي بها مقلوبة، ويخطئ في الآثار كأنها معمولة)) ، وكانت وفاته سنة ثمان وسبعين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 22 - 23 رقم 102) ، و"التهذيب" (5 / 174 - 176 رقم 298) . (2) هو الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يعقوب الحُرَقي - بضم المهملة وفتح الراء، بعدها قاف -، أبو شِبْل - بكسر المعجمة وسكون الموحّدة -، المدني روى عن أبيه وابن عمر وأنس وغيرهم، روى عنه ابنه شبل وابن جريح والإمام مالك وشعبة والسفيانان وغيرهم، وهو صدوق، قال عنه الإمام أحمد: ((ثقة، لم أسمع أحدًا ذكره بسوء)) ، وقال ابن سعد: ((كان ثقة كثير الحديث)) ، وقال الترمذي: ((هو ثقة عند أهل الحديث)) ، وقال النسائي: ((ليس به بأس)) ، وقال ابن عدي: ((ما أرى به بأسًا)) ، =

لِعَبْدِي، يَقُولُ الْعَبْدُ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ، فَيَقُولُ اللَّهُ: حَمِدَنِي عَبْدِي، وَيَقُولُ العبد: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ، فَيَقُولُ اللَّهُ: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي، وَيَقُولُ الْعَبْدُ: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} ، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: مَجَّدَنِي عَبْدِي، فَهَذَا لِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، وَهَذِهِ الْآيَةُ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي، يَقُولُ الْعَبْدُ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ، وَهَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، يَقُولُ الْعَبْدُ: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} .

_ = وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فقال: ((صالح)) ، قلت: فهو أوثق، أو العلاء بن المسيب؟ فقال: ((العلاء بن عبد الرحمن عندي أشبه)) ، وفي رواية أخرى عن أبي حاتم قال: ((روى عن الثقات، وأنا أُنكر من حديثه أشياء، وقال ابن معين: ((ليس حديثه بحجة، وهو وسهيل قريب من السواء)) ، وقال أبو زرعة: ((ليس هو بأقوى ما يكون)) ، وكانت وفاته سنة اثنتين وثلاثين ومائة، وقيل: تسع وثلاثين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (6 / 357 - 358 رقم 1974) ، و"التهذيب" (8 / 186 - 187 رقم 335) . قلت: العلاء مختلف فيه، وقد أُنكرت عليه أحاديث، والصواب من حاله - إن شاء الله - أنه صدوق حسن الحديث، وهذا القول قريب مما ذهب إليه النسائي وابن عدي، ولكن يجتنب من حديثه ما أنكر عليه، وهذا ما ذهب إليه الحافظ الذهبي، حيث ذكره في "سير أعلام النبلاءط (6 / 186 - 187) وقال: ((الإمام المحدِّث الصدوق)) ، ثم ذكر بعض الأقوال فيه ثم قال: ((قلت: لا ينزل حديثه عن درجة الحسن، لكن يتجنب ما أُنكر عليه)) ، وذكره في "الميزان" (3 / 102 رقم 5735) وقال: ((صدوق مشهور)) ، وذكره في ((من =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = تكلم فيه وهو موثق (ص139 رقم 250) وقال: ((صدوق)) . (3) هو عبد الرحمن بن يعقوب الجُهَني، المدني، مولى الحُرَقَة - بضم المهملة وفتح الراء، بعدها قاف -، والد العلاء، يروي عن أبيه وأبي هريرة وأبي سعيد وابن عباس وابن عمر وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه ابنه العلاء وسالم أبو النضر ومحمد بن إبراهيم التيمي وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة الثالثة كما في "التقريب" (ص353 رقم 4046) ، فقد وثقه العجلي، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال النسائي: ((ليس به بأس)) . انظر "التهذيب" (6 / 301 رقم 584) . وقال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (5 / 301 - 302 رقم 1428) : ((قلت: لأبي: هو أوثق، أو المسيب بن رافع؟ فقال: ما أقربهما)) . اهـ. قلت: والمسيب بن رافع تقدم في الحديث [12] أنه ثقة. (4) ورد تفسيرها في نفس الحديث في قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((غَيْرُ تمام)) ، والخداج: هو النقصان، يقال: خَدَجَت الناقة: إذا ألقت ولدها قبل أوانه، وإن كان تامّ الخلق، وأَخْدَجَتْه: إذا ولدته ناقص الخلق وإن كان لتمام الحمل. والخداج مصدر، ووصف الصلاة بالمصدر نفسه مبالغة. انظر "النهاية في غريب الحديث" (2 / 12) . [168] سنده فيه عبد الله بن جعفر وتقدم أنه ضعيف، لكنه لم ينفرد به، بل تابعه جمٌّ غفير من الرواة، والحديث صحيح أخرجه مسلم وغيره كما سيأتي، وهو مروي عن أبي هريرة رضي الله عنه من خمسة طرق: الطريق الأول: طريق عبد الرحمن بن يعقوب، ويرويه عنه ابنه العلاء. وله عن العلاء أحد وعشرون طريقًا: (1) طريق عبد الله بن جعفر الذي أخرجه المصنف عنه. (2) طريق سفيان بن عيينة، عن العلاء. أخرجه الحميدي في "مسنده" (2 / 430 رقم 973 و 974) . ومن طريقه أبو عوانة في "مسنده" (2 / 141) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = والبيهقي في "سننه" (2 / 38) ، وفي "القراءة خلف الإمام" (ص35 - 36 رقم 63 و 64) . وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (2 / 241 - 242) . والبخاري في "جزء القراءة خلف الإمام" (ص21 و 24 رقم 39 و 47) . ومسلم في "صحيحه" (1 / 296 رقم 38) في الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة. والنسائي في "فضائل القرآن" (ص74 - 75 رقم 38) . والبيهقي في "سننه" (2 / 38) ، وفي "الأسماء والصفات" (1 / 95) ، وفي "القراءة خلف الإمام" (ص36 - 37 رقم 65) . جميعهم من طريق سفيان عن العلاء، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، به نحوه، وزاد بعضهم قول سفيان في آخره في قصة تلقّيه لهذا الحديث من العلاء. (3) طريق شعبة، عن العلاء. أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (2 / 457 و 478) . والبخاري في "جزء القراءة خلف الإمام" (ص62 رقم 173) . وابن خزيمة في "صحيحه" (1 / 248 رقم 490) . وأبو عوانة في "مسنده" (2 / 140) . والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 216) ، وفي "مشكل الآثار" (2 / 23) . وابن حبان في "صحيحه" (5 / 91 و 96 رقم 1789 و 1794 / الإحسان) . والبيهقي في "القراءة خلف الإمام" (ص35 رقم 60 و 61 و 62) . جميعهم من طريق شعبة، عن العلاء، به مختصرًا. (4) طريق عبد العزيز بن محمد الدَّرَاوَرْدي، عن العلاء. أخرجه الحميدي في "مسنده" (2 / 430 رقم 974) . ومن طريقه أبو عوانة في "مسنده" (2 / 141) . وأخرجه البخاري في "جزء القراءة خلف الإمام" (ص24 رقم 46) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = والترمذي في "سننه" (8 / 283 - 285 رقم 4027) في تفسير سورة الفاتحة من كتاب التفسير. وابن حبان في "صحيحه" (5 / 96 - 97 رقم 1795 / الإحسان) . والبيهقي في "القراءة خلف الإمام" (ص38 - 39 و 98 رقم 70 و 71 و 219) . جميعهم من طريق عبد العزيز، عن العلاء، به نحوه، إلا أن لفظ الحميدي مختصر. (5) طريق أبي أويس عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن أويس، عن العلاء. أخرجه مسلم في الموضع السابق من "صحيحه" (1 / 297 رقم 41) . والترمذي في الموضع السابق (8 / 285 - 286 رقم 4028) . وأبو عوانة في "مسنده" (2 / 140 - 141) . والبيهقي في "سننه" (2 / 39) ، وفي "القراءة خلف الإمام" (ص42 رقم 76 و 77) . جميعهم من طريق أبي أويس، عن العلاء قال: سمعت من أبي وأبي السائب، وكان جليسي أبي هريرة قالا: قال أبو هريرة ... ، الحديث بنحوه، إلا أن لفظ الترمذي مختصر. وهذا الطريق أفادنا في نفي إعلال حديث العلاء بالاضطراب، فإنه يرويه مرة عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، ومرة عن أبي السائب، عن أبي هريرة كما سيأتي، وقد سمع العلاء الحديث منهما كليهما كما دلّت عليه هذه الرواية، ولذا فإن الترمذي أشار إلى اختلاف الرواية عن العلاء، واستدل بهذه الرواية على أن للعلاء فيه شيخين، ثم قال (8 / 286) : ((وسألت أبا زرعة عن هذا الحديث، فقال: كلا الحديثين صحيح، واحتجّ بحديث ابن أبي أويس، عن أبيه، عن العلاء)) . اهـ. قلت: وقد توبع أبو أويس؛ تابعه الحسن بن الحرّ، ومحمد بن عجلان، وهما =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = الطريقان الآتيان. (6) طريق الحسن بن الحرّ، عن العلاء عن أبيه وأبي السائب، عن أبي هريرة بنحو الحديث السابق. أخرجه البيهقي في "القراءة" (ص42 - 43 رقم 78) . وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" (10 / 31) مختصرًا. (7) طريق محمد بن عجلان، عن العلاء، عن أبيه وعن أبي السائب، عن أبي هريرة، به مختصرًا. أخرجه البيهقي في الموضع السابق برقم (79) . (8) طريق عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عن العلاء. أخرجه الحميدي في "مسنده" (2 / 430 رقم 974) . ومن طريق أبو عوانة في "مسنده" (2 / 141) . وأخرجه البخاري في "جزء القراءة خلف الإمام" (ص23 رقم 42) . وابن ماجه في "سننه" (2 / 1243 - 1244 رقم 3784) في الأدب، باب ثواب القرآن. ثلاثتهم من طريق ابن أبي حازم، عن العلاء، عن أبيه، به نحوه، إلا أن لفظ الحميدي مختصر. (9) طريق روح بن القاسم، عن العلاء، عن أبيه، به نحوه. أخرجه البخاري في الموضع السابق (ص4 - 5 و 24 رقم 14 و 45) . والبيهقي في "القراءة" (ص37 - 38 رقم 68) . (10) طريق إسماعيل بن جعفر، عن العلاء، عن أبيه، به مختصرًا. أخرجه البخاري في الموضع السابق (ص23 - 24 رقم 44) . والبيهقي في الموضع السابق أيضًا (ص38 رقم 69) . وأبو عثمان سعيد بن محمد البَحيري في "فوائده" (ل 13 / أ) . (11) طريق عبد الله بن زياد بن سمعان، عن العلاء، عن أبيه، به نحوه، إلا أنه زاد في متن الحديث التسمية. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = أخرجه الدارقطني في "سننه" (1 / 213) . ومن طريقه أخرجه البيهقي في "سننه" (2 / 40) . وأخرجه البيهقي أيضًا من طريق آخر في "سننه" (2 / 39 - 40) ، وفي "القراءة" (ص41 رقم 75) . قال الدارقطني: ((ابن سمعان هو: عبد الله بن زياد بن سمعان، متروك الحديث، وروى هذا الحديث جماعة من الثقات، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، منهم: مالك بن أنس، وابن جريج، وروح بن القاسم، وابن عيينة، وابن عجلان، والحسن بن الحرّ، وأبو أويس، وغيرهم، على اختلاف منهم في الإسناد واتفاق منهم على المتن، فلم يذكر أحد منهم في حديثه: بسم الله الرحمن الرحيم، واتفاقهم على خلاف ما رواه ابن سمعان أولى بالصواب)) . اهـ. (12) طريق أبي غسان محمد بن مطرف، عن العلاء، عن أبيه، به نحوه. أخرجه البيهقي في "القراءة" (ص38 - 39 رقم 70) . وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 216) مختصرًا. (13) طريق سعد بن سعيد، عن العلاء، عن أبيه، به مختصرًا. أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (5 / 89 - 90 رقم 1788 / الإحسان) . (14 و 15 و 16 و 17) طرق: إبراهيم بن طهمان، وجضهم بن عبد الله، ومحمد بن يزيد البصري، وزهير بن محمد العنبري، جميعهم عن العلاء، عن أبيه، به نحوه. أخرج جميع هذه الطرق البيهقي في "القراءة" (ص37 و 39 - 41 رقم 66 و 67 و 72 و 73 و 74) . (18 و 19 و 20 و 21) طرق: يوسف بن عبد الرحمن مولى سُكَرّة، وسعيد بن مسلمة، وعبد الرحمن بن إسحاق، والحسن بن عمارة، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. أشار لهذه الطرق البيهقي في الموضع السابق (ص41) ، ثم قال: ((تركت روايتهم مخافة التطويل)) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = الطريق الثاني: طريق أبي السائب مولى هشام بن زُهْرَة، عن أبي هريرة. وله عن أبي السائب ثلاثة طرق: (1) طريق العلاء بن عبد الرحمن، وله عنه ثمانية طرق: أ- طريق الإمام مالك الذي رواه في "الموطأ" (1 / 84 - 85 رقم 39) عن العلاء، أنه سمع أبا السائب مولى هشام بن زهرة يقول: سمعت أبا هريرة ... ، الحديث بنحوه. ومن طريق الإمام مالك أخرجه: عبد الرزاق في "المصنف" (2 / 128 - 129 رقم 2768) . وأبو عبيد في "الفضائل" (ص156 رقم 400) . والبخاري في "خلق أفعال العباد" (ص43 - 44 رقم 132) ، وفي "جزء القراءة" (ص21 - 22 رقم 40) . ومسلم في الموضع السابق من "صحيحه" (1 / 296 رقم 39) . وأبو داود في "سننه" (1 / 512 - 514 رقم 821) ، في الصلاة، باب: من ترك القراءة في صلاته. وعبد الله بن أحمد في "زوائده على المسند" (2 / 460) . والنسائي في "سننه" (2 / 135 - 136) ، في الافتتاح، باب ترك قراءة: بسم الله الرحمن الرحيم في فاتحة الكتاب، وفي "فضائل القرآن" (ص74 رقم 37) . وابن خزيمة في "صحيحه" (1 / 252 - 253 رقم 502) . وأبو عوانة في "مسنده" (2 / 139 و 140) . والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 215) ، وفي "مشكل الآثار" (2 / 23) . وأبو جعفر النحاس في "القطع والائتناف" (ص101 - 103) . وابن حبان في "صحيحه" (5 / 84 - 85 رقم 1784 / الإحسان) . والبيهقي في "سننه" (2 / 39 و 166 - 167) ، وفي "شعب الإيمان" (5 / 292 - 293 رقم 2146) ، وفي "القراءة خلف الإمام" (ص30 - 31 رقم 49 و 50 و 51 و 52) . والبغوي في "شرح السنة" (3 / 47 رقم 578) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ب- طريق ابن جريج، عن العلاء. أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (2 / 121 - 128 رقم 2744 و 2767) . ومن طريقه الإمام أحمد في "المسند" (2 / 285) . والبخاري في "جزء القراءة" (ص23 رقم 43) . ومسلم في الموضع السابق من "صحيحه" (1 / 297 رقم 40) . وأبو عوانة في "مسنده" (2 / 140) . والبيهقي في "القراءة" (ص32 رقم 53) من طريق الإمام أحمد عن عبد الرزاق. وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل" (ص155 رقم 399) . وابن أبي شيبة في "المصنف" (1 / 360) . ومن طريقه ابن ماجه في "سننه" (1 / 273 - 274 رقم 838) ، في إقامة الصلاة، باب القراءة خلف الإمام. وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (2 / 250) . وابن خزيمة في "صحيحه" (1 / 247 رقم 489) . جميعهم من طريق ابن جريج، عن العلاء، عن أبي السائب، عن أبي هريرة، به مختصرًا، عدا أحد لفظي عبد الرزاق فمطولاً بنحوه، وإلا أبا عبيد فقرنه بلفظ مالك السابق، وقال: ((دخل كلام بعضهم في بعض)) . جـ- طريق محمد بن إسحاق بن يسار، عن العلاء، عن أبي السائب، به نحوه. أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (2 / 286) . والبخاري في "جزء القراءة" (ص22 - 23 رقم 41) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (1 / 200 رقم 221 و 222) وفي لفظه شيء من الاختصار. والبيهقي في "القراءة" (ص34 رقم 57 و 58) . د- طريق الوليد بن كثير، عن العلاء، عن أبي السائب، به. أخرجه ابن جرير في الموضع السابق برقم (223) بمثل لفظه السابق ... =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = والبيهقي في "سننه" (2 / 166) ، وفي "القراءة" (ص32 رقم 54) ، بنحوه مطولاً. هـ- طريق ورقاء، عن العلاء، عن أبي السائب، به مختصرًا. أخرجه الطيالسي في "مسنده" (ص334 رقم 2561) . ومن طريقه البيهقي في "القراءة" (ص34 رقم 59) . والخطيب في "تاريخه" (6 / 302) . و طريق أبي أويس، عن العلاء، عن أبي السائب، به. وهذه الطريق مقرونة برواية العلاء، عن أبيه، وتقدمت الإشارة إليها وتخريجها. ز- طريق الحسن بن الحرّ، عن العلاء، عن أبي السائب، به. وهذه كسابقتها تقدمت الإشارة إليها وتخريجها. ح- طريق محمد بن عجلان، عن العلاء، عن أبي السائب، به. وبعض روايات هذا الطريق كسابقتيها تقدم تخريجها. وأخرجه البهيقي في "القراءة" (ص33 رقم 55 و 56) بطوله نحوه، عن أبي السائب فقط. (2 و 3) طريقا الزهري وصفوان بن سليم، عن أبي السائب، عن أبي هريرة، به. أخرج هذين الطريقين البيهقي في "القراءة" (ص43 - 44 رقم 80 و 81 و 82) ، ولفظ الزهري مطول بنحوه، ولفظ صفوان مختصر. الطريق الثالث: طريق عبد الملك بن المغيرة، عن أبي هريرة. أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (2 / 290) . والبخاري في "جزء القراءة" (ص25 - 26 رقم 53) . والبيهقي في "القراءة" (ص45 - 46 رقم 86) . ثلاثتهم من طريق مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عن عبد الملك، به مختصرًا. الطريقان الرابع والخامس: هما طريقا عبد الملك بن مروان وأبي سلمة بن عبد الرحمن، =

169- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا مُخْبِر، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ رضي الله عنهم كانوا يقرأون: (مالك يوم الدين) .

_ = عن أبي هريرة، به مختصرًا، وبعض طرق حديث أبي سلمة موقوفة على أبي هريرة. أخرج هذين الطريقين البيهقي في "القراءة" (ص44 - 45 رقم 83 و 84 و 85) . هذا ما تيسر جمعه من طرق هذا الحديث الصحيح، والله أعلم. [169] سنده ضعيف جدًّا لإبهام شيخ هشيم ومخالفته الثقات في إسناده، وصوابه: عن الزهري مرسلاً، أو: عن الزهري، عن ابن المسيب مرسلاً، وهذا ضعيف لإرساله، وهو حسن لغيره عن عمر رضي الله عنه كما سيأتي. وقد روي الحديث عن الزهري من سبعة طرق: (1) طريق شيخ هشيم المبهم الذي أخرجه المصنف هنا عن هشيم، عنه، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أبيه. وأخرجه أبو بكر عبد الله بن أبي داود في "كتاب المصاحف" (ص103) من طريق أبي الربيع الزهراني، عن هشيم، به مثله. ثم أخرجه بعده من طريق المصنِّف سعيد بن منصور، فقال: حدثنا محمد بن عوف، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا هشيم، قال: أخبرني مُخْبِرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عن أبيه، أنَّ النَّبِيَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - وأبا بكر وعمر كانوا يقرأون: (ملك يوم الدين) . اهـ. كذا الصواب في رواية محمد بن عوف، وقد وقع في المطبوع من "كتاب المصاحف": (مالك) ، وهو خطأ؛ يدل عليه أن ابن أبي داود قال عقب الحديث: ((هذا عندنا وهم، والصواب رواية أبي الربيع وغيره عن هشيم، وكل من رواه عن الزهري متصلاً وغير متصل فـ (مالك) ، إلا رجلاً واحدًا [في الأصل: رجل واحد] فإنه قال: (ملك)) ) . اهـ. وقال الدارقطني كما في "أطراف الأفراد" (ل 174 / ب) : ((حديث أنَّ النَّبِيَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ كانوا يقرأون: (مالك يوم الدين) تفرد به هشيم، عن مخبر، عن الزهري، عنه. هكذا رواه أبو الربيع عن هشيم. ورواه سعيد بن منصور، عن هشيم، أخبرني مُخْبِرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عن أبيه، أنَّ النَّبِيَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - وأبا بكر وعمر كانوا يقرأون: (ملك يوم الدين) . تفرد به محمد بن عوف الطائي عن سعيد. قال ابن أبي داود: والصواب: (مالك)) ) . اهـ. قلت: والخطأ من محمد بن عوف، فإن سعيدًا رواه على الصواب كما هنا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ (2) طريق يونس بن يزيد الأيلي، عن الزهري، عن أنس. أخرجه حفص بن عمر الدوري في قراءات النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (ص53 رقم 2) . والترمذي في "سننه" (8 / 248 رقم 3096) في أبواب القراءات عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -. وابن أبي داود في "المصاحف" (ص103) . ومحمد بن إبراهيم الجرجاني في "أماليه" (ل 160 / ب) . جميعهم من طريق أيوب بن سويد، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الزهري، عن أنس، بمثل لفظ المصنف، ألا أن الترمذي قال: ((وأراه قال: وعثمان)) . قال الترمذي: ((هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث الزهري، عن أنس بن مالك، إلا من حديث هذا الشيخ أيوب بن سويد الرَّمْلي، وقد روى بعض أصحاب الزهري هذا الحديث عن الزهري: أنَّ النَّبِيَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - وأبا بكر وعمر كانوا يقرأون: (مالك يوم الدين) ، وروى عبد الرزاق، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ سعيد بن المسيب، أنَّ النَّبِيَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - وأبا بكر وعمر كانوا يقرأون: (مالك يوم الدين) . اهـ. والترمذي بهذا الكلام يشير إلى الاختلاف في سند هذا الحديث الذي سيأتي بيانه - إن شاء الله -. وأيوب الذي روى هذا الطريق عن يونس، هو ابن سويد الرَّمْلي، أبو مسعود الحِمْيَري السَّيْباني - بهملة مفتوحة، ثم تحتانية ساكنة، ثم موحَّدَة، يروي عن الأوزاعي والإمام مالك والثوري ويونس بن يزيد وغيرهم، روى عنه الإمام الشافعي ويونس بن عبد الأعلى ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاث وتسعين ومائة، وقيل: سنة اثنتين وتسعين ومائة، وهو ضعيف كما قال الإمام أحمد وأبو داود والساجي وزاد: ((ارْمِ به)) ، وروى وهب بن زمعة عن ابن المبارك أنه ترك حديثه، وروى سفيان بن عبد الملك عن ابن المبارك أنه قال: ((ارْمِ به)) ، وقال ابن معين: ((ليس بشيء، كان يسرق الأحاديث، قال أهل الرَّمْلة: حدث عن ابن المبارك بأحاديث، ثم قال: حدثني أولئك الشيوخ الذين حدث ابن المبارك عنهم)) ، وهذه الحكاية لم يذكر ابن معين من الذي حدثه بها، وقال البخاري: ((يتكلمون فيه)) ، وقال النسائي، ((ليس بثقة)) ، وقال ابن حبان: ((كان رديء الحفظ يخطئ، يُتّقى حديثه من رواية ابنه محمد بن أيوب عنه؛ لأن أخباره إذا سُبرت من غير رواية ابنه عنه وجد أكثرها =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = مستقيمة)) ، وطوّل ابن عدي في ترجمته، وأورد له جملة مناكير من غير رواية ابنه عنه، لا كما زعم ابن حبان، ذكر ذلك ابن حجر، ثم قال ابن عدي: ((ولأيوب بن سويد حديث صالح عن شيوخ معروفين، منهم يونس بن يزيد الأيلي نسخة الزهري ... ، ويقع في حديثه ما لا يوافقه الثقات عليه، ويكتب حديثه في جملة الضعفاء)) . اهـ. من "الضعفاء" للعقيلي (1 / 113 - 114) ، و"الكامل" لابن عدي (1 / 351 - 356) ، و"التهذيب" (1 / 405 - 406 رقم 745) . وذكر ابن أبي حاتم في "العلل" (2 / 74) أنه سأل أباه عن الحديث بهذا الإسناد فقال: ((هذا حديث منكر بهذا الإسناد)) . اهـ. وأخرج ابن عدي في "الكامل" (5 / 1625 - 1926) هذا الحديث من طريق عبد العزيز بن الحصين عن الزهري الآتي برقم (4) ثم قال: ((هذا بهذا الإسناد منكر، وقد روي هذا الحديث عن الزهري، عن أنس، وليس ذاك أيضًا بمحفوظ)) . اهـ. (3) طريق أبي بكر بن عياش، عن سليمان التيمي، عن ابن شهاب الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ والبراء بن عازب قالا: قرأ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبو بكر وعمر: (مالك يوم الدين) . أخرجه حفص الدوري في الموضع السابق (ص51 - 52 رقم 1) . ومن طريقه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص104) ، ثم قال ابن أبي داود: ((هذا عندنا وهم، وإنما هو سليمان بن أرقم)) . قلت: يعني أن ذكر سليمان التيمي في هذا الحديث خطأ، وإنما هو سليمان بن أرقم، وفرق بينهما، فالتيمي تقدم في الحديث [94] أنه ثقة عابد. وسليمان بن أرقم، أبو معاذ البصري، يروي عن الزهري ويحيى بن أبي كثير والحسن البصري وابن سيرين وغيرهم، روى عنه الثوري وأبو داود الطيالسي وإسماعيل بن عياش وغيرهم، وهو متروك الحديث كما قال أبو حاتم والترمذي. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وابن خراش والنسائي وأبو أحمد والحاكم والدارقطني، وقال أبو داود: ((متروك الحديث، قلت لأحمد: روى عن الزهري، عن أنس في التلبية، قال: لا نبالي روى أم لم يرو)) ، وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه: ((ليس بشيء لا يروي عنه الحديث)) ، وقال ابن معين: ((ليس بشيء، ليس يسوى فلسًا) ، وقال البخاري: ((تركوه)) ، وقال مسلم: ((منكر الحديث)) . اهـ. من "الكامل" لابن عدي (3 / 1100 - 1105) ، و"التهذيب" (4 / 168 - 169 رقم 297) . وعليه فالحديث بهذا الإسناد ضعيف جدًّا، والذي دعى ابن أبي داود للقول بأن ذكر التيمي في هذا الإسناد خطأ: أن التيمي لا يعرف بالرواية عن الزهري كما يتضح من ترجمته في "تهذيب الكمال" (12 / 6 / المطبوع) ، وإنما الذي يروي عن الزهري هو ابن أرقم كما سبق، والله أعلم. (4) طريق عبد العزيز بن الحصين، عن الزهري، عن أبي سلمة، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يقرأ: (مالك يوم الدين) . أخرجه الدوري في الموضع السابق (ص54 رقم 3) . والعقيلي في "الضعفاء" (3 / 15) ، في ترجمة عبد العزيز بن الحصين، وذكر مع هذا الحديث حديثًا آخر، ثم قال: ((لا يتابع عليهما جميعًا ... ، وكلا الحديثين الرواية فيهما من غير هذا الوجه مضطربة فيها لين)) . وأخرجه ابن عدي في "الكامل" (5 / 1925 - 1926) وقال: ((هذا بهذا الإسناد منكر)) . والحديث بهذا الإسناد ضعيف جدًّا، وعلّته عبد العزيز بن الحصين بن الترجمان، أبو سهل المروزي، يروي عن الزهري وثابت البُناني وعمرو بن دينار، روى عنه قتيبة بن سعيد ونعيم بن الهيثم وطائفة، وهو متروك الحديث كما قال أبو داود، وقال ابن المديني: ((روى عنه معن وغيره بلاءً من البلاء)) ، وضعّفه جدًّا، وقال ابن معين: ((ضعيف الحديث)) ، وقال البخاري وأبو أحمد الحاكم: ((ليس بالقوي عندهم)) ، وقال مسلم: ((ذاهب الحديث)) ، وقال النسائي: ((ليس بثقة، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ولا يكتب حديثه)) ، وقال البغوي: ((ضعيف الحديث، وهو في الضعف نحو عبد الرحمن بن زيد بن أسلم)) ، وقال الحافظ ابن حجر: ((وأعجب من كل ما تقدم: أن الحاكم أخرج له في المستدرك وقال: إنه ثقة)) . اهـ. من "الضعفاء" للعقيلي (3 / 15 - 16) ، و"الكامل" لابن عدي (5 / 1925 - 1926) ، و"الميزان" (2 / 627 رقم 5095) ، و"اللسان" (4 / 28 - 29 رقم 76) . وقد تابع بَحْر بن كنيز عبد العزيز بن الحصين كما في الطريق الآتي، ولكنها متابعة لا يُفرح بها. (5) طريق بحر بن كنيز، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، بمثل سابقه. أخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص103) من طريق إبراهيم بن سليمان الزيات، عن بحر. وسنده ضعيف جدًّا، له علتان: أ- بَحْر بن كَنيز - بنون وزاي -، السَّقاء، أبو الفضل البصري، يروي عن الزهري والحسن البصري وعمرو بن دينار وغيرهم، روى عنه الثوري وابن عيينة ويزيد بن هارون وغيرهم، وهو متروك كما قال أبو داود والدارقطني، وقال ابن معين: ((لا يكتب حديثه)) ، وفي رواية: ((ليس بشيء، كل الناس أحب إلي منه)) ، وقال السعدي: ((ساقط)) ، وقال النسائي: (ليس بثقة، ولا يكتب حديثه)) ، وفي رواية: ((متروك الحديث)) ، وذكره ابن البرقي في طبقة من تُرك حديثه، وضعفه ابن سعد وإبراهيم الحربي وأبو حاتم، وقال ابن حبان: ((كان ممن فحش خطؤه وكثر وهمه حتى استحق الترك)) ، وكانت وفاته سنة ستين ومائة. اهـ. من "الكامل" لابن عدي (2 / 482 - 487) ، و"التهذيب" (1 / 418 - 419 رقم 773) . ب- إبراهيم بن سليمان أبو إسحاق الزيّات، البَلْخي، يروي عن سفيان الثوري وبكر بن المختار، وعنه إبراهيم بن راشد الآدمي وأهل العراق، وهو صدوق يخطئ، ذكره ابن عدي في "الكامل" (1 / 264) وقال: ((ليس بالقوي)) ، وذكره =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ابن حبان في "الثقات" في موضعين (8 / 65 و 67 - 68) ، وقال: ((مستقيم الحديث إذا روى عن الثقات ... ، وهو أقرب من الضعفاء، ممن أستخير الله فيه)) ، وذكره الخليلي في "الإرشاد" في موضعين (1 / 276) و (3 / 924) وقال في الموضع الأول: ((صالح)) ، وقال في الثاني: ((صدوق)) ، ونقل عن الحاكم أبي عبد الله قوله: ((في كتبنا عن شيوخنا: محلّه الصدق)) . اهـ.، وانظر "لسان الميزان" (1 / 65 رقم 163) . (6) طريق أبي مطرف طلحة بن عبيد الله، عن الزهري مرسلاً، أنَّ النَّبِيَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ كان يقرأون: {مالك يوم الدين} . أخرجه الدوري في الموضع المتقدم (ص55 و 56 و 58 رقم 4 و 5 و 6 و 8) . وابن أبي داد في "المصاحف" (ص104) من ثلاث طرق عن أبي مطرف، وفي بعضها زاد: (وكلحة والزبير وأبيّ بن كعب وابن مسعود ومعاذ بن جبل رضي الله عنهم) ، وزاد في رواية: (ومعاوية وابنه يزيد بن معاوية ... ، قال ابن شهاب وأول من أحدث: ((مَلِكِ)) : مروان) . قال ابن كثير في "التفسير" (1 / 24) : ((قرأ بعض القرّاء: {ملك يوم الدين} ، وقرأ آخرون: {مالك} ، وكلاهما صحيح متواتر في السبع ... ، وقد روى أبو بكر ابن أبي داود في ذلك شيئًا غريبًا حيث قال ... )) ، ثم ذكر الرواية السابقة، وتعقبها بقوله: ((قلت: مروان عنده علم بصحة ما قرأه لم يطلع عليه ابن شهاب، والله أعلم)) . اهـ. ورواية أبي مطرف هذه ورواية معمر الآتية الموافقة لها هما أصح الروايات عن الزهري كما سيأتي. (7) طريق معمر، عن الزهري، قال: كان النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبو بكر وعمر وعثمان يقرأون: {مالك يوم الدين} ، وأول من قرأها: {مَلِك يوم الدين} : مروان. أخرجه أبو داود في "سننه" (4 / 293 - 294 رقم 4000) في الحروف والقراءات. =

170- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، عَنِ الْحَجَّاجِ (1) ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ (2) ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ الله عنه يقرأ كذلك.

_ = وعلقه الترمذي عقب إخراجه لرواية يونس المتقدمة، عن الزهري، عن أنس. وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص103) . زاد أبو داود في روايته: (قال معمر: وربما ذكر ابن المسيب) ، وهذا يفيد أن الزهري كان يرسله مرة، ويذكره عن ابن المسيب مرسلاً مرة أخرى، ولذا جاء في تعليق الترمذي السابق للحديث ذكر ابن المسيب فيه. قال أبو داود عقب الحديث: ((هذا أصح من حديث الزهري، عن أنس، والزهري، عن سالم، عن أبيه)) . قلت: ووافقت رواية أبي مطرف السابقة معمر، ومعمر تقدم في الحديث [4] أنه ثقة ثبت فاضل، وأما بقية الروايات المخالفة فلا يثبت منها طريق، وتقدم بيان ما فيها، فلا تنهض لمعارضة هاتين الروايتين، وهذا ما رجحه أبو داود، وعليه فالحديث ضعيف من طريق الزهري لإرساله، وهو حسن لغيره عن عمر رضي الله عنه فقط بما سيأتي له من طرق برقم [170] و [172] ، والله أعلم. (1) هو الحجاج بن أرطأة - بفتح الهمزة - ابن ثور بن هبيرة بن شراحيل النخعي، أبو أرطأة الكوفي، القاضي، أحد الفقهاء، يروي عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ بن يزيد وعطاء بن أبي رباح وعمرو بن شعيب وسماك بن حرب ونافع مولى ابن عمر وأبي إسحاق السبيعي وغيرهم، روى عنه شعبة وهشيم والثوري وحماد بن زيد وحماد بن سلمة وغيرهم، وهو صدوق كثير الخطأ والتدليس كما في "التقريب" (ص152 رقم 1119) ، قال ابن معين: ((صدوق ليس بالقوي، يدلس عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ العَرْزمي عن عمرو بن شعيب)) ، وقال ابن المبارك: ((كان الحجاج يدلس، وكان يحدثنا الحديث عن عمرو بن شعيب مما يحدثه العرزمي، والعرزمي متروك لا نقر به)) ، وقال أبو زرعة: ((صدوق مدلس)) ، وقال =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = أبو حاتم: ((صدوق يدلس عن الضعفاء، يكتب حديثه، وإذا قال: حدثنا فهو صالح، لا يرتاب في صدقه وحفظه إذا بيّن السماع، ولا يحتج بحديثه)) ، وقال الساجي: ((كان مدلسًا صدوقًا سيء الحفظ، ليس بحجة في الفروع والأحكام)) ، وقال النسائي: ((ليس بالقوي)) ، وقال العجلي: ((كان فقيهًا، وكان أحد مفتي الكوفة، وكان فيه تيه، وكان يقول: أهلكني حب الشرف، وولي قضاء البصرة، وكان جائز الحديث، إلا أنه صاحب إرسال ... ، وإنما يعيب الناس منه التدليس)) ، وقال ابن عدي: ((إنما عاب الناس عليه تدليسه عن الزهري وعن غيره، وربما أخطأ في بعض الروايات، فأما أن يتعمد الكذب فلا، وهو ممن يكتب حديثه)) ، وقد عدّه الحافظ ابن حجر في الطبقة الرابعة من طبقات المدلسين، وهم من اتُّفق على أنه لا يحتج بشيء من حديثهمم إلا بما صرحوا فيه بالسماع؛ لكثرة تدليسهم على الضعفاء والمجاهيل، وكانت وفاته في سنة خمس وأربعين ومائة. انظر "الجرح والتعديل" (3 / 154 - 156 رقم 673) ، و"الكامل" لابن عدي (2 / 641 - 646) ، و"تهذيب الكمال" (5 / 420 - 428 رقم 1112 / المطبوع) ، و"ميزان الاعتدال" (1 / 458 - 460 رقم 1726) ، و"التهذيب" (2 / 196 - 198 رقم 365) ، و"طبقات المدلسين" (ص125 رقم 118) . (2) هو عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد بن قيس النخعي، روى عن أبيه وعم أبيه علقمة بن قيس، وعن عائشة وأنس وابن الزبير وغيرهم، روى عنه أبو إسحاق السبيعي وأبو إسحاق الشيباني والأعمش وحجاج بن أرطأة وغيرهم، وهو ثقة روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص336 رقم 3803) ؛ فقد وثقه ابن معين والعجلي والنسائي وابن خراش وزاد: ((من خيار الناس)) ، وكانت وفاته سنة تسع وتسعين للهجرة، أو مائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 209 رقم 986) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (2 / 775) ، و"التهذيب" (6 / 140 - 141 رقم 286) . [170] سنده ضعيف لما تقدم عن حال حجاج بن أرطأة، ولأن هشيمًا مدلس ولم =

171- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا خَالِدٌ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ كَانَ يَقْرَأُ: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} . 172- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: نا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقْرَأُ: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} ، وَكَانَ عَلْقَمَةُ وَالْأَسْوَدُ يَقْرَآنِ: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} .

_ = يصرح بالسماع، وهو حسن لغيره بمجموع طرقه، منها هذا الطريق، وما تقدم برقم [169] ، وما سيأتي برقم [172] . والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 36) ، وعزاه للمصنف سعيد بن منصور ووكيع والفريابي وأبي عبيد وعبد بن حميد وابن المنذر. [171] سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف للانقطاع بين أبي قلابة وأبيّ بن كعب، فإنه لم يدركه فيما يظهر، فأبو قلابة توفي فيما بين سنة أربع ومائة إلى سبع ومائة، وأما أبيّ بن كعب فوفاته مختلف فيها كما سبق بيانه في الحديث [109] ، فبعضهم قال إنه توفي في خلافة عمر سنة تسع عشرة للهجرة، وبعضهم قال: بل في خلافة عثمان سنة اثنتين وثلاثين، فالفرق بين وفاتيهما يترواح بين ثنتين وسبعين سنة إلى ثمان وثمانين، وهذا فرق كبير إذا ما أضيف له سن التحمل، وقرائن أخرى، منها: أن العلماء نصوا على أنه لم يسمع من صحابة كانت وفاتهم بعد وفاة أبّي، مثل علي بن أبي طالب، ومعاوية بن أبي سفيان، وأبي هُرَيْرَةَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ، وَابْنَ عُمَرَ، وغيرهم رضي الله عنهم، بل لم يذكروا له رواية متصلة إلا عن صغار الصحابة الذين تأخرت وفاتهم، مثل أنس بن مالك، ومالك بن الحويرث رضي الله عنهما. انظر "جامع التحصيل" للعلائي (ص257 - 258 رقم 362) ، و"التهذيب" (5 / 224 - 226) ، و (1 / 187 - 188) . والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 36) وعزاه للمصنف سعيد بن منصور ووكيع. [172] الحديث سنده عن علقمة والأسود صحيح، وأما عن عمر بن الخطاب فضعيف =

173- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ وَثَّاب (1) ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} .

_ = للانقطاع بينه وبين إبراهيم النخعي، فإنه لم يدرك عمر، بل إن ولادته كانت بعد وفاة عمر بزمن طويل، فولادته كانت سنة خسمين للهجرة، وقد نص أبو زرعة وأبو حاتم على أن روايته عن عمر مرسلة. انظر "المراسيل" لابن أبي حاتم (ص8 - 10 رقم 1) ، و"التهذيب" (1 / 177 - 178) . لكن الحديث قد روي من طرق أخرى عن عمر، وتقدم تخريجها برقم [169] و [170] ، فهو بمجموعها حسن لغيره، والله أعلم. (1) هو يحيى بن وَثَّاب - بتشديد المثلّثة -، الأسدي، مولاهم، الكوفي المقرئ، روى عن ابن عمر وابن عباس وزرّ بن حبيش وعلقمة والأسود، روى عنه الأعمش وأبو إسحاق السبيعي والشعبي، وغيرهم، وهو ثقة عابد، روى له الجماعة إلا أبا داود كما في "التقريب" (ص598 رقم 7664) ؛ فقد وثقه ابن معين وأبو زرعة والنسائي وابن سعد وزاد: ((قليل الحديث، صاحب قرآن)) ، وقال العجلي: ((كوفي تابعي ثقة وكان مقرئ أهل الكوفة)) ، وقال الأعمش: ((كنت إذا رأيت يحيى بن وثاب قد جاء قلت: هذا قد وقف للحساب؛ يقول: أي رب، أذنبت كذا، كذا فعفوت عني، فلا أدعو)) ، وكانت وفاته سنة ثلاث ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 193 رقم 806) ، و"التهذيب" (11 / 294 - 295 رقم 574) . [173] سنده صحيح، والأعمش وإن لم يصرح بالسماع، إلا أنه ممن قرأ على يحيى وأخذ عنه القراءة، وهذه منها، وانظر "سير أعلام النبلاء" (4 / 380) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ} 174- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ (1) ، قَالَ: نا حُصين بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُرَّة الْهَمْدَانِيُّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: الصِّرَاطُ عَلَى النَّارِ، يَمُرُّ أولِهم مِثْلَ الْبَرْقِ، ثُمَّ كَالطَّيْرِ، ثُمَّ كَالْفَرَسِ الْجَوَادِ، وَآخِرُهُمْ يَمُرُّ حَبْوًا، وَالْمَلَائِكَةُ قِيَامٌ مَعَهُمْ كَلَالِيبُ (2) مِنْ نَارٍ، يَخْطَفُونَ النَّاسَ يَمِينًا وَشِمَالًا، حَتَّى يَقْذِفُوهُمْ فِي النار.

_ (1) هو سُوَيْد بن عبد العزيز بن نُمير السُّلمي، مولاهم، الدمشقي، روى عن حميد الطويل وعاصم الأحْوَل والأوزاعي وحُصين بن عبد الرحمن وغيرهم، روى عنه هنا سعيد بن منصور، وروى عنه أيضًا أبو مسهر وعلي بن حجر ودحيم وهشام بن عمار وغيرهم، وهو ضعيف كما في "التقريب" (ص260 رقم 2692) ، فقد ضعفه ابن معين والنسائي في رواية، وفي أخرى قالا: ((ليس بثقة)) ، وقال الإمام أحمد: ((متروك الحديث)) ، وقال دحيم: ((ثقة، وكانت له أحاديث يغلط فيها)) ، وقال علي بن حجر: ((أثنى عليه هشيم خيرًا)) ، وقال أبو حاتم: ((في حديثه نظر، هو لين الحديث)) ، وضعفه ابن حبان جدًّا، وأورد له أحاديث مناكير، ثم قال: ((وهو ممن أستخير الله فيه؛ لأنه يقرب من الثقات)) ، وكانت ولادته سنة ثمان ومائة، ووفاته سنة أربع وتسعين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (4 / 238 - 239 رقم 1020) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع (12 / 257) ، و"التهذيب" (4 / 276 - 277 رقم 473) . (2) جمع كَلُّوب، وهو: حديدة مُعْوَجَّةُ الرأس. انظر "النهاية في غريب الحديث" (4 / 195) . [174] سنده ضعيف لضعف سويد بن عبد العزيز، وهو صحيح لغيره بالطرق الآتية. فالحديث روي عن ابن مسعود من ستة طرق: (1) طريق مُرَّة الهَمْداني، وله عنه طريقان: أ- طريق حصين الذي أخرجه المصنف هنا. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ب- طريق إسماعيل السُّدِّي، عَنْ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قال: يرد الناس جميعًا الصراط، ووردهم: قيامهم حول النار، ثم يصدرون عن الصراط بأعمالهم، فمنهم من يمرّ مثل البرق، ومنهم من يمر مثل الريح، ومنهم من يمر مثل الطير، ومنهم من يمر كأجود الخيل، ومنهم من يمر كأجود الإبل، ومنهم من يمر كعدو الرجل، حتى إن آخرهم مَرًّا: رجل نوره على موضع إبهامي قدميه، يمرّ فيتكفّأ به الصراط، والصراط دَحَض مزلَّة، عليه حَسَك كحسك السعدان، حافتاه ملائكة معهم كلاليب من نار يختطفون بها الناس. ذكره الحافظ ابن كثير في "النهاية" (2 / 184) ، وفي "التفسير" (3 / 132) ، وعزاه في التفسير لابن أبي حاتم. وأخرجه الدارمي في "سننه" (2 / 336 رقم 2813) . والحاكم في "المستدرك" (2 / 375) . كلاهما من طريق عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن السدي، عَنْ مُرَّةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، به نحوه، إلا أنه رفعه لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. والدَّحَضُ: هو الزَّلَق كما في "النهاية في غريب الحديث" (2 / 104) . والحَسَكُ: جمع حَسَكَة، وهي شوكة صُلْبة معروفة كما في المرجع السابق (1 / 386) . قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي، وليس كذلك، بل هو ضعيف؛ لأنه من رواية إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة السُّدِّي - بضم المهملة وتشديد الدال -، أبي محمد الكوفي، يروي عن أنس وابن عباس وعطاء وعكرمة ومُرَّة الهمداني وغيرهم، روى عنه شعبة والثوري وأبو عوانة وإسرائيل وغيرهم، وهو صدوق، إلا أنه يهم، ورمي بالتشيع كما في "التقريب" (ص108 رقم 463) ، فقد وثقه الإمام أحمد والعجلي وزاد: ((عالم بالتفسير رواية له)) ، وقال يحيى القطان: ((لا بأس به، ما سمعت أحدًا يذكره إلا بخير، وما تركه أحد)) ، وقال النسائي: ((ليس به بأس)) ، وقال ابن عدي: ((مستقيم الحديث صدوق لا بأس به)) ، وقال الساجي: ((صدوق فيه نظر)) ، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وضعفه ابن معين والعقيلي وزاد: ((كان يتناول الشيخين)) ، وقال أبو حاتم: ((يكتب حديثه ولا يحتج به)) ، وقال أبو زرعة: ((ليِّن)) ، وقال الجوزجاني: ((هو كذاب شتّام)) ، وقال حسين بن واقد: ((سمعت من السدي، فأقمت حتى سمعته يتناول أبا بكر وعمر، فلم أعد إليه)) ، وقال عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت: سمعت الشعبي وقيل له: إن السدي قد أعطي حظًا من علم القرآن، فقال: ((أعطي حظًا مِنْ جَهْلٍ بالقرآن)) ، وكانت وفاته سنة سبع وعشرين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (2 / 184 - 185 رقم 625) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع (3 / 133) ، و"التهذيب" (1 / 313 - 314 رقم 572) . (2) طريق أَبِي وَائِلٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ موقوفًا عليه ... ، فذكره بنحوه وهو جزء من حديث طويل في وصف بعض أحوال الآخرة. ذكره الحافظ ابن كثير في "النهاية" (2 / 175) وعزاه للبيهقي في "البعث والنشور"، من طريق حماد بن سلمة، عن أبي عاصم، عن أبي وائل. (3) طريق أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ في قوله: (وإن منكم إلا واردها) [الآية (71) من سورة مريم] ، قال: الصراط على متن جهنم مثل حدّ السيف، فتمرّ الطبقة الأولى، كالبرق، والثانية كالريح، والثالثة كأجود الخيل، والرابعة كأجود البهائم، ثم يمرون والملائكة يقولون: اللهم سلِّم سلِّم. أخرجه الطبراني في "تفسيره" (16 / 110 / طبعة الحلبي) والحاكم في "المستدرك" (2 / 375 - 376) . أما الطبراني فمن طريق النضر، وأما الحاكم فمن طريق عمرو بن طلحة، كلاهما عن إسرائيل، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الأحوص، عن ابن مسعود، به، واللفظ للطبري، ونحوه لفظ الحاكم. قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي. وقد أورد الحافظ ابن كثير هذا الحديث في "تفسيره" (3 / 132) من رواية الطبري، ثم قال: ((ولهذا شواهد في الصحيحين وغيرهما من وراية أنس =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأبي سعيد وأبي هريرة وجابر وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم)) . (4) طريق أبي الزَّعْرَاء، عن ابن مسعود موقوفًا عليه، وهو حديث طويل في وصف بعض أحوال الآخرة، وفيه: (ثم يأمر الله بالصراط فيضرب على جهنم فيمرّ الناس بقدر أعمالهم زمرًا، أوائلهم كلمح البرق، ثم كمرّ الريح، ثم كمرّ الطير، ثم كمرّ البهائم، حتى يمرّ الرجل سعيًا ثم يمر الرجل مشيًا، حتى يجيء آخرهم رجل يتلبّط على بطنه فيقول: يا رب لم أبطأت بي؟ قال: إني لم أبطئ بك إنما أبطأ بك عملك ثم يأذن الله تعالى في الشفاعة فيكون أو شافع: روح الله القدس: جبريل، ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم عيسى، ثم يقوم نبيكم - صلى الله عليه وسلم - فلا يشفع أحد فيما يشفع فيه ... ) الحديث. أخرجه الطبراني في "الكبير" (9 / 413 - 416 رقم 9761) . والحاكم في "المستدرك" (4 / 598 - 600) . ومن طريقه وطريق آخر أخرجه البيهقي في "البعث والنشور" (ص326 - 327 رقم 598) . ثلاثتهم من طريق سفيان الثوري، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أبي الزعراء، به، واللفظ للحاكم. قال الحاكم عقبه: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)) ، فتعقبه الذهبي بقوله: ((ما احتجّا بأبي الزعراء)) . وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10 / 330) : (رواه الطبراني وهو موقوف مخالف للحديث الصحيح وقول النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((أنا أول شافع)) ) . وقال الشيخ الألباني في تعليقه على "العقيدة الطحاوية" (ص464) : ((له حكم المرفوع، لكنه منقطع بين أبي الزعراء - واسمه يحيى بن الوليد -، لم يرو عن أحد من الصحابة، بل عن بعض التابعين)) . أ. هـ وضعّفه لذلك. وقول الشيخ الألباني هذا ليس بصحيح، فأبو الزعراء الذي يروي هذا الحديث ليس هو يحيى بن الوليد، بل هو عبد الله بن هانئ، تقدم في الحديث [97] =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = أنه ثقة، وهو الذي يروي عن ابن مسعود، وعنه سلمة بن كهيل، وأما يحيى بن الوليد فلم يذكر أنه يروي عن ابن مسعود، ولا عنه سلمة بن كهيل، انظر "تهذيب الكمال" المخطوط (3 / 1524) . وأما متن الحديث ففيه الإشكال الذي أشار إليه الهيثمي، وهو مخالف لما جاء في "صحيح مسلم" (1 / 188 رقم 330 و 331 و 332) في الإيمان، باب في قول النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((أنا أول الناس يشفع في الجنة)) ، من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - يرفعه: ((أنا أول الناس يشفع في الجنة ... )) الحديث. وعليه فالحديث شاذ من طريق أبي الزعراء لمخالفة متنه لهذا الحديث، والله أعلم. (5) طريق قيس بن السكن، عن ابن مسعود. أخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" كما في "المطالب العالية المسندة" (ل 202 / ب) ، والمطبوعة (4 / 365 - 367 رقم 4611) ، فقال: أخبرنا جرير، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، ثنا قيس بن السكن وأبو عبيدة بن عبد الله، قالا: إن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - حدّث عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عنه - هذا الحديث، فقالك إذا حشر الناس يوم القيامة، قاموا أربعين سنة على رؤوسهم الشمس ... ، الحديث بطوله، وفيه: فيقول الله تعالى لهم: ارفعوا رؤوسكم إلى نوركم بقدر أعمالكم، فيرفع الرجل رأسه ونوره بين يديه مثل الجبل، ويرفع الرجل رأسه ونوره بين يديه مثل القصر، ويرفع الرجل رأسه ونوره بين يديه مثل البيت، حتى ذكر مثل الشجرة، فيمضون على الصراط كالبرق الخاطف، وكالريح، وكحُضْر الفرس، وكاشتداد الرجل، حتى يبقى آخر الناس نوره على إبهام رجله مثل السراج، فأحيانًا يضيء له، وأحيانًا يخفى عليه، فتشعب منه النار، فلا يزال كذلك حتى يخرج....إلخ الحديث. وأخرجه الدارقطني في "الرؤية" (ص310 - 311 رقم 165) من طريق أبي عوانة، عن الأعمش، به. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = قال الحافظ ابن حجر عقب ذكره له في "المطالب": ((هذا إسناد صحيح متصل، رجاله ثقات)) . قلت: يعني الحافظ بالاتصال: رواية قيس بن السكن، وأما رواية أبي عبيدة عامر بن عبد الله بن مسعود فإنها منقطعة؛ لأنه لم يسمع من أبيه كما سبق بيانه في الحديث رقم [4] و [147] ، ويوضحه الطريق الآتي، فإنه تلقى الحديث من أبيه بواسطة مسروق كما في بعض الطرق. (6) طريق مسروق، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه -، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - قال: ((يجمع الله الناس يوم القيامة ... )) الحديث بطوله وفيه: ((فيمرّون على الصراط كحدّ السيف دحض مزلّة، فيقال: انجو على قدر نوركم، فمنهم من يمر كانقضاض الكوكب، ومنهم من يمر كالطِّرْف، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من يمر كشدّ الرجل، ويرمل رملاً، فيمرون على قدر أعمالهم، حتى يمرّ الذي نوره على إبهام قدميه يجرّ يدًا ويعلق يدًا، ويجر رجلاً ويعلق رجلاً، فتصيب جوانبه النار ... )) الحديث. أخرجه الحاكم في "المستدرك" (4 / 589 - 592) من طريق أبي خالد الدَّالاَني يزيد بن عبد الرحمن، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أبي عبيدة، عن مسروق، به بطوله، ثم قال الحاكم: ((رواة هذا الحديث عن آخرهم ثقات، غير أنهما لم يخرجا أبا خالد الدَّالاني في الصحيحين لما ذُكر من انحرافه عن السنة في ذكر الصحابة، فأما الأئمة المتقدمون فكلمهم شهدوا لأبي خالد بالصدق والإتقان، والحديث صحيح ولم يخرجاه، وأبو خالد الدالاني ممن يجمع حديثه في أئمة أهل الكوفة)) ، وتعقبه الذهبي بقوله: ((ما أنكره حديثًا على جودة إسناده، وأبو خالدت شيعي منحرف)) ، وكان الحاكم قد أخرج الحديث (2 / 376 - 377) من طريق أبي خالد نفسه، ثم قال: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذا اللفظ)) ، ووافقه الذهبي. ومن طريق الحاكم أخرجه البيهقي كما في "النهاية" لابن كثير (2 / 173 - 175) . وأخرجه الطبراني في "الكبير" (9 / 416 - 421 رقم 9763) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = والدارقطني في "الرؤية" (ص305 - 307 رقم 166) . كلاهما من طريق أبي خالد، به نحو لفظ الحاكم. وتابع أبا خالد زيد بن أبي أنيسة، فرواه عن المنهال، عن أبي عبيدة، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، به بنحوه مطولاً. أخرجه بعد الله بن أحمد في "السنة" (2 / 520 - 524 رقم 1203) . والدارقطني في "الرؤية" (ص308 - 309 رقم 167) . والبيهقي في "البعث" (ص252 - 254 رقم 434) . جميعهم من طريق زيد بن أبي أنيسة، به. كذا رواه أبو خالد الدَّالاني وزيد بن أبي أنيسة عن المنهال، عن أبي عبيدة، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مرفوعًا. وخالفهما الأعمش، فرواه عن المنهال، ولم يذكر مسروقًا في سنده، ووقفه على ابن مسعود كما في الطريق السابق رقم (5) . وأخرجه الطبراني في "الكبير" (9 / 421 رقم 9764) . والدارقطني في "الرؤية" (ص303 - 304 رقم 165) . كلاهما من طريق أبي طيبة، عن كِرْز بن وَبْرَة، عن نعيم بن أبي هند، عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه مرفوعًا بطوله هكذا ليس فيه ذكر لمسروق. قال الهيثمي في "المجمع" (10 / 343) : ((رواه كله الطبراني من طرق، ورجال أحدها رجال الصحيح، غير أبي خالد الدالاني وهو ثقة)) . والحديث ذكره المنذري في "الترغيب والترهيب" (4 / 246 - 248) وقال: ((أحد طرق الطبراني صحيح ... ، وهو في مسلم بنحوه باختصار عنه)) . اهـ. والحديث الذي أشار المنذري إلى أنه في مسلم هو في "صحيحه" (1 / 173 - 175 رقم 308 و 309 و 310) في الإيمان، باب آخر أهل النار خروجًا، من طريق منصور والأعمش، كلاهما عن إبراهيم، عن عَبيدة، عن ابن مسعود، =

175- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ ثَابِتٍ (1) ، سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ: (السِّراط) - بالسين -.

_ = ومن طريق ثابت، عن أنس، عن ابن مسعود مرفوعًا مختصرًا ليس فيه ذكر للمرور على الصراط. وعليه فالحديث بمجموع هذه الطرق صحيح عن ابن مسعود على الخلاف في رفعه ووقفه، وهو وإن كان موقوفًا، إلا أن له حكم الرفع، فمثله لا يقال بالرأي، وقد جاء مرفوعًا في الصحيحين من غير طريق ابن مسعود كما أشار لذلك الحافظ ابن كثير كما سبق. فقد أخرجه البخاري في "صحيحه" (13 / 420 - 422 رقم 7439) في التوحيد، باب {وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة} . ومسلم في "صحيحه" (1 / 167 - 171 رقم 302) في الإيمان، باب معرفة طريق الرؤية. كلاهما من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - مرفوعًا، وفيه: ((ثم يضرب الجسر على جهنم، وتحلّ الشفاعة، ويقولون: اللهم سلِّم سلِّم)) ، قيل: يا رسول الله، وما الجسر؟ قال: ((دَحَض مزلّة فيه خطاطيف وكلاليب وحَسَك تكون بنجد فيه شويكة يقال لها السعدان، فيمرّ المؤمنون كطرف العين، وكالبرق، وكالريح، وكالطير، وكأجاويد الخيل والركاب، فناجٍ مُسَلَّم، ومخدوش مرسل، ومكدوس في نار جهنم ... )) ، الحديث بطوله، واللفظ لمسلم، والله أعلم. (1) هو ثابت المكي، مجهول، روى عن ابن عباس، ولم يرو عنه سوى عمرو بن دينار، ذكره البخاري في "تاريخه" (2 / 173 رقم 2099) ، وسكت عنه، وبيض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (2 / 461 رقم 1861) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (4 / 96) وقال: ((لا أدري من هو، ولا ابن من هو؟)) ، وانظر "لسان الميزان" (2 / 81 رقم 321) . [175] سنده ضعيف لجهالة ثابت المكي الذي يرويه عن ابن عباس. =

قَوْلُهُ تَعَالَى: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} 176-[ل111/أ] حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ (1) ، عَنْ أَبِيهِ (2) ، أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقْرَأُ: {صِرَاطَ من أنعمت عليهم} .

_ = والحديث أخرجه البخاري في "تاريخه" (2 / 173) من طريق علي بن المديني، عن سفيان بن عيينة، به مثله. وعلقه ابن حبان في "الثقات" (4 / 96) . وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 38) وعزاه للمصنف سعيد بن منصور وعبد بن حميد والبخاري في "التاريخ" وابن الأنباري. (1) هو يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حاطب بن أبي بَلْتَعَة - بفتح الموحّدة والمثنّاة وسكون اللام بينهما، ثم مهملة -، أبو محمد أو أبو بكر المدني، يروي عن أبيه وأسامة بن زيد وحسان بن ثابت وعبد الله بن عمر وأبي سعيد الخدري وعائشة وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري وهشام بن عروة وبكير بن عبد الله بن الأشجّ وأسامة بن زيد الليثي ومحمد بن عمرو بن علقمة وغيرهم، وهو ثقة كما في "التقريب" (ص593 رقم 7592) ، فقد وثقه العجلي والنسائي والدارقطني وابن سعد وزاد: ((كثير الحديث)) ، وكانت ولادته في خلافة عثمان - رضي الله عنه -، ووفاته سنة أربع ومائة. اهـ. من "الطبقات" لابن سعد (5 / 250) ، و"تاريخ الثقات" للعجلي (ص474 رقم 1815) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (3 / 1509) ، و"التهذيب" (11 / 249 - 250 رقم 399) . (2) هو عبد الرحمن بن حاطب بن أبي بَلْتَعة، أبو يحيى المدني، يروي عن أبيه وعمر بن الخطاب وعثمان وعبد الرحمن بن عوف وأبي عبيدة بن الجرّاح وغيرهم - رضي الله عنهم -، روى عنه ابنه يحيى وعروة بن الزبير، وله رؤية، =

قَوْلُهُ تَعَالَى: {غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} 177- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، أَنَّ عُمَرَ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَقْرَأُ: (غيرَ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وغيرَ الضالين) .

_ = وعدّوه في كبار ثقات التابعين كما في "التقريب" (ص338 رقم 3833) ، فقد وثقه العجلي وابن سعد وزاد: ((قليل الحديث)) ، وكانت وفاته بالمدينة سنة ثمان وستين للهجرة. اهـ. من "الطبقات" لابن سعد (5 / 64) ، و"تاريخ الثقات" للعجلي (ص290 رقم 944) ، و"التهذيب" (6 / 158 - 159 رقم 321) . [176] الحديث صحيح لغيره، وأما إسناد المصنف فحسن لذاته، فمحمد بن عمرو بن علقمة تقدم في الحديث [4] أنه صدوق. وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص61) من طريق عبد الله بن محمد الزهري، عن سفيان، به بلفظ: سمعت عمر يقرؤها: {صراط من أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غيرَ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وغيرَ الضالين} . وذكره السيوطي في "الدر المنثو"ر (1 / 40) وعزاه للمصنف سعيد بن منصور ووكيع وأبي عبيد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي داود وابن الأنباري في "المصاحف". وقد رواه الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ والأسود أنهما سمعا عمر بن الخطاب، يقرؤها كذلك، وسنده كما سيأتي في الحديث بعده. [177] سنده صحيح، وعنعنة الأعمش هنا محمولة على السماع كما سبق تفصيله في الحديث [3] ، وقد ذكره الحافظ في "فتح الباري" (8 / 159) وعزاه لسعيد بن منصور وصحح سنده. وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل" (ص232 رقم 559) من طريق أبي معاوية، به مثله. وأخرحه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص60 و 61) من طريق علي بن مُسْهِر، ويزيد بن عبد العزيز وسفيان بن عيينة ويعلى بن عبيد، جميعهم عن الأعمش، =

178- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سَلاَّم الطَّويل (1) ، عَنْ زَيْدٍ العَمِّي (2) ، عَنِ ابْنِ سِيرين، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((فَاتِحَةُ الكتاب شفاء من السُّمّ)) .

_ = عن إبراهيم، عن علقمة والأسود، به. وأخرجه أيضًا من طريق محمد بن عمرو، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن حاطب، عن أبيه، عن عمر، به، وهو الطريق المتقدم برقم [176] . والحديث ذكره السيوطي في "الدر" (1 / 40) وعزاه للمصنف سعيد بن منصور ووكيع وأبي عبيد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي داود وابن الأنباري في "المصاحف". (1) هو سلاّم - بتشديد اللام - ابن سُلَيم، أو: سَلْم، أبو سليمان الطويل، المَدَائِني، روى عن حميد الطويل ومنصور بن زاذان وزيد العَمِّي وغيرهم، روى عنه هنا سعيد بن منصور، وروى عنه أيضًا عبد الرحمن بن محمد المحاربي وعلي بن الجعد وأبو الربيع الزهراني وغيرهم، وهو متروك، قال أحمد: ((منكر الحديث)) ، وقال ابن معين: ((ليس بشيء)) ، وفي رواية: ((ضعيف لا يكتب حديثه)) ، وقال البخاري: ((تركوه)) ، وفي رواية أخرى: ((يتكلمون فيه)) ، وقال أبو حاتم: ((ضعيف الحديث، تركوه)) ، وقال ابن خراش: ((متروك)) ، وفي رواية: ((كذاب)) ، وقال النسائي: ((متروك الحديث)) ، وفي رواية: ((ليس بثقة، ولا يكتب حديثه)) ، وقال أبو نعيم الأصبهاني: ((متروك بالاتفاق)) ، وكانت وفاته في حدود سنة سبع وسبعين ومائة. اهـ. من "الكامل" لابن عدي (3 / 1146 - 1149) ، و"التهذيب" (4 / 281 - 282 رقم 485) ، و"التقريب" (ص261 رقم 2702) . (2) هو زيد بن الحَوَاري، أبو الحواري العَمِّي، البصري، قاضي هَرَاة، روى عن أنس بن مالك وقيل: لم يسمع منه، وروى عن سعيد بن المسيب والحسن البصري وسعيد بن جبير وغيرهم، روى عنه ابناه عبد الرحمن وعبد الرحيم وشعبة والثوري والأعمش وغيرهم، ولم أجد من نصّ على أنه سمع من =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = محمد بن سيرين، وسماعه منه محتمل؛ فإنه روى عن قرينه الحسن البصري، وزيد هذا ضعيف، ضعفه ابن المديني وابن سعد والعجلي والنسائي وابن عدي وابن معين في رواية، وفي رواية قال: ((صالح)) ، وكذا قال الإمام أحمد، وقال أبو حاتم: ((ضعيف الحديث، يكتب حديثه ولا يحتج به)) ، وقال أبو زرعة: ((ليس بقوي، واهي الحديث ضعيف)) . اهـ. من "الكامل" لابن عدي (3 / 1055 - 1058) ، و"التهذيب" (3 / 407 - 409 رقم 746) ، و"التقريب" (ص223 رقم 2131) . [178] سنده ضعيف جدًّا، وفي "ضعيف الجامع" (4 / 88 رقم 3954) قال الشيخ الألباني: ((موضوع)) . وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 306 - 307 رقم 2153) من طريق المصنف، به مثله سواء. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 14) وعزاه للمصنف سعيد بن منصور والبيهقي في "الشعب". قال البيهقي عقبه: ((وعندي أن هذا اختصار من الحديث الذي رواه محمد بن سيرين، عن أخيه معبد بن سيرين، عن أبي سعيد في رقية اللديغ بفاتحة الكتاب)) . قلت: وهذا الحديث الذي أشار إليه البيهقي هو: ما أخرجه البخاري في "صحيحه" (9 / 54 رقم 5007) في فضائل القرآن، باب فضل فاتحة الكتاب، من طريق هشام، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنِ معبد بن سِيرِينَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قال: كنا في مسير لنا، فنزلنا، فجاءت جارية فقالت: إن سيّد الحيِّ سليم، وإن نفرنا غُيَّب، فهل منكم راقٍ، فقام معها رجل ما كنا نأْبِنُهُ برقية، فرقاه، فبرأ، فأمر لنا بثلاثين شاة وسقانا لبنًا، فلما رجع قلنا له: أكنت تحسن رقية، أو كنت ترقي؟ قال: لا، ما رقيت إلا بأم الكتاب، قلنا: لا تحدثوا شيئًا حتى نأتي، أو نسأل النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فلما قدمنا المدينة =

179- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ: ((الْمَغْضُوبُ عَلَيْهِمُ: الْيَهُودُ، وَالنَّصَارَى هم الضَّالُّون)) .

_ = ذكرناه لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: ((وما كان يدريه أنها رقية؟ اقسموا واضربوا لي بسهم)) . وأخرجه مسلم في "صحيحه" (4 / 1728 رقم 66) في السلام، باب جواز أخذ الأجرة على الرقية بالقرآن والأذكار. وأبو داود في "سننه" (3 / 705 رقم 3419) في البيوع والإجارات، باب في كسب الأطباء. كلاهما عن هشام، به. ومعنى قوله: (نَأْبِنُهُ) أي: ما كنا نعلم أنه يَرْقي فَنَعيَبهُ بذلك. "النهاية في غريب الحديث" (1 / 17) . [179] سنده ضعيف لإرساله، وقد قال يحيى بن سعيد القطان: ((مرسلات ابن أبي خالد ليست بشيء)) . انظر "التهذيب" (1 / 292) ، لكن للحديث شواهد كما سيأتي، ومعناه صحيح، وعليه اتفق المفسرون. وهذا الحديث يرويه المصنف سعيد بن منصور هنا عن شيخه سفيان بن عيينة الذي أخرجه في "تفسيره"، ففي "الدر المنثور" (1 / 42) قال السيوطي: ((وأخرج سفيان بن عيينة في تفسيره وسعيد بن منصور، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ....)) ، فذكره. وقد أخرجه الطبري في "تفسيره" (1 / 185 و 193 رقم 193 و 207) من طريق عبد الله بن جعفر الرقي، عن سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -: ((المغضوب عليهم: اليهود)) ، (ولا الضالين) قال: ((النصارى)) . وهذا - والله أعلم - خطأ من عبد الله بن جعفر، أو من الراوي عنه وهو =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = أحمد بن الوليد الرملي شيخ الطبري، فإن سفيان قد رواه في "تفسيره" كما رواه سعيد بن منصور عنه، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ مرسلاً. وقد جاء الحديث موصولاً من وجه آخر عن عدي بن حاتم - رضي الله عنه -. فأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 378 - 379) . ومن طريقه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / 23 رقم 40) . وابن حبان في "صحيحه" (ص424 رقم 1715 / موارد) . والطبراني في "الكبير" (17 / 99 - 100 رقم 237) . وأخرجه الترمذي في "سننه" (8 / 289 - 290 رقم 4030) في تفسير سورة الفاتحة من كتاب التفسير. وابن جرير في "تفسيره" (1 / 185 و 193 رقم 194 و 208) . والطبراني في الموضع السابق. جميعهم من طريق شعبة، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عَبَّاد بن حُبَيش، عن عدي ابن حاتم في حديث طويل في قصة إسلام عدي - رضي الله عنه -، وفيه أنَّ النَّبِيَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - قال: ((إن المغضوب عليهم: اليهود، وإن الضالين: النصارى)) ، وقد اختصر الطبري الحديث، فذكر موضع الشاهد منه، ولم يذكر القصة. وأخرجه الترمذي أيضًا (8 / 286 - 289 رقم 4029) . وابن أبي حاتم (1 / 24 رقم 41) . كلاهما من طريق عمرو بن أبي قيس، عن سماك بن حرب، ولفظ الترمذي مطوّل نحو لفظ سابقه، ولفظ ابن أبي حا تم اقتصر فيه على موضع الشاهد، ولم يذكر قصة إسلام عدي. قال الترمذي عقبه: ((هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث سماك بن حرب)) . وأخرجه الطبراني مقرونًا بطريق شعبة السابق، من طريق قيس بن الربيع، عن سماك، به. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = فهؤلاء ثلاثة رواة اتفقوا على روايته على هذا الوجه. وخالفهم حماد بن سلمة وعمرو بن ثابت. أما حماد بن سلمة، فرواه عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ مُرِّي بن قَطَريّ، عن عدي بن حاتم، به نحو لفظ المصنف. أخرجه الطبري في "تفسيره" (1 / 186 و 193 رقم 195 و 209) من طريق محمد بن مصعب عنه. وأما عمرو بن ثابت، فرواه عن سماك، عمن سمع عدي بن حاتم، به نحوه مع ذكر القصة. أخرجه الطيالسي في "مسنده" (ص140 رقم 1040) فقال: حدثنا عمرو بن ثابت، فذكره. وكلا الروايتين لا تصحّان. أما رواية حماد بن سلمة فضعيفة؛ لأن الراوي عنه هو محمد مصعب بن صدقة القَرْقَساني - بفتح القافين، بينهما راء ساكنة، وبعدها سين مهملة مفتوحة، وبعد الألف نون -، يروي عن الأوزاعي والإمام مالك وحماد بن سلمة وغيرهم، روى عنه الإمام أحمد وأبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة وغيرهم، وهو صدوق، إلا أنه كثير الغلط، قال عنه الإمام أحمد: ((لا بأس به)) ، وقال ابن معين: ((ليس بشيء)) ، وفي رواية: ((لم يكن محمد بن مصعب من أصحاب الحديث، كان مغفّلا)) ، وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: ((سألت أبي عنه، فقال: ليس بقوي)) ، قال عبد الرحمن: ((وسألت أبا زرعة عن محمد بن مصعب القرقساني، فقال: صدوق في الحديث، ولكنه حدث بأحاديث منكرة. قلت: فليس هذا مما يضعفه؟ قال: نظن أنه غلط فيها)) ، وقال عبد الرحمن: ((سألت أبي عنه، فقال: ضعيف الحديث. قلت له: إن أبا زرعة قال كذا - وحكيت له كلامه -، فقال: ليس هو عندي كذا، ضُعِّف لما حدث بهذه المناكير)) ، وضعفه النسائي، وكانت وفاته سنة ثمان ومائتين. اهـ. من "الجرح والتعديل" =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = (8 / 102 - 103 رقم 441) ، و"التهذيب" (9 / 458 - 460 رقم 740) ، و"التقريب" (ص507 رقم 6302) . وأما رواية عمرو بن ثابت بن هرمز البكري، مولى بكر بن وائل، أبي محمد، ويقال: أبو ثابت، الكوفي، وهو الذي يقال له: عمرو بن أبي المقدام، فإن هذه الرواية ضعيفة جدًّا، لأن عمرًا هذا رافضي متروك، لم يحدث عنه ابن مهدي، وترك ابن المبارك حديثه وقال: ((لا تحدثوا عن عمرو بن ثابت، فإنه كان يسب السلف)) ، قوال هنّاد بن السري: ((لم يصلّ عليه ابن المبارك)) ، وقال ابن معين: ((ليس بثقة ولا مأمون، لا يكتب حديثه)) ، وقال ابن سعد: ((كان متشيِّعًا مفرطًا، ليس هو بشيء في الحديث، ومنهم من لا يكتب حديثه لضعفه ورأيه)) ، وقال الإمام أحمد: ((كان يشتم عثمان، ترك ابن المبارك حديثه)) ، وقال العجلي: ((شديد التشيع، غال فيه، واهي الحديث)) ، وقال أبو زرعة وأبو حاتم: ((ضعيف الحديث)) ، زاد أبو حاتم: ((يكتب حديثه، كان رديء الرأي شديد التشيع)) ، وقال أبو داود: ((رافضي خبيث)) ، وفي موضع آخر قال: ((رجل سوء، قال: لما مات النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كفر الناس إلا خمسة) ، وجعل أبو داود يذمه، وقال النسائي: ((متروك الحديث)) ، وقال مرة: ((ليس بثقة ولا مأمون)) ، وقال ابن حبان: ((يروي الموضوعات عن الأثبات)) . اهـ. من "الكامل" لابن عدي (5 / 1772 - 1773) ، و"المغني في الضعفاء" (2 / 482 رقم 4636) ، و"التهذيب" (8 / 9 - 10 رقم 11) . وعليه فالراجح رواية من رواه عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عباد بن حبيش، عن عدي بن حاتم. وهذه الرواية ضعيفة، لأن عَبّاد بن حُبَيش - بمهملة وموحدة ومعجمة، مصغّرًا، الكوفي مقبول، جهّله ابن القطان كما في "التهذيب" (5 / 91 رقم 152) ، وذكره البخاري في "تاريخه" (6 / 3 رقم 1598) وسكت عنه، وبيض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (6 / 78 رقم 401) ، وذكره =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ابن حبان في "الثقات" (5 / 142) ، وذكره الذهبي في "الميزان" (2 / 365 رقم 4112) وقال: ((لا يعرف)) . لكن له شاهد من حديث أبي ذر، ومعناه صحيح من كتاب الله تعالى كما سيأتي. أما حديث أبي ذر، فأخرجه ابن مردويه كما في "تفسير ابن كثير" (1 / 30) من طريق إبراهيم بن طهمان، عن بُدَيل بن مَيْسرة، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، عن أبي ذر قال: سألت رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - عن المغضوب عليهم، قال: ((اليهود)) ، قلت: الضالين؟ قال: ((النصارى)) . قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (8 / 159) : ((اخرجه ابن مردويه بإسناد حسن عن أبي ذر)) . وقد رواه معمر عن بديل فأبهم اسم الصحابي، وذكر أن السؤال وقع من غيره؛ قال عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 37) : أخبرنا معمر، عن بديل العقيلي، قال: أخبرني عبد الله بن شقيق أنه أخبره من سَمِعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - وهو بوادي القرى وهو على فرسه وسأله رجل من بني القين، فقال: يا رسول الله، من هؤلاء؟ قال: ((المغضوب عليهم)) - وأشار إ لى اليهود -، ((والضالون هم النصارى)) . اهـ، وانظر "تفسير ابن كثير" (1 / 29) . ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (5 / 32 - 33) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (1 / 187 و 195 رقم 198 و 212) . وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (6 / 310 - 311) من رواية الإمام أحمد، وذكر أن رجاله رجال الصحيح. قال الحافظ ابن حجر في الموضع السابق من "الفتح" بعد أن ذكر حديث عدي وعبد الله بن شقيق: ((قال السهيلي: وشاهد ذلك قوله تعالى في اليهود: {فباؤا بغضب على غضب} ، وفي النصارى: {قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرًا} . اهـ. وقال ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / 23) : ((ولا أعلم بين المفسرين في هذا الحرف اختلافًا)) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وقال ابن كثير في الموضع السابق: ((فإن طريقة أهل الإيمان مشتملة على العلم بالحق والعمل به، واليهود فقدموا العمل، والنصارى فقدوا العلم، ولهذا كان الغضب لليهود، والضلال للنصارى؛ لأن من علم وترك استحق الغضب، بخلاف من لم يعلم. والنصارى لما كانوا قاصدين شيئًا لكنهم لا يهتدون إلى طريقه؛ لأنهم لم يأتوا الأمر من بابه وهو اتباع الحق، ضلوا، وكل من اليهود والنصارى ضال مغضوب عليهم، لكن أخص أوصاف اليهود الغضب كما قال تعالى عنهم: {من لعنه الله وغضب عليه} ، وأخص أوصاف النصارى الضلال كما قال تعالى عنهم: {قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرًا وضل عن سواء السبيل} ، وبهذا جاءت الأحاديث والآثار، وذلك واضح بيّن)) . اهـ. وبهذا يتبين أن معنى الحديث صحيح، والله أعلم.

باب [تفسير سورة البقرة] (1) (1) العنوان ليس في الأصل.

سورة البقرة

بَابُ تَفْسِيرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ [قَوْلُهُ تَعَالَى: {الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} ] 180- حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ذَكَرُوا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) (1) وَإِيمَانَهُمْ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنَّ أَمْرَ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) (1) كَانَ بيِّنًا لِمَنْ رَآهُ، وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، مَا آمَنَ مُؤْمِنٌ أَفْضَلَ مِنْ إِيمَانٍ بِغَيْبٍ، ثُمَّ قَرَأَ: {الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} .

_ (1) ما بين القوسين ليس في الأصل، وأثبته من الموضع الآتي من "تفسير ابن كثير"، ومصادر التخريج. [180] سنده رجاله ثقات، إلا أن فيه الأعمش، وتقدم في الحديث [3] أنه مدلس، ولم يصرح بالسماع هنا، والحديث صححه بعض العلماء كما سيأتي، ويشهد له الحديث الآتي بعده، فأقل أحواله أنه حسن لغيره. وقد ذكر الحافظ ابن كثير هذا الحديث في "تفسيره" (1 / 41) من رواية المصنف، فقال: (قال سعيد بن منصور: حدثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرحمن بن يزيد، قال: كنا عند عبد الله بن مسعود جلوسًا، فذكرنا أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - وما سبقونا به، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنَّ أَمْرَ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان بينًا ... ) ، فذكره بمثله، إلا أنه قال: (ما آمن أحد قط إيمانًا أفضل ... ) ، وزاد في آخره قوله: (إلى قوله: المفلحون) . وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / 34 - 35 رقم 66) . والحاكم في "المستدرك" (2 / 260) . كلاهما من طريق أبي معاوية، به مثله. قال الحاكم: ((هذا طريق صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي. وأخرجه أحمد بن منيع في "مسنده" كما في "المطالب العالية المسندة" (ل 100 / ب) ، =

181- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، قَالَ: قَالَ الْحَارِثُ بْنُ قَيْسٍ (1) لِعَبْدِ اللَّهِ: عِنْدَ اللَّهِ نَحْتَسِبُ مَا سَبَقْتُمُونَا بِهِ يَا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ مِنْ رُؤْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: نَحْتَسِبُ إِيمَانَكُمْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ تروه (2) .

_ = وهو في المطبوع (3 / 69 رقم 2899) ، فقال: حدثنا يحيى بن سعيد الأموي، عن الأعمش ... ، فذكره بنحوه. وأخرجه ابن منده في "الإيمان" (2 / 371 رقم 209) من طريق جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ الأعمش، به نحوه. ومن طريق الأعمش أخرجه ابن مردويه كما في "تفسير ابن كثير" (1 / 41) . وعلقه البغوي في "تفسيره" (1 / 47) عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ. وانظر الحديث الآتي بعده. (1) هو الحارث بن قيس الجُعْفي الكوفي، روى عن ابن مسعود وعلي - رضي الله عنهما -، روى عنه خيثمة ويحيى بن هانئ وأبو داود الأعمى، وهو ثقة من الطبقة الثانية كما في "التقريب" (ص147 رقم 1043) ، قال ابن سيرين: ((أدركت الكوفة وبها أربعة ممن يُعَدّ بالفقه، فمن بدأ بالحارث ثنّى بعَبيدة، ومن بدا بعبيدة ثنى بالحارث، ثم علقمة الثالث، وشريح الرابع)) ، قال ابن سيرين: ((وإن أربعة أخسهم شريح لخيار)) ، وعدّه خيثمة في أصحاب ابن مسعود، وقال: ((وكانوا معجبين به)) ، وقال خيثمة أيضًا: ((كان الحارث بن قيس يجلس إليه الرجل والرجلان فيحدثهم، فإذا كثروا قام وتركهم، وهو من خيار أهل الكوفة)) ، وقال إبراهيم النخعي: ((انتهى علم أهل الكوفة إلى ستة من أصحاب عبد الله بن مسعود، فهم الذين كانوا يفتون الناس ويعلمونهم ويفتونهم: علقمة بن قيس النخعي، والأسود بن يزيد النخعي، ومسروق بن الأجدع الهمداني، وعبيدة السلماني، والحارث بن قيس الجعفي، وعمرو بن شرحبيل الهمداني)) ، وقال ابن المديني: ((أعلم الناس بعبد الله: علقمة والأسود وعبيدة والحارث بن قيس =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {خَتَمَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} ] 182- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ؛ قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا أَبُو الأشْهب (1) ، عَنِ الْحَسَنِ، وَأَبِي رَجَاءٍ (2) ، قَرَأَ أَحَدُهُمَا: (غُشَاوَة) والآخر: (غَشْوَة) .

_ = وعمرو بن شرحبيل، وآخر ذكره، فكان علم هؤلاء وحديثهم انتهى إلى سفيان ابن سعيد، وكان يحيى بن سعيد بعد سفيان يعجبه هذا الطريق ويسلكه)) ، وذكره ابن حبان في الثقات، وكان أبو موسى الأشعري - فيما يظهر - حريصًا على الصلاة عليه، فإنه صلى عليه بعد ما صُلّي عليه. انظر "المعرفة والتاريخ" للفسوي (1 / 221 و 714) و (2 / 558) و (3 / 142 و 365) ، و"التهذيب" (2 / 154 - 155 رقم 266) . (2) هذا ما جاء في السنن من لفظ الحديث، وعند أبي الليث السمرقندي في "تفسيره" (1 / 255 - 256) زيادة قوله: [وإن أفضل الإيمان إيمان بالغيب، ثم قرأ عبد الله: {الذين يؤمنون بالغيب} ] . [181] الحديث بإسناد المصنف صورته صورة المرسل؛ سقطت منه الواسطة بين سفيان بن عيينة والحارث بن قيس، وأصبح الحديث من رواية سفيان، مع أن بينه وبين ابن مسعود بونًا شاسعًا، والصواب ما جاء في رواية أبي الليث السمرقندي؛ فإنه أخرج الحديث في "تفسيره" (1 / 255 - 256) من طريق أبي عبيد الله سعيد بن عبد الرحمن المخزومي، عن سفيان قال: حدثنا أصحابنا عن الحارث بن قيس ... ، فذكره بنحوه مع الزيادة التي سبقت الإشارة إليها. وسفيان أخرجه في "تفسيره" كما في "الدر المنثور" (1 / 65) ، وزاد السيوطي نسبته لابن الأنباري وخلطه بالحديث السابق رقم [180] . وعليه فالحديث ضعيف من هذا الطريق لإبهام الواسطة بين سفيان والحارث، لكن يشهد له الحديث السابق، فأقل أحواله أنه حسن لغيره، والله أعلم. (1) هو جعفر بن حيّان السَّعْدي، أبو الأَشْهب العُطَاردي، البصري، مشهور بكنيته، =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَكَادُ البَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ} ] 183- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا عَبَّادُ بْنُ رَاشِدٍ (1) قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: {يَكَادُ البَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ} .

_ = يروي عن أبي رجاء العُطَارُدي والحسن البصري وأبي نضرة وغيرهم، روى عنه هنا هشيم، وروى عنه أيضًا ابن المبارك ويحيى القطان ويزيد بن هارون وابن عليّة وغيرهم، وهو ثقة، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم: وقال ابن المديني: ((ثقة ثبت)) ، وقال ابن سعد: ((كان ثقة إن شاء الله)) ، وقال الإمام أحمد: ((صدوق)) ، وفي رواية: ((من الثقات)) ، وكانت ولادته سنة سبعين أو إحدى وسبعين للهجرة، ووفاته سنة خمس وستين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (2 / 477 - 478 رقم 1942) ، و"التهذيب" (2 / 88 رقم 135) ، و"التقريب" (ص140 رقم 935) . (2) هو عمران بن مِلْحان. [182] سنده صحيح. وقد ذكر السيوطي في "الدر" (1 / 73) وعزاه لسعيد بن منصور فقط. وقال القرطبي في "تفسيره" (1 / 191 - 192) : ((وقرا الحسن: (غُشَاوة) بضم الغين، وقرأ أبو حيوة بفتحها، وروي عن أبي عمرو: (غَشْوة) ، ردّه إلى المصدر) . (1) هو عباد بن راشد التميمي، مولاهم، البزار - آخره راء -، البصري، روى عن ثابت البُناني والحسن البصري وداود بن أبي هند وغيرهم، روى عنه هشيم وعبد الرزاق وابن المبارك وغيرهم، وهو صدوق، قال الإمام أحمد: ((شيخ ثقة صدوق صالح)) ، وقال ابن شاهين: ((ثقة ثقة، قاله أحمد)) ، ووثقه العجلي والبزار، وقال الساجي: ((صدوق)) ، وقال البخاري: ((روى عنه عبد الرحمن، وتركه يحيى القطان)) ، وذكر الفلاس نحو قول البخاري هذا، وقال أبو حاتم: ((صالح الحديث)) ، وأنكر على البخاري إدخال اسمه في كتاب الضعفاء، وقال: ((يُحوَّل من هناك)) ، وقال ابن معين: ((صالح)) ، وفي رواية: ((حديثه ليس بالقوي، ولكن يكتب)) ، وفي رواية: ((ضعيف)) ، وضعفه أيضًا أبو داود، وقال النسائي: ((ليس بالقوي)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (6 / 79 رقم 406) ، و"تاريخ أسماء الثقات" لابن شاهين (ص171 رقم 1016) ، و"التهذيب" (5 / 92 - 93 رقم 154) . أقول: وهذا الراوي مختلف فيه كما سبق، فوثقه أحمد وغيره وضعفه آخرون، فالذي يظهر أنه ليس في الضبط كشعبة وسفيان وغيرهما، ولا هو ممن ينحطّ =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} ] 184- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ (1) أَوْ غَيْرِهِ (2) ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} ، قَالَ: عَلِمَ مِنْ إِبْلِيسَ الْمَعْصِيَةَ، وخلقه لها.

_ = حديثه عن درجة الحسن، فهو صدوق حسن الحديث، وأولى الأقوال به قول الساجي: ((صدوق)) ، وهذا هو الذي اختاره الذهبي - رحمه الله -؛ حيث ذكره في "السير" (7 / 181) وقال: صدوق إمام)) ، وذكره في "الميزان" (2 / 365 رقم 4113) وقال: صدوق، وكذا قال في ((من تكلم فيه وهو موثق)) (ص105 رقم 173) . [183] سنده حسن لذاته. وقد أخرجه وكيع من طريق مبارك بن فضالة قال: سمعت الحسن يقرؤها: {يكاد البرق يخطف أبصارهم} ، ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 84) ، إلا أنه تصحف فيه اسم (الحسن) إلى: (الحسين) ، ومبارك معروف بروايته عن الحسن البصري كما يتضح من "التهذيب" (10 / 28) . وقوله تعالى: {يخطف} ذكر النحاس أن فيها سبعة أوجه، والقراءة الفصيحة: {يَخْطَفُ} . وللحسن البصري فيها قراءتان: (يخِطِف) بفتح الياء وكسر الخاء. انظر "تفسير القرطبي" (1 / 222) . (1) هو عبد الله بن أبي نَجيح يَسَار المكِّي، أبو يسار الثَّقَفي، مولاهم، روى عن أبيه وعطاء ومجاهد وعكرمة وطاوس وغيرهم، روى عنه شعبة والسفيانان وَوَرْقَاء وشِبْل بن عبّاد وغيرهم، وهو ثقة رمي بالقدر، ومدلس من الطبقة الثالثة وهم من أكثر من التدليس، فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع، وقد روى له الجماعة ووثقه الإمام أحمد وابن معين وأبو زرعة والنسائي والعجلي وزاد: ((كان يرى القدر، أفسده عمرو بن عبيد)) ، وقال ابن معين: ((كان مشهورًا بالقدر)) ، وقال الإمام أحمد: ((أصحاب ابن أبي نجيح قدرية كلهم، ولم يكونوا أصحاب كلام)) ، وذكره النسائي فيمن يدلس، وكانت وفاته سنة إحدى أو اثنتين وثلاثين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 203 رقم 947) ، و"التهذيب" (6 / 54 - 55 رقم 101) ، و"التقريب" (ص326 رقم 3662) ، و"طبقات المدلسين" (ص90 رقم 77) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وابن أبي نجيح يروي التفسير عن مجاهد، وقد اختُلف في صحة روايته للتفسير، فقال يحيى بن سعيد القطان: ((لم يسمع ابن أبي نجيح التفسير من مجاهد)) ، في حين قال وكيع: ((كان سفيان - أي: الثوري - يصحح تفسير ابن أبي نجيح)) ، والذي يظهر - والله أعلم - أن روايته للتفسير صحيحة، لكنه لم يسمعه من مجاهد إلا بواسطة القاسم بن أبي بَزَّة، يقول ابن حبان: ((ابن أبي نجيج نظير ابن جريج في كتاب القاسم بن أبي بزّة عن مجاهد في التفسير، رويا عن مجاهد من غير سماع)) . انظر الموضع السابق من "التهذيب". ويقول شيخ الإسلام بن تيمية - رحمه الله -: ((وأخص أصحابه - يعني ابن عباس - بالتفسير: مجاهد، وعلى تفسير مجاهد يعتمد أكثر الأئمة، كالثوري، والشافعي، وأحمد بن حنبل، والبخاري، قال الثوري: إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به. والشافعي في كتبه أكثر الذي ينقله عن ابن عيينة، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد، وكذلك البخاري في "صحيحه" يعتمد على هذا التفسير، وقول القائل: لا تصح رواية ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ جوابه: أن تفسير ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ من أصح التفاسير، بل ليس بأيدي أهل التفسير كتاب في التفسير أصح من تفسير ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ، إلا أن يكون نظيره في الصحة)) . اهـ. من "الفتاوى" (1 / 408 - 409) ، وانظر "مقدمة تفسير مجاهد" للشيخ عبد الرحمن السورتي (ص58 - 60) . وأما الواسطة بين مجاهد وابن أبي نجيح فهو القاسم بن أبي بَزَّة - بفتح الموحدة وتشديد الزاي -، المكي، المخزومي، مولاهم، أبو عبد الله، ويقال أبو عاصم، القارئ، وهو ثقة روى له الجماعة، ووثقه ابن معين والعجلي والنسائي وغيرهم، وقال ابن حبان: ((لم يسمع التفسير من مجاهد غير القاسم، وكل من يروي عن مجاهد التفسير، فإنما أخذه من كتاب القاسم)) . اهـ. من "تاريخ الثقات" للعجلي (ص368 رقم 1364) ، و"التهذيب" (8 / 310 رقم 560) ، و"التقريب" (ص449 رقم 5452) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ (2) الشك من سعيد بن منصور - فيما يظهر -، والصحيح أنه عن ابن أبي نجيح كما يتضح من التخريج. [184] سنده صحيح. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 114) للمصنِّف ووكيع وسفيان بن عيينة وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير. وهو في "تفسير مجاهد" (ص72) من رواية ورقاء، عن ابن أبي نجيح، به مثله. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (1 / 478 رقم 632 و 633) من طريق حمزة الزيّات وعيسى بن ميمون وشبل، ثلاثتهم عن ابن أبي نجيح نحوه، إلا أن في رواية حمزة: ((علم من إبليس كتمانه الكبر أن لا يسجد لآدم)) . وأخرجه ابن جرير أيضًا (1 / 477 رقم 628) من طريق أبي أحمد الزُّبيري ومؤمّل، كلاهما عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ أبي نجيح، به مثله. وأخرجه عبد الله بن الإمام أحمد في "السنّة" (2 / 426 رقم 938) . وابن جرير (1 / 478 رقم 634) . كلاهما من طريق وكيع، عن سفيان الثوري، عن رجل، عن مجاهد، به مثله. وأخرجه ابن جرير برقم (635) من طريق عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ سفيان الثوري، قال: قال مجاهد ... ، فذكره بمثله هكذا لم يذكر واسطة بين سفيان ومجاهد. وأخرجه عبد الله بن أحمد مقرونًا بالرواية السابقة، من طريق محمد بن بشر، عن سفيان الثوري، عن علي بن بَذِيمة، عن مجاهد. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (1 / 477 رقم 629 و 630) من طريق محمد بن بشر ويحيى بن اليمان، كلاهما عن سفيان الثوري، عن علي بن بذيمة، عن مجاهد، به مثله. وأخرجه أيضًا (1 / 479 رقم 637) من طريق عبد الرزاق، عن سفيان الثوري، عن علي بن بذيمة، عن مجاهد، به مثله. =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ} ] 185- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ الْحَسَنِ، فَسَأَلَهُ الْحَسَنُ بْنُ دِينَارٍ (1) ، فَقَالَ: يَا أَبَا سَعِيدٍ أَرَأَيْتَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِلْمَلَائِكَةِ: {وَأَعْلَمُ (2) مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ} ، مَا الَّذِي كَتَمَتِ الْمَلَائِكَةُ؟ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا خَلَقَ آدَمَ، رَأَتِ الْمَلَائِكَةُ خَلْقًا عَجَبًا، فَكَأَنَّهُمْ دَخَلَهُمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، ثُمَّ أَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، فَأَسَرُّوا ذَلِكَ بَيْنَهُمْ، فَقَالُوا: وَمَا يَهُمُّكم مِنْ أَمْرِ هَذَا الْمَخْلُوقِ؟ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَخْلُقُ خَلْقًا إِلَّا كُنَّا أَكْرَمَ عليه منه.

_ = وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / 114 رقم 338) من طريق محمد بن مسلم، عن علي بن بَذِيمة، به مثله. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (631 و 636) من طريق القاسم بن أبي بَزَّة وعبد الوهاب بن مجاهد، كلاهما عن مجاهد، به مثله، زاد عبد الوهاب في روايته: ((وعلم من آدم الطاعة وخلقه لها)) . وأخرجه عثمان بن سعيد الدارمي في "الرد على الجهمية" (ص70) من طريق عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ ابن جريج عن مجاهد، به مثله. (1) هو الحسن بن دينار التَّميمي، أبو سعيد البصري، ويقال له: الحسن بن واصل، روى عن الحسن البصري، ومحمد بن سيرين، روى عنه زهير بن معاوية ومحمد بن إسحاق وأبو داود الطيالسي وغيرهم، وهو متروك الحديث، تركه يحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي وابن المبارك ووكيع، وقال ابن حبان: ((تركه وكيع وابن المبارك، فأما أحمد ويحيى فكانا يكذبانه)) ، وقال الفلاس: ((أجمع أهل العلم بالحديث أنه لا يروى عن الحسن بن دينار)) ، وكذبه أبو خيثمة، =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} ] 186- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا الْحَسَنُ بْنُ يَزِيدَ الأصَمَّ (1) ، قَالَ: سَمِعْتُ السُّدِّي (2) يَقُولُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} قَالَ: رَبِّ خَلَقْتَنِي بِيَدِكَ، وَنَفَخْتَ فيَّ مِنْ رُوحِكَ، فَسَبَقَتْ رَحْمَتُكَ غَضَبَكَ، أَرَأَيْتَ إِنْ تُبْتُ، وَأَصْلَحْتُ، هَلْ أَنْتَ رَادُّنِي إِلَى الْجَنَّةِ؟ قال: قيل: نعم.

_ = وقال ابن معين: ((ليس بشيء)) ، وقال أبو حاتم: ((متروك الحديث كذاب)) ، وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: ((ترك أبو زرعة حديث الحسن بن دينار ولم يقرأه علينا، فقيل له: عندنا مكتوب، قال: اضربوا عليه)) ، وقال النسائي: ((ليس بثقة ولا يكتب حديثه)) ، وفي رواية: ((متروك الحديث)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 11 - 12 رقم 37) ، و"الكامل" لابن عدي (2 / 710 - 717) ، و"الميزان" (1 / 487 - 489 رقم 1843) ، و"اللسان" (2 / 203 - 205 رقم 918) . (2) في الأصل: (إني أعلم) . [185] سنده صحيح عن الحسن البصري لكنه لم يذكر المصدر الذي تلقى منه هذا الحديث، ولا يبعد أن يكون هذا من الإسرائيليات، وأما الحسن بن دينار فلا يؤثر في سند الحديث؛ لأنه لا يعدو عن كونه سائلاً، وقد صرح مهدي بن ميمون بتلقيه له عن الحسن البصري. والحديث أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (1 / 499 رقم 682) من طريق الحجاج بن منهال الأنماطي، عن مهدي بن ميمون، به نحوه. وعزاه السيوطي في "الدر" (1 / 122) لعبد بن حميد وابن جرير فقط. (1) هو الحسن بن يزيد الأَصَمّ مولى قريش، أبو علي الكوفي، يروي عن السُّدِّي، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = روى عنه سعيد بن منصور وزكريا بن يحيى زحمويه وسريج بن يونس وغيرهم، وهو ثقة، قال الإمام أحمد: ((ثقة ليس به بأس، إلا أنه حدث عن السدي، عن أوس بن ضَمْعَج)) ، وقال ابن معين: ((ثقة)) ، وقال أبو حاتم: ((لا بأس به)) ، وقال الدارقطني: ((لا بأس به، ثقة مستقيم الحديث)) ، وذكره ابن حبان وابن شاهين في ثقاتيهما. اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 43 رقم 183) ، و ((من كلام أبي زكريا يحيى بن معين في الرجال)) لابن طهمان البادي (ص94 رقم 292) ، و"تاريخ أسماء الثقات" لابن شاهين (ص60 رقم 200) ، و"تاريخ بغداد" (7 / 450 - 451 رقم 4021) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع (6 / 346) ، و"التهذيب" (2 / 328 رقم 571) . وقد خالف ابن عدي هؤلاء الذين وثقوا الحسن بن يزيد، فذكره في "الكامل" (2 / 738 - 739) وقال: ((ليس بالقوي)) ، وذكر له بعض الأحاديث التي انتقدها عليه وهي قليلة، ومنها الحديث الذي أشار إليه الإمام أحمد، وهو الذي يرويه الحسن، عن السدي، عن أوس بن ضَمْعَج، عن ابن مسعود مرفوعًا: ((يؤم القوم أقرؤهم ... )) الحديث. وهذا الحديث والأحاديث التي ذكرها ابن عدي ليس عندنا ما يدل على تحميل الحسن بن يزيد تبعتها، فقد يكون الخطأ فيها من السدي، وهو صدوق يهم كما تقدم في الحديث [174] ، فالحسن أوثق منه. (2) هو إسماعيل بن عبد الرحمن. [186] سنده صحيح عن السُّدِّي، لوم يذكر السُّدِّي هنا عمّن أخذه، وسيأتي أنه أخذه عن ابن عباس بواسطة، ولا يصح عن ابن عباس. وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (1 / 543 - 544 رقم 780) من طريق أَسْبَاط، عن السُّدِّي: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ} ، قال: رب، ألم تخلقني بيدك؟ قيل له: بلى، قال: ونفخت فيّ من روحك؟ قيل له: بلى، قال: وسبقت رحمتك غضبك؟ قيل له: بلى، قال: رب، هل كنت كتبت هذا عليّ؟ =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = قيل له: نعم، قال: رب، إِنْ تُبْتُ وَأَصْلَحْتُ، هَلْ أَنْتَ راجعي إلى الجنة؟ قيل له: نعم، قال الله تعالى: {ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى} [الآية (122) من سورة طه] . وهذا الذي ذكر السُّدِّي أخذه عن ابن عباس بواسطة. فقد أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / 135 رقم 411) من طريق إسرائيل، عن السدي، عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ} قال: قال: آدم ... ، فذكره بنحوه، وزاد فيه: ((وعطسْتُ فقلتَ: يرحمك الله، وسبقت رحمتك غضبك؟ قيل: بلى، وكتبت عليّ أن أعمل هذا؟ قيل له: بلى)) . وهذا سند ضعيف للكلام في حفظ السدي، وجهالة شيخه، وقد روي من غير هذا الطريق. فأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (1 / 542 رقم 775) من طريق ابن عطية، عن قيس، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ المنهال بن عمرو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عباس، به نحو سياق المؤلف، وزاد فيه: ((قال: أي رب، ألم تسكني جنتك؟ قال: بلى)) . والحديث بهذا الإسناد موضوع. فمحمد بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى الأنصاري، الكوفي، أبو عبد الرحمن، القاضي صدوق، إلا أنه سيء الحفظ جدًّا، وهو يروي عن أخيه عيسى، وعن نافع مولى ابن عمر وأبي الزبير المكّي وعطاء بن أبي رباح والمنهال بن عمرو وغيرهم، روى عنه ابنه عمران وشعبة والثوري وقيس بن الربيع وغيرهم، قال شعبة: ((ما رأيت أحدًا أسوأ حفظًا من ابن أبي ليلى)) ، وقال ابن المديني: ((كان سيء الحفظ واهي الحديث)) ، وقال الإمام أحمد: ((كان سيء الحفظ مضطرب الحديث، كان فقه ابن أبي ليلى أحب إلينا من حديثه)) ، وقال أبو حاتم: ((محله الصدق، كان سيء الحفظ، شغل بالقضاء فساء حفظه، لا يتهم بشيء من الكذب، إنما ينكر عليه كثرة الخطأ، يكتب حديثه ولا يحتج به)) ، وقال ابن حبان: ((كان فاحش الخطأ، ردي الحفظ، فكثرت المناكير في روايته، تركه أحمد ويحيى)) ، وقال الدارقطني: ((كان رديء الحفظ كثير الوهم)) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وكانت وفاته سنة ثمان وأربعين ومائة. اهـ. من "الكامل" لابن عدي (6 / 2191 - 2195) ، و"التهذيب" (9 / 301 - 303 رقم 501) ، و"التقريب" (ص493 رقم 6081) . وقيس بن الربيع تقدم في الحديث [54] أنه صدوق، إلا أن تغير لما كبر، وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدث به. ومحمد بن الفضل بن عطية بن عمر العَبْدي، مولاهم، الكوفي، نزيل بخارى يروي عن أبيه وأبي إسحاق السبيعي وزيد بن أسلم وعمرو بن دينار وقيس بن الربيع وغيرهم روى عنه قيس بن الربيع وهو من شيوخه، وبقيّة بن الوليد وأبو أسامة حماد بن أسامة وعيسى بن موسى غنجار وغيرهم، وهو كذاب، كذبه ابن معين وعمرو بن علي الفلاس والنسائي وابن خراش وغيرهم، وقال الإمام أحمد: ((ليس بشيء، حديثه حديث أهل الكذب)) ، وقال الجوزجاني: ((كان كذابًا، سألت ابن حنبل عنه فقال: ذاك عجب يجيئك بالطامات)) ، وقال صالح بن محمد: ((كان يضع الحديث)) ، وكانت وفاته سنة ثمانين ومائة. اهـ. من "الكامل" (6 / 2170 - 2174) ، و"التهذيب" (9 / 401 - 402 رقم 656) . وقد روي عن قيس من وجه آخر. فأخرجه ابن جرير أيضًا (1 / 543 رقم 776) من طريق محمد بن مصعب، عن قيس بن الربيع، عن عاصم بن كليب، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عباس نحو سابقه. وسنده ضعيف جدًّا لما تقدم عن حال قيس، وفيه محمد بن مصعب بن صدقة القَرْقَساني، وتقدم في الحديث [179] أنه صدوق كثير الغلط. وعليه فالحديث لا يصح عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الكَافِرِينَ} ] 187- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمش، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( (إِذَا قَرَأَ ابْنُ آدَمَ) (1) السَّجْدَةَ، فَسَجَدَ، اعْتَزَلَ الشَّيْطَانُ يَبْكِي وَيَقُولُ: يَا وَيْلَهُ! أُمِرَ ابْنُ آدَمَ بِالسُّجُودِ، فَسَجَدَ، (فَلَهُ) (1) الْجَنَّةُ، (وأمرتُ) (2) بِالسُّجُودِ، فأَبَيْتُ، فَلِيَ النار)) .

_ (1) ما بين القوسين سقط من الأصل، فأثبته من مصادر التخريج. (2) في الأصل: (وأمر) ، وصوبته من مصادر التخريج. [187] سنده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم في "صحيحه" (1 / 87 رقم 81) في الإيمان، باب: بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة. وابن ماجه في "سننه" (1 / 334 رقم 1052) في إقامة الصلاة، باب: سجود القرآن. وابن خزيمة في "صحيحه" (1 / 276 - 277 رقم 549) . والبيهقي في "سننه" (2 / 312) في الصلاة، باب: فضل سجود التلاوة. والبغوي في "شرح السنة" (3 / 147 - 148) . أما مسلم فمن طريق ابن أبي شيبة وأبي كريب، وأما ابن ماجه فمن طريق ابن أبي شيبة، وأما ابن خزيمة فمن طريق مسلم بن جنادة، وأما البيهقي فمن طريق أحمد بن عبد الجبار العطاردي، وأما البغوي فمن طريق إسحاق بن راهويه الحنظلي، جميعهم عن أبي معاوية، به مثله، عدا لفظ أبي كريب عند مسلم ولفظ البغوي فبنحوه. وأخرجه وكيع في نسخته عن الأعمش (ص95 - 96 رقم 40) . =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ * فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ} ] 188- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ بَيَان (1) ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَعْدَة بْنِ هُبَيْرة (2) ، قَالَ: الشَّجَرَةُ الَّتِي افْتتَنَ بِهَا آدَمُ: شَجَرَةُ الكَرْم (3) ، وَجُعِلَتْ فِتْنَةً لِوَلَدِهِ بَعْدَهُ.

_ = وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (2 / 443) من طريق وكيع ويعلى بن عبيد وأخيه محمد. والمروزي في "زوائده على الزهد" لابن المبارك (ص349 رقم 981) من طريق الفضل بن موسى ومحمد بن عبيد. ومسلم في الموضع السابق من "صحيحه" (1 / 88 رقم 81) من طريق وكيع. وابن خزيمة في الموضع السابق من طريق جرير. وأبو نعيم في "الحلية" (5 / 60) من طريق عبد العزيز بن مسلم. والخطيب في "تاريخه" (7 / 324) من طريق يعلى بن عبيد. والبغوي في "شرح السنة" (3 / 147 - 148 رقم 653) من طريق يعلى بن عبيد وجرير ووكيع، وفي "تفسيره" (2 / 227) من طريق يعلى بن عبيد. جميعهم عن الأعمش، به نحوه، إلا أن وكيعًا قال: ( ... عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هريرة أو عن أبي سعيد - شك الأعمش - ... ) إلخ. (1) هو بَيَان بن بشر الأَحْمسي - بمهملتين -، البَجَلي، أبو بشر الكوفي، روى عن أنس وقيس بن أبي حازم وعامر الشعبي وَوَبْرَة بن عبد الرحمن وإبراهيم التيمي وأبي عمرو الشيباني وغيرهم، روى عنه شعبة والسفيانان وأبو عوانة وجرير بن عبد الحميد وخالد بن عبد الله الطحّان وغيرهم، وهو ثقة ثبت، روى له الجماعة، ووثقه أحمد وابن معين وأبو حاتم والنسائي ويعقوب بن سفيان والعجلي وزاد: ((وليس بكثير الحديث، روى أقل من مائة حديث)) ، وقال =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = يعقوب بن شيبة: ((كان ثقة ثبتًا)) ، وقال الدارقطني: ((هو أحد الثقات الأثبات)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (2 /424 - 425 رقم 1687) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع (4 / 303 - 305) ، و"التهذيب" (1 / 506 رقم 941) ، و"التقريب" (ص129 رقم 789) . (2) هو جَعْدَة بن هُبَيْرة بن أبي وَهْب المَخْزُومي، الكوفي صحابي صغير له رؤية، وهو ابن أم هانئ بنت أبي طالب، روى عن خاله علي بن أبي طالب، وأرسل عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - روى عنه أبو فاختة ومجاهد وأبو الضحى وغيرهم، قال العجلي: ((تابعي مدني ثقة)) ، وذكره في التابعين: البخاري وأبو حاتم وابن حبان، وذكره البغوي في الصحابة، وقال: ((يقال إنه ولد في عهد النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وليست له صحبة)) ، وقال ابن معين: ((لم يسمع من النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -)) ، وكانت وفاته في خلافة معاوية. وجعدة هذا هو الراوي لحديث: ((خير الناس قرني)) ، وقد فرّق بينهما ابن عبد البر فوهم، وتابعه على وهمه المزِّي والعلائي، والصواب أنهما واحد. انظر "تاريخ الثقات" للعجلي (ص96 رقم 207) ، و"الجرح والتعديل" (2 / 526 رقم 2187) ، و"الإصابة" (1 / 483 - 484 و 527 - 528 رقم 1162 و 1163 و 1267) ، و"التهذيب" (2 / 81 - 82 رقم 126 و 127) ، و"التقريب" (ص139 رقم 927 و 928) . أقول: والراوي عن جعدة هنا هو عامر الشعبي، ولم أجد من نص على أنه روى عنه أو نفى ذلك عنه، وروايته عنه محتملة، فكلاهما كوفي، وقد تعاصرا، فجعدة ولد في عهد النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وتوفي في خلافة معاوية، والشعبي تقدم في ترجمته في الحديث [39] أنه ولد لست سنين خلت من خلافة عمر، وتوفي بعد المائة على الخلاف المذكور في ترجمته في سنة وفاته. (3) أي شجرة العنب كما في "لسان العرب" (12 / 514) ، وانظر التعليق على الحديث الآتي برقم [821] . =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الخَاشِعِينَ} ] 189- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ صَفْوان (1) ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ (2) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ فِي مَسِيرٍ لَهُ، فَنُعِيَ (3) إِلَيْهِ ابْنٌ لَهُ، فَنَزَلَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ اسْتَرْجَعَ، وَقَالَ: فَعَلْنَا كَمَا أَمَرَنَا الله تعالى [ل111/ب] : {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} .

_ [188] سنده صحيح. وقد أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (1 / 34) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (1 / 519 رقم 735) . أما ابن سعد فمن طريق خالد بن خداش، وأما الطبري فمن طريق الحسين بن حسن البصري، كلاهما عن خالد بن عبد الله الطحان الواسطي، به، ولفظ ابن سعد نحوه، وأما لفظ ابن جرير فقال فيه: عن جعد بن هبيرة: {ولا تقربا هذه الشجرة} ، قال: الكرم. وأخرجه ابن جرير أيضًا في الموضع نفسه برقم (734) من طريق خلاد الصفار، عن بيان، بمثل لفظه السابق. وأخرجه ابن جرير أيضًا في الموضع نفسه برقم (733 و 736) من طريق هشيم وجرير، كلاهما عن مغيرة، عن الشعبي، به، ولفظه في الموضع الأول: قال: هو العنب في قوله: {ولا تقربا هذه الشجرة} ، وفي الموضع الثاني: قال: الشجرة التي نهي عنها آدم: شجرة الخمر. وذكر السيوطي فهذا الأثر في "الدر المنثور" (1 / 129) وعزاه أيضًا لوكيع وأبي الشيخ. (1) مجهول الحال، ذكر البخاري في "تاريخه" (3 / 156 رقم 536) وسكت عنه، وبيض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (3 / 336 رقم 1516) ، وذكره =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ابن حبان في "الثقات" (6 / 257) ، روى عن زيد بن علي، ولم يذكروا أنه روى عنه سوى هشيم، لكن أورد الفسوي في "المعرفة والتاريخ" (2 / 51) خبرًا من رواية محمد بن ذَكْوان عنه. (2) هو زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو الحسين المدني الذي تنسب إليه الزيدية، روى عن أبيه وأخيه أبي جعفر الباقر وعروة بن الزبير وغيرهم، روى عنه ابناه حسين وعيسى وابن أخيه جعفر بن محمد والزهري والأعمش وخالد بن صفوان وغيرهم، وهو ثقة ذكره ابن حبان في ثقاته وقال: ((رأى جماعة مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -)) ، وقال عمرو بن القاسم: ((دخلت على جعفر بن محمد وعنده أناس من الرافضة، فقلت: إن هؤلاء يبرؤون من عمك زيد، فقال: برئ الله ممن تبرأ منه، كان والله أقرأنا لكتاب الله، وأفقهنا في دين الله، وأوصلنا للرحم، ما ترك فينا مثله)) ، وكان رحمه الله قد خرج على هشام بن عبد الملك، فقتله واليه أمير العراقين يوسف بن عمر الثقفي، وصلب، وبقي معلقًا أربعة أيام، ثم أنزل فأُحرق، وذلك سنة اثتنين وعشرين ومائة وهو ابن اثنتين وأربعين سنة. يقول الذهبي - رحمه الله -: ((كان أحد العلماء الصلحاء، بدت منه هفوة فاستشهد، فكانت سببًا لرفع درجته في آخرته)) . اهـ. من "الثقات" لابن حبان (4 / 249 - 250) و (6 / 313) ، و"تاريخ الإسلام" للذهبي (ص105 - 108، حوادث وفيات 121 - 140هـ) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع (10 / 96) ، و"تهذيب التهذيب" (3 / 419 - 420 رقم 769) ، و"التقريب" (ص224 رقم 2149) . (3) أي: أُخبر بموته. انظر "النهاية في غريب الحديث" (5 / 85) . [189] سنده ضعيف لجهالة حال خالد بن صفوان والانقطاع بن زيد بن علي وابن عباس، فابن عباس قيل: إنه توفي سنة ثمان وستين، وقيل: تسع وستين، وقيل سنة سبعين كما في "التهذيب" (5 / 278) ، وأما زيد فتقدم أنه قتل سنة اثنتين وعشرين ومائة وله من العمر اثنتان وأربعين سنة، فتكون ولادته سنة ثمانين =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا} ] 190- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حُصَيْن (1) ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ (2) - فِي قَوْلِهِ عز وجل: {وَفُومِهَا} قال: يعني الحِنْطة.

_ = أو قريبًا منها، لكن الحديث صحّ من وجه آخر عن ابن عباس كما سيأتي برقم [231] ، وفيه أن الذي نعي لابن عباس هو أخوه قُثَم، وليس ابنه. وسيعيد المصنف هذا الحديث برقم [232] بنفس الإسناد مع اختلاف يسير في المتن. والحديث أخرجه البخاري في "تاريخه" (3 / 156) من طريق قتيبة، عن هشيم، عن خَالِدُ بْنُ صَفْوَانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أنه أصابته مصيبة فصلى. وأخرجه محمد بن نصر في "تعظيم قدر الصلاة" (1 / 222 رقم 201) من طريق يحيى بن يحيى، عن هشيم، به نحو لفظ المصنف. وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (2 / 269 - 270) من طريق عمرو بن عون الواسطي، عن هشيم، عن خَالِدُ بْنُ صَفْوَانَ، عَنْ زَيْدِ بن علي بن الحسين، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قال: جاءه بعض أهله وهو في سفر ... ، الحديث بنحوه. كذا رواه الحاكم موصولاً بزيادة علي بن الحسين والد زيد، ثم قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي. ورواية الحاكم هذه خطأ، والصواب رواية المصنف؛ لأنه وافقه قتيبة بن سعيد عند البخاري في "التاريخ" كما سبق ويحيى بن يحيى عند محمد بن نصر. وذكر السيوطي الحديث في "الدر" (1 / 163) وعزاه للمصنِّف وابن المنذر والحاكم والبيهقي في "شعب الإيمان". والحديث صحيح لغيره بالطريق الآتي برقم [231] . (1) هو ابن عبد الرحمن السلمي، تقدم في الحديث [56] أنه ثقة، وإن كان تغير =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = حفظه في الآخر، فإن الراوي عنه هنا هو خالد بن عبد الله الطحان الواسطي، وهو ممن روى عنه قبل الاختلاط كما تقدم. (2) هو غزوان الغِفَاري، أبو مالك الكوفي، مشهور بكنيته، يروي عن عمار بن ياسر وابن عباس والبراء بن عازب وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه سلمة بن كهيل وإسماعيل السُّدِّي وحصين بن عبد الرحمن وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة الثالثة كما في "التقريب" (ص442 رقم 5354) ، فقد وثقه ابن معين، وذكره ابن حبان في الثقات. انظر "الجرح والتعديل" (7 / 55 رقم 318) ، و"التهذيب" (8 / 245 - 246 رقم 452) ، و"التقريب" (ص442 رقم 5354) . [190] سنده صحيح. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (2 / 128 رقم 1067 و 1069) من طريق يعقوب بن إبراهيم وعمرو بن عون، كلاهما عن هشيم، عن حصين، به نحوه. وذكره السيوطي في "الدر" (1 / 177) وعزاه أيضًا لعبد بن حميد. وقال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (1 / 101) : ((وأما الفوم فقد اختلف السلف في معناه، فوقع في قراءة ابن مسعود: (وثومها) - بالثاء -، وكذا فسره مجاهد في رواية ليث بن أبي سليم عنه بالثوم، وكذا الربيع بن أنس وسعيد بن جبير ... ، وقال آخرون: الفوم الحنطة، وهو البر الذي يعمل منه الخبز....)) ، ثم ذكر ذلك عن ابن عباس من رواية ابن أبي حاتم وابن جرير، ثم قال: ((وكذا قال علي بن أبي طلحة والضحاك عن ابن عباس، وعكرمة عن ابن عباس: أن الفوم: الحنطة)) . وذكر ابن جرير في "تفسيره" (2 / 130) أنه ذُكر أن قراءة ابن مسعود: (ثومها) - بالثاء - ثم قال: ((فإن كان ذلك صحيحًا فإنه من الحروف المبدَلة، كقولهم: وقعوا في عاثور شرّ، وعافور شرّ، وكقولهم للآثافي: أَثَاثِيّ وللمغافير: مغاثير، وما أشبه ذلك مما تقلب الثاء فاء والفاء ثاء؛ لتقارب =

191- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ وَسُئِلَ عَنْهُ (1) ، فَقَالَ: كَمَا يَقْرَأُ عبد الله (وثومها) .

_ = مخرج الفاء من مخرج الثاء)) . اهـ. (1) يعني عن قوله تعالى: (وفومها) . [191] سنده معضل بين سفيان بن عيينة وابن مسعود. وذكره السيوطي في "الدر" (1 / 177) وعزاه للمصنف وابن أبي داود وابن المنذر. والحديث أخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص56) من طريق مسكين بن بُكَير، عن هارون بن موسى، قال: في قراءة ابن مسعود: (من بقلها وقثائها وثومها وعدسها وبصلها) . وسنده معضل أيضًا بين هارون بن موسى الأزدي الأعور وابن مسعود؛ فقد أخرجه ابن أبي داود في الموضع نفسه من الطريق نفسه عن هارون، قال: حدثنا صاحب لنا، عن أبي رَوْق، عن إبراهيم التّيْمي، عن ابن عباس قال: قراءتي قراءة زيد، وأنا آخذ ببضعة عشر حرفًا من قراءة ابن مسعود، هذا أحدها: (من بقلها وقثائها وثومها وعدسها وبصلها) . وهذا إسناد ضعيف لجهالة شيخ هارون. ولم يجزم ابن جرير الطبري بثبوت هذه القراءة عن ابن مسعود، فقال - رحمه الله - في "تفسيره" (2 / 130) : ((وذُكر أن ذلك قراءة عبد الله بن مسعود: (ثومها) - بالثاء -. فإن كان ذلك صحيحًا، فإنه من الحروف المبدلة ... )) إلخ، وانظر التعليق على الحديث السابق.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ} ] 192- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا نُوحُ بْنُ قَيْسٍ (1) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَيْفٍ، عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا} ، قَالَ: هِيَ السَّوْدَاءُ شَدِيدَةُ السَّوَادِ.

_ (1) هو نوح بن قيس بن رَبَاح الأَزْدي، أبو رَوْح البصري، روى عن أخيه خالد بن قيس وثمامة بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ وأيوب السختياني وابن عون ومحمد بن سيف وغيرهم، روى عنه يزيد بن هارون وعفان بن مسلم ومسدَّد وسعيد بن منصور وغيرهم، وهو ثقة رمي بالتشيع؛ وثقه أحمد وابن معين والعجلي وأبو داود وقال: ((يتشيع)) ، وقال النسائي: ((ليس به بأس)) ، وكانت وفاته سنة ثلاث أو أربع وثمانين ومائة. اهـ. من "تاريخ الثقات" للعجلي (ص453 رقم 1706) ، و"سؤالات الآجري" لأبي داود (ص335 رقم 531) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (3 / 1426) ، و"التهذيب" (10 / 485 - 486 رقم 875) . [192] سنده صحيح، وأما متنه فسيأتي الكلام عنه. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (2 / 199 رقم 1218 و 1219) . وابن أبي حاتم في "التفسير" (1 / 220 و 221 رقم 714 و 720) . أما ابن جرير فمن طريق إسماعيل بن مسعود الجَحْدري ومسلم بن إبراهيم، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق نصر بن علي ومسلم بن إبراهيم، ثلاثتهم عن نوح بن قيس، به نحوه. وذكره السيوطي في "الدر" (1 / 191) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن جرير. وذكر ابن جرير في "تفسيره" (2 / 199 - 201) هذا القول وقول من قال: صفراء القرن والظَّلْف، ثم قال: (وأحسب أن الذي قال في قوله: ((صفراء)) ، يعني به سوداء، ذهب إلى قولهم في نعت الإبل السود: ((هذا إبل صفر، وهذه ناقة =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ البَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ لَمُهْتَدُونَ} ] 193- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((لَوْ أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَخَذُوا أَدْنَى بَقَرَةٍ فَذَبَحُوهَا أَجْزَأَتْ عَنْهُمْ، ولكنَّهم شدَّدوا، وَلَوْلَا أَنَّهُمْ قَالُوا: {إِنْ شَاءَ اللهُ لَمُهْتَدُونَ} ما وجدوها)) .

_ = صفراء)) ، يعني بها سوداء، وإنما قيل ذلك في الإبل؛ لأن سوداها يضرب إلى الصفرة ... ، وذلك إن وصفت الإبل به فليس مما توصف به البقر، مع أن العرب لا تصف السواد بالفُقُوع، وإنما تصف السواد - إذا وصفته بالشدة - بالحُلُوكَة ونحوها، فتقول: هو أسود حالك....، ولا تقول: هو أسود فاقع، وإنما تقول: هو أصفر فاقع، فوصفه إياه بالفقوع من الدليل البين على خلاف التأويل الذي تأوَّل قوله: {إنها بقرة صفراء فاقع} المتأوِّل بأن معناه: سوداء شديدة السواد)) . اهـ. بتصرف. ولما ذكر الحافظ ابن كثير قول الحسن هذا في "تفسيره" (1 / 110) قال: (وهذا غريب، والصحيح الأول؛ ولهذا أكَّد صفرتها بأنه: ((فاقع لونها)) . اهـ. والقول الذي صححه ابن كثير هو قول من قال: إنها كانت صفراء. [193] سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى عكرمة. وذكره السيوطي في "الدر" (1 / 189) وعزاه للمصنف والفريابي وابن المنذر. وله شاهد من حديث أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -: ((لولا أن بني إسرائيل قالوا: {وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ} ما أعطوا أبدًا، ولو أنهم اعترضوا بقرة من البقر فذبحوها لأجزأت عنهم، ولكن شددوا فشدد الله عليهم)) . أخرجه ابن مردويه في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" (1 / 111) . والبزار في "مسنده" (3 / 40 رقم 2188 / كشف الأستار) . =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} ] 194- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ؛ قَالَ: نا خَالِدُ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عَطَاءٍ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَقُولُوا (1) لِلنَّاسِ حُسْنًا} قَالَ: لِلنَّاسِ كُلِّهِمْ، لِلْمُشْرِكِ، وَغَيْرِ المشرك.

_ = وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / 223 رقم 727) . ثلاثتهم من طريق أبي عامر سرور بن المغيرة الواسطي ابن أخي منصور بن زاذان، عن عباد بن منصور، عن الحسن، عن أبي رافع، عن أبي هريرة، به واللفظ لابن مردويه، وأما البزار فروى شطره الثاني بنحوه، وأما ابن أبي حاتم فروى شطره الأول بنحوه. قال البزار عقبه: ((لا نعلمه يروى عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد)) . وقال الحافظ ابن كثير بعد أن ذكره في الموضع السابق: ((وهذا حديث غريب من هذا الوجه، وأحسن أحواله أن يكون من كلام أبي هريرة)) . وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (6 / 314) : ((رواه البزار، وفيه عباد بن منصور وهو ضعيف، وبقية رجاله ثقات)) . قلت: والحسن البصري تقدم في الحديث [5] أنه مدلس ولم يصرح بالسماع وعليه فالحديث باقٍ على ضعفه. (1) في الأصل: (وقوا) . [194] سنده صحيح. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (2 / 296 - 297 رقم 1455 و 1456 و 1457) . وابن أبي حاتم (1 / 257 - 258 رقم 848) . أما ابن جرير فمن طريق عبد الرحمن بن محمد المحاربي والقاسم بن مالك المزني وهشيم بن بشير، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق يحيى بن يمان ومحمد بن فضيل ومحمد بن عبيد، جميعهم عن عبد الملك، به مثله دون قوله: =

195- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ (أَبِي) (1) سُلَيْمَانَ قَالَ: كَانَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ يَقْرَأُ: (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً) ، وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَقْرَأُ: (وَقُولُوا للناس حَسَناً) .

_ = (للمشرك وغير المشرك) ، غير أن لفظ المحاربي قال فيه: ((حدثنا عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، قال: سألت عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنِ قول الله جل ثناؤه: {وقولوا للناس حسنًا} ، قال: من لقيت من الناس فقل له حسنًا من القول)) . (1) ما بين القوسين سقط من الأصل، ولابد منه كما يتضح من الحديث السابق. [195] سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف للانقطاع بين عبد الملك وبين زيد وابن مسعود، فعبد الملك لم يذكروا أنه روى عن صحابي غير أنس، ومع ذلك قال أبو حاتم: ((حديثه عن أنس رضي الله عنه مرسل)) . انظر "جامع التحصيل" (ص279 رقم 470) ، و"التهذيب" (6 / 396) . والحديث ذكره السيوطي في "الدر" (1 / 210) وعزاه للمصنف وأبي عبيد وابن المنذر. وأما القراءتان، فالأولى بضم الحاء وسكون السين المهملة، وأما الثانية فبفتحهما. وبفتحهما قرأ حمزة والكسائي، وبضم الحاء قرأ الباقون كما في "حجة القراءات" لابن زَنْجلة (ص103) . وقال ابن جرير في "تفسيره" (2 / 294) : وأما ((الحسن)) فإن القَرَأة اختلفت في قراءته. فقرأته عامة قَرأة الكوفة غير عاصم: ((وقولوا للناس حَسَنًا)) ، بفتح الحاء والسين. وقرأته عامة قراء المدينة: ((حُسْنًا)) بضم الحاء وتسكين السين. واختلف أهل العربية في فرق ما بين معنى قوله: ((حُسْنًا)) ، و ((حَسَنًا)) . فقال بعض البصريين: هو على أحد وجهين: إما أن يكون يراد بـ ((الحَسن)) ((الحُسن)) وكلاهما لغة، كما يقال: ((البُخْل والبَخَل)) ، وإما أن يكون جعل ((الحُسن)) هو ((الحَسن)) في التشبيه. وذلك أن الحُسن ((مصدر)) و ((الحَسن)) ، هو الشيء =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ} ] 196- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: (وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أسْرى) . 197- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: (وَإِنْ يأتوكم أسْرى تفدوهم) .

_ = الحسن. وقال آخر: ((الحُسْن)) هو الاسم العام الجامع جميع معاني الحسن. و ((الحَسَن)) هو البعض من معاني ((الحُسن)) . قال: ولذلك قال جل ثناؤه، إذ أوصى بالوالدين: {وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا} [سورة العنكبوت: 8] ، يعني بذلك أنه وصاه فيهما بجميع معاني الحُسن، وأمر في سائر الناس ببعض الذي أمره به في والديه، فقال: ((وقولوا للناس حَسَنًا)) ، يعني بذلك بعضَ معاني الحُسن. قال أبو جعفر: والذي قاله هذا القائل في معنى ((الحسن)) بضم الحاء وسكون السين، غيرُ بعيد من الصواب، وأنه اسم لنوعه الذي سُمِّي به. وأما ((الحَسَن)) فإنه صفة وقعت لما وصف به، وذلك يقع بخاص. وإذا كان الأمر كذلك، فالصواب من القراءة في قوله: {وقُولُوا للنَّاسِ حَسَنًا} ، لأن القوم إنما أمروا في هذا العهد الذي قيل لهم: ((وقولوا للناس)) باستعمال الحَسَن من القول، دون سائر معاني الحسن الذي يكون بغير القول، وذلك نعتٌ لخاص من معاني الحُسن، وهو القول. فلذلك اخترت قراءته بفتح الحاء والسين، على قراءته بضم الحاء وسكون السين. اهـ. [196 و 197] سندهما ضعيف، مدارهما على مغيرة بن مقسم الضَّبِّي، وهو ثقة متقن، إلا أنه كان يدلس ولا سيّما عن إبراهيم النخعي كما سبق في الحديث [54] ، وهذا من روايته عنه ولم يصرح فيه بالسماع. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 212) وعزاه للمصنف فقط، لكن وقع هناك: {وإن يأتوكم أسارى تفدوهم} . قال أبو جعفر ابن جرير في "تفسيره" (2 / 310 - 312) : (واختلف القَرَأَةُ في قراءة قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تفدوهم} ، فقرأه بعضهم: ((أسرى تَفْدُوهم)) ، وبعضهم ((أَسَارى تُفادُهم)) ، وبعضهم ((أَسَارى تَفدوُهم)) ، وبعضهم ((أسْرى تُفادوهم)) . قال أبو جعفر: فمن قرأ ذلك: ((وإِنْ يَأتوكم أسْرَى)) ، فإنه أراد جمع ((الأسير)) ، إذ كان على ((فعيل)) ، على مثال جَمْع أسماء ذوي العاهات التي يأتي واحدُها على تقدير ((فعيل)) ، إذ كان ((الأسر)) شبيهَ المعنى - في الأذى والمكروه الداخل على الأسير - ببعض معاني العاهات، وألحق جَمْع المستلحَق به بجمع ما وصفنا، فقيل: ((أسير وأسْرى)) ، كما قيل: ((مريض ومَرْضى)) ، وكسير وكَسرى، وجَريح وجَرحْى)) . وقال أبو جعفر: وأما الذين قرأوا ذلك ((أسَارى)) ، فإنهم أخرجوه على مخرج جمع ((فَعلان)) ، إذ كان جمع ((فَعلان)) الذي له ((فَعْلى)) قد يشارك جمع ((فعيل)) كما قالوا: ((سَكارى وسَكْرَى، وكَسالى وكَسلى)) ، فشبهوا ((أسيرًا)) - وجمعوه مرة ((أَسَارى)) ، وأخرى ((أَسْرى)) - بذلك. وكان بعضهم يزعم أن معنى ((الأسرى)) مخالف معنى ((الأسارى)) ، ويزعم أن معنى ((الأسرى)) : استشار القوم بغير أسر من المستأسِر لهم، وأن معنى ((الأسارى)) معنى مصير القوم المأسورين في أيدي الآسرين بِأَسَرْهم وأخْذهم قهرًا وغلبةً. قال أبو جعفر: وذلك ما لا وجه له يفهم في لغة أحد من العرب. ولكن ذلك على ما وصفتُ من جمع ((الأسير)) مرة على ((فَعلى)) لما بينت من العلة، ومرة على ((فَعَالى)) ، لما ذكرت من تشبيههم جمعه بجمع ((سكران وكسلان)) وما أشبه ذلك. وأولى بالصواب في ذلك قراءةُ من قرأ: (وإنْ يَأتوكم أسْرى) ، لأن ((فعالى)) =

198- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ حُميد (1) ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: (أسْرى) . 199- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، قَالَ: نا عَبَّاد بْنُ رَاشِدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُ كَانَ يقرأ: (أسَارى تُفَادُوهم) .

_ = في جمع ((فعيل)) غيرُ مستفيض في كلام العرب، فإذْ كان ذلك غير مستفيض في كلامهم، وكان مستفيضًا فاشيًا فيهم جمعُ ما كان من الصفات - التي بمعنى الآلام والزمانة - وواحدُه على تقدير ((فعيل)) ، على ((فعلى)) ، كالذي وصفنا قبل، وكانَ أحد ذلك ((الأسير)) ، كان الواجب أن يُلحق بنظائره وأشكاله، فيجمع جَمعَها دون غيرها ممن خالفها. وأما من قرأ ((تُفادُوهم)) ، فإنه أراد: إنكم تفدُونهم من أسْرهم، ويفدِي منكم - الذين أسروهم ففادوكم بهم - أسْراكم منهم. وأما من قرأ ذلك ((تَفدوهم)) ، فإذا أراد: إنكم يا معشَر اليهود، إن أتاكم الذين أخرجتموهم منكم من ديارهم أسْرى فدَيْتموهم فاستنقذتموهم. وهذه القراءةُ أعجب إليّ من الأولى - أعني: ((أسرى تُفادُوهم)) - لأن الذي على اليهود في دينهم فداء أسراهم بكل حال، فَدَى الآسرون أسْراهم منهم أم لم يفدوهم) . اهـ. قلت: والقراءة بغير ألف: (أَسْرى) هي قراءة حمزة، وسيأتي في الحديث الآتي أنها قراءة حميد الطويل. وبإثباتها: (أسارى) هي قراءة الباقين، ومنهم الحسن البصري، كما سيأتي في الحديث [199] . وقرأ نافع وعاصم والكسائي: (تُفَادوهم) بالألف، وهي قراءة الحسن البصري كما سيأتي في الحديث [199] ، وقرأ الباقون: (تَفْدوهم) . انظر "حجة القراءات" (ص104 - 105) . (1) هو حُميد بن أبي حُميد الطَّويل. [198] سنده صحيح، وانظر التعليق على الحديث السابق. [199] سنده حسن لذاته. =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ القُدُسِ} ] 200- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ الحدَّاد (1) ، عَنْ أَبِيهِ (2) ، (عَنْ) (3) سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: (وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ القدس) قَالَ: (إِنَّهُ) (4) كَانَ يُحْيِي الْمَوْتَى.

_ = وذكره السيوطي في "الدر" (1 / 212) وعزاه للمصنف فقط. وانظر التعليق على الحديث رقم [197] . (1) تقدم في الحديث [179] أنه متروك رافضي. (2) هو ثابت هُرْمُز الكوفي، مولى بكر بن وَائِل، أبو المِقْدام الحدّاد، مشهور بكنيته، يروي عن أبي وائل شقيق بن سلمة وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير وغيرهم، روى عنه ابنه عمرو وسفيان الثوري وشعبة وغيرهم، وهو ثقة، وثقه أحمد وابن معين وابن المديني وأبو داود ويعقوب بن سفيان والنسائي وأحمد بن صالح وزاد: ((كان شيخًا عاليًا صاحب سنة)) ، وقال أبو حاتم ((صالح)) ، وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان حديثه في الحيض في "صحيحهما" وصححه ابن القطان، وقال عقبه: ((لا أعلم له علة، وثابت ثقة، ولا أعلم أحدًا ضعفه غير الدارقطني)) ، وقال الأزدي: ((يتكلمون فيه)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (2 / 459 رقم 1854) ، و"التهذيب" (2 / 16 - 17 رقم 25) . قلت: أما تضعيف الدارقطني فلم أجده في شيء من المطبوع من كلامه في الرجال، ولا في كتاب الحيض من "سننه" الذي هو مظنّة وجوده فيه، ولم أجد من ذكره عن الدارقطني سوى ابن القطان، وإن ثبت عنه فنهو جرح مجمل معارض بتوثيق الأئمة الذين تقدم النقل عنهم، ولذا فإن الذهبي لم يورد ثابتًا هذا في الميزان بناءً على أنه متكلم فيه، وإنما أورده بناءً على أن ابن الجوزي أخطأ - فيما يظهر - في اسم رجل لعله ثابت هذا، قال الذهبي (1 / 368 رقم 1377) : ((ثابت بن أبي المقدام، عن بعض التابعين، مجهول؛ كذا أورده ابن الجوزي، وما أبعد أن يكون ثابتًا أبا المقدام، وهو ثابت بن هُرمز، يروي =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = عن ابن المسيب، وهو ثقة احتجّ به النسائي)) ، وذكره أيضًا في "الكاشف" (1 / 172 رقم 707) وقال: ((ثقة)) ، وعليه فقول الحافظ ابن حجر في "التقريب" (ص133 رقم 832) عن ثابت هذا: ((صدوق يهم)) غير وجيه لما تقدم. وأما قول الأزدي: ((يتكلمون فيه)) فلا يلتفت إليه؛ بقول الحافظ ابن حجر في "التهذيب" (4 / 399) : ((وقول الأزدي لا عبرة به إذا انفرد)) ، ويقول في "هدي الساري" (ص386) : ((لا عبرة بقول الأزدي؛ لأنه ضعيف، فكيف يعتمد في تضعيف الثقات)) ويقول الذهبي في "الميزان" (3 / 523) بعد أن ذكر الأزدي: ((له كتاب كبير في الجرح والضعفاء عليه فيه مؤخذات)) ، ويقول في المرجع نفسه (1 / 5) : ((وأبو الفتح - يعني الأزدي - يُسْرف في الجرح، وله مصنف كبير إلى الغاية في المجروحين، جمع فأَوْعى، وجرح خلقًا بنفسه لم يسبقه أحد إلى التكلم فيهم، وهو المتكلَّم فيه)) ، ويقول أيضًا (ص61) : ((لا يتلفت إلى قول الأزدي، فإن في لسانه في الجرح رَهَقًا)) . اهـ. (3) ما بين القوسين سقط من الأصل، وهي زيادة يتقضيها السياق. (4) في الأصل: (نه) . [200] سنده ضعيف جدًّا لشدة ضعف عمرو بن ثابت، والصواب أن قوله تعالى: {روح القدس} المراد به جبريل، ويدل عليه ما أخرجه البخاري في "صحيحه" (10 / 546 رقم 6152) في الأدب، باب هجاء المشركين، ومسلم (4 / 1933 رقم 152) في فضائل حسان بن ثابت - رضي الله عنه - من كتاب فضائل الصحابة، كلاهما من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أنه سمع حسان بن ثابت الأنصاري يستشهد أبا هريرة فيقول: يا أبا هريرة، نشدتك الله، هل سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - يقول: ((يا حسان، أجب عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -، اللهم أيده بروح القدس)) ؟ قال أبو هريرة: نعم. وأخرجه مسلم أيضًا برقم (151) من طريق سعيد بن المسيب متابعًا لأبي سلمة. =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ العَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ} ] 201- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ} ، قَالَ: هُوَ قَوْلُ الْأَعَاجِمِ إِذَا عَطِسَ أَحَدُهُمْ يُقَالُ لَهُ: زه هزار سال (1) - يَعْنِي: أَلْفَ سَنَةٍ -.

_ = وأخرج البخاري في الموضع نفسه برقم (6153) ، ومسلم أيضًا برقم (153) كلاهما عن البراء بن عازب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - يقول لحسان بن ثابت: ((اهجهم - أو: هاجهم - وجبريل معك)) . وهذا المعنى الذي ذكرت هو ما رجحه ابن جرير (2 / 321 - 322) ابن كثير (1 / 122 - 123) ، واستدلا على ذلك ببعض الأدلة، ذكر ابن كثير منها ما ذكرت آنفًا، وأما ابن جرير فقال: (وأولى التأويلات في ذلك بالصواب قول من قال: ((الروح)) في هذا الموضع: جبريل؛ لأن الله جل ثناؤه أخبر أنه أيّد عيسى به كما أخبر في قوله: {إِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ القُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي المَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ} [المائدة: 110] ... ) إلخ. (1) جاء في تعليق الشيخ محمود شاكر على "تفسير الطبري" (2 / 372) أنه سأل أحد أصحابه ممن يعرف الفارسية، فأفاد بأن معنى ((زه)) : عش، و ((هزار)) : ألف، و ((سال)) : سنة، فيكون المعنى: عش ألف سنة. [201] سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف لتدليس الأعمش، فإنه دلّس هذا الخبر عن سعيد بن جبير كما سيأتي. والحديث ذكر السيوطي في "الدر" (1 / 221) وعزاه للمصنف وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر والحاكم. وابن جرير الطبري أخرجه في "تفسيره" (2 / 273 رقم 1596) فقال: وحُدِّثت =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = عن أبي معاوية، عن الأعمش ... ، فذكره، إلا أنه جاء عنده: (عشرة آلاف سنة) بدلاًَ من قوله: (يعني ألف سنة) . وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (2 / 263) من طريق إسحاق بن إبراهيم، عن أبي معاوية، به مثله، وعنده: (ده) بدلاً من قوله: (زه) . وهذا الحديث مما لم يسمعه الأعمش من سعيد بن جبير، لكن اختلف في الواسطة بينهما. فأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 473 رقم 10029) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / 287 رقم 953) . أما ابن أبي شيبة فعن عبد الله بن نمير مباشرة، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق أبي سعيد الأشج وأحمد بن سنان وأبي سعيد بن يحيى بن سعيد القطان، ثلاثتهم عن ابن نمير، عن الأعمش، عن مسلم البطين، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عباس، به نحوه، إلا أن ابن أبي شيبة لم يذكر قوله: (زه) ، ووقع عند ابن أبي حاتم: (عشرة آلاف سنة) . وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (2 / 263 - 264) من طريق قيس بن الربيع، عن الأعمش، عن جعفر بن إياس، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا في قوله تعالى: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ} ، قال: هم هؤلاء أهل الكتاب، {وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ العَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ} ، قال: هو قول أحدهم لصاحبه: هزار سال سرور مهرجان بخور. وعلق مصحح "المستدرك" على هذه العبارة بقوله: ((يعني تمتع ألف سنة كمثل عيد مهرجان، هو يوم عيد لهم)) . ورواية ابن نمير أرجح من رواية قيس بن الربيع. فقيس تقدم في الحديث [54] أنه صدوق تغير لما كبر وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدث به. وأما عبد الله بن نمير، فتقدم في الحديث [97] أنه ثقة صاحب حديث، روى له الجماعة، ومع أن رواية ابن نمير أرجح، إلا أنها ضعيفة؛ لأن الأعمش لم يصرح بالسماع فيما بينه وبين مسلم البطين، وليس هذا الموضع من المواضع التي تحمل فيها روايته على السماع وإن لم يصرح به، على ما سبق بيانه في الحديث رقم [3] ، على أن هناك اختلافًا آخر على الأعمش.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا للهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ} ] 202- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ وثَّاب: أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: (وَجِبْرِيلَ وَمِيكَايِيلَ) . [قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى المَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ المَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ} ] 203- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ: كَيْفَ نَقْرَأُ: {واتَّبِعُوا} ، أو: (اتَّبَعُوا) ؟ قَالَ: هُمَا سَوَاءٌ، اقْرَأْ قِرَاءَتَكَ الأولى.

_ = فالحديث أخرجه ابن جرير الطبري (2 / 372 رقم 1591) من طريق أبي حمزة السُّكَّري، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ ابن عباس، به. وهذا لو صح عن الأعمش فهو ضعيف أيضًا؛ لأن الأعمش قد يحدث عن مجاهد تدليسًا ويسقط ثلاثة فيما بينه وبينه، وأحدهم متروك وهو الحسن بن عمارة. انظر تفصيل ذلك في ترجمة الأعمش في الحديث رقم [3] . وعليه فالحديث باق على ضعفه، والله أعلم. [202] سنده صحيح، والأعمش وإن لم يصرح بالسماع، إلا أنه ممن أخذ القراءة عن يحيى بن وثاب كما بينته في الحديث رقم [173] . ولم أجد من عزا هذه القراءة ليحيى بن وثاب. وقد قرأ نافع وابن عامر وأبو عمرو وحفص: (جِبْريلَ) بكسر الجيم والراء. وقرأ حمزة والكسائي: (جَبْرَئيلَ) بفتح الجيم والراء مهموزًا. وقرأ ابن كثير: (جَبْريل) بفتح الجيم وكسر الراء. وقرأ يحيى عن أبي بكر: (جَبْرئِل) ، وهذه لغة تميم وقيس. وقرأ أبو عمرو وحفص: (ميكال) بغير همز. وقرأ نافع: (ميكائِل) بهمزة مُخْتَلَسَة ليس بعدها ياء، كأنَّه كَسْرةُ الإشباع. وقرأ الباقون: (ميكائيل) ممدودًا. انظر "حجة القراءات" لابن زَنْجَلة =

204- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَتَّاب بْنُ بَشير (1) ، قَالَ: نا خُصَيْف (2) ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ} ، قَالَ: كَانَ سُلَيْمَانُ إِذَا نَبَتَتِ الشَّجَرَةُ قَالَ: لأيِّ داءٍ أَنْتِ؟ فَتَقُولُ: لِكَذَا وَكَذَا، فَلَمَّا نَبَتَتْ شَجَرَةُ الحُرْنُوبَة الشَّامي (3) ، قَالَ: لِأَيِّ شَيْءٍ أَنْتِ؟ قَالَتْ: لِمَسْجِدِكَ أخَرِّبه، قَالَ: تُخَرِّبِيْنَهُ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: بِئْسَ الشَّجَرَةُ أَنْتِ! فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ تُوُفِّيَ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَقُولُونَ فِي مَرْضَاهُمْ: لَوْ كَانَ لَنَا مِثْلُ سُلَيْمَانَ، فَأَخَذُوا الشَّيَاطِينَ، فَأَخَذُوا كِتَابًا، فَجَعَلُوهُ فِي مُصَلَّى سُلَيْمَانَ، فَقَالُوا: نَحْنُ نَدُلُّكُم عَلَى مَا كَانَ سُلَيْمَانُ يُدَاوي به،

_ = (ص107 - 108) . [203] سنده صحيح. (1) هو عتَّاب بن بَشير - بفتح أوله -، الجَزَري، أبو الحسن أو أبو سهل الحَرَّاني، مولى بني أمية، روى عن خُصيف وإسحاق بن راشد والأوزاعي وغيرهم، روى عنه سعيد بن منصور هنا وفي عدة مواضع من "سننه"، وروى عنه أيضًا رَوْح بن عبادة وإسحاق بن راهويه ومحمد بن عيسى الطبّاع وغيرهم، وهو لا بأس به، إلا في روايته عن خَصيف، فإنها منكرة. قال ابن المديني: ((ضربنا على حديث عتاب بن بشير)) ، وقال ابن سعد والنسائي: ((ليس بذاك)) ، وفي رواية عن النسائي قال: ((ليس بالقوي)) ، وقال الساجي: ((عنده مناكير)) ، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: ((كان ممن يخالف)) ، ووثقه ابن معين والدارقطني، وقال ابن أبي حاتم: ((ليس به بأس)) ، وكانت وفاته سنة تسعين ومائة، وقيل: سنة ثمان وثمانين ومائة. انظر "ثقات" ابن حبان (8 / 522) ، و"التهذيب" (7 / 90 - 91 رقم 192) . أقول: والراجح من حال هذا الراوي أنه لا بأس به، وحديثه في عداد الحسن، وكلام الذين تكلموا فيه يمكن توجيهه فيما رَوَى عن خصيف؛ فإن روايته عنه منكرة، وخصيف مُضعَّف كما سيأتي، وهذا ما رآه الإمام أحمد، وقريب منه =

فَانْطَلَقُوا فَاسْتَخْرَجُوا ذَلِكَ الْكِتَابَ، فَإِذَا فِيهِ سِحْرٌ وَرُقىً، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ} وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا {يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى المَلَكَيْنِ} ، وَذَكَرَ أَنَّهَا فِي قِرَاءَةِ أبَيَّ: {وَمَا يُتْلَى عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} - سَبْعَ مِرَارٍ -، فَإِنْ أَبَى إِلَّا أَنْ يَكْفُرَ عَلَّماه، فَيَخْرُجُ مِنْهُ نَارٌ - أَوْ نُورٌ - حَتَّى يَسْطَعَ فِي السَّمَاءِ، قَالَ: الْمَعْرِفَةُ الَّتِي كَانَ يَعْرِفُ.

_ = قول ابن عدي، يقول الإمام أحمد: ((أرجو أن لا يكون به بأس، روى بآخره أحاديث منكره، وما أرى أنها إلا من قبل خصيف)) ، وفي رواية: ((أحاديث عتاب عن خصيف منكرة)) ، ويقول ابن عدي: ((روى عن خصيف نسخة، وفي تلك النسخة أحاديث ومتون أنكرت عليه ... ، ومع هذا فإني أرجو أنه لا بأس به) . اهـ. من "الكامل" لابن عدي (5 / 1994) ، والموضع السابق من "التهذيب". (2) هو خُصيَفْ - بالصاد المهملة مصغّر -، ابن عبد الرحمن الجَزَري، أبو عون الحضرمي الحرّاني، الأموي مولاهم، روى عن عطاء وعكرمة وسعيد بن جبير ومجاهد وغيرهم، روى عنه السفيانان وابن جريج وأبو الأحْوَص سلاّم بن سليم وغيرهم، وهو صدوق سيء الحفظ ورمي بالإرجاء، قال ابن المديني: ((كان يحيى بن سعيد يضعفه)) ، وقال جرير: ((كان خصيف متمكنًا في الإرجاء، يُتكلم فيه)) ، قوال الإمام أحمد: ((ضعيف الحديث)) ، وفي رواية: ((مضطرب الحديث)) ، وقال أبو حاتم: ((صالح، يُخلِّط)) ، وتكلِّم في سوء حفظه، وقال النسائي: ((عتّاب ليس بالقوي ولا خصيف)) ، وقال مرة: ((صالح)) ، وقال الساجي: ((صدوق)) ، وقال الدارقطني: ((يعتبر به، يهم)) ، وقال ابن معين: ((لا بأس به)) ، وقال مرة: ((ثقة)) ، وفي رواية: ((إنا كنا نتجنب حديثه)) ، وقال ابن سعد: ((ثقة)) ، وقال. ابن عدي: ((إذا حدث عن خصيف ثقة فلا بأس بحديثه =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ورواياته، إلا أن يروي عنه عبد العزيز بن عبد الرحمن، فإن رواياته عنه بواطيل والبلاء من عبد العزيز، لا من خصيف)) ، وذكره ابن حبان في المجروحين وقال: ((تركه جماعة من أئمتنا واحتجّ به جماعة آخرون. وكان خصيف شيخًا صالحًا فقيهًا عابدًا، إلا أنه كان يخطئ كثيرًا فيما يروي، ويتفرد عن المشاهير بما لا يتابع عليه، وهو صدوق في روايته، إلا إن الإنصاف في أمره: قبول ما وافق الثقات من الروايات وترك ما لم يتابع عليه - وإن كان له مدخل في الثقات -، وهو ممن أستخير الله فيه)) ، واختُلف في سنة وفاته، فقيل: سنة ست وثلاثين ومائة، وقيل: سنة سبع، وقيل: ثمان، وقيل: تسع وثلاثين ومائة، وقيل غير ذلك. اهـ. من "المجروحين" (1 / 287) ، و"الكامل" لابن عدي (3 / 940 - 942) ، و"التهذيب" (3 / 142 - 144 رقم 275) ، و"التقريب" (ص193 رقم 1718) . (3) الخُرْنُوبة نوعان من الشجر: بَرِّيٌّ وشاميّ، أما بَريُّهُ فيسمّى اليَنْبُوتَةَ، ذو شوك، وهو الذي يُسْتوقد به، يرتفع قدر الذراع، وله حَمْلٌ لكنّه بَشِع لا يؤكل إلا في الجَهْد، وفيه حبّ صُلْب. وأما شاميُّه فهو حلو يؤكل، وله حَبٌّ وحملٌ كالخيار. انظر "تاج العروس" (2 / 347 - 348) . [204] سنده حسن إلى خصيف، لكن خصيفًا لم يذكر المصدر الذي تلقى ذلك عنه, والأظهر أنه من حديث بني إسرائيل الذي لا يصدق ولا يكذب، وقد صحّ بعضه عن ابن عباس كما سيأتي. وذكر السيوطي هذا الحديث في "الدر" (1 / 235) وعزاه لسعيد بن منصور فقط، وفي متنه بعض الاختصار. وقد صحّ بعض الحديث عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما من قوله وله عن ابن عباس طريقان: (1) طريق سعيد بن جبير، وله عنه طريقان: أ- طريق عطاء بن السائب، واختلف عليه. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = فرواه سفيان بن عيينة وجرير بن عبد الحميد، عنه، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عباس موقوفًا عليه. وخالفهم إبراهيم بن طَهْمان، فرواه عنه مرفوعًا. أما رواية سفيان بن عيينة، فأخرجها محمد بن نصر المروزي في "تعظيم قدر الصلاة" (1 / 225 رقم 207) ، فقال: حدثنا أبو قدامة عبيد الله بن سعيد، ثنا سفيان، قال: حدثني عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: كان سليمان كلما صلى صلاة، رأى شجرة نابتة، فيقول: ما أنت يا شجرة؟ فتقول [في الأصل: فيقول] : أنا شجرة كذا وكذا، لداء كذا وكذا، فيأمر بها، فتقطع [في الأصل: فيقطع] ، ويكتب: شجرة كذا وكذا لداء كذا وكذا، فصلى ذات يوم، فإذا شجرة نابتة، فقال لها: ما أنت يا شجرة؟ قالت: أنا الخَرُّوبة، قال: لم يكن الله ليخرب هذا المسجد وأنا حي، فتوضأ، ولبس ثيابه، وأخذ عصاه، وقام يصلي، فقُبض عليها، فلبث على عصاه، فَدَأبُوا سنة وهم يحسبون أنه حي - يعني الجن -، فأكلتها الأرضة، فشكرت الجن الأرَضَة، فلا تجدها في مكان، إلا وجدت عندها نَدَى. وهذا إسناد صحيح عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما. أما سعيد بن جبير فتقدم في الحديث [41] أنه ثقة ثبت فقيه. وأما عطاء بن السائب، فتقدم في الحديث [6] أنه ثقة اختلط في آخر عمره، لكن الراوي عنه هنا هو سفيان بن عيينة، وهو ممن روى عنه قبل الاختلاط. وسفيان بن عيينة تقدم في الحديث [7] أنه ثقة حافظ فقيه إمام حجّة. والراوي عن سفيان هو شيخ المروزي: عبيد الله بن سعيد بن يحيى اليَشْكُري؛ أبو قُدامة السَّرَخْسي، نزيل نيسابور، ثقة مأمون سُنِّي، كما في "التقريب" (ص371 رقم 4296) ، روى عن سفيان بن عيينة وعبد الله بن نمير وحماد بن زيد ويحيى القطّان وعبد الرحمن بن مهدي ووكيع وغيرهم، روى عنه البخاري ومسلم والنسائي وأبو زرعة وأبو حاتم وغيرهم، وروى عنه هنا =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = محمد بن نصر، قال أبو حاتم عن عبيد الله هذا: ((كان من الثقات)) ، ووثقه أبو داود، وقال النسائي: ((ثقة مأمون، قلّ من حكتبنا عنه مثله)) ، وقال إبراهيم بن أبي طالب: ((ما قدم علينا أثبت منه ولا أتقن)) ، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ((هو الذي أظهر السنة بَسَرخْس ودعا إليها)) ، وقال ابن عبد البر: ((أجمعوا على أنه ثقة)) ، وكانت وفاته سنة إحدى وأربعين ومائتين. اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 317 رقم 1507) ، و"التهذيب" (6 / 16 - 17 رقم 31) . وأخرجه البزار في "مسنده" (3 / 106 رقم 2356 / كشف الأستار) من طريق شيخه أحمد بن أبان، ثنا سفيان بن عيينة ... ، فذكره. وأما رواية جرير بن عبد الحميد، فأخرجها الحاكم في "المستدرك" (2 / 423) من طريق أبي غسّان محمد بن عمرو الطيالسي، عن جرير، عن عطاء، به، ولفظ سفيان السابق أتمّ منه. قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي. وأما رواية إبراهيم بن طَهْمان، فأخرجها: البزار في "مسنده" (3 / 106 رقم 2355 / كشف الأستار) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (22 / 74 / طبعة الحلبي) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" (3 / 529) . والطبراني في "المعجم الكبير" (11 / 451 - 452 رقم 12281) . جميعهم من طريق إبراهيم بن طهمان، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عباس، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، به نحو لفظ سفيان السابق، مع بعض الاختلاف والزيادة. قال البزار بعد أن رواه: ((لا نعلم أسنده إلا إبراهيم، وقد رواه جماعة عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عباس موقوفًا)) . قال ابن كثير في الموضع السابق من "تفسيره": ((في رفعه غرابة ونكارة والأقرب أن يكون موقوفًا)) . =

205- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَتّاب بْنُ بَشير، عَنْ خُصَيْف، قَالَ: كُنْتُ مَعَ مُجَاهِدٍ، فَمَرَّ بِنَا رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ، فَقَالَ لَهُ مُجَاهِدٌ: حدِّثنا مَا سَمِعْتَ مِنْ أَبِيكَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّ الْمَلَائِكَةَ حِينَ جَعَلُوا يَنْظُرُونَ إِلَى أَعْمَالِ بَنِي آدَمَ وَمَا يَرْكَبُونَ مِنَ الْمَعَاصِي الْخَبِيثَةِ - وَلَيْسَ يَسْتُرُ النَّاسَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ شَيْءٌ-، فَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ لِبَعْضٍ: انْظُرُوا إِلَى بني آدم كيف

_ = وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (8 / 207 - 208) بعد أن عزاه للطبراني والبزار: ((فيه عطاء وقد اختلط، وبقية رجالهما رجال الصحيح)) . قلت: رواية من رواه موقوفًا أصح؛ لأن ممن رواه عن عطاء: سفيان بن عيينة، وهو ممن روى عنه قبل الاختلاط، وأما إبراهيم بن طهمان فلم يُذكر ممن روى عن عطاء قبل الاختلاط، وقد روي عن سعيد بن جبير وعن ابن عباس موقوفًا من غير طريق عطاء كما سيأتي. ب- طريق سلمة بن كهيل، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عباس موقوفًا عليه بنحو سياق سفيان بن عيينة السابق. أخرجه الحسين بن الحسن المروزي في "زوائده على الزهد لابن المبارك" (ص378 - 379 رقم 1072) . (2) طريق أبي صالح ذكوان السَّمّان، عن ابن عباس موقوفًا عليه، بنحو سياق سفيان بن عيينة، إلا أن فيه طولاً. أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (22 / 75 / طبعة الحلبي) من طريق السُّدِّي، عن أبي صالح، به، وعن مُرَّة الْهَمْدَانِيُّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وعن أناس مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -. ومن خلال هذه الطرق يتضح أن الحديث روي عن ابن عباس موقوفًا عليه، وهو صحيح عنه، وقد يكون ذلك من الإسرائيليات التي لا تُصدق ولا تُكذب، فإن ابن عباس لم يصرح بأخذه عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، والله أعلم. [205] سنده ضعيف لضعف خصيف من قبل حفظه، وجهالة الرجل من قريش الذي =

يَعْمَلُونَ كَذَا وَكَذَا، مَا أَجْرَأَهُمْ عَلَى اللَّهِ! يُعِيبُونَهُمْ بِذَلِكَ. فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ: قَدْ سَمِعْتُ الَّذِي تَقُولُونَ فِي بَنِي آدم، فاختاروا منكم ملكين [ل112/أ] أهْبِطُهُما إِلَى الْأَرْضِ، وَأَجْعَلْ فِيهِمَا شَهْوَةَ بَنِي آدَمَ. فَاخْتَارُوا هَارُوتَ وَمَارُوتَ، فَقَالُوا: يَا رَبِّ، لَيْسَ فِينَا مِثْلُهُمَا، فأهْبِطا إِلَى الْأَرْضِ، وجُعِل فِيهِمَا شَهْوَةَ بَنِي آدَمَ، ومُثّلَت لَهُمَا الزَّهرة فِي صُورَةِ امْرَأَةٍ، فَلَمَّا نَظَرَا إِلَيْهَا، لَمْ يَتَمَالَكَا أَنْ تَنَاوَلَا مِنْهَا مَا اللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ، وَأَخَذَتِ الشَّهْوَةُ بِأَسْمَاعِهِمَا وَأَبْصَارِهِمَا، فَلَمَّا أَرَادَا أَنْ يَطِيرَا إِلَى السَّمَاءِ، لَمْ يَسْتَطِيعَا، فَأَتَاهُمَا مَلَكٌ، فَقَالَ: إِنَّكُمَا قَدْ فَعَلْتُمَا مَا فَعَلْتُمَا، فَاخْتَارَا عَذَابَ الدُّنْيَا، أَوْ عَذَابَ الْآخِرَةِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرَ: مَاذَا تَرَى؟ قَالَ: أَرَى أَنْ أعذَّب فِي الدُّنْيَا ثُمَّ أعذَّب، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُعَذَّبَ سَاعَةً وَاحِدَةً فِي الْآخِرَةِ، فَهُمَا مُعلَّقان مُنكَّسان فِي السلاسل، وجُعلا فتنة.

_ = حدثهم بالحديث، وانظر الكلام مفصلاً عن قصة هاروت وماروت في الحديث الآتي. وهذا الحديث ذكره السيوطي في "الدر" (1 / 243) من رواية المصنف سعيد بن منصور فقط، ولفظه هنا سواء، إلا أنه قال: (لقد سمعت) بدلاً من قوله: (قد سمعت) .

206- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا شِهَابُ بْنُ خِرَاش (1) ، عَنِ العَوَّام بْنِ حَوْشب، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ - أَحْسَبُهُ قَالَ: فِي سَفَرٍ - فَقَالَ لِي: ارْمُق (2) الْكَوْكَبَةَ، فَإِذَا طَلَعَتْ أَيْقِظْنِي، فَلَمَّا طَلَعَتْ أَيْقَظْتُهُ، فَاسْتَوَى جَالِسًا، فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَيَسُبُّهَا سَبًّا شَدِيدًا، فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، نَجْمًا سَامِعًا مُطِيعًا، مَا لَهُ يُسَبُّ؟ فَقَالَ: هَا، إِنَّ هَذِهِ كَانَتْ بَغِيًّا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَلَقِيَ المَلَكان مِنْهَا مَا لقيا.

_ (1) هو شِهاب بن خِراش بن حَوْشَب الشيباني، أبو الصَّلْت الواسطي، ابن أخي العّوام بن حوشب، روى عن أبيه، وعمِّه العوّام وقتادة وأبي إسحاق الشيباني وغيرهم، روى عنه عبد الرحمن بن مهدي، وآدم بن أبي إياس وسعيد بن منصور وغيرهم، وهو صدوق صاحب سنة؛ وثقه ابن المبارك وابن عمار والمدائني وابن المديني وابن معين والعجلي وأبو زرعة وزاد: ((كان صاحب سنة)) ، وقال الإمام أحمد وأبو زرعة في رواية: ((لا بأس به)) ، وقال النسائي وابن معين في رواية: ((ليس به بأس)) ، وقال أبو حاتم: ((صدوق لا بأس به)) ، وذكره ابن حبان في الضعفاء، وقال: ((يخطئ كثيرًا حتى خرج عن حد الاحتجاج به)) ، وقال ابن عدي: ((ولشهاب أحاديث ليست بكثيرة، وفي بعض رواياته ما ينكر عليه، ولا أعرف للمتقدمين فيه كلامًا فأذكره)) . اهـ. من "المجروحين" لابن حبان (1 / 362) ، و"الكامل" لابن عدي (4 / 1350) ، و"تاريخ دمشق" لابن عساكر (8 / 131 - 136) ، و"التهذيب" (4 / 366 - 367 رقم 620) . ومما سبق نرى أن هناك عددًا من الأئمة أطلقوا القول بتوثيق شهاب بن خراش وهم: ابن المبارك وابن عمار وابن معين والمدائني والعجلي، وتردد فيه قول أبي زرعة بين القول بتوثيقه وبين موافقة من رأى أنه ينزل عن درجة الثقة الضابط إلى درجة الصدوق الذي لا بأس به، وحديثه في عداد الحسن، وهم الإمام أحمد وأبو حاتم والنسائي، وهذا قريب مما رجحه الذهبي - رحمه الله - حيث قال في "الميزان" (2 / 281 رقم 3750) : ((صدوق مشهور، له ما يستنكر)) ، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وهذا ما تميل إليه النفس، لأنه قد انفرد ببعض الأحاديث مما لم يتابع عليها، وهي مما أنكر عليه، ولا أظنها كثيرة، وهذا ابن عدي في كتابه لم يذكر منها سوى حديثين، الأول منهما مروي من غرير طريق خراش، وإنما أنكروا عليه فيه زيادة لم يذكرها غيره، وأما الثاني فالعجب من ابن عدي كيف يورده على أنه مما ينكر على شهاب وهو يرويه عن شيخ ضعيف وهو يزيد بن أبان الرَّقَاشي؟! (2) أي انظر نظرًا طويلاً. "النهاية في غريب الحديث" (2 / 264) . [206] سنده حسن لذاته، وهو صحيح لغيره عن ابن عمر موقوفًا عليه، وهو من روايته عن كعب الأحبار كما سيأتي، وقد روي عن ابن عمر مرفوعًا ولا يصح. والحديث ذكره السيوطي في "الدر" (1 / 238) وعزاه للمصنف سعيد بن منصور. وقد رُوي الحديث عن ابن عمر من أربعة طرق: (1) طريق مجاهد، وله عنه ثلاثة طرق: (أ) - طريق العوام بن حوشب الذي أخرجه المصنف هنا. (ب) و (جـ) - طريقا المنهال بن عمرو ويونس بن خبّاب، كلاهما عن مجاهد قال: كنت نازلاً على عبد الله بن عمر في سفر، فلما كان ذات ليلة، قال لغلامه: انظر هل طلعت الحمراء؟ لا مرحبًا بها، ولا أهلاً، ولا حيّاها الله؛ هي صاحبة الملكين؛ قالت الملائكة: يا رب، كيف لا تدع عصاة بني آدم، وهم يسفكون الدم الحرام، وينتهكون محارمك، ويفسدون في الأرض؟! قال: إني ابتليتهم، فلعلي إن ابتليتكم بمثل الذي ابتليتهم به فعلتم كالذي يفعلون؟ قالوا: لا، قال: فاختاروا من خياركم اثنين، فاختاروا هاروت وماروت فقال لهما: إني مهبطكما إلى الأرض، وعاهد إليكما: ألا تشركا، ولا تزنيا، ولا تخونا، فأهبطا إلى الأرض، وألقى عليهما الشهوة، وأهبطت لهما الزّهْرَة في أحسن صورة امرأة، فتعرضت لهما، فراوداها عن نفسها، فقالت: إني علي دين =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = لا يصح لأحد أن يأتيني إلا من كان على مثله. قالا وما دينك؟ قالت: المجوسية. قالا: الشرك! هذا شيء لا نقربه. فمكثت عنهما ما شاء الله تعالى، ثم تعرضت لهما فراوداها عن نفسها. فقالت: ما شئتما، غير أن لي زوجًا، وأنا أكره أن يطلع على هذا مني، فأفتضح، فإن أقررتما لي بديني، وشرطتما لي أن تصعدا بي إلى السماء، فعلت. فأقرا لها بدينها وأتياها فيما يريان، ثم صعدا بها إلى السماء. فلما انتهيا بها إلى السماء، اختطفت منهما، وقطعت أجنحتهما فوقعا خائفين، نادمين، يبكيان، وفي الأرض نبي يدعو بين الجمعتين، فإذا كان يوم الجمعة أجيب. فقالا: لو أتينا فلانًا، فسألناه، فطلب لنا التوبة، فأتياه، فقال: رحمكما الله! كيف يطلب التوبة أهل الأرض لأهل السماء؟! قالا: إنا قد ابتلينا. قال: ائتياني يوم الجمعة. فأتياه، فقال: ما أجبت فيكما بشيء، ائتياني في الجمعة الثانية. فأتياه، فقال: اختارا، فقد خيرتما، إن اخترتما معافاة الدنيا، وعذاب الآخرة، وإن أحببتما فعذاب الدنيا وأنتما يوم القيامة على حكم الله. فقال أحدهما: إن الدنيا لم يمض منها إلا القليل. وقال الآخر: ويحك! إني قد أطعتك في الأمر الأول فأطعني الآن، إن عذابًا يفنى ليس كعذاب يبقى. فقال: إننا يوم القيامة على حكم الله، فأخاف أن يعذبنا. قال: لا، إني أرجو إن علم الله أنا قد اخترنا عذاب الدنيا مخافة عذاب الآخرة، أن لا يجمعهما علينا. قال: فاختارا عذاب الدنيا، فجعلا في بكرات من حديد، في قَلِيب مملوءة من نار، عَاليهُمَا سافلَهما. أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / 306 - 308 رقم 1014) ، وساقه عنه الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (1 / 139) ، وسياقه أصح فاخترته هنا. قال ابن كثير بعد أن ذكره: ((وهذا إسناد جيد إلى عبد الله بن عمر)) ، ثم ذكر أنه روي مرفوعًا، ثم قال: ((وهذا - يعني طريق مجاهد - أثبت وأصح إسنادًا)) . اهـ. (2) طريق سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عمر، بنحو سياق مجاهد السابق مع الاختلاف في بعض الألفاظ، وسياق مجاهد أتمّ. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = أخرجه الحاكم في "المستدرك" (4 / 607 - 608) من طريق يحيى بن سلمة بن كهيل، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جبير، عن ابن عمر، به. قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وترك حديث يحيى بن سلمة عن أبيه من المحالات التي يردها العقل، فإنه لا خلاف أنه من أهل الصنعة، فلا ينكر لأبيه أن يخصّه بأحاديث يتفرد بها عنه)) . فتعقبه الذهبي بقوله عن يحيى بن سلمة بن كهيل: ((قال النسائي: متروك، وقال أبو حاتم: منكر الحديث)) . قلت: تقدم في الحديث [77] أن يحيى بن سلمة هذا متروك. (3) طريق سالم بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عن أبيه، عن كعب قال: ذكرت الملائكة أعمال بني آدم وما يأتون من الذنوب، فقيل لهم: اختاروا ملكين، فاختاروا ملكين، فاختاروا هاروت وماروت، قال: فقال لهما: إني أرسل رسلي إلى الناس، وليس بيني وبينكم رسول، انزلا ولا تشركا بي شيئًا، ولا تزنيا، ولا تسرقا. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: قال كعب: فما استكملا يومهما الذي أنزلا فيه حتى عملا ما حرم الله عليهما. أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 53 - 54) . ومن طريقه وطريق مؤمل بن إسماعيل أخرجه الطبري في "تفسيره" (2 / 429 رقم 1684) . وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (13 / 186 رقم 16061) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / 306 رقم 1013) . والبيهقي في "شعب الإيمان" (1 / 441 - 442 رقم 162) . جميعهم من طريق سفيان الثوري، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سالم، به، واللفظ لعبد الرزاق. وأخرجه ابن جرير أيضًا (2 / 430 رقم 1685) من طريق عبد العزيز بن المختار، عن موسى بن عقبه، به بنحو سابقه. وذكر الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (1 / 138) الحديث من رواية موسى بن جبير ومعاوية بن صالح، كلاهما عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، به مرفوعًا كما سيأتي، ثم =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ذكر الحديث من رواية سالم، ثم قال: ((فهذا - يعني طريق سالم - أصح وأثبت إلى عبد الله بن عمر من الإسنادين المتقدمين، وسالم أثبت في أبيه من مولاه نافع، فدار الحديث ورجع إلى نقل كعب الأحبار عن كتب بني إسرائيل، والله أعلم)) . اهـ. (4) طريق نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - يقول ... ، فذكره هكذا مرفوعًا بنحو سياق المنهال بن عمرو ويونس بن خباب للحديث عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ المتقدم بطوله، إلا أنه زاد فيه قتلهما للصبي، وشربهما للخمر، ولم يذكر مجيئها للنبي، وإنما فيه: فخُيِّرا بين عذاب الدنيا والآخرة، فاختارا عذاب الدنيا. أخرجه الإمام أحمد في "مسنده" (2 / 134) . والبزار في "مسنده" كما في "كشف الأستار" (3 / 358 رقم 2938) . وعبد بن حميد في "مسنده" (ص251 - 252 رقم 787) . وابن أبي حاتم في "العلل" (2 / 69) . وابن حبان في "صحيحه" (8 / 22 - 23 رقم 6153 / الإحسان بتحقيق الحوت) . وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (ص177 - 178 رقم 657) . والبيهقي في "شعب الإيمان" (1 / 437 - 439 رقم 160) . جميعهم من طريق زهير بن محمد، عن موسى بن جبير، عن نافع، به، إلا أن لفظ ابن أبي حاتم وابن السني مختصر. ونقل بن أبي حاتم عن أبيه أنه قال: ((هذا حديث منكر)) . وقال البزار: ((رواه بعضهم عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ موقوفًا، وإنما أتي رفع هذا عندي من زهير؛ لأنه لم يكن بالحافظ، على أنه قد رَوَى عنه ابن مهدي، وابن وهب، وأبو عامر، وغيرهم)) . وسيأتي إعلال البيهقي لرفعه وترجيحه للموقوف. وقال الشيخ ناصر الدين الألباني في "سلسلة الأحاديث الضعيفة" (1 / 206) : =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ((روى حنبل الحديث من طريق أحمد، ثم قال: قال أبو عبد الله - يعني الإمام أحمد -: هذا منكر، وإنما يروى عن كعب. ذكره في "منتخب ابن قدامة" (11 / 213) . اهـ. قلت: أما ما ذكره البزار من أنه إنما أتي رفع هذا الحديث من زهير، فإن هناك من هو أولى أن يحمَّل تبعة رفع هذا الحديث غير زهير، وهوموسى بن جبير الأنصاري المدني الحذّاء، مولى بني سلمة، نزيل مصر، وهو مستور، ذكره ابن حبان في "الثقات" (7 / 451) وقال: ((يخطئ ويخالف)) ، وقال ابن القطان: ((لا يعرف حاله)) . انظر "التهذيب" (10 / 339 رقم 596) ، وقال الحافظ ابن كثير في "التفسير" (1 / 138) بعد أن ذكر الحديث من رواية موسى هذا: ((ورجاله كلهم ثقات من رجال الصحيحين إلا موسى بن جبير هذا، وهو الأنصاري، السلمي، مولاهم المديني، الحذاء، وروى عن ابن عباس وأبي أمامة بن سهل بن حنيف ونافع وعبد الله بن كعب بن مالك، وروى عنه ابنه عبد السلام وبكر بن مضر وزهير بن محمد وسعيد بن سلمة وعبد الله بن لهيعة وعمرو بن الحارث ويحيى بن أيوب، وروى له أبو داود وابن ماجه، وذكره ابن أبي حاتم في كتاب الجرح والتعديل ولم يَحْكِ فيه شيئًا من هذا ولا هذا، فهو مستور الحال، وقد تفرد به عن نافع مولى ابن عمر، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عنهما، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -)) . اهـ. وذكره الحافظ ابن حجر في "التقريب" (ص550 رقم 6954) وقال: ((مستور)) ، ووقع في المطبوع من "التقريب": ((جبر)) بحذف الياء. وقد توبع موسى بن جبير على روايته عن نافع مرفوعًا، لكنها متابعات لا يفرح بها. فأخرجه ابن مردويه في "تفسيره" فقال: حدثنا دعلج بن أحمد، حدثنا هشام بن علي بن هشام، حدثنا عبد الله بن رجاء، حدثنا سعيد بن سلمة، حدثنا موسى بن سرجس، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، سَمِعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - يقول ... ، فذكره بطوله، كذا في الموضع السابق من "تفسير ابن كثير". وفي سنده هشام بن علي بن هشام السِّيْرافي، ذكره الذهبي في "السير" (16 / 31) =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = في شيوخ دعلج، وذكره ابن حجر في "التهذيب" (5 / 210) في الرواة عن عبد الله بن رجاء، ولم أجد من ترجم له، سوى أن الذهبي ذكره في "السير" (13 / 411) في ترجمة إسحاق بن الحسن الحربي المتوفي سنة أربع وثمانين ومائتين، وذكر أن هشامًا هذا ممن توفي في تلك السنة، وقد ذكر محقق الكتاب مصادر ترجمة الذين ذكروا مع هشام، إلا هو فلم يذكر له شيئًا من المصادر التي ترجمته. والراوي عن نافع هو موسى بن سَرْجِس - بفتح المهملة وسكون الراء وكسر الجيم، بعدها مهملة -، مدني مستور، ذكره البخاري في "تاريخه" (7 / 285 رقم 1213) وسكت عنه، ولم يذكره ابن أبي حاتم ولا ابن حبان، وروى له الترمذي والنسائي وابن ماجه حديثًا عن القاسم، عن عائشة في ذكر سكرات الموت، وقال الترمذي: ((حديث غريب)) . انظر "التهذيب" (10 / 345 رقم 609) ، و"التقريب" (ص551 رقم 6964) . وقد خولف هشام بن علي في روايته للحديث عن عبد الله بن رجاء. فأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (1 / 440 - 411 رقم 161) من طريق محمد بن يونس بن موسى، حدثنا عبد الله بن رجاء، حدثنا سعيد بن سلمة، عن موسى بن جبير، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سالم، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - ... ، فذكره وبطوله. قال البيهقي: ((ورويناه من وجه آخر عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ موقوفًا عليه، وهو أصح، فإن ابن عمر إنما أخذه عن كعب)) . قلت: الراوي عن عبد الله بن رجاء هو محمد بن يونس بن موسى الكُدَيْمي، وهو متهم بوضع الحديث؛ فقد كذَّبه أبو داود والقاسم بن مطرِّز، وكان موسى بن هارون ينهى الناس عن السماع منه ويقول: تقرب إليَّ بالكذب؛ قال لي: كتبت عن أبيك في مجلس محمد بن القاسم النهدي، قال موسى: لم يحدِّث أبي عن محمد بن القاسم قط، وقال لي: كتبت عن أبيك في مجلس محمد بن سابق، وقد سمعت =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = أبي يقول: ما كتبت عن محمد بن سابق شيئًا ولا رأيته. وقال ابن حبان: ((كان يضع الحديث، ولعله قد وضع على الثقات أكثر من ألف حديث)) ، وقال ابن عدي: ((قد اتهم بالوضع، وادعى الرواية عن من لم يرهم، ترك عامة مشايخنا الرواية عنه، ومن حدّث عنه نسبه إلى جده لئلا يعرف)) ، وقال أيضًا: ((روى الكديمي عن أبي هريرة، عن ابن عون، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ غير حديث باطل، وكان مع وضعه الحديث وداعائه ما لم يسمع، قد علَّق لنفسه شيوخًا)) . وقال الدارقطني: ((كان الكديمي يتهم بوضع الحديث، وما أحسن القول فيه إلا من لم يخبر حاله)) . قلت: قد أحسن القول فيه الإمام أحمد، ققال: ((حسن المعرفة، حسن الحديث)) ، وقال محمد بن الهيثم: ((تسألوني عن الكديمي وهو أكبر مني وأكثر علمًا؟ ما علمت إلا خيرًا)) ، وقال الخطيب: ((لم يزل معروفًا عند أهل الحجاز بالحفظ، مشهورًا بالطلب، حتى أكثر روايات الغرائب والمناكير، فتوقف بعض الناس عنه)) ، ووثقه أبو جعفر الطيالسي، وقال إسماعيل الخطبي: ((ما رأيت أكثر ناسًا من مجلسه، وكان ثقة)) ، فجهّله الذهبي فقال: ((أما إسماعيل الخطبي فقال بجهل: كان ثقة ما رأيت خلقًا أكثر من مجلسه)) ، وقال الذهبي أيضًا عن الكديمي: ((هالك، قال ابن حبان وغيره: كان يضع الحديث على الثقات)) . اهـ. من "الكامل" لابن عدي (6 / 2294 - 2296) ، و"ميزان الاعتدال" (4 / 74 - 76 رقم 8353) ، و"المغني في الضعفاء" (2 / 646 رقم 6109) ، و"التهذيب" (9 / 539 - 544 رقم 884) . وللحديث طريق آخر عن نافع، يرويه الحسين بن داود سُنَيْد، عن فرج بن فضالة، عن معاوية بن صالح، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مرفوعًا بنحو لفظ مجاهد من رواية المنهال ويونس عنه، وفيه شيء من الاختلاف، ولم يذكر فيه قصة إتيانهما للنبي، وإنما هما اللذان سألا الله تعالى التوبة، وفي آخره قال: فأوحى =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = الله إليهما: أن ائتيا بابل، فانطلقا إلى بابل، فخسف بهما، وهما منكوسان بين السماء والأرض معذبان إلى يوم القيامة. أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (8 / 42 - 43) بتمامه. ومن طريقه ابن الجوزي في "الموضوعات" (1 / 186 - 187) . والذهبي في "ميزان الاعتدال" (2 / 236) . وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (2 / 433 رقم 1688) مختصرًا. قال ابن الجوزي: ((هذا حديث لا يصح، والفرج بن فضالة قد ضعفه يحيى، وقال ابن حبان: يقلب الأسانيد ويُلزق المتون الواهية بالأسانيد الصحيحة، لا يحلّ الاحتجاج به. وأما سُنيد فقد ضعفه أبو داود، وقال النسائي: ليس بثقة)) . قلت: وقد ذكر الذهبي هذا الحديث فيما أنكر على سُنيد. وذكره ابن كثير في "تفسيره" (1 / 138) هو وطريق موسى بن سرجس السابق وقال: ((وهذان أيضًا غريبان جدًّا)) . وخلاصة ما تقدم: أن الحديث روي عن ابن عمر مرة موقوفًا عليه، ومرة مرفوعًا إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، ومرة عن ابن عمر عن كعب الأحبار. واختلفت كلمة العلماء عن قصة هاروت وماروت وثبوتها. فالحاكم وابن حبان صححا الحديث كما تقدم. وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (5 / 68) من رواية موسى بن جبير، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مرفوعًا المتقدمة، ثم قال: ((رجاله رجال الصحيح خلا موسى بن جبير وهو ثقة)) ، وذكر نحو قوله هذا في (6 / 313 - 314) . وقال الحافظ ابن حجر في "القول المسدد" (ص48) : ((له طرق كثيرة جمعتها في جزء مفرد يكاد الواقف عليه أن يقطع بوقوع هذه القصة لكثرة طرقه الواردة فيها، وقوة مخارج أكثرها، والله أعلم)) . وذكر السيوطي في "اللآليء" (1 / 159) قول ابن حجر هذا، وقال: ((وقد وقفت على الجزء الذي جمعه، فوجدته أورد فيه بضعة عشر طريقًا، أكثرها موقوفًا، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأكثرها من تفسير ابن جرير، وقد جمعت أنا طرقها في التفسير المسند، وفي التفسير المأثور، فجاءت نيفًا وعشرين طريقًا، ما بين مرفوع، وموقوف، ولحديث ابن عمر بخصوصه طرق متعددة، من رواية نافع، وسالم، ومجاهد، وسعيد بن جبير، عنه، وورد من رواية علي بن أبي طالب، وابن عباس، وابن مسعود، وعائشة، وغيرهم، والله أعلم)) . وأما الحافظ ابن كثير - رحمه الله -، فذهب إلى أن القصة ثابتة عن ابن عمر، لكن من روايته عن كعب الأحبار، وأعل الطرق التي رويت عنه، مرفوعة، فقال عقب ذكره للحديث من طريق الإمام أحمد: ((وهكذا رواه أبو حاتم ابن حبان في صحيحه، عن الحسن بن سفيان عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شيبة، عن يحيى بن بكير، به، وهذا حديث غريب من هذا الوجه، ورجاله كلهم ثقات من رجال الصحيحين، إلا موسى بن جبير هذا، وهو الأنصاري، السلمي، مولاهم، المديني، الحذاء، وروى عن ابن عباس، وأبي أمامة بن سهل بن حنيف، ونافع، وعبد الله بن كعب بن مالك، وروى عنه ابنه عبد السلام، وبكر بن مضر، وزهير بن محمد، وسعيد بن سلمة، وعبد الله بن لهيعة، وعمرو بن الحارث، ويحيى بن أيوب، وروى له أبو داود، وابن ماجه، وذكره ابن أبي حاتم في كتاب الجرح والتعديل، ولم يحك فيه شيئًا من هذا، ولا هذا، فهو مستور الحال، وقد تفرد به عن نافع مولى ابن عمر، عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عنهما -، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، وروي له متابع من وجه آخر ... )) ، ثم ذكر الحديث من طريق موسى بن سرجس، ومعاوية بن صالح كما تقدم، ثم قال: ((وهذان أيضًا غريبان جدًّا، وأقرب ما يكون في هذا، أنه من رواية عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ كعب الأحبار، لا عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، كما قال عبد الرازق في تفسيره ... )) ، ثم ذكر الحديث من رواية سالم، عن أبيه عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ كعب الأحبار كما سبق، ثم قال: ((فهذا أصح وأثبت إلى عبد الله بن عمر من الإسنادين المتقدمين، وسالم أثبت في أبيه من مولاه نافع، فدار الحديث، ورجع إلى نقل كعب الأحبار، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = عن كتب بني إسرائيل، والله أعلم)) . ثم ذكر الحديث من رواية مجاهد، موقوفًا على ابن عمر، وقال عقبه: ((وهذا إسناد جيد إلى عبد الله بن عمر، وقد تقدم في رواية ابن جرير من حديث معاوية بن صالح، عن نافع، عنه رفعه، وهذا أثبت، وأصح إسنادًا، ثم هو - والله أعلم - من رواية ابن عمر، عن كعب - كما تقدم بيانه - من رواية سالم، عن أبيه)) . اهـ. كلامه - رحمه الله -، وبنحو هذا الترجيح قال أيضًا في "البداية" (1 / 37 - 38) ، وهو ترجيح حسن؛ لأنه لا منافاة بين الرواية الموقوفة والرواية عن كعب الأحبار، فقد يذكر ابن عمر كعبًا، وقد لا يذكره، لكن المنافاة بين الرواية المرفوعة والرواية عن كعب، ولن يلجأ ابن عمر رضي الله عنهما إلى ذكر الحديث عن كعب وهو عنده عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، فإذا النظر قد استدعى ترجيح الرواية عن كعب لثقة رواتها وشهرتهم. فالحديث يرويه سفيان الثوري، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سالم بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عن أبيه، عن كعب، وهذا إسناد في غاية الصحة إلى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما. فسالم بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أحد الفقهاء السبعة، وكان ثبتًا عابدًا فاضلاً، وكان يشبَّه بأبيه في الهدي والسَّمْت كما في الحديث [124] . وموسى بن عقبة بن أبي عياش الأسدي ثقة فقيه إمام في المغازي كما في الحديث [324] . وسفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ثقة حافظ فقيه عابد إمام حجة كما في الحديث [30] . وسبق ذكر إعلال الإمام أحمد وأبي حاتم الرازي والبزار والبيهقي للحديث. وقد نصر الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - ترجيح ابن كثير، وأعل الروايات المرفوعة، في حاشيته على "المسند" (9 / 29 - 33) ، وذكر كلام الحافظ ابن حجر السابق، وأجاب عنه بقوله: ((أما هذا الذي جزم به الحافظ، بصحة وقوع هذه القصة، صحة قريبة من القطع؛ لكثرة طرقها، وقوة مخارج أكثرها، فلا؛ فإنها =

207- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حُصَين بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حَارِثٍ السُّلَمي (1) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ: مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتَ؟ فَقَالَ: مِنَ الْعِرَاقِ، قَالَ: كَيْفَ تَرَكْتَ النَّاسَ وَرَاءَكَ؟ قَالَ: تَرَكْتُ النَّاسَ

_ = كلها طرق معلولة، أو واهية، إلى مخالفتها الواضحة للعقل، لا من جهة عصمة الملائكة القطعية فقط، بل من ناحية أن الكوكب الذي نراه صغيرًا في عين الناظر، قد يكون حجمه أضعاف حجم الكرة الأرضية بالآلاف المؤلفة من الأضعاف، فأنّى يكون جسم المرأة الصغير إلى هذه الأجرام الفلكية الهائلة؟!)) ، ونقل أيضًا عن الشيخ رشيد رضا - رحمه الله - تعليقًا على كلام ابن كثير السابق، فقال: ((وقد علق أستاذنا السيد رشيد رضا - رحمه الله - على كلام ابن كثير في هذا الموضع، قال: من المحقق أن هذه القصة لم تذكر في كتبهم المقدسة، فإن لم تكن وضعت في زمن روايتها، فهي من كتبهم الخرافية، ورحم الله ابن كثير الذي بين لنا أن الحكاية خرافية إسرائيلية، وأن الحديث المرفوع لا يثبت)) . اهـ.، ولي على كلام الشيخ، وشيخه - رحمهما الله - ملاحظة، وهي: أنهما دفعا القصة بعدم تقبل عقليهما لها، وبخاصة الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - بقوله: ((أنى يكون جسم المرأة ... )) إلخ، فمن تأمل قدره الخالق جلا وعلا، علم أنه لا يعجزه سبحانه أن يجعل الذرة في أي حجم شاء، ولذا فالقصة لا تدفع بهذا، وإنما لأن فيها قدحًا في عصمة الملائكة عليهم السلام، الذين لا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون، وقد شفى ابن كثير - رحمه الله - وكفى بكلامه السابق، بل قال في "تاريخه" (1 / 37) : ((هذا ما أظنه من وضع الإسرائيليين، وإن كان قد أخرجه كعب الأحبار، وتلقاه عنه طائفة من السلف، فذكروه على سبيل الحكاية، والتحديث عن بني إسرائيل)) . اهـ. والله أعلم. (1) هو عمران بن الحارث السُّلمي، أبو الحكم الكوفي، ثقة روى له مسلم، وقال =

يتحَدَّثُون أَنَّ عَلِيًّا سَوْفَ يَخْرُجُ إِلَيْهِمْ (2) ، فَقَالَ: لَوْ شَعَرْنَا، مَا زوَّجنا نِسَاءَهُ، وَلَا قَسَمْنَا مِيرَاثَهُ، وسأحدِّثُك عَنْ ذَلِكَ: إِنَّ الشَّيَاطِينَ كَانَتْ تَسْتَرِقُ السَّمْعَ فِي السَّمَاءِ، فَإِذَا سَمِعَ (أَحَدُهُمْ) (3) كَلِمَةَ حقٍّ، كَذَب مَعَهَا أَلْفَ كِذْبَةٍ، فأشْرِبَتْها قُلُوبُ النَّاسِ، وَاتَّخَذُوهَا دَوَاوِينَ، فاطَّلع عَلَيْهَا سُلَيْمَانُ، فَدَفَنَهَا تَحْتَ كُرْسِيِّهِ. فَلَمَّا مَاتَ سُلَيْمَانُ، قَامَ شَيَاطِينُ بِالطَّرِيقِ، فَقَالَتْ: أَلَا أدُلُّكم عَلَى كَنْزِ سُلَيْمَانَ المُمَنَّع الَّذِي لَا كَنْزَ لَهُ مِثْلُهُ؟ فَاسْتَخْرَجُوهَا، قَالُوا: سِحْرٌ، وَإِنَّ بَقيتها هَذَا (4) يَتَحَدَّثُ بِهِ أَهْلُ الْعِرَاقِ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ عُذْرَ سُلَيْمَانَ فِيمَا قَالُوا مِنَ السِّحْرِ: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ} إلى آخر الآية.

_ = العجلي: ((كوفي تابعي ثقة)) ، وقال أبو حاتم: ((صالح الحديث)) ، وذكره ابن حبان في الثقات. انظر "الثقات" العجلي (ص373 رقم 1298) ، و"الجرح والتعديل" (6 / 296 رقم 1646) ، و"التهذيب" (8 / 124 - 125 رقم 216) ، و"التقريب" (ص429 رقم 5147) . (2) يعني بعد موته رضي الله عنه، والذي يزعم ذلك هم السَّبئيَّة أتباع عبد الله بن سَبَأ الذي زعم أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لم يَمُتْ، وأنه ليس هو الذي قُتل، وإنما كان شيطانًا تصَّور للناس في صورة علي، وأن عليًّا صعد إلى السماء كما صعد إليها عيسى بن مريم عليه السلام، وقال: كما كذبت اليهود والنصارى في دعواها قتل عيسى، كذلك كذبت النواصب والخوارج في دعواها قتل علي، وإنما رأت اليهود والنصارى شخصًا مصلوبًا شبهوه بعيسى، كذلك القائلون بقتل علي، رأوا قتيلاً يشبه عليًّا فظنوا أنه علي، وعلي قد صعد إلى السماء، وأنه سينزل إلى الدنيا وينتقم من أعدائه، ولما بلغه قتل علي قال: لو أتيتمونا بدماغه في صُرَّة سبعين مرة، لم نصدق بموته، ولا يموت حتى ينزل من =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = السماء ويملك الأرض بحذافيرها ويملأها عدلاً كما ملئت جورًا. وهذه الطائفة تزعم أن المهديَّ المنتظر إنما هو علي دون غيره، وأنه رضي الله عنه في السَّحَاب، وأن الرَّعْدَ صوتُه، والبرق سوطه، ومن سمع من هؤلاء صوت الرعد قال: عليك السلام يا أمير المؤمنين. وفي هذه الطائفة قال إسحاق بن سُوَيْد العَدَوِيُّ قصيدة بريء فيها من الخوارج والروافض وغيرهم من فرق الضلال، منها هذه الأبيات: برئتُ من الخوارج لَسْتُ منهم ... من الغَزَّال منهم وابن بَابِ ومن قومٍ إذا ذَكَروا عليًّا ... يَردّون السلامَ على السّحابِ ولكنّي أحبُّ بكلِّ قَلْبِي ... وأَعْلَمُ أن ذاك من الصوابِ رسولَ الله والصِّدِّيقَ حبًّا ... ... به أرجوا غدًّا حُسْن الثواب وفي الرد عليهم يقال لهم: إن كانت الذي قتله عبد الرحمن بن مُلْجِم شيطانًا تصوّر للناس في صورة علي، فلم لعنتم ابن ملجم؟ وهلاّ مدحتموه؛ فإن قاتل الشيطان محمود على فعله غير مذموم به؟!. اهـ. من "الفرق بين الفرق" (ص233 - 236) . مع شيء من التصرف، وانظر معه "الفصل" لابن حزم (4 / 179 - 180) . (3) في الأصل: (أحدهما) . (4) كذا في الأصل، وفي الموضع الآتي من "تفسير الطبري": (فقالوا: هذا سحر، فتناسخها الأمم حتى بقاياهم ما يتحدث به أهل العراق) . [207] سنده صحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 233) وعزاه للمصنف وابن عيينة في "تفسيره" وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم. وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (2 / 415 - 416 رقم 1662) . وابن أبي حاتم (1 / 300 رقم 996) . والحاكم في "المستدرك" (2 / 265) . أما ابن جرير والحاكم فمن طريق جرير، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق سفيان. =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} ] 208- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ قَانِف الثَّقَفي (1) ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ يَقْرَأُ: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نَنْسَاها} (2) ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقْرَأُ: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِيهَا} ، فَقَالَ: إِنَّ الْقُرْآنَ لَمْ يُنَزَّلْ عَلَى المسيِّب، وَلَا عَلَى آلِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى} (3) ، {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} (4) .

_ = الثوري، كلاهما عن حصين، به نحوه، إلا أن لفظ ابن أبي حاتم مختصر. والحديث صححه الحاكم ووافقه الذهبي، لكن تصحيح الحاكم ليس في المطبوع، وقد حكى تصحيحه السيوطي في الموضع السابق من "الدرّ"، وهو الذي يظهر من صنيع الذهبي في "التلخيص". (1) هو القاسم بن عبد الله بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ قَانِف الثَّّقَفي، وربما نُسب إلى جده ربيعة، وهو مجهول؛ سكت عنه البخاري في "تاريخه" (7 / 159 - 160 رقم 713) ، وبيض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (7 / 111 رقم 640) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (5 / 302 - 303) ، وذكروا أنه روى عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، ولم يذكروا عنه في الرواة سوى يعلى بن عطاء، وقد ذكره الذهبي في "الميزان" (3 / 372 رقم 6813) ، وقال: ((ما روى عنه سوى يعلى بن عطاء)) ، وانظر "الإكمال" لابن ماكولا (7 / 93) . (3) كذا في الأصل بدون همز، ووافق المصنف على روايته هكذا عن هشيم: زياد بن أيوب عند ابن أبي دواد في "المصاحف" (ص107) ، وكذا وقع في بعض الروايات عن شعبة للحديث عن يعلى بن عطاء كما سيأتي في التخريج، وهي القراءة التي ذكرها ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / 323) حيث قال: ((قوله: =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = (أو نَنْسَاها) اختلف في تفسيره على أوجه ... )) ، والمعنى - على هذه القراءة -: نتركها لا نبدلها كما في رواية عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابن عباس عند ابن جرير (2 / 476 رقم 1759) ، وعن السُّدِّي عنده برقم (1760) ، وعند ابن أبي حاتم (1 / 326 رقم 1073) : نتركها لا ننسخها، وعند ابن أبي حاتم (1 / 325 رقم 1069) من رواية ابن جريج، عن مجاهد: (أو ننساها) قال: نثبت خطّها ونبدِّل حكمها، وهذا قريب من القراءة بالهمز: (أَوْ نَنْسَأها) ، وهي في بعض الروايات عن شعبة للحديث عن يعلى كما سيأتي، وبها قرأ عُبيد بن عُمير وعطاء ومجاهد في رواية حُميد الأعْرج عنه عند أبي عبيد في "الناسخ والمنسوخ" (ص10) ؛ قال أبو عبيد: ((فمن قرأ هذه القراءة التي قرأ بها عبيد بن عمير ومجاهد وعطاء وكثير من القرّاء، منهم أبو عمرو بن العلاء وغيره من أهل البصرة، فإنهم يريدون بالنسخ: ما نسخه الله عز وجل لِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من اللوح المحفوظ، فأنزله عليه، فيصير المنسوخ على هذا التأويل وبهذه القراءة: جميع القرآن؛ لأنه نسخ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من أم الكتاب فأنزله عليه، ويكون النَّسْيُ: ما أخّره الله عز وجل وتركه في أم الكتاب فلم ينزله، وكذلك النسي في التأويل، إنما هو التأخير، ومنه قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زيادة في الكفر} هو في التفسير تأخيرهم تحريم المحرم إلى صفر ... ، فهذا الذي أراد عطاء بقوله: (ما ننسخ من آية) قال: ما نزل من القرآن، وبقوله: (أو ننسأها) قال: نؤخرها)) . اهـ. وأخرج ابن جرير في "تفسيره" (2 / 477 - 478 من رقم 1763 - 1768) ذلك عن عطاء ومجاهد وعبيد بن عمير وغيرهم أنهم قرؤها: (أو ننسأها) اي: نرجئها ونؤخرها، ثم قال ابن جرير: ((فتأويل من قرأ ذلك كذلك: ما نبدل من آية أنزلناها إليك يا محمد فنبطل حكمها ونثبت خطها، أو نؤخرها فنرجئها ونقرُّها فلا نغيرها ولا نبطل حكمها، نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا)) . اهـ. وهذا الذي ذكر ابن جرير أولى مما ذكر أبو عبيد مما لا دليل عليه. (3) الآية (6) من سورة الأعلى. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ (4) الآية (24) من سورة الكهف. [208] سنده ضعيف لجهالة القاسم بن عبد الله بن ربيعة. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 255) وعزاه للمصنِّف وعبد الرزاق في "تفسيره" وأبي داود في "ناسخه" وابنه في "المصاحف" والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم. وقد أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 55) . ومن طريقه وطريق آخر آخرجه ابن جرير في "تفسيره" (2 / 474 - 475 رقم 1755 و 1756) . وأخرجه أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" (ص12 رقم 15) . وابن أبي داود في "المصاحف" (ص107) . والحاكم في "المستدرك" (2 / 521) . جميعهم من طريق هُشَيْمٌ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، به مثله، عدا رواية عبد الرزاق وأبي عبيد، فنحوه، لكن وقع اختلاف بينهم في القراءتين، فقراءة سعد عند عبد الرزاق هكذا: ((تنساها)) ، وعند أبي عبيد في الأصل المخطوط (ص9) هكذا: ((نُنْسِها)) ، وتصرف فيها المحقق، وكذا جاءت في رواية عبد الله بن محمد الأذرمي عن هشيم عند ابن أبي داود، وأما رواية زياد بن أيوب عن هشيم عنده فموافقة لرواية المصنف، وأما ابن جرير فوقع عنده: ((تَنْسها)) ، ووقع عند الحاكم هكذا: ((ننسها)) لم تضبط. وأما قراءة سعيد عند الرزاق، فهكذا: ((ننسها)) لم تضبط، وشك فيها أبو عبيد، فقال: ((نَنْسَها)) أو: ((نُنْسَها)) ، وعند ابن جرير هكذا: ((تُنْسها)) ، وعند ابن أبي داود: ((نُنْسِها)) ، وعند الحاكم: ((ننساها)) . وأخرجه أبو داود في "الناسخ والمنسوخ" كما في "تحفة الأشراف" (3 / 309 رقم 3912) ، من طريق حفص بن عمر، عن شعبة، عن يعلى بن عطاء، به، ولم يذكر المزّي لفظه. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأخرجه النسائي في "تفسيره" (1 / 181 رقم 16) من طريق النَّضْر بن شَميل، عن شعبة، عن يعلى، به نحوه، إلا أنه لم يذكر قراءة سعد، وذكر قراءة سعيد هكذا: ((نُنْسِها)) ، ولم يذكر قوله تعالى: {سنقرئك فلا تنسى} . وأخرجه ابن جرير الطبري في الموضع السابق برقم (1757) ، من طريق محمد بن المثنى وآدم بن أبي إياس العَسْقلاني، كلاهما عن شعبة، عن يعلى، به نحوه، وقراءة سعد عنده هكذا: ((تَنْسها)) وقراءة سعيد: ((تُنْسَها)) . وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص107 - 108) من طريق محمد بن جعفر غندر ويزيد بن هارون وهارون بن موسى الأزدي ومسكين، جميعهم عن شعبة، عن يعلى، به نحوه، وقراءة سعد في رواية يزيد: ((نَنْسأها)) ، وقرن به رواية محمد بن جعفر، وأما في رواية هارون بن موسى فهكذا: ((نَنْسَاهَا)) بلا همز، وكذا رواية مسكين، فإنه رواه عن هارون، ثم قال مسكين: ((وقد سمعته من شعبة)) . وأما قراءة سعيد في رواية يزيد فهي: ((نُنْسِها)) ، وفي رواية هارون: ((نُنْسَها)) . وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (ص323 - 324 رقم 1066 و 1067) من طريق شبابة وعبد الوهاب بن عطاء، كلاهما عن شعبة، عن يعلى، به نحوه، وقراءة سعيد بن المسيب عندهما: ((نُنْسِها)) ، وقراءة سعد بن أبي وقاص عند شبابة: ((تُنْسِها)) ، وعند عبد الوهاب: ((تنساها)) . وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (2 / 242) ، ووقع في المطبوع أن الحديث من رواية أبي حاتم الرازي محمد بن إدريس، ثنا شعبة، عن يعلى، به نحوه هكذا: ((ننساها)) في قراءة سعد، و ((ننسها)) في قراءة سعيد، ولم تضبطا. وفي الإسناد سقط بين أبي حاتم وشعبة، فإنه لا يمكن أن يكون أدركه، فشعبة توفي سنة ستين ومائة، وأبو حاتم ولادته كانت سنة خمس وتسعين ومائة. انظر "التهذيب" (4 / 345) و (9 / 33) .

209- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عَطَاءٍ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِيهَا} ، قَالَ: أَوْ نُؤَخِّرُهَا. [قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَللهِ المَشْرِقُ وَالمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ إِنَّ اللهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} ] 210- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، عَنْ عَطَاءٍ، أَنَّ قَوْمًا عُمِّيَتْ عَلَيْهِمُ الْقِبْلَةُ، فَصَلَّى كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ إِلَى نَاحِيَةٍ، ثُمَّ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ} .

_ = [209] سنده صحيح. وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (2 / 477 رقم 1763) من طريق أبي كُريب ويعقوب بن إبراهيم، كلاهما عن هشيم، قال: أخبرنا عبد الملك ... ، فذكره، إلا أنه قال: (أو نَنْسَأها) ، وانظر التعليق على الحديث السابق. [210] سنده ضعيف جدًّا؛ لإرساله، ولضعف حجاج بن أرطأة من قبل حفظه، فإنه صدوق كثير الخطأ والتدليس كما تقدم في الحديث [170] ، ولم يصرح بالسماع هنا، ومع ذلك فقد خولف في إسناده كما سيأتي، والراوي عنه هنا هو إسماعيل بن عياش، وهو ضعيف إذا روى عن غير أهل بلده الشام كما في الحديث [9] ، وحجاج كوفي. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 267) وعزاه للمصنف وابن المنذر. وقد روي الحديث عن عطاء، عن جابر موصولاً. فأخرجه الدارقطني في "سننه" (1 / 271 رقم 3) .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ومن طريق الواحدي في "أسباب النزول" (ص34) . وأخرجه البيهقي في "سننه" (2 / 11 - 12) ، في الصلاة، باب: استبيان الخطأ بعد الاجتهاد. وابن مردويه في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" (1 / 158 - 159) . ثلاثتهم من طريق أحمد بن عبيد الله بن الحسن العَنْبري، قال: وجدت في كتاب أبي: ثنا عبد الملك العَرْزَمي، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قال: بعث رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - سريّة كنت فيها، فأصابتنا ظلمة؛ فلم نعرف القبلة. فقالت طائفة منا: قد عرفنا القبلة، هي هاهنا قبل الشمال، فصلوا وخَطّوا خَطًّا. وقال بعضنا: القبلة ها هنا قبل الجنوب وخَطّوا خَطًّا، فلما أصبحوا وطلعت الشمس، أصبحت تلك الخطوط لغير القبلة، فلما قَفَلْنا من سفرنا؛ سألنا النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن ذلك، فسكت، وأنزل الله: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فثم وجه الله} ، أي: حيث كنتم. اهـ. واللفظ للدارقطني. وقد ضعف البيهقي وابن كثير هذا الإسناد كما سيأتي، وضعفه أيضًا ابن القطان، فإن شمس الحق العظيم آبادي في "التعليق المغني" في حاشية الموضع السابق من "سنن الدارقطني" نقل عن ابن القطان قوله: ((وعلّة هذا: الانقطاع فيما بين أحمد بن عبيد الله وأبيه، والجهل بحال أحمد المذكور، وما مُسَّ به أيضًا عبيد الله بن الحسن العنبري من المذهب على ما ذكره ابن أبي خَيْثمة وغيره)) . وللحديث طريق آخر عن عطاء. فأخرجه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" كما في "المطالب العالية المسندة" (ل 13 / أ) ، وهو في المطبوع (1 / 90 - 91 رقم 319) . والدارقطني في الموضع السابق برقم (4) . والحاكم في "المستدرك" (1 / 206) . والبيهقي في "سننه" (2 / 10) في الصلاة، باب: الاختلاف في القبلة عند التحري. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = جميعهم من طريق داود بن عمرو الضَّبِّي، عن محمد بن يزيد الواسطي، عن محمد بن سالم، عن عطاء، عن جابر ... ، فذكره بمعنى الحديث السابق، إلا أنه ذكر أنهم كانوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - في مسير أو سفر، وفيه: (فذكرنا ذلك لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فلم يأمرنا بالإعادة، وقال: ((قد أجزأت صلاتكم)) ) ، ولم يذكر الآية. وقد خولف داود بن عمرو في إسناده. فرواه البيهقي في الموضع السابق من طريق موسى بن مروان الرَّقِّي، عن محمد بن يزيد الواسطي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ العَزْرَمي، عن عطاء، به. وأخرجه ابن مردويه أيضًا من طريق العرزمي كما في الموضع السابق من "تفسير ابن كثير". وقد أعلّ الدارقطني الحديث بقوله في "السنن" عقب إخراجه له من طريق محمد بن سالم، قال: ((كذا قال: عن محمد بن سالم! وقال غيره: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ محمد بن عبيد الله العرزمي، عن عطاء، وهما ضعيفان)) ، يعني محمد بن سالم والعرزمي. ونقل البيهقي قول الدارقطني هذا وأقرّه. وسئل الدارقطني في "العلل" (4 / ل 131 / أ) عن هذا الحديث فقال: ((يرويه محمد بن يزيد الواسطي، واختلف عنه. فرواه داود بن عمرو [في الأصل: عمر] ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ محمد بن سالم، عن عطاء، عن جابر، وَغْيرُهُ يرويه عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ محمد بن عبيد الله العَرْزمي، عن عطاء، عن جابر، وكلاهما ضعيفان)) . وأما الحاكم فإنه بعد أن أخرج الحديث قال: ((هذا حديث مُحْتجّ برواته كلهم؛ غير محمد بن سالم، فإني لا أعرفه بعدالة ولا جرح)) ، فتعقبه الذهبي بقوله عن محمد بن سالم: ((قلت: هو أبو سهل، واهٍ)) . وأخرجه البيهقي (2 / 11) ، في الصلاة، باب استبيان الخطأ بعد الاجتهاد، من طريق الحارث بن نَبْهان، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ العرزمي، عن عطاء، به. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وهذا إسناد ضعيف جدًّا، فالحارث بن نبهان تقدم في الحديث [20] أنه متروك. وله شاهد من حديث عامر بن ربيعة رضي الله عنه. أخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده" (ص156 رقم 1145) . ومن طريقه البيهقي في الموضع السابق. وأخرجه الترمذي في "سننه" (2 / 321 - 322 رقم 343) ، في الصلاة، باب ما جاء في الرجل يصلي لغير القبلة في الغيم. وفي تفسيره سورة البقرة من كتاب التفسير (8 / 292 رقم 4033) . وابن ماجه (1 / 326 رقم 1020) ، في الصلاة، باب: من يصلي لغير القبلة وهو لا يعلم. وابن جرير الطبري في "تفسيره" (2 / 531 و 532 رقم 1841 و 1843) . والعقيلي في "الضعفاء" (1 / 31) . وابن أبي حاتم في "التفسير" (1 / 344 رقم 1127) . والدارقطني في "سننه" (1 / 272 رقم 5) . ومن طريق الواحدي في "أسباب النزول" (ص34 - 35) . وأخرجه أبونعيم في "الحلية" (1 / 179) . جميعهم من طريق أشعث بن سعيد أبي الربيع السَّمَّان، عن عاصم بن عبيد اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عامر بن ربيعة، عن أبيه قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ليلة سوداء مظلمة، فنزلنا منزلاً، فجعل الرجل يأخذ الأحجار فيعمل مسجدًا يصلي فيه، فلما أصبحنا إذا نحن قد صلينا على غير القبلة، فقلنا: يا رسول الله، لقد صلينا ليلتنا هذه لغيرة القبلة، فأنزل الله عز وجل: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ واسع عليم} . هذا لفظ ابن جرير. قال الترمذي في الموضع الأول: ((هذا حديث ليس إسناده بذاك، لا نعرفه إلا من حديث أشعث السَّمَّان، وأشعث بن سعيد أبو الربيع السمان يُضعّف في الحديث.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ} ] 211- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَتَّاب بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ خُصَيْف، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: {يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ} ، قَالَ: يَعْمَلُونَ بِهِ حَقَّ عَمَلِهِ، أولئك يؤمنون به.

_ = وقد ذهب أكثر أهل العلم إلى هذا، قالوا: إذا صلى في الغيم لغير القبلة، ثم استبان له بعد ما صلى أنه صلى لغير القبلة، فإن صلاته جائزة، وبه يقول سفيان الثوري، وابن المبارك وأحمد وإسحاق)) . اهـ. وقال في الموضع الثاني: ((هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث أشعث السمان أبي الربيع، عن عاصم بن عبيد الله، وأشعث يُضعف في الحديث)) . اهـ. قلت: إنما حسّن الترمذي الحديث لما له من طريق، فإنه بمجموع طرقه السابقة يكون حسنًا لغيره، عدا الطريق الذي أخرجها المصنِّف، فلا تصلح للاستشهاد؛ لشدة ضعفها، والله أعلم. [211] سنده ضعيف لضعف خُصيف من قبل حفظه كما في الحديث [204] ، والحديث صحيح عن مجاهد من غير هذا الطريق. فهو في "تفسير مجاهد" (ص87) من رواية وَرْقاء، عن ابن أبي نجيح، عنه، وهي رواية صحيحة سبق الكلام عنها في الحديث [184] ، وانظر الحديث الآتي رقم [584] . وقد روي عن مجاهد من طرق أخرى. فأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (2 / 567 - 568 رقم 1892 و 1894 و 1895 و 1896 و 1897 و 1898 و 1899) من طريق مغيرة وقيس بن سعد وابن أبي نجيح وأيوب السختياني وأبي الخليل صالح بن أبي مريم، جميعهم عن مجاهد، به بلفظه ونحوه ومعناه.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} ] 212- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَتَّاب، عَنْ خُصَيْف، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} ، قَالَ: إِنَّهُ سَيَكُونُ فِي ذُرِّيَّتِكَ ظَالِمٌ. 213- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ (1) ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} قَالَ: إِذَا كَانَ ظَالِمًا، فَلَيْسَ بإمام يقتدى به.

_ [212] سنده ضعيف، وهو نفس الإسناد السابق. والأثر أخرجه ابن جرير الطبري في "التفسير" (3 / 24 رقم 1962) ، من طريق إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد، عن عتاب، به مثله، إلا أنه قال: (ظالمون) بدلاً من قوله: (ظالم) . (1) هو مسلم بن خالد المَخْزومي، مولاهم، المكِّي، المعروف بالزَّنْجي، روى عن زيد بن أسلم وأبي طوالة والزهري وداود بن أبي هند وابن جريج وغيرهم، روى عنه هنا سعيد بن منصور، وروى عنه أيضًا ابن وهب والإمام الشافعي وأبو نعيم وعلي بن الجعد وغيرهم، وهو فقيه صدوق كثير الأوهام، وثقه ابن معين، وقال ابن المديني: ((ليس بشيء)) ، وفي رواية عنه قال: ((منكر الحديث، ما كتبت عنه، وما كتبت عن رجل عنه)) ، وقال ابن سعد: ((كان كثير الغلط في حديثه، وكان في هديه نعم الرجل، ولكنه كان يغلط)) ، وقال البخاري: ((منكر الحديث ليس بشيء)) ، وقال أبو حاتم: ((ليس بذاك القوي، منكر الحديث، يكتب حديثه ولا يحتج به، تعرف وتنكر)) ، وقال الساجي: ((صدوق كان كثير الغلط)) ، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ((كان من فقهاء الحجاز، ومنه تعلّم الشافعي الفقه قبل أن يلقى مالكًا، وكان مسلم بن خالد يخطئ أحيانًا)) ، وقال ابن عدي: =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ((حسن الحديث، وأرجو أنه لا بأس به)) ، وكانت وفاته سنة ثمانين ومائة، وله ثمانون سنة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (8 / 183 رقم 800) ، و"الكامل" (6 / 2310 - 2313) ، و"تذكرة الحفاظ" للذهبي (1 / 255) ، و"التهذيب" (10 / 128 - 130 رقم 228) ، و"التقريب" (ص529 رقم 6625) . ولم أجد من نصّ على أن مسلم بن خالد روى عن ابن أبي نجيح، لكن سماعه منه محتمل جدًّا، فكلاهما مكِّي، وقد تعاصرا؛ فإن ابن أبي نجيح توفي سنة إحدى أو اثنتين وثلاثين ومائة، ومسلم بن خالد كانت ولادته قريبًا من سنة مائة؛ لأنه توفي سنة ثمانين ومائة وله من العمر ثمانون سنة. [213] سنده المصنف ضعيف لضعف مسلم بن خالد من قبل حفظه، وابن أبي نجيح وإن كان مدلسًا، إلا أن روايته للتفسير عن مجاهد صحيحة كما سبق بيانه في الحديث [184] ، ولم ينفرد مسلم بن خالد، ولا ابن أبي نجيح بالحديث، فهو صحيح عن مجاهد كما سيأتي. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 288) وعزاه لوكيع وعبد بن حميد وابن جرير فقط. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (3 / 21 رقم 1952) من طريق محمد بن عبيد المحاربي؛ عن مسلم بن خالد، به بلفظ: (لا أجعل إمامًا ظالمًا يقتدى به) . وأخرجه أيضًا برقم (1946 و 1947) من طريق عيسى بن ميمون وشبل بن عباد، كلاهما عن ابن أبي نجيح، به بلفظ: (لا يكون إمام ظالمًا) . وأخرجه أيضًا برقم (1953) من طريق ابن جريج، عن مجاهد، بنحو سابقه. وأخرجه أيضًا برقم (1951) من طريق سفيان الثوري، عن خصيف، عن مجاهد، به بمثل لفظ مسلم بن خالد عنده. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (1949 و 1950) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وابن أبي حاتم في "التفسير" (1 / 365 رقم 1188) . أما ابن جرير فمن طريق سفيان الثوري، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق شريك بن عبد الله القاضي، كلاهما عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قوله: {قال لا ينال عهدي الظالمين} ، قال: لا يكون إمام ظالم يقتدى به. هذا لفظ ابن جرير، ولفظ ابن أبي حاتم بمعناه، وفيه زيادة. وإسناد ابن جرير صحيح؛ فإنه رواه من طريقين عن سفيان، أحدهما يرويه عن شيخه محمد بن بَشّار بُنْدار، عن أبي عاصم النّبيل، عن سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، به. وهذا إسناد مسلسل بالأئمة الثقات. فمنصور بن المعتمر، وسفيان الثوري، ومحمد بن بشّار تقدم أنهم ثقات. والضحاك بن مَخْلد بن الضحاك بن مسلم الشَّيْباني، أبو عاصم النَّبيل، البصري، يروي عن سليمان التيمي وابن عون ومحمد بن عجلان وابن أبي ذئب وابن جريج والأوزاعي وشعبة وسفيان الثوري وغيرهم، روى عنه الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه وعلي بن المديني وعمرو بن علي ومحمد بن بشار بندار وغيرهم، وهو ثقة ثبت؛ روى له الجماعة، ووثقه ابن معين والعجلي وزاد: ((كثير الحديث، وكان له فقه)) ، وقال ابن سعد: ((كان ثقة فقيهًا)) ، وقال حمدان بن علي الوراق: ((ذهبنا إلى أحمد - يعني ابن حنبل - سنة ثلاث عشرة - يعني ومائتين -، فسألناه أن يحدثنا، فقال: تسمعون مني وأبو عاصم في الحياة؟! أخرجوا إليه)) ، وقال عمر بن شبة: ((والله ما رأيت مثله)) ، وقال أبو داود: ((كان يحفظ قدر ألف حديث من جيّد حديثه، وكان فيه مزاح)) ، وقال الخليلي: ((متفق عليه، زهدًا وعلمًا وديانة وإتقانًا)) ، وقال ابن قانع: ((ثقة مأمون)) ، وكانت وفاته سنة أربع عشرة ومائتين، وقيل غير ذلك. اهـ. من "الجرح والتعديل" (4 / 463 رقم 2042) ، و"التهذيب" (4 / 450 - 453 رقم 783) ، و"التقريب" (ص280 رقم 2977) . =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} ] 214- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجيح وَغَيْرِهِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} ، مُدَّعى. 215- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا حُميد الطَّويل، قَالَ: نا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَافَقْتُ رَبِّي فِي ثَلَاثٍ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ [ل112/ب] اللَّهِ، لَوِ اتَّخَذْتَ مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلَّى، فَنَزَلَتْ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} ، وَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَدْخُلُ عَلَى نِسَائِكَ البَرُّ وَالْفَاجِرُ، فَلَوْ أَمَرْتَهُنَّ أَنْ يَحْتَجِبْنَ، فَنَزَلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ (1) . وَاجْتَمَعَ نِسَاءُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ لهن:

_ [214] سنده صحيح عن مجاهد. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 292) وعزاه للمصنف وابن جرير. وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (3 / 37 رقم 2004) من طريق إسحاق بن راهويه، عن سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، به بلفظ: ((مصلى إبراهيم مُدَّعى)) . وأخرجه الفاكهي في "أخبار مكة" (1 / 445 رقم 972) ، من طريق محمد بن أبي عمر، عن سفيان، به بلفظ: الحج كله مُصَلَّى ومُدّعى. وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / 372 - 373 رقم 1210) من طريق زكريا بن إسحاق، عن ابن أبي نجيح، به مثل لفظ المصنِّف. (1) وهي الآية (53) من سورة الأحزاب، وفيها يقول تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} . =

{عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ ... } (1) الآية، فنزلت.

_ (1) وهي الآية (5) من سورة التحريم. [215] سنده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجه البخاري كما سيأتي. وذكره السيوطي في "الدر" (1 / 289 - 290) وعزاه للمصنف وأحمد والعدني والدارمي والبخاري والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن أبي دواد في "المصاحف" وابن المنذر وابن مردويه وأبي نعيم في "الحلية" والطحاوي وابن حبان والدارقطني في "الأفراد" والبيهقي. وقد أخرجه البخاري في "صحيحه" (1 / 504 رقم 402) في الصلاة، باب ما جاء في القبلة، و (8 / 660 رقم 4916) في التفسير، باب: {عسى ربه إن طلقكن ... } الآية. وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 23 - 24) . والترمذي في "سننه" (8 / 295 رقم 4038) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير. وابن ماجه في "سننه" (1 / 322 رقم 1009) في إقامة الصلاة، باب القبلة. والنسائي في التفسير من "الكبرى" (2 / 453 رقم 631) ، في تفسير سورة التحريم. وابن جرير في مسند عمر من "تهذيب الآثار" (1 / 405 رقم 11) ، وفي "التفسير" (3 / 30 رقم 1985) ، و (22 / 39 - الحلبي -) ، و (28 / 164 - الحلبي-) . والإسماعيلي في "مستخرجه" كما في "فتح الباري" (1 / 506) . أما الإمام أحمد فعن هشيم مباشرة، وأما البخاري فمن طريق عمرو بن عون، وأما الترمذي فمن طريق أحمد بن منيع، وأما ابن ماجه فمن طريق محمد بن الصبَّاح، وأما النسائي فمن طريق يعقوب الدَّوْرقي، وأما ابن جرير فمن طريق أبي كريب ويعقوب الدورقي، وأما الإسماعيلي فمن طريق أبي الربيع الزهراني، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = جميعهم عن هشيم، به نحوه، إلا أن بعضهم اختصره فأورد منه موضع الشاهد، وقد نص الحافظ ابن حجر على أن رواية الإسماعيلي عن يوسف القاضي، عن أبي الربيع الزهراني فيها تصريح حميد بسماعه للحديث من أنس، وقد جاء كذلك أيضًا في رواية يحيى بن أيوب للحديث عن حميد عند البخاري كما سيأتي. وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 24 و 36 - 37) عن محمد بن أبي عدي ويحيى بن سعيد. والدارمي في "سننه" (1 / 375 رقم 1856) عن يزيد بن هارون. والبخاري في الموضع السابق رقم (402) ، و (8 / 168رقم 4483) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير، باب قَوْلِهِ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مصلى} ، و (8 / 527 رقم 4790) في تفسير سورة الأحزاب من كتاب التفسير، باب: {لا تدخلوا بيوت النبي ... } الآية من طريق يحيى بن أيوب، ويحيى بن سعيد. وأخرجه الترمذي في الموضع السابق برقم (4037) من طريق حماد بن سلمة. والفاكهي في "أخبار مكة" (1 / 441 رقم 963) من طريق مروان الفَزَاري. في تفسير سورة البقرة وسورة الأحزاب، من طريق زكريا بن أبي زائدة وخالد بن الحارث. وابن جرير الطبري في مسند عمر من "تهذيب الآثار" (1 / 404 و 405 و 406 رقم 10 و 12 و 13 و 14) ، وفي "التفسير" (3 / 30 و 31 رقم 1986 و 1987) ، و (22 / 38 و 39 - الحلبي-) ، و (28 / 164 - الحلبي-) ، من طريق محمد بن أبي عدي، وإسماعيل بن علية، ويزيد بن زُرَيع، وسهل بن يوسف. جميع هؤلاء، عن حميد، عن أنس، به نحوه، وقد اختصره بعضهم فأورده منه موضع الشاهد فقط.

216- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّناد، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مَوْلَى ابْنِ عَيَّاش (1) : أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: (وَاتَّخَذُوا (2) مِنْ مقام إبراهيم مصلى) .

_ (1) قوله: (عياش) لم تنقط في الأصل فأشبه أن تكون: (عباس) ، لكن المصنف روى الحديثين الآتيين رقم [790 و 791] ، وفيهما: (عياش) منقوطة، وهو أبو جعفر القارئ المدني المخزومي، مولى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أبي ربيعة، قيل اسمه يزيد بن القعقاع، وقيل: جندب بن فيروز، وقيل: فيروز، والأول أشهر، روى عن مولاه وعن أبي هريرة وابن عمر وابن عباس وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه الإمام مالك وعبد العزيز بن أبي حازم والدَّرَاوَردي وغيرهم، وكانت وفاته سنة سبع وعشرين ومائة، وقيل: ثلاثين ومائة، ولم أجد من نصّ على أن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ روى عنه، وروايته عنه محتملة، فإن ابن أبي الزناد ولد سنة مائة للهجرة كما في ترجمته في الحديث رقم [67] ، وكلاهما مدني، وأبو جعفر هذا ثقة؛ وثقه ابن معين والنسائي وابن سعد وزاد: ((قليل الحديث، وكان إمام أهل المدينة في القراءة، فسمي القارئ لذلك)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 285 رقم 1207) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (3 / 1594) ، و"التهذيب" (12 / 58 رقم 225) ، و"التقريب" (ص629 رقم 8021) . (2) لم تضبط في الأصل، وفيها قراءتان، أما ابن عامر ونافع فقرآ: (واتَّخَذُوا من مقام إبراهيم) - بفتح الخاء -، وحُجَّتهما: أن هذا إخبار عن ولد إبراهيم أنهم اتخذوا مقام إبراهيم مصلى. وقرأ الباقون: (واتَّخِذوا) - بكسر الخاء -، وحجتهم في ذلك ما ورد في بعض طرق الحديث السابق: أنَّ النَّبِيَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - أخذ بيد عمر، فلما أتى على المقام قال له عمر: هذا مقام أبينا إبراهيم - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قَالَ: نعم، قال: أفلا نتخذه مصلى؟ فأنزل الله جل وعز: {واتَّخِذوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} . اهـ. بتصرف من "حجة القراءات" لابن زنجلة (ص113) . =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} ] 217- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الْأَحْوَصِ (1) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوق، عَنْ عَطَاءٍ، فِي قَوْلِهِ: {طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ} قَالَ: كَانَتْ فِيهِ أَصْنَامٌ، فأمِرَا (أن) (2) يخرجاها منه.

_ [216] سنده ضعيف لأجل عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ؛ فإنه صدوق تغير حفظه لما قدم بعداد كما في ترجمته في الحديث [67] ، ولم يتضح لي أن المصنف روى عنه قبل أن يتغير حفظه أو بعده. (1) هو سلاّم بن سُلَيم. (2) في الأصل: ((ن)) بلا ألف. [217] سنده صحيح إن كان سعيد بن مسروق سمع من عطاء؛ فإني لم أجد من نص على أنه ممن روى عنه كما في "تهذيب الكمال" (11 / 62 / المطبوع) ، وسماعه منه محتمل، فإنهما تعاصرا مدّة طويلة، فسعيد بن مسروق تقدم في ترجمته في الحديث [52] أن وفاته كانت سنة ست أو سبع أو ثمان وعشرين ومائة، وعطاء بن أبي رباح تقدم في ترجمته رقم [15] أن وفاته كانت سنة أربع عشرة ومائة أو خمس عشرة، أو سبع عشرة ومائة، وعطاء مكّي، وسعيد بن مسروق كوفي، فاللقاء بينهما ممكن في رحلة أو حج أو عمرة، والله أعلم. وقول عطاء هذا لم أجد من أسنده عنه سوى المصنِّف، وقد أشار إليه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / 374) ، والبغوي في "التفسير" (1 / 114) .

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ المَصِيرُ} ] 218- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجيح، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: اسْتَرْزَقَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إبراهيمُ لِأَهْلِ الْبَلَدِ لِمَنْ آمَنَ، قَالَ: {وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ} ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَمَنْ كَفَرَ فَإِنِّي أَرْزُقُهُ أَيْضًا؛ أُمَتِّعُهُ قَلِيلًا، ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النار.

_ [218] سنده صحيح، وانظر ما يتعلق برواية ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ في الحديث [184] . والمصنف روى هذا الأثر من طريق سفيان بن عيينة. وسفيان أخرجه في "تفسيره" كما في "الدر المنثور" (1 / 303) . وقد روي من غير طريق سفيان. فالحديث في "تفسير مجاهد" (ص88) من رواية ورقاء، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عكرمة مولى ابن عباس، بمعنى ما هنا، ثم قال ابن أبي نجيح: ((سمعت هذا من عكرمة، ثم عرضته على مجاهد، فلم ينكره)) . ومن طريق ورقاء أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / 379 رقم 1235 و 1237) . وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (3 / 54 رقم 2036) من طريق لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنِ مجاهد: (ومن كفر فأمتعه قليلاً) يقول: ومن كفر فأرزقه أيضًا، ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ} ] 219- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، وَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا} ، (قَالَ) (1) : سَأَلَا القبولَ، وَتَخَوَّفَا أَنْ يَكُونَ مِنْهُ شَيْءٌ لَا يُتَقَبَّلُ مِنْهُمَا. [قَوْلُهُ تَعَالَى: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} ] 220- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَتَّاب (2) ، أنا خُصَيْف (3) ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ: {رَبَّنَا أَرِنَا مَنَاسِكَنَا} . فَأَخَذَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِيَدِهِ، فَذَهَبَ بِهِ حَتَّى أَتَى بِهِ الْبَيْتَ، قَالَ: ارْفَعِ الْقَوَاعِدَ، فَرَفَعَ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ، وَأَتَمَّ الْبُنْيَانَ، فَذَهَبَ بِهِ إِلَى الصَّفا، فَقَالَ: هَذَا مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ، ثُمَّ ذَهَبَ بِهِ إِلَى المَرْوة، فَقَالَ: وَهَذَا مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِهِ فَذَهَبَ بِهِ نَحْوَ مِنَى، فَإِذَا هُوَ بِإِبْلِيسَ عِنْدَ العَقَبة، عِنْدَ الشَّجَرَةِ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: كبِّر وارْمِه، فكبَّر وَرَمَى، فَذَهَبَ إبليس حتى قام

_ (1) في الأصل: (قالا) ، والصواب ما هو مثبت؛ لأن القائل سفيان. [219] سنده صحيح، عن سفيان بن عيينة من قوله. (2) هو ابن بشير: تقدم في الحديث [204] أنه لا بأس به، إلا في روايته عن خُصيف، فإنها منكرة. (3) هو ابن عبد الرحمن، تقدم في الحديث [204] أنه صدوق سيء الحفظ. =

عِنْدَ الجَمَرة الْوُسْطَى، فَحَاذَى بِهِ جِبْرِيلُ وَإِبْرَاهِيمُ، فَقَالَ جِبْرِيلُ: كَبِّر وارْمِه، فكبَّر وَرَمَى، فَذَهَبَ إِبْلِيسُ حَتَّى أَتَى الْجَمْرَةَ القُصْوَى، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: كَبِّر وارْمِه، فكبَّر وَرَمَى، فَذَهَبَ إِبْلِيسُ، وَكَانَ الْخَبِيثُ أَرَادَ أَنْ يُدْخِلَ فِي الْحَجِّ شَيْئًا، فَلَمْ يَسْتَطِعْ، فَذَهَبَ حَتَّى أَتَى بِهِ الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ، فَقَالَ: هَذَا الْمَشْعَرُ الْحَرَامُ، ثُمَّ ذَهَبَ حَتَّى أَتَى بِهِ عَرَفَاتٍ، فَقَالَ: هَذِهِ عَرَفَاتٌ، قَدْ عَرَفْتَ مَا أَرَيْتُكَ؟ قَالَ: نَعَمْ - ثَلَاثَ مَرَّاتٍ-، قَالَ: فَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ، قَالَ: وَكَيْفَ أؤَذّن؟ قَالَ: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَجِيبُوا رَبَّكُمْ - ثَلَاثَ مَرَّاتٍ - فَأَجَابَ الْعِبَادُ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَبَّيْكَ - مَرَّتَيْنِ -، فَمَنْ أَجَابَ إِبْرَاهِيمَ يَوْمَئِذٍ مِنَ الْخَلْقِ فَهُوَ حَاجٌّ. فَقَالَ لِي مُجَاهِدٌ: يَا (أَبَا) (1) عَوْنٍ، القَدَرِيَّة لَا يُصَدِّقُون بهذا (2) .

_ (1) ما بين القوسين ليس في الأصل، وهي زيادة لابد منها، فخصيف بن عبد الرحمن كنيته أبو عون كما في ترجمته في الحديث رقم [204] . (2) مقصود مجاهد بالقدرية نفاة القدر الذين يقولون إن الأمر أُنُف، وإن الله غير خالق لأكْساب الناس، ولا لشيء من أعمال الحيوانات، ويزعمون أن الناس هم الذين يقْدُرون على أكسابهم، وأنه ليس لله عز وجل في أكسابهم ولا في أعمال سائر الحيوانات صنع وتقدير. انظر "الفرق بين الفرق" للبغدادي (ص114 - 115) . ومناسبة الكلام هنا: أن من أجاب إبراهيم - عليه السلام - في ذلك الوقت ممن وجد وممن لم يوجد إلا بعد زمنه إلى قيام الساعة ممن كتب الله له أن يجيب، فهو حاج، ومن لا فلا، وهذا لا يُصَدِّق به إلا من كان يؤمن بالقدر، =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} ] 221- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيم، قَالَ: نا جُوَيْبر (1) ، عَنِ الضَّحَّاك، قَالَ: علِّموا أَوْلَادَكُمْ، وَأَهَالِيَكُمْ، وَخَدَمَكُمْ أَسْمَاءَ الْأَنْبِيَاءِ

_ = وأما نفاة القدر فلا يعتقدون فيمن حج أن فعله ذلك من قَدَرِ الله، وأنه ممن أجاب دعوة إبراهيم، بل يقولون: إن فعله حادث، ولا دخل له بقدر سابق. [220] سنده ضعيف لما تقدم عن حال خُصيف ورواية عتّاب عنه. والحديث ذكره الحافظ ابن كثير في "التفسير" (1 / 183 - 184) من رواية المصنف، فقال: (قال سعيد بن منصور: أخبرنا عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ خُصَيْفٍ ... ) فذكر الحديث بنحوه، وفيه اختلاف في بعض الألفاظ، ولم يذكر من قوله: (قَالَ: فأذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ ... ) إلخ. وذكره السيوطي في "الدر" (1 / 331 - 332) وعزاه للمصنف وابن أبي حاتم والأزرقي، ولفظه نحوه، وفيه بعض الاختلاف، ولم يذكر قول خصيف: (فقال لي مجاهد ... ) إلخ. وقد أخرجه ابن أبي حاتم في "التفسير" (1 / 387 رقم 1262) من طريق المصنف سعيد بن منصور، ولفظه هو اللفظ الذي ذكره ابن كثير في "التفسير"، فالظاهر أنه ذكره من رواية ابن أبي حاتم. وأخرجه الأزرقي في "أخبار مكة" (1 / 69) و (2 / 175 - 176) من طريق عثمان بن ساج: أخبرني خصيف بن عبد الرحمن ... ، فذكره بنحوه. (1) هو ابن سعيد، تقدم في الحديث [93] أنه ضعيف جدًّا. [221] سنده ضعيف، جدًّا لشدة ضعيف جويبر. وأخرجه وكيع بنحوه كما في "الدر المنثور" (1 / 338 - 339) . =

الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ حَتَّى يُؤْمِنُوا بِهِمْ، وَيُصَدِّقُوا بِمَا جَاءُوا بِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} . [قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} ] 222- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ: نا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} ، قَالَ: ((عَدْلًا)) {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} ، قَالَ: ((يُؤْتَى بِالنَّبِيِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَهُ رَجُلٌ لَمْ يتَّبِعْه غيرُه، وَالنَّبِيِّ مَعَهُ الرَّجُلَانِ لَمْ يَتَّبِعْهُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، فَيُقَالُ لِلنَّبِيِّ: هَلْ بَلَّغْتَ هَؤُلَاءِ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيَقُولُ لَهُمْ: هَلْ بلَّغكم؟ فَيَقُولُونَ: لَا، فَيُقَالُ لَهُمْ (1) : مَنْ يَشْهَدُ لكم

_ (1) أي للأنبياء. [222] سنده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجه البخاري كما سيأتي وفيه عنده تصريح الأعمش بسماع هذا الحديث من أبي صالح. والحديث ذكره السيوطي في "الدر" (1 / 348 و 349) وعزاه للمصنِّف وأحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن جرير وابن أبي حاتم وابن حبان والإسماعيلي والحاكم والبيهقي في "البعث والنشور". وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (11 / 454 رقم 11730) . =

أنكم قد بلغتم؟ [ل113/أ] فَيَقُولُونَ: مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ، فَيَشْهَدُونَ لَهُمْ بِالْبَلَاغِ، فَيُقَالُ لَهُمْ: مَا يُدْرِيكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: أَخْبَرَنَا نبيُّنا أَنَّ الرُّسُلَ قَدْ بلَّغوا، فصدَّقنا بِذَلِكَ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} ، يَقُولُ: عَدْلًا، {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} ، قَالَ: عَلَى هَذِهِ الْأُمَمِ أَنَّهُمْ قد بُلِّغوا)) .

_ = والإمام أحمد في "المسند" (3 / 9 و 58) . كلاهما عن أبي معاوية، به، ولفظ الإمام أحمد نحو لفظ المصنف، إلا أنه ذكر الحديث في الموضع الأول إلى قوله: (عدلاً) الأولى، وذكر بقية الحديث في الثاني، وأما ابن أبي شيبة فذكر الحديث بلفظ: ((يدعى نوح يوم القيامة فيقال: هل بَلَّغْتَ؟ فيقول: نعم، فيدعى قومه فيقال: هل بلَّغكم؟ فيقولون: ما أتانا من نذير، وما أتانا من أحد، قال: فيقال لنوح: من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته، قال: فذلك قَوْلِهِ: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} ، قال: الوسط: العدل، قال: فيدعون، فيشهدون له بالبلاغ، قال: ثم أشهد عليكم بعد)) . وأخرجه الترمذي في "سننه" (8 / 296 رقم 4039) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير. وابن ماجه في "سننه" (2 / 1432 رقم 4284) في الزهد، باب صفة أمة مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. والنسائي في "التفسير" (1 / 195 و 197 رقم 26 و 27) . وأبو يعلى في "مسنده" (2 / 416 رقم 1207) . ومن طريقه ابن حبان في "صحيحه" (9 / 173 رقم 7172 - الإحسان بتحقيق الحوت -) . وأخرجه ابن أبي حاتم في "التفسير" (1 / ل 94 / أ) . أما الترمذي فمن طريق أحمد بن منيع، وأما ابن ماجه فمن طريق أبي كريب وأحمد بن سنان، وأما النسائي فمن طريق هشام بن عبد الملك ومحمد بن آدم =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ابن سليمان، وأما أبو يعلى فمن طريق أبي خيثمة زهير بن حرب، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق الحسن بن عرفة والحسن بن محمد بن الصبّاح وأحمد بن سنان، جميعهم عن أبي معاوية، به مختصرًا إلى قوله: (عدلاً) الأولى، عدا ابن ماجه والنسائي في الموضع الثاني، فإنهما ذكرا باقي الحديث بنحوه. وذكر الحافظ ابن حجر في "الفتح" (8 / 172) أن الإسماعيلي أخرجه أيضًا من طريق أبي معاوية. وأخرجه وكيع في "نسخته" عن الأعمش (ص84 - 85 رقم 26) بمثل لفظ ابن أبي شيبة عن أبي معاوية. ومن طريق وكيع أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (3 / 32) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 94 / أو ب) . وأخرجه عبد بن حميد في "مسنده" (ص286 رقم 913) . ومن طريقه الترمذي في الموضع السابق (8 / 297 - 298 رقم 4040) . وأخرجه البخاري في "صحيحه" (13 / 316 رقم 7349) في الاعتصام، باب: {وكذلك جعلناكم أمة وسطًا} . والترمذي في الموضع السابق برقم (4041) . وابن جرير في "تفسيره" (4 / 143 و 146 رقم 2166 و 2180) . جميعهم من طريق جعفر بن عون، عن الأعمش، به نحو لفظ ابن أبي شيبة السابق. وأخرجه البخاري أيضًا (8 / 171 - 172 رقم 4487) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير، باب: {وكذلك جعلناكم أمة وسطًا ... } . وأبو يعلى في "مسنده" (2 / 397 رقم 1173) . كلاهما من طريق جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ الأعمش، به كسابقه. وأخرجه البخاري أيضًا (6 / 371 رقم 3339) في الأنبياء، باب قول الله عز وجل: {ولقد أرسلنا نوحًا إلى قومه} . =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (143) قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} ] 223- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا أَبُو الْأَحْوَصِ (1) ، نا أَبُو إِسْحَاقَ الهَمْدَاني (2) ، عَنِ البَرَاء بْنِ عَازِب قَالَ: صلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، حتى نزلت الآية

_ = والبيهقي في "الأسماء والصفات" (1 / 345) . كلاهما من طريق عبد الواحد بن زياد، عن الأعمش، به كسابقه. وأخرجه البخاري أيضًا (13 / 316 رقم 7349) ، من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، عن الأعمش، به كسابقه. وأخرجه أيضًا من طريق أبي أسامة مقرونًا برواية جرير السابقة. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (3 / 142 - 143 و 146 رقم 2165 و 2179) . والإسماعيلي في "مستخرجه" كما في "الفتح" (8 / 272) . كلاهما من طريق حفص بن غياث به كسابقه، إلا أن لفظ الإسماعيلي وابن جرير في الموضع الأول مختصر. وأخرجه ابن جرير أيضًا (3 / 142 و 146 رقم 2167 و 2181) من طريق سفيان الثوري، عن الأعمش، به مختصرًا. (1) هو سَلام بن سُلَيم. (2) هو السبيعي عمرو بن عبد الله، تقدم في الحديث رقم [1] أنه ثقة، إلا أنه يدلِّس، واختلط في آخر عمره. لكنه صرَّح بالسماع من البراء في بعض الروايات كما سيأتي، وقد روى عنه هذا الحديث شعبة وسفيان الثوري، وهما مما سمع منه قبل الاختلاط، ورواوية شعبة عنه صحيحة وإن لم يصرح أبو إسحاق بالسماع كما تقدم في الحديث [1] . =

التي في القِبْلة: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} ، فَنَزَلَتْ بَعْدَمَا صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ، فَمَرَّ بِأُنَاسٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَهُمْ يصلُّون (3) ، فَحَدَّثَهُمُ الْحَدِيثَ، فَوَلَّوْا وجوههم قِبَلَ البيت.

_ (3) هذا الرجل هو عبّاد بن بشر بن قَيْظي، وقيل، هو عبّاد بن نَهِيك، وأهل المسجد الذين مرّ بهم قيل: هم من بني سَلِمة، وقيل: من بني حارثة كما في "فتح الباري" (1 / 97 و 506) . وسيأتي في بعض طرق الحديث أن الصلاة التي مَرَّ عليهم وهم يصلونها:؛ صلاة العصر، وجاء في حديث ابن عمر الذي أخرجه البخاري في "صحيحه" (1 / 506 رقم 403) في الصلاة، باب ما جاء في القبلة، قال ابن عمر: بينا الناس بِقُبَاءٍ في صلاة الصبح، إذ جاءهم آت، فقال: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - قد أُنزل عليه الليلة قرآن، وقد أُمر أن يستقبل الكعبة، فاستقبلوها، وكانت وجهوههم إلى الشام، فاستداروا إلى الكعبة. قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (1 / 506) في تعليقه على هذا الحديث: ((وهذا فيه مغايرة لحديث البراء المتقدِّم؛ فإن فيه أنهم كانوا في صلاة العصر. والجواب: أن لا منافاة بين الخبرين؛ لأن الخبر وصل وقت العصر إلى مَنْ هو داخل المدينة، وهم بنو حارثة، وذلك في حديث البراء، والآتي إليهم بذلك: عبّاد بن بشر، أو: ابن نَهِيك كما تقدم، ووصل الخبر وقت الصبح إلى مَنْ هو خارج المدينة، وهم بنو عمرو بن عوف أهل قُباء، وذلك في حديث ابن عمر، ولم يسمّ الآتي بذلك إليهم، وإن كان ابن طاهر وغيره نقلوا أنه عبّاد بن بشر، ففيه نظر؛ لأن ذلك إنما ورد في حق بني حارثة في صلاة العصر، فإن كان ما نقلوا محفوظًا، فيحتمل أن يكون عبّاد أتى بني حارثة أوّلاً في وقت العصر، ثم توجه إلى أهل قباء، فأعلمهم بذلك في وقت الصبح، ومما يدّل على تعددهما: =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = أن مسلمًا روى من حديث أنس: أن رجلاً من بني سلمة مرّ وهم ركوع في صلاة الفجر، فهذا موافق لرواية ابن عمر في تعيين الصلاة، وبنو سَلِمة غير بني حارثة)) . اهـ. [223] سنده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه كما سيأتي. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 342) وعزاه لابن سعد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبي داود في "ناسخه" والترمذي والنسائي وابن جرير وابن حبان والبيهقي في "سننه". وقد أخرجه مسلم في "صحيحه" (1 / 374 رقم 11) في المساجد، باب تحويل القبلة، من طريق أبي الأحوص بنحوه. وأخرجه الطيالسي في "مسنده" (ص98 رقم 719) فقال: حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، سمع البراء، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - لما قدم المدينة صلى نحو بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، ثم نزلت عليه هذه الآية: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} ، فلقد نزلت وإن قومًا يصلون نحو بيت المقدس، فلما سمعوا وهم في الصلاة قلبوا وجوههم نحو الكعبة وهم في الصلاة. وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 289) . والبخاري في "صحيحه" (8 / 174 رقم 4492) في التفسير، باب: (ولكل وجهة هو مُوَلِّيها ... ) الآية. ومسلم في الموضع السابق رقم (12) . والنسائي في "سننه" (1 / 242 - 243) في الصلاة، باب: فرض القبلة. وابن جرير في "تفسيره" (3 / 133 - 134رقم 2152) . جميعهم من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، به مختصرًا، وفي رواية أحمد والبخاري ومسلم تصريح أبي إسحاق بسماعه الحديث من البراء. وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" (1 / 242 و 243 - 244) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأحمد في "المسند" (4 / 283) . والبخاري في "صحيحه" (1 / 95 رقم 40) في الإيمان، باب الصلاة في الإيمان، و (8 / 171 رقم 4486) في التفسير، باب: {سيقول السفهاء من الناس ... } الآية. وابن جرير في "التفسير" (3 / 134 و 167 - 168 رقم 2153 و 2222) . جميعهم من طريق زهير، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، أنَّ النَّبِيَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - كان أوّل ما قدم المدينة نزل على أجداده - أو قال: أخواله - من الأنصار، وأنه صلّى قِبَلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شهرًا - أو: سبعة عشر شهرًا -، وكان يعجبه أن تكون قبلته قِبَلَ البيت، وأنه صلّى أوّل صلاة صلاها: صلاة العصر، وصلّى معه قوم، فخرج رجل ممن صلى معه، فمرّ على أهل مسجدٍ وهم راكعون، فقال: أشهد بالله، لقد صلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - قِبَلَ مكة، فَدَارُوا - كما هم - قِِبَلَ البيت، وكانت اليهود قد أعجبهم إِذْ كان يصلي قِبَلَ بيت المقدس، وأهلُ الكتاب. فلمّا وَلَّى وجهه قِبَلَ البيت، أنكروا ذلك. قال زهير: حدثنا أبو إسحاق، عن البراء في حديثه هذا أنه مات على القِبْلة قَبْلَ أن تُحَوَّلَ رجالٌ وقُتلوا، فلم نَدْرِ ما نقول فيهم، فأنزل الله تعالى: {وما كان الله ليضع إيمانكم} . اهـ. واللفظ للبخاري، ولم يذكر الإمام أحمد في روايته الزيادة التي زادها زهير في آخر الحديث. وأخرجه أحمد أيضًا (4 / 304) . والبخاري (1 / 502 رقم 399) في الصلاة، باب: التوجه نحو القبلة، و (13 / 232 رقم 7252) في أخبار الآحاد، باب ما جاء في إجازة خهبر الواحد الصدوق. والترمذي في "سننه" (2 / 314 - 315 رقم 339) في الصلاة، باب ما جاء في ابتداء القبلة، و (8 / 298 - 299 رقم 4042) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير. =

224- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حُدَيْج بنُ مُعَاوِيَةَ (1) ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِبَلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، ثُمَّ أُمِرَ أَنْ يُصَلِّيَ قِبَلَ الْكَعْبَةِ، فَخَرَجَ رَجُلٌ، فَرَأَى نَاسًا مِنَ الْأَنْصَارِ، يُصَلُّونَ قِبَلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي قِبَلَ الْكَعْبَةِ، فتَحَوَّلوا جميعًا قِبَلَ الكعبة.

_ = ثلاثتهم من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق، به نحوه مطولاً. وأخرجه النسائي في الموضع السابق من "سننه" (1 / 243) ، و (2 / 60 - 61) في كتاب القبلة، باب استقبال القبلة، وفي التفسير (1 / 187 رقم 20) ، من طريق زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أبي إسحاق، عن البراء، به نحو لفظ المصنِّف. وأخرجه ابن ماجه في "سننه" (1 / 322 - 323 رقم 1010) في إقامة الصلاة، باب: القبلة. وابن جرير في "التفسير" (3 / 133 رقم 2150 و 2151) . والدارقطني في "سننه" (1 / 273 - 274 رقم 2) . ثلاثتهم من طريق أبي بكر بن عياش، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، به نحوه، وزاد ابن ماجه في روايته: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((يا جبريل، كيف حالنا في صلاتنا إلى بيت المقدس؟)) فأنزل الله عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا كَانَ اللَّهُ ليضيع إيمانكم} . وقد دلّس الحديث أبو بكر بن عياش في الرواية الأولى عند الطبري، فرواه عن البراء، وأسقط أبا إسحاق، قال أبو كريب الراوي عنه: فقيل له: فيه أبو إسحاق؟ فسكت. واختلفت الرواية عن أبي بكر أيضًا في عدد الأشهر، ففي رواية الدارقطني: ستة عشر شهرًا، وفي رواية الطبري: سبعة عشر شهرًا، وفي رواية ابن ماجه: ثمانية عشر شهرًا. وقد روى الحديث شريك بن عبد الله النخعي القاضي، عن أبي إسحاق، وروايته هي الآتية برقم [225] . (1) تقدم في الحديث رقم [1] أنه صدوق يخطئ. =

225- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا شَريك (1) ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاء، فِي قَوْلِهِ: {وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} ، قَالَ: صَلَاتَكُمْ نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ.

_ [224] سند المصنِّف هنا فيه حُديج، وتقدم بيان حاله، لكنه لم ينفرد به، فالحديث صحيح؛ مُخَرَّج في الصحيحين كما سبق بيانه في الحديث السابق. (1) هو ابن عبد الله القاضي، تقدم في الحديث رقم [4] أنه صدوق يخطئ كثيرًا. [225] سنده ضعيف لضعف شريك من قبل حفظه، وهو حسن لغيره لمتابعة حُدَيج بن معاوية لشريك كما سيأتي وحُديج فيه ضعف كما في ترجمته في الحديث رقم [1] ، وقد صحّ الحديث من طرق أخرى عن أبي إسحاق كما في الحديث السابق. وقد ذكره السيوطي في "الدر" (1 / 353) بمثل ما هنا، وعزاه للمصنف سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي حاتم. وقد أخرجه الطيالسي في "مسنده" (ص98 رقم 722) . ومن طريقه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 95 / ب) . وأخرجه الإمام أحمد في "الإيمان" (ل 112 / ب) . والنسائي في "تفسيره" (1 / 191 رقم 23) . وابن جرير في "تفسيره" (3 / 167 رقم 2220 و 2221) . جميعهم من طريق شريك، به، ولفظ الإمام أحمد وابن جرير مثله، ولفظ الطيالسي بنحوه وقَرَن مع شريك حُدَيْج بن معاوية، وأما النسائي فرواه مطولاً، ولفظه: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - نحو بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، وكان نَبِيُّ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - يحب أن يصلي نحو الكعبة، فكان يرفع رأسه إلى السماء، فأنزل الله عز وجل: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرَامِ} ، قال البراء: والشطر فينا قبلة، وقال في قول الله تعالى: {ليضيع إيمانكم} قال: ما كان الله ليضيع صلاة من مات وهو =

226- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيم، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ (قَمْطَة) (1) ، قَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، وَنَظَرَ إِلَى الْكَعْبَةِ مِمَّا يَلِي الميْزَاب، فَقَالَ: هَذِهِ الَّتِي قَالَ اللَّهُ: {فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} .

_ = يصلي نحو بيت المقدس. وفي رواية زهير وأبي بكر بن عياش للحديث عن أبي إسحاق في الحديث السابق ما يشهد لرواية شريك، ففي رواية زهير التي أخرجها البخاري وغيره، يقول البراء: إنه مات على القبلة قبل أن تُحَّول رجال، وقتلوا، فلم ندر ما نقول فيهم، فأنزل الله تعالى: {وما كان ليضيع إيمانكم} . وفي رواية أبي بكر بن عياش عن ابن ماجه: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((يا جبريل كيف حالنا في صلاتنا إلى بيت المقدس؟)) فأنزل الله عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا كَانَ اللَّهُ ليضع إيمانكم} . (1) في الأصل: (قمطر) ، وما أثبته من مصادر التخريج والترجمة. وهو يحيى بن قَمْطَة الحجازي، يروي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، ولم يذكروا أنه روى عنه سوى يعلى بن عطاء، وعلى هذا فهو مجهول، وقد سكت عنه البخاري في "تاريخه" (8 / 229 رقم 3080) ، وبيض له ابن أبي حاتم (9 / 181 رقم 751) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (5 / 529) . [226] سنده ضعيف لجهالة يحيى بن قمطة. وأما هشيم فإنه وإن لم يصرح بالسماع، إلا أنه قد تابعه شعبة كما سيأتي. والحديث ذكره السيوطي في "الدر" (1 / 355) وعزاه للمصنف سعيد بن منصور وعبد الرزاق وابن أبي شيبة وأحمد بن منيع وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني في "الكبير" والحاكم في "المستدرك". وقد أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 62) . ومن طريقه وطريق آخر أخرجه ابن جرير في "التفسير" (3 / 178 رقم 2248 =

227- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْول، عَنْ أَبِي العَالِية، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرَامِ} ، قال: تِلْقَاء المسجد الحرام.

_ = و 2249) . وأخرجه أحمد بن منيع في "مسنده" كما في "المطالب العالية المسندة" (ل 13 / أ) ، وهو في المطبوع (1 / 89 رقم 314) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 96 / أ) . جميعهم من طريق هشيم، به نحوه. وأخرجه ابن جرير أيضًا (3 / 177 رقم 2247) . والحاكم في "المستدرك" (2 / 269) . كلاهما من طريق شعبة عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ قَمْطَةَ قَالَ: رَأَيْتُ عبد الله بن عمرو جالسًا في المسجد الحرام بإزاء الميزاب، فتلا هذه الآية: {فلنولينك قبلة ترضاها} قال: نحو ميزاب الكعبة. هذا لفظ الحاكم، ولفظ ابن جرير مختصر. قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي. (1) هو رُفَيع - بالتصغير - بن مَهْران، أبو العالية الرِّياحي - بكسر الراء والتحتانية -، مولاهم، البصري، أدرك الجاهلية، وأسلم بعد وفاة النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بسنتين، ودخل على أبي بكر، وصلّى خلف عمر، وروى عن علي وابن مسعود وأبي موسى وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه خالد الحذّاء وداود بن أبي هند ومحمد بن سيرين وثابت البناني وعاصم بن سليمان الأحول وغيرهم، وهو ثقة كثير الإرسال، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين والعجلي وأبو زرعة وأبو حاتم، وقال اللالكائي: ((مجمع على ثقته)) ، وكانت وفاته سنة تسعين للهجرة، وقيل غير ذلك. اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 510 رقم 2312) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (1 / 416) ، و"التهذيب" (3 / 284 - 286 رقم 539) ، =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعًا إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ] 228- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا (1) ، عَنْ أَبِي سِنَان (2) ، عَنِ الضَّحّاك بْنِ مُزَاحم، فِي قَوْلِهِ: {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا} ، قَالَ: لِكُلِّ أَهْلِ دِينٍ قِبلة يُصَلُّون إليها، {فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ} ، يقول لهذه الأمة: {أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعًا} ، قال: البر والفاجر.

_ = و"التقريب" (ص210 رقم 1953) . [227] سنده صحيح. والمصنِّف هنا أخرجه من طريق شيخه سفيان بن عيينة. وسفيان أخرجه في "تفسيره" كما سيأتي. فالحديث ذكره السيوطي في "الدر" (1 / 355) وعزاه لوكيع وسفيان بن عيينة وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير والدِّيْنَوَرِي في "المجالسة". وابن جرير أخرجه في "تفسيره" (3 / 176 رقم 2237) من طريق وكيع عن سفيان الثوري، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عن أبي العالية: (شطر المسجد الحرام) ، يعني: تلقاءه. (1) تقدم في الحديث [81] أنه صدوق. (2) هو ضِرَار بن مُرَّة، تقدم في الحديث [76] أنه ثقة ثبت. [228] سنده حسن لذاته. وقد أشار الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (1 / 194) لهذه الرواية عن الضحاك.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ} ] 229- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ فُضَيْلًا (1) يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {فَاذْكُرُونِي (2) أَذْكُرْكُمْ} ، قَالَ: اذْكُرُونِي بِطَاعَتِي، أَذْكُرْكُمْ بِمَغْفِرَتِي. 230- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ (3) ، عَنْ أَبِي هَانِئٍ الخَوْلاَني (4) ، عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ (5) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ فَقَدْ ذَكَرَ اللَّهَ، وَإِنْ قَلَّتْ صَلَاتُهُ وَصِيَامُهُ وَتِلَاوَتُهُ لِلْقُرْآنِ، وَمَنْ عَصَى اللَّهَ فَقَدْ نَسِيَ اللَّهَ، وَإِنْ كَثُرَتْ صَلَاتُهُ وَصِيَامُهُ وتلاوته القرآن)) .

_ (1) هو ابن عياض، تقدم في الحديث [85] أنه ثقة عابد إمام. (2) في الأصل: {اذكروني} . [229] سنده صحيح إلى فضيل. وقد أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (2 / 580) من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال: (بمغفرتي لكم) . (3) هو سعيد بن أبي أيوب مِقْلاص الخُزاعي، مولاهم أبو يحيى المصري، يروي عن أبي هانئ حُميد بن هانئ الخَوْلاني ويزيد بن أبي حبيب وعقيل بن خالد وغيرهم، روى عنه عبد الله بن المبارك وعبد الله بن وهب وأبو عبد الرحمن المقرئ وغيرهم، وهو ثقة ثبت، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين والنسائي، وقال ابن سعد: ((كان ثقة ثبتًا)) ، وقال أحمد: ((ليس به بأس)) ، وقال ابن وهب: ((كان فهمًا حلوًا)) ، فقيل له: كان فقيهًا؟ فقال: ((نعم والله)) ، وكانت ولادته سنة مائة للهجرة، ووفاته سنة إحدى وستين ومائة، وقيل غير ذلك. اهـ. من "الجرح =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = والتعديل" (4 / 66 رقم 2774) ، و"التهذيب" (4 / 7 - 8 رقم 9) ، و"التقريب" (ص233 رقم 2274) . (4) هو حُمَيد بن هانئ، أبو هانئ الخَوْلاني المصري، روى عن عمرو بن حريث وأبي عبد الرحمن الحُبُلي وعلي بن رباح وغيرهم، روى عنه سعيد بن أبي أيوب وحيوة بن شريح والليث بن سعد وغيرهم، وهو لا بأس به، قال أبو حاتم: ((صالح)) ، وقال النسائي: ((ليس به بأس)) ، وقال الدارقطني: ((لا بأس به، ثقة)) ، وقال ابن عبد البر: ((هو عندهم صالح الحديث لا بأس به)) ، وكانت وفاته سنة اثنتين وأربعين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 231 رقم 1012) ، و"التهذيب" (3 / 50 - 51 رقم 86) ، و"التقريب" (ص182 رقم 1562) . ولم أجد من نصّ على أن حميد بن هانئ سمع من خالد بن أبي عمران، لكن سماعه منه محتمل جدًّا، فإنهما قد تعاصرا كما يتضح من تاريخ وفاتيهما، وحُميد مصري، وخالد هو مفتي أهل مصر والمغرب كما سيأتي نقله عن ابن يونس. (5) هو خالد بن أبي عمران التُّجَيْبي، أبو عمر قاضي أفريقية، روى عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن عمر ونافع مولى ابن عمر وحنش الصنعاني وغيرهم، روى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري والليث بن سعد وعمرو بن الحارث وغيرهم، وهو ثقة فقيه، قال ابن سعد: ((كان ثقة إن شاء الله، وكان لا يدلس)) ، وقال العجلي: ((ثقة)) ، وقال أبو حاتم: ((ثقة لا بأس به)) ، وقال ابن يونس: ((كان فقيه أهل المغرب، ومفتي أهل مصر والمغرب، وكان يقال: إنه مستجاب الدعوة)) ، وذكره ابن حبان في الثقات في أتباع التابعين، ولم يذكروا أنه روى عن أحد من الصحابة، إلا ابن عمر مرسلاً، وعن أبي أمامة، قال أبو حاتم: ((لم يسمع من أبي أمامة)) ، وكانت وفاته بأفريقية سنة تسع وعشرين ومائة، وقيل: سنة خمس وعشرين ومائة. اهـ. من "تاريخ الثقات" للعجلي (ص141 رقم 316) ، و"الجرح والتعديل" (3 / 345 رقم 1559) ، و"الثقات" لابن حبان (6 / 262) ، و"جامع التحصيل" (ص205 رقم 164) ، و"التهذيب" (3 / 110 - 111 رقم 205) . =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} ] 331- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أنَا عُيَيْنَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (1) ، عَنْ أَبِيهِ (2) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، نُعي إِلَيْهِ أَخُوهُ قُثَم (3) وَهُوَ فِي مَسِيرٍ، فَاستَرْجَعَ، ثُمَّ تَنَحَّى (4) عَنِ الطَّرِيقِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ أَطَالَ فِيهِمَا الْجُلُوسَ، ثُمَّ قَامَ يَمْشِي إِلَى رَاحِلَتِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لكبيرة إلا على الخاشعين.

_ [230] سنده ضعيف جدًّا لإعضاله، فإن خالد بن أبي عمران من أتباع التابعين، والإسناد إليه حسن. والحديث ذكره السيوطي في "الدر" (1 / 361) وعزاه للمصنف سعيد بن منصور، وابن المنذر والبيهقي في "شعب الإيمان". وقد أخرجه البيهقي في "الشعب" (2 / 579 - 580 رقم 677) من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال: (وتلاوة القرآن) في كلا الموضعين. والمصنف هنا أخرج الحديث من طريق شيخه عبد الله بن المبارك. وابن المبارك أخرج الحديث في "الزهد" (ص17 رقم 70 / زوائد نعيم) ، به مثله. وله شاهد من حديث واقد مولى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، مرفوعًا بنحوه. أخرجه الطبراني في "الكبير" (22 / 154 رقم 413) من طريق الهيثم بن جماز، عن الحارث بن حسان، عن زاذان، عن واقد، به. لكنه شاهد لا يفرح به، فقد قال الهيثمي في "المجمع" (2 / 258) : ((فيه الهيثم ابن جماز وهو متروك)) . وعليه، فالحديث باقٍ على شدة ضعفه، والله أعلم. (1) هو عُيَيْنَة - بتحتانية، مصغّرا - ابن عبد الرحمن بن جَوْشَن - بجيم ومعجمة =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = مفتوحتين، بينهما واو ساكنة، وآخره نون -، الغَطَفَاني - بفتح المعجمة والمهملة والفاء -، أبو مالك البصري، روى عن أبيه ونافع مولى ابن عمر وعلي بن زيد بن جدعان وغيرهم، روى عنه شعبة وعبد الله بن المبارك وهشيم وإسماعيل بن إبراهيم بن عُلَيَّة وغيرهم، وهو ثقة، قال ابن سعد: ((كان ثقة - إن شاء الله -)) ، وقال الإمام أحمد: ((ليس به بأس، صالح الحديث)) ، ووثقه ابن معين والعجلي والنسائي وغيرهم، وكانت وفاته في حدود الخمسين ومائة. انظر "تاريخ الثقات" للعجلي (ص380 رقم 1339) ، و"التهذيب" (8 / 240 - 241 رقم 441) ، و"التقريب" (ص441 رقم 5343) . (2) هو عبد الرحمن بن جَوْشَن الغَطَفَاني، البصري، روى عن أخيه ربيعة بن جوشن وعن أبي بكرة وابن عباس وسمرة بن جندب وغيرهم، روى عنه ابن عيينة، وعبد الرحمن هذا ثقة من الطبقة الثالثة كما في "التقريب" (ص338 رقم 3830) ، قال ابن سعد: ((كان ثقة - إن شاء الله تعالى -)) ، ووثقه أبو زرعة والعجلي، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الإمام أحمد: ((ليس بالمشهور)) . اهـ. من "تاريخ الثقات" (ص290 رقم 942) ، و"التهذيب" (6 / 155 رقم 316) . (3) هو قُثَم - بضم القاف وفتح المثلثة - ابن العباس بن عبد المطلب الهاشمي، صحابي صغير مات سنة سبع وخمسين. انظر "الإصابة" (5 / 240 - 421) ، و"التهذيب" (8 / 361 - 362 رقم 641) ، و"التقريب" (ص454 رقم 5523) . (4) أي تجنَّب الطريق وصار في ناحيه منه. انظر "النهاية" (5 / 30) . [231] سنده صحيح. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (2 / 14 رقم 852) من طريق محمد بن العلاء ويعقوب بن إبراهيم، كلاهما عن إسماعيل بن إبراهيم بن عُلَيَّة، به نحوه. وذكره السيوطي في "الدر" (1 / 163) وعزاه للمصنف وابن جرير وابن المنذر =

232- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، نا خَالِدُ بْنُ صَفْوان (1) ، قَالَ حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: نُعي إِلَيْهِ ابْنٌ لَهُ وَهُوَ يَسِيرُ فِي سَفَرٍ، فَنَزَلَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ اسْتَرْجَعَ، ثُمَّ قَالَ: فَعَلْنَا كَمَا أَمَرَنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: {اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} . [قَوْلُهُ تَعَالَى: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ المُهْتَدُونَ} ] 233- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: نِعْمَ الْعَدْلَانِ، وَنِعْمَتِ الْعِلَاوَةُ (2) : {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ المُهْتَدُونَ} .

_ = والبيهقي في "الشعب"، وقد مضى الحديث من غير هذا الطريق برقم [189] ، وسيأتي برقم [232] ، وسندهما ضعيف. (1) تقدم في الحديث [189] أنه مجهول الحال. [232] سنده ضعيف لجهالة حال خالد بن صفوان، والحديث مكرر [189] ، لكنه صحيح لغيره بالطريق السابق في الحديث قبله رقم [231] . (2) قال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (1 / 197 - 198) في معنى الآية: ((قَوْلُهُ تَعَالَى: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ من ربهم ورحمة} هذان العدلان،: {وأولئك هم المهتدون} فهذه العلاوة، وهي ما توضع بين العدلين، وهي زيادة في الحمل، فكذلك هؤلاء أعطوا ثوابهم وزيدوا أيضًا)) . اهـ. [233] سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف للانقطاع بين مجاهد وعمر بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ فمجاهد كان مولده قبل وفاة عمر بنحو سنتين، ففي "التهذيب" (10 / 43) ذكر أن مولده سنة إحدى وعشرين في خلافة عمر. وقد اختلف فيه على منصور كما سيأتي. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = والحديث ذكره السيوطي في "الدر" (1 / 378) وعزاه للمصنف ووكيع وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا في "كتاب العزاء" وابن المنذر والحاكم والبيهقي في "الشعب". وقد أخرجه الحاكم في "المستدرك" (2 / 270) من طريق جرير، عن منصور بن المعتمر، عن مجاهد، عن سعيد بن المسيب، عن عمر، به نحوه. ومن طريق الحاكم أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (4 / 221 رقم 1484) . قال الحاكم: ((هذا الحديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، ولا أعلم خلافًا بين أئمتنا أن سعيد بن المسيب أدرك أيام عمر رضي الله عنه، وإنما اختلفوا في سماعه منه)) . والحاكم أخرج الحديث من طريق شيخه علي بن عيسى الحيري، عن مسدد بن قطن، عن عثمان بن أبي شيبة، عن جرير، به. ورواية المصنف أرجح من رواية الحاكم. فشيخ الحاكم علي بن عيسى الحيري لم أجد من ترجمه. وسفيان بن عيينة، أوثق من جرير بن عبد الحميد كما يتضح من ترجمتهما في الحديثين رقم [7 و 10] . ولو صحّت زيادة سعيد بن المسيب في سند الحديث لما صح؛ لأن روايته عن عمر مرسلة ولا يصح له سماع منه، إلا أنه رآه على المنبر كما نص على ذلك يحيى القطان وأبو حاتم. انظر "جامع التحصيل" (ص223 - 224) .

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ البَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} ] 234- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا دَاوُدُ (1) ، عَنِ الشَّعْبي، قَالَ: كَانَ عَلَى الصَّفَا وَثَنٌ يُقَالُ لَهُ إِسَاف، وَعَلَى الْمَرْوَةِ وَثَنٌ يُقَالُ لَهُ: نَائِلَة، فَلَمَّا قَدمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ إِنَّمَا كَانُوا يَطُوفُونَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِلْوَثَنَيْنِ اللَّذَيْنِ عَلَيْهِمَا، وَإِنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ، فَنَزَلَتْ: {إِنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ البَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} .

_ (1) هو ابن أبي هند، وقد سقط من الإسناد هنا شيخ المصنِّف؛ لأن المصنِّف يروي عن داود بواسطة، ففي الحديث رقم [63] روى عنه بواسطة إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة، وفي الحديث الآتي برقم [258] روى عنه بواسطة هشيم، وفي الحديث [259] روى عنه بواسطة خالد بن عبد الله الواسطي، وفي الحديث رقم [260] روى عنه بواسطة سفيان بن عيينة، ولم يتبيّن لي شيخ المصنِّف هنا، فقد يكون أحد هؤلاء الأربعة، وقد يكون غيرهم. [234] سند المصنِّف لا يمكن الحكم عليه حتى يتبين شيخه، ولو كان ثقة، لكان الحديث ضعيفًا لإرساله، وسنده صحيح إلى مُرسلة الشعبي كما سيأتي. وذكره السيوطي في "الدر" (1 / 385) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر. وأخرجه الفاكهي في "أخبار مكة" (2 / 241 رقم 1438) . وابن جرير (3 / 231 - 232 رقم 2336) . كلاهما من طريق عبد الوهاب الثقفي، عن داود، به نحوه، إلا أنه قال: (فلما =

235- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (1) ، نا ابْنُ أَبِي نجيح، عن مجاهد [ل113/ب] ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ} ، قَالَ: قَالَتِ الْأَنْصَارُ: إِنَّ السَّعْيَ بَيْنَ هَذَيْنِ الْحَجَرَيْنِ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَنَزَلَتْ: {إِنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ} .

_ = جاء الإسلام رمى بهما) ، ولم يذكر الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وزاد فيه بعد الآية قوله: (فَذُكِّر الصفا من أجل أن الوثن الذي كان عليه مذكّر، وأُنِّثت المروة من أجل أن الوثن الذي كان عليها مؤنث) . وأخرجه ابن جرير أيضًا في الموضع السابق برقم (2335 و 2337) من طريق يزيد بن زريع وإسماعيل بن عليّة، كلاهما عن داود، به نحو اللفظ السابق بدون ذكر الزيادة إلا أن ابن علية زاد قوله: (فجعله الله تطوع خير) . وقد رواه ابن جرير من طريق شيخه يعقوب بن إبراهيم الدَّوْرَقي، عن إسماعيل بن عليّة، به. وهذا إسناد صحيح إلى الشعبي، فإسماعيل بن إبراهيم بن عُلَيَّة تقدم في الحديث [59] أنه ثقة حافظ. ويعقوب بن إبراهيم الدَّوْرَقي ثقة من الحفاظ كما في الحديث [390] . وذكر الحافظ في "الفتح" (3 / 500) أن إسماعيل القاضي رواه في الأحكام، وصحح الحافظ سنده إلى الشعبي بعد أن عزاه له وللفاكهي. (1) هو ابن عُلَيِّة. [235] سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مُرْسِله مجاهد، وانظر التفصيل في رواية ابن أبي نجيح لتفسير مجاهد في الحديث [184] . والحديث ذكره السيوطي في "الدر" (1 / 385) وعزاه للمصنف وابن جرير وعبد بن حميد. وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (3 / 235 رقم 2343 و 2344) من طريق ابن علية وعيسى بن ميمون الجُرَشي، كلاهما عن ابن أبي نجيح، به، ولفظ ابن عليّة مثله، ولفظ عيسى نحوه.

[قوله تعالى: {وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} ] 236- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} ، قَالَ: الْبَهَائِمُ؛ إِذَا (أسْنَتَتِ) (1) الْأَرْضَ، قَالَتِ الْبَهَائِمُ: هَذَا مِنْ أَجْلِ عُصَاةِ بَنِي آدَمَ، لَعَنَ اللَّهُ عُصَاةَ بَنِي آدَمَ. 237- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا أَبُو الأَحْوص (2) ، عَنْ مَنْصُورٍ (3) ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ تعالى: {وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} ، قال: دوابّ الأرض.

_ (1) في الأصل (استَنَتِ) هكذا مضبوطة بتقديم التاء المثناة، وصوابه ما هو مثبت، وكذا جاء في "تفسير الطبري" (3 / 254) ، والمعنى: أجدبت وأصابتها سنة شديدة. انظر "لسان العرب" (14 / 405) . (2) هو سلاّم بن سُلَيم. (3) هو ابن المعتمر. [236 و 237] سنداهما صحيحان، والأول منهما بإسناد الذي قبله. وذكره السيوطي في "الدر" (1 / 391) بنحو لفظ الأول، وعزاه للمصنف وابن جرير، إلا أنه قال: (اشتدت) بدل قوله: (اسنتت) . والحديث في "تفسير ابن عبد الرزاق" (1 / 57) من طريق المصنف هكذا: ((سعيد بن منصور، عن إسماعيل، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: {وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} قال: البهائم؛ إذا اشتدت (في الأصل: اشتد) الْأَرْضَ قَالَتِ الْبَهَائِمُ: هَذَا مِنْ أَجْلِ عُصَاةِ بَنِي آدَمَ، لَعَنَ الله عصاتهم)) . هكذا جاء في "تفسير عبد الرزاق" معلقًا عن سعيد بن منصور، ولم يذكروا أن عبد الرزاق ممن روى عن سعيد كما في "تهذيب الكمال" (11 / 79) ، وهو أعلى طبقة من سعيد، فأخشى أن يكون ذلك مما زيد في "تفسير عبد الرزاق".

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأخرجه مسلم بن خالد الزنجي في "تفسيره" (ص70 رقم 136) عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ: {وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} -، قال: الإبل والغنم تلعن عصاة بني آدم إذا أجدبت الأرض. ومن طريق مسلم بن خالد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (3 / 255 - 256 رقم 2384) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 102 / ب) . وأخرجه ابن جرير أيضًا (3 / 254 و 255 - 256 رقم 2378 و 2383 و 2383م و 2384) من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة، وعيسى بن ميمون، وشبل، ومسلم بن خالد، أربعتهم عن ابن أبي نجيح، به نحوه، ومختصرًا، إلا أن لفظه من طريق ابن عُليَّة مثل لفظ المصنف هنا سواء. وذكره السيوطي في الموضع السابق من "الدر" بلفظ: قال: دواب الأرض: العقارب والخنافس يقولون: إنما منعنا القطر بذنوبهم، فيلعنونهم. وعزاه السيوطي بهذا اللفظ لعبد بن حميد وابن جرير وأبي نعيم في "الحلية" والبيهقي في "الشعب". وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (3 / 255 رقم 2379 و 2381) . وأبو نعيم في "الحلية" (3 / 286) . أما ابن جرير فمن طريق جرير وعمرو بن أبي قيس، وأما أبو نعيم فمن طريق جرير، كلاهما عن منصور، به باللفظ الذي ذكره السيوطي ونحوه. وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص53 - 54 رقم 50) عن منصور بن المعتمر، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ: {وَيَلْعَنُهُمُ اللاعنون} ، قال: العقارب والخنافس والدواب يقولون: حبس عنا المطر بذنوب بني آدم. ومن طريق الثوري أخرجه ابن جرير في الموضع السابق برقم (2380) .

238- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ (1) ، عَنْ عَطَاءٍ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} ، قَالَ: الْجِنُّ وَالْإِنْسُ وَكُلُّ دَابَّةٍ. [قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163) إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي البَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ المُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} ] 239- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا أَبُو الأحْوص، نا سَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى (1) ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ

_ (1) كذا في الأصل، ولم أجد في هذه الطبقة أحدًا بهذا الاسم، وفي ظني أن فيه تصحيفًا، وأن صوابه: (عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ) فإنه هو الذي يروي عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، ويروي عه خالد بن عبد الله الطحّان الواسطي، وهو ثقة حافظ ربما أخطأ كما في ترجمته في الحديث [119] . وقد روى ابن أبي حاتم هذا الأثر كما سيأتي، وعنده (عبد الملك) غير منسوب. [238] سنده فيه عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، فإن كان ابن سليمان فالإسناد صحيح، وإن كان غيره فالحكم على الحديث متوقف على معرفة حاله. وقد ذكره السيوطي في "الدر" (1 / 390) وعزاه لعبد بن حميد فقط. وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 102 / ب) من طريق خالد بن عبد الله الواسطي، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، به مثله، إلا أنه قدَّم قوله: (كل دابة) . (1) هو مسلم بن صُبيح.

إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} ، تَعَجَّبَ الْمُشْرِكُونَ، وَقَالُوا: إِلَهًا وَاحِدًا! إِنْ كَانَ صَادِقًا فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} إِلَى قوله: {لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} .

_ [239] سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مُرْسِلِه أبي الضحى. والأثر ذكره السيوطي في "الدر" (1 / 395) وعزاه للمصنف ووكيع وآدم بن أبي إياس وابن جرير وابن أبي حاتم وأبي الشيخ في "العظمة" والبيهقي في "شعب الإيمان". وقد أخرجه أبو الشيخ في "العظمة" (1 / 252 - 253 رقم 31) من طريق أبي الأحوص، به نحوه. وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص54 رقم 51) عن أبيه سعيد بن مسروق، به نحوه. وذكر الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (1 / 202) أن وكيعًا أخرجه من طريق سفيان الثوري، وأن آدم بن أبي إياس أخرجه من طريق أبي جعفر الرازي، كلاهما عن سعيد بن مسروق والد سفيان الثوري، به. ومن طريق وكيع أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (3 / 268 - 269 رقم 2399) بنحوه. ومن طريق آدم أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 103 / ب) . والبيهقي في "شعب الإيمان" (1 / 346 - 347 رقم 103) . والثعلبي في "الكشف والبيان" (1 / ل 148 / أ) . ثلاثتهم بنحوه. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (2400 و 2401) من طريق أبي جعفر الرازي، عن سعيد بن مسروق، به نحوه.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ} ] 240- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا فُضَيل بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ عُبَيْدِ المُكْتِب (1) ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ} ، قَالَ: الأَوْصال الَّتِي كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا. 241- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ عُبَيْد المُكْتِب، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: الْوَصْلُ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُمْ في الدنيا.

_ (1) هو عُبَيْد بن مِهْران المُكْتِب، الكوفي، يروي عن أبي الطُّفيل ومجاهد والشعبي وغيرهم، روى عن السفيانان وجرير بن عبد الحميد وفضيل بن عياض وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة الخامسة كما في "التقريب" (ص378 رقم 4392) ؛ وثقه ابن سعد وابن معين والعجلي ويعقوب بن سفيان والنسائي وأبو حاتم وزاد ((صالح الحديث)) ، وزاد ابن سعد: ((قليل الحديث)) اهـ. من "الجرح والتعديل" (6 / 2 رقم 1) و"التهذيب" (7 / 74 رقم 159) . [240 و 241] سنداهما صحيحان. وقول مجاهد هذا ذكره السيوطي في "الدر (1 / 402) وعزاه وكيع وعبد بن حميد وابن جرير، وأبي نعيم في "الحلية". وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (3 / 289 رقم 2417) من طريق فضيل بن عياض وجرير بن عبد الحميد، كلاهما عن عبيد المكتب، به بمثل لفظ جرير هنا، إلا أنه قال: (الوصال) . وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" (3 / 285) من طريق فضيل وحده، به بمثل لفظه هنا. وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص 54 رقم 53) عَنْ عُبَيْدٍ الْمُكْتِبِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، به بلفظ: تواصلهم في الدنيا. ومن طريق سفيان أخرجه ابن جرير برقم (2418 و 2419) . =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} ] 242- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ (1) ، عَنْ أَبِيهِ (2) ، عَنْ أَبِي مِجْلَز (3) ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} ، قال: النذور في المعاصي.

_ = وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / 106 / أ) . وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (2420 و 2421) من طريق ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ((وتقطعت بهم الأسباب) قال قتادة: المودّة. وهذا في "تفسير مجاهد" من طريق ورقاء عن ابن أبي نجيح عنه (ص 94) بمثل رواية ابن جرير. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (2422) من طريق ابن جريج، عن مجاهد قال: تواصل كان بينهم بالمودة في الدنيا. (1) هو مُعْتَمر بن سليمان بن طَرْخان التَّيْمي، أبو محمد البصري، يلقّب: الطُّفيل، روى عن أبيه وحُميد الطويل وإسماعيل بن أبي خالد وغيرهم، روى عنه عبد الرحمن بن مهدي وعبد الرزاق وسعيد بن منصور والإمام أحمد وإسحاق ابن راهويه وغيرهم، وهو ثقة، روى له الجماعة؛ وثقه ابن سعد وابن معين والعجلي وأبو حاتم وزاد: ((صدوق)) ، وقال الإمام أحمد: ((ما كان أحفظ معتمر ابن سليمان! قلّ ما كنا نسأله عن شيء إلا عنده فيه شيء)) ، وقال يحيى القطان ((إذا حدثكم المعتمر بشيء فاعرضوه؛ فإنه سيء الحفظ)) ، وقال ابن خراش: ((صدوق يخطيء من حفظه، وإذا حدث من كتابه فهو ثقة)) ، وكانت وفاته سنة سبع وثمانين ومائة، واختلف في مولده، فقيل سنة مائة، وقيل: سنة ست أو سبع ومائة. اهـ من "الجرح والتعديل" (8 / 402 - 403 رقم 1845) و"التهذيب" (10 / 227 - 228 رقم 415) ، و"التقريب" (ص 539 رقم 6785) . وقول يحيى القطان وابن خراش معارض بقوله من وثقه من الأئمة، ومنهم =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = الإمام أحمد الذي تعجب من حفظه، ولم يذكر القطان وابن خراش ما يدل على قولهما، وقد يكوةن معتمر أخطأ كما يخطيء غيره مما لا يمكن الحكم عليه من خلاله بما ذُكر، فهذا يحتمل منه لأنه مكثر من الحديث، ولذا فإن الذهبي رحمه الله ذكره في "الميزان" (4 / 142 رقم 8648) وقال: ((أحد الثقات)) ، ثم ذكر قول ابن خراش السابق، فتعقبه بقوله: ((قلت: هو ثقة مطلقًا)) . (2) هو سليمان بن طَرْخان التَّيْمي، تقدم في الحديث [94] أنه ثقة عابد. (3) هو لاحقُ بن حميد بن سعيد السَّدُوسي البصري، أبو مِجْلَز - بكسر الميم وسكون الجيم وفتح اللام، بعدها زاي - مشهور بكنيته، يروى عن ابن عباس وأنس وجندب بن عبد الله وأم سلمة وغيرهم، روى عنه قتادة وسليمان التيمي وعاصم الأَحْول وغيرهم، وهو ثقة روى له الجماعة، ووثقه ابن سعد وابن خراش والعجلي وأبو زرعة، وقال ابن عبد البر: ((هو ثقة عند جميعهم)) ، واختُلف في سنة وفاته، فقيل: سنة مائة، أو إحدى ومائة، وقيل: سنة ست، وقيل: تسع ومائة اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 124 رقم 256) و"التهذيب" (11 / 171 - 172 رقم 293) و"التقريب" (ص 586 رقم 7490) . [243] سنده صحيح. وذكره السيوطي في "الدر" (1 / 404) وعزاه لعبد بن حميد وأبي الشيخ. وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (3 / 302 رقم 2444) . وابن أبي حاتم (1 / 107 / أ) . كلاهما من طريق جرير، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي مجلز، به مثله.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} ] 243- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجيح، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ (1) وَلَا عَادٍ} ، قَالَ: غَيْرَ بَاغٍ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَلَا معتدٍ عَلَيْهِمْ، مَنْ خَرَجَ يَقْطَعُ الرَّحِم، أَوْ يَقْطَعُ السَّبِيلَ، أَوْ يُفْسِدُ فِي الْأَرْضِ، فاضْطُرَّ إِلَى المَيْتَة، لَمْ تَحِلَّ لَهُ.

_ (1) أصل البَغْي: مجاوزة الحدّ، والباغي هو الظالم الجائر. / انظر "النهاية في غريب الحديث" (1 / 143 - 144) . [243] سنده صحيح، ورواية ابن أبي نجيح للتفسير عن مجاهد صحيحة كما سبق بيانه في الحديث [184] . وقول مجاهد هذا ذكره السيوطي في "الدر" (1 / 408) وعزاه المصنف وسفيان ابن عيينة وآدم بن أبي إياس وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ والبيهقي في "المعرفة والسنن". وقد أخرجه البيهقي في "المعرفة" (2 / 64 / أ) من طريق المصنف، به مثله. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (3 / 322 رقم 2480) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / 108 / ب) . كلاهما من طريق أبي حذيفة، عن شِبْل، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عاد} يقول: لا قاطعًا للسبيل، ولا مفارقًا للأئمة، ولا خارجًا في معصية الله فله الرخصة، ومن خرج باغيًا أو عاديًا في معصية الله، فلا رخصة له وإن اضطرّ إليه. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (2485) من طريق آدم بن أبي إياس، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، مثل سابقه، إلا أنه لم يذكر قوله: ((فله الرخصة ... ) إلخ. والأثر في "تفسير مجاهد" (ص 94) من رواية أبي القاسم عبد الرحمن بن الحسن القاضي، عن إبراهيم بن الحسين، عن آدم بن أبي إياس، عن ورقاء، عن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ابن أبي نجيح، به مثل لفظ ابن جرير. ومن طريق عبد الرحمن بن الحسن القاضي أخرجه البيهقي في "سننه" (3 / 156) . في الصلاة، باب لا تخفيف عمن كان سفره في معصية الله. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (2484) . وابن أبي حاتم في الموضع السابق. كلاهما من طريق القاسم بن أبي بزّة، عن مجاهد قال: (غير باغ) : على الأئمة (ولا عاد) قال: قاطع سبيل. هذا لفظ ابن جرير، وأما ابن أبي حاتم فلم يذكر قوله: ((ولا عاد ... ) إلخ. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (2486) من طريق الحكم، عن مجاهد، بنحو لفظ القاسم السابق عنده. وأخرجه محمد بن نصر في "تعظيم قدر الصلاة" (2 / 999 - 1000 رقم 1076 و 1077) . وابن جرير برقم (2479) . كلاهما من طريق لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنِ مجاهد: ((فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عاد) ، قال: غير قاطع سبيل، ولا مفارق جماعة، ولا خارج في معصية الله، فله الرخصة. هذا لفظ ابن جرير، ونحوه أحد لفظي محمد بن نصر، وفيه زيادة. تنبيه: قال الثعلبي في "تفسيره" (1 / 154 ر ب - 155 / أ) . ((واختلف المفسرون في معنى قوله: {غير باغ ولا عاد} ، فقال بعضهم: (غير باغ) ، أي غير قاطع للطريق، (ولا عاد) مفارق للأئمة، مُشَاقٍّ للأمَّة، خارج عليهم بسيفه. فمن خرج يقطع الرحم، أو يُخيف السبيل، ويفسد في الأرض، أو أَبَقَ من سيّده، أو فرّ من غريمه، أو خرج عاصيًا بأيّ وجه كان، فاضطرّ إلى الميتة، لم يحلّ له أكلها، أو اضطر إلى الخمر عند العطش، لم يحلّ له شربها، =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ} ] 244- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: {فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ} ، قَالَ: مَا أَعْمَلَهُمْ بِأَعْمَالِ أَهْلِ النار.

_ = لا رخصة ولا كرامة. فأما إذا خرج مطيعًا ومباحًا له ذلك، فإنه يرخص له فيه، وهذا قول مجاهد وسعيد بن جبير والضحاك والكلبي ويمان، وهو مذهب الشافعي رضي الله عنه، قال: إذا أبحنا له ذلك فقد أعنّاه على فساده وظلمه، لكن يتوب ويستبيح ذلك. وقال الآخرون: هذا البغي والعدوان راجعان إلى الأكل، وإليه ذهب أبو حنيفة وأباح تناول الميتة للمضطر وإن كان عاصيًا)) اهـ. وقال ابن التركماني في "الجوهر النقي" (3 / 156) متعقبًا استشهاد البيهقي بقول مجاهد هذا: ((قلت هذا التفسير على تقدير صحة الاستدلال به من باب المفهوم - وهو مختلف فيه -، ثم يقتضي أن العاصي بسفره لا يأكل الميتة، وليس كذلك، بل يجب عليه، ولو تركه حتى مات كان عاصيًا بالإجماع؛ لأن قتل النفس حرام - وإن لم يتب -؛ إذْ تَرْكُ التوبة لا يبيح قتل نفسه؛ لأن فيه جمعًا بين معصيتين، ولعله يتوب في باقي الحال فتمحو التوبة عنه ما سلف منه ... ، وقد رخصوا للعاصي أن يفطر بالمرض، ويتيمم في سفره، ويمسح على الخفين، ولو تعذر قيامه يصلي جالسًا، ثم تفسير مجاهد معارض لتفسير غيره، قال ابن عباس ومسروق والحسن: غير باغٍ في الميتة ولا عادٍ في الأكل، ومعناه: لا يجاوز حدّ سد الرَّمَق، ولا يرفعها لجَوْعة أخرى، وقيل: ((غير باغ)) : لا يطلب الميتة قصدًا إليها، ولا يأكلها متلذذًا بها، بل لدفع ضرورته، وإذا تعارضت التفاسير في هذه؛ تعيَّن الرجوع إلى عمومات الكتاب والسنة؛ فإنها لم تفصل بين سفر الطاعة والمعصية)) اهـ. [244] سنده صحيح، وهو نفس إسناد الحديث السابق، وقد أخرجه المصنف من =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَآتَى المَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي القُرْبَى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ} ] 245- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا مُصْعَبُ بْنُ ماهَان، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ زُبَيْد الْإِيَامِيِّ (1) ، عَنْ مُرَّة، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَآتَى المَالَ عَلَى حُبِّهِ} ، قَالَ: تُؤْتِيهِ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ، تأمل العيش، وتخشى الفقر.

_ = طريق شيخه سفيان بن عيينة الذي أخرجه في "تفسيره". فقد ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 409 - 410) وعزاه للمصنف وسفيان بن عيينة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي نعيم في "الحلية"، بلفظ: ((والله ما لهم عليها من صبر، ولكن يقول: ما أجرأهم على النار)) . وقد أخرجه ابن جرير في "التفسير" (3 / 333 رقم 2511) . وأبو نعيم في "الحلية" (3 / 290) . أما ابن جرير فمن طريق وكيع، وأما أبو نعيم فمن طريق يوسف القطان، كلاهما عن سفيان بن عيينة، به مثله. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (2505 و 2506) من طريق عيسى وشبل كلاهما عن ابن أبي نجيح، به بلفظ: ما أعملهم بالباطل. وهو بهذا اللفظ في "تفسير مجاهد" (ص 94) من رواية آدم بن أبي إياس، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح. وعلقه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / 109 / ب) بنفس لفظ المصنف، ولم يسنده. وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص 55 رقم 55) عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سليمان، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وجل: {فما أصبرهم على النار} قال: ما أجرأهم على النار، قال: ما أحملهم على عمل أهل النار. 1 - هو زُبَيْد - بموحدة، مصغّر-، ابن الحارث بن عبد الكريم بن عمرو =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ابن كعب، اليَامي، ويقال الَأيَامي، أبو عبد الرحمن الكوفي، يروي عن مُرَّة ابن شراحيل وسعد بن عبيدة وعبد الرحمن بن أبي ليلى وأبي وائل شقيق بن سلمة وإبراهيم النخعي ومجاهد وغيرهم، روى عنه جرير بن حازم وشعبة والثوري ومنصور بن المعتمر وغيرهم، وهو ثقة ثبت عابد، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين وأبو حاتم والنسائي، وقال يحيى القطان: ((ثبت)) وقال ابن سعد: ((كان ثقة، وله أحاديث، وكان في عداد الشيوخ، وليس بكثير الحديث)) ، وقال العجلي: ((ثقة ثبت في الحديث، وكان علويًا)) ، وقال يعقوب بن سفيان: ((ثقة ثقة خيار، إلا أنه كان يميل إلى التشيع)) ، وقال شعبة: ((ما رأيت بالكوفة شيخًا خيرًا من زبيد)) ، وقال ابن شبرمة: ((كان يصلي الليل كله)) ، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ((كان من العباد الخُشَّن، مع الفقه في الدين ولزوم الورع الشديد)) ، وكانت وفاته سنة اثنتين وعشرين ومائة، وقيل: ثلاث وقيل: أربع وعشرين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 623 رقم 2818) و"التهذيب" (3 / 310 - 311 رقم 578) و"التقريب" (ص 213 رقم 1989) . [245] سند المصنف فيه مصعب بن ماهان وتقدم في الحديث [145] أنه كثير الخطأ مع كونه صدوقًا عابدًا، إلا انه لم ينفرد به، فالحديث صحيح لغيره كما سيأتي. وقد ذكره السيوطي في "الدر" (1 / 414) وعزاه للمصنف وابن المبارك في "الزهد" ووكيع وسفيان بن عيينة وعبد الرزاق والفريابي وابن أبي شيبة وعبد ابن حميد وابن جرير والطبراني والحاكم وابن مردويه والبيهقي في "سننه". وقد أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 66) عن سفيان الثوري به مثله، ومن طريق عبد الرزاق أخرجه: ابن جرير في "تفسيره" (3 / 340 - 341 رقم 2522) . والطبراني في "الكبير" (9 / 93 رقم 8503) . وأخرجه ابن جرير مقرونًا بالحديث السابق؛ من طريق عبد الرحمن بن مهدي، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = عن الثوري. وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / 110 / ب) من طريق وكيع، عن سفيان الثوري، به مثله. فهؤلاء أربعة رواة اتفقوا على روايته على هذه الوجه، وهم مصعب بن ماهان وعبد الرزاق وعبد الرحمن بن مهدي ووكيع، وكلهم أئمة حفاظ عدا مصعب ابن ماهان فتقدم الكلام عنه. وخالفهم مخلد بن يزيد وأبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي. أما مخلد بن يزيد فرواه عن سفيان، عن زبيد، فرفع بعض الحديث، نص على ذلك أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد في زياداته على "الزهد" لابن المبارك (ص 8 رقم 24) . وأما أبو حذيفة فقال: ثنا سفيان، عن منصور، عن زبيد ... ، فذكره هكذا بزيادة منصور في إسناده بين سفيان وزبيد. أخرجه الحاكم في "المستدرك" (2 / 272) ثم قال: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي. وذكر الحافظ ابن كثير اختلافًا آخر في رواية الحاكم هذه، فذكر في "التفسير" (1 / 208) أن الحاكم رواه مرفوعًا وحكى عنه تصحيحه له، ثم تعقبه بقوله: ((قلت: وقد رواه وكيع عن الأعمش وسفيان، عن زبيد، عَنْ مُرَّةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ موقوفًا، وهو أصحّ، والله أعلم)) اهـ. كلامه، وليس في "المستدرك" المطبوع ذكر لرفع الحديث. وأخرجه ابن المبارك في "الزهد" (ص 8 رقم 24) من طريق شيخه شعبة بن الحجاج، عن زبيد، عن مُرَّةَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: (وآتى المال على حبه) قال: وأنت حريص شحيح تأمل الغنى، وتخشى الفقر. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (3 / 341 رقم 2523 و 2524) من طريق محمد ابن جعفر غندر، وإبراهيم بن أعين، كلاهما عن شعبة، به، ولفظ غندر =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = مثله، ولفظ إبراهيم نحوه. وأخرجه البيهقي في "سننه" (4 / 190) في الزكاة، باب فضل صدقة الصحيح الشحيح، من طريق يزيد بن هارون، عن شعبة به نحوه. فهؤلاء أربعة رواة اتفقوا على روايته عن شعبة، عن زبيد، عَنْ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ موقوفًا عليه، ومنهم ابن المبارك ويزيد بن هارون وغندر، وهم أئمة حفاظ. وخالفهم أبو النضر هاشم بن القاسم، فرواه عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ زبيد، فزاد في سنده منصور بن المعتمر. أخرجه هكذا الحاكم في الموضع السابق مقرونًا برواية سفيان. وذكره ابن كثير في الموضع السابق في "تفسيره" من رواية الحاكم، وذكره مرفوعًا، والذي في المطبوع إنما هو موقوف. ورجح ابن كثير الرواية الموقوفة، وسبق نقل كلامه. فالصواب في روايتي سفيان وشعبة أنها عن زبيد، عَنْ مُرَّةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ موقوفًا عليه، هكذا رواه الحفاظ وهم الأكثر عددًا، ولا عبرة بمن خالفهم، وللحديث طرق أخرى. فأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (3 / 340 و 344 رقم 2521 و 2531) من طريق ليث بن أبي سليم ومنصور بن المعتمر، كلاهما عن زبيد، به نحوه. وأخرجه ابن أبي حاتم أيضًا (1 / 110 / ب) من طريق وكيع، عن الأعمش، عن زبيد، به مثله. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (2529) من طريق السدّي، عَنْ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ به نحوه. ولعل ابن مسعود قد أخذ هذا المعنى من النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإنه جاء إليه صلى الله عليه وسلم مرفوعًا من حديث أبي هريرة. أخرجه البخاري في "صحيحه" (3 / 284 - 285 رقم 1419) في الزكاة، باب فضل صدقة الشحيح الصحيح، و (5 / 373 رقم 2748) في الوصايا، باب =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِصَاصُ فِي القَتْلَى الحُرُّ بِالحُرِّ وَالعَبْدُ بِالعَبْدِ وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} ] 246- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُجَاهِدٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كُتِبَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِمُ الْعَفْوُ، فَقَالَ اللَّهُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِصَاصُ فِي القَتْلَى الحُرُّ بِالحُرِّ وَالعَبْدُ بِالعَبْدِ وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالمَعْرُوفِ} ، فَالْعَفْوُ: أَنْ يَقْبَلَ الدِّيَةَ فِي الْعَمْدِ، {ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ} ، قَالَ: تَخْفِيفٌ مِمَّا كُتِبَ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، {فَاتِّبَاعٌ بِالمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} ، وَقَالَ: يَتَّبِعُ هَذَا الْمَعْرُوفَ، وَيُؤَدِّي إليه هذا بإحسان.

_ = الصدقة عند الموت. ومسلم (2 / 716 رقم 92 و 93) في الزكاة، باب بيان أفضل الصدقة صدقة الصحيح الشحيح. كلاهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله، أي الصدقة أعظم أجرًا؟ قال: ((أن تصدّق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلان كذا ولفلان كذا وقد كان لفلان)) . [246] سنده صحيح على شرط الشيخين وقد أخرجه البخاري كما سيأتي. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 420) وعزاه للمصنف وعبد الرزاق وابن أبي شيبة والبخاري والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = والنحاس في "ناسخه" وابن حبان والبيهقي. ونقله الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (1 / 210) عن المصنف بمثله إلى قوله تعالى {من أخيه شيء} ثم قال: فَالْعَفْوُ أَنْ يَقْبَلَ الدِّيَةَ فِي العمد، ذلك تخفيف مما كتب على بني إسرائيل من كان قبلكم، {فاتباع بمعروف وأداء إليه بإحسان} اهـ ولم يذكر بقية الحديث. وقد أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 67) عن شيخه سفيان بن عيينة، به نحوه، إلا أنه قال: (ولم تكن الدية) بدل قوله: (ولم يكن فيهم العفو) . ومن طريق عبد الرزاق أخرجه النحاس في "ناسخه" (ص 21) . وأخرجه البخاري في "صحيحه" (8 / 176 - 177 رقم 4498) في تفسيره سورة البقرة من كتاب التفسير، باب {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عليكم القصاص ... } الآية، و (12 / 205 رقم 6881) في الديات، باب من قتل له قتيل فهو بخير النظرين. والنسائي في "تفسيره" (1 / 213 رقم 34) وفي "السنن" (8 / 36 - 37) في القسامة، باب تأويل قوله عز وجل: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شيء ... } الآية. وابن جرير في "تفسيره" (3 / 367 رقم 2573) . والإسماعيلي في "مستخرجه" كما في "فتح الباري" (12 / 208) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / 112 / أ، و 113 / أ، وب) . والحاكم في "المستدرك" (2 / 237) . والبيهقي في "سننه" (8 / 51 و 52) في الجنايات، باب الخيار في القصاص. أما البخاري فمن طريق الحميدي وقتيبة بن سعيد، وأما النسائي فمن طريق العلاء بن عبد الجبار والحارث بن مسكين، وأما ابن جرير فمن طريق أبي كريب وأحمد بن حماد الدولابي، وأما الإسماعيلي فمن طريق أبي كريب وغيره، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق يونس بن عبد الأعلى، وأما الحاكم فمن طريق ابن أبي عمر، وأما البيهقي فمن طريق الإمام الشافعي وعلي بن عبد الله المديني، جميعهم =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = عن سفيان بن عيينة، به نحوه، إلا أن لفظ ابن جرير والحاكم مختصر، وأما ابن أبي حاتم فقطّع الحديث في المواضع الثلاثة. وتابع سفيان محمد بن مسلم. أخرجه ابن جرير في الموضع السابق برقم (2575) . وابن حبان في "صحيحه" (7 / 601 رقم 5987 / الإحسان بتحقيق الحوت) . كلاهما من طريق محمد بن مسلم، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ مجاهد، عن ابن عباس به بنحوه وفيه اختصار. وخالف سفيان ومحمد بن مسلم حماد بن سلمة، فرواه عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جابر بن زيد، عن ابن عباس. أخرجه ابن جرير في الموضع السابق برقم (2574) . والحاكم في المستدرك (2 / 273) . ومن طريقه البيهقي في الموضع السابق. قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه)) ، وسكت عنه الذهبي. ورواية حماد بن سلمة هذه شاذة لمخالفتها لروايتي سفيان ومحمد بن مسلم، وهم أكثر عددًا، وسفيان أوثق من حماد وقد رواه ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ كما سيأتي، وهذا ما رجحه الحافظ ابن حجر في "النكت الظراف" (5 / 223) حيث قال: وقلت: وافق ابن عيينة محمد بن مسلم، عن عمرو بن دينار، أخرجه الطبري، وكذا رواه ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ. وخالف الجميع حماد بن سلمة؛ فقال: عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جابر بن زيد، عن ابن عباس، أخرجه الطبري، والأول هو المحفوظ)) اهـ. أما رواية ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ، عن ابن عباس، فأخرجها: عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 67) . ومن طريقه النحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص 21) . =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى المُتَّقِينَ} ] 247- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا يُونُسُ (1) ، عَنِ الْحَسَنِ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} -، (قَالَ: كَانَتِ الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) (2) ، فَنُسخ مِنْ ذَلِكَ: (لِلْوَالِدَيْنِ) (3) ، وَأُثْبِتَ لَهُمَا نَصِيبُهُمَا فِي سُورَةِ النِّسَاءِ (4) ، ونُسخ مِنَ الْأَقْرَبِينَ كلُّ وَارِثٍ (5) ، (وَبَقِيَتِ الْوَصِيَّةُ) (6) لِلْأَقْرَبِينَ الَّذِينَ لَا يرثون.

_ = وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (3 / 367 - 368 رقم 2577) . والطبراني في "معجمه الكبير" (11 / 94 رقم 11155) . أما عبد الرزاق فمن طريق معمر، وأما ابن جرير فمن طريق عيسى بن ميمون، وأما الطبراني فمن طريق أبان بن تغلب، ثلاثتهم عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مجاهد، عن ابن عباس، به نحوه. (1) هو ابن عبيد؛ تقدم في الحديث [116] أنه ثقة ثبت فاضل ورع. (2) ما بين القوسين ليس في الأصل، فأثبته من الموضع الآتي من "سنن البيهقي" حيث روى الحديث من طريق المصنف. (3) في الأصل: (الوالدين والأقربين) ، والتصويب من الموضع الآتي من "سنن البيهقي". (4) في الآية (11) ، وهي قوله سبحانه: {يوصيكم الله في أولادكم ... } إلى قوله: {ولأبويه لكل واحد منهما السدس إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس ... } الآية. (5) لقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَا وصية لوارث)) وهو حديث صحيح بمجموع طرقه؛ روي من =

248- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شَرِيكٍ الْمَكِّيِّ (1) ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيكة (2) ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ لَهَا رَجُلٌ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُوصِيَ؟ قَالَتْ: كَمْ مَالُكَ؟ (قَالَ) (3) : ثَلَاثَةُ آلَافٍ، قَالَتْ: كَمْ عِيَالُكَ؟ قَالَ: أَرْبَعَةٌ، قَالَتْ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وجل: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا} ، وَإِنَّ هَذَا الشَّيْءَ يَسِيرٌ، فَاتْرُكْهُ لعيالك، فهو أفضل.

_ = طريق جمع من الصحابة، وسيأتي الكلام عنه في الحديث [253] . (6) في الأصل (والوصية) ، والتصويب من الموضع الآتي من "سنن البيهقي". [247] سنده صحيح. وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (6 / 265) في الوصايا، باب نسخ الوصية للوالدين والأقربين الوارثين، أخرجه من طريق المصنف به عن الحسن - في آية الوصية - قال: كانت الوصية ... ، فذكره مثله هكذا ولم يذكر الآية. وأخرجه ابن الجوزي في "نواسخ القرآن" (ص 164 - 165) من طريق الإمام أحمد قال: حدثنا هشيم ... ، فذكره بنحوه. (1) هو محمد بن شريك، أبو عثمان المكِّي، يروي عن عمرو بن دينار وعطاء بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَابْنِ أَبِي مليكة وغيرهم، روى عنه وكيع وأبو معاوية وأبو نعيم وغيرهم، وهو ثقة؛ وثقه أحمد وابن معين وأبو زرعة والدارقطني وكانت وفاته سنة ثمان وستين ومائة. / انظر "الجرح والتعديل" (7 / 284 رقم 1536) و"التهذيب" (9 / 221 - 222 رقم 348) و"التقريب" (ص 483 رقم 5957) . (2) هو عبد الله بن عبيد الله، تقدم في الحديث [39] أنه ثقة فقيه. (3) في الأصل: ((قالت) ، والتصويب من الموضع الآتي من "سنن البيهقي" حيث روى الحديث من طريق المصنف.

249- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عِيسَى بْنُ يُونُسَ (1) ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبي قَالَ: مَا مِنْ مَالٍ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ مَالٍ يَتْرُكُهُ الرَّجُلُ لِوَلَدِهِ؛ يغنيهم عن الناس.

_ = [248] سنده صحيح. والحديث ذكره السيوطي في "الدر" (1 / 423) وعزاه للمصنف وابن أبي شيبة وابن المنذر والبيهقي. وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (6 / 270) في الوصايا، باب من استحب ترك الوصية إذا لم يترك شيئًا كثيرًا استبقاء على ورثته، أخرجه من طريق المصنف به مثله، إلا أنه قال: (قال الله سبحانه) ، و: ((إن هذا لشيء يسير) . وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (11 / 208 رقم 10993) من طريق أبي معاوية به نحوه. وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (9 / 63 رقم 16354 و 16355) من طريق عبد الله بن عبيد بن عمير وأم منصور بن عبد الرحمن، عنها رضي الله عنها بمعناه، إلا أنه ذكر أن المال أربعمائة دينار. (1) هو عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي - بفتح المهملة وكسر الموحدة - أخو إسرائيل، كوفي نزل الشام مرابطًا روى عن أبيه وأخيه إسرائيل وسليمان التَّيْمي وهشام بن عروة والاعمش وإسماعيل بن أبي خالد وغيرهم، روى عنه هنا سعيد بن منصور، وروى عنه أيضًا عبد الله بن وهب وإسحاق بن راهويه ومسدَّد وعلي بن المديني وأبو بكر بن أبي شيبة والحسن ابن عرفة وغيرهم، وهو ثقة مأمون، روى له الجماعة، ووثقه أحمد وأبو حاتم ويعقوب بن شيبة وابن خراش، وقال عبد الله بن أحمد: سألت أبي: أيما أصح حديثًا، عيسى بن يونس، أو أبوه يونس بن أبي إسحاق؟ فقال: لا، بل عيسى أصح حديثًا، فقلت له: عيسى، أو أخوه إسرائيل؟ قال: ما أقربهما. قلت: ما تقول فيه؟ قال: مثل عيسى بن يونس يسئل عنه؟! وقال عثمان بن سعيد الدارمي: سألت يحيى بن معين: أبو معاوية أحب إليك =

250- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ (1) ، قَالَ: نا ابْنُ جُرَيج (2) ، عَنْ لَيْث، عَنْ طاوُس، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: إِذَا تَرَكَ الْمَيِّتُ سَبْعَمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَلَا يُوصِي.

_ = في الأعمش أو عيسى بن يونس؟ فقال: ((ثقة وثقة)) . وقال حرب بن إسماعيل: سئل على بن المديني عن عيسى بن يونس فقال: ((بخ بخ ثقة مأمون)) . وقال ابن سعد: ((كان ثقة ثبتًا)) ، وقال العجلي: ((كوفي ثقة وكان يسكن الثغر، وكان ثبتًا في الحديث)) ، وقال أبو زرعة: ((حافظ)) ، وكانت وفاته سنة سبع وثمانين ومائة، وقيل سنة إحدى وتسعين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (6 / 291 - 292 رقم 1618) و"التهذيب" (8 / 237 - 240 رقم 439) و"التقريب" (ص 441 رقم 5341) . [249] سنده صحيح. (1) هو عبد الله. (2) هو عبد الملك بن عبد العزيز. [250] سنده ضعيف لضعف لَيْث بن أبي سُلَيم، وابن جريج مدلِّس ولم يصرح بالسماع. وذكره السيوطي في "الدر" (1 / 423) وعزاه للمصنف سعيد بن منصور وعبد الرزاق والبيهقي. وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (6 / 270) في الوصايا، باب من استحب ترك الوصية إذا لم يترك شيئًا كثيرًا استبقاء على ورثته، أخرجه من طريق المصنف، به مثله. والأثر في "مصنف ابن أبي شيبة" (11 / 207 رقم 10990) من طريق ابن جريج، به مثله، لكن ذكر المحقق أنه استدرك المتن من "سنن البيهقي"، وأما الأصل عنده فذكر أنه بياض.

251- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ: نا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ (1) ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: دَخَلَ عَليٌّ عَلَى صَدِيقٍ لَهُ يَعُودُهُ، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: (إِنِّي) (2) أُرِيدُ أَنْ أُوصِيَ؟ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا} ، وَإِنَّكَ إِنَّمَا تَدَعُ شَيْئًا يَسِيرًا، فَدَعْهُ لِعِيَالِك، فهو أفضل.

_ (1) هو هشام بن عروة بن الزُّبير بن العَوَّام الأسَدي، روى عن أبيه وعمِّه عبد الله بن الزبير وابن عمه عبّاد بن عبد الله بن الزبير وأبي سلمة بن عبد الرحمن ومحمد بن المنكدر وغيرهم، روى عنه عبيد الله بن عمر ومعمر وابن جريج والإمام مالك والسفيانان والحَمَّادان ووكيع وأبو معاوية وغيرهم، وهو ثقة فقيه، روى له الجماعة، وقال ابن سعد: ((كان ثقة ثبتًا كبير الحديث حجة)) ، ووثقه العجلي، وقال أبو حاتم: ((ثقة إمام في الحديث)) ، وقيل لابن معين: هشام أحب إليك عن أبيه، أو الزهري؟ قال: ((كلاهما)) ، ولم يفضِّل، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ((كان متقنًا ورعًا فاضلاً حافظًا)) ، وكانت وفاته سنة ست وأربعين ومائة، وقيل: سنة خمس، وقيل: سنة سبع وأربعين ومائة، وقد بلغ سبعًا وثمانين سنة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 63 - 64 رقم 249) ، و"التهذيب" (11 / 48 - 51 رقم 89) . وقد تُكُلِّم في هشام، فقيل إنه مدلس، وقيل إنه اختلط. قال يعقوب بن شيبة: ((ثقة ثبت، لم ينكر عليه شيء إلا بعد ما صار إلى العراق، فإنه انبسط في الرواية عن أبيه، فأنكر ذلك عليه أهل بلده، والذي نرى أن هشامًا تسهّل لأهل العراق؛ إنه كان لا يحدث عن أبيه إلا بما سمعته منه، فكان تسهُّله أنه أرسل عن أبيه مما كان يسمعه من غير أبيه عن أبيه)) . وقال ابن خراش: ((كان مالك لا يرضاه، وكان هشام صدوقًا تدخل أخباره في الصحيح بلغني أنه مالكًا نقم عليه حديثه لأهل العراق؛ قدم الكوفة ثلاث مرات، قدمة كان يقول: حدثني أبي، قال: سمعت عائشة، وقدم الثانية فكان =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = يقول: أخبرني أبي، عن عائشة، وقدم الثالثة فكان يقول: أبي، عن عائشة)) - يعني يرسل عن أبيه -. ورماه بالاختلاط أبو الحسن بن القطان. وقد ردّ ذلك كله الحافظ الذهبي، فقال في "الميزان" (4 / 301 - 302 رقم 9233) : ((هشام بن عروة، أحد الأعلام، حجة إمام، لكن في الكِبَر تناقص حفظه ولم يختلط أبدًا، ولا عبرة بما قاله أبو الحسن بن القطان من أنه وسهيل ابن أبي صالح اختلطا وتغيّرا. نعم، الرجل تغير قليلاً ولم يبق حفظه كهو في حال الشبيبة، فنسي بعض محفوظه أَوْ وَهِم، فكان ماذا؟ أهو معصوم من النسيان؟ ولما قدم العراق في آخر عمره حدَّث بجملة كثيرة من العلم، في غضون ذلك أحاديث لم يجِّودها، ومثل هذا يقع لمالك ولشعبة ولوكيع ولكبار الثقات، فَدَعْ عنك الخَبْط وذر خلط الأئمة الأثبات بالضعفاء والمخلطين؛ فهشام شيخ الإسلام، ولكن أحسن الله عزاءنا فيك يا ابن القطان! وكذا قول عبد الرحمن بن خراش ... )) ، ثم ذكر قوله السابق. وقال في "سير أعلام النبلاء" (6 / 34 - 36) : ((الإمام الثقة، شيخ الإسلام ... )) ، ثم ذكر قول يعقوب بن شيبة وابن خراش، ثم قال: ((قلت: الرجل حجّة مطلقًا، ولا عبرة بما قاله الحافظ أبو الحسن بن القطان من أنه هو وسهيل بن أبي صالح اختلطا وتغيّرا، فإن الحافظ قد يتغير حفظه إذا كبر، وتنقص حدّة ذهنه، فليس هو في شيخوخته كهو في شبيته، وما ثمّ أحد بمعصوم من السهو والنسيان، وما هذا التغيّر بضار أصلاً، وإنما الذي يضرّ الاختلاط، وهشام فلم يختلط قط، هذا أمر مقطوع به، وحديثه محتج به في الموطأ والصحاح والسنن، فقول ابن القطان: ((إنه اختلط)) قول مردود مرذول، فأرني إمامًا من الكبار سلم من الخطأ والوهم. فهذا شعبة - وهو في الذِّروة - له أوهام، وكذلك معمر، والأوزاعي، ومالك - رحمه الله - =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = عليهم ... )) ، ثم ذكر قول يعقوب بن شيبة مرة أخرى (6 / 46) ، فتعقبه قائلاً: ((قلت: في حديث العراقيين عن هشام أوهام تُحتمل، كما وقع في حديثهم عن معمر أوهام)) . اهـ. وقد ذكر الحافظ ابن حجر هشامًا في الطبقة الأولى من "طبقات المدلسين" (ص46 رقم 30) وهم: من لم يوصف بالتدليس إلا نادرًا كيحيى بن سعيد الأنصاري كما صرح بذلك في مقدمته (ص23) ، وهذه الطبقة والتي تليها قد احتمل الأئمة تدليسهم، وأخرجوا لهم في الصحيح لإمامتهم وقلة تدليسهم في جنب ما رووا، أو لكونهم لا يدلسون إلا عن ثقة. (2) في الأصل: (ان) . [251] سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف للانقطاع بين عروة بن الزبير وعلي بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه، فإن روايته عنه مرسله كما قال أبو حاتم وأبو زرعة. انظر "العلل" لابن أبي حاتم (1 / 54) ، و"المراسيل" له أيضًا (ص149 رقم 273) ، و"جامع التحصيل" (ص289) . وقد حكم الذهبي على هذا الحديث بالانقطاع كما سيأتي. والحديث ذكره السيوطي في "الدر" (1 / 422 - 423) وعزاه للمصنف سعيد بن منصور وعبد الرزاق والفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم والبيهقي في "سننه". وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (6 / 270) في الوصايا، باب من استحب ترك الوصية إذا لم يترك شيئًا كثيرًا استبقاء على ورثته، أخرجه من طريق المصنف، وأحال البيهقي بعض متنه على الطريق الذي قبله عنده، وهو طريق أبي خالد الأحمر عن هشام، ثم ذكر الباقي من قوله: (فقال له علي ... ) إلخ، بمثل لفظ المصنف. وأخرجه عبد الرزاق في "التفسير" (1 / 68) ، وفي "المصنف" (9 / 62 =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = رقم 16351) ، من طريق معمر، عن هشام، به نحوه، إلا أنه قال: ((مولى لهم)) بدلاً من قوله: ((صديق له)) ، ولم يذكر قوله: ((فدعه لعيالك ... )) إلخ، وزاد في المصنف، قوله: ((وكان له سبعمائة درهم)) . ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير في "التفسير" (3 / 395 رقم 2678) . وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص55 رقم 57) عن هشام، به نحوه، إلا أنه ذكر أن الرجل من بني هاشم، ولم يذكر مقدار المال. ومن طريق سفيان الثوري أخرجه عبد الرزاق في الموضع السابق برقم (16352) . وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (11 / 208 رقم 10992) . والحاكم في "المستدرك" (2 / 273 - 274) . ومن طريقه البيهقي في الموضع السابق. كلاهما من طريق أبي خالد الأحمر، عن هشام، به نحوه، وذكر أن الرجل من بني هاشم. قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه)) ، فتعقبه الذهبي بقوله: ((قلت: فيه انقطاع)) . ومقصد الذهبي بالانقطاع: بين عروة بن الزبير وعلي رضي الله عنه كما سبق بيانه. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (3 / 394 و 395 رقم 2765 و 2676) من طريق حماد بن سلمة وعثمان بن الحكم الحزامي وابن أبي الزِّناد، ثلاثتهم عن هشام، به نحوه، إلا أن حمادًا قال في روايته: ((دخل على ابن عم له يعوده)) ، =

252- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قال: نا يونس (1) ، [ل114/أ] عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ عَلَى مِنْبَرِ الْبَصْرَةِ ثُمَّ قَالَ: قد نُسخ هذا.

_ = وزاد في آخره: ((وكان ترك من السبعمائة إلى التسعمائة)) ، وأما الآخران فقالا: ((دخل على رجل مريض)) . وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / 114 / ب) من طريق عبده بن سليمان، عن هشام، به نحو رواية عثمان وابن أبي الزناد السابقة عند ابن جرير. (1) هو ابن عبيد، تقدم في الحديث [116] أنه ثقة ثبت فاضل ورع. [252] سنده صحيح، وقد أخرجه البخاري في "صحيحه" من طريق عطاء عن ابن عباس كما سيأتي. وهذا الحديث ذكره السيوطي في "الدر" (1 / 423 - 424) وعزاه للمصنف وأحمد وعبد بن حميد وأبي داود في "الناسخ والمنسوخ" وابن جرير وابن المنذر والحاكم والبيهقي في "سننه". وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (3 / 391 رقم 2652) . والحاكم في "المستدرك" (2 / 273) . ومن طريقه البيهقي في "سننه" (6 / 265) في الوصايا، باب من قال بنسخ الْوَصِيَّةُ لِلْأَقْرَبِينَ الَّذِينَ لَا يَرِثُونَ وجوازها للأجنبين، و (7 / 427 - 428) في العدد، باب عدة الوفاة. كلاهما من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة، عن يونس، به نحوه. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (2653) من طريق عطية بن سعد العوفي، عن ابن عباس، قوله: (إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ والأقربين) : نسخت الفرائضُ التي للوالدين والأقربين الوصيةَ. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (2642 و 2464 و 2647) من طريق ابن جريج، عن عكرمة، ومعاوية بن صالح، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، كلاهما عن ابن عباس، ولفظ رواية عكرمة: عن ابن عباس قوله: (إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ والأقربين) ، وقال: نسخ من يرث، ولم ينسخ الأقربين الذين لا يرثون، وبمعناه لفظ رواية علي. وله طريق آخر عن عكرمة. أخرجه أبو داود في "سننه" (3 / 290 رقم 2869) في الوصايا، باب ما جاء =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = في نسخ الوصية للوالدين والأقربين أخرجه من طريق يزيد النحوي، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: (إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ والأقربين) ، فكانت الوصية كذلك حتى نسختها آية الميراث. ومن طريق أبي داود أخرجه البيهقي في الموضع السابق. وأخرجه البخاري في "صحيحه" (5 / 372 رقم 2747) في الوصايا، باب لا وصية لوارث، و (8 / 244 رقم 4578) في التفسير، باب (ولكم نصف ما ترك أزواجكم) ، و (12 / 23 رقم 6739) في الفرائض، باب ميراث الزوج مع الولد وغيره، أخرجه من طريق ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما قال: كان المال للولد، وكانت الوصية للوالدين، فنسخ الله من ذلك ما أحب، فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين، وجعل للأبوين لكل واحد منهما السدس، وجعل للمرأة الثمن والربع، وللزوج الشطر والربع. ومن طريق ابن أبي نجيح أخرجه أيضًا الدارمي في "سننه" (2 / 302 رقم 3265) . والبيهقي في "سننه" (6 / 263) في الوصايا، باب نسخ الوصية للوالدين ... وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 115 / أ) . والنحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص23) . كلاهما من طريق حجّاج بن محمد، عن ابن جريج وعثمان بن عطاء، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، به، بنحو رواية البخاري. قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (5 / 372) عن حديث ابن عباس هذا: ((هو موقوف لفظًا، إلا أنه في تفسيره إخبار بما كان من الحكم قبل نزول القرآن، فيكون في حكم المرفوع بهذا التقرير)) . اهـ. والله أعلم.

253- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ (1) ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إِنَّ الْوَصِيَّةَ كَانَتْ قَبْلَ الْمِيرَاثِ، فَلَمَّا نَزَلَ الْمِيرَاثُ نَسَخَ الميراثُ مَنْ يَرِثُ، وَبَقِيَتِ الوصيةُ لِمَنْ لَا يَرِثُ، فَهِيَ ثَابِتَةٌ، فَمَنْ أَوْصَى لِغَيْرِ ذِي قَرَابَةٍ (2) ، لَمْ تَجز وَصِيَّتُهُ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((لَا تَجُوزُ لوارث وصيّة)) .

_ (1) هو عبد الله بن طاوُس بن كَيْسان اليماني، أبو محمد الأبْناوي، روى عن أبيه وعطاء بن أبي رباح وعمرو بن شعيب وغيرهم، روى عنه ابناه طاوس ومحمد ومعمر وابن جريج والسفيانان وغيرهم، وهو ثقة فاضل عابد روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص308 رقم 3397) ؛ فقد وثقه العجلي وأبو حاتم، وقال النسائي والدارقطني: ((ثقة مأمون)) ، وذكره ابن حبّان في الثقات وقال: ((كان من خيار عباد الله، فَضْلاً ونُسكًا ودينًا)) ، وكانت وفاته سنة اثنتين وثلاثين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 88 - 89 رقم 405) ، و"التهذيب" (5 / 267 - 268 رقم 458) . (2) أي ممن لا يرث من قرابته المحتاجين، فهم أحق بالوصية من غيرهم على هذا القول كما يتضح من التخريج. [253] سنده صحيح عدا المرفوع منه، فإنه ضعيف من هذا الطريق لإرساله، وقد روي عن ابن طاوس موصولاً، ولا يصحّ، ومتن الحديث صحيح؛ يشهد له الحديث السابق وما سيأتي. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 423) مختصرًا، وعزاه لعبد الرزاق وعبد بن حميد فقط. وقد أخرجه المصنف في الوصايا من "السنن" المطبوع (1 / 93 رقم 358) بمثل ما هنا سواء، إلا أنه وقع هناك: ((قرابته)) . وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (6 / 265) في الوصايا، باب نسخ الوصية للوالدين والأقربين الوارثين، أخرجه من الطريق المصنِّف، به مثله، إلا أنه قال: ((نسخ من =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = يرث)) ، ولم يذكر بقية الحديث من قوله: ((لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - ... )) إلخ. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (9 / 81 - 82 رقم 16426) من طريق معمر، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ قال: من أوصى لقوم وسمّاهم وترك ذوي قرابته محتاجين، انتزعت منهم ورُدّت على ذوي قرابته، فإن لم يكن في أهله فقراء، فلأهل الفقراء من كانوا، وإن أوصى ... الذي وصّى لهم بها. اهـ. كذا لفظه في المطبوع من المصنف، وواضح أن في النص سقطًا. وأخرجه عبد الرزاق أيضًا برقم (16427) . وابن أبي شيبة في "المصنف" (11 / 166 رقم 10832) . كلاهما من طريق ابن جريج، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قال: كان لا يرى الوصية إلا لذوي الأرحام أهل الفقر، فإن أوصى بها لغيرهم، نزعت منهم، فرُدَّت إليهم. فإن لم يكن فيهم فقراء، فلأهل الفقر من كانوا، وإن بقي أهلها إلا من يوصي لهم. هذا لفظ ابن أبي شيبة، وأما عبد الرزاق فعطفه على لفظ معمر السابق. وأخرجه عبد الرزاق أيضًا (9 / 87 رقم 16450) . وابن أبي شيبة (11 / 151 رقم 10774) . أما عبد الرزاق فمن طريق معمر وابن جريج، وأما ابن أبي شيبة فمن طريق ابن جريج فقط، كلاهما عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ قال: يرجعون [يعني ذوي الأرحام] إن شاؤا. اهـ. واللفظ لابن أبي شيبة، ولفظ عبد الرزاق بمعناه. وأخرجه ابن عدي في "الكامل" (4 / 1570) . والدارقطني في "سننه" (4 / 98 رقم 92) كلاهما من طريق عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ ربيعة، عن محمد بن مسلم الطائفي، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن ابن عباس قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((لا وصية لوارث)) . قال الشيخ ناصر الدين الألباني في "إرواء الغليل" (6 / 89) : ((وهذا إسناد حسن كما قال الحافظ في التلخيص)) . اهـ. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ولم يذكر الشيخ من أخرج الحديث، وساقه هكذا: (وأما حديث عبد الله بن عباس فيرويه محمد بن مسلم، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ عنه مرفوعًا: لا وصية لوارث) . اهـ. ولم يذكر مَنْ دون محمد بن مسلم وهو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ ربيعة الذي هو آفة الحديث. وهو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ ربيعة بن قُدَامة بن مظعون، أبو محمد المِصِّيصي، وينسب في كثير من الروايات إلى جده كما قال الخطيب البغدادي، وهو ضعيف، ذكره ابن حبان في "المجروحين" (2 / 39 - 40) وقال: ((كان تُقلب له الأخبار فيجيب فيها، كان آفته ابنه، لا يحلّ ذكره في الكتب إلا على سبيل الاعتبار، ولعله أُقلب له على مالك أكثر من مائة وخمسين حديثًا فحدث بها كلها، وعن إبراهيم بن سعد الشيء الكثير)) ، وذكره ابن عدي في "الكامل" (4 / 1569 - 1571) ، وذكر بعض الأحاديث التي انتقدت عليه ومنها هذا الحديث، ثم قال: ((عامة حديثه غير محفوظة، وهو ضعيف على ماتبين لي من رواياته واضطرابه فيها، ولم أر للمتقدمين فيه كلامًا فأذكره)) ، وضعفه الدارقطني، وقال الحاكم والنقاش: ((روى عن مالك أحاديث موضوعة)) ، وقال الخليلي: ((أخذ أحاديث الضعفاء من أصحاب الزهري فرواها عن مالك)) ، وقال أبو نعيم: ((روى المناكير)) ، وقال ابن عبد البر: ((خراساني روى عن مالك أشياء انفرد بها لم يتابع عليها، على أن القدماء ما رأيتهم ذكروه)) ، وذكره الذهبي في "الميزان" (2 / 488 - 489 رقم 4544) وقال: ((أحد الضعفاء، أتى عن مالك بمصائب)) ، وانظر "لسان الميزان" (3 / 334 - 336 رقم 1382) . وعليه فالحديث من هذا الطريق منكر لضعف ابن ربيعة القُدامى هذا، ومخالفته الثقات الذين رووه مرسلاً، ورواه هو موصولاً، ولذا فإن ابن عدي لما أخرجه قال: ((وهذا غريب من هذا الطريق لا أعلم رواه غير القُدامى، ولم أكتبه إلا عن إسحاق الكوفي هذا)) . اهـ. وأخرجه المصنف سعيد بن منصور في المطبوع من "سننه" (1 / 108 رقم 429) =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = فقال: نا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حجير، عن طاوس، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ((لَا تَجُوزُ وصية لوارث)) وهذا أيضًا ضعيف لإرساله، وهو مما يؤكد أن الصواب في الحديث الإرسال. وأما قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((لَا وصية لوراث)) ، فصحيح بمجموع طرقه؛ روي من حديث أبي أمامة، وخارجة بن عمرو، وعمرو بن خارجة، وأنس بن مالك، وابن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو، وعلي بن أبي طالب، وجابر بن عبد الله، والبراء بن عازب، وزيد بن أرقم، وورد مرسلاً عن بعض التابعين، وقد جمع طرق هذه الأحاديث أو بعضها الزيلعي في "نصب الراية" (4 / 403 - 405) ، وابن حجر في "التلخيص الحبير" (3 / 106 - 107) ، والشيخ الألباني في "إرواء الغليل" (6 / 87 - 98) ، وأحسنها إسنادًا حديث أبي أمامة، وأما بقية الأحاديث فلا يخلو شيء منها من مقال؛ يقول الحافظ ابن حجر في "الفتح" (5 / 372) : ((ولا يخلو إسناد كل منها من مقال، لكن بمجموعها يقتضي أن للحديث أصلاً)) . اهـ. قلت: ويشهد لمعناه حديث ابن عباس المتقدم برقم [252] . وأما حديث أبي أمامة، فقال سعيد بن منصور (1 / 107 رقم 427) : نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ: حدثني شُرَحْبيل بن مسلم الخَوْلاني، قال: سمعت أبا أمامة الباهلي يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - يقول في خطبته عام حجة الوداع: ((ألا إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث ... )) الحديث. وهذا إسناد حسن. شُرَحْبيل بن مسلم بن حامد الخَوْلاني، الشَّامي يروي عن أبيه والمقدام بن معدي كَرب وأبي أُمامة وغيرهم، روى عن حريز بن عثمان وثور بن يزيد وإسماعيل بن عيّاش وغيرهم، وهو ثقة، قال إسماعيل بن عياش: ((من ثقات أهل الشام، حسن الحديث)) ، وقال الإمام أحمد: ((من ثقات الشاميين)) ، ووثقه ابن نمير والعجلي وذكره ابن حبان في الثقات. اهـ. من "المعرفة والتاريخ" للفسوي (2 / 456) ، و"التهذيب" (4 / 325 رقم 560) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = واختلفت عبارة يحيى بن معين في شرحبيل بن مسلم، فنقل عباس الدوري في "تاريخه" (2 / 250 رقم 5121) عن ابن معين أنه وثقه، ونقل إسحاق بن منصور الكوسج عنه أنه ضعّفه كما في "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (4 / 340 رقم 1495) ، و"ميزان الاعتدال" (2 / 267 رقم 3685) ، وهو جرح مجمل غير مفسَّر، ومعارض بتوثيق ابن معين نفسه وبتوثيق الأئمة المذكورين، فيحمل تضعيفه على حديث بعينه، لا على الإطلاق، وسيأتي توثيق الزيلعي وابن حجر له. وأما إسماعيل بن عياش فتقدم في الحديث [9] أنه صدوق في روايته عن أهل بلده الشام، مخلِّط في غيرهم، وهذا من ورايته عن الشاميين. قال الزيلعي في "نصب الراية" (4 / 403) عقب هذا الحديث: ((قال أحمد والبخاري وجماعة من الحفاظ: ما رواه إسماعيل بن عياش عن الشاميين فصحيح، وما رواه عن الحجازيين فغير صحيح، وهذا رواه عن شامي ثقة)) . اهـ. وقال ابن حجر في الموضع السابق من "الفتح": ((في إسناده إسماعيل بن عياش، وقد قوّى حديثه عن الشاميين جماعة من الأئمة، منهم أحمد والبخاري، وهذا من روايته عن شرحبيل بن مسلم، وهو شامي ثقة)) . اهـ. ومن طريقه البيهقي في "سننه" (6 / 212) في الفرائض باب من لا يرث من ذوي الأرحام. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (4 / 148 - 149 رقم 7277) و (9 / 48 رقم 16308) . ومن طريقه الطبراني في "الكبير" (8 / 159 - 160 رقم 7615) . وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (11 / 149 رقم 10765) . ومن طريقه الطبراني في الموضع السابق. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وابن عبد البر في "التمهيد" (1 / 230) . وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (5 / 267) . وأبو داود في "سننه" (3 / 290 - 291 و 824 - 825 رقم 2870 و 3565) في الوصايا، باب ما جاء في الوصية للوارث، وفي البيوع باب في تضمين العارية. ومن طريقه البيهقي في "سننه" (6 / 264) في الوصايا، باب نسخ الوصية للوالدين والأقربين الوارثين. وأخرجه الترمذي (6 / 309 - 312 رقم 2203) في الوصايا، باب ما جاء: ((لا وصية لوارث)) . وابن ماجه (2 / 905 رقم 2713) في الوصايا، باب لا وصية لوارث. وأخرجه الدولابي في "الكنى" (1 / 64) . والطبراني في الموضع السابق. وابن عدي في "الكامل" (1 / 290) . والدارقطني في "سننه" (3/ 40 - 41 رقم 166) . والبيهقي في "سننه" (6 / 244) في الفرائض، باب من جعل ما فضل عن أهل الفرائض. جميعهم عن إسماعيل بن عياش، به مثله. قال الترمذي: ((هذا حديث حسن)) . وقال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (3 / 106) : ((هو حسن الإسناد)) . وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَا وصية لوارث)) لا يثبت فيه حديث من جهة الإسناد، إلا أن الإجماع حاصل على القول به. قال البيهقي (6 / 642) : ((قال الشافعي: وروى بعض الشاميين حديثًا ليس مما يثبته أهل الحديث؛ بأن بعض رجاله مجهولون، فرويناه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم منقطعًا، واعتمدنا على حديث أهل المغازي عامة؛ أنَّ النَّبِيَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم قال عام الفتح: ((لا =

254- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا يُونُسُ (1) ، وحمُيد (2) ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: مَنْ أَوْصَى لِغَيْرِ ذِي قَرَابَتِهِ، فَلِلَّذِينَ أَوْصَى لَهُمُ ثُلُثُ الثُّلُثِ، وَلِقَرَابَتِهِ (ثلثا) (3) الثلث.

_ = وصية لوارث)) وإجماع العامة على القول به. قلت: والظاهر أن الحديث الذي عناه الشافعي بقوله: ((بأن بعض رجاله مجهولون فرويناه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم منقطعًا ... )) هو الحديث الذي أخرجه البيهقي (6 / 265) من طريق عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جابر، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ شيخ بالساحل، قال حدثني رجل من أهل المدينة، قال: إني لَتَحْتَ ناقة رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم، فذكره. قال البيهقي عقبه: ((وقد روي هذا الحديث من أوجه أخر كلها غير قوية، والاعتماد على الحديث الأول، هو رواية ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عن ابن عباس، وعلى ما ذكره الشافعي من نقل أهل المغازي، مع إجماع العامّة على القول به، والله أعلم)) اهـ. وحديث ابن عباس الذي عناه البيهقي سبق تخريجه في الحديث السابق، وهو قوله رضي الله عنه: ((كان المال للولد، وكانت الوصية للوالدين، فنسخ الله من ذلك ما أحب، فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين، وجعل للأبوين لكل واحد منهما السدس، وجعل للمرأة الثمن والربع، وللزوج الشطر والربع)) . وهذا يشهد بمعناه لما نحن بصدده، وعليه فقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَا وصية لوارث)) . صحيح لغيره، والله أعلم. (1) هو ابن عبيد. (2) هو ابن أبي حميد الطويل. (3) في الأصل (ثلثي) ، وكذا في الموضع الآتي من كتاب الوصايا، والتصويب من "سنن البيهقي"؛ حيث أخرج الأثر من طريق المصنف. [254] سنده صحيح، وحميد الطويل تقدم في الحديث [43] أنه مدلِّس، لكن تابعه =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ] 255- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا سُفْيَانُ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: (فَمَنْ خَافَ من موصٍ جنفاً) .

_ = هنا يونس بن عبيد وكان المصنف قد أخرج الحديث في كتاب الوصايا، باب هل يوصي الرجل من ماله بأكثر من الثلث (1 / 93 رقم 355 / المطبوع) ، كما هنا بتمامه، إلا أنه قال: ((لغير ذي قرابة)) بدل قوله: ((لغير ذي قرابته)) ، وفيه: ((ثلثي)) كما في الأصل هنا بدل قوله: ((ثلثا)) . وأخرجه البيهقي في "سننه" (6 / 265) في الوصايا، باب نسخ الوصية للوالدين والأقربين الوارثين، من طريق المصنف بمثل لفظه هنا سواء. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (3 / 388 رقم 2638) من طريق يعقوب ابن إبراهيم عن هشيم عن حميد عن الحسن به نحوه. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (11 / 165 - 166 رقم 10831) من طريق معتمر، عن حميد عن الحسن به بمعناه. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (9 / 83 رقم 16433) . وابن أبي شيبة (11 / 164 و 167 رقم 10825 و 10834) . وابن جرير (3 / 387 - 388 رقم 2637) . أما عبد الرزاق فمن طريق معمر، وأما ابن أبي شيبة فمن طريق مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ، ومن طريق همام، وأما ابن جرير فمن طريق معاذ بن هشام الدستوائي عن أبيه، جميعهم - معمر، وسليمان التيمي، وهمام، وهشام -، عن قتادة، عن الحسن، به بمعناه، عدا لفظ معمر فنحوه. وذكر السيوطي قول الحسن هذا في "الدر" (1 / 423) وعزاه لعبد الرزاق وعبد ابن حميد. [255] سنده رجاله ثقات، إلا أنه ضعيف؛ لأن فيه حميدَ الطويل وهو مدلس كما =

256- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، قَالَ: نا جُوَيْبر (1) ، عَنِ الضَّحّاك، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا} ، قَالَ: الحَيْفُ أَوِ الجَنَفُ (2) : الْخَطَأُ، وَالْإِثْمُ: الْعَمْدُ. 257- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ (3) ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ (4) : أَنْ يُوصِيَ لِوَلَدِ ابْنَتِهِ، وَهُوَ يُرِيدُ ابْنَتَهُ.

_ = في الحديث [43] ولم يصرح بالسماع هنا. وأما القراءة فلم تضبط هنا والأظهر أنها: ((موصٍ)) بالتخفيف كما هي قراءة الجميع عدا حمزة والكسائي وأبي بكر، فإنهم قرأوا: (فمن خاف من مُوَصٍّ) بالتشديد / انظر "حجة القراءات" (ص 124) . (1) تقدم في الحديث [93] أنه ضعيف جدا. (2) في "النهاية في غريب الحديث" (1 / 307) الجنف: المَيْل والجَوْر. [256] سنده ضعيف جدًا لشدة ضعف جويبر. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (3 / 406 رقم 2708) من طريق يعقوب ابن إبراهيم، قال: حدثنا هشيم قال أخبرنا جويبر، عن الضحاك قال الجنف: الخطأ، والإثم: العمد. ثم أخرجه الطبري (3 / 408 رقم 2719) من طريق عبيد بن سليمان، عن الضحاك بمثل سابقه، إلا أنه - أي الطبري - علقه بقوله: ((حُدِّثت عن الحسين ابن الفرج)) ، ولم يذكر شيخه. (3) هو عبد الله بن طاوُس بن كيسان اليماني. (4) يعني في قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَنْ خَافَ مِنْ موصٍ جنفًا أو إثمًا} . [257] سنده صحيح. وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 69) فقال: نا عيينة ... ، فذكره بلفظ ((هو الرجل يوصي لولد ابنته)) . ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (3 / 402 رقم 2701) . وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / 115 / ب) من طريق ابن المقرئ، =

258- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الجَنَف فِي الْوَصِيَّةِ وَالْإِضْرَارُ فِيهَا مِنَ الْكَبَائِرِ. 259- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدٌ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: الْجَنَفُ فِي الْوَصِيَّةِ وَالْإِضْرَارُ فِيهَا مِنَ الْكَبَائِرِ. 260- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: الْجَنَفُ - أَوِ الْحَيْفُ - فِي الْوَصِيَّةِ، والإضرار فيها من الكبائر.

_ = عن ابن عيينة، به مثل لفظ عبد الرزاق. وأخرجه ابن جرير في الموضع السابق برقم (2700) من طريق ابن جريج، قال أخبرني ابن طاووس، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: جنفه وإثمه: أن يوصي الرجل لبني ابنه ليكون المال لأبيهم، وتوصي المرأة لزوج ابنتها ليكون المال لابنتها، وذو الوارث الكثير والمال قليل، فيوصي بثلث ماله كله، فيصلح بينهم الموصى إليه أو الأمير. قلت: أفي حياته، أم بعد موته؟ قال: ما سمعنا أحدًا يقول إلا بعد موته، وإنه ليوعظ عند ذلك. [258 و 259 و 260] أسانيدها صحيحة. وقد أخرجها المصنف في الوصايا من "سننه" المطبوع (1 / 90 رقم 342 و 343 و 344) بمثل ما هنا، إلا أنه سقط من الحديث الأول قوله: ((عن ابن عباس)) ، وفي الثالث قال: ((الحيف والجنف)) . وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 426) و (2 / 452) وعزاه للمصنف وسفيان بن عيينة وابن أبي شيبة في "المصنف" وعبد بن حميد والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في "سننه". وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (6 / 271) في الوصايا، باب ما جاء في قوله =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = عَزَّ وَجَلَّ: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خافوا عليهم} . وما ينهى عنه من الإضرار في الوصية، أخرجه من طريق المصنف، عن هشيم، به مثله. وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص 91 رقم 204) عن شيخه دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الضرار عند الوصية من الكبائر، ثم قرأ {غير مضارّ وصية من الله} إلى قوله عز وجل: {عذاب مهين} [الآيات: 12 و 13 و 14 من سورة النساء] . ومن طريق سفيان الثوري أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (9 / 88 رقم 16456) . وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (11 / 204 و 205 رقم 10980 و 10983) . والنسائي في "تفسيره" (1 / 364 - 365 رقم 112) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 65 رقم 8783 و 8784 و 8785 و 8786) . وابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 115 / ب) . وابن أبي حاتم في الموضع السابق من "تفسيره". أما ابن أبي شيبة فمن طريق عبد الله بن إدريس وأبي خالد الأحمر، وأما النسائي فمن طريق علي بن مسهر، وأما ابن جرير فمن طريق عبيدة بن حميد وإسماعيل ابن إبراهيم بن عليّة ويزيد بن زريع وبشر بن المفضل وعبد الوهاب الثقفي ومحمد ابن أبي عدي وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، وأما ابن المنذر فمن طريق زهير بن معاوية وأما ابن أبي حاتم فمن طريق عائذ بن حبيب، جميعهم عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، به موقوفًا عليه. وهذا جمٌّ غفير من الرواة رووه عن داود موقوفًا، ومنهم أئمة من كبار الحفاظ مثل هشيم بن بشير وخالد بن عبد الله الطحّان وسفيان بن عنبسة وسفيان الثوري وغيرهم. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = فخالفهم عمر بن المغيرة المصَّيصي، فرواه عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابن عباس مرفوعًا. أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 66 رقم 8788) . وابن أبي حاتم في الموضع السابق من "تفسيره" و (2 / ل 131 / أوب) . والعقيلي في "الضعفاء" (3 / 189) . والأزدي في "الضعفاء" كما في "تهذيب التهذيب" (1 / 220) . والدارقطني في "سننه" (4 / 151) . وابن مردويه في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" (1 / 213) . والبيهقي في الموضع السابق من "سننه". قال ابن كثير في "تفسيره" (1 / 461) : ((قال ابن جرير: والصحيح الموقوف)) . وقال العقيلي بعد أن رواه: ((هذا رواه الناس عن داود موقوفًا، لا نعلم رفعه غير عمر بن المغيرة)) . وقال البيهقي: ((هذا هو الصحيح موقوف، وكذلك رواه ابن عيينة وغيره عن داود موقوفًا، وروى من وجه آخر مرفوعًا ورفعه ضعيف)) . وقال الحافظ ابن كثير: ((وهذا في رفعه أيضًا نظر)) . وقال الحافظ ابن حجر في "التهذيب" (1 / 220) في ترجمة إسحاق بن إبراهيم الفراديسي الدمشقي: ((روى له الأزدي في "الضعفاء" حديثًا عن عمر ابن المغيرة، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رفعه: الضرار في الوصية من الكبائر، قال الأزدي: المحفوظ من قول ابن عباس لا يرفعه. قلت - القائل ابن حجر -: عمر ضعيف جدًا، فالحمل فيه عليه، وقد رواه الثوري وغيره عن داود موقوفًا)) اهـ، والله أعلم.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} ] 261- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ سوَّار بْنِ أَبِي حَكِيمٍ (1) ، عَنْ عَطَاءٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} -، قَالَ: ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شهر.

_ (1) هو سوَّار بن أبي حكيم الخراساني خَتَن عطاء بن أبي رباح ويروي عنه، وعنه سفيان بن عيينة فقط، مجهول، ذكره البخاري في "تاريخه" (4 / 168 رقم 2357) وسكت عنه، وبيض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (4 / 273 رقم 1178) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (6 / 242) . [261] سنده ضعيف لجهالة سوّار بن أبي حكيم، لكنه لم ينفرد به، بل تابعه ابن أبي نجيح، فالحديث حسن لغيره كما سيأتي. وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" (4 / 168) من طريق قتيبة، نا سفيان، عن سوار، عن عطاء: {كتب عليكم الصيام} قال: صيام ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ أيام معدودات. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (3 / 414 رقم 2727) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / 117 / ب) . أما ابن أبي حاتم فيمن طريق أبيه، وأما ابن جرير فمن طريق شيخه المثنى بن إبراهيم الآملي، كلاهما عن أبي حذيفة موسى بن مسعود النهدي، عن شبل، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عطاء قال: كان عليهم الصيام ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، ولم يسمِّ الشهر، أيام معدودات. قال: وكان هذا صيام الناس قبل، ثم فرض الله عز وجل على الناس شهر رمضان. هذا لفظ ابن جرير، ولفظ ابن أبي حاتم نحوه. وهذا إسناد ضعيف. فابن أبي نجيح تقدم في الحديث [184] أنه ثقة، إلا أنه ربما دلس، ولم يصرح بالسماع في هذه الرواية. وأبو حذيفة موسى بن مسعود النَّهدي - بفتح النون -، البصري، يروي عن عكرمة بن عمّار وإبراهيم بن طهمان وسفيان الثوري وشبل بن عبّاد وغيرهم، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = روى عنه البخاري ويعقوب بن سفيان وأبو حاتم الرازي وغيرهم، وهو صدوق، إلا أنه سيء الحفظ، وكان يُصحِّف. قال الأثرم: قلت لأحمد: أليس هو من أهل الصدق؟ قال: أما من أهل الصدق فنعم، وقال الجوزجاني: سمعت أحمد يقول: كأنّ سفيان الذي يروى عنه أبو حذيفة ليس هو سفيان الثوري الذي يحدث عنه الناس، وقال عبد الله بن أحمد: سمعت أبي يقول: ((قبيصة أثبت منه حديثًا في سفيان، أبو حذيفة شبه لا شيء)) وقال بندار: ((موسى بن مسعود ضعيف في الحديث، كتبت عنه كثيرًا ثم تركته)) ، وقال ابن محرز، عن ابن معين: ((لم يكن من أهل الكتاب)) ، فقيل له: إن بندارًا يقع فيه، قال يحيى: ((هو خير من بندار ومن ملء الأرض مثله)) ، وقال العجلي: ((ثقة صدوق)) ، وقال أبو حاتم: ((صدوق معروف بالثوري ... ، ولكن كان يصحف)) ، وقال ابن سعد: ((كان كثير الحديث ثقة إن شاء الله تعالى، وكان حسن الرواية عن عكرمة بن عمار، والثوري، وزهير بن محمد)) ، وقال الدارقطني: ((كثير الوهم تكلموا فيه)) وكانت وفاته سنة عشرين أو إحدى وعشرين ومائتين اهـ من "الجرح والتعديل" (8 / 163 - 164 رقم 723) و"التهذيب" (10 / 370 - 371 رقم 657) ، و"التقريب" (ص 554 رقم 7010) . فقول عطاء هذا بمجموع طريقي سوار وابن أبي نجيح يكون حسنًا لغيره، إلا أنه قول مرجوح، فإن ابن جرير الطبري في "تفسيره" (3 / 410 - 417) استعرض قول من قال بقول عطاء وغيره من الأقوال، ثم قال: ((وأولى ذلك بالصواب عندي قول من قال: عنى الله جل ثناؤه بقوله: {أيامًا معدودات} أيام شهر رمضان، وذلك أنه لم يأت خبر تقوم به حجّة بأن صومًا فُرض على أهل الإسلام غير صوم شهر رمضان ثم نسخ بصوم شهر رمضان وأن الله تعالى قد بيّن في سياق الآية أن الصيام الذي أوجبه جل ثناؤه علينا هو صيام شهر رمضان دون غيره من الأوقات، بإبانته عن الأيام التي أخبر أنه كتب علينا صومها بقوله: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن} ، =

262- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةْ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (1) ، قَالَ: نَسَخَ شهرُ رمضان كلَّ صوم.

_ = فمن ادّعى أن صومًا كان قد لزم المسلمين فرضه غير صوم شهر رمضان الذي هم مجمعون على وجوب فرض صومه، ثم نُسخ ذلك، سئل البرهان على ذلك من خبر تقوم به حجة، إذ كان لا يعلم ذلك إلا بخبر يقطع العذر. وإذا كان الأمر في ذلك على ما وصفنا للذي بينا، فتأويل الآية: كتب عليكم أيها المؤمنون الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ من قبلكم لعلكم تتقون، أيامًا معدودات هي شهر رمضان، وجائز أيضًا أن يكون معناه: (كتب عليكم الصيام) : كتب عليكم شهر رمضان. وأما المعدودات، فهي التي تُعدُّ مبالغها وساعات أوقاتها، ويعني بقوله: (معدودات)) : محصيات)) اهـ. وقال أبو جعفر النحاس في "ناسخه" (ص 25) : ((قال مجاهد: كتب الله صوم شهر رمضان على كل أمة، وقال قتادة: كتب الله صوم شهر رمضان على من قبلنا وهم النصارى. قال أبو جعفر [النحاس] : وهذا أشبه ما في هذه الآية ... ، أما قول عطاء: إنها ناسخة لصوم ثلاثة أيام، فغير معروف)) اهـ والله أعلم. (1) هو محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو جعفر البَاقِر، يروي عن أبيه وجَدَّيْه الحسن والحسين وعمّ أبيه: محمد بن الحنفية وعن ابن عباس وجابر بن عبد الله وغيرهم، روى عنه ابنه جعفر وأبو إسحاق السبيعي والأعرج والزهري وحجاج بن أرطأة وغيرهم، وهو ثقة فاضل، روى له الجماعة، وقال ابن سعد: ((كان ثقة كثير الحديث)) ، ووثقه العجلي، وقال ابن البرقي: ((كان فقيهًا فاضلاً)) وكانت وفاته سنة أربع عشرة ومائة، ومولده على الأرجح سنة ست وخمسين للهجرة اهـ من "تاريخ الثقات" للعجلي (ص410 رقم 1486) ، و"التهذيب" (9 / 350 - 352 رقم 580) ، و"التقريب" (ص 497 رقم 6151) . =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} ] 263- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا يَعْقُوبُ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (1) ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَة (2) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} -، قَالَ: هُوَ الْكَبِيرُ الَّذِي كَانَ يَصُومُهُ، فَعَجَزَ، وَالْمَرْأَةُ الحُبْلَى الَّتِي يَشُقُّ عَلَيْهَا، (فَعَلَيْهِمَا) (3) طَعَامُ مِسْكِينٍ كُلَّ يَوْمٍ حَتَّى يَنْقَضِيَ شَهْرُ رمضان.

_ [262] سنده ضعيف لأجل حجاج بن أرطأة فإنه صدوق كثير الخطأ والتدليس كما في الحديث [170] ولم يصرح بالسماع هنا. وقول أبي جعفر هذا ذكره السيوطي في "الدر" (1 / 429) بمثل ما هنا وعزاه للمصنِّف سعيد بن منصور فقط. (1) هو يعقوب بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن عبدٍ القاريّ - بتشديد التحتانية-، المدني نزيل الإسكندرية، حليف بني زهرة، روى عن أبيه وزيد ابن أسلم وموسى بن عقبة وغيرهم، روى عنه عبد الله بن وهب وقتيبة بن سعيد وسعيد بن منصور وغيرهم، وهو ثقة روى له الجماعة عدا ابن ماجه؛ فقد وثقه أحمد وابن معين، وذكره ابن حبان في ثقاته، وكانت وفاته سنة إحدى وثمانين ومائة. انظر "الجرح والتعديل" (9 / 210 رقم 877) و"التهذيب" (11 / 391 - 392 رقم 754) و"التقريب" (ص 608 رقم 7824) . ولم أجد من نصّ على أن يعقوب روى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ وسماعه منه محتمل جدًا، فكلاهما مدني، وقد تعاصرا كما يتضح من تاريخ وفاتيهما. (2) هو عبد الرحمن بن حَرْملة بن عمرو بن سَنَّة - بفتح المهملة وتثقيل النون-، الأسْلمي أبو حَرْملة المدني، روى عن سعيد بن المسيب وعمرو بن شعيب =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وحنظلة بن علي الأسلمي وغيرهم، روى عنه الثوري والأوزاعي والإمام مالك وإسماعيل بن علية وغيرهم، وهو صدوق ربما أخطأ، قال هو عن نفسه: ((كنت سيء الحفظ - أو: كنت لا أحفظ -، فرخّص لي سعيد بن المسيب في الكتابة)) ، وضعفه يحيى القطان، وقال أبو حاتم: ((يكتب حديثه ولا يحتج به)) ، وقال الساجي: ((صدوق يهم في الحديث)) ، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ((يخطئ)) ، ووثقه ابن معين، وقال النسائي: ((ليس به بأس)) ، وكانت وفاته سنة خمس وأربعين ومائة. اهـ. من "الكامل" لابن عدي (4 / 1618) ، و"التهذيب" (6 / 161 رقم 327) ، و"التقريب" (ص339 رقم 3840) . (3) في الأصل: (فعليها) والتصويب من الموضع الآتي من "سنن البيهقي" فإنه رواه من طريق المصنف. [263] سنده ضعيف لضعف عبد الرحمن بن حرملة من قبل حفظه. وأخرجه البيهقي في "سننه" (4 / 271 - 272) في الصيام، باب الشيخ الكبير لا يطيق الصوم ويقدر على الكفارة يفطر ويفتدي، أخرجه من طريق المصنف، به، ولفظه بعد أن ذكر الآية: (قَالَ: هُوَ الْكَبِيرُ الَّذِي كَانَ يصوم فيعجز، والمرأة الحبلى يَشُقُّ عَلَيْهَا، فَعَلَيْهِمَا طَعَامُ مِسْكِينٍ لكل يَوْمٍ حَتَّى يَنْقَضِيَ شَهْرُ رَمَضَانَ) . وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (3 / 429 رقم 2764) من طريق حاتم بن إسماعيل، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ، به نحوه. وأخرجه ابن حزم في "المحلى" (6 / 402) من طريق يحيى بن سعيد القطان، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ، به نحوه. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (4 / 224 رقم 7585) من طريق شيخه إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي، عن صفوان بن سليم، عن ابن المسيب قال: هي في الشيخ الكبير، إذا لم يطق الصيام، افتدى مكان كل يوم: إطعام مسكين مدًّا من حنطة.

264- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ خُصَيْف، عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ (1) ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} ، - يَعْنِي: مِنَ الَّذِينَ بَلَغُوا الْأَعْمَالَ، فَوَجَبَ عَلَيْهِمُ الصِّيَامُ، فَمَنْ كَانَ مِنْ هَؤُلَاءِ بِهِ عِلَّة مِنْ مَرَضٍ أَوْ عُطاس، أوْ ذَا عِلَّة مِنْ رَجُلٍ أَوِ امْرَأَةٍ مَعْذُورَةٍ، فَتَرَكَ الصِّيَامَ، أَوِ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ، فَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ: طَعَامُ مِسْكِينٍ لِكُلِّ يَوْمٍ، {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا} ، يَعْنِي: يُطْعِمُ كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينَيْنِ، وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ ذلك.

_ = لكن هذه متابعة لا يفرح بها، بل هي موضوعة، فإن شيخ عبد الرزاق إبراهيم ابن محمد بن أبي يحيى الأسلمي أبا إسحاق المدني كذاب، قال يحيى القطان: سألت مالكًا عنه: أكان ثقة؟ قال: لا، ولا ثقةً في دينه، وقال عبد الله بن الإمام أحمد عن أبيه: ((كان قدريًا معتزليًا جهميًا كل بلاءٍ فيه)) ، وقال مرة: ((لا يكتب حديثه، ترك الناس حديثه، كان يروي أحاديث منكرة لا أصل لها، وكان يأخذ أحاديث الناس يضعها في كتبه)) ، وقال البخاري: ((جهمي تركه ابن المبارك والناس)) ، وقال بشر بن المفضل: ((سألت فقهاء المدينة عنه، فكلهم يقولون: كذاب)) ، وكذبه أيضًا يحيى بن سعيد القطان، وابن المديني، وابن معين، وأبو حاتم، وابن حبان، وقال البزار: ((كان يضع الحديث، وكان يوضع له مسائل فيضع لها إسنادًا)) اهـ من "الجرح والتعديل" (2 / 125 - 127 رقم 390) ، و"التهذيب" (1 / 158 - 161 رقم 284) . (1) هو زياد بن أبي مريم الجَزَرِي، يروي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ، وعنه عبد الكريم الجَزَري، وهو ثقة، وثقه العجلي والدارقطني وذكره ابن حبان في الثقات، وقد جمع البخاري بينه وبين زياد بن الجراح، فجعل اسم أبي مريم: الجراح، واختار أنهما رجل واحد، وتبعه على ذلك ابن حبان في الثقات، والأرجح أنهما اثنان، وهذا ما رجحه الحافظ ابن حجر، وقَبْله أبو حاتم الرازي/ انظر "الجرح =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = والتعديل" (3 / 527) و 546 رقم 2383 و 2465) و"التهذيب" (3 / 384 - 385 رقم 701) . ومنشأ اللبس بين هذين الراويين: أن عبد الكريم الجزري روى حديث ابن مسعود مرفوعًا: ((الندم توبة)) ، واختلف الرواة عن عبد الكريم، فمنهم من رواه عنه، عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ، عن ابن مسعود، وقد تطرق لهذا الاختلاف جمع من المتقدمين والمتأخرين، ومنهم الشيخ عبد الرحمن المعلمي رحمه الله، فإنه ذهب إلى الجمع بين الروايتين، فذكر هذا الاختلاف في حاشيته على "التاريخ الكبير" للبخاري (3 / 374 - 375) وحاشيته على "الموضح لأوهام الجمع والتفريق" للخطيب البغدادي (1 / 263) وأطال الكلام جدًا في حاشيته على "الموضح"، وفي الآخر قال: ((ويظهر لي أن الحديث سمعه عبد الكريم من كلا الرجلين - زياد بن أبي مريم، وزياد بن الجراح مولى عثمان-، فحدث به في الجزيرة عن ابن الجراح لأنه أشهر عندهم وأنبه، وله عقب عندهم، وكذلك بالحجاز؛ لأن مولى عثمان حجازي، ولذلك قال: زياد مولى عثمان، وحدث به في الكوفة عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، لأنه كوفي معروف عندهم ... )) الخ، وهذا ما رآه الشيخ المعلمي: أن ابن أبي مريم كوفي، والذي في "التهذيب" و"التقريب" (ص 221 رقم 2099) ذكر أنه جَزَري، فلعله تحوّل إلى الكوفة. [264] سنده ضعيف؛ خصيف تقدم في الحديث [204] أنه صدوق سيء الحفظ ورواية عتاب بن بشير عنه منكرة، وهذا الحديث من روايته عنه.

265- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عِمْران بْنِ حُدَيْر (1) ، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ} (2) ، وقال: لو كان: {يطيقونه} إِذًا صَامُوا. 266- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: نا عِمْرَانُ بْنُ حُدَيْر، عَنْ عِكْرِمَةَ، كَانَ يَقْرَأُ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ} ، وَيَقْرَأُ: إِنَّ الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ هُمُ الَّذِينَ يَصُومُونَهُ، وَالَّذِينَ (يُطَوَّقُونَهُ) (3) هُمُ الَّذِينَ ضَعُفُوا، عَلَيْهِمُ الْفِدْيَةُ.

_ (1) = هو عمران بن حُدَيْر - بمهملات، مُصَغَّر-، أبو عُبيدة السَّدوسي البصري، روى عن أبي مجلز وأبي قلابة وأبي عثمان النَّهْدي وعبد الله بن شقيق وعكرمة وغيرهم، روى عنه هنا خالد بن عبد الله ومروان بن معاوية، وروى عنه أيضًا شعبة والحمّادان ووكيع وغيرهم، وهو ثقة ثقة، قال يزيد بن هارون: ((أصدق الناس)) ، وذكره شعبة فقال: ((كان شيئًا عجبًا)) كأنه يثبته، وقال الإمام أحمد: ((بخ بخ ثقة)) ، وقال ابن المديني: ((ثقة من أوثق شيخ بالبصرة)) ووثقه ابن سعد وابن معين وابن نمير وأحمد بن صالح والنسائي وغيرهم، زاد ابن سعد: ((كثير الحديث)) ؛ وكانت وفاته سنة تسع وأربعين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (6 / 296 - 297 رقم 1647) و"التهذيب" (8 / 125 رقم 217) ، و"التقريب" (ص 429 رقم 5148) . (2) في الأصل: ((يطيقونه)) ، والذي يظهر- والله أعلم - أن الصواب: ((يُطَوَّقُونَهُ)) كما في باقي الروايات الآتية في التخريج، وبه يستقيم المعنى، وهي القراءة المشهورة عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما، وعكرمة تلقّاها عن ابن عباس كما أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (3 / 430 رقم 2766) من طريق شيخه هَنَّاد ابن السَّري، عن علي بن مُسْهِر، عن عاصم بن سليمان الأحْوَل، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطوقونه فدية طعام مسكين} ، قال: فكان يقول: هي للناس اليوم قائمة. وهذا إسناد صحيح. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وقال القرطبي في "تفسيره" (2 / 286 - 287) : ((قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطيقونه} ، وقرأ الجمهور بكسر الطاء وسكون الياء، وأصله (يطْوقونه) نُقلت الكسرة إلى الطاء، وانقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها، وقرأ حُميد على الأصل من غير اعتلال، والقياس الاعتلال، ومشهور قراءة ابن عباس: ((يُطَوَّقونه) ؛ بفتح الطاء مخففة، وتشديد الواو، بمعنى: يُكَلَّفونه)) اهـ. (3) في الأصل: ((يطيقونه)) ، انظر التعليق السابق. [265 و 266] سنداهما صحيحان. وذكره السيوطي في "الدر" (1 / 433) وعزاه للمصنف وأبي داود في "ناسخه" وابن جرير. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (3 / 430 رقم 2771) من طريق وكيع، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُدَيْرٍ، عَنْ عكرمة قال: (الذين يطيقونه) يصومونه، ولكن الذين (يُطوَّقونه) يعجزون عنه. وأخرجه أيضًا (3 / 433 رقم 2787) من طريق حماد بن سلمة، عن عمران ابن حُدَيْرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ كَانَ يقرؤها: (وعلى الذين يطيقونه) فأفطروا. وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص 99) من طريق حماد بن سلمة أيضًا، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُدَيْرٍ، عَنْ عكرمة أنه كان يقرؤها: ((وعلى الذين يُطَوَّقونه)) وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل" (ص 236 رقم 562) من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن علية، عن أيوب، عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: (وعلى الذين يطوّقونه) وقال: يكلفونه ولا يطيقونه. وأخرجه ابن جرير برقم (2769) من طريق عبد الوهاب، عن أيوب، عن عكرمة أنه قال في هذه الآية: ((وعلى الذين يطوَّقونه) - وكذلك كان يقرؤها - أنها ليست منسوخة، كُلِّف الشيخ الكبير أن يفطر ويطعم مكان كل يوم مسكينًا. وبنحو هذا اللفظ ذكره السيوطي في "الدر" (1 / 433) وعزاه لوكيع وعبد بن حميد وابن الأنباري. =

267- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَيُّوبَ (1) ، وَخَالِدٍ (2) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ قَرَأَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَفَسَّرَهَا، فَلَمَّا أَتَى عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ قَرَأَ: {طَعَامُ مِسْكِينٍ} (3) .

_ (1) هو ابن أبي تميمة السِّخْتِياني. (2) هو ابن مهران الحَذَّاء. (3) في الأصل: ((مساكين)) بلفظ الجمع، وما أثبته من الموضع الآتي من "الدر المنثور"، وهو الثابت عن ابن عباس كما سيأتي. [267] سنده حسن؛ لأن عبد الرحمن بن زياد صدوق كما في ترجمته في الحديث رقم [6] . وذكره السيوطي في "الدر" (1 / 434) وعزاه للمصنف فقط، ووقع فيه: (طعام مسكين) بلفظ الإفراد، بخلاف ما في الأصل هنا، ففيه: (مساكين) بلفظ الجمع، والذي يترجح لي - والله أعلم - أن لفظ الإفراد هو الصواب؛ فإنه جاء صحيحًا عن ابن عباس عند البخاري وغيره كما سيأتي، ولم يذكروا أنه قرأ بالجمع سوى ابن عمر ونافع وابن ذكوان كما في "فتح الباري" (8 / 181) ، وابن عامر كما في "حجة القراءات" (ص 124) ، وسيأتي عن ابن عمر برقم [270] . وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (4 / 220 - 221 رقم 7572) عن معمر، عن أبان، عن ابن سيرين به نحوه، وفيه زيادة، ولم يذكر أنه قرأها على المنبر. وأخرجه البخاري في "صحيحه" (8 / 179 رقم 4505) في التفسير، باب: (أيامًا معدودات ... ) الآية، من طريق زكريا بن إسحاق، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عطاء سمع ابن عباس يقرأ: (وعلى الذين يطوَّقونه فدية طعام مسكين) ، قال ابن عباس: ليست بمنسوخة، هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما، فليطعمان مكان كل يوم مسكينًا. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأخرجه النسائي في "سننه" (4 / 190 - 191) في الصيام، باب تأويل قول الله عَزَّ وَجَلَّ {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فدية طعام مسكين} وفي "التفسير" (1 / 218 - 219 و 220 رقم 38 و 39) . والطبراني في "الكبير" (11 / 168 رقم 11388) . والدارقطني في "سننه" (2 / 205) . والحاكم في "المستدرك" (1 / 440) . والبيهقي في "سننه" (4 / 271) في الصيام، باب الشيخ الكبير لا يطيق الصوم ويقدر على الكفارة يفطر ويفتدي. جميعهم من طريق وَرْقاء، عن أبي نجيح، عن عمرو بن دينار، به بنحو لفظ البخاري، إلا أنه سقط من بعض أسانيد النسائي ابن أبي نجيح. وصححه الدارقطني. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (3 / 431 و 433 رقم 2778 و 2785) من طريق حماد بن سلمة وابن أبي نجيح، كلاهما عن عمرو بن دينار، به. وللحديث عند ابن جرير طرق أخرى عن ابن عباس، فأخرجه برقم (2762) من طريق عطية العوفي، ورقم (2763 و 2767 و 2776 و 2777 و 2781) من طريق مجاهد، ورقم (2766 و 2783) من طريق عكرمة، ورقم (2780) من طريق علي بن أبي طلحة، جميعهم عن ابن عباس به بلفظ الإفراد، مع زيادة في ألفاظهم في ذكر الذي يطعم. قال أبو زرعة ابن زَنْجلة في "حجة القراءات" (ص 124 - 125) : ((حجتهم في التوحيد في (المسكين) : أن في البيان على حكم الواحد في ذلك: البيانَ عن حكم جميع أيام الشهر، وليس في البيان عن حكم إفطار جميع الشهر البيانُ عن حكم إفطار اليوم الواحد، فاختاروا التوحيد لذلك؛ إذ كان أوضح في البيان ... ، وحجة من قرأ: (مساكين) قوله قبلها: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الذين من قبلكم} ، ثم قال: (أيامًا معدودات) ، =

268- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ (1) ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّة، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: هِيَ منسوخة.

_ = فإذا كان ذلك كذلك، فالواجب أن تكون القراءة في (المساكين) على الجمع، لا على التوحيد، وتأويل الآية: (وعلى الذين يطيقونه فدية أيام يفطر فيها إطعام مساكين) ، ثم تحذف (أيامًا) وتقيم (الطعام) مكانها)) . اهـ. وانظر الحديث الآتي برقم [269] . (1) هو ابن زياد، صدوق كما تقدم في الحديث السابق. [268] سنده حسن لذاته، لكنه معلول من هذا الطريق، فإن عبد الرحمن بن زياد الرصاصي قد أخطأ فيه فرواه عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مرة، عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى، من قوله، واختصر متن الحديث، ولم يوافقه أحد من الرواة على ذلك، وإن كان أصل الحديث قد اختلف في إسناده اختلافًا كثيرًا كما سيأتي نقله عن الحافظ ابن حجر. فالحديث مداره على عمرو بن مُرَّة، وروي عنه من ثلاثة طرق: (1) طريق شعبة، عنه، وله عن شعبة أربعة طرق: أ - طريق عبد الرحمن بن زياد الرَّصَاصي هذا الذي أخرجه المصنف عنه. ب - طريق محمد بن جعفر غندر، عن شعبة. أخرجه أبو داود في "سننه" (1 / 344 - 347 رقم 506) في الصلاة، باب كيف الأذان. وابن جرير الطبري في "تفسيره" (3 / 415 - 416 و 419 رقم 2731 و 2734) . كلاهما من طريق شيخهما محمد بن المثنى، عن محمد بن جعفر، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مرة قال سمعت ابن أبي ليلى قال ... ، فذكر حديثًا طويلاً في الأذان والصيام، وفيه يقول ابن أبي ليلى: وحدثنا أصحابنا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم لما قدم المدينة أمرهم بصيام ثلاثة أيام، ثم أنزل رمضان، وكانوا قومًا لم يتعوَّدوا الصيام، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وكان الصيام عليهم شديدًا، فكان من لم يصم أطعم مسكينًا، فنزلت هَذِهِ الْآيَةِ: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الصيام فليصمه} فكانت الرخصة للمريض والمسافر، فأمروا بالصيام. هذا سياق أبي داود، وأخرجه مقرونًا برواية عمرو بن مرزوق الآتية، عن شعبة. وأما الطبري، فإنه ساق سنده مثل سياق أبي داود إلى عمرو بن مرة، قال: حدثنا أصحابنا ... ، فذكر الحديث مقتصرًا على موضع الشاهد منه وهو ما يتعلق بالصيام، بنحو رواية أبي داود. وهذا السياق قد يتوهم منه أن عمرو بن مرة هو القائل: (حدثنا أصحابنا) ، لكن ابن جرير ساق بعده ما يفيد أن قائل ذلك هو ابن أبي ليلى، فقال: (قال أبو موسى - يعني: محمد بن المثنى -: قوله: قال عمرو بن مرة: حدثنا أصحابنا، يريد ابن أبي ليلى، كأن ابن أبي ليلى القائل: حدثنا أصحابنا) . اهـ. جـ- طريق عمرو بن مرزوق، عن شعبة. أخرجه أبو داود مقرونًا برواية محمد بن جعفر السابقة. د- طريق أبي داود الطيالسي، عن شعبة، بنحو رواية محمد بن جعفر. أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (3 / 416 و 419 رقم 2732 و 2735) . فجميع هؤلاء الرواة الثلاثة خالفوا عبد الرحمن الرصاصي في إسناد الحديث، فرووه موصولاً عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ليلى، قال: حدثنا أصحابنا، بينما رواه عبد الرحمن بن زياد موقوفًا على ابن أبي ليلى. ورواية محمد بن جعفر غندر كافية في ترجيح ما ذكره على رواية عبد الرحمن بن زياد؛ لأنه من أوثق الناس في شعبة كما في ترجمته في الحديث [167] . (2) طريق المسعودي عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بن عتبة، عن عمرو بن مرة. أخرجه أبو داود في الموضع السابق برقم (507) . وابن جرير (3 / 414 و 419 رقم 2729 و 2733) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / 116 / ب) . =

والحاكم في "المستدرك" (1 / 274) . والبيهقي في "سننه" (4 / 200) في الصيام، باب ما قيل في بدء الصيام إلى أن نسخ بفرض صوم شهر رمضان. أما أبو داود فمن طريق أبي داود الطيالسي ويزيد بن هارون، وأما ابن جرير فمن طريق يونس بن بكير، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق يزيد بن هارون، وأما الحاكم فمن طريق هاشم بن القاسم، وأما البيهقي فمن طريق عاصم بن علي، جميعهم عن المسعودي، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عن معاذ بن جبل قال: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم قدم المدينة فصام يوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر. ثم إن الله عز وجل فرض شهر رمضان، فأنزل الله تعالى ذكره: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عليكم الصيام} حتى بلغ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مسكين} ، فكان من شاء صام، ومن شاء أفطر وأطعم مسكينًا. ثم إن الله عز وجل أوجب الصيام على الصحيح المقيم، وثبت الإطعام للكبير الذي لا يستطيع الصوم، فأنزل الله عز وجل: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ، ومن كان مريضًا أو على سفر} إلى آخر الآية، واللفظ لابن جرير. قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي. وقال البيهقي: ((هذا مرسل؛ عبد الرحمن لم يدرك معاذ بن جبل)) . قلت: والصواب رواية من رواه عن ابن أبي ليلى قال: حدثنا أصحاب محمد وهو قد اختلط كما في ترجمته في الحديث رقم [51] ، وجميع الذين رووا عنه هذا الحديث هنا هم ممن روى عنه بعد ما اختلط، سوى يونس بن بكير فلم أجد من نص على أنه روى عنه قبل الاختلاط أو بعده. (3) طريق الأعمش، عن عمرو بن مرة. أخرجه البخاري في "صحيحه" تعليقًا (4 / 187) في الصوم باب، {وعلى الذين يطيقونه فدية} ، فقال: وقال ابن نمير: حدثنا الأعمش، حدثنا عمرو بن مرّة، =

269- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، قَالَ: نا لَيْث، عَنْ طاوُس، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {فِدْيَةُ طَعَامِ مَسَاكِينَ} .

_ = حَدَّثَنَا ابن أبي ليلى، حدثنا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم: نزل رمضان فشقّ عليهم، فكان من أطعم كل يوم مسكينًا ترك الصوم ممن يطيقه، ورُخِّص لهم في ذلك، فنسختها: (وأن تصوموا خير لكم) ، فأمروا الصوم. وأخرجه ابن أبي حاتم في "التفسير" (1 / 117 / ب) . والبيهقي في الموضع السابق من "سننه". وذكر الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (4 / 188) أن أبا نعيم أخرجه في "مستخرجه"، ثم أخرجه ابن حجر في "تغليق التعليق" (3 / 185) من طريق أبي نعيم. أما ابن أبي حاتم فمن طريق عيسى بن يونس، وأما البيهقي وأبو نعيم فمن طريق ابن نمير، كلاهما عن الأعمش، به نحو سياق البخاري. وهذا الطريق أرجح من طريق المسعودي؛ لما تقدم عن حال المسعودي، ويؤيد هذا الطريق رواية شعبة السابقة. قال الحافظ ابن حجر في الموضع السابق من "الفتح": ((واختلف في إسناده اختلافًا كثيرًا، وطريق ابن نمير هذه أرجحها)) . ويشهد للحديث ما أخرجه البخاري في الموضع السابق من "صحيحه" برقم (1949) عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عنهما أنه قرأ: (فدية طعام مساكين) ، قال: هي منسوخة. وسيأتي هذا عن ابن عمر برقم [270] . وعليه فالحديث صحيح لغيره بهذه الطرق، لكن من رواية عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عن بعض الصحابة الذين لم يسمِّهم، والله أعلم. [269] ومنكر عن ابن عباس، فليث بن أبي سليم تقدم في الحديث [9] أنه صدوق اختلط جدًا، ولم يتميز حديثه فتُرك، ومع ذلك فالثابت عن ابن عباس أنه قرأها: (مسكين) بلفظ الإفراد كما سبق بيانه في الحديث رقم [267] .

270- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ (1) ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يقرأ: (فدية طعام مساكين) .

_ (1) هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العُمَري، أبو عثمان المدني، أحد الفقهاء السبعة، روى عن أبيه وسالم بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ونافع مولى ابن عمر وغيرهم، روى عنه أخوه عبد الله وجرير بن حازم والحمّادان والسفيانان وشعبة وهشيم وغيرهم، وهو ثقة ثبت، قدّمه أحمد بن صالح على مالك في نافع، وقدمه ابن معين في القاسم عن عائشة على: الزهري عن عروة عنها، وقال أبو حاتم: سألت أحمد بن حنبل عن مالك وعبيد الله وأيوب، أيهم أثبت في نافع؟ فقال: عبيد الله أثبتهم وأحفظهم وأكثرهم رواية)) ، وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث حجة، وقال النسائي، ((ثقة ثبت)) ، ووثقه أبو زرعة وأبو حاتم، وروى له الجماعة، وكانت وفاته سنة سبع وأربعين ومائة، وقيل: أربع أو خمس وأربعين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 326 - 327 رقم 1545) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (2 / 885 - 886) ، و"التهذيب" (7 / 38 - 40 رقم 71) و"التقريب" (ص 373 رقم 4324) . [270] سنده فيه هشيم وهو مدلِّس كما في ترجمته في الحديث [8] ، ولم يصرح بالسماع هنا، لكنه لم ينفرد به، فالحديث صحيح رواه البخاري في "صحيحه" (4 / 187 - 188 رقم 1949) في الصوم، باب: (وعلى الذين يطيقونه فدية) ، و (8 / 180 - 181 رقم 4506) في التفسير، باب: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) . وابن أبي شيبة في "المصنف" (3 / 19) . ومن طريقه البيهقي في "سننه" (4 / 200) في الصيام، باب ما كان عليه حال الصيام. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (3 / 420 - 421 رقم 2740) . والبيهقي في الموضع السابق. =

271- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ:: نا هُشَيْمٌ، عَنْ عبَّاد بْنِ رَاشِدٍ، وَغَيْرِهِ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا كَذَلِكَ. [قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ} ] 272- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عبَّاد بْنُ رَاشِدٍ (1) ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ: يَقْرَأُ: (وَلِتُكْمِلُوا العدة) (2) .

_ = أما البخاري والبيهقي في إحدى رواياته فمن طريق عبد الأعلى، وأما الباقون فمن طريق عبد الوهاب الثقفي، فكلاهما عن عبيد الله بن عمر، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أنه قرأ: (فدية طعام مساكين) ، قال: هذه منسوخة. واللفظ للبخاري. [271] سنده ضعيف، فهشيم مدلِّس كما في ترجمته في الحديث [8] ولم يصرح بالسماع هنا. (1) تقدم في الحديث [183] أنه صدوق. (2) لم تضبط في الأصل. [272] سنده حسن لذاته. وقوله تعالى: {ولتُكْمِلوا} قرأه أبو بكر بن عياش: (ولتكمِّلوا) بالتشديد من (كمَّل يكمِّل) ، وحجته قول الناس: (تكملة الثلاثين) وجاء عنه أنه قال: شددتها لقوله: ((ولتُكبِّروا الله) . وقرأ الباقون بالتخفيف من (أكمَل يُكْمِل) ، وحجتهم قَوْلُهُ تَعَالَى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دينكم} ، وهما لغتان مثل: (كرَّمت وأكرمت) ، قال الله تعالى: {ولقد كرَّمنا بني آدم} ، وقال: {أكرمي مثواه} اهـ. من "حجة القراءات" (ص 126) . فلست أدري، هل قراءة الحسن البصري بالتشديد، أو بالتخفيف؟

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} ] 273- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو شِهَاب (1) ، عَنْ لَيْث، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، - فِي هَذِهِ الْآيَةِ: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} -، قَالَ: مَنْ أَدْرَكَهُ رمضانُ فِي أَهْلِهِ، ثُمَّ أَرَادَ السَّفَرَ، فَلْيَصُمْ.

_ = (1) هو عبد ربه بن نافع. [273] سنده ضعيف جدًا، فليث بن أبي سليم تقدم في الحديث [9] أنه صدوق اختلط جدًا فلم يتميز حديثه فتُرك، وشيخه مبهم لا يُدرى من هو؟ ومتن الحديث مخالف لما صحّ من سنة النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بل لما صحّ عن ابن عمر نفسه كما سيأتي نقله عن الحافظ ابن حجر. والحديث ذكره السيوطي في "الدر" (1 / 459) بمثله، وعزاه للمصنف فقط. وأشار إليه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / 120 / أ) . وقد ذكر ابن جرير الطبري في "تفسيره" (3 / 449 - 451) بعض الآثار التي وردت بهذا المعنى: أن من دخل عليه شهر رمضان وهو مقيم في داره، فعليه صوم الشهر كله، غاب بعدُ فسافر، أو أقام فلم يبرح، ثم حكم على هذا القول بالبطلان والفساد محتجًّا بتظاهر الأخبار عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم أنه خرج عام الفتح من المدينة في شهر رمضان بعد ما صام بعضه، وأفطر، وأمر أصحابه بالإفطار، ثم ساق بسنده ما يدلّ على ذلك، ومنه ما أخرجه البخاري في "صحيحه" (4 / 180 رقم 1944) في الصوم، باب إذا صام أيامًا من رمضان ثم سافر. ومسلم في "صحيحه" (2 / 784 رقم 88) في الصيام، باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر. كلاهما من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم خرج إلى مكة في رمضان فصام، حتى بلغ الكَدِيْدَ أفطر، فأفطر الناس. اهـ واللفظ =

274- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا مُعْتَمر بن سليمان، عن (1) [ل114/ب] أَبِيهِ (2) ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ (3) ، قَالَ: إِذَا حَضَرَ شَهْرُ رَمَضَانَ فَلَا يُسَافِرَنَّ فِيهِ أَحَدٌ، فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ فَاعِلًا، فَلْيَصُمْ إِذَا سافر.

_ = للبخاري. قال أبو عبد الله البخاري: والكَديد مَاءٌ بين عُسفان وقُدَيد. قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (4 / 180) في شرحه لهذا الحديث عند البخاري: ((قوله باب إذا صام أيامًا من رمضان ثم سافر) أي: هل يباح له الفطر أو لا؟ وكأنه أشار إلى تضعيف ما روي عن علي، وإلى ردّ ما روي عن غيره في ذلك. قال ابن المنذر: روي عن علي بإسناد ضعيف، وقال به عَبيدة بن عمرو، وأبو مجْلَز وغيرهما، ونقله النووي عن أبي مِجْلَز وحده، ووقع في بعض الشروح، أبو عبيدة، وهو وهم، قالوا: إن من استهلّ عليه رمضان في الحضر، ثم سافر بعد ذلك، فليس له أن يفطر؛ لقوله تَعَالَى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فليصمه} قال: وقال أكثر أهل العلم: لا فرق بينه وبين من استهلّ رمضان في السفر، ثم ساق ابن المنذر بإسناد صحيح عن ابن عمر قال - في قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشهر فليصمه} -: نسخها قوله تعالى: {ومن كان مريضًا أو على سفر ... } الآية، ثم احتجّ الجمهور بحديث ابن عباس المذكور في هذا الباب)) اهـ. وانظر الحديث الآتي. (1) قوله: (عن) مكرر في الأصل. (2) هو سليمان بن طَرْخَان التَّيْمي. (3) هو لاحِقُ بن حُمَيْد. [274] سنده صحيح. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (3 / 18) من طريق سهل بن يوسف، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي مجلز، قال: إذا دخل شهر رمضان فلا يخرج، فإن أبى إلا أن يخرج، فليتمّ صومه. وانظر التعليق على الحديث السابق.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} ] 275- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ مَا لَمْ يَنَمْ، فَنَامَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَحَرُمَ عَلَيْهِ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ إِلَى مِثْلِهَا، فَأَصَابَ رَجُلٌ مَرَّتَيْنِ - أَوْ ثَلَاثًا-، ثُمَّ نَزَلَتِ الرُّخْصَةُ: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} .

_ [275] هو ضعيف لإرساله، فعكرمة تابعي لم يشهد الحادثة، وسنده إلى عكرمة صحيح، وأصل الحديث صحيح كما سيأتي. وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 71) من طريق معمر، عن إسماعيل بن شروس، عن عكرمة أن رجلاً - قد سماه لي فنسيته - مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم من الأنصار جاء ليلة وهو صائم، فقالت له امرأته: لا تنم حتى نصنع لك طعامًا، فنام، فجاءت، فقالت: نمت والله، قال: لا والله ما نمت، قالت: بلى والله، فلم يأكل تلك الليلة شيئًا، وأصبح صائمًا يغشى عليه، فأنزلت الرحمة فيه. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (3 / 500 رقم 2946) ، إلا أنه وقع عنده: ((فأنزلت الرخصة فيه)) . وأخرجه ابن جرير أيضًا (3 / 503 رقم 2951) من طريق ابن جريج، عن عكرمة، فذكره بمعناه، وفيه زيادة. وأصل القصة وسبب النزول صحيح من غير طريق عكرمة. أخرجه البخاري في "صحيحه" (4 / 129 رقم 1915) في الصوم، باب قول الله جل ذكره: {أحل لكم ليلة الصيام ... } الآية، وفي التفسير (8 / 181 رقم 4508) باب (أحل لكم ليلة الصيام ... ) الآية، من طريق أبي إسحاق السبيعي، عن البراء بن عازب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ أصحاب محمد صلى الله عيه وسلم إذا كان الرجل صائمًا فحضر الإفطار فنام قبل أن يفطر لم يأكل ليلته ولا يومه حتى =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللهُ لَكُمْ} ] 276- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ (1) ، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ الْحَكَمَ (2) عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَابْتَغُوا مَا كتب الله لكم} ، قَالَ: يَعْنِي الْوَلَدَ. [قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} ] 277- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا حُصين (3) ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَدِي بْنِ حَاتِمٍ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ

_ = يمسي وإن قيس بن صرمة الأنصاري كان صائمًا، فلما حضر الإفطار أتى امرأته فقال لها: أعندك طعام؟ قالت: لا، ولكن أنطلق فأطلبُ لك، وكان يومه يعمل، فغلبته عيناه، فجاءته امرأته، فلما رأته قالت: خَيْبَة لك، فلم انتصف النهار غُشي عليه، فذُكر ذلك للني صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَزَلَتْ هذه الآية: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إلى نسائكم} ففرحوا بها فرحًا شديدًا ونزلت: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} . (1) تقدم في الحديث رقم [6] أنه صدوق. (2) هو ابن عُتَيبة. [276] سنده حسن، وهو صحيح لغيره، فإن عبد الرحمن بن زياد لم ينفرد به. فقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (3 / 506 رقم 2965 و 2966) من طريق إسماعيل بن زياد الكاتب، وسهل بن يوسف، وأبي داود الطيالسي، ثلاثتهم عن شعبة، به مثله، إلا أن إسماعيل بن زياد شذّ، فرواه عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مجاهد. (3) هو ابن عبد الرحمن السُّلَمي، تقدم في الحديث رقم [56] أنه ثقة تغيّر حفظه في الآخر، لكن الراوي عنه هنا هو هشيم بن بشير، وهو ممن روى عنه قبل =

لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ} ، عَمَدْتُ إِلَى عِقَالَين أَبْيَضَ وَأَسْوَدَ، فَجَعَلْتُهُمَا تَحْتَ وِسَادَتِي، فَجَعَلْتُ أَقُومُ اللَّيْلَ، فَلَا أَتَبَيَّنُ الْأَبْيَضَ مِنَ الْأَسْوَدِ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ، غَدَوْتُ عَلَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرْتُهُ، فَضَحِكَ، وَقَالَ: ((إِنَّ وِسَادَكَ لَعَرِيضٌ، إِنَّمَا ذَاكَ (سَوَادُ الليل وبياض النهار)) ) (2) .

_ = الاختلاط كما في الحديث [91] . (2) في الأصل: (سواد النهار وبياض الليل) وهو تصحيف ظاهر، وجاء على الصواب في مصادر التخريج والموضع الآتي من "الدر المنثور". [277] سنده صحيح، وقد اتفق الشيخان على إخراجه كما سيأتي. وذكره السيوطي في "الدر" (1 / 480) وعزاه للمصنف وسفيان بن عيينة وابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم وأبي داود والترمذي وابن جرير وابن المنذر والبيهقي. ومدار الحديث على عامر الشعبي، وله عنه أربعة طرق. (1) طريق حصين بن عبد الرحمن السلمي عنه. أخرجه المصنف هنا من طريق هشيم، عنه. وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 377) . والبخاري في "صحيحه" (4 / 132 رقم 1916) في الصوم، باب قول الله تعالى: {وكلوا واشربوا} الآية. والترمذي في "سننه" (8 / 308 - 309 رقم 4050) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير. وابن خزيمة في "صحيحه" (3 / 209 رقم 1925) . والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3 / 53) . والبيهقي في "سننه" (4 / 215) في الصيام، باب الوقت الذي يحرم فيه الطعام على الصائم. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = جميعهم من طريق هشيم، عن حصين، به نحوه، إلا ابن خزيمة فلفظه مختصر. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (3 / 28) . ومن طريق مسلم في "صحيحه" (2 / 766 - 767 رقم 33) في الصيام، باب بيان أن الدخول في الصيام يحصل بطلوع الفجر ... وأخرجه أبو داود في "سننه" (2 / 760 رقم 2349) في الصوم، باب وقت السحور. ومن طريقه الخطابي في "غريب الحديث" (1 / 231) . وأخرجه الطحاوي في الموضع السابق. جميعهم من طريق عبد الله بن إدريس، عن حصين، به نحوه. وأخرجه أبو داود مقرونًا بالرواية السابقة. ومن طريقه الخطابي في الموضع السابق. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (17 / 79 رقم 176) . كلاهما من طريق حصين بن نمير، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، به نحوه. وأخرجه البخاري في "صحيحه" (8 / 182 رقم 4509) في التفسير، باب: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخيط الأبيض ... ) الآية، أخرجه من طريق أبي عوانة عن حصين، به نحوه، ولم يذكر قوله: ((إِنَّمَا ذَاكَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النهار)) . وأخرجه الدارمي في "سننه" (1 / 338 رقم 1701) من طريق شريك، عن حصين، به بمعناه. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (3 / 11 رقم 2986) من طريق أبي بكر بن عياش، عن حصين، به مختصرًا. (2) طريق مُطَرِّف بن طرِيف، عن عامر الشعبي. أخرجه البخاري في الموضع السابق من "صحيحه" برقم (4510) . والنسائي في "سننه" (4 / 148) في الصيام باب تأويل قول الله تعالى: {وكلوا =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأبيض ... } الآية، وفي التفسير (1 / 222 رقم 41) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (3 / 512 - 513 رقم 2989) . وابن خزيمة في "صحيحه" (3 / 209 رقم 1926) . والخطابي في "غريب الحديث" (1 / 232) . والطبراني في الموضع السابق برقم (177 و 178) . جميعهم من طريق مطرف، عن الشعبي، به نحوه مختصرًا. (3) طريق مجالد عن عامر الشعبي، به نحوه. أخرجه الحميدي في "مسنده" (2/ 407 رقم 916) . والإمام أحمد في "المسند" (4 / 377) . والترمذي في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير من "سننه" (8 / 310 - 311 رقم 4051 و 4052) . وابن جرير في الموضع السابق برقم (2987 و 2988) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 122 / ب) . والطبراني في الموضع السابق برقم (172 و 173 و 174 و 175) . (4) طريق سماك عن عامر الشعبي، بنحوه. أخرجه الطبراني في "الكبير" (17 / 80 رقم 179) . (فائدة) : قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (4 / 132) : ((قوله: لما نزلت: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ من الخيط الأسود من} عمدت.. إلخ، ظاهره عن عديًا كان حاضرًا لما نزلت هذه الآية، وهو يقتضي تقدم إسلامه، وليس كذلك؛ لأن نزول فرض الصوم كان متقدمًا في أوائل الهجرة، وإسلام عدي كان في التاسعة، أو العاشرة كما ذكره ابن إسحاق وغيره من أهل المغازي، فأما أن يقال: إن الآية التي في حديث الباب تأخر نزولها عن نزول فرض الصوم وهو بعيد جدًا، وإما أن يُؤَوَّلَ قولُ عَدِيٍّ هذا =

278- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ} -، قَالَ: إِذَا تَسَحَّرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَرَى أَنَّ عَلَيْهِ لَيْلًا، وَقَدْ كَانَ طَلَعَ الْفَجْرُ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ} . وَإِذَا أَكَلَ وَهُوَ يَرَى أَنَّ الشَّمْسَ قَدْ غَابَتْ وَلَمْ تَغِبْ، فَلْيَقْضِهِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} .

_ = على أن المراد بقوله: ((لما نزلت)) أي: لما تليت عليّ عند إسلامي، أو: لما بلغني نزول الآية، أو في السياق حذف تقديره: لما نزلت الآية ثم قدمت فأسلمت علمني الشرائع، عمدت ... ، وقد روى أحمد حديث من طريق مجالد بلفظ: علمني رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم الصلاة والصيام، فقال: صل كذا وصم كذا، فإذا غابت الشمس فكل حتى يتبين لك الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ، قال فأخذت خيطين ... الحديث} اهـ والله أعلم. [278] سنده صحيح، وانظر الكلام عن رواية ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ في الحديث رقم [184] . وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (4 / 177 رقم 7389) . وابن أبي شيبة (3 / 23 و 24) . وابن حزم في "المحلى" (6 / 333) . أما عبد الرزاق فمن طريق معمر، وأما ابن أبي شيبة وابن حزم فمن طريق سفيان ابن عيينة، كلاهما عن ابن أبي نجيح، به نحوه، إلا أن عبد الرزاق لم يذكر الآية، وابن أبي شيبة قطعه في الموضعين، ولم يذكر في الآية سوى قوله: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} ، واقتصر ابن حزم على شطر الحديث الأول، ولم يذكر باقيه من قوله: (وإذا أكل ... ) الخ.

279- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا خَالِدٌ (1) ، وَمَنْصُورٌ (2) ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الجَزَّار (3) ، قَالَ: سُئِلَ ابْنُ مَسْعُودٍ عَنْ رَجُلٍ تسحَّر وَهُوَ يَرَى أَنَّ عَلَيْهِ لَيْلًا، وَقَدْ طَلَعَ الْفَجْرُ، قَالَ: مَنْ أَكَلَ مِنْ أول النهار فليأكل آخره.

_ = (1) هو ابن مِهْران الحَذَّاء. (2) هو ابن زَاذَان. (3) هو يحيى بن الجَزَّار العُرَني - بضم المهملة وفتح الراء ثم نون-، الكوفي، لقبه زَبَّان، وقيل زَبَّان أبوه، وهو يروي عن ابن عباس والحسن بن علي وعائشة وأم سلمة ومسروق وغيرهم، روى عنه الحكم بن عتيبة وحبيب بن أبي ثابت وعمرو بن مرَّة وغيرهم، وهو ثقة رمي بالغلو في التشيع، قال ابن سعد: ((كان يغلو في التشيع، وكان ثقة وله أحاديث)) ، وقال العجلي: ((كوفي ثقة كان يتشيع)) ، وقال الجوزجاني: ((كان غاليًا مفرطًا)) ووثقه أبو زرعة وأبو حاتم والنسائي. وهو يروي هنا عن ابن مسعود ولا أظنه سمع منه، فإنهم لم يذكروا في ترجمته أنه روي عن ابن مسعود، بل لم يرو عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سوى ثلاثة أحاديث وبعضهم يرى أنه لم يرو عنه شيئًا، مع أن ابن مسعود رضي الله عنه توفي سنة اثنتين وثلاثين للهجرة، وعلي رضي الله عنه قتل سنة أربعين للهجرة، قال شعبة: ((لم يسمع يحيى بن الجزار من علي إلا ثلاثة أحاديث)) ، وقيل للإمام أحمد: هل سمع من علي؟ قال: لا. اهـ من "الجرح والتعديل" (9 / 123 رقم 561) ، و"الكاشف" (3 / 251 رقم 6248) و"التهذيب" (11 / 191 - 192 رقم 323) و (6 / 28) و (7 / 338) . والراوي عن يحيى هنا هو محمد بن سيرين، ولم أجد من نصّ على أنه روى عنه، وسماعه منه محتمل؛ فإنهما في طبقة واحدة، فكلاهما من الطبقة الثالثة كما في "التقريب" (ص 483 و 588 رقم 5948 و 7519) . =

280- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا مَنْصُورٌ (1) ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ. وَقَالَ الْحَسَنُ: يُتِمُّ صَوْمَهُ وَلَا شيء عليه.

_ [279] سنده ضعيف للانقطاع بين يحيى بن الجَزَّار وابن مسعود. وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (4 / 216) في الصيام، باب من أكل وهو يرى أن الفجر لم يطلع، ثم بان أنه كان قد طلع، من طريق المصنف، به مثله سواء، إلا أنه قال: (فقال: من أكل) و: (من آخره) . وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (3 / 23) من طريق وكيع، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ سيرين قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: مَنْ أكل أول النهار فليأكل آخره. كذا رواه ابْنِ عَوْنٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، ولم يذكر يحيى بن الجزار، والصواب إثباته؛ لأن خالدًا الحذّاء ومنصور بن زاذان قد اتفقا على إثباته. (1) هو ابن زاذان. [280] سنده صحيح عن ابن سيرين والحسن. وأخرجه البيهقي في "سننه" (4 / 216) في الصيام، باب من أكل وهو يرى أن الفجر لم يطلع، ثم بان أنه كان قد طلع، أخرجه من طريق المصنف، به مثله سواء، إلا أنه قال: (قال وقال الحسن ... ) . وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (3/ 23) من طريق إسماعيل بن عُلَية، عن ابن عون، أن محمدًا - يعني ابن سيرين - تَسَحَّرَ وَهُوَ يَرَى أَنَّ عَلَيْهِ ليلاً، ثم استبان له أنه تسحّر بعدما أصبح فقال: أما أنا اليوم فمفطر. وأخرجه أيضًا في الموضع نفسه من طريق سهل بن يوسف، عن عمرو، عن الحسن في رجل تسحّر وهو يرى أنه عليه ليلاً، قال: يتم صومه. ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه ابن حزم في "المحلى" (6 / 333) عن الحسن فقط موصولاً، وأشار إلى قول ابن سيرين.

281- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا (عُمَرُ) (1) بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ السُّلَمي - مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ (2) -، عَنِ النُّعمان بْنِ الْمُنْذِرِ الغَسَّاني (3) ، عَنْ مَكْحُول (4) ، قَالَ: سُئِلَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ عَنْ رَجُلٍ تسحَّر وَهُوَ يَرَى أَنَّ عَلَيْهِ لَيْلًا وَقَدْ طَلَعَ عَلَيْهِ الْفَجْرُ، قَالَ: إِنْ كَانَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صَامَهُ وِقِضَى يَوْمًا مَكَانَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ شَهْرِ رَمَضَانَ، فَلْيَأَكُلْ مِنْ آخِرِهِ؛ فقد أكل من أوله.

_ (1) في الأصل: عمرو، والتصويب من "سنن البيهقي" (4 / 216) ، ومن مواضع ترجمته الآتية. (2) هو عمر بن عبد الواحد بن قيس السُّلَمي، أبو حَفْص الدِّمشقي، يروي عن يحيى ابن الحارث الذّماري والأوزاعي والإمام مالك والنعمان بن المنذر وغيرهم، روى عنه هنا سعيد بن منصور، وروى عنه أيضًا هشام بن عمار وأبو مسهر ودُحَيم وإسحاق بن راهويه وغيرهم، وهو ثقة؛ وثقه ابن سعد والعجلي ودحيم وغيرهم، وكانت ولادته سنة ثمان عشرة ومائة، ووفاته سنة مائتين. / انظر "تاريخ الثقات" (ص 359 رقم 1240) و"تهذيب الكمال" المخطوط (2 / 1018) ، و"التهذيب" (7 / 479 رقم 794) ، و"التقريب" (ص 415 رقم 4943) . (3) هو النعمان بن المنذر الغَسَّاني، أبوالوَزِير الدِّمَشقي، روى عن عطاء ومجاهد والزهري وطاوس ومكحول وغيرهم، روى عنه محمد بن الوليد الزَّبيدي وسويد ابن عبد العزيز والهيثم بن حميد ويحيى بن حمزة وغيرهم، وهو صدوق رمى بالقدر، وثقه أبو زرعة، وقال دحيم: ((ثقة إلا أنه يرمى بالقدر)) ، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال النسائي: ((ليس بذاك القوي)) ، وقال أبو داود: ((ضرب أبو مسهر على حديث النعمان بن المنذر، فقال له يحيى بن معين: وفقك الله تعالى)) ، قال أبو داود: ((وكان داعية في القدر، وضع كتابًا يدعو فيه إلى القدر)) وكانت وفاته سنة اثنتين وثلاثين ومائة اهـ من "الجرح والتعديل" (8 / 447 رقم 2055) و"التهذيب" (10 / 457 رقم 828) ، و"التقريب" (ص 564 =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = 7164) . (4) هو مكحول أبو عبد الله الشَّامي، ثقة فقيه مشهور، روى عن أنس بن مالك وواثلة بن الأسقع وأبي أمامة وأبي هند الدّاري وجُبير بن نفير وسليمان بن يسار وغيرهم، روى عنه الأوزاعي وعبد الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ وحجّاج بن أرطأة والنعمان بن المنذر وغيرهم، وقد وثقه العجلي، وقال الزهري: العلماء أربعة: سعيد بن المسيب بالمدينة، والشعبي بالكوفة، والحسن بالبصرة، ومكحول بالشام، وقال سعيد بن عبد العزيز: ((كان مكحول أفقه من الزهري، مكحول أفقه أهل الشام)) ، وقال ابن عمار: ((كان مكحول إمام أهل الشام)) ، وقال أبو حاتم: ((ما أعلم بالشام أعلم من مكحول)) ، وقال ابن يونس: ((كان فقيهًا عالمًا)) ، وقال ابن خراش: ((شامي صدوق، وكان يرى القدر)) وقال الأوزاعي: ((لم يبلغنا أن أحدًا من التابعين تكلم في القدر إلا هذين الرجلين: الحسن ومكحول، فكشفنا عن ذلك فإذا هو باطل)) ، قال الذهبي عقب ذكره لقول الأوزاعي هذا: ((قلت: يعني رجعا عن ذلك)) ، واختُلف في سنة وفاة مكحول، فقيل: سنة اثنتي عشرة ومائة، وقيل سنة ثلاث عشرة أو أربع عشرة، وقيل سنة ست عشرة، وقيل سنة ثمان عشرة ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (8 / 407 - 408 رقم 1867) و"سير أعلام النبلاء" (5 / 155 - 160) و"التهذيب" (10 / 289 - 293 رقم 509) و"التقريب" (ص 545 رقم 6875) . قلت: وقد وُصف مكحول بالتدليس وكثرة الإرسال. أما التدليس فوصفه به البزّار وابن حبان، وأكّده الذهبي حين قال في "الميزان" (4 / 177) : ((صاحب تدليس)) ، وذكره الحافظ ابن حجر في الطبقة الثالثة من "طبقات المدلسين" (ص 113 رقم 108) وهم الذين أكثروا من التدليس فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع. وأما الإرسال فوصفه به كثير من الأئمة كما في مصادر ترجمته السابقة، وهو هنا يروي عن أبي سعيد الخدري ولم يذكروا أنه روى عنه بل لم يذكروا =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} ] 282- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، (عَنِ) (1) ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الحُكَّامِ} - قَالَ: لَا تُخَاصِمْ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ أنك ظالم.

_ = أنه روى عن صحابي سوى أنس بن مالك، وسوى واثلة بن الأسقع وأبي أمامة وأبي هند الداري على خلاف في هؤلاء الثلاثة، فأبو مسهر يرى أنه لم يسمع إلا من أنس كما نقل ذلك عنه أبو حاتم، وأما الترمذي فيرى أنه سمع من واثلة ابن الأسقع وأنس وأبي هند الدَّاري، قال الترمذي: ((ويقال إنه لم يسمع من واحد من الصحابة إلا منهم)) ، ويرى الذهبي أنه لم يسمع من أبي هند، وأنه سمع من أبي أمامة، وانظر "جامع التحصيل" (ص 352 - 353) . [281] سنده ضعيف للانقطاع بين مكحول وأبي سعيد الخدري. وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (4 / 216) في الصيام، باب من أكل وهو يرى أن لفجر لم يطلع ثم بان أنه كان قد طلع، من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال: ((وقد طلع الفجر)) ، و: ((إن كان شهر رمضان)) . (1) ما بين القوسين سقط من الأصل، ولا بد من العبارة، فهذا الإسناد يروي المصنف كثيرًا من طريقه كما سبق في الحديث [278] وغيره. [282] سنده صحيح، وانظر في رواية ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ الحديث رقم [184] . والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 489) وعزاه للمصنف سعيد ابن منصور وعبد بن حميد. وهو في "تفسير مجاهد" (ص 97 - 98) من رواية آدم، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، به نحوه. = وأخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (3/ 550 رقم 3060 من طريق عيسى ابن ميمون، عن ابن أبي نجيح، به نحوه.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَيْسَ البِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا البُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا} ] 283- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، قَالَ: نا مُغيرة، عَنْ إِبْرَاهِيمَ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَيْسَ (1) البِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا البُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا} - قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا أَتَى الْبَيْتَ مِنْ بُيُوتِ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، أَوْ بَنِي عَمِّهِ، رَفَعَ الْبَيْتَ مِنْ خَلْفِهِ، - أَيْ بُيُوتَ الشَّعَر -، ثُمَّ يَدْخُلُ، فنُهوا عَنْ ذَلِكَ، وَأُمِرُوا أَنْ يَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا، ثُمَّ يسلِّموا.

_ = وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (3 / 550 رقم 3060) من طريق عيسى بن ميمون، عن ابن أبي نجيح، به نحوه. وعلّقه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 124 / أ) . (1) في الأصل: (ليس البر أن) . [283] سنده ضعيف؛ مغيره بن مقسم تقدم في الحديث [54] أنه كان يدلس لا سيّما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه ولم يصرح بالسماع، ولو صرح لما صح الحديث من هذا الطريق، بل هو مرسل، فإبراهيم يحدث عن شيء لم يشهده، لكن قد صح الحديث عن البراء بن عازب كما سيأتي. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 492) وعزاه للمصنف فقط، ولفظه مثله سواء، إلا أنه قال: (أو ابن عمه) . وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (3 / 557 - 558 رقم 3080) من طريق جرير، عن مغيرة، به مختصرًا. وأصل الحديث في "الصحيحين". فقد أخرجه البخاري في "صحيحه" (3 / 621 رقم 1803) في العمرة، باب قول الله تعالى: {وأتوا البيوت من أبوابها} ، و (8 /183 رقم 4512) في التفسير، باب: {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ من ظهورها ... } الآية.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ} ] 284- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ بَيَان، عَنْ وَبَرَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (1) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، فَرَجَوْنَا أَنْ يُحَدِّثَنَا حَدِيثًا حَسَنًا، فَبَدَرَ إِلَيْهِ رَجُلٌ (2) ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَا تَقُولُ فِي الْقِتَالِ فِي الْفِتْنَةِ وَاللَّهُ يَقُولُ: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} ؟ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: تَدْرِي مَا الفِتْنَةُ ثَكَلَتْكَ أمُّكَ؟! إِنَّمَا كَانَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَاتِلُ الْمُشْرِكِينَ، وَكَانَ الدُّخُولُ فِي دِينِهِمْ فِتْنَةً، وَلَيْسَ بِقِتَالِكُمْ عَلَى المُلْك.

_ = ومسلم في "صحيحه" (4 / 2319 رقم 23) في التفسير. كلاهما من طريق أبي إسحاق السبيعي، قال: سمعت البراء رضي الله عنه يقول: نزلت هذه الآية فينا، كانت الأنصار إذا حجوا فجاءوا، لم يدخلوا من قبل أبواب بيوتهم، ولكن من ظهورها، فجاء رجل من الأنصار فدخل من قبل بابه، فكأنه عُيِّرَ بذلك، فنزلت: {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها} . وعليه فالحديث صحيح لغيره بهذا الشاهد، والله أعلم. (1) هو وَبَرة - بالموحّدة المحركة - ابن عبد الرحمن المُسْلي - بضم أوله وسكون المهملة بعدها لام -، أبو خُزيمة أو أبو العباس الكوفي، روى عن ابن عباس وابن عمر وأبي الطُّفيل والشعبي وسعيد بن جبير وغيرهم، روى عنه أبو إسحاق السبيعي والأعمش وبيان بن بشر وغيرهم، وهو ثقة؛ وثقه ابن معين والعجلي وأبوزرعة، وكانت وفاته سنة ست عشرة ومائة اهـ من "الجرح والتعديل" (9 / 42 رقم 176) و"التهذيب" (11 / 111 رقم 194) و"التقريب" (ص 580 رقم 7397) . (2) اسمه: ((حكيم)) كما في رواية الإمام أحمد وابن أبي حاتم وأبي نعيم والبيهقي =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = الآتية وانظر "فتح الباري" (8 / 311) . [284] سنده صحيح وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (2 / 94) . والبخاري في "صحيحه" (13 / 45 رقم 7095) في الفتن، باب قول النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الفتنة من قبل المشرق)) . والنسائي في "تفسيره" (1 / 229 رقم 46) . أما الإمام أحمد فمن طريق هشام بن سعيد، وأما البخاري فمن طريق إسحاق ابن شاهين، وأما النسائي فمن طريق عبد الرحمن بن مهدي، ثلاثتهم عن خالد ابن عبد الله الطحان، عن بيان بن بشر، به نحوه. وأخرجه الإمام أحمد أيضًا (2 / 70) . والبخاري (8 / 310 رقم 4651) في تفسير سورة الأنفال من كتاب التفسير، باب: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ ويكون الدين كله لله} والنسائي في "تفسيره" (1 / 527 رقم 227) . وابن أبي حاتم في "التفسير" (1 / 126 / ب) . وأبو نعيم في "مستخرجه" كما في "فتح الباري" (8 / 311) . والبيهقي في "سننه" (8 / 192) في قتال أهل البغي، باب النهي عن القتال في الفرقة. جميعهم من طريق زهير بن معاوية، عن بيان، به نحوه، إلا أن أحمد وابن أبي حاتم وأبا نعيم والبيهقي ذكروا أن الرجل السائل اسمه: ((حكيم)) . وأخرج البخاري الحديث من وجه آخر عن ابن عمر. فأخرجه (8 / 183 - 184 و 309 - 310 رقم 4513 و 4514 و 4515 و 4550) . في تفسير سورة البقرة والأنفال من كتاب التفسير، باب: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} من كلا السورتين، من طريق عبيد الله بن عمر وبُكير ابن عبد الله كلاهما عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أتاه رجلان في فتنة ابن الزبير، فقالا: إن الناس قد ضُيِّعوا وأنت ابن عمر وصاحب النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فما يمنعك أن تخرج؟ فقال: يمنعني أنه الله حرَّم دم أخي، فقالا: ألم يقل الله: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} ؟ فقال: قاتلنا حتى لم تكن فتنة وكان =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} ] 285- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَش، عَنْ شَقِيق، عَنْ حُذيفة - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} -، قال: تَرْكُ النَّفَقَة.

_ = الدين لله، وأنتم تريدون أن تقاتلوا حتى تكون فتنة ويكون الدين لغير الله. هذا لفظ رواية عبيد الله، ونحوه رواية بكير إلا أن فيها زيادة، وفيها: ((أن رجلاً أتى ابن عمر فقال..)) الحديث. فهذا يحمل على أن الذي أتاه رجلان، وأن الذي سأل أحدهما، فعبَّر مرة بـ: ((رجل)) بالنظر إلى السائل، ومرة بـ: ((رجلان)) بالنظر إلى مجيئهما، وقد جمع الحافظ ابن حجر في "الفتح" (8 / 310) جمعًا آخر حيث قال: ((لعل السائلين عن ذلك جماعة، أو تعددت القصة)) . اهـ. وهذا الجمع من الحافظ رحمه الله لوقوع السؤال مرة من: ((حيّان صاحب الدُّثَنِيَّة)) ومرة من: ((الهيثم بن حَنَش، وقيل نافع بن الأزرق)) ، هذا بالإضافة لما سبق من أنه: ((حكيم)) . وما ذكره من أنه: (حيّان)) بناء على ما أخرجه سعيد بن منصور في تفسير سورة الحجرات (ل / 175 / أ) من طريق حيّان السُّلَمي أنه سأل ابن عمر عن قوله عز وجل: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا} [الآية (9) من سورة الحجرات] ، وليس في الحديث ذكر للآية السابقة: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} . وأما الرواية الأخرى فقد عزاها الحافظ لفوائد أبي بكر النجّاد، ولم أقف عليها. فالله أعلم. [285] سنده صحيح، والأعمش تقدم في الحديث [3] أنه مدلس، إلا أن روايته عن شيخه أبي وائل شقيق بن سلمة محمولة على الاتصال وإن كانت بالعنعنة، وهذه منها، وقد أخرج البخاري هذا الحديث في "صحيحه" كما سيأتي. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 449) وعزاه للمصنِّف ووكيع وسفيان ابن عيينة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم. =

286- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ أَوْ غَيْرِهِ (1) ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: بِمَنْعِكُمُ النَّفَقَةَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَخَافَةَ العَيْلة.

_ = والحديث أعاده المصنف هنا، وكان قد رواه في كتاب الجهاد، باب ما جاء في النفقة فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (2 / 166 رقم 2404) ، من طريق أبي معاوية فقط، بمثله. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (3 / 583 رقم 3144) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 128 / أ) . كلاهما من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، به نحوه. وأخرجه البخاري في "صحيحه" (8 / 185 رقم 4516) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير، باب: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ... } . وابن جرير في الموضع السابق برقم (3145) . كلاهما من طريق شعبة، عن الأعمش، به نحوه. وأخرجها بن جرير أيضًا من طريق أبي جعفر الرازي، عن الأعمش، ومن طريق سفيان الثوري، عن عصام، كلاهما عن شقيق، به نحوه. وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص58 رقم 68) عن أبي عمر دينار بن عمر، عن أبي وائل شقيق، به بلفظ: ألاّ تنفق. (1) الذي يظهر أن الشك من المصنف سعيد بن منصور، وهو عن ابن أبي نجيح بلا شك كما سيأتي. [286] سنده صحيح، وانظر الحديث [184] في رواية ابن نجيح عن مجاهد. والحديث ذكره السيوطي في "الدر" (1 / 499) وعزاه لوكيع وعبد بن حميد فقط. وسبق أن أخرجه المصنف في كتاب الجهاد، باب ما جاء في النفقة فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، (2 / 116 رقم 2405) ، فقال: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ أَوْ غَيْرِهِ، عَنْ مُجَاهِدٍ - في قوله: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} قال: لا تمنعكم النَّفَقَةَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مخافةُ العيلة. وهو في "تفسير مجاهد" (ص99) من رواية آدم، عن ورقاء، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد، به نحوه. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (3 / 585 رقم 3154) من طريق عيسى وشبل، كلاهما عن ابن أبي نجيح، به نحوه. =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالعُمْرَةِ إِلَى الحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} ] 287- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ؛ قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ: نا الأعْمش، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالعُمْرَةَ للهِ} -، قَالَ: هِيَ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ: (إِلَى الْبَيْتِ) ، قَالَ: لَا تَجَاوُزَ بِالْعُمْرَةِ الْبَيْتَ، فَإِذَا أَحْصِرتم (1) ، فَإِذَا أَهَلَّ (2) الرَّجُلُ بِالْحَجِّ، فأحْصِر، بَعَثَ بِمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ، فإن هو عجل [ل115/أ] قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ الْهَدْيُ محلَّه، فَحَلَقَ رَأْسَهُ، أَوْ مَسَّ طِيبًا، أَوْ تَدَاوَى بِدَوَاءٍ، كَانَ عَلَيْهِ فِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ، أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُك (3) ، وَالصِّيَامُ: ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَالصَّدَقَةُ: ثَلَاثَةُ آصُعٍ عَلَى سِتَّةِ (4) مَسَاكِينَ، لِكُلِّ مِسْكِينٍ نصفُ صَاعٍ،

_ = وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص 59 رقم 69) عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} - قال: ليس ذلك في القتال، ولكن في النفقة، إذا لقيت العدو فقاتلهم. (1) الإِحْصَارُ: المنع والحبس، يقال: أَحْصَرَهُ: المرض أو السُّلطان: إذا منعه عن مقصده فهو مُحْصَر، وحَصَرَهُ: إذا حبسه، فهو محصور. اهـ من "النهاية في غريب الحديث" (1 / 395) . (2) الإِهْلال: هو رفع الصوت بالتلبية، يقال: أهَلَّ المحرم بالحج يُهلُّ إهلالاً: ذا لَبَّى ورفع صوته اهـ من المصدر السابق (5 / 271) . (3) النُّسُكُ: جمع نَسيكة، وهي الذبيحة. انظر المرجع السابق (5 / 48) . (4) في الأصل كتبت رقمًا: ((6)) .

والنُّسُكُ: شاة. {فَإِذَا أَمِنْتُمْ} ، يَقُولُ: إِذَا بَرَأ، فَمَضَى مِنْ وَجْهِهِ ذَلِكَ إِلَى الْبَيْتِ، أحَلَّ مِنْ حَجَّتِهِ بِعُمْرَةٍ، وَكَانَ عَلَيْهِ الحجُّ مِنْ قَابِل، فَإِنْ هُوَ رَجَعَ، وَلَمْ يُتِمَّ مِنْ وَجْهِهِ ذَلِكَ إِلَى الْبَيْتِ، كَانَ عَلَيْهِ حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ وَدَمٌ، لِتَأْخِيرِهِ الْعُمْرَةَ، فَإِنْ هُوَ رَجَعَ مُتَمَتِّعًا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، كَانَ عَلَيْهِ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ: شَاةٌ، فَإِنْ هُوَ لَمْ يَجِدْ، {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} . قَالَ إِبْرَاهِيمُ: يَجْعَلُ آخِرَ صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ يَوْمَ عَرَفَةَ. قَالَ إِبْرَاهِيمُ: فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فَقَالَ: هَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي هذا الحديث كلِّه.

_ = [287] سنده صحيح، وانظر الحديث رقم [3] فيما يتعلق بتدليس الأعمش. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 502) مختصرا وعزاه للمصنف وأبي عبيد في "الفضائل" وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري. وذكره أيضًا (1 / 512) بنحوه بتمامه وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم. وقد أخرجه أبو عبيد في "الفضائل" (ص 236 رقم 564) من طريق أبي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عن علقمة قَالَ: هِيَ قِرَاءَةُ عَبْدِ اللِّهِ: (وأتموا الحج والعمرة إلى البيت ولا تجاوزوا بالعمرة البيت) . وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" في القسم الأول من الجزء الرابع (ص262 - 263 و 294 - 295 رقم 1730 و 1933) من طريق =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = أبي معاوية، به مختصرًا، ذكر فيه أن المحصر يبعث بهديه، فإذا ذبح حلّ، فإن حلّ قبل أن يذبح فعليه دم، وذكر إبراهيم أن سعيد بن جبير حدثه عن ابن عباس بمثله. وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 129 / أوب) و (1 / ل 131 / أوب) و (1 / ل 132 / أ) ، من طريق أبي معاوية، لكنه فرّقه في هذه المواضع كلها، ولفظه نحو لفظ المصنف إلا أنه لم يذكر من قوله: ((فإن هو عجل)) إلى قوله: ((والنسك شاة)) ، ومن قوله: ((فإن هو لم يجد ... )) إلى قوله: ((يوم عرفة)) . ثم أخرجه ابن أبي حاتم أيضًا (1 / 130/ ب و 131 / ب) من طريق يحيى ابن سعيد القطان، عن سليمان الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ: {ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله} فإن عجل فحلق قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فعليه فِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أو نسك ... ، ثم ذكر قول إبراهيم لسعيد بن جبير، وهذا في الموضع الأول. أما الموضع الثاني فلفظه عن علقمة: (فإذا أمنتم) : فإذا أمن مما كان به ... ، ثم ذكر قول إبراهيم لسعيد أيضًا. وأخرجه ابن أبي شيبة في الموضع السابق من "المصنف" (ص 139 و 262 - 263 رقم 928 و 1730 و 1731) في جميع هذه المواضع من طريق أبي خالد الأحمر عن الأعمش، عن إبراهيم به مختصرًا. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 7 و 28 و 55 و 72 و 86 و 89 و 95 رقم 3185 و 3254 و 3325 و 3372 و 3415 و 3422 و 3444) من طريق عبد الله بن نمير، عن الأعمش، به نحوه بتمامه، إلا أنه قطعه في هذه المواضع. وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (2 / 250 - 251) من طريق يحيى ابن سعيد القطان عن الأعمش، به بنحوه. ولبعض الحديث طرق أخرى عن ابن عباس سيأتي تخريجها برقم [298] .

288- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا (1) ، عَنِ ابْنِ عَوْن (2) ، عَنِ الشَّعْبي، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: (وأتموا الحج والعمرةُ لله) .

_ (1) هو يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَة الهَمْداني - بسكون الميم-، أبو سعيد الكوفي، روى عن أبيه والأعمش وعاصم الأَحْوَل وعبد الله بن عون وغيرهم، روى عنه هنا سعيد بن منصور، وروى عنه أيضًا يحيى بن آدم والإمام أحمد وابن معين وابنا أبي شيبة وابن المديني وغيرهم، وهو ثقة متقن روى له الجماعة، ووثقه عيسى بن يونس وابن سعد وأحمد بن حنبل وابن معين ويعقوب بن شيبة وزاد: ((حسن الحديث)) ، ووثقه ابن المديني وقال: ((لم يكن بالكوفة بعد الثوري أثبت منه)) ، وقال العجلي: ((ثقة، وهو ممن جمع له الفقه والحديث، وكان على قضاء المدائن، ويعد من حفاظ الكوفيين للحديث، متقنًا ثبتًا صاحب سنة) ، وقال أبو حاتم ((مستقيم الحديث صدوق ثقة)) ، وقال النسائي: ((ثقة ثبت)) ، وكانت وفاته سنة اثنتين وثمانين ومائة، وقيل: ثلاث، وقيل أربع وثمانين ومائة، وله من العمر ثلاث وستون سنة اهـ من "الجرح والتعديل" (9 / 144 - 145 رقم 609) ، و"التهذيب" (11 / 208 - 210 رقم 349) و"التقريب" (ص 590 رقم 7548) . (2) هو عبد الله بن عون. [288] سنده صحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 503) وعزاه للمصنف وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي حاتم والبيهقي. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" في القسم الأول من الجزء الرابع (ص 233 رقم 1520) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 10 - 11 رقم 3204) وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 129 / ب) . والبيهقي في "سننه" (4 / 349) في الحج، باب من قال العمرة تطوع.

.. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = أما ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم فمن طريق وكيع، وأما ابن جرير فمن طريق أبي عاصم، وأما البيهقي فمن طريق وهيب، ثلاثتهم، عن ابن عون، به مثله، إلا ابن أبي شيبة فلفظه: ... عن الشعبي أنه قرأها: (وأتموا الحج) ثم قطع، ثم قال: ((والعمرة لله)) . وزاد ابن أبي حاتم: (برفع التاء) . وزاد البيهقي: ((ويقول: هي تطوع) يعني العمرة. وهذه الزيادة عند البيهقي أخرجها ابن جرير في "تفسيره" (4 / 14 رقم 3221) من طريق حماد بن سلمة، حدثنا عبد الله بن عون، عن الشعبي قال: العمرة تطوع. وأخرجه ابن جرير أيضًا (4 / 10 رقم 3202) من طريق شعبة، قال: حدثني سعيد بن أبي بُرْدَة أن الشعبي وأبا بردة تذاكرا العمرة، قال: فقال الشعبي: تطوع، (وأتموا الحج والعمرةُ لله) وقال أبو بردة هي واجبة: (وأتموا الحج والعمرةَ لله) . وأخرج ابن جرير أيضًا: (4 / 11 - 12 رقم 3209) من طريق عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ قال: سأل رجل سعيد بن جبير عن العمرة فريضة هي أم تطوع؟ قال: فريضة قال: فإن الشعبي يقول: هي تطوع؟ قال: كَذَب الشعبي، وقرأ: (وأتموا الحج والعمرة لله) . ومعنى قول سعيد بن جبير: ((كذب الشعبي)) أي أخطأ. انظر "النهاية في غريب الحديث" (4 / 159) . وهذا كله يدلّ على أن الشعبي رحمه الله ممن يذهب إلى أن العمرة تطوع وليست بواجبة. وقد روي عنه خلاف هذا ولا يصح. فأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 11 رقم 3205) . وابن حزم في "المحلى" (7 / 14) . =

289- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانة، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأصْبَهاني (1) ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِل (2) ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا فِي الْمَسْجِدِ، فَجَلَسَ إِلَيْنَا كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ، فَقَالَ: فيَّ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ} ، قَالَ: (قُلْتُ) (3) : كَيْفَ كَانَ شَأْنُكَ؟ قَالَ: خَرَجَنْا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ (عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) (4) مُحْرِمِينَ، فَوَقَعَ الْقَمْلُ فِي رَأْسِي وَلِحْيَتِي وَشَارِبِي، حَتَّى وَقَعَ فِي حَاجِبَيَّ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: مَا كُنْتُ أَرَى (أَنَّ الْجَهْدَ) (5) بَلَغَ مِنْكَ هَذَا، ادْعُ الحَالِقَ، فَجَاءَ الحالق، فحلق

_ = كلاهما من طريق مغيرة بن مقسم، عن الشعبي قال: العمرة واجبة. وصحح ابن حزم هذه الرواية وهي ضعيفه، فمع مخالفتها لما صح عن الشعبي، فإنها من رواية مغيرة بن مِقْسم، وتقدم في الحديث [54] أنه مدلس، ولم يصرح بالسماع هنا. وقد رَدَّ ابن حزم قراءة الشعبي هذه، فصحح ما يخالفها عنه، وقال (7 / 10) : ((وأما قولهم: إن الله تعالى إنما أمر بإتمامها من دخل فيها لا بابتدائها، وأن بعض الناس قرأ: (والعمرةُ لله) بالرفع، فقول كله باطل، لأنها دعوى بلا برهان ... )) ، وقال (ص 11) : ((وأما القراءة: (والعمرةُ لله) بالرفع، فقراءة منكرة، لا يحل لأحد أن يقرأ بها، وسبحان من جعلهم يلجأون إلى تبديل القرآن فيحتجّون به!)) . أ. هـ. وقال ابن جرير رحمه الله في "تفسيره" (4 / 15) : ((وأولى القراءتين بالصواب في ذلك عندنا: قراءة من قرأ بنصب (العمرة) على العطف بها على الحج، بمعنى الأمر بإتمامها له ... ، هذا مع إجماع الحجة على قراءة: (العمرة) بالنصب، ومخالفة جميع قَرَاة الأمصار قراءةَ من قرأ ذلك رفعًا، ففي ذلك مستغنىً عن الاستشهاد على خطأ من قرأ ذلك رفعًا)) . أ. هـ. والله أعلم. (1) هو عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بن الأصْبَهاني الكوفي الجُهَني، روى عن أنس =

رَأْسِي، فَقَالَ: هَلْ تَجِدُ مِنْ نَسِيْكَة؟ قُلْتُ: لَا - وَهِيَ شَاةٌ -، قَالَ: فَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ ثَلَاثَةَ آصُعٍ بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ، قَالَ: وَأُنْزِلَتْ فيَّ خَاصَّةً، وهي للناس عامّة.

_ = وأبي حازم الأشْجعي وعكرمة وعبد الرحمن بن أبي ليلى والشعبي وعبد الله بن معقل بن مُقَرِّن وغيرهم، روى عنه إسماعيل بن أبي خالد وشعبة والثوري، وأبو عوانة وضَّاح بن عبد الله وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة الرابعة، وممن روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص 345 رقم 3926) ، فقد وثقه ابن معين والعجلي وأبو زرعة والنسائي، وقال أبو حاتم: ((لا بأس به)) اهـ من "الجرح والتعديل" (5 / 255 رقم 1207) و"التهذيب" (6 / 217 رقم 436) . (2) هو ابن معقل بن مُقَرِّن، تقدم في الحديث [103] أنه ثقة. (3) في الأصل تشبه أن تكون: ((كنت)) ويظهر أن الناسخ حاول إصلاحها فزادها غموضًا والتصويب من الموضع الآتي من "أسباب النزول" للواحدي حيث روى الحديث من طريق المصنف. (4) و (5) ما بين القوسين سقط من الأصل فأثبته من "أسباب النزول" للواحدي. [289] سنده صحيح، وقد أخرجه البخاري ومسلم كما سيأتي. والحديث أخرجه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 54 - 55) من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال: ((فيَّ أنزلت)) ، و ((ادعوا الحالق)) و: ((فأنزلت فيّ)) ، وهو اختلاف يسير. والحديث له عن كعب بن عجرة سبع طرق: (1) طريق عبد الله بن معقل، عنه. وهو الذي أخرجه المصنف هنا من طريق أبي عوانة، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ، عنه. وأخرجه مسدد في "مسنده" كما في "فتح الباري" (4 / 18) من طريق أبي عوانة، به نحوه. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ومن طريق مسدد أخرجه الطبراني في "الكبير" (19 / 136 - 137 رقم 300) . وأخرجه الطيالسي في "مسنده" (ص 134 رقم 1062) . وأحمد في "المسند" (4 / 242) . والبخاري في "صحيحه" (4 / 16 رقم 1816) في المحصر، باب الإطعام في الفدية نصف صاع، و (8 / 186 رقم 4517) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير، باب {فمن كان منكم مريضًا ... } . ومسلم في "صحيحه" (2 / 861 - 862 رقم 85) في الحج، باب جواز حلق الرأس للمحرم إذا كان به أذى. وابن ماجه في "سننه" (2/ 1028 - 1029 رقم 3079) في المناسك، باب فدية المحصر. والنسائي في "تفسيره" (1 / 242 - 243 رقم 51) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 60 رقم 3338) . وابن أبي حاتم (1 / ل 131 / أ) . والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3 / 119 - 120) . والطبراني في "الكبير" (19 / 136 رقم 299) . والبيهقي في "سننه" (5 / 55) في الحج، باب من احتاج إلى حلق رأسه للأذى. جميعهم من من طريق شعبة، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ، به نحوه. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" في القسم الأول من الجزء الرابع (ص 249 رقم 1635) من طريق زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ عبد الرحمن بن الأصبهاني، به نحوه. ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه مسلم في الموضع السابق من "صحيحه" برقم (86) . والطبراني في "الكبير" (9 / 137 رقم 302) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 242 - 243) . وابن جرير (4 / 60 رقم 3337) . والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3 / 120) . ثلاثتهم من طريق سفيان الثوري، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ، به مختصرًا. وأخرجه الإمام أحمد أيضًا (4 / 243) من طريق سليمان بن قرم، عن عبد الرحمن ابن الأصبهاني، به نحوه. وأخرجه ابن جرير (4 / 61 رقم 3339) من طريق شريك عن ابن الأصبهاني، به نحوه. وأخرجه الطبراني في الموضع السابق برقم (301) من طريق قيس بن الربيع، عن ابن الأصبهاني، به نحوه. وأخرجه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 52) من طريق إسرائيل، عن ابن الأصبهاني به مختصرًا. (2) طريق محمد بن كعب القرظي، عن كعب بن عجرة. أخرجه الشافعي في "سننه" (2 / 96 رقم 452) . وابن ماجه في الموضع السابق من "سننه" برقم (3080) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 67 رقم 54 و 55) . والطحاوي في الموضع السابق. جميعهم من طريق أسامة بن زيد الليثي، عن محمد بن كعب، به نحوه مختصرًا. (3) طريق يحيى بن جَعْدَة، عن كعب بن عجرة. أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 242) . والطحاوي في الموضع السابق. كلاهما من طريق ابن جريج، قال: أخبرني عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ يَحْيَى بن جعدة، عن كعب بن عجرة، به نحوه، إلا أن لفظ الإمام أحمد مختصر. (4) طريق أبي وائل شقيق بن سلمة، عن كعب بن عجرة. أخرجه النسائي في "سننه" (5 / 195) في مناسك الحج، باب في المحرم يؤذيه =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = القمل في رأسه وابن جرير في "تفسيره" (4 / 67 - 68 رقم 3356) . والطبراني في "الكبير" (19 / 106 رقم 213) . ثلاثتهم من طريق الزبير بن عدي، عن أبي وائل، عن كعب، به نحوه مختصرًا. (5) طريق سليمان بن محمد بن كعب، عن جده كعب بن عجرة، وهو الآتي برقم [296] . (6) طريق عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عن كعب بن عجرة، وهو الآتي برقم [290 و 291 و292 و293] وهو مروي في "الصحيحين". (7) طريق عامر الشَّعْبي، عن كعب بن عجرة. واختلف فيه على الشعبي. فأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 243) . والترمذي في "سننه" (8 / 314 - 315 رقم 4056) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير. وابن جرير في "تفسيره" (4 / 59 و 70 رقم 3336 و 3364) . ثلاثتهم من طريق أَشْعث بن سوّار الكندي، عن الشعبي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ، عن كعب بن عجرة، بنحوه. وأَشْعَثُ بن سَوَّار الكِنْدي، النَّجَّار الأَفْرَق الأَثْرَم صاحب التَّوَابِيت، قاضي الأَهْوَاز، يروي عن الحسن البصري وعامر الشَّعْبي، وعكرمة وغيرهم، روى عنه شعبة والثوري وهشيم وغيرهم، وهو ضعيف؛ كان يحيى القطان وعبد الرحمن ابن مهدي لا يحدثان عنه، وكان عبد الرحمن يخط على حديثه وقال الإمام أحمد: ((هو أمثل في الحديث من محمد بن سالم، ولكنه على ذلك ضعيف الحديث)) ، وضعفه ابن سعد والعجلي وأبو داود والنسائي والدارقطني، وقال ابن حبان: ((فاحش الخطأ كثير الوهم)) ، وكانت وفاته سنة ست وثلاثين ومائة. اهـ من "الجرح والتعديل" (2 / 271 - 272 رقم 978) و"الكامل" لابن عدي =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = (1 / 362 - 365) و"التهذيب" (1 / 352 - 354 رقم 645) و"التقريب" (ص113 رقم 524) . ومع ضعف أشعث، فقد خالفه من هو أوثق منه. فأخرجه إبراهيم بن طهمان في "مشيخته" (ص 205 - 206 رقم 167) عَنْ مُغِيرَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ كعب بن عجرة، به نحوه. ومغيرة بن مقسم تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن مدلس، ولم يصرح بالسماع هنا، لكن تابعه داود بن أبي هند، وهو ثقة حافظ كما في ترجمته في الحديث [63] . فالحديث أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (ص 75) . ومن طريقه الطبراني في "الكبير" (19 / 118 رقم 248) . وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 234) . وأبو داود في "سننه" (2 / 431 - 432 رقم 1858) في المناسك، باب في الفدية. وابن جرير في "تفسيره" (4 / 58 - 59 رقم 3334 و 3335) . والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3 / 120) . والطبراني في "الكبير" (19 / 117 - 118 رقم 245 و 246 و 247 و 249) . أما عبد الرزاق فمن طريق معمر، وأما الإمام أحمد فمن طريق ابن عُلَيَّة ومحمد ابن أبي عدي، وأما أبو داود فمن طريق عبد الوهاب الثقفي ويزيد بن زريع، وأما ابن جرير فمن طريق يزيد بن زريع وخالد الطحان، وأما الطحاوي فمن طريق وهيب، وأما الطبراني فمن طريق وهيب وبشر بن المفضل وزهير بن إسحاق وشعبة، جميع هؤلاء رووه عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عن الشعبي، عن كعب، به نحوه، وقد صرح الشعبي بسماعه من كعب في رواية وهيب وبشر وزهير. وخالف هؤلاء جميعًا حماد بن سلمة، فرواه عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ =

= ابن أبي ليلى، عن كعب، به مختصرًا. أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 243) . وأبو داود في الموضع السابق برقم (1857) . والطبراني في "الكبير" (19 / 117 رقم 244) . والبيهقي في "سننه" (5 / 185) في الحج، باب هل لمن أصاب الصيد أن يفديه بغيرالنعم. ورواه يزيد بن هارون عن داود، واختلف على يزيد. فأخرجه الدارقطني في "سننه" (2/ 299 رقم 283) من طريق أحمد بن سنان عن يزيد، عن داود، عن عامر الشعبي، عن كعب، به نحوه، فوافق رواية الأكثر عن داود. ورواه الطبراني في الموضع السابق برقم (243) من طريق إدريس بن جعفر العطّار، عن يزيد، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عن كعب، به نحوه، في روايته حماد بن سلمة. وحماد بن سلمة تقدم في الحديث [82] أنه ثقة عابد تغير حفظه في الآخر، ومع هذا خالف من هو أوثق منه وأكثر عددًا، وعليه فالراجح أنه عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ كعب. وقد يكون الشعبي تلقَّاه عن ابن أبي ليلى، لكن يعكِّر عليه رواية وهيب وبشر وزهير، عن داود، عن الشعبي، وفيها تصريح الشعبي بسماعه للحديث من كعب. وفي "تاريخ ابن معين" (2 / 286 رقم 2561) قيل له: ((سمع الشعبي من كعب ابن عجرة؟ قال: سمع من عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عن كعب بن عجرة)) . وقال ابن عبد البر في "التمهيد" (2 / 236) ((من روى الحديث عن أبي قلابة، عن كعب بن عجرة، أو: عن الشعبي، عن كعب بن عجرة فليس بشيء، والصحيح فيه: عن أبي قلابة، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ. =

290- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا أَبُو بِشْر (1) ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ: نَزَلَتْ فِيَّ هَذِهِ الْآيَةُ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالحُدَيْبِيَة (2) ، وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ، وَقَدْ حَصَرَنا الْمُشْرِكُونَ، وَكَانَتْ لِي وَفْرَة (3) ، فَجَعَلَتِ الْهَوَامُّ تَسَاقط عَلَى وَجْهِي، فَنَزَلَتْ: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} ،

_ = وأما الشعبي فاختلف فيه عليه فرواه بعضهم عنه، عن عبد الرحمن، عن كعب ابن عجرة، وبعضهم جعله عن الشعبي، عن كعب بن عجرة، وبعضهم عنه، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ، عن كعب بن عجرة، وبعضهم جعله عن الشعبي، عن كعب بن عجرة، ولم يسمع الشعبي من كعب بن عجرة، ولا سمعه أبو قلابة من كعب بن عجرة، والله أعلم)) اهـ. وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (4 / 13) ((وجاء عن أبي قلابة والشعبي أيضًا عن كعب وروايتهما عن أحمد، لكن الصواب أن بينهما واسطة، وهو ابن أبي ليلى على الصحيح)) اهـ. قلت: أما رواية أبي قلابة فنعم، وسيأتي الكلام عنها في الحديث رقم [293] . وأما رواية الشعبي فما الذي يمنع أن تكون عن كعب بلا واسطة، وقد رواه عن الشعبي ثقتان: مغيرة وداود، ورواه عن داود عشرة كلهم اتفقوا على أنه عن الشعبي عن كعب، وفيهم أئمة حفاظ أمثال شعبة ومعمر وابن علية وخالد الطحان وغيرهم، وصرح ثلاثة منهم بسماع الشعبي له من كعب، فيستحيل أن ندع رواية هؤلاء كلهم لرواية حماد بن سلمة وفيه ما فيه، والله أعلم. (1) هو جعفر بن إياس، تقدم في الحديث [121] أنه ثقة. (2) الحُدَيْبِيَة - بضم الحاء، وفتح الدال، وياء ساكنة، وباء موحدة مكسورة، وياء منهم من شددها، ومنهم من خففها-: قرية متوسطة ليست بالكبيرة بين مكة والمدينة، وهي إلى مكة أقرب، بل إن بعضها في الحرم، وسميت بذلك ببئر =

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أيُؤْذِيكَ هَوَامُّ رَأْسِكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَاحْلِقْ، وَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مساكين، أو انْسُكْ نَسِيكَة.

_ = عند مسجد الشجرة التي بايع رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم تحتها. / انظر "معجم البلدان" (2 / 229) . (3) الوَفْرَةُ: شعر الرأس إذا وصل إلى شحمة الأذن. اهـ من "النهاية في غريب الحديث" (5 / 210) . [290] سنده صحيح، وقد أخرجه البخاري من طريق هشيم، عن أبي بشر، وأخرجه هو ومسلم من طريق أخرى عن مجاهد كما سيأتي. والحديث مداره على عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، يرويه عن كعب بن عجرة. وله عن عبد الرحمن خمس طرق: (1) طريق مجاهد، عنه: وله عن مجاهد ثلاثة عشر طريقًا: أ - طريق أبي بشر جعفر بن إياس، عنه. وهو الذي أخرجه المصنف هنا من طريق هشيم عنه وأخرجه الطيالسي في "مسنده" (ص 143 رقم 1065) . وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3 / 120) . وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 241) . ومن طريقه وطريق آخر أخرجه الطبراني في "الكبير" (19 / 109 رقم 219) . وأخرجه البخاري في "صحيحه" (7 / 457 رقم 4191) في المغازي، باب غزو الحديبية. والترمذي في "سننه" (8 / 314 رقم 4055) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير. وابن جرير في "تفسيره" (4 / 64 رقم 3348) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = جميعهم من طريق هشيم، به نحوه. وأخرجه الطيالسي مقرونًا بالرواية السابقة، من طريق أبي عوانة، عن أبي بشر. وأخرجه الطحاوي في الموضع السابق. والطبراني في "الكبير" (19 / 108 رقم 218) . وابن عبد البر في "التمهيد" (2 / 235) . ثلاثتهم من طريق شعبة، عن أبي بشر نحوه. ب - طريق عبد الكريم الجزري، عن مجاهد. أخرجه الشافعي في "سننه" (2 / 100 رقم 457) . ومن طريقه وطريق آخر أخرجه البيهقي في "سننه" (5 / 55) في الحج، باب من احتاج إلى حلق رأسه للأذى حلقة وافتدى. وأخرجه مسلم في "صحيحه" (2 / 861 رقم 83) في الحج، باب جواز حلق الرأس للمحرم إذا كان به أذى. والترمذي في "سننه" (4 / 25 - 26 رقم 960) في الحج، باب ما جاء في المحرم يحلق رأسه في إحرامه ما عليه. والطبراني في "الكبير" (19 / 114 رقم 236) . جميعهم من طريق سفيان بن عيينة، عن عبد الكريم الجزري، عن مجاهد، به نحوه، إلا أن لفظ الباقين أتم من لفظ الشافعي. وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3 / 120) . والطبراني (19 / 110 رقم 222) . كلاهما من طريق عبيد الله بن عمرو، عن عبد الكريم، عن مجاهد، به نحوه، ولم يذكر اسم الحديبية، وإنما قال: ((في عمرة)) . ورواه الإمام مالك بن أنس، عن عبد الكريم، واختلف على مالك. فرواه بعضهم عنه، عن عبد الكريم، عن مجاهد عن ابن أبي ليلى. ورواه بعضهم عنه، فأسقط مجاهدًا من الإسناد. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = فالحديث في "موطأ الإمام مالك" برواية محمد بن الحسن الشيباني (ص 169 رقم 504) . قال: أخبرنا مالك، حدثنا عبد الكريم الجوزري، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بن عجرة أنه كان مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم محرمًا، فآذاه القمل في رأسه، فأمره رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم أن يحلق رأسه، وقال: ((صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَطْعِمْ ستة مساكين، مُدَّيْن مدين، أو انسك شاة، أي ذلك فعلت أجزأ عنك)) . وكذا هو في "الموطأ" برواية ابن القاسم (ص 409 رقم 397) ، إلا أنه قال: ((مُدَّيْن مُدَّيْن لكل إنسان)) . ومن طريق ابن القاسم أخرجه النسائي في "سننه" (5 / 194 - 195) في مناسك الحج، باب في المحرم يؤذيه القمل في رأسه. ورواه إبراهيم بن طهمان في "مشيخته" (ص 206 رقم 168) عن مالك. والإمام أحمد في"المسند" (4 / 241) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن مالك. والبيهقي في الموضع السابق من "سننه" (5 / 55) من طريق الحسين بن الوليد، عن مالك. وأخرجه ابن الجارود في "المنتقى" (2 / 80 - 81 رقم 450) . وابن جرير في "تفسيره" (4 / 65 رقم 3351) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 131 / أ) . والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3 / 120) . والبيهقي في "سننه" (5 / 169) في الحج، باب التخيير في فدية الأذى. جميعهم من طريق ابن وهب، عن مالك. وجميع هؤلاء - إبراهيم بن طهمان، وعبد الرحمن بن مهدي، والحسين بن الوليد، وعبد الله بن وهب-، رووه عن مالك، عن عبد الكريم الجزري، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن أبي ليلى، به، فوافقوا محمد بن الحسن وابن القاسم في روايته عن مالك. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = قال البيهقي في الموضع الأول: ((جوَّده الحسين بن الوليد النيسابوري عن مالك، وكذلك رواه ابن وهب عن مالك. ورواه جماعة عن مالك دون ذكر مجاهد في إسناده)) . وقال في الموضع الثاني: ((هذا هو الصحيح، وقد رواه مالك مرة أخرى عن عبد الكريم الجزري، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ليلى دون ذكر مجاهد في إسناده)) اهـ. وقد رواه الطبراني في "الكبير" (19 / 109 - 110 رقم 221) من طريق مُطَرِّف بن عبد الله، وعبد الله بن مَسْلمة القَعْنَبِي وعبد الله بن يوسف ويحيى بن بكير ومصعب الزُّبيري، جميعهم قرنهم في رواية واحدة، عن مالك عن عبد الكريم، عن مجاهد، عن ابن أبي ليلى، به. والصواب في رواية هؤلاء الذين أخرج الطبراني الحديث من طريقهم أنها بإسقاط مجاهد، فقد نقل الكاندهلوي في "أوجز المسالك" (8 / 117) عن ابن عبد البر أنه قال: ((الحديث هكذا - يعني بإسقاط مجاهد - ليحيى وأبي مصعب وابن بكير والقعنبي ومطرف والشافعي ومعن وسعيد بن عفير وعبد الله بن يوسف ومصعب ومحمد بن المبارك الصوري، ورواه ابن وهب وابن القاسم عن مالك، عن عبد الكريم الجزري، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وهو الصواب، ومن أسقط مجاهدًا فأخطأ، فإن عبد الكريم لم يلق ابن أبي ليلى ولا رآه. وزعم الشافعي أن مالكًا هو الذي وهم في إسقاط مجاهد، وذكر الطحاوي أن القعنبي رواه عن مالك بإثباته، وكذا رواه عن مكي بن إبراهيم)) اهـ. وانظر "فتح الباري" (4 / 113) . والحديث في "الموطأ" برواية يحيى بن يحيى الليثي وتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي (1 / 417 رقم 237) في الحج، باب فدية من حلق قبل أن ينحر، عن مالك عن عبد الكريم، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، به دون أن يذكر مجاهدًا في إسناده. وقد أخرج الحديث الشافعي في "سننه" (2 / 96 - 97 رقم 453) عن مالك. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأبو داود في "سننه" (1 / 433 رقم 1861) في المناسك، باب في الفدية، من طريق القنعبي عن مالك. ومن طريق أبي داود أخرجه البيهقي في الموضع السابق (5/ 169) . وأخرجه البيهقي أيضًا (5 / 169 - 170) من طريق عبد الله بن يوسف ويحيى بن بكير. جميعهم - الشافعي والقعنبي وعبد الله بن يوسف ويحيى بن بكير-، عن مالك، عن عبد الكريم الجزري، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، به ليس فيه ذكر لمجاهد. وكذا هو في "الموطأ" برواية سويد بن سعيد (ص 185) ، ذكر الشيخ أحمد محمد شاكر رحمه الله في حاشيته في "تفسير الطبري" (4/ 65) أن عنده منه مصورة عن مخطوطة عتيقة نفيسة. قال الإمام الشافعي رحمه الله عقب إخراجه للحديث: ((غلط مالك بن أنس في الحديث، الحفاظ حفظوه عن عبد الكريم، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بن عجرة)) ، ثم أخرجه من طريق سفيان بن عيينة، عن عبد الكريم كما سبق. وقال البيهقي بعد أن رواه من طريق القعنبي وعبد الله بن يوسف ويحيى بن بكير عن مالك بإسقاط مجاهد: ((وفي بعض هذه العرضات سمعه الشافعي رحمه الله في جماعة من أصحاب "الموطأ" دون العرضة التي شهدها ابن وهب. ثم إن الشافعي تنبه له في رواية المزني وابن عبد الحكم عنه فقال ... )) ، ثم ذكر كلام الشافعي السابق، ثم قال: ((وإنما غلط في هذا بعض العرضات، وقد رواه في بعضها على الصحة)) اهـ. ج - طريق حميد بن قيس، عن مجاهد. أخرجه مسلم والترمذي والطبراني والبيهقي من طريق سفيان بن عيينة، عن حميد ابن قيس، عن مجاهد، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ كعب به مقرونًا برواية سفيان =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = للحديث عن عبد الكريم الجزري السابقة. وأخرجه مالك في "الموطأ" (1 / 417 رقم 238) عن حميد بن قيس، عن مجاهد أبي الحجاج، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له: ((لعلّه آذاك هوامك؟)) فقلت: نعم يا رسول اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم: ((إحلق رأسك، وَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ ستة مساكين، أو انسك بشاة)) . وأخرجه الشافعي في "سننه" (2 / 98 رقم 454) عن مالك، به. ومن طريق الشافعي أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3 / 120) . وأخرجه البخاري في "صحيحه" (4 / 12 رقم 1814) في المحصر، باب قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نسك} . والبيهقي في الموضع السابق من "سننه" (5 / 54 - 55) . كلاهما من طريق عبد الله بن يوسف، عن مالك، به. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (19 / 109 رقم 220) من طريق مُطَرِّف والقعنبي وعبد الله بن يوسف ومصعب الزبيري ويحيى بن بُكَيْر، كلهم عن مالك، به. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 66 رقم 3352) من طريق عبد الله ابن وهب، عن مالك، عن حميد بن قيس، عن مجاهد، عن كعب بن عجرة به هكذا بإسقاط ابن أبي ليلى من الإسناد خلافًا لما رواه عن مالك ممن تقدم ذكرهم. ووافق ابن وهب على روايته على هذا الوجه ابن القاسم وابن عفير. قال ابن عبد البر في "التمهيد" (2 / 233) : ((هكذا روى يحيى هذا الحديث عن مالك بهذا الإسناد متصلاً، وتابعه القعنبي والشافعي وابن عبد الكريم وعتيق بن يعقوب الزبيري، وابن بكير وأبو مصعب، وأكثر الرواة، وهو الصواب. ورواه ابن وهب وابن القاسم وابن عفير عن مالك، عن حميد بن قيس، عن مجاهد، عن كعب بن عجرة، لم يذكروا ابن ابي ليلى ... ، والحديث لمجاهد عن ابن أبي ليلى =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = صحيح لا شك فيه، عند أهل العلم بالحديث ... ، وهو الصحيح من رواية حميد ابن قيس وعبد الكريم الجزري، عن مجاهد، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ كعب بن عجرة)) اهـ. د - طريق عبد الله بن عون، عن مجاهد. أخرجه البخاري في "صحيحه" (11 / 593 - 594 رقم 6708) في كفارات الأيمان، باب قول الله تَعَالَى: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} . ومسلم في "صحيحه" (2 / 860 رقم 81) في الحج، باب جواز حلق الرأس للمحرم إذا كان به أذى. والنسائي في "تفسيره" (1 / 240 رقم 50) . وابن جرير في "تفسيره" (4 / 62 رقم 3342) . والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3 / 120) . والطبراني في "الكبير" (19 / 112 - 113 رقم 230 و 231) . والبيهقي في "سننه" (5 / 169) . وابن عبد البر في "التمهيد" (2 / 237) . والواحدي في "أسباب النزول" (ص 52) . جميعهم من طريق ابن عون، عن مجاهد، عن عبد الرحمن بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ ابن عجرة قال: في أنزلت هذه الآية، فأتيت النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: ((ادن)) ، فدنوت - مرتين أو ثلاثًا - فقال: ((أيؤذيك هوامك؟)) قال ابن عون: وأظنه قال: نعم، فأمرني بصيام أو صدقة أو نسك، ما تيسر. قال ابن عون: فنسيت ما قال في الصيام والصدقة، فذاكرت أيوب السختياني، فقال: قد سمعت هذا الحديث منه - يعني من مجاهد - قلت: كيف هو؟ قال: صيام ثلاثة أيام، أو صدقة على ستة مساكين، أو نسك ما تيسر، وكان أيوب يقول: إنه قال ((أيؤذيك هوام رأسك)) ؟. هذا لفظ الطبراني، وهو أتمّ، ولم يذكر مسلم، ولا ابن جرير، ولا الطحاوي، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ولا ابن عبد البر، ولا الواحدي سؤال ابن عون لأيوب. هـ - طريق سيف بن سليمان المخزومي، عن مجاهد. أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 243) . والبخاري في "صحيحه" (4 / 16 رقم 1815) في المحصر، باب قول الله تعالى {أو صدقة} . ومسلم في الموضع السابق برقم (82) . وابن جرير (4 / 63 رقم 3345) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / 131 / أ) . والطبراني في "الكبير" (19 / 115 - 116 رقم 239 و 240) . والدارقطني في "سننه" (2 / 298 - 299 رقم 282) . جميعهم من طريق سيف بن سليمان، عن مجاهد، به نحوه. و طريق صالح أبي الخليل، عن مجاهد، به نحوه. أخرجه ابن جرير (4 / 62 - 63 رقم 3343 و 3344) . والطبراني في "الكبير" (19 / 115 رقم 238) . ز - طريق عبد الله بن كثير، عن مجاهد، به نحوه. أخرجه الطبراني أيضًا (19 / 107 رقم 215) . والدارقطني في الموضع السابق برقم (281) . ج - طريق أبي الزبير، عن مجاهد، به نحوه. أخرجه الطبراني في "الكبير" (19 / 108 رقم 217) . وفي "الأوسط" (2 / 483 رقم 1833) . وابن عبد البر في "التمهيد" (2 / 238) . ط - طريق عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، به نحو مختصرًا. أخرجه الطبراني في "الكبير" (19 / 115 رقم 237) .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ي - طريق أبان بن صالح، عن مجاهد، به نحوه. أخرجه الطبراني أيضًا (19 / 108 رقم 216) . ك، ل - طريقا ابن أبي نجيح وأيوب السختياني، عن مجاهد، وسيأتي تخريجهما برقم [291] . م - طريق مغيرة، عن مجاهد، وسيأتي تخريجه برقم [292] . (2) طريق أبي قلابة، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ليلى، عن كعب، وسيأتي تخريجه برقم [293] . (3) طريق الحكم بن عتيبة، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ كعب، به نحوه. أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 241 - 242 و 243) . وأبو داود في "سننه" (2 / 432 رقم 1860) في المناسك، باب في الفدية والطبراني في "المعجم الكبير" (19 / 121 رقم 257 و 258) . ومن طريق أبي داود أخرجه: البيهقي في "سننه" (5 / 55) . وابن عبد البر في "التمهيد" (2 / 234 - 235) . (4) طريق ربيعة بن أبي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ أَبِي ليلى، عن كعب، به مختصرًا. أخرجه الطبراني في "الكبير" (19 / 120 رقم 255) . (5) طريق عطاء بن عبد الله الخراساني، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ كعب. أخرجه الإمام مالك في "الموطأ" (1 / 417 - 418 رقم 239) عن عطاء بن عبد الله الخراساني أنه قال: حدثني شيخ بسوق البُرَم بالكوفة، عن كعب بن عجرة، أنه قال: جاءني رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم وأنا أنفخ تحت قدر لأصحابي، وقد امتلأ رأسي ولحيتي قملاً، فأخذ بجبهتي، ثم قال: ((احلق هذا الشعر، وَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ ستة مساكين)) ، وقد كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم علم أنه ليس عندي ما أنسك به. كذا قال عطاء ولم يذكر أن الذي حدثه هو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، لكن قال ابن عبد البر: ((ويحتمل أن يكون عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، أو عبد الله بن معقل)) . =

291- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، نا ابْنُ أَبِي نَجِيح، وَأَيُّوبُ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَة، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِهِ وَهُوَ يُوقد تَحْتَ قدرٍ لَهُ، والقَمْلُ يَتَهَافَتُ (1) عَلَى وَجْهِهِ، فَقَالَ: أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّك؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: احْلِقْ رَأْسَكَ، وانْسُكْ نَسِيكَة، أَوْ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ فَرَقًا (2) بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ. حَدَّثَنَا سَعِيدٌ؛ قَالَ: وَقَالَ سُفْيَانُ، قَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ: اذْبَحْ شَاةً (وَقَالَ) (3) أَيُّوبُ: انْسُكْ نَسِيكَةً (4) .

_ = نقله الحافظ ابن حجر في "الفتح" (4 / 13) عنه. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (19 / 120 - 121 رقم 256) من طريق عبد الله ابن يوسف، ومصعب الزبيري، والقعنبي، ثلاثتهم عن مالك، به، وجزم الطبراني بأن المبهم هو ابن أبي ليلى، حيث بوّب على الحديث بقوله: ((عطاء الخراساني، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ كعب بن عجرة)) ، ثم ذكره. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 66 - 67 رقم 3353) من طريق ابن وهب، عن مالك، به. وقال الشيخ أحمد محمد شاكر رحمه الله في تعليقه على الحديث بعد أن نقل قول ابن عبد البر السابق: ((ويحتمل أن يكون غيرهما، فالإسناد منقطع حتى نَسْتَيْقِن مَنْ هذا المبهم؟)) . وقد روي الحديث عن الشعبي، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ كعب، وليس بشيء، وسبق بيان ذلك في الحديث السابق، وأن الصواب فيه: ((الشعبي، عن كعب)) ، بلا واسطة، والله أعلم. (1) أي يتساقط كما في "النهاية في غريب الحديث" (5 / 266) . (2) الفَرَقُ - بالتحريك -: مكيال يسع ستة عشر رطلاً، وهو اثنا عشر مُدًّا، أو ثلاثة أصع عند أهل الحجاز. اهـ. من الموضع السابق (3 / 437) .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ (3) في الأصل: ((قال)) . (4) معناه: أن سفيان بن عيينة بيَّنَ الفرق بين لفظي أيوب بن أبي تَميمة السَّخْتياني وعبد الله بن أبي نجيح، فابن أبي نجيح قال في لفظه: ((اذبح شاة)) ، وأيوب قال: ((أنسك نسيكة)) ، فيكون السياق الأول للفظ أيوب. [291] سنده صحيح. وأخرجه الحميدي في "مسنده" (2 / 310 رقم 709 و 710) . ومسلم في "صحيحه" (2 / 861 رقم 83) في الحج، باب جواز حلق الرأس للمحرم إذا كان به أذى. والترمذي في "سننه" (4 / 25 - 26 رقم 960) في الحج، باب ما جاء في المحرم يحلق رأسه في إحرامه، ما عليه. وابن جرير في "تفسيره" (4 / 63 رقم 3346) . والطبراني في "الكبير" (19 / 114 رقم 236) . والبيهقي في "سننه" (5 / 55) في الحج، باب من احتاج إلى حلق رأسه للأذى حلقه وافتدى. جميعهم من طريق سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ وأيوب السِّخْتياني، به نحوه. وأخرجه الشافعي في "سننه" (2 / 99 رقم 455) . وأحمد في "المسند" (4 / 243) . كلاهما من طريق سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ وحده، به نحوه. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (19 / 115 رقم 237) من طريق سفيان بن عيينة، عن أيوب وقرن معه عمرو بن دينار، كلاهما عن مجاهد، به نحوه. وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 242) . وابن خزيمة في "صحيحه" (4 / 196 رقم 2677) . كلاهما من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد، به نحوه. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ومن طريق الإمام أحمد أخرجه الطبراني في "الكبير" (19 / 112 رقم 229) . والحديث في "تفسير مجاهد" من رواية وَرْقاء، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد (ص 100) بنحوه. ومن طريق ورقاء أخرجه كل من: البخاري في "صحيحه" (4 / 18 رقم 1818) في المحصر، باب: النسك شاة، و (7 / 444 - 445 رقم 4159) في المغازي، باب غزوة الحديبية. وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 131 / أ) . والطبراني في "الكبير" (19 / 111 رقم 226) . والدراقطني في "سننه" (2 / 298 رقم 279) . والفريابي في "تفسيره" والإسماعيلي وأبو نعيم في "مستخرجيهما" كما في "الفتح" (4 / 19) . وأخرجه البخاري في الموضع السابق رقم (1817) . وابن خزيمة في "صحيحه" (4 / 196 - 197 رقم 2678) . والطبراني في "الكبير" (19 / 110 رقم 224) . والإسماعيلي في "مستخرجه" كما في الموضع السابق من "الفتح". جميعهم من طريق شِبْل، عن ابن أبي نجيح، به نحوه. وأخرجه البخاري أيضًا (10 / 123 رقم 5665) في المرضى، باب ما رخص للمريض أن يقول: إني وجع، أو: وارأساه. وابن خزيمة في "صحيحه" (4 / 196 رقم 2677) . والطبراني في الموضع السابق رقم (223) . والدارقطني في الموضع السابق رقم (282) . ومن طريق الدارقطني أخرجه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 54) . جميعهم من طريق سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي نجيح، به نحوه، ولفظ البخاري مختصر. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأخرجه مُسَدَّد في "مسنده" كما في "فتح الباري" (4 / 15) من طريق عبد الوارث، عن ابن أبي نجيح، به نحوه. ومن طريق مسدد أخرجه الطبراني في الموضع السابق رقم (225) . وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 64 رقم 3347) . والطبراني برقم (228) . كلاهما من طريق عيسى بن ميمون، عن ابن أبي نجيح، به نحوه. وأخرجه الطبراني أيضًا برقم (227) من طريق مسلم الزَّنْجِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، به نحوه. وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 75) من طريق معمر، عن أيوب، عن مجاهد، به نحوه. وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 75) من طريق معمر، عن أيوب عن مجاهد به نحوه. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه: الإمام أحمد في "المسند" (4 / 244) . ومن طريق الإمام أحمد أخرجه: الطبراني في "الكبير" (19 / 114 رقم 235) . وأخرجه البخاري في "صحيحه" (7 / 457 رقم 4190) في المغازي، باب غزوة الحديبية و (10 / 154 رقم 5703) في الطب، باب الحلق من الأذى. ومسلم في الموضع السابق (2 / 859 - 860 رقم 80) . والطبراني في "الكبير" (19 / 113 رقم 232) . والبيهقي في "سننه" (5 / 242) في الحج، باب لا يأكل من كل هدي كان أصله واجبًا عليه. وابن عبد البر في "التمهيد" (2 / 237) . جميعهم من طريق حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عن مجاهد، به نحوه. وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 241) . ومسلم في الموضع السابق. =

292- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، قَالَ: نا مُغيرة، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَ كَعْبُ بْنُ عُجْرَة: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَفِيَّ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، وَلإِيَّايَ عَنَى بِهَا: {فَمَنْ (1) كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} ؛ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بالحُدَيْبِيَة وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ، وَقَدْ حَصَرَنا الْعَدُوُّ، وَكَانَتْ (لي) (2) وَفْرَة، فكانت الهَوَامُّ

_ = والترمذي (8 / 315 رقم 4057) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير. وابن جرير في "تفسيره" (4 / 62 رقم 3341) . والطبراني في "الكبير" (19 / 114 رقم 234) . جميعهم من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عُلَيَّة، عن أيوب، به نحوه. وأخرجه الطبراني مقرونًا بالرواية السابقة من طريق حماد بن سلمة، عن أيوب. وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3 / 120) . والطبراني في الموضع السابق برقم (233) . والدارقطني في "سننه" (2 / 298 رقم 280 و 282) . ثلاثتهم من طريق سفيان الثوري، عن أيوب، به نحوه. وأخرجه الطحاوي في الموضع السابق من طريق وُهيب، عن أيوب، مقرونًا برواية سفيان الثوري السابقة. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 61 رقم 3340) من طريق يزيد ابن زريع، عن أيوب، عن مجاهد، به نحوه. وقد رواه عبد الله بن عون عن أيوب، وروايته مقرونة بروايته للحديث عن مجاهد، وسبق ذكرها في الحديث رقم [290] ، الطريق رقم (د) عن مجاهد. (1) في الأصل: ((من)) . (2) في الأصل: ((له)) . =

تَسَاقَط عَلَى وَجْهِي، فَمَرَّ بِيَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: ((كَانَ هَوَامَّ رَأَسِك تُؤْذِيكَ؟)) ، قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: ((فَاحْلِقْ)) وَنَزَلَتِ الْآيَةُ. 293- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي قِلَابَة (1) ، قَالَ: قَالَ كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ: قَمِلْتُ (2) حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّ مَا بَيْنَ طَرَفِ كُلِّ شَعْرَةٍ مِنْ رَأْسِي قَمْلَة وَصِيْبَان (3) ، وكنتُ حَسَنَ الشَّعر، فقال لي

_ [292] سنده ضعيف، والحديث صحيح من غير هذا الوجه. أما هذا الطريق ففيه مغيرة بن مِقْسَم، وتقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه كان يدلس، ولم يصرح بالسماع هنا، ومع ذلك فقد خالف الذين رووه عن مجاهد، وهم جمع كثير، والذي سبق ذكره منهم في الحديث [290] عِدَّتُهم اثنا عشر نفسًا سوى مغيرة وكلهم رووه عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابن أبي ليلى عن كعب فخالفهم مغيرة وأسقط ابن أبي ليلى من الإسناد وقد أخرجه الترمذي في "سننه" (8 / 313 رقم 4054) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير. وابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 65 رقم 3350) . كلاهما من طريق هشيم، به نحوه. وأخرجه ابن جرير برقم (3349) من طريق جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مغيرة، به نحوه. والحديث صحيح من غير طريق مغيرة كما سيق بيانه في الأحاديث الثلاثة السابقة. (1) هو عبد الله بن زيد الجَرْمي. (2) أي: كَثُر قَمْلُ رأسي/ انظر "لسان العرب" (11 / 568) . (3) هو بيض القَمْلِ، واحدته: صُؤَابَة / انظر المرجع السابق. [293] سنده ضعيف أخطأ فيه المصنف وشيخه هشيم، والحديث صحيح من غير طريقهما أخرجه مسلم وغيره. =

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((تَصَدَّقْ ثَلَاثَةَ آصُع عَلَى ستة مساكين)) .

_ = أما المصنف فإنه أسقط الواسطة بين هشيم وأبي قلابة، وهو: خالد الحَذَّاء، وقد يكون السَّقْطُ في النسخة من النُّسَّاخ. وأما هشيم فإنه أسقط الواسطة بين أبي قلابة وكعب، وهو: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى. ويوضح ذلك، أن الحديث أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 241) فقال: ثنا هشيم، أنا خالد، عن أبي قلابة، عن كعب بن عجرة ... ، فذكره بنحوه. ومن طريق الإمام أحمد أخرجه الطبراني في "الكبير" (19 / 120 رقم 254) . فرواية الإمام أحمد هذه تدل على أن المصنف أسقط خالدًا الحذاء من الإسناد. وقد عزا الحافظ ابن حجر هذا الحديث في "الفتح" (4 / 14) للمصنِّف. وأخرجه الشافعي في "سننه" (2 / 99 - 100 رقم 456) . وأحمد في "المسند" (4 / 242) . ومسلم في "صحيحه" (2 / 861 رقم 84) في الحج، باب جواز حلق الرأس للمحرم إذا كان به أذى. وأبو داود في "سننه" (2/ 430 - 431 رقم 1856) في المناسك، باب في الفدية. وابن خزيمة في "صحيحه" (4 / 195 رقم 2676) . والطبراني في "الكبير" (19 / 118 - 119 رقم 250 و 251 و 252 و 253) . أما الشافعي وابن خزيمة والطبراني في إحدى رواياته فمن طريق عبد الوهاب. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ابن عبد المجيد الثقفي، وأما الإمام أحمد والطبراني في رواية أخرى فمن طريق وهيب، وأما مسلم وأبو داود والطبراني في بعض رواياته والبيهقي، فمن طريق خالد بن عبد الله الطحان، وفي رواية أخرى للطبراني من طريق العباس بن الفضل الأنصاري، جميعهم، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم عليّ وزمن الحديبية وأنا كثير الشعر، فَقَالَ: ((كَانَ هَوَامَّ رَأْسِكَ تُؤْذِيكَ؟)) قال: فقلت: أجل، قال: ((فاحلقه، واذبح شاة نَسِيكَةً، أَوْ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أو تصدق بثلاثة أصع تمرًا بين ستة مساكين)) . هذا لفظ الشافعي. قال ابن عبد البر رحمه الله في "التمهيد" (2 / 236) ((من روى الحديث عن أبي قلابة، عن كعب بن عجرة، أو عن الشعبي، عن كعب بن عجرة، فليس بشيء. والصحيح فيه: عن أبي قلابة، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ ... ، ولم يسمع الشعبي من كعب بن عجرة، ولا سمعه أبو قلابة من كعب ابن عجرة، والله أعلم)) اهـ. وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (4 / 13) : ((وجاء عن أبي قلابة والشعبي أيضًا، عن كعب، وروايتهما عند أحمد، لكن الصواب بينهما واسطة وهو ابن أبي ليلى على الصحيح)) اهـ. قلت: أما رواية الشعبي فسبق الكلام عنها في الطريق السابع في الحديث رقم [289] . وأما رواية أبي قلابة فجميع من رواية عن خالد الحَذَّاء ممن سبق ذكرهم زاد في إسناده ابن أبي ليلى، وشذّ هشيم فخالفهم ورواه عن الحذاء، عن أبي قلابة، عن كعب، بإسقاط ابن أبي ليلى من الإسناد، والصواب رواية من رواه خالد الحَذَّاء، عن أبي قلابة، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ليلى، عن كعب كما سبق، والله أعلم.

294- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ؛ قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا مُغيرة، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، وَمُجَاهِدٍ، قَالَا: الصِّيَامُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَالصَّدَقَةُ: عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ، وَالنُّسُكُ شاة فصاعدًا.

_ [294] سنده ضعيف وهو صحيح لغيره فمغيرة بن مقسم تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه كان يدلس، ولا سيما عن إبراهيم ولم يصرح هنا بالسماع من إبراهيم ومجاهد. وقد أخرجه الطبري في تفسيره (4/ 70 رقم 3363) من طريق هشيم به نحوه وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف، القسم الأول من الجزء الرابع (ص 249 رقم 1636) فقال: حدثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ومجاهد في قوله: ((فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أو نسك) قَالَا: الصِّيَامُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَالصَّدَقَةُ ثلاثة أصع والنسك شاة. وسنده صحيح فجرير هو ابن عبد الحميد ومنصور هو ابن المعتمر وتقدم أنهما ثقتان. وقد أخرجه ابن جرير في تفسيره (4/ 72 رقم 3373) من طريق جرير، به مثل سياق ابن شيبة إلا أنه قال: ((وَالصَّدَقَةُ ثَلَاثَةُ آصُعٍ عَلَى سِتَّةِ مساكين)) . وأخرجه ابن جرير أيضا (4/ 70 رقم 3362) من طريق عُثْمَانُ بْنُ الْأَسْوَدِ عَنْ مُجَاهِدٍ وجده به نحوه. وأخرجه ابن جرير أيضا (4/ 71 رقم 3366) من طريق ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ نح-وه، وفيه زيادة. وأخرجه أبو يوسف في كتاب الآثار (ص 122 رقم 563) من طريق حماد ابن أبي سليمان عن إبراهيم به نحوه مطولا. وقد صح عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم مثل قول إبراهيم ومجاهد هذا، وتقدم ذلك في الحديث [293] وما قبله. وعليه فالحديث صحيح لغيره بهذه المتابعات والشاهد والله أعلم.

295- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا مَنْصُورٌ (1) ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: ((الصِّيَامُ عَشَرَةُ أَيَّامٍ، وَالصَّدَقَةُ عَلَى عَشَرَةِ مَسَاكِينَ، وَالنُّسُكُ شَاةٌ فصاعدًا)) . 296- حدثنا سعيد، [ل115/ب] قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا ابْنُ أَبِي لَيْلَى (2) ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: نَا سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَار، أَنَّ عُمَرَ سَأَلَ ابْنَ كَعْبِ بْنِ عُجْرَة: مَا صَنَعَ أَبُوكَ فِي الْأَذَى الَّذِي أَصَابَهُ؟ قَالَ: ذبح بقرة.

_ (1) هو ابن زاذان. [295] سنده صحيح، وصححه الحافظ ابن حجر في "الفتح" (4 / 16) بعد أن عزاه للمصنف سعيد بن منصور. وأخرجه ابن حزم في "المحلى" (7 / 317) من طريق المصنِّف، وصححه. ثم أخرجه أيضًا من طريق شعبة، عن قتادة، عن الحسن وعكرمة. وأخرجه أيضًا من طريق أيوب السختياني، عن نافع وعكرمة. وصحح ابن حزم هذه الأخبار كلها. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 72 - 73 رقم 3374 و 3375) من طريق أشعث عن الحسن، به نحوه وفيه زيادة، ومن طريق شعبة، عن قتادة، عن الحسن وعكرمة، {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} قال: إطعام عشرة مساكين. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" في القسم الأول من الجزء الرابع (ص249 رقم 1637) من طريق عبد الأعلى، عن يونس، عن الحسن، به نحوه. ووافق الحسن البصري على قوله هذا: عكرمة ونافع كما سبق، وقال ابن عبد البر: ((لم يقل بذلك أحد من فقهاء الأمصار)) . اهـ. من الموضع السابق من "فتح الباري". (2) هو محمد بن عبد الرحمن، تقدم في الحديث [186] أنه صدوق سيء الحفظ جدًّا. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = [296] سنده ضعيف، ومتنه منكر. أما سنده فضعيف لضعف مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبي ليلى من قبل حفظه، وللانقطاع بين سليمان بن يسار وعمر بن الخطاب، فسليمان إنما ولد بعد وفاة عمر، فولادته قبل سنة سبع وعشرين، وقيل سنة أربع وعشرين للهجرة كما في "التهذيب" (4 /229 - 230) . وبه أعله ابن حزم في "المحلى" (7 / 317) حيث قال: ((سليمان لم يدرك عمر)) ، ومما يزيده ضعفًا الاختلاف الشديد على نافع في هذا الحديث كما سيأتي. وأما متن الحديث فمنكر لمخالفته للأحاديث الصحيحة، ومنها الحديث المتقدم برقم [289] وفيه يقول النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لكعب: ((هل تجد من نسيكة؟)) قال كعب: قُلْتُ: لَا - وَهِيَ شَاةٌ -، قَالَ: ((فصم ... )) الحديث. وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (4 / 18) بعد أن ذكر طرق هذا الحديث: ((وقد عارضها ما هو أصح منها من أن الذي أُمِر به كعب وفَعَلَه في النُّسُك إنما هو شاة)) . وقول الحافظ: ((وفَعَلَه)) استدلّ له بما سيأتي في الحديث الآتي بعد هذا من قول أبي هريرة - رضي الله عنه -: ((أَنَّ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ ذَبَحَ شَاةً فِي الْأَذَى الَّذِي أَصَابَهُ)) ، وسنده ضعيف كما سيأتي. ومع هذا فهو معارِض لما تقدم من أن كعبًا لم يجد نسكًا. وقد اعتمد ابن بطّال على رواية نافع عن سليمان بن يسار هذه، فقال: ((أخذ كعب بأرفع الكفارات، ولم يخالف النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيما أمره به من ذبح الشاة، بل وافق وزاد، ففيه: أن من أُفتي بأيسر الأشياء فله أن يأخذ بأرفعها كما فعل كعب)) . انظر: "فتح الباري" (4 / 18 - 19) . وأما رواية المصنف هذه فذكرها للحافظ في الموضع السابق من "الفتح" وعزاها للمصنف. وأخرجه ابن حزم في "المحلى" (7 / 317) من طريق نافع، به نحوه. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وقد اختلف في هذا الحديث على نافع، وروي من غير طريقه كما سيأتي. أما الاختلاف على نافع، فإن ابن أبي ليلى رواه عنه، عن سليمان بن يسار كما هنا. وبعضهم رواه عنه، عن رجل من الأنصار، ورفعه. أخرجه أبو داود في "سننه" (2 / 432 رقم 1859) في المناسك، باب: في الفدية، من طريق قتيبة بن سعيد، عن الليث - وهو ابن سعد -، عن نافع، أن رجلاً من الأنصار أخبره، عن كعب بن عجرة - وكان قد أصابه في رأسه أذى فحلق -، فأمره النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يهدي هديًا: بقرة. وهذا مع مخالفته لما تقدم ويأتي عن نافع، ففيه هذا الرجل المجهول من الأنصار. وأخرجه ابن حزم في "المحلى" (7 / 316) ، وأعله بقوله: ((وهذا مرسل، عن مجهول)) . ورواه بعضهم عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ. فأخرجه عبد بن حميد كما في الموضع السابق من "الفتح". والطبراني في "الكبير" (19 / 104 رقم 209) . وابن حزم في "المحلى" (7 / 317) . ثلاثتهم من طريق أبي مَعْشَر نَجيح بن عبد الرحمن، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - قال لكعب بن عجرة: ((لعلك آذاك هوام رأسك)) قال: نعم يا رسول الله، قال: ((احلق رأسك، واهد بقرة، أشْعِرْها أو قَلِّدْها)) ، واللفظ للطبراني. وأبو معشر تقدم في الحديث [167] أنه ضعيف، وبه أعلّ ابن حزم الحديث حيث قال: ((أبو معشر ضعيف)) . لكن تابعه عبد الوهاب بن بُخْت عند الطبراني في الموضع السابق رقم (210) . ورواه بعضهم عن نافع، عن سليمان بن محمد بن كعب بن عجرة. أخرجه ابن حزم في "المحلى" (7 / 316) من طريق عبد الرزاق، عن عبد الله =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ابن عمر، عن نافع، عن سليمان بن محمد بن كعب بن عجرة: أن كعبًا ذبح بقرة بالحديبية. قال ابن حزم: ((عبد الله بن عمر ضعيف جدًّا)) . فهذه روايات متعارضة تدل على أن الحديث عن نافع مضطرب. فإن قيل: لا يحكم بالاضطراب إلا إذا تساوت في القوة، وهذه بعضها ضعيف. فالجواب: أن طريق الليث بن سعد عند أبي داود وغيره، وطريق عبد الوهاب ابن بخت عند الطبراني صحيحة إلى نافع، وتؤيّدها رواية المصنِّف هنا، ولا يمكن ترجيح بعضها على بعض، وهذا يؤكد الاضطراب الذي أشار إليه الحافظ ابن حجر في الموضع السابق من "الفتح" حيث قال: ((فهذه الطرق كلها تدور على نافع، وقد اختلف عليه في الواسطة الذي بينه وبين كعب، وقد عارضها ما هو أصح منها؛ من أن الذي أُمر به كعب وفَعلَهُ في النسك إنما هو شاة، وروى سعيد بن منصور وعبد بن حميد من طريق المقبري، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ كَعْبَ بن عجرة ذبح شاة لأذى كان أصابه، وهذا أصوب من الذي قبله، ثم ذكر قول ابن بطّال السابق، ثم تعقبه بقوله: ((قلت: هو فرع ثبوت الحديث، ولم يثبت؛ لما قَدَّمْتُه)) ، - يعني حديث نافع -. وقد روي الحديث من غير طريق نافع. رواه مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عن سليمان بن محمد بن كعب أن عمر سأل كعبًا: فقال: أي شيء افتدى كعب حين حلق رأسه؟ قال: ذبح بقرة. أخرجه الطبراني في "الكبير" (19 / 150- 151 رقم 329) من طريق أيوب بن موسى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حبان. وأخرجه البخاري في "تاريخه الكبير" (4 / 35) . والطبراني أيضًا برقم (330) . كلاهما من طريق محمد بن إسحاق، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حبان، به، لكن اسم الراوي عند الطبراني في الموضع الثاني: ((سليمان بن كعب بن عجرة)) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأخرجه ابن حزم في "المحلى" (7 / 316 - 317) من طريق إسماعيل بن أمية عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حبان، أن رجلاً أصابه مثل الذي أصاب كعب بن عجرة، فسأل عمر ابنًا لكعب بن عجرة عما كان أبوه ذبح بالحديبية في فدية رأسه؟ فقال: بقرة. قال ابن حزم: ((محمد بن يحيى لم يدرك عمر)) . وذكر الحافظ ابن حجر سليمان بن كعب هذا في "لسان الميزان" (3 / 102 - 103) وقال: ((وقع فيه خَبْط لأبي محمد بن حزم في "المحلى")) ، ثم ذكر قول ابن حزم السابق، ثم تعقبه بقوله: ((وهو كذلك إن كان المراد عمر بن الخطاب، لكن يقوى عندي أنه عمر بن عبد العزيز، وإلا فأين كعب بن عجرة حتى كان عمر يسأل ولده، وقد أقام بالمدينة النبوية بعد عمر نحوًا من أربعين سنة. وقد وجدت الحديث في الطبراني ... )) ، ثم ذكره، ثم قال: ((فهذا هو الحديث، وسليمان لا أعرف حاله، سواء كان هو ابن كعب، أو ابن ابنه، والله اعلم)) . قلت: ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (4 / 138 رقم 606) ، فقال: (سليمان بن محمد بن كعب بن عجرة الأنصاري السلمي، روى عن عمته زينب بنت كعب، روى عنه مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ وعبد الله بن عبد الرحمن أبو طوالة ... ، سئل أبو زرعة عن سليمان بن محمد بن كعب بن عجرة روى عن ابن عباس، فقال: مديني ثقة)) . اهـ. ومن خلال ما تقدم مما ذكره ابن أبي حاتم يظهر أن سليمان لم يرو عن جده كعب، وإلا لذُكر ذلك عنه، ويبعد أن يكون سمع من عمر، فيتلخَّص من كل ما تقدم: 1- أن حديث نافع مضطرب سندًا، منكر متنًا. 2- أن حديث سليمان بن محمد بن كعب ضعيف سندًا حتى يثبت اتّصاله، ومتنه منكر أيضًا لمخالفته لما تقدم ذكره من الأحاديث، وانظر ما كتبه الشيخ حمدي بن عبد المجيد السلفي في حاشيته على الموضع السابق من "معجم الطبراني"، والله أعلم.

297- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، قَالَ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْقُرَشِيُّ (1) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُريرة، أَنَّ كَعْبَ بْنَ عُجْرَة ذَبَحَ شَاةً في الأذى الذي أصابه.

_ (1) محمد بن خالد القرشي مجهول لم يرو عنه سوى هشيم، وروى هو عن عطاء، ابن أبي رباح وداود بن الحصين وسعيد المقبري، ذكره البخاري في "تاريخه" (1 / 73 رقم 186) وسكت عنه، وبيض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (7 / 242 رقم 1330) ، وقال ابن القطان: ((لا يعرف ولا روى عنه غيره)) - يعني غير هشيم -، وقد ذكره ابن حبان في الثقات (7 / 377 - 378) ، وقال: ((محمد بن خالد بن سلمة المخزومي أخو عكرمة بن خالد، يروي عن أبيه والمقبري، روى عنه عبد الله بن أبي الأسود، وهو الذي روى عنه هشيم، وقال: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْقُرَشِيُّ، عَنْ المقبري)) ، قال الحافظ ابن حجر: ((ذكره ابن حبان في "الثقات"، وسمى جده سلمة، وزعم أنه أخو عكرمة بن خالد، وقال: روى عنه عبد الله بن أبي الأسود، قلت: لكن فرق بينهما البخاري، وابن أبي حاتم وهو الصواب)) . اهـ. من "التهذيب" (9 / 146 رقم 204) ، وانظر: "التقريب" (ص476 رقم 5852) . [297] سنده ضعيف لجهالة محمد بن خالد القرشي، ومتنه منكر لمخالفته للأحاديث الصحيحة ومنها الحديث المتقدم برقم [289] وفيه يقول - صلى الله عليه وسلم - لكعب: ((هل تجد من نسيكة؟)) قال: كعب: قُلْتُ لَا - وَهِيَ شَاةٌ -، قَالَ: ((فصم ... )) الحديث. فهذا الحديث يدل على أن كعبًا لم يجد ما يذبحه، فكيف يقال هنا: أَنَّ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ ذَبَحَ شَاةً فِي الْأَذَى الَّذِي أَصَابَهُ؟! وقد ذكر الحافظ ابن حجر هذا الحديث في "فتح الباري" (4 / 13 و 18) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد. وأخرجه البخاري في الموضع السابق من "تاريخه" من طريق عمرو بن محمد، =

298- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} ، قال: الشاة، حتى القُيُود.

_ = عن هشيم، قال: أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْقُرَشِيُّ، عَنْ سعيد المقبري: ذبح كعب بن عجرة شاة. قال: محمد - يعني البخاري -: يعني في فدية الرأس. قلت: كذا جاء في "تاريخ البخاري" في قول سعيد المقبري، فلست أدري أهو سقط من النسخ، أم اختلاف على هشيم؟ وقال الحافظ ابن حجر في الموضع السابق من "الفتح" (4 / 18) : ((وروى سعيد بن منصور وعبد بن حميد من طريق المقبري، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ كَعْبَ بن عجرة ذبح شاة لأذى كان أصابه، وهذا أصوب من الذي قبله)) . اهـ. ويعني الحافظ بقوله: ((أصوب من الذي قبله)) الحديث السابق وفيه أن الذي ذبحه كعب في فدية الأذى: بقرة. ولا يعني هذا أن الحافظ صحح حديث أبي هريرة هذا، وإنما ذكر أنه أصوب من ذكر البقرة، بدليل أنه ذكره قبل هذا (ص13) مع جملة من الأحاديث، ثم قال: ((بقية الطرق التي ذكرتها لا تخلو عن مقال، إلا طريق أبي وائل)) . [298] سنده صحيح. وأخرجه ابن جرير والطبراني في "تفسيره" (4 / 29 رقم 3257) ، من طريق عبد الوهاب الثقفي، عن يحيى بن سعيد، به نحوه. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"، في القسم الأول من الجزء الرابع (ص98 رقم 645) من طريق أبي خالد الأحمر، عن يحيى بن سعيد، به بلفظ: ((كان ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: مَا اسْتَيْسَرَ من الهدي شاة)) ، وفيه زيادة بذكر قول عائشة وابن عمر رضي الله عنهما، وسيأتي في الحديث بعده. وأخرجه البيهقي في "سننه" (5 / 24) في الحج، باب: ما استيسر من الهدي، طريق موسى بن عقبة، عن القاسم، عن ابن عباس: (مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ) =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = شاة هديًا بالغ الكعبة. وله طرق أخرى عن ابن عباس غير طريق القاسم. فأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 28 - 29 رقم 3249 و 3255 و 3258) من طريق زُرَارَة بن أَوْفى وعلي بن أبي طلحة وعكرمة، ثلاثتهم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} شاة. زاد بن أبي طلحة: ((فما فوقها)) . وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" في القسم الأول من الجزء الرابع (ص97 - 98 رقم 642) . وابن جرير (4 / 27 رقم 3240) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 130 / أ) . ثلاثتهم من طريق حبيب بن أبي ثبات، عن سعيد بن جبير، ابن عباس، قال: {مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} : شَاةٌ. وتقدم في الحديث [287] من طريق إبراهيم النخعي، عن علقمة، وهو حديث طويل، وفيه يقول علقمة: فَإِنْ هُوَ رَجَعَ مُتَمَتِّعًا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ كَانَ عَلَيْهِ مَا استيسر من الهدي: شاة. قَالَ إِبْرَاهِيمُ: فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فَقَالَ: هَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي هَذَا الحديث كله. وأخرجه ابن جرير أيضًا (4 / 29 رقم 3260) من طريق عبد الله بن عبيد بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عباس: الهدي شاة، فقيل له: أيكون دون البقرة؟ قال: فأنا أقرأ عليكم من كتاب الله ما تدرون به أن الهدي شاة. ما في الظبي؟ قالوا: شاة، قال: {هَدْيًا بَالِغَ الكَعْبَةِ} [الآية (90) من سورة المائدة] . وسيأتي [300 و 302 و 310 و 311 و 312 و 316 و 317 و 318 و 319] من طرق أخرى عن ابن عباس. قال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (1 / 231 - 232) بعد أن ذكر قول ابن عباس: ((وكذا قال عطاء ومجاهد وطاوس وأبو العالية ومحمد بن علي بن الحسين =

299- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ (عَائِشَةَ، وَابْنِ عُمَرَ) (1) : {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} قَالَا: ((النَّاقَةُ دُونَ النَّاقَةِ، وَالْبَقَرَةُ دون البقرة)) .

_ = وعبد الرحمن بن القاسم والشعبي والنخعي والحسن وقتادة والضحاك ومقاتل ابن حيان وغيرهم، وهو مذهب الأئمة الأربعة ... )) ، ثم ذكر ما سيأتي من قول ابن عمر وعائشة ومن وافقهما: أن (مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ) الإبل والبقر، ثم قال: ((والظاهر أن مستند هؤلاء فيما ذهبوا إليه قصة الحديبية، فإنه لم ينقل عن أحد منهم أنه ذبح في تحلله ذلك شاة، وإنما ذبحوا الإبل والبقر ... )) . اهـ. (1) في الأصل: ((ابن عباس)) ، وأظن الناسخ الْتبس عليه إسناد الحديث السابق بإسناد هذا الحديث، فكلاهما من رواية المصنف، عن هشيم، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ القاسم بن محمد، مع الاختلاف في صحابي الحديث، والتصويب من مصادر التخريج، وما تضمنه الحديث هو قول عائشة وابن عمر، وأما ابن عباس فتواتر عنه خلافه كما سبق في الحديث قبله، ويدل عليه قوله هنا: ((قالا)) ، ولو كان عن ابن عباس لقال: ((قال)) . [299] سنده صحيح، وقوّى سنده الحافظ ابن حجر في "الفتح" (3 / 535) بعد أن عزاه للطبري، وابن أبي حاتم فقط. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"، في القسم الأول من الجزء الرابع (ص97 و 98 رقم 638 و 645) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 31 رقم 3277) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 130 / أ) . أما ابن أبي شيبة فمن طريق عبدة وأبي خالد الأحمر، وأما ابن جرير فمن طريق عبد الوهاب الثقفي، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق أبي خالد الأحمر، ثلاثتهم عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ القاسم عن عائشة وابن عمر أنهما كانا لا يريان ما استيسر من الهدي إلا من الإبل والبقر. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = هذا لفظ ابن أبي حاتم، ونحوه لفظ ابن أبي شيبة وابن جرير، إلا أن ابن أبي شيبة زاد: ((كان ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: {مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} شاة)) ، وهذا سبق تخريجه في الحديث السابق. وأخرجه ابن جرير أيضًا في (3272) من طريق عبد الوهاب الثقفي، عن أيوب السختياني، عن القاسم، عن ابن عمر: {مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} ناقة أو بقرة، فقيل له: {مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} ؟ قال: النَّاقَةُ دُونَ النَّاقَةِ، وَالْبَقَرَةُ دُونَ البقرة. وأخرجه أيضًا برقم (3276) من طريق ابن عليّة، عن أيوب، عن القاسم، عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي قَوْلِهِ: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} قال: الإبل والبقر. وأخرجه البيهقي في "سننه" (5 / 24) في الحج، باب: ما استيسر من الهدي، من طريق موسى بن عقبة، عن القاسم، عن ابن عمر وحده، به نحو سابقه. وللحديث طرق أخرى عن ابن عمر غير طريق القاسم. فأخرجه مالك في "الموطأ" (1 / 386 رقم 160) في الحج، باب: ما استيسر من الهدي، عن نافع، أن عبد الله بن عمر كان يَقُولُ: {مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} بدنة أو بقرة. وأخرجه ابن جرير (4 / 31 رقم 3272 و 3275) من طريق عبد الوهاب الثقفي وإسماعيل بن علية، كلاهما عن أيوب السختياني، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ وحده مثل لفظ المصنف. وأخرجه أيضًا برقم (3270) من طريق عبيد الله بن عمر، عن نافع، به نحو سابقه. وأخرجه أيضًا برقم (3281 و 3283) من طريق أبي معشر وأسامة بن زيد، كلاهما عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قال: {مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} ، قال: بدنة أو بقرة، فأما شاة فإنما هي نسك. هذا لفظ أبي معشر، وأما أسامة فلفظه: {مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} : بقرة. =

300- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ طاوُس (1) ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: ((قَدْ يَسْتَيْسِرُ عَلَى الرَّجُلِ الجَزُورُ والجَزُوران)) . 301- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ (2) ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (3) ، عَنْ أَبِيهِ (4) ، عَنْ عَلِيٍّ: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} قال: ((شاة)) .

_ = وللحديث طرق أخرى عن ابن عمر وحده، وستأتي برقم [313 و 314 و 315 و 316 و 317] ، وانظر ما سيأتي عن عائشة برقم [310] ؛ حيث ورد عنها خلاف ما هنا، لكنه لم يصح، والله أعلم. (1) هو عبد الله بن طاوُس. [300] سنده صحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 512) وعزاه للمصنِّف ووكيع وسفيان بن عيينة، وعبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد. وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 130 / أ) من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} - قال: كَلٌّ بَقَدْرِ يَسَارَتِه. (2) هو الدَّرَاوَردي، تقدم في الحديث [69] أنه صدوق، إلا في روايته عن عبيد الله العُمري، فإنها منكرة. (3) هو جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي، أبو عبد الله، المعروف بالصّادق، روى عن أبيه ومحمد بن المنكدر وعطاء بن أبي رباح وعروة بن الزبير والقاسم بن محمد ونافع والزهري وغيرهم، روى عنه شعبة والسفيانان ومالك وابن جريج وأبو حنيفة ووهيب بن خالد ويحيى القطان وعبد العزيز بن محمد الدَّاوَرْدي وغيرهم، وهو ثقة فقيه إمام، وثقه الشافعي =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = والنسائي، وقال ابن معين: ((ثقة مأمون)) ، وقال أبو حاتم: ((ثقة لا يسأل عن مثله)) ، وسئل أبو زرعة عَنْ: جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أبيه: وسهيل بن أبي صالح، عن أبيه، و: العلاء، عن أبيه، أيما أصح؟ قال: لا يقرن جعفر إلى هؤلاء - يريد: جعفر أرفع من هؤلاء في كل معنى -. وقد تكلم بعضهم في جعفر بن محمد بكلام لا يعتدّ به عند تمييزه. فقيل لأبي بكر بن عياش: مالَك لم تسمع من جعفر وقد أدركته؟ قال: سألناه عما يتحدث به من الأحاديث: أشيء سمعته؟ قال: لا، ولكنها رواية رويناها عن آبائنا. قلت: وهذا لا يحطّ من روايته، ومبلغه الاحتياط فيما لم يصرح فيه جعفر بالسماع، ولو اعتبرنا هذا القول لاعتبرناه في المدلسين من باب أولى، وفيهم كبار الأئمة كالأعمش وغيره. وقال ابن سعد: ((كان كثير الحديث ولا يحتج به، ويستضعف؛ سئل مرة: سمعت هذه الأحاديث من أبيك؟ فقال: نعم، وسئل مرة، فقال: إنما وجدتها في كتبه)) . وقال الحافظ ابن حجر عقب ذكره لكلام ابن سعد هذا: ((يحتمل أن يكون السؤالان وقعا عن أحاديث مختلفة، فذكر فيما سمعه أن سمعه، وفيما لم يسمعه أنه وجده، وهذا يدّل على تثبته)) . وقال مُصْعَب الزُّبَيْري: ((كان مالك لا يروي عنه حتى يَضُمَّه إلى آخر)) ، قلت: لم أجد مالكًا تكلم في جعفر بكلام فيه جرح له، ومجرد روايته عنه مقرونًا بآخر لا يعني جرحه له، فقد يحصل له الحديث من طريقه وطريق آخر، فيروي الحديث من الطريقين زيادة في تقوية الحديث، ولو تكلم فيه مالك بجرح لكان تجريحه له معارضًا بتوثيق من سبق، هذا مع أن الذي جاء عن مالك فيه تعديل لجعفر، بل روى عنه في "الموطأ" دون أن يقرن معه أحدًا، يقول مالك رحمه الله: ((اختلفت إليه زمانًا، فما كنت أراه إلا على ثلاث خصال: إما مصلّ، وإما صائم، وإما يقرأ القرآن، وما رأيته يحدِّث إلا على طهارة)) ، قلت: وهذا الأثر الذي يرويه جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ قد أخرجه مالك كما سيأتي عن جعفر وحده. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وقال ابن المديني: سئل يحيى بن سعيد عنه، فقال: ((في نفسي منه شيء ومجالد أحبّ إليّ منه)) . قال الذهبي بعد أن ذكر قول يحيى هذا: ((هذه من زَلَقات يحيى القطّان، بل أجمع أئمة هذا الشأن على أن جعفرًا أوثق من مجالد، ولم يلتفتوا إلى قول يحيى)) ، وقال أيضًا: ((جعفر ثقة صدوق، ما هو في الثبت كشعبة، وهو أوثق من سهيل وابن إسحاق، وهو في وزن ابن أبي ذئب ونحوه)) . قلت: وقد يحمل كلام من تكلم فيه على مجيء بعض الروايات المنتقدة من طريقه، والحمل فيها على غيره، وإليه أشار الساجي بقوله: ((كان صدوقًا مأمونًا، إذا حدّث عنه الثقات فحديثه مستقيم)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: ((كان من سادات أهل البيت، فقهًا وعلمًا وفضلاً، يحتجّ بحديثه من غير رواية أولاده عنه، وقد اعتبرت حديث الثقات عنه، فرأيت أحاديثه مستقيمة، ليس فيها شيء يخالف حديث الأثبات، ومن المحال أن يُلْصَق به ما جناه غيره)) ، وذكر ابن عدي بعض الأحاديث في ترجمته، ثم قال: ((جعفر من ثقات الناس كما قال يحيى بن معين)) ، وكانت وفاته سنة ثمان وأربعين ومائة. انظر: "الجرح والتعديل" (2 / 487 رقم 1987) ، و "الكامل" (2 / 555 - 558) ، و "سير أعلام النبلاء" (6 / 255 - 270) ، و "الميزان" (1 / 414 - 415 رقم 1519) ، و: ((من تكلم فيه وهو موثق)) (ص60 - 61 رقم 69) ، و "التهذيب" (2 / 103 - 105 رقم 156) . (4) هو محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو جعفر البَاقِر، تقدم في الحديث [262] أنه ثقة فاضل، لكنه هنا يروي عن جده عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ الله عنه -، وهو لم يولد إلا بعد وفاته، فولادة أبي جعفر كانت سنة ست وخمسين للهجرة على الصحيح، وقد نصّ العلماء على أن روايته عنه مرسلة، انظر: الموضع السابق من "التهذيب"، و "جامع التحصيل" (ص327 رقم 700) . [301] سنده ضعيف للانقطاع بين أبي جعفر الباقر محمد بن علي بن الحسين وبين =

302- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: ((شَاةٌ)) . 303- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا أَبُو عَوَانَة، عَنْ أَبِي بِشْر، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} قال: ((شاة)) .

_ = جده عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ الله عنه -. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 512) ، وعزاه للمصنف، والإمام مالك، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في "سننه". وقد أخرجه مالك في "الموطأ" (1 / 385 رقم 158) في الحج، باب: ما استيسر من الهدي. ومن طريقه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 29 - 30 رقم 3263 و 3264) ، والبيهقي في "سننه" (5 / 24) في الحج، باب: ما استيسر من الهدي. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"، في القسم الأول من الجزء الرابع (ص98 رقم 644) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 130 / أ) . أما مالك فعن جعفر بن محمد بلا واسطة، وأما ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم فمن طريق حفص بن غياث، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ،، عَنْ علي - رضي الله عنه -، به مثله، إلا أن المطبوع من "مصنف ابن أبي شيبة" سقط من سنده ((جعفر بن محمد)) ، فجاء الحديث فيه هكذا: ((ثنا حفص، عن أبيه، عن علي ... )) . [302] سنده صحيح. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 29 رقم 3261) من طريق قيس بن سعد، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، به مثله. [303] سنده صحيح، وأبو عوانة هو وضّاح بن عبد الله، وأبو بشر هو جعفر بن إياس، =

304- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا حَجَّاجٌ، عَنْ عَطَاءٍ (1) .

_ = وسيأتي برقم [308] من طريق هشيم، عن أبي بشر. (1) هو ابن أبي رباح، ومتن هذا الحديث سيأتي برقم [308] ، فقد قرنه المصنف بالحسن البصري، وإبراهيم النخعي، والضحاك، وسعيد بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّهُمْ قَالُوا: {مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} شاة. [304] سنده ضعيف؛ فيه حجاج بن أرطأة، وتقدم في الحديث [170] أنه صدوق كثير الخطأ والتدليس، لكنه صحيح لغيره؛ فقد ورد من طرق أخرى عن عطاء. فأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (3 / ل 96 / أ) ، فقال: حدثنا وكيع، عن البَخْتري بن المختار، قال: سمعت عطاء يقول: شاة. وقد سقط هذا الحديث من المطبوع من القسم الأول من الجزء الرابع من "المصنف"، فصار العزو إلى النسخة الخطية. وسنده حسن لذاته. البَخْتري بن أبي البَخْتري - بفتح الموحّدة وسكون المعجمة، وفتح المثنّاة، وكسر الراء -، واسم أبيه: المختار بن ذريح العَبْديّ، البصري صدوق، روى هنا عن عطاء، وروى أيضًا عن أبي بكر وأبي بُرْدة ابني أبي موسى الأشعري وغيرهم، روى عنه شعبة وقال: ((كان كخير الرجال)) ، ووكيع وقال: ((كان ثقة)) ، ووثقه ابن المديني، وقال ابن عدي: ((ليس له كثير رواية، ولا أعلم له حديثًا منكرًا)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: ((كان يخطئ)) ، وقال البخاري: ((يخالف في بعض حديثه)) ، وكانت وفاته سنة ثمان وأربعين ومائة. اهـ. من "الكامل" لابن عدي (2 / 490) ، و "الكاشف" للذهبي (1 / 150 رقم 547) ، و "التهذيب" (1 / 421 - 422 رقم 778) ، و "التقريب" (ص120 رقم641) . وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 28 و 30 رقم 3251 و 3252 و 3269) من طريق ابن جريج، ومحمد بن نفيع، وابن لهيعة، ثلاثتهم عن عطاء أن: {مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} شَاةٌ. =

305- وَأَنَا (1) يُونُسُ (2) ، وَمَنْصُورٌ (3) ، عَنِ الْحَسَنِ (4) . 306- وأنا (5) مغيرة (6) ، عن إبراهيم (7) .

_ = وابن جريج تقدم في الحديث [9] أنه مدلس، ولم يصرّح بالسماع هنا، وابن لهيعة تقدم في الحديث [45] أنه ضعيف ومدلس، وقد صرّح بالسماع هنا فتبقى علة ضعفه. وأما محمد بن نفيع الكوفي فإنه مجهول كما في "لسان الميزان" (5 / 407 رقم 1343) ، وفي "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (8 / 110 رقم 483) ذكر أنه سمع أباه يقول عن محمد بن نفيع هذا: ((هو مجهول)) . فالحديث من هذه الطرق الثلاثة ضعيف، وهو بمجموعها مع ما تقدم يكون صحيحًا لغيره عن عطاء. وسيأتي برقم [320] من طريق هشيم، عن حجاج أيضًا، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: الْجَزُورُ وَالْبَقَرَةُ عَنْ سَبْعَةٍ يَشْتَرِكُ فِيهِ الْمُضَحُّونَ والمتمتعون والمحصورون. (1) القائل هو هُشيم، انظر الحديث السابق. (2) هو ابن عبيد. (3) هو ابن زَاذَان. (4) هو البصري، وسيأتي متن هذا الأثر برقم [308] ؛ حيث قرنه المصنف بعطاء بن أبي رباح في الحديث السابق، وبإبراهيم النخعي والضحاك وسعيد بن جبير كما سيأتي، أَنَّهُمْ قَالُوا: {مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} شاة. [305] سنده صحيح. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 28 رقم 3246) من طريق خالد بن الحارث، قال: قيل: للَأشْعَث: ما قول الحسن: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} ؟ قال: شاة. (5) القائل هو هشيم، انظر الحديث رقم [304] . (6) هو ابن مِقْسَم الضَّبِّي، تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه يدلس، =

307- وَأَنَا (1) جُوَيْبِر (2) ، عَنِ الضَّحَّاك (3) . 308- وَأَنَا (4) أَبُو بِشْر (5) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّهُمْ (6) قَالُوا: {مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} : ((شاة)) .

_ = لاسيما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه لكن هذا الحديث مما سمعه منه؛ لأن محمد بن فضيل ممن رواه عنه كما سيأتي، وهو ممن لا يكتب عنه إلا ما قال فيه: ((حدثنا إبراهيم)) كما في "التهذيب" (10 / 269) . (7) هو النخعي، وسيأتي متن هذا الأثر برقم [308] ؛ فقد قرنه المصنِّف بعطاء بن أبي رباح برقم [304] ، وبالحسن البصري في الحديث السابق رقم [305] ، وبالضحاك وسعيد بن جبير - كما سيأتي -، أَنَّهُمْ قَالُوا: {مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} : شاة. [306] سنده صحيح. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" في القسم الأول من الجزء الرابع (ص 96 رقم 634) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 29 رقم 3259) . أما ابن جرير فمن طريق هشيم، وأما ابن أبي شيبة فمن طريق محمد بن فضيل، كلاهما عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: (مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) شَاةٌ. وانظر ما سيأتي برقم [309] . (1) القائل: هو هشيم، انظر الحديث رقم [304] . (2) هو ابن سعيد، تقدم في الحديث [93] أنه ضعيف جدًّا. (3) هو ابن مُزَاحم، وسيأتي متن هذا الأثر عنه في الحديث الآتي، وانظر ما سبق برقم [306 و 305 و 304] . [307] سنده ضعيف جدًّا لشدة ضعف جويبر. (4) القائل هو هشيم كما في الحديث [304] . (5) هو جعفر بن إياس. (6) أي: عطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، وإبراهيم النخعي، والضحاك بن مزاحم، وسعيد بن جبير، انظر الأحاديث [304 و 305 و 306 و 307] . =

309- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الأَحْوَص (1) ، عَنْ مُغيرة، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ((كَانَ أَصْحَابُنَا (2) يَقُولُونَ: مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ شَاةٌ)) 310- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْب (1) ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ (2) ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَسِيدٍ (3) ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ (4) ، أَنَّهُ قَالَ: هَلْ لَكَ إِلَى هَذَيْنِ الشَّيْخَيْنِ: ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ الزُّبير، يَخْتَلِفَانِ فِي الفُتْيا؛ قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: إِنَّمَا الشَّاةُ ذِبْحٌ (5) ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ. قُلْتُ: أيُّهما أَصْوَبُ؟ قَالَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَقُولُ: هِيَ مَا استيسر من الهدي.

_ [308] سنده صحيح، وتقدم برقم [303] من طريق أبي عوانة، عن أبي بشر. (1) هو سَلاَّم بن سُلَيْم. (2) الظاهر أنه يقصد أصحاب عبد الله بن مسعود، أمثال الأسود وعبد الرحمن ابني يزيد، ومسروق، وعلقمة، لكن يبقى صاحب القول مبهمًا إلى أن يتضح يقينًا من هو؟. [309] سنده ضعيف، فمغيرة بن مِقْسم مدِّلس ولم يُصَرِّح بالسماع، وتقدم برقم [306] عن إبراهيم من قوله، وسنده صحيح. (1) هو عبد الله بن وَهْب بن مسلم القُرَشي، مولاهم، أبو محمد المصري الفقيه، روى عن عمرو بن الحارث وحَيْوة بن شُريح والليث بن سعد والإمام مالك والثوري وابن عيينة وغيرهم، روى عن هنا سعيد بن منصور وروى عنه أيضًا ابن أخيه أحمد بن عبد الرحمن بن وهب وعبد الرحمن بن مهدي وعلي بن المديني وغيرهم، وهو ثقة حافظ عابد، روى له الجماعة. كان مالك - رحمه الله - يكتب له: ((فقيه مصر)) ، وما كتبها إلى غيره، وقال أحمد: ((صحيح الحديث، يفصل السماع من العرض، والحديث من الحديث، ما أصح حديثه وأثبته!)) قيل =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = له: إنه كان يسيء الأخذ، قال: ((قد كان، ولكن إذا نظرت في حديثه وما روى عن مشايخه وجدته صحيحًا)) ، وقال ابن معين: ((ثقة)) ، وقال أبو زرعة: ((نظرت في نحو ثلاثين ألفًا من حديث ابن وهب بمصر وغير مصر، لا أعلم أني رأيت له حديثًا لا أصل له، وهو ثقة)) ، وقال العجلي: ((ثقة صاحب سنة، رجل صالح صاحب آثار)) ، وقال النسائي: ((ثقة، ما أعلمه روى عن الثقات حديثًا منكرًا)) ، وقال الخليلي: ((ثقة متفق عليه)) ، وكانت ولادته سنة خمس وعشرين ومائة، ووفاته سنة سبع وتسعين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 189 - 190 رقم 879) ، و "التهذيب" (6 / 71 - 74 رقم 140) ، و "التقريب" (ص328 رقم 3694) . (2) هو عمرو بن الحارث بن يعقوب بن عبد الله الأنصاري مولاهم، أبو أيوب المصري، روى عن أبيه وسالم أبي النَّضْر والزهري وغيرهم، روى عنه أسامة بن زيد الليثي ورشدين بن سعد وبكر بن مضر وعبد الله بن وهب وغيرهم، وهو ثقة فقيه حافظ، روى له الجماعة، ووثقه ابن سعد وابن معين وأبو زرعة والعجلي والنسائي، وغير واحد، وقال أبو حاتم: ((كان أحفظ الناس في زمانه، ولم يكن له نظير في الحفظ في زمانه)) ، وقال الساجي: ((صدوق ثقة)) ، وقال ابن حبان في "الثقات": ((كان من الحفاظ المتقنين، ومن أهل الورع في الدين)) ، وكانت ولادته سنة تسعين للهجرة، وقيل بعد ذلك، ووفاته سنة سبع أو ثمان وأربعين ومائة، وقيل: تسع وأربعين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (6 / 225 - 226 رقم 1252) ، و "التهذيب" (8 / 14 - 16 رقم 22) ، و "التقريب" (ص419 رقم 5004) . (3) لم أجد راويًا بهذا الاسم، وليس في شيوخ عمرو بن الحارث ولا في الرواة عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بن أبي بكر أحد بهذا الاسم، وأخشى أن يكون هناك تصحيف أو سقط مما يمكن أن يزال بالنظر إلى من أخرج الحديث غير المصنف، لكني لم أجده عند غيره، فالله أعلم. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ (4) هو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أبي بكر الصديق التيمي، المدني، أخو القاسم، روى عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، روى عنه سالم بن عبيد الله بن عمر ونافع مولى ابن عمر، وهو ثقة روى له البخاري ومسلم، ووثقه النسائي، وذكره ابن حبان في "الثقات". وكانت وفاته بالحرَّة سنة ثلاث وستين للهجرة. انظر: "التهذيب" (6 / 7 رقم 5) ، و "التقريب" (ص320 رقم 3579) ، و "التحفة اللطيفة" (2 / 392 رقم 2220) . (5) الذِّبْحُ: اسم ما يذبح ويُعَدُّ للذبح من الأضاحي وغيرها من الحيوان كما في "لسان العرب" (2 / 437) ، والمقصود به هنا أن ابن الزبير - رضي الله عنهما - لا يرى أن الشاة تجزئ في الهدي، وإنما الإبل والبقر كما سيأتي. [310] سنده فيه عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَسِيدٍ، وتقدم أني لم أجده، والحكم على الحديث متوقف على معرفة حاله. وقد صح عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عنهما - من طرق كثيرة أنه يرى أن الشاة تجزئ في الهدي، وهو قول الجمهور كما سبق بيانه في الحديث [298] . وأما عائشة وابن عمر - رضي الله عنهما - فصح عنهما أنها لا تجزئ، وأن الهدي إنما يكون من الإبل والبقر كما في الحديث [299] . وما جاء في هذا الحديث من أن قولها كقول ابن عباس هو خلاف ما صح عنها، وقد نُقل القولان عنها؛ يقول ابن حزم في "المحلى" (7 / 203) : ((واختلف فيه عن أم المؤمنين عائشة، فروى عنها مثل قول ابن عباس، وروي عنها أيضًا وعن ابن عمر أنه لا يجزئ في ذلك شاة، وأنه إنما في ذلك الناقة أو البقرة)) . قلت: كذا قال ابن حزم ولم يسنده حتى يمكن النظر في سنده، ولم أجد من أسنده، وقد ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 513) فقال: ((وأخرج وكيع وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق القاسم عن عائشة تقول: {مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} شَاةٌ)) . وقد بحثت عنه في مظانه في "تفسير ابن أبي حاتم" فلم أجده، وكذا في "مصنف =

311- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ (1) ، قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يُحَدِّثُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: ((مِنَ الأزواج الثمانية (2)) ) .

_ = ابن أبي شيبة"، فلعله في التفسير له. وأما عبد الله بن الزبير - رضي الله عنهما -، فنسب هذا القول إليه القرطبي في "تفسيره" (2 / 378) حيث قال: ((وقال ابن عمر وعائشة وابن الزبير: ما استيسر: جمل دون جمل، وبقرة دون بقرة، لا يكون من غيرهما)) . وقد أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" في القسم الأول من الجزء الرابع (ص97 رقم 639) من طريق محمد بن عبيد بن أوس، عن ابن الزبير، قال: ذات خف من إبل أو بقر. وقد تصحّف اسم الراوي عن ابن الزبير في "المصنف" المطبوع إلى: (محمد بن أويس) ، والتصويب من "المصنف" المخطوط (3 / ل 96 / أ) . وسنده ضعيف لجهالة محمد بن عبيد بن أوس، فإنه لم يوثقه سوى ابن حبان؛ حيث ذكره في "الثقات" (5 / 379) ، ولم يرو عنه سوى أبي مالك الأشجعي، وقد ذكره البخاري في "تاريخه" (1 / 173 رقم 520) وسكت عنه، وبيض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (8 / 9 رقم 34) . (1) هو يونس بن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله الهَمْداني، السِّبِيعي، أبو إسرائيل الكوفي، روى عن أبيه وعامر الشعبي والحسن البصري ومجاهد بن جَبْر وغيرهم، روى عنه هنا هشيم، وروى عنه أيضًا ابنه عيسى والثوري وابن المبارك وابن مهدي ويحيى القطان وغيرهم، وهو صدوق؛ وثقه ابن معين وابن سعد، وقال ابن مهدي: ((لم يكن به بأس)) ، وقال النسائي: ((ليس به بأس)) . وقال الساجي: ((صدوق، كان يقدم عثمان على علي، وضعّفه بعضهم)) ، وقال أبو حاتم: ((كان صدوقًا، إلا أنه لا يحتج بحديثه)) ، وقال يحيى القطان: ((كانت فيه غفلة، وكان منه سجيَّة)) وقال الأثرم: ((سمعت أحمد يضعِّف حديث يونس =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = عن أبيه، وقال: حديث إسرائيل أحب إليَّ منه)) ، وقال عبد الله بن أحمد: ((سألت أبي عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، فقال كذا وكذا)) قال الذهبي مبينًا معنى قول عبد الله هذا: ((هذه العبارة يستعملها عبد الله بن أحمد كثيرًا فيما يجيبه به والده، وهي بالاستقراء كناية عمَّن فيه لين)) ، وكانت وفاته سنة تسع وخمسين ومائة، وقيل غير ذلك. اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 234 - 244 رقم 1024) ، و "تهذيب الكمال" المخطوط (3 / 1565) ، و "ميزان الاعتدال" (4 / 482 - 483 رقم 9914) ، و "سير أعلام النبلاء" (7 / 26 - 27) ، و "التهذيب" (11 / 433 - 434 رقم 843) . قلت: يونس بن أبي إسحاق مختلف فيه، وأولى الأقوال فيه بالقبول: قول من قال: ((صدوق)) كالساجي، وقريب منه قول ابن مهدي والنسائي: ((ليس به بأس)) ، وهذا ما رجَّحه الذهبي واختاره، فقال في "الكاشف" (3 / 303 رقم 6574) : ((صدوق)) ، وفي الموضع السابق من "الميزان" نقل عن ابن حزم أنه قال في "المحلى": ((ضعفه يحيى القطان وأحمد بن حنبل جدًّا)) ، فرد عليه الذهبي بقوله: ((قلت: بل هو صدوق ما به بأس، ما هو في قوة مِسْعَر ولا شعبة)) ، وفي الموضع السابق من "سير أعلام النبلاء" قال: ((قلت: ابناه - يعني إسرائيل وعيسى - أتقن منه، وهو حسن الحديث)) . (1) بيّنها في الحديث الآتي بعده بأنها: الإبل والبقر والضأن والمعز، وهي المذكورة في قوله تعالى: {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ المَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آَلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * وَمِنَ الإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ البَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آَلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنْثَيَيْنِ ... } [الآيتان (143 و 144) من سورة الأنعام] . [311] سنده حسن، وهو صحيح لغيره بما سيأتي له من طرق وشواهد. وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (5 / 228) في جماع أبواب الهدي من كتاب: الحج، باب: الهدايا من الإبل والبقر والغنم، من طريق المصنف، به مثله، =

312- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الأَحْوَص (1) ، قَالَ: نَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاح، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: ((مِنَ الْأَزْوَاجِ الثَّمَانِيَةِ: مِنَ الْإِبِلِ، وَالْبَقَرِ، والضَّأن، والمَعْز، عَلَى قَدْر المَيْسَرَة، ما عظَّمْتَ فهو أفضل)) .

_ = وزاد في آخره قوله: ((يعني الهدي)) . وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 27 رقم 3245) من طريق يحيى بن واضح، عن يونس، به مثله. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (3239) من طريق إسحاق الأزرق، عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: {مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} : شَاةٌ. وسيأتي برقم [316] من طريق خصيف ويزيد بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عن ابن عباس، بلفظ: شاة. وقول ابْنُ عَبَّاسٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وأمثاله: ((من الأزواج الثمانية)) لا يتنافى مع قوله في الأحاديث السابقة واللاحقة: ((شاة)) ؛ لأنه عبَّر بالأدنى عن الأعلى، فالشاة من الأزواج الثمانية، وإذا جاز في الهدي شاة، فالإبل والبقر من باب أولى، وانظر الحديث [318] والتعليق عليه. وقد جاء هذا المعنى عن ابن عباس من غير طريق مجاهد، وسيأتي برقم [312] من طريق عطاء بن أبي رباح، و [318 و 319] من طريق أبي جمرة، كلاهما عن ابن عباس. (1) هو سَلاَّم بن سُليم. [312] سنده فيه أبو إسحاق السبيعي، وتقدم في الحديث [1] أنه مدلس واختلط في آخر حياته، ولم يصرِّح بالسماع هنا، ولم أجد من نصَّ على أن أبا الأحوص ممن سمع منه قبل الاختلاط أو بعده، لكن قد أخرج الشيخان البخاري ومسلم له من طريق أبي الأحوص عنه كما في "الكواكب النيرات" وحاشيته (ص351 - 352) .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = والحديث صحيح لغيره، فقد مضى برقم [311] بإسناد حسن، وسيأتي برقم [318 و 319] من طريق أبي جمرة، عن ابن عباس، وهو صحيح أخرجه البخاري وغيره كما سيأتي. وأما طريق المصنف هنا فأخرجه البيهقي في "سننه" (5 / 228 - 229) في جماع أبواب الهدي من كتاب: الحج، باب: الهدايا من الإبل والبقر والغنم، من طريق المصنف، به مثله سواء. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 512) وعزاه للمصنف ووكيع وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبي الشيخ. وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 27 رقم 3243) . وابن أبي حاتم (1 / ل 130 / أ) . كلاهما من طريق إسحاق الأزرق، عن شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ النعمان بن مالك، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ: {مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} قَالَ: مِنَ الْأَزْوَاجِ الثَّمَانِيَةِ، مِنَ الإبل والبقر والمعز والضأن. هكذا رواه شريك، عن أبي إسحاق، وشريك تقدم في الحديث [4] أنه صدوق يخطئ كثيرًا، لكنه لم ينفرد به على هذا الوجه، بل تابعه أبو الأحوص وسفيان الثوري. فرواه ابن أبي شيبة في "المصنف"، في القسم الأول من الجزء الرابع (ص96 رقم 631) . وابن جرير في الموضع السابق برقم (3242) . أما ابن أبي شيبة فمن طريق أبي الأحوص، وأما جرير فمن طريق سفيان الثوري، كلاهما عن أبي إسحاق، عن النعمان بن مالك، قال: تمتّعت فأتيت ابن عباس فقلت له: إني تمتعت، فقال: {مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} ، فقلت: شاة؟ فقال: شاة. هذا لفظ ابن أبي شيبة، ونحوه لفظ ابن جرير. =

313- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ عَوْن (1) ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الأصْفَر، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قِيلَ لَهُ: أَتُجْزِئُ الْمُتَمَتِّعَ شَاةٌ؟ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: ((كُلَّكُمْ شَاةٌ؟ - مَرَّتَيْنِ - أَيَسُرُّ أحدَكم أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا شَاةٌ؟)) .

_ = وعليه فالذي يظهر أن لأبي إسحاق فيه إسنادين. وتقدم الحديث برقم [302] بإسناد صحيح من طريق عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: شَاةٌ. وأخرجه عن ابن جرير في "تفسيره" (4 / 30 رقم 3268) من طريق شعبة مولى ابن عباس، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: (مَا استيسر من الهدي) شاة، وما عظَّمت شعائرَ الله فهو أفضل. وأخرجه أيضًا برقم (3267) من طريق عطية العوفي، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: (فَمَا استيسر من الهدي) قال: عليه - يعني المحصر - هدي، إن كان موسرًا فمن الإبل، وإلا فمن البقر، وإلا فمن الغنم. (1) هو عبد الله بن عون. [313] سنده صحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 512) وعزاه للمصنف ووكيع وسفيان بن عيينة وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، وذكر أنهم أخرجوه من طرق، وساقه بلفظ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} ، قال: بقرة أو جزور، قيل: أوَ ما يكفيه شاة، قال: لا. وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 31 رقم 3271) من طريق سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةٍ، عَنْ قتادة، عن أبي مِجْلَز قال: سأل رجل ابن عمر: {مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} ؟ قال: أترضى شاة؟ - كأنه لا يرضاه-. وأخرجه أيضًا (3278) من طريق الوليد بن أبي هشام، عن زياد بن جبير، عن أخيه عبد الله - أو عبيد الله - ابن جبير قال: سألت ابن عمر عن المتعة =

314- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا مَهْدي بْنُ مَيْمون، عَنْ غَيْلاَن بْنِ جَرِيرٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ، فَسَأَلَهُ رَجُلٌ: أَتُجْزِئُ الْمُتَمَتِّعَ شَاةٌ؟ فَقَالَ: ((كُلَّكُمْ شَاةٌ - كَأَنَّهُ يَحْكِيهَا -، وَكَرِهَهَا فِي الْمُتْعَةِ)) . 315- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ وَبْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: ((الصَّوْمُ لِلْمُتَمَتِّعِ أَحَبُّ إليَّ من الشاة)) .

_ = في الهدي، فقال: ناقة، قلت: ما تقول في الشاة؟ قال: أكلكم شاة؟ أكلكم شاة؟ وسيأتي في الحديث بعده بنحو هذا اللفظ من طريق غَيْلان بن جرير، عن عمر. وتقدم برقم [299] من طريق القاسم بن محمد وغيره عن ابن عمر بلفظ: ((النَّاقَةُ دُونَ النَّاقَةِ، وَالْبَقَرَةُ دُونَ والبقرة)) . وألفاظ أخرى نحوه وبمعناه، وسيأتي بهذا المعنى أيضًا برقم [315 و 316 و 317] . [314] سنده صحيح. وأخرجه ابن حزم في "المحلى" (7 / 203) من طريق حماد بن زيد، عن غيلان بن جرير، به نحوه. وللحديث طرق أخرى انظرها في الحديث السابق [313] ، وانظر معه الحديث [299] ، وما سيأتي برقم [315 و 316 و 317] . [315] سنده صحيح. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"، في القسم الأول من الجزء الرابع (ص97 رقم 637) من طريق عبد الله بن نمير، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عن وبرة، عن ابن عمر قال: إذا قرن الرجل الحج والعمرة فعليه بدنة، فقيل له: أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يَقُولُ: شاة، فقال ابن عمر: الصيام أحب إلي من شاة. وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا رقم (643) من طريق أبي الأحوص، عن أبي إسحاق =

316- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَتَّاب بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ خُصَيْف، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} ، قَالَ: ((بَقَرَةٌ)) . وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ((شَاةٌ)) . 317- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا هُشيم، قَالَ: نَا الزُّهْري، سُئل عَمَّا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ، فَقَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: ((مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ)) ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ((مِنَ الغنم)) .

_ = السبيعي، عَنْ وَبَرَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قال: أتيت ابن عمر فقلت: إن عليَّ هديًا [في الأصل: هدي] فبِمَ تأمرني؟ قال: بدنة من البقر، وإلا فإن صوم ثلاثة أيام وسبعة إذا رجعت إلى أهلك أحب إلي من شاة. ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه ابن حزم في "المحلى" (7 / 203) . وتقدم هذا المعنى عن ابن عمر برقم [299 و 313 و 314] ، وسيأتي برقم [316 و 317] . [316] سنده ضعيف لضعف خصيف من قبل حفظه، وهو صحيح لغيره لمجيئه من غير طريق خصيف، فانظر ما تقدم عن ابن عمر برقم [299 و 313 و 314 و 315] وما سيأتي برقم [317] ، وانظر أيضًا ما تقدم عن ابن عباس برقم [298 و 300 و 302 و 310 و 312] وما سيأتي برقم [317 و 318 و 319] . وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 27 رقم 3241) من طريق شعبة، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: {مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} : شَاةٌ. وتقدم بإسناد حسن برقم [311] من طريق يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مِنَ الْأَزْوَاجِ الثَّمَانِيَةِ. [317] سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف لانقطاعه بين الزهري وابن عمر وابن عباس، فالزهري لم يسمع من ابن عمر إلا حديثين، وجزم الإمام أحمد أنه لم =

318- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّاد بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي جَمْرَة (1) ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: (( {مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} : شَاةٌ، أَوْ: بَدَنَة، أَوْ: بَقَرَةٌ، أَوْ: شِرْكٌ (2) ، في دَم)) .

_ = يسمع من ابن عمر، وقال أبو حاتم: ((لا يصح سماعه من ابن عمر ولا رآه)) ، وقال ابن معين: ((ليس للزهري عن ابن عمر رواية)) ، والصواب أنه رآه وروى عنه حديثين؛ قال عبد الرزاق: قلت لمعمر: هل سمع الزهري من ابن عمر؟ قال: نعم، سمع منه حديثين، وذكر حكاية فيها لقيّ الزهري لابن عمر في الحج. انظر: "تهذيب التهذيب" (9 / 445 - 451) . قلت: ولم أجد من ذكر الحديثين لمعرفة ما إذا كان هذا الحديث منهما أم لا؟ وإذا كان هذا الخلاف في سماع الزهري من ابن عمر المُتَوَفَّى سنة ثلاث وسبعين للهجرة، وكلاهما عاش في المدينة النبوية، فمن باب أولى أن لا يكون الزهري سمع من ابن عباس المتوفى سنة ثمان وستين للهجرة وكان بالطائف، ولذا لم أجد من نص على أنه روى عن ابن عباس أو سمع منه. انظر الموضع السابق من "التهذيب" و (5 / 278 و 330) . ومع هذا الانقطاع، فرواية هشيم، عن الزهري فيها ضعف؛ لأنه سمع منه وهو صغير، وكان كتب عن الزهري صحيفة بمكة، فجاءت الريح فحملت الصحيفة فطرحتها، فلم يجدوها، وحفظ منها هشيم تسعة أحاديث فقط. انظر: "التهذيب" (11 / 60 - 63) . وقد أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"، في القسم الأول من الجزء الرابع (ص97 رقم 635) . وابن جرير في "تفسيره" (4 / 27 و 31 رقم 3244 و 3274) . كلاهما من طريق هشيم به مثله، إلا أن ابن جرير ذكر قول ابن عمر في موضع وقول ابن عباس في موضع آخر. وقد صحّ الحديث عن ابن عمر وابن عباس من غير طريق الزهري، فانظر الحديث السابق رقم [316] والتعليق عليه. (1) هو نَصْر بن عِمْران. (2) بكسر الشين المعجمة وسكون الراء: أي مشاركة في دم، أي حيث يجزئ الشيء الواحد عن جماعة. اهـ. من "فتح الباري" (3 / 534) .

319- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عبَّاد بْنُ عبَّاد المُهَلَّبِي (1) ، قَالَ: نَا أَبُو جَمْرَة، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، عَنِ الْمُتْعَةِ فِي الْحَجِّ، فأمَرَني بِهَا، وَسَأَلْتُهُ عَنِ الذَّبْح، فَقَالَ: ((نَاقَةٌ، أَوْ بَقَرَةٌ، أَوْ شَاةٌ، أَوْ شِرْكٌ، فِي دَمٍ)) .

_ = [318] سنده صحيح. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 28 رقم 3250) من طريق أيوب السختياني، عن أبي جمرة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} شاة. وسيأتي في الحديث بعده من طريقين آخرين عن أبي جمرة. وهذا الحديث فيه مزيد بيان لما ذهب إليه ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - خلافًا لما زعمه إسماعيل القاضي - رحمه الله -، حيث طعن في رواية أبي جمرة هذه، فقال: ((خالف أبا جمرة عنه - أي: عن ابن عباس - ثقات أصحابه، فرووا عنه: أن مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ شَاةٌ)) ، نقل هذا القول الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (3 / 534) ، ثم ردّ عليه بقوله: ((وليس بين رواية أبي جمرة ورواية غيره منافاة؛ لأنه زاد عليهم ذكر الاشتراك، ووافقهم على ذكر الشاة، وإنما أراد ابن عباس بالاقتصار على الشاة الردّ على من زعم اختصاص الهدي بالإبل والبقر ... ، وبهذا تجتمع الأخبار، وهو أولى من الطعن في رواية من أجمع العلماء على توثيقه والاحتجاج بروايته، وهو أبو جَمْرَة الضُّبَعي)) . أهـ. (1) هو عبّاد بن عبّاد بن حبيب بن المُهَلَّب بن أبي صُفْرة، المهَلَّبي، الأزْدي، أبو معاوية البصري، روى عن عاصم الأَحوْل وهشام بن عروة وأبي جمرة نصر بن عمران وغيرهم، روى عنه هنا سعيد بن منصور، وروى عنه أيضًا الإمام أحمد ويحيى بن معين ومُسَدَّد وغيرهم، وهو ثقة ربما وهم، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين، ويعقوب بن شيبة، والعجلي، وأبو داود، والنسائي، وابن خراش، والعقيلي، وغيرهم، وقال الإمام أحمد: ((ليس به بأس، وكان رجلاً عاقلاً أديبًا)) ، وقال ابن سعد: ((كان ثقة، وربما غلط)) ، وقال أبو حاتم: ((صدوق =

320- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، قَالَ: نَا حَجَّاج، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: ((الْجَزُورُ وَالْبَقَرَةُ عَنْ سَبْعَةٍ، يَشْتَرِكُ فِيهِ المُضَحُّون، والمُتَمَتِّعون، والمَحْصورون (1)) ) .

_ = لا بأس به)) ، قيل له: يحتج بحديثه؟ قال: ((لا)) ، وقال الطبري: ((كان ثقة، غير أنه كان يغلط أحيانًا)) . وكانت وفاته سنة ثمانين ومائة، وقيل: إحدى وثمانين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (6 / 82 - 83 رقم 423) ، و "التهذيب" (5 / 95 - 96 رقم 161) ، و "التقريب" (ص290 رقم 3132) . [319] سنده صحيح. وأخرجه البخاري في "صحيحه" (3 / 534 رقم 1688) في الحج، باب: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالعُمْرَةِ إِلَى الحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ ... } . ومن طريق البخاري أخرجه ابن حزم في "المحلى" (7 / 204) . وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 29 رقم 3256) . كلاهما من طريق شعبة، حدثنا أَبُو جَمْرَةَ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عباس - رضي الله عنهما - عن المتعة، فأمرني بها، وسألته عن الهدي فقال فيها: جزور، أَوْ بَقَرَةٌ أَوْ شَاةٌ، أَوْ شِرْك في دم. قال: وكأنّ ناسًا كرهوها، فنمت، فرأيت في المنام كأن إنسانًا ينادي: حج مبرور، ومُتْعَة مُتَقَبَّلَة. فأتيت ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فحدَّثته، فقال: الله أكبر، سُنَّةُ أبي القاسم ?. هذا لفظ البخاري، ولفظ ابن جرير نحو لفظ المصنِّف في الحديث السابق [318] . (1) الذي يلي هذا الحديث حسب ترتيب النسخة الخطية هو الحديث الآتي برقم [328] حتى الحديث رقم [345] ، ثم يليها الحديث الآتي رقم [321] حتى الحديث رقم [327] ، ثم يستمر الترتيب بعد ذلك ابتداء من الحديث رقم [346] متّفقًا مع النسخة الخطية، وإنما قدَّمْتُ الأحاديث من رقم [321] حتى رقم [327] مراعاة لترتيب الآيات.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = [320] سنده ضعيف، فحجّاج بن أَرْطأَةْ تقدم في الحديث [170] أنه صدوق كثير الخطأ والتدليس، ولم يصرِّح بالسماع هنا. والحديث أخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من الجزء الرابع من "المصنف" (ص98 - 99 رقم 649) من طريق أبي خالد الأحمر، عن حجاج، عن عطاء قال: يشترك المحصورون والمتمتعون في البدنة عن سبعة. وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا برقم (650) من طريق هشام بن حسان، عن الحسن وعطاء أنهما كانا لا يريان بأسًا بالمتمتع أن يدخل في شرك في جزور أو بقرة. وهذا إسناد ضعيف أيضًا، فهشام بن حسان تقدم في الحديث [55] أنه ثقة من أثبت الناس في ابن سيرين، لكن روايته عن الحسن وعطاء فيها مقال لأنه كان يرسل عنهما، يقول ابن المديني: ((أما حديث هشام عن محمد فصحاح، وحديثه عن الحسن عامتها يدور على حوشب)) . وقال أبو داود: ((إنما تكلموا في حديثه عن الحسن وعطاء؛ لأنه كان يرسل، وكانوا يرون أنه أخذ كتب حوشب)) . قلت: وهذا الحديث من روايته عن الحسن وعطاء. وتقدم برقم [304] عن عطاء أنه قال: {مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} شَاةٌ، وهو حسن لغيره عن عطاء. وما تضمنه هذا القول عن عطاء من أن الإبل والبقر عن سبعة ثابت في سنة المصطفى - صلى الله عليه وسلم -. ففي "صحيح مسلم" (2 / 955 - 956 رقم350 و 351 و 352 و 353 و 354 و 355) في الحج، باب: الاشتراك في الهدي وإجزاء البقرة والبدنة كل منهما عن سبعة، من حديث جابر - رضي الله عنه - قال: نحرنا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - عام الحديبية البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة.

321- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانة (1) ، وهُشيم، عَنْ أَبِي بِشْر (2) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: ((مَنْ لَمْ يَصُمِ الثَّلَاثَةَ أَيَّامٍ الَّتِي فِي الْحَجِّ آخِرُهَا يَوْمُ عَرَفَةَ، فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْهَدْيُ)) . قَالَ أَبُو بِشْرٍ: فَقُلْتُ لِسَعِيدٍ: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ؟ قَالَ: ((فَلْيَبِعْ ثَوْبَهُ)) . وَزَادَ هُشَيْمٌ: ((وَيَشْتَرِي شَاةً بثلاثة دراهم (3)) ) .

_ (1) هو وَضَّاح بن عبد الله اليَشْكُري. (2) هو جعفر بن إياس. (3) هذا الحديث وما بعده حتى الحديث رقم [327] موضعها متأخِّر في النسخة الخَطَّية بعد الحديث الآتي برقم [345] ، فَقَدَّمْتُها في هذا الموضع مراعاة لترتيب الآيات، وانظر التعليق رقم (1) على الحديث السابق. [321] سنده صحيح، وقد صرّح هشيم بالسماع في رواية ابن جرير الآتية، وتابعه هنا أبو عوانة. والحديث أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 95 رقم 3445) من طريق أبي كريب، قال: حدثنا هشيم، قال: حدثنا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جبير أنه قال في المتمتع: إذا لم يجد الهدي، صام يومًا قبل يوم التروية، ويوم التروية,، ويوم عرفة. وأخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من الجزء الرابع من "المصنف" (ص127 رقم 849) من طريق وكيع، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بن جبير قال: لابد من دم ولو يبيع ثوبه. وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا (4 / 2) من طريق حجاج بن أرطأة، عن حبيب، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: إن شاء صام أول العشر، ووسطها، وآخرها يوم عرفة. وأخرجه ابن جرير (4 / 97 رقم 3455) من طريق إسرائيل، عن سالم بن عجلان الْأَفْطَسِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الحَجِّ} قال: آخرها يوم عرفة.

322- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجيح، عَنْ مُجَاهِدٍ، (وَعَنْ) (1) طَاوُس، قَالَا (2) : فِي الْمُتَمَتِّعِ قَالَ: ((إِنْ شَاءَ صَامَ يَوْمًا مِنْ شَوَّالٍ، وَيَوْمًا مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ، وَيَوْمًا مِنْ ذِي الحجة)) .

_ (1) في الأصل: (عن) . (2) أي: مجاهد وطاوس. [322] سنده صحيح إلى مجاهد وطاوس، وقد صرح ابن أبي نجيح بالسماع في رواية ابن جرير الآتية. وأخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من الجزء الرابع من "المصنف" (ص125 رقم 838) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 95 - 9 6و 101 رقم 3446 و 3447 و 3472) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 132 / ب) . أما ابن أبي شيبة فعن ابن عيينة بلا واسطة وأما ابن جرير فمن طريق عَنْبَسَة، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق ابن القمرئ، كلاهما عن ابن عيينة، به، ولفظ ابن أبي حاتم نحو لفظ المصنف، إلا أنه قال: ((وآخرها يوم عرفة)) بدلاً من قوله: ((ويومًا من ذي الحجة)) . وأما ابن أبي شيبة، فلفظه: (( ... عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد قال: يصوم المتمتع إن شاء يومًا من شوال، وإن شاء يومًا من ذي القعدة. قال: وقال طاوس وعطاء: لا يصوم المتمتع إلا في العشر)) . وإسناد الحديث عند أبي شيبة في الموضع السابق من المطبوع، وفي المخطوط (1 / ل 164 / ب) هكذا: ((ثنا ابن عيينة، عن ابن أبي عيينة، عن ابن أبي نجيح ... )) وهذا خطأ بلا شك. وأما ابن جرير فلفظه: يقول ابن أبي نجيح: ((وسمعت مجاهدًا وطاوسًا يقولان: =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = إذا صامهن في أشهر الحج أجزأه. قال: وقال مجاهد: إذا لم يجد المتمتع ما يهدي، فإنه يصوم في العشر إلى يوم عرفة، متى ما صام أجزأه، فإن صام الرجل في شوال أو ذي القعدة أجزأه)) . وأخرجه ابن جرير أيضًا (4 / 96 و 102 رقم 3451 و 3452 و 3473) من طريق شبل، وعيسى بن ميمون، ومحمد بن مسلم الطائفي، ثلاثتهم عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ} آخرهن يوم عرفة من ذي الحجة. هذا لفظ عيسى وشبل، وأما الطائفي فلفظه: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نجيح، عن مجاهد قال: من صَامَ يَوْمًا مِنْ شَوَّالٍ، وَيَوْمًا في ذي القعدة، ويومًا في ذي الحجة، أجزأه عنه من صوم التمتع. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 1) . وابن جرير في "تفسيره" (4 / 97 رقم 3458) . كلاهما من طريق جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الحَجِّ} : في العشر، آخرهن يوم عرفة. هذا لفظ ابن جرير. وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا (4 / 2) من طريق القاسم بن نافع، عن مجاهد قال: آخرها يوم عرفة. وأخرجه في الموضع نفسه من طريق يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ مجاهد قال: من لم يصم قبل التروية بيوم، ويوم التروية، ويوم عرفة فاته الصوم. ويزيد تقدم في الحديث [18] أنه ضعيف، لكنه توبع على معنى ما ذكر كما سبق. وأخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من الجزء الرابع (ص125 رقم 840) ، وابن جرير في "تفسيره" (4 / 102 رقم 3474 و 3475) . كلاهما من طريق لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنِ طاوس وعطاء قالا: لا يصوم الثلاثة إلا في العشر، وقال مجاهد: لا بأس أن يصومها في أشهر الحج. هذا لفظ ابن أبي شيبة، وأما ابن جرير فلفظه: عن مجاهد في قول الله عز وجل: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الحَجِّ} قال: إن شاء صامها في العشر، وإن شاء في ذي القعدة، وإن شاء في شوال. =

323- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: ((لَا يَصُومُ إِلَّا فِي الْعَشْرِ، فَإِنْ فَاتَهُ الصِّيَامُ، أهراق دمًا)) .

_ = وليث تقدم في الحديث [9] أنه صدوق اختلط جدًّا، فلم يتميز حديثه فتُرك. وأخرجه ابن أبي شيبة (4 / 3) من طريق سفيان بن عيينة، عن إبراهيم بن ميسرة وابن طاوس، كلاهما عن طاوس قال: يجعل المتمتع آخر صومه يوم عرفة. وأخرجه ابن جرير (4 / 97 رقم 3459) من طريق يزيد بن خمير قال: سألت طاوسًا عن صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ، قال: آخرهن يوم عرفة. [323] سنده ضعيف، عبد الله بن أبي نجيح تقدم في الحديث [184] أنه ثقة ربما دلس، ولم يصرح بالسماع هنا، لكن قوله: ((لَا يَصُومُ إِلَّا فِي الْعَشْرِ)) صحيح لغيره، وقوله: ((فَإِنْ فَاتَهُ الصِّيَامُ، أَهْرَاقَ دَمًا)) حسن لغيره كما سيأتي. وقد أخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول، من الجزء الرابع من "المصنف" (ص125 رقم 838) من طريق سفيان بن عيينة به بلفظ: ((لا يصوم المتمتع إلا في العشر)) ، وهو عنده مقرون برواية سفيان للحديث السابق عن مجاهد وطاوس. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 95 و 102 رقم 3446 و 3476) من طريق عَنْبَسَة، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عطاء قال: يصوم المتمتع الثلاثة الأيام لمتعته في العشر إلى يوم عرفة. وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص62 رقم 82) عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ - في قول الله تبارك وتعالى: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} -، قال: أصومهما حلالاً في العشر أحب إليّ من أن أصومهما حرامًا في شوال وذي القعدة، فإن صامهما حرامًا في شوال أو ذي القعدة، أجزأه، وإن صامهما حلالاً في شوّال أو ذي القعدة، ذبح. وهذا إسناد رجاله ثقات، لكنه ضعيف؛ لأن عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج مدلِّس كما في ترجمته في الحديث [9] ، ولم يصرِّح هنا بالسماع. وأخرجه ابن أبي شيبة في الموضع السابق برقم (840) من طريق لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنِ عطاء قال: لا يصوم الثلاثة إلا في العشر. وليث تقدم في الحديث [9] أنه صدوق اختلط جدًّا فلم يتميز حديثه فتُرك =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا (4 / 1) من طريق حجاج بن أرطأة، عن عطاء قال: إن شاء صام أول العشر، ووسطها، وآخرها يوم عرفة. وهذا ضعيف أيضًا، فحجاج بن أرطأة تقدم في الحديث [170] أنه صدوق كثير الخطأ والتدليس، ولم يصرح بالسماع. وأخرجه ابن جرير (4 / 96 و 102 رقم 3448 و 3477) من طريق يعقوب بن عطاء، أن عطاء بن أبي رباح كان يقول: من استطاع أن يصومهن فيما بين أول يوم من ذي الحجة إلى يوم عرفة فليصم. وسنده ضعيف أيضًا؛ يعقوب بن عطاء بن أبي رباح المكي ضعيف، ضعفه أحمد وابن معين وأبو زرعة والنسائي، وفي رواية أحمد قال: ((منكر الحديث)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 211 رقم 882) ، و "التهذيب" (11 / 392 - 393 رقم 756) ، و "التقريب" (ص608 رقم 7826) . وأخرجه ابن جرير الطبري أيضًا في "تفسيره" (4 / 103 رقم 3480) ، فقال: حدثنا أحمد بن حازم، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا الربيع، عن عطاء أنه كان يقول - في صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ - قال: في تسع من ذي الحجة، أيها شئت، فمن صام قبل ذلك في شوال وفي ذي القعدة، فهو بمنزلة من لم يصم. وهذا إسناد ضعيف لضعف الربيع من قبل حفظه. وهو الرَّبيع بن صَبيح - بفتح المهملة - السَّعْدي، البصري، يروي عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ ومجاهد والحسن البصري وغيرهم، روى عنه سفيان الثوري وعبد الله بن المبارك وعبد الرحمن بن مهدي، ووكيع وأبو نُعيم الفَضْل بن دُكَين وغيرهم، وهو عابد مجاهد صدوق، إلا أنه سيء الحفظ، فقد ضعّفه ابن معين وابن سعد والنسائي، وكان يحيى بن سعيد لا يرضاه ولا يحدِّث عنه، وقال عفّان بن مسلم: ((أحاديثه كلها مقلوبة)) ، وقال ابن المديني: ((هو عندنا صالح، وليس بالقوي)) ، وقال السَّاجي: ((ضعيف الحديث، أحسبه كان يهم، وكان عبدًا صالحًا)) ، وقال ابن حبَّان: ((كان من عُبَّاد أهل البصرة وزُهَّادِهم، وكان يُشَبَّه بيته بالليل ببيت النحل من كثرة التهجُّد، إلا أن الحديث لم يكن من صناعته، فكان يَهم فيما يروي كثيرًا، حتى وقع في حديثه المناكير من حيث لا يشعر =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = لا يعجبني الاحتجاج به إذا انفرد)) ، وقال الإمام أحمد: ((لا بأس به، رجل صالح)) ، وقال العجلي: ((لا بأس به)) ، وقال أبو زرعة: ((شيخ صالح صدوق)) ، وقال أبو حاتم: ((رجل صالح)) ، وقال ابن عدي: ((له أحاديث صالحة مستقيمة، ولم أر له حديثًا منكرًا جدًّا، وأرجو أنه لا بأس به ولا برواياته)) ، وكانت وفاته رحمه الله بأرض السِّند غازيًا سنة ستين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 464 - 465 رقم 2084) ، و "تهذيب الكمال" المطبوع (9 / 89 - 94) ، و "تهذيب التهذيب" (3 / 247 - 248 رقم 474) ، و "التقريب" (ص206 رقم 1895) . وأخرجه ابن جرير أيضًا (4 / 97 رقم 3456) فقال: حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا فِطْر، عن عطاء: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الحَجِّ} ، قال: آخرها يوم عرفة. وهذا سند حسن لذاته. فِطْر بن خليفة القُرشي، المخزومي، مولاهم، أبو بكر الحَنَّاط - بالمهملة والنون -، الكوفي، يروي عن أبيه ومولاه عمرو بن حريث وأبي الطفيل عامر بن واثلة وأبي وائل شقيق بن سلمة وأبي إسحاق السَّبيعي ومجاهد وعطاء بن أبي رباح وغيرهم، روى عنه عبد الله بن المبارك ووكيع ويحيى القطّان والسفيانان وأبو نعيم وغيرهم، وهو صدوق رمي بالتشيُّع، قال الإمام أحمد: ((ثقة صالح الحديث، وكان عند يحيى بن سعيد ثقة)) ، وقال ابن معين: ((ثقة)) ، وقال العجلي: ((كوفي ثقة حسن الحديث، وكان فيه تشيع قليل)) ، وقال أبو زرعة الدمشقي: ((سمعت أبا نعيم يرفع من فطر ويوثقه ويذكر أنه كان ثبتًا في الحديث)) وقال أبو حاتم: ((صالح الحديث، كان يحيى بن سعيد يرضاه ويحسن القول فيه ويحدَّث عنه)) ، وقال النسائي: ((ثقة حافظ كيِّس)) ، وقال ابن سعد: ((كان ثقة إن شاء الله تعالى، ومن الناس من يستضعفه، وكان لا يدع أحدًا يكتب عنه، وكانت له سن عالية ولقاء)) ، وقال أحمد بن يونس: ((كنا نمرّ على فطر وهو مطروح لا نكتب عنه)) ، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وقال الساجي: ((صدوق ثقة ليس بمتقن، كان أحمد بن حنبل يقول: هو خَشَبي مفرط، قال الساجي: كان يقدم عليًّا على عثمان)) ، وقال السعدي: ((زائغ غير ثقة)) ، وقال الدارقطني: ((فطر زائغ، ولم يحتجّ به البخاري)) ، وكانت وفاته سنة ثلاث وخمسين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (7 / 90 رقم 512) ، و "التهذيب" (8 /300 - 302 رقم 548) ، و "التقريب" (ص248 رقم 5441) . والراوي عن فطر هو: محمد بن عبد الله بن الزُّبير بن عمر بن دِرْهم الَأسَدي، أبو أحمد الزُّبيري، الكوفي، يروي عن أيمن بن نابل وسفيان الثوري ومسعر والإمام مالك وفطر بن خليفة وغيرهم، روى عنه ابنه طاهر والإمام أحمد وبُندار وأبو بكر بن أبي شيبة وغيرهم، وهو ثقة ثبت، إلا أنه قد يخطئ في حديث الثوري، وقد روى له الجماعة، ووثقه ابن معين وابن قانع والعجلي وزاد: ((يتشيّع)) ، وقال بُنْدار: ((ما رأيت أحفظ منه)) ، وقال أبو زرعة وابن خراش: ((صدوق)) ، وقال ابن سعد: ((كان صدوقًا كثير الحديث)) ، وقال النسائي: ((ليس به بأس)) ، وقال أبو حاتم: ((حافظ للحديث، عابد مجتهد، له أوهام)) ، وقال الإمام أحمد: ((كان كثير الخطأ في حديث سفيان)) ، وقال ابن نمير: ((أبو أحمد الزبيري صدوق، في الطبقة الثالثة من أصحاب الثوري، ما علمت إلا خيرًا، مشهور بالطلب، ثقة صحيح الكتاب)) . وكانت وفاته سنة ثلاث ومائتين. اهـ. من "الجرح والتعديل" (7 / 297 رقم 1611) ، و "التهذيب" (9 / 254 - 255 رقم 420) ، و "التقريب" (ص487 رقم 6017) . والراوي عن أبي أحمد الزُّبَيْري هو شيخ ابن جرير: أحمد بن إسحاق بن عيسى الَأهْوَازي البزَّاز، أبو إسحاق، صاحب السِّلْعة، روى عن حجّاج بن نُصَير وعبد الله بن يزيد المقرئ وأبي أحمد الزبيري وغيرهم، روى عنه أبو داود السِّجستاني وأبو بكر البزار وزكريا السّاجي وابن أبي الدنيا ومحمد بن جرير الطبري وغيرهم، وهو صدوق كما قال النسائي، وكانت وفاته =

324- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو (1) ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: ((يَصُومُ الْمُتَمَتِّعُ فِي السَّفَرِ، وَلَا يَصُومُ إِلَّا فِي الْعَشْرِ، وَيَجْعَلُ آخِرَهَا يَوْمَ عَرَفَةَ، وَإِنْ فَاتَهُ، أَهْرَاقَ لِذَلِكَ دَمًا)) . 325- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا هُشَيْمٌ، نَا عَبْدُ الْمَلِكِ (2) ، وحَجَّاج (3) ، عَنْ عَطَاءٍ - فِي قوله: {وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} - قَالَ: ((هِيَ رُخْصَةٌ، وَإِنْ شَاءَ صام في السفر)) .

_ = سنة خمسين ومائتين. اهـ. من "تهذيب الكمال" المطبوع (1 / 265) ، و "تهذيب التهذيب" (1 / 14 - 15 رقم 10) ، و "التقريب" (ص77 رقم 8) . وعليه يتضح أن الحديث بمجموع هذه الطرق صحيح لغيره عن عطاء، عدا قوله: ((فَإِنْ فَاتَهُ الصِّيَامُ أَهْرَاقَ دَمًا)) ، فإنه حسن لغيره والله أعلم. (1) هو ابن دينار. [324] سنده صحيح. وذكره السيوطي في "الدر" (1 / 518) وعزاه لابن أبي شيبة فقط. وقد أخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من الجزء الرابع من "المصنف" (ص125 رقم 837) ، فقال: ثنا سفيان بن عيينة، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: لا يصوم المتمتع إلا في العشر. وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا برقم (841) . وابن جرير في "تفسيره" (4 / 103 رقم 3481) . كلاهما من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن علية، عن أيوب السختياني، عن عكرمة قال: إذا خشي أن لا يدرك الصوم بمكة صام بالطريق يومًا أو يومين. (2) هو ابن أبي سليمان. (3) هو ابن أَرْطَأَةْ. [325] سنده صحيح، وحجاج قد تابعه عبد الملك. =

326- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ (1) [ل116/ب] ، قَالَ: نا يُونُسُ (2) ، عَنِ الْحَسَنِ مِثْلَ قَوْلِ عَطَاءٍ قَالَ: ((هِيَ رُخْصَةٌ)) . 327- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، عَنْ جَابِرٍ (3) ، عَنِ الشَّعْبي قَالَ (4) : ((إِذَا رَجَعْتَ إِلَى مِصْرِك (5)) ) .

_ = وأخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من الجزء الرابع من "المصنف" (ص128 رقم 855) من طريق حفص بن غياث، عن حجاج، عن عطاء قال: {وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} قال: إن شاء صامها في الطريق، وإن شاء بمكة. وأخرجه عبد بن حميد كما في "الدر المنثور" (1 / 519) عن عطاء بلفظ: في الطريق إن شاء. وأخرجه وكيع كما في "الدر" أيضًا (1 / 520) عن عطاء: {وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} قال: إذا قضيتم حجّكم، وإذا رجع إلى أهله أحب إلي. ومن طريق وكيع أخرجه ابن جرير (4 / 107 رقم 3491) ، وهو عنده عن وكيع، عن فِطْر، عن عطاء. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (3493) من طريق ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ فِي قوله: {وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} قال: إذا رجعت إلى أهلك. (1) قوله: ((هشيم)) جاء في نهاية الصفحة، ثم أعاده الناسخ في بداية الصفحة الأخرى. (2) هو: ابن عبيد. [326] سنده صحيح. وأخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من الجزء الرابع من "المصنف" (ص128 رقم 856) من طريق هشام بن حسان، عن الحسن في صيام السبعة الأيام قال: إن شاء صام في الطريق، وإن شاء إذا رجع إلى أهله. (3) هو ابن يزيد الجُعْفي، تقدم في الحديث رقم [101] أنه ضعيف جدًّا. (4) قوله: ((قال)) مكرور في الأصل. =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {الحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} ] 328- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ (1) ، قَالَ: نا شَريك، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الأَحْوَص، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {الحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} -، قال: ((شوال، وذو القعدة [ل116/أ] ، وَعَشْرُ لَيَالٍ مِنْ ذِي الْحَجَّةِ)) . عَنِ ابْنِ عُمَرَ (2) قَالَ: ((شَوَّالٌ، وذو القعدة، وذو الحجة)) .

_ (5) هذا الحديث والأحاديث قبله من رقم [321] قَدَّمْتُها عن الأحاديث الآتية بعدها مراعاة لترتيب الآيات، فانظر التعليق رقم (1) على الحديث رقم [320] ، والتعليق رقم (3) على الحديث رقم [321] . [327] سنده ضعيف جدًّا لشدَّة ضعف جابر الجُعْفي. (1) هذا الحديث والأحاديث الآتية بعده حتى رقم [345] حَقُّها التقديم بعد الحديث المتقدم برقم [320] ، وإنما أَخّرتها هنا مراعاة لترتيب الآيات، وانظر التعليق رقم (1) على الحديث رقم [320] ، والتعليق رقم (3) على الحديث رقم [321] . (2) كذا في الأصل! وهو إما أن يكون علّقه المصنف لبيان قول ابن عمر في مقابل قول ابن مسعود، ثم وصله فيما بعد، وإما أن يكون سقط سنده من الناسخ، ويبعد عندي أن يكون موصولاً بإسناد ما قبله؛ فإني لم أجد من أخرجه من طريق أبي الأحوص عوف بن مالك، عن ابن عمر، ولم أجد لأبي الأحوص رواية عن ابن عمر كما يتضح من مطالعة "تهذيب الكمال" المخطوط (2 / 1065) ، و "تهذيب التهذيب" (8 / 169) ، وقد أخرج البيهقي الحديث من طريق المصنف كما سيأتي ولم يذكر هذا عن ابن عمر، وسيأتي موصولاً عند المصنف برقم [329 و 331] من طريق مجاهد ونافع عنه. [328] سنده ضعيف؛ أبو إسحاق السبيعي تقدم في الحديث [1] أنه مدلس، ولم يصرح =

329- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا شَريك، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِر، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: ((شَوَّالٌ، وَذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحَجَّةِ)) .

_ = بالسماع هنا، وشريك بن عبد الله تقدم في الحديث [4] أنه صدوق يخطئ كثيرًا. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 525) وعزاه للمصنِّف ووكيع وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابون أبي حاتم والبيهقي. وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (4 / 342) في جماع أبواب وقت الحج والعمرة من كتاب الحج، باب بيان أشهر الحج، من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه لم يذكر قوله: ((عز وجل)) ، ولا قوله: ((ليال)) . وأخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من الجزء الرابع من "المصنف" (ص230 رقم 1497 و 1498) . وابن جرير في "تفسيره" (1 / ل 133 / ب) . والدارقطني في "سننه" (2 / 226 رقم 42) . جميعهم من طريق شريك، به مثله، إلا أنهم لم يذكروا قوله: ((ليال)) ، وقد سقط اسم أبي الأحوص من سند "مصنف ابن أبي شيبة"، وفي ظني أنه من سوء الطباعة. وأخرجه أبو بكر الإسماعيلي في "معجم شيوخه" (1 / 315 - 316) فقال: أخبرني أبو جعفر أحمد بن محمد الخَلنْجي، قال: حدثنا داود بن عمرو، حدثنا شريك، عن المختار، عن أبي إسحاق، به مثله، ولم يذكر قوله: ((ليال)) ، وزاد في إسناده المختار أبا عثمان، وقيل: أبو غسَّان. ومن طريق الإسماعيلي أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (5 / 63) . وزيادة المختار في سند الحديث لم يذكرها أحد ممن روى الحديث عن شريك سوى داود بن عمرو عند الإسماعيلي، فلست أدري، هل الخطأ من شريك بسبب ضعف حفظه، أو من شيخ الإسماعيلي؛ فإنه ذكره الخطيب في الموضع السابق من "تاريخ بغداد"، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلاً، وذكر أنه يروي عن داود بن عمرو الضَّبِّي وصالح بن مالك الخَوَارِزْمي، وأنه روى عنه الإسماعيلي وأحمد بن عبد الله الفامي، وعليه فهو مجهول الحال. [329] سنده ضعيف؛ فشريك بن عبد الله النخعي القاضي تقدم في الحديث [4] أنه صدوق =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = يخطئ كثيرًا. وإبراهيم بن مهاجر تقدم في الحديث [58] أنه صدوق ليِّن الحفظ. لكن الحديث صح عن ابن عمر من غير هذا الطريق كما سيأتي. وأخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من الجزء الرابع من "المصنف" (ص229 رقم 1492) . وابن جرير في "تفسيره" (4 /117 رقم 3538) . أما ابن أبي شيبة فمن طريق وكيع، وأما ابن جرير فمن طريق أحمد بن إسحاق، كلاهما عن شريك، به، ولفظ ابن جرير مثل لفظ المصنف سواء، وأما ابن أبي شيبة فلفظه مثله، إلا أنه قال: ((وعشر من ذي الحجة)) . وكلا اللفظين وردا عن ابن عمر كما سيأتي، لكن الصواب في رواية شريك: ((وذو الحجة)) ؛ كذا رواه سعيد بن منصور وأحمد بن إسحاق عنه، وخالفهما وكيع، فرواه: ((وعشر من ذي الحجة)) . وأخرجه الإمام مالك في "الموطأ" (1 / 344 رقم 62) في الحج، باب: ما جاء في التمتع، عن عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول: من اعتمر في أشهر الحج - في شوال، أو ذي القعدة، أو في ذي الحجة - قبل الحج، ثم أقام بمكة حتى يدركه الحج فهو متمتع إن حج، وعليه ما استيسر من الهدي، فإن لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ في الحج وسبعة إذا رجع. وسنده صحيح. عبد الله بن دينار العدوي، مولاهم، أبو عبد الرحمن المدني مولى ابن عمر، روى عن ابن عمر وأنس وسليمان بن يسار ونافع مولى ابن عمر وأبي صالح السَّمَّان وغيرهم، روى عنه ابنه عبد الرحمن والإمام مالك وشعبة وغيرهم، وهو ثقة؛ روى له الجماعة، ووثقه ابن معين والعجلي وأبو زرعة وأبو حاتم والنسائي وابن سعد وزاد: ((كثير الحديث)) ، وقال الإمام أحمد: ((ثقة مستقيم الحديث)) وكانت وفاته سنة سبع وعشرين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 46 - 47 رقم 217) ، و "التهذيب" (5 / 201 - 203 رقم 349) ، و "التقريب" (ص302 رقم 3300) . وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 116 - 117 رقم 3533) . والدارقطني في "سننه" (2 / 226 رقم 46) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = كلاهما من طريق وَرْقاء، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر: {الحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} قَالَ: شَوَّالٌ، وَذُو الْقَعْدَةِ، وَعَشْرُ من ذي الحجة. وصحح ابن حجر إسناده في "فتح الباري" (3 / 420) . فَوَرْقاء هنا خالف الإمام مالكًا، فقال: ((وعشر من ذي الحجة)) ، وكلاهما يرويه عن عبد الله بن دينار، وسيأتي الكلام عن هذا. وأخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من الجزء الرابع من "المصنف" (ص230 رقم 1503) . والدارقطني في "سننه" (2 / 226 رقم 45) . كلاهما من طريق وكيع، عن بَيْهس بن فَهْدان، عن أبي شيخ الهُنَائي، قال: سألت ابن عمر عن أشهر الحج، فقال: شَوَّالٌ، وَذُو الْقَعْدَةِ، وَعَشْرٌ مِنْ ذي الحجة. هذا لفظ الدارقطني، ونحوه لفظ ابن أبي شيبة، إلا أنه وقع فيه: ((وذو الحجة)) . وكلا الطريقين واحد، وأخشى أن يكون الخطأ من طباعة المصنَّف، فإنه سقيم الطباعة. وللحديث طريق آخر يرويه نافع، عن ابن عمر، وسيأتي برقم [331] وسنده صحيح. هذا وقد اختلفت روايات هذا الحديث، ففي بعضها،: ((وذو الحجة)) ، وفي بعضها: ((وعشر من ذي الحجة)) . أما رواية مجاهد للحديث عن ابن عمر، فالصواب فيها: ((وذو الحجة)) ، لاتفاق سعيد بن منصور وأحمد بن إسحاق على روايته بهذا اللفظ عن شَرِيكٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عن مجاهد. وأما رواية وكيع للحديث عن شريك فمحمولة على ما سيأتي ذكره عن رواية مالك للحديث عن عبد الله بن دينار. فعبد الله بن دينار اختلف مالك وورقاء في لفظ الحديث عنه كما سبق، وقد رجح الحافظ بن حجر رواية ورقاء وحمل عليها رواية مالك جمعًا بين الروايات. =

330- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا شَريك، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ: ((شَوَّالٌ، وَذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحَجَّةِ)) . 331- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبة (1) ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: ((شَوَّالٌ، وَذُو الْقَعْدَةِ، وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الْحَجَّةِ)) .

_ = ففي "فتح الباري" (3 / 420) ذكر ابن حجر رواية ورقاء، عن عبد الله بن دينار، ورواية عبيد الله بن عمر، عن نافع - وستأتي في الحديث [331]-، ثم قال ابن حجر: ((والإسنادان صحيحان، وأما ما رواه مالك في "الموطأ" عن عبد الله بن دينار، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: مَنْ اعتمر في أشهر الحج - شوال، أو ذي القعدة، أو ذي الحجة - قبل الحج، فقد استمتع، فلعله - يعني: مالكًا - تجوَّز في إطلاق ذي الحجة؛ جمعًا بين الروايتين، والله أعلم)) . اهـ. [330] هو من قول إسماعيل بن عياش، ومع ذلك فالراوي عنه شريك وتقدم في الحديث السابق أنه صدوق يخطئ كثيرًا، فالإسناد ضعيف لأجله. (1) هو موسى بن عُقْبَةَ بن أبي عيّاش الَأسَدي مولى آل الزُّبير، روى عن أم خالد ولها صحبة وعن سالم وحمزة ابني عبد الله بن عمر والأعرج وأبي سلمة بن عبد الرحمن ونافع مولى ابن عمر وغيرهم، روى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري والإمام مالك والسفيانان، وابن المبارك وإسماعيل بن عياش وغيرهم، وهو ثقة فقيه إمام في المغازي، روى له الجماعة، ووثقه مالك وأحمد وابن معين والعجلي وأبو حاتم والنسائي وغيرهم، وقال ابن سعد: ((كان ثقة ثبتًا كثير الحديث)) ، وكانت وفاته سنة إحدى وأربعين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 163 - 165) ، و "التهذيب" (10 / 360 - 362 رقم 638) ، و "التقريب" (ص552 رقم 6992) . قلت: وروى المفضل بن غسّان الغلاّبي عن ابن معين أنه قال: ((موسى بن عقبة =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ثقة، يقولون روايته عن نافع فيها شيء)) ، قال المفضل: ((وسمعت ابن معين يضعف موسى بعض الضعف)) . قال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (6 / 117) بعد أن حكى قول المفضل هذا: ((قد روى عباس الدوري وجماعة عن يحيى توثيقه، فَلْيُحْمَلْ هذا التضعيف على معنى: أنه ليس هو في القوة عن نافع كمالك ولا عبيد الله، وكذلك روى إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الجنيد، عن يحيى بن معين قال: ليس موسى بن عقبة في نافع مثل عبيد الله بن عمر ومالك. قال الذهبي: قلت: احتجّ الشيخان بموسى بن عقبة، عن نافع ولله الحمد. قلنا: ثقة وأوثقُ منه، فهذا من هذا الضرب)) . اهـ. [331] سنده ضعيف، وهو صحيح لغيره. أما هذا الإسناد فهو من رواية إسماعيل بن عياش، وتقدم في الحديث [9] أنه صدوق في روايته عن أهل بلده والشام، مُخَلِّط في غيرهم ويدلِّس، ولم يصِّرح هنا بالسماع، وهذا الحديث من روايته عن غير أهل بلده، فموسى بن عقبة مدني كما في الموضع السابق من "السير" وغيره، لكن الحديث صح من غير طريقه. وذكر السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 524) هذا الحديث وعزاه للمصنِّف ووكيع وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والحاكم والبيهقي في "سننه". وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 116 رقم 3532) . والحاكم في "المستدرك" (2 / 276) . ومن طريقه البيهقي في "سننه" (4 / 342) في الحج، باب: بيان أشهر الحج، وأخرجه ابن حجر في "تغليق التعليق" (3 / 58 - 59) . جميعهم من طريق عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نافع، به مثله، إلا أنهم زادوا ذكر الآية: {الحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي، وصحح إسناده الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (3 / 420) . وأخرجه الشافعي في "الأم" (2 / 132) ، و "المسند" (1 / 286 - 287 رقم 749 / ترتيب) . وابن جرير في "تفسيره" (4 / 117 رقم 3536 و 3537) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 133 / ب) . ثلاثتهم من طريق ابن جريج قال: قلت لنافع: أسمعت عبد الله بن عمر يسمي شهور الحج؟ فقال: نعم؛ كان يسمي شوالاً وذا القعدة وذا الحجة. وقد رواه ابن جرير في الموضع الأول من طريق شيخه محمد بن بشّار، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ ابن جريج، به. وهذا إسناد صحيح. محمد بن بشّار بُنْدار تقدم في الحديث [83] أنه ثقة. ويحيى بن سعيد القطّان في الحديث [1] أنه ثقة متقن حافظ إمام قدوة. وعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج تقدم في الحديث [9] أنه ثقة فقيه فاضل، وكان يدلِّس، لكنه صرَّح بالسماع في هذه الرواية. وذكر السيوطي هذا الحديث في "الدر" (1 / 524) وعزاه للشافعي في "الأم"، ولسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم. ولم يخرج المصنف هذا الحديث هنا في التفسير بهذا اللفظ، فلعله أخرجه في كتاب: الحج، ولا يزال في عداد المفقود. ولفظ ابن جريج هنا يخالف لفظ موسى بن عقبة وعبيد الله بن عمر، فإنهما قالا: ((وعشر من ذي الحجة)) ، وأما ابن جريج فقال: ((وذا الحجة)) . وسبق مثل هذا في خلاف مالك لِوَرْقَاء عن عبد الله بن دينار في الحديث [329] ، وما ذكره ابن حجر في "الجمع بين الروايات" حيث قال: ((وأما ما رواه =

332- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانَة، وهُشيم، عَنْ مُغيرة، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، والشَّعْبي، أَنَّهُمَا قَالَا: ((شَوَّالٌ، وَذُو الْقَعْدَةِ، وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الحجة)) .

_ = مالك في "الموطأ" عن عبد الله بن دينار، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: مَنْ اعتمر في أشهر الحج - شوال، أو ذي القعدة، أو ذي الحجة - قبل الحج فقد استمتع، فلعله - يعني: مالكًا - تجوَّز في إطلاق ذي الحجة؛ جمعًا بين الروايتين)) . اهـ. قلت: وما يقال عن مالك يقال أيضًا عن ابن جريج، والله أعلم. [332] سنده ضعيف، فمغيرة بن مقسم تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن إلا أنه كان يدلس، ولم يصرح بالسماع هنا. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 116 رقم 3531) من طريق هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ والشعبي، مثله. وأخرجه أيضًا برقم (3526) من طريق أبي عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ والشعبي مثله. وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص63 رقم 85) عن مغيرة، عن إبراهيم وحده، به مثله. ومن طريق سفيان أخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من الجزء الرابع (ص230 رقم 1501) . وابن جرير برقم (3525 و 3527) . وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (3527) من طريق إسرائيل، عن مغيرة، عن إبراهيم، به مثله. وأخرجه عبد الرحمن بن الحسن القاضي في "تفسير مجاهد" (ص101) من طريق أبي جعفر الرازي وورقاء، كلاهما عن مغيرة، عن إبراهيم وحده، به مثله. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (3528) من طريق جابر الجُعْفي، عن =

333- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، قَالَ: نا يُونُسُ (1) ، عَنِ الْحَسَنِ مِثْلَ ذَلِكَ. 334- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْب، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفل (2) ، أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوة بْنَ الزُّبير (3) يَقُولُ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: {الحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} ، قَالَ: ((شَوَّالٌ، وَذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الحجة)) .

_ = عامر الشعبي مثله. وهذا إسناد ضعيف جدًّا لشدة ضعف جابر بن يزيد الجعفي كما في ترجمته في الحديث [101] . (1) هو ابن عبيد. [333] سنده صحيح. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 116 رقم 3531) من طريق هشيم، به مثله. وأخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من الجزء الرابع (ص229 رقم 1495) من طريق هشام بن حسان، عن الحسن، مثله. (2) هو مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَل بن خُويلد بن أسَد بن عبد العُزَّى الأسَدي، أبو الأسْوَد المدني، يتيم عروة، روى عن عروة وعلي بن الحسين وسليمان بن يسار وسالم بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وعكرمة وغيرهم، روى عنه الإمام مالك والليث بن سعد وبن لهيعة وعمرو بن الحارث وغيرهم، وهو ثقة، روى له الجماعة، ووثقه أبو حاتم والنسائي، وقال ابن سعد: ((كان كثير الحديث ثقة)) ، وقال أحمد بن صالح: ((هو ثبت له شأن)) ، وكانت وفاته سنة إحدى وثلاثين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (7 / 321 رقم 1735) ، و "التهذيب" (9 / 307 - 308 =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الحَجِّ} ] 335- - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا أَبُو الْأَحْوَصِ (1) ، قَالَ: نَا العَلاء بْنُ المُسَيَّب، عَنْ عَطَاءٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ} - قال: ((فَرْضُ الحج: التَّلْبية)) .

_ = رقم 506) ، و "التقريب" (ص493 رقم 6085) . (3) تقدم في الحديث [69] أنه ثقة فقيه مشهور، وهو هنا يروي عن عمر بن الخطاب وروايته عنه مرسلة، نصّ على ذلك أبو زرعة وأبو حاتم. انظر: "المراسيل" لابن أبي حاتم (ص149) ، و "جامع التحصيل" (ص289 رقم 515) . [334] سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف للانقطاع بين عروة بن الزبير وعمر بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وقد أشار إلى ذلك البيهقي في "سننه" (4 / 342) في الحج، باب بيان أشهر الحج، حيث ذكر حديث ابن عمر المتقدم برقم [331] ، ثم قال: ((وروي في ذلك عن ابن عمر، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ الله عنه -، وعن عروة بن الزبير، عن عمر - رضي الله عنه - مرسلاً)) . قلت: أخرج المصنف هنا رواية عروة عن عمر - رضي الله عنه -، ولم يخرج البيهقي شيئًا من هاتين الروايتين، ولم أجد من أخرج الحديث من طريق ابن عمر عن عمر، إلا أن يكون ابن المنذر في "تفسيره"، فإن السيوطي ذكر هذا الحديث في "الدر المنثور" (1 / 524) بمثل ما هنا، وعزاه للمصنف سعيد بن منصور وابن المنذر، ولم يذكر الراوي له عن عمر عند ابن المنذر، فالله أعلم. (1) هو سَلاَّم بن سُلَيم. [335] سنده صحيح، وسيأتي بإسناد فيه ضعف برقم [337] من طريق حجّاج بن أَرْطَأَةْ، عن عطاء، مثله. =

336- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجيح، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ: {وَلَا جِدَالَ فِي الحَجِّ} - قَالَ: ((لَيْسَ فِي الْحَجِّ جِدَالٌ، وَلَا شَكٌّ، وَلَا نِسْيَانٌ (1) ، فِي الْحَجِّ، الْحَجُّ فِي ذِي الْحَجَّةِ)) .

_ وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص63 رقم 87) عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عطاء بن أبي رباح، قال: هي التلبية. ومن طريق الثوري أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 121 - 122 رقم 3555) . وأخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من الجزء الرابع من "المصنف" (ص231 رقم 1507) من طريق محمد بن فضيل، عن العلاء، به مثله. وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا برقم (1506) من طريق ابن جريج، عن عطاء: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ} قال: من أهلَّ فيهن بالحج. ورواه ليث بن أبي سُلَيم، فخالف العلاء وابن جريج وحجاجًا، فرواه عن عطاء قال: الفرض الإحرام. وليث تقدم في الحديث [9] أنه صدوق اختلط جدًّا فلم يتميز حديثه فتُرك. ورواية ليث هذه أخرجها ابن جرير (4 / 123 رقم 3565) . (1) كذا في الأصل: والنَّسْءُ: التأخير، ونَسَأَ الشيءَ يَنْسَؤُه نسأً، وأَنْسَأَهُ: أخّره كما في "لسان العرب" (1 / 166) . والمقصود هنا نفي ما كانت العرب تفعله مما ذكره الله عنهم في قوله سبحانه: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللهُ} [التوبة: 37] ، والنَّسِيءُ: شهر كانت العرب تؤخره في الجاهلية، حتى كانوا يحجون في ذي الحجة عامين، وفي المحرم عامين، ثم حجوا في صفر، كما يتضح من الروايات الآتية في التخريج، وانظر: "لسان العرب" (1 / 167) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = [336] سنده صحيح، وانظر في رواية ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ الحديث [184] . وقد روي عن مجاهد من خمسة طرق: 1- طريق ابن أبي نجيح، وله عنه ستة طرق: أ- طريق سفيان بن عيينة الذي أخرجه المصنف هنا عنه. وسفيان قد أخرجه في "تفسيره" كما في "الدر المنثور" (1 / 530) . ومن طريقه أخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من الجزء الرابع من المصنف (ص164 رقم 1084) ، بلفظ: قد صار الحج في ذي الحجة، لا تنهر سبًّا (كذا) ، ولا شك في الحج؛ لأن أهل الجاهلية كانوا يحطّون، فيحجون في غير ذي الحجة. ب- طريق وَرْقاء، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد قَالَ: الرَّفَثُ، الْجِمَاعُ، وَالْفُسُوقُ: الْمَعَاصِي {وَلَا جِدَالَ فِي الحَجِّ} يقول: ليس هو شهر ينسأ، قد تبين الحج لا شك فيه، وذلك أنهم كانوا في الجاهلية يسقطون المحرم، ثم يقولون: صفر بصفر، ويسقطون شهر ربيع الأول، ثم يقولون: شهر ربيع بشهر ربيع. أخرجه عبد الرحمن بن الحسن القاضي في "تفسير مجاهد" (ص102) من طريق إبراهيم بن الحسين الهمذاني، عن آدم بن أبي إياس، عن ورقاء. ومن طريق عبد الرحمن أخرجه البيهقي في "سننه" (5 / 166) في الحج، باب من كره أن يقال للمحرَّم صفر، وأن النسيء من أمر الجاهلية. وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 135 / أ) من طريق شبابه، عن ورقاء، به، وفيه زيادة. جـ- طريق معمر، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد، قال: لا جدال فيه، قد بيَّن الله الحج، فليس فيه شك. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 77) بهذا اللفظ. وأخرجه أيضًا (2 / 275 - 276) من نفس الطريق في تفسير قوله تعالى في سورة التوبة: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الكُفْرِ} قال مجاهد: فرض الله الحج في ذي الحجة، وكان المشركون يسمّون الأشهر: ذا الحجة، والمحرم، وصفر، وربيع، وربيع، وجمادى، وجمادى، ورجب، وشعبان، ورمضان، وشوال، وذا القعدة، وذا الحجة، ثم يحجون فيه مرة أخرى، ثم يسكتون عن المحرم، فلا يذكرونه، ثم يعدّون فيسمّون صفر صفر، ثم يسمون رجب جمادى الآخرة، ثم يسمون شعبان رمضان، ورمضان شوال، ثم يسمون ذا القعدة: شوالا، ثم يسمون ذا الحجة: ذا القعدة، ثم يسمون المحرم ذا الحجة، ثم يحجون فيه، واسمه عندهم: ذو الحجة، ثم عادوا كمثل هذه القصة، فكانوا يحجون في كل سنة في كل شهر عامين، حتى وافق حجة أبي بكر الآخرة من العامين في ذي القعدة، ثم حج النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حجته التي حج، فوافق ذا الحجة، فذلك حين يقول النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في خطبته: ((إن الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السموات والأرض)) . ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 148 رقم 3715) . والبيهقي في الموضع السابق من "سننه". د- طريق عيسى بن ميمون الجُرَشي، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد: {وَلَا جِدَالَ فِي الحَجِّ} قال: لا شهر يُنسأ، ولاشك في الحج، قد بُيِّن، كانوا يسقطون المحرم، ثم يقولون: صفران، لصفر وشهر ربيع الأول، ثم يقولون: شهرا ربيع، لشهر ربيع الآخر وجمادى الأولى، ثم يقولون: جماديات، لجمادى الآخرة ولرجب، ثم يقولون لشعبان: رجب، ثم يقولون لرمضان: شعبان، ثم يقولون لشوال: رمضان، ويقولون لذي القعدة: شوال، ثم يقولون لذي الحجة: ذا القعدة، ثم يقولون للمحرَّم: ذا الحجة، فيحجون في المحرم، ثم يأتنفون، فيحسبون على ذلك عدةً مستقبلة على وجه ما ابتدأوا، فيقولون: المحرم وصفر وشهرا ربيع، فيحجون في المحرم ليحجوا في كل سنة مرتين، فيسقطون شهرًا آخر فيعدّون. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = على العدّة الأولى، فيقولون: صفران وشهرا ربيع، نحو عدتهم في أول ما أسقطوا. أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 147 رقم 3705) . هـ- طريق شِبْل، عن ابن أبي نجيح، به نحو سابقه. أخرجه ابن جرير أيضًا برقم (3706 و 3710) . و طريق أبي بشر، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد: {وَلَا جِدَالَ فِي الحَجِّ} قال: لا شبهة في الحج، قد بيَّن الله أمر الحج. أخرجه ابن جرير أيضًا برقم (3708) . 2- طريق عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: {وَلَا جِدَالَ فِي الحَجِّ} قال: قد استقام أمر الحج. أخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من الجزء الرابع من "المصنف" (ص165 رقم 1092) من طريق سفيان الثوري، عن عبد العزيز بهذا اللفظ. وأخرجه ابن جرير (4 / 146 رقم 3704) من طريق سفيان الثوري أيضًا، به وزاد: (ولا جدال فيه) . 3- طريق الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ مجاهد: {وَلَا جِدَالَ فِي الحَجِّ} قال: قد عُلم وقت الحج، فلا جدال فيه ولا شك. أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 148 رقم 3711 و 3712) واللفظ له في الموضع الأول وأخرجه ابن أبي حاتم (1 / ل 135 / أ) بنحوه. 4- طريق سالم، عن مجاهد: {وَلَا جِدَالَ فِي الحَجِّ} قال: لا شك في الحج. أخرجه ابن جرير برقم (3713) . 5- طريق منصور بن المعتمر، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: {وَلَا جِدَالَ فِي الحَجِّ} قال: بيَّن الله أمر الحج ومعالمه، فليس فيه كلام. أخرجه ابن جرير برقم (3716) . وقد رجح ابن جرير هذا الذي ذهب إليه مجاهد وغيره في معنى قوله تعالى: =

337- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، قَالَ: نَا حجَّاج، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: ((فَرْضُ الْحَجِّ: التَّلْبِيَةُ)) . 338- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ ابْنِ طاوُس (1) ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، عَنْ قَوْلِهِ عز وجل: {فَلَا رَفَثَ} ، قال: ((الرَّفَثُ الذي ذُكر ها هنا لَيْسَ الرَّفَثَ الَّذِي ذَكَرْتُمْ: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ} ، وَهِيَ العِرَابة (2) - بِكَلَامِ الْعَرَبِ - والتَّعْريض بذكر النكاح)) .

_ = {وَلَا جِدَالَ فِي الحَجِّ} ، فقال: في "تفسيره" (4 / 148 - 149) : ((وأولى هذه الأقوال فِي قَوْلِهِ: {وَلَا جِدَالَ فِي الحَجِّ} بالصواب، قول من قال: معنى ذلك: قد بطل الجدال في الحج ووقته، واستقام أمره ووقته على وقت واحد، ومناسك متفقة غير مختلفة، ولا تنازع فيه ولا مراء؛ وذلك أن الله تعالى ذكره أخبر أن وقت الحج أشهر معلومات، ثم نفى عن وقته والاختلاف الذي كانت الجاهلية في شركها تختلف فيه)) . اهـ. [337] سنده ضعيف؛ حجّاج بن أَرْطَأَة تقدم في الحديث [170] أنه صدوق كثير الخطأ والتدليس، ولم يصرح بالسماع هنا. وقد صح الحديث من غير طريقه، فانظر ما تقدم برقم [335] . (1) هو عبد الله بن طاوس بن كيسان اليماني. (2) العِرَابةُ - بكسر العين وفتحها -: الإفحاش بالقول، والإيضاح والتصريح بالهُجْر من الكلام. "النهاية في غريب الحديث" (3 / 201) . [338] سنده صحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 528) وعزاه للمصنف وسفيان بن عيينة وعبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 125 و 128 رقم 3571 و 3586) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وابن أبي حاتم (1 / ل 134 / أ) . كلاهما من طريق سفيان بن عيينة، به نحوه. وأخرجه ابن جرير أيضًا (4 / 129 رقم 3592) من طريق عبد الرزاق، عن معمر وابن جريج، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن ابن عباس قال: الرفث في الصيام الجماع، والرفث في الحج الإعرابة، وكان يقول: الدخول والمسيس: الجماع. وأخرجه البيهقي في "سننه" (5 / 67) في الحج، باب: لا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ في الحج، من طريق علي بن عاصم، عن عبد الله بن طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عباس - في قوله: {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الحَجِّ} - قال الرفث: التعرض للنساء بالجماع، والفسوق: عصيان الله، والجدال: جدال الناس. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (11 / 22 رقم 10914) فقال: حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح، ثنا سوار بن محمد بن قريش العنبري البصري، ثنا يزيد بن زريع، ثنا روح بن القاسم، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عنهما - قال: قال رسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - - فِي قول الله عز وجل: {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الحَجِّ} - قال: ((الرفث: الإعرابة والتعرض للنساء بالجماع، والفسوق: المعاصي كلها، والجدال: جدال الرجل صاحبه)) . كذا رواه شيخ الطبراني عن شيخه مرفوعًا، ولا يصح. فالثقات رووه موقوفًا على ابن عباس. ومع ذلك ففي شيخ الطبراني يحيى بن عثمان، وشيخه سوار بن محمد كلام، يقول الهيثمي في "مجمع الزوائد" (6 / 318) : ((رواه الطبراني عن شيخه يحيى بن عثمان بن صالح، عن سوّار بن محمد بن قريش، وكلاهما فيه لين، وقد وُثِّقا ورجاله رجال الصحيح)) . ورواه ابن جريج، عن أبي الزبير، قال: سمعت طاوسًا يقول: سمعت ابن الزبير =

339- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ خُصيف، عَنْ مِقْسَم، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: ((الرَّفَثُ: الْجِمَاعُ، وَالْفُسُوقُ: الْمَعَاصِي، وَالْجِدَالُ: المِرَاء)) .

_ = يقول: لا يحل للحرام الإعراب، قال: قلت لابن عباس: ما الإعراب؟ قال: التعريض - يعني بالجماع -. أخرجه البيهقي في الموضع السابق. وأخرجه ابن جرير (4 / 127 رقم 3581) ، لكن وقع عنده هكذا: ( ... ابن جريج، قال: أخبرنا ابن الزبير السبائي وعطاء، أنه سمع طاوسًا ... ) فذكره وهو تصحيف ولابُدَّ، وقد قال الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - في تعليقه على هذا الخبر: ((ابن الزبير السبائي: هكذا ثبت في المطبوعة؛ ولا أدري ما هذا؟ ولا من هو؟ ولولا كلمة: (السبائي) ، لظننا أنه أبو الزبير محمد بن مسلم بن تدرس الأسدي المكي التابعي المشهور، فإنه من هذه الطبقة)) . اهـ. والله أعلم. [339] سنده ضعيف؛ خُصيف تقدم في الحديث [204] أنه صدوق سيء الحفظ. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 528) وعزاه للمصنِّف ووكيع وسفيان بن عيينة والفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأبي يعلى وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في "السنن". وقد أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" في القسم الأول من الجزء الرابع (ص164 رقم 1083) . وأبو يعلى في "مسنده" (5 / 98 - 99 رقم 2709) . وابن جرير في "تفسيره" (4 / 129 و 135 و 141 رقم 3593 و 3631 و 3672) . ثلاثتهم من طريق سفيان بن عيينة، به، ولفظ أبي يعلى مثله، ولفظ ابن أبي شيبه نحوه، وأما ابن جرير فلفظه نحوه، إلا أنه فرّقه في المواضع الثلاثة. وأخرجه ابن جرير (4 / 129 و 139 و 144 رقم 3594 و 3665 و 3693) . =

340- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، قَالَ: نَا عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: ((الرَّفَثُ: الْجِمَاعُ، وَالْفُسُوقُ: الْمَعَاصِي، وَالْجِدَالُ: المِرَاء في الحجّ حتى يَغْضَبُوا)) .

_ = وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 134 / ب) . والبيهقي في "سننه" (5 / 67) في الحج، باب: لا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ في الحج. أما ابن جرير فمن طريق عبد الرزاق، وأما البيهقي فمن طريق أبي عامر العَقَدي، كلاهما عن سفيان الثوري، عن خصيف، به، ولفظ البيهقي: ((الرفث: الجماع، والفسوق: السباب، والجدال: أن تماري صاحبك حتى تغضبه)) ، ومثله لفظ ابن جرير، إلا أنه فرّقه في المواضع الثلاثة. وأما ابن حاتم فرواه من طريق وكيع، عن سفيان الثوري، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابن عباس: {وَلَا فُسُوقَ} قال: الفسوق المعاصي. قال ابن أبي حاتم: ((وروى عن حصين بن حفص ومؤمل بن إسماعيل عن الثوري، عن خصيف هذا الحديث، فقالا: الفسوق: السباب)) . ثم رواه ابن أبي حاتم أيضًا من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان الثوري، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابن عباس قال: والجدال أن تماري صاحبك حتى تغضبه. وأخرجه ابن جرير (4 / 130 رقم 3595) من طريق شريك، عن خصيف به بلفظ: ((الرفث: إتيان النساء)) . [340] سنده صحيح، وعبد الملك هو ابن أبي سليمان، وعطاء هو ابن أبي رباح. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 132 - 133 و 137 رقم 3622 و 3649) من طريق هشيم، به مثله، إلا أنه لم يذكر الجدال. وأخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من الجزء الرابع (ص165 رقم 1091) . وابن جرير في "تفسيره" (4 / 131 و 135 و 141 رقم 3605 و 3632 و 3673) . =

341- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، أنا حَجَّاجٌ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ.

_ = أما ابن أبي شيبة فمن طريق عبد الله بن نمير، وأما ابن جرير فمن طريق زكريا بن أبي زائدة، كلاهما عن عبد الملك، به نحوه، إلا أن ابن جرير فرّقه في المواضع الثلاثة. وأخرجه ابن جرير أيضًا (4 / 132 و 136 و 143 رقم 3617 و 3647 و 3687) ، من طريق حجاج بن أرطأة، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، به نحوه مفرقًا في المواضع الثلاثة. وأخرجه أيضًا برقم (3682) من طريق واقد الخُلْقَاني عن عطاء، بذكر الجدال فقط. وأخرجه أيضًا (4 / 127 و 135 و 144 رقم 3566 و 3578 و 3579 و 3633 و 3634 و 3691) من طريق ابن جريج، عن عطاء به نحوه مفرقًا، إلا أن لفظه الأول قال فيه: ((الرفث: الجماع ومادونه من قول الفحش)) . [341] سنده ضعيف؛ حجاج بن أرطأة تقدم في الحديث [170] أنه صدوق كثير الخطأ والتدليس، وأخشى أن يكون حجاج أخطأ في هذا الحديث؛ فرواه عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مع أن عبد الملك بن سليمان رواه في الحديث الماضي، عن عطاء من قوله: ليس فيه ذكر لابن عباس. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 528) وعزاه للمصنف ووكيع وسفيان ابن عيينة والفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأبي يعلى وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في "سننه"، وذكر أنهم أخرجوه من طرق، وتقدم في الحديث [339] من طريق خُصيف، عَنْ مِقْسم، عَنِ ابْنِ عباس مثل ذلك، وهو ضعيف لضعف خُصيف من قبل حفظه، وقد يكون حسنًا لغيره بهذا الطريق الذي رواه حجّاج، لكن أخشى أن يكون صوابه: عن عطاء من قوله كما وراه عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ في الحديث السابق. =

342- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا يُونُسُ (1) ، عَنِ الْحَسَنِ (2) . 343- وَأَنَا (3) مُغيرة، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَا (4) : ((الرَّفَثُ: الْجِمَاعُ، وَالْفُسُوقُ: الْمَعَاصِي، وَالْجِدَالُ: المِرَاء)) .

_ = وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 132 - 233 و 137 و 148 رقم 3622 و 3649 و 3714) من طريق هشيم، به مثله، إلا أنه قال: ((المراء بالحج)) . (1) هو: ابن عبيد. (2) سيأتي متن هذا الخبر في الحديث بعده، وهو قوله: ((الرَّفَثُ: الْجِمَاعُ، وَالْفُسُوقُ: الْمَعَاصِي، وَالْجِدَالُ: المراء)) . [342] سنده صحيح. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 133 و 138 - 139 رقم 3623 و 3664) من طريق هشيم، به وفرّقه في موضعين، ولفظ الموضع الأول: ((الرفث: الجماع)) ، ولفظ الموضع الثاني: ((الفسوق: السباب)) . وأخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من الجزء الرابع من "المصنف" (ص165 رقم 1089) من طريق عبد الأعلى، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: ((الرفث: الغشيان، والفسوق: السباب، والجدال: الاختلاف في الحج)) . وأخرجه ابن جرير أيضًا (4 / 131 و 135 و 142 رقم 3602 و 3635 و 3677) من طريق عَوف الَأعْرابي، عن الحسن في قوله: {فَلَا رَفَثَ} ، قال الرفث: غشيان النساء، وفي قوله: {وَلَا فُسُوقَ} ، قال: الفسوق: المعاصي، وقال: الجدال: المراء. وقد رواه ابن جرير مفرقًا في ثلاث مواضع، وهذا مجمل لفظه. (3) القائل ذلك هو هشيم كما يتضح من الحديث السابق. (4) أي الحسن البصري وإبراهيم النخعي. [343] سنده ضعيف؛ مغيرة بن مقسم تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه كان يدلس لا سيما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه، لكنه لم ينفرد =

344- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: ((الرَّفَثُ: الْجِمَاعُ، وَالْفُسُوقُ: مَعَاصِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالْجِدَالُ: الخصومة والمِرَاء)) .

_ = به، فالخبر صحيح لغيره كما سيأتي. فقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 133 و 138 - 139 رقم 3623 و 3664) من طريق هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قال: الرفث الجماع، وقال: الفسوق السباب. وابن جرير فرّقه في الموضعين، وقرنه برواية الحسن البصري السابقة. وأخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من الجزء الرابع من "المصنف" (ص164 رقم 1086) من طريق محمد بن فضيل، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: الرفث إتيان النساء، والفسوق السباب، والجدال أن تماري صاحبك. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 132 و 136 و 143 رقم 3616 و 3646 و 3686) من طريق شعبة، عن مغيرة، عن إبراهيم، به مثل لفظ المصنِّف سعيد بن منصور. وأخرجه أيضًا (4 / 138 و 143 رقم 3662 و 3684) من طريق خالد الطحان، عن مغيرة، عن إبراهيم، به مفرقًا في موضعين بلفظ: الفسوق السباب، و: الجدال المراء. وأخرجه ابن جرير أيضًا (4 / 133 و 139 رقم 3630 و 3667) من طريق جرير، عن منصور بن المعتمر، عن إبراهيم، به مفرقًا في الموضعين بلفظ: الرفث الجماع، و: الفسوق السباب. وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص63 رقم 89) عن منصور، عن إبراهيم: {وَلَا جِدَالَ} ، قال: لا مراء. وسنده صحيح. ومن طريق الثوري أخرجه ابن جرير (4 / 144 رقم 3694) . [344] سنده ضعيف لضعف رواية إسماعيل بن عياش عن غير أهل بلده الشام، وهذا =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = من روايته عن موسى بن عقبة وهو مدني، وسبق ذكر ذلك في الحديث [331] ، فهو بنفس هذا الإسناد. لكن الحديث صحّ من غير طريقه كما سيأتي. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 528) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن جرير والحاكم والبيهقي. وللحديث عن ابن عمر ثلاثة طرق: 1- طريق نافع، وله عنه ثلاثة طرق أيضًا: أ- طريق موسى بن عقبة الذي أخرجه المصنف هنا. ب- طريق يونس بن يزيد. أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 126 و 137 - 138 و 145 رقم 3575 و 3655 و 3697) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 134 / أوب) . كلاهما من طريق يونس بن عبد الأعلى، عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ يونس بن يزيد، عن نافع، أن عبد الله بن عمر كان يقول: الرفث: إتيان النساء، والتكلم بذلك للرجال والنساء، إذا ذكروا ذلك بأفواههم، والفسوق: إتيان معاصي الله في الحرم، والجدال في الحج: السباب والمراء والخصومات. هذا مجمل لفظ الحديث، وقد فرقه ابن جرير وابن أبي حاتم في ثلاثة مواضع. وسنده صحيح رجاله ثقات تقدموا، عدا شيخ ابن جرير وابن أبي حاتم: يونس ابن عبد الأعلى بن مَيْسرة الصَّدَفي، أبو موسى المصري، روى عن سفيان بن عيينة والوليد بن مسلم وعبد الله بن وهب وغيرهم، روى عنه هنا محمد بن جرير الطبري وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وروى عنه أيضًا مسلم والنسائي وابن ماجه وأبو زرعة وأبو حاتم وغيرهم، وهو ثقة؛ قال ابن أبي حاتم: ((سمعت أبي يوثق يونس بن عبد الأعلى ويرفع من شأنه)) ، وقال النسائي: ((ثقة)) ، وقال: يحيى بن حسان: ((يونسكم هذا من أركان الإسلام)) ، وقال أبو عمر الكندي: ((كان فقيرًا =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = شديد التقشُّف، مقبولاً عند القضاة، يستسقى بدعائه)) ، وكانت ولادته سنة سبعين ومائة، ووفاته سنة أربع وستين ومائتين. اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 243 رقم 1022) ، و "التهذيب" (11 / 440 - 441 رقم 853) ، و "التقريب" (ص613 رقم 7907) . جـ- طريق محمد بن إسحاق، عن نافع. أخرجه ابن جرير (4 / 132 و 138 و 145 رقم 3618 و 3656 و 3698) . والحاكم في "المستدرك" (2 / 276) . ومن طريقه البيهقي في "سننه" (5 / 67) في الحج، باب لا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ في الحج. أما ابن جرير فرواه مفرقًا في المواضع الثلاثة من طريق عبد الله بن المبارك، وأما الحاكم فمن طريق يعلى بن عبيد، كلاهما عن محمد بن إسحاق، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قال: الرفث الجماع، والفسوق ما أصيب من معاصي الله من صيد أو غيره، والجدال السباب والمنازعة. قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه)) ، وأقره الذهبي. وفي سنده محمد بن إسحاق وتقدم في الحديث [58] أنه يدلس، ولم يصرح بالسماع هنا. 2- طريق مجاهد، عن ابن عمر. أخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من الجزء الرابع من "المصنف" (ص166 رقم 1095) . وابن جرير في "تفسيره" (4 / 138 رقم 3657) . كلاهما من طريق شَرِيكٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قال: الرفث الجماع، والفسوق السباب، والجدال المراء؛ أن تماري صاحبك حتى تغضبه. هذا لفظ ابن أبي شيبة، وأما ابن جرير؛ فإنما روى منه قوله: ((الفسوق السباب)) .

345- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ (1) ، قَالَ: نا هُشيم، قَالَ: نَا عَوْف (2) ، عَنْ زِيَادِ بْنِ حُصين (3) ، عَنْ أَبِيهِ (4) ، قَالَ: نَزَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ، عَنْ رَاحِلَتِهِ، فَجَعَلَ يَسُوقُهَا، وَهُوَ يَرْتَجز وَيَقُولُ: ((وَهُنَّ يَمْشينَ بِنَا هَمِيسَا (5) ... إِنْ تَصْدُقِ الطَّيْرُ نَنِكْ لَمِيسا (6) ذَكَرَ الْجِمَاعَ، وَلَمْ يُكَنِّ عَنْهُ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبَّاسٍ، تَقُولُ الرَّفَثَ وَأَنْتَ مُحْرِمٌ؟! قَالَ: الرَّفَثُ مَا رُوجع به النساء (7)) ) .

_ = وسنده ضعيف لضعف شريك وإبراهيم بن مهاجر من قبل حفظهما، وتقدم الكلام عن هذا الإسناد في الحديث [329] . 3- طريق ثُوَيْر بن أبي فَاخِتة، عن ابن عمر. أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 133 و 138 رقم 3626 و 3659) من طريق إسرائيل، عنه، عن ابن عمر مفرَّقًا في الموضعين، بلفظ: الرفث الجماع، و: الفسوق السباب. وبمجموع هذه الطرق يتضح أن الحديث صحيح لغيره، والله أعلم. (1) هذا الحديث والأحاديث قبله من رقم [328] حَقَّها التقديم بعد الحديث رقم [320] ، وإنما أَخَّرْتُها مراعاة لترتيب الآيات، وانظر التعليق رقم (1) على الحديث رقم [320] ، والتعليق رقم (3) على الحديث رقم [321] . (2) هو عوف بن أبي جَميلة الأعرابي، العَبْدي، أبو سهل البصري، روى عن أبي رجاء العطاردي وأبي عثمان النهدي وأبي العالية والحسن البصري ومحمد بن سيرين وغيرهم، روى عنه شعبة والثوري وابن المبارك ويحيى القطان وهشيم بن بشير وغيرهم، وهو ثقة رمي بالقدر وبالتشيع، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين وابن سعد وزاد: ((كثير الحديث)) ، وقال الإمام أحمد: ((ثقة صالح الحديث)) ، وقال النسائي: ((ثقة ثبت)) ، وقال أبو حاتم: ((صدوق صالح الحديث)) ، وقال محمد بن عبد الله الأنصاري: رأيت داود بن أبي هند يضرب عوفًا ويقول: ويلك يا قدري! وقال ابن المبارك: ((ما رضي عوف ببدعة حتى كانت فيه =

= بدعتان، قدري شيعي)) ، وقال بندار: ((كان قدريًا رافضيًا)) ، وكانت وفاته سنة سبع وأربعين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (7 / 15 رقم 71) ، و "سير أعلام النبلاء" (6 / 383 - 384) ، و "ميزان الاعتدال" (3 / 305 رقم 6530) ، و "التهذيب" (8 / 166 - 167 رقم 301) ، و "التقريب" (ص433 رقم 5215) . (3) هو زياد بن حُصين بن قيس الرِّياحي، أبو جَهْمَةَ البصري، روى عن أبيه وابن عباس وابن عمر وأبي العالية، روى عنه الأعمش وعاصم الأحول وعوف الأعرابي وغيرهم، وهو ثقة يرسل، من الطبقة الرابعة، روى له مسلم، ووثقه العجلي وذكره ابن حبان في "الثقات". "تاريخ الثقات" للعجلي (ص167 رقم 467) ، و "الثقات" لابن حبان (6 / 319) ، و "التهذيب" (3 / 363 - 364 رقم 667) ، و "التقريب" (ص219 رقم 2069) . (4) هو حصين بن قيس الرِّياحي والد زياد، مجهول؛ ذكره البخاري في "تاريخه" (3 / 3 رقم 7) وسكت عنه، وذكره ابن أبي حاتم (3 / 195 رقم 846) وبيض له وقال: ((روى عنه ابنه زياد، ولا أعلم أحدًا روى عنه غيره، سمعت أبي يقول ذلك)) . (5) هو صوت نقل أخفاف الإبل. انظر: "لسان العرب" (6 / 250) . (6) لَمِيسُ: اسم امرأة، ويقال للمرأة اللينة المَلْمَس: اللَّمِيس. انظر: "لسان العرب" (6 / 209 - 210) . ولم أعرف قائل هذا البيت، وكذا قال الشيخ أحمد أو محمود شاكر في تعليقه على "تفسير الطبري" (4 / 126) . (7) قال في "النهاية في غريب الحديث" (2 / 241) : ((كأنه يرى الرفث الذي نهى الله عنه: ما خوطبت به المرأة، فأما ما يقوله ولم تسمعه امرأة فغير داخل فيه. وقال الأزهري: الرفث كلمة جامعة لكل ما يريده الرجل من المرأة)) . وأما قوله: ((إن تصدق الطير)) ، فيريد به: أنه زَجَر الطير، فَتَيامَنَ بِمَرِّها، ودلَّته =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = على قرب اجتماعه بأصحابه وأهله، كذا قال الشيخ أحمد أو محمود شاكر في الموضع السابق من "تفسير الطبري". [345] سنده ضعيف لجهالة حصين بن قيس، وقد خالف عوفًا الأعمش وفِطْر بن خليفة، فروياه عن زياد، عن أبي العالية، عن ابن عباس، وهو الصواب كما سيأتي وهو بمجموع طرقه حسن لغيره. وقد ذكر السيوطي هذا الحديث من "الدر" (1 / 528) وعزاه للمصنف وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر والحاكم والبيهقي، وذكره من رواية أبي العالية عن ابن عباس، مع أنه عند المصنف من رواية حصين عن ابن عباس. وأخرجه البيهقي في "سننه" (5 / 67) في الحج، باب: لا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ في الحج، من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال: ((وهو يقول)) ، وعنده: ((نفعل)) بدلاً من قوله: ((ننك)) . وأخرجه البخاري في "تاريخه" (3 / 3) من طريق معتمر، عن عوف، مشيرًا إلى متنه، فقال: ((حصين بن قيس الرِّياحي عن ابن عباس قوله، قاله معتمر، عن عَوْفٌ، عَنْ زِيَادِ بْنِ حُصَيْنٍ، عن أبيه)) . وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 126 رقم 3573) من طريق محمد بن أبي عدي، عن عوف، به نحوه، لكن تصحف اسم عوف إلى: عون. فجميع هؤلاء - هشيم، ومعتمر، وابن أبي عدي - اتفقوا على روايته عن عوف، عن زياد، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وخالفهم إسحاق بن يوسف الأزرق، فرواه عن عَوْفٌ، عَنْ زِيَادِ بْنِ حُصَيْنٍ، عن أبي العالية، عن ابن عباس بنحوه. أخرجه ابن جرير (4 / 130 رقم 3599) . ورواية هشيم ومعتمر وابن أبي عدي أرجح من رواية إسحاق الأزرق، فهم أكثر عددًا منه، وإن كانت روايته توافق رواية الأعمش وفطر عن زياد. فقد أخرجه ابن جرير (4 / 127 و 130 رقم 3580 و 3598) . والحاكم في "المستدرك" (2 / 276) . ومن طريق البيهقي في الموضع السابق. أما ابن جرير فمن طريق جرير وشريك، وأما الحاكم فمن طريق جرير وحده، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = كلاهما عن الأعمش، عَنْ زِيَادِ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنْ أبي العالية، قال: سمعت ابن عباس ... ، فذكره بنحوه. قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي، وفي سنده الأعمش، وتقدم في الحديث [3] أنه مدلس، ولم يصرح بالسماع هنا، وليس هذا الموضع مما تُحتمل فيه عنعنته، وهو في الضبط والإتقان أحسن من عوفٍ، وقد خالفه في إسناده، وتابعه فطر بن خليفة كما سيأتي، فإما أن يكون لزياد في الحديث إسنادان، فحدث به عوفًا عن أبيه حصين وحدث به الأعمش وفطرًا، عن أبي العالية، وإلا فرواية الأعمش وفطر أرجح من رواية عوف. أما رواية فطر، فأخرجها ابن عبد البر في "التمهيد" (19 / 54) ، فقال: قرأت على أبي عبد الله محمد بن عبد الملك، أن أبا محمد عبد الله بن مسرور [في الأصل: مسروق] حدثهم، قال: حدثنا عيسى بن مسكين، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن سنجر الجرجاني، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا فطر، قال: حدثني زياد بن الحصين، عن رفيع أبي العالية، قال: خرجنا مع ابن عباس حُجَّاجًا، فأحرم، فأحرمنا، ثم نزل يسوق الإبل وهو يرتجز ويقول: وَهُنَّ يَمْشِينَ بِنَا هَمِيسَا ... ... إِنْ تصدق الطير تجامع لمسا قلت: يا أبا عباس، ألست محرمًا؟ قال: بلى، قلت: فهذا الكلام الذي تكلم به؟ قال: إنه لا يكون الرفث إلا ما واجهت به النساء، وليس معي نساء. اهـ. وفيما يلي بيان لحال رجال هذا الإسناد: أبو العالية رُفَيْع بن مهران تقدم في الحديث [227] أنه ثقة. وزياد بن الحصين تقدم أنه ثقة. وفِطْر بن خليفة تقدم في الحديث [323] أنه صدوق. وأبو نعيم الفضل بن دُكَين ثقة ثبت كما في الحديث [679] . والراوي عن أبي نعيم هو الحافظ الكبير أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عبد الله بن سنجر الجُرجاني، روى عن يزيد بن هارون وأسد بن موسى والحميدي وأبي نعيم وغيرهم، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = روى عنه عيسى بن مسكين وأحمد بن عمرو بن منصور وإبراهيم بن محمد بن الضحاك وغيرهم، وهو ثقة، وقال ابن أبي حاتم: ((ثقة)) ، وكانت وفاته سنة ثمان وخمسين ومائتين. اهـ. من "تذكرة الحفاظ" للذهبي (2 / 578 - 579 رقم 602) . والراوي عن ابن سنجر هو: عيسى بن مسكين بن منصور بن جريج بن محمد، أبو محمد الإفريقي، شيخ المالكية بالمغرب، سمع من سحنون وابنه جميع كتبه، وسمع بالشام من أبي جعفر الَأيْلي، وسمع بمصر من الحارث بن مسكين ومحمد بن عبد الحكم ومحمد بن سنجر وغيرهم، روى عنه عبد الله بن مسرور وحمدون بن مجاهد وليث بن محمد السوسي وغيرهم، وكان ثقةً، وَرِعًا، عابدًا، مجابَ الدعوة، ولي القضاء مكرهًا، وله تصانيف، وكانت وفاته سنة خمس وتسعين ومائتين. انظر ترجمته مُطَوَّلة في "ترتيب المدارك" للقاضي عياض (4 / 331 - 351) ، وانظر: "سير أعلام النبلاء" (3 / 573) . والراوي عن عيسى هو: شيخ المالكية بالقيْروان، أبو محمد عبد الله بن أبي هاشم مَسْرور، التُّجَيْبي، مولاهم، الإفريقي، المعروف بابن الحَجَّام، وهو إمام كبير شهير، روى عن عيسى بن مسكين وابن الأعرابي وحمديس القطان وغيرهم، روى عنه أبو محمد بن أبي زيد والقابسي ومحمد بن إدريس وغيرهم. انظر ترجمته في: "ترتيب المدارك" (5 / 330 - 333) ، و "سير أعلام النبلاء" (15 / 505 - 506) . وقد تصحّف اسم هذا الراوي في "التمهيد" المطبوع هكذا: ((عبد الله بن مسروق)) . والراوي عن ابن مسرور هو: الشيخ المُحَدِّث المُعَمَّر أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عبد الملك بن ضَيْفُون اللَّخْمي، القُرطبي، الحدَّاد، روى عن عبد الله بن يونس القَبْري وقاسم بن أصبغ وأبي سعيد بن الأعرابي وعبد الله بن محمد بن مسرور وغيرهم، روى عنه ابن عبد البرّ وغيره، وُلد سنة اثنتين وثلاثمائة، وحجّ سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة، وشهد ردّ الحجر =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلْبَابِ} ] 346- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا مُغيرة، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: ((كَانَ ناسٌ يَحُجُّون، وَلَا يَتَزَوَّدُون، وَيَقُولُونَ: نَتَوَكَّلُ عَلَى اللَّهِ، وَهُوَ رَازِقُنا، فَنَزَلَتْ: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} )) .

_ = الأسود إلى مكانه في ذلك العام، قال ابن الفَرَضي: ((وكان رجلاً صالحًا، أحد العدول، حَدَّث، وكتب الناس عنه، وعَلَت سنُّه، فاضطرب في أشياء قُرئت عليه وليست مما سمع، ولا كان من أهل الضبَّط ... ، وتوفي رحمه الله ليلة السبت لثمان بقين من شوال سنة أربع وتسعين وثلاثمائة ودفن بمقبرة الرَّصافة)) . اهـ. من "تاريخ علماء الأندلس" (2 / 108 - 109) ، و"سير أعلام النبلاء" (17 / 56) . وبهذا يتضح أنه ليس لهذا الإسناد عِلَّة سوى ما قبل عن شيخ ابن عبد البر من اختلال ضبطه بعدما كبر، فيعتضد الحديث بطريق الأعمش السابق، وبالطريق الآتي. فقد أخرجه ابن جرير (4 / 126 رقم 3574) من طريق شعبة، عن قتادة، عن رجل، عن أبي العالية، به نحوه. وهذا ضعيف لجهالة عين شيخ قتادة. والحديث بمجموع هذه الطرق يكون حسنًا لغيره، والله أعلم. [346] سنده ضعيف لإرساله، ومغيرة بن مقسم تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه يدلس، ولا سيما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه، لكن سبب النزول هذا صحيح من غير طريق إبراهيم كما سيأتي في الحديث بعده رقم [347] . وهذا الأثر أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 175 - 158 رقم3737) من طريق ابن أبي عدي، عن هشيم، به نحوه. =

347- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: ((كَانَ نَاسٌ يَحُجُّون بِغَيْرِ زَادٍ، فَنَزَلَتْ: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} )) .

_ = وأخرجه الخلال في الحث على التجارة (ص147 رقم 102) من طريق أبي عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} ، قال: كان ناس من العرب إذا حجوا فبلغوا ثَنِيّة - أو عقبة -، لم يتزودوا، وتركوا الزاد، وقالوا: نتوكل، فأُمروا أن يتزودوا. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" أيضًا (4 / 160 رقم 3755) من طريق جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} قال: كان الناس يتزودون إلى عُقْبة، فإذا انتهوا إلى تلك العقبة توكلوا ولم يتزودوا. وسبب النزول هذا صحيح لغيره كما سيأتي في الحديث بعده. [347] سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح لغيره كما سيأتي. وعزاه الحافظ ابن حجر في "الفتح" (3 / 384) للمصنِّف. وفي "تغليق التعليق" (3 / 46) قال ابن حجر: ((وقال سعيد بن منصور في "السنن": ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ ... ، به مرسلاً)) . ويعني بقوله: ((به)) ، أي: بما أخرجه البخاري عن ابن عباس بنحو ما هنا كما سيأتي. وهذا الحديث يرويه عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ. واختلف فيه على عمرو. فرواه سفيان بن عيينة - على الصحيح -، عن عمرو، عن عكرمة مرسلاً. وخالفه وَرْقاء، فرواه عن عمرو، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ موصولاً. أما ابن عيينة فأخرجه المصنف هنا عنه. وتابع المصنف على روايته على هذا الوجه عبد الرزاق، ووكيع، وعمرو بن علي الفلاّس، ومحمد بن عبد الله المقرئ. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = أما عبد الرزاق فأخرجه في "تفسيره" (1 / 77) عن ابن عيينة، بنحوه. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أبو بكر الخلاّل في الحثّ على التجارة (ص146 رقم 101) عن الإمام أحمد، عن عبد الرزاق. وأما وكيع، فأخرجه من طريقه ابن أبي شيبة في القسم الأول من الجزء الرابع من "المصنف" (ص261 رقم 1819) بنحوه. وأما أبو عمرو بن علي الفلاّس فأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 157 رقم 3733) عنه بنحوه. وأخرجه ابن جرير أيضًا (4 / 161 رقم 3759) إلا أن اسم شيخه وقع هنا: ((عمرو بن عبد الحميد الآملي)) ، وقال الشيخ أحمد شاكر في تعليقه عليه: ((شيخ الطبري لم أعرف من هو؟ ولم أجد له ترجمة، ولعله مُحَرَّف عن شيء لا أعرفه)) . اهـ. قلت: الذي يظهر أنه محرف عن: ((عمر بن علي)) ، وهو الفلاس؛ فإن ابن حجر ذكر في الموضع السابق أن ابن جرير أخرجه من طريقه، ولم يذكر عنه طريقًا آخر. وأما محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ فأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / 135 / ب) عنه بنحوه. وعلّقه البخاري في "صحيحه" (3 / 384) في الحج، باب: قول الله تَعَالَى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} ، فقال: ((رواه ابن عيينة، عن عمرو، عن عكرمة مرسلاً)) . وذكر السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 531) أنه رواه سفيان بن عيينة وابن أبي شيبة. وخالف هؤلاء جميعًا سعيد بن عبد الرحمن المخزومي، فرواه عن سفيان بن عيينة، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عكرمة، عن ابن عباس موصولاً، بنحوه. أخرجه النسائي في "تفسيره" (1 / 245 رقم 53) عن سعيد المخزمي هذا. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأخرجه الحافظ ابن حجر في "تغليق التعليق" (3 / 45 - 46) من طريق أبي بكر الإسماعيلي، ثنا يحيى بن صاعد، ثنا سعيد بن عبد الرحمن ... ، فذكره. لكن الاختلاف إنما هو من المخزومي، فإن يحيى بن صاعد بعد أن رواه قال: ((هكذا حدثنا - أي: المخزومي - به في المناسك. وحدثنا به في حديث عمرو، فلم يجاوز به عكرمة مرسلاً)) . وذكر الحافظ في "الفتح" (3 / 384) أيضًا هذه العبارة، ثم قال: ((والمحفوظ عن ابن عيينة ليس فيه ابن عباس)) . اهـ. وأما وَرْقاء، فروايته أخرجها البخاري في الموضع السابق من "صحيحه" برقم (1523) . ومن طريق البخاري أخرجه الواحدي في "أسباب النزول" (ص55) ، وفي "الوسيط" (1 / 294) . وأخرجه أبو داود في "سننه" (2 / 349 رقم 1730) في المناسك، باب التزود في الحج. وابن جرير في "تفسيره" (4 / 156 رقم 3730) . والخلال في "الحث على التجارة" (ص147 رقم 103) . ومن طريقه ابن الجوزي في "تلبيس إبليس" (ص339) . وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" كما في "الإحسان" (6 / 409 رقم 2691) . والبيهقي في "سننه" (4 / 332) في الحج، باب من اختار الركوب. وفي "شعب الإيمان" (3 / 397 رقم 1153) . جميعهم من طريق شبابة، عن ورقاء، عن عمرو، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال - واللفظ للبخاري -: كان أهل اليمن يحجُّون ولا يتزوّدون ويقولون: نحن المتوكِّلون، فإذا قدموا مكة سألوا الناس، فأنزل الله تَعَالَى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} . أخرجه الحاكم في "تاريخه" كما في "فتح الباري" (3 / 384) من طريق =

348- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ (عَطَاءٍ) (1) ، عَنِ الشَّعْبي، قَالَ: ((الكَعْكُ والسَّوِيق (2)) ) .

_ = الفرات بن خالد، عن سفيان، عن ورقاء موصولاً. قال ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 135 / ب) بعد أن روى الحديث من طريق سفيان بن عيينة مرسلاً، قال: ((روى هذا الحديث ورقاء، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عكرمة، عن ابن عباس، وما يرويه ابن عيينة أصح)) . اهـ، وهذا اجتهاد من ابن أبي حاتم، وخالفه البخاري فصحح رواية ورقاء، وأشار لرواية ابن عيينة كما سبق؛ على اعتبار أنها زيادة ثقة، وزيادة الثقة مقبولة، والله أعلم. (1) في الأصل: ((عطية)) وهو خطأ صوابه ما هو مثبت من مصادر ترجمته الآتية. وهو عبد الملك بن عطاء بن أبي عطاء البَكَّائي، العَامِري، خَتَن الشعبي، الكوفي، روى عن الشعبي ويزيد بن الَأَصَمّ، وعنه ابن عيينة ووكيع، وهو ثقة؛ وثقه ابن معين وابن نُمير، وذكره ابن حبان في "الثقات". انظر: "التاريخ الكبير" للبخاري (5 / 426 رقم 1384) ، و "الجرح والتعديل" (5 / 361 رقم 1702) ، و "الثقات" لابن حبان (7 / 106) . (2) يعني ما يتزوّدون به. [348] سنده صحيح. وذكره السيوطي في "الدر" (1 / 532) ، وعزاه لوكيع وسفيان بن عيينة وابن أبي شيبة وعبد بن حميد، بلفظ: الطعام، التمر والسويق. وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 78) عن ابن عيينة، به بلفظ: هو التمر والسويق. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 175 رقم 3735) . والخَلاَّل في "الحثّ على التجارة" (ص145 رقم 98) بلفظ: هو الكعك والتمر. وأخرجه ابن جرير أيضًا (4 / 175 رقم 3734) من طريق عمرو بن علي =

349- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوْقَةَ (1) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، - فِي قَوْلِهِ عز وجل: {وَتَزَوَّدُوا} -، قال: ((الكعك والزيت)) .

_ = الفلاّس بمثل لفظ عبد الرزاق. وأخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من الجزء الرابع من "المصنف" (ص261 رقم 1720) . وابن جرير أيضًا (4 / 160 رقم 3753) كلاهما من طريق وكيع، عن عبد الملك، قال: سمعت الشعبي يقول في قوله: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} قال: هو الطعام، وكان يومئذ الطعام قليلاً: قال: قلت: ما الطعام؟ قال: التمر والسويق. اهـ. واللفظ لابن جرير. (1) هو محمد بن سُوْقَةَ - بضم المهملة -، الغَنَوي - بفتح المعجمة والنون الخفيفة -، أبو بكر الكوفي، العابد، روى عن أنس وسعيد بن جبير وأبي صالح السَّمَّان ونافع مولى ابن عمر وغيرهم، روى عنه الثوري وابن عيينة وابن المبارك وغيرهم، وهو ثقة مَرْضِيّ، من الطبقة الخامسة، وروى له الجماعة كما في "التقريب" (ص482 رقم 5942) ، فقد وثقه ابن معين، وقال العجلي: ((كوفي ثبت ... ، وكان صاحب سنة وعبادة وخير كثير)) ، وقال النسائي: ((ثقة مرضيّ)) ، وقال الدارقطني: ((كوفي فاضل ثقة)) ، وقال محمد بن عبيد: سمعت الثوري يقول: ((حدثني الرضي محمد بن سوقة)) ، وقال: ولم أسمعه يقول ذلك لعربي ولا لمولى، وقال الحسين بن حفص: قال الثوري: ((أخرج إليكم كتاب خير رجل بالكوفة)) ، فأخرج كتاب محمد بن سوقة، وقال ابن عيينة: ((كان بالكوفة ثلاثة، لو قيل لأحدهم: إنك تموت غدًا، ما كان يقدر أن يزيد في عمله ... )) ، وذكر منهم محمد بن سوقة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (7 / 281 - 282 رقم 1520) ، و "التهذيب" (9 / 209 - 210 رقم 330) . [349] سنده صحيح. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = والمصنِّف أخرجه هنا من طريق سفيان بن عيينة الذي أخرجه في "تفسيره" كما في "الدر المنثور" (1 / 532) . وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 87) من طريق ابن عيينة، به بلفظ: هو الكعك والسويق. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير (4 / 157 رقم 3732) . والخَلاّل في "الحث على التجارة" (ص145 رقم 99) . لكن وقع في كتاب الخلال: ((عكرمة)) بدلاً من: (سعيد بن جبير) ، وهو خطأ ولعلّه من النسخة أو التحقيق. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (3731) من طريق عمرو بن علي الفلاّس، عن سفيان بن عيينة، به بمثل لفظ المصنف سعيد بن منصور. وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص64 رقم 91) فقال: ثنا مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وجل: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} -، قال: السويق والدقيق والكعك. وأخرجه ابن جرير (4 / 159 رقم 3751) . والخلال في الموضع السابق. وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 135 / ب) . ثلاثتهم من طريق أبي نُعيم الفضل بن دُكَيْن، عن سفيان الثوري، به مثل لفظه في "تفسيره"، إلا أن الخلال لم يذكر قوله: ((الدقيق)) . وأخرجه وكيع في "تفسيره"، عن سفيان الثوري، به بلفظ: الخَشْكنانج والسويق. انظر: "تفسير ابن كثير" (1 / 239) . ومن طريق وكيع أخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من الجزء الرابع من "المصنف" (ص261 رقم 1721) . وابن جرير في الموضع السابق برقم (3752) . وذكره السيوطي في "الدر " (1 / 531) بمثل لفظ سفيان الثوري في "تفسيره"، وعزاه لعبد بن حميد. =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} ] 350- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ((كَانَتْ عُكَاظُ، وَذُو المَجَازِ، والمَجَنَّةُ (أَسْوَاقًا) (1) فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا كَانَ الْإِسْلَامُ تأَثَّموا أَنْ يَبِيعُوا فِيهَا، فَنَزَلَتْ: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} - في مواسم الحج-)) .

_ = في الأصل: ((أسواق)) . [350] سنده صحيح، وعزاه ابن كثير في "تفسيره" (1 / 329) للمصنِّف. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 534) وعزاه للمصنف وسفيان بن عيينة والبخاري وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي. وقد أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 78) عن ابن عيينة، به نحوه. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 167 رقم 3779) . وأخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من الجزء الرابع من "المصنف" (ص186 رقم 1225) . والبخاري في "صحيحه" (4 / 288 و 321 رقم 2050 و 2098) في البيوع، باب ما جاء في قول الله عز وجل: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ ... } الآية، و (8 / 186 رقم 4519) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير، باب: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} . وابن جرير (4 / 169 رقم 3791) . والطبراني في "الكبير" (11 / 113 رقم 11213) . والبيهقي في "سننه" (4 / 333) في الحج، باب التجارة في الحج. جميعهم من طريق سفيان بن عيينة، به نحوه. وأخرجه البخاري أيضًا (3 / 593 رقم 1770) في الحج، باب التجارة أيام الموسم والبيع في أسواق الجاهلية. =

351- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ (1) ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: ((كَانُوا لَا يَتَّجِرُونَ فِي أَيَّامِ مِنًى، وَيَوْمِ عَرَفَةَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ ... } إلى آخر الآية)) .

_ = وابن جرير (4 / 165 رقم 3769) . والواحدي في "أسباب النزول" (ص56) . ثلاثتهم من طريق ابن جريج، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ ابن عباس، به نحوه. وأخرجه أبو داود في "سننه" (2 / 351 رقم 1734) في المناسك، باب الكَريّ. والحاكم في "المستدرك" (1 / 449 و 481 - 482) و (2 / 276 - 277) . وابن خزيمة في "صحيحه" (4 / 351 - 352 رقم 3054) . والبيهقي في الموضع السابق (ص334) . جميعهم من طريق ابن أبي ذئب، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ ابن عباس، أن الناس في أول الحج كانوا يتبايعون بمنى وعرفة وسوق ذي المجاز ومواسم الحج، فخافوا البيع وهم حُرُم، فأنزل الله سبحانه: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} في مواسم الحج. قال - أي عطاء-: فحدثني عبيد بن عمير أنه كان يقرأها في المصحف. هذا لفظ أبي داود. قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي. وسيأتي في الحديث بعده من طريق ضعيف عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. (1) تقدم في الحديث [18] أنه ضعيف. [351] سنده ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد، وهو صحيح من غير هذا الطريق كما في الحديث السابق. والحديث من هذا الطريق ذكره السيوطي في "الدر" (1 / 534) وعزاه للمصنِّف. =

352- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الْأَحْوَصِ (1) ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ المُسَيَّب، قَالَ: أَخْبَرَنِي رَجُلٌ (2) أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ، فَقُلْتُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، إِنَّا قَوْمٌ نُكْرَى فِي هَذَا الْوَجْهِ، وَإِنَّ قَوْمًا يَزْعُمُونَ أَنْ لَا حَجَّ لَنَا؟ فَقَالَ لَهُ: سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمَّا سَأَلْتَ عَنْهُ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْئًا، حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} فَدَعَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الرَّجُلَ، فَقَالَ: ((أَنْتُمْ حُجَّاج)) .

_ = ووكيع وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأبي داود وابن جرير. وقد أخرجه أبو داود في "سننه" (2 / 350 رقم 1731) في المناسك، باب التجارة في الحج. وابن جرير (4 / 165 - 166 و 168 رقم 3771 و 3784) . أما أبو داود فمن طريق جرير بن عبد الحميد، وأما ابن جرير فمن طريق هشيم وسفيان الثوري، ثلاثتهم عن يزيد، به نحوه. (1) هو: سَلاَّم بن سُلَيم. (2) كذا أبهم في رواية المصنف وبعض الروايات الأخرى، وسُمِّي في بعض الروايات. وهو أبو أمامة، ويقال: أُمَيْمة، التَّيْمي، الكوفي، قال ابن معين: ((لا يعرف اسمه)) ، وقال البخاري: ((يقال اسمه: عمرو بن أسماء)) ، روى عن ابن عمر، وروى عنه العلاء بن المُسَيَّب والحسن بن عمرو وشعبة، وهو ثقة؛ وثقه ابن معين، وقال أبو زرعة: ((لا بأس به)) . انظر: "الكنى" للبخاري (ص4 رقم 7) ، و "الجرح والتعديل" (9 / 330 - 331 رقم 1450 و 1451) ، و "التهذيب" (12 / 14 رقم 71) ، وانظر ما كتبه الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - عنه في تعليقه على "المسند" (9 / 168 - 169) . [352] سنده صحيح. وذكره السيوطي في "الدر" (1 / 535) وعزاه للمصنِّف وعبد الرزاق وابن أبي شيبة =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأحمد وعبد بن حميد، وأبي داود وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم والبيهقي. وقد أخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده" (ص259 رقم 1909) من طريق أبي الأحوص سلام بن سليم، به نحوه. وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" (1 / 240) . ومن طريقه أخرجه عبد بن حميد كما في الموضع السابق من "تفسير ابن كثير". وابن جرير في "تفسيره" (4 / 169 رقم 3789) . وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (2 / 155) . والدارقطني في "سننه" (2 / 292 و 293 رقم 252 و 254) . جميعهم من طريق سفيان الثوري، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ رجل من بني تيم اللَّهِ، قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابن عمر، فقال: إنا قوم نكرى ... ، فذكره بنحوه، ولم يذكر أنه هو الذي سأل ابن عمر، وإنما قال: ((رجل)) ، وهذا إنما هو في رواية عبد الرزاق والإمام أحمد، وأما الدارقطني فروايته موافقة لرواية المصنف. وهذا الحديث لم أجده في المطبوع من "تفسير عبد الرزاق"، فأثبته من "تفسير ابن كثير". وأخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من الجزء الرابع من "المصنف" (ص467 - 468 رقم 3013) من طريق محمد بن فضيل، عن العلاء، عن رجل من بكر بن وائل، قال: سألت ابن عمر ... ، فذكره بنحوه. وليس بين هذه الرواية والتي قبلها تعارض، فبكر بن وائل من ولد تيم الله. انظر: "جمهرة أنساب العرب" لابن حزم (ص300 و 302) . وأخرجه أبو داود في "سننه" (2 / 350 - 351 رقم 1733) في المناسك، باب الكَريّ. والدارقطني في الموضع السابق برقم (250) . والحاكم في "المستدرك" (1 / 449) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ومن طريقه وطريق آخر البيهقي في "السنن" (4 / 333) في الحج، باب الرجل يؤاجر نفسه ... ، و (6 / 121) في الإجارة، باب كراء الإبل والدواب. جميعهم من طريق عبد الواحد بن زياد، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أبي أمامة التيمي قال: كنت رجلاً أُكْرَى في هذا الوجه، وكان ناس يقولون لي: إنه ليس لك حج، فلقيت ابن عمر، فقلت ... ، وذكر الحديث بنحوه. قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي. وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" (4 / 350 رقم 3051) . والدارقطني في الموضع السابق برقم (251) . والواحدي في "أسباب النزول" (ص55) . ثلاثتهم من طريق مروان بن معاوية الفزاري، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أبي أمامة التيمي ... ، فذكره بنحو سياق المصنف. وعلّقه الواحدي في "الوسيط" (1 / 295) . وأخرجه ابن خزيمة في الموضع السابق أيضًا من طريق يحيى بن أبي زائدة، عن العلاء بن المسيب، به. وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" (1 / 240) من طريق عباد بن العوام، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أبي أمامة التيمي ... ، فذكره بنحوه. وذكر ابن كثير أن مسعود بن سعد وشريكًا القاضي روياه أيضًا عن العلاء. وتابع العلاء الحسن بن عمرو الفُقَيْمي. أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (2 / 155) . وابن خزيمة في الموضع السابق برقم (3052) . وابن جرير في "تفسيره" (4 / 164 رقم 3765) . والدارقطني في الموضع السابق برقم (255) . جميعهم من طريق أسباط بن محمد القرشي، عن الحسن بن عمرو الفقيمي، عن أبي أمامة التيمي ... ، به بنحوه. كذا رواه العلاء والحسن، عن أبي أمامة، عن ابن عمر مرفوعًا. =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ المَشْعَرِ الحَرَامِ} ] 353- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيم، قَالَ: نَا حَجَّاج، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ- فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ المَشْعَرِ الحَرَامِ} - قال: ((الجُبَيْل وَمَا حَوْلَه)) .

_ = ورواه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 165 رقم 3770) من طريق الحسن بن عرفة، عن شبابة بن سوّار، عن شعبة، عن أبي أميمة، قال: سمعت ابن عمر - وسئل عن الرجل يحج ومعه تجارة -، فقرأ ابن عمر: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} . وهذا وإن كان موقوفًا، إلا أنه لا يعارض ما سبق من الرواية المرفوعة؛ لأن رواية شعبة هذه مختصرة وتلك مطوّلة، قال الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - في تعليقه على "المسند" (9 / 170) : ((ورواية شعبة - كما ترى - مختصرة، والعلاء بن المسيب رواه مفصلاً مطولاً، فذكر الموقوف والمرفوع، والعلاء ثقة مأمون ... ، فزيادته مقبولة دون تردد)) . اهـ. ويضاف إليه أن الحسن بن عمرو الفقيمي تابع العلاء في ذلك، فزالت شُبهة التَّفَرُّد، والله أعلم. [353] سنده ضعيف؛ حجاج بن أرطأة تقدم في الحديث [170] أنه صدوق كثير الخطأ والتدليس، لكن صحّ الحديث عن ابن عمر بلفظ آخر من غير هذا الطريق كما سيأتي. والحديث ذكره السيوطي في "الدر" (1 / 539) وعزاه للمصنف وابن جرير وابن المنذر والبيهقي. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 176 رقم 3800) . والبيهقي في "سننه" (5 / 123) في الحج، باب حيث ما وقف في المزدلفة أجزأه. كلاهما من طريق هشيم، به بلفظ: ((هو الجبل وما حوله)) . وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" (1 / 242) ، فقال: أخبرنا =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} ] 354- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانة (1) ، عَنْ أَبِي بِشْر (2) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: ((الْأَيَّامُ الْمَعْلُومَاتُ: أَيَّامُ الْعَشْرِ، وَالْأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ: أيام التَّشريق)) .

_ = معمر، عن الزُّهري، عن سالم، قال: قال ابن عمر: المشعر الحرام: المزدلفة كلها. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير في الموضع السابق برقم (3804) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 136 / ب) . وإسناده صحيح، بل من أصح الصحيح، فقد ذهب الإمام أحمد، وإسحاق بن راهويه إلى أن أصحاب الأسانيد: ((الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ)) ، كما في مقدمة ابن الصلاح (ص22) . (1) هو: وَضَّاح بن عبد الله. (2) هو: جعفر بن إياس. [354] سنده ظاهر الصحة، لكنه شاذ؛ صوابه: (عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عباس) كما سيأتي. وقد أعاده المؤلف (ل 156 / أ) في تفسير قوله تعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} [الآية (28) من سورة الحج] ، بنفس الإسناد والمتن، إلا أنه اقتصر على موضع الشاهد منه، فلم يذكر قوله: (والأيام المعدودات: أيام التشريق)) . والمؤلف هنا أخرجه من طريق أبي عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سعيد بن جبير من قوله. وخالف أبا عوانة شعبةُ وهُشَيمُ، فروياه عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وهذا أرجح لأنهما أحفظ من أبي عوانة، وقد تابع كل منهما الآخر. أما رواية شعبة أخرجها ابن جرير في "تفسيره" (4 / 208 و 209 رقم 3887 =

355- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حُدَيْج بنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الضَّحَّاك بْنِ مُزَاحم، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: ((الْأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ: أيام التَّشْرِيق)) .

_ = و 3890) من طريق محمد بن جعفر غندر، عنه، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ في قوله: {وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} ، قال: أيام التشريق. وأما رواية هشيم، فأخرجها ابن جرير (4 / 208 رقم 3886) . والبيهقي في "سننه" (5 / 228) في الحج، باب الأيام المعلومات والمعدودات. وفي "شعب الإيمان" (7 / 353 رقم 3492) . أما ابن جرير فمن طريق يعقوب بن إبراهيم، وأما البيهقي فمن طريق عفان بن مسلم، كلاهما عن هشيم، حدثنا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الْأَيَّامُ الْمَعْلُومَاتُ: أَيَّامُ الْعَشْرِ، وَالْأَيَّامُ المعدودات: أيام التشريق. والسياق للبيهقي، وأما ابن جرير فلم يذكر الأيام المعلومات. وعليه فالصواب في الحديث أنه عن ابن عباس، والسند إليه صحيح، وسيأتي من طريق آخر عنه في الحديث بعده، والله أعلم. [355] سنده ضعيف جدًّا؛ فحديج بن معاوية تقدم في الحديث [1] أنه صدوق يخطئ، وأبو إسحاق السبيعي تقدم في الحديث [1] أيضًا أنه مدلس واختلط في آخر عمره، ولم يصرح بالسماع هنا، ولم يُذكر أن حديجًا ممن روى عنه قبل الاختلاط، والضحاك بن مزاحم روايته عن ابن عباس مرسلة؛ قال شعبة: ((قلت لمشاش: الضحاك سمع من ابن عباس؟ قال: ما رآه قط)) ، وقال عبد الملك بن ميسرة: ((قلت للضحاك، سمعت من ابن عباس؟ قال: لا، قلت: فهذا الذي تحدثه، عمّن أخذته؟ قال: عن ذا وعن ذا)) ، وقال يحيى بن سعيد: ((كان شعبة لا يحدث عن الضحاك بن مزاحم، وكان ينكر أن يكون لقي ابن عباس قط)) . اهـ. من "التهذيب" (4 / 453 - 454) . لكن متن الحديث صحيح عن ابن عباس كما في الحديث السابق. =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى} ] 356- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، قَالَ: نَا عَوْف (1) ، عَنِ الْحَسَنِ (2) فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: (( {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} فِي تَعْجِيلِهِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي، وَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ فِي تَأْخِيرِهِ إِلَى الْيَوْمِ الثَّالِثِ)) . 357- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانة (3) ، عَنْ منصور (4) ، عن

_ (1) هو ابن أبي جَميلة الَأَعْرابي. (2) هو ابن أبي الحسن البصري. [356] سنده صحيح. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 215 رقم 3918) من طريق هشيم، به نحوه. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 60) من طريق ابن أبي عدي، عن أشعث بن عبد الله الحُدَّاني، عن الحسن، به نحوه. وسيأتي برقم [359] من طريق آخر عن الحسن بمعناه. وهذا المعنى هو ما ذهبت إليه طائفة، منهم الحسن البصري هنا، وإبراهيم النخعي في الحديث الآتي، وغيرهم؛ قالوا في معنى الآية: فمن تعجل في يومين من أيام التشريق، فنفر في اليوم الثاني، فلا إثم عليه في نَفْره وتعجله في النفر، ومن تأخر عن النفر في اليوم الثاني من أيام التشريق إلى اليوم الثالث حتى ينفر في اليوم الثالث، فلا إثم عليه في تأخره. انظر "تفسير الطبري" (4 / 215) ، وانظر فيه أقوالاً أخرى غير هذا القول. (3) هو: وَضَّاح بن عبد الله. (4) هو: ابن المعتمر. =

إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ((لَا إِثْمَ عَلَيْهِ فِي التَّعْجِيلِ، وَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ فِي التَّأْخِيرِ)) . 358- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ (يَزِيدَ) (1) بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يَقُولُ: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} ، قال: ((كلهم مغفور له)) .

_ [357] سنده صحيح. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 216 رقم 3925 و 3926) من طريق إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق، عن منصور، به نحوه. وأخرجه أيضًا (4 / 217 رقم 3932) من طريق جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ منصور، به نحوه. وأخرجه أيضًا برقم (3924) من طريق شبعة، عن منصور، عن إبراهيم النخعي أنه قال في هذه الآية: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} قال: في تعجيله. وأخرجه أيضًا برقم (3930) من طريق سفيان الثوري، عن منصور، عن إبراهيم: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} قال: ليس عليه إثم. كذا قال في هذه الرواية، ولم يذكر الفعل الذي نُفي عنه الإثم. (1) في الأصل: (ابن يزيد) ، والتصويب من مصادر الترجمة. وهو يزيد بن أبي مريم بن أبي عطاء، ويقال: إن اسم أبي مريم: ثابت، الأنصاري، مولاهم، أبو عبد الله الدمشقي، إمام الجامع، يروي عن أبيه وعباية بن رافع ومجاهد بن جبر وغيرهم، روى عنه الأوزاعي ويحيى بن حمزة والوليد بن مسلم وغيرهم، وهو ثقة، وثقه ابن معين ودحيم والعجلي، وقال أبو حاتم: ((من ثقات أهل دمشق)) ، وقال أبو زرعة، ((لا بأس به)) ، وشذّ الدارقطني فقال: ((ليس بذاك)) ، وهذا جرح غير مفسّر، ومعارض بتوثيق من سبق، وكانت وفاته سنة أربع وأربعين ومائة، وقيل: سنة خمس وأربعين ومائة، وقيل: بعد ذلك. =

359- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، (عَنْ) (1) عَبَّاد بْنِ رَاشِدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: ((عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُ بَلَدُ عَرَضٍ (2) ، فَرَخَّصَ لِعِبَادِهِ مَنْ شَاءَ أَنْ يَنْفِرَ فِي النَّفَرِ الْأَوَّلِ، وَمَنْ شَاءَ فِي النَّفَرِ الْآخِرِ)) . 360- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا شَريك، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلاَقَةَ (3) ، عَنِ المَعْرور بْنِ سُوَيد (4) ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رضي

_ = انظر: "تاريخ الثقات" للعجلي (ص480 رقم 1856) ، و "الجرح والتعديل" (9 / 291 رقم 1243) ، و "الكاشف" للذهبي (3 / 286 رقم 6463) ، و "التهذيب" (11 / 359 - 360 رقم 695) . [358] سنده ضعيف؛ فالوليد بن مسلم تقدم في الحديث [130] أنه ثقة، لكنه كثير التدليس والتسوية، ولم يصرح هنا بالسماع بينه وبين شيخه. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 219 رقم 3940) من طريق لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنِ مجاهد في قوله: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} ، قال: قد غُفر له. وليث تقدم في الحديث [9] أنه صدوق اختلط جدًّا فلم يتميز حديثه فتُرك. (1) في الأصل: (بن) ، والصواب ما هو مثبت، وهو إسناد يرويه المصنف مرارًا، انظر مثلاً الحديث [183] . (2) كذا في الأصل! ولم يتبين لي وجه الصواب فيها، ولم أجد من أخرج الحديث أو ذكره. [359] سنده ضعيف، فهشيم مدلس، ولم يصرح بالسماع، لكن تقدم برقم [356] بإسناد صحيح عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} فِي تَعْجِيلِهِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي، وَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ فِي تَأْخِيرِهِ إلى اليوم الثالث. (3) هو زياد بن عِلاَقة - بكسر المهملة وبالقاف -، الثَّعْلَبي - بالمثلَّثة والمهملة -، أبو مالك الكوفي، روى عن جرير بن عبد الله وجابر بن سمرة. =

اللَّهُ عَنْهُ -: ((مَنْ شَاءَ أَنْ يَنْفِرَ فِي النَّفْرِ الْأَوَّلِ، فَلْيَنْفِر، إلا بني خُزَيمة)) .

_ = والمغيرة بن شعبة وغيرهم، روى عنه السفيانان والأعمش وشريك بن عبد الله وغيرهم، وهو ثقة، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين والعجلي ويعقوب بن سفيان والنسائي، وكانت وفاته سنة خمس وثلاثين ومائة وقد قارب المائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 540 رقم 2437) ، و "التهذيب" (3 / 380 - 381 رقم 693) ، و "التقريب" (ص220 رقم 2092) . (4) هو المَعْرور بن سُوَيْد الأسَدي، أبو أُمية الكوفي، يروي عن عمر بن الخطاب وأبي ذر وابن مسعود وأم سلمة وغيرهم - رضي الله عنهم -، روى عنه واصل الأحدب وسالم بن أبي الجعد والأعمش وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة الثانية، عاش مائة وعشرين سنة، وروى له الجماعة كما في "التقريب" (ص540 رقم 6790) ، ووثقه ابن معين والعجلي وأبو حاتم، "الجرح والتعديل" (8 / 415 - 416 رقم 1895) ، و "التهذيب" (10 / 230 رقم 420) . ولم أجد من نصّ على أن زياد بن علاقة ممن روى عن المعرور، لكن سماعه منه محتمل جدًّا، فكلاهما كوفي، وقد تعاصرا مدة طويلة جدًا كما يتضح من ترجمتها، بل إن تلاميذ زياد رووا عن المعرور كالأعمش، فكيف بزياد نفسه؟ [360] سنده ضعيف لضعف شريك بن عبد الله القاضي من قبل حفظه كما في ترجمته في الحديث رقم [4] . ولم أجد من أخرج الحديث غير المصنِّف، إلا أن القرطبي عَلَّقه في "تفسيره" (3 / 13) مستشهدًا به لقول من لم ير أن للمقيم بمكة من أهلها وغيرهم أن يتعجل، فقال رحمه الله: ((واختلفوا في أهل مكة، هل ينفرون النَّفر الأول، فروينا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ الله عنه - أنه قال: من شاء من الناس كلهم أن ينفروا في النفر الأول، إلا آل خزيمة، فلا ينفرون إلا في النفر الآخر. وكان أحمد بن حنبل يقول: لا يعجبني لمن نفر النفر الأول أن يقيم بمكة، وقال: أهل مكة =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الخِصَامِ} ] 361- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مَعْشَر (1) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ (2) قَالَ: جَاءَهُ رَجُلٌ (3) ، فَقَالَ: إِنَّا نَجِدُ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ: أَنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عِبَادًا ألْسِنَتُهُم أَحْلى مِنَ العَسَل، وَقُلُوبُهُمْ أَمَرُّ مِنَ الصَّبْرِ، يَلْبَسُونَ لِلنَّاسِ مُسُوكَ (4) الضَّأَن مِنَ اللِّينِ، ويَخْتلون (5) الدُّنْيَا بِالدِّينِ، قَالَ اللَّهُ: ((عَلَيَّ يَجْتَرِئُون؟ وَبِي يَغْتَرُّون؟ بِعِزَّتِي، لأُتِيْحَنَّ (6) لَهُمْ فتنة تدع الحليم (حيران) (7)) ) .

_ = أخفّ، وجعل أحمد وإسحاق معنى قول عمر: (إلا آل خزيمة) أي أنهم أهل الحرم. وكان مالك يقول في أهل مكة: من كان له عذر فله أن يتعجّل في يومين، فإن أراد التخفيف عن نفسه مما هو فيه من أمر الحج فلا؛ فرأى التعجيل لمن بَعُدَ قُطْرُه. وقال طائفة: الآية على العموم، والرخصة لجميع الناس - أهل مكة وغيرهم -، أراد الخارج عن منى المقامَ بمكة أو الشخوصَ إلى بلده)) . اهـ. (1) هو نَجِيح بن عبد الرحمن تقدم في الحديث [167] أنه ضعيف. (2) هو القُرظي تقدم في الحديث [4] أنه تابعي ثقة عالم. (3) هو سعد المَقْبُري كما في رواية ابن جرير الآتية، وهو تابعي ثقة كما في الحديث [167] . (4) جمع مَسْك، وهو الجِلْد. انظر: "النهاية في غريب الحديث" (4 / 331) . (5) الخَتْلُ هو الخِدَاع، يقال: خَتَله يَخْتله: إذا خدعه وراوَغَه، وخَتَل الذئبُ الصَّيْدَ: إذا تَخَفَّى له. والمعنى هنا: أن تُطْلبَ الدنيا بعمل الآخرة. انظر: "النهاية" (2 / 9) . (6) ذكر ابن الأثير هذا الجزء من الحديث في "النهاية" (1 / 202) وبيَّن معناه بقوله: ((يقال: أتاح الله لفلان كذا: أي قدَّره له وأنزله به)) . (7) في الأصل: ((حيرانًا)) .

فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: هَذَا فِي كِتَابِ اللَّهِ: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي [ل117/أ] الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الخِصَامِ} فَقَالَ الرَّجُلُ: قَدْ عَلِمْنَا فِيمَنْ أُنْزِلَتْ. فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ: ((إِنَّ الْأَمْرَ يَنْزِلُ فِي الرَّجُلِ، ثُمَّ يكون عامًا)) .

_ [361] سنده ضعيف لضعف أبي معشر، وما ذكره سعيد المَقْبري لا يعدو عن كونه نقلاً عن كتب أهل الكتاب التي لا يُصَدَّق ما فيها ولا يُكَذَّب مما هذا سبيله، وسيأتي بإسناد صحيح إلى محمد بن كعب ونَوْفٍ البِكَالي بدلاً من سعيد المقبري، وقد روي الحديث مرفوعًا إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، ولا يصحّ كما سيأتي. وذكر السيوطي في "الدر" (1 / 572) هذا الحديث، وعزاه للمصنف وابن جرير والبيهقي في "شعب الإيمان". وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 231 رقم 3964) من طريق محمد بن أبي معشر، عن أبي معشر، قال: سمعت سعيدًا المقبري يذاكر محمد بن كعب، فقال سعيد: إن فِي بَعْضِ الْكُتُبِ أَنَّ لِلَّهِ عبادًا ... ، فذكره بنحوه. وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 141 / أ) من طريق أبيه، عن حمزة بن أبي جميل الرَّبَذِي، ثنا أَبُو مَعْشَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كعب القرظي قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -: ((إن لله عِبَادًا أَلْسِنَتُهُمْ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وقلوبهم أمرّ من الصبر، لبسوا للعبادة مسوك الضأن في اللين، يختلون الدنيا بالدين، فيقول الله تعالى: أعليَّ يجترئون؛ وبي يغتّرون؛ وعزتي لأبعثنّ عليهم فتنة تدع الحليم فيهم حيران)) . قلنا: يا أبا حمزة، هل لهؤلاء في كتاب الله وصف؟ قال: نعم؛ قول الله عز وجل: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ في الحياة الدنيا ... } ، إلى قوله: {والله لا يحب الفساد} . وهذا حديث منكر؛ تفرد برفعه حمزة هذا، وخالفه سعيد بن منصور ومحمد بن أبي معشر كما سبق، فروياه من قول سعيد المقبري ومحمد بن كعب القرظي. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وقد تصحّف اسم حمزة هذا في مخطوط تفسير ابن أبي حاتم إلى: ((حمزة بن جميل الزينبي)) ، والصواب ما أثبته، وهو حمزة بن أبي جميل الرَّبَذِي، أبو العباس، وأقل أحواله أنه مجهول الحال، فقد ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (3 / 209 رقم 915) ، وذكر أنه يروي عن أبي معشر، وأن أباه روى عنه، وقال ((سأل أبي عنه، فقال: شيخ)) . وأخرجه ابن جرير (4 / 232 رقم 3965) فقال: حدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، أخبرني الليث بْنِ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن القُرَظي، عن نَوْفٍ - وكان يقرأ الكتب - قال: إني لأجد صفة ناس من هذه الأمة في كتاب الله المنزل: ((قوم يجتالون الدنيا بالدين، أَلْسِنَتُهُمْ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَقُلُوبُهُمْ أَمَرُّ مِنَ الصَّبْرِ، يَلْبَسُونَ لِلنَّاسِ لباس مسوك الضأن، وقلوبهم قلوب الذئاب، فعليّ يجترئون؟ وبي يغتّرون، حلفت بنفسي لأبعثن عليهم فتنة تترك الحليم فيهم حيران)) . قال القرظي: تَدَبَّرْتُها في القرآن، فإذا هم المنافقون، فوجدتها: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الخِصَامِ} ، {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ} . وسنده إلى محمد بن كعب ونَوْفٍ البِكَالي صحيح. فالليث بن سعد، وعبد الله بن وهب، ويونس بن عبد الأعلى كلهم ثقات تقدمت تراجمهم. وخالد بن يزيد الجُمَحي، مولاهم، ويقال: السَّكْسكي، أبو عبد الرحيم المصري، يروي عن سعيد بن أبي هلال وعطاء بن أبي رباح والزهري وغيرهم، روى عنه سعيد بن أبي أيوب وحيوة بن شريح والليث بن سعد وغيرهم، وهو ثقة فقيه، روى له الجماعة، ووثقه العجلي ويعقوب بن سفيان وأبو زرعة والنسائي، وقال ابن يونس: ((كان فقيهًا مفتيًا)) ، وكانت وفاته سنة تسع وثلاثين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 358 رقم 1619) ، و "التهذيب" (3 / 129 رقم 235) ، و "التقريب" (ص191 رقم 1691) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وسعيد بن أبي هلال اللَّيْثي، مولاهم، أبو العلاء المصري، يروي عن زيد بن أسلم وأبي الزناد وقتادة والزهري وغيرهم، روى عنه خالد بن يزيد المصري وعمرو بن الحارث والليث بن سعد وغيرهم، وهو ثقة، روى له الجماعة، ووثقه ابن سعد والعجلي وابن خزيمة والدارقطني والبيهقي والخطيب وابن عبد البر وغيرهم، وقال أبو حاتم: ((لا بأس به)) ، وقال الساجي: ((صدوق، كان أحمد يقول: ما أدري أي شيء يخلط في الأحاديث)) ، وكانت ولادته بمصر سنة سبعين للهجرة، ونشأ بالمدينة، ثم رجع إلى مصر إلى أن توفي سنة خمس وثلاثين ومائة، وقيل غير ذلك في سنة وفاته. اهـ. من "الجرح والتعديل" (4 / 71 رقم 301) ، و "التهذيب" (2 / 94 - 95 رقم 159) . وعبارة الإمام أحمد التي حكاها عنه الساجي لا تحط سعيد بن أبي هلال إلى درجة الجرح، بل مفادها أنه أخطأ وخلط في بعض الأحاديث، وهذا أمر لا يسلم منه راو من الرواة، وقد يكثر من الراوي فيعدّ جرحًا، ولا أظن سعيدًا كذلك، وإلا لذُكر عنه، فيقال إذن: إنه ليس في الثقة كشعبة وسفيان، ولا ينزل إلى درجة محمد بن إسحاق وأضرابه، وقد اعتمد ابن حزم - فيما يظهر - على عبارة الإمام أحمد هذه، فقال عن سعيد هذا: ((ليس بالقوي)) ، وهذا جرح لم يسبقه إليه أحد؛ قال الذهبي في "الميزان" (2 / 162 رقم 3290) : ((سعيد بن أبي هلال، ثقة معروف، حديثه في الكتب الستة ... ، قال ابن حزم وحده: ليس بالقوي)) ، وقال في "سير أعلام النبلاء" (6 / 303) : ((الإمام الحافظ الفقيه ... ، أحد الثقات)) ، وقال ابن حجر في "التقريب" (ص242 رقم 2410) : ((صدوق، لم أر لابن حزم في تضعيفه سلفًا، إلا أن الساجي حكى عن أحمد أنه اختلط)) . اهـ. ولم يقل ذلك الإمام أحمد، وإنما قال: ((يخلط في الأحاديث)) ، وفرق بين العبارتين. ولم أجد من نصّ على أن سعيد بن أبي هلال روى عن محمد بن كعب القرظي، لكن سماعه منه محتمل جدًّا، محمد بن كعب مدني، وسعيد نشأ بالمدينة، وقد =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = تعاصرا فترة طويلة، فوفاة محمد بن كعب كانت سنة عشرين ومائة كما في ترجمته في الحديث [4] ، وسعيد وُلد سنة سبعين للهجرة. وذكر الحافظ ابن كثير هذا الحديث في "تفسيره" (1 / 246) من كلا الطريقين نقلاً عن ابن جرير، ثم قال: ((وهذا الذي قاله القرظي حسن صحيح)) . قلت: الذي يظهر أن ابن كثير يعني بالحسن رواية أبي مَعْشَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، وبالصحيح رواية سعيد بن أبي هلال، عن محمد بن كعب أيضًا. وقد روي الحديث مرفوعًا؛ من حديث أبي هريرة، وابن عمر، وأبي الدرداء - رضي الله عنهم -، ولا يصح رفعه. أما حديث أبي هريرة يرفعه، فلفظه: ((يخرج في آخر الزمان رجال يختلون الدنيا بالدين، يلبسون للناس جلود الضأن من اللين، أَلْسِنَتُهُمْ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَقُلُوبُهُمْ قلوب الذئاب، يقول الله تعالى: أفبي تغتّرون، أم عليّ تجترئون، فبي حلفت: لأبعثن على أولئك منهم فتنة تدع الحليم منهم حيران)) . أخرجه ابن المبارك في "الزهد" (ص17 رقم 50) فقال: أخبرنا يحيى بن عبيد الله، قال: سمعت أبي يقول: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول - صلى الله عليه وسلم - ... ، فذكره. ومن طريق ابن المبارك أخرجه الترمذي في "سننه" (7 / 84 - 85 رقم 2515) في الزهد، باب ما جاء في ذهاب البصر. وابن عبد البر في "جامع بيان العلم" (1 / 232) . والبغوي في "شرح السنة" (14 / 394 رقم 4199) ، وقال: ((هذا الحديث لا يُعرف إلا من هذا الوجه، ويحيى بن عبيد الله تكلم فيه شعبة)) . وأخرجه هَنَّاد في "الزهد" (2 / 437 رقم 860) من طريق يعلى بن عبيد، عن يحيى بن عبيد الله، به مثله. وسنده ضعيف جدًّا؛ مداره على يحيى بن عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن مَوْهَب - بفتح الميم والهاء بينهما واو ساكنة -، التَّيْمي، المدني، يروي عن أبيه، روى عنه أبو حنيفة وعبد الله بن المبارك وفضيل بن عياض ويحيى القطان ويعلى بن عبيد وغيرهم، وهو متروك، قال شعبة: ((رأيته يصلي صلاة لا يقيمها فتركت حديثه)) ، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وتركه يحيى بن سعيد القطان وقال: ((هو ضعيف الحديث)) ، وضعفه ابن عيينة، وقال الإمام أحمد: ((منكر الحديث ليس بثقة)) ، وقال ابن معين: ((ليس بشيء)) ، وقال ابن أبي شيبة: ((كان غير ثقة في الحديث)) ، وقال مسلم بن الحجاج: ((ساقط متروك الحديث)) ، وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن يحيى بن عبيد الله فقال: ((ضعيف الحديث، منكر الحديث جدًّا)) ، ونهاني أن أكتب عن المنذر بن شاذان، عن يعلى، عن يحيى هذا، وقال: ((لا تشتغل به)) ، وقال النسائي: ((متروك الحديث)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 167 - 168 رقم 692) ، و "التهذيب" (11 / 252 - 254 رقم 406) ، و "التقريب" (ص594 رقم 7599) . وأما حديث عبد الله بن عمر، فأخرجه الترمذي في الموضع السابق (7 / 86 - 87 رقم 2516) من طريق حاتم بن إسماعيل عن حمزة بن أبي محمد، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - قال: ((إن الله تعالى قال: لقد خلقت خلقًا أَلْسِنَتُهُمْ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَقُلُوبُهُمْ أمرّ من الصبر، فبي حلفت: لُأتِيْحَنهَّم فتنة تدع الحليم منهم حيران [في الأصل: حيرانًا] ، فبي يغتّرون؟ أم عليّ يجترئون؟)) . قال الترمذي: ((هذا حديث حسن غريب من حديث ابن عمر، لا نعرفه إلا من هذا الوجه)) . قلت: بل هو ضعيف لضعف حمزة بن أبي محمد المدني، يروي عن عبد الله بن دينار وموسى بن عبد الله الخَطْمِي وغيرهما، روى عنه حاتم بن إسماعيل، فقد قال عنه أبو حاتم الرازي: ((ضعيف الحديث، منكر الحديث، لم يرو عنه غير حاتم)) ، وقال أبو زرعة: ((مديني ليِّن)) ، وذكره بن البرقي في "الطبقات"، في باب من كان الأغلب عليه الضعف، ونقل ابن خلفون عن العجلي توثيقه. اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 215 رقم 947) ، و"التهذيب" (3 / 32 - 33 رقم 50) ، و "التقريب" (ص180 رقم 1532) . وأما حديث أبا الدرداء يرفعه، فلفظه: ((أنزل الله عز وجل في بعض كتبه، أو =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = أوحى إلى بعض أنبيائه: قل للذين يتفقّهون لغير الدين، ويتعلّمون لغير العمل، ويطلبون الدنيا بعمل الآخرة، يلبسون للناس مُسُوك الكِبَاش، قلوبهم كقلوب الذئاب، أَلْسِنَتُهُمْ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَقُلُوبُهُمْ أمرّ من الصبر: إيَّايَ يخدعون، أو بي يستهزئون، فبي حَلَفْتُ: لَأُتِيحَنَّ لَهُمْ فِتْنَةً تَدَعُ الحليم حيران)) . أخرجه الخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه (2 / 162) . وابن عبد البر في "جامع بيان العلم" (1 / 231 - 232) . وابن عساكر في "ذم من لا يعمل بعلمه" (ص48 - 49 رقم 9) . وابن النجار في "ذيل تاريخ بغداد" (2 / 37) . أما الخطيب وابن عساكر وابن النجار فمن طريق أبي خُبيب العباس بن أحمد بن محمد بن عيسى البَرْتي، وأما ابن عبد البر فمن طريق عبد الله بن أحمد بن موسى، كلاهما عن أبي سلمة يحيى بن المغيرة المخزومي، عن أخيه محمد بن المغيرة، عن أبيه، عن عثمان بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ شهاب، عن عائذ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ أبي الدرداء - رضي الله عنه -، به. والحديث بهذا الإسناد موضوع، آفته عثمان بن عبد الرحمن بن عمر بن سعد بن أبي وقّاص، الزُّهري، الوَقّاصي، أبو عمر المدني، يروي عن أن أبي مليكة والزهري وعطاء وغيرهم، روى عنه يونس بن بكير وحجّاج بن نُصير وإسماعيل بن أبان وغيرهم، وهو كذاب؛ قال ابن معين: ((لا يكتب حديثه، كان يكذب)) ، وقال أبو حاتم الرازي: ((متروك الحديث، ذاهب الحديث، كذاب)) ، وقال ابن المديني: ((ضعيف جدًّا)) ، وقال البخاري: ((تركوه)) ، وقال النسائي: ((متروك)) ، وفي رواية: ((ليس بثقة، ولا يكتب حديثه)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (6 / 157 رقم 865) ، و "التهذيب" (7 / 133 - 134 رقم 279) . ومن خلال ما سبق يتضح أن الحديث لا يصح رفعه، وإنما هو صحيح عن محمد بن كعب القُرَظي ونَوْفٍ البِكَالي على أنه مما أخذه نوف عن كتب أهل الكتاب، وانظر الحديث الآتي. =

362- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو شِهَاب، عَنْ لَيْث بْنِ أَبِي سُلَيم، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ (1) قَالَ: ((يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: مَا بَالُ أَقْوَامٍ يتفقَّهون لِغَيْرِ عِبَادَتِي، يَلْبَسُونَ مُسُوكَ الضَّأن، قُلُوبُهُمْ أَمَرُّ مِنَ الصَّبْرِ؟ أَبِي يَغْتَرُّونَ؟ أَوْ إيايَ يُخَادِعُونَ؟ بِي حَلَفْتُ: لأتِيحَنَّ لَهُمْ فِتْنَةً تَدَعُ الْحَلِيمَ فِيهَا (حَيْرَانَ) (2)) ) . [قَوْلُهُ تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ} ] 363- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ (1) ، عَنْ عَطَاءٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ} -، قَالَ: ((نَسَخَتْها هَذِهِ الْآيَةُ: {قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} )) .

_ (1) لم أهتد إليه. [362] سنده عن أبي عبيدة ضعيف لضعف ليث بن أبي سليم، وأبو عبيدة لم أعرفه، وقد يكون أخذه عن كتب أهل الكتاب، فقد تقدم الحديث من طريق أخرى كما في الحديث السابق، والصحيح منها أنه عن محمد بن كعب القرظي يرويه عن نوف البِكَالي الذي أخذه عن كتب أهل الكتاب، وقد روي مرفوعًا ولا يصح. (2) في الأصل: ((حيرانًا)) . (3) هو ابن أبي سليمان. [363] سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مُرْسِله عطاء بن أبي رابح، وسيأتي الكلام عن متنه. وأخرج ابن جرير في "تفسيره" (4 / 295 - 296 رقم 4073) من طريق حسين بن قيس، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مثله، ثم قال ابن جرير: ((وهذا قول لا معنى له؛ لأن نسخ الأحكام من قبل الله جل وعز، لا من قبل العباد. وقوله: {قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} خَبَرٌ من الله عن عباده المؤمنين، وأنهم قالوه، لا نسخٌ منه)) . اهـ. =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ العَفْوَ} ] 364- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَيَسْأَلُونَكَ (1) مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ العَفْوَ} - قَالَ: ((الْفَضْلُ)) . 365- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى (2) ، عَنِ الحَكَم (3) ، عَنْ مِقْسَم (4) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: ((الفضل عن العيال)) .

_ = وحديث ابن عباس الذي أخرجه ابن جرير ضعيف جدًّا، فالراوي له عن عكرمة هو: حسين بن قيس الرَّحْبي، أبو علي الواسطي، لقبه: حَنَش - بفتح المهملة والنون، ثم معجمة -، يروي عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وعكرمة مولى ابن عباس وغيرهما، روى عنه حصين بن نمير وخالد الواسطي وغيرهما، وهو متروك، قال الإمام أحمد: ((متروك الحديث ضعيف الحديث)) ، وقال ابن معين: ((ليس بشيء)) ، وقال البخاري: ((أحاديثه منكرة جدًّا، لا يكتب حديثه)) ، وقال أبو حاتم: ((ضعيف الحديث، منكر الحديث)) ، وقال النسائي: ((متروك الحديث)) ، وقال في موضع آخر: ((ليس بثقة)) ، وقال الدارقطني: ((متروك)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 63 - 64 رقم 286) ، و "التهذيب" (2 / 364 - 365 رقم 623) ، و "التقريب" (ص168 رقم 1342) . (1) في الأصل: ((يسئلونك)) . [364] سنده صحيح على عطاء، وهو نفس الإسناد السابق. وذكره السيوطي في "الدر" (1 / 607) بمثله، وعزاه لعبد بن حميد وحده. وأخرجه ابن جرير "تفسيره" (4 / 337 رقم 4156) من طريق هشيم، عن عبد الملك، به مثله. (2) هو مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبي ليلى، تقدم في الحديث [186] أنه صدوق =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = سيء الحفظ جدًّا. (1) هو ابن عُتَيْبة، تقدم في الحديث [28] أنه ثقة ثبت فقيه، إلا أنه ربما دلس، ولم يصرح بالسماع هنا، بل إنه يروي هنا عن مقسم مولى ابن عباس، ولم يسمع منه إلا خمسة أحاديث فقط كما في "التهذيب" (2 / 434) ، وليس هذا منها. (2) هو مِقْسَم - بكسر أوله - ابن بُجْرة - بضم الموحدة وسكون الجيم -، ويقال: نَجْدة - بفتح النون، وبدال -، أبو القاسم مولى عبد الله بن الحارث، ويقال له: مولى ابن عباس للزومه له، روى عن ابن عباس وعبد الله بن الحارث بن نوفل وعائشة وغيرهم، روى عنه ميمون بن مهران والحكم بن عُتَيْبة وعبد الكريم الجَزَري وغيرهم، وهو صدوق، وثقه العجلي ويعقوب بن سفيان والدارقطني، وذكره ابن شاهين في "الثقات" وقال: قال أحمد بن صالح المصري: ((ثقة ثبت لاشك فيه)) ، وقال أبو حاتم: ((صالح الحديث لا بأس به)) ، وقال مهنا: قلت: لأحمد: مَنْ أصحاب ابن عباس؟ قال: ستة، فذكرهم. قلت: فمقسم؟ قال: دون هؤلاء، وقال ابن سعد: ((كان كثير الحديث ضعيفًا)) ، وقال الساجي: ((تكلم الناس في بعض روايته)) ، وكانت وفاته سنة إحدى ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (8 / 414 رقم 1889) ، و "التهذيب" (10 / 288 - 289 رقم 507) ، و "التقريب" (ص545 رقم 6873) . [365] سنده ضعيف جدًّا لضعف ابن أبي ليلى من قبل حفظه، وما تقدم عن رواية الحكم بن عتيبة عن مقسم. وذكره السيوطي في "الدر" (1 / 607) وعزاه للمصنف ووكيع وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه والطبراني والبيهقي في "شعب الإيمان". وقد أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (7 / 23 - 24 رقم 3142) من طريق المصنف، به مثله. وأخرجه النحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص67) من طريق أبي معاوية، به نحوه. =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} ] 366- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِر، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: ((قَالَتِ الْيَهُودُ: إِنَّمَا يَكُونُ الْوَلَدُ أَحْوَلَ إِذَا أتَى الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ مِنْ خَلْفِهَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} مِنْ بَيْنِ يَدَيْهَا، وَمِنْ خَلْفِهَا، وَلَا يَأْتِيهَا إِلَّا فِي المَأتَى)) .

_ = أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 337 رقم 4153) . وابن أبي حاتم في "التفسير" (1 / ل 153 / أ) . والطبراني في "المعجم الكبير" (11 / 386 رقم 12075) . أما ابن جرير فمن طريق وكيع، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق حفص بن عمر المكتب وعقبة بن خالد، وأما الطبراني فمن طريق عمران بن محمد بن أبي ليلى، جميعهم عن محمد بن أبي ليلى، به نحوه. [366] سنده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه كما سيأتي. وذكره السيوطي في "الدر" (1 / 627) وعزاه المصنف والدارمي وابن المنذر وابن أبي حاتم. ومدار الحديث على محمد بن المنكدر، يرويه عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضي الله عنه -. وله عن ابن المنكدر أربعة عشر طريقًا. 1- طريق أبي عوانة الذي رواه المصنف هنا عنه. وأخرجه مسلم في "صحيحه" (2 / 1059 رقم 119) في النكاح، باب جواز جماعه امرأته في قبلها من قدامها ومن ورائها من غير التعرض للدبر. والنسائي في "تفسيره" (1 / 255 رقم 59) . وابن حبان في "صحيحه" (6 / 200 رقم 4185 - الإحسان بتحقيق الحوت-) .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = والبيهقي في "سننه" (7 / 195) في النكاح، باب إتيان النساء في أدبارهن. جميعهم من طريق أبي عوانة، به، ولفظ مسلم والنسائي نحوه، ولفظ ابن حبان والبيهقي مثله، إلا أن ابن حبان قال: ((من قدامها)) بدل قوله: ((من بين يديها)) . 2- طريق سفيان الثوري، عن ابن المنكدر، سمعت جابرًا - رضي الله عنه - قال: كانت اليهود تقول: إذا جامعها ورائها جاء الْوَلَدُ أَحَوْلَ، فَنَزَلَتْ: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} . أخرجه البخاري في "صحيحه" (8 / 189 رقم 4528) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير، باب: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ ... } الآية، واللفظ له. ومسلم في الموضع السابق. وأبو داود في "سننه" (2 / 618 رقم 2163) في النكاح، باب في جامع النكاح. ومن طريقه وطريق آخر أخرجه البيهقي الموضع السابق (ص194) . وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 409 و 410 رقم 4339 و 4340) . وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3 / 40) . والسهمي في "تاريخ جرجان" (ص333 و 483) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 158 / أ) . 3- طريق شعبة، عن ابن المنكدر، به نحو سابقه. أخرجه مسلم في الموضع السابق من "صحيحه". وابن جرير (4 / 412 رقم 4346) . وأبو القاسم البغوي في "مسند علي بن الجعد" (2 / 708 رقم 1739 و 1740 و 1741) . ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول" (ص70) . وأخرجه الطحاوي في الموضع السابق. والسهمي مقرونًا بالرواية السابقة. والبيهقي في الموضع السابق أيضًا. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ 4- طريق محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، عن ابن المنكدر، به نحو سابقه، وزاد في آخره: ((إن شاء مُجَبِّيَةً، وإن شاء غَيْرَ مُجَبِّيَةٍ، إذا كان ذلك في صَمَّام واحد)) . أخرجه مسلم في الموضع السابق. والطحاوي في الموضع السابق (ص41) . وابن حبان في "صحيحه" (6 / 185 رقم 4154 - الإحسان بتحقيق الحوت-) . والبيهقي الموضع السابق (ص195) . والواحدي في الموضع السابق أيضًا. ومعنى قوله: (مُجَبِّيَة) أي: مُنْكَبَّة على وجهها، تشبيهًا بهيئة السجود. انظر: "النهاية في غريب الحديث" (1 / 238) . وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (8 / 192) عن هذه الزيادة التي ذكرها الزهري في روايته: ((وهذه الزيادة يشبه أن تكون من تفسير الزهري؛ لخُلُوِّها من رواية غيره من أصحاب ابن المنكدر مع كثرتهم)) . اهـ. قلت: هذه الزيادة لم ينفرد بها الزهري كما قال الحافظ، بل تابعه على معناها أبو عوانة كما سبق، وابن جرير كما في الطريق الآتي: 5- طريق ابن جريج، أن محمد بن المنكدر حدثه، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أن اليهود قالوا للمسلمين: من أتى امرأته وهي مدبرة جاء ولدها أحول، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((مقبلة ومدبرة ما كان في الفرج)) . أخرجه الطحاوي في الموضع السابق، فقال: حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال: أخبرني ابن جريج ... ، فذكره. وهذا إسناد صحيح. شيخ الطحاوي هو يونس بن عبد الأعلى الصَّدَفي، تقدم في الحديث [344] أنه ثقة. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وعبد الله بن وهب تقدم في الحديث [310] أنه ثقة حافظ عابد. وعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج تقدم في الحديث [9] أنه ثقة فقيه فاضل، وقد صرح هنا بأن ابن المنكدر حدثه، فزالت شبهة التدليس الذي وصف به. وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 158 / أ) من طريق يونس، به نحوه. وأخرجه النسائي في "عشرة النساء" (ص112 رقم 87) من طريق حماد بن مَسْعدة، عن ابن جريج، به، ولم يذكر قوله: ((فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - ... )) إلخ. 6- طريق أبي حازم سلمة بن دينار، عن ابن المنكدر، به نحو رواية سفيان الثوري السابقة. أخرجه مسلم في الموضع السابق برقم (118) . والنسائي في "عشرة النساء" (ص113 رقم 88) . وأبو نعيم في "الحلية" (3 / 154) . ثلاثتهم من طريق الليث بن سعد، عن يزيد بن الهاد، عن أبي حازم، عن ابن المنكدر، به. ورواه النسائي في الموضع نفسه برقم (89) من طريق عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بن عبد الحكم، عن سعيد بن أبي مريم، قال: أخبرني يحيى بن أيوب - وذكر آخر-، أن ابن الهاد حدثهما عن محمد بن المنكدر ... ، فذكره هكذا بإسقاط أبي حازم من الإسناد. وقد اختار مسلم رواية الليث فأخرجها في "صحيحه" كماسبق، والليث ثقة ثبت فقيه إمام مشهور كما في ترجمته في الحديث [165] . 7- طريق مالك، عن ابن المنكدر، به بنحو رواية الثوري أيضًا. أخرجه الدارمي في "سننه" (1 / 206 رقم 1127) ، و (2 / 69 رقم 2220) . وابن أبي حاتم في الموضع السابق. والواحدي في تفسيره "الوسيط" (1 / 323) . 8 - و 9- طريقا أيوب السَّخْتياني وسهيل بن أبي صالح، كلاهما عن ابن المنكدر، به. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = أخرجهما مسلم في الموضع السابق من "صحيحه" برقم (119) مقرونتين برواية سفيان الثوري السابقة وغيرها. 10- طريق معمر، عن ابن المنكدر، به نحو رواية الثوري أيضًا. أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 89) . 11- طريق خُصَيْف، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جابر، عن رسول االله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - - فِي قول الله تبارك وتعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ المَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي المَحِيضِ} -، فقال: إن اليهود قالوا: من أتى امرأته في دبرها كان ولده أحول، وكن نساء الأنصار لا يدعن أزواجهن يأتونهن من أدبارهن، فجاؤوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -، فسألوه عن إتيان الرجل امرأته وهي حائض، فأنزل الله تبارك وتعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ المَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي المَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} الأطهار {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} الاغتسال {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ المُتَطَهِّرِينَ * نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} ، إنما الحرث من حيث الولد. أخرجه البزار في "مسنده" كما في "كشف الأستار" (3 / 41 - 42 رقم 2192) ، ثم قال البزار: ((لا نعلمه عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - إلا بهذا الإسناد)) . وقال الهيثمي: ((اختصره مسلم)) . وقال الهيثمي أيضًا في "مجمع الزوائد" (6 / 320) : ((فيه عبيد الله بن يزيد بن إبراهيم القرواني، ولم يروه عنه غير ابنه، وبقية رجاله وثقوا)) . قلت: فيه خُصيف بن عبد الرحمن الجَزَري وتقدم في الحديث [204] أنه صدوق سيء الحفظ. 12- طريق أحمد بن حازم، عن محمد بن المنكدر، به نحو رواية الثوري أيضًا. أخرجه الثعلبي في "تفسيره" (2 / 97 / ب) . 13- طريق عبد الله بن لهيعة، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كانت اليهود تقول في الرجل إذا أتى امرأته من خلفها وهي باركة: كان ولده أحول، =

367- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ: ((كَانَتِ الْيَهُودُ تَقُولُ: مَنْ أَتَى امْرَأَتَهُ مِنْ دُبُرِهَا فِي قُبُلِهَا، كَانَ الوَلَدُ أَحْوَلَ، فَنَزَلَتْ: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} )) .

_ = فذكرتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} الآية. أخرجه أبو بكر الإسماعيلي في "معجم شيوخه" (1 / 501) . ومن طريقه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" (13 / 262) . 14- طريف بن سفيان بن عيينة، عن محمد بن المنكدر وهو الآتي برقم [367] ، وسنده صحيح. [367] سنده صحيح. وأخرجه الحميدي في "مسنده" (2 / 532 رقم 1263) . وابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 229) . ومن طريقه وطريق آخر أخرجه مسلم في "صحيحه" (2 / 1058 رقم 117) في النكاح، باب جواز جماعه امرأته في قبلها من قدامها ومن ورائها من غير تعرض للدبر. وأخرجه الترمذي في "سننه" (8 / 321 - 322 رقم 4062) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير. وابن ماجه في "سننه" (1 / 620 رقم 1925) في النكاح، باب النهي عن إتيان النساء في أدبارهن. والنسائي في "التفسير" (1 / 254 رقم 58) ، وفي "عشرة النساء" (ص113 - 114 رقم 90) . وأبو يعلى في "مسنده" (4 / 21 رقم 2024) . والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3 / 40) . والبيهقي في "سننه" (7 / 194 - 195) في النكاح، باب إتيان النساء في أدبارهن. والواحدي في "أسباب النزول" (ص69) . والبغوي في "تفسيره" (1 / 198) ، وفي "شرح السنة" (9 / 105 رقم 2296) . جميعهم من طريق ابن عيينة، به نحوه. =

368- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ (1) ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ الْهَاد (2) ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُصَيْن (3) ، عَنْ (هَرَمي بْنِ عَبْدِ اللَّهِ) (4) الوَاقِفِي (5) ، عَنْ خُزيمة بْنِ ثَابِتٍ (6) ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ((إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ، لَا تأتوا النساء في أدْبارِهِنّ)) .

_ = وللحديث طرق أخرى عن ابن المنكدر سبق تخريجها في الحديث قبله. (1) هو الدَّرَاوَرْدي، تقدم في الحديث [69] أنه صدوق، إلا في حديثه عن عبيد الله العُمَري، فإنه منكر. (2) هو يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أسامة بن الهاد اللّيْثي، أبو عبد الله المدني، روى عن عبد الله بن دينار ومحمد بن كعب القرظي وأبي حازم والزهري وغيرهم، روى عنه عبد العزيز الدَّرَاوَرْدي والإمام مالك والليث بن سعد وسفيان بن عيينة وغيرهم، وهو ثقة مكثر، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين والعجلي وأبو حاتم والنسائي، وابن سعد وزاد: ((كثير الحديث)) ، وقال يعقوب بن سفيان: ((ثقة حسن الحديث)) ، وقال الإمام أحمد: ((لا أعلم به بأسًا)) ، وكانت وفاته سنة تسع وثلاثين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 275 رقم 1156) ، و "التهذيب" (11 / 339 - 340 رقم 651) ، و "التقريب" (ص602 رقم 7737) . (3) هو عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن الحُصَين بن مِحْصن الأنصاري، الخَطْمي - بفتح المعجمة -، أبو ميمون المدني، وقيل: عبد الله - مكبَّر -، وقد ينسب إلى جده حصين، روى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بن العاص وجابر بن عبد الله وهَرَمي بن عبد الله الواقفي وغيرهم، روى عنه عبد الله بن علي بن السائب والوليد بن كثير ومحمد بن إسحاق ويزيد بن الهاد وغيرهم، فيه لين؛ وثقه أبو زرعة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال البخاري: ((في حديثه نظر)) . اهـ. من "الضعفاء" للعقيلي (3 / 122) ، و "الجرح والتعديل" (5 / 321 رقم 1525) ، و "التهذيب" (7 / 22 - 23 رقم 48) ، و "التقريب" (ص372 رقم 4308) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ (4) ما بين القوسين سقط من الأصل، فأثبته من "سنن البيهقي" (7 / 197) حيث روى الحديث من طريق المصنف، ويوافقه ما في مصادر التخريج، وقد ذكر محقق "سنن البيهقي" أن ما بين القوسين هنا سقط أيضًا من النسخة المدراسية، وأما النسخ الثلاث الأخرى المعتمدة فجاءت على الصواب. (5) هو هَرَمي بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الوَاقِفي الخَطمي، ويقال: ابن عتبة، أو: ابن عمرو، ومنهم من قلبه فقال: عبد الله بن هرمي، فوهم، يروي عن خزيمة بن ثابت، روى عنه ثمامة بن قيس وحصين بن محصن وعبد الله بن علي بن السائب وعبد الملك بن عمرو بن قيس وغيرهم، وهو مستور، وقد قيل إنه ولد في عهد النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأرسل عنه، قال ابن سعد: ((كان قديم الإسلام، وهو من البكّائين الذين استحملوا النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في غزوة تبوك)) ، وقال ابن ماكولا نحو ذلك، وذكره ابن حبان في ثقات التابعين. وردّ ابن حجر على من جعل هرمي بن عبد الله هذا ممن استحملوا النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في غزوة تبوك فقال: ((الذي يظهر أن هَرَمِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاقِفِيِّ صحابي كبير غير هرمي بن عبد الله الخطمي أو الواقفي أيضًا الراوي عن خزيمة بن ثابت، وقد روى ابن إسحاق، عن ثمامة بن قيس بن رفاعة، عَنْ هَرَمِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رجل من قومه كان ولد عهد النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأدرك أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - متوافرين ... ، فهرمي بن عبد الله هذا هو الذي روى عنه خزيمة. وأما الذي شهد مع النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعض مشاهده، وكان في غزوة تبوك ممن استحمله، فلا يوصف بكونه ولد في عهده والله تعالى أعلم، وقد فرق بينهما أبو نصر ابن ماكولا)) . اهـ. من "التهذيب" (11 / 28 - 29 رقم 63) ، و "الإصابة" (6 / 535 و 567 رقم 8956 و 9034) ، و "التقريب" (ص571 رقم 7276) . (6) هو خزيمة بن ثابت بن الفاكه بن ثعلبة الأنصاري الخَطْمي - بفتح المعجمة -، أبو عمارة المدني، يقال له: ذو الشهادتين؛ لأن النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جعل شهادته بشهادة رجلين، وهو من كبار الصحابة، شهد بدرًا، وقتل مع علي - رضي الله عنه - بصفين =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = سنة سبع وثلاثين للهجرة، وذلك أنه كان كافًا سلاحه حتى قتل عمار، فسلّ سفيه وقاتل حتى قتل. اهـ. من "التهذيب" (3 / 140 - 141 رقم 267) ، و "الإصابة" (2 / 278 - 279 رقم 2253) ، و "التقريب" (ص193 رقم 1710) . [368] سنده ضعيف لما تقدم عن حال عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن الحصين، ولجهالة حال هرمي بن عبد الله، والاضطراب الذي سيأتي بيانه، وأما النهي عن إتيان النساء في غير القُبُل فصحيح كما في الحديث [366] . والحديث ذكره السيوطي في "الدر" (1 / 632) وعزاه للشافعي في "الأم" وابن أبي شيبة، وأحمد والنسائي وابن ماجه وابن المنذر، والبيهقي في "سننه". وللحديث عن خزيمة طريقان: 1- طريق هَرَمِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاقِفِيِّ، وله عنه ثلاثة طرق: أ- طريق عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن الحصين، واختلف عليه. فرواه يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الهاد، عنه، عن هرمي، به. ورواه عبد الله بن علي بن السائب عنه، واختلف على عبد الله بن السائب كما سيأتي. وخالفهما الوليد بن كثير ومحمد بن إسحاق بن يسار، فروياه عن عبيد الله هذا، عن عبد الملك بن عمرو بن قيس، عن هرمي، به هكذا بزيادة عبد الملك في إسناده. أما رواية يزيد، فهي التي أخرجها المصنف هنا من طريق عبد العزيز الدراوردي، عنه. ومن طريق المصنف أخرجه البيهقي في "سننه" (7 / 197) في النكاح، باب إتيان النساء في أدبارهن، ولفظه مثله سواء. وأخرجه الطبراني في "معجمه الكبير" (4 / 104 - 105 رقم 3743) من طريق الدراوردي، به نحوه. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وتابع الدراوردي إبراهيم بن سعد بن إبراهيم وزهير وأبو مصعب عبد السلام بن حفص المدني وابن أبي حازم، جميعهم رووه عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بن عبد الله بن الحصين، عن هرمي، به. وخالفهم الليث بن سعد وسفيان بن عيينة، فرواه سفيان عن يزيد، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ، عَنْ خزيمة. ورواه الليث، واختلف عليه، فرواه قتيبة بن سعيد عنه، عن يزيد، عن هرمي، به ولم يذكر عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن الحصين. ورواه سعيد بن كثير بن عفير عن الليث، قال: حدثني عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن الحصين، عن هرمي ... ، فذكره هكذا، ولم يذكر يزيد. أما رواية إبراهيم بن سعد، فأخرجها الإمام أحمد في "المسند" (5 / 215) . والنسائي في "عشرة النساء" (ص120 رقم 98) . وابن حبان في "صحيحه" (6 / 200 رقم 4186 - الإحسان بتحقيق الحوت-) . ثلاثتهم من طريق يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه إبراهيم بن سعد، عن يزيد، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الله بن الحصين، عن هرمي، به، ولفظ النسائي مثل لفظ المصنف، ولفظ أحمد وابن حبان نحوه. وأما رواية زهير بن محمد، فأخرجها الطبراني في "الأوسط" (1 / 524 رقم 981) من طريقه، عن يزيد، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرحمن بن حصين، عن هرمي، به نحوه. كذا جاء في "الأوسط" للطبراني: ((عبيد الله بن عبد الرحمن)) ، وصوابه: ((ابن عبد الله)) . وأما رواية أبي مصعب عبد السلام بن حفص، فأخرجها البخاري في "تاريخه الكبير" (8 / 256) . والنسائي في "عشرة النساء" (ص120 رقم 99) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = والطبراني في "الكبير" (4 / 104 رقم 3741) . ثلاثتهم من طريق عبد الملك بن عمرو أبي عامر العَقَدي، عن أبي مصعب المدني، عن يزيد، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الله بن الحصين، عن هرمي به، ولفظ النسائي نحوه، واقتصر الطبراني على قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((لَا تأتوا النساء في أعجازهن)) . وأما البخاري فلم يذكر متنه اكتفاء بذكره له من طريق عبد الملك بن عمرو بن قيس الآتي. وأما رواية ابن أبي حازم، فأخرجها الطبراني في الموضع السابق برقم (3742) ، من طريقه، عن يزيد، عن عبد الله بن الحصين، عن هرمي، به نحوه. كذا جاء في "المعجم الكبير": ((عبد الله)) ، قال البخاري في ترجمة عبيد الله هذا في "تاريخه الكبير" (5 / 388) : ((وقال بعضهم: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن حصين، ولا يصح)) . وأما مخالفة سفيان بن عيينة لهؤلاء فهي خطأ وسيأتي الكلام عنها في الحديث الآتي برقم [369] . وأما الليث بن سعد، فاختلف عليه كما سبق. فأخرجه النسائي في "عشرة النساء" (ص119 رقم 97) فقال: أخبرنا قتيبة بن سعيد، قال: نا الليث، عن ابن الهاد، عن هرمي ... ، به نحوه هكذا ليس فيه ذكر لعبيد اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الحصين. وكذا أخرجه ابن عساكر في "تاريخه" (5 / 7 - مخطوط الظاهرية) ، من طريق زكريا بن يحيى، عن قتيبة. وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3 / 44) من طريق سعيد بن كثير بن عفير، قال: حدثني الليث، قال: حدثني عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن الحصين [في الأصل: الحسين] ، عن هرمي [في الأصل: حرمي] بن عبد الله الوائلي، عن خزيمة بن ثابت، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - قال: ((لَا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَدْبَارِهِنَّ)) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = هكذا رواه سعيد بن كثير بن عفير، عن الليث مصرحًا فيه بالسماع من عبيد الله، ولم يذكر يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الهاد. وهاتان الروايتان أيضًا عن الليث خطأ، والصواب ما تفق عليه الدَّرَاوَرْدي وإبراهيم بن سعد وزهير بن محمد وأبو مصعب عبد السلام بن حفص وابن أبي حازم، فروايتهم أرجح من رواية سفيان بن عيينة والليث بن سعد؛ لكثرة عددهم، حيث رووه عن يزيد، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الله بن الحصين، عن هرمي، عن خزيمة. وهذا بالنسبة لرواية يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عبد الله بن الحصين عن هرمي، وهي خطأ، والصواب ما رواه الوليد بن كثير ومحمد بن إسحاق بزيادة عبد الملك بن عمرو بن قيس في إسناده كما سيأتي. وأما رواية عبد الله بن علي بن السائب، فإنه قد اختلف عليه فيها أيضًا. فرواه عمر مولى غفرة، عنه، عن عبيد الله بن حُصَيْنٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هرمي، عن خزيمة، به نحوه. أخرجه البخاري في "تاريخه الكبير" (8 / 257) . والطبراني في "الكبير" (4 / 103 رقم 3736) . كلاهما من طريق عبد الله بن صالح كاتب الليث بن سعد، عن الليث، عن عمر، به. وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3 / 43) من طريق يحيى بن عبد الله بن بكير، عن الليث، به نحو سابقه، إلا أنه قال: ((عبد الله بن الحصين)) . وأخرجه الطبراني في الموضع السابق برقم (3737) . وابن عساكر في "تاريخه" (8 / 90) . كلاهما من طريق محمد بن شعيب بن شابور، عن عمر مولى غفرة، عن عبد الله بن علي بن السائب، عن عبد الله بن حصين بن محصن، عن عبد الله بن هرمي، به مثل لفظ المصنف. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وتقدم في ترجمة عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن الحصين أنه يقال له: ((عبد الله)) أيضًا. وفي إسناد ابن عساكر خطأ نبّه عليه هو عقب الحديث. وأما هرمي بن عبد الله فقد قلب اسمه في رواية عمر هذه، ولذا قال البخاري عقب روايته للحديث: ((ولا يصح عبد الله)) ، يعني: عبد الله بن هرمي، وقد وافق عمر في ذلك حجّاج بن أرطأة كما سيأتي. وخالف عُمَرَ كُلُّ من سعيد بن أبي هلال، ومحمد بن علي بن شافع عمّ الإمام الشافعي، عن عبد الله بن علي بن السائب، واختلف على سعيد أيضًا. فأخرجه النسائي في "عشرة النساء" (ص123 رقم 103) . وابن حبان في "صحيحه" (6 / 201 رقم 4188 - الإحسان بتحقيق الحوت-) . والرَّامَهُرْمُزي في "المحدِّث الفاصل" (ص477 رقم 578) . والطبراني في "الكبير" (4 / 103 رقم 3738) . والبيهقي في الموضع السابق من "سننه" (7 / 196) . جميعهم من طريق عبد الله بن وهب، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ سعيد بن أبي هلال حدثه أن عبد الله بن علي بن السائب أحد بني المطلب حدثه، أن حصين بن محصين الخطمي حدثه، أن همري بن عمرو الخطمي حدثه، أن خزيمة بن ثابت حدثه ... ، فذكره بمثل لفظ المصنف هكذا بتسمية شيخ عبد الله بن عليّ، ((حصين بن محصن)) ، وتسمية والد هرمي: ((عمرو)) ، وهذا عند النسائي، والرامهرمزي، والطبراني، وأما ابن حبان فقال: ((هرمي)) ، ولم ينسبه وأما البيهقي فقال: ((هرمي الخطمي)) ، ولم يذكر اسم أبيه. ووقع - خطأ - في المطبوع من "المحدث الفاصل": ((هارون)) بدل: ((هرمي)) وحُصين بن مِحْصَن الأنصاري المدني قال في "التهذيب" (2 / 389 رقم 677) : ((كأنه أخو عبيد الله بن محصن الخَطْمي ... ، ذكره ابن حبان في "الثقات" في التابعين، وقال ابن السكن: يقال: له صحبة، غير أن روايته عن عمته، وليست =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = له رواية عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، وذكره أبو موسى المديني في "ذيل الصحابة" وحكى عن عبدان وابن شاهين أنهما ذكراه في الصحابة)) . اهـ. وقد روي الحديث من وجهين آخرين عن سعيد بن أبي هلال، ليس فيه ذكر لحصين، وإنما هو من رواية عبد الله بن علي، عن هرمي. فأخرج الحديث الإمام أحمد في "المسند" (5 / 214) . والنسائي في "عشرة النساء" (ص123 رقم 104) . والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3 / 44) . والطبراني في "الكبير" (4 / 103 - 104 رقم 3739) . جميعهم من طريق أبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ، عن حيوة بن شريح وابن لهيعة، كلاهما عن حسان مولى محمد بن سهل، عن سعيد بن أبي هلال، عن عبد الله بن علي بن السائب، عن هرمي بن عمرو الخطي، عن خزيمة ... ، به مثل لفظ المصنف. ولم يفصح النسائي في روايته باسم ابن لهيعة، وإنما قال: ((وذكر آخر)) . ووقع في إسناد الطبراني: ((هرمي بن عبد الله)) ، وأما إسناد الطحاوي ففيه تصحيف لعله من الطباعة، وبعضه يصحح من إخراجه للحديث أيضًا من رواية أبي زرعة عن حيوة، ومن رواية أبي الأسود، عن ابن لهيعة، كلاهما عن حسان، به مثله. وأخرجه النسائي في الموضع السابق (ص123 - 124 رقم 105) من طريق خالد بن يزيد المصري، عن سعيد بن أبي هلال، عن عبد الله بن علي، عَنْ هَرَمِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عن خزيمة، به مثله. وعلّقه البخاري في "تاريخه" (8 / 257) فقال: ((وقال سعيد بن أبي هلال: عن عبد الله بن علي، عن هرمي بن عمرو الأنصاري، عن خزيمة، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - مثله)) . اهـ. وأما رواية محمد بن علي بن شافع للحديث، عن عبد الله بن علي بن السائب، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = فقال الإمام الشافعي في كتاب "الأم" (5 / 156) ، وفي "مسنده" (2 / 29 رقم 90 / ترتيب) : أخبرنا عمي محمد بن علي بن شافع، قال: أخبرني عبد الله بن علي بن السائب، عن عمرو بن أُحَيْحة بن الجُلاَح، أو: عمرو بن فلان بن أُحَيْحة بن الجُلاَح - أنا شككت (القائل الشافعي) -، عَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّ رجلاً سأل النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن إتيان النساء في أدبارهن، أو: إتيان الرجل امرأته في دبرها، فقال النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((إيْ، حلال)) ، فلما ولّى الرجل دعاه، أو: أمر به فدُعي، فقال: كيف قلت؟ في أي الخَرْبَتَيْن، أو: في أي الخَرْزَتَيْن، أو: في أي الخَصْفَتَيْن؟ أمن دبرها في قبلها فنعم، أمّ من دبرها في دبرها فلا، فإن اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ، لَا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَدْبَارِهِنَّ)) . قال الشافعي عقبه: ((عمي ثقة، وعبد الله بن علي ثقة، وقد أخبرني محمد عن الأنصاري المحدث بها أنه أثنى عليه خيرًا، وخزيمة ممن لا يشك عالم في ثقته، فلست أرخص فيه، بل أنهى عنه)) . اهـ. وقوله: ((في أي الخَرْبَتَيْن، أو في أي الخَرْزَتَيْن، أو: في أي الخَصْفَتَيْن؟)) يعني: في أي: الثُّقْبَيْن، والثلاثة بمعنى واحد. اهـ. من "النهاية في غريب الحديث" (2 / 18) . ومن طريق الشافعي أخرجه البيهقي في الموضع السابق من "سننه" (7 / 196) . والبغوي في "تفسيره" (1 / 199) . والخطيب في "تاريخه" (3 / 197) . ومن طريق الخطيب أخرجه ابن السبكي في "طبقات الشافعية" (2 / 73 - 74) . وأخرجه النسائي في "عشرة النساء" (ص124 - 125 رقم 107) . والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3 / 43 - 44) . والطبراني في "الكبير" (4 / 105 رقم 3744) . والبيهقي في الموضع السابق. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = جميعهم من طريق إبراهيم بن محمد الشافعي، عن جده محمد بن علي قال: كنت عند محمد بن كعب القرظي، فجاءه رجل فقال: يا أبا عمرو، ما تقول في إتيان المرأة في دبرها، فقال: هذا شيخ من قريش، فَسَلْهُ - يعني عبد الله بن علي بن السائب - قال: وكان عبد الله لم يسمع في ذلك شيئًا، قال: اللهم قذرًا ولو كان حلالاً، ثم إن عبد الله بن علي لقي عمرو بن أُحَيْحَة بن الجُلاَح، فقال: هل سمعت في إتيان المرأة في دبرها شيئًا؟ فقال: أشهد لسمعت خزيمة بن ثابت الأنصاري الذي جعل رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - شهادته بشهادة رجلين يقول: جاء رجل إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - ... ، وذكر باقي الحديث بنحو سياق الشافعي. هذا لفظ البيهقي، ونحوه لفظ الطحاوي، وأما النسائي والطبراني فاختصراه. ثم أخرجه النسائي أيضًا برقم (106 و 108) من طريق الحسن بن محمد بن أَعْيَن ويونس بن محمد، كلاهما عن محمد بن علي الشافعي، به مختصرًا. وعمرو بن أُحَيحة - بمهملتين، مصغّر -، ابن الجُلاَح - بضم الجيم وتخفيف اللام -، الأنصاري، المدني مقبول، ووهم من زعم أن له صحبة، قال أبو عمر ابن عبد البر: ((ذكره ابن أبي حاتم فيمن روى عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - وروى أيضًا عن خزيمة بن ثابت، وروى عنه عبد الله بن علي بن السائب. قال أبو عمر: هذا لا أدري ما هو؛ لأن أُحيحة بن الجلاح تزوّج سلمى بنت زيد من بني عدي بن النجار والدة عبد المطلب بعد موت هاشم، فولدت له عمرًا، هو أخو عبد المطلب لأمه. هذا قول أهل النسب والأخبار، وإليهم المرجع في ذلك، ومن المحال أن يروي عن خزيمة بن ثابت من كان في هذا السن، وعساه أن يكون حفيدًا لعمرو بن أحيحة سُمِّي باسمه)) . اهـ. من "التقريب" (ص418 رقم 4987) ، و "الإصابة" (4 / 598) ، وانظر "الجرح والتعديل" (6 / 220 رقم 1218) ، و "التهذيب" (8 / 3 رقم 3) و "الإصابة" أيضًا (1 / 35) . وقد وافق ابن حجر ابن عبد البر في "التقريب"، فقال: ((وهم من زعم أن له صحبة، فكأن الصحابي جدّ جدّه، ووافق هو اسمه واسم أبيه)) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وخالفه في بعض ذلك في "الإصابة"، فقال بعد أن ذكر كلام ابن عبد البر السابق: ((قلت: ويحتمل ألا يكون بينه وبين أُحَيْحة بن الجُلاَح الذي تزوّج سلمى نسب؛ بل وافق اسمُه واسمُ أبيه اسمَه، واشتركا في التسمية بعمرو، وليت شعري، ما المانع من ذلك مع كثرة ما وقع منه؟)) . اهـ.، وذكر نحو ذلك في "التهذيب". وقال في "التلخيص الحبير" (3 / 204 - 205) : ((في هذا الإسناد عمرو بن أحيحة وهو مجهول الحال، واختلف في إسناده اختلافًا كثيرًا، وقد أطنب النسائي في تخريج طرقه وذكر الاختلاف فيه، وهو من رواية عبد الله بن علي بن السائب، يرويه عنه محمد بن علي بن شافع، ورواه عن محمد بن علي: الشافعي الإمام، وابن عمه إبراهيم بن محمد بن العباس. وقد روى الدارقطني في فوائد أبي الطّاهر الذُّهْلَي من طريق إبراهيم بن محمد هذا، عن محمد بن علي قال: جاء رجل إلى محمد بن كعب فسأله عن هذه المسألة فقال: هذا شيخ قريش فاسأله - يعني عبد الله بن علي بن السائب - فسأله، فقال عبد الله: اللهم قذرًا ولو كان حلالاً. انتهى. وقد اختلف فيه على عبد الله بن علي بن السائب، فرواه النسائي من طريق ابن وهب، عن سعيد بن أبي هلال، عن عبد الله بن علي بن السائب عن حصين بن محصن: عَنْ هَرَمِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عن خزيمة بن ثابت، ومن طريق هرمي أخرجه أحمد والنسائي وابن حبان، وهرمي لا يعرف حاله أيضًا. وقد قال الشافعي: غلط ابن عيينة في إسناد حديث خزيمة، يعني: حيث رواه. وقال البزار: لا أعلم في الباب حديثًا صحيحًا، لا في الحظر ولا في الإطلاق، وكل ما روي فيه عن خزيمة بن ثابت من طريق فيه فغير صحيح. انتهى. وكذا روى الحاكم عن الحافظ أبي علي النيسابوري، ومثله عن النسائي، وقاله قبلهما البخاري)) . اهـ. كلام ابن حجر، وما نقله عن البزار وأبي علي النيسابوري والنسائي والبخاري مجازفة بهذا الإطلاق، وقريبًا تقدم حديث جابر بن عبد الله برقم [366] ، وفيه الإذن بإتيان =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = المرأة مقبلة ومدبرة إذا كان ذلك في المأتى موضع الحرث، وهو حديث صحيح كما سبق بيانه، إلا أن كان قصدهم حديث خزيمة فقط، فنعم، لكن عبارة البزار تفيد الإطلاق، والله أعلم. ورواية عبد الله بن علي بن السائب هذه مع ما فيها من الاختلاف والاضطراب، فهي أيضًا مخالفة للرواية الأرجح؛ وهي رواية الوليد بن كثير ومحمد بن إسحاق بن يسار للحديث عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الله بن الحصين، بزيادة عبد الملك بن عمرو بن قيس في إسناده. فقد أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 253) . ومن طريقه وطريق آخر أخرجه الطبراني في "الكبير" (4 / 104 رقم 3740) . وأخرجه الدارمي في "سننه" (2 / 69 رقم 2219) . والبخاري في "التاريخ الكبير" (8 / 256) . وبَحْشَل في "تاريخ واسط" (ص252) . والنسائي في "عشرة النساء" (ص120 - 121 رقم 100) . والبيهقي في الموضع السابق من "سننه" (7 / 196) . جميعهم من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، عن الوليد بن كثير، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الله بن الحصين، عن عبد الملك بن عمرو بن قيس الخطمي، عَنْ هَرَمِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ؛ عن خزيمة بن ثابت، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، به، ولفظ ابن أبي شيبة مثله، وكذا لفظ الباقين إلا أنهم قالوا: ((أعجازهن)) بدلاً من: ((أدبارهن)) . والوليد بن كثير المخزومي مولاهم، أبو محمد المدني، ثم الكوفي، روى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الله بن الحصين وسعيد بن أبي هند وسعيد المقبري والزهري ونافع مولى ابن عمر وغيرهم، روى عنه عيسى بن يونس وسفيان بن عيينة وأبو أسامة حماد بن أسامة وغيرهم، وهو ثقة، روى له الجماعة، وقال عيسى بن يونس: ((حدثنا الوليد بن كثير وكان ثقة)) ، وفي رواية: ((حدثنا الوليد بن كثير وكان متقنًا في الحديث)) ، وقال إبراهيم بن سعد: ((كان ثقة متبعًا للمغازي حريصًا =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = على علمها)) ، وقال ابن عيينة: ((كان صدوقًا)) ، ووثقه ابن معين وأبو داود، وزاد: ((إلا أنه إباضي)) ، وذكره ابن حبان وابن شاهين في ثقاتيهما، وقال الساجي: ((صدوق ثبت يحتج به)) ، وفي رواية: ((كان إباضيًا، ولكنه كان صدوقًا)) ، وكانت وفاته سنة إحدى وخمسين ومائة. اهـ. من "تاريخ أسماء الثقات" لابن شاهين (ص245 رقم 1497) ، و "التهذيب" (11 / 148 رقم 250) ، وانظر ترجمة عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن الحصين السابقة. وقد شذّ ابن سعد فقال: ((كان له علم بالسيرة والمغازي، وله أحاديث، وليس بذاك)) . اهـ. ولم يبين سبب جرحه له، ولعله قصد ما رمي به الوليد من رأي الخوارج. وقد اختار القول بتوثيقه الذهبي، فقال في "الكاشف" (3 / 241 رقم 6192) : ((ثقة)) ، وقال في "الميزان" (4 / 345 رقم 9397) : ((ثقة صدوق، حديثه في الصحاح)) ، وذكره في "سير أعلام النبلاء" (7 / 63) ووصفه بالحافظ، ثم قال: ((كان أخباريًا علامة ثقة بصيرًا بالمغازي)) . اهـ. وتابع الوليد على روايته على هذا الوجه محمد بن إسحاق بن يسار، وتقدم في الحديث [58] أنه صدوق يدلس، لكنه صرح بالسماع هنا. فقد أخرج الحديث الدارمي في "سننه" (1 / 208 رقم 1148) . والبخاري في "تاريخه" (8 / 256) . والنسائي في "عشرة النساء" (ص121 رقم 101) . أما الدارمي فمن طريق يزيد بن زريع، وأما البخاري فمن طريق عبد الأعلى، وأما النسائي فمن طريق محمد بن سلمة، ثلاثتهم عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن حصين، الأنصاري، حدثني عبد الملك بن عمرو بن قيس رجل من قومي وكان من أسناني، قال: حدثني هرمي بن عبد الله، قال: تذاكرنا شأن النساء في مجلس بني وَاقِف وما يُؤتى منهن، فقال =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = خزيمة بن ثابت: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - يقول: ((أيها الناس، إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ، لَا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أعجازهن)) . وعبد الملك بن عمرو بن قيس الخَطْمي الأنصاري، المدني مجهول، تفرد بالرواية عنه عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن الحصين، وذكره البخاري في "تاريخه" (5 / 425 رقم 1380) ، وسكت عنه، وبيض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (5 / 395 رقم 1697) ، وذكره ابن حبان "الثقات" (7 / 100) ، وذكره الذهبي في "ميزان الاعتدال" (2 / 660) ، وقال: ((تفرد عنه عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ)) ، وانظر "التهذيب" (6 / 409 رقم 860) . [ب] طريق عمرو بن شعيب، عن هرمي. أخرجه النسائي في "عشرة النساء" (ص121 - 122 رقم 102) من طريق علي بن الحكم، عن عمرو بن شعيب، عَنْ هَرَمِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى أن تؤتى المرأة من قبل دبرها. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (4 / 102 رقم 3733) من طريق ابن لهيعة، عن عمرو بن شعيب، عَنْ هَرَمِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عن خزيمة بن ثابت قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -: ((استحيوا، إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ، لَا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أدبارهن)) . وأخرجه البيهقي في الموضع السابق من "سننه" (7 / 197 - 198) من طريق المثنى بن الصباح، عن عمرو بن شعيب ... ، به نحو سابقه. ورواه حجّاج بن أَرْطَأَةْ، فقلب اسم هرمي بن عبد الله، فقال: ((عبد الله بن هرمي)) . أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (5 / 213) . وابن ماجه في "سننه" (1 / 619 رقم 1924) في النكاح، باب النهي عن إتيان النساء في أدبارهن. والهيثم بن خلف الدوري في "ذم اللواط" (ص176 و 178 رقم 102 و 104) . والطبراني في "الكبير" (4 / 102 و 103 رقم 3734 و 3735) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = والبيهقي في الموضع السابق (7 / 197) . جميعهم من طريق حجاج بن أرطأة، عن عمرو بن شعيب، عن عبد الله بن هرمي، عن خزيمة، به مثل لفظ المصنف، إلا أن الإمام أحمد والطبراني في إحدى روايتيه والبيهقي قالوا في روايتهم: ((أعجازهن)) بدلاً من: ((أدبارهن)) . وقد أخطأ حجاج بن أرطأة في قوله: ((عبد الله بن هرمي)) ، ولذا قال البخاري في "تاريخه" (8 / 257) : ((ولا يصح عبد الله)) ، وانظر ترجمة هرمي في التعليق رقم (5) على هذا الحديث. [جـ]- طريق حميد بن قيس الأعرج، عن هرمي. أخرجه البخاري في "تاريخه الكبير" (8 / 257) . والبيهقي في الموضع السابق. كلاهما من طريق وُهيب بن خالد، عن حميد بن قيس، عن هرمي، به نحو لفظ المصنف، إلا أن البخاري لم يذكر لفظه اكتفاء بلفظ محمد بن إسحاق السابق. وأخرجه البخاري في الموضع نفسه من طريق ابن أبي عدي وإبراهيم بن حبيب بن الشهيد، كلاهما عن حبيب بن الشهيد، عن حميد، به. 2- طريق رجل مبهم، عَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - نهى أن يأتي الرجل امرأته في دبرها. أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (5 / 213) . والنسائي في "عشرة النساء" (ص125 رقم 109) . كلاهما من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان الثوري، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ الأعرج، عن رجل، عن خزيمة، به، واللفظ للإمام أحمد، وأما النسائي فلفظه: ((إتيان النساء في أدبارهن حرام)) . وأخرجه الحاكم في "معرفة علوم الحديث" (ص160) من طريق محمد بن غالب، قال: حدثنا سفيان، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ الليثي، عن رجل، عَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ((لَا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَدْبَارِهِنَّ، إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الحق)) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = لكن من الواضح أن في إسناد الحاكم سقطًا بين محمد بن غالب وسفيان، فإن بين وفاة سفيان الثوري وولادة محمد بن غالب نحوًا من اثنتين وثلاثين سنة، فكيف يمكن أن يقول: حدثنا سفيان؟! انظر: "سير أعلام النبلاء" (7 / 279) و (13 / 391) ، ويوضح السقط كلام الحاكم الآتي: قال الحاكم بعد أن رواه: ((هكذا رواه عبد الرحمن بن مهدي، عن الثوري، ولم يسمِّ الرجل، وقال: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ الأعرج، فأما عبد الله بن شداد فإنا لا نعلم أحدًا روى عنه غير سفيان الثوري، وقد تفرد الثوري بالرواية من بضعة عشر شيخًا)) . قلت: أما عبد الله بن شداد المدني، أبو الحسن الأعرج، فإنه صدوق حسن الحديث، كان من تجار واسط، وقد روى عنه أيضًا حماد بن سلمة، قال ابن معين: ((شيخ واسطي ليس به بأس)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وذكره ابن خلفون في "الثقات" أيضًا ونقل عن أحمد بن صالح العجلي أنه قال: ((هو ثقة)) ، وقال ابن القطان: ((مجهول الحال)) . اهـ. من "تهذيب الكمال" للمزي وحاشيته (15 / 85 - 86 رقم 3331) ، و "تهذيب التهذيب" (5 / 253 رقم 442) ، و "التقريب" (ص307 رقم 3383) . وسفيان الثوري وعبد الرحمن بن مهدي إمامان ثبتان ثقتان حافظان، تقدمت ترجمتهما. وعليه فالحديث ضعيف لإبهام الراوي عن خزيمة، وقد يكون هرمي بن عبد الله، وقد يكون عمرو بن أحيحة، وقد يكون غيرهما. وخلاصة ما سبق أن حديث خزيمة ضعيف لما فيه من الاضطراب والاختلاف، ولأن الراوي له عن خزيمة مجهول الحال، سواء كان هرمي بن عبد الله أو عمرو بن أحيحة، ولو سلم الحديث من الاضطراب لما سلم من علة جهالة حال الراوي عن خزيمة. وأما الطريق الثانية هذه فلا يعتضد الحديث بها لاحتمال أن يكون الراوي المبهم =

369- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، قَالَ: نَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ (1) ، عَنْ عِمَارة بْنِ خُزَيْمة (2) ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ، لَا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أدبارهن)) .

_ = هرمي بن عبد الله أو عمرو بن أُحَيْحَةَ. وأما ما تضمنه متن الحديث من النهي عن إتيان النساء في أدبارهن، فإنه صحيح يشهد له حديث جابر المتقدم برقم [366 و 367] وفي بعض طرقه النهي عن إتيان النساء في غير موضع الحرث، وانظر الحديث الآتي. (1) هو: ابن الهَاد. (2) هو عمارة بن خزيمة بن ثابت الأنصاري الَأَوْسي، أبو عبيد الله أو أبو محمد المدني، روى عن أبيه، وعن عثمان بن حنيف وعمرو بن العاص وسبرة بن الفاكه وغيرهم، روى عنه ابنه محمد والزهري ويزيد بن عبد الله بن الهاد وغيرهم، وهو ثقة، وثقه النسائي، وقال ابن سعد: ((كان ثقة قليل الحديث)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وكانت وفاته سنة خمس ومائة وهو ابن خمس وسبعين سنة. انظر: "طبقات ابن سعد" (5 / 71) ، و "التهذيب" (7 / 416 رقم 674) ، و "التقريب" (ص409 رقم 4844) . [369] سنده ظاهره الصحة، لكنه معلول؛ أخطأ فيه سفيان بن عيينة، وصوابه: ((يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنْ هَرَمِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاقِفِيِّ، عن خزيمة بن ثابت)) كما سبق بيانه في الحديث السابق. قال الشافعي: ((غلط سفيان في إسناد هذا الحديث: حديث ابن الهاد)) . أخرجه ابن أبي حاتم في "آداب الشافعي ومناقبه" (ص215) ، والبيهقي في "مناقب الشافعي" (2 / 10) ، وفي "السنن" (7 / 197) كلاهما من طريق محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، عن الشافعي، به. وقال البخاري في "تاريخه الكبير" (8 / 256) : ((وقال ابن عيينة، عن ابن الهاد، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = عَنْ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ، عَنْ أبيه، وهو وهم)) . ونقل ابن أبي حاتم في الموضع السابق (ص216) عن أبيه أنه قال: ((الصحيح: ابن الْهَادِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عبد الله بن الحصين، عَنْ هَرَمِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عن خزيمة، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -)) . وفي "العلل" له (1 / 403 رقم 1206) نقل عن أبيه أنه قال: ((هذا خطأ، أخطأ فيه ابن عيينة، إنما هو ابن الهاد، عن علي بن عبد الله بن السائب، عن عبيد اللَّهِ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنْ هَرَمِيِّ، عن خزيمة، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -)) . اهـ. وفي المطبوع من "العلل" تصحيف صوبته من مخطوط "العلل" (ل 119 / أ) . وهذا الذي نقله ابن أبي حاتم، عن أبيه في "العلل" خطأ أيضًا، والصواب ما نقله عنه في "آداب الشافعي"، وانظر تفصيل طرق الحديث في الحديث السابق. وقال البيهقي في "سننه" (7 / 197) : ((رواه ابن عيينة، عن ابن الهاد، فأخطأ في إسناده)) ، ثم نقل قول الشافعي السابق، ثم قال: ((مدار هذا الحديث على هرمي بن عبد الله، وليس لعمارة بن خزيمة فيه أصل، إلا من حديث ابن عيينة، وأهل العلم بالحديث يرونه خطأ، والله أعلم)) . والحديث أخرجه الحميدي في "مسنده" (1 / 207 رقم 436) . ومن طريقه البيهقي في الموضع السابق من "سننه". وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (5 / 213) . والنسائي في "عشرة النساء" (ص119 رقم 96) . ومن طريقه ابن حزم في "المحلى" (11 / 289) . وأخرجه ابن الجارود في "المنتقى" (3 / 50 - 51 رقم 728) . والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3 / 43) . وابن أبي حاتم في "آداب الشافعي ومناقبه" (ص215 - 216) . والطبراني في "الكبير" (4 / 97 رقم 3716) . جميعهم من طريق سفيان بن عيينة، به مثله سواء. =

370- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (1) ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الشَّقَري (2) ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو القَعْقَاع (3) ، قَالَ: شَهِدْتُ الْقَادِسِيَّةَ (4) وَأَنَا غُلَامٌ - أَوْ يَافِعٌ (5) -، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ: آتِي امْرَأَتِي كَيْفَ شِئْتُ؟ قَالَ: ((نَعَمْ)) . قَالَ: وحيثُ شئتُ؟ قَالَ: ((نَعَمْ)) . قَالَ: وأَنَّى شئتُ؟ قَالَ: ((نَعَمْ)) . قَالَ: فَفَطِنَ لَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: إِنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَأتِيَها فِي مَقْعَدَتِها، فَقَالَ: ((لَا، مَحَاشُّ (6) النساء عليكم حرام)) .

_ = وقد أخطأ ابن حزم في "المحلى"، فزعم أن سفيان هو الثوري، وأن الخبر صحيح والحق أنه سفيان بن عيينة، وأن الخبر معلول بما سبق، وليس صحيحًا من هذا الطريق، وأما متن الحديث فمعناه صحيح يشهد له حديث جابر المتقدم برقم [336 و 367] ، وفي بعض طرقه النهي عن إتيان النساء في غير موضع الحرث، والله أعلم. (1) هو ابن عُلَيَّة. (2) هو سلمة بن تمّام، أبو عبد الله الشَّقَري - بفتح المعجمة والقاف -، الكوفي، روى عن الحكم بن عُتَيبة والشعبي وغيرهما، روى عنه جرير بن حازم وحماد بن زيد وابن عليّة وغيرهم، وهو صدوق من الطبقة الرابعة، فقد وثقه ابن معين والعجلي وابن نمير، وقال أبو حاتم: ((ثقة صدوق لا بأس به)) ، وقال الإمام أحمد: ((ليس هو بقوي في الحديث)) ، وقال النسائي: ((ليس بالقوي)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (4 / 157 - 158 رقم 693) ، و "التهذيب" (4 / 142 رقم 243) ، و "التقريب" (ص247 رقم 2486) . (3) هو أبو القعقاع الجَرْمي، قيل اسمه: عبد الله، وقيل: عبد الرحمن بن خالد الجَرْمي، مجهول الحال، روى عن ابن مسعود وعلي - رضي الله عنهما -، وروى عنه أبو عبد الله الشقري، والمنهال بن خليفة وغيرهما. انظر "المقتنى" للذهبي (2 / 25 رقم 5148) ، وما سيأتي. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وقد اختلفت أقوال العلماء في اسم أبي القعقاع هذا. فذهب البخاري إلى أنهما اثنان فذكره في "التاريخ الكبير" (5 / 77 رقم 205) ، فقال: ((عبد الله بن خالد أبو القعقاع الجَرْمي، نسبه ابن أبي شيبة، منقطع)) ؛ يشير إلى أنه روى شيئًا منقطعًا، وتبعه على هذا مسلم في "الكنى" (2 / 701 رقم 2822) ، فنقل عبارته هذه كما هي ولم يزد عليها. ثم ذكره البخاري في "الكنى" (ص64 رقم 581) بكنيته فقط، ولم يسمه أو ينسبه، وذكر حديثه هذا مختصرًا. وتابع البخاري على التفريق بينهما ابن حجر في "تعجيل المنفعة" (ص337 رقم 1377) ، فقال: ((ذكر ابن خلفون في "الثقات" أن اسمه عبد الله بن خالد، وهو وهم، ذلك آخر سمّاه البخاري وقال: روى شيئًا منقطعًا، وفي "تاريخ ابن معين" رواية عباس الدُّوري أن اسمه: عبد الرحمن بن خالد، وفرّق البخاري وأبو أحمد تبعًا للبخاري بينه وبين الراوي عن ابن مسعود، فلم يذكر للراوي عن ابن مسعود اسمًا)) . اهـ. وما ذكره الحافظ ابن حجر من أن أبا أحمد الحاكم تابع البخاري على التفريق بينهما وهم لعله ناشىء من أنه رأى أبا أحمد ساق كلام البخاري فظنه مقرًا له ومتابعًا ولم ينظر في بقية كلامه، وقد يكون في نسخته من "الكنى" لأبي أحمد الحاكم سقط؛ وإنما ذكرت هذا لأن ابن عبد البر ساق كلام أبي أحمد الحاكم ولم يتعقبه بشيء، فقال في "الاستغناء" (3 / 1525 - 1526) : ((ذكر أبو أحمد الحاكم قال: ذكر البخاري أبا القعقاع في موضعين في "التاريخ الكبير"، فسماه مرة، وكنّاه ونسبه إلى أبيه وقبيلته، ولم يبين عمن روى، ولا من روى عنه، وأخرجه في الكنى المجرّدة، فذكر كنيته، ولم يذكر اسمه ولا قبيلته، فدلّ على أنه عنده غير الأول، وما أراه إلا رجلاً واحدًا والله أعلم)) . اهـ. فكلام أبي أحمد هنا مخالف لما ذهب إليه البخاري. وقد ذكر ابن سعد أبا القعقاع هذا في "الطبقات" (6 / 180) ، فقال: ((أبو القعقاع الجَرْمي، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = من قضاعة، روى عن علي وعبد الله)) ، ولم يسمِّه. وذهب ابن أبي حاتم وابن حبان إلى أن اسمه: عبد الله بن خالد، لكن ابن حبان لم يذكر له رواية عن أحد من الصحابة، بل أودعه في أتباع التابعين، ولم يذكر فيه ابن أبي حاتم جرحًا ولا تعديلاً وإنما بيّض له. انظر: "الجرح والتعديل" (5 / 43 - 44 رقم 200) ، و "الثقات" لابن حبان (7 / 29) . وأما ابن معين وأبو داود السجستاني فذهبا إلى أن اسمه: عبد الرحمن بن خالد، ودلّل أبو داود على ذلك بقوله: ((سألت مسلم بن أبي مسلم الجَرْمي عن اسم أبي القعقاع الجَرْمي - وهو جَدُّه -، فقال: عبد الرحمن بن خالد)) . انظر: "تاريخ ابن معين" (2 / 346 رقم 2592) ، و "الكنى والأسماء" للدولابي (2 / 85) . والذي يترجح من خلال ما سبق أن اسمه: عبد الله أو عبد الرحمن، وأنهما رجل واحد، وأنه مجهول الحال، فقد سكت عنه البخاري، وبيض له ابن أبي حاتم، وذكره ابن حبان وابن خلفون في "الثقات"، وقال الذهبي: ((لا يعرف)) ، وروى عنه أكثر من اثنين كما في المراجع السابقة. (4) القادسية: موضع بينه وبين الكوفة خمسة عشر فرسخًا، وفيه كان يوم القادسية بين المسلمين والفرس أيام عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عنه - سنة أربع عشرة للهجرة، وكان على المسلمين يومئذ سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -، وقد نصر الله المسلمين في هذه الوقعة نصرًا مؤزرًا، ولم تقم بعدها للفرس قائمة. انظر: "معجم البلدان" (4 / 291) ، و "البداية" لابن كثير (7 / 35 - 47) . (5) اليَافِع: هو الشَّابُّ كما في "لسان العرب" (8 / 415) . (6) المَحَشُّ: مُجْتَمَعُ العَذِرة، والمَحَشَّةُ: الدُّبُر، قال الأزهري في حديث ابن مسعود هذا: كَنَّى عن الأدبار بالمحاشّ كما يُكْنَى بالحشوش عن مواضع الغائط. اهـ. من "لسان العرب" (6 / 286) ، وانظر: "غريب الحديث" للخطابي (2 / 251) . [370] سنده ضعيف لجهالة حال أبي القعقاع الجرمي. وأخرجه البيهقي في "سننه" (7 / 199) في النكاح، باب: إتيان النساء في =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = أدبارهن، من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه وقع عنده: ((قال: نعم، ففطن له الرجل)) . وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 252) . وابن سعد في "الطبقات" (6 / 180) . والهيثم بن خلف في "ذم اللواط" (ص178 رقم 105) . ثلاثتهم من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن علية، عن أبي عبد الله بن الشقري، عن أبي القعقاع الجرمي، عن ابن مسعود أنه قال: ((محاش النساء عليكم حرام)) . هذا لفظ ابن أبي شيبة والهيثم. وأما ابن سعد فاقتصر على قول أبي القعقاع: شهدت القادسية وأنا غلام يافع. وأخرجه الدارمي في "سننه" (1 / 270 رقم 1142) من طريق أبي هلال محمد بن سليم الراسبي، عن أبي عبد الله الشقري، به نحو لفظ المصنف، إلا أنه لم يذكر قول أبي القعقاع: ((شَهِدْتُ الْقَادِسِيَّةَ وَأَنَا غُلَامٌ أَوْ يافع)) ، وزاد في آخره: سئل عبد الله: تقول به؟ قال: نعم. وأخرجه الهيثم أيضًا (ص177 رقم 103) . والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3 / 46) . والخطابي في "غريب الحديث" (2 / 250 - 251) . ثلاثتهم من طريق حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ، عَنْ أَبِي القعقاع الجرمي قال: سمعت ابن مسعود يقول: ((محاش النساء عليكم حرام)) . وأخرجه الدولابي في "الكنى" (2 / 85) ، فقال: أخبرني سليمان بن الأشعث أبو داود، قال: حدثنا أبو مسلم الجرمي، عن أخيه اليسير بن إبراهيم، عن جده أبي القعقاع الجرمي، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((محاش النساء عليكم حرام)) . وهذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه مخالفة لرواية أبي عبد الله الشقري سلمة بن تمام، وحجاج بن أرطأة؛ حيث روياه موقوفًا على عبد الله. ومع ذلك فأبو مسلم الجرمي وأخوه اليسير بن إبراهيم لم أجد لهما ترجمة. =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} ] 371- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، قَالَ: نا مُغيرة، عَنْ إِبْرَاهِيمَ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ} -، قَالَ: ((هُوَ الرَّجُلُ يَحْلِفُ أَنْ لَا يَصِلَ رَحِمَهُ، وَلَا يبرَّ قَرَابَتَهُ، وَلَا يُصْلِحَ بَيْنَ اثْنَيْنِ، فَلَا تَمْنَعُهُ يَمِينُهُ مِنْ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ، ويُكَفِّر عَنْ يَمِينِهِ)) .

_ = واسم أبي مسلم الجرمي: مسلم بن أبي مسلم إبراهيم الجرمي كما في الموضع السابق من "الكنى" للدولابي. لكن ما تضمنّه متن الحديث من تحريم إتيان النساء في أدبارهن صحيح يشهد له حديث جابر المتقدم برقم [366 و 367] ، والله أعلم. [371] سنده صحيح، ومغيرة بن مقسم تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه كان يدلس، لا سيما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه، ولم يصرح فيه بالسماع، لكن رواية محمد بن فضيل عنه صحيحة كما سيأتي، وهو ممن روى عنه هذا الحديث. فالحديث أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 421 و 422 و 423 و 424 رقم 4359 و 4362 و 4364 و 4370) من طريق عبد الله بن المبارك ويعقوب بن إبراهيم وعمرو بن عون، ثلاثتهم عن هشيم، به نحوه، إلا أن بعضهم زاد قوله: ((يحلف أن لا يتقي الله)) ، وبعضهم نقص منه بعض ألفاظه. وأخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من المجلد الرابع من "المصنف" (ص35 رقم 242) من طريق أبي الْأَحْوَصِ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ في رجل حلف أن لا يصل رحمه، قال: يصل رحمه، ويكفر يمينه. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (4363) من طريق جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مغيرة، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن يزيد، عن إبراهيم النخعي، به هكذا بزيادة مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يزيد في إسناده. وقد وافق هشيمًا على روايته عن مغيرة، عن إبراهيم: أبو الأحوص سلاّم بن سليم كما سبق، ومحمد بن فضيل وخالد بن عبد الله الطحان كما سيأتي فروايتهم أرجح من رواية جرير. =

372- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا يُونُسُ (1) ، عَنِ الْحَسَنِ مِثْلَ ذَلِكَ. 373- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، قَالَ: نا مُغيرة، عَنِ الشَّعبي قَالَ: ((يَصِلُ رَحِمَهُ، وَيَبَرُّ قَرَابَتَهُ، وَيُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَمَرْتُهُ بِالْكَفَّارَةِ، لَأَمَرْتُهُ أَنْ لَا يتمَّ عَلَى قَوْلِهِ)) . 374- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ - فِي هَذِهِ الْآيَةِ -، قَالَ: ((هُوَ الرَّجُلُ يَحْلِفُ أَنْ لَا يَصِلَ رَحِمًا، وَلَا يَتَّقِيَ اللَّهَ، وَلَا يُصْلِحَ بين اثنين)) .

_ = أما رواية محمد بن فضيل، فأخرجها ابن جرير برقم (4369) ، من طريق شيخه هنّاد بن السَّري، عنه، عن مغيرة، عن إبراهيم - قوله: {وَلَا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ} الآية -، قال: يحلف الرجل أن لا يأمر بالمعروف، ولا ينهى عن المنكر، ولا يصل رحمه. وهذا إسناد صحيح، فرواية محمد بن فضيل عن مغيرة مأمونة الجانب من تدليس مغيرة كما تقدم في الحديث [306] . وأما رواية خالد بن عبد الله الطحان، فهي الآتية برقم [374] . (1) هو ابن عبيد. [372] سنده صحيح. وأخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 33) في الأيمان، باب من حلف على يمين فرأى خيرًا منها، من طريق قتادة، عن الحسن - في قوله: {وَلَا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ} -، قال: لا تعتلّوا بالله، لا يقول (كذا!) أحدكم: إني آليت أن لا أصل رحمًا، ولا أسعى في صلاح، ولا أتصدق من مالي، كفَّرْ عن يمينك، وائت الذي حلفت عليه. [373] سنده ضعيف، فمغيرة بن مقسم الضبِّي تقدم في الحديث [54] أنه مدلس، ولم يصرِّح بالسماع هنا. وأخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من المجلد الرابع من "المصنف" (ص35 رقم 242) ، من طريق أبي الأحوص، عن مغيرة قال: قال الشعبي: يصل رحمه، ولا يكفر يمينه، ولو أمرته أن يكفر يمينه، أمرته يتم (كذا!!) على قوله. [374] سنده صحيح؛ لأن محمد بن فضيل ممن روى هذا الحديث عن مغيرة، وروايته =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ] 375- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو (1) ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ: (لِلَّذِيْنَ يُقْسِمُونَ مِنْ نَسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) ؛ (وَإِنْ عَزَمُوا السَّرَاحَ) (2)) ) . 376- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، قَالَ: نَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى، عَنْ الحَكَم، عَنْ مِقْسَم، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: ((عَزِيمَة الطَّلَاقِ: انْقِضَاءُ الأربعة الأشهر، والْفَيْءُ: (الجِماع) (3)) ) .

_ = عنه محمولة على الاتصال وإن كان بالعنعنة، وانظر بيان ذلك مع تخريج الحديث في الحديث المتقدم برقم [371] . (1) هو ابن دينار. (2) تسريح المرأة: تطليقها، والاسم: السَّراح. اهـ. من "لسان العرب" (2 / 479) . [375] سنده صحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 646) وعزاه المصنف وعبد الرزاق وأبي عبيد في "الفضائل" وعبد بن حميد وابن المنذر وابن الأنباري في "المصاحف"، ولفظه: ((عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يقرؤها: (للذين يقسمون من نسائهم) ، ويقول: الإِيلاء: القسم، والقسم: الإيلاء)) . وقد أخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص86) من طريق الحميدي، حدثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، قَالَ: كَانَ ابن عباس يقرأ: (وإن عزموا السراح) . وهذا اللفظ ذكره السيوطي في "الدر" (1 / 650) وعزاه للمصنف وعبد الرزاق وابن المنذر وابن مردويه. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (6 / 454 - 455 رقم 11643) عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، أن ابن عباس كان يَقْرَأُ: (لِلَّذِينَ يُقْسِمُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ) ،: (فإن عزموا السراح) . (3) في الأصل هكذا: ((والفي فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} قال: =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = لَا تَأْخُذْ مِيثَاقِهَا أَلَّا تَنْكِحَ غَيْرَكَ، وَلَا تُوجِبِ الْعُقْدَةَ حَتَّى تنقضي العدة)) . وهذا فيه خلط بين حديثين، أحدهما: حديث ابن عباس الذي حذف آخره، وهو قوله: ((الجماع)) ، فأثبته على الصواب بالرجوع إلى "سنن سعيد بن منصور" المطبوعة (2 / 29 رقم 1893) حيث أخرج هذا الحديث في الطلاق، باب ما جاء في الإيلاء، بنفس السياق هنا سواء. وأما الحديث الآخر، فهو حديث الشعبي الذي حذف أوله بما فيه الإسناد بكامله، حتى الشعبي، ولم يبق سوى المتن، فاجتهدت في استدراك ما سقط منه حسب الطاقة كما سيأتي في الحديث بعده، والعلم عند الله. [376] سنده ضعيف؛ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبي ليلى تقدم في الحديث [186] أنه صدوق سيء الحفظ جدًّا، لكنه لم ينفرد به، فقد تابعه شعبة وغيره، وسنده حسن لذاته كما سيأتي، وفيه تصريح الحَكَم بن عُتيبة بالسماع. وذكر السيوطي هذا الحديث في "الدر المنثور" (1 / 649 و 651) مفرقًا في موضعين، وعزاه للمصنف وعبد الرزاق والفريابي وعبدين حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي. وقد أخرجه "المصنف" في كتاب الطلاق من "سننه" المطبوعة، باب ما جاء في الإيلاء (2 / 29 رقم 1893) كما هنا سواء. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (6 / 454 رقم 11642) . وابن جرير في "تفسيره" (4 / 466 رقم 4509) . أما عبد الرزاق فمن طريق ابن جريج وسفيان الثوري، وأما ابن جرير فمن طريق الثوري، كلاهما عن ابن أبي ليلى، به ولفظ عبد الرزاق نحوه، ولفظ ابن جرير مختصر. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (5 / 129 و 138) ، فقال: حدثنا وكيع، عن شعبة، عن الحكم ... ، فذكره بمثل لفظ المصنف. وهذا إسناد حسن لذاته ورجاله ثقات تقدمت تراجمهم، عدا مقسم مولى =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ابن عباس، فإنه صدوق كما في الحديث [365] ، وقد صرح الحَكَم بن عُتَيْبة بالسماع في رواية البيهقي الآتية. وقد سقط بعض إسناد ابن أبي شيبة من "المصنف" المطبوع في الموضع الأول، فاستدركته من "المصنف" المخطوط (1 / ل 246 / أ) ، ومن "الجوهر النقي" (7 / 379) حيث نقله ابن التركماني عن ابن أبي شيبة وصحح سنده. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 466 و 481 و 482 رقم 4511 و 4574 و 4575 و 4579) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 162 / أ) . والبيهقي في "سننه" (7 / 379) في النكاح، باب من قال: عزم الطلاق انقضاء الأربعة الأشهر. أما ابن جرير فمن طريق محمد بن جعفر غندر وعبد الرحمن بن مهدي، ووكيع، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق وكيع، وأما البيهقي فمن طريق أبي الوليد الطيالسي، جميعهم عن شعبة، به مثله، إلا أن ابن جرير لم يذكر قوله: ((والفيء الجماع)) إلا في الموضع الأول، ولم يذكر فيه باقي الحديث. وقد صحح البيهقي هذا القول عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عنهما -. وأخرجه ابن جرير في الموضع السابق برقم (4581) . وابن أبي حاتم في الموضع السابق أيضًا. كلاهما من طريق حجاج بن أرطأة، عن الحكم، به بمعناه. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (4510 و 4578) من طريق يزيد بن زياد بن أبي الجعد، عن الحكم، به مثله، إلا أنه فرّقه في الموضعين.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا} ] 377- (حَدَّثَنَا سَعِيدٌ؛ قَالَ: نا هُشيم، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ (1) ، عَنِ الشَّعْبي، قَالَ (2) : سَمِعْتُهُ (3) يَقُولُ (4)) - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ (5) سِرًّا} - قَالَ: ((لَا تَأْخُذْ مِيثَاقِهَا أَلَّا تَنْكِحَ غَيْرَك، وَلَا تُوْجِب العُقْدَةَ حتى تنقضي العِدَّة)) .

_ (1) هو إسماعيل بن سالم الأسدي، أبو يحيى الكوفي، نزيل بغداد، يروي عن الشعبي وسعيد بن المسيب، وأبي صالح السَّمَّان وغيرهم، روى عنه ابنه يحيى والثوري وهشيم وغيرهم، وهو ثقة ثبت من الطبقة السادسة قال ابن سعد: ((كان ثقة ثبتًا)) ، وقال الإمام أحمد: ((ثقة ثقة)) ، وقال ابن معين: ((ثقة، أوثق من أساطين مسجد الجامع)) ، وفي رواية: (( (ثقة حجة)) ، ووثقه يعقوب الفسوي وأبو زرعة وأبو حاتم والنسائي وابن خراش والدارقطني وغيرهم. "الجرح والتعديل" (2 / 172 رقم 580) ، و "التهذيب" (1 / 301 - 302 رقم 554) ، و "التقريب" (ص107 رقم 447) . (2) أي إسماعيل بن سالم. (3) أي سمع الشعبي. (4) ما بين القوسين سقط من الأصل، فاختلط متن هذا الحديث مع الحديث السابق فأصبح حديثًا واحدًا كما سبق بيانه، فاجتهدت في استدراك سقطًا مستعينًا في ذلك بأمرين: أ- معرفتي بأسانيد المصنف وطريقة روايته. ب- بالنظر إلى من أخرج الحديث، وجدت أن ابن جرير أخرج الحديث بمثل لفظ المصنف هنا سواء، فأثبت إسناد ابن جرير مع مراعاة ما تقدم في =

378- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا مَنْصُورٌ (1) ، عَنِ الْحَسَنِ (2) .

_ = الفقرة السابقة؛ قال ابن جرير في "تفسيره" (5 / 108 رقم 5159) : ((حدثني يعقوب، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ - فِي قَوْلِهِ: {ولَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} - قال: لا تأخذ ميثاقها أن لا تَنْكِحَ غَيْرَكَ، وَلَا تُوجِبِ الْعُقْدَةَ حتى تنقضي العدة)) . اهـ. وهشيم الذي أخرج ابن جرير الحديث من طريقه هو شيخ المصنف كما في الحديث السابق وغيره. (5) في الأصل: ((ولا تواعدوهن)) . [377] سنده صحيح. وقد أخرجه ابن جرير - كما سبق - من طريق هشيم، به مثله. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 262) . وابن جرير في الموضع السابق برقم (5160) . كلاهما من طريق جرير، عن منصور، عن الشعبي، به نحوه، إلا أنه لم يذكر قوله: ((ولا توجب العقدة ... )) إلخ. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (5158) من طريق عمرو بن أبي قيس، عن منصور، به نحو سابقه. وأخرجه ابن جرير برقم (5157) . والبيهقي في "سننه" (7 / 179) في النكاح، باب التعريض بالخطبة. كلاهما من طريق شعبة، عن منصور قال: ذُكر لي عن الشعبي ... ، فذكره بنحوه. فتبين بهذا أن منصورًا لم يسمعه من الشعبي. ومنصور بن المعتمر تقدم في الحديث [10] أنه ثقة ثبت وكان لا يدلس، وقد بيّن في رواية شعبة عنه أنه رواه عن الشعبي بواسطة مبهم، فلست أدري أهو الذي لم يذكر ذلك في روايته لجرير وعمرو، أم هما اللذان لم يذكرا ذلك؟ (1) هو ابن زَادَان.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ (2) يعني أنه قال - فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} - قال: هو الزنا، كما سيأتي في الحديث رقم [381] ، حيث قرن المصنِّف قول الحسن البصري والضّحّاك وأبي مِجْلَز وعطاء، جميعهم قالوا: هو الزنا. [378] سنده صحيح. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (5 / 107 رقم 5151) من طريق هشيم، به مثله مقرونًا بقول الضحاك وأبي مجلز. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 263) . وعبد بن حميد في "تفسيره" كما في "فتح الباري" (9 / 180) ، و "تغليق التعليق" (4 / 414) . وابن جرير (5 / 106 رقم 5143) . وابن أبي حاتم (1 / ل 172 / ب) . والبيهقي في "سننه" (7 / 179) في النكاح، باب التعريض بالخطبة. وابن حجر في الموضع السابق من "تغليق التعليق". أما ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم، فمن طريق أبي أسامة، وأما عبد بن حميد فمن طريق رَوْح، وأما ابن جرير فمن طريق يحيى بن سعيد القطان، وأما البيهقي فمن طريق عمر بن حبيب، وأما ابن حجر فمن طريق وكيع، جميعهم عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُدَيْر، عَنْ الحسن: {وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} قال: الزنا. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (5141 و 5142 و 5143 و 5147) من طريق سليمان التيمي، عن رجل مبهم، عن الحسن، ومن طريق يزيد بن إبراهيم وأشعث بن عبد الملك الحمراني، عن الحسن، به مثل سابقه. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (7 / 56 رقم 12168) . ومن طريقه وطريق آخر أخرجه ابن جرير برقم (5148 و 5153) . كلاهما من طريق معمر، عن قتادة، عن الحسن - فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} - قال: هو الفاحشة. =

379- وَأَنَا (1) جُوَيْبِر، عَنِ الضَّحَّاكِ (2) . 380- والتَّيْمي (3) ، عن أبي مِجْلَز (4) .

_ = وأخرجه عبد بن حميد كما في الموضع السابق من "تغليق التعليق"، من طريق سهل بن أبي الصَّلْت، عن الحسن: {وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} ، قال: الزنا. وأخرجه ابن حجر أيضًا في "التغليق" من طريق عوف الأعرابي، عن الحسن، به نحو سابقه وفيه زيادة. وذكره البخاري في "صحيحه" تعليقًا (9 / 178) مجزومًا به، فقال: وقال الحسن: {لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} : الزنا. (1) القائل: ((وأنا)) هو هُشيم شيخ المصنف كما في الحديث السابق. (2) يعني: أنه قال - فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} - قال: هو الزنا كما سيأتي في الحديث [381] حيث قرن المصنف قول الحسن البصري السابق مع قول الضحاك هنا بقولي أبي مِجْلَز وعطاء الآتيين. [379] سنده ضعيف جدًّا لشدة ضعف جويبر كما في ترجمته في الحديث رقم [93] . وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 107 رقم 5151) من طريق هشيم، به مثله مقرونًا بقول الحسن السابق وقول أبي مجلز الآتي. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (5149) من طريق أبي زهير ويزيد بن هارون، كلاهما عن جويبر، عن الضحاك: {وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} قال: السرّ الزنا. (3) هو سيلمان بن طَرْخَانَ التيمي، والذي حدث عنه هو هشيم شيخ المصنف كما في الحديث السابق برقم [378] . (4) هو لاَحِقُ بن حُمَيْد. وقول أبي مجلز هذا سيأتي في الحديث بعده، فقد قرنه المصنف بقولي الحسن البصري والضحاك السابقين وقول عطاء الآتي، أنهم قالوا: هو الزنا، يعني قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} . [380] هو صحيح لغيره، وأما من طريق هشيم فضعيف؛ وذلك أن هشيمًا مدلس =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = كما في ترجمته في الحديث [8] ، ولم يصرح بالسماع من سليمان التيمي، وإنما عطفه على سماعه من منصور وجويبر، وهذا شيء يستعمله بعض المدلسين مثل هشيم ويسمى: ((تدليس العطف)) ، وهو: ((أن يروي عن شيخين من شيوخه ما سمعاه من شيخ اشتركا فيه، ويكون قد سمع ذلك من أحدهما دون الآخر، فيصرح عن الأول بالسماع، ويعطف الثاني عليه، فيوهم أنه حدث عنه بالسماع - أيضًا -، وإنما حدث بالسماع عن الأول، ثم نوى القطع، فقال: وفلان، أي: حدَّث فلان)) . اهـ. من "النكت على كتاب ابن الصلاح" لابن حجر (2 / 617) . وقد مثلوا لذلك بما رواه الحاكم في "معرفة علوم الحديث" (ص105) : أن جماعة من أصحاب هشيم اجتمعوا يومًا على أن لا يأخذوا منه التدليس، ففطن لذلك، فكان يقول في كل حديث يذكره: ((حدثنا حصين ومغيرة، عن إبراهيم)) ، فلما فرغ قال لهم: هل دلَّستُ لكم اليوم؟ فقالوا: لا، فقال: لم أسمع من مغيرة حرفًا مما ذكرته، إنما قلت: حدثني حصين، ومغيرة غير مسموع لي. اهـ. والحديث أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 107 رقم 5151) من طريق هشيم، به مثله مقرونًا بقولي الحسن والضحاك السابقين. وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص69 رقم 116) عن شيخه سليمان التيمي، به مثله. وسنده صحيح. ومن طريق الثوري أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 105 - 106 رقم 5139 و 5140) . وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (7 / 56 رقم 12169) . وابن جرير في "تفسيره" (5 / 105 رقم 5137) . كلاهما من طريق مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيُّ، عَنْ أبيه، عن أبي مجلز: قوله: {وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} ، قال: الزنا. =

381- وَأَنَا مُخْبِر (1) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، وَيُحَدِّثُ عَنْ عَطَاءٍ، أَنَّهُمْ (2) قَالُوا (3) : ((هُوَ الزِّنَا)) . 382- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قال: نا سفيان، [ل117/ب] عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ (4) سِرًّا} - قَالَ: ((لَا يخطُبْها فِي عِدَّتها)) . {إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا} ، يَقُولُ: ((إِنَّكِ لَجَمِيلَةٌ، وَإِنَّكِ لَفِي مَنْصِب، وإنك لمرغوب فيك)) .

_ = وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 263) من طريق جرير، عن سليمان التيمي، به مثله. وقد تصحف أبو مجلز في "المصنف" المطبوع إلى: ((أبي مخلد)) ، لكنه جاء على الصواب في "المصنف" المخطوط (1 / ل 220 / أ) . وأخرجه ابن جرير برقم (5138) من طريق يحيى بن سعيد القطان عن سليمان التيمي، به مثله. وأخرجه ابن أبي شيبة في الموضع السابق. وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 172 / ب) . والبيهقي في "سننه" (7 / 179) في النكاح، باب التعريض بالخطبة. ثلاثتهم من طريق عمران بن حدير، عن أبي مجلز، به مثله. (1) القائل: ((وأنا)) هو هُشيم شيخ المصنف كما في الحديث المتقدم برقم [378] ، وشيخه هنا مبهم لا يُدرى من هو؟ (2) أي: الحسن البصري والضحاك بن مزاحم وأبو مجلز وعطاء. انظر: الأحاديث الثلاثة المتقدمة. (3) يعني فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} . (4) في الأصل: ((ولا تواعدوهن)) . [381] سنده ضعيف جدًّا؛ شيخ هشيم مبهم، وإبراهيم بن مهاجر تقدم في الحديث [58] أنه صدوق لين الحفظ. [382] سنده صحيح، وانظر في رواية ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ الحديث [184] . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = والمصنف هنا أخرجه من طريق سفيان بن عيينة. وابن عيينة أخرجه في "تفسيره" كما في "الدر المنثور" (1 / 696) . ومن طريق المصنف أخرجه البيهقي في "سننه" (7 / 179) في النكاح، باب التعريض بالخطبة، مثله سواء. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 262) عن ابن عيينة، به، بشطره الأول فقط. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (7 / 53 رقم 12152) ، وفي "تفسيره" (1 / 95) . وابن جرير في "تفسيره" (5 / 97 رقم 5109) . كلاهما من طريق معمر، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد - في قوله تعالى: {فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} - قال: هو الرجل يعرض للمرأة في عدتها فيقول: والله إنك لجميلة، وإن النساء لمن حاجتي، وإنك لإلى خير إن شاء الله. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (5108) من طريق عيسى بن ميمون، عن ابن أبي نجيح، به نحو سابقه، إلا أنه قال: ((وإنك لنافقة)) بدل قوله: ((وإن النساء لمن حاجتي)) . وأخرجه عبد الرحمن بن الحسن القاضي في "تفسير مجاهد" (ص109 - 110) عن إبراهيم بن الحسين، عن آدم بن أبي إياس، عن ورقاء، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد - في قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} - قال: هو قول الرجل للمرأة في عدتها: إنك لجميلة، وإنك لتعجبين، ويضمر خطبتها ولا يبديه لها، هذا كله حِلٌّ معروف، {وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} ، يقول: لا يقول لها: لا تسبقيني بنفسك فإني ناكحك، هذا لا يحلّ. ومن طريق عبد الرحمن بن الحسن أخرجه البيهقي في الموضع السابق. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 259 و 262) من طريق شبابة، عن ورقاء، به نحو سابقه، إلا أنه قسمه في الموضعين. =

383- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ (1) ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ (2) ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} - قال: ((التَّعْريض ما لم يَنْصَبْ (3) للخطبة)) .

_ = وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص69 رقم 113) عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عن مجاهد: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} ، قال: أن تقول: إنك لجميلة، وإنك لحسينة، وإنك لإلى خير. (1) هو الرَّصَاصي، تقدم في الحديث [6] أنه صدوق. (2) هو ابن المعتمر. (3) أي: يقصدها ويجدّ فيها، ويتجرّد لها. انظر: "لسان العرب" (1 / 758 و 761) . [383] سنده حسن لذاته، وهو صحيح لغيره أخرجه البخاري وغيره من غير طريق عبد الرحمن بن زياد كما سيأتي. وذكره السيوطي في "الدر" (1 / 695) وعزاه للمصنف ووكيع والفريابي وعبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد، والبخاري وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي. وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 95 و 96 رقم 5100 و 5101 و 5104) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 172 / أ) . والبيهقي في "سننه" (7 / 178) في النكاح، باب التعريض بالخطبة. أما ابن جرير فمن طريق عبد الرحمن بن مهدي ومحمد بن جعفر غندر وآدم ابن أبي إياس، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق أبي داود الطيالسي، وأما البيهقي فمن طريق وهب بن جرير، جميعهم عن شعبة، به نحوه، عدا ابن مهدي وغندر فلفظهم مثل لفظ المصنف. وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص69 رقم 114) عن شيخه منصور، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: التعريض أن تقول: إني أريد أن أتزوج - ثلاث مرار -. ومن طريق الثوري أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (5 / 95 رقم 5099) . والبيهقي في الموضع السابق من "سننه". وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (7 / 54 رقم 12154) عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابن عباس قال: يقول: إني لأريد التزويج. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 258) من طريق أبي الْأَحْوَصِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عن ابن عباس: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} قال: يعرض الرجل فيقول: إني أريد أن أتزوج، ولا ينصب لها في الخطبة. وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا (4 / 257) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (5 / 95 رقم 5098) . كلاهما من طريق جرير بن عبد الحميد، به بلفظ: التعريض أن يقول: إني أريد التزويج، وإني لأحب امرأة من أمرها وأمرها، يعرِّض لها بالقول بالمعروف. هذا لفظ الطبري، وهو أتمّ. وأخرجه البخاري في "صحيحه" (9 / 178 رقم 5214) في النكاح، باب قول الله - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} الآية، أخرجه من طريق زائدة، عن منصور، به نحو لفظ ابن جرير الطبري السابق. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (5102) . وابن أبي حاتم في الموضع السابق. أما ابن جرير فمن طريق عمرو بن أبي قيس، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق الجراح والد وكيع، كلاهما عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابن عباس: {فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} قال التعريض أن يقول للمرأة في عدتها: إني =

384- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: نَا شُعْبَةُ، عَنْ سَلَمةَ بْنِ كُهَيْل، عَنْ مُسلم البَطِين (1) ، عَنِ ابْنِ جُبير قَالَ: ((يَقُولُ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَتَزَوَّجَ، وَإِنْ تزوجتُ أحسنتُ إلى امرأتي)) .

_ = لا أريد أن أتزوج غيرك - إن شاء الله -، و: لوددت أني وجدت امرأة صالحة، ولا ينصب لها مادامت في عدتها. هذا لفظ ابن جرير، ونحوه ابن أبي حاتم، ولفظ ابن جرير أتم. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (7 / 53 رقم 2153) من طريق ابن مجاهد، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ في: {إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا} قال: يقول: إنك لجميلة، وإنك لإلى خير، وإن النساء لمن حاجتي. (1) هو مسلم بن عمران البَطِين ويقال: ابن أبي عمران، أبو عبد الله الكوفي، روى عن عطاء ومجاهد وسعيد بن جبير وغيرهم، روى عنه سلمة بن كهيل وأبو إسحاق السبيعي والأعمش وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة السادسة، روى له الجماعة، ووثقه الإمام أحمد وابن معين وأبو حاتم والنسائي. "الجرح والتعديل" (8 / 191 رقم 840) ، و "التهذيب" (10 / 134 رقم 244) ، و "التقريب" (ص530 رقم 6638) . [384] سنده حسن لذاته، وهو صحيح لغيره؛ فعبد الرحمن بن زياد الرَّصَاصي تقدم في الحديث [6] أنه صدوق، لكنه لم ينفرد به، فقد تابعه آدم بن أبي إياس ومسلم بن إبراهيم كما سيأتي. فالحديث أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 97 رقم 5110) . والبيهقي في "سننه" (7 / 178) في النكاح، باب التعريض بالخطبة. كلاهما من طريق آدم بن أبي إياس، عن شعبة، بنحوه. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (5111) من طريق مسلم بن إبراهيم، عن شعبة، به بلفظ: لأعطينّك، لأحسننّ إليك، لأفعلنّ بك كذا وكذا.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} ] 385- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الأَحْوَص (1) ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ (2) ، قَالَ: كَانَ شُرَيح يَقُولُ: ((الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاح: الزَّوْج)) .

_ (1) هو سَلاَّم بن سُلَيم. (2) هو عمرو بن عبد الله الهَمْداني السَّبيعي، تقدم في الحديث [1] أنه ثقة، غير أنه مدلس واختلط بآخره، لكن روى هذا الأثر عنه سفيان الثوري كما سيأتي، وهو ممن سمع منه قبل الاختلاط. [385] هذا الأثر صحيح لغيره عن شريح، وأما هذا الإسناد ففيه أبو إسحاق السبيعي وهو مدلس كما سبق ولم يصرح بالسماع. وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 153 رقم 5326) من طريق سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، به مثله. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 281) . وابن جرير في "تفسيره" (5 / 152 و 153 و 154 رقم 5320 و 5328 و 5333) . والبيهقي في "سننه" (7 / 252) في النكاح، باب من قال: الذي بيده عقدة النكاح الولي. أما ابن أبي شيبة فمن طريق عبد الله بن إدريس، وأما ابن جرير فمن طريق محمد بن فضيل وأبي معاوية، وأما البيهقي فمن طريق شعبة، جميعهم عن الأعمش، عن إبراهيم النخعي، عن شريح قال: الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ هُوَ الزوج. هذا لفظ ابن جرير، وزاد فيه: ((قال إبراهيم: وما يُدري شريحًا؟)) . وهذا إسناد صحيح. فشيخ ابن أبي شيبة عبد الله بن إدريس ثقة فقيه عابد كما في الحديث رقم [622] .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وسليمان بن مهران الأعمش تقدم في الحديث [3] أنه ثقة حافظ، إلا أنه مدلَّس، لكن هذا الحديث من صحيح حديثه؛ فإنه رواه عنه شعبة، وروايته عنه صحيحه وإن لم يصرح الأعمش فيها بالسماع، وأيضًا فهذا الحديث من روايته عن أحد كبار شيوخه وهو إبراهيم النخعي، وروايته عنه محمولة على الاتصال، وإن كانت بالعنعنة. وإبراهيم النخعي تقدم في الحديث [3] أنه ثقة. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (5337) من طريق عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوري، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ شريح قال: هو الزوج. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (6 / 284 رقم 10859) ، وفي "التفسير" (1 / 96) . ومن طريقه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 155 رقم 5343) . وابن حزم في "المحلى" (11 / 128) . وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 280) . وابن جرير (5 / 153 و 154 رقم 5324 و 5325 و 5335 و 5336) . والبيهقي في "سننه" (7 / 251) في النكاح، باب من قال: الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ الزَّوْجُ من باب عفو المهر. أما عبد الرزاق وابن أبي شيبة فمن طريق أيوب السختياني، وأما البيقهي فمن طريق عبد الله بن عون، وأما ابن جرير فمن طريق أيوب وابن عون، كلاهما عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنِ شريح، به نحوه وبمعناه. وسنده صحيح أيضًا، فإن الراوي عن أيوب عند عبد الرزاق هو شيخه معمر، وعند ابن أبي شيبة هو شيخه إسماعيل بن إبراهيم بن علية، فجميع الإسناد رجاله ثقات. وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا (4 / 281) من طريق الحكَم بن عُتَيبة، عن شريح، قال: هو الزوج. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (5332 و 5333 و 5354) من طريق الحكم أيضًا =

386- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عِيسَى بْنُ يُونُسَ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمش، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمة، قال: ((هو الوَليِّ)) .

_ = وأبي حصين والقاسم، ثلاثتهم عن شريح بنحوه وبمعناه. وأخرجه ابن جرير أيضًا (5 / 148 و 151 - 152 رقم 5287 و 5315 و 5316) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 175 / أ) . وابن حزم في "المحلى" (11 / 127) . والبيهقي في الموضع السابق. جميعهم من طريق جرير بن حازم، عن عيسى بن عاصم الأسدي، قال: سمعت شريحًا يقول: سألني علي بن أبي طالب عن الذي بيده عقدة النكاح، فقلت: هو الولي، فقال علي: بل هو الزوج. ففي هذا الأثر مخالفة لما سبق عن شريح من أن الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ هُوَ الزوج، وسيأتي في الحديث [390 و 391] ما يزيل هذا التعارض؛ وذلك أن شريحًا كان يَقُولُ: الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ هو الولي، وكان يفتي بهذا، ثم رجع عن قوله هذا وأصبح يقول: هو الزوج، فلعلّه أخذه عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بعد سؤاله له عن ذلك، حتى إن الشعبي انتقده على رجوعه عن قوله فقال: ((وَاللَّهِ مَا قَضَى شُرَيْحٌ بِقَضَاءٍ كَانَ أَحْمَقَ مِنْهُ حِينَ تَرَكَ قوله الأول وأخذ بهذا)) . [386] سنده صحيح، ورواية الأعمش عن إبراهيم النخعي محمولة على السماع وإن كانت بالعنعنة كما في الحديث [3] ، وقد روى هذا الحديث عن الأعمش شعبة كما سيأتي، وروايته عنه مأمونة الجانب من التدليس. والحديث أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (5 / 146 رقم 5277) من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، به مثله. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (5276 و 5280 و 5285) من طريق هشيم وشيبان النحوي ومحمد بن فضيل، ثلاثتهم عن الأعمش، به مثله. =

387 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرٌ (1) ، عَنْ مَنْصُورٍ (2) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ (3) ، قَالَ: هو الوَلِيّ.

_ = وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (6 / 284 رقم 10856) . ومن طريقه وطريق آخر أخرجه ابن جرير برقم (5278 و 5281 و 5304) . كلاهما من طريق سفيان الثوري، عن الأعمش، به مثله. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 282) من طريق عبد الله بن إدريس؛ عن الأعمش، به مثله. وأخرجه البيهقي في "سننه" (7 / 252) في النكاح، باب من قال: الذي بيده، عقدة النكاح الولي، من طريق شعبة، عن الأعمش، به مثله. وأخرجه ابن جرير برقم (5279) من طريق حجاج بن أرطأة، عن إبراهيم، عن علقمة، به مثله. (1) هو ابن عبد الحميد. (2) هو ابن المعتمر. (3) هو النخعي. [387] سنده صحيح. وأخرجه البيهقي في "سننه" (7 / 252) في النكاح، باب من قال: الذي بيده عقدة النكاح الولي، من طريق المصنِّف، به مثله. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 151 رقم 5313) ، من طريق جرير، به بلفظ: الذي بيده عقدة النكاح: الولي. وأخرجه ابن جرير أيضًا (5 / 148 رقم 5296) من طريق سفيان الثوري، عن منصور، به مثله. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (5295 و 5297) من طريق هشيم، وأبي عوانة، =

388- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانَة (1) ، عَنْ أَبِي بِشْر (2) ، عَنْ طَاوُس، وَعَطَاءٍ (3) ، وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ، أَنَّهُمْ قَالُوا: ((الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاح هُوَ الوَلِيّ)) ، فأخبرتُهم بِقَوْلِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، ((هُوَ الزَّوْجُ)) ، فَرَجَعُوا عَنْ قَوْلِهِمْ، فَلَمَّا قَدِمَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، قَالَ: ((أَرَأَيْتُمْ إِنْ عَفَا الْوَلِيُّ، وأَبَتِ الْمَرْأَةُ، مَا يُغْنِي عَفْوُ الْوَلِيِّ؟ أَوْ عَفَتْ هِيَ، وأَبَى الْوَلِيُّ، مَا لِلْوَلِيِّ مِنْ ذلك؟)) .

_ = كلاهما عن مغيرة، عن إبراهيم، به مثله. وأخرجه عبد الرحمن بن الحسن القاضي في "تفسير مجاهد" (ص110) من طريق وَرْقَاء بن عمر، عن المغيرة، عن إبراهيم، به مثله. (1) هو وَضَّاح بن عبد الله. (2) هو جعفر بن إياس. (3) كذا رواه المصنف، والصواب ما رواه الباقون كما سيأتي، وفيه: ((مجاهد)) بدلاً من: ((عطاء)) . [388] سنده صحيح. وأخرجه البيهقي في "سننه" (7 / 251) في النكاح، باب من قال: الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ الزَّوْجُ، من باب عفو المهر، من طريق المصنف، به مثله سواء. وأخرجه ابن حزم في "المحلى" (11 / 128) ، من طريق حجاج بن المنهال، نا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قال: الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ هُوَ الزوج. وقال مجاهد وطاوس وأهل المدينة: هو الولي. قال: فَأَخْبَرْتُهُمْ بِقَوْلِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فرجعوا عن قولهم. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 147 و 155 - 156 رقم 5284 و 5346) من طريق هشيم، قال: أخبرنا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جبير قال: الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ هُوَ الزوج، قال: وقال مجاهد وطاوس: هو الولي. قال: قلت =

389 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: ((أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بالعَفْو، وأَذِنَ فِيهِ، فَإِنْ عَفَتْ جَازَ عَفْوها، وَإِنْ شَحَّت، وعَفَا وَلِيُّها، جَازَ عَفْوُه)) .

_ = لسعيد: فإن مجاهدًا وطاوسًا يقولان: هو الولي؟ قال سعيد: فما تأمرني إذًا؟ قال: أرأيت لو أن الولي عفا وأبت المرأة، أكان يجوز ذلك؟ فرجعت إليهما فحدثتهما، فرجعا عن قولهما وتابعا سعيدًا. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 281) . وابن جرير في الموضع السابق برقم (5283 و 5348 و 5349) . كلاهما من طريق شعبة، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ طَاوُسٍ ومجاهد قالا: الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ هُوَ الولي، وقال سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: هُوَ الزَّوْجُ، فكلماه - وفي لفظ ابن جرير: فكلمتهما - في ذلك، فما برحا حتى تابعا سعيدًا. اهـ. واللفظ لابن أبي شيبة، وهو أتمّ. [389] سنده صحيح، لكن خالف سفيانَ بن َ عيينة كُلٌّ من عبد الملك بن عبد العزيز ابن جُريح وَوَرْقاء بن عمر، فروياه عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عكرمة، عن ابن عباس من قوله، وهو الصواب، وهو صحيح إلى ابن عباس. والحديث أخرجه البيهقي في "سننه" (7 / 252) في النكاح، باب من قال: الذي بيده عقدة النكاح الولي، من طريق المصنف، به مثله. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 150 رقم 5312) من طريق سعيد بن الربيع، عن سفيان به نحوه. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (6 / 283 رقم 10852) عن ابن جريج قال: أخبرني عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ عكرمة مولى ابن عباس يقول: كان ابن عباس يقول: إن الله رضي بالعفو وأمر به، فإن عفت فذلك، وإن عفا وليُّها الذي بيده عقدة النكاح ورضيت جَازَ وإن أَبَتْ. =

390 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرٌ (1) ، عَنْ مُغيرة، عَنِ الشَّعْبي، قَالَ: تَزَوَّجَ رَجُلٌ مِنَّا امْرَأَةً فَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ يدخُلَ بِهَا، فَعَفَا أَخُوهَا عَنْ صَدَاقها، فَارْتَفَعُوا إِلَى شُريح، فَأَجَازَ عَفْوه، ثُمَّ قَالَ بعدُ: ((أَنَا أَعْفُو عَنْ صداق بني مُرَّة (2) ، فكان

_ = وسنده صحيح رجاله كلهم ثقات تقدموا، وقد صرّح ابن جريج بالسماع. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 282) . وابن جرير في "تفسيره" (5 / 146 رقم 5274) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 174 / ب) . ثلاثتهم من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عُلَيَّة، عن ابن جريج به نحو سياق عبد الرزاق. وأخرجه البيهقي في الموضع السابق من طريق ورقاء بن عمر، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عكرمة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - فِي قَوْلِهِ تعالى: {إلا أن يعفون} -، قال: أن تعفو المرأة، أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النكاح: الولي. وأخرجه ابن جرير أيضًا (5 / 150 رقم 5311) ، فقال: حدثني المثنَّى، قال: حدثنا حبّان بن موسى، قال: أخبرنا ابن المبارك، قال: أخبرنا يحيى بن بشر، أنه سمع عكرمة يقول: {إلا أن يعفون} : أن تعفو المرأة عن نصف الفريضة لها عليه فتتركه؛ فإن هي شحّت إلا أن تأخذه، فلها ولوليِّها الذي أنكحها الرجلَ - عم، أو أخ، أو أب - أن يعفو عن النصف، فإنه إن شاء فعل وإن كرهت المرأة. والمثنى شيخ ابن جرير الطبري هو: المثنى بن إبراهيم الآملي، لم أجد من ترجم له من أصحاب الكتب، ولم يترجم له الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على "تفسير الطبري"، وإنما قال (1 / 176) : ((أما المثنى شيخ الطبري، فهو: المثنى بن إبراهيم الآملي، يروي عنه الطبري كثيرًا في التفسير والتاريخ)) . اهـ. (1) هو ابن عبد الحميد.

يَقُولُ بعدُ: الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ: الزَّوْجُ؛ أَنْ يَعْفُوَ عَنِ الصَّدَاقِ كلِّه، فيُسَلِّمه لَهَا، أَوْ تَعْفُوَ هِيَ عَنِ النِّصفِ الَّذِي فَرضَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - لَهَا، وَإِنْ تَشَاحَّا، فَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاق)) . 391 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: ((وَاللَّهِ مَا قَضَى شُرَيْحٌ بِقَضَاءٍ قَطّ كَانَ أَحْمَقَ مِنْهُ حِينَ تَرَكَ قولَه الْأَوَّلَ وَأَخَذَ بِهَذَا)) .

_ = (2) وعند ابن جرير كما سيأتي: ((نساء بني مرة)) ، قال الشيخ أحمد - أو محمود - شاكر في تلعيقه على "تفسير الطبري" (5 / 147) : ((ولم أعرف قوله: نساء بني مرة، كأن مُرَّة من أهله، أخته أو بنته، والله أعلم)) . اهـ. ولست أدري ما الذي أشكل على الشيخ في هذه العبارة؟ فالذي يظهر لي - والله أعلم -: أن هذه المرأة التي عفا أخوها عن صداقها من بني مُرَّة، وهذه النسبة إلى جماعة وبطون من قبائل شتّى، وفي هَمْدان بطنان منهم، وهما: مُرُّ بن الجابر، ومُرُّ بن الحارث، والشعبي هَمْداني، فقد تكون من قبيلة الزوج الذي قال عنه الشعبي: ((رجل منا)) ، وقد تكون غير ذلك. انظر: "الأنساب" للسمعاني (8 / 105 - 106) و (12 / 213) ، و"سير أعلام النبلاء" (4 / 294 - 295) . [390 و 391] هما حديث واحد رواه المصنف مُفَرَّقًا، وفَرَّقَه أيضًا البيهقي؛ حيث رواه من طريق المصنف بمثله، إلا أنه قال: ((قضاء)) بدل قوله: ((بقضاء)) . انظر: "سنن البيهقي" (7 / 251) كتاب: النكاح، باب من قال: الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ الزَّوْجُ، من باب عفو المهر. وسند المصنف ضعيف؛ فمغيرة بن مقسم تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن إلا أنه يدلس، ولم يصرح بالسماع هنا، بل إنه ذكر أنه تلقاه عن الشعبي، بواسطة فقال كما سيأتي: ((أُخْبرنا عن الشعبي)) ، لكن قد جاء الحديث من غير طريقه، فهو صحيح لغيره. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = فالحديث أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (5 / 147 رقم 5286) من طريق جرير، به نحوه. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (5288) من طريق هشيم، قال مغيرة: أُخبرنا عن الشعبي، عن شريح أنه كان يَقُولُ: الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ هو الولي، ثم ترك ذلك، فقال: هو الزوج. فهذا يدل على أن مغيرة قد دلس في إسناد المصنف. وأخرجه ابن جرير أيضًا (5 / 149 رقم 5297) من طريق أبي عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ والشعبي قالا: هو الولي. وأخرجه ابن جرير أيضًا (5 / 153 و 154 رقم 5331 و 5333 و 5334) من طريق إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ الشعبي، عن شريح، قال: هو الزوج، إن شاء أتم لها الصداق، وإن شاءت عَفَتْ عن الذي لها. وأخرجه البيهقي في الموضع السابق من طريق إسماعيل أيضًا به، إلا أنه لم يذكر قوله: ((وإن شاءت عفت عن الذي لها)) . وأخرجه ابن جرير أيضًا (5 / 153 رقم 5327) من طريق دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عامر الشعبي، أن شريحًا قال: الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ: الزَّوْجُ، فرُدَّ ذلك عليه. وأخرجه ابن جرير أيضًا (5 / 148 رقم 5289) فقال: حدثني يعقوب، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا سيّار، عن الشعبي، أن رجلاً تزوج امرأة فوجدها دميمةً، فَطَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، فعفا وليها عن نصف الصداق، فخاصمته إلى شريح، فقال لها شريح: قد عفا وليُّك، قال: ثم إنه رجع بعد ذلك، فجعل الذي بيده عقة النكاح الزوج. وهذا إسناد صحيح. سيّار هو أبو الحكم، تقدم في الحديث [156] أنه ثقة. وهشيم بن بشير تقدم في الحديث [8] أنه ثقة ثبت، وهو مدلس، لكنه صرح بالسماع هنا. =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الوُسْطَى وَقُومُوا للهِ قَانِتِينَ} ] 392- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَاصِمِ (بْنِ) (1) بَهْدَلَة، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْش، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الْخَنْدَقِ: ((مَلَأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وَقُلُوبَهُمْ نَارًا كَمَا شَغَلُونَا عَنِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَهِيَ صَلَاةُ العصر)) .

_ = والراوي عن هشيم هو شيخ ابن جرير: يعقوب بن إبراهيم بن كثير بن زيد بن أَفْلَح العَبْدي، مولاهم، أبو يوسف الدَّوْرَقي، يروي عن هشيم بن بشير ويحيى القطان وإسماعيل بن عليّة وعبد الرحمن بن مهدي وغيرهم، روى عنه هنا ابن جرير الطبري، وروى عنه أيضًا الجماعة وأبو زرعة وأبو حاتم وابن أبي الدنيا والبغوي وابن صاعد وغيرهم، وهو ثقة من الحفاظ، وثقه النسائي، وقال أبو حاتم: ((صدوق)) ، وقال الخطيب: ((كان ثقة متقنًا، صنَّف المسند)) ، وقال مسلمة بن القاسم: ((كان كثير الحديث ثقة)) ، وكانت ولادته سنة ست وستين ومائة، ووفاته سنة اثنتين وخمسين ومائتين. اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 202 رقم 844) ، و "التهذيب" (11 / 381 - 382 رقم 742) ، و "التقريب" (ص607 رقم 7812) . وبهذا الطريق يتضح أن الحديث صحيح لغيره، والله أعلم. (1) ما بين القوسين سقط من الأصل. [392] سنده حسن لذاته؛ عاصم بن بهدلة تقدم في الحديث [17] أنه صدوق حسن الحديث، والحديث صحيح لغيره مخرج في الصحيحين من غير طريق عاصم كما سيأتي. فقد روي عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - من ثمان طرق: =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = 1- طريق زِرِّ بن حُبيش، يرويه عنه عاصم بن بهدلة، وله عن عصام ست طرق: أ - طريق حماد بن زيد الذي أخرجه المصنف هنا عنه. وأخرجه ابن ماجه في "سننه" (1 / 224 رقم 684) في الصلاة، باب المحافظة على صلاة العصر. وأبو يعلى في "مسنده" (1 / 312 - 313 رقم 386 و 387) . وابن خزيمة في "صحيحه" (2 / 289 - 290 رقم 1336) . وابن حبان في "صحيحه" (5 / 39 - 40 رقم 1745 / الإحسان) . أما ابن ماجه وابن خزيمة فمن طريق أحمد بن عبدة، وأما أبو يعلى فمن طريق عبيد الله بن عمر القواريري، وأبي الربيع الزهراني، وأما ابن حبان فمن طريق معلّى بن مهدي، جميعهم عن حماد بن زيد، به نحوه، إلا أن ابن ماجه وعبيد الله القواريري عند أبي يعلى قالا: ((بيوتهم)) بدلاً من قوله: ((قلوبهم)) ، وأما ابن حبان فقال: ((بيوتهم وبطونهم)) ، ولم يذكر ابن ماجه وابن خزيمة قوله: ((وهي صلاة العصر)) ، وفي لفظ القواريري عند أبي يعلى قال: قال حماد: لا أدري، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، أو عن علي: ((وهي العصر)) ؟. ب- طريق سفيان الثوري، عن عاصم. أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (1 / 576 رقم 2192) . وابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 504) . والإمام أحمد في "المسند" (1 / 122) . والنسائي في الصلاة من "سننه الكبرى" (1 / 152 رقم 360) ، باب تأويل قوله جل ثناؤه: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الوُسْطَى} وذكر الاختلاف في الصلاة الوسطى. وأبو يعلى في "مسنده" (1 / 314 رقم 390) . وابن جرير في "تفسيره" (5 / 184 رقم 5423) . والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 174) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 176 / أ) . وابن حزم في "المحلى" (4 / 360 - 361) . والبيهقي (1 / 460) في الصلاة، باب من قال: هي صلاة العصر - يعني الوسطى -. وابن عبد البر في "التمهيد" (4 / 288) . جميعهم من طريق سفيان الثوري، عن عاصم، عن زر، قال: قلت لعَبيدة: سل عليًّا عن الصلاة الوسطى، فسأله، فقال: كنا نرى أنها صلاة الفجر، حتى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - يقول يوم الخندق: ((شغلونا عن الصلاة الْوُسْطَى صَلَاةِ الْعَصْرِ مَلَأَ اللَّهُ قبورهم وأجوافهم نارًا)) . وسيأتي في طريق إسرائيل، عن عاصم أن زرًا كان مع عبيدة حال السؤال لعلي. جـ- طريق قيس بن الربيع، عن عاصم، عن زرّ، عن علي قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -: ((الصلاة الوسطى صلاة العصر)) . أخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده" (ص24 رقم 164) . د- طريق جابر الجعفي، أن عاصم بن بهدلة قال: سمعت زرًا يحدث عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - أنه قال يوم أحد: ((شغلونا عن صلاة الوسطى حتى آبت الشمس ملأ الله قبورهم وبيوته وبطونهم نارًا)) . أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 150) ، وفيه جابر بن يزيد الجعفي وهو ضعيف جدًّا كما في الحديث [101] ، وقد خالف الثقات بقوله: ((يوم أحد)) ، وإنما هو: ((يوم الخندق)) . هـ- طريق إسرائيل، عن عاصم، عن زرّ، قال: انطلقت أنا وعَبيدة السَّلْماني إلى علي، فأمرت عبيدة أن يسأله عن الصلاة الوسطى، فقال: يا أمير المؤمنين، ما الصلاة الوسطى؟ فقال: كنا نراها صلاة الصبح، فبينا نحن نقاتل أهل خيبر، فقاتلوا حتى أرهقونا عن الصلاة، وكان قبيل غروب الشمس، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((اللهم املأ قلوب القوم الذين شغلونا عن الصلاة الوسطى =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأجوافهم نارًا أو: املأ قلوبهم نارًا -)) ، قال: فعرفنا يومئذ أنها الصلاة الوسطى. أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (5 / 187 رقم 5428) . قال الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على هذا الحديث: ((ولكن هذه الرواية فيها شذوذ؛ في أن الحديث كان في غزوة خيبر، والروايات الصحاح كلها على أنه كان في غزوة الأحزاب)) . اهـ. قلت: والشذوذ إنما هو في هذه الرواية من طريق إسرائيل، وقد يكون ممن دونه، إما شيخ الطبري، أو شيخ شيخه، وقد اتفق حماد بن زيد وسفيان الثوري كما سبق، وعمرو بن قيس وزائدة بن قدامة كما سيأتي، على أن ذلك كان في غزوة الخندق وهي الأحزاب. و طريق عمرو بن قيس، عن عاصم، به نحو سابقه، إلا أنه ذكر أن الغزوة غزوة الأحزاب. أخرجه محمد بن إبراهيم الجرجاني في "أماليه" (ل 186 / ب - 187 / أ) . ز- طريق زائدة بن قدامة، قال: سمعت عاصمًا يحدث عن زرّ، عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: قاتلنا الأحزاب، فشغلونا عن صلاة العصر ... ، فذكر الحديث بنحو سياق سفيان الثوري. أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 173) . 2- طريق عَبيدة السلماني، عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وله عن عبيدة طريقان: أ- طريق محمد بن سيرين. أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (14 / 421 رقم 18664) . والإمام أحمد في "المسند" (1 / 122 و 144) . وعبد بن حميد في "مسنده" (ص55 رقم 77 / المنتخب) . والدارمي في "سننه" (1 / 224 رقم 1235) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = والبخاري في "صحيحه" (6 / 105 رقم 2931) في الجهاد، باب الدعاء على المشركين بالهزيمة، و (7 / 405 رقم 4111) في المغازي، باب غزوة الخندق وهي الأحزاب، و (8 / 195 رقم 4533) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير، باب {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الوُسْطَى} ، و (11 / 194 رقم 6396) في الدعوات، باب تكرير الدعاء. ومسلم في "صحيحه" (1 / 436 رقم 202) في المساجد، باب التغليظ في تفويت صلاة العصر. ومن طريق البخاري ومسلم أخرجه ابن حزم في "المحلى" (4 / 359 - 360) . وأخرجه أبو داود في "سننه" (1 / 287 رقم 409) ، في الصلاة، باب في وقت صلاة العصر. ومن طريق أبي داود أخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" (4 / 289) . وأخرجه أبو يعلى في "مسنده" (1 / 312 و 315 - 316 رقم 385 و 393) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (5 / 186 رقم 5427) . وابن خزيمة في "صحيحه" (2 / 289 رقم 1335) . وأبو عثمان سعيد بن محمد البَحِيريّ في "فوائده" (ل 50 / ب) . والبيهقي في "سننه" (1 / 459) في الصلاة، باب من قال: هي صلاة العصر - يعني: الوسطى -. جميعهم من طريق محمد بن سيرين، عن عبيدة، عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: لما كان يوم الأحزاب قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((مَلَأَ اللَّهُ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا، شغلونا عن صلاة الوسطى حين غابت الشمس)) ، واللفظ البخاري. ب- طريق أبي حَسَّان مسلم بن عبد الله الأعرج، عن عبيدة. أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 79 و 135 و 137 و 152 و 153 و 154) . ومسلم في "صحيحه" (1 / 436 و 437 رقم 203) في المساجد، باب الدليل لمن قال: الصلاة الوسطى هي صلاة العصر. والترمذي في "سننه" (8 / 328 رقم 4068) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = والنسائي في "سننه" (1 / 236) في الصلاة، باب المحافظة على صلاة العصر. وابن الجارود في "المنتقى" (1 / 155 رقم 157) . وأبو يعلى في "مسنده" (1 / 311 - 312 رقم 384) . وابن جرير في "تفسيره" (5 / 183 و 187 و 197 رقم 5422 و 5429 و 5444) . وأبو عوانة في "مسنده" (1 / 355) . وأن عبد البر في "التمهيد" (4 / 289 - 290) . جميعهم من طريق قتادة، عن أبي حسان، عن عبيدة، به نحو سابقه. 3- طريق يحيى بن الجَزَّار، عن علي. أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 503) . والإمام أحمد في "المسند" (1 / 135 و 152) . ومسلم في الموضع السابق برقم (204) . وأبو يعلى في "مسنده" (1 / 313 رقم 388) . وابن جرير في "تفسيره" (5 / 185 - 186 رقم 5425) . والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 173) . وأبو عوانة في "مسنده" (1 / 355) . جميعهم من طريق يحيى بن الجزّار، سمع عليًّا يقول: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - يوم الأحزاب وهو قاعد على فُرْضَة من فُرَض الخندق ... ، فذكره بنحو سابقه. والفُرْضَةُ هي: المَشْرَعَةُ، وجمعها: فُرَض، وفرضة النهر: مَشْرب الماء منه، وفرضة البحر: مَحطُّ السفن. انظر: "لسان العرب" (7 / 206) . 4- طرق شُتَيْر بْنِ شَكَلٍ، عَنْ عَلِيِّ، وهو الآتي برقم [393] . 5- طريق سعيد بن حيّان التيمي عن علي، وهو الآتي برقم [394] . 6 و 7 و 8- طرق الحارث الأعور، وأبي الأحوص، وأبي الصبهاء البكري، عن علي، وهي الآتية في تخريج الحديث [394] .

393 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْح (1) ، عَنْ شُتَيْر بْنِ شَكَل (2) ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الْأَحْزَابِ: ((شَغَلُونَا عَنْ صَلَاةِ الْوُسْطَى - صَلَاةِ الْعَصْرِ -، مَلَأَ اللَّهُ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا)) ، ثُمَّ صَلَاهَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ.

_ (1) هو أبو الضُّحى الكوفي، تقدم في الحديث [10] أنه ثقة فاضل. (2) هو شُتَيْر - بمثنّاة مصغّرًا - ابن شَكَل - بفتح المعجمة والكاف - ابن حُميد العَبْسي - بموحدة - أبو عيسى الكوفي، روى عن أبيه وأمه وعلي وابن مسعود وغيرهم، روى عنه الشعبي وأبو الضحى وعبد الله بن قيس وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة الثانية، يقال إنه أدرك الجاهلية. قال ابن سعد: ((كان ثقة قليل الحديث)) . وقال العجلي: ((ثقة من أصحاب عبد الله)) ، وقال النسائي: ((ثقة)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال أبو موسى المديني: ((يقال إنه أدرك الجاهلية)) . اهـ. من "الطبقات" لابن سعد (6 / 181) ، و "تاريخ الثقات" للعجلي (ص215 رقم 655) ، و "التهذيب" (4 / 311 - 312 رقم 532) ، و "التقريب" (ص264 رقم 2747) . [393] سنده صحيح، والأعمش وإن لم يصرح بالسماع، فإنه شعبة قد روى عنه هذا الحديث، وتقدم في الحديث [3] أن رواية شعبة عنه محمولة على الاتصال وإن لم يصرح الأعمش بالسماع، وقد أخرج مسلم في "صحيحه" هذا الحديث من هذا الطريق، ومع ذلك فقد تابع الأعمش منصور بن المعتمر عن أبي الضحى مسلم بن صبيح. فالحديث له عن مسلم بن صبيح طريقان: 1- طريق الأعمش، وله عنه تسع طرق: أ- طريق أبي معاوية الذي أخرجه المصنف هنا عنه. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 503) . ومن طريقه وطرق أخرى أخرجه مسلم في "صحيحه" (1 / 437 رقم 205) في المساجد، باب الدليل لمن قال: الصلاة الوسطى هي صلاة العصر. والبيهقي في "سننه" (2 / 220) في الصلاة، باب من قال بترك الترتيب في قضائهن. ومن طريق مسلم أخرجه ابن حزم في "المحلى" (4 / 361) . وأخرجه الإمام في "المسند" (1 / 81 - 82 و 113) . وأبو يعلى في "مسنده" (1 / 315 رقم 392) . وابن جرير في "تفسيره" (5 / 186 رقم 5426) . وابن خزيمة في "صحيحه" (2 / 290 رقم 1337) . جميعهم من طريق أبي معاوية، به مثله. ب - طريق سفيان الثوري، عن الأعمش. أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (1 / 576 رقم 2194) . ومن طريقه وطريق آخر أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 126 و 146) . وأخرجه ابن المنذر في "الأوسط" (2 / 367 - 368 رقم 1027) من طريق عبد الرزاق وحده. وأخرجه أبو يعلى في "مسنده" (1 / 314 رقم 389) . وابن جرير في "تفسيره" (5 / 185 رقم 5424) . والبيهقي في "سننه" (1 / 460) في الصلاة، باب من قال: هي العصر - يعني: الوسطى -. وابن عبد البر في "التمهيد" (4 / 291) . جميعهم من طريق سفيان الثوري، عن الأعمش، به نحوه. جـ- طريق شعبة، عن الأعمش. أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 151) من طريق محمد بن جعفر غندر، عن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = شعبة، عن سليمان الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ شُتَيْرِ بْنِ شَكَلٍ، عَنْ عَلِيِّ - رضي الله عنه -، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - أنه قال يوم الأحزاب: ((حبسونا عَنْ صَلَاةِ الْوُسْطَى صَلَاةِ الْعَصْرِ حتى غربت الشمس، ملأ الله قبورهم وبيوتهم - أو قبورهم وبطونهم - نارًا)) . قال شعبة: ((ملأ الله قبورهم وبيوتهم، أو: قبورهم وبطونهم نارًا)) ، لا أدري أفي الحديث هو، أم ليس في الحديث، أشكّ فيه. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (5 / 195 رقم 5440) من طريق ابن أبي عدي، عن شعبة، به نحو سابقه، إلا أنه لم يذكر قوله: ((ملأ الله ... )) إلخ. وقد أخطأ ابن أبي عدي في الحديث، فجعله من رواية شتير بن شكل، عن أم حبيبة، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -. وأشار إلى ذلك ابن جرير وشيخه أبو موسى محمد بن المثنى، قال ابن جرير عقبه: ((قال أبو موسى: هكذا قال ابن أبي عدي)) . د- طريق يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زائدة، عن الأعمش، به نحوه. أخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص241 رقم 577) . هـ- طريق عيسى بن يونس، عن الأعمش، به نحوه. أخرجه النسائي في "التفسير" (1 / 266 رقم 65) ، وفي الصلاة من "الكبرى" (1 / 152 رقم 358) ، باب تأويل قوله جل ثناؤه: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الوُسْطَى} ، وذكر الاختلاف في الصلاة الوسطى. ومن طريق النسائي أخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" (4 / 290 - 291) . و طريق عبد الله بن نمير، عن الأعمش، به نحوه. أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" (2 / 290 رقم 1337) . وأبو عوانة في "مسنده" (1 / 355 - 356) . ز- طريق يوسف بن خالد، عن الأعمش، به نحوه. أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (1 / 315 رقم 391) . =

394 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (1) ، عَنْ أَبِي حَيَّان التَّيْمي (2) ، عَنْ أَبِيهِ (3) ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ صَلَاةِ الْوُسْطَى، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْئًا، وَأُقِيمَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ، فَلَمَّا فَرَغَ، قَالَ: ((أَيْنَ السَّائِلُ عَنِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى؟)) قَالَ: أَنَا هَذَا. قَالَ: ((هِيَ هَذِهِ الصَّلَاةُ)) .

_ = جـ- طريق علي بن مُسْهِر، عن الأعمش، به نحوه. أخرجه أبو عوانة أيضًا (1 / 356) . ط - طريق إبراهيم بن طَهْمَان، عن الأعمش، به نحوه. أخرجه البيهقي في الموضع السابق (2 / 220) . 2- طرق منصور بن المعتمر، عن مسلم بن صبيح أبي الضحى، به نحوه. أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (1 / 314 رقم 389) . (1) هو ابن عُلَيَّة. (2) هو يحيى بن سعيد بن حَيَّان - بمهملة وتحتانية -، أبو حَيَّان التَّيْمي، الكوفي، روى عن أبيه والشعبي والضحاك بن المنذر وغيرهم، روى عنه شعبة والثوري وإسماعيل بن إبراهيم بن عليّة وغيرهم، وهو ثقة عابد، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين والفلاّس والعجلي وزاد: ((صالح مبرّز صاحب سنة)) ، وقال الخريبي: ((ما كان أبو حيان عند سفيان الثوري!)) - يعني كان يعظمِّه ويوثقه -، وقال مسلم: ((كوفي من خيار الناس)) ، وقال يعقوب بن سفيان: ((ثقة مأمون)) ، وقال النسائي: ((ثقة ثبت)) ، وذكره ابن حيان في "الثقات"، وقال: ((كان من المتهجدين)) ، وكانت وفاته سنة خمس وأربعين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 149 رقم 622) ، و "التهذيب" (11 / 214 - 215 رقم 356) ، و "التقريب" (ص590 رقم 7555) . (3) هو سعيد بن حَيَّان التَّيْمي، الكوفي والد يحيى، روى عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وأبي هريرة والحارث بن سويد وشريح القاضي، وغيرهم، لم يرو عنه سوى =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ابنه يحيى، وسعيد هذا ثقة كما في "الكاشف" (1 / 358 رقم 1891) ؛ ذكره العجلي في "تاريخ الثقات" (ص183 رقم 538) ، وقال: ((ثقة)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (4 / 280) ، وقال ابن القطان: ((مجهول)) ، وذكره الذهبي في "الميزان" (2 / 132 رقم 3157) ، وقال: ((لا يكاد يعرف)) ، وهذا يخالف توثيقه له في "الكاشف"، وانظر "التهذيب" (4 / 19 رقم 26) ، و "التقريب" (ص243 رقم 2289) . وقد جعل ابن حبان الحارث بن سويد من الرواة عنه والصواب أنه من شيوخه، وقد نبه على خطأ ابن حبان الحافظ ابن حجر في الموضع السابق من "التهذيب". [394] سنده صحيح، وقد توبع سعيد بن حَيَّان كما في الحديثين السابقين، وكما سيأتي. والحديث ذكره السيوطي في "الدر" (1 / 727 - 728) ، وعزاه للمصنف ووكيع والفريابي وسفيان بن عيينة ومسدد في "مسنده" وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (5 / 169 رقم 5383) من طريق ابن علية، حدثنا أبو حيان، عن أبيه، عن علي، قال: الصلاة الوسطى صلاة العصر. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (5382) من طريق مصعب بن سلام، عن أبي حيان، به مثل سابقه. وأخرجه ابن حزم في "المحلى" (4 / 370 - 371) معلَّقًا عن يحيى بن سعيد القطان، عن أبي حيان، به نحو لفظ المصنِّف. وللحديث طرق أخرى أيضًا عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مرفوعة سبق تخريجها في الحديثين [392 و 393] . وله طرق أخرى عنه - رضي الله عنه - موقوفة عليه، منها: 1- طريق الحارث الأعور، عن علي. أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 504 و 505) . =

395- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمي، عَنْ أَبِي صَالِحٍ (1) ، قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: ((الصَّلَاةُ الْوُسْطَى: صَلَاةُ العصر)) .

_ = وابن جرير في "تفسيره" برقم (5380 و 5384 و 5385) . والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 175) . ثلاثتهم من طريق أبي إسحاق السبيعي، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ الله عنه - قال: الصلاة الوسطى: صلاة العصر. 2- طريق أبي الأحوص عوف بن مالك، عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في الصلاة الوسطى - قال: هي التي فرّط فيها ابن داود، وهي العصر. أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 505) فقال: حدثنا ابن عيينة، عن مسعر، عن سلمة - يعني ابن كهيل -، عن أبي الأحوص، به. وعلقمة ابن حزم في "المحلى" (4 / 370) عن ابن عيينة. وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات تقدمت تراجمهم. وقد قيل: إن أبا الأحوص لم يسمع من علي - رضي الله عنه - كما في "التهذيب" (8 / 169) ، ثم قال ابن حجر: ((وذكر الخطيب في تاريخه أنه شهد مع علي قتال الخوارج بالنهروان، فإن ثبت ذلك فلا يدفع سماعه منه، والله أعلم)) . اهـ. قلت: الراجح أنه سمع منه - إن شاء الله -، فإنه سمع ممن هو أقدم وفاة من علي، وهو ابن مسعود الذي توفي سنة اثنتين وثلاثين للهجرة، وأما علي فكانت وفاته سنة أربعين للهجرة، وكلاهما كانا بالكوفة. انظر: "التهذيب" (6 / 28) و (7 / 338) . 3- طريق أبي الصَّهْبَاء البَكْري، قال: سألت علي بن أبي طالب عن الصلاة الوسطى، فقال: هي صلاة العصر، وهي التي فُتن بها سليمان بن داود - صلى الله عليه -. أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 170 رقم 5386) . (1) هو ميزان البصري، أبو صالح مشهور بكنيته، ثقة؛ قال ابن معين: ((ثقة مأمون)) =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = كما في "الجرح والتعديل" (8 / 437 رقم 1994) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (5 / 458) ، وقال في "صحيحه": ((هو ثقة)) كما في "التهذيب" (10 / 385) ، وذكره ابن شاهين في "الثقات" (ص237 رقم 1461) ، وقال: ((بصري ثقة)) ، وانظر: "المعرفة والتاريخ للفسوي" (2 / 799) . وقد التبس أبو صالح هذا على الشيخ أحمد شاكر - في حاشيته على تفسير ابن جرير (5 / 171) - بأبي صالح ذَكْوان السَّمان، وذلك أن البيهقي روى هذا الحديث في "سننه" - كما سيأتي - من طريق الإمام أحمد، عن يحيى بن سعيد القطان، عن سليمان التيمي، ثم قال الإمام أحمد: ((ليس هو أبو صالح السَّمّان، ولا باذام، هذا بصري، أراه ميزان)) - يعني اسمه ميزان -. اهـ. قال الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله -: ((وهذا الظن من الإمام أحمد - رحمه الله - ينفيه تصريح من ذكرنا من الرواة بأنه: أبوصالح السمان، وأما: أبو صالح ميزان؛ فإنه تابعي آخر ثقة، مترجم في "التهذيب" و "الكبير" للبخاري (4 / 2 / 67) ، ولكنهم لم يذكروا له رواية عن أبي هريرة)) . اهـ. ومنشأ هذا الخطأ عند الشيخ أحمد شاكر: أن ابن حزم روى الحديث في "المحلى" كما سيأتي، وفيه: ((عن أبي صالح السمان)) ، وهو الذي قصده الشيخ بقوله: ((ينفيه تصريح من ذكرنا)) ، كما أن الشيخ اطلع على ترجمة ميزان في "التهذيب" فلم يجد الحافظ ابن حجر ذكر أبا هريرة من شيوخه، فظن أنه ذكوان السمان، لكن لو أن الشيخ توسّع في الإطلاع على مصادر ترجمة ميزان، لوجد ابن أبي حاتم قد صدّر شيوخه بقوله: ((روى عن أبي هريرة)) ، وأما الحافظ ابن حجر فليس من منهجه في "التهذيب" ذكر شيوخ الراوي والرواة عنه باستيفاء - كما هو معلوم -، ومع ذلك فإنهم لم يذكروا لسليمان بن طرخان التيمي رواية عن ذكوان كما يتضح من مراجعة "تهذيب الكمال" المطبوع (8 / 514) و (12 / 6) ، وإنما ذكروا أنه يروي عن ميزان كما في مصادر ترجمة ميزان السابقة. وأما ما وقع في "المحلى" لابن حزم من التصريح بأنه السمان فلا يبعد أن يكون =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = اجتهادًا من ابن حزم أخطأ فيه، وهذا كثير، وسبق التنبيه على بعض أخطائه في مثل هذا في الحديث [369] . وعليه فما رآه الإمام أحمد هو الصواب، والله أعلم. [395] الحديث سنده صحيح موقوفًا على أبي هريرة، ولا يصح عنه رفعه. وذكره السيوطي في "الدر" (1 / 728) وعزاه للمصنف وعبد الرزاق، وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي. وقد روي الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - من أربع طرق: 1- طريق أبي صالح ميزان البصري، ويرويه عنه سليمان بن طَرْخَان التَّيْمي. اخرجه المصنف هنا من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة، عن سيلمان. ومن طريق ابن علية أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 170 رقم 5387) بمثله، وقرن به رواية بشر بن المفضل للحديث عن سليمان التيمي. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 506) من طريق سهل بن يوسف، عن سليمان التيمي، به مثله. وأخرجه ابن جرير أيضًا (5 / 172 رقم 5390) من طريق مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيُّ، عَنْ أبيه، بنحوه. وأخرجه البيهقي في "سننه" (1 / 460 - 461) في الصلاة، باب من قال: هي العصر - يعني الوسطى -، من طريق محمد بن عبد الله الأنصاري ويحيى بن سعيد القطان، كلاهما عن سليمان التيمي، به نحوه. وعلقه ابن حزم في "المحلى" (4 / 369) عن يحيى القطان، به مثله. فهؤلاء الستة من الرواة رووه عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي صالح، عن أبي هريرة، موقوفًا عليه. وخالفهم عبد الوهاب بن عطاء فرواه عن التيمي، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - قال: ((صلاة الوسطى: صلاة العصر)) . أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 189 رقم 5432) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وابن خزيمة في "صحيحه" (2 / 290 رقم 1338) . والبيهقي في الموضع السابق. قال البيهقي: ((كذا روي بهذا الإسناد، خالفه غيره، فرواه عن التيمي موقوفًا على أبي هريرة)) . اهـ. قلت: والموقوف أصح لاتفاق ستة من الرواة على روايته موقوفًا، وفيهم بعض كبار الحفاظ كيحيى القطان وابن علية، وأما عبد الوهاب بن عطاء فتفرد به برفعه ولم يتابعه عليه أحد عن التيمي، وإن كان روي عن أبي هريرة مرفوعًا من غير طريقه كما سيأتي. 2- طريق كهيل بن حرملة، قال: سئل أبو هريرة عن الصلاة الوسطى، فقال: اختلفا فيها كما اختلفتم فيها ونحن بفناء بيت رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - وفينا الرجل الصالح أبو هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، فقال: أنا أعلم لكم ذلك، فقام فاستأذن عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -، فدخل عليه، ثم خرج إلينا فقال: أخبرنا أنها صلاة العصر. أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 191 رقم 5436) ، واللفظ له. والبزار في "مسنده" كما في "كشف الأستار" (1 / 197 - 198 رقم 391) . والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 174) ، وفي كتاب ((الرد على الكَرَابيسي)) كما في "الجوهر النقي" (1 / 459 - 460) . وابن حبان في "الثقات" (5 / 341 - 342) . والحاكم في "المستدرك" (3 / 638) . جميعهم من طريق خالد بن دَهْقان، عن خالد سَبلانَ، عن كُهيْل، به. وقد سكت الحاكم والذهبي عن الحديث فلم يتكلما عنه بشيء. وذكره ابن كثير في "تفسيره" (1 / 292) ، وقال: ((غريب من هذا الوجه جدًّا)) . وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (1 / 309) وعزاه للطبراني أيضًا في "الكبير" مع البزار، ثم قال: ((رجاله موثقون)) . قلت: سنده ضعيف لجهالة كُهَيْل بن حَرْملة النُّمَيْري، فإنه لم يرو عنه =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = سوى خالد بن عبد الله سَبَلان، وقد ذكره البخاري في "تاريخه" (7 / 238 رقم 1024) ، وسكت عنه، وبيّض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (7 / 173 رقم 984) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (5 / 341) . 3- طريق موسى بن وَرْدان، عن أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -: ((صلاة الوسطى: صلاة العصر)) . أخرجه الطحاوي في الموضعين السابقين، من طريق محمد بن أبي حميد، عن موسى، به. وسنده ضعيف جدًّا. موسى بن وَرْدان القرشي العامري، مولاهم أبو عمر المصري، مدني الأصل، يروي عن أبي هريرة وأنس وجابر وغيرهم - رضي الله عنهم -، روى عنه ابنه سعيد وحيوة بن شريح ومحمد بن أبي حميد وغيرهم، وهو صدوق ربما أخطأ؛ قال ابن معين: ((ضعيف الحديث)) ، وفي رواية: ((ليس بالقوي)) ، وقال ابن حبان: ((كثر خطؤه حتى كان يروي المناكير عن المشاهير)) ، وقال أبو حاتم: ((ليس به بأس)) ، وفي موضع آخر قال: ((ليس بالمتين، يكتب حديثه)) ، وقال البزار: ((صالح، روى عنه محمد بن أبي حميد أحاديث منكرة، وأما هو فلا بأس به)) ، وقال الدارقطني: ((لا بأس به)) ، ووثقه العجلي وأبو داود، وكانت وفاته سنة سبع عشرة ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (8 / 165 - 166 رقم 733) ، و "التهذيب" (10 / 376 - 377 رقم 669) ، و "التقريب" (ص554 رقم 7023) . ومحمد بن أبي حُمَيْد إبراهيم الأنصاري الزُّرَقي، أبو إبراهيم المدني، لقبه: حمّاد، يروي عن زيد بن أسلم ونافع مولى ابن عمر وسعيد المقبري وموسى بن وردان وغيرهم، روى عنه محمد بن أبي عدي وأبو عامر العَقَدي وأبو داود الطيالسي وغيرهم، وهو ضعيف جدًّا، قال الإمام أحمد: ((أحاديث أحاديث مناكير)) ، وقال ابن معين والبخاري والساجي: ((منكر الحديث)) ، وفي رواية عن ابن معين: ((ليس بشيء، ولا يكتب حديثه)) ، وقال الجوزجاني: ((واهي الحديث ضعيف)) ، وقال: =

396- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا دَاوُدُ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (1) ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْم (2) ، عَنْ (عَبْدِ الرَّحْمَنِ) (3) بْنِ لَبِيْبَةَ الطَّائِفي (4) ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي هُرَيْرَةَ: الصَّلَاةُ الْوُسْطَى؟ قَالَ: ((أَلَا هِيَ صلاة العصر)) .

_ = أبو حاتم: ((منكر الحديث، ضعيف الحديث ... ، يروي عن الثقات المناكير)) ، وقال النسائي: ((ليس بثقة)) ، وقال ابن حبان: ((لا يحتج به)) ، وذكره يعقوب بن سفيان في باب من يرغب عن الرواية عنهم. اهـ. من "الجرح والتعديل" (7 / 233 - 234 رقم 1276) ، و "الكامل" لابن عدي (6 / 2203) ، و "التهذيب" (9 / 132 - 134 رقم 183) . 4- طريق عبد الرحمن بن نافع لَبِيْبة الطائفي، عن أبي هريرة موقوفًا عليه، وهو الآتي بعده. وعليه يتضح أن الحديث صحيح عن أبي هريرة موقوفًا عليه من قوله، وأما رفعه فلا يصح عن أبي هريرة، وقد صح مرفوعًا من حديث علي بن أبي طالب كما في الحديثين المتقدمين برقم [392 و 393] ، والله أعلم. (1) هو داوُد بن عبد الرحمن العطّار العبدي، أبو سليمان المكّي، روى عن هشام بن عروة وابن جريج، ومعمر وابن خُثَيم وغيرهم، وروى عنه ابن المبارك وابن وهب والإمام الشافعي وسعيد بن منصور وغيرهم، وهو ثقة لم يثبت أن ابن معين تكلم فيه، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين وأبو داود والعجلي والبزار، وقال أبو حاتم: ((لا بأس به، صالح)) ، وقال إبراهيم بن محمد الشافعي: ((ما رأيت أحدًا أعبد من الفضيل بن عياض، ولا أورع من داود بن عبد الرحمن، ولا أفرس في الحديث من ابن عيينة)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: ((كان متقنًا، من فقهاء أهل مكة)) وكانت ولادته سنة مائة، ووفاته سنة أربع أو خمس وسبعين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 417 رقم 1907) ، و "التهذيب" (3 / 192 رقم 366) ، و "التقريب" (ص199 رقم 1798) .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وقد روي أن ابن معين والأزدي تكلما في داود هذا. أما ابن معين فالصحيح عنده توثيقه كما سبق، ونقل الحاكم بلا إسناد عنه أنه قال: ((ضعيف)) ، وهذا لا يثبت لأن الحاكم لم يذكر الذي حدث به. وأما الأزدي فقال: ((يتكلمون فيه)) ، وهذا مردود بتوثيق من سبق، والأزدي لا يعتدّ بجرحه سيّما وقد خالفه غيره كما سبق بيان ذلك في الحديث [200] . (2) هو عبد الرحمن بن خُثَيْم - بالمعجمة والمثلثة مصغرًا-، القَارِيُّ أبو عثمان المكي، روى عن أبي الطفيل وصفيّة بنت شيبة وسعيد بن جبير ومجاهد وغيرهم، روى عنه السفيانان وابن جريج ومعمر وغيرهم، وهو صدوق، قال ابن معين: ((ثقة حجة)) ، وفي رواية قال: ((أحاديثه ليست بالقويّة)) ، ووثقه العجلي والنسائي، وفي رواية أخرى عن النسائي قال: ((ليس بالقوي)) ونقل عن ابن المديني أنه قال: ((منكر الحديث)) ، وقال ابن سعد: ((كان ثقة، وله أحاديث حسنة)) ، وقال أبو حاتم: ((ما به بأس، صالح الحديث)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: ((يخطئ)) ، وكانت وفاته قبل سنة أربع وأربعين ومائة، قيل: سنة خمس وثلاثين ومائة، وقيل: سنة اثنتين وثلاثين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 111 - 112 رقم 510) ، و "التهذيب" (5 / 314 - 315 رقم 536) ، و "التقريب" (ص313 رقم 3466) . (3) في الأصل: ((عبد الله)) ، والصواب ما أثبته من مصادر ترجمته الآتية ومصادر التخريج. (4) هو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَافِعِ بْنِ لَبِيْبَةَ الطَّائِفي، حجازي يروي عن أبي هريرة وابن عمر - رضي الله عنهما -، وهو مجهول الحال، روى عنه ابن خثيم ويعلى بن عطاء، وذكره البخاري في "تاريخه" (5 / 357 - 358 رقم 1135) ، وسكت عنه، وبيّض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (5 / 294 رقم 1393) . [396] سنده ضعيف لجهالة حال عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَافِعِ بْنِ لبيبة، وهو صحيح لغيره كما في الحديث السابق، وقد روي عن أبي هريرة مرفوعًا ولا يصح كما =

397- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (1) ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: ((صَلَاةُ الْوُسْطَى: صَلَاةُ الصُّبْحِ))

_ = سبق بيانه. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (1 / 537 - 539 و 577 رقم 2040 و 2197) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (5 / 171 رقم 5388) . كلاهما من طريق معمر، عن ابن خثيم، به نحوه، إلا أن لفظ عبد الرزاق في الموضع الأول فيه قصة طويلة. وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" (5 / 357 - 358) من طريق يحيى بن سليم، عن ابن خثيم، به مختصرًا. وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 175) . وابن حزم في "المحلى" (4 / 369 - 370) . أما الطحاوي فمن طريق إسماعيل بن عياش، وأما ابن حزم فمن طريق بشر بن المفضل، كلاهما عن ابن خثيم، به نحوه، وفي لفظهما زيادة. (1) لم أجد من نصّ على أن داود سمع من ابن أبي نجيح، لكن صرّح داود بالسماع عند البيهقي كما سيأتي، وكلاهما مكّي، وقد تعاصرا، فوفاة ابن أبي نجيح كانت سنة إحدى وثلاثين ومائة، وولادة داود سنة مائة. انظر: "تهذيب الكمال" المطبوع (8 / 414) والمخطوط (2 / 748) ، و "التهذيب" (6 / 54) ، و (3 / 192) . [397] سنده صحيح، وانظر في رواية ابن أبي نجيح للتفسير عن مجاهد الحديث [184] . وهذا الأثر ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 719) وعزاه للمصنف وابن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه وعبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي في "سننه". =

398- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ (1) ، عَنْ زَيْدِ بن أسلم، [ل118/أ] (2) قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: ((هي صلاة الصبح)) .

_ = وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (1 / 462) في الصلاة، باب من قال: هي الصبحَ - يعني الصلاة الوسطى -، من طريق داود بن عبد الرحمن العطار، حدثني ابن أبي نجيح..، فذكره بنحوه. وله طريق أخرى من رواية زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنِ ابْنِ عمر، وهي الآتية برقم [398] وسندها حسن لذاته. وقد روي عن ابن عمر أنها العصر. فقد ذكر البيهقي في "سننه" (1 / 461) بعض الأحاديث في ذلك، ثم قال: ((وهذا قول عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ الله عنه - في أصح الروايتين عنه، وقول أُبَيّ بن كعب وأبي أيوب الأنصاري وأبي هريرة وعبد اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وإحدى الروايتين عن ابن عمر، وابن عباس وأبي سعيد الخدري وعائشة - رضي الله عنهم -)) . اهـ. وقد أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 170) . وعلقه ابن حزم في "المحلى" (4 / 370) . كلاهما من طريق ابن شهاب الزهري، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن عمر، عن أبيه قال: ((الصلاة الوسطى: صلاة العصر)) ، واللفظ للطحاوي. وذكره ابن التركماني في "الجوهر النقي" (1 / 463) من وراية الطحاوي، ثم قال: ((وهذا سند صحيح)) . (1) هو الدَّرَاوَرْي، تقدم في الحديث [96] أنه صدوق. (2) هو زيد بن أسلم العدوي، مولى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عنه -، أبو عبد الله وأبو أسامة، المدني، روى عن أبيه وابن عمر وأبي هريرة وعائشة وجابر وغيرهم، روى عنه الإمام مالك وابن جريج والسفيانان والدَّرَاوَرْدي وغيرهم، وهو ثقة عالم، وكان يرسل، روى له الجماعة، ووثقه أحمد وأبو زرعة وأبو حاتم وابن سعد والنسائي وابن خراش، وقال يعقوب بن شيبة: ((ثقة من أهل =

399- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ (1) ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: ((هِيَ صَلَاةُ الصُّبْحِ)) . 400- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ (2) ، عَنْ حُصَين (3) ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّاد (4) قَالَ: ((هي صلاة العصر)) .

_ = الفقه والعلم، وكان عالمًا بتفسير القرآن)) ، وقد أرسل عن علي وأبي سعيد رضي الله عنهما، وكانت وفاته سنة ست وثلاثين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 555 رقم 2511) ، و "التهذيب" (3 / 395 - 397 رقم 728) ، و "التقريب" (ص222 رقم 2117) . [398] سنده حسن لذاته، وهو صحيح لغيره كما في الحديث السابق. وقد أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 506) من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوري، به مثله. وذكر ابن عبد البر في "التمهيد" (4 / 284) أن إسماعيل القاضي أخرجه، فقال: وذكر إسماعيل بن إسحاق: أخبرنا إبراهيم بن حمزة وعلي بن المديني - واللفظ له -، قالا: حدثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حدثني زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابن عمر يقول: الصلاة الوسطى: صلاة الصبح. (1) هو عبد الله بن طاوس. [399] سنده صحيح. والمصنف هنا أخرجه من طريق شيخه سفيان بن عيينة. وسفيان أخرجه في "تفسيره" كما في "الدر المنثور" (1 / 719) . (2) تقدم في الحديث [174] أنه ضعيف. (3) هو ابن عبد الرحمن السُّلَمي. (4) هو عَبْدَ اللَّهِ بْنَ شَدَّاد بْنِ الهَاد اللَّيْثي، أبو الوليد المدني، ولد في عهد النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم يسمع منه شيئًا، وروى عن أبيه وعمر وعلي وطلحة وابن مسعود وغيرهم - رضي الله عنهم - روى عنه سعد بن إبراهيم وأبو إسحاق الشيباني وطاوس =

401- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَتَّاب بْنُ بَشِيرٍ (1) ، عَنْ خُصَيْف (2) ، عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ (3) : أَنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَمَرَتْ بِمُصْحَفٍ لَهَا أَنْ يُكتب، وَقَالَتْ: ((إِذَا بَلَغْتُمْ: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ} فَلَا تَكْتُبُوهَا حَتَّى تُؤْذِنُونِي)) ، فَلَمَّا أَخْبَرُوهَا أَنَّهُمْ قَدْ بَلَغُوا، (قَالَتْ) (4) : ((اكْتُبُوهَا: صَلَاةَ الْوُسْطَى صَلَاةَ الْعَصْرِ)) .

_ = ومحمد بن كعب وهو ثقة، روى له الجماعة، ووثقه أبو زرعة والنسائي والعجلي والخطيب، وقال ابن سعد: ((كان ثقة فقيهًا كثير الحديث متشيعًا)) ، وقال الميموني: سئل أحمد: أسمع عبد الله بن شداد من النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شيئًا؟ قال: (لا) ، وكانت وفاته سنة إحدى أو اثنتين وثمانين للهجرة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 80 رقم 373) ، و "الكاشف" للذهبي (2 / 95 رقم 2801) ، و "التهذيب" (2 / 381 رقم 659) ، و (5 / 251 - 252 رقم 441) . [400] سنده ضعيف لضعف سويد بن عبد العزيز. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 219 رقم 5488) ، فقال: حُدِّثت عن عمار بن الحسن، قال: حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن شداد بن الهاد قال: الصلاة الوسطى صلاة الغداة. وهذا أيضًا ضعيف لإبهام شيخ الطبري، وفيه مخالفة لسويد الذي رواه عن حصين على أنها صلاة العصر. (1) تقدم في الحديث [204] أنه لا بأس به، إلا في روايته عن خصيف فإنها منكرة. (2) تقدم في الحديث [204] أنه صدوق سيء الحفظ. (3) تقدم في الحديث [264] أن العجلي وثّقه، لكن لم أجد من نصّ على أنه سمع من عائشة رضي الله عنها، انظر: "تهذيب الكمال" (9 / 510 رقم 2068) ، و "تهذيب التهذيب" (3 / 384 رقم 701) ، وسماعه منها محتمل، فقد نص =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = البخاري في "تاريخه" (3 / 373 رقم 1261) على أنه سمع أبا موسى الأشعري، وهو متوفى قبل عائشة - رضي الله عنها -، فوفاته قيل إنها كانت سنة اثنتين وأربعين للهجرة، وقيل أربع وأربعين، وقيل إحدى وخمسين كما في "التهذيب" (5 / 363) ، وأما عائشة فوفاتها كانت سنة ثمان وخمسين كما في "التهذيب" (12 / 436) . (4) في الأصل: ((قال)) ، وما أثبته من "الدر المنثور" (1 / 727) حيث ذكره من رواية المصنِّف. [401] سنده ضعيف لما تقدم عن حال خصيف وعتّاب، وهو صحيح لغيره كما سيأتي. وذكره السيوطي في "الدر" (1 / 727) بمثله وعزاه للمصنف وأبي عبيد. وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل" (ص240 رقم 573) من طريق مروان بن شجاع، عن خصيف، به نحوه. وصح الحديث عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - من وجه آخر. فأخرجه مالك في "الموطأ" (1 / 138 - 139 رقم 25) في صلاة الجماعة، باب الصلاة الوسطى، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ القعقاع بن حكيم، عن أبي يونس مولى عائشة أم المؤمنين أنه قال: أمرتني عائشة أن أكتب بلها مصفحًا، ثم قالت: إذا بلغت هذه الآية فآذِنّي: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِين} ، فلما بلغتُها آذنتها، فأملت عليّ: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين، قالت عائشة: سمعتُها مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -. ومن طريق الإمام مالك أخرجه: الإمام أحمد في "المسند" (6 / 73 و 178) . ومسلم في "صحيحه" (1 / 437 - 438 رقم 207) في المساجد، باب الدليل لمن قال: الصلاة الوسطى هي صلاة العصر. وأبو داود في "سننه" (1 / 287 رقم 410) في الصلاة، باب في وقت صلاة العصر. والترمذي (8 / 326 - 327 رقم 4065) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير. والنسائي في "سننه الصغرى" (1 / 236) في الصلاة، باب المحافظة على صلاة العصر، وفي الصلاة من الكبرى (1 / 154 رقم 366) ، باب الأمر بالمحافظة على =

402- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَتَّاب، عَنْ خُصَيف، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: ((هِيَ صَلَاةُ الصبح)) .

_ = الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر، وفي "التفسير" (1 / 269 - 270 رقم 66) . والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 172) . وابن أبي داود في "المصاحف" (ص94) . والبيهقي في "سننه" (1 / 462) في الصلاة، باب من قال: هي الصبح - يعني الوسطى-. فإن قيل: إن هذه الرواية تخالف رواية زِيَادِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ فِي إثبات الواو وحذفها في قوله: ((صلاة العصر)) و: ((وصلاة العصر) ، والواو عاطفة، والعطف يقتضي المغايرة، فتكون صلاة العصر غير الوسطى، فالجواب ما ذكره الحافظ ابن حجر في "الفتح" (8 / 197) ؛ حيث ذكر حجج من قال: إن الصلاة الوسطى غير العصر ومنها هذا الحديث، ثم قال ابن حجر: ((فتمسك قوم بأن العطف يقتضي المغايرة، فتكون صلاة العصر غير الوسطى، وأجيب: بأن حديث علي ومن وافقه أصح إسنادًا وأصرح، وبأن حديث عائشة قد عورض برواية عروة: أنه كان في مصحفها: (وهي العصر) ، فيحتمل أن تكون الواو زائدة، ويؤيده ما رواه أبو عبيد بإسناد صحيح عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ كان يقرؤها: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى صلاة العصر) بغير واو، أوْ هي عاطفة، لكن عطف صفة لا عطف ذات، وبأن قوله: (والصلاة الوسطى والعصر) لم يقرأ بها أحد، ولعل أصل ذلك ما في حديث البراء أنها نزلت أولاً (والعصر) ، ثم نزلت ثانيًا بدلها: (والصلاة الوسطى) ، فجمع الراوي بينهما، ومع وجود الاحتمال لا ينهض الاستدلال، فكيف يكون مقدًما على النص الصريح بأنها صلاة العصر؟!)) . اهـ. والله أعلم. [402] إسناده ضعيف كسابقه، وهو صحيح لغيره كما سيأتي. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 718) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد فقط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وذكر ابن عبد البر في "التمهيد" (4 / 284 - 285) أن إسماعيل القاضي أخرجه، فقال: ذكر إسماعيل، قال: حدثنا إبراهيم بن حمزة قال: أخبرنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ ثور، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أنه كان يقول: الصلاة الوسطى: صلاة الصبح، تصلى في سواد من الليل وبياض من النهار، وهي أكثر الصلوات تفوت الناس. قال إسماعيل: وحدثنا به محمد بن أبي بكر قال: حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنِ ثور بن زيد، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مثله. قال إسماعيل: ((الرواية عن ابن عباس في ذلك صحيحة)) . وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 171) من طريق خالد بن خراش، عن عبد العزيز بن محمد الدَّرَاوَرْدي، به نحو سياق إسماعيل القاضي، غير أنه لم يذكر قوله: ((وهي أكثر الصلوات تفوت الناس)) . وإسناد إسماعيل القاضي الأول حسن لذاته؛ رجاله ثقات، غير عبد العزيز وإبراهيم فإنهما صدوقان، وقد توبعا كما سبق، فالحديث صحيح لغيره. أما عكرمة فتقدم في الحديث [115] أنه ثقة ثبت. وأما عبد العزيز بن محمد الدَّرَاوَرْدي فتقدم في الحديث [69] أنه صدوق. وأما ثَوْرُ بن زيد الدِّيْلي - بكسر المهملة، بعدها تحتانية-، المدني، فإنه يروي عن أبي الزناد وعكرمة والحسن البصري وغيرهم، روى عنه الإمام مالك وسليمان بن بلال والدَّرَاوَرْدي وغيرهم، وهو ثقة؛ روى له الجماعة، ووثقه ابن معين وأبو زرعة والنسائي، وكانت وفاته سنة خمس وثلاثين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (2 / 468 رقم 1903) ، و "التهذيب" (2 /31 - 32 رقم 55) ، و "التقريب" (ص135 رقم 859) . وأما إبراهيم بن حمزة بن محمد بن حمزة بن مصعب بن عبد الله بن الزبير الزُّبَيْري، أبو إسحاق المدني، فإنه يروي عن إبراهيم بن سعد وابن أبي حازم والدَّرَاوَرْدي وغيرهم، روى عنه البخاري وأبو داود وأبو زرعة، وأبو حاتم وإسماعيل القاضي =

403- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الأَحْوَص (1) ، أَرَاه (2) عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ (3) ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الوُسْطَى} ، قال: ((هي صلاة العصر)) .

_ = وغيرهم، وهو صدوق كما قال أبو حاتم، وقال ابن سعد: ((ثقة صدوق)) ، وقال النسائي: ((ليس به بأس)) ، وكانت وفاته سنة ثلاثين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (2 / 95 رقم 259) ، و "التهذيب" (1 / 116 - 117 رقم 207) ، و "التقريب" (ص89 رقم 168) . وقد روي عن ابن عباس أنها العصر، وهو الحديث الآتي، ولكنه لا يصح بهذا اللفظ، وإنما حسن لذاته بلفظ: ((والصلاة الوسطى وصلاة العصر)) . (1) هو سَلاَّم بن سُلَيْم. (2) القائل: ((أراه)) هو المصنف، شك في ذلك ولا داعي للشك؛ فسيأتي أنه عن أبي إسحاق من رواية أبي الأحوص عنه. (3) اختلف في هذا الراوي المبهم كما سيأتي، ففي بعض الروايات أن اسمه: ((رَزِين)) ، وفي بعضها: ((هُبيرة)) وهو الصواب. [403] سنده ضعيف لإبهام شيخ أبي إسحاق، لكنه قد عرف كما سيأتي، فالحديث حسن لذاته بلفظ: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وصلاة العصر. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 728) وعزاه للمصنف ووكيع وسفيان وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر. وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 169 رقم 5381) من طريق محمد بن عبيد المحاربي، قال: حدثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ... ، فذكره بنحوه. ورواه زكريا بن أبي زائدة، وقيس بن الربيع، وإسرائيل بن يونس، ثلاثتهم عن أبي إسحاق، به، وسموا المبهم: ((رزين)) . وخالفهم شعبة، فسماه: ((هبيرة)) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = أما رواية زكريا بن أبي زائدة، فأخرجها أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص240 رقم 575) فقال: حدثنا ابن أبي زائدة، عن أبيه، عن أبي إسحاق، عن رزين بن عبيد، أنه سمع ابن عباس يقرؤها كذلك: (والصلاة الوسطى صلاة العصر) . وأما رواية إسرائيل، فأخرجها البخاري في "تاريخه" (3 / 324) ، فقال: قال إسحاق: أخبرنا ابن آدم. سمع إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن رزين بن عبيد، عن ابن عباس: الوسطى: العصر. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 180 رقم 5416) . والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 172) . كلاهما من طريق إسرائيل، به نحوه، ولفظهما أتم من لفظ البخاري. وأما رواية قيس بن الربيع، فأخرجها ابن جرير برقم (5413) ولفظه نحو لفظ المصنف. وأما رواية شعبة، فأخرجها ابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 504) فقال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ هبيرة بن يريم، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى صلاة العصر) . وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 213 رقم 5468) . وابن أبي داود في "المصاحف" (ص87) . وعلقه ابن حزم في "المحلى" (4 / 363 - 364) . وأخرجه البيهقي في "سننه" (1 / 463) في الصلاة، باب من قال: هي الصبح - يعني الوسطى-. أما ابن جرير والبيهقي فمن طريق وهب بن جرير، وأما ابن أبي داود فمن طريق محمد بن جعفر غندر، وأما ابن حزم فمن طريق يحيى القطان، جميعهم عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عن هبيرة بن يريم، عن ابن عباس: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وصلاة العصر) . كذا رواه هؤلاء عن شعبة: ((وصلاة العصر)) ، وخالفهم وكيع كما سبق فرواه =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = بحذف الواو. ومن طريق وكيع علقه ابن حزم في "المحلى" (4 / 365) . والراجح إثبات الواو لاتفاق هؤلاء الثلاثة على روايته كذلك عن شعبة، وفيهم يحيى بن سعيد القطان وهو أحفظ من وكيع وأتقن. وأما قوله: ((هبيرة بن يريم)) ، فإنما هو عند البيهقي فقط، وأما ابن أبي شيبة فوقع عنده: ((عمير بن نعيم)) ، ووقع عند ابن أبي داود وابن حزم: ((عمير بن يريم)) ، وعند ابن جرير: ((عمير بن مريم)) ، وصوبه الشيخ أحمد شاكر كما هنا، وهو الصواب. وهو هُبَيْرة بن يَريم - أوّله تحتانيّة، على وزن عظيم -، الشِّبَامي - بمعجمة، ثم موحدة خَفيفة - ويقال: الخارفي - بمعجمة وفاء -، أبو الحارث الكوفي، روى عن علي وطلحة وابن مسعود وابن عباس وغيرهم - رضي الله عنهم - روى عنه أبو إسحاق السبيعي وأبو فاختة، وهبيرة هذا لا بأس به، وقد عيب بالتشيع. قال الإمام أحمد: ((لا بأس بحديثه، هو أحسن استقامة من غيره)) - يعني: الذين تفرد أبو إسحاق بالرواية عنهم -، وقال ابن سعد: ((كانت منه هفوة أيام المختار، وكان معروفًا، وليس بذاك)) ، وقال الساجي: قال يحيى بن معين: ((هو مجهول)) ، وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: سألت أبي عن هبيرة بن يريم، قلت: يحتج بحديثه؟ قال: ((لا، وهو شبيه بالمجهولين)) ، وقال ابن خراش: ((ضعيف)) ، وقال النسائي: ((ليس بالقوي)) ، وقال في "الجرح والتعديل": ((أرجو أن لا يكون به بأس، ويحيى وعبد الرحمن لم يتركا حديثه، وقد روى غير حديث منكر)) . وكانت وفاته سنة ست وستين للهجرة. اهـ. من "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (9 / 109 - 110 رقم 458) ، و "التهذيب" (11 / 23 - 24 رقم 52) ، و "التقريب" (ص570 رقم 7268) . ورواية شعبة أرجح من رواية ابن أبي زائدة وقيس بن الربيع وإسرائيل، وسندها حسن لذاته، وانظر ترجمة أبي إسحاق في الحديث رقم [1] . =

404 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانة (1) ، عَنْ أَبِي بِشْر (2) ، عَنْ عَبَايَة بْنِ رِفَاعة (3) ، - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: (( {وَقُومُوا للهِ قَانِتِينَ} -، (أَيْ: مُطِيعِينَ)) ) . 405 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ... (4) : ((وَخَفْضُ الأَيْدي، وغَضّ الْبَصَرِ فِي الصَّلَاةِ)) .

_ = وأما ابن أبي زائدة وإسرائيل؛ فإنهما ممن روى عن أبي إسحاق بعد الاختلاط كما في "الكواكب النيرات" وحاشيته (ص350 و 356) . وأما قيس بن الربيع فتقدم في الحديث [54] أنه صدوق تغير لما كبر وأدخل عليه ابنه ما ما ليس من حديثه فحدَّث به. (1) هو وضّاح بن عبد الله. (2) هو جعفر بن إياس. (3) هو عَبَايَةُ - بفتح أوّله والموحّدة الخفيفة، وبعد الألف تحتانية خفيفة - ابن رِفَاعة بن رافع بن خَديج، الأنصاري، الزُّرَقي، أبو رفاعة المدني، روى عن جده وعن أبيه، عن جده على خلاف في ذلك، وعن الحسين بن علي بن أبي طالب وغيرهم، روى عنه سعيد بن مسروق الثوري وأبو حيّان يحيى بن سعيد التيمي وأبو بشر وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة الثالثة؛ وثقه ابن معين والنسائي، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وروى له الجماعة. "الجرح والتعديل" (7 / 29 رقم 154) ، و "التهذيب" (5 / 136 رقم 235) ، و "التقريب" (ص294 رقم 3196) . [404] سنده صحيح. (4) كذا في الأصل، وواضح أن في الحديث سقطًا في الإسناد والمتن، ولم أستطع تداركه. [405] الحكم على الحديث متوقف على استدراك ما سقط منه، فعسى أن يتيسر ذلك. =

406 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو شِهَاب (1) ، عَنْ لَيْث (2) ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: ((مِنَ القُنُوت: (الرُّكُوعُ) (3) ، والخشوعُ، وغَضُّ الْبَصَرِ، وخفْضُ الجَنَاح مِنْ رَهْبة اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ -، كَانَ الْعُلَمَاءُ إِذَا قَامَ أَحَدُهُمْ فِي الصَّلَاةِ، يَهَابُ الرحمنَ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَنْ يمتدَّ بَصَرُهُ، أَوْ يَعْبثَ بِشَيْءٍ، أَوْ يَلْتَفِتَ، أَوْ يُقَلِّبَ الحَصَا، أَوْ يُحَدِّثَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ مِنْ شَأْن الدُّنْيَا، إِلَّا نَسْيًا)) .

_ (1) هو عبد ربه بن نافع. (2) هو ابن أبي سليم، تقدم في الحديث [9] أنه اختلط فلم يتميز حديثه فتُرك. (3) في الأصل: ((الركود)) ، وما أثبته من الموضع الآتي من "شعب الإيمان". [406] سنده ضعيف لضعف ليث بن أبي سُلَيم. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 731) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والأصبهاني في الترغيب والبيهقي في "شعب الإيمان". وقد أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (6 / 385 رقم 2883) من طريق المصنف، حدثنا أَبُو شِهَابٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مجاهد - في قوله: {وَقُومُوا للهِ قَانِتِينَ} - قَالَ: مِنَ الْقُنُوتِ: الرُّكُوعُ، وَالْخُشُوعُ، وَغَضُّ الْبَصَرِ، وَخَفْضُ الْجَنَاحِ مِنْ رهبة الله عز وجل. قال البيهقي - رضي الله عنه -: كَانَ الْعُلَمَاءُ إِذَا قَامَ أَحَدُهُمْ في الصلاة، يهاب الرحمن أن يَشُدَّ بصره، أو يلتفت، أو يعبث شيء، أَوْ يُقَلِّبَ الْحَصَا، أَوْ يُحَدِّثَ نفسه مِنْ شَأْنِ الدُّنْيَا إِلَّا نَسْيًا. اهـ. وقوله: ((قال البيهقي - رضي الله عنه -)) من زيادة النساخ؛ لأن باقي الكلام تابع لقول مجاهد، لا من قول البيهقي. وأخرجه محمد بن نصر في "تعظيم قدر الصلاة" (1 / 188 رقم 138) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (5 / 235 رقم 5529) . كلاهما من طريق جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ ليث، به نحوه، ووقع عند محمد بن نصر: ((أن يشدّ بصره)) ، ولم يذكره ابن جرير الطبري.

407 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مَعْشَر (1) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: ((قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ، وَالنَّاسُ يَتَكَلَّمُونَ فِي الصَّلَاةِ فِي حَوَائِجِهِمْ كَمَا يَتَكَلَّمُ أَهْلُ الْكِتَابِ فِي الصَّلَاةِ فِي حَوَائِجِهِمْ، حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَقُومُوا للهِ قَانِتِينَ} )) .

_ = وأخرجه ابن جرير أيضًا في الموضع السابق برقم (5528) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 177 / أ) . كلاهما من طريق عبد الله بن إدريس، عن ليث، به نحو سياق البيهقي. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (5531) . وأبو نعيم في "الحلية" (3 / 282) . والأصبهاني في "الترغيب" (2 / 765 رقم 1867) . ثلاثتهم من طريق أبي جعفر، عن ليث، به نحو سياق البيهقي أيضًا، إلا أن ابن جرير قال: ((الركود)) بدل: ((الركوع)) ، ولم يذكر قوله: ((يشذ بصره)) . وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (5530) من طريق عنبسة، عن ليث، به نحوه، ولم يذكر بعض ألفاظه. وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 171) من طريق شجاع، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عن مجاهد - في هَذِهِ الْآيَةُ: {وَقُومُوا للهِ قَانِتِينَ} -، قال: من القنوت: الركوع والسجود وخفض الجناح وغض البصر من رهبة الله. وأخرجه ابن أبي حاتم في الموضع السابق مقرونًا برواية ابن إدريس، من طريق عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن ليث. (1) هو نَجيح بن عبد الرحمن، تقدم في الحديث [167] أنه ضعيف. [407] سنده ضعف جدًّا لإرساله وضعف أبي معشر، وقد صح الحديث من غير هذا الطريق كما سيأتي في الحديث بعده. وذكره السيوطي في الدر المنثور (1 / 730) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد.

408- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ شُبَيُل (1) ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْباني (2) ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَم قَالَ: ((كُنَّا نتكلَّم فِي الصَّلَاةِ، يُكَلِّم أحدُنا مَنْ إِلَى جَانِبِهِ)) ، فَنَزَلَتْ: {وَقُومُوا للهِ قَانِتِينَ} وَأُمِرْنَا بالسُّكُوت، ونُهينا عَنِ الْكَلَامِ.

_ (1) هو الحارث بن شُبَيْل - بالمعجمة والموحدة مصغّر - ابن عوف البَجَلي، أبو الطُّفَيل الكوفي، روى عن أبي عمرو الشيباني، وعبد اللَّهِ بْنَ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ وطارق بن شهاب، روى عنه إسماعيل بن أبي خالد وسعيد بن مسروق والأعمش، وهو ثقة من الطبقة الخامسة، روى له الجماعة إلا ابن ماجه، وقال ابن معين: ((لا يُسأل عن مثله)) - يعني لجلالته -، ووثقه النسائي وأبو الوليد الباجي وذكره ابن حبان في "الثقات". "الجرح والتعديل" (3 / 76 - 77 رقم 356) ، و "التهذيب" (2 / 143 - 144 رقم 245) ، و "التقريب" (ص146 رقم 1026) . (2) هو سعد بن إياس، أبو عمرو الشيباني، الكوفي، روى عن ابن مسعود وعلي وحذيفة وزيد بن أرقم وغيرهم، روى عنه أبو إسحاق السبيعي والحارث بن شبيل والأعمش ومنصور بن المعتمر وغيرهم، وهو ثقة مخضرم، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين والعجلي وأبو نعيم الأصبهاني، وقال هبة الله بن الحسن الطبري: ((مجمع على ثقته)) ، وقال هو عن نفسه، ((بعث النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأنا أرعى إبلاً لأهلي)) ، واختلف في وفاته، فقيل: سنة خمس وتسعين للهجرة، وقيل: ست وتسعين، وقيل: ثمان وتسعين، وقيل: سنة إحدى ومائة. "الجرح والتعديل" (4 / 78 - 79 رقم 340) ، و "التهذيب" (3 / 468 رقم 872) ، و "التقريب" (ص230 رقم 2233) . [408] سنده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه كما سيأتي. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 730) وعزاه للمصنف ووكيع وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم أبي داود والترمذي والنسائي وابن جرير =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وابن خزيمة والطحاوي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان والطبراني والبيهقي. وأخرجه الخطابي في "غريب الحديث" (1 / 691) من طريق المصنف، ثنا هشيم أنبأ إسماعيل بن أبي خالد، نا الْحَارِثِ بْنِ شُبَيْلٍ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصلاة، يكلم أحدُنا صاحبه إلى جنبه بحاجته، فنزلت: {وَقُومُوا للهِ قَانِتِينَ} ، فأمرنا بالسكوت، ونهينا عن الكلام. وأخرجه أبو عبيد في "غريب الحديث" (1 / 134) . ومسلم في "صحيحه" (1 / 383 رقم 35) في المساجد، باب تحريم الكلام في الصلاة ونسخ ما كان من إباحته. وأبو داود في "سننه" (1 / 583 رقم 949) في الصلاة، باب النهي عن الكلام في الصلاة. والترمذي في "سننه" (2 / 439 - 440 رقم 403) في الصلاة، بابٌ في نسخ الكلام في الصلاة. و (8 / 330 رقم 4071) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير. وابن خزيمة في "صحيحه" (2 / 34 رقم 856) . وابن المنذر في "الأوسط" (3 / 229 - 230 رقم 1566) . والبيهقي في "سننه" (2 / 248) في الصلاة، باب ما لا يجوز من الكلام في الصلاة. جميعهم من طريق هشيم، به نحوه. وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 368) . والبخاري في "صحيحه" (8 / 198 رقم 4534) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير، باب: {وَقُومُوا للهِ قَانِتِينَ} أي مطيعين، وفي "التاريخ الكبير" (2 / 270) . والنسائي في "سننه" (3 / 18) في السهو، باب الكلام في الصلاة. وابن خزيمة في الموضع السابق برقم (856 و 857) . وابن حبان في "صحيحه" (6 / 21 - 22 رقم 2246 / الإحسان) . والطبراني في "الكبير" (5 / 218 - 219 رقم 5062) . والبيهقي في الموضع السابق. جميعهم من طريق يحيى بن سعيد القطان، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، به نحوه، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = إلا أنه لم يذكر قوله: ((ونهينا عن الكلام)) . وأخرجه عبد بن حميد في "مسنده" (ص113 رقم 260) . والترمذي في الموضع السابق من كتاب التفسير رقم (4070) . وابن خزيمة في الموضع السابق رقم (856) . والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 170) . جميعهم من طريق يزيد بن هارون، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، به نحوه سابقه. وأخرجه البخاري في "صحيحه" (3 / 72 - 73 رقم 1200) في العمل في الصلاة، باب ما ينهى عن الكلام في الصلاة. ومسلم في الموضع السابق من صحيحه. وابن حبان في الموضع السابق (ص27 رقم 2250) . ثلاثتهم من طريق عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، به نحوه سابقه. وأخرجه مسلم في الموضع السابق. وابن جرير في "تفسيره" (5 / 232 رقم 5524) . كلاهما من طريق وكيع وعبد الله بن نمير، عن إسماعيل، به نحوه سابقه. وأخرجه الترمذي في الموضع السابق. والطبراني في "الكبير" (5 / 219 رقم 5063) . كلاهما من طريق مروان بن معاوية، عن إسماعيل، به نحو سابقه أيضًا. وكذا أخرجه الترمذي في الموضع نفسه من طريق محمد بن عبيد، عن إسماعيل، به. وأخرجه النسائي في "تفسيره" (1 / 271 رقم 67) . وابن حبان في الموضع السابق (ص17 - 18 رقم 2245) . كلاهما من طريق عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ إسماعيل، به نحو سابقه. ومن طريق النسائي أخرجه النحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص19) . وأخرجه ابن جرير في الموضع السابق. وأبو عوانة في "صحيحه" (2 / 153) . وابن المنذر في "الأوسط" (3 / 229 رقم 1565) . =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ} ] 409 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ؛ قَالَ: نَا أَبُو الأَحْوَص (1) ، عَنْ مُغيرة، عَنْ إِبْرَاهِيمَ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} -، قَالَ: ((ذَلِكَ فِي الْقِتَالِ؛ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ حَيْثُمَا كَانَ وَجْهُهُ، وَعَلَى دَابَّتِهِ حَيْثُمَا كَانَ وَجْهُهَا، يُومئ برأسه إيماءً)) .

_ = وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 176 / ب) . والطبراني في الموضع السابق برقم (5064) . جميعهم من طريق يعلى بن عبيد، عن إسماعيل، به نحو سابقه. وكذا أخرجه ابن جرير في الموضع نفسه من طريق ابن أبي زائدة ومحمد بن يزيد، كلاهما عن إسماعيل، به. (1) هو سلاّم بن سُلَيْم. [409] سنده صحيح، وقد صرح مغيرة بأنه هو الذي سأل إبراهيم النخعي عن هذه الآية كما سيأتي في الحديث بعده من رواية هشيم عن مغيرة. والحديث أعاده المصنف هنا، وكان قد رواه في كتاب الجهاد، باب العمل في صلاة الخوف (2 / 218 رقم 2517) بمثل ما هنا سواء، إلا أنه قال: ((حيث ما يوجهها)) بدل قوله: ((حيث ما كان وجهها)) . وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص70 رقم 122) عن مغيرة، عن إبراهيم: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} ، قال: يصلي ركعتين، يومئ إيماءً حيثما كان وجهه. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (2 / 514 رقم 4260) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (5 / 238 - 239 رقم 5536 و 5537) . والدولابي في "الكنى والأسماء" (2 / 153 - 154) . ثلاثتهم من طريق سفيان الثوري، به. =

410 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هشُيم، قَالَ: نَا مُغيرة، قَالَ: سَأَلْتُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} ، قال: ((عند المُطَاردة، يصلي حيث ما كَانَ وَجْهُهُ، رَاكِبًا، أَوْ رَاجِلًا، رَكْعَتَيْنِ، يُومِئُ إِيمَاءً، يَجْعَلُ السُّجُودَ أخفض من الركوع)) .

_ = وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 460) . وابن جرير في "تفسيره" (5 / 241 رقم 5551) . كلاهما من طريق جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ - فِي قَوْلِهِ: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} - قال: يصلي الرجل في القتال المكتوبة على دابته وعلى راحلته حَيْثُ كَانَ وَجْهُهُ، يُومِئُ إِيمَاءً عند كل ركوع وسجود، ولكن السجود أخفض من الركوع، فهذا حين تأخذا السيوف بعضها بعضًا، هذا في المطاردة. هذا لفظ ابن جرير الطبري وهو أتم من لفظ ابن أبي شيبة. وأخرجه ابن المبارك في "الجهاد" (ص198 رقم 253) . وأبو يوسف في كتاب "الآثار" (ص76 رقم 377) . ومحمد بن الحسن في "الآثار" أيضًا (ص40 رقم 196) . ثلاثتهم من طريق حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم، به بمعناه، وفيه زيادة. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (2 / 515 رقم 4266) من طريق معمر، عن حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم قال: ركعتان يومئ بهما حيث كان وجهه. [410] سنده صحيح. والحديث أعاده المصنف هنا، وكان قد رواه في كتاب الجهاد، باب العمل في صلاة الخوف (2 / 217 رقم 2513) بمثل ما هنا، إلا أنه قال: ((حيث كان وجهه)) ، ولم يذكر قوله: ((ركعتين)) . وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (5 / 238 رقم 5535) من طريق يعقوب بن إبراهيم، عن هشيم، به نحوه. وللحديث طرق أخرى سبق تخريجها في الحديث السابق.

411 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، نَا يُونُسُ (1) ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: ((يُصَلِّي رَكْعَةً حَيْثُ كَانَ وَجْهُهُ، يومئ إيماءً)) .

_ (1) هو ابن عبيد. [411] سنده صحيح. والحديث أعاده المصنف هنا، وكان قد رواه في كتاب الجهاد باب العمل في صلاة الخوف (2 / 217 رقم 2514) ، بمثل ما هنا سواء. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (5 / 239 رقم 5540) من طريق أبي أحمد الزبيري، عن هشيم، به بلفظ: إذا كان عند القتال صلى راكبًا أو ماشيًا حَيْثُ كَانَ وَجْهُهُ، يُومِئُ إِيمَاءً. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (2 / 514 رقم 4261) من طريق سفيان الثوري، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: يومئ بركعة. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 461) من طريق الثوري أيضًا، به بلفظ: الصلاة عند المسايفة ركعة. وأخرجه ابن جرير برقم (5554) من طريق الثوري أيضًا بلفظ: ركعة. وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا (2 / 460) من طريق عبد الأعلى، عن يونس، عن الحسن، سئل عن الرجل إذا حضرت المسايفة كيف يصلي، قال: يصلي ركعة وسجدتين تلقاء وجهه. وأخرجه ابن المبارك في "الجهاد" (ص197 رقم 248) عن هشام، عن الحسن - في صلاة المطاردة - قال: ركعة، وسجدتين، يومئ إيماء. وأخرجه ابن المبارك أيضًا (ص197 رقم 249) . وابن جرير أيضًا (5 / 240 رقم 5545) كلاهما من طريق الفضل بن دَلْهم عن الحسن: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} قال: ركعة وأنت تمشي، وأنت يوضع بك بعيرك، ويركض بك فرسك، على أي جهة كان. وأخرجه ابن جرير أيضًا (5 / 242 رقم 5553) من طريق قتادة، عن الحسن، قال في الخائف الذي يطلبه العدو - قال: إن استطاع أن يصلي ركعتين، وإلا صلى ركعة. وسيأتي في الحديث رقم [414] عن الحسن - في القوم يطلبون -: إن كانوا =

412 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، قَالَ: نا جُوَيْبر، عَنِ الضَّحَّاك قَالَ: ((إِذَا كَانَ عِنْدَ المُسَايَفَة (1) ، أَوْ كَانَ يطْلب، أَوْ يَطْلُبُهُ سَبُع، فليصلِّ رَكْعَةً رَكْعَةً حَيْثُ كَانَ وَجْهُهُ، يُومِئُ إِيمَاءً، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فليكبِّر تَكْبِيرَةً، أَوْ تَكْبِيرَتَيْنِ)) . 413 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ دِينَارٍ (2) ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْوَهَّابِ بْنَ (بُخْت) (3) المَكِّي (4) يَقُولُ: ((إِذَا كَانَتِ المُسَايَفَة إِنِ اسْتَطَاعُوا صَلُّوا قِيَامًا، وَإِلَّا فَرُكْبَانًا، وَإِلَّا فَالتَّكْبِيرُ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِيعُوا، فَلَا يدعوا ذكرها في أنفسهم)) .

_ = لَا يُطْلَبُونَ صَلَّوْا بِالْأَرْضِ، وَإِنْ كَانُوا يُطْلَبُونَ صَلَّوْا عَلَى دَوَابِّهِمْ. (1) أي المُجالَدَةُ، وتَسَايَفَ القوم: أي تضاربوا بالسيوف. "لسان العرب" (9 / 166 - 167) . [412] سنده ضعيف جدًّا لشدة ضعف جويبر كما في الحديث [93] . والحديث أعاده المصنف هنا، وكان قد رواه في كتاب الجهاد، باب العمل في صلاة الخوف (2 / 217 - 218 رقم 2515) بمثل ما هنا، إلا أنه ذكر قوله: ((ركعة)) مرة واحدة، وقال: ((فليكبر تكبيرتين)) . وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (5 / 240 رقم 5544) من طريق عمرو بن عون، عن هشيم، به نحوه. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (2 / 514 رقم 4263) . وابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 461) . كلاهما من طريق سفيان الثوري، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ - فِي قوله: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} - قال: تجزئ تكبيرتين (كذا!) حيث كان توجهه. هذا لفظ عبد الرزاق، وأما ابن أبي شيبة فلفظه: تكبيرتين عند المسايفة. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (5543) من طريق يزيد بن هارون، أخبرنا جُوَيْبِرٌ، عَنِ الضَّحَّاكِ - فِي قَوْلِهِ: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} - قال: إذا التقوا عند =

414- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ الأوْزَاعي، قَالَ: حَدَّثَنِي سَابِق البَرْبَرِي (1) ، قَالَ: (كَتَبَ) (2) مَكْحول إِلَى الْحَسَنِ، وَنَحْنُ عِنْدَهُ بِدَابِق (3) : فِي الْقَوْمِ يُطْلبون، فجاء [ل118/ب]

_ = القتال وطَلَبوا، أو طُلبوا، أو طلبهم سبع، فصلاتهم تكبيرتان إيماءً، أيَّ جهة كانت. (2) هو شعيب بن أبي حمزة، تقدم في الحديث [66] أنه ثقة عابد. (3) في الأصل: ((يحيى)) تصحّفت بسبب تقارب الرسم، وما أثبته من الموضع الآتي من السنن للمصنف، ومن تفسير ابن كثير (1 / 547) نقلاً عن المصنِّف. (4) هو عبد الوهاب بن بُخْت - بضم الموحّدة، وسكون المعجمة، بعدها مثنّاة -، الأموي، مولاهم، أبو عبيدة، ويقال: أبو بكر المكّي، سكن الشام، ثم المدينة، روى عن أنس وابن عمر وأبي إدريس الخولاني وعمر بن عبد العزيز وغيرهم، روى عنه أيوب السختياني والإمام مالك وشعيب بن أبي حمزة وغيرهم، وهو ثقة؛ وثقه ابن معين وأبو زرعة ويعقوب بن سفيان والنسائي، وكانت وفاته سنة ثلاث عشرة ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (6 / 69 رقم 360) ، والتهذيب (6 / 444 - 446 رقم 926) ، والتقريب (ص368 رقم 4254) . [413] سنده ضعيف؛ إسماعيل بن عياش تقدم في الحديث [9] أنه صدوق في روايته عن أهل بلده مخلِّط في غيرهم، ومدلس، وهذا الحديث من روايته عن شعيب وهو من أهل بلده، لكنه لم يصرح بالسماع فيما بينه وبينه. والحديث أعاده المصنف هنا، وكان قد رواه في كتاب الجهاد، باب العمل في صلاة الخوف (2 / 218 رقم 2516) بمثل ما هنا، إلا أنه قال: ((فإن استطاعوا)) ، و: ((فلا يدعوها في أنفسهم)) . وذكر الحافظ ابن كثير في تفسيره (1 / 547) قول من قال: تجزئه تكبيرة عند المسايفة، ثم قال: ((وإليه ذهب الأمير عَبْدَ الْوَهَّابِ بْنَ بُخْتٍ الْمَكِّيَّ، حتى قال: فإن لم يقدر على التكبيرة، فلا يتركها في نفسه - يعني بالنيّة -، رواه سعيد بن منصور في سننه عن إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ شُعَيْبِ بن دينار، عنه، فالله أعلم. اهـ. (1) هو سَابِقُ بن عبد الله أبو سعيد البَرْبَري، من أهل بَرْبَر، سكن الرَّقَة، يروي عن مكحول وعمرو بن أبي عمرو، وعنه الأوزاعي وأهل الجزيرة، وهو مجهول الحال، =

كِتَابُهُ: ((إِنْ كَانُوا لَا يُطْلبون صَلَّوا بِالْأَرْضِ، وَإِنْ كَانُوا يُطْلبون صَلَّوا على دوابِّهم)) .

_ = ذكره البخاري في "تاريخه" (4 / 201 - 202 رقم 2494) وسكت عنه، وبيّض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (4 / 307 رقم 1340) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (6 / 433) ، وفرَّق ابن عدي في "الكامل" (3 / 1307 - 1308) بينه وبين سابق بن عبد الله الرَّقِّي وسابق بن عبد الله الراوي عن أبي خلف، فقال: ((وسابق البربري الذي يذكر هو غير ما ذكرت، وسابق البربري إنما له كلام في الحكمة وفي الزهد وغيره)) ، وذكره ابن عساكر في "تاريخه" (7 / 1 - 8) ، وذكر أن ابن عدي فرق بينه وبين الرَّقِّي، ثم تعقَّبه فقال: ((قلت: هما واحد)) ، هذا مع أن ابن عدي جوَّز أن يكون سابق ثلاثة لا اثنين كما يفهم من نقل ابن عساكر عنه، وقد نقله الحافظ ابن حجر في "لسان الميزان" (3 / 2 - 3 رقم 1) عن ابن عدي وأقَرَّه، وإنما تعقبه فيما يفهم من قوله: ((إنما له كلام في الحكمة وفي الزهد وغيره)) ، فقال ابن حجر: ((ومقتضاه: أن البربري ليست له رواية، وليس كذلك؛ فقد ذكره ابن حبان في الثقات وقال: هذا من أهل بربر، سكن الرَّقَّة، يروي عن مكحول وعمرو بن أبي عمرو، قال أبو حاتم الرازي: روى عنه الأوزاعي)) . اهـ. وقد فرق أبو حاتم الرازي بين الرَّقِّي والبربري كما في الموضع السابق من "الجرح والتعديل"، وجمع بينهما الحافظ محمد بن سعيد الحرّاني في "تاريخ الرَّقَّة" (ص123 - 126) ، والخطيب البغدادي في "الموضح لأوهام الجمع والتفريق" (2 / 156 - 157) . (2) في الأصل: ((كنت)) . والتصويب من الموضع الآتي من ((السنن للمصنف)) . (3) دَابِقُ - بكسر الباء، وروي بفتحها، وآخره قاف-: هي قرية قرب حلب بينهما أربعة فراسخ، عندها مرج معشبٌ نزهٌ كان ينزله بنو مروان إذا غزوا الصَّائِفَة إلى ثَغْر مِصِّيصة، وبه قبر سليمان بن عبد الملك بن مروان. اهـ. من "معجم البلدان" (2 / 416) . [414] سنده ضعيف لجهالة حال سابق البربري، ومعناه صحيح يشهد له ما تقدم في الحديث [411] عن الحسن البصري.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} ] 415- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا جُوَيْبر (1) ، عَنِ الضَّحَّاك - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} -، (قَالَ) (2) : ((كَانَ الرَّجُلُ إِذَا مَاتَ أَنْفَقَ عَلَى امْرَأَتِهِ حَوْلًا، ثُمَّ يَقْسِم أهلُ الْمِيرَاثِ ميراثَهم، فَنَزَلَتْ: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} ، ثم نسخ من الأربعة الأشهر وَالْعَشْرِ: {وَأُولَاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} إِذَا وَضَعْنَ فِيمَا دُونَ ذَلِكَ)) .

_ = والحديث أعاده المصنف هنا، وكان قد رواه في كتاب الجهاد، باب العمل في صلاة الخوف (2 / 217 رقم 2512) من نفس الطريق، لكن بلفظ: كتب مكحول إلى الحسن - فجاءه جواب كتابه ونحن بدابق - في القوم يَطْلُبُون العدو، قال: إن كانوا يَطْلبون نزلوا فصلَّوا بِالْأَرْضِ، وَإِنْ كَانُوا يُطلبون صلَّوا على دوابِّهم. والحديث أخرجه المصنف هنا من طريق شيخه عبد الله بن المبارك. وابن المبارك أخرجه في "كتاب الجهاد" (ص199 رقم 256) عن الأوزاي، عن سَابِقٌ الْبَرْبَرِيُّ، قَالَ: كَتَبَ مَكْحُولٌ إلى الحسن البصري، فجاء كتابه ونحن بدابق - في الرجل يطلب عدوّه وهم منهزمون، فحضرت الصلاة، أيصلي على ظهر فرسه؟ - قال: بل ينزل، فيستقبل القبلة، فإن كان عدوّهم يطلبوهم، فليصلّ على ظهر فرسه إيماء. وأخرجه ابن عساكر في "تاريخه" (7 / 2) من طريق محمد بن كثير، عن الأوزاعي، به بمعناه. (1) هو ابن سعيد، تقدم في الحديث [93] أنه ضعيف جدًّا. (2) في الأصل: ((فإن)) . [415] سنده ضعيف جدًّا لشدة ضعف جويبر، وإعضاله؛ لأن الضحاك لم يسمع من أحد من الصحابة، كما في الحديث [481] . وهو هنا يروي ما يتعلق بسبب النزول. =

416- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا يُونُسُ (1) ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الحَوْلِ} ، قال: قد نُسخ هذا)) .

_ = وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 255 رقم 5576) من طريق أبي زهير عبد الرحمن بن مغراء، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ - فِي قوله: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} ، قال: الرجل إذا توفي أُنفق على امرأته إلى الحول، ولا تزوج حتى يمضي الحول، فأنزل الله تعالى ذكره: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} ، فنسخ الأجلُ الحولَ، ونسخ النفقة الميراثُ: الرُّبُع والثُّمن. (1) هو ابن عبيد. [416] سنده صحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 738) وعزاه للمصنف وابن جرير وابن المنذر والبيهقي. وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 257 - 258 رقم 5585) . والبيهقي في "سننه" (7 / 427 - 428) في العدد، باب عدة الوفاة. كلاهما من طريق يعقوب بن إبراهيم الدَّوْرَقي، عن إسماعيل بن إبراهيم بن عُليَّة، عن يُونُسُ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنِ ابن عباس أنه قام يخطب الناس ها هنا، فقرأ لهم سورة البقرة، فبيَّن لهم منها، فأتى على هذه الآية: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} قال: فنُسخت هذه، ثم قرأ حتى أتى على هَذِهِ الْآيَةَ: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} إلى قوله: {غَيْرَ إِخْرَاجٍ} ، فقال: وهذه. قلت: والجزء الأول من هذا السياق سبق أن أخرجه المصنف في موضعه عند قوله تعالى: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} ، انظر الحديث رقم [252] .

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً} ] 417- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ (1) ، عَنْ حُمَيْد الْأَعْرَجِ (2) ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ (3) ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا} ، قَالَ أَبُو الدّّحْدَاح (4) : يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ يُرِيدُ مِنَّا الْقَرْضَ؟ قَالَ: ((نَعَمْ يَا أَبَا الدَّحْدَاح)) ، قَالَ: أَرِنِي يَدَكَ، فَنَاوَلَهُ يَدَهُ، قَالَ: فَإِنِّي قَدْ أَقْرَضْتُ رَبِّي حَائِطِي - وَفِي حَائِطِهِ سِتُّمِائَةِ نَخْلَةٍ -، ثُمَّ جَاءَ إِلَى الْحَائِطِ، فَقَالَ: يَا أمَّ الدَّحْداح (5) - وَهِيَ فِي الْحَائِطِ -، فَقَالَتْ: لَبَّيْك. فَقَالَ: اخْرُجِي، فَقَدْ أَقْرَضْتُهُ رَبِّي عَزَّ وجل.

_ (1) تقدم في الحديث [76] أنه صدوق اختلط في الآخر. (2) هو حُمَيْد بن عطاء - وقيل: ابن علي، وقيل غير ذلك -، الأعْرج، الكوفي، المُلاَئي، يروي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ المكتب، روى عنه خلف بن خليفة وابن نمير وعبيد الله بن موسى وغيرهم، وهو متروك، ضعفه الإمام أحمد، وقال ابن معين: ((ليس حديثه بشيء)) ، وقال البخاري والترمذي: ((منكر الحديث)) ، وقال أبو حاتم: ((ضعيف الحديث، منكر الحديث، قد لزم عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنِ ابن مسعود، ولا يُعرف لعبد اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنِ ابْنِ مسعود شيء)) وقال أبو زرعة: ((ضعيف الحديث، واهي الحديث)) ، وقال النسائي: ((ليس بالقوي)) ، وقال مرة: ((ليس بثقة)) ، وقال ابن حبان: ((منكر الحديث جدًّا، يروي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عن ابن مسعود نسخة كأنها موضوعة لا يحتج بخبره إذا انفرد)) ، وقال الدارقطني: ((متروك، وأحاديثه شبه الموضوعة)) . اهـ. من "الضعفاء" للعقيلي (1 / 268) ، و"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (3 / 226 رقم 996) ، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = و"المجروحين" لابن حبان (1 / 262) ، و"الكامل" لابن عدي (2 / 688 - 689) ، و"التهذيب" (3 / 53 رقم 90) . (3) هو عبد الله بن الحارث الزُّبَيْدي - بضم الزاي - النَّجراني - بنون وجيم -، الكوفي، المعروف بالمُكْتِب، يروي عن ابن مسعود وجندب بن عبد الله وأبي كثير الزُّبَيدي وغيرهم، روى عنه عمرو بن مُرَّة وحميد بن عطاء الأعرج وأبو سنان ضرار بن مرة وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة الثالثة؛ وثقه النسائي، وقال ابن معين: ((ثبت)) ، وذكره ابن حبان في الثقات. "الجرح والتعديل" (5 / 31 رقم 137) ، و"التهذيب" (5 / 182 - 183 رقم 313) ، و"التقريب" (ص299 رقم 3268) . (4) هو أبو الدَّحْدَاح الأنصاري، حليف لهم، قال ابن عبد البر: ((لم أقف على اسمه ولا نسبه، أكثر من أنه من الأنصار، حليف لهم)) ، وقد قيل إن اسمه: ثابت بن الدحداح. انظر "الاستيعاب" لابن عبد البر (2 / 78 - 79) ، و (11 / 224 - 226) ، و"الإصابة" لابن حجر (1 / 386 - 387) ، و (7 / 119 - 121) . (5) ذكرها في "الإصابة" (8 / 201) ، وأنها امرأة أبي الدَّحْداح، ولم يذكر اسمها ولا نسبها. [417] سنده ضعيف جدًّا لشدة ضعف حميد الأعرج، واختلاط خلف بن خليفة، وما تقدم عن أبي حاتم أنه قال: ((لا يُعرف لعبد اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنِ ابْنِ مسعود شيء)) ، وقد نص ابن حبان كما سبق على أن حميدًا هذا يروي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عن ابن مسعود نسخة كأنها موضوعة، وهذا من روايته عنه. لكن الحديث صحّ من غير هذا الطريق كما سيأتي. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 746) وعزاه للمصنف وابن سعد والبزار وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" والطبراني والبيهقي في "شعب الإيمان". وقد أخرجه الطبراني في "الكبير" (22 / 301 رقم 746) من طريق المصنف، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = به مثله، إلا أنه قال: ((وفي حائطي)) : و: ((ثم جاء إلى الحائط، فنادى: يا أم الدحداح)) . وقد وقع خطأ طباعي في المعجم، فقُدِّم بعض الإسناد على بعض. وأخرجه الحسن بن عرفة في "جزئه" (ص92 رقم 87) ، فقال: حدثنا خلف بن خليفة ... ، فذكره بنحوه. ومن طريق ابن عرفة أخرجه: ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 181 / ب) . والبيهقي في "شعب الإيمان" (7 / 69 - 70 رقم 3178) . وأخرجه البزار في "مسنده" كما في "كشف الأستار" (1 / 447 رقم 944) و (3 / 43 رقم 2195) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (5 / 284 - 285 رقم 5620) . كلاهما من طريق محمد بن معاوية الأنماطي، عن خلف، به نحوه. وأخرجه أبو يعلى في "مسنده" (8 / 404 رقم 4986) من طريق محرز بن عون، عن خلف، به نحوه. وأخرجه الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" (2 / 141 / أ - مخطوط جامعة الإمام -) ، من طريق علي بن حجر، عن خلف، به نحوه. وأخرجه الثعلبي في "تفسيره" (2 / ل 138 / ب) من طريق الحمّاني، عن خلف، به، وفي لفظه زيادة وطول؛ لأنه قرنه بطرق أخرى، ثم قال: ((دخل حديث بعضهم في بعض)) . اهـ. وذكر الحافظ ابن حجر في "الإصابة" (7 / 120) أن ابن منده أخرج الحديث. وذكر الهيثمي الحديث في "مجمع الزوائد" (3 / 113 - 114) ، وقال: ((رواه البزار، وفيه حميد بن عطاء الأعرج وهو ضعيف)) ، ثم عاد فناقض نفسه، فقال: (6 / 321) : ((رواه البزار ورجاله ثقات)) ، وقال: (9 / 324) : ((رواه أبو يعلى والطبراني ورجالهما ثقات، ورجال أبي يعلى رجال الصحيح)) ، مع أن طريق =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = أبي يعلى والطبراني والبزار واحدة؛ من رواية خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ الأعرج. وله شاهد من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه -، أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ الله، إن لفلان نخلة، وأنا أقيم حائطي بها، فَأْمُرْهُ أن يعطيني حتى أقيم حائطي بها. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((أعطها إياه بنخلة في الجنة)) ، فأبى، فأتاه أبو الدَّحْدَاح، فقال: بعني نخلتك بحائطي، ففعل، فأتى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: يا رسول الله، إني قد ابتعت النخلة بحائطي، قال: فاجعلها له، فقد أعطيتكها، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((كم من عذق راح لأبي الدحداح في الجنة)) - قالها مرارًا -، قال: فأتى امرأته، فقال: يا أم الدحداح، اخرجي من الحائط فإني قد بعته بنخلة في الجنة، فقالت: ربح البيع - أو كلمة نحوها -. أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (3 / 146) واللفظ له. والبغوي في "معجم الصحابة" كما في "الإصابة" لابن حجر (7 / 119) . ومن طريقه الطبراني في "الكبير" (22 / 300 - 301 رقم 763) . وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" (9 / 144 - 145 رقم 7115 / الإحسان بتحقيق الحوت) . والحاكم في "المستدرك" (2 / 20) . ومن طريقه البيهقي في "شعب الإيمان" (7 / 68 رقم 3177) . وأخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة" (2 / ل 261 ب - 262 أ) . جميعهم من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس به. وقد صححه ابن حبان كما سبق، وقال الحاكم: ((صحيح على شرط مسلم)) ، ووافقه الذهبي، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (9 / 324) : ((رواه أحمد والطبراني ورجالهما رجال الصحيح)) ، وصحح إسناد الإمام أحمد الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - في حاشيته على "تفسير ابن جرير الطبري" (5 / 286) . وقد أخرج مسلم في "صحيحه" (2 / 665 رقم 89) في الجنائز، باب ركوب المصلي =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ المَلَائِكَةُ} ] 418- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، أَمَرَ فِتْيَانَ الْمُهَاجِرِينَ، وَالْأَنْصَارِ أَنْ يَكْتُبُوا الْمَصَاحِفَ، قَالَ: ((فَمَا (اخْتَلَفْتُمْ) (1) فِيهِ، فَاجْعَلُوهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ)) ، فَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ: التَّابُوت (2) ، وَقَالَ الْأَنْصَارُ: التَّابُوهُ، فَقَالَ عُثْمَانُ: ((اكتبوه بلغة المهاجرين: التابوت)) .

_ = على الجنازة إذا انصرف، من طريق شعبة، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ جابر بن سمرة، قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - على ابن الدَّحْداح، ثم أتي بفرس عُرْيٍ، فعقله رجل، فركبه، فجعل يتوقّص به ونحن نتّبعه نسعى خلفه. قال فقال رجل من القوم: أنَّ النَّبِيَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - قال: ((كم من عِذْق معلَّق - أو: مُدَلّى - في الجنة لابن الدحداح)) - أَوْ قال شعبة: لأبي الدَّحْدَاح -. وعليه فالحديث صحيح لغيره بمجموع هذه الطرق، والله أعلم. (1) في الأصل ((اختلفوا)) ، وما أثبته من الموضع الآتي من "الدر المنثور"؛ حيث ذكره بسياق المصنِّف. (2) التَّابُوت: هو الصندوق الذي يُحرز فيه المتاع. انظر "النهاية في غريب الحديث" (1 / 179) . [418] سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف للانقطاع بين عمرو بن دينار وعثمان - رضي الله عنه -؛ فعثمان قتل سنة خمس وثلاثين للهجرة، وعمرو بن دينار توفي سنة خمس أو ست وعشرين ومائة وقد جاوز السبعين، أي أن ولادته كانت حوالي سنة خمسين للهجرة، وقد نص أبو زرعة على أنه لم يسمع من أبي هريرة - رضي الله عنه - مع أن وفاته كانت سنة ثمان وخمسين للهجرة انظر "التهذيب" (7 / 141) ، =

419- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرٌ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمير (1) ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرة (2) ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: ((لَا يَلِيَنَّ مَصَاحِفَنَا إِلَّا غلمانُ قريش، وثَقيف)) .

_ = و (8 / 30) ، و (12 / 266) . وهذا الحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 756) بمثل لفظ المصنف هنا، وعزاه للمصنِّف وعبد بن حميد. وقد أخرج البخاري في "صحيحه" (9 / 11 رقم 4987) في فضائل القرآن، باب جمع القرآن، من طريق محمد بن شهاب الزهري، أن أنس بن مالك حدثه ... ، فذكر قصة قدوم حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - على عثمان - رضي الله عنه - وما رآه من الاختلاف في كتاب الله، وقصة جمع عثمان للقرآن، وفيه: ((وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن، فاكتبوه بلسان قريش، فإنما نزل بلسانهم، ففعلوا)) . وأخرجه الترمذي في "سننه" (8 / 516 - 522 رقم 5102) في تفسير سورة التوبة من كتاب التفسير، وزاد فيه: ((قال الزهري: فاختلفوا يومئذ في التابوت والتابوه, فقال القرشيون: التابوت، وقال زيد: التابوه فرُفع اختلافهم إلى عثمان، فقال: اكتبوه التابوت، فإنه نزل بلسان قريش. اهـ. ونبّه الحافظ ابن حجر على أن هذه الزيادة رواها الزهري مرسلة، فنقل عن الخطيب البغدادي أنه قال: ((إنما رواها ابن شهاب مرسلة)) . انظر "فتح الباري" (9 / 20) . وما تضمنه الحديث من أمر عثمان بكتابة ما اختُلف فيه بلغة المهاجرين صحيح يشهد له الحديث الذي أخرجه البخاري - كما سبق -، وفيه: ((وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن، فاكتبوه بلسان قريش، فإنما نزل بلسانهم، ففعلوا)) . (1) هو عبد الملك بن عُمير بن سُوَيْد اللَّخْمي، حليف بني عدي، الكوفي =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ويقال له: الفَرَسي - بفتح الفاء والراء ثم مهملة -، و: القِبْطي - بكسر القاف وسكون الموحّدة -، نسبة إلى فَرَس له سابق كان يقال له القبطي، روى عن الأشعث بن قيس وجابر بن سمرة وجندب بن عبد الله وغيرهم، روى عنه ابنه موسى وشهر بن حوشب والأعمش وجرير بن عبد الحميد وغيرهم، وهو ثقة، إلا أنه مدلِّس من الثالثة، وتغير حفظه في الآخر، وهو ممن روى له الجماعة، وقال ابن نمير: ((كان ثقة ثبتًا في الحديث)) ، وقال العجلي: ((كوفي تابعي ثقة ... ، وهو صالح الحديث، روى أكثر من مائة حديث، وهو ثقة في الحديث)) ، وقال النسائي: ((ليس به بأس)) ، وقال ابن معين: ((ثقة، إلا أنه أخطأ في حديث أو حديثين)) ، وفي رواية قال: ((مخلِّط)) ، وقال الإمام أحمد: مضطرب الحديث جدًّا مع قلّة حديثه، وما أرى له خمسمائة حديث، وقد غلط في كثير منها)) ، وقال أبو حاتم: ((ليس بحافظ، هو صالح، تغيَّر حفظه قبل موته)) ، ووصفه بالتدليس ابن حبان والدارقطني وغيرهما، وكانت ولادته لثلاث سنين بقين من خلافة عثمان - رضي الله عنه -، ومات سنة ست وثلاثين ومائة وله يومئذ مائة وثلاث سنين. اهـ. من "تاريخ الثقات" للعجلي (ص311 رقم 1035) ، و"الجرح والتعديل" (5 / 360 - 361 رقم 1700) ، و"التهذيب" (6 / 411 - 413 رقم 862) ، و"التقريب" (ص364 رقم 4200) ، و"طبقات المدلسين" (ص96 رقم 84) . أقول: وبالنظر فيما تقدم يتضح أن عبد الملك بن عمير - رحمه الله - ثقة جرح بأمرين: التدليس وسوء الحفظ حال الكبر. أما التدليس فوصفه به من تقدم ذكرهم، وقد عدّه الحافظ ابن حجر في الطبقة الثالثة في طبقات المدلسين، وهم من أكثر من التدليس فلم يحتجّ الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرّحوا فيه بالسماع. وأما سوء حفظه لما كبر فهو الذي يحمل عليه تضعيف من ضعفه، وقد ذكره الذهبي في "ميزان الاعتدال" (2 / 660 - 661 رقم 5235) وقال: ((الثقة ... ، كان =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = من أوعية العلم، ولي قضاء الكوفة بعد الشعبي، ولكنه طال عمره وساء حفظه..، لم يورده ابن عدي ولا العقيلي ولا ابن حبان، وقد ذكروا من هو أقوى حفظًا منه. وأما ابن الجوزي فذكره، فحكى الجرح وما ذكر التوثيق، والرجل من نظراء السَّبيعي أبي إسحاق وسعيد المقُبري، لمّا وقعوا في هَرَم الشيخوخة نقص حفظهم، وساءت أذهانهم، ولم يختلطوا، وحديثهم في كتب الإسلام كلها)) . اهـ. وقال الحافظ ابن حجر في "هدي الساري" (ص422) : ((مشهور، من كبار المحدِّثين، لقي جماعة من الصحابة، وعُمِّرَ ... )) ، ثم ذكر أقوال الأئمة فيه، ثم قال: ((قلت: احتجّ به الجماعة، وأخرج له الشيخان من رواية القدماء عنه في الاحتجاج، ومن رواية بعض المتأخرين عنه في المتابعات، وإنما عيب عليه أنه تغيّر حفظه لكبر سنه؛ لأنه عاش مائة وثلاث سنين، ولم يذكره ابن عدي في "الكامل" ولا ابن حبان)) . اهـ. (2) هو جابر بن سَمُرة بن جُنادة - بضم الجيم، بعدها نون - ابن جُنْدب السُّوَائي - بضم المهملة والمدّ -، صحابي ابن صحابي، نزل الكوفة، روى عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، وعن أبيه وخاله سعد بن أبي وقاص وعمر وعلي وغيرهم - رضي الله عنهم -، روى عنه سماك بن حرب وحصين بن عبد الرحمن وأبو إسحاق السبيعي وعبد الملك بن عمير وغيرهم، وكانت وفاته في خلافة عبد الملك بن مروان في سنة ثلاث وسبعين للهجرة، وقيل غير ذلك. انظر "الجرح والتعديل" (2 / 493 رقم 2025) ، و"التهذيب" (2 / 39 رقم 63) ، و"التقريب" (ص136 رقم 867) . [419] سنده ضعيف لما تقدم عن تَغَيُّر حفظ عبد الملك، ولكونه مدلسًا ولم يصرح بالسماع هنا. وقد أخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص17 - 18) من طريق شيبان =

420 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عِيسَى بْنِ عُمَرَ (1) ، عَنِ السُّدِّي (2) - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ} -، قَالَ: ((طَسْتٌ مِنْ ذَهَبٍ، يُغْسَلُ فيها قلوب الأنبياء)) .

_ = النحوي، عن عبد الملك، به نحوه، إلا أنه قال: ((لا يملينّ)) . وأخرجه ابن أبي داود أيضًا (ص17) من طريق جرير بن حازم، قال: سمعت عبد الملك بن عمير يحدث عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه -: لا يملينّ في مَصَاحِفَنَا إِلَّا غِلْمَانُ قُرَيْشٍ وَثَقِيفٍ. كذا رواه جرير بن حازم، فلست أدري هل الغلط منه، أو من عبد الملك بن عمير على ما قال الإمام أحمد سابقًا: ((مضطرب الحديث جدًّا)) ؟. (1) هو عيسى بن عمر الأسَدي الهَمْداني - بسكون الميم -، أبو عمر الكوفي القارئ، روى عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وعطاء بن السائب وزيد بن أسلم وإسماعيل السُّدِّي وغيرهم، روى عنه عبد الله بن المبارك ووكيع وجرير بن عبد الحميد وغيرهم، وهو ثقة؛ وثقه ابن معين وابن نمير والنسائي والخطيب وغيرهم، وقال الإمام أحمد والبزار: ((ليس به بأس)) ، وقال أبو حاتم: ((ليس بحديثه بأس)) ، وقال العجلي: ((كوفي ثقة، رجل صالح، كان أحد قرّاء الكوفة رأسًا في القرآن)) ، وكانت وفاته سنة ست وخمسين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (6 / 282 رقم 1662) ، و"التهذيب" (8 / 222 - 223 رقم 414) ، و"التقريب" (ص440 رقم 5314) . (2) هو إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة. [420] سنده صحيح إلى السُّدِّي. وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 185 / ب) من طريق هشام بن عبيد الله، عن ابن المبارك به مثله. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (5 / 328 رقم 5689) من طريق أسباط عن السدي، به مثله وفيه زيادة قوله: ((أعطاها الله موسى، وفيه توضع الألواح، وكانت الألواح فيما بلغنا من درّ وياقوت وزبرجد)) . =

421- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا الْحَكَمُ بْنُ ظُهَيْر (1) ، عَنِ السُّدِّي، عَنْ أَبِي مَالِكٍ (2) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: ((طَسْتٌ مِنْ ذَهَبٍ يُغْسَلُ فيها قلوب الأنبياء)) .

_ = والذي يظهر - والله أعلم - أن السُّدِّي أخذ هذا القول عن أبي مالك غزوان الغفاري، فإن إسرائيل بن يونس رواه عنه كذلك كما سيأتي في الحديث بعده، وقد قيل: عَنْ أَبِي مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ عباس، ولا يصحّ كما سيأتي بيانه. (1) هو الحكم بن ظُهَيْر - بالمعجمة مصغِّر - الفَزَاري، أبو محمد، وكنية أبيه: أبو ليلى، ويقال: أبو خالد، روى عن السُّدِّي والليث بن أبي سُليم وعلقمة بن مرثد وغيرهم، روى عنه هنا سعيد بن منصور وروى عنه أيضًا وهب بن بقيّة والحسن بن عرفة وغيرهم، وهو متروك رمي بالرفض؛ قال ابن معين: ((ليس بثقة)) ، وفي رواية: ((كذاب)) ، وقال صالح جزرة: ((كان يضع الحديث)) ، وقال البخاري: ((متروك الحديث، تركوه)) ، وقال الترمذي: ((قد تركه بعض أهل الحديث)) ، وقال أبو زرعة: ((واهي الحديث متروك الحديث)) ، وقال أبو حاتم: ((متروك الحديث)) . وقال النسائي: ((متروك)) ، وقال ابن حبان: ((كان يشتم الصحابة، ويروي عن الثقات الأشياء الموضوعات)) ، وكانت وفاته قريبًا من سنة ثمانين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 118 - 119 رقم 550) ، و"التهذيب" (2 / 427 - 428 رقم 747) ، و"التقريب" (ص175 رقم 1445) . (2) هو غَزْوان الغِفَاري، تقدم في الحديث [190] أنه ثقة. [421] سنده ضعيف جدًّا لشدة ضعف الحكم بن ظُهير، ومع ذلك فقد خولف في إسناده كما سيأتي. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 758) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن جرير. وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 328 رقم 5678) من طريق عثمان بن سعيد، عن الحكم، به نحوه. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 185 / ب) ، فقال: حدثنا أبو سعيد الأشجّ، ثنا عبيد الله، عن إسرائيل، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، قال: {فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ} ، قال: طست من ذهب التي ألقي فيها الألواح. وهذه الرواية أرجح من رواية الحكم. فإسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق الهَمْداني، أبو يوسف الكوفي، يروي عن جدِّه أبي إسحاق وعاصم بن بَهْدَلة والأعمش وإسماعيل السُّدِّي وغيرهم، روى عنه أبو أحمد الزبيري وعبد الرزاق، ووكيع وأبو نعيم وغيرهم، وهو ثقة روى له الجماعة، ومن تكلم فيه فإنما تكلم فيه بلا حجّة، فقد وثقه ابن معين والعجلي ومحمد بن عبد الله بن نمير، وقال الإمام أحمد: ((كان شيخًا ثقة)) ، وجعل يتعجّب من حفظه، وقال أبو داود: قلت لأحمد بن حنبل: إسرائيل إذا انفرد بحديث يُحتجّ به؟ قال: ((إسرائيل ثبت الحديث، كان يحيى - يعني القطان- يحمل عليه في حال أبي يحيى القتّات، وقال: روى عنه مناكير)) ، وقال أبو حاتم: ((ثقة متقن، من أتقن أصحاب أبي إسحاق)) ، وقال ابن سعد: ((كان ثقة، وحدّث عنه الناس حديثًا كثيرًا، ومنهم من يستضعفه)) ، وقال يعقوب بن شيبة: ((صالح الحديث، وفي حديثه لين)) ، وفي موضع آخر قال: ((ثقة صدوق، وليس في الحديث بالقوي ولا بالساقط)) ، وضعّفه علي بن المديني، وكانت ولادة إسرائيل سنة مائة للهجرة، ووفاته سنة إحدى وستين ومائة، وقيل: سنة ستين، وقيل: سنة اثنتين وستين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (2 / 330 - 331 رقم 1258) ، و"التهذيب" (1 / 261 - 263 رقم 496) ، و"التقريب" (ص104 رقم 401) . قلت: أما تضعيف يحيى القطان لإسرائيل، فإنما هو لأجل أحاديث رواها عن إبراهيم بن المهاجر وأبي يحيى القتّات، أشار إلى ذلك الإمام أحمد كما سبق، والحمل في هذه الأحاديث على إبراهيم بن المهاجر وأبي يحيى القتّات، لا على إسرائيل؛ فقد قيل لابن معين: إن إسرائيل روى عن إبراهيم بن مهاجر ثلاثمائة، وعن أبي يحيى القتّات ثلاثمائة، فقال: ((لم يؤت منه، أتي منهما جميعًا)) ، قال الذهبي في =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = "سير أعلام النبلاء" (7 / 359 - 360) تعليقًا على كلام ابن معين هذا: ((قلت: يشير إلى لين ابن مهاجر والقتّات)) . وكل من تكلم في إسرائيل بعد القطان لم يفسِّر جرحه، وكأنهم اعتمدوا على تضعيف القطان؛ فإن الذهبي لما ذكر تضعيف ابن المديني لإسرائيل، قال: ((قلت: مشى عَليٌّ خلف أستاذه يحيى بن سعيد، وقفى أثرهما أبو محمد بن حزم، وقال: ضعيف، وعمد إلى أحاديثه التي في الصحيحين، فردَّها، ولم يحتجّ بها، فلا يلتفت إلى ذلك، بل هو ثقة. نعم، ليس هو في التثبُّت كسفيان وشعبة، ولعله يقاربهما في حديث جده، فإنه لازمه صباحًا ومساءً عشرة أعوام، وكان عبد الرحمن بن مهدي يروي عنه ويقوِّيه، ولم يصنع يحيى بن سعيد شيئًا في تركه الرواية عنه وروايته عن مُجَالِد)) . اهـ. من "سير أعلام النبلاء" (7 / 358) . والكلام المتقدم يَتَّجِه إلى رواية إسرائيل عن غيره جده أبي إسحاق السبيعي، وأما روايته عن جدِّه، فاختُلف فيها؛ لأن أبا إسحاق السبيعي اختلط في آخر عمره كما في ترجمته في الحديث رقم [1] ، ورواية شعبة والثوري عنه قبل الاختلاط، وأما إسرائيل وزكريا بن أبي زائدة وزهير بن معاوية فسماعهم منه بعد الاختلاط، قال الإمام أحمد: ((إسرائيل عن أبي إسحاق فيه لين؛ سمع منه بأخَرَة)) ، وقال الميموني: ((قلت لأبي عبد الله - يعني الإمام أحمد -: مَنْ أكبر في أبى إسحاق؟ قال: ما أجد في نفسي أكبر من شعبة فيه، ثم الثوري، قال: وشعبة أقدم سماعًا من سفْيان، قلت: وكان أبو إسحاق قد تأخر؟ قال: أي والله، هؤلاء الصغار - زهير وإسرائيل - يزيدون في الإسناد وفي الكلام)) ، وقال ابن معين: ((زكريا وزهير وإسرائيل حديثهم في أبي إسحاق قريب من السواء؛ سمعوا منه بآخَرة، إنما أصحاب أبي إسحاق: سفيان وشعبة)) . وممن ذهب إلى تقديم سفيان وشعبة على إسرائيل وسائر أصحاب أبي إسحاق: معاذ بن معاذ وأبو زرعة وأبو حاتم والترمذي، وخالف في ذلك عبد الرحمن بن مهدي، فقال: ((إسرائيل في أبي إسحاق أثبت من شعبة والثوري)) ، قال الذهبي - بعد أن ذكر قول =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ابن مهدي هذا -: ((هذا أنا إليه أمَيَلُ مما تقدم؛ فإن إسرائيل كان عُكّاز جَدِّه)) . قلت: هذا الذي مال إليه الذهبي لا يوافق عليه، وقد خالف ابن مهدي أئمة الجرح والتعديل الذين تقدم ذكرهم، ويؤيده ما ذُكر عن أبي إسحاق من الاختلاط، وأن إسرائيل ممن روى عنه بعد ما اختلط، لكن يمكن أن يقال: إن رواية إسرائيل عن جده صحيحة، إلا أن يخالف من هو أوثق منه في جده كشعبة وسفيان، أو أن يأتي بما ينكر عليه، ويمكن أن يستدل على هذا بعبارة ابن مهدي السابقة، وبإخراج البخاري ومسلم له من روايته عن جده، وقال أبو حاتم الرازي: ((إسرائيل ثقة متقن، من أتقن أصحاب أبي إسحاق)) ، وقال الترمذي: ((إسرائيل ثبت في أبي إسحاق)) ، وسئل الإمام أحمد، فقيل له: من أحب إليك، يونس، أو إسرائيل في أبي إسحاق؟ فقال: ((إسرائيل؛ لأنه كان صاحب كتاب)) ، قلت: ومع كتابه، فإنه كان يحفظ؛ قال هو عن نفسه: ((كنت أحفظ حديث أبي إسحاق كما أحفظ السورة من القرآن)) ، وقال شبابة بن سوّار: ((قلت ليونس بن أبي إسحاق أمْلِ علّي حديث أبيك، قال: اكتب عن ابني إسرائيل؛ فإن أبي أملاه عليه)) ، وقال عيسى بن يونس: ((كان أصحابنا - سفيان وشريك، وعدّ قومًا - إذا اختلفوا في حديث أبي إسحاق يجيئون إلى أبي، فيقول: اذهبوا إلى ابني إسرائيل؛ فهو أَرْوى عنه مني، وأتقن لها مني، هو كان قائد جدِّه)) ، بل قد شهد له شعبة بذلك؛ قال حجّاج الأعور: ((قلنا لشعبة: حدِّثنا حديث أبي إسحاق، قال: سلوا عنها إسرائيل، فإنه أثبت فيها مني)) ، وهذا من تواضع شعبة - رحمه الله -، وإلا فهو أثبت فيها من إسرائيل. انظر: "سير أعلام النبلاء" (7 / 355 - 361) ، و"شرح علل الترمذي" لابن رجب (2 / 519 - 525) . والراوي عن إسرائيل هو: عبيد الله بن موسى بن بَاذَام العَبْسي، أبو محمد الكوفي، يروي عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ وهشام بن عروة والأعمش وسفيان الثوري =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وإسرائيل وغيرهم، روى عنه الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه ويحيى بن معين وأبو بكر بن أبي شيبة وأبو سعيد الأشجّ وغيرهم، وهو ثقة، إلا في روايته عن سفيان الثوري فإن فيها اضطرابًا، وهو ثبتت في إسرائيل، وكان عبيد الله يتشيع، وقد روى له الجماعة، ووثقه ابن معين وابن عدي وأبو حاتم، وزاد: ((صدوق، كوفي، حسن الحديث، وأبو نعيم أتقن منه، وعبيد الله أثبتهم في إسرائيل، كان إسرائيل يأتيه فيقرأ عليه القرآن)) ، وقال ابن سعد: ((كان ثقة صدوقًا - إن شاء الله تعالى -، كثير الحديث، حسن الهيئة، وكان يتشيع ويروي أحاديث في التشيع منكرة، وضُعِّف بذلك عند كثير من الناس، وكان صاحب قرآن)) ، وقال العجلي: ((ثقة، رَأْسٌ في القرآن، عالم به، ما رأيته رافعًا رأسه، وما رُئي ضاحكًا قط)) ، وذكره ابن شاهين في الثقات، وقال: ((قال عثمان بن أبي شيبة: صدوق ثقة، وكان يضطرب في حديث سفيان اضطرابًا قبيحًا)) ، وقال الإمام أحمد: ((حدَّث بأحاديث سوء، وأخرج تلك البلايا فحدَّث بها)) ، قال الذهبي: ((كان صاحب عبادة وليلٍ، صَحِب حمزة، وتخلَّقَ بآدابه، إلا في التشيع المشؤوم، فإنه أخذه عن أهل بلده المؤسَّس على البدعة)) ، وكانت ولادته في حدود عام عشرين ومائة، ووفاته سنة ثلاث عشرة ومائتين، وقيل: سنة أربع عشرة ومائتين. اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 334 - 335 رقم 1582) ، و"سير أعلام النبلاء" (9 / 553 - 557 رقم 215) ، و"التهذيب" (6 / 50 - 53 رقم 97) ، و"التقريب" (ص375 رقم4345) . وشيخ ابن أبي حاتم عبد الله بن سعيد أبو سعيد الأشج ثقة كما في الحديث [486] . وعليه يتضح أن الصواب في الحديث أنه عَنِ السُّدِّي، عَنْ أَبِي مَالِكٍ من قوله، وهذا إسناد ضعيف، فالسُّدِّي تقدم في الحديث [174] أنه صدوق يهم، والله أعلم.

422 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ (1) ، - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ} -، قَالَ: ((كَانَ فِيهِ عَصَا مُوسَى، وَعَصَا هَارُونَ، وَثِيَابُ مُوسَى، وَثِيَابُ هَارُونَ، وَلَوْحَانِ مِنَ التَّوْرَاةِ والمَنُّ (2)) ) .

_ (1) هو ذَكْوان السَّمَّان. (2) المَنُّ: ما يَمُنُّ الله به على عباده مما لا تعب فيه ولا نَصَب، واختُلف في المَنِّ الذي أنزل الله على بني إسرائيل، فقيل: هو عَسَلٌ - أوْ شبه العسل - كان ينزل على بني إسرائيل من السماء عفوًا بلا علاج، إنما يصبحون وهو بأفنيتهم فيتناولونه، وقيل: هو طَلٌّ ينزل من السماء، وقيل: هو شيء كان يسقط على الشجر، حُلْوٌ بارد. انظر "النهاية في غريب الحديث" (4 / 366) ، و"لسان العرب" (13 / 418) . [422] سنده صحيح إلى أبي صالح. وذكر السيوطي في "الدر" (1 / 758) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن أبي حاتم. وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 332 رقم 5694) من طريق جابر بن نوح، عن إسماعيل، به مثله، إلا أنه لم يذكر الثياب. وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 186 / أ) من طريق يعلى بن عبيد ومهران الرازي، كلاهما عن إسماعيل، به نحوه، وزاد مهران في روايته: ((وكلمة الفرج: لا إله إلا الله الحليم الكريم، وسبحان الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين)) .

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ} ] 423- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ الدِّمَشْقِيُّ (1) ، عَنْ يَحْيَى بْنِ حَارِثٍ الذِّمَاري قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يَقْرَأُ: {إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً} .

_ (1) هو صَدَقة بن خالد الأُموي، مولاهم، أبو العباس الدِّمشقي، يروي عن أبيه والأوزاعي ويحيى بن الحارث الذِّماري وغيرهم، روى عن يحيى بن حمزة وأبو مسهر وهشام بن عمار وسعيد بن منصور وغيرهم، وهو ثقة؛ وثقه ابن معين ودُحَيْم وابن سعد وابن نمير والعجلي وأبو زرعة وأبو حاتم والنسائي وابن عمار، زاد ابن نمير: ((وهو أوثق من صدقه بن عبد الله وصدقة بن يزيد)) ، وقال الإمام أحمد: ((ثقة ثقة، ليس به بأس، أثبت من الوليد بن مسلم، صالح الحديث)) ، وكانت ولادته سنة ثمان عشرة ومائة، ووفاته سنة سبعين أو إحدى وسبعين ومائة، وقيل غير ذلك. اهـ. من "الجرح والتعديل" (4 / 430 - 431 رقم 1891) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (3 / 1492) ، و"التهذيب" (4 / 414 - 415 رقم 715) ، و"التقريب" (ص275 رقم 2911) . [423] سنده ضعيف لإبهام شيخ الحارث، لكن القراءة صحيحة عن عثمان - رضي الله عنه -، فإنه لم يقرأها: {غَرْفة} - بفتح العين - سوى نافع وابن كثير وأبو عمرو وأبو جعفر كما في "حجة القراءات" (ص140) ، و"الغاية" وحاشيته (ص117) . وقرأ الباقون بالضم، ومن ضمنهم عاصم بن أبي النَّجود، وقد أخذ قراءته عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلمي، وأبو عبد الرحمن أخذها عن عثمان وعلي وغيرهما من الصحابة - رضي الله عنهم -. انظر: "الغاية في القراءات العشر" (ص53) . والحديث ذكره حسام الدين الهندي في "كنز العمال" (2 / 598 رقم 4826) وعزاه للمصنف وحده.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ العَلِيُّ العَظِيمُ} . 424- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ حَكيم بْنِ جُبَيْر (1) ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ (2) ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ (سَنَامًا) (3) ، وَسَنَامُ الْقُرْآنِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ، وَفِيهَا آيَةٌ سَيِّدُ آيِ الْقُرْآنِ، لَا تُقْرَأُ فِي بَيْتٍ فِيهِ شَيْطَانٌ إِلَّا خرج منه (4)) ) .

_ (1) تقدم في الحديث [79] أنه ضعيف. (2) هو ذَكْوان السَّمَّان. (3) في الأصل: ((سنام)) . والسَّنَامُ: هو ذروة الشيء وأعلاه. انظر "النهاية في غريب الحديث" (2 / 409) . (4) وهي آية الكرسي كما في بعض طرق الحديث الآتية. [424] سنده ضعيف لضعف حكيم بن جبير، ولبعض معناه شواهد كما سيأتي. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 51) وعزاه للمصنف والترمذي ومحمد بن نصر وابن المنذر والحاكم والبيهقي في "شعب الإيمان". وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (3 / 376 - 377 رقم 6019) . والحميدي في "مسنده" (2 / 437 رقم 994) . كلاهما عن سفيان، به، ولفظ عبد الرزاق نحوه، ولفظ الحميدي مثله، إلا أنه زاد في آخره: ((آية الكرسي)) ، وهذه الزيادة عند عبد الرزاق أيضًا. وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (1 / 560 - 561) و (2 / 259) من طريق الحميدي. ومن طريق الحاكم أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 327 رقم 2171) . وأخرجه محمد بن نصر في "قيام الليل" (ص151 / المختصر) من طريق محمود ابن غَيْلان، عن سفيان، به نحوه. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأخرجه ابن عدي في "الكامل" (2 / 637) من طريق إبراهيم بن بشار، عن سفيان به مثله، وزاد في آخره: ((اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الحي القيوم)) . وأخرجه الترمذي في "سننه" (8 / 181 رقم 3038) في فضائل القرآن، باب ما جاء في سورة البقرة وآية الكرسي. والحاكم في الموضعين السابقين من "المستدرك". ومن طريقه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 313 رقم 2158) . كلاهما من طريق زائدة بن قدامة، عن حكيم، به بلفظ: ((لكل شيء سنام، وإن سنام القرآن سورة البقرة)) ، زاد الترمذي: ((وفيها آية هي سيدة أي القرآن: آية الكرسي)) . قال الترمذي: ((هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث حكيم بن جبير، وقد تكلَّم فيه شعبة وضعّفه)) . وقال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، والشيخان لم يخرجا عن حكيم بن جبير لوهن في رواياته، إنما تركاه لغلوِّه في التشيع)) ، ووافقه الذهبي، وتعقبهما الألباني؛ حيث ذكر الحديث في "السلسلة الضعيفة" (3 / 524 - 525 رقم 1348) وحكم عليه بالضعف، ثم ذكر كلام الحاكم، ثم تعقبه بقوله: ((ليس كما قال، وإن وافقه الذهبي في تلخيصه؛ فإن أقوال الأئمة فيه إنما تدلّ على أنهم تركوه لسوء حفظه وليس لفساد مذهبه ... )) ، ثم ذكر بعض أقوال الأئمة فيه. وهناك ما يشهد لمعناه، عدا قوله: ((إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ سَنَامًا، وَسَنَامُ القرآن سورة البقرة)) . فمن ذلك ما أخرجه مسلم في "صحيحه" (1 / 56 رقم 258) في صلاة المسافرين، باب فضل سورة الكهف وآية الكرسي، عن أبي بن كعب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -: ((يا أبا المنذر، أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟)) قال: قلت: الله ورسوله أعلم. قال: ((يا أبا المنذر، أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟)) قال: قلت: الله لا إله إلا الله هو الحي القيوم. قال: فضرب في صدري، وقال: ((والله ليهنك العلم أبا المنذر)) . وأخرج مسلم أيضًا في "صحيحه" (1 / 539 رقم 212) في صلاة المسافرين، باب استحباب صلاة النافلة في بيته، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - قال: ((لا تجعلوا بيوتكم مقابر، إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة)) . =

425 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: ((مَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ فِي الْكُرْسِيِّ، إِلَّا بِمَنْزِلَةِ حَلْقةٍ مُلْقَاةٍ في أرض فَلاَةٍ)) .

_ = وأخرج البخاري في "صحيحه" (9 / 55 رقم 5010) في فضائل القرآن، باب فضل سورة البقرة، من حديث أبي هريرة في قصته مع الشيطان الذي كان يسرق من الزكاة التي وكله رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - بها، وفيه يقول الشيطان: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي، لم يزل معك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح، فقال النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((صدقك وهو كذوب، ذاك شيطان)) . اهـ. [425] سنده ضعيف، فالأعمش مدلس ولم يصرح بالسماع هنا، وليس هذا من المواضع التي يحتمل فيها تدليسه على ما سبق بيانه في الحديث رقم [3] ، بل هناك ما يستدعي ردّ روايته عن مجاهد إذا لم يصرح فيها بالسماع؛ حيث جاء عنه إسقاطه لثلاثة رواة بينه وبين مجاهد كما في الحديث المشار إليه، ولذا يقول أبو حاتم الرازي - رحمه الله -: ((إن الأعمش قليل السماع من مجاهد، وعامة ما يروي عن مجاهد مدلَّس)) . انظر: "علل الحديث" لابن أبي حاتم (2 / 210 رقم 2119) . أقول: وبناء عليه، فليس بصحيح ما ذكرها لحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (13 / 411) عن أثر مجاهد هذا حين قال: ((أخرجه سعيد بن منصور في التفسير بسند صحيح عنه)) . والحديث أخرجه البيهقي في "الأسماء والصفات" (2 / 149) من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال: ((الأرض الفلاة)) . وأخرجه عثمان بن سعيد الدارمي في "الرد على بشر المرِّيسي" (ص74) من طريق يحيى الحمّاني، حدثنا أبو معاوية ... ، به مثله، ولم يذكر قوله: ((ملقاة)) . وقد روى ليث بن أبي سليم هذا الأثر عن مجاهد، وليث تقدم في الحديث [9] أنه صدوق اختلط جدًّا، فلم يتميز حديثه فتُرك. فأخرجه عبد الله بن الإمام أحمد في "السنة" (1 / 247 و 304 رقم 456 و 591) وأبو الشيخ في "العظمة" (2 / 632 رقم 248) . كلاهما من طريق سفيان الثوري، عن ليث، به، ولفظ عبد الله نحو لفظ المصنف، وأما أبو الشيخ فلفظه: ((ما موضع كرسيه من العرش إلا مثل حلقة في أرض فلاة)) . وأخرجه ابن أبي شيبة في "كتاب العرش" (ص72 و 78 رقم 45 و 59) من =

426- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الأحْوَص (1) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْروق، عَنِ الشَّعْبي، عَنْ شُتَيْر بْنِ شَكَل، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ (2) : أَنَّ أَعْظَمَ آيَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ... } إِلَى آخِرِ الْآيَةِ فَقَالَ مَسْرُوقٌ (3) : صدقت.

_ = طريق قيس بن الربيع، وجرير بن عبد الحميد، كلاهما عن ليث، به، ولفظ جرير بمعنى لفظ المصنف هنا، ولفظ قيس نحو لفظ أبي الشيخ السابق. وأخرجه أبو الشيخ في "العظمة" أيضًا (ص585 و 633 رقم 218 و 249) من طريق معتمر بن سليمان، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: ما أخذت السموات والأرض من العرش إلا كما تأخذ الحلقة من أرض الفلاة. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 18) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وأبي الشيخ والبيهقي. (1) هو سلاّم بن سُلَيم. (2) يعني ابن مسعود. (3) هو ابن الأجدع، وسيأتي ذكر سبب قوله هذا في قصة اجتماعه بشُتَيْر، وهي قصة يرويها الشعبي هنا كما سيأتي، وأبو الضُّحى في الحديث الآتي بعده. [426] سنده صحيح، وتابع الشَّعْبيَّ أبو الضُّحى كما سيأتي في الحديث بعده. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 6) وعزاه للمصنف وابن المنذر وابن الضريس والطبراني والهروي في "فضائله" والبيهقي في "شعب الإيمان". والحديث اختصره المصنف هنا، وفيه قصة وزيادة، وقد أخرجه المصنف بتمامه في تفسير سورة النحل (ل 47 / أ) فقال: نَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ سَعِيدِ بن مسروق، عن الشعبي، قال: جلس مسروق وشتير بن شكل في المسجد الأعظم، فرآهما ناس فتحوّلوا إليهما، فقال شتير لمسروق: إنما تحوَّل إلينا هؤلاء لنحدثهم، فإما أن تحدث وأصدقك، وإما أن أحدث وتصدقني، فقال مسروق: حدث وأصدقك. قال شتير: حدثنا عبد الله بن مسعود أَنَّ أَعْظَمَ آيَةٍ فِي كِتَابِ الله {اللهُ لَا إِلَهَ =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = إِلَّا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ ... } إلى آخر الآية، قال مسروق: صدقت، وحدثنا عبد الله أن أجمع آية في كتاب الله: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالعَدْلِ وَالإِحْسَانِ ... } الآية، فقال مسروق: صدقت، وحدثنا أن أكبر - أو أكثر - آية في كتاب الله فرحًا: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ ... } الآية، فقال مسروق: صدقت، وحدثنا أن أشد آية في كتاب الله تفويضًا: {وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ... } إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، فَقَالَ مَسْرُوقٌ: صدقت. ومن طريق المصنف أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (9 / 142 - 143 رقم 8659) بتمامه مع اختلاف يسير في بعض ألفاظه. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (6 / 323) : ((رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح)) . وأخرجه ابن الضريس في "فضائل القرآن" (ص91 رقم 187) . والبيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 328 - 329 رقم 2173) . أما ابن الضريس فمن طريق سهل بن بكار الدارمي، وأما البيهقي فمن طريق سهل بن عثمان العسكري، كلاهما عن أبي الأحوص، به نحوه، وقد ساقه البيهقي بتمامه، وأما ابن الضريس فلم يذكر قوله: ((وحدثنا عبد الله أن أجمع آية ... )) إلخ. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (3 / 370 - 371 رقم 6002) عن الثوري، عن جابر - أي الجعفي - وغيره، عن الشعبي ... ، فذكر الحديث بتمامه نحوه. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الطبراني في "الكبير" (9 / 143 رقم 8660) . وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص161 و 208 رقم 415 و 529) من طريق شيخه عمر بن عبد الرحمن، عن منصور بن المعتمر، عن الشعبي، به بما يتعلق بآية الكرسي فقط في الموضع الأول، وفي الموضع الثاني ساقه بتمامه نحوه. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (14 / 163 - طبعة الحلبي -) من طريق معتمر بن سليمان وجرير بن عبد الحميد، كلاهما عن منصور بن المعتمر، عن عامر الشعبي، به مختصرًا بذكر ما يتعلق بآية سورة النحل فقط. =

247 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: نا عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ، عَنْ أَبِي الضُّحى (1) ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: مَا مِنْ سَمَاءٍ، وَلَا أَرْضٍ، وَلَا سَهْلٍ، وَلَا جَبَلٍ، أَعْظَمُ مِنْ آيَةِ الْكُرْسِيِّ. قَالَ شُتَيْر (2) : وَأَنَا قد سمعته.

_ = وأخرجه الطبراني في "الكبير" (9 / 142 رقم 8658) من طريق معتمر، عن منصور، عن عامر الشعبي، به بطوله وذكر القصة، إلا أنه لم يذكر ما يتعلق بآية الكرسي وآية سورة الطلاق. وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (2 / 356) من طريق معتمر، به، بذكر القصة وما يتعلق بآية سورة النحل فقط. ومن طريق الحاكم أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 373 رقم 2216) . قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)) ووافقه الذهبي. (1) وهو مسلم بن صُبَيْح، تقدم في الحديث [10] أنه ثقة فاضل. (2) تقدم في الحديث السابق ما يوضح سبب قول شتير هذا في قصة سيأتي ذكرها أيضًا. [427] سنده حسن لذاته، لكن تقدم في الحديث السابق - وهو أصح - أن القائل الأول هو شُتَير بن شَكَل وليس مسروق بن الأجْدع، وأظن الخطأ هنا من عاصم بن بَهْدلة فإن من حفظه شيئًا كما يتضح من ترجمته في الحديث [17] ، وقد صح الحديث من غير هذا الوجه كما في الحديث السابق من طريق عامر الشعبي. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 7) وعزاه للمصنف وابن الضريس والبيهقي في "الأسماء والصفات". وقد أخرجه البيهقي في "الأسماء والصفات" (2 / 14) من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال: ((قال شتير: وأنا قد سمعت)) .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = والحديث اختصره المصنف هنا، وفيه قصة وزيادة في اللفظ، وقد أخرجه المصنف بتمامه في تفسير سورة النحل (ل 147 / ب) ، فقال: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: نا عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلة، عَنِ أبي الضحى، قال: اجتمع مسروق وشُتَيْر في المسجد، فتعرّض إليهما خلق في المسجد، فقال مسروق لشتير: إني لأرى جلس هؤلاء إلينا إلا ليسمعون مِنّا خيرًا، فإما أن تحدث عن عبد الله وأصدقك، وإما أن أحدث وتصدقني، فقال شتير: حدث يا أبا عائشة. فقال مسروق: سمعت عبد الله يقول: العينان تزنيان، والرجلان تزنيان، واليدان تزنيان، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه. قال: وأنا قد سمعته. قال: أسمعت عبد الله يَقُولُ: مَا مِنْ سَمَاءٍ وَلَا أَرْضٍ، وَلَا سَهْلٍ وَلَا جَبَلٍ أَعْظَمُ مِنْ آيَةِ الْكُرْسِيِّ؟ قَالَ: قال: نعم، وأنا قد سمعته. قال: أسمعت أن عبد الله يقول: إن أجمع آية في القرآن بحلال وحرام وأمر ونهي هذه الآية: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ وَالبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} ؟ قال: نعم، وأنا قد سمعته. قال: أسمعت عبد الله يقول: إن أقرب آية في القرآن فرجًا: {وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} ؟ قال: نعم، وأنا قد سمعته، قال: أسمعت عبد الله يقول: إن أشد آية في القرآن تفويضًا هذه الآية، {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ} ؟ قال: نعم وأنا قد سمعته. وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (1 / 570 رقم 489) . وابن الضريس في "فضائل القرآن" (ص92 رقم 193) . والطبراني في "الكبير" (9 / 144 رقم 8661) . أما البخاري فمن طريق سليمان بن حرب، وأما ابن الضريس فمن طريق أبي الربيع الزهراني، وأما الطبراني فمن طريق عارم أبي النعمان، ثلاثتهم عن حماد بن زيد، به بطوله نحوه، عدا ابن الضريس فرواه بنحو سياق المصنف المختصر هنا. =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} ] 428 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانة (1) ، عَنْ أَبِي بِشْر (2) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبير - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} -، قَالَ: نَزَلَتْ فِي الْأَنْصَارِ. قَالَ: قُلْتُ: خَاصَّةً؟ قَالَ: خَاصَّةً؛ كَانَتِ الْمَرْأَةُ مِنْهُمْ إِذَا كَانَتْ نَزْرَةً أَوْ مِقْلاتا (3) تَنْذُرُ: لَئِنْ وَلَدَتْ وَلَدًا لَتَجْعَلَنَّهُ فِي الْيَهُودِ؛ تَلْتَمِسُ بِذَلِكَ طُولَ بَقَائِهِ. (فَجَاءَ) (4) الْإِسْلَامُ [ل119/أ] وَفِيهِمْ مِنْهُمْ، فَلَمَّا أجْلِيَت النَّضِير قالت الأنصار:

_ = وأخرجه الطبراني من طريق حماد بن سلمة، عن عاصم مقرونًا بالرواية السابقة. وذكره الحافظ ابن حجر في "الفتح" (10 / 479) من رواية البخاري في "الأدب المفرد"، وقال: ((سنده صحيح)) . وأخرجه ابن الضريس أيضًا (ص93 رقم 194) من طريق الأعمش، عن أبي إسحاق، عن مسروق، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: مَا خلق الله من شيء من أرض ولا سماء ولا إنس ولا جن أعظم من آية الكرسي. (1) هو وضّاح بن عبد الله. (2) هو جعفر بن إياس. (3) معناهما متقارب، فالنَّزْرَةُ من النساء هي قليلة الولد، والمِقْلاَتُ من النساء هي التي لا يعيش لها ولد. انظر: "النهاية في غريب الحديث" (5 / 40) و (4 / 98) ، والموضع الآتي من "غريب الحديث" للخطابي. (4) في الأصل: ((فلما جاء)) ، وما أثبته من الموضع الآتي من "سنن البيهقي"؛ حيث روى الحديث من طريق المصنف.

يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَبْنَاؤُنَا وَإِخْوَانُنَا فِيهِمْ؟ فَسَكَتَ عَنْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَنَزَلَتْ: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((قَدْ خُيّر أَصْحَابُكُمْ، فَإِنِ اخْتَارُوكُمْ فَهُمْ مِنْكُمْ، (وَإِنِ) (5) اختاروهم فأَجْلُوهم معهم)) .

_ (5) في الأصل: ((فإن)) . [428] سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مرسله سعيد بن جبير، وقد رواه شعبة، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وهو الصحيح كما سيأتي. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 20) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي. وأخرجه الخطابي في "غريب الحديث" (3 / 80 - 81) . والبيهقي في "سننه" (9 / 186) في الجزية، باب من لحق بأهل الكتاب قبل نزول الفرقان. كلاهما من طريق المصنف به، ولفظ الخطابي مختصر، ولفظ البيهقي مثل لفظ المصنف هنا سواء. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 409 رقم 5818) من طريق حجاج بن المنهال، عن أبي عوانة، به نحوه. وأخرجه أبو داود في "سننه" (3 / 132 رقم 2682) في الجهاد، باب في الأسير يكره على الإسلام. والنسائي في "التفسير" (1 / 273 و 276 رقم 68 و 69) . ومن طريقه النحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص98) . وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 407 - 408 رقم 5812) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 195 / أ) . وابن حبان في "صحيحه" (1 / 352 رقم 140 / الإحسان) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = والنحاس في "معاني القرآن" (1 / 166 - 167) . والبيهقي في الموضع السابق. والواحدي في "أسباب النزول" (ص77) . والثعلبي في "الكشف والبيان" (2 / ل 160) . جميعهم من طريق شعبة، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، به نحوه، ولم يذكروا قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((قَدْ خُيِّر أصحابكم ... )) إلخ الحديث، وفيه زيادة قوله: قال سعيد بن جبير: فمن شاء لحق بهم، ومن شاء دخل في الإسلام. وهذا إسناد صحيح، فشعبة وأبو بشر وسعيد بن جبير جميعهم ثقات تقدمت تراجمهم، وقد رواه أبو داود والنسائي من طريق شيخهما محمد بن بشّار بُنْدار، عن محمد بن أبي عدي، عن شعبة. ومحمد بن بشّار تقدم في الحديث [83] أنه ثقة. ومحمد بن إبراهيم بن أبي عدي - وقد ينسب إلى جده -، السُّلَمي، مولاهم، أبو عمرو البصري، يروي عن سيلمان التيمي وحميد الطويل وعبد الله بن عون وداود بن أبي هند وشعبة وغيرهم، روى عنه الإمام أحمد وابن معين وابنا أبي شيبة ومحمد بن بشار بندار وغيرهم، وهو ثقة روى له الجماعة، ووثقه ابن سعد والعجلي وأبو حاتم والنسائي، وأحسن الثناء عليه عبد الرحمن بن مهدي ومعاذ بن معاذ، وكانت وفاته سنة أربع وتسعين ومائة. اهـ. من "تاريخ الثقات" للعجلي (ص410 رقم 1485) ، و"الجرح والتعديل" (7 / 186 رقم 1058) ، و"التهذيب" (9 / 12 - 13 رقم 17) ، و"التقريب" (ص465 رقم 5697) . هكذا رواه شعبة وهو أثبت من أبي عوانة فروايته أصح. وقد رواه عن شعبة على هذا الوجه جماعة، منهم: أشعث بن عبد الله السجستاني ومحمد بن أبي عدي، ووهب بن جرير، وعثمان بن عمر. وقد صحح رواية شعبة على هذا الوجه ابن حبان والنحاس في "ناسخه". وخالف المذكورين محمد بن جعفر غندر، فرواه عن شعبة، عن أبي بشر، =

429- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ (1) : كَانَ لَهُ (2) غُلَامٌ يُقَالُ لَهُ: جَرِيرٌ، وَكَانَ يَقُولُ لَهُ: أسْلِمْ، فَقَالَ: كَذَا كَانَ يُقَالُ لَهُمْ، وَإِنَّ نَاسًا مِنَ (الْأَنْصَارِ) (3) قَدْ أَرْضَعُوا فِي قُرَيْظَةَ، وَكَانُوا (يَقُولُونَ) (4) لَهُمْ: أَسْلِمُوا، فَنَزَلَتْ: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} .

_ = عن سعيد بن جبير مرسلاً. أخرجه ابن جرير في الموضع السابق برقم (5813) . وعليه فالصواب في الحديث أنه عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عباس، وهو صحيح كما سبق، والله أعلم. (1) القائل هو ابن أبي نجيح كما يتضح من رواية عبد الرزاق الآتية. (2) أي لمجاهد، والغلام نصراني كما سيأتي. (3) في الأصل: ((اليهود)) ، والتصويب من مصادر التخريج. (4) في الأصل: ((يقولوا)) . [429] سنده صحيح إلى مجاهد، وقد صرح ابن أبي نجيح بالسماع كما سيأتي، لكن ذكر قصة الأنصار واليهود ضعيف من هذا الطريق لإرساله، وهو صحيح لغيره يشهد له الحديث السابق. وقول مجاهد هذا ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 20) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم. وقد أخرج شطره الأول عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 102 - 103) ، فقال: نا ابن عيينة، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ قَالَ: سمعت مجاهدًا يقول لغلام له نصراني: يا جرير أسلم، ثم قال: هكذا كان يقال لهم. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (5 / 413 رقم 5831) . وأخرج باقيه ابن جرير أيضًا (5 / 412 رقم 5826) من طريق سعيد بن الربيع الرازي، عن سفيان بن عيينة، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد، أن ناسًا من =

430- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ وَائِل بْنِ دَاوُدَ (1) ، عَنِ الْحَسَنِ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} ، - قَالَ: لَا يُكْرَهُ أَهْلُ الْكِتَابِ على الإسلام.

_ = الأنصار كانوا مسترضعين في بني النضير، فلما أُجْلُوا أراد أهلوهم أن يحلقوهم بدينهم، فَنَزَلَتْ: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} . وأخرجه ابن جرير أيضًا (5 / 411 رقم 5820) من طريق عيسى بن ميمون، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد في قول الله: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} قال: كانت اليهود يهود بني النضير أرضعوا رجالاً من الأوس، فلما أمر النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بإجلائهم، قلا أبناؤهم من الأوس: لنذهبن معهم، ولندينن بدينهم، فمنعهم أهلوهم، وأكرهوهم على الإسلام، ففيهم نزلت هذه الآية. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (5822) من طريق ابن جريج، عن مجاهد، به نحو سابقه. ولسفيان بن عيينة فيه إسناد آخر. فأخرجه ابن جرير برقم (5821) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 195 / ب) . كلاهما من طريق سفيان بن عيينة، عن خصيف، عن مجاهد: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} ، قال: كان ناس من الأنصار مسترضعين في بني قريظة، فأرادوا أن يكرهوهم على الإسلام، فَنَزَلَتْ: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ} . اهـ. واللفظ لابن جرير. (1) هو وَائِلُ داوُد التَّيْمي، الكوفي، والد بكر، يروي عن إبراهيم النخعي وعباية بن رافع وعكرمة والحسن البصري وغيرهم، روى عنه ابنه بكر وشعبة والسفيانان وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة السادسة؛ وثقه الإمام أحمد والعجلي والخليلي، وذكره ابن حبان وابن شاهين في الثقات، وقال أبو حاتم والبزار: ((صالح الحديث)) . اهـ. من "تاريخ الثقات" للعجلي (ص463 رقم 1764) ، =

431- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا شَرِيكٌ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي هِلَالٍ (1) ، عَنْ وَسْق (2) ، قَالَ: كُنْتُ مَمْلُوكًا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَكُنْتُ نَصْرَانِيًّا، فَكَانَ يَقُولُ لِي: يَا وَسْقُ أَسْلِمْ، فَإِنَّكَ لَوْ أَسْلَمْتَ لَوَلَّيْتُكَ بَعْضَ أَعْمَالِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّهُ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَلِيَ أَمْرَهُمْ مَنْ لَيْسَ عَلَى دِينِهِمْ، فأبَيْت عَلَيْهِ، فَقَالَ لِي: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} فلما مات عمر أعتقني.

_ = و"الجرح والتعديل" (9 / 43 رقم 182) ، و"الثقات" لابن حبان (7 / 561) ، و"تاريخ أسماء الثقات" لابن شاهين (ص247 رقم 1511) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (3 / 1459) ، و"التهذيب" (11 / 109 - 110 رقم 190) ، و"التقريب" (ص580 رقم 7394) . [430] سنده صحيح. وهذا الأثر ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 22) وعزاه لسعيد بن منصور فقط. وقد أخرج ابن جرير في "تفسيره" (5 / 412 رقم 5826) من طريق سعيد بن الربيع، عن سفيان بن عيينة، عن وائل، عن الحسن، أن ناسًا من الأنصار كانوا مسترضعين في بني النضير، فلما أُجْلُوا، أراد أهلوهم أن يحلقوهم بدينهم، فَنَزَلَتْ: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} . (1) هو يحيى بن حيّان الطائي، أبو هلال الكوفي، يروي عن شريح، ويروي عنه سفيان الثوري وابن عيينة وشريك وغيرهم، وهو ثقة، قال ابن معين: ((ثقة)) ، وقال أبو نعيم الفضل بن دكين: ((حدثنا سفيان - أي الثوري -، عن أبي هلال، كوفي ثقة لا بأس به)) ، وذكره ابن حبان وابن شاهين في الثقات. اهـ. من "المعرفة والتاريخ" للفسوي (3 / 151) ، و"الجرح والتعديل" (9 / 136 رقم 576) ، و"الثقات" لابن حبان (7 / 598) ، و"تاريخ أسماء الثقات" لابن شاهين (ص263 رقم 1615) ، و"الاستغناء" لابن عبد البر (2 / 974 رقم 1189) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = (2) كذا جاء اسمه هنا ونقله الثعلبي في "تفسيره" عن المصنف (2 / 161 / ب) مضبوطًا، وفي "الدر المنثور" (2 / 22) : ((وسق الرومي)) ، وفي "الطبقات" لابن سعد (6 / 158) : ((أُسَّق مولى عمر بن الخطاب)) ، وعنه ذكره الحافظ ابن حجر في "الإصابة" (1 / 195 رقم 447) ، إلا أنه وقع في المطبوع: ((أسبق)) ، وفي "تفسير ابن أبي حاتم" (1 / ل 195 / أ) : ((أُسَق)) ، وهو مجهول لم أجد من روى عنه سوى أبي هلال الطائي. [431] سنده ضعيف لضعف شريك من قبل حفظه وجهالة وسق. وقد ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 22) وعزاه للمصنف وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم. وساقه الثعلبي في "الكشف والبيان" (2 / ل 161 / ب) من رواية المصنف، فقال: ((وروى سعيد عن شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ وَسْق، قَالَ: كُنْتُ مَمْلُوكًا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَكُنْتُ نَصْرَانِيًّا، فكان يقول: يَا وَسْقُ أَسْلِمْ، فَإِنَّكَ لَوْ أَسْلَمْتَ لَوَلَّيْتُكَ بَعْضَ أَعْمَالِ الْمُسْلِمِينَ، فإنه ليس يَصْلُحُ أَنْ يَلِيَ أَمْرَهُمْ مَنْ ليس على دينهم. قال: فَأَبَيْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ لِي: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} ، فلما مات أعتقني)) . اهـ. وقد وقع في النسخة خطأ في الإسناد فجاء هكذا: ((وروى سعيد، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي هلال، وأُلْحِق اسم: ((شريك)) في الهامش وباقي الإسناد لم يُصّوب. وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" (6 / 158 - 159) من طريق أبي الوليد الطيالسي، قال: حدثنا شريك، عن أبي هلال الطائي، عن أُسَّق قَالَ: كُنْتُ مَمْلُوكًا لِعُمَرَ بْنِ الخطاب وأنا نصراني، فكان يعرض عليّ الإسلام ويقول: إنك لو أسلمت استعنتُ بك على أمانتي فإنه لا يحلّ لي أن أستعين بلك على أمانة المسلمين ولستَ عَلَى دِينِهِمْ، فأبيتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} . فلما حضرته الوفاة أعتقني وأنا نصراني، وقال: اذهب حيث شئت. قلت: لشريك: سمعه أبو هلال من أُسّق؟ قال: زعم ذاك. =

432- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ وُهَيْب مَوْلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ (1) ، قَالَ: أَعْتَقَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ غُلَامًا لَهُ مَجُوسِيًّا، يُقَالُ لَهُ: مَابُورا (2) ، فَرَأَيْتُهُ عند أبي يقطع الشَّوَاء (3) .

_ = وأخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من الجزء الرابع من المصنف (ص60 رقم 406) عن شريك، عَنْ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ وَسْقٍ، قال: كنت مملوكًا لعمر، فكان يعرض علي الإسلام ويقول: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} ، فلما حُضر، أعتقني. وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 195 / أ) من طريق عمرو بن عون، عن شريك، به بنحو سياق ابن سعد، ولم يذكر قوله: ((فأبيت ... )) إلخ، وضُبط الاسم عنده هكذا: ((أُسَق)) . (1) هو عبد الملك بن وُهَيْب المديني مولى زيد بن ثابت، مجهول، يروي عن زيد بن ثابت، لم يرو عنه سوى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، ذكره البخاري في "تاريخه" (5 / 435 رقم 1418) وسكت عنه، وبيّض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (5 / 373 رقم 1743) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (5 / 117) . (2) لم تنقط الكلمة في الأصل، ولا في "تاريخ البخاري" (5 / 435) ، وقال الشيخ عبد الرحمن المعلمي - رحمه الله - في حاشيته على "تاريخ البخاري": ((كذا في الأصل غير منقوط، ولم نعلم من ضبطه)) . اهـ. (3) في الموضع السابق من "تاريخ البخاري": (اللحم)) ، والمعنى واحد، فالشِّوَاءُ: هو اللحم الذي انْشَوَى. انظر "لسان العرب" (14 / 446) . [432] سنده ضعيف لجهالة عبد الملك بن وهيب، وعبد الرحمن بن أبي الزناد تقدم في الحديث [67] أنه صدوق تغير حفظه لما قدم بغداد. وفي الحديث أخرجه البخاري في الموضع المتقدم من "تاريخه" من طريق محمد بن الصباح، عن ابن أبي الزناد، به نحوه.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ} ] 433- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ (1) ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ} ، وَكَانَ يَقُولُ: قِرَاءَتِي عَلَى قِرَاءَةِ مُجَاهِدٍ. [قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ} إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ] 434 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَزْم بْنُ أَبِي حَزْم، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ} ، قَالَ: ذُكر لَنَا أَنَّهُ أُمِيتَ ضَحْوة، وَبُعِثَ حِينَ سَقَطَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ، فَقَالَ: {كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ (2) وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ} ، وَإِنَّ (حِمَارَكَ) (3) لَنُحْيِيهِ، وَإِنَّ طَعَامَكَ وَشَرَابَكَ، قَدْ مَنَعَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - مِنْهُ السِّبَاعَ {وَانْظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا (4) ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا} ؛ لقد ذُكر لي

_ (1) هو حميد بن قيس الأعرج تقدم في الحديث [31] أنه ثقة. [433] سنده صحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 22) وعزاه للمصنف وابن المنذر. (2) أي: لم يتغيَّر بمرور السنين عليه. انظر "لسان العرب" (13 / 502) . (3) في الأصل: ((حماره)) . (4) سيأتي معناها في الحديث [436] ، ويوضحه هنا قوله: ((فَجَعَلَ يَنْظُرُ بِهِمَا إِلَى عَظْمٍ عَظْمٍ كَيْفَ يَرْجِعُ إِلَى مَكَانِهِ)) .

أَنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - مِنْهُ عَيْنَيْهِ، فَجَعَلَ يَنْظُرُ بِهِمَا إِلَى عَظْمٍ عَظْمٍ كَيْفَ يَرْجِعُ إِلَى مَكَانِهِ {فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} . 435- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ: {قَالَ أَعْلَمْ (1) أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} وَيَقُولُ: لَمْ يَكُنْ بِأَفْضَلَ مِنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ اللَّهُ: {أَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} .

_ = [434] سنده صحيح إلى الحسن البصري، ولم يذكر الحسن عمّن أخذه، فلعلّه من الإسرائيليات التي لا تُصدِّق ولا تكذِّب. وقد ذكره السيوطي في "الدر" (2 / 30) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد والبيهقي في "البعث والنشور"، لكن بلفظ: عن الحسن - في قوله: {فَأَمَاتَهُ اللهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ} - قَالَ: ذُكر لَنَا أَنَّهُ أُمِيتَ ضَحْوَةً، وَبُعِثَ حِينَ سَقَطَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ تغرب، وأن أول ما خلق الله منه عيناه، فَجَعَلَ يَنْظُرُ بِهِمَا إِلَى عَظْمٍ كيف يرجع إلى مكانه. وقد أخرجه البيهقي في "البعث والنشور" (1 / 20 - 21 رقم 10) ، من طريق المصنِّف، به مثله، إلا أنه لم يذكر قوله: ((وإن حمارك لنحييه ... )) إلى قوله: ((السباع)) ، ووقع عنده: ((أول شيء ما خلق منه عيناه، فجعل ينظر إلى عظم عظم)) . ولم أجد هذا الحديث في المطبوع من "البعث والنشور"، فصار العزو إلى الرسالة المقدمة من الشيخ عبد العزيز الصاعدي لنيل درجة الدكتوراة من الجامعة الإسلامية. (1) المعنى: أن ابن عباس كان يقرأ قوله تعالى: ((قال أَعْلَمُ)) هكذا: ((قال اعْلَمْ)) ، ويوضحه ما سيأتي. [435] سنده صحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 32) وعزاه للمصنف وابن المنذر. وذكره ابن زنجلة في "حجة القراءات" (ص144) ولم يعزه لأحد؛ وإنما قال: =

436 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّناد، عَنْ أَبِيهِ (1) ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ بْنِ ثَابِتٍ (2) ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {نُنْشِزُهَا} (3) .

_ = وكان ابن عباس يقرؤها أيضًا: (قال اعْلَمْ) ويقول: أهو خير أم إبراهيم إذ قيل له: (واعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) . اهـ. وذكر ابن زنجلة أن ابن مسعود كان يقرؤها كذلك، وهي قراءة حمزة والكسائي. وقرأ الباقون: (قال أَعْلَمُ) . (1) هو عبد الله بن ذَكْوان. (2) كذا في الأصل، والذي في "الدر المنثور" (2 / 31) جعله عن زيد بن ثابت، فأخشى أن يكون سقط من الإسناد هنا قوله: (عن زيد بن ثابت) . (3) سيأتي بيان معناها واختلاف القُرَّاء فيها. [436] سنده ضعيف، وهو صحيح لغيره كما سيأتي، فعبد الرحمن بن أبي الزناد تقدم في الحديث [67] أنه صدوق تغير حفظه لما قدم بغداد، ولم يتضح لي أن المصنف روى عنه قبل ذلك. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 31) وعزاه للمصنف والفريابي ومسدد في "مسنده" وعبد بن حميد وابن المنذر، لكنه جعله عن زيد، فقال: عن زيد بن ثابت أن كان يقرأ: {كيف ننشزها} - بالزاي -، وإن زيدًا أعجم عليها في مصحفه. وقد روى مرفوعًا ولا يصح. فأخرجه الحاكم في "المستدرك" (2 / 234) من طريق إسماعيل بن قيس، عن نافع بن أبي نعيم القارئ، حدثني إسماعيل بن أبي حكيم، ثنا خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، عن أبيه زيد بن ثابت - رضي الله عنه -، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - قرأ: {كيف ننشزها} - بالزاي -. قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه؛ فإنهما لم يحتجا بإسماعيل بن قيس بن ثابت)) ، وتعقبه الذهبي في "التلخيص" بقوله: ((قلت: إسماعيل بن قيس من ولد زيد بن ثابت، ضعّفوه)) . وقد روي الحديث عن زيد بن ثابت من وجه آخر. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = فأخرجه مسدد في "مسنده" كما في "المطالب العالية" (ل 131 / ب) عن شيخه يحيى بن سعيد القطان، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنِ حفصة، عن أبي العالية قال: إن زيد بن ثابت - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يَقْرَأُ: {وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا} ، أعجم الزاي. وسنده صحيح رجاله ثقات تقدموا، وأبو العالية اسمه رُفَيع بن مهران. وأما حَفْصة فهي بنت سِيْرين، أم الهُذَيل الأنصارية البصرية، تروي عن أنس بن مالك وأم عطية وأبي العالية وغيرهم، روى عنها أخوها محمد وقتادة وخالد الحذّاء وهشام بن حسّان وغيرهم، وهي ثقة روى لها الجماعة، وقال إياس بن معاوية: ((ما أدركت أحدًا أفضله على حفصة)) ، وقال ابن معين: ((ثقة حجة)) ، وقال العجلي: ((بصرية ثقة تابعية)) ، وكانت وفاتها سنة إحدى ومائة. اهـ. من "تاريخ الثقات" للعجلي (ص518 رقم 2089) ، و"التهذيب" (12 / 409 - 410 رقم 2762) ، و"التقريب" (ص745 رقم 8561) . وهذا الأثر عن زيد بن ثابت علقه الثعلبي في "الكشف والبيان" (2 / 169 / أ) ، فقال: ((وروى أبو العالية أن زيد بن ثابت قال: إنما هي زاي فزوِّها)) . وقد قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو: ((نُنْشِرُها)) - بالراء -، وقرأ الباقون: ((كيف نُنْشِزُها)) - بالزاي - انظر "حجة القراءات" (ص144) . قال أبو جعفر ابن جرير في "تفسيره" (5 / 475 - 478) : ((وأما قوله: {كَيْفَ نُنْشِزُهَا} ، فإن القَرَأَةَ اختلفت في قراءته. فقرأه بعضهم: {وَانْظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا} - بضم النون، وبالزاي -، وذلك قراءة عامة قَرَأَة الكوفيين، بمعنى: وانظر كيف نركِّب بعضها على بعض وننقل ذلك إلى مواضع من الجسم. وأصل النشوز: الارتفاع ... ، فمعنى قوله: {وَانْظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا} - في قراءة من قرأ ذلك بالزاي -: كيف نرفعها من أماكنها من الأرض، فنردّها إلى أماكنها من الجسد ... وقرأ ذلك آخرون: {وَانْظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنْشِرُهَا} - بضم النون -؛ =

437- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا عَوْفٌ (1) ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ: عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أنه كان يقرأ: {نُنْشِزُها} . 438- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا يُونُسُ (2) ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ (عُمَيْر بْنِ قُمَيْم) (3) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يقرأ: {نُنْشِرُها}

_ = قالوا: من قول القائل: أنشر الله الموتى فهو يُنشرهم إنشارًا، وذلك قرأه عامة قَرَأة أهل المدينة، بمعنى: وانظر إلى العظام كيف نُحييها ثم نكسوها لحمًا. قال أبو جعفر: والقول في ذلك عندي: أن معنى الإنشاز ومعنى الإنشار متقاربان؛ لأن معنى الإنشاز: التركيب والإثبات ورد العظام إلى العظام. ومعنى الإنشاز: إعادة الحياة إلى العظام، وإعادتها لاشك أنه ردُّها إلى أماكنها ومواضعها من الجسد بعد مفارقتها إياها. فهما وإن اختلفا في اللفظ، فمتقاربا المعنى، وقد جاءت بالقراءة بهما الأمة مجيئًا يقطع العذر ويوجب الحجة، فبأيهما قرأ القارئ فمصيب)) . اهـ. والله أعلم. (1) هو ابن أبي جميلة الأعرابي. [437] سنده صحيح، وقوله: ((عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -)) ، لعله يعني زيد بن ثابت، فإن أبا العالية روى هذا الحديث عنه، فانظر الحديث السابق والتعليق عليه. (2) هو ابن أبي إسحاق. (3) في الأصل: ((عبيد بن مريم)) ، وما أثبته من الحديث الآتي برقم: [440] ، ومصادر ترجمته الآتية، وهو الذي يروي أبو إسحاق عنه عن ابن عباس في القراءات، ولم أجد في هذه الطبقة من اسمه: ((عبيد بن مريم)) . وهو عُمَيْر بن قُمَيْم - بالتصغير -، ويقال: تميم، ابن يريم، أبو هلال التغلبي =

439- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا عَوْفٌ (1) ، عَنِ الْحَسَنِ: أنه كان يقرؤها كذلك.

_ = الكوفي، يروي عن ابن عباس، وعنه أبو إسحاق السبيعي فقط، وهو مجهول، ذكره ابن سعد في "الطبقات" (6 / 300) وقال: ((كان معروفًا قليل الحديث)) ، وذكره البخاري في "التاريخ الكبير" (6 / 536 - 537 رقم 3239) وذكر له حديثًا، ثم قال: ((لا يتابع عليه)) ، وبيّض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (6 / 378 رقم 2092) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (5 / 254) ، وذكره الذهبي في "ميزان الاعتدال" (4 / 582 رقم 10697) ، وقال: ((لا يعرف، وذكره البخاري في "الضعفاء" وسمّاه عميرًا، وقال: لا يتابع على حديثه)) ، وانظر "الاستغناء" لابن عبد البر (2 / 974 رقم 1187) ، و"تبصير المنتبه" (1 / 203) . أقول: وهو يشتبه مع هُبَيْرة بن يَريم المتقدم في الحديث [403] في الاسم والشيخ والراوي عنه، فكلاهما يروي عن ابن عباس، وعنهما السبيعي. [438] سنده ضعيف لجهالة عُمير بن قُمَيْم، ورواية يونس عن أبيه ضعيفة؛ لأنه روى عنه بعد الاختلاط كما قال ابن نمير، وقد ضعَّف الإمام أحمد روايته عنه. انظر "شرح علل الترمذي" لابن رجب (2 / 520 - 522) . والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 31) وعزاه للمصنف والفريابي وعبد بن حميد. وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص72 رقم 129) عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي هلال التغلبي، أن ابن عباس كان يقرؤها: (انظر إلى العظام كيف ينشرها) . قلت: أبو هلال هو عمير، وقوله: (ينشرها) كذا جاء في تفسير سفيان، وهو تصحيف، ولم يقرأها أحد هكذا. انظر الحديث المتقدم برقم [436] . وسيأتي الحديث برقم [440] من طريق حُدَيج بنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي إسحاق. (1) هو الأعرابي. [439] سنده صحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 31) وعزاه لعبد بن حميد فقط.

440- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حُدَيْج بنُ مُعَاوِيَةَ (1) ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ (2) ، عَنْ أَبِي هِلَالٍ (3) ، عَنِ ابْنِ (عَبَّاسٍ) (4) : أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {كَيْفَ نُنْشِرُهَا} . [قوله تعالى: {أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} ] 441 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ (5) ، قَالَ: نَا لَيْثٌ (6) ، عَنْ مُجَاهِدٍ، وَإِبْرَاهِيمَ، أَنَّهُمَا قَالَا فِي قَوْلِهِ - عَزَّ وَجَلَّ-: {لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} -، قَالَا: لِأَزْدَادَ إِيمَانًا إِلَى إِيمَانِي.

_ (1) تقدم في الحديث [1] أنه صدوق يخطئ. (2) هو عمرو بن عبد الله السَّبيعي، تقدم في الحديث [1] أنه اختلط في آخر حياته، والراوي عنه هنا هو حُديج بن معاوية، ولم يُذكر فيمن روى عنه قبل الاختلاط. (3) هو عمير بن قُمَيْم تقدم في الحديث [438] أنه مجهول. (4) في الأصل: ((إسحاق)) وهو تصحيف، فإن أبا هلال عمير بن قُمَيْم إنما يروي عن ابن عباس، وسبق أن روى عنه هذا الأثر كما في الحديث [438] . [440] سنده ضعيف لجهالة أبي هلال عُمير بن قُميم، ولأن أبا إسحاق اختلط، ولم يذكر حُديج فيمن روى عنه قبل الاختلاط، وقد توبع حديج على الحديث كما في الحديث المتقدم برقم [438] . (5) تقدم في الحديث [76] أنه صدوق اختلط في آخر عمره. (6) تقدم في الحديث [9] أنه صدوق اختلط، فلم يتميز حديثه فتُرك. [441] سنده ضعيف لضعف ليث بن أبي سليم واختلاط خلف بن خليفة. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 34) وعزاه للمصنف وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في "شعب الإيمان". وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 493 رقم 5984) من طريق زيد بن الحباب، عن خلف بن خليفة، به نحوه. =

442 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ الحدَّاد، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} -، قَالَ: بالخُلَّة. [قَوْلُهُ تَعَالَى: {قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} ] 443- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي جَمْرَة (1) ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ - فِي قَوْلِهِ عز وجل:

_ = وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (1 / 198 رقم 60) من طريق علي بن المديني، عن خلف، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قوله تعالى: {وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} - قال: أزداد إيمانًا إلى إيماني. [442] سنده ضعيف جدًّا؛ عمرو بن ثابت الحدَّاد تقدم في الحديث [179] أنه مترك رافضي. وقول سعيد هذا ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 34) وعزاه للمصنف وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في "الأسماء والصفات". وقد أخرجه البيهقي في "الأسماء والصفات" (2 / 277) من طريق المصنف، به مثله. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 489 رقم 5969) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 202 / أ) . أما ابن جرير فمن طريق أبي أحمد الزبيري، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق أبي داود الطيالسي، كلاهما عن عمرو، به مثله. (1) هو نَصْر بن عمران. [443] سنده حسن لذاته، وهو صالح لغيره، فعبد الرحمن بن زياد الرصاصي تقدم في =

{فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ} -، قَالَ: قَطّع أَجْنِحَتَهُنَّ أَرْبَاعًا، رُبْعًا هَاهُنَا، وَرُبْعًا هَاهُنَا فِي أَرْبَاعِ الْأَرْضِ، {ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا} قَالَ: هَذَا مَثل، كَذَلِكَ يُحْيِي الله الموتى مثل هذا.

_ = الحديث [6] أنه صدوق، لكنه لم ينفرد به كما سيأتي. فالحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 35) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في "البعث والنشور". وقد أخرجه البيهقي في "البعث والنشور" (1 / 22 رقم 11) ، من طريق المصنف به مثله، إلا أنه قال: ((قطع أجنحتها أربعًا، ربعًا هاهنا، وربعًا ها هنا، وربعًا ها هنا، وربعًا ها هنا)) ، ولم يذكر قوله: ((في أرباع الأرض)) ، وتصحف ((أبو جمرة)) على المحقق إلى: ((أبي حمزة)) . ولم أجد هذا الحديث أيضًا في المطبوع من "البعث والنشور"، فصار العزو إلى النسخة التي تقدمت الإشارة إليها في الحديث [434] . وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (5 / 502 و 505 رقم 5995 و 6013) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 202 / ب) . أما ابن جرير فمن طريق محمد بن جعفر غندر، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق أبي داود الطيالسي ويحيى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، ثلاثتهم عن شعبة، به نحوه. وسنده صحيح، فإن ابن جرير رواه عن شيخه محمد بن المثنى، عن محمد بن جعفر غندر، عن شعبة، وجميع رجال الإسناد ثقات تقدمت تراجمهم، عدا شيخ ابن جرير. وهو محمد بن المثنى بن عبيد العَنَزي - بفتح العين والنون، بعدها زاي -، أبو موسى البصري، المعروف بالزَّمِن، مشهور بكنيته وباسمه، يروي عن عبد الله بن إدريس وأبي معاوية وعبد الرحمن بن مهدي ويحيى القطان ومحمد بن جعفر غندر وغيرهم، روى عنه هنا محمد بن جرير الطبري، وروى عنه الجماعة وأبو زرعة أبو حاتم وبقي بن مخلد وابن أبي الدنيا وأبو يعلى وابن خزيمة وغيرهم، وهو ثقة ثبت روى له الجماعة، ووثقه ابن معين، وسئل عمرو بن علي الفلاس عنه وعن بندار، فقال: ((ثقتان، يقبل منهما كل شيء إلا ما تكلم به أحدهما في الآخر)) ، وقال الذُّهلي: ((حُجَّة)) ، وقال أبو حاتم: ((صالح الحديث صدوق)) ، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: ((كان صاحب كتاب، لا يقرأ إلا من =

444- حدثنا سعيد، [ل119/ب] قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وجل: {فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ} -، قال: قطّعهن.

_ = كتابه)) ، وقال الدارقطني: ((كان أحد الثقات)) ، وقَدَّمَه على بندار، وقال مسلمة: ((ثقة مشهور من الحفاظ)) ، وقال الخطيب البغدادي: ((كان ثقة ثبتًا، احتجّ سائر الأئمة بحديثه)) ، وكان مولده سنة سبع وستين ومائة، ووفاته سنة اثتنين وخمسين ومائتين، وقيل: إحدى وخمسين، وقيل: سنة خمسين ومائتين. اهـ. من "الجرح والتعديل" (8 / 95 رقم 409) ، و"التهذيب" (9 / 425 - 427 رقم 696) ، و"التقريب" (ص505 رقم 6264) . [444] سنده ضعيف، وهو صحيح لغيره؛ فعطاء بن السائب مع كونه ثقة، إلا أنه اختلط، ولم يذكروا خالد بن عبد الله الطحان ممن روى عنه قبل الاختلاط كما سبق بيانه في الحديث رقم [6] . لكن صح الخبر في الحديث قبله من طريق أبي جمرة عن ابن عباس. وهذا الأثر ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 35) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في "شعب الإيمان"، ولم أجده في مظانه من "شعب الإيمان"، فالأظهر أنه في "البعث والنشور". وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 502 رقم 5994) من طريق أبي كدينة يحيى بن المهلب، عن عطاء، به بلفظ: هي نبطيّة: فشقِّقْهُنَّ. وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 202 / ب) من طريق عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن أبي يحيى القتّات، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ} ، قال: قطعهن. وأخرجه ابن جرير برقم (6001) من طريق أبي أحمد الزبيري، عن إسرائيل، به مثله، إلا أنه جعله من قول مجاهد، ليس فيه ذكر لابن عباس.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} ] 445 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ الْحَكَمَ (1) يحدِّث عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} -، قَالَ: مِنَ التِّجَارَةِ، {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ} ، قَالَ: مِنَ الثِّمَارِ. 446 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عن مجاهد، مثل ذلك.

_ (1) أي ابن عُتَيْبة. [445] سنده ضعيف لإبهام شيخ هشيم، وهو صحيح لغيره كما سيأتي في الحديث بعده. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 50) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في "سننه". وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (5 / 558 رقم 6134) من طريق الحسين بن داود الملقَّب: سُنَيْد، قال: حدثنا هشيم، قال: حدثنا شعبة، عن الحكم ... ، فذكره بمثله هكذا بتسمية شيخ هشيم: ((شعبة)) ، ويحتمل أن يكون هذا صحيحًا؛ فإن الحديث يرويه شعبة عن الحكم كما سيأتي، لكن الحسين بن داود هذا تقدم في الحديث [206] أنه ضعيف، والراوي عنه هو شيخ الطبري القاسم بن الحسن، ولم أهتد إليه. وقد صح الحديث من غير طريق هشيم كما سيأتي في الحديث بعده. [446] سنده حسن لذاته، وهو صحيح لغيره؛ فعبد الرحمن بن زياد الرَّصاصي تقدم في الحديث [6] أنه صدوق، لكنه قد توبع كما سيأتي. وتقدم في الحديث السابق أن السيوطي ذكر الحديث وعزاه للمصنف وغيره. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وقد أخرجه يحيى بن آدم في "كتاب الخراج" (ص132 رقم 427) من طريق عبد السلام بن حرب وعبد الله بن المبارك، كلاهما عن شعبة، به مثله، لكن بشطره الأول فقط. ومن طريق يحيى بن آدم أخرجه الخلال في "الحث على التجارة" (ص70 رقم 42) . وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (7 / 19 رقم 2234) . والخلال في الموضع السابق (ص88 رقم 55) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 208 / ب - 209 / أ) . ثلاثتهم من طريق وكيع، عن شعبة، به مثله سابقه. وسنده صحيح، وقد رواه ابن أبي شيبة عن وكيع بلا واسطة. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 556 رقم 6121) . وأبو نعيم في "الحلية" (3 / 299) . كلاهما من طريق محمد بن جعفر غندر، عن شعبة، به مثل سابقه. وأخرجه الخلال أيضًا (ص107 رقم 65) . والبيهقي في "سننه" (5 / 263) في البيوع، باب إباحة التجارة. كلاهما من طريق عبد الوهاب بن عطاء، عن شعبة، به مثل سابقه. وأخرجه ابن جرير في الموضع السابق برقم (6122 و 6123) من طريق زيد بن الحباب ووهب بن جرير، كلاهما عن شعبة، به مثل سابقه. وأخرجه الخلال أيضًا (ص70 رقم 42) . والبيهقي في الموضع السابق. أما الخلال فمن طريق بقية بن الوليد، وأما البيهقي فمن طريق شبابة بن سوَّار، كلاهما عن شعبة، به مثل سابقه. وأخرجه ابن جرير برقم (6124) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 209 / أ) . =

447 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (1) ، قَالَ: نَا سَلَمَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ (2) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: سَأَلْتُ عَبِيْدَةَ عَنْ

_ = كلاهما من طريق آدم بن أبي إياس، عن شعبة، به بلفظ: التجارة الحلال. والحديث في "تفسير مجاهد" (ص116 - 117) من رواية ورقاء، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد: {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} ، قال: من التجارة. وتقدم في الحديث [184] أن رواية ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ صححه. وأخرجه يحيى بن آدم في "الخراج" (ص132 رقم 430) ، فقال: حدثنا ورقاء، عن أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قوله: {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} - قَالَ: مِنَ التِّجَارَةِ: {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ} ، قال: النخل. ومن طريق يحيى بن آدم أخرجه الخلال في "الحث على التجارة" (ص72 رقم 43) . والبيهقي في "سننه" (4 / 146) في الزكاة، باب زكاة التجارة. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (5 / 556 رقم 6127 و 6128) من طريق عيسى بن ميمون وشبل، كلاهما عن ابن أبي نجيح، به مثل رواية تفسير مجاهد. وأخرجه ابن جرير أيضًا (5 / 557 رقم 6132) من طريق عيسى بن ميمون، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد، قوله: {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ} ، قال: النخل. وأخرجه أيضًا برقم (6133) من طريق ابن جريج، عن مجاهد: {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ} ، قال: من ثمر النخل. (1) هو ابن عُلَيَّة. (2) هو سلمة بن علقمة التميمي، أبو بشر البصري، ثقة، روى له الجماعة عدا الترمذي وروى هو عن محمد بن سيرين ونافع مولى ابن عمر وغيرهما، روى عنه ابن علية وحماد بن زيد ويزيد بن زريع، وغيرهم، وكانت وفاته سنة تسع وثلاثين ومائة. =

قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} ، قَالَ: ذَلِكَ فِي الزَّكَاةِ، والدِّرْهم الزَّائِفُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ التَّمْرَةِ (3) .

_ = قال الإمام أحمد: ((بخ، ثقة)) ووثقه ابن سعد وابن معين، وقال ابن المديني: ((ثبت)) ، وقال العجلي: ((ثقة فقيه)) ، وقال أبو حاتم: ((صالح الحديث ثقة)) ، وقال ابن حبان: ((كان حافظًا متقنًا)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (4 / 167 - 168 رقم 737) ، و"التهذيب" (4 / 150 رقم 260) ، و"التقريب" (ص248 رقم 2502) . (3) يعني في صدقة التطوع كما سيأتي. [447] سنده صحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 61) وعزاه لابن أبي شيبة وعبد بن حميد فقط، بلفظ: ((إنما ذلك في الزكاة في الشيء الواجب، فأما في التطوع فلا بأس بأن يتصدق الرجل بالدرهم الزيف، هو خير من التمرة)) . وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (3 / 226) . وابن جرير في "تفسيره" (5 / 569 رقم 6164) . كلاهما من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة، به مثله. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (6163) من طريق يزيد بن زريع، عن سلمة، به مثله. وأخرجه يحيى بن آدم في "كتاب الخراج" (ص133 رقم 431) فقال: حدثنا عبد الله بن إدريس، عن هشام، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: سَأَلْتُ عَبِيدَةَ عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} قال: إنما هذا في الزكاة المفروضة، ولا بأس أن يتصدق الرجل بالتمر الحَشِف والدرهم الزائف. =

[قَوْلُهُ تَعَالَى {وَمَنْ يُؤْتَ الحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} ] 448 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانة (1) ، عَنْ أَبِي بِشْر (2) ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ يُؤْتَ الحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} -، قال: الحكمة: الصواب.

_ = وكذا أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 569 رقم 6165) من طريق أبي كريب عن ابن إدريس، به مع بعض الاختلاف في اللفظ. وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 209 / أ) من طريق أبي سعيد الأشجّ، عن ابن إدريس، بنحو لفظ يحيى بن آدم. فهؤلاء ثلاثة من الرواة اتفقوا على روايته على هذا الوجه. وخالفهم أبو السائب سَلْم بن جنادة، فرواه عن ابن إدريس، عن هشام، عن ابن سيرين من قوله، ليس فيه ذكر لعبيدة. أخرجه الطبري، برقم (6166) . ورواية الأكثر هي الأرجح، وتؤيدها رواية سلمة بن علقمة، والله أعلم. (1) هو وضّاح بن عبد الله. (2) هو جعفر بن إياس. [448] سنده ضعيف؛ لأن رواية أبي بشر عن مجاهد ضعفها شعبة كما في الحديث [121] وقال: إنه لم يسمع منه، لكن الحديث صحيح لغيره كما سيأتي. وقد ذكره السيوطي في "الدر" (2 / 66) وعزاه لابن جرير وعبد بن حميد فقط. وابن جرير أخرجه في "تفسيره" (5 / 577 رقم 6183) فقال: حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، قال: سمعت مجاهدًا قال: {وَمَنْ يُؤْتَ الحِكْمَةَ} ، قال: الإصابة. وهذا سند صحيح رجاله ثقات تقدمت تراجمهم، وابن بشار هو محمد، وعبد الرحمن هو ابن مهدي، وسفيان هو الثوري، وابن أبي نجيح هو عبد الله. وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 212 / أ) من طريق قبيصة عن =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ} ] 449 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حَنْظَلَةَ السَّدُوسي (1) ، عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {وَنُكَفِّرُ (2) عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ} .

_ = سفيان الثوري، به. وأخرجه ابن جرير برقم (6184 و 6185) من طريق عيسى بن ميمون وشبل، كلاهما عن ابن أبي نجيح، به، ولفظ عيسى: ((يؤتي الإصابة من يشاء)) ، ولفظ شبل: ((يؤتي إصابته من يشاء)) . والحديث في "تفسير مجاهد" (ص116) من رواية ورقاء عن ابن أبي نجيح، بمثل لفظ شبل. (1) هو حنظلة بن عبد الله، وقيل: ابن عبيد الله، وقيل: ابن عبد الرحمن، وقيل: ابن أبي صَفِيَّة، السَّدُوسي، أبو عبد الرحيم البصري، يروي عن أنس وشهر بن حوشب وعكرمة وغيرهم، روى عنه شعبة والحمّادان وابن المبارك وخالد بن عبد الله الطحّان الواسطي وغيرهم، وهو ضعيف من الطبقة السابعة؛ روى ابن المديني عن يحيى بن سعيد القطان أنه قال: ((قد رأيته وتركته على عمد)) ، قلت ليحيى: كان قد اختلط؟ قال: نعم، وقال الإمام أحمد: ((ضعيف الحديث)) ، وفي رواية: ((منكر الحديث، يحدث بأعاجيب)) ، وضعفه ابن معين والنسائي. اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 240 - 241 رقم 1069) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع (7 / 447 - 451) ، و"التهذيب" (3 / 62 رقم 112) ، و"التقريب" (ص184 رقم 1583) . (2) كذا في الأصل بالنون، ولم تضبط، وفيها ثلاث قراءات: أما ابن كثير وأبو عمرو وأبو بكر فقرأوا: ((ونُكَفِّرُ)) ، - برفع الراء على الاستئناف-. وقرأ نافع وحمزة والكسائي: ((ونُكَفِّرْ)) - بالجزم على موضع: ((فهو خير =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ المَسِّ ... } إِلَى قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} ] 450- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرٌ (1) ، عَنْ مَنْصُورٍ (2) ، عَنْ أَبِي الضُّحَى (3) ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: ((لَمَّا نَزَلَتِ الْآيَاتُ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي الرِّبَا، خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاقْتَرَأَهُنَّ عَلَى النَّاسِ، ثُمَّ نَهَى عَنِ التجارة في الخمر)) .

_ = لكم)) ؛ لأن المعنى: يكن خيرًا ... وقرأ ابن عامر وحفص: ((ويُكَفَّرُ)) - بالياء، والرفع على الاستئناف أيضًا -. انظر "حجة القراءات" (ص147 - 148) . [449] سنده ضعيف لضعف حنظلة السدوسي. (1) هو ابن عبد الحميد. (2) هو ابن المعتمر. (3) هو مسلم بن صُبيح. [450] سنده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه كما سيأتي. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 104) وعزاه لعبد الرزاق وأحمد والبخاري ومسلم وابن المنذر. والحديث أخرجه إسحاق بن إبراهيم الحنظلي المعروف بابن راهويه في "مسنده" (3 / 808 رقم 901) عن شيخه جرير، به مثله، إلا أنه لم يذكر قوله: ((في الربا)) . وأخرجه مسلم في "صحيحه" (3 / 1206 رقم 69) في المساقاة، باب تحريم بيع الخمر، من طريق زهير بن حرب وإسحاق بن إبراهيم، كلهما عن جرير، به. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 150 رقم 14674) . ومن طريقه الإمام أحمد في "المسند" (6 / 127) . =

451- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأعْمش، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- (قَالَتْ) (1) : لَمَّا نَزَلَتِ الْآيَاتُ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي الرِّبَا، خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَحَرَّمَ التجارة في الخمر.

_ = وأخرجه الفريابي في "تفسيره" كما في "فتح الباري" (8 / 205) . ومن طريقه البخاري في "صحيحه" (8 / 204 رقم 4543) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير، باب: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إلى ميسرة} . وابن حجر في "تغليق التعليق" (4 / 187) . وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (6 / 186) . والنسائي في "تفسيره" (1 / 289 رقم 76) ، وفي "سننه" (7 / 308) في البيوع، باب بيع الخمر. جميعهم من طريق سفيان الثوري، عن منصور، به نحوه. وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (6 / 190 - 191) . والبخاري في "صحيحه" (4 / 313 رقم 2084) في البيوع، باب آكل الربا وشاهده وكاتبه، و (8 / 204 رقم 4542) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير، باب: {فأذنوا بحرب من الله ورسوله} . كلاهما من طريق شعبة، عن منصور، به نحوه. وأخرجه الإمام أحمد أيضًا (6 / 278) من طريق زياد بن عبد الله، عن منصور، به نحوه، إلا أنه لم يذكر قوله: ((في الربا)) . وللحديث طريق أخرى يرويها سليمان بن مهران الأعمش، عن أبي الضحى، وهي الآتية في الحديث بعده. (1) في الأصل: ((قال)) . [451] سنده صحيح على شرط الشيخين وقد أخرجاه كما سيأتي، وانظر الحديث =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = رقم [3] فيما يتعلق بتدليس الأعمش. والحديث أخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" (3 / 809 رقم 902) . والإمام أحمد في "المسند" (6 / 46) . ومسلم في "صحيحه" (3 / 1206 رقم 70) في المساقاة، باب تحريم بيع الخمر. وأبو داود في "سننه" (3 / 759 رقم 3491) في البيوع، باب في ثمن الخمر والميتة. وابن ماجه (2 / 1122 رقم 3382) في الأشربة، باب التجارة في الخمر. جميعهم من طريق أبي معاوية، به نحوه، ولفظ ابن ماجه مثله. والإمام أحمد أيضًا (6 / 46 و 100) . والبخاري في "صحيحه" (4 / 417 و 2226) في البيوع، باب تحريم التجارة في الخمر، و (8 / 204 رقم 4541) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير، باب: {يمحق الله الربا} . وأبو داود في الموضع السابق برقم (3490) . والنسائي في "التفسير" (1 / 288 رقم 75) . جميعهم من طريق شعبة، عن سليمان الأعمش، به نحوه. وأخرجه البخاري أيضًا (1 / 553 - 554 رقم 459) في الصلاة، باب تحريم تجارة الخمر في المسجد، و (8 / 203 و 204 رقم 4540 و 4543) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير، باب: {وأحل الله البيع وحرم الربا} ، وباب: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إلى ميسرة} ، من طريق أبي حمزة السُّكَّري وحفص بن غياث وسفيان الثوري، ثلاثتهم عن الأعمش، به نحوه.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} ] 452- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا مُغِيرَةُ قَالَ: حَدَّثَنِي ( ... ...) (1) ، عَنِ الرَّبيع بْنِ خُثَيْم، أَنَّهُ كَانَ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ، فَيَقُولُ: أَثَمَّ فُلَانٌ، إِنْ كُنْتَ مُوسِرًا فَأَدِّهْ، وَإِنْ كُنْتَ مُعْسِرًا فَإِلَى مَيْسَرَةٍ. فَقُلْتُ (2) ذَلِكَ لِإِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ: إِنَّمَا ذَلِكَ فِي الرِّبَا.

_ (1) ها هنا كلمة لم أستطع قراءتها تشبه أن تكون: ((الحجبي)) وقد اجتهد الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - في "تفسير الطبري" (6 / 30 رقم 6280) فصححها هكذا: ((الشعبي)) ، لأنه يروي عن الربيع به خيثم ويروي عنه مغيرة كثيرًا، وذكر أن في الأصل المخطوط: ((الحسيّ)) مشددة الياء بالقلم، ثم قال: ((والناسخ كثير السهو والغفلة والتصحيف كما أسلفنا، وإنما هو: الشعبي)) . اهـ. قلت: لو سلمنا أنها تصحفت في الأصل المخطوط لتفسير الطبري، فهل تكون تصحفت كذلك في سنن سعيد بن منصور؟! فالذي أرى: أن هناك كلمة أعيتني كما أعيت الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله -، ورسمها متقارب بين ما عند الطبري وسعيد بن منصور، ولم أجد الحديث عند غيرهما حتى أتمكن من حل هذا الإشكال. (2) القائل: ((فقلت)) ، هو مغيرة بن مقسم، وإبراهيم هو النخعي. [452] سنده رجاله ثقات، عدا الرجل الذي روى عنه مغيرة فلم يتضح لي من هو؟ فالحكم على الحديث متوقف على معرفته، وأما قول إبراهيم فصحيح الإسناد إليه. وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (6 / 30 رقم 6280) من طريق يعقوب بن إبراهيم، عن هشيم، به بلفظ: إن الربيع بن خثيم كان له على رجل حق، فكان يأتيه ويقوم على بابه ويقول: أي فلان، إن كنت موسرًا فأدّ، وَإِنْ كُنْتَ مُعْسِرًا فَإِلَى مَيْسَرَةٍ. =

453- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا يُونُسُ (1) ، وَهِشَامٌ (2) ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَى شُرَيح فِي حَقٍّ كَانَ لِأَحَدِهِمَا قِبَلَ الْآخَرِ، فَقَضَى عَلَيْهِ شُرَيْحٌ، وَأَمَرَ بِحَبْسِهِ، فَقَالَ رَجُلٌ عِنْدَهُ: إِنَّهُ مُعْسِرٌ، وَاللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: {وَإِنْ (3) كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} ، قَالَ: ذَلِكَ فِي الرِّبَا، وَاللَّهُ يَقُولُ: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا (4) الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} (5) .

_ = وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (6279 و 6292) من طريق يعقوب بن إبراهيم وأبي أحمد الزبيري، كلاهما عن هشيم قال: أخبرنا مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ - فِي قَوْلِهِ: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إلى ميسرة} - قال: ذلك في الربا. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (6290) من طريق سفيان الثوري، عن مغيرة، به مثل سابقه. (1) هو ابن عبيد. (2) هو ابن حسان. (3) في الأصل: ((فإن)) . (4) في الأصل: (والله يقول: أدوا الأمانات إلى أهلها) ، فلعله عبَّر بالمعنى. (5) الآية (58) من سورة النساء. [453] سنده صحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 112) وعزاه للمصنف وعبد الرزاق وعبد بن حميد والنحاس في "ناسخه" وابن جرير. وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (6 / 30 رقم 6278) من طريق يعقوب بن إبراهيم، عن هشيم، عن هشام وحده، به نحوه، وزاد في آخره: ((ولا يأمرنا الله بشيء ثم يعذبنا عليه)) . وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 305 رقم 15309) فقال: أخبرنا =

454- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} -، قال: ذلك في الربا.

_ = معمر، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قال: شهدت شريحًا وخاصم إليه رجل رجلاً في دين له، فقالآخر يعذر صاحبه: إنه معسر، وقد قال الله تعالى: {إن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى ميسرة} ، فقال شريح: هذه كانت في الربا، وإنما كان الربا في الأنصار، وإن الله يَقُولُ: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بالعدل} ، ولا والله، لا يأمر الله بأمر تخالفوه، احبسوه إلى جنب هذه السارية حتى يوفيه. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه النحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص100) ومنه صوبت بعض الألفاظ فيس سياق المصنِّف لعبد الرزاق. وأخرجه القاضي وكيع في "أخبار القضاة" (2 / 360) من طريق حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عن ابن سيرين، به بلفظ قريب من لفظ ابن جرير الطبري السابق. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (6281) من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة، عن أيوب، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: جاء رجل إلى شريح فكلَّمه، فجعل يقول: إنه معسر، إنه معسر. قال: فظننت أنه يكلمه في محبوس، فقال شريح: إن الربا كان في هذا الحي من الأنصار، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى ميسرة} ، وقال الله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأمانات إلى أهلها} ، فما كان الله - عز وجل - يأمرنا بأمر ثم يعذبنا عليه، أدوا الأمانات إلى أهلها. وفي هذا السياق ما يدل على أن شريحًا ذكر سبب نزول الآية، فهذا مرسل، لأن شريحًا لم يدرك ذلك. [454] سنده ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد كما في ترجمته في الحديث [18] . =

= وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 112) وعزاه للمصنف وابن جرير وابن أبي حاتم. وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (6 / 30 رقم 6277) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 208 / ب) . كلاهما من طريق محمد بن فضيل، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، به نحوه. وأخرجه ابن جرير أيضًا (6 / 31 رقم 6283) . وابن أبي حاتم (1 / ل 208 / ب - 209 / أ) . كلاهما من طريق محمد بن سعد بن محمد بن الحسن بن عطية بن سعد العَوْفي، قال: حدثني أبي، قال حدثني عمي، قال حدثني أبي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إلى ميسرة} : إنما أمر في الربا أن ينظر المعسر، وليست النَّظِرة في الأمانة، ولكن يؤدي الأمانة إلى أهلها. وسنده ضعيف جدًّا؛ مسلسل بالضعفاء. فالراوي عن ابن عباس هو عطيّة بن سعد بن جُنَادة - بضم الجيم، بعدها نون خفيفة - العَوْفي، الجَدَلي - بفتح الجيم والمهملة -، أبو الحسن الكوفي، روى عن أبي سعيد وأبي هريرة وابن عباس وغيرهم، روى عنه ابناه الحسن وعُمر والأعمش وغيرهم، وهو شيعي ضعيف في الحديث ويدلِّس تدليسًا قبيحًا؛ حكى الإمام أحمد أنه كان يأتي الكلبي ويسأله عن التفسير، ويكنّيه بأبي سعيد وذكره ابن حبان في "المجروحين"، وقال: ((سمع من أبي سعيد الخدري أحاديث، فلما مات أبو سعيد، جعل يجالس الكلبي ويحضر قصصه، فإذا قال الكلبي: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - كذا، فيحفظه، وكنّاه أبا سعيد، ويروي عنه، فإذا قيل له: من حدثك بهذا؟ فيقول: حدثني أبو سعيد، فيتوهَّمون أنه يريد أبا سعيد الخدري، وإنما أراد به الكلبي، فلا يحلّ الاحتجاج به ولا كتابة حديثه إلى على جهة التعجب)) ، ووصفه بالتشيع البزار والساجي وابن عدي وغيرهم، وقد ضعف حديثه الثوري وهشيم والإمام أحمد وأبو حاتم والنسائي وغيرهم، وكنت وفاته سنة إحدى =

= عشرة ومائة. انظر "الجرح والتعديل" (6 / 382 - 383 رقم 2125) ، و"المجروحين" لابن حبان (2 / 176) ، و"التهذيب" (7 / 224 - 226 رقم 413) ، و"طبقات المدلسين" (ص130 رقم 122) . والراوي عن عطية هذا هو: ابنه الحسن بن عطية بن سعد العوفي، يروي عنه أبيه وجده، وعنه أخواه عبد الله وعمرو وابناه محمد والحسين وغيرهم، وهو ضعيف، قال البخاري: ((ليس بذاك)) ، وقال أبو حاتم: ((ضعيف الحديث)) ، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ((أحاديثه ليست بنقيّة)) ، وذكره في المجروحين وقال: ((منكر الحديث، لا أدري البليّة في أحاديثه منه، أو من أبيه، أو منهما معًا؟ لأن أباه ليس بشيء في الحديث، وأكثر روايته عن أبيه، فمن هنا اشتبه أمره ووجب تركه)) ، وكانت وفاته سنة إحدى وثمانين ومائة. اهـ. من "المجروحين" لابن حبان (1 / 234) ، و"التهذيب" (2 / 294 رقم 524) ، و"التقريب" (ص162 رقم 1256) . والراوي عن الحسن هذا هو: ابنه الحسين بن الحسن بن عطية بن سعد العَوْفي، روى عن أبيه وعبد الملك بن أبي سليمان والأعمش، روى عنه بقية بن الوليد وعمر بن شبّة وابنه الحسن وابن أخيه سعد بن محمد وغيرهم، وهو ضعيف؛ ضعفه ابن معين والنسائي وأبو حاتم وابن سعد وغيرهم, وذكره ابن حبان في المجروحين، وقال: ((منكر الحديث؛ يروي عن الأعمش وغيره أشياء لا يتابع عليها، كأنه كان يقلبها، وربما رفع المراسيل وأسند الموقوفات، ولا يجوز الاحتجاج بخبره)) ، وكانت وفاته سنة إحدى، أو اثنتين ومائتين. اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 48 رقم 215) ، و"المجروحين" لابن حبان (1 / 246) ، و"تاريخ بغداد" (8 / 29 - 32) ، و"لسان الميزان" (2 / 278 رقم 1156) . والراوي عن حسين هذا هو: ابن أخيه سعد بن محمد بن الحسن بن عطية بن سعد العَوْفي، روى عن أبيه وعمه الحسين بن الحسن، وفليح بن سليمان وغيرهم، روى عنه ابنه محمد وابن أبي الدنيا ومحمد بن غالب تمتام وغيرهم، وهو ضعيف =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} ] 455 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ (1) قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَسْأَلُهُ عَنْ شَهَادَةِ الصِّبْيَان، فَكَتَبَ إِلَيَّ: إِنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - يَقُولُ: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} : فَلَيْسُوا مِمَّنْ نَرْضَى، لَا تَجُوزُ.

_ = جدًّا وصفه الإمام أحمد بأنه جهمي، وقال: ((لو لم يكن هذا أيضًا، لم يكن ممن يستأهل أن يكتب عنه، ولا كان موضعًا لذاك)) . اهـ. من "تاريخ بغداد" (9 / 126 - 127 رقم 4743) ، وانظر "لسان الميزان" (3 / 18 - 19 رقم 67) . والراوي عن سعد هذا هو: ابنه محمد بن سعد، يروي عن يزيد بن هارون ورَوْح بن عبادة وعبد الله بن بكر وغيرهم، روى عنه هنا محمد بن جرير الطبري وروى عنه أيضًا يحيى بن صاعد وأحمد بن كامل وغيرهم، ذكره الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" (5 / 322 - 323 رقم 2845) ، وذكر حديثًا أخطأ فيه محمد هذا، ثم قال الخطيب: ((كان ليِّنًا في الحديث)) ، وذكر الحاكم في "سؤالاته للدارقطني" (ص139 رقم 178) أنه سأل الدارقطني عنه، فقال: ((لا بأس به)) ، وانظر "لسان الميزان" (5 / 174 رقم 603) ، وكانت وفاته سنة ست وسبعين ومائتين. (1) هو عبد الله بن عبيد الله، تقدم في الحديث [39] أنه ثقة فقيه. [455] سنده صحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 121) وعزاه للمصنف وابن أبي حاتم والحاكم والبيهقي. وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 161 - 162) في الشهادات، باب من ردّ شهادة الصبيان، ومن قبلها في الجراح ما لم يتفرقوا، أخرجه من طريق المصنف، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عن ابن أبي مليكة، أنه كتب إلى =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - يسأله عن شهادة الصبيان، فكتب إليه ... ، فذكر الحديث بمثله سواء، إلا أنه قال: ((وليسوا)) . وأخرجه الشافعي في "الأم" (7 / 44) من طريق شيخه سفيان بن عيينة، به، بلفظ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما - في شهادة الصبيان -: لا تجوز. ومن طريق الشافعي أخرجه البيهقي في الموضع السابق. وللحديث طريقان آخران عن ابن أبي مليكة. فأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 348 رقم 15494) . وابن أبي شيبة في "المصنف" (6 / 280 - 281 رقم 1075) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 222 / أ) . والحاكم في "المستدرك" (2 / 286) . ومن طريق البيهقي في الموضع السابق (ص162) . جميعهم من طريق ابن جريج، عن ابن مليكة، به، ولفظ عبد الرزاق قال فيه: أخبرنا ابن جريج، قال: أخبرني عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، أنه أرسل إلى ابن عباس - وهو قاضٍ لابن الزبير - يسأله عن شهادة الصبيان، فقال: لا أرى أن تجوز شهادتهم، إنما أمرنا الله ممن نرضى، وإن الصبي ليس برضى. وقال ابن الزبير لي: بالحِرَى إن أخذوا عند ذلك إن عقلوا ما رأوا أن يصدقوا، وإن نقل آخر شهادتهم. قال: وما رأيت القضاء في ذلك إلا جائزًا على ما قال ابن الزبير. وهذا سند صحيح، وصححه الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي. ثم أخرجه عبد الرزاق (8 / 349 رقم 15495) فقال: أخبرنا معمر، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مليكة ... ، به بمعناه. وهذا سند صحيح أيضًا.

456 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} -، قَالَ: مِنَ الْأَحْرَارِ. 457 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، قَالَ: سَأَلْتُ مُجَاهِدًا، عَنِ الظِّهار مِنَ الأَمَة، فَقَالَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، فَقُلْتُ: أَلَيْسَ اللَّهُ يَقُولُ: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} (1) ، أفَلَسْنَ مِنَ النِّسَاءِ؟ فَقَالَ: وَاللَّهُ يقول:

_ [456] سنده حسن، وهو صحيح لغيره، فإسماعيل بن زكريا تقدم في الحديث [81] أنه صدوق، لكنه قد توبع كما سيأتي، وانظر في رواية ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ الحديث رقم [184] . والحديث أخرجه المصنف هنا من طريق سفيان الثوري. وسفيان الثوري أخرجه في "تفسيره" (ص73 رقم 133) بمثله سواء. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 120) وعزاه المصنف وسفيان وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (6 / 78 رقم 331) . وابن جرير في "تفسيره" (6 / 61 رقم 6357) . والبيهقي في "سننه" (10 / 161) في الشهادات، باب من رد شهادة العبيد ومن قبلها. أما ابن أبي شيبة وابن جرير فمن طريق وكيع، وأما البيهقي فمن طريق أبي عامر العَقَدي، كلاهما عن سفيان الثوري، به مثله. وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 221 / ب) من طريق لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنِ مجاهد، به بمعناه. وللحديث طريق أخرى عن مجاهد، وهي الآتية في الحديث بعده. (1) الآية (3) من سورة المجادلة. [457] سنده صحيح، وله طريق آخر صحيح عن مجاهد، وهو الحديث السابق. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 120) بمثله، وعزاه للمصنف فقط. والحديث أعاده المصنف هنا، وكان قد رواه في كتاب الطلاق، باب ما جاء =

{وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} ، أَفَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْعَبِيدِ؟ . [قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} ] 458- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتٍ العَبْدي (1) ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ، وَأَنَا شَاهِدٌ، عَنْ قَوْلِهِ: {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} - قَبْلَ أَنْ يُسْتَشْهدوا، أَوْ بَعْدَ مَا اسْتُشْهِدوا؟ (قَالَ: لَا، بَلْ بعد ما شهدوا) (2) .

_ = في الظهار من الأمة (2 / 20 رقم 1853) بنحو ما هنا. ومن طريق المصنف أخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 161) في الشهادات، باب من رد شهادة العبيد ومن قبلها، ولفظه مثله، إلا أنه قال: ((أليست)) . وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (6 / 61 رقم 6358) من طريق علي بن سعيد، عن هشيم، به، وعطف لفظه على الحديث قبله، وهو الحديث المتقدم برقم [456] . (1) هو محمد بن ثابت العَبْدي، أبو عبد الله البصري، يروي عن نافع مولى ابن عمر ومحمد بن المنكدر وعمرو بن دينار وعطاء بن أبي رباح وغيرهم، روى عنه ابن المبارك وغيرهم، وهو صدوق ليِّن الحديث، ضعفه ابن معين، وقال البخاري: ((يخالف في بعض حديثه)) ، ثم ذكر حديثًا مما خالف فيه الثقات، وقال أبو حاتم: ((ليس بالمتين، يكتب حديثه ... ، روى حديثًا منكرًا)) ، وقال ابن عدي: ((عامة أحاديثه مما لا يتابع عليه)) ، ووثقه العجلي. اهـ. من "الكامل" لابن عدي (6 / 2145 - 2147) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (3 / 1180) ، و"التهذيب" (9 / 85 رقم 108) ، و"التقريب" (ص471 رقم 5771) . (2) ما بين القوسين سقط من الأصل، فأثبته من الموضع الآتي من "مصنف ابن أبي شيبة"، والأنسب للسياق هنا: ((قَالَ: لَا، بَلْ بَعْدَ مَا استشهدوا) .

459- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عَامِرٍ المُزَني (1) ، قَالَ: سَمِعْتُ عَطَاءً (2) يَقُولُ: فِي إقامة الشهادة.

_ [458] سنده ضعيف لضعف محمد بن ثابت. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (7 / 72 رقم 2415) فقال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا محمد بن ثابت، قال: سمعت عطاء، وسئل: {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دعوا} : قل أن شهدوا أو بعد؟ قَالَ: لَا، بَلْ بَعْدَ مَا شهدوا. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (6 / 73 رقم 6396) من طريق أبي قتيبة سَلْم ابن قتيبة، عن محمد بن ثابت، عن عطاء - في قَوْلِهِ: {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا ما دعوا} -، قال: أمرت أن تشهد، فإن شئت فاشهد، وإن شئت فلا تشهد. (1) هو صالح بن رُسْتم المُزني، مولاهم، أبو عمار الخَزَّاز - بمعجمات -، البصري، روى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مليكة وأبي قلابة والحسن البصري وعكرمة وعطاء بن أبي رباح وغيرهم، روى عنه ابنه عامر وإسرائيل ويحيى القطان وهشيم وغيرهم، وهو صدوق كثير الخطأ، ضعفه ابن معين، وقال أبو حاتم: ((شيخ، يكتب حديثه ولا يحتج به)) ، وقال الدارقطني: ((ليس بالقوي)) ، وقال الإمام أحمد: ((صالح الحديث)) ، وقال العجلي: ((جائز الحديث)) ، وقال ابن عدي: ((عزيز الحديث ... ، روى عن يحيى القطان مع شدة استقصائه، وهو عندي لا بأس به، ولم أر له حديثًا منكرًا جدًّا)) ، ووثقه أبو داود الطيالسي وأبو داود السجستاني والبزار وابن وضّاح، وكانت وفاته سنة اثنتين وخمسين ومائة. اهـ. من "الكامل" لابن عدي (4 / 1389 - 1390) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع (13 / 47 - 48) ، و"التهذيب" (4 / 391 رقم 658) ، و"التقريب" (ص272 رقم2861) . (2) يعني في قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إذا ما دعوا} . [459] سنده ضعيف لضعف أبي عامر من قبل حفظه، وهو حسن لغيره كما سيأتي. وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (6 / 71 رقم 6382 و 6384) =

460 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ (1) قَالَ: فِي إِقَامَةِ الشهادة.

_ = من طريق عمرو بن عون ويعقوب بن إبراهيم، كلاهما عن هشيم، به مثله. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (6387) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن أبي عامر، عن عطاء، قال: للإقامة. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 365 رقم 15560) فقال: أخبرنا ابن جريج، عن عطاء ومجاهد - في قوله: {ولا يأب كاتب ولا شهيد} قالا: إذا كانوا قد شهدوا قبل ذلك. وهذا إسناد رجاله ثقات، إلا أن ابن جريج مدلس ولم يصرح بالسماع، فهو حسن لغيره بمجموع هذين الطريقين. وقد أخرجه ابن جرير (6 / 72 رقم 6391) من طريق حجاج، عن ابن جريج قال: قلت لعطاء، {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دعوا} ؟ قال: هم الذين قد شهدوا، قال: ولا يضّر إنسانًا أن يأبى أن يشهد إن شاء. قلت لعطاء: ما شأنه إذا دُعي أن يكتب وجب عليه أن لا يأبى، وإذا دعي أن يشهد لم يجب عليه أن يشهد إن شاء؟ قال: كذلك يجب على الكاتب أن يكتب، ولا يجب على الشاهد أن يشهد إن شاء، الشهداء كثير. وهذا الإسناد قد صرح فيه ابن جريج بالسماع، لكن شيخ الطبري فيه هو القاسم بن الحسن، ولم أهتد إليه، وشيخ القاسم هو الحسين بن داود المعروف بـ: سُنَيد، وتقدم في الحديث [206] أنه ضعيف. (1) يعني في قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إذا ما دعوا} . [460] سنده صحيح. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (6 / 71 رقم 6382) من طريق عمرو بن عون، عن هشيم، به نحوه.

461 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا شَرِيكٌ (1) ، عَنْ سَالِمٍ الأَفْطَس (2) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: الَّذِي قَدْ أُشْهِدَ، وَلَيْسَ الَّذِي لَمْ يَشهد. 462 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: نَا ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: إِذَا كَانَتْ عِنْدَكَ شَهَادَةٌ، فدُعيت.

_ (1) هو ابن عبد الله، تقدم في الحديث [4] أنه صدوق يخطئ كثيرًا. (2) هو سالم بن عجلان الأفطس. [461] سنده ضعيف لضعف شريك بن عبد الله القاضي من قبل حفظه. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 122) وعزاه لعبد بن حميد فقط. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (7 / 72 رقم 2418) من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين، عن شريك، عن سالم، عن سعيد، قال: الذي عنده الشهادة. وكذا رواه البغوي في "مسند ابن الجعد" (2 / 829 رقم 2253) عن ابن الجعد، عن شريك مثله. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (6 / 72 رقم 6388 و 6389) من طريق وكيع وعبد الله بن المبارك، كلاهما عن شريك، به، ولفظ وكيع: ((إذا كانوا قد شهدوا)) ، ولفظ ابن المبارك: ((هو الذي عنده الشهادة)) . [462] سنده صحيح، ورواية ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ تقدم الكلام عنها في الحديث رقم [184] . وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 121 - 122) وعزاه لسفيان وعبد بن حميد وابن جرير فقط. وقد أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (7 / 70 - 71 رقم 2410) . وابن جرير في "تفسيره" (6 / 70 رقم 6378) . كلاهما من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة، به مثله. وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 110) . وابن أبي شيبة أيضًا (7 / 73 رقم 2420) . =

463 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، وَخَالِدٌ (1) ، وَإِسْمَاعِيلُ (2) ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ (3) قَالَ: إِذَا دعي ليشهد [ل120/أ] ، وإذا دعي ليقيمها، فكلاهما.

_ = وابن جرير برقم (6375 و 6377) . ثلاثتهم من طريق سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي نجيح، عن مجاهد: {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دعوا} قال: إذا كانوا قد شهدوا. وأخرجه ابن أبي شيبة برقم (2419) من طريق ورقاء، عن ابن أبي نجيح، به نحو سابقه. وهذا في "تفسير مجاهد" (ص118) من رواية ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عنه. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (6376) من طريق عيسى بن ميمون، عن ابن أبي نجيح، به نحو سابقه. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 365 رقم 15560) من طريق ابن جريج، عن مجاهد، به نحو سابقه. (1) هو ابن عبد الله الطحّان. (2) هو ابن إبراهيم بن عليّة. (3) يعني في قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إذا ما دعوا} . [463] سنده صحيح. وذكره السيوطي في "الدر" (2 / 122) وعزاه لابن جرير فقط. وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 160) في الشهادات، باب ما على من دعي ليشهد، من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال: ((كلاهما)) . وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (7 / 71 رقم 2411) . وابن جرير في "تفسيره" (6 / 70 رقم 6374) . أما ابن أبي شيبة فمن طريق إسماعيل بن علية، وأما ابن جرير فمن طريق هشيم، كلاهما عن يونس، به نحوه، مع بعض الاختلاف في اللفظ. =

464- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا مُغِيرَةُ، قَالَ: قُلْتُ لإِبراهيم: أُدْعَى لِلشَّهَادَةِ وأَنا نَسِيٌّ (1) ؟ قَالَ: فَلَا تَشْهَدْ إِنْ نَسِيتَ. 465- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا أَبُو حُرَّة (2) ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قُلْتُ: أُدْعَى لِلشَّهَادَةِ وَأَنَا كَارِهٌ؟ قَالَ: فَلَا تَشْهَدْ إن شئت (3) .

_ = وأخرجه ابن جرير أيضًا (6 / 72 - 73 رقم 6393) من طريق قتادة: {ولا يأب الشهداء} قال: كان الحسن يتأوّلها: إذا كانت عنده شهادة فدعي ليقيمها. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (6371) من طريق أبي عامر صالح بن رستم المزني، عن الحسن: {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دعوا} قال: قال الحسن: الإقامة والشهادة. (1) أي: كثير النسيان. انظر "لسان العرب" (15 / 323) . [464] سنده صحيح، ومغيرة قد صرح بالسماع. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 365 رقم 15561) . وابن جرير في "تفسيره" (6 / 71 - 72 رقم 6386) . كلاهما من طريق هشيم، به نحوه، إلا أنه وقع عندهما: ((شئت)) ، بدلاً من قوله: ((نسيت)) . (2) هو وَاصِل بن عبد الرحمن، أبو حُرَّة - بضم المهملة وتشديد الراء -، البصري، يروي عن الحسن البصري ومحمد بن سيرين ومحمد بن واسع وغيرهم، روى عنه حماد بن سلمة ويحيى القطان وابن مهدي وهشيم وغيرهم، وهو ثقة عابد، كان يختم في كل ليلتين، لكن حديثه عن الحسن البصري ضعيف لأنه لم يسمعه من الحسن، قال شعبة: ((هو أصدق الناس)) ، وقال أبو داود الطيالسي: =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = جاء رجل إلى شعبة يسأله عن حديث، فقال: تسألني وقد مات سيِّد الناس - يعني أبا حرة -، وكان يختم في كل ليلتين)) . وكان يحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي يحدثان عنه، وقال الإمام أحمد: ((ثقة)) . وقال ابن سعد: ((كان فيه ضعف)) ، وقال أبو داود: ((ليس بذاك)) ، وقال النسائي مرة: ((ضعيف)) ، ومرة قال: ((ليس به بأس)) ، وكانت وفاته سنة اثنتين وخمسين ومائة. وكلام هؤلاء الذين ضعفوه محمول على روايته عن الحسن فقط؛ فقد قال البخاري: ((يتكلمون في روايته عن الحسن)) ، وقال غندر: وُقف أبو حرّة على حديث الحسن، فقال: ((لم أسمعه من الحسن)) ، قال غندر: فلم يقل في شيء منه إنه سمعه إلا حديثًا واحدًا، وقال الإمام أحمد: ((قال لي أبو عبيدة الحدّاد: لم يقف أبو حرّة على شيء مما سمع من الحسن، إلا على ثلاثة أحاديث)) ، وقال ابن معين: ((صالح، وحديثه عن الحسن ضعيف، يقولون: لم يسمعها من الحسن)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 31 رقم 141) و"الكاشف" للذهبي (3 / 232 رقم 6131) ، و"التهذيب" (11 / 104 - 105 رقم 180) . (3) هذا الحديث كرره الناسخ في الأصل مع بعض السقط فيه، ونصه: ((حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو حُرَّة، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: قُلْتُ: أُدعى للشهادة وأنا كاره؟ فلا تشهد إن شئت)) . اهـ، وواضح أنه سقط منه قوله: ((نا هشيم)) ، وقوله: ((قال)) . [465] سنده صحيح، فقد صرح أبو حُرَّة بالسماع من الحسن. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (6 / 71 رقم 6385) من طريق يعقوب بن إبراهيم، عن هشيم، به نحوه.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: [ {وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ} ] 466- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ يَقْرَأُ: {وَلَا يُضَارَّ (1) كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ} .

_ (1) كذا في الأصل، وكذا عند البيهقي (10 / 161) من طريق المصنف وسعيد بن عبد الرحمن، كلاهما عن سفيان بن عيينة، وأما عبد الرزاق فرواه عن سفيان هكذا: ((ولا يُضَارَرْ)) كما سيأتي، والمعنى واحد؛ نقل البيهقي عن ابن عيينة قال: ((هو الرجل يأتي الرجل، فيقول: اكتب لي، فيقول: أنا مشغول، انظر غيري، ولا يضارّه؛ يقول: لا أريد إلا أنت، لينظر غيره. والشهيد: أن يأتي الرجل يشهده على الشيء فيقول: إني مشغول، فانظر غيري، فلا يضارّه؛ فيقول: لا أريد إلا أنت، ليُشْهِدْ غيره)) . [466] سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف للانقطاع بين عكرمة وعمر بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. فقد نص أبو حاتم على أنه لم يسمع من سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -، ونص أبو زرعة على أن روايته عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مرسلة، ووفاتهما بعد عمر بكثير، فعمر كانت وفاته سنة ثلاث وعشرين للهجرة، وعلي توفي سنة أربعين للهجرة، وسعد بن أبي وقاص توفي سنة خمس وخمسين على المشهور، ويوضحه أن وفاة عكرمة كانت سنة خمس ومائة، وقيل سنة مائة، وقيل سنة ست ومائة، وقيل سنة سبع، وقيل عشر ومائة، وذكر الواقدي أنه توفي وله من العمر ثمانون سنة، فتكون ولادته قريبًا من وفاة عمر - رضي الله عنه -. انظر "التهذيب" (3 / 484) و (7 / 271 و 273 و 338 و 441) ، و"جامع التحصيل" (ص292 - 393) . والحديث ذكره السيوطي في "الدر" (2 / 122) وعزاه للمصنف وسفيان وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي. ومن طريق المصنف أخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 161) في الشهادات، =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} ] 467 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ مِقْسم، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَرَأَ: {فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا كُتّابًا} (1) ، فَقَالَ: قَدْ يُوجَدُ الكتَّاب، وَلَا تُوجَدُ الدَّوَاةُ، وَلَا الصحيفة.

_ = باب: {وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ} ، بلفظ: ((قرأ عمر ... )) إلخ مثله. وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 111) من طريق سفيان، به مثله، إلا أنه قال: ((ولا يُضَارَرْ)) . ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (6 / 87 رقم 6418) . وأخرجه البيهقي في الموضع السابق من طريق سعيد بن عبد الرحمن، عن سفيان، به مقرونًا بروايته السابقة. وذكره المتقي الهندي في "كنز العمال" (2 / 593 رقم 4812) وزاد نسبته إلى ابن أبي داود في جزء من حديثه. (1) كذا ضبطت في الأصل، وقال السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 125) : ((وأخرج ابن الأنباري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يقرأ: {ولم تجدوا كتابًا} ؛ - بضم الكاف وتشديد التاء -)) . [467] سنده ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد كما في ترجمته في الحديث [18] ، وهو حسن لغيره بما سيأتي له من طرق. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 124) وعزاه للمصنف وأبي عبيد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في "المصاحف". وللحديث عن ابن عباس ثلاثة طرق: (1) طريق مقسم، وعنه يزيد بن أبي زياد. أخرجه المصنف هنا من طريق سفيان عيينة، عن يزيد. =

468 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا يَزِيدُ، عَنْ مِقْسم، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا كُتَّابا} ، قَالَ: يَعْنِي الْكَاتِبَ وَالصَّحِيفَةَ وَالدَّوَاةَ والقلم.

_ = ثم أخرجه من طريق هشيم، عن يزيد، وسيأتي في الحديث بعده رقم [468] . وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 225 / أ) من طريق خالد بن عبد الله الطحّان، عن يزيد، به نحوه. (2) طريق عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، قال: أخبرني أبي، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَرَأَ: (فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا كِتَابًا) ، قَالَ: ربما وجد الرجل الصحيفة، ولم يجد كاتبًا. أخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص243 رقم 580) . وابن جرير في "تفسيره" (6 / 95 رقم 6439) . كلاهما من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة، عن ابن جريج، به، واللفظ لابن جرير، وأما أبو عبيد فلم يذكر قول ابن عباس: ((ربما وجد الرجل ... )) إلخ. وهذا إسناد ضعيف، فعبد العزيز بن جريج المكّي مولى قريش، والد عبد الملك، روى عن ابن عباس وسعيد بن جبير وابن أبي مليكة وغيرهم، روى عنه ابنه عبد الملك وخصيف، وهو مجهول كما قال الدارقطني، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وذكره العقيلي في "الضعفاء"، وذكر حديثًا انفرد به، ونقل عن البخاري أنه قال: ((لا يتابع عليه)) . انظر "الضعفاء" للعقيلي (3 / 12) ، و"التهذيب" (6 / 333 رقم 640) . (3) طريق شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنِ ابْنِ عباس، مثل ذلك: (كُتابًا) . أخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص244 رقم 581) من طريق حنظلة السدوسي، عن شهر به بهذا اللفظ عطفًا عن طريق ابن جريج عنده. وهذا إسناد ضعيف أيضًا، حنظلة السدوسي تقدم في الحديث [449] أنه ضعيف. فالحديث بمجموع هذه الطرق يكون حسنًا لغيره، والله أعلم. [468] سنده ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد، وهو حسن لغيره كما سبق بيانه =

469 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الزُّبير بْنِ الخِرِّيت (1) ، عَنْ عِكْرِمَةَ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا كِتَابًا} -، وَقَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ وَجَدُوا كَاتِبًا، وَلَمْ يَجِدُوا الصَّحِيفَةَ وَالدَّوَاةَ؟ . 470 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ (2) ، أَنَّهُ كَانَ يقرأ: {فَرُهُن مَقْبُوضَةٌ} .

_ = في الحديث قبله. وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (6 / 95 رقم 6438) ، من طريق أبي كريب، عن هشيم، به نحوه. (1) هو الزُّبير بن الخِرِّيْت - بكسر المعجمة، وتشديد الراء المكسورة، بعدها تحتانية ساكنة، ثم فوقانية -، البصري، روى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ ومحمد بن سيرين وعكرمة مولى ابن عباس وغيرهم، روى عنه جرير بن حازم وحماد بن زيد وأخوه سعيد بن زيد وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة الخامسة، روى له الجماعة عدا النسائي، ووثقه الإمام أحمد وابن معين وأبو حاتم والعجلي والنسائي. "الجرح والتعديل" (3 / 581 رقم 2639) ، و"التهذيب" (3 / 314 رقم 582) ، و"التقريب" (ص214 رقم 1993) . [469] سنده صحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 125) وعزاه لأبي عبيد وعبد بن حميد وابن الأنباري. وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص244 رقم 582) من طريق هارون بن موسى النحوي، عن الزبير، به، إلا أنه لم يذكر قوله: ((وقال: أرأيت ... )) إلخ. (2) هو ابن قيس، تقدم في الحديث [31] أنه ليس به بأس.

471- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: {فَرُهُن مَقْبُوضَةٌ} . 472- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبَّاد بْنُ رَاشِدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، وَأَبُو (1) الأشْهَب (2) ، عَنْ أَبِي الرَّجَاء (3) أَنَّهُمَا كَانَا يقرآن: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} .

_ = [470] سنده صحيح. وذكره السيوطي في "الدر" (2 / 125) وعزاه للمصنِّف فقط. [471] سنده ضعيف، فمغيرة بن مِقْسم تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، ولكنه يدلس، ولاسيّما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه، ولم يصرح عنه بالسماع. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 125) وعزاه للمصنِّف فقط. (1) ظاهره أن هشيمًا قال: ((وأخبرني أبو الأشهب)) ، وسيأتي بيان ذلك. (2) هو جعفر بن حَيَّان السَّعْدي، تقدم في الحديث [182] أنه ثقة. (3) هو عمران بن مِلْحَان - بكسر الميم، وسكون اللام، بعدها مهملة -، ويقال: ابن تَيم، أبو رجاء العُطَارُدي، مشهور بكنيته، روى عن عمر وعلي وابن عباس وعائشة وغيرهم - رضي الله عنهم -، روى عنه أيوب السِّخْتياني وجرير بن حازم وأبو الأشهب وغيرهم، وهو مخضرم ثقة مُعَمَّر، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين أبو زرعة، وقال ابن سعد: ((كان ثقة في الحديث)) ، وتوفي قبل الحسن البصري، قيل: سنة سبع ومائة، وقيل: تسع ومائة، قال أشعث بن سوّار: ((بلغ سبعًا وعشرين ومائة سنة)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (6 / 303 - 304 رقم 1687) ، و"التهذيب" (8 / 140 - 141 رقم 243) ، و"التقريب" (ص430 رقم 5171) . [472] سنده قراءة الحسن البصري حسن لذاته، فعباد بن راشد تقدم في الحديث [183] أنه صدوق، وأما سند قراءة أبي رجاء فظاهره الصحة، لكنه ضعيف؛ =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ ... } إلى قوله: {فَانْصُرْنَا عَلَى القَوْمِ الكَافِرِينَ} ] 473- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ (1) ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ} -، (قال) (2) : نزلت في الشهادة.

_ = لأن هشيمًا يدلِّس تدليس العطف على ما سبق بيانه في الحديث [380] ، ولم يصرِّح هنا بالسماع من أبي الأشهب. وهاتان القراءتان ذكرهما السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 125) وعزاهما للمصنِّف فقط. (1) تقدم في الحديث [18] أنه ضعيف؛ كَبُر وتغيَّر، فصار يتلقَّن. (2) في الأصل: ((قالت)) . [473] سنده ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 126) وعزاه للمصنِّف وابن جرير وابن المنذر ابن أبي حاتم. وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (6 / 102 رقم 6449) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 226 / أ) . كلاهما من طريق محمد بن فضيل، عن يزيد، به نحوه. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (6450) من طريق سفيان الثوري، عن يزيد، به نحوه. هكذا اتفق خالد بن عبد الله الطحان ومحمد بن فضيل وسفيان الثوري على روايته عن يزيد، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. =

474- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَتَّاب بْنُ بَشِيرٍ (1) ، عَنْ خُصَيُف (2) ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ} -، قَالُوا: فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا لنحدِّث أَنْفُسَنَا بِشَيْءٍ مَا يَسُرُّنَا أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ الْخَلَائِقِ وَأَنّا لَنَا كَذَا وَكَذَا؟ قَالَ: ((أَوَقَد لَقِيتُمْ هَذَا؟ ذَلِكَ صَرِيح الْإِيمَانِ)) ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ ... } الْآيَتَيْنِ. 475- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الأَحْوص (3) ، عَنْ مَنْصُورٍ (4) ، عَنْ

_ = وخالفهم هشيم بن بشير، فرواه عن يَزِيدُ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عباس أنه قال في هَذِهِ الْآيَةُ: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ} ، قال: نزلت في كتمان الشهادة وإقامتها. أخرجه ابن جرير برقم (6454) . وابن الجوزي في "نواسخ القرآن" (ص233 - 234) . وذكر السيوطي في "الدر" (2 / 126) أن ابن المنذر أخرجه كذلك. وقد لا يكون ذلك من هشيم، بل قد يكون من يزيد بن أبي زياد. (1) تقدم في الحديث [204] أنه لا بأس به، إلا في روايته عن خصيف، فإنها منكرة. (2) تقدم في الحديث [204] أنه صدوق سيء الحفظ. [474] سنده ضعيف جدًّا لإرساله، ولضعف خصيف من قبل حفظه وما تقدم عن رواية عتّاب عنه. وذكر السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 132) قول مجاهد هذا وعزاه للمصنِّف وعبد بن حميد فقط. (3) هو سلاّم بن سُلَيم. (4) هو ابن المعتمر. =

إِبْرَاهِيمَ (5) ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ (6) ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ (7) : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ((مَنْ قَرَأَ فِي لَيْلَةٍ بِالْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سورة البقرة كَفَتَاهُ)) (8) .

_ (5) هو ابن يزيد النخعي. (6) هو النخعي. (7) هو عقبة بن عمرو بن ثعلبة، أبو مسعود الأنصاري، البَدْريّ، صحابي جليل، شهد العقبة وبدرًا وأحدًا وما بعدها، وتوفي سنة أربعين للهجرة، وقيل بعدها. "الجرح والتعديل" (6 / 313 رقم 1740) ، و"الإصابة" (4 / 524 رقم 5610) ، و"التهذيب" (7 / 247 - 249 رقم 446) ، و"التقريب" (ص395 رقم 4647) . (8) قيل: معناه: أجزأتا عن قيام الليل بالقرآن، وقيل: أجزأتا عنه عن قراءة القرآن مطلقًا، سواء كان داخل الصلاة أم خارجها، وقيل: معناه: أجزأتاه فيما يتعلق بالاعتقاد؛ لما اشتملتا عليه من الإيمان والأعمال إجمالاً، وقيل: معناه: كفتاه كل سوء، وقيل: كفتاه شر الشيطان، وقيل: دفعتا عنه شر الإنس والجنّ، وقيل: معناه: كفتاه ما حصل له بسببهما من الثواب عن طلب شيء آخر، وكأنهما اختصّتا بذلك لما تضمنتاه من الثناء على الصحابة بجميل انقيادهم إلى الله، وابتهالهم، ورجوعهم إليه، وما حصل لهم من الإجابة إلى مطلوبهم ... ، وعلى هذا فأقول: يجوز أن يراد جميع ما تقدم، والله أعلم. اهـ. من "فتح الباري" (9 / 56) . [475] سنده صحيح على شرط الشيخين وقد أخرجاه. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 137) وعزاه للمصنِّف وأبي عبيد وأحمد والدارمي والبخاري ومسلم وأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن الضريس والبيهقي. وللحديث عن أبي مسعود طريقان: (1) طريق عبد الرحمن بن يزيد، يرويه عنه إبراهيم النخعي، وله عن إبراهيم =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = = طريقان: أ- طريق منصور بن المعتمر، عن إبراهيم. أخرجه المصنِّف هنا من طريق أبي الأحوص، عن منصور. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (3 / 377 رقم 6020) ، وفي "التفسير" (1 / 113) . ومن طريقه الطبراني في "المعجم الكبير" (17 / 205 رقم 552) . وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 122) . وعبد بن حميد في "مسنده" (ص105 - 106 رقم 233 - المنتخب -) . والبخاري في "صحيحه" (9 / 55 رقم 5009) في فضائل القرآن، باب فضل سورة البقرة. والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (ص437 رقم 718) ، وفي "فضائل القرآن" (ص78 رقم 44) . والدارقطني في "العلل" (6 / 174) . والبيهقي في "سننه" (3 / 20) في الصلاة، باب كم يكفي الرجل من قراءة القرآن في ليلة، وفي "شعب الإيمان" (5 / 341 -342 رقم 2183) . جميعهم من طريق سفيان الثوري، عن منصور، به نحوه. وأخرجه الطيالسي في "مسنده" (ص86 رقم 614) . والإمام أحمد في "المسند" (4 / 121) . والدارمي في "سننه" (1 / 288 رقم 1495) و (2 / 323 رقم 3391) . ومسلم في "صحيحه" (1 / 554 - 555 رقم 255) في صلاة المسافرين، باب فضل الفاتحة وخواتيم سورة البقرة. وأبو داود في "سننه" (2 / 118 رقم 1397) في الصلاة، باب تحزيب القرآن. وابن الضريس في "فضائل القرآن" (ص83 رقم 161) . والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (ص437 رقم 719) ، وفي "فضائل القرآن" (ص69 رقم 28) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = والطبراني في "الكبير" (17 / 204 - 205 رقم 550) . جميعهم من طريق شُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قال: كنت أحدَّث عن أبي مسعود حديثًا، فلقيته وهو يطوف بالبيت، فسألته، فحدَّث عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - أنه قال: ((من قرأ الآيتين الأخيرتين من سورة البقرة في ليلة كفتاه)) . هذه لفظ الإمام أحمد، والذي حدَّث عبد الرحمن بن يزيد بالحديث عن أبي مسعود هو علقمة كما سيأتي مصرحًا به. فقد أخرجه الحميدي في "مسنده" (1 / 215 رقم 452) من طريق شيخه سفيان بن عيينة، قال: ثنا مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرحمن بن يزيد، عن علقمة، عن أبي مَسْعُودٍ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ((مَنْ قرأ بِالْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ في ليلة كفتاه)) . قال عبد الرحمن بن يزيد: ثم لقيت أبا مسعود في الطواف، فسألته عنه، فحدثني أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - قال ... ، فذكره. وكذا أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (3 / 377 رقم 6021) . والبخاري في "صحيحه" (9 / 94 رقم 5051) في فضائل القرآن، باب في كم يقرأ القرآن؟ . والنسائي في "الفضائل" (ص78 رقم 45) . وابن خزيمة في "صحيحه" (2 / 180 رقم 1141) . والبغوي في "شرح السنة" (4 / 464 رقم 1199) . جميعهم من طريق سفيان بن عيينة، به، إلا أن ابن خزيمة لم يذكر لُقيّ عبد الرحمن بن يزيد لأبي مسعود في الطواف، وإنما رواه عن علقمة، ولم يذكر ذلك البغوي أيضًا وإنما جعله من رواية عبد الرحمن عن أبي مسعود مباشرة. وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 121) . ومسلم في الموضع السابق من "صحيحه". والترمذي في "سننه" (8 / 188 رقم 3043) في فضائل القرآن، باب ما جاء في =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = آخر سورة البقرة. وابن ماجه (1 / 436 رقم 1369) في إقامة الصلاة، باب ما جاء فيما يرجى أن يكفى من قيام الليل. والنسائي في "الفضائل" (ص78 رقم 43) . والطبراني في الموضع السابق برقم (554) . جميعهم من طريق جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ منصور، به بنحو سياق المصنِّف. وأخرجه بحشل في "تاريخ واسط" (ص126) من طريق جعفر بن الحارث. والطبراني في الموضع السابق برقم (551) من طريق زائدة. كلاهما عن منصور، به نحو لفظ المصنف. وأخرجه مسلم في الموضع السابق. والطبراني برقم (553) . والدارقطني في "العلل" (6 / 174) . أما مسلم والطبراني فمن طريق زهير، وأما الدارقطني فمن طريق زياد بن عبد الله، كلاهما عن منصور، بنحو لفظ شعبة السابق بذكر القصة. ب- طريق الأعمش، عن إبراهيم، وهو الآتي برقم [476] . (2) طريق علقمة، عن أبي مسعود. وله عن علقمة طريقان: أ- طريق عبد الرحمن بن يزيد كان يرويه عن علقمة، عن أبي مسعود، ثم لقي أبا مسعود في الطواف، فسأله عن الحديث، فحدثه به، وسبق تخريج الحديث من هذا الطريق في الطريق السابق. ب- طريق المسيب بن رافع، واختُلف عليه. فأخرجه الطبراني في "الكبير" (17 / 203 رقم 544) من طريق إسحاق بن يحيى بن طلحة، عَنِ الْمُسَيِّبِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ أبي مسعود، به نحوه هكذا بإسقاط علقمة. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وسنده ضعيف جدًّا. فإسحاق بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله التَّيْمي متروك، قال علي بن المديني: سألت يحيى بن سعيد عنه فقال: ((ذاك شبه لا شيء)) ، قال علي: ((نحن لا نروي عنه شيئًا)) ، وقال صالح بن أحمد عن أبيه: ((منكر الحديث ليس بشيء)) ، وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه: ((متروك الحديث)) ، وقال ابن معين: ((ضعيف، ليس بشيء، ولا يكتب حديثه)) ، وقال عمرو بن علي الفَلاَّس: ((متروك الحديث، منكر الحديث)) ، وقال أبو زرعة الرازي: ((واهي الحديث)) ، وقال النسائي: ((ليس بثقة)) ، وفي موضع آخر قال: ((متروك الحديث)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (2 / 236 - 237 رقم 835) ، و"التهذيب" (1 / 254 - 255 رقم 479) . ورواه عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ المسيّب، واختلف على عاصم أيضًا. قال الدارقطني في "العلل" (6 / 171) : ((رواه عاصم بن أبي النجود، واختلف عنه. فرواه الوليد بن عباد، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرِّ بْنِ حبيش، عن علقمة، عن أبي مسعود. وقيل: عن الوليد بن عباد، عن أبان بن أبي عياش، عن عاصم. وخالفه شريك، فرواه عن عاصم، عَنِ الْمُسَيِّبِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ علقمة، عن أبي مسعود. وخالفهما حماد بن سلمة وحفص بن سليمان، فروياه عن عاصم، عن علقمة، عن أبي مسعود، لم يذكرا بينهما أحدًا، ووقفاه)) . اهـ. قلت: أما رواية الوليد بن عباد، فأخرجها ابن عدي في "الكامل" (7 / 2545) ، ثم قال ابن عدي: ((وهذا الحديث من رواية أبان، عن عاصم، وأبان هو ابن أبي عياش صاحب أنس، وأبان عن عاصم لا أعلم يروي إلا هذا الحديث وحديثًا آخر)) . وقال ابن عدي عن الوليد بن عباد هذا: ((ليس بمستقيم ... ، عامة ما يرويه قد ذكرته، ولا يروي عنه غير إسماعيل بن عياش، والوليد بن عباد ليس بالمعروفين ايضًا [كذا!] ، وروى عن الفضل بن صالح وعرفطة وليسا بمعروفين)) . قلت: وأبان بن أبي عياش تقدم في الحديث [4] أنه متروك الحديث. =

476 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ: نا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((الْآيَتَانِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، مَنْ قَرَأَهُمَا في ليلة كَفَتَاهُ)) .

_ = وأما رواية شريك فأخرجها الإمام أحمد في "المسند" (4 / 118) . والطبراني في "معجمه الكبير" (17 / 202 رقم 541) . وشريك بن عبد الله تقدم في الحديث [4] أنه صدوق يخطئ كثيرًا. وأما رواية حماد بن سلمة، فأخرجها ابن الضريس في "فضائل القرآن" (ص86 رقم 173) . والطبراني في الموضع السابق برقم (542) . وحماد بن سلمة تقدم في الحديث [82] أنه ثقة عابد تغيّر حفظه في الآخر. وأما رواية حفص بن سليمان فلم أجد من أخرجها، وحفص متروك الحديث كما في الحديث رقم [716] . وبهذا يتضح أن طريق المسيب بن رافع هذا ليس له إسناد يثبت به، فالعمدة على الطرق السابقة التي صح بها الحديث، وانظر الحديث الآتي. [476] سنده صحيح على شرط الشيخين وقد أخرجاه. فقد أخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص165 رقم 427) . ومسلم في "صحيحه" (1 / 555 رقم 256) في صلاة المسافرين، باب فضل الفاتحة وخواتيم سورة البقرة. ومحمد بن نصر في "قيام الليل" (ص141 - 142) . وابن الضريس في "فضائل القرآن" (ص84 رقم 163) . والطبراني في "معجمه الكبير" (17 / 204 رقم 549) . جميعهم من طريق أبي معاوية، به مثله. وأخرجه أبو عبيد من طريق هشيم عن الأعمش مقرونًا بالرواية السابقة. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأخرجه الطيالسي في "مسنده" (ص86 رقم 614) . والإمام أحمد في "المسند" (4 / 121) . والبخاري في "صحيحه" (9 / 55 رقم 5008) في فضائل القرآن، باب فضل سورة البقرة. والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (ص437 - 438 رقم 720) ، وفي "فضائل القرآن" (ص69 رقم 29) . والطبراني في الموضع السابق برقم (550) . جميعهم من طريق شعبة، عن الأعمش، به نحوه، إلا أن الإمام أحمد والنسائي ذكراه بنحو سياق سفيان بن عيينة للحديث عن منصور في الحديث السابق رقم [475] ، وفيه أن عبد الرحمن بن يزيد رواه أولاً عن علقمة، عن أبي مسعود، ثم لقي أبا مسعود في الطواف فحدثه به. وأما الطيالسي فقرنه برواية شعبة للحديث عن منصور في الحديث السابق، وفيه ذكر القصة أيضًا كما في لفظ ابن عيينة، إلا أنه لم يذكر اسم علقمة، وإنما قال: ((بلغني عنه حديث)) . وأخرجه مسلم في الموضع السابق من "صحيحه" من طريق علي بن مُسْهر، عن الأعمش، به بمثل سياق ابن عيينة المشار إليه. وأخرجه البخاري في "صحيحه" (9 / 87 رقم 5040) في فضائل القرآن، باب من لم ير بأسًا أن يقول: سورة البقرة، وسورة كذا كذا. ومسلم في الموضع السابق. وابن ماجه في "سننه" (1 / 435 رقم 1368) في إقامة الصلاة، باب ما جاء فيما يرجى أن يكفي من قيام الليل. والطبراني في "الكبير" (17 / 203 و 204 رقم 543 و 549) . جميعهم من طريق حفص بن غياث، عن الأعمش، به مثل سابقه، إلا أن البخاري والطبراني لم يذكرا لُقيَّ عبد الرحمن بن يزيد لأبي مسعود في الطواف =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأخذه الحديث منه، ولم يرد في رواية الطبراني الثانية ذكر لعلقمة، ونص عليه الطبراني حيث قال عقبه: ((ولم يذكر علقمة)) . وأخرجه ابن ماجه في الموضع السابق من طريق أسباط بن محمد مقرونًا بالرواية السابقة. وكذا أخرجه ابن الأعرابي في "معجمه" (ص411 رقم 2076) من طريق أسباط، لكن ليس في رواية أسباط عندهما ذكر لِلُقيّ عبد الرحمن لأبي مسعود. وأخرجه البخاري في "صحيحه" (7 / 317 - 318 رقم 4008) في المغازي، باب منه. وابن الضريس في "فضائل القرآن" (ص83 - 84 رقم 162) . كلاهما من طريق أبي عوانة، عن الأعمش به بذكر الزيادة والقصة. وكذا أخرجه الطبراني في "الكبير" (17 / 203 و 204 رقم 545 و 546) من طريق أبي مسلم قائد الأعمش وقيس بن الربيع، وأبي مروان زكريا بن أبي يحيى الغساني، ثلاثتهم عن الأعمش، به. وكذا أخرجه الدارقطني في "العلل" (6 / 174) من طريق زياد بن عبد الله، عن الأعمش، به، إلا أنه لم يفصح باسم علقمة، وإنما قال: ((حُدِّثت عن أبي مسعود)) . وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 122) . والنسائي في "الفضائل" (ص78 رقم 44) . والدارقطني في الموضع السابق. ثلاثتهم من طريق سفيان الثوري، عن الأعمش به نحو سياق المصنِّف. ورواه عيسى بن يونس، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ علقمة وعبد الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -، به نحوه. أخرجه مسلم في الموضع السابق من "صحيحه". والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (ص438 رقم 721) ، وفي "الفضائل" =

477 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا خَالِدٌ (1) ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وكتابه} .

_ = (ص69 - 70 رقم 30) . وهذا يعني أن إبراهيم روى الحديث عن علقمة. وقد تابع عيسى عبد الله بن نمير عند مسلم في الموضع نفسه. لكن رواه الطبراني في "الكبير" برقم (547) من طريق ابن نمير، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ علقمة بن قيس، عن أبي مسعود، به نحوه، موافقًا لرواية بقية الرواة الذين رووه هكذا عن الأعمش. وقد رواه مسلم والطبراني كلاهما من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، عن عبد الله بن نمير، فيكون الخطأ إما من مسلم، أو من شيخ الطبراني عبيد بن غنام، وأخشى أن يكون من مسلم بسبب قرنه رواية ابن نمير برواية عيسى بن يونس. ثم رواه الطبراني برقم (548) من طريق زهير بن حرب، عن سليمان الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرحمن بن يزيد، أظنه عن أبي مسعود، فذكره بمثله هكذا على الشك. (1) هو ابن مَهْران الحَذَّاء. [477] سنده صحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 132) وعزاه للمصنِّف فقط. وهذه القراءة قرأ بها أيضًا عكرمة ويحيى والأعمش وحمزة والكسائي. وأما الباقون فقرأوا هكذا: ((وكُتُبه)) . انظر "حجة القراءات" (ص152 - 153) ، و"تفسير الثعلبي" (2 / 214 / أ) .

478- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ بَيَان (1) ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ جَابِرٍ (2) قَالَ: قَالَ جِبْرِيلُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحْسَنَ عَلَيْكَ، وَعَلَى أُمَّتِكَ الثَّنَاءَ حِينَ نَزَلَتْ: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ} ، فَسَلْ تُعْطَ)) ، فَسَأَلَ: {لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ... } ، حَتَّى خَتَمَ السُّورَةَ بِمَسْأَلَةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

_ (1) هُوَ ابن بِشْر الأَحْمَسي. (2) هو حكيم بن جابر بن طارق بن عوف الأَحْمَسي - بمهملتين -، تابعي أرسل عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، وروى عن أبيه وعمر وعثمان وابن مسعود وغيرهم، روى عنه إسماعيل بن أبي خالد وبيان بن بشر وطارق بن عبد الرحمن، وحكيم هذا ثقة، وثقه ابن معين والعجلي والنسائي، وقال ابن سعد: ((كان ثقة قليل الحديث)) ، وذكره ابن حبان في ثقات التابعين، وكانت وفاته سنة اثنتين وثمانين للهجرة، وقيل: سنة خمس وتسعين. "الجرح والتعديل" (3 / 201 رقم 872) ، و"الثقات" لابن حبان (4 / 160) ، و"التهذيب" (2 / 444 - 445 رقم 772) ، و"التقريب" (ص176 رقم 1467) . [478] سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف لإرساله. وقد ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 132) وعزاه للمصنِّف وابن جرير وابن أبي حاتم. وقد أخرجه بن أبي شيبة في "المصنف" (11 / 501 رقم 11824) . وابن جرير في "تفسيره" (6 / 129 رقم 6501) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 227 / ب) . ثلاثتهم من طريق بيان، عن حكيم، به نحوه.

479 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ بَيَان، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبي قَالَ: نَسَخَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَإِنْ (1) تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ} مَا بَعْدَهَا: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} .

_ (1) في الأصل: ((إن)) . [479] سنده صحيح إلى الشعبي، لكنه مرسل كما يتضح من الرواية الآتية برقم [480] فيكون ضعيفًا لإرساله، ومتنه صحيح كما سيأتي. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (6 / 111 رقم 6471) من طريق جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ بيان، به نحوه. وأخرجه ابن جرير أيضًا (6 / 110 و 111 رقم 6465 و 6466 و 6468 و 6473) من طريق إسماعيل بن أبي خالد ومغيرة بن مقسم وعبد الله بن عون وجابر الجُعْفي، جميعهم عن عامر الشعبي، به نحوه، عدا رواية ابن عون فبمعناه. وسيأتي من طريق سيَّار أبي الحكم عن الشعبي في الحديث بعده. وما تضمنه متن الحديث صحيح. فقد أخرج البخاري ففي "صحيحه" (8 / 205 و 207 رقم 4545 و 4546) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير، باب: {وإن تبدوا ما أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ الله} ، من طريق شعبة، عن خالد الحَذّاء، عن مروان الأصفر، عن رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: أحسبه ابن عمر -: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أو تخفوه} ، قَالَ: نَسَخَتْهَا الْآيَةُ الَّتِي بَعْدَهَا. وفي حديث أب هريرة - رضي الله عنه - الآتي في تخريج الحديث رقم [483] ما يدل على نسخ الآية بما بعدها، وهو حديث آخرجه مسلم في "صحيحه"، وانظر "تفسير ابن كثير" (1 / 338 - 339) فإنه أورد أحاديث أخرى صحيحة جميعها تدل على النسخ، والله أعلم.

480 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ قَالَ: نَا سَيَّار (1) ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {وَإِنْ (2) تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ} ، فَكَانَتْ فِيهَا شِدَّةٌ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الَّتِي بَعْدَهَا فَنَسَخَتْهَا: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} . 481 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا جُوَيْبر (3) ، عَنِ الضَّحَّاك (4) ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ (5) تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ [120/ب] يَشَاءُ} ، (قَالَتْ) (6) : هُوَ الرَّجُلُ يَهُمُّ بِالْمَعْصِيَةِ وَلَا يَعْمَلُهَا، فيُرْسَل عَلَيْهِ مِنَ الغَمِّ وَالْحُزْنِ بِقَدْرِ مَا كَانَ هَمَّ بِهِ مِنَ الْمَعْصِيَةِ، فَتِلْكَ محاسبته))

_ (1) هو أبو الحكم. [480] سنده كسابقه صحيح إلى الشعبي، لكن الشعبي يخبر عن أمر لم يشهده، فالحديث ضعيف لإرساله، ومتنه صحيح كما سبق بيانه في الحديث السابق. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (6 / 110 رقم 6467) من طريق يعقوب بن إبراهيم، عن هشيم، به نحوه. وأخرجه النحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص105) . وابن الجوزي في "نواسخ القرآن" (ص231) . كلاهما من طريق زياد بن أيوب، عن هشيم، به نحوه، إلا أن اسم: ((سيار)) تصحّف عند النحاس إلى: ((شيبان)) ، وعند ابن الجوزي إلى: ((يسار)) . (2) في الأصل: ((إن)) . (3) تقدم في الحديث [93] أنه ضعيف جدًّا. (4) هو ابن مزاحم، وهو هنا يروي عن عائشة، ولم يُذكر أنه سمع منها، بل لم يسمع ممن مات بعدها كابن عباس كما تقدم بيانه في الحديث رقم [355] ، بل قال ابن حبان: ((لقي جماعة من التابعين ولم يشافه أحدًا من الصحابة، ومن =

482 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا جُويبر، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: " نَسَخَتْهَا (1) الْآيَةُ الَّتِي بَعْدَهَا: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} .

_ = زعم أنه لقي ابن عباس فقد وهم)) ، وقال ابن عدي: ((عُرف بالتفسير، وأما روايته عن ابن عباس وأبي هريرة وجميع من روى عنه، ففي ذلك كله نظر)) ، وقال العجلي: ((ثقة، وليس بتابعي)) . انظر "تهذيب التهذيب" (4 / 454) . (5) في الأصل: ((إن)) . (6) في الأصل: ((قال)) . [481] سنده ضعيف جدًّا؛ لشدة ضعف جويبر، والانقطاع بين الضحاك وعائشة رضي الله عنها. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 131) وعزاه للمصنِّف وابن جرير. ابن جرير أخرجه في "تفسيره" (6 / 116 رقم 6492) من طريق يزيد بن هارون، عن جويبر، به نحوه. (1) يعني قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ به الله} . [482] سنده ضعيف جدًّا كسابقه؛ لشدة ضعف جويبر؛ والانقطاع بين الضحاك وابن مسعود، ومتنه صحيح كما سبق بيانه في الحديث [479] . والحديث ذكره السيوطي "الدر المنثور" (2 / 129) وعزاه للمصنف وابن جرير والطبراني. وقد أخرجه الطبراني في "معجمه الكبير" (9 / 240 رقم 9030) من طريق المصنف، به مثله إلا أنه زاد ذكر الآية، فقال: ((عن ابن مسعود: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أو تخفوه} قال ... )) فذكره. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (6 / 110 رقم 6469) من طريق يزيد بن هارون، عن جويبر، به نحوه. =

483 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُبَيْط (1) ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ بْنَ مُزَاحِمٍ يَقُولُ: جَاءَ بِهَا جِبْرِيلُ، وَمَعَهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مَا شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ} إِلَى قَوْلِهِ: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا} ، قَالَ: ذَاكَ لَكَ، {أَوْ أَخْطَأْنَا} ، قَالَ: ذَاكَ لَكَ، {رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} ، قَالَ: ذَاكَ لَكَ، {وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} ، قَالَ: ذَاكَ لَكَ، {وَاعْفُ عَنَّا} ، قَالَ: ذَاكَ لَكَ، {وَاغْفِرْ لَنَا} ، قال: ذاك لك، {وَارْحَمْنَا} ، قَالَ: ذَاكَ لَكَ، {أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى القَوْمِ الكَافِرِينَ} ، قال: ذاك لك))

_ = ثم أخرجه ابن جرير عقبه برقم (6470) ، فقال: حُدِّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يذكر عن ابن مسعود نحوه. وسنده ضعيف جدًّا أيضًا لإبهام شيخ الطبري، وضعف الحسين بن داود الملقب بـ: ((سنيد)) كما في الحديث [206] ، والانقطاع بين الضحاك وابن مسعود. (1) هو سلمة بن نُبَيْط - بنون وموحّدة، مصغرًا - ابن شَريط - بفتح المعجمة -، الأَشْجعي، أبو فِرَاس الكوفي، روى عن نعيم بن أبي هند والزبير بن عدي والضحاك بن مزاحم وغيرهم، روى عنه هنا سفيان بن عيينة، وروى عنه أيضًا سفيان الثوري وعبد الله بن المبارك ووكيع وغيرهم، وهو ثقة، وثقه أحمد وابن معين والعجلي ومحمد بن عبد الله بن نمير وعثمان بن أبي شيبة وأبو داود والنسائي، وكان أبو نُعيم يفتخر به، وكذا وكيع بن الجراح، وكان يقول: ((كان ثقة)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (4 / 173 - 174 رقم 758) ، و"الكاشف" (1 / 387 رقم 2080) ، و"التهذيب" (4 / 158 - 159 رقم 272) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأما قول البخاري عن سلمة هذا: ((يقال: اختلط بآخره)) فلم يذكر البخاري من الذي قال ذلك، وهذا جرح معارض بتوثيق الأئمة السابق ذكرهم، ولا يعلم قائله، فالرجل ثقة حتى يثبت خلافه. [483] سنده ضعيف جدًّا لإعضاله، فالضحاك تقدم في الحديث [481] أن ابن حبان قال عنه: ((لم يشافه أحدًا من الصحابة)) ، ومتنه صحيح بغير هذا السياق كما سيأتي، عدا قوله: ((جَاءَ بِهَا جِبْرِيلُ وَمَعَهُ مِنَ الملائكة ما شاء الله وعز وجل)) ، فلم أجد ما يشهد له. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 136) وعزاه للمصنف والبيهقي في "شعب الإيمان". والبيهقي أخرجه في "الشعب" (5 / 347 - 348 رقم 2186) من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال: ((ذلك)) بدل قوله: ((ذاك)) ، إلا أنه أدخل قوله تعالى: {أو أخطأنا} مع ما قبلها، وقوله: {وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لنا به} ، وسقط من سند البيهقي قَوْلِهِ: ((حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا سفيان)) ، فجاء الحديث من رواية تلميذ سعيد: أحمد بن نجدة، عن سلمة بن نُبيط، ولذا قال محقق الكتاب في الحاشية: ((يبعد أن يكون أحمد بن نجدة لحقه)) - يعني سلمة - وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (6 / 143 رقم 6535) من طريق جويبر، عن الضحاك، فذكره بنحوه، إلا أن جبريل كان يقول: ((قد فعل)) ، بدلاً من قوله: ((ذاك لك)) . وهذا أضعف من سابقه، فجويبر تقدم في الحديثين السابقين أنه ضعيف جدًّا. وقد صح الحديث بغير هذا اللفظ. فأخرجه مسلم في "صحيحه" (1 / 115 - 116 رقم 199) في الإيمان، باب بيان أنه سبحانه وتعالى لم يكلف إلا ما يطاق، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: لما نزلت عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: {لله ما في السماوات وما في الأرض وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فيغفر لمن يشاء =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ويعذب من يشاء وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ، فقال: فاشتد ذلك على أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -، فأتوا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، ثم بركوا على الركب، فقالوا: أي رسول الله! كلفنا من الأعمال ما نطيق: الصلاة والصيام والجهاد والصدقة، وقد أنزلت عليك هذه الآية، ولا نطيقها. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم: سمعنا وعصينا؟ بل قولوا: سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير)) ، قالوا: سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير. فلما اقترأها القوم، ذلت بها ألسنتهم، فأنزل الله في إثرها: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ المَصِيرُ} ، فلما فعلوا ذلك، نسخها الله تعالى، فأنزل الله عز وجل: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وسعها لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكتسبت رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أو أخطأنا} قال: نعم، {رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قبلنا} قال: نعم، {ربنا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لنا به} قال: نعم {واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الكافرين} قال: نعم. ثم أخرجه مسلم ايضا في الموضع السابق نفسه برقم (200) من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} ، قال: دخل قلوبهم منها شيء لم يدخل قلوبهم من شيء، فقال النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((قولوا: سمعنا وأطعنا وسلمنا)) قال: فألقى الله الإيمان في قلوبهم، فأنزل الله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وسعها لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إنا نسينا أو أخطأنأ} ، قال: قد فعلت، {رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كما حمتله على الذين من قبلنا} ، قال: قد فعلت. {واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا} قال: قد فعلت.

484- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَوْن بْنُ مُوسَى (1) ، قَالَ: سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ القُرشي (2) يَقُولُ: كَانَ يُقَالُ: تَعَلَّموا سُورَةَ الْبَقَرَةِ، فَإِنَّ أَخْذَهَا حَسَنة، وَتَرْكَهَا حَسْرة، وَلَا تُطِيقُها البَطَلة (3) ، تَعَلَّمُوا الزَّهْرَاوين: البقرة، وآل عمران.

_ (1) هو عون بن موسى اللَّيْثي، أبو رَوْح البصري، يروي عن معاوية بن قُرَّة وبكر بن عبد الله المزني والحسن البصري وغيرهم، روى عنه هنا سعيد بن منصور، وروى عنه أيضًا عبيد الله بن عمر القواريري واللاحقي وغيرهم، وهو ثقة، وثقه عبيد الله بن عمر القواريري، وابن معين، وقال أبو حاتم: ((لا بأس به)) ، وذكره ابن حبان في الثقات. "التاريخ الكبير" للبخاري (7 / 17 رقم 75) ، و"الجرح والتعديل" (6 / 386 رقم 2151) ، و"الثقات" لابن حبان (7 / 280) . (2) هو الْمُغِيرَةَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ الْقُرَشِيِّ، مولاهم، مجهول؛ لم يذكروا أنه روى عنه سوى عون بن موسى شيئًا من قوله كما قال البخاري وابن أبي حاتم نقلاً عن أبيه، وقال ابن حبان: ((يروي المقاطيع)) ، وقد سكت عنه البخاري، وبيض له ابن أبي حاتم، وذكره ابن حبان في الثقات. "التاريخ الكبير" للبخاري (7 / 325 رقم 1395) ، و"الجرح والتعديل" (8 / 226 رقم 1017) ، و"الثقات" لابن حبان (9 / 168) . (3) البَطَلةُ: قيل: هم السَّحَرَةُ، يقال: أبطل: إذا جاء بالباطل. "النهاية في غريب الحديث" (1 / 136) . [484] سنده صحيح إلى المغيرة، لكنه هو مجهول، ومع ذلك لم يذكر من الذي قال هذا الذي ذكره. فإن كان يقصد النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فبينه وبينه مفازة؛ لأنه لم يُذكر حتى في التابعين. وقد جاء ذلك عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -. ففي "صحيح مسلم" (1 / 553 رقم 252) في صلاة المسافرين، باب فضل قراءة القرآن وسورة البقرة، من حديث أبي أمامة الباهلي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - يقول: ((اقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه، =

485 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: نَا وِقَاء بْنُ إِيَاسٍ (الأَسَدي) (1) ، قَالَ: سَمِعَنِي سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ لَيْلَةً وَأَنَا أَقْرَأُ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ وَالنِّسَاءَ، قَالَ: أَلَمْ أَسْمَعْكَ قَرَأْتَ الْبَارِحَةَ الْبَقَرَةَ وَالنِّسَاءَ وَآلَ عِمْرَانَ؟ قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: فَلَا تَفْعَلْ، عَلَيْكَ بِآلِ حم، والمُفَصَّل، فَقَدْ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَنْ قَرَأَ الْبَقَرَةَ وَالنِّسَاءَ وَآلَ عِمْرَانَ كُتِبَ عِنْدَ اللَّهِ من الحكماء (2) .

_ = اقرأوا الزَّهْراوين: البقرة وسورة آل عمران، فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان، أو كأنهما غيايتان، أو كأنهما فِرْقان من طير صوافّ تحاجّان عن أصحابهما، إقرأوا سورة البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البَطَلة)) . والغَيَايَةُ: كل شيء أظلَّ الإنسان فوق رأسه، كالسحابة وغيرها. "النهاية في غريب الحديث" (3 / 403) . وقوله: ((فِرْقان من طير صوافّ)) : أي باسطاتٍ أجنحتها في الطيران، والصوافّ: جمع صافّة. الموضع السابق (ص308) . (1) في الأصل تشبه أن تكون: (العبدي) ، وكأن الناسخ حاول إصلاحها أو شطبها، وما أثبته من الموضع الآتي من "شعب الإيمان" للبيهقي. وهو وِقاء - بكسر أوّله وقاف - ابن إياس الأسَدي الوَالِبي، أبو يزيد الكوفي، يروي عن مجاهد والمختار بن فلفل وسعيد بن جبير وغيرهم، روى عنه الثوري وابن المبارك ومروان بن معاوية وغيرهم، وهو لَيِّن الحديث، من الطبقة السادسة، قال قبيصة: ((ثنا سفيان الثوري عن وقاء بن إياس، وقال: لا بأس به)) ، ووثقه ابن معين، وقال أبو حاتم: ((صالح)) ، وقال يعقوب بن سفيان: ((لا بأس به)) ، وقال ابن عدي: ((حديثه ليس بالكثير، وأرجو أنه لا بأس به)) ، وقال يحيى بن سعيد القطان: ((ما كان بالذي يعتمد عليه)) ، وقال أيضًا: ((لم يكن وقاء بن إياس =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = بالقوي)) ، وقال عبد الله بن الإمام أحمد: ((سألت أبي عن وقاء بن إياس فقال كذا وكذا، ثم قال: ضعفه يحيى القطان)) ، وقال ابن أبي خيثمة عن أبيه مثل ذلك سواء، وقال النسائي: ((ليس بالقوي)) ، وقال الساجي: ((عنده مناكير)) ، وقال أبو أحمد الحاكم: ((ليس بالمتين)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 49 رقم 208) ، و"التهذيب" (11 / 122 رقم 208) ، و"التقريب" (ص581 رقم 7411) . وقول عبد الله بن أحمد عن أبيه: ((قال كذا وكذا)) ، فسّره الذهبي في "ميزان الاعتدال" (4 / 483) فقال: ((هذه العبارة يستعملها عبد الله بن أحمد كثيرًا فيما يجيبه به والده، وهي بالاستقراء كناية عمّن فيه لين)) . اهـ. (2) قول سعيد هذا يتناقض أوله مع آخره، فهو ينهاه أولاً عن قراءة البقرة وآل عمران والنساء ويحثه على قراءة الحوامّيم والمفصل، ثم يذكر قول عمر!! ولذا فإن أبا عبيد روى هذا الأثر كما سيأتي وذكر منه قول عمر فقط، بل إن البيهقي رواه من طريق المصنف كما سيأتي بذكر قول عمر فقط. [485] سنده ضعيف لما تقدم عن حال وِقَاء بن إياس، والانقطاع بين سعيد بن جبير وعمر بن الخطاب، فسعيد كانت ولادته قريبًا من سنة ست وأربعين للهجرة كما يتضح من "التهذيب" (4 / 13) . والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 49) وعزاه للمصنف وأبي عبيد وعبد بن حميد والبيهقي في "شعب الإيمان"، لكن مختصرًا، وقال: ((القانتين)) بدل: ((الحكماء)) . وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 359 - 360 رقم 2201) من طريق المصنف قال: حدثنا مروان بن معاوية، أخبرنا وقاء بن إياس الأسدي، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ الله عنه ... ، فذكره بمثله، إلا أنه قدم آل عمران على النساء. قال البيهقي: ((ورواه يزيد بن هارون عن وقاء، وقال: كتب من القانتين)) . ورواية يزيد بن هارون التي أشار إليها البيهقي أخرجها أبو عبيد في =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = "فضائل القرآن" (ص168 رقم 433) من طريقه، عن وقاء بن إياس، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: مَنْ قَرَأَ الْبَقَرَةَ وآل عمران والنساء في ليله كان أو في نهاره، كان - أو: كتب - من القانتين.

سورة آل عمران

بَابُ [تَفْسِيرِ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ] (1) (1) العنوان ليس في الأصل. بَابُ تَفْسِيرِ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ [قَوْلُهُ تَعَالَى: {اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ} ] 486 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقمة (1) ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيُ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَقْرَأُ: (الحيُّ القَيَّام) .

_ (1) هو ابن وقّاص الليثي، تقدم في الحديث [4] أنه صدوق. [486] سنده حسن لذاته لحال محمد بن عمرو، وهو صحيح لغيره؛ لأنه قد توبع كما سيأتي. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 141) وعزاه للمصنف وأبي عبيد وعبد بن حميد وابن أبي داود في "المصاحف" وابن الأنباري في "المصاحف" أيضًا وابن المنذر والحاكم. وقد أخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص245 رقم 585) من طريق هارون بن موسى، عن محمد بن عمرو، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن حاطب، عن أبيه، عن عمر أنه صلى العشاء الآخرة، فاستفتح آل عمران، فقرأ: (آلم * اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الحي القيام) . كذا في بعض نسخ أبي عبيد، وفي بعضها: ((القيوم)) ، ذكر ذلك محقق الكتاب وأثبت: ((القيوم)) . وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص61 - 62) من طريق يحيى بن سعيد القطان ويزيد بن هارون وعبد الله بن إدريس، ثلاثتهم عن محمد بن عمرو، به، ولفظ ابن إدريس نحو لفظ المصنف، ولفظ يحيى ويزيد نحو لفظ أبي عبيد، إلا أن عندهما زيادة في ذكر مجيء عبد الرحمن بن حاطب إلى المسجد ووصف صلاة عمر - رضي الله عنه -. وأخرجه ابن أبي داود أيضًا (ص62) . =

487- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا الْحَكَمُ بْنُ ظُهَيْر، عَنِ السُّدِّي، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقْرَأُ: (الحيُّ القيَّام) .

_ = البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 98 رقم 1951) . كلاهما من طريق محمد بن إسحاق بن يسار، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، به نحوه، إلا أن في لفظ البيهقي زيادة ذكر عبد الرحمن لصلاته خلف عمر. وسنده ضعيف؛ لأن ابن إسحاق مدلس كما في ترجمته في الحديث [58] ، ولم يصرّح هنا بالسماع. وأخرجه ابن أبي داود في الموضع السابق من طريق سليمان بن عتيق، أن عمر بن الخطاب قرأ في صلاة الصبح سورة آل عمران فقرأ: (آلم * اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الحي القيام) . وأخرجه أيضًا من طريق الحارث بن عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بن أبي ذئاب، عن أبيه، عن جده، أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، وصلى بالناس العشاء الآخرة، فقرأ فيها بأم الكتاب، قال: فكأني أسمعه يقول: (آلم * اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الحي القيام) . وأخرجه أيضًا (ص63) من طريق سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي نجيح، عن مجاهد أو غيره، عن عمر، قرأ: (الحي القيام) . وله طريق أخرى يرويها المصنف عن الْحَكَمُ بْنُ ظُهَيْر، عَنِ السُّدِّي، عن عمرو بن ميمون، عن عمر، وهي الآتية. [487] سنده ضعيف جدًّا لشدة ضعف الحكم بن ظهير، وهذه القراءة صحيحة عن عمر - رضي الله عنه - كما في الحديث السابق. وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص62) من طريق ابن الزبير، عن الحكم، به مثله.

488- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: (الحيُّ القيَّام) . 489- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا أَبُو إِسْحَاقَ الْكُوفِيُّ (1) ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْكِنَانِيِّ (2) ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا كذلك.

_ [488] سنده ضعيف، فمغيرة بن مِقْسم تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه يدلس، لا سيما عن إبراهيم النَّخَعي، وهذا من روايته عنه. (1) هو عبد الله بن مَيْسرة الحارثي، أبو ليلى الكوفي، أو الواسطي، يروي عن الشعبي وموسى بن أنس وأبي عكاشة الهمداني وغيرهم، روى عنه هشيم ووكيع وأحمد ابن يونس وغيرهم، وهو ضعيف من الطبقة السادسة، كان هشيم يكنيه أبا إسحاق وأبا عبد الجليل يدلِّسه، قال ابن معين: ((أبو إسحاق الكوفي الذي يروي عنه هشيم هو عبد الله بن ميسرة، وهو ضعيف الحديث، وقد روى عنه وكيع، وربما قال هشيم: حدثنا أبو عبد الجليل، وهو عبد الله بن ميسرة، كان يدلسه بكنية أخرى لا أحفظها)) ، وفي رواية عنه وعن النسائي: ((ليس بثقة)) ، وضعفه أبو داود والدارقطني والنسائي في رواية، وقال أبو حاتم: ((لين)) ، وقال أبو زرعة: ((واهي الحديث ضعيف الحديث)) . اهـ. من "تاريخ ابن معين برواية الدُّوري" (2 / 333 - 334) ، و"الجرح والتعديل" (5 / 177 - 178 رقم 831) ، و"التهذيب" (6 / 48 رقم 90) ، و"التقريب" (ص326 رقم 3652) . (2) لم أجد من ترجم له، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7 / 154) بعد أن عزاه للطبراني: ((وأبو خالد لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات)) . قلت: لعل الهيثمي لم يعرف أن أبا إسحاق الكوفي هو عبد الله بن ميسرة، بل ظنه آخر ثقة. [489] سنده فيه أبو خالد الكناني ولم أجد من ترجم له، فإن كان ثقة فالإسناد ضعيف لضعف أبي إسحاق الكوفي، وإن كان ضعيفًا فالإسناد ضعيف جدًّا لهاتين العلتين. =

490 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا يُونُسُ (1) ، وَعَوْفٌ (2) ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {الحيُّ القيُّوم} 491- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الأَشْهب (3) ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ العُطَارُدي (4) ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ كَذَلِكَ. [قَوْلُهُ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي العِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الأَلْبَابِ} ] 492- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ يَحْيَى الأَبَحّ، قَالَ: نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكة، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قالت: تَلا رسول الله

_ = والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 141) وعزاه للمصنف والطبراني. وقد أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (9 / 151 رقم 8690) من طريق المصنِّف، به عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يقرؤها: (الحي القيام) . وتقدم كلام الهيثمي في "المجمع" عن هذا الحديث. (1) هو ابن عبيد. (2) هو الأعرابي. [490] سنده صحيح إلى الحسن البصري، لكن من طريق يونس، وأما طريق عوف فالخوف أن يكون هشيم دلَّسه تدليس العطف الذي سبق بيانه في الحديث رقم [380] ، فإنه لم يصرِّح بالسماع من عوف. (3) هو جعفر بن حَيَّان. (4) هو عمران بن مِلْحان. [491] سنده صحيح. [492] الحديث صحيح لغيره، وأما هذا الإسناد ففيه حماد بن يحيى الأبحّ وتقدم في =

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ ... } ، إِلَى قَوْلِهِ: {وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الأَلْبَابِ} قَالَ: ((فَإِذَا رَأَيْتُمُ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيهِ، فهم أولئك، فاحذروهم)) .

_ = الحديث [41] أنه صدوق يخطئ، لكنه لم ينفرد به كما سيأتي. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 148) وعزاه للمصنف وعبد الرزاق وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والدارمي وأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان والبيهقي في "الدلائل". وأخرجه الهروي في "ذم الكلام" (1 / ل 37 / أوب) من طريق عاصم بن علي والمصنف سعيد بن منصور، كلاهما عن حماد، به نحوه. وسيأتي ذكر الحافظ ابن كثير له نقلاً عن المصنف. هذا ومدار الحديث على عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة، واختلف عليه. فرواه حماد بن يحيى وأيوب السختياني وأبو عامر الخَزَّاز ونافع بن عمر ورَوْح بن القاسم وعلي بن زيد، جميعهم عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عائشة، وصرح نافع وعلي بن زيد بالتحديث بين ابن أبي مليكة وعائشة رضي الله عنها. وخالفهم يزيد عن إبراهيم التُّستُري وحماد بن سلمة، فروياه عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ القاسم عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. أما رواية حماد بن يحيى فهي التي أخرجها المصنف هنا. وتقدم أن الهروي أخرجها أيضًا من طريق عاصم بن علي، عن حماد، به نحوه. وأما رواية أيوب، فأخرجها: عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 116) من طريق معمر. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (6 / 191 رقم 6608) . والهروي في "ذم الكلام" (1 / ل 36 / ب - 37 / أ) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأخرجها إسحاق بن راهويه في "مسنده" (3 / 648 و 649 رقم 691 و 692) من طريق عبد الوهاب الثقفي وحماد بن زيد. والإمام أحمد في "المسند" (6 / 48) من طريق إسماعيل بن عليّة. وابن ماجه في "سننه" (1 / 18 - 19 رقم 47) في باب اجتناب البدع والجدل من المقدمة، من طريق إسماعيل بن علية وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي. وابن أبي عاصم في "السنة" (1 / 9 رقم 6) من طريق حماد بن زيد. وابن جرير في "تفسيره" (6 / 189 و 190 و 191 رقم 6605 و 6606 و 6607 و 6609) من طريق إسماعيل بن علية ومعتمر بن سليمان وعبد الوهاب الثقفي والحارث بن نبهان. والطحاوي في "مشكل الآثار" (3 / 208) من طريق الحارث بن عمير. وابن حبان في "صحيحه" (1 / 277 - 278 رقم 76 / الإحسان) من طريق معتمر بن سليمان. والآجري في "الشريعة" (ص26 و 27 و 72 و 332) من طريق عبد الوهاب الثقفي وحماد بن زيد. والهروي في "ذم الكلام" (1 / ل 36 / ب - 37 / أ) من طريق معتمر بن سليمان والحسن بن دينار وحجاج الصوّاف والحارث بن نبهان. والبيهقي في "دلائل النبوة" (6 / 546) من طريق حماد بن زيد. جميعهم عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مليكة، عن عائشة، به نحوه. وذكر الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (1 / 345) أن محمد بن يحيى العبدي أخرجه في "مسنده" من طريق عبد الوهاب الثقفي، وابن المنذر أخرجه في "تفسيره" من طريق حماد بن زيد، كلاهما عن أيوب. وأما رواية أبي عامر الخَزَّاز، فأخرجها الترمذي في "سننه" (8 / 343 رقم 4078) في تفسير سورة آل عمران من كتاب التفسير، من طريق أبي عامر هذا واسمه صالح بن رستم، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عائشة قالت: سألت =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - عن قوله {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الفتنة وابتغاء تأويله} ، قال: ((فإذا رأيتيهم فاعرفيهم)) . قال الترمذي: ((هذا حديث حسن صحيح. هكذا روى غير واحد هذا الحديث عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عائشة، ولم يذكروا فيه: ((عن القاسم بن محمد)) ، وإنما ذكره يزيد بن إبراهيم، عن القاسم بن محمد في هذا الحديث، وابن أبي مليكة هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة، وقد سمع من عائشة أيضًا)) . وذكر الحافظ ابن حجر كلام الترمذي هذا في "فتح الباري" (8 / 210) وتعقبه بأن حماد بن سلمة قد تابع يزيد. وأخرجه الهروي في الموضع السابق من طريق الترمذي. وأما رواية نافع بن عمر، فأخرجها: ابن جرير في "تفسيره" (6 / 193 و 194 رقم 6612 و 6614) . والطحاوي في "مشكل الآثار" (3 / 207) . أما ابن جرير فمن طريق الوليد بن مسلم وخالد بن نزار، وأما الطحاوي فمن طريق الوليد بن مسلم، كلاهما عن نافع، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عائشة، به، ولفظ خالد بن نزار نحوه، وأما لفظ الوليد فمختصر، وفي روايته تصريح ابن أبي مليكة بالتحديث عن عائشة. وأما رواية روح بن القاسم، فأخرجها ابن جرير برقم (6613) عنه، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عائشة، به نحوه. وأما رواية علي بن زيد بن جدعان، فأخرجها الهروي في "ذم الكلام" (1 / ل 37 / ب) عنه، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: حدثتنا عائشة ... ، فذكره. فهذا بالنسبة لمن روى الحديث عن ابن أبي مليكة، ولم يذكر القاسم في سنده. وأما من زاد القاسم في إسناده، فهما يزيد بن إبراهيم وحماد بن سلمة. أما رواية يزيد، فأخرجها: الطيالسي في "مسنده" (ص203 رقم 1433) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ومن طريقه الترمذي في الموضع السابق. وأخرجها الإمام أحمد في "المسند" (6 / 256) . والدارمي في "سننه" (1 / 51 رقم 147) . والبخاري في "صحيحه" (8 / 209 رقم 4547) في تفسير سورة آل عمران من كتاب التفسير، باب: {منه آيات محكمات} ، وفي "خلق أفعال العباد" (ص71 رقم 220) . ومن طريق البخاري أخرجه البغوي في "تفسيره" (1 / 279) ، وفي "شرح السنة" (1 / 220 رقم 106) . وأخرجها مسلم في "صحيحه" (4 / 2053 رقم 1) ، في العلم، باب النهي عن اتباع متشابه القرآن. وأبو داود في "سننه" (5 / 6 رقم 4598) في السنة، باب النهي عن الجدال واتباع المتشابه من القرآن. والترمذي في الموضع السابق من "سننه" رقم (4077) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (6 / 192 رقم 6610) . والطحاوي في "مشكل الآثار" (3 / 208) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (ص64 رقم 103) . وابن حبان في "صحيحه" (1 / 274 رقم 73 / الإحسان) . واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" (1 / 118 رقم 187) . وأبو نعيم في "الحلية" (2 / 185) . والهروي في "ذم الكلام" (1 / ل 36 / أوب) . والبيهقي في "الأسماء والصفات" (2 / 201) ، وفي "دلائل النبوة" (6 / 545) . جميعهم من طريق يزيد بن إبراهيم التستري، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، به نحوه. وأما رواية حماد بن سلمة، فأخرجها: =

= الطيالسي في "مسنده" (ص203 رقم 1432) . ومن طريق الطيالسي أخرجه الآجري في "الشريعة" (ص332) . وأخرجها إسحاق بن راهويه في "مسنده" (2 / 389 رقم 398) . والدارمي في الموضع السابق. وابن أبي عاصم في "السنة" (1 / 9 رقم 5) . ومن طريقه الأصبهاني في "الحُجَّة" (1 / 292 - 293) . وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (6 / 195 رقم 6615) . وابن أبي حاتم في الموضع السابق. وأبو نعيم في الموضع السابق أيضًا. أما الطيالسي، فعن حماد بن سلمة مباشرة، وأما إسحاق بن راهويه فمن طريق النضر بن شميل، وأما الدارمي وابن أبي حاتم وأبو نعيم فمن طريق أبي الوليد الطيالسي، وأما ابن أبي عاصم فمن طريق عفان بن مسلم، وأما ابن جرير فمن طريق يزيد بن هارون، جميعهم عن حماد بن سلمة، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ القاسم، عن عائشة، به نحوه. هكذا اتفق هؤلاء الأئمة الخمسة على روايته على هذا الوجه عن حماد بن سلمة، وفيهم عفان بن مسلم وهو من أثبت الناس فيه كما في ترجمة حماد في الحديث رقم [82] . وخالفهم الوليد بن مسلم، فرواه عن حماد، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، به نحوه. أخرجه ابن جرير برقم (6611) . والآجري في "الشريعة" (ص332) . ولاشك أن رواية هؤلاء الخمسة أرجح من رواية الوليد بن مسلم؛ لكونهم أئمة حفاظًا ولاتفاقهم على روايته على هذا الوجه، وهذا ما رآه الدارقطني، ففي "النكت الظراف على الأطراف" للحافظ ابن حجر (12 / 261) نقل =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = عن الدارقطني أنه حكم على الوليد بن مسلم بالوهم في شيخ حماد. وأما الاختلاف على ابن أبي مليكة، فظاهر كلام الترمذي السابق حكمه على الحديث بأن يزيد بن إبراهيم تفرد فيه بذكر القاسم، وأن بقية الرواة رووه ولم يذكروا القاسم، وهذه إشارة منه إلى ترجيح الأكثرين بحذف الزيادة. وظاهر صنيع البخاري ومسلم في اختيارهما رواية يزيد بن إبراهيم أنها أولى بالقبول من غيرها. وذهب الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - في حاشيته على "تفسير ابن جرير" (6 / 189 - 195) إلى أن كلا الروايتين صحيحتان، وأن رواية يزيد وحماد من قبيل المزيد في متصل الأسانيد. وتطرق لهذا الاختلاف الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (1 / 345) فقال: ((هكذا وقع هذا الحديث في "مسند الإمام أحمد" من رواية ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها -، ليس بينهما أحد. وهكذا رواه ابن ماجه من طريق إسماعيل بن عليّة وعبد الوهاب الثقفي، كلاهما عن أيوب به. ورواه محمد بن يحيى العبدي في "مسنده" عن عبد الوهاب الثقفي به. وكذا رواه عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب. وكذا رواه غير واحد عن أيوب. وقد رواه ابن حبان في "صحيحه" من حديث أيوب به. ورواه أبو بكر بن المنذر في "تفسيره" من طريقين عن أبي النعمان محمد بن الفضل السدوسي ولقبه عارم، حدثنا حماد بن يزيد، حدثنا أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عن عائشة به. وتابع أيوب أبو عامر الخزَّاز وغيره، عن ابن مليكة. فرواه الترمذي، عن بندار، عن أبي داود الطيالسي، عن أبي عارم الخزّاز، فذكره. ورواه سعيد بن منصور في "سننه" عن حماد بن يحيى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مليكة، عن عائشة. ورواه ابن جرير من حديث روح بن القاسم ونافع بن عمر الجمحي، كلاهما عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عائشة. وقال نافع في روايته عن ابن أبي مليكة: حدثتني عائشة، فذكره)) . اهـ. والله أعلم.

493 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حُدَيْج بنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ (1) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الكِتَابِ} ، قَالَ: ثَلَاثُ آيَاتٍ مِنْ سُورَةِ الْأَنْعَامِ: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ} (2) .

_ (1) عبد الله بن قيس الذي يروي عن ابن عباس قوله مجهول تفرد عنه أبو إسحاق السبيعي، وسكت عنه البخاري في "تاريخه" (5 / 171 رقم 545) ، وبيض له ابن أبي حاتم (5 / 138 رقم 646) ، وذكر ابن حبان في "الثقات" (5 / 42) عبد الله بن قيس النخعي الذي يروي عن ابن مسعود وعنه داود بن أبي هند، وقال: ((أحسبه الذي روى عنه أبو إسحاق السبيعي، عن ابن عباس قوله)) ، وقال الذهبي في "الميزان" (2 / 473 رقم 4516) : ((لا يُدرى من هو)) ، وقال الحافظ ابن حجر في "التقريب" (ص318 رقم 3545) : ((مجهول)) ، وانظر "التهذيب" (5 / 365 رقم 628) . (2) سورة الأنعام، الآيات (151 و 152 و 153) . [493] سنده ضعيف لجهالة عبد الله بن قيس، وأبو إسحاق السبيعي مدلِّس ولم يصرح بالسماع، وقد اختلط في آخر حياته، وأما حُديج بن معاوية فتقدم في الحديث [1] أنه صدوق يخطئ، لكنه لم ينفرد به كما سيأتي. وذكر السيوطي هذا الحديث في "الدر المنثور" (2 / 145) وعزاه للمصنف وابن أبي حاتم والحاكم وابن مردويه. وقد أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (ص52 رقم 79) . والحاكم في "المستدرك" (2 / 288) . أما ابن أبي حاتم فمن طريق قيس بن الربيع، وأما الحاكم فمن طريق علي بن صالح بن حي، كلاهما عن أبي إسحاق السبيعي، به نحوه. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (6 / 174 رقم 6573) . وابن أبي حاتم (ص53 - 54 رقم 80) . =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ} ] 494 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، قَالَ: أَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا مَعَ يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ، فَذَكَرْنَا هَذِهِ الْآيَةَ: {وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ} (1) ، (وَجَاءَ) (2) الْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ فِي إِزَارٍ وَرِدَاءٍ وَعِمَامَةٍ، فَقَامَ يُصَلِّي فِي إِزَارِهِ وَرِدَائِهِ وَنَعْلَيْهِ، فَقُلْنَا: أَيُّكُمْ يَقُومُ إِلَيْهِ فَيَسْأَلُهُ؟ فَقَالَ يَحْيَى: أَنَا، فَأَتَاهُ، فَسَأَلَهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَيْنَا، وَقَالَ: {وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ} .

_ = كلاهما من طريق هُشَيْمٌ، عَنِ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ... ، فذكره بنحوه، وزاد: ((والتي في بني إسرائيل: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه} إلى آخر الآيات)) . اهـ. ورجح الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - في حاشيته في الموضع السابق من "تفسير الطبري" أن يكون المبهم هو عبد الله بن قيس، وأنه سقط بينه وبين العوام قوله: ((عن أبي إسحاق)) ، بحيث يكون الإسناد هكذا: (( ... العوام، عن أبي إسحاق، عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ)) ، واستند الشيخ في ترجيحه هذا على أن العوام يروي عن أبي إسحاق، وأن الحديث معروف من رواية أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن قيس. وذكر السيوطي الحديث من هذا الوجه في "الدر المنثور" (2 / 145) وعزاه لعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم. (1) يعني تذاكروا قراءتها - كما سيأتي - هل هي بفتح العين وسكون التاء: ((وَضَعَتْ)) على جهة الإخبار من الله - عز وجل - عن نفسه أنه العالم بما وضعت، وهذه قراءة عامة القُرّاء؟ أو أنها بسكون العين ورفع التاء: ((وَضَعْتُ)) على وجه الخبر بذلك عن أم مريم أنها هي القائلة؟ وبهذا قرأ علي والنخعيّ وابن عامر =

495 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ الْأَسْوَدِ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {والله أعلم بما وَضَعَتْ} . 496 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا حُصَين (1) ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ} .

_ = وأبو بكر ويعقوب. انظر: "تفسير ابن جرير" (6 / 334) ، و"تفسير الثعلبي" (3 / ل 39 / ب) . (2) في الأصل: ((أو جاء)) . [494] سنده رجاله ثقات، لكن فيه الأعمش وهو مدلس ولم يصرح بالسماع، وليس هذا من المواضع التي يحتمل فيها تدليسه على ما سبق بيانه في الحديث رقم [3] . وسيأتي الحديث مختصرًا من طريق إسماعيل بن زكريا وأبي معاوية، كلاهما عن الأعمش في الحديث بعده. وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص76 رقم 142) عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عمير، أن يحيى بن وثاب سأل الأسود عن قول الله: {والله أعلم بما وضعت} ، فقرأها الأسود: (بما وضعت) . اهـ. [495] سنده كسابقه فيه الأعمش وهو مدلس ولم يصرح بالسماع. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 183) وعزاه لعبد بن حميد فقط، وضبطها فقال: ((بنصب العين)) . (1) هو ابن عبد الرحمن. [496] سنده ضعيف؛ لإبهام شيخ حُصَين. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 183) بلفظه ولم يضبط قوله تعالى: {وضعت} ، وعزاه للمصنف وحده.

497 -[ل121/أ] حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانة (1) وَهُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: (بِمَا وَضَعْتُ) - مَرْفُوعٌ -. [قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا} ] 498 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، قَالَ: قُلْتُ: لِلْأَعْمَشِ: إِنَّ حُمَيْدًا (2) يقرأ: {يازكريآ} - جزمًا -، فأعجبه.

_ (1) هو وَضَّاح بن عبد الله. [497] سنده ضعيف؛ مغيرة بن مقسم الضبِّي تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن إلا أنه يدلس ولا سيما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه بالعنعنة. وقد رُوي عن إبراهيم خلاف ذلك؛ قال السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 183) : وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم أنه كان يقرؤها: {والله أعلم بما وضعت} بنصب العين. اهـ. والقراءة برفع التاء ذكرها الثعلبي في "الكشف والبيان" (3 / ل 39 / ب) تعليقًا عن إبراهيم النخعي. (2) أي حميد بن أبي حميد الطويل. (3) قوله تعالى: {يا زكريا} ليس في سورة آل عمران، وإنما في سورة مريم آية (7) ، والذي في آل عمران: {زكريا} ليست فيه ياء النداء. [498] سنده صحيح. قال الثعلبي في "الكشف والبيان" (3 / ل 42 / أ) : ((زكريا ... فيه لغتان: زكريا مقصور، وهي قراءة ابن مسعود والسُّلمي وحميد والأعمش وحمزة والكسائي وخلف وحفص، وزكريآ بالمدّ، وهي قراءة الباقين)) . اهـ.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ} ] 499 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ} -، قَالَ: كَانَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَقُولُ لِلْغُلَامِ فِي الكُتَّاب: إِنَّ أهلك قد خَبَّأوا لَكَ كَذَا وَكَذَا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَمَا تَدَّخِرُونَ} .

_ [499] سنده صحيح إلى سعيد، لكن لم يذكر سعيد مصدره الذي تلقّى ذلك منه، وقد يكون من الإسرائيليات التي يستفاد منها في توضيح بعض الآيات كما هنا، لكن لا يجزم المسلم بتصديقها ولا بتكذيبها. وذكر السيوطي هذا الأثر في "الدر المنثور" (2 / 221) وعزاه للمصنِّف وابن جرير وابن أبي حاتم. وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (6 / 433 رقم 7101 و 7102) من طريق يعقوب بن إبراهيم والحسين بن داود، كلاهما عن هشيم، به، ولفظ الحسين نحوه، إلا أنه قال: ((كذا وكذا من الطعام فتطعمني منه)) ، وأما يعقوب فلفظه: ((كان عيسى بن مريم إذ كان في الكتاب يخبرهم بما يأكلون في بيوتهم وما يدّخرون)) . وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (ص285 - 286 رقم 606) من طريق أبي عَوَانَةَ، عَنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَالِمٍ، به نحوه، وفيه الزيادة التي ذكرها الحسين عند ابن جرير.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنْ الْمُمْتَرِينَ (60) فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} ] 500 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا مُغِيرَةُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: لَمَّا عَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المُلاعَنَةَ عَلَى أَهْلِ نَجْرَانَ، قَبِل ذَلِكَ منه السَّيِّد والعَاقِبُ (1) ، فَرَجَعَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ كَانَ نَجِيبًا، فَقَالَ لَهُمَا: مَا صَنَعْتُمَا شَيْئًا، وَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ نَبِيًّا، لَا يَعْصِيهِ اللَّهُ فِيكُمْ، وَإِنْ كان مَلِكًا لَيَسْتَبِدَّنَّكم،

_ (1) السَّيِّد اسمه: أَيْهَم، والعَاقِبُ اسمه: عبد المسيح، وقصة قدومهما عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - كما هنا، وفيها أنهما لم يقبلا الإسلام، ثم إنهما رجعا بعد ذلك إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، فأسلما، وأنزلهما دار أبي أيوب الأنصاري. انظر "الإصابة" لابن حجر (3 / 236 - 237) . [500] سنده ضعيف لإرساله، ومغيرة تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه مدلس، ولم يصرح بالسماع هنا، لكن شعبة ممن روى عنه هذا الحديث كما سيأتي، وهو لا يروي عن شيوخه المدلسين إلا ما هو مسموع لهم كما قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (4 / 38) وذكر نحو هذا في "الفتح" أيضًا (4 / 194) و (10 / 166) و (11 / 146 و 197 و 211 و 241 و 262 و 546) و (12 / 217) ، وانظر "توجيه القارئ" لحافظ الزاهدي (ص262) . ومما يدل على هذا ما رواه أبو نعيم في "الحلية" (7 / 151) عن شعبة أنه قال: ((ما سمعت من رجل حديثًا حتى قال للذي فوقه سمعته منه، إلا حديثًا واحدًا)) . قلت: وهذا الحديث يدل على أن شعبة إذا حدث عن المدلس بما لم يصرح فيه بالسماع بيّنه؛ وذلك أنه روى عن قتادة قال: قال أنس: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((سَوُّوا صفوفكم، فإن تسوية الصف من تمام الصلاة)) ، قال شعبة: ((لم أداهن إلا في هذا الحديث، لم أسأل قتادة سمعه أم لا؟ كرهت أن يفسد عليّ من جودة الحديث)) . اهـ. من "مسند أبي يعلى" (5 / 478) ، و"الحلية" (7 / 151) . وأصل القصة صحيح بغير هذا السياق كما سيأتي. =

فَقَالَا لَهُ: مَا تَرَى؟ قَالَ: أَرَى أَنْ تَغْدوا، فَإِنَّهُ يَغْدُو لِمِيعَادِكُمَا، فَإِذَا غَدَا عَلَيْكُمَا، فَإِنَّهُ سَيَعْرِضُ عَلَيْكُمَا الْمُلَاعَنَةَ، فَإِذَا عَرَضَ ذَلِكَ عَلَيْكُمَا، فَقُولَا لَهُ: نَعُوذُ بالله. وغديا، وَغَدَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَ بِيَدِ حَسَنٍ، وَحُسَيْنٍ يَتْبَعُهُ، وَفَاطِمَةُ تَمْشِي مِنْ خَلْفِهِ، فَقَالَ لَهُمَا: ((هَلْ لَكُمَا فِي الْأَمْرِ الَّذِي انْطَلَقْتُمَا عَلَيْهِ مِنَ الْمُلَاعَنَةِ؟)) فَقَالَا: نَعُوذُ بِاللَّهِ، قَالَ: فَرَدَّدَ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا، فَقَالَا: نَعُوذُ بِاللَّهِ - مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا - فَقَالَ لَهُمَا: (( (هَلْ لَكُمَا فِي الْإِسْلَامِ أَنْ تُسْلِمَا، وَيَكُونَ لَكُمَا مَا لِلْمُسْلِمِينَ وَعَلَيْكُمَا مَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ؟)) فَلَمْ يَقْبَلَا ذَلِكَ وَكَرِهَاهُ، فَقَالَ لَهُمَا: ((هَلْ لَكُمَا فِي الجِزْيَةِ تُؤَدِّيَانها وَأَنْتُمْ صَاغِرُونَ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ؟)) فَقَبِلَا ذَلِكَ، وَقَالَا: لَا طَاقَةَ لَنَا بحرب العرب.

_ = = والحديث من رواية الشعبي ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 232) وعزاه للمصنف وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وأبي نعيم. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (14 / 549 رقم 18860) من طريق جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قال: لما أراد رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - أن يلاعن أهل نجران، قبلو الجزية أن يعطوها، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((لقد أتاني البشيرُ بِهَلَكَةِ أهل نجران لَوْتَمُّوا على الملاعنة، حتى الطير على الشجر، أو العصفور على الشجر)) ، ولما غدا إليهم رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَخَذَ بِيَدِ حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ، وكانت فاطمة تمشي خلفه. وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا (12 / 98 رقم 12233) من طريق جرير، به مختصرًا بلفظ: ((لما أراد رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - أن يلاعن أهل نجران، أخذ بيد الحسن والحسين، وكانت فاطمة تمشي خلفه)) . وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (6 / 468 و 478 - 479 رقم 7160 و 7180) من طريق جرير أيضًا، عن مغيرة، به بطوله بلفظ قريب مما ذكر المؤلف، وفيه زيادة. وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (ص310 رقم 678) من طريق شعبة، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: لما نزلت: {فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ} أخذ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - الحسن والحسين، ثم انطلق.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وقد روي الحديث موصولاً. فأخرجه ابن مردويه في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" (1 / 370 - 371) . والحاكم في "المستدرك" (2 / 593 - 594) . وأبو نعيم في "دلائل النبوة" (2 / 456 - 457 رقم 244) . والواحدي في "أسباب النزول" (ص99 - 100) . أما الحاكم فمن طريق علي بن مسهر، وأما الباقون فمن طريق محمد بن دينار، كلاهما عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عن الشعبي، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، به، بذكر قصة الملاعنة، ولم يذكر آخر الحديث من قوله: ((هل لكما في الإسلام ... )) إلخ. ورجح الحافظ ابن كثير في الموضع السابق الرواية المرسلة، فقال: ((قد رواه أبو داود الطيالسي، عن شعبة، عن المغيرة، عن الشعبي، مرسلاً، وهذا أصح)) . قلت: الحديث الموصول ضعيف جدًّا من كلا الطريقين. أما طريق ابن مردويه وأبي نعيم والواحدي فالراوي لها عن محمد بن دينار عندهم هو بشر - ويقال: بشير - ابن مَهْران الحَذَّاء الخَصَّاف، قال ابن أبي حاتم: ((روى عن شريك بن عبد الله، سمع منه أبي أيام الأنصاري، وترك حديثه، وأمرني أن لا أقرأ عليه حديثه)) ، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ((روى عنه البصريون الغرائب)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (2 / 379 رقم 1476) ، و"الثقات" لابن حبان (8 / 140) ، و"لسان الميزان" (2 / 34 رقم 118) . وأما الحاكم، فإنه ورى الحديث عن شيخه علي بن عيسى، عن أحمد بن محمد الأزهري، عن علي بن حجر، عن علي بن مسهر، به. وشيخ الحاكم علي بن عيسى الحيري لم أجد من ترجم له. وأحمد بن محمد بن الأَزْهر بن حُرَيث السِّجِسْتَاني، أبو العباس الأزهري يروي عن علي بن حجر وغيره، روى عنه ابن حبان وغيره، والأزهري هذا ضعيف جدًّا؛ ذكره ابن حبان في "المجروحين" (1 / 163 - 165) وقال: ((كان ممن يتعاطى حفظ الحديث ويجري مع أهل الصناعة فيه، ولا يكاد يذكر له باب إلا وأغرب فيه عن الثقات، ويأتي فيه عن الأثبات بما لا يتابع عليه، ذاكرته بأشياء كثيرة فأغرب عليّ فيها في أحاديث الثقات، فطالبته على الانبساط، فأخرج إليّ أصول أحاديث، منها ... )) ثم ذكر أحاديث من الأحاديث التي أغرب =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ المُؤْمِنِينَ} ] 501 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الْأَحْوَصِ (1) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ (أَبِي) (2) الضُّحَى، (عَنْ مَسْرُوقٍ) (3) ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ وُلاةً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِنَّ وَلِيِّي مِنْهُمْ: أَبِي وَخَلِيلُ رَبِّي)) ، ثُمَّ قَرَأَ: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ} .

_ = فيها، وذكر مناقشته له في بيان ما فيها من الخطأ، ثم قال ابن حبان: ((فكأنه كان يعملها في صِبَاه)) ، وانظر "لسان الميزان" (1 / 253 - 254 رقم 795) . وأصل الحديث في "الصحيحين". فأخرجه البخاري في "صحيحه" (8 / 93 - 94 رقم 4380) في المغازي، باب قصة أهل نجران. ومسلم في "صحيحه" (4 / 1882 رقم 55) في فضائل الصحابة، باب فضل أبي عبيدة - رضي الله عنه -. كلاهما من طريق صِلَة بن زُفَر، عن حذيفة - رضي الله عنه - قال: جاء العاقب والسَّيِّد صاحبا نجران إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - يريدان أن يلاعناه. قال: فقال أحدهما لصاحبه: لا تفعل، فو الله لئن كان نبيًا فلاعننا لا نفلح نحن ولا عقبنا من بعدنا. قالا: إنا نعطيك ما سألتنا، وابعث معنا رجلاً أمينًا، ولا تبعث معنا إلا أمينا. فقال: ((لأبعثنّ معكم رجلاً أمينًا حق أمين)) ، فاستشرف له أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -، فقال: ((قم يا أبا عبيدة بن الجراح، فلما قام قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((هذا أمين هذه الأمة)) . اهـ. واللفظ للبخاري. (1) هو سَلاَّم بن سُلَيم. (2) ما بين القوسين ليس في الأصل، فأثبته من "تفسير ابن كثير" (1 / 372) ، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = حيث نقل الحديث عن المصنف. [501] سنده صحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 238) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد والترمذي وابن جرير وابنالمنذر وابن أبي حاتم والحاكم. وقد ذكره ابن كثير في "تفسيره" (1 / 372) نقلاً عن المصنف، فقال: قال سعيد بن منصور: حدثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مسروق، عن ابن مسعود - رضي الله عنه -، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - قال: ((لكل بني ولاة من النبيين، وَإِنَّ وَلِيِّي مِنْهُمْ: أَبِي وَخَلِيلُ ربي عز وجل)) ، ثُمَّ قَرَأَ: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بإبراهيم للذين اتبعوه} الآية. اهـ. وروى الحديث سفيان الثوري، عن أبيه سعيد بن مسروق، واختلف على سفيان. فرواه أبو أحمد الزبيري ومحمد بن عبيد الطنافسي والواقدي وروح بن عبادة، عن سفيان، عن أبيه، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عن ابن مسعود، به. وخالفهم عبد الرحمن بن مهدي ويحيى القطان ووكيع وأبو نعيم، فرووه عن سفيان، عن أبيه، عن أبي الضحى، عن ابن مسعود، ليس فيه ذكر لمسروق. أما حديث أبي أحمد الزبيري، فأخرجه: الترمذي في "سننه" (8 / 344 رقم 4079) في تفسير سورة آل عمران من كتاب التفسير. والبزار في "مسنده" كما في "تفسير ابن كثير" (1 / 372) . وابن جرير في "تفسيره" (6 / 498 رقم 7216) . والطحاوي في "مشكل الآثار" (1 / 444) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (ص327 رقم 731) ، وفي "العلل" (2 / 63 رقم 1677) . جميعهم من طريق أبي أحمد، عن سفيان، عن أبيه، عن أبي الضحى، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = عن مسروق، عن عبد الله، به مثل لفظ المصنف الذي ساقه ابن كثير. وأما حديث محمد بن عبيد الطنافسي، فأخرجه الحاكم في "المستدرك" (2 / 292) من طريقه، عن سفيان، به نحو سابقه. قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي. وأما حديث الواقدي، فأخرجه الحاكم أيضًا (2 / 553) عنه، عن الثوري، به مثل حديث أبي أحمد. ساق الحاكم هذا الحديث عقب ذكره له من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين عن سفيان ولم يذكر مسروقًا في سنده، ثم قال الحاكم: ((حديث أبي نعيم إذا جمع بينه وبين حديث الواقدي صح، فإنه لابد من مسروق)) . وأما حديث رَوْح بن عبادة، فأخرجه ابن أبي حاتم في "العلل" (2 / 63 رقم 1677) من طريقه، عن سفيان، به نحوه. وأما حديث عبد الرحمن بن مهدي، فأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 429 - 430) . وابن أبي حاتم في الموضع السابق من "تفسيره". كلاهما عنه، عن سفيان، عن أبيه، عن أبي الضحى، عن ابن مسعود، به مثل لفظ المصنف الذي ساقه ابن كثير، لكن ليس فيه ذكر لمسروق. وأما حديث يحيى بن سعيد القطان فأخرجه الإمام أحمد مقرونًا بحديث عبد الرحمن السابق. وأما حديث وكيع، فأخرجه: الإمام أحمد في "المسند" (1 / 400 - 401) . والترمذي في الموضع السابق برقم (4081) . وابن أبي حاتم في الموضع السابق. ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول" (ص103 - 104) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ثلاثتهم من طريق وكيع، عن سفيان، عن أبيه، عن أبي الضحى، عن ابن مسعود، به مثل سابقه، إلا أن لفظ الإمام أحمد نحوه، ولم يذكر الآية. وأما حديث أبي نعيم، فأخرجه: الترمذي في الموضع السابق برقم (4080) . وابن جرير في "تفسيره" (6 / 499 رقم 7217) . والحاكم في "المستدرك" (2 / 553) . ثلاثتهم من طريقه، عن سفيان، به مثل حديث عبد الرحمن بن مهدي، إلا أن رواية ابن جرير فيها الشك في رفع الحديث؛ حيث جاء فيها: ((أراه قال: عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -)) . قال الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - في حاشيته على "تفسير ابن جرير الطبري": ((وهذا الشك لعله من ابن المثنى شيخ الطبري، أو من الطبري نفسه؛ لأن رواية الترمذي من طريق أبي نعيم ليس فيها الشك في رفعه)) . وأما رواية الحاكم فجاءت موصولة على الشك، هكذا: ((عن أبي الضحى، أظنه عن مسروق، عن عبد الله ... )) . قال الذهبي في "تلخيصه": ((الواقدي، حدثني الثوري، فذكره ولم يشك في سنده)) وهذا الشك لعله ممن دون أبي نعيم، إما شيخ الحاكم أبو عبد الله الصفار، أو شيخه الراوي عن أبي نعيم: أحمد بن محمد بن عيسى القاضي. فالعمدة على رواية الترمذي السالمة من الشك، والموافقة لرواية ابن مهدي والقطان ووكيع. وقد رجح الترمذي رواية من رواه عن أبي الضحى، عن ابن مسعود بحذف مسروق من سنده، فقال عقب ذكره لرواية أبي نعيم هذه: ((هذا أصح من حديث أبي الضحى، عن مسروق، وأبو الضحى اسمه: مسلم بن صُبَيْح)) . اهـ. وهذا ما رجحه أبو زرعة وأبو حاتم، ففي "العلل" لابن أبي حاتم (2 / 63 رقم 1677) قال: ((سألت أبي وأبا زرعة عن حيث رواه أبو أحمد الزبيري =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وروح بن عبادة، عن سفيان ... )) ، ثم ذكر الحديث، ثم قال: ((فقالا [يعني أباه وأبا زرعة] : هذا خطأ، رواه المتقنون من أصحاب الثوري عن الثوري، عن أبيه، عن أبي الضحى، عن عبد الله، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، بلا مسروق)) . اهـ. وثَمَّة اختلاف آخر، لكن على وكيع، فإن ابن كثير في "تفسيره" (1 / 372) ذكر الاختلاف على سفيان في هذا الحديث، ثم ذكر كلام الترمذي وإخراجه الحديث من طريق وكيع، ثم قال: ((لكن رواه وكيع في "تفسيره"، فقال: حدثنا سفيان، عن أبيه، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الله بن مسعود ... )) الحديث. وذكر هذا الاختلاف مع وكيع الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - في حاشيته على الموضع السابق من "تفسير ابن جرير"، ثم قال: ((وأنا أرجح أن هذا خطأ من بعض ناسخي تفسير وكيع؛ ترجيحًا لرواية أحمد عن وكيع، والترمذي من طريق وكيع، وفيهما: عن أبي الضحى)) . اهـ. ثم مال الشيخ أحمد شاكر إلى تجريح الرواية الموصولة، فقال بعد أن صحح سندها: ((هكذا رُوي هذا الحديث في الدواوين بالوجهين: متصلاً ومنقطعًا، والوصل زيادة ثقة، فهي مقبولة ... )) ، ثم ذكر رواية أبي أحمد، ثم قال: ((ولم ينفرد أبو أحمد الزبيري بوصلة بذكر مسروق في إسناده، تابعه على ذلك راويان ثقتان ... )) ، ثم ذكر الحديث من طريق محمد بن عبيد الطنافسي، ومن طريق المصنف نقلاً عن ابن كثير، ثم قال: ((فهذا يرجح رواية من رواه عن سفيان موصولاً على رواية من رواه عنه منقطعًا، فإذا اختلفت الرواية على سفيان بين الوصل والانقطاع، فلم تختلف على أبي الأحوص، بل الظاهر عندي أن هذا ليس اختلافًا على سفيان، وأن سفيان هو الذي كان يصله مرة ويقطعه مرة، ومثل هذا في الأسانيد كثير)) . اهـ. وهو كلام متين يوضح وجه الحق في هذا الاختلاف، والله أعلم.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} ] 502 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا (خَالِدُ) (1) بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حُصَين (2) ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ (3) - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ} -، قَالَ: قَالَتِ الْيَهُودُ: آمِنُوا مَعَهُمْ بِمَا يَقُولُونَ أَوَّلَ النَّهَارِ، وَارْتَدُّوا آخره لعلهم يرجعون معكم.

_ (1) ما بين القوسين سقط من الأصل، فاستدركته من الموضع الآتي من "تفسير الطبري"، فخالد بن عبد الله يروي المصنف بواسطته عن حصين، انظر مثلاً الحديث رقم [56] . (2) هو ابن عبد الرحمن السلمي، ثقة تغير حفظه في الآخر، لكن رواية خالد بن عبد الله الطحان عنه قبل الاختلاط كما في الحديث [56] . (3) هو غَزْوان الغِفَاري. [502] سنده ضعيف لإرساله، فأبو مالك تابعي كما في "التهذيب" (8 / 245) ، وهو صحيح إلى مُرْسِله أبي مالك. وذكره السيوطي في "الدر" (2 / 240) وعزاه للمصنف وابن جرير وابن المنذر. وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (6 / 507 رقم 7232) من طريق معلى بن أسد، عن خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حصين، به نحوه. وأخرجه الطبري أيضًا برقم (7243) من طريق عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن حصين، به نحوه، وزاد: فاطلع الله على سِرِّهم، فأنزل الله عز وجل: {وقالت طائفة ... } الآية. وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (ص337 و 341 رقم 765 و 766 و 782) ، من طريق السدي، عن أبي مالك، به نحوه بلفظ أتمّ منه.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} ] 503 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيق، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ (1) ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَاجِرَةٍ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبان)) . فَقَالَ الْأَشَعْثُ (2) : فيَّ وَاللَّهِ كَانَ ذَلِكَ، بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ أَرْضٌ، فَجَحَدَني، فَقَدَّمْتُه إِلَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((ألَك بيّنة؟)) قلت: لا،

_ (1) أي ابن مسعود. (2) هو الأشعث بن قيس بن معدي كَرب الكندي، أبو محمد، صحابي نزل الكوفة، وكان وفد عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - بسبعين رجلاً من كندة، ومات في آخر سنة أربعين للهجرة. "الجرح والتعديل" (2 / 376 - 377 رقم 994) ، و"التهذيب" (1 / 359 رقم 653) ، و"التقريب" (ص113 رقم 532) . [503] سنده صحيح على شرط الشيخين وقد أخرجاه. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 244 - 245) وعزاه للمصنِّف وعبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن جرير، وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في "الشعب". وللحديث عن ابن مسعود ثلاث طرق: (1) طريق شقيق، وله عنه ست طرق: أ- طريق الأعمش.

فَقَالَ لِلْيَهُودِيِّ: ((احْلِفْ)) ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذًا يَحْلِفَ فَيَذْهَبَ بِمَالِي، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا ... } إلى آخر الآية.

_ = أخرجه المصنف هنا من طريق أبي معاوية محمد بن خازم عنه. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (6 / 219 - 220 رقم 871) . والإمام أحمد في "المسند" (1 / 379 و 426) و (5 / 211) . والبخاري في "صحيحه" (5 / 73 رقم 2416 و 2417) في الخصومات، باب كلام الخصوم بعضهم في بعض (5 / 279 رقم 2666 و 2667) في الشهادات، باب سؤال الحاكم المدّعي: هل لك بينة؟ قبل اليمين. ومسلم في "صحيحه" (1 / 122 - 123 رقم 220) في الإيمان، باب وعيد من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة بالنار. وأبو داود في "سننه" (3 / 565 رقم 3243) في الأيمان والنذور، باب التغليظ في الأيمان الفاجرة. والترمذي في "سننه" (4 / 487 - 488 رقم 1287) في البيوع، باب ما جاء في اليمين الفاجرة يقتطع بها مال المسلم، و (8 / 345 - 346 رقم 4082) في تفسير سورة آل عمران من كتاب التفسير. وابن ماجه في "سننه" (2 / 778 رقم 2322 و 2323) في الأحكام، باب البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه، وباب مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَاجِرَةٍ ليقتطع بها مالاً. وأبو يعلى في "مسنده" (9 / 125 رقم 5197) . ومن طريقه ابن حبان في "صحيحه" (7 / 271 - 272 رقم 5063 / الإحسان بتحقيق الحوت) . وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (6 / 529 رقم 7279) . وابن منده في "كتاب الإيمان" (2 / 603 - 604 رقم 566) .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = والواحدي في "أسباب النزول" (ص105) . جميعهم من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، به نحوه. وأخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده" (ص141 رقم 1050) . ومن طريقه وطريق آخر أخرجه ابن منده في "الإيمان" (2 / 602 رقم 564) . وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (5 / 212) . والبخاري في "صحيحه" (5 / 286 - 287 رقم 2766 و 2677) في الشهادات، باب قول الله تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ الله وأيمانهم ثمنًا قليلا ... } ، و (11 / 544 رقم 6659 و 6660) في الأيمان والنذور، باب عهد الله عز وجل. وأبو عوانة في "مسنده" (1 / 39) . والطبراني في "المعجم الكبير" (1 / 205 رقم 641) . والبيهقي في "سننه" (10 / 44 - 45) في الأيمان، باب من قال: عليّ عهد الله، يريد به يمينًا، وفي "شعب الإيمان" (9 / 134 رقم 4497) . جميعهم من طريق شعبة، عن الأعمش، به نحوه، إلا أن قصة الأشعث فيه مختصرة، ولم يذكرها أبو عوانة، وأما الطبراني فلم يذكر حديث ابن مسعود. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (7 / 1 - 2 رقم 2183) . ومن طريقه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (4 / 383 رقم 2426) . والطبراني في الموضع السابق برقم (642) . وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 442) و (5 / 211 - 212) . ومسلم في الموضع السابق من "صحيحه". وابن ماجه في الموضع السابق من "سننه". وأبو عوانة في "مسنده" (1 / 38 - 39) . وابن منده في "الإيمان" (2 / 603 رقم 566) . والبيهقي في "سننه" (10 / 178) في الشهادات، باب التشديد في اليمين الفاجرة، وفي "شعب الإيمان" (9 / 131 - 132 رقم 4496) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = جميعهم من طريق وكيع، عن الأعمش، به نحوه. وأخرجه البخاري في "صحيحه" (8 / 212 - 213 رقم 4549 و 4550) في التفسير، باب: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وإيمانهم ثمنًا قليلا ... } ، و (11 / 558 رقم 6676 و 6677) في الأيمان والنذور، باب قول الله تعالى: {إن الذين يشترون ... } . والطبراني برقم (640) . وابن منده برقم (563) . والبيهقي في "سننه" (10 / 253) في الدعوى والبينات، باب البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه. جميعهم من طريق أبي عوانة، عن الأعمش، به نحوه، إلا أن الطبراني لم يذكر حديث ابن مسعود. وأخرجه البخاري في "صحيحه" (13 / 177 - 178 رقم 7183 و 7184) في الأحكام، باب الحكم في البئر وغيرها. وابن منده في الموضع السابق برقم (565) . والواحدي في "أسباب النزول" (ص106) . ثلاثتهم من طريق عبد الرزاق، عن سفيان الثوري، عن الأعمش، به نحوه، إلا أن ابن منده لم يذكر حديث ابن مسعود. وأخرجه البخاري أيضًا (5 / 33 رقم 2356 و 2357) في المساقاة، باب الخصومة في البئر. وابن منده برقم (569) . كلاهما من طريق أبي حمزة السكّري، عن الأعمش، به نحوه. وأخرجه البخاري أيضًا (5 / 284 رقم 2673) في الشهادات، باب يحلف المدعى عليه حيثما وجبت عليه اليمين، من طريق عبد الواحد بن زياد، عن الأعمش، به بذكر حديث ابن مسعود فقط. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأخرجه النسائي في "التفسير" (1 / 210 - 211 و 299 رقم 32 و 82) من طريق يحيى بن زكريا، عن الأعمش، به نحوه. وأخرجه أبو عوانة (1 / 39) . وابن منده برقم (562) . والبيهقي (10 / 178) . ثلاثتهم من طريق عبد الله بن نمير، عن الأعمش، به بذكر حديث ابن مسعود فقط. وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" (7 / 269 - 270 رقم 5061 / الإحسان بتحقيق الحوت) من طريق زيد بن أبي أنيسة، عن سليمان الأعمش، به نحوه. وأخرجه ابن منده في "الإيمان" (2 / 604 رقم 567 و 568) من طريق عَبْثَر بن القاسم وحفص بن غياث، كلاهما عن الأعمش، به نحوه، إلا أنه لم يذكر حديث الأشعث في رواية حفص بن غياث. وأخرجه الواحدي في "أسباب النزول" (ص105 - 106) ت من طريق صالح بن عمر، عن الأعمش، به نحوه. ب- طريق منصور بن المعتمر، عن شقيق. أخرجه البخاري في "صحيحه" (5 / 145 و 280 رقم 2515 و 2516 و 2669 و 2670) في الرهن، باب إذا اختلف الراهن والمرتهن ونحوه، فالبينة على المدعي واليمين على المدعى عليه في الأموال والحدود. ومسلم في الموضع السابق من "صحيحه" رقم (221) . وابن جرير في "تفسيره" (6 / 532 رقم 7282) . وابن منده في "الإيمان" (2 / 606 رقم 571) . والبيهقي في "سننه" (10 / 253) . جميعهم من طريق جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وائل شقيق بن سلمة قال: قال عبد الله - رضي الله عنه -: من حلف على يمين يستحق بها مالاً وهو فيها فاجر =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = = لقي الله وهو عليه غضان، ثم أنزل الله تصديق ذلك: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وأيمانهم ثمنًا قليلا - فقرأ إلى: - عذاب أليم} ، ثم إن الأشعث بن قيس خرج إلينا، فقال: ما يحدثكم أبو عبد الرحمن؟ ... ، وذكر الحديث بنحوه، واللفظ للبخاري. وأخرجه البخاري في "صحيحه" (11 / 544 رقم 6659) في الأيمان والنذور، باب عهد الله عز وجل. وابن منده في "الإيمان" (2 / 602 و 605 رقم 564 و 570) . كلاهما من طريق شعبة، عن منصور، به نحوه، إلا أن البخاري لم يذكر حديث الأشعث. وأخرجه البخاري أيضًا (13 / 177 - 178 رقم 7183 و 7184) في الأحكام، باب الحكم في البئر ونحوها. والواحدي في "أسباب النزول" (ص106) . كلاهما من طريق عبد الرزاق، عن سفيان الثوري، عن منصور، به نحوه. وأخرجه الطيالسي في "مسنده" (ص35 و 141 رقم 262 و 1051) . والإمام أحمد في "المسند" (5 / 211) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (ص354 رقم 822) . أما الطيالسي فمن طريق ورقاء، وأما الإمام أحمد فمن طريق زياد بن عبد الله البكائي، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق عمار بن محمد، ثلاثتهم عن منصور، به مثل رواية جرير عن منصور، بجعل حديث ابن مسعود من قوله. جـ، د: طريقا جامع بن أبي راشد وعبد الملك بن أعين، عن أبي وائل شقيق بن سلمة، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -: ((من اقتطع مال امرئ مسلم بيمين كاذبة لقي الله وهو عليه غضبان)) ، قال عبد الله: ثم قرأ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - مصداقه من كتاب الله تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ الله وأيمانهم ... } الآية. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = أخرجه الحميدي في "مسنده" (1 / 53 رقم 95) ، عن شيخه سفيان بن عيينة، عن عبد الملك وجامع، به. ومن طريق الحميدي أخرجه: البخاري في "صحيحه" (13 / 423 رقم 7445) في التوحيد، باب قول الله تعالى: {وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة} . وابن منده في "الإيمان" (2 / 606 رقم 572) . والبيهقي في "سننه" (10 / 178) . وأخرجه مسلم في الموضع السابق من "صحيحه" برقم (222) . وابن منده مقرونًا بالرواية السابقة. كلاهما من طريق محمد بن يحيى بن أبي عمر، عن سفيان، به نحو اللفظ السابق. وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 124) . والنسائي في "تفسيره" (1 / 301 رقم 83) . وابن منده في "الإيمان" (2 / 607 رقم 573 و 574) . ثلاثتهم من طريق سفيان، عن عبد الملك وحده، به، ولفظ عبد الرزاق نحوه، إلا أنه لم يذكر قوله: ثم قرأ علينا ... إلخ. وأما النسائي وابن منده، فلفظهما: قال ابن مسعود: نزلت هذه الآية: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وأيمانهم ثمنًا قليلاً} إلى آخر الآية، ثم لم ينسخها شيء، فمن اقتطع مال امرئ مسلم بيمينه فهو من أهل هذه الآية. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (7 / 3 رقم 2186) . والإمام أحمد في "المسند" (1 / 377) . كلاهما من طريق سفيان بن عيينة، عَنْ جَامِعِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ وحده، به نحوه، إلا أن ابن أبي شيبة لم يذكر قوله: ثم قرأ علينا ... إلخ. هـ- طريق مسلم البَطِين، عن أبي وائل شقيق بن سلمة. أخرجه النسائي وابن منده مقرونًا بطريق عبد الملك بن أعين السابق. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (10 / 254 رقم 10478) من طريق مسلم وحده، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = عن أبي وائل، به مثل لفظ النسائي وابن منده. و طريق بن أبي النَّجود عن أبي وائل. أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 460) . وأبو يعلى في "مسنده" (9 / 50 - 51 رقم 5114) . أما الإمام أحمد فمن طريق أبي بكر بن عياش، وأما أبو يعلى فمن طريق حماد بن زيد، كلاهما عن عاصم، به نحو لفظ المصنف، إلا أن فيه زيادة. ثم أخرجه الإمام أحمد (5 / 212) ولم يذكر الزيادة. وأخرجه أيضًا (1 / 416) ، إلا أنه لم يذكر حديث الأشعث. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (1 / 206 رقم 643) من طريق المسعودي، عن عاصم، به نحوه، إلا أنه لم يذكر حديث ابن مسعود. (2) طريق مَسْرُوقٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ((مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَاجِرَةٍ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، لقي الله وهو عليه غضبان)) . أخرجه الطبراني في "الكبير" (10 / 194 رقم 10307) . (3) طريق أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((مَنْ حَلَفَ على يمين صبر كاذبًا ليقتطع بها مال أخيه، لقي الله وهو عليه غضبان، وذلك بأن الله يقول: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وأيمانهم ثمنًا قليلاً ... } إلى آخر الآية. أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (7 / 271 رقم 5062) من طريق حماد بن زيد، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أبي الأحوص. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (10 / 132 رقم 10113) ، وفي "الصغير" (1 / 122) ، من طريق يزيد بن إبراهيم التستري، عن أيوب السختياني، عن حميد بن هلال، عن أبي الأحوص، به نحوه. ثم قال الطبراني في "الكبير": ((رفعه يزيد بن إبراهيم، ولم يرفعه حماد بن زيد)) ، ثم أخرجه برقم (10114) من طريق حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، به موقوفًا على ابن مسعود.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ} ] 504 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرٌ (1) ، عَنْ مَنْصُورٍ (2) ، عَنْ أَبِي رَزِين (3) - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {كُونُوا (4) ربانيين} -، فقال: فقهاء علماء.

_ (1) هو ابن عبد الحميد. (2) هو ابن المعتمر. (3) هو مسعود بن مالك، أبو رَزِين الأسَدي، الكوفي، يروي عن معاذ بن جبل وابن مسعود وعلي بن أبي طالب وأبي هريرة وابن عباس وغيرهم - رضي الله عنهم -، روى عنه ابنه عبد الله وإسماعيل بن أبي خالد والأعمش ومنصور بن المعتمر وغيرهم وهو ثقة فاضل، روى له الجماعة إلا البخاري، ووثقه أبو زرعة والعجلي، وذكره ابن حبان في الثقات، وكانت وفاته سنة خمس وثمانين للهجرة. "الجرح والتعديل" (8 / 282 - 283 رقم 1295) ، و"التهذيب" (10 / 118 - 119 رقم 215) ، و"التقريب" (ص528 رقم 6612) . (4) في الأصل: ((كانوا)) . [504] سنده صحيح. وأخرجه الطبري في "تفسيره" (6 / 541 رقم 7304) من طريق جرير، به بلفظ: حكماء علماء. وكذا رواه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص78 رقم 151) عن منصور. ومن طريق سفيان أخرجه ابن جرير الطبري في الموضع السابق برقم (7301 و 7302) . وأخرجه الطبري أيضًا برقم (7303) من طريق عمرو بن أبي قيس الرازي، عن منصور، به مثل سابقه. وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 125) عن معمر، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ - =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ} ] 505 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، قَالَ: كَانَ طَاوُسٌ إِذَا سُئل عَنِ الرَّجُلِ يُفَضِّل بَعْضَ وَلَدِهِ، قَرَأَ: {أَفَحُكْمَ الجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ} (1) .

_ = في قوله تعالى: {كونوا ربانيين} - قال: حلماء علماء. كذا وقع في المطبوع من "تفسير عبد الرزاق"، وأظن: ((حلماء)) تصحفت عن: ((حكماء)) ، فإن ابن جرير أخرجه برقم (7310) من طريق عبد الرزاق هكذا: ((حكماء)) . (1) الآية (50) من سورة المائدة. والذي يظهر أن المصنف أورد هذا الأثر لمناسبته لتفسير قوله تعالى: {أفعير دين الله يبغون} ، وإلا فموضعه في سورة المائدة، وسيأتي هناك برقم [764] . [505] سنده ضعيف، فعبد الله بن أبي نجيح تقدم في الحديث [184] أنه ربما دلس، ولم يصرح هنا بالسماع. وسيعيده المصنف برقم [764] هكذا: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ طَاوُسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يُفَضِّلُ بَعْضَ وَلَدِهِ عَلَى بَعْضٍ، فَقْرَأَ: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يبغون} . وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (11 / 220 - 221 رقم 11039) من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن علية، عن ابن أبي نجيح، نحوه.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ} ] 506 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: (عَنْ سُفْيَانَ) (1) ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجيح، عَنْ عِكْرِمَةَ (2) قَالَ: لَمّا نَزَلت: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} ، قَالَتِ الْيَهُودُ: فَنَحْنُ مُسْلِمُونَ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَاخْصُمهم بِحُجَّتِهِم، وَقُلْ: ((إِنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ حَجَّ الْبَيْتِ، مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا، وَمَنْ كَفَرَ مِنْ أَهْلِ المِلَلِ، فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عن العالمين)) (3) .

_ (1) ما بين القوسين سقط من الأصل، فاستدركته من "سنن البيهقي" (4 / 324) حيث روى الحديث من طريق المصنف، ومن "تفسير ابن كثير" (1 / 386) حيث نقله عن المصنف. (2) في الأصل: (عن عكرمة، عن ابن أبي نجيح) ، ووضع عليهما حرف: ((م)) ؛ إشارة للتقديم والتأخير، وهو على الصواب في "سنن البيهقي". (3) الذي يلي هذا الحديث حسب ترتيب النسخة الخطية هو الحديث رقم [515] حتى الحديث رقم [517] ، ثم يليه الحديث رقم [507] حتى الحديث رقم [514] ، ثم يليه الحديث رقم [518] ، ثم يستمر الترتيب؛ وإنما قَدَّمْتُ الأحاديث من رقم [507] حتى رقم [514] عن موضعها؛ مراعاة لترتيب الآيات. [506] سنده ضعيف لإرساله، وابن أبي نجيح تقدم في الحديث [184] أنه ربما دلس، ولم يصرح بالسماع هنا، لكنه صرّح به في رواية الفاكهي الآتية، فالإسناد صحيح إلى مُرْسِله عكرمة. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 276) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في "سننه". ونقله ابن كثير في "تفسيره" (1 / 386) عن المصنف.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأخرجه البيهقي في "سننه" (4 / 324) في الحج، باب إثبات فرض الحج، من طريق المصنف، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دينًا فلن يقبل منه} ، قالت اليهود: فنحن مسلمون، قال اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَاخْصُمْهُمْ بِحُجَّتِهِمْ، يعني فقال لهم النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((إِنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ حَجَّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سبيلاً)) ، فقالوا: لم يكتب علينا، وأَبَوْا أن يَحُجُّوا. قال الله: {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عن العالمين} . قال عكرمة: وَمَنْ كَفَرَ مِنْ أَهْلِ الْمِلَلِ، فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ. وأخرجه الشافعي في "الأم" (2 / 93) . وابن أبي عمر العدني في "كتاب الإيمان" (ص76 رقم 9) . كلاهما عن شيخهما سفيان بن عيينة، به نحو سياق البيهقي. ومن طريق الشافعي أخرجه البيهقي في "المعرفة" (2 / ل 245) . وقد زاد ابن أبي عمر في الإسناد مجاهدًا بين ابن أبي نجيح وعكرمة. ورواه الفاكهي في "أخبار مكة" (1 / 374 رقم 784) من طريق محمد بن أبي عمر، قال: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، أنه سمع عكرمة يقول ... ، فذكره هكذا بإسقاط مجاهد، وتصريح ابن أبن نجيح بالسماع من عكرمة، فالذي يظهر أن هذا هو الصواب، وأن ما جاء في "كتاب الإيمان" لابن أبي عمر خطأ. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (6 / 571 رقم 7357 و 7358) من طريق القعنبي ويونس بن عبد الأعلى، كلاهما عن سفيان، به نحوه، ولفظ يونس أقرب إلى لفظ المصنف. وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (ص431 رقم 1044) من طريق محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ ويونس بن عبد الأعلى، كلاهما عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نجيح، عن عكرمة: {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عن العالمين} ، قال: من أهل الملل. وقد وقع في "تفسير ابن أبي حاتم": ((ابن جريج)) بدل: ((ابن أبي نجيح)) ، لكنه =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} ] 507 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} ، جَاءَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ بِفَرَسٍ يُقَالُ لَهُ: سَبَل، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((قَدْ قَبِلَهَا الله منك)) (1) .

_ = تصحيف، وقد جاء على الصواب في المخطوط (2 / ل 49 / ب) . وأخرجه ابن جرير برقم (7356) من طريق شبل، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ قَالَ: زعم عكرمة: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا} ، فقالت الملل: نحن المسلمون، فأنزل الله عز وجل: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ العالمين} ، فحج المسلمون وقعد الكفار. وأخرجه ابن جرير أيضًا (7 / 50 رقم 7518) . وابن أبي حاتم (ص382 رقم 913) . أما ابن جرير فمن طريق عيسى بن ميمون، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق ورقاء، كلاهما عن ابن أبي نجيح، به نحو سابقه. وأخرجه الفاكهي في "أخبار مكة" (1 / 373 رقم 783) من طريق ابن جريج، قال: بلغني عن عكرمة أنه قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فلن يقبل منه} ، قالت اليهود: فنحن على الإسلام، فماذا يبغي منا محمد؟ فأنزل الله عز وجل حجًا مفروضًا: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كفر ... } الآية، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((كتب عليكم الحج)) . وسنده ضعيف لإبهام الواسطة بين ابن جريج وعكرمة. (1) هذا الحديث وما بعده حتى الحديث رقم [514] موضعها في النسخة الخطية بعد الحديث الآتي برقم [517] ، فَقَدَّمْتُها في هذا الموضع مراعاة لترتيب الآيات، والذي في هذا الموضع هو الحديث رقم [515] وما بعده حتى =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = رقم [517] ، وانظر التعليق رقم (3) على الحديث السابق. [507] سنده ضعيف لإرساله، هو صحيح إلى مُرْسِلِه محمد بن المنكدر. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 260) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم. وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (ص394 رقم 949) من طريق محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ، عن سفيان، به نحوه. وروى الحديث مرسلاً أيضًا من طريق أيوب السختياني، وعمرو بن دينار وثابت بن الحجاج. أما حديث أيوب، فأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 126) قال: أنا معمر، عن أيوب وغيره أنه لَمَّا نَزَلَتْ: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حتى تنفقوا مما تحبون} جَاءَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ بِفَرَسٍ له كان يحبها، فقال: هذه في سبيل الله، فحمل النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عليها أسامة بن زيد، فكأن زيدًا وجد في نفسه، فلما رأى ذلك منه النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ((أما الله فقد قبلها)) . وهذا إسناد رجاله ثقات، إلا أنه ضعيف لإرساله. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (6 / 592 رقم 7398) من طريق عبد الرزاق. وأما حديث عمرو بن دينار، فأخرجه ابن جرير برقم (7397) من طريق عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن أبي حسين، عنه، به نحو لفظ المصنف، وزاد فيه ما جاء في حديث أيوب من حمل النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أسامة على هذا الفرس. وهذا إسناد ضعيف أيضًا لإرساله. وأما حديث ثابت بن حجاج، فذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 261) وعزاه لعبد بن حميد فقط، ولفظه: عن ثابت بن الحجاج قال: بلغني أنه لما نزلت هذه الآية: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مما تحبون} قال زيد: اللهم إنك تعلم أنه ليس لي مال أحب إلى من فرسي هذه، فتصدق بها على المساكين، فأقاموها تباع، وكانت تعجبه، فسأل النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فنهاه أن يشتريها. =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ} ] 508 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانة (1) ، عَنْ أَبِي بِشْر (2) ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهِك (3) ، أَنَّ أَعْرَابِيًّا قَالَ لَابْنِ عَبَّاسٍ: إِنِّي قُلْتُ لِامْرَأَتِي: هِيَ عَلَيَّ حَرَامٌ؟ قَالَ: فَإِنَّهَا لَيْسَتْ عَلَيْكَ بِحَرَامٍ، قَالَ: فَأَيْنَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ (4) حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ} ؟ قَالَ: هَلْ تَدْرِي مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: إِنَّ إِسْرَائِيلَ أَخَذَتْهُ الأَنْسَاءَ (5) ، فَأضْنَتْه، فَجَعَلَ للهِ عَلَيْهِ: إِنِ اللهُ عَافَاهُ: أَنْ لَا يَأْكُلَ عِرْقًا أَبَدًا، فَلِذَلِكَ (تَسُلُّ) (6) الْيَهُودُ العروق، ولا يأكلونها.

_ = وهذا إن صح سنده إلى ثابت بن الحجاج، فإنه ضعيف لإرساله أيضًا، فثابت بن الحجاج تابعي يروي عن زيد بن ثابت وأبي هريرة وعوف بن مالك، وقد ذكره ابن حبان في أتباع التابعين. انظر "التهذيب" (2 / 4 - 5 رقم 4) . وبكل حال فلا يستقيم ضعف الحديث بهذه المراسيل، لأنها مراسيل صغار التابعين، وعمرو بن دينار ومحمد بن المنكدر قد أخذا عن بعض الشيوخ مثل أبي صالح ذكوان السمان، فيحتمل أن يكون طريقهما واحدًا. انظر "التهذيب" (8 / 29) و (9 / 473) . وأما أيوب السختياني فهو من الرواة عن عمرو بن دينار كما في "التهذيب" (1 / 397 رقم 733) ، فقد يكون أخذ الحديث عنه. (1) هو وَضَّاح بن عبد الله. (2) هو جعفر بن إياس. (3) هو يوسف بن مَاهِك بن بُهْزَاد - بضم الموحدة وسكون الهاء، وبعدها =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = زاي -، الفارسي، المكي، روى عن أبيه وأبي هريرة وعائشة وابن عباس وغيرهم - رضي الله عنهم -، روى عنه عطاء بن أبي رباح وأيوب السِّخْتياني وحميد الطويل وأبو بشر جعفر بن إياس وغيرهم، وهو ثقة، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين والنسائي وابن خراش وزاد: ((عدل)) ، وقال ابن سعد: ((كان ثقة قليل الحديث)) وكانت وفاته سنة ثلاث ومائة، وقيل: عشر ومائة، وقيل غير ذلك. اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 229 رقم 961) ، و"التهذيب" (11 / 421 رقم 821) ، و"التقريب" (ص611 رقم 7878) . (4) في الأصل: ((كان الطعام حلاً)) . (5) الأَنْسَاء: جمع النَّسا - بالفتح، مقصور، على وزن عصا -، وهو عِرْق من الوَرك إلى الكعب، والأفصح أن يقال له: ((النَّسَا)) ، لا: ((عرق النَّسَا)) . انظر "لسان العرب" (15 / 321 - 322) . (6) في الأصل: ((تسلل)) . [508] سنده صحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 263) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن جرير. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (7 / 11 - 12 رقم 7405 و 7406) من طريق هشيم وشعبة، كلاهما عن أبي بشر، به نحوه، إلا أن شعبة لم يذكر قوله: ((فَلِذَلِكَ تَسُلُّ الْيَهُودُ الْعُرُوقَ وَلَا يأكلونها)) . وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 126) . ومن طريقه وطريق آخر أخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 8) في الضحايا، باب ما حُرِّم على بني إسرائيل، ثم ورد عليه النسخ بشريعة نبينا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. كلاهما من طريق سفيان الثوري، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أن إسرائيل أخذه عرق النساء، فكان يبيت وله زُقَاء، قال: فجعل إن شفاه الله أن لا يأكل لحمًا فيه عروق، قال: فحرَّمته =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (96) فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} ] 509 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانة (1) ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: بَكَّةُ مَوْضِعُ الْبَيْتِ، ومَكة سَائِرُ الْقَرْيَةِ. 510 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ الزَّنْجي، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجيح، عَنْ مُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ، قَالَا: مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ: الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ، وَمِنًى، وَعَرَفَةُ، وَالْمُزْدَلِفَةُ.

_ = اليهود، فنزلت: {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} ، أي: إن هذا كان قبل التوراة. قال عبد الرزاق: قال سفيان: له زُقَاء، قال: صياح. (1) هو وَضَّاح بن عبد الله. [509] سنده صحيح، ومغيرة تقدم في الحديث [54] أنه يدلس لا سيما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه ولم يصرح فيها بالسماع، لكن تقدم في الحديث [500] أن رواية شعبة عنه محمولة على الاتصال وإن لم يصرح مغيرة بالسماع، وقد روى شعبة عنه هذا الحديث كما سيأتي. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (7 / 24 رقم 7436) من طريق هشيم، عن مغيرة، به مثله، إلا أنه قال: ((ومكة ما سوى ذلك)) . وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (ص410 رقم 985) من طريق شعبة، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: بكة: البيت والمسجد. [510] سنده ضعيف؛ مسلم بن خالد الزنجي تقدم في الحديث [213] أنه صدوق كثير الأوهام، وابن أبي نجيح مدلس ولم يصرح بالسماع هنا فيما بينه وبين عطاء، وأما روايته عن مجاهد فصحيحة وإن لم يصرح بالسماع كما في الحديث [184] . وقد توبع مسلم بن خالد وابن أبي نجيح، فهو عن مجاهد صحيح، وعن عطاء حسن لغيره. =

511 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا، عَنْ سُفْيَانَ (1) ، عَنْ حَمَّادٍ (2) ، قَالَ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ: لِمَ سُمِّيت بَكَّة؟ قَالَ: لِأَنَّ الرِّجَالَ يَتَباكُّون (3) فِيهَا والنساءُ جميعًا.

_ = والحديث أخرجه المصنف هنا من طريق شيخه مسلم بن خالد. ومسلم أخرجه في "تفسيره" (ص70 رقم 135) عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد وعطاء، قَالَا فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} - قال: مسجد الحرام كله مقام إبراهيم، ومنى، وعرفة، ومزدلفة. وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 85) فقال: نا معمر، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مقام إبراهيم مصلى} - قال: مقامه: عرفة وجمع ومنى، ولا أعلمه إلا وقد ذكر مكة. وهذا إسناد صحيح. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (3 / 34 رقم 1994) . وأخرجه ابن جرير أيضًا (3 / 33 رقم 1991) من طريق سفيان بن عيينة، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} قال: الحج كله. وأخرجه أيضًا برقم (1993) من طريق عيسى بن ميمون، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عطاء بن أبي رباح: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} قال: لأني قد جعلته إمامًا، فمقامه: عرفة والمزدلفة والجمار. وهذا ضعيف لأن ابن أبي نجيح لم يصرح بالسماع كما سبق. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (1992) من طريق سفيان الثوري، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قال: الحج كله مقام إبراهيم. وهذا بمعنى رواية المصنف: لكن ابن جريج تقدم فقي الحديث [9] أنه يدلس، ولم يصرح بالسماع هنا، لن بانضمامه لرواية ابن أبي نجيح يكون حسنًا لغيره عن عطاء، وهو عن مجاهد صحيح لغيره، والله أعلم. (1) هو الثوري. (2) هو حماد بن أبي سليمان مسلم الأشعري، مولاهم، أبو إسماعيل الكوفي، روى عن أنس وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير وغيرهم، روى عنه ابنه إسماعيل =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وشعبة والثوري وغيرهم، وهو ثقة إمام مجتهد رمي بالإرجاء، وثقه ابن معين والنسائي ورمياه بالإرجاء، وقال العجلي: ((كوفي ثقة، وكان أفقه أصحاب إبراهيم)) ، وقال بقيّة: قلت لشعبة: لِمَ تروي عن حماد بن أبي سليمان وكان مرجئًا؟ قال: ((كان صدوق اللسان)) ، وقال شعبة أيضًا: ((حماد ومغيرة أحفظ من الحكم)) ، وقال عبد الله بن إدريس: ((ما سمعت الشيباني يذكر حمادًا إلا أثنى عليه)) ، وقال ابن مسهر عن أبي إسحاق الشيباني أنه قال: ((ما رأيت أحدًا أفقه من حماد)) ، قيل: ولا الشعبي؟ قال: ((ولا الشعبي)) ، وقال شعبة: سمعت الحكم يقول: ((ومن فيهم مثل حماد؟)) - يعني أهل الكوفة -، وكانت وفاته سنة عشرين ومائة، وقيل: سنة تسع عشرة ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 146 - 147 رقم 642) ، و"الكامل" لابن عدي (2 / 653 - 656) ، و"التهذيب" (3 / 16 - 18 رقم 15) ، و"الكاشف" (1 / 252 رقم 1230) . وقد تكلم بعضهم في حماد بن أبي سليمان، فقال الإمام أحمد: ((حماد مقاربُ الحديث، ما روى عنه سفيان وشعبة، ولكن حماد بن سلمة عنده عنه تخليط)) ، وفي رواية: ((أما روايات القدماء عن حماد فمقاربة؛ كشعبة وسفيان وهشام، وأما غيرهم فقد جاؤا عنه بأعاجيب)) . قال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (5 / 236) معلقًا على هذه العبارة: ((إنما التخليط فيها من سوء حفظ الراوي عنه)) . وكان قد قال (ص231) : ((العلامة الإمام، فقيه أهل العراق)) . وذكره في "ميزان الاعتدال" (1 / 595 رقم 2253) وقال: ((أحد أئمة الفقهاء ... ، تكلم فيه للإرجاء، ولولا ذكر ابن عدي له في "كامله" لما أوردته)) . اهـ. فهذان أمران مما يدفع بهما عن حماد، أحدهما: أن الضعف يكون في الراوي عنه، والثاني: أن جرح بعضهم له يحمل على تلبُّسه ببدعة الإرجاء. وقد يكون الجارح من المتشددين في الجرح كأبي حاتم، فإنه قال عن حماد هذا: ((هو صدوق، ولا يحتجّ بحديثه، هو مستقيم في الفقه، وإذا جاء الآثار شوَّش)) . =

512 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا عَبْدُ الْمَلِكِ (4) ، وحَجَّاج (5) ، عَنْ عَطَاءٍ (6) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {فِيهِ آيَةٌ بينة مقام إبراهيم} .

_ = وهذا ابن عدي عَقِبَ سَبْرِهِ لرواياته قال: ((حماد بن أبي سليمان كثير الرواية خاصة عن إبراهيم، المسند والمقطوع ورأي إبراهيم، ويحدث عن أبي وائل وعن غيرهما بحديث صالح، ويقع في أحاديثه إفرادات وغرائب، وهو متماسك في الحديث لا بأس به)) . اهـ. (3) أي: يزدحمون كما في رواية الطبري الآتية، وفي "النهاية" لابن الأثير (1 / 150) : ((وسُمِّيَتْ بَكِّة؛ لأنها تبكُّ أعناق الجبابرة، أي: تدقُّها. وقيل: لن الناس يَبُكُّ بعضهم بعضًا في الطواف، أي: يَزْحم ويَدْفع)) . اهـ. [511] سنده حسن لذاته، وهو صحيح لغيره، فإسماعيل بن زكريا تقدم في الحديث [81] أنه صدوق، لكن تابعه وكيع كما سيأتي. فقد أخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من المجلد الرابع (ص306 رقم 1999) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (7 / 24 رقم 7439) . كلاهما من طريق وكيع، عن سفيان، به نحوه، إلا أنه قال: ((لأنهم يتباكُّون فيها)) . زاد ابن جرير: ((قال: يعني: يزدحمون)) . (4) هو ابن أبي سليمان. (5) هو ابن أرْطَأة. (6) هو ابن أبي رباح. [512] سنده صحيح من طريق عبد الملك، وأما حجاج بن أرطأة فتقدم في الحديث [170] أنه صدوق كثير الخطأ والتدليس، لكن تعضده رواية عبد الملك. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 269) وعزاه للمصنف والفريابي =

513- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِثْلَهُ. 514 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ (1) ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْل، قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يَقُولُ: إِنَّمَا سُمّيت: بَكّةَ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَبُكُّ (2) بعضهم بعضًا.

_ = وعبد بن حميد وابن المنذر وابن الأنباري في "المصاحف". وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص246 رقم 587) من طريق ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: سمعت ابن عباس يقرأ: {فيه آيات بينات} ، ثم قال: {فِيهِ آيَةٌ بَيِّنَةٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ} وهو هذا الذي في المسجد. ثم أخرجه أبو عبيد أيضًا برقم (588) من طريق أبي بشر جعفر بن إياس، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عباس أنه قرأها: (فيه آية بينة) . وسيأتي في الحديث بعده من طريق خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عبد الملك وحده، به مثله. وقال ابن جرير في "تفسيره" (7 / 26) عن هذه الآية: ((اختلفت القَرَأة في قراءة ذلك. فَقَرَأَهُ قَرَأَةُ الأمصار: {فيه آيات بينات} على جماع (آية) ؛ بمعنى: فيه علامات بينات. وقرأ ذلك ابن عباس: (فيه آية بينة) ؛ يعني بها: مقام إبراهيم، يراد بها علامة واحدة)) . اهـ. [513] سنده صحيح، ومضى تخريجه في الحديث السابق. (1) هو الرَّصَاصي، تقدم في الحديث [6] أنه صدوق. (2) تقدم أن معناه: يَزْحم ويدفع. (3) هذا الحديث والأحاديث قبله ابتداء من رقم [507] موضعها في النسخة الخطية بعد الحديث الآتي برقم [517] ، وإنما قَدَّمتُها مراعاة لترتيب الآيات، وانظر التعليق رقم (3) على الحيدث رقم [506] . [514] سنده حسن لذاته لما تقدم عن حال عبد الرحمن بن زياد، لكنه قد توبع كما سيأتي، فهو =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ} ] 515 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا جُوَيْبر (1) ، عَنِ الضَّحَّاك (2) ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ} ، جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ المِلَلِ: مُشْرِكِي العرب، والنصارى [ل121/ب] ، وَالْيَهُودَ وَالْمَجُوسَ والصَّابِئِين، فَقَالَ: ((إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ فَرَضَ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ فَحُجُّوا الْبَيْتَ)) ، فَلَمْ يَقْبَلْهُ إِلَّا الْمُسْلِمُونَ، ثُمَّ كَفَرُوا (3) بِالْبَيْتِ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ كَفَرَ} - يَعْنِي مَنْ جَحَدَ - {فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ} (4) .

_ = صحيح لغيره. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 266) وعزاه للمصنف وابن جرير والبيهقي في "شعب الإيمان". وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (7 / 24 رقم 7438) . والبيهقي في "شعب الإيمان" (7 / 569 رقم 3727) . أما ابن جرير فمن طريق عبد الصمد بن عبد الوارث، وأما البيهقي فمن طريق يحيى بن أبي بكير، كلاهما عن شعبة، به، ولفظ البيهقي مثله، وأما لفظ ابن جرير فهو: إِنَّمَا سُمِّيَتْ: بَكَّةَ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يتباكُّون فيها، الرجال والنساء. وأخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من الجزء الرابع من "المصنف" (ص307 رقم 2002) من طريق الحكم بن عتيبة، عن مجاهد، به مثل لفظ المصنف، وزاد: ((وأنه يحلّ فيها ما لا يحلّ في غيرها)) . وبهذا اللفظ ذكره السيوطي في الموضع السابق وعزاه لابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبيهقي. (1) تقدم في الحديث [93] أنه ضعيف جدًّا. (2) تقدم في الحديث [481] أنه لم يسمع من أحد من الصحابة. (3) يعني أهل الملل. (4) هذا الحديث والحديثان بعده رقم [516 و 517] موضعها في النسخة الخَطِّية =

516 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجيح، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ} (1) -: مَنْ إِنْ حَجَّ، لَمْ يَرَهُ بِرًّا، وَمَنْ تَرَكَهُ، لَمْ يَرَهُ إثمًا.

_ = بعد الحديث المتقدم برقم [506] ؛ وإنما أخّرْتُها مراعاة لترتيب الآيات, وانظر التعليق رقم (3) على الحديث رقم [506] . [515] سنده ضعيف جدًّا لشدة ضعف جويبر وإعضاله. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 276 - 277) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (7 / 49 - 50 رقم 7515) من طريق يزيد بن هارون، عن جويبر، به نحوه، إلا أنه قال: فآمنت به مِلَّة واحدة، وهي من صدق النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وآمن به، وكفرت به خَمس مِلَل، قالوا: لا نؤمن به، ولا نُصَلِّي إليه، ولا نستقبله، فأنزل اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} . (1) في الأصل: {ومن كفر} لم يكمل الآية، وقد رواه البيهقي - كما سيأتي - من طريق المصنف بإكمال الآية. [516] سنده صحيح، وانظر في رواية ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ الحديث رقم [184] . وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (4 / 324) ، باب إثبات فرض الحج، من طريق المصنف، به مثله. وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 128) من طريق معمر، عن ابن أبي نجيح نحوه. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (7 / 48 رقم 7509) من طريق ابن جريج، حدثني عبد الله بن مسلم، عن مجاهد، به نحوه، إلا أنه قال: ((قعد)) بدل قوله: ((تركه)) . =

517 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: مَنْ لَمْ يَرَهُ وَاجِبًا (1) . 518 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا هُشَيْمٌ، وَخَالِدٌ (2) ، عَنْ يُونُسَ (3) ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا السَّبِيلُ إِلَى الْحَجِّ؟ قَالَ: ((زاد وراحلة)) (4) .

_ = وأخرجه الشافعي في "الأم" (2 / 93) ، ومن طريقه البيهقي في "المعرفة" (2 / ل 245 / ب) . وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" برقم (7510) . والفاكهي في "أخبار مكة" (1 / 375 رقم 787) . ثلاثتهم من طريق ابن جريج، عن مجاهد، به نحو سابقه هكذا بلا واسطة بين ابن جريج ومجاهد، وابن جريج تقدم في الحديث [9] أنه مدلس ولم يصرح بالسماع فيما بينه وبين مجاهد، وصرَّح بالسماع من عبد الله بن مسلم. (1) هذا الحديث والحديثان قبله رقم [515 و 516] موضعها في النسخة الخَطِّيَّة بعد الحديث المتقدم برقم [506] ؛ وإنما أخَّرْتُها في هذا الموضع مراعاة لترتيب الآيات، وانظر التعليق رقم (3) على الحديث [506] . [517] سنده ضعيف، رجاله ثقات، إلا أن رواية هشام بن حَسَّان عن الحسن البصري ضعيفة، لأنه كان يرسل عنه كما تقدم في الحديث [55] . وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (7 / 48 رقم 7507) من طريق مُعَلَّى ابن أسد، عن خالد، عن هشام عن الحسن - في قوله الله عز وجل: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كفر} - قَالَ: مَنْ لَمْ يَرَهُ وَاجِبًا. (2) يعني ابن عبد الله الطحّان.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ (3) هو ابن عبيد. (4) تقدم ما يتعلق بتفسير قوله تعالى: {ومن كفر} في الأحاديث [506 و 515 و 516 و 517] . [518] سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مُرْسِلِه الحسن البصري، وروي موصولاً ولا يصح كما سيأتي. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 274 - 274) وعزاه للمصنف وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جبير وابن المنذر والدارقطني والبيهقي في "السنن". ومن رواية المصنف ساقه الزيلعي في "نصب الراية" (3 / 8 - 9) ، فقال: ((رواه سعيد بن منصور في "سننه": حدثنا هشيم [في الأصل: هشام] ، ثنا يونس، عن الحسن، قال: لما نزلت: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ من استطاع إليه سبيلاً} ، قال رجل: يا رسول الله، وما السبيل؟ قال: زاد وراحلة. انتهى. حدثنا الهشيم، ثنا منصور، عن الحسن مثله. حدثنا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ يونس، عن الحسن مثله)) . اهـ. ومن الواضح أن الزيلعي لم يذكر رواية المصنف من كتاب التفسير، فالظاهر أنه ذكرها من كتاب الحج في الجزء المفقود. والحديث له عن الحسن البصري - رحمه الله - خمس طرق: (1) طريق يونس، وله عنه سبع طرق: (أ، ب) - طريقا هشيم وخالد الطحان اللتان أخرجهما المصنف هنا. وأخرجه أبو داود السجستاني في "مسائله للإمام أحمد" (ص97) ، وكذا عبد الله بن أحمد في "مسائله عن أبيه" (ص197 رقم 737) ، كلاهما عن الإمام أحمد، عن هشيم، به نحوه. (جـ، د) - طريقا بشر بن المفضَّل، وإسماعيل بن عليّة، كلاهما عن يونس، به نحوه. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = أخرجهما ابن جرير الطبري في "تفسيره" (7 / 40 رقم 7486) . (هـ) طريق سفيان الثوري، عن يونس. أخرجه وكيع في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" (1 / 386) ، عن سفيان. ومن طريق وكيع أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 90) . وأخرجه البيهقي في "سننه" (4 / 327) في الحج، باب بيان السبيل الذي بوجوده يجب الحج، وفي "المعرفة" (2 / ل 248) من طريق أبي داود الحَفَري. كلاهما - أي وكيع وأبو داود -، عن سفيان الثوري، عن يونس، به نحوه. وخالفهما عتّاب بن أَعيْن، فرواه عن سفيان الثوري، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الحسن البصري، عن أمِّه، عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -، بنحوه. أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (3 / 332) . والدارقطني في "سننه" (2 / 217 رقم 8) . والبيهقي في "سننه" (4 / 330) في الحج، باب الرجل يطيق المشي ولا يجد زادًا ولا راحلة فلا يبين أن يوجب عليه الحج. قال العقيلي في الموضع السابق: ((عتاب بن أعين عن الثوري، في حديثه وهم ... )) ، ثم أخرج هذا الحديث. قلت: عَتَّاب بن أَعْيَن أبو القاسم الكوفي، نزيل الرَّيّ، ثقة؛ وثقه أبو حاتم، وقال أبو زرعة: ((لا بأس به)) ، وذكره ابن حبان في الثقات. انظر "الجرح والتعديل" (7 / 12 رقم 52) ، و"الثقات" لابن حبان (8 / 523) . وقد روى هذا الحديث عن سفيان فخالف فيه من هو أوثق منه كوكيع، وسبق نقل كلام العقيلي عنه، وذكره الذهبي في "ميزان الاعتدال" (3 / 27 رقم 5465) وقال: ((روى عنه هشام بن عبيد الله حديثًا خولف في سنده)) ، وانظر "لسان الميزان" (4 / 127 رقم 282) . ولم يذكروا أنه أخطأ في حديث غير هذا مع أنه روى عن الأعمش وإسماعيل بن أبي خالد والمسعودي ومسعر وأبي العميس وسعد بن أوس =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وخلف بن حوشب وشريك، بالإضافة إلى الثوري، وروى عنه جرير بن عبد الحميد وعبد الرحمن بن الحكم بن بشير وعبد الصمد بن عبد العزيز المقري وابن حميد، بالإضافة إلى هشام بن عبيد الله كما في الموضوع السابق من "الجرح والتعديل". ومن المعلوم أن الوهم لا يسلم منه أحد سوى الرسل، فلا يقدح في الرجل لأجل هذه المخالفة، بل تغتفر له في جانب ما أصاب فيه وتُجتنب. (و) طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى، عن يونس، به نحوه. أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 90) . (ز) طريق حصين بن مُخَارق، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ أنس بن مالك، قال: قيل: يا رسول الله، ما السبيل إليه؟ قال: ((الزاد والراحلة)) . أخرجه الدارقطني في "سننه" (2 / 218 رقم 15) . وفي سنده حُصين بن مُخَارق بن وَرْقاء، أبو جنادة، قال عنه الدارقطني: ((يضع الحديث)) ، وقال ابن حبان: ((لا يجوز الاحتجاج به)) ، ووثقه الطبراني. انظر "لسان الميزان" (2 / 319 رقم 1308) . (2) طريق منصور، عن الحسن، به نحوه. أخرجه المصنف سعيد بن منصور في "سننه" - ولعله في كتاب الحج -، كما سبق نقله عن الزيلعي. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (7 / 39 رقم 7483) . (3) طريق حميد الطويل، عن الحسن، به نحوه. أخرجه الطبري أيضًا (7 / 42 رقم 7490) . (4) طريق هشام بن حسان، عن الحسن، واختُلف على هشام. فأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 90) من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، عن هشام، عن الحسن - في قوله: {من استطاع إليه سبيلاً} -: الزاد والراحلة. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = كذا رواه أبو أسامة، عن هشام موقوفًا على الحسن. وخالفه سفيان بن عيينة، فرواه عَنْ هِشَامٍ عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ رجل: يا رسول الله ما السبيل إليه؟ قال: ((الزاد والراحلة)) . أخرجه ابن أبي شيبة أيضًا (4 / 91) . وهشام بن حسان تقدم في الحديث [55] أن في روايته عن الحسن البصري ضعفًا؛ لأنه كان يرسل عنه. (5) طريق قتادة، عن الحسن. وله عن قتادة طريقان: أ) طريق حماد بن سلمة، واختُلف عليه. فرواه ابن جرير في "تفسيره" (7 / 42 - 43 رقم 7490 و 7491) من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين وحجاج بن المنهال، كلاهما عن حماد، عن قتادة، عن الحسن، به نحوه. وخالفهما أبو قتادة الحراني، فرواه عن حماد، عن قتادة، عن أنس، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، به نحوه. أخرجه الدارقطني في "سننه" (2 / 216 رقم 7) . والحاكم في "المستدرك" (1 / 442) . قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي. وهذا إسناد ضعيف جدًّا، فعبد الله بن واقد أبو قتادة الحَرَّاني مع كونه خالف أبا نعيم وحجاجًا، فإنه متروك، وكان يدلس، قال البخاري: ((تركوه، منكر الحديث)) ، وقال في موضع آخر: ((سكتوا عنه)) ، وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن أبي قتادة الحرّاني، فقال: ((تكلموا فيه، منكر الحديث، وذهب حديثه)) ، وقال ابن أبي حاتم أيضًا: سألت أبا زرعة عن أبي قتادة الحراني، قلت: ضعيف الحديث؟ قال: نعم، لا يحدَّث عنه، ولم يقرأ علينا حديثه، وقال الجوزجاني: ((متروك الحديث)) ، وقال النسائي: ((ليس بثقة)) ، واختلفت عبارة ابن معين فيه، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = فنقل عنه الدوري أنه وثقه، ونقل عنه عبد الله بن أحمد أنه قال: ((ليس بشيء)) . وأما الإمام أحمد فكان يثني عليه؛ فروى الميموني عنه قال: ((ثقة، إلا أنه كان ربما أخطأ، وكان من أهل الخير يشبه النسّاك، وكان له ذكاء)) ، وروى عبد الله بن أحمد نحو ذلك، وزاد: قيل له: إن قومًا يتكلمون فيه، قال: ((لم يكن به بأس)) ، قالت: إنهم يوقولن لم يفصل بين سفيان ويحيى بن أبي أنيسة، قال: ((لعله اختلط، أما هو فكان ذكيًا)) ، فقلت له: إن يعقوب بن إسماعيل بن صبيح ذكر أن أبا قتادة الحراني كان يكذب، فعظم ذلك عنده جدًّا وقال: ((كان أبو قتادة يتحرَّى الصدق)) ، وأثنى عليه وذكره بخير، وقال: ((قد رأيته يشبه أصحاب الحديث، وأظنه كان يدلِّس، ولعله كبر واختلط، والله أعلم)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 191 - 192 رقم 883) ، و"التهذيب" (6 / 66 - 67 رقم 131) ، و"التقريب" (ص328 رقم 3687) . (ب) طريق سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةٍ، عَنْ قتادة، واختلف على سعيد. فأخرجه القطيعي في كتاب المناسك كما في "إرواء الغليل" (4 / 161) . وابن جرير في "تفسيره" (7 / 41 - 42 رقم 7488) . والبيهقي في "سننه" (4 / 330) ، الموضع السابق. أما القطيعي فمن طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى، وأما الطبري فمن طريق يزيد بن زريع، وأما البيهقي فمن طريق جعفر بن عون، ثلاثتهم عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةٍ، عن قتادة، عن الحسن، به مرسلاً نحوه. وخالفهم يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زائدة، فرواه عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةٍ، عن قتادة، عن أنس، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، به نحوه. أخرجه الدارقطني في "سننه" (2 / 216 رقم 6) . والحاكم في "المستدرك" (1 / 441 - 442) . قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وفي سنده سعيد بن أبي عروبة وهو ثقة حافظ، إلا أنه اختلط كما تقدم في الحديث [87] ، وعبد الأعلى ممن روى عنه قبل الاختلاط، وقد وافقه يزيد وجعفر، ثلاثتهم رووه مرسلاً، وخالفهم ابن أبي زائدة وهو ممن لم ينصوا على أنه روى عن سعيد قبل الاختلاط، فالرواية المرسلة أرجح، وهذا ما رجحه البيهقي؛ فإنه قال في الموضع السابق: ((روى عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةٍ وحماد بن سلمة، عن قتادة، عن أنس، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - في الزاد والراحلة، ولا أراه إلا وهمًا)) ، ثم ساقه من رواية جعفر بن عون عن سعيد، عن قتادة، عن الحسن، مرسلاً، ثم قال: ((هذا هو المحفوظ عن قتادة، عن الحسن، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - مرسلاً)) . اهـ. وقال ابن المنذر: ((لا يثبت الحديث الذي فيه ذكر الزاد والراحلة مسندًا، والصحيح رواية الحسن عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - مرسلاً)) . اهـ. من "نصب الراية" (3 / 9) . ونقل الشيخ الألباني في "إرواء الغليل" (4 / 160 - 161) عن ابن عبد الهادي أنه قال في "تنقيح التحقيق": ((لم يخرجه أحد من أهل السنن بهذا الإسناد ... ، والصواب: عن قتادة، عن الحسن، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - مرسلاً. وأما رفعه عن أنس، فهو وهم، هكذا قال شيخنا)) . اهـ. ويعني بشيخه: شيخ الإسلام ابن تيمية. وقد روي الحديث من طريق أخرى لكنها لا تنهض بالحديث عن ضعفه؛ لشدة ضعفها، انظرها في "نصب الراية" (3 / 7 - 10) ، و"التلخيص الحبير" (2 / 234 - 235) ، و"إرواء الغليل" (4 / 160- 161) ، وفيها النقل عن ابن المنذر وعبد الحق الإشبيلي وابن دقيق العيد أن جميع طرقه ضعيفة ليس فيها إسناد يحتج به، والله أعلم.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} ] 519 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ جَامِعِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ (1) ، عَنْ أَبِي وَائِل (2) ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ (3) - فِي قَوْلِهِ: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا} -، قال: حبل الله: القرآن.

_ (1) هو جامع بن أبي راشد الكاهِلي، الصَّيْرفي، الكوفي، روى عن أبي الطفيل ومنذر الثوري وأبي وائل شقيق بن سلمة وغيرهم، روى عنه شريك وسفيان الثوري وسفيان بن عيينة وغيرهم، وهو ثقة فاضل من الطبقة الخامسة، روى له الجماعة، وقال الإمام أحمد: ((شيخ ثقة)) ، وقال العجلي: ((ثقة ثبت صالح)) ، وقال يعقوب بن سفيان: ((ثقة ثقة)) ، وقال النسائي: ((ثقة)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (2 / 530 رقم 2203) ، و"التهذيب" (2 / 56 رقم 85) ، و"التقريب" (ص137 رقم887) . (2) هو شقيق بن سلمة. (3) يعني ابن مسعود. [519] سنده صحيح على شرط الشيخين، وصححه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 284) بعد أن عزاه للمصنف وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر والطبراني. وقد أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (9 / 240 رقم 9032) من طريق المصنِّف، به مثله، إلا أنه تصحف فيه قوله: ((حبل الله)) إلى: ((عبد الله)) . وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (6 / 326) وحكم عليه بأن رجاله رجال الصحيح. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (7 / 72 رقم 7570) من طريق الأعمش، عن أبي وائل، به مثله. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (7566) من طريق منصور بن المعتمر، عن أبي وائل شقيق بن سلمة، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: إِنَّ الصراط مُحْتَضر؛ تحضره الشياطين، ينادون: يا عبد الله، هَلُمَّ هذا الطريق؛ ليصدّوا عن سبيل الله، فاعتصموا بحبل الله، فإن حبل الله هو كتاب الله. =

520 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا العَوَّام (1) ، عَنِ الشَّعْبي، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: حَبْلُ اللَّهِ: هُوَ الْجَمَاعَةُ. [قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ} ] 521 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ (2) ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو (3) ، سَمِعَ ابنَ الزُّبَيرِ يَقُولُ: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ} وَيَسْتَعِينُونَ بِاللَّهِ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ، فَلَا أَدْرِي أَكَانَتْ قِرَاءَتَهُ، أَوْ فَسَّر؟.

_ = وأخرجه الطبراني في الموضع السابق برقم (9031) من طريق منصور، به نحو سابقه. (1) أي ابن حَوْشَب. [520] سنده ضعيف للانقطاع بين الشعبي وابن مسعود، فإنه لم يسمع منه كما نص عليه أبو حاتم والدارقطني والحاكم، وإنما رآه رؤية فقط كما قال الدارقطني. انظر "المراسيل" لابن أبي حاتم (ص160 رقم 591) ، و"التهذيب" (5 / 68) . والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 285) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني. وقد أخرجه الطبراني في "الكبير" (9 / 240 رقم 9033) من طريق المصنِّف، به مثله. وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (6 / 326) وحكم على سنده بالانقطاع. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (7 / 71 رقم 7562 و 7563) من طريق يعقوب بن إبراهيم وعمرو بن عون، كلاهما عن هشيم، به نحوه. وأخرجه الثعلبي في "الكشف والبيان" (2 / ل 86 / ب) من طريق شجاع بن مجلز، عن هشيم، به نحوه. (2) الذي في موضع هذا الحديث في النسخة الخطِّية هو الحديث الآتي برقم [523] ، =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ} ] 522- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ (4) ، قَالَ: نا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ أَبِي حُمَيد الرُّؤَاسي (5) ، عَنْ عَنْترة (6) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ} - قال: بَرْد.

_ = ثم يليه هذا الحديث، ثم الحديث الآتي برقم [524] ، ثم الحديث رقم [522] ؛ وإنما قدَّمْتُ وأَخَّرْتُ مراعاة لترتيب الآيات. (3) هو ابن دينار. [521] سنده صحيح على شرط الشيخين. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 288) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن الأنباري في "المصاحف". وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (7 / 91 رقم 7596) . وابن أبي داود في "المصاحف" (ص93) . والثعلبي في "الكشف والبيان" (2 / ل 94 / ب) . أما ابن جرير فمن طريق أبي نعيم الفضل بن دكين، وأما ابن أبي داود فمن طريق أبي الطاهر أحمد بن عمرو المصري، وأما الثعلبي فمن طريق علي بن عبد الله بن المديني، ثلاثتهم عن سفيان بن عيينة، به مثله، إلا أنهم لم يذكروا قوله: ((فَلَا أَدْرِي أَكَانَتْ قِرَاءَتَهُ، أَوْ فسَّر؟)) . (4) هذا الحديث والحديث الذي قبله والحديثان الآتيان برقم [523 و 524] ترتيبها في النسخة الخَطَّيَّة كالآتي: [523 و 521 و 524 و 522] ، وإنما قدَّمْتُ فيها وأخَّرْتُ مراعاة لترتيب الآيات. (5) هو عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن الرُّؤَاسي، أبو حميد الكوفي، روى عن أبي إسحاق السَّبيعي ومغيرة بن مقسم ومنصور بن المعتمر والأعمش وغيرهم، روى عنه ابنه حميد ويحيى بن آدم وعباد بن ثابت وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة السابعة؛ وثقه ابن سعد وابن معين والعجلي والنسائي. انظر =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = "الجرح والتعديل" (5 / 225 رقم 1060) ، و"الأنساب" للسمعاني (6 / 182) ، و"التهذيب" (6 / 165 رقم 335) ، و"التقريب" (ص339 رقم 3848) . (6) هو عَنْترة بن عبد الرحمن الشَّيْباني، أبو وكيع الكوفي، روى عن عمر وعلي وأبي الدرداء وابن عباس وغيرهم، روى عنه ابنه هارون وعبد الله بن عمرو بن مُرَّة الجَمَلي وأبو سنان الشيباني، وهو ثقة من الطبقة الثانية؛ وثقه أبو زرعة والعجلي وذكره ابن حبان في الثقات. انظر "تاريخ الثقات" للعجلي (ص376 رقم 1318) ، و"التهذيب" (8 / 162 - 163 رقم 295) ، و"التقريب" (ص433 رقم 5209) . [522] سنده ضعيف؛ خلف بن خليفة تقدم في الحديث [76] أنه صدوق اختلط في الآخر، ولم أجد من نص على أنه روى عن أبي حميد الرؤاسي، ولا من نص على أن أبا حميد ممن روى عن عنترة، لكن الحديث روي من غير طريقهما فهو حسن لغيره كما سيأتي. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 299) وعزاه للمصنف والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (7 / 136 رقم 7672) من طريق وكيع، عن سفيان الثوري، عن هارون بن عنترة، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: الصرّ: البرد. وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (ص494 رقم 1248) فقال: حدثنا أبو سعيد الأشجّ، ثنا أحمد بن بشير ومحمد بن عبيد، عن هارون بن عنترة، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {ريح فيها صرٌ} ، قال: برد. وهذا إسناد حسن لذاته. شيخ ابن أبي حاتم هو: عبد الله بن سعيد بن حصين الكندي أبو سعيد الأشجّ، الكوفي، روى عن إسماعيل بن عليّة وحفص بن غياث وعبيد الله بن موسى ووكيع ومحمد بن عبيد الطَّنَافِسي وغيرهم، روى عنه الجماعة، وأبو زرعة وأبو حاتم =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وابن خزيمة وابن أبي الدنيا وعبد الرحمن بن أبي حاتم وغيرهم، وهو ثقة، روى له الجماعة، وقال ابن معين: ((ليس به بأس، ولكنه يروي عن قوم ضعفاء)) ، وقال أبو حاتم: ((ثقة صدوق)) ، وقال مرة: ((الأشجّ إمام زمانه)) ، وقال النسائي: ((صدوق)) ، وقال مرة: ((ليس به بأس)) ، ووثقه الخليلي ومسلمة بن القاسم، وقال محمد بن أحمد بن بلال الشطوي: ((ما رأيت أحفظ منه)) ، وكانت وفاته سنة سبع وخمسين ومائتين. اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 73 رقم 342) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع (15 / 27 - 29) ، و"التهذيب" (5 / 236 - 237 رقم 410) ، و"التقريب" (ص305 رقم 3354) . ومحمد بن عبيد الطّنافسي تقدم في الحديث [39] أنه ثقة، وتابعه أحمد بن بشير. وهارون بن عَنْتَرة بن عبد الرحمن الشَّيْباني، ابن أبي وكيع الكوفي، روى عن أبيه ومحارب بن دثار وسعيد بن جبير وغيرهم، روى عنه ابنه عبد الملك وسفيان الثوري ومحمد بن عبيد الطنافسي وغيرهم، وهو لا بأس به، وثقه ابن سعد والإمام أحمد وابن معين والعجلي، وقال أبو زرعة ويعقوب بن سفيان: ((لا بأس به)) ، زاد أبو زرعة: ((مستقيم الحديث)) ، وذكره ابن حبان في الثقات في الرواة عن أبيه عنترة، ثم قال: ((وهارون الله المستعان على إثباته)) ، ثم ذكره في الضعفاء وقال: ((منكر الحديث جدًّا، يروي المناكير الكثيرة حتى يسبق إلى القلب أنه المتعمد لها، لا يجوز الاحتجاج به بحال)) ، وكانت وفاته سنة اثنتين وأربعين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 92 رقم 384) ، و"الثقات" لابن حبان (5 / 282) ، و"التهذيب" (11 / 9 - 10 رقم 19) ، و"التقريب" (ص569 رقم 7236) . وعليه فالحديث يكون حسنًا لغيره بهذه المتابعة، والله أعلم.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ} ] 523 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ (1) ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو (2) ، سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: فِينَا نَزَلَتْ، فِي بَنِي سَلَمةَ (3) ، وَبَنِي حَارِثَةَ (4) : {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللهُ وَلِيُّهُمَا} ، وَمَا يَسُرُّني أَنَّهَا لَمْ تَنْزِلْ (5) .

_ (1) هذا الحديث والحديثان اللذان قبله والحديث الآتي برقم [524] ترتيبها في النسخة الخَطِّيَّة كالآتي: [523، 521، 524، 522] ، وإنما قدَّمْتُ فيها وأَخَّرْتُ مراعاة لترتيب الآيات. (2) هو ابن دينار. (3) بن سَلَمة حي من الأنصار من الخزرج، نسبة إلى سَلَمة بن سعد بن علي بن أسد بن سَارِدَة بن تزيد بن جُشَم بن الخَزْرج. انظر "الأنساب" للسمعاني (7 / 184) . (4) بنو حارثة بطن من الخزرج، نسبة إلى حارثة بن الحارث بن الخزرج. انظر المرجع السابق (4 / 8) . (5) يعني لقوله تعالى: {والله وليهما} كما في بعض الروايات. [523] سنده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه. وسبق أن أخرجه المصنف في كتاب الجهاد من "سننه" المطبوع (2 / 338 رقم 2870) بمثل ما هنا، إلا أنه قدّم بني حارثة على بني سلمة. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 305) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في "الدلائل". وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 131) . ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (7 / 167 رقم 7728) . =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ المَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ} ] 524 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ (1) ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ جُوَيْبر (2) ، عَنِ الضَّحَّاك - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ المَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ} -، قال: مُعَلَّمين بالصوف الأبيض.

_ = وابن أبي حاتم في "تفسيره" (ص511 رقم 1320) . وأخرجه البخاري في "صحيحه" (7 / 357 رقم 4051) في المغازي، باب: {إذا هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المؤمنون} ، و (8 / 325 رقم 4558) في التفسير، باب: {إذا هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا} . ومسلم في "صحيحه" (4 / 1948 رقم 171) في فضائل الصحابة، باب من فضائل الأنصار. وابن جرير في الموضع السابق برقم (7729) . والبيهقي في "دلائل النبوة" (3 / 221) . أما عبد الرزاق فعن سفيان بن عيينة بلا واسطة، وأما البخاري فمن طريق محمد بن يوسف وعلي بن عبد الله بن المديني، وأما مسلم فمن طريق إسحاق بن إبراهيم وأحمد بن عبدة، وأما ابن جرير فمن طريق أبي نعيم الفضل بن دكين، وأما البيهقي فمن طريق الحسن بن محمد الزعفراني، جميعهم عن سفيان بن عيينة، به نحوه. (1) هذا الحديث والأحاديث الثلاثة قبله ترتيبها في النسخة الخَطِّيَّة كالآتي: [523، 521، 524، 522] ، وإنما قدَّمْتُ فيها وأَخَّرْتُ مراعاة لترتيب الآيات. (2) تقدم في الحديث [93] أنه ضعيف جدًّا. [524] سنده ضعيف جدًّا لشدة ضعف جويبر. وسبق أن أخرجه المصنف في كتاب الجهاد من "السنن" المطبوع (2 / 337 رقم 2864) بمثل ما هنا سواء. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (7 / 187 رقم 7781) من طريق معمر، =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} ] 525- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرٌ (1) ، عن منصور (1) ، عن [ل122/أ] مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} -، قَالَ: ذَنْبَيْنِ فَعَلُوا، فَاحِشَةً ذَنْبٌ، وظلموا أنفسهم ذنب.

_ = عن قتادة - في قوله: {مسومين} -، قال: كان سيماها صوفًا في نواصيها. ثم أخرج قول الضحاك هذا برقم (7784) من طريق الحسين، عن هشيم، قال: أخبرنا جويبر، عن الضحاك وبعض أشياخنا، عن الحسن، نحو حديث معمر، عن قتادة. ثم أخرجه ابن جرير برقم (7788) من طريق يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا هشيم، قال أخبرنا جُوَيْبِرٌ، عَنِ الضَّحَّاكِ - فِي قَوْلِهِ: {مسومين} -، قال: بالصوف في نواصيها وأذنابها. وهذا يحتمل أن يكون لهشيم فيه إسنادان، ويحتمل أن يكون الحسين بن داود أخطأ فيه، فإنه ضعيف كما تقدم في الحديث [206] . (1) هو ابن عبد الحميد. (2) هو ابن المعتمر. [525] سنده صحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 326) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن جرير. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (7 / 217 رقم 7845) من طريق محمد بن حميد، عن جرير، به نحوه.

526- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الْأَحْوَصِ (1) ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَلْقمة وَالْأَسْوَدِ، قَالَا: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنَّ فِي كِتَابِ اللَّهِ لَآيَتَيْنِ مَا أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا فَقَرَأَهُمَا، فَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، إِلَّا غَفَرَ لَهُ: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ} ، وَقَوْلُهُ: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُورًا رَحِيمًا} (2) .

_ (1) هو سَلاَّم بن سُلَيم. (2) الآية (110) من سورة النساء. [526] سنده رجاله ثقات، إلا أن أبا إسحاق السبيعي مدلس كما في ترجمته في الحديث [1] ولم يصرح بالسماع هنا، وأما اختلاطه فلا يؤثر هنا؛ لأن سفيان الثوري روى عنه هذا الحديث كما سيأتي، وهو ممن روى عنه قبل الاختلاط، لكنه خالف أبا الأحوص في بعض لفظه، وقد توبع أبو إسحاق كما سيأتي. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 326) وعزاه للمصنف وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والطبراني وابن أبي الدنيا وابن المنذر والبيهقي. وقد أخرجه ابن المنذر في "تفسيره" في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 68 / أ) . والطبراني في "الكبير" (9 / 241 رقم 9035) . كلاهما من طريق المصنف، به مثله، إلا أنهما قالا: ((إلا غفر الله له)) . وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 328 رقم 9572) من طريق أبي الأحوص، به نحوه. وأخرجه عبد بن حميد في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 180 / أ) ، فقال: أبنا عبد الملك بن عمرو، عن سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الأسود وعلقمة قالا: قال عبد الله: من قرأ هاتين الآيتين من سورة النساء، ثم استغفر =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = غفر له: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُورًا رَحِيمًا} ، {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ ... } الآية. وسفيان هو الثوري، وعبد الملك بن عمرو هو أبو عامر العَقَدي. وهذا فيه مخالفة لأبي الأحوص في ذكر آية آل عمران، وسفيان الثوري أوثق من أبي الأحوص، وهو ممن روى عن أبي إسحاق السبيعي قبل الاختلاط، وأما أبو الأحوص فلم يُذكر فيمن روى عنه قبل الاختلاط. وقد جاء الحديث من غير طريق أبي إسحاق. فأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص209 - 210 رقم 531) . والطبراني في "مسند الشاميين" (2 / 334 - 335 رقم 1444) . كلاهما من طريق محمد بن عبد الله بن المهاجر الشُّعَيْثي، عن أبي الفرات مولى صَفِيَّة أم المؤمنين، أن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: في القرآن آيتان، ما قرأهما عبد مسلم عند ذنب إلا غُفر له. قال: فسمع بذلك رجلان من أهل البصرة، فأتياه، فقال: ائتيا أُبَيَّ بن كعب؛ فإني لم أسمع مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - شيئًا إلا وقد سمعه أُبيّ. فأتيا أُبَيَّ بن كعب، فقال لهما: اقرأ القرآن، فإنكما ستجدانهما، فقرأ حتى بلغا آل عمران: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ ... } إلى آخر الآية، وَقَوْلُهُ: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُورًا رَحِيمًا} ، فقالا: قد وجدناهما، فقال أُبَيّ: أين؟ فقال: في آل عمران والنساء، فقال: إنهما هما. وهذا إسناد ضعيف لجهالة حال أبي الفرات مولى صفيَّة أم المؤمنين - رضي الله عنها -، قال ابن عبد البر في "الاستغناء" (3 / 1511 - 1512) : (أبو الفرات، روى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: ((ما أخاف عليكم الفقر، ولكني أخاف عليكم الغنى)) ، روى عنه فضيل بن غزوان، قال أبو أحمد الحاكم: وقد روى فضيل بن غزوان، عن شداد بن أبي العالية أبي الفرات، عن أبي داود الأحمري، عن حذيفة، =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ} ] 527 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ بَيَان، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبي - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ} -، قَالَ: بَيَانٌ مِنَ العَمَى، وهُدَى مِنَ الضَّلاَلة، وَمَوْعِظَةٌ مِنَ الْجَهْلِ.

_ = فلا أدري، أهما اثنان أو واحد؟ ... ، وربما أرسل أبو الفرات حديثه عن عبد الله، وهما واحد) . اهـ. قلت: إن كان هو شَدَّاد بن أبي العالية، فهو مجهول الحال أيضًا كما في ترجمة شدّاد في الحديث رقم [812] ، ولا أظنه هو؛ فإن شدادًا لم يُذكر أنه مولى لصفيّة أم المؤمنين، ووصفه أنه مولى صفية يلزم منه أن يكون أعلى طبقة من شدّاد، وانظر "تاريخ دمشق" لابن عساكر (15 / 564 / مخطوط الظاهرية) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (3 / 1227) . وسيأتي الحديث من طريق إبراهيم النخعي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ برقم [687] ، وهو ضعيف، من ذلك الطريق. فالحديث بمجموع هذه الطرق الثلاث عن ابن مسعود قد يكون حسنًا لغيره، إلا أن مخالفة سفيان الثوري في ذكر آية سورة النساء بدلاً من آية سورة آل عمران تُعكِّر على هذا الحكم، فالله أعلم. [527] سنده صحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 330) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم. وقد أخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص80 رقم 162) عن بيان، به مثله. ومن طريق سفيان أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 134) . ومن طريق عبد الرزاق أخرجه مفرقًا: ابن جرير في "تفسيره" (7 / 233 رقم 7880 و 7882) . =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} ] 528- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عتَّاب بْنُ بَشِيرٍ، قَالَ: نا خُصَيف، عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، وَأَبِي عُبَيْدَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَكَأَيِّنْ من نبي قتل معه ربيون كثير} -، يَقُولُ: (قَاتَلَ) ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَقُولُ: {فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ في سبيل الله ... } (1) الآية.

_ = وابن أبي حاتم في "تفسيره" (ص561 و 562 و 563 رقم 1484 و 1487 و 1491) . وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (7879 و 7881) من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين، عن سفيان الثوري، به مثله. وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" (4 / 311) من طريق القاسم بن الحكم، عن سفيان، به مثله. (1) قال ابن زنجلة في "حجة القراءات" (ص175 - 176) : (قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو: ((وكأين من نبي قُتِلَ)) بضم القاف وكسر التاء أي: ((وكم من نبي قبل مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومعه ربيون كثير)) ، وحجتهم: أن ذلك أنزل معاتبة لمن أدبر عن القتال يوم أحد؛ إذ صاح الصائح: قتل مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فلما تراجعوا كان اعتذارهم أن قالوا: ((سمعنا قتل محمد)) ، فأنزل الله: {وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإنْ مات أو قتل انقبلتم} ثم قال بعد ذلك. {وكأين من نبي قُتِل معه ربيون كثير} أي جموع كثير فما تَضَعْضَعَ الجموع وما وَهَنوا، لكن قاتلوا وصبروا، فكذلك أنتم، كان يجب عليكم ألا تهنوا لو قتل نبيكم، فكيف ولم يُقتل. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وقرأ الباقون: ((قاتل معه)) وحجتهم قوله: {فما وهنوا} قالوا: لأنهم لو قتلوا لم يكن لقوله: {فما وهنوا} وجهٌ معروف؛ لأنه يستحيل أن يوصفوا بأنهم لم يهنوا بعدما قتلوا. وكان ابن مسعود يَقُولُ: ((قَاتَلَ)) ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَقُولُ: {فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ} ؛ وحجة أخرى؛ أنه: ((قاتل)) أبلغ في مدح الجميع من معنى ((قتل)) ؛ لأن الله إذا مدح ((من قُتل)) خاصة دون من ((قاتل)) لم يدخل في المديح غيرهم، فمدح ((من قاتل)) أعمّ للجميع من مدح ((من قُتل)) دون من ((قاتل)) لأن الجميع داخلون في الفضل وإن كانوا متفاضلين)) . اهـ. [528] سنده ضعيف جدًّا، خصيف تقدم في الحديث [204] أنه صدوق سيء الحفظ، وعتّاب بن بشير لا بأس به إلا في روايته عن خصيف فإنها منكرة، وأبو عبيدة عامر بن عبد الله بن مسعود تقدم في الحديث [4] أنه لا يصح سماعه من أبيه، وزياد بن أبي مريم لم يذكروا أنه سمع من ابن مسعود، وقد قال أبو حاتم: ((لم يدخل على أبي موسى الأشعري قط)) كما في "المراسيل" لابن أبي حاتم (ص61 رقم 217) ، مع أن أبا موسى توفي بعد ابن مسعود بزمن، فابن مسعود كانت وفاته سنة اثنتين وثلاثين للهجرة، وأما أبو موسى فقيل إن وفاته كانت سنة اثنتين وأربعين، وقيل سنة أربع وأربعين، وقيل سنة خمسين، وقيل: إحدى وخمسين. انظر "التهذيب" (5 / 363) ، و (6 / 28) . فالحديث منقطع، بين زياد وأبي عبيدة وبين ابن مسعود. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 339) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد. ونقله الناسخ لتفسير ابن أبي حاتم في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" المخطوط (2 / ل 73 / ب) عن عبد بن حميد فقال: قال عبد: ثنا روح، عن عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ الله، وزياد بن أبي مريم: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ ربيون كثير} ، يَقُولُ: (قَاتَلَ) ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَقُولُ: {فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ في ... } الآية. اهـ، وكان الأولى أن يقول: =

529- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عتَّاب، عَنْ خُصَيف، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: مَا سَمِعْنَا قَطّ أَنَّ نَبِيًّا قُتل فِي الْقِتَالِ. 530- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا عَوْفٌ (1) ، عَنِ الْحَسَنِ، وَأَنَا عَوْفٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّهُمَا كَانَا يَقْرَآنِ: {قَاتَلَ مَعَهُ} (2) . 531- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا عَوْفٌ، عَنِ الْحَسَنِ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ} -، قَالَ: فُقَهَاءُ، عُلَمَاءُ. قَالَ (3) : وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هِيَ الْجُمُوعُ الْكَثِيرَةُ.

_ = عن عبد الله)) بعد قوله: ((وزياد بن أبي مريم)) ؛ حتى لا يوهم أن الكلام لعبد الله وزياد. [529] سنده ضعيف؛ فخصيف صدوق سيء الحفظ، وعتّاب لا بأس به إلا في روايته عن خصيف، فإنها منكرة كما سبق بيانه في الحديث [204] . والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 339) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن المنذر. وقد أخرجه عبد بن حميد من طريق روح، عن عتاب، عن خصيف، زعم أن سعيد بن جبير كان يقول ... ، فذكره بمثله كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" المخطوط (2 / ل 73 / ب) . (1) هو ابن أبي جميلة الأعرابي. (2) انظر التعليق على الحديث رقم [528] . [530] سنده صحيح عن إبراهيم النخعي والحسن البصري. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 339) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد. (3) القائل هو عوف بن أبي جميلة الأعرابي كما يتضح من رواية ابن جرير الآتية. [531] سنده صحيح إلى الحسن البصري، وأما إلى ابن عباس فضعيف للانقطاع بين عوف وابن عباس، وسيأتي ما يوضح هذا الانقطاع. =

532- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو (1) ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: الْجُمُوعُ الْكَثِيرَةُ. 533- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنِ الضَّحَّاك بْنِ مُزَاحم - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ} -، قال: الرِّبَةُ (2) الواحدة ألف.

_ = وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 340) وعزاه للمصنف وحده. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (7 / 267 رقم 7965) من طريق يعقوب بن إبراهيم، عن هشيم، به مثله عن الحسن فقط. وأخرجه أيضًا برقم (7961) من طريق يعقوب، عن هشيم، قال: أخبرنا عوف، عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ في قوله: {ربيون كثير} قال: جموع كثيرة. وأخرجه ابن جرير أيضًا (7 / 268 رقم 7979) من طريق شيخه محمد بن سعد بن محمد بن الحسن بن عطية بن سعد العوفي، عن أبيه، قال: حدثني عمي، قال: حدثني أبي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فذكره بمثله. وهذا إسناد ضعيف جدًّا تقدم الكلام عنه في الحديث [454] . (1) هو ابن دينار [532] سنده صحيح. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (7 / 267 رقم 7969 و 7970) من طريق عبد الرزاق وعمرو بن عبد الحميد الآملي، كلاهما عن سفيان بن عيينة، به نحوه. (2) الرِّبِّيُّ والرَّبَّانِيُّ: هو الحَبْر وربُّ العِلْم. انظر "لسان العرب" (1 / 403 - 404) ، و"المفردات" للراغب الأصفهاني (ص184 - 185) . [533] سنده ضعيف، وآفته أبو إسحاق الذي يرويه عن الضحاك. فالذي يروي عن الضحاك هو أبو إسحاق السبيعي كما في "تهذيب الكمال" (13 / 292) ، لكن هشيمًا لم يرو عنه، ولا يمكن أن يكون أرسله عنه؛ لأنه =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} ] 534- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ شُبْرُمة (1) ، عَنِ الْحَسَنِ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} -، قَالَ: قَدْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُ مَا بِهِ إِلَيْهِمْ مِنْ حَاجَةٍ، وَلَكِنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَنَّ بِهِ مَنْ (بَعْدَهُ) (2) .

_ = صرح بالتحديث عنه هنا، وقد يكون أبا إسحاق الشيباني سليمان بن أبي سليمان الذي يروي عنه هشيم، لكن لم يذكروا أن الشيباني روى عن الضحاك كما في الموضع السابق من "تهذيب الكمال". فالخوف أن يكون أبو إسحاق هذا هو عبد الله بن ميسرة الذي كان هشيم يدلس اسمه، وهو ضعيف. قال يحيى بن معين: ((لم يلق - يعني هشيمًا - أبا إسحاق السبيعي، وإنما كان يروي عن أبي إسحاق الكوفي، وهو عبد الله بن مسيرة، وكنيته أبو عبد الجليل، فكناه هشيم كنية أخرى)) . انظر: "تهذيب التهذيب" (11 / 63) ، وترجمة عبد الله بن ميسرة في الحديث رقم [489] . وقول الضحاك هذا ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 340) وعزاه للمصنف وحده. وقد أخرجه ابن المنذر في "تفسيره" من طريق المصنف، به كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" المخطوط (2 / ل 73 / ب) ، إلا أن لفظه هكذا: قال: الربيون: الواحد إلى ألف. (1) هو عبد الله بن شُبْرُمة - بضم المعجمة وسكون الموحدة وضم الراء - ابن الطُّفَيل بن حسّان الضَّبِّي، أبو شبرمة الكوفي، القاضي، يروي عن أنس وأبي الطفيل والشعبي والحسن البصري وابن سيرين، وغيرهم، وعنه ابنه عبد الملك وعبد الله بن المبارك، والسفيانان وغيرهم، وهو ثقة فقيه، وثقه أحمد وأبو حاتم والعجلي والنسائي، وقال ابن سعد: ((كان شاعرًا فقيهًا ثقة قليل الحديث)) ، وقال ابن المبارك: ((جالسته حينًا، ولا أروي عنه)) ، ولم يبين السبب، فهذا جرح غير =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = مفسَّر في مقابل تعديل من عدّله، وقال ابن المديني: قلت لسفيان: أكان ابن شبرمة جالس الحسن؟ قال: لا، ولكن رأى ابن سيرين بواسط، وكانت ولادته سنة اثنتين وسبعين للهجرة، ووفاته سنة أربع وأربعين ومائة. "الجرح والتعديل" (5 / 82 رقم 381) ، و"التهذيب" (5 / 250 - 251 رقم 439) ، و"التقريب" (ص307 رقم 3380) . (2) في الأصل: ((بعد)) ، وما أثبته من الموضع الآتي من "سنن البيهقي" حيث روى الأثر من طريق المصنف. [534] سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف للانقطاع بين ابن شبرمة، والحسن البصري، فقد تقدم سؤال ابن المديني لسفيان ابن عيينة: أكان ابن شبرمة جالس الحسن؟ قال: لا. وقول الحسن هذا ذكره السيوطي في "الدر" (2 / 358) وعزاه للمصنف وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في "سننه". وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 109) في آداب القاضي، باب مشاورة الوالي والقاضي في الأمر، أخرجه من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال: ((علمه الله سبحانه)) بدل قوله: ((قد علم الله)) . وأخرجه ابن المنذر في "تفسيره" كما في حاشية "تفسير ابن أبي حاتم" المخطوط (2 / ل 82 / ب) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (ص362 - 633 رقم 1745) . وابن حبان في "روضة العقلاء" (ص167) . والبيهقي في "سننه" (7 / 46) في النكاح، باب ما أمره الله تعالى به من المشورة فقال: {وشاورهم في الأمر} . أما ابن المنذر وابن أبي حاتم فمن طريق محمد بن يحيى بن أبي عمر، وأما ابن حبان فمن طريق محمد بن سيلمان المصِّيصي، كلاهما عن سفيان بن عيينة، به نحوه. =

535 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ رَجُلٍ (1) ، عَنْ عَمْرٍو (2) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَرَأَ: (وَشَاوِرْهُمْ في بعض الأمر) .

_ = وأما البيهقي فإنه رواه بإسناد معضل، فأخرجه من طريق الشافعي، قال: قال الحسن ... ، فذكره بنحوه. (1) هو عمر بن حبيب المكي، نزيل اليمن، القاصّ - بالمعجمة، وبالمهملة الشديدة -، كما جاء مصرحًا به في رواية البخاري في "الأدب المفرد" الآتية، وهو يروي عن عمرو بن دينار وعطاء والزهري وغيرهم، روى عنه سفيان بن عيينة وعبد الرزاق وعتّاب بن بشير وغيرهم، وهو ثقة حافظ في الطبقة السابعة؛ وثقه الإمام أحمد وابن معين وأبو بكر المقرئ وأبو علي النيسابوري، وقال ابن عيينة: ((كان صاحبًا لنا، وكان حافظًا)) ، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ((كان حافظًا متقنًا)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (6 / 104 رقم 552) ، و"الثقات" لابن حبان (7 / 172 - 173) ، و"التهذيب" (7 / 431 رقم 705) ، و"التقريب" (ص410 رقم 4873) . (2) يعني ابن دينار. [535] سنده صحيح، وشيخ ابن عيينة المبهم هو عمر بن حبيب كما سيأتي. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 395) وعزاه للمصنف والبخاري في "الأدب المفرد" وابن المنذر، وحسّن سنده. وابن المنذر أخرجه من طريق المصنف، به مثله كما في حاشية "تفسير ابن أبي حاتم" المخطوط (2 / ل 82 / ب) . وقد اختُلف على سفيان بن عيينة. فرواه المصنف هنا عنه، عن رجل مبهم، عن عمرو بن دينار، به. ورواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (ص634 رقم 1750) من طريق شيخه محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ، ثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار ... ، فذكره بمثله هكذا بلا واسطة بين سفيان وعمرو. وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (1 / 357 رقم 257) فقال: حدثنا صدقة، =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} ] 536 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، أَنَا مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، وَأَنَا عَوْفٌ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُمَا كَانَا يَقْرَآنِ: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يُغَلَّ} (1) .

_ = قال: أخبرنا ابن عيينة، عن عمر بن حبيب، عن عمرو بن دينار ... ، فذكره بمثله هكذا مبينًا أن الواسطة هو عمر بن حبيب. وهذا إسناد صحيح. وشيخ البخاري صَدَقة بن الفَضْل أبو الفضل المَرْوزِي، يروي عن سفيان بن عيينة ومعتمر بن سليمان ويحيى القطان وغيرهم، روى عنه البخاري والدارمي ومحمود بن آدم وغيرهم، وهو ثقة؛ وثقه النسائي والدولابي، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: ((كان صاحب حديث وسنة)) ، وقال يعقوب بن سفيان: ((سمعت أبا الفضل صدقة بن الفضل المروزي وكان كخير الرجال)) ، وقال وهب بن جرير: ((جزى الله صدقة ويعمر وإسحاق عن الإسلام خيرًا؛ أحيوا السنة بأرض المشرق)) ، وقال عباس بن الوليد النَّرْسي: ((كنا نقول: بخراسان صدقة، وبالعراق أحمد)) ، وكذا قال عباس العنبري وزاد: ((وزيد بن المبارك باليمن)) ، وقال أحمد بن سيار: ((لم أر في جميع من رأيت مثل مسددة بالبصرة، والقواريري ببغداد، وصدقة بمرو)) ، وكانت وفاته سنة نيف وعشرين ومائتين، قيل: سنة ثلاث وعشرين، وقيل: سنة ست وعشرين ومائتين. اهـ. من "المعرفة والتاريخ" ليعقوب بن سفيان (2 / 420 - 421) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع (13 / 144 - 145) ، و"التهذيب" (4 / 417 رقم 718) ، و (7 / 41) ، و"التقريب" (ص275 رقم 2918) . (1) لم تضبط في الأصل، وفيها قراءتان: فقرأ أبو عبد الرحمن السُّلمي ومجاهد وابن كثير وأبو عمرو وعاصم: ((يَغُلُّ)) - بفتح الياء وضم الغين -، وهي قراءة ابن عباس واختيار أبي عبيد، والمعنى: ما كان لنبي أن يخون أصحابه فيما أفاء الله عليهم. =

537- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا عَوْفٌ، عَنِ الْحَسَنِ، قال: أن يُخان.

_ = وقرأ الباقون بضم الياء وفتح الغين: ((يُغَلّ)) ، وهي قراءة ابن مسعود واختيار أبي حاتم، والمعنى كما سيأتي في الحديث بعده عن الحسن البصري: أن يُخان، يعني تخونه أمته، وقيل معناه: ما كان لنبي أن يُخَوَّنَ، أو تنسب إليه الخيانة، أو يوجد خائنًا، أو يُدخل في جملة الخائنين. انظر "الكشف والبيان" للثعلبي (2 / ل 141) ، ,و"حجة القراءات" (ص179 - 181) . [536] سنده عن إبراهيم النخعي ضعيف؛ لأن مغيرة يدلس لا سيما عن إبراهيم كما تقدم بيانه في الحديث [54] ، ولم يصرح هنا بالسماع. وأما سنده عن الحسن البصري فصحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 362) من رواية الحسن فقط، وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (7 / 353 رقم 8151) من طريق يعقوب بن إبراهيم، عن هشيم، به مثله عن الحسن فقط، وزاد: قال عوف: قال الحسن: أن يخان. وهذه الزيادة أخرجها المصنف مستقلة وهي الآتية في الحديث بعده. وأخرجه ابن المنذر في "تفسيره" كما في حاشية "تفسير ابن أبي حاتم" المخطوط (2 / ل 83 / أ) ، فقال: حدثنا علي، عن أبي عبيد، ثنا هشيم، ثنا مغيرة، عن إبراهيم أنه قرأها: (يَغُلّ) . قال هشيم: وأبنا عوف، عن الحسن أنه قرأها: (يُغَلّ) ، وقال: أن يُخان. وأخرجه ابن المنذر أيضًا فقال: حدثنا علي بن عبد العزيز، ثنا حجاج بن منهال، ثنا حماد، عن حميد، عن الحسن قال: (أن يُغَل) . [537] سنده صحيح، وهو بقية الحديث السابق أخرجه المصنف بإسناد مستقل، وتقدم في الحديث السابق أنه أخرجه ابن جرير وابن المنذر في تفسيريهما.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} ] 538- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا أَبُو الأحْوص (1) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى (2) قَالَ: نَزَلَتْ فِي قَتْلَى أُحُدٍ: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} ، وَنَزَلَ فِيهِمْ: {وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ} وَقُتِلَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ رَجُلًا، أَرْبَعَةٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ: حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، وَمُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّار، (والشَّمَّاس بْنُ عُثْمَانَ) (2) ، مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْش، مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ خزيمة، وسائرهم من الأنصار.

_ (1) هو سلام بن سُلَيم. (2) هو مسلم بن صُبَيْح. (3) في الأصل: ((وعثمان بن شماس)) ، وما أثبته من الموضع الآتي من كتاب الجهاد عند المصنف وهو الموافق لرواية ابن أبي حاتم الآتية، وهو الصواب، خلافًا لما ذهب إليه ابن منده، فإن أبا نعيم وهّمه ووافقه ابن حجر. انظر "الإصابة" (3 / 357 رقم 3923) و (4 / 450 رقم 5443) . [538] سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مُرْسِلِه أبي الضحى. وسبق أن أخرجه المصنف في كتاب الجهاد من "سننه" المطبوع (2 / 345 - 346 رقم 2894) من نفس الطريق، ولفظه: نزلت هذه الآية فِي قَتْلَى أُحُدٍ: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يرزقون} ، وَنَزَلَ فِيهِمْ: {وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ} ، قال: قتل يومئذ سبعين (كذا!!) رَجُلًا، أَرْبَعَةٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ: حَمْزَةُ بن عبد المطلب =

539- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ قَالَ: نَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّة، عَنْ مَسْروق، قَالَ: سُئِل عَبْدُ اللَّهِ (1) ، عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ} ، فَقَالَ: أَمَا إِنَّا قَدْ سَأَلْنَا عن ذلك (2) ،

_ = ومصعب بن عمير أخو بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، وَالشَّمَّاسُ بْنُ عثمان المخزومي، وعبد الله بن جحش الأسدي، وسائرهم من الأنصار. وذكره السيوطي في "الدر" (2 / 371) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن أبي حاتم. وقد أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 87 / ب) من طريق إسرائيل، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ أبي الضحى - في قوله: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سبيل الله أمواتًا} - قَالَ: نَزَلَتْ فِي قَتْلَى أُحُدٍ خاصة؛ استشهد من المهاجرين أربعة وعشرون: حمزة بن عبد المطلب، ومصعب بن عمير، وشمّاس بن عثمان، واستشهد من الأنصار ستة وأربعون. كذا جاء عند ابن أبي حاتم، والذي ذكره المؤلف من أن الذي قتل من المهاجرين هؤلاء الأربعة فقط هو الموافق لما ذكره أهل المغازي. انظر "سيرة ابن هشام" (3 / 129) . (1) يعني ابن مسعود. (2) أي سألوا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، قال ابن القيم - رحمه الله - في "تهذيب سنن أبي داود" (3 / 374) : ((والظاهر - والله أعلم - أن المسئول عن هذه الآية - الذي أشار إليه ابن مسعود - هو رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، وحذفه لظهور العلم به، وأن الوهم لا يذهب إلى سواه، وقد كان ابن مسعود يشتد عليه أن يقول: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -، وكان إذا سمّاه أَرْعَد وتغيّر لونه، وكان كثيرًا ما يقول ألفاظ الحديث موقوفة، وإذا رفع منها شيئًا تحرّى فيه، وقال: أو شِبْهَ هذا، أو قريبًا من هذا، فكأنه - والله أعلم - جرى على عادته في هذا الحديث، وخاف أن لا يؤدّيه =

(فَقَالَ) (3) : أَرْوَاحُهُمْ كَطَيْرٍ خُضْرٍ تَسْرَحُ (فِي الْجَنَّةِ) (3) فِي أَيِّهَا شَاءَتْ، ثُمَّ تَأْوِي إِلَى قَنَادِيلَ مُعَلَّقَةٍ بِالْعَرْشِ، فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ، إِذْ طَلَعَ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ عَزَّ وَجَلَّ اطِّلاعَةً، فَقَالَ لَهُمْ: سَلُونِي مَا شِئْتُمْ، قَالُوا: يَا رَبَّنَا، مَاذَا نَسْأَلُكَ وَنَحْنُ فِي الْجَنَّةِ نَسْرَحُ فِي أَيِّهَا شِئْنَا؟ فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ، إِذْ طَلَعَ رَبُّكَ عَزَّ وَجَلَّ اطَّلَاعَةً، فَقَالَ لَهُمْ: سَلُونِي مَا شِئْتُمْ، قَالُوا: يَا رَبَّنَا، وَمَاذَا نَسْأَلُكَ، وَنَحْنُ فِي الْجَنَّةِ نَسْرَحُ فِي أَيِّهَا شِئْنَا؟ فَلَمَّا رَأَوْا أَنَّهُمْ لَنْ يُتْرَكُوا إِلَّا أَنْ يَسْأَلُوا، قَالُوا: نَسْأَلُكَ أَنْ تَرُدَّ أَرْوَاحَنَا فِي أَجْسَادِنَا فِي الدُّنْيَا حَتَّى نُقْتَلَ فِي سَبِيلِكَ، فَلَمَّا رَأَى أَنَّهُمْ (لَا يَسْأَلُونَ) (4) إلا هذا تُركوا)) .

_ = بلفظه: فلم يذكر رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، والصحابة إنما كانوا يسألون عن معاني القرآن رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -)) . اهـ. (3) ما بين القوسين ليس في الأصل، فأثبته من رواية المصنف للحديث في كتاب الجهاد كما سيأتي. (4) في الأصل: ((لا يسألوا)) . [539] سنده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجه مسلم في "صحيحه" كما سيأتي. وسبق أن أخرجه المصنف في كتاب الجهاد من "سننه" المطبوع (2 / 232 - 233 رقم 2559) من نفس الطريق، مع بعض الاختلاف في متنه. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 373) وعزاه للمصنف وعبد الرزاق في "المصنف" والفريابي وهناد وعبد بن حميد ومسلم والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي في "الدلائل". وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (5 / 308 - 309) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ومن طريقه وطريقين آخرين أخرجه مسلم في "صحيحه" (3 / 1502 - 1503 رقم 121) في الإمارة، باب بيان أن أرواح الشهداء في الجنة. وأخرجه هنّاد في "الزهد" (1 / 120 رقم 154) . وابن ماجه في "سننه" (2 / 936 - 937 رقم 2801) في الجهاد، باب فضل الشهادة في سبيل الله. وابن منده في "الإيمان" (2 / 400 - 401 رقم 244) . والبيهقي في "سننه" (9 / 163) في السير، باب فضل الشهادة في سبيل الله، وفي "شعب الإيمان" (8 / 171 - 172 رقم 3937) ، وفي "دلائل النبوة" (3 / 303) . وابن عساكر في ((الأربعون في الحديث على الجهاد)) (ص114 - 115) . جميعهم من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، به نحوه. وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص81 - 82 رقم 166) عن الأعمش، به نحوه، ولم يذكر قوله: ((فلما رأى أنه لَا يَسْأَلُونَ إِلَّا هَذَا تُرِكُوا)) . ومن طريق الثوري أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (5 / 263 رقم 9554) ، وفي "تفسيره" (1 / 139) . ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (7 / 390 رقم 8218) . وابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" المخطوط (2 / ل 88 / أ) . والطبراني في "المعجم الكبير" (9 / 237 - 238 رقم 9023) . وأخرجه الطيالسي في "مسنده" (ص38 رقم 291) . والدارمي في "سننه" (2 / 126 رقم 2415) . وابن جرير في "تفسيره" (7 / 387 رقم 8208) . ثلاثتهم من طريق شعبة، عن الأعمش، به نحوه مختصرًا. وأخرجه الحميدي في "مسنده" (1 / 66 رقم 120) . =

540 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ السُّلَمي (1) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيل (2) ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ لِي رسول الله صلى [ل122/ب] اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَحْيَا أَبَاكَ، فَقَالَ لَهُ: تَمَنَّ، فَتَمَنَّى أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا، فَيُقْتَلَ مَرَّةً أُخْرَى، فَقَالَ: إِنِّي قَضَيْتُ أَنْ لا يَرْجعون)) .

_ = ومن طريقه أبو عوانة في "مسنده" (5 / 53) . وأخرجه الترمذي في "سننه" (8 / 361 - 362 رقم 4098) في تفسير سورة آل عمران من كتاب التفسير. وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 87 / ب - 88 / أ) . ثلاثتهم من طريق سفيان بن عيينة، عن الأعمش، به نحو سياق سفيان الثوري. وأخرجه مسلم والبيهقي في الموضعين السابقين، كلاهما من طريق عيسى بن يونس وجرير بن عبد الحميد، عن الأعمش، به نحوه. وأخرجاه أيضًا ومعهما ابن منده في الموضع السابق أيضًا، ثلاثتهم من طريق أسباط بن محمد، عن الأعمش، به نحوه. ومن طريق أسباط أيضًا أخرجه قوّام السنة الأصبهاني في "الحجّة" (1 / 358 رقم 199) بنحوه. وأخرجه أبو عوانة في "مسنده" (5 / 54 - 55) من طريق زائدة، عن الأعمش، به نحوه. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (9 / 238 رقم 9024) من طريق قيس بن الربيع، عن الأعمش، به نحوه. وأخرجه البيهقي من طريق عبد الواحد بن زياد، عن الأعمش، مقرونًا برواية أبي معاوية عنده في الموضع السابق من "شعب الإيمان". (1) هو محمد بن علي بن رُبَيِّعَة - بالتصغير والتثقيل -، أبو عَتَّاب السُّلَمي، روى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بن عقيل وأبي وائل شقيق بن سلمة ومنصور بن المعتمر =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وغيرهم، روى عنه هشيم وسفيان بن عيينة ووكيع وغيرهم، وهو ثقة فيه تشيع؛ وثقه ابن معين، وقال أبو حاتم: ((شيعي صدوق، لا بأس به، صالح الحديث)) ، وذكره ابن حبان في الثقات. انظر "الجرح والتعديل" (8 / 26 - 27 رقم 120) ، و"تعجيل المنفعة" (ص246 - 962) . (2) هو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقيل بن أبي طالب الهاشمي، أبو محمد المدني، روى عن أبيه وخاله محمد بن الحنفيّة وابن عمر وأنس وجابر وغيرهم، روى عنه محمد بن عجلان وحماد بن سلمة والسفيانان وغيرهم، وهو صدوق في حديثه لين، ويقال: تغير بأخَرَةٍ، قال ابن المديني: ((لم يدخله مالك في كتبه)) ، وقال: يعقوب بن شيبة: ((ابن عقيل صدوق، وفي حديثه ضعف شديد جدًّا، وكان ابن عيينة يقول: أربعة من قريش يترك حديثهم، فذكره فيهم)) ، وقال ابن المديني عن ابن عيينة: ((رأيته يحدث نفسه، فحملته على أنه قد تغير)) ، وقال الإمام أحمد: ((منكر الحديث)) ، وقال ابن معين: ((لا يحتج به)) ، وفي رواية: ((ضعيف الحديث)) ، وقال ابن سعد: ((منكر الحديث، لا يحتجّون بحديثه، وكان كثير العلم)) ، وقال الترمذي: ((صدوق، وقد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه، وسمعت محمد بن إسماعيل [يعني البخاري] يقول: كان أحمد وإسحاق والحميدي يحتجّون بحديث ابن عقيل. قال محمد بن إسماعيل: وهو مقارب الحديث)) ، وقال العجلي: ((مدني تابعي جائز الحديث)) ، وقال أبو حاتم: ((لين الحديث، ليس بالقوي، ولا ممن يحتج بحديثه ... ، يكتب حديثه)) ، وضعفه النسائي، وكانت وفاته سنة اثنتين وأربعين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 153 - 154 رقم 706) ، و"الكامل" لابن عدي (4 / 1446 - 1448) ، و"التهذيب" (6 / 13 رقم 19) ، و"التقريب" (ص321 رقم 3592) . [540] سنده ضعيف لضعف ابن عقيل من قبل حفظه، وهو حسن لغيره كما سيأتي. وسبق أن أخرجه المصنف في كتاب الجهاد من "سننه" المطبوع (2 / 229 رقم 2550) ، باب ما جاء في فضل الشهادة، بمثل لفظه هنا، إلا أنه قال: =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ((أعلمت أن الله أحيا أباك، فقال: تمنّ)) ، و: ((أن لا ترجعوا)) . وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 371) وعزاه للترمذي وابن ماجه وابن أبي عاصم في "السنة" وابن خزيمة والطبراني والحاكم وابن مردويه والبيهقي في "الدلائل". وقد أخرجه ابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 88 / أ) من طريق المصنِّف، به بلفظ: ((إن الله أحيا أباك، فقال: تَمَنَّ، فَتَمَنَّى أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا فَيُقْتَلَ مَرَّةً أُخْرَى، فَقَالَ الله تعالى: إِنِّي قَضَيْتُ أَنْ لَا يَرْجِعُونَ)) . والحديث مروي عن جابر- رضي الله عنه - من أربع طرق: 1- طريق عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عقيل، وله عنه ثلاث طرق: أ) طريق محمد بن علي السلمي الذي أخرجه المصنف هنا من طريق سفيان بن عيينة عنه. وأخرجه الحميدي في "مسنده" (2 / 532 رقم 1265) . والإمام أحمد في "المسند" (3 / 361) . وأبو يعلى في "مسنده" (4 / 6 رقم 2002) . جميعهم من طريق سفيان بن عيينة، به نحوه. ب) طريق أبي حماد المفضل بن صدقة الحنفي، عن ابن عقيل، قال: سمعت جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما- قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - على الشهداء كلهم يوم أحد، فرجعت وأنا مثقل قد ترك أبي عليَّ دينًا وعيالاً، فلما كان عند الليل أرسل إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -، فقال: ((يا جابر، إن الله قد أحيا أباك وكلمه)) ، وقال: قلت: وكلّمه كلامًا؟ قال: ((وكلمه كلامًا، فقال له: تمنّ، قال: أتمنى أن تردّ روحي، وتنشر خلقي كما كان، وترجعني إلى نبيك فأقاتل في سبيلك فأقتل مرة أخرى)) . أخرجه عثمان بن سعيد الدارمي في "الرد على الجهمية" (ص145 رقم 303) من طريق أبي إسحاق الفزاري، عن أبي حماد الحنفي، به =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ومن طريق الدارمي أخرجه الحاكم في "المستدرك" (2 / 119 - 120) . قال الحاكم: ((صحيح الإسناد، ولم يخرجاه)) ، فتعقبه الذهبي بقوله: ((قلت: أبو حماد هذا هو المفضل بن صدقة، قال النسائي: متروك)) . أقول: ومع ضعف ابن عقيل، ففي سنده المفضل بن صدقة أبو حماد الحنفي الكوفي، وهو ضعيف؛ ففي إسناد هذا الحديث قال عنه أبو إسحاق الفزازي: ((وكان من أوثق أهل زمانه)) ، وقال البغوي: ((كوفي صالح الحديث)) ، وقال ابن عدي: ((ما أرى بحديثه بأسًا، وكان أحمد بن محمد بن سعيد يثني عليه ثناء تامًا)) ، وقال الأهوازي: ((كان عطاء بن مسلم يوثقه)) ، وقال ابن معين: ((ليس بشيء)) ، وقال أبو حاتم: ((ليس بشيء، يكتب حديثه)) ، وقال النسائي: ((متروك الحديث)) . اهـ. من الموضع السابق من "كتاب الدارمي"، و"الكامل" لابن عدي (6 / 2403 - 2404) ، و"لسان الميزان" (6 / 80 - 81 رقم 291) . جـ) طريق محمد بن إسحاق بن يسار، حدثني أصحابنا، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بن عقيل، قال: سمعت جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -: ((ألا أبشرك يا جابر؟)) قال: قلت: بلى يا نبي الله، قال: ((إن أباك حيث أصيب بأحد، أحياه الله عز وجل، ثم قال له: ما تحب يا عبد الله بن عمرو أن أفعل بك؟ قال: أي ربّ، أحبّ أن تردني إلى الدنيا، فأقاتل فيك، فأقتل مرة أخرى)) . أخرجه ابن إسحاق في "المغازي" كما في "السيرة النبوية" لابن هشام (3 / 127) . ومن طريقه أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (7 / 388 - 389 رقم 8214) . وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2 / 193) . ومع ضعف ابن عقيل، ففيه هذا الراوي المبهم شيخ ابن إسحاق. (2) طريق موسى بن إبراهيم بن كثير الأنصاري، سمعت طلحة بن خراش، سمعت جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: لقيني رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - فقال لي: ((يا جابر، مالي أراك منكسرًا؟)) قلت: يا رسول الله، استشهد أبي وترك عيالاً ودينًا، قال: قال: ((ألا =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = أبشرك بما لقي الله به أباك؟)) قال: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: ((ما كلّم الله أحدًا قط إلا من وراء حجابه، وأحيا أباك فكلّمه كفاحًا، فقال: تمنّ عليّ أعطك، قال: يا رب، تحييني فأقتل فيك ثانية، قال الرب تبارك وتعالى: إنه قد سبق مني أنهم إليها لا يرجعون)) ، قال: وأنزلت هذه الآية. {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سبيل الله أمواتًا} . أخرجه الترمذي (8 / 360 - 361 رقم 4097) في تفسير سورة آل عمران من كتاب التفسير، واللفظ له. وابن ماجه في "سننه" (1 / 68 رقم 190) في المقدمة، باب فيما أنكرت الجهمية، و (2 / 936 رقم 2800) في الجهاد، باب فضل الشهادة في سبيل الله. وابن الأعرابي في "معجمه" (ص425) . وعثمان بن سعيد الدارمي في "الرد على الجهمية" (ص60 و 137 رقم 115 و 289) . وابن أبي عاصم في "السنة" (1 / 267 رقم 602) ، وفي الجهاد (2 / 511 - 512 رقم 196) . وابن خزيمة في "التوحيد" (2 / 890 - 891 رقم 599) . وابن حبان في "صحيحه" (9 / 83 رقم 6983 / الإحسان بتحقيق الحوت) . والإسماعيلي في "معجم شيوخه" (2 / 668) . ومن طريقه الحاكم في "المستدرك" (3 / 203 - 204) . وأخرجه ابن مردويه في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" (1 / 427) . والبيهقي في "دلائل النبوة" (3 / 298 - 299) . والواحدي في "أسباب النزول" (ص124) . وقوّام السنة الأصبهاني في "الحجّة" (1 / 268 و 394 رقم 119 و 232) . والبغوي في "تفسيره" (1 / 370) . جميعهم من طريق موسى بن إبراهيم، به. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = قال الترمذي: ((هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، لا نعرفه إلا من حديث موسى بن إبراهيم)) . وقال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)) . وقال الشيخ الألباني في تعليقه على الموضع السابق من "السنة" لابن أبي عاصم: ((إسناده حسن، ورجاله صدوقون على ضعف في موسى بن إبراهيم بن كثير)) . قلت: سنده ضعيف؛ فيه موسى بن إبراهيم بن كثير بن بشير بن الفَاكِه الأنصاري الحَرَامي - بفتح المهملة والراء-، المدني، روى عن طلحة بن خراش ويحيى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قتادة، روى عنه يوسف بن عدي وعلي بن المديني وإبراهيم بن المنذر الحزامي وغيرهم، وقد ذكره ابن حبان في "الثقات" (7 / 449) ، وقال: ((كان ممن يخطئ)) ، وذكره الذهبي في "الميزان" (4 / 199 رقم 8843) ، وقال: ((مدني صالح، وقال ابن حجر في "التقريب" (ص549 رقم 6942) : ((صدوق يخطئ)) ، وانظر "التهذيب" (10 / 333 رقم 583) . (3) طريق عياض بن عبد الله، عن جابر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -: ((ألا أخبرك؟)) قلت: بلى، فقال: ((إن أباك عُرض على ربه ليس بينه وبينه ستر، فقال: سل تعطه)) . أخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (1 / 268 رقم 603) ، وفي الجهاد (2 / 548 رقم 215) ، من طريق الوليد بن مسلم، عن صدقة أبي معاوية، عن عياض بن عبد الله، به. وهذا إسناد ضعيف جدًّا. فعياض بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الفِهْري يروي عن إبراهيم بن عبيد بن رفاعة والزهري وأبي الزبير وغيرهم، روى عنه صدقة بن عبد الله أبو معاوية السَّمين وابن لهيعة وابن وهب وغيرهم، فهو لم يسمع من أحد من الصحابة، فالإسناد منقطع بينه وبين جابر، ومع هذا فهو ضعيف؛ ضعفه ابن معين، وقال البخاري: ((منكر الحديث)) ، وقال أبو حاتم: ((ليس بالقوي)) ، وقال الساجي: ((روى عنه =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ابن وهب أحاديث فيها نظر)) ، وذكره ابن حبان في الثقات، وكذا ابن شاهين وقال: ((قال أحمد بن صالح: عياض بن عبد الله الفهري من أهل المدينة، ثبت له بالمدينة شأن، وفي حديثه شيء)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (6 / 409 رقم 2285) ، و"الضعفاء" للعقيلي (3 / 350 - 351) ، و"تاريخ أسماء الثقات" لابن شاهين (ص180 رقم 1097) ، و"التهذيب" (8 / 201 رقم 370) . وصَدَقة بن عبد الله السَّمين، أبو معاوية، أو أبو محمد الدمشقي، يروي عن زيد بن واقد وابن جريج وسعيد بن أبي عروبة وغيرهم، روى عنه إسماعيل بن عياش وبقية بن الوليد والوليد بن مسلم وغيرهم، وهو ضعيف؛ ضعفه ابن معين والبخاري وأبو زرعة والنسائي، وقال الإمام أحمد: ((ما كان من حديثه مرفوعًا فهو منكر، وما كان من حديثه مرسلاً عن مكحول فهو أسهل، وهو ضعيف جدًّا)) ، واختلفت عبارة دحيم فيه، فوثقه في بعض الروايات عنه وضعفه في بعضها الآخر. انظر "الكامل" لابن عدي (4 / 1392 - 1939) ، و"التهذيب" (4 / 415 - 416 رقم 717) ، و"التقريب" (ص275 رقم 2913) . والوليد بن مسلم تقدم في الحديث [130] أنه مدلس، ويدلس أيضًا تدليس التسوية، ولم يصرح بالسماع بينه وبين شيخه ولا مَنْ فوقه. (4) طريق محمد بن سليمان بن سليط الأنصاري، عن أبيه، عن جابر، به نحو حديث موسى بن إبراهيم. أخرجه ابن مردويه في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" (1 / 427) . وفي سنده محمد بن سليمان بن سَلِيط الأنصاري السالمي، وهو مجهول كما قال أبو حاتم والعقيلي، وهو يروي عن أبيه، ولم يرو عنه سوى عبد العزيز بن يحيى وهو واه كما قال الذهبي. انظر "الجرح والتعديل" (7 / 269 رقم 1474) ، و"الضعفاء" للعقيلي (4 / 74) ، و"ميزان الاعتدال" (3 / 573 رقم 7640) ، و"لسان الميزان" (5 / 190 رقم 659) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وعليه فالحديث حسن لغيره بمجموع طريقي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عقيل عن جابر، وموسى بن إبراهيم، عن طلحة بن خراش، عن جابر. وله شاهد من حديث عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - لجابر: ((يا جابر، ألا أبشرك؟)) قال: بلى بشرني بشرك الله بالخير، قال: ((أشعرت أَنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - أَحْيَا أباك، فأقعده بين يديه، فقال: تمنّ عليّ عبدي ما شئت أعطيكه، فقال: يا رب، ما عبدتك حق عبادتك، أتمنى أن تردني إلى الدنيا فأقتل مع النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مرة أخرى، فقال: سبق مني أنك إليها لا ترجع؟)) . أخرجه البزار في "مسنده" كما في "كشف الأستار" (3 / 259 رقم 2706) . والطبراني في "الكبير" كما في "مجمع الزوائد" (9 / 317) . والحاكم في "المستدرك" (3 / 203) . ومن طريقه البيهقي في "دلائل النبوة" (3 / 298) . جميعهم من طريق فيض بن وُثَيْق، عن أبي عبادة الأنصاري، عن ابن شهاب الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، به. وصحح الحاكم هذا الحديث، فتعقبه الذهبي بقوله: ((فيض كذاب)) . وقال الهيثمي في الموضع السابق من "مجمع الزوائد": ((رواه الطبراني والبزار من طريق الفيض بن وثيق، عن أبي عبادة الزرقي، وكلاهما ضعيف)) . قلت: أما فيض بن وُثَيق بن يوسف بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أبي العاص، فقد قال عنه ابن معين: ((كذا خبيث)) ، وذكره ابن حبان في الثقات، وذكره ابن أبي حاتم وبيّض له، وذكر أن أباه وأبا زرعة رويا عنه، وذكر الذهبي في "تلخيص المستدرك" أنه كذاب تبعًا لابن معين، بينما ذكره في "ميزان الاعتدال"، وقال: ((قال ابن معين: كذاب خبيث، قلت: قد روى عنه أبو زرعة وأبو حاتم، وهو مقارب الحال إن شاء الله)) . انظر "الجرح والتعديل" (7 / 88 رقم 501) ، و"الميزان" (3 / 366 رقم 6787) ، و"اللسان" (4 / 455 - 456 رقم 1409) . فالذي يظهر أن الذهبي - رحمه الله - رجع عن قوله بتكذيب فيض هذا، فالراجح =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا للهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ القَرْحُ} ] 541- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، " أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ القُرح} .

_ = من حاله أنه ضعيف وليس بكذاب. والحديث سنده ضعيف جدًّا، فالذي روى عن فيض هذا الحديث هو عيسى ابن عبد الرحمن، بن فَرْوة الأنصاري، أبو عبادة الزُّرَقي، وهو متروك، قال البخاري: ((منكر الحديث)) ، وقال أبو حاتم: ((منكر الحديث، ضعيف الحديث، شبيه بالمتروك، لا أعلم روى عن الزهري حديثًا صحيحًا)) ، وقال أبو زرعة: ((ليس بالقوي)) ، وقال النسائي: ((منكر الحديث)) ، وقال ابن حبان: ((كان ممن يروي المناكير عن المشاهير، روى عن الزهري ما ليس من حديثه من غير أن يدلِّس عنه، فاستحق الترك)) ، وقال ابن عدي: ((يروي عن الزهري مناكير)) ، وقال العقيلي: ((مضطرب الحديث)) ، وقال الأزدي: ((منكر الحديث مجهول)) . اهـ. من "التاريخ الكبير" (6 / 391) ، و"الجرح والتعديل" (6 / 281 - 282) ، و"المجروحين" لابن حبان (2 / 119 - 120) ، و"الميزان" (3 / 317) ، و"التهذيب" (8 / 218 - 219) ، و"التقريب" (ص439 رقم 5306) . وعليه فالحديث لا يتقّوى بهذا الشاهد لشدّة ضعفه، فيبقى على أنه حسن لغيره بالطرق التي تقدمت الإشارة إليها، والله أعلم. [541] سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف لأن مغيرة بن مقسم في الحديث [54] أنه يدلس لاسيّما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه ولم يصرح فيها بالسماع. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 388) وعزاه للمصنف وحده. وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (8 / 228) : ((روى سعيد بن منصور بإسناد جيد عن ابن مسعود أنه قرأ: {القُرح} - بالضم -، قلت: وهي قراءة أهل =

542- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا عَبَّادُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، وَأَبُو الأشْهب (1) ، عَنْ أَبِي رَجَاء (2) ، أَنَّهُمَا كَانَا يَقْرَآنِ: {مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ} (3) . [قَوْلُهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} ] 543 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: " كَانَتْ بَدْرٌ (4) مَتْجَرًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاعَدَ أَبَا سُفْيَانَ أَنْ يَلْقَاهُ بِهَا، ولقيهم

_ = الكوفة. وذكر أبو عبيد عن عائشة أنها قالت: اقرأها بالفتح لا بالضم. قال الأخفش: القُرح بالضم، وبالفتح المصدر، فالضم لغة أهل الحجاز، والفتح لغة غيرهم، كالضُّعف والضَّعف. حكى الفرّاء أنه بالضم الجرح، وبالفتح ألمه. وقال الراغب: القَرح بالفتح: أثر الجراحة، وبالضم أثرها من الداخل)) . اهـ. (1) هو جعفر بن حيّان. (2) هو عمران بن مِلْحَان. (3) لم تضبط القراءة في الأصل، وانظر التعليق على الحديث السابق. [542] سند قراءة الحسن البصري حسن لذاته، فعباد بن راشد تقدم في الحديث [183] أنه صدوق. وأما سند قراءة أبي رجاء فظاهره الصحة، لكن هشيمًا يدلِّس تدليس العطف على ما سبق بيانه في الحديث [380] ، فأخشى أن يكون هذا منه، فإنه لم يصرح بالسماع من أبي الأشهب، وتقدم مثل هذا الإسناد في الحديث [472] . (4) بَدْرٌ: ماء مشهور بين مكة والمدينة، وبه سُمِّيت الوقعة المشهورة بين المسلمين والمشركين، التي أظهر الله بها الإسلام، وفرّق بين الحق والباطل، وكانت في شهر رمضان، سنة اثتنين للهجرة. انظر "معجم البلدان" (1 / 357 - 358) .

رَجُلٌ، فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّ بِهَا (جَمْعًا عَظِيمًا) (5) مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَنَدَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ، فَأَتَوْا بَدْرًا، فَلَمْ يَلْقَوْا أَحَدًا، فَرَجَعَ الجَبَانُ، ومَضَى الْجَرِيءُ، فَتَسَوَّقوا بِهَا، وَلَمْ يَلْقَوْا أَحَدًا، فَنَزَلَتْ: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَفَضْلٍ} .

_ (5) في الأصل: ((جمع عظيم)) ، والتصويب من الموضع الآتي من "السنن" للمصنف. [543] سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مُرْسِله عكرمة. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 389) وعزاه للمصنف وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم. والحديث أعاده المصنف هنا، وكان قد رواه في كتاب الجهاد، باب جامع الشهادة (2 / 354 - 355 رقم 2914) بمثل ما هنا، إلا أنه قال هناك ((فلقيهم رجل فقال: إن بها ... )) ، و ((فأتوا بدرًا، فلم يلقوا بها أحدًا)) . وقد أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 140) . ومن طريقه ابن جرير في "تفسيره" (7 / 412 رقم 8250) . وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 90 / أ) . أما عبد الرزاق فعن سفيان بن عيينة بلا واسطة، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق ابن أبي عمر، عن سفيان، به نحوه. وأخرجه النسائي في "تفسيره" (1 / 343 - 345 رقم 103) . وابن مردويه في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" (1 / 428) . والطبراني في "المعجم الكبير" (11 / 247 رقم 11632) . ثلاثتهم من طريق محمد بن منصور الجوّاز، عن سفيان بن عيينة، عن عمرو، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: لما انصرف المشركون عن أحد وبلغوا الرَّوْحاء قالوا: لا محمدًا قتلتموه، ولا الكواعب أردفتم، وبئس ما صنعتم، ارجعوا، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -، فندب الناس، فانتدبوا حتى بلغوا حمراء الأسد وبئر أبي عُتَيْبة، فأنزل الله: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا للهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ القَرْحُ} ، وقد كان أبو سفيان قال لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: موعدك موسم بدر حيث قتلتم أصحابنا، =

544- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ مُطَرِّف (1) ، عَنْ عَطِيَّةَ العَوْفي (2) ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْري قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((كَيْفَ أَنْعَمُ، وَقَدِ التَقَمَ صاحبُ القرنِ القرنَ، وَحنَى جَبْهتَهُ، وأصْغَى سَمْعَهُ مَتَى يُؤْمَرُ، فَيَنْفُخُ فِي الصُّور؟)) (3) قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: ((قُولُوا: حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، توكلنا على الله)) .

_ = فأما الجبان فرجع، وأما الشجاع فأخذ أهبة القتال والتجارة، فلم يجدوا به أحدًا، وتسوَّقوا، فأنزل الله تعالى: {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لم يمسسهم سوء} . وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 89 / أ) من طريق محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ، عن سفيان، به نحو اللفظ السابق، إلا أنه لم يذكر فيه ابن عباس. فهؤلاء أربعة من الرواة رووه عن سفيان، به مرسلاً ليس فيه ذكر لابن عباس، وهم سعيد بن منصور وعبد الرزاق وابن أبي عمر ومحمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ. وخالفهم محمد بن منصور الجوّاز، فرواه عن سفيان موصولاً. والرواية المرسلة أرجح من الموصولة، لاتفاق أولئك الأربعة على روايته على هذا الوجه، وهذا ما رجحه الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (8 / 228 - 229) ؛ حيث ذكر الحديث، ثم قال: ((أخرجه النسائي وابن مردويه، ورجاله رجال الصحيح، إلا أن المحفوظ إرساله غيره عكرمة، ليس فيه ابن عباس، ومن الطريق المرسلة أخرجه ابن أبي حاتم وغيره)) . اهـ. (1) هو مُطَرِّف - بضم أوّله وفتح ثانيه وتشديد الراء المكسورة - ابن طَريف الحارثي، ويقال: الخَارِفي، أبو بكر، ويقال: أبو عبد الرحمن الكوفي، روى عن الشعبي وأبي إسحاق السبيعي وعطية العوفي وغيرهم، روى عنه السفيانان وأبو عوانة وهشيم وغيرهم، وهو ثقة فاضل، روى له الجماعة، وقال الشافعي: ((ما كان ابن عيينة بأحد أشدّ إعجابًا منه بمطرِّف)) ، وقال ابن المديني: ((حدثنا سفيان، حدثنا مطرف وكان ثقة)) ، ووثقه الإمام أحمد وأبو حاتم الرازي، وقال العجلي: ((صالح الكتاب، ثقة ثبت في الحديث، ما يذكر عنه إلا الخير في المذهب)) ، وقال يعقوب بن شيبة: ((ثقة ثبت)) ، وذكره ابن شاهين في الثقات)) ، ونقل عن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = عثمان بن أبي شيبة أنه قال: ((ثقة صدوق، وليس بثبت)) ، وكانت وفاته سنة ثلاث وثلاثين ومائة، وقيل: سنة ثلاث وأربعين، وقيل: سنة إحدى أو اثنتين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (8 / 717 رقم 1448) ، و"تاريخ أسماء الثقات" (ص225 رقم 1364) ، و"التهذيب" (10 / 172 - 173 رقم 323) ، و"التقريب" (ص534 رقم 6705) . (2) هو ابن سعد العَوْفي، تقدم في الحديث [454] أنه ضعيف. (3) الصُّورُ كهيئة البُوق، وقيل: هو البوق الذي يزمر به، والمراد به هنا: القَرْن الذي ينفح فيه إسرافيل عليه السلام عند بعث الموتى إلى المحشر. اهـ. انظر "النهاية في غريب الحديث" (3 / 60) ، و"الصحاح" للجوهري (2 / 716 - 717) ، و"تحفة الأحوذي (7 / 117) . [544] سنده ضعيف لضعف عطية بن سعد العَوْفي، وهو صحيح لغيره كما سيأتي. فللحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه طريقان: (1) طريق عطية العوفي هذا الذي أخرجه المصنف هنا عن سفيان، عن مطرف، عنه. وأخرجه الحميدي في "مسنده" (2 / 331 - 333 رقم 754) . ومن طريقه الحاكم في "المستدرك"، وقد سقط من المطبوع، وهو في المخطوط (3 / ل 297 / ب) . وأبو نعيم في "الحلية" (7 / 312) . وأخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" (1 / 464 رقم 540) . والإمام أحمد في "المسند" (3 / 7) . وعبد بن حميد في "مسنده" (ص279 رقم 886 / المنتخب) . والترمذي في "سننه" (9 / 115 - 116 رقم 3194) في تفسير سورة الزمر من كتاب التفسير. جميعهم من طريق سفيان بن عيينة، به نحوه. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = قال الترمذي: ((هذا حديث حسن)) . وأخرجه الطبراني في "معجمه الصغير" (1 / 24) . والإسماعيلي في "معجم شيوخه" (1 / 427 - 428) . وأبو الشيخ في "العظمة" (3 / 854 رقم 397) . أما الطبراني فمن طريق زهير بن حرب، وأما أبو الشيخ والإسماعيلي فمن طريق روح بن عبادة، كلاهما عن سفيان، به نحوه، إلا أنهما جعلا مكان مُطَرِّف: عمارًا الدُّهني، فالذي يظهر أن لابن عيينة فيه إسنادين. وأخرجه عبدا الله بن المبارك في "كتاب الزهد" (ص557 رقم 1597) ، عن أبي العلاء خالد بن طهمان، عن عطية، به نحوه. ومن طريق ابن المبارك أخرجه: الترمذي في "سننه" (1 / 117 - 118 رقم 2548) في صفة القيامة، باب ما جاء في الصور. والدولابي في "الكنى والإسماء" (2 / 50) . والبغوي في "شرح السنة" (15 / 102 - 103 رقم 4298) . قال الترمذي: ((هذا حديث حسن، وقد روي من غير وجهٍ هذا الحديث عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - نحوه)) . وقال البغوي: ((هذا حديث حسن)) . وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 374) عن شيخه أبي أحمد الزُّبَيْري، عن خالد بن طهمان، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، به، فوافق أبو أحمد عبدَ الله بن المبارك على روايته عن خالد على هذا الوجه. وخالفهما محمد بن ربيعة، فرواه عن خالد بن طهمان، عن عطية، عن زيد ابن أرقم، به نحوه. أخرجه الإمام أحمد في الموضع السابق. والطبراني في "المعجم الكبير" (5 / 222 رقم 5072) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ورواية ابن المبارك وأبي أحمد أرجح بلا شك، فهما أكثر عددًا، بالإضافة إلى كونهما بلغا من الثقة والإتقان مبلغًا، فابن المبارك ثقة ثبت فقيه عالم جواد مجاهد جُمعت فيه خصال الخير كما في ترجمته في الحديث [42] . وأبو أحمد الزُّبَيْري تقدم في الحديث [323] أنه ثقة ثبت. وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (3 / 73) من طريق عبد الرزاق، عن الثوري، عن الأعمش، عن عطية، به نحوه. وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" (7 / 130) . والبغوي في "شرح السنة" (15 / 103 رقم 4299) . كلاهما من طريق أبي حذيفة النهدي، عن سفيان الثوري، عن الأعمش، عن عطية، به نحوه. قال أبو نعيم: ((غريب من حديث الثوري، لا أعلمه رواه غير أبي حذيفة)) . قلت: بل رواه عبد الرزاق أيضًا عن الثوري كما سبق. لكن الأعمش دلّس هذا الحديث، فإن الإمام أحمد أخرجه في "المسند" (3 / 9 - 10) ، فقال: ثنا أبو معاوية، ثنا الأعمش، عن سعد الطائي، عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ، عَنْ أَبِي سعيد الخدري قال: ذكر رسول - صلى الله عليه وسلم - صاحب الصور، فقال: ((عن يمينه جبريل، وعن يساره ميكائيل عليهم السلام)) . ورواه موسى بن أعين، عن عمران البارقي، عن عطية، به نحو لفظ المصنِّف. أخرجه أبو الشخ في "العظمة" (3 / 851 - 853 رقم 396) . والبيهقي في "شعب الإيمان" (2 / 193 - 195 رقم 346) . وأخرجه أيضًا أبو يعلى في مسند أبي هريرة كما في "النهاية" لابن كثير (1 / 212) ، لكن وقع خطأ طباعي، فبدلاً من قوله: ((عن عمران، عن عطية)) ، جاء هكذا: ((عن عمران بن عطية)) . فالذي يظهر أن الأعمش لما تحصّل له الحديث من أكثر من طريق عن عطية، كان ينشط أحيانًا فيذكر الواسطة، ويكسل أحيانًا فلا يذكرها. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأخرجه محمد بن إبراهيم الجرجاني في "أماليه" (ل 120 / ب) ، من طريق عبيد الله بن موسى، عن مالك بن مغول، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، به نحوه. وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" (5 / 105) من طريق الفريابي، عن سفيان الثوري، عن عمرو بن قيس، عن عطية، به نحوه. (2) طريق أبي صالح ذكوان السَّمَّان، عن أبي سعيد، به نحوه. أخرجه أبن أبي الدنيا في "كتاب الأهوال" (ل 4 / ب) . وأبو يعلى في "مسنده" (2 / 339 - 340 رقم 1084) . ومن طريق أبي يعلى، وطريق آخر أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (3 / 105 - 106 رقم 823 / الإحسان) . أما ابن أبي الدنيا وأبو يعلى فعن عثمان بن أبي شيبة بلا واسطة، وأما ابن حبان فمن طريق عبد الله بن البخاري، عن عثمان بن أبي شيبة، عن جرير، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، به. وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (4 / 559) من طريق إسماعيل بن إبراهيم أبي يحيى التَّيْمي، عن الأعمش، به نحوه. قال الحاكم: ((لم نكتبه من حديث الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أبي سعيد إلا بهذا الإسناد، ولولا أن أبا يحيى التيمي على الطريق، لحكمت للحديث بالصحة على شرط الشيخين رضي الله عنهما)) فتعقبه الذهبي بقوله: ((أبو يحيى واه)) . ولم ينفرد أبو يحيى بهذا الحديث، بل تابعه جرير كما سبق، وتابعه أيضًا أبو مسلم قائد الأعمش، عن الأعمش، به نحوه. أخرجه الخطيب البغدادي في "تاريخه" (3 / 363) . والطريق الأولى التي أخرجها ابن أبي الدنيا وأبو يعلى وابن حبان سندها صحيح. فأبو صالح ذكوان السَّمَّان والأعمش وجرير بن عبد الحميد ثقات تقدمت تراجمهم. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ورواية الأعمش عن أبي صالح صحيحة وإن كانت بالعنعنة كما تقدم بيانه في الحديث رقم [3] . وعثمان بن محمد بن إبراهيم بن عثمان العَبْسي، أبو الحسن بن أبي شيبة الكوفي، يروي عن هشيم وعَبْدة بن سليمان وجرير بن عبد الحميد وغيرهم، روى عنه الجماعة الترمذي والنسائي، وروى عنه أيضًا ابنه محمد وأبو زرعة وأبو حاتم وابن أبي الدنيا وأبو يعلى وغيرهم، وهو ثقة حافظ شهير، قال فضلك الرازي: سألت ابن معين عن محمد بن حميد الرازي فقال: ((ثقة)) ، وسألته عن عثمان بن أبي شيبة فقال: ((ثقة)) ، فقلت: من أحب إليك، ابن حميد، أو عثمان؟ فقال: ((ثقتين أمينين مأمونين)) ، وقال أبو حاتم: ((صدوق)) ، وقال أيضًا: سمعت رجلاً يسأل محمد بن عبد الله بن نمير عن عثمان، فقال: سبحان الله! ومثله يُسئل عنه؟ إنما يُسئل هو عنا)) ، وكانت ولادته سنة ست وخمسين ومائة، ووفاته سنة تسع وثلاثين ومائتين. أهـ. من "الجرح والتعديل" (2 / 166 - 167 رقم 913) ، و"التهذيب" (7 / 149 - 151 رقم 298) ، وانظر "التقريب" (ص386 رقم 4513) . أقول: وقد جرح عثمان بن أبي شيبة بأمرين: أحدهما: أنه كان لا يحفظ القرآن، فكان يصحِّف، والآخر: تفرده بأحاديث انتقدت عليه. أما الأول فلا يُعدُّ جارحًا إلا إذا كثر من المُحَدِّث، ولا أظنه إلا قد بولغ فيما نقل عنه، حتى قالوا: إنه قرأ قوله تعالى: {ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل} ، قالوا: قرأها: ألف، لام، ميم، يعني مثل فاتحة سورة البقرة. قال الذهبي معلقًا على هذه الحكاية: ((لعله سبق لسان، وإلا فقطعًا كان يحفظ سورة الفيل، وهذا تفسيره قد حمله الناس عنه)) . اهـ. وقال الخطيب: ((لم يُحْكَ عن أحد من المحدثين من التصحيف في القرآن أكثر مما حُكي عن عثمان بن أبي شيبة)) . أقول: ومثل هذه الأمور لا أشك في أنه قد بولغ فيها لأنها مدعاة للتندُّر وإلا =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = فهل يعقل أنه كان لا يحفظ سورة الفيل؟! وإذا كان لم يحفظها، أما سمع أحدًا يقرأها في صلاة أو غير ذلك؟ وأما الجرح الثاني، وهو ما أُخذ عليه في تفرده بحديثين، حتى إن عبد الله بن الإمام أحمد ذكرهما لأبيه، قال: ((فأنكر أبي هذه الأحاديث، مع أحاديث من هذا النحو أنكرها جدًّا وقال: هذه موضوعة، أو: كأنها موضوعة)) . وقال أبو الفتح الأزدي: ((رأيت أصحابنا يذكرون أن عثمان روى أحاديث، لا يتابع عليها)) . قال الذهبي: ((قلت: عثمان لا يحتاج إلى متابع، ولا ينكر له أن ينفرد بأحاديث لِسَعةِ ما روى، وقد يغلط، وقد اعتمده الشيخان في صحيحهما، وروى عنه أبو يعلى والبغوي والناس، وقد سئل عنه أحمد، فقال: ما علمت إلا خيرًا، وأثنى عليه، وقال يحيى: ثقة مأمون)) . انظر فيما سبق "ميزان الاعتدال" (3 / 36 - 37) . وقال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (11 / 152) : ((لا ريب أنه كان في حافظًا متقنًا، وقد تفرد في سعة علمه بخبرين منكرين عن جرير الضَّبِّي، ذكرتهما في "ميزان الاعتدال"، غضب أحمد بن حنبل منه لكونه حدث بهما)) . قلت: لكن هناك ما يمكن أن يستدل به على أن الحمل فيهما على غير عثمان؛ فإن الخطيب البغدادي - رحمه الله - ذكر الحديثين في "تاريخ بغداد" (11 / 284 - 286) ، أما الأول، فرواه عثمان، عن جرير، عن شيبة بن نعامة، عن فاطمة بنت حسين، عن فاطمة الكبرى، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - في العصبة. فهذا ذكر الخطيب أن عثمان قد تُوبع عليه؛ قال الخطيب: ((أما حديث شيبة، فقد رواه عن جرير غير عثمان..)) ، ثم ساقه بإسنادين أحدهما عن أبي العوّام، والآخر، عن حسين الأشقر، كلاهما عن جرير به. وأما الآخر، فرواه عثمان عن جرير، عن سفيان الثوري، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ ابن عقيل، عن جابر قال: كان النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في أول الأمر يشهد مع المشركين =

545- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: إِنْ كَانَ أَبَوَاكِ مِنَ: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا للهِ وَالرَّسُولِ} .

_ = أعيادهم حتى نُهي عنه. فهذا الحديث قد تكون التَّبِعَةُ فيه على من فوق عثمان، وهذا ما بينه الخطيب البغدادي، فرواه من طريق أبى زرعة الرازي، عن عثمان بن أبى شيبة، عن جرير، عن سفيان بن عبد الله بن زياد بن حُدَير، عن ابن عقيل، به. قال الخطيب: ((كذا قال: عن سفيان بن عبد الله بن زياد بن حُدَير بدل سفيان الثوري، وعندي أن هذا أشبه بالصواب، والله أعلم)) . اهـ. فالذي يظهر أن عثمان حدث به عن جرير، عن سفيان ولم ينسبه، فظنه بعضهم سفيان الثوري، وحدث به أبا زرعة فنسبه له، فانتفت عنه شبهة هذا الحديث. وعليه يتضح أن عثمان - رحمه الله - ثقة حافظ؛ يقول عنه الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (11 / 151) : ((الإمام الحافظ الكبير المفسِّر)) . وعليه يتضح أن الحديث بهذه المتابعة صحيح لغيره، والله أعلم. [545] سنده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه كما سيأتي. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 386 - 387) وعزاه للمصنف وابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم وابن ماجه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في "الدلائل". وقد أخرجه الحميدي في "مسنده" (1 / 128 رقم 263) عن سفيان، به بلفظ: يا ابن أختي، إن كان أبواك لمن الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بعدما أصابهم القرح: أبو بكر والزبير بن العوام. ومن طريق الحميدي أخرجه ابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 89 / أ) . وأخرجه ابن ماجه في "سننه" (1 / 46 رقم 124) في فضل الزبير رضي الله عنه =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = من باب فضائل أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - من المقدمة. وابن جرير الطبري في "تفسيره" (7 / 403 رقم 8241) . وابن أبي داود في "مسند عائشة" (ص55 رقم 16) . أما ابن ماجه فمن طريق هشام بن عمار وهديّة بن عبد الوهاب، وأما الطبري فمن طريق سعد بن الربيع، وأما ابن أبي داود فمن طريق المسيب بن واضح، جميعهم عن سفيان بن عيينة، به، ولفظ ابن أبي داود نحو لفظ المصنف، ولفظ ابن ماجه وابن جرير نحو لفظ الحميدي. وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" (3 / 104) . والبخاري في "صحيحه" (7 / 373 رقم 4077) في المغازي، باب: {الذين استجابوا لله والرسول} . ومسلم في "صحيحه" (4 / 1880 - 1881 رقم 51) في فضل طلحة والزبير من كتاب فضائل الصحابة. وابن جرير في "تفسيره" (7 / 402 رقم 8239) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 89 / أ) . والحاكم في "المستدرك" (2 / 298) . والبيهقي في "دلائل النبوة" (3 / 312) . أما ابن سعد فمن طريق عبد الله بن نمير، وأما البخاري والبيهقي فمن طريق أبي معاوية، وأما مسلم فمن طريق عبد الله بن نمير وعبدة بن سليمان وأبي أسامة حماد بن أسامة، وأما ابن جرير والحاكم فمن طريق أبي سعيد محمد بن مسلم المؤدب، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق عبدة بن سليمان، جميعهم عن هشام بن عروة، به نحو لفظ المصنف، إلا أن ابن جرير والحاكم وابن أبي حاتم زادوا أنها تعني أبا بكر والزبير. وأما البخاري والبيهقي فأخرجاه من طريق أبي معاوية بلفظ: عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} ] 546 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مَعْشَر (1) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ (2) قَالَ: الْمَوَتُ خَيْرٌ لِلْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ، ثُمَّ تَلَا: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ (3) إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا} ، {وَمَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ} ، ثُمَّ (قَالَ) (4) : إِنَّ الْكَافِرَ مَا عَاشَ كَانَ أشَدَّ لِعَذَابِهِ يَوْمَ القيامة.

_ = منهم واتقوا أجر عظيم} ، قالت لعروة: يا ابن أختي، كأن أبواك منهم: الزبير وأبو بكر؛ لما أصاب رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - ما أصاب يوم أحد، وانصرف عنه المشركون، خاف أن يرجعوا، قال: من يذهب في إثرهم؟ فانتدب منهم سبعون رجلاً، قال: كان فيهم أبو بكر والزبير. اهـ.، واللفظ للبخاري. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (12 / 94 رقم 12218) . ومسلم في الموضع السابق برقم (52) . والحاكم في "المستدرك" (3 / 363) . جميعهم من طريق إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عبد الله البَهِيّ، عن عروة، عن عائشة، به نحوه، إلا أن ابن أبي شيبة لم يذكر الأبوين، وإنما قال: ((كان الزبير)) ، وأما الحاكم فقال: ((إن أباك)) . (1) هو نجيح بن عبد الرحمن السِّندي، تقدم في الحديث [167] أنه ضعيف. (2) هو القُرَظي، تقدم في الحديث [4] أنه ثقة عالم. (3) في الأصل: ((خير لهم)) . (4) ما بين القوسين ليس في الأصل، فأثبته من رواية ابن المنذر للحديث من طريق المصنف كما سيأتي. =

547- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا فَرَجُ بنُ فَضَالة (1) ، عَنْ لُقْمان بْنِ عَامِرٍ (2) ، عَنْ أَبِي الدَّرْداء قَالَ: مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلَّا الْمَوْتُ خَيْرٌ لَهُ، وَمَا مِنْ كَافِرٍ إِلَّا الْمَوْتُ خَيْرٌ لَهُ، فَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْنِي، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: {وَمَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ} ، {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} .

_ [546] سنده ضعيف لضعف أبي معشر. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 392) وعزاه للمصنف وابن المنذر. وقد أخرجه ابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 192 / أ) من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه لم يذكر قوله تعالى: {وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ} ، ولا قول محمد بن كعب: ((يوم القيامة)) . (1) تقدم في الحديث [19] أنه ضعيف. (2) هو صدوق كما في الحديث رقم [19] ، لكن روايته عن أبي الدرداء مرسلة كما في "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (7 / 182 رقم 1034) . [547] سنده ضعيف لضعف فرج بن فضالة، والانقطاع بين لقمان وأبي الدرداء. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 392) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر. وقد أخرجه ابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 92 / أ) من طريق المصنف، به مختصرًا، ثم أخرجه بتمامه في (2 / ل 100 / أ) من طريق المصنف أيضًا بمثله سواء. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (7 / 496 رقم 8375) من طريق ابن أبي جعفر عن فرج بن فضالة، به نحوه.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَا كَانَ اللهُ لِيَذَرَ المُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} ] 548- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا الْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ (1) ، عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ أَنَّهُ قَرَأَ: {حَتَّى يَمِيزَ الخبيث من الطيب} (2) . [قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ} ] 549- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا أَبُو الأحْوَص (3) ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلة (4) ، عَنْ أَبِي وَائِل (5) ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ} ، قال: يُطَوَّق

_ (1) تقدم في الحديث [166] أنه صدوق يخطئ. (2) لم تضبط في الأصل، وكذا في الموضع الآتي من "الدر المنثور"، وفي قوله تعالى: {يميز} قراءتان: الأولى: بضم الياء والتشديد: {يُمَيِّزَ} وبها قرأ الحسن البصري وقتادة وحمزة والكسائي وأهل الكوفة إلا عاصمًا، واختاره أبو عبيد وأبو حاتم. الثانية: بفتح الياء مخففًا: {يَمِيْزَ} ، وبها قرأ الباقون. وفي معنى الفرق بين القراءتين قيل: يقال: مِزْتَ الشيء أمِيزُهُ مَيْزًا: إذا فرّقت بين شيئين، فإذا كانت أشياء قَلْتَ: مَيَّزْتُها تمييزًا. انظر "الكشف والبيان" للثعلبي (2 / ل 160 / أ) ، و"حجة القراءات" (ص182 - 183) . [548] سنده ضعيف لضعف الحارث بن عبيد من قبل حفظه. وذكر السيوطي قراءة مالك هذه في "الدر المنثور" (2 / 393) من رواية المصنف فقط، بمثل لفظه هنا سواء. (3) هو سَلام بن سُلَيْم. (4) تقدم في الحديث [17] أنه صدوق حسن الحديث. =

(شُجَاعًا) (6) أقْرَعَ (7) بِفِيهِ زَبِيْبَتَان (8) يَنْقُرُ رَأْسَهُ، فَيَقُولُ: مَا لِي وَلَكِ؟ فَيَقُولُ: أَنَا مَالُكَ الَّذِي بَخِلْتَ بي.

_ (5) هو شقيق بن سلمة. (6) في الأصل: ((شجاع)) . والشُّجاع- بالضم والكسر -: الحيَّةُ الذكر، وقيل: الحيَّةُ مطلقًا. "النهاية في غريب الحديث" (2 / 447) . (7) الأقْرعُ: هو الحيَّةُ الذي لا شعر على رأسه، قد تمعَّط جلد رأسه؛ لكثرة سُمِّه وطول عمره. المرجع السابق (4 / 44 - 45) . (8) الزَّبِيْبَةُ: نكتة سوداء فوق عين الحيَّة، وقيل: هما نقطتان تكتنفان فاها، وقيل: هما زَبَدَتَان في شِدْقيها. المرجع السابق (2 / 292) . [549] سنده حسن لذاته لأجل عاصم، ولم يتفرد به، فهو صحيح لغيره كما سيأتي، والحديث وإن كان موقوفًا على ابن مسعود، فله حكم الرفع؛ لأنه لا يقال بالرأي، وقد روي مرفوعًا بإسناد صحيح كما سيأتي. وقد ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 394 - 395) وعزاه للمصنف والفريابي وعبد بن حميد وعبد الله بن أحمد في "زوائد الزهد" وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم. وقد أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 93 / أ) . والطبراني في "معجمه الكبير" (9 / 262 رقم 9125) . كلاهما من طريق الحسن بن الربيع، عن أبي الأحوص، به مثله، إلا أنه قال: ((بخلت به)) . وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص82 رقم 171) عن أبي إسحاق السبيعي، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ الله في قوله: {سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ القيامة} قال: يجيء ماله ثعبانًا ينقر رأسه يقول: أَنَا مَالُكَ الَّذِي بَخِلْتَ بِي، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = فينطوي على عنقه. ومن طريق سفيان أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 141) . ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الطبري في "تفسيره" (7 / 436 - 437 رقم 8288) . وأخرجه ابن جرير الطبري أيضًا برقم (8285) . وابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش الموضع السابق من "تفسير ابن أبي حاتم". وابن أبي حاتم في الموضع السابق من "تفسيره" أيضًا. والطبراني في "الكبير" (9 / 262 رقم 9124) . والحاكم في "المستدرك" (2 / 299) . جميعهم من طريق سفيان الثوري، به. قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي. قلت: سنده صحيح، وقد سمع سفيان الثوري من أبي إسحاق قبل الاختلاط، وصرح أبو إسحاق بالتحديث في رواية أبي بكر بن عياش الآتية، وروى هذا الحديث شعبة عن أبي إسحاق، وروايته عنه صحيحة كما سبق بيانه في الحديث [1] . فقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" رقم (8286 و 8287) . وابن أبي حاتم في الموضع السابق من "تفسيره". كلاهما من طريق شعبة، عن أبي إسحاق، به في هذه الآية بلفظ: شجاع أسود يلتوي برأس أحدهم. وهذا لفظ ابن جرير، وأما ابن أبي حاتم فذكر أن لفظه نحو لفظ حديث سفيان السابق. وأخرجه أبن أبي شيبة في "المصنف" (3 / 213) . والحاكم في "المستدرك" (2 / 298 - 299) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = كلاهما من طريق أبي بكر بن عياش، عن أبي إسحاق، ثنا أبو وائل ... ، فذكره بنحو لفظ المصنف. وأخرجه عبد بن حميد في "تفسيره" كما في هامش الموضع السابق من "تفسير ابن أبي حاتم، فقال: ابنا عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: {سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ القيامة} ، قال: يكون له المال، فيبخل في حياته، فإذا مات طُوِّق ثعبانًا يجعل ينقر رأسه حتى يخلص إلى دماغه: أَنَا مَالُكَ الَّذِي بَخِلْتَ بِي. وأخرجه الطبراني في "معجمه الكبير" برقم (9123) من طريق شريك بن عبد الله القاضي، عن أبي إسحاق، به نحو لفظ المصنف. وأخرجه الطبراني أيضًا برقم (9122) من طريق يزيد بن عطاء، عن أبي إسحاق، به نحو لفظ شعبة عند ابن جرير السابق. وقد روى الحديث عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنِ ابْنِ مسعود مرفوعًا. فأحرجه الشافعي في "مسنده" (ص87) ، وهو في ترتيب السِّندي له (1 / 222 رقم 610) ، فقال: أخبرنا سفيان بن عيينة، سمعت جامع بن أبي راشد وعبد الملك بن أعين، سمعا أبا وائل يخبر عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: ((مَا من رجل لا يؤدّي زكاة ماله، إلا مُثِّل له يوم القيامة شجاعًا أقرع، يفرُّ منه وهو يتبعه حتى يطوِّقه في عنقه)) ، ثم قرأ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: {سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ القيامة} . وهذا إسناد صحيح، وجامع بن أبي راشد تقدم في الحديث [519] أنه ثقة فاضل. ومن طريق الشافعي أخرجه ابن المنذر كما في هامش الموضع السابق من "تفسير ابن أبي حاتم". والبيهقي في "سننه" (4 / 81) في الزكاة، باب ما ورد من الوعيد فيمن كنز مال زكاة ولم يؤدّ زكاته. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأخرجه الترمذي في "سننه" (8 / 263 - 264 رقم 5000) في تفسير سورة آل عمران من كتاب التفسير. وابن ماجه في "سننه" (1 / 568 - 569 رقم 1784) في الزكاة، باب ما جاء في منع الزكاة. وابن جرير الطبري في "تفسيره" برقم (8289) . وابن أبي حاتم في الموضع السابق من "تفسيره". والثعلبي في "الكشف والبيان" (2 / ل 161 / ب) . جميعهم من طريق سفيان بن عيينة، به. وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 377) . والنسائي في "سننه" (5 / 11) ، وفي "التفسير" (1 / 346 - 347 رقم 104) . وابن خزيمة في "صحيحه" (4 / 11 - 12رقم 2256) . ثلاثتهم من طريق سفيان بن عيينة، عَنْ جَامِعِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ وحده، به نحوه. وذكره المنذري في "الترغيب والترهيب" (1 / 268) وصحح سنده. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 394) وعزاه أيضًا لعبد بن حميد والحاكم. وله طريق آخر عن ابن مسعود. فأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (7 / 438 رقم 8292) . وابن أبي حاتم في الموضع السابق من "تفسيره". والطبراني في "المعجم الكبير" (9 / 262 رقم 9126) . ثلاثتهم من طريق إسرائيل، عَنْ حَكِيمِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ عن قوله: {سيطرقون مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} ، قال: يطوَّق شجاعًا أقرع ينهش رأسه. اهـ.، واللفظ لابن جرير. وأصل الحديث أخرجه البخاري في "صحيحه" (3 / 268 رقم 1403) في الزكاة، باب إثم مانع الزكاة، من حديث أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -: ((من آتاه الله مالاً فلم يؤدّ زكاته مُثِّل له يوم القيامة شجاعًا أقرع =

550- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ (1) ، قَالَ: نا أَبُو هَاشِمٍ (2) ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ (3) ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: هُوَ الرَّجُلُ يَرْزُقُهُ اللَّهُ الْمَالَ، فَيَمْنَعُ قَرَابَتَهُ الْحَقَّ الَّذِي جَعَلَ اللَّهُ لَهُمْ فِي مَالِهِ، فيُجْعَل حَيَّةً، فَيُطَوَّقَها، فَيَقُولُ لِلْحَيَّةِ: مَا لِي وَمَا لَكِ؟ فتقول: أنا مالك.

_ = له زبيبتان يُطوِّقه يوم القيامة، ثم يأخذ بالهزمتيه - يعني شدقيه-، ثم يقول: أنا مالك، أنا كنزك)) ، ثُمَّ تَلَا: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يبخلون ... } الآية. (1) تقدم في الحديث [76] أنه صدوق اختلط في الآخر. (2) هو الرُّمَّاني الواسطي، تقدم في الحديث [78] أنه ثقة. (3) هو شقيق بن سلمة. [550] سنده ضعيف لما تقدم عن حال خلف بن خليفة، ومعناه صحيح تقدم في الحديث الذي قبله. وذكر السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 395) هذا الحديث وعزاه للمصنف وابن جرير وابن المنذر. وقد أخرجه ابن المنذر من طريق المصنف كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 93 / أ) بمثل لفظه هنا؛ إلا أنه بعد قوله: ((عن مسروق)) زاد ذكر قوله تعالى: {ويبخلون بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} . وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (3 / 213) . وابن جرير في "تفسيره" (7 / 438 رقم 8291) . كلاهما من طريق خلف بن خليفة، به نحوه، إلا أن اسم خلف تصحف في المطبوع من "مصنف ابن أبي شيبة" إلى: ((خالد)) ، وسقط من إسناد ابن جرير اسم مسروق، فجاء الحديث من كلام أبي وائل، وقد يكون الوهم من الراوي عن خلف عند ابن جرير، وهو الحسين بن داود الملقب بـ: سُنَيد، وهو ضعيف كما تقدم في الحديث [206] .

551- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرٌ (1) ، عَنْ مَنْصُورٍ (2) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ (3) - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ} -، قال: طَوْقٌ من نار.

_ (1) هو ابن عبد الحميد. (2) هو ابن المعتمر. (3) هو النخعي. [551] سنده صحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 395) وعزاه للمصنف وعبد الرزاق وعبد ابن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم. وقد أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (3 / 213) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (7 / 439 رقم 8296) . كلاهما من طريق جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ منصور بن المعتمر، عن إبراهيم النخعي به مثله، إلا أن الطبري قال في روايته: ((طوقًا)) . وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص82 رقم 170) عن منصور، به بلفظ: ((طوقًا من نار)) . ومن طريق الثوري أخرجه: عباالرزاق في "تفسيره" (1 / 141) . ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" برقم (8295) . وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (8293) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 93 / ب) . كلاهما من طريق سفيان الثوري، به. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (8294) من طريق شعبة، عن منصور، به مثل لفظ سفيان الثوري.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللهِ وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ} ] 552- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَلَمَةَ (1) ، رَجُلٍ مِنْ وَلَدِ أُمِّ سَلَمَةَ (2) ، قَالَ: قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا أَسْمَعُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ذَكَرَ النِّسَاءَ فِي الْهِجْرَةِ بِشَيْءٍ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ (3) أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى ... } إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، قَالَ: قَالَتِ الْأَنْصَارُ: هِيَ أَوَّلُ ظَعِينَةٍ (4) قَدِمَتْ علينا.

_ (1) في الأصل: ((عن سلمة عن رَجُلٍ مِنْ وَلَدِ أُمِّ سَلَمَةَ)) ، والتصويب من "تفسير ابن كثير" (1 / 441) حيث نقله بتمامه عن المؤلف. (2) هو سلمة بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بن أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي، وربما نسب إلى جد أبيه، وأبي جده، وهو مقبول، ذكره البخاري في "تاريخه" (4 / 80 رقم 6026) وسكت عنه، وبيّض له ابن أبى حاتم في "الجرح والتعديل" (4 / 166رقم 731) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (6 / 399) ، وروى عنه عمرو بن دينار وعطاء بن أبى رباح ومحمد بن عمرو بن علقمة وغيرهم وروى هو عن جده عمر بن أبي سلمة وله صحبة وعن جدة أبيه أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها. انظر "التهذيب" (4 / 148 - 149رقم 258) ، و"التقريب" (ص248 رقم 2500) . (3) قوله تعالى: {ربهم} سقط من الأصل. (4) أي امرأة، وأصل الظَّعِينَة: الراحلة التي يُرْحَل عليها ويُظْعَنُ عليها، أي: يُسار. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وقيل للمرأة ظعينة: لأنها تَظْعَنُ مع الزوج حيثما ظَعَنَ، أو: لأنها تُحمل على الراحلة إذا ظعنت. انظر "النهاية في غريب الحديث" (3 / 157) . [552] سنده ضعيف لجهالة حال سلمة، وهو صحيح لغيره لمجيئه من طريق آخر صحيح، عدا قوله: قَالَتِ الْأَنْصَارُ: هِيَ أَوَّلُ ظَعِينَةٍ قدمت علينا، فهو حسن لغيره، ورواية المصنف هنا صورتها صورة الحديث المرسل، لكن جاء في بعض طرق الحديث ما ينفي ذلك، ومنها رواية الحميدي وفيها: ((عن أم سلمة أنها قالت)) . والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 412) وعزاه للمصنف وعبد الرزاق والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم. وأورده ابن كثير في "تفسيره" (1 / 441) من رواية المصنف، فقال: ((قال سعيد ابن منصور: حدثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عن سلمة رجل من آل أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَ: قَالَتْ أُمُّ سلمة: يا رسول الله، لا نسمع الله ذَكَرَ النِّسَاءَ فِي الْهِجْرَةِ بِشَيْءٍ؟ فأنزل الله تَعَالَى: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ من ذكر أو أنثى} إلى آخر الآية، وقالت الأنصار: هي أول ظعينة قامت علينا)) . اهـ. وأخرجه عبد الرازق في "تفسيره" (1 / 144) . والحميدي في "مسنده" (1 / 144 رقم 301) . كلاهما عن سفيان بن عيينة، به نحوه، إلا أنهما لم يذكرا قوله: ((وقالت الأنصار..)) ، الخ. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (7 / 487 رقم 8368) . ومن طريق عبد الله بن الزبير الحميدي أخرجه ابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 99 / ب) . وأخرجه الترمذي في "سننه" (8 / 377 رقم 5012) في تفسير سورة النساء من كتاب التفسير. =

553- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ (1) ، عَنْ سَعِيدِ الجُرَيْري، عَنْ أَبِي عَطَّاف (2) ، قَالَ: اسْمُ آلِ عِمْرَانَ فِي التَّوْرَاةِ: طيبة.

_ = والقاضي وكيع في "أخبار القضاة" (1 / 149) . وأبو يعلى في "مسنده" (12 / 391 - 392 رقم 6958) . وابن جرير برقم (8369) . والطبراني في "معجمه الكبير" (23 / 294 رقم 651) . والحاكم في "المستدرك" (2 / 300) . والواحدي في "أسباب النزول" (ص133) . أما الترمذي فمن طريق ابن أبي عمر، وأما أبو يعلى فمن طريق داود بن عمرو، وأما وكيع فمن طريق عبد الله الأَذْرَمي، وأما ابن جرير فمن طريق أسد بن موسى، وأما الطبراني فمن طريق يحيى بن عبد الحميد الحمَّاني، وأما الحاكم فمن طريق يعقوب بن حميد، وأما الواحدي فمن طريق قتيبة بن سعيد، جميعهم عن سفيان، به نحو لفظ عبد الرزاق والحميدي. قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي. وقد جاء الحديث من طريق مجاهد عن أم سلمة أنها قالت: لا نقاتل فنستشهد، ولا نقطع الْمِيرَاثِ، فَنَزَلَتْ: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وللنساء نصيب مما اكتسبن} ، ثم نزلت: {أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ منكم} ، وَنَزَلَتْ: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ والمؤمنات ... } الآية وفيه يقول مجاهد: وكانت أم سلمة أول ظعينة قدمت المدينة مهاجرة، وهو الحديث الآتي برقم [624] ، وهو حديث صحيح كما سيأتي بيانه، عدا قول مجاهد: وكانت أم سلمة أول ظعينة قدمت المدينة مهاجرة، فإنه ضعيف لأن مجاهدًا أرسله، وهو حسن لغيره برواية المصنف هنا، والله أعلم. (1) هو الواسطي. (2) هو أبو عَطَّاف الأزدي، البصري، يروي عن أبي هريرة، مجهول لم يرو عنه غير الجُريري، ذكر عباس الدوري في "تاريخ ابن معين" (2 / 716) أن ابن معين قال: ((أبو عطاف بصري يروي عنه الجريري)) ، قال عباس: قلت له: فيروي عنه =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = غير الجريري؟ قال: ((لا أعلمه)) ، وذكره الذهبى في "ميزان الاعتدال" (4 / 553 رقم 10423) ، ونقل عن ابن المديني أنه قال: ((ما أعلم أحدًا روى عنه غير الجريري)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (5 / 588) ، وانظر "الاستغناء" لابن عبد البر (3 / 1487 رقم 2260) . [553] سنده ضعيف لجهالة أبي عَطّاف، ومع ذلك فسعيد بن إياس الجُريري اختلط قبل موته بثلاث سنين، كما سبق بيانه في الحديث [23] ، وتقدم في الحديث [104] أن ابن حجر قال: ((أخرجه له - أي للجريري - البخاري أيضًا من رواية خالد الواسطي عنه، ولم يتحرر لي أمره إلى الآن، هل سمع منه قبل الاختلاط، أو بعد؟ لكن حديثه عنه بمتابعة بشر بن المفضل)) . اهـ. وبشر بن المفضل تقدم في الحديث [23] أنه ممن روى عن سعيد الجريري قبل الاختلاط. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 140) من رواية المصنف فقط، بمثل لفظه هنا.

[تفسير سورة النساء] (1) (1) العنوان ليس في الأصل

سورة النساء

تَفْسِيرُ سُورَةِ النِّسَاءِ [قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي اليَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} ] 554- حدثنا [ل123/أ] سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ (1) : بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ عَلَى أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ إِلَّا أَنْ يُؤْمَرُوا بِشَيْءٍ وَيُنْهَوْا عَنْهُ، فَكَانُوا يَسْأَلُونَ عَنِ الْيَتَامَى، وَلَمْ يَكُنْ لِلنِّسَاءِ عَدَدٌ وَلَا ذِكْرٌ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ (2) خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي اليَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} ، وَكَانَ الرَّجُلُ يَتَزَّوَجُ مَا شَاءَ، فَقَالَ: كَمَا تَخَافُونَ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى، فَخَافُوا فِي النساء ألا تعدلوا فيهن.

_ (1) أي أن أيوب السِّختياني سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يَقُولُ. (2) في الأصل: ((فإن)) . [554] سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مُرْسِله سعيد بن جبير. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 428) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم. وابن المنذر أخرجه من طريق المصنف، به مثله كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 104 / أ) ، إلا أنه قال: ((أو ينهوا عنه)) ، وقال: (( (فكما تخافون)) . وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (7 / 537 رقم 8471) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 104 / ب - 105 / أ) . =

555- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} - قَالَ: لَا تَمِيلُوا. 556 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا حُصَين (1) ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ (2) - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} -، قال: لا تجوروا.

_ = أما ابن جرير فمن طريق أبي النعمان عارم، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق أحمد بن عبدة، كلاهما عن حماد بن زيد، به نحوه، إلا أن لفظ ابن أبي حاتم فيه شيء من الاختلاف. وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 145 - 146) من طريق معمر، عن أيوب، به مختصرًا. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير في "تفسيره" برقم (8469) . وأخرجه ابن جرير أيضًا (8466 و 8470) من طريق إسماعيل بن عليّة وحماد بن سلمة، كلاهما عن أيوب، به نحوه، إلا أن حماد بن سلمة لم يذكر من قوله: ((وكان الرجل يتزوج ... )) الخ. [555] سنده ضعيف، فمغيرة بن مقسم تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، لكنه يدلس لا سيما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه، ولم يصرح بالسماع. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (7 / 550 - 551 رقم 8492 و 8493) من طريق يعقوب بن إبراهيم وعمرو بن عون، كلاهما عن هشيم، به مثله. (1) هو ابن عبد الرحمن السُّلَمي، تقدم في الحديث [56] أنه ثقة، وهو إن كان تغير حفظه في الآخر، فإن الراوي عنه هنا هو هُشيم بن بشير، وتقدم في الحديث [91] أنه روى عنه قبل الاختلاط. (2) هو غزوان الغفاري، تقدم في الحديث [190] أنه ثقة. [556] سنده صحيح. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (7 / 552 رقم 8502 و 8503) =

557 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا دَاوُدُ (1) ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ - فِي قَوْلِهِ عز وجل: {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ لا تَعُولُوا} -: أَيْ لَا تَمِيلُوا، ثُمَّ أَنْشَدَنِي بَيْتًا قَالَهُ أَبُو طَالِبٍ: بِمِيزَانِ قِسْطٍ وَزْنُهُ غَيْرُ عَائِلِ (2) .

_ = من طريق يعقوب بن إبراهيم وعمرو بن عون وعارم أبي النعمان، ثلاثتهم عن هشيم، به مثله. وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص86 - 87 رقم 184) . وابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 361) . وابن جرير في "تفسيره" (7 / 551 رقم 8495) . ثلاثتهم من طريق إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أبي مالك في قوله: {ذلك أدنى ألا تعولوا} قال: لا تميلوا. (1) هو ابن أبي هند، تقدم في الحديث [63] أنه ثقة حافظ. (2) كذا جاء شطر هذا البيت هنا، ورواه الزبير بن حُرَيث عن عكرمة بغير هذا اللفظ كما سيأتي، وهو بيت من قصيدة طويلة قالها أبو طالب لما رأى قريشًا اشتدّ أذاها لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، فخشي أبو طالب دهْمَاء العرب أن يركبوه مع قومه، فقال هذه القصيدة يتودَّد فيها أشرافَ قومه، ويخبرهم مع ذلك أنه غيرُ مُسْلِمٍ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - ولا تاركه لشيء أبدًا حتى يهلك دونه، وفي مطلعها يقول: ولما رأيت القومَ لا وُدَّ فيهمُ ... وقد قطعوا كلَّ العُرى والوسائلِ وقد صارحونا بالعداوة والأذى ... وقد طاوعوا أمر العدوّ المُزَايلِ إلى أن قال: أمُطْعِمُ إن القومَ سَامُوكَ خُطَّةً ... وإني متى أُوْكَلْ فَلَسْتَ بِوَائِلِ جزى الله عنّا عبد شمس ونَوْفلاً ... عقوبةَ شرٍّ عاجلاً غيرَ آجلِ بميزان قِسْطٍ لا يُخِسُّ شعيرةً ... له شاهد من نفسه غيرُ عائلِ

558- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ بَيَان، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبي - فِي قَوْلِهِ عز وجل: {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ لا تَعُولُوا} - قَالَ: أَنْ لَا تَمِيلُوا، أرَاهُ (1) قال: عن ابن عباس.

_ = انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (1 / 291 و 296) . ومعنى قوله: ((وائل)) أي: ناجٍ. "لسان العرب" (11 / 715) . ومعنى قوله: ((لا يُخِسُّ)) أي: لا يقلل ولا ينقص. المرجع السابق (6 / 64) . [557] سنده صحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 430) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم. وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (7 / 549 - 550 رقم 8490) من طريق أبي النعمان محمد بن الفضل، عن هشيم، قال: أخبرنا داود بن أبي هند ... ، به نحوه، وذكر الشعر بمثل ما هنا. ثم أخرجه ابن جرير برقم (8491) من طريق الزبير بن حريث، عن عكرمة - في هذه الآية: {ألا تعولوا} قال: أن لا تميلوا، قال: وأنشد بيتًا من شعر زعم أن أبا طالب قاله: بميزان قسط لا يخسُّ شعيرة ... وَوَازِنِ صدقٍ وَزْنُهُ غيرُ عائلِ قال ابن جرير: ويروى هذا البيت على غير هذه الرواية: بميزان صدقٍ لا يَغُلّ شعيرةً ... له شاهد من نفسه غير عائل وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 105 / أ) . وأبو شعيب الحرّاني في "الفوائد المنتخبة" (ل 5 / ب) . كلاهما من طريق الزبير بن حريث، عن عكرمة، به نحو سياق ابن جرير السابق، لكن تصحّف اسم الزبير عند أبي شعيب إلى: ((أبو الزبير)) . (1) الشك من المصنف أو من شيخه خالد بن عبد الله الطحّان الواسطي، وقد رواه ابن أبي شيبة كما سيأتي من طريق آخر عن بيان، عن الشعبي، عن ابن عباس =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} ] 559- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا سَيَّار (1) ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ (2) - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} -، قَالَ: كَانَ الزَّوْجُ إِذَا زوَّج أيِّمَهُ (3) أَخَذَ صَدَاقَهَا، فَنُهُوا عَنْ ذلك.

_ = فلا داعي للشك. [558] سنده صحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 430) وعزاه للمصنف وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم. وقد أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 361) من طريق شيخه إسحاق ابن منصور، عن هريم، عن بيان، عن الشعبي، عن ابن عباس، به نحوه، من غير شك. وقد وقع خطأ في المطبوع من "مصنف ابن أبي شيبة"، فجاء الإسناد هكذا: ((عن هريم بن سفيان، عن الشعبي)) ، والتصويب من المخطوط (1 / ل 228 / ب) . وأخرجه ابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 105 / أ) ، من طريق بشار بن موسى الخفّاف، عن عبيد الله بن عمرو الرَّقِّي، عن عبد الكريم الجزري، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عباس به مثل لفظ المصنف. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (7 / 551 رقم 8500 و 8501) من طريق علي بن أبي طلحة، وعطية بن سعد العَوْفي كلاهما عن ابن عباس، به نحوه. (1) هو أبو الحكم. (2) هو ذَكْوَان السَّمَّان.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ (3) الأيِّم من النساء: هي التي لا زوج لها، بكرًا كانت أو ثيِّبًا، ومن الرجال: الذي لا امرأة له، والمقصود هنا من النساء. انظر "لسان العرب" (12 / 39) . [559] سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى أبي صالح إن كان سيّار سمع منه، فإني لم أجد من نصَّ على ذلك كما في "تهذيب الكمال" (8 / 514) و (12 / 314) ، لكن سماعه منه محتمل، فإن أبا صالح توفي سنة إحدى ومائة، وسيّار توفي سنة اثنتين وعشرين ومائة. انظر "التهذيب" (3 / 220) و (4 / 292) . والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 431) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم. وقد أخرجه ابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 105 / ب) ، من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال: ((تزوج)) بدل قوله: ((زوج)) ، ولم يذكر باقي الآية من قوله: {منه نفسًا ... } الخ. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (7 / 556 - 557 رقم 8522) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 105 / ب) . أما ابن جرير فمن طريق يعقوب بن إبراهيم، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق يحيى بن عبد الحميد الحمّاني، كلاهما عن هشيم، به، ولفظ ابن جرير: كان الرجل إذا زوّج ابنته عمد إلى صداقها فأخذه، قال: فنزلت هذه الآية في الأولياء: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ منه نفسًا فكلوه هنيئًا مرئيًا} . وأما لفظ ابن أبي حاتم فهو: كان الرجل إذا زوج ابنته أخذ صداقها دونها، فنهاهم الله عن ذلك ونزل: {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة} . ثم أخرجه ابن أبي حاتم أيضًا (2 / ل 105 ب - 106 / أ) من طريق يزيد بن عبد العزيز وعلي بن هاشم، كلاهما عن هشيم، به مثل لفظه السابق، إلا أنه لم يذكر قوله: ((ونزل ... )) الخ.

560- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدة (1) ، قَالَ: قَالَ لِي إِبْرَاهِيمُ: هَلْ أَكَلْتَ مِنَ الْهَنِيءِ الْمَرِيءِ؟ قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قال: من مهر امرأتك.

_ (1) هو عُبَيْدة بن مُعَتِّب - بكسر المثنّاة المثقَّلة، بعدها موحَّدة -، الضَّبِّي، أبو عبد الرحيم الكوفي الضرير، روى عن إبراهيم النخعي وعامر الشَّعْبي وأبي وائل شَقيق بن سلمة وغيرهم، روى عنه شعبة والثوري وهشيم وغيرهم، وهو ضعيف اختلط بأخَرَةٍ، من الطبقة الثامنة؛ قال شعبة: ((أخبرني عبيدة قبل أن يتغيّر)) ، وذكر عمرو بن الفلاس أن يحيى بن سعيد القطّان وعبد الرحمن بن مهدي لم يحدثا عنه، قال عمرو: ((ورآني يحيى بن سعيد أكتب حديث عبيدة بن معتب، فقال: لا تكتبه، لا تكتبه)) ، وقال عمرو أيضًا: ((كان عبيدة الضبّي ضريرًا سيء الحفظ متروك الحديث)) ، وذكره ابن المبارك فيمن يترك حديثه، وقال الإمام أحمد: ((ترك الناس حديثه)) ، وضعفه ابن معين في رواية، وفي أخرى قال: ((ليس بشيء)) ، وقال أبو زرعة: ((ليس بقوي)) ، وقال أبو حاتم: ((ضعيف الحديث)) ، وقال النسائي: ((ضعيف، وكان قد تغير)) ، وقال في موضع آخر: ((ليس بثقة)) ، وقال الساجي: ((صدوق سيء الحفظ، يضعّف عندهم، نهى عنه ابن المبارك)) ، وقال ابن حبان: ((اختلط بآخره، فبطل الاحتجاج به)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (6 / 94 رقم 487) ، و"التهذيب" (7 / 86 - 88 رقم 189) ، و"التقريب" (ص379 رقم 4416) . [561] سنده ضعيف لضعف عُبيدة. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (7 / 555 رقم 8515) من طريق عمر بن عون، عن هشيم، به نحوه.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِيَامًا} ] 561- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا أَبُو حُرَّة (1) ، وَأَنَا (2) يُونُسُ، عَنِ الْحَسَنِ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أموالكم} - قَالَ: السُّفَهاء: الصِّغار، وَالنِّسَاءُ مِنَ السفهاء.

_ (1) هو واصل بن عبد الرحمن، تقدم في الحديث [465] أنه ثقه عابد، إلا أن حديثه عن الحسن البصري فيه ضعيف؛ لأنه لم يسمعه منه. (2) القائل: وأخبرنا هو هشيم، ويونس هو ابن عبيد. [561] سنده صحيح من طريق هشيم، عن يونس، عن الحسن، وأما من طريق أبي حُرَّة فضعيف لما تقدم عن سماع أبي حُرَّة من الحسن. وذكره، السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 433) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر. وقد أخرجه ابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 106 / ب) ، من طريق المصنف، به مثله سواء. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (7 / 561 رقم 8524 و 8526) من طريق عمرو بن عون، عن هشيم، عن يونس، عن الحسن، به بلفظ: ((لا تعطوا الصغار والنساء)) ، ومن طريق هشيم، عن أبى حرة، عن الحسن قال: ((النساء والصغار، والنساء أسفه السفهاء)) ، لكن تصحّف اسم أبي حُرَّة إلى: أبي حمزة. وأخرجه ابن جرير أيضًا (7 / 563 رقم 8541) من طريق الحسين بن داود سُنَيد، عن هشيم، عن يونس، عن الحسن، به بلفظ: ((لا تَنْحَلوا الصغار)) . وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (8525) من طريق يزيد بن زُرَيع، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: ((المرأة والصبي)) . وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 106 / أ) من طريق حماد بن سلمة، عن يونس، عن الحسن بلفظ: ((لا تَنْحَلوا الصغار أموالكم)) . =

562- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَوْن بْنُ مُوسَى (1) ، قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ (قُرَّة) (2) يَقُولُ: عُودُوا (3) النِّسَاءَ، فَإِنَّهَا سَفِيهَةٌ، إِنْ أَطَعْتَهَا أَهْلَكَتْكَ. [قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَابْتَلُوا اليَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} ] 563- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرٌ (4) ، عن منصور (5) ، عن مجاهد

_ = وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 146) عن معمر، عن الحسن، به بلفظ: ((السفهاء: ابنك السفيه، وامرأتك السفيهة)) . ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير في "تفسيره" برقم (8527) . (1) تقدم في الحديث [484] أنه ثقة. (2) في الأصل: ((مرة)) ، وهو معاوية بن قرّة بن إياس، تقدم في الحديث [8] أنه ثقة، وهو الذي يروي عنه عون بن موسى كما في "الجرح والتعديل" (6 / 386 رقم 2151) . (3) لم تضبط في الأصل، وقد تكون: ((عوِّدوا)) بتشديد الواو، من العادة، يقال: عوَّدته فاعتاد وتعوَّد كما في "لسان العرب" (3 / 318) ، وعلى هذا يكون المعنى - والله أعلم-: عوِّدوا النساء استعمال المال في وجهه المشروع المباح، أو: عوِّدوهن مراجعتكم ومشاورتكم في استعمال المال. وقد تكون الكلمة هكذا: ((عُوْدُوا)) بضم العين وسكون الواو، بعدها دال مضمومة، فيكون المعنى: راجعوهن وحاسبوهن، حتى لا يحصل منها سفه في استعمال المال. انظر "لسان العرب" (3 / 315) . [562] سنده صحيح. (4) هو ابن عبد الحميد. (5) هو ابن المعتمر.

قَالَ: لَا يُدْفَعُ إِلَى الْيَتِيمِ مَالُهُ وَإِنْ شَمِطَ (6) ، حَتَّى يُؤْنَسَ مِنْهُ رُشْدًا. 564- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنِ الشَّعْبي، قَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيشْمِط وما يُؤْنَسُ منه (رُشْدٌ) (1) .

_ (6) شَمَطَ الشيءَ يَشْمِطُه شَمْطًا: إذا خَلَطَهُ، وكل خليطين خلطتَهما فقد شَمَطْتَهما. والشَمَطُ في الشَّعَر: اختلافُه بلونين من سواد وبياض، والمقصود هنا: بياض شعر الرأس واللحية يخالطه سوداه. انظر "لسان العرب" (7 / 335 - 336) . [563] سنده صحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 435) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر. وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (7 / 576 رقم 8584) . وابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 107 / أ) . أما ابن جرير فمن طريق سفيان الثوري، وأما ابن المنذر فمن طريق زائدة، كلاهما عن منصور، به، ولفظ ابن المنذر مثله، ولفظ ابن جرير نحوه، وقال: ((وإن أخذ بلحيته)) بدل قوله: ((شمط)) ، وقال: ((حتى يؤنس منه رشده: العقل)) . (1) في الأصل: ((رشدًا)) . [564] سند المصنف هنا فيه مغيرة بن مقسم، وتقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن إلا أن يدلِّس، ولم يصرح بالسماع هنا، لكنه قد توبع كما سيأتي، فالحديث صحيح لغيره. فقد أخرجه ابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 107 / أ) ، من طريق المصنف وأبي عبيد، كلاهما عن جرير، به بلفظ: ((إن الرجل ليشمط وما أونس منه رشدًا)) . وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (7 / 577 رقم 8586) فقال: حدثنى يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا أبو شُبْرمة، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: إن الرجل ليأخذ بلحيته وما بلغ رشده. =

565- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرٌ (1) ، عَنْ مَنْصُورٍ (2) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ (3) - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِنْ آنَسْتُمْ منهم رشدًا} -، قَالَ: الْعَقْلَ. [قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالمَعْرُوفِ} ] 566- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو (4) ، عَنْ عَطَاءٍ، وَعِكْرِمَةَ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} -، قالا: يضع يده (5) .

_ = وسنده صحيح رجاله كلهم ثقات تقدمت تراجمهم، وأبو شُبْرُمة هو عبد الله بن شُبْرُمة. (1) هو ابن عبد الحميد. (2) هو ابن المعتمر. (3) هو النّخعي. [565] سنده صحيح. (4) هو ابن دينار. (5) يوضحه ما جاء في بعض الروايات: ((يضع يده مع أيديهم فيأكل معهم؛ كقدر خدمته وقدر عمله)) . [566] سنده صحيح. وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 148) عن سفيان بن عيينة، به مثله. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (7 / 587 رقم 8625) وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (6 / 382 رقم 1426) عن ابن عيينة، به نحوه. =

567- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: يَسْتَسْلِفُهُ، فَإِذَا (أَيْسَرَ) (1) رَدَّه.

_ = وأخرجه ابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 109 / أ) من طريق محمد بن مسلم، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: سمعت عكرمة يقول - في قوله: {من كان غنيًا فليستعفف} - قال: الوَصِيّ؟ إذا كان غنيًا فلا يأكل: {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} ، قال: يضع يده. وأخرجه ابن جرير برقم (8624) من طريق شعبة، عن عمارة بن أبي حفصة، عن عكرمة - في مال اليتيم -: يَدُكَ مع أيديهم، ولا تتخذ منه قَلَنْسُوة. وأخرجه ابن جرير أيضًا (7 / 593 رقم 8650) من طريق ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ أنه قال: يضع يده مع أيديهم فيأكل معهم، كقدر خدمته وقدر عمله. وهذا بنصه في "تفسير مجاهد" (ص146) من رواية عبد الرحمن بن الحسن القاضي، عن إبراهيم بن الحسين الهمذاني، عن آدم بن أبي إياس، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، به. (1) في الأصل: ((يسر)) . [567] سنده صحيح، وانظر في رواية ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ الحديث [184] . والحديث أخرجه ابن النحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص112 - 113) من طريق روح بن عبادة، عن سفيان بن عيينة، به نحوه. وهو في "تفسير مجاهد" (ص146) من رواية عبد الرحمن بن الحسن القاضي، عن إبراهيم بن الحسين الهمذاني، عن آدم بن أبي إياس، عن ورقاء، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد قال: {يأكل بالمعروف} يعني سلفًا من مال يتيمه. وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص88 رقم 192) عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد: {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} ، قال: القرض. ومن طريق سفيان الثوري أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 147) . ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (7 / 585 =

568- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ((إِنَّ الْمَعْرُوفَ لَيْسَ بِلُبْسِ الكِتَّانِ وَلَا الحُلَلِ، ولكنْ مَا سَدَّ الجوع وَوارَى العَوْرة)) .

_ = رقم 8615) . وابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 108 / ب) . وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (6 / 381 رقم 1421) عن ابن عليّة، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد- في قوله: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كان فقيرًا فليأكل بالمعروف} -: يستسلف منه يتّجر فيه. وأخرجه ابن جرير (7 / 585 رقم 8614) من طريق عيسى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد: {فليأكل بالمعروف} - قال: سلفًا من مال يتيمه. وأخرجه أيضًا برقم (8612 و 8613) من طريق شعبة، عن ابن أبي نجيح - في قوله: {فليأكل بالمعروف} - قال: قرضًا. وسيأتي برقم [575] من طريق حجاج بن أرطأة، عَنْ مُجَاهِدٍ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ. [568] سنده ضعيف؛ مغيرة بن مقسم الضبّي تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه يدلّس لا سيّما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه، ولم يصرِّح بالسماع. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (7 / 587 رقم 8626) من طريق يعقوب بن إبراهيم، عن هشيم، به مثله سواء. وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص89 رقم 194) عن مغيرة، به بلفظ: ((مَا سَدَّ الْجُوعَ وَوَارَى الْعَوْرَةَ)) ، ولم يذكر باقي الحديث. ومن طريق سفيان أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 147) وزاده: ((ليس بلبس الكتان ولا الحلل)) . ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير في "تفسيره" برقم (8628) . والنحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص113) . =

569 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: إِنْ كَانَ وليَّ الْيَتِيمِ، أَكَلَ مَكَانَ قِيَامِهِ عَلَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ. 570- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرٌ (1) ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْباني، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: يَضَعُ الْوَصِيُّ يَدَهُ مَعَ أَيْدِيهِمْ، وَلَا يَلْبَسُ الْعِمَامَةَ فما فوقها.

_ = وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (8627 و 8630) من طريقين آخرين عن سفيان، به نحو لفظ المصنف. وأخرجه عبد بن حميد وابن المنذر في "تفسيريهما" كما هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 108 / ب و 109 / أ) . أما عبد فمن طريق زائدة، وأما ابن المنذر فمن طريق زهير، كلاهما عن مغيرة، به نحوه. وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 109 / أ) من طريق أبي جعفر الرازي، عن مغيرة، به نحوه. وأخرجه عبد الرحمن بن الحسن القاضي في "تفسير مجاهد" (ص146) من طريق ورقاء، عن مغيرة، به نحوه. [569] سنده صحيح إن كان يعقوب بن عبد الرحمن سمع من هشام بن عروة، فإني لم أجد من نص على ذلك. / انظر "تهذيب الكمال" المخطوط (3 / 1443 و 1552) . (1) هو ابن عبد الحميد. [570] سنده صحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 436) وعزاه للمصنف والفريابي وابن المنذر والبيهقي. وقد أخرجه ابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 109 / أ) . =

571- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ (1) ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ قَالَ: إِنَّ فِي حِجْرِي يَتِيمًا، أفَأشْرَبُ مِنَ اللَّبَنِ؟ قَالَ: إِنْ كنتَ تَرُدُّ نَادَّتَها (2) ، وتَلُوطُ (3) حَوْضَها، وتَهْنأ (4) جَرْبَاها، فَاشْرَبْ غَيْرَ مُضِرٍّ بِنَسْلٍ، ولا نَاهِكٍ (5) في حَلْب.

_ = والبيهقي في "سننه" (6 / 4) في البيوع، باب الولي يأكل من مال اليتيم. كلاهما من طريق المصنف، به مثله سواء. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (6 / 381 رقم 1422) من طريق جرير، به نحوه. وأخرجه البيهقي في الموضع السابق من طريق إبراهيم بن طهمان، عن أبي إسحاق الشيباني، به نحوه، إلا أنه اشترط فقال: ((إن كان فقيرًا)) . وأخرجه أيضًا من طريق إسماعيل السُّدِّي، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: يأكل مال اليتيم بأصابعه لا يزيد على ذلك. (1) هو ابن قيس الأنصاري. (2) أي: الشارد منها، يقال: ندَّ البعير: إذا شَرَد وذهب على وجهه. انظر "النهاية في غريب الحديث" (5 / 35) . (3) أي: تطيِّنُه وتُصلحه. المرجع السابق (4 / 277) . (4) في الأصل: ((وتهنى)) ، وقد أخرجه البيهقي كما سيأتي من طريق المصنف على الصواب. والمعنى: تعالج جَرَبَ إبله بالقَطِران، يقال: هَنَأتُ البعير أَهْنَؤُهُ: إذا طَلَيْتُهُ بالهِناء، وهو القَطِران. انظر "النهاية" (5 / 277) . (5) أي غير مبالغ فيه. يقال: نَهَكْتُ الناقة حَلَبًا أَنْهَكُها: إذا لم تُبْقِ في ضرعها لبنًا. المرجع السابق (5 / 137) . [571] سنده صحيح، وصحح سنده النحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص113) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 437) وعزاه للمصنف والإمام مالك وعبد ابن حميد وابن جرير وابن المنذر والنحاس في "ناسخه". وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (6 / 4) في البيوع، باب الولي يأكل من مال اليتيم، من طريق المصنف، به مثله سواء. وأخرجه الإمام مالك في "الموطأ" (2 / 934 رقم 33) في صفة النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، باب جامع ما جاء في الطعام والشراب، عن شيخه يحيى بن سعيد به نحوه. ومن طريق الإمام مالك أخرجه النحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص113) . وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص 91 رقم 202) عن شيخه يحيى بن سعيد، به نحوه. ومن طريق سفيان الثوري أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 147) ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (7 / 588 - 589 رقم 8632) . وأخرجه ابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 108 / ب) من طريق حماد بن سلمة. والبيهقي في "سننه" (6 / 284) في الوصايا، باب والي اليتيم يأكل من ماله إذا كان فقيرًا، من طريق جعفر بن عون. والنحاس في الموضع السابق من طريق شعبة. ثلاثتهم عن يحيى بن سعيد، به، ولفظ ابن المنذر والبيهقي نحوه وفيه زيادة، وأما النحاس فقرنه برواية الإمام مالك السابقة. وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 146) من طريق معمر، عن الزهري، عن القاسم ابن محمد قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ العباس فقال: إن في حجري أموال يتامى، وهو يستأذنه أن يصيبه فيها. قال ابن عباس: ألست تبغي ضالّتها؟ قال: بلى، قال: ألست تهنأ جرباها؟ قال: بلى، قال: ألست تلوط حياضها؟ قال: بلى، قال: ألست تفرط عليها يوم وردها؟ قال: بلى، قال: فأصب من رسلها - يعني من لبنها -. اهـ. ومعنى قوله: ((تفرط عليها يوم وردها)) ، أي: تتقدمها إلى الماء، يقال: فَرَط يَفْرِطُ، فهو =

572- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَسُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ الْحَسَنِ العُرَنِيّ (1) ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مِمَّ أَضْرِبُ يَتِيمِي؟ قَالَ: ((مِمَّا كُنْتَ ضَارِبًا مِنْهُ وَلَدَكَ)) ، قَالَ: فَأُصِيبُ مِنْ مَالِهِ؟ قَالَ: ((غَيْرَ مُتَأثِّلٍ (2) مَالًا، وَلَا وَاقٍ مالك بماله)) .

_ = فَارِطٌ وفَرَطٌ: إذا تقدَّم وسبق القوم ليرتاد لهم الماء، ويُهِّئ لهم الدِّلاء والأَرْشِيَةَ. انظر "النهاية في غريب الحديث" (3 / 343) . (1) هو الحسن بن عبد الله العُرَنِيِّ - بضم المهملة وفتح الراء بعدها نون -، البَجَليّ، الكوفي، روى عن ابن عباس ولم يدركه، وروى عن عمرو بن حريث وسعيد بن جبير وغيرهم، روى عنه الحكم بن عتيبة وسلمه بن كهيل ويحيى بن ميمون وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة الرابعة؛ وثقه ابن سعد والعجلي وأبو زرعة وذكره ابن حبان في ثقات التابعين وقال: ((يخطىء)) ، وقال ابن معين: ((صدوق ليس به بأس، إنما يقال: إنه لم يسمع من ابن عباس)) ، وقال الإمام أحمد: ((الحسن العرني لم يسمع من ابن عباس شيئًا)) ، وقال أبو حاتم: ((لم يدركه)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 45 رقم 194) ، و"الثقات" لابن حبان (4 / 125) ، و"التهذيب" (2 / 290 - 291 رقم 519) ، و"التقريب" (ص161 رقم 1252) . والراوي عن الحسن العُرَني هنا هو عمرو بن دينار، ولم أجد من نصّ على أنه روى عنه، وسماعه منه محتمل جدًّا، فكلاهما في طبقة واحدة، فالحسن تقدم أنه من الطبقة الرابعة، وعمرو من الرابعة أيضًا كما في "التقريب" (ص421 رقم 5024) ، واللقي بينهما ممكن؛ لأن عمرو بن دينار مكّي، فلو لم يكن بينهما تواصل في رحله علميه؛ لأمكن أن يكون هناك تواصل في حج أو عمرة، والله أعلم. (2) المُتَأَثِّلُ: هو الجامع، وكل شيء له أصل قديم أو جُمع حتى يصير له أصل، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = فهو مؤثَّل. "غريب الحديث" لأبي عبيد (1 / 192) . [572] سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح لغيره بما سيأتي له من شواهد، لكن دون ذكر الضرب. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 437) وعزاه للمصنف وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي شيبة والنحاس في "ناسخه". وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (6 / 4) في البيوع، باب الولي يأكل من مال اليتيم، من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال: ((منه يتيمي)) ، و: ((مما كنت منه ضاربًا ولدك)) ، و ((أفأصيب)) . قال البيهقي عقبه: ((هذا مرسل)) . وأخرجه عبد الرزاق في "التفسير" (1 / 148) . وعبد بن حميد في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 108 / أ) . كلاهما من طريق سفيان بن عيينة، عن عمرو، به نحوه. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (7 / 593 رقم 8648) . والنحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص114) . إلا أن اسم الحسن العرني تصحّف عندهما إلى: ((الحسن البصري)) . وأخرجه عبد الرزاق في الموضع السابق. وأبو عبيد في "غريب الحديث" (1 / 191 - 192) . وابن أبي شيبة في "المصنف" (6 / 379 - 380 رقم 1418) . أما عبد الرزاق فمن طريق معمر، وأما أبو عبيد وابن أبي شيبة فمن طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة، كلاهما عن أيوب، عن عمرو بن دينار، به نحوه. وأخرجه عبد الرزاق أيضًا (1 / 149) من طريق الزبير بن موسى، عن الحسن العرني، به نحوه. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير برقم (8649) ، وتصحّف عنده اسم ((الحسن العرني)) إلى: ((الحسن البصري)) أيضًا. هكذا رواه الحفاظ: سفيان بن عيينة وحماد بن زيد وأيوب السختياني، عن عمرو بن دينار. وخالفهم أبو عامر الخزَّاز صالح بن رُسْتُم، فرواه عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جابر بن عبد الله، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، به نحوه. أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (10 / 54 - 55 رقم 4244 / الإحسان) . والطبراني في "المعجم الصغير" (1 / 89) . وابن عدي في "الكامل" (4 /1390) . ومن طريقه وطريق آخر أخرجه البيهقي في الموضع السابق من "سننه"، وفي "شعب الإيمان" (9 / 466 - 467 رقم 4882) . وأخرجه ابن مردويه في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" (1 / 453) . جميعهم من طريق مُعَلّى بن مهدي، عن جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعي، عَنْ أبي عامر، به. قال الطبراني: ((لم يروه عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جابر إلا أبو عامر الخزَّاز، ولا عنه إلا جعفر بن سليمان، تفرد به معلى بن مهدي)) . وقال ابن عدي: ((لا أعرفه إلا من هذا الطريق، وهو غريب، ولا أعلم يرويه عن أبي عامر غير جعفر بن سليمان)) . وأعله البيهقي بقوله: ((كذا رواه، والمحفوظ ما أخبرنا ... )) ، ثم ذكر الحديث من طريق المصنف عن ابن عيينة وحماد بن زيد. وهذا يدل على إعلال هؤلاء الحفاظ لرواية أبي عامر لمخالفتها لما رواه ابن عيينة ومن معه. وتقدم في الحديث [459] أن أبا عامر صالح بن رستم صدوق كثير الخطأ. وللحديث شاهدان دون ذكر الضرب. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = الأول: حديث هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ أنه سمع عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - تَقُولُ: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كان فقيرًا فليأكل بالمعروف} ، أنزلت في والي اليتيم الذي يُقيم عليه ويُصلحُ في ماله: إن كان فقيرًا أكل منه بالمعروف. أخرجه البخاري في "صحيحه" (4 / 406 رقم 2212) في البيوع، باب من أجرى أمر الأمصار على ما يتعارفون بينهم في البيوع والإجارة والميكال والوزن، و (5 / 392 رقم 2765) في الوصايا، باب وما للوصيّ أن يعمل في مال اليتيم وما يأكل منه بقدر عمالته، و (8 / 241 رقم 4575) في تفسير سورة النساء من كتاب التفسير، باب: {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} . ومسلم في "صحيحه" (4 / 2315 - 2316 رقم 10، 11) في كتاب التفسير. كلاهما من طريق هشام بن عروة، به، واللفظ للبخاري. الثاني: حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن رجلاً أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - فقال: إني فقير ليس لي شيء، ولي يتيم، قال: ((كل من مال يتيمك غير مسرف ولا مباذر ولا متأثِّل)) . أخرجه النسائي في "سننه" (6 / 256) في الوصايا، باب ما للوصي من مال اليتيم إذا قام عليه، واللفظ له. وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (2 / 186 و 215 - 216) . وأبو داود في" سننه" (3 / 292 - 293 رقم 2872) في الوصايا، باب ما جاء في ما لولي اليتيم أن ينال من مال اليتيم. ومن طريقه البيهقي في "سننه" (6 / 284) في الوصايا، باب والي اليتيم يأكل من ماله إذا كان فقيرًا. وأخرجه ابن ماجه في "سننه" (2 / 907 رقم 2718) في الوصايا، باب قوله: {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} . وابن الجارود في "المنتقى" (3 / 218 - 219 رقم 952) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 108 / أوب) . =

573- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا يُونُسُ وَمَنْصُورٌ، عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي وَلِيِّ الْيَتِيمِ قَالَ: إِذَا كَانَ مُحْتَاجًا يَضَعُ يَدَهُ مَعَ يَدِ الْيَتِيمِ. 574- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا سَلَمَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: سَأَلْتُ عَبِيْدَةَ (1) عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بالمعروف} ، قَالَ: هُوَ قَرْضٌ، أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِذَا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا [ل123/ب] عليهم} ؟

_ = جميعهم من طريق حسين المعلِّم، عن عمرو بن شعيب، به، زاد ابن ماجه: ((قال: وأحسبه قال: ولا تقي مالك بماله)) . قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (8 / 241) : ((إسناده قوي)) . وعليه فالحديث بهذين الشاهدين صحيح لغيره، عدا ذكر الضرب فليس له ما يشهد له، والله أعلم. [573] سنده صحيح من طريق يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ البصري، وأما من طريق منصور بن زَاذَان عن الحسن فالخوف أن يكون هشيم دلَّسَه تدليس العطف الذي تقدم الكلام عنه في الحديث [380] ، فإنه لم يصرح هنا بالسماع من منصور. (1) هو السَّلْماني. [574] سنده صحيح. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (7 / 583 رقم 8602) من طريق يعقوب بن إبراهيم الدَّوْرَقي، عن هشيم، به نحوه. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (6 / 380 رقم 1420) . وابن جرير برقم (8600) . كلاهما من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عُلَيَّة، عن سلمة بن علقمة، به نحوه. وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 147 - 148) . =

575- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا حَجَّاج (1) ، عَمَّنْ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، (وَمُجَاهِدًا) (2) ، يَقُولَانِ ذلك.

_ = ومن طريق ابن جرير في "تفسيره" برقم (8601) . وأخرجه ابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 108 / ب) . كلاهما من طريق هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، به، ولفظ عبد الرزاق نحوه، إلا أنه لم يذكر قوله: ((ألا ترى ... )) الخ. وأما ابن المنذر فلفظه: عن عبيدة قال: ولي اليتيم يأكل ويقضي. وأخرجه عبد الرزاق أيضًا (1 / 148) من طريق أيوب عن ابن سيرين، به مثل لفظه السابق. ومن طريقه أخرجه ابن جرير أيضًا برقم (8603) . وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (8599) من طريق يُونُسُ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنِ عبيدة، به بلفظ: ((الذي ينفق من مال اليتيم يكون عليه قرضًا)) . (1) هو ابن أَرْطَأة، تقدم في الحديث [170] أنه صدوق كثير الخطأ والتدليس. (2) في الأصل: ((ومجاهد)) . [575] سنده ضعيف لضعف حجاج من قبل حفظه وإبهام الواسطة بينه وبين سعيد ومجاهد، وهو صحيح لغيره كما سيأتي. وأخرجه ابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 108 / ب) من طريق شجاع بن مخلد، عن هشيم، عن حجاج، عن مجاهد وسعيد أنهما قالا: هو القرض، ما أصاب منه من شيء قضاه إذا أيسر. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (7 / 584 رقم 8607) ، من طريق يعقوب بن إبراهيم، عن هشيم، عن حجاج، عن سعيد بن جبير، به بمثل لفظ ابن المنذر. ثم أخرجه ابن جرير أيضًا برقم (8616) من نفس الطريق، عن مجاهد، به مثل سابقه. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وقد تصحّف اسم هشيم في إسناد ابن المنذر إلى: ((هشام)) . وإسناد المصنف سعيد بن منصور يتبين منه أن حجاج بن أرطأة تلقى الحديث عن مجاهد وسعيد بواسطة أبهمها. وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص89 رقم 193) عن شيخه حماد بن أبي سليمان، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} قال: هو القرض. وسنده صحيح. حماد بن أبي سليمان تقدم في الحديث [514] أنه ثقة إمام مجتهد. ومن طريق أبي سفيان أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 147) . وابن أبي شيبة في "المصنف" (6 / 381 رقم 1424) . ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (7 / 585 رقم 8615) . وابن المنذر في الموضع السابق. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" برقم (8606 و 8608 و 8609 و 8610) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 109 / أ) . والنحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص113) . أما ابن جرير فمن طريق إدريس بن يزيد والد عبد الله بن إدريس، ومن طريق هشام الدستوائي وشعبة، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق هشام الدستوائي، وأما النحاس فمن طريق شعبة، ثلاثتهم عن حماد بن أبي سليمان، عن سعيد بن جبير، به، أي أنه قرض، لكن لفظ رواية ابن أبي حاتم - بعد أن ذكر الآية - هكذا: ((قال: قرضًا)) وإذا حضرته الوفاة ولم يجد ما يؤدي فليستحلّه من اليتيم، فإن كان صغيرًا فليستحلّه من وليِّه)) . وأخرجه أيضًا ابن أبي حاتم أيضًا (2 / ل 108 / ب) من طريق عبد الله بن لهيعة، عن عطاء بن دينار، عن سعيد بن جبير قوله: {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} ، يعني في القرض قدر ما يبلغ قوتًا، فإن أيسر ردّ عليه، وإن لم =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذَا حَضَرَ القِسْمَةَ أُولُو القُرْبَى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا} ] 576- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانة (1) ، عَنْ أَبِي بِشْر (2) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، إِنَّ نَاسًا يَقُولُونَ: إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ قَدْ نُسِخَتْ: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} ، قَالَ: لَا وَاللَّهِ، مَا نُسِخَتْ، وَلَكِنَّهَا مِمَّا تَهَاوَنَ النَّاسُ بِهَا، وَهُمَا وَلِيَّانِ: وَلِيٌّ يَرِثُ، فَذَلِكَ الَّذِي يَرْزُق، وَوَلِيٌّ لَيْسَ بِوَارِثٍ، فَذَلِكَ الَّذِي يَقُولُ قَوْلًا مَعْرُوفًا: إِنَّهُ مَالُ يَتَامَى وَمَا لِي فيه شيء.

_ = يوسر حتى يموت فلا إثم عليه، ولم يُرخص في أموال اليتامى في غير هذا. وقد مضى الحديث بإسناد صحيح برقم [567] عن مجاهد. (1) هو وَضَّاح بن عبد الله. (2) جعفر بن إياس. [576] سنده صحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 440) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد والبخاري وأبي داود في "الناسخ والمنسوخ" وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي، إلا أنه جعله عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عباس. وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (6 / 267) في الوصايا، باب ما جاء في قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ ... } الآية، أخرجه من طريق المصنف، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عباس: إِنَّ نَاسًا يَقُولُونَ: إِنَّ هَذِهِ الآية نسخت: {وإذا حضر القسمة أولوا الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} ، لَا وَاللَّهِ مَا نُسِخَتْ، وَلَكِنَّهَا مِمَّا تَهَاوَنَ النَّاسُ بِهَا، وَهُمَا واليان، وال يرث، فذلك الذي يرزق، ووالٍ ليس بوارث، فذاك الَّذِي يَقُولُ قَوْلًا مَعْرُوفًا: إِنَّهُ مال يتامى =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وما لي فيه شيء. اهـ. كذا رواه البيهقي من طريق المصنف على أنه من رواية سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عباس، بخلاف ما هنا في النسخة، ثم قال البيهقي بعد أن رواه: ((رواه البخاري في الصحيح عن أبي النعمان عارم، عن أبي عوانة بلا شك، والشك مني في إسنادي ... ، ورواه يحيى بن سعيد، عن أبي عوانة لم يجاوز به سعيد بن جبير، وكذلك رواه شعبة وهشيم عن أبي بشر)) . اهـ. فهذا يدل على أن البيهقي شك في إسناده، وشكّه في محلّه، فإن رواية المصنف موافقة لرواية الأكثرين الذين رووه عن أبي عوانة ليس فيه ذكر لابن عباس، وخالفهم أبو النعمان عارم واسمه محمد بن الفضل السدوسي، فزاد في إسناده ابن عباس. أخرجه البخاري في "صحيحه" (5 / 388 رقم 2759) في الوصايا، باب قول الله عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ ... } الآية، فقال: حدثنا محمد بن الفضل أبو النعمان، حدثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قال: إن ناسًا يزعمون أن هذه الآية نُسخت، ولا وَاللَّهِ مَا نُسِخَتْ، وَلَكِنَّهَا مِمَّا تهاون الناس، هما واليان: وال يرث، وذاك الذي يرزق، ووال لا يرث، فذاك الذي يقول بالمعروف؛ يقول: لا أملك لك أن أعطيك. وخالف أبا النعمان جمع من الحفاظ، منهم يحيى بن سعيد القطان على ما ذكر البيهقي، وسعيد بن منصور، وأبو داود الطيالسي، وغيرهم، فرووه عن أبي عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سعيد بن جبير من قوله، وكذا رواه شعبة وهشيم عن أبي بشر. فقد أخرجه ابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 110 / ب) ، فقال: حدثنا يحيى بن محمد، ثنا أبو عمر، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: إن ناسًا يزعمون ... ، فذكره بنحو سياق البيهقي. وأخرجه ابن أبي حاتم في الموضع السابق من "تفسيره"، فقال: حدثنا يونس بن حبيب، =

577- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فارزقوهم منه} -، قَالَ: حَقٌّ وَاجِبٌ مِمَّا طَابَتْ به الأنفس.

_ = ثنا أبو داود - يعني الطيالسي -، ثنا شعبة وهشيم، وأبو عوانة، كلهم عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بن جبير - في قول الله عز وجل: {فارزقوهم منه} -، قال: هما واليان ... ، الحديث بنحوه. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (8 / 8 و 15 و 18 رقم 8665 و 8698 و 8606) ، من طريق هشيم وشعبة، كلاهما عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بن جبير قال ... ، فذكره بنحو لفظ المصنف من قول سعيد، إلا أن حديث شعبة إنما هو من قوله: ((هما وليّان ... )) الخ. [577] سنده صحيح، وانظر الحديث [184] في رواية ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ. وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص89 رقم 196) عن ابن أبي نجيح، به نحوه. ومن طريقه أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 149) . ومن طريق عبد الرزاق وطريق أخرى عن سفيان أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (8 / 8 رقم 8664) . وأخرجه أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" (ص29 رقم 34) . وابن جرير أيضًا برقم (8662) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / 110 / ب) . والنحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص115) . جميعهم من طريق سفيان الثوري، به. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" أيضًا (8 / 8 - 9 رقم 8670) من طريق عيسى بن ميمون، عن ابن أبي نجيح، به نحوه.

578- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا مَنْصُورٌ (1) ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَر (2) ، قَالَ: ثَلَاثُ آيَاتٍ مَدَنِيَّاتٌ مُحْكَمَاتٌ ضَيَّعَهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا} ، وَآيَةُ الَاسْتِئْذَانِ: {وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ} (3) ، وَقَوْلُهُ: {إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (4) .

_ (1) هو ابن زَاذَان. (2) هو يحيى بن يَعْمَر - بفتح التحتانية والميم، بينهما مهملة-، القَيْسي، الجَدَلي، البصري نزيل مَرْو وقاضيها، روى عن عثمان وعلي وأبي ذر وأبي هريرة وغيرهم، روى عنه سليمان التَّيْمي وعبد الله بن بريدة وعكرمة وقتادة وغيرهم، وهو ثقة فصيح، روى له الجماعة، ووثقه ابن سعد وأبو زرعة وأبو حاتم والنسائي، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ((كان من فصحاء أهل زمانه وأكثرهم علمًا باللغة مع الورع الشديد)) ، واختلف في وفاته، فقيل: توفي سنة تسع وثمانين للهجرة، وقيل: مات في حدود العشرين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 196 رقم 817) ، و"التهذيب" (11 / 305 - 306 رقم 588) ، و"التقريب" (ص598 رقم 7678) . (3) الآية (58) من سورة النور. (4) الآية (13) من سورة الحجرات. [578] سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف لأن قتادة مدلس كما تقدم بيانه في الحديث [14] ، ولم يصرح هنا بالسماع. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 440) وعزاه للمصنف وابن جرير وابن المنذر. =

579 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ يُونُسَ (1) ، عَنِ الْحَسَنِ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وجل: {وإذا حضر القسمة أولوا الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} -، قَالَ: فَغَيْرُ قَرَابَةِ الْمَيِّتِ يُرْضَخُ (2) لَهُمُ القَدَحُ أَوِ الشَّيْءُ، فَكَانَ يَقُولُ لَهُمْ: إِنَّهَا لَمْ تُنْسَخْ.

_ = وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (8 / 9 رقم 8672) . وابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 111 / أ) . أما ابن جرير فمن طريق حسين بن داود، وأما ابن المنذر فمن طريق علي بن حجر، كلاهما عن هشيم، به، ولفظ ابن المنذر مثل لفظ المصنف، ولفظ ابن جرير نحوه. (1) هو ابن عبيد. (2) الرَّضْخُ: هو العطيَّة القليلة. "النهاية في غريب الحديث" (2 / 228) . [579] سنده صحيح. وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 149) عن معمر، عن الحسن - في قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ ... } - قال: هي محكمة، وذلك عند قسمة ميراث الميت. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه النحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص116) . وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 9 رقم 8671) من طريق أبي سفيان، عن معمر، عن الحسن، به بلفظ: هي محكمة. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (8667) من طريق مطرِّف، عن الحسن قال: هي ثابتة، ولكن الناس بخلوا وشحّوا. وكذا أخرجه ابن الجوزي في "نواسخ القرآن" (ص254) ، إلا أن اسم مطرِّف. وقع في المطبوع هكذا: ((مطر)) .

580- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا يُونُسُ وَمَنْصُورٌ، عَنِ الْحَسَنِ، وَمُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُمَا قَالَا: هِيَ مُحْكَمَةٌ وَلَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ.

_ [580] سنده صحيح إلى الحسن البصري، لكن من طريق يونس بن عبيد، وأما من طريق منصور بن زاذان فالخوف أن يكون هشيم دلَّسه تدليس العطف الذي تقدم الكلام عنه في الحديث [380] ، فإنه لم يصرح هنا بالسماع من منصور، ولم يصرح أيضًا بالسماع من مغيرة بن مقسم، ومع ذلك فمغيرة أيضًا يدلّس لا سيّما عن إبراهيم النخعي كما سبق بيانه في الحديث [54] ، وهذا من روايته عنه ولم يصرح بالسماع، فالإسناد إلى إبراهيم ضعيف. وأخرجه ابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 111 / أ) من طريق المصنف، به مثله. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 8 رقم 8666) من طريق يعقوب بن إبراهيم، حدثنا هشيم، قال: أخبرنا مغيرة، عن إبراهيم ... ، فذكره بمثله. ثم أخرجه ابن جرير برقم (8668) من طريق الحسين بن داود سُنَيد، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا منصور والحسن قَالَا: هِيَ مُحْكَمَةٌ وَلَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ. كذا قال!! وفي الإسناد خطأ بلا شك، فهشيم لا يروي عن الحسن البصري إلا بواسطة، والظاهر أنه رواه بمثل رواية المصنف هنا، فحصل تصحيف من النساخ، أو يكون حسين بن داود أخطأ فيه، فإنه ضعيف كما سبق في الحديث [206] . وأخرجه ابن الجوزي في "نواسخ القرآن" (ص254) من طريق الإمام أحمد، عن هشيم، أبنا مغيرة، عن إبراهيم، فذكره بمثله. ومضى الحديث برقم [579] بإسناد صحيح عن الحسن. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" برقم (8660 و 8663) .

581- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، عَنْ عَوْفٍ (1) ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: كَانُوا يَرْضَخُون (2) لَهُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدُهُمُ الْقِسْمَةَ. 582- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، عَنْ جُوَيْبر، عَنِ الضَّحّاك - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وجل: {فارزقوهم منه} - قَالَ: هِيَ مَنْسُوخَةٌ بِالْمِيرَاثِ (3) . 583- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا مُغِيرَةُ، عَنِ الشَّعْبي، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: لأحْيِيَنَّ الْيَوْمَ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَوْ مِنْ نصيبي (4) .

_ = وابن الجوزي في "نواسخ القرآن" (ص255) . كلاهما من طريق سفيان الثوري، عن مغيرة، عن إبراهيم، بمثله. (1) هو ابن جميلة الأعرابي. (2) أي للمذكورين في الآية: القرابة الذين لا يرثون واليتامى والمساكين، والرَّضْخُ: هو العطية القليلة. "النهاية في غريب الحديث" (2 / 228) . [581] سنده رجاله ثقات، إلا أن هشيمًا مدلس، ولم يصرح هنا بالسماع، وصرّح به في رواية ابن جرير للحديث في "تفسيره" (8 / 13 - 14 رقم 8690) بنحوه، لكن الراوي عن هشيم عنده هو الحسين بن داود سُنَيد، وتقدم في الحديث [206] أنه ضعيف. (3) يعني بقوله تعالى: {يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ... } الأية (11) من سورة النساء. [582] سنده ضعيف جدًّا لشدة ضعف جويبر كما في ترجمته في الحديث [93] . وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 10 رقم 8680) من طريق حسين بن داود، عن هشيم، به بلفظ: ((نسختها المواريث)) . (4) يعني العمل بقوله تَعَالَى: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} ، فيعطي من نصيبه، فيكون عمل بهذه الآية، وهو إحياء لها. =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} ] 584- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا أَبُو إِسْحَاقَ (1) ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} -، قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ إِذَا حَضَرَ (2) فَقَالَ لَهُ: أوْصِ لِفُلَانٍ، أوْصِ لِفُلَانٍ، وَافْعَلْ كَذَا، وَافْعَلْ كَذَا، حَتَّى يضرَّ ذَلِكَ بِوَرَثَتِهِ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضعافًا خافوا عليهم} ، قَالَ: لِيَنْظُرُوا لِوَرَثَةِ هَذَا كَمَا يَنْظُرُ أَحَدُهُمْ لِوَرَثَةِ نَفْسِهِ، فَلْيَتَّقُوا الله، وليأمروه بالعدل والحق.

_ [583] سنده ضعيف؛ مغيرة بن مقسم تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه يدلّس، ولم يصرِّح هنا بالسماع. (1) أبو إسحاق الذي يروي عن مجاهد هو السَّبيعي، لكن هشيمًا هنا يقول: حدثنا أبو إسحاق، وهو لم يلقه، وإنما يروي عن أبي إسحاق الشيباني سيلمان بن أبي سليمان، لكن الشيباني لا يروي عن مجاهد، فالخوف أن يكون هشيم دلّس هنا تدليس الشيوخ الذي بينه العلماء، قال يحيى بن معين: ((لم يلق أبا إسحاق السبيعي، وإنما كان يروي عن أبي إسحاق الكوفي وهو عبد الله بن ميسرة، وكنيته أبو عبد الجليل، فكنّاه هشيم كنية أخرى)) . "التهذيب" (11 / 63) ، وسبق بيان ذلك في الحديث [489] وأن عبد الله بن ميسرة هذا ضعيف. (2) أي حضر عند رجل يوصي. [584] سنده ضعيف لأن أبا إسحاق الذي يروي عنه هشيم هنا هو الكوفي عبد الله بن ميسرة كما سبق، وهو ضعيف، والحديث صحيح لغيره عن مجاهد كما سيأتي. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 442) وعزاه للمصنف وآدم والبيهقي. وقد أخرجه آدم بن أبي إياس في "تفسير مجاهد" (ص147) من روايته عن ورقاء، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد - في قوله: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خلفهم ذرية ضعافًا} - قال: هذا عند الوصية، فيقول له من حضره: أقللت فأوص لفلان، ولآل فلان، يقول الله عز وجل: {وليخش} أولئك، وليقولوا كما يحبون أن يقال لهم في ولده بعده: {وليقولوا قولاً سديدًا} ، يعني: عدلاً. وسنده صحيح، فرواية ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ تقدم في الحديث [184] أنها صحيحة. ووَرْقَاء بن عمر بن كليب اليَشْكُري، أبو بشر الكوفي نزيل المدائن، يروي عن أبي إسحاق السَّبيعي وزيد بن أسلم والأعمش ومنصور بن المعتمر وابن أبي نجيح وغيرهم، روى عن شعبة وابن المبارك وأبو نعيم وآدم بن أبي إياس وغيرهم، وهو ثقة، وفي حديثه عن منصور لين، روى له الجماعة، وقال أبو داود الطيالسي: ((قال لي شعبة: عليك بورقاء، فإنك لن تلقى مثله حتى ترجع)) ، قال محمود بن غيلان: قلت لأبي داود: أي شيء عنى بذلك؟ قال: أفضل وأورع وخير منه، وقال شبابة: ((قال لي شعبة: أكتب أحاديث ورقاء عن أبي الزناد)) ، وقال الإمام أحمد: ((ثقة صاحب سنّة)) ، قيل له: كان مرجئًا؟ قال: لا أدري، وقال حرب: قلت لأحمد: ورقاء أحب إليك في تفسير ابن أبي نجيح أو شبل؟ قال: ((كلاهما ثقة، وورقاء أوثقهما، إلا أنهم يقولون: لم يسمع التفسير كله، يقولون: بعضه عرض)) ، وقال علي بن المديني عن يحيى بن سعيد القطان: قال معاذ: قال ورقاء: كتاب التفسير قرأت نصفه على ابن أبي نجيح، وقرأ عليَّ نصفه)) ، وقال الدوري: قلت لابن معين: أيما أحب إليك، تفسير ورقاء، أو تفسير شيبان وسعيد عن قتادة؟ قال: ((تفسير ورقاء؛ لأنه عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مجاهد)) ، قلت: فأيما أحب إليك، تفسير ورقاء، أو ابن جريج؟ قال: ((ورقاء، لأن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ابن جريج لم يسمع من مجاهد إلا حرفًا)) ، وقا ابن أبي مريم، عن معين: ((ورقاء ثقة)) ، وقال أبو حاتم: ((كان شعبة يثني عليه، وكان صالح الحديث)) ، وقال عمرو بن علي الفلاّس: ((سمعت معاذ بن معاذ، وذكر ورقاء، فأحسن عليه الثناء، ورضيه، وحدَّثَنا عنه)) ، وكانت وفاته سنة نَيْف وستين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 50 - 51 رقم 216) ، و"تذكرة الحفاظ" (1 / 230 - 231) ، و"التهذيب" (11 / 113 - 115 رقم 200) وقد تكلم بعضهم في ورقاء لأمرين: 1- ذكر الإمام أحمد أن بعضهم يقول: إنه لم يسمع التفسير كله من ابن أبي نجيح، وهذا مدفوع بما ذكره معاذ بن معاذ عنه أنه قرأ على ابن أبي نجيح نصفه، وقرأ عليه ابن أبي نجيح النصف الباقي. 2- تكلم بعضهم في روايته عن منصور بن المعتمر، وهذا مقيد بروايته عنه، وماعدا ذلك فصحيح. قال معاذ بن معاذ ليحيى القطان: سمعتَ حديث منصور؟ قال: نعم، فقال: ممن؟ قال: من ورقاء، قال: لا يساوي شيئًا. وقال العقيلي: تكلموا في حديثه عن منصور. انظر الموضع السابق من "التهذيب". وأخرجه البيهقي هذا الحديث في "سننه" (6 / 271) في الوصايا، باب ما جاء فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ} ، أخرجه من طريق آدم، عن ورقاء، به، ومنه صوبت بعض عبارات المتن في "تفسير مجاهد". ولم ينفرد ورقاء بالحديث عن ابن أبي نجيح، بل تابعه عليه عيسى بن ميمون، بنحوه. أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 21 - 22 رقم 8715) . وأخرجه ابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 111 / ب) ، من طريق ابن جريج، عن مجاهد به بمعناه. وعليه فالحديث صحيح لغيره عن مجاهد بهذه المتابعات، والله أعلم.

585- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو شِهَابٍ (1) ، عَنِ الأعْمش، عَنْ مُسْلِمٍ (2) ، عَنْ مَسْروق، أَنَّهُ حَضَرَ رَجُلًا يُوصِي، فَآثَرَ بَعْضَ الْوَرَثَةِ عَلَى بَعْضٍ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ قَسَمَ بَيْنَكُمْ فَأَحْسِنِ القَسْمَ، وَإِنَّهُ مَنْ يَرْغَبْ بِرَأْيِهِ عَنْ رَأْيِ اللَّهِ تَعَالَى (يَضِلّ) (3) ، فأوصِ لِذِي قرابةٍ (مِمَّنْ) (4) لَا يَرِثُ، ثُمَّ دَعِ الْمَالَ كما قسمه الله.

_ (1) هو عبد ربه بن نافع، تقدم في الحديث [7] أنه صدوق. (2) هو أبو الضُّحى مسلم بن صُبَيْح. (3) ما بين القوسين سقط من الأصل، فاستدركته من المطبوع من "السنن" للمصنف، ومن "سنن البيهقي"، حيث روى الحديث من طريق المصنف. (4) في الأصل: ((من)) فاستدركته من المطبوع من "السنن" للمصنف ومن البيهقي. [585] سنده صحيح، وانظر الحديث رقم [3] فيما يتعلق بتدليس الأعمش. وسبق أن أخرج المصنف هذا الحديث في كتاب الوصايا من "السنن" المطبوع (1 / 94 رقم 362) ، فقال: نا أَبُو شِهَابٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْحٍ، عَنْ مسروق، في رجل وهب لأولاده فآثر بعضهم عَلَى بَعْضٍ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّ الله قد قسم بينكم فأحسن القسمة، وَإِنَّهُ مَنْ يَرْغَبْ بِرَأْيِهِ عَنْ رأي الله يضل، فأوص لذي قرابتك ممن لا يرث، ودع المال على ما قسمه الله. ومن طريق المصنف أخرجه البيهقي في "سننه" (6 / 271) في الوصايا، باب ما جاء فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ} ، بمثل لفظ المصنف هنا في التفسير، لكن وقع عنده خطأ في الإسناد، فقال: ((ابن شهاب)) بدلاً من قوله: ((أبو شهاب)) ، ولعل الخطأ من الطباعة. وأخرجه المصنف سعيد بن منصور في الموضع السابق من المطبوع من "السنن" برقم (360 و 361) ، من طريق عيسى بن يونس وأبي معاوية، كلاهما عن =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ اليَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} ] 586- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا أَبُو إِسْحَاقَ (1) ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وسيصلون سعيرًا} ، اعْتَزَلَ النَّاسُ أَيْتَامَهُمْ، وَكَانُوا لَا يُخَالِطُونَهم، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَزَلَتْ: {وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يعلم المفسد من المصلح} (2) ، فعادوا فخالطوهم.

_ = الأعمش، به نحوه. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (11 / 222 رقم 11046) من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، به نحوه. (1) هو الشيباني سليمان بن أبي سليمان - إن شاء الله -، فهو الذي يروي عن عكرمة وعنه هشيم، وهو ثقة كما تقدم في الحديث [97] ، إلا أن يكون أبا إسحاق الكوفي الذي يدلّسه هشيم تدليس الشيوخ كما تقدم بيانه في الحديث [489] والحديث [584] ، واسمه عبد الله بن ميسرة، وهو ضعيف، لكن لم يذكروا عن هذا أنه روى عن عكرمة. (2) الآية (220) من سورة البقرة. [586] سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مُرْسِله عكرمة.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} ] 587- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو (1) ، عَنْ طاوُس، قَالَ: أَمَرَ (عُمَرُ) (2) حَفْصَةَ أَنْ تَسْأَلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ الكَلالَة، فأمْهَلَتْه حَتَّى إِذَا لَبِسَ ثِيَابَهُ، سَأَلَتْهُ عَنْهَا، فَأمْلاها عَلَيْهَا، وَقَالَ: ((مَنْ أَمَرَكِ بِهَذَا، أعُمر؟ ما أظن أن يفهمهما، أوَ لَمْ تكْفِهِ آيةُ الصَّيْف؟)) قَالَ سُفْيَانُ: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً} (3) ، فَلَمْ يَفْهَمْهَا، وَقَالَ: اللَّهُمَّ مَنْ فهمها فإني لم أفهمها.

_ (1) هو ابن دينار. (2) ما بين القوسين سقط من الأصل، وهي زيادة يقتضيها السياق، وفي الموضع الآتي من "مصنف عبد الرزاق" و"الدر المنثور": ((أن عمر أمر حفصة)) . (3) كذا جاء في رواية المصنف أن هذه الآية هي آية الصيف! وقد روى عبد الرزاق الحديث كما سيأتي، عن سفيان بن عيينة، وعنده آية الصيف هي التي في آخر سورة النساء: {يستفنونك قل الله يفتيكم في الكلالة ... } الآية، وهذا موافق لبقية الروايات في صحيح مسلم وغيره كما سيأتي. [587] رجاله ثقات، لكنه ضعيف لإرساله، فطاوس لم يشهد الحادثة، وهو صحيح لغيره كما سيأتي. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 754) ، وعزاه للمصنف سعيد بن منصور وعبد الرزاق فقط. وقد أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (10 / 305 رقم 19194) عن ابن عيينة، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طاوس، أن عمر أمر حَفْصَةَ أَنْ تَسْأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى الله عليه وسلم - عن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = الْكَلَالَةِ، فَأَمْهَلَتْهُ حَتَّى إِذَا لَبِسَ ثيابه، فسألته، فأملَّها عليها في كتف، فقال: ((أعمر أمرك بهذا؟ ما أظن أن يفهمها، أوَ لَمْ تكفه آية الصيف؟)) فأتت بها عمر، فقرأها، فلما قرأ: {يبين لكم أن تضلوا} قال: اللهم من بينت له فلم يتبيّن لي. ثم أخرجه عبد الرزاق برقم (19195) من طريق معمر، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، أن عمر أمر حَفْصَةَ أَنْ تَسْأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الْكَلَالَةِ. وأخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" كما في "المطالب العالية المسندة" (ل 54 / أوب) ، فقال: أخبرنا جرير، عن الشيباني، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سعيد بن المسيّب قال: إن عمر رضي الله عنه سأل النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: كيف نورث الكلالة؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((أوَ ليس قد بيّن الله تعالى ذلك؟)) ثم قرأ: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً ... } إلى آخرها، فكأن عمر رضي الله عنه لم يفهم، فأنزل الله تعالى: {يستفتونك في الكلالة ... } إلى آخر الآية، فكأن عمر رضي الله عنه لم يفهم، فقال لحفصة رضي الله عنها: إذا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - طيِّب نفسٍ فاسأليه عنها، فرأت منه طيب نفس فسألته عنها، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((أبوك كتب لك هذا؟ ما أرى أباك يعلمها أبدًا)) ، فكان عمر رضي الله عنه يقول: ما أراني أعلمها أبدًا وقد قال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا قال. ومن طريق جرير أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 431 رقم 10866) ، إلا أنه مختصر. قال الحافظ ابن حجر في "المطالب العالية" بعد أن ساق الحديث: ((صحيح إن كان ابن المسيب سمعه من حفصة رضي الله عنها)) ، وانظر "المطالب العالية" المطبوعة (1 / 440 - 441 رقم 1474) . وأخرجه الإمام مالك في "الموطأ" (2 / 515 رقم 7) في الفرائض، باب ميراث الكلالة، من طريق شيخه زيد بن أسلم، أن عمر بن الخطاب سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - عن الكلالة، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -: ((يكفيك من ذلك الآية التي أنزلت =

588- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ (1) ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ الْكَلَالَةِ، قَالَ: هُوَ مَا عَدَا الوَلَدَ والوَالِد. فَقُلْتُ لَهُ: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ ليس له ولد} ؟ فغضب وانْتَهَرَنِي.

_ = في الصيف: آخر سورة النساء)) . وهذا مرسل أيضًا؛ فزيد بن أسلم تابعي، وتقدم في الحديث [398] أنه ثقة عالم وكان يرسل. وأصل الحديث في "صحيح مسلم" (1 / 396 رقم 78) في المساجد، باب نهي من أكل ثومًا أو بصلاً أو كرّاثًا أو نحوها، و (3 / 1236 رقم 9) في الفرائض، باب ميراث الكلالة، من طريق هشام وسعيد بن أبي عروبة وشعبة، ثلاثتهم عن قتادة، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الجَعْد، عن مَعْدان بن أبي طلحة، أن عمر بن الخطاب خطب يوم جمعة، فذكر نبيَّ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، وذكر أبا بكر، ثم قال: إني لا أدع بعدي شيئًا أهم عندي من الكلالة؛ ما راجعت رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - في شيء ما راجعته في الكلالة، وما أغلظ لي في شيء ما أغلظ لي فيه، حتى طعن بإصبعه في صدري وقال: ((يا عمر، ألا تكفيك آية الصيف التي في آخر سورة النساء؟)) ، وإني إن أعِشْ أقض فيها بقضيّة يقضي بها من يقرأ القرآن ومن لا يقرأ القرآن. (1) هو الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب الهاشمي، أبو محمد المدني، وأبوه ابن الحنفية، روى عن أبيه وابن عباس وسلمة بن الأكوع وغيرهم، روى عنه عمرو بن دينار والزهري وعاصم بن عمر بن قتادة وغيرهم، وهو ثقة فقيه، روى له الجماعة، وقال الزهري: ((ثنا الحسن وعبد الله ابنا محمد، وكان الحسن أرضاهما في أنفسنا)) ، وفي رواية: ((وكان الحسن أوثقهما)) ، وقال الذهبي: ((كان من علماء أهل البيت، وناهيك أن عمرو بن دينار يقول: ما رأيت أحدًا أعلم بما اختلف فيه الناس من الحسن بن محمد، ما كان زهريّكم إلا غلامًا من غلمانه)) ، ووثقه العجلي، وذكره ابن حبان في ثقاته وقال: ((كان من علماء الناس =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = بالاختلاف، وكان يقول: من خلع أبا بكر وعمر فقد خلع السنة)) ، وكانت وفاته سنة تسع وتسعين للهجرة، أو مائة. اهـ. من "تاريخ الثقات" للعجلي (ص117 رقم 286) ، و"الثقات" لابن حبان (4 / 122) ، و"سير أعلام النبلاء" (4 / 130) ، و"التهذيب" (2 / 320 - 321 رقم 555) ، و"التقريب" (ص164 رقم 1284) . وقد رمي الحسن هذا بالإرجاء قال العجلي: ((قال أبو أسامة: كان مرجئًا، وهو أول من وضع في الإرجاء)) ، وكذا قال غير واحد. وقد بين الحافظ ابن حجر في الموضع السابق من "التهذيب" أن الإرجاء الذي وضع فيه الحسن بن محمد كتابًا ليس الإرجاء المعهود، فقال: ((قلت: المراد بالإرجاء الذي تكلّم الحسن بن محمد فيه غير الإرجاء الذي يعيبه أهل السنة المتعلق بالإيمان؛ وذلك أني وقفت على كتاب الحسن بن محمد المذكور ... قال في آخره: ونوالي أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، ونجاهد فيهما؛ لأنهما لم تقتتل عليهما الأمة، ولم تشكّ في أمرهما، ونرجئ من بعدها ممن دخل في الفتنة، فنكل أمرهم إلى الله، إلى آخر الكلام، فمعنى الذي تكلم فيه الحسن: أنه كان يرى عدم القطع على إحدى الطائفتين المقتتلتين في الفتنة بكونه مخطئًا أو مصيبًا، وكان يرى أنه يرجئ الأمر فيهما. وأما الإرجاء الذي يتعلق بالإيمان فلم يعرج عليه، فلا يلحقه بذلك عيب، والله أعلم)) . اهـ. [588] سنده صحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 756) وعزاه للمصنف وعبد الرزاق وابن أبي شيبة والدارمي وابن جرير وابن المنذر والبيهقي. وقد أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (10 / 303 رقم 19189) . وابن جرير في "تفسيره" (8 / 55 رقم 8750) . وابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 115 / ب) . والبيهقي في "سننه" (6 / 225) في الفرائض، باب حجب الإخوة والأخوات =

589- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ سُلَيْمَانَ الأحْوَل (1) ، عَنْ طَاوُس، سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: كُنْتُ آخِرَ النَّاسِ عَهْدًا بِعُمَرَ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: القَوْلُ مَا قُلْتَ، فَقُلْتُ: وَمَا قلتُ؟ قَالَ: الكَلالَةُ مَنْ لا ولد له [124/أ] .

_ = من كانوا بالأب والابن وابن الابن. جميعهم من طريق سفيان بن عيينة، به نحوه، إلا أن لفظ ابن جرير وابن المنذر مختصر. وأخرجه عبد الزراق مقرونًا برواية ابن عيينة السابقة. وابن أبي شيبة في "المصنف" (11 / 416 رقم 11647) . وابن جرير في "تفسيره" برقم (8751) . ثلاثتهم من طريق ابن جريج، عن عمرو بن دينار، به نحوه، إلا أن ابن أبي شيبة وابن جرير لم يذكرا قوله: ((فقلت له ... )) الخ. وأخرجه الدارمي في "سننه" (2 / 264 رقم 2978) . وابن جرير برقم (8752) . كلاهما من طريق سفيان الثوري، عن عمرو بن دينار، به بلفظ: ((الكلالة ما خلا الولد والوالد)) . (1) هو ابن أبي مسلم الأحْول، تقدم في الحديث [47] أنه ثة ثقة. [589] سنده صحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 755) وعزاه للمصنف وعبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم والبيهقي في "سننه". وقد أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (10 / 303 رقم 19188) . وابن أبي شيبة في "المصنف" (11 / 415 رقم 11645) . وابن جرير في "تفسيره" (8 / 59 رقم 8767) . وابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 115 / أ) . =

590- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، عَنْ زَكَرِيَّا (1) ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ (2) ، عَنْ سَلِيم بْنِ عَبْدِ اللَّهِ (3) ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: الْكَلَالَةُ مَا عَدَا الْوَالِدَ وَالْوَلَدَ.

_ = وابن أبي حاتم في الموضع السابق من "تفسيره". والحاكم في "المستدرك" (2 / 303 - 304) . والبيهقي في "سننه" (6 / 225) في الفرائض، باب حجب الإخوة والأخوات من كانوا بالأب والابن وابن الابن. جميعهم من طريق سفيان بن عيينة، به مثله، إلا عبد الرزاق، فلفظه نحوه، وزاد: ((حسبت أنه قال: ولا والد)) ، وهذه جاءت في رواية ابن أبي حاتم جزمًا بدون شك، ولم يذكر ابن أبي شيبة قوله: ((الْقَوْلُ مَا قُلْتَ، فَقُلْتُ: وَمَا قلت؟)) قال الحاكم: ((هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي. وقال البيهقي: ((كذا في هذه الرواية! والذي روينا عن عمر وابن عباس في تفسير الكلالة أشبه بدلائل الكتاب والسنة من هذه الرواية، وأولى أن يكون صحيحًا؛ لانفراد هذه الرواية، وتظاهر الروايات عنهما بخلافها، والله أعلم)) . وقال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (1 / 460) بعد أن ذكر عن ابن عباس وغيره أن الْكَلَالَةُ مَنْ لَا وَلَدَ لَهُ ولا والد قال: ((قال أبو الحسين بن اللبّان: وقد روي عن ابن عباس ما يخالف ذلك، وهو: أنه من لا ولد له، والصحيح عنه الأول، ولعلّ الراوي ما فهم عنه ما أراد)) . اهـ. قلت: أما ابن عباس فالذي صحّ عنه أنه من لا ولد له ولا والد كما في الحديث السابق برقم [588] ، وأما عمر فالذي صحّ عنه أنه لم يستقرّ له فيها رأي كما في الحديث المتقدم برقم [587] ، وقد روي عنه أنه كان يقول: ((الكلالة ما عدا الولد)) ، ثم رجع عن ذلك وقال: ((الْكَلَالَةُ مَا عَدَا الْوَلَدَ وَالْوَالِدَ)) ، لكن هذا لم يصحّ عنه كما سيأتي برقم [591] . (1) هو زكرّيا بن أبي زائدة: خالد - ويقال هُبَيْرة - ابن مَيْمون بن فَيْروز الهَمْداني =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = الوَادِعي، أبو يحيى الكوفي، روى عن أبي إسحاق السبيعي وعامر الشَّعْبي وسماك بن حرب وغيرهم، روى عنه ابنه يحيى وسفيان الثوري وشعبة وابن المبارك وغيرهم وهو ثقة، وفي روايته عن الشعبي كلام إذا لم يصرِّح بالسماع منه، فإنه كان يدلِّس عنه، وسماعه من أبي إسحاق السبيعي بأَخَرَةٍ، وقد روى له الجماعة، ووثقه العجلي وأبو داود ويعقوب بن سفيان والنسائي والبزار وابن سعد وزاد: ((كثير الحديث)) ، وقال الإمام أحمد: ((ثقة حلو الحديث، ما أقربه من إسماعيل بن أبي خالد)) ، وقال يحيى بن سعيد القطان: ((ليس به بأس)) . ووصفه بالتدليس أبو داود، وذلك مقيّد بروايته عن الشعبي؛ قال أبو زرعة: ((صويلح يدلس كثيرًا عن الشعبي)) ، وقال أبو حاتم الرازي: ((ليِّن الحديث، كان يدلس، وإسرئايل أحب إليّ منه، ويقال: إن المسائل التي كان يرويها عن الشعبي لم يسمعها منه، إنما أخذها عن أبي حريز)) ، وكانت وفاته سنة سبع أو ثمان أو تسع وأربعين ومائة. وسماعه من أبي إسحاق السبيعي في الآخر، قال الإمام أحمد: ((إذا اختلف زكريا وإسرائيل فإن زكريا أحبّ إليّ في أبي إسحاق، ثم قال: ما أقربهما، وحديثهما عن أبي إسحاق ليِّن؛ سمعا منه بأخرة)) ، وقال العجلي: ((سماعه من أبي إسحاق بأخرة)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 593 - 594 رقم 2685) ، و"التهذيب" (3 / 329 - 330 رقم 616) ، و"التقريب" (ص216 رقم 2022) ، و"طبقات المدلسين" (ص62 رقم 47) . (2) هو عمرو بن عبد الله السَّبيعي. (3) هو سَلِيم بن عَبْد، ويقال: ابن عبد الله السَّلُولي الكِنَاني، الكوفي، يروي عن حذيفة وابن عباس رضي الله عنهم، روى عنه أبو إسحاق السبيعي فقط، مجهول؛ قال الشافعي: ((سألت عنه أهل العلم بالحديث، فقيل لي: إنه مجهول)) ، ووثقه العجلي، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ((شهد غزوة طبرستان)) ، وسكت عنه البخاري، وبيض له ابن أبي حاتم. انظر "التاريخ الكبير" للبخاري (4 / 126 =

591- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمٍ الأحْول (1) ، عَنِ الشَّعْبي، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: الْكَلَالَةُ مَا عَدَا الْوَلَدَ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: الْكَلَالَةُ مَا عَدَا الْوَلَدَ وَالْوَالِدَ، فَلَمَّا طُعن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: إِنِّي لَأَسْتَحِي اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ أُخَالِفَ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: (الْكَلَالَةُ مَاعَدَا الْوَلَدَ والوالد) (2) .

_ = رقم 2193) ، و"تاريخ الثقات" للعجلي (ص199 رقم 601) ، و"الجرح والتعديل" (4 / 212 رقم 915) ، و"لسان الميزان" (3 / 110 رقم 366) ، و"تعجيل المنفعة" (ص110 رقم 406) . [590] سنده ضعيف لجهالة سليم بن عبد الله، وهو صحيح لغيره بالطريق المتقدم برقم [588] ، وأما زكريا فإنه قد تابعه عدد من الرواة، ومنهم سفيان الثوري، وهو ممن سمع من أبي إسحاق السبيعي قبل اختلاطه. فالحديث أخرجه البيهقي في "سننه" (6 / 224) في الفرائض، باب حجب الإخوة والأخوات من كانوا، بالأب والابن وابن الابن، من طريق هشيم، به نحوه. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (11 / 417 رقم 11651) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 55 - 56 و 59 رقم 8753 و 8754 و 8768) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 115 / أ) . ثلاثتهم من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق السبيعي، به نحوه. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (8756 و 8757 و 8758 و 8759) من طريق أبي الأحوص وشريك وسفيان الثوري وأشعث، أربعتهم عن أبي إسحاق، به، ولفظ الثوري نحوه، وأما أبو الأحوص فلفظه: ((ما رأيتهم إلا قد اتفقوا: أن من مات ولم يدع ولدًا ولا والدًا أنه كلالة)) . اهـ. ولفظ شريك وأشعث نحو لفظ أبي الأحوص. (1) هو عاصم بن سليمان الأحْوَل، تقدم في الحديث [47] أنه ثقة. (2) ما بين القوسين ليس في الأصل، وقد روى البيهقي - كما سيأتي - هذا الحديث من طريق المصنف بهذه الزيادة. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = [591] سنده رجاله ثقات، إلا أنه ضعيف للانقطاع بين الشعبي وبين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فالشعبي تقدم في الحديث [39] أنه ولد سنة تسع عشرة وقيل بعد ذلك، وأنه لم يدرك أبا بكر، وهذا يقتضي أن يكون صغيرًا أيام عمر وأنه لم يسمع منه. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 756) وعزاه للمصنِّف وعبد الرزاق وابن أبي شيبة والدارمي وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في "سننه". وقد أخرجه البيهقي من طريق المصنف (6 / 224) في الفرائض، باب حجب الإخوة والأخوات من كانوا بالأب والابن وابن الابن، ولفظه مثل لفظ المصنف إلا أنه لم يذكر قوله: ((الله عز وجل)) . وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (10 / 304 رقم 19191) عن ابن عيينة، به نحوه. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 115 / ب) . وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 54 رقم 8747) من طريق يونس بن عبد الأعلى، عن ابن عيينة، به بلفظ: ((إن أبا بكر وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما قالا: الكلالة من ولا ولد له ولا والد)) . وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (11 / 415 - 416 رقم 11646) من طريق أبي معاوية، عن عاصم، به بذكر قول أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فقط. وأخرجه الدارمي في "سننه" (2 / 264 رقم 2976) من طريق يزيد بن هارون، عن عاصم، به بمعناه. وأخرجه ابن جرير برقم (8745 و 8746) من طريق علي بن مُسْهِر وهشيم، كلاهما عن عاصم، به بمعناه.

592- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ قَانِف (1) ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ مِنْ أم} .

_ (1) تقدم في الحديث [208] أنه مقبول. [592] سنده ضعيف لجهالة حال القاسم وتفرّده بالحديث، وأما هشيم فإنه وإن لم يصرح بالسماع هنا، فقد صرح به في رواية أبي عبيد وغيره. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 448) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد والدارمي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في "سننه". وقد أخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص247 رقم 589) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 62 رقم 8775) . والبيهقي في "سننه" (6 / 231) في الفرائض، باب فرض الإخوة والأخوات للأم. ثلاثتهم من طريق هشيم، عن يعلى، به مثله، إلا أن روايتي أبي عبيد وابن جرير فيهما: ((من أمه)) ، وعندهما وقع تصريح هشيم بالسماع. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (11 / 416 - 417 رقم 11650) . والدارمي في "سننه" (2 / 264 رقم 2979) . وعبد بن حميد في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 115 / أ) . وابن جرير في "تفسيره" (8 / 61 - 62 رقم 8772) . وابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 115 / ب) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 115 / أ) . جميعهم من طريق سفيان الثوري، عن يعلى بن عطاء، به نحوه. وأخرجه ابن جرير برقم (8773 و 8774) . وابن أبي حاتم في الموضع السابق. =

593- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (1) قَالَ: نَا أَبُو حَيَّان التَّيْمي (2) ، عَنِ الشَّعْبي، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ عَلَى مِنْبَرِ الْمَدِينَةِ: أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا إِنَّهُ نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ يَوْمَ نَزَلَ وَهِيَ مِنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ: مِنَ الْعِنَبِ، والتَّمْرِ، والعَسَل، والحِنْطَة، والشَّعير، والخَمْرُ مَا خَامَر العَقْلَ، وَثَلَاثٌ أَيُّهَا النَّاسُ وَدِدْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُفَارِقْنَا حَتَّى يَعْهَدَ إِلَيْنَا عَهْدًا نَنْتَهِي إِلَيْهِ: الجَدُّ (3) ، والكَلالَةُ، وَأَبْوَابٌ مِنْ أبواب الرِّبَا (4) .

_ = كلاهما من طريق شعبة، عن يعلى بن عطاء، به نحوه. وهذه القراءة لو صحّت عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فتعتبر قراءة تفسيرية؛ لأني لم أجد من قرأ بها من القرّاء، وأما معناها فصحيح بالإجماع، قال القرطبي - رحمه الله - في "تفسيره" (5 / 78) : ((فأما هذه الآية فأجمع العلماء على أن الإخوة فيها عنى بها الإخوة للأم)) . اهـ. (1) هو ابن عُلَيَّة. (2) هو يحيى بن سعيد بن حَيَّان. (3) أي في مقدار ما يرث؛ لأن الصحابة اختلفوا في ذلك اختلافًا كثيرًا، حتى إن عَبِيدة السَّلْماني - رحمه الله - قال: إني لأحفظ عن عمر في الجدّ مائة قضية كلها ينقض بعضها بعضًا. انظر تفصيل ذلك في "فتح الباري" (12 / 19 - 22) . (4) قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - في "فتح الباري" (10 / 50) في تعليقه على قول عمر هذا: ((وأما أبواب الرِّبا، فلعلّه يشير إلى ربا الفضل؛ لأن ربا النسيئة متفق عليه بين الصحابة، وسياق عمر يدلّ على أنه كان عنده نصّ في بعضٍ من أبواب الربا دون بعض)) . اهـ. [593] سنده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه كما سيأتي. والحديث طريق المصنف أخرجه ابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ابن أبي حاتم (2 / ل 115 / أ) ، لكن بلفظه الأخير هكذا: ((سمعت عمر يقول على منبر المدينة: وودت أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - لم يفارقنا ... )) الخ بمثله. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (8 / 106 رقم 3807) . ومن طريقه مسلم في "صحيحه" (4 / 2322 رقم 33) في التفسير، باب في نزول تحريم الخمر. وأخرجه الإمام أحمد في "الأشربة" (ص69 رقم 185) . ومن طريقه أبو داود في "سننه" (4 / 78 - 79 رقم 3669) في الأشربة، باب في تحريم الخمر. وأخرجه النسائي في "سننه" (8 / 295) في الأشربة، باب ذكر أنواع الأشياء التي كانت منها الخمر حين نزل تحريمها. وابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 439 رقم 10883) . جميعهم من طريق إسماعيل بن عليّة، به نحوه، إلا أن ابن جرير إنما ذكر منه شطره الثاني: ((ثلاث أيها الناس ... )) الخ، وهذا الجزء لم يذكره ابن أبي شيبة والنسائي. وأخرجه البخاري في "صحيحه" (8 / 277 رقم 4619) في تفسير سورة المائدة من كتاب التفسير، باب: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رجس من عمل الشيطان} ، و (13 / 305 رقم 7337) في الاعتصام، باب ما ذكر النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وحضّ على اتفاق أهل العلم ... ومسلم في الموضع السابق من "صحيحه". والترمذي في "سننه" (5 / 621 رقم 1935) في الأشربة، باب ما جاء في الحبوب التي يتخذ منها الخمر. والنسائي في الموضع السابق. جميعهم من طريق عبد الله بن إدريس، عن أبي حيّان التيمي، به، ولفظ مسلم نحوه، وأما النسائي والبخاري في الموضع الأول فأخرجا منه ما يتعلق بالخمر ولم يذكرا باقيه، وأما الترمذي والبخاري في الموضع الثاني فاختصراه جدًّا. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأخرجه البخاري أيضًا مقرونًا برواية ابن إدريس في الموضعين. ومسلم في الموضع السابق. كلاهما من طريق عيسى بن يونس، عن أبي حيّان، به. وأخرجه البخاري في "صحيحه" (10 / 35 و 45 - 46 رقم 5581 و 5588) في الأشربة، باب الخمر من العنب وغيره، وباب ما جاء في أن الخمر ما خامر العقل من الشراب. والبيهقي في "سننه" (8 / 288 - 289) في الأشربة، باب ما جاء في تفسير الخمر الذي نزل تحريمها. كلاهما من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن أبي حيان، به نحوه، وفي بعض طرقه عن يحيى زيادة عندهما. وأخرجه البخاري أيضًا (13 / 305 رقم 7337) ، في الاعتصام، باب ما ذكر النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وحضّ على اتفاق أهل العلم، من طريق ابن أبي غَنِيَّة، عن أبي حيان، به مختصرًا، مقتصرًا منه على موضع الشاهد وهو قول عبد الله بن عمر: ((سمعت عمر على منبر النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -)) . وأخرجه مسلم في الموضع السابق من "صحيحه" برقم (32) من طريق علي بن مسهر، عن أبي حيان، به نحوه. وأخرجه البيهقي في الموضع السابق من طريق سفيان الثوري، عن أبي حيان، به نحوه مقتصرًا على ما يتعلق بالخمر فقط، ولم يذكر باقيه. وعلقه البخاري عقب الحديث رقم (5588) فقال: ((وقال حجاج، عن حماد، عن أبي حيان، مكان العنب: الزبيب)) . وحماد هذا هو ابن سلمة. وأخرجه البخاري أيضًا برقم (5589) . والنسائي في الأشربة من "سننه الكبرى" (4 / 181 رقم 6784) . كلاهما من طريق شعبة، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي السفر، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي البُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ المَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} ] 594- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا مَنْصُورٌ (1) ، عَنِ الْحَسَنِ (2) ، قَالَ: نَا حِطَّان بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِي (3) ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((خُذُوا عَنِّي، فَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلَا، البِكْر بالبِكْر جَلْدُ مِائَةٍ وتَغْريب عَامٍ، والثَّيِّب (4) بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مائة ثم الرَّجْم)) .

_ = عن عمر قال: الخمر تُصنع من خمسة: من الزبيب والتمر والحنطة والشعير والعسل. هذا لفظ البخاري. وأخرجه النسائي في "سننه" (8 / 295) في الأشربة، باب ذكر أنواع الأشياء التي كانت منها الخمر حين نزل تحريمها، من طريق زكريا وأبي حَصين، كلاهما عن عامر الشعبي، به بمثل لفظ البخاري السابق، إلا أنه ذكر بدل الزبيب: العنب. وأخرج النسائي أيضًا في الموضع السابق من "سننه الكبرى" برقم (6785) من طريق محمد بن قيس، عن عامر الشعبي، عن ابن عمر، عن عمر قال: الخمر من خمس: من التمر والزبيب والحنطة والشعير والعسل. (1) هو ابن زاذان، تقدم في الحديث [57] أنه ثقة ثبت عابد. (2) هو البصري. (3) هو حِطَّان بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشي، البصري، روى عن علي وأبي الدرداء وأبي موسى وعبادة بن الصامت، روى عنه الحسن البصري وأبو مجلز ويونس بن جبير وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة الثانية، روى له الجماعة إلا البخاري، وقال =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ابن المديني: ((ثبت)) ، وقال ابن سعد: ((كان ثقة قليل الحديث)) ، وقال العجلي: ((بصري تابعي ثقة، وكان رجلاً صالحًا)) . اهـ. من "تاريخ الثقات" للعجلي (ص124 رقم 305) ، و"الجرح والتعديل" (3 / 303 - 304 رقم 1354) ، و"التهذيب" (2 / 396 رقم 692) ، و"التقريب" (ص171 رقم 1399) . (4) الثَّيِّبُ: من ليس ببكر، ويقع على الذكر والأنثى. "النهاية في غريب الحديث" (1 / 231) . [594] سنده صحيح على شرط مسلم، وقد أخرجه كما سيأتي. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 457) وعزاه لعبد الرزاق والشافعي والطيالسي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والدارمي ومسلم وأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن الجارود والطحاوي وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس وابن حبان. وقد أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3 / 138) ، وفي "مشكل الآثار" (1 / 92) ، في كلا الموضعين من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال: ((جلد مائة والرجم)) . وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (5 / 313) . والدارمي في "سننه" (2 / 102 رقم 2333) . ومسلم في "صحيحه" (3 / 1316 رقم 12) في الحدود، باب حد الزنى. وأبو داود في "سننه" (4 / 571 رقم 4416) في الحدود، باب في الرجم. والترمذي في "سننه" (4 / 705 رقم 1458) في الحدود، باب ما جاء في الرجم على الثيب. وابن الجارود في "المنتقى" (3 / 111 رقم 810) . والنحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص118) . وابن حبان في "صحيحه" (6 / 301 رقم 4408 و 4409 / الإحسان بتحقيق الحوت) . والبيهقي في "سننه" (8 / 221 - 222) في الحدود، باب ما جاء في نفي البكر. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = جميعهم من طريق هشيم، به نحوه. وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (5 / 318 و 320 - 321) . ومسلم في الموضع السابق من "صحيحه" برقم (13) . وأبو داود في الموضع السابق برقم (4415) . والنسائي في "التفسير" (1 / 366 رقم 113) ، وفي "فضائل القرآن" (ص51 رقم 5) . وابن ماجه في "سننه" (2 / 852 رقم 2550) في الحدود، باب حد الزنا. وابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 77 رقم 8806 و 8807) . والبيهقي في "سننه" (8 / 210) في الحدود، باب ما يستدّل على أن السبيل هو جلد الزانيين ورجم الثيب. وابن عبد البر في "التمهيد" (9 / 87 - 88) . جميعهم من طريق سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةٍ، عَنْ قتادة، عن الحسن البصري، عن حطان بن عبد الله، عن عبادة، به نحوه، وعند بعضهم زيادة في أوله في صفة رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - إذا نزل عليه الوحي. وأما ابن ماجه فإنه رواه من طريق شيخه بكر بن خلف، عن يحيى بن سعيد القطان، عن ابن أبي عروبة، وذكر يونس بن جبير بدلاً من الحسن البصري، وقد نصّ الحافظ المزي في "تحفة الأشراف" (4 / 247) على أن هذا وهم؛ ويدل على أن الوهم من شيخ ابن ماجه: أن أبا داود أخرجه من طريق مسدَّد، والنسائي في التفسير من طريق شعيب بن يوسف، وابن عبد البر في "التمهيد" من طريق مسدد وزهير بن حرب، ثلاثتهم عن يحيى القطان، به بذكر الحسن البصري بدل يونس بن جبير، وهو موافق لرواية الآخرين الذين رووه عن ابن أبي عروبة، والذين رووه عن قتادة كما سيأتي، فتبين بهذا أن الوهم من شيخ ابن ماجه بكر بن خلف. وأخرجه علي بن الجعد في "مسنده" (1 / 513 رقم 1018) فقال: أنا شعبة، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = عن قتادة، عن الحسن، عن حطان بن عبد الله، عن عبادة بن الصامت، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - قال: ((خذوا عني، قد جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلَا، الْبِكْرُ بالبكر، والثيب بالثيب، البكر يجلد وينفى، والثيب يجلد ويرجم)) . ومن طريق ابن الجعد أخرجه: الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3 / 134) ، و"في مشكل الآثار" (1 / 92) . وابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 117 / ب) . وابن حبان في "صحيحه" (6 / 301 رقم 4410 / الإحسان بتحقيق الحوت) . وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 80 رقم 8835) و (14 / 171 رقم 17973) . والإمام أحمد في "المسند" (5 / 320) . ومسلم في الموضع السابق من "صحيحه" برقم (14) . وابن جرير في "تفسيره" (8 / 78 رقم 8810) . والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3 / 138) . جميعهم من طريق شعبة، به مثل لفظ ابن الجعد، إلا أن بعضهم قال: ((تجلد وتنفى)) ، و ((تجلد وترجم)) . وأخرجه مسلم في الموضع السابق مقرونًا برواية شعبة. وابن جرير في "تفسيره" (8 / 76 رقم 8805) . كلاهما من طريق معاذ بن هشام، عن أبيه، عن قتادة، به نحو لفظ ابن الجعد السابق، إلا أن في أوله زيادة صفة رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - إذا نزل عليه الوحي. وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (5 / 317) . والدارمي في "سننه" (2 / 101 رقم 2332) . وابن المنذر في الموضع السابق من "تفسيره". ثلاثتهم من طريق حماد بن سلمة، عن قتادة، به نحو سابقه. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (7 / 329 رقم 13360) عن شيخه معمر، عن قتادة، به نحو اللفظ السابق. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ومن طريق عبد الرزاق أخرجه عبد بن حميد في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 117 / ب) . وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (5 / 371) . وابن المنذر في الموضع السابق من "تفسيره". كلاهما من طريق حماد بن سلمة عن حميد الطويل، عن الحسن، به مقرونًا برواية حماد للحديث عن قتادة فيما سبق. وأخرجه الطيالسي في "مسنده" (ص79 رقم 584) من طريق شيخه مبارك بن فضالة، عن الحسن البصري، به نحو اللفظ المتقدم. ومن طريق الطيالسي أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 117 / أوب) . وأخرجه الطيالسي في الموضع السابق من طريق جرير بن حازم، عن الحسن، عن عبادة، به ليس في ذكر لحِطّان بن عبد الله. ومن هذا الوجه أخرجه أحمد في "المسند" (5 / 327) . وأخرجه الشافعي في "الرسالة" (ص129 - 130 رقم 379) فقال: أخبرنا الثقة من أهل العلم، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الحسن، عن حطان الرَّقَاشِيُّ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، به نحو لفظ المصنف. وأخرجه الشافعي أيضًا (ص129 و 247 رقم 686) وفي "اختلاف الحديث" (ص213) ، فقال: أخبرنا عبد الوهاب، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الحسن، عن عبادة بن الصامت ... ، فذكر الحديث بنحو لفظ المصنف. ومن طريق الشافعي هنا أخرجه البغوي في "شرح السنة" (10 / 276 رقم 2580) ، وفي "التفسير" (1 / 405) . قال الشافعي - رحمه الله - في الموضع السابق من "اختلاف الحديث": ((وقد حدثني الثقة أن الحسن كان يدخل بينه وبين عبادة حِطّان الرقاشي، ولا أدري، أدخله عبد الوهاب بينهما، فزال من كتابي حين حوّلته من الأصل، أم لا؟ والأصل يوم كتبت هذا الكتاب غائب عني)) .

595- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا شَريك (1) ، عَنْ فِرَاس (2) ، عَنِ الشَّعْبي، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ أبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: البِكْرَان إِذَا زَنَيَا يُجْلَدان ويُنْفَيَان، والثَّيِّبَان يُرْجَمان، والشَّيْخَان يُجْلَدان ويُرْجَمان.

_ = وقال الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - في تعليقه على الحديث في "حاشية الرسالة" (ص130) : ((والظاهر أن الحسن البصري روى هذا الحديث عن حطان الرقاشي، عن عبادة، وكان في بعض أحيانه يرسل عن عبادة ويحذف شيخه فيه، ولكنه لم يسمعه من عبادة)) . وأخرجه البيهقي في الموضع السابق من طريق يزيد بن زريع، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ عبادة، به نحوه، ليس فيه ذكر لحطّان. وكذا أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 79 رقم 8811) من طريق إسماعيل بن مسلم البصري، عن الحسن، عن عبادة، به، وهو يؤكد ما قاله الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله -؛ من أن الحسن كان يذكر حطان أحيانًا، ولا يذكره أحيانًا أخرى. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (7 / 329 رقم 13359) عن عبد الله بن محرّر، عن حطّان بن عبد الله، عن عبادة، به، وفي أوله زيادة صفة النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا نزل عليه الوحي. (1) هو ابن عبد الله القاضي، تقدم في الحديث [4] أنه صدوق يخطئ كثيرًا. (2) هو فِرَاس - بكسر أوله ومهملة - ابن يحيى الهَمْداني، الخَارفي - بمعجمة وفاء -، أبو يحيى الكوفي، المُكْتبِ، روى عن عامر الشَّعْبي وعطية العوفي وأبي صالح السَّمَّان وغيرهم، روى عنه شعبة والثوري وشريك وغيرهم، وهو ثقة، روى له الجماعة، ووثقه الإمام أحمد وابن معين والنسائي وابن عمار والعجلي وزاد: ((من أصحاب الشعبي، في عداد الشيوخ، ليس بكثير الحديث)) ، وقال يحيى بن سعيد القطان: ((ما بلغني عنه شيء ولا أنكرت من حديثه إلا حديث الاستبراء)) ، وقال أبو حاتم: ((شيخ، كان معلِّمًا ثقة، ما بحديثه بأس)) ، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وقال عثمان بن أبي شيبة: ((صدوق)) ، قيل له: ((ثبت؟)) قال: ((لا)) ، وقال يعقوب بن شيبة: ((كان مكتبًا، وفي حديثه لين، وهو ثقة)) ، وكانت وفاته سنة تسع وعشرين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (7 / 91 رقم 514) ، و"التهذيب" (8 / 259 رقم 482) . وكلام يعقوب وعثمان في فراس محمول على قول القطان؛ من أنه أنكر عليه حديث الاستبراء، وليس هناك بشر يسلم من الوهم إلا الأنبياء، فإذا عُرف ما وهم فيه اجتنبناه ولم يُخرجه ذلك عن حد الاحتجاج. [595] سنده ضعيف لضعف شريك من قبل حفظه. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 81 رقم 8836) من طريق شريك، به بلفظ: ((إذا زنى البكران يجلدان وينفيان، وإذا زنى الثيبان يجلدان ويرجمان)) . وأخرجه البيهقي في "سننه" (8 / 223) في الحدود، باب ما جاء في نفي البكر، من طريق أبي عوانة، ثنا فراس ... ، فذكره بنحو لفظ المصنف، إلا أنه لم يذكر قوله: ((والشيخان يجلدان ويرجمان)) . وذكر الحافظ في "فتح الباري" (12 / 157) رواية ابن أبي شيبة، ثم قال: ((وأخرج ابن المنذر الزيادة بلفظ: والثيبان يرجمان، واللذان بلغا سنًا يجلدان ثم يرجمان)) . والذي يظهر أن ابن المنذر أخرجه من طريق شريك أيضًا كما هو ظاهر صنيع الحافظ ابن حجر، فشريك هو الذي تفرد بزيادة التفريق بين الثيب والشيخ، فالثيب عليه الرجم فقط، والشيخ عليه الجلد والرجم، وهو مذهب غريب استغربه جمع من العلماء؛ قال الحافظ في "الفتح" (12 / 120) : ((ومن المذاهب المستغربة: ما حكاه ابن المنذر وابن حزم عن أبي بن كعب - زاد ابن حزم: وأبي ذر - وابن عبد البر عن مسروق: أن الجمع بين الجلد والرجم خاص بالشيخ والشيخة، وأما الشاب فيجلد إن لم يحصن، ويرجم إن أحصن فقط، وحجتهم في ذلك: حديث: الشيخ والشيخة إذا زنيا =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (17) وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ المَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} ] 596- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا، عَنْ شَيْخٍ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاك بْنَ مُزَاحم يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {يتوبون من قريب} ، قَالَ: كُلُّ تَوْبَةٍ قَبْلَ الْمَوْتِ فهو من قريب.

_ = فارجموهما البتّة ... ، وقال عياض: شَذّت فرقة من أهل الحديث فقالت: الجمع على الشيخ الثيب دون الشاب، ولا أصل له، وقال النووي: هو مذهب باطل)) . اه. وردّ عليه الحافظ ابن حجر بقول: ((كذا قاله ونفى أصله! ووصفُه بالبطلان إن كان المراد به طريقه فليس بجيِّد؛ لأنه ثابت كما سأبينه في باب: البكران يجلدان، وإن كان المراد دليله ففيه نظر أيضًا؛ لأن الآية وردت بلفظ: الشيخ، ففهم هؤلاء من تخصيص الشيخ بذلك: أن الشاب أعذر منه في الجملة، فهو معنى مناسب، وفيه جمع بين الأدلة، فيكيف يوصف بالبطلان؟)) . اهـ. وقول الحافظ: ((لأنه ثبت ... )) ، قصد به ثبوت القول عن بعض السلف؛ فإنه أحال على باب: ((البكران يجلدان)) ، وقال هناك (12 / 157) : ((وأخرج عبد الرزاق، عن الثوري، عن الأعمش، عن مسروق: البكران يجلدان وينفيان، والثيبان يرجمان ولا يجلدان، والشيخان يجلدان ثم يرجمان، ورجاله رجال الصحيح)) . اهـ. [596] سنده ضعيف لإبهام شيخ إسماعيل بن زكريا، وهو صحيح لغيره كما سيأتي. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 459) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وابن جرير والبيهقي في "شعب الإيمان". وقد أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 4000 رقم 7074 / تحقيق زغلول) من طريق المصنف، به مثله. وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 151) فقال: أنا الثوري، عن رجل، عن الضحاك قال: {ثم يتوبون من قريب} قال: كل شيء قبل الموت فهو قريب. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 94 رقم 8850) . وهذا إسناد ضعيف أيضًا لإبهام شيخ سفيان الثوري، وقد يكون هو شيخ إسماعيل بن زكريا المبهم، والذي يظهر أنه النضر بن طهمان. فقد أخرجه ابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 118 / ب) ، فقال: حدثنا موسى، ثنا يحيى، ثنا وكيع، عن أبي لينة، قال: سمعت الضحاك يقول - في قوله: {ثم يتوبون من قريب} - قال: كل شيء دون الموت فهو قريب. وأخرجه ابن أبي حاتم في الموضع السابق من "تفسيره"، فقال: حدثنا أبو سعيد الأشجّ، ثنا يونس - يعني ابن بكير -، عن النضر بن طهمان، قال: سمعت الضحاك: {ثم يتوبون من قريب} ، قال: ما كان دون الموت فهو قريب. قلت: النَّضْر بن أبي مريم طَهْمَان هو أبو لِيْنَة، الكوفي، روى عن سعيد بن جبير والقاسم بن عبد الرحمن والضحّاك بن مزاحم، روى عنه إسماعيل بن زكريا ووكيع وأبو نعيم وغيرهم، وهو ثقة؛ وثقه ابن معين، وقال أبو حاتم: ((صالح الحديث)) . انظر "الجرح والتعديل" (8 / 476 و 477 رقم 2183 و 2185) ، و"المقتنى" للذهبي (2 / 38 رقم 5274) . وقد قال الساجي عن أبي لينة: ((ليس حديثه بشيء، كان رديء اللسان)) ، وهذا إنما هو النضر بن مطرف، قال الحافظ ابن حجر جوابًا عن ذلك: ((يشير إلى الحكاية التي حكاها البخاري عن يحيى بن سعيد في حق النضر بن مطرف، فقد جعلهما =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = غير واحد واحدًا، وقيل: هما اثنان)) . قلت: ممن فرق بينهما يحيى بن معين وأبو حاتم، فعدَّلا ابن طهمان، وجرحا ابن مطرف. انظر "لسان الميزان" (6 / 165 رقم 577 و 578) . والراوي عن النضر عند ابن المنذر هو وكيع بن الجراح، وتقدم في الحديث [47] أنه ثقة حافظ عابد. والراوي عن وكيع هو يحيى بن معين بن عَوْن الغَطَفاني مولاهم، أبو زكريا البغدادي، إمام الجرح والتعديل، روى عن عبد السلام بن حرب وعبد الله بن المبارك وحفص بن غياث وجرير بن عبد الحميد وعبد الرزاق وابن عيينة ووكيع وغيرهم، روى عنه البخاري ومسلم وأبو داود وأبو حاتم وأبو زرعة وعبد الله بن الإمام أحمد وغيرهم، وهو ثقة حافظ مشهور، روى له الجماعة، وكان ابن المديني يقول: ((انتهى العلم إلى ابن معين)) ، وقال الإمام أحمد: ((كان ابن معين أعلمنا بالرجال)) ، وقال أيضًا: ((السماع مع يحيى بن معين شفاء لما في الصدور)) ، وقال ابن الرومي: ((كنت أنا وأحمد نختلف إلى يعقوب بن إبراهيم في المغازي، فقال أحمد: ليت أن يحيى هنا، قلت: وما تصنع به؟ قال: يعرف الخطأ)) ، وقال ابن أبي حاتم: سئل أبي عنه، فقال: ((إمام)) وكانت ولادته سنة ثمان وخمسين ومائة، وتوفي بمدينة الرسول - صلى الله عليه وسلم - سنة ثلاث وثلاثين ومائتين. اهـ. من "الجرح والتعديل" (1 / 314 - 318) و (9 / 192 رقم 800) ، و"التهذيب" (11 / 280 - 288 رقم 561) ، و"التقريب" (ص597 رقم 7651) . والراوي عن ابن معين هو شيخ ابن المنذر: موسى بن هارون بن عبد الله بن مروان، أبو عمران البزّاز المعروف والده بالحمّال، روى عن علي بن الجعد وأحمد بن حنبل وابن أبي شيبة ويحيى بن معين وغيرهم، روى عنه هنا ابن المنذر، وروى عنه أيضًا جعفر الخُلْدي ودَعْلَج السِّجْزِي والطبراني وغيرهم، وهو ثقة حافظ؛ قال عنه الصِّبغي: ((ما رأينا في حفاظ الحديث أهيب ولا أورع من موسى بن هارون)) ، وقال عبد الغني بن سعيد: ((أحسن الناس كلامًا على =

597- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ (1) ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (بْنِ) (2) البَيْلَماني (3) ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا مِنْ إِنْسَانٍ يَتُوبُ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِيَوْمٍ إِلَّا قَبِلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ تَوْبَتَهُ)) ، قَالَ: فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أَنْتَ سَمِعْتَ ذَلِكَ مِنْهُ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَأَشْهَدُ لَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((مَا مِنْ إِنْسَانٍ يَتُوبُ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِنِصْفِ يَوْمٍ إلا قبل الله توبته)) ،

_ = حديث رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -: علي بن المديني في وقته، وموسى بن هارون في وقته، وعلي بن عمر الدارقطني في وقته)) ، وقال ابن المنادي: ((كان أحد المشهورين بالحفظ والثقة ومعرفة الرجال)) ، وقال الخطيب: ((كان ثقة عالمًا حافظًا)) ، وقال الذهبي: ((الإمام الحافظ الكبير الحجة الناقد، محدث العراق)) ، وكانت ولادته سنة أربع عشرة ومائتين، ووفاته سنة أربع وتسعين ومائتين. اهـ. من "تاريخ بغداد" (13 / 50 - 51 رقم 7019) ، و"سير أعلام النبلاء" (12 / 116 - 117 رقم 39) . وعليه فهذا الإسناد صحيح، والله أعلم. (1) هو الدَّرَاوَرْدي، تقدم في الحديث [69] أنه صدوق، إلا في حديثه عن عبيد الله العمري، فإنه منكر. (2) ما بين القوسين سقط من الأصل، وقد روى البيهقي هذا الحديث من طريق المصنف كما سيأتي بإثبات ذلك، وانظر ترجمته الآتية. (3) هو عبد الرحمن بن البَيْلَماني مولى عمر، مدني نزل حَرّان، روى عن ابن عباس وابن عمر وابن عمرو وغيرهم، روى عنه ابنه محمد وربيعة بن أبي عبد الرحمن وهمّام والد عبد الرزاق وزيد بن أسلم وغيرهم، وهو ضعيف، قال أبو حاتم: ((ليِّن)) ، =

= (قَالَ: فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أَنْتَ سَمِعْتَ ذَاكَ مِنْهُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَأَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((مَا مِنْ إِنْسَانٍ يَتُوبُ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بضَحْوة إِلَّا قَبِلَ اللَّهُ تَوْبَتَهُ)) ) (4) ، فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أَنْتَ سَمِعْتَ ذَلِكَ (مِنْهُ) (5) ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((مَا مِنْ إِنْسَانٍ يَتُوبُ قَبْلَ أَنْ تُغرْغِرَ (6) نَفْسُهُ فِي شِدْقِهِ (7) ، إِلَّا قَبِلَ اللَّهُ توبته)) .

_ = وقال صالح جزرة: ((حديثه منكر، ولا يُعرف أنه سمع من أحد من الصحابة إلا من سُرَّق)) ، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ((لا يجب أن يعتبر بشيء من حديثه إذا كان من رواية ابنه؛ لأن ابنه محمد بن عبد الرحمن يضع على أبيه العجائب)) ، وقال الدارقطني: ((ضعيف لا تقوم به حجة)) ، وقال الأزدي: ((منكر الحديث، يروي عن ابن عمر بواطيل)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 266 رقم 1018) ، و"الثقات" لابن حبان (5 / 91 - 92) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (2 / 778) ، و"التهذيب" (6 / 149 - 150 رقم 303) ، و"التقريب" (ص337 رقم 3819) . (4) ، (5) ما بين القوسين من الأصل فاستدركته من رواية البيهقي الآتية في "شعب الإيمان" حيث روى الحديث من طريق المصنف. (6) الغَرْغَرَةُ: أن يُجعل المشروب في الفم ويُردَّد إلى أصل الحلق ولا يُبْلَع، والمعنى هنا: أي ما لم تبلغ روحُه حلقومَه، فيكون بمنزلة الشيء الذي يتغرغر به المريض. اهـ. من "النهاية في غريب الحديث" (3 / 360) . (7) الشِّدْقُ: هو جانب الفم. انظر المرجع السابق (2 / 453) . [597] سنده ضعيف لضعف ابن البَيْلَماني، ومعناه صحيح كما سيأتي. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وذكره الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (1 / 463 - 464) من رواية الإمام أحمد في "المسند"، ثم قال: ((وقد رواه سعيد بن منصور عن الدراوردي، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عبد الرحمن بن البيلماني، فذكر قريبًا منه)) . وقد أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 398 - 399 رقم 7069 / تحقيق زغلول) ، من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال: ((لسمعت)) بدل قوله: ((لقد سمعت)) ، وقال: ((قبل أن يغرغر نفسه)) . وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (4 / 258) من طريق إبراهيم بن حمزة، عن عبد العزيز بن محمد، به نحوه. وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (3 / 425) من طريق محمد بن مطرف، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عبد الرحمن بن البيلماني قال: اجتمع أربعة مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -، فقال أحدهم: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - يقول ... ، فذكره بنحوه. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10 / 197) : ((رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح، غير عبد الرحمن وهو ثقة)) . قلت: لم يوثق عبد الرحمن أحد، سوى أن ابن حبان ذكره في الثقات، فالذي يظهر أن الهيثمي اعتمد عليه. وأخرجه الإمام أحمد أيضًا (5 / 362) . والحاكم في "المستدرك" (4 / 257) . والبيهقي في الموضع السابق برقم (7068) . أما الإمام أحمد فمن طريق أسباط، وأما الحاكم والبيهقي فمن طريق جعفر بن عون, كلاهما عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ زيد بن أسلم ... ، به نحو لفظ المصنف. وخالفهما عبد الله بن نافع، فرواه عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَبْدِ الرحمن بن البيلماني، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عمرو رضي الله عنهما يقول: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((من تاب قبل موته بعام تيب عليه ... )) ، حتى قال بشهر، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = حتى قال بجمعة، حتى قال بيوم، حتى قال بساعة، حتى قال بِفُوَاق، فقلت: سبحان الله! أو لم يقل الله عز وجل: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ المَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ} ؟ فقال عبد الله: إنما أحدثك بما سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -. أخرجه الحاكم في "المستدرك" (4 / 258 - 259) مستدلاً به على تسمية الصحابي المبهم راوي الحديث، فقال بعد أن أخرج الحديث بإبهام صحابيه: ((وقد شفى عبد الله بن نافع المديني، فبين في روايته عن هشام بن سعد أن الصحابي: عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ العاص رضي الله عنهما)) . قلت: عبد الله بن نافع خالف أسباطًا وجعفر بن عون عن هشام، وخالف عبد العزيز الدراوردي ومحمد بن مطرف عن زيد، فإنهم رووا الحديث ولم يذكروا صحابيّه، ومع ذلك فقد خالفهم في متن الحديث، فمتن الحديث مروي عن أربعة من الصحابة، فجعلهم عبد الله بن نافع واحدًا. وأخرجه الحاكم في الموضع السابق من طريق مؤمل بن إسماعيل، ثنا سفيان الثوري، قال: كتبت إلى عبد الرحمن بين البيلماني أسأله عن حديث يحدث به عن أبيه، فكتب إلي أن أباه حدثه أنه جلس إلى نفر مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -، فقال أحدهم: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - يقول، فذكره بنحو لفظ المصنف، إلا أنه قال: ((قبل موته بساعة)) بدل قوله: ((قبل أن يموت بضحوة)) . وقال الحاكم عقبه: ((سفيان بن سعيد - رضي الله عنه - وإن كان أحفظ من الدراوردي وهشام بن سعد، فإنه لم يذكر سماعه في هذا الحديث من ابن البيلماني، ولا زيد بن أسلم، إنما ذكر إجازة ومكاتبة، فالقول فيه قول من قال: عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ ابن الْبَيْلَمَانِيِّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -)) . اهـ. قلت: ليس الخطأ من سفيان الثوري ولا من روايته إجازة ومكاتبة، وإنما الخطأ ممن دونه؛ وذلك أنه روى الحديث من غير طريق زيد بن أسلم، فقد أخرجه ابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 119 / أ) =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = من طريق شيخه علي بن الحسن بن موسى الهلالي، عن عبد الله بن الوليد العدني، عن سفيان الثوري، قال: كتب إليّ محمد بن عبد الرحمن - قال: هو عندي البيلماني -، قال: حدثني أبي، قال: جلست إلى نفر مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - بالمدينة، قال: فقال رجل منهم: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - يقول ... ، فذكر الحديث بنحو لفظ المصنف، مع الفرق الذي سبق ذكره في رواية الحاكم للحديث. فمدار الحديث إذًا على عبد الرحمن بن البيلماني، ورواه عنه ابنه محمد وزيد بن أسلم، وعبد الرحمن ضعيف كما سبق. وله شاهد أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (2 / 206) فقال: ثنا عفان، ثنا شعبة، قال: إبراهيم بن ميمون أخبرني، قال: سمعت رجلاً من بني الحارث، قال: سمعت رجلاً منا يقال له أيوب، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عمرو يقول: ((من تاب قبل موته عامًا تيب عليه، ومن تاب قبل موته بشهر تيب عليه)) ، حتى قال يومًا حتى قال ساعة، حتى قال فُواقًا، قال: قال الرجل: أرأيت إن كان مشركًا أسلم؟ قال: إنما أحدثكم كما سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - يقول. وأخرجه أيضًا أبو داود الطيالسي في "مسنده" (ص301 رقم 2284) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 99 - 100 رقم 8863) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 119 / أ) . ثلاثتهم من طريق شعبة، به نحوه، إلا أنه سقط بعض إسناد الطيالسي في المطبوع من "مسنده"، وقد أخرجه ابن أبي حاتم في الموضع السابق من طريق علي الصواب. قال الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - في حاشيته على "مسند الإمام أحمد": ((إسناده ضعيف لإبهام الرجل من بني الحارث)) . وله شاهد آخر من حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - قال: ((إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر)) . =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} ] 598- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا فُضيل بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ لَيْث (1) ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: القِنْطار سَبْعُونَ أَلْفَ دينار.

_ = أخرجه الإمام في "المسند" (2 / 132 و 153) . والترمذي في "سننه" (9 / 521 رقم 3603 و 3604) في الدعوات، باب منه. وابن ماجه (2 / 1420 رقم 4253) في الزهد، باب ذكر التوبة. والحاكم في "المستدرك" (4 / 257) . جميعهم من طريق عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، عن أبيه، عن مكحول، عن جُبير بن نُفير، عن ابن عمر، به. قال الترمذي: ((حسن غريب)) . وقال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي. وقال الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - في حاشيته على "المسند" (9 / 17) : ((إسناده صحيح)) . وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" (2 / 151 رقم 1899) . ويشهد لمعناه ما أخرجه مسلم في "صحيحه" (4 / 2076 رقم 43) في الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب استحباب الاستغفار والاستكثار منه، من حديث أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -: ((من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه)) . وعليه يتضح أن معنى الحديث صحيح بهذه الشواهد، والله أعلم. (1) هو ابن أبي سُلَيم، تقدم في الحديث [9] أنه صدوق اختلط جدًّا، فلم يتميز حديثه فتُرك. [598] سنده ضعيف لضعف ليث بن أبي سليم، وهو صحيح لغيره كما سيأتي. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 162) وعزاه لعبد بن حميد فقط. =

599- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَوْفٍ (1) ، عَنِ الْحَسَنِ (2) قَالَ: القِنْطَار: دِيَةُ الحُرِّ (3) .

_ = وأخرجه أبو شعيب الحَرَّاني في "الفوائد المنتخبة" (ل 5 / ب) من طريق جرير، عن ليث، به مثله. والحديث في "تفسير مجاهد" (ص123) من رواية ورقاء، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: الْقِنْطَارُ سَبْعُونَ أَلْفَ دينار. وسنده صحيح. ورقاء بن عمر تقدم في الحديث [584] أنه ثقة. وابن أبي نجيح تقدم في الحديث [184] أن روايته للتفسير عن مجاهد صحيحة. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (6 / 248 رقم 6719 و 6720) من طريق عيسى بن ميمون وشبل، كلاهما عن ابن أبي نجيح، به مثله. (1) هو ابن أبي جميلة الأعرابي. (2) أي البصري. (3) وهي ألف دينار كما سيأتي، أو ألف ومائتان، وهو ما يعادل اثني عشر ألف درهم. [599] سنده صحيح. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (6 / 247 رقم 6712) من طريق هشيم، عَنْ عَوْفٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: القنطار ألف دينار دية أحدكم. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (6703) من طريق يزيد بن زريع، عن عوف، عن الحسن: القنطار ألف ومائتا دينار. وأخرجه برقم (6709) من نفس الطريق السابق بلفظ: القنطار اثنا عشر ألفًا. وأخرجه أيضًا برقم (6708 و 6711) من طريق يزيد بن زريع وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، كلاهما عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةٍ، عن قتادة، عن الحسن أن القنطار اثنا عشر ألفًا. =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} ] 600- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (1) ، عَنْ سَعِيدٍ الجُرَيْرِي (2) ، عَنْ حَيَّان بْنِ عُمير (3) قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: سَبْعٌ صِهْرٌ، وسبعٌ نسبٌ، وَيَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعة مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَب.

_ = وليس هناك تناقض بين الروايات، فدية الحر مقدارها ألف ومائتا دينار، وتعادل اثني عشر ألف درهم، وهو قريب مما جاء في رواية هشيم للحديث عن عوف، عن الحسن أن القنطار ألف دينار، وأظن العدد جاء على التقريب لا على التحديد. وقد روى ابن جرير في الموضع السابق برقم (6706) عن ابن عباس قال: القنطار اثنا عشر ألف درهم، أو ألف دينار. وروى برقم (6707) عن الضحاك قال: القنطار ألف دينار، ومن الورق اثنا عشر ألف درهم. (1) هو ابن عُلَيَّة. (2) هو سعيد بن إياس الجُرَيْري، تقدم في الحديث [23] أنه ثقة اختلط قبل موته بثلاث سنين، والراوي عنه هنا هو إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة، وهو ممن روى عنه قبل الاختلاط. (3) هو حَيَّان بن عُمير القَيْسي الجُرَيْري - بضم الجيم -، أبو العلاء البصري، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = روى عن عبد الرحمن بن سمرة، وابن عباس وسمرة بن جندب وغيرهم، روى عنه سليمان التيمي وسعيد الجُرَيْري وقتادة وغيرهم، وهو ثقة؛ وثقه النسائي وابن سعد وزاد: ((قليل الحديث)) ، وذكره ابن حبان في الثقات، وذكره البخاري في "التاريخ الأوسط" في فصل من مات بين التسعين والمائة للهجرة. اهـ. من "طبقات ابن سعد" (7 / 189) ، و"التهذيب" (3 / 67 - 68 رقم 130) ، و"التقريب" (ص184 رقم 1597) . [600] سنده صحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 471) وعزاه للمصنف وابن أبي شيبة والبيهقي. وسبق أن أخرجه المصنف في المطبوع من "سننه"، في كتاب النكاح، باب ما جاء في ابنة الأخ من الرضاعة (1 / 236 رقم 971) بمثل ما هنا سواء، إلا أنه قال: ((الرضاع)) بدل: ((الرضاعة)) . ومن طريق المصنف أخرجه البيهقي في "سننه" (7 / 158) في النكاح، باب ما يحرم من نكاح القرابة والرضاع وغيرهما، بمثل لفظ المصنف في كتاب النكاح. وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص93 رقم 210) عن شيخه الأعمش، عن إسماعيل بن رجاء الأسدي، عن عمير مولى ابن عباس، عن ابن عباس قال: يحرم من النسب سبع، ومن الصهر سبع، ثم قرأ: {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء} ، و {حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم} . وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (6 / 272 رقم 10808) من طريق الثوري. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه: الطبراني في "معجمه الكبير" (11 / 431 رقم 1222) . ومن طريق سفيان الثوري أيضًا أخرجه: ابن جرير في "تفسيره" (8 / 141 - 142 رقم 8944 و 8945 و 8946) . =

601- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حُديج بنُ مُعَاوِيَةَ (1) ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ (2) ، عَنْ (سَعْدِ) (3) بْنِ إِيَاسٍ، عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي

_ = وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 123 / ب) . والحاكم في "المستدرك" (2 / 304) . قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي. وأخرجه البخاري في "صحيحه" (9 / 153 رقم 5105) في النكاح، باب ما يحل من النساء وما يحرم. وابن جرير الطبري في "تفسيره" برقم (8948) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 123 / أ) . والإسماعيلي في "مستخرجه" كما في "فتح الباري" (9 / 154) . والبيهقي في الموضع السابق من "سننه". جميعهم من طريق سفيان الثوري، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عباس، به نحو لفظ سفيان السابق. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 289) من طريق حسن بن عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: يحرم مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النسب. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (7 / 476 رقم 13951) من طريق إسرائيل بن يونس، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عكرمة، عن ابن عباس، به مثل لفظ ابن أبي شيبة السابق. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" برقم (8949) . والطبراني في "معجمه الكبير" (11 / 291 رقم 11772) . كلاهما من طريق علي بن صالح، عن سماك بن حرب، به نحو لفظ سفيان الثوري السابق. (1) تقدم في الحديث [1] أنه صدوق يخطئ. =

= شَمَخ (4) ، فَرَأَى بعدُ أمَّها، فَأَعْجَبَتْهُ، فَذَهَبَ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً، وَلَمْ أَدْخُلْ بِهَا، ثُمَّ أَعَجَبَتْنِي أُمَّهَا، فَأطَلِّقُ الْمَرْأَةَ وَأَتَزَوَّجُ أُمَّهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، (فطلَّقها) (5) ، وَتَزَوَّجَ أُمَّهَا، فَأَتَى عبدُ اللَّهِ الْمَدِينَةَ، فَسَأَلَ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: لَا يَصْلُحُ، ثُمَّ قَدِمَ، فَأَتَى بَنِي شَمَخ، فَقَالَ: أَيْنَ الرَّجُلُ الَّذِي تَزَوَّجَ أُمَّ الْمَرْأَةِ الَّتِي كَانَتْ تَحْتَهُ؟ قَالُوا: هَاهُنَا، قَالَ: فَلْيُفَارِقْها، قَالُوا: وَقَدْ نَثَرَتْ لَهُ بَطْنَها (6) ؟! قَالَ: فَلْيُفَارِقْهَا، فَإِنَّهَا حَرَامٌ من الله عز وجل.

_ (2) هو عمرو بن عبد الله السبيعي، تقدم في الحديث [1] أنه ثقة، إلا أنه يدلِّس واختلط بأخَرَةٍ. (3) في الأصل: ((سعيد)) وهو خطأ، والذي يظهر أنه خطأ قديم؛ لأن المصنف روى هذا الحديث أيضًا في كتاب النكاح من "سننه" المطبوع (1 / 227 رقم 936) هكذا: ((سعيد)) ، وصوبه المحقق الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي كما هنا، وكذا رواه يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" (1 / 439) من طريق المصنف، وأما البيهقي والخطيب فروياه كما سيأتي من طريق المصنف على الصواب، فكأنهما صوّباه، فلعله اشتبه عليه بسعيد بن إياس الجُرَيْري، وأما سعد بن إياس فهو أبو عمرو الشيباني مشهور بكنيته، تقدم في الحديث [408] أنه ثقة مخضرم. (4) هم بطن من فَزَارَة كما سيأتي في بعض الروايات، وكما في "الأنساب" للسمعاني (8 / 146) . (5) في الأصل: ((طلقها)) والتصويب من الموضع السابق من المطبوع من "السنن" للمصنف وغيره. (6) أي ولدت له. [601] سنده فيه حديج بن معاوية وتقدم أنه صدوق يخطئ، لكنه لم ينفرد به، وفيه =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = أبو إسحاق السبيعي وهو مدلس، واختلط، ولم ينفرد به أيضًا، بل تابعه عليه أبو فروة عروة بن الحارث، فالحديث صحيح لغيره، وقد أخطأ حديج هنا أيضًا فقال: ((عَنْ سَعْدِ بْنِ إِيَاسٍ، عَنْ رجل ... )) ، ورواه إسرائيل كما سيأتي - وهو أوثق منه -، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِيَاسٍ، عَنْ ابن مسعود. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثورط (2 / 473) وعزاه للمصنف وعبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن المنذر والبيهقي في "سننه". وأخرجه المصنف في كتاب النكاح من "سننه" المطبوع (1 / 227 رقم 936) ، ولفظه: عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ بني شمخ، ثم أبصر أُمَّهَا فَأَعْجَبَتْهُ، فَذَهَبَ إِلَى ابْنِ مسعود، فقال: إني تزوجت بامرأة، فلم أَدْخُلْ بِهَا، ثُمَّ أَعَجَبَتْنِي أُمَّهَا، فأطلِّق الْمَرْأَةَ وَأَتَزَوَّجُ أُمَّهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، فَطَلَّقَهَا وَتَزَوَّجَ أُمَّهَا، فَأَتَى عَبْدُ اللَّهِ الْمَدِينَةَ، فَسَأَلَ أَصْحَابَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالُوا: لَا يَصْلُحُ، ثُمَّ قَدِمَ فَأَتَى بَنِي شَمَخٍ، فَقَالَ: أَيْنَ الرَّجُلُ الَّذِي تَزَوَّجَ أُمَّ المرأة التي كانت عنده؟ قالوا: ها هنا، قال: فليفارقها، قالوا: كيف وَقَدْ نَثَرَتْ لَهُ بَطْنُهَا؟ قَالَ: وإن كانت فعلت، فَلْيُفَارِقْهَا، فَإِنَّهَا حَرَامٌ مِنَ اللَّهِ عز وجل. وأخرجه يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" (1 / 439) عن المصنف، به مثل لفظه هنا في التفسير سواء. ومن طريق يعقوب بن سفيان أخرجه البيهقي في "سننه" (7 / 159) في النكاح، باب ما جاء في قوله الله تعالى: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بهن} الآية. وأخرجه الخطيب البغدادي في "الفقيه والمتفقه" (2 / 201) من طريق المصنف، بنحو لفظه في كتاب النكاح. وأخرجه يعقوب بن سفيان أيضًا (1 / 440) من طريق حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ، عَنْ أَبِي إسحاق، عن أبي عمرو الشيباني أن رجلاً سأل ابن مسعود عن رجل طلق امرأته قبل أن يدخل بها، أيتزوج أمها؟ قال: نعم، فتزوجها، فولدت له، فقدم =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = على عمر، فسأله، فقال: فرق بينهما، قال: إنها ولدت، قال: وإن ولدت عشرة، ففرق بينهما. ومن طريق يعقوب بن سفيان أخرجه البيهقي في الموضع السابق. وفي سنده أيضًا حجاج بن أرطأة، وتقدم في الحديث [170] أنه صدوق كثير الخطأ والتدليس. وأخرجه يعقوب بن سفيان أيضًا (1 / 441) من طريق إسرائيل بن يونس، عن جده أبي إسحاق السبيعي، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِيَاسٍ، عَنْ عبد الله بن مسعود، أن رجلاً من بني شمخ بن قَزَارة سأله عن رجل تزوج امرأة ... ، الحديث بنحو سياق المصنف، وفيه زيادة. ولم ينفرد أبو إسحاق بالحديث، بل تابعه عليه أبو فَرْوَة عروة بن الحارث الهَمْداني. أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (6 / 273 رقم 10811) عن شيخه سفيان الثوري، عن أبي فروة، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ ابن مسعود، أن رجلاً من بني شمخ بن فزارة تزوّج امرأة، ثم رأى أمها فأعجبته، فاستفتى ابن مسعود، فأمره أن يفارقها ثم يتزوج أمها، فتزوجها وولدت له أولادًا، ثم أتى ابن مسعود المدينة، فسأل عن ذلك، فأُخبر أنه لا تحلّ له، فلما رجع إلى الكوفة قال للرجل: إنها عليك حرام، إنها لا تنبغي لك، ففارقها. وهذا سند صحيح. سفيان الثوري وأبو عمرو الشيباني سعد بن إياس تقدم أنهما ثقتان. وأما عروة بن الحارث الهَمْداني الكوفي، أبو فروة الأكبر، فهو ثقة من الطبقة الخامسة، يروي عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ليلى وأبي عمرو الشيباني وغيرهما، ويروي عن شعبة والسفيانان: الثوري وابن عيينة وغيرهم، قال ابن معين: ((ثقة)) ، وذكره ابن حبان في ثقاته. "الجرح والتعديل" (6 / 398 رقم 3224) ، و"التهذيب" (7 / 178 - 179 رقم 349) ، و"التقريب" (ص389 رقم 4559) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ومن طريق عبد الرزاق أخرجه: يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" (1 / 438 - 439) . ومن طريق يعقوب أخرجه: البيهقي في الموضع السابق. والخطيب في "الفقيه والمتفقه" (2 / 202) . وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 172) من طريق وكيع، عن سفيان الثوري، به نحوه، ولفظ عبد الرزاق أتم. ورواه شعبة عن أبي فروة، فخالف سفيان في بعض لفظه. أخرجه يعقوب بن سفيان في الموضع السابق، فقال: حدثنا أبو بشر، حدثنا روح، قال: حدثنا شعبة، قال: أخبرني أبو فروة، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ قَالَ: تزوج رجل من بني فزارة، فماتت قبل أن يدخل بها، فرخّص عبد الله أن يتزوج أمها، ورخّص في الصرف، فلما أتى المدينة فرجع، أخذ بيدي، فأتى أهل البيت الذين أمرهم فنهاهم، وأتى الصيارفة فنهاهم. وأخرجه البيهقي في الموضع المتقدم من طريق هاشم بن القاسم: ثنا شعبة، عن أبي فروة الهمداني، قال: سمعت أبا عمرو الشيباني قال: كان عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - يرخص في رجل تزوج امرأة، فماتت قبل أن يدخل بها: أن يتزوج أمها. قال: فأتى المدينة، فكأنه لقي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عنه -، قال: فرجع. قال البيهقي: ((كذا رواه شعبة عن أبي فروة في الموت! وخالفه سفيان الثوري، فرواه عن أبي فروة في الطلاق، وإذا اختلف سفيان وشعبة، فالحكم لرواية سفيان؛ لأنه أحفظ وأفقه، ومع رواية سفيان رواية أبي إسحاق عن أبي عمرو)) . اهـ. وأخرجه مالك في "الموطأ" (2 /533 رقم 23) في النكاح، باب ما لا يجوز من نكاح الرجل أم امرأته، بلا إسناد، فقال: عن غير واحد، أن عبد الله بن مسعود استُفْتي وهو بالكوفة عن نكاح الأم بعد الابنة إذا لم تكن الابنة مُسَّتْ، فأرخص في ذلك. ثم إن ابن مسعود قدم المدينة، فسأل عن ذلك، فأخبر أنه ليس كما قال، وإنما الشرط في الربائب، فرجع ابن مسعود إلى الكوفة، فلم يصل إلى منزله حتى أتى الرجل الذي أفتاه بذلك، فأمره أن يفارق امرأته.

602- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، [ل124/ب] عَنْ شُرَيْح أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ، (فَقَالَ) (1) : ائْتُوا بَنِي شَمَخ، فَسَلُوهم (2) . 603- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (3) ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ أَبِي نَجيح (4) ، عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً، فَطَلَّقَها قَبْلَ أَنْ يَدخل بِهَا حَتَّى مَاتَتْ، أَوْ طَلَّقَها، أيَتَزَوَّجُ بِهَا ابنُه؟ قَالَ: فِيهِ قَتَلَ دَاوُدُ ابْنَهُ أَدِينَ (5) .

_ (1) في الأصل: فقالوا. (2) يشير إلى قصة الرجل الذي من بني شمخ، وتقدمت في الحديث السابق. [602] سنده صحيح، ومغيرة بن مقسم تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه يدلس، لا سيما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه، ولم يصرح بالسماع، لكن تقدم في الحديث [500] أن رواية شعبة عنه محمولة على الاتصال وإن لم يصرح فيها مغيرة بالسماع، وقد روى شعبة عنه هذا الحديث كما سيأتي. والحديث اختصره المصنف هنا، وكان قد رواه في كتاب النكاح من "سننه" المطبوع (1 / 227 رقم 935) في باب ما جاء في الرجل يتزوج المرأة فتموت قبل أن يدخل بها، أو يطلقها، هل يصلح له أن يتزوج أمها، فقال: نا هُشَيْمٌ وَخَالِدٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عن إبراهيم في الرجل يتزوج المرأة، فيموت قبل - أراه قال: - أن يدخل بها، أيتزوج أمها؟ فقال: كان شريح إذا أتي في ذلك يقول: إيتوا بني شمخ، فسلوهم عن ذلك. وأخرجه وكيع القاضي في "أخبار القضاة" (2 / 278) من طريق محمد بن جعفر غندر، قال: حدثنا شعبة، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كان شريح إذا سئل عن الرجل يتزوج أم امرأته ولم يدخل بها، قال: سلوا عن ذلك بني شمخ. (3) هو ابن عُلَيَّة. (4) هو عبد الله بن أبي نجيح. (5) كذا في الأصل! وفي "الإكمال" لابن ماكولا (1 / 4) قال: ((وآذين ورد في حكاية أنه ابن داود النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -)) . =

604- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ، عَنِ الشَّعْبي، عَنْ مَسْروق أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ: {أُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} ، قَالَ: هِيَ مُبْهَمَةٌ، فَأرْسِلوا مَا أَرْسَلَ اللَّهُ، واتَّبِعُوا مَا بَيَّنَ اللَّهُ، ورَخَّصَ فِي الرَّبِيْبَة (1) إِذَا لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بأمِّها، وكَرِه الأمَّ على كل حال.

_ [603] سنده صحيح، والحديث سبق أن أخرجه المصنف في كتاب النكاح، باب ما جاء في الرجل يتزوج المرأة فتموت قبل أن يدخل بها أو يطلقها، هل يصلح له أن يتزووج أمها (1 / 228 رقم 939) ، من غير هذا الطريق، فقال: نا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عن صدقة بن يسار، قال: سئل عكرمة عن رجل تزوج امرأة فلم يدخل بها حتى مات أو طلقها، أيتزوجها ابْنُهُ؟ قَالَ: فِيهِ قَتَلَ دَاوُدُ ابنه ادين. اهـ. فلست أدري، هل هذه طريق أخرى لهذا الأثر، أو في أحد الإسنادين خطأ؟. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 173) فقال: نا ابن عليّة، قال: قلت لابن أبي نجيح: الرجل يتزوج المرأة ثم يطلقها قبل أن يدخل بها، أيتزوج أمها؟ فقال: سمعت عكرمة ينهى عنها وعطاء. (1) الرَّبيبة: هي بنت الزوجة من غير زوجها الذي معها. انظر "النهاية في غريب الحديث" (2 / 180) . [604] سنده صحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 473) وعزاه للمصنف وعبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبيهقي. وسبق أن أخرجه المصنف في كتاب النكاح من "سننه" المطبوع (1 / 228 رقم 937) ، باب ما جاء في الرجل يتزج المرأة فتموت قبل أن يدخل بها، أو يطلقها، هل يصلح له أن يتزوج أمها؟ لكن جاء عنده الحديث من قول ابن عباس، مع أنه من نفس الطريق، وهذا سياقه: حدثنا سعيد، نا هشيم، أنا داواد، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ أَنَّهُ سئل عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وأمهات نسائكم} ، فقال ابن عباس: هِيَ مُبْهَمَةٌ، فَأَرْسِلُوا مَا أَرْسَلَ اللَّهُ، وَاتَّبِعُوا مَا بَيَّنَ اللَّهُ عز وجل. قال: رخّص فِي الرَّبِيبَةِ إِذَا لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِأُمِّهَا، وَكَرِهَ الْأُمَّ عَلَى كل حال. والصواب رواية المصنف للحديث هنا في كتاب التفسير عن مسروق من =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: { [وَالمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} ] 605- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، (عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ) (1) - فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا ملكت أيمانكم} -، قَالَ: كُلُّ ذَاتِ زَوْجٍ عَلَيْكَ حَرَامٌ، إِلَّا أَنْ تَشْتَرِيَهَا، أَوْ ما مَلَكَتْ يَمينُك.

_ = قوله، فإنه موافق لرواية ابن علية ويزيد بن هارون للحديث عن داود. فقد أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 172 - 173) من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مسروق - في: {أمهات نسائكم} - قال: ما أرسل الله فأرسلوا، وما بيّن فاتبعوا. وأخرجه البيهقي في "سننه" (7 / 160) في النكاح، باب ما جاء في قول الله تعالى: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بهن} الآية، أخرجه من طريق يزيد بن هارون، أنبأ دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ الشعبي، عن مسروق - في قول الله عز وجل {وأمهات نسائكم} - قال: ما أرسل الله فأرسلوه، وما بين فاتبعوه، ثم قرأ: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بهن فلا جناح عليكم} ، قال: فأرسلوا هذه، وبين هذه. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (6 / 274 رقم 10813) عن معمر، عن قتادة، قال: سئل عنها عمران بن حصين فقال: هي مما حُرِّم، قال: وسئل عنها مسروق ابن الأجدع، فقال: هي مبهمة فدعها. (1) في الأصل: ((عن إبراهيم، عن الأعمش)) قدَّم وأخّر في الإسناد، وسقط منه عبد الله بن مسعود، فصوبته من مصادر التخريج، ومنها "مصنف ابن أبي شيبة" الذي تابع المصنِّف سعيد بن منصور على روايته عن أبي معاوية، وابن جرير الطبري الذي أخرجه من طريق سلم بن جنادة عن أبي معاوية، به مثل ما هنا سواء. [605] سنده صحيح، ورواية الأعمش عن إبراهيم النخعي محمولة الاتصال وإن كانت =

606- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ الصَّلْت بْنِ بَهْرام (1) ، عَنِ إِبْرَاهِيمَ (2) - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا ملكت أيمانكم} -، قَالَ: إِلَّا السَّبَايا مِنْ أَهْلِ الحرب.

_ = بالعنعنة، وراوية إبراهيم عن ابن مسعود مرسلة، لكن مراسيله عن ابن مسعود صحيحة، وتقدم ببيان ذلك في الحديث رقم [3] ، وسنده مثل هذا الإسناد. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 479) وعزاه لابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر. وقد أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 267) عن أبي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - فِي قَوْلِهِ: {والمحصنات من النساء} - قَالَ: كُلُّ ذَاتِ زَوْجٍ عليك حرام، إلا ما ملكت يمينك أو تشتريها. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 155 رقم 8972) من طريق سَلْم بن جنادة، عن أبي معاوية، به مثل لفظ المصنف. وأخرجه ابن جرير الطبري أيضًا برقم (8974) . وابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 125 / ب) . أما ابن جرير فمن طريق جرير بن عبد الحميد، وأما ابن المنذر فمن طريق أبي عوانة، كلاهما عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ عبد الله - في قوله: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا ملكت أيمانكم} - قَالَ: كُلُّ ذَاتِ زَوْجٍ عَلَيْكَ حرام، إلا ما اشتريت بمالك، وكان يقول: بيع الأمة طلاقها. (1) تقدم في الحديث [135] أنه ثقة. (2) هو النخعي. [606] سنده صحيح. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 266) عن شيخه عبد الله بن إدريس، عن الصلت، عن إبراهيم، قَالَ: كُلُّ ذَاتِ زَوْجٍ عَلَيْكَ حرام، إلا ما أصبت من السبايا. =

607- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ وَثَّاب، (أَنَّهُ كَانَ) (1) يَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ: {والمُحْصِنات (2) مِنَ النِّسَاءِ إلا ما ملكت أيمانكم} .

_ = وأخرج ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 162 رقم 9005) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - فِي قَوْلِهِ: {والمحصنات من النساء} - قَالَ: كُلُّ ذَاتِ زَوْجٍ عليك حرام. ثم أخرج هذا الحديث برقم (9007) من طريق شريك، عَنِ الصَّلْتِ بْنِ بَهْرَامَ، عَنِ إبراهيم نحوه؛ عطفه على لفظ حديث ابن عباس. (1) في الأصل: ((قال: سمعت الأعمش)) - وهو خطأ ظاهر؛ لأن الأعمش هنا يروي عن يحيى بن وثاب، فكيف يقول يحيى: سمعت الأعمش؟! وقد عزا السيوطي هذه القراءة ليحيى بن وثاب كما سيأتي، وتقدم مثل هذا الإسناد برقم [173] ، ومنه صوبت الخطأ هنا. (2) قَرَأَ عَامَّةُ القُرَّاء: (والمحصَنات) بفتح الصاد، يعني ذوات الأزواج أحْصَنَهُنَّ أزواجهن: وقرأ بعضهم: {والمحصِنات} بكسر الصاد، وممن قرأ كذلك علقمة، واستدلّ بأن معناها: العفائف كما قال عمر بن الخطاب وغيره. انظر "الكشف والبيان" للثعلبي (4 / ل 36 / ب) . وقوله تعالى: {والمحصنات} لم يضبط هنا، وإنما ضبطته بكسر الصاد لأن السيوطي عزاه كذلك ليحيى بن وثاب كما سيأتي. [607] سنده صحيح، والأعمش قد أخذ القراءة عن يحيى بن وثاب كما تقدم في الحديث [173] . وذكر السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 482) أن عبد بن حميد أخرج في "تفسيره" عَنْ يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ أَنَّهُ كان يقرأ: {والمحصِنات} بكسر الصاد.

608- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانة (1) ، عَنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَالِمٍ، عَنِ الشَّعْبي - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا ما ملكت أيمانكم} -، قَالَ: إِحْصَان الأمَةِ: دُخُولُها فِي الْإِسْلَامِ وَإِقْرَارُهَا بِهِ، إِذَا دَخَلَتْ فِي الْإِسْلَامِ وأقرَّت بِهِ، ثُمَّ زَنَتْ، فَعَلَيْهَا جَلْدُ خَمْسِينَ. 609- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا مُطَرِّف (2) ، عَنِ الشَّعْبي - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} (3) -، قَالَ: إِحْصَانُهَا: أَنْ تُحْصِنَ فَرْجَها مِنَ الفُجُور، وَأَنْ تَغْتَسِلَ مِنَ الجنابة.

_ (1) هو وَضَّاح بن عبد الله. [608] سنده صحيح. وأخرجه البيهقي في "سننه" (8 / 243) في الحدود، باب ما جاء في حد المماليك، من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه لم يذكر الآية، ولم يذكر قوله: ((به)) في قوله: ((وإقرارها به)) . وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 200 رقم 9093) من طريق هشيم، قال: أخبرنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ أن تلا هذه الآية: {فإذا أحصنّ} ، قال: يقول: إذا أسلمن. ثم أخرجه ابن جرير أيضًا برقم (9096) من طريق أشعث، عن الشعبي، قال: الإحصان: الإسلام. (2) هو ابن طَريف. (3) هذه الآية ليست من سورة النساء، وإنما هي الآية: (5) من سورة المائدة، أتى المصنِّف بقول الشعبي فيها هنا لمناسبته الكلام عن الإحصان فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النساء} . =

610- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي أُمُيَّةَ (1) ، وحُمِيْد، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: كَانَ يَقْرأ (2) كُلَّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ: {والمُحْصِنات} (3) ، إِلَّا الَّتِي فِي النِّسَاءِ: {والمُحْصَنات (3) مِنَ النساء} .

_ [609] سنده صحيح. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 585 رقم 11273) من طريق عمرو بن عون، عن هشيم، به نحوه. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (6 / 80 رقم 10066) و (7 / 182 رقم 12695) ، من طريق سفيان بن عيينة، عن مطرف، به نحوه. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 359 - 360) . وابن جرير الطبري برقم (11271) . كلاهما من طريق محمد بن فضيل، عن مطرف، به نحوه. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (11270 و 11272 و 11274) من طريق جرير بن عبد الحميد وعنبسة بن سعيد وخالد بن عبد الله الطحان، ثلاثتهم عن مطرف، به نحوه، إلا أن عنبسة خالف باقي الرواة، فقال في روايته: ((عن مطرف، عن رجل، عن الشعبي)) . (1) هو عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي المُخَارِق، تقدم في الحديث [28] أنه ضعيف، لكن تابعه هنا حميد بن أبي حميد الطويل، وتقدم في الحديث [43] أنه ثقة كثير التدليس عن أنس بن مالك، ولم أجد المزِّي نصّ على أنه روى عن مجاهد كما في "تهذيب الكمال" المطبوع (7 / 355) ، لكن سماعه منه محتمل؛ لأن مجاهدًا توفي بين سنة مائة وأربع ومائة، وولادة حميد كانت قريبًا من سنة سبع وستين كما يتضح من ترجمتيهما في "التهذيب" (3 / 40) و (10 / 43) ، ومجاهد مَكِّيٌّ، فَلُقِيُّ حميد له محتمل؛ إما في حج، أو عمرة، أو غير ذلك. (2) أي مجاهد. =

611- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَتَّاب بْنُ بَشِيرٍ (1) ، عَنْ خُصَيْف (2) ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - فِي قوله عز وجل: {والمحصنات} -، قَالَ: العَفِيفة العاقِلَة مِنْ مُسْلِمَةٍ، أو من أهل الكتاب.

_ (3) راجع التعليق على الحديث [607] . [610] سنده أقل أحواله أنه حسن لغيره، فعبد الكريم بن أبي المخارق وإن كان ضعيفًا، إلا أنه قد توبع من حميد، فإن كان حميد سمعه من مجاهد فهو صحيح من طريقه، وإن كان لم يسمعه فهو حسن لغيره. وذكر السيوطي قول مجاهد هذا في "الدر المنثور" (2 / 482) فقال: وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حُمَيْدٍ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ: {والمحصِنات} بكسر الصاد، إِلَّا الَّتِي فِي النِّسَاءِ: {والمحصَنات من النساء} بالنصب. (1) تقدم في الحديث [204] أنه لا بأس به إلا في روايته عن خصيف، فإنها منكرة. (2) تقدم في الحديث المشار إليه أنه صدوق سيء الحفظ. [611] سنده ضعيف لضعف خصيف من قبل حفظه. وذكر السيوطي هذا الحديث في "الدر المنثور" (2 / 481) وعزاه للمصنف وابن جرير وابن المنذر. وقد أخرجه ابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 125 / أ) من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه وقع في النسخة: ((عتاب عن بشير)) ، وهو خطأ ظاهر. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (8 / 160 رقم 8998) من طريق إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد، عن عتاب، به مثله.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ المُؤْمِنَاتِ} إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ العَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ] 612- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا مُغِيرَةُ (1) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {فَإِذَا أحْصِنَّ} ، قَالَ: إِذَا أَسْلَمْنَ، وَكَانَ مُجَاهِدٌ يقرأ: {فإذا أحصِنّ} ، يَقُولُ: إِذَا تَزَوَّجْنَ، (مَا لَمْ) (2) تَزَوَّج، فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا. 613- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ - أَوْ غَيْرِهِ، شَكَّ دَاوُدُ - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى عَلَى الْأَمَةِ حَدًّا حَتَّى تَزَوَّج زَوْجًا حُرًّا.

_ (1) تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه يدلس لا سيما عن إبراهيم النخعي. (2) في الأصل: ((مما لم)) ، والتصويب من "الدر المنثور" (2 / 491) . [612] سنده ضعيف لأن مغيرة لم يصرح بالسماع من إبراهيم. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 491) بمثل ما هنا، وعزاه للمصنف وعبد ابن حميد. وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (8 / 243) في الحدود، باب ما جاء في حد المماليك، من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال: ((فإذا لم تتزوج الأمة)) . [613] سنده صحيح إن كان شيخ داود هو عكرمة، وقد صح عن ابن عباس من غير طريقه كما سيأتي. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 491) وعزاه للمصنف وعبد الرزاق. ولم أجده عند عبد الرزاق بهذا اللفظ ولا من هذا الطريق، وإنما بلفظ آخر من =

614- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ (1) ، قَالَ: شَهِدْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَضْرِبُ إِمَاءهُ الحَدَّ إِذَا زَنَيْنَ، تَزَوَّجْنَ، أو لم يتزوجن.

_ = طريق آخر سيأتي في تخريج الحديث رقم [615] . وقد أخرج البيهقي هذا الحديث من طريق المصنف: ثنا هشيم، أبنا حصين، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {فَإِذَا أُحْصِنَّ} ، قال: إذا تزوجن. انظر "سنن البيهقي" (8 / 243) كتاب الحدود، باب ما جاء في حد المماليك. وكذا أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 394) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 201 - 202 رقم 9101) . كلاهما من طريق هشيم، عن حصين، به مثله. وهذا سند صحيح، وحصين هو ابن عبد الرحمن السُّلمي، تقدم في الحديث [56] أنه ثقة، إلا أنه تغير في الآخر، لكن الراوي عنه هو هشيم بن بشير، وهو ممن روى عنه قبل الاختلاط كما في الحديث [91] . وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (9102) من طريق مغيرة، عن عكرمة، به نحو سابقه. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (9 / 518 رقم 8343) من طريق وكيع، عن سفيان الثوري، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عن ابن عباس قال: لَيْسَ عَلَى الْأَمَةِ حَدٌّ حَتَّى تزوج. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 201 رقم 9100) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 128 / أ) . كلاهما من طريق عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابن عباس، قوله: {فإذا أحصن} يعني: إذا تزوجن حرًّا. هذا لفظ ابن جرير، ولفظ ابن أبي حاتم: يعني إذا تزوجت حرًّا ثم زنت. (1) هو ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أنس بن مالك الأنصاري، البصري، قاضيها، ثقة؛ روى =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = عن جده أنس والبراء بن عازب وأرسل عن أبي هريرة، وروى عنه هنا داود بن أبي هند مصرحًا بأنه حدثه، وروى عنه أيضًا ابن أخيه عبد الله بن المثنى وحميد الطويل وقتادة وغيرهم، عزل عن القضاء سنة عشر ومائة، ومات بعد ذلك بمدة، وروى له الجماعة ووثقه الإمام أحمد والعجلي والنسائي، وذكره ابن حبان وابن شاهين في ثقاتيهما، وذكره ابن عدي في "الكامل" وروى عن أبي يعلى أن ابن معين أشار إلى تضعيفه، ثم قال ابن عدي: ((أرجوا أنه لا بأس به، وأحاديثه قريبة من غيره، وهو صالح فيما يروي عن أنس عندي)) ، ولما ذكر الحافظ ابن حجر في "هدي الساري" ما تقدم عن ابن معين قال: ((قلت: قد بيّن غيره السبب في ذلك - يعني تضعيفه -، وهو من أجل حديث أنس في الصدقات، الذي قدمناه في الفصل الذي قبل هذا، لكون ثمامة قيل إنه لم يأخذه عن أنس سماعًا، وقد بينا أن ذلك لا يقدح في صحته، احتجّ به الجماعة)) ، يعني بثمامة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (2 / 466 رقم 1893) ، و"تاريخ أسماء الثقات" لابن شاهين (ص53 رقم 153) ، و"هدي الساري" (ص394) ، و"التهذيب" (2 / 28 - 29 رقم 49) . [614] سنده صحيح. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 491) للمصنف وابن المنذر. وقد أخرجه ابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 128 / أ) . والبيهقي في "سننه" (8 / 243) في الحدود، باب ما جاء في حد المماليك. كلاهما من طريق المصنف، به مثله. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (9 / 513 رقم 8323) . والبيهقي في "سننه" (8 / 245) في الحدود، باب حد الرجل أمته إذا زنت. كلاهما من طريق سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةٍ، عَنْ ثمامة، أن أنس بن مالك كان إذا زنى مملوكة ضربة الحدّ. =

615- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَيْسَ عَلَى الأمَةِ حَدٌّ حَتَّى تَحَصَّن (1) .

_ = هذا لفظ ابن أبي شيبة، وأما البيهقي فلفظه: أن أنس بن مالك كان إذا زنى مملوكه أمر بعض بنيه فأقام عليه الحدّ. (1) ضبطت الكلمة في الأصل بالصاد المشددة. [615] سنده صحيح. وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (8 / 243) في الحدود، باب ما جاء في حد المماليك، من طريق المصنف، به مثله. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (9 / 518 - 519 رقم 8346) من طريق سفيان بن عيينة، به مثله، إلا أنه قال: ((حتى تحصين بزوج)) . وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (7 / 396 - 397 رقم 13615) من طريق شيخه ابن جريج، قال: أخبرني عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عن ابن عباس، كان لا يرى على عبد ولا على أهل الذمة - اليهود والنصارى - حدًّا. وأخرجه عبد الرزاق أيضًا عقبه برقم (13616) من طريق شيخه سفيان الثوري، عن عمرو بن دينار، به مثل سابقه. وأخرجه أيضًا برقم (13617) من طريق شيخه معمر، عن أيوب، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: لا حدّ على عبد ولا على معاهد. وأخرجه أيضًا برقم (13619) عن شيخه سفيان بن عيينة، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد، عن ابن عباس، به بمثل لفظ المصنِّف. وأخرجه أيضًا برقم (13618) من طريق شيخه ابن جريج قال: أخبرني عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كان لا يرى على عبد حدًّا، إلا أن تحصن الأمة بنكاح، فيكون عليها شطر العذاب، فكان ذلك قوله. وهذا سند صحيح، وابن جريج هو عبد الملك بن عبد العزيز، وعطاء هو ابن أبي رباح.

616- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ مِسْعَر (1) ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّة، عنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: لَيْسَ عَلَى الأمَةِ حَدٌّ حَتَّى تُحْصَنَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ} .

_ (1) هو ابن كِدَام. [616] سنده صحيح. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 491) للمصنف وابن المنذر. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (9 / 518 رقم 8343) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 202 رقم 9104) . كلاهما من طريق شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: لَيْسَ عَلَى الْأَمَةِ حَدٌّ حَتَّى تزوج. هذا لفظ ابن أبي شيبة، ولفظ ابن جرير: عن عمرو بن مرة أنه سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، يَقُولُ: لا تُضرب الأمةُ إذا زنت ما لم تتزوج. وهذا فيه مخالفة من شعبة لمسعر بن كدام في كونه من قول ابن عباس أو من قول سعيد بن جبير، وشعبة ومسعر كلاهما ثقتان ثبتان، فتكون رواية مسعر من المزيد في متصل الأسانيد، وقد وافقه الحكم بن عتيبة، فرواه عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عباس أنه قرأها: {فإذا أُحصِنَّ} - يعني الألف -، يقول: الحصن بالأزواج، يقول: لا تُجلد أمةٌ حتى تزوج. أخرجه ابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 128 / أ) ، واللفظ له. وأخرجه ابن أبي حاتم في الموضع نفسه، من طريق الحكم أيضًا، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عباس أنه قرأها: {فإذا أُحصِنَّ} - يعني برفع الألف -، يقول:

617- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ قَالَ: نا أَبُو بِشْر (1) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ المؤمنات فمما ملكت أيمانكم} -، قَالَ: الطَّوْلُ: الغِنَى، إِذَا لَمْ يَجِدْ مَا يَنْكِحُ بِهِ الحُرَّة، تزوَّج أمَةً. 618- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو بِشْر، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: مَا ازْلَحَفَّ (2) ناكحُ الإمَاءِ عَنِ الزِّنا إِلَّا قَلِيلًا، {وَأَنْ تصبروا خير لكم} قال: عن نكاح [ل125/أ] الإماء.

_ (1) هو جعفر بن إياس. [617] سنده صحيح. وسبق أن أخرجه المصنف في كتاب النكاح من "سننه" المطبوع (1 / 185 رقم 728) ، باب نكاح الأمة على الحرة، والحرة على الأمة، بمثل لفظه هنا سواء، إلا أنه ذكر الآية إلى قوله تعالى: {طولاً} . ومن طريق المصنف أخرجه البيهقي في "سننه" (7 / 174) في النكاح، باب ما جاء في نكاح إماء المسلمين، بمثل لفظ المصنف هنا، إلا أنه قال: ((عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي هذه الآية)) ، ولم يذكرها لأنه سبق أن ذكرها في أثر سابق عن مجاهد. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (8 / 182 - 183 و 186 رقم 9053 و 9066) من طريق الحسين بن داود، عن هشيم، به نحوه، إلا أنه فرّقه في موضعين. وأخرجه برقم (9054) من طريق ابن المبارك، عن هشيم، به مختصرًا بلفظ: الطَّوْلُ: السَّعَةُ. (2) أي: ما تنحَّى وما تباعد. انظر "النهاية في غريب الحديث" (2 / 308) . [618] سنده صحيح كسابقه. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وسبق أن أخرجه المصنف في كتاب النكاح من "سننه" المطبوع (1 / 185 رقم 732) ، باب نكاح الأمة على الحرّة، والحرة على الأمة، بمثل لفظه هنا سواء، إلا أنه قال: ((ما ازلحفّ ناكح الأمة)) . ومن طريق المصنف أخرجه البيهقي في "سننه" (7 / 174) في النكاح، باب ما جاء في نكاح إماء المسلمين، بمثل لفظ المصنف، لكن بشطره الثاني فقط من قوله تعالى: {وأن تصبروا خير لكم} ... الخ. وأخرجه أبو عبيد في "غريب الحديث" (4 / 438) . وابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 146) . وابن أبي جرير في "تفسيره" (8 / 205 رقم 9114) . ثلاثتهم من طريق هشيم، به نحوه، إلا أن أبا عبيد لم يذكر قوله: ((قال: عن نكاح الإماء)) ، وأما ابن جرير فلفظه: ما ازلحفّ ناكح الأمة عن الزنا إلا قليلاً؛ {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} . ثم أخرجه ابن جرير برقم (9115) من طريق شعبة، عن أبي بشر، به بنحو لفظه السابق. وأخرجه أيضًا (8 / 207 رقم 9121) ، من طريق هشيم، قال: أخبرنا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جبير: {وأن تصبروا خير لكم} قال: عن نكاح الأمة. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (7 / 268 رقم 13100) ، عن ابن جريج، قال: حُدِّثت عن سعيد بن جبير يقول: ما أرَ لحرٍّ نكاح الأمة الزنا إلا قليلاً. هكذا جاء النص في المطبوع من "مصنف عبد الرزاق"، والظاهر أن المحقق تصحّف عليه قوله: ((ما ازلحف)) إلى: ((ما أر لحر)) ، وسقط منه قوله: ((من)) بعد قوله: ((الأمة)) .

619- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجيح، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: لْا يَصْلُحُ نِكَاحُ إِمَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: {مِنْ فَتَيَاتِكُمُ المؤمنات} (1) .

_ (1) وهذا قد يُفهم منه معارضته لقوله تَعَالَى: {اليَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالمُحْصَنَاتُ مِنَ المُؤْمِنَاتِ وَالمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ} ، وليس فيه معارضة، لأن هذه الآية نصّ في حلّ المحصنة من أهل الكتاب وليست الأمة بمحصنة، وهذا ما ذكره أبو الزناد عمن أدرك من فقهاء أهل المدينة الذي يُنتهى إلى قولهم؛ منهم سعيد ابن المسيب وعروة بن الزبير والقاسم بن محمد وأبو بكر بن عبد الرحمن وخارجة بن زيد وعبيد الله بن عبد الله وسليمان بن يسار، قال: وكانوا يقولون: لا يصلح للمسلم نكاح الأمة اليهودية ولا النصرانية، إنما أحلّ الله المحصنات من الذين أوتوا الكتاب، وليست الأمة بمحصنة. أخرجه البيهقي في "سننه" (7 / 177) في النكاح، باب لا يحل نكاح أمة كتابية لمسلم بحال، ثم أخرج عن الشافعي - رحمه الله - أنه قال: ((لأنها داخلة في معنى من حرُم من المشركات، وغير حلال، منصوصة بالإحلال؛ كما نصّ حرائر أهل الكتاب في النكاح، والله تعالى إنما أحلّ نكاح إماء أهل الإسلام بمعنيين، وفي ذلك دلالة على تحريم من خالفهن، من إماء المشركين والله أعلم؛ لأن الإسلام شرط ثالث)) . اهـ. [619] سنده صحيح، وانظر في رواية ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ الحديث رقم [184] . وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 490) للمصنف وعبد الرزاق وابن أبي شيبة والبيهقي. وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (7 / 177) في النكاح، باب لا يحل نكاح أمة كتابية لمسلم بحال، من طريق المصنف، به مثله. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (7 / 269 رقم 1306) . =

620- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ قَالَ: نا العوَّام (1) ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَا تزحَّف ناكحُ الإِمَاء عَنِ الزِّنا إِلَّا قَلِيلًا. 621 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ (2) ، عَنْ أَبِي بِشْر، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وجُوَيْبر (3) ، عَنِ الضَّحَّاك (أَنَّهُمَا قَالَا) (4) : العَنَت: الزِّنا.

_ = وابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 160) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 188 رقم 9069 و 9070) . جمعيهم من طريق سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي نجيح، به نحوه، إلا أن رواية عبد الرزاق والرواية الأولى عند ابن جرير خصت ذلك بالمملوكة النصرانية. وأخرجه أبو شعيب الحرَّاني في "الفوائد المنتخبة" (ل 5 / ب) من طريق شيخه علي بن عبد الله المديني، عن ابن أبي نجيح، به نحوه، إلا أنه قال: ((الأمة اليهودية والنصرانية)) بدل قوله: ((إماء أهل الكتاب)) ، وأظن الواسطة بين ابن المديني وابن أبي نجيح هو عبد الله بن جعفر والد علي بن المديني، لكن لم أتبيَّنه بسبب سوء تصوير المخطوط. (1) أي ابن حَوْشَب. [620] سنده ضعيف لإبهام شيخ العوّام. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 492) للمصنف وابن أبي شيبة. وقد أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 146) . وابن جرير في "تفسيره" (8 / 205 رقم 9111) . كلاهما عن هشيم، به نحوه. (2) تقدم في الحديث [8] أنه ثقة ثبت كثير التدليس، ولم يصرِّح هنا بالسماع. (3) تقدم في الحديث [93] أنه ضعيف جدًّا. (4) في الأصل: ((قال)) وما أثبته من الموضع الآتي من سنن المصنِّف المطبوعة. [621] سنده ضعيف عن سعيد؛ لأن هشيمًا مدلِّس ولم يصرح بالسماع، وأما عن =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29) وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ} ] 622- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ (1) ، أَنَّ مَسْروقًا أَتَى صِفِّين (2) ، فَقَامَ بَيْنَ الصَّفَّيْن، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْصِتوا، أَرَأَيْتُمْ (لَوْ) (3) أَنَّ مُنَادِيًا نَادَاكُمْ مِنَ السَّمَاءِ، فَرَأيْتُمُوهُ، وَسَمِعْتُمْ كَلَامَهُ، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ عَمَّا أنتم

_ = الضحاك فسنده ضعيف جدًّا لشدة ضعف جويبر. وسبق أن أخرجه المصنف في كتاب النكاح من "سننه" المطبوع (1 / 185 رقم 731) ، باب نكاح الأمة على الحرّة، والحرّة على الأمة، بمثل لفظه هنا سواء. ومن طريق المصنف أخرجه البيهقي في "سننه" (7 / 174) في النكاح، باب ما جاء في نكاح إماء المسلمين، لكن عن سعيد بن جبير فقط، بمثل لفظه هنا. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 206 رقم 9119) من طريق الحسين بن داود، عن هشيم، قال: أخبرنا عبيدة، عن الشعبي، وجويبر، عن الضحاك، قالا: العنت: الزنا. والحسين بن داود تقدم في الحديث [206] أنه ضعيف، فإما أن يكون أخطأ فذكر سند قول الشعبي بدل سعيد بن جبير، أو قد يكون لهشيم فيه إسناد آخر. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (9118) من طريق أبي زهير، عن جويبر، عن الضحاك، به نحوه. (1) تقدم في الحديث [17] أنه صدوق حسن الحديث، وأن وفاته كانت سنة سبع وعشرين ومائة، وقيل: سنة ثمان وعشرين ومائة، وهو من أتباع التابعين كما =

= فِيهِ، أَكُنْتُمْ مُنْتَهون؟ قَالَ: فَسَبُّوه، قَالَ: فَوَاللَّهِ لَقَدْ نَزَلَ بِذَلِكَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَمَا ذَاكَ عِنْدَنَا بِأَبْيَنَ مِنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا. وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ على الله يسيرًا} قَالَ: ثُمَّ دَخَلَ إِلَى النَّاسِ، ورجع إلى الكوفة.

_ = في "ثقات ابن حبان" (7 / 256) ، لم يرو عن أحد من الصحابة، فيتضح من ذلك أنه لم يشهد صفين، ففي السند انقطاع توضحه رواية ابن سعد الآتية، وفيها يقول عاصم: ((ذُكر أن مسروق بن الأجدع)) . (2) صِفِّين - بكسرتين وتشديد الفاء -: موضع بقرب الرَّقَّة، على شاطئ الفرات من الجانب الغربي، بين الرَّقَّة وبَالِس، فيها كانت وقعة صفين المشهورة بين علي ومعاوية رضي الله عنهما، في غرّة صفر سنة سبع وثلاثين للهجرة. انظر "معجم البلدان" (3 / 414) . (3) سقط من الأصل، فأثبته من "الدر المنثور" (2 / 497) ومصادر التخريج. [622] سنده ضعيف لأن عاصم بن بهدلة لم يشهد الحادثة، وهو صحيح لغيره كما سيأتي. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 497) للمصنف وابن سعد وابن المنذر. وقد أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (6 / 78) . ومن طريقه وطريق آخر أخرجه ابن عساكر في "تاريخه" (16 / 428) . وأخرجه ابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 129 / أ) . أما ابن سعد فمن طريق محمد بن الفضل عارم، وأما ابن المنذر فمن طريق أبي الربيع الزهراني، وأما ابن عساكر فمن طريق سليمان بن حرب، ثلاثتهم عن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = حماد بن زيد، به ونحوه إلا أن ابن عساكر ذكر جزءًا منه، وهو قول عاصم: إن مسروقًا شهد صفين مع علي، ولم يقاتل. وأخرجه ابن سعد في الموضع السابق فقال: أخبرنا عبد الله بن إدريس، قال: سمعت مطرِّفًا يذكر عن عامر قال: قال لي مسروق: أرأيت لو أن صَفَّيْن من المؤمنين اصطفّا للقتال، ففرج من السماء ملك فنادى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} ، أتراهم كانوا ينتهون؟ قال: قلت: نعم، إلا أن يكونوا حجارة صمًّا. قال: فقد نزل به صفيُّه من أهل السماء على صفيِّه من أهل الأرض فلم ينتهوا، ولأن يؤمنوا به غيبًا خير من أن يؤمنوا به معاينة. وهذا إسناد صحيح، فعامر هو الشعبي، ومطرِّف هو ابن طريف، وكلاهما ثقة تقدمت ترجمتهما. وأما شيخ ابن سعد فهو: عبد الله بن إدريس بن يزيد بن عبد الرحمن الأوْدي - بسكون الواو -، أبو محمد الكوفي، ثقة فقيه عابد، روى له الجماعة، روى عن أبيه وعمه داود والأعمش ومنصور بن المعتمر ومطرف بن طريف وغيرهم، روى عنه ابن المبارك وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين وابن سعد وغيرهم، ومات سنة اثنتين وتسعين ومائتين وله بضع وسبعون سنة، ووثقه ابن المديني وابن خراش، وقال ابن سعد: ((كان ثقة مأمونًا كثير الحديث حجة صاحب سنة وجماعة)) ، وقال الإمام أحمد: ((كان نسيج وحده)) ، وقال عثمان الدارمي: قلت لابن معين: ابن إدريس أحب إليك أو ابن نمير؟ فقال: ((ثقتان، إلا أن ابن إدريس أرفع منه، وهو ثقة في كل شيء)) ، وقال العجلي: ((ثقة صاحب سنّة، زاهد صالح)) ، وقال يعقوب بن شيبة: ((كان عابدًا فاضلاً)) ، وقال أبو حاتم: ((هو حجة يحتج بها، وهو إمام من أئمة المسلمين ثقة)) ، وقال النسائي: ((ثقة ثبت)) ، وقال الخليلي: ((ثقة متفق عليه)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 8 - 9 رقم 44) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع (14 / 293 - 300) ، و"تهذيب التهذيب" (5 / =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} ] 623- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَتَّاب بْنُ بَشِيرٍ (1) ، قَالَ: نا خُصَيْف (2) ، عَنْ عِكْرِمَةَ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} -: زَعَمَ أَنَّ النِّساء سَألْنَ الْجِهَادَ، فَقُلْنَ: وَدِدْنا (3) أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ لَنَا الْغَزْوَ، فَنُصِيبَ مِنَ الْأَجْرِ مَا يُصِيبُ الرِّجَالُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بعضكم على بعض} .

_ = 144 - 146 رقم 248) ، و"تقريب التهذيب" (ص295 رقم 3207) . وقد أخرجه ابن عساكر في الموضع السابق من طريق ابن سعد. وأخرجه ابن سعد أيضًا (6 / 77 - 78) . وابن عساكر في الموضع السابق. كلاهما من طريق عبد الله بن جعفر الرَّقِّي، قال: حدثنا عبيد الله بن عمرو، عن زيد بن أبي أُنَيسة، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ الشعبي قال: كان مسروق إذا قيل له: أبطأت عن عليّ وعن مشاهده - ولم يكن شهد معه شيئًا من مشاهده -، فأراد أن يناصّهم الحديث قال: أُذكّركم بالله، أرأيتم لو أنه حين صفّ بعضكم لبعض، وأخذ بعضكم على بعض السلاح يقتل بعضكم بعضًا، فُتح باب من السماء وأنتم تنظرون، ثم نزل منه ملاك، حتى إذا كان بين الصفّين قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} ، أكان ذلك حاجزًا بعضكم عن بعض؟ قالوا: نعم، قال: فوالله لقد فتَح الله بابًا من السماء، ولقد نزل بها مَلَك كريم على لسان نَبِيَّكُمْ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وإنها لمحكمة في المصاحف ما نسخها شيء. (1) تقدم في الحديث [204] أنه لا بأس به إلا في روايته عن خصيف فإنها منكرة. =

624- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجيح (4) ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَغْزو الرِّجَالُ وَلَا نَغْزُو، (وَإِنَّمَا) (5) لَنَا نِصْفُ الْمِيرَاثِ، فَنَزَلَتْ: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بعضكم على بعض ... } إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، وَنَزَلَتْ: {إِنَّ المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات ... } (6) إلى آخر الآية.

_ (2) تقدم في الحديث [204] أنه صدوق سيء الحفظ. (3) قوله: ((وددنا أن)) ليس في الأصل، وألحق بالهامش مع الإشارة لدخوله في الصلب، لكن هكذا: ((وددن أن)) ، والتصويب من "الدر المنثور" (2 / 507) . [623] سنده ضعيف جدًّا لضعف خُصيف من قبل حفظه وإرساله؛ فإن عكرمة تابعي لم يشهد الحادثة. والحديث عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 507) للمصنف وابن المنذر. وأخرجه أيضًا الواحدي في "أسباب النزول" (ص143) من طريق إسحاق بن إبراهيم، عن عتاب، به نحوه. (4) تقدم في الحديث [184] أنه ثقة ربما دلس، لكن روايته للتفسير عن مجاهد صحيحة. (5) في الأصل: ((إنما)) . (6) الآية (35) من سورة الأحزاب. [624] سنده صحيح وإن كانت صورته صورة المرسل، فإنه جاء في بعض طرقه هكذا: ((عن مجاهد، عن أم سلمة)) ، وقد ذكر المزِّي في "تهذيب الكمال" (3 / 1305 / المخطوط) مجاهدًا في الرواة عن أم سلمة، وهو الراجح - إن شاء الله -، خلافًا للترمذي كما سيأتي نقله عنه، وهذا الذي رجّحه الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - في تعليقه على "تفسير ابن جرير الطبري" (8 / 262 - 263) حيث قال: ((فاختلفت صيغة الرواية عن مجاهد، ففي بعضها: ((عن مجاهد =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = قال: قالت أم سلمة)) ، وفي بعضها: ((عن مجاهد، عن أم سلمة، أنها قالت)) . فالصيغة الأولى ظاهرها الإرسال؛ لأن معناها: أن مجاهدًا يحكي من قبل نفسه ما قالته أم سلمة لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فيكون مرسلاً؛ لأنه لم يدرك ذلك. والصيغة الثانية ظاهرها الاتصال؛ لأن معناها أن مجاهدًا يذكر هذه الرواية عن أم سلمة، ثم يختلفون أيضًا في وصله، دون حجّة. فقد قال الترمذي - بعد روايته: ((عن مجاهد، عن أم سلمة)) : ((هذا حديث مرسل. ورواه بعضهم عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد، مرسلاً: أن أم سلمة قالت كذا وكذا)) . وقال الحاكم - بعد روايته: ((عن مجاهد، عن أم سلمة)) -: ((هذا حديث على شرط الشيخين، إن كان سمع مجاهد من أم سلمة)) ، ووافقه الذهبي على تصحيحه، وأعرض عن تعليله فلم يُشِر إليه. وعندي - بما أرى من السياق والقرائن - أن الروايتين بمعنى واحد، وإنما هو اختلاف في اللفظ من تصرّف الرواة، وكلها بمعنى: ((مجاهد، عن أم سلمة)) . فقد ثبت اللفظان في رواية ابن عيينة، وكذا قد ثبتا في رواية الثوري ... وأما حكم الترمذي - في روايته من طريق ابن عيينة - بأنه حديث مرسل، فإنه جزم بلا دليل، ومجاهد أدرك أم سلمة يقينًا وعاصرها، فإنه ولد سنة21، وأم سلمة ماتت بعد سنة 60 على اليقين. والمعاصرة - من الراوي الثقة - تحمل على الاتصال، إلا أن يكون الراوي مدلِّسًا. ولم يزعم أحد أن مجاهدًا مدلس، إلا كلمة قالها القطب الحلبي في "شرح البخاري"، حكاها عنه الحافظ في "التهذيب" (10 / 44) ، ثم عقّب عليها بقوله: ((ولم أر من نسبه إلى التدليس)) ، وقال الحافظ أيضًا في "الفتح" (6 / 194) - ردًّا على من زعم أن مجاهدًا لم يسمع من عبد الله بن عمرو -: ((لكن سماع مجاهد من عبد الله بن عمرو ثابت، وليس بمدلس)) ، فثبت عندنا اتصال الحديث وصحّته، والحمد لله)) . اهـ. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 507) وعزاه للمصنِّف وعبد الرزاق وعبد بن حميد والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم. ومدار الحديث عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نجيح، يرويه عن مجاهد، عن أم سلمة. وله عن ابن أبي نجيح طريقان: 1- طريق سفيان بن عيينة، عنه. أخرجه المصنف هنا عن سفيان. وكذا عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 156) . والإمام أحمد في "المسند" (6 / 322) . كلاهما عن سفيان، به نحو لفظ المصنف، إلا أنهما لم يذكرا قوله: ونزلت: {إن المسلمين ... } الخ. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 262 رقم 9241) . وأخرجه الترمذي في "جامعه" (8 / 375 - 376 رقم 5011) في تفسير سورة النساء من كتاب التفسير. وأبو يعلى في "مسنده" (12 / 393 رقم 6959) . والواحدي في "أسباب النزول" (ص143) . ثلاثتهم من طريق سفيان بن عيينة، به نحوه، إلا أن الواحدي لم يذكر قوله: ((ونزلت: {إن المسلمين ... } الخ)) ، وأما الترمذي فزاد: ((وكانت أم سلمة أول ظعينة قَدِمت المدينة مهاجرة)) . قال الترمذي: ((هذا حديث مرسل، ورواه بعضهم عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد مرسلاً؛ أن أم سلمة قالت كذا وكذا)) . قلت: الراوي للحديث عن سفيان عند الترمذي هو محمد بن أبي عمر، وقال في روايته: ((عن مجاهد، عن أم سلمة أنها قالت)) ، وهذا شيء لم يتابعه عليه أحد =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ممن روى الحديث عن سفيان بن عيينة ممن سبق ذكرهم، وفيهم أئمة كأحمد بن حنبل وعبد الرزاق وسعيد بن منصور، بالإضافة إلى من وافقهم وهما قتيبة بن سعيد عند الواحدي وداود بن عمرو بن زهير الضَّبِّي عند أبي يعلى، وبه يتضح أن الصواب في رواية سفيان بن عيينة هكذا: ((عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: قَالَتْ أُمُّ سلمة)) . 2- طريق سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي نجيح. أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (7 / 486 رقم 8367) و (8 / 261 رقم 9236 و 9237) ، و (22 / 10 - طبعة الحلبي-) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 99 / ب، و 132 / أ) . والحاكم في "المستدرك" (2 / 305 - 306 و 416) . أما ابن جرير فمن طريق مؤمّل بن إسماعيل ومعاوية بن هشام، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق يحيى بن سعيد القطان ويعلى بن عبيد، وأما الحاكم فمن طريق قبيصة بن عقبة والحسين بن حفص، جميعهم عن سفيان بن سعيد الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عن مجاهد، عن أم سلمة قالت: يا رسول الله، لا نقاتل فنستشهد، ولا نقطع الْمِيرَاثِ، فَنَزَلَتْ: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ} ، ثم نزلت: {أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى} ، وَنَزَلَتْ: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ والمؤمنات ... } الآية. هذا هو سياق الرواية بتمامه، وقد فرّقه هؤلاء الثلاثة الذين أخرجوه، إلا أن ابن أبي حاتم لم يذكر آية الأحزاب. وأما سياق الإسناد هكذا: ((عن مجاهد، عن أم سلمة قالت)) ، فالذي ذكره عن سفيان إنما هو يحيى بن سعيد القطّان وقبيصة بن عقبة والحسين بن حفص، وأما مؤمّل ومعاوية بن هشام ويعلى بن عبيد فقالوا في روايتهم: ((عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: قَالَتْ أُمُّ سلمة)) ، وأشار ابن أبي حاتم إلى أن وكيع بن الجراح رواه =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ (1) فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} ] 625- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ (2) ، عَنْ أَبِي بِشْر (3) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ يُعَاقِد الرَّجُلَ، فَيَرِثُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَاقَدَ رَجُلًا، فورثه.

_ = مثل رواية يحيى القطان ومن معه، فقال بعد أن ذكر رواية يعلى بن عبيد: ((رواه يعلى عن سفيان الثوري، ورواه ابن عيينة مثله، وروى يحيى بن سعيد القطان ووكيع بن الجراح، عن الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عن مجاهد، عن أم سلمة قالت: قلت: يا رسول الله)) . أقول: ويكفي في قبول هذه الزيادة اتفاق يحيى القطان ووكيع بن الجراح عليها، وهما إمامان حافظان، فكيف وقد وافقهما قبيصة والحسين بن حفص؟ وعليه فالذي يترجح: أن الصواب من رواية سفيان بن عيينة هكذا: ((عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَتْ أُمُّ سلمة)) ، وأن الصواب في رواية سفيان الثوري هكذا: ((عن مجاهد عن أم سلمة قالت ... )) ، وسفيان الثوري ثقة حافظ فقيه عابد إمام حجّة كما تقدم في ترجمته في الحديث رقم [30] ، فزيادته مقبولة، وبها يتضح أن الحديث صحيح وقد صححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، وله طريق آخر عن أم سلمة يقوِّيه، وهو المتقدم برقم [552] ، والله أعلم. (1) معنى قوله تعالى: {عقدت أيمانكم} ، أي: وَصَلت وشَدَّتْ، وَوَكَّدَتْ، {أيمانكم} ، يعني: مواثيقكم التي واثق بعضكم بعضًا، كذا قال ابن جرير في "تفسيره" (8 / 273 - 274) . (2) تقدم في الحديث [8] أنه ثقة ثبت كثير التدليس، ولم يصرِّح هنا بالسماع. (3) هو جعفر بن إياس. [625] سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح لغيره إلى مرسله سعيد بن جبير، فإن شعبة تابع هشيمًا كما سيأتي. وسبق أن أخرجه المصنف في كتاب الفرائض من "سننه" المطبوع (1 / 70 =

626 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجيح، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الوالدان والأقربون} - قَالَ: العَصَبة، {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فآتوهم نصيبهم} ، قال: الحُلَفاء، {فآتوهم نصيبهم} قَالَ: مِنَ العَقْل والنَّصْر والرِّفادَة (1) .

_ = رقم 258) ، باب لا يورَّث الحميل إلا ببينة، بمثل ما هنا سواء. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 510) للمصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر. وقد أخرجه عبد بن حميد في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 133 / أ) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 274 - 275 رقم 9267) . أما عبد بن حميد فمن طريق أبي داود الطيالسي سليمان بن داود، وأما ابن جرير فمن طريق بن جعفر غندر، كلاهما عن شعبة، عن أبي بشر، به نحوه. وإسناد ابن جرير صحيح إلى سعيد بن جبير رجاله ثقات تقدمت تراجمهم، والراوي للحديث عن محمد بن جعفر هو شيخ ابن جرير محمد بن بشار بندار. (1) أي: الإعانة. انظر "النهاية في غريب الحديث" (2 / 242) . [626] سنده صحيح، رواية ابن أبي نجيح للتفسير عن مجاهد صحيحة كما سبق بيانه في الحديث رقم [184] ، وقد توبع ابن أبي نجيح كما سيأتي. والحديث سبق أنه أخرجه المصنف في كتاب الفرائض من "سننه" المطبوع (1 / 71 رقم 260) ، باب لا يورَّث الحميل إلا ببينة، بمثل لفظه هنا، إلا أنه لم يذكر قوله تعالى: {مما ترك الوالدان والأقربون} و {فآتوهم نصيبهم} الأولى، ووقع هناك: (عاقدت) ، وهي قراءة مجاهد كما سيأتي في الحديث بعده. والحديث عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 511) للمصنف والفريابي وعبد بن حميد =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وابن جرير والنحاس. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 279 و 280 رقم 9283 و 9284) ، من طريق عيسى بن ميمون وشبل، كلاهما عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد في قول الله: {والذين عاقدت أيمانكم} ، قال: لهم نصيبهم من النصر والرفادة والعقل. وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص94 رقم 213) عن رجل، عن مجاهد: {والذين عاقدت أيمانكم} ، قال: حلف كان في الجاهلية، فأمروا في الإسلام أن يعطوهم نصيبهم من المشورة والعقل والنصر، ولا ميراث. كذا جاء في تفسير سفيان الثوري. وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 157) ، وفي "المصنف" (10 / 306 رقم 19198) ، فقال: أخبرنا الثوري، عن منصور، عن مجاهد ... ، فذكره. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (8 / 279 رقم 9280) . وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (9278) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، قال: حدثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ... ، فذكره. وأخرجه أيضًا (8 / 270 رقم 9260) من طريق مؤمل، قال: حدثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ - في قوله {ولكل جعلنا موالي} ، قال: الموالي: العصبة. وأخرجه النحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص129) من طريق وكيع، عن سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ... ، فذكره. جميع هؤلاء - عبد الرزاق وعبد الرحمن بن مهدي ومؤمل ووكيع - رووه عن سفيان الثوري، عن منصور، بدلاً من: ((سفيان عن رجل)) ، فهذا أرجح مما جاء في رواية تفسيره. وقد أخرجه ابن جرير أيضًا برقم (9279) من طريق شُعْبَةَ عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ أنه قال في هذه الآية: {والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم} : من =

627 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجيح، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: (عَاقَدَتْ (1) أَيْمَانُكُمْ) . [قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا} ] 628- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ (1) ، عَنِ ابْنِ سِيرين، عَنْ عَبِيْدَةَ السَّلْماني، قَالَ: أَتَى عَلِيًّا رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ، وَمَعَهُمَا فِئَام (2) مِنَ النَّاسِ، فَبَعَثَ عَليٌّ حكمًا من أهلها

_ = العَوْن والنصر والحلف. ثم أخرجه أيضًا برقم (9281) من طريق ابن جريج، أخبرني عبد الله بن كثير، أنه سمع مجاهدًا يقول: هو الحلف: {عقدت أيمانكم} ، قال: {فآتوهم نصيبهم} ، قال: النصر. (1) في الأصل: (عادت) وهو خطأ من الناسخ، وهذه القراءة: {عاقدت} بالألف هي قراءة عامة القُرَّاء، وهي قراءة مجاهد كما صح عنه هنا وفي الحديث السابق، وهي بمعنى: والذين عاقدت أيمانكم وأيمانهم الحلف بينكم وبينهم. وقرأ عاصم وحمزة والكسائي وعامة الكوفيين: {عَقَدت} بغير ألف، بمعنى: والذين عقدت أيمانكم الحلف بينكم وبينهم. انظر "تفسير ابن جرير" (8 / 272) ، و"حجة القراءات" (ص201) ، و"الكشف والبيان" للثعلبي (4 / ل 49 / أ) . [627] سنده صحيح، وهو نفس الإسناد السابق. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 511) للمصنف وحده، لكن وقع عنده: {عقدت} بغير ألف، فلعله خطأ ناشئ من كون بعض النساخ لا يكتب الألف، مثل: ((سفيان)) يكتبها هكذا: ((سفين)) . (1) هو السِّخْتياني. =

= وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ، ثُمَّ قَالَ لِلْحَكَمَيْنِ: أَتَدْرِيَانِ مَا عَلَيْكُمَا؟ إِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تُفَرِّقا، فَرَّقْتما، وَإِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تَجْمَعَا، جَمَعْتُمَا. فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: رَضِيتُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ لِي وعَلَيّ، فَقَالَ الزَّوْجُ: أمَّا الفُرْقَةُ فَلا، فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كَلَّا وَاللَّهِ، حَتَّى تُقِرَّ بمثل ما أقَرَّت به.

_ = الفِئَام: الجماعة الكثيرة. "النهاية في غريب الحديث" (3 / 406) . [628] سنده صحيح، وقال الشافعي - رحمه الله - في "الأم" (5 / 178) : ((حديث علي ثابت عندنا)) . وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 525) للمصنف والشافعي في "الأم" وعبد الرزاق في "المصنف" وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في "سننه". وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (7 / 306) في القسم والنشوز، باب الحكمين في الشقاق بين الزوجين، من طريق المصنف، به، وأحال على لفظ الشافعي، فقال: ((فذكره بإسناده ومعناه)) ، وبَيَّن البيهقي بعض الفروق بين اللفظين، فذكر أن سعيد بن منصور قَالَ: ((قَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عنه -: كلا والله، لا تنقلب حَتَّى تُقِرَّ بِمِثْلِ مَا أَقَرَّتْ به)) . وقد أخرجه الشافعي في "الأم" (5 / 103 - 104 و 177) وفي "مسنده" (2 / 184 رقم 653 / ترتيب) ، من طريق شيخه عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، عن أيوب، به نحو لفظ المصنف. ومن طريق الشافعي أخرجه البيهقي في الموضع السابق (ص305) . وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 158 - 159) ، وفي "المصنف" (6 / 512 رقم 11883) ، من طريق شيخه معمر، عن أيوب، به نحوه. ومن طريق عبد الرزاق، أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 136 / أ) . وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (8 / 320 - 321 رقم 9407) . =

629- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: (نا هُشَيْمٌ) (1) ، نا مَنْصُورٌ، وَهِشَامٌ (2) ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ (عَبِيدَة) (3) ، بِمِثْلِهِ (4) ، فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: رضيتُ وسَلَّمْتُ، فَقَالَ الزَّوْجُ: أَمَّا الفُرْقَةُ فَلَا، فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَيْسَ ذَاكَ لَكَ، لَسْتُ بِبَارِحٍ حَتَّى تَرْضَى بمثل ما رضيت به.

_ = والثعلبي في "الكشف والبيان" (4 / ل 51 / ب) . أما ابن جرير فمن طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة، وأما الثعلبي فمن طريق سفيان بن عيينة، كلاهما عن أيوب، به نحوه. وسيأتي في الحديث بعده من طرق أخرى عن ابن سيرين. (1) ما بين القوسين سقط من الأصل، وقد روى البيهقي الحديث من طريق المصنف - كما سيأتي -، والتصويب من عنده. (2) منصور هو ابن زَاذَان، وهشام هو ابن حَسَّان. (3) في الأصل: (عبيد) ، والتصويب من "سنن البيهقي". (4) أي بمثل لفظ الحديث السابق. [629] سنده صحيح كسابقه. وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (7 / 306) في القسم والنشوز، باب الحكمين في الشقاق بين الزوجين من طريق المصنف، به مثله، لكن وقع فيه: ((فقال الرجل)) ، وأشار المحقق إلى أنه في نسخة: ((الزوج)) كما هنا. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 321 رقم 9409) من طريق الحسين بن داود، عن هشيم، به نحوه. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (9408) من طريق هشام بن حسان وعبد الله بن عون، كلاهما عن محمد بن سيرين، به نحوه. ومن طريق ابن عون أخرجه البيهقي في الموضع السابق.

630- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ قَالَ: نا حُصَين (1) ، عَنِ الشَّعْبي، أَنَّ امْرَأَةً نَشَزَت (2) عَلَى زَوْجِهَا، فَاخْتَصَمُوا إِلَى شُرَيْح، فَقَالَ شُرَيْحٌ: ابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ، وَحَكَمًا من أهلها، ففعلوا [ل125/ب] ، فَنَظَرَ الْحَكَمَانِ فِي أَمْرِهِمَا، فَرَأَيَا أَنْ يُفَرِّقا بَيْنَهُمَا، فَكَرِهَ ذَلِكَ الرَّجُلُ، فَقَالَ شُرَيْحٌ: فَفِيَم كُنَّا فِيهِ الْيَوْمَ؟ وَأَجَازَ أَمْرَهُمَا (3) . 631- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّعْبي يَقُولُ: مَا حَكَمَ الحَكَمَان مِنْ شَيْءٍ جَازَ، إن فَرَّقَا، وإن جَمَعَا.

_ (1) هو ابن عبد الرحمن السلمي، تقدم في الحديث [56] أنه ثقة تغير حفظه في الآخر، لكن رواية هشيم عنه قبل تغيُّره كما في الحديث رقم [91] . (2) أي عصت عليه وخرجت عن طاعته. "النهاية في غريب الحديث" (5 / 56) . (3) أي أمر الحكمين. [630] سنده صحيح. وأخرجه البيهقي في "سننه" (7 / 306) في القسم والنشوز، باب الحكمين في الشقاق بين الزوجين، من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال: ((فنظر الحكمان إلى أمرهما)) . وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (8 / 327 رقم 9425) من طريق الحسين بن داود، عن هشيم، به نحوه. [631] سنده صحيح. وأخرجه البيهقي في "سننه" (7 / 306) في القسم والنشوز، باب الحكمين في الشقاق بين الزوجين، من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال: ((ما يحكم)) ، وأشار المحقق إلى أن في بعض النسخ: ((ما حكم)) . =

632- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ (1) ، عَنْ عُبَيْدَة (2) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ مِثْلَ ذلك (3) .

_ = وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (5 / 212) . وعبد بن حميد في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 136 / أ) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 326 رقم 9421) . أما ابن أبي شيبة فمن طريق وكيع، وأما عبد فمن طريق يزيد بن هارون، وأما ابن جرير فمن طريق محمد بن يزيد، ثلاثتهم عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، به نحوه، ولم يذكروا قوله: ((إن فرقا وإن جمعا)) . وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (6 / 512 رقم 11884) عن الثوري، عن جابر الجُعْفي وغيره، عن الشعبي قال: إن شاء الحكمان فرّقا، وإن شَاءَا جَمَعَا. (1) تقدم في الحديث [8] أنه ثقة ثبت كثير التدليس، ولم يصرِّح هنا بالسماع. (2) هو ابن مُعَتِّب الضَّبِّي، تقدم في الحديث [560] أنه ضعيف اختلط. (3) أي مثل قول الشعبي في الحديث السابق، وهذا الحديث مكرور في الأصل. [632] سنده ضعيف جدًّا؛ لضعف عُبيدة، ولأن هشيمًا مدلس ولم يصرح بالسماع. وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (7 / 306) في القسم والنشوز، باب الحكمين في الشقاق بين الزوجين، فأخرج الأثر السابق من طريق المصنف، ثم قال: ((وعن عبيدة مثله)) ، فالذي يظهر أنه سقط من الإسناد قوله: ((عن إبراهيم)) ؛ وبيان ذلك أنه أخرج الأثر السابق من طريق المصنف، عن شيخه هشيم، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عن الشعبي، فطلبًا للاختصار يكون البيهقي، قال: ((وعن عبيدة، عن إبراهيم مثله)) ، أي: عن هُشَيْمٌ، عَنْ عُبَيْدَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ مثله، وهذا قريب من صنيع المصنِّف هنا، والله أعلم. وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 327 رقم 9423) من طريق أبي جعفر الرازي، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ - فِي قوله: {وإن خفتم شقاق بينهما =

633- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ (1) ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنِ الحَكَمْين، فَغَضِبَ، وَقَالَ: مَا وُلِدْتُ إِذْ ذَاكَ (2) . فَقُلْتُ: إِنَّمَا أَعْنِي حَكَمَ شِقَاق (3) ، فَقَالَ: إِذَا كَانَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ دَرْءٌ أَوْ تَدَارِي (4) ، بَعَثُوا حَكَمَيْن، فَأَقْبَلَا عَلَى الَّذِي التَّدَاري مِنْ قِبَلِهِ، فوَعَظَاه وأمَراه، فَإِنْ أَطَاعَهُمَا، وَإِلَّا أَقْبَلَا عَلَى الْآخَرِ، فَإِنْ سَمِعَ مِنْهُمَا، وَأَقْبَلَ إِلَى الَّذِي يُرِيدَانِ وَإِلَّا حَكَمَا بَيْنَهُمَا، فَمَا حَكَمَا مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ. قَالَ شُعْبَةُ (4) : وَأَكْثَرُ عِلْمِي قَالَ لِي رَجُلٌ إلى جنبي: فهو جائز.

_ = فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا من أهلها} -، قال: ما صنع الحكمان من شيء، فهو جائز عليهما، إن طلقا ثلاثًا فهو جائز عليهما، وإن طلقا واحدة وطلقاها على جعل، فهو جائز، وما صنعا من شيء فهو جائز ولم يصرِّح بالسماع. ومغيرة تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه يدلس، لا سيما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه. وقد أخرجه ابن جرير قَبْلَه برقم (9422) من طريق جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مغيرة، عن داود، عن إبراهيم، به نحو سابقه. ومع كون مغيرة لم يصرح هنا بالسماع أيضًا، فإني لم أجد في شيوخه من اسمه داود، ولا في الرواة عن إبراهيم. انظر "تهذيب الكمال" المطبوع (2 / 235 - 236) ، والمخطوط (3 / 1363) . وعليه فالإسناد باقٍ على ضعفه. (1) هو الرَّصاصي، تقدم في الحديث [6] أنه صدوق. (2) يشير سعيد بن جبير إلى أنه ولادته كانت بعد الحَكَمين اللذين كانا في وقعة صفين المشهورة، وحادثة التحكيم مشهورة أيضًا، وهو كذلك، فإن سعيد بن جبير - رحمه الله - قتله الحجاج سنة خمس وتسعين للهجرة وهو ابن تسع وأربعين =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = سنة، فتكون ولادته قريبًا من سنة ست وأربعين للهجرة كما تقدم في ترجمة سعيد في الحديث [41] ، وأما وقعة صفين فكانت قبل ذلك؛ في الحديث [622] أنها كانت سنة سبع وثلاثين للهجرة. (3) أي المذكور في قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} . (4) المقصود بالدَّرْءِ هنا: النُّشُوز والاعْوِجَاج والاختلاف، وأصل الدَّرْءِ: الدَّفْعُ، و: تَدَارَأَ القوم: تدافعوا في الخصومة ونحوها واختلفوا، والأصل في التداري: التَّدَارُؤُ، فتُرك الهمز، ونُقل الحرف إلى التشبيه بالتقاضي والتداعي. "لسان العرب" (1 / 71) . (5) كأن شعبة يشك في قول عمرو، عن سعيد: ((فهو جائز)) ، ويشير إلى أنه أخذه من رجل كان إلى جنبه، إما لعدم سماعه، أو لانشغاله، أو غير ذلك. [633] سنده حسن لذاته، وهو صحيح لغيره؛ فإن عبد الرحمن بن زياد قد توبع. والحديث عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 525) إلى المصنِّف وعبد الرزاق وعبد بن حميد واب جرير والبيهقي في "سننه". وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (6 / 513 - 514 رقم 11888) . وابن جرير في "تفسيره" (8 / 326 رقم 9420) . والبيهقي في "سننه" (7 / 306) في القسم والنشوز، باب الحكمين في الشقاق بين الزوجين. أما عبد الرزاق فمن طريق عبد الله بن كثير، وأما ابن جرير فمن طريق محمد بن جعفر غندر، وأما البيهقي فمن طريق جرير بن عبد الحميد، ثلاثتهم عن شعبة، به نحوه، إلا أن لفظ عبد الرزاق أتم وأقرب إلى لفظ المصنف، ولم يذكر أحد منهم قول شعبة في آخر الحديث: وأكثر علمي ... الخ.

[قوله تعالى: {وَالصَّاحِبِ بِالجَنْبِ} ] 634- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوْقَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ (1) - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ} - قال: المرأة.

_ (1) أي النَّخعي. [634] سنده صحيح، وقد قيل فيه: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ، عَنْ أبي الهيثم، عن إبراهيم ولا يصحّ. والحديث أخرجه ابن أبي الدنيا في "كتاب العيال" (2 / 663 رقم 476) من طريق أحمد بن جميل المَرْوَزي، عن ابن المبارك، حدثنا محمد بن سوقة ... ، فذكره مثله. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 343 رقم 9478) ، فقال: حدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سوقة، عن أبي الهيثم، عن إبراهيم: هي المرأة. وفي سنده شيخ الطبري المثنى بن إبراهيم الآملي، وتقدم في الحديث [389] أني لم أجد من ترجم له. ثم أخرجه الطبري برقم (9479) ، فقال: حدثني عمرو بن بَيْذَق، قال: حدثنا مروان بن معاوية، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ، عَنْ أبي الهيثم، عن إبراهيم، مثله. وفي سنده أيضًا شيخ الطبري عمرو بن بيذق، ولم أجد من ترجم له، وقال الشيخ أحمد شاكر في تعليقه عليه: ((لم أعرف له ترجمة، وقد روى عنه في كتاب "تاريخ الصحابة والتابعين" الملحق بالتاريخ ص86، وكتبه هناك: عمرو بن بيدق - بالدال المهملة -، وكأن الأول أصح)) . اهـ,. وفي "تفسير سفيان الثوري" (ص95 رقم 218) : عن أبي الهيثم: {والصاحب بالجنب} ، قال: امرأة الرجل. وهذا خطأ، صوابه: ((عن أبي الهيثم، عن إبراهيم)) ؛ كذا رواه عبد الرزاق وغيره =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالبُخْلِ} ] 635- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، سَمِعَ (عُبيد بْنَ عُمير) (1) يَقْرَأُ: (وَيَأْمُرُونَ الناس بالبَخَلْ) (2) .

_ = عن سفيان. فقد أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 160) ، فقال: قال الثوري: وقال أبو الهيثم، عن إبراهيم: هي المرأة. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير برقم (9476) . وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (9475 و 9477) من طريق عبد الرحمن بن مهدي وأبي نعيم الفضل بن دُكين، كلاهما عن سفيان الثوري، عن أبي الهيثم، عن إبراهيم: {والصاحب بالجنب} ، قال: المرأة. فرواية سفيان الثوري هذه للحديث عن أبي الهيثم، عن إبراهيم تعتبر متابعة لرواية محمد بن سوقة، والله أعلم. (1) في الأصل: ((عمير بن عبيد)) ، وفي "الدر المنثور" نقلاً عن المصنِّف: ((عمرو بن عبيد)) ، والصواب ما أثبته، فإن الثعلبي نسب هذه القراءة لعبيد بن عمير في "الكشف والبيان" (4 / 54 / أ) ، وليس في شيوخ عمرو بن دينار من اسمه: ((عمير ابن عبيد)) ، ولا: ((عمرو بن عبيد)) ، ولا: ((عمر بن عبيد)) . انظر "تهذيب الكمال" المخطوط (2 / 1032) . وهو: عُبيد بن عُمير بن قتادة الليثي، أبو عاصم المكّي، ولد في عهد رسول النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكان قاصّ أهل مكة، مجمع على ثقته، روى له الجماعة، وروى هو عن أبيه، وله صحبة، وعن عمر بن الخطاب وعلي وأُبَيّ بن كعب وأبي هريرة وغيرهم من الصحابة، روى عنه عمرو بن دينار وعطاء بن أبي رباح ومجاهد وغيرهم، ووثقه ابن معين والعجلي وأبو زرعة، زاد العجلي: ((من كبار التابعين)) ، ومات عبيد قبل ابن عمر، سنة ثمان وستين. اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 409 رقم 1896) ، و"التهذيب" (7 / 71 رقم 148) ، و"التقريب" (ص377 رقم 4385) . =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: { [إِنَّ اللهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} ] (1) 636- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ فُضَيْل بْنِ مَرْزُوقٍ (2) ، عَنْ عطيَّةَ العَوْفي (3) ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} (4) -، قَالَ: هَذِهِ لأهْل البَادِيَةِ، فَمَا لأهْلِ القُرَى؟ فَقَالَ: {وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أجرًا عظيمًا} ، وَإِذَا قَالَ اللَّهُ لِشَيْءٍ: {عَظِيمًا} ، فهو عظيم.

_ = قال ابن جرير في "تفسيره" (8 / 351) : ((اختلفت القَرَأَةُ في قراءة قوله: {ويأمرون الناس بالبخل} ، فقرأته عامة قَرَأة أهل الكوفة: {بالبَخَل} - بفتح الباء والخاء -، وقرأته عامة قَرَأة أهل المدينة وبعضُ البصريين بضم الباء: {بالبُخْل} ، وهما لغتان فصيحتان بمعنى واحد، وقراءتان معروفتان غير مختلفتي المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فهو مصيب في قراءته)) . اهـ. وممن قرأ بفتح الباء والخاء: أنس بن مالك وعبيد بن عمير ويحيى بن يعمر ومجاهد وحمزة والكسائي وخلف. انظر "الكشف والبيان" للثعلبي (4 / 54 / أ) ، و"حجة القراءات" (ص203) . [636] سنده صحيح. وقال السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 539) : وأخرج سعيد بن منصور، عن عمرو بن عبيد أنه قرأ: {ويأمرون الناس بالبخل} . (2) هو فُضيل بن مرزوق الأغرّ - بالمعجمة والراء -، الرُّؤاسي، أبو عبد الرحمن الكوفي، صدوق يهم ورمي بالتشيع، من السابعة، توفي في حدود سنة ستين ومائة، روى عن عطية العوفي وأبي إسحاق السبيعي وعدي بن ثابت وغيرهم، وروى عنه سفيان الثوري ووكيع ويزيد بن هارون وأبو نعيم، وعنه في هذا =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = الحديث سفيان بن عيينة، وآخرون، وقد وثقه الثوري وابن عيينة وابن معين في رواية، وفي أخرى قال ابن معين: ((صالح الحديث، إلا أنه شديد التشيع)) ، وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه، فقال: ((صدوق صالح الحديث يهم كثيرًا، يكتب حديثه)) ، قلت: يحتج به؟ قال: لا، وقال النسائي: ((ضعيف)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: ((يخطئ)) ، وذكره في "المجروحين" وقال: ((كان يخطئ على الثقات، ويروي عن عطية الموضوعات)) . أهـ من "الجرح والتعديل" (7 / 75 رقم 423) ، و"التهذيب" (8 / 298 - 300 رقم 544) ، و"التقريب" (ص448 رقم 5437) . قلت: ما يرويه عن عطية العوفي لا لوم عليه فيه، بل اللوم على عطية كما سيأتي. (3) هو عطية بن سعد العَوْفي، تقدم في الحديث [454] أنه شيعي ضعيف في الحديث ويدلس تدليسًا قبيحًا، وهو تدليس الشيوخ. (4) الآية (160) من سورة الأنعام. [636] سنده ضعيف لضعف عطية العوفي وفضيل بن مرزوق من قبل حفظه. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 539) للمصنف وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني. وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (8 / 378 رقم 9511) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 139 / ب) . أما ابن جرير فمن طريق يحيى بن أبي بكير، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق أبي نعيم الفضل بن دكين وعبد الله بن صالح، ثلاثتهم عن فضيل بن مرزوق، به نحوه، إلا أن ابن أبي حاتم أخرج بعضه من طريق أبي نعيم وباقيه من طريق عبد الله بن صالح. وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7 / 23) وقال: ((رواه الطبراني، وفيه عطية وهو ضعيف)) .

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا} ] 637- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (1) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةٍ (2) ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: قُلْنَا لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ (3) الْغَائِطِ أو لَمَستم النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صعيدًا طيبًا} ، قُلْتُ: مَا رُخْصَةُ الْمَرِيضِ هَاهُنَا؟ قَالَ: إِذَا كَانَتْ بِهِ قُرُوحٌ، أَوْ جُرُوح، أَوْ كَبُرَ (4) عَلَيْهِ الماء، يَتَيَمَّمُ بالصَّعِيد (5) .

_ (1) هو ابن عُلَية. (2) تقدم في الحديث [87] أنه ثقة حافظ له تصانيف، وأنه من أثبت الناس في قتادة، وأنه اختلط، لكن الراوي عنه هنا هو ابن عُليّة، وهو ممن روى عنه قبل الاختلاط. (3) قوله تعالى: ((من)) سقط من الأصل. (4) كَبُرَ الأمُر، أي: عَظُم، ومنه قوله تعالى: {قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا * أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ} [الآية (51) من سورة الإسراء] ، معناه: كونوا أشد ما يكون في أنفسكم، فإني أُميتكم وأُبليكم. "لسان العرب" (5 / 128) . فكأن المعنى هنا: إذا شقّ عليه استعمال الماء وعظُم عليه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ (5) الصَّعيد قيل: هو المرتفع من الأرض، وقيل: ما لم يخالطه رَمْل ولا سَبْخَةٌ، وقيل: وجه الأرض، وقيل: هو كل تراب طيِّب، وقال الشافعي - رحمه الله -: ((لا يقع اسم صعيد إلا على تراب ذي غبار، فأما البطحاء الغليظة والرقيقة والكثيب الغليظ فلا يقع عليه اسم صعيد)) ، وقال أبو إسحاق: ((الصعيد وجه الأرض، وعلى الإنسان أن يضرب بيديه وجه الأرض، ولا يبالي أكان في الموضع تراب أو لم يكن؛ لأن الصعيد ليس هو التراب، إنما هو وجه الأرض، ترابًا كان أو غيره)) . اهـ. من "لسان العرب" (3 / 254) . [637] سنده ضعيف وإن كان ظاهره الصحة؛ لأنه سقط من إسناده رجل بين قتادة وسعيد بن جبير، ويظهر أن قول قتادة هنا: ((قلنا لسعيد)) خطأ من المصنف أو من شيخه إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة، أو يكون سقط من الناسخ الواسطة بين قتادة وسعيد بن جبير. فقد أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (1 / 101) ، فقال: حدثنا عَبْدة بن سليمان، عن سعيد، عن قتادة، عن عَزْرة، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي الرجل تكون به الجروح أو القروح أو المرض، فتصيبه الجنابة، فيكبر عليه الغسل، قال: يتيمم. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 386 رقم 9573) ، فقال: حدثنا محمد بن بشّار، قال: حدثنا ابن أبي عدي، عن سعيد، عن قتادة، عن عزرة، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ - فِي قوله: {وإن كنتم مرضى} -، قال: إذا كان به جروح أو قروح يتيمم. وقدوقع في المطبوع من "مصنف ابن أبي شيبة": ((عروة)) بدل ((عزرة)) ، وهو تصحيف صوبته من المخطوط (1 / ل 18 / أ) . وعَزْرَة - بفتح أوّله وسكون الزاي وفتح الراء ثم هاء - هو ابن عبد الرحمن بن زُرارة الخُزاعي، الكوفي، الأعور، ثقة من السادسة، روى عن سعيد بن جبير والشعبي وحميد بن عبد الرحمن وغيرهم، وروى عنه قتادة وسليمان التيمي =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وداود بن أبي هند وغيرهم، وثقه ابن المديني وابن معين والعجلي، وذكره ابن حبان في الثقات. "تاريخ الثقات" للعجلي (ص331 رقم 1124) ، و"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (7 / 21 رقم 112) ، و"التهذيب" (7 / 192 - 193 رقم 368) ، و"التقريب" (ص390 رقم 4576) . وقتادة تقدم في الحديث [14] أنه مدلس، ولم يصرح بالسماع من عزرة هنا. وقد رواه عاصم الأحول عن قتادة، عن عزرة، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عباس، في المجدور وأشباهه، إذا أجنب قال: يتيمم بالصعيد. أخرجه البيهقي في "سننه" (1 / 224 - 225) في الطهارة، باب الجريح والقريح والمجدور يتيمم ... ، من طريق شعبة، عن عاصم، به. وهذا فيه مخالفة لرواية سعيد عن قتادة التي ليس فيها ذكر لابن عباس. واختُلف على عاصم أيضًا، فرواه عنه شعبة على الوجه السابق. ورواه سفيان الثوري عنه، عن قتادة، عن ابن جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: رخِّص للمريض في الوضوء التيمم بالصعيد، وقال ابن عباس: أرأيت إن كان مجدَّرًا كأنه صَمْغة، كيف يصنع؟ كذا أخرجه ابن المنذر في "الأوسط" (2 / 19) من طريق عبد الرزاق، عن الثوري، عن عاصم ليس فيه ذكر لعَزْرة. وقد أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (1 / 244 رقم 869) ، لكن سقط من سنده في المطبوع سفيان الثوري وعاصم الأحول، فجاء من رواية عبد الرزاق، عن قتادة. وأخرجه عبد الرزاق أيضًا برقم (870) عن معمر، عن قتادة قال: إذا كان بإنسان جدري أو جرح كبير عليه وخشي عليه، فإنه يتيمم بالصعيد، قال: وبلغني ذلك عن سعيد بن جبير. فظهر بهذا أن قتادة لم يسمع الحديث من سعيد بن جبير، وقد يكون الواسطة هو عزرة بن عبد الرحمن وحده، وقد يكون بينه وبين قتادة، واسطة. =

638- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ بَيَان، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبي (1) ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ (2) قَالَ: المُلاَمَسَةُ مَا دُونَ الجِمَاع، والقُبْلة مِنْهُ، وَمِنْهَا الْوُضُوءُ.

_ = وقد اختُلف على قتادة كما سبق. فرواه عنه معمر، على أنه بلغه عن سعيد بن جبير ... ، فذكره من قول سعيد بن جبير. ورواه عنه عاصم الأحول، على أنه من رواية سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عباس، واختُلف على عاصم، فمنهم من يذكر عزرة بين سعيد بن جبير وقتادة، ومنهم من لا يذكره. ورواه سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةٍ عَنْ قتادة، عن عزرة، عن سعيد بن جبير من قوله، كذا رواه محمد بن أبي عدي وعبدة بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أبي عروبة. ورواه المصنف هنا من طريق شيخه ابن علية، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جبير بلا واسطة. وعليه فالحديث لا يصح عن سعيد بن جبير، والله أعلم. (1) تقدم في الحديث [63] أنه لم يسمع من عبد الله بن مسعود. (2) أي ابن مسعود. [638] سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف من هذا الطريق للانقطاع بين الشعبي وابن مسعود، وقد صح عن ابن مسعود من غير هذا الوجه كما سيأتي بلفظ: ((اللمس ما دون الجماع)) . وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 549) للمصنف وعبد الرزاق ومسدد وابن أبي شيبة في "مسنده" وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم والبيهقي. وقد أخرجه الطبراني في "معجمه الكبير" (6 / 285 - 286 رقم 9228) ، من طريق المصنِّف، به مثله، إلا أن لم يذكر قوله: ((والقبلة منه ومنها الوضوء)) .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_

639- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ (1) ، عَنْ أَبِي عُبَيْدة (2) ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: القُبْلَة مِنَ اللَّمْسِ، ومنها الوضوء.

_ = و"التهذيب" (5 / 3 - 4 رقم 5) ، و"التقريب" (ص281 رقم 3000) . وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 393 رقم 9606) . وابن المنذر في "الأوسط" (1 / 118) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 142 / أ) . والبيهقي في "سننه" (1 / 142) في الطهارة، باب الوضوء من الملامسة. جميعهم من طريق شعبة، عن مخارق، به. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (9608) من طريق سفيان الثوري، عن مخارق، به مثله. وسيأتي عن ابن مسعود من طريق آخر في الحديث الذي بعده. (1) هو النخعي، ورواية الأعمش عنه محمولة على السماع وإن كانت بالعنعنة كما سبق بيانه في الحديث [3] . (2) هو عامر بن عبد الله بن مسعود، تقدم في الحديث [4] أنه لا يصح سماعه من أبيه. [639] سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف من هذا الطريق للانقطاع بين أبي عبيدة وأبيه، وقد صححه الدارقطني كما سيأتي، وهو صحيح لغيره كما في الحديث السابق. والحديث أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (1 / 133 رقم 500) عن سفيان بن عيينة، عن الأعمش، به مثله. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الطبراني في "الكبير" (9 / 285 رقم 9227) . وأخرجه عبد الرزاق أيضًا برقم (499) من طريق معمر، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أبي عبيدة، أن ابن مسعود قال: يتوضأ الرجل من المباشرة، ومن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = اللمس بيده، ومن القبلة إذا قبّل امرأته، وكان يَقُولُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: {أَوْ لامستم النساء} ، قال: هو الغمز. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن المنذر في "الأوسط" (1 / 118) . والطبراني في الموضع السابق برقم (9226) . وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (1 / 45) . والدارقطني في "سننه" (1 / 145 رقم 43) . كلاهما من طريق هشيم وحفص بن غياث، كلاهما عن الأعمش، به مثله، وعند الدارقطني في رواية معلى والحسن بن عرفة عن هشيم زيادة قوله: ((واللمس ما دون الجماع)) . قال الدارقطني عقبه: ((صحيح)) ، فلعله ممن يرى أن أبا عبيدة سمع من أبيه. وأخرجه البيهقي في "سننه" (1 / 124) في الطهارة، باب الوضوءمن الملامسة، من طريق هشيم وحده، به وفيه الزيادة التي عند الدارقطني. وأخرجه ابن شيبة في "المصنف" (1 / 116) . وابن جرير في "تفسيره" (8 / 393 رقم 9611) . كلاهما من طريق محمد بن فضيل، عن الأعمش، به نحوه، وزاد ابن أبي شيبة الزيادة التي عند الدارقطني. وأخرجه ابن جرير من طريق معاوية، مقرونًا برواية ابن فضيل عنده. ثم أخرجه أيضًا برقم (9610) . والدارقطني برقم (44 و 45) . كلاهما من طريق سفيان الثوري، عن الأعمش، به بلفظ: ((القبلة من اللمس)) ، وعند الدارقطني: ((اللماس)) بدل: ((اللمس)) . وصححه الدارقطني أيضًا. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (9612) من طريق شريك عن الأعمش، به نحوه. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأخرجه الدارقطني برقم (46) من طريق شعبة، عن الأعمش، به مثل لفظ الثوري عنده. وأخرجه ابن المنذر في "الأوسط" (1 / 117) من طريق ابن نمير، عن الأعمش، به نحوه. وخالف هؤلاء جميعًا أبو بكر بن عياش، فرواه عن الأعمش، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ -: {أَوْ لامستم النساء} -، قال: هو ما دون الجماع، وفيه الوضوء. ورواية الجماعة أصح من رواية أبي بكر بن عياش؛ لكثرتهم، ولكونهم أحفظ منه، فإنه لما كبر ساء حفظه كما تقدم في الحديث [16] . وللحديث طرق أخرى عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود ليس فيها ذكر لأبي عبيدة. فأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (1 / 166) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 393 و 395 رقم 9609 و 9624 و 9624م) . كلاهما من طريق مغيرة، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قال: اللمس ما دون الجماع. وأخرجه ابن جرير برقم (9625) من طريق أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قال عبد الله: الملامسة ما دون الجماع، ثم قرأ: {أو لامستم النساء} . وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (9 / 286 رقم 9229) من طريق حماد بن أبي سلمان، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ: الْمُلَامَسَةُ مَا دُونَ الْجِمَاعِ؛ أن يمس الرجل جسد امرأته بشهوة، ففيه الوضوء. وإبراهيم النخعي لم يسمع من ابن مسعود، لكن تقدم في الحديث [3] أن مراسيله عن ابن مسعود صحيحة؛ لأنه قال: ((إذا قلت: عن عبد الله فاعلم أنه من غير واحد، وإذا سمَّيت لك أحدًا، فهو الذي سميت)) . =

640- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانَة (1) ، عَنْ أَبِي بِشْر (2) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: كُنَّا فِي حُجْرَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمَعَنا عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَنَفَرٌ مِنَ المَوَالي، وعُبيد بْنُ عُمير (3) ، وَنَفَرٌ مِنَ الْعَرَبِ فَتَذَاكَرْنا اللِّماس، فَقُلْتُ أَنَا وَعَطَاءٌ: اللَّمْس بِالْيَدِ، وَقَالَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ وَالْعَرَبُ: هُوَ الْجِمَاعُ، فَقُلْتُ: إِنَّ عِنْدَكُمْ مِنْ هَذَا الْفَضْلِ قَرِيبٌ (4) ، فَدَخَلْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ قَاعِدٌ عَلَى سَرِيرٍ، فَقَالَ لِي: مَهْيَمْ (5) ؟ فَقُلْتُ: تَذَاكَرْنَا اللَّمْسَ، فَقَالَ بَعْضُنَا: هُوَ اللَّمْسُ بِالْيَدِ، وَقَالَ بَعْضُنَا: هُوَ الْجِمَاعُ. قَالَ: مَنْ قَالَ: هُوَ الْجِمَاعُ؟ قُلْتُ: الْعَرَبُ. قَالَ: فَمَنْ قَالَ: هُوَ اللَّمْسُ بِالْيَدِ؟ قُلْتُ: الْمَوَالِي، قَالَ: فَمِنْ أَيِّ

_ = فالذي يظهر أنه رواه عن غير واحد، عن عبد الله، وحدث الأعمشَ به عن واحد منهم وهو: أبو عبيدة. وبالجملة فالحديث مروي عن ابن مسعود من عدة طرق، منه الضعيف المنجبر، ومنها ما هو صحيح كما في الحديث السابق، والله أعلم. (1) هو وضّاح بن عبد الله. (2) هو جعفر بن إياس بن أبي وَحْشِيَّة. (3) تقدم في الحديث [635] أنه ولد في عهد النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأنه كان قاصّ أهل مكة، مجمع على ثقته. (4) كذا في الأصل: ولم أجد من ذكر هذا اللفظ ممن أخرج الحديث، وهو يعني ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. (5) مَهْيَمْ: كلمة يمانية يُستفهم بها، معناها: ما أمرُك وما حالك وما شأنك وما هذا الذي أرى بك؟ ونحو هذا الكلام. "لسان العرب" (12 / 565 - 566) .

الْفَرِيقَيْنِ كُنْتَ؟ قُلْتُ: مَعَ الْمَوَالِي، فَضَحِكَ، وَقَالَ: غُلبت الْمَوَالِي، غُلبت الْمَوَالِي - ثَلَاثَ مَرَّاتٍ - ثُمَّ قَالَ: إنَّ اللَّمْسَ، والْمَسَّ، والمُبَاشَرة إِلَى الْجِمَاعِ إِلَى الْجِمَاعِ (6) مَا هُوَ، وَلَكِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُكَنِّي ما شاء بما شاء.

_ (6) كذا جاءت العبارة مكرورة في الأصل. [640] سنده صحيح. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 550) للمصنف وعبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر. وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (8 / 389 رقم 9581) . والبيهقي في "سننه" (1 / 125) في الطهارة، باب الوضوء في الملامسة. كلاهما من طريق شعبة، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بن جبير قال: ذكروا اللمس - وفي لفظ البيهقي: تذاكرنا -، فقال ناس من الموالي: ليس بالجماع - وفي لفظ البيهقي: من الجماع -، وقال ناس من العرب: اللمس الجماع - وفي لفظ البيهقي: هي من الجماع - قال: فأتيت ابن عباس، فقلت - وفي لفظ البيهقي: فذكرت ذلك لابن عباس - ... ، الحديث بنحوه. وأخرجه ابن جرير أيضًا (8 / 391 رقم 9593) من طريق ابن أبي عدي، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عن أبي بشر جعفر بن إياس بن أبي وحشية، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: اختلفت العرب والموالي في الملامسة على باب ابن عباس، قالت العرب: الجماع، وقالت الموالي: باليد، قال: فخرج ابن عباس فقال: غُلب فريق الموالي، الملامسة: الجماع. ثم أخرجه ابن جرير برقم (9594) من طريق عبد الوهاب الثقفي، قال: حدثنا داود، عن رجل، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: كنا على باب ابن عباس ... ، فذكر نحوه. ثم أخرجه ابن جرير أيضًا برقم (9595) من طريق يزيد بن هارون، قال: أخبرنا =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = داود عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قعد قوم على باب ابن عباس ... ، فذكر نحوه. وأخرجه ابن جرير أيضًا (8 / 389 - 390 رقم 9584) من طريق جرير بن حازم، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جبير قال: اختلفت أنا وعطاء وعبيد بن عمير ... ، فذكره نحو سابقه هكذا على أنه من رواية قتادة عن سعيد بن جبير. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (1 / 134 رقم 506) عن معمر، عن قتادة، أن عبيد بن عمير وسعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح اختلفوا ... ، فذكره هكذا على أن الراوي هو قتادة، وهذا مرسل بلا شك؛ لأن قتادة لم يسمع من صحابي غير أنس - رضي الله عنه -، وهو هنا يروي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عنهما-، بل حتى روايته للحديث عن سعيد بن جبير مرسلة، فإنه لم يسمع منه. انظر ترجمة قتادة في الحديث رقم [14] . وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (9585 و 9586 و 9587) من طريق قتادة، به ولم يذكر أنه رواه عن سعيد بن جبير. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (1 / 166) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 391 - 392 رقم 9597) . كلاهما من طريق الأعمش، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عن سعيد بن جبير، به نحو لفظ حديث داود بن أبي هند السابق. وأخرجه ابن جرير أيضًا (8 / 389 رقم 9582) من طريق شعبة، عن أبي قيس عبد الرحمن بن ثروان، عن سعيد بن جبير، به مثل سياق شعبة السابق للحديث عن أبي بشر. وأخرجه ابن المنذر في "الأوسط" (1 / 116 رقم 8 و 9) من طريق محمد بن زيد وحبيب بن أبي ثابت، كلاهما عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابن عباس، أنه فسر الملامسة - في قوله تعالى: {أو لامستم النساء} - بالجماع. وسيأتي الحديث من طريق هشيم، عن أبي بشر، به مختصرًا في الحديث الآتي.

641- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم قَالَ: نا (أَبُو بِشْر) (1) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عباس [ل216/أ] قَالَ: اللَّمْس والمَسُّ والُمَباشرة إِلَى الْجِمَاعِ مَا هُوَ، وَلَكِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ كَنَّى عَنْهُ. 642- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ (2) ، عَنِ مُغِيرَةُ (3) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: (أَوْ لَمَستُّم (4) النِّسَاءَ) ، قَالَ: يعني ما دون الجماع.

_ (1) في الأصل: ((يونس)) ، وهو تصحيف، وقد أخرجه البيهقي من طريق المصنف على الصواب كما سياتي. [641] سنده صحيح، وهو طريق آخر مختصر للحديث السابق عن أبي بشر. وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (7 / 424 - 425) في العدد، باب لا عدة على التي لم يدخل بها زوجها، أخرجه من طريق المصنف، به مثله سواء. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (1 / 167) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 391 رقم 9590) . كلاهما من طريق هشيم، عن أبي بشر، به نحوه. وأخرجه عبد بن حميد كما في "فتح الباري" (8 / 272) . وابن المنذر في "الأوسط" (1 / 116 رقم 7) . كلاهما من طريق عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الملامسة والمباشرة والإفضاء والرفث والجماع نكاح، ولكن الله كَنَّى. (2) تقدمت في الحديث [8] أنه ثقة ثبت كثير التدليس، ولم يصرح بالسماع هنا. (3) تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه يدلس لا سيما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه ولم يصرح بالسماع. (4) قال ابن زَنْجلة في "حجَّة القراءات" (ص204 - 206) : ((قرأ حمزة والكسائي: {أو لَمَسْتُمُ النساء} بغير ألف؛ جعلا الفعل للرجال دون النساء. وحجّتهما: أن اللمس ما دون الجماع، كالقبلة والغمزة. عن ابن عمر: اللمس ما دون =

643- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (1) ، قَالَ: نَا سَلَمة بْنُ عَلْقمة، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: سَأَلْتُ عَبِيْدَةَ عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {أَوْ لَامَسْتُمُ النساء} ، فَأَشَارَ بِيَدِهِ، وظَنَنْتُ (2) مَا قال.

_ = الجماع، أراد اللمس باليد، وهذا مذهب ابن مسعود وسعيد بن جبير وإبراهيم والزهري. وقرأ الباقون: {أو لامستم} بالألف، أي جامعتم. والملامسة لا تكون إلا من اثنين: الرجل يلامس المرأة، والمرأة تلامس الرجل، وحجّتهم: ما روي في التفسير: قال علي بن أبي طالب صلوات الله عليه: قوله: {لامستم النساء} أي جامعتم، ولكن الله يكنِّي. وعن ابن عباس: {أو لامستم} قال: هو الغشيان والجماع، وقال: إن الله كريم يكنِّي عن الرفث [كذا! ولعل الصواب: بالرفث] والملامسة والمباشرة والتغشِّي والإفضاء، وهو الجماع)) . اهـ. [642] سنده ضعيف لأن هشيمًا ومغيرة لم يصرحا بالسماع، ولم من أجد من أخرج هذا الأثر من هذا الطريق، وقد روي من غير طريق هشيم، فرواه شعبة وسفيان الثوري وجرير بن عبد الحميد، ثلاثتهم عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ عبد الله بن مسعود، وتقدم تخريج هذه الروايات في تخريج الحديث رقم [639] . (1) هو ابن عُلَيَّة. (2) أي: علمت ما قال؛ كما في قوله تعالى: {الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم} ، أي: يعلمون ويستيقنون. انظر "غريب الحديث" للخطّابي (3 / 26) ، وهو يعني أنه يرى أنه اللمس باليد كما هو قول ابن مسعود في الحديث [638] ، خلافًا لابن عباس الذي يرى أنه الجماع كما في الحديث [640] . [643] سنده صحيح. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 550) للمصنِّف وابن أبي شيبة وابن جرير. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وقد أخرجه الخطابي في "غريب الحديث" (3 / 26) من طريق المصنِّف، فقال: في حديث عَبِيدة: أن ابن سيرين قال: سألته عن قوله: {أو لامستم النساء} ، وأشار بيده، فظننت ما قال. حدثنيه ابن مكيّ، أنا الصائغ، نا سعيد بن منصور، نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، نا سَلَمَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بن سيرين. اهـ. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (1 / 163 و 166) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 394 رقم 9614) . كلاهما من طريق إ سماعيل بن إبراهيم بن عليّة، عن سَلَمَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: سَأَلْتُ عَبِيدَةَ عَنْ قوله تعالى: {أو لامستم النساء} ، فقد بيده، فظننت ما عنى، فلم أسأله. وقد اجتهد الشيخ محمود شاكر في تحقيقه لتفسير ابن جرير، فصوّب قوله: ((فظننت)) هكذا: ((فَطَبِنْتُ)) ، وذكر أن معناه: فطنت له وفهمته، ولكن ما ذكره الخطابي في "غريب الحديث" يؤكد أن الصواب: فظننت. وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا في الموضع السابق. وابن جرير برقم (9613) . كلاهما من طريق ابْنِ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: سَأَلْتُ عَبِيدَةَ عَنْ قَوْلِهِ تعالى: {أو لامستم النساء} ، فقال: بيده هكذا، وقبض كفه - وعند ابن جرير: فضم أصابعه -. ثم أخرجه ابن جرير من طريق آخر عن ابن عون، قال: ذكروا عند محمد مسّ الفرج، وأظنهم ذكروا ما قال ابن عمر في ذلك، فقال محمد: قلت لعبيدة: قوله: {أو لامستم النساء} ؟ فقال بيده، قال ابن عون بيده، كأنه يتناول شيئًا يقبض عليه. ثم أخرجه ابن جرير برقم (9616م) من طريق ابن عليّة، عن هشام، عن محمد قال: سألت عبيدة عن هذه الآية: {أو لامستم النساء} ، فقال بيده، وضمّ =

644- وَقَالَ مُحَمَّدٌ (1) ، (2) : ونُبِّئْتُ (عَنِ) (3) ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ كَانَ إِذَا مَسَّ فَرْجَهُ تَوَضَّأَ، فَظَنَنْتُ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ عُمَرَ وعَبِيْدَةَ (شَيْءٌ وَاحِدٌ) (4) .

_ = أصابعه، حتى عرفت الذي أراد. كذا رواه ابن علية عن هشام. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (1 / 134 رقم 503) عن هشام، عن محمد، عن عبيدة قال: الملامسة باليد، قال: ومنها الوضوء والتيمم إذا لم يجد الماء. ثم أخرجه عبد الرزاق أيضًا برقم (504) عن معمر، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عن عبيدة مثله - أي مثل سابقه -. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (9616) من طريق خالد الحذّاء، عن محمد، قال: قال عبيدة: اللمس باليد. (1) أي ابن سيرين، وذلك بالإسناد المتقدم إليه: سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: نَا سَلَمَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ. (2) الذي يلي هذا الحديث في النسخة الخطِّيَّة هو الحديث الآتي برقم [650] ، وإنما أَخَّرْتُهُ هناك مراعاة لترتيب الآيات. (3) ما بين القوسين سقط من الأصل، فأثبته من "الدر المنثور" (2 / 550) . (4) في الأصل: (( (شيئًا واحدًا)) ، وكذا نقله السيوطي في الموضع السابق من "الدر" عن المصنف! والتصويب من الموضع الآتي من "مصنف ابن أبي شيبة". [644] سنده ضعيف لإبهام الواسطة بين ابن سيرين وابن عمر، وهو صحيح لغيره كما سيأتي. وعزاه السيوطي في "الدر" (2 / 550) مع الحديث السابق للمصنِّف وابن أبي شيبة وابن جرير. وقد أخرج ابن جرير منه الحديث السابق فقط. وأما ابن أبي شيبة فرواه بتمامه في "المصنف" (1 / 163) من طريق إسماعيل =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ابن إبراهيم بن علية به، ولفظ هذا الحديث عنده بمثل لفظ المصنف هنا. وللحديث طرق أخرى عن ابن عمر. فأخرجه الإمام مالك في "الموطأ" (1 / 42 رقم 60) في الطهارة، باب الوضوء من مس الفرج، عن نافع، أن عبد الله بن عمر كان يقول: إذا مسّ أحدكم ذكره فقد وجب عليه الوضوء. وهذا من أصح الأسانيد، بل هو السلسلة الذهبية عند علماء الحديث. ومن طريق الإمام مالك أخرجه ابن المنذر في "الأوسط" (1 / 194) . والبيهقي في "سننه" (1 / 131) في الطهارة، باب الوضوء من مسّ الذكر. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (1 / 116 رقم 421) من طريق عبد الله بن محرر، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قال: من مسّ ذكره فليتوضأ. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (1 / 163 - 164) من طريق ابن عليّة، عن ابن عون، عن نافع، أن ابن عمر كان إذا مسّ فرجه أعاد الوضوء. وأخرجه أيضًا في الموضع نفسه عن ابن عليّة، عن أيوب، عن نافع، أن ابن عمر صلى يومًا من الضحى، وقال: إني كنت مسست ذكري، فنسيت. وكلا هذين الأسنادين لابن أبي شيبة صحيحان. وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 76) من طريق حماد بن سلمة، عن أيوب، به نحو سابقه. وأخرجه الإمام مالك أيضًا برقم (62) عن ابن شهاب الزهري، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أنه قال: رأيت أني: عبد الله بن عمر يغتسل، ثم يتوضأ، فقلت له: يا أبت أم يجزيك الغُسل من الوضوء؟ قال: بلى، ولكن أحيانًا أمسّ ذكري فأتوضأ. وهذا إسناد صحيح أيضًا. ومن طريق الإمام مالك أخرجه ابن المنذر والبيهقي في الموضعين السابقين. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (1 / 115 رقم 419) من طريق معمر، عن =

645- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ (1) ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا أَبُو الزُّبَيْر (2) ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كَانَ أحدُنا يَمُرُّ في المسجد جُنُبًا مُجْتَازًا (3) .

_ = الزهري، به نحو سياق الإمام مالك. وأخرجه عبد الرزاق أيضًا برقم (417 و 418) من طريقين آخرين عن الزهري، به بمعنى سابقه، وفيه قصة. وأخرجه عبد الرزاق أيضًا مقرونًا بالرواية السابقة رقم (418) من طريق حسن بن مسلم، عن سالم، به. وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 76) عن شعبة، عن قتادة قال: كان ابن عمر وابن عباس يقولان في الرجل يمس ذكره، قالا: يتوضأ. قال شعبة: فقلت لقتادة: عمن هذا؟ فقال: عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ. أي أن قتادة أخذه عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وابن عمر. وعليه يتضح أن الحديث صحيح لغيره عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عنهما، والله أعلم. (1) الذي قبل هذا الحديث في النسخة الخَطِّية هو الحديث الآتي برقم [650] ، وإنما أخَّرْتُهُ هناك مراعاة لترتيب الآيات. (2) هو محمد بن مسلم بن تَدْرُس - بفتح المثنّاة، وسكون الدال المهملة، وضمّ الراء -، الأسَدي، مولاهم، أبو الزبير المكّي، روى عن العبادلة الأربعة وجابر وغيرهم من الصحابة - رضي الله عنهم -، وعن سعيد بن جبير وعكرمة وطاوس وغيرهم من التابعين، روى عنه عطاء بن أبي رباح وهو من شيوخه، والزهري والأعمش والسفيانان وهشيم بن بشير وغيرهم، وهو صدوق، إلا أنه مدلِّس، وقد روى له الجماعة، عدا البخاري، فإنه إنما روى له مقرونًا بغيره، ووثقه ابن معين والنسائي، وقال ابن المديني: ((ثقة ثبت)) ، وقال ابن سعد: ((كان ثقة كثير الحديث، إلا أن شعبة تركه زعم أنه رآه فعله في معاملة)) ، وقال حرب بن إسماعيل: ((سئل أحمد عن أبي الزبير، فقال: قد احتمله الناس، وأبو الزبير =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = أحب إلى من أبي سفيان - يعني طلحة بن نافع -؛ لأنه أعلم بالحديث منه، وأبو الزبير ليس به بأس)) ، وقال الساجي: ((صدوق حجّة في الأحكام، قد روى عنه أهل النقل وقبلوه واحتّجوا به)) ، وقال ابن عدي: ((وروى مالك عن أبي الزبير أحاديث، وكفى بأبي الزبير صدقًا أن حدث عنه مالك؛ فإن مالكًا لا يروي إلا عن ثقة، ولا أعلم أحدًا من الثقات تخلَّف عن أبي الزبير، إلا وقد كتب عنه، وهو في نفسه ثقة، إلا أن يروي عنه بعض الضعفاء، فيكون ذلك من جهة الضعيف، ولا يكون من قبله، وأبو الزبير يروي أحاديث صالحة، ولم يتخلف عنه أحد، وهو صدوق وثقة لا بأس به)) ، وقال ابن عون: ((ما أبو الزبير بدون عطاء بن أبي رباح)) ، وقال يعلى بن عطاء: ((حدثنا أبو الزبير، وكان أكمل الناس عقلاً وأحفظهم)) ، وقال عطاء بن أبي رباح: ((كنا نكون عند جابر، فإذا فرغنا من عنده تذاكرنا حديثه، فكان أبو الزبير أحفظنا)) ، وقال أبو الزبير عن نفسه: ((كان عطاء يقدِّمني إلى جابر أحفظ لهم الحديث)) ، وقال يعقوب بن شيبة: ((ثقة صدوق، وإلى الضعف ما هو)) ، وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: ((سألت أبي عن أبي الزبير، فقال: يكتب حديثه ولا يحتجّ به، وهو أحب إليّ من أبي سفيان طلحة بن نافع)) ، وقال عبد الرحمن أيضًا: ((سألت أبا زرعة عن أبي الزبير، فقال: روى عنه الناس، قلت: يحتجّ بحديثه؟ قال: إنما يحتجّ بحديث الثقات)) ، وقال عبد الله بن الإمام أحمد: ((قال أبي: كان أيوب - أي السختياني - يقول: حدثنا أبو الزبير، وأبو الزبير أبو الزبير. قلت لأبي: يُضَعِّفُهُ؟ قال: نعم)) ، وقال الإمام الشافعي: ((أبو الزبير يحتاج إلى دعامة)) ، وكانت وفاة أبي الزبير سنة ست وعشرين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (8 / 74 - 76 رقم 319) ، و"الكامل" لابن عدي (6 / 2133 - 2137) ، و"سير أعلام النبلاء" (5 / 380 - 386) ، و"ميزان الاعتدال" (4 / 37 - 40 رقم 8169) ، و"البيان والتوضيح" لابن العراقي (ص249 - 250 رقم 407) ، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = و"التهذيب" (9 / 440 - 443 رقم 727) ، و"التقريب" (ص506 رقم 6291) . قلت: اختلفت عبارات أئمة الجرح والتعديل في أبي الزبير، فمنهم من يوثِّقه ويصفه بقوّة الحفظ، ومنهم من يضعِّفه، وأولى الأقوال بالقبول - والله أعلم - ما اختاره الحافظ ابن حجر في "التقريب"؛ من أنه صدوق، وهو قول الساجي؛ حيث قال: ((صدوق حجة في الأحكام، وقد روى عنه أهل النقل وقبلوه واحتجّوا به)) ، ويقرب منه قول الإمام أحمد: ((وأبو الزبير ليس به بأس)) ، وقال الذهبي في الموضع السابق من "سير أعلام النبلاء": ((الإمام الحافظ الصدوق)) . وقد تُكُلِّم في أبي الزبير أيضًا بأمرين آخرين: 1- التدليس. ... ... 2- قدح شعبة في عدالته. أما التدليس، فقد وصفه به النسائي وابن حزم، وقال الذهبي في "السير" (5 / 381) : ((وقد عِيبَ أبو الزبير بأمور لا توجب ضعفه المطلق، منها التدليس)) ، وقال في "الكاشف" (3 / 95 - 96 رقم 5231) : ((حافظ ثقة ... ، وكان مدلٍّسًا واسع العلم)) . وقال الحافظ ابن حجر في "هدي الساري" (ص442) : ((محمد بن مسلم بن تدرس، أبو الزبير المكّي، أحد التابعين، مشهور، وثقه الجمهور وضعّفه بعضهم لكثرة التدليس وغيره)) ، ووصفه به أيضًا في الموضع السابق من "التقريب"، وذكره في الطبقة الثالثة من "طبقات المدلسين" (ص108 رقم 101) ، وهم: من أكثر من التدليس، فلم يحتجّ الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرّحوا فيه بالسماع، ثم قال ابن حجر: ((مشهور بالتدليس ... ، وقد وصفه النسائي وغيره بالتدليس)) . وقال أبو زرعة ابن العراقي في "البيان والتوضيح" (ص250) : ((وكان مشهورًا بالتدليس)) . قلت: والحجة في وصفه بالتدليس ما أخرجه ابن عدي في "الكامل" (6 / 2136) وغيره عن الليث بن سعد قال: قَدِمْتُ مكة، فجئت أبا الزبير، فدفع إليّ كتابين، وانقلبت بهما، ثم قلت في نفسي: لو عَاوَدْتُه فَسَأَلْتُه: أسَمِع هذا كلَّه من جابر؟ =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = فرجعت فسألته، فقال: منه ما سمعت منه، ومنه ما حُدِّثْتُ عنه، فقلت له: أَعْلِمْ لي على ما سمعت، فأعلم لي علي هذا الذي عندي. قال ابن حزم - كما في "السير" (5 / 383) -: ((فلا أقبل من حديثه إلا ما فيه: سمعت جابرًا، وأما رواية الليث عنه فَاْحْتَجّ بها مطلقًا؛ لأنه ما حمل عنه إلا ما سمعه من جابر)) . قلت: ويستثنى من ذلك ما كان في "صحيح مسلم" من روايته بالعنعنة من غير رواية الليث عنه؛ قال ابن العراقي في الموضع السابق من "البيان والتوضيح" بعد أن ذكر حكاية الليث: ((ولهذا قَبِل ابن حزم منه ما صرَّح فيه بالسماع، فردّ ما عنعن فيه. وأما مسلم - رضي الله عنه -، فإنه روى في "صحيحه" أحاديث من حديثه أتى فيها بالعنعنة. وأجاب بعض العلماء عنه بأنه اطلع على أنها مما سمعه وإن لم يروها من طريقه)) . اهـ. فهذا بالنسبة للتدليس. وأما قدح شعبة في عدالته فيتلخَّص في ثلاثة أمور: أ- ما رواه ورقاء بن عمر، قال: قلت لشعبة: لم تركتَ حديث أبي الزبير؟ قال: رأيته يزن ويَسْتَرْجحُ في الميزان. "السير" (5 / 381) . وهذا يجاب عنه بما ذكره ابن حبان في "الثقات" (5 / 352) حيث قال: ((ولم ينصف من قدح فيه؛ لأن من استرجح في الوزن لنفسه لم يستحق الترك من أجله)) . اهـ. ب- قال أبو عمر الحَوْضي: قيل لشعبة: لِمَ تركت أبا الزبير؟ قال: رأيته يسيء الصلاة، فتركت الرواية عنه. "السير" (5 / 382) . وقال سُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: قَالَ لي شعبة: لا تكتب عن أبي الزبير، فإنه لا يحسن يصلي. "الكامل" لابن عدي (6 / 2134) . ويجاب عن هذا: بأنه جرح مجمل، ولم يبين شعبة ما الذي أساء أبو الزبير فيه من صلاته، فقد يكون ترك سنة من سنن الصلاة، وهذا لا يُقدح في الإنسان =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = بسببه، أو قد يكون فعل أو ترك شيئًا من المسائل الخلافية في الصلاة، وشعبة يرى خلافه، فقدح فيه لهذا السبب، وهذا سويد بن عبد العزيز قد ندم على أخذه بمشورة شعبة، ففي الموضع السابق من "الكامل" لابن عدي يقول سويد: ((خدعني شعبة؛ فقال لي: لا تحمل عنه؛ فإني رأيته يسيء صلاته، وليتني ما كنت رأيت شعبة)) ، وهذا شعبة نفسه مع نهيه لسويد، يذهب فيأخذ عن أبي الزبير، قال سويد كما في الموضع السابق من "الكامل": ((قال لي شعبة: لا تأخذ عن أبي الزبير؛ فإنه لا يحسن يصلي، قال: ثم ذهب فكتب عنه)) . وقال ابن عبد البر في "الاستغناء" (1 / 648) : ((وأما قول شعبة: تأخذ عن أبي الزبير وهو لا يحسن يصلي؟ فهذا تحامل لا يسلم صاحبه من الغيبة، وقد حدّث عنه شعبة بعد أن أخذ عنه)) . جـ- روى أبو داود الطيالسي عن شعبة قال: ((لم يكن في الدنيا شيء أحب إلي من رجل يقدم من مكة فأسأله عن أبي الزبير. قال: فقدمت مكة، فسمعت من أبي الزبير. فبينا أنا عنده، إذ سأله رجل عن مسألة، فردّ عليه، فافترى عليه، فقلت: تفتري يا أبا الزبير على رجل مسلم؟ فقال: إنه أغضبني، قلت: ومن يغضبك تفتري عليه؟ لا رويت عنك أبدًا)) ، فكان شعبة يقول: في صدري لأبي الزبير أربعمائة حديث. "الجرح والتعديل" (8 / 75) ، و"سير أعلام النبلاء" (5 / 381 - 382) . قلت: قد كثرت أقاويل شعبة - رحمه الله - في أبي الزبير، فلست أدري، إلى أيِّها نلتفت؟ وما هذا الافتراء الذي يتحدث عنه شعبة؟ أهو مما يحدث بين الناس من المُلاَحَاة، فمن ذا الذي يسلم من الزلل؟ وهل إذا بدرت من محدِّث هفوة تركنا حديثه؟ هذا إذا سلّمنا بأنها هفوة، مع أن الحال تستدعي معرفة ما دار بينهما، وما إذا كان قبله شيء مما له به علاقة. وخلاصة ما مضى: أن أبا الزبير صدوق حسن الحديث إذا صرح بالسماع ممن روى عنه، أو كان ذلك من رواية الليث بن سعد عنه إذا لم يصرح بالسماع، =

646 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ (1) ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ (2) ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَار (3) ، قَالَ: رَأَيْتُ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْلِسُونَ فِي الْمَسْجِدِ وَهُمْ مُجْنِبُون؛ إِذَا تَوَضَّئُوا وُضُوءَ الصَّلَاةِ.

_ = وما قيل فيه مما يقدح في العدالة لا يعتبر بشيء منه، وثَّمَّة أقوال أخرى في أبي الزبير ذكرها ابن عبد البر في "الاستغناء" (1 / 647 - 649) وردّ عليها، وأهمّ ما قيل فيه ما تقدم ذكره، والله أعلم. (3) أي عابرًا كما في "النهاية في غريب الحديث" (1 / 314) . [645] سنده ضعيف لأن أبا الزبير مدلس ولم يصرح بالسماع. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 548) وعزاه للمصنِّف وابن أبي شيبة وابن جرير والبيهقي. وقد أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (1 / 146) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 383 رقم 9556) . وابن المنذر في "الأوسط" (2 / 106 رقم 631) . والبيهقي في "سننه" (2 / 443) في الصلاة، باب الجنب يمرّ في المسجد مارًّا ولا يقيم فيه. جميهعنم من طريق هشيم، عن أبي الزبير، به نحوه، إلا أنه سقط من إسناد ابن جرير قوله: ((عن جابر)) ، فجاء الحديث من لفظ أبي الزبير. (1) هو الدَّرَاوَرْدي، تقدم في الحديث [69] أنه صدوق، إلا في روايته عن عبيد الله العُمري، فإنها رواية منكر، وهو هنا يروي عن هشام بن سعد، ولم أجد من نصّ على أنه سمع منه، لكن سماعه منه محتمل جدًّا، فكلاهما مدني، وقد تعاصرا فترة طويلة، فالدراوردي تقدم أنه وفاته كانت بين سنة ست وثمانين إلى تسع وثمانين ومائة، وهشام توفي في حدود سنة ستين ومائة كما سيأتي.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ (2) هو هشام بن سعد القرشي، مولاهم، أبو عبّاد، ويقال: أبو سعد، المدني، روى عن زيد بن أسلم وأكثر عنه، وروى عن نافع مولى ابن عمر والزهري وغيرهم، روى عنه الليث بن سعد والثوري ووكيع وغيرهم، وهو ثقة في روايته عن زيد بن أسلم، وصدوق له أوهام إذا روي عن غيره، ورمي بالتشيع؛ فقد كان يحيى بن سعيد القطان لا يحدث عنه، وقال حرب بن إسماعيل: سمعت أحمد بن حنبل - وذُكر له هشام بن سعد -، فلم يرضه، وقال: ((ليس بمحكم الحديث)) ، وضعفه ابن معين في رواية، وفي أخرى قال: ((صالح، وليس بمتروك الحديث)) ، وقال ابن المديني: ((صالح، وليس بالقوي)) ، وقال ابن سعد: ((كان كثير الحديث يستضعف، وكان متشيعًا)) ، وضعفه النسائي، وقال أبو حاتم: ((يكتب حديثه ولا يحتجّ به، هو ومحمد بن إسحاق عندي سواء)) ، وقال أبو زرعة: ((شيخ محلّه الصدق، وكذلك محمد بن إسحاق هو هكذا عندي، وهشام أحب إليّ من محمد بن إسحاق)) ، وقال العجلي: ((جائز الحديث، حسن الحديث)) ، وقال الساجي: ((صدوق)) ، وقال أبو داود: ((هشام بن سعد أثبت الناس في زيد بن أسلم)) ، وكانت وفاته في حدود سنة ستين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 61 - 62 رقم 241) ، و"التهذيب" (11 / 39 - 41 رقم 80) . قلت: ذهب الحافظ بن حجر في "التقريب" (ص572 رقم 7294) إلى أن هشام بن سعد صدوق له أوهام، وذهب الحافظ الذهبي في "الكاشف" (3 / 222 رقم 6064) إلى أنه حسن الحديث، وكذا في ((من تكلم فيه وهو موثق)) (ص186 رقم 354) ، والذي يترجح من أقوال أئمة الجرح والتعديل ما ذهب إليه الحافظ ابن حجر، إلا في روايته عن زيد بن أسلم، فإنه ثقة فيه لطول ملازمته له ومعرفته بحديثه، ولذا قال أبو داود: ((أثبت الناس في زيد بن أسلم)) ، وقال الذهبي في "الميزان" (4 / 298 رقم 9224) : ((يقال له يتيم زيد بن أسلم؛ صَحِبَهُ وأكثر منه)) ، وقال "سير أعلام النبلاء" (7 / 344 - 345) : ((الإمام =

647- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُونَ الْمَسْجِدَ وَيَخْرُجُونَ مِنْهُ وَلَا يُصَلُّون فِيهِ، وَرَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يَفْعَلُهُ.

_ = المحدِّث الصادق ... ، يتيم زيد بن أسلم، حدَّث عن سعيد المقبري ونافع العمري ... وزيد بن أسلم، وهو مكثر عنه، بصير بحديثه)) . (3) هو عطاء بن يَسَار الهِلالي، أبو محمد المدني القاصّ، مولى ميمونة زوج النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، روى عن أبي ذر وأبي الدرداء وعبادة بن الصامت وزيد بن ثابت وأبي هريرة وعبد الله بن عمرو وابن عباس وابن عمر وغيرهم، روى عنه زيد بن أسلم وعمرو بن دينار ومحمد بن إبراهيم التيمي وغيرهم، وهو ثقة فاضل صاحب مواعظ وعبادة، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين والعجلي وأبو زرعة والنسائي وابن سعد وزاد: ((كثير الحديث)) ، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ((كان صاحب قصص وعبادة وفضل)) ، وكانت ولادته في حدود سنة تسع عشرة للهجرة، ووفاته سنة أربع وتسعين، وقيل بعد ذلك. اهـ. من "تاريخ الثقات" للعجلي (ص334 رقم 1135) ، و"الجرح والتعديل" (6 / 338 رقم 1867) ، و"التهذيب" (7 / 217 - 218 رقم 399) ، و"التقريب" (ص392 رقم 4605) . [646] سنده حسن لذاته. ولم أجد من أخرجه بهذا السياق، لكن أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف" (1 / 146) عن شيخه وكيع، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ زيد بن أسلم قال: كان الرجل منهم يجنب، ثم يدخل المسجد فيحدث فيه. فلست أدري أهو هذا الحديث نفسه، فيكون عبد العزيز بن محمد زاد فيه عطاء بن يسار، أم أنه حديث آخر؟ [647] سنده حسن لذاته، وهو نفس إسناد الحديث السابق، وهو صحيح لغيره عن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ابن عمر كما سيأتي. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (1 / 340) ، فقال: حدثنا عبد العزيز بن محمد الدَّرَاوَرْدي، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، قَالَ: كان أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - ... ، الحديث بنحوه، هكذا بإسقاط هشام وعطاء من سنده، فإما أن يكون خطأ في نسخة المصنف، أو يكون اختلافًا على عبد العزيز بن محمد، والمصنِّف سعيد بن منصور جوّد الإسناد. وأخرجه ابن أبي شيبة في الموضع نفسه، فقال: حدثنا وكيع، عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند، عن نافع، أن ابن عمر كان يمرّ في المسجد ولا يصلي فيه. وهذا إسناد صحيح. فوكيع تقدم في الحديث رقم [47] أنه ثقة حافظ عابد. ونافع مولى ابن عمر تقدم في الحديث [140] أنه ثقة ثبت فقيه مشهور. وعبد الله بن سعيد بن أبي هند الفَزَاري، مولاهم، أبو بكر المدني، يروي عن أبيه وأبي أمامة بن سهل بن حنيف وسعيد بن المسيب ونافع مولى ابن عمر وغيرهم، روى عنه الإمام مالك وابن المبارك ويحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي ووكيع وغيرهم، وهو ثقة، روى له الجماعة، ووثقه الإمام أحمد وابن معين وابن المديني والعجلي وأبو داود السجستاني ويعقوب بن سفيان وابن البرقي وابن سعد وزاد: ((كثير الحديث)) ، وقال النسائي: ((ليس به بأس)) ، وقال يحيى بن سعيد القطان: ((كان صالحًا، تعرف وتنكر)) ، وقال أبو داود: ((روى عنه يحيى، ولم يرفعه كما رفع غيره)) ، وقال أبو حاتم: ((ضعيف الحديث)) ، وَوَهَّنَهُ أبو زرعة، وكانت وفاته سنة سبع وأربعين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 70 - 71 رقم 335) ، و"التهذيب" (5 / 239 رقم 414) . قلت: أما يحيى القطان فإنه على تشدده لم يترك عبد الله بن سعيد، بل روى عنه، لكن كما قال أبو داود: لم يرفعه كما رفع غيره، فيؤخذ من موقفه منه: أن عبد الله بن سعيد ثقة كما نص عليه أحمد وابن معين وغيرهما، لكنه ليس =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = كشعبة، وسفيان وأضرابهما. وأما تضعيف الرازيَّيْن له: أبي حاتم وأبي زرعة، فإنهما ضعفاه بلا حجّة، وجرحهما غير مفسَّر ومعارض بتوثيق الأئمة السابق ذكرهم، ولذا فإن الذهبي لما ذكر عبد الله بن سعيد هذا في "ديوان الضعفاء" (ص168 رقم 2182) قال: ((ثقة، ضعّفه أبو حاتم بلا حجّة)) ، وذكره في "المغني في الضعفاء" (1 / 340 رقم 3191) ، وقال: ((ثقة، ضعفه أبو حاتم، ووثقه أحمد وابن معين، وقال القطان: صالح، تعرف وتنكر)) ، وذكره في ((من تكلم فيه وهو موثق)) (ص108 رقم 180) وقال: ((ثقة، ضعفه أبو حاتم وحده)) . ولما ذكره الحافظ ابن حجر في "هدي الساري" (ص413) ، وذكر أقوال الذين وثقوه والذين تكلموا فيه، قال: ((قلت: احتجّ به الجماعة)) ، وذكره في "فتح الباري" (7 / 511) وقال: ((وهو مدني ثقة)) ، فظهر بهذا قصور عبارته في "التقريب" (ص306 رقم 3358) حين قال: ((صدوق له أوهام)) ، فالظاهر أنه هنا مع تأثره بمن سبق، فإنه تأثر كذلك بما نقله هو في "التهذيب" (5 / 239) عن ابن حبان في الثقات أنه قال عن عبد الله بن سعيد هذا: ((يخطئ)) ، مع أن ابن حبان لم يقل ذلك كما يتضح من كتاب "الثقات" له (7 / 12) ، وهذا يحصل من ابن حجر أحيانًا بسبب سوء نسخته من ثقات ابن حبان، فقد كان يشكو من سقمها دائمًا، ففي "لسان الميزان" (2 / 442) في ترجمة رافع بن سلمان، قال: ((وذكره ابن حبان في الثقات، لكن وقع في النسخة - وفيها سقم -: رافع بن سنان)) ، وفي "التهذيب" (8 / 403) في ترجمة قيس بن مروان، ذكر أن ابن حبان ذكره في الثقات وقال: روى عنه حبيب، ثم تعقّب ذلك ابن حجر بقوله: ((كذا في النسخة وهي سقيمة، ولعلّها: خيثمة، تصحَّفت)) ، وفي "التهذيب" أيضًا (9 / 308) نقل عن ابن حبان سنة وفاة أحد الرواة، ثم قال: ((وهذا وهم لا مرية فيه، والأشبه أن يكون من سقم النسخة)) ، وقد نبّه على سقم نسخة ابن حجر من "الثقات": الشيخ عبد الرحمن المعلمي - رحمه الله - في "التنكيل" (1 / 43) ، ومنه =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا (51) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا} ] 648- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: قَدِمَ حُيَيّ بْنُ أخْطَب (1) ، وكَعْب بْنُ الأشْرف (2) إِلَى مَكَّةَ، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ: أَنْتُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ، وَأَهْلُ الْعِلْمِ، فَنَحْنُ خَيْرٌ، أَمْ مُحَمَّدٌ؟ فَقَالُوا: وَمَا أَنْتُمْ، وَمَا مُحَمَّدٌ؟ قَالُوا: صُنْبُورٌ (3) قَطَّعَ أَرْحَامَنَا، وَاتَّبَعَهُ سُرَّاق الْحَجِيجِ: بَنُو غِفَار (4) ، فنحن أهدى

_ = استفدت بعض الأمثلة. وبهذا يتضح أن عبد الله بن سعيد بن أبي هند ثقة، وأن فعل ابن عمر صحيح لغيره، وأما باقي الحديث فهو حسن لذاته، والله أعلم. (1) هو حُيَيّ بن أخْطَب النَّضْري، سيِّد يهود بني النَّضير، كان يُنعت بسيِّد الحاضر والبادي، وهو والد أم المؤمنين صفيَّة بنت حُيَيّ رضي الله عنها، أدرك الإسلام، وآذى المسلمين وكان من الأشدّاء العُتَاة، شرب عدواة النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه، ولم يزل دَأَبَه لعنه الله حتى أسره المسلمون يوم بني قريظة، فقتلوه صبرًا بين يدي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - يوم قتل مقاتلة بني قريظة، وذلك في السنة الخامسة من الهجرة انظر "البداية والنهاية" لابن كثير (3 / 212) و (4 / 124 - 125) ، و"الأعلام" للزِّركلي (2 / 331) . (2) هو كَعْب بن الأشْرف الطَّائِي، من بني نَبْهان، وأُمُّهُ من يهود بني النَّضِير، فدان باليهودية، وكان سيدًا في أخواله، يقيم في حصن له قريب من المدينة، أدرك الإسلام ولم يسلم، وكان شاعرًا، فأكثر من هجو النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه، وتحريض القبائل عليهم وإيذائهم، والتشبيب بنسائهم، وخرج إلى مكة بعد وقعة =

= سَبِيلًا أَمْ هُوَ؟ قَالُوا: أَنْتُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا. أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا} .

_ = بدر، فندب قتلى قريش فيها، وحضّ على الأخذ بثأرهم، وعاد إلى المدينة، وأمر النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بقتله، فانطلق إليه خمسة من الأنصار، فقتلوه في ظاهر حصنه، وحملوا رأسه إلى المدينة وذلك في السنة الثالثة من الهجرة. اهـ. بتصرف من "الأعلام" للزركلي (6 / 79 - 80) ، وانظر "الروض الأنف" للسهيلي (5 / 396 - 403) ، و"البداية والنهاية" لابن كثير (4 / 5 - 9) . (3) أصل الصُّنْبور: سَعَفَةٌ تنبت في جذع النخلة، لا في الأرض، والمراد هنا: أنه فَرْدٌ ضعيف ذليل لا أهل له، أَبْتَر لا عَقِب له ولا أخ ولا ناصر، فإذا مات انقطع ذكره. اهـ. من "لسان العرب" (4 / 469) . (4) بكسر الغين المعجمة وفتح الفاء، وفي آخرها الراء المهملة، نسبة إلى غِفَار بن مليل بن ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار. اهـ. من "الأنساب" للسمعاني (10 / 63 - 64) . [648] سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مُرْسِله عكرمة وقد روي موصولاً كما سيأتي، ولا يصح. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 562) للمصنف وابن المنذر وابن أبي حاتم. وقد أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 146 / ب) من طريق شيخه محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ، عن سفيان بن عيينة، به نحوه، فوافق المصنف سعيد بن منصور في روايته للحديث عن سفيان، به مرسلاً. وخالفهما يونس بن سليمان الجمّال، فقال: ثنا سفيان بن عيينة، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عكرمة، عن ابن عباس، به نحوه هكذا موصولاً. أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (11 / 251 رقم 11645) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7 / 6) : ((فيه يونس بن سليمان الجمال ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح)) . قلت: رواه البيهقي في "دلائل النبوة" (3 / 193 - 194) فسمّاه: محمد بن يونس الجمال، والظاهر أنه الصواب، ففي "تهذيب الكمال" (11 / 187 / المطبوع) ذكره المزّي في الرواة عن سفيان بن عيينة وسماه: محمد بن يونس الجمّال المُخَرِّمي، ولم أجد له ترجمة بهذا الاسم أو ذاك. وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 164 - 165) من طريق شيخه معمر، عن أيوب السختياني، عن عكرمة، به مرسلاً بمعناه وفيه زيادة. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 467 - 468 رقم 9789) . وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن أبي عدي، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابن عباس قال: لما قدم كعب بن الأشرف مكة قالت قريش: ألا ترى هذا الصنبور المنبتر من قومه يزعم أنه خير منَّا ونحن أهل الحجيج، وأهل السّدَانة، وأهل السقاية؟ قال: أنتم خير، قال: فنزلت: {إن شانئك هو الأبتر} ، ونزل: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نصيبًا من الكتاب ... } إلى: {نصيرًا} . اهـ. من "تفسير ابن كثير" (1 / 513) ولم أجده في المطبوع من "مسند الإمام أحمد". وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 466 - 467 رقم 9786) و (30 / 330 / طبعة البابي الحلبي) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 146 / أوب) . كلاهما من طريق ابن أبي عدي، به نحوه. قلت: داود هو ابن أبي هند، وقد أخطأ محمد بن أبي عدي في وصله للحديث، فقد رواه خالد بن عبد الله الطحان وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، كلاهما عن داود، عن عكرمة مرسلاً. أخرجه ابن جرير (8 / 467 رقم 9787 و 9788) و (30/ 329 - 330 / =

649- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الْأَحْوَصِ (1) ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ (2) ، عَنْ حَسَّان العَبْسي (3) ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: الجِبْتُ: السِّحر، وَالطَّاغُوتُ: الشَّيْطَانُ، وَإِنَّ الشَّجَاعَةَ والجُبْن غَرَائِزُ تَكُونُ فِي الرِّجَالِ، يُقَاتِلُ الشُّجَاعُ عَمَّن لَا يَعْرِفُ، ويَفرُّ الْجَبَّانُ عَنْ أَبِيهِ، وَإِنَّ كَرَمَ الرَّجُلِ دينُه، وحَسَبَه: خُلُقُه، وَإِنْ كَانَ فَارِسِيًّا، أَوْ نَبِطِيًّا (4) .

_ = طبعة البابي الحلبي) . وخالد بن عبد الله تقدم في الحديث [18] أنه ثقة ثبت، وقد تابعه عبد الوهاب، وهذا يوافق رواية عمرو بن دينار وأيوب السختياني للحديث عن عكرمة كما سبق. (1) هو سلاّم بن سُلَيم. (2) هو السَّبيعي، تقدم في الحديث [1] أنه ثقة، إلا أنه يدلس واختلط في آخر حياته، لكن شعبة ممن روى عنه هذا الحديث كما سيأتي، وروايته عنه قبل الاختلاط ومأمونة الجانب من تدليسه. (3) هو حسّان بن فَائِد - بالفاء - العَبْسي الكوفي، يروي عن عمر، روى عنه أبو إسحاق السبيعي فقط، شيخ كما قال أبو حاتم ونقله عنه ابنه في "الجرح والتعديل" (3 / 233 رقم 1028) ، وذكره ابن سعد في "الطبقات" (6 / 154) ، وقال: ((كان قليل الحديث)) ، وسكت عنه البخاري في "تاريخه" (3 / 30 رقم 122) ، وذكره ابن حبان في "ثقات التابعين" (4 / 163) ، وانظر "التهذيب" (2 / 251 - 252 رقم 461) . (4) النَّبَطُ: جيل ينزلون سواد العراق، وهم الأَنْباط، والنسب إليهم: نَبَطيّ. اهـ. من "لسان العرب" (7 / 411) . [649] سنده ضعيف لأن حسان العبسي لم يوثقه أحد ممن يعتمد قوله، ولم أجد له متابعًا، وقد قّوَّى الحافظ ابن حجر سنده كما سيأتي. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 564) ما يتعلق بالجبت والطاغوت فقط، وعزاه للمصنِّف والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ورسته في "الإيمان". والحديث أعاده المصنف هنا، وكان قد رواه في كتاب الجهاد، باب ما جاء في الجبن والشجاعة (2 / 223 رقم 2534) ، بمثله ما هنا سواء، إلا أنه قال: ((غرائز تكون في الرجل)) . وأخرجه أبو القاسم البغوي كما في "تفسير ابن كثير" (1 / 311) ، فقال: حدثنا أبو روح البلدي، حدثنا أبو الأحوص سلام ... ، فذكره بمثله، إلا أنه قال: ((ويفرّ الجبان من أمه)) . والحديث علّقه البخاري في "صحيحه" (8 / 251) في تفسير سورة النساء من كتاب التفسير، باب: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ من الغائط} ، فقال: ((وقال عمر: الجبت: السحر، والطاغوت: الشيطان)) . قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (8 / 252) : ((وصله عبد بن حميد في "تفسيره"، ومسدد في "مسنده"، وعبد الرحمن بن رسته في "كتاب الإيمان"، كلهم من طريق أبي إسحاق، عن حسان بن فائد، عن عمر مثله، وإسناده قوي، وقد وقع التصريح بسماع أبي إسحاق له من حسان، وسماع حسان من عمر في رواية رسته)) . اهـ. قلت: قد أخرجه الحافظ ابن حجر في "تغليق التعليق" (4 / 196) من طريق عبد الرحمن بن عمرو ورسته قال: ثنا عبد الرحمن - يعني ابن مهدي -، ثنا سفيان - يعني الثوري -، عن أبي إسحاق ... ، فذكره مقتصرًا على ذكر الجبت والطاغوت. ومن طريق سفيان الثوري أيضًا أخرجه: ابن جرير الطبري في "تفسيره" (5 / 417 رقم 5834) و (8 / 462 رقم 9767) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 146 / ب و 147 / أ) . وأخرجه مسدد في "مسنده الكبير"، وعبد بن حميد كما في الموضع السابق من "التغليق"، وأخرجه ابن حجر أيضًا في الموضع نفسه. =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ المُلْكِ فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا} ] 650- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ (1) ، قَالَ: نا أَبُو الأحْوَص (2) ، عَنْ خُصَيف (3) ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: النَّقير: النُّقْرَة الَّتِي تَكُونُ فِي شَقِّ النَّواة، والقِطْمير: القِشْر الَّذِي يَكُونُ على النَّوَاة (4) .

_ = وابن جرير برقم (5835) و (9766) . وابن أبي حاتم في الموضع السابق. أما مسدد فمن طريق يحيى بن سعيد القطان، وأما عبد بن حميد فمن طريق أبي الوليد الطيالسي، وأما ابن جرير فمن طريق محمد بن أبي عدي، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق أبي داود الطيالسي، وأما ابن حجر فمن طريق رسته عن أبي داود الطيالسي، جميعهم عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، به مثل سياق البخاري مختصرًا. وأخرجه عبد الرحمن بن الحسن القاضي في "تفسير مجاهد" (ص161) من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق، به مثل سابقه. (1) قدم المصنف هذا الحديث الذي تحت تفسير هذه الآية في غير موضعه، فجاء في أثناء تفسير قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سكارى} الخ الآية، وذلك عقب الحديث المتقدم رقم [644] فأخّرته في هذا الموضع مراعاة لترتيب الآيات. (2) هو سَلام بن سُلَيم. (3) تقدم في الحديث [204] أنه صدوق سيء الحفظ. (4) القِطْمير مذكور في قوله تعالى: {والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير} [الآية: 13 من سورة فاطر] ، وسيأتي المصنف بهذا الحديث في موضعه في سورة فاطر أيضًا. [650] سنده ضعيف لضعف خُصيف من قبل حفظه. وقد أعاد المصنف بعض هذا الحديث في تفسير سورة فاطر (ل 166 / أ) ، =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالعَدْلِ إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} ] 651- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، قَالَ: نا مُصْعَبُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: قَالَ عليٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كلماتٍ أَصَابَ فِيهِنَّ: حَقٌّ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَحْكُمَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَنْ يُؤَدِّيَ الْأَمَانَةَ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَحقٌّ عَلَى النَّاسِ أَنْ يَسْمَعُوا لَهُ وَأَنْ يُطِيعُوا، وَأَنْ يُجِيبُوا إِذَا دُعُوا.

_ = فقال: نا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ خُصيف، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: القطمير: الْقِشْرُ الَّذِي يَكُونُ عَلَى النَّوَاةِ. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 473 رقم 9800) من طريق إسرائيل، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابن عباس قال: النقير: وسط النواة. [651] سنده صحيح. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 571) للمصنِّف والفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم. وقد أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (12 / 213 رقم 12578) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 490 رقم 9841 و 9842) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 151 / أ) . أما ابن أبي شيبة فمن طريق وكيع، وأما ابن جرير فمن طريق عبد الله بن إدريس وجابر بن نوح، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق حسن بن صالح، جميعهم عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، به نحوه.

652- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ (1) ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} - قَالَ: هُمُ الْأُمَرَاءُ. 653- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: هُمُ الفقهاء والعلماء.

_ (1) هو ذَكُوان السَّمَّان. [652] سنده صحيح، وانظر في رواية الأعمش عن أبي صالح الحديث رقم [3] ، وصحح سنده الحافظ بن حجر في "فتح الباري" (8 / 254) من رواية ابن جرير الطبري، وكذا الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - في حاشيته على الموضع الآتي من "تفسير الطبري". وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 574) للمصنِّف وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم. وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 498 رقم 9856) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 151 / ب) . كلاهما من طريق أبي معاوية، به مثله سواء. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (12 / 212 - 213 رقم 12577) من طريق وكيع، عن الأعمش، به مثله. وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا (12 / 214 - 215 رقم 12585) من طريق حفص بن غياث، عن الأعمش، به بلفظ: أمراء السرايا. [653] سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف من هذا الطريق؛ لأن الأعمش يدلس لا سيما عن مجاهد كما سبق بيانه في الحديث رقم [3] ، ولم يصرح بالسماع هنا، وهو صحيح عن مجاهد من غير طريق الأعمش كما سيأتي. وقد عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 575) للمصنِّف وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (8 / 500 رقم 9863) . وأبو نعيم في "الحلية" (3 / 292) . أما ابن جرير فمن طريق جابر بن نوح، وأما أبو نعيم فمن طريق جرير بن عبد الحميد، كلاهما عن الأعمش، به، ولفظ أبي نعيم مثل لفظ المصنف، وأما ابن جرير فلفظه: أولي الفقه منكم. وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 166) فقال: أخبرنا الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عن مجاهد - في قوله: {وأولي الأمر منكم} - قال: هم أهل الفقه والعلم. وسنده صحيح، فرواية ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ تقدم في الحديث [184] أنها صحيحة. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (8 / 501 رقم 9872) . وأخرجه ابن شيبة في "المصنف" (12 / 213 رقم 12580) . وابن جرير في "تفسيره" برقم (9874) . وأبو نعيم في "الحلية" (3 / 293) . ثلاثتهم من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عليَّة، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد - في قوله: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمر منكم} -، قال: كان مجاهد يقول: أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، وربما قال: أولوا العقل والفقه في دين الله. وسنده صحيح أيضًا. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (9866) من طريق شبل، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد: {وأولي الأمر منكم} ، قال: أولي الفقه في الدين والعقل. والحديث في "تفسير مجاهد" (ص162 - 163) من رواية ورقاء، عن ابن أبي نجيح، بمثل اللفظ السابق. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (9868) من طريق حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مجاهد، به بلفظ: أهل العلم. =

654- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا مَنْصُورٌ (1) ، عَنِ الْحَسَنِ (2) . 655- وَأَبْنَا (3) عَبْدُ الْمَلِكِ (4) ، عَنْ عَطَاءٍ (5) ، قالا (6) : أولي الفقه والعلم.

_ = وسيأتي برقم [656] من طريق اللَّيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ مجاهد. (1) هو ابن زَاذَان. (2) أي البصري، بلفظ: أولي الفقه والعلم، كما سيأتي مقرونًا برواية عطاء في الحديث بعده. [654] سنده صحيح. وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 166) من طريق شيخه معمر، عن طريق الحسن - في قوله تعالى: {وأولي الأمر منكم} -، قال: هم العلماء. (3) القائل: ((وأبنا)) هو هُشيم بن بشير كما في الحديث السابق. (4) هو ابن أبي سليمان. (5) عطاء الذي يروي عنه عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ هو ابن أبي رباح، لكن يشكل عليه ما سيأتي في إحدى روايات ابن جرير الطبري من التصريح بأنه ابن السائب، ولم أجد من نصّ على أن عبد الملك من الرواة عن ابن السائب كما يتضح من "تهذيب الكمال" المخطوط (2 / 854 و 935) ، لكن سماعه منه محتمل جدًّا، فكلاهما كوفي، وقد تعاصرا فترة طويلة، فوفاة عطاء بن السائب ما بين سنة ثلاث وسبع وثلاثين ومائة كما في "التهذيب" (7 / 206) ، ووفاة عبد الملك سنة خمس وأربعين ومائة كما في "التهذيب" (6 / 397 - 398) . (6) أي عطاء هنا والحسن البصري كما في الحديث السابق. [655] سنده صحيح. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 500 رقم 9869) فقال: حدثني =

656- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا، عَنْ لَيْثٍ (1) ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: أُولِي الْفِقْهِ وَالْعِلْمِ، {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلى الله والرسول} قال: إلى كتاب الله، {وإلى الرسول} قَالَ: إِلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَرَأَ: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الذين يستنبطونه منهم} (2) .

_ = يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا عبد الملك، عن عطاء بن السائب - في قوله: {أطيعوا الله وأطيعو الرسول وأولي الأمر منكم} -، قال: أولي العلم والفقه. كذا قال يعقوب: ((عطاء بن السائب)) ، ويعقوب هذا هو ابن إبراهيم الدَّوْرَقي، تقدم في الحديث [390] أنه ثقة من الحفاظ. ثم أخرجه ابن جرير أيضًا برقم (9870) من طريق عمرو بن عون، حدثنا هشيم، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ: {وأولي الأمر منكم} ، قال: الفقهاء والعلماء. كذا رواه عمرو بن عون، عن هشيم، مثل رواية سعيد بن منصور، لم ينسبا عطاء. (1) هو ابن أبي سُليم تقدم في الحديث [9] أنه صدوق اختلط جدًّا، فلم يتميز حديثه فُترك. (2) الآية (83) من سورة النساء. [656] سنده ضعيف بهذا السياق لضعف الليث، وقوله: ((أولي الفقه والعلم)) ، تقدم في الحديث [653] أنه صحيح عن مجاهد. والحديث بهذا السياق عزاه السيوطي في "الدر" (2 / 579) إلى المصنِّف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم. وأخرجه الهروي في "ذم الكلام" (1 / ل 52 / أ) من طريق المصنِّف سعيد بن منصور، مقرونًا برواية سفيان الثوري الآتية. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = فقد أخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص96 رقم 222) عن شيخه لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنِ مجاهد - في قوله الله عز وجل: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلى الله والرسول} -، قال: كتاب الله، وسنة رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -. ومن طريق الثوري أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 167) . ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 505 رقم 9881) . وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (9880) . وأبو نعيم في "الحلية" (3 / 293 - 294) . أما ابن جرير فمن طريق ابن المبارك، وأما أبو نعيم فمن طريق وكيع، كلاهما عن سفيان الثوري، به. وأخرجه ابن جرير أيضًا (8 / 500 و 504 و 505 رقم 9864 و 9879) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 152 / أوب) . كلاهما من طريق عبد الله بن إدريس، عن الليث بن أبي سليم، به نحوه، إلا أنهما فرّقاه، ولم يذكر ابن أبي حاتم: ثم قرأ ... الخ. وأخرجه الهروي في "ذم الكلام" (1 / ل 52 / أ) ، من طريق سعيد بن منصور عن إسماعيل بن زكريا، ومن طريق قبيصة عن سفيان الثوري، كلاهما - أي إسماعيل وسفيان - عن ليث، عن مجاهد: {فردوه إلى الله والرسول} : إلى كتاب الله وسنة رسوله، زاد إسماعيل: ثم قرأ: {ولو ردّوه ... } الآية. ثم أخرجه الهروي في نفس الموضع من طريق أبي بكر النخعي - جار لحفص بن غياث -، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قوله ... ، فذكره، وزاد: وأولوا العلم: هم العلماء وأهل الفقه.

657- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ الحَكَم بْنِ أبَان (1) ، قَالَ: سُئِلَ عِكْرِمَةُ، عَنْ أمَّهات الْأَوْلَادِ، [ل126/ب] فَقَالَ: هُنَّ أَحْرَارٌ، قِيلَ لَهُ بِأَيِّ شَيْءٍ تَقُولُهُ؟ قَالَ: بِالْقُرْآنِ، قَالُوا: بِمَاذَا مِنَ الْقُرْآنِ؟ قَالَ: قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {أَطِيعُوا (2) اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ منكم} ، وَكَانَ عُمَرُ مِنْ أُولِي الْأَمْرِ قَالَ: أعْتِقَتْ وَإِنْ كَانَ سِقْطًا (3) .

_ (1) هو الحكم بن أبان العَدَني، أبو عيسى، ثقة عابد صاحب سُنّة، يروي عن طاوس وعكرمة وشهر بن حوشب وغيرهم، وعنه ابنه إبراهيم وسفيان بن عيينة وابن جريج وغيرهم، توفي سنة أربع وخمسين ومائة وله من العمر أربع وثمانون سنة، وهو وثقه وثقة ابن نمير وابن المديني والإمام أحمد وابن معين والنسائي والعجلي وزاد: ((صاحب سنّة، كان إذا هدأت العيون وقف في البحر إلى ركبته يذكر الله حتى يصبح، يذكر الله مع حيتان البحر ودوابّه)) ، وقال سفيان بن عيينة: ((أتيت عدن، فقلت: إما أن يكون القوم كلهم علماء، أو يكون كلهم جهلاء، فلم أر مثل الحكم بن أبان)) ، وقال ابن عيينة أيضًا: ((قدم علينا يوسف بن يعقوب - قاضٍ كان لأهل اليمن، وكان يُذكر منه صلاح -، فسألته عن الحكم بن أبان، فقال: ذاك سيد أهل اليمن؛ كان يصلي من الليل، فإذا غلبته عيناه نزل إلى البحر، فقام في الماء يسبِّح مع دوابّ البحر)) ، وقال أبو زرعة: ((صالح)) ، وذكره ابن خلفون وابن شاهين في الثقات. أهـ. من "تاريخ الثقات" للعجلي (ص126 رقم 312) ، و"الجرح والتعديل" (3 / 113 - 114 رقم 526) ، و"تاريخ أسماء الثقات" لابن شاهين (ص62 رقم 215) ، و"الكاشف" للذهبي (1 / 244 رقم 1181) ، و"التهذيب" (2 / 423 - 424 رقم 736) . قلت: وقد تكلم بعضهم في الحكم بن أبان، فقال ابن المبارك: ((الحكم بن أبان وأيوب بن سويد وحسام بن مِصَكّ، ارْمِ بهؤلاء)) ، وقال ابن خزيمة: ((تكلم أهل المعرفة بالحديث في الاحتجاج بخبره)) ، وقال ابن عدي: ((الحكم بن أبان فيه =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ضعف. وكل هذا جرح مجمل غير مفسّر، وهو معارض بتوثيق مَنْ سبق من الأئمة، وقد يُحمل على الراوي عنه، فإن ابن حبان ذكره في "الثقات" (6 / 185 - 186) ، وقال: ((ربما أخطأ، وإنما وقع المناكير في روايته من رواية ابنه إبراهيم بن الحكم عنه، وإبراهيم ضعيف)) . اهـ. (2) في الأصل: ((وأطيعوا)) . (3) السِّقْطُ: هو الولد الذي سقط من بطن أمه قبل تمامه، وهو بكسر السين وفتحها وضمّها، والكسر أكثر. "النهاية في غريب الحديث" (2 / 378) . [657] سنده صحيح إلى عكرمة، وقد صححه البيهقي في "سننه" (10 / 347) ، وأما ما ذكره عكرمة عن عمر - رضي الله عنه - فضعيف من هذا الطريق؛ لأن عكرمة لم يسمع من عمر - رضي الله عنه -، فوفاة عمر كانت سنة ثلاث وعشرين للهجرة كما في "التهذيب" (7 / 441) . وأما عكرمة فتقدم في ترجمته في الحديث [115] أن وفاته كانت سنة أربع ومائة، وقيل سنة ست ومائة، وقيل: سنة سبع ومائة، فالفرق بين وفاتيهما أكثر من ثمانين سنة، لكن صح قول عمر هذا عنه كما سيأتي في الحديث بعده. والحديث عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 576) للمصنِّف وحده. ومن طريق المصنف أخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 346) في عتق أمهات الأولاد باب الرجل يطأ أمته بالملك فتلد له، ولفظه مثل لفظ المصنف هنا سواء، إلا أن سفيان بن عيينة عنده صرح بالتحديث من الحكم بن أبان، ووقع عنده: ((قالوا له)) بدل: ((قيل له)) ، و: ((عتقت)) ، بدل: ((أعتقت)) . وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (7 / 295 رقم 13243) عن معمر، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، أن عمر بن الخطاب قال: الأمة يعتقها ولدها وإن كان سقطًا. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (8 / 502 رقم 9875) من طريق حفص بن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = عمر العدني، قال: حدثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمر منكم} ، قال: أبو بكر وعمر. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (7 / 296 رقم 13244) . وابن أبي شيبة في "المصنف" (6 / 406 رقم 1519) . وعلي بن الجعد في "مسنده" (2 / 735 - 736 رقم 1824) . ومن طريقه البيهقي في الموضع السابق من "سننه". ثلاثتهم من طريق سفيان الثوري، عن أبيه سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، به نحو لفظ معمر السابق، عدا لفظ عبد الرزاق فإنه مثله. وأخرجه المصنف سعيد بن منصور في المطبوع من "سننه" (2 / 64 رقم 2051) في كتاب الطلاق، باب ما جاء في أمهات الأولاد، من طريق أبي عوانة عن سعيد بن مسروق، به نحو لفظ معمر السابق. وكذا أخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 348) في عتق أمهات الأولاد، باب الولد الذي تكون به أم ولد، من طريق شريك، عن سعيد بن مسروق. وأخرجه المصنِّف سعيد بن منصور في الموضع السابق برقم (2050) من طريق شيخه هشيم، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قال: أعتق عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عنه - أمهات الأولاد وأمهات الأسقاط. كذا رواه الحكم بن أبان وسعيد بن مسروق وأبو إسحاق، عن عكرمة، عن عمر مرسلاً. وخالفهم خصيف بن عبد الرحمن، فرواه عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: قال عمر: ما من رجل كان يقرّ بأنه كان يطأ جاريته ثم يموت، إلا أعتقها إذا ولدت وإن كان سقطًا. أخرجه المصنف سعيد بن منصور في الموضع السابق برقم (2052) عن شيخه عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ خُصَيْفٍ. وأخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 346) من طريق عبد الواحد بن زياد، عن خصيف. =

658- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانَةَ (1) ، عَنْ مُغِيرة (2) ، عَنِ الشَّعْبي، عَنْ عَبِيْدَةَ (3) ، قَالَ: خَطَب عليٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ النَّاسَ، فَقَالَ: شَاوَرَني عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الأُمَّهَات، فَرَأَيْتُ أَنَا وَعُمَرُ أَنْ أعْتِقَهُنَّ، فَقَضَى بِهِ عُمَرُ حَيَاتَهُ، وَعُثْمَانُ حَيَاتَهُ، فَلَمَّا وَلِيْتُ رَأَيْتُ أَنْ أرِقَّهُنَّ. قَالَ عَبِيْدَةُ: فَرَأْيُ عُمَرَ وَعَلِيٍّ فِي الْجَمَاعَةِ أحَبّ إليَّ مِنْ رَأْيِ عليٍّ وحده.

_ = وخصيف تقدم في الحديث [204] أنه صدوق سيء الحفظ، فالحديث ضعيف من طريقه، وانظر الحديث الآتي. (1) هو وضّاح بن عبد الله. (2) هو ابن مِقْسَم، تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه يدلِّس، ولم يصرح هنا بالسماع. (3) هو السَّلْماني. [658] سنده ضعيف؛ لأن مغيرة مدلس ولم يصرح بالسماع، لكنه توبع كما سيأتي، فهو صحيح لغيره. والحديث أعاده المصنِّف هنا، وكان قد رواه في كتاب الطلاق من "سننه" المطبوع (2 / 63 رقم 2047) ، باب ما جاء في أمهات الأولاد، بمثل لفظه هنا، إلا أنه لم يذكر قوله: ((رضي الله عنه)) ، وقال: ((عن أمهات الأولاد)) ، بدل قوله: ((في الأمهات)) ، وقال: ((فقضى بها عمر حياته)) . وأخرجه المصنف أيضًا برقم (2046) من طريق هشيم، أنا مغيرة ... ، فذكره بنحوه، وفي آخره قال: ((فرأي عمر وعلي في جماعة أمثل من رأي علي وحده في الفرقة)) . وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (6 / 436 - 347 رقم 1631) . والبيهقي في "سننه" (10 / 343) في عتق أمهات الأولاد، باب الرجل يطأ أمته =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = بالملك فتلد له. أما ابن أبي شيبة فمن طريق أبي خالد الأحمر، وأما البيهقي فمن طريق محمد بن عبيد وهشيم بن بشير، ثلاثتهم عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عن الشعبي، به نحوه، إلا أن الشعبي روى بعضه عن عبيدة، وفي آخره قال: فحدثني ابن سيرين قال: قلت لعبيدة: ما ترى؟ قال: رأي عُمَرَ وَعَلِيٍّ فِي الْجَمَاعَةِ أَحَبُّ إلي من قول علي حين أدرك الخلاف. هذا سياق ابن أبي شيبة، ونحوه سياق البيهقي، وبه يتبين أن الشعبي لم يتلقَّ جميع الحديث من عبيدة، وإنما أخذ بعضه عن محمد بن سيرين، وقد روي الحديث عن ابن سيرين من غير طريق الشعبي. فأخرجه المصنف سعيد بن منصور في الموضع السابق برقم (2048) ، فقال: نا هشيم، أنا هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنِ ابْنِ سيرين، عن عبيدة، عن علي قال: اجتمع رأيي ورأي عمر في عتق أمهات الأولاد، فَلَمَّا وُلِّيتُ رَأَيْتُ أَنْ أَرِقَّهُنَّ. قَالَ عَبِيدَةُ: فَرَأْيُ عُمَرَ وَعَلِيٍّ فِي الْجَمَاعَةِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ رأي علي وحده في الفرقة. وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات تقدمت تراجمهم. وأخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 348) في عتق أمهات الأولاد، باب الخلاف في أمهات الأولاد، من طريق عبد الله بن بكر، عن هشام بن حسان، به نحو سابقه. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (7 / 291 رقم 13224) من طريق شيخه معمر، عن أيوب السختياني، عن ابن سيرين، به نحو سابقه، وفي آخره زاد: فضحك علي. وهذا إسناد صحيح أيضًا، رجاله ثقات تقدمت تراجمهم. وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 343) من طريق حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ السختياني، به. وعليه فالحديث بمجموع هذه الطرق صحيح لغيره، والله أعلم.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} ] 659- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ مِسْعَر، عَنْ مَعْن بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ (1) قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنَّ فِي النِّسَاءِ لَخَمْسُ آيَاتٍ مَا يَسُرُّني بِهِنَّ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ الْعُلَمَاءَ إِذَا مَرُّوا بِهَا يَعْرِفُونَهَا: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كريمًا} (2) ، وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لدنه أجرًا عظيمًا} (3) ، وَ {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دون ذلك لمن يشاء ... } (4) الْآيَةَ، {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} ، {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يجد الله غفورًا رحيمًا} (5) .

_ (1) تقدم في الحديث [150] أنه ثقة روى له الجماعة، لكنه لم يسمع من أبيه عبد الله بن مسعود سوى حديثين، وليس هذا الحديث منها. (2) الآية (21) من سورة النساء. (3) الآية (40) من سورة النساء. (4) الآية (48) من سورة النساء. (5) الآية (110) من سورة النساء. [659] سنده ضعيف للانقطاع بين عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود وأبيه، وهو حسن لغيره كما سياتي. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 498) وعزاه للمصنِّف وأبي عبيد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني والحاكم والبيهقي في "الشعب". وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (9 / 250 رقم 9069) . والبيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 361 رقم 2203) . كلاهما من طريق المصنِّف، ولفظ الطبراني مثله سواء، إلا أنه لم يذكر قوله: ((عز وجل)) ، و: ((الآية)) . وأما البيهقي، فإنه أخرجه من طريق الحاكم الآتي، ثم أخرجه من طريق المصنِّف سعيد بن منصور، حدثنا سفيان، عن مسعر، ثم قال البيهقي: ((فذكره بإسناده، قال: وقال عَبْدُ اللَّهِ: إِنَّ فِي النِّسَاءِ لَخَمْسُ آيَاتٍ مَا يَسُرُّنِي بِهِنَّ الدنيا وما فيها، لقد عَلِمْتُ أَنَّ الْعُلَمَاءَ إِذَا مَرُّوا بها يعرفونها، ثم ذكر هذه الآيات، وقال في آخره: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نفسه ... } الآية)) . اهـ. قال الهيثمي في "مجمع الزاوئد" (7 / 11 - 12) بعد أن عزاه للطبراني: ((رجاله رجال الصحيح)) . وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص210 رقم 532) من طريق حسان بن عبد الله، عن سفيان بن عيينة، عن مسعر، به نحوه. وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (2 / 305) من طريق محمد بن بشر العبدي، عن مسعر، به نحوه، ثم قال الحاكم: ((هذا إسناد صحيح إن كان عبد الرحمن سمع من أبيه، فقد اختُلف في ذلك)) ، وأقرّه الذهبي. ومن طريق الحاكم أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 360 - 361 رقم 2202) . وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 155 - 156) ، فقال: أنا معمر، عن رجل، عن ابن مسعود، قال: خمس آيات في سورة النساء لهن أحب إلى من الدنيا جميعًا ... ، ثم ذكر الآيات السابقة، إلا أنه ذكر قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الآية (152) من سورة النساء] ، بدل قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظلموا أنفسهم ... } الآية. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 256 - 257 رقم 9233) . والحكم على الحديث بهذا الإسناد متوقف على معرفة الراوي عن ابن مسعود، فقد يكون ابنه عبد الرحمن، وقد يكون غيره، فالله أعلم. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأخرجه هنَّاد في "الزهد" (2 / 454 - 455 رقم 903) ، فقال: حدثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عطاء البَزَّاز، عن بشير الأوْدي قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مسعود: أربع آيات فِي كِتَابِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - أحب إلي من حمر النعم وسودها، قالوا: وأين هن؟ قال: إذا مرّ بهن العلماء عرفوهن، قالوا له: في أي سورة؟ قال: في سورة النساء ... ، ثم ذكر الآيات السابقة، عدا قوله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عنه ... } الآية. وهذا إسناد ضعيف. بشير الأوْدي كوفي مجهول يروي عن ابن مسعود، روى عنه عطاء البزَّاز، ذكره البخاري في "تاريخه" (2 / 96 رقم 1816) وسكت عنه، وبيَّض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (2 / 380 رقم 1480) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (4 / 72) . والراوي عنه هو عطاء بن عطاء البَزَّاز مولى أبي عَوَانة اليَشْكُري، والد يزيد بن عطاء، يروي عن أنس بن مالك وبشير الأودي، روى عنه عبد الله بن عون وأبو إسحاق الشيباني، وهو مجهول الحال؛ ذكره البخاري في "تاريخه" (6 / 467 رقم 3006) وسكت عنه، وذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (6 / 339 رقم 1876) ونقل عن ابن معين أنه قال: ((ليس بشيء)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (5 / 205 - 206) ، وانظر "لسان الميزان" (4 / 174 رقم 438) . أقول: وقول ابن معين: ((ليس بشيء)) لا تفيد جرحًا في حق مثل هذا الراوي، بل مفادها: أنه قليل الحديث، ولم يسند من الحديث ما يشتغل به؛ قال الحافظ ابن حجر في ترجمة كثير بن شنظير في "تهذيب التهذيب" (8 / 419) : ((قال الحاكم: قول ابن معين فيه: ليس بشيء، هذا يقوله ابن معين إذا ذُكر له شيخ من الرواة يقل حديثه، ربما قال فيه: ليس بشيء، يعني: لم يسند من الحديث ما يشتغل به)) ، وقال في ترجمة عبد العزيز بن المختار في "هدي الساري" (ص420 - 421) : ((ذكر ابن القطان الفاسي أن مراد ابن معين بقوله في بعض الروايات: ليس بشيء، يعني أن أحاديثه قليلة جدًّا)) ، وانظر "التنكيل" للشيخ عبد الرحمن المعلمي - رحمه الله - (1 / 214) ، و"طليعة التنكيل" له (ص54 - 55) . وعليه فالحديث بهذا الطريق يكون حسنًا لغيره، والله أعلم.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} ] 660- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ (1) ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَلَمة - مِنْ وَلَدِ أمِّ سَلَمَةَ (2) -، قَالَ: خَاصَمَ رَجُلٌ الزُّبَيْر إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلزُّبَيْرِ، فَقَالَ: إِنَّمَا قَضَى لَهُ لِأَنَّهُ ابْنُ عَمَّته، فَنَزَلَتْ {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مما قضيت ويسلموا تسليمًا} .

_ (1) الذي قبل هذا الحديث في النسخة الخَطِّية هو الحديث الآتي برقم [686] ، وهو يتعلق بتفسير قوله تعالى: {ومن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ... } الآية، فَأَخَّرْتُهُ هناك مراعاة لترتيب الآيات. (2) تقدم في الحديث [552] أن اسمه: سلمة بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بن أبي سلمة، وأنه مقبول، وهو تابعي يروي عن جدِّه عمر بن أبي سلمة وجدة أبيه أم سلمة رضي الله عنهم. [660] سنده ضعيف من هذا الطريق لإرساله، وجهالة حال من أرسله وهو سلمة، وهو صحيح لغيره؛ لأن أصل الحديث مروي في الصحيحين كما سيأتي. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 584) ، وعزاه للمصنف والحميدي في "مسنده" وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني في "الكبير". وأخرجه الهروي في "ذم الكلام" (1 / ل 71 / أ) من طريق المصنِّف، مقرونًا برواية الحميدي الآتية. فقد أخرجه الحميدي في "مسنده" (1 / 143 - 144 رقم 300) ، فقال: ثنا سفيان، قال: ثنا عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَلَمَةَ - رَجُلٍ مِنْ وَلَدِ أُمِّ سلمة -، أن الزبير بن العوام خاصم رجلاً ... ، الحديث بنحوه هكذا مرسلاً، فوافق سعيد بن منصور على روايته مرسلاً. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = لكن راوه هارون بن عبدة وعبد الله بن عمير الرازي، كلاهما عن عبد الله بن الزبير الحميدي، به موصولاً هكذا: ((عَنْ سَلَمَةَ - رَجُلٍ مِنْ وَلَدِ أم سلمة -، عن أم سلمة ... )) . أما رواية هارون، فأخرجها محمد بن نصر في "تعظيم قدر الصلاة" (2 / 656 رقم 708) . وأما رواية عبد الله بن عمير، فأخرجها ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 522 - 523 رقم 9914) . فهذا اختلاف على الحميدي بين روايته للحديث في "المسند"، وبين هاتين الروايتين عنه؛ في وصل الحديث وإرساله. والراوي للمسند عن الحميدي هو بشر بن موسى بن صالح الأسدي، وهو محدِّث إمام ثبت كما في ترجمته في الحديث رقم [94] . وأما شيخ المروزي هارون بن عبدة، فلم أجد راويًا بهذا الاسم، لكن الذي يظهر - والله أعلم - أنه: هارون بن عبد الله بن مروان البغدادي، أبو موسى الحمَّال - بالمهملة -، البزَّاز، يروي عن سفيان بن عيينة وحسين بن علي الجُعْفي ويزيد بن هارون وعبد الله بن الزبير الحميدي وغيرهم، روى عنه الجماعة سوى البخاري وأبو حاتم وأبو زرعة وبقي بن مخلد وغيرهم، وهو ثقة؛ وثقه النسائي، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال إبراهيم الحربي وأبو حاتم: ((صدوق)) ، وقال المرُّوذي: قلت لأبي عبد الله - يعني أحمد بن حنبل -: أكتب عنه؟ قال: إي والله، وكانت وفاته سنة ثلاث وأربعين ومائتين وقد ناهز الثمانين. اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 92 رقم 382) ، و"التهذيب" (11 / 8 - 9 رقم 18) ، و"التقريب" (ص569 رقم 7235) . وأما شيخ الطبري: عبد الله بن عمير الرازي، فلم أجد له ترجمة، وكذا قال الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على الحديث. وعليه فالراجح هو ما جاء في "المسند"، لأن بشر بن موسى أثبت من الحمّال. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأخرجه ابن أبي عمر في "مسنده" كما في "المطالب العالية المسندة" (ل 138 / ب) ، فقال: حدثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عن رَجُلٍ مِنْ وَلَدِ أُمِّ سَلَمَةَ، قال: أظن أن أم سلمة رضي الله عنها قالت: إن الزبير رضي الله عنه اختصم هو ورجل إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، فقضى - صلى الله عليه وسلم - له، فَقَالَ: إِنَّمَا قَضَى لَهُ لِأَنَّهُ ابن عمته، وهمزه بفيه، فقال يهودي: انظروا إلى هذا يلمزه بفيه، لنحن أطوع منهم؛ أمرنا نبينا لنقتل (كذا!) أنفسنا، فقتلنا أنفسنا. اهـ.، وانظر "المطالب العالية" المطبوعة (3 / 319 - 320 رقم 3583) . ولم يتيقّن ابن أبي عمر في روايته من وصل الحديث أو إرساله، فرواه بالظن. وقد تابع المصنِّف والحميدي على روايته مرسلاً: أبو نعيم الفضل بن دكين، عن سفيان بن عيينة، به نحوه. أخرجه أبو بكر بن مردويه في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" (1 / 521) . وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (23 / 294 - 295 رقم 652) من طريق يعقوب بن حميد، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَلَمَةَ - رَجُلٍ مِنْ وَلَدِ أم سلمة-، عن أم سلمة، قالت: خاصم الزبير ... ، الحديث بنحوه هكذا موصولاً. لكن هذه الرواية لا يمكن الاعتماد عليها؛ فقد قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7 / 6) بعد أن عزاه للطبراني: ((فيه يعقوب بن حميد، وثقه ابن حبان، وضعفه غيره)) . وأخرجه الواحدي في "أسباب النزول" (ص157) من طريق حماد بن يحيى البَلْخي، عن سفيان بن عيينة، قال: حدثني عمرو بن دينار، عن أبي سلمة، عن أم سلمة ... ، فذكره هكذا موصولاً، وفيه تصحيف في اسم سلمة، ورواية سعيد بن منصور والحميدي وأبي نعيم الفضل بن دُكين أرجح من رواية من رواه موصولاً. وقد صح الحديث من وجه آخر. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = فأخرجه النسائي في "سننه" (8 / 238 - 239) في آداب القضاة، باب الرخصة للحاكم الأمين أن يحكم وهو غضبان. وابن الجارود في "المنتقى" (3 / 273 - 274 رقم 1021) . وابن جرير في "تفسيره" (8 / 519 - 520 رقم 9912) . والطحاوي في "مشكل الآثار" (1 / 261) . وابن أبي حاتم في "العلل" (1 / 395 رقم 1185) و (2 / 93 رقم 1774) . وابن منده في "الإيمان" (2 / 407 رقم 253) . جميعهم من طريق عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ يونس بن يزيد والليث بن سعد، عن ابن شهاب، أن عروة بن الزبير حدثه، أن عبد الله بن الزبير حدثه، عن الزبير بن العوام أنه خاصم رجلاً من الأنصار قد شهد بدرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -، في شِرَاج الحَرَّة كانا يسقيان به كلاهما النخل، فقال الأنصاري: سَرِّح الماء يمرّ عليه، فأبى عليه، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((أسِق يا زبير، ثم أرسل الماء إلى جارك)) ، فغضب الأنصاري، وقال: يا رسول الله، أنْ كان ابن عمتك؟ فتلوَّن وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -، ثم قال: ((يا زبير، أسْقِ، ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الْجَدْرِ)) ، فاستوفى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - للزبير حقّه، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - قبل ذلك أشار على الزبير برأي فيه السَّعَةُ له وللأنصاري، فلما أحْفَظَ رسولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - الأنصاريُّ، استوفى للزبير حقَّه في صريح الحكم. قال الزبير: لا أحسب هذه الآية أُنزلت إلا في ذلك {فَلَا وربِّك لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يحكِّموك فيما شجر بينهم} . [قال ابن وهب] : وأحدهما - يعني يونس والليث - يزيد على صاحبه في القصة. أهـ. واللفظ للنسائي. والحَرَّةُ: أرض بظاهر المدينة بها حجارة سود كثيرة. "النهاية في غريب الحديث" (1 / 365) . والشِّرَاجُ: جَمْعُ شَرْجَةٍ، وهي مَسِيلُ الماء من الحَرَّة إلى السهل. "النهاية في غريب الحديث" (2 / 456) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ومعنى قوله: ((أحْفَظَ)) ، أي: أغضب. المرجع السابق (1 / 408) . قال أبو محمد بن أبي حاتم بعد أن أخرج الحديث: ((فسمعت أبي يقول: أخطأ ابن وهب في هذا الحديث؛ الليث لا يقول: عن الزبير. قال أبو محمد: إنما يقول الليث: عن الزهري، عن عروة، أن عبد الله بن الزبير حدثه، أن رجلاً من الأنصار خاصم الزبير)) . اهـ. وعزاه الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (5 / 35) للإسماعيلي أيضًا، ثم قال: ((وكأن ابن وهب حمل رواية الليث على رواية يونس، وإلا فرواية الليث ليس فيها ذكر الزبير، والله أعلم)) . اهـ، وانظر "العلل" للدارقطني (4 / 227 - 228) . وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 4 - 5) . وعبد بن حميد في "مسنده" (ص185 رقم 519 / المنتخب) . والبخاري في "صحيحه" (5 / 34 رقم 2359 و 2360) في المساقاة، باب سَكْرِ الأنهار. ومسلم في "صحيحه" (4 / 1829 - 1830 رقم 129) في الفضائل، باب وجوب اتباعه - صلى الله عليه وسلم -. وأبو داود في "سننه" (4 / 51 - 52 رقم 3637) في الأقضية، باب: أبواب من القضاء. والترمذي (4 / 599 - 600 رقم 1374) في الأحكام، باب ما جاء في الرجلين يكون أحدهما أسفل من الآخر في الماء، و (8 / 381 رقم 5017) في تفسير سورة النساء من كتاب التفسير. وابن ماجه في "سننه" (1 / 7 رقم 15) في المقدمة، باب تعظيم حديث رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - والتغليظ على من عارضه، و (2 / 829 رقم 2480) في الرهون، باب الشرب من الأودية ومقدار حبس الماء. والبزار في "مسنده" (3 / 184 رقم 969) . ومحمد بن نصر في "تعظيم قدر الصلاة" (2 / 654 - 655 رقم 706) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = والنسائي في "سننه" (8 / 245) في آداب القضاة، باب إشارة الحاكم بالرفق. وفي "التفسير" (1 / 391 رقم 130) . والطحاوي في "مشكل الآثار" (1 / 261 - 262) . وابن حبان في "صحيحه" (1 / 203 - 204 رقم 24 / الإحسان) . وأبو الشيخ في "أخلاق النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -" (ص41 - 42) . وابن منده في "الإيمان" (2 / 406 رقم 252) . والبيهقي في "سننه" (6 / 153) في إحياء الموات، باب ترتيب سقي الزرع والأشجار من الأودية المباحة، و (10 / 106) في آداب القاضي، باب القاضي يقضي في حال غضبه فوافق الحق. جميعهم من طريق الليث بن سعد وحده، عن ابن شهاب الزهري، عن عروة، عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أنه حدّثه، أن رجلاً من الأنصار خاصم الزبير ... ، الحديث بنحو سابقه، إلا أنه لم يذكر قوله: ((فاستوفى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - للزبير حقّه ... )) إلى قوله: ((صريح الحكم)) ، وليس في آخره ذكر لقول ابن وهب؛ لأن الحديث من غير طريقه. وأخرجه عبد بن حميد في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 154 / ب) . والبخاري في "صحيحه" (5 / 38 رقم 2361) في المساقاة، باب شرب الأعلى قبل الأسفل، و (8 / 254 رقم 4585) في تفسير سورة النساء من كتاب التفسير، باب: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يحكموك فيما شجر بينهم} . ومحمد بن نصر في "تعظيم قدر الصلاة" (2 / 653 رقم 705) . والطحاوي في "مشكل الآثار" (1 / 262) . وابن منده في "الإيمان" (2 / 408 رقم 254) . والبيهقي في "سننه" (6 / 153 - 154) . جميعهم من طريق معمر، عن الزهري، عن عروة بن الزبير قال: خاصم الزبير =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = رجلاً، الحديث بنحو سياق ابن وهب له فيما سبق، هكذا مرسلاً ليس فيه ذكر لعبد الله بن الزبير، ولا الزبير، وقد سقط اسم معمر من المطبوع من "مشكل الآثار". وكذا رواه ابن جريج، عن ابن شهاب الزهري، بنحوه وزاد: فقال لي ابن شهاب: فقدَّرت الأنصار والناس قول النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((اسق ثم احبس حتى يرجع إلى الجَدْر)) ، وكان ذلك إلى الكعبين. أخرجه البخاري في "صحيحه" (5 / 39 رقم 2362) في المساقاة، باب شرب الأعلى إلى الكعبين. والبيهقي في "سننه" (6 / 154) و (10 / 106) . وقد جاء من رواية عروة عن الزبير. أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 165 - 166) . والبخاري في "صحيحه" (5 / 309 - 310 رقم 2708) في الصلح، باب إذا أشار الإمام بالصُّلح فأبى، حَكَم عليه بالحكم البيِّن. ومحمد بن نصر في "تعظيم قدر الصلاة" (2 / 655 رقم 707) . ثلاثتهم من طريق شعيب، عن الزهري، قال: أخبرني عروة بن الزبير، أن الزبير كان يحدِّث أنه خاصم رجلاً من الأنصار ... ، الحديث بنحو سياق ابن وهب السابق. وقد رجّح الدارقطني في "العلل" (4 / 228 - 229) رواية شعيب هذه ومن وافقه، فقال: ((ورواه شعيب بن أبي حمزة ومحمد بن أبي عتيق وابن جريج ومعمر وعمر بن سعيد، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ الزبير، ولم يذكروا فيه عبد الله بن الزبير، وكذلك قال شبيب بن سعيد، عن يونس، وتابعه أحمد بن صالح وحرملة عن ابن وهب، وعن يونس، وهو المحفوظ عن الزهري، والله أعلم)) . اهـ. قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (5 / 35) : ((وإنما صححه البخاري مع هذا =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ} إِلَى قَوْلِهِ: {وَكَفَى بِاللهِ عَلِيمًا} ] . 661- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَلَف بْنُ خَلِيفَةَ (1) ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِب (2) ، عَنِ الشَّعْبي، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، (فَقَالَ) (3) : لأنْتَ أَحَبُّ إليَّ مِنْ نَفْسِي وَوَلَدِي وَأَهْلِي وَمَالِي، وَلَوْلَا أنِّي آتِيكَ فَأَرَاكَ، لَظَنَنْتُ أَنِّي سَأَمُوتُ، وَبَكَى الْأَنْصَارِيُّ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا ((أَبْكَاكَ؟)) ، فَقَالَ: ذَكَرَتُ أَنَّكَ سَتَمُوتُ وَنَمُوتُ، فَتُرْفَعُ مَعَ النَّبِيِّينَ، وَنَحْنُ إِذَا دَخَلْنَا الْجَنَّةَ كُنَّا دُوْنَكَ، فَلَمْ يُخْبِرْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَيْءٍ، فَأَنْزَلَ الله عز وجل على

_ = الاختلاف؛ اعتمادًا على صحة سماع عروة من أبيه، وعلى صحة سماع عبد الله بن الزبير من النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فكيفما دار فهو على ثقة، ثم الحديث ورد في شيء يتعلق بالزبير، فداعية ولده متوفرة على ضبطه، وقد وافقه مسلم على تصحيح طريق الليث التي ليس فيها ذكر الزبير)) . اهـ. وللحديث طريقان آخران عن الزهري. فأخرجه يحيى بن آدم في "كتاب الخراج" (ص106 - 107 رقم 337) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 521 - 522 رقم 9913) . كلاهما من طريق عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ الزهري، عن عروة قال: خاصم الزبير رجل من الأنصار ... ، الحديث بنحو لفظ الليث بن سعد وحده. وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (3 / 364) من طريق محمد بن عبد الله بن مسلم الزهري، عن عمه الزهري، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عبد الله بن الزبير، عن الزبير بن العوام، قال: استعدى عليَّ رجل من الأنصار ... ، الحديث بنحو سابقه. (1) تقدم في الحديث [76] أنه صدوق اختلط في الآخر. (2) تقدم في الحديث [6] أنه ثقة، إلا أنه اختلط في آخر عمره، وليس خلف بن خليفة ممن سمع منه قبل الاختلاط. (3) في الأصل: ((فقالت)) . =

= رَسُولِهِ: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ} إلى قوله {عليمًا} ، فقال: ((أبشر)) .

_ [661] سنده ضعيف لاختلاط عطاء بن السائب، ومن اختلاطه أنه يرويه مرة عن الشعبي مرسلاً، ومرة عنه عن ابن عباس كما سيأتي، وأما خلف بن خليفة فإنه قد توبع، وللحديث طرق لا ينجبر ضعفه بها كما سيأتي، غير أن معناه صحيح، لكن دون ذكر القصة كما سيأتي أيضًا. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 588) مرسلاً، وعزاه للمصنِّف وابن المنذر. وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" (1 / 523) من طريق جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ عطاء، عن الشعبي، مرسلاً، ولم أجده في المطبوع من "تفسير ابن جرير". وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (12 / 86 - 87 رقم 12559) من طريق خالد بن عبد الله الطحّان، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ الشعبي، عن ابن عباس، به بنحوه، ولفظ المصنِّف أتمّ. وفي هذا مخالفة من خالد بن عبد الله لما رواه خلف بن خليفة وجرير بن عبد الحميد عن عطاء، والاختلاف من عطاء ولاشك؛ فإن جرير بن عبد الحميد وخالدًا ممن روى عن عطاء بعد اختلاطه. انظر "تهذيب التهذيب" (7 / 207) ، و"الكواكب النيرات" (ص327) . وأما خلف بن خليفة فلم يذكر فيمن روى عنه قبل الاختلاط، وهو مختلط في نفسه. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7 / 7) بعد أن عزاه للطبراني: ((وفيه عطاء بن السائب وقد اختلط)) . ومن طريق الطبراني أخرجه ابن مردويه في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" (1 / 523) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وقال الطبراني في "المعجم الأوسط" (1 / 269 رقم 480) و"الصغير" (1 / 26) : حدثنا: أحمد بن عمرو الخلاّل المكّي أبو عبد الله، قال: حدثنا عبد الله بن عمران العابدي، قال: حدثنا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عن الأسود، عن عائشة قالت: جاء رجل إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - فقال: يا رسول الله، والله إنك لأحبُّ إليّ من نفسي، وإنك لأحب إليّ من أهلي، وأحب إليّ من ولدي، وإني لأكون في البيت فأذكرك فما أصبر حتى آتيك فأنظر إليك، وإذا ذكرت موتي وموتك عرفت أنك إذا دخلتَ الجنة رُفعت مع النبيين، وأني إذا دخلت الجنة خشيت أن لا أراك، فلم يردّ عليه النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى نزل جبريل بهذه الآية: {وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ ... } الآية. قال الهيثمي في الموضع السابق من "المجمع": ((رواه الطبراني في "الصغير" و"الأوسط"، ورجاله رجال الصحيح، غير عبد الله بن عمران العابدي، وهو ثقة)) . ومن طريق الطبراني أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (4 / 239 - 240) . والحافظ أبو عبد الله الضياء المقدسي في "صفة الجنة" كما في "تفسير ابن كثير" (1 / 523) . ومن طريق أبي نعيم أخرجه الواحدي في "أسباب النزول" (ص159) . قال أبو نعيم: ((هذا حديث غريب من حديث منصور وإبراهيم، تفرد به فضيل، وعنه العابدي)) . وقال المقدسي: ((لا أرى بإسناده بأسًا)) . وأخرجه ابن مردويه في "تفسيره" كما في الموضع السابق من "تفسير ابن كثير"، فقال: حدثنا عبد الرحيم بن محمد بن مسلم، حدثنا إسماعيل بن أحمد بن أسيد، حدثنا عبد الله بن عمران ... ، فذكره بنحو سياق الطبراني. وفي إسناده الطبراني الراوي للحديث عن عبد الله بن عمران وهو شيخ الطبراني: أبو عبد الله أحمد بن عمرو الخلاّل المكّي، ولم أجد له ترجمة. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وتابعه عند ابن مردويه: إسماعيل بن أحمد بن أسيد، لكني لم أجد له ترجمة أيضًا، وكذا شيخ ابن مردويه عبد الرحيم بن محمد بن سليم. وأما عبد الله بن عمران بن رَزين - بفتح الراء وكسر الزاي - ابن وهب المخزومي، العابدي - بالموحّدة -، أبو القاسم المكّي، فإنه صدوق معمّر، مات سنة خمس وأربعين ومائتين وكان قد أتى عليه أكثر من مائة سنة، وروى عن إبراهيم بن سعد وسفيان بن عيينة وفضيل بن عياض وغيرهم، روى عنه الترمذي وابن خراش وابن أبي الدنيا وأحمد بن عمرو الخلاّل، وروى عنه أبو حاتم وقال عنه: ((صدوق)) ، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ((يخطئ ويخالف)) . انظر "الجرح والتعديل" (5 / 130 رقم 603) ، و"التهذيب" (5 / 342 - 343 رقم 591) . أقول: والراجح من حاله أنه صدوق كما في "التقريب" (ص316 رقم 3510) ، وهو قول أبي حاتم الرازي الذي هو أعرف به من ابن حبان المعروف بتشدده في الجرح. وأما باقي رجال الإسناد فإنهم ثقات، تقدمت تراجمهم، وهم الأسود بن يزيد، ومنصور بن المعتمر، وفضيل بن عياض. وقال ابن أبي شيبة في "المصنف" (11 / 501 رقم 11823) : حدثنا معاوية بن عمرو قال: ثنا زائدة بن قدامة، عن منصور، عن مسلم، عن مسروق قال: قال أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - أو من شاء الله منهم: يا رسول الله، ما ينبغي لنا أن نفارقك في الدنيا، فإنك لو مت رُفعت فوقنا فلم نرك، فأنزل الله: {وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} . وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 534 رقم 9925) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 156 / أ) . كلاهما من طريق جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ منصور، به نحوه. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأخرجه الواحدي في "أسباب النزول" (ص158) من طريق عُبيدة، عن منصور، به نحوه. وبه يتضح أن مدار الحديث على منصور بن المعتمر، يرويه عن أبي الضحى مسلم بن صبيح، عن مسروق، وجيمع هؤلاء ثقات، لكن مسروقًا تابعي مخضرم، فالحديث ضعيف لإرساله، ولا ينجبر ضعفه - فيما أرى - بما مضى من طرقه؛ لأن الأول فيه عطاء بن السائب وقد اختلف عليه فيه، وفي الثاني من لم أجد له ترجمة، ويغني عنه ما ذكره الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (1 / 523) عقب ذكره لهذا الحديث وأحاديث أخرى، حيث قال: ((وأعظم من هذا كله بشارةً: ما ثبت في الصحيح والمسانيد وغيرهما من طرق متواترة عن جماعة من الصحابة أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - سئل عن الرجل يحب القوم ولمّا يلحق بهم، فقال: ((المرء مع من أحب)) ، قال أنس: فما فرح المسلمون فرحهم بهذا الحديث، وفي رواية عن أنس أنه قال: إني لأحب رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، وأحب أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، وأرجو أن يبعثني الله معهم وإن لم أعمل كعملهم. قال الإمام مالك بن أنس: عن صفوان بن سليم، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -: ((إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما تراءون الكوكب الدُّرِّيَّ الغابر في الأفق من المشرق أو المغرب؛ لتفاضل ما بينهم)) ، قالوا: يا رسول الله: تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم، قال: ((بلى والذي نفسي بيده: رجال آمنوا بالله وصدَّقوا المرسلين)) ، أخرجاه في الصحيحين من حديث مالك، واللفظ لمسلم. اهـ. كلام الحافظ ابن كثير - رحمه الله -. وحديث أنس المشار إليه أخرجه البخاري في "صحيحه" (7 / 42 رقم 3688) في مناقب عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عنه - من كتاب فضائل الصحابة. ومسلم في "صحيحه" (4 / 2032 - 2033 رقم 163) في كتاب البر والصلة والآداب، باب المرء مع من أحب. وأما حديث أبي سعيد الخدري فأخرجه البخاري في "صحيحه" (6 / 320 =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللهِ شَهِيدًا} ] 662- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ (1) - فِي قَوْلِهِ: {ما أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} - قَالَ: بِذَنْبِكَ، وإِنَّا قَدَّرْناها عَلَيْكَ.

_ = رقم 3256) في بدء الخلق، باب ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة. ومسلم في "صحيحه" (4 / 2177 رقم 11) في كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب ترائي أهل الجنة أهل الغرف كما يُرى الكوكب في السماء. (1) هو ذكوان السَّمَّان. [662] سنده صحيح. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 597) للمصنِّف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم. وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (8 / 559 رقم 9976) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 161 / أ) . واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" (3 / 554 رقم 978) . ثلاثتهم من طريق سفيان بن عيينة، به بلفظ: بذنبك وأنا قدرتها عليك. وأخرجه عبد الله بن الإمام أحمد في "السنة" (2 / 426 - 427 رقم 940) عن أبيه، عن وكيع ومحمد بن بشر، كلاهما عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، به مثل سابقه، ولم يذكر قوله: ((بذنبك)) . وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (9977 و 9978) من طريق سفيان الثوري ومحمد بن بشر، كلاهما عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، به بلفظ: وأنا الذي قدرتها عليك.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: { [فَمَا لَكُمْ فِي المُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا} ] 663- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ (1) ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنِ ابْنِ (سَعْدِ) (2) بْنِ مُعَاذٍ (3) ، قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ فَقَالَ: ((مَنْ لِي مِمَّنْ يُؤْذِينِي وَيَجْمَعُ فِي بَيْتِهِ مَنْ يُؤْذِينِي؟)) فَقَالَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ: إِنْ كَانَ مِنَ الأوْس قَتَلْنَاهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنَ الخَزْرَج أَمَرْتَنَا فَأَطَعْنَاكَ، فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، فَقَالَ: مَا بِكَ يَا ابْنَ مُعَاذٍ طَاعَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ل217/أ] ، ولقد تكلَّمت ما هو

_ (1) هو الدَّرَاوَرْدي. (2) في الأصل: ((سعاد)) ، والتصويب من الموضع الآتي من "الدر المنثور" و"تفسير ابن أبي حاتم". (3) في الموضع الآتي من "تفسير ابن أبي حاتم": ((ابنٍ لسعد بن معاذ)) . ولسعد بن معاذ - رضي الله عنه - ابنان هما: عبد الله وعمرو؛ كما في "سير أعلام النبلاء" (1 / 297) ، وهما صحابيان؛ لأن سعدًا - رضي الله عنه - توفي سنة خمس من الهجرة، وذلك أنه رمي بسهم يوم الخندق، فعاش بعد ذلك شهرًا، ثم انتقض جرحه فمات؛ كما في "الإصابة" (3 / 84) . وقد ذكر الحافظ ابن حجر عبدَ الله وعَمْرًا ابني سعد بن معاذ في القسم الأول من "الإصابة" (4 / 112 و 635 - 636) ، وقال في ترجمة عمرو: ((وسعد مات بعد أن حكم في بني قريظة سنة أربع أو خمس، قبل موت النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بخمس سنين أو ست، ومهما كان سنّ عمرو عند موت أبيه، فهو زيادة على ذلك، فلذلك ذكرته في هذا القسم، والله أعلم)) . اهـ. ولم أجد من نصّ على أن زيد بن أسلم روى عن أحد من أبناء سعد بن معاذ، =

= مِنْكَ (4) ، فَقَامَ أسَيْد بْنُ حُضَيْر فَقَالَ: إِنَّكَ يَا ابْنَ عُبَادَةَ مُنَافِقٌ وَتُحِبُّ الْمُنَافِقِينَ، فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، فَقَالَ: اسْكُتُوا أَيُّهَا النَّاسُ، فَإِنَّ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ يَأْمُرُنَا فَنُنَفِّذُ أَمْرَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كسبوا} .

_ = ولم يصرح زيد هنا بالسماع، فيبقى الشك في كونه سمع الحديث من ابن سعد أو لا؟ (4) كذا في الأصل! وفي "الدر المنثور" و"تفسير ابن أبي حاتم": ((ولكن عرفت ما هو منك)) . [663] سنده فيه زيد بن أسلم ولم يتضح هل سمع من ابن سعد بن معاذ أَوْلا؟ وزيد معروف بالإرسال كما في ترجمته في الحديث [398] ، ومع ذلك فقد يكون ابن سعد من صغار الصحابة الذين رواياتهم عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - مرسلة، وقد استغرب الحافظ ابن كثير - رحمه الله - هذا الحديث في "تفسيره" (1 / 533) ؛ لأن القصة وردت في حادثة الإفك كما سيأتي، وليس فيها ذكر لنزول قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَا لَكُمْ فِي المنافقين ... } الآية. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 609) وعزاه للمصنِّف وابن المنذر وابن أبي حاتم. وقد أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 165 / أوب) من طريق يحيى بن الخصيب، عن الدراوردي، به نحوه. وصحّ الحديث من غير هذا الوجه. فقد أخرجه البخاري في "صحيحه" (8 / 452 - 455 رقم 4750) في تفسير سورة النور من كتاب التفسير، باب: {لولا إذا سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا ... } الآية. ومسلم في "صحيحه" (4 / 2129 - 2137 رقم 56) في التوبة، باب في حديث =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللهِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} ] 664- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا جَرِيرٌ (1) ، عَنْ مُغِيرة (2) ، عَنِ إِبْرَاهِيمَ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مؤمنًا إلا خطًأ

_ = الإفك وقبول توبة القاذف. كلاهما من طريق الزهري، عن عروة بن الزبير وسعيد بن المسيب وعلقمة بن وقّاص وعبيد اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عتبة بن مسعود، عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - في حادثة الإفك، وهو حديث طويل، وموضع الشاهد منه قولها رضي الله عنها: فقام رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - على المنبر، فاستعذر من عبد الله بن أُبيّ بن سلول، قالت: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - - وهو على المنبر -: ((يا معشر المسلمين، من يَعْذُرُني من رجل قد بلغ أذاه في بيتي، فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرًا، ولقد ذكروا رجلاً ما علمت عليه إلا خيرًا، وما كان يدخل على أهلي إلا معي؟)) . فقام سعد بن معاذ الأنصاري، فقال: أنا أعذرك منه يا رسول الله؛ إن كان من الأوْس ضَرَبْنا عنقه، وإن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك، قالت: فقام سعد بن عبادة - وهو سيِّد الخزرج، وكان رجلاً صالحًا، ولكن اجتهلته الحميّة -، فقال لسعد بن معاذ: كذبت لَعَمْرو الله، لا تقتله ولا تقدر على قتله، فقام أُسَيْد بن حضير - وهو ابن عمّ سعد بن معاذ -، فقال لسعد بن عبادة: كذبتَ لعمرو الله، لنقتلنَّه، فإنك منافق تجادل عن المنافقين، فثار الحيّان - الأوس والخزرج - حتى همُّوا أن يقتتلوا وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - قائم على المنبر، فلم يزل رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - يُخَفِّضُهم حتى سكتوا وسكت. اهـ. واللفظ لمسلم. (1) هو ابن عبد الحميد. (2) هو ابن مقسم، تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه يدلس لا سيّما =

= وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا} - قَالَ: هَذَا الْمُسْلِمُ الَّذِي وَرَثَتُهُ الْمُسْلِمُونَ، {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مؤمنة} ، قَالَ: هَذَا الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ وَقَوْمُهُ مُشْرِكُونَ، وَلَيْسَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقْد، {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فِدْيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} ، قَالَ: هَذَا الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ وَقَوْمُهُ مُشْرِكُونَ، وَبَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقْد، فَيُقْتَلُ، فَيَكُونُ مِيرَاثُهُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَتَكُونُ دِيَتُه لِقَوْمِهِ؛ لِأَنَّهُمْ يَعْقِلون عَنْهُ (3) .

_ = عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه، ولم يصرح بالسماع. (3) العَقْلُ: هو الدِّيَةُ، والعَاقِلَةُ: هي العَصَبَةُ والأقارب من قبل الأب الذين يُعْطُون دية قتيل الخطأ. "النهاية في غريب الحديث" (3 / 278) . [664] سنده ضعيف لأن مغيرة لم يصرح بالسماع بينه وبين إبراهيم. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 619) للمصنِّف وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر. والحديث أعاده المصنِّف هنا، وكان قد أخرجه في كتاب الجهاد في المطبوع من "سننه" (2 / 319 - 320 رقم 2828) باب الرجل من العدو يدخل دار الإسلام بالأمان ثم يقتل، ومن خرج يريد الإسلام، فقال: نا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عن المغيرة عن إبراهيم - في قوله: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} -، قال: هذا للمسلم الَّذِي وَرَثَتُهُ الْمُسْلِمُونَ، {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} قال: الرجل الذي يسلم ويكون قومه مشركون، =

665- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاش (1) ، عَنْ حَجَّاج (2) ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاح، وَابْنِ أَبِي نَجيح (3) ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَا - فِي قَوْلِهِ: {عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مؤمن} -، قَالَا: الرَّجُلُ يَكُونُ مِنَ الْعَدُوِّ، فَيُسْلِم، فَيُرِيدُ أَنْ يَأْتِيَ الْمُسْلِمِينَ، فَيُقْتَلَ خَطَأً، قَالَا: لَا دِيَةَ له، وعليه تحرير رقبة.

_ = ليس بينه وبين المسلمين عَقْدٌ،: {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} ، قَالَ: هَذَا الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ وَقَوْمُهُ مشركون، وبينهم وبين نبي الله عهد فيقتل، فيكون ميراثه للمسلمين وديته لقومه لأنهم يعقلون. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (9 / 443 رقم 8050) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 40 و 42 رقم 10112 و 10122) . كلاهما من طريق جرير، به نحوه، إلا أن ابن جرير فرّقه في موضعين، ولم يذكر قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ ... } إلى قوله: {إلا أن يصّدقوا} وما يتعلق به. (1) تقدم في الحديث [9] أنه صدوق في روايته عن أهل بلده من الشاميين، مخلِّط في غيرهم، ومدلس، ولم يصرح هنا بالسماع. (2) تقدم في الحديث [170] أنه كوفي صدوق كثير الخطأ والتدليس، ولم يصرِّح هنا بالسماع. (3) لم أجد من نصّ على أن إسماعيل بن عياش روى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نجيح، ومع ذلك فابن أبي نجيح مكِّيّ. [665] سنده فيه إسماعيل بن عياش وهو مدلِّس ولم يصرِّح هنا بالسماع، وهو حسن الحديث إذا روى عن الشاميين، وأما إذا روى عن غيرهم فحديثه ضعيف، وهو هنا يروي عن حجاج بن أَرْطَأة وهو كوفي، وعن ابن نجيح وهو مكِّيّ، ومع ذلك فحجاج ضعيف الحديث من قبل حفظه، وهو مدلس ولم يصرح =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} ] 666- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عمَّار الدُّهْني (1) ، وَيَحْيَى الجَابِر (2) ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الجَعْد، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ عَبَّاسٍ: مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ قَتَلَ رَجُلًا مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا، ثُمَّ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا، ثُمَّ اهْتَدَى؟ قَالَ: وأنَّى لَهُ الهُدَى ثَكَلَتْهُ أمُّه (3) ؟، سَمِعْتُ نَبِيَّكُمْ صَلَّى اللهُ عليه وسلم يقول: ((يجيء

_ = هنا بالسماع، وعليه فحديث عطاء سنده ضعيف جدًّا، وأما حديث مجاهد فسنده ضعيف. والحديث أعاده المصنف، هنا، وكان قد رواه في كتاب الجهاد من "السنن" المطبوع (2 / 319 رقم 2827) ، باب الرجل من العدو يدخل دار الإسلام بالأمان، ثم يقتل، ومن خرج يريد الإسلام، قال المصنف: نا ابن عياش، عن الحجاج بن أرطأة، عن عطاء، وَابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَا - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لكم وهو مؤمن} -، قَالَا: الرَّجُلُ يَكُونُ مِنَ الْعَدُوِّ، فيسلم، ثم يريد أَنْ يَأْتِيَ الْمُسْلِمِينَ فَيُقْتَلَ خَطَأً، قالا: لا دية فيه، وعليه تحرير رقبة. (1) هو عمار بن معاوية في الحديث [133] أنه ثقة يتشيع. (2) هو يحيى بن عبد الله بن الحارث الجابر - بالجيم والموحّدة -، ويقال: المُجبِّر، التيمي، البكري، مولاهم، أبو الحارث الكوفي، كان يُجَبِّر الأعضاء، ليِّن الحديث، من الطبقة السادسة، يروي عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ وأبي ماجد وحبال بن رفيدة وغيرهم، روى عنه شعبة والسفيانان وعبد الواحد بن زياد وأبو عوانة وإسرائيل وغيرهم. قال الإمام أحمد: ((ليس به بأس)) ، وقال ابن عدي: ((أرجو أنه لا بأس به)) ، وضعّفه ابن معين وأبو حاتم والنسائي، وقال الدارقطني: =

= الْمَقْتُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُعَلّقًا رَأْسَهُ وأوْدَاجُه (4) تَشْخُبُ (5) دَمًا، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ سَلْ هَذَا: لِمَ قَتَلَني؟)) فوالله ما نسخها شيء بَعْدِ مَا أُنْزِلَتْ: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وأعد له عذابًا عظيمًا} .

_ = ((يعتبر به ولا يتابع على أحاديثه، ولا يكاد يروي عن شيوخه غيره)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 161 رقم 667) ، و"التهذيب" (11 / 238 - 239 رقم 388) ، و"التقريب" (ص592 رقم 7581) . (3) أي فَقَدَتْهُ أمه. انظر "النهاية في غريب الحديث" (1 / 217) . (4) الَأَوْدَاجُ: ما أحاط بالعُنُق من العروق التي يقطعها الذابح، واحداها: وَدَجٌ - بالتحريك - "النهاية في غريب الحديث" (5 / 165) . (5) أي: تسيل. انظر المرجع السابق (2 / 450) . [666] سنده صحيح؛ لأن يحيى الجابر قد تابعه عمار الدُّهني وهو ثقة. والحديث عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 623 - 624) للمصنِّف وأحمد والنسائي وابن ماجه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في "ناسخه" والطبراني. وأخرجه الحميدي في "مسنده" (1 / 228 رقم 488) من طريق شيخه ابن عيينة، عن عمار ويحيى، به نحوه. وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 222) . وابن ماجه في "سننه" (2 / 874 رقم 2621) في الديات، باب: هل لقاتل مؤمن توبة. والنسائي في "سننه" (7 / 85) في تحريم الدم، باب تعظيم الدم. ومن طريقه النحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص137) . وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 170 / ب) . جميعهم من طريق سفيان بن عيينة، عن عمار الدهني فقط، عن سالم، به نحوه إلى =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = قوله: ((ما نسخها شيء)) ، ولم يذكر أحد منهم الآية. وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (2 / 364) من طريق عبد الرزاق، عن سفيان - وأظنه الثوري -، عن يحيى بن عبد الله، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عباس، فذكر الحديث، فقال: ولقد سَمِعْتُ نَبِيَّكُمْ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: ((يَجِيءُ الْمَقْتُولُ يَوْمَ القيامة آخذًا رأسه إما قال بشماله وإما بيمينه، تشخب أوداجه في قِبَل عرش الرحمن تبارك وتعالى يقول: يا رب، سل هذا: فيم قتلني؟)) . وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (9 / 65 رقم 10191) من طريق عمار بن رزيق، عن عمار الدهني، به نحو لفظ المصنِّف، وفيه الزيادة التي في لفظ الإمام أحمد السابق. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنّف" (9 / 356 رقم 7781) . والإمام أحمد في "المسند" (1 / 240 و 294) . وعبد بن حميد في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (ل 2 / ل 171 / أ) . وابن جرير في "تفسيره" (9 / 63 و 64 رقم 10188 و 10189) . ومحمد بن إسحاق الكاتب في "المناهي والعقوبات" (ل 109) . أما ابن أبي شيبة فمن طريق محمد بن فضيل، وأما الإمام أحمد فمن طريق شعبة وعبد الواحد بن زياد، وأما عبد بن حميد فمن طريق إسرائيل، وأما ابن جرير فمن طريق جرير بن عبد الحميد وعمرو بن قيس، وأما الكاتب فمن طريق أبي حمزة السُّكَّري، جميعهم عين يحيى بن الحارث، به نحو لفظ المصنِّف، وفيه الزيادة التي في لفظ الإمام أحمد السابق، عدا لفظ عمرو بن قيس عند ابن جرير فإنه مختصر، ولم يصرح ابن أبي شيبة برفع المرفوع من الحديث، وإنما جعله من لفظ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. وأخرجه قَوَّام السُّنَّة الأصبهاني في "الترغيب والترهيب" (2 / 942 - 943 رقم 2300) من طريق عمرو بن قيس، عن يحيى الْجَابِرِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الجعد، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عنه - أنه تلا هذه الآية: {ومن يقتل مؤمنًا متعمدًا =

667- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَاد (1) ، قَالَ: سَمِعْتُ شَيْخًا (2) يَقُولُ لخَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ (3) : سَمِعْتُ أَبَاكَ هَاهُنَا (4) يَقُولُ: نَزَلَتِ الشَّدِيدَةُ هَذِهِ الْآيَةُ (5) ، والهَيِّنَةُ الَّتِي فِي الْفُرْقَانِ (6) : {وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ولا يزنون ... } إِلَى قَوْلِهِ: {إِلَّا مَنْ تَابَ} (7) .

_ = فجزاؤه جهنم} ، حتى فرغ منها، فقيل له: وإن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهتدى؟ قال ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وأنَّى له التوبة وقد سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - يقول: ((ثكلته أمهخ قاتل المؤمن، إذا جاء يوم القيامة واضعًا رأسه على إحدى يديه، آخذًا بالأخرى القاتل تشخُب أوداجه قِبَلَ عرش الرحمن عز وجل، فيقول: ربّ، سَلْ هذا فيم قتلني؟)) قال: وما نزلت في كتاب الله آية نسختها. وأخرجه ابن جرير برقم (10190) من طريق همام، عن يحيى، عن رجل، عن سالم، به مثل سابقه هكذا بزيادة رجل بين يحيى وسالم، وهذا فيه مخالفة لرواية الأكثرين الذين رووه عن يحيى بدون هذه الزيادة، وفيهم أئمة حفاظ مثل شعبة وسفيان وغيرهما، ومع ذلك فإن يحيى قد صرّح بأن سالمًا حدثه، وذلك في رواية عبد الواحد بن زياد عند الإمام أحمد. وأخرجه الطبراني في "معجمه الكبير" (12 / 101 رقم 12597) من طريق لَيْثِ بْنِ أَبِي سُليم، عَنِ سالم بن أبي الجعد، به نحو لفظ المصنف، إلا أنه ذكر المرفوع بلفظ: ((إن أقرب الخلائق من عرش الرحمن يوم القيامة: المؤمن الذي قُتل مظلومًا، رأسه عن يمينه، وقاتله عن شماله، وأوداجه تشخب، يقول: رب: سَلْ هذا: فيم قتلني؟ فيم حال بيني وبين الصلاة؟)) . اهـ. ولم يذكر الآية. (1) هو عبد الله بن ذَكْوان. (2) هو مُجَالِد بن عوف الحضرمي كما سيأتي مصرَّحًا به في بعض الروايات، ويقال: عوف بن مجالد، و: مجالد بن زيد، أو مجالد بن يزيد، وهو حجازي صدوق يروي عن زيد بن ثابت، وقيل: عن خارجة بن زيد، وعنه أبو الزناد =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وقال: ((كان أمرأ صدق ما علمت)) ، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الذهبي: ((لا يعرف، تفرّد عنه أبو الزناد وأثنى عليه)) . انظر "التاريخ الكبير" للبخاري (7 / 58 رقم 265) ، و (8 / 10 رقم 1953) ، و"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (7 / 15 رقم 69) ، و (8 / 360 رقم 1649) ، و"الثقات" لابن حبان (7 / 296 - 297) ، و"ميزان الاعتدال" (3 / 439 رقم 7071) ، و"التهذيب" (10 / 41 رقم 66) ، و"التقريب" (ص520 رقم 6479) . (3) هو خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ الأنصاري، تقدم في الحديث [67] أنه ثقة فقيه أحد الفقهاء السبعة. (4) يعني بِمِنَى كما سيأتي في بعض الروايات. (5) يعني قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا متعمدًا فجزاؤه جهنم ... } الآية. (6) وهي الآية (70) من سورة الفرقان. (7) رواية المصنف هنا كأنه سقط منها بعض الألفاظ فلم يتضح المعنى، وتوضحها باقي الروايات، وفي بعضها: ((نزلت الشديدة بعد الهيِّنة بستة أشهر)) ، فالمعنى: أن آية النساء هذه محكمة لم ينسخها شيء. [667] سنده حسن لذاته، وشيخ أبي الزناد وإن لم يبيَّن في هذه الرواية، فإنه قد بيِّن في الروايات الأخرى. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 625) وعزاه للمصنِّف وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم. وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 168) فقال: أنا ابن عيينة، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، قَالَ: سَمِعْتُ رجلاً يحدث خارجة بن زيد، قال: سمعت أباك في هذا المكان بمِنَى يقول: نزلت الشدة بعد الهيِّنة - قال: أراه قال: بستة أشهر -، يعني: {ومن يقتل مؤمنًا متعمدًا} بعد: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يشرك به} . كذا قال عبد الرزاق في روايته للحديث عن ابن عيينة؛ جعل قوله تعالى: =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يشرك به} بدل قوله تعالى: {الذين لا يدعون مع الله إلهًا آخر ... } الآية. وخالف عبد الرزاق سعيد بن منصور هنا، ويحيى بن آدم وابن المقرئ كما سيأتي، فجميع هؤلاء الثلاثة رووه، عن ابن عيينة بذكر آية الفرقان: {والذين لا يدعون مع الله إلهًا آخر ... } بدل آية النساء: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يشرك به} ، والصواب رواية سعيد بن منصور ومن وافقه؛ لكثرتهم، ولموافقة روايتهم لرواية الآخرين الذين رووا الحديث عن أبي الزناد كما سيأتي. وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (9 / 69 رقم 10209) من طريق عبد الرزاق وأخرجه أيضًا برقم (10208) من طريق يحيى بن آدم. وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 170 / ب) من طريق محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ. كلاهما عن سفيان بن عيينة، قال: سمعت أبا الزناد يقول: سمعت شيخًا في مسجد مِنَى يحدِّث خارجة بن زيد؛ يقول: سمعتُ أباك يقول: نزلت الشديدة - يعني قوله: {من يقتل مؤمنًا متعمدًا ... } الآية - بعد الهيِّنة - يعني: {وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ الله إلا بالحق ... } الآية - بستة أشهر. اهـ.، واللفظ لابن المقرئ ونحوه لفظ يحيى بن آدم. ورواه عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ وعبد الرحمن بن إسحاق، كلاهما عن أبي الزناد، به، وسمَّيا الشيخ المبهم: عوف بن مجالد، أو: مجالد بن عوف. فقد أخرجه البخاري في "تاريخه الكبير" (7 / 58) . وابن أبي حاتم في الموضع السابق من "تفسيره". والطبراني في "المعجم الكبير" (5 / 165 - 166 رقم 4905) . ثلاثتهم من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد، حدثني أبي، أن عوف بن مجالد أخبره - قال: وكان امرأ صدق-، قال: وأخبرني ونحن عند خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قال: قلت لزيد بن ثابت: يا أبا سعيد إنا نجد في سور ة الفرقان: =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ... } إلى قوله: {وكان الله غفورًا رحيمًا} ، ونجد في سورة النساء: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} ، فنجد له في إحداهما توبة، وفي الأخرى مسجّلة؟ فقال زيد بن ثابت: هذا الغليظة بعد هذه اللينة بستة أشهر، فنسخت الغليظة اللينة. اهـ. واللفظ للطبراني، وأما ابن أبي حاتم فأحال على لفظ ابن المقرئ السابق، وأما البخاري فأشار إليه كعادته، فقال: ((قلت لزيد بن ثابت ... ، في قتل المؤمن)) . ورواه الطبراني في "المعجم الأوسط" (5 / 166 رقم 4906) ، فقال: حدثنا محمود بن محمود الواسطي، ثنا وهب بن بقيّة، أنا خالد، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عن أبي الزناد، عن مجالد بن عوف، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: نزلت آية تشديد قتل النفس التي في سورة النساء بعد التي في الفرقان بستة أشهر: قوله: {ومن يفعل ذلك يلق أثامًا} . كذا رواه خالد بن عبد الله الطحّان، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ. وخالفه حماد بن سلمة، فرواه عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عن أبي الزناد، عن مجالد بن عوف، أن خارجة بن زيد قال سمعت زيد بن ثابت في هذا المكان يقول: أنزلت هذه الآية: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جهنم خالدًا فيها} بعد التي في الفرقان: {والذين لا يدعون مع الله إلهًا آخر وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ الله إلا بالحق} لستة أشهر. أخرجه أبو داود في "سننه" (4 / 465 رقم 4272) في الفتن والملاحم، باب في تعظيم قتل المؤمن، واللفظ له. والنسائي في "سننه" (7 / 87 - 88) في كتاب تحريم الدم، باب تعظيم الدم. ورواه حماد بن سلمة مرة أخرى عن محمد بن إسحاق، عن أبي الزناد، عن مجالد بن عوف، عن خارجة، عن أبيه كما سيأتي، فلست أدري، أهذا اختلاف منه في الحديث، أم له فيه إسناد آخر؟ =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وبكل حال فرواية خالد بن عبد الله أرجح من رواية حماد بن سلمة. فخالد بن عبد الله تقدم في الحديث [18] أنه ثقة ثبت. وأما حماد بن سلمة تقدم في الحديث [82] أنه ثقة عابد، إلا أنه تغيّر حفظه بالآخر. والراوي عن خالد هو: وَهْب بن بَقِيَّة بن عثمان أبو محمد الواسطي، يقال له: وَهْبَان، يروي عن حماد بن زيد وأبي معاوية وخالد بن عبد الله الطحّان وغيرهم، روى عنه مسلم وأبو داود وأبو زرعة وغيرهم، وهو ثقة؛ وثقه الخطيب البغدادي ومسلمة وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن معين: ((ثقة، ولكنه سمع وهو صغير)) ، وكانت وفاه سنة تسع وثلاثين ومائتين وله خمس أو ست وتسعون سنة. اهـ. من "تاريخ هاشم الطبراني عن ابن معين" (ص30 رقم 21) ، و"التهذيب" (11 / 159 - 160 رقم 270) ، و"التقريب" (ص584 رقم 7469) . وذكر الذهبي وهبًا هذا في "سير أعلام النبلاء" (11 / 462 رقم 116) ووصفه بقوله: ((المحدِّث الإمام الثقة)) ، وذكر قول ابن معين: إنه سمع وهو صغير، ثم تعقَّبه بقوله: ((قلت: بل ما سمع حتى صار ابن نَيْفٍ وعشرين سنة، ولو سمع في صغره لَلَحِقَ جرير بن حازم وأقرانه)) . اهـ. والراوي عن وهب هو شيخ الطبراني: محمود بن محمد بن مَتُّويَهْ، أبو عبد الله الواسطي، يروي عن محمد بن أبان الواسطي ووهب بن بقيّة والعباس بن عبد العظيم وغيرهم، روى عنه الطبراني وابن عدي والدارقطني وأبو الشيخ والإسماعيلي والجعابي وغيرهم، وهو ثقة حافظ، قال حمزة السهمي: ((سألت الدارقطني عن أبي عبد الله محمود بن محمد الواسطي، فقال: ثقة)) ، وقال عنه الذهبي: ((الحافظ المفيد العالم ... ، كان من بقايا الحفاظ ببلده)) ، وكانت وفاته سنة سبع وثلاثمائة، وله من العمر أكثر من ثمانين سنة. اهـ. من "سؤالات حمزة السهمي للدارقطني" (ص252 رقم 367) ، و"تاريخ بغداد" للخطيب =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = (13 / 94 - 95 رقم 7079) ، و"سير أعلام النبلاء" (14 / 242 - 243) . وأما الراوي المختلف عليه فهو: عبد الرحمن بن إسحاق بن عبد الله بن الحارث ابن كنانة المدني، نزيل البصرة، يقال له: عَبَّاد، يروي عن أبيه وسعيد المقبري وأبي الزناد وغيرهم، روى عنه يزيد بن زريع وإسماعيل بن عليّة وخالد بن عبد الله الطحّان الواسطي وغيرهم، وهو صدوق رمي بالقدر، من الطبقة السادسة، قال يحيى القطان: ((سألت عنه بالمدينة، فلم أرهم يحمدونه، وقال ابن المديني: ((سمعت سفيان - أي ابن عيينة - سئل عنه، فقال: كان قدريًّا، فنفاه أهل المدينة)) ، وقال العجلي: ((يكتب حديثه، وليس بالقوي)) ، وقال أبو حاتم الرازي: ((يكتب حديثه ولا يحتجّ به، وهو قريب من محمد بن إسحاق صاحب المغازي، وهو حسن الحديث، وليس بثبت ولا قوي، وهو أصلح من عبد الرحمن بن إسحاق أبي شيبة)) ، وقال أبو طالب: ((سألت أحمد بن حنبل عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ المديني، فقال: روى عن أبي الزناد أحاديث منكرة، وكان يحيى لا يعجبه. قلت: كيف هو؟ قال: صالح الحديث)) ، وقال عبد الله بن الإمام أحمد: ((سألت أبي عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ المديني، فقال: ليس به بأس، فقلت له: إن يحيى بن سعيد يقول: سألت عنه بالمدينة فلم يحمدوه؟ فسكت أحمد)) ، وحكى ابن معين أن إسماعيل بن عليّة كان يرضاه، ثم وثقه ابن معين، وفي رواية قال: ((ثقة صالح الحديث)) ، وقال يزيد بن زريع: ((ما جاءنا أحفظ منه)) ، وقال البخاري: ((ليس ممن يعتمد على حفظه إذا خالف من ليس بدونه، وإن كان ممن يحتمل في بعض)) ، وحكى الترمذي في "العلل" عن البخاري أنه وثقه، وقال أبو داود: ((قدري، إلا أنه ثقة)) ، وقال الساجي: ((صدوق رمي بالقدر)) ، وقال يعقوب بن سفيان والنسائي وابن خزيمة: ((ليس به بأس)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 212 - 213 رقم 1000) ، و"التهذيب" (6 / 137 - 138 رقم 283) ، و"التقريب" (ص336 رقم 3800) . فتبيّن بهذا أن رواية خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عبد الرحمن بن إسحاق أصح من =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = رواية حماد بن سلمة، فيكون عبد الرحمن بن إسحاق قد وافق سفيان بن عيينة وعبد الرحمن بن أبي الزناد على رواية الحديث عن أبي الزناد عن هذا الشيخ عوف بن مجالد - أو مجالد بن عوف -، عن زيد بن ثابت. وخالفهم محمد بن إسحاق، وموسى بن عقبة وجهم بن أبي الجهم. أما رواية محمد بن إسحاق، فأخرجها البخاري في "التاريخ الكبير" (8 / 10 رقم 1953) من طريق حماد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن أبي الزناد، عن مجالد بن عوف، عن خارجة بن زيد، سمعت زيد بن ثابت يقول: نزلت هذه الآية: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جهنم خالدًا فيها} بعد التي في الفرقان: {والذين لا يدعون مع الله إلهًا آخر} بسنة. وهذا إسناد ضعيف لأن حماد بن سلمة اختلط في آخر عمره كما تقدم، ومع هذا ففيه مخالفة لمن سبق؛ يجعل الحديث عن مجالد، عن خارجة، عن أبيه، بينما هو - على الراجح -: عن مجالد، عن زيد بن ثابت، وفيه أيضًا مخالفة لجميع الروايات السابقة واللاحقة بجعل المدة سنة، بينما هي في جميع الروايات ستة أشهر. وقد رواه حماد بن سلمة - فيما مضى -: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عن أبي الزناد، عن مجالد بن عوف، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أبيه، فإما أن يكون هذا اختلافًا من حماد، أوْلَهُ فيه إسناد آخر. وأما رواية موسى بن عقبة، فأخرجها: النسائي في الموضع السابق من "سننه". وابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 68 رقم 10206) . والطبراني في "المعجم الكبير" (5 / 149 - 150 رقم 4868) . أما النسائي فمن طريق عبد الوهاب الثقفي، وأما ابن جرير فمن طريق هياج بن بسطام، وأما الطبراني فمن طريق عباد بن عباد، ثلاثتهم عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ علقمة، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زيد بن ثابت، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = عن أبيه، به بنحو سياق محمد بن إسحاق السابق، إلا أنهم قالوا: ((بستة أشهر)) بدل قوله: ((سنة)) ، عدا عبد الوهاب الثقفي، فإنه قال في روايته عند النسائي: ((بثمانية أشهر)) . وقد رواه النسائي في الموضع نفسه من طريق محمد بن عبد الله الأنصاري، عن محمد بن عمرو، به، فوافق هياج بن بسطام وعباد بن عباد في ذكر الستة الأشهر، إلا أنه لم يذكر موسى بن عقبة في سنده، وإنما جعله من رواية محمد بن عمرو، عن أبي الزناد. قال النسائي عقب ذكره لهذه الرواية: ((محمد بن عمرو لم يسمعه من أبي الزناد ... )) ، ثم أخرجه من طريق عبد الوهاب. فهذا يدل على أن هناك اختلافًا على محمد بن عمرو في السند والمتن، والأرجح: عنه، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ أبي الزناد، عن خارجة، عن أبيه، به، وفيه: ((بستة أشهر)) ، لأن مجموع الروايات يدلّ على أن هذا هو الصواب عنه، وهذا مخالف للرواية الراجحة التي اتفق عليها ابن عيينة وابن أبي الزناد وعبد الرحمن بن إسحاق. ومحمد بن عمرو بن علقمة تقدم في الحديث [4] أنه صدوق، وقد وافقه جهم بن أبي الجهم في الرواية الآتية - وهي ضعيفة -، فلا تنهض هاتان الروايتان لمعارضة الرواية الراجحة التي رواها ابن عيينة ومن وافقه. وأما رواية جهم بن أبي جهم، فأخرجها الطبراني في "المعجم الكبير" (5 / 150رقم 4869) ، من طريق سعيد بن أبي هلال، عن جهم بن أبي جهم، أن أبا الزناد أخبرهم، أن خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أخبره، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: لما نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الَّتِي فِي الفرقان: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالحَقِّ} عجبنا للينها، فلبثنا سبعة (وفي نسخة: ستة) أشهر، ثم نزلت التي في النساء: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ} حتى فرغ. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وهذا إسناد ضعيف لجهالة جَهْم بن أبي الجَهْم - ويقال: ابن الجهم -، مولى الحارث بن حاطب، القرشي، الجُحَمي، يروي عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب والمسور بن مخرمة، روى عنه محمد بن إسحاق والوليد بن جميع وعبد الله العمري، وروى هنا عن أبي الزناد، وعنه سعيد بن أبي هلال، ذكره البخاري في "التاريخ الكبير" (2 / 229 - 230 رقم 2291 و 2292) وسكت عنه، وبيّض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (2 / 521 رقم 2165) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (4 / 113) ، وذكره الذهبي في "ميزن الاعتدال" (1 / 426 رقم 1583) ، وقال: ((لا يعرف)) ، وانظر "لسان الميزان" (2 / 142 رقم 620) . (1) روي عنه، عن مجالد بن عوف - أو: عوف بن مجالد -، عن زيد بن ثابت. وقد اتفق على روايته هكذا: سفيان بن عيينة - وإن كان أبهم اسم عوف، فقال: شيخ، فإن الروايات الأخرى توضِّحه-، وعبد الرحمن بن أبي الزناد، وعبد الرحمن بن إسحاق - في الرواية الراجحة عنه -، وهذه الرواية هي أرجح الروايات؛ لاتفاق هؤلاء الثلاثة على روايتها على هذا الوجه، وفيهم سفيان بن عيينة، وهو جبل في الحفظ، فكفى به مرجِّحًا، والحديث من هذا الطريق حسن لذاته كما تقدم. (2) رواه حماد بن سلمة، عن أبي الزنِّاد، عن مجالد بن عوف، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أبيه زيد، وهذه تفرِّد بها حماد بن سلمة، ولم يوافقه عليها أحد، وحماد اختلط كما سبق، فروايته مرجوحة، ولو صحَّت لما تغيَّر الحكم على الحديث؛ لأنه لا يعدوا عن زيادة خارجة بن زيد في الإسناد، وخارجة ثقة كما تقدم. (3) رواه موسى بن عقبة وجهم بن أبي جهم، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ خَارِجَةَ بن زيد، عن أبيه زيد، ليس فيه ذكر لمجالد بن عوف - أو: عوف بن مجالد -، ورواية جهم ضعيفة لجهالته، ورواية موسى تفرَّد بها مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، وفيه كلام لا يحطّ حديثه عن درجة الحسن، فهذه الرواية مرجوحة لا تنهض =

668- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجيح، عَنْ كُرْدُم (1) ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ وَابْنَ عَبَّاسٍ وَابْنَ عُمَرَ سُئلوا عَنِ الرَّجُلِ يَقْتُلُ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا، فَقَالُوا: هَلْ يَسْتَطِيعُ أَنْ لَا يَمُوتَ؟ هَلْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَبْتَغيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ أَوْ يُحْيِيَهُ؟ . 669- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ يَحْيَى الأبَحّ (2) ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مِيْنَا (3) ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كنت جالسًا بِجَنْبه، إذ

_ = لمعارضة رواية ابن عيينة ومن وافقه، ولو صحّت لما تغيّر الحكم على الحديث، فهو على جميع الأحوال حسن لذاته، والله أعلم. (1) كُرْدُم شيخ مجهول يروي عن عمر بن الخطاب وابن عباس، وروى هنا أيضًا عن أبي هريرة وابن عمر، لم يرو عنه سوى عبد الله بن أبي نجيح، ذكره البخاري في "تاريخه" (7 / 237 رقم 1021) وسكت عنه، وبيّض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (7 / 171 رقم 975) وذكره ابن حبان في "الثقات" (5 / 341) . [668] سنده ضعيف لجهالة كردم. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 626) للمصنِّف وابن المنذر. وقد أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (9 / 355 رقم 7780) . والإمام أحمد في "الإيمان" (ل 120 / أ) . كلاهما من طريق سفيان بن عيينة، به نحوه. وانظر ما سيأتي برقم [674] . (2) تقدم في الحديث [41] أنه صدوق يخطئ. (3) هو سعيد بن مِيْنَا الحجازي، المكي أو المدني، أبو الوليد مولى البَخْتَري بن أبي ذُباب، ثقة من الطبقة الثالثة، روى له الجماعة عدا النسائي، وروى هو =

= جَاءَهُ رَجُلٌ، (فَقَالَ) (4) : يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، مَا تَقُولُ فِي قَاتِلِ الْمُؤْمِنِ، هَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ: لَا، وَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الجَمَل فِي سَمِّ (5) الخِيَاط.

_ = عن أبي هريرة وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمرو وجابر بن عبد الله وغيرهم، روى عنه أيوب السختياني وابن جريج وابن إسحاق وحماد بن يحيى الأبحّ وغيرهم، وثقه أحمد وابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم والنسائي. "الجرح والتعديل" (4 / 61 - 62 رقم 263) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع (11 / 84 - 85) ، و"تهذيب التهذيب" (4 / 91 رقم 152) ، و"التقريب" (ص241 رقم 2403) . (4) في الأصل: ((فقلت)) ، وما أثبته هو الصواب؛ لأن الرجل هو السائل كما في الموضعين الآتيين من "الدر المنثور" و"تفسير عبد بن حميد". (5) أي ثقب الإبرة. انظر "النهاية في غريب الحديث" (2 / 404) . [669] سنده ضعيف لضعف حماد بن يحيى من قبل حفظه. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 626) للمصنِّف وعبد بن حميد وابن المنذر. وأخرجه عبد بن حميد في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 171 / أ) ، فقال: أبنا يزيد بن هارون، أبنا حماد بن يحيى، نا سفيان بن مينا، قال: كنت جالسًا بجنب أبا هريرة، إذا أتاه رجل فسأله عن قاتل المؤمن، هل له تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ: لَا وَالَّذِي لَا إله إلا هو، حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سمِّ الخياط. كذا قال ((سفيان بن مينا)) ! علله خطأ من الناسخ، فإن الذي في "الدر المنثور" موافق لما رواه المصنف.

670- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ يَحْيَى الأبَحّ، قَالَ: نَا سَعِيدُ بْنُ مِيْنَا، قَالَ: كَانَ بَيْنَ صَاحِبٍ لِي وَرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ السُّوق بمكَّة لِحَاء (1) ، فَأَخَذَ صَاحِبِي كُرْسِيًّا، فَضَرَبَ بِهِ رَأْسَ الرَّجُلِ، فَقَتَلَهُ، ونَدِمَ، وَقَالَ: إِنِّي سَأَخْرُجُ مِنْ مَالِي، ثُمَّ أَنْطَلِقُ فَأَجْعَلُ نَفْسِي حَبِيسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. قَالَ: قُلْتُ: انْطَلِقْ بِنَا إِلَى (ابْنِ عُمَرَ) (2) نَسَلْهُ: هَلْ لَكَ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَانْطَلَقْنَا حَتَّى دَخَلْنَا عَلَيْهِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ... ، فاقْتَصَصْتُ عَلَيْهِ القِصَّة عَلَى مَا كَانَتْ، قَالَ: قُلْتُ: هَلْ تَرَى لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ قَالَ: كُلْ وَاشْرَبْ، أُفٍّ، قُمْ عَنِّي، إِنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ قَتْلَهُ، قَالَ: كَذَبَ، (يَعْمِدُ) (3) أَحَدُكُمْ إِلَى الْخَشَبَةِ، فَيَضْرِبُ بِهَا رَأْسَ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ، ثُمَّ يَقُولُ: إِنِّي لَمْ أُرِدْ قَتْلَهُ، كَذَبَ، كُلْ وَاشْرَبْ مَا اسْتَطَعْتَ، أُفٍّ، قُمْ عَنِّي، فَلَمْ يَزِدْنَا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى قُمْنَا.

_ (1) أي منازعة. انظر "النهاية في غريب الحديث" (4 / 243) . (2) في الأصل: ((عمر)) ، والتصويب من "الدر المنثور" (2 / 626) ، ,هو الذي يقتضيه السياق. (3) في الأصل: ((يزعم)) ، والتصويب من الموضع السابق من "الدر". [670] سنده ضعيف كسابقه. وعزاه السيوطي في "الدر" (2 / 626 - 627) للمصنِّف وابن المنذر، ووقع في "الدر": ((لجاجة)) بدل قوله: ((لِحَاء)) ، و ((نسأله)) بدل قوله: ((نسله)) .

671- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ قَالَ: نا العوَّام بْنُ حَوْشب، قَالَ: حُدِّثْتُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: قَتْلُ الْمُؤْمِنِ مَعْقُلَة (1) . 672- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ يَحْيَى (2) ، عَنْ عَبَّادٍ المِنْقَري (3) ، عن [ل127/ب] الْحَسَنِ قَالَ: وَاللَّهِ لَوْ تَمَالأ (4) أَهْلُ الْأَرْضِ وَأَهْلُ السَّمَاءِ عَلَى قَتْلِ مُؤْمِنٍ، لَأَدْخَلَهُمُ اللَّهُ النَّارَ جميعًا.

_ (1) المَعْقُلَةُ: الدِّيَة، ويقال: دَمُهُ مَعْقُلَةٌ على قومه، أي: غُرْمٌ يؤدُّونه من أموالهم. انظر "لسان العرب" (11 / 462) . والذي يظهر - والله أعلم - أن المراد هنا: المؤمن الذي يُقتل ولا يُعرف قاتله، فتكون ديته على عاقلته. [671] سنده ضعيف لإبهام شيخ العوّام. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 627) للمصنِّف فقط. (2) تقدم في الحديث [41] أنه صدوق يخطئ. (3) هو عباد بن ميسرة، تقدم في الحديث [9] أنه ليِّن الحديث عابد. (4) أي تساعدوا واجتمعوا وتعاونوا. "النهاية في غريب الحديث" (4 / 353) . [672] سنده ضعيف لضعف حماد وعباد قبل حفظهما، لكنه حسن لغيره مرفوعًا بمجموع طرقه. فقد روي مرفوعًا من حديث أبي سعيد الخدري وأبي هريرة وابن عباس وأبي بَكْرَة رضي الله عنهم. أما حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، فله عنه ثلاث طرق: (1) طريق عطية بن سعد الْعَوْفِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، قال: قتل قتيل على عهد النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالمدينة، فصعد المنبر خطيبًا، فقال: ((ما تدرون من قتل هذا القتيل بين أظهركم؟ - ثلاثًا - قالوا: والله ما علمنا له قاتلاً، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((والذي نفسي بيده، لو اجتمع على قتل مؤمن أهل =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = السماء وأهل الأرض، ورضوا به، لأدخلهم الله جميعًا جهنم، والذي نفسي بيده، لا يبغضنا أهل البيت أحد، إلا أكبّه الله في النار)) . أخرجه الحاكم في "المستدرك" (4 / 352) واللفظ له. والبزار في "مسنده" (4 / 122 رقم 3348 / كشف) . كلاهما من طريق إسحاق بن إبراهيم البغوي، عن داود بن عبد الحميد، عن عمرو بن قيس المُلائي، عن عطية، به. وقد أورد الحاكم هذا الحديث شاهدًا لحديث آخر - ليس فيه ما يشهد لحديثنا هذا -، فتعقبه الذهبي بقوله: ((خبر واهٍ)) . وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7 / 296) ، وعزاه للبزار، ثم قال: ((وفيه داود بن عبد الحميد وغيره من الضعفاء)) . قلت: سنده ضعيف جدًّا، فيه عطية بن سعد العوفي، وتقدم في الحديث [454] أنه ضعيف في الحديث. وفيه أيضًا: داود بن عبد الحميد الكوفي الأصل، نزيل الموصل، وهو ضعيف، قال أبو حاتم: ((لا أعرفه، وهو ضعيف الحديث، يدل حديثه على ضعفه)) ، وقال العقيلي: ((روى عن عمرو بن قيس المُلائي أحاديث لا يتابع عليها)) ، وقال الأزدي: ((منكر الحديث)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 418 رقم 1911) ، و"الميزان" (2 / 11 رقم 2624) ، و"لسان الميزان" (2 / 420 - 421 رقم 1737) . أقول: وهذا الحديث من الأحاديث التي رواها داود هذا عن عمرو بن قيس. (2) طريق جعفر بن إياس، عن أبي سعيد الخدري، بنحو سياق عطية السابق، إلا أنه لم يذكر قوله: ((والذي نفسي بيده لا يبغضنا ... )) الخ. أخرجه محمد بن إسحاق الكاتب النيسابوري في "المناهي والعقوبات" (ل 108 / ب) ، من طريق محمد بن الفضل الكوفي، عن أبان بن أبي عيّاش، عن جعفر بن إياس، به. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = والحديث بهذا الإسناد موضوع؛ فيه محمد بن الفضل بن عطية الكوفي وقد كذّبوه كما في ترجمته في الحديث [186] ، وفيه أيضًا أبان بن أبي عَيّاش، وتقدم في الحديث [4] أنه متروك الحديث. (3) طريق أبي الحكم البَجَليّ، قال: سمعت أبا سعيد الخدري وأبا هريرة يذكران عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ((لَوْ أَنَّ أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن، لأكبَّهم الله في النار)) . أخرجه الترمذي في "جامعه" (4 / 654 رقم 1417) في الديات، باب الحكم في الدماء، من طريق الحسين بن واقد، عن يزيد الرقاشي، حدثنا ابو الحكم البجلي، به، ثم ضعّفه الترمذي بقوله: ((هذا حديث غريب)) . وسنده ضعيف؛ فيه يزيد بن أبان الرَّقاشي وهو ضعيف كما في ترجمته في الحديث [73] . تنبيه: في الموضع السابق من "جامع الترمذي" هكذا: ((ابن الحكم البجلي)) ، وهو خطأ - وأظنه طباعي -، وصوابه: ((أبو الحكم البجلي)) ، كما يتضح من "تحفة الأشراف" (3 / 487 رقم 4411) ، و"تهذيب التهذيب" (12 / 77 رقم 317) ، وقد جاء على الصواب في "جامع الترمذي" الذي حقق بدايته الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - (4 / 17 رقم 1398) . وأما حديث أبي هريرة، فأخرجه الترمذي مقرونًا بحديث أبي سعيد السابق، هو ضعيف لضعف يزيد الرَّقَاشي. وله طريق آخر عن أبي الحكم البجلي. فأخرجه الطبراني في "المعجم الوسيط" (2 / 248 - 249 رقم 1443) . والبيهقي في "شعب الإيمان" (4 / 347 - 348 رقم 5352 / تحقيق زغلول) . كلاهما من طريق المُقَدَّم بن محمد، قال: حدثني عمي القاسم بن يحيى، عن أبي حمزة الأعور، عن أبي الحكم البجلي، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ((لو اجتمع أهل السماء وأهل الأرض على قتل رجل مسلم، لكبَّهم الله في =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = النار)) . قال الطبراني: ((لم يرو هذا الحديث عن أبي حمزة إلا القاسم، تفرَّد به مُقَدَّم)) . وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7 / 297) : ((فيه أبو حمزة الأعور وهو متروك، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه، وبقية رجاله رجال الصحيح)) . قلت: أبو حمزة الأعْور اسمه: ميمون القَصَّاب، الكوفي، الرَّاعي، مشهور بكنيته، يروي عن سعيد بن المسيب وأبي وائل والشعبي والحسن البصري وأبي الحكم البجَلي، وغيرهم، روى عنه الثوري والحمَّادان وابن عليَّة والقاسم بن يحيى وغيرهم، وهو ضعيف من الطبقة السادسة: قال أبو موسى: ((ما سمعت يحيى ولا عبد الرحمن يحدثان عن سفيان، عن أبي حمزة قط)) ، وقال الإمام أحمد: ((ضعيف الحديث)) ، وفي رواية قال: ((متروك الحديث)) ، وقال ابن معين: ((ليس بشيء لا يكتب حديثه)) ، وقال الجوزجاني والدارقطني: ((ضعيف جدًّا)) ، وقال البخاري: ((ليس بذاك)) ، وقال مرة: ((ضعيف ذاهب الحديث)) ، وقال النسائي: ((ليس بثقة)) ، وقال الساجي: ((ليس بذاك)) ، وقال الترمذي: ((تكلَّم فيه من قبل حفظه)) ، وقال يعقوب بن سفيان: ((ليس بمتروك الحديث، ولا هو حجّة)) ، وقال الخطيب: ((لا تقوم به حجة)) ، وقال أبو حاتم: ((ليس بقوي، يكتب حديثه)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (8 / 235 - 236 رقم 1061) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (3 / 1400) ، و"تهذيب التهذيب" (10 / 395 - 396 رقم 711) ، و"التقريب" (ص556 رقم 7057) . وعليه فالحديث ضعيف بهذا الإسناد لضعف أبي حمزة الأعور. وأما حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فأخرجه: الطبراني في "المعجم الكبير" (12 / 133 رقم 12681) . وابن عدي في "الكامل" (5 / 2004) . ومن طريقه وطريقٍ آخر أخرجه البيهقي في "سننه" (8 / 22) ، وفي "شعب الإيمان" (4 / 347 رقم 5351 / بتحقيق زغلول) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ثلاثتهم من طريق عطاء بن مسلم الخَفَّاف، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ المسيِّب، عَنْ حبيب بن أبي ثابت، عن ابن عباس قال: قتل قتيل على عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - لا يُعلم قاتله، فصعد منبره، فقال: ((يا أيها الناس، أيقتل قتيل وأنا بين أظهركم لا يعلم من قتله؟ لو أن أهل السماء والأرض اجتمعوا على قتل امرئ مسلم، لعذّبهم الله بلا عدد ولا حساب)) . اهـ. واللفظ للطبراني. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7 / 297) : ((رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح غير عطاء بن أبي مسلم (كذا) ، وثقه ابن حبان وضعّفه جماعة)) . قلت: عطاء بن مسلم الخَفَّاف، أبو مَخْلد الكوفي، نزيل حلب، يروي عن الأعمش ومحمد بن عمرو بن علقمة والعلاء بن المسيب وغيرهم، روى عنه عبد الله بن المبارك وأبو توبة الربيع بن نافع وهشام بن عمار وغيرهم، وهو صدوق، إلا أنه يخطئ كثيرًا، فقد وثقه ابن معين في رواية، وفي أخرى قال: ((ليس به بأس، وأحاديثه منكرات)) ، وقال الإمام أحمد: ((مضطرب الحديث)) ، وقال أبو زرعة: ((دفن كتبه، ثم روى من حفظه فيهم فيه، وكان رجلاً صالحًا)) ، وقال أبو حاتم: ((كان شيخًا صالحًا ... ، وكان دفن كتبه، وليس بقوي، فلا يثبت حديثه)) ، وضعفه أبو داود، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ((دفن كتبه، ثم جعل يحدث فيخطئ، فبطل الاحتجاج به)) . وقال ابن عدي: ((له أحاديث وفيها بعض ما ينكر عليه)) ، وكانت وفاته سنة تسعين ومائة. اهـ من "الجرح والتعديل" (6 / 336 رقم 1859) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (2 / 936) ، و"تهذيب التهذيب" (7 / 211 - 212 رقم 392) ، و"التقريب" (ص392 رقم 4599) . وعليه فالحديث بهذا الإسناد ضعيف لضعف عطاء بن مسلم من قبل حفظه. وأما حديث أبي بَكْرة - رضي الله عنه -، فأخرجه الطبراني في "المعجم الصغير" (1 / 205) ، من طريق جعفر بن جسْر بن فَرْقَد، عن أبيه جسر، عن الحسن البصري، عن أبي بكرة - رضي الله عنه -، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - قال: ((لو أن أهل السماء وأهل الأرض اجتمعوا على قتل مسلم، لكبَّهم الله جميعًا على وجوههم في النار)) . =

673- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، عَنْ يَعْلى بْنِ عَطَاء، عَنْ أَبِيهِ (1) ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: لَزَوَالُ الدُّنْيَا بِأَسْرِها أهْون عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ دَمِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يُسْفَكُ بِغَيْرِ حقّ.

_ = قال الطبراني: ((لم يروه عن الحسن إلا جسر)) . ومن طريق الطبراني أخرجه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" (11 / 377) . وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7 / 297) : ((فيه جسر بن فرقد، وهو ضعيف)) . قلت: جِسْر بن فَرْقَد القصَّاب، أبو جعفر البصري هذا يروي عن الحسن البصري وبكر بن عبد الله المزني وسليط بن عبد الله وغيرهم، روى عنه ابنه جعفر ووكيع وعبد الرحمن بن مهدي وغيرهم، وهو ضعيف؛ قال ابن معين: ((ليس بشيء)) ، وضعفه النسائي في رواية، وفي أخرى قال: ((ليس بثقة، ولا يكتب حديثه)) ، وقال الدارقطني: ((متروك)) ، وقال يحيى بن المغيرة: ((قدم جسر الرَّيَّ، فنهاني جرير أن أكتب عنه)) ، وقال الساجي: ((صدوق ضعيف الحديث)) ، وقال أبو حاتم: ((ليس بالقوي، كان رجلاً صالحًا)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (2 / 538 - 539 رقم 2238) ، و"لسان الميزان" (2 / 104 - 105 رقم 426) . وعليه فالحديث بهذا الإسناد ضعيف لضعف جسر بن فرقد، وهو حسن لغيره بمجموع الطرق المتقدمة، عدا الطريقين الأوّلين من حديث أبي سعيد الخدري، فلا تصلحان للاستشهاد، والله أعلم. (1) هو عطاء العامري الطائفي، مقبول من الطبقة الرابعة، وكانت ولادته لثلاث سنين بقيت من خلافة عمر، روى عن أوس بن أبي أوس بن وعبد الله بن عمرو وعبد الله بن عباس وغيرهم، روى عنه ابنه يعلى، ذكره البخاري في "تاريخه" (6 / 463 رقم 2997) وسكت عنه، وبيَّ له ابن أبي حاتم (6 / 339رقم 1872) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (5 / 202) ، وقال أبو الحسن بن القطان: ((مجهول الحال)) ، وقال الذهبي: ((لا يُعرف إلا بابنه)) . انظر "ميزان =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = الاعتدال" (3 / 78 رقم 5662) ، و"التهذيب" (7 / 220 رقم 404) ، و"التقريب" (ص392 رقم 4609) . [673] سنده ضعيف لجهالة حال عطاء والد يعلى، وأما هشيم بن بشير فإنه وإن لم يصرح بالسماع، إلا أنه قد توبع كما سيأتي، وللحديث شواهد يرتقي بها لدرجة الحسن لغيره مرفوعًا كما سيأتي. والحديث عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 630) لابن المنذر فقط. ومداره على يعلى بن عطاء، يرويه عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عمرو. والمصنف هنا أخرجه من طريق هُشَيْمٌ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ. وقد رواه شعبة وسفيان الثوري ومسعر عن يعلى. أما شعبة، فاختُلف عليه في رفعه ووقفه. فأخرجه الترمذي في "جامعه" (4 / 652 رقم 1412) في الديات، باب ما جاء في تشديد قتل المؤمن. والنسائي في "سننه" (7 / 82) في كتاب تحريم الدم، باب تعظيم الدم. كلاهما من طريق محمد بن أبي عدي، عن شعبة، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عمرو، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - قال: ((لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم)) . وأخرجه محمد بن إسحاق الكاتب النيسابوري في "المناهي والعقوبات" (ل 108 / ب) من طريق قطن بن إبراهيم، عن الحسين بن الوليد، عن شعبة، به مرفوعًا مثل سابقه، إلا أنه قال: ((امرئ)) بدل قوله: ((رجل)) . وأخرجه البيهقي في "سننه" (8 / 22) في الجنايات، باب تحريم القتل من السنة، من طريق حسين بن علي بن الأسود، ثنا أبو أسامة، ثنا شعبة وسفيان ومسعر، عن يعلى بن عطاء، به مرفوعًا نحو سابقه. وخالف هؤلاء الثلاثة محمد بن جعفر غندر، فرواه عن شعبة، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عمرو قال: قتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = أخرجه الترمذي في الموضع السابق برقم (1413) . والنسائي في الموضع السابق. قال الترمذي عقبه: ((هذا أصحّ من حديث ابن أبي عدي)) ، ثم قال أيضًا: ((حديث عبد الله بن عمرو هكذا رواه ابن أبي عدي، عن شعبة، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عمرو، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -. وروى محمد بن جعفر وغير واحد عن شعبة، عن يعلى بن عطاء، فلم يرفعه. وهكذا روى سفيان الثوري عن يعلى بن عطاء موقوفًا، وهذا أصح من الحديث المرفوع. اهـ. وقد سقط بعض الكلام من النسخة التي صار العزو إليها من "جامع الترمذي" وهي التي بهامشها "تحفة الأحوذي"، فاستدركته من "جامع الترمذي" الذي أوّله بتحقيق الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - (4 / 16) . وقال البيهقي بعد أن أخرج الحديث مرفوعًا: ((ورواه أيضًا ابن أبي عدي، عن شعبة مرفوعًا، ورواه غندر وغيره عن شعبة موقوفًا، والموقوف أصح)) . اهـ. فدلّ كلام الترمذي والبيهقي على أن هناك من شارك محمد بن جعفر المعروف بـ: غندر في روايته للحديث عن شعبة موقوفًا، ورواية غندر كافية في الترجيح، فإنه من أوثق الناس في شعبة، هو صاحب كتاب كما في ترجمته في الحديث [167] ، وليس هناك رواية قوية تعارضه، سوى رواية محمد بن إبراهيم بن أبي عدي، فإنه ثقة كما في ترجمته في الحديث [428] ، لكن غندر أوثق منه في شعبة. وأما الرواية التي أخرجها محمد بن إسحاق الكاتب، فإنها ضعيفة؛ لأنها من رواية قطن بن إبراهيم، عن الحسن بن الوليد، عن شعبة. وقَطَن - بفتحتين - ابن إبراهيم بن عيسى بن مسلم القُشَيْري، أبو سعيد النيسابوري، يروي عن حفص بن عبد الله السُّلَمي والحسن بن الوليد ومُعَلَّى بن أسد وغيرهم، روى عنه النسائي وابنه مسدَّد بن قطن وأبو زرعة وغيرهم، وهو صدوق، إلا أنه يخطئ، قال النسائي: ((فيه نظر)) ، وذكره ابن حبان في =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = الثقات وقال: ((يخطئ أحيانًا، يعتبر حديثه إذا حدّث من كتابه)) ، وذكره الذهبي في "ميزن الاعتدال"، وقال: ((شيخ صدوق، أعرض مسلم عن إخراج حديثه في الصحيح، له حديث ينكر ... ، وإنما نالوا منه بروايته عن حفص بن عبد الله، حدثنا إبراهيم بن طهمان، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابن عمر مرفوعًا: أيما إهاب دُبغ فقد طهر، ويقال: إنه سرقه من محمد بن عقيل، فطالبوه بأصله، فأخرج جزءًا وقد كتبه على حاشيته، فتركه لهذا مسلم)) ، وكانت ولادته سنة ثمانين ومائة، ووفاته سنة إحدى وستين ومائتين. اهتـ. من "ميزان الاعتدال" (3 / 390 - 391 رقم 6898) ، و"التهذيب" (8 / 380 - 381 رقم 674) ، و"التقريب" (ص455 رقم 5553) . وأما الرواية التي أخرجها البيهقي، فإنها ضعيفة أيضًا؛ لأنها من رواية حسين بن علي الأسود، عن أبي أسامة حماد بن أسامة، عن شعبة وغيره. والحسين بن علي بن الأسود العِجْلي، أبو عبد الله الكوفي، نزيل بغداد، يروي عن عبد الله بن نمير ووكيع وأبي أسامة حماد بن أسامة وغيرهم، روى عنه الترمذي وأبو حاتم والحسن بن سفيان وغيرهم، وهو صدوق يخطئ كثيرًا. قال الإمام أحمد: ((لا أعرفه)) ، وقال أبو حاتم: ((صدوق)) ، وأعرض أبو داود عن حكاية رواها الحسين هذا، فقال: ((لا ألتفت إلى حكاية أراها أوْهَامًا)) ، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ((ربما أخطأ)) ، وقال الأزدي: ((ضعيف جدًّا، يتكلمون في حديثه)) ، وقال ابن عدي: ((يسرق الحديث وأحاديثه لا يتابع عليها)) ، وكانت وفاته سنة أربع وخمسين ومائتين. اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 56 رقم 256) ، و"التهذيب" (2 / 343 - 344 رقم 612) ، و"التقريب" (ص167 رقم 1331) . فهذا بالنسبة لرواية شعبة. وأما رواية سفيان الثوري للحديث عن يعلى، فإنه قد اختُلف فيها على سفيان أيضًا. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = فأخرجه النسائي في الموضع السابق من طريق مَخْلَد بن يزيد، عن سفيان، عن منصور، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عمرو قال: قتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا. كذا رواه مخلد، عن سفيان، موقوفًا، وهو الصواب، لكن ذكر منصور في الإسناد خطأ، فقد نقل المِزَّي في "تحفة الأشراف" (6 / 364) عن النسائي أنه قال: ((هذا خطأ من حديث منصور)) . وقد أخرجه البيهقي في الموضع السابق من "سننه" من طريق محمد بن يوسف الفريابي، ثنا سفيان، عن يعلى بن عطاء ... ، فذكره موقوفًا مثل سابقه. قال البيهقي عقبه: ((هذا هو المحفوظ موقوف)) . وسبق نقل كلام الترمذي حيث قال: ((وهكذا روى سفيان الثوري، عن يعلى بن عطاء موقوفًا، وهذا أصح من الحديث المرفوع)) . فدلّ هذا على أن من رواه عن الثوري مرفوعًا قد أخطأ في روايته. فقد أخرجه البيهقي مقرونًا برواية شعبة السابقة؛ من طريق حسين بن علي بن الأسود العجلي، عن أبي أسامة، عن شعبة وسفيان الثوري ومسعر، ثلاثتهم عن يعلى، به مرفوعًا، وتقدم أن هذه الرواية ضعيفة لضعف حسين بن علي من قبل حفظه. وقد أخرجه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" (5 / 296 - 297) من طريق حسين بن علي، به، إلا أنه لم يذكر شعبة في سنده. وقد توبع الحسين بن علي. فأخرجه الخطيب البغدادي في الموضع السابق من "تاريخه"، من طريق محمد بن سليمان، عن أبي أسامة، عن مسعر وسفيان، عن يعلى، به مرفوعًا. وسنده ضعيف أيضًا. محمد بن سليمان بن هشام الشَّطَوي - بفتح المعجمة والمهملة - ابن بنت مَطَر، الخَزَّاز، بصري نزل بغداد، يروي عن ابن عليّة وعبد الله بن نمير =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأبي أسامة حماد بن أسامة وغيرهم، روى عنه ابن ماجه وابن خزيمة وأبو سعيد ابن الأعرابي وغيرهم، وهو ضعيف؛ قال أبو علي النيسابوري: ((ضعيف منكر الحديث)) ، وقال ابن حبان: ((لا يجوز الاحتجاج به بحال)) ، وقال ابن عدي: ((أحاديثه مسروقة، سرقها من قوم ثقات، ويوصِّل الأحاديث)) ، وضعفه الدارقطني، وذكر الخطيب البغدادي حديثًا استنكره عليه، ثم قال: ((هذا الحديث منكر بهذا الإسناد، كل رجاله ثقات سوى محمد بن سليمان بن هشام، والحمل فيه عليه، والله أعلم)) ، وكانت وفاته سنة خمس وستين ومائتين. اهـ. من "تاريخ بغداد" (5 / 296 - 297) ، و"التهذيب" (9 / 201 - 203 رقم 314) ، و"التقريب" (ص482 رقم 5931) . وقد أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (7 / 270) ، إلا أنه قال: ((محمد بن سليمان المكي)) ، فإما أن يكون هو محمد بن سليمان هذا، أو راو آخر لم أهتد إليه بهذه النسبة في هذه الطبقة. وأما رواية مسعر للحديث عن يعلى بن عطاء، فإنها مقرونة برواية شعبة وسفيان الثوري السابقة، وهي من رواية الحسين بن علي العجلي ومحمد بن سليمان الشَّطَوي، كلاهما عن أبي أسامة حماد بن أسامة، عن سيفان ومسعر، والعجلي زاد شعبة، ثلاثتهم عن يعلى بن عطاء، به مرفوعًا، وهذان طريقان ضعيفان لضعف الحسين بن علي ومحمد بن سليمان كما سبق بيانه. وبهذا يتضح أن الصواب في رواية يعلى بن عطاء للحديث، أنها: عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عمرو موقوفًا عليه، وهي رواية ضعيفة لجهالة حال عطاء والد يعلى. وللحديث طريق آخر عن عبد اللهب بن عمرو رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -: ((والذي نفسي بيده، لقتل مؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا)) . أخرجه النسائي في الموضع السابق. والبيهقي في "شعب الإيمان" (4 / 344 - 345 رقم 5341 / تحقيق زغلول) . كلاهما من طريق محمد بن إسحاق، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ إسماعيل مولى =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = عبد الله بن عمرو، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، به. قال النسائي عقبه: ((إبراهيم بن المهاجر ليس بالقوي)) . قلت: تقدم في الحديث [58] أن إبراهيم هذا صدوق لين الحفظ. والراوي عنه هو محمد بن إسحاق بن يسار، وتقدم في الحديث [58] أيضًا أنه صدوق يدلِّس، ولم يصرح هنا بالسماع. وعليه فالحديث ضعيف بهذا الإسناد لهاتين العلَّتين. وله شاهد من حديث بريدة والبراء بن عازب رضي الله عنهما. أما حديث بريدة - رضي الله عنه - فأخرجه: النسائي في الموضع السابق في "سننه" (7 / 83) . والبيهقي في "شعب الإيمان" (4 / 345 رقم 5342 / تحقيق زغلول) . والأصبهاني في "الترغيب والترهيب" (2 / 942 رقم 2297) . ثلاثتهم من طريق حاتم بن إسماعيل، عن بشير بن المهاجر، عن عبدا لله بن بريدة، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((قتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا)) . وهذا إسناد ضعيف لضعف بشير بن المهاجر من قبل حفظه. وهو بشير بن المهاجر الَغَنَوي - بالمعجمة والنون -، الكوفي، يروي عن عبد الله بن بريدة والحسن البصري وعكرمة وغيرهم، روى عنه الثوري ووكيع وابن المبارك وحاتم بن إسماعيل وغيرهم، وهو صدوق ليِّن الحفظ، ورمي بالإرجاء، من الطبقة الخامسة، روى له الجماعة عدا البخاري، ووثقه ابن معين والعجلي وقال النسائي: ((ليس به بأس)) ، وقال الإمام أحمد: ((منكر الحديث، قد اعتبرت أحاديثه فإذا هو يجيء بالعجب)) ، وقال البخاري: ((يخالف في بعض حديثه)) ، وقال أبو حاتم: ((يكتب حديثه ولا يحتج به)) ، وقال ابن عدي: ((روى ما لا يتابع عليه، وهو ممن يكتب حديثه، وإن كان فيه بعض الضعف)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (2 / 378 - 379 رقم 1472) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع (4 / =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = 176 - 178 رقم 727) ، و"تهذيب التهذيب" (1 / 468 - 469 رقم 867) ، و"التقريب" (ص125 رقم 723) . وأما حديث البراء بن عازب رضي الله عنه، فأخرجه: ابن ماجه في "سننه" (2 / 874 رقم 2619) في الديات، باب التغليظ في قتل مسلم ظلمًا. وابن عدي في "الكامل" (3 / 1004) . ومن طريقه وطريقٍ آخر البيهقي في الموضع السابق من "شعب الإيمان" برقم (5344 و 5345) . ثلاثتهم من طريق هشام بن عمّار، ثنا الوليد بن مسلم، ثنا روح [وعند ابن ماجه: مروان] بن جناح، عن أبي الجهم الجوزجاني، عن البراء بن عازب، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - قال: ((لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق)) . وذكر الحافظ المنذري هذا الحديث في "الترغيب والترهيب": (3 / 202) ، ثم قال: ((رواه ابن ماجه بإسناد حسن)) . وقال الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي في تعليقه على الحديث في "سنن ابن ماجه": ((في الزوائد: إسناده صحيح، ورجاله موثقون، وقد صرّح الوليد بالسماع، فزالت شبهة تدليسه)) . قلت: كذا نقل الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي عن "الزوائد"! والذي في المطبوع من "مصباح الزجاجة" (2 / 333 - 334) قال: ((هذا إسناد صحيح رجاله ثقات)) . اهـ. وأما الوليد بن مسلم فتقدم في الحديث رقم [130] أنه ثقة، لكنه كثير التدليس والتسوية، وقد صرح هنا بالسماع بينه وبين شيخه، لكنه لم يصرح بالسماع بين شيخه ومن فوقه، وبهذا أعل الشيخ الألباني الحديث في "غاية المرام" (ص253) حيث قال: ((فيه الوليد بن مسلم وهو يدلس تدليس التسوية، وقد عنعنه)) . =

674- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمي (1) ، عَنْ أَبِي مِجْلز (2) - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} -، قَالَ: جَزَاؤهُ جَهَنَّمُ، فَإِنْ شَاءَ غفر له.

_ = وحديث البراء هذا فيه اختلاف على هشام بن عمار أشار إليه ابن عدي والبيهقي عقب إخراجهما للحديث، وتطرق إليه الحافظ المزِّي في "تحفة الأشراف" (2 / 19 - 20) فقال: ((رواه عبدان الأهوازي وأبو بكر بن أبي عاصم وغير واحد، عن هشام بن عمَّار، عن الوليد بن مسلم، عن روح بن جناح، عن أبي الجهم، عن البراء. وكذلك رواه سليمان بن أحمد الواسطي وموسى بن عامر المُرِّي وعبد السلام بن عتيق، عن الوليد بن مسلم، وهو الصواب. ورواه عبد الصمد بن عبد الله الدمشقي والحسين بن عبد الله بن يزيد القطّان، عن هشام بن عمّار، عن الوليد، عن روح بن جناح، عن مجاهد، عن البراء، وذِكْرُ مجاهد فيه وهم، والله أعلم)) . اهـ. وعليه فالحديث بمجموع طرقه المتقدمة حسن لغيره مرفوعًا، وقد صححه الشيخ الألباني في الموضع السابق من "غاية المرام" بمجموع طرقه، والله أعلم. (1) هو سليمان بن طَرْخان. (2) هو لاَحِقُ بن حُميد. [674] سنده صحيح. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 628) للمصنِّف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في "البعث". وقد أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (9 / 361 رقم 7899) . وأبو داود في "سننه" (4 / 467 رقم 4276) في الفتن، باب في تعظيم قتل المؤمن. ومن طريق أبي داود أخرجه البيهقي في "سننه" (8 / 16) في جماع أبواب تحريم القتل من كتاب الجنايات، باب أصل تحريم القتل في القرآن، وفي "شعب الإيمان" =

675- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجيح، عَنْ كُرْدُم (1) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَتَاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: مَلأْتُ حَوْضِي أَنْتَظِرُ ظَمِيَّتي (2) تَرِدُ عَلَيَّ، فَلَمْ أَسْتَيْقِظْ، (إِلَّا بِرَجُلٍ) (3) قَدْ أشْرَعَ (4) نَاقَتَهُ، وثَلَمَ الْحَوْضَ (5) ، وَسَالَ الْمَاءُ، فَقُمْتُ فَزِعًا، فَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ، فَقَتَلْتُهُ؟ فَقَالَ: لَيْسَ هَذَا مِثْلَ الَّذِي قَالَ، فَأَمَرَهُ بِالتَّوْبَةِ. قَالَ سُفْيَانُ: كَانَ أَهْلُ الْعِلْمِ إِذَا سُئِلُوا قَالُوا: لَا تَوْبَةَ لَهُ، فَإِذَا ابْتُلِيَ رَجُلٌ قَالُوا لَهُ: تُبْ.

_ = (2 / 102 رقم 293) ، وفي "البعث والنشور" (ص75 - 76 رقم 42) . وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (9 / 61 رقم 10184) . ومحمد بن إسحاق الكاتب في "المناهي والعقوبات" (ل 109 / ب) . والبيهقي في الموضع السابق. أما ابن أبي شيبة فمن طريق يحيى بن سعيد القطان، وأما أبو داود فمن طريق أبي شهاب الحنّاط، وأما ابن جرير فمن طريق إسماعيل بن عليّة، وأما الكاتب فمن طريق حماد بن مَسْعَدَةَ، وأما البيهقي فمن طريق عمر بن حبيب، جميعهم عن سليمان التيمي، به نحوه. (1) تقدم في الحديث [667] أنه مجهول. (2) هي الإبل التي حُبست عن الماء إلى غاية الوِرْد. انظر "لسان العرب" (1 / 116) . (3) في الأصل: ((إلا رجل)) ، وما أثبته من الموضع الآتي من "سنن البيهقي" حيث روى الحديث من طريق المصنِّف. (4) أي: أدخلها في شريعة الماء، وشَرِيعةُ الماء: هي مورد الشَّارِبَة - من الدَّوَابِّ وغيرها - التي يشرعها الناس فيشربون منها ويَسْتَقُون، والتشريع هو أهْوَنُ السَّقْي؛ وذلك لأن مُوْرِدَ الإبِل إذا ورد بها الشريعة، لم يَتْعَبْ في إِسْقَاء الماء لها كما يتعب إذا كان الماء بعيدًا؛ لأنها لا تحتاج مع ظهور مائها إلى نَزْع =

676- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرٌ (1) ، عَنِ الْأَعْمَشِ (2) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ (3) ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَا يَزَالُ الرَّجُلُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يَسْفِكْ دَمًا حَرَامًا، فَإِذَا سَفَكَ دَمًا حَرَامًا نُزِعَ منه الحياء.

_ = بالعَلَق من البئر، ولا حَثْى في الحوض. اهـ. بتصرف من "لسان العرب" (8 / 175 - 176) ، وانظر "النهاية في غريب الحديث" (2 / 460) . (5) أي: كَسَرَ حَرْفَه. "لسان العرب" (12 / 78) . [675] سنده ضعيف لجهالة كُرْدُم، وهذا الإسناد هو نفس إسناد الحديث رقم [667] . وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 629) للمصنِّف وابن المنذر. وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (8 / 16) في جماع أبواب تحريم القتل من كتاب الجنايات، باب أصل تحريم القتل في القرآن، أخرجه من طريق المصنِّف، به مثله، إلا أنه وقع عنده: ((بهيمتي)) بدل قوله: ((ظميّتي)) ، وروى قول سفيان بإسناد مستقلٍّ عن الحديث، من طريق المصنِّف أيضًا. (1) هو ابن عبد الحميد. (2) تقدم في الحديث [3] أن رواية الأعمش عن إبراهيم النخعي محمولة على الاتصال وإن كانت بالعنعنة، وهذه منها. (3) إبراهيم النخعي لم يسمع من ابن مسعود، لكن تقدم في الحديث [3] أيضًا أن مراسيله عن ابن مسعود صحيحة، وهذا منها. [676] سنده صحيح، وأشار إليه الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (12 / 188) من رواية الطبراني الآتية، وذكر أن سنده رجاله ثقات، إلا أنه فيه انقطاعًا، ويعني بالانقطاع بين إبراهيم وابن مسعود، لكنه لا يؤثر على صحة الحديث كما سبق. والحديث عزاه السيوطي في "الدر" (2 / 630) للمصنِّف والبيهقي في "شعب الإيمان" =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وقد أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (9 / 251 رقم 9071) من طريق المصنِّف، به مثله، إلا أنه قال: ((يصب)) بدل قوله: ((يسفك)) . وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (4 / 341 رقم 5327 / بتحقيق زغلول) ، من طريق وكيع، عن الأعمش، به نحوه. وقد صح الحديث مرفوعًا بلفظ: ((لن يزال المؤمن فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لم يصب دمًا حرامًا)) . أخرجه البخاري في "صحيحه" (12 / 187 رقم 6862) في الديات، باب قول الله تَعَالَى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فجزؤاه جهنم} ، من طريق إسحاق بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص، عن أبيه، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عنهما، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، به. ومن طريق إسحاق أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (2 / 94) . والحاكم في "المستدرك" (4 / 351) . والبيهقي في "سننه" (8 / 21) في الجنايات، باب تحريم القتل من السنّة، وفي "شعب الإيمان" (4 / 344 رقم 5338 / بتحقيق زغلول) . وأخرجه الحاكم أيضًا (4 / 350) . والبيهقي في الموضع السابق من "سننه". كلاهما من طريق الدراوردي، عن عبيد الله بن عمر، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، به نحو سابقه.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا} ] 677- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ (1) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَحِقَ الْمُسْلِمُونَ رَجُلًا فِي غُنَيْمِة، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، فَقَتَلُوهُ، وَأَخَذُوا غُنَيْمته، فَنَزَلَتْ: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مؤمنًا} .

_ (1) هو ابن أبي رباح. [677] سنده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه كما سيأتي. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 632) للمصنِّف وعبد الزراق وعبد بن حميد والبخاري والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم. وقد أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 170) . ومن طريقه ابن جرير في "تفسيره" (9 / 75 رقم 10215) . وأخرجه البخاري في "صحيحه" (8 / 258 رقم 4591) في تفسير سورة النساء، باب: {ولا تقولوا لمن ألقى ... } الآية. ومسلم في "صحيحه" (4 / 2319 رقم 22) في التفسير. وأبو داود في "سننه" (4 / 282 رقم 3974) في الحروف والقراءات. والنسائي في "تفسيره" (1 / 398 رقم 136) . وابن جرير (9 / 75 - 76 رقم 10214 و 10216) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 171 / ب) . جميعهم من طريق سفيان بن عيينة، عن عمرو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السلام لست مؤمنًا} ، قال: قال ابن عباس: كان رجل في غُنَيْمة له، فلحقه المسلمون، فقال: السلام عليكم، فقتلوه، =

678- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ حُمَيْد الأَعْرَج (1) ، عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ {لِمَنْ أَلْقَى إليكم السَّلام} (2) .

_ = وأخذوا غُنَيْمته، فأنزل الله في ذلك إلى قوله: {عرض الحياة الدنيا} : تلك الغُنَيْمة. قال - أي عطاء - قرأ ابن عباس: (السلام) . هذا لفظ البخاري، ونحوه لفظ الباقين، إلا أن مسلمًا لم يذكر قوله: ((تلك الغُنيمة)) ، ولم يذكر أبو داود النسائي وابن جرير قول عطاء: قرأ ابن عباس: (السلام) ، وأما ابن أبي حاتم فلفظه نحو لفظ المصنِّف. (1) هو ابن قيس، تقدم في الحديث [31] أنه ثقة. به بأس. (2) اختلف القُرَّاء في هذه الآية، فقرأ نافع وابن عامر وحمزة: ((السَّلَم)) - بفتحتين، وبغير ألف -، وهي قراءة عامة قَرأَة المكيين والمدنيين والكوفيين. وروي عن عاصم الجحْدري: ((السَّلْم)) - بفتح، ثم سكون -. وروي عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجود: ((السَّلْم)) - بفتح، ثم سكون -، وهي قراءة إبراهيم النخعي والحسن البصري وأبي رجاء كما سيأتي في الحديث [679] . وجميع هذه القراءات الثلاث بمعنى الاستسلام والانقياد. وقرأ الباقون: ((السَّلام)) ، أي: التَّحِيَّة، وهي قراءة مجاهد في هذا الحديث، وابن عباس في الحديث السابق، وأبي عبد الرحمن السُّلَمي في الحديث الآتي. وقد رجَّح ابن جرير الطبري القراءة بفتحتين وبغير ألف، فقال: ((والصواب من القراءة في ذلك عندنا: {لمن ألقى إليكم السَّلَمَ} ، بمعنى: من استسلم لكم، مذعنًا لله بالتوحيد، مقرًّا لكم بِمِلَّتِكُم)) . انظر "تفسير الطبري" (9 / 82) ، و"حجة القراءات" (ص209) ، و"فتح الباري" (8 / 258) . [678] سنده صحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 637) وعزاه للمصنِّف وعبد بن حميد.

679- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) (1) بْنِ الأصْبَهاني، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمي (2) ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ} (3) . 680- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ قَالَ: نا مُغِيرة (4) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، وعَوْف (5) ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُمَا كَانَا يَقْرَآنِ: {لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السِّلْم} (6) .

_ (1) في الأصل: ((عبد الرحمن بن زياد بن الأصبهاني)) ، وكثيرًا ما يحدث للناسخ مثل هذا الخطأ إذا كان هناك تشابه في الأسماء وغيرها من العبارات، وليس في الرواة من اسمه: ((عبد الرحمن بن زياد بن الأصبهاني)) ، وإنما شيخ المصنف اسمه: ((عبد الرحمن بن زياد)) ، وهو الرَّصَاصي، صدوق تقدمت ترجمته في الحديث رقم [6] ، و: ((عبد الرحمن بن الأصبهاني)) من شيوخ المصنف كما في ترجمته في الحديث [289] ، وهو ثقة، فدخل اسم الشيخ المصنف في اسم شيخه، هذا مع أني لم أجد من نصّ على أن ابن الأصبهاني يروي عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلمي، ولا عنه عبد الرحمن بن زياد الرصاصي، فالله أعلم. (2) هو عبد الله بن حبيب. (3) انظر التعليق على الحديث السابق. [679] الحديث في إسناده الإشكال المتقدم، فإن كان ما أثبته هو الصواب، وإن كان عبد الرحمن بن زياد سمع من ابن الأصبهاني، وابن الأصبهاني سمع من أبي عبد الرحمن السلمي، فالإسناد حسن لذاته. والحديث عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 637) للمصنِّف وعبد بن حميد. (4) هو ابن مِقْسم، تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه يدلس، لا سيما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه ولم يصرح بالسماع. (5) هو عوف بن أبي جَميلة الأعْرابي، ولم يصرح هشيم بسماع الحديث منه، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وإنما عطفه على سماعه من مغيرة، فالخوف أن يكون هشيم دلَّس هنا تدليس العطف الذي سبق بيانه في الحديث رقم [380] . (6) راجع التعليق على الحديث رقم [677] . [680] سنده ضعيف عن إبراهيم والحسن البصري، وهو صحيح لغيره عن الحسن كما سيأتي. وقال السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 637) : ((وأخرجه سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن أبي رجاء والحسن أنهما كانا يقرآن: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السِّلْم} بكسر السين)) . اهـ. ولم يخرج المصنف سعيد بن منصور رواية أبي رجاء، وإنما رواه عبد بن حميد في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 171 / ب) ، فقال: ثنا أبو نعيم، عن أبي الأشهب، عن أبي رجاء والحسن، أنهما كانا يقرآن: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السلم} - بكسر السين -. وهذا إسناد صحيح عن الحسن البصري وأبي رجاء. وأبو رجاء اسمه: عمران بن مِلْحان العُطَارُدي، تقدم في الحديث [472] أنه ثقة معمّر مخضرم. وأبو الأشهب اسمه: جعفر بن حيّان العطاردي تقدم في الحديث [182] أنه ثقة. وأبو نُعيم هو الفضل بن دُكين - ودُكين لقب، واسمه: عمرو - ابن حماد بن زهير التَّيْمي، مولاهم، الأحول، أبو نُعيم المُلاَئي - بضم الميم -، الكوفي، مشهور بكنيته، ثقة ثبت، روى له الجماعة، وروى هو عن الأعمش والثوري ومالك بن أنس ومسعر وأبي الأشهب العطاردي وغيرهم، روى عنه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعبد بن حميد وأبو زرعة وأبو حاتم وغيرهم، وهو من أكبر شيوخ البخاري، مات سنة ثماني عشرة ومائتين، وقيل: تسع عشرة، كان مولده سنة ثلاثين ومائة. قال يحيى القطان وعبد الرحمن =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَا يَسْتَوِي القَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللهُ المُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى القَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الحُسْنَى وَفَضَّلَ اللهُ المُجَاهِدِينَ عَلَى القَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا} ] 681- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَاد (1) ، عَنْ أَبِيهِ (2) ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ، أَنَّ أَبَاهُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ (3) قَالَ: كُنْتُ (إِلَى) (4) جَنْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،

_ = ابن مهدي: ((أبو نعيم الحجة الثبت)) ، وقال الإمام أحمد: ((أبو نعيم يزاحم به ابن عيينة)) ، فقال له رجل: وأي شيء عند أبي نعيم من الحديث ووكيع أكثر رواية؟ فقال: ((هو على قلة روايته أثبت من وكيع)) ، وقال أبو حاتم: ((سألت علي بن المديني: من أوثق أصحاب الثوري؟ قال: يحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي ووكيع وأبو نعيم، وأبو نعيم من الثقات)) ، وسئل ابن معين عن أصحاب الثوري، أيهم أثبت؟ فقال: ((هم خمسة: يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي ووكيع وابن المبارك وأبو نعيم)) ، وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: ((سألت أبي عن أبي نعيم الفضل بن دكين، فقال: ثقة، كان يحفظ حديثالثوري ومسعر حفظًا جيدًا، كان يحزر حديث الثوري ثلاثة آلآف وخمسمائة حديث، وحديث مسعر نحو خمسمائة حديث، كان يأتي بحديث الثوري عن لفظ واحد لا يغيره، وكان لا يُلّقَّن، وكان حافظًا متقنًا)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (7 / 61 - 62 رقم 353) ، و"التهذيب" (8 / 270 - 276 رقم 504) ، و"التقريب" (ص446 رقم 5401) . (1) تقدم في الحديث [67] أنه صدوق تغير حفظه لما قدم بغداد، لكن ما حدث به في المدينة فهو أصحّ مما حدث به في بغداد، ومن ذلك رواية سليمان بن داود الهاشمي عنه، فإنها مُقَارَبَةٌ كما قال ابن المديني، وقد روى سليمان بن داود هذا الحديث عنه كما سيأتي. =

= فَغشِيَتْهُ السَّكِينة، فَوَقَعَتْ فَخِذُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى فَخِذِي، فَمَا وَجَدْتُ ثِقَلَ شَيْءٍ أَثْقَلَ مِنْ فَخِذِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ، فَقَالَ (5) : ((اكْتُبْ)) ، فَكَتَبْتُ فِي كَتِفٍ: {لَا يَسْتَوِي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله ... } إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، فَقَامَ (6) ابنُ أمِّ مَكْتُوم - وَكَانَ رَجُلًا أَعْمَى - لَمَّا سَمِعَ فَضِيلَةَ الْمُجَاهِدِينَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَكَيْفَ بِمَنْ (7) لَا يَسْتَطِيعُ الْجِهَادَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ خَارِجَةُ: قَالَ زَيْدٌ (8) : فَلَمَّا قَضَى ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ (8) كَلَامَهُ غَشِيَتْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّكِيْنَةُ، فَوَقَعَتْ فَخِذُهُ عَلَى فَخِذِي، فَوَجَدْتُ مِنْ ثِقَلِهَا فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ كَمَا وَجَدْتُ مِنْ ثِقَلِهَا فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى (9) ، ثُمَّ سُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: ((اقْرَأْ يَا زَيْدُ)) ، فَقَرَأْتُ: {لَا يستوي القاعدون من

_ (2) هو عبد الله بن ذَكْوان. (3) هذا الحديث سبق أن رواه المصنِّف في كتاب الجهاد كما سيأتي، ووقع هناك: ((عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ زيد بن ثابت)) . (4) ما بين القوسين ليس في الأصل، فأثبته من رواية المصنف للحديث في كتاب الجهاد. (5) في رواية المصنف في كتاب الجهاد: ((فقال لي)) . (6) في رواية المصنف في كتاب الجهاد: ((فقال)) . (7) في رواية المصنف في كتاب الجهاد: ((من)) . (8) قوله: ((قال خارجة: قال زيد)) ، و: ((ابن أم مكتوم)) غير موجود في رواية المصنف للحديث في كتاب الجهاد. (9) في رواية المصنف للحديث في كتاب الجهاد: ((كما وجدته في المرة الأولى)) .

= المؤمنين} ، (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) (10) : {غَيْرُ أُولِي الضرَّر ... } الْآيَةَ كُلَّهَا. قَالَ: يَقُولُ زَيْدٌ (11) : أَنْزَلَهَا اللَّهُ وَحْدَهَا، (فأَلْحْقُتها) (12) ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى مُلْحَقِها عِنْدَ صَدْعٍ فِي الكَتِف (13) .

_ (10) ما بين القوسين ليس في الأصل، فأثبته من رواية المصنف للحديث في كتاب الجهاد. (11) في رواية المصنف للحديث في كتاب الجهاد: ((فقال زيد)) . (12) في الأصل: ((فألحقها)) ، والتصويب من رواية المصنف للحديث في كتاب الجهاد. (13) زيد بن ثابت كان أحد كُتَّاب الوحي لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - كما في "الإصابة" (2 / 593) ، وهو يحكي هنا سبب نزول قوله تعالى: {غير أولي الضرر} ، فيذكر من حال رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - إذا نزل عليه الوحي أنه تغشاه السكينة، ويعاني من نزول الوحي شدة وثقلاً، حتى إنه ليُحسُّ به مَنْ حوله. وذكر زيد أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - أمره بكتابة هذه الآية أول ما نزلت هكذا: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ والمجاهدون في سبيل الله ... } إلى آخر الآية، ليس فيها ذكر لقوله تعالى: {غير أولي الضرر} ، إلى أن قام الصحابي الجليل ابن أم مكتوم - وهو رجل أعمى -، فاعتذر بعدم قدرته على الجهاد، فجرى له - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَثَلُ ما جرى في المرة الأولى حال نزول الوحي، فأمر - صلى الله عليه وسلم - زيدًا أن يعيد قراءة ما كتب، وأن يلحق في الآية قوله تعالى: {غير أولي الضرر} ، فيذكر زيد أن هذا الجزء من الآية نزل وحده، وأنه ألحقه إلحاقًا، حتى لكأنه ينظر إلى موضع الإلحاق عند شقٍّ في الكتف الذي هو أحد أدوات الكتابة في ذلك العصر كما في "مناهل العرفان" (1 / 361) . [681] سنده حسن لذاته، وهو لغيره بما سيأتي له من طرق. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 640) ، وعزاه للمصنِّف وابن سعد =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = والإمام أحمد وأبي داود وابن المنذر وابن الأنباري والطبراني والحاكم. وسبق أن أخرج المصنِّف هذا الحديث في كتاب الجهاد من "السنن" المطبوعة (2 / 129 - 130 رقم 2314) من نفس الطريق بمثل سياقه هنا، عدا الفروق التي سبقت الإشارة إليها. وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" (4 / 211) . وأبو داود في "سننه" (3 / 24 - 25 رقم 2507) في الجهاد، باب في الرخصة في القعود من العذر. والحاكم في "المستدرك" (2 / 81 - 82) ، وصححه، ووافقه الذهبي. ثلاثتهم من طريق المصنِّف سعيد بن منصور، به نحوه، لكن رواية أبي داود والحاكم أقرب إلى لفظ المصنف هنا من رواية ابن سعد. وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (5 / 190 - 191) من طريق سليمان بن داود وسريج بن النعمان. والطبراني في "المعجم الكبير" (5 / 143 - 145 رقم 4851 و 4852) من طريق آدم بن أبي إياس وسعيد بن أبي مريم ويحيى بن عبد الحميد الحِمَّاني وزهير بن معاوية. والبيهقي في "سننه" (9 / 23 - 24) في السير، باب من اعتذر بالضعف والمرض والزمانة، والعذر في ترك الجهاد، من طريق سعيد بن أبي مريم. جميعهم، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزناد، به نحوه. وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 169) ، فقال: أنا معمر، عن الزهري، عن قَبيصَة بن ذُؤَيْب، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: كنت أكتب لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، فقال: ((اكتب: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ والمجاهدون في سبيل الله} ، فجاء عبد الله بن أُمِّ مَكْتُومٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، إني أحب الجهاد في سبيل الله، ولكن بي من الزَّمَانة ما قد ترى، وذهب بصري. قال زيد: فثقلت فَخِذُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - على فخذي حتى خشيت أن تَرُضَّها، ثم قال: ((اكتب {لا يستوي =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} )) . وهذا إسناد صحيح، فمعمر بن راشد ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهري تقدم أنهما ثقتان. وأما الراوي عن زيد - رضي الله عنه -، فهو: قَبيصَة - بفتح أوّله وكسر الموحّدة - ابن ذُؤَيْب - بالمعجمة، مُصَغَّر - ابن حَلْحَلَة - بمهملتين مفتوحتين، بينهما لام ساكنة -، الخُزاعي، أبو سعيد، أو أبو إسحاق المدني، نزيل دمشق، روى عن عثمان بن عفان وحذيفة وزيد بن ثابت وأبي هريرة وعائشة وأم سلمة وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه ابنه إسحاق والزهري ورجاء بن حيوة ومكحول وأبو قلابة وغيرهم، وهو ثقة مأمون روى له الجماعة، وكان من أولاد الصحابة، ولد عام الفتح وله رؤية، قال الشعبي: ((كان من أعلم الناس بقضاء زيد بن ثابت)) ، وقال مكحول: ((ما رأيت أعلم منه)) ، وذكره أبو الزناد في فقهاء أهل المدينة، قوال ابن سعد: ((كان ثقة مأمونًا كثير الحديث)) ، وقال العجلي: ((مدني تابعي ثقة)) ، وذكره ابن حبان في ثقات التابعين، وقال: ((كان من فقهاء أهل المدينة وصالحيهم)) ، وكانت وفاته سنة بضع وثمانين للهجرة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (7 / 125 رقم 713) ، و"التهذيب" (8 / 346 - 347 رقم 628) ، و"التقريب" (ص453 رقم 5512) . وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (5 / 184) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 91 رقم 10240) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 173 / أ) . والطبراني في "المعجم الكبير" (5 / 161 - 162 رقم 4899) . جميعهم من طريق عبد الرزاق، به. وأخرجه الطبراني أيضًا - مقرونًا برواية عبد الرزاق، من طريق عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ معمر، به. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" (4 / 211 - 212) . والإمام أحمد في "المسند" (5 / 184) . والبخاري في "صحيحه" (6 / 45 رقم 2832) في الجهاد، باب قول الله عز وجل: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غير أولي الضرر ... } الآية، و (8 / 259 رقم 4592) في تفسير سورة النساء من كتاب التفسير، باب: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ والمجاهدون في سبيل الله} . والترمذي في "جامعه" (8 / 390 - 391 رقم 5024) في تفسير سورة النساء من كتاب التفسير. والنسائي في "سننه" (6 / 9 - 10) في الجهاد، باب فضل المجاهدين على القاعدين. وابن الجارود في "المنتقى" (3 / 287 - 288 رقم 1034) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 90 رقم 10239) . والطبراني في "المعجم الكبير" (5 / 133 - 134 رقم 2814 و 2815 و 2816) . جميعهم من طريق محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، قال: حدثني سهل بن سعد الساعدي، أنه رأى مروان بن الحكم في المسجد، فأقبلت حتى جلست إلى جنبه، فأخبرنا أن زيد بن ثابت أخبره، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - أمْلَى عليه: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ والمجاهدون في سبيل الله} ، فجاءه ابن أم مكتوم وهو يُمِلُّها عليّ، قال: يا رسول الله، والله لو أستطيع الجهاد لجاهدت - وكان أعمى -، فأنزل الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وفخذه على فخذي، فثقلت عليّ حتى خفت أن تَرُضَّ فخذي، ثم سُرِّيَ عنه، فأنزل الله: {غير أولي الضرر} . اهـ. واللفظ للبخاري.

682- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حُصَيْن (1) ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّاد (2) ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} ، (قَامَ) (3) ابْنُ أمِّ مَكْتُوم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ فِيَّ مَا تَرَى (4) ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وجل: {غير أولي الضرر} . 683- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ (5) ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ رَأَى ابْنَ أمِّ مَكْتوم فِي بَعْضِ مَوَاطِنِ الْمُسْلِمِينَ وَمَعَهُ لِوَاء الْمُسْلِمِينَ.

_ (1) هو ابن عبد الرحمن السلمي، تقدم في الحديث [56] أنه ثقة تغير حفظه في الآخر، لكن الراوي عنه هنا هو خالد بن عبد الله الطحّان، وهو ممن روى عنه قبل الاختلاط. (2) هو عَبْدَ اللَّهِ بْنَ شَدَّادِ بْنِ الهاد ثقة ولد في عهد النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، إلا أنه لم يسمع منه. انظر ترجمته في الحديث [400] . (3) في الأصل: ((فقام)) ، والتصويب من الموضع الآتي من "الدر المنثور". (4) يعني من فقدان البصر. [682] سنده صحيح إلى عبد الله بن شداد، وهو ضعيف لإرساله، فإن عبد الله لم يسمع من النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كما تقدم، وقد صح الحديث من غير هذا الطريق كما في الحديث السابق. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 642) للمصنِّف وعبد بن حميد وابن جرير. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 93 رقم 10245) من طريق هشيم، قال: أخبرنا حصين ... ، فذكره بنحوه. (5) هو ابن زيد بن جُدْعان، تقدم في الحديث [4] أنه ضعيف.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً} ] 684- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {يَجِدْ فِي الأرض مراغمًا كثيرًا وسعة} قَالَ: مُتَزَحْزَحًا. [قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ المَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا} ] 685- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ (1) ، عَنْ أَبِي بِشْر (2) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ (3) ، أَنَّ رَجُلًا مِنْ خُزَاعة (4) كَانَ بِمَكَّةَ، فَمَرِضَ - وَهُوَ ضَمْرَة بْنُ العِيْص، أَوِ العِيْص بْنُ ضَمْرَةَ بْنِ زِنْبَاع (5) -،

_ = [683] سنده ضعيف لضعف علي بن زيد. وعزاه للسيوطي في "الدر المنثور" (2 / 642) للمصنِّف وعبد بن حميد. وقد أخرجه عبد بن حميد في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 173 / أ) ، فقال: حدثني أبو نعيم، عن ابن عيينة، عن علي بن زيد بن جدعان، عن أنس بن مالك قال: نزلت هذه الآية في ابن أم مكتوم: {غير أولي الضرر} ، لقد رأيته في بعض مشاهد المسلمين معه اللواء. [684] سنده صحيح، لكنه مقطوع من قول سفيان بن عيينة. (1) تقدم في الحديث [8] أنه كثير التدليس، ولم يصرح هنا بالسماع. (2) هو جعفر بن إياس. (3) هو تابعي كما في ترجمته في الحديث [41] ، ولم يذكر هنا عمن أخذ الحديث، فهو مرسل. (4) خزاعة قبيلة من ولد قمعة واسمه عمير، من ولد إِلْياس بن مُضَر بن نزار بن مَعَدّ بن عدنان. انظر "جمهرة أنساب العرب" لابن حزم (ص10) . (5) قال الحافظ ابن حجر: ((اختلف في اسمه واسم أبيه على أكثر من عشرة أوجه)) ، =

= فَأَمَرَ أَهْلَهُ، فَفَرَشُوا لَهُ (عَلَى سَرِيرٍ) (6) ، وَحَمَلُوهُ، وَانْطَلَقُوا بِهِ مُتَوَجِّهًا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَلَمَّا كَانَ بِالتَّنْعِيمِ مَاتَ، فَنَزَلَتْ: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بيته [ل128/أ] مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ على الله} .

_ = ومن أشهر هذه الأوجه: جُنْدَع بن ضَمْرَة بن أبي العاص الجُنْدعي الضَّمْري، أو الليثي. انظر "الإصابة" لابن حجر (1 / 515 - 516 رقم 1235) ، و (3 / 491 - 492 رقم 4194) . (6) ما بين القوسين ليس في الأصل، وما أثبته من الموضع الآتي من "سنن البيهقي" فإنه روى الحديث من طريق المصنِّف. [685] سنده ضعيف لإرساله، وهشيم مدلِّس ولم يصرح هنا بالسماع، لكن تابعه شعبة كما سيأتي. والحديث عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 651) للمصنِّف وعبد بن حميد وابن جرير والبيهقي في "سننه". وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (9 / 14 - 15) في السير، باب: من خرج من بيته مهاجرًا فأدركه الموت في طريقه، من طريق المصنِّف، به مثله، إلا أنه قال: ((وهو ضمرة بن الْعِيصُ بْنُ ضَمْرَةَ بْنِ زِنْبَاعٍ)) . وأخرجه عبد بن حميد في "مسنده" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 175 / ب) . وابن جرير في "تفسيره" (9 / 114 رقم 10282) . وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (1 / ل 332 / أ) . أما عبد فمن طريق عمرو بن عون، وأما ابن جرير فمن طريق يعقوب بن إبراهيم، وأما أبو نعيم فمن طريق زياد بن أيوب، ثلاثتهم عن هشيم، به نحوه، إلا أن أبا نعيم ذكر اسم الرجل مثل البيهقي، وأما رواية عبد ففيها: ((ضمرة بن العيص)) ، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = بلا شك. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (10283) فقال: حدثنا محمد بن بشّار، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بن جبير أنه قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ المَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ} في ضمرة بن العيص بن الزنباع - أو: فلان بن ضمرة بن العيص بن الزنباع -؛ حين بلغ التنعيم مات، فنزلت فيه. وهذا إسناد صحيح إلى سعيد بن جبير، رجاله كلهم ثقات تقدمت تراجمهم. وقد أخرجه البلاذري والسرّاج من طريق أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جبير، به كما في "الإصابة" لابن حجر (1 / 516) . وأخرجه الفريابي في "تفسيره" كما في "الإصابة" (3 / 491) . وابن جرير في "تفسيره" (9 / 118 رقم 10295) . كلاهما من طريق قيس بن الربيع، عَنْ سَالِمٍ الْأَفْطَسِ، عَنْ سَعِيدِ بن جبير قال: لما نزلت: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غير أولي الضرر ... } الآية، ثم ترخّص عنها أناس من المساكين ممن بمكة، حتى نزلت: {إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم ... } الآية، فقالوا: هذه مرجفة، حتى نزلت: {إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً} ، فقال ضمرة بن العيص - أحد بني ليث -، وكان مصاب البصر، وكان موسرًا: لئن كان ذهاب بصري، إني لأستطيع الحيلة؛ لي مال ورقيق، احملوني، فحُمل ودبّ وهو مريض، فأدركه الموت وهو عند التنعيم، فدفن عند مسجد التنعيم، فنزلت فيه خاصة: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إلى الله ورسوله ... } الآية. وقيس بن الربيع تقدم في الحديث [54] أنه تغيّر لما كبر وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدَّث به، لكنه توبع. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = فأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 176 / أ) من طريق إسرائيل بن يونس، عن سَالِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عن أبي ضمرة بن العيص الزُّرَقي الذي كان مصاب البصر، وكان بمكة. فلما نزلت: {إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون} ، فقلت: إنني لغني، وإني لذو حيلة، قال: فتجهز يريد النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأدركه الموت بالتنعيم، فنزلت هذه الآية: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى الله} . وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 171) فقال: أنا ابن عيينة، عن عمرو قال: سمعت عكرمة يقول: كان ناس بمكة قد شهدوا أن لا إله إلا الله، قال: فلما خرج المشركون إلى بدر أخرجوهم معهم، فقتلوا، فنزلت فيهم: {إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم} إلى {فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوًا غفورًا} ، قال: فكتب بها المسلمون الذين بالمدينة إلى المسلمين الذين بمكة، قال: فخرج ناس من المسلمين، حتى إذا كانوا ببعض الطريق طلبهم المشركون، فأدركوهم، فمنهم من أعطى الفتنة فأنزل الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللهِ} ، فكتب بها المسلمون الذين بالمدينة إلى المسلمين الذين بمكة، فقال رجل من بني ضمرة - وكان مريضًا -: أخرجوني إلى الرَّوْح، فأخرجوه، حتى إذا كان بالحصحاص مات، فأنزل الله فيه {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إلى الله ورسوله} الآية، وأنزل في أولئك الذين كانوا قد أعطوا الفتنة: {ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا} إلى {رحيم} . وهذا إسناد ضعيف لإرساله، وسنده صحيح إلى مرسله عكرمة، فسفيان بن عيينة وعمرو بن دينار ثقتان تقدمت ترجمتهما. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 115 - 116 رقم 10287) من طريق عبد الرزاق، به مختصرًا. والرَّوْح هو: نَسيم الرِّيح كما في "النهاية في غريب الحديث" (2 / 272) ، فيكون =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = المعنى: أنه طلب منهم إخراجه إلى المكان الذي يبرز فيه لنسيم الريح. والحَصْحَاصُ - بفتح الحاء وسكون الصاد -: جبل مشرف على ذي طُوَى. "معجم البلدان" (2 / 263) . وأخرجه الأزرقي في "أخبار مكة" (2 / 212) ، فقال: حدثني جدِّي، أخبرنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ..، فذكره بنحو سياق عبد الرزاق. ومن طريق الأزرقي أخرجه الواحدي في "أسباب النزول" (ص170 - 171) . وأخرجه الفاكهي في "أخبار مكة" (4 / 62 - 63 رقم 2382) فقال: حدثنا يعقوب بن حميد ومحمد بن أبي عمر وسعيد بن عبد الرحمن، قالوا: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ... ، فذكره بنحو سياق عبد الرزاق أيضًا. كذا رواه سفيان بن عيينة، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عكرمة مرسلاً. وخالفه محمد بن شريك المكِّي، فرواه عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كان بمكة رجل يقال له ضمرة، من بني بكر، وكان مريضًا، فقال لأهله: أخرجوني من مكة فإني أجد الحرّ، فقالوا: أين نخرجك؟ فأشار بيده نحو المدينة، فمات، فنزلت هذه الآية: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى الله} . أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 175 / ب) ، فقال: حدثنا أحمد بن منصور الرَّمادي، ثنا أبو أحمد الزبيري، ثنا محمد بن شريك، فذكره. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 118 رقم 10294) عن أحمد بن منصور الرمادي، به، لكن تصحف عنده محمد بن شريك إلى: ((شريك)) ، ولعله خطأ طباعي أو من النُّسَّاخ. وذكر الحافظ ابن حجر في "الإصابة" (3 / 492) أن ابن منده علّقه، فقال: ((رواه أبو أحمد الزُّبيري، عن محمد بن شريك، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كان رجل يقال له ضمرة أو: ابن ضمرة ... ، فذكر الحديث)) . اهـ. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وعلّقه أيضًا أبو نعيم في "المعرفة" (1 / ل 332 / أ) ، فقال: ((ورواه أحمد الزبيري، عن محمد بن شريك، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عكرمة، عن ابن عباس، وقال: ضمرة، أو: ابن ضمرة)) . اهـ. ومحمد بن شريك هذا هو أبو عثمان المكِّي، تقدم في الحديث [248] أنه ثقة، لكن سفيان بن عيينة أوثق منه فروايته أرجح، وعليه فالصواب في الحديث أنه عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عكرمة مرسلاً. وله طريق آخر عن عكرمة موصولاً. فأخرجه أبو يعلى في "مسنده" (5 / 81 رقم 2679) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 175 / ب) . والطبراني في "المعجم الكبير" (5 / 272 - 273 رقم 11709) . ومن طريقه أبو نعيم في الموضع السابق من "المعرفة". ثلاثتهم من طريق أشعث بن سَوَّار، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: خرج ضَمْرَةُ بن جُنْدَب من بيته مهاجرًا، فقال لأهله: احملوني، فأخرجوني من أرض المشركين إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -، فمات في الطريق قبل أن يصل إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، فنزل الوحي: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ المَوْتُ ... } حتى بلغ: {وكان الله غفورًا رحيمًا} . قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7 / 10) : ((رواه أبو يعلى، ورجاله ثقات)) . قلت: بل في سنده أشعث بن سَوَّار الكندي القاضي، وتقدم في الحديث [289] أنه ضعيف، وعليه فالحديث ضعيف بهذا الإسناد لأجله. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 117 رقم 10291) ، فقال: حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجّاج، عن ابن جريج، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هذه الآية - يعني قوله: {إن الذين توفاهم الملائكة} - قال: جندب بن ضمرة الجُنْدَعي: اللهم أبلغت في المعذرة والحجّة، ولا معذرة ولا حجّة. قال: ثم خرج وهو شيخ كبير، فمات ببعض الطريق، فقال أصحاب =

686- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرٌ (1) ، عَنْ مَنْصُورٍ (2) ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ (أَبِي) (3) عَيَّاش الزُّرَقي (4) ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعُسْفَان (5) ، وَعَلَى الْمُشْرِكِينَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، فَصَلَّيْنَا الظُّهْرَ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: لَقَدْ أَصَبْنَا غِرَّة (6) ، لَقَدْ أَصَبْنَا غَفْلة، لَوْ كُنَّا حَمَلْنَا عَلَيْهِمْ وَهُمْ فِي الصَّلَاةِ، فَنَزَلَتْ آيَةُ الْقَصْرِ فِيمَا بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، فَلَمَّا حَضَرَتِ الْعَصْرُ، قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَالْمُشْرِكُونَ أَمَامَهُ، فَصَفَّ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَفٌّ، وَبَعْدَ ذَلِكَ الصفِّ صَفٌّ آخَرُ، =

_ = رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -: مات قبل أن يهاجر، فلا ندري، أعلى ولاية أم لا؟ فَنَزَلَتْ: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ المَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ} . وأخرجه الفاكهي في "أخبار مكة" (4 / 64 رقم 2384) من طريق ابن ثور، عن ابن جريج، به نحو سابقه مختصرًا. ومن خلال ما تقدم يتضح أن الحديث روي من طريق سعيد بن جبير وعكرمة مرسلاً، وسنده صحيح إلى كل منهما، فيكون ضعيفًا لإرساله فقط، وقد يكون سعيد وعكرمة أخذاه عن ابن عباس فهما من أخصّ تلاميذه، وقد يكونا أخذاه عن شيخ آخر أو أكثر، فالله أعلم. (1) هو ابن عبد الحميد. (2) هو ابن المعتمر. (3) في الأصل: ((ابن)) ، وما أثبته من المواضع الآتية من "سنن أبي داود" و"معجم الطبراني" و"مستدرك الحاكم" و"سنن البيهقي"، فإنهم رووا الحديث من طريق المصنف، وانظر ترجمته الآتية. (4) أبو عَيّاش الزُّرَقي صحابي شهد أحدًا وما بعدها، قيل: اسمه زيد بن الصامت، أو: =

فَرَكَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَكَعُوا جَمِيعًا، ثُمَّ سَجَدَ وَسَجَدَ الصَّفُّ الَّذِي يَلُونَهُ، وَقَامَ الْآخَرُونَ يَحْرُسُونَهُمْ، فَلَمَّا صَلَّى هَؤُلَاءِ السَّجْدَتَيْنِ وَقَامُوا، سَجَدَ الْآخَرُونَ الَّذِينَ كَانُوا خَلْفَهُمْ، ثُمَّ تَأخَّر الصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ إِلَى مَقَامِ الْآخَرِينَ، وَتَقَدَّمَ الْأَخِيرُ إِلَى مَقَامِ الْأَوَّلِينَ، ثُمَّ رَكَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَكَعُوا (جَمِيعًا) (7) ، ثُمَّ (سَجَدَ) (8) وَسَجَدَ الصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ، وَقَامَ الْآخَرُونَ يَحْرُسُونَهُمْ، فَلَمَّا جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ، سَجَدَ الْآخَرُونَ، ثُمَّ جَلَسُوا جَمِيعًا، فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا. قَالَ (9) : فَصَلَّاهَا بعُسْفان، وَصَلَّاهَا يَوْمَ بَنِي سُلَيْم.

_ = ابن النعمان، وقيل: اسمه عبيد أو: عبد الرحمن بن معاوية مات بعد الأربعين للهجرة في خلافة معاوية - رضي الله عنه -، روى عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، وعنه مجاهد. انظر "الإصابة" (7 / 294 رقم 10309) ، و"التهذيب" (12 / 193 رقم 895) ، و"التقريب" (ص663 رقم 8291) . (5) عُسْفَان - بضم أوّله وسكون ثانية، ثم فاء وآخره نون -: قرية جامعة بها منبر ونخيل ومزارع، بين مكة والمدينة، على بُعد ستة وثلاثين ميلاً من مكة، وهي حَدُّ تُهامة. انظر "معجم البلدان" (4 / 121 - 122) . (6) يفسِّرها ما بعدها، أي: غفلة. انظر "النهاية في غريب الحديث" (3 / 355) . (7) ما بين القوسين ليس في الأصل، فأثبته من "سنن أبي داود" و"مستدرك الحاكم" و"سنن البيهقي". (8) في الأصل: ((سجدوا)) ، والتصويب من المراجع السابقة. (9) أي: أبو عياش الزُّرَقي. [686] سنده صحيح، وقد صححه الدارقطني والحاكم والبيهقي، وغيرهم كما سيأتي. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وعزاه السيوطي في "الدر" (2 / 659) للمصنِّف وعبد الرزاق وابن أبي شيبة والإمام أحمد وعبد بن حميد، وأبي داود والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والدارقطني والطبراني والحاكم والبيهقي. وقد أخرجه أبو داود في "سننه" (2 / 28 رقم 1236) في الصلاة، باب صلاة الخوف، فقال: حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا جرير بن عبد الحميد ... ، فذكره بمثله، إلا أنه قال: ((فنزلت آية القصر بين الظهر والعصر)) ، و: ((وصفّ بعد ذلك الصف)) ، و: ((وتقدم الصف الأخير إلى مقام الصف الأول)) . وبمثل سياق أبي داود أخرجه الحاكم في "المستدرك" (1 / 337 - 338) من طريق المصنِّف أيضًا، ثم قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي. ومن طريق الحاكم أخرجه البيهقي في "سننه" (3 / 256 - 257) في صلاة الخوف، باب العدو يكون وجاه القبلة، ثم قال البيهقي: ((هذا إسناد صحيح، وقد رواه قتيبة بن سعيد عن جرير، فذكر فيه سماع مجاهد من أبي عياش زيد بن الصامت الزرقي)) . وأخرجه أيضًا الطبراني في "المعجم الكبير" (5 / 247 رقم 5140) . والدارقطني في "سننه" (2 / 60 رقم 9) . كلاهما من طريق المصنِّف، به، إلا أنهما لم يذكرا لفظه، وإنما أحالا على الحديث قبله عندهما. وقال الدارقطني عن هذا الطريق: ((صحيح)) . وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 131 رقم 10323) . والدارقطني في الموضع السابق. والبيهقي في الموضع السابق أيضًا. ثلاثتهم من طريق جرير، عن منصور، به نحوه. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (2 / 505 رقم 4237) عن الثوري، عن منصور، به نحوه. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه: الإمام أحمد في "المسند" (4 / 59 - 60) . والطبراني في "المعجم الكبير" (5 / 243 رقم 5132) . والدارقطني في "سننه" (2 / 59 - 60 رقم 8) . وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 463) . والإمام أحمد في "المسند" (4 / 60) . أما ابن أبي شيبة فمن طريق وكيع، عن سفيان الثوري، عن منصور، به نحوه، وأما الإمام أحمد فمن طريق مؤمل، عن سفيان الثوري، عن منصور، به مختصرًا. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 465 - 466) . والإمام أحمد في "المسند" (4 / 60) . والنسائي في "سننه" (3 / 176 - 177) في صلاة الخوف. ثلاثتهم من طريق شعبة، عن منصور، به نحوه. وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (5 / 244 - 245 رقم 5134) من طريق ابن أبي شيبة والإمام أحمد. وأخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده" (ص191 - 192 رقم 1347) ، فقال: حدثنا ورقاء، عن منصور..، فذكره بنحوه. ومن طريق الطيالسي أخرجه: ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 176 / ب) . والطبراني في "المعجم الكبير" (5/ 246 - 247 رقم 5138) . والبيهقي في "سننه" (3 / 254 - 255) في صلاة الخوف، باب أخذ السلاح في صلاة الخوف. =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُورًا رَحِيمًا} ] 687- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ (1) ، قَالَ: نا جَرِيرٌ (2) ، عَنْ لَيْث (3) ، عَنْ أَبِي هُبَيْرة (4) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ (5) ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنَّ فِي الْقُرْآنِ لَآيَتَيْنِ، مَا أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا، ثُمَّ تَلَاهُمَا وَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ إِلَّا غَفَرَ لَهُ، فَسَأَلُوهُ عَنهُمَا، فَلَمْ يُخْبِرْهُمْ، فَقَالَ: عَلْقَمَةُ وَالْأَسْوَدُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: قُم بِنَا، فَقَامَا إِلَى الْمَنْزِلِ، فَأَخَذَا الْمُصْحَفَ، (فَتَصَفَّحا) (6) الْبَقَرَةَ، فَقَالَا: مَا رَأَيْنَاهُمَا، ثُمَّ أَخَذَا فِي النِّسَاءِ حَتَّى انْتَهَيَا إِلَى هَذِهِ الْآيَةِ: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يظلم نفسه =

_ = وأخرجه النسائي في الموضع السابق (ص177) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 158 - 159 رقم 10378) . كلاهما من طريق عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، عن منصور، به نحوه. وأخرجه ابن جرير أيضًا (9 / 131 رقم 10324) . والطبراني أيضًا برقم (5139) . كلاهما من طريق إسرائيل، عن منصور، به نحوه. وأخرجه ابن جرير من طريق شيبان النحوي، عن منصور، مقرونًا، برواية إسرائيل السابقة. وأخرجه الطبراني أيضًا (5 / 243 - 244 و 245 - 246 رقم 5133 و 5135 و 5136 و 5137) من طريق زائدة وداود بن عيسى وعلي بن صالح وجعفر بن الحارث، جميعهم عن منصور، به نحوه، إلا أن لفظ المصنف أتمّ. والحديث ذكره الحافظ ابن كثير في "التفسير" (1 / 548) من رواية أبي داود في "سننه"، ثم قال: ((وهذا إسناد صحيح، وله شواهد كثيرة)) . اهـ. (1) هذا الحديث موضعه في النسخة الخَطِّية بعد الحديث المتقدم برقم [659] ، فأخَّرته في هذا الموضع مراعاة لترتيب الآيات. =

= ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غفورًا رحيمًا} ، فَقَالَا: هَذِهِ وَاحِدَةٌ، ثُمَّ (تَصَفَّحَا) (7) آلَ عِمْرَانَ، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى قَوْلِهِ: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى ما فعلوا وهم يعلمون} (8) ، فَقَالَا: هَذِهِ أُخْرَى، ثُمَّ أَطْبَقَا الْمُصْحَفَ، ثُمَّ أَتَيَا عَبْدَ اللَّهِ، فَقَالَا: هُمَا (هَاتَانِ الْآيَتَانِ) (9) ؟ فَقَالَ عبد الله: نعم.

_ (2) هو ابن عبد الحميد. (3) هو ابن أبي سُلَيم، تقدم في الحديث [9] أنه صدوق اختلط جدًّا، فلم يتميز حديثه فتُرك. (4) هو يحيى بن عَبَّاد بن شَيْبان الأنصاري، أبو هُبَيْرة الكوفي، يروي عن أبيه وجده شيبان - وله صحبة - وعن أنس وجابر وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه سليمان التيمي وإسماعيل السُّدِّي وليث بن أبي سليم وغيرهم، وهو ثقة، روى له الجماعة إلا البخاري، ووثقه يوسف بن سفيان والنسائي، وذكره ابن حبان في الثقات، وكانت وفاته بعد العشرين ومائة. انظر "الثقات" لابن حبان (5 / 521) ، و"التهذيب" (11 / 234 رقم 380) ، و"التقريب" (ص592 رقم 7574) . (5) هو النخعي، ولم يسمع من عبد الله بن مسعود، لكن تقدم في الحديث [3] أن مراسيله عن ابن مسعود صحيحة. (6) في الأصل: (فصحفا)) ، وما أثبته من "معجم الطبراني" حيث روى الحديث من طريق المصنف. (7) في الأصل: ((صفح)) ، والمثبت من "معجم الطبراني". (8) الآية (135) من سورة آل عمران. (9) في الأصل: (هاتين الآيتين) ، والتصويب من الموضع الآتي من "المعجم الكبير" =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا} ] 688- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا نُوحُ بْنُ قَيْسٍ الحُدَّاني، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَيْفٍ، عَنِ الْحَسَنِ (1) قَالَ: لَمْ يَكُنْ حَيٌّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ إِلَّا وَلَهُمْ صَنَمٌ يَعْبُدُونَهُ يُسَمُّونه: أُنْثَى بَنِي فُلَانٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يدعون إلا شيطانًا مريدًا} .

_ = للطبراني حيث روى الحديث من طريق المصنف. [687] سنده ضعيف لضعف ليث بن أبي سليم. وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (9 / 250 - 251 رقم 9070) من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه لم يذكر قوله تعالى: {وهم يعلمون} ، وقال في آخره: ((قالا: هذه أخرى، ثم طبقا الْمُصْحَفَ، ثُمَّ أَتَيَا عَبْدَ اللَّهِ، فقالا: هما هاتان الآيتان؟ قال: نعم)) . قال الهيثمي في "المجمع" (7 / 11) : ((إسناده جيد، إلا أن إبراهيم لم يدرك ابن مسعود)) . قلت: إبراهيم وإن لم يدرك ابن مسعود، فإن مراسيله عنه صحيحة كما سبق، وقد يكون سمعه من الأسود وعلقمة، لكن علّة الحديث ضعف ليث كما تقدم. وتقدم الحديث برقم [526] من طريق أبي إسحاق السبيعي، عن علقمة والأسود، به نحوه، لكن اختلف فيه على أبي إسحاق في ذكر آية آل عمران، أو ذكر آية النساء: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ... } الآية، بدلاً منها كما سبق بيانه. (1) أي البصري. [688] سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مرسِلِه الحسن البصري. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 687) للمصنِّف وابن جرير وابن المنذر. =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ} ] 689- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ وَخَالِدٌ (1) ، عَنْ مُغِيرَةَ (2) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَلَيُغَيِّرُنَّ خلق الله} - قال: دين الله.

_ = وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 209 رقم 10438 و 10439) من طريق يزيد بن هارون ومسلم بن إبراهيم، كلاهما عن نوح بن قيس، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ مُحَمَّدِ بْنِ سيف، عن الحسن، به نحوه. (1) يعني ابن عبد الله الطحّان. (2) هو ابن مقسم، تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه يدلِّس، لا سيّما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه، ولم يصرح بالسماع. [689] سنده ضعيف لأن مغيرة لم يصرح بالسماع. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 690) للمصنِّف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي. وأخرجه الهروي في "ذم الكلام" (2 / ل 168 / أ) من طريق علي بن الجعد، عن هشيم، به مثله. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 218 رقم 10467) من طريق جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مغيرة، به مثله. وأخرجه عبد الرحمن بن الحسن القاضي في "تفسير مجاهد" (ص174) من طريق ورقاء وأبي جعفر الرازي، كلاهما عن مغيرة، به مثله. ومن طريق عبد الرحمن بن الحسن أخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 25) في السبق والرمي، باب كراهية خصاء البهائم، لكن من طريق ورقاء، عن مغيرة فقط.

690- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ حُمَيْد الأعْرج (1) ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: هُوَ الإِخْصَاء (2) . 691- قَالَ حُمَيْد (3) : فَسَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، فَقَالَ: هُوَ دِينُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى.

_ (1) هو ابن قيس الأعرج، تقدم في الحديث [31] أنه ثقة. (2) الإخْصَاء والخِصَاء: سَلُّ الأُنثيين من الفَحْل من الناس والدَّوَابّ. انظر "لسان العرب" (14 / 229 - 231) ، وإنما تُسَلُّ الأنثيان من الدواب لما فيه من تطييب اللحم. انظر "سنن البيهقي" (10 / 25) . [690] سنده صحيح. وعزاه السيوطي في " الدر المنثور" (2 / 689) لعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر. وأخرجه أبو عمرو الداني في "المكتفى" (ص 224) من طريق سعيد بن عبد الرحمن المخزومي، عن سفيان، به بلفظ: الخصاء. وقد أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 173) من طريق عمِّه وهب بن نافع والمثنى بن الصباح، كلاهما عن القاسم بن أبي بزَّة قال: أمرني مجاهد أن أسأل عكرمة في قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} ، قال: هو الخِصاء، فأخبرت مجاهدًا، فقال: أخطأ، {فليغيرن خلق الله} قال: دين الله. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 216 رقم 10454) . ثم أخرجه ابن جرير برقم (10455) من طريق عبد الجبار بن الورد، عن القاسم، به بلفظ أطول من لفظ عبد الرزاق. ثم أخرجه ابن جرير أيضًا برقم (10456 و 10457 و 10462) من طريق ليث ابن أبي سليم ومطر الورّاق، كلاهما عن عكرمة بمثله، ومن طريق قتادة، عن عكرمة بمعناه. (3) أي: ابن قيس الأعرج، وذلك بالإسناد المتقدم إليه: سفيان بن عيينة، عنه. [691] سنده صحيح كسابقه. =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (123) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا} ] 692- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجيح، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَتِ الْعَرَبُ: لَا نُبْعَثُ وَلَا نُحَاسَب، وَقَالَتِ النَّصَارَى: لَنْ تَمَسَّنا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ به} .

_ = وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 690) للمصنِّف وابن المنذر. وأخرجه الداني في "المكتفى" (ص224 - 225) عن سفيان، به مثله، إلا أنه لم يذكر حميدًا في الإسناد. [692] سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مُرْسِلِه مجاهد، وانظر الحديث [184] فيما يتعلق برواية ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 693) للمصنِّف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم. وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (9 / 232 رقم 10500 و 10501 و 10502) من طريق عيسى بن ميمون وشبل وإسماعيل بن عُلَيَّة، ثلاثتهم عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد - في قوله: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الكتاب} - قال: قريش قالت: لن نبعث ولن نعذب. هذا لفظ عيسى، ونحوه لفظ شبل وزاد: فأنزل الله: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجز بِهِ} . وأما إسماعيل فلفظه - في قوله: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ به} -، قال: قالت العرب: لن نبعث ولن نُعذب، وقال اليهود والنصارى: {لن يدخل الجنة إلا من كان هودًا أو نصارى} - أو قالوا: {لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا معدودة} - شكّ أبو بشر - يعني إسماعيل -. ومن طريق إسماعيل أيضًا أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 184 / أ) . =

693- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأعْمش، عَنْ مَسْروق - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ} - قَالَ: احْتَجَّ الْمُسْلِمُونَ وَأَهْلُ الْكِتَابِ، فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: نَحْنُ أَهْدَى مِنْكُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ} ، فَأفْلَجَ (1) عَلَيْهِمُ الْمُسْلِمُونَ بِهَذِهِ الْآيَةِ: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ ... } إلى آخر الآية.

_ = وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (10505) من طريق القاسم بن أبي بزّة، عن مجاهد - في قوله: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ به} -، قال: قالت قريش: لن نبعث ولن نعذب. (1) أي: غَلَبَ. انظر "النهاية في غريب الحديث" (3 / 468) . [693] سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مُرْسِله مسروق من غير هذا الطريق كما سيأتي، وأما هذا الإسناد فسقط منه أبو الضُّحى بين الأعمش ومسروق، فإما أن يكون السقط من المصنِّف، أو النُّسَّاخ، ولا يمكن: أن يكون من الأعمش؛ لأنه رُوي عن أبي معاوية بإثباته. والحديث عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 963) للمصنِّف وابن جرير وابن المنذر. وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 228 - 229 رقم 10492) فقال: حدثني أبو السائب وابن وكيع، قالا: حدثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مسلم، عن مسروق ... ، فذكره بنحوه. ومسلم هذا هو ابن صبيح أبو الضحى الكوفي. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (10491) ، فقال: حدثنا ابن بشّار، حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عن مسروق قال: لما نزلت: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الكتاب} قال أهل الكتاب: =

694- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ (عُمَرَ بْنِ) (1) عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَيْصن (2) ، سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ (3) يُخْبِرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} ، شَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((قَارِبُوا وسَدِّدوا، فَإِنَّ كلَّ مَا يُصَابُ بِهِ الْمُسْلِمُ كفَّارة، حَتَّى الشَّوْكَة يُشَاكُها، والنَّكْبَة (4) يُنْكَبُها)) .

_ = نحن وأنتم سواء، فنزلت هذه الْآيَةِ: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مؤمن} . وهذا مرسل أيضًا، لكن سنده صحيح إلى مسروق، رجاله ثقات تقدموا، فابن بشار هو محمد، وعبد الرحمن هو ابن مهدي، وسفيان هو الثوري، وانظر الحديث رقم [3] فيما يتعلق بتدليس الأعمش. وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 184 / ب - ل 185 / أ) من طريق أبي عوانة، عن الأعمش به نحو سابقه، وزاد في آخره: قال: ففلجوا عليهم. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" برقم (10490) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 183 / ب) . أما ابن جرير فمن طريق محمد بن جعفر غندر، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق أبي داود الطيالسي، كلاهما عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ المعتمر، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ قال: تفاخر النصارى وأهل الإسلام، فقال هؤلاء: نحن أفضل منكم، وقال هؤلاء: نحن أفضل منكم، قال: فأنزل الله: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الكتاب} . هذا لفظ ابن جرير، ولفظ ابن أبي حاتم نحوه. وعزاه السيوطي في "الدر" (2 / 693) أيضًا لابن المنذر. (1) ما بين القوسين سقط من الأصل، فأثبته من "تفسير ابن كثير" (1 / 558) نقلاً عن المصنِّف. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ (2) هو عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَيْصن - بمهملتين مصغّر، آخره نون - أبو حَفْص السَّهْمي، القرشي، المكِّي، كان قارئ أهل مكة كما قال ابن معين، وكان قرين ابن كثير، قرأ على مجاهد وغيره، وروى عن أبيه وصفيّة بنت شيبة ومحمد بن قيس بن مخرمة وغيرهم، روى عنه ابن جريج والثوري وابن عيينة وهشيم وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاث وعشرين ومائة، كان مجاهد يقول: ((ابن محيصن يبني ويرصّ)) - يعني أنه عالم بالعربية والأثر -. انظر "الجرح والتعديل" (6 / 121 رقم 656) ، و"التهذيب" (7 / 474 - 475 رقم 788) . أقول: وقد ذكره ابن حبان في "الثقات" (7 / 178) ، ولم أجد من وثقه سواه، وقد أخرج مسلم حديثه في الشواهد، وحسّن له الترمذي كما سيأتي؛ لأن لحديثه شواهد، وقال عنه الحافظ ابن حجر في "التقريب" (ص415 رقم 4938) : ((مقبول)) ، يعني حيث يتابع، وإلا فليِّن كما صرّح بذلك في المقدمة، وقد توبع ابن محيصن كما سيأتي. (3) هو مُحَمَّدَ بْنَ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمة بن المطلب بن عبد مناف المطَّلِبي القرشي، الحجازي، يقال: له رؤية، روى عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - مرسلاً، وعن أبي هريرة وعَائشة رضي الله عنهما، روى عنه محمد بن عجلان وابن إسحاق وابن جريج وعمر بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَيْصِنٍ وغيرهم، وهو ثقة؛ وثقه العجلي وأبو داود وذكره ابن حبان في ثقات التابعين. "تاريخ الثقات" للعجلي (ص411 رقم 1492) ، و"الثقات" لابن حبان (5 / 369) ، و"التهذيب" (9 / 412 رقم 674) ، و"التقريب" (ص503 رقم 6242) . (4) النَّكْبَةُ: ما يصيب الإنسان من الحوادث. "النهاية في غريب الحديث" (5 / 113) . [694] سنده صحيح؛ فإن عمر بن عبد الرحمن قد توبع، ومن طريقه أخرجه مسلم في "صحيحه" كما سيأتي، وهو في "الصحيحين" من غير هذا الطريق. والحديث نقله الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (1 / 558) عن المصنِّف، به مثله، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = إلا أنه قال: ((يخبر أن أبا هريرة، قال)) ، وقدَّم قوله: ((سددوا)) . وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 697) للمصنِّف وابن أبي شيبة ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في "سننه". وقد أخرجه الحميدي في "مسنده" (2 / 485 رقم 1148) . ومن طريقه البيهقي في "سننه" (3 / 373) في الجنائز، باب ما ينبغي لكل مسلم أن يستشعره من الصبر على جميع ما يصيبه. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (3 / 229 - 230) . ومن طريقه وطريق آخر أخرجه مسلم في "صحيحه" (4 / 1993 رقم 2574) في البر والصلة والآداب، باب ثواب المؤمن فيما يصيبه من مرض أو حزن أو نحو ذلك. وأخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" (1 / 410 رقم 461) . والإمام أحمد في "مسنده" (2 / 248) . والترمذي في "سننه" (8 / 400 - 401 رقم 5029) في تفسير سورة النساء من كتاب التفسير. والنسائي في "تفسيره" (1 / 405 رقم 142) . وابن جرير في "تفسيره" (9 / 240 رقم 10520) . وأبو عمرو الداني في "المكتفى" (ص226 - 227) . جميعهم من طريق سفيان بن عيينة، به نحوه. وأخرجه البخاري في "صحيحه" (10 / 103 رقم 5641 و 5642) في المرضى، باب ما جاء في كفارة المرض. ومسلم في الموضع السابق برقم (2573) . كلاهما من طريق عطاء بن يسار، عن أبي سعيد وعن أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ((مَا يصيب المسلم من نَصَب ولا وَصَب ولا همٍّ ولا حَزَن ولا أذًى ولا غمٍّ، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفرّ الله بها من خطاياه)) . اهـ. واللفظ للبخاري. =

695- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُمَارَةَ بْنِ رُوَيْبَةَ الثَّقَفي (1) ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ به} ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: كَيْفَ الصَّلاحُ بَعْدَ هَذَا؟، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((يَرْحَمُكَ اللَّهُ يَا أَبَا بَكْرٍ! أَلَسْتَ تَمْرَضُ؟ أَلَسْتَ تُصِيبُكَ اللأوَاء (2) ؟)) قَالَ: ((فذاك بذاك)) .

_ = والنَّصَبُ هو: التَّعَبُ، والوَصَبُ: دوام الوَجَع ولزومه. انظر "النهاية في غريب الحديث" (5 / 62 و 190) . (1) هو أبو بَكْرِ بْنِ عُمَارَةَ بْنِ رُوَيْبَة - براء وموحّدة، مصغَّر -، الثقفي، الكوفي، يروي عن أبيه عمارة، روى عنه إسماعيل بن أبي خالد وأبو إسحاق السبيعي ومسعر بن كدام وغيرهم، وهو مقبول، من الطبقة الثالثة كما في "التقريب" (ص624 رقم 7983) ، فقد ذكره البخاري في الكنى من "تاريخه" (ص11 رقم 65) وسكت عنه، وبيّض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (9 / 339 رقم 1499) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (5 / 563) ، وقال الذهبي في "الكاشف" (3 / 316 رقم 56) : ((ثقة)) ، وانظر "تهذيب الكمال" المخطوط (3 / 1585) . وليس لهذا الراوي ترجمة في "تهذيب التهذيب" المطبوع، مع أنه مترجم في باقي كتب رجال الستة، وهو ممن روى له مسلم وأبو داود والنسائي! (2) أي: الشدة وضيق المعيشة. "النهاية في غريب الحديث" (4 / 221) . [695] الحديث أخطأ المصنِّف هنا في إسناده، وصوابه: عن سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي بكر بن أبي زهير، عن أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كما سيأتي، وهو ضعيف بهذا الإسناد لجهالة حال أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ والانقطاع بينه وبين أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، ومعنى الحديث صحيح كما سيأتي، وقد قال الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - في حاشيته على "مسند الإمام" (1 / 68 - 69 رقم 68) في تعليقه على هذا الحديث: ((إسناده ضعيف لانقطاعه؛ فإن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = أبا بكر بن أبي زهير الثقفي من صغار التابعين، ثم هو مستور لم يذكر بجرح ولا تعديل)) . وقال الشيخ ناصر الدين الألباني في تعليقه على الحديث في "شرح العقيدة الطحاوية" (ص369) : ((ضعيف الإسناد، صحيح المعنى)) . والحديث رواه على الصواب: الإمام أحمد ومحمد بن أبي عمر وإسحاق بن بهلول، ثلاثتهم عن سفيان بن عيينة، عن ابن أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بن أبي زهير بدل أَبِي بَكْرِ بْنِ عُمَارَةَ بْنِ رُوَيْبَة. أما الإمام أحمد فأخرجه في "مسنده" (1 / 11) . وأما ابن أبي عمر فأخرجه من طريقه محمد بن إسحاق الكاتب في "المناهي وعقوبات المعاصي" (ل 9 / أ) . وأما إسحاق بن بهلول فأشار إلى روايته الدارقطني في "العلل" (1 / 284 - 285) ؛ فإنه سئل عن هذا الحديث، فأجاب بقوله: ((رواه إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ، واختُلف عنه. فرواه الثوري ويحيى القطان ومروان بن معاوية وعبد الله بن نمير ووكيع ويعلى بن عبيد وابن فضيل وغيرهم، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي زهير، عن أبي بكر. واختُلف عن ابن عيينة. فروه أحمد بن حنبل وإسحاق بن بهلول، عن ابن عيينة على الصواب. ورواه إسحاق بن إسماعيل، عن ابن عيينة، عن ابن أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بن أبي زهير، قال: أراه عن أبي هريرة. وَوَهِمَ فيه. ورواه سعيد بن منصور، عن ابن عيينة، عن إسماعيل، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُمَارَةَ بن رويبة الثقفي. وَوَهِمَ فيه أيضًا. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ورواه هشام بن علي، عن إسماعيل، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عن أبي بكر. وهذا وهم قبيح. والصواب قول الثوري ومن تابعه)) . اهـ. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 242 رقم 10524) من طريق يونس بن عبد الأعلى، قال: حدثنا سفيان - أي ابن عُيَيْنَةَ -، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خالد، قال: أظُنُّه عن أبي بكر الثقفي، عن أبي بكر، به. فيونس هنا رواه على الشك، ولم يبيّن مَنْ أبو بكر الثقفي؛ لأن كلاً من ابن عمارة وابن أبي زهير ثقفي، وكنية كل منهما: أبو بكر. وسيأتي تخريج الحديث من طريق أخرى عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ في الحديث الآتي برقم [696] . وللحديث ثلاث طرق أخرى عن أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. (1) طريق عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، سمعت أبا بكر يقول: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ في الدنيا)) . أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 6) . والبزار في "مسنده" (1 / 75 رقم 21) . وأبو بكر المروزي في "مسند أبي بكر" (ص62 - 63 رقم 22) . وابن الأعرابي في "معجمه" (ص259) . وأبو يعلى في "مسنده" (1 / 27 - 28 رقم 18) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 241 رقم 10522) . والعقيلي في "الضعفاء" (2 / 79) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 184 / أ) . ومحمد بن إبراهيم الجرجاني في "أماليه" (ل 187 / أ) . وابن مردويه في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" (1 / 557) . وأبو نعيم في "الحلية" (1 / 334) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = جميعهم من طريق عبد الوهاب بن عطاء الخَفَّاف، عن زياد الجَصَّاص، عن علي بن زيد بن جدعان، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، به، وبعضهم ذكر في أوّله قصة مرور ابن عمر على ابن الزبير وهو مقتول. وسنده ضعيف جدًّا؛ فيه علي بن زيد بن جدعان، وتقدم في الحديث [4] أنه ضعيف. وفي سنده أيضًا زياد بن أبي زياد الجَصَّاص، أبو محمد الواسطي، بصري الأصل، يروي عن أنس والحسن وابن سيرين وعلي بن زيد وغيرهم، روى عنه هشيم ويزيد بن هارون وعبد الوهاب بن عطاء وغيرهم، وهو ضعيف، من الطبقة الخامسة، قال ابن معين: ((ليس بشيء)) ، وضعّفه جدًّا، وقال أبو زرعة: ((واهي الحديث)) ، وقال أبو حاتم: ((منكر الحديث)) ، وقال النسائي: ((ليس بثقة)) ، وقال الدارقطني: ((متروك)) ، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ((ربما وهم)) ، وقال البزار: ((ليس به بأس، وليس بالحافظ)) ، وقال العجلي: ((لا بأس به)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 532 رقم 2405) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع (9 / 470 - 471) ، و"تهذيب التهذيب" (3 / 368 رقم 675) ، و"التقريب" (ص219 رقم 2077) . ومع ضعف زياد هذا فنه قد اختُلف عليه في الحديث. فقد سئل الدارقطني في "العلل" (1 / 224 - 226 رقم 29) عن هذا الحديث، فقال: ((هو حديث يرويه زياد الجصاص، واختُلف عنه. فرواه عبد الوهاب الخفّاف، عن زياد الجصاص، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ مجاهد، عن ابن عمر، عن أبي بكر. وخالفه أبو عصام العباداني، فرواه عن زياد الجصاص، عن سالم، عن ابن عمر، عن عمر. ورواه سليم بن حيان، عن أبيه، عن ابن عمر، عن الزبير بن العوام. وقيل: عن سليم، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عن الزبير، قال ذلك عبد الرحيم =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ابن سليم بن حيان، عن أبيه، وسليم ثقة، ويشبه أن يكون الوهم من ابنه، وكلها ضعاف)) . اهـ. وقد أشار هذا الاختلاف أيضًا البزار والعقيلي. وله طريق آخر عن ابن عمر. أخرجه عبد بن حميد في "مسنده" (ص31 رقم 7) . ومن طريقه وطريق آخر أخرجه الترمذي (8 / 401 - 403 رقم 5030) في تفسير سورة النساء من كتاب التفسير. وأخرجه أيضًا أبو بكر المروزي في "مسند أبي بكر" (ص57 - 59 رقم 20) . وأبو يعلى في "مسنده" (1 / 29 - 30 رقم 21) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 184) . وابن مردويه في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" (1 / 558) . وأبو عمرو الداني في "المكتفى" (ص225 - 226) . جميعهم من طريق رَوْح بن عبادة، ثنا موسى بن عبيدة الرَّبَذي، قال: أخبرني مولى ابن سباع، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عمر يحدث عن أبي بكر الصديق قال: كنت عند رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، فأنزلت هَذِهِ الْآيَةِ: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يجز به} ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((يَا أَبَا بَكْرٍ، ألا أقرئك آية أنزلت علي؟)) قال: قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قال: فأقرأنيها، قال: فلا أعلم إلا أني وجدت انفصامًا في ظهري حتى تَمَطَّأتُ لها، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((ما شأنك يا أبا بكر؟)) فقلت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، وأيُّنا لم يعمل سوءًا؟ وإنما لمجزِيُّون بما عملنا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((أما أنت يا أبا بكر وأصحابك المؤمنون، فتجزون بذلك في الدنيا حتى تلقوا الله عز وجل وليست لكم ذنوب، وأما الآخرون، فيُجمع ذلك لهم حتى يجزوا به يوم القيامة)) . ومعنى قوله: ((تَمَطَّأت)) أي: تمددت. انظر "لسان العرب" (15 / 284 - 285) . والحديث بهذا الإسناد ضعيف. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = قال الترمذي: ((هذا حديث غريب، وفي إسناده مقال، وموسى بن عبيدة يُضَعَّف في الحديث، ضعَّفه يحيى بن سعيد وأحمد بن حنبل، ومولى ابن سباع مجهول، وقد روي هذا الحديث من غير هذا الوجه عن أبي بكر، وليس له إسناد صحيح أيضًا)) . اهـ. (2) طريق عطاء بن أبي رباح مرسلاً، قال: لما نزلت: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ به} قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَشَدَّ هَذِهِ الْآيَةَ! قال: ((يا أبا بكر، إنك تمرض، وإنك تحزن، وإنك يصيبك أذى، فذاك بذاك)) . أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 246 - 247 رقم 10533) من طريق الربيع بن صبيح، عن عطاء. ثم أخرجه برقم (10534) من طريق ابن جريج، قال: أخبرني عطاء بن أبي رباح قال: لما نزلت قال أبو بكر: جاءت قاصمة الظهر، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((إنما هي المصيبات في الدنيا)) . وسنده ضعيف لإرساله. (3) طريق أبي الضُّحى مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْح، قَالَ: قَالَ أبو بكر..، الحديث، وهو الآتي برقم [700] ، وهو حديث ضعيف لإرساله. وللحديث شواهد، منها حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - المتقدم برقم [694] ، ومنها حديث عائشة رضي الله عنها الآتي برقم [699] ، وهما حديثان صحيحان، فالحديث بمجموع طرقه السابقة وهذين الشاهدين صحيح لغيره، وانظر الحديثين الآتيين رقم [696 و 697] ، والله أعلم.

696- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَلَف بْنُ خَلِيفة (1) ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، قَالَ: نا أَبُو بَكْرٍ (2) - فِي زَمَنِ الحَجّاج -، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ [ل218/ب] سوءًا (3) يجز به} ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ الصَّلاحُ بَعْدَ هَذَا؟ فَقَالَ: ((يَا أَبَا بَكْرٍ، أَمَا تَهْتَمّ؟ أَمَا تَحْزَنُ؟ أَمَا تُصِيبُكَ الّلأوَاء؟)) . قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: ((فهذا بهذا)) .

_ (1) تقدم في الحديث [76] أنهد صدوق اختلط في الآخر. (2) هو فيما يظهر أبو بكر بن أبي زُهَير الثَّقَفي الآتي في الحديث رقم [697] ، واسم أبي زهير معاذ بن رباح، روى أبو بكر هذا عن أبيه معاذ وله صحبة، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، وأرسل عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ الله عنه -، وروى عنه إسماعيل بن أبي خالد وأميّة بن صفوان، وهو مقبول من الطبقة الثالثة كما في "التقريب" (ص622 رقم 7965) ؛ ذكره البخاري في الكنى من "تاريخه" (ص10 رقم 63) وسكت عنه، وبيّض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (9 / 338 - 339 رقم 1498) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (5 / 562) ، وانظر "التهذيب" (12 / 24 رقم 127) . (3) قوله تعالى: {سوءًا} كتبه الناسخ في أسفل (ل 128 / أ) على أنه بداية (ل 128 / ب) ، ولم يكتبه فيها. [696] الحديث صحيح لغيره كما في الحديث السابق، وأما بهذا الإسناد فهو ضعيف لجهالة حال أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ، والانقطاع بينه وبين أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وأما خلف بن خليفة فإنه قد توبع كما سيأتي. وذكره الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (1 / 557) من رواية الإمام أحمد الآتية، عن عبد الله بن نمير، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، ثم قال: ((ورواه سعيد بن منصور عن خلف بن خليفة، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، به)) . وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 696) وعزاه للإمام أحمد وهنّاد =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وعبد بن حميد والحكيم الترمذي وابن جرير وأبي يعلى وابن المنذر وابن حبان وابن السني في "عمل اليوم والليلة" والحاكم والبيهقي في "شعب الإيمان" والضياء المقدسي في "المختارة". ومدار الحديث على إسماعيل بن أبي خالد، وله عنه أكثر من تسع عشرة طريقًا: (1) طريق سفيان بن عيينة، عنه، وهي الطريق التي سبق الكلام عنها في الحديث السابق وبيان ما فيها من الاختلاف على سفيان. (2) طريق خلف بن خليفة، عن إسماعيل، وهي التي أخرجها المصنف هنا عنه. (3) طريق أبي معاوية محمد بن خازم، عن إسماعيل، وهي الآتية برقم [697] . (4) طريق سفيان الثوري، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: كيف الإصلاح بعد هذه الآية يا رسول الله {فمن يعمل سوءًا يجز به} ؟ فإن عملنا سوءًا، نجز به؟ فقال: ((غفر الله لك يا أبا بكر - ثلاث مرات -، ألست تمرض؟ ألست تنصب؟ ألست تصيبك اللأواء؟ فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا تُجْزَوْنَ بِهِ في الدنيا)) . أخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص97 رقم 227) . ومن طريق الثوري أخرجه الحاكم في "المستدرك" (3 / 74 - 75) وقال: ((هذا حديث صحيح الإسناد)) ، ووافقه الذهبي. ومن طريق الحاكم أخرجه البيهقي في "سننه" (3 / 373) في الجنائز، باب ما ينبغي لكل مسلم أن يتشعره من الصبر على جميع ما يصيبه، وفي "شعب الإيمان" (7 / 151 رقم 9805 / تحقيق زغلول) . (5) طريق يحيى بن سعيد القَطَّان، عن إسماعيل، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي زهير، عن أبي بكر الصديق، به نحو سابقه. وأخرجه أبو بكر المروزي في "مسند أبي بكر" (ص147 رقم 111) . وأبو يعلى في "مسنده" (1 / 97 - 98 رقم 98 و 99 و 100) . ومن طريق أبي يعلى أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (ص105 رقم 392) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وابن حبان في "صحيحه" (7 / 189 رقم 2926 / الإحسان) . وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 243 رقم 10528) . والبيهقي في الموضع السابق من "شعب الإيمان". (6) طريق وكيع بن الجرَّاح، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي زهير الثقفي، قال: لما نزلت: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ به} ، قال: فقال: أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنا لنجازى بكل سوء نعمله؟ فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((يَرْحَمُكَ اللَّهُ يَا أبا بكر، ألست تغضب؟ ألست تحزن؟ ألست تصيبك اللأواء؟ فهذا ما تجزون به)) . أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 11) واللفظ له. وأبو يعلى في "مسنده" (1 / 97 - 98 رقم 99) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 242 - 243 رقم 10527) . (7) طريق عبد الله بن نمير، عن إسماعيل، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي زهير قال: أُخبرت أن أبا بكر قال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ الصَّلَاحُ..، الحديث بنحو سياق سفيان الثوري السابق. أخرجه الإمام أحمد في الموضع السابق من "مسنده". ورواية ابن نمير هذه أوضحت أن أبا بكر بن أبي زهير أخذ الحديث عن واسطة أبهمه ولم يفصح باسمه. (8) طريق يعلى بن عبيد، عن إسماعيل، عن أبي بكر الثقفي، قال: قال أبو بكر ... ، الحديث بنحو سياق الثوري أيضًا. أخرجه الإمام أحمد أيضًا في الموضع السابق من "مسنده"، وانظر "المسند" بتحقيق الشيخ أحمد شاكر رحمه الله (1 / 69 رقم 70) . (9) طريق عَبْدة بن سليمان، عن إسماعيل، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي زهير، عن أبي بكر، به نحو سياق الثوري أيضًا. أخرجه هَنَّاد بن السَّرِيّ في "الزهد" (1 / 248 رقم 429) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ (10) طريق يزيد بن هارون، عن إسماعيل، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي زهير الثقفي، قال: قال أبو بكر..، فذكره بنحو سياق الثوري أيضًا. أخرجه أبو بكر المروزي في "مسند أبي بكر" (ص147 - 148 رقم 112) . (11) طريق عثمان بن علي، عن إسماعيل، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي زهير، عن أبي بكر الصديق ... ، به بنحو سياق الثوري أيضًا. أخرجه أبو يعلى في الموضع السابق من "مسنده" برقم (98) . (12) طريق حَكَّام بن سَلْم، عن إسماعيل، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي زهير، عن أبي بكر الصديق أنه قال: يا نبي الله، كيف الصلاح ... ، الحديث بنحو سياق سفيان الثوري. أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 241 - 242 رقم 10523) . (13) طريق هشيم بن بشير، عن إسماعيل، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي زهير، أن أبا بكر قال للنبي ?: كيف الصلاح ... ، الحديث بنحو سياق الثوري أيضًا. أخرجه ابن جرير أيضًا برقم (10525) . (14) طريق أبي مالك الجَنْبي عمرو بن هاشم، عن إسماعيل، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يا رسول الله ... ، الحديث بنحو سياق الثوري. أخرجه ابن جرير أيضًا برقم (10526) . (15) طريق عقبة بن خالد، عن إسماعيل، به نحو سابقه. أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 184 / أ) . (16) طريق وَرْقَاء بن عمر، عن إسماعيل، عن أبي زهير الثقفي، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ الله عنه -، أنه سأل النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} ، فقال النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((رحمك الله يا أبا بكر! أما تصيبك المصيبة؟ أما تحزن؟ أما تمرض؟)) . علّقه ابن أبي حاتم في "العلل" (2 / 96 رقم 1781) عن روَّاد بن الجرَّاح، عن ورقاء هكذا بتسمية أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ: أبا زهير. =

697- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِير (1) ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي زُهَير قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ: كَيْفَ الصَّلاح بَعْدَ هذه الآية: {من

_ = قال ابن أبي حاتم: ((فسمعت أبي يقول: هذا خطأ؛ إنما هو: إسماعيل، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي زهير، عن أبي بكر الصديق، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -)) . اهـ. (17) طريق خالد بن عبد الله الطَّحّان الواسطي، عن إسماعيل، به مثل رواية حكام ابن سلم المتقدمة برقم (12) . أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (7 / 170 - 171 رقم 2910 / الإحسان) . (18) طريق أسْباط بن محمد، عن إسماعيل، عن قيس قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ الله، إنا لنؤاخذ بكل ما نعمل؟ فقال: ((يَرْحَمُكَ اللَّهُ يَا أَبَا بَكْرٍ أليس تمرض؟ أليس تحزن؟ أليس تصيبك اللأواء؟ فذلك ما تجزون به في الدنيا)) . أخرجه أبو محمد الخلدي في "فوائده" (ل 62 / ب) من طريق عبيد بن أسباط، عن أبيه. وسيأتي تنبيه الدارقطني على وهم من رواه هكذا. (19) ذكر الدارقطني في "العلل" (1 / 285) أن عَثَّام بن علي رواه عن إسماعيل، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عن أبي بكر. قال الدارقطني: ((وهذا وهم قبيح، والصواب قول الثوري ومن تابعه)) . وهناك طريقان آخران لم أقف على من أخرجهما، وهما: طريق مروان بن معاوية وطريق محمد بن فضيل، ذكر الدارقطني في "العلل" (1 / 284) أنهما وافقا سفيان الثوري على روايته، وانظر الحديث الآتي بعده، والحديث رقم [700] . (1) هو محمد بن خازم. =

يعمل سوءًا يجز به} ؟ قَالَ: ((يَا أَبَا بَكْرٍ، أَلَسْتَ تَمْرَضُ؟ أَلَسْتَ تُصِيبُكَ اللأوَاء؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا تُجْزَوْنَ بِهِ)) . 698- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَاصِمٍ الأحْوَل (1) ، عَنِ الْحَسَنِ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يجز به} -، قَالَ الْحَسَنُ: إِنَّمَا ذَاكَ لِمَنْ أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَوَانَهُ، فَأَمَّا مَنْ أَرَادَ اللَّهُ كَرَامَتَهُ، فَإِنَّهُ يَتَجَاوز عَنْ سَيِّئَاته، وَعْدَ الصدق الذي كانوا يوعدون.

_ [697] سنده ضعيف لجهالة حال أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ والانقطاع بينه وبين أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وهو صحيح لغيره كما سبق بيانه في الحديث رقم [695] ، وانظر تخريجه في الحديث السابق. (1) هو عاصم بن سليمان، تقدم في الحديث [47] أنه ثقة. [698] سنده صحيح. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 699) للمصنِّف وابن أبي شيبة وهنّاد والحكيم والترمذي والبيهقي. وقد أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (7 / 153 رقم 9812 / تحقيق زغلول) من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال: ((إنما)) بدل قوله ((لمن)) ، وهو خطأ إما من الطباعة، أو من الناسخ. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (14 / 42 رقم 17497) . وهنّاد بن السَّرِيّ في "الزهد" (1 / 248 رقم 430) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 238 رقم 10516) . ثلاثتهم من طريق أبي معاوية، به، ولفظ ابن أبي شيبة وهنّاد مثله، إلا أنهما قالا: ((في أصحاب الجنة وعد الصدق)) . وأما ابن جرير فلفظه نحو لفظ ابن أبي شيبة وهناد.

699- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْب، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ بَكْرَ بْنَ سَوَادَةَ (1) حَدَّثَهُ، أَنَّ يَزِيدَ بْنَ أَبِي يَزِيدَ (2) حَدَّثَهُ، عَنْ عُبيد بْنِ عُمير، عَنْ عَائِشَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَجُلًا تلى هذه الآية: {ن يعمل سوءًا يجز به} ، فَقَالَ: إِنَّا لَنُجْزَى بِكُلِّ عَمَلٍ عَمِلْنَاهُ؟ هَلَكْنَا! فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: ((نَعَمْ، يُجزى بِهِ الْمُؤْمِنُ فِي الدُّنْيَا، فِي نَفْسِهِ، فِي جسده، فيما يؤذيه)) .

_ (1) هو بكر بن سَوَادة بن ثُمَامة الجُذَامي، أبو ثمامة المصري، يروي عن عبد الرحمن بن جُبير المصري وسعيد بن المسيب والزهري وغيرهم، يروي عنه جعفر بن ربيعة والليث بن سعد وابن لهيعة وعمرو بن الحارث وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثمان وعشرين ومائة، وهو ثقة فقيه؛ وثقه ابن سعد وابن معين والنسائي، وقال أبو حاتم: ((لا بأس به)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (2 / 386 رقم 1504) ، و"التهذيب" (1 / 483 - 484 رقم 888) ، و"التقريب" (ص126 رقم 742) . (2) يزيد بن أبي يزيد هذا مجهول يروي عن عُبيد بن عمير، لم يرو عنه سوى بكر بن سوادة ذكره البخاري في "تاريخه الكبير" (8 / 371 رقم 3365) وسكت عنه، وبيَّض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (9 / 298 رقم 1269) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (7 / 631) ، وانظر "تعجيل المنفعة" (ص298 رقم 1193) . وقد فرّق البخاري، وابن أبي حاتم - تبعًا لأبيه - وابنُ حبّان بين يزيد هذا وبين يزيد بن أبي يزيد الأنصاري مولى مَسْلَمة بن مخلَّد الأنصاري الذي يروي عن امرأته عن عائشة، وعنه بُكير بن عبد الله الأشجّ والحارث بن يعقوب والد عمرو بن الحارث، وجزم الخطيب في "الموضح" (1 / 203) بأنهما واحد، واستدلّ بحديث رواه، وفيه أَنَّ يَزِيدَ بْنَ أَبِي يَزِيدَ مولى مسلمة بن مخلّد يرويه عن عبيد بن عمير، لكنه حديث لا يصحّ كما نبّه عليه الشيخ عبد الرحمن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = المعلمي - رحمه الله- في تعليقه على "الموضح" حيث قال: ((أما حجّة الخطيب على أنهما واحد فحاصلها: أنه قد جاء خبر آخر عن عبيد بن عمير من طريق راو عنه يقال له: يزيد بن أبي يزيد ووُصِفَ بأنه مولى مسلمة بن مخلّد، فأخَذَ من هذا أَنَّ يَزِيدَ بْنَ أَبِي يَزِيدَ الذي روى عن عبيد بن عمير الخبر الذي ذكره البخاري ينبغي أن يكون هو يزيد بن أبي يزيد الذي روى عن عبيد بن عمير الخبر الآخر، وقد وُصف بأنه مولى مسلمة بن مخلَّد، وهي قرينة قويّة، إلا أن السند واهٍ، المُفِيدُ متَّهم، وابن لهيعة حاله معروفة)) . اهـ. قلت: المُفِيدُ هو: محمد بن أحمد بن محمد بن يعقوب المفيد الذي روى الحديث عن الحسن بن علي المعمري، عن ميمون بن أصبغ، عن ابن أبي مريم، عن ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد عن يزيد هذا. [699] سنده ضعيف لجهالة يزيد بن أبي يزيد، وهو صحيح لغيره كما سيأتي. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 697) للمصنِّف وأحمد والبخاري في "تاريخه" وأبي يعلى وابن جرير والبيهقي في "شعب الإيمان". وقد أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (6 / 65 - 66) . والبخاري في "تاريخه الكبير" (8 / 371) . وأبو يعلى في "مسنده" (8 / 135 و 253 رقم 4675 و 4839) . وابن حبان في "صحيحه" (7 / 186 رقم 2923 / الإحسان) . والبيهقي في "شعب الإيمان" (7 / 151 رقم 9806 و 9807 / تحقيق زغلول) . جميعهم من طريق عبد الله بن وهب، به نحوه، إلا أن اسم يزيد بن أبي يزيد تصحّف في "مسند أبي يعلى" إلى: يزيد بن أبي حبيب، فلست أدري، هل التصحيف في أصل النسخة، أو من التحقيق؟ ولفظ البخاري مختصر، وزاد البيهقي في أحد ألفاظه فقال: ((في جسده وماله)) . وعزاه الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7 / 12) لأحمد وأبي يعلى وقال: ((رجالهما رجال الصحيح)) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وصحح سنده السيوطي في الموضع السابق من "الدر المنثور". والظاهر أن يزيد هذا اشتبه عليهما بيزيد بن أبي يزيد الرِّشْك، فإنه يُشتبه به كثيرًا، قال الحافظ ابن حجر في "تعجيل المنفعة" (ص298) : ((وقد أغفل الحسيني ذكر هذا الرجل في التذكرة وفي رجال المسند، ولم يستدركه شيخنا الهيمثي عليه، ولا من تبعه، فإنهم ظنوا أنه يزيد بن أبي زيد الرِّشْك، وليس كذلك)) . اهـ. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 246 رقم 10532) فقال: حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا أبو عامر الخزّاز، قال: حدثنا ابْنِ أَبِي مُلَيْكَة، عَنْ عَائِشَةَ قالت: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لأعلم أشدَّ آية في القرآن، فقال: ((ما هي يا عائشة؟)) قلت: هي هذه الآية يا رسول الله: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} ، فقال: ((هو يصيب العبد المؤمن، حتى النكبة ينكبها)) . وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات تقدمت تراجمهم، عدا أبي عامر الخزّاز واسمه: صالح بن رُسْتُم، فإنه صدوق كثير الخطأ كما في ترجمته في الحديث [459] . وابن أبي مليكة اسمه: عبد الله بن عبيد الله. وعليه فالحديث بهذا الإسناد ضعيف لضعف أبي عامر من قبل حفظه، وهو حسن لغيره بالطريق التي رواها المصنف. وأخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" (3 / 657 رقم 1249) . وابن جرير أيضًا (9 / 244 رقم 10530) . أما إسحاق فمن طريق النَّضْر بن شُمَيل، وأما ابن جرير فمن طريق رَوْح بن عبادة، كلاهما عن أبي عامر الخَزَّاز، به، وفيه زيادة. وأصل الحديث في "الصحيحين" عنها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -: ((ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفّر الله بها عنه حتى الشوكة يشاكها)) . أخرجه البخاري (10 / 103 رقم 5640) في المرضى، باب ما جاء في كفارة المرض. =

700- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأعْمش، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْح قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَشَدَّ هَذِهِ الْآيَةَ {مَنْ يَعْمَلْ سوءًا يجز به} ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((يَا أَبَا بَكْرٍ، إِنَّ الْمُصِيبَةَ فِي الدُّنْيَا جَزَاءٌ)) .

_ = ومسلم (4 / 1992 رقم 48 و 49 و 50) في البر والصلة والأداب، باب ثواب المؤمن فيما يصيبه من مرض أو حزن أو نحو ذلك. كلاهما من طريق عروة بن الزبير، عنها رضي الله عنها. وأخرجه مسلم برقم (51) من طريق عمرة، عنها. وأخرجه أيضًا برقم (46 و 47) من طريق الأسود قال: دخل شباب من قريش على عائشة وهي بمنى وهم يضحكون، فقالت: ما يضحككم؟ قالوا: فلان خَرَّ على طُنب فُسْطاط فكادت عُنُقه أو عينه أن تذهب، فقالت: لا تضحكوا؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ((مَا من مسلم يشاك شوكة فما فوقها إلا كُتبت له بها درجة ومُحيت عنه بها خطيئة)) . [700] هو حديث صحيح لغيره كما سبق بيانه في الحديث رقم [695] ، وأما بهذا الإسناد فضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مُرْسِِلِه أبي الضُّحى مسلم بن صُبيح، وقد روي عنه، عن مسروق ولا يصح كما سيأتي. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 696 - 697) وعزاه للمصنِّف وهناد وابن جرير وأبي نعيم في "الحلية" وابن مردويه، لكن جعله من رواية مسروق، وسيأتي بيان ذلك. فالحديث أخرجه هنّاد بن السَّرِيّ في "الزهد" (1 / 250 رقم 434) فقال: حدثنا أبو معاوية ... ، فذكره بمثله. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 243 رقم 10529) من طريق أبي السائب وسفيان بن وكيع، كلاهما عن أبي معاوية، به مثله. وأخرجه ابن مردويه في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" (1 / 558) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأبو نعيم في "الحلية" (8 / 119) . كلاهما من طريق شيخهما أبي أحمد محمد بن أحمد بن إسحاق الأنماطي، عن محمد بن عبد بن عامر، عن يحيى بن يحيى النيسابوري، عن الفضيل بن عياض، عن سليمان بن مهران الْأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْحٍ، عن مسروق بن الأجدع، قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَشَدَّ هَذِهِ الْآيَةِ: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يجز به} ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((المصائب والأمراض والأحزان في الدنيا جزاء)) . والحديث موضوع بهذا الإسناد؛ آفته محمد بن عَبْدِ بن عامر بن مِرْداس بن هارون بن موسى، أبو بكر السَّغُدي التميمي السَّمَرْقَندي، يروي عن يحيى بن يحيى النيسابوري وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي وقتيبة بن سعيد وغيرهم، روى عنه أحمد بن عثمان الأَدَمي وإسماعيل الخطبي وأبو بكر الشافعي وغيرهم، وهو كذاب يضع الحديث، قال الدارقطني: ((يكذب ويضع)) ، وقال أبو سعيد بن يونس: ((لم يكن بالمحمود في الحديث)) ، وقال الخليلي: ((ضعيف لا يُعْبَأُ به، قد اشتهر كذبه)) ، وقال الإدريسي: ((يحدِّث المناكير على الثقات، ويتهم بالكذب، وكأنه كان يسرق الأحاديث والأفرادات يحدث بها ويتابع الضعفاء والكذابين في رواياتهم عن الثقات بالأباطيل)) ، وترجم له الخطيب وأطال في ترجمته، وذكر جملة من الأحاديث بتهمه بسرقتها ووضعها، ومن جملة ما قال: ((وهذان الحديثان لا أصل لهما عند ذوي المعرفة بالنقل فيما نعلمه، وقد وضعهما محمد بن عبد إسنادًا ومتنًا، وله أحاديث كثيرة تشابه ما ذكرناه، وكلها تدل على سوء حاله وسقوط روايته)) ، وقال الذهبي: ((معروف بوضع الحديث)) ، وكانت وفاته في حدود سنة ثلاثمائة للهجرة. اهـ. من "تاريخ بغداد" (2 / 386 - 390 رقم 905) ، و"ميزان الاعتدال" (3 / 633 رقم 7900) ، و"لسان الميزان" (5 / 271 - 272 رقم 931) . وعليه فالصواب في الحديث أنه من رواية أبي الضُّحَى مسلم بن صُبَيْح، مرسلاً، =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} ] 701- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ (1) ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْري، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ رَافِعَ بْنَ خَدِيج تَزَوَّجَ ابْنَةَ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَة، فَأَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَها، فَقَالَتْ: لَا تُطَلِّقْنِي، وأمْسِكْني، واقْسِمْ لِي مَا بَدَا لَكَ أَنْ تُقْسِمَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أن يصلحا بينهما صلحًا} ، فجَرَت السُّنَّةُ بِأَنَّ الرَّجُلَ إِذَا كَانَتْ عِنْدَهُ امْرَأَةٌ فَكَبُرَتْ، وَكَرِهَهَا، فَأَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَهَا، فَصَالَحَتْهُ عَلَى صُلْحٍ، فَلَهُ أَنْ يُمْسِكَهَا وَيَقْسِمَ لها ما شاء.

_ = فيكون ضعيفًا لإرساله، وهو صحيح لغيره كما سبق والله أعلم. (1) هذا الحديث في الأصل متأخِّر هو والحديث بعده عن الحديث الآتي برقم [703] ، فقدّمتهما عليه مراعاة لترتيب الآيات. [701] سنده ضعيف لإرساله؛ لأن سعيد بن المسيب تابعي لم يشهد الحادثة، لكن الصواب فيه أنه عن سعيد، عن رافع بن خديج كما سيأتي، وهو صحيح. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 711) للمصنِّف والشافعي وابن أبي شيبة والبيهقي. وقد أخرجه الشافعي في "الأم" (5 / 171) ، وفي "مسنده" (2 / 28 رقم 86 و 87 / ترتيب) . وابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 202) . كلاهما عن سفيان بن عيينة، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ كانت تحته بنت محمد بن مسلمة، فكره من أمرها إما كبرًا أو غيره، فَأَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَهَا، فَقَالَتْ: لَا تطلقني، واقسم لي ما شئت، فجرت السنة بذلك، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = فنزلت: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نشوزًا أو إعراضًا} هذا لفظ ابن أبي شيبة ونحوه لفظ الشافعي. ومن طريق الشافعي أخرجه الواحدي في "أسباب النزول" (ص178) . والبيهقي في "سننه" (7 / 75 و 296) في النكاح، باب ما يستدلّ به على أنَّ النَّبِيَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - في سوى ما ذكرنا ووصفنا ... ، وفي القسم والنشوز، باب ما جاء في قول اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إعراضًا ... } الآية. وقد اختلف على الزهري في هذا الحديث. فرواه سفيان بن عيينة، عنه، عن سعيد بن المسيبُ مرسلاً كما سبق. وأخرجه الإمام مالك في "الموطأ" (2 / 548 - 549 رقم 57) في النكاح، باب جامع النكاح، عن ابن شهاب الزهري، عن رافع بن خديج، أنه تزوج بنت محمد بن مسلمة الأنصاري، فكانت عنده حتى كبرت، فتزوج عليها فتاة شابّة، فآثر الشابة عليها، فناشدته الطلاق، فطلَّقها واحدة، ثم أمهلها، حتى إذا كادت تحلُّ، راجَعَها، ثم عاد، فآثر الشابة، فناشدته الطلاق، فطلقها واحدة، ثم راجعها، ثم عاد فآثر الشابة، فناشدته الطلاق، فقال: ما شئتِ، إنما بقيت واحدة، فإن شئت استَقرَرْتِ على ما ترين من الأُثْرة، وإن شئت فارقتك، قالت: بل أستقرّ على الأُثْرة، فأمَسكَها على ذلك، ولم ير رافع عليه إثمًا حين قرَّت عنده على الأثرة. كذا رواه الإمام مالك، فأسقط سعيد بن المسيب من الإسناد، وجعله عن الزهري، عن رافع بن خديج. ورواه معمر عن الزهري، أن ابن المسيب، وعن سليمان بن يسار، أن رافع بن خديج قال في قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ من بعلها نشوزًا} ، قال: كانت تحته امرأة قد خلا من سنها، فتزوج عليها شابة ... ، ثم ذكر الحديث بنحو سياق الإمام مالك السابق، ولم يذكر قوله: ((ولم ير رافع ... )) الخ، وزاد في آخره قوله: فذلك الصلح الذي بلغنا أن الله تعالى أنزل فيه: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا} . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 175) عن معمر، به هكذا موصولاً. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 275 رقم 10600) . والحاكم في "المستدرك" (2 / 308 - 309) . قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي. وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 188 / أ) . والبيهقي في الموضع السابق من "سننه". أما ابن أبي حاتم فمن طريق أبيه، وأما البهقي فمن طريق علي بن محمد بن عيسى، كلاهما عن أبي اليمان، عن شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، أخبرني سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار ... ، فذكر كلامًا من قولهما في فقه قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ من بعلها نشوزًا ... } إلى تمام الآيتين، ثم قال الزهري: وقد ذكرا لي - سعيد وسليمان -: أن رافع بن خديج الأنصاري - وكان مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -، وكانت عنده امرأة، حتى إذا كبرت، تزوّج عليها فتاة شابة ... ، ثم ذكر الحديث بنحو سياق الإمام مالك السابق، وذكر الزيادة التي ذكرها عبد الرزاق، إلا أنه لم يذكر الآية. فتلّخص مما سبق أن سفيان بن عيينة وشعيبًا روياه عن الزهري، عن سعيد مرسلاً، وأن معمرًا والإمام مالك بن أنس جعلاه عن رافع بن خديج موصولاً، إلا أن الإمام مالكًا لم يذكر سعيد بن المسيب، فالذي يظهر أن الزهري - رحمه الله - كان ينشط أحيانًا فيذكر الحديث موصولاً كما رواه معمر عنه، ويسقط منه أحيانًا سعيد بن المسيب كما في رواية الإمام مالك عنه، ويرسله أحيانًا كما في رواية ابن عيينة وشعيب عنه، ومعمر قد أقام إسناده، وهو من أثبت الناس في الزهري، قال ابن معين: ((أثبت الناس في الزهري مالك ومعمر)) ، وفي رواية قال: ((معمر أثبت في الزهري من ابن عيينة)) . انظر "التهذيب" (10 / 244) . وقد وافق معمرًا على ذكر رافع في سنده مالك، ووافقه على ذكر سعيد في =

702- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ (1) ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَاد (2) ، عَنْ هِشَام بْنُ عُرْوَة، عَنْ أَبِيهِ (3) ، قَالَ أنْزِلَت فِي سَوْدَة (4) وأشباهِها: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نشوزًا أو إعراضًا} قَالَ: ذَلِكَ أَنَّ سَوْدَةَ بنتَ زَمْعَةَ قَدْ أسَنَّت، فَفَرِقَتْ (5) أَنْ يُفَارِقَها رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَضَنَّتْ (6) بِمَكَانِهَا مِنْهُ، وَعَرَفَتْ مِنْ حُبِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَائِشَةَ، وَمَنْزِلَتِهَا مِنْهُ، فَوَهَبَتْ يَوْمَهَا مِنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَائِشَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهَا، فَقَبِلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم.

_ = سنده سفيان وشعيب، وعليه فالحديث صحيح على شرط الشيخين كما قال الحاكم ووافقه عليه الذهبي، والله أعلم. (1) هذا الحديث في الأصل متأخر هو والحديث قبله عن الحديث الآتي برقم [703] ، فقدّمتهما عليه مراعاة لترتيب الآيات. (2) تقدم في الحديث [67] أنه صدوق تغير حفظه منذ قدم بغداد، وكان فقيهًا، وأنه أثبت الناس في هشام بن عروة، لكن الراوي عنه هنا هو سعيد بن منصور ولم يتبين هل روى عنه قبل اختلاطه أو لا؟ وقد خالفه أحمد بن يونس كما سيأتي. (3) يعني عروة بن الزبير. (4) هي سَوْدَة بنت زَمْعَةَ بن قيس بن عبد شمس العَامِريَّة القرشية، أم المؤمنين رضي الله عنها، تزوجها النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعد خديجة وهو بمكة، وماتت سنة خمس وخمسين للهجرة على الصحيح. اهـ. من "تهذيب التهذيب" (12 / 426 - 427 رقم 2820) ، و"التقريب" (ص748 رقم 8612) . (5) أي: خافت وفزعت. انظر "النهاية في غريب الحديث" (3 / 438) . (6) أي شحَّت وبَخِلت. المرجع السابق (3 / 104) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ [702] سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح لغيره كما سيأتي، وقد رواه غير المصنِّف عن ابن أبي الزناد فوصله وهو الصواب، وانظر "فتح الباري" (9 / 313) . والحديث نقله الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (1 / 562) عن المصنف بمثله، إلا أنه قال: ((أنزل الله في سودة)) ، وبعد أن ذكر الآية قال: ((وذلك أن سودة كانت امرأة قد أسنّت)) ، وقال: ((ومنزلها)) ، بدل: ((ومنزلتها)) . ومن طريق المصنف أخرجه البيهقي في "سننه" (7 / 297) في القسم والنشوز، باب ما جاء في قوله اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خافت من بعلها نشوزًا ... } الآية، ولفظة مثل لفظ المصنف هنا، إلا أنه قال: ((أنزل)) بدل: ((أنزلت)) ، وبعد أن ذكر الآية قال: ((وذلك أن سودة - رضي الله عنها - كانت امرأة قد أسنّت)) . قال البيهقي: ((ورواه أحمد بن يونس، عن ابن أبي الزناد موصولاً كما سبق ذكره في أول كتاب النكاح)) . قلت: هذه الرواية أخرجها أبو داود في "سننه" (2 / 601 - 602 رقم 2135) في النكاح، باب في القسم بين النساء، فقال: حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا عبد الرحمن - يعني ابن أَبِي الزِّنَادِ -، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَتْ عائشة: يا ابن أختي، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - لا يفضِّل بعضنا على بعض في القسم، من مُكثه عندنا، وكان قلّ يوم إلا وهو يطوف علينا جميعًا، فيدنو من كل امرأة من غير مسيس، حتى يبلغ إلى التي هو يومها فيبيت عندها، ولقد قالت سودة بنت زمعة حين أسنّت وفرقت أَنْ يُفَارِقَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -: يا رسول الله، يومي لعائشة، فَقَبِلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - منها، قالت: نقول: في ذلك أنزل الله تعالى وفي أشباهها - أُراه قال: - {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نشوزًا} . ومن طريق أبي داود أخرجه البيهقي في الموضع الذي أشار إليه من "سننه" (7 / 74 - 75) في النكاح، باب ما يستدل به على أنَّ النَّبِيَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - في سوى ما ذكرنا ووصفنا من خصائصه من الحكم بين الأزواج فيما يحلّ منهن ويحرم =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = بالحادث لا يخالف حلاله حلال الناس. وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (2 / 186) من طريق الحسن بن علي بن زياد، عن أحمد بن يونس، به نحو سياق أبي داود، ثم قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي. كذا رواه أحمد بن يونس عن ابن أبي الزناد موصولاً، فخالف رواية المصنِّف سعيد بن منصور، ورواية أحمد بن يونس أصح، فقد ذكر الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (1 / 562) أن ابن مردويه أخرج الحديث في "تفسيره" من طريق أبي بلال الأشعَري، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزناد، به نحو رواية أحمد بن يونس، وكذا رواه أيضًا عبد الله بن وهب والواقدي. قال ابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 272 رقم 10588) : حدثنا الربيع بن سليمان وبحر بن نصر، قالا: حدثنا ابن وهب، قال: حدثني ابن أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قالت: أنزل الله هذه الآية في المرأة إذا دخلت في السنّ، فتجعل يومها لامرأة أخرى، قالت: ففي ذلك أنزلت: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بينهما صلحًا} . وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" (8 / 53) من طريقه شيخه محمد بن عمر الواقدي، عن ابن أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قالت: كانت سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ قَدْ أَسَنَّتْ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - لا يستكثر منها، وقد علمت مكاني مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - وأنه يستكثر مني، فخافت أن يفارقها، وضنّت بمكانها عنده، فقالت: يا رسول الله، يومي الذي يصيبني لعائشة، وأنت منه في حلّ، فقبله النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وفي ذلك نزلت: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نشوزًا أو إعراضًا ... } الآية. وأخرجه مسلم في "صحيحه" (2 / 1085 رقم 47) في الرضاع، باب جواز هبتها نوبتها لضرّتها. والنسائي في "عشرة النساء" (ص81 - 82 رقم 48) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وابن أبي داود في "مسند عائشة" (ص65 رقم 35) . وابن حبان في "صحيحه" (6 / 205 رقم 4198 / الإحسان بتحقيق الحوت) . والبيهقي في الموضع السابق (7 / 74) . جميعهم من طريق جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عن عائشة قالت: ما رأيت امرأة أحب إلي من أن أكون في مِسْلاخِها من سودة بنت زمعة، من امرأة فيها حِدَّة، قالت: فلمّا كَبِرَتْ جعلت يَوْمَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - لعائشة، قالت: يا رسول الله، قد جعلت يومي منك لعائشة، فكان رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - يقسم لعائشة يومين: يومها ويوم سَوْدة. اهـ. واللفظ لمسلم. وقولها: ((مِسْلاخِها)) ، كأنها تمنّت أن تكون في مثل هديها وطريقتها، ومِسْلاخُ الحيَّة: جِلْدُها. "النهاية في غريب الحديث" (2 / 389) . وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (6 / 68 و 76 - 77) . والبخاري في "صحيحه" (9 / 312 رقم 5212) في النكاح، باب المرأة تهب يومها في زوجها لضرّتها، وكيف يقسم ذلك. ومسلم في الموضع السابق برقم (48) . وابن ماجه في "سننه" (1 / 634 رقم 1972) في النكاح، باب المرأة تهب يومها لصاحبتها. أما الإمام أحمد فمن طريق شريك وعبد الله بن المبارك، وأما البخاري فمن طريق زهير، وأما مسلم فمن طريق عقبة بن خالد وزهير وشريك وأما ابن ماجه فمن طريق عبد العزيز بن محمد الدَّرَاوَرْدي، كلهم عن هشام، به بمعنى حديث جرير السابق، وزاد شريك في حديثه: قالت: وكانت أوَّل امرأة تزوّجها بعدي. وأخرجه البخاري في "صحيحه" (8 / 265 رقم 4601) في تفسير سورة النساء من كتاب التفسير، باب: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نشوزًا أو إعراضًا} . ومسلم في "صحيحه" (4 / 2316 رقم 13 و 14) في كتاب التفسير. والنسائي في "تفسيره" (1 / 408 - 409 رقم 145) . =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ المَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالمُعَلَّقَةِ} ] 703- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ (1) ، قَالَ: نا فُضَيْل بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: سألت عَبِيْدَةَ (2) (عن) (3) قوله

_ = أما البخاري فمن طريق عبد الله بن المبارك، وأما مسلم فمن طريق عَبْدة بن سليمان وأبي أسامة حماد بن أسامة، وأما النسائي فمن طريق أبي معاوية، جميعهم عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أبيه، عن عائشة - في قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا} -، أنزلت في المرأة تكون عند الرجل لا يستكثر منها، فيريد أن يُطلِّقَها ويتزوج غيرها، فتقول: لا تطلقني، وأمسكني، وأنت في حلٍّ من النفقة والقسمة لي، فأنزل الله عز وجل: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بينهما صلحًا} . اهـ. واللفظ للنسائي، وهو أتمّ. وله شاهد من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال: خشيت سَوْدة أن يُطلِّقها النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقالت: لا تطلِّقني، وأمسكني، واجعل يومي لعائشة، ففعل، فنزلت: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بينهما صلحًا والصلح خير} ، فما اصطلحا عليه من شيء فهو جائز. أخرجه الترمذي في "سننه" (8 / 403 رقم 5031) في تفسير سورة النساء من كتاب التفسير، من طريق سِمَاك، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، به، ثم قال الترمذي: ((هذا حديث حسن صحيح غريب)) . (1) هذا الحديث في الأصل متقدِّم على الحديث السابق والذي قبله، فأخّرت هذا مراعاة لترتيب الآيات. (2) هو السَّلْماني. (3) في الأصل: ((في)) ، وما أثبته من الموضع الآتي من "سنن البيهقي" حيث روى الحديث من طريق المصنِّف. =

عز وجل: {فلن تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ ولو حرصتم} ، قَالَ: فأوْمَى بِيَدِهِ إِلَى صَدْرِهِ، فَقَالَ: فِي الحُبِّ والمُجَامعة. [قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ} ] 704- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضيل بْنُ غَزْوان (4) ، عَنْ عُبيد الْمُكْتِب (5) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ (6) قَالَ: إن الرجل ليجلس في

_ [703] سنده صحيح. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 713) لابن أبي شيبة والبيهقي. وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (7 / 298) في القسم والنشوز، باب ما جاء في قول الله عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كالمعلقة} ، أخرجه من طريق المصنِّف، به مثله. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 285 رقم 10627 و 10629 و 10630 و 10632) من طريق سفيان الثوري وحفص بن غياث وجرير بن عبد الحميد، ثلاثتهم عن هشام، به بلفظ: في الحب والجماع، ولم يذكروا قوله: ((فأومى بيده إلى صدره)) ، ولم يذكر حفص قوله: ((الحب)) . وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 176) من طريق أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عبيدة - في قوله: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النساء ولو حرصتم} -، قال: في المودّة، كأنه يعني الحبّ. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير برقم (10633) . وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 233) من طريق أشعث، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنِ عبيدة قال: الحب والجماع. (4) تقدم في الحديث [12] أنه صدوق. =

= الْمَجْلِسِ، فيتكلَّم (بِالْكَلِمَةِ) (7) ، فيَرْضَى اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا، فَتُصِيبُهُ الرَّحْمَةُ، فَتَعُمُّ مَنْ حَوْلَه. وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَجْلِسُ فِي الْمَجْلِسِ، فَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ، (فيَسْخَطُ اللهُ بِهَا) (8) ، فَيُصِيبُهُ السَّخَط، فيَعُمُّ مَنْ حَوْلَه. 705- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلِ (9) ، عَنْ حَجَّاج بْنِ دِينَارٍ (10) ، عَنْ عَامِرِ بْنِ شَقِيق (11) ، عَنْ أَبِي وَائِل (12) نحوًا

_ (5) هو عبيد بن مِهْران، تقدم في الحديث [240] أنه ثقة. (6) هو النخعي. (7) في الأصل: ((بالكلم)) ، وما أثبته من الموضع الآتي من "السنن" للمصنف حيث أعاد الحديث. (8) ما بين القوسين ليس في الأصل، فأثبته من رواية المصنف للحديث في كتاب الزهد كما سيأتي. [704] سنده حسن لذاته عن إبراهيم. وأعاده المصنف في كتاب الزهد من "سننه" (ل 199 / أ) ، باب ما جاء في الرجل يتكلم بكلمة فيَرْضَى اللهُ بها، من نفس الطريق بمثله، إلا أنه قال: ((فتصيبه السخطة فتعمّ من حوله)) . وأخرجه هَنَّاد بن السَّريّ في "الزهد" (2 / 553 رقم 1146) متابعًا للمصنِّف، فقال: حدثنا ابن فضيل ... ، فذكره بنحوه. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 718) لابن المنذر وابن جرير. وقد أخرجه ابن جرير من طريق إبراهيم التيمي، عن إبراهيم النخعي وأبي وائل شقيق بن سلمة في قصة سيأتي ذكرها في تخريج الحديث الآتي. (9) تقدم أنه صدوق. (10) هو حَجَّاج بن دينار الأشْجعي، وقيل: السُّلَمي، مولاهم، الواسطي، يروي عن الحكم بن عتيبة ومنصور بن المعتمر وأبي بشر جعفر بن إياس وغيرهم، روى =

= مِنْ هَذَا، وَزَادَ فِيهِ: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غيره إنكم إذًا مثلهم} .

_ = عنه إسرائيل وشعبة ومحمد بن بشر العبدي ومحمد بن فضيل وغيرهم، وهو لا بأس به، من الطبقة السابعة كما في "التقريب" (ص153 رقم 1125) ، فقد وثقه عبد الله بن المبارك وعلي بن المديني وزهير بن حرب ويعقوب بن شيبة والعجلي وأبو داود وابن عمار والترمذي، وزاد: ((مقارب الحديث)) ، وقال عَبْدة بن سليمان: ((حدثنا حجاج بن دينار، وكان ثبتًا)) ، وقال الإمام أحمد: ((ليس به بأس، روى عنه شعبة)) ، وقال ابن معين: ((صدوق ليس به بأس)) ، وقال أبو زرعة: ((صالح صدوق، لا بأس به، مستقيم الحديث)) ، وقال أبو حاتم: ((يكتب حديثه ولا يحتجّ به)) ، وقال ابن خزيمة: ((في القلب منه)) ، وقال الدارقطني: ((ليس بالقوي)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 159 - 160 رقم 681) ، و"التهذيب" (2 / 200 - 201 رقم 371) . ولم أجد من نصّ على أن حجاج بن دينار ممن روى عن عامر بن شقيق، لكن سماعه منه محتمل جدًّا؛ فإن طبقتهما متقاربة، وشعبة قد روى عن كل منهما، وبلداهما متقاربان، فحجاج واسطي وعامر كوفي. (11) هو عامر بن شَقيق بن جَمْرة - بالجيم والراء - الأسَدي، الكوفي، يروي عن أبي وائل شقيق بن سلمة، روى عنه إسرائيل ومسعر وشعبة والسفيانان وغيرهم، وهو لا بأس به كما قال النسائي، وقد روى عامر هذا عن أبي وائل، عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - أنَّ النَّبِيَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - كان يخلل لحيته، وحديثه هذا صححه عدد من الأئمة، منهم الترمذي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم وغيرهم، ونقل الترمذي عن البخاري أنه قال: ((أصحّ شيء في التخليل عندي: حديث عثمان)) ، قال الترمذي: قلت: إنهم يتكلمون في هذا؟ فقال: ((هو حسن)) ، وذكر ابن حبان عامرًا هذا في الثقات، وقال ابن معين: ((ضعيف الحديث)) ، وقال أبو حاتم: ((شيخ =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ليس بقوي، وليس من أبي وائل بسبيل)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (6 / 322 رقم 1801) ، و"تحفة الأشراف" (7 / 256 رقم 9809) ، و"التهذيب" (5 / 69 رقم 111) . وذكره الذهبي في "الكاشف" (2 / 55 رقم 2554) وقال: ((صدوق ضُعِّف)) . وذكره الحافظ ابن حجر في "التقريب" (ص287 رقم 3093) وقال: ((ليِّن الحديث، من السادسة)) . (12) هو شَقِيق بن سلمة. [705] سنده حسن لذاته، وهو صحيح لغيره كما سيأتي. وأعاده المصنف في كتاب الزهد من "سننه" (ل 199 / أ) ، باب ما جاء في الرجل يتكلم بكلمة فَيَرْضَى اللهُ بها، فقال: نا محمد بن فضيل، نا حَجَّاجِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَامِرِ بن شقيق، عن شقيق بن سلمة بنحو من هذا، ثم تلا هذه الآية ... ، فذكرها. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 718) لابن المنذر وابن جرير. وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (9 / 321 رقم 10708) فقال: حدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنِ الْعَوَّامِ بْنُ حَوْشَبٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عن أبي وائل قال: إن الرجل ليتكلم بالكلمة في المجلس من الكذب ليضحك بها جلساءه، فيسخط الله عليهم. قال - أي التيمي -: فذكرت ذلك لإبراهيم النخعي، فقال: صدوق أبو وائل، أو ليس ذلك في كتاب الله: {أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ} ؟ وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 192 / ب) فقال: حدثنا أبي، ثنا عبد الرحمن بن محمد بن سَلام الطرسوسي، ثنا يزيد بن هارون ... ، فذكره بنحو سياق ابن جرير. وهذا إسناد حسن لذاته. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = إبراهيم بن يزيد التيمي تقدم في الحديث [11] أنه ثقة. والراوي عنه العَوَّام بن حَوْشب تقدم في الحديث [11] أيضًا أنه ثقة ثبت فاضل. ويزيد بن هارون تقدم في الحديث [43] أنه ثقة متقن عابد. والراوي عن يزيد هو: عبد الرحمن بن محمد بن سَلاَّم - بالتشديد - ابن ناصح البغدادي، ثم الطَّرَسوسي، أبو القاسم مولى بني هاشم، وقد ينسب إلى جده، يروي عن يزيد بن هارون وأبي معاوية وأبي داود الطيالسي وسعيد بن منصور وغيرهم، روى عنه أبو داود والنسائي وأبو حاتم الرازي وغيرهم، وهو لا بأس به، قال أبو حاتم: ((شيخ)) ، وقال النسائي: ((ثقة)) ، وقال مرة: ((لا بأس به)) ، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ((ربما خالف)) ، وقال الدارقطني: ((ثقة)) ، وكانت وفاته سنة إحدى وثلاثين ومائيتن. اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 282 - 283 رقم 1346) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (2 / 815) ، و"تهذيب التهذيب" (6 / 266 رقم 525) ، و"التقريب" (ص349 رقم 4000) . والراوي عن عبد الرحمن هذا هو: محمد بن إدريس بن المنذر الحَنْظَلَي، أبو حاتم الرازي، يروي عن محمد بن عبد الله الأنصاري وعفان بن مسلم وأبي نعيم وغيرهم، روى عنه أبو داود والنسائي وابن ماجه وابنه عبد الرحمن وغيرهم، وهو إمام ثبت حافظ تغني شهرته عن التعريف به، وثقه النسائي، وقال الخَلاَّل: ((أبو حاتم إمام في الحديث)) ، وقال ابن خراش: ((كان من أهل الأمانة والمعرفة)) ، وقال اللالكائي: ((كان إمامًا عالمًا بالحديث، حافظًا له، متقنًا ثبتًا)) ، وفضائله رحمه الله كثيرة، فانظرها في ترجمة ابنه له في مقدمة "الجرح والتعديل" (1 / 349 - 368) ، وانظر معه "التهذيب" (9 / 31 - 34 رقم 40) ، و"التقريب" (ص467 رقم 5718) . وقد كانت وفاته سنة سبع وسبعين ومائتين. وعليه فالحديث بهذا الطريق يكون صحيحًا لغيره، والله أعلم. =

607- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمة بْنِ وَقَّاص اللَّيْثي (1) ، عَنْ أَبِيهِ (2) ، عَنْ جَدِّهِ (3) ، عَنْ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ (4) ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ، فَيَكْتُبُ اللَّهُ لَهُ بِهَا رِضْوَانَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ، وَإِنَّ الرَّجُلَ ليتكلَّم بِالْكَلِمَةِ مِنْ سُخْط اللَّهِ، مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ، فَيَكْتُبُ اللَّهُ لَهُ (5) (بِهَا) (6) سُخْطَه إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ)) .

_ (1) تقدم في الحديث [4] أنه صدوق. (2) هو عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ الليثي المدني، روى عن أبيه، لم يرو عنه سوى ابنه محمد، ذكره البخاري في "التاريخ الكبير" (6 / 355 رقم 2618) وسكت عنه، وبيّض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (6 / 251 رقم 1387) ، وصحح له الترمذي هذا الحديث كما سيأتي، وصحح له ابن خزيمة حديثًا آخر كما في "التهذيب" (8 / 79 - 80 رقم 119) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (5 / 174) وأخرج حديثه هذا في الصحيح، وصححه الحاكم وغيره أيضًا كما سيأتي. وقال الحافظ ابن حجر في "التقريب" (ص424 رقم 5080) : ((مقبول)) ؛ يعني حيث يتابع وإلا فليِّن كما صرّح به في المقدمة، وقد توبع كما سيأتي. (3) هو علقمة بن وَقَّاص - بتشديد القاف -، اللَّيْثي، المدني، روى عن عمر بن الخطاب وابنه عبد الله بن عمر وبلال بن الحارث ومعاوية وعمرو بن العاص وعائشة رضي الله عنهم، روى عنه ابناه عبد الله وعمرو والزهري ومحمد بن إبراهيم التيمي وابن أبي مليكة وغيرهم، وهو تابعي ثقة ثبت من الطبقة الثانية، أخطأ من زعم أن له صحبة، وقد ذكره مسلم في طبقة الذين ولدوا في حياة النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكذا قال ابن عبد البر في "الاستيعاب": إنه ولد على عهده - صلى الله عليه وسلم -، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وكانت وفاته في خلافة عبد الملك بن مروان، وقد روي له الجماعة، ووثقه العجلي والنسائي وابن سعد، وزاد: ((قليل الحديث)) . اهـ. من "الطبقات" لابن سعد (5 / 60) ، و"تاريخ الثقات" للعجلي (ص324 رقم 1164) ، و"التهذيب" (7 / 280 - 281 رقم 488) ، و"التقريب" (ص397 رقم 4685) . (2) هو بلال بن الحارث المُزَني، أبو عبد الرحمن المدني، صحابي ذكره ابن سعد في الطبقة الثالثة من المهاجرين، يقال: إنه أول من قَدِمَ من مُزَينة عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - في رجال من مزينة، وذلك سنة خمس من الهجرة، وكانت وفاته سنة ستين للهجرة، وله من العمر ثمانون سنة. "الجرح والتعديل" (2 / 395 رقم 1544) ، و"التهذيب" (1 / 501 - 502 رقم 929) ، و"التقريب" (ص129 رقم 777) . (5) من قوله: ((بها رضوانه)) إلى هنا أُلحق بالهامش مع الإشارة لدخوله في الصلب، والإلحاق بخط الناسخ نفسه. (6) ما بين القوسين من الموضع الآتي من "السنن" للمصنِّف (ل 199 / أ) حيث أعاد الحديث. [706] سنده فيه عمرو بن علقمة وهو مقبول إذا توبع، وقد توبع كما سيأتي، فهو صحيح لغيره. وأعاده المصنِّف في كتاب الزهد من "سننه" (ل 199 / أ) في باب ما جاء في الرجل يتكلم بكلمةٍ فيَرضى الله بها، من نفس الطريق بمثله. وأخرجه الحميدي في "مسنده" (2 / 405 رقم 911) ، فقال: ثنا سفيان ... ، فذكره بنحو سياق المصنف، إلا أنه قدّم ذكر السخط. وأخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" (13 / 51 - 52) من طريق أسد بن موسى، عن سفيان بن عيينة، به نحو لفظ محمد بن بشر الآتي. وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (10 / 282 / طبع المجمع العلمي) من طريق الحسين بن الحسن المروزوي، عن سفيان بن عيينة، به نحو لفظ المصنف. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (3 / 469) ، وفي "الزهد" (ص32 رقم 81) . ومن طريقه ابن عساكر في الموضع السابق (ص283) . وأخرجه ابن أبي الدنيا في "كتاب الصمت" (ص243 رقم 70) . كلاهما من طريق أبي معاوية، عن محمد بن عمرو، به نحوه، إلا أن الإمام أحمد قال: ((إلى يوم القيامة)) بدل قوله: ((إلى يوم يلقاه)) ، وزادا كلاهما: قال: فكان علقمة يقول: كم من كلام قد منعنيه حديث بلال بن الحارث. وأخرجه هنّاد بن السَّريِّ في "كتاب الزهد" (2 / 551 رقم 1141) . ومن طريقه الترمذي في "سننه" (6 / 609 - 610 رقم 2421) في الزهد، باب ما جاء في قلّة الكلام. وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" (1 / 516 رقم 281 / الإحسان) . كلاهما من طريق عَبْدة بن سليمان، عن محمد بن عمرو، به نحو لفظ المصنِّف. وأخرجه البخاري في "التاريخ الصغير" (1 / 94) من طريق شيخه عبد الله بن محمد المُسْنَدي، ثنا محمد بن عمرو ... ، فذكره مقتصرًا على ما يتعلق بالرضا، ولم يذكر باقيه. وأخرجه ابن ماجه في "سننه" (2 / 1312 - 1313 رقم 3969) في الفتن، باب كف اللسان في الفتنة. والحاكم في "المستدرك" (1 / 45) . وابن عبد البر في "التمهيد" (13 / 50 - 51) . ثلاثتهم من طريق محمد بن بشر العَبدي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ علقمة، حدثني أبي، عن أبيه علقمة بن وقّاص، قال: مرّ به رجل له شَرَف، فقال له علقمة: إن لك رَحِمًا، وإن لك حقًا، وإني رأيتك تدخل على هؤلاء الأمراء وتتكلم عندهم بما شاء الله أن تتكلم به، وإني سمعت بلال بن الحارث المزني صاحب رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - يقول: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((إن أحدكم لتيكلم بالكلمة من رضوان اللَّهِ مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ ما بلغت، فيكتب الله عز وجل له بها رضوانه =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = إلى يوم القيامة، وإن أحدكم لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بلغت، فيكتب الله عز وجل عليه بِهَا سَخَطَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ)) . قال علقمة: فانظر وَيْحَك ماذا تقول، وماذا تتكلم به، فرُبَّ كلامٍ قد منعني أن أتكلّم به ما سمعتُ من بلال بن الحارث. وأخرجه النسائي في كتاب الرقاق من "سننه الكبرى" كما في "تحفة الأشراف" (2 / 103 - 104 رقم 2028) . والطبراني في "المعجم الكبير" (1 / 354 - 355 رقم 1131) . ومن طريقه ابن عساكر في الموضع السابق من "تاريخه" (ص281 - 282) . وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (1 / 45) . ثلاثتهم من طريق موسى بن أعين، عن سفيان الثوري، عن محمد بن عمرو، به نحو لفظ المصنِّف. وأخرجه الطبراني أيضًا برقم (1132) من طريق عبيد الله الأشجعي، عن الثوري، به نحوه. وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" (1 / 520 - 521 رقم 287 / الإحسان) . والطبراني في الموضع السابق (1 / 353 - 354 رقم 1129) . وابن عساكر في الموضع السابق (ص283) . ثلاثتهم من طريق يزيد بن هارون، عن محمد بن عمرو، به، ولفظ الطبراني نحو لفظ المصنف، وأما لفظ ابن حبان وابن عساكر ففيه ذكر القصة بنحو سياق محمد بن بشر السابق. وأخرجه ابن حبان أيضًا (1 / 514 - 515 رقم 280 / الإحسان) ، من طريق الفضل بن موسى، عن محمد بن عمرو، به نحو سياق محمد بن بشر السابق. وأخرجه الطبراني أيضًا (1 / 354 رقم 1130) . والحاكم في الموضع السابق. ومن طريقه البيهقي في "شعب الإيمان" (9 / 230 رقم 4606) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأخرجه ابن عساكر في الموضع السابق في "تاريخه" (ص285) . جميعهم من طريق عبد العزيز بن محمد الدَّرَاوَرْدي، عن محمد بن عمرو، به نحوه لفظ المصنِّف. وأخرجه الطبراني أيضًا برقم (1129) . والحاكم في الموضع السابق. والبغوي في "شرح السنة" (14 / 314 رقم 4124) . وابن عساكر في الموضع السابق (ص283) . جميعهم من طريق إسماعيل بن جعفر، عن محمد بن عمرو، به نحوه أيضًا. وأخرجه الطبراني أيضًا برقم (1130) من طريق عبد العزيز بن مسلم، عن محمد بن عمرو، به نحوه. وأخرجه الحاكم أيضًا (1 / 44 - 45) . ومن طريقه البيهقي في "سننه" (8 / 165) في قتال أهل البغي، باب ما على الرجل من حفظ اللسان عند السلطان وغيره. وأخرجه ابن عساكر أيضًا (ص283 و 284 - 285) . كلاهما من طريق سعيد بن عامر الضُّبَعي، عن محمد بن عمرو، به بذكر القصة بنحو سياق محمد بن بشر السابق. وأخرجه قَوَّام السُّنَّة الأصبهاني في "كتاب الحُجَّة في بيان المَحَجَّة" (1 / 247 رقم 262) من طريق محمد بن فُلَيح، عن محمد بن عمرو، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ بلال بن الحارث، به نحو سياق المصنِّف. وأخرجه ابن عساكر أيضًا (ص282 - 285) من طريق أبي ضمرة أنس بن عياض ويعلى بن عبيد ويحيى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، ثلاثتهم عن محمد بن عمرو، به بنحو سياق محمد بن بشر أيضًا. وأشار ابن عساكر (ص285) إلى أنه رواه كذلك محمد بن عبيد أخو يعلى، وعبد الرحمن بن محمد المحاربي، ويحيى بن سعيد، ومعاذ بن معاذ، أربعتهم عن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = محمد بن عمرو، عن أبيه عمرو بن علقمة، عن علقمة بن وقاص، به، فوافقوا رواية الرواة الذين سبق تخريج رواياتهم، وهم: سفيان بن عيينة، وأبو معاوية محمد بن خازم، وعبدة بن سليمان، والمسندي، ومحمد بن بشر، وسفيان الثوري، ويزيد بن هارون، والفضل بن موسى، والدَّرَاوَرْدي، وإسماعيل بن جعفر، وعبد العزيز بن مسلم، وسعيد بن عامر، وأنس بن عياض، ويعلى بن عبيد، ويحيى بن زكريا، ومحمد بن فليح، فجميع هؤلاء رووه عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ علقمة بن وقّاص، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ بلال بن الحارث. وقد صحح الحديث من هذا الوجه جمع من الأئمة، منهم الترمذي حيث قال في الموضع السابق من "سننه": ((هذا حديث حسن صحيح)) ، ومنهم ابن حبان حيث أخرجه في "صحيحه" كما سبق، ومنهم الحاكم حيث أخرج الحديث كما سبق، ثم قال: ((هذا حديث صحيح، وقد احتج مسلم بمحمد بن عمرو)) ، ووافقه الذهبي على تصحيحه. وقال البغوي بعد أن أخرجه كما سبق: ((هذا حديث صحيح)) . ورواه الإمام مالك، وأبو بكر بن عياش ومحمد بن عجلان وحماد بن سلمة، جميعهم عن محمد بن عمرو، فخالفوا فيه الرواة الذين سبق ذكرهم. أما الإمام مالك فأخرجه في "الموطأ" (2 / 985 رقم 5) في الكلام، باب ما يؤمر به من التحفظ في الكلام، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ علقمة، عن أبيه، عن بلال بن الحارث المزني، به نحو لفظ المصنف، هكذا بإسقاط علقمة من الإسناد. ومن طريق الإمام مالك أخرجه: ابن وهب في "الجامع" (1 / 47 - 48) . والنسائي في الرقاق من "سننه الكبرى" كما في "تحفة الأشراف" (2 / 103 رقم 2028) . والطبراني في "المعجم الكبير" (1 / 355 - 356 رقم 1134) . والحاكم في "المستدرك" (1 / 46) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وابن عساكر في الموضع السابق من "تاريخه" (ص279 - 280) . وأخرجه هنّاد في "الزهد" (2 / 551 رقم 1140) ، فقال: حدثنا أبو بكر بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عمرو، عن أبيه، عن بلال بن الحارث المزني ... ، فذكره بنحوه هكذا متابعًا للإمام مالك بإسقاط علقمة من سنده. وقد ذكر ابن عبد البر في "التمهيد" (13 / 50) أن عبد الرحمن بن عبد ربه اليشكري رواه عن الإمام مالك، عن محمد بن عمرو، عن أبيه، عن جده مثل رواية الجماعة. ورواه محمد بن عجلان واخُتلف عليه. فرواه عنه حيوة بن شُريح، عن محمد بن عمرو، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ بلال ابن الحارث مثل رواية الجماعة. ذكر هذه الرواية ابن عبد البر في الموضع السابق من "التمهيد". ورواه الليث بن سعد وابن لهيعة عن محمد بن عجلان، عن محمد بن عمرو، عن أبيه، عن بلال بن الحارث مثل رواية الإمام مالك بإسقاط علقمة من سنده. أما رواية الليث بن سعد فأخرجها النسائي في كتاب الرقاق كما في الموضع السابق من "تحفة الأشراف". والطبراني في "المعجم الكبير" (1 / 355 رقم 1133) . ومن طريقه أخرجه ابن عساكر في الموضع السابق من "تاريخه" (ص280) . وأما رواية ابن لهيعة فأخرجها ابن عساكر في الموضع السابق، وأشار إليها وإلى رواية الليث بن عبد البر في "التمهيد" (13 / 49) . والصواب رواية الجماعة للحديث عن محمد بن عمرو، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ بلال بن الحارث، وهذا ما صوّبه البخاري والحاكم والدارقطني وابن عبد البر وابن عساكر. أما البخاري فإنه أخرج الحديث في "التاريخ الصغير" (1 / 94) من طريق المُسْنَدي، عن محمد بن عمرو مثل رواية الجماعة كما سبق، ثم قال: ((وقال =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = مالك: عن محمد بن عمرو، عن أبيه، عن بلال، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، والأول أصحّ)) . وأما الحاكم فإنه أخرج الحديث في "المستدرك" (1 / 44 - 46) أوّلاً من طريق سعيد بن عامر كما سبق ثم صححه، ثم قال: ((هكذا رواه سفيان الثوري وإسماعيل بن جعفر وعبد العزيز الدراوردي ومحمد بن بشر العبدي وغيرهم)) ، ثم ساقه من طريق هؤلاء، ثم قال: ((قصّر مالك بن أنس برواية هذا الحديث عن محمد بن عمرو، ولم يذكر علقمة بن وقّاص)) ، ثم ساقه من طريقه، ثم قال: ((هذا لا يوهن الإجماع الذي قدّمنا ذكره، بل يزيده تأكيدًا بمتابع مثل مالك، إلا أن القول فيه ما قالوه بالزيادة في إقامة إسناده)) . اهـ. وأما الدارقطني وابن عبد البر، فإن ابن عبد البر أورد الحديث في "التمهيد" (13 / 49) من وراية الإمام مالك، ثم قال: ((هكذا روى هذا الحديث جماعة الرواة للموطأ، وغير مالك يقول في هذا الحديث: عن محمد بن عمرو، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ بلال بن الحارث، فهو في رواية مالك غير متصل، وفي رواية من قال: عن أبيه، عن جده متصل مسند. وقد تابع مالكًا على مثل روايته عن محمد بن عمرو، عن أبيه: الليث بن سعد وابن لهيعة؛ روياه عن ابن عجلان، عن محمد بن عمرو، عن أبيه، عن بلال بن الحارث، لم يقولا: عن جده. ورواه الدَّرَاوَرْدي وسفيان بن عيينة ومعاذ بن معاذ وأبو معاوية الضرير وسعيد بن عامر ويزيد بن هارون ومحمد بن بشر وعبد الرحمن المحاربي ومحمد ويعلى ابنا عبيد عن محمد بن عمرو، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ بلال بن الحارث، وتابعهم حَيْوة بن شريح، عن ابن عجلان، عن محمد بن عمرو، عن أبيه، عن جده، وتابعهم أيضًا شيخ يكنّى: أبا سفيان: عبد الرحمن بن عبد ربه اليشكري، عن مالك، عن محمد بن عمرو، عن أبيه، عن جده ... ، والقول عندي فيه - والله أعلم -: قول من قال: عن أبيه، عن جده، وإليه مال الدارقطني رحمه الله)) . اهـ. وأما ابن عساكر فإنه أطال الكلام في ذكر الاختلاف في هذا الحديث وإخراج طرقه، وذلك في ترجمة بلال بن الحارث من "تاريخه" (10 / 279 - 286 / طبع =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = المجمع العلمي بدمشق) ، فأخرجه من طريق الإمام مالك، ثم قال: ((هكذا رواه مالك بن أنس، عن محمد بن عمرو، وتابعه محمد بن عجلان، عن محمد بن عمرو ... )) ، ثم أخرجه من طريق ابن عجلان وطرق أخرى، ثم قال: ((وهذه الأسانيد كلها فيها خلل، والصواب رواية مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ بلال؛ كذلك رواه سفيان الثوري وسفيان بن عيينة وأبو ضمرة أنس بن عياض ويزيد بن هارون وأبو معاوية وإسماعيل بن جعفر ويعلى بن عبيد وسعيد بن عامر ويحيى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ وعبد العزيز بن محمد الداوردي ... )) ، ثم أخذ في إخراج الحديث من هذه الطرق، ثم قال: ((وكذا رواه محمد بن عبيد أخو يعلى بن عبيد وعبد الرحمن بن محمد المحاربي الكوفيان ويحيى بن سعيد ومعاذ بن معاذ البصريان، عن محمد بن عمرو، وهو محفوظ من حديث علقمة بن وقاص، عن بلال، كذلك رواه مالك بن أبي عامر الأصبحي جد مالك بن أنس، ومحمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن علقمة ... )) ، ثم أخرجه ابن عساكر من طريق أبي سهيل بن مالك بن أبي عامر الأصبحي، عن ابيه، عن علمقة بن وقّاص الليثي، قال: أقبلت راكبًا، فناداني بلال بن الحارث المزني، فوفقت له حتى جاءني، فقال: يا علقمة، إنك أصبحت اليوم وجهًا من وجوه المهاجرين، وإنك تدخل على هذا الإنسان - يعني مروان -، وإني سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - يقول: ((يكون بعدي أمراء، من دخل عليهم فليقل حقًا، وإن أحدكم ليتكلم بالكلمة يُرضي بها السلطان، فيهوي بها أبعد من السماء)) . ثم أخرجه ابن عساكر أيضًا من طريق مؤمَّل بن إسماعيل، عن سفيان الثوري وحماد بن سلمة وحماد بن زيد، ثلاثتهم عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن علقمة بن وقّاص، حدثني بلال بن الحارث ... ، فذكره بنحو سياق المصنِّف)) وزاد في آخره: قال علقمة بن وقاص: كم من كلام قد منعني أتكلم به حديث بلال بن الحارث. قلت: هكذا رواه مؤمَّل عن هؤلاء الثلاثة، ومنهم حماد بن سلمة، والمحفوظ =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = عن حماد بن سلمة أنه رواه عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ علقمة، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن علقمة، كذا رواه حجاج بن منهال، وأسد بن موسى، وإبراهيم السَّامي، ثلاثتهم عن حماد به، وقد أخطأ فيه حماد. أما حديث حجاج بن منهال، فأخرجه عبد بن حميد في "مسنده" (ص140 رقم 358) . والطبراني في "المعجم الكبير" (1 / 356 رقم 1135) . وأما حديث أسد بن موسى فأخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" (13 / 52) . وأما حديث إبراهيم السّامي فأخرجه ابن عساكر في الموضع السابق (ص281) . قال الطبراني: ((رواه حماد بن سلمة، فخالف الناس فيه)) . وقال ابن عبد البر: ((هكذا قال حماد بن سلمة في هذا الحديث: عن محمد بن عمرو، عن محمد بن إبراهيم التيمي، وهو عندي وهم - والله أعلم -، والصحيح ما قالته الجماعة: عن محمد بن عمرو، عن أبيه)) . اهـ. وذكره الحافظ ابن عساكر مع حديثي مالك وابن عجلان المتقدمين، ثم قال: ((وهذه الأسانيد كلها فيها خلل، والصواب رواية مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ بلال)) . اهـ. وروى الحديث موسى بن عقبة، واختُلف عليه. وقد أشار لهذا الاختلاف ابن عساكر في الموضع السابق (ص280) حيث قال: ((ورواه موسى بن عقبة، عن محمد بن عمرو، فاختُلف عنه فيه، فرواه إبراهيم بن طَهْمان، عن موسى، عن محمد، عن جده، عن بلال، ولم يذكر أباه، ورواه عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ موسى بن عقبة، عن علقمة بن وقاص، عن بلال، ولم يذكر محمدًا ولا أباه)) . اهـ. قلت: أما رواية إبراهيم بن طهمان فأخرجها النسائي في الرقاق من "سننه الكبرى" كما في تحفة "الأشراف" (2 / 556) . وابن عساكر في الموضع السابق. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = كلاهما من طريق أحمد بن حفص بن عبد الله، عن أبيه، عن إبراهيم بن طَهْمان، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ بن وقاص، عن جده علقمة، عن بلال بن الحارث ... به نحول لفظ المصنِّف. ونقل ابن عساكر عن الحافظ أبي حامد بن الشَّرْقي قوله: ((لم يقم بهذا الإسناد مالك بن أنس ولا موسى بن عقبة، تَرَك أحدهما أباه، والآخر جده، وأقامه سفيان الثوري، فقال: عن محمد عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ بلال)) . اهـ. وأما رواية ابن المبارك، فأخرجها هو في "كتاب الزهد" (ص490 رقم 1394) ، فقال: أخبرنا موسى، عن علقمة بن وقاص الليثي، أن بلال بن الحارث المزني قال له: إني رأيتك تدخل على هؤلاء الأمراء وتغشاهم، فانظر ماذا تحاضرهم به؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - يقول ... ، فذكره بنحو سياق المصنِّف، وزاد في آخره: وكان علقمة يقول: رُبَّ حديث قد حال بيني وبينه ما سمعت من بلال. ومن طريق ابن المبارك أخرجه: البخاري في "التاريخ الصغير" (1 / 95) . والنسائي في الرقاق كما في الموضع السابق من "التحفة". والطبراني في "المعجم الكبير" (1 / 356 رقم 1136) . وأبو نعيم في "الحلية" (8 / 187) . والبيهقي في "سننه" (8 / 165) في قتال أهل البغي، باب ما على الرجل من حفظ اللسان عند السلطان وغيره. والبغوي في "شرح السنة" (14 / 315 رقم 4125) . وابن عساكر في الموضع السابق من "تاريخه" (ص281) . قال النسائي: ((موسى بن عقبة لم يسمع من علقمة بن وقّاص)) . وقال البغوي: ((هذا حديث صحيح)) . قلت: الحديث صحيح من هذا الطريق كما قال البغوي - رحمه الله -، فموسى بن عقبة =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = تقدم في الحديث [324] أنه ثقة فقيه إمام في المغازي، وقد قال البخاري في "التاريخ الكبير" (7 / 292 رقم 1247) : ((قال علي - يعني ابن المديني -: وقد سمع موسى بن عقبة من علقمة بن وقاص)) . وأما مخالفة إبراهيم بن طهمان لابن المبارك في سند الحديث فلا تضرّه؛ لأن ابن المبارك ثقة ثبت فقيه عالم جواد مجاهد جُمعت فيه خصال الخير كما في ترجمته في الحديث [42] . وإبراهيم بن طَهْمَان بن شعبة الخُراساني، أبو سعيد، سكن نيسابور، ثم مكة، روى عن أبي إسحاق السبيعي وأبي إسحاق الشيباني وأبي الزبير والأعمش وشعبة وسفيان الثوري وموسى بن عقبة وغيرهم، روى عنه حفص بن عبد الله السُّلمي وعبد الله بن المبارك وأبو عامر العَقَدي وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثمان وستين ومائة، وهو ثقة يُغْرب، وتُكُلِّم فيه للإرجاء، ويقال: رجع عنه، وقد روى له الجماعة وقد وثقه الإمام أحمد وأبو داود وأبو حاتم وزاد: ((صدوق حسن الحديث)) ، وقال عبد الله بن المبارك: ((صحيح الحديث)) ، وقال عثمان بن سعيد الدارمي: ((كان ثقة في الحديث، لم يزل الأئمة يشتهون حديثه ويرغبون فيه ويوثِّقونه)) ، وقال إسحاق بن راهويه: ((كان صحيح الحديث، حسن الرواية، كثير السماع، ما كان بخراسان أكثر حديثًا منه، وهو ثقة)) ، وقد أنكرت عليه بعض الأحاديث التي تفرّد بها؛ قال السليماني: ((أنكروا عليه حديثه عن أبي الزبير، عن جابر في رفع اليدين، وحديثه عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أنس: رفعت لي سدرة المنتهى فإذا أربعة أنهار)) ، وذكره ابن حبان في "كتاب الثقات"، ثم قال: ((قد روى أحاديث مستقيمة تشبه أحاديث الأثبات، وقد تفرّد عن الثقات بأشياء معضلات)) ، ووصف إبراهيم هذا بالإرجاء؛ قال الإمام أحمد: ((كان يرى الإرجاء، وكان شديدًا على الجهمّية)) ، وقال الدارقطني: ((ثقة، إنما تكلموا فيه للإرجاء)) ، وقال الحافظ ابن حجر في معرض الدفاع عنه: ((الحق فه أنه ثقة صحيح الحديث إذا روى عنه ثقة، ولم يثبت غلوُّه في الإرجاء، ولا كان داعية إليه، بل ذكر =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَا يُحِبُّ اللهُ الجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ القَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} ] 707- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عن ابن أبي نجيح، [ل129/أ] عَنْ (1) إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي بَكْرٍ (2) ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظلم} - قَالَ: هُوَ الرَّجُلُ تَسْتَضِيفُهُ فَلَا يُضِيفُكَ، فَقَدْ رُخِّص لَكَ أَنْ تقوله (3) .

_ = الحاكم أنه رجع عنه، والله أعلم)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (2 / 107 - 108 رقم 307) ، و"التهذيب" (1 / 129 - 131 رقم 231) و (10 / 361) ، و"التقريب" (ص90 رقم 189) . وبه يتضح أن ابن المبارك أوثق من إبراهيم بن طهمان، مع كونهما ثقتين، وعليه فالحديث صحيح من هذا الطريق، مع ما يضاف إليه من طريق محمد بن عمرو، وقد صححه جمع من الأئمة كما سبق، وصححه كذلك الشيخ ناصر الدين الألباني في "السلسلة الصحيحة" (2 / 579 - 580 رقم 888) . وله شاهد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - قال: ((إن العبد لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لا يُلقي لها بالاً يرفعه الله بها درجات، وإن العبد لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لا يُلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم)) . أخرجه البخاري في "صحيحه" (11 / 308 رقم 6477 و 6478) في الرقاق، باب حفظ اللسان، واللفظ له. وأخرجه مسلم في "صحيحه" (4 / 2290 رقم 49 و 50) في الزهد والرقائق، باب التكلم بالكلمة يهوي بها في النار، ولفظه: ((إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين ما فيها، يهوي بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب)) . (1) في الأصل: ((وعن)) كأنه من كلام سفيان بن عيينة، وما أثبته من مصادر التخريج، ومصادر ترجمة إبراهيم. (2) هو إبراهيم بن أبي بكر المكِّي، الأخْنَسي، ويقال: إبراهيم بن بُكَير بن أبي أُميَّة، مستور من الطبقة السادسة كما في "التقريب" (ص88 رقم 157) ، يروي عن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = طاوس ومجاهد، روى عنه ابن أبي نجيح وابن جريج وإسماعيل بن أمية ومنصور بن المعتمر، ذكره البخاري في "تاريخه" (1 / 276 رقم 887) وسكت عنه، وبيّض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (2 / 90 رقم 229) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (6 / 14) ، وقال ابن حجر: ((قرأت بخطّ الذهبي: محلّه الصدق)) . انظر "التهذيب" (1 / 111 رقم 193) . (3) أي تقول: إنه لم يُضَيِّفني. [707] سنده ضعيف لجهالة حال إبراهيم بن أبي بكر، وهو حسن لغيره؛ لأنه تابعه المثنى بن الصبَّاح عن مجاهد كما سيأتي. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 723) للفريابي وعبد بن حميد وابن جرير. وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (9 / 347 رقم 10759) من طريق أحمد بن حماد الدُّولابي، عن سفيان بن عيينة، به بلفظ: هو في الضيافة؛ يأتي الرجل القوم فينزل عليهم، فلا يضيفونه، رخّص الله له أن يقول فيهم. وأخرجه أيضًا برقم (10758) من طريق سفيان بن وكيع، عن سفيان بن عيينة، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مجاهد، وعن سفيان أيضًا عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ عَنْ مُجَاهِدٍ: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} ، قال: هو الرجل ينزل بالرجل فلا يحسن إليه، فقد رخّص الله له أن يقول فيه. وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 195 / ب) من طريق يونس بن عبد الأعلى وسليمان بن داود، كلاهما عن سفيان بن عيينة، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مجاهد - في قوله: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} -، قال: هو في الضيافة؛ يأتي الرجل إلى القوم وهو مسافر، فلم يضيفوه، فرخص له أن ينزل لهم ويسمعهم. وأخرجه ابو عمرو الداني في "المكتفى" (ص228 - 229) من طريق سعيد =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ابن عبد الرحمن المخزومي، عن سفيان بن عيينة، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مجاهد - في قوله {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} -، قال: ذلك في الضيافة، إذا تضيَّفته فلم يضفك، فأنت في حل أن تذكر ما صنع بك، وهو حق عليه. وأخرجه مسلم بن خالد الزَّنْجي في "تفسيره" (ص86 رقم 200) ، عن ابن أبي نجيح - في قوله: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} -، قال: قال مجاهد: الرجل يضيف الرجل، فلا يضيِّفه، فقد رخص له أن يذكر منه ما صنع به. ومن طريق مسلم بن خالد أخرجه عبد الرحمن بن الحسن القاضي في "تفسير مجاهد" (ص179) ، وزاد في آخره قوله: ((أي لم يَقْرِني ولم يضيفني)) . وتابع محمدُ بن إسحاق مسلمَ بن خالد على روايته هكذا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد بإسقاط إبراهيم بن أبي بكر. أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 345 و 346 رقم 10753 و 10755) من طريق معاوية وحجاج بن منهال، كلاهما عن محمد بن إسحاق، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد، به بمعنى ما سبق. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (10761) من طريق الحسين بن داود، قال: حدثني حجاج، قال: قال ابن جريج: قال مجاهد: إلا من ظلم فانتصر، يجهر بسوء. قال مجاهد: نزلت في رجل ضاف رجلاً بفلاة من الأرض، فلم يُضِفْه، فنزلت: {إلا من ظلم} ، ذكر أنه لم يضفه، لا يزيد على ذلك. والحسين بن داود تقدم في الحديث [206] أنه ضعيف، ومع ذلك فالأقرب أن ابن جريج سمعه من إبراهيم بن أبي بكر، فدلّسه، لأنه لم يسمع من مجاهد إلا حرفًا واحد كما في "تهذيب التهذيب" (6 / 405) نقلاً عن البَرْديجي. وللحديث طريق آخر عن مجاهد. أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 176) فقال: سمعت المثنّى بن الصَّبَّاح يحدث =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ من القول ... } الآية -، قال: ضاف رجل رجلاً فلم يؤدّ إليه حق ضيافته، فلما خرج أخبر الناس، فقال: ضفتُ فلانًا فلم يؤدّ إليّ حقّ ضيافتي، فذلك جهر بالسوء، {إلا من ظلم} ؛ حين لم يؤدّ الآخر حق ضيافته. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير برقم (10760) . وابن أبي حاتم (2 / ل 195 / أ، وب) . وسنده ضعيف من هذا الطريق. فالمثنّى بن الصبّاح - بالمهملة والموحّدة الثقيلة -، اليماني، الأبناوي - بفتح الهمزة وسكون الموحّدة، بعدها نون -، أبو عبد الله، أو: أبو يحيى، نزيل مكة، يروي عن طاوس ومجاهد وعطاء بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَابْنِ أَبِي مُليكة وغيرهم، روى عنه ابن المبارك وعيسى بن يونس والوليد بن مسلم وعبد الرزاق وغيرهم، وكانت وفاته سنة تسع وأربعين ومائة، وهو ضعيف اختلط بأخرةٍ، وكان عابدًا، فقد تركه يحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي، وقال الإمام أحمد: ((لا يساوي حديثه شيئًا، مضطرب الحديث)) ، وقال أبو زرعة وأبو حاتم: ((ليّن الحديث)) ، وقال السّاجي: ((ضعيف الحيدث جدًّا، حدّث بمناكير، ويطول ذكرها، وكان عابدًا يَهِمُ)) ، وذكره ابن حبان في الضعفاء وقال: ((كان ممن اختلط في آخر عمره)) ، وقال داود العطّار: ((لم أدرك في هذا المسجد أحدًا أعبد من المثنى بن الصباح والزنجي: ابن خالد)) ، ووثقه ابن معين في رواية، وضعّفه في أخرى وزاد: ((يكتب حديثه ولا يُترك)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (8 / 324 - 325 رقم 1494) ، و"التهذيب" (10 / 35 - 37 رقم 58) ، و"التقريب" (ص519 رقم 6471) . ومع ضعف المثنى، فما ذكر مجاهد من سبب نزول الآية مرسل، لم يذكر مجاهد من حدثه به، فالحديث ضعيف من هذا الطريق، وهو حسن لغيره عن مجاهد بالطريق التي رواها المصنِّف وغيره، والله أعلم.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ} ] 708- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا الحَكَم بْنُ ظُهَيْر (1) ، عَنِ السُّدِّي (2) ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقْرَأُ: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّعْقَةُ} (3) . [قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ القِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا} ] 709- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَتَّاب بْنُ بَشِيرٍ (3) ، عَنْ خُصَيْف (4) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبير، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا ليؤمنن به قبل موته} - قَالَ: هِيَ فِي قِرَاءَةِ أبَيّ: {قَبْلَ مَوْتِهِمْ} ، قَالَ: لَيْسَ يَهُودِيٌّ يموت أبدًا =

_ (1) تقدم في الحديث [421] أنه متروك اتَّهمه ابن معين، ورمي بالرَّفْض. (2) هو إسماعيل بن عبد الرحمن، تقدم في الحديث [174] أنه صدوق يَهِم. (3) ذكر القرطبي في "تفسيره" (17 / 51) عند قوله تعالى: {فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون} [الآية (44) من سورة الذرايات] أن عمر بن الخطاب وحُميدًا وابنَ مُحيصن ومجاهدًا والكسائي قرأوا: {الصَّعْقَة} . [708] سنده ضعيف جدًّا لما تقدم عن حال الحكم والسُّدِّي. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 726) للمصنِّف وعبد بن حميد. (3) تقدم في الحديث [204] أنه لا بأس به إلا في روايته عن خُصيف، فإنها منكرة. (4) تقدم في الحديث [204] أنه صدوق سيء الحفظ.

= حَتَّى يُؤْمِنَ بِعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: أَرَأَيْتَ إِنْ خَرَّ مِنْ فوقِ بيتٍ؟ قَالَ: يَتَكَلَّمُ بِهِ فِي الهُوِيِّ (5) ، فَقِيلَ لَهُ: أَرَأَيْتَ إِنْ ضُرب عُنُقُ أحدهم؟ قال: يَتَلَجْلَجُ (6) بها.

_ (5) أي في هبوطه وسقوطه. انظر "النهاية في غريب الحديث" (5 / 284 - 285) . (6) أي يرددها كما في "النهاية" (4 / 234) ، والمعنى: أن لسانه يرددها وإن قُطع رأسه. [709] سنده ضعيف لما تقدم عن حال خُصيف وعتّاب، وهو صحيح لغيره كما سيأتي. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 733) للمصنِّف والطيالسي وابن جرير وابن المنذر. وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (9 / 383 رقم 10814) من طريق إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد، عن عتاب، به مثله، إلا أنه قال: ((يُلَجْلِجُ بها لسانه)) . وأخرجه عبد بن حميد في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 200 / ب) . وابن جرير برقم (10815) . كلاهما من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين، عن سفيان الثوري، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابن عباس: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا ليؤمنن به قبل موته} ، قال: لا يموت يهودي حتى يؤمن بعيسى بن مريم، قال: وإن ضُرب بالسيف يتكلم به، قال: وإن هَوَى يتكلم به وهو يهوي. اهـ. واللفظ لابن جرير، ونحوه لفظ عبد بن حميد. وهذا ضعيف أيضًا لضعف خُصيف، وفيه مخالفة من سفيان الثوري لعتّاب؛ وذلك أن الراوي للحديث عن ابن عباس هو سعيد بن جبير في رواية عتاب، وعكرمة في رواية سفيان، وسفيان أوثق من عتاب بدرجات، وقد يكون =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = الاختلاف من خُصيف نفسه. وأخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده" كما في "تفسير ابن كثير" (1 / 577) . ومن طريق الطيالسي أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 200 / أ) . وأخرجه ابن جرير برقم (10816) . أما الطيالسي فعن شعبة بلا واسطة، وأما ابن جرير فمن طريق محمد بن جعفر غندر، كلاهما عن شعبة، عن أبي هارون الغنوي، سمع عكرمة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - فِي قَوْلِهِ: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا ليؤمنن به قبل موته} -، قال: لو أن يهوديًا وقع من حائط إلى الأرض، لم يمت حتى يؤمن به - يعني عيسى عليه السلام -. وصحح سنده الحافظ ابن كثير في الموضع السابق، وهو كذلك، فشعبة، وعكرمة تقدم أنها ثقتان. وأما إبراهيم بن العلاء أبو هارون الغَنَوي - بفتح المعجمة والنون -، البصري، فإنه ثقة من الطبقة السادسة، يروي عن عكرمة وأبي مِجْلَز وحطان بن عبد الله، روى عنه شعبة وحماد بن زيد وحماد بن سلمة وابن المبارك وغيرهم، وقد وثقه ابن المديني وابن معين وابن سعد والعجلي وغيرهم، بل قال ابن معين: ((ليس يسئل عنه)) ، وقال ابن عبد البر: ((أجمعوا على أنه ثقة)) . اهـ. من "طبقات ابن سعد" (7 / 261) ، و"سؤالات ابن الجنيد لابن معين" (ص70 - 71 رقم 390) ، و"تاريخ الثقات" للعجلي (ص53 رقم 32) ، و"تاريخ أسماء الثقات" لابن شاهين (ص 33 رقم 43) ، و"الاستغناء" لابن عبد البر (2 / 977 رقم 1193) ، و"التقريب" (ص680 رقم 8422) . وقد ذكر ابن عدي أبا هارون هذا في "الكامل" (1 / 212 - 213) لكون ابن المثنى ذكر أنه لم يسمع يحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي يحدثان عنه، ثم قال ابن عدي: ((هو ممن يكتب حديثه، وهو متماسك، حدّث عنه شعبة وهو إلى الصدق أقرب)) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وذكره الذهبي في "الميزان" (1 / 49 رقم 152) وقال: ((وثقه جماعة، ووهّاه شعبة فيما قيل، ولم يصحّ، بل صحّ أنه حدَّث عنه، وقد وثقه يحيى بن معين، وهو بصري صدوق، قال ابن عدي: هو إلى الصدق أقرب، ولم يحدِّث عنه القطان وابن مهدي، وقال ابن عدي: متماسك)) . اهـ. قلت: أما ما نقل عن شعبة فقد كفانا مؤنة ردِّه الذهبي كما سبق، وأما ما نقله ابن المثنى عن القطان وابن مهدي فلا يستدّل به على أنهما تركاه؛ لأن غاية ما هنالك أنه لم يسمعهما يحدثان عنه، فهل سمع منهما ابن المثنى كل شيء؟ ثم لو صحّ أنهما تركاه لكان ذلك معارضًا بتوثيق مَنْ سبق ذكره، وهو جرح مجمل معارَض بتوثيق أئمة أمثال ابن المديني وابن معين، فلا يُقدح في الرجل لهذا النقل، والله أعلم. تنبيه: جاءت كنية إبراهيم بن العلاء هذا في الموضع السابق من "طبقات ابن سعد" هكذا: ((أبو مروان)) ، وهو تصحيف بسبب تقارب الرسم. وقد ذكر الحافظ ابن حجر إبراهيم هذا في الكنى من "التهذيب" (12 / 260 رقم 1205) ، ثم قال: ((اسمه إبراهيم بن العلاء، تقدَّم)) ، ولم يذكره فيما تقدم. وقد روي الحديث من طريق آخر عن سعيد، لكنه مختصر. فأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص98 رقم 229) عن أبي حَصين، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عن ابن عباس: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا ليؤمنن به قبل موته} ، قال: قبل موت عيسى - صلى الله عليه وسلم -. وسنده صحيح، وأبو حَصين اسمه: عثمان بن عاصم، تقدم في الحديث [4] أنه ثقة ثبت سني، روى له الجماعة. وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (9 / 380 رقم 10794 و 10795) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 200 / ب) . والحاكم في "المستدرك" (2 / 309) . جميعهم من طريق سفيان الثوري، عن أبي حصين، به. =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ} ] 710- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: (قَرَأَ) (1) ابْنُ عَبَّاسٍ: (طَيِّبَاتٍ كَانَتْ أحلت لهم) (2) .

_ = قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي. (1) ما بين القوسين ليس في الأصل، فأثبته من الموضع الآتي من "كتاب المصاحف" لابن أبي داود، لأنه روى الحديث من طريق المصنِّف. (2) في الأصل: {حرمنا عليكم طيبات كانت أحلت لهم} ، فحذفت قوله: {حرمنا عليكم} ؛ لأن السيوطي نقله في "الدر" (2 / 743) هكذا عن المصنف وغيره؛ ولأن ابن أبي داود رواه من طريق المصنف كما سيأتي ولم يذكرها هو ومن أخرج الحديث. [710] سنده صحيح. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 743) للمصنِّف وابن المنذر وابن أبي حاتم. وقد أخرجه ابن أبي داود في "كتاب المصاحف" (ص87) من طريق المصنِّف والحميدي، كلاهما عن سفيان بن عيينة، به مثله. وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 200 / ب) من طريق محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ، عن سفيان، به مثله.

سورة المائدة

باب [تفسير سورة المائدة] (1)

_ (1) العنوان ليس في الأصل.

تَفْسِيرُ سُورَةِ الْمَائِدَةِ 711- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حُدَيْج بنُ مُعَاوِيَةَ (1) ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ (2) ، عَنْ أَبِي مَيْسرة (3) ، قَالَ: آخِرُ سُورَةٍ أُنْزِلَتْ فِي الْقُرْآنِ سُورَةُ الْمَائِدَةِ، وَإِنَّ فيها لَسَبْعَ عَشْرَة فريضة (4) .

_ (1) تقدم في الحديث [1] أنه صدوق يخطئ. (2) هو السبيعي، تقدم في الحديث [1] أنه ثقة، إلا أنه مدلِّس، واختلط بأخَرةٍ، ولم يصرح هنا بالسماع، ولم يُذكر حُديج فيمن روى عنه قبل الاختلاط. (3) هو عمرو بن شُرَحْبيل الهَمْداني، أبو مَيْسرة الكوفي، ثقة عابد مخضرم روى له الجماعة إلا ابن ماجه، روى عن عُمر وعليّ وابن مسعود وحذيفة وسلمان وغيرهم، روى عنه أبو إسحاق السبيعي وأبو وائل شقيق بن سلمة ومسروق وغيرهم، روى عنه إسحاق السبيعي وأبو وائل شقيق بن سلمة ومسروق وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاث وستين للهجرة، كان أبو وائل يقول: ((ما اشتملت همدانية على مثل أبي ميسرة، قيل له: ولا مسروق، فقال: ولا مسروق)) ، وقال في رواية: ((كان من أفاضل أصحاب عبد الله)) ، وقال علي بن المديني: ((أعلم الناس بعبد الله: علقمة والأسود وعَبيدة والحارث بن قيس وعمرو بن شرحبيل ... ، فكان علم هؤلاء وحديثهم انتهى إلى سفيان بن سعيد)) ، وقال مسروق: ((ما بالكوفة أحب إليّ أن أكون في مسلاخه من عمرو بن شرحبيل)) ، وكذا قال أبو وائل شقيق بن سلمة، وقال أبو إسحاق السبيعي: ((رأيت أبا جُحيفة في جنازة أبي ميسرة آخذًا بقائمة السرير حتى أُخرج، ثم جعل يقول: غفر الله لك يا أبا ميسرة، فلم يفارقه حتى أتى القبر)) ، وقال أبو إسحاق أيضًا: ((كان أبو ميسرة عمرو بن شرحبيل يقول: ليت أمي لم تَلِدْني، فقالت له امرأته: لِمَ يا أبا ميسرة؟ قال: لأني أُوْعِدْتُ أني وارد، ولم أوعد أني صادر)) - يعني قوله تعالى: {وإن منكم إلا واردها} [الآية (71) من سورة مريم] ، ,وثقه ابن معين، وذكره ابن حبان في ثقاته وقال: ((كان من العبّاد، وكانت ركبته كركبة البعير من كثرة الصلاة)) . اهـ. من "طبقات ابن سعد" (6 / 106 - 109) ، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = و"المعرفة والتاريخ" ليعقوب بن سفيان (2 / 558 و 562 و 668) ، و"التهذيب" (8 / 47 رقم 78) ، و"التقريب" (ص422 رقم 5048) . (4) سيأتي ذكر هذه الفرائض في تخريج الحديث. [711] سنده ضعيف لما تقدم عن حال أبي إسحاق وحُديج. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 4) للمصنِّف وابن المنذر. وأخرجه أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" (ص137 رقم 250) من طريق إسرائيل، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي ميسرة قال: في المائدة ثمان عشرة فريضة، وليس فيها منسوخ. وهذه الرواية أرجح من رواية حُديج، لأن حال إسرائيل في جدِّه أبي إسحاق أحسن من حال حُديج كما يتضح من ترجمة إسرائيل في الحديث [421] ، مع أنه ممن روى عنه بعد الاختلاط. وذكر هذه الرواية السيوطي في الموضع السابق من "الدرّ"، وعزاها لأبي عبيد والفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وأبي الشيخ، بلفظ أتم من هذا، وهو: في المائدة ثمان عشرة فريضة ليس في سورة من القرآن غيرها، وليس فيها منسوخ: المُنْخَنِقَةُ، والمَوْقُوذَة، والمتردِّية، والنَّطحية، وما أكل السَّبُع إلا ما ذكيتم، وما ذبح على النصب، وأن تستقسموا بالأزلام، والجوارح مُكَلِّبين، وطعام الذين أوتوا الكتاب، وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ، وتمام الطهور، وإذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا، والسارق والسارقة، و: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ ... } الآية. وأخرجه ابن الجوزي في "نواسخ القرآن" (ص297) من طريق إسرائيل، به مختصرًا بلفظ: المائدة ليس فيها منسوخ. وقد صحّف المحقق: ((عمرو بن شرحبيل)) ، إلى: ((عامر بن شراحيل)) . وأخرجه كذلك مختصرًا ابن النحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص141) من طريق سفيان الثوري، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي ميسرة قال: لم يُنسخ من =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللهِ وَلَا الشَّهْرَ الحَرَامَ وَلَا الهَدْيَ وَلَا القَلَائِدَ} ] 712- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ بَيَان (1) ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّعْبي يَقُولُ: لَمْ يُنْسَخْ مِنَ الْمَائِدَةِ إِلَّا هَذِهِ الْآيَةُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا القلائد} .

_ = المائدة شيء. وسيأتي في الحديث بعده عن الشعبي أن هناك آية واحدة نسخت من المائدة. (1) هو ابن بِشْر. [712] سنده صحيح عن الشعبي. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 4) لعبد بن حميد وأبي داود في "ناسخه" وابن جرير وابن المنذر والنحّاس. وقد أخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص99 رقم 233) عن بيان بن بشر، به نحوه، وزاد: نسختها: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} . [الآية (5) من سورة التوبة] . ومن طريق سفيان الثوري أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 181) . وأبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" (ص137 رقم 248) . وابن الجوزي في "نواسخ القرآن" (ص301) . إلا أن عبد الرزاق وأبا عبيدة لم يذكرا الزيادة. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 475 - 476 رقم 10966) . والنحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص142) . وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (10964) من طريق جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ بيان، به نحوه.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِينًا} ] 713- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (1) ، قَالَ: نا دَاوُدُ (2) ، عَنِ الشَّعْبي - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} - قَالَ: نَزَلَتْ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ، حِينَ اضْمَحَلَّ (3) الشِّرْك، وهُدِّمِت مَنارُ الْجَاهِلِيَّةِ، وَلَمْ يَطُفْ بِالْبَيْتِ عُرْيان (4) .

_ (1) أي: ابن عُلَيَّة. (2) هو ابن أبي هند. (3) أي: ذهب. انظر "لسان العرب" (11 / 396) . (4) يوضَّحه ما أخرجه البخاري في "صحيحه" (3 / 515 رقم 1665) في الحج، باب الوقوف بعرفة، من طريق هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عروة قال: كان الناس يطوفون في الجاهلية عُرَاةً، إلا الحُمْسَ - والحُمْسُ: قريش وما وَلَدَتْ -، وكانت الحُمْس يحتسبون على الناس؛ يعطي الرجلُ الرجلَ الثياب يطوف فيها، وتعطي المرأةُ المرأة الثياب تطوف فيها، فمن لم يُعطِه الحُمْسُ طاف بالبيت عُريانًا ... الحديث. [713] سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مُرْسِِلِه الشعبي، ومعناه ثابت في "الصحيحين" كما سيأتي. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 17) لابن جرير وابن المنذر. وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (9 / 522 رقم 11092) من طريقي يعقوب بن إبراهيم، عن إسماعيل بن عليّة، به نحوه. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (11090 و 11091 و 11102 و 11103) من طريق عبد الله بن إدريس وعبد الأعلى بن عبد الأعلى وبشر بن الفضل =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {اليَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ} ] 714- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاش (1) ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُبيد الكَلاَعي قَالَ: سَأَلْتُ مَكْحولاً عَنْ ذَبَائِحِ عِيْدَات أَهْلِ الْكِتَابِ، والمُرَتَّبَات لِكَنَائِسِهِمْ، فَتَلَا هَذِهِ الآية: {اليوم أحل =

_ = وعبد الوهاب الثقفي، أربعتهم عن داود، به، ولفظ عبد الأعلى وابن إدريس نحوه، إلا أن لفظ عبد الأعلى أتمّ، وأما لفظ بشر وعبد الوهاب فبمعناه مختصرًا. ويشهد له ما أخرجه البخاري في "صحيحه" (8 / 270 رقم 4606) في تفسير سورة المائدة من كتاب التفسير، باب: {اليوم أكملت لكم دينكم} . ومسلم في "صحيحه" (4 / 2312 - 2313) رقم 3 و 4 و 5) في كتاب التفسير. كلاهما من طريق قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب أن اليهود، قالوا لعمر: إنكم تقرأون آية لو أنزلت فينا لاتخذنا ذلك اليوم عيدًا، فقال عمر: إني لأعلم حيث أُنزلت، وأي يوم أُنزلت، وأين رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - حيث أنزلت، أنزلت بعرفة وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - واقف بعرفة - يعني: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عليكم نعمتي} -. وفي لفظ: جاء رجل من اليهود إلى عمر، فقال: يا أمير المؤمنين، آية في كتابكم تقرأونها، لو علينا نزلت معشر اليهود، لاتّخذنا ذلك اليوم عيدًا، قال: وأي آية؟ قال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دينًا} ، فقال عمر: إني لأعلم اليوم الذي نزلت فيه، والمكان الذي نزلت فيه، نزلت عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - بعرفات، في يوم الجمعة. وكلا اللفظين لمسلم. (1) تقدم في الحديث [9] أنه صدوق في روايته عن الشاميين أهل بلده، مُخَلِّط في غيرهم، وأنه مدلس، وهذا الحديث من روايته عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدٍ الكَلاَعي، وهو دمشقي كما في ترجمته في الحديث [70] ، لكن لم يصرِّح إسماعيل =

= لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لهم} قَالَ: طَعَامُهُمْ: ذَبَائِحُهُمْ. [قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الكَعْبَيْنِ} ] 715- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم قَالَ: نَا خَالِدٌ (1) ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عن

_ = هنا بالسماع منه. [714] سنده ضعيف لأن إسماعيل مدلِّس ولم يصرِّح بالسماع. ولم أجد من أخرج هذه الأثر غير المصنف. وقال القرطبي في "تفسيره" (6 / 76) : ((والطعام اسم لما يؤكل، والذبائح منه، وهو هنا خاص بالذبائح عند كثير من أهل العلم بالتأويل. وأما ما حرم علينا من طعامهم، فليس بداخل تحت عموم الخطاب؛ قال ابن عباس قال الله تَعَالَى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يذكر اسم الله عليه} ، ثم استثنى فقال: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لكم} يعني ذبيحة اليهودي والنصراني، وإن كان النصراني يقول عند الذبح: باسم المسيح، واليهودي يقول: باسم عزير؛ وذلك لأنهم يذبحون على الملّة. وقال عطاء: كل من ذبيحة النصراني وإن قال باسم المسيح؛ لأن الله جل وعز قد أباح ذبائحهم وقد علم ما يقولون. وقال القاسم بن مخميرة: كل من ذبيحته وإن قال باسم سرجس - اسم كنيسة لهم - وهو قول الزهري وربيعة والشعبي ومكحول؛ وروي عن صحابيين: عن أبي الدرداء، وعبادة بن الصامت. وقالت طائفة: إذا سمعت الكتابي يسمي غير اسم الله عز وجل فلا تأكل، وقال بهذا من الصحابة علي وعائشة وابن عمر وهو قول طاوس والحسن متمسكين بقوله تَعَالَى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يَذْكُرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لفسق} . وقال مالك: أكره ذلك، ولم يحرِّمه)) . اهـ. (1) هو ابن مَهْران الحَذَّاء.

ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {فَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وأَرْجُلَكم} ، قَالَ: عَادَ إلى الغَسْل.

_ [715] سنده صحيح. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 27 - 28) للمصنِّف وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس. وقد أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 40) . وابن المنذر في "الأوسط" (1 / 411 رقم 415) . والنحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص149) . والبيهقي في "سننه" (1 / 70) في الطهارة، باب قراءة من قرأ وأرجلَكم نصبًا، وأن الأمر رجع إلى الغسل، وأن من قرأها خفضًا فإنما هو للمجاورة. جميعهم من طريق المصنِّف، به، ولفظ الطحاوي والنحاس والبيهقي مثله، إلا أن النحاس قال: {وأرجلكم} - بالنصب -، وأما البيهقي فقال: ((عاد الأمر إلى الغسل)) . وأما ابن المنذر فإنه عطف لفظه على لفظٍ سابق بنحوه. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (1 / 20) . ومن طريقه ابن المنذر في "الأوسط" (1 / 410 رقم 414) . وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 55 رقم 11459) . والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 39) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" (2 / 25) . جميعهم من طريق خالد، به نحوه، إلا أن الطحاوي لم يذكر قوله: ((قال: عاد إلى الغسل)) . وأخرجه الطحاوي أيضًا (1 / 40) من طريق يوسف بن مهران، عن ابن عباس مثل سابقه، وقد أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" (2 / 25) من نفس الطريق، به، وزاد: ((قال هو المسح)) . وفي سنده عندهما الراوي له عن يوسف وهو علي بن زيد بن جُدعان، وتقدم في الحديث [4] أنه ضعيف.

716- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ قَالَ: نا أَبُو مُحَمَّدٍ مَوْلَى قُرَيْشٍ (1) ، قَالَ: نا عَبَّاد بْنُ الرَّبيع (2) ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا كَذَلِكَ.

_ (1) أبو محمد مولى قريش يروي عن عباد بن الربيع، لم يرو عنه سوى هشيم، قال أبو حاتم: ((مجهول)) كما في "الجرح والتعديل" (9 / 434 رقم 2163) ، وسكت عنه البخاري في "تاريخه" (9 / 67 رقم 621) ، وقال ابن حبان في ترجمة عباد بن الربيع الآتية: ((إن لم يكن أبو محمد هو الأعمش، فلا أدري من هو)) ، وانظر "لسان الميزان" (7 / 101 رقم 1079) . أقول: وليس هو الأعمش، فأبو محمد مولىً لقريش، وأما الأعمش فهو من بني أسد كما في ترجمته في الحديث [3] . (2) عبّاد بن الربيع الكوفي، إمام نُخَيْلَةَ، يروي عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، لم يرو عنه سوى أبي محمد مولى قريش، وكلاهما مجهول؛ فقد ذكر عبادًا هذا البخاري في "تاريخه الكبير" (6 / 35 رقم 1603) وسكت عنه، وبيّض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (6 / 79 رقم 404) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (5 / 142) . ونُخَيْلَةُ: موضع قرب الكوفة على سَمْت الشام. انظر "معجم البلدان" (5 / 278) . [716] سنده ضعيف لجهالة عباد وأبي محمد. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 28) للمصنِّف وابن المنذر وابن أبي حاتم. وقد أخرجه ابن المنذر في "الأوسط" (1 / 411 رقم 416) . والبيهقي في "سننه" (1 / 70) في الطهارة، باب قراءة من قرا: (وأرجلكم) - نصبًا -، وأن الأمر رجع إلى الغسل، وأن من قرأها خفضًا فإنما هو للمجاورة. كلاهما من طريق المصنِّف، به مثله سواء. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 54 - 55 رقم 11458) من طريق حفص بن سليمان الغاضري، عن عاصم بن كليب، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلمي، =

717- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا مَنْصُورٌ (1) ، وَعَبَّادٌ (2) أَنَّهُمْ سمعوا (3) الحسن يقرأ: {وأرجُلِكم} (4) .

_ = قال: قرأ عَلَيَّ الحسن والحسين رضوان الله عليهما، فقرآ: {وأرجلِكم إلى الكعبين} ، فسمع عليٌّ - رضي الله عنه - ذلك - وكان يقضي بين الناس -، فقال: {وأرجلَكم} ، هذا من المقدَّم والمؤخَّر من الكلام. وسنده ضعيف جدًّا، فيه حفص بن سليمان الأسدي، أبو عمر البزّاز، الكوفي، الغاضري - بمعجمتين -، وهو حفص بن أبي داود القارئ صاحب عاصم بن أبي النَّجود، قرأ على عاصم وروى عنه وعن عاصم الأحول وعبد الملك بن عمير وأبي إسحاق السبيعي وغيرهم، روى عنه حفص بن غياث وآدم بن أبي إياس وهشام بن عمار وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثمانين ومائة وله تسعون سنة، وهو متروك الحديث كما قال الإمام أحمد والنسائي، وقال البخاري: ((تركوه)) ، وقال مسلم: ((متروك)) ، وقال ابن معين: ((ليس بثقة)) ، وفي رواية قال: ((كان حفص وأبو بكر من أعلم الناس بقراءة عاصم، وكان حفص أقرأ من أبي بكر، وكان كذابًا، وكان أبو بكر صدوقًا)) ، قوال ابن خراش: ((كذاب متروك، يضع الحديث)) ، وقال ابن أبي حاتم: ((سألت أبي عنه، فقال: لا يكتب حديثه، هو ضعيف الحديث لا يصدق، متروك الحديث. قلت: ما حاله في الحروف؟ قال: أبو بكر بن عياش أثبت منه)) ، وقال الإمام أحمد في رواية: ((ما به بأس)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 173 - 174 رقم 744) ، و"التهذيب" (2 / 400 - 402 رقم 700) ، و"التقريب" (ص172 رقم 1405) . (1) أي: ابن زَاذَان. (2) هو ابن راشد، تقدم في الحديث [183] أنه صدوق لكن هُشيم بن بشير يدلِّس تدليس العطف الذي سبق بيانه في الحديث [380] ، ولم يصرِّح هنا بالسماع من عبّاد. (3) كذا بالأصل! .

718- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا حُميد الطَّوِيل (5) ، عَنْ أنس أنه قرأ: {وأرجلِكم} (6) .

_ (4) لم تضبط اللام في الأصل، لكن هذا هو المنقول عن الحسن البصري كما في "الأوسط" لابن المنذر (1 / 411) وغيره، وانظر التخريج. [717] سنده صحيح من طريق منصور، وهو ضعيف من طريق عباد؛ لكون هشيم لم يصرح بالسماع منه. وقد أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 40) عن مجاهد أنه قرأها: {وأرجلِكم} ، خَفَضَها. ثم أعقبه الطحاوي بما أخرجه من طريق قُرَّة بن خالد، عن الحسن البصري أنه قرأها كذلك. ويؤيِّد ذلك ما أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (1 / 18 - 19) فقال: حدثنا ابن عُليَّة، عن يُونُسُ، عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ يقول: إنما هو المسح على القدمين؛ وكان يقول: يمسح ظاهرهما وباطنهما. وهذا سند صحيح، وابن عُليَّة اسمه: إسماعيل بن إبراهيم، ويونس هو ابن عبيد، وكلاهما ثقة تقدمت ترجمتهما. (5) تقدم في الحديث [43] أنه ثقة، إلا أنه كثير التدليس عن أنس، لكنه صرح في بعض روايات هذا الحديث بما يفيد سماعه له من أنس. (6) في الأصل: ((وأجلكم)) سقطت الراء. [718] سنده صحيح، وقد صرح حميد كما سيأتي بأنه كان في مجلس أنس - رضي الله عنه - حين قرأ هذه القراءة. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 28) للمصنِّف وحده، بمثل ما هنا مختصرًا. ثم ذكره مطوَّلاً وفيه قصة كما سيأتي، وعزاه للمصنِّف وابن أبي شيبة وابن جرير. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وقد أخرجه ابن المنذر في "الأوسط" (1 / 412 رقم 418) من طريق أبي عبيد القاسم بن سلام، عن هشيم، به مثل لفظ المصنف هنا، وزاد: على الخفض. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 58 رقم 11475) ، فقال: حدثنا حميد بن مَسْعدة، قال: حدثنا بشر بن المفضّل، عن حميد - ح -، وحدثنا يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا ابن عليّة، قال: حدثنا حميد، قال: قال موسى بن أنس لأنس ونحن عنده: يا أبا حمزة، إن الحجاج خَطَبنا بالأهواز ونحن معه، فذكر الطَّهور، فقال: اغسلوا وجوهكم وأيديكم وامسحوا برؤوسكم وأرجلَكم، وإنه ليس شيء من ابن آدم أقربَ إلى خَبَثه من قدميه، فاغسلوا بطونهما وظهورهما وعراقيبهما. فقال أنس: صدق الله وكذب الحجاج؛ قال الله: {وامسحوا برؤوسكم وأرجلِكم} ، قال: وكان أنس إذا مسح قدميه بَلَّهما. وصحح هذا الإسناد الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (2 / 25) ، وهو كذلك، فشيخ الطبري يعقوب بن إبراهيم الدَّوْرقي وإسماعيل بن إبراهيم بن عليّة تقدم أنهما ثقتان. وقد أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (1 / 19) عن ابن عليَّة، عن حميد، قال: كان أنس إذا مسح على قدميه بلّهما. ثم أخرجه ابن جرير الطبري برقم (11477) من طريق محمد بن أبي عدي، عن حميد، به نحو اللفظ السابق، واللفظ السابق أتمّ. وأخرجه البيهقي في "سننه" (1 / 71) في الطهارة، باب قراءة من قرأ: {وأرجلَكم} - نصبًا -، وأن الأمر رجع إلى الغسل، وأن من قرأها خفضًا فإنما هو للمجاورة، أخرجه من طريق عبد الوهاب بن عطاء، عن حميد، به بنحو لفظ ابن جرير، ولم يذكر قوله: وكان أنس إذا مسح قدميه بَلَّهما، وباقي لفظ ابن جرير أتمّ.

719- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {وأرجلَكم} . 720- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا دَاوُدُ (1) ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنِ أَبِي خَالِدٍ (2) ، عَنِ الشَّعْبي أنه كان يقرأ: {وأرجلِكم} .

_ [719] سنده صحيح. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 28) لابن أبي شيبة فقط. وقد أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (1 / 20) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 55 رقم 11460) . كلاهما من طريق أبي معاوية محمد بن خازم، به مثله، وزادا: ((رجع الأمر إلى الغَسل)) ، وعند ابن جرير: ((عاد)) ، بدل قوله: ((رجع)) . وأخرجه ابن جرير أيضًا من طريق عَبْدة بن سليمان، عن هشام، به مقرونًا بالرواية السابقة. ثم أخرجه أيضًا (10 / 56 رقم 11464) من طريق سفيان الثوري، عن هشام، به مثل لفظ ابن أبي شيبة السابق. وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 40) . والبيهقي في "سننه" (1 / 70) في الطهارة، باب قراءة من قرأ: {وأرجلَكم} - نصبًا-، وأن الأمر رجع إلى الغسل، وأن من قرأها خفضًا فإنما هو للمجاورة. كلاهما من طريق سفيان بن عيينة، عن هشام، عن أبيه قال: رجع القرآن إلى الغسل، وقرأ: {وأرجلَكم إلى الكعبين} بنصبها. اهـ. واللفظ للبيهقي. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (1 / 21 رقم 60) من طريق معمر، عن هشام، به نحو سابقه. (1) هو ابن أبي هند. (2) لم يصرِّح هشيم بن بشير هنا بالسماع من إسماعيل، وإنما عطفه على سماعه =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = من داود، فالخوف أن يكون هشيم دلَّسه تدليس العطف الذي سبق بيانه في الحديث [380] . [720] سنده صحيح من طريق داود، وهو ضعيف من طريق إسماعيل؛ لأن هشيمًا لم يصرِّح بالسماع منه. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 61 رقم 11491) من طريق جابر بن نوح، قال: حدثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ قَالَ: كان الشعبي يقرأ: {وأرجلِكم} - بالخفض -. وقد جاء من طريق عن داود وإسماعيل وغيرهما عن الشعبي معنى هذه القراءة. فأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (1 / 19) . وابن جرير (10 / 59 رقم 11482) . كلاهما من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة، عن داود، عن الشعبي، قال: إنما هو المسح على القدمين، ألا ترى أن ما كان عليه الغسل جعل عليه التيمم، وما كان عليه المسح أهمل فلم يجعل عليه التيمم. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (11480 و 11483 و 11484) من طريق عبد الله بن إدريس وعبد الوهاب الثقفي ومحمد بن أبي عدي، ثلاثتهم عن داود به نحو سابقه، إلا أن ابن إدريس زاد في أوَّله: ((نزل جبريل المسح)) . وأخرجه ابن أبي شيبة في الموضع السابق من طريق وكيع، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عن الشعبي، قال: نزل جبريل بالمسح. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (1 / 19 رقم 56) . وابن جرير برقم (11485) . أما عبد الرزاق فمن طريق ابن عيينة، وأما ابن جرير فمن طريق يزيد بن هارون، كلاهما عن إسماعيل، به نحو سابقه. وأخرجه ابن أبي شيبة في الموضع السابق من طريق زبيد اليامي، عن الشعبي، به مثل لفظه السابق. =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ العَدَاوَةَ وَالبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ} ] 721- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا العَوَّام (1) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعي - فِي قَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ والبغضاء} - قَالَ: فَمَا أَرَى الإغْرَاء فِي هَذِهِ الْآيَةِ إِلَّا الأهْواء الْمُفْتَرِقَةَ والبَغْضاء.

_ = وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 40) من طريق عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: نزل القرآن بالمسح والسنة بالغسل. (1) هو ابن حوشب. [721] سنده صحيح. وأخرجه الهروي في "ذم الكلام" (2 / ل 167 / ب) من طريق المصنِّف، به مثله، إلا أنه قال: ((ما أرى)) ، و: ((المتفرقة)) . وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 42) لعبد بن حميد وابن جرير. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 137 رقم 11598 و 11600) من طريق يعقوب بن إبراهيم والحسين بن داود، كلاهما عن هُشيم، به نحوه. وأخرجه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم" (2 / 114) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن هشيم، به بلفظ: الخصومات والجدال في الدين. وهذا أخرجه الهروي في "ذم الكلام" (1 / ل 17 / ب) من طريق المصنِّف سعيد بن منصور، ثنا هشيم أنبا العوام، عن إبراهيم النخعي، سمعته يقول - في قوله: {فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء} -: أَغْرَى بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ فِي الْجِدَالِ في الدين. وهذا هو لفظ الحديث الآتي، لكن من طريق يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنِ الْعَوَّامِ.

722- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا العَوَّام، قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعي يَقُولُ: (أَغْرَى) (1) بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ فِي الْجِدَالِ فِي الدِّينِ. 723- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا العَوَّام، عَنْ أَبِي إِيَاس (2) قَالَ: الْخُصُومَاتُ في الدين تبطل الأعمال.

_ (1) في الأصل: ((غرى)) . [722] سنده صحيح. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 42) لأبي عبيد وابن جرير وابن المنذر. وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (10 / 137 رقم 11599) . وابن بطّة في "الإبانة" (2 / 500 رقم 558) . والهروي في "ذم الكلام" (2 / ل 168 / ب) . أما ابن جرير فمن طريق سفيان بن وكيع، وأما ابن بطة فمن طريق محمد بن عبد الملك الدقيقي، وأما الهروي فمن طريق عبد الرحيم بن حبيب، ثلاثتهم عن يزيد بن هارون، به نحوه. وأخرجه ابن بطة أيضًا برقم (559) . وابن عبد البر في "جامع بيان العلم" (2 / 114) . كلاهما من طريق محمد بن يزيد، عن العوّام، به نحوه. وفي بعض طرق الحديث السابق عن هشيم عن العوّام نحو لفظ هذا الحديث. (2) هو معاوية بن قُرَّة، تقدم في الحديث [8] أنه ثقة. [723] سنده صحيح. وأخرجه الهروي في "ذم الكلام" (2 / 162 / أ) من طريق المصنِّف مقرونًا برواية سعيد بن يعقوب، كلاهما عن هشيم، به مثله، إلا أنه قال: ((تحبط)) بدل قوله: ((تبطل)) . وأخرجه ابن جرير الطبراني في "تفسيره" (10 / 137 رقم 11600) .

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ} ] 724- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو (1) ، سَمِعَ عُبيد بْنَ عُمير (2) ، يَقْرَأُ: {يَهْدِي بهُ اللَّهُ} ، قَالَ سَعِيدٌ: لُغَةٌ. [قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ العَالَمِينَ} ] 725- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانة (3) ، عَنْ مَنْصُورٍ (4) ، عَنِ الحَكَم (5) - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَجَعَلَكُمْ ملوكًا} -، قَالَ: كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمْ بَيْتٌ وَخَادِمٌ فَهُوَ ملك.

_ = والآجري في "الشريعة" (ص56) . وابن بطة في "الإبانة" (2 / 501 - 502 رقم 562 و 563 و 654) . وابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" (2 / 114) . جميعهم من طريق هشيم، به نحوه، إلا أن إياس معاوية بن قرّة سقط من إسناد بن عبد البر، فأصبح الكلام من قول العوّام. وأخرجه اللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" (2 / 129رقم 221) . ومن طريقه قوَّام السنة الأصبهاني في "كتاب الحجة" (1 / 313 - 314) . وأخرجه الهروي في الموضع السابق. وابن عبد البر في الموضع السابق. أما اللالكائي فمن طريق يزيد بن هارون، وأما الهروي فمن طريق خالد الطحّان، وأما ابن عبد البر فمن طريق محمد بن يزيد، ثلاثتهم عن العوام، به نحوه. (1) هو ابن دينار. (2) هو اللَّيْثي، تقدم في الحديث [635] أنه مجمع على ثقته. [724] سنده صحيح. (3) هو وَضَّاح بن عبد الله. (4) هو ابن المعتمر. =

726- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْب قَالَ: أَخْبَرَنِي [ل129/ب] أَبُو هَانِئ الخَوْلاَني (6) ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ (الحُبُلِيّ) (7) يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: أَلَسْنَا مِنْ فُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ؟ قَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: لَكَ امْرَأَةٌ تَأوِي إِلَيْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: أَلَكَ مَسْكَنٌ تَسْكُنُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: فَأَنْتَ مِنَ الْأَغْنِيَاءِ قَالَ: إِنَّ لِي خَادِمًا قَالَ: فَأَنْتَ من الملوك.

_ (5) هو ابن عُتَيْبة. [725] سنده صحيح إلى الحَكَم، والحكم لم يذكر عمّن تلقّى هذا المعنى. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 162 رقم 11628) من طريق جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ منصور، قال: أُراه عن الحكم ... ، فذكره بنحوه. ثم أخرجه ابن جرير أيضًا برقم (11629) من طريق سفيان الثوري، عن منصور، عن الحَكَم: {وجعلكم ملوكًا} ، قال: الدار والمرأة والخادم، قال سفيان: أو اثنتين من الثلاثة. (6) هو حُميد بن هانئ، تقدم في الحديث [230] أنه لا بأس به. (7) في الأصل: ((البجلي)) ، والتصويب من مصادر ترجمته ومصادر التخريج. وهو عبد الله بن يزيد المَعَافِري، المصري، أبو عبد الرحمن الحُبُلِيّ - بضم المهملة والموحّدة -، يروي عن عبد الله بن عمر وعبد اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وعقبة بن عامر وأبي ذر وأبي سعيد الخدري وجابر بن عبد الله وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه أبو هانئ حُميد بن هانئ وعبد الرحمن بن زياد بن أنعم وعقبة بن مسلم وغيرهم، وهو ثقة، روى له الجماعة عدا البخاري، ووثقه ابن معين وابن سعد والعجلي، وكانت وفاته بأفريقية سنة مائة، قال أبو بكر المالكي في "تاريخ القيروان": ((بعثه عمر بن عبد العزيز إلى أفريقية ليفقههم، فبثّ فيها علمًا كثيرًا، ومات بها، ودفن بباب تونس)) ، وقال ابن يونس: ((يقال: توفي بأفريقية =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ القَوْمِ الفَاسِقِينَ} ] 727 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، سَمِعَ عُبيد بْنَ عُمير (يَقْرَأُ: {فافْرِقْ} - بكسر الراء -) (1) .

_ = سنة مائة، وكان صالحًا فاضلاً)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 197 رقم 917) ، و"التهذيب" (6 / 81 - 82 رقم 162) ، و"التقريب" (ص329 رقم 3712) . [726] سنده حسن لذاته، وقد أخرجه مسلم كما سيأتي. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 47) للمصنِّف وابن جرير. وقد أخرجه مسلم في "صحيحه" (4 / 2285 رقم 37) في الزهد والرقائق. وابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 161 رقم 11625) . كلاهما من طريق عبد الله بن وهب، به مثله سواء، وعند مسلم زيادة في آخره. (1) ما بين القوسين سقط من الأصل، فجاء الأثر إسنادًا بلا متن، وقد أوقفني ذلك كثيرًا، فاستعنت بالله على إثباته هكذا مستأنسًا في ذلك بأمرين: 1- أن المصنف إنما يروي عن عبيد بن عمر القراءة بهذا الإسناد كما في الحديث رقم [635] و [724] . 2- قال القرطبي في "تفسيره" (6 / 129) : ((وروى ابن عيينة، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عبيد بن عمير أنه قرأ: {فافْرِقْ} - بكسر الراء -)) . [727] سنده صحيح، وقد علّقه القرطبي عن سفيان كما سبق.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} ] 728- (حَدَّثَنَا سَعِيدٌ) (1) ، قَالَ: نَا سُفْيَانُ، عَنِ العَلاَء بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ (2) ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا} - قَالَ: فِي الْإِثْمِ، قَالَ: {وَمَنْ أحياها} قال: من لم يقتل.

_ (1) ما بين القوسين سقط من الأصل، وهو يتكرر دائمًا في أول كل إسناد. (2) هو العلاء بن عبد الكريم اليَامي - بالتحتانيّة -، أبو عَوْن الكوفي، روى عن مجاهد ومرة الهَمْداني وحبيب بن أبي ثابت وغيرهم، روى عنه الثوري وشريك ووكيع وأبو نعيم وغيرهم، وهو ثقة عابد؛ وثقه الإمام أحمد وابن معين وأبو حاتم والعجلي، وقال سفيان الثوري: ((ثنا العلاء بن عبد الكريم، وكان عندنا مرضيًّا)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: ((كان من العبّاد الخشّن)) وذكر الدارقطني في "العلل" جماعة منهم العلاء هذا وقال: ((إنهم حفاظ)) ، وذكر الذهبي أنه توفي في حدود الخمسين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (6 / 358 رقم 1976) ، و"التهذيب" (8 / 188 رقم 337) ، و"التقريب" (ص435 رقم 5248) . ولم أجد من نصّ على أن سفيان بن عيينة سمع من العلاء بن عبد الكريم، لكن سماعه منه محتمل جدًّا، فالعلاء تقدم أنه كوفي توفي في حدود الخمسين ومائة، وسفيان بن عيينة مولده بالكوفة في سنة سبع ومائة كما في "سير أعلام النبلاء" (8 / 455) ، ولم يزل بالكوفة إلى أن انتقل منها إلى مكة في سنة ثلاث وستين ومائة كما في "التهذيب" (4 / 122) ، أي بعد وفاة العلاء. [728] سنده صحيح.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ} ] 729- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (1) ، (عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ) (2) بْنِ أَبِي المُخَارِق، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ (3) تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا من الأرض} - قَالَ: إِذَا قَتَل المُحَارب قُتِل، وَإِذَا قَتلَ وأَخَذ الْمَالَ صُلِب،

_ = وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (9 / 363 رقم 7807) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 236 رقم 11783) . كلاهما من طريق وكيع، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ، قال: سمعت مجاهدًا يقول: {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جميعًا} ، قال: من كفّ عن قتلها فقد أحياها. وأخرجه ابن جرير الطبري برقم (11782) من طريق عنبسة، عن العلاء، عن مجاهد: {ومن أحياها} ، قال: ومن حرّمها فلم يقتلها. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (11775 و 11776 و 11785) من طريق خصيف وابن أبي نجيح، كلاهما عن مجاهد، به بمعناه. وأخرجه عبد الرحمن بن الحسن القاضي في "تفسير مجاهد" (ص194) من طريق ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، به بمعناه. (1) هو العطّار، تقدم في الحديث [396] أنه ثقة. (2) ما بين القوسين سقط من الأصل، فأثبته من الموضع الآتي من "مصنف عبد الرزاق"؛ حيث روى الحديث من طريق ابن جريج، عن عبد الكريم هذا، وهي زيادة لابدّ منها؛ إذا ليس في الرواة من اسمه: ((داود بن عبد الرحمن بن أبي المخارق)) ، =

= وَإِذَا أَخَذَ الْمَالَ وَلَمْ يَقْتُلْ قُطِعت يَدُهُ وَرِجْلُهُ مِنْ خِلاَف، وَإِذَا دَفَّ (4) فِي الطَّرِيقِ، وَأَخَافَ السَّبِيلَ، وَلَمْ يَأْخُذْ مَالًا، وَلَمْ يَقْتل نُفِي من الأرض.

_ = وابن أبي المخارق الذي يروي عن سعيد بن جبير هو عبد الكريم أبو أميّة كما في "تهذيب الكمال" المطبوع (10 / 360) ، وهو ضعيف كما في ترجمته في الحديث [28] . (3) قوله تعالى: ((أو)) ليس في الأصل. (4) هكذا اجتهدت في إثبات هذه الكلمة، وقد تكون: ((ذفّ)) ، أو: ((دفّر)) أو: ((ذفَّر)) ، لكن ما أثبته هو الأقرب للسياق، فالدَّافَّةُ: هم الجيش يَدفُّون نحو العدو، أي: يَدِبُّون، وتَدَافَّ القوم: إذا ركب بعضهم بعضًا. انظر "لسان العرب" (9 / 105) . [729] سنده ضعيف لضعف عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي الْمُخَارِقِ. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (10 / 108 - 109 رقم 18543) عن شيخه ابن جريج، عن عبد الكريم أو غيره، أن سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: مَنْ حَرَب فهو محارب، فإن أصاب دمًا قُتل، وإن أصاب دمًا ومالاً صُلب، وإن أصاب مالاً ولم يُصيب دمًا قُطعت يَدُهُ وَرِجْلُهُ مِنْ خِلَافٍ، فإن تاب فتوبته فيما بينه وبين الله، ويُقام عليه الحدّ. ثم أخرجه عبد الرزاق برقم (18546) من نفس الطريق بلفظ: إنما النفيُ أن لا يُدركوا، فإن أُدركوا ففيهم حكم الله، وإلا نُفوا حتى يلحقوا بلدهم. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 146 - 147 رقم 9066) و (12 / 284 رقم 12840) ، في كلا الموضعين من طريق محمد بن بكر، عن ابن جريج، قال: حُدِّثت عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ ... ، فذكره بنحو لفظ عبد الرزاق السابق هكذا بإبهام اسم ابن أبي المخارق. ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه البيهقي في "سننه" (8 / 284) في السرقة، باب المحارب يتوب. =

730- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، قَالَ: نَا أَبُو حُرَّة (1) ، عَنِ الحسن (2) .

_ = وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 260 و 270 رقم 11839 و 11868) في كلا الموضعين من طريق شيخه المثنى، عن أبي حذيفة، عن شبل، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ قيس بن سعد، عن سعيد بن جبير، به نحو لفظ المصنف في الموضع الأول، واختصره في الموضع الثاني، وقد سقط من الإسناد عنده في الموضع الثاني: ((ابن أبي نجيح)) . وشيخ الطبري المثنى بن إبراهيم الآملي تقدم في الحديث [389] أني لم أجد من ترجم له. وفي سند الحديث أيضًا أبو حذيفة موسى بن مسعود النَّهْدي، وتقدم في الحديث [261] أنه صدوق سيء الحفظ. (1) هو واصل بن عبد الرحمن، تقدم في الحديث [465] أنه ثقة عابد، إلا أن حديثه عن الحسن البصري ضعيف؛ لأنه لم يسمعه منه، وهذا من حديثه عنه. (2) سيأتي لفظه في الحديث [734] أنه قال: ((الْإِمَامُ مُخَيَّر فِي الْمُحَارِبِ، أَيَّ ذلك شاء فعل)) ، لأن هشيمًا قرن رواية الحسن وإبراهيم النخعي والضحّاك وعطاء ومجاهد في سياق واحد. [730] سنده ضعيف لما تقدم عن حال أبي حُرَّة، وهو صحيح لغيره كما سيأتي. وأخرجه أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" (ص142 رقم 259) عن هشيم، به مثله، وعنده زيادة. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 145 رقم 9060) و (12 / 285 رقم 12843) من طريق هشيم، به مثله، إلا أنه لم يذكر قوله: ((أي ذلك شاء فعل)) . وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا برقم (12844) من طريق حفص بن غياث. وابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 262 و 263 رقم 11846 و 11847 =

731- وأنا (1) عُبَيْدة (2) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ (3) . 732- وجُوَيْبر (4) ، عن الضَّحَّاك (5) .

_ = 11853) من طريق حفص بن غياث وجرير بن عبد الحميد وسفيان الثوري. والنحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص158) من طريق الثوري. ثلاثتهم عن عاصم بن سليمان الأحول، عن الحسن، به بمعناه. وسنده صحيح. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (11852) من طريق هارون، عن الحسن، به بمعناه. (1) القائل: وأخبرنا هو هشيم بن بشير كما يتضح من الإسناد السابق. (2) هو ابن مُعَتِّب الضَّبِّي، تقدم في الحديث [560] أنه ضعيف. (3) هو النخعي، ولفظه: ((الْإِمَامُ مُخَيَّر فِي الْمُحَارِبِ، أَيَّ ذلك شاء فعل)) ، كما سيأتي في الحديث [734] ؛ لأن هشيمًا قرن رواية الحسن البصري وإبراهيم النخعي والضحاك وعطاء ومجاهد في سياق واحد. [731] سنده ضعيف لضعف عُبيدة. وأخرجه أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" (ص142 رقم 259) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 262 رقم 11845) . كلاهما من طريق هشيم، به مثله وزادا: ((إن شاء قتل، وإن شاء قطع، وإن شاء نفى، وإن شاء صَلَب)) . (4) هذا الإسناد عطفه هشيم على الإسنادين السابقين برقم [730 و 731] ، وتقدم في الحديث [380] أن هشيمًا يدلِّس تدليس العطف، وهو هنا لم يصرِّح بالسماع من جويبر. وجويبر بن سعيد تقدم في الحديث [93] أنه ضعيف جدًّا. (5) هو ابن مزاحم، ولفظه: ((الْإِمَامُ مُخَيَّر فِي الْمُحَارِبِ، أَيَّ ذلك شاء فعل)) ، كما سيأتي في الحديث [734] ؛ لأن هشيمًا قرن رواية الحسن البصري وإبراهيم النخعي - في الحديثين السابقين - برواية الضحاك هنا ورواية عطاء. =

733- وَلَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيم (1) ، عَنْ عطاء ومجاهد (2) .

_ = ومجاهد - في الحديثين الآتيين - في سياق واحد. [732] سنده ضعيف جدًّا لما تقدم عن حال جويبر وتدليس هشيم. وأخرجه أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" (ص142 رقم 259) عن هشيم، به مثله وفيه زيادة. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 145 رقم 9060) و (12 / 285 رقم 12843) عن هشيم، به مثله، إلا أنه لم يذكر قوله: ((أي ذلك شاء فعل)) . (1) هذا الإسناد عطفه هُشيم على الأسانيد الثلاثة السابقة، وتقدم في الحديث [380] أن هشيمًا يدلِّس تدليس العطف، وهو هنا لم يصرِّح بالسماع من ليث، لكنه صرَّح به في رواية ابن جرير الآتية، وليث بن أبي سُليم تقدم في الحديث [9] أنه صدوق اختلط جدًّا فلم يتميَّز حديثه فتُرك. (2) أي أنهما قالا: ((الْإِمَامُ مُخَيَّر فِي الْمُحَارِبِ، أَيَّ ذلك شاء فعل)) ، كما سيأتي في الحديث بعده، حيث قرن هشيم رواية الحسن البصري وإبراهيم النخعي والضحاك بن مزاحم وعطاء ومجاهد في سياق واحد. [733] سنده ضعيف لضعف ليث بن أبي سليم، وهو حسن لغيره عن مجاهد ما سيأتي في الحديث بعده رقم [734] ، وصحيح لغيره عن عطاء كما سيأتي في الحديث رقم [735] . وأخرجه أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" (ص142 رقم 259) من طريق هشيم، به مثله وفيه زيادة. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 145 رقم 9060) و (12 / 285 رقم 12843) من طريق هشيم، به مثله، إلا أنه لم يذكر قوله: ((أي ذلك شاء فعل)) . وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 75 رقم 3384) و (11 / 35 رقم 12614) من طريق هشيم، أخبرنا ليث، عن عطاء ومجاهد، أنهما قالا: مَا كَانَ فِي الْقُرْآنِ ((أَوْ كذا)) ((أو كذا)) ، فصاحبه بالخيار، أيَّ ذلك شاء فعل.

734- وحَجَّاج بْنُ أَرْطَأَةْ (1) ، عَنْ عَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ، قَالُوا (2) : الْإِمَامُ مُخَيَّر فِي المُحَارِب، أَيَّ ذَلِكَ (3) شَاءَ فَعَلَ.

_ (1) هذا الإسناد عطفه هُشيم على الأسانيد الأربعة السابقة، وتقدم في الحديث [380] أن هشيمًا يدلِّس تدليس العطف، وهو هنا لم يصرِّح بالسماع من حجّاج، لكنه صرَّح به في رواية ابن جرير الآتية، وحجّاج بن أرْطَأة تقدم في الحديث [170] أنه صدوق كثير الخطأ والتدليس، ولم يصرح بالسماع هنا. (2) أي: الحسن البصري وإبراهيم النخعي والضحّاك بن مزاحم وعطاء ومجاهد. انظر الأحاديث الأربعة السابقة. (3) أي: القتل أو الصلب أو قطع الأيدي والأرجل من خلاف أو النفي من الأرض المذكورة في الآية. [734] سنده ضعيف لما تقدم عن حال حجاج وعدم تصريحه بالسماع، وهو صحيح لغيره عن عطاء كما في الحديث الآتي برقم [735] ، وحسن لغيره عن مجاهد بالطريق السابقة رقم [733] ، وهذه الطريق التي يرويها حجاج بن أرطأة عنه، وطريق القاسم بن أبي بَزَّة الآتية في التخريج. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (12 / 285 رقم 12843) من طريق هشيم، عن حجاج، عن عطاء، به مثله، إلا أنه لم يذكر قوله: ((أي ذلك شاء فعل)) . وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 34 رقم 12611) من طريق شيخه يعقوب بن إبراهيم، عن هشيم، قال: أخبرنا حجاج، عن عطاء - فِي قَوْلِهِ: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قتل من النعم} -، قَالَ: مَا كَانَ فِي الْقُرْآنِ ((أو كذا)) ((أو كذا)) فصاحبه بالخيار، أيَّ ذلك شاء فعل. وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا مقرونًا بالرواية السابقة، من طريق هشيم، عن القاسم ابن أبي بزّة، عن مجاهد. وكذا أخرجه الطبري في "تفسيره" (10 / 262 رقم 11844) من طريق يعقوب بن إبراهيم، عن هشيم، عن القاسم، عن مجاهد، به نحو لفظ المصنِّف. والقاسم بن أبي بَزَّة في الحديث [184] أنه ثقة، لكن هشيمًا لم يصرِّح بالسماع منه، فيكون الحديث ضعيفًا بهذا الإسناد لهذه العلّة.

735- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ (1) ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: مَا كَانَ فِي الْقُرْآنِ، ((أوْ كَذَا)) ، ((أوْ كذا)) ، فهو بالخيار.

_ = وأخرجه ابن جرير الطبري أيضًا (10 / 262 رقم 11848) . والنحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص158) . كلاهما من طريق سفيان الثوري، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ ورسوله} ، قال: الإمام مخيّر فيها. وابن جريج تقدم في الحديث [9] أنه ثقة فقيه فاضل، إلا أنه مدلِّس، ولم يصرِّح هنا بالسماع، لكن الظاهر أن هذا الطريق هو الطريق الآتي في الحديث بعده رقم [735] ، وقد صرَّح ابن جريج بالسماع في بعض طرقه كما سيأتي. وأخرجه ابن جرير أيضًا (10 / 262 رقم 11849) من طريق قيس بن سعد قال: قال عطاء: يصنع الإمام في ذلك ما شاء، إن شاء قتل، أو قطع، أو نفى؛ لقول الله: {أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ} ، فذلك إلى الإمام الحاكم، يصنع فيه ما شاء. وقد رواه ابن جرير عن شيخه المثنى، عن أبي حذيفة، عن شبل، عن قيس، به. وهذا إسناد ضعيف. فشيخ الطبري هو المثنى بن إبراهيم الآملي، وتقدم في الحديث [389] أني لم أجد له ترجمة. وشيخه أبو حذيفة النَّهْدي موسى بن مسعود تقدم في الحديث [261] أنه صدوق سيء الحفظ. (1) هو عبد الملك بن عبد العزيز، تقدم في الحديث [9] أنه ثقة فقيه فاضل، إلا أنه مدلِّس، ولم يصرح هنا بالسماع، لكنه صرَّح به في روايات أخرى كما سيأتي، فزالت شبهة تدليسه. [735] سنده صحيح. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 516) بلفظ: كل شيء في القرآن ((أو، أو)) يختار منه صاحبه ما شاء، وعزاه للشافعي وعبد بن حميد. وأخرجه الإمام الشافعي في "الأم" (2 / 160) من طريق شيخه سعيد بن سالم، عن ابن جريج، عن الحسن بن مسلم قال: من أصاب من الصيد ما يبلغ فيه شاة فذلك الذي قال الله: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النعم} ، وأما: {أو كفارة طعام مساكين} ، فذلك الذي لا يبلغ أن يكون فيه هدي، العصفو يقتل فلا يكون فيه هدي، قال: {أو عدل ذلك صيامًا} : عدل النعامة وعدل العصفور. قال ابن جريج: فذكرت ذلك لعطاء، فقال عطاء: كل شيء في القرآن ((أو)) ((أو)) يختار منه صاحبه ما شاء. وأخرجه أيضًا في الموضع نفسه بالإسناد السابق، وذكر كلامًا لعطاء في جزاء الصيد، وفيه يقول عطاء: وكل شيء في القرآن ((أو)) ((أو)) فليختر منه صاحبه ما شاء. ومن طريق الشافعي أخرجه البيهقي في "معرفة السنن والآثار" (7 / 420 - 422 رقم 10551 و 10555) . وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 75 رقم 3383) من طريق أبي عاصم الضَّحَّاك بن مخلد، قال: قال عطاء: كل شيء في القرآن ((أو)) ((أو)) فلصاحبه أن يختار أيَّه شاء. وأخرجه ابن جرير أيضًا (11 / 34 رقم 12610) من طريق زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ ابن جريج، عن عطاء، به نحو لفظه السابق، وفيه زيادة من قول عطاء في جزاء الصيد. وأخرجه ابن جرير أيضًا (4 / 76 رقم 3387) من طريق أيوب السِّختياني، قال: حُدِّثت عن عطاء قال: كل شيء في القرآن ((أو)) ((أو)) ، فهو خيار. وهذا إسناد ضعيف لإبهام شيخ أيوب، وفي الطرق الصحيحة السابقة غُنْيَةٌ عنه، وانظر أيضًا الحديثين السابقين قبله، والله أعلم.

736- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّناد (1) ، عَنْ أَبِيهِ (2) ، قَالَ: أُتِيَ عَبْدُ الْحَمِيدِ (3) وَهُوَ أَمِيرٌ عَلَى الْعِرَاقِ بِثَلَاثَةِ نَفَرٍ قَدْ قَطَعُوا الطَّرِيقَ، وخَذَموا (4) بِالسُّيُوفِ، فَأَشَارَ عَلَيْهِ نَاسٌ بِقَتْلِهِمْ، فَاسْتَشَارَنِي، فَقُلْتُ لَهُ: لَا تَفْعَلْ، فَنَهَيْتُهُ أَنْ يَقْتُلَهُمْ لِمَا كُنْتُ أَعْلَمُ مِنْ رَأْيِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي ذَلِكَ: أَنَّهُ لَا يَسْتَحِلُّ قَتْلَ شَيْءٍ كَانَ عَلَى ذَلِكَ الْحَالِ، فَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى قَتَلَ أَحَدَهُمْ، ثُمَّ أَخَذَ بِقَلْبِهِ بَعْضُ مَا قُلْتُ، فَكَتَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى عُمَرَ، فَجَاءَهُ جوابه جوابًا غليظًا

_ (1) تقدم في الحديث [67] أنه صدوق تغير حفظه لما قَدِم بغداد، وكان فقيهًا، ولم أجد ما يفيد أن المصنِّف سعيد بن منصور ورى عنه قبل أن يتغيّر، لكنه لم ينفرد بهذا الحديث، بل تابعه الإمام مالك كما سيأتي. (2) هو عبد الله بن ذَكْوان. (3) هو عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطَّاب العَدَوي، أبو عمر المدني، يروي عن أبيه وابن عباس ومكحول الشامي وغيرهم، روى عنه أولاده زيد وعبد الكبير وعمر والزهري وقتادة وغيرهم، وكان أبو الزِّناد كاتبًا له كما قال الزبير بن بكار، وعبد الحميد هذا ثقة روى له الجماعة؛ وثقه العجلي والنسائي وابن خراش، وقال أبو بكر بن أبي داود: ((ثقة مأمون)) ، وقال الذهبي: ((الإمام الثقة الأمير العادل)) ، وكان عبد الحميد ولي إمرة الكوفة لعمر بن عبد العزيز، وتوفي بِحَرَّان في سنة نيف عشرة ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (6 / 15 - 16 رقم 77) ، و"سير أعلام النبلاء" (5 / 149) ، و"التهذيب" (6 / 119 رقم 240) ، و"التقريب" (ص334 رقم 3770) . (4) أي ضربوا الناس بها في الطريق كما في "النهاية في غريب الحديث" (2 / 16) ، وانظر الموضع الآتي من "غريب الحديث" للخطابي. =

= يُقَبِّحُ لَهُ مَا صَنَعَ، وَفِي الْكِتَابِ: فَهَلاّ إِذْ تأوَّلْتَ هَذِهِ الْآيَةَ وَرَأَيْتَ أَنَّهُمْ أَهْلَهَا، أَخَذْتَ بِأَيْسَرِ ذَلِكَ (5) . قَالَ أَبُو الزِّناد: فَإِنَّ رَأْيَ الَّذِي يُنْتَهَى إِلَى رَأْيِهِمْ بِالْمَدِينَةِ، مُدَّعيًا أَنَّهُ لَيْسَ بِالْمُحَارِبِ الَّذِي يَتَلَصَّصُ ويَسْتخفي مِنَ السُّلْطَانِ ويَغْزو (6) ، لَكِنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّ الْمُحَارِبَ الَّذِي يُفْسِدُ نَسْلَ الْمُؤْمِنِينَ، ولا يجيب دعوة السلطان.

_ (5) أي النفي من الأرض كما في قوله تعالى: {أو ينفوا من الأرض} . (6) كذا جاءت العبارة في الأصل! [736] سنده ضعيف لما تقدم عن حال عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، وهو صحيح لغيره؛ لأن عبد الرحمن تابعه الإمام مالك كما سيأتي، مع بعض الاختلاف في المتن والاختصار. والحديث أخرجه الخطَّابي في "غريب الحديث" (3 / 187) من طريق المصنِّف، به، ولفظه: أُتي عَبْدُ الْحَمِيدِ وَهُوَ أَمِيرٌ عَلَى الْعِرَاقِ بِثَلَاثَةِ نَفَرٍ قَدْ قطعوا الطريق، وخذموا بالسيوف، فأُشير عليه بقتلهم، فاستشارني، فنهيته، ثم قتل أحدهم، فجاءه كِتَابُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ يُغْلِظ له ويُقَبِّح له ما صنع. اهـ. وأخرجه الإمام مالك في "الموطأ" (2 / 836 رقم 31) في الحدود، باب جامع القطع، ذكر أن أبا الزناد أخبره، أن عاملاً لعمر بن عبد العزيز أخذ ناسًا في حِرَابة - ولم يقتلوا أحدًا -، فأراد أن يقطع أيديهم أو يقتل، فكتب إلى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي ذلك، فكتب إليه عمر بن عبد العزيز: لو أخذت بأيسر ذلك. وهذا إسناد صحيح. ومن طريق الإمام مالك أخرجه البيهقي في "سننه" (8 / 284) في السرقة، باب الردء لا يقتل، ثم قال البيهقي: ((ورواه ابن أبي الزناد، عن أبيه، فقال في هذه القصة: إنه قتل أحدهم، وقال في جوابه: فهلاّ إذ تأوَّلت عليهم هَذِهِ الْآيَةَ وَرَأَيْتَ أَنَّهُمْ أَهْلَهَا، أخذت بأيسر ذلك، وأنكر القتل)) . =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللهِ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} ] 737- حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وَهُشَيْمٌ (1) ، عَنِ ابْنِ عَوْن (2) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ (3) ، قَالَ: فِي قِرَاءَتِنَا (4) : {وَالسَّارِقُونَ وَالسَّارِقَاتُ تُقطع أيمانُهم} .

_ = وهذا التصرف من عمر بن عبد العزيز - رحمه الله - في متابعة ولاته، ومراقبة أعمالهم مثال من أمثلة كثيرة تدل على عدله رحمه الله، وشبيه بهذه القصة ما أخرجه البيهقي في "سننه" (8 / 184) في قتال أهل البغي، باب القوم يظهرون رأي الخوارج لم يحلّ به قتالهم، من طريق عمر مولى غفرة، أن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب كان على الكوفة في عهد عمر بن عبد العزيز، فكتب إلى عمر: إني وجدت رجلاً بالكناسة - سوق من أسواق الكوفة - يَسُبُّكَ، وقد قامت عليه البيِّنة، فهممت بقتله، أو بقطع يده أو لسانه، أو جَلْدِه، ثم بدا لي أن أراجعك فيه؟ فكتب إليه عمر بن عبد العزيز: سلام عليك، أما بعد، والذي نفسي بيده لو قتلته لقتلتك به، ولو قطعته لقطعتك به، ولو جلدته لأقدته منك، فإذا جاء كتابي هذا فاخرج به إلى الكناسة، فسُبَّ الذي سَبَّني، أو اعف عنه، فإن ذلك أحبّ إليّ؛ فإنه لا يحل قتل امرئ مسلم بسبّ أحد من الناس، إلا رجل سبّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، فمن سبّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - فقد حلَّ دمه. (1) تقدم في الحديث [8] أنه مدلس، ولم يصرِّح بالسماع هنا، لكن تابعه حماد بن زيد. (2) هو عبد الله بن عون. (3) أي النخعي. (4) يعني قراءة عبد الله بن مسعود كما سيأتي مصرَّحًا به في بعض الروايات. [737] سنده صحيح، وهشيم وإن لم يصرِّح بالسماع، فإنه تابعه حماد بن زيد، =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ} ] 738- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، عَنْ مُغيرة (1) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {يُحَرِّفُونَ الْكَلَامَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} ، قَالَ: كَانَ يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ: يَا بَنِي أحْبَاري، يَا بَنِي رُسُلي، فَيَقُولُونَ: يَا بَنِي أَبْكَاري. [قَوْلُهُ تَعَالَى: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} ] 739 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ (2) ، قَالَ: نا مَنْصُورُ بْنُ زَاذَان، عَنِ الحَكَم (3) ، عَنْ أَبِي وَائِل (4) ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: إِذَا قَبِلَ الْقَاضِي الْهَدِيَّةَ أَكَلَ السُّحت، وَإِذَا قَبِلَ الرِّشْوَةَ بلغتْ به الكفر.

_ = وانظر الحديث رقم [3] في رواية إبراهيم النخعي عن ابن مسعود. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 73) للمصنِّف وابن جرير وابن المنذر وأبي الشيخ. وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 294 - 295 رقم 11907 و 11908) من طريق يزيد بن هارون وإسماعيل بن عليّة، كلاهما عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قال: في قراءتنا - وربما قال: في قراءة عبد الله -: {والسارقون والسارقات فاقطعوا أيمانهما} . (1) هو ابن مِقْسَم، تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه يدلِّس لا سيّما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه ولم يصرِّح بالسماع. [738] سنده ضعيف لأن مغيرة لم يصرِّح بالسماع من إبراهيم. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 79) لأبي الشيخ فقط. (2) تقدم في الحديث [76] أنه صدوق اختلط في آخر عمره. (3) هو ابن عُتيبة. (4) هو شقيق بن سلمة. =

740- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ يَحْيَى الأبَحّ (1) ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ (2) ، عَنْ أَبِي الأحْوَص (3) ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: الرِّشْوة فِي الْحُكْمِ كُفْرٌ، وَهِيَ بين الناس سُحْت.

_ [739] سنده ضعيف لما تقدم عن حال خلف بن خليفة. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (6 / 544 رقم 1994) . والقاضي وكيع في "أخبار القضاة" (1 / 53) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 4 / أ) . والنسائي في "سننه" (8 / 314 - 315) في الأشربة، باب ذكر الرواية المبينة عن صلوات شارب الخمر. جميعهم من طريق خلف بن خليفة، به نحوه، وزاد النسائي: ((وقال مسروق: من شرب الخمر فقد كفر، وكفره: أن ليس له صلاة)) . (1) تقدم في الحديث [41] أنه صدوق يخطئ. (2) هو السَّبيعي، تقدم في الحديث [1] أنه ثقة، إلا أنه يدلِّس، واختلط في آخر عمره. (3) هو عوف بن مالك. [740] سنده ضعيف لضعف حماد بن يحيى من قبل حفظه؛ ولأن أبا إسحاق لم يصرِّح بالسماع، وهو مدلس كما تقدم، ومع هذا فقد اختلط، ولم يذكروا حماد بن يحيى فيمن روى عنه قبل الاختلاط. لكن صحّ الحديث عن ابن مسعود من غير هذا الطريق؛ فإنه روي عنه من خمس طرق: (1) طريق أبي الأحوص عنه. أخرجه المصنف هنا من طريق حماد بن يحيى، عن أبي إسحاق، عنه. وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (9 / 257 - 258 رقم 9100) من طريق المصنِّف، به مثله. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأخرجه القاضي وكيع في "أخبار القضاة" (1 / 52) من طريق أبي داود الطيالسي، عن حماد بن يحيى، به نحوه، إلا أنه قال: ((الهديّة)) ، بدل قوله: ((الرِّشوة)) . (2) طريق عبد خير عنه. أخرجه القاضي وكيع في "أخبار القضاة" (1 / 53) من طريق السُّدِّي، عن عبد خير، قَالَ: سُئِلَ ابْنُ مَسْعُودٍ عَنْ السّحت، قال: الرِّشا، قلنا: في الحكم؟ قال: ذاك الكفر. (3) طريق زِرّ بن حُبيش عنه. أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 147 رقم 14664) . وابن أبي شيبة في "المصنف" (6 / 588 رقم 2136) . والقاضي وكيع في "أخبار القضاة" (1 / 51) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 319 و 320 رقم 11945 و 11952) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 3 / ب) . ومحمد بن إسحاق الكاتب النيسابوري في "المناهي وعقوبات المعاصي" (ل 147 / أ، وب) . والطبراني في "المعجم الكبير" (9 / 257 رقم 9099) . جميعهم من طريق سفيان الثوري، عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرِّ بْنِ حبيش، عن ابن مسعود قال: السُّحت: الرِّشوة في الدين. وقد سقط من إسناد "مصنف عبد الرزاق"، ولعلّه من الطباعة، فإن آخر الحديث يدل على أن عبد الرزاق رواه عنه، فقد جاء في آخره عنده قوله: ((قال سفيان: يعني في الحكم)) . وسنده حسن لذاته؛ رجاله ثقات تقدمت تراجمهم، عدا عاصم بن بَهْدَلة، فإنه صدوق حسن الحديث كما في ترجمته في الحديث [17] . (4) و (5) طريقا مسروق وعلقمة، عن ابن مسعود، وهما الآتيان في الحديث بعده، وسندهما صحيح.

741- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ (عمَّار) (1) الدُّهْني، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الجَعْد، عَنْ مَسْروق، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ عَنِ السُّحْت، أَهُوَ الرِّشوة فِي الْحُكْمِ؟ قَالَ: لَا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ، وَالظَّالِمُونَ، وَالْفَاسِقُونَ، وَلَكِنَّ السُّحْت: أَنْ يَسْتَعِينَكَ رَجُلٌ عَلَى مَظْلَمَةٍ، فَيُهْدِيَ لَكَ، فَتَقْبَلَهُ، فَذَلِكَ السُّحت.

_ (1) في الأصل: ((عمارة)) ، والتصويب من الموضع الآتي من "سنن البيهقي"، فإنه روى الحديث من طريق المصنف، وانظر ترجمة عمار في الحديث [133] . [741] سنده صحيح. ولم أجد من نصّ على أن سالمًا روى عن مسروق، لكن سماعه منه محتمل، فكلاهما كوفي، ومسروق تقدم في الحديث [110] أنه توفي سنة اثنتين أو ثلاث وستين للهجرة، وأما سالم فتقدم في الحديث [133] أن وفاته سنة تسع وتسعين، أو مائة، أو إحدى ومائة، ولم ينفرد به سالم كما سيأتي. والحديث عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 80) للمصنِّف وعبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وأبي الشيخ والبيهقي. ومدار الحديث على مسروق بن الأجدع، وله عنه أربع طرق: (1) طريق سالم بن أبي الجعد، وله عنه أربع طرق: أ) طريق عمار الدهني الذي أخرجه المصنف هنا عن سفيان بن عيينة، عنه. ومن طريق المصنِّف أخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 139) في آداب القاضي، باب التشديد في أخذ الرشوة وفي إعطائها على إبطال حق، به مثله، إلا أنه قال: ((أهو رشوة)) . وأخرجه البيهقي كذلك في "شعب الإيمان" (4 / 390 رقم 5504 / تحقيق زغلول) ، من طريق عبد الوهاب، عن ابن عيينة، به نحوه، وفيه زيادة. وأخرجه القاضي وكيع في "أخبار القضاة" (1 / 40 و 51) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 320 رقم 11950) . أما وكيع فمن طريق يحيى بن آدم، وأما ابن جرير فمن طريق محمد بن جعفر، كلاهما عن شعبة، عن عمار الدهني، به نحوه، ولفظ المصنِّف أتمّ، وقد سقط شعبة من إسناد وكيع في الموضع الأول. ب) طريق منصور بن المعتمر، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عن مسروق، عن عبد الله أنه قال: الجور في الحكم كفر، والسُّحت: الرُّشى. قال: فسألت إبراهيم، فقلت: أفي قول عبد الله: السحت الرشا؟ قال: نعم. أخرجه الإمام أحمد في "الإيمان" (ل 131 / ب) من طريق محمد بن جعفر، عن شعبة، عن منصور. ومن طريقه ابن بطة في "الإبانة" (2 / 737 رقم 1013) . والقائل: فسألت إبراهيم ... ، هو منصور بن المعتمر فيما يظهر. وأخرجه القاضي وكيع في "أخبار القضاة" (1 / 52) من طريق علي بن عاصم، عن شعبة، عن منصور، به بلفظ: الهديّة على الحكم كفر، وهي فيما بينكم سحت. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 319 - 320 رقم 11947 و 11949 و 11951) من طريق محمد بن جعفر غندر ووهب بن جرير وبشر بن المفضّل، ثلاثتهم عن شعبة، عن منصور، به مختصرًا بلفظ: السحت: الرشوة، وفي لفظ: الرُّشي. وأخرجه البيهقي في الموضع السابق من طريق عاصم بن علي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ مسروق، قال: سألت عبد الله - يعني ابن مسعود - عن السحت، فقال: الرُّشى، وسألته عن الجور في الحكم، فقال: ذلك الكفر. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 147 - 148 رقم 14666) من طريق شيخيه معمر وسفيان الثوري، كلاهما عن منصور، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = عن مسروق، قال [القائل سالم] : جاء رجل من أهل ديارنا، فاستعان مسروقًا على مظلمة له عند ابن زياد، فأعانه، فأتاه بجارية له بعد ذلك، فردّها عليه، وقال: إني سمعت عبد الله يقول: هذا السحت. وأخرجه الإمام أحمد في "كتاب الإيمان" (ل 131 / أ) عن عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ العَمِّي، عن منصور، عن سالم، عن مسروق قال: سأل رجل عبد الله بن مسعود عن السحت، فقال ابن مسعود: الرُّشى، فقال الرجل: الرشوة في الحكم؟ قال ابن مسعود: لا، من لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فأولئك هم الكافرون، وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ الله فأولئك هم الظالمون، وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ الله فأولئك هم الفاسقون. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 323 - 324 رقم 11969) من طريق جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ منصور، به نحو سابقه، إلا أنه لم يذكر الرجل، وإنما قال أوّله: عن عبد الله قال: الرشوة سحت، قال مسروق: فقلنا لعبد الله: أفي الحكم؟ ... الحديث. ورواه فِطْر بن خليفة، عن منصور، به نحو لفظ عبد العزيز العمّي السابق عند الإمام أحمد؛ إلا أنه لم يذكر قوله: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ الله فأولئك هم الظالمون ... } الخ. أخرجه مسدّد في مسنده كما في "المطالب العالية المسندة" (ل 78 / أ) ، وهو في المطبوعة (2 / 250 رقم 2134) . والقاضي وكيع في "أخبار القضاة" (1 / 52) . وأبو يعلى في "مسنده" (9 / 173 - 174 رقم 5266) . والبيهقي في الموضع السابق من "سننه". جميعهم من طريق فطر، به، إلا أن مسددًا ووكيعًا لم يذكرا استشهاد ابن مسعود بالآية. ج) طريق الأعمش، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عن مسروق، عن عبد الله أنه قال: =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = السحت: الرُّشى. أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (10 / 320 رقم 11951) هكذا من طريق شعبة، عن الأعمش. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (11946) من طريق محمد بن فضيل، عن الأعمش، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهيل، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ قَالَ: قيل لعبد الله: ما السحت؟ قال: الرشوة، قالوا: في الحكم؟ قال: ذاك الكفر. كذا رواه ابن فضيل، فخالف فيه شعبة؛ حيث أسقط مسروقًا من سنده، وزاد سلمة بن كهيل بين الأعمش وسالم. ورواية شعبة أرجح، فهو أوثق من محمد بن فضيل لا سيّما في الأعمش، كما في الحديث [3] ، هذا مع أن روايته موافقة لباقي الروايات في ذكر مسروق. د) طريق حكيم بن جبير، عن سالم، به مثل رواية محمد بن فضيل السابقة للحديث عن الأعمش، إلا أن السائل هنا هو مسروق. أخرجه ابن جرير في "تفسيره" برقم (11958) . والطبراني في "المعجم الكبير" (9 / 258 رقم 9101) . وابن بطة في "الإبانة" (2 / 734 رقم 1004) . (2) طريق أبي الضُّحى مسلم بن صُبَيْح، عن مسروق. وله عن أبي الضحى ثلاث طرق: أ) طريق عمار الدهني، عنه، عن مسروق، به نحو لفظ المصنِّف سعيد بن منصور هنا. أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (10 / 322 رقم 11963) . ب) طريق السُّدِّي، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، به نحو رواية فطر بن خليفة السابقة من منصور، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ. أخرجه الإمام أحمد في "الإيمان" (ل 131 / أ) . والطبراني في "المعجم الكبير" (9 / 257 رقم 9098) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = كلاهما من طريق شريك، عن السدي به. جـ) طريق بكير بن أبي بكير، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْحٍ، قَالَ: شفع مسروق لرجل في حاجة، فأهدي له جارية، فغضب غضبًا شديدًا، وقال: لو علمت أنك تفعل هذا ما كلَّمت في حاجتك، ولا أكلم فيما بقي من حاجتك؛ سمعت ابن مسعود يقول: من شفع شفاعة ليردّ بها حقًّا أو يرفع بها ظلمًا، فأُهدي له فقبل، فهو سحت. فقيل لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ما كنا نرى ذلك إلا الأخذ على الحكم، قال: الأخذ على الحكم كفر. أخرجه ابن جرير برقم (11961) . (3) طريق عامر الشعبي، عن مسروق قال: قلنا لعبد الله: ما كنا نرى السحت إلا الرشوة في الحكم، قال: ذاك الكفر. أخرجه القاضي وكيع في "أخبار القضاة" (1 / 51) . وابن جرير برقم (11948) . وابن بطة في "الإبانة" (2 / 733 رقم 1003) . ثلاثتهم من طريق وكيع بن الجرّاح، عن حريث بن أبي مطر، عن الشعبي، به. (4) طريق سلمة بن كُهيل، عن علقمة ومسروق أنهما سألا ابن مسعود عن الرشوة، فقال: هي السحت، قالا: أفي الحكم ذلك؟ قال: ذلك الكفر، ثم تلا هَذِهِ الْآيَةُ: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكافرون} . أخرجه الإمام أحمد في "الإيمان" (ل 131 / أ) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 321 و 357 رقم 11960 و 12061) . وابن بطّة في "الإبانة" (2 / 733 رقم 1002) . جميعهم من طريق هشيم بن بشير، قال: حدثنا عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عن سلمة بن كهيل، به إلا أن "كتاب الإيمان" للإمام أحمد جاء فيه: ((الأسود)) بدل: ((مسروق)) ، فلعله تصحيف من الناسخ. وسند هذا الطريق صحيح رجاله ثقات تقدمت تراجمهم، وقد رواه الإمام أحمد =

742- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ؛ قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيع، عَنْ مُوسَى بْنِ طَرِيف (1) ، عَنْ أَبِيهِ (2) ، أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَسَمَ شَيْئًا، فَدَعَا رَجُلًا يَحْسُبُ، فَقِيلَ لَهُ: لَوْ أَعْطَيْتَهُ شَيْئًا، قَالَ: إِنْ شَاءَ، وَهُوَ سُحْتٌ.

_ = عن هشيم مباشرة. (1) هو موسى بن طَريف الأسَدي الكوفي، روى عن أبيه وعباية بن ربعي، روى عنه الأعمش وعبد العزيز بن رُفيع وفطر بن خليفة وغيرهم، وهو متروك، فقد كذبّه أبو بكر بن عيّاش، وضعفه ابن معين والدارقطني في رواية، وفي رواية قال: ((متروك)) ، وقد روى أحاديث يظهر منها غلوّه في التشيع، ولذلك قال الجوزجاني: ((زائغ)) ، وقال ابن عدي: ((وموسى بن طريف هذا كان غاليًا في جملة الكوفيين)) . وقال عبد الله بن داود الخريبي: ((كنا عند الأعمش، فجاءنا يومًا وهو مغضب، فقال: ألا تعجبون من موسى بن طريف؛ يحدِّث عن عباية، عن علي: أنا قسيم النار؟!)) ، وذكر له ابن عدي والعقيلي بعض الأحاديث التي انتُقدت عليه، وقد قيل: إنه كان يحدِّث بهذه الأحاديث يسخر بالشيعة، وذكر سلام الخيّاط أن ابن طريف كان يري رأي أهل الشام، وأنه كان يتحدَّث بهذا يتشيّع به، وهذا مما يؤكد أن الرجل يستحق الترك، وقد قال ابن حبان: ((كان ممن يأتي بالمناكير التي لا أصول لها عن أبيه وأقوام مشاهير، وكان أبو بكر بن عيّاش يكذِّبه)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (8 / 148 رقم 668) ، و"الضعفاء" للعقيلي (4 / 158) ، و"المجروحين" لابن حبان (2 / 238 - 239) ، و"الكامل" لابن عدي (6 / 2339 - 2340) ، و"الضعفاء والمتروكين" للدارقطني (ص368 رقم 520) ، و"لسان الميزان" (6 / 121) . (2) هو طَرِيف الأسَدي، مجهول يروي عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رضي الله عنه -، روى عنه ابناه محمد وموسى، ذكره البخاري في "التاريخ الكبير" (4 / 356 رقم 3128) ، وقال: ((روى عنه ابنه موسى الأسدي، عنده مراسيل)) ، وبيّض له =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (4 / 492 رقم 2163) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (4 / 396) . [742] سنده ضعيف جدًّا لشدة ضعف موسى وجهالة أبيه، ومتنه منكر كما سيأتي. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 81) لعبد الرزاق فقط. وأخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 133) في آداب القاضي، باب ما جاء في أجر القسّام، من طريق المصنِّف، به مثله. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 115 رقم 14539) عن شيخه سفيان بن عيينة، به نحو لفظ المصنف هنا. وأخرجه الإمام الشافعي في "الأم" (7 / 165) . ومن طريقه البيهقي في الموضع السابق (ص132) . وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (7 / 39 - 40 رقم 2304) . كلاهما من طريق أبي بكر بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بن رفيع، به نحوه، إلا أنه أسقط من الإسناد طريفًا، فجاء الأثر من رواية موسى بن طريف، وزاد ابن أبي شيبة في آخره: فقال - أي الرجل -: لا حاجة لنا في سحتكم. وأبو بكر بن عياش تقدم في الحديث [16] أنه لما كبر ساء حفظه، مع كونه ثقة عابدًا، وقد خالفه سفيان بن عيينة وروايته أرجح. قال البيهقي بعد أن رواه: ((إسناده ضعيف؛ موسى بن طريف لا يحتجّ به، وقيل: عنه، عن أبيه، عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ... )) ، ثم ساقه من طريق المصنف كما سبق. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" برقم (14537) من طريق شيخه سفيان الثوري، عن الأعمش، عَنْ مُوسَى بْنِ طَرِيفٍ، عَنْ أبيه قال: مرّ عليّ برجل يحسب بين قوم بأجر، فقال له علي: إنما تأكل سحتًا. ومما يدلّ على شدّة ضعف الحديث: نكارة متنه؛ لا يُظَنّ بأمير المؤمنين عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ الله عنه - أن يعطي سحتًا، قال الشافعي - رحمه الله - في =

743- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَتِيق قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ يَكْرَهُ أُجُورَ القُسَّام (1) ، وَيَقُولُ: كَانُوا يَقُولُونَ: الرِّشْوة عَلَى الْحُكْمِ سُحْت، مَا أَرَى حُكْمًا يُؤْخَذُ عليه رِشْوة.

_ = الموضع السابق: ((لا يحلّ لأحد أن يعطي السحت، كما لا يحل لأحد أن يأخذه، ولا نرى عليًّا - رضي الله عنه - يعطي شيئًا يراه سحتًا - إن شاء الله تعالى -)) . اهـ. (1) القسَّامُ: هو الذي يقسم الدور والأرض والأشياء بين الشركاء فيها. انظر "لسان العرب" (12 / 479) . [743] سنده صحيح. وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" (7 / 202) . وعبد بن حميد في "تفسيره" كما "فتح الباري" (4 / 454) ، و"تغليق التعليق" (3 / 285) . أما ابن سعد فمن طريق عارم بن الفضل، وأما عبد فمن طريق سليمان بن حرب، كلاهما عن حماد بن زيد، به، ولفظ ابن سعد: عن محمد أنه كان يكره أن يشارط القسّام، قال: وكان يكره الرشوة في الحكم، وقال: حكم يأخذون عليه أجرًا. ولفظ عبد بن حميد نحو لفظ المصنِّف، إلا أنه قال: ((وأرى هذا حكمًا يؤخذ عليه الأجر)) . وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 115 رقم 14536) من طريق عثمان بن مطر، عن قتادة، عن ابن المسيّب والحسن وابن سيرين: كرهوا حساب المقاسم بالأجر. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (7 / 40 رقم 2306) من طريق همام بن يحيى، عن قتادة عن الحسن البصري، وابن المسيب بمعنى ما سبق، إلا أن قتادة رواه عن يزيد الرِّشْك، عن القاسم، عن ابن المسيب، ثم قال قتادة: وقال =

744-[ل130/أ] حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَوْن (1) ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: كَانُ يَكْرَهُ الشَّرْط، وَلَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يَقْسِمَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ فَيُعْطِيَهُ الشَّيْءَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ. 745- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاش (2) ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ صَالِحٍ (3) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الرِّشْوة فِي الْحُكْمِ سُحْت، ومَهْرُ البَغِِيِّ، وَثَمَنُ الْكَلْبِ، وَثَمَنُ القِرْد، وَثَمَنُ الْخِنْزِيرِ، وَثَمَنُ الْخَمْرِ، وَثَمَنُ المَيْتة، وَثَمَنُ الدَّم، وعَسْبُ الفَحْل (4) ، وَأَجْرُ النَّائِحَةِ والمُغَنِّيةِ، وَأَجْرُ الْكَاهِنِ، (وَأَجْرُ الساحر) (5) ،

_ = ابن سيرين: إن لم يكن خبيثًا فما أدري ما هو. قلت: وكراهة ابن سيرين لأجر القسّام محمولة على ما إذا كان اشترط ذلك؛ وأما إذا لم يشترط، فلا بأس به عنده كما في الأثر الآتي، وهذا الذي ذهب إليه الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (4 / 454) . (1) هو عبد الله بن عون. [744] سنده صحيح، وانظر تخريج الأثر السابق والتعليق عليه. (2) تقدم في الحديث [9] أنه صدوق في روايته عن أهل بلده، مخلِّط في غيرهم، وأنه مدلِّس، وهذا الحديث من روايته عن حبيب بن صالح وهو شامي من أهل بلده، لكنه لم يُصرِّح بالسماع منه. (3) هو حبيب بن صالح، أو: ابن أبي موسى، الطَّائي، أبو موسى الشامي، الحِمْصي، روى عن أبيه ويزيد بن شريح ويحيى بن جابر وغيرهم، روى عنه ابنه عبد العزيز وحَريز بن عثمان وبقيّة بن الوليد وإسماعيل بن عياش، وكانت وفاته سنة سبع وأربعين ومائة، وهو ثقة؛ وثقه الجوزجاني ويزيد بن عبد ربه، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال بقيّة بن الوليد: ((قال لي شعبة: اشفني من حديث حبيب بن صالح ... )) ، وقال أبو زرعة: ((لا أعلم أحدًا من أهل العلم طعن على حبيب بن صالح =

= وَأَجْرُ القَائِفِ (6) ، وَثَمَنُ جُلُودِ السِّبَاع، وَثَمَنُ جُلُودِ الْمَيْتَةِ، فَإِذَا دُبغت فَلَا بَأْسَ بِهَا، وَأَجْرُ صُوَرِ التَّمَاثيل، وهَدِيَّةُ الشَّفاعة، (وجَعِيْلَةُ الغرَقِ) (7) .

_ = في معنى من المعاني، وهو مشهور في بلده بالفضل والعلم، وشُعْبَةُ في انتقاده وتركه الأخذ عن كل أحد، يستعيد بقيَّةَ حديث حبيب بن صالح)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 103 - 104 رقم 481) ، و"الثقات" لابن حبان (6 / 182 - 183) ، و"ميزان الاعتدال" (1 / 455 رقم 1707) ، و"التهذيب" (2 / 186 رقم 340) ، و"التقريب" (ص151 رقم 1098) . وحبيب هنا يروي عن ابن عباس، وهو لم يدرك أحدًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - كما يتضح من ترجمته؛ فإنه إنما يروي عن التابعين، ولذا ذكره ابن حبان في طبقة أتباع التابعين كما في الموضع السابق من ثقاته، وقد نصّ البيهقي على الانقطاع بينهما كما سيأتي نقله عنه. (4) عَسْبُ الفَحْل: ماؤه، سواء كان فرسًا، أو بعيرًا، أو غيرهما، وعَسْبُهُ أيضًا: ضِرَابَه، والنهي ليس على أيٍّ منهما، وإنما أراد: النهيَ عن الكراء الذي يؤخذ عليه، ويقال لِكِراءِ الفَحْل: عَسْبٌ، وإنما نهي عنه للجهالة التي فيه، ولابدّ في الإجارة من تعيين العمل ومعرفة مقداره. اهـ. من "النهاية في غريب الحديث" (3 / 234) . (5) ما بين القوسين ليس في الأصل، فأثبته من الموضع الآتي من "سنن البيهقي"، لأنه روى الحديث من طريق المصنِّف. (6) القَائِفُ: هو الذي يَتَتَبَّع الآثار ويعرفها، ويعرف شَبَه الرجل بأخيه وأبيه. اهـ. من المرجع السابق (4 / 121) . (7) في الأصل: ((جعلية الغزو)) ، وما أثبته من "غريب الحديث" للخطابي (2 / 473) ، فإنه روى الحديث من طريق المصنِّف، وسيأتي بيان معنى جعيلة الغرق. [745] سنده ضعيف للانقطاع بين حبيب بن صالح وابن عباس؛ ولأن إسماعيل بن عياش =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = مدلِّس ولم يصرِّح بالسماع. والحديث أخرجه البيهقي في "سننه" (6 / 12 - 13) في البيوع، باب تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام، من طريق المصنِّف، به مثله، إلا أنه قال: ((السحت: الرشوة في الحكم)) ، و: ((أجر المغنيّة)) ، وجاء عنده مثلما في النسخة هنا: ((وجعيلة الغزو)) . قال البيهقي بعد أن أخرجه: ((هذا منقطع بين حبيب بن صالح وابن عباس، وهو موقوف)) . وأخرجه الخطّابي في "غريب الحديث" (2 / 473) من طريق المصنِّف، مختصرًا، ولفظه: ((الرشوة)) في الحكم سحت، وثمن الدَّم، وأجرة الكاهن، وأجرة القائف، وهديّة الشفاعة، وجعيلة الغرق)) . ثم أخذ الخطابي - رحمه الله - في بيان معنى ذلك، فقال: ((أما ثمن الدم فإنه أراد كَسْب الحَجَّام، وقد نهى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - عنه، إلا أن تأويله عند عامة أهل العلم: أنه نهي كراهة لا نهي تحريم، وقد احتجم رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - فأعطى الحجام أجره، ولو كان حرامًا لم يطعمه إياه. وإنما كره ذلك لخبثه ودناءة مخرجه والله أعلم. وأما أجر الكاهن فلا إشكال في تحريمه، وفي أنه من أكل المال بالباطل، وذلك لأن قوله زور، وفعله محرم، وقد نهى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ حُلْوان الكاهن. وأما أجر القائف فإنه لم يبطل ذلك من أجل أن فعله باطل، ولكنه إنما كره له أخذ الأجرة؛ لأنه كالحاكم فيما يقطع به من إلحاق الولد وإثبات النسب. والحاكم متى ما أخذ من المتحاكمين أجرًا كان رشوة، إنما أجره على بيت المال، وقد أثبت رسول الله حكم القافة. وأما هدية الشفاعة فمكروهة على الوجوه كلها؛ وذلك لأنه إن كانت شفاعته في باطل، فقد أتى محظورًا وأخذ محرمًا، وإن كانت في حق فقد أخذ على المعروف ثمنًا. =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا} ] 746- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانة (1) ، (عَنْ مُغيرة) (2) ، عَنِ الشَّعْبي، وإِبْرَاهِيمَ، قَالَا: إِذَا ارْتَفَعَ أَهْلُ الْكِتَابِ إِلَى حُكَّامِ الْمُسْلِمِينَ، إِنْ شَاءَ حَكَمَ بَيْنَهُمْ، وَإِنْ شَاءَ أَعْرَضَ عَنْهُمْ، (فَإِنْ حَكَمَ) (3) حَكَمَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.

_ = وأما جَعيلة الغرق، فهي ما يُجعل للغائص على استخراج المتاع الذي غرق في البحر، يقال: جعلت له جَعيلة وجَعَالة بفتح الجيم، أي: جُعْلاً، والمكروه من ذلك على وجهين: أحدهما: أن يستأجره على أن يخرج متاعه من البحر بأجرة معلومة، وهذا فاسد، والإجارة عليه باطلة؛ لأنه غرر لا يُدْرَى هل يظفر به أم لا، وهو مثل الإجارة على أن يَرُدَّ عبده الآبق وفرسه العَائِر وما أشبههما. والوجه الآخر: أن يغرق متاع الرجل، فيرمي به البحر إلى الساحل، فيأخذه الإنسان، فإنما هو بمنزلة اللقطة يجدها، ليس له أن يطلب على ردِّها جعلاً. فأما إذا جَعَلَ للغائص جُعْلاً في طلب متاعه، كان ذلك جائزًا، كما لو جعلها لطالب العبد؛ لأنه إنما يأخذ الجعل على كَدِّ نفسه، لا على ردِّ عبده)) . اهـ. (1) هو وَضَّاح بن عبد الله. (2) ما بين القوسين سقط من الأصل، وقد أخرجه البيهقي من طريق المصنف على الصواب كما سيأتي. ومغيرة بن مِقْسَم تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه يدلِّس، ولم يصرِّح هنا بالسماع. (3) في الأصل: ((وإن شاء)) ، والتصويب من الموضع الآتي من "سنن البيهقي". [746] سنده ضعيف لأن مغيرة لم يصرِّح بالسماع. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 84) لعبد الرزاق وعبد بن حميد وأبي الشيخ. =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالقِسْطِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ} ] 747- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا العَوَّام (1) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ (2) التَّيْمي - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فاحكم بينهم بالقسط} -، قال: بالرَّجْم.

_ = وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (8 / 246) في الحدود، باب ما جاء في حدّ الذميين، ومن قال: إن الإمام مخيّر في الحكم بينهم ... ، من طريق المصنِّف، به مثله. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (6 / 63 رقم 10008) ، و (8 / 322 رقم 19240) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 329 رقم 11979) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 4 / ب) . والنحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص160) . جميعهم من طريق سفيان الثوري، عن مغيرة، به نحوه، إلا أن ابن جرير والنحّاس لم يذكرا قوله: ((فَإِنْ حَكَمَ حَكَمَ بِمَا أَنْزَلَ الله)) . وأخرجه أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" (ص134 رقم 242) . وابن جرير في "تفسيره" (10 / 330 و 334 - 335 رقم 11983 و 11997) . كلاهما من طريق هشيم، عن مغيرة، به نحوه. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (119977 و 11978 و 11985) من طريق جرير بن عبد الحميد، وعمرو بن أبي قيس، كلاهما عن مغيرة، به نحوه، إلا أنهما ذكرا المشركين بدل أهل الكتاب، ولم يذكر عمرو في روايته قوله: ((فإن حكم ... )) الخ. (1) هو ابن حَوْشب. (2) هو ابن يزيد. =

[قوله تعالى: {وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالمُؤْمِنِينَ} ] 748- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْباني (1) ، قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفى: أَرَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله

_ [747] سنده صحيح. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 84) للمصنِّف وعبد بن حميد وأبي الشيخ والبيهقي. وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (8 / 246) في الحدود، باب ما جاء في حد الذميين، ومن قال: إن الإمام مُخيَّر في الحكم بينهم ... ، من طريق المصنف، به مثله. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 335 رقم 11999 و 12001) من طريق عمرو بن عون وهنّاد بن السَّريّ، كلاهما عن هشيم، به مثله، إلا أن هنادًا قال في روايته: ((أُمر أن يحكم بينهم بالرجم)) . هكذا رواه سعيد بن منصور وعمرو بن عون وهنّاد عن هشيم في تفسير قوله تعالى: {فاحكم بينهم بالقسط} . ووافقهم يزيد بن هارون، فرواه عَنِ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ إبراهيم: {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} ، قال: أمر أن يحكم فيهم بالرجم. أخرجه الطبري في الموضع السابق برقم (11998) . وخالف هؤلاء جميعًا أبو عبيد، فرواه في "الناسخ والمنسوخ" (ص135 - 136 رقم 246) فقال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التيمي -، في قوله: {وأن احكم بنيهم بما أنزل الله} -، قال: بالرجم. ورواية الجماعة أصحّ من رواية أبي عبيد؛ لاتفاقهم على ذلك. (1) هو سليمان بن أبي سليمان. [748] سنده صحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6 / 126) وعزاه لابن أبي شيبة فقط. =

عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، رَجْمَ يَهُودِيًّا وَيَهُودِيَّةً قَالَ: قُلْتُ: أَقَبْلَ سُورَةِ النُّورِ، أَمْ بَعْدَهَا؟ قَالَ: لا أدري. [قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكَافِرُونَ ... } إلى قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} ] 749- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حُجَيْر (1) ، عَنْ طاوُس، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هم الكافرون} - قَالَ: لَيْسَ بِالْكُفْرِ الَّذِي تَذْهَبُونَ إليه.

_ = وقد أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 75 رقم 8824) من طريق علي بن مُسْهِر، عن أبي إسحاق الشيباني، به نحوه. (1) هو هشام بن حُجَيْر - بمهملة وجيم، مُصَغَّر -، المكِّي، يروي عن طاوس ومالك بن أبي عامر الأصبحي والحسن البصري، روى عنه ابن جريج وشبل بن عبّاد وسفيان بن عيينة وغيرهم، وهو صدوق، إلا أن له أوهامًا؛ قال ابن شبرمة: ((ليس بمكة مثله)) ، وقال ابن سعد: ((كان ثقة، وله أحاديث)) ، وقال العجلي: ((ثقة صاحب سنّة)) ، وقال الساجي: ((صدوق)) ، وقال ابن معين في رواية: ((صالح)) ، وقال أبو حاتم: ((يكتب حديثه)) ، وقال عبد الله بن الإمام أحمد عن أبيه: ((ليس بالقوي، قلت: هو ضعيف؟ قال: ليس هو بذاك. قال: وسألت يحيى بن معين عنه، فضعّفه جدًّا)) ، وقال علي بن المديني عن يحيى بن سعيد: ((حدثنا عنه ابن جريج، وخليق أن أَدَعَهُ، قلت: أضْرِبُ على حديثه؟ قال: نعم)) . اهـ. من =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = "الجرح والتعديل" (9 / 53 - 54 رقم 228) ، و"التهذيب" (11 / 33 رقم 74) ، و"التقريب" (ص572 رقم 7288) . قلت: وذكر الحافظ ابن حجر في الموضع السابق من "التقريب" أنه من الطبقة السادسة. [749] سنده ضعيف لضعف هشام بن حجير من قبل حفظه، وهو صحيح لغيره كما سيأتي. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 87) للمصنف والفريابي وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم والبيهقي في "سننه". وأخرجه الإمام أحمد في "كتاب الإيمان" (ل 131 / ب) . ومن طريقه ابن بطّة في "الإبانة" (2 / 736 رقم 1010) . وأخرجه محمد بن نصر في "تعظيم قدر الصلاة" (2 / 521 رقم 569) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 7 / أ) . والحاكم في "المستدرك" (2 / 313) . ومن طريقه البيهقي في "سننه" (8 / 20) في الجنايات، باب تحريم القتل من السنّة. جميعهم من طريق سفيان بن عيينة، به مثله، إلا أن محمد بن نصر وابن أبي حاتم قالا: ((يذهبون)) ، بدل قوله: ((تذهبون)) . وأما الحاكم فلفظه: إنه ليس بالكفر الذي يذهبون إليه، إنه ليس كفرًا ينقل عن الملّة: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ الله فأولئك هم الكافرون} ، كفر دون كفر. اهـ. وزاد الإمام أحمد في روايته: قال سفيان: أي ليس كفرًا ينقل عن الملّة: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ الله فأولئك هم الكافرون} . وقد صح الحديث من طريق آخر عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. فأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص101 رقم 241) عن عبد الله بن طاوس، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = عن أبيه قال: قيل لابن عباس: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ الله فأولئك هم الكافرون} ، قال: هي كفره، وليس كمن كفر بالله واليوم الآخر. وهذا إسناد صحيح، إلا أن سفيان لم يسمعه من ابن طاوس، وإنما بينهما معمر. فقد أخرجه الإمام أحمد في "الإيمان" (ل 131 / أ) . ومحمد بن نصر في "تعظيم قدر الصلاة" (2 / 521 - 522 رقم 571 و 572) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 355 - 356 رقم 12053 و 12054) . وابن بطة في "الإبانة" (2 / 734 رقم 1005) . جميعهم من طريق سفيان الثوري، عن معمر، عن ابن طاوس، به، بلفظ: هي به كفر، وليس كمن كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله. وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 191) عن معمر، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قال: سئل ابن عباس عن قوله: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ الله فأولئك هم الكافرون} ، قال: هي كفر، قال ابن طاوس: وليس كمن كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله. وهذا إسناد صحيح. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه: الإمام أحمد في "الإيمان" (ل 131 / ب) . ومحمد بن نصر في "تعظيم قدر الصلاة" (2 / 521 رقم 570) . والقاضي وكيع في "أخبار القضاة" (1 / 41) . وابن جرير في "تفسيره" (10 / 356 رقم 12055) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 7 / أ) . وابن بطّة في "الإبانة" (2 / 736 رقم 1009) .

750- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّناد (1) ، عَنْ أَبِيهِ (2) ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ (3) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} ، و: {الظالمون} ، و: {الفاسقون} في اليهود خاصة.

_ (1) تقدم في الحديث [67] أنه صدوق تغير حفظه لما قدم بغداد. (2) هو عبد الله بن ذكوان. (3) هو عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن عتبة بن مسعود. [750] سنده ضعيف لما تقدم عن حال عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 87) للمصنِّف وأبي الشيخ وابن مردويه. والحديث اختصره المصنف، وهو جزء من حديث طويل أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 246) من طريق شيخه إبراهيم بن أبي العباس، حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنْ الله عز وجل أنزل: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ الله فأولئك هم الكافرون} ، و: {أولئك هم الظالمون} ، و: {أولئك هم الفاسقون} ، قال ابن عباس: أنزل الله في الطائفتين من اليهود، وكانت إحداهما قد قهرت الأخرى في الجاهلية، حتى ارتضوا أو اصطلحوا على أن كل قتيل قتله العزيزة من الذليلة فديته خمسون وسقًا، وكل قتيل قتله الذليلة من العزيزة فديته مائة وسق، فكانوا على ذلك حتى قدم النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المدينة، فذلَّت الطائفتان كلتاهما لمقدم رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، ويومئذ لم يظهر، ولم يوطئهما عليه، وهو في الصلح، فقتلت الذليلة من العزيزة قتيلاً، فأرسلت العزيزة إلى الذليلة: أن ابعثوا إلينا بمائة وسق، فقالت الذليلة: وهل كان هذا في حيَّين قط دينهما واحد، ونسبهما واحد، وبلدهما واحد، دية بعضهم نصف دية؟ إنا إنما أعطيناكم هذا ضيمًا منكم لنا، وفَرَقًا منكم، فأما إذ قدم محمد فلا نعطيكم ذلك، فكادت الحرب تهيج بينهما، ثم =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ارتضوا على أن يجعلوا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - بينهم، ثم ذكرت العزيزة، فقالت: والله ما محمد بمعطيكم منهم ضعف ما يعطيهم منكم ولقد صدقوا، ما أعطونا هذا إلا ضيمًا منا وقهرًا لهم، فدسوا إلى محمد من يخبر لكم رأيه، إن أعطاكم ما تريدون حكمتموه، وإن لم يعطكم حذرتم فلم تحكموه، فدسوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - ناسًا من المنافقين ليخبروا لهم رأي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - فلما جاء رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - أخبر الله رسوله بأمرهم كله وما أرادوا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا} إلى قوله: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ الله فأولئك هم الفاسقون} ثم قال: فيهما والله نزلت وإياهما عنى الله عز وجل. وأخرجه أبو داود في "سننه" (4 / 7 - 8 رقم 3576) في الأقضية، باب في القاضي يخطئ. وابن جرير الطبري في "تفسيره" (1 / 350 - 351 رقم 12037) . والطبراني في "المعجم الكبير" (10 / 367 - 368 رقم 10732) . أما أبو داود فمن طريق زيد بن أبي الزرقاء، وأما ابن جرير فمن طريق عبد الله بن وهب، وأما الطبراني فمن طريق داود بن عمرو الضَّبِّي، ثلاثتهم عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزناد، به، ولفظ ابن جرير والطبراني مطوّل نحو لفظ الإمام أحمد السابق، إلا أن ابن وهب عند ابن جرير روى الحديث على أنه عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الله بن عتبة مرسلاً، ليس فيه ذكر لابن عباس. وأما أبو داود فرواه مختصرًا بلفظ: عن ابن عباس قال: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ الله فأولئك هم الكافرون} إلى قوله: {الفاسقون} ، هؤلاء الآيات الثلاث نزلت في اليهود خاصّة، في قريظة والنضير. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7 / 15 - 16) بعد أن ذكر الحديث: ((رواه أحمد والطبراني بنحوه، وفيه عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ وهو ضعيف، وقد وُثِّق، وبقية رجال أحمد ثقات)) .

751- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ قَالَ: نا زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدة، قَالَ: نا الشَّعْبي، قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هم الكافرون} فِي أَهْلِ الْإِسْلَامِ، {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هم الظالمون} قَالَ: نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِ، {فَأُولَئِكَ هم الفاسقون} ، قال: نزلت في النصارى.

_ [751] سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مرسِلِه الشعبي. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 354 رقم 12043) من طريق شيخه يعقوب بن إبراهيم، عن هشيم، به نحوه. وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص103 رقم 249) عن زكريا، عن الشعبي: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ الله فأولئك هم الظالمون} ، قال: هذه الآيات أوّلها في هذه الأمة، والثانية في اليهود، والثالثة في النصارى. وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 191) . وابن جرير في "تفسيره" (10 / 354 رقم 12044) . كلاهما من طريق سفيان الثوري، به. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه: القاضي وكيع في "أخبار القضاة" (1 / 42) . وابن جرير برقم (12045) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 7 / أ) . وأخرجه الإمام أحمد في "كتاب الإيمان" (ل 131 / أ) . وابن جرير في "تفسيره" (10 / 353 رقم 12038) . كلاهما من طريق وكيع، عن زكريا، به نحو لفظ الثوري. وأخرجه ابن جرير أيضًا (10 / 355 رقم 12046) من طريق يعلى، عن زكريا، به نحو لفظ الثوري أيضًا. =

752- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا العَوَّام (1) ، عَنْ (يُسَيْر) (2) ، أَنَّ عُمَرَ قَالَ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ مَنْ قَضَى بَيْنَ اثْنَيْنِ بَعْدَ هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ الثَّلَاثِ: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فأولئك هم الكافرون} ، و {الظالمون} (3) ! فَمَا رَأَيْتُ مِثْلَ مَنْ قَضَى بين اثنين!

_ = وأخرجه ابن القاصّ في "أدب القاضي" (1 / 82 - 83) من طريق سفيان بن عيينة، عن زكريا، به نحو لفظ المصنِّف. وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" أيضًا (ص102 - 103 رقم 248) عن جابر بن يزيد الجعفي، عن الشعبي، به، بمثل لفظ سفيان السابق عن زكريا. ومن طريق سفيان أخرجه وكيع في "أخبار القضاة" (1 / 42) . وابن جرير في "تفسيره" (10 / 354 رقم 12041) . وأخرجه وكيع أيضًا في الموضع السابق. وابن جرير برقم (12042) . كلاهما من طريق شعبة، عن ابن أبي السَّفَر، عن الشعبي، به نحو لفظ المصنف، إلا أن وكيعًا إنما ذكر الآية الأولى التي نزلت في المسلمين، ولم يذكر ابن جرير الآية الثانية التي نزلت في اليهود. وأخرجه ابن جرير برقم (12039) من طريق سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي السَّفَر، به نحو لفظ سفيان عن زكريا السابق. وأخرجه وكيع في الموضع السابق. وابن جرير برقم (12040) . كلاهما من طريق محمد بن فضيل، عن ابن شُبْرُمة، عن الشعبي، به بمعناه. (1) هو ابن حَوْشَب. (2) في الأصل: ((يشير)) أو: ((بشير)) ، ولم أجد في الرواة من اسمه هكذا ممن يروي عن عمر أو روى عنه العَوَّام بن حوشب، وما أثبته هو الأقرب للصواب. =

753- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا الْمُغِيرَةُ (1) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ - فِي أَهْلِ الذِّمَّةِ إِذَا اسْتُحْلِفُوا-: يُغَلَّظُ عَلَيْهِمْ بِدِينِهِمْ، فَإِذَا بَلَغت اليمين، استُحلفوا بالله.

_ = وهو يُسَيْر - بالتصغير - ابن عمرو - أو: ابن جابر -، الكوفي، مختلف في نسبته، قيل: كندي، وقيل غير ذلك، وقيل: أصله: أُسَيْر، فسُهِّلت الهمزة، وقيل: إن ابن جابر آخر، تابعي. روى يسير هذا عن عمر وعلي وابن مسعود وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه ابنه قيس وأبو إسحاق الشيباني والعَوَّام بن حوشب وغيرهم، وهو ثقة، أدرك زمن النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ويقال: له رؤية، قال العَوَّام بن حوشب: ((ولد في مهاجر النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى المدينة، ومات سنة خمس وثمانين)) ، وقال ابن سعد: ((كان ثقة، وله أحاديث)) ، ووثقه العجلي وابن حبان. اهـ. من "تاريخ الثقات" للعجلي (ص483 رقم 1864) ، و"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (9 / 308 رقم 1327) ، و"الثقات" لابن حبان (4 / 61) و (5 / 557) ، و"التهذيب" (11 / 378 - 379 رقم 738) ، و"التقريب" (ص607 رقم 7808) . (3) كذا في الأصل لم يذكر الثالثة، والسياق يقتضي أن تكون: ((و: {الفاسقون} )) . [752] سنده صحيح. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 89) للمصنِّف فقط، فقال: ((وأخرج سعيد بن منصور عن عُمَرَ قَالَ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ مَنْ قَضَى بَيْنَ اثْنَيْنِ بَعْدَ هذه الآيات)) . (1) تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه يدلِّس، لا سيّما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه. [753] سنده ضعيف لأن مغيرة بن مِقْسَم لم يصرِّح بالسماع. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (6 / 99 رقم 414) من طريق أبي بكر بن عيّاش، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: لا يستحلف المشرك بالله، ولكن يُغَلَّظ عليه في دينه. =

754- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا مُغيرة (1) ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَنْ لَا تَسْتحْلِفُوا بِغَيْرِ اللَّهِ أَحَدًا. 755- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الْمَلِكِ (2) قَالَ: يُسْتَحْلَفُون بِاللَّهِ، وَإِنَّ التَّوْرَاة والإنْجِيل لَمِنْ كُتُبِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. 756- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا الْمَسْعُودِيُّ (3) ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (4) ، عَنْ مَسْرُوقٍ أَنَّهُ كَانَ يَسْتَحْلِفُ أَهْلَ الْكِتَابِ بالله عز وجل.

_ = وعلَّقه ابن حزم في "المحَّلى" (10 / 551) بلفظ: يستحلفون بالله، ويغلَّظ عليهم بدينهم. (1) هو ابن مِقْسَم الضَّبِّي، تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه مدلِّس. [754] سنده رجاله ثقات، لكن مغيرة مدلِّس ولم يذكر ما يدلّ على تلقّيه هذا الخبر عن عمر بلا واسطة. وأخرجه ابن حزم في "المحَّلى" (10 / 550) من طريق أبي عبيد القاسم بن سَلاَّم، نا هشيم، أنا المغيرة بن مقسم قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العزيز في أهل الكتاب: أن يستحلفوا بالله. (2) هشيم بن بشير يروي عن اثنين ممن اسمه عبد الملك، وهما عبد الملك بن عمير وعبد الملك بن أبي سليمان، كما في "التهذيب" (11 / 59) ، وكلاهما ثقة كما تقدم في الحديث رقم [119] والحديث رقم [419] . [755] سنده صحيح. (3) هو عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بن عتبة بن عبد الله بن مسعود، تقدم في الحديث [51] أنه صدوق اختلط قبل موته، ومن سمع منه ببغداد فبعد الاختلاط، ولم أجد من نصّ على أن هشيم بن بشير سمع منه قبل الاختلاط أو بعده، لكن =

757- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا حُصَين (5) ، عَمَّنْ حَدَّثَه، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فهو كفارة له} -، قال: كفارة للجارح.

_ = من يطالع طبقة الذين رووا عنه قبل الاختلاط يجعل هشيمًا في مصافِّهم، بخلاف من روى عنه بعد الاختلاط فإن طبقتهم متأخرة عن هشيم، ومع ذلك لم ينفرد به المسعودي كما سيأتي. (4) هو القاسم بن عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود، تقدم في الحديث [51] أنه ثقة عابد. [756] سنده حسن لذاته. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (6 / 99 رقم 413) عن شيخه أبي مُعَاوِيَةَ، عَنْ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مَسْرُوقٍ، أَنَّهُ كَانَ يَسْتَحْلِفُ المشركين بالله. وسنده ضعيف، فحجّاج بن أرْطَأة تقدم في الحديث [170] أنه صدوق كثير الخطأ والتدليس. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (6 / 131 رقم 10237) ، و (8 / 361 رقم 15544) ، فقال: أخبرنا الثوري، عن جابر، عن الشعبي، عن مسروق قال: كان يحلِّفهم بالله، وكان يقول: أنزل الله: {وأن احكم بينهم بما أنزل الله} . وسنده ضعيف جدًّا لشدة ضعف جابر بن يزيد الجُعْفي كما في ترجمته في الحديث [101] . وعلّقة ابن حزم في "المحلى" (10 / 550) عن مسروق بلفظ: استحلافهم بالله فقط. (5) هو ابن عبد الرحمن السُّلمي، تقدم في الحديث [56] أنه ثقة تغير حفظه في الآخر، وقد روى عنه هشيم هذا الحديث وهو ممن روى عنه قبل الاختلاط كما في الحديث رقم [91] . =

758- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حُصَين (1) ، عن ابن عباس، مثله.

_ [757] سنده ضعيف لإبهام شيخ حصين، وهو صحيح لغيره كما سيأتي. وقد رواه خالد بن عبد الله الواسطي عَنْ حُصَيْنٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بلا واسطة، وسنده ضعيف كما سيأتي في الحديث بعده. وذكر السيوطي هذا الحديث في "الدر المنثور" (3 / 93) وعزاه للمصنِّف والفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (9 / 439 - 440 رقم 8041) فقال: حدثنا الفضل بن دُكين ويحيى بن آدم، عن سفيان عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عباس: {فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ له} ، قال: للجارح. وهذا سند صحيح، وعطاء بن السائب وإن كان قد اختلط، فإن الراوي عنه هنا هو سفيان الثوري، وهو ممن روى عنه قبل الاختلاط كما في الحديث رقم [6] . ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه ابن حزم في "المحلى" (2 / 232) . وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (10 / 366 و 367 - 368 رقم 12086 و 12089) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 7 / ب) . أما ابن جرير فمن طريق يحيى بن آدم وأبي نعيم الفضل بن دكين، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق أبي أحمد الزبيري، ثلاثتهم عن سفيان، به، وفيه زيادة قوله: ((وأجر الذي أصيب على الله)) ، وعند ابن أبي حاتم: ((وأجر المجروح على الله)) . (1) تقدم في الحديث السابق أنه اختلط، لكن الراوي عنه هنا هو خالد بن عبد الله الواسطي، وهو ممن روى عنه قبل الاختلاط كما في الحديث [56] ، إلا أن =

759- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا مُغِيرَةُ (1) ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: لِلْجَارِحِ، وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ (2) : لِلْمَجْرُوحِ.

_ = حصين بن عبد الرحمن هنا أسقط الواسطة بينه وبين ابن عباس، وهو راو مبهم ذكره هشيم في روايته السابقة، ولم يُذكر في ترجمة حصين أنه روى عن ابن عباس. انظر "التهذيب" (2 / 381) . [758] سنده ضعيف لأن حصين بن عبد الرحمن أخذه عن ابن عباس بواسطة راو مبهم كما في الحديث السابق. وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 367 رقم 12097) من طريق معلّى بن أسد، عن خالد، به مثله. وقد صح الحديث من طريق سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عباس كما في الحديث السابق. (1) هو ابن مقسم، تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه يدلِّس، ولم يصرِّح بالسماع هنا. (2) أي النخعي. [759] سنده ضعيف لأن مغيرة لم يصرِّح بالسماع، وهو صحيح لغيره عن مجاهد، وأما إبراهيم النخعي فالصحيح عنه خلافه كما سيأتي في الحديث بعده. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (9 / 438 رقم 8036) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 363 و 366 رقم 12076 و 12088) . كلاهما من طريق هشيم، به مثله، إلا أن ابن أبي شيبة قدّم قول إبراهيم، وأما ابن جرير ففرّق القولين في موضعين. ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه ابن حزم في "المحلى" (12 / 232) . وأخرجه ابن جرير برقم (12079 و 12089) من طريق جرير، عن مغيرة، به مثله مفرّقًا في الموضعين. وأخرجه ابن جرير أيضًا (10 / 367 رقم 12095) من طريق ابن جريج، عن =

760- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا فُضَيْلٌ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ مَنْصُورٍ (1) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ له} - قَالَ: الَّذِي أَصَابَهُ (2) ، وَالْمَجْرُوحُ أَجْرُهُ على الله.

_ = مجاهد قال: كفارة للجارح، وأجرٌ للعافي؛ لقوله: {فمن عفا وأصلح فأجره على الله} [الآية (40) من سورة الشورى] . وابن جريج تقدم في الحديث [9] أنه مدِّلس، وهذا الحديث أخذه عن مجاهد بواسطة. فقد أخرجه ابن جرير (10 / 371 رقم 12102) من طريق آخر عن ابن جريج، قال: أخبرني عبد الله بن كثير، عن مجاهد، به وفيه زيادة. وأخرجه ابن جرير أيضًا (10 / 368 رقم 12099) من طريق شبل، عن عبد الله بن كثير، به نحوه. وقد صح هذا المعنى عن مجاهد كما سيأتي في الحديث الآتي والذي بعده، وفي الحديث الآتي صح عن إبراهيم أنه قال: للجارح، مثل قول مجاهد. (1) هو ابن المعتمر. (2) أي الجارح، وهذا فيه مخالفة لما رواه مغيرة عنه في الحديث السابق؛ من أنه كفارة للمجروح، والصحيح ما رواه منصور هنا. [760] سنده صحيح. وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص102 رقم 245) عن منصور، عن إبراهيم ومجاهد: {فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ له} ، قال: كفارة للجارح، وأجر المجروح على الله تبارك وتعالى. وهذا إسناد صحيح أيضًا. ومن طريق سفيان الثوري أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (9 / 438 - 439 رقم 8037) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 367 رقم 12093) . =

761- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ (1) ، سَمِعَ أَبَا إِسْحَاقَ (2) يَسْأَلُ مُجَاهِدًا، عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} قَالَ: لِلْجَارِحِ. 762- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا [ل130/ب] سُفْيَانُ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ ظَبْيان (3) ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ (4) ، أَنَّ رَجُلًا هَتَم (5) فَمَ رجلٍ عَلَى عَهْدِ مُعَاوِيَةَ، فَأُعْطِيَ ديةَ فأَبَى إِلَّا أَنْ يَقْتَصَّ، فَأُعْطِيَ دِيَتَيْنِ =

_ = ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه ابن حزم في "المحلى" (12 / 232) . وأخرجه ابن أبي شيبة برقم (8040) . وابن جرير برقم (12090) . كلاهما من طريق جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ منصور، عن إبراهيم ومجاهد، به مثل سابقه. وهذا إسناد صحيح أيضًا. ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه ابن حزم في الموضع السابق. (1) تقدم في الحديث [311] أنه صدوق. (2) أي السَّبيعي. [761] سنده حسن لذاته، وهو صحيح لغيره بما مضى في الحديثين [759 و 760] . وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 366 رقم 12087) من طريق يحيى بن واضح، حدثنا يونس، عن أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يقول لأبي إسحاق: {فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ له} ، يا أبا إسحاق، لمن؟ قال أبو إسحاق: للمتصدق، فقال مجاهد: للمذنب الجارح. (3) هو عمران بن ظَبْيان الحنفي الكوفي، يروي عن عدي بن ثابت وحُكيم بن سعد وغيرهما، روى عنه إسرائيل والسفيانان وغيرهم، وهو ضعيف، ورمي بالتشيع، من الطبقة السابعة كما في "التقريب" (ص429 رقم 5158) ؛ قال البخاري: ((فيه نظر)) ، وقال أبو حاتم: ((يكتب حديثه)) ، وقال ابن حبان في =

= فَأَبَى، فَأُعْطِيَ ثَلَاثًا، فَحَدَّثَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ((مَنْ تَصَدَّقَ بدمٍ إِلَى دُونِهِ، فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ مِنْ يَوْمِ وُلِدَ إِلَى يَوْمِ يموت)) .

_ = "المجروحين": ((كان ممن يخطئ، لم يفحش خطؤه حتى يبطل الاحتجاج به، ولكن لا يُحتج بما انفرد به من الأخبار)) ، وذكره العقيلي وابن عدي في الضعفاء، وقال يعقوب بن سفيان: ((ثقة، من كبراء أهل الكوفة، يميل إلى التشيع)) . اهـ. من "الضعفاء" للعقيلي (3 / 298 - 299) ، و"الجرح والتعديل" (6 / 300 رقم 1663) ، و"المجروحين" لابن حبان (2 / 123 - 124) ، و"الكامل" لابن عدي (5 / 1747) ، و"التهذيب" (8 / 133 - 134 رقم 229) ، و"التقريب" (ص429 رقم 5158) . وقد قال الحافظ ابن حجر في الموضع السابق من "التقريب": ((تناقض فيه ابن حبان)) ؛ يعني أنه ذكره في الثقات ثم ذكره في المجروحين. وعندي ابن حبان لم يتناقض فيه، وإنما ذكره في المجروحين وتكلم عنه بما سبق نقله عنه. وأما الذي ذكره في "الثقات" (7 / 239) فهو: ((عمران بن ظبيان، كنيته أبو حفص، مولى أسلم، من أهل المدينة، يروي عن جماعة من التابعين، روى عنه أهل المدينة، وهو خال إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى، مات سنة سبع وخمسين ومائة)) . اهـ. وفرق بين هذا وبين الذي ذكره في "المجروحين"، فهذا مدني، يروي عنه أهل المدينة، والذي في "المجروحين" كوفي يروي عنه أهل الكوفة وسفيان بن عيينة من أهل مكة، ولم يذكر له كنية في "المجروحين"، ولا ذكر أنه مولى أسلم. (4) هو عَديّ بن ثابت الأنصاري، الكوفي، يروي عن أبيه وجدِّه لأمه: عبد الله بن يزيد الخَطْمي، وعن البراء بن عازب وسليمان بن صُرَد وعبد الله بن أبي أوفى =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وغيرهم، روى عنه أبو إسحاق السبيعي وأبو إسحاق الشيباني والأعمش وشعبة وغيرهم، وكانت وفاته سنة ست عشرة ومائة، وهو ثقة رُمي بالتشيع، روى له الجماعة، ووثقه الإمام أحمد والعجلي والنسائي والدارقطني، وقال أبو حاتم: ((صدوق، وكان إمام مسجد الشيعة وقاصّهم)) ، ورماه بالتشيع الإمام أحمد وابن معين والجوزجاني والدارقطني. اهـ.. من "الجرح والتعديل" (7 / 2 رقم 5) ، و"التهذيب" (7 / 165 - 166 رقم 329) ، و"التقريب" (ص388 رقم 4539) . ونقل الحافظ ابن حجر في "التهذيب" عن الطبري قوله: ((عدي بن ثابت ممن يجب التثبت في نقله)) ، وهذا محمول على ما رواه عدي عن أبيه عن جده؛ فقد قال ابن أبي داود: ((وحديث عدي بْنُ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جده معلول)) ، وقال البرقاني: ((قلت للدارقطني: فعدي بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جده؟ قال: لا يثبت، ولا يُعرف أبوه ولا جده، وعدي ثقة)) . (5) أي: ألقى مقدِّمة أسنانه. "لسان العرب" (12 / 600) . [762] سنده ضعيف لضعف عمران بن ظبيان. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 92) للمصنِّف وابن جرير وابن مردويه. وقد أخرجه ابن مردويه من طريق المصنِّف كما في "تفسير ابن كثير" (2 / 64) ، ولفظه: عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ رجلاً أهتم فمه رجل على عهد معاوية - رضي الله عنه -، فَأُعْطِيَ دِيَةً فَأَبَى إِلَّا أَنْ يَقْتَصَّ، فَأُعْطِيَ دِيَتَيْنِ فَأَبَى، فَأُعْطِيَ ثلاثًا فأبى، فحدَّث رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - قال: ((من تصدق بدم فما دُونِهِ، فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ مِنْ يَوْمِ وُلِدَ إِلَى يَوْمِ يَمُوتُ)) . وأخرجه ابن أبي شيبة في "مسنده" كما في "المطالب العالية المسندة" (ل 68 / ب) ، وهو في المطبوعة (2 / 133 رقم 1861) . وأبو يعلى في "مسنده" (12 / 284 رقم 6869) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 368 رقم 12100) . ثلاثتهم من طريق سفيان بن عيينة، به نحوه، إلا أن ابن أبي شيبة قال في =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الكِتَابَ بِالحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} ] 763- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حُدَيْج بنُ مُعَاوِيَةَ (1) ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ (2) ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ (3) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - فِي قوله: {ومهيمنًا عليه} - قال: مُؤْتَمَنًا عليه.

_ = لفظه: ((إلى يوم تصدق به)) ، وقال أبو يعلى: ((إلى يوم تصدق)) ، وأما ابن جرير فالظاهر أنه سقط من إسناده سفيان بن عيينة، وأما لفظه فهكذا: ((من يوم تصدق إلى يوم ولد)) . (1) تقدم في الحديث [1] أنه صدوق يخطئ. (2) هو السَّبيعي، تقدم في الحديث [1] أنه ثقة، إلا أنه مدلِّس واختلط في الآخر، لكن سفيان الثوري ممن روى عنه قبل الاختلاط، وقد روى عنه هذا الحديث كما سيأتي، وأما التدليس، فإنه يروي هنا عن راوٍ لم يرو عنه غيره. (3) هو أَرْبِدة - بسكون الراء، بعدها موحّدة مكسورة -، ويقال: أَرْبِد، التَّميمي، المفسِّر، يروي عن ابن عباس، روى عنه أبو إسحاق السبيعي وحده، وهو صدوق من الطبقة الثالثة كما في "التقريب" (ص97 رقم 297) ، وثقه العجلي كما في "تاريخ الثقات" له (ص59 رقم 54) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (4 / 52) ، وقال ابن البرقي: ((مجهول)) ، وذكره أبو العرب الصِّقِلِّي حافظ القيروان في الضعفاء كما في "التهذيب" (1 / 197 - 198 رقم 372) . ولم يذكر أبو العرب سبب جرحه له، وهو جرح غير مفسَّر ومعارض بتوثيق من سبق. [763] سنده ضعيف لما تقدم عن حال حُديج بن معاوية، وهو حسن لغيره لأن حديج بن معاوية قد توبع كما سيأتي. والحديث عزاه السيوطي في "الدر" (3 / 95) للمصنِّف والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن وأبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في "الأسماء =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَفَحُكْمَ الجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} ] 764- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجيح (1) ، عَنْ طَاوُسٍ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يفضِّل بَعْضَ وَلَدِهِ عَلَى بَعْضٍ، فقرأ: {فحكم الجاهلية يبغون} .

_ = والصفات". وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 378 - 380 رقم 12107 و 12108 و 12109 و 12110 و 12111 و 12112 و 12113 و 12116 و 12117 و 12118) ، من طريق سفيان الثوري وأبي الأحوص وإسرائيل وعنبسة ومطرِّف وقيس بن الربيع وزهير وشريك، جميعهم عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ التَّمِيمِيِّ، وبعضهم قال: عن رجل من تميم، به مثله. وقد رواه ابن جرير في بعض طرقه عن شيخه محمد بن بشار بندار، عن عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان الثوري، به. وهذا إسناد حسن لذاته رجاله كلهم ثقات تقدمت تراجمهم، عدا التميمي فصدوق. وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / 9 / أ) من طريق سفيان الثوري وإسرائيل، عن أبي إسحاق، به مثله، وسمّى التميمي، فقال: واسمه: أربد. وأخرجه البيهقي في "الأسماء والصفات" (1 / 117) من طريق أبي عامر العَقَدي، عن سفيان الثوري، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ التَّمِيمِيِّ، به مثله. (1) تقدم في الحديث [184] أنه ثقة، إلا أنه يدلس. [764] سنده ضعيف؛ لأن ابن أبي نجيح لم يصرِّح بالسماع. والحديث أعاده المصنِّف هنا، وسبق أن أخرجه في سورة آل عمران، وتقدم تخريجه برقم [505] .

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ} ] 765- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو (1) ، سَمِعَ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقْرَأُ: {فَعَسَى (2) اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحَ الْفُسَّاقُ عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ} ، قَالَ عَمْرٌو: فَلَا أَدْرِي كَانَتْ قِرَاءَةً، أَمْ فسَّر؟ [قَوْلُهُ تَعَالَى: { [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ} ] 766- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ السَّرِيِّ بْنِ يَحْيَى (3) ،

_ (1) هو ابن دينار. (2) في الأصل: ((عسى)) . [765] سنده صحيح. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 101) للمصنِّف وابن أبي حاتم. وقد أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / 12 / ب) عن ابن عيينة، به مثله، إلا أنه لم يذكر قول عمرو بن دينار: فلا أدري ... الخ. (3) هو السَّريّ بن يحيى بن إياس بن حَرْملة الشَّيْباني، أبو الهَيْثَم البصري، روى عن الحسن البصري وثابت البُناني وهشام الدستوائي وغيرهم، روى عنه حماد بن زيد وابن المبارك وابن وهب وغيرهم، وكانت وفاته سنة سبع وستين ومائة، وهو ثقة؛ وثقه ابن داود الطيالسي وابن معين وأبو زرعة والنسائي، ووصفه شعبة بالصدق، وقال يحيى القطان: ((كان ثقة، وكان ثبتًا)) ، وقال الإمام أحمد: ((ثقة ثقة)) ، وقال أبو حاتم الرازي: ((صدوق ثقة، لا بأس به، صالح الحديث)) ، وشذّ الأزدي فذكره في الضعفاء، وقال: ((حديثه منكر)) ، قال ابن عبد البر: ((هو أوثق من الأزدي بمائة مرّة)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 283 - 284 =

= عَنِ الْحَسَنِ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يحبهم ويحبونه} - قَالَ: وَلايةُ اللهِ - واللهِ - أَبَا بكر وأصحابَه.

_ = رقم 1217) ، و"التهذيب" (3 / 460 - 461 رقم 861) ، و"التقريب" (ص230 رقم 2223) . ولم أجد من نصّ على أن أبا معاوية ممن روى عن السري بن يحيى، وسماعه منه محتمل، فإنهما قد تعاصرا، فوفاة أبي معاوية كانت سنة ثلاث أو أربع أو خمس وتسعين ومائة كما في ترجمته في الحديث [3] ، وهو كوفي والسري بصري، فلقاؤهما ممكن، وقد توبع أبو معاوية كما سيأتي. [766] سنده صحيح. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 102) لعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ وخيثمة الطرابلسي في "فضائل الصحابة" والبيهقي في "الدلائل". وأخرجه الخُتَّلي في "المحبة" (القسم الرابع ص469 رقم 228) . والقطيعي في "زياداته" على فضائل الصحابة للإمام أحمد (1 / 400 رقم 613) . كلاهما من طريق أحمد بن عبد الله بن يونس، قال: ثنا السري بن يحيى، قال: قرأ الحسن هَذِهِ الْآيَةُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} ، حتى قرأ الآية، قال: فقال الحسن: فولاّها أبا بكر وأصحابه. هذا لفظ القطيعي، ونحوه لفظ الخُتَّلي. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (10 / 411 رقم 12178 و 12179) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 13 / أ) . والقطيعي في "زياداته" على الفضائل لأحمد (1 / 426 - 427 رقم 674) . ثلاثتهم من طريق وكيع، عن الفضل بن دلهم، عن الحسن، به نحوه. =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} ] 767- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجيح (1) ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قولهم الإثم} - قَالَ: الرَّبانيون: هُمُ الْفُقَهَاءُ الْعُلَمَاءُ، (وهم) (2) فوق الأحْبَار.

_ = وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (1280 و 12181 و 12182) من طريق سهل وأبي موسى إسرائيل بن موسى وهشام، ثلاثتهم عن الحسن، به نحوه. وأخرجه خيثمة الطرابلسي في "فضائل الصحابة" (ص131 - 132) . والبيهقي في "دلائل النبوة" (6 / 362) . كلاهما من طريق الحسن بن صالح، عن أبي بشر، عن الحسن، به نحوه. (1) تقدم في الحديث [184] أنه ثقة ربما دلّس، لكن روايته للتفسير عن مجاهد صحيحة. (2) في الأصل: ((وهو)) . [767] سنده صحيح. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (6 / 541 - 542 رقم 7312) ، و (10 / 343 رقم 12014) من طريق سفيان بن عيينة، به مثله، إلا أنه لم يذكر الآية. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (7306 و 7307) من طريق عيسى بن ميمون وشبل، كلاهما عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد - في قوله: {كونوا ربانيين} -، قال: فقهاء. وأخرجه أيضًا برقم (7308) من طريق ابن جريج، عن القاسم بن أبي بَزَّة، عن مجاهد بمثل سابقه.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي القَوْمَ الكَافِرِينَ} ] 768- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا الْحَارِثُ بْنُ عُبيد الإِيَادي (1) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ إِيَاس الجُرَيْري (2) ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقيق، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحرس، فَنَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بلِّغ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ من الناس} ، فَأَخْرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ مِنَ القُّبَّة (3) ،

_ (1) تقدم في الحديث [166] أنه صدوق يخطئ. (2) تقدم في الحديثين [33] و [104] أنه ثقة، إلا أنه اختلط قبل موته بثلاث سنين، وممن روى عنه قبل الاختلاط: إسماعيل بن إبراهيم بن عليَّة، ووُهيب بن خالد، وقد رويا عنه هذا الحديث مرسلاً كما سيأتي، فخالفهم الحارث فوصله، والصواب فيه الإرسال؛ لأن الحارث لم يُذكر فيمن روى عن سعيد قبل الاختلاط، ومع ذلك فالحارث ضعيف من قبل حفظه كما سبق. (3) القُبَّةُ من الخيام: ببيت صغير مستدير، وهو من بيوت العرب. "النهاية في غريب الحديث" (4 / 3) . [768] سنده ضعيف لضعف الحارث من قبل حفظه ومخالفته الثقات في وصله، وقد يكون الخطأ في وصله من سعيد بسبب اختلاطه، والصواب فيه أنه مرسل. ولبعض معناه شواهد سيأتي ذكرها. والحديث ذكره الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (6 / 82) من رواية الترمذي الآتية، ثم قال: ((إسناده حسن، واختُلف في وصله وإرساله)) . وذكره الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (2 / 78) من رواية الترمذي والحاكم، ثم قال: ((وكذا رواه سعيد بن منصور، عن الحارث بن عبيد بن قدامة الإيادي، عن الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شقيق، عن عائشة، به)) . =

= فَقَالَ: ((أَيُّهَا النَّاسُ، انْصَرِفُوا، فَقَدْ عصمني الله من الناس)) .

_ = وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 118) لعبد بن حميد والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ والحاكم وأبي نعيم في "دلائل النبوة" والبيهقي في "الدلائل" أيضًا وابن مردويه. وقد أخرجه الترمذي في "سننه" (8 / 410 - 411 رقم 5037) في تفسير سورة المائدة من كتاب التفسير، من طريق عبد بن حميد، عن مسلم بن إبراهيم، عن الحارث، به، مثله، إلا أنه لم يذكر قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((مَنْ الناس)) . قال الترمذي: ((هذا حديث غريب، وروى بعضهم هذا الحديث عن الجُريري، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شقيق، قال: كان النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحرس ... ، ولم يذكروا فيه: عن عائشة)) . اهـ. ومن طريق الترمذي أخرجه القاضي عياض في "الشفاء" (3 / 314 - 316 / شرح) . وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 469 رقم 12276) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 18 / ب) . والحاكم في "المستدرك" (2 / 313) . والبيهقي في "سننه" (9 / 8) في السير، باب مبتدأ الفرض عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - وعلى الناس. جميعهم من طريق مسلم بن إبراهيم، عن الحارث، به مثل لفظ الترمذي. قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي. وأخرجه ابن جرير برقم (12274) من طريق إسماعيل بن عليّة، عن الجُريري، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شقيق، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - كان يتعقبه ناس من أصحابه، فلما نزلت: {والله يعصمك من الناس} ، خرج، فقال: ((يا أيها الناس، الحقوا =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = بملاحقكم؛ فإن الله قد عصمني من الناس)) . وسنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مرسله عبد الله بن شقيق، فالراوي له عن ابن عُليَّة هو شيخ ابن جرير: يعقوب بن إبراهيم الدَّوْرَقي، وتقدم في الحديث [390 و 391] أنه ثقة من الحفاظ. وأخرجه ابن مردويه في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" (2 / 78) ، من طريق وُهيب بن خالد، عن الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شقيق مرسلاً. ورواية ابن عليَّة وحدها أرجح من رواية الحارث؛ لأنه أوثق منه، وسمع من سعيد قبل اختلاطه، فكيف وقد وافقه وُهيب؟ ويشهد لبعض معناه ما أخرجه البخاري في "صحيحه" (6 / 81 رقم 2885) في الجهاد، باب الحراسة في الغزو في سبيل الله، و (13 / 219 رقم 7231) في التمنِّي، باب قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((ليت كذا وكذا)) . ومسلم في "صحيحه" (4 / 1875 رقم 39 و 40) في فضائل الصحابة، باب في فضل سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -. كلاهما من طريق يحيى بن سعيد الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عامر بن ربيعة، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قالت: أرِقَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - ذات ليلة، فقال: ((ليت رجلاً صالحًا من أصحابي يحرسني الليلة)) ، قالت: وسمعنا صوت السلاح، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((من هذا؟ فقال: سعد بن أبي وقاص، يا رسول الله، جئت أحرسك، قالت عائشة: فنام رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - حتى سمعت غطيطه. اهـ. واللفظ لمسلم. وأخرج البخاري في "صحيحه" أيضًا (6 / 96 و 97 رقم 2910 و 2913) في الجهاد، باب من علَّق سيفه بالشجر في السفر عند القائلة، وباب تفرُّق الناس عن الإمام عند القائلة والاستظلال بالشجر. ومسلم في "صحيحه" (4 / 1786 - 1787 رقم 13 و 14) في الفضائل، باب توكله على الله تعالى وعصمة الله تعالى له من الناس. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = كلاهما من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال غزونا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم- غزوة قِبَلَ نجد فأدركنا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم- في واد كثير العِضَاهِ، فنزل رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم- تحت شجرة فعلَّق سيفه بغصن من أغصانها، قال: وتفرَّق الناس في الوادي يستظلُّون بالشجر. قال: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم: ((إن رجلاً أتاني وأنا نائم، فأخذ السيف، فاستيقظت وهو قائم على رأسي، فلم أشعر إلا والسيف صَلْتًا في يده، فقال لي: من يمنعك مني؟ قال: قلت: الله. ثم قال في الثانية: من يمنعك مني؟ قال: قلت: الله. قال: فَشَامَ السيفَ، فها هو ذا جالس)) . ثم لم يَعْرِضْ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم-. هذا لفظ مسلم، وفي إحدى روايات البخاري: فإذا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - يدعونا، وإذا عنده أعرابي، فقال: ((إن هذا اخترط عليَّ سيفي وأنا نائم، فاستيقظت وهو في يده صَلْتًا، فقال: من يمعنك مني؟ فقلت: الله - ثلاثًا -)) ، ولم يعاقبه وجلس. اهـ. ومعنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((شام السيف)) : أي: أغْمَدَه. انظر "لسان العرب" (12 / 330) . وأشار الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (6 / 98) في شرح هذا الحديث إلى أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُحرس، ثم قال: ((قيل: إن هذه القصة سبب نزول قوله تعالى: {والله يعصمك من الناس} ، وذلك فيما أخرجه ابن أبي شيبة من طريق محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: كنا إذا نزلنا طلبنا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أعظم شجرة وأظلَّها، فنزل تحت شجرة، فجاء رجل فأخذ سفيه، فقال: يا محمد، من يمنعك مني؟ قال: ((الله)) ، فأنزل الله. {والله يعصمك من الناس} ، وهذا إسناد حسن، فيحتمل إن كان محفوظًا أن يقال: كان مخيَّرًا في اتخاذ الحرس، فتركه مرةً لقوة يقينه، فلما وقعت هذه القصة ونزلت هذه الآية، ترك ذلك)) . اهـ. وقال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (2 / 79) : ((ومن عصمة الله تعالى لرسوله =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} ] 769- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ: نا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ لَحْن الْقُرْآنِ: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ} (1) ، {وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزكاة} (2) ، وَ (إِنَّ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ) (3) ، فَقَالَتْ: يَا ابْنَ أُخْتِي، هَذَا عَمَلُ الكُتَّاب، أخطأوا في الكِتَاب (4) .

_ = - صلى الله عليه وسلم - حفظه له من أهل مكة وصناديدها وحُسَّادها ومعانديها ومترفيها، مع شدّة العداوة والبغضة ونصب المحاربة له ليلاً ونهارًا، بما يخلقه الله من الأسباب العظيمة بقدرته وحكمته العظيمة، فصانه في ابتداء الرسالة بعمِّه أبي طالب إذ كان رئيسًا مطاعًا كبيرًا في قريش، وخلق الله في قلبه محبة طبيعية لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، لا شرعية، ولو كان أسلم، لاجترأ عليه كفارها وكبارها، ولكن لما كان بينه وبينهم قدر مشترك في الكفر، هابوه واحترموه، فلما مات عمه أبو طالب نال منه المشركون أذى يسيرًا، ثم قيّض الله له الأنصار، فبايعوه على الإسلام، وعلى أن يتحوَّل إلى دراهم وهي المدينة، فلما صار إليها منعوه من الأحمر والأسود، وكلما همّ أحد من المشركين وأهل الكتاب بسوء، كاده الله وردّ كيده عليه؛ كما كاده اليهود بالسحر، فحماه الله منهم، وأنزل عليه سورتي المعوّذتين دواء لذلك الداء، ولما سمَّه اليهود في ذراع تلك الشاة بخيبر، أعلمه الله به وحماه منه، ولهذا أشباه كثيرة جدًّا يطول ذكرها)) . اهـ. والله أعلم. (1) في الأصل: ((والصابئين)) . قال القرطبي في "تفسيره" (6 / 246) : قال الفَرَّاء: إنما جاز الرفع في {والصابئون} ؛ لأن ((إن)) ضعيفة، فلا تؤثر إلا في الاسم دون الخبر، و ((الذين)) =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = هنا لا يتبين فيه الأعراب، فجرى على جهةٍ واحدةٍ الأمران؛ فجاز رفع الصابئين رجوعًا إلى أصل الكلام. قال الزجَّاج: وسبيل ما يتبين فيه الإعراب وما لا يتبين فيه الإعراب واحد. وقال الخليل وسيبويه: الرفع محمول على التقديم والتأخير؛ والتقدير: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ولا هم يحزنون، والصابئون والنصارى كذلك)) . اهـ. (2) الآية (162) من سورة النساء. وهذه الآية مشكلة في إعرابها كالتي قبلها، قال القرطبي في "تفسيره" (6 / 13 - 14) : ((قرأ الحسن ومالك بن دينار وجماعة: {والمقيمون} على العطف، وكذا هو في حرف عبد الله - يعني ابن مسعود -، وأما حرف أُبَيّ، فهو فيه: {والمقيمين} كما في المصاحف، واختُلف في نصبه على أقوال ستة، أصحُّها قول سيبويه بأنه نصب على المدح؛ أي: وأعني المقيمين ... )) ، ثم نقل عن النحّاس تصحيحه لقول سيبويه هذا، وذكر باقي الأقوال، ثم ختم ذلك بقوله: ((وأصح هذه الأقوال قول سيبويه، وهو قول الخليل)) . اهـ. وانظر ما سيأتي نقله عن ابن جرير الطبري في توجيه هذه القراءة. (3) الآية (63) من سورة طه. وقد اختلف القُرَّاء في قراءة هذه الآية، وبعض القراءات مشكل في إعرابه، قال القرطبي في "تفسيره" (11 / 216) : (قرأ أبو عمرو: إِنَّ هَذَيْنِ لَسَاحِرَان) ، ورويت عن عثمان وعائشة رضي الله عنهما وغيرهما من الصحابة، وكذلك قرأ الحسن وسعيد بن جبير وإبراهيم النخعي وغيرهم من التابعين، ومن القُرَّاء: عيسى بن عمر وعاصم الجَحْدري، فيما ذكر النحّاس. وهذه القراءة موافقة للإعراب مخالفة للمصحف. وقرأ الزهري والخليل بن أحمد والمفضّل وأبان وابن محيصن وابن كثير وعاصم - في رواية حفص عنه -: ((إِنْ هَذَان - بتخفيف ((إن)) - لَسَاحِرَان)) ، وابن كثير =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = يشدِّد نون ((هَذَانَ)) ، وهذه القراءة سَلِمَتْ من مخالفة المصحف ومن فساد الإعراب، ويكون معناها: ما هذان إلا ساحران. وقرأ المدنيون والكوفيون: (إِنّ هَذَان - بتشديد ((إنّ)) - لساحران)) ، فوافقوا المصحف وخالفوا الإعراب. قال النحّاس: فهذه ثلاث قراءات قد رواها الجماعة عن الأئمة. ورُوي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أنه قرأ: ((إِنْ هَذَان إلا ساحران)) ، وقال الكِسَائي: في قراءة عبد الله: ((إِنْ هَذَانِ ساحران)) - بغير لام -. وقال الفَرَّاء: في حرف أُبَيّ: (إِنْ ذَانِ إلا ساحران)) . فهذه ثلاث قراءات أخرى تحمل على التفسير، لا أَنَّها جائز أن يُقْرأ بها؛ لمخالفتها للمصحف. قلت - أي القرطبي -: وللعلماء في قراءة أهل المدينة والكوفة ستة أقوال ذكرها ابن الأنباري في آخر كتاب الردّ له، والنحّاس في إعرابه، والمهدوي في "تفسيره"، وغيرهم أدخل كلام بعضهم في بعض، وقد خَطَّأها قوم، حتى قال أبو عمرو: إني لأستحي من الله تعالى أن أقرأ: ((إِنَّ هَذَان)) ... ) ، ثم ذكر القرطبي من أُثر عنه من السلف أنه حكم على هذه القراءة بالخطأ، وأن ذلك من النُّساخ، ثم شرع في ذكر الأقوال الستة المذكورة في توجيه هذه القراءة، وأحسنها قول من قال: إنها لغة بني الحارث بن كعب وزَبيد وخَثْعم وكِنَانة بن زيد؛ الذين يُلْزِمون المثنى الألف في جميع أحواله؛ يقولون: جاء الزيدان، و: رأيت الزيدان، و: مررت بالزيدان، ومن ذلك قول الشاعر: إن أبَاها وأبا أبَاها ... ... قد بَلَغا في المَجْد غَايتَاها والأصل أن يقول: وأبا أبيها و: غايتيها. قال أبو جعفر بن النحّاس: ((وهذا القول من أحسن ما حملت عليه الآية، إذ كانت هذه اللغة معروفة، وقد حكاها من يُرتضى بعلمه وأمانته، منهم أبو زيد الأنصاري ... ، وأبو الخطاب الأخفش - وهو رئيس من رؤساء اللغة -، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = والكسائي، والفَرَّاء، كلهم قالوا: هذا على لغة بني الحارث بن كعب، وحكى أبو عبيدة عن أبي الخطاب: أن هذه لغة بني كنانة)) ، ثم نقل القرطبي عن المهدوي أنه حكى أنها لغة لِخَثْعَم، ثم أطال في ذكر باقي الأقوال، فانظره إن شئت. (4) سيأتي الكلام عن قول عائشة - رضي الله عنها - هذا ومناقشته. [769] سنده ظاهر الصحة، ومتنه منكر، وليس الخطأ فيه من أبي معاوية؛ لأنه قد توبع، فيحتمل أن يكون الخطأ من هشام بن عروة؛ فإن الذي حَدَّث بهذا الحديث عنه من أهل العراق، وهما: أبو معاوية هنا، وعلي بن مُسْهر كما سيأتي، وكلاهما كوفي، ورواية العراقيين عن هشام بن عروة فيها كلام سبق ذكره في ترجمة هشام في الحديث رقم [251] ، وقد سأل أبو داود الإمام أحمد فقال: ((كيف حديث أبي مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ؟ قال: فيها أحاديث مضطربة، يرفع منها أحاديث إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -)) ، انظر "التهذيب" (9 / 139) ، ولو سلمنا بصحّة سنده إلى عائشة رضي الله عنها، فإن هذا اجتهاد منها لا يمكن قبوله كما سيأتي، وقد صحح السيوطي سنده، فقال في "الإتقان" (1 / 183) بعد أن ذكره من رواية أبي عبيد الآتية: ((هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين)) ، وفي (ص185) ذكر بعض الآثار التي وردت بهذا المعنى، وذكر ما قيل من الجواب عن كل منها، ومن ذلك تضعيف بعضها، ثم قال: ((وبعد، فهذه الأجوبة لا يصلح منها شيء عن حديث عائشة، أما الجواب بالتضعيف، فلأن إسناده صحيح كما ترى ... )) الخ. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 774 - 745) وعزاه للمصنف وأبي عبيد في "فضائله" وابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي داود وابن المنذر. وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص229 رقم 556) . ومن طريقه أبو عمرو الدَّاني في "المقنع" (ص119) . وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (9 / 395 رقم 10838) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وابن أبي داود في "المصاحف" (ص43) . ثلاثتهم من طريق أبي معاوية، به مثله، إلا أن بعضهم لم يذكر الآيات مثل ترتيب المصنِّف، وإنما قدَّم بعضها وأخَّر بعضها الآخر. وأخرجه عمر بن شَبَّةَ في "تاريخ المدينة" (3 / 1013 - 1014) ، فقال: حدثنا أحمد بن إبراهيم، قال: حدثنا علي بن مسهر، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أبيه قال: سألت عائشة رضي الله عنها عن لحن القرآن: {إنّ هَذَان لساحران} ، وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا والصابئون والنصارى} ، {والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة} وأشباه ذلك، فقالت: أيْ بُنَيَّ، إن الكُتَّاب يخطئون. وهذه متابعة جيّدة لأبي معاوية، فعلي بن مُسْهِر تقدم في الحديث [63] أنه حافظ فقيه محدِّث ثقة. وشيخ ابن شَبَّة هو: أحمد بن إبراهيم بن خالد أبو علي المَوْصلي، نزيل بغداد، روى هنا عن علي بن مسهر، وروى أيضًا عن محمد بن ثابت العبدي وفرج بن فضالة وحماد بن زيد وغيرهم، روى عنه عمر بن شَبَّة وأبو داود وأبو زرعة وابن أبي الدنيا وغيرهم، وهو صدوق، كتب عنه الإمام أحمد، وقال ابن معين في رواية: ((ليس به بأس)) ، وفي أخرى قال: ((ثقة صدوق)) ، وذكره ابن حبان وابن شاهين في الثقات، وقال صاحب "تاريخ الموصل": ((كان ظاهر الصلاح والفضل)) ، وكانت وفاته سنة ست وثلاثين ومائتين. اهـ. من "الجرح والتعديل" (2 / 39 رقم 1) ، و"تاريخ أسماء الثقات" لابن شاهين (ص42 رقم 99) ، و"التهذيب" (1 / 9 رقم 1) ، و"التقريب" (ص77 رقم 1) . وبهذه الطريق يتضح أن أبا معاوية قد توبع على الحديث عن هشام بن عروة، فإما أن يكون الخطأ من هشام - وهو الأقرب -، وإما أن تكون عائشة رضي الله عنها قد أخطأت في اجتهادها؛ لأن هذه الحروف التي ذُكِر أن الكُتَّاب أخطأوا فيها صحيحة في اللغة، وليس هناك ما يدعو إلى الحكم على الكُتَّاب =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = بالخطأ، وفي قبول هذه الدعوى فتح لباب الطعن في هذا الكتاب المحفوظ بحفظ الله سبحانه له: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} [الآية (9) من سورة الحجر] ، بل فيه طعن في سلف الأمة؛ في إهمالهم تقويم هذا الخطأ، وإجماعهم على السكوت عنه، وإقرائهم لتلاميذهم كذلك؛ فإنه مع كونه في المصاحف التي نسخها عثمان - رضي الله عنه - هكذا، فهو في مصحف أُبَيّ بن كعب وقراءته كذلك، وقد اختار ابن جرير الطبري - رحمه الله - في "تفسيره" (9 / 397 - 398) قول من قال: إن ((المقيمين)) في موضع خفض نَسَقًا على ((ما)) التي في قوله: ((بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك)) ، وأن يوجه معنى ((المقيمين الصلاة)) إلى الملائكة، فيكون تأويل الكلام: ((والمؤمنون منهم يؤمنون بما أنزل إليك)) يا محمد من الكتاب، (وبما أنزل من قبلك)) من كتبي، وبالملائكة الذين يقيمون الصلاة، ثم يرجع إلى صفة ((الراسخين في العلم)) ، فيقول: لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون بالكتب والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله واليوم الآخر، ثم قال ابن جرير بعد ذلك: ((وإنما اخترنا هذا على غيره؛ لأنه قد ذكر أن ذلك في قراءة أُبَيّ ابن كعب {والمقيمين الصلاة} ، وكذلك هو في مصحفه - فيما ذكروا -، فلو كان ذلك خطأ من الكاتب، لكان الواجب أن يكون في كل المصاحف - غير مصحفنا الذي كتبه لنا الكاتب الذي أخطأ في كتابه - بخلاف ما هو في مصحفنا، وفي اتفاق مصحفنا ومصحف أبي في ذلك ما يدلّ على أن الذي في مصحفنا من ذلك صواب غير خطأ، مع أن ذلك لو كان خطأ من جهة الخطّ، لم يكن الذين أُخذ عنهم القرآن مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - يُعَلِّمون من علَّموا ذلك من المسلمين على وجه اللحن، ولأصلحوه بألسنتهم، ولقَّنوه الأمة تعليمًا على وجه الصواب. وفي نقل المسلمين جميعًا ذلك قراءةً على ما هو به في الخط مرسومًا أدلّ الدليل على صحة ذلك وصوابه، وأن لا صنع في ذلك للكاتب)) . اهـ. وقد ذهب أبو عمرو الداني في "المقنع" (ص118 - 119) إلى توجيه قول =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = عائشة رضي الله عنها هذا، فذكره، وأجاب عنه بقوله: ((تأويله ظاهر؛ وذلك أن عروة لم يسأل عائشة فيه عن حروف الرسم تزاد فيها لمعنى وتنقص منها لآخر؛ تأكيدًا للبيان، وطلبًا للخِفَّة)) . وإنما سألها فيه عن حروف من القراءة المختلفة الألفاظ، المحتملة الوجوه، على اختلاف اللغات التي أذِنَ الله عز وجل لنبيّه عليه السلام ولأُمته في القراءة بها، واللزوم على ما شاءت منها؛ تيسيرًا لها، وتوسعة عليها. وما هذا سبيله وتلك حاله، فعن اللحن والخطأ والوهم والزلل بمعزل؛ لفشّوه في اللغة، ووضوحه في قياس العربية. وإذا كان الأمر في ذلك كذلك، فليس ما قصدته فيه بداخل في معنى المرسوم، ولا هو من سببه في شيء، وإنما سمي عروة ذلك لحنًا، وأطلقت عائشة على مرسومه كذلك الخطأ، على جهة الاتّساع في الأخبار، وطريق المجاز في العبارة إذ كان ذلك مخالفا لمذهبهما، وخارجًا عن اختيارهما، وكان الأوجه والأَوْلى عندهما الأكثر والأفْشَى لديهما، لا على وجه الحقيقية والتحصيل والقطع لما بيّناه قَبْلُ من جواز ذلك وفشوِّه في اللغة، واستعمال مثله في قياس العربية، مع انعقاد الإجماع على تلاوته كذلك دون ما ذهبا إليه، إلا ما كان من شذوذ أبي عمرو بن العلاء في (إن هذين) خاصّة. هذا الذي يُحمل عليه هذا الخبر، ويتأوّل فيه، دون أن يُقطع به على أن أم المؤمنين رضي الله عنها مع عظيم محلّها، وجليل قدرها واتّساع علمها، ومعرفتها بلغة قومها، لَحَّنَت الصحابة وخَطَّأت الكَتَبَة، وموضعهم من الفصاحة والعلم باللغة موضعهم الذي لا يجهل، ولا ينكر، هذا مالا يسوغ ولا يجوز. وقد تأوّل بعض علمائنا قول أمّ المؤمنين: أخطأوا في الكتاب، أي: أخطأوا في اختيار الأوْلى من الأحرف السبعة بجمع الناس عليه، لا أنَّ الذي كتبوا من ذلك خطأ لا يجوز؛ لأنّ ما لا يجوز مردود بإجماع، وإن طالت مدّة وقوعه، وعظم قدر موقعه، وتَأوَّلَ اللحن: أنه القراءة واللغة؛ كقول عمر رضي الله عنه أُبَيٌّ أقرأنا، وإِناّ لندع بعض لحنه، أي: قراءته ولغته، فهذا بَيِّن وبالله التوفيق)) . اهـ. =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} ] 770- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حُصين (1) ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ (2) - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ} - قَالَ: مَنْ لُعن عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ صَارُوا خَنَازِيرَ، وَمَنْ لُعن عَلَى لِسَانِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صَارُوا قِرَدَة، فَقِيلَ: أَكَانَتِ الْقِرَاءَةُ قَبْلَ ذَلِكَ؟ قَالَ: نعم.

_ = وذكره القرطبي في "تفسيره" (6 / 14 - 15) حديث عائشة هذا وما في معناه، ونقل عن القُشَيري أنه قال: ((وهذا المسلك باطل؛ لأن الذين جمعوا الكتاب كانوا قدوة في اللغة، فلا يُظن بهم أنهم يدرجون في القرآن ما لم ينزل)) . اهـ. وانظر في ذلك أيضًا "تأويل مشكل القرآن" لابن قتيبة (ص50 - 53) ، و"تفسير البغوي" (1 / 498 - 499) ، و"الإتقان" للسيوطي (1 / 183 - 186) . وقد ورد عن عثمان - رضي الله عنه - وابنه أبان بن وسعيد بن جبير ما يؤيد معنى حديث عائشة هذا، لكنها ضعيفة، وتجد الكلام عنها في المراجع التي سبقت الإشارة إليها، وانظر معها تعليق محقق "الفضائل" لأبي عبيد (ص226 - 231) ، والله أعلم. (1) هو ابن عبد الرحمن السُّلمي، تقدم في الحديث [56] أنه ثقة تغيَّر حفظه في الآخر، لكن الراوي عنه هنا هو خالد بن عبد الله الواسطي، وهو ممن روى عنه قبل الاختلاط. (2) هو غزوان الغفاري. [770] سنده صحيح عن أبي مالك، لكنه لم يذكر عمّن أخذه، وقد يكون من الإسرائيليات التي لا تُصدَّق ولا تُكذَّب. =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ المُعْتَدِينَ} ] 771- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حُصين، عَنْ أَبِي مَالِكٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أحل الله لكم} - قَالَ: نَزَلَتْ فِي عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُون وَأَصْحَابِهِ، حَرَّمُوا عَلَيْهِمْ كَثِيرًا مِنَ الطَّيِّبَات والنِّساء، فَهَمَّ بَعْضُهُمْ أَنْ يَقْطَعَ ذَكَرَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (1) .

_ = وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 126) وعزاه لأبي عبيد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ. وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (10 / 490 و 491 رقم 12304 و 12305) من طريق حصين بن نمير وهشيم، كلاهما عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عن أبي مالك قال: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إسرائيل على لسان داود} ، قال: مسخوا على لسان داود قردة، وعلى لسان عيسى خنازير. وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 22 / أ) من طريق أبي جعفر الرازي، عن حصين، به نحو لفظ ابن جرير، إلا أنه قال: ((لعنوا)) بدل: ((مسخوا)) . (1) في الأصل: ((إنه لا يحب المعتدين)) . [771] سنده كسابقه، لكنه ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مرسله أبي مالك، وله شواهد سيأتي ذكرها، تدل على أن معناه صحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 139) وعزاه لعبد بن حميد وأبي داود في "مراسيله" وابن جرير. وقد أخرجه أبو داود في "مراسيله" (ص179 - 180 رقم 201) من طريق وهب بن بقيَّة، عن خالد بن عبد الله، به نحوه. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 514 رقم 12336) من طريق عبثر أبي زبيد، عن حصين، به نحوه. وله شواهد. فأخرجه الترمذي في "سننه" (8 / 415 رقم 5041) في تفسير سورة المائدة من كتاب التفسير. وابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 520 رقم 12350) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 24 / أ) . والطبراني في "المعجم الكبير" (11 / 350 رقم 11981) . وابن عدي في "الكامل" (5 / 1817) . والواحدي في "أسباب النزول" (ص198) . جمعيهم من طريق أبي عاصم الضحّاك بن مخلد، عن عثمان بن سَعْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عباس، أن رجلاً أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - فقال: يا رسول الله إني إذا أصبت اللحم انتشرت للنساء، وأخذتني شهوتي، فحرَّمت عليَّ اللحم، فأنزل اللَّهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ الله لا يحب المعتدين. وكلوا مما رزقكم الله حلالاً طيبًا} . اهـ. واللفظ للترمذي. قال الترمذي: ((هذا حديث حسن غريب، ورواه بعضهم عن غير حديث عثمان بن سعد مرسلاً ليس فيه: عن ابن عباس، ورواه خالد الحذّاء عن عكرمة مرسلاً)) . قلت: سنده ضعيف، فيه عثمان بن سعد التميمي، أبو بكر البصري، الكاتب المعلِّم، يروي عن أنس والحسن البصري وابن سيرين ومجاهد وعكرمة وغيرهم، وعنه شعبة وأبو عبيدة الحدّاد وأبو عاصم النبيل وغيرهم، وهو ضعيف من الطبقة الخامسة كما في "التقريب" (ص383 رقم 4471) ، فقد وثقه أبو نعيم وأبو جعفر السبتي وأبو عبد الله الحاكم وزاد: ((عزيز الحديث)) ، وقال ابن عدي: ((هو حسن الحديث، مع ضعفه يكتبه حديثه)) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وقال يحيى بن سعيد القطان: ((أتيت عثمان بن سعد الكاتب، فسمعته يقول: حدثنا عبيد بن عمير، ثم تتبعته، فإذا هو عبد الله بن عبيد بن عمير)) ، فكان يعجب ممن يحدث عنه، وقال الترمذي: ((تكلَّم فيه يحيى بن سعيد من قبل حفظه)) ، وقال ابن نمير وابن معين: ((ليس بذاك)) ، وقال عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدارمي وابن معين في رواية: ((ضعيف)) ، وقال أبو حاتم: ((شيخ)) ، وقال أبو زرعة: ((ليِّن)) ، وقال النسائي: ((ليس بالقوي)) ، وقال ابن حبان: ((لا يجوز الاحتجاج به)) ، وقال أبو أحمد الحاكم: ((ليس بالمتين عندهم)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (6 / 153 رقم 838) ، و"الكامل" لابن عدي (5 / 1816 - 1817) ، و"التهذيب" (7 / 117 - 118 رقم 253) . ومع ضعف عثمان بن سعد، فإنه قد خولف كما أشار إليه الترمذي. فأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (10 / 514 و 515 و 520 - 521 رقم 12337 و 12338 و 12340 و 12351) من طريق يزيد بن زريع وإسماعيل بن إبراهيم بن عليَّة وعبد الوهاب الثقفي، ثلاثتهم عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ عِكْرِمَةَ قال: كان أناس مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - همُّوا بالخصاء وتَرْك اللحم والنساء، فنزلت هَذِهِ الْآيَةُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ المُعْتَدِينَ} . وهذا إسناد صحيح إلى عكرمة، فخالد بن مهران الحذَّاء تقدم في الحديث [88] أنه ثقة. وإسماعيل بن إبراهيم بن عليَّة تقدم في الحديث [59] أنه ثقة حافظ. والراوي عن إسماعيل هو شيخ ابن جرير الطبري: يعقوب بن إبراهيم الدَّوْرَقي، وتقدم في الحديثين [390 و 391] أنه ثقة من الحفاظ. فتبيَّن بهذا أن الصواب إرساله. وقال عبد الزراق في "تفسيره" (1 / 192) : أنا معمر، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، قال: أراد ناس مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - أن يرفضوا الدنيا، ويتركوا النساء =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ويترهّبوا، فقام رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم، فغلَّظ فيهم المقالة، ثم قال: «إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بالتشديد، شدَّدوا فشُدَّد عليهم، فأولئك بقاياهم الديار والصوامع، اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا، وحجوا واعتمروا، فاستقيموا يُستقم لكم)) ، قال: ونزلت فيهم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لكم} . وسنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مرسِلِه أبي قلابة. واسم أبي قلابة: عبد الله بن زيد الجَرْمي، وتقدم في الحديث [106] أنه ثقة فاضل كثير الإرسال. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" برقم (12341) . وأصل الحديث في "الصحيحين". فأخرجه البخاري في "صحيحه" (9 / 104 رقم 5063) في النكاح، باب الترغيب في النكاح. ومسلم في "صحيحه" (2 / 1020 رقم 5) في النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ووجد مؤنة. كلاهما من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يسألون عن عبادة النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فلما أُخبروا كأنهم تقالُّوها، فقالوا: أين نحن من النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. قال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبدًا. وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر. وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوَّج أبدًا. فجاء رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، فقال: ((أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله، إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقُد، وأتزوَّج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني)) . اهـ. واللفظ للبخاري. وأخرجه البخاري في "صحيحه" (8 / 276 رقم 4615) في التفسير، باب: {لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ} ، و (9 / 116 و 117 رقم 5071 و 5075) في النكاح، باب تزويج المعسر الذي معه القرآن والإسلام، وباب ما يكره =

772- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرٌ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مَنْصُورٍ (1) ، عَنْ أَبِي الضُّحى (2) ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: أُتِيَ عَبْدُ اللَّهِ بِضَرْعٍ (3) ، فَأَخَذَ يَأْكُلُ مِنْهُ، فَقَالَ لِلْقَوْمِ: ادْنُوا، فَدَنَا الْقَوْمُ، وتَنَحَّى رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: مَا شَأْنُكَ؟ قَالَ: إِنِّي حَرَّمت الضَّرْعَ، قَالَ: هَذَا مِنْ خُطُوَات الشَّيْطَانِ، ادْنُ وَكُلْ، وكفِّر عَنْ يَمِينِكَ، ثُمَّ تَلَا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ ما أحل الله لكم} إلى قوله {لمعتدين} .

_ = من التبتُّل والخصاء. ومسلم في "صحيحه" (2 / 1022 رقم 11 و 12) في النكاح، باب نكاح المتعة، وبيان أنه أُبيح ثم نُسخ. كلاهما من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: كنا نغزو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلم- ليس لنا نساء، فقلنا: ألا نَسْتَخصي؟ فنهانا عن ذلك، ثم رَخَّص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل، ثم قرأ عَبْدُ اللَّهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} . اهـ. واللفظ لمسلم. وأخرج البخاري أيضًا في "صحيحه" (9 / 117 رقم 5073 و 5074) في النكاح، باب ما يكره من التبتُّل والخصاء. ومسلم (2 / 1020 و 1021 رقم 6 و 7 و 8) في النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت إليه نفسه ووجد مؤنة. كلاهما من حيث سعد بن أبي وقّاص رضي الله عنه قال: رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - على عثمان بن مظعون التبتُّل، ولو أذِنَ له لاختصينا. وعليه يتضح أن معنى الحديث صحيح بمجموع هذه الشواهد، والله أعلم. (1) هو ابن المعتمر. (2) هو مسلم بن صُبَيْح. (3) الضَّرْعُ: هو الخِلْفُ، مَدَرُّ اللبن لِكُلِّ ذات ظِلْفٍ أو خُفٍّ. انظر "لسان العرب" =

773- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ (1) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ (2) ، عَنْ هَمَّامٍ (3) ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيل، أَنَّ مَعْقِل بْنَ مُقَرِّن (4) ، أَتَى عَبْدَ اللَّهِ (5) ، فَقَالَ: إِنَّهُ حَرَّمَ الفِرَاشَ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لكم} إلى قوله: {المعتدين} ، أعْتِق رقبة، قال: إنما [131/أ] قرأت الآية

_ = (8 / 222 - 223) . [772] سنده صحيح. وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (9 / 206 رقم 8908) من طريق المصنِّف، به مثله. وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (2 / 313) من طريق إسحاق بن إبراهيم بن راهويه، عن جرير، به نحوه. قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه)) ، وأقرَّه الذهبي. وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 198 - 199) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 24 / ب) . والطبراني في الموضع السابق برقم (8907) . ثلاثتهم من طريق سفيان الثوري، عن منصور، به نحوه، إلا أن لفظ المصنِّف هنا أتمّ. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (ص25 رقم 165 / القسم الأول من الجزء الرابع) ، من طريق الأعمش، عن أبي الضحى مسلم بن صبيح، به نحوه، إلا أنه لم يذكر من قوله: ((وكفر عن يمينك ... )) الخ. (1) هو ابن المعتمر. (2) هو النّخعي. (3) هو همّام بن الحارث بن قيس بن عمرو النخعي، الكوفي، يروي عن عمر =

= الْبَارِحَةَ، فَأَتَيْتُكَ، قَالَ: عَبْدِي سَرَقَ مِنْ عِنْدِي قَبَاء (6) ، قَالَ: مَالُكَ سَرَقَ بعضُه فِي بَعْضٍ. قَالَ: أَظُنُّهُ ذَكَرَ (أَمَتي) (7) زَنَتْ، قَالَ: اجْلِدْهَا، قَالَ: إِنَّهَا لَمْ تُحْصَن، قال: إحصانها إسلامها.

_ = وحذيفة والمقداد وعائشة وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه إبراهيم النخعي وَوَبْرَة بن عبد الرحمن وسليمان بن يسار، وهو ثقة عابد، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين والعجلي، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ((كان من العبّاد، وكان لا ينام إلا قاعدًا)) ، وذكره أبو الحسن المدائني في عباد أهل الكوفة، وكانت وفاته سنة ثلاث وستين للهجرة، وقيل: خمس وستين. اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 106 - 107 رقم 452) ، و"التهذيب" (11 / 66 رقم 105) ، و"التقريب" (ص574 رقم 7316) . وهمام هنا يروي عن عمرو بن شرحبيل،، وسماعه من محتمل، فإنهما كوفيان، وقد تعاصرا، فوفاة عمرو كانت سنة ثلاث وستين للهجرة كما في ترجمته في الحديث [711] . (4) هو أبو عَمْرَةَ مَعْقِلُ بن مُقَرِّن المُزَني، صحابي سكن الكوفة، وكان بنو مقرِّن سبعة إخوة، كلهم هاجر وصحب النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. انظر "الإصابة" (6 / 183 - 184 رقم 8145) ، و"تعجيل المنفعة" (ص267 رقم 1058) . (5) يعني ابن مسعود. (6) القَبَاء - ممدود -: نوع من الثياب يلبس مجتمع الأطراف. انظر "لسان العرب" (15 / 168) . (7) في الأصل: ((متى)) ، وقد رواه الطبراني والبيهقي كما سيأتي من طريق المصنف على الصواب. [773] سنده صحيح، وقد رواه حماد بن زيد - كما سيأتي في الحديث بعده برقم [774]- عن منصور، إلا أنه لم يذكر فيه عمرو بن شرحبيل، ورواية سفيان =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = أصوب، فإنه تابعه الأعمش، فرواه عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ عمرو، كما سيأتي. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 144) وعزاه لابن سعد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني. وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (9 / 397 رقم 9692) . والبيهقي في "سننه" (8 / 243) في الحدود، باب ما جاء في حد المماليك. كلاهما من طريق المصنِّف، به، ولفظ الطبراني مثله، إلا أنه قال: ((عبدي)) بدل قوله: ((عندي) ، ولم يذكر قوله: ((مالك)) ، وقال: ((سرق بعضه من بعض)) ، ولم يذكر قوله: ((أظنه ذكر)) ، وقال: ((اجلدوها)) بدل قوله: ((اجلدها)) ، وقال: ((إسلامها إحصانها)) . وأما البيهقي فإنما إنما أخرج منه من قوله: ((عبدي سرق)) ، وقال: ((عبدي)) بدل قوله: ((عندي)) ، والباقي مثله، إلا أنه قال: ((إسلامها إحصانها)) . قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (6 / 274) : ((رواه الطبراني بأسانيد، ورجال هذا وغيره رجال الصحيح)) . وأخرجه ابن أبي حاتم في "التفسير" (3 / ل 24 / ب) من طريق أبي معاوية وابن نمير، كلاهما عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ همام بن الحارث، عن عمرو بن شرحبيل، قال: جاء معقل بن مقرن إلى عبد الله، قال: إني حرمت فراشي، فتلا هَذِهِ الْآيَةُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمنوا لا تحرموا طبيات ما أحل الله لكم} إلى آخر الآية. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (10 / 556 رقم 12490) من طريق جرير بن حازم، أن سليمان الأعمش حدثه، عن إبراهيم بن يزيد النخعي، عن همام بن الحارث، أن نعمان بن مقرن سأل عبد الله بن مَسْعُودٍ، فَقَالَ: إِنِّي حَلَفْتُ أَنْ لَا أَنَامَ عَلَى فِرَاشِي سَنَةً؟ فقال ابن مسعود: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لكم} ، كفِّر عن يمينك، ونم على فراشك، قال بِمَ أُكفِّر عن يميني؟ =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = قال: أعتق رقبة فإنك موسر. ورواية ابن جرير هذه وقع فيها خطأ من جهتين: 1- إسقاط عمرو بن شرحبيل من الإسناد. 2- ذكر النعمان بدل معقل. والصواب رواية ابن نمير وأبي معاوية للحديث عن الأعمش عن إبراهيم كما رواه منصور، عن إبراهيم. وأظن الخطأ في رواية ابن جرير من النساخ، لأن المحقق الشيخ محمود شاكر يعاني من كثرة التصحيف والتحريف كما يتضح من تعليقه على هذا الحديث وغيره. وقد روى ابن جرير برقم (12489) قبل هذه الرواية، لكن من طريق أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: جاء معقل بن مقرِّن ... ، وذكر الحديث بنحوه، إلا أنه لم يذكر من قوله: ((عبدي سرق ... )) الخ الحديث. وأخشى أن يكون هذا خطأ أيضًا، فإني لم أجد من أخرج هذا الحديث من طريق مسروق، وإنما الذي روي من هذا الطريق هو الحديث المتقدم برقم [772] ، وفيه قصة أخرى غير هذه، فالله أعلم. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (7 / 394 رقم 13604) من طريق حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم النخعي، أن معقل بن مقرن المزني جاء إلى عبد الله فقال: إن جارية لي زنت، فقال: اجلدها خمسين، قال: ليس لها زوج، قال: إسلامها إحصانها. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الطبراني في "الكبير" (9 / 397 رقم 9691) . وقد خالف حماد بن أبي سليمان كلاً من منصور والأعمش، فأسقط همامًا وعمرًا، ومنصور والأعمش كل واحد منهما على انفراد أوثق من حماد، فكيف إذا اجتمعا؟ انظر ترجمة حماد في الحديث [514] . وسيأتي من طريق حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ مَنْصُورٍ في الحديث الآتي.

774- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إبراهيم، عن همّام، أن مَعْقِلَ سَأَلَ ابْنَ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: إِنِّي حَلَفْتُ أَنْ لَا أَنَامَ عَلَى فِرَاشِي سَنَةَ، فَتَلَا عَبْدُ اللَّهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لكم ... } الْآيَةَ، ثُمَّ قَالَ: كَفِّر عَنْ يَمِينِكَ، قَالَ: أيَّةُ الأيْمان أزْكَى؟ قَالَ: عِتْقُ رَقَبَةٍ، قَالَ: عَبْدِي سَرَقَ قَبَائِي، أقْطَعْهُ؟ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَا، مَالُكَ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ. (قَالَ) (1) : جَارِيَتِي زَنَتْ، فَأجْلِدُها؟ قَالَ: اجْلِدْهَا، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: اجْلِدْهَا خَمْسِينَ، قَالَ: فَإِنْ عَادَتْ؟ قَالَ: اجْلِدْهَا خَمْسِينَ. [قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُّمُ الأَيْمَانَ} ] 775- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم قَالَ: نا مُغيرة (2) ، عَنْ إبراهيم - في

_ (1) ما بين القوسين سقط من الأصل. [774] سنده ظاهر الصحَّة، لكنه معلول من هذا الطريق؛ لأن همّامًا يرويه عن عمرو بن شرحبيل كما سبق بيانه في الحديث السابق، وهو صحيح. والحديث أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (9 / 397 - 398 رقم 9694) من طريق عارم أبي النعمان، عن حماد بن زيد، به نحوه. (2) تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه يدلِّس لا سيما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه، ولم يصرِّح بالسماع. [775] سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف، لأن مغيرة لم يصرح بالسماع، وهو صحيح لغيره كما سيأتي، عدا قوله: ((قال: يكفر عن يمينه)) ، فلم أجد ما يشهد له. وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 434 رقم 4414) من طريق يعقوب بن إبراهيم، عن هشيم، نحوه. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 475 رقم 15955) عن هشيم، به مختصرًا =

= قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ الله باللغو في أيمانكم} - قَالَ: هُوَ الرَّجُلُ يَحْلِفُ عَلَى الْأَمْرِ يَرَى أَنَّهُ كَمَا حَلَفَ، فَلَا يَكُونُ كَذَلِكَ، قَالَ: يُكَفِّرُ عن يمينه.

_ = بلفظ هُوَ الرَّجُلُ يَحْلِفُ عَلَى الشَّيْءِ، ثم ينسى. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 25 / ب) . وأخرجه ابن جرير في الموضع السابق برقم (4413) من طريق أبي الْأَحْوَصِ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ - في قوله: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أيمانكم} -، قَالَ: هُوَ الرَّجُلُ يَحْلِفُ عَلَى الشيء يرى أنه فيه صادق. وأخرجه ابن جرير أيضًا (4 / 434 - 435 و 437 و 449 - 450 رقم 4415 و 4416 و 4432 و 4466 و 4467 و 4468) من طرق عن منصور بن المعتمر، عن إبراهيم - في قوله: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أيمانكم} -، قال: إذا حلف على اليمين وهو يرى أنه فيه صادق وهو كاذب، فلا يؤاخذ به، وإذا حلف على اليمين وهو يعلم أنه كاذب، فذاك الذي يؤاخذ به. وقد رواه ابن جرير في طرق، أحدها: عن شيخه موسى بن عبد الرحمن المسروقي، قال: حدثنا حسين الجعفي، عن زائدة، عن منصور، به. وهذا سند صحيح. منصور بن المعتمر تقدم في الحديث [10] أنه ثقة ثبت. وزائدة بن قدامة تقدم في الحديث [62] أنه ثقة ثبت. وحسين الجعفي هو حسين بن علي بن الوليد الجُعْفي، الكوفي، المقرئ، يروي عن الأعمش وإسرائيل وزائدة وغيرهم، روى عنه الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه وابن معين وأبو بكر بن أبي شيبة وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاث أو أربع ومائتين وله أربع أو خمس وثمانون سنة، وهو ثقة عابد، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين والعجلي وزاد: ((وكان يقرئ القرآن، وكان رأسًا =

776- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا أَبُو بِشْر (1) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: اللَّغْو: أَنْ يَحْلِفَ الرَّجُلُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ، فَلَا يُؤَاخِذُهُ اللَّهُ إِنْ تَرَكَهَا، وَلَكِنْ يُؤَاخِذُهُ إِنْ عَمِلَ بِهَا. فَقُلْتُ لِأَبِي بِشْرٍ: كَيْفَ يَصْنَعُ؟ قَالَ: يُكَفِّر عَنْ يَمِينِهِ، وَيَتْرُكُ المعصية.

_ = فيه، وكان رجلاً صالحًا، لم أر رجلاً قط أفضل منه)) ، وقال سفيان بن عيينة: ((عجبت لمن مرّ بالكوفة فلم يقبِّل بين عيني حسين الجعفي!)) ، وقال موسى بن داود: ((كنت عند ابن عيينة، فجاء حسين الجعفي، فقام سفيان، فقبَّل يده)) ، وقال الإمام أحمد: ((ما رأيت أفضل من حسين وسعيد بن عامر)) . اهـ. من "تاريخ الثقات" للعجلي (ص120 رقم 292) ، و"التهذيب" (2 / 357 - 359 رقم 616) ، و"التقريب" (ص167 رقم 1335) . وموسى بن عبد الرحمن بن سعيد بن مَسْروق الكِنْدي، المَسْرُوقي، أبو عيسى الكوفي، يروي عن أبيه ويحيى القطان ومحمد بن بشر العبدي وحسين بن علي الجعفي وغيرهم، روى عنه الترمذي وابن ماجه والنسائي وابن خزيمة وابن جرير وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثمان وخمسين ومائتين؛ وهو ثقة، وثقه النسائي، وقال ابن أبي حاتم: ((صدوق ثقة)) ، وذكره ابن حبان في الثقات. اهـ. من "الجرح والتعديل" (8 / 150 رقم 682) ، و"التهذيب" (10 / 55 - 356 رقم 634) ، و"التقريب" (ص552 رقم 6987) . وسيأتي الأثر برقم [777] من طريق خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مغيرة. (1) هو جعفر بن إياس. [776] سنده صحيح. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 475 رقم 15954) عن هشيم، به بلفظ: هو الرجل يحلف على الحرام، فلا يؤاخذه الله بتركه. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 441 رقم 4444) . =

777- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ (1) ، عَنْ مُغيرة، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: هُوَ الرَّجُلُ يَحْلِفُ عَلَى الشَّيْءِ، ثُمَّ يَرَى أَنَّهُ كَذَلِكَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ. 778- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدٌ، عَنْ حُصين (2) ، عَنْ أَبِي مالك (3) ، مثله.

_ = وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (4443 و 4446) من طريق يعقوب بن إبراهيم وعبد الله بن المبارك، كلاهما عن هشيم، به نحوه، إلا أنهما لم يذكرا قوله: ((وَلَكِنْ يُؤَاخِذُهُ إِنْ عَمِلَ بِهَا)) ، ولم يذكر ابن المبارك سؤال هشيم لأبي بشر وجوابه له. وأخرجه ابن جرير برقم (4441) من طريق شعبة عن أبي بشر، به كما في سياق ابن المبارك. وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 25 / ب و 26 / أ) ، من طريق عقبة بن خالد وأبي عوانة، كلاهما عن أبي بشر، به بمعناه. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (4436 و 4437 و 4438 و 4439 و 4440 و 4445) ، من طرق عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عن سعيد بن جبير: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أيمانكم} ، قَالَ: هُوَ الرَّجُلُ يَحْلِفُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ، فَلَا يُؤَاخِذُهُ اللَّهُ إِنْ يكفر عن يمينه ويأتي الذي هو خير. (1) هو ابن عبد الله الطَّحَّان الواسطي. [777] سنده ضعيف لأن المغيرة لم يصرح بالسماع، وتقدم تخريجه برقم [775] ، وذكرت هناك أنه صحيح لغيره. (2) هو ابن عبد الرحمن السُّلَمي، تقدم في الحديث [56] أن ثقة تغيَّر حفظه في الآخر، لكن الراوي عنه هنا هو خالد بن عبد الله الواسطي، وهو ممن روى عنه قبل الاختلاط. (3) هو غَزْوان الغِفَاري. =

779- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ (1) ، عَنْ مُغيرة (2) ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبي، قَالَ: هُوَ قَوْلُ النَّاسِ: لَا وَاللَّهِ، وَبَلَى وَاللَّهِ، لَا يَعْتَقِدُ على اليمين.

_ [778] سنده صحيح. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (القسم الأول من الجزء الرابع ص25 - 26 رقم 172) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 435 رقم 4417) . كلاهما من طريق عبد الله بن إدريس، عن حصين، به، ولفظ ابن أبي شيبة: عن أبي مالك قال: يمين لا تكفّر: الرجل يحلف على الكذب يتعمده، فلذلك إلى الله، إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له. وأما الطبري فلفظه: عن أبي مالك أنه قال: اللغو: الرجل يحلف على الأيمان، وهو يرى أنه كما حلف. وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا (ص68 رقم 460) من طريق محمد بن فضيل، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، قال: اليمين التي لا تكفر: الرجل يحلف للرجل على مال رجل مسلم، فيقتطعه ظالمًا، وهو فيه كاذب. وأخرجه ابن جرير برقم (4426) من طريق أبي الأحوص، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ قال: أما الْيَمِينُ الَّتِي لَا يُؤَاخَذُ بِهَا صاحبها، فالرجل يحلف على اليمين وهو يرى أنه فيها صادق، فذلك اللغو. وسيأتي الحديث برقم [784] من طريق هشيم، عن حصين، بلفظ أتم من هذا. (1) هو ابن عبد الله الطَّحَّان الواسطي. (2) هو ابن مِقْسم، تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه يدلس. [779] سنده ضعيف لأن مغيرة لم يصرح بالسماع، وهو صحيح لغيره كما سيأتي. وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 430 و 431 رقم 4384 و 4385 و 4398) من طريق جرير وهشيم وأبي الأحوص، ثلاثتهم عن مغيرة، =

780- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ (عَنْ) (1) عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ عُبيد بْنَ عُمير سَأَلَهَا عَنْ لَغْوِ الْيَمِينِ، (فَقَالَتْ) (2) مِثْلَ قول الشعبي.

_ = به نحوه وفيه زيادة، ولم يذكر جرير وهشيم قوله: ((لا يعتقد على اليمين)) . وأخرجه ابن جرير الطبري أيضًا برقم (4386 و 4387) من طريق عبد الله بن عون، قالت: سألت عامرًا عن قوله: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أيمانكم} ، قَالَ: هُوَ: لَا وَاللَّهِ، وَبَلَى والله. وسنده صحيح، فإن ابن جرير رواه عن ابن عون من ثلاث طرق، أحدها: عن شيخه يعقوب بن إبراهيم الدَّوْرقي، عن إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة، عن ابن عون. وجميع هؤلاء ثقات حفاظ تقدمت تراجمهم. انظر الأحاديث رقم [59] و [44] و [390، 391] . (1) في الأصل: ((بن)) ، وهو تصحيف، وليس في الرواة من اسمه: ((خالد بن عبد الملك)) ، والصواب ما أثبته؛ فخالد هو ابن عبد الله الواسطي شيخ سعيد بن منصور، وعبد الملك هو ابن أبي سليمان، وهو الذي يروي عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وعنه خالد بن عبد الله، وقد روى عبد الملك هذا الأثر عن عطاء كما سيأتي، وانظر "التهذيب" (6 / 396) . (2) في الأصل: ((فقال)) . [780] سنده صحيح، وأخرجه البخاري من طريق عروة، عن عائشة كما سيأتي في الحديث بعده رقم [781] . وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 644) وعزاه لأبي داود وابن جرير وابن حبان وابن مردويه والبيهقي. وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 428 - 429 و 431 رقم 4379 و 4397) من طريق حكام بن سلم ويعلى، كلاهما عن عبد الملك، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = عن عطاء قال: دخلت مع عبيد بن عمير على عائشة، فقال لها: يا أم المؤمنين، قوله: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أيمانكم} ؟ قالت: هو: لا والله، و: بلى والله، ليس مما عقّدتم الأيمان. وأخرجه الإمام الشافعي في "مسنده" (2 / 74 رقم 245 / ترتيب) ، وفي "الأم" (7 / 57) ، عن شيخه سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار وابن جريج، كلاهما عن عطاء، بنحو اللفظ السابق. ومن طريق الشافعي أخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 49) في الأيمان، باب لغو اليمين. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 473 - 474 رقم 15951) . وابن جرير في "تفسيره" (4 / 429 رقم 4381) . كلاهما من طريق ابن جريج، عن عطاء، به نحو سابقه، إلا أن في لفظ عبد الرزاق زيادة. وأخرجه ابن جرير برقم (4394) ، من طريق عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ بنحو سابقه. وأخرجه أبو داود في "سننه" (3 / 571 - 572 رقم 3254) في الأيمان والنذور، باب لغو اليمين. ومن طريقه البيهقي في الموضع السابق من "سننه". وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 429 رقم 4382) . وابن حبان في "صحيحه" (6 / 269 رقم 4318 / الإحسان بتحقيق الحوت) . ثلاثتهم من طريق حَسَّانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكَرْمَانِيُّ، عَنْ إبراهيم الصائغ، عن عطاء - في اللغو في اليمين - قال: قالت عائشة: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - قال: ((هو كلام الرجل في بيته: كلا والله، وبلى والله)) . قال أبو داود: ((روى هذا الحديث داود بن أبي الفرات، عن إبراهيم الصائغ، موقوفًا على عائشة، وكذلك رواه الزهري وعبد الملك بن أبي سليمان ومالك بن مغول، وكلهم عن عطاء، عن عائشة موقوفًا)) . اهـ. =

781- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا (1) ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: هُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ: لَا والله، وبلى والله.

_ = وذكر البيهقي قول أبي داود هذا، وزاد: ((وكذلك رواه عمرو بن دينار وابن جريج وهشام بن حسان، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ الله عنها، موقوفًا)) . اهـ. وذكر الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (4 / 184) أن الدارقطني صحح الوقف. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 428 و 429 و 431 - 432 رقم 4375 و 4380 و 4390 و 4395 و 4399 و 4400) و (10 / 526 رقم 12363) ، من طريق ابن أبي نجيح وابن أبي ليلى ومالك بن مغول وأشعث وسعيد بن أبي هلال وعبد الله بن عبد الرحمن النوفلي، جميعهم عن عطاء، به بنحو لفظ حكام بن سلم ويعلى السابق. وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 25 / ب) من طريق جابر بن يزيد الجعفي، عن عطاء، به كسابقه. وأخرجه ابن جرير برقم (4374) من طريق الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ كسابقه. ورواه عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، وسيأتي برقم [781] . (1) تقدم في الحديث [81] أنه صدوق، ولم أجد من نصّ على أنه روى عن هشام بن عروة، وسماعه منه محتمل فهشام تقدم في ترجمته أنه توفي سنة خمس أو ست أو سبع وأربعين ومائة، وإسماعيل تقدم أنه توفي سنة ثلاث وسبعين ومائة. [781] سنده حسن لذاته إن كان إسماعيل سمع من هشام، وهو صحيح لغيره؛ فإن البخاري أخرجه كما سيأتي. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 644) للإمام مالك في "الموطأ" ووكيع =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = والشافعي في "الأم" وعبد الرزاق والبخاري ومسلم وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في "سننه". وعزو السيوطي هذا الحديث لمسلم خطأ، فإنه لم يخرجه، لكن أخرجه: الإمام مالك في "الموطأ" (2 / 477 رقم 9) في النذور والأيمان، باب اللغو في اليمين. ومن طريقه الإمام الشافعي في "الأم" (7 / 225 - 226) ، وفي "المسند" (2 / 74 رقم 244 / ترتيب) . ومن طريق الشافعي أخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 48) في الأيمان، باب لغو اليمين. وأخرجه البخاري في "صحيحه" (11 / 547 رقم 6663) في الأيمان والنذور، باب: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أيمانكم ... } الآية. والنسائي في "التفسير" (1 / 444 رقم 169) . وابن الجارود في "المنتقى" (3 / 199 رقم 925) . وابن جرير في "تفسيره" (4 / 428 و 431 رقم 4376 و 4377 و 4378 و 4396) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 25 / أ) . جميعهم من طريق هشام بن عروة، به نحوه، إلا أن رواية البخاري والنسائي وابن الجارود جاء فيها قول عائشة: نزلت في قَوْلُ الرَّجُلِ: لَا وَاللَّهِ، وَبَلَى والله. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 474 رقم 15952) ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ عروة، عن عائشة، به نحو لفظ المصنِّف، وفيه زيادة. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 429 - 430 رقم 4383) . وأخرجه ابن أبي حاتم في الموضع السابق من طريق أبي الأسود، عن عروة، به نحوه وفيه زيادة أيضًا. =

782- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِب (1) ، عَنْ وَسِيم (2) ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَغْوُ الْيَمِينِ: أَنْ تحلف وأنت غضبان.

_ = وأخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" (3 / 1034 رقم 1786) من طريق الأعمش، عن إبراهيم النخعي، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ عائشة - في قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ باللغو في أيمانكم} -، قالت: لا والله، وبلى والله، وفي المراء والغضب. (1) تقدم في الحديث [6] أنه ثقة اختلط في آخر عمره، والراوي عنه هنا هو خالد بن عبد الله الطحّان الواسطي، وهو ممن سمع منه بعد ما اختلط كما في "الكواكب النيرات" (ص330) . (2) وَسِيم شيخ مجهول يروي عن طاوس، لم يرو عنه سوى عطاء بن السائب، ذكره البخاري في "تاريخه" (8 / 181 رقم 2629) وسكت عنه، وبيّض له ابن أبي حاتم (9 / 46 رقم 199) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (7 / 566) . [782] سنده ضعيف لاختلاط عطاء وجهالة وسيم. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 644) للمصنِّف وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي. وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 490) في الأيمان، باب لغو اليمين، من طريق المصنف، به مثله سواء. وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" (8 / 181) . وابن جرير في "تفسيره" (4 / 438 رقم 4433) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 26 / أ) . ثلاثتهم من طريق خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عطاء، به مثله، عدا البخاري فإنه ذكر معناه، فقال: ((في يمين اللغو)) . =

783- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَتَّاب بْنُ بَشِيرٍ (1) ، عَنْ خُصَيْف (2) ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: هُوَ: لَا وَاللَّهِ، وَبَلَى وَاللَّهِ. 784- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، قَالَ: نَا حُصين (3) ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ (4) قَالَ: الأيْمان ثَلَاثَةٌ: يَمِينٌ تُكَفَّر، وَيَمِينٌ لَا تُكَفَّرُ، وَيَمِينٌ لَا يُؤَاخَذُ بِهَا صَاحِبُهَا. فَأَمَّا الْيَمِينُ الَّتِي تُكَفَّرُ: فَرَجُلٌ يُعَاهِدُ أَنْ لَا يَفْعَلَ كَذَا وَكَذَا، فَيَفْعَلُهُ، فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، (وَأَمَّا الْيَمِينُ الَّتِي لَا تُكَفَّر: فَالرَّجُلُ يَحْلِفُ عَلَى الْأَمْرِ يَتَعَمَّدُ فِيهِ الْكَذِبَ، فَلَيْسَ فِيهِ كَفَّارَةٌ (5) . وَأَمَّا الْيَمِينُ التي لا يؤاخذ بها

_ (1) تقدم في الحديث [204] أنه لا بأس به، إلا في روايت عن خُصيف، فإنها منكرة. (2) تقدم في الحديث [204] أنه صدوق سيء الحفظ. [783] سنده ضعيف لما تقدم عن حال خُصيف وعتّاب. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 644) للمصنِّف وابن جرير وابن المنذر والبيهقي. وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 49) في الأيمان، باب لغو اليمين، من طريق المصنف، به مثله سواء. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 428 رقم 4373) من طريق إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد، عن عتاب بن بشير، به نحوه. (3) هو ابن عبد الرحمن السُّلمي، تقدم في الحديث [56] أنه ثقة تغير حفظه في الآخر، لكن الراوي عنه هنا هو هشيم بن بشير، وهو ممن روي عنه قبل الاختلاط كما في الحديث [91] . (4) هو غزوان الغفاري. (5) تقدم في تخريج الحديث [778] ذكر رواية ابن أبي شيبة عن عبد الله بن إدريس، =

= صَاحِبُهَا) (6) : (فَرَجُلٌ) (7) يَحْلِفُ عَلَى أَمْرٍ يَرَى أَنَّهُ كَمَا حَلَفَ عَلَيْهِ، فَلَا يَكُونُ كَذَلِكَ، فَهَذَا مَا لَا كَفَّارَةَ فِيهِ، وَهُوَ اللَّغو. [قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} ] 785- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا أَبُو عَوَانة (8) ، عَنْ مَنْصُورٍ (9) ، عَنْ أَبِي وَائِل (10) ، عَنْ يَسَار بْنِ نُمَير (11) ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الخطاب =

_ = عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ قال: يمين لا تكفَّر: الرجل يحلف على الكذب يتعمده، فذلك إلى الله، إن شاء عذّبه، وإن شاء غفر له. (6) ما بين القوسين ليس في الأصل، فزدته من الموضع الآتي من "تفسير ابن جرير" الطبري؛ فإنه روى الحديث من طريق شيخه يعقوب بن إبراهيم، عن هشيم، والسياق يقتضي هذه الزيادة. (7) في الأصل: ((ورجل)) . [784] سنده صحيح، وتقدم مختصرًا برقم [778] ، وسنده صحيح أيضًا. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 150) ، وعزاه لعبد بن حميد فقط. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 436 رقم 4427) ، و (10 / 526 رقم 12362) من طريق يعقوب بن إبراهيم، حدثنا هشيم ... ، فذكره بنحوه. (8) هو وَضَّاح بن عبد الله. (9) هو ابن المعتمر. (10) هو شَقِيق بن سلمة. (11) هو يسار بن نُمير المدني، مولى عمر بن الخطاب وخازنه، نزل الكوفة، وروى عن عمر، وعنه أبو وائل، أبو إسحاق السبيعي وسعيد بن أبي بردة وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة الثانية كما في "التقريب" (ص607 رقم 7803) ؛ ذكره =

= رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيَأْتِينِي، فَيَسْأَلُنِي، فَأَحْلِفُ أَنْ لَا أُعْطِيَهُ، ثُمَّ يَبْدُو لِي فَأُعْطِيهِ، فَإِذَا أَمَرْتُكَ أَنْ تُكَفِّر عَنِّي، فَأَطْعِمْ عَشَرَةَ مَسَاكِينَ، لكلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ قَمْح، أَوْ صاعٌ مِنْ شَعِيرٍ أَوْ تَمْرٍ. 786- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِل، عَنْ يَسَار بْنِ نُمَير قَالَ: قَالَ لِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِذَا أَمَرْتُكَ أَنْ تُكَفِّر عَنِّي، فَأَعْطِ لكلِّ مسكين نصفَ صاعِ حِنْطَةٍ.

_ = ابن سعد في "الطبقات" (6 / 145) ، وقال: ((كان ثقة قليل الحديث)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (5 / 557) ، وانظر "تهذيب التهذيب" (11 / 377 رقم 733) . [785] سنده صحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 151) وعزاه لعبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبي الشيخ. وقد أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 507 رقم 16075) من طريق سفيان الثوري، عن منصور، به نحوه. ورواه سفيان بن عيينة بن منصور، وسيأتي برقم [786] . ورواه الأعمش عن أبي وائل شقيق بن سلمة وسيأتي برقم [787] . ورواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (ص10 رقم 59 / القسم الأول من الجزء الرابع) ، من طريق عبد الله بن إدريس، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عن طلحة بن مُصَرِّف، عن يسار بن نمير ... ، فذكره بنحوه. ورواه أبو إسحاق السبيعي، عن يَرْفَأ حاجب عمر، وسيأتي برقم [788] . [786] سنده صحيح، وتقدم تخريجه وذكر كامل لفظه في الحديث السابق، وسيأتي من طريق الأعمش عن أبي وائل شقيق بن سلمة في الحديث بعده.

787- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ: نا الأعْمش، عَنْ شَقِيق، عَنْ يَسَار بْنِ نُمَير قَالَ: قَالَ لِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: إِنِّي أَحْلِفُ أَنْ لَا أُعْطِيَ أَقْوَامًا، ثُمَّ يَبْدُو لِي أَنْ أُعْطِيَهُمْ، فَإِذَا رَأَيْتَنِي فَعَلْتُ ذَلِكَ، فَأَطْعِمْ عَنِّي عَشَرَةَ مَسَاكِينَ، بَيْنَ كُلِّ مِسْكِينَيْنِ صَاعٌ مِنْ بُرٍّ، أَوْ صَاعٌ (1) مِنْ تَمْرٍ.

_ (1) ظاهر هذا الرواية أن صاع التمر يقسم بن مسكينين، بينما في الحديث [785] أن صاع التمر يعطي للمسكين الواحد، وسيأتي في رواية ابن أبي شيبة أن صاع التمر لكل مسكين، وبها يزول الإشكال. [787] سنده صحيح، والأعمش تقدم في الحديث [3] أنه مدلس، إلا أن روايته عن أبي وائل شقيق بن سلمة محمولة على الاتصال وإن كان بالعنعنة، وهذه منها. والحديث أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 535 رقم 12397) . والبيهقي في "سننه" (10 / 55 - 56) في الأيمان، باب الإطعام في كفارة الإيمان. كلاهما من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، به نحوه. وأخرجه ابن جرير أيضًا من طريق يعلى، عن الأعمش مقرونًا برواية أبي معاوية السابقة عنده. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (ص9 رقم 49 / القسم الأول من الجزء الرابع) ، من طريق أبي خالد الأحمر، عن الأعمش، به نحوه، وفي آخره قال: ((أو صاع من تمر لكل مسكين)) ، وهذه الزيادة تجعل رواية الأعمش تتفق مع رواية منصور في الحديثين السابقين. وتقدم الحديث برقم [785 و 786] من طريق منصور، عن أبي وائل شقيق بن سلمة، وسيأتي برقم [788] من طريق أبي إسحاق السبيعي، عن يرفأ، عن عمر. =

788- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الأحْوص (1) [ل131/ب] ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ (2) ، عَنِ اليَرْفَا (3) قَالَ: قَالَ لِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: إِنِّي أَنْزَلْتُ نَفْسِي مِنْ مَالِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِمَنْزِلَةِ وَلِيّ اليَتِيم، إِنِ احْتَجْتُ أخَذْتُ مِنْهُ، فَإِذَا أيْسَرْتُ رَدَدْتُه، وَإِنِ اسْتَغْنَيْتُ اسْتَعْفَفْتُ، (وَإِنِّي) (4) وَليْتُ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ أَمْرًا عَظِيمًا، فَإِذَا أَنْتَ سَمِعْتَنِي حَلَفْتُ عَنْ يَمِينٍ فَلَمْ أمْضِها، فَأَطْعِمْ عَنِّي عَشَرَةَ مَسَاكِينَ خمسةَ آصَعَ بُرٍّ، بَيْنَ كل (مسكينين صاع) (5) .

_ (1) هو سلاّم بن سُلَيم. (2) هو السَّبيعي عمرو بن عبد الله، تقدم في الحديث [1] أنه ثقة، إلا أنه مدلس واختلط في آخر عمره، والراوي عنه هنا هو أبو الأحوص، ولم يُذكر فيمن روى عنه قبل الاختلاط أو بعده. (3) هو يَرْفَا - فتح التحتانية، وسكون الراء، بعدها فاء مشبعة، بغير همز، وقد تهمز فيقال: يَرْفَأ -، حاجب عمر، كان من موالي عمر، أدرك الجاهلية، ولا تعرف له صحبة، وقد حَجّ مع عمر في خلافة أبي بكر، وله ذكر في قصة منازعة العباس وعلي في صدقه رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - التي أخرجها البخاري في "صحيحه" (6 / 197 رقم 3094) في أول كتاب فرض الخمُس، ومسلم في "صحيحه" (3 / 1377 رقم 49) في الجهاد، باب حكم الفيء، وفيها: أن عمر أتاه حاجبه يَرْفَأ. انظر "الإصابة" (6 / 696 - 697 رقم 9394) ، و"فتح الباري" (6 / 205) . (4) في الأصل: ((وإن)) . (5) في الأصل: ((بين كل مسكين صاعًا)) . [788] سنده ضعيف لما تقدم عن حال أبي إسحاق السبيعي، ولأن أبا الأحوص قد خولف فيه كما سيأتي، وهو صحيح لغيره بمجموع طرقه الآتي ذكرها. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 436) وعزاه للمصنِّف =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وعبد الرزاق وابن سعد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا وابن جرير والنحاس في "ناسخه" وابن المنذر والبيهقي في "سننه". ونقله الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (6 / 205) و"الإصابةط (6 / 696) ، عن المصنف مختصرًا، إلا أن اسم: ((اليرفا)) تصحف في "الإصابة" إلى: ((البراء)) . ومن طريق المصنف أخرجه البيهقي في "سننه" (6 / 4 - 5 و 354) في كتاب البيوع، باب من قال يقضيه - أي مال اليتيم - إذا أيسر، وفي كتاب قسم الفيء والغنيمة باب ما يكون للوالي الأعظم ووالي الإقليم من مال الله، ولفظه مثل لفظ المصنف هنا، إلا أنه لم يذكر باقي الدي من قوله: ((وَإِنِّي وَلِيتُ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ ... )) إلخ، وقد تصحف اسم اسم: ((اليرفا)) في الموضع الأول إلى: ((البراء)) ، وأشار المصحح إلى أن في هامش إحدى النسخ: ((اليرفأ)) ، وأما في الموضع الثاني فجاء على الصواب. وأخرجه النحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص112) من طريق يوسف بن عدي، عن أبي الأحوص، به نحوه، ولم يذكر من قوله: ((فإذا أنت سمعتني ... )) إلخ. وخالف أبا الأحوص كل من سفيان الثوري وإسرائيل بن يونس وزكريا بن أبي زائدة، فرووه عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مضرِّب، قال: قال عمر: إني أنزلت نفسي ... ، الحديث بنحوه، ولم يذكر قوله: ((وَإِنِّي وَلِيتُ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ ... )) الخ. أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (3 / 276) من طريق سفيان الثوري، وزكريا ابن أبي زائدة. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (12 / 324 رقم 12960) من طريق سفيان الثوري. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (7 / 582 رقم 8597) من طريق سفيان وإسرائيل. ورواية هؤلاء الثلاثة أرجح من رواية أبي الأحوص؛ لأن سفيان الثوري ممن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = روى عن أبي إسحاق قبل اختلاطه كما تقدم في الحديث رقم [1] ، ورواية إسرائيل عن جده أبي إسحاق أثنى عليها العلماء كما في الحديث رقم [421] . وللحديث طرق أخرى عن عمر. فأخرجه ابن سعد في "الطبقات" (3 / 276) فقال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس، قال: أخبرنا زائدة بن قدامة، عن الأعمش، عن أبي وائل قال: قال عمر: إني أنزلت مال الله مني بمنزلة مال اليتيم؛ من كان غينًا فَلْيَسْتَعْفِفْ، وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بالمعروف. وهذا إسناد صحيح. شيخ ابن سعد: أحمد بن عبد الله بن يونس تقدم في الحديث [54] أنه ثقة حافظ. وزائدة بن قدامة تقدم في الحديث [62] أنه ثقة ثبت صاحب سنة. والأعمش تقدم في الحديث [3] أنه ثقة حافظ، إلا أنه مدلس، لكن روايته هنا عن شيخه أبي وائل شقيق بن سلمة، وهي محمولة على الاتصال وإن كانت بالعنعنة كما تقدم بيانه في الحديث [3] . وأبو وائل شقيق بن سلمة تقدم في الحديث [16] أنه ثقة مخضرم. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (7 / 592 رقم 8641) من طريق يحيى بن أيوب، عن محمد بن عجلان، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كان يقول: يحلّ لوليّ الأمر ما يحلّ لولي اليتيم: من كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ، وَمَنْ كَانَ فقيرًا فليأكل بالمعروف. وفي سنده يحيى بن أيوب الغافقي، وتقدم في الحديث [26] أنه صدوق ربما أخطأ. وأخرجه البيهقي في الموضع السابق من "سننه" (6 / 453) من طريق قتادة، عن أبي مِجْلَز لاحق بن حميد قال: لما بعث عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عنه - عمار بن ياسر وعبد الله بن مسعود وعثمان بن حنيف إلى الكوفة ... ، وذكر الحديث، =

789- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ (1) ، عَنِ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: أَدْرَكْتُ النَّاسَ (2) وَهُمْ يُعْطُونَ فِي طَعَامِ الْمِسْكِينِ مُدًّا مُدًّا، وَيَرَوْنَ أَنَّ ذلك يجزئ عنهم.

_ = وفيه أن عمر قال لهم: نزلتكم وإياي من هذا المال بمنزلة والي مال اليتيم؛ {من كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فقيرًا فليأكل بالمعروف} ، وما أرى قرية يؤخذ منها كل يوم شاة إلا كان ذلك سريعًا في خرابها. وسنده ضعيف؛ لأن أبا مجلز لم يسمع من عمر بن الخطاب، وإنما يرسل عنه كما في "التهذيب" (11 / 171) . وتقدم في الأحاديث رقم [785 و 786 و 787] ما يشهد للشطر الثاني لهذا الحديث، فيكون صحيحًا لغيره بمجموع هذه الطرق، والله أعلم. (1) هو ابن قيس الأنصاري. (2) يعني الصحابة - رضي الله عنهم -. [789] سنده صحيح. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (ص11 رقم 64 / القسم الأول من الجزء الرابع) ، من طريق سفيان بن عيينة ويزيد بن هارون، كلاهما عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ سليمان بن يسار قَالَ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ: مُدٌّ من بُرٍّ. وأخرجه الإمام مالك في "الموطأ" (2 / 479 - 480) في النذور والأيمان، باب العمل في كفارة اليمين، عن شيخه يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بن يسار أنه قال: أدركت الناس وهم إذا أعْطوا في كفارة اليمين، أعطوا مدًّا من حنطة بالمدِّ الأصغر، ورأوا ذلك مجزئًا عنهم. ومن طريق الإمام مالك أخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 55) في الأيمان، باب الإطعام في كفارة اليمين. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 539 رقم 12421) من طريق أبي الأحوص، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ سليمان بن يسار قال: كان الناس إذا =

790- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ (1) ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مَوْلَى ابْنِ عَيَّاش (2) ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ - فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ -: مُدُّ بَيْضَاءَ (3) لِكُلِّ مِسْكِينٍ.

_ = كفّر أحدهم، كفّر بعشرة أمداد بالمدّ الأصغر. (1) هو عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ سلمة بن دينار المدني، روى هنا عن مولى ابن عياش، ويروي أيضًا عن أبيه وسهيل بن أبي صالح وهشام بن عروة وغيرهم، روى عنه عبد الرحمن بن مهدي وعبد الله بن وهب وعلي بن المديني وسعيد بن منصور وغيرهم، وهو صدوق فقيه، روى له الجماعة وقال الإمام مالك: ((قوم يكون فيهم ابن أبي حازم لا يصيبهم العذاب)) ، وقال ابن معين: ((صدوق ثقة ليس به بأس)) ، ووثقه العجلي وابن نمير والنسائي في رواية، وفي أخرى: قال: ((ليس به بأس)) ، وقال أبو حاتم: ((صالح الحديث)) ، وقال الإمام أحمد: ((لم يكن يعرف بطلب الحديث، إلا كتب أبيه، فإنهم يقولون إنه سمعها، وكان يتفقه، لم يكن بالمدينة بعد مالك أفقه منه، ويقال: إن كتب سليمان بن بلال وقعت إليه ولم يسمعها، وقد روى عن أقوام لم يكن يعرف أنه سمع منهم)) ، وتوفي عبد العزيز هذا وهو ساجد في المسجد النبوي، وذلك سنة أربع وثمانين ومائة وله من العمر ثنتان وثمانون سنة، وقيل: إن ولادته كانت سنة سبع ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 382 - 383 رقم 1787) ، و"التهذيب" (6 / 333 - 334 رقم 641) ، و"التقريب" (ص356 رقم 4088) . قلت: ما ذكره الإمام أحمد إنما يتجه على رواية ابن أبي حازم عن سليمان بن بلال، فهي التي يثبت فيها، وما عدا ذلك إنما يشكل عليه قول الإمام أحمد: ((روى عن أقوام لم يكن يعرف أنه سمع منهم)) ، وهذا ليس بمشكل؛ لأن مبلغه الاحتياط في كونه سمع من ذلك الراوي أو لا؟ (2) هو أبو جعفر القارئ مولى عبد الله بن عياش، تقدم في الحديث [216] أنه =

791- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ (1) ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مَوْلَى ابْنِ عَيَّاش، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عباس، مثله.

_ = ثقة. (3) أي: حِنْطة كما في "النهاية في غريب الحديث" (1 / 173) . [790] سنده حسن لذاته، وهو صحيح لغيره، لأن ابن أبي حازم قد توبع في الحديث الآتي. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 152) لعبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ. وقد أخرج عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 506 رقم 16071) من طريق عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنِ ابن عباس قال: مُدٌّ لكل مسكين. وأخرجه عبد الرزاق أيضًا برقم (16072) . وابن أبي شيبة في "المصنف" (ص11 رقم 60 / القسم الأول من الجزء الرابع) . وابن جرير في "تفسيره" (10 / 538 - 539 رقم 12415 و 12416) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 26 / ب) . والبيهقي في "سننه" (10 / 55) في الأيمان، باب الإطعام في كفارة اليمين. جميعهم من طريق دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ: مُدٌّ من حنطة لكل مسكين، رُبْعُهُ إِدَامَه. (1) هو سلمة بن دينار، أبو حازم الأعْرج، الأَفْزَر، التَّمَّار، المدني، مولى الأسود بن سفيان، يروي عن سهل بن سعد الساعدي وأبي أمامة بن سهل بن حنيف وسعيد بن المسيب وغيرهم، روى عنه الزهري وابن إسحاق ابن عجلان وابن أبي ذئب والإمام مالك والحمّادان والسفيانان ويعقوب بن عبد الرحمن الإسكندراني وغيرهم، وهو ثقة عابد، روى له الجماعة، ووثقه الإمام أحمد وأبو حاتم والعجلي والنسائي وابن خزيمة وزاد: ((لم يكن في زمانه مثله)) ، وقال =

792- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي أميَّة (1) ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: كُلُّ طَعَامٍ فِي الْقُرْآنِ فَهُوَ نِصْفُ صاع.

_ = ابن سعد: ((كان ثقة كثير الحديث)) ، وذكره ابن حبان في الثقات، وذكر أنه من عُبَّاد أهل المدينة وزُهّادهم، واختلف في وفاة أبي حازم، فقيل: سنة ثلاث وثلاثين ومائة، وقيل: خمس وثلاثين، وقيل: أربعين، وقيل: أربع وأربعين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (4 / 159 رقم 701) ، و"التهذيب" (4 / 143- 144 رقم 247) ، و"التقريب" (ص247 رقم 2489) . ولم أجد من نصّ على أن أبا حازم سمع من أبي جعفر، وسماعه منه محتمل جدًّا؛ لأنهما في طبقة واحدة، وكلاهما مدني، وقد سمع عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ من أبي جعفر كما في الحديث السابق، فمن باب أولى أن يسمع الأب. [791] سنده صحيح، وقد مضى من طريق آخر عن أبي جعفر في الحديث السابق، وتقدم تخريجه هناك. (1) هو ابن أبي المُخَارِق، تقدم في الحديث [28] أنه ضعيف. [792] سنده ضعيف لضعف عبد الكريم، وهو صحيح لغيره كما سيأتي. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 152) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وأبي الشيخ. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (ص10 رقم 52 / القسم الأول من الجزء الرابع) ، من طريق لَيْثِ بْنِ أَبِي سُليم، عَنِ مجاهد قال: كفارة في ظهار أو غيره، ففيه نصف صاع من برٍّ كفارته. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 509 رقم 16082) عن شيخه سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي نجيح، عن مجاهد قال: مُدَّان لكل مسكين. وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا برقم (56) عن شيخه وكيع، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: لكل مسكين مُدَّان حنطة. وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات تقدمت تراجمهم، وابن أبي نجيح وإن كان =

793- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَتَّاب بْنُ بَشِيرٍ (1) ، قَالَ: نا خُصَيْف (2) ، عَنْ عَطَاءٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَعِكْرِمَةَ - فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ - قَالُوا: لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدَّان، مُدٍّ فِي إِدَامِه، ومُدٌّ يأكله في غدائه وعشائه.

_ = مدلسًا، إلا أن روايته عن مجاهد صحيحة كما تقدم بيانه في الحديث رقم [184] . وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 536 رقم 12405) من طريق وكيع أيضًا، عن سفيان، بنحو رواية ابن أبي شيبة. وسيأتي في الحديث بعده من طريق آخر ضعيف عن مجاهد. (1) تقدم في الحديث [204] أنه لا بأس به، إلا في روايته عن خصيف، فإنها منكرة. (2) تقدم في الحديث [204] أنه صدوق سيء الحفظ. [793] سنده ضعيف لما تقدم عن حال خُصيف وعتّاب، وقد صح هذا المعنى عن مجاهد كما في الحديث السابق، وأما عطاء بن أبي رباح، فالصحيح عنه خلافه كما سيأتي، وأما عكرمة، فلم أجد عنه ما يؤيِّد هذا المعنى أو يخالفه. وأما ما جاء عن عطاء، فقد أخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من الجزء الرابع من "المصنف" (ص11 رقم 63) من طريق شيخه عبد الله بن إدريس، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سليمان، عن عطاء، قال: مُدٌّ. وأخرجه أيضًا برقم (67) من طريق شيخه وكيع، عن مالك بن مِغْوَل، عن عطاء، مثل سابقه. وهذان إسنادان صحيحان عن عطاء، رجالهما ثقات تقدمت تراجمهم. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 540 رقم 12424) من طريق وكيع، عن مالك بن مغول، عن عطاء، قال: مدّ لكل مسكين. وأخرجه ابن جرير أيضًا (10 / 539 رقم 12422) من طريق ابن جريج، =

794- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ يُونُسَ (1) ، عَنِ الْحَسَنِ - فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ - قَالَ: مَكُّوكًا (2) مِنْ تَمْرٍ، ومَكُّوكًا مِنْ بُرّ، وَإِنْ دَعَاهُمْ فَأَطْعَمَهُمْ خُبْزًا وَلَحْمًا، أَوْ خُبْزًا وَزَيْتًا، أَوْ خُبْزًا وَسَمْنًا، أَوْ خُبْزًا ولبنًا، أجزأ ذلك عنه.

_ = عن عطاء - في قوله: {إطعام عشرة مساكين} -، قال: عشرة أمداد، لعشرة مساكين. ومن طريق ابن جريج أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 510 رقم 16085) ، ولفظه: قال عطاء: من أوسط ما يطعم أهله يومًا واحدًا عشرة أمداد. (1) هو ابن عبيد بن دينار. (2) المَكُّوكُ: هو المدُّ كما في "النهاية في غريب الحديث" (4 / 350) . [794] سنده صحيح، وسيأتي من طريق هشيم، عن يونس برقم [796] ، ومن طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة، عن يونس برقم [797] . وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 508 رقم 16079) من طريق سفيان الثوري، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: مكوك من حنطة، ومكوك من تمر، وإن شاء جمع المساكين فغدّاهم أو عشّاهم. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (ص12 رقم 73 / القسم الأول من الجزء الرابع) من طريق معتمر بن سليمان، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ - فِي كفارة اليمين -، قال: يطعم خبزًا ولحمًا مرةً واحدة حتى يشبع. وأخرجه عبد الرزاق أيضًا برقم (16078) من طريق هشام بن حسّان، عن الحسن، به بنحو لفظ المصنِّف، وزاد: ((فإن لم يجد، صام ثلاثة أيام)) . ومن طريق هشام أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 534 و 537 رقم 12394 و 12407) ، بنحوه مفرَّقًا في الموضعين. وأخرجه عبد الرزاق أيضًا برقم (16080) من طريق معمر، قال: أخبرني قتادة، أنه سمع الحسن يقول: مكوك من حنطة، ومكوك من تمر. =

795- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدة، عَنْ حَجَّاج بْنِ أَرْطَأَة (1) ، عَنْ حُصَين الْحَارِثِيِّ (2) ، عَنِ الشَّعْبي، عَنِ الْحَارِثِ (3) ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ - فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ-: يُغدِّيهم، ويُعَشِّيهم خُبْزًا وَلَحْمًا، خبزًا وزيتًا، خبزًا وسمنًا.

_ = وأخرجه ابن جرير برقم (12423) من طريق سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةٍ، عَنْ قتادة، عن الحسن، به بمعناه. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (12388) من طريق الربيع بن صبيح، عن الحسن قال: خبز ولحم، أو خبز وسمن، أو خبز ولبن. ثم أخرجه ابن جرير برقم (12408) من نفس الطريق بلفظ: إن جمعهم، أشبعهم إشباعه واحدة، وإن أعطاهم، أعطاهم مكوكًا مكوكًا. (1) تقدم في الحديث [170] أنه صدوق كثير الخطأ والتدليس. (2) هو حصين بن عبد الرحمن الحارثي، الكوفي، مقبول يروي عن الشعبي، لم يرو عنه سوى إسماعيل بن أبي خالد وحجاج بن أرطأة، قال الإمام أحمد: ((ليس يعرف، ما روى عنه غير الحجاج بن أرطأة، وإسماعيل بن أبي خالد روى عنه حديثًا واحدًا، أحاديثه مناكير)) . وقال المديني: ((لا أعلم روى عنه غيرهما)) . وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الذهبي: ((صدوق - إن شاء الله -)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 193 - 194 رقم 838) ، و"ميزان الاعتدال" (1 / 552 رقم 2082) ، و"التهذيب" (2 / 383 رقم 661) ، و"التقريب" (ص170 رقم 1370) . (3) هو الحارث بن عبد الله الأعْور الهَمْداني -بسكون الميم -، الخارِفي - بكسر الراء -، الحُوتي - بضم المهملة، وبالمثنّاة -، الكوفي، أبو زهير، صاحب علي، روى عن علي وابن مسعود وزيد بن ثابت وغيرهم - رضي الله عنهم -، روى عنه الشعبي وأبو إسحاق السبيعي وعطاء بن أبي رباح وغيرهم، وهو ضعيف، ورمي بالرفض، وكَذَّبه الشعبي في رأيه؛ قال الشعبي: ((حدثني =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = الحارث الأعور وكان كذابًا)) ، قال ابن شاهين في الثقات: ((قال أحمد بن صالح المصري: الحارث الأعور ثقة، ما أحفظه، وما أحسن ما روى عن علي! وأثنى عليه. قيل له: فقد قال الشعبي: كان يكذب، قال: لم يكن يكذب في الحديث، إنما كان كذبه في رأيه)) ، وقال إبراهيم النخعي: ((إن الحارث اتُّهم)) ، وقال أبو إسحاق السبيعي، ((زعم الحارث الأعور، وكان كذابًا)) ، وقال جرير بن عبد الحميد: ((كان الحارث زَيْفًا)) ، وكان يحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي لا يحدثان عنه، وقال محمد بن بشّار بُنْدار: ((أخذ يحيى وعبد الرحمن القلم من يدي، فضربا على نحو من أربعين حديثًا من حديث الحارث عن علي)) ، وقال الجوزجاني: ((سألت علي بن المديني عن عاصم - يعني ابن ضمرة - والحارث، فقال: مثلك يسأل عن ذا؟! الحارث كذاب)) ، وقال ابن حبان: ((كان الحارث غاليًا في التشيع، واهيًا في الحديث)) ، وقال ابن عدي: ((عامة ما يرويه غير محفوظ)) ، وضعفه الدارقطني، وقال أبو زرعة: ((لا يحتج بحديثه)) ، وقال أبو حاتم: ((ليس بقوي، ولا ممن يحتجّ بحديثه)) ، وقال النسائي: ((ليس بالقوي)) ، وفي موضع آخر قال: ((ليس به بأس)) ، وحكى عثمان الدارمي عن ابن معين أنه وثقه، ثم قال الدارمي: ((ليس يتابع ابن معين على هذا)) ، وذكره الذهبي في "ميزان الاعتدال" وقال: ((من كبار علماء التابعين، على ضعف فيه)) ، وقال أيضًا: ((وحديث الحارث في السنن الأربعة، والنسائي مع تَعَنُّتِه في الرجال، فقد احتجّ به وقَوَّى أمره، والجمهور على توهين أمره مع روايتهم لحديثه في الأبواب، فهذا الشعبي يكذِّبه، ثم يروي عنه، والظاهر أنه كان يكذب في لهجته وحكاياته، وأما في الحديث النبوي فلا، وكان من أوعية العلم)) ، وذكر ابن حجر في "التهذيب" كلام الذهبي هذا، ثم تعقبه بقول: ((لم يحتج به النسائي، وإنما أخرج له في "السنن" حديثًا واحدًا مقرونًا بابن ميسرة، وآخر في "اليوم والليلة" متابعة، هذا جميع ما له عنده)) ، وكانت وفاته سنة خمس وستين للهجرة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 78 - 79 رقم 363) ، و"ميزان الاعتدال" (1 / 435 - 437 رقم 1627) ، و"التهذيب" =

796- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: حُدِّثْتُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: يُغَدِّيهم وَيُعَشِّيهِمْ، وَكَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ: وَجْبَةٌ وَاحِدَةٌ تُجْزِئُ.

_ = (2 / 145 - 147 رقم 248) ، و"التقريب" (ص146 رقم 1029) . [795] سنده ضعيف لضعف الحارث الأعور وحجاج بن أرطأة من قبل حفظه، وقد رواه حجاج أيضًا عن أبي إسحاق السبيعي، عن الحارث عن علي كما سيأتي، فلست أدري، أهو اضطراب من حجاج، أم له فيه إسناد آخر؟ والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 152) وعزاه لعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم. وقد أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 26 / ب) من طريق أبي خالد الأحمر، عن حجاج، عَنْ حُصَيْنٍ الْحَارِثِيِّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عن الحارث، عن علي، قوله: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} ، قال: تغدِّيهم وتعشِّيهم. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 534 و 540 رقم 12391 و 12427) . وابن أبي حاتم في الموضع السابق. كلاهما من طريق أبي خالد الأحمر، عَنْ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ، عَنْ أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي، به، ولفظ ابن جرير مثل لفظ المصنِّف، إلا أنه قال: ((أو خلاً وزيتًا)) بدل قوله: ((خبزًا ولحمًا)) . وأما ابن أبي حاتم فلفظه: ((خبز ولبن، خبز وسمن)) . [796] سنده عن إبراهيم النخعي ضعيف؛ لإبهام شيخ يونس، وأما عن الحسن البصري فصحيح، وتقدم برقم [794] من طريق خالد بن عبد الله الطحّان، عن يونس، عن الحسن، وتقدم تخريجه هناك، وسيأتي برقم [797] من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة، عن يونس، عن الحسن. =

797- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (1) ، قَالَ: نا يُونُسُ، عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ - فِي طَعَامِ الْمَسَاكِينِ: وَجْبَة، فَإِنْ أَعْطَاهُمْ فِي أَيْدِيهِمْ، فمَكُّوك بُرّ، ومَكُّوك تَمْرٍ. 798- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانة (2) ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ (3) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أهليكم} -، قَالَ: كَانَ يَكُونُ لِلْكَبِيرِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّغِيرِ، وللحُرِّ أَفْضَلُ مِنَ الْمَمْلُوكِ، فَأُمِرُوا بوسطٍ مِنْ ذَلِكَ ليس بأرفعه، ولا بأوضعه.

_ = وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (ص11 رقم 68 / القسم الأول من الجزء الرابع) ، فقال: حدثنا هشيم، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: وجبة واحدة. (1) هو ابن عُلَيَّة. [797] سنده صحيح، وتقدم برقم [794] من طريق خالد بن عبد الله الطحّان، عن يونس، وبرقم [796] من طريق هشيم، عن يونس. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 537 رقم 12409) من طريق يعقوب بن إبراهيم الدَّوْرقي، عن إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة، به نحوه، إلا أنه تصحّف فيه قوله: ((وجبة)) إلى: ((وحسبه)) . (2) هو وَضَّاح بن عبد الله. (3) هو سليمان بن أبي المُغِيرة العَبْسي - بالموحّدة -، أبو عبد الله الكوفي، يروي عن سعيد بن جبير وعلي بن الحسين بن علي والقاسم بن محمد وغيرهم، روى عنه السفيانان وشعبة وأبو عوانة وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة السادسة؛ قال سفيان بن عيينة: ((ثقة خيار)) ، ووثقه الإمام أحمد وابن معين، وقال أبو زرعة: ((شيخ)) ، وذكره ابن حبان وابن شاهين في الثقات. اهـ. من "الجرح والتعديل" (4 / 145 - 146 رقم 628) ، و"تاريخ أسماء الثقات" (ص100 رقم 458) ، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = و"التهذيب" (4 / 221 رقم 374) ، و"التقريب" (ص254 رقم 458) . وقد ذهب الحافظ ابن حجر في الموضع السابق من "التقريب" إلى أن سليمان هذا صدوق، والظاهر أنه تأثر بقول أبي زرعة: ((شيخ)) ، مع أنه وثقه ابن عيينة والإمام أحمد وابن معين وغيرهم كما سبق، فالعمدة على توثيق هؤلاء الأئمة. [798] سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مرسله سعيد بن جبير. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 153) ، وعزاه لعبد بن حميد وابن جرير وأبي الشيخ. وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 192) . وابن جرير في "تفسيره" (10 / 541 رقم 12434 و 12435) . كلاهما من طريق سفيان الثوري، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عن سعيد بن جبير -: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} - قال: قُوْتُهم. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (12436) من طريق حَكّام بن سَلْم، عن سليمان، به بلفظ: كانوا يفضلون الحر على العبد، والكبير على الصغير، فنزلت: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} . وفي هذه الرواية جاء اسم سليمان هكذا: ((سليمان بن عبيد العبسي)) ، فلعل اسم والده: ((عبيد)) واشتهر بكنيته: ((أبو المغيرة)) ، وهذا الذي مال إليه الشيخ محمود شاكر في تعليقه على الموضع السابق من "تفسير ابن جرير". وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / 27 / أ) من طريق حفص بن غياث، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ قَالَ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} ؟ قال: كان أهل المدينة يقولون: الصغير على قدره، والكبير على قدره، ويأمرون بالوسط. كذا جاءت رواية ابن أبي حاتم، ولعل الصواب: ((فأمروا بالوسط)) . ومن خلال ما سبق يتضح أن أبا عوانة وسفيان الثوري وحكّام بن سَلْم وحفص بن غياث رووه عن سلميان بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَعِيدِ بن جبير مرسلاً. =

799- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (1) ، قَالَ: نَا سَلَمة بْنُ عَلْقَمة، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ (2) ، أَنَّ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ، حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، فَكَفَّر، فَأَمَرَ الْمَسَاكِينَ، فَأُدْخِلُوا بَيْتَ الْمَالِ، فَأَمَرَ بِجَفْنَةٍ (3) مِنْ ثَرِيد فقُدِّمت إِلَيْهِمْ، فَأَكَلُوا، ثُمَّ كَسَا كُلَّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ ثَوْبًا، إِمَّا مُعَقَّدًا (4) ، وَإِمَّا ظَهْرانِيًّا.

_ = وقد خالفهم سفيان بن عيينة، فرواه عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عباس قال: كان الرجل يقوت أهله قوتًا فيه سعة، وكان الرجل يقوت أهله قوتًا فيه شدّة، فنزلت: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} . أخرجه ابن ماجه في "سننه" (1 / 682 - 683 رقم 2113) في الكفارات، باب: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} ، واللفظ له. وابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 542 - 543 رقم 12440) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / 27 / أ) . قال البوصيري في "مصباح الزجاجة" (2 / 148 رقم 743) : ((هذا إسناد موقوف صحيح الإسناد)) . أقول: ورواية من أرسله عن سعيد بن جبير أرجح من رواية سفيان بن عيينة؛ لأنهم أكثر عددًا، وفيهم سفيان الثوري وهو أوثق من ابن عيينة كما يتضح من ترجمتهما فيما مضى. وعليه فالحديث باقٍ على ضعفه لإرساله. (1) هو ابن عُلَيَّة. (2) محمد بن سيرين هنا يروي عن أبي موسى الأشعري- رضي الله عنه -، ولم أجد من نصّ على أنه سمع منه، أو نفى ذلك عنه، وأمره مشكل؛ لأن ابن سيرين ولد قريبًا من سنة ثلاث وثلاثين للهجرة؛ لسنتين بقيتا من خلافة عثمان - رضي الله عنه - كما في "التهذيب" (9 / 215) ، وأما أبو موسى الأشعري فاختُلف في وفاته، فقيل: كانت وفاته سنة اثنتين وأربعين، وقيل: أربع وأربعين، وقيل: =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = خمسين، وقيل: سنة إحدى وخمسين للهجرة كما في "التهذيب" أيضًا (5 / 363) ، فالله أعلم، هل سمع منه أو لا؟ . (3) الجَفْنَةُ: كالقَصْعَة، وقيل: هي أعظم ما يكون من القِصَاع. انظر "لسان العرب" (13 / 89) . (4) المُعَقَّدُ: ضَرْب من بُرُود هَجَر. "لسان العرب" (3 / 300) . (5) الظَّهْرَانِيّ: ثوب يُجاء به من مَرِّ الظَّهْرَان، وقيل: هو منسوب إلى ظهران؛ قرية من قرى البحرين. "لسان العرب" (4 / 529) . [799] سنده رجاله ثقات، ولم يتبين هل سمع ابن سيرين من أبي موسى أو لا، فإن كان سمع منه فالإسناد صحيح، وإن لم يسمع منه، فهو ضعيف لانقطاعه. وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 56) ، في الأيمان، باب ما يجزي من الكسوة في التجارة، من طريق المصنف، به مثله سواء، إلا أنه قال: ((وأمر بالمساكين)) . وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 512 - 513 رقم 16093 و 16094 و 16101) ، وفي "تفسيره" (1 / 192) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 548 رقم 12462 و 12463 و 12464 و 12465) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 27 / أ) . أما عبد الرزاق فمن طريق أيوب السختياني وعاصم الأحول وهشام الدستوائي، وأما ابن جرير فمن طريق عاصم الأحول ويزيد بن إبراهيم وهشام الدستوائي، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق يزيد بن إبراهيم، جميعهم عن محمد بن سيرين، به نحوه، ولفظ بعضهم مختصر، وذكر بعضهم أنه كسا كل واحد منهم ثوبين من مُعَقَّدة البحرين.

800- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ (1) ، قَالَ: سَمِعْتُهُ وَسُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {أَوْ كِسْوَتُهُمْ} - فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ - قَالَ: لِكُلِّ مِسْكِينٍ عَبَاءَة وعِمَامَة. 801- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدٌ (2) ، عَنْ دَاوُدَ بْنُ أَبِي هِنْدَ، عَنْ سَعِيدِ بن المسيب، مثله.

_ = هو سعيد بن المسيِّب بن حَزْن بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم، القرشي، المخزومي، يروي عن عمر وعثمان وعلي وسعد بن أبي وقاص وحكيم بن حزام وابن عباس وابن عمر وعبد الله بن عمرو وأبي سعيد الخدري وأبي هريرة وعائشة - رضي الله عنهم أجمعين -، روى عنه سالم بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ والزهري وقتادة وأبو الزناد وغيرهم، وهو أحد العلماء الأثبات الفقهاء الكبار، اتفقوا على أن مراسيله أصحّ المراسيل، وقد روى له الجماعة، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: ((هو والله أحد المتقين)) ؛ وقال ميمون بن مهران: ((قدمت المدينة، فسألت عن أعلم أهل المدينة، فدُفعت إلى سعيد بن المسيب)) ، وقال قتادة: ((ما رأيت أحدًا أعلم بالحلال والحرام منه)) ، وقال علي بن المديني: ((لا أعلم في التابعين أوسع علمًا من سعيد بن المسيب)) ، وقال أيضًا: ((هو عندي أجلّ التابعين)) ، وقال أبو طالب: ((قلت لأحمد: سعيد بن المسيب؟ فقال: ومن مثل سعيد؟ ثقة من أهل الخير. فقلت له: سعيد بن عمر حجّة؟ قال: هو عندنا حجّة؛ وقد رأى عمر وسمع منه، وإذا لم يقبل سعيد بن عمر، فمن يقبل؟)) ، وقال أبو زرعة: ((مهدني قرشي ثقة إمام)) ، وقال أبو حاتم: ((ليس في التابعين أنبل منه، وهو أثبتهم في أبي هريرة)) ، وذكره ابن في حبان في الثقات وقال: ((كان من سادات التابعين، فقهًا ودينًا وورعًا وعبادة وفضلاً، وكان أفقه أهل الحجاز)) ، وكانت وفاته بعد التسعين للهجرة وقد ناهز الثمانين؛ لأن ولادته كانت لسنتين =

802- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا مُغِيرَةُ (3) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: ثَوْبًا ثَوْبًا، لِكُلِّ مِسْكِينٍ ثوب جامع (4) .

_ = مضتا من خلافة عمر - رضي الله عنه -. اهـ. من "الجرح والتعديل" (4 / 59 - 61 رقم 262) ، و"التهذيب" (4 / 84 - 88 رقم 145) ، و"التقريب" (ص241 رقم 2396) . (2) هو ابن عبد الله الطحَّان الواسطي. [800 و 801] سنداهما صحيحان. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 154) لعبد الرزاق وأبي الشيخ. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 548 رقم 12466) من طريق هشيم، عن داود، به نحوه. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 512 رقم 16095) . وابن جرير في "تفسيره" (10 / 547 - 548 رقم 12456 و 12457 و 12468) . أما عبد الرزاق فمن طريق سفيان الثوري، وأما ابن جرير فمن طريق سفيان الثوري وعبيدة وأبي معاوية وإسماعيل بن إبراهيم بن عليّة، جميعهم عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، به نحوه. (3) هو ابن مِقْسَم الضبِّي، تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه يدلِّس، لا سيّما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه، ولم يصرح فيها بالسماع، لكن شعبة ومحمد بن فضيل ممن روى عنه هذا الحديث كما سيأتي، وروايتهما عنه محمولة على الاتصال وإن لم يصرح فيها بالسماع كما تقدم بيانه في الحديث رقم [306] ورقم [500] . (4) سيأتي تفسير مغيرة للثوب الجامع. [802] سنده صحيح، ولا يضرّه عدم تصريح مغيرة بالسماع كما سبق، ومع ذلك فإن مغيرة قد توبع كما سيأتي. والحديث أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 550 رقم 12474) من طريق هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: {أو كسوتهم} ، قال: ثوب جامع لكل =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = مسكين. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 512 - 513 رقم 16097) . وابن جرير برقم (12472 و 12475) . كلاهما من طريق سفيان الثوري، عن مغيرة، به نحو لفظ ابن جرير السابق. وأخرجه ابن جرير برقم (12471 و 12473 و 12475 و 12476) من طريق محمد بن فضيل وعبد الله بن إدريس وشعبة، ثلاثتهم عن مغيرة، به مثل سابقه، إلا أن ابن فضيل زاد في روايته قوله: وقال مغيرة: ((الثوب الجامع)) : المِلْحَفة، أو الكساء، أو نحوه، ولا نرى الدَّرْع والقميص والخِمَار ونحوه جامعًا. وأخرجه ابن جرير في الموضع السابق برقم (12470) من طريق أبي الأحوص، سَلاَّم بن سُلَيم، عن مغيرة، عن حماد، عن إبراهيم قال: الكسوة: ثوب جامع. وحمّاد هذا هو ابن أبي سليمان، تقدم في الحديث [514] أنه ثقة إمام مجتهد، فيحتمل أن مغيرة كان سمعه منه، ثم سمعه بعد ذلك من إبراهيم. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 546 رقم 12449) ، فقال: حدثنا هنّاد، حدثنا عبدة بن سلميان، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةٍ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ - في قوله: {أو كسوتهم} -، قال: إذا كساهم ثوبًا ثوبًا، أجزأ عنه. وهذا إسناد صحيح. أبو معشر هو زياد كليب، تقدم في الحديث [87] أن ثقة. وسعيد بن أبي عروبة تقدم في الحديث [87] أنه ثقة حافظ، إلا أنه اختلط في آخر حياته، لكن الراوي عنه هنا هو عبدة بن سليمان، وهو ممن سمع منه قبل الاختلاط كما في "الكواكب النيرات" (ص195) . وعَبْدَةُ بن سليمان الكِلابي، أبو محمد الكوفي هذا يروي عن إسماعيل بن أبي =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = خالد ويحيى بن سعيد الأنصاري وعاصم الأحول وهشام بن عروة والأعمش والثوري وسعيد بن أبي عروبة وغيرهم، روى عنه الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه وابنا أبي شيبة وأبو كريب محمد بن العلاء وأبو سعيد الأشجّ وهنّاد ابن السَّريّ وغيرهم، وهو ثقة ثبت، روى له الجماعة، وقال الإمام أحمد: ((ثقة ثقة وزيادة، مع صلاح في بدنه، وكان شديد الفقر)) ، ووثقه ابن معين وابن سعد والدارقطني والعجلي وزاد: ((رجل صالح قرآن، يقرئ)) ، وذكره ابن شاهين في الثقات، ونقل عن عثمان بن أبي شيبة أنه قال: ((ثقة مسلم صدوق)) ، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ((مستقيم الحديث جدًّا)) ، وكانت وفاته سنة سبع وثمانين ومائة، قال الإمام أحمد: ((قدمت الكوفة سنة ثمان وثمانين ومائة وقد مات عَبْدة سنة سبع وثمانين ومائة؛ قبل قدومي بسنة)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (6 / 89 رقم 457) ، و"التهذيب" (6 / 458 - 459 رقم 946) ، و"التقريب" (ص369 رقم 4269) . وهناد بن السَّرِيِّ - بكسر الراء الخفيفة - ابن مصعب التميمي، أبو السَّريّ الكوفي يروي عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزناد وهشيم وعبد الله بن إدريس وأبي الأحوص وابن عيينة ووكيع وعبدة بن سليمان وغيرهم، روى عنه ابن جرير هنا وفي مواضع كثيرة من "تفسيره"، وروى عنه أيضًا أصحاب الكتب الستة في كتبهم، عدا البخاري، فإنما أخرج له في "خلق أفعال العباد"، وروى عنه أيضًا أبو حاتم وأبو زرعة وغيرهم، وهو ثقة؛ قال قتيبة بن سعيد: ((ما رأيت وكيعًا يعظِّم أحدًا تعظيمه لهنّاد)) ، وسئل الإمام أحمد: عمّن نكتب بالكوفة؟ فقال: ((عليكم بهنّاد)) ، وقال أبو حاتم: ((صدوق)) ، وقال النسائي: ((ثقة)) ، وكانت ولادته سنة اثنتين وخمسين ومائة، ووفاته سنة ثلاث وأربعين ومائتين. اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 119 - 120 رقم 501) ، و"التهذيب" (11 / 70 - 71 رقم 109) ، و"التقريب" (ص574 رقم 7320) .

803- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَتَّاب بْنُ بَشِيرٍ (1) ، قَالَ: نا خُصَيْف (2) ، عَنْ عَطَاءٍ، (وَمُجَاهِدٍ) (3) ، وَعِكْرِمَةَ قَالُوا: لِكُلِّ مِسْكِينٍ ثَوْبُ: قَمِيصٍ، أَوْ إِزَار، أَوْ رِدَاء، فَقُلْتُ لخُصَيف: أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ مُوسِرًا؟ قَالَ: أيَّ ذَلِكَ فَعَلَ فَحَسَنٌ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ مِنْ هَذِهِ الخِصَال، فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وذَكَرَ أَنَّهَا في قراءة أبَيّ: {متتابعة} .

_ (1) تقدم في الحديث [204] أنه لا بأس به، إلا في روايته عن خُصيف فإنها منكرة. (2) تقدم في الحديث [204] أنه صدوق سيء الحفظ. (3) في الأصل: ((عن مجاهد)) ، والتصويب من الموضع الآتي من "سنن البيهقي"؛ فإنه روى الحديث من طريق المصنف. [803] سنده ضعيف لما تقدم عن حال خصيف ورواية عتّاب عنه، وقد صحّ معناه عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ ومجاهد فقط. وأخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 56) في الأيمان، باب ما يجزئ من الكسوة في الكفارة، من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال: ((أي ذا فعل)) . وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 510 رقم 16085) عن ابن جريج، قال: قال عطاء: {أو كسوتهم} ، قال: بلغنا أنه ثوب ثوب. وصرّح ابن جريج بالسماع من عطاء في الرواية الآتية. فالحديث أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 547 رقم 12455) . فقال: حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرنا ابن جريج، قال: سمعت عطاء يقول: {أو كسوتهم} -: الكسوة ثوب ثوب. وهذا إسناد صحيح؛ فيونس بن عبد الأعلى تقدم في الحديث [337] أنه ثقة، وعبد الله بن وهب تقدم في الحديث [310] أنه ثقة حافظ عابد، وعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج تقدم في الحديث [9] أنه ثقة فقيه فاضل، وكان يدلس، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = لكنه صرّح بالسماع في هذه الرواية. وأخرجه ابن جريج أيضًا (10 / 546 رقم 12448) من طريق عمر بن هارون، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ - في قوله: {أو كسوتهم} -، قال: ثوب ثوب لكل مسكين. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 513 رقم 16098) ، فقال: أخبرنا الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عن مجاهد قال: الكسوة أدناه ثوب، وأعلاه ما شاء. وهذا إسناد صحيح أيضًا، فسفيان الثوري تقدم في الحديث [30] أنه ثقة حافظ فقيه عابد إمام حجّة، وعبد الله بن أبي نجيح تقدم في الحديث [184] أنه ثقة ربما دلّس، إلا أن روايته عن مجاهد صحيحة. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 545 رقم 12441 و 12442) من طريق سفيان الثوري وإسماعيل بن إبراهيم بن عليّة، كلاهما عن ابن أبي نجيح، به نحوه. وأخرجه أيضًا برقم (12445 و 12446) من طريق منصور بن المعتمر، عن مجاهد، قال: ثوب. قال منصور: القميص، أو الرداء، أو الإزار. وأما قراءة أُبَيّ، فإن خُصيَفًا لم يسندها. وقد أخرجه الإمام مالك في "الموطأ" (1 / 305 رقم 49) في الصيام، باب ما جاء في قضاء رمضان والكفارات، من طريق شيخه حميد بن قيس المكّي، أنه أخبره، قال: كنت مع مجاهد وهو يطوف بالبيت، فجاءه إنسان، فسأله عن صيام الكفّارة، أمتتابعات، أم يقطعها؟ قال حميد: فقلت له: نعم، يقطعها إن شاء، قال مجاهد: لا يقطعها؛ فإنها في قراءة أُبَيّ بن كعب: {ثلاثة أيام متتابعات} . ومن طريق الإمام مالك أخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 60) ، في الأيمان، باب التتابع في صوم الكفارة. وسند هذه الرواية منقطع؛ لأن مجاهدًا لم يدرك أُبَيّ بن كعب، فأُبَيّ تقدم في الحديث [109] أنه اختُلف في سنة وفاته، فقيل: سنة تسع عشرة للهجرة، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وقيل بعد ذلك، وأكثر ما قيل، سنة اثنتين وثلاثين. وفي "المراسيل" لابن أبي حاتم (ص203 - 206) ، و"جامع التحصيل" للعلائي (ص236 - 337) النص على أن مجاهدًا لم يسمع من صحابة تأخّرت وفاتهم عن أبي بن كعب مثل ابن مسعود وعلي بن أبي طالب وسعد بن أبي وقاص وغيرهم رضي الله عنهم، قال أبو زرعة: ((مجاهد، عن ابن مسعود مرسل)) ، وقال أبو حاتم: ((مجاهد لم يدرك سعدًا، إنما يروي عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ سعد)) ، وقال أبو زرعة: ((مجاهد، عن علي مرسل)) ، وقيل ليحيى بن معين: ((يُروي عن مجاهد أنه قال: خرج علينا عليٌّ - رضي الله عنه -؟ فقال: ليس هذا بشيء)) . قلت: وابن مسعود توفي سنة اثنتين وثلاثين للهجرة، وقيل سنة ثلاث وثلاثين كما في "التهذيب" (6 / 28) ، وعلي توفي سنة أربعين للهجرة كما في "التهذيب" (7 / 338) ، وسعد توفي على المشهور سنة خمس وخمسين للهجرة، وقيل سنة إحدى وخمسين، وقيل: سنة ست، وقيل: سبع، وقيل: ثمان وخمسين كما في "التهذيب" (3 / 484) . وعليه فالحديث ضعيف من هذا الطريق لانقطاعه. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (10 / 559 - 560 رقم 12498) . والبيهقي في الموضع السابق. كلاهما من طريق عبيد الله بن موسى، عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أُبَيّ بن كعب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ كَانَ يقرأ: {فصيام ثلاثة أيام متتابعات} . وهذا الحديث من رواية أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، وقد قال ابن حبان في ترجمة الربيع بن أنس في "كتاب الثقات" (4 / 228) : ((والناس يتّقون حديثه ما كان من رواية أبي جعفر عنه، لأن فيها اضطرابًا كثيرًا)) . اهـ، وانظر "التهذيب" (3 / 239) . أقول: وما ذكره ابن حبان من الاضطراب يظهر في هذه الرواية؛ فإن عبيد الله =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ابن موسى رواه - كما سبق - عن أبي جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية، عن أُبَيّ. وخالفه عبد الله بن أبي جعفر، فرواه عن أبيه، عن الربيع قال: كانت في قراءة أُبَيّ بن كعب: {فصيام ثلاثة أيام متتابعات} - في كفارة اليمين -. أخرجه ابن أبي داود في "كتاب المصاحف" (ص64) ، ثم قال عقبه: ((لا نرى أن نقرأ القرآن إلا لمصحف عثمان الذي اجتمع عليه أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، فإن قرأ إنسان بخلافه في الصلاة، أمرتُه بالإعادة)) . اهـ. ورواه وكيع عن أبي جعفر، واختُلف على وكيع. فرواه ابن أبي شيبة عنه، عن الربيع، عن أبي العالية، عن أُبَيّ، مثل رواية عبيد الله بن موسى. انظر "مصنف ابن أبي شيبة" (ص33 رقم 223 / القسم الأول من الجزء الرابع) . وخالفه أبو كريب محمد بن العلاء وهنّاد وسفيان بن وكيع، فرووه عن وكيع، عن أبي جعفر، عن الربيع بن أنس، قال: كان أُبَيّ بن كعب قرأ: {فصيام ثلاثة أيام متتابعات} . أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 559 رقم 12497) . ورواية هؤلاء الثلاثة أرجح من رواية ابن أبي شيبة، ويكفي في ذلك متابعة أبي كريب لهنّاد. وهنّاد هو ابن السَّرِيّ، تقدم في الحديث [802] أنه ثقة. وأبو كُرَيْب محمد بن العلاء بن كُرَيْب الهَمْداني، الكوفي، مشهور بكنيته، يروي عن عبد الله بن إدريس وحفص بن غياث وهشيم ومعتمر بن سليمان وابن المبارك ووكيع وغيرهم، روى عنه ابن جرير الطبري هنا وفي مواضع كثيرة من "تفسيره"، وروى عنه أيضًا الجماعة وأبو حاتم وأبو زرعة وأبو يعلى وابن خزيمة وغيرهم، وهو ثقة حافظ روى له الجماعة، ووثقه النسائي ومسلمة بن القاسم وذكره ابن حبان في الثقات، وقال أبو حاتم: ((صدوق)) ، وقال الإمام أحمد: ((لو حدَّثت =

804-[ل132/أ] حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَوْن (1) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ (2) قَالَ: فِي قِرَاءَتِنَا (3) - فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ - {ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ متتابعات} .

_ = عمّن أجاب في المحنة، لحدثت عن اثنين: أبو معمر، وأبو كريب، أما أبو معمر، فلم يزل بعد ما أجاب يذم نفسه على إجابته وامتحانه، ويُحسِّن أمر من لم يُجِب، وأما أبو كريب، فأُجري عليه ديناران وهو محتاج، فتركهما لمّا علم أنه أجري عليه لذلك)) ، وقال محمد بن عبد الله بن نمير: ((ما بالعراق أكثر حديثًا من أبي كريب، ولا أعرفُ بحديث بلدنا منه)) ، وقال أحمد بن نصر الخفّاف: ((ما رأيت من المشايخ بعد إسحاق أحفظ من أبي كريب)) ، وقال إبراهيم بن أبي طالب: ((قال لي محمد بن يحيى الذُّهْلي: من أحفظ من رأيت بالعراق؟ قلت: لم أر بعد أحمد بن حنبل أحفظ من أبي كريب)) . وقال الحافظ أبو علي النيسابوري: ((سمعت ابن عُقدة يُقدِّم أبا كريب في الحفظ والكثرة على جميع مشايخهم، ويقول: ظهر لأبي كريب بالكوفة ثلاثمائة ألف حديث)) . وكانت وفاة أبي كريب سنة ثمان وأربعين ومائتين، وهو ابن سبع وثمانين سنة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (8 / 52 رقم 239) ، و"سير أعلام النبلاء" (11 / 394 - 396) ، و"تهذيب التهذيب" (9 / 385 - 386 رقم 634) ، و"التقريب" (ص500 رقم 6204) . وبهذا يتضح أن وكيعًا - في الراجح عنه - وعبد الله بن أبي جعفر قد اتفقا على رواية الحديث عن أبي جعفر، عن الربيع، عن أبي بن كعب. وخالفهما عبيد الله بن موسى، فرواه عن أبي جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية، عن أبي بن كعب. والاضطراب فيما يظهر من أبي جعفر كما تفيده عبارة ابن حبان السابقة. وعليه فالحديث باق على ضعفه، إلا ما جاء عن عطاء ومجاهد، فإنه صحيح عنهما كما سبق، والله أعلم. (1) هو عبد الله بن عون. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ (2) هو النَّخَعي. (3) قراءتهم هي قراءة عبد الله بن مسعود، وسيأتي مصرّحًا به في بعض الروايات، وانظر "تفسير القرطبي" (6 / 283) . [804] سنده صحيح، ومراسيل إبراهيم النخعي عن ابن مسعود تقدم في الحديث [3] أنها صحيحة. وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 60) في الأيمان، باب التتابع في صوم الكفارة، من طريق المصنِّف، به مثل سواء، ثم حكم عليه بالإرسال. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (ص33 رقم 221 / القسم الأول من الجزء الرابع) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 560 رقم 12501) . كلاهما من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة، عن ابن عون، به مثله. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (12500) من طريق عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ ابن عون، به مثله. وأخرجه أيضًا برقم (12502) من طريق مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، فِي قِرَاءَةِ أصحاب عبد الله: {فصيام ثلاثة أيام متتابعات} . وسيأتي برقم [805] عن عطاء، وبرقم [806] عن مجاهد: أنها في قراءة عبد الله بن مسعود: {متتابعات} ، وهو صحيح عن عطاء ومجاهد، لكنه منقطع بينهما وبين ابن مسعود. وجاء أيضًا من طريق أبي إسحاق السبيعي والأعمش وعامر الشعبي وسعيد بن جبير، جميعهم عن ابن مسعود أن قرأها كذلك. انظر هذه الروايات في "المصنف" لعبد الرزاق (8 / 514 رقم 16103) ، و"التفسير" له أيضًا (1 / 193) ، و"تفسير ابن جرير الطبري" (10 / 560 رقم 12503 و 12504 و 12505) ، و"تفسير ابن أبي حاتم" (3 / ل 27 / ب) .

805- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، قَالَ: (أَخْبَرَنِي) (1) حَجَّاج (2) ، قَالَ: سَأَلْتُ عَطَاءً عَنِ الصِّيَامِ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ، قَالَ: إِنْ شَاءَ فَرَّق. قُلْتُ: فَإِنَّهَا فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ: {مُتَتَابِعَةً} ، قَالَ: إِذًا نَنْقَادُ لكتاب الله عز وجل.

_ = في الأصل: ((أـ اـ ى)) ، يشبه أن تكون: ((أتاني)) ، ولا يستقيم الكلام بها، ولعلها: ((أنبأني)) ، وما أثبته من الموضع الآتي من "سنن البيهقي"، فإنه روى الحديث من طريق المصنف، ورواه من طريق المصنف أيضًا: الهروي في الموضع الآتي من "ذم الكلام"، وعنده: ((أبنا)) . (2) هو ابن أَرْطَأَة، تقدم في الحديث [170] أنه صدوق كثير الخطأ. [805] سنده ضعيف لضعف حجاج من قبل حفظه، وما ذكره حجاج عن ابن مسعود منقطع إن لم يكن معضلاً؛ فإنه لم يَرْو عن أحد من الصحابة، وسيأتي بإسناد صحيح عن عطاء بلفظ آخر. وهذا الأثر أخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 60) في الأيمان، باب التتابع في صوم الكفارة، من طريق المصنف، به مثله سواء. وأخرجه الهروي في "ذم الكلام" (2 / 159 / ب) من طريق المصنِّف أيضًا، ثنا هشيم، أبنا حجاج، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قال: سألته عَنِ الصِّيَامِ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ ... ، فذكره بمثله، هكذا بزيادة ابن جريج في إسناده بين حجاج وعطاء، وهو خطأ بلا شك؛ لأن ما جاء في الأصل هنا يؤيده ما جاء في "سنن البيهقي"، والله أعلم. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 513 - 514 رقم 1602) عن ابن جريج، قال: سمعت عطاء يقول: بلغنا في قراءة ابن مسعود: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أيام متتابعات} ، قال: وكذلك نقرؤها. وسنده صحيح عن عطاء، فعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج تقدم في الحديث [9] أنه ثقة فقيه فاضل، وكان يدلس، لكنه صرّح بالسماع هنا من عطاء، إلا =

806- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجيح (1) ، عَنْ طَاوُسٍ، قَالَ: إِنْ شَاءَ فَرَّقَ. فَقَالَ لَهُ مُجَاهِدٌ: فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ: {مُتَتَابِعَةً} ، قَالَ: فَهِيَ متتابعة.

_ = أن ما ذكره عطاء عن ابن مسعود ضعيف من هذا الطريق؛ لإبهام الواسطة بينهما، وهو صحيح لغيره عنه كما في الحديث السابق [804] . (1) هو عبد الله بن أبي نجيح، تقدم في الحديث [184] أنه ثقة ربما دلَّس، إلا أن روايته للتفسير عن مجاهد صحيحة، وهذه منها. [806] سنده صحيح عن مجاهد وطاوس، وهو ضعيف من هذا الطريق عن ابن مسعود؛ للانقطاع بينه وبين مجاهد؛ لأن رواية مجاهد عنه مرسلة كما في الحديث المتقدم برقم [803] ، وقد حكم البيهقي في الموضع الآتي من "سننه" على هذه الرواية بالإرسال، لكن صحّ عن ابن مسعود أنه قرأها: {متتابعات} كما في الحديث [804] . والحديث أخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 60) في الأيمان، باب التتابع في صوم الكفارة، من طريق المصنِّف، به مثله سواء، إلا أنه قال: ((عن عطاء أو طاوس)) هكذا على الشك، ثم قال البيهقي: ((رواية ابن أبي نجيح في كتابي عن عطاء، وهو في سائر الروايات عن طاوس)) . وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 514 رقم 16104) عن سفيان بن عيينة، عن ابن نجيح، قال: جاء رجل إلى طاوس، فسأله عن صيام ثلاثة أيام في كفارة اليمين، قال: صُم كيف شئت. فقال له مجاهد: يا أبا عبد الرحمن، فإنها في قراءة ابن مسعود: {متتابعات} ، قال: فأخْبِر الرجل. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 560 رقم 12499) من طريق سيف بن سليمان المخزومي، عن مجاهد قال: في قراءة عبد الله: {فصيام ثلاثة أيام متتابعات} .

807- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانة (1) ، عَنْ هِلاَل بْنِ أَبِي حُمَيد (2) ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى (3) ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْمَغْرِبِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَتَحْمِلَنِّي، فَنَظَرَ عُمَرُ إِلَى أَدْنَاهُمْ إِلَيْهِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنْ كَانَ بِكَ مَا إِنْ تُنَبِّئَني حَاجَتَكَ دُونَ أَنْ تُقْسِمَ عليَّ، وَأَنَا أَحْلِفُ بِاللَّهِ لَا أَحْمِلُكَ، فَأَظُنُّهُ قَدْ رَدَّدَهَا ثَلَاثِينَ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ثَلَاثِينَ مَرَّةً، فَقَالَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: عَتِيك بْنُ بِلَالٍ الْأَنْصَارِيُّ (4) : أَيَّ شَيْءٍ تُرِيدُ؟ أَلَا تَرَى أمير المؤمنين قد

_ (1) هو وَضَّاح بن عبد الله. (2) هو هلال بن أبي حُميد - أو: ابن حُميد، أو: ابن مِقْلاص، أو: ابن عبد الله -، الجُهني، مولاهم، أو الجهم، ويقال غير ذلك في اسم أبيه وفي كنيته، الصَّيْرفي، الوزّان، الكوفي، يروي عن عبد الله بن عكيم وعروة بن الزبير وعبد الرحمن بن أبي ليلى وغيرهم، روى عنه شعبة ومسعر وإسرائيل وشريك وابن عيينة وأبو عوانة وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة السادسة، روى له الجماعة عدا ابن ماجه كما في "التقريب" (ص575 رقم 7333) ، ووثقه ابن معين والنسائي وابن شاهين، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال أبو داود: ((لا بأس به)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 75 رقم 293) ، و"تاريخ أسماء الثقات" لابن شاهين (ص253 رقم 1543) ، و"التهذيب" (11 / 77 رقم 122) . (3) عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى تقدم في الحديث [74] أنه ثقة، لكنه هنا يروي عن عمر بن الخطاب، والجمهور لا يثبتون له سماعًا منه. قال ابن المديني: ((كان شعبة ينكر أن يكون سمع من عمر)) ، وقال يعقوب بن شيبة: ((قال ابن معين: لم يسمع من عمر، ولا من عثمان، وسمع من علي)) ، وقال الدوري عن ابن معين: ((لم ير عمر)) ، قال: فقلت له: فالحديث الذي يروي: كنا مع عمر نتراءى الهلال؟ فقال: ليس بشيء)) ، وقال ابن أبي حاتم: =

= حَلَفَ أَيْمَانًا لَا أُحْصِيهَا أَنْ لَا يَحْمِلَكَ؟ وَاللَّهِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا الشَّرَّ، فَقَالَ الرَّجُلُ: وَاللَّهِ إِنَّهُ لَمَالُ اللَّهِ، وَاللَّهِ إِنِّي لَمِنْ عِيَالِ اللَّهِ، وَاللَّهِ إِنَّكَ لَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَقَدْ (أدَّت) (5) بِي رَاحِلَتِي، وَاللَّهِ إِنِّي لَابْنُ السَّبِيلِ أقْطِعَ بِي، وَاللَّهِ لَتَحْمِلَنِّي، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: كَيْفَ قُلْتَ؟ فَأَعَادَهَا عَلَيْهِ، فَقَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ إِنَّ الْمَالَ لَمَالُ اللَّهِ، وَإِنَّكَ لَمِنْ عِيَالِ اللَّهِ، وَإِنِّي لَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِنْ كَانَتْ رَاحِلَتُكَ (أدَّت) (6) بِكَ لَا أَتْرُكُكَ لِلتَّهْلُكَةِ، وَاللَّهِ لأحْمِلنَّك، فَأَعَادَهَا حَتَّى حَلَفَ ثَلَاثِينَ يَمِينًا، أَوْ يَمِينَيْنِ (7) ، ثُمَّ قَالَ: لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ أَبَدًا، فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إِلَّا اتَّبَعْتُ خير اليمينين.

_ = ((قلت لأبي: يصحّ لابن أبي ليلى سماع من عمر؟ قال: لا. قال أبو حاتم: رُوي عن عبد الرحمن أنه رأى عمر، وبعض أهل العلم يدخل بينه وبين عمر البراء بن عازب، وبعضهم كعب بن عجرة)) ، وقال أبو داود: ((رأى عمر، ولا أدري يصح أم لا؟)) ، وقال أبن أبي خيثمة في "تاريخه": ((وقد روى سماعه من عمر من طرق، وليس بصحيح)) ، وقال الخليلي في "الإرشاد": ((الحفاظ لا يثبتون سماعه من عمر)) . اهـ. من "التهذيب" (6 / 261 - 262) . (4) لم أجد من ترجم له سوى الحافظ ابن حجر في "الإصابة" اعتمادًا منه على رواية سعيد بن منصور هذه؛ حيث قال (4 / 445) : ((عَتِيك بن بلال الأنصاري، ولم أر من ذكره في الصحابة، لكن وجدت له قصّة تدل على أن له صحبة، أو رؤية، قال سعيد بن منصور ... )) ، ثم ذكر القصة باختصار، ثم قال: ((فالذي يتهيّأ له أن يتكلم في مجلس عمر، ثم يكون من الأنصار، ألا أقلّ أن يكون بلغ الحلم، فإن لم يكن كذلك، فله على أقلِّ الأحوال رؤية، لتوفُّر دواعي الأنصار على إحضارهم أولادهم حين يولدون إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، فيحنِّكهم ويدعو لهم)) . اهـ. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ (5) في الأصل: ((أديت)) ، والتصويب من الموضع الآتي من "سنن البيهقي". وأما معناه، ففي "لسان العرب" (3 / 71) : ((وأَدَّت الناقة والإِبل تَؤُدُّ أدًّا: رجَّعت الحنين في أجوافها، وأَدُّ الناقة: حنينها ومَدُّها لصوتها)) . اهـ. فالذي يظهر أن المعنى هنا: أن ناقته تَحِنُّ وترجِّع الحنين من وَجَعٍ بها، والله أعلم. (6) ما بين القوسين ليس في الأصل، وهي زيادة يقتضيها السياق. (7) كذا في الأصل!! [806] سنده ضعيف للانقطاع بين أبي ليلى وعمر - رضي الله عنه -، وسيأتي أن ابن المديني استغربه. والحديث نقله الحافظ ابن حجر في "الإصابة" (4 / 445) عن المصنِّف، فقال: قال سعيد بن منصور: حدثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي حُمَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن أبي ليلى قال: جاء رجل من أهل المغرب إلى عمر، فقال: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَتَحْمِلَنِّي، فَنَظَرَ إليه، ثم قال: وأنا أقسم لا أحملك، فأعاد، وأعاد ثلاثين مرة، فقال لَهُ عَتِيكُ بْنُ بِلَالٍ الْأَنْصَارِيُّ: وَاللَّهِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا الشَّرَّ؛ ألا ترى أن أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ حَلَفَ أَيْمَانًا لا أحصيها ... ، فذكر القصة. اهـ. قال ابن حجر: ((ورجال الإسناد المذكور موثّقون، وعبد الرحمن مختلف في سماعه من عمر، وقد جاء في عدة أخبار أنه سمع منه)) . وأخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 56) في الأيمان، باب من حلف في الشيء لا يفعله مرارًا، من طريق علي بن المديني، ثنا هشام أبو الوليد، ثنا شعبة، أخبرني هلال الوزّان، قال: سمعت ابن أبي ليلى قال: جاء رجل إلى عمر - رضي الله عنه -، فقال: يا أمير المؤمنين، احملني، فقال: والله لا أحملك، فقال: والله لتحملنّي، قال: والله لا أحملك، قال: والله لتحملنّي؛ إني ابن سبيل قد أدَّتْ بي راحلتي، فقال: والله لا أحملك، حتى حلف نحوًا من عشرين يمينًا، قال: فقال له رجل من الأنصار: مالك ولأمير المؤمنين؟ قال: والله ليحملنّي؛ إني =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الخَمْرُ وَالمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ العَدَاوَةَ وَالبَغْضَاءَ فِي الخَمْرِ وَالمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} إِلَى قَوْلِهِ: {وَاللهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ} ] 808- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَزْم بْنُ أَبِي حَزْم القُطَعي قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: إِنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ، وَكَانَ عَامَّة عَيْشِهِمْ مِنْهَا، فَلَمَّا نَزَلَ تَحْرِيمُهَا، قَالَ (1) نَاسٌ: حُرِّمت عَلَيْنَا الْخَمْرُ، وَقَدْ كَانَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ يَشْرَبُونَهَا، وَهُمْ أصحاب الجنة، فماتوا،

_ = ابن سبيل قد أدَّتْ بي راحلتي. قال: فقال عمر: والله لأحملنَّك، ثم والله لأحملنك، قال: فحمله، ثم قال: من حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها، فليأت الذي هو خير، وليكفر عن يمينه. قال علي بن المديني: ((هذا حديث غريب، الكفارة واحدة)) . قال البيهقي: ((ليس ذلك ببيَّن في الحديث، ويُذكر عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أنه أقسم مرارًا، فكفر كفارة واحدة)) ثم حكم البيهقي على حديث ابن أبي ليلى هذا عن عمر بالإرسال، ويعني به الانقطاع كما سبق بيانه، والله أعلم. (1) قوله: ((قال)) ، كان الناسخ قد كتبها هكذا: ((حرمت)) ، ثم عاد فأصلحها، لكن بقيت الحاء والراء: ((حر)) لم يتعرّض لها. [808] سنده ضعيف لأن الحسن البصري أرسله، والإسناد صحيح إلى الحسن، وقد صح الحديث من طرق أخرى كما سيأتي. فقد أخرجه النسائي في "تفسيره" (1 / 447 - 448 رقم 171) . =

= فَقَدْ كَانُوا يَشْرَبُونَهَا، إِنَّمَا أُنْزِلَ تَحْرِيمُهَا، وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عمل الشيطان فاجتنبوه} إِلَى قَوْلِهِ: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} ، فَقَالَ الْقَوْمُ: فَقَدِ انْتَهَيْنَا يَا رَبَّنَا، فَقَالَ: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمنوا وعملوا الصالحات جناح فِيمَا طَعِمُوا} ، الْقَوْمُ الَّذِينَ كَانُوا يَشْرَبُونَهَا، ثُمَّ مَاتُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يَنْزِلَ تَحْرِيمُهَا، {إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا والله يحب المحسنين} .

_ = وابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 571 رقم 12522) . والطبراني في "المعجم الكبير" (12 / 56 - 57 رقم 12459) . والحاكم في "المستدرك" (4 / 141 - 142) . والبيهقي في "سننه" (8 / 285 - 286) في الأشربة، باب ما جاء في تحريم الخمر. أما الحاكم فمن طريق حجاج بن محمد المصيِّصي، وأما الباقون فمن طريق حجاج بن منهال، كلاهما عن ربيعة بن كلثوم بن جَبْر، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نزل تحريم الخمر في قبيلتين من قبائل الأنصار؛ شربوا حتى إذا نَهِلُوا، عَبَث بعضهم ببعض، فلمّا صَحَوْا، جعل الرجل يرى الأثر بوجهه وبرأسه وبلحيته، فيقول: قد فعل بي هذا أخي - وكانوا إخوة ليس في قلوبهم ضغائن -، والله لو كان بي رؤوفًا رحيمًا ما فعل بي هذا، فوقعت في قلوبهم الضغائن، فأنزل الله عز وجل: {إنما الخمر والميسر} إِلَى قَوْلِهِ: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} ، فقال ناس: هي رجس، وهي في بطن فلان قتل يوم بدر، وفلان قتل يوم أحد، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَيْسَ على الذين آمنوا جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعلموا الصالحات} . وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 158 - 159) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وأبي الشيخ وابن مردويه. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وقد سكت الحاكم عن هذا الحديث، فتعقبه الذهبي بقوله: ((قلت: على شرط مسلم)) . وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7 / 18) وقال: ((رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح)) . أقول: وإسناد النسائي صحيح. سعيد بن جبير تقدم في الحديث [41] أنه ثقة ثبت فقيه. وكُلْثُوم بن جَبْر - بجيم وموحَّدة ساكنة -، أبو محمد، ويقال: أبو جبر، البصري، يروي عن عبد الله بن الزبير وأبي الغادية الجُهني وأنس بن مالك وسعيد بن جبير ومسلم بن يسار وغيرهم، روى عنه ابنه ربيعة وعبد الله بن عون وجرير بن حازم والحمَّادان وغيرهم، وهو ثقة، روى له مسلم، ووثقه الإمام أحمد وابن معين والعجلي، وذكره ابن حبان وابن شاهين في ثقاتيهما، وخالفهم النسائي، فقال: ((ليس بالقوي)) ، وكانت وفاته سنة ثلاثين ومائة للهجرة. انظر "الجرح والتعديل" (7 / 164 رقم 926) ، و"تاريخ أسماء الثقات" (ص195 رقم 1184) ، و"التهذيب" (8 / 442 رقم 798) ، و (3 / 263 رقم 497) . وجرح النسائي لكلثوم معارض بتوثيق الأئمة المتقدم ذكرهم، والنسائي من المتشددين في الجرح، فالمُعَوَّل عليه توثيق من وثقه، والله أعلم. وربيعة بن كلثوم بن جَبْر البصري، يروي عن أبيه وبكر بن بعد الله المزني والحسن البصري وغيرهم، روى عنه يحيى بن سعيد القطّان وعبد الصمد بن عبد الوارث وعفّان بن مسلم وحجّاج بن منهال وغيرهم، وهو ثقة روى له مسلم كما في "الكاشف" للذهبي (1 / 307 رقم 1569) ، فقد وثقه ابن معين والعجلي، وذكره ابن حبان وابن شاهين في ثقاتيهما، وقال الإمام أحمد: ((صالح)) ، واضطربت عبارة النسائي فيه، فقال مرة: ((ليس به بأس)) ، وقال مرة: ((ليس بالقوي)) . انظر "تاريخ الثقات" للعجلي (ص159 رقم 436) ، و"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (3 / 477 - 478 رقم 2145) ، و"تاريخ أسماء الثقات" =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = لابن شاهين (ص86 رقم 360) ، و"التهذيب" لابن حجر (3 / 263 رقم 497) . وحجّاج بن المِنْهال الأنْماطي، أبو محمد السُّلمي، مولاهم، البصري، يروي عن جرير بن حازم والحمَّادين وشعبة وغيرهم، روى عنه البخاري ومحمد بن بشّار بُنْدار ويعقوب بن شيبة ويعقوب بن سفيان ومحمد بن عبد الرحيم صاعقة وغيرهم، وهو ثقة فاضل، روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص153 رقم 1137) ؛ قال الإمام أحمد: ((ثقة، ما رأى به بأسًا)) ، وقال أبو حاتم: ((ثقة فاضل)) ، وقال العجلي: ((رجل صالح)) ، وقال ابن سعد: ((كان ثقة كثير الحديث)) ، وقال النسائي: ((ثقة)) ، وقال الفلاس: ((ما رأيت مثله فضلاً ودينًا)) ، وقال ابن قانع: ((ثقة مأمون)) ، وكانت وفاته سنة ست عشرة أو سبع عشرة ومائتين للهجرة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 167 رقم 711) ، و"التهذيب" (2 / 206 - 207 رقم 383) . والراوي للحديث عن حجاج بن منهال عند النسائي هو شيخه محمد بن عبد الرحيم بن أبي زُهير البغدادي، أبو يحيى البزّاز، المعروف بـ: صاعقة، يروي عن أبي أحمد الزُّبَيْري ويزيد بن هارون ومُعَلَّى بن منصور وغيرهم، روى عنه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وعبد الله بن أحمد ويحيى بن صاعد وغيرهم، وهو ثقة حافظ كما في "التقريب" (ص493 رقم 6091) ؛ قال أبو حاتم: ((صدوق)) ، ووثقه عبد الله بن أحمد والنسائي والسَّرَّاج والقرَّاب ومسلمة، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: ((كان صاحب حديث يحفظ)) ، وقال الدارقطني: ((حافظ ثبت)) ، وقال الخطيب البغدادي: ((كان متقنًا ضابطًا عالمًا حافظًا)) ، وكانت وفاته سنة خمس وخمسين ومائتين للهجرة وله سبعون سنة)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (8 / 9 رقم 33) ، و"التهذيب" (9 / 311 - 312 رقم 513) . وأخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده" (ص97 - 98 رقم 715) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = والترمذي في "جامعه" (8 / 419 رقم 5045) في تفسير سورة المائدة من كتاب التفسير. وابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 579 رقم 12529) . ثلاثتهم من طريق شعبة، عن أبي إسحاق السبيعي، قال: قال البراء: مات ناس مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - وهم يشربون الخمر، فلما نزل تحريمها، قال أناس مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: فكيف بأصحابنا الذين ماتوا وهم يشربونها؟ فنزلت هذه الآية: {ليس على الذين آمنوا وعلموا الصالحات} الآية. وهذا إسناد صحيح، فأبو إسحاق السبيعي تقدم في الحديث [1] أنه ثقة، إلا أنه مدلِّس واختلط في آخر عمره، إلا أن رواية شعبة عنه صحيحة، وهذه منها. وشعبة تقدم في الحديث [1] أنه أمير المؤمنين في الحديث، ثقة حافظ متقن. وقد رواه الطيالسي عن شعبة بلا واسطة. قال الترمذي: ((هذا حديث حسن صحيح)) . ورواه الترمذي برقم (5044) . وابن جرير الطبري برقم (12528) . كلاهما من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق، به. وأخرجه البخاري في مواضع من "صحيحه"، منها (5 / 112 رقم 2464) في المظالم، باب صبِّ الخمر في الطريق، و (8 / 278 رقم 4620) في تفسير سورة المائدة من كتاب التفسير، باب: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصالحات جناح فيما طعموا ... } إِلَى قَوْلِهِ: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} . ومسلم في "صحيحه" (3 / 1570 - 1572 رقم 3 و 4 و 5 و 6 و 7) في الأشربة، باب تحريم الخمر. كلاهما من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه -، قال: كنت ساقي القوم في منزل أبي طلحة، فنزل تحريم الخمر، فأمر مناديًا فنادى، فقال أبو طلحة: اخرج فانظر ما هذا الصوت، قال: فخرجت فقلت: هذا منادٍ ينادي: ألا إن الخمر =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = قد حرِّمت، فقال لي: اذهب فأهرقها، قال: فجرت في سكك المدينة، قال: وكانت خمرهم يومئذ الفَضِيخ، فقال بعض القوم: قتل القوم وهي في بطونهم، قال: فأنزل الله: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصالحات جناح فيما طعموا} . وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 53) . وأبو داود في "سننه" (4 / 79 - 80 رقم 3670) في الأشربة، باب في تحريم الخمر. والنسائي في "سننه" (8 / 286 - 287) في الأشربة، باب تحريم الخمر. والترمذي في "جامعه" (8 / 415 - 417 رقم 5042 و 5043) في تفسيره سورة المائدة من كتاب التفسير. وابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 566 - 568 رقم 12512 و 12513 و 12514 و 12515 و 12516) . جميعهم من طريق إسرائيل، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي ميسرة، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ الله عنه - قال: لما نزل تحريم الخمر، قال: اللهم بيّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا، فنزلت هذه الآية التي في سورة البقرة: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فيهما إثم كبير} ، قال: فدُعي عمر رضي الله عنه، فقرئت عليه، فقال: اللهم بيّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا، فنزلت الآية التي في سورة النساء: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى} ، فكان منادي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - إذا أقام الصلاة نادى: أن لا يقربنّ الصلاة سكران، فدُعي عمر - رضي الله عنه -، فقرئت عليه، فقال: اللهم بيّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا، فنزلت الآية التي في المائدة، فدُعي عمر - رضي الله عنه -، فقرئت عليه، فلما بلغ: {فهل أنتم منتهون} ، قال عمر - رضي الله عنه -: انتهينا، انتهينا. قال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (2 / 92) : ((صحح هذا الحديث علي بن المديني =

809- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو (1) ، سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: اصْطَبَحَ (2) نَاسٌ مِنَ الْخَمْرِ يَوْمَ أُحُدٍ، ثُمَّ قُتِلوا.

_ = والترمذي)) ، وكذا قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (8 / 279) . أقول: والترمذي في الموضع السابق أخرجه من طريق محمد بن يوسف الفريابي، عن إسرائيل، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي ميسرة عمرو بن شُرَحْبيل، عن عمر موصولاً، ثم قال: ((وقد روي عن إسرائيل مرسلاً)) ، ثم أخرجه من طريق وكيع، عن إسرائيل، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي ميسرة، أن عمر ... ، به هكذا مرسلاً، ثم قال الترمذي: ((وهذا أصح من حديث محمد بن يوسف)) ، فتعقّبه المباركفوري في "تحفة الأحوذي" بأن محمد بن يوسف لم ينفرد بلفظ: ((عن عمر)) ، بل قد تابعه على هذا اللفظ إسماعيل بن جعفر عند أبي داود وخلف بن الوليد عند أحمد. اهـ. وعليه فالحديث صحيح لغيره بمجموع طرقه، والله أعلم. (1) هو ابن دينار. (2) أي شَرِبوا الصَّبُوحَ، وهو ما شرب بالغَدَاة فما دون القائلة. "لسان العرب" (2 / 503) . [809] سنده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجه البخاري كما سيأتي. والحديث عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 172) للمصنِّف وابن المنذر. وقد أخرجه البخاري في "صحيحه" (6 / 31 رقم 2815) في الجهاد، باب فضل قول الله تَعَالَى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا في سبيل الله أمواتًا ... } إلى قوله: {وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين} و (7 / 353 رقم 4044) في المغازي، باب غزوة أحد، و (8 / 277 رقم 4618) في تفسير سورة المائدة من كتاب التفسير، باب: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رجس من عمل الشيطان} . =

810- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (1) ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنِ أَبِي عَرُوبَةٍ (2) ، عَنْ قَتَادة - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أكبر من نفعهما} (3) -، قَالَ: ذَمَّها اللَّهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَلَمْ يحرِّمها، وَهِيَ يَوْمَئِذٍ حَلَالٌ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ آيَةً فِي شَأْنِ الْخَمْرِ هِيَ أَشَدُّ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ، فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} (4) ، فَكَانَ السُّكْرُ فِيهَا (حَرَامًا) (5) ، ثُمَّ =

_ = أما الموضع الأول فمن طريق علي بن عبد الله المديني، وأما الثاني فمن طريق عبد الله بن محمد، وأما الثالث فمن طريق صدقة بن الفضل، ثلاثتهم عن سفيان ابن عيينة، به نحوه، إلا أنه قال: ((ثم قتلوا شهداء)) . زاد ابن المديني في روايته: ((فقيل لسفيان: من آخر ذلك اليوم؟ قال: ليس هذا فيه)) ، كذا قال! مع أن صدقة بن الفضل قال في روايته: ((صبّح أناس غداة أحد الخمر، فقُتلوا من يومهم جميعًا شهداء، وذلك قبل تحريمها)) . ولما ذكر الحافظ ابن حجر في "الفتح" (6 / 31 - 32) نقل ابن المديني السابق عن سفيان، قال: ((أي أن في الحديث: فتقلوا شهداء من آخر ذلك اليوم، فأنكر ذلك سفيان، وقد أخرجه الإسماعيلي من طريق القواريري، عن سفيان بهذه الزيادة، ولكن بلفظ: اصطبح قوم الخمر أول النهار، وقتلوا آخر النهار شهداء، فلعل سفيان كان نسيه، ثم تذكّر)) . اهـ. والله أعلم. (1) هو ابن عُلَيّة. (2) تقدم في الحديث [87] أنه ثقة حافظ له تصانيف، من أثبت الناس في قتادة، إلا أنه اختلط، لكن إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة ممن روى عنه قبل الاختلاط، وهو الذي روى عنه هذا الحديث. (3) الآية (219) من سورة البقرة. =

= أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى الْآيَةَ الَّتِي فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشيطان فاجتنبوه ... } إلى قوله عز وجل: {هل أنتم منتهون} . قَالَ قَتَادَةُ: فَجَاءَ تَحْرِيمُهَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ، قَلِيلُهَا وَكَثِيرُهَا، مَا أسْكَرَ مِنْهَا وَمَا لَمْ يُسْكر. 811- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (6) ، قَالَ: نا سَعِيدُ (7) ، عَنْ قَتَادة قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ هذه [ل132/ب] الْآيَةَ لَمَّا نَزَلَتْ: {إِنَّمَا الْخَمْرُ والميسر} ، قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ حَرَّمَ الْخَمْرَ، فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْهَا شَيْءٌ فَلَا يَطْعَمْهُ، (وَلَا يَبِعْهُ)) ) (8) ، فَأَهْرَاقُوها، حَتَّى جَعَلَ الْمُسْلِمُونَ يَجِدُونَ رِيحَهَا فِي طَرِيقِ الْمَدِينَةِ.

_ (4) الآية (43) من سورة النساء. (5) في الأصل: ((حرام)) . [810] سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مرسِلِه قتادة، وقد صحّ معناه من حديث عمر بن الخطاب، وسبق تخريجه في الحديث رقم [808] . وأما حديث قتادة هذا فذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 160) ، وعزاه لعبد بن حميد فقط. (6) أي: ابن عُليَّةَ. (7) هو ابن أبي عَرُوبة، انظر الحديث السابق. (8) في الأصل: ((ولا يبيعه)) . [811] سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مرسِلِه قتادة، وله شاهد صحيح أخرجه مسلم وغيره كما سيأتي. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 161) وعزاه لعبد بن حميد فقط. =

812- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: نَا أَبُو حَيَّان التَّيْمي (1) ، قَالَ: نا شَدَّاد أَبُو الفُرَات (2) ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو دَاوُدَ (3) - شَيْخٌ، أوْ قَالَ: رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ المَدَائِن -، قَالَ: كُنْتُ تَحْتَ مِنْبَرِ حُذَيْفَةَ وَهُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ بالمَدَائِن، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، مَا بَالُ أَقْوَامٍ بَلَغَنِي أَنَّهُمْ يَبِيعُونَ الْخَمْرَ، ويَقْتَنُونَ الْخِنْزِيرَ؟ أَلَا إِنَّ بَائِعَ الْخَمْرِ وَشَارِبَهَا فِي الْإِثْمِ سَوَاءٌ، وَإِنَّ مُقْتَنِي الْخِنْزِيرِ وآكِلَه فِي الْإِثْمِ سَوَاءٌ، أَلَا أَيُّهَا النَّاسُ تَعَاهَدُوا أرقَكم، فَانْظُرُوا مَا يَأْتُونَكُمْ بِهِ مِنْ كَسْبِهِمْ، فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ لحم نَبَتَ (من) (4) سُحْت.

_ = وله شاهد من حديث أبي سعيد الخدري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - يخطب بالمدينة قال: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللَّهَ تعالى يُعَرِّض بالخمر، ولعلّ الله سينزل فيها أمرًا، فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْهَا شَيْءٌ فليبعه ولينتفع به)) ، قال: فلما لبثنا إلا يسيرًا حتى قال النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ((إن الله تعالى حرَّم الخمر، فمن أدركته هذه الآية وعنده منها شيء فلا يشربُ ولا يَبعْ)) ، قال: فاستقبل الناس بما كان عندهم منها في طريق المدينة، فسفكوها. أخرجه مسلم في "صحيحه" (3 / 1205 رقم 67) في المساقاة، باب تحريم بيع الخمر. وأبو يعلى في "مسنده" (2 / 320 رقم 1056) . والبيهقي في "سننه" (6 / 11) في البيوع، باب تحريم التجارة في الخمر. وزاد السيوطي نسبته في "الدر المنثور" (3 / 162) لابن مردويه. وعليه فالحديث بهذا الشاهد صحيح لغيره، والله أعلم. (1) هو يحيى بن سعيد بن حَيَّان. (2) هو شدّاد بن أبي العالية الثوري، مولاهم، أبو الفُرَات الكوفي، روى عن أبي داود مالك الأحمري، روى عنه أبو حيَّان التيمي وسفيان الثوري وفضيل بن غزوان. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وهو مجهول الحال، سكت عنه البخاري في "تاريخه" (4 / 227 رقم 2605) ، وبيّض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (4 / 330 رقم 1445) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (6 / 441) . (3) هو مالك أبو داود الأحمري، من أهل المدائن، روى عن حذيفة بن اليمان، لم يرو عنه سوى شدّاد بن أبي العالية، وهو مجهول كما قال أبو حاتم، ونقله عنه ابنه في "الجرح والتعديل" (8 / 218 رقم 976) ، وذكره البخاري في "تاريخه" (7 / 308 رقم 1312) وسكت عنه، وذكره ابن حبان في "الثقات" (5 / 386) ، وانظر "المقتنى" للذهبي (1 / 223 رقم 2050) . (4) ما بين القوسين سقط من الأصل. [812] سنده ضعيف لجهالة أبي داود وجهالة حال شدّاد، ومعناه صحيح بشواهده الآتي ذكرها. والحديث ذكره الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (4 / 458) من رواية المصنِّف، فقال: ((وأورده سعيد بن منصور في "السنن" مطولاً من طريق شداد بن الفرات، قال: حدثنا أبو داود - شيخ أَهْلِ الْمَدَائِنِ - قَالَ: كُنْتُ تَحْتَ منبر حذيفة وهو يخطب)) . اهـ. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (6 / 446 رقم 1662) من طريق شيخه علي بن مسهر، عن أبي حيان، به نحوه، إلا أنه لم يذكر قوله: ((ألا أيها الناس تعاهدوا أرقّاكم ... )) الخ. وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" (7 / 308) من طريق سفيان الثوري، قال: نا شدّاد بن أبي العالية، نا أبو داود الأحمري، قال: خطبنا حذيفة حين قدم المدائن، فقال: تعاهدوا ضرائب أرقّائكم. وأشار البخاري إلى أن جرير بن عبد الحميد رواه أيضًا عن أبي حيان. وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" (1 / 281) من طريق فضيل بن غزوان، عن أبي الفرات، به نحوه، لكن لم يذكر من قوله: ((كنت تحت منبر حذيفة)) إلى قوله: ((ويقتنون الخنزير)) . ورواه أيوب بن سويد عن سفيان الثوري، وأخطأ فيه. قال ابن أبي حاتم في "العلل" (2 / 144 رقم 1929) : سألت أبي عن حديث حدثنا به عن الحسن بن الربيع، عن أيوب بن سويد، عن سفيان الثوري، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عن ربعي بن خراش، عن حذيفة قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - يقول: ((كل لحم أنبته السحت فالنار أولى به)) ، فسمعت أبي يقول: هذا خطأ؛ فيه أيوب بن سويد؛ روى هذا الحديث الثوري، عن أبي حيّان، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = عن شداد أبي العالية، عن أبي داود الأحمري، عن حذيفة، موقوف. اهـ. ولبعضه شاهد من حديث جابر - رضي الله عنه - أنه سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - يقول وهو بمكة عام الفتح: ((إن الله ورسوله حرّم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام)) ، فقيل: يا رسول الله، أرأيت شحوم الميتة، فإنه يطلى بها السفن، ويدهن بها الجلود، ويَسْتَصبِحُ بها الناس؟ فقال: ((لا، هو حرام)) ، ثم قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - عند ذلك: ((قاتل الله اليهود، إن الله لما حرم شحومها جملوه، ثم باعوه فأكلوا ثمنه)) . أخرجه البخاري في "صحيحه" (4 / 424 رقم 2236) في البيوع، باب بيع الميتة والأصنام. ومسلم في "صحيحه" (3 / 1207 رقم 71) في المساقاة، باب تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام. وأما قوله: ((إنه لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ لَحْمٌ نَبَتَ من سحت)) ، فله شاهد من حديث جابر بن كعب بن عجرة وأبي بكر الصديق رضي الله عنهم. أما حديث جابر، فأخرجه عبد الرزاق في "جامع معمر" الملحق بالمصنف (11 / 345 - 346 رقم 20719) ، فقال: أخبرنا معمر، عن ابن خُثَيْم، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سابط، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أنَّ النَّبِيَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - قال لكعب بن عجرة ... ، فذكر حديثًا طويلاً، وفي آخره يقول: ((يا كعب بن عجرة، إنه لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ لَحْمٌ نَبَتَ من سحت أبدًا، النار أوْلَى به، يا كعب بن عجرة، الناس غاديان، فمبتاع نفسه فمعتقها، أو بائعها فموبقها)) . وإسناده حسن لذاته. فمعمر بن راشد تقدم في الحديث [4] أنه ثقة ثبت فاضل. وعبد اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْم تقدم في الحديث [396] أنه صدوق. وعبد الرحمن بن سابط هو: عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بن سابط الجُمَحي، المكِّي، يروي عن أبيه وله صحبة، وعن جابر وأبي أمامة وابن عباس وعائشة وغيرهم، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وعنه عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خثيم وابن جريج وليث بن أبي سليم وفطر بن خليفة وغيرهم، وهو ثقة كثير الإرسال، روى له الجماعة إلا البخاري، ووثقه ابن معين والعجلي وأبو زرعة والنسائي وآخرون، وقال ابن سعد: ((كان ثقة كثير الحديث)) ، وقال الزبير بن بكار: ((كان فقيهًا)) ، قال ابن حجر: ((ويقال: لا يصح له سماع من صحابي)) ، ثم نقل عن ابن معين أنه سئل: هل سمع من سعد؟ فقال: لا، قيل: من أبي أمامة؟ قال: لا، قيل: من جابر؟ قال: لا، ثم قال ابن حجر: ((قلت: وقد أدرك هذين - يعني جابرًا وأبا أمامة-، وله رواية عن ابن عباس وعائشة وعن بعض التابعين)) ، وقد جزم ابن أبي حاتم بأن روايته عن جابر متصلة، وكانت وفاته سنة ثمان عشرة ومائة. اهـ. من "تاريخ الثقات" للعجلي (ص292 رقم 954) ، و"الجرح والتعديل" (5 / 240 رقم 1137) ، و"الإصابة" (5 / 228 - 231 رقم 6691) ، و"التهذيب" (6 / 180 - 181 رقم 361) ، و"التقريب" (ص340 رقم 3867) . والحديث أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (3 / 321) . والحاكم في "المستدرك" (4 / 422) . كلاهما من طريق عبد الرزاق، به. قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي. وأخرجه الإمام أحمد أيضًا (3 / 399) . والبزار في "مسنده" (2 / 241 رقم 1609 / كشف) . كلاهما من طريق وهيب، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بن خثيم، به نحو سابقه. وأخرجه الدارمي في "سننه" (2 / 225 - 226 رقم 2779) . وابن حبان في "صحيحه" (5 / 9 رقم 1723 / الإحسان) . كلاهما من طريق حماد بن سلمة، عن ابن خثيم، به، ولفظ ابن حبان نحو سابقه، ولفظ الدارمي هكذا: ((يا كعب بن عجرة، إنه لن يَدْخُلُ الْجَنَّةَ لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سحت)) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 56 - 57 رقم 5761 / بتحقيق زغلول) من طريق علي بن عاصم، عن ابن خثيم، به بلفظ: ((يا كعب بن عجرة، إنه لا يدخل الجنة من نبت لحمه من سحت، النار أولى به ... )) ، وفيه زيادة. وذكره المنذري في "الترغيب والترهيب" (3 / 150) وقال: ((رواه أحمد ... والبزار، ورواتهما محتجّ بهما في الصحيح)) . وأما حديث كعب بن عجرة، فأخرجه الترمذي في "جامعه" (3 / 236 - 237 رقم 609 و 610) في الصلاة، باب ما ذكر في فضل الصلاة. والطبراني في "المعجم الكبير" (19 / 501 - 106 رقم 212) . كلاهما من طريق عبيد الله بن موسى، عن أبي بشر غالب بن يحيى، عن أيوب بن عائذ الطائي، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -: ((أعيذك يا كعب بن عجرة من أمراء يكونون من بعدي ... )) الحديث بطوله، وفيه: ((يا كعب بن عجرة، إنه لا يربوا لحم نبت من سحت، إلا كانت النار أولى به)) ، زاد الطبراني: ((يا كعب، إنه لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ لَحْمٌ نَبَتَ من سحت)) . قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وسألت محمدًا - يعني البخاري - عن هذا الحديث، فلم يعرفه إلا من حديث عبيد الله بن موسى واستغربه جدًّا)) . كذا جاء كلام الترمذي في النسخة التي بحاشيتها "تحفة الأحوذي". وفي النسخة التي بتحقيق الشيخ شاكر - رحمه الله - (2 / 513 - 514) زاد قول الترمذي: ((وأيوب بن عائذ الطائي يُضَعَّف، ويقال: كان يرى رأي الإرجاء)) . وقد صحيح الشيخ أحمد شاكر في هذا الموضع طريق حديث جابر السابق، وحكم على الحديث بالصحة. وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (19 / 135 - 136 رقم 298) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وفي "الصغير" (1 / 224 - 225) . في كلا الموضعين من طريق أحمد بن حفص، حدثني أبي، قال: ثنا إبراهيم بن طهمان، عن عقيل - رجل من بني جعدة -، عن أبي إسحاق، عن عاصم العدوي، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((أعاذك الله من أمراء يكونون من بعدي ... )) الحديث بطوله، وفيه: ((لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ لَحْمٌ نَبَتَ من سحت، وكل لحم نبت من سحت فالنار أولى به)) . وسنده ضعيف جدًّا؛ فيه عَقِيل الجَعْدي الذي يروي إبراهيم بن طهمان عنه هذا الحديث، وهو يروي عن أبي إسحاق الهَمْداني والحسن البصري، روى عنه الصعق بن حزن وعكرمة بن عمار، وهو منكر الحديث، قال البخاري: ((منكر الحديث)) ، وقال أبو حاتم: ((هو منكر الحديث ذاهب، ويشبه أن يكون أعرابيًا؛ إذ روى عن الحسن البصري قال: دخلت على سلمان الفارسي، فلا يحتاج أن يسأل عنه)) ، وقال ابن حبان: ((منكر الحديث، يروي عن الثقات مالا يشبه حديث الأثبات، فبطل الاحتجاج بما روى وإن وافق فيه الثقات)) . اهـ. من "الضعفاء" للعقيلي (3 / 408 - 409) ، و"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (6 / 219 رقم 1214) ، و"المجروحين" لابن حبان (2 / 192) ، وانظر "لسان الميزان" (4 / 180 - 181 رقم 467) . وأخرجه الطبراني في "الكبير" أيضًا (19 / 141 رقم 309) من طريق طاهر بن حماد، عن سفيان، عن خالد، عن الشعبي، به نحو سابقه. وسنده ضعيف جدًّا أيضًا؛ فيه طاهر بن حمّاد بن عمر النَّصِيبي، يروي عن مالك وغيره، ذكره الذهبي في "ميزان الاعتدال" (2 / 334 رقم 3976) وقال: ((ليس بثقة ولا مأمون، فمن بلاياه ... )) ثم ذكر حديثًا اتهمه به، وذكره في "المغني في الضعفاء" (1 / 315 رقم 2933) وقال: ((واهٍ منكر الحديث، فمن بلاياه)) ثم ذكر الحديث، وذكره أيضًا في "ذيل ديوان الضعفاء" (ص39 رقم 189) فقال: ((طاهر بن حماد بن عمرو: حدثنا عبد الله العمري ... ، فذكر حديثًا =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = موضوعًا اتهمته به)) . وأخرجه الطبراني في "الكبير" (19 / 162 رقم 361) . والبيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 57 رقم 5762 / تحقيق زغلول) . كلاهما من طريق أمية بن بسطام، عن معتمر بن سليمان، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي جميلة، عن أبي بكر بن بشير، عن كعب بن عجرة، به نحو سابقه. وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي بكر بن بشير وعبد الملك بن أبي جميلة. أما أبو بكر بن بشير بن كعب بن عجرة، فيروي عن أبيه كعب، ولم يرو عنه سوى عبد الملك بن أبي جميلة، فهو مجهول، وقد سكت عنه البخاري في الكنى في "تاريخه" (ص13 رقم 88) ، وبيض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (9 / 342 رقم 1522) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (5 / 586) . وأما عبد الملك بن أبي جميلة، فهو يروي عن عبد الله بن موهب وأبي بكر بن بشير، ولم يرو عنه سوى معتمر بن سليمان، وعليه فهو مجهول كما في "التقريب" (ص362 رقم 4170) ، وهو من الطبقة السابعة، قال أبو حاتم: ((مجهول)) كما في "الجرح والتعديل" (5 / 345 رقم 1631) ، وذكره ابن حبان في "ثقات أتباع التابعين" (7 / 103) ، ثم ذكره في "ثقات تُبَّع الأتباع" (8 / 385) ، وانظر "التهذيب" (6 / 388 رقم 732) . وأما حديث أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فأخرجه أبو يعلى في "مسنده" (1 / 85 رقم 84) . وابن عدي في "الكامل" (5 / 1936) . وأبو نعيم في "الحلية" (1 / 31) . والبيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 56 رقم 5759 و 5760) . أما أبو يعلى فمن طريق أبي داود الطيالسي، وأما ابن عدي فمن طريق قُرَّة بن حبيب، وأما أبو نعيم فمن طريق عمرو بن منصور، وأما البيهقي فمن طريق عمرو بن منصور وقرة بن حبيب، ثلاثتهم عن عبد الواحد بن زيد، عن أسلم الكوفي، عن مُرَّة الطيب، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: سمعت أبا بكر أنَّ النَّبِيَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = قال: ((كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به)) . هذا لفظ أبي نعيم والبيهقي، ونحوه لفظ ابن عدي، وفي لفظ أبي نعيم قصة، وهي في أحد ألفاظ البيهقي. وأما أبو يعلى فلفظه: ((لا يدخل الجنة جسد غذي بالحرام) . ورواه أبو عبيدة الحدَّاد عن عبد الواحد بن زيد، عن فَرْقد السَّبَخي، عن مرة الطيب، عن زيد بن أرقم، عن أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، أنَّ النَّبِيَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - قال: ((لا يدخل الجنة جسد غذي بالحرام)) . أخرجه أبو يعلى في الموضع السابق برقم (83) . ومن طريقه ابن عدي في الموضع السابق. وأخرجه البيهقي في الموضع السابق مقرونًا برواية عمرو بن منصور، إلا أنه جاء عنده ((أسلم الكوفي)) بدل ((فرقد السبخي)) . وسند الحديث ضعيف جدًّا، فيه عبد الواحد بن زيد البصري الزاهد، شيخ الصوفية، يروي عن عبادة بن نَسِيّ والحسن البصري، روى عنه النضر بن شميل وأبو عبيدة الحدّاد وأبو داود الطيالسي وقُرَّة بن حبيب وغيرهم، وهو متروك، قال ابن معين: ((ليس بشيء)) ، وقال عمرو بن علي: ((كان عبد الواحد بن زيد قاصًّا، وكان متروك الحديث)) ، وقال البخاري: ((تركوه)) ، وقال الجوزجاني: ((سيء المذهب، ليس من معادن الصدق)) ، وقال أبو حاتم: ((ليس بالقوي، ضعيف بمرَّة)) ، وقال النسائي: ((متروك الحديث)) ، وفي رواية: ((ليس بثقة)) . اهـ. من "الضعفاء والمتروكين" للنسائي (ص69 رقم 370) ، و"الجرح والتعديل" (6 / 20 رقم 107) ، و"الكامل" لابن عدي (5 / 1935 - 1936) ، و"لسان الميزان" (4 / 80 - 81 رقم 137) . ومع شدة ضعف عبد الواحد، فإنه اختُلف عليه في الحديث كما سبق، فمنهم من رواه عنه، عن أسلم الكوفي، ومنهم من رواه عنه، عن فرقد السبخي. وعليه فالحديث صحيح لغيره بمجموع طرقه السابقة، عدا الطريق التي ضعفها =

813- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: نا سَعِيدُ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ (1) ، عَنْ قَتَادة (2) قَالَ: قَالَ سَعِيدُ بْنُ المُسَيّب: إِنَّمَا سُمِّيَت الْخَمْرُ؛ لِأَنَّهَا تُرِكَتْ حَتَّى صَفَا صَفْوُها، ورَسَبَ كَدَرُها. 814- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا مَنْصُورٌ (3) ، عَنِ الحَكَم (4) ، عَنْ خَيْثَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (5) ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ لَمْ يَزَلْ مُشْرِكًا يَوْمَهُ حَتَّى يُمْسِيَ، فَإِنْ سَكر مِنْهَا لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، فَإِنْ مات فيهن مات كافرًا.

_ = شديد، فلا تصلح للاستشهاد، والله أعلم. (1) انظر الحديث المتقدم برقم [810] . (2) تقدم في الحديث [14] أنه ثقة ثبت، إلا أنه مدلِّس، ولم يصرِّح بالسماع هنا، لكن رواية شعبة عنه محمولة على الاتصال وإن كانت بالعنعنة كما تقدم بيانه في الحديث [1] ، وقد روى شعبة عنه هذا الحديث كما سيأتي. [813] سنده صحيح. والحديث أخرجه النسائي في "السنن الكبرى" (3 / 245 رقم 5256) في الأشربة، باب ذكر ما يجوز شربه من الأنبذة وما لا يجوز، من طريق شعبة، عن قتادة، به مثله، إلا أنه قال: ((وبقي كدرها)) . وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / 28 / أ) من طريق هشام الدستوائي، عن قتادة، به مثله، إلا أنه قال: ((وسفل كدرها)) . (3) هو ابن زَاذَان. (4) هو ابن عُتَيْبَةَ. (5) هو خَيْثمة بن عبد الرحمن بن أبي سَبْرة - بفتح المهملة وسكون الموحَّدة -، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = الجُعْفي، الكوفي، روى عن أبيه وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن عمر وعبد اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وابن عباس وغيرهم من الصحابة والتابعين، روى عنه زرّ بن حُبيش وأبو إسحاق السبيعي وقتادة والأعمش ومنصور بن المعتمر وزَبيد اليامي والحكم بن عتيبة وغيرهم، وهو ثقة روى له الجماعة، وكان يرسل كما في "التقريب" (ص197 رقم 1773) ، فقد وثقه ابن معين والنسائي، وقال العجلي: ((كوفي تابعي ثقة، وكان رجلاً صالحًا، وكان سخيًّا، ولم ينجُ في فتنة ابن الأشعث إلا هو وإبراهيم النخعي)) ، وذكره ابن حبان في الثقات، وكانت وفاته بعد سنة ثمانين للهجرة. انظر "الجرح والتعديل" (3 / 393 - 394 رقم 1808) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (1 / 383) ، و"تهذيب التهذيب" (3 / 178 - 179 رقم 338) . [814] سنده صحيح، وهو موقوف على عبد الله بن عمرو، وقد روي عنه مرفوعًا، وهو صحيح كما سيأتي. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (8 / 199 رقم 4139) من طريق شعبة، عن زبيد اليامي، عن خيثمة، أنه سمعه يقول: كنت قاعدًا عند عبد الله بن عمرو، فذكر الكبائر، حتى ذكر الخمر، فكأن رجلاً تهاون بها، فقال عبد الله بن عمرو: ولا شربها رجلا مصبحًا، إلا ظل مشركًا حتى يمسي. وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (2 / 189) . والبزار في "مسنده" (7 / 357 رقم 2936 / كشف) . والحاكم في "المستدرك" (4 / 145 - 146) . أما الإمام أحمد والحاكم فمن طريق حماد بن سلمة، وأما البزار فمن طريق شيخه عبد الأعلى بن حماد، كلاهما عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ نافع بن عاصم، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -: ((من شرب الخمر، فَسَكِرَ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ ليلة، فإن تاب تاب الله عليه، فإن شربها، وسكر، لَمْ تُقبل لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ ليلة، فإن تاب تاب الله عليه، فإن شربها الرابعة، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = فسكر، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ ليلة، فإن تاب لم يتب الله عليه)) . اهـ. واللفظ للبزار. زاد الإمام أحمد والحاكم: ((وكان حقًا على الله أن يسقيه من عين خبال)) ، قيل: وما عين خبال؟ قال: ((صديد أهل النار)) . قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (5 / 69) : ((رواه أحمد والبزار، ورجال أحمد رجال الصحيح، خلا نافع بن عاسم، وهو ثقة)) . وصحح سنده الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - في حاشيته على "المسند" (11 / 44 رقم 6773) . وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (2 / 176) . وابن ماجه في "سننه" (2 / 1120 - 1121 رقم 3377) في الأشربة، باب من شرب الخمر لم تقبل له صلاة. والنسائي في "سننه" (8 / 317) في الأشربة، باب توبة شارب الخمر. وابن حبان في "صحيحه" (7 / 370 - 371 رقم 5333 / الإحسان بتحقيق الحوت) . والحاكم في "المستدرك" (1 / 30 - 31) . ومن طريقه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 8 رقم 5581) . جميعهم من طريق الأوزاعي، عن ربيع بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن الدَّيْلمي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -: ((من شرب الخمر وسكر، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ صباحًا، وإن مات دخل النار، فإن تاب تاب الله عليه، وإن عاد، فشرب، فسكر، لم تقبل صلاة أربعين صباحًا، فإ، مات دخل النار، فإن تاب تاب الله عليه. وإن عاد، فشرب، فسكر، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ صباحًا، فإن مات دخل النار، فإن تاب تاب الله عليه، وإن عاد، كان حقًا على الله أن يسقيه من رَدْغَة الخبال يوم القيامة، قالوا: يا رسول الله، وما رَدْغَة الخبال؟ =

815- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى (1) ، عَنِ الحَكَم (2) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لُعِنَت (3) الْخَمْرُ، وَشَارِبُهَا، وَسَاقِيهَا، وَبَائِعُهَا، وَمُشْتَرِيهَا، وَعَاصِرُهَا، وَمُعْتَصِرُهَا، وَحَامِلُهَا، وَالْمَحْمُولَةُ إليه، وآكل ثمنها.

_ = قال: ((عصارة أهل النار)) . اهـ. واللفظ لابن ماجه، ولفظ الآخرين نحوه، إلا أن عند الإمام أحمد والحاكم زيادة، ولم يذكر الإمام أحمد والنسائي والحاكم قوله: قالوا: يا رسول الله، وما رَدْغَة الخبال؟ قال: ((عصارة أهل النار)) . قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح قد تداوله الأئمة، وقد احتجّا بجميع رواته، ثم لم يخرجاه، ولا أعلم له علّة)) ، ووافقه الذهبي، وصححه ابن حبان كما سبق، وكذا الشيخ أحمد شاكر في حاشيته على "المسند" (10 / 127 رقم 6644) . وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (8 / 200 رقم 4141) من طريق شيخه سعيد بن عبد العزيز، عن ربيعة بن يزيد، عن ابن الديلمي قال: سألت عبد الله بن عمرو عن شارب الخمر، فقال: لا تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وأربعين ليلة. وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (2 / 197) من طريق عروة بن رويم، عن ابن الديلمي الذي كان يسكن بيت المقدس، قال: ثم سألته: هل سمعت يا عبد الله بن عمرو رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - يذكر شار ب الخمر بشيء؟ قال: نعم، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - يقول: ((لا يشرب الخمر أحد من أمتي، فيقبل الله منه صلاة أربعين صباحًا)) . اهـ.، وعنده زيادة في صفة خَلْق الخَلْق. قال الشيخ أحمد شاكر في حاشيته على "المسند" (11 / 78 رقم 6854) : ((إسناده صحيح)) . وعليه يتضح أن الحديث صحيح من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعًا، والله أعلم. (1) هو مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبي ليلى، تقدم في الحديث [186] أنه صدوق =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = سيء الحفظ جدًّا. (2) هو ابن عُتَيبة. (3) أي على لسان رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - كما سيأتي في باقي طرق الحديث. [815] سنده ضعيف لضعف ابن أبي ليلى، وهو صحيح لغيره كما سيأتي. فالحديث له عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عنهما خمس طرق: (1) طريق سعيد بن جبير الذي أخرجه المصنف هنا. (2) طريق عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أبيه، به مصرَّحًا برفعه إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، وهو الطريق الآتي برقم [816] ، وهو ضعيف من ذلك الطريق. (3) طريق ثابت بن يزيد الخَوْلاني، قال: لقيت عبد الله بن عمر، فسألته عن ثمن الخمر، فقال: سأخبركم عن الخمر ... ، فذكر حديثًا طويلاً، وفيه يقول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((إِنَّ الله عز وجل لعن الخمر، وعاصرها، ومعتصرها، وشاربها، وساقيها، وحاملها، والمحمولة إليه، وبائعها، ومشتريها، وآكل ثمنها)) . أخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" (4 / 305 - 306) . والبيهقي في "سننه" (8 / 278) في الأشربة، باب ما جاء في تحريم الخمر، وفي "شعب الإيمان" (5 / 9 رقم 5584) . كلاهما من طريق عبد الله بن وهب، أخبرني عبد الرحمن بن شريح وابن لهيعة والليث بْنِ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يزيد، عن ثابت، به. وأشار إليه البخاري في "تاريخه الكبير" (2 / 172) . وسنده ضعيف لجهالة حال ثابت بن يزيد، والانقطاع بينه وبين ابن عمر. وهو ثابت بن يزيد الخَوْلاني، المصري، روى عن أبي هريرة وابن عباس والأقمر، وروى عن ابن عمر، وقيل: عن ابن عمه، عن ابن عمر، وهو الصحيح كما قال ابن أبي حاتم، ويؤيده حكم البخاري على روايته عن ابن عمر بالانقطاع، روى عنه خالد بن يزيد وعمرو بن الحارث، وهو مجهول الحال، سكت عنه البخاري في "تاريخه"، وبيّض له ابن أبي حاتم فلم يذكر فيه جرحًا =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ولا تعديلاً، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن حزم: ((مجهول لا يُدرى من هو)) ، وتبعه عبد الحق الإشبيلي، وكانت وفاته قريبًا من سنة عشرين ومائة. اهـ. من "التاريخ الكبير" للبخاري (2 / 172 رقم 2096) ، و"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (2 / 459 رقم 1857) ، و"الثقات" لابن حبان (4 / 93) ، و"لسان الميزان" (2 / 80 رقم 316) . (4) و (5) طريقا عبد الرحمن الغافقي وأبي طُعْمَةَ، أنهما سمعا ابن عمر يقول: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((لُعنت الخمر على عشرة أوجه: بِعَيْنِها، وعاصرها، ومعتصرها، وبائعها، ومبتاعها، وحاملها، والمحمولة غليه، وآكل ثمنها، وشاربها، وساقيها)) . أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (2 / 25 و 71) . وأبو داود في "سننه" (4 / 81 - 82 رقم 3674) في الأشربة، باب العنب يعصر للخمر. وابن ماجه (2 / 1121 - 1122 رقم 3380) في الأشربة، باب لعنت الخمر على عشرة أوجه. والبيهقي في "سننه" (5 / 327) في البيوع، باب كراهية بيع العصير ممن يعصر الخمر، و (6 / 12) في البيوع أيضًا، باب تحريم التجارة في الخمر، من طريق أبي داود وغيره. جميعهم عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الله الغافقي، وأبي طعمة مولاهم، كلاهما عن ابن عمر، به. وأخرجه الإمام أحمد أيضًا (2 / 71) . والبيهقي في "سننه" (8 / 287) في الأشربة، باب ما جاء في تحريم الخمر. كلاهما من طريق ابن لهيعة، عن أبي طعمة وحده به. وقد وقع في "سنن أبي داود": ((أبي علقمة)) بدل: ((أبي طعمة)) ، وهو خطأ جاء في بعض نسخ أبي داود كما نبّه عليه الحافظ المزِّي في "تحفة الأشراف" (5 / 478 - 479 رقم 7296) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وقد روى الإمام أحمد في الحديث عن شيخه وكيع، عن عبد العزيز بن عمر. ووكيع هو ابن الجراح، تقدم في الحديث [47] أنه ثقة حافظ عابد. وعبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز بن مروان الأموي، أبو محمد المدني، نزيل الكوفة، يروي عن أبيه ونافع مولى ابن عمر وهلال أبي طعمة وعبد الرحمن بن عبد الله الغافقي ومجاهد ومكحول وغيرهم، روى عنه شعبة ويونس ومسعر ويحيى القطان وأبو نعيم ووكيع وغيرهم، وهو ثقة روى له الجماعة، وثقه ابن معين وأبو داود، وفي رواية عن ابن معين قال: ((ثبت)) ، وقال ابن عمار: ((ثقة ليس بين الناس اختلاف)) ، وقال يعقوب بن سفيان: ((ثنا أبو نعيم، ثنا عبد العزيز، وهو ثقة)) ، وقال النسائي: ((ليس به بأس)) ، وقال أبو زرعة: ((لا بأس به)) ، وقال أبو حاتم: ((يكتب حديثه)) ، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: ((يخطئ، يعتبر بحديثه إذا كان دونه ثقة، ومات عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز بعد سنة سبع وأربعين ومائة)) ، وقال أبو مسهر: ((ضعيف الحديث)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 389 رقم 1810) ، و"الثقات" لابن حبان (7 / 114) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (2 / 840 - 841) ، و"التهذيب" (6 / 349 - 350 رقم 670) . أقول: وتضعيف أبي مسهر وجرح ابن حبان لعبد العزيز بن عمر معارض بتوثيق الأئمة السابق ذكرهم، وهو جرح غير مفسَّر، فلا يلتفت إليه، ولم يلتفت إليه الذهبي، بل ذكر عبد العزيز هذا في "الكاشف" (2 / 201 رقم 3448) وقال: ((ثقة)) . ونقل الحافظ ابن حجر في الموضع السابق من "التهذيب" عن الخطابي أنه حكى عن الإمام أحمد أنه قال: ((ليس هو من أهل الحفظ والإتقان)) ، وهذا القول لم يثبت عن الإمام أحمد، فإن الخطّابي لم يسنده عنه، ويدلّ على ذلك أن الذهبي لم يحكه في "الميزان" (2 / 632 رقم 5118) ، وإنما قال: ((وثقه جماعة، وضعّفه أبو مسهر وحده)) ، ولم يذكر ابن عبد الهادي عبد العزيز هذا في كتابه: ((بحر الدم فيمن تكلم فيه أحمد بمدح أو ذم)) ، بل المنقول عن الإمام أحمد توثيقه له؛ قال =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ابن شاهين في "تاريخ أسماء الثقات" (ص162 رقم 932) : ((وعبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز ثقة ثقة؛ قاله أحمد ويحيى)) ، يعني أحمد بن حنبل ويحيى بن معين. ولو سلّمنا بصحته عن الإمام أحمد؛ فإنه لا يعني جرحه لعبد العزيز، وإنما يعني بذلك سعة المحفوظ كما قال الحافظ ابن حجر في "هدي الساري" (ص420) ، والله أعلم. وأبو طُعْمَة - بضم أوله وسكون المهملة - الأموي، مولى عمر بن عبد العزيز، شامي سكن مصر، يقال اسمه هلال، يروي عن مولاه عمر بن عبد العزيز وعبد الله بن عمر رضي الله عنهما، روى عنه عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز وعبد الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ وابن لهيعة وغيرهم، وهو ثقة، وثقه ابن عمار، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الذهبي: ((ثقة)) ، وقال ابن يونس: ((كان يقرئ القرآن بمصر)) . "التاريخ الكبير" للبخاري (8 / 209 رقم 2740) ، و (9 / 47 رقم 403) ، و"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (9 / 77 و 398 رقم 304 و 1889) ، و"الثقات" لابن حبان (5 / 574) ، و (7 / 575) ، و"الكاشف" للذهبي (3 / 350 رقم 232) ، و"التهذيب" (12 / 137 رقم 657) . وذكر بن حجر أبا طعمة هذا في "التقريب" (ص651 رقم 8186) ، وذكر أنه مقبول من الطبقة الرابعة، وقال: ((لم يثبت أن مكحولاً رماه بالكذب)) ، وذكر في الموضع السابق من "التهذيب" أن أبا أحمد الحاكم قال: ((رماه مكحول بالكذب)) ، ثم قال ابن حجر: ((قلت: لم يكذبه مكحول التكذيب الاصطلاحي، وإنما روى الوليد بن مسلم، عن ابن جابر أن أبا طعمة حدّث مكحولاً بشيء، وقال: ذروه يكذب، وهذا محتمل أن يكون مكحول طعن فيه على مَنْ فوق أبي طعمة، والله تعالى أعلم)) . اهـ. ومع ما ذكر ابن حجر من الاحتمال، فإن في ثبوت هذا التكذيب عن مكحول نظرًا؛ لأن ابن حجر ذكره من رواية الوليد بن مسلم، عن ابن جابر، والوليد تقدم في الحديث [130] أنه كثير التدليس والتسوية، ولم يذكر عنه ابن حجر =

816- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا فُلَيْح بْنُ سُلَيْمَانَ (1) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَائِل الْأَنْصَارِيِّ (2) ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الله =

_ = تصريحه بالسماع من ابن جابر. وعبد الرحمن بن عبد الله الغَافقي، أمير الأندلس، يروي عن ابن عمر، روى عنه عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز وعبد الله بن عياض، وهو مقبول، قال ابن يونس: ((روى عنه عبد الله بن عياض، قتلته الروم بالأندلس سنة خمسة عشرة ومائة)) ، وقال عثمان بن سعيد الدارمي: سألت يحيى بن معين عنه، فقال: ((لا أعرفه)) ، وسألته عن عبد الرحمن بن آدم كيف هو؟ فقال: ((لا أعرفه)) ، قال أبو أحمد بن عدي: ((وهذان الاسمان اللذان ذكرها عثمان عن ابن معين فقال: ((لا أعرفهما، وإذا قال مثل ابن معين: لا أعرفه، فهو مجهول غير معروف، وإذا عرفه غيره لا يعتمد على معرفة غيره؛ لأن الرجال بابن معين تُسْبَرُ أحوالهم)) ، وذكر ابن حجر كلام ابن عدي هذا، ثم تعقبه بقوله: ((هذا الذي ذكر ابن عدي قاله في ترجمة عبد الرحمن بن آدم، عقب قول ابن معين في كل منهما: لا أعرفه، وأقرّه المؤلف عليه، وهو لا يتمشى في كل الأحوال، فرُبّ رجل لم يعرفه ابن معين بالثقة والعدالة، وعرفه غيره، فضلاً عن معرفة العين، لا مانع من هذا، وهذا الرجل قد عرفه ابن يونس، وإليه المرجع في معرفة أهل مصر والمغرب. وقد ذكره ابن خلفون في الثقات، وقال: كان رجلاً صالحًا، جميل السيرة، استشهد في قتال الفرنج، في شهر رمضان)) . اهـ. من "الكامل" لابن عدي (4 / 1606 و 1607) ، و"التهذيب" (6 / 217 - 218 رقم 437) ، و"التقريب" (ص345 رقم 3927) . وعليه فالحديث بهذا الإسناد صحيح، ويزداد قوة ببقية الطرق، والله أعلم. (1) هو فُلَيْح بن سليمان بن أبي المُغِيرة الخُزَاعي، أو الأسْلمي، أبو يحيى المدني، ويقال: فُلَيْح لقب، واسمه: عبد الملك، روى عن الزهري ونافع مولى ابن عمر وهشام بن عروة ويحيى بن سعيد الأنصاري وغيرهم، روى عنه ابنه محمد =

= ابن عُمَرَ (3) ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ، وَلَعَنَ شَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا، وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا، وَحَامِلَهَا، وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ، وَبَائِعَهَا، وَمُبْتَاعَهَا، وَآكِلَ ثمنها)) .

_ = وعبد الله بن المبارك وعبد الله بن وهب وأبو عامر العَقَدي وسعيد بن منصور وغيرهم، وهو صدوق، إلا أنه كثير الخطأ، وروى له الجماعة كما في "التقريب" (ص448 رقم 5443) ، فقد ضعّفه ابن المديني وابن معين في رواية، وفي رواية قال ابن معين: ((ليس بالقوي، ولا يُحتجّ بحديثه، وهو دون الدَّرَاوَرْدي، والدَّرَاوَرْدي أثبت منه)) ، وقال الآجُرِّي: ((قلت لأبي داود: قال ابن معين: عاصم بن عبيد الله وابن عقيل وفُلَيْح لا يحتج بحديثهم، قال: صَدَق)) ، وقال أبو حاتم: ((ليس بالقوي)) ، وضعفه النسائي في رواية، وفي أخرى قال: ((ليس بالقوي)) ، وقال الساجي: ((هو من أهل الصدق، ويَهم)) ، وقال ابن عدي: ((لفليح أحاديث صالحة، يروي عن الشيوخ من أهل المدينة أحاديث مستقيمة وغرائب، وقد اعتمده البخاري في "صحيحه"، وروى عنه الكثير، وهو عندي لا بأس به)) ، وقال الدارقطني: ((يختلفون فيه، وليس به بأس)) ، وقال أبو عبد الله الحاكم: ((اتفاق الشيخين عليه يُقَوِّي أمره)) ، وذكر سعيد بن منصور أنه توفي سنة ثمان وستين ومائة. انظر "الجرح والتعديل" (7 / 84 - 85 رقم 479) ، و"التهذيب" (8 / 303 - 305 رقم 551) . وما ذُكر من أن إخراج البخاري ومسلم له في "صحيحهما" يُقَويِّ أمره ليس على إطلاقه؛ لأنهما قد يخرجان للمتكلَّم فيه مما تأكدّ لديهما أنه من صحيح حديثه. (2) هو سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وائل الأنصاري، حجازي مجهول، يروي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الله بن عمر، روى عنه فُليح بن سليمان، ذكره البخاري في "تاريخه" (3 / 494 - 495 رقم 1650) وسكت عنه، وبيّض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (4 / 42 رقم 179) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (6 / 352) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وهذا الرجل مما يستدرك على الحافظ ابن حجر ومَنْ قبله ممن ألف في رجال الأئمة الأربعة؛ لأن الحديث قد أخرجه الإمام أحمد كما سيأتي، ولم يُذكر سعيد هذا في "تعجيل المنفعة" وغيره، وقد نبّه على هذا الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - في تعليقه على "مسند الإمام أحمد" (8 / 70) . (3) هو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن عمر بن الخطاب، أبو عبد الرحمن المدني، روى عن أبيه وكان وَصِيَّه، وعن أخيه حمزة، وعن أبي هريرة وأسماء بنت زيد بن الخطاب، روى عنه ابنه عبد العزيز والقاسم بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وعبد الرحمن بن القاسم والزهري ونافع مولى ابن عمر وغيرهم، وهو ثقة روى له الجماعة عدا ابن ماجه كما في "التقريب" (ص310 رقم 3417) ، فقد وثقه وكيع والعجلي وأبو زرعة والنسائي وابن سعد، وزاد: ((قليل الحديث)) ، وذكره ابن حبان في الثقات، وكانت وفاته سنة خمس ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 90 رقم 411) ، و"التهذيب" (5 / 285 - 286 رقم 483) . [816] سنده ضعيف لضعف فُلَيْح من قبل حفظه، وجهالة سعيد بن عبد الرحمن، وهو صحيح لغيره كما في الحديث السابق. وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 9 رقم 5583) من طريق المصنِّف به بلفظ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - لعن الخمر، وعاصرها، ومعتصرها، وبائعها، ومبتاعها، وحاملها، والمحمولة إليه، وساقيها، وشاربها، وآكل ثمنها. وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (2 / 97) من طريق شيخه يونس بن محمد، عن فليح، به مثل لفظ المصنِّف هنا، إلا أنه قدّم قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((وبائعها ومبتاعها)) على قوله: ((وحاملها والمحمولة إليه)) . وأخرجه الطبراني في "المعجم الصغير" (1 / 266) . والحاكم في "المستدرك" (2 / 31 - 32) . كلاهما من طريق المعافى بن سليمان، عن فُليح، به نحوه.

817- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا العَوَّام (1) ، عَنِ المُسَيَّب بْنِ رَافِعٍ (2) ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو (3) . 818- وأنا (4) عُبَيْدة (5) ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: مُعَاقِرُ الْخَمْرِ كَمَنْ عَبَدَ اللَّاتَ والعزّى.

_ (1) هو ابن حَوْشب. (2) هو ثقة كما في ترجمته في الحديث رقم [12] ، لكنه لم يسمع من أحد من الصحابة، إلا من البراء بن عازب وأبي إياس عامر بن عبدة كما نصّ عليه ابن معين. انظر "تهذيب التهذيب" (10 / 153) . (3) أي أنه قَالَ: ((مُعَاقِرُ الْخَمْرِ كَمَنْ عَبَد اللّات والعزَّى)) كما سيأتي مقرونًا بالحديث بعده. [817] سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف للانقطاع بين المسيّب وعبد الله بن عمرو، وهو حسن لغيره كما سيأتي في الحديث بعده رقم [818] ، وقد روي مرفوعًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، ولا يصح. وقد أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (8 / 192 رقم 4115) من طريق أبي خالد الأحمر، عن العوام، به نحوه. وانظر الحديث الآتي. (4) القائل: ((وأخبرنا)) هو هشيم. (5) هو ابن مُعَتِّب الضَّبِّي، تقدم في الحديث [560] أنه ضعيف. [818] سنده ضعيف لضعف عُبيدة، وهو حسن لغيره - موقوفًا - بالطريق السابقة، ويعضده أن ابن الجوزي نقل في "العلل المتناهية" (2 / 183) عن الدارقطني أنه قال: ((رواه حماد بن سلمة، عن عاصم، عن أبي صالح، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، من قوله)) ، قال ابن الجوزي عقبه: ((قلت: وهذا هو الصحيح، والطريق التي قبله لا تثبت)) . ويعني: ابن الجوزي بالطريق التي لا تثبت: الطريق المرفوعة التي ذكر الدارقطني =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = أنه رواها سليمان بن بلال، عن سهيل بن أبي صالح، عن محمد بن عبد الله بن عمرو، عن أبيه، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -. وقد روي مرفوعًا من غير هذا الطريق. فأخرجه البزار في "مسنده" كما في "كشف الأستار" (3 / 353 رقم 2924) ، فقال: حدثنا عمر بن محمد بن الحسين الأسدي، ثنا أبي، ثنا فطر بن خليفة، عن يونس بن خَبَّاب، عن مجاهد، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - قال: ((من سكر من الخمر، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ يومًا، فإن مات فيها مات كعابد وثن)) . قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (5 / 70) : ((فيه يونس بن خباب وهو ضعيف)) ثم أخرجه البزار عقبه برقم (2925) من طريق ثابت بن محمد، عن فطر بن خليفة، عن مجاهد، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - قال: ((شارب الخمر كعابد وثن)) . وقد أخطأ ثابت بن محمد بن في روايته للحديث عن فطر، فلم يذكر يونس بن خباب في سنده. وهو ثابت بن محمد العابد، أبو محمد، ويقال: أبو إسماعيل، الشيباني، روى عن الثوري ومسعر وإسرائيل وفطر بن خليفة وغيرهم، روى عنه البزار يوسف بن موسى، وروى عنه أيضًا البخاري وأبو زرعة وأبو حاتم وغيرهم، وهو صدوق زاهد، إلا أنه يخطئ في أحاديث، فقد وثقه مُطَيِّن محمد بن عبد الله الحضرمي، وقال أبو حاتم: ((صدوق)) ، وقال في موضع آخر: ((أزهد من لقيت ثلاثة ... )) فذكره منهم، وذكره ابن عدي في "الكامل"، وذكر له بعض الأحاديث التي أخطأ فيها، ثم قال: ((وثابت الزاهد هذا هو عندي ممن لا يتعمد الكذب، ولعله يخطئ، وله عن الثوري وعن غيره غير ما ذكرت، وفي أحاديثه يشتبه عليه، فيرويه حسب ما يستحسنه، والزهاد والصالحون كثيرًا ما يشتبه عليهم، فيروونها على حسن نيَّاتهم)) ، وقال الدارقطني: ((ليس بالقوي، لا يضبط، وهو يخطئ في أحاديث كثيرة)) ، وقال الحاكم: ((ليس بضابط)) ، وذكره ابن حبان في =

819- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا مُطِيع بْنُ عَبْدِ اللَّهِ (1) ، قَالَ: نا الشَّعْبي، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَعَنَ اللَّهُ فُلَانًا (2) ؛ فَإِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ أَذِنَ فِي بَيْعِ الْخَمْرِ، وَإِنَّ التِّجَارَةَ لَا تَحِلُّ إِلَّا فِيمَا يَحِلُّ أَكْلُهُ، أَوْ شُرْبُهُ.

_ = الثقات، وذكره البخاري في الضعفاء، وأورد له حديثًا، وبيّن أن العلّة فيه من غيره، وكانت وفاته سنة خمس عشرة ومائتين. اهـ. من "الجرح والتعديل" (2 / 457 - 458 رقم 1848) ، و"الكامل" لابن عدي (2 / 523 - 524) ، و"التهذيب" (2 / 14 رقم 21) ، و"التقريب" (ص133 رقم 829) . وللحديث طرق أخرى عن بعض الصحابة، وكلهما معلولة، انظر الكلام عليها مفصلاً في "العلل المتناهية" لابن الجوزي (2 / 182 - 184) . (1) هو مُطيع بن عبد الله الغَزَّال، القرشي، أبو الحسن الكوفي، روى عن أبيه عامر الشعبي وسالم الأفطس وغيرهم، روى عنه وكيع وهشيم ويحيى بن سعيد القطّان وغيرهم، وهو صدوق من الطبقة السابعة كما في "التقريب" (ص535 رقم 6719) ، فقد وثقه ابن معين، وقال أبو زرعة: ((لا بأس به)) ، وقال النسائي: ((ليس به بأس)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (8 / 399 رقم 1833) ، و"التهذيب" (10 / 182 رقم 341) . (2) هو سمرة بن جندب - رضي الله عنه -، وسيأتي توجيه ذلك. [819] سنده حسن لذاته، وأصل القصة في "الصحيحين" كما سيأتي. فالحديث أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (14 / 131 رقم 17849) . وابن عبد البر في "التمهيد" (4 / 150) . كلاهما من طريق هشيم، عن مطيع، به، ولفظ ابن أبي شيبة مثله، إلا أنه إنما أخرج شطره الأول إلى قوله: ((في بيع الخمر)) ، ولفظ ابن عبد البر نحوه، لكن بشطره الثاني الذي لم يخرجه ابن أبي شيبة، ووقع عند ابن أبي شيبة: ((عن مسروق)) ، بدل قوله: ((عن ابن عمر)) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا (6 / 446 رقم 1661) . والبيهقي في "سننه" (6 / 14) في البيوع، باب تحريم بيع ما يكون نجسًا لا يحل أكله. وابن عبد البر في الموضع السابق من "التمهيد". أما ابن أبي شيبة فمن طريق وكيع، وأما ابن عبد البر فمن طريق محمد بن بشر، وأما البيهقي فمن طريق ابن داود، ثلاثتهم عن مطيع، به نحوه، إلا أن البيهقي وابن عبد البر إنما أخرجا شطره الثاني فقط. وأخرجه الحميدي في "مسنده" (1 / 9 رقم 14) ، فقال: ثنا سفيان بن عيينة، ثنا مسعر، ثنا عبد الله بن عمير، قال: أخبرني فُلَانٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: رأيت عمر بن الخطاب على المنبر يقول بيده على المنبر هكذا - يعني يحركها يمينًا وشمالاً -: عويمل لنا بالعراق، عويمل لنا بالعراق خلط في فَيْءِ المسلمين أثمان الخمر والخنازير، وقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((لعن الله اليهود؛ حرمت عليهم الشحوم، فجملوها، فباعوها)) - يعني: أذابوها -. اهـ. ومن طريق الحميدي أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (7 / 245) . وأخرجه البيهقي في "سننه" (9 / 205 - 206) في الجزية، باب لا يأخذ منهم في الجزية خمرًا ولا خنزيرًا، من طريق إبراهيم بن بشار، عن سفيان، به وزاد: قال سفيان: يقول: لا تأخذوا في جزيتهم الخمر والخنازير، ولكن خلُّوا بينهم وبين بيعها، فإذا باعوا فخذوا أثمانها في جزيتهم. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (6 / 75 - 76 رقم 10047) و (8 / 196 رقم 14855) ، فقال: أخبرنا ابن عينية، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عن رجل، عن ابن عباس قال: رأيت عمر يقلِّب كفه ويقول: قاتل الله سمرة؛ عويمل لنا بالعراق؛ خلط في فيء المسلمين ثمن الخمر والخنزير، فهي حرام، وثمنها حرام. وأخرجه عبد الرزاق أيضًا برقم (10046) ، (14854) . والحميدي في الموضع السابق برقم (13) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وابن أبي شيبة في "المصنف" (6 / 444 رقم 1656) . والإمام أحمد في "المسند" (1 / 25) . والدارمي في "سننه" (2 / 40 رقم 2110) . والبخاري في "صحيحه" (4 / 414 رقم 2223) في البيوع، باب لا يُذاب شحم الميتة ولا يباع وَدَكُه، و (6 / 496 رقم 3460) في أحاديث الأنبياء، باب ما ذُكر عن بني إسرائيل. ومسلم في "صحيحه" (3 / 1207 رقم 72) في المساقاة، باب تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام. وابن ماجه في "سننه" (2 / 1122 رقم 3383) في الأشربة، باب التجارة في الخمر. والنسائي في "سننه" (7 / 177) في الفرع والعتيرة، باب النهي عن الانتفاع بما حرَّم الله عز وجل، وفي التفسير (1 / 482 رقم 192) . وأبو يعلى في "مسنده" (1 / 178 رقم 200) . وأبو عثمان سعيد بن محمد البَحِيري في "فوائده" (ل 12 / أ) . والبيهقي في "سننه" (6 / 12) في البيوع، باب تحريم التجارة في الخمر، و (8 / 286) في الأشربة والحدِّ فيها، باب ما جاء في تحريم الخمر. والخطيب البغدادي في "الأسماء المبهمة" (ص110 - 111) . ابن بشكوال في "غوامض الأسماء المبهمة" (ص604 - 605) . جميعهم من طريق سفيان بن عيينة، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بلغ عمر أن سمرة باع خمرًا، فقال: قاتل الله سمرة، أما علم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: قال: ((قاتل اله اليهود؛ حُرِّمت عليهم الشحوم، فجملوها، فباعوها)) ؟. اهـ. واللفظ لعبد الرزاق. قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (4 / 414 - 415) : ((قال ابن الجوزي والقرطبي وغيرهما: اختلف في كيفية بيع سمرة للخمر على ثلاثة أقوال، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = أحدها: أنه أخذها من أهل الكتاب عن قيمة الجزية، فباعها منهم معتقدًا جواز ذلك، وهذا حكاه ابن الجوزي عن ابن ناصر ورجّحه، وقال: كان ينبغي له أن يوليهم بيعها فلا يدخل في محظور، وإن أخذ أثمانها منهم بعد ذلك؛ لأنه لم يَتَعَاطَ محرَّمًا، ويكون شبيهًا بقصة بريرة حيث قال: ((هو عليها صدقة ولنا هديّة)) . والثاني: قال الخطابي: يجوز أن يكون باع العصير ممن يتخذه خمرًا والعصير يسمى خمرًا، كما قد يسمّى العنب به؛ لأنه يئول إليه، قاله الخطابي، قال: ولا يُظن بسمرة أنه باع عين الخمر بعد أن شاع تحريمها وإنما باع العصير. والثالث: أن يكون خّلَّل الخمر وباعها، وكان عمر يعتقد أن ذلك لا يحلّها كما هو قول أكثر العلماء واعتقد سمرة الجواز كما تأوَّله غيره؛ أنه يحلّ التخليل، ولا ينحصر الحلّ في تخليلها بنفسها. قال القرطبي تبعا لابن الجوزي: والأشبه الأول. قلت [القائل ابن حجر] : ولا يتعيّن على الوجه الأول أخذها عن الجزية، بل يحتمل أن تكون حصلت له عن غنيمة أو غيرها، وقد أبدى الإسماعيلي في "المدخل" فيه احتمالاً آخر، وهو: أن سمرة علم تحريم الخمر، ولم يعلم تحريم بيعها، ولذلك اقتصر عمر على ذَمِّه دون عقوبته، وهذا هو الظن به، ولم أر في شيء من الأخبار أن سمرة كان واليًا لعمر على شيء من أعماله إلا أن ابن الجوزي أطلق أنه كان واليًا على البصرة لعمر بن الخطاب وهو وهم فإنما ولي سمرة على البصرة لزياد وابنه عبيد الله بن زياد بعد عمر بدهر، وولاة البصرة لعمر قد ضبطوا، وليس منهم سمرة، ويحتمل أن يكون بعض أمرائها استعمل سمرة على قبض الجزية)) . اهـ. أقول: والقول الأول هو الأقرب للصواب - فيما أرى -، وهو الذي اختاره ابن الجوزي والقرطبي، ويليه ما أبداه الإسماعيلي، هو الذي مال إليه ابن حجر، أما الثاني والثالث، ففيهما بعد، والله أعلم. ومن الفوائد المستنبطة من الحديث، ما ذكر الحافظ ابن حجر في الموضع السابق =

820- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حِبَّان بْنُ عَلِيٍّ (1) ، قَالَ: ثَنَا أَبُو سِنَان ضِرَار بْنُ مُرَّة، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الهُذَيل قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: لَوْ رَأَيْتُ أَحَدًا يَشْرَبُ الْخَمْرَ لَا يَرَانِي، إِلَّا قَتَلْتُهُ، فاستطعت أن أقتله لقتلته (2) .

_ = حيث قال: ((وفي الحديث لعن العاصي المعيَّن، ولكن يحتمل أن يقال: إن قول عمر: ((قاتل الله سمرة)) ، لم يُرد به ظاهره، بل هي كلمة تقولها العرب عند إرادة الزجر، فقالها في حقه تغليظًا عليه. وفيه إقالة ذوي الهيئات زلاّتهم؛ لأن عمر اكتفى بتلك الكلمة عن مزيد عقوبة ونحوها. وفيه إبطال الحِيَل والوسائل إلى المحرم)) . اهـ. (1) هو حِبَّان بن علي العَنَزَي - بفتح العين والنون، ثم زاي - أبو علي الكوفي، أخو مِنْدَل، يروي عن الأعمش وسهيل بن أبي صالح وأبي سنان ضرار بن مرّة وغيرهم، روى عنه هنا سعيد بن منصور، وروى عنه أيضًا عبد الله بن المبارك وأبو الوليد الطيالسي وأبو الربيع الزهراني وغيرهم، وهو ضعيف، وكان له فقه وفضل كما في "التقريب" (ص149 رقم 1076) ، فقد ضعفه ابن المديني وابن سعد والنسائي والدارقطني وابن قانع، وقال البخاري: ((ليس عندهم بالقوي)) ، وقال أبو زرعة: ((ليِّن)) ، وقال أبو حاتم: ((يكتب حديثه ولا يحتج به)) ، وسئل ابن معين مَرَّةً عنه وعن أخيه مندل، فضعَّفهما، ومرة أخرى قال: ((ما بهما بأس)) ، وقال حجر بن عبد الجبار بن وائل: ((ما رأيت فقيهًا بالكوفة أفضل منه)) ، وقال العجلي: ((كوفي صدوق)) ، وفي موضع آخر قال: ((كان وجهًا من وجوه أهل الكوفة، وكان فقيهًا)) ، وقال الخطيب: ((كان صالحًا ديِّنًا)) ، وكانت وفاته سنة إحدى أو اثنتين وسبعين ومائة، وله ستون سنة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 270 - 271 رقم 1208) ، و"التهذيب" (2 / 173 - 174 رقم 314) ، و (10 / 298 - 299 رقم 518) . (2) كذا جاءت العبارة في الأصل! والذي يظهر أن الصواب: ((لو رأيت أحدًا يشرب =

821- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا فُلَيْح - يَعْنِي ابْنَ سُلَيْمَانَ (1) -، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلَة (2) ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقُلْتُ: إِنَّا بِأَرْضٍ لَنَا فِيهَا كُرُوم (3) ، وَإِنَّ أَكْثَرَ غَلَّتِها: الْخَمْرُ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَدِمَ رَجُلٌ مِنْ دَوْس (4) عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَاويَة خَمْرٍ (5) أَهْدَاهَا لَهُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((هَلْ عَلِمْتَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَهَا بَعْدَكَ؟)) فَأَقْبَلَ الدَّوْسي عَلَى رَجُلٍ كَانَ مَعَهُ، فَأَمَرَهُ بِبَيْعِهَا، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((هَلْ عَلِمْتَ أَنَّ الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا حَرَّمَ بَيْعَهَا، وأكْلَ ثَمَنِهَا؟)) ، فَأَمَرَ بالمَزَادَةِ (6) فَأُهْرِيقَتْ حَتَّى لم يبق فيها قطرة.

_ = الخمر لا يراني إذا قَتَلْتُهُ، فَاسْتَطَعْتُ أَنْ أَقْتُلَهُ لَقَتَلْتُهُ)) . [820] سنده ضعيف لضعف حبان بن علي، ومتنه منكر، ويبعد أن يثبت هذا عن ابن عمر بهذا الإطلاق؛ لأن حدّ الخمر أخفّ الحدود، ولم يقل أحد بقتل شارب الخمر؛ إلا في قول بعض العلماء إذا شربها في المرّة الرابعة كما تجده مفصّلاً في حاشية الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - على "مسند الإمام أحمد" (9 / 40 - 70) . (1) تقدم في الحديث [816] أنه صدوق كثير الخطأ. (2) هو عبد الرحمن بن وَعْلَة - بفتح الواو وسكون المهملة-، ويقال ابن السَّمَيْفَع بن وعلة، السَّبَائي، المصري، يروي عن ابن عباس وابن عمر، روى عنه زيد بن أسلم ويحيى بن سعيد الأنصاري وأبو الخير مَرْثد اليَزَني وغيرهم، وهو ثقة، روى له الجماعة عدا البخاري، ووثقه ابن معين والعجلي والنسائي، وذكره يعقوب بن سفيان في ثقات التابعين من أهل مصر، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن يونس: ((كان شريفًا بمصر في أيامه، وله وفادة على معاوية، وصار إلى أفريقية، وبها مسجده ومواليه)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 296 رقم 1402) ، و"التهذيب" (6 / 293 - 294 رقم574) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وعبد الرحمن هذا ذكره الحافظ ابن حجر في "التقريب" (ص352 رقم 4039) ، وقال عنه: ((صدوق)) ، مع أنه وثقه الأئمة المتقدم ذكرهم، وإنما قال ذلك ابن حجر؛ لأنه نقل عن الإمام أحمد في الموضع السابق من "التهذيب" أنه ضعّف عبد الرحمن هذا في حديث الدباغ، وقد بحثت عن تضعيف الإمام أحمد هذا، فلم أجد سوى ما ذكره الذهبي في "الميزان" (2 / 596 رقم 4998) ؛ حيث ذكر عبد الرحمن هذا، ونقل توثيقه عن ابن معين والعجلي والنسائي، وأن أبا حاتم قال عنه: ((شيخ)) ، ثم قال: ((ونُقل عن الإمام أحمد أنه ذُكر له حديث ابن وعلة: أيما إهاب دبغ فقط طهر، قال: وَمَن ابنُ وَعْلة؟)) . اهـ. فهذا النقل لم يذكر الذهبي عمّن أخذه، ولم أجد من ذكره عن الإمام أحمد، ولم يذكر ابن عبد الهادي عبد الرحمن بن وعلة في: ((بحر الدم فيمن تكلم فيه الإمام أحمد بمدح أو ذم)) ، وحديث الدباغ المشار إليه أخرجه مسلم في "صحيحه" (1 / 277 رقم 105) في الحيض، باب طهارة جلود الميتة بالدباغ، أخرجه من طريق عبد الرحمن بن وعلة هذا، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - يقول: ((إذا دبغ الإهاب فقد طَهُر)) . (3) الكَرْمُ هو شجرة العنب، والطاقة الواحدة منها يقال لهاك كَرْمَةٌ، وجمعها، كُرُوم. اهـ. من "لسان العرب" (12 / 514) . وفي حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - قال: ((لا تسمّوا العنب الكَرْم؛ فإن الكَرْم الرجل المسلم)) ، وفي لفظ: ((فإن الكرم قلب المؤمن)) . أخرجه البخاري في "صحيحه" (10 / 564 و 566 رقم 6182 و 6813) في الأدب، باب لا تسبّوا الدهر، وباب قول النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((إنما الكرم قلب المؤمن)) . ومسلم في "صحيحه" (4 / 1763 رقم 6 و 7 و 8 و 9 و 10) في كتاب الألفاظ من الأدب وغيرها، باب كراهة تسميته العنب كَرْمًا. قال ابن الأثير في "النهاية" (4 / 167) : ((قيل: سُمِّي الكَرْم كَرْمًا؛ لأن الخمر المتَّخذةَ منه تحثّ على السَّخَاء والكَرَم، فاشتقّوا له منه اسمًا، فكره أن يُسَمَّى =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = باسم مأخوذ من الكَرَم، وجعل المؤمن أولى به)) . اهـ. (4) كذا جاء في وراية فُليح بن سُلَيْمَانَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وجاء في معظم الروايات مبهمًا وقد تعرّض لهذا الخطيب البغدادي في كتابه: ((الأسماء المبهمة)) (ص365 - 366) ، وابن بشكوال في كتابه: ((غوامض الأسماء المبهمة)) (ص88 - 90) . أما الخطيب البغدادي فقال: ((يقال: إن الرجل الذي أهدى الخمر لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -: أبو رُقَيَّة بن أوس الدَّارِيّ، ويقال: بل الرجل من ثقيف، يُكنّى: أبا تمّام)) ، ثم ساق الحديث من طريقين منفصلين في أحدهما أنه تميم الداري، وفي الآخر أنه رجل من ثقيف يكنى: أبا تمام. وأما ابن بشكوال، فجزم بأنه نافع بن كيسان الدمشقي، ثم قال: ((وقيل: هو أبو عامر الثقفي، ثم ساق الحديث من طريقين فيهما تسميتهما بذلك)) . وجمع ذلك ولي الدين أبو زرعة بن العراقي في كتابه: ((المستفاد من مبهمات المتن والإسناد)) (ص47) نقلاً عن الخطيب وابن بشكوال، ولم يُرجِّح. ولم يذكر أحد منهم أنه دَوْسي، ولم يُذكر في باقي الروايات الآتية من طريق عبد الرحمن بن وعلة عن ابن عباس أنه دَوْسي أو غيره، عدا رواية الإمام أحمد وغيره الآتية للحديث من طريق القعقاع بن حكيم، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلَةَ، وفيها: ((من ثقيف أَوْ من دَوْس)) هكذا على الشك. وعليه فقد تكون الحادثة وقعت للدَّوْسي، ولتميم الدَّارِيّ، ولأبي تمَّام الثقفي، ولنافع بن كيسان الدمشقي، والمصير في هذا إلى صحّة إسناد كل رواية، وليس هناك ما يمنع من تعددها، والله أعلم. (5) في "لسان العرب" (14 / 346) : ((الرَّاوِيَةُ: المَزَادَةُ فيها الماء)) ، وهنا قُيّدت الرواية بأن الذي فيها خمر. (6) المَزَادةُ: هي الظرْفُ الذي يُحمل فيه الماء، كالرواية والقِربة والسَّطِيَحة، والجمع: المَزَاوِدُ. اهـ. من "النهاية في غريب الحديث" (4 / 324) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ [821] سند المصنف ضعيف لضعف فُليح من قبل حفظه، ولكنه ينفرد به، بل هو صحيح أخرجه مسلم وغيره من غير طريقه كما سيأتي. فالحديث مداره على عبد الرحمن بن وعلة، وروي عنه من ثلاث طرق: (1) طريق زيد بن أسلم، وله عن زيد أربع طرق: أ- طريق فليح بن سليمان الذي أخرجه المصنف هنا. وأخرجه الإمام في "المسند" (1 / 244) من طريق شيخه يونس بن حجّاج، عن فليح، به نحو لفظ المصنف. ب- طريق الإمام مالك؛ حيث أخرجه في "الموطأ" (2 / 846 رقم 12) في الأشربة، باب جامع تحريم الخمر، عن شيخه زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنِ ابْنِ وَعْلة المصري، أنه سأل عبد الله بن عباس عمّا يُعصر من العنب؟ فقال ابن عباس: أهدى رجل لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - رواية خمر، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -: ((أما علمت أن الله حرمها؟)) قال: لا، فَسَارُّه رجل إلى جنبه، فقال له - صلى الله عليه وسلم -: ((بِمَ سَارَرْتَهُ؟)) فقال: أمرته أن يبيعها، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -: ((أَنَّ الَّذِي حَرَّم شُربها، حَرَّم بيعها)) ، ففتح الرجل المزادتين حتى ذهب ما فيهما. ومن طريق الإمام مالك أخرجه: الإمام أحمد في "المسند" (1 / 358) . ومسلم في "صحيحه" (3 / 1206 رقم 68) في المساقاة، باب تحريم بيع الخمر. والنسائي في "سننه" (7 / 307) في البيوع، باب بيع الخمر. والبيهقي في "سننه" (6 / 11 - 12) في البيوع، باب تحريم التجارة في الخمر. والخطيب البغدادي في "الأسماء المبهمة" (ص367) . وابن بشكوال في "غوامض الأسماء المبهمة" (ص88) . جـ- طريق عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ زيد بن أسلم، بنحو سياق الإمام مالك. أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 323 - 324) . =

822- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، قَالَ: نا أَبُو النَّضْر (1) ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلًا أَهْدَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاوِيَة خَمْرٍ، وَكَانَ يُهْدِيهَا إِلَيْهِ. فَقَالَ: ((إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهَا بَعْدَكَ)) . فَقَالَ: أَفَلَا أَبِيعُهَا؟ فَقَالَ: ((إِنَّ الَّذِي حَرَّمَ عَلَيْنَا شُرْبَهَا حَرَّمَ عَلَيْنَا بَيْعَهَا)) ، فَقَالَ: أَفَلَا أكَارِم (2) بِهَا الْيَهُودَ؟ [ل133/أ] فَذَكَرَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا، حَرَّمَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُكَارِموا الْيَهُودَ بِهَا. قَالَ: مَا أَصْنَعُ؟ قَالَ: ((صُبَّها فِي الْبَطْحَاءِ)) .

_ = أبو يعلى في "مسنده" (4 / 462 رقم 2590) . د- طريق حفص بن ميسرة، عن زيد بن أسلم. أخرجه مسلم في الموضع السابق من "صحيحه" مقرونًا برواية الإمام مالك السابقة. (2) طريق القعقاع بن حكيم، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلَةَ، به نحو لفظ الإمام مالك السابق، غير أنه ذكر أن الرجل من ثقيف أو من دوس. أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 230) . والدارمي في "سننه" (2 / 40 رقم 2109) . وأبو يعلى في "مسنده" (4 / 353 - 354 رقم 2468) . (3) طريق يحيى بن سعيد الأنصاري، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلَةَ، به مثل لفظ الإمام مالك السابق. أخرجه مسلم في الموضع السابق من "صحيحه". والبيهقي في الموضع السابق من "سننه" (6 / 12) . ومن خلال ما سبق يتضح أن الحديث صحيح لغيره، والله أعلم. (1) هو سالم بن أبي أميَّة، أبو النَّضر المدني، مولى عمر بن عبيد الله التَّيْمي، يروي عن أنس والسائب بن يزيد وسعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن وغيرهم، روى عنه الإمام مالك والسفيانان وموسى بن عقبة وابن جريج =

823- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ قَالَ: نا عَمْرٌو (3) ، عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَة (4) ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَالَ عُثْمَانُ عَلَى الْمِنْبَرِ: إِيَّاكُمْ وَالْخَمْرَ، فَإِنَّهَا مِفْتَاحٌ لِكُلِّ شَرٍّ، وَإِنَّ رَجُلًا مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ قِيلَ: إِمَّا أَنْ تَسْجُدَ لِهَذَا الصَّلِيبِ، وإما أن تحرق هذا

_ = وغيرهم وهو ثقة ثبت، وكان يرسل، وروى له الجماعة كما في "التقريب" (ص226 رقم 2169) ، فقد وثقه ابن عيينة، وكان يصفه بالفضل والعقل والعبادة، وقال ابن سعد: ((ثقة كثير الحديث)) ، ووثقه الإمام أحمد وابن معين وابن المديني وابن نمير والنسائي والعجلي وزاد: ((رجل صالح)) ، وقال أبو حاتم: ((ثقة حسن الحديث)) ، وقال ابن عبد البر: ((أجمعوا على أنه ثقة ثبت)) ، وكانت وفاته سنة تسع وعشرين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (4 / 179 رقم 779) ، و"التهذيب" (3 / 431 - 432 رقم 797) . (2) المُكَارَمَةُ: أن تهدي لإنسان شيئًا ليكافئك عليه، وهي مُفَاعَلَة من الكَرَم، وأراد بقوله: أُكَارِمُ بها يهود: أي: أُهْديها إليهم ليثيبوني عليها. اهـ. من "لسان العرب" (12 / 511 - 512) . [822] سنده ضعيف لإبهام الراوي عن أبي هريرة، وهو صحيح لغيره يشهد له الحديث السابق. وقد أخرجه الحميدي في "مسنده" (2 / 447 - 448 رقم 1034) . وابن عمر في "مسنده" كما في "المطالب العالية المسندة" (ل 65 / ب) ، والمطبوعة (2 / 104 رقم 1775) . كلاهما عن سفيان بن عيينة، به نحو لفظ المصنِّف. (3) هو ابن دينار. (4) تقدم في الحديث [62] أنه ثقة أرسل عن ابن مسعود ونحوه، ووفاة عثمان - رضي الله عنه - كانت سنة خمس وثلاثين للهجرة كما في "التهذيب" (7 / 141) ، ووفاة ابن مسعود قبله بسنتين أو ثلاث كما في "التهذيب" (6 / 28) ، فأخشى أن لا يكون يحيى سمع من عثمان. =

الْكِتَابَ، وَإِمَّا أَنْ تَقْتُلَ هَذَا الصَّبِيَّ، وَإِمَّا أَنْ تُصِيبَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ، وَإِمَّا أَنْ تَشْرَبَ هَذِهِ الْكَأْسَ الْخَمْرَ، فَرَأَى أَنَّهَا أَهْوَنُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا شَرِبَهَا فَعَلَ ذَلِكَ، سَجَدَ لِلصَّلِيبِ (5) ، وَحَرَقَ الْكِتَابَ، وَقَتَلَ الصبي، وأصاب من المرأة.

_ (5) بعد قوله: ((سجد للصليب)) جاء قوله: ((وقتل الصبي)) ، ثم جاء مكرورًا بعد قوله: ((وحرق الكتاب)) ، فحذفته من الموضع الأول اكتفاءً بالثاني. [823] الحديث سنده رجاله ثقات، فإن كان يحيى بن جعدة سمع من عثمان، فالسند صحيح، والأحرى أنه لم يسمع منه، لكن الحديث صحّ من غير طريقه كما سيأتي. فالحديث روى عن عثمان - رضي الله عنه - من ثلاث طرق: (1) طريق يحيى بن جعدة الذي أخرجه المصنِّف هنا. وأخرجه البيهقي في "سننه" (8 / 288) في الأشربة والحدّ فيها، باب ما جاء في تحريم الخمر، من طريق سعدان بن نصر، عن سفيان بن عيينة، به نحوه. (2) طريق إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، أنه سمع عثمان يخطب، فذكر الخمر، فقال: هي مجمع الخبائث - أو: أم الخبائث -، ثم أنشأ يحدِّث عن بني إسرائيل، فقال: إن رجلاً خُيِّر بين أن يقتل صبيًا، أو يمحو كتابًا، أو يشرب خمرًا، فاختار الخمر، فما برح حتى فعلهن كلهن. أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (8 / 193 رقم 4120) من طريق شيخه محمد بن جعفر غندر، عن شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم، به. وهذا إسناد صحيح. فشعبة هو أمير المؤمنين في الحديث، ثقة حافظ متقن كما في الحديث =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = رقم [1] . ومحمد بن جعفر غندر تقدم في الحديث [167] أنه ثقة من أوثق الناس في شعبة. وأما سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، فهو يروي عن أبيه وأنس بن مالك وعبد الله بن جعفر وأبي أمامة بن سهل بن حنيف وغيرهم، روى عن ابنه إبراهيم والزهري وموسى بن عقبة ويحيى بن سعيد الأنصاري والسفيانان وشعبة والحمّادان وغيرهم، وهو ثقة فاضل عابد روى له الجماعة، قال الإمام أحمد: ((ثقة، ولي قضاء المدينة، وكان فاضلاً)) ، وقال ابن معين: ((ثقة لا شك فيه)) ، وقال ابن سعد: ((أن ثقة كثير الحديث)) ، ووثقه العجلي وأبو حاتم والنسائي وغيرهم، وكانت وفاته سنة خمس وعشرين ومائة، وقيل بعدها، وهو ابن اثنتين وسبعين سنة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (4 / 79 رقم 342) ، و"التهذيب" (3 / 463 - 465 رقم 866) ، و"التقريب" (ص230 رقم 2227) . وأبوه إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري يروي عن أبيه وعمر وعثمان وعلي وسعد وطلحة وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه ابناه سعد وصالح والزهري وغيرهم، ذكره جماعة من الأئمة في الصحابة، منهم أبو نعيم وأبو إسحاق الأمين، ومستندهم أنه ولد في حياة النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقد عدّه مسلم وغيره في الطبقة الأولى من تابعي المدينة، ووثقه العجلي ويعقوب بن شيبة والنسائي، وذكره ابن حبان في الثقات، وكانت وفاته سنة خمس أو ست وتسعين للهجرة، وقد روى له الجماعة عدا الترمذي. انظر "تاريخ الثقات" للعجلي (ص53 رقم 29) ، و"الإصابة" لابن حجر (1 / 177 رقم 404) ، و"التهذيب" (1 / 139 - 140 رقم 248) ، و"التقريب" (ص91 رقم 206) . (3) طريق عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هشام، قال: سمعت عثمان بن عفان يخطب الناس، فقال: اجتنبوا الخمر، فإنها أم الخبائث، إن رجلاً ممن كان قبلكم كان =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = يتعبد ويعتزل النساء، فعلقته امرأة غاوية، فأرسلت إليه: إني أريد أن أشهدك بشهادة، فانطلق مع جاريتها، فجعل كلما دخل بابًا، أغلقته دونه، حتى أفضى إلى امرأة وضيئة وعندها باطية فيها خمر، فقالت: إني والله ما دعوتك لشهادة، ولكن دعوتك لتقع علي، أو لتشرب من هذا الخمر كأسًا، أو لتقتل هذا الغلام، وإلا صحت بك وفضحتك. فلما أن رأى أن ليس بدٌّ من بعض ما قالت، قال: اسقيني من هذا الخمر كأسًا، فسقته، فقال: زيديني كأسًا، فشرب، فسكر، فقتل الغلام، ووقع على المرأة، فاجتنبوا الخمر، فوالله لا يجتمع الإيمان وإدمان الخمر في قلب رجل، إلا أوشك أحدهما أن يخرج صاحبه. أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (9 / 236 رقم 17060) عن شيخه معمر، عن الزهري، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرحمن بن الحارث بن هشام، عن أبيه، به. قال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (2 / 97) : ((هذا إسناد صحيح)) . ورواه محمد بن إسحاق الكاتب النيسابوري في "المناهي وعقوبات المعاصي" (ل 216 / أ) من طريق عبد الرزاق. والبَاطِيَةُ: إناء من الزجاج عظيمة، تُملأ من الشراب، وتوضع بين الشَّرْبِ يغرفون منها ويشربون. "لسان العرب" (14 / 74) . وأخرجه النسائي في "سننه" (8 / 315) في الأشربة، باب ذكر الآثام المتولّدة عن شرب الخمر، من طريق عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ معمر، به نحو لفظ عبد الرزاق. وأخرجه النسائي أيضًا في الموضع السابق. والبيهقي في الموضع السابق من "سننه" (8 / 287 - 288) ، وفي "شعب الإيمان" (5 / 10 رقم 5587 / تحقيق زغلول) . كلاهما من طريق يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، به نحو السياق السابق. وأخرجه ابن أبي الدنيا في "ذم المسكر" كما في الموضع السابق من "تفسير ابن كثير"، وكما في "نصب الراية" للزيلعي (4 / 297) . ومن طريقه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (2 / 185 رقم 1122) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = والبيهقي في الموضع السابق من "شعب الإيمان" رقم (5586) . وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" (7 / 367 رقم 5324 / الإحسان بتحقيق الحوت) . كلاهما - ابن أبي الدنيا وابن حبان - من طريق عمر بن سعيد بن سُرَيج، عن الزهري، به نحو لفظ عبد الرزاق السابق، إلا أنه رفعه، فخالف فيه معمر بن راشد ويونس بن يزيد اللَّذَيْن وقفاه على عثمان. والصواب أنه موقوف. فقد سئل الدارقطني في "العلل" (3 / 41 رقم 274) عن هذا الحديث، فقال: ((يرويه الزهري، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرحمن بن الحارث، عن أبيه، واختُلف عنه)) . فأسنده عمر بن سعيد بن سريج [في الأصل: سريح] ، عن الزهري. ووقفه يونس ومعمر وشعيب بن أبي حمزة وغيرهم، عن الزهري. والموقوف هو الصواب. وروي هذا الحديث عن عمرو بن قيس المُلائي، عن الحسن بن عمارة، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيب، عن عثمان، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -. ووهم فيه الحسن في موضعين؛ في رفعه، وفي روايته إياه عن سعيد بن المسيب، والذي قبله أصح)) . اهـ. وأخرجه البيهقي في الموضع السابق من "الشعب"، من طريق عمر بن سعيد، ثم قال: ((رفعه عمر بن سعيد بن سريج هذا، وقد أخبرناه ... )) ، ثم ذكره من طريق يونس موقوفًا، ثم قال: ((فذكره موقوفًا على عثمان - رضي الله عنه -، وهو المحفوظ)) . وأخرجه ابن الجوزي في الموضع السابق من "العلل المتناهية"، ثم أعلّه بكلام الدارقطني السابق. وقال الحافظ ابن كثير في الموضع السابق من "تفسيره": ((والموقوف أصح)) . ولما ذكره الزيلعي في "نصب الراية" (4 / 297) من رواية بن أبي الدنيا، قال: =

824- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ (1) ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ شُرْبُ الخمر.

_ = ((وهذا الحديث رواه البيهقي في "سننه" موقوفًا على عثمان، وهو أصح)) . وبهذا يتضح أن الحديث صحيح عن عثمان رضي الله عنه موقوفًا عليه، والله أعلم. (1) هو سلمة بن دينار. [824] سنده صحيح. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (8 / 112 رقم 3826) ، فقال: حدثنا وكيع، عن خالد بن دينار، عن شيخ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: السُّكْرُ من الكبائر. وهذا إسناد ضعيف لإبهام الراوي عن ابن عباس. وقد روي عن ابن عباس مرفوعًا، ولا يصح. أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (11 / 164 و 203 رقم 11372 و 11498) من طريق عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي أُميَّة، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - يقول: ((الخمر أم الفواحش، وأكبر الكبائر؛ من شربها وقع على أمه وخالته وعمته)) . وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (5 / 67) وزاد نسبته للأوسط للطبراني، ثم قال: ((وفيه عبد الكريم أبو أمية، وهو ضعيف)) . قلت: عبد الكريم هذا هو ابن أبي المُخَارق، وتقدم في الحديث [28] أنه ضعيف، فالحديث ضعيف بهذا الإسناد لأجله. وقول ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا هنا: ((أكبر الكبائر شرب الخمر)) ، معارض في ظاهره لما أخرجه البخاري في "صحيحه" (5 / 261 رقم 2654) في الشهادات، باب ما قيل في شهادة الزور، و (10 / 405 رقم 5976) في الأدب، باب =

825- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ شُبَيْل بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ (1) ، قَالَ: بَلَغَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَجُلٍ كَانَ يَكُونُ بالسَّوَاد (2) يَتَّجِر فِي الْخَمْرِ، فأثْرَى وَكَثُرَ مَالُهُ، فَكَتَبَ فِيهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنِ اكْسِرُوا كُلَّ مَالٍ وَجَدْتُمُوهُ لَهُ، وسَيِّبوا (3) كل ماشية هي له.

_ = عقوق الوالدين من الكبائر. ومسلم في "صحيحه" (1 / 91 رقم 143) في الإيمان، باب بيان الكبائر وأكبرها. كلاهما من حديث أبي بكرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -: ((ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟)) - ثلاثًا -، قالوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: ((الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وجلس - وكان متّكئًا -، فقال: ألا وقول الزور)) ، قال: فمازال يكرِّرها حتى قلنا: ليته سكت. وليس هناك معارضة، فالذي يظهر أن ابن عباس وصفها بأنها أكبر الكبائر باعتبار ما تؤول إليه؛ من إيقاع شاربها في الشرك وقتل النفس والوقوع على محارمه وغير ذلك من سائر المعاصي، كما في حديث عثمان بن عفان السابق رقم [823] ، وكما سبق في بعض طرق حديث ابن عباس هذا. وقد يكون قوله: ((أكبر الكبائر)) ليس على ظاهره من الحصر، بل ((مِنْ)) فيه مقدرة كما قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (10 / 411) ، والله أعلم. (1) هو سعد بن إياس. (2) السَّوَادُ هو: ما حوالي الكوفة من القرى والرَّسَاتيق، وقد يقال: كورةُ كذا وكذا وسوادُها: إلى ما حوالي قَصَبتها وفُسْطاطها من قراها ورساتيقها، وسواد الكوفة والبصرة: قراهما. اهـ. من "لسان العرب" (3 / 225) . (3) تَسْيِيْبُ الدَّوَابّ: إرسالها تذهب وتجيء كيف شاءت. اهـ. من "النهاية في غريب الحديث" (2 / 431) . =

826- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرٌ (1) ، عَنْ لَيْثٍ (2) ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ فِيهِ قِمَار، فَهُوَ مِنَ المَيْسِر، حَتَّى لِعْبُ الصِّبْيَان بالجَوْز (3) والكِعَاب (4) .

_ [825] سنده صحيح. وعزاه المتّقي الهندي في "كنز العمال" (4 / 160 رقم 9979) لأبي عبيد في "كتاب الأموال"، ولابن أبي شيبة في "المصنف". وقد أخرجه أبو عبيد في "الأموال" (ص97 رقم 266) . وابن أبي شيبة في "المصنف" (6 / 446 - 447 رقم 1663) . وحُميد بن زَنْجُويَه في "الأموال" (1 / 271 - 272 رقم 408) . أما أبو عبيد فمن طريق هشيم ومروان بن معاوية، وأما ابن أبي شيبة فمن طريق وكيع، وأما حُميد فمن طريق يعلى بن عبيد، جميعهم عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، به نحوه، وعندهم: ((وسيِّروا)) بدل قوله: ((وسيِّبوا)) ، وزاد أبو عبيد ((ولا يُؤْيَنَّ أحد له شيئًا)) ، وهذه الزيادة عند حميد، وزاد معها: ((فرأيتها ماتت ضَيْعَةً، لا يؤي أحد له شيئًا)) . (1) هو ابن عبد الحميد. (2) هو ابن أبي سُلَيْم، تقدم في الحديث [9] أنه صدوق اختلط جدًّا، فلم يتميز حديثه فتُرك. (3) يتضح من السياق أن الجَوْز ما يُتَلَهّى به، وأنه قد يكون على قمار، وقرنه بالكِعَاب قرينة على أنه يشبهه، وسيأتي تعريف الكعاب، وأما الجوز فلم أجده معرّفًا في كتب اللغة على أنه من الملاهي، وإنما الذي في "لسان العرب" (5 / 330) : ((والجَوْزة: ضرب من العنب ليس بكبير، ولكنه يَصْفَرّ جدًّا إذا أَيْنَعَ. والجَوْز: الذي يؤكل، فارسي معرَّب، واحدته: جَوْزَة، والجمع: جوزات ... ، وأصل الجَوْز: فارسي، وقد جرى في كلام العرب وأشعارها، وخَشَبُهُ موصوف عندهم بالصلابة والقوّة)) . اهـ. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ (4) قال في "النهاية في غريب الحديث" (4 / 179) : ((الكِعَاب: فُصُوص النَّرْد، واحدها: كَعْبٌ، وكَعْبَةٌ. واللعب بها حرام، وكرهها عامة الصحابة. وقيل: كان ابن مُغَفَّل يفعله مع امرأته على غير قمار. وقيل: رخَّصَ فيه ابن المسيب على غير قمار أيضًا)) . اهـ. هذا ما ذكره ابن الأثير رحمه الله في تعريف الكِعَاب، وفي ظَنِّي أن الكعاب التي يلعب بها الصبيان غير هذه التي ذكر ابن الأثير، فإنا أدركناهم يأخذون الكعاب التي في أرجل الأغنام إذا ذُبحت، فيزيلون ما عَلَقَ بها من العَصَب، ويلعبون بها، وأكثر ما يؤخذ الكسب من المغلوب من الكعاب نفسها؛ يتكاثرون بها. [826] سنده ضعيف لضعف الليث بن أبي سُلَيم. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 170) وعزاه لابن أبي شيبة وعبد بن حميد، وابن أبي الدنيا ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (10 / 467 رقم 19728) ، وفي "التفسير" (1 / 88) من طريق شيخه معمر، عن ليث، عن مجاهد وسعيد - أي: ابن جبير - قالا: الميسر: القمار كله، حتى الجوز الذي يلعب به الصبيان. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 324 رقم 4124) . والبيهقي في "سننه" (10 / 213) في الشهادات، باب ما يدلّ على ردّ شهادة من قامر بالحمام أو بالشطرنج أو بغيرهما. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (8 / 741 رقم 6223) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 28 / ب) . كلاهما من طريق وكيع، عن سفيان الثوري، عن ليث، عن عطاء ومجاهد وطاوس - أو اثنين منهم - قالوا: كل شيء من القمار فَهُوَ مِنَ الْمَيْسِرِ، حَتَّى لِعْبُ الصبيان بالجوز. وأخرجه الآجُرِّي في ((تحريم النرد والشطرنج والملاهي)) (ص163 - 164 =

827- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرٌ (1) ، عَنْ مُغِيرَةَ (2) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ قِمَار الصِّبْيَان. [قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} ] 828- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجيح (3) ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {ومن قتله منكم متعمدًا} - قَالَ: مُتَعَمِّدًا لِقَتْلِهِ، نَاسِيًا لِإِحْرَامِهِ، فذلك الذي يحكم عليه.

_ = رقم 42) من طريق المحاربي، عن ليث، عن طاوس وعطاء ومجاهد، به مثل سابقه، وزاد: ((والكعاب)) . وأخرجه ابن أبي الدنيا في "ذم الملاهي" (ل 89 / ب) من طريق عبيد الله بن عمر، عن راو لم يتضح ليس بسبب سوء تصوير النسخة، عن ليث، به مثل لفظ الآجري. (1) هو ابن عبد الحميد. (2) هو ابن مِقْسَم الضَّبِّي، تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه يدلِّس، لا سيّما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه، ولم يصرح بالسماع. [827] سنده ضعيف لما تقدم عن حال مغيرة. (3) هو عبد الله بن أبي نَجيح، تقدم في الحديث [184] أنه ثقة ربما دلَّس، لكن روايته عن مجاهد للتفسير صحيحة. [828] سنده صحيح. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 187) للمصنِّف وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبي الشيخ. وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (11 / 8 رقم 12544) من طريق سفيان ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح، به نحوه، وزاد: فإن قتله ذاكرًا لحُرْمه، متعمدًا =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = لقتله، لم يحكم عليه. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (4 / 389 - 390 رقم 8173) ، وفي "التفسير" (1 / 193) من طريق معمر، عن ابن نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ: {ومن قتله منكم متعمدًا} -: يقتله ناسيًا لإحرامه، يحكم عليه. ثم أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" برقم (8174) من طريق سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي نجيح وليث بن أبي سُليم، كلاهما عن مجاهد قال: إذا أصابه متعمدًا لحُرْمه، متعمدًا لقتله، لم يُحكم عليه، وإذا أصابه متعمدًا له، ناسيًا لحرمه، حُكم عليه. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" برقم (12546) من طريق عيسى بن ميمون، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد: {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ ومن قتله منكم متعمدًا} : غير ناسٍ لحُرْمه، ولا مريدٍ غيره، فقد حلّ، وليست له رخصة، ومن قتله ناسيًا، أو أراد غيره، فأخطأ به، فذلك العمد المكفَّر. والحديث في "تفسير مجاهد" (ص204) من رواية ورقاء، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد، به نحو سابقه، وزاد: ((وعليه مثله من النعم)) . وأخرجه عبد الرزاق في الموضع السابق من "المصنف" من طريق سفيان الثوري، عن اللَّيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ مجاهد، مقرونًا برواية سفيان للحديث عن ابن أبي نجيح. ومن طريق الليث، عن مجاهد، أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (11 / 8 و 9 و 10 رقم 12545 و 12547 و 12548 و 12549 و 12558) ، بمعنى ما سبق، وفي بعض الطرق أورده مختصرًا. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 98) ، فقال: نا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مجاهد قال: كلما أصاب المحرم الصيد ناسيًا حُكم عليه. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (12550 و 12551) من طريق الحكم، عن مجاهد أنه قال في هذه الآية: {ومن قتله متعمدًا} ، قال: يقتله متعمدًا =

829- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانَة (1) ، عَنْ أَبِي بِشْر (2) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ متعمدًا} - قَالَ: لَا أَرَى فِي الْخَطَأِ (3) شَيْئًا. 830- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانة، عَنْ أَبِي بِشْر، عَنْ عَطَاءٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا} - قَالَ: مَنْ قَتَلَ صَيْدًا، ثُمَّ عاد، أعيد عليه الجزاء.

_ = لقتله، ناسيًا لإحرامه. ثم أخرجه أيضًا برقم (12556) من طريق ابن جريج، عن مجاهد، به بنحو لفظ عيسى بن ميمون السابق عن مجاهد. (1) هو وَضَّاح بن عبد الله. (2) هو جعفر بن إياس. (3) قوله: ((الخطأ)) في الأصل: ((القتل)) ، ثم صوّبها، فلم تتضح، فأوضحها في الهامش. [829] سنده صحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 188) وعزاه لابن المنذر فقط، ولفظه: عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي المحرم إذا أمات صيدًا خطأ فلا شيء عليه، وإن أصاب متعمدًا فعليه الجزاء. وأخرجه ابن حزم في "المحلى" (7 /322) من طريق شعبة، عن أبي بشر جعفر بن أبي وحشيّة، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّهُ سئل عن المحرم يقتل الصيد خطأ، قال: ليس عليه شيء، قال: فقلت له: عمّن؟ قال: السُّنَّة. [830] سنده صحيح. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 196) للمصنِّف وعبد بن حميد وابن جرير. وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (11 / 49 رقم 12642) من طريق هشيم، =

831- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيح (1) ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: يُحْكَمُ عَلَيْهِ مَرَّةً أخرى.

_ = عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ عَطَاءٍ بن أبي رباح أنه قال: يحكم عليه كلّما عاد. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (4 / 391 رقم 8176) . وابن جرير في "تفسيره" (11 / 50 رقم 12648) . كلاهما من طريق عبد الكريم الجزري، عن عطاء به، ولفظ ابن جرير مثل لفظه السابق، ولفظ عبد الرزاق قال فيه: ((يُحكم على الذي أصاب الصيد كلما عاد)) . وأخرجه ابن جرير برقم (12649) من طريق زهير، عن سعيد بن جبير وعطاء - في قول الله تعالى ذكره: {ومن عاد فينتقم الله منه} -، قالا: ينتقم الله: يعني بالجزاء: {عفا الله عما سلف} في الجاهلية. وأخرجه ابن جرير أيضًا (11 / 48 - 49 رقم 12636 و 12637 و 12638 و 12639 و 12640) من طرق عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ: {عفاء الله عما سلف} : عما كان في الجاهلية: {ومن عاد} ، قال: في الإسلام: {فينتقم الله منه} ، وعليه الكفارة. قال: قلت لعطاء: فعليه من الإمام عقوبة؟ قال: لا. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (4 / 390 - 391 رقم 8175) من طريق ابن جريج، عن عطاء، مقرونًا برواية سفيان الثوري للحديث عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عطاء، وسيأتي تخريجها في الحديث بعده. (1) تقدم في الحديث [184] أنه ثقة ربما دلّس. [831] سنده ضعيف لأن ابن أبي نجيح لم يصرِّح بالسماع، وهو صحيح لغيره بالطرق المتقدم ذكرها في الحديث السابق. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 49 رقم 12645) من طريق سفيان بن عيينة، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عطاء قال: من قتل الصيد ثم عاد، حكم عليه. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (4 / 390 - 391 رقم 8175) من طريق =

832- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرٌ (1) ، عَنْ مَنْصُورٍ (2) ، عَنِ الحَكَم (3) ، عَنْ مِقسم، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - فِي قَوْلِهِ: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ من النعم} -، قَالَ: إِذَا أَصَابَ الْمُحْرِمُ الصَّيْدَ يَحْكُمُ عَلَيْهِ جَزَاؤُهُ، فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ جَزَاؤُهُ ذَبَحَهُ وتصدَّق بِلَحْمه، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ جَزَاؤُهُ قُوِّم جَزَاؤُهُ دَرَاهِمَ، ثُمَّ قُوِّمت الدَّرَاهِمُ طَعَامًا، فَصَامَ مَكَانَ كُلِّ نِصْفِ صَاعٍ يَوْمًا، وَإِنَّمَا أُرِيدَ بِالطَّعَامِ: الصِّيَامُ، وَإِنَّهُ إِذَا وُجد الطعامُ وُجد جزاؤه.

_ = شيخه سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: يُحْكَمُ عليه مرة واحدة في العمد، ثم رجع فقال: يحكم عليه في العمد والخطأ والنسيان وكلما أصاب. قال عطاء: {عفا الله عما سلف} قال: في الجاهلية، ومن أصاب في الإسلام، لم يدعه الله حتى ينتقم منه، ومع ذلك الكفارة. قال عبد الرزاق: وقاله ابن جريج، عن عطاء. (1) هو ابن عبد الحميد. (2) هو ابن المعتمر. (3) هو ابن عُتَيْبَةَ، تقدم في الحديث [28] أنه ثقة ثبت فقيه، إلا أنه ربما دلَّس، ولم يصرِّح هنا بالسماع، بل إنه يروي هنا عن مقسم مولى ابن عباس، ولم يسمع منه سوى خمسة أحاديث فقط كما في "التهذيب" (2 / 434) ، وليس هذا منها. [832] سنده ضعيف لما تقدم عن رواية الحكم عن مقسم. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 188) وعزاه للمصنِّف وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ. وأخرجه البيهقي في "سننه" (5 / 186) في الحج، باب من عدل صيام يوم بمدّين من طعام، من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال: فإن لم يكن عنده جزاؤه)) ، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = و: ((إنه إذا وجد الطعام)) . وأخرجه ابن حزم في "المحلى" (7 / 332 - 333) من طريق المصنِّف، نا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عن منصور، عن الحكم بن عتيبة، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: إِذَا أَصَابَ الْمُحْرِمُ الصَّيْدَ، فإن كان عنده جزاء ذبحه، فإن لم يكن عنده جزاء، قُوِّم جَزَاؤُهُ دَرَاهِمَ، ثُمَّ قُوِّمت الدَّرَاهِمُ طَعَامًا، فَصَامَ مَكَانَ كُلِّ نصف صاع يومًا. وإنما جعل الطعام للصائم؛ لأنه إِذَا وُجد الطعامُ وُجِدَ جَزَاؤُهُ. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (ص184 - 185 رقم 1219 / القسم الأول من الجزء الرابع) . وابن جرير في "تفسيره" (11 / 15 - 16 و 32 رقم 12569 و 12570 و 12572 و 12602) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 32 / أ، ول 33 / ب) . ثلاثتهم من طريق جرير بن عبد الحميد، به نحوه، إلا أن إسناد ابن جرير رقم (12572) تصحف فيه: ((جرير بن عبد الحميد)) إلى: ((عبد بن حميد)) . وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (12571 و 12609) من طريق سفيان بن حسين، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابن عباس: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} ، فإن لم يجد هديًا، قُوِّم الهدي عليه طعامًا، وصام عن كل صاع يومين. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (4 / 397 رقم 8198) من طريق الثوري، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ ابن عباس قال: إنما جعل الطعام ليُعلم به الصيام. كذا رواه عبد الرزاق عن الثوري، عن منصور؛ بإسقاط مقسم من سنده! وقد يكون السقط من الطباعة أو من النُّسَّاخ، والله أعلم.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ البَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ} ] 833- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا مُعْتَمر بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ (1) ، عَنْ أَبِي مِجْلَز (2) ، عَنِ ابْنِ (عَبَّاسٍ) (3) - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لكم} - قَالَ: طَعَامُهُ: مَا قَذَفَ بِهِ.

_ (1) هو سليمان بن طَرْخان التَّيْمي. (2) هو لاَحِق بن حُميد. (3) في الأصل: ((عياش)) ، وما أثبته من مصادر التخريج. [833] سنده صحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 198) وعزاه للمصنِّف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ والبيهقي في "سننه". وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (5 / 383) . وابن جرير في "تفسيره" (11 / 63 رقم 12694) . كلاهما من طريق سفيان الثوري، عن سليمان التيمي، به مثله، إلا أن اسم أبي مجلز تصحف في المطبوع من "مصنف ابن أبي شيبة" إلى: ((أبي مخلد)) . وأخرجه ابن جرير أيضًا (11 / 62 رقم 12690) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 34 / ب - 35 / أ) . كلاهما من طريق أبي خالد الأحمر، عن سليمان التيمي، به، ولفظ ابن جرير مثله، ولفظ ابن أبي حاتم قال فيه: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - فِي قَوْلِهِ: {وطعامه} -، قال: ما قذف - يعني ميتًا -. وأخرجه ابن جرير برقم (12689) من طريق إسماعيل بن عليّة، عن سليمان التيمي، به مثله. وأخرجه البيهقي في "سننه" (5 / 208) في الحج، باب ما للمحرم قتله من صيد البحر، و (9 / 255) في الصيد والذبائح، باب ما لفظ البحر وطفَا من ميتة، =

834- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ (1) ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ (2) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - فِي قَوْلِهِ: {أُحِلَّ لَكُمْ صيد البحر وطعامه} -، قَالَ: صَيْدُهُ: الطَّرِيُّ، وطعامُهُ: المَالح، للمسافر والمقيم.

_ = أما في الموضع الأول فمن طريق عمرو بن حبيب، وأما في الموضع الثاني فمن طريق علي بن عاصم، كلاهما عن سليمان التيمي، به نحوه. (1) هو ابن عبد الله الطحّان الواسطي. (2) تقدم في الحديث [6] أنه ثقة، إلا أنه اختلط في آخر عمره، وتقدم في الحديث [782] أن خالد بن عبد الله الطحّان ممن سمع منه بعد الاختلاط. [834] سنده ضعيف لاختلاط عطاء بن السائب كما سبق، وقد تابعه خصيف كما سيأتي وهو ضعيف من قبل حفظه، والصواب في الحديث أنه عن سعيد بن جبير من قوله، وأما رواية سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عباس في تفسير هذه الآية، فالصحيح أنها بلفظ: صَيْدُهُ مَا اصْطِيدَ، وَطَعَامُهُ مَا لفظ به البحر كما سيأتي في الحديث بعده رقم [835] ، ويشهد له الحديث السابق رقم [833] ، وانظر ما سيأتي نقله عن ابن جرير فيما يتعلق بمتن الحديث. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 198) وعزاه المصنِّف وابن جرير وابن أبي حاتم وأبي الشيخ. وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 35 / أ) من طريق سفيان الثوري، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جبير، عن ابن عباس: {وطعامه متاعًا لكم} ، قال: السمك المليح يتزوَّدونه. وهذا إ سناد ضعيف، فخصيف بن عبد الرحمن الجَزَري تقدم في الحديث [204] أنه صدوق سيء الحفظ. ورواه أبو حَصين عثمان بن عاصم، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: {أحل لكم صيد البحر} : الطري، {وطعامه متاعًا لكم} ، قال: السمك المالح. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = أخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص104 - 105 رقم 258) عن أبي حُصَيْنٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ من قوله، ليس فيه ذكر لابن عباس. وهذا إسناد صحيح رجاله أئمة ثقات تقدمت تراجمهم. ومن طريق الثوري أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" 11 / 59 و 66 و 67 رقم 12674 و 12676 و 12677 و 12678 و 12711 و 12715 و 12719) . وتابع أبا حصين كل من سالم الأفطس وأبو بشر جعفر بن إياس بن أبي وحشيَّة. فأخرجه ابن جرير برقم (12711) مقرونًا بإحدى روايات أبي حصين السابقة، من طريق سالم الأفطس، عن سعيد - في قوله تعالى: {متاعًا لكم} - قال: المليح. ثم أخرجه برقم (12713) من طريق سالم أيضًا، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ - فِي قَوْلِهِ: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وطعامه متاعًا لكم} -، قال: يأتي الرجل أهل البحر فيقول: أطعموني، فإن قال: غريضًا، ألقوا شبكتهم فصادوا له، وإن قال: أطعموني من طعامكم، أطعموه من سمكهم المالح. وأخرجه ابن جرير أيضًا (11 / 68 رقم 12721) من طريق شيخه محمد بن بَشَّار بندار، عن محمد بن جعفر غندر، عن شعبة، عن أبي بشر جعفر بن إياس، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ - فِي هذه الآية: {وطعامه متاعًا لكم} - قال: الصِّير، قال شعبة: فقلت لأبي بشر: ما الصِّير؟ قال: المالح. ثم أخرجه بن جرير برقم (12722) من طريق هشام بن الوليد، عن شعبة، به نحو سابقه. فتبين بهذا أن الصحيح ما رواه هؤلاء الثلاثة: أبو حصين عثمان بن عاصم، وسالم الأفطس وأبو بشر جعفر بن إياس، عن سعيد بن جبير من قوله. =

835- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ (1) ، قَالَ: نا حُصَيْن (2) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: صَيْدُهُ (مَا اصْطِيد) (3) ، وَطَعَامُهُ مَا لَفَظَ بِهِ البحر.

_ = وأما عن ابن عباس، فلفظه - على الصحيح -: صَيْدُهُ مَا اصْطِيدَ، وَطَعَامُهُ مَا لفظ به البحر كما في الحديث الآتي. والذي صح عن ابن عباس هو الصواب، وما ذهب إليه سعيد لا معنى له؛ يقول ابن جرير - رحمه الله - في "تفسيره" (11 / 69 - 70) : (وأولى هذه الأقوال بالصواب عندنا: قول من قال: ((طعامه)) : ما قذفه البحر، أو حَسَر عنه، فوُجد ميتًا على ساحله، وذلك أن الله تعالى ذكره ذَكَر قبله صيد الذي يصاد، فقال: ((أحل لكم صيد البحر)) ، فالذي يجب أن يعطف عليه في المفهوم: ما لم يُصَدْ منه، فقال: أحل لكم ما صدتموه من البحر، وما لم تصيدوه منه. وأما ((المليح)) ، فإنه ما كان منه مُلِّح بعد الاصطياد، فقد دخل في جملة قَوْلِهِ: ((أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ)) ، فلا وجه لتكريره، إذ لا فائدة فيه، وقد أعلم عباده - تعالى ذكره - إحلاله ما صيد من البحر بقوله: ((أحل لكم صيد البحر)) ، فلا فائدة أن يقال لهم بعد ذلك: ((ومليحه الذي صيد حلال لكم)) ، لأن ما صيد منه فقد بُيِّن تحليله، طريًّا كان أو مليحًا؛ بقوله: ((أحل لكم صيد البحر)) ، والله يتعالى عن أن يخاطب عباده بما لا يفيدهم به فائدة)) . اهـ. والله أعلم. (1) تقدم في الحديث [76] أنه صدوق اختلط في آخر عمره، لكن تابعه هشيم كما سيأتي. (2) هو ابن عبد الرحمن السُّلمي، تقدم في الحديث [56] أنه ثقة تغير حفظه في الآخر، لكن هذا الأثر رواه عنه هشيم كما سيأتي، وهو ممن سمع منه قبل الاختلاط كما سبق بيانه في الحديث رقم [91] . (3) في الأصل: ((ما أصيد)) ، والتصويب من الموضع الآتي من "سنن البيهقي"، فإنه روى الحديث من طريق المصنف. =

836- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانة (1) ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ (2) ، عَنْ أَبِيهِ (3) ، عَنْ أَبِي هريرة قال: (قدمت) (4) البحرين،

_ [835] سند المصنف فيه خلف وحصين وتقدم بيان حالهما، لكن هذا الحديث من صحيح حديثهما، فإن خلفًا قد توبع، وحصين رُوي عنه هذا قبل الاختلاط. وأخرجه البيهقي في "سننه" (9 / 255) في الصيد والذبائح، باب ما لفظ البحر وطفا من ميِّتة، من طريق المصنِّف، به مثله. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 57 و 62 رقم 12669 و 12688) في كلا الموضعين من طريق شيخه يعقوب بن إبراهيم الدَّوْرَقي، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا حصين، ... ، فذكره بمثله، إلا أنه ذكر الصيد في الموضع الأول، والطعام في الموضع الثاني، ووقع عنده: ((ما صيد منه)) بدل قوله: ((ما اصطيد)) . وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات تقدم تراجمهم. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (12671 و 12693) من طريق عبد الله بن عبيد بن عمير، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - فِي قَوْلِهِ: {أحل لكم صيد البحر} - قال: صيده ما صيد. هذا لفظه في الموضع الأول، وفي الثاني قال: عن ابن عباس: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} ، قال: طعامه: ما وجد على الساحل ميتًا. (1) هو وضَّاح بن عبد الله. (2) هو عمر بن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزُّهْري، قاضي المدينة، روى عن أبيه وإسحاق بن يحيى بن طلحة، روى عنه مِسْعَر وهُشَيم وأبو عوانة وغيرهم، وهو صدوق يخطئ كما في "التقريب" (ص413 رقم 4910) ، قال ابن المديني: ((تركه شعبة)) ، وقال ابن سعد: ((كان كثير الحديث، وليس يُحتجّ بحديثه)) ، وقال الجوزجاني: ((ليس بقوي في الحديث)) ، وقال النسائي: ((ليس بالقوي)) ، وقال ابن خزيمة: ((لا يحتجّ بحديثه)) ، وقال البخاري: ((صدوق، إلا =

فَسَأَلَنِي أَهْلُهَا عَمَّا يَقْذِفُ الْبَحْرُ مِنَ السَّمَكِ، فَأَمَرْتُهُمْ بِأَكْلِهِ، فَلَمَّا قَدِمْتُ سَأَلْتُ عُمَرَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: مَا أَمَرْتَهُمْ؟ فَقُلْتُ: أَمَرْتُهُمْ بِأَكْلِهِ، فَقَالَ: لَوْ قُلْتَ غَيْرَ ذَلِكَ لَعَلَوْتُكَ بالدِّرَّة (5) ، ثُمَّ قَرَأَ عُمَرُ: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وطعامه} ، قَالَ: صَيْدُهُ: مَا اصْطِيدَ، وَطَعَامُهُ ما رمى به.

_ = أنه يخالف في بعض حديثه)) ، وقال أبو حاتم: ((هو عندي صالح صدوق في الأصل، ليس بذاك القوي، يكتب حديثه ولا يحتجّ به، يخالف في بعض الشيء)) ، وقال ابن معين في رواية: ((ضعيف الحديث)) ، وفي أخرى قال: ((ليس به بأس)) ، وقال أبو خيثمة: ((صالح إن شاء الله)) ، وذكره ابن شاهين في الثقات وقال: ((صالح ثقة إن شاء الله، قاله أحمد)) - يعني ابن حنبل -، وقال العجلي: ((لا بأس به)) ، وقال ابن عدي: ((حسن الحديث، لا بأس به)) ، وكانت وفاته سنة اثنتين وثلاثين ومائة مقتولاً بالشام مع بني أمية)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (6 / 117 - 118 رقم 635) ، و"تاريخ أسماء الثقات" لابن شاهين (ص136 رقم 711) ، و"التهذيب" (7 / 456 - 457 رقم 759) . (3) هو أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن عوف الزُّهري، المدني، قيل: اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل، وقيل: اسمه كنيته، روى عن أبي هريرة وعبد الله بن عمر وابن عباس وعبد اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وأبي سعيد الخدري وأنس وجابر وعائشة وأم سلمة وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه ابنه عمر وأولاد إخوته: سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن وعبد المجيد بن سهيل بن عبد الرحمن، والأعرج وعروة بن الزبير والزهري وغيرهم، وهو ثقة مكثر روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص645 رقم 8142) ، قال ابن سعد: ((كان ثقة فقيهًا كثير الحديث)) ، وقال العجلي: ((مدني تابعي ثقة)) ، وقال أبو زرعة: ((ثقة إمام)) ، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: ((كان من سادات قريش)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 93 - 94 رقم 429) ، و"تاريخ =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = الثقات" للعجلي (ص499 رقم 1960) ، و"التهذيب" (12 / 115 - 118 رقم 537) . (4) ما بين القوسين سقط من الأصل، وفي موضعه إشارة إدخال، لكن لم يكتب في الهامش شيء، وما أثبته من الموضع الآتي من "سنن البيهقي"، فإنه روى الحديث من طريق المصنف. (5) الدِّرَّة - بكسر الدال المشددة، بعدها راء مشدّدة مفتوحة -: هي دِرَّة السلطان التي يَضرِب بها. انظر "لسان العرب" (4 / 282) . [836] سنده ضعيف لضعف عمر بن أبي سلمة من قبل حفظه، وهو صحيح من غير طريقه مع بعض الاختلاف في السياق كما سيأتي. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 197 - 198) للمصنِّف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبي الشيخ والبيهقي في "سننه". والبيهقي أخرجه في "سننه" (9 / 254) في الصيد والذبائح، باب ما لفظ البحر وطفا من ميِّته، من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال: ((فسألني أهل البحرين)) ، و: ((سألت عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عنه -)) ، و: ((ثم قرأ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عنه -)) ، وزاد في الآية قوله تعالى: {متاعًا لكم} . وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 57 و 61 رقم 12667 و 12687) من طريق هشيم، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، به نحوه، إلا أنه اختصره في الموضع الأول. وقد رويت القصة على وجه آخر، فلست أدري، هل أخطأ عمر بن أبي سلمة، فرواها بهذا اللفظ، أو أن القصة وقعت مرتين؟ فالحديث أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (4 / 433 رقم 8344) من طريق شيخه معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلًا من أهل الشام استفتاه في لحم صيد أصابه وهو محرم، فأمره بأكله. قال: فلقيت عمر فأخبرته بمسألة الرجل، فقال لي [في الأصل: له] : ما أفتيته؟ =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = قلت: بأكله، قال: والذي نفس عمر بيده لو أفتيته بغير ذلك لضربتك بالدِّرَّة. وهذا من أصح الأسانيد عن أبي هريرة كما في "النكت" على كتاب ابن الصلاح للحافظ ابن حجر (1 / 251) ، وتعليق الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - على "ألفية السيوطي" (ص8) ، فرجال الإسناد جميعهم ثقات تقدمت تراجمهم، عدا يحيى بن أبي كثير. وهو يحيى بن أبي كثير الطَّائي، مولاهم، أبو نَصْر اليَمَامي، يروي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ومحمد بن إبراهيم التَّيْمي وعكرمة وعطاء وغيرهم، روى عنه ابنه عبد الله وأيوب السِّخْتياني ويحيى بن سعيد الأنصاري وهشام بن حسّان وهشام الدَّسْتوائي وهمّام بن معمر بن راشد وغيرهم، وهو ثقة ثبت روى له الجماعة، قال أيوب السختياني: ((ما بقي على وجه الأرض مثل يحيى)) ، وقال أيضًا: ((ما أعلم أحدًا بعد الزهري أعلم بحديث أهل المدينة من يحيى)) ، وقال شعبة: ((يحيى أحسن حديثًا من الزهري)) ، وقال الإمام أحمد: ((يحيى بن أبي كثير من أثبت الناس، إنما يُعَدّ مع الزهري ويحيى بن سعيد، وإذا خالفه الزهري، فالقول قول يحيى بن أبي كثير)) ، وقال العجلي: ((ثقة، كان يُعَدّ من أصحاب الحديث)) ، وقال أبو حاتم: ((يحيى بن أبي كثير إمام لا يحدث إلا عن ثقة)) ، وقال العقيلي: ((كان يُذكر بالتدليس)) ، وقال ابن حبان: ((كان يدلِّس، فكلُّ ما روى عن أنس فقد دلّس عنه؛ لم يسمع من أنس ولا من صحابي)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 141 - 142 رقم 599) ، و"التهذيب" (11 / 268 - 270 رقم 539) ، وانظر "التقريب" (ص596 رقم 7632) . وما ذكر عن يحيى من التدليس، فإنما يراد به الإرسال كما يتضح من عبارة ابن حبان من أنه لم يسمع من أنس ولا من صحابي، وقد ذكره الحافظ ابن حجر في الطبقة الثانية من "طبقات المدلسين" (ص76 رقم 63) وهم من احتمل الأئمة تدليسهم. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" أيضًا (4 / 432 رقم 8342) من طريق شيخه معمر، عن الزهري، عن سالم، أنه سمع أبا هريرة يحدِّث أباه قال: سألني قوم محرمون عن قوم مُحِلِّين أهدوا لهم صيدًا، فأمرتهم بأكله، ثم رأيت عمر، فسألته، فقال: كيف أفتيتهم؟ فأخبرته، فقال: لو أفتيتهم بغيره لأوجعتك. قال معمر: وسمعت عمرو بن دينار يخبر عن طَلْق بن حبيب أن أبا هريرة أخبر =

837- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَا يَحِلُّ لَكُمُ الصَّيْدُ وَأَنْتَ مُحْرِمٌ، وَقَرَأَ: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ البر ما دمتم حرمًا} .

_ = ابن عمر بهذا الخبر، فقال أبو مجلز لابن عمر: فما تقول أنت؟ قال: ما أقول فيه وعمر خير مني، وأبو هريرة خير مني. قال عمرو: كان ابن عمر يكره أكله. وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات تقدمت تراجمهم، وسالم هو ابن عبد الله بن عمر، وأبو مِجْلز اسمه: لاحق بن حميد. وأخرجه البيهقي في "سننه" (5 / 189) في الحج، باب ما يأكل المحرم من الصيد، من طريق الإمام مالك، عن ابن شهاب الزهري، به نحو سابقه إلى قوله: ((لأوجعتك)) . [837] سنده صحيح. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 199) للمصنَّف وأبي عبيد وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم، لكنه جمع متن هذه الرواية والرواية الآتية في سياق واحد. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (4 / 428 رقم 8330) من طريق شيخه سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، به، لكن بلفظ: هي مبهمة - في قوله: {وحرم عليكم صيد البر مادمتم حرمًا} . وهذا إنما هو لفظ الرواية الآتية. وأخرجه عبد الرزاق أيضًا برقم (8329) من طريق شيخه معمر، عن عبد الله بن طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عباس أنه كان يكره لحم الصيد للمحرم. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 83 رقم 12766 و 12767) من طريق سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَا صيد أو ذبح وأنت حلال فهو لك حلال، وما صيد أو ذبح وأنت حرام فهو عليك حرام. وأخرجه ابن جرير أيضًا (11 / 77 رقم 12748) من طريق يعلى بن حكيم، =

838- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْبَصْرِيِّ (1) ، عَنْ طاوس، عن ابن عباس [ل133/ب] قَالَ: هِيَ مُبْهَمَةٌ (2) . [قَوْلُهُ تَعَالَى: { [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ القُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللهُ عَنْهَا وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (101) قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ (102) مَا جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} ] 839- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَتَّاب (3) ، (عَنْ) (4) خُصَيف (5) ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا تَسْأَلُوا عَنْ =

_ = عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أنه كان يكرهه على كل حال، ما كان محرمًا. (1) هو ابن أبي المُخَارِق، تقدم في الحديث [28] أنه ضعيف. (2) سيأتي ما يفسرها في رواية ابن أبي حا تم حيث زاد: ((صيده وأكله حرام على المحرم)) ، فهو يتفق مع الحديث السابق في معناه. [838] سنده ضعيف لضعف عبد الكريم، وهو صحيح بالطريق السابق. وأخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من الجزء الرابع من "المصنف" (ص360 رقم 2352) عن شيخه سفيان بن عيينة، عن عبد الكريم، بمثل ما هنا سواء. وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 35 / ب) من طريق ابن أبي عمر، عن سفيان بن عيينة، عن عبد الكريم، به بلفظ: هي مبهمة، صيدُه وأكله حرام على المحرم. فإن كان هذا هو معنى قوله: ((هي مبهمة)) ، فهو صحيح بالطريق السابق، بل جاء هناك في رواية عبد الرزاق للحديث عن سفيان بن عيينة، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: هِيَ مُبْهَمَةٌ - في قوله: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دمتم حرمًا} - وهذا إسناد صحيح. (3) هو ابن بشير، تقدم في الحديث [204] أنه لا بأس به، إلا في روايته عن خصيف، فإنها منكرة.

= أشياء} - قَالَ: يَعْنِي البَحِيَرةَ (6) ، والسَّائِبَةَ (7) ، والوَصِيلةَ (8) ، والْحَامِ (9) ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَقُولُ: مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ كَذَا وَكَذَا؟ وَأَمَّا عِكْرمة فَإِنَّهُ قَالَ: كَانُوا يَسْأَلُونَ (10) عَنِ الْآيَاتِ، فنُهوا عَنْ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: {قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ} ، فَقُلْتُ (11) : إِنَّهُ حَدَّثني مُجَاهِدٌ بِخِلَافِ هَذَا، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَمَا لكَ تَقُولُ هذا؟ فقال: هَاهْ! (12) .

_ (4) في الأصل: ((عتاب بن خصيف)) . (5) هو ابن عبد الرحمن الجَزَري، تقدم في الحديث [204] أنه صدوق سيء الحفظ. (6) البَحِيَرةُ: كان أهل الجاهلية إذا ولدت إبلهم بَحَرُوا أذنه: أي شَقُّوها، وقالوا: اللهم إن عاش فَفَتِيّ، وإن مات فَذَكيّ، فإذا مات أكلوه وسَمَّوْهُ: البَحِيرة. وقيل: البَحِيرَةُ: هي بنت السَّائِبة؛ كانوا إذا تابعت الناقة بين عشر إناث، لم يُركَب ظهرُها، ولم يُجَزَّ وَبَرُها، ولم يَشْرب لبنَها إلا ولدها أو ضيف، وتركوها مُسَيَّبة لسَبِيلها، وسَمَّوها: السائبة، فما ولدت بعد ذلك من أنثى، شَقُّوا أُذُنَها وخَلَّوا سبيلها، وحرُم منها ما حرم من أمها، وسَمَّوها: البَحيرَة. "النهاية في غريب الحديث" (1 / 100) . (7) تقدم بيان معناه مع البحيرة. (8) الوَصِيلَةُ: هي الشاة إذا وَلَدَت ستَّة أبْطُن، أُنْثَيَيْنِ أُنثيين، وولدت في السابعة ذكرًا وأنثى، قالوا: وصلت أخاها، فأحلّوا لبنها للرجال، وحرَّموه على النساء. وقيل: إن كان السابع ذكرًا ذُبح، وأكَل منه الرجال والنساء، وإن كانت أنثى، تُركت في الغنم، وإن كان ذكراً وأنثى قالوا: وصلت أخاها، ولم تُذبح، وكان لبنها حرامًا على النساء. "النهاية في غريب الحديث" (5 / 192) . (9) الحَامِي: هو الفَحْلُ من الإبل، يضرب الضِّرَابَ المعدودة، قيل: عشرة أبْطُن، فإذا بلغ ذلك، قالوا: هذا حَامٍ، أي: حَمَى ظَهْره، فيُترك، فلا ينتفع منه =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = بشيء، ولا يُمنع من ماء ولا مَرْعَى. اهـ. من "لسان العرب" (14 / 202) . (10) في الأصل: ((يسلون)) . (11) القائل هو خصيف. (12) عكرمة مولى ابن عباس ممن كثر الكلام فيه، حتى إنه اتهم بالكذب، وجميع ذلك مدفوع بحمد الله، وهو ثقة ثبت كما سبق بيانه في الحديث رقم [115] . وخصيف هنا يشير إلى أن عكرمة قال قولاً يخالف قول ابن عباس، مع أنه من تلاميذه، فلما أخبره بقول ابن عباس أصابته الدهشة، فقال: ((هاه!)) ، لكن طريقة محادثة خصيف لعكرمة تشعر بعدم رضائه عنه، فلعله ممن تأثر بما قيل عن عكرمة، أو انحاز إلى صف مجاهد لكثرة مجالسته له أكثر من عكرمة، ومجاهد سيء الرأي في عكرمة كما يتضح من مطالعة "تفسير ابن جرير الطبري" (9 / 216 - 217 و 218 - 219) ، وذلك محمول على أنهم أقران، وكلام الأقران بعضهم في بعض لا يلتفت إليه، قال حبيب بن أبي ثابت: اجتمع عندي خمسة: طاوس ومجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة وعطاء، فأقبل مجاهد وسعيد بن جبير يلقيان على عكرمة التفسير، فلم يسألاه عن آية إلا فسرها لهما، فلما نفد ما عندهما جعل يقول: أنزلت آية كذا في كذا، وأنزلت آية كذا في كذا. "تهذيب التهذيب" (7 / 266) . [839] سنده ضعيف لما تقدم عن حال خصيف ورواية عتّاب عنه. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 208) وعزاه للمصنِّف وابن جرير وابن المنذر وأبي الشيخ وابن مردويه. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 111 رقم 12811) من طريق شيخه إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد، قال: حدثنا عتاب بن بشير ... ، فذكره بنحوه، إلا أنه قال: ((هيه)) بدل قول: ((هاه)) .

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} ] 840- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ (1) قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ على المنبر: إن الناس يقرؤون هَذِهِ الْآيَةَ، لَا يَدْرُونَ كَيْفَ مَوْضِعُهَا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضل إذا اهتديتم} ، وَإِنَّ الْقَوْمَ إِذَا عُمِلَ فِيهِمْ بِالْمَعَاصِي، فَلَمْ يُنْكِرُوهُ، وَرَأَوُا الظَّالِمَ، فَلَمْ يُغيِّروا عَلَيْهِ، عَمَّهم اللَّهُ بعقاب.

_ (1) هو قيس بن أبي حازم البَجَلي، أبو عبد الله الكوفي، روى عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد والزبير وطلحة وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه إسماعيل بن أبي خالد وبيان بن بشر ومجالد بن سعيد والحكم بن عتيبة والأعمش وغيرهم، وهو ثقة مخضرم، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين وقال: ((هو أوثق من الزهري)) ، وقال إسماعيل بن أبي خالد: ((حدثنا قيس؛ هذه الأسطوانة)) - يعني في الثقة -، ووثقه العجلي وابن شاهين، وقال أبو داود: ((أجود التابعين إسنادًا: قيس بن أبي حازم؛ روى عن تسعة من العشرة، ولم يرو عن عبد الرحمن بن عوف)) ، وقال يعقوب بن شيبة: ((وقيس من قدماء التابعين، وقد روى عن أبي بكر فمن دونه، وأدركه وهو رجل كامل، ويقال: إنه ليس أحد من التابعين جمع أن روى عن العشرة مثله، إلا عبد الرحمن بن عوف، فإنا لا نعلمه روى عنه شيئًا، ثم قد روى بعد العشرة عن جماعة من الصحابة وكبرائهم، وهو متقن الرواية، وقد تكلم أصحابنا فيه، فمنهم من رفع قَدْره وعظّمه وجعل الحديث عنه من أصح الإسناد، ومنهم من حمل عليه وقال: له أحاديث مناكير، والذين أطروه حملوا هذه الأحاديث على أنها عندهم غير مناكير، وقالوا: هي غرائب، ومنهم من حمل عليه في مذهبه، وقالوا: كان =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = يحمل على علي، والمشهور عنه أنه كان يقدم عثمان، ولذلك تجنب كثير من قدماء الكوفيين الرواية عنه)) ، وقال إسماعيل بن أبي خالد: ((عُمِّر قيس حتى جاز المائة بسنين كثيرة حتى خرف وذهب عقله)) ، وقال يحيى بن سعيد القطان: ((قيس بن أبي حازم منكر الحديث)) . اهـ. من "تاريخ الثقات" للعجلي (ص392 رقم 1393) ، و"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (7 / 102 رقم 579) ، و"تاريخ أسماء الثقات" لابن شاهين (ص191 رقم 1158) ، و"التهذيب" (8 / 386 - 389 رقم 689) ، و"التقريب" (ص456 رقم 5566) . أقول: ويتضح مما سبق أنه تُكُلِّم في قيس بن أبي حازم بأمور ثلاثة: 1- أنه روى أحاديث مناكير. ... ... 2- أنه كان يحمل على عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. 3- أَنَّهُ تغير في آخر عمره. ويجاب عن ذلك: بأن الأحاديث المناكير التي رواها أحاديث تفرّد بها لم يتابع عليها، ولا ينكر على مثله أن يروي أشياء لا يرويها غيره؛ لسعة علمه، والمقصود بالنكارة هنا: مطلق التفرد، لا نكارة المتن. وقد ذكر الحافظ الذهبي قيسًا هذا في "ميزان الاعتدال" (3 / 392 - 393 رقم 6908) وقال: ((ثقة حجّة، كاد أن يكون صحابيًا، وثّقه ابن معين والناس، وقال علي بن عبد الله، عن يحيى بن سعيد: منكر الحديث، ثم سمّى له أحاديث استنكرها فلم يصنع شيئًا، بل هي ثابتة لا ينكر له التَّفَرُّد في سعة ما روى)) . وقال الحافظ ابن حجر في الموضع السابق من "التهذيب": ((مراد القطّان بالمنكر: الفرد المطلق) . وأما ما قيل من أنه كان يحمل على علي، فالذي يرى هذا الرأي هم الكوفيون كما يتضح من كلام يعقوب بن شيبة، والكوفيون عندهم ميل إلى علي - رضي الله عنه - يزيد على الحدّ المطلوب شرعًا، ومن ذلك: تقديمهم له على عثمان رضي الله عنهما، فلما رأوا قيسًا - وهو كوفي - يقدِّم عثمان عليه - وهذا هو الصحيح -، عدُّوا ذلك تحاملاً، وحاشاه. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأما تغيُّره في آخر عمره، فهذا إنما حصل له بسبب كبر سنه، ولم يُذكر أن ذلك طال معه وأنه حدَّث في تغيُّره، ولما ذكر الذهبي قول إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ تغيُّر قيس بعدما كبر، قال - كما في الموضع السابق من "الميزان" -: ((قلت: أجمعوا على الاحتجاج به، ومن تكلَّم فيه فقد آذى نفسه، نسأل الله العافية وترك الهوى)) . اهـ. [840] سنده صحيح، بل إن رواية إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قيس بن أبي حازم، عن أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هي أصح الأسانيد إلى أبي بكر كما في "النكت على كتاب ابن الصلاح" للحافظ ابن حجر (1 / 256 - 257) . والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 215) وعزاه لابن أبي شيبة والإمام أحمد وعبد بن حميد والعدني وابن منيع والحميدي في "مسانيدهم" ولأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وأبي يعلى والكجَّي في "سننه" وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان والدارقطني في "الأفراد" وأبي الشيخ وابن مردويه والبيهقي في "شعب الإيمان" والضياء في "المختارة". ومدار الحديث على قيس بن أبي حازم، وله عن قيس ست طرق: (1) طريق إسماعيل بن أبي خالد، واختلف عليه، فمنهم من رواه عنه، عن قيس، عن أبي بكر موقوفًا عليه كما هنا. ومنهم من رفع منه قوله: ((وإن القوم ... )) الخ، وفي بعض الروايات: ((إن الناس إذا رأوا المنكر ... )) الخ، ومنهم من رفعه جميعه كما سيأتي. وقد تطرَّق لهذا الاختلاف أبو زرعة والدارقطني وغيرهما. أما أبو زرعة، فقد سأله عبد الرحمن بن أبي حاتم عن هذا الحديث، فقال: ((وقفه ابن عيينة ووكيع ويحيى بن سعيد القطان، عن إسماعيل، ويونسُ بن أبي إسحاق، ورواه يونس عن طارق، عن (في الأصل: بن) بيان بن بشر، عن قيس، عن أبي بكر موقوف. ورواه الحكم، عن قيس، عن أبي بكر موقوف. قال أبو زرعة: وأحسب إسماعيل بن أبي خالد كان يرفعه مرة ويوقفه =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = مرة)) . اهـ. وسئل الدارقطني في "العلل" (1 / 249 - 253) عن هذا الحديث، فأجاب بقوله: ((هو حديث رواه إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قيس، فرواه عنه جماعة من الثقات، فاختلفوا عليه فيه. فمنهم من أسنده إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، ومنهم من أوقفه على أبي بكر. فممن أسنده إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -: عبد الله بن نمير، وأبو أسامة، ويحيى بن سعيد الأموي، وزهير بن معاوية، وهشيم بن بشير، وعبيد الله بن عمرو، ويحيى بن عبد الملك بن أبي غنيَّة، ومروان بن معاوية الفزاري، ومرجِّي بن رجاء، ويزيد بن هارون، وعبد الرحمن بن سليمان، والوليد بن القاسم، وعلي بن عاصم، وجرير بن عبد الحميد، وشعبة بن الحجاج، ومالك بن مِغْوَل، ويونس بن أبي إسحاق، وعبد العزيز بن مسلم القَسْملي، وهياج بن بسطام، ومُعلّى بن هلال، وأبو حمزة السُّكَّري، ووكيع بن الجراح، فاتفقوا على رفعه إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -. وخالفهم يحيى بن سعيد القطّان، وسفيان بن عيينة، وإسماعيل بن مجالد، وعبيد الله بن موسى، فرووه عن إسماعيل موقوفًا على أبي بكر. ورواه بيان بن بشر، وطارق بن عبد الرحمن، وذرّ بن عبد الله الهمداني، والحكم بن عتيبة، وعبد الملك بن عمير، وعبد الملك بن ميسرة، فرووه عن قيس، عن أبي بكر موقوفًا. وجميع رواة هذا الحديث ثقات. ويشبه أن يكون قيس بن أبي حازم كان ينشط في الرواية مرّة فيسنده، ومرّة يجبُنُ عنه فيقفه على أبي بكر)) . اهـ. وقد وقفت على روايات بعض من ذكرهم الدارقطني وزيادة. فممن رواه موقوفًا: سفيان بن عيينة كما أشار إليه أبو زرعة والدارقطني. وقد أخرجه المصنِّف هنا عن سفيان بن عيينة موقوفًا. ووافق سفيان بن عيينة: يحيى بن سعيد القطان وإسماعيل بن مجالد وعبيد الله بن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = موسى على ما ذكر الدارقطني. ووافقه أيضًا وكيع، ومالك بن مِغْوَل. أما رواية وكيع، فأخرجها ابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 148 رقم 12871) من طريق هنّاد بن السَّرِيّ وسفيان بن وكيع، كلاهما عن وكيع بن الجراح، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قال: قال أبو بكر: تقرؤون هذه الآية: {لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهتديتم} ، وإن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه، أوشك أن يعمهم الله بعقابه. وأما رواية مالك بن مِغُوَل، فأخرجها الخطيب البغدادي في "الفصل للوصل المدرج في النقل" (1 / 38 - 39) من طريق مسلم بن إبراهيم، نا مالك بن مغول وشعبة بن الحجاج، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قال سمعت أبا بكر - وتلا هَذِهِ الْآيَةُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ من ضل إذا اهتديتم} - ... ، وأنتم تقرؤونها لا تدرون ما تفسيرها، وإنه يوشك أن تروا المنكر فلا تنكروه، فيعمّكم الله منه بعقاب. ورواية وكيع ومالك بن مغول للحديث هكذا موقوفًا، على خلاف ما ذكره الدارقطني عنهما في كلامه السابق؛ من أنهما روياه مرفوعًا، فالذي يظهر أن هناك اختلافًا عليهما أيضًا، وقد قرن الخطيب رواية شعبة مع رواية مالك، ورواية شعبة للحديث عن إسماعيل فيها اختلاف سيأتي ذكره. وأما الذين رووه مرفوعًا، فمنهم: يزيد بن هارون قال: أخبرنا إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قيس بن أبي حازم، عن أبي بكر الصديق قال: أيها الناس، إنكم تقرؤون هَذِهِ الْآيَةُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ من ضل إذا اهتديتم} ، وإني سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - يقول: ((إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه، أوشك أن يعمَّهم الله بعقابه)) . أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 7) ، واللفظ له. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأخرجه عبد بن حميد في "مسنده" (ص29 رقم 1) . ومن طريقه الذهبي في "معجم الشيوخ الكبير" (1 / 121) . وأخرجه الترمذي (6 / 388 - 389 رقم 2257 و 2258) في الفتن، باب ما جاء في نزول العذاب إذا لم يُغَيَّر المنكر، و (8 / 422 - 423 رقم 5050) في تفسير سورة المائدة من كتاب التفسير. والحارث بن أبي أسامة في "مسنده" (ص51 رقم 53 / عوالي الحارث) . ومن طريقه أبو نعيم في "معرفة الصحابة" (1 / 187 رقم 123) . وأخرجه البزار في "مسنده" (1 / 137 رقم 68) . وأبو بكر المرزوي في "مسند أبي بكر" (ص130 رقم 88) . والطحاوي في "مشكل الآثار" (2 / 62) . والطبراني في "مكارم الأخلاق" (ص65 - 66 رقم 79) . والبيهقي في "سننه" (10 / 91) في آداب القاضي، باب ما يستدلّ به على أن القضاء وسائر أعمال الولاة مما يكو ن أمرًا بمعروف أو نهيًا عن منكر من فروض الكفايات، وفي "شعب الإيمان" (6 / 82 رقم 7550) . ومنهم: عبد الله بن نمير وأبو أسامة حماد بن أسامة، قالا: حدثنا إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: قام أبو بكر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس، إنكم تقرؤون هَذِهِ الْآيَةُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ من ضل إذا اهتديتم} ، وإنما سمعنا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - يقول: ((إن الناس إذا رأوا المنكر لا يغيِّرونه، أوشك الله أن يعمّهم بعقابه)) . قال أبو أسامة: وقال مرة أخرى: وإنا سمعنا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - يقول. أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (15 / 174 - 175 رقم 19429) . ومن طريقه أخرجه ابن ماجه في "سننه" (2 / 1327رقم 4005) في الفتن، باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1 / 93 رقم 63) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأبو بكر المروزي في "مسند أبي بكر" (ص130 - 131 رقم 88) . وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 2) من طريق عبد الله بن نمير، عن إسماعيل، بنحو سياق ابن أبي شيبة. ثم أخرجه (1 / 7) من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، قال: أخبرنا إسماعيل، عن قيس، قال: قام أبو بكر، فحمد الله، وأثنى عليه، ثُمَّ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إنكم تقرؤون هَذِهِ الْآيَةُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمنوا عليكم أنفسكم ... } حتى أتى على آخر الآية، ألا وإن الناس إذا رأوا الظالم لم يأخذوا على يديه، أوشك الله أن يعمّهم بعقابه، إلا وإني سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - يقول: ((إن الناس ... )) ، وقال مرة أخرى: وإنا سمعنا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -. اهـ. ومنهم: مروان بن معاوية الفزاري، ثنا إسماعيل بن أبي خالد ... ، فذكره بنحو سياق يزيد بن هارون، إلا أنه ذكر في أوّله أن أبا بكر قام، فحمد الله وأثنى عليه. أخرجه الحميدي في "مسنده" (1 / 3 - 4 رقم 3) . والطحاوي في "مشكل الآثار" (2 / 63) . ومنهم: زهير بن معاوية، قال: ثنا إسماعيل بن أبي خالد ... ، فذكره بنحو سياق ابن أبي شيبة السابق، دون الزيادة التي ذكرها أبو أسامة، وزاد زهير في روايته عقب ذكره للآية قول أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: ((وإنكم تضعونها على غير موضعها)) . أخرجه الأمام أحمد في "المسند" (1 / 5) . ومن طريق ابن الجوزي في "نواسخ القرآن" (ص317) . وأخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" (2 / 63) . والخطابي في "كتاب العزلة" (ص34 رقم 58) . ومنهم: هُشَيم بن بشير، رواه عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عن قيس، قال: قال أبو بكر بعد أن حمد الله وأثنى عليه: يا أيها الناس، إنكم تقرؤون هذه الآية وتضعونها على غير مواضعها: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضل إذا اهتديتم} ، وإني سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: ((مَا مِنْ قوم يعمل فيهم بالمعاصي، ثم يقدرون =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = على أن يغيروا ثم لا يغيِّروا، إلا يوشك أن يعمّهم الله منه بعقاب)) . أخرجه أبو داود في "سننه" (4 / 509 - 510 رقم 4338) في الملاحم باب الأمر والنهي، واللفظ له. ومن طريقه البيهقي في الموضع السابق من "شعب الإيمان". وأخرجه أبو بكر المروزي في "مسند أبي بكر" (ص128 - 130 رقم 86) . وأبو محمد جعفر الخلدي في "فوائده" (ل 62 / ب) . والبيهقي في الموضع السابق من "سننه". ولفظ الخلدي والبيهقي نحو لفظ أبي داود، إلا أن الخلدي زاد عقب الآية قول أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: ((وإنه لا يضّر من أطاع الله من عصا الله)) . وأما المروزي فلفظ المرفوع عنده: إذا عمل في الناس بالمنكر ولم يغيِّروه، أوشك أن يعمّهم الله بعقاب)) . ومنهم: خالد بن عبد الله الطحّان الواسطي، رواه عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ بنحو سياق يزيد بن هارون السابق. أخرجه أبو داود في الموضع السابق من "سننه". ومن طريقه البيهقي في الموضع السابق من "سننه". ومنهم: محمد بن مسلم بن شريك الثقفي، أن إسماعيل مولى خراش حدثهم، أن قيس بن أبي حازم البجلي حدثهم أنه سمع أبا بَكْرٍ الصِّدِيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وهو على منبر رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - يقول: يا أيها الناس، إنكم ستقرؤون هَذِهِ الْآيَةُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ من ضل إذا اهتديتم} ، فإنما سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - يقول: ((لا يكون المنكر بين ظهراني قوم لا يغيرونه، إلا أوشك أن يعمهم الله عز وجل بعقاب)) . أخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1 / 94 رقم 64) واللفظ له. وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 41 / ب) . قال ابن عاصم عقبه: ((ورواه مجالد بن سعيد عن قيس، عن أبي بكر =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = - رضي الله عنه -، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - وإسماعيل بن أبي خالد من أثبت أهل الكوفة. واسم أبي خالد: هُرْمُز. وقيس ثقة، من أحسنهم لُقْيًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -، وكان عثمانيًا. واسم أبي حازم: عوف بن عبد، وقد رأى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -)) . اهـ. ومنهم: معتمر بن سليمان، رواه عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، به نحو سياق يزيد بن هارون. أخرجه البزار في "مسنده" (1 / 135 رقم 65) . والطحاوي في "مشكل الآثار" (2 / 64) . ومنهم: زائدة بن قدامة، رواه عن إسماعيل، به. أخرجه البزار في "مسنده" (1 / 137 رقم 67) ، ولم يذكر لفظه. ومنهم: جرير بن عبد الحميد، رواه عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قال: قرأ أبو بكر هَذِهِ الْآيَةُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ من ضل إذا اهتديتم} ، ثم قال: إن الناس يضعون هذه الآية على غير موضعها، إلا وإني سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - يقول: ((إن لاقوم إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه، والمنكر فلم يغيروه، عمَّهم الله بعقابه)) . أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (1 / 120 رقم 132) واللفظ له. ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخه" (9 / 521 / مخطوط الظاهرية) . وأخرجه أبو بكر المروزي في "مسند أبي بكر" (ص130 رقم 87) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 149 رقم 12873) . والطحاوي في "مشكل الآثار" (2 / 64) . وابن حبان في "صحيحه" (1 / 539 رقم 304 / الإحسان) . ومنهم: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أنا إسماعيل، عَنْ قَيْسٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بكر الصديق يقول: يا أيها الناس، إنكم تقرؤون هَذِهِ الْآيَةُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ من ضل إذا اهتديتم} ، إني سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - يقول: ((إن القوم =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = إذا رأوا المنكر فلم يغيِّروه، عمّهم الله بعقاب)) . أخرجه النسائي في "التفسير" (1 / 457 - 458 رقم 177) . ومنهم: عبيد الله بن عمرو الرَّقِّي وعمر بن علي المقدمي، كلاهما عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، به نحو سابقه، إلا أن عبيد الله بن عمرو إنما ذكر منه المرفوع فقط. أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (1 / 119 رقم 130 و 131) . ومنهم: عبد العزيز بن مسلم القَسْمَلي، نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ ... ، فذكره بنحو لفظ عبد الله بن المبارك السابق. أخرجه البغوي في "شرح السنة" (14 / 344 رقم 4153) . قلت: جميع هؤلاء الرواة رووه عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ برفع جزئه الأخير. ورواه شعبة عن إسماعيل، واختُلف على شعبة، والصواب عنه مثل رواية هؤلاء برفع جزئه الأخير. فالحديث أخرجه أبو بكر المروزي في "مسند أبي بكر" (ص131 رقم 89) . وأبو يعلى في "مسنده" (1 / 118 رقم 128) . ومن طريقه ابن حبان في "صحيحه" (1 / 540 رقم 305) . وأخرجه الخطيب البغدادي في "الفصل" (1 / 34 - 35) . أما المروزي وأبو يعلى فعن عبيد الله بن معاذ بلا واسطة، وأما الخطيب البغدادي فمن طريق تميم بن محمد الطُّوسي ومُطّيِّن ويحيى بن محمد الحِنَّائي والحسن بن سفيان النسوي، جميع هؤلاء رووه عن عبيد الله بن معاذ العنبري، عن أبيه، عن شعبة، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عن أبي بكر الصديق، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - قال: ((يا أيها الناس، إنكم تقرؤون هذه الآية وتضعونها على غير ما وضعها اللَّهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضل إذا اهتديتم} ، إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيِّروه، يوشك أن يعمّهم الله بعقاب)) . اهـ. واللفظ لأبي يعلى. ورواه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1 / 92 رقم 62) عن عبيد الله بن معاذ، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = به، ولم يرفع منه سوى جزئه الأخير، فخالف الأكثرين الذين رووه عن عبيد الله برفعه جميعه؛ ورواية الأكثرين هي الأرجح، والأظهر أن ابن أبي عاصم ردّه إلى الصواب، وكره مخالفة الناس كما صنع إبراهيم الحربي كما سيأتي. فإن الحديث أخرجه الخطيب البغدادي في الموضع السابق، من طريق دَعْلَج بن أحمد السِّجستاني، عن معاذ بن المثنى بن معاذ العَنْبري، عن أبيه المثنى بن معاذ، عن أبيه معاذ بن معاذ العَنْبري، عن شعبة، به مقرونًا بالرواية السابقة. ثم رواه الخطيب (ص37) من طريق إبراهيم بن إسحاق الحربي، عن مثنى بن معاذ، عن أبيه معاذ بن معاذ العنبري، عن شعبة، به مثل رواية ابن أبي عاصم السابقة، لم يرفع منه سوى جزئه الأخير. قال الخطيب (ص36) : ((وأحسب أن إبراهيم ردّه إلى الصواب، وكره مخالفة الناس؛ لأن المحفوظ عن معاذ بن معاذ ما قدّمناه)) . وخالف معاذ بن معاذ محمد بن جعفر غندر ورَوْح بن عبادة وعبد الرحمن بن مهدي، فرووه عن شعبة، عن إسماعيل على الصواب؛ برفع جزئه الأخير فقط. أما رواية محمد بن جعفر غُنْدر، فأخرجها الإمام أحمد في "المسند" (1 / 9) ، عن شعبة، به نحو اللفظ السابق، ولم يرفع منه سوى جزئه الأخير: ((إن الناس إذا رأوا المنكر ... )) إلخ. ومن طريق الإمام أحمد أخرجه الخطيب في "الفصل" (1 / 36) . وأما رواية روح بن عبادة، فأخرجها البزار في "مسنده" (1 / 135 رقم 66) . والطحاوي في "مشكل الآثار" (2 / 63) . وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (1 / 188 رقم 124) . وأما رواية عبد الرحمن بن مهدي، فأخرجها الخطيب في "الفصل" (1 / 36 - 37) . وكلا هاتين الروايتين - رواية روح ورواية ابن مهدي - بنحو لفظ معاذ العنبري عن شعبة السابق، ولم يرفعا منه سوى جزئه الأخير كما في رواية غندر. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وهذا هو الراجح عن شعبة؛ لموافقته لرواية الأكثرين عن إسماعيل أولاً؛ ولأن الذين رووه عن شعبة هكذا منهم أئمة حفاظ، وهم أكثر عددًا ممن رفعه جميعه. فعبد الرحمن بن مهديّ تقدم في الحديث [74] أنه ثقة ثبت حافظ عارف بالرجال والحديث. ومحمد بن جعفر غندر تقدم في الحديث [167] أنه ثقة صحيح الكتاب، وهو من أوثق الناس في شعبة. وخالف هؤلاء جميعًا مسلم بن إبراهيم الفَرَاهِيدي، فرواه عن شعبة، فوقفه جميعه، وسبق ذكر هذه الرواية مقرونة برواية مالك بن مغول للحديث عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ. ومن خلال ما سبق يتضح أن الحديث اختُلف فيه على إسماعيل بن أبي خالد على الأوجه السابق ذكرها، والراجح أن الاختلاف ناشئ من إسماعيل نفسه، فمرّة ينشط فيسند آخر الحديث، ومرة يوقفه على أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وعليه فالصحيح أن الحديث جميعه موقوف على أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، عدا آخر الحديث، فإنه مرفوع إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، وهو قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((إِنَّ الْقَوْمَ إِذَا عُمِلَ فِيهِمْ بِالْمَعَاصِي ... )) ، الخ على اختلاف ألفاظه. (2) طريق الحكم بن عُتَيْبَة، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ الله عنه -، بنحو سياق زهير بن معاوية السابق، إلا أنه وقفه جميعه على أبي بكر. أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (1 / 118 - 119 رقم 129) . ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخه" (9 / 521 - 522 / مخطوط الظاهرية) . وأشار إليه ابن أبي حاتم في "العلل" (2 / 98) . والدارقطني في "العلل" (1 / 253) ، ثم قال: ((وجميع رواة هذا الحديث ثقات، ويشبه أن يكون قيس بن أبي حازم كان ينشط في الرواية مرة فيسنده، ومرة يجبن عنه فيقفه على أبي بكر. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ (3) طريق مجالد بن سعيد، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عن أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، به بنحو سياق يزيد بن هارون السابق. أخرجه البزار في "مسنده" (1 / 138 - 139 رقم 69) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 151 رقم 12878) . كلاهما من طريق إسحاق بن إدريس، عن سعيد بن زيد أخي حماد بن زيد، عن مجالد به. والحديث بهذا الإسناد موضوع، فيه إسحاق بن إدريس الأَسْوَاري، أبو يعقوب البصري، يروي عن هشام وأبان وسويد بن أبي حاتم وغيرهم، روى عنه محمد بن المثنى وعمر بن شبَّة وغيرهما، وهو كذاب يضع الحديث كما قال ابن معين، وقد تركه ابن المديني، وقال البخاري: ((تركه الناس)) ، وقال النسائي: ((متروك)) ، وقال ابن حبان: ((يسرق الحديث)) ، وقال الدارقطني: ((منكر الحديث)) ، وقال أبو زرعة: ((واهي الحديث، ضعيف الحديث، روى عن سويد بن إبراهيم وأبي معاوية أحاديث منكرة)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (2 / 213 رقم 729) ، و"لسان الميزان" (1 / 352 رقم 1088) . (4) طريق عيسى بن المسيب البَجَلي، عن قيس، عن أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، بنحو سياق يزيد بن هارون أيضًا. أخرجه ابن جرير الطبري (11 / 150 رقم 12876) من طريق عبد العزيز، عن عيسى، به. والحديث بهذا الإسناد موضوع أيضًا، آفته عبد العزيز بن أبان بن محمد بن عبد الله بن سعيد بن العاص، الأموي، السَّعيدي، أبو خالد الكوفي، نزيل بغداد، روى عن فطر بن خليفة وإبراهيم بن طهمان والسفيانين وغيرهم، روى عنه أبو سعيد الأشج ويعقوب بن شيبة والحارث بن أبي أسامة وغيرهم، وهو كذاب يضع الحديث، قال ابن معين: ((كذا خبيث يضع الحديث)) ، وكذبه محمد بن عبد الله بن نمير، وقال الإمام أحمد: ((تركته ولم أخرج عنه في المسند شيئًا)) ، وقال: =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ابن المديني: ((ليس هو بذاك، وليس هو في شيء من كتبي)) ، وقال يعقوب ابن شيبة: ((هو عند أصحابنا جميعًا متروك، كثير الخطأ، كثير الغلط، وقد ذكروه بأكثر من هذا)) ، وقال البخاري: ((تركوه)) ، وقال أبو حاتم: ((متروك الحديث، لا يشتغل به، تركوه، لا يكتب حديثه)) ، وقال النسائي: ((متروك الحديث)) ، وكانت وفاته سنة سبع ومائتين. اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 377 رقم 1767) ، و"التهذيب" (6 / 329 - 331 رقم 634) ، و"التقريب" (ص356 رقم 4083) . (5) طريق عبد الملك بن ميسرة، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، قال: صعد أبو بكر المنبر منبر رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس، إنكم لتتلون آية من كتاب الله وتعدُّونها رخصة، والله ما أنزل الله في كتابه أشد منها: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إذا اهتديتم} ، والله لتأمرون بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، أو ليعمنَّكم الله منه بعقاب. أخرجه ابن جرير الطبري أيضًا (11 / 150 - 151 رقم 12877) . (6) طريق بيان بن بشر، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قال: قال أبو بكر وهو على المنبر: يا أيها الناس، إنكم تقرأون هذه الآية على غير موضعها: {لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهتديتم} ، وإن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه، عمَّهم الله بعقابه. أخرجه ابن جرير أيضًا (11 / 149 و 150 رقم 12872 و 12875) . وأشار إليه الدارقطني في الموضع السابق من "العلل" مقرونًا بطريق الحكم بن عتيبة. وذكر الدارقطني أيضًا من الذين رووه عن قيس موقوفًا: طارق بن عبد الرحمن، وذرّ بن عبد الله الهمداني، وعبد الملك بن عمير، ولم أقف على رواياتهم، والله أعلم.

841- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الأحْوص (1) ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ (2) ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ جَرِيرٍ (3) ، عَنْ أَبِيهِ (4) ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((مَا مِنْ رَجُلٍ يَكُونُ فِي قَوْمٍ يُعمل فِيهِمْ بِالْمَعَاصِي يَقْدِرُوا عَلَى أَنْ يغيِّروه فَلَا يُغَيِّرُوا، إِلَّا أَصَابَهُمُ اللَّهُ بِعِقَابٍ قَبْلَ أن يموتوا)) .

_ (1) هو سَلاَّم بن سُلَيم. (2) هو السَّبيعي، تقدم في الحديث [1] أنه ثقة، إلا أنه مدلس واختلط في آخر عمره، لكن رواية شعبة عنه مأمونة الجانب من ذلك، وقد روى عنه شعبة هذا الحديث كما سيأتي. (3) هو عبيد الله بن جرير بن عبدا لله البَجَلي، الكوفي، مقبول من الطبقة الثالثة كما في "التقريب" (ص370 رقم 4280) ، روى عن أبيه، روى عنه أبو إسحاق السبيعي وعبد الملك بن عمير ويزيد بن أبي زياد، وقد ذكره البخاري في "تاريخه الكبير" (5 / 375 رقم 1194) وسكت عنه، وبيّض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (5 / 310 رقم 1473) ، فلم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلاً، وذكره ابن حبان في "الثقات" (5 / 65) ، وذكر البخاري أن سلامًا سماه في روايته عن أبي إسحاق: عبد الله بن جرير، قال البخاري: ((ولا يصح)) ، وانظر "التهذيب" (6 / 5 رقم 9) . (4) هو جرير بن عبد الله البَجَلي - رضي الله عنه -. [841] سنده ضعيف لجهالة حال عبيد الله بن جرير، وهو صحيح لغيره يشهد له حديث أبي بكر السابق. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 215) وعزاه لعبد الرزاق وعبد بن حميد. وأخرجه أيضًا ابن أبي الدنيا في "كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، وابن النجار كما في "كنز العمال" (3 / 80 و 82 و 83 رقم 5577 و 5592) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ومدار الحديث على أبي إسحاق السبيعي، يرويه عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ جَرِيرٍ، عن أبيه. وله عن أبي إسحاق تسع طرق: (1) طريق أبي الأحوص الذي أخرجه المصنف هنا. وأخرجه أبو داود في "سننه" (4 / 510 - 511 رقم 4339) في الملاحم، باب الأمر والنهي. وابن حبان في "صحيحه" (1 / 536 و 537 - 538 رقم 300 و 302 / الإحسان) . والطبراني في "المعجم الكبير" (2 / 378 رقم 2382) . ثلاثتهم من طريق أبي الأحوص، به نحوه. (2) طريق شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أبيه أن نَبِيُّ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - قال: ((ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي هم أعز وأكثر ممن يعمله لم يغيروه، إلا عمهم الله بعقاب)) . أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 364) . ومن طريق الطبراني في "المعجم الكبير" (2 / 377 رقم 2381) . وأخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" (2 / 65) . والبيهقي في "سننه" (10 / 91) في آداب القاضي، باب ما يستدل به على أن القضاء وسائر أعمال الولاة مما يكون أمرًا بمعروف أو نهيًا عن منكر من فروض الكفايات. (3) طريق معمر، عن أبي إسحاق، به نحو السياق السابق. أخرجه عبد الرزاق في "جامع معمر" الملحق بآخر المصنف (11 / 348 رقم 20723) . ومن طريق عبد الرزاق أخرجه: الإمام أحمد في "المسند" (4 / 366) . وأبو يعلى في "مسنده" (13 / 497 رقم 7508) . والطبراني في "المعجم الكبير" (2 / 377 رقم 2380) . (4) طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق، به بنحو سابقه. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 366) . وابن ماجه في "سننه" (2 / 1329 رقم 4009) في الفتن، باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. (5) طريق يونس، عن أبي إسحاق به. أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 366) . (6) طريق يوسف بن أبي إسحاق، عن أبي إسحاق، بنحو سياق شعبة السابق. أخرجه الطبراني (2 / 378 رقم 2385) . (7) طريق عبد الحميد بن أبي جعفر، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: ((مَا من رجل يجاوز قومًا فيعمل بين ظهرانيهم بالمعاصي ولا يأخذون على يديه، إ لا أوشك أن يعمهم الله منه بعقاب)) . أخرجه الطبراني أيضًا برقم (2384) . (8) طريق الأعمش، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الله بن جرير بن عبد الله، عن أبيه جرير قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -: ((ما من قوم يكون منهم رجل يعمل بالمعاصي وهم أمنع منه، فيدهنون عليه ولا يغيرون، إلا عمهم الله بعقاب)) . أخرجه ابن عدي في "الكامل" (3 / 1216) هكذا بتسمية شيخ أبي إسحاق: ((عبد الله بن جرير)) ، وتقدمت تخطئة البخاري لمن سماه هكذا. (9) طريق شريك بن عبد الله النَّخَعي، عن أبي إسحاق، عن المنذر بن جرير، به بنحو سياق شعبة السابق. أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 361 و 363 و 366) . والحارث بن أبي أسامة في "مسنده" كما في "حاشية جامع معمر" الملحق بمصنف عبد الرزاق (11 / 348) . والطبراني في "المعجم الكبير" (2 / 377 رقم 2379) . جميعهم من طريق شريك هكذا بتسمية شيخ أبي إسحاق ((المنذر)) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وشريك تقدم في الحديث [4] أنه صدوق يخطئ كثيرًا، وقد أخطأ في هذا الإسناد، وخالف الثقات الذين تقدم ذكر رواياتهم. وقد رواه على هذا الوجه عن شريك: يزيد بن هارون، وحجاج بن محمد، وأسود بن عامر. وخالفهم يحيى بن عبد الحميد الحِمَّاني، فرواه عن شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أبيه، به هكذا بتسمية شيخ أبي إسحاق ((عبيد الله بن جرير)) كما في الرواية الصحيحة عن أبي إسحاق. أخرجه الطبراني أيضًا (2 / 378 رقم 2383) . لكن في إسناده يحيى بن عبد الحميد بن عبد الرحمن الحِمَّاني - بكسر المهملة وتشديد الميم -، الكوفي، يروي عن أبيه وابن المبارك وشريك وغيرهم، روى عنه أبو حاتم ومُطَيِّن وابن أبي الدنيا وغيرهم، وهو حافظ، إلا أنهم اتهموه بسرقة الحديث، ورواه الإمام أحمد بالكذب؛ قال عبد الله بن الإمام أحمد: ((قلت لأبي: إن ابني أبي شيبة ذكرا أنهما يقدمان بغداد. قال: قد جاء ابن الحِمَّاني إلى ها هنا، فاجتمع عليه الناس، وكان يكذب جهارًا. قلت لأبي: ابن الحماني حدث عنك عن إسحاق الأزرق، عن شريك، عن بيان، عن قيس، عن المغيرة بن شعبة، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - أنه قال: أبردوا للصلاة؟ فقال: كذب، ما حدثته به. فقلت: إ نهم حكوا عنه أنه قال: سمعت منه في المذاكرة على باب إسماعيل بن عليَّة، فقال: كذب، إنما سمعته بعد ذلك من إسحاق الأزرق، وأنا لم أعلم تلك الأيام أن هذا الحديث غريب، حتى سألوني عنه بعد ذلك هؤلاء الشباب - أو: هؤلائء الأحداث -، وقال: أيّ وقت التقينا على باب ابن عليّة؟ إنما كنا نتذاكر الفقه والأبواب، لم نكن تلك الأيام نتذاكر المسند، ومازلنا نعرفه أنه كان يسرق الأحاديث، أو يلتقطها، أو يتلقنها)) ، وكانت وفاته سنة ثمان وعشرين ومائتين، والكلام فيه يطول تجده هو والكلام السابق في "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (9 / 168 - 180 رقم 695) ، و"التهذيب" (11 / 243 - 249 =

842- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَزْمُ بْنُ أَبِي حَزْم، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: قَرَأَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ من ضل إذا اهتديتم} ، قَالَ: فَقَالَ قَائِلٌ: (دَعُوا) (1) ذِكْرَ هَذِهِ الْآيَةِ، فَلَيْسَتْ لَكُمْ، فَإِذَا قُبِلَت منكم فهي لكم.

_ = رقم 398) ، و"التقريب" (ص593 رقم 7591) . (1) ما بين القوسين ليس في الأصل، وهي زيادة يقتضيها السياق، ويوضح ذلك رواية ابن جرير الآتية. [842] سنده صحيح إلى الحسن البصري، والحسن مدلِّس كما في ترجمته في الحديث [5] والحديث [9] ، ولم يذكر هنا ما يفيد سماعه للحديث من ذلك الصحابي، ولم يذكر اسم هذا الصحابي حتى ننظر: هل سمع منه أو لا؟ والذي يترجح لي - والله أعلم - أن هذا الصحابي هو عبد الله بن مسعود كما سيأتي في الأحاديث رقم [843 و 844 و 849] ، وهو لم يسمع منه، وعليه فالحديث ضعيف بهذا الإسناد لهذا الانقطاع. والحديث أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 144 - 145 رقم 12861) من طريق شيخه أحمد بن المقدام، عن حزم، عن الحسن، به بلفظ: تأوَّل بعض أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - هَذِهِ الْآيَةُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ من ضل إذا اهتديتم} ، فقال بعض أصحابه: دعوا هذه الآية، فليست لكم. وقد تصحف اسم ((حزم)) هنا إ لى: ((حرمي)) ، واجتهد المحقق الشيخ محمود شاكر فترجم له على أنه حرمي بن عمارة، وإنما هو حزم بن أبي حزم كما توضحه رواية المصنِّف هنا، وهو الذي يروي عن الحسن البصري وعنه أحمد بن المقدام كما في "تهذيب الكمال" المطبوع (5 / 588) . =

843- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا يُونُسُ (1) ، عَنِ الْحَسَنِ (2) ، قَالَ: سُئل ابْنُ مَسْعُودٍ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ، فَقَالَ: إِنَّهَا تُقبل مِنْكُمُ الْيَوْمَ، فَقُولُوهَا، فَإِذَا رُدَّت عليكم، فعليكم أنفسكم.

_ (1) هو ابن عبيد. (2) في الأصل جاء قوله: ((قَالَ: نا يُونُسُ، عَنِ الْحَسَنِ)) مكرورًا. والحسن البصري هنا يروي الحديث عن ابن مسعود، وهو لم يسمع منه كما سبق بيانه في الحديث رقم [148] ، وقد ذكر هذا الحديث الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7 / 19) وقال: ((رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح، إلا أن الحسن البصري لم يسمع من ابن مسعود، والله أعلم)) . اهـ. [843] سنده ضعيف للانقطاع بين الحسن وابن مسعود، وهو صحيح إلى الحسن. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 216) وعزاه للمصنِّف وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني وأبي الشيخ. وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 139 رقم 12850) من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عُلَيَّة، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: قال رجل لابن مسعود: ألم يقل اللَّهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضل إذا اهتديتم} ؟ قال: لسي هذا بزمانها، قولوها مَا قُبِلَتْ مِنْكُمْ، فَإِذَا رُدَّت عليكم فعليكم أنفسكم. وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 199) عن شيخه معمر، عن الحسن، أن ابن مسعود سأله رجل عن قوله تعالى: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضل إذا اهتديتم} ، فقال: إن هذا ليس بزمانها، إنها اليوم مقبولة، ولكنه قد أوشك أن يأتي زمانها؛ تأمرون بالمعروف فيصنع بكم كذا وكذا، أو قال: فلا يقبل منكم، فحينئذ: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضل إذا اهتديتم} . =

844- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، نَا جُويْبر (1) ، عَنِ الضَّحَّاك (2) ، عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عليكم أنفسكم} - قَالَ: مُرُوا بِالْمَعْرُوفِ، وَانْهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ مَا لَمْ يَكُنْ مِنْ دُونِ ذَلِكَ السَّوط وَالسَّيْفُ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَعَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ.

_ = ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 141 رقم 12855) . وأخرجه ابن جرير أيضًا (11 / 138 و 139 رقم 12848 و 12849) من طريق أبي الأشهب، عن الحسن البصري، به نحو سابقه. وسيأتي الجديث برقم [849] من طريق خالد بن عبد الله الطحّان، عن يونس. وسيأتي من طريق الضحاك عن ابن مسعود ولكنه ضعيف جدًّا، وهو الآتي برقم [844] . (1) هو ابن سعيد، تقدم في الحديث [93] أنه ضعيف جدًّا. (2) هو ابن مزاحم، تقدم في الحديث [355] أنه لم يثبت له سماع من أحد من الصحابة. [844] سنده ضعيف جدًّا لشدة ضعف جويبر والانقطاع بين الضحاك وابن مسعود. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 216) وعزاه للمصنِّف وعبد بن حميد. وقد مضى من طريق الحسن البصري عن ابن مسعود برقم [842 و 843] وسيأتي برقم [849] ، ولكنه ضعيف لانقطاعه.

845- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانَة (1) ، عَنْ أَبِي بِشْر (2) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ - فِي قَوْلِهِ: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضل} - يَعْنِي أَهْلَ الْكِتَابِ. 746- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانة (3) ، وَجَرِيرٌ (4) ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ إِسْحَاقَ (5) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: آمُرُ إِمَامِي بِالْمَعْرُوفِ؟ قَالَ: إِنْ خَشِيتَ أَنْ يَقْتُلَكَ فَلَا، فَإِنْ كُنْتَ وَلَا بُدَّ فَاعِلًا، فَفِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ. وَزَادَ أَبُو عَوَانَةَ: وَلَا تَغْتَبْ إِمَامَك.

_ (1) هو وَضَّاح بن عبد الله. (2) هو جعفر بن إياس. [845] سنده صحيح. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 219) وعزاه لعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبي الشيخ. وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (11 / 152 رقم 12879) من طريق هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ - فِي قَوْلِهِ: {لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهتديتم} - قال: يعني من ضل من أهل الكتاب. ثم أخرجه برقم (12880) من طريق شعبة، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بن جبير - في هذه الآية: {لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهتديتم} - قال: أنزلت في أهل الكتاب. (3) هو وَضَّاح بن عبد الله. (4) هو ابن عبد الحميد. (5) هو معاوية بن إسحاق بن طلحة بن عبيد الله التَّيْمي، أبو الأزهر الكوفي، روى عن أبيه وعميه عمران وموسى وعمته عائشة، وعن عروة بن الزبير وسعيد بن جبير =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وغيرهم، روى عنه الأعمش وشعبة والثوري وأبو عوانة وغيرهم، وهو لا بأس به كما قال أبو حاتم ويعقوب بن سفيان، وقد وثقه الإمام أحمد وابن سعد والعجلي، وذكره ابن حبان وابن شاهين في ثقاتيهما، وانفرد أبو زرعة فقال عنه: ((شيخ واهٍ)) ، وذكر الحافظ ابن حجر أنه من الطبقة السادسة. اهـ. من "تاريخ الثقات" للعجلي (ص432 رقم 1591) ، و"الجرح والتعديل" (8 / 381 رقم 1747) ، و"الثقات" لابن حبان (7 / 467) ، و"تاريخ أسماء الثقات" لابن شاهين (ص220 رقم 1336) ، و"التهذيب" (10 / 202 رقم 375) ، و"التقريب" (ص537 رقم 6748) . أقول: وقول أبي زرعة عن معاوية هذا: ((واه)) لم يتابعه عليه أحد، وهو جرح مجمل معارض بتوثيق الأئمة السابق ذكرهم، ويمكن حمله على أنه لم يبلغ درجة الحافظ التام الضبط، بل يتقاصر عنه إلى درجة من خفّ ضبطه خفّة لا تلحقه بمن يُعَدُّ تفرِّدُه تفَرُّدًا منكرًا، وهو حسن الحديث، وهذا ما ذهب إليه أبو حاتم ويعقوب بن سفيان بقولهما عنه: ((لا بأس به)) ، والله أعلم. [846] سنده حسن لذاته. وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (6 / 96 رقم 7592 / تحقيق زغلول) من طريق المصنِّف، به مثله، إلا أنه تصحف هناك اسم ((معاوية بن إسحاق)) إلى: ((معاوية عن إسحاق)) ، ولم يذكر قوله: ((ولابد)) ، ووقع هناك أيضًا: ((ولا تعب)) بدل قوله: ((ولا تغتب)) . وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (15 / 74 - 75 رقم 19154) من طريق جرير، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قَالَ رجل لابن عباس: آمر أميري بالمعروف؟ قال: إن خفت أن يقتلك فلا تؤنِّب الإمام، فإن كنت لابد فاعلاً، فيما بينك وبينه. وقد تصحف اسم معاوية هناك إلى: ((مغيرة)) ، وزاده المحقق غموضًا؛ فزاد كلمة عن، فجاء الإسناد هكذا: ((مغيرة، عن ابن إسحاق)) . =

847- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهري (1) ، عَنِ السَّائِب بْنِ يَزِيدَ (2) ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: لَا أَخَافُ فِي اللَّهِ لومةَ لائِم خيرٌ لِي أَمْ أُقْبِلُ عَلَى نَفْسِي؟ قَالَ: أمَّا مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ، فَلَا يَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ، وَمَنْ كَانَ خُلْوًا، فَلْيُقْبِلْ عَلَى خَاصَّةِ نَفْسِهِ، وَلْيَنْصَحْ وَلِيَّ أَمْرِهِ. 848- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ مِسْعَر (3) ، قَالَ: أَتَى رَجُلٌ عبدَ اللَّهِ، فَقَالَ: أَوْصِنِي، قَالَ: إِذَا سَمِعْتَ اللَّهَ يَقُولُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} فَأَصْغِ لَهَا سَمْعَكَ، فَإِنَّهُ خَيْرٌ تُؤْمَرُ بِهِ، أَوْ شَرٌّ تُصْرَفُ عنه.

_ = وأخرجه البيهقي في الموضع السابق برقم (7591) من طريق شعبة، عن معاوية بن إسحاق، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ قال: سألت ابن عباس؛ قلت: أميري آمره بالمعروف وأنهاه عن المنكر؟ قَالَ: إِنْ خَشِيتَ أَنْ يَقْتُلَكَ فلا. (1) هو محمد بن مسلم بن شهاب. (2) تقدم في الحديث [158] أنه صحابي صغير. [847] سنده صحيح. (3) هو ابن كِدَام، تقدم في الحديث رقم [50] أنه من طبقة أتباع التابعين لم يدرك عبد الله بن مسعود. [848] سنده ضعيف لانقطاع بين مسعر وابن مسعود - رضي الله عنه -. والحديث أعاده المصنف هنا، وكان قد رواه في فضائل القرآن، وتقدم تخريجه والكلام عنه برقم [50] بما يغني عن الإعادة هنا.

849- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {عَلَيْكُمْ أنفسكم} - قَالَ: لَيْسَ هَذَا أَوَانَهَا، تَقُولُونَهَا مَا قُبلت مِنْكُمْ، فَإِذَا رُدَّت عَلَيْكُمْ فَعَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ. 850- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ (1) ، قَالَ: نا جَرِيرٌ (2) ، عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ المُسَيَّب، عَنْ خَيْثَمَة (3) قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِذَا أتيت (4) [ل134/أ] الْأَمِيرَ المُؤَمَّر فَلَا تَأْتِهِ عَلَى رؤوس الناس.

_ [849] سنده ضعيف للانقطاع بين الحسن البصري وابن مسعود كما سبق بيانه في الحديث رقم [843] . والحديث أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (9 / 251 رقم 9072) من طريق المصنِّف، ثنا خالد، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ عَبْدُ اللِّهِ بْنُ مَسْعُودٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} -، قال: ليس هذا أوانها، فقولوها مَا قُبِلَتْ مِنْكُمْ، فَإِذَا رُدَّت عَلَيْكُمْ فَعَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ من ضل. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7 / 19) : ((رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح، إلا أن الحسن البصري لم يسمع من ابن مسعود)) . وتقدم الحديث برقم [843] من طريق هشيم، عن يونس، وبرقم [842] من طريق حزم بن أبي حزم عن الحسن، وبرقم [844] عن طريق الضحاك عن ابن مسعود، لكن هذا الطريق ضعيف جدًّا، وعليه فالحديث باق على ضعفه، والله أعلم. (1) هذا الحديث موضعه في النسخة الخَطِّيَّة بعد الحديث الآتي، فقدمته عليه مراعاة لترتيب الآيات. (2) هو ابن عبد الحميد. (3) هو ابن عبد الرحمن بن أبي سَبْرَة، تقدم في الحديث [814] أنه ثقة، لكنه يروي هنا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وقد نصّ الإمام أحمد وأبو حاتم على أنه لم يسمع =

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ حِينَ الوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} إِلَى قَوْلِهِ: {وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ} ] 851- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ (5) ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ (6) وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ (7) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ شُرَيْحٍ، أَنَّهُ كَانَ لَا يُجِيزُ شَهَادَةَ يَهُودِيٍّ وَلَا نَصْرَانِيٍّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ إِلَّا فِي وَصِيَّةٍ، وَلَا يُجِيزُهَا فِي الْوَصِيَّةِ إلا في السفر.

_ = منه كما في "التهذيب" (3 / 179) . (4) يعني: إذا أتاه لنصحه ووعظه. [850] سنده ضعيف للانقطاع بين خيثمة بن عبد الرحمن وابن مسعود. والحديث أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (15 / 75 رقم 19155) من طريق شيخه جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ العلاء، عَنْ خَيْثَمَةَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ الله: إذا أتيت الأمير المؤمن، فلا يؤنبه أحد من الناس. وأشار المحقق إلى أن في إحدى النسخ: ((الامير المؤمر)) كما هنا، كما أشار أيضًا إلى أن في الأصل: ((فلا تؤنب)) ، وفي نسخة: ((فلا تؤنبه)) ، فالذي يظهر أن الصواب: ((فلا تؤنبه أمام أحد من الناس)) ، لكن سقط من النسخة قوله: ((أمام)) . (5) هذا الحديث موضعه في النسخة الخَطِّيَّة قبل الحديث السابق، فأخرته هنا مراعاة لترتيب الآيات. (6) تقدم في الحديث [8] أنه ثقة ثبت كثير التدليس، ولم يصرح بالسماع من الأعمش، لكن تابعه أبو معاوية محمد بن خازم، وقد صرح هشيم بالسماع في رواية ابن جرير الآتية. (7) تقدم في الحديث [3] أنه ثقة حافظ مدلس، لكن روايته هنا عن إبراهيم النخعي وهي محمولة على الاتصال وإن كانت بالعنعنة. =

852- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا سُلَيْمَانُ التَّيْمي (1) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غيركم} -، أَيْ: مِنْ غَيْرِ أهلِ مِلَّتِكم.

_ [851] سنده صحيح. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 224) وعزاه لعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وأبي الشيخ. وأخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 166) في الشهادات، باب من أجاز شهادة أهل الذمة على الوصية في السفر، من طريق المصنِّف، به مثله، إلا أنه قال: ((إلا في الوصية)) . وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 163 رقم 12910) من طريق شيخه يعقوب بن إبراهيم الدورقي، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا الأعمش ... ، به نحوه. وأخرجه أيضًا برقم (12911) من طريق أبي معاوية، به نحوه. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 359 - 360 رقم 15538) من طريق شيخه سفيان الثوري، عن الأعمش، به نحوه. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن حزم في "المحلى" (10 / 590) . وأخرجه القاضي وكيع في "أخبار القضاة" (2 / 281) من طريق محمد بن يوسف الفريابي، عن سفيان الثوري، به. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (7 / 91 رقم 2488) . وابن جرير الطبري برقم (12911 و 12912) . كلاهما من طريق وكيع بن الجراح، عن الأعمش، به نحوه. وأخرجه ابن حزم في الموضع السابق من "المحلى" معلقًا عن سفيان الثوري، عن منصور بن المعتمر، عن إبراهيم النخعي، عن شريح، به نحوه. وسيأتي الحديث بإسناد صحيح آخر عن شريح برقم [856] . (1) هو سليمان بن طَرْخان التَّيْمي، تقدم في الحديث [94] أنه ثقة عابد، ولم أجد =

853- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا مُغِيرَةُ (1) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ (2) .

_ = من نصّ على أنه سمع من سعيد بن جبير أو نفى ذلك عنه، وسماعه منه محتمل، لأن سعيد بن المسيب توفي بعد سنة تسعين للهجرة كما في ترجمته في الحديث رقم [800] ، وأما سليمان التيمي فإنه توفي سنة ثلاث وأربعين ومائة وهو ابن سبع وتسعين، فتكون ولادته قريبًا من سنة ست وأربعين للهجرة، وهو بصري، وسعيد مدني، فاللقاء بينهما ممكن ولو في زيارة من سليمان لمسجد النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ومع ذلك فلم ينفرد سليمان عن سعيد بهذه الرواية كما سيأتي في الحديث رقم [859] . [852] سنده صحيح. والحديث ذكره السيوطي في "الدر" (3 / 223) وعزاه لعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير. وقد أخرجه ابن حزم في "المحلى" (10 / 590) من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال: ((في قوله تعالى)) بدل قوله: ((في قوله عز وجل)) ، وقال: ((قال)) بدل قوله: ((أي)) . وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (7 / 92 رقم 2492) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 161 رقم 12899) . كلاهما من طريق هشيم، به نحوه. وسيأتي برقم [859] من طريق قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ. (1) هو ابن مِقْسَم الضَّبِّي، تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه يدلس، لا سيما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه، ولم يصرح بالسماع. (2) يعني مثل اللفظ السابق، وسيأتي ذكر ابن حزم له من طريق المصنِّف بكامل لفظه. [853] سنده ضعيف لأن مغيرة مدلس ولم يصرِّح بالسماع. =

854- قَالَ الْمُغِيرَةُ (1) : وَأَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يَقُولُ ذَلِكَ (2) .

_ = وأخرجه ابن حزم في "المحلى" (10 / 591) من طريق المصنِّف، نا هشيم، أنا المغيرة، عن إبراهيم النخعي - في قول الله تعالى: {أو آخران من غيركم} - قال: من غير أهل مِلَّتكم. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (7 / 92 رقم 2491) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 161 رقم 12899 و 12904) . كلاهما من طريق هشيم، به، ولفظ ابن جرير مثل اللفظ الذي ذكره ابن حزم عن المصنِّف، وأما ابن أبي شيبة فعنده: ((دينكم)) بدل قوله: ((ملتكم)) ، وسقط من متنه قوله: ((غير)) . وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (12902) من طريق شعبة، عن مغيرة، عن إبراهيم مثل لفظه السابق. ثم أخرجه برقم (12903) من طريق جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قال: إن كان قُرْبَهُ أحد من المسلمين أشهدهم، وإلا أشهد رجلين من المشركين. (1) يعني بالإسناد السابق: سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا مغيرة. (2) يعني فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {أَوْ آخران من غيركم} أَيْ: مِنْ غَيْرِ أَهْلِ مِلَّتكم كما في الحديث رقم [852] . [854] سنده ضعيف لإبهام شيخ مغيرة. والحديث أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (7 / 92 رقم 2493) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 161 رقم 12900 و 12904) . كلاهما من طريق هشيم، عن مغيرة، به، ولفظ ابن أبي شيبة نحوه، ولفظ ابن جرير مثله، إلا أنه جاء عنده في الموضع الثاني من رواية مغيرة: ((عن سعيد بن جبير)) ، ولم يذكر الواسطة المبهم.

855- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا هِشَامٌ (1) ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَبِيَدَةَ (2) ، أَنَّهُ قَالَ مثل ذلك (3) .

_ (1) هو ابن حَسَّان. (2) هو السَّلْمَاني. (3) يعني فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {أَوْ آخران من غيركم} أَيْ: مِنْ غَيْرِ أَهْلِ مِلَّتكم، كما في الحديث [852] . [855] سنده صحيح. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (7 / 92 - 93 رقم 2494) من طريق هشيم، به نحوه. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 163 و 164 رقم 12915 و 12916 و 12917 و 12918 و 12919) من طريق عبد الله بن إدريس وإسماعيل بن إبراهيم بن عُلَيَّة وجرير بن عبد الحميد وزائدة، جميعهم عن هِشَامٌ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عبيدة، به بنحوه ومعناه. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (7 / 92 رقم 2490) من طريق وكيع، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ سيرين، عن عبيدة: {أو آخران من غيركم} قال: من أهل الكتاب. وعلقه ابن حزم في "المحلى" (10 / 590) عن وكيع، به بلفظ: من غير أهل الملّة. وأخرجه ابن جرير الطبري أيضًا برقم (12914 و 12920) من طريق أشهب وأبي حُرَّة، كلاهما عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنِ ابْنِ عون، به، ولفظ أبي حُرَّة مثل لفظ المصنِّف، ولفظ أشهب نحوه. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 360 رقم 15541) ، فقال: أخبرنا معمر، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عن عبيدة، قال: {أو آخران} من أهل الملة. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير (11 / 167 رقم 12939) ، لكن بلفظ: =

856- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ دَاوُدَ (1) ، عَنِ الشَّعْبي، عَنْ شُرَيْح - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {أَوْ آخَرَانِ من غيركم} -، قَالَ: إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ فِي أَرْضِ غُرْبَة، فَلَمْ يَجِدْ مُسْلِمًا، فَأَشْهَدَ مِنْ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ شَاهِدَيْنِ، فَشَهَادَتُهُمَا جَائِزَةٌ. وَإِنْ جَاءَ مُسْلِمَانِ فَشَهِدَا بِخِلَافِ ذَلِكَ، أخِذ بِشَهَادَةِ المسلمين، وتُركت شهادتهما.

_ = مسلمين من غير حَيِّكم. وهذا فيه مخالفة لما رواه جمع عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَبِيدَةَ، ومنهم كما سبق: هشام بن حسان وهو من أوثق الناس في ابن سيرين، ومنهم عبد الله بن عون وأشهب وأبو حُرَّة. فالذي يظهر أن الخطأ فيه من معمر بن راشد، فإنه يرويه عن أيوب السختياني وهو بصري، وفي روايته عن البصريين شئ كما سبق بيانه في ترجمته في الحديث [4] ، والله أعلم. (1) هو ابن أبي هند. [856] سنده صحيح. وأخرجه ابن حزم في "المحلى" (10 / 590) . والبيهقي في "سننه" (10 / 166) في الشهادات، باب من أجاز شهادة أهل الذمة على الوصية في السفر. كلاهما من طريق المصنِّف، ولفظ البيهقي مثله، إلا أنه قال: ((فإن جاء)) ، و ((ورُدَّت)) بدل قوله: ((وتُركت)) . وأما ابن حزم فإنه لم يذكر الآية، وقال: ((ولم يجد مسلمًا)) ، و: ((فإن جاء)) . وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 162، 170، 201 - 202 رقم 12909 و 12943 و 12974) من طريق عبد الأعلى، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، به نحوه.

857- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّعْبي، أَنَّ رَجُلًا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ بِدَقُوقَاء (1) ، فَلَمْ يَجِدْ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُشْهِدُهُمْ عَلَى وَصِيَّتِهِ، فَأَشْهَدَ رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَقَدِمَا بِتَرِكَتِهِ إِلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، فَأَخْبَرَاهُ، فَقَالَ الأشْعري: هَذَا أَمْرٌ لَمْ يَكُنْ بَعْدَ الَّذِي كَانَ فِي عَهْدِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (2) ، فَأَحْلَفَهُمَا بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ بِاللَّهِ مَا خَانَا، وَلَا كَذِبَا، وَلَا بَدَّلا، وَإِنَّهَا لَتَرِكَتِهِ، ثُمَّ أجاز شهادتهما.

_ = وتقدم الحديث عن شريح برقم [851] من طريق إبراهيم النخعي عنه، وسنده صحيح. (1) دَقُوقَاء - بفتح أوّله وضمّ ثانيه، وبعد الواو قاف أخرى، وألف ممدودة ومقصورة -: مدينة بين إِرْبِل وبغداد معروفة، لها ذكر في الأخبار والفتوح، كان بها وقعة للخوارج. "معجم البلدان" (2 / 459) . (2) سيأتي ذكر هذا الأمر الَّذِي كَانَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. [857] سنده صحيح، وصححه الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (2 / 113) ، والحافظ ابن حجر في "الفتح" (5 / 412) . والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 224) وعزاه لعبد الرزاق وأبي عبيد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني وابن مردويه والحاكم. وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 177) في الشهادات، باب تأكيد اليمين بالزمان، والحلف على المصحف، من طريق المصنِّف، لكنه اختصره، فقال: ((قد روينا عن الشعبي، عن أبي موسى الأشعري في قصة الوصية، قال: هَذَا أَمْرٌ لَمْ يَكُنْ بَعْدَ الَّذِي كَانَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأحلفهما بعد العصر: ما خانا، أخبرناه أبو نصر بن قتادة، أنبأ أبو منصور العباس بن الفضل، أنبأ أحمد بن نجدة، ثنا سعيد بن منصور، ثنا هشيم، أنبأ زكريا، عن الشعبي، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = فذكره)) . اهـ. ومن طريق المصنِّف أخرجه أيضًا ابن حزم في "المحلى" (10 / 589) ، لكنه قرنه برواية زياد بن أيوب للحديث عن هشيم، أنا زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ الشعبي، أن رجلاً من المسلمين حضرته الوفاة بدقوقا، فَلَمْ يَجِدْ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ يشهد عَلَى وَصِيَّتِهِ، فَأَشْهَدَ رَجُلَيْنِ مِنْ أهل الكتاب، فأتيا أبا موسى الأشعري، فأخبراه، وقدما بتركته ووصيته، فقال أبو موسى: هَذَا أَمْرٌ لَمْ يَكُنْ بَعْدَ الَّذِي كَانَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأحلفهما بعد الْعَصْرِ بِاللَّهِ: مَا خَانَا، وَلَا كذبا، ولا بدَّلا، ولا كتما، ولا غيّبا، وأنها لوصية الرجل وتركته، فأمضى أبو موسى شهادتهما. وبنحو سياق ابن حزم أخرجه أبو داود في "سننه" (4 / 28 - 29 رقم 3605) في الأقضية، باب شهادة أهل الذمة وفي الوصية في السفر، من طريق زياد بن أيوب، عن هشيم، به. ومن طريق أبي داود أخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 165) في الشهادات، باب من أجاز شهادة أهل الذمة على الوصية في السفر. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 165 رقم 12926) من طريق يعقوب بن إبراهيم، عن هشيم، به نحوه. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 360 رقم 15539) . وابن أبي شيبة في "المصنف" (7 / 91 رقم 2489) . أما عبد الرزاق فمن طريق ابن عيينة، وأما ابن أبي شيبة فمن طريق وكيع، كلاهما عن زكريا، به نحوه، ونسبا الرجل المتوفَّى، فقالا: ((من خَثْعَم)) ، ولم يذكرا قول أبي موسى: ((هَذَا أَمْرٌ لَمْ يَكُنْ بَعْدَ الَّذِي كَانَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -)) ، وعند عبد الرزاق: ((بأرضٍ من السَّوَاد)) بدل قوله: ((بدقوقا)) . وأخرجه البيهقي في الموضع السابق من طريق عبد الله بن نمير، عن زكريا، مقرونًا بروايته للحديث من طريق أبي داود، عن زياد بن أيوب، عن هشيم. وأخرجه ابن جرير برقم (12927) من طريق مغيرة عن الشعبي، أن أبا موسى =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = قضى بها بدقوقا. كذا رواه مختصرًا. وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (2 / 314) من طريق إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عامر الشعبي، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، أنه شهد عنده رجلان نصرانيان على وصية رجل مسلم مات عندهم، قال: فارتاب أهل الوصية، فأتوا بهما أبا موسى الأشعري، فاستحلفهما بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ بِاللَّهِ مَا اشتريا به ثمنًا، ولا كتما شهادة الله، إنا إذًا لمن الآثمين. قال عامر: ثم قال أبو موسى الأشعري: والله إن هذه القصة. اهـ. ولم يذكر باقي كلام أبي موسى، وإنما جاء في موضعه بياض. قال الحاكم: ((صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي. وأما قول أبي موسى - رضي الله عنه -: ((هَذَا أَمْرٌ لَمْ يَكُنْ بَعْدَ الَّذِي كَانَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -)) ، فالظاهر والله أعلم أنه أنما أراد بذلك قصة تميم وعدي بن بَدَّاء كما قال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (2 / 113) . وهذه القصة أخرجها الترمذي في "جامعه" (8 / 426 - 432 رقم 5052) في تفسير سورة المائدة من كتاب التفسير، من طريق محمد بن إسحاق، عن أبي النَّضْر، عن باذان مولى أم هانئ، عن ابن عباس، عن تميم الدَّاري، - في هَذِهِ الْآيَةُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أحدكم الموت} -، قال: بَرِيء الناس منها غيري وغير عديّ بن بَدَّاء، وكانا نصرانيين يختلفان إلى الشام قبل الإسلام، فأتيا الشام لتجارتهما، وقدم عليهما مولى لبني سَهْم يقال له: بُدَيْل بن أبي مريم بتجارة ومعه جَامٌ من فضة يريد بن الملك، وهو عُظْمُ تجارته، فمرض، فاوصى إليهما، وأمرهما أن يبلِّغا ما ترك أهلَه. قال تميم: فلما مات أخذنا ذلك الجام فبعناه بألف درهم، ثم اقتسمناه أنا وعدي ابن بَدَّاء، فلما أتينا إلى أهله دفعنا إليهم ما كان معنا، وفقدوا الجام، فسألونا عنه، فقلنا: ما ترك غير هذا، وما دفع إلينا غيره. قال تميم: فلم أسلمت بعد =

858- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ يُونُسَ (1) ، عَنِ الْحَسَنِ، - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ (2) أو آخران من غيركم} -، قَالَ: مِنَ الْمُسْلِمِينَ، إِلَّا أَنَّهُ يَقُولُ: مِنَ الْقَبِيلَةِ، أَوْ غَيْرِ القبيلة.

_ = قدوم رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - المدينة، تأثّمت من ذلك، فأتيت أهله، فأخبرتهم الخبر، وأدَّيت إليهم خمسمائة درهم، وأخبرتهم أن عند صاحبي مثلها، فأتوا به رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، فسألهم البيّنة، فلم يجدوا، فأمرهم أن يستحلفوه بما يَعْظُم به على أهل دينه، فحلف، فأنزل اللَّهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الموت - إلى قوله: - أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم} ، فقام عمرو بن العاص ورجل آخر فحلفا، فنُزعت الخمسمائة درهم من عدي بن بَدَّاء. قال الترمذي: ((هذا حديث غريب، وليس إسناده بصحيح. وأبو النَّضْر الذي روي عنه محمد بن إسحاق هذا الحديث هو عندي محمد بن السائب الكلبي يُكَنَّى: أبا النَّضْر، وقد تركه أهل العلم بالحديث، وهو صاحب التفسير، سمعت محمد بن إسماعيل بن يقول: محمد بن سائب الكلبي يكنى أبا النضر، ولا نعرف لسالم أبي النضر المديني رواية عن أبي صالح مولى أم هانئ، وقد روي عن ابن عباس شيء من هذا على الاختصار من غير هذا الوجه ... )) ، ثم أخرجه من حديث ابن عباس الذي أشار إليه، ثم قال: ((هذا حديث حسن غريب)) . وحديث ابن عباس هذا أخرجه البخاري في "صحيحه" تعليقًا (5 / 409 - 410 رقم 2780) في الوصايا، باب قول اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الذين آمنوا شهادة بينكم ... } الآية ولفظه نحو اللفظ السابق، إلا أن فيه شيئًا من الاختصار، وذكرالحافظ ابن حجر في "الفتح" (5 / 410) أن ابن المديني استحسنه، والله أعلم. (1) هو ابن عبيد. (2) في الأصل: ((اثنان منكم ذوا عدل منكم)) . [858] سنده صحيح. =

859- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ (1) ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ (2) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخران من غيركم} - قال: من أهل الكتاب.

_ = وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 166 رقم 12932) من طريق عوف بن أبي جميلة الأعرابي، عن الحسن - في قوله: {اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخران من غيركم} -، قال: شاهدان من قومكم ومن غير قومكم. وأخرجه أيضًا برقم (12934) من طريق قتادة، قال: كان الحسن يقول: {اثنان ذوا عدل منكم} ، أي: من عشيرته، {أو آخران من غيركم} ، قال: من غير عشيرته. وأخرجه أيضًا برقم (12938) من طريق مبارك، عن الحسن: {أو آخران من غيركم} قال: من غير عشيرتك، ومن غير قومك، كلهم من المسلمين. وعلّقه ابن حزم في "المحلى" (10 / 592) عن الحسن أنه قال: {أو آخران من غيركم} : من غير قبيلتكم. ثم قال ابن حزم تعليقًا على قول الحسن هذا: ((وأما من قال: من غير قبيلتكم، فقول ظاهر الفساد والبطلان، لأنه ليس في أول الآية خطاب لقبيلة دون قبيلة، إنما أولها: {يا أيها الذين آمنوا} ، ولايشك منصف في أن غير الذين آمنوا هم الذين لم يؤمنوا، ولكنها من الحسن زلّة عالم لم يتدبرها)) . اهـ. والله أعلم. (1) تقدم في الحديث [6] أنه صدوق. (2) تقدم في الحديث [14] أنه ثقة ثبت، إلا أنه مدلس، لكن الراوي عنه هنا هو شعبة، وتقدم في الحديث [1] أنه روايته عنه محمولة على الاتصال وإن كانت بالعنعنة. [859] سنده حسن لذاته، وهو صحيح لغيره؛ لأن عبد الرحمن بن زياد قد توبع كما =

860- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ (1) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: {مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الأوَّلين} (2) ، وَيَقُولُ: أَرَأَيْتَ إِنْ كان الأوْلَيَان صغيرين؟ .

_ = سيأتي، وتقدم الحديث من طريق آخر صحيح عن ابن المسيب برقم [852] . والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 223) وعزاه لعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 162 رقم 12907) . وابن حزم في "المحلى" (10 / 590) . كلاهما من طريق وكيع، عن شعبة، به مثله. وأخرجه ابن جرير أيضًا (11 / 161 رقم 12896 و 12897) من طريق محمد بن جعفر غندر ومؤمل بن إسماعيل، كلاهما عن شعبة، به مثله. وأخرجه عبد الزراق في "المصنف" (8 / 360 رقم 15540) من طريق معمر، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيب، به مثله. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 160 و 161 و 162 رقم 12895 و 12898 و 12905 و 12906) من طرق عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيب، به مثله. (1) هو ابن أبي رباح. (2) هذه القراءة إما أن تكون: ((الأَوَّلِين)) - بتشديد الواو وكسر اللام -، أو: ((الأوَّليْن)) - بتشديد الواو، وفتح اللام، وسكون الياء -. والقراءة الأولى: ((الأَوَّليِن)) - بكسر اللام - هي قراءة يحيى بن وَثَّاب والأعمش وحمزة وأبي بكر وعامة أهل الكوفة، وهي جمع أوَّل على أنها بدل من ((اللذين)) ، أو من ((الهاء)) في ((عليهم)) . والقراءة الثانية: ((الأَوَّلَيْن)) - بفتح اللام وسكون الياء - هي قراءة ابن سيرين، =

861- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ (1) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عليهم الأوَّلِين} (2) .

_ = ونقل القرطبي عن النحاس أنه حكم عليها بأنها لحن، وقد جاءت هكذا عن ابن عباس في "تفسير ابن جرير"، فلست أدري، أهكذا جاءت مضبوطة في الأصل، أم أنه اجتهاد من المحقق الشيخ محمود شاكر؟ وفي قراءة الحسن البصري: ((الأوَّلان)) ، ونقل القرطبي أيضًا عن النحاس أنه حكم عليها بأنها لحن، وحكم عليها ابن جرير بالشذوذ. والقراءة المشهورة هيق راءة الباقين هكذا: ((الأَوْلَيَان)) على أنه فاعل ((استَحَقَّ)) ، والمفعول محذوف، والتقدير: من الذين استحق عليهم الأوليان بالميت وصيته التي أوصى بها، وقيل: استحق عليهم الأوليان ردَّ الأيْمان، وقيل: في إعرابها غير ذلك. انظر "تفسير ابن جرير الطبري" (11 / 194 - 203) ، و"حجة القراءات" (ص238 - 239) ، و"تفسير القرطبي" (6 / 359) . [860] سنده صحيح. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 226) للمصنِّف وعبد بن حميد وابن جرير وأبي الشيخ. وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (11 / 202 رقم 12976 و 12977) من طريق عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عن عطاء، به نحوه، وزاد: ((كيف يقومان مقامهما؟)) . (1) هو ابن مقسم الضَّبِّي، تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه يدلس، لا سيما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه. (2) لم تضبط في الأصل، لكن إبراهيم النخعي كوفي، وقراءة أهل الكوفة هكذا كما في الحديث السابق. [861] سنده ضعيف لأن مغيرة لم يصرح بالسماع.

862- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا، عَنِ ابْنِ عَوْن (1) ، عَنِ الشَّعْبي، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةً (2) إِنَّا إِذًا لمن الآثمين} .

_ (1) هو عبد الله بن عون. (2) هذه الآية اختلف القراء في قراءتها، وحكى القرطبي في "تفسيره" (6 / 357) أن فيها سبع قراءات. وذكر ابن جرير في "تفسيره" (11 / 177 - 178) أن عامة قَرَأةِ الأمصار قرأوا: {ولا نكتم شهادةَ الله} بإضافة ((الشهادة)) إلى ((الله)) ، وخفض اسم الله تعالى، والمعنى: لا نكتم شهادةً لله عندنا. وذكر أن بعضهم قرأها: {ولا نكتم شهادةً اللهَ} بتنوين ((الشهادة)) ، ونصب اسم ((الله)) ، بمعنى: ولا نكتم الله شهادةً عندنا. ونسب النحاس في "معاني القرآن" (2 / 379) القراءة هكذا لعبد الله بن مسلم، ثم قال النحاس: ((وهو يحتمل معنيين: أحدهما: أن المعنى: ولا نكتم اللهَ شهادةً. والمعنى الآخر: ولا نكتم شهادةً واللهِ، ثم حذف الواو، ونَصَبَ)) . وذكر النحاس أن أبا عبد الرحمن السُّلمي قرأ: {ولا نكتم شهادةً آللهِ} على الاستفهام. وأما قراءة الشعبي، ففيها اختلاف سيأتي بيانه، والأصح أنه قرأها هكذا: {ولا نكتم شهادةً اللهِ إنا إذًا لمن الآثمين} بتنوين شهادة، وخفض لفظ الجلالة ((الله)) ، قال النحاس: ((هذا عند أكثر أهل العربية لحن، وإن كان سيبويه قد أجاز حذف القسم والخفض)) . قال ابن جرير (11 / 178) : ((وأولى القراءات في ذلك عندنا بالصواب: قراءة من قرأ: {ولا نكتم شهادةَ اللهِ} بإضافة ((الشهادة)) إلى اسم ((الله)) ، وخفض اسم ((الله)) ، لأنها القراءة المستفيضة في قَرَأَةِ الأمصار التي لا تتناكر صحَّتَها الأمة)) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ [862] سنده صحيح. والحديث عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 225) لأبي عبيد وابن جرير وابن أبي حاتم، بلفظ: عن عامر الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {وَلَا نكتم شهادة} يعني: يقطع الكلام مُنَوَّنًا: (الله) بقطع الألف وخفض اسم الله على القسم. ورواية المصنف هنا ليس فيها لفظ الجلالة، فالأظهر أنه سقط من النسخة؛ فإني لم أجد من عزا هذه القراءة للشعبي بحذف لفظ الجلالة كما يتضح من مراجعة المواضع السابقة من "تفسير الطبري" و"معاني القرآن" للنحاس و"تفسير القرطبي". والحديث أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 178 رقم 12957) من طريق أبي عبيد القاسم بن سلاّم، قال: حدثنا عباد بن عباد، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ أنه قرأ: {ولا نكتم شهادةً اللهِ إنا إذًا لمن الآثمين} . قال أبو عبيد: ينوِّن ((شهادةً)) ويخفض ((الله)) على الاتصال. قال: وقد رواها بعضهم بقطع الألف على الاستفهام. وأخرجه ابن جرير أيضًا (11 / 177 رقم 12956) من طريق شيخه سفيان بن وكيع، قال: حدثنا أبو أسامة، عن ابن عون، عن عامر - أي الشَّعْبِيِّ -، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {وَلَا نكتم شهادةً اللهِ إنا إذًا لمن الآثمين} ، بقطع الألف، وخفض اسم الله. والحديث بهذا الإسناد ضعيف جدًّا ساقط؛ فيه سفيان بن وكيع بن الجَرَّاح، أبو محمد الرُّؤاسي، الكوفي، يروي عن أبيه وعبد الله بن إدريس وأبي أسامة حماد بن أسامة وغيرهم، روى عنه الترمذي وابن ماجه وابن جرير الطبري وغيرهم، وكان سفيان صدوقًا، إلا أنه ابتُلي بوَرَّاق له، فأدخل عليه ما ليس من حديثه، فنُصح، فلم يقبل، فسقط حديثه. قال البخاري: ((يتكلمون فيه لأشياء لقَّنوه)) ، وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: ((سألت أبا زرعة عنه، فقال: لا يشتغل به، قيل له: كان يكذب؟ قال: كان أبوه رجلاً صالحًا، قيل له: =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = كان يتهم بالكذب؟ قال: نعم)) ، وقال عبد الرحمن أيضًا: ((سمعت أبي يقول: جاءني جماعة من مشيخة الكوفة، فقالوا: بلغنا أنك تختلف إلى مشايخ الكوفة تكتب عنهم، وتركت سفيان بن وكيع، أما كنت ترعى له في أبيه؟ فقلت لهم: إني أوجب له، وأحب أن تجري أموره على الستر، وله ورّاق قد أفسد حديثه. قالوا: فنحن نقول له أن يبعد الورَّاق عن نفسه، فوعدتهم أن أجيئه، فأتيته مع جماعة من أهل الحديث، وقلت له: إن حقك واجب علينا في شيخك وفي نفسك، فلو صنت نفسك وكنت تقتصر على كتب أبيك، لكانت الرحلة إليك في ذلك، فكيف وقد سمعت؟ فقال: ما الذي يُنْتقم عليّ؟ فقلت: قد أدخل ورَّاقك في حديثك ما ليس من حديثك، فقال: فكيف السبيل في ذلك؟ فقلت: ترمي بالمخرَّجات، وتقتصر على الأصول، ولا تقرأ إلا من أصولك، وتُنَحِّي هذا الورَّاق عن نفسك، وتدعو باب كرامة وتوليه أصولك فإنه يوثق به، فقال: مقبول منك، وبلغني أن ورَّاقه كان قد أدخلوه بيتًا يتسمَّع علينا الحديث، فما فعل شيئًا مما قاله، فَبَطَل الشيخ، وكان يحدث بتلك الأحاديث التي قد أُدخلت بين حديثه، وقد سرق من حديث المحدثين)) ، وكانت وفاته سنة سبع وأربعين ومائتين. اهـ. من "الجرح والتعديل" (4 / 231 - 232 رقم 991) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع (11 / 200 - 201) ، و"تهذيب التهذيب" (4 / 123 - 124رقم 210) ، و"التقريب" (ص245 رقم 2456) . وعليه فالعمدة على ما رواه أبو عبيد عن عباد بن عباد، عن ابن عون، وهذه لا تنافي رواية المصنف، لأن الأظهر أن رواية المصنف سقط منها لفظ الجلالة كما سبق. وقد أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 44 / ب) من طريق علي بن عاصم، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ - فِي قَوْلِهِ: {ولا نكتم شهادة الله} -: يعني: يقطع الكلام، ((الله)) على القسم.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِذْ قَالَ الحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} ] 863- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا (أَبُو) (1) مُحَمَّدٍ مَوْلَى قُرَيْشٍ (2) ، عَنْ عَبَّاد بْنِ الرَّبيع (3) ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أنه كان يقرأ: (تَسْتَطِيْعُ) (4) .

_ (1) ما بين القوسين سقط من الأصل، ولابد منه، وقد مضى هذا الإسناد برقم [716] . (2) تقدم في الحديث [716] أنه مجهول. (3) تقدم في الحديث [716] أيضًا أنه مجهول. (4) لم تنقط التاء الأولى في الأصل، فاحتمل أن يكون: ((يستطيع)) ، لكن الذي روي عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ في هذه القراءة هو هذا. وفي الآية قراءتان. الأولى: {هَلْ تَسْتَطِيْعُ رَبَّكَ} بالتاء ونصب ((ربك)) ، وبها قرأ علي ومعاذ وعائشة وابن عباس رضي الله عنهم ومن التابعين: مجاهد وسعيد بن جبير، وهي قراءة الكسائي. والمعنى: هل تستطيع أن تسأل ربك؟ أو: هل تستطيع أن تدعو ربك؟ أو: هل تستطيع وترى أن تدعوه؟ وقالوا: لم يكن الحواريُّون شاكّين أن الله تعالى ذكره قادر أن ينزل عليهم ذلك، وإنما قالوا لعيسى: هل تستطيع أنت ذلك. وكانت عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَقُولُ: كان القول أعلم بالله عز وجل من أن يقولوا: {هل يستطيع ربُّك} ، قالت: ولكن: {هل تستطيع ربَّك} . الثانية: {هل يَسْتَطِيْعُ ربُّكَ} وهي قراءة عامة قَرَأة المدينة والعراق، واختُلف في معناها، فقال بعضهم: إن القوم لم يشكُّوا في استطاعة الباري سبحانه؛ لأنهم كانوا مؤمنين عارفين عالمين، وإنما هو كقولك للرجل: هل =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = يستطيع فلان أن يأتي؟ وقد علمت أنه يستطيع، فالمعنى: هل يفعل ذلك؟ وهل يجيبني إلى ذلك أم لا؟ وقد كانوا عالمين باستطاعة الله تعالى لذلك ولغيره علم دلالة وخبر ونظر، فأرادوا علم معاينة كذلك كما قال إبراهيم - صلى الله عليه وسلم -: {رب أرني كيف تحيي الموتى} ، وقد كان إبراهيم عَلِمَ ذلك علم خبر ونظر، ولكن أراد المعاينة لا يدخلها ريب ولا شبهة، لأن علم الخبر والنظر قد تدخله الشبهة والاعتراضات، وعلم المعاينة لا يدخله شيء من ذلك، ولذلك قال الحواريون: {وتطمئن قلوبنا} كما قال إبراهيم: {ولكن ليطمئن قلبي} . ذكر هذا القول القرطبي واستحسنه واستحسن القول الآتي أكثر من هذا، وهو قول من قال: إن ذلك كان من قول مَنْ كان مع الحواريين؛ لأن الحواريين كانوا خيرة من آمن بعيسى، فكيف يظن بهم الجهل باقتدار الله تعالى على كل شيء ممكن؟ وأحسن من هذا كله ما اختاره ابن جرير الطبري، وهو: أن قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ} من صلة: {إذ أوحيت} ، فيكون معنى الكلام: وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ؟ لأن من الواضح البَيِّن أن الله سبحانه كره منهم ما قالوه، واستعظمه، وأمرهم بالتوبة ومراجعة الإيمان من قولهم ذلك، والإقرار لله بالقدرة على كل شيء، وتصديق رسوله فيما أخبرهم عن ربهم، وقد استعظم منهم عيسى ذلك، فقال: {واتقوا الله إن كنتم مؤمنين} ، فاستتابة الله تعالى لهم، ودعوته لهم إلى الإيمان به وبرسوله عند قيلهم ما قالوا، واستعظام نبي الله لقولهم، فيه دلالة كافية على صحة القراءة بالياء ورفع ((الرب)) . ولو كانوا قالوا له: هل تستطيع أن تسأل رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً من السماء؟ لما كان لاستنكار عيسى لقولهم معنى، واستعظامه لذلك منهم، ويدّل عليه: أنهم قالوا بعد ذلك: {نريد أن نأكل منها وتطمئن قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا} ، فدلّ هذا على أنهم لم يكونوا يعلمون أن عيسى قد صدقهم، ولا اطمأنّت قلوبهم إلى حقيقة نبوّته، فلا بيان أبيْنَ من هذا الكلام في أن القوم كانوا قد خالط =

864- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، قَالَ: نا حُصَيْنٌ (1) ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِثْلَ ذَلِكَ (2) .

_ = قلوبهم مرض وشكٌّ في دينهم وتصديق رسولهم، وأنهم سألوا ما سألوا من ذلك اختبارًا. اهـ. من "تفسير ابن جرير الطبري" (11 / 218 - 222) ، و"معاني القرآن" للنحاس (2 / 384 - 385) ، و"حجة القراءات" (ص240 - 241) ، و"تفسير القرطبي" (6 / 364 - 365) . [863] سنده ضعيف لجهالة عَبَّاد وأبي محمد. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 231) وعزاه لابن أبي حاتم فقط. وقد أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 49 / أ، وب) من طريق شريك ابن عبد الله القاضي، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن عامر الشعبي، أنه كان يقرؤها - يعني عليًّا -: {هل تَسْتَطيعُ ربَّك} قال: هل يطيعك ربك. وسنده ضعيف جدًّا، فجابر الجعفي تقدم في الحديث [101] أنه ضعيف جدًّا، وشريك تقدم في الحديث [4] أنه صدوق يخطئ كثيرًا، وعليه فالحديث باقٍ على ضعفه. (1) هو ابن عبد الرحمن السُّلمي تقدم في الحديث [56] أنه ثقة تغيَّر حفظه في الآخر، لكن الراوي عنه هنا هو هشيم بن بشير، وهو ممن روى عنه قبل الاختلاط كما في الحديث رقم [91] . (2) أي أنه قرأها هكذا: {هل تَسْتَطِيعُ ربَّكَ} بالتاء ونصب ((ربك)) كما في الموضع الآتي من "الدر المنثور". [864] سنده صحيح. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 231) وعزاه لأبي عبيد وعبد بن حميد وابن المنذر وأبي الشيخ، جميعهم عن ابن عباس أنه قرأها: {هل تستطيع ربك} بالتاء ونصب ((ربك)) . وسيأتي الحديث من طريق سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عباس برقم [865 و 868] .

865- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ حُصَين (1) ، عَنِ ابْنِ أَبِي إِسْمَاعِيلَ (2) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {هَلْ تَسْتَطِيعُ رَبَّكَ} (3) . 866- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا عَوْفٌ (4) ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُ كان يقرأ: {هَلْ يَسْتَطِيعُ} . 867- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا مُغِيرَةُ (5) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قال: كان أصحابنا (6) يقرؤون كذلك (7) .

_ (1) أظنه ابن عبد الرحمن السُّلمي، لكن يشكل عليه أنى لم أجد من نصّ على أن سفيان بن عيينة ممن روى عنه! (2) لم أهتد إليه، وفي ظني أن في إسناد هذا الحديث غلطًا. (3) لم تضبط الآية في الأصل، ولم تنقط التاء الأولى في ((تستطيع)) ، وإنما ضبطتها هكذا لأنها القراءة المعروفة عن ابن عباس كما في الحديث السابق والذي قبله، وانظر الحديث الآتي برقم [868] . [865] الحكم على الحديث متوقف على زوال الإشكال في حصين وشيخه. (4) هو ابن أبي جميلة الأعرابي. [866] سنده صحيح. وقراءة الحسن البصري هذه هي القراءة المشهورة، انظر التعليق رقم (4) على الحديث رقم [863] . (5) هو ابن مِقْسَم الضَّبِّي، تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه يدلِّس، لا سيّما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه. (6) يعني أصحاب عبد الله بن مسعود من الكوفيين. (7) يعني على القراءة المشهورة: {هَلْ يَسْتَطِيعُ ربُّك} ، وممن قرأ بها أهل الكوفة كما في الحديث رقم [863] . =

868- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِب (1) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {هَلْ تَسْتَطيع رَبَّك} (2) . 869 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ (3) ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {هَلْ تَسْتَطيع} .

_ [867] سنده ضعيف لأن مغيرة مدلس ولم يصرح بالسماع. (1) تقدم في الحديث [6] أنه ثقة، إلا أنه اختلط في آخر عمره، والراوي عنه هنا هو خالد بن عبد الله الطَّحَّان الواسطي، وهو ممن روى عنه بعد الاختلاط. (2) الآية جاءت مضبوطة في الأصل هكذا، لكن الفتحة فوق الباء في (رَبَّك) يشبه أن تكون ضَمَّة، فإن كان كذلك فهو تصحيف، لأنه لم يُذكر أن أحدًا قرأها كذلك كما يتضح من مراجعة المراجع المذكورة في التعليق رقم (4) على الحديث رقم [863] . [868] سنده ضعيف لاختلاط عطاء بن السائب، وهو صحيح لغيره بالطريق المتقدمة برقم [864] . (3) هو السُّلَمي عبد الله بن حبيب. [869] سنده ضعيف لاختلاط عطاء بن السائب كما في الحديث السابق.

الخاتمة وفيها أهم النتائج التي توصلت إليها

الخاتمة وفيها أهم النتائج التي توصلت إليها في ختام هذه الرسالة أذكر أهم ما توصلت إليه من نتائج من خلال بحثي هذا. فمن ذلك: 1- إظهار نص كان في عداد المفقود. 2- بيان مكانة الإمام سعيد بن منصور، والرد على من تكلم فيه. 3- بيان القيمة العلمية لسنن سعيد بن منصور، فقد تبين من خلال الإحصائية التي قمت بها أن نسبة الأحاديث المقبولة بلغت (70%) ؛ ما بين صحيح وحسن لذاته ولغيره، ونسبة (25%) أو أكثر من الضعيف الذي يمكن أن ينجبر بتعدد طرقه. 4- بيان خطأ من ذكر أن سنن سعيد بن منصور من مظان وجود المعضل والمنقطع والمرسل، وقرنها بمؤلفات ابن أبي الدنيا في ذلك. 5- بيان أن كتاب الزهد وكتاب التفسير من كتب سنن سعيد بن منصور، وليسا كتابين مستقلين. * * *

ملحق في تقويم العمل المطبوع من سنن سعيد بن منصور بتحقيق الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي

ملحق في تقويم العمل المطبوع من سنن سعيد بن منصور بتحقيق الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي قبل ما يقرب من خمس وعشرين سنة أخرج الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي قطعة من سنن سعيد بن منصور تضم كتاب الفرائض والوصايا والنكاح والطلاق والجهاد. واعتمد الشيخ على نسخة منقولة- فيما يظهر- عن الأصل الذي نُقِلت عنه النسخة التي اعتمدت عليها؛ بدليل أن سندهما واحد (1) ، وتاريخ نسخهما متقارب (2) ، ومكانهما واحد (3) ، ونجد كثيراً من الأخطاء التي ترد في إحداهما موجوداً في الأخرى كذلك. فمن ذلك على سبيل المثال: أنه سقط من النسختين قوله في كتاب الفرائض (4) : ((فرض لهم الثلث)) ، فاستدركه الأعظمي من سنن البيهقي. ومن ذلك أيضاً قوله في كتاب الفرائض (5) : ((عن الشعبي، أن علياً)) ، وقد جاء في الأصلين- خطأ- هكذا: ((أن علي)) ، وصوبه الأعظمي.

_ (1) انظر (ص 163) من المقدمة. (2) فالنسخة التي اعتمدها الشيخ الأعظمي نسخت سنة خمس وعشرين وسبعمائة، بينما نسخت النسخة التي اعتمدتها سنة أربع وثمانين وسبعمائة. انظر (ص 226) من المقدمة، وانظر أيضاً المطبوع بتحقيق الأعظمي (2 / 377) . (3) فالنسختان نسختا في مرج دمشق كما في الموضعين السابقين. (4) انظر المطبوع من السنن بتحقيق الأعظمي (1 / 3 رقم 5) . (5) انظر المطبوع من السنن بتحقيق الأعظمي (1 / 14 رقم 15) .

ومثله قوله (1) : ((أخذت)) ، فإنه جاء في الأصلين هكذا: ((أخذ)) . و (2) : ((سعيد بن أبي بردة)) ؛ جاء في الأصلين هكذا: ((سعيد بن بردة)) . و (3) : ((إبراهيم بن ميسرة)) ؛ جاء في الأصلين هكذا: ((إبراهيم، عن ميسرة)) . و (4) : ((ولا عن بنات ابن مع بنات صلب)) ؛ جاء في الأصلين هكذا: ((ولا مع بنات ابن مع بنات صلب)) . وهكذا في أمثلة عديدة، وجميع ما سبق صوّبه الشيخ الأعظمي. وبما أن النسخة التي اعتمدت عليها تضم أيضاً ما أخرجه الشيخ الأعظمي (5) ، فقد قمت بمقابلة مائة وثلاث صفحات [وتضم 405 حديثاً] مما أخرجه الشيخ الأعظمي مع المخطوط الذي لدي صورته، وأخذت نماذج من باقي العمل، فاتضح لي ما يلي: أولاً: فيما يتعلق بضبط النص: فقد بذل الشيخ الأعظمي جهداً في محاولة ضبط النص، ووفق في الكثير الغالب، إلا أن مشكلته تكمن في اعتماده على نسخة وحيدة، وهي وإن كانت لا بأس بها في الجملة، إلا أنه يعتريها ما يعتري الكثير من المخطوطات؛ من وجود سقط أو تصحيف. وقد ضاعف من حجم المشكلة: أن الذي قام بتجليد هذه النسخة ساوى أطرافها بالمقص، فطغى القصّ على الكتابة، فذهب ببعض الكلمات، هذا بالإضافة إلى

_ (1) انظر المطبوع من السنن بتحقيق الأعظمي (1 / 17 رقم 29) . (2) انظر المطبوع من السنن بتحقيق الأعظمي (1 / 21 رقم 44) . (3) انظر المطبوع من السنن بتحقيق الأعظمي (1 / 33 رقم 90) . (4) انظر المطبوع من السنن بتحقيق الأعظمي (1 / 36 رقم 112) . (5) فهي تعتبر نسخة أخرى للعمل الذي أخرجه الأعظمي.

أن الشيخ أخفق في بعض الأحيان في تقويم النصّ، وفيما يلي بيان ذلك مع الأمثلة (1) : - 1- معظم النص الذي قمت بمقابلته من النسخة (أ) جاء موافقاً للنسخة (ب) . 2- للشيخ الأعظمي اجتهادات صائبة في تصويب ما تصحف، أو استدراك ما سقط. ومن أمثل ذلك: ما ذكره (2) من أن القصّ جار على آخر كلمة في الحديث رقم [58] ، فاجتهد في استظهارها، ورأى أنها كلمة: ((السدس)) ، وقد أصاب في ذلك؛ فإنها جاءت هكذا في (ب) . وفي كتاب الفرائض ذكر أن العبارة في (أ) جاءت هكذا: ((ولد ابن ذكر)) ، ثم صوبها هكذا: ((ولد ابن ذكراً)) ، وقد أصاب في ذلك؛ فإنها جاءت هكذا في (ب) . وسبق ذكر عدة أمثلة من تصويباته لبعض الأخطاء (3) . 3- اجتهد الشيخ الأعظمي في استدراك ما سقط من بعض الأحاديث فلم يصب؛ كالحديث رقم (1792) ، فإنه أثبته هكذا: ((حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . الشعبي، أنه كان يراه جائزاً)) (4) . ثم علّق على موضع النقط بقوله: ((سها كاتب الأصل أن يكتب هذا الأثر في الصلب، فاستدركه في الهامش، وقد جار

_ (1) وسأرمز لنسخة الأعظمي بالرمز (أ) وللنسخة التي لدي مصورتها بالرمز (ب) . (2) انظر المطبوع من السنن بتحقيق الأعظمي (1 / 24 رقم 58) . (3) انظر ما تقدم (ص 1685 - 1686) . (4) انظر المطبوع من السنن بتحقيق الأعظمي (2 / 7 رقم 1792) .

القصّ على ما كان موضع النقط، وأراه: (عن فراس الهمداني) ؛ فقد روى عب - يعني عبد الرزاق - معناه عن الثوري، عن فراس الهمداني، عن الشعبي ... )) إلخ. ولم يصب الشيخ في ما رآه، فالذي في موضع النقط في (ب) ما نصه: ((قال: نا محمد بن سالم وحجاج، عن)) . ثانياً: فيما يتعلق بالتعليق على النص: هناك قصور شديد فيما يتعلق بتعليق الأعظمي على النص، وفيما يلي بيان أوجه هذا القصور: 1- هناك قصور شديد في تخريجه للأحاديث، ويتضح ذلك بالمقارنة بين بعض الأحاديث التي وردت في القسم الذي أخرجه والقسم الذي حققته؛ كالحديث رقم [681] ، فإن المصنِّف سعيد بن منصور أخرجه في كتاب الجهاد (1) ، وعلّق عليه الشيخ الأعظمي بقوله: ((أخرجه هق - يعني البيهقي - من طريق سعيد بن الحكم بن أبي مريم، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزناد (9 / 23) . وأصل الحديث أخرجه البخاري من حديث مروان بن الحكم، عن زيد بن ثابت. وأخرجه د - يعني أبا داود - عن المصنِّف (1 / 339)) ) . وقد بينت في تخريجي لهذا الحديث أنه أخرجه ابن سعد وأبو داود والحاكم، ثلاثتهم من طريق المصنِّف. ومن طرق أخرى أخرجه عبد الرزاق وابن سعد والإمام أحمد والبخاري والترمذي والنسائي وابن الجارود وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي.

_ (1) انظر المطبوع من السنن بتحقيق الأعظمي (2 / 129 - 130 رقم 2314) .

2- لا يتعرّض لدراسة الإسناد في الكثير الغالب، وإذا تعرض فإنما يعرِّف تعريفاً موجزاً برجل من رجال الإسناد ولا يدرس كامل الإسناد. 3- لا يتعرّض للحكم على الحديث. 4- فيما يتعلق بغريب اللغة والحديث والتعليق على ما يحتاج إلى تعليق، ليس له فيه منهج واضح، فهو يعلق أحياناً، ويهمل ذلك أحياناً أخرى؛ كقوله: ((أحرى أن يؤلف بينكما)) تعليقاً على قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((أحرى أن يؤدم بينكما)) (1) . ولم يعلق على قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((أَغَرّ أخلاقاً)) في الحديث رقم [514] ونصه: ((عليكم بالجواري الشواب، فانكحوهن، فإنهن أفتح أرحاماً، وأغر أخلاقاً ... )) الحديث (2) . هذا مع أنه لم يقدم دراسة عن الكتاب ومؤلفه، وإنما اعتمد على نصوص نقلها الدكتور حميد الله من بعض كتب الرجال فيما يتعلق بترجمة سعيد بن منصور. وبالجملة فالعمل الذي قدمه الشيخ الأعظمي لا بأس به في مجمله فيما يتعلق بضبط نصه، وأما فيما يتعلق بخدمة الكتاب بتخريج أحاديثه، ودراسة أسانيد أحاديثه والحكم عليها والتعليق على ما يحتاج إلى تعليق، فإن الكتاب لا يزال بحاجة إلى من يخدمه. وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

_ (1) انظر المطبوع من السنن بتحقيق الأعظمي (1 / 129 رقم 516) . (2) انظر المطبوع من السنن بتحقيق الأعظمي (1 / 128 رقم 514) .

سورة الأنعام

تَفْسِيرُ سُورَةِ الْأَنْعَامِ [الْآيَةُ 19: قَوْلُهُ تَعَالَى {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا القُرْآَنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ ... } الْآيَةُ] 870- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مَعْشَر (1) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا القُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} -، قَالَ: وَمَنْ بَلَغَهُ الْقُرْآنُ، فَقَدْ بلَّغه مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -.

_ (1) هو نجيح بن عبد الرحمن، تقدم في الحديث (167) أنه ضعيف. 870 - سنده ضعيف لضعف أبي معشر، وهو حسن لغيره بمتابعة موسى بن عبيدة له كما سيأتي. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 257) ، وعزاه لابن أبي شيبة، وابن الضريس وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ. وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 291 / رقم 13124) من طريق خالد بن يزيد، عن أبي معشر به نحوه. وهو في "تفسير" مجاهد (ص213) من رواية عبد الرحمن بن الحسن القاضي، عن إبراهيم بن الحسين، عن آدم بن أبي إياس، عن أبي معشر، به نحوه. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 468 / رقم 10007) . وابن جرير في "تفسيره" (3 / ل 61 ب) . ثلاثتهم من طريق موسى بن عبيدة الرَّبَذي، عن محمد بن كعب =

[الْآيَةُ (23) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاللهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} ] 871 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بن زيد، قال: شعيب ابن الحَبْحَاب (1) ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّعْبي يَقْرَؤُهَا: {واللهِ ربَّنا} (2) ،

_ = ((لأنذركم به ومن بلغ)) - قال: من بلغه القرآن، فكأنما رأى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم قرأ: {ومن بلغ أئنكم لتشهدون} . هذا لفظ ابن جرير، ونحوه لفظ ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم، إلا أن ابن أبي شيبة قال: ((من قرأه)) بدل قوله: ((من بلغه)) ، وزاد ابن أبي حاتم في بعض الطرق: فكأنما رأى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكلّمه. وسنده ضعيف لضعف موسى بن عبيدة كما في ترجمته في الحديث [31] ، وهو حسن لغيره بمجموع هذين الطريقين، والله أعلم. (1) هو شعيب بن الحَبْحَاب الأزْدي، مولاهم، أبو صالح البصري، ثقة، من الرابعة، مات سنة إحدى وثلاثين ومائة أو قبلها (التقريب) (ص 267 / رقم 2796) . (2) قرأ حمزة والكسائي: {والله ربَّنا} - بالنصب -، أي: يا ربَّنا! على النداء. وحجتهما: أن الآية ابتدأت بمخاطبة الله إياهم؛ إذ قال للذين أشركوا: {أين شركاؤكم} ، فجرى جوابهم إياه على نحو سؤاله لمخاطبتهم إياه، فقالوا: {والله ربَّنا} ؛ بمعنى: واللهِ يا ربَّنا ما كنا مشركين؛ فأجابوه مخاطِبين له كما سألهم مخاطَبين. وقرأ الباقون ((والله ربِّنا)) - خفضًا على النعت والثناء - وحجتهم في ذلك: أنك إذا قلت: ((أحلف بالله ربي)) كان أحسن من أن تقول: ((أحلف بالله يا رب)) . اهـ. من (حجة القراءات) (ص244) .

فقلت له: إن أصحابنا يقرؤون: {واللهِ ربِّنا} ، قَالَ: هَكَذَا أَقْرَأَنِيهَا عَلْقَمَةُ (1) . 872- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ (2) ، قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللِّهِ (3) يقرؤونها: {وَاللَّهِ ربَّنا} ، وَكَانَ أَبُو عَبْدِ الرحمن (4) يقرؤها: {والله ربِّنا} (5) .

_ (1) يعني ابن قيس النَّخَعي. 871 - سنده صحيح. وقد ذكره السيوطي في ((الدر المنثور)) (3 / 259) بنحو ما هنا، وعزاه لعبد ابن حميد فقط. وسيأتي الحديث من طريق آخر عن الشعبي برقم (873) . (2) هو ابن أبي النَّجود، تقدم في الحديث (17) أنه ثبت حجة في القراءة، صدوق، حسن الحديث، وهذا من روايته للقراءة. (3) يعني ابن مسعود، ومنهم: علقمة بن قيس كما في الحديث السابق واللاحق. (4) هو السُّلَمي عبدا لله بن حبيب، تقدم في الحديث (21) أنه ثقة ثبت، وهو شيخ عاصم الذي أخذ عنه القراءة. انظر ((معرفة القراء الكبار)) للذهبي (1 / 88) . (5) وهكذا قرأها عاصم - بالخفض - كما في ((الحجة للقراء السبعة)) (3 / 291) و ((الغاية في القراءات العشر)) (ص143) وكما سيأتي. 872 - سنده صحيح عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، وأما أصحاب عبد الله فلم يُسَمِّهم عاصم حتى يمكن النظر في سماعه منهم من عدمه، وقد أخذ عاصم من كبار أصحاب عبد الله بن مسعود كأبي وائل شقيق بن سلمة وزِرِّ بن حُبيش وغيرهم 0 انظر ((تهذيب الكمال)) (13 / 474 - 475) . =

873- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا: {والله ربنا} (1) . [الْآيَةَ (26) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ} ] 874- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حماد بن شعيب (2) ، عن

_ = ولم أجد من أخرج هذا الأثر سوى المصنِّف، لكن كر السيوطي في ((الدر المنثور)) (3 / 258) أن عبد بن حميد أخرج عن عاصم أنه قرأ: ((ثم لم تكن فتنتهم)) - بالنصب -، ((إلا أن قالوا والله ربِّنا)) - بالخفض -. (1) يعني بالنصب: ((ربَّنا)) كما في الحديث المتقدم برقم (871) . 873 - سنده رجاله ثقات، إلا الأعمش مدلِّس كما في ترجمته في الحديث رقم (3) ولم يصرح هنا بالسماع، وليس هذا من المواضع التي تحتمل فيها عنعنته، لكنه لم يتفرد به، بل تابعه شعيب بن الحبحاب في الحديث المتقدم برقم (871) ، وسنده صحيح. وقد ذكر السيوطي هذا الأثر في (الدر المنثور) (3 / 259) وعزاه لعبد بن حميد وأبي الشيخ، ولفظه: عن علقمة أنه قرأ: ((والله ربنا)) : والله يا ربَّنا. (2) هو حماد بن شعيب التَّميمي، الحِمَّاني، أبو شعيب الكوفي، يروي عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ ومنصور والأعمش وغيرهم، روى عنه حسين الجعفي وموسى بن أعين وأحمد بن يونس وغيرهم، وقال الذهبي: ((وأحسبه بقي إلى حدود السبعين ومئة)) ، وهو ضعيف، ضعفه ابن معين والنسائي وغيرهما، وفي رواية عن ابن معين ((ليس بشيء، ولا يكتب حديثه)) ، وسئل عنه الأمام أحمد؛ فقال: ((لا أدري كيف هو)) ، وقال البخاري: ((فيه نظر)) ، ونقل ابن الجارود عنه أنه قال: (منكر الحديث) ، وفي موضع آخر: (تركوا حديثه) ، وقال أبو حاتم: (ليس بالقوي) ، وقال =

تَفْسِيرُ سُورَةِ الْأَنْعَامِ [الْآيَةُ 19: قَوْلُهُ تَعَالَى {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا القُرْآَنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ ... } الْآيَةُ] 870- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مَعْشَر (1) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا القُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} -، قَالَ: وَمَنْ بَلَغَهُ الْقُرْآنُ، فَقَدْ بلَّغه مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -.

_ (1) هو نجيح بن عبد الرحمن، تقدم في الحديث (167) أنه ضعيف. 870 - سنده ضعيف لضعف أبي معشر، وهو حسن لغيره بمتابعة موسى بن عبيدة له كما سيأتي. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 257) ، وعزاه لابن أبي شيبة، وابن الضريس وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ. وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 291 / رقم 13124) من طريق خالد بن يزيد، عن أبي معشر به نحوه. وهو في "تفسير" مجاهد (ص213) من رواية عبد الرحمن بن الحسن القاضي، عن إبراهيم بن الحسين، عن آدم بن أبي إياس، عن أبي معشر، به نحوه. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 468 / رقم 10007) . وابن جرير في "تفسيره" (3 / ل 61 ب) . ثلاثتهم من طريق موسى بن عبيدة الرَّبَذي، عن محمد بن كعب =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = 874 - سنده ضعيف لإبهام الواسطة بين حبيب بن أبي ثابت وابن عباس، وأما حماد بن شعيب؛ فإنه قد توبع كما سيأتي. والحديث ذكره السيوطي في (الدر المنثور) (3 / 260) وعزاه للمصنِّف والفريابي وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وأبي الشيخ وابن مردويه والحاكم والبيهقي في (الدلائل) . وقد اختلف على حبيب بن أبي ثابت في هذا الحديث. فرواه حماد بن شعيب وسفيان الثوري وأبو محمد الأسدي، ثلاثتهم عن حبيب، عمن سمع ابن عباس، وفي رواية الأسدي: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ. وخالفهم قيس بن الربيع وحمزة بن حبيب. أما قيس فلم يذكر واسطة بين حبيب وابن عباس، وإنما قال: عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عن ابن عباس. وأما حمزة فجعل الواسطة سعيد بن جبير. أما رواية حماد بن شعيب فهي التي أخرجها المصنِّف هنا. وأما رواية سفيان الثوري فأخرجها هو في (تفسيره) (ص 106 - 107/ رقم 264) . ومن طريقه أخرجه عبد الرزاق في (تفسيره) (2 / 206) . وابن جرير الطبري في (تفسيره) (11 / 313 / رقم 13170، 13171) من ثلاث طرق عنه. وابن أبي حاتم في (تفسيره) (3 / ل 64 / أ) من طريقين عنه. والحاكم في (المستدرك) (2 / 315) . وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (13172) . والبيهقي في (الدلائل) (2 / 340) . كلاهما من طريق عبد الرزاق عن سفيان. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأخرجه البيهقي في الموضع نفسه أيضًا من طريق الحاكم. تنبيه: وقع في تفسير سفيان الثوري: (حبيب بن أبي حبيب) ، وهو خطأ، وصوابه ما رواه الحفاظ عن سفيان، كعبد الرزاق في (تفسيره) ، ووكيع وعبد الرحمن ابن مهدي عند ابن جرير وغيره، فإنهم رووه على الصواب هكذا: (حبيب بن أبي ثابت) . وأما رواية أبي محمد الأسدي فأخرجها ابن جرير الطبري برقم (13175) ، ولفظه نحو لفظ المصنف هنا. وأبو محمد الأسدي هذا يحتمل أن يكون هو قيس بن الربيع، فهو أسدي، وكنيته: أبو محمد، وهو يروي عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، لكن الراوي عنه عند ابن جرير هو يونس بن بكير، ولم أجد من نص على أنه من الرواة عنه، وقد رجح الشيخ محمود شاكر في تعليقه إلى الحديث أن أبا محمد الأسدي هذا هو عبد العزيز بن سِيَاه، فهو الذي يروي عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، ويروي عنه يونس بن بكير، لكن لم يذكر في ترجمته أن كنيته أبو محمد، ولم يذكر من أولاده من أسمه محمد، وإنما ذكر له من الأولاد يزيد وقُطْبَة، فالله أعلم. انظر ترجمة قيس بن الربيع في الحديث المتقدم برقم [54] ، وانظر (تهذيب الكمال) (18 / 144 - 145) ، وحاشية (تفسير ابن جرير الطبري) (11 / 314) . وأما رواية قيس بن الربيع فأخرجها الطبراني في (المعجم الكبير) (12 / 133 / رقم 12682) ، بنحو لفظ المصنف هنا، إلا أنه قال: وينأى عن اتباعه. قال الهيثمي في (مجموع الزوائد) (7 / 20) : (وفيه قيس بن الربيع وثقه شعبة وغيره، وضعفه ابن معين وغيره، وبقية رجاله ثقات) . قلت: قيس بن الربيع تقدم في الحديث [54] أنه صدوق تغير لما كبر، وادخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدث به. وأما رواية حمزة بن حبيب، فأخرجها الحاكم في (المستدرك) (2 / =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = 315) . ومن طريقه البيهقي في (دلائل النبوة) (2 / 340 - 341) . والواحدي في (أسباب النزول) (ص 209) . وقد ساق الحاكم من طريق شيخه علي بن حمشاذ العدل، ثنا محمد بن منده الأصبهاني، ثنا بكر بن بكار، ثنا حمزة بن حبيب، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - في قول الله عز وجل: {وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ} - قال: نزلت فِي أَبِي طَالِبٍ؛ كَانَ يَنْهَى المشركين عن أن يؤذوا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم ويتباعد عما جاء به أهـ. ثم قال الحاكم: (حديث حمزة بن حبيب صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه) ووافقه الذهبي، لكن الذي في (التلخيص) تصحيح الحديث دون أن يذكر أنه على شرط الشيخين. وقد ذهل الذهبي - رحمه الله - عن تعقب الحاكم على هذا الحديث، مع أن من عادته تعقب مثله، ففي سند الحديث بكر بن بكار، وقد أخرج الحاكم بعض الأحاديث من طريقه في غير هذا الموضع وتعقبه الذهبي بقوله: (قلت بكر قال النسائي: ليس بثقة) . انظر (التلخيص بحاشية المستدرك) (1 / 530) ، و (4 / 593) . وبكر هذا هو ابن بَكَّار، أبو عمرو القَيْسي، ضعيف، قال ابن معين وابن الجارود: (ليس بشيء) وقال أبو حاتم: (ليس بالقوي) ، وقال النسائي: (ليس بثقة) ، وقال الساجي: (ضعفه بعضهم) ، واتهمه العقيلي بسرقة بعض الأحاديث، وذكر ابن أبي حاتم ترجمة الحارث بن بدل حديثًا من طريق بكر هذا، ثم قال: (وهذا من تخليط بكر بن بكار، فإنه سيء الحفظ ضعيف الحديث) وقال ابن حجر: ((وفي نسخته مناكير ضُعِّف بسببها)) وذكره ابن حبان في (الثقات) وقال: (ربما أخطأ) ، ووثقه أبو عاصم النبيل وقال ابن القطان: (ليست أحاديثه =

785- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مَعْشَر (1) ، عَنْ بَعْضِ أَشْيَاخِهِ، قَالَ: كَانَ أَبُو طَالِبٍ يَنْهَى عَنْ قتله، ويَنْأى عنه اتِّباعه.

_ = بالمنكرة) . انظر (الجرح والتعديل) (2 / 382 - 383 / رقم 1492) ، و (3 / 69 - 70 / رقم 318) ، و (الثقات) لابن حبان (8 / 146) ، و (الكامل) لابن عدي (2 / 464 - 465) ، و (ميزان الاعتدال) (1 / 343 / رقم 1274) ، و (لسان الميزان) (2 / 48 / رقم 178) . والراوي عن بكر هذا هو محمد بن مَنْدَه بن أبي الهيثم منصور، أبو جعفر الأصبهاني، نزيل الرَّيّ، يروي عن بكر بن بكار والحسين بن حفص ومحمد بن مهران الجمّال وغيرهم، روى عنه إسماعيل بن محمد الصفّار وحمزة بن محمد الدهقان وغيرهما، وهو ضعيف جدًا؛ قال ابن أبي حاتم: (لم يكن عندي بصدوق؛ أخرج أولاً عن محمد بن بكير الحضرمي، فلما كتب عنه استحلى الحديث، ثم أخرج عن بكر بن بكار والحسين بن حفص، ولم يكن سنه سنّ من يلحقهما) ، وقال أبو نعيم: (ضعفه بعض الناس بروايته عن الحسين بن حفص، عن شعبة، ويونس بن أبي إسحاق؛ لأن الحسين لا تعرف له عنهما رواية) وكذّبه مهران، وذكره ابن حبان في (الثقات) . انظر: (الجرح والتعديل) (8 / 107 / رقم 463) ، و (الثقات لابن حبان) (9 / 154) ، و (ذكر أخبار أصبهان) لأبي نعيم (2 / 193) ، و (تاريخ بغداد) (3 / 304 - 305 / رقم 1395) ، و (لسان الميزان) (5 / 393 - 394 / رقم 1272) . ومع ضعف بكار وشدة ضعف محمد بن منده؛ فهذه الطريق مخالفة لرواية سفيان الثوري ومن وافقه، وفيها إبهام الواسطة بين حبيب بن أبي ثابت وابن عباس، وعليه فالحديث بهذا الإسناد منكر، لا كما قال الحاكم. (1) هو نجيح بن عبد الرحمن، تقدم في الحديث [167] أنه ضعيف. 875 - سنده ضعيف جدًا؛ لضعف أبي معشر، وجهالة أشياخه، وإرسال الحديث أو إعضاله، فإن أبا معشر من طبقة أتباع التابعين. =

[الْآيَةَ (33) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللهِ يَجْحَدُونَ} ] 876- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مَعْشَر (1) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ} (2) . قَالَ: قَالَ: (لَا يُبْطِلُونُ) (3) مَا في يديك.

_ = لكن الحديث روي بإسناد أحسن من هذا - مع ضعفه -، وهو الحديث السابق. (1) هو نجيح بن عبد الرحمن، تقدم في الحديث [167] أنه ضعيف. (2) في الأصل بتشديد الذال وكسرها، لكن التشديد بخط مغاير، فلعله بخط أحد المطالعين ممن أراد ضبطها كما في المصحف، بينما الصواب أنها بالتخفيف: (يُكْذِبونَكَ) ، كما في الموضعين الآتيين من (تفسير ابن أبي حاتم) و (الدر المنثور) . وقراءة التخفيف هذه هي قراءة نافع والكسائي، بمعنى: أنهم لا يجعلونك كذابًا، وإنما يريدون أن ما جئت به باطل، لأنهم لم يجرِّبوا عليه كذبًا فيكذِّبوه، إنما أكذبوه، أي: ما جئت به كذب لا نعرفه. وقرأ الباقون: (فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ) بالتشديد، أي: لا يسمونك كذابًا، ولكنهم ينكرون آيات بألسنتهم وقلوبهم موقنة بأنها من عند الله. وعلى هذا فمعنى القراءتين واحد وإن اختلف اللفظان. انظر (تفسير) ابن جرير (11 / 330 - 331) ، و (الحجة للقراء السبعة) (3 / 302 - 304) ، و (حجة القراءات) (ص 247 - 249) . (3) في الأصل: (لا يبطلوا) ، والتصويب من مصادر التخريج. (876) - سنده ضعيف لضعف أبي معشر. =

877- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا أَبُو مُحَمَّدٍ مَوْلَى قُرَيْشٍ (1) ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ الرَّبِيعِ (2) ، عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قَالَ: كَانَ يَقْرَأُ: (فَإِنَّهُمْ لَا يُكْذِبونك) خفيفة.

_ = وذكره السيوطي في (الدر المنثور) (3 / 264) وعزاه للمصنف وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ، ولفظه: عن محمد ابن كعب أنه كان يقرؤها: {فإنهم لا يكذبونك} بالتخفيف، يقول: لَا يُبْطِلُونُ مَا فِي يَدَيْكَ. وأخرجه ابن جرير الطبري في (تفسيره) (11 / 334 / رقم 13197) . وابن أبي حاتم في (تفسيره) (3 / ل 66 / ب) . كلاهما من طريق إسحاق بن سليمان أبي يحيى الرازي، عن أبي معشر، به، ولفظ ابن أبي حاتم هو نفس اللفظ الذي ساقه السيوطي، ولفظ ابن جرير مختصر. (1 و 2) أبو محمد مولى قريش وعباد بن الربيع، كلاهما مجهول كما في الحديث رقم (716) . 877 - سنده ضعيف لجهالة أبي محمد وعباد بن الربيع. والحديث ذكره السيوطي في (الدر المنثور) (3 / 264) وعزاه للمصنِّف وعبد ابن حميد وابن أبي حاتم وأبي الشيخ والضياء، وفيه زيادة قوله: (قال: لا يجيئون بحق هو أحق من حقك) . وقد أخرجه ابن أبي حاتم في (تفسيره) (3 / ل 66 / ب) من طريق سفيان ابن عيينة، عن سالم بن أبي حفصة، قال: قرأ علي بن أبي طالب: {فَإِنَّهُمْ لا يُكْذِبُونَكَ} قال: لا يجيئون بحق هو أحق من حقك وقرأ: {وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ} . وهذا إسناد ضعيف، لأن سالم بن أبي حفصة ليس له رواية عن أحد من الصحابة، وإنما يروي عن التابعين كما في (تهذيب الكمال) للمزي (10 / 133 - 134) ، فالسند منقطع بينه وبين علي رضي الله عنه. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأخرجه الضياء المقدسي في (المختارة) (2 / 365 - 366 / رقم 749) من طريق أبي أحمد الزبيري، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن ناجية، عن علي أنه يقرأ هذا الحرف: {فَإِنَّهُمْ لا يُكْذِبُونَكَ} مخفَّفة. وأخرجه الحاكم في (المستدرك) (2 / 315) من طريق محمد بن سابق، عن إسرائيل، عن أبي إِسْحَاقَ، عَنْ نَاجِيَةَ بْنِ كَعْبٍ الأسدي، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قال: قال أبو جهل لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قد نعلم يا محمد أنك تصل الرحم وتصدق الحديث، ولا نكذبك، ولكن نكذب الذي جئت به، فأنزل الله عز وجل: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيْحَزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظالمين بآيات الله يجحدون} . اهـ. ولم تضبط الآية في (المستدرك) . ثم قال الحاكم: (هذا الحديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه) ، فتعقبه الذهبي بقوله: (قلت: ما خرَّجا لناجية شيئًا) . قلت: الحديث بهذا الإسناد معلول؛ فقد اختلف فيه على إسرائيل، وخولف إسرائيل. أما الاختلاف على إسرائيل؛ ففي وصله وإرساله، وفي ذكر شيخ أبي إسحاق، فأبو أحمد الزبيري ومحمد بن سابق روياه عن إسرائيل موصولاً وسميا شيخ أبي إسحاق ناجية. وأشار الدارقطني في (العلل) (4 / 143) إلى أن إسرائيل رواه عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي ميسرة مرسلاً عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم، ولم يذكر الدارقطني من الذي رواه عن إسرائيل على هذا الوجه، وقد أخرجه عبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه كما في (الدر المنثور) (3 / 264) . وأما مخالفة إسرائيل، فقد خالفه سفيان الثوري، فرواه عن أبي إسحاق، عن ناجية مرسلاً ليس فيه ذكر لعلي رضي الله عنه، ولفظه نحو لفظ الحاكم. أخرجه هكذا الترمذي في (جامعه) (8 / 438 / رقم 5059) في تفسير =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = سورة الأنعام من كتاب (التفسير) . وابن جرير الطبري في (تفسيره) (11 / 334 / رقم 13195) . وابن أبي حاتم في (تفسيره) (ل 66 / أوب) ثلاثتهم من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ ناجية به. وأخرجه الطبري أيضًا برقم (13196) من طريق يحيى بن آدم، عن سفيان به. كذا رواه عبد الرحمن بن مهدي ويحيى بن آدم عن سفيان. وخالفهما معاوية بن هشام، فرواه عن سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ ناجية ابن كعب عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، هكذا موصولاً، فأخطأ فيه. أخرجه الترمذي في الموضع السابق برقم (5058) . وابن أبي حاتم في الموضع السابق أيضًا. والدارقطني في (العلل) (4 / 143 - 144) . والضياء المقدسي في (المختارة) (2 / 364 - 365 / رقم 748) . والصواب فيه ما رواه عبد الرحمن بن مهدي ومن وافقه، هذا ما رجحه الترمذي والدارقطني. أما الترمذي فإنه أخرج رواية معاوية أولاً، ثم أتبعها برواية ابن مهدي، ثم قال: (وهذا أصح) . وأما الدارقطني فإنه سئل عن هذا الحديث، فقال: (يرويه الثوري، عن أبي إِسْحَاقَ، عَنْ نَاجِيَةَ بْنِ كَعْبٍ، عن علي. قاله معاوية بن هشام، عن الثوري. وغيره يرويه عن الثوري مرسلاً، لا يذكر فيه عليًا، وهو المحفوظ) . أهـ. وسبب الترجيح واضح بين؛ فإن عبد الرحمن بن مهدي إمام ثقة ثبت حافظ =

[الْآيَةَ (44) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ} ] 878- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ (1) يَقُولُ: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ} ، قَالَ: رَخَاءُ الدُّنْيَا وَيُسْرُهَا: {حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً} . [الْآيَةَ (52) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} ] 879- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرٌ (2) ، عن منصور (3) ، عن

_ = عارف بالرجال كما تقدم في الحديث رقم [74] . وأما معاوية بن هشام القَصَّار أبو الحسن الكوفي، مولى بني أسد، فهو صدوق، ألا أنه كثير الخطأ؛ قال الإمام أحمد: (هو كثير الخطأ) ، وقال ابن معين: (صالح وليس بذاك) ، وقال عثمان بن أبي شيبة: (صدوق وليس بحجة) ، وقال الساجي: (صدوق يهم) ، وذكره ابن حبان في (الثقات) وقال: (ربما أخطأ) ، ووثقه أبو داود والعجلي، وقال ابن سعد: (كان صدوقًا كثير الحديث) ، وقال أبو حاتم: (صدوق) ، وقال ابن عدي: (وقد أغرب عن الثوري بأشياء، وأرجو أنه لا بأس به) . انظر (تهذيب الكمال وحاشيته) (28 / 218 - 220 / رقم 6067) ، و (التهذيب) (10 / 218 / رقم 401) ، و (التقريب) (ص 538 / رقم 6771) . (1) هو ابن عيينة. 878 - سنده صحيح، وهو موقوف على ابن عيينة من قوله. (2) هو ابن عبد الحميد. (3) هو ابن المعتمر.

إِبْرَاهِيمَ (1) - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ} -، قَالَ: لَا تَطْرُدْهُمْ عَنِ الذِّكْرِ. [الْآيَةُ (57) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنِ الحُكْمُ إِلَّا للهِ يَقُصُّ الحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الفَاصِلِينَ} ] 880- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كان يقرأ: {يقصّ الحق} ، وَيَقُولُ: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ (2) أَحْسَنَ القصص} (3) .

_ (1) هو النخعي. 879 - سنده صحيح. وذكره السيوطي في (الدر المنثور) (3 / 275) وعزاه لابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ. وقد أخرجه ابن جرير في (تفسيره) (11 / 385 / رقم 13285 و 13286) من طريق سفيان بن وكيع ومحمد بن حميد، كلاهما عن جرير، به ولفظ ابن حميد مثل لفظ المصنف، ولفظ ابن وكيع قال فيه: (هم أهل الذكر) . وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (13284) من طريق وكيع، عن سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قوله: ((وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بالغداة والعشي)) ، قال أهل الذكر. وأخرجه ابن أبي حاتم في (تفسيره) ((3 / ل 73 / أ)) من طريق سفيان، عن مغيرة، عن إبراهيم، به بلفظ: هم أهل الذكر. (2) في الأصل: ((إليك)) . (3) الآية (3) من سورة يوسف. 880- سنده صحيح. =

[الْآيَةُ (59) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا} ] 881- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الْأَحْوَصِ (1) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ (2) ، عَنْ حَسَّان النُّمَيْرِي (3) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا} -، قَالَ: مَا مِنْ شَجَرَةٍ فِي بَرٍّ وَلَا بَحْرٍ إِلَّا وَبِهَا مَلَكٌ يَكْتُبُ مَا يَسْقُطُ مِنْ ورقها.

_ = وأخرجه ابن جرير الطبري في (تفسيره) (11 / 399 / رقم 13303) . وابن أبي حاتم في (تفسيره) (3 / ل 75 / أ) . أما ابن جرير فمن طريق سفيان بن وكيع. وأما ابن أبي حاتم فمن طريق محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ. كلاهما عن سفيان، به مثله. (1) هو سلاَّم بن سليم. (2) هو الثوري والد سفيان. (3) لم أجد راويًا بهذه النسبة ((النميري)) يروي عن ابن عباس وعنه سعيد ابن مسروق. وفي الموضع الآتي من "المطالب العالية" نقلاً عن "مسند مسدد": (الفهري) أو: ((النمري)) لم تتضح، وفي "تفسير ابن أبي حاتم" - كما سيأتي -: ((النمري)) . والذي يظهر أنه: حَسَّان بن وَبْرَة النَّمري، أبو عثمان البصري، يروي عن أبي هريرة، روى عنه عمرو بن شراحيل، وهو مجهول، ذكره البخاري في (تاريخه) وسكت عنه، وذكره ابن حبان في (الثقات) ولم أجده في (الجرح والتعديل) لابن أبي حاتم. انظر (التاريخ الكبير) للبخاري (3 / 35 / رقم 147) ، و (الثقات) لابن حبان (4 / 165) . =

[الْآيَةُ (65) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {قُلْ هُوَ القَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} ] 882- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بن زيد وسفيان، عن

_ = وقد اختلف في نسبة حسان هذا، فالبخاري في الموضع السابق من (تاريخه) نسبه هكذا: (النمري) ، وذكر أن الذي نسبه هكذا هو إسحاق، عن سهل، وأن محمد بن شعيب قال: أخبرني عمرو بن شراحيل، قال: سمعت حسان ابن وبرة المُرِّي. وأما (الثقات) لابن حبان فنسب فيها حسان هذا هكذا: (المزني) والله أعلم بالصواب. 881 - سنده ضعيف لجهالة حسان النُّميري. وذكره السيوطي في (الدر المنثور) (3 / 278) وعزاه للمصنِّف ولمسدَّد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه. وقد أخرجه مسدد في ((مسنده)) كما في ((المطالب العالية)) (ل 140 / أ) فقال: حدثنا أبو الأحوص، ثنا سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ حَسَّانَ الفهري، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما - في قوله: {وما تسقط من ورقة} - قَالَ: مَا مِنْ شَجَرَةٍ فِي بر أو بحر إلا وبها ملك موكل يَكْتُبُ مَا يَسْقُطُ مِنْ وَرَقِهَا. وأخرجه ابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (3 / ل 75 / ب) فقال: حدثنا أبي، ثنا الحسن بن الربيع، ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مسروق، عن حسان النمري، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - فِي قَوْلِهِ: {وما يسقط من ورقة إلا يعلمها} - قَالَ: مَا مِنْ شَجَرَةٍ فِي بر ولا بحر إلا ملك موكل بها يكتب ما يسقط منها.

عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللِّهِ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ {قُلْ هُوَ القَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((أَعُوذُ بِوَجْهِكَ)) ، {أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} ، قَالَ: ((أَعُوذُ بِوَجْهِكَ)) ، {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} ، قَالَ: سُفْيَانُ (1) : هُوَ أَهْوَنُ. وَقَالَ سفيان: هاتان أيسر.

_ = كذا جاء بالاصل! ولعل الصواب: ((قال حماد)) . 882- سنده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجه البخاري كما سيأتي. فالحديث له عن جابر رضي الله عنه طريقان: الطريق الأولى: يرويها عمرو بن دينار، ورواه عن عمرو أربعة: 1- حماد بن زيد. وهو الذي أخرج المصنف الحديث من طريقه هنا مقرونًا بسفيان بن عيينة. وأخرجه البخاري في (صحيحه) (8 / 291 / رقم 4628) في تفسير سورة الأنعام من كتاب التفسير، باب: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} ، و (13 / 388 / رقم 7406) في التوحيد، باب قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {كُلُّ شيء هالك إلا وجهه} . ومن طريق البخاري أخرجه البغوي في (تفسيره) (2 / 104) ، وفي (شرح السنة) (14 / 217 / رقم 4016) . وأخرجه أبو يعلى في (مسنده) (3 / 470 - 471 / رقم 1982 و 1983) . والنسائي في (التفسير) (1 / 471 - 472 / رقم 184) ، وفي النعوت من (الكبرى) (4 / 412 رقم 7731) ، باب قوله سبحانه: {كل شيء هالك إلا وجهه} . والإسماعيلي في (مستخرجه) كما في (فتح الباري) (8 / 292) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = والبيهقي في "الأسماء والصفات" (2 / 26) . جميعهم من طريق حماد بن زيد، به، نحوه، واقتصر بعضهم على قوله: ((هذا أهون)) ، وبعضهم على قوله: ((هذا أيسر)) ، وجمع بينهما بعضهم على الشك هكذا: ((هذا أهون، أو هذا أيسر)) . 2- سفيان بن عيينة. وهو الذي أخرج المصنف الحديث من طريقه مقرونًا برواية حماد بن زيد السابقة. وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 211) . والحميدي في "مسنده" (2 / 530 رقم 1259) . ونعيم بن حماد في "الفتن" (2 / 620 رقم 1730) . والإمام أحمد في "المسند" (3 / 309) . والبخاري في "صحيحه" (13 / 295 - 296 رقم 7313) في الاعتصام بالكتاب والسنة، باب قول الله تعالى: {أو يلبسكم شيعًا} . والترمذي في "جامعه" (8 / 438 رقم 5060) في تفسير سورة الأنعام من كتاب التفسير. وأبو يعلى في "مسنده" (3 / 362 و 463 رقم 1829 و 1967) . ومن طريقه ابن حبان في "صحيحه" (16 / 203 - 204 رقم 7220 / الإحسان) . وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 422 و 423 رقم 13365 و 13366) . وابن خزيمة في "التوحيد" (1 / 27 - 28 رقم 1) . وابن أبي حاتم في "التفسير" (3 / ل 77 / ب) . والبيهقي في "الأسماء والصفات" (2 / 25 - 26) ، وفي "الاعتقاد" (ص =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = 89) . جميعهم من طريق سفيان بن عيينة، به، نحوه، وفيه: ((هاتان أهون، أو: هاتان أيسر)) ، وعند بعضهم: ((هاتان أهون وأيسر)) ، ولم يذكرها ابن أبي حاتم، وإنما اختصر الحديث. 3- معمر بن راشد. أخرجه عنه عبد الرزاق في "تفسيره" مقرونًا برواية سفيان السابقة. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه النسائي في "تفسيره" (1 / 472 - 473 رقم 185) . وابن جرير في "تفسيره" (11 / 427 رقم 13372) . 4- حماد بن سلمة. أخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (1 / 129 رقم 300) من طريق هدبة بن خالد، عن حماد بن سلمة، عن عمرو بن دينار، به نحوه. الطريق الثانية: يرويها أبو الزبير، عن جابر. أخرجه ابن مردويه في "تفسيره" - كما في "تفسير ابن كثير" (2 / 140) - فقال: حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا مقدام بن داود، حدثنا عبد الله بن يوسف، حدثنا عبد الله بن لهيعة، عن خالد بن يزيد، عن أبي الزبير، عن جابر، به نحوه، وفي آخره قال: ((ولو استعاذه لأعاذه)) . وقد روي عن ابن لهيعة من وجه آخر، إلا أنه أرسله. أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 429 رقم 13377) من طريق أبي الأسود، أخبرنا ابن لهيعة، عن خالد بن يزيد، عن أبي الزبير قال: لما نزلت ... ، فذكره هكذا مرسلاً. والرواية الوصولة لا تصح عن ابن لهيعة؛ لأن في سندها شيخ سليمان بن أحمد الطبراني وهو المقدام بن داود بن عيسى بن تليد الرعيني، أبو عمرو =

[الْآيَةُ (75) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ المُوقِنِينَ} 883- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا الْحَكَمُ بْنُ ظُهَيْر (1) ، قَالَ: حَدَّثَنِي السُّدِّي - وَهُوَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ -، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} قَالَ: قَامَ عَلَى صَخْرَةٍ، فَفُرِجَت له السماوات السَّبْعُ حَتَّى نَظَرَ إِلَى الْعَرْشِ وَإِلَى مَنْزِلِهِ فِي الْجَنَّةِ، ثُمَّ فُرِجَتْ لَهُ الْأَرْضُونَ السَّبْعُ حَتَّى نَظَرَ إِلَى الصَّخْرَةِ الَّتِي عَلَيْهَا الْأَرْضُونَ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وآتيناه (2) أجره في الدنيا} (3) .

_ = المصري، وهو ضعيف، روى عن عمه سعيد بن تليد وأسد بن موسى وخالد بن نزار وغيرهم، روى عنه الطبراني وابن أبي حاتم وقال: ((سمعت منه بمصر، وتكلموا فيه)) ، وقال النسائي: ((ليس بثقة)) ، وقال ابن يونس: ((تكلموا فيه)) ، وقال محمد بن يوسف الكندي: ((كان فقيهًا مفتيًا، لم يكن بالمحمود في الرواية)) ، وضعفه الدارقطني، وذكر ابن القطان ((أن أهل مصر تكلموا فيه)) ، وقال مسلمة بن القاسم: ((رواياته لا بأس بها)) ، وكانت وفاته سنة ثلاث وثمانين ومائتين. انظر "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (8 / 303 رقم 1399) ، و"لسان الميزان" (6 / 84 - 85 رقم 304) . (1) تقدم في الحديث رقم [421] أنه متروك. (2) في الأصل: ((ولقد آتيناه)) . (3) الآية (27) من سورة العنكبوت. 883- سنده ضعيف لشدة ضعف الحكم بن ظُهَيْر، ولم ينفرد به، =

884- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا الحَكَم بْنُ ظُهَيْر (1) ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ أَبِي (سُلَيْم) (2) ، عَنْ شَهْر بن حَوْشَب (3) ، عن

_ = بل روي عن السُّدِّي من طريق آخر ضعيف كما سيأتي. وهذا الأثر ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 301) وعزاه للمصنِّف سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم. وقد أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 85 / أ) من طريق آخر فقال: أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيم فيما كتب إليّ، ثنا أحمد بن مفضَّل، ثنا أسباط، عن السُّدِّي ... ، فذكره بنحوه. وهذا إسناد ضعيف؛ فيه الراوي عن السُّدِّي: أسباط بن نصر الهَمْداني، قال ابن حجر في "التقريب" (ص98 رقم 321) : ((صدوق كثير الخطأ يغرب)) . ومع كون أسباط كثير الخطأ، إلا أنه هو راوية السدي، وقد احتمل الأئمة روايته عن السدي في التفسير مما لا يُبنى عليه حكم، والله أعلم. وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 472 رقم 13449) من طريق محمد بن الحسين، عن أحمد بن المفضل بمثل رواية ابن أبي حاتم. (1) تقدم في الحديث السابق أنه متروك. (2) في الأصل: ((أسلم)) ، وهو تصحيف، والليث هذا تقدم في الحديث رقم [9] أنه صدوق اختلط جدًّا فلم يتميز حديثه فتُرك. (3) هو شَهْرُ بن حَوْشَب الأشعري، الشامي، مولى أسماء بنت يزيد بن السكن، روى عنها وعن أبي هريرة وعائشة وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه عبد الحميد بن بهرام وقتادة وليث بن أبي سليم وغيرهم. كان مولده في خلافة عثمان رضي الله عنه، واختلف في وفاته، فقيل: سنة مائة، وقيل قبلها بعام، وقيل بعدها بعام، وقيل غير ذلك. وقد اختلف أقوال أئمة الجرح والتعديل في شهر، فوثقه الإمام أحمد وابن =

سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، قَالَ: لَمَّا أُرِيَ إبراهيم ملكوت السماوات وَالْأَرْضِ، رَأَى رَجُلًا عَلَى فَاحِشَةً فَدَعَا عَلَيْهِ فَهَلَكَ، ثُمَّ رَأَى آخَرَ عَلَى فَاحِشَةٍ فَدَعَا عَلَيْهِ فَهَلَكَ، ثُمَّ رَأَى آخَرَ عَلَى فَاحِشَةٍ فَدَعَا عَلَيْهِ فَهَلَكَ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: يَا إِبْرَاهِيمُ، مَهْلًا! فَإِنَّكَ رَجُلٌ مُسْتَجَابٌ لَكَ، وَإِنِّي مِنْ عَبْدِي عَلَى ثَلَاثِ خِصَالٍ: إِمَّا أَنْ يَتُوبَ قَبْلَ الْمَوْتِ فَأَتُوبَ عَلَيْهِ، وَإِمَّا أَنْ أُخْرِجَ مِنْ صُلْبِهِ ذُرِّيَّةً يَذْكُرُونِي، وَإِمَّا أَنْ يَتَوَلَّى فَجَهَنَّمُ مِنْ وَرَائِهِ.

_ = معين وغيرهما، وضعفه شعبة وابن عون وغيرهما، وبعض العلماء يحسِّن حديثه، وبعضهم يضعفه؛ قال الذهبي: ((الرجل غير مدفوع عن صدق وعلم، والاحتجاج به مترجحِّ)) ، وقال ابن حجر: ((صدوق كثير الإرسال والأوهام)) . انظر "تهذيب الكمال" (12 / 578 - 589) ، و"سير أعلام النبلاء" (4 / 372 - 378) ، و"تقريب التهذيب" (ص269 رقم 2830) . والذي أرجِّحه من هذه الأقوال: ما ذهب إليه ابن حجر، فشهر صدوق، إلا أنه ضعيف من قبل حفظه، وهذا الذي ترجح لي من النظر في أقوال من عدّله ومن جرّحه، فتعديل من عدّله يدل على أنه عدل، وجرح من جرحه منصرف إلى ضعف حفظه ونكارة بعض الأحاديث التي يرويها، والله أعلم. ومع ضعفه فإنه لم يسمع من سلمان الفارسي كما نص عليه الذهبي في الموضع السابق من "سير أعلام النبلاء". 884- سنده ضعيف جدًّا لشدة ضعف الحكم بن ظُهير، وضعف الليث بن أبي سُليم، وضعف شهر بن حوشب من قبل حفظه، والانقطاع بينه وبين سلمان الفارسي - رضي الله عنه -، والاختلاف في سند الحديث الآتي ذكره. وقد صح الحديث من وجه آخر عن سلمان - رضي الله عنه - كما سيأتي. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 303) وعزاه للمصنِّف =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وابن أبي شيبة وابن المنذر وأبي الشيخ. وقد روي الحديث عن سلمان - رضي الله عنه - من طريقين: الطريق الأولى: يرويها شهر بن حوشب، واختلف عليه. فرواه عبد الجليل بن عطية، عن شهر موقوفًا عليه من قوله. أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 84 / ب) فقال: حدثنا محمد بن عبيد الله بن المنادي، ثنا روح، ثنا عبد الجليل بن عطية ... ، فذكره. وعزاه السيوطي في "الدر" (3 / 302) أيضًا لعبد بن حميد. وخالفه ليث بن أبي سُليم، واختُلف عليه أيضًا. فرواه المصنِّف هنا من طريق الحكم بن ظهير، عن ليث، عن شهر، عن سلمان، وتقدم أن الحكم متروك. ورواه البيهقي في "شعب الإيمان" (12 / 88 رقم 6274) من طريق عمرو بن عبد الرحمن الأبَّار عن ليث، عن شهر، عن معاذ بن جبل، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -. وثقه ابن معين وابن سعد والدارقطني وغيرهم، وقال الإمام أحمد: ((ما كان به بأس)) ، وقال أبو حاتم وأبو زرعة: ((صدوق)) . انظر "الجرح والتعديل" (6 / 121 - 122 رقم 661) ، و"تهذيب الكمال" (21 / 426 - 429) . والذي يظهر أن هذا الاختلاف من اختلاط الليث بن أبي سليم، والله أعلم. وقد عزا السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 302 - 303) الحديث من رواية شهر، عن معاذ أيضًا لأبي الشيخ وابن مردويه. والراجح من رواية شهر بن حوشب للحديث أنه موقوف عليه من قوله كما رواه عنه عبد الجليل بن عطية القيسي، أبو صالح البصري، وهو صدوق يهم كما في "التقريب" (ص332 رقم 3747) ، فهو أحسن حالاً من الليث بكثير، والله =

[الْآيَةُ (82) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} ] 885- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، قَالَ: نا العَوَّام بْنُ حَوْشب، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمي؛ أَنَّ رَسُولَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عن قوله عز

_ = أعلم. وأما حديث سلمان الفارسي - رضي الله عنه - فأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 472 - 473 رقم 13452) فقال: حدثنا هناد وابن وكيع، قالا: حدثنا أبو معاوية، عن عاصم، عن أبي عثمان، عن سلمان قال: لما رأى إبراهيم ملكوت السماوات والأرض، رأى عبدًا عَلَى فَاحِشَةً، فَدَعَا عَلَيْهِ، فَهَلَكَ، ثُمَّ رَأَى آخَرَ عَلَى فَاحِشَةٍ، فَدَعَا عَلَيْهِ، فَهَلَكَ، ثُمَّ رَأَى آخَرَ عَلَى فَاحِشَةٍ، فَدَعَا عَلَيْهِ، فهلك، فقال: أنزلوا عبدي لا يُهلك عبادي. وهذا سند صحيح. فأبو عثمان النَّهدي عبد الرحمن بن ملّ تقدم في الحديث [94] أنه ثقة ثبت عابد مخضرم. وعاصم هو ابن سليمان الأحول تقدم في الحديث [47] أنه ثقة. وأبو معاوية محمد بن خازم تقدم في الحديث [3] أنه ثقة أحفظ الناس لحديث الأعمش، وقد يهم في حديث غيره. وهنّاد بن السَّرِيّ تقدم في الحديث [802] أنه ثقة. 885- سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مُرْسِلِه إبراهيم بن يزيد التيمي. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 310) وعزاه لعبد بن حميد فقط.

وَجَلَّ: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} ، فَلَمْ يُجِبْهُمْ بِشَيْءٍ حَتَّى جَاءَ رَجُلٌ فَأَسْلَمَ، فَلَمْ يَمْكُثْ إِلَّا قَلِيلًا حَتَّى جَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَقُتِلَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((هَذَا مِنْهُمْ)) 886- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا أَبُو الْأَحْوَصِ (1) ، عَنْ أَبِي (2) إِسْحَاقَ (3) ، عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ (4) - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} -، قَالَ: لَمْ يَخْلِطُوهُ بِشِرْكٍ. 887- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ (5) ، عَنْ عَلْقَمَةَ، (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ) (6) ، قَالَ: لما نزلت:

_ (1) هو سَلَّام بن سُلِيم. (2) قوله: ((الأحوص عن أبي)) سقط من الأصل، وألحق بالهامش مع الإشارة لدخوله بالصلب، وهو بخط الناسخ نفسه. (3) هو عمرو بن عبد الله الهَمْداني السَّبيعي، تقدم في الحديث [1] أنه ثقة، إلا أنه مدلِّس واختلط، وقد روى عنه هذا الأثر سفيان الثوري كما سيأتي وهو ممن روى عنه قبل الاختلاط، فبقي عدم تصريحه بالسماع هنا. (4) هو عمرو بن شرحبيل، تقدم في الحديث [711] أنه ثقة عابد مخضرم. 886- سنده رجاله ثقات، وأبو إسحاق مدلِّس ولم يصرِّح بالسماع. وهذا الأثر أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 500 و 501 رقم 13498 و 13499 و 13502) من طريق سفيان الثوري وغيره عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي ميسرة في قوله: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بظلم} قال: بشرك. (5) هو ابن يزيد النخعي. (6) ما بين القوسين سقط من الأصل، فأثبته من مصادر التخريج، =

{الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} شَقَّ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَيُّنَا لَا يَظْلِمُ نَفْسَه؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (( (إِنَّهُ لَيْسَ) (1) الَّذِي تَعْنُون، أَلَمْ تَسْمَعُوا إِلَى مَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ: {يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (2) ؟)) .

_ = وبالأخص مَنْ أخرج الحديث من طريق أبي معاوية كالإمام أحمد في "المسند" (1 / 378) . (1) انظر الحاشية السابقة. (2) الآية (13) من سورة لقمان. 887- سنده صحيح، وقد أخرجه الشيخان كما سيأتي. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 308) وعزاه لأحمد والبخاري ومسلم والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والدارقطني في "الأفراد" وأبي الشيخ وابن مردويه. وقد أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 378) . ومسلم في "صحيحه" (1 / 114 - 115 رقم 197) في "كتاب الإيمان" باب صدق الإيمان وإخلاصه. وابن جرير في "تفسيره" (11 / 495 - 496 رقم 13480) . وأبو عوانة في "مستخرجه" (1 / 73 - 74) . وابن منده في "كتاب الإيمان" (2 / 418 رقم 267) . وأبو نعيم في "المستخرج" (ل 22 / ب) . والبيهقي في "السنن" (10 / 185) في الشهادات، باب جماع أبواب من تجوز شهادته ومن لا تجوز من الأحرار البالغين العاقلين المسلمين. جميعهم من طريق أبي معاوية، به نحوه. وأخرجه الطيالسي في "مسنده" (ص35 - 36 رقم 270) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ومن طريقه وطريق أخرى أخرجه ابن منده في "الإيمان" (2 / 417 رقم 266) . وأخرجه البخاري في "صحيحه" (1 / 87 رقم 32) في الإيمان، باب ظلم دون ظلم، و (6 / 465 رقم 3428) في أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: {ولقد آتينا لقمان الحكمة أن أشكر لله ... } الآية، و (8 / 294 رقم 4629) في التفسير، باب: {ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} . والنسائي في "التفسير" (1 / 474 رقم 186) . وأبو عوانة في" المستخرج" (1 / 74) . والبيهقي في الموضع السابق. جميعهم من طريق شعبة قال: قال لي الأعمش: ألا أحدثك حديثًا جيدًا؟ سمعت إبراهيم يحدث عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ: لَمَّا نَزَلَتِ: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يلبسوا إيمانهم بظلم} قال أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: أينا لم يلبس إيمانه بظلم؟ فنزلت: {لا تشرك بالله} . هذا لفظ ابن منده. زاد أبو عوانة في آخره: ((فطابت أنفسنا)) . تنبيه: وقع في المطبوع من "مستخرج أبو عوانة": ((فطابت أنفسها)) ، والتصويب من المخطوط (1 / ل 37 / ب) ، وكذا على الصواب نقله الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (1 / 88) ، لكنه عزاه لـ ((مستخرج أبي نعيم)) ، ولم أجده فيه، فالظاهر أنه أراد "مستخرج أبي عوانة". ثم قال الحافظ ابن حجر: ((واقتضت رواية شعبة هذه أن السؤال سبب نزول الآية الأخرى التي في لقمان، لكن رواه البخاري ومسلم من طريق أخرى عن الأعمش - وهو سليمان المذكور في حديث الباب -، ففي رواية جرير عنه: فقالوا: أينا لم يلبس إيمانه بظلم؟ فقال: ليس بذلك، ألا تسمعون إلى قول لقمان؟ وفي =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = رواية وكيع عنه: فقال: ليس كما تظنون، وفي رواية عيسى بن يونس: إنما هو الشرك، أَلَمْ تَسْمَعُوا إِلَى مَا قَالَ لقمان؟ وظاهر هذا أن الآية التي في لقمان كانت معلومة عندهم، ولذلك نبههم عليها، ويحتمل أن يكون نزولها وقع في الحال، فتلاها عليهم, ثم نبههم، فتلتئم الروايتان)) . اهـ. وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 444) . والبخاري في "صحيحه" (12 / 303 رقم 6937) في استتابة المرتدين، باب ما جاء في المتأوِّلين. ومسلم في الموضع السابق من "صحيحه". وابن جرير في "تفسيره" (11 / 495 رقم 13479) . وأبو عوانة في "مستخرجه" (1 / 73 - 74) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 87 / ب) . وابن منده في "الإيمان" (2 / 418 رقم 267) . وأبو نعيم في الموضع السابق. والبيهقي في الموضع السابق. جميعهم من طريق وكيع، عن الأعمش، به نحوه. وأخرجه الإمام أحمد أيضًا (1 / 424) . وابن منده في "الإيمان" (2 / 417 و 418 رقم 265 و 267) . وأبو نعيم في الموضع السابق. ثلاثتهم من طريق عبد الله بن نمير، عن الأعمش، به نحوه. وأخرجه البخاري أيضًا (6 / 465 رقم 3429) في أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: {ولقد آتينا لقمان الحكمة ... } الآية. ومسلم في الموضع السابق من "صحيحه" برقم (198) . والترمذي في "جامعه" (8 / 440 رقم 5062) في تفسير سورة الأنعام =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = من كتاب التفسير. والنسائي في "التفسير" (2 / 151 رقم 410) . ومن طريقه وطريق آخر أخرجه ابن منده في "الإيمان" (2 / 418 رقم 267) . جميعهم من طريق عيسى بن يونس، عن الأعمش، به نحوه. وأخرجه البخاري في "صحيحه" (8 / 513 رقم 4776) في تفسير سورة لقمان من كتاب التفسير، باب: {لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لظلم عظيم} ، و (12 / 264 رقم 6918) في استتابة المرتدين، باب إثم من أشرك بالله. وأبو يعلى في "مسنده" (9 / 92 رقم 5159) . وابن جرير في "تفسيره" (11 / 496 رقم 13483) . وابن منده في "الإيمان" (2 / 418 رقم 267) . وأبو نعيم في الموضع السابق. جميعهم من طريق جرير، عن الأعمش، به نحوه. وأخرجه البخاري أيضًا (6 / 389 رقم 3360) في الأنبياء باب قول الله تعالى: {واتخذ الله إبراهيم خليلاً} . وابن منده في الموضع السابق. كلاهما من طريق حفص بن غياث، عن الأعمش، به نحوه. وابن جرير في "تفسيره" (11 / 494 رقم 13476) . وأبو عوانة في "مستخرجه" (1 / 75) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 87 /ب) . وابن حبان في "صحيحه" (1 / 487 - 488 رقم 253 / الإحسان) . وابن عدي في "الكامل" (1 / 380) . والدارقطني في "الأفراد" كما في "أطرافه" لابن طاهر (ل 214 / أ) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وابن منده في "الإيمان" (2 / 418 رقم 267 و 268) . وأبو نعيم في الموضع السابق. والبيهقي في الموضع السابق من "سننه". جميعهم من طريق عبد الله بن إدريس، عن الأعمش، به نحوه. قال ابن إدريس: حدثنيه أولاً أبي، عن أبان بن تغلب، عن الأعمش، ثم سمعته منه - يعني من الأعمش -. وقول بن إدريس هذا لم يذكره ابن أبي حاتم ولا البيهقي في روايتهما للحديث. قال الدارقطني: ((غريب من حديث أبان بن تغلب أبي سعيد، عن الأعمش، وغريب من حديث إدريس الأوْدي، عنه، لم يروه غير ابنه عبد الله بن إدريس، وتفرد به أبو كريب عنه)) . وأخرجه مسلم في الموضع السابق برقم (198) . وأبو عوانة أيضًا (1 / 74) . وأبو نعيم في الموضع السابق. ثلاثتهم من طريق علي بن مسهر، عن الأعمش، به نحوه. وأخرجه أبو عوانة في الموضع السابق. وابن أبي حاتم في الموضع السابق أيضًا. كلاهما من طريق سفيان الثوري، عن الأعمش، به مختصرًا. وأخرجه ابن جرير أيضًا (11 / 495 رقم 13478) من طريق يحيى بن عيسى، عن الأعمش، به نحوه. وأخرجه أبو عوانة (1 / 73 و 74 و 75) من طريق محمد بن فضيل وعبد الواحد بن زياد بن رزيق. ثلاثتهم عن الأعمش، به نحوه، والله أعلم.

[الْآيَةُ (90) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} 888- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا شِهَابُ بْنُ خِرَاشٍ (1) ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْعَوَّامُ (2) ، [ل135/أ] قَالَ: قَالَ لِي مُجَاهِدٌ: فِيْمَ السَّجْدَةُ الَّتِي فِي (ص) (3) ؟ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ ذَكَرَ الْأَنْبِيَاءَ، ثُمَّ قَالَ: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} ، فَاقْتَدَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَاقْتَدَيْنَا نَحْنُ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. 889- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنِ العَوّام بْنِ حَوْشَب، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسِ: إِنَّا نَسْجُدُ فِي

_ (1) تقدم في الحديث [206] أنه صدوق صاحب سنَّة. (2) هو ابن حَوْشب. (3) يعني قوله تعالى: {وظن داود أنما فتنّاه فاستغفر ربه وخرّ راكعًا وأناب} . الآية (24) من سورة (ص) . 888- سنده حسن لذاته إلى مجاهد، وهو مرسل، ومع ذلك فهو معلول من هذا الطريق؛ لأن الثقات رووه عَنِ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ مجاهد، عن ابن عباس كما سيأتي في الحديث بعده، وهو صحيح، لكني أخشى أن يكون في النسخة سقط، وأن شهاب بن خراش وافق باقي الرواة عن العوام، ولم أجد من أخرج الحديث من طريق شهاب حتى يمكن تأييد هذا الاحتمال أو نفيه، وعلى كل حال فالعبرة بالروايات الصحيحة الآتية، ففيها غنية عن هذه الطريق، والله أعلم. 889- سنده صحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 313) وعزاه للمصنِّف والبخاري =

(ص) ؟ فَقَرَأَ: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} ، فَكَانَ دَاوُدُ فِيمَنْ أُمر نَبِيُّكُمْ أن يقتدي به.

_ = والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ والطبراني وابن مردويه. وطريق يزيد بن هارون هذه علّقها البخاري في "صحيحه" (8 / 294 رقم 4632) في تفسير سورة الأنعام من كتاب التفسير، باب: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقتده} ، وذكره الحافظ ابن حجر في "الفتح" (8 / 295) أن الإسماعيلي وصل هذه الرواية في "مستخرجه". أقول: وقد أخرجها موصولة أيضًا البيهقي في "سننه" (2 / 319) في الصلاة باب سجدة (ص) ، وفي "معرفة السنن والآثار" (3 / 249 رقم 4454) في الصلاة، باب السجود في (ص) . وقد أخرجه البخاري في "صحيحه" (8 / 544 رقم 4806 و 4807) في تفسير سورة (ص) من كتاب التفسير. والبيهقي في الموضع السابق من "سننه". كلاهما من طريق شعبة ومحمد بن عبيد الطَّنَافِسي، عن العوام بن حوشب، به، ولفظ شعبة مختصر، ولفظ الطنافسي بنحو لفظ يزيد هنا. وأخرجه البخاري أيضًا (6 / 456 رقم 3421) في أحاديث الأنبياء، باب: {واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب} ، من طريق سهل بن يوسف، عن العوام، به نحو لفظ يزيد. وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 360) . وابن خزيمة في "صحيحه" (1 / 278 بعد الحديث رقم 552) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / 90 / ب) . ثلاثتهم من طريق أبي سعيد الأشج، عن ابن أبي غنيَّةَ، عن العوام، به بنحو لفظ يزيد. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأخرجه ابن خزيمة أيضًا (1 / 277 رقم 552) من طريق أبي كريب محمد بن العلاء وأبي سعيد الأشج، كلاهما عن أبي خالد الأحمر سليمان بن حيان، عن العوام، به نحوه. ومن طريق ابن خزيمة أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (6 / 471 - 472 رقم 2766 / الإحسان) . ولأبي سعيد الأشج فيه إسناد آخر سيأتي. ورواه المصنَِّف سعيد بن منصور في تفسير سورة (ص) كما سيأتي (ل 168 / ب) من طريق هشيم بن بشير، قال: نا حصين والعوّام، عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أنه كان يسجد في (ص) ، وتلا هذه الآية: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقتده} ، قال: كان داود عليه السلام ممن أُمر نَبِيُّكُمْ أَنْ يُقْتَدَى بِهِ. ومن طريق المصنِّف أخرجه البيهقي في الموضع السابق من "المعرفة" رقم (4455) . وتابع المصنِّف في روايته ابن أبي شيبة في "مصنَّفه" (2 / 9) ، فرواه عن هشيم، عن حصين والعوام، به مختصرًا. وأخرجه النسائي في "تفسيره" (1 / 477 رقم 189) من طريق شريك القاضي، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أنه سجد في (ص) ، ثم قال: أمرني الله أن أقتدي بالأنبياء، ثم قرأ: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقتده} . وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 9) من طريق مسعر بن كدام، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مجاهد، عن ابن عباس به مختصرًا. وكذا رواه الطبراني في "الكبير" (11 / 58 رقم 11035) . ثم رواه الطبراني أيضًا برقم (11036) . والبيهقي في الموضع السابق من "سننه". =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = كلاهما من طريق شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، به. ورواه جابر الجعفي، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: دخلت عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - في سفر وهو يقرأ سورة (ص) فسجد فيها. أخرجه الطبراني أيضًا برقم (11307) . وجابر الجعفي تقدم في الحديث [101] أنه ضعيف جدًّا، وقد خالف الرواة في متن الحديث. وأخرجه ابن أبي شيبة في الموضع السابق. والإمام أحمد في "المسند" (1 / 364) . ومن طريق ابن أبي شيبة وطريق آخر أخرجه الطبراني في "الكبير" (11 / 77 رقم 11096) . ثلاثتهم من طريق لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنِ مجاهد، عن ابن عباس أنَّ النَّبِيَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - سجد في (ص) . وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (3 / 336 رقم 5862) . والبخاري في "صحيحه" (8 / 294 رقم 4632) في تفسير سورة الأنعام من كتاب التفسير. كلاهما من طريق ابن جريج، قال: أخبرني سليمان الأحول، أن مجاهدًا أخبره، فذكر الحديث بنحوه، إلا أنه بعد ذكره للآية قال: ((هو منهم)) ، ولم يذكر قوله: ((فكان داود ... )) إلخ. وللحديث طرق أخرى عن ابن عباس غير طريق مجاهد، منها: طريق عكرمة وعبيد الله بن أبي يزيد وأبي معبد. أما طريق عكرمة، فأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (3 / 337 رقم 5865) فقال: أخبرنا معمر، عن أيوب، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قال: رأيت النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سجد في (ص) ، وليست (ص) في العزائم. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (11 / 318 رقم 11864) . وأخرجه الحميدي في "مسنده" (1 / 224 رقم 477) . ومن طريقه ابن عبد البر في "التمهيد" (19 / 129 - 130) . وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 279 و 360) . والبخاري في "صحيحه" (2 / 552 رقم 1069) في سجود القرآن، باب سجدة (ص) ، و (6 / 456 رقم 3422) في أحاديث الأنبياء، باب: {واذكر عبدنا داود ... } . وأبو داود في "سننه" (2 / 123 - 124 رقم 1409) في الصلاة، باب السجود في (ص) . ومن طريقه ابن عبد البر في الموضع السابق. وأخرجه الترمذي في "جامعه" (3 / 176 رقم 574) في الصلاة، باب ما جاء في السجدة في (ص) . والنسائي في "التفسير" (1 / 478 رقم 190) . وابن خزيمة في "صحيحه" (1 / 277 رقم 550) . والطبراني في "المعجم الكبير" (11 / 318 رقم 11865) . والبيهقي في "سننه" (2 / 318) في الصلاة، باب سجدة (ص) ، وفي "المعرفة" (3 / 248 رقم 4448) . جميعهم من طريق أيوب، عن عكرمة، به. وأما طريق عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، فأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (3 / 337 رقم 5868) ، وابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 8) . كلاهما من طريق عبيد الله - وتصحف عند ابن أبي شيبة إلى عبد الله - ابن أبي يزيد مولى آل قارظ، أنه سمع ابن عباس سئل: في (ص) سجدة؟ قال: نعم =

[الْآيَةُ (91) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ} ] 890- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مَعْشَر (1) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ (2) - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ} -، قَالَ: لَمْ يَدْرُوا كُنْهَ (3) اللَّهِ عز وجل.

_ = {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقتده} . وأما طريق أبي معبد، فأخرجه عبد الرزاق أيضًا في الموضع السابق برقم (5867) عن إسرائيل، عن رجل، عن أبي معبد مولى ابن عباس، قال: رأيت ابن عباس سجد في (ص) . (1) هو نجيح بن عبد الرحمن السِّندي، تقدم في الحديث [167] أنه ضعيف. (2) هو القُرظي، ثقة عالم كما في الحديث [4] . (3) الكُنْهُ: نهاية الشيء وحقيقته وقدره وغايته. انظر "لسان العرب" (13 / 536 - 537) . فالمعنى كما يقول ابن كثير (2 / 156) : ((وما عظموا الله حق تعظيمه؛ إذ كذبوا رسله إليهم)) . اهـ. وسبب ذلك: نقص معرفتهم بالله، وإلا فلو عرفوه حق معرفته ما كذبوا رسله. 890- سنده ضعيف لضعف أبي معشر. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 314) بلفظ: ((ما علموا كيف هو حيث كذبوه)) ، وعزاه لابن المنذر وابن أبي حاتم. وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (11 / 522 - 523 رقم 13538) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 91 / أ) . =

[الْآيَةُ (95) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ اللهَ فَالِقُ الحَبِّ وَالنَّوَى} ] 891- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حُصَين (1) ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ (2) - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَالِقُ الحَبِّ وَالنَّوَى} -، قَالَ: الشَّقُّ الَّذِي يَكُونُ فِي النَّواة والحنطة.

_ = كلاهما من طريق أبي معشر، به، ولفظ ابن أبي حاتم كما ذكر السيوطي، وأما ابن جرير فلفظه عنده: ((ما علموا كيف الله)) ، وهو ضمن قصة لليهود مع النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقد علّق الشيخ محمود شاكر على هذه اللفظة بقوله: (في المطبوعة والمخطوطة: ((ما علموا كيف الله)) هكذا، وهو تعبير غريب جدًّا أكاد أستنكره، وأخشى أن يكون تحريفًا) . اهـ. أقول: قد تكون اللفظة كما هنا: ((كنه)) بدل: ((كيف)) فتحرفّت وليس في التعبير - عندي - غرابة إلا إذا أفضى إلى محذور؛ كالتشبيه، وإما إن كان المعنى: معرفة الله بأسمائه وصفاته معرفةً تؤدي إلى تعظيمه سبحانه وتصديق رسله، فهو معنى معقول. (1) هو ابن عبد الرحمن السُّلَمي، تقدم في الحديث [56] أنه ثقة تغير حفظه في الآخر، لكن الراوي عنه هنا هو خالد بن عبد الله الواسطي، وهو ممن روى عنه قبل الاختلاط كما سبق بيانه. (2) هو غزوان الغفاري، تقدم في الحديث [190] أنه ثقة. 891- سنده صحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 324) وعزاه للمصنِّف وابن المنذر. وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (11 / 552) من طريق معلى بن أسد، عن خالد بن عبد الله، به مثله.

[الْآيَةُ (98) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ} ] 892- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ (1) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: الْمُسْتَوْدَعُ مَا فِي الصُّلْب (2) ، والمستقرُّ مَا فِي الرَّحم، مِمَّا هُوَ حَيٌّ وَمِمَّا قَدْ مات.

_ (1) هو جعفر بن إياس. (2) الصُّلْبُ: عظمٌ من لدن الكاهل إلى العَجْب، وكل شيء من الظهر فيه فقارٌ فذلك الصُّلب، وهو الذي يخرج منه المني، ولذلك يُسَمَّى الجماع: صُلْبًا. انظر "لسان العرب" (1 / 526) . 892- سنده صحيح، وعنعنة هشيم لا تضرّ هنا؛ لأنه صرَّح بالسماع في روايتي ابن جرير والحاكم الآتيتين. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 331 - 332) وعزاه للمصنِّف وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ والحاكم. وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (11 / 566 رقم 13631) . والحاكم في "المستدرك" (2 / 316) . أما ابن جرير فمن طريق يعقوب بن إبراهيم، أما الحاكم فمن طريق عمرو بن عون، كلاهما عن هشيم قال: أخبرنا أبو بشر ... ، فذكره بمثله، إلا أنهما قدما (المستقر) على (المستودع) . قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي. وأخرجه ابن جرير برقم (13626) من طريق شعبة، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بن جبير قال: ((المستودع)) في الصلب، و ((المستقر)) في الآخرة وعلى وجه =

893- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانَةَ (1) ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ: تَزَوَّجْ يَا سَعِيدُ، قَالَ: قُلْتُ: مَا ذَاكَ فِي نَفْسِي الْيَوْمَ، قَالَ: أَمَا لَئِنْ قُلْتَ ذَاكَ، لَمَا كَانَ فِي صُلْبِكَ مِنْ مُسْتَوْدَعٍ لَيُخْرَجَنَّ.

_ = الأرض. وهكذا رواه كلثوم بن جبر عن سعيد بن جبير من قوله بلفظ: مستودعون ما كان في أصلاب الرجال، فإذا قرُّوا في أرحام النساء أو على ظهر الأرض أو في بطنها، فقد استقرُّوا. أخرجه ابن جرير برقم (13620 و 13621) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 97 / أوب) . وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (13622 و 13623 و 13629 و 13637) . من طريق المغيرة بن النعمان وأبي الجبر تميم بن حذلم، كلاهما عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عباس، بألفاظ أخرى والمعنى واحد أو متقارب. وروي هذا المعنى وبعضه وقريب منه عن ابن عباس من طريق عكرمة، وأبي ظبيان حصين بن جندب وعلي بن أبي طلحة وقتادة وعطية العوفي وتجدها مخرجة عند ابن جرير برقم (13627 و 13630 و 13634 و 13635 و 13654) ، وعند ابن أبي حاتم (3 / ل 37 / أوب) . ولأبي بشر جعفر بن إياس في الحديث لفظ آخر وهو الآتي. (1) هو وضّاح بن عبد الله. 893- سنده صحيح. وقد عزاه ابن حجر في "فتح الباري" (9 / 114) للمصنِّف. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 332) وعزاه لعبد الرزاق فقط. وسبق أن أخرجه "المصنِّف" (1 / 123 رقم 495 / تحقيق الأعظمي) . =

894- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: إِذَا كَانَ أَجَلُ رَجُلٍ بِأَرْضٍ أُثْبِت لَهُ بِهَا حَاجَةٌ، فَإِذَا بَلَغَ أَقْصَى أَجَلِهِ، قَضَى أَجَلَهُ، قُبِضَ، فَتَقُولُ الْأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: يَا رَبِّ! (هَذَا ما استودعتني) (1) .

_ = في كتاب النكاح، باب الترغيب في النكاح، من طريق أبي عوانة بمثله، إلا أنه لم يذكر قوله: ((يا سعيد)) ، ووقع هناك: ((ما ذلك)) بدل قوله: ((ما ذاك)) ، و: ((إن قلت)) بدل قوله: ((أما لئن قلت)) . وقد أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (7 / 147 رقم 12581) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 566 رقم 13632) . كلاهما من طريق هشيم، عن أبي بشر، به. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (13633) من طريق شعبة، عن أبي بشر، به. وأخرجه أيضًا (11/570 رقم 13652) من طريق سفيان بن عيينة، عن رجل حَدَّثَهُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، به. وهذا الرجل المبهم هو أبو بشر فيما يظهر، والله أعلم. (1) ما بين القوسين ليس في الأصل، فأثبته من بعض مصادر التخريج. 894- سنده صحيح، وقد روي عن إسماعيل مرفوعًا، والصواب وقفه. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 332) وعزاه للمصنِّف وعبد الرزاق وابن المنذر. وقد أخرجه عبد الرزاق في "التفسير" (1 / 215) عن سفيان بن عيينة، به نحو لفظ سعيد هنا. وأخرجه الدارقطني في "العلل" (5 / 239) من طريق يحيى بن سعيد =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = القطان، عن إسماعيل به، موقوفًا كما رواه ابن عيينة. ورواه عمر بن علي المقدَّمي ومحمد بن خالد الوهبي عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عن قيس، عن ابن مسعود مرفوعًا. أما رواية عمر بن علي المقدَّمي، فأخرجها: ابن ماجه في "سننه" (2 / 1424 رقم 4263) في الزهد، باب ذكر الموت والاستعداد له. وابن أبي عاصم في "السنة" (1 / 173 رقم 392) . والبزار في "مسنده" (5 / 274 - 275 رقم 1889) . والحاكم في "المستدرك" (1 / 41) . ومن طريقه البيهقي في "شعب الإيمان" (7 / 172 رقم 9889 / تحقيق زغلول) . قال الحاكم: ((قد احتج الشيخان برواة هذا الحديث عن آخرهم، وعمر بن علي المقدمي متفق على إخراجه في الصحيحين)) ، وأقرّه الذهبي. وأما رواية محمد بن خالد الوهبي، فأخرجها: الحاكم في "المستدرك" (1 / 41 - 42 و 367) . وعلقها ابن أبي حاتم في "العلل" (1 / 362 رقم 1073) . وأشار إليها الدارقطني في "العلل" (5 / 238) . ورواه هشيم بن بشير عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، واختُلف على هشيم. فرواه موسى بن محمد بن حيان البصري، عن عبد الرحمن بن مهدي، عنه، عن إسماعيل، به مرفوعًا مثل رواية عمر بن علي ومحمد بن خالد. أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (10 / 229 رقم 10403) . والحاكم في "المستدرك" (1 / 42) . وأشار الدارقطني في "العلل" (5 / 238 - 239) لهذه الرواية. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = والحديث من هذا الطريق ضعيف لضعف موسى بن محمد بن حيان، أبي عمران البصري الذي يروي عن يحيى القطان وعبد الصمد بن عبد الوارث والعراقيين، ويروي عنه أبو يعلى ومطيّن وغيرهما، قال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (8 / 161 رقم 714) : ((ترك أبو زرعة حديثه ولم يقرأه علينا، كان قد أخرجه قديمًا في فوائده)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (9 / 161) وقال: ((ربما خالف، مات سنة بضع وثلاثين ومائتين)) . وانظر "ميزان الاعتدال" (4 / 221 رقم 8921) ، و"لسان الميزان" (6 / 130 رقم 447) . ومع ضعف موسى بن محمد فإنه خالف باقي الرواة الذين رووا الحديث عن هشيم، عن إسماعيل موقوفًا. فقد سئل الدارقطني عن هذا الحديث فقال: ((يرويه إسماعيل بن أبي خالد، فرفعه عنه عمر بن علي المقدمي ومحمد بن خالد الوهبي وهشيم - من رواية موسى بن حيان، عن ابن مهدي عنه -، وغيره يرويه عن هشيم ولا يرفعه. وكذلك رواه ابن عيينة ويحيى القطان وغيرهما موقوفًا، وهو الصواب)) . اهـ. من "العلل" (5 / 238 - 239) . وهذا الذي رجحه الدارقطني كأن أبا حاتم الرازي مال إليه، فقد سأله ابنه أبو محمد عبد الرحمن عن هذا الحديث، فقال: (الكوفيون لا يرفعونه) ثم قال أبو محمد بن أبي حاتم: (هذا الحديث معروف بعمر بن علي بن مقدم، تفرد به عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، وتابعه على روايته محمد بن خالد الوهبي)) . اهـ. من "العلل" لابن أبي حاتم (1 / 362 رقم 1073) . وصنيع البزار في "مسنده" يقتضي هذا الترجيح أيضًا، فإنه بعد أن روى الحديث - كما سبق - قال (5 / 275) : ((وهذا الحديث لا نعلم أحدًا يرفعه إلا عمر بن علي المقدَّمي)) . وأما أبو عبد الله الحاكم فإنه أخرج الحديث أولاً من طريق عمر بن علي =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = المقدَّمي، ثم ذكر أن رواة الحديث ممن احتجّ بهم الشيخان، ونصّ على أن المقدَّمي متفق على إخراجه في "الصحيحين"، ثم قال: ((وقد تابعه محمد بن خالد الوهبي على سنده عن إسماعيل ... )) ، ثم أخرجه من طريق الوهبي، ثم قال: ((وقد أسنده هشيم عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ ... )) ، ثم أخرجه من طريق هشيم، ثم قال: ((فقد أسند هذا الحديث ثلاثة من الثقات عن إسماعيل، ووقفه عنه سفيان بن عيينة، فنحن على ما شرطنا في إخراج الزيادة من الثقة في الوصل والسند)) . اهـ. من "المستدرك" (1 / 41 - 42) . ولما ذكر البوصيري هذا الحديث في "مصباح الزجاجة" (3 / 311) قال: ((هذا إسناد صحيح رجاله ثقات ... )) ثم ذكر كلام الحاكم. وصححه مرفوعًا الشيخ ناصر الدين الألباني في "السلسلة الصحيحة" (3 / 222 رقم 1222) . وهذا الذي ذهب إليه الدارقطني وغيره من ترجيح الرواية الموقوفة على المرفوعة - مع أن الرفع جاء من طريق ثلاثة من الثقات - سببه - والله أعلم -: أنهم نظروا في رواية هشيم على انفراد، فترجح لهم أن الرفع لا يصح عن هشيم؛ لأنه لم يرو إلا من طريق موسى بن محمد بن حيان، عن ابن مهدي، عن هشيم، وموسى ضعيف، وباقي الرواة يروونه عن هشيم موقوفًا، فوافقت رواية هشيم رواية الإمامين: سفيان بن عيينة ويحيى القطان. ثم نظروا في رواية عمر بن علي ومحمد بن خالد الوهبي، فإذا بالقلب لا يطمئن لرواية عمر بن علي المقدَّمي، فمع كونه ثقة، إلا أنه كان يدلِّس شديدًا كما يقول ابن حجر في "التقريب" (ص416 رقم 4952) ، ولذلك عدّه في الطبقة الرابعة من "طبقات المدلسين" (ص130 رقم 123) ، وهم: من اتفق على أنه لا يحتج بشيء من حديثهم إلا بما صرَّحوا فيه بالسماع، لكثرة تدليسهم على الضعفاء والمجاهيل، وليس هذا فقط، بل إنه كان يدلس تدليسًا قبيحًا؛ قال عبد الله بن الإمام أحمد: ((سمعت أبي - وذُكر عمر بن علي - فأثنى عليه خيرًا، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وقال كان يدلِّس، سمعته يقول: حجاج سمعته - يعني: حدَّثنا آخر -، قال أبي: هكذا كان يدلِّس)) . وقال محمد بن سعد: ((كان ثقة، وكان يدلس تدليسًا شديدًا، يقول: سمعت وحدثنا، ثم يسكت، ثم يقول: هشام بن عروة والأعمش)) . ولذلك ترك ابن معين الكتابة عنه، قال ابن معين: ((لم أكتب عنه شيئًا، وأصله واسطي نزل البصرة، وكان يدلِّس، وما كان به بأس، حسن الهيئة)) . وهذا التدليس من المقدَّمي يؤثر بلا شك على رواياته وبالأخص إذا كانت هناك مخالفة بزيادة ونحوها كما في هذا الحديث، ولذلك يقول أبو حاتم الرازي: ((محلّه الصدق، ولولا تدليسه لحكمنا له إذا جاء بزيادة، غير أنا نخاف أن يكون أخذه عن غير ثقة)) . انظر في ما تقدم: "تهذيب الكمال" (21 / 472 - 473) . فيبقى الخوف من رواية المقدَّمي حتى وإن صرَّح بالسماع. وأما رواية الوهبي فلا تنهض لمقاومة رواية ثلاثة من الأئمة الثقات: سفيان بن عيينة ويحيى القطان وهشيم - على ما ترجح عنه -. ومن احتمل رواية المقدمي ورأى أن رواية الوهبي تعضدها فهو مجتهد، والأمر هيِّن في هذا الحديث؛ لأن القائل أن يقول: هذا الحديث وإن كان موقوفًا على ابن مسعود فله حكم الرفع؛ لأنه لا يقال بالرأي، وليس ابن مسعود ممن عرف بالأخذ عن أهل الكتاب، ويؤيد ذلك أن الحديث صحّ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - مرفوعًا كما سيأتي في الحديث رقم [896] . وثمة اختلاف آخر على إسماعيل بن أبي خالد. فالحديث أخرجه الحاكم أيضًا في "المستدرك" (1 / 367 - 368) من طريق زيد بن الحريش، عن عمران بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أبي خالد، عن الشعبي، عن عروة بن مضرّس قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((إِذَا أَرَادَ اللَّهُ قَبْضَ عَبْدٍ بِأَرْضٍ جَعَلَ له إليها حاجة)) . ومن طريق الحاكم أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (7 / 172 / رقم =

895- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا (سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ) (1) إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ (2) ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: مُسْتَوْدَعُهَا فِي الدنيا ومستقرها في الرحم.

_ = 9890 / تحقيق زغلول) . والحديث منكر من هذا الطريق، فعمران بن عيينة أخو سفيان بن عيينة له أوهام مع كونه صدوقًا، فقد ضعفه ابن معين في رواية، وفي أخرى قال: ((ليس بشيء، ضعيف)) ، وفي أخرى قال: ((صالح الحديث)) ، وقال أبو زرعة: ((ضعيف الحديث)) ، وقال أبو حاتم: ((لا يحتج بحديثه؛ لأنه يأتي بالمناكير)) ، وسئل أبو داود عنه وعن أخويه إبراهيم ومحمد، فقال: ((كلهم صالح، وحديثهم قريب من قريب)) ، وقال العقيلي: ((في حديثه وهم وخطأ)) ، وذكره ابن حبان في ((الثقات)) ، وقال البزار: ((ليس به بأس)) ، وقال ابن خلفون: ((قال أبو صالح: صدوق)) . انظر "الثقات" لابن حبان (7 / 240) ، و"تهذيب الكمال" (22 / 346 - 347) ، و"تهذيب التهذيب" (8 / 137) . والراوي عن عمران هو زيد بن الحريش الأهوازي، وفيه ضعف؛ فقد ذكرها ابن حبان في "الثقات" (8 / 251) ، وقال: ((ربما أخطأ)) ، وقال ابن القطان: ((مجهول الحال)) كما في ((لسان الميزان)) (2 / 503 رقم 2023) . (1) ما بين القوسين سقط من الأصل فاستدركته من ((معجم الطبراني الكبير)) (9 / 236 رقم 9017) حيث روى الحديث من طريق المصنِّف بمثله سواء. (2) هو النخعي، وروايته عن ابن مسعود مرسلة، لكنها صحيحة كما بينته في الحديث رقم [3] . 895- سنده صحيح، وإرسال إبراهيم له عن ابن مسعود لا يضر كما تقدم. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وقد أخرجه الطبراني كما سبق من طريق المصنف. والأثر ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 332) وعزاه للمصنِّف والفريابي وعبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبي الشيخ والطبراني ولفظه: المستقر: الرحم، والمستودع: المكان الذي تموت فيه. وكان قد ذكر قبله الأثر عن ابن مسعود بلفظ: مستقرها في الدنيا، ومستودعها في الآخرة. وعزاه لعبد الرزاق وابن أبي حاتم وأبي الشيخ. وأرى أنه نفس الأثر مع اختلاف في اللفظ. فقد أخرجه عبد الرزاق بهذا اللفظ الأخير في "تفسيره" (2 / 215) عن سفيان بن عيينة شيخ المصنف، عن إسماعيل، عن إبراهيم، به. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 565 رقم 13625) . وابن أبي حاتم (3 / ل 97) . وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (13615 و 13616 و 123618) من طريق أبي معاوية وهشيم بن بشير ومحمد بن فضيل وعلي بن هاشم، جميعهم عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عن إبراهيم، به. ولفظ أبي معاوية: مستقرها في الأرحام، ومستودعها حيث تموت. ولفظ هشيم: المستودع حيث تموت، والمستقر ما في الرحم. ولفظ ابن فضيل وعلي بن هشام: مستقرها في الأرحام، ومستودعها في الأرض حيث تموت فيها. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (13617) وابن أبي حاتم في الموضع السابق، كلاهما من طريق مُرّة بن شراحيل عن ابن مسعود بنفس اللفظ الذي ذكره السيوطي، وعزاه للمصنِّف وغيره.

896- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ (1) ، عَنِ أَبِي المَلِيْح (2) ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ (3) ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((إِذَا أَرَادَ اللَّهُ قَبْضَ عَبْدٍ بِأَرْضٍ جعل له بها حاجة)) .

_ (1) هو ابن أبي تَميمة كَيْسَان السختياني. (2) هو أبو المَلِيح بن أسامة بن عُمير بن حنيف بن ناجية الهُذَلي، مشهور بكنيته، ومختلف في اسمه، فقيل: اسمه عامر، وقيل: زيد، وقيل: زياد، وهو ثقة، يروي عن أبيه أسامة، وعن أنس بن مالك وبريدة بن الحصيب وجابر بن عبد الله وأبي عَزّة الهذلي وغيرهم، روى عنه أيوب السختياني وخالد الحذّاء وقتادة وأبناؤه زياد وعبد الرحمن ومبشر ومحمد أبناء أبي مليح، وغيرهم، وقد وثقه ابن سعد وأبو زرعة والعجلي وذكره ابن حبان في الثقات، وكانت وفاته سنة ثمان وتسعين، وقيل: ثمان ومائة، وقيل غير ذلك، وقد روى له الجماعة. انظر "الجرح والتعديل" (6 / 319 رقم 1381) ، و"تهذيب الكمال" (34 / 316 - 318) ، و"تقريب التهذيب" (ص675 رقم 8390) . (3) هو أبو عَزَّة الهُذَلي كما جاء مصرحًا به في رواية إسماعيل بن عُلَيَّةَ، عن أيوب الآتية وغيرها، واسمه يسار بن عَبْدٍ. انظر: "الإصابة" (7 / 273 - 274) ، و"التقريب" (ص607 رقم 7801) ، وما سيأتي من نقل عن الترمذي والحاكم. 896- سنده صحيح، وإبهام شيخ أيوب لا يضر؛ لأنه صحابي وقد جاء التصريح باسمه في بعض الروايات كما سيأتي. والحديث مداره على أبي المليح، وله عنه طريقان: 1- طريق أيوب السختياني الذي أخرجه المصنِّف هنا عن حماد بن زيد، عنه. وأخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده" (ص188 رقم 1325) ، ومن طريقه البيهقي في "الأسماء والصفات" (1 / 255) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وذكره البخاري في "التاريخ الكبير" (8 / 420) تعليقًا، وأخرجه موصولاً في "الأدب المفرد" (2 / 670 رقم 1282) . وأخرجه البزار في "مسنده" (3 / 25 رقم 2154 / كشف الأستار) . والطبراني في "المعجم الكبير" (22 / 276 رقم 707) . والقضاعي في "مسند الشهاب" (2 / 296 رقم 1395) . جميعهم من طريق حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، عَنْ رَجُلٍ من قومه - وكانت له صحبة - به مثله، إلا أن رواية البزار وقع فيها التصريح باسم الصحابي فقال: ((عن أبي المليح، عن أبي عزة)) ، ولفظه نحوه وزاد: ((فإذا بلغ أقصى أثره قبضه)) . وأما الطيالسي فقال: ((حدثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عن أبي مليح الهذلي، عن أبي عزة واسمه مطر بن عكامس ... )) . كذا قال الطيالسي! وتسمية أبي عزة مطر بن عكامس خطأ نبّه عليه الحافظ ابن حجر في "الإصابة" (7 / 273) ، وقد روى البيهقي - كما سبق - هذا الحديث من طريق الطيالسي ولم يذكر قوله: ((واسمه مطر بن عكامس)) ، وإنما ساق بسنده عن علي بن المديني أنه قال: ((أبو عزة اسمه يسار بن عبد، هذلي له صحبة)) . وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (3 / 429) . ومن طريقه الحاكم في "المستدرك" (2 / 42) . وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (2 / 249 رقم 780) وفي "التاريخ الكبير" (8 / 419 - 420) . والترمذي في "جامعه" (6 / 359 - 360 رقم 2237 / تحفة) في كتاب القدر، باب ما جاء أن في النفس تموت حيث ما كتب لها. وابن حبان في "صحيحه" (14 / 19 رقم 6151 / الإحسان) . جميعهم من طريق إسماعيل بن عليّة، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، عن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = أبي عزة الهذلي، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، نحوه. قال الترمذي: ((هذا حديث صحيح، وأبو عزة له صحبة، اسمه يسار بن عبد، وأبو المليح بن أسامة اسمه عامر بن أسامة بن عمير الهذلي)) . وقال الحاكم: ((هذا حديث صحيح، ورواته عن آخرهم ثقات، وسمعت أبا العباس محمد بن يعقوب يقول: سمعت العباس بن محمد الدوري، يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: اسم أبي عزة يسار بن عبد، له صحبة. وأما أبو المليح فإني سمعت علي بن عمر الحافظ يقول: يلزم البخاري ومسلمًا إخراج حديث أبي المليح عن أبي عزة، فقد احتج البخاري بحديث أبي المليح عن بريدة، وحديث أبي عزة رواة جماعة من الثقات الحفاظ)) . وأخرجه الطبراني في "الكبير" (22 / 276 رقم 708) . والقضاعي في "مسند الشهاب" (2 / 295 - 296 رقم 1393 و 1394) . كلاهما من طريق وهيب، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، عن رجل من قومه، به مثله. وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2 / 307 رقم 1069) . وأبو يعلى في "مسنده" (2 / 228 رقم 927) . والدولابي في "الكنى" (1 / 44) . والطبراني في "الكبير" (22 / 276 رقم 706) . وأبو نعيم في "المعرفة" (2 / ل 247 / ب) . والقضاعي في "مسند الشهاب" (2 / 295 رقم 1392) . جميعهم من طريق حماد بن سلمة، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، عن أبي عزة، به مثله، إلا أن رواية الطبراني جاء في زيادة أبي قلابة بين أيوب وأبي المليح، وهذا خطأ لست أدري ما منشؤه. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأخرجه عبد الرزاق في "جامع معمر" الملحق بالمصنف (11 / 457 رقم 20996) عن معمر، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، عن أسامة، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -: ((ما جعل الله ميتة عبد بأرض إلا جعل له بها حاجة)) . كذا قال معمر!! وهذه رواية شاذة لمخالفة معمر لجميع أصحاب أيوب الذين يروونه عنه، عن أبي المليح، عن أبي عزة، وقد يكون الخطأ من عبد الرزاق؛ لأن رواية "المصنَّف" من طريق إسحاق بن إبراهيم الدَّبَرِي عن عبد الرزاق متأخرة جدًّا، وكان ذلك بعد ما تغير عبد الرزاق كما تجده مفصلاً في "لسان الميزان" (1 / 349 - 350) ، فلعل الخطأ جاء من هذه الجهة والله أعلم. وقد وقع خطأ في المطبوع من "المصنف" في اسم أبي المليح، فجاء هكذا: ((أبي بلج)) ، والتصويب من "معجم الطبراني الكبير" (1 / 144 رقم 461) حيث روى الحديث من طريق الدَّبَري، عن عبد الرزاق على الصواب، وفيه أيضًا التصريح بأن أسامة هو ابن زيد رضي الله عنهما، أقول هذا للتنبيه على خطأ محقق (المختارة) للضياء المقدسي، فإن الضياء أخرج الحديث (4 / 115 - 116 رقم 1327) من طريق الطبراني، وجعله في (مسند) أسامة بن زيد تبعًا للطبراني؛ لمجيئه مصرحًا فيه بأنه (ابن زيد) ، فأطال المحقق - اجتهادًا - في إثبات أنه (أسامة بن عمير) ، والحقيقة أن كل ذلك خطأ، وإنما هو عن أبي عزة كما سبق. قال الضياء عقبه: ((إسناده حسن، وأخاف أن يكون غلطًا، فإن الحديث إنما يعرف من حديث أبي إسحاق، عن مطر بن عكامس، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -)) . أقول: بل كلاهما مروي عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، وحديث أبي عزة أصح من حديث مطر بن عكامس كما سيتضح من خلال تخريج حديثه. 2- طريق عبيد الله بن أبي حميد، عن أبي المليح. أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" - كما في "تفسير ابن كثير" (3 / 455) -. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = والطبراني في "المعجم الأوسط" (9 / 189 - 190 رقم 8407) ، هو في "مجمع البحرين" (5 / 382 رقم 3248) . وابن عدي في "الكامل" (4 / 1634) . وأبو أحمد الحاكم في "الكنى" كما في "الإصابة" (7 / 274) . وأبو نعيم في "الحلية" (8 / 374) ، وفي "المعرفة" (2 / ل 247 / ب) . جميعهم من طريق عبيد الله بن أبي حميد، قال: حدثنا أبو المليح الهذلي، قال: حدثني يسار أبو عزة، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - قال: ((إذا أراد الله أن يقبض عبدًا بِأَرْضٍ جَعَلَ لَهُ بِهَا حَاجَةً، ولا تنتهي حتى يقدمها)) ، ثم قرأ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - آخر سورة لقمان: {إن الله عنده علم الساعة} حتى ختمها، ثم قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((هذه مفاتيح الغيب لا يعلمها إلا الله)) . هذا لفظ الطبراني، ولفظ الآخرين نحوه وبعضهم اختصره. وسند الحديث من هذا الطريق ضعيف جدًّا، فإن عبيد الله بن أبي حُميد غالب الهُذَلي، أبا الخطاب البصري، متروك الحديث كما في "التقريب" (ص370 رقم 4285) ، وهو يروي عن أبي المليح، وروى عنه وكيع بن الجراح وعيسى بن يونس ومحمد بن عبد الله الأنصاري وغيرهم، وقد قال عنه الإمام أحمد: ((ترك الناس حديثه)) ، وقد تركه يحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي، وقال البخاري: ((منكر الحديث)) ، وفي رواية: ((ذاهب الحديث)) ، وفي أخرى: ((لا أروي عنه شيئًا)) ، وقال النسائي مرة: ((ليس بثقة)) ، وقال مرة أخرى: ((متروك الحديث)) . انظر "الكامل" لابن عدي (4 / 1633 - 1634) ، و"تهذيب الكمال" (19 / 29 - 31) . وللحديث شواهد من حديث ابن مسعود موقوفًا عليه بسند صحيح وتقدم برقم [894] ، ومن حديث مطر بن عكامس وجندب بن عبد الله وأبي هريرة. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = أما حديث مطر بن عكامس؛ فأخرجه: الإمام أحمد في "المسند" (5 / 227) . والبخاري في "التاريخ الكبير" (7 / 400) . والترمذي في "جامعه" (6 / 359 رقم 2235 و 2236 / تحفة) في القدر، باب ما جاء أن النفس تموت حيث ما كتب لها. والطبراني في "المعجم الكبير" (20 / 343 - 344 رقم 807 و 808) . والحاكم في "المستدرك" (1 / 42 و 367) . وأبو نعيم في "الحلية" (4 / 346) . والقضاعي في "مسند الشهاب" (2 / 296 رقم 1396) . أما الإمام أحمد فمن طريق سفيان الثوري وحُديج بن معاوية، وأما البخاري والترمذي وأبو نعيم والقضاعي فمن طريق سفيان الثوري، وأما الطبراني فمن طريق سفيان الثوري وإسرائيل بن يونس، وأما الحاكم فمن طريق سفيان الثوري وأبي حمزة السُّكَّري، جميعهم عن أبي إسحاق السبيعي، عن مطر بن عكامس، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - قال: ((إذا قضى الله ميتة عبد بأرض جعل له إليها حاجة)) ، واللفظ للإمام أحمد. قال الترمذي: ((هذا حديث حسن غريب، ولا نعرف لمطر بن عكامس عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - غير هذا الحديث)) . وقال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، فقد اتفقا جميعًا على إخراج جماعة من الصحابة ليس لكل واحد منهم إلا راوٍ واحد)) ، ووافقه الذهبي. أقول: ومطر بن عُكَامِس هذا هو السُّلمي، الكوفي، لم يرو عنه سوى أبي إسحاق السبيعي، وقد اختلف في صحبته؛ قال عبد الله ابن الإمام أحمد: ((سألت أبي عنه: هل له صحبة؟ فقال: لا يعرف)) ، وقال عثمان الدارمي: سألت يحيى =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ابن معين عن مطر بن عكامس: لقي النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قال: لا أعلمه، وما يروى عنه إلا هذا الحديث)) ، وقال إسحاق بن منصور: ((قلت ليحيى بن معين: مطر بن عكامس له صحبة؟ قال: لا، وقال أحمد بن حنبل: لا)) ، وقال ابن أبي حاتم: ((سألت أبي عن مطر بن عكامس: هل له صحبة؟ قال: لا نعرف له صحبة، قلت: رأى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قال: لا يُدرى، لم يرو إلا هذا الحديث ... )) فذكره. وقال ابن حبان: ((له صحبة)) . انظر "المراسيل" لابن أبي حاتم (ص199) ، و"الثقات" لابن حبان (3 / 391) ، و"تهذيب الكمال" (28 / 56 - 57) ، و"الإصابة" (6 / 129) . وأما حديث جندب بن سفيان فأخرجه الحاكم في "المستدرك" (1 / 367) شاهدًا لحديث قبله حيث قال: ((ولهذا الحديث شواهد وأكثرها صحيحة، فمنها ما حدثنا ... )) ، ثم ساقه من طريق إسحاق بن يوسف الأزرق، ثنا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ الحسن، عن جندب بن سفيان، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((إِذَا أَرَادَ اللَّهُ قَبْضَ عَبْدٍ بِأَرْضٍ جَعَلَ فيها أو بها حاجة)) . ولم أجد في هذا الإسناد ما يمكن أن يُعلّ به الحديث، سوى أن الحسن البصري مدلس كما تقدم في الحديث [5 و 9] ، ولم يصرح بالسماع هنا. لكن القضاعي أخرج الحديث من طريق عباد بن العوام، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عن سعيد بن أبي الخيرة، عن الحسن، عن أبي هريرة، مرفوعًا به مثله. انظر "مسند الشهاب" (2 / 294 - 295 رقم 1391) . وسعيد بن أبي خَيْرة البصري هذا مقبول لم يوثق، سوى أن ابن حبان ذكره في الثقات، وروى عنه داود بن أبي هند وعباد بن راشد وسعيد بن أبي عروبة. انظر "التهذيب" (4 / 23 رقم 34) ، و"التقريب" (ص235 رقم 2297) . فهذا الاختلاف على داود بن أبي هند بين إسحاق الأزرق وعباد بن العوام يصعب معه الترجيح بين الروايتين وبخاصة أنني لم أجد من أخرج الحديث سوى =

897- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا مَنْصُورٌ (1) ، عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {فَمُسْتَقِرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ} (2) . 898- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا عَبِيدة بن حُميد الحَذَّاء (3) ،

_ = الحاكم والقضاعي، لكن فيما مضى من الطرق ما يغني عن هذه الطريق، فالحديث صحيح، والله أعلم. (1) هو ابن زاذان. (2) قال ابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 571 - 572) : ((واختلفت القَرَأَةُ في قراءة قوله: {فمستقر ومستودع} . فقرأت ذلك عامة قراءة أهل المدينة والكوفة: {فَمُسْتَقَرٌّ ومُسْتَوْدَعٌ} بمعنى: فمنهم من استقرّه الله في مقرّه، فهو مستقَرّ، ومنهم من استودعه الله فيما استودعه فيه، فهو مستودع فيه. وقرأ ذلك بعض أهل المدينة وبعض أهل البصرة: {فَمُسْتَقِرٌّ} - بكسر القاف - بمعنى: فمنهم من استقرّ في مقرّه، فهو مستقِرٌ به. وأولى القراءتين بالصواب عندي - وإن كان لكليهما عندي وجه صحيح -: {فَمُسْتَقَرٌّ} بمعنى: استقرّه الله في مستقرّه؛ ليأتلف المعنى فيه وفي {المستودع} ، في أن كل واحد منهما لم يسمّ فاعله، وفي إضافة الخبر بذلك إلى الله في أنه المستِقرّ هذا، والمستودع هذا، وذلك أن الجميع مجمعون على قراءة قوله: {ومستودع} - بفتح الدال - على وجه ما لم يسمّ فاعله، فإجراء الأول - أعني قوله: {فمستقر} - عليه، أشبه من عدوله عنه)) . اهـ. 897- سنده صحيح. (3) هو عَبِيدُة بن حُميد بن صُهيب الحَذَّاء، أبو عبد الرحمن الكوفي، التيمي، أو الليثي، أو الضبيّ، يروي عن الأسود بن قيس وحميد الطويل والأعمش وعمار الدهني وغيرهم، روى عنه سعيد بن منصور هنا وفي مواضع أخرى، والإمام =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = أحمد وابن أبي شيبة وغيرهم، وروى عنه سفيان الثوري وهو أكبر منه، وقد وثقه ابن معين في رواية ووثقه كذلك ابن نمير وابن عمار والدارقطني وابن سعد وزاد: ((صالح الحديث)) ، وذكره ابن حبان وابن شاهين في ((الثقات)) ، وفي رواية عن ابن معين قال: ((ما به المسكين من بأس، ليس له بَخْتٌ)) ، وحكى أبو داود عن الإمام أحمد أنه قال: ((ليس به بأس)) ، وكذا قال النسائي، وحكى الفضل بن زياد عن الإمام أحمد أنه قال: ((ما أحسن حديثه، هو أحب إلي من زياد بن عبد الله البَكّائي)) وقال الأثرم: ((أحسن أبو عبد الله الثناء على عبيدة بن حميد جدًّا، ورفع أمره، وقال: ما أدري ما للناس وله، ثم ذكر صحة حديثه فقال: كان قليل السقط، وأما التصحيف فليس تجده عنده)) ، وقال ابن المديني: ((أحاديثه صحاح، وما رويت عنه شيئًا)) ، وضعفه، وفي موضع آخر قال: ((ما رأيت أصح حديثًا من عبيدة الحذاء، ولا أصح رجالاً)) ، وقال العجلي: ((لا بأس به)) ، وقال يعقوب بن شيبة: ((شيخ كتب الناس عنه، ولم يكن من الحفاظ المتقنين)) ، وقال الساجي: ((ليس بالقوي في الحديث، هو من أهل الصدق)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (6 / 92 رقم 479) ، و"تهذيب الكمال" (19 / 257 - 262) ، و"ميزان الاعتدال" (3 / 25 رقم 5458) . ولما ذكر الحافظ ابن حجر عبيدة هذا في "التقريب" (ص379 رقم 4408) قال: ((صدوق نَحْوي، ربما أخطأ)) وذكر أن وفاته سنة تسعين يعني ومائة وقد جاوز ثمانين سنة. والذي يظهر - والله أعلم- أن عبيدة هذا لا بأس به، فهو حسن الحديث، وهذا هو ظاهر كلام الأئمة الذين أثنوا عليه، ومن تكلم فيه فإنه يعترف له بصحة الحديث والصدق فيه، ويحمل تضعيفه على أنه لم يره من الحفاظ المتقنين كشعبة والثوري، فنقول: هو كذلك، ولكنه ليس بمدفوع عن الصدق والاحتجاج بحديثه، =

قَالَ: نا عَمَّارٌ الدُّهْني (1) ، عَنْ حَمَّادٍ الْمَدِينِيِّ (2) ، عَنْ كُرَيْب (3) ، قَالَ:

_ = وقد يحمل كلام علي بن المديني فيه على تساهله في الأخذ، أو اتهامه به، مع الاعتراف بأنه لم يضبط عليه خطأ في الحديث، ويدل على هذا قول ليحيى بن معين حين قال: ((لم يكن به بأس، كان ينزل في درب المفضّل، ثم انتقل إلى قصر وضّاح، فعابوه أنه يقعد عند أصحاب الكتب)) . انظر الموضع السابق من "تهذيب الكمال". (1) هو عمار بن معاوية الدُّهني، تقدم في الحديث [133] أنه ثقة. (2) كذا جاء في الأصل! ولم أجد راويًا بهذا الاسم يروي عن كريب، وعنه عمار الدهني، وقد روى ابن جرير هذا الخبر - كما سيأتي - وأبهمه، فجاء عنده: ((عن رجل)) ، ورواه ابن أبي حاتم - كما سيأتي أيضًا - وقال: ((عن حميد)) ، ولعل هذا هو الصواب، فحُمَيْد هذا هو ابن زياد، وهو مدني، فلعل اسمه تصحف في نسخة "السنن" هذه، وقد التقى بعمار بن معاوية الدهني، لكن الذي ذكر في ترجمته - كما سيأتي -: روايته عن عمار، لا العكس، وعمار أقدم منه، فوفاة عمار كانت سنة ثلاث وثلاثين ومائة، وأما حميد فمتأخر عن هذا التاريخ - كما سيأتي -، لكن من المعلوم عند أهل الحديث أن الشيخ قد يروي عن تلميذه، وهذا كثير، ولذلك أفرد علماء الحديث هذا النوع بالكلام في مبحث ((رواية الأكابر عن الأصاغر)) ، فإن كان ما ذكر في "تفسير ابن أبي حاتم" صحيحًا - وهو الذي أميل إليه -، فهو: حميد بن زياد بن أبي المخارق، أبو صخر الخرّاط، صاحب العباء، مدني سكن مصر، وهو حميد بن صخر أبو مودود الخرّاط، كان يسميه كذلك حاتم بن إسماعيل في روايته عنه، وقيل: إنهما اثنان. روى حميد هذا عن أبي صالح ذكوان السمان وزيد بن أسلم وسعيد المقبري ونافع مولى ابن عمر وكريب مولى ابن عباس وعمار الدهني وغيرهم، روى عنه إبراهيم بن سعد وحاتم بن إسماعيل وابن لهيعة وابن وهب ويحيى القطان وغيرهم. وهو صدوق إلا أنه يهم، قال أحمد: ((ليس به بأس)) ، وضعفه النسائي، واختلف فيه قول ابن معين، فمرة قال: ((ثقة =

دَعَانِي ابْنُ عَبَّاسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، فَقَالَ: اكْتُبْ: مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ إِلَى فُلَانٍ حَبْر تَيْماء (1) ، سَلَامٌ عَلَيْكَ، فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، فَقُلْتُ: تَبْدَؤُهُ فَتَقُولُ: سَلَامٌ عَلَيْكَ؟ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ هو

_ = ليس به بأس)) ، وضعفه مرة، وفرق ابن عدي بينه وبين حميد بن صخر، فذكر لحميد بن زياد بعض الأحاديث التي انتقدت عليه، ثم قال: ((له أحاديث صالحة ... ، وهو عندي صالح الحديث، وإنما أنكرت عليه هذين الحديثين (المؤمن مؤالف) ، وفي القدرية، اللذين ذكرتهما، وسائر حديثه أرجو أن يكون مستقيمًا)) ، وذكر صخر بن حميد وذكر بعض الأحاديث التي انتقدت عليه، ثم قال: ((ولحاتم بن إسماعيل عن حميد بن صخر أحاديث غير ما ذكرته، وفي بعض هذه الأحاديث عن المقبري ويزيد الرقاشي ما لا يتابع عليه، وكانت وفاته سنة تسع وثمانين ومائة)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 222 رقم 975) ، و"الكامل" لابن عدي (2 / 684 - 685 و 691) ، و"تهذيب الكمال" (7 / 336 - 372) ، و"تقريب التهذيب" (ص181 رقم 1546) . (3) هو كُرَيْب بن أبي مسلم الهاشمي، مولاهم، المدني، أبو رِشْدين، مولى ابن عباس، يروي عن أسامة بن زيد وزيد بن ثابت ومولاه ابن عباس وابن عمر وعائشة وأم سلمة وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه ابنه رشدين وعمرو بن دينار والزهري ومكحول وأبو صخر حميد بن زياد وغيرهم، وهو ثقة، وثقه ابن معين والنسائي وقال ابن سعد: ((كان ثقة حسن الحديث)) ، وذكره ابن حبان في الثقات، وروى له الجماعة، وتوفي سنة ثمان وتسعين. انظر "الجرح والتعديل" (7 / 168 رقم 956) ، و"تهذيب الكمال" (24 / 172 - 174) ، و"التقريب" (ص461 رقم 5638) . (1) تَيْمَاء - بالفتح والمدّ -: بلد من أطراف الشام، بين الشام ووادي القرى على طريق حاج الشام. "معجم البلدان" (2 / 67) .

السَّلَامُ، اكْتُبْ: سَلَامٌ عَلَيْكَ، أَمَّا بَعْدُ، فَحَدِّثْنِي عَنْ {مُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ} ، وعن: {جنة عرضها السماوات وَالْأَرْضُ} (1) ، قَالَ فَذَهَبْتُ بِالْكِتَابِ إِلَى الْيَهُودِيِّ، فَأَعْطَيْتُهُ إِيَّاهُ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ (قَالَ) (2) : مَرْحَبًا بِكِتَابِ خَلِيلِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَذَهَبَ بِي إِلَى بَيْتِهِ، فَفَتَحَ أَسْفَارًا لَهُ كَثِيرَةً، فَجَعَلَ يَطْرَحُ تِلْكَ الْأَسْفَارِ لَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا، قُلْتُ: مَا شَأْنُكَ، قَالَ: هَذِهِ أَسْفَارٌ كَتَبَتْهَا الْيَهُودُ، حَتَّى أَخْرَجَ سِفْرَ مُوسَى، فَنَظَرَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: الْمُسْتَوْدَعُ: الصُّلْب، وَالْمُسْتَقَرُّ: الرَّحِمُ، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: {وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ} (3) ، {وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} (4) قَالَ: هُوَ مُسْتَقَرُّهُ فِي الْأَرْضِ، وَمُسْتَقَرُّهُ فِي الرَّحِمِ، وَمُسْتَقَرُّهُ تَحْتَ الْأَرْضِ حَتَّى يَصِيرَ إِلَى الْجَنَّةِ أَوْ إِلَى النَّارِ، ثُمَّ نَظَرَ فقال: {جنة عرضها السماوات والأرض} ، قال: سبع سماوات، وَسَبْعُ أَرَضِينَ يُلَفَّقْنَ (5) كَمَا تُلَفَّقُ الثِّيَابُ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، فَقَالَ: هَذَا عَرْضُهَا، وَلَا يَصِفُ أَحَدٌ طولها.

_ (1) الآية (133) من سورة آل عمران. (2) في الأصل: ((فقال)) . (3) الآية (50) من سورة الحج. (4) الآية (36) من سورة البقرة، وكان في الأصل: (ولكم في الأرض مستقر ومستودع إلى حين) ؛ فصوبتها. (5) أي ضُمَّتْ بعضها إلى بعض. انظر "لسان العرب" (10 / 330 - 331) . 898- سنده ضعيف إن كان الراوي عن كريب هو حميد بن زياد؛ =

[الْآيَةُ (105) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} ] 899- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ (1) ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {دَارَسْتَ} - بِالْأَلْفِ -، قَالَ: قارَأْتَ (2) .

_ = لضعفه من قبل حفظه، وإن كان غيره فالحكم متوقف على معرفته ومعرفة حاله. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 315) وعزاه للمصنف وابن المنذر وابن أبي حاتم. وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 567 رقم 13638) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (ص545 - 546 رقم 1424 / ق1 / آل عمران) . أما ابن جرير فمن طريق هناد بن السري، عن عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ عَمَّارٍ الدهني، عن رجل، عن كريب، به نحوه، إلا أنه لم يذكر منه ما يتعلق بآية آل عمران. وأما ابن أبي حاتم فمن طريق سفيان الثوري، عن عمار الدهني، عن حميد، عن كريب، به مختصرًا بذكر ما يتعلق بآية آل عمران فقط. (1) هو ابن أبي تميمة السختياني. (2) قال ابن جرير الطبري في "تفسيره" (12 / 26 - 27) : ((واختلفت القرأة في قراءة ذلك)) . فقرأته عامة قرأة أهل المدينة والكوفة: {وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ} ، يعني: قرأت، أنت، يا محمد، بغير ((ألف)) . وقرأ ذلك جماعة من المتقدمين، منهم ابن عباس، على اختلاف عنه فيه، وغيرهُ وجماعة من التابعين، وهو قراءة بعض قرأة أهل البصرة: {وَلِيَقولُوا =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = دَارَسْتَ} ، بألف، بمعنى: قارأت وتعلمت من أهل الكتاب. وروي عن قتادة: أنه كان يقرؤه: {دُرِسَتْ} ، بمعنى: قرئت وتليت. وعن الحسن أنه كان يقرؤه: {دَرَسَتْ} ، بمعنى: انمحت. قال أبو جعفر: وأولى القراءات في ذلك عندي بالصواب، قراءة من قرأه: {وَلِيقولُوا دَرَسْتَ} ، بتأويل: قرأتَ وتعلمت، لأن المشركين كذلك كانوا يقولون لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقد أخبر الله عن قيلهم ذلك بقوله: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} [سورة النحل: 103] . فهذا خبرٌ من الله ينبئ عنهم أنهم كانوا يقولون: إنما يتعلم محمد ما يأتيكم به من غيره، فإذا كان ذلك كذلك، فقراءة: {وَلِيَقُولوا دَرَسْتَ} ، يا محمد، بمعنى: تعلمت من أهل الكتاب، أشبهُ بالحق، وأولى بالصواب من قراءة من قرأه: ((دارسْتَ)) ، بمعنى: قارأتهم وخاصمتهم، وغير ذلك من القراءات)) . اهـ. 899- سنده صحيح. والأثر ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 336) ، وعزاه للمصنِّف وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه والضياء المقدسي في "المختارة". وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (12 / 28 رقم 13714) من طريق إسماعيل بن عُلَيَّة، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كان يقرؤها: (وليقولوا دارست) ، أحسبه قال: قارأت أهل الكتاب. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (8 / 716 رقم 6124) . وابن جرير في "تفسيره" (12 / 28 رقم 13717 و 13718) . أما ابن أبي شيبة وابن جرير في الموضع الأول فمن طريق إسماعيل بن عليه، وأما ابن جرير في الموضع الثاني فمن طريق شعبة كلاهما عن أبي المعلى العطار يحيى بن ميمون، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: كان ابن عباس يقرأ: (دَارَسْتَ) - بالألف، بجزم السين، ونصب التاء -. =

900- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ كَيْسَان (1) ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: {دَارَسْتَ} : خَاصَمْتَ وتلوت.

_ = هذا لفظ ابن جرير في الموضع الثاني، ونحوه في الموضع الأول مختصرًا. وأما ابن أبي شيبة فلفظه: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يقرأ: (دَارَسْتَ) ويقول: دارس كطعم الصاب والعلقم. وقد أخرجه قريبًا من هذا اللفظ ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 100 / ب) من طريق عبد العزيز بن المختار، عن أبي المعلى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: {دارست} قال: قارأت، قال: ثم أنشد هذا البيت: وجدتم دارسي كطعم الصاب والعلقم. وهذا محتمل أن يكون عبد العزيز بن المختار أخطأ فيه فجعله من قول سعيد بن جبير، ومحتمل أن يكون سعيد بن جبير مرة يسنده إلى ابن عباس، ومرة يقوله من نفسه - فهو مفسِّر -، ورواه عنه على الوجهين أبو المعلى، والله أعلم. وله طريق أخرى عن ابن عباس، أخرجها ابن جرير (12 / 28 رقم 13713) من طريق مجاهد، عن ابن عباس: {دارست} يقول: قارأت. وسنده حسن. وله طريق أخرى أيضًا يرويها ابن جرير (12 / 29 - 30 رقم 13728) من طريق شيخه محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال: حدثني أبي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - في قوله: {وليقولوا دارست} - قال: قالوا: دارست أهل الكتاب، وقرأت الكتب وتعلمتها. وسنده ضعيف جدًّا لأجل الراوي عن ابن عباس وهو: عطية بن سعد العوفي والرواة عنه، فهو مسلسل بالضعفاء كما بينته في الحديث [454] . (1) مجهول الحال، ذكره البخاري في "التاريخ الكبير" (6 / 366 رقم =

901- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو (1) ، سَمِعَ ابْنَ الزُّبَيْرِ يقول: ((إن صبياننا ها هنا (يقولون) (2) : {دارست} ،

_ = 2655) وسكت عنه، وذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (6 / 256 رقم 1414) لم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلاً، وذكره ابن حبان في "الثقات" (5 / 184) ، ولم يذكروا أنه روى عن غير ابن عباس، ولا عنه غير عمرو بن دينار، ويبدو أنه مقل عن ابن عباس، فكلهم ذكروا أنه روى عنه قوله، وأوضح ابن حبان قول ابن عباس الذي رواه فقال: ((يروي عن ابن عباس: يا أهل مكة لا يغرنكم أن لا تعتمروا)) . قلت: ويضاف له أيضًا هذا القول الذي هنا. 900- سنده ضعيف لجهالة حال عمرو بن كيسان، ولكن يشهد له الطريق السابق فإنه بنفس المعنى، وسنده صحيح. والأثر ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 337) وعزاه للمصنِّف وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ والطبراني وابن مردويه. وقد أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 216) . ومن طريقه وطريق آخر أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (12 / 28 - 29 رقم 13719 و 13720) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 100 / ب) من طريق عبد الرزاق. وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (11 / 137 رقم 11283) . أما عبد الرزاق فعن سفيان بن عيينة بلا واسطة، وأما ابن جرير في الرواية الأخرى فمن طريق أبي كريب محمد بن العلاء وسفيان بن وكيع، وأما الطبراني فمن طريق الإمام أحمد، جميعهم عن سفيان بن عيينة، به، بلفظ: {دارست} : تلوت، خاصمت، جادلت. (1) هو ابن دينار. (2) في الأصل: ((يقول)) .

وإنما هي {درست} ، [ل135/ب] ويقرؤون: {حمئة} (1) ، وإنما هي {حامية} ، ويقرؤون: {وحرم} (2) وإنما هي: {حرام} ، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسِ يُخَالِفُهُ فِيهِنَّ كُلِّهِنَّ (3) . 902- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ (4) ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ (5) ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ (6) ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {دَارَسْتَ} قَالَ: قَرَأْتَ وتعلمت.

_ (1) الآية (86) من سورة الكهف. (2) الآية (95) من سورة الأنبياء. (3) سيأتي الكلام عن اختلاف القراء في قراءة آيتي الكهف والأنبياء في موضعهما إن شاء الله تعالى. 901- سنده صحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 337) وعزاه للمصنِّف وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبي الشيخ. وقد أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 216) عن سفيان بن عيينة، به بنحوه. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (12 / 30 رقم 13733) . (4) هو الرصاصي، تقدم في الحديث [6] أنه صدوق. (5) هو السبيعي، انظر التفصيل في روايته في الحديث رقم [1] . (6) هو أَرْبَدَةُ التميمي المفسِّر، تقدم في الحديث [763] أنه صدوق. 902- سنده حسن لذاته، وهو صحيح لغيره بالطريقين المتقدمين برقم [899 و 900] . وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 337) وعزاه للفريابي وعبد بن =

903- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ التَّمِيمِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {دَارَسْتَ} -، قَالَ: قَرَأْتَ وَتَعَلَّمْتَ. 904- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ رَجُلٍ (1) ، عن مجاهد، قال: قرأت وقرؤوا عليك.

_ = حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن أبي الشيخ وابن مردويه. وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (12 / 28 / رقم 13716) من طريق أبي داود الطيالسي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، سمعت التميمي يقول: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ قَوْلِهِ: {وليقولوا دارست} ، قال: قارأت وتعلمت. وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص109 رقم 273) عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ التَّمِيمِيِّ، به. ومن طريق سفيان الثوري أخرجه ابن جرير في الموضع السابق برقم (13715) . وابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (3 / ل 100 / ب) . ورواه عن أبي إسحاق السبيعي أيضًا ابن ابنه إسرائيل وعنبسة بن سعيد الضرير، أخرج الحديث من طريقهما ابن جرير برقم (13708 و 13711 و 13712) . وله طريق أخرى يرويها سفيان بن عيينة، عن رجل مبهم، عن أبي إسحاق، وهي الآتية. 903- سنده ضعيف لإبهام شيخ سفيان بن عيينة، وهو حسن لغيره من طريق أبي إسحاق عن التميمي، بالطريق السابقة، وصحيح لغيره عن ابن عباس بالطريقين المتقدمين برقم [899 و 900] . (1) لم أجد من أخرج هذا الأثر من طريق سفيان بن عيينة سوى ابن جرير =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = كما سيأتي، وفي روايته التصريح باسم هذا المبهم وهو: ابن أبي نجيح، لكن رواية ابن جرير هذه من طريق سفيان بن وكيع وهو ساقط الحديث مع كونه صدوقًا كما تقدم بيانه في الحديث [862] ، مع أنه يغلب على الظن أنه ابن أبي نجيح؛ لأن المصنف كثيرًا ما يروي عن مجاهد بهذا الإسناد، ومع ذلك فجميع طرق هذا الأثر التي وقفت عليها من رواية ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ كما يتضح من التخريج. 904- سنده ضعيف لإبهام شيخ سفيان بن عيينة، فإن كان عبد الله بن أبي نجيح - وهو الراجح لدي -، فالسند صحيح؛ لأن روايته عن مجاهد صحيحة كما بينته في الحديث [184] ، والأثر صحيح عن مجاهد بكل حال لوروده من طرق عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد. فقد ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 337) وعزاه لابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ. وهو في "تفسير مجاهد" (ص220 - 221) من رواية عبد الرحمن بن الحسن القاضي، عن إبراهيم بن الحسين الهمذاني، عن آدم بن أبي إياس، عن ورقاء بن عمر، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد: {دارست} أي: فاقهت؛ قرأت على يهود وقرأوا عليك. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (12 / 29 رقم 13727) من طريق سفيان بن وكيع، قال: حدثنا ابن عيينة، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد، بمثل سابقه سواء، إلا أنه لم يذكر قوله: ((أي: فاقهت)) . وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (13724 و 13725) . وابن أبي حاتم (3 / ل 101 / أ) . أما ابن جرير فمن طريق عيسى بن ميمون الجرشي وشبل بن عباد، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق ورقاء بن عمر، ثلاثتهم عن ابن أبي نجيح، به.

905- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيم (1) ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ (2) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: {دَارَسْتَ} ، قَالَ: قَرَأْتَ وَتَعَلَّمْتَ. 906- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبَّاد بْنُ عَبَّادٍ المُهَلَّبي (3) ، قَالَ: نَا الزُّبَيْرُ بْنُ الخِرِّيت (4) ، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {دَارَسْتَ} ، يَقُولُ: دَارَسْتَ أهل الكتاب: قارأتهم.

_ (1) هو هُشيم بن بشير، تقدم في الحديث [8] أنه ثقة ثبت، لكنه كثير التدليس، ولم يصرح بالسماع هنا. (2) هو جعفر بن إياس، تقدم في الحديث [121] أنه ثقة من أثبت الناس في سعيد بن جبير. 905- سنده فيه عنعنة هشيم وهو مدلس، لكن الأثر صحيح لمجيئه من غير طريقه. فقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (12 / 29 رقم 13721 و 13722 و 13723) من طريق شعبة وأبي عوانة، عن أبي بشر، به، ولفظ شعبة: (وليقولوا دارست) قال: قارأت. ولفظ أبي عوانة: (دارست) أي: ناسخت. والطريق الأولى عند ابن جرير يرويها عن شيخه محمد بن بشار بندار، عن محمد بن جعفر غندر، عن شعبة. وهذا سند صحيح. (3) تقدم في الحديث [319] أنه ثقة ربما وهم. (4) تقدم في الحديث [469] أنه ثقة. 906- سنده صحيح.

907- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا جُوَيْبِر (1) ، عَنِ الضَّحَّاكِ مثل حديث أبي بشر (2) .

_ (1) تقدم في الحديث [93] أنه ضعيف جدًّا، وسيأتي الكلام عن روايته للتفسير. (2) وهو الحديث المتقدم برقم [905] ولفظه: {دارست} : قرأت وتعلمت. 907- سنده ضعيف جدًّا لشدة ضعف جويبر، لكن روايته للتفسير تساهل فيها العلماء كما قال يحيى القطان: ((تساهلوا في أخذ التفسير عن قوم لا يوثقونهم في الحديث ... )) ، وذكر الضحاك وجويبر بن سعيد ومحمد بن السائب الكلبي وقال: ((هؤلاء لا يحمل حديثهم، ويكتب التفسير عنهم)) . وقال أحمد بن سيار المروزي: ((جويبر بن سعيد كان من أهل بَلْخ، وهو صاحب الضحاك، وله رواية ومعرفة بأيام الناس، وحاله حسن في التفسير، وهو ليَّن في الرواية)) . ولمّا سئل عنه الإمام أحمد قال: ((ما كان عن الضحاك فهو أيسر، وما كان يسند عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - فهو منكر)) . انظر تفصيل ذلك في مقدمة هذا الكتاب (1 / 220 / ق - 203 / ق) . والأثر أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (12 / 29 رقم 13726) من طريق عمرو بن عون، عن هُشَيْمٌ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ - في قوله: (دارست) - يعني: أهل الكتاب -. وأخرجه ابن جرير أيضًا (1 / 27 رقم 13710) فقال: حُدِّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثني عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك يقول - في قوله: (درست) - يقول: تعلمت وقرأت. وهذا الإسناد مع إبهام شيخ ابن جرير فيه، فهو من رواية الحسين بن الفرج =

908- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيم (1) ، عَنْ عبَّاد بْنِ رَاشِدٍ (2) ، عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {دَرَّسْتَ} مشدَّدة (3) .

_ = الخياط، وقد قال عنه ابن معين: ((كذاب يسرق الحديث)) ، وقال أبو زرعة: ((ذهب حديثه)) ، وتركه أبو حاتم. انظر "لسان الميزان" (2 / 307 رقم 1264) . (1) تقدم في الحديث [8] أنه ثقة ثبت، ولكنه كثير التدليس، ولم يصرح بالسماع هنا. (2) تقدم في الحديث [183] أنه صدوق حسن الحديث. 908- سنده ضعيف لعنعنة هشيم بن بشير، والصحيح عن الحسن البصري - رحمه الله - غير ذلك كما سيأتي. والأثر ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 337) وعزاه لسعيد بن منصور وحده. وذكر في الموضع نفسه أن عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبا الشيخ أخرجوا عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: (وليقولوا درست) أي: انمحت وذهبت. وقد أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 216) من طريق شيخه معمر، قال: وقال الحسن: (دَرَسَتْ) يقول: تقادمت، انمحت. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 101 / أ) . ورجاله ثقات، إلا أن رواية معمر عن العراقيين فيها اضطراب كما سبق بيانه في الحديث [4] ، وهو هنا يروي عن الحسن البصري، لكن روايته هذه جاءت على الصواب لمشاركة قتادة له فيها. فقد أخرج ابن جرير هذا الأثر في "تفسيره" (12 / 30 رقم 13731) فقال: حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قال: =

909- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ (1) ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ (2) ، قَالَ: هِيَ قراءة عبد الله {درَّسْتَ} .

_ = كان الحسن يقرأ: (وليقولوا دَرَسَتْ) أي: انمحت. فقول الحسن هذا صحيح عنه بمجموع هذين الطريقين، فبشر بن معاذ العقدي صدوق كما في "التقريب"، ويزيد بن زريع ثقة ثبت وهو من أثبت الناس في سعيد بن أبي عروبة وممن روى عنه قبل الاختلاط، وسعيد بن أبي عروبة من أوثق الناس في قتادة. ومعنى قراءة الحسن هذه كما ذكر ابن جرير: ((هذا الذي نتلوه علينا قد مرّ بنا قديمًا، وتطاولت مدته)) . (1) تقدم في الحديث [6] أنه صدوق. (2) هو السبيعي من الثقات كما في الحديث [1] ، إلا أنه يدلس وتغير، لكن الراوي عنه هنا شعبة، وروايته عنه صحيحة. ولم يدرك أبو إسحاق عبد الله بن مسعود، فروايته عنه هنا منقطعة. 909- سنده حسن لذاته إلى أبي إسحاق السبيعي، وهو ضعيف عن ابن مسعود للانقطاع بينه وبين أبي إسحاق، ومع ذلك فنسبة هذا القراءة إلى عبد الله بن مسعود هنا، وإلى الحسن البصري في الحديث السابق غير صحيحة، لضعف الإسناد عنهم أولاً، ولأني لم أجد في كتب القراءات من قرأ بهذه القراءة كما سيأتي ثانيًا، ولأن هذه الرواية اختلفت عن ابن مسعود ثالثًا. فقد ذكر السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 337) أن عبد بن حميد وابن جرير الطبري أخرجا عن أبي غسحاق الهمداني - وهو السبيعي - أنه قال: في قراءة ابن مسعود: (دَرَسَتْ) بغير ألف، بنصب السين، ووقف التاء. وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (12 / 30 رقم 13732) من طريق شيخه المثنى، قال: حدثنا آدم، قال: حدثنا شعبة، قال: حدثنا أبو إسحاق =

[الْآيَاتُ (119 - 121) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ ... } إِلَى قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} ] 910- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُلَيْمَانَ (1) ، قَالَ: سَمِعْتُ عطيَّة العَوْفي (2) يَقْرَأُ: {وَقَدْ فَصَلَ (3) لَكُمْ مَا حَرَّمَ

_ = الهمداني، قال: في قراءة ابن مسعود: (دَرَسَتْ) بغير ألف، بنصب السين ووقف التاء. وشيخ ابن جرير هو المثنى بن إبراهيم الآملي، تقدم في الحديث [389] أني لم أجد من ترجم له، ولم يترجم له الشيخ أحمد شاكر. لكن قد يكون عبد بن حميد روى الأثر من غير طريقه وهو الأقرب؛ لأنه في طبقة عبد بن حميد، وهذا ما يجعل الترجيح بين الروايات صعبًا، وإن كان القلب يميل إلى أن الخطأ وقع في رواية سعيد بن منصور، وقد يكون ذلك من شيخه عبد الرحمن بن زياد الرّصَاصي، والله أعلم. وهذه القراءة: (دَرَسَت) بفتح السين وسكون التاء هي قراءة ابن عامر ويعقوب، ولم أجد من قرأ: (درَّسْتَ) . انظر "علل القراءات" للأزهري (1 / 195) ، و "الحجة للقراء السبعة" (3 / 373 - 375) للفارسي. (1) هو ابن رَزِين المؤدِّب، تقدم في الحديث [53] أنه صدوق يغرب. (2) هو عطيَّة بن سعد العوفي، تقدم في الحديث [454] أنه ضعيف الحديث ويدلس، ولكن هذا لا يضر هنا لأن هذا ليس من باب الرواية منه، وإنما قراءة تنسب إليه. (3) في الأصل: ((فصَّل)) بتشديد الصاد المفتوحة، هكذا شُكلت، والذي حكاه ابن جرير كما سيأتي هكذا بالتخفيف، وكذا القرطبي.

عَلَيْكُمْ} (1) .

_ (1) اختلف القُرَّاء في قراءة: ((فصل)) و: ((حرم)) . فقرأ أبو بكر عن عاصم، وحمزةُ والكِسَائيُّ: ((وقد فَصَّلَ)) بفتح الفاء والصاد، و: ((ما حُرِّم)) بضم الحاء وكسر الراء المشددة، بترك تسمية الفاعل، بمعنى: وقد فصَّل الله لكم المحرَّم عليكم من مطاعمكم. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر: ((وقد فُصِّل)) بضم الفاء وكسر الصاد المشددة، و: ((ما حُرِّم)) بضم الحاء وكسر الراء المشددة، على ما لم يسم فاعله. وقرأ نافع وحفص عن عاصم، ويعقوبُ: ((فَصَّل)) بفتح الفاء والصاد المشددة، و: ((حَرَّم)) بفتح الحاء والراء المشددة، أي: فصل الله لكم ما حرّمه من مطاعمكم، فبينه لكم. والمعنى فيها جميعها واحد؛ لأن الله هو المفصِّل المحرِّم. انظر "تفسير ابن جرير الطبري" (12 / 70) ، و"علل القراءات" للأزهري (1 / 199 - 200) ، و"الحجة في للقراء السبعة" للفارسي (3 / 390) ، و"حجة القراءات" (ص268 - 269) ، و"تفسير القرطبي" (7 / 73) . 910- سنده حسن لذاته عن عطية، ولكنها قراءة غير معروفة، فقد قال ابن جرير الطبري في "تفسيره" (12 / 70) : ((وروي عن عطية العوفي أنه كان يقرأ ذلك: {وقد فَصَل} بتخفيف الصاد وفتح الفاء، بمعنى: وقد أتاكم حكم الله فيما حَرَّم عليكم. قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال: إن كل هذه القراءات الثلاث التي ذكرناها - سوى القراءة التي ذكرنا عن عطية - قراءات معروفات مستفيضةٌ القراءة بها في قَرَأَة الأمصار، وهن متفقات المعاني غير مختلفات، فبأي ذلك قرأ القارئ فمصيب فيه الصواب)) . اهـ. وذكر القرطبي في "تفسيره" (7 / 73) قراءة عطية هذه بالتخفيف، وذكر أن معناه: ((أبان وظهر)) .

911- حدثنا سعيد، قال: نا عبد العزيز بْنُ مُحَمَّدٍ (1) ، قَالَ: أَخْبَرَنِي دَاوُدُ بْنُ صَالِحٍ (2) ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ (3) ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مرَّ بِالْجَزَّارِينَ فَقَالَ: مَنْ يَذْبَحُ لَكُمْ؟ فَقَالُوا: هَذَا، فَقَالَ: أَنْتَ تَذْبَحُ لِهَؤُلَاءِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ صَلَاةِ كَذَا وَكَذَا؟ فَلَمْ يَدْرِ، فَضَرَبَهُ وَأَخْرَجَهُ مِنَ السُّوقِ وَضَرَبَ الْجَزَّارِينَ، وَقَالَ يَذْبَحُ لَكُمْ مِثْلُ هَذَا وَاللَّهُ يَقُولُ: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ} ؟! 912- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أبو عوانة (4) ، عن حماد (5) ،

_ (1) هو الدَّرَاوَرْدي، تقدم في الحديث [69] أنه صدوق. (2) هو داود بن صالح بن دينار التمّار، المدني، مولى الأنصار، يروي عن أبيه صالح وسالم بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وأبي سلمة بن عبد الرحمن والقاسم بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وغيرهم، روى عنه هشام بن عروة وابن جريج والدراوردي وغيرهم، وهو صدوق كما قال الذهبي وابن حجر، فقد سئل عنه الإمام أحمد فقال: ((ما أعلم به بأسًا)) ، وذكره ابن حبان في الثقات. انظر "الجرح والتعديل" (3 / 415 - 416 رقم 1900) ، و"تهذيب الكمال" (8 / 402 - 403) ، و"الكاشف" (1 / 289 رقم 1456) ، و"التقريب" (ص199 رقم 1790) . (3) هو القاسم بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، تقدم في الحديث [39] أنه ثقة، أحد الفقهاء السبعة بالمدينة، وأن ولادته كانت قريبًا من سنة ست وثلاثين للهجرة، فروايته عن عمر رضي الله عنه مرسلة. 911- سنده ضعيف للانقطاع بين القاسم وعمر رضي الله عنه. (4) هو وضّاح بن عبد الله اليشكُري. (5) هو ابن أبي سليمان، تقدم في الحديث [511] أنه ثقة.

عَنْ إِبْرَاهِيمَ (1) - فِي الرَّجُلِ يَذْبَحُ فَيَنْسَى أَنْ يُسَمِّيَ -، قَالَ: كَرِهَهُ وَلَمْ يَقُلْ إِنَّهُ حَرَامٌ. 913- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا أَبُو الْأَحْوَصِ (2) ، عَنْ مَنْصُورٍ (3) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ - فِي الرَّجُلِ يَذْبَحُ فَيَنْسَى أَنْ يُسَمِّيَ -، قال: يأكل.

_ (1) هو ابن يزيد النخعي. 912- سنده صحيح. وأخرج محمد بن الحسن في كتاب "الآثار" (ص182 رقم 827) عن أبي حنيفة، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ - فِي الذي يرسل كلبه وينسى أن يسمي، فأخذه فقتل - قال: أكره أكله، وإن كان يهوديًا أو نصرانيًا فمثل ذلك. اهـ. وهذا بمعنى هذا الأثر الذي هنا. وأما ما سيأتي في الأثر الذي بعد هذا عن منصور بن المعتمر، عن إبراهيم النخعي - فِي الرَّجُلِ يَذْبَحُ فَيَنْسَى أَنْ يسمي -، قال: يأكل، وفي لفظ: لا بأس، فسنده صحيح، ويمكن الجمع بينه وبين ما رواه حماد: بأنه جوّز أكله بقوله: ((لا بأس)) ، مع كراهته لذلك؛ لكونه لم يحرِّم ذلك في الأثر الذي رواه حماد عنه هنا. ويمكن أن يكون أحد الرأيين لإبراهيم النخعي متقدمًا والآخر متأخرًا، والله أعلم. (2) هو سلاّم بن سُلَيم. (3) هو ابن المعتمر. 913- سنده صحيح. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (4 / 479 رقم 8540) من طريق شيخه سفيان الثوري، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ - فِي الرَّجُلِ يَذْبَحُ فَيَنْسَى أَنْ يُسَمِّيَ - قال: لا بأس. =

914- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ (1) ، عَنْ عَيْنٍ (2) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - فِيمَنْ يَذْبَحُ وَيَنْسَى التَّسْمِيَةَ -، قَالَ: الْمُسْلِمُ فِيهِ اسْمُ اللَّهِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرِ التسمية.

_ = وانظر التعليق على الأثر السابق في التوفيق بين قول إبراهيم النخعي فيما رواه عنه حماد بن أبي سيلمان هناك، وبين ما رواه عنه منصور بن المعتمر هنا. (1) تقدم في الحديث [113] أنه ثقة فقيه، وكنيته أبو الشعثاء. (2) يعني عكرمة مولى ابن عباس كما جاء مفسرًا في بعض الروايات الآتية، وأوضحه البيهقي في "السنن" (9 / 239) حيث قال: ((ورواه غيره عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عَيْنٍ - وهو عكرمة - عن ابن عباس موقوفًا)) ثم ساقه من رواية سعيد بن منصور هذه. 914- سنده صحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 350) وعزاه للبيهقي فقط. وعزاه الزيلعي في "نصب الراية" (4 / 182) لسعيد بن منصور. وذكره الحافظ ابن حجر في "الفتح" (9 / 624) وعزاه للمصنف سعيد بن منصور، وقال: ((وسنده صحيح، وهو موقوف)) . وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (9 / 239) في كتاب الصيد والذبائح، باب من ترك التسمية وهو ممن تحل ذبيحته، من طريق المصنِّف، به مثله، إلا أنه قال: ((ذبح)) بدل قوله: ((يذبح)) . وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (4 / 481 رقم 8548) . والدارقطني في "سننه" (4 / 295 - 296 رقم 95 و 96) . والبيهقي في الموضع السابق (9 / 239 - 240) . أما عبد الرزاق فعن ابن عيينة مباشرة، وأما الدارقطني فمن طريق شعبة =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ومحمد بن بكر بن خالد، وأما البيهقي فمن طريق الحميدي، ثلاثتهم عن سفيان بن عيينة، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أبي الشعثاء - وهو جابر بن زيد - قال: حدثنا عين - يعني عكرمة-، عن ابن عباس ... ، فذكره بنحوه، وبعضهم اختصره، وزاد فيه بعضهم. وقد أخرجه البيهقي في "معرفة السنن والآثار" (13 / 447 رقم 18791) من طريق الدارقطني عن محمد بن بكر. وقد توبع عليه أبو الشعثاء جابر بن زيد، فأخرجه عبد الرزاق أيضًا (4 / 479 رقم 8538) من طريق معمر، عن أيوب وهو السختياني، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قال: المسلم اسم من أسماء الله، فإذا نسي أحدكم أن يسمى على الذبيحة، فليُسَمِّ وليأكل. وسنده صحيح أيضًا. وقد روي هذا الحديث مرفوعًا، وسقط من إسناده ذكر أبي الشعثاء جابر بن زيد. فأخرجه الدارقطني في "سننه" (4 / 296 رقم 98) . والبيهقي في الموضع السابق من "سننه" (9 / 239) . وفي "معرفة السنن والآثار" (13 / 447 رقم 18793) . ومن طريق الدارقطني أخرجه ابن الجوزي في "التحقيق" (2 / 360 رقم 1937) . كلاهما من طريق محمد بن يزيد، عن معقل بن عبيد الله، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عكرمة، عن ابن عباس أنَّ النَّبِيَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - قال: ((المسلم يكفيه اسمه، فإن نسي أن يمسي حين يذبح، فليسمّ، وليذكر اسم الله، ثم ليأكل)) . هذا لفظ الدارقطني، ونحوه لفظ البيهقي. والحديث من هذا الطريق منكر لضعف محمد بن يزيد بن سنان الجزري، أبي عبد الله بن أبي فَرْوَة الرَّهاوي، فإنه ليس بالقوي كما في "التقريب" (ص513 =

915- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ يَزِيدَ ابن أَبِي زِيَادٍ (1) ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَنْ ذَبَحَ فنسي أن

_ = رقم 6399) ، ومع ذلك فقد خالف الثقات الذين رووا الحديث موقوفًا على ابن عباس كما سبق، وبزيادة أبي الشعثاء في سنده. قال البيهقي بعد أن رواه في "المعرفة": ((والمحفوظ رواية سفيان بن عيينة، عن عمرو، عن أبي الشعثاء، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ موقوفًا عليه كما مضى)) . وقال ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" - كما في "نصب الراية" (4 / 182) : ((ليس في هذا الإسناد من يُتكلم فيه غير محمد بن يزيد بن سنان، وكان صدوقًا صالحًا، لكنه كان شديد الغفلة)) . اهـ. وقد أعل ابن الجوزي الحديث بمعقل بن عبيد الله، فقال في الموضع السابق من "التحقيق": ((فيه معقل، وهو مجهول)) ، فتعقبه ابن عبد الهادي في "التنقيح" - كما في "نصب الراية" (4 / 182 - 183) - بقوله: ((بل هو مشهور، وهو ابن عبيد الله الجزري، أخرج له مسلم في "صحيحه"، واختلف قول ابن معين فيه، فمرة وثقه، ومرة ضعفه، وقد ذكره ابن الجوزي في الضعفاء، فقال: معقل بن عبيد الله الجزري، يروي عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ يحيى: ضعيف، لم يزد على هذا. ومحمد بن يزيد بن سنان الجزري هو ابن أبي فروة الرهاوي، قال أبو داود: ليس بشيء، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال الدارقطني: ضعيف، وذكره ابن حبان في الثقات، والصحيح أن هذا الحديث موقوف على ابن عباس، هكذا رواه سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عكرمة، عن ابن عباس)) . اهـ. كلام ابن عبد الهادي. وللحديث طريق آخر عن ابن عباس موقوفًا عليه، وهو الآتي. (1) هو الهاشمي، مولاهم الكوفي، تقدم في الحديث [18] أنه ضعيف. =

يُسَمِّيَ، فَلْيَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ وَلْيَأْكُلْ، وَلَا يَدَعُهُ لِلشَّيْطَانِ، إِذَا ذَبَحَ عَلَى الْفِطْرَةِ. 916- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ (1) ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سُمَيْع (2) ، عَنْ مَالِكِ بْنِ عُمَيْر (3) ، أَنَّ وَالاَنَ (4) مَرَّ عَلَى

_ = 915- سنده ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد، وهو صحيح لغيره بالطريق السابق. وقد ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 349) وعزاه للمصنِّف وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر. وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (9 / 240) في كتاب الصيد والذبائح، باب من ترك التسمية وهو ممن تحل ذبيحته، من طريق المصنف، بمثله سواء. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (4 / 479 - 480 رقم 8541) من طريق سفيان الثوري، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، به نحوه، ولم يذكر قوله: ((ولا يدعه للشيطان ... )) إلخ. (1) هو الطحان الواسطي. (2) هو إسماعيل بن سُمَيْع الحَنَفي، أبو محمد الكوفي، بَيَّاع السَّابري، صدوق، تكلم فيه لبدعة الخوارج. "التقريب" (ص108 رقم 452) . (3) هو مالك بن عمير الحنفي، الكوفي، مخضرم مجهول الحال، أورده يعقوب بن سفيان في الصحابة بسبب حديث أرسله، وقال ابن القطان: ((حاله مجهولة، وهو مخضرم)) . انظر "تهذيب التهذيب" (10 / 20 رقم 29) ، و"التقريب" (ص517 رقم 6445) . (4) والآن هذا يروي عن ابن مسعود، ولم يرو عنه سوى مالك بن عمير، فهو مجهول، وقد اختلف، وقد اختلف في نسبته، فخالد بن عبد الله الطحان هنا وأبو معاوية الضرير كما ذكر البخاري في "تاريخه الكبير" (8 / 185 رقم 2642) قالا: =

بَغْلَةٍ لَهُ، قَالَ: فَانْتَهَيْتُ إِلَى الدَّارِ، قَالَ: وَشَاةٌ مَذْبُوحَةٌ، فَقَالَ لِنِسْوَةٍ حَوْلَهَا: مَنْ ذَبَحَهَا؟ فَقُلْنَ: ذَبَحَهَا فُلَانٌ غُلَامُكَ (1) ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا يُصَلِّي غُلَامِي، فَقُلْنَ: وَلَكِنْ عَلَّمْنَاهُ فَسَمَّى، فَرَجَعْتُ كَمَا أَنَا، فَأَتَيْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ فَأَنْبَأْتُهُ بِتَعْلِيمِ النِّسْوَةِ إِيَّاهُ التَّسْمِيَةَ، فَقَالَ: كُلْ.

_ = ((والان)) ولم ينسباه، وأما أحمد بن يونس، فرواه عن أبي بكر بن عياش، عن إسماعيل بن سميع، وسماه: ((والان الحنفي)) ، واعتمد البخاري هذه النسبة فأورده في الموضع السابق من "تاريخه" بها، وأشار إلى أن عبد الواحد بن زياد قال: ((شيخ من بني عجل)) ، ولم يسمِّه. وأخرج الحديث عبد الرزاق في "مصنفه" - كما سيأتي - من طريق قيس بن الربيع، عن إسماعيل بن سميع، لكنه قال: ((عن والان أبي عروة المرادي)) ، وقد أورده ابن أبي حاتم بهذه النسبة في "الجرح والتعديل" (9 / 43 - 44 رقم 185) ، ونقل عن أبيه أنه قال: ((مجهول)) ، وأورد قبله والآن الحنفي برقم (183) ، وسكت عنه، ففرَّق بينهما، وأما ابن حبان فصنع كصنيع البخاري، فأورد في "الثقات" (5 / 497) والان الحنفي فقط. (1) وتدل رواية البخاري في "التاريخ" - كما سيأتي - على أنه صبي. 916- سنده ضعيف لجهالة والان وجهالة مالك بن عمير. وقد أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (4 / 484 رقم 8564) . والبخاري في "التاريخ الكبير" (8 / 185 رقم 2642) . أما عبد الرزاق فمن طريق قيس بن الربيع، وأما البخاري فمن طريق أبي بكر بن عياش، كلاهما عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سُمَيْعٍ، عَنْ مالك بن عمير، عن والان، لكن في رواية عبد الرزاق: عن والان أبي عروة المرادي قال: رجعت إلى أهلي، فوجدت شاة لنا مذبوحة، فقلت لأهلي: ما شأنها؟ فقالوا: خشينا أن تموت، قال: وفي الدار غلام لنا سبي لم يصلّ، فذبحها، فأتيت ابن مسعود فسألته، فقال: =

[الْآيَةُ (122) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} ] 917- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا أَبُو مَعْشَر (1) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعب (2) - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ} - يقول: أو من كَانَ كَافِرًا فَهَدَيْنَاهُ. [الْآيَةُ (125) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ} ] 918- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ (3) ، عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي كَريمةَ (4) ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِسْوَر - قال: وكان ولد جعفر بن أبي

_ = كلوه. وأما البخاري فاختصر الحديث على طريقته في "التاريخ"، فقال: ((والان الحنفي، سمع ابن مسعود في ذبيحة الصبي، قال: لا بأس به، قال لنا أحمد بن يونس، عن أبي بكر بن عياش، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سُمَيْعٍ، عَنْ مالك بن عمير)) . (1) هو نَجِيح بن عبد الرحمن السِّنْدي، تقدم في الحديث [167] أنه ضعيف. (2) هو القُرظي. 917- سنده ضعيف لضعف أبي معشر. (3) هو ابن عيينة. (4) هو خالد بن أبي كريمة الأصبهانين أبو عبد الرحمن الإسكاف، نزيل =

طَالِبٍ (1) -، قَالَ: تَلَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَذِهِ الْآيَةَ: {فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ

_ = الكوفة، ثقة؛ وثقه الإمام أحمد وابن معين وابن المديني وأبو داود، وقال يعقوب بن سفيان: ((حدثنا قبيصة، قال: حدثنا سفيان - وهو الثوري -، عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي كَرِيمَةَ، لا بأس به)) ، وقال العجلي: ((لا بأس به)) ، وقال النسائي: ((ليس به بأس)) ، وذكره ابن شاهين في "الثقات"، وكذا ابن حبان، إلا أنه قال: ((يخطئ)) ، وقال أبو حاتم الرازي: ((ليس بالقوي)) . اهـ. من "المعرفة والتاريخ" ليعقوب بن سفيان (3 / 105) ، و"تاريخ بغداد" (8 / 292 - 293) ، و"تهذيب الكمال" (8 / 156 - 157) . فهذا الراوي ثقة من ذكرتهم من الأئمة، وتكلم فيه أبو حاتم، وقريب منه كلام ابن حبان، وهما معروفان بتشددهما - رحمهما الله - في الجرح، فلا يؤثر قولهما في هذا الراوي في مقابل توثيق أولئك الأئمة، وليس هناك أحد يسلم من الخطأ، فما أخطأ فيه هذا الراوي يعرف ويُتَّقى، وما عدا ذلك فالأصل فيه الصحة. وأما ما نقله المزي في الموضع السابق من "تهذيب الكمال" عن ابن معين في رواية عباس الدوري عنه، من أنه ضعف خالدًا هذا، فهو خطأ في النقل نبّه عليه محقق "تهذيب الكمال"، فارجع إليه إن شئت. وقد تأثر الذهبي وابن حجر بهذا الخطأ، فقال الذهبي: ((صدوق لينه ابن معين)) ، وقال ابن حجر: ((صدوق يخطئ)) ، والعبرة بما تقدم. (1) هو عبد الله بن مِسْوَر بن عبد الله بن عون بن جعفر بن أبي طالب، أبو جعفر الهاشمي المدائني، من أتباع التابعين وليس له رواية عن أحد من الصحابة، ومع ذلك فهو كذاب يضع الحديث، فقد قال الإمام أحمد وأبو إسحاق الجوزجاني: ((أحاديثه موضوعة)) ، وقال الإمام أحمد أيضًا: ((كان يضع الحديث ويكذب، وقد تركت أنا حديثه، وكان عبد الرحمن بن مهدي لا يحدثنا عنه)) ، ورماه بالوضع رقبة بن مَصْقَلة ومغيرة وجرير بن عبد الحميد وعلي بن المديني والبخاري وأبو نعيم الأصبهاني. قال ابن المديني: ((كان يضع الحديث عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -، =

يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ} ، (فَقَالُوا) (1) : فَهَلْ لِذَلِكَ عِلْمٌ يُعْرَفُ بِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ؛ إِذَا دَخَلَ النُّورُ الْقَلْبَ انْفَسَحَ وَانْشَرَحَ، فَقَالُوا: فَهَلْ لِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ يُعْرَفُ به؟ قال: (نعم) (1) ؛ الإبانة إِلَى دَارِ الْخُلُودِ، وَالتَّجَافِي عَنْ دار [ل136/أ] الْغُرُورِ، وَالِاسْتِعْدَادُ لِلْمَوْتِ قَبْلَ نُزُولِ الموت.

_ = ولا يضع إلا ما فيه أدب أو زهد، فيقال له في ذلك فيقول: إن فيه أجرًا)) ، وقال النسائي: ((كذاب)) ، وقال ابن عبد البر: ((هو عندهم متروك الحديث لا يكتب حديثه، اتهموه بوضع الحديث)) ، وقال إسحاق بن راهويه: ((كان معروفًا عند أهل العلم بوضع الحديث، وروايته إنما هي عن التابعين ولم يلق أحدًا من الصحابة)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 169 - 170) ، و"لسان الميزان" (3 / 360 - 361) . (1) ما بين القوسين ليس في الأصل، فأثبته من "الأسماء والصفات" للبيهقي (1 / 258) حيث روى الحديث من طريق المصنف. 918- هو حديث موضوع؛ لإعضاله، ولما رمي به عبد الله بن المسور من وضع الحديث. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 355) وعزاه للمصنف وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في "الأسماء والصفات". وذكره قبل ذلك (3 / 354) وعزاه لابن المبارك في "الزهد"، ولعبد الرزاق والفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في "الأسماء والصفات". وإنما فرقه في الموضعين؛ لأنه ذكره في الموضع الأول عن أبي جعفر المدائني رجل من بني هاشم، وفي الثاني عن عبد الله بن المسور، فلم يتنبه - والله أعلم - إلى أنهما واحد. وقد أخرجه البيهقي في "الأسماء والصفات" (1 / 258) من طريق =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = المصنف بمثله. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (12 / 101 رقم 13856) . وأبو الشيخ في "طبقات المحدثين بأصبهان" (1 / 452 - 453 رقم 87) . ومن طريقه أبو نعيم الأصبهاني في "ذكر أخبار أصبهان" (1 / 305) ، و (2 / 38) . أما ابن جرير فمن طريق سعيد بن الربيع، وأما أبو الشيخ فمن طريق عامر بن أسيد، كلاهما عن سفيان بن عيينة، به نحوه، إلا أن أبا الشيخ زاد في روايته: ((وتزينوا للعرض الأكبر، يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية)) . وفي روايته أيضًا زيادة في سند الحديث، فإنه جعل الحديث من رواية عبد الله بن المسور، عن أبيه. وأخرجه عبد الله بن المبارك في "الزهد" (ص106 رقم 315) . ووكيع بن الجراح في "الزهد" (1 / 238 - 239 رقم 15) . وعبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 217 - 218) . وابن أبي شيبة في "المصنف" (3 / 221 - 222 رقم 16161 و 16162) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (12 / 98 رقم 13852) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 108 / ب) . والبيهقي في "الأسماء والصفات" (1 / 257 - 258) . أما ابن المبارك ووكيع فمن طريق عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ المسعودي، وأما عبد الرزاق والبيهقي فمن طريق سفيان الثوري، وأما ابن أبي شيبة في الموضع الأول فمن طريق الأعمش، وأما في الموضع الثاني وابن أبي حاتم في الرواية الثانية فمن طريق عمرو بن قيس، وأما ابن جرير فمن طريق سليمان التيمي، وأما =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ابن أبي حاتم في الرواية الأولى فمن طريق الحسن بن الفرات القزاز، جميعهم رووه عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عبد الله بن المسور أبي جعفر المدائني، به نحوه، ولم يختلفوا على عمرو بن مرة، إلا أن رواية ابن أبي شيبة للحديث من طريق عمرو بن قيس، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ فيها: ((عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ)) بدلاً من: ((عبد الله بن مسور)) ، وهذا خطأ من الطابع أو الناسخ بلا شك بسبب تقارب الرسم، بدليل أن ابن أبي حاتم رواه من طريق أبي خالد الأحمر - شيخ ابن أبي شيبة في هذه الرواية - عن عمرو بن قيس وجاءت روايته على الصواب. وقد اختُلف على عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ المسعودي، كما أن مالك بن مغول وزيد بن أبي أنيسة روياه عن عمرو بن مرة، وفي روايتيهما وبعض الروايات عن المسعودي اختلاف ذكره الدارقطني في "العلل" (5 / 188 - 190) ، ثم قال: ((والصواب: عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أبي جعفر عبد الله بن المسور مرسلاً عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، كذلك قاله الثوري، وعبد الله بن المسور بن عون بن جعفر بن أبي طالب هذا متروك)) . قلت: ومعظم الاختلاف الذي جاء في طريق هذا الحديث كله - في نظري - بسبب تصحف اسم: ((عبد الله بن مسور)) إلى ((عبد الله بن مسعود)) ، حتى إن من ينظر في هذا الموضع من مخطوط سنن سعيد بن منصور لأول وهلة قد يقع في هذا التصحيف بسبب تشابه الرسم بين الاسمين، وبخاصة أن ((سين مسور)) كتبت مسنّنة، فجاءت سنتها الأخيرة كأنها ((عين مسعود)) . وقد عدّ بعضهم هذا الاختلاف وغيره طرقًا لهذا الحديث، كالحافظ ابن كثير حيث قال في "تفسيره" (2 / 175) : ((فهذه طرق لهذا الحديث مرسلة ومتصلة يشد بعضها بعضًا، والله أعلم)) . وأما الحافظ ابن رجب فأورد هذا الحديث مثالاً على أن المحدثين يستدلون باتفاق حديث الرجلين في اللفظ على أن أحدهما أخذه عن صاحبه، فقال =

[الْآيَةُ (128) : قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا} ] 919- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبيدة (1) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ (2) - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ} - قَالَ الصَّحَابَةُ: - {وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا} - قال: الموت.

_ = في "شرح العلل" (2 / 772 - 774) : ((وقد روى عمرو بن مرة، عن ابن المسور المدائني حديثًا آخر أصله مرسل، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -: لما نزل قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ} ، قال النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إذا دخل النور القلب انشرح وانفسح ... ، الحديث. فهذا هو أصل الحديث، ثم وصله قوم وجعلوا له إسنادًا موصولاً مع اختلافهم فيه..)) ، ثم ذكر كلام الدارقطني في "العلل". (1) هو الرَّبَذي، تقدم في الحديث [31] أنه ضعيف. (2) هو القُرظي. 919- سنده ضعيف لضعف موسى بن عُبيدة. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 357) وعزاه للمصنِّف وابن المنذر وابن أبي حاتم. وقد أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 111 / أ) من طريق محمد بن الصباح البزار، عن إسماعيل بن زكريا، به مثله، إلا أنه فرّقه في موضعين، وقال: ((الصحابة في الدنيا)) . =

[الْآيَةُ (133) : قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَرَبُّكَ الغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ} ] 920- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ (1) ، عَنْ أَبِيهِ (2) ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ} (3) . [الْآيَةَ (138) : قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ} ] 921- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي

_ (1) تقدم في الحديث [67] أنه صدوق تغير حفظه لما قدم بغداد. (2) هو عبد الله بن ذكوان. (3) لم تضبط القراءة في الأصل، ولم أجد فيما اطلعت عليه من كتب القراءات أن لأحد من القرّاء قراءة سوى القراءة المشهورة، ولست أدري هل المؤلف أورد هذه القراءة في قوله: ((أنشأكم)) أو: ((ذرية)) ؟ وإن كنت أرجح أنه لأجل: ((ذرية)) ، فقد قال ابن جرير الطبري في "تفسيره" (12 / 127) : ((وقد روي عن بعض المتقدمين أنه كان يقرأ: (من ذُرِّيئَةِ قوم آخرين) على مثال: ((فُعِّيلة)) ، وعن آخر أنه كان يقرأ: (ومن ذِرِّيَّةِ) على مثال: ((عِلِّيَّة)) . قال أبو جعفر: والقراءة التي عليها القَرَأَة في الأمصار: (ذُرِّيَّة) بضم الذال، وتشديد الياء، على مثال: ((عُبِّيَّة)) . اهـ. 920- سنده فيه عبد الرحمن بن أبي الزاناد، وتقدم أنه صدوق تغير حفظه لما قدم بغداد، ولم أجد ما يدل على أن المصنِّف روى عنه قبل أو بعد تغيُّره.

يَزِيدَ (1) ، سَمِعَ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقْرَأُ: {أنعام (2) وحرث حِرْجٌ (3) } (4) .

_ (1) هو المكي، مولى آل قارظ، تقدم في الحديث [32] أنه ثقة كبير الحديث. (2) في الأصل: ((وأنعام)) ، وقد أورده السيوطي في "الدر" (3 / 364) من رواية المصنف بلا واو. (3) قال ابن جرير الطبري في "تفسيره" (12 / 140 - 141) : ((و: ((الحِجْرُ)) في كلام العرب: الحرام، يقال: ((حَجَرْتُ على فلان كذا)) أي: حرَّمت عليه، ومنه قول الله: {ويقولون حجرًا محجورًا} [سورة الفرقان: 22] ... ، يقال: ((حِجْر)) ، و: ((حُجْر)) - بكسر الحاء وضمّها - وبضمها كان يقرأ - فيما ذُكر -: الحسن وقتادة ... ، وأما القَرَأَة من الحجاز والعراق والشام فعلى كسرها، وهي القراءة التي لا أستجيز خلافها، لإجماع الحجة من القرأة عليها، وأنها اللغة الجُودَى من لغات العرب. وروي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يقرؤها: (وحرث حِرْجٌ) - بالراء قبل الجيم ... ، وهي لغة ثالثة، معناها ومعنى: ((الحجر)) واحد، وهذا كما قالوا: ((جذب)) و: ((جبذ)) و: ((ناء)) و: ((نأى)) . ففي: ((الحجر)) إذًا لغات ثلاث: ((حِجْر)) - بكسر الحاء، والجيم قبل الراء -، و: ((حُجْر)) - بضم الحاء، والجيم قبل الراء -، و: ((حِرْجٌ)) - بكسر الحاء، والراء قبل الجيم -)) . اهـ. (4) هذا الحديث جاء في الأصل متأخرًا بعد الحديث الآتي برقم [922] ، وحقه التقديم عليه كما هو ظاهر من ترتيب الآيات. 921- سنده صحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 364) وعزاه للمصنِّف وابن المنذر.

[الْآيَةُ (141) : قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ ... } إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} ] 922- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عن أَبِي نَجِيحٍ (1) ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} - قَالَ: عِنْدَ الزَّرْعِ يُعْطِي القَبْصَ (2) ، وَعِنْدَ الْحَصَادِ يُعْطِي القَبْضَ (2) ، وَيَتْرُكُهُمْ يتبعون (3) آثار الصرام (4) .

_ (1) هو عبد الله بن أبي نجيح، تقدمت ترجمته والكلام على روايته عن مجاهد في الحديث رقم [184] . (2) القَبْصُ - بالصاد المهملة -: الأخذ بأطراف الأصابع، والقَبْضُ - بالضاد المنقوطة -: الأخذ بجميع الكف. انظر "النهاية في غريب الحديث" (4 / 5 - 6) . (3) قوله: ((يتبعون)) لم ينقط في الأصل، فيحتمل أن تكون الكلمة: ((يبتغون)) . (4) هذا الحديث في الأصل متقدم على الحديث السابق، وحقه التأخير عنه؛ لترتيب الآيات. 922- سنده صحيح. وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 219) من طريق شيخه سفيان بن عيينة، به مثله سواء. وأشار المحقق إلى أن في إحدى النسخ: ((ويتركون يبتغون)) . ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (12 / 168 رقم 14019) ، إلا أنه سقط من سنده ذكر مجاهد. =

923- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرٌ بن عبد الحميد، عَنْ مَنْصُورٍ (1) ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} - قَالَ: إِذَا حَصَدْتَ فَحَضَرَكَ الْمَسَاكِينُ، فَاطْرَحْ لَهُمْ مِنَ السُّنْبل، وَإِذَا طَيَّبْتَهُ وَكَدَسْتَهُ (2) وَحَضَرَكَ الْمَسَاكِينُ، فَاطْرَحْ لَهُمْ مِنْهُ وَإِذَا دُسْتَهُ (3) وذَرَيْتَهُ وَحَضَرَكَ الْمَسَاكِينُ، فَاطْرَحْ لَهُمْ مِنْهُ، وَإِذَا ذَرَيْتَهُ وَجَمَعْتَهُ وَعَرَفْتَ كَيْلَهُ، فَاعْزِلْ زَكَاتَهُ، وَإِذَا بَلَغَ النَّخْلُ، فَحَضَرَكَ الْمَسَاكِينُ فَاطْرَحْ لَهُمْ مِنَ الثَّفارِيق (4) والبُسْرُ، وإذا

_ = وأخرجه عبد الرزاق أيضًا في "المصنف" (4 / 144 - 145 رقم 7264) من طريق سفيان بن عيينة، به نحو سابقه، وزاد: قلت: ما القبض؟ قال: قبضة من سنبل - في الأصل: سبيل، وأشار المحقق إلى التصويب -، قلنا: ما القبص؟ قال: إذا زرعت تعطيهم من الصبيب بأطراف أصابعك - وأشار بها -. وأخرجه البيهقي في "سننه" (4 / 132) في الزكاة، باب ما ورد في قوله تعالى: {وآتوا حقه يوم حصاده} ، من طريق آخر عن سفيان بن عيينة، به بنحو سياق المصنِّف هنا، إلا أنه ذكر أنه أشار بأطراف أصابعه عند ذكر القبص، كأنه يتناول بها، وعند ذكر القبض أشار بكفه كأنه يقبض بها. وانظر الحديث الآتي. (1) هو ابن المعتمر. (2) أي جمعته. انظر "لسان العرب" (6 / 192) . (3) الدَّوْسُ: هو وَطْءُ السنابل بالأقدام والدَّوَابّ ودقُّها حتى تتفتت ويخرج الحب منها. انظر "لسان العرب" (6 / 90) . (4) قال ابن منظور في "لسان العرب" (10 / 34) : ((قال الكسائي: الثَّفَارِيقُ: أقماع البُسْر، والثُّفروق: علاقة ما بين النواة والقمع، وروي عن مجاهد أنه قال - في قوله تعالى: {وآتوا حقه يوم حصاده} -، قال: يلقي لهم من الثَّفاريق =

جَذَذْتَهُ فَحَضَرَكَ الْمَسَاكِينُ فَاطْرَحْ لَهُمْ مِنْهُ، وَإِذَا جَمَعْتَهُ وَعَرَفْتَ كَيْلَهُ، فَاعْزِلْ زَكَاتَهُ. 924- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ (1) ، عَنْ جَعْفَرٍ (2) ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نهى

_ = والتمر. ابن شبل: العنقود إذا أُكل ما عليه فهو ثُفروق وعُمْشُوش، وأراد مجاهد بالثفاريق: العناقيد يُخرط ما عليها، فتبقى عليها التمرة والتمرتان والثلاث، يخطئها المخلب فتلقى للمساكين)) . اهـ. 923- سنده صحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 368) وعزاه للمصنِّف وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ والبيهقي. وقد أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (3 / 185 - 186) . وابن جرير في "تفسيره" (12 / 163 رقم 13992) . كلاهما من طريق جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ منصور، به نحوه. وقد رواه ابن جرير (12 / 163 - 165 برقم 13994 - 14000) من طرق أخرى عن منصور وعن مجاهد، مع اختلاف في الألفاظ واختصار. وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 115 / أ) من طريق سفيان الثوري عن منصور، وَابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ {وآتوا حقه يوم حصاده} قال: عند الدياس، وعند الحصاد، وعند الصرام يقبض لهم، فإذا كاله عزل زكاته. (1) هو الدَّرَاوَرْدي، تقدم في الحديث [69] أنه صدوق. (2) هو جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو عبد الله المدني، المعروف بـ: الصادق، ثقة؛ وثقه الشافعي وابن معين وأبو حاتم وغيرهم. انظر "تهذيب الكمال" (5 / 74 - 97) .

عن حصاد الليل وجدَادِه (1) .

_ (1) الجَدَادُ - بفتح الجيم وكسرها، والدال غير المنقوطة -: صِرَام النخل، وهو قطع ثمرتها، وإنما نُهي عن ذلك ليلاً لأجل المساكين حتى يحضروا في النهار فيُتصدق عليهم منه لقوله تبارك وتعالى: {وآتوا حقه يوم حصاده} ، فإذا فعل ذلك ليلاً فإنما هو فارٌّ من الصدقة، فنهي عنه لهذا، وقيل: بل نهي عنه لمكان الهوام أن لا تصيب الناس إذا حصدوا أو جَدُّوا ليلاً، والقول الأول أرجح. انظر "غريب الحديث" لأبي عبيد الهروي (3 / 7) ، و"النهاية" لابن الأثير (1 / 244) . 924- سنده ضعيف لإرساله. وذكره صاحب "كنز العمال" (15 / 540 رقم 42089) من رواية جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن جده، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ موصولاً، وعزاه للدورقي وأبي بكر الشافعي في "الغيلانيات" وابن منده في "غرائب شعبة". والحديث مداره على جعفر الصادق، واختُلف عليه. فرواه عبد العزيز بن محمد الدراوردي ومعمر ومروان بن معاوية الفزاري ويحيى بن سعيد القطان وسفيان بن عيينة، جميعهم عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ علي بن الحسين مرسلاً. أما رواية عبد العزيز بن محمد فهي التي أخرجها المصنِّف هنا. وأما رواية معمر فأخرجها عبد الرزاق في "المصنف" (4 / 147 رقم 7270) . وأما روايتا مروان الفزاري ويحيى القطان فأخرجهما أبو عبيد في "غريب الحديث" (3 / 7) . وأما رواية سفيان بن عيينة فأخرجها البيهقي في "سننه" (9 / 289 - 290) في كتاب الضحايا، باب التضحية في الليل من أيام منى. ورواه شعبة عن جعفر، واختُلف على شعبة. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = فرواه عمرو بن حكام، عنه، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أبيه، عن جده علي. أشار لهذه الرواية الدارقطني في "العلل" (3 / 104 رقم 306) . ولكن لا عبرة بهذه المخالفة، فعمرو بن حكام هذا ضعيف، قال البخاري: ((ليس بالقوي عندهم؛ ضعفه علي)) ، وقال أبو زرعة وأبو أحمد الحاكم: ((ليس بالقوي)) ، وذكره الساجي والعقيلي وابن شاهين في الضعفاء. انظر "لسان الميزان" (4 / 360 - 361) . ورواه الربيع بن يحيى، عن شعبة، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أبيه، عن جده ... ، فذكره. أخرجه البيهقي في "سننه" (4 / 133) في الزكاة، باب ما جاء في النهي عن الحصاد والجداد بالليل. وتابع الربيع على روايته عن شعبة هكذا: أبو حفص الأبّار واسمه عمر بن عبد الرحمن، إلا أنه قرن مع شعبة محمد بن إسحاق. أخرج هذه الرواية الدارقطني في الموضع السابق من "العلل" (3 / 104 - 105) . ويمكن الجمع بين روايتي شعبة وابن إسحاق وبين رواية الباقين الذين رووا الحديث عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ علي بن الحسين - كما تقدم -: بأن المقصود بـ: ((جده)) : على بن الحسين، فتتفق الروايات، ولا يشكل عليه ما أخرجه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" (12 / 372) من طريق داود بن رشيد، حدثنا أبو حفص الأبّار، عن محمد بن إسحاق وشعبة، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أبيه، عن جده - يعني الحسين - ... ، فذكره. لأن قوله: ((يعني الحسين)) تفسير من أحد الرواة أخطأ فيه، فيحتمل أن يكون داود بن رشيد الراوي عن أبي حفص الأبّار، أو مَنْ دونه؛ لأن الدارقطني =

925- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ؛ قَالَ: نا جَرِيرٌ (1) ، عَنْ لَيْثٍ (2) ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} - قال: سوى الزكاة.

_ = أخرجه - كما سبق - من طريق ابن منيع البغوي الإمام، عن أبي حفص، ولم يذكر هذا التفسير. وقد رواه وهيب بن خالد عن جعفر مثل رواية محمد بن إسحاق وشعبة، أشار لذلك البيهقي في "سننه" (4 / 133) . وقد رواه أيضًا سليمان بن بلال التيمي، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أبيه، عن جده عن علي. أشار الدارقطني لهذه المخالفة في الموضع السابق من "العلل" بقوله: ((فروي عن سليمان ... )) . ثم ذكر باقي الاختلاف الذي تقدم ذكره، ثم قال: ((ورواه أبو حفص الأبّار، عن شعبة، وابن إسحاق، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جده، ولم يذكر عليًّا. وكذلك رواه أصحاب جعفر، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جده علي بن الحسين مرسلاً، وهو الصواب)) . اهـ. (1) هو ابن عبد الحميد. (2) هو ابن أبي سُلَيْم، تقدم في الحديث [9] أنه صدوق اختلط جدًّا فلم يتميز حديثه فتُرك. 925- سنده ضعيف لضعف ليث بن أبي سليم، وهو صحيح لغيره كما سيأتي. وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (12 / 163 رقم 13993) من طريق سفيان بن وكيع، عن جرير بن عبد الحميد، به، إلا أنه قال: سوى الفريضة. =

926- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ؛ قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ بَيَان (1) ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: إِنَّ فِي المال (لحقًّا) (2) سوى الزكاة.

_ = وله طريق آخر. فأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص109 رقم 275) عن منصور بن المعتمر، عن مجاهد قال: يخرج شيئًا من السنبلة سوى زكاته، ثم يخرج زكاته بعد. وإسناده صحيح. وله طرق أخرى تقدم ذكرها في الأثر المتقدم برقم [923] من طريق منصور، عن مجاهد وسنده صحيح. (1) هو ابن بشر. (2) في الأصل: ((لحق)) . 926- سنده صحيح. وقد روي مرفوعًا ولا يصح. وبهذا السياق ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 369) وعزاه للمصنِّف وابن المنذر. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (3 / 342 رقم 2525) من طريق إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، سمعته يُسأل: هل على الرجل حق في ماله سوى الزكاة؟ قال: نعم، وتلا هذه الآية: {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة} . وذكر السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 416) هذا الأثر بنحو سياق الطبري، وعزاه لعبد بن حميد فقط. وقد رواه أبو حمزة ميمون الأعور، عن عامر الشعبي، عن فاطمة بنت قيس قالت: سألت - أو: سئل - النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن الزكاة فقال: ((إِنَّ فِي الْمَالِ لَحَقًّا سِوَى الزكاة)) ، ثم تلا هذه الآية: {ليس البر أن تولوا وجوهكم ... } الآية. =

927- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرٌ (1) ، عن مغيرة (2) ، عن

_ = أخرجه الدارمي في "سننه" (1 / 324 رقم 1644) . والترمذي في "جامعه" (3 / 39 - 40 رقم 659 - 660) في كتاب الزكاة، باب ما جاء أن في المال حقًّا سوى الزكاة. وابن جرير الطبري في "تفسيره" (3 / 342 و 343 رقم 2527 و 2530) . والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (2 / 27) . وابن عدي في "الكامل" (4 / 1328) . والدارقطني في "سننه" (2 / 125 رقم 11 و 12) . والبيهقي في "سننه" (4 / 84) في الزكاة، باب الدليل على أن من أدى فرض الله ... جميعهم من طريق شريك بن عبد الله القاضي، عن أبي حمزة، به، واللفظ للترمذي. قال الترمذي بعد أن رواه: ((هذا حديث ليس إسناده بذاك، وأبو حمزة ميمون الأعور يُضَعَّف. وروى بيان وإسماعيل بن سالم عن الشعبي هذا الحديث قوله، وهذا أصح)) . اهـ. وقال البيهقي عقبه: ((فهذا حديث يعرف بأبي حمزة ميمون الأعور، كوفي، وقد جرحه أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين فمن بعدهما من حفاظ الحديث)) . اهـ. (1) هو ابن عبد الحميد. (2) هو مغيرة بن مِقْسم الضَّبِّي، تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، ولكنه يدلِّس، لا سيما إذا روى عن إبراهيم النخعي، وهو يروي هنا عنه بواسطة، فلعل احتمال التدليس غير وارد هنا، ويتأكد هذا إذا علمنا أنه توبع كما سيأتي.

شِبَاك (1) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ (2) - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} - قَالَ: نَسَخَتْهَا الزَّكَاةُ الْعُشْرُ وَنِصْفُ العشر.

_ (1) هو شِبَاك - بكسر أوله، ثم موحدة خفيفة، ثم كاف - الضَّبِّي، الكوفي، الأعمى، ثقة كما في "التقريب" (ص263 رقم 2734) ، وقد وُصِف بالتدليس، لكن ذكره الحافظ ابن حجر في الطبقة الأولى من "طبقات المدلسين" (ص38 رقم 13) ، وهم من لم يوصف بالتدليس إلا نادرًا. (2) هو ابن يزيد النخعي. 927- سنده صحيح إن شاء الله. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (12 / 168 - 169 رقم 14024) من طريق جرير بن عبد الحميد، به بلفظ: كانوا يفعلون ذلك، حتى سُنّ العشر ونصف العشر، فلما سُنّ العشر ونصف العشر تُرك. ثم أخرجه ابن جرير أيضًا برقم (14030 و 14031) من طريق هشيم وسفيان بن عيينة، كلاهما عن مغيرة، به بلفظ: ((نسختها العشر ونصف العشر)) ، وفي لفظ هشيم زيادة. ورواه سفيان الثوري، عن مغيرة، لكن الراوية عنه أحيانًا بإسقاط شباك من الإسناد، وأحيانًا بإثباته. وروايته جاءت في "تفسيره" (ص109 رقم 274) بمثل اللفظ السابق. ومن طريقه رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (3 / 185) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" برقم (14025 و 14026 و 14027) . وتصحف اسم: ((شباك)) في "المصنف" إلى: ((سماك)) . وأخرجه البيهقي في "سننه" (4 / 132 - 133) في الزكاة، باب ما ورد في قوله تعالى: {وآتوا حقه يوم حصاده} ، من طريق إسرائيل، عن مغيرة، عن إبراهيم بإسقاط شباك من الإسناد. وقد تابع حماد بن أبي سليمان شِباكًا، فرواه عن إبراهيم أنه قال في هذه =

928- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ (1) ، عَنِ الْحَجَّاجِ (2) ، عَنِ الْحَكَمِ (3) ، عَنْ مِقْسم (4) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} - قال: العُشْر ونصف العشر.

_ = الآية: {وآتوا حقه يوم حصاده} : إنها منسوخة. أخرجه أبو يوسف القاضي في "كتاب الآثار" (ص91 رقم 444) . ومحمد بن الحسن الشيباني في "كتاب الآثار" أيضًا (ص63 رقم 313) . كلاهما من طريق أبي حنيفة، عن حماد، به. (1) هو محمد بن خازم الضرير. (2) هو ابن أرطأة، تقدم في الحديث [170] أنه صدوق كثير الخطأ والتدليس. (3) هو ابن عتيبة، تقدم في الحديثين [28 و 365] أنه ثقة ثبت فقيه، إلا أنه لم يسمع من مِقْسم سوى خمسة أحاديث، وليس هذا منها، وهو موصوف بالتدليس. (4) هو مولى ابن عباس. 928- سنده ضعيف جدًّا؛ لما تقدم من الكلام في رواية الحكم عن مقسم، ولما تقدم عن حجاج بن أرطأة، واضطرابه في هذا الحديث كما سيأتي. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 367) وعزاه للمصنِّف وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس والبيهقي في "سننه". وقد أخرجه يحيى بن آدم في "كتاب الخراج" (ص125 رقم 398) . ومن طريقه أخرجه حميد بن زنجويه في "الأموال" (2 / 794 رقم 1375) . والبيهقي في "سننه" (4 / 132) في الزكاة، باب ما ورد في قوله تعالى: =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = {وآتوا حقه يوم حصاده} . وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (3 / 186) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (12 / 161 و 168 رقم 13978 و 14020) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 115 / أ) . جميعهم من طريق أبي معاوية، به مثله. تنبيه: جاء في "كتاب الخراج" ليحيى بن آدم هكذا: ((حدثنا معاوية)) ، وصوابه: ((أبو معاوية)) كما في رواية ابن زنجويه والبيهقي للحديث من طريقه. وسقط ((الحكم)) من إسناد ابن زنجويه، والصواب إثباته في رواية أبي معاوية. وأخرجه أبو يوسف القاضي في "كتاب الخراج" (ص122 - 123 رقم 136) عن الحجاج بن أرطأة، به مثله. وأخرجه النحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص171) من طريق محمد بن سعيد، عن الحجاج، به مثله. فهؤلاء الثلاثة - أبو معاوية، وأبو سيف، ومحمد بن سعيد - رووه عن الحجاج بن أرطأة على هذا الوجه. وخالفهم حفص بن غياث ويزيد بن هارون وعبد الواحد بن زياد. أما حفص بن غياث، فرواه عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ ابن عباس، به هكذا بإسقاط مقسم من الإسناد. أخرجه يحيى بن آدم في "الخراج" (ص124 - 125 رقم 397) . وابن أبي شيبة في "المصنف" (3 / 185) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (12 / 368 رقم 14021) . وأما يزيد بن هارون، فرواه عن الحجاج، مثل رواية حفص؛ بإسقاط مقسم من الإسناد. =

929- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ (1) ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ (2) ، عَنْ عَطَاءٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} - قَالَ: شَيْءٌ يَسِيرُ سِوَى الزَّكَاةِ الْمَفْرُوضَةِ، وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ (3) ، يقول: هي الزكاة المفروضة.

_ = أخرجه أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" (ص33 رقم 43) . وأما عبد الواحد بن زياد، فرواه عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مجاهد عن ابن عباس، به هكذا بذكر مجاهد بدل مقسم. أخرجه ابن جرير الطبري أيضًا (12 / 158 رقم 13964) . وابن الجوزي في "الناسخ والمنسوخ" (ص332) . وقد رواه هانئ بن سعيد، عن حجاج، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ، عن ابن عباس. أخرجه ابن جرير أيضًا (13965) . فلست أدري هل هذا اختلاف آخر على حجاج، أو رواية أخرى؟ وسبب هذا الاختلاف والاضطراب هو حجاج نفسه؛ لما وصف به من كثرة الخطأ والتدليس. (1) تقدم في الحديث [9] أنه صدوق في روايته عن أهل بلده مخلِّط في غيرهم، وهذا الحديث من روايته عن ابن جريج وهو مكي. (2) هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، تقدم في الحديث [9] أنه ثقة فقيه فاضل، إلا أنه مدلس، ولم يصرح بالسماع هنا، لكنه صرح به في روايات أخرى كما سيأتي. (3) الذي يظهرأن القائل: ((وكان سعيد بن المسيب)) هو ابن جريج، ولم أجد من نص على أنه سمع من سعيد، وهو مدلس كما سبق، ولم يصرح بالسماع منه فيتوقف عن قبول روايته عنه، بل هناك ما يدل على أنه أخذه عن سعيد بواسطة، عن واسطة أخرى كما سيأتي. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = 929- سنده ضعيف عن عطاء وعن سعيد بن المسيب لما سبق، وهو عن عطاء صحيح لغيره. فقد أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (4 / 143 - 144 رقم 7263) عن شيخه ابن جريج قال: قلت لعطاء: ما {وآتوا حقه يوم حصاده} ؟ ... ، فذكره بمعناه مطولاً في محاورة جرت بينهما. وسنده صحيح. وبنحو ذلك أخرجه يحيى بن آدم في "كتاب الخراج" (ص129 رقم 417) من طريق عبد الله بن المبارك، وابن جرير الطبري في "تفسيره" (12 / 62 رقم 13988) من طريق محمد بن بكر، كلاهما عن ابن جريج. وتابع ابن جريج عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عن عطاء. أخرجه من طريقه يحيى بن آدم في "الخراج" (ص129 - 130رقم 416 و 418 و 420) . وحميد بن زنجويه في "الأموال" (2 / 795 رقم 1377) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (12 / 162 - 163 رقم 13986 و 13989 و 13990) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 115 / أ) . والبيهقي في "سننه" (4 / 132) في الزكاة، باب ما ورد في قوله تعالى: {وآتوا حقه يوم حصاده} . وابن الجوزي في "الناسخ والمنسوخ" (ص333 و 334) . وأما قول سعيد بن المسيب، فأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (4 / 145 رقم 7267) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (12 / 159 رقم 13969) . كلاهما من طريق ابن جريج، قال: أخبرنا أبو بكر بن عبد الله، عن عمرو =

930- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الْأَحْوَصِ (1) ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ (2) ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَنْ أدَّى زَكَاةَ مَالِهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَتَصَدَّقَ. 931- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو شِهَابٍ (3) ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللِّهِ الثَّقَفِيِّ (4) ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (5) ، عَنْ محمد بن علي (6) ، أنه

_ = ابن سليمان وغيره، عن ابن المسيب أنه قال: {وآتوا حقه يوم حصاده} قال: الصدقة المفروضة. وفي ((سنده)) شيخ ابن جريج أبو بكر بن عبد الله ولم أهتد إليه، وشيخه ((عمرو بن سليمان)) كما عند ابن جرير، أو: ((عمرو بن سليم)) كما عند عبد الرزاق، ولم أهتد إليه أيضًا، إلا أن يكون عمرو بن سليم بن خلدة الزُّرَقي، الأنصاري، المدني، فإنه هو الذي يروي عن سعيد بن المسيب كما في "تهذيب الكمال" (22 / 55 - 56) ، فإن كان هو، فهو ثقة، والله أعلم. (1) هو سلاّم بن سليم. (2) هو السبيعي عمرو بن عبد الله، تقدم في الحديث [1] أنه ثقة إلا إنه مدلس وتغير بآخره. 930- سنده رجاله ثقات، وفيه أبو إسحاق السبيعي وتقدم بيان حاله. وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (4 / 133) في الزكاة، باب ما ورد في قوله تعالى: {وآتوا حقه يوم حصاده} من طريق المصنِّف، به مثله. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (3 / 116 و 191) من طريق شيخه أبي الأحوص سلام بن سليم، به مثله. (3) هو عبد ربه بن نافع، أبو شهاب الحنّاط. (4) تقدم في الحديث [94] قول سعيد بن منصور ((نا هُشَيْمٌ، عَنِ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الثقفي ... )) ، وذكرت هناك أني لم أجد من يكنى =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = بهذه الكنية وينسب بهذه النسبة، لكن البيهقي بعد أن روى هذا الحديث في "السنن" - كما سيأتي - قال: ((محمد بن علي هذا هو ابن الحنفية، وأبو جعفر هو محمد بن علي بن الحسين، وكذلك رواه موسى بن إسماعيل عن أبي شهاب، ورواه علي بن مسلم عن أبي شهاب عن أبيض بن أبان، عن محمد بن علي - يعني - أبا جعفر -. اهـ. وفي ترجمة أبيض بن أبان في "الجرح والتعديل" (2 / 312 رقم 1169) ، قال ابن أبي حاتم: ((وروى أَبُو شِهَابٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرحمن، عن محمد بن علي، فلا ندري أبو عبد الرحمن هو أبيض أم لا؟ سمعت أبي يقول ذلك. سألت أبي عن أبيض بن أبان فقال: ليس عندنا بالقوي، يكتب حديثه، وهو شيخ)) . اهـ. وفي "التاريخ الكبير" للبخاري (2 / 60 رقم 1685) قال: ((وقال أبو شهاب عبد ربه: حدثنا أبيض بن أبان، عن محمد بن علي، عن ابن الحنفية، سمع عليًّا يقول: فرض الله عز وجل على الأغنياء ما يكفي الفقراء، قال لنا موسى: حدثنا أبو شهاب، أخبرني أبو عَبْدِ اللِّهِ الثَّقَفِيِّ، عَنْ أَبِي جعفر، سمع ابن الحنفية، سمع عليًّا، مثله)) . اهـ. فتبين مما سبق أن أبا شهاب يروي هذا الأثر مرة عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ، ومرة عن أبيض بن أبان، فيحتمل أن يكون أبيض بن أبان يكنى: أبا عبد الله، وأنه ثقفي، ويحتمل أن يكونا اثنين، ويحتمل أن يكون ذلك اضطرابًا من أبي شهاب، أو اختلافًا عليه، ولم يجزم البخاري ولا أبو حاتم ولا البيهقي بشيء؛ فدلّ هذا على أنه إما مجهول، أو ضعيف كما يظهر من جرح أبي حاتم له. وأما ما وقع في "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم في تكنيته: ((أبا عبد الرحمن)) بدل: ((أبي عبد الله)) ، فإما أن يكون خطأ وقع في النسخ، أو اختلاف آخر يؤكد جهالة الرجل، والله أعلم. =

سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ فِي أَمْوَالِهِمْ بِقَدْرِ مَا يَكْفِي فُقَرَاءَهُمْ، فَإِنْ جَاعُوا، أَوْ عُرُّوا، أَوْ جُهِدُوا فَبِمَنْعِ الْأَغْنِيَاءِ، وَحَقَّ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُحَاسِبَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيُعَذِّبَهُمْ عَلَيْهِ. [الْآيَةُ (142) : قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ} ] 932- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ؛ قَالَ: نَا هشيم، أنا مغيرة (1) ، عن

_ = (5 و 6) تقدم في كلام البيهقي ما يدل على أن أبا جعفر هو محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، المعروف بالباقر، وهو ثقة فاضل كما تقدم في الحديث [262] . وأما محمد بن علي شيخ أبي جعفر، فدل كلام البخاري والبيهقي على أنه محمد بن علي بن أبي طالب، المعروف بابن الحنفية، وهو ثقة عالم كما في "التقريب" (ص497 رقم 6157) . 931- سنده ضعيف لما تقدم عن حال أبي عبد الله الثقفي. وذكره صاحب "كنز العمال" (6 / 528 رقم 16840) بمثل ما هنا سواء، وعزاه للمصنِّف سعيد بن منصور وللبيهقي. وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (7 / 23 - 24) في الصدقات، باب لا وقت فيما يعطي الفقراء والمساكين إلى ما يخرجون به من الققر والمسكنة، من طريق المصنِّف، به. (1) هو ابن مقسم الضبِّي، تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه يدلس، لا سيما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه ولم يصرح فيها بالسماع.

إِبْرَاهِيمَ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {حَمُولَةً وَفَرْشًا} - قَالَ: الحَمُولَةُ: مَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا مِنَ الإِبل، والفَرْشُ: الصِّغَارُ. [الْآيَةُ (145) : قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: { [قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ ... } الْآيَةُ] 933- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ؛ قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: لَوْلَا هَذِهِ الآية: {أو دَمًا} ، لَاتَّبَعَ الْمُسْلِمُونَ مِنَ الْعُرُوقِ مَا تتبع منه اليهود.

_ 932- سنده ضعيف لما تقدم من الكلام في رواية مغيرة عن إبراهيم النخعي. 933- سنده صحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 373) وعزاه للمصنِّف وعبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ. وقد أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 220) من طريق شيخه سفيان بن عيينة، به مثله، إلا أن قال: ((ما اتبع اليهود)) . ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (12 / 193 رقم 14083) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 119 / أ) . وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (14082 و 14084) من طريقين آخرين عن سفيان، به. ثم أخرجه برقم (14089) من طريق مجاهد، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عكرمة، به نحوه.

[الْآيَةُ (151) : قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا تَقْرَبُوا الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} ] 934- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ؛ قَالَ: نا أَبُو مَعْشَرٍ (1) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ (2) - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} (3) - قَالَ: {مَا ظَهَرَ} : كَانُوا يَمْشُونَ حَوْلَ الْبَيْتِ عُرَاةً، {وَمَا بَطَنَ} الزنا.

_ (1) هو نجيح بن عبد الرحمن السندي، تقدم في الحديث [167] أنه ضعيف. (2) هناك اثنان ممن يقال له محمد بن قيس ويروي عنه أبو معشر نجيح السندي. الأول: هو محمد بن قيس المدني قاص عمر بن عبد العزيز، وهو ثقة. والثاني: محمد بن قيس مولى آل أبي سفيان بن حرب، ولعله الذي قال عنه ابن معين: ((ليس بشيء، لا يروى عنه)) . انظر "ميزان الاعتدال" (4 / 16 رقم 8091) . وقد حصل خلط بين الاثنين، ولذلك ترجم ابن حجر في "التقريب" (ص503 رقم 6245) لقاص عمر بن عبد العزيز وقال عنه: ((ثقة)) ، ثم ترجم برقم (6246) لمحمد بن قيس ولم ينسبه، وقال: ((شيخ لأبي معشر، من الرابعة، ضعيف، ووهم من خلطه بالذي قبله)) ، وانظر "الجرح والتعديل" (8 / 63 و 64 رقم 282 و 286) . (3) الآية (33) من سورة الأعراف، وإنما أتى المصنف بهذا الأثر هنا لمناسبته للآية (151) من سورة الأنعام. 934- سنده ضعيف لضعف أبي معشر.

[الْآيَةُ (153) : قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} ] 935- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ؛ قَالَ: نا حَمَّادُ [ل136/ب] بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَاصِمٍ (1) ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ (2) ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ (3) ، قَالَ: خَطَّ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطًّا، فَقَالَ: ((هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ)) ، ثُمَّ خَطَّ خُطُوطًا عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ فَقَالَ: ((وَهَذِهِ سُبُل، عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ)) ، ثُمَّ تَلَا {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} .

_ (1) هو ابن بَهْدَلة، تقدم في الحديث [17] أنه صدوق حسن الحديث. (2) هو شقيق بن سلمة. (3) أي: ابن مسعود. 935- سنده حسن لذاته لما تقدم عن حال عاصم، وهو صحيح لغيره بالطرق الآتية. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 385) وعزاه لأحمد وعبد بن حميد والنسائي والبزار وابن المنذر وابن ابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن مردويه والحاكم. وقد أخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده" (ص33 رقم 244) . والإمام أحمد في "المسند" (1 / 435) . والدارمي في "سننه" (1 / 60 رقم 208) . وابن أبي عاصم في "السنة" (1 / 13 رقم 17) . والبزار في "مسنده" (5 / 131 رقم 1718) . ومحمد بن نصر المروزي في "السنة" (ص5) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = والنسائي في "تفسيره" (1 / 485 رقم 194) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (12 / 230 رقم 14168) . والهيثم بن كليب في "مسنده" (2 / 48 - 51 رقم 535 و 536 و 537) . وابن حبان في "صحيحه" (1 / 180 - 181 رقم 6 و 7 / الإحسان) . والأجري في "الشريعة" (ص10) . والحاكم في "المستدرك" (2 / 318) . وأبو نعيم في "الحلية" (6 / 263) . جميعهم من طريق حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ عَاصِمِ، به. قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)) . وتابع حماد بن زيد على روايته كل من: عمرو بن أبي قيس، وأبي بكر بن عياش، فروياه عن عاصم. أما رواية عمرو بن أبي قيس فأخرجها ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 125 / أ) ، عنه، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عن ابن مسعود بنحوه. وأما رواية أبي بكر بن عياش، فأخرجها الإمام أحمد في "المسند" (1 / 465) من طريق شيخه أسود بن عامر، ثنا أبو بكر، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عن عبد الله ... ، فذكره بنحوه، هكذا موافقًا لروايتي حماد بن زيد وعمرو بن أبي قيس، عن عاصم. وأخرجه الحاكم (2 / 318) من طريق أحمد بن عبد الجبار، عن أبي بكر ابن عياش، عن عاصم، مقرونًا برواية حماد بن زيد، بما يوحي باتحاد سياقهما عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عن ابن مسعود. وخالف في ذلك أبو هاشم الرفاعي، وأحمد بن عبد الله بن يونس، ويحيى بن عبد الحميد الحماني، فرووه عن أبي بكر بن عياش، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرّ بْنِ حبيش، عن ابن مسعود. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = أما رواية أبي هاشم فأخرجها محمد بن نصر المروزي في "السنة" (ص5) ، والآجري في "الشريعة" (ص10) . وأما رواية أحمد بن عبد الله بن يونس فأخرجها النسائي في "تفسيره" (1 / 487 رقم 195) ، والحاكم في "المستدرك" (2 / 239) ، وصححه. وأما رواية يحيى الحماني فأخرجها ابن مردويه في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" (2 / 190) . وفي ظني أن هذا اضطراب من أبي بكر بن عياش، فإنه مع كونه ثقة عابدًا، إلا أنه لما كبر ساء حفظه، وأما كتابه فصحيح كما تقدم في الحديث رقم [16] ، وليس هناك ما يدل على أنه روى هذا الحديث من كتابه. وقد يكون لعاصم في هذا الحديث شيخان وهما أبو وائل وزر بن حبيش ولكن الاحتمال السابق أظهر فيما أرى. وبكل حال فرواية أبي بكر بن عياش إن لم تقوِّ الحديث فإنها لا تضره، كما قد يفهم من صنيع الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (2 / 190) . ويرجح رواية حماد بن زيد ومن وافقه: أن الحديث ورد من طريقين آخرين عن أبي وائل. فقد رواه منصور بن المعتمر وسليمان بن مهران الأعمش، كلاهما عن أبي وائل شقيق بن سلمة، عن ابن مسعود، به. أخرجهما البزار في "مسنده" (5 / 99 و 113 - 114 رقم 1677 و 1694) ، ثم قال: ((وهذا الحديث قد رواه غير واحد عن أبي وائل)) . وسندا هذين الطريقين صحيحان. وله طريق آخر عن ابن مسعود. أخرجه البزار في "مسنده" (5 / 251 رقم 1865) من طريق الربيع بن خثيم، عن ابن مسعود، به نحوه. =

[الآية (158) : قوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ المَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} 936- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ؛ قَالَ: نا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ الحَبْحَاب، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ (1) ، قَالَ (2) : قَرَأَ رَجُلٌ عِنْدَهُ (3) (هَذِهِ) (4) الْآيَةَ: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسٌ إِيمَانُهَا} (5) فَلَمْ يُغَيِّر، وَكَانَ لَا يُغَيِّرُ عَلَى أَحَدٍ قِرَاءَةً يَقْرَؤُهَا، ثُمَّ قَالَ هُوَ: {يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ} ، فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لِإِبْرَاهِيمَ (6) ، فَقَالَ: أَحْسَبُ صَاحِبَكُمْ قَدْ بَلَغَهُ أَمْرٌ أَوْ سَمِعَ: أَنَّ مَنْ كَفَرَ بِحَرْفٍ مِنْهُ فَقَدْ كَفَرَ بِهِ كلِّه.

_ = قال البزار: ((وهذا الكلام قد روي عن عبد الله من غير وجه نحوه أو قريبًا منه)) . وسنده صحيح أيضًا. (1) هو رُفَيْع بن مهران الرِّياحي، تقدم في الحديث [227] أنه ثقة. (2) القائل: شعيب بن الحبحاب. (3) أي: عند أبي العالية. (4) ما بين القوسين ليس في الأصل. (5) في الأصل بعد قوله تعالى: {إيمانها} كلمة لم أستطع استظهارها، والظاهر أنها: ((لم)) وشطب عليها. والسياق يدل على أن الرجل قرأ هذه الآية عند أبي العالية قراءة تختلف عن القراءة المعهودة، ولم أجد من ذكر أن في هذه الآية قراءة أخرى. (6) أي: النخعي. =

937- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الْأَحْوَصِ (1) ، قَالَ: نَا أَشْعَثُ بْنُ سُلَيم (2) ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَلَا هَلْ يَسْمَعُونَ أَنَّ التَّوْبَةَ مَبْسُوطَةٌ مَا لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ من مغربها؟

_ = 936- سنده صحيح. وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص213 رقم 14 - 54) . وابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 513 - 514 رقم 10185) . وابن جرير الطبري في مقدمة "تفسيره" (1 / 54 رقم 56) . والبيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 223 رقم 2077) . أما ابن أبي شيبة فمن طريق الثقفي، وأما الباقون فمن طريق إسماعيل بن إبراهيم بن علية، كلاهما عن شعيب بن الحبحاب، قال: كان أبو العالية إذا قرأ عنده رجل لم يقل: ليس كما يقرأ، وإنما يقول: أما أنا فأقرأ كذا وكذا. قال: فذكرت ذلك لإبراهيم النخعي فقال: أرى صاحبك قد سَمِعَ: أَنَّ مَنْ كَفَرَ بِحَرْفٍ مِنْهُ فَقَدْ كَفَرَ بِهِ كُلِّهِ. واللفظ لابن جرير، ولفظ الباقين نحوه. (1) هو سلام بن سُليم. (2) الأشعث بن سُلَيم هو ابن أبي الشَّعثَاء، المحاربي، الكوفي، ثقة روى له الجماعة، وتوفي سنة خمس وعشرين ومائة. انظر "التقريب" (ص113 رقم 526) . وهو هنا يروي عن ابن مسعود، وروايته عنه منقطعة، لأنه لم يدرك أحدًا من الصحابة، وإنما يروي عن التابعين. انظر "تهذيب الكمال" (3 / 271) . وسيأتي أنه روى هذا الحديث بواسطة أبيه عن ابن مسعود. 937- سنده ضعيف للانقطاع بين أشعث وعبد الله بن مسعود، والصواب أن أشعث بن سليم يرويه عن أبيه سُلَيم بن أسود بن حنظلة المحاربي، =

938- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ (1) ، عَنْ لَيْثٍ (2) ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا} -، قَالَ: طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا.

_ = الكوفي، عن ابن مسعود. أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 221) عن شيخه إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق، عن الأشعث بن أبي الشعثاء، عن أبيه، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - فِي قَوْلِهِ تعالى: {لا ينفع نفسًا إيمانها} الآية - قال: لا تزال التَّوْبَةَ مَبْسُوطَةٌ مَا لَمْ تَطْلُعِ الشمس من مغربها. وسنده صحيح، وأبو الشعثاء ثقة باتفاق، وهو من أصحاب ابن مسعود. انظر "تهذيب الكمال" (11 / 340 - 342) . ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (12 / 263 رقم 142139) . وأخرجه ابن جرير أيضًا (12 / 262 رقم 14234) من طريق سفيان بن وكيع، عن أبيه وكيع، عن إسرائيل وأبيه، عن أشعث بن أبي الشعثاء، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قال: التَّوْبَةَ مَبْسُوطَةٌ مَا لَمْ تَطْلُعِ الشمس من مغربها. (1) تقدم في الحديث [76] أنه صدوق اختلط في آخر عمره. (2) هو ابن سُلَيم، تقدم في الحديث [9] أنه صدوق اختلط جدًّا فلم يتميز حديثه فُترك. 938- سنده ضعيف لما تقدم عن حال خلف وليث، ولكنهما لم ينفردا به، بل هو صحيح عن مجاهد. وقد ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 389) وعزاه لعبد بن حميد فقط. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (12 / 245 و 263 رقم 14195 =

939- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ (1) ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - فِي قَوْلِهِ: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ} - قَالَ: طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا.

_ = 14240) من طريقين عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد، بمثله. وسنده صحيح، فرواية عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد للتفسير صحيحة كما سبق بيانه في الحديث [184] . وهو في "تفسير مجاهد" (ص228) من رواية عبد الرحمن بن الحسن القاضي، عن إبراهيم بن ديزيل، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح. (1) تقدم في الحديث [6] أنه صدوق. 939- سنده حسن لذاته وهو صحيح لغيره؛ لأن عبد الرحمن بن زياد لم ينفرد به. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 389) وعزاه للمصنِّف وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والطبراني. وقد أخرجه الطبراني في "الكبير" (9 / 237 رقم 9020) من طريق المصنِّف، به مثله. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (15 / 179 رقم 19444) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (12 / 259 و 260 و 261 رقم 14227 و 14228 و 14231) . كلاهما من طريق شعبة، به مثله. وقد رواه ابن أبي شيبة عن شيخه وكيع، عن شعبة. وهذا سند صحيح. ورواه عن شعبة أيضًا محمد بن جعفر غندر، ومحمد بن أبي عدي، عند ابن جرير الطبري.

940- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا (حَمَّادُ) (1) بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَاصِمٍ (2) ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْش، قَالَ: أَتَيْتُ صَفْوان بْنَ عَسَّال المُرادي، فَقَالَ لِي: مَا جَاءَ بِكَ؟ فَقُلْتُ: ابْتِغَاءَ الْعِلْمِ، فَقَالَ: أَمَا إِنَّهُ بَلَغَنِي: ((أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَفْعَلُ)) ، فَقُلْتُ: حَكَّ فِي نَفْسِي مِنَ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، فَهَلْ حَفِظْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا فِيهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، كُنَّا إِذَا سَافَرْنَا أُمرنا أَنْ لَا نَخْلع خِفَافَنا ثَلَاثًا، إِلَّا مِنْ جَنَابَةٍ، لَكِنْ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ. فَقُلْتُ: هَلْ حَفِظْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْهَوَى شَيْئًا؟ فَقَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، فَنَادَاهُ رَجُلٌ كَانَ فِي أُخْرَيَاتِ الْقَوْمِ بِصَوْتٍ لَهُ (جَهْوَري) (3) ، أعرابيٌّ جِلْفٌ (4) جافٍ (5) ، فَقَالَ لَهُ: يَا مُحَمَّدُ! فَقَالَ لَهُ الْقَوْمُ: مَهْ، فَإِنَّكَ قَدْ نُهِيتَ عَنْ هَذَا، فَأَجَابَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى نحوٍ مِنْ صَوْتِهِ: ((هَاؤُمُ - أَوْ هاؤٌ-)) ، فَقَالَ لَهُ: الرَّجُلُ يُحِبُّ قَوْمًا ولَمَّا يَلْحَقْ بِهِمْ؟ قَالَ: ((هُوَ مَعَ مَنْ أَحَبَّ)) قَالَ: زِرّ، فَمَا بَرَحَ يُحَدِّثُنِي حَتَّى حَدَّثَنِي أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جعل بالمغرب بابًا عرضه

_ (1) ما بين القوسين ليس في الأصل. (2) هو ابن بَهْدَلة، تقدم في الحديث [17] أنه صدوق حسن الحديث. (3) في الأصل: ((جَهْرَوي)) ، والتصويب من مصادر التخريج. والجَهْوَري: هو الشديد العالي. انظر "النهاية في غريب الحديث" (1 / 321) . (4) الجِلْفُ: هو الأحمق. انظر المرجع السابق (1 / 287) . (5) الجَفَاء: غِلَظُ الطبع. انظر المرجع السابق (1 / 281) .

سَبْعُونَ عَامًا لِلتَّوْبَةِ لَا يُغْلَقُ، مَا لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ مِنْ قِبَلِهِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ} - إلى قوله - {إنا منتظرون} .

_ 940- سنده حسن لذاته لما تقدم عن حال عاصم، وهو صحيح لغيره لأنه لم ينفرد به كما سيأتي. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 393) وعزاه للمصنِّف والطيالسي وأحمد وعبد بن حميد والترمذي والنسائي وابن ماجه والطبراني وابن المنذر وأبي الشيخ والبيهقي وابن مردويه. وقد أخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده" (ص160 - 161 رقم 1165 و 1166 و 1167 و 1168) مفرقًا. ومن طريقه أخرجه ابن حزم في "المحلى" (2 / 113) . وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 241) . والترمذي في "جامعه" (4 / 596 رقم 2387) في الزهد، باب ما جاء أن المرء مع من أحب، و (5 / 546 - 547 رقم 3536) في الدعوات، باب في فضل التوبة والاستغفار وما ذكر من رحمة الله لعباده. والنسائي في "التفسير" (1 / 490 - 491 رقم 198) . وابن خزيمة في "صحيحه" (1 / 13 - 14 رقم 17) . والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 82) . والطبراني في "المعجم الكبير" (8 / 70 رقم 7360) . وابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" (1 / 156 - 158 رقم 163 و 164) . جميعهم من طريق حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ عَاصِمِ، به. وقد رواه عن عاصم - سوى حماد بن زيد - عدد كثير، وقفت على رواية =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = واحد وأربعين منهم. فقد أخرجه الشافعي في "كتاب الأم" (1 / 29 - 30) . وعبد الرزاق في "المصنف" (1 / 205 - 206 رقم 795) . ومن طريقه الطبراني في "المعجم الكبير" (8 / 67 - 68 رقم 7353) . وأخرجه الحميدي في "مسنده" (2 / 388 - 390 رقم 881) . وابن أبي شيبة في "المصنف" (1 / 177 - 178) . وأبو خيثمة زهير بن حرب في "كتاب العلم" (ص110 رقم 5) . والإمام أحمد في "المسند" (4 / 240) . والترمذي في "جامعه" (5 / 545 - 546 رقم 3535) في الدعوات، باب في فضل التوبة والاستغفار. والنسائي في "سننه" (1 / 83 - 84) في الطهارة، باب التوقيت في المسح على الخفين. وابن خزيمة في "صحيحه" (1 / 13 - 14 رقم 17) . والطحاوي في "شرح المعاني والآثار" (1 / 82) . وابن حبان في "صحيحه" (4 / 149 - 150 رقم 1321 / الإحسان) . وأبو نعيم في "الحلية" (7 / 308) . والبيهقي في "سننه" (1 / 118 و 276) في الطهارة، باب الوضوء من النوم، وباب التوقيت في المسح على الخفين، وفي كتاب "المدخل إلى السنن" (ص251 رقم 349) . وابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" (1 / 159 رقم 167) . جميعهم من طريق سفيان بن عيينة، عن عاصم، به. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (1 / 204 - 205 رقم 793) ، وفي "تفسيره" (1 / 222) ، عن شيخه معمر، عن عاصم، به. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = من طريق عبد الرزاق أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 239 - 240) . وابن ماجه في "سننه" (1 / 82 رقم 226) في المقدمة، باب فضل العلم والحث على طلب العلم. وابن جرير الطبري في "تفسيره" (12 / 255 رقم 14216) . وابن خزيمة في "صحيحه" (1 / 97 رقم 193) . وابن حبان في "صحيحه" (4 / 147 - 148 رقم 1319 / الإحسان) . والطبراني في "المعجم الكبير" (8 / 66 - 68 رقم 7352 و 7353) . والآجري في "أخلاق العلماء" (ص34 رقم 46) . والدارقطني في "سننه" (1 / 196 - 197 رقم 15) . والبيهقي في "سننه" (1 / 282) في كتاب الطهارة، باب رخصة المسح لمن لبس الخفين على طهارة. وأخرجه عبد الرزاق أيضًا (1 / 204 رقم 792) . ومن طريقه الطبراني (8 / 66 رقم 7351) . وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 239) . والترمذي في "جامعه" (4 / 596 رقم 2387) في الزهد، باب ما جاء أن المرء مع من أحب. والنسائي في الموضع السابق من "سننه". وابن جرير (12 / 263 - 264 رقم 14242) . والخطيب في "تاريخه" (12 / 78) . جميعهم من طريق سفيان الثوري، عن عاصم، به مختصرًا. وأخرجه الطيالسي في "مسنده" (ص160 - 161 رقم 1165 و 1166 و 1167 و 1168) من طريق همام وشعبة وحماد بن سلمة مقرونًا برواية حماد بن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = زيد السابقة، جميعهم، عن عاصم، به. ومن طريق الطيالسي أخرجه ابن حزم في "المحلى" (2 / 113) . وأخرجه من طريق همام أيضًا الطبراني في "الكبير" (8 / 71 رقم 7361) . ومن طريق شعبة أخرجه أيضًا: النسائي في "سننه" (1 / 98) في الطهارة، باب الوضوء في الغائط والبول، وباب الوضوء من الغائط، والطبراني في "الكبير" (8 / 68 رقم 7355) ، وابن شاذان في "الفوائد المنتقاة" برقم (11) . ومن طريق حماد بن سلمة أخرجه أيضًا: الإمام أحمد في "المسند" (4 / 239 و 240) . والدارمي في "سننه" (1 / 85 رقم 363) . والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 82) . والطبراني في "المعجم الكبير" (8 / 69 - 70 رقم 7359) . والبيهقي في "المدخل" (ص252 رقم 350) . وابن عبد البر في "جامع بيان العلم" (1 / 156 - 157 و 159 رقم 163 و 166) . وباقي طرق الحديث الأخرى عن عاصم تجدها مخرجة عند: الترمذي في "جامعه" (1 / 159 - 160 رقم 96) في الطهارة، باب المسح على الخفين للمسافر والمقيم. وابن ماجه في "سننه" (2 / 1353رقم 4070) في الفتن، باب طلوع الشمس من مغربها. والنسائي في "سننه" (1 / 83 - 84) في الطهارة، باب التوقيت في المسح على الخفين. وابن جرير الطبري في "تفسيره" (12 / 250 و 251 و 255 رقم 14206 =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = و14208 و 14217 و 14218) . وابن حبان في "صحيحه" (4 / 149 رقم 1320 / الإحسان) . والطبراني في "المعجم الكبير" (8 / 68 - 80 رقم 7354 - 7388) ، وفي "الصغير" (1 / 91) . والبيهقي في "سننه" (1 / 114 - 115 و 289) في الطهارة، باب الوضوء من البول والغائط، وباب خلع الخفين وغسل الرجلين في الغسل من الجناية. والخطيب في "تاريخه" (9 / 222) ، وفي "الرحلة في طلب الحديث" (ص83 رقم 7) . وابن عبد البر في "جامع بيان العلم" (1 / 158 - 159 رقم 165) . قال الترمذي: ((هذا حديث حسن صحيح)) ، ونقل عن البخاري أنه قال: ((أحسن شيء في هذا الباب حديث صفوان بن عسال)) . وقال ابن عبد البر: ((حديث صفوان بن عسال هذا وقفه قوم عن عاصم، ورفعه عنه آخرون، وهو حديث صحيح حسن ثابت محفوظ مرفوع، ومثله لا يقال بالرأي)) . ولم ينفرد به عاصم، بل تابعه سبعة من الرواة، كلهم رووه عن زر بن حبيش. الأول: عبد الرحمن بن مرزوق، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ صفوان بن عسال، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - بذكر آخر الحديث: ((فتح الله عز وجل بابًا للتوبة ... )) الحديث. أخرجه البخاري في "تاريخه الكبير" (4 / 304 - 305) ، وأعله بقوله: ((لا يعرف سماع عبد الرحمن من زر)) . الثاني: زبيد اليامي، عن زر، به. أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (12 / 250 رقم 14207) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = والطبراني في "المعجم الكبير" (8 / 64 - 65 رقم 7348) . الثالث: حبيب بن أبي ثابت، عن زر، به. أخرجه الطبراني أيضًا (8 / 65 - 66 رقم 7350) من طريق عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي الْمُخَارِقِ، عن حبيب، به. وسنده ضعيف لضعف عبد الكريم كما تقدم في الحديث [28] . الرابع: عيسى بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عن زر، به. أخرجه الطبراني أيضًا (8 / 82 - 83 رقم 7394 و 7395) . قال الهيثمي في "المجمع" (5 / 85) : ((وفيه إسحاق بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فروة وهو متروك)) . الخامس: طلحة بن مُصَرِّف، أن زِرّ بن حبيش أتى صفوان بن عَسَّال فقال: ما غدا بك ... ، الحديث. أخرجه الطبراني في "الكبير" (8 / 65 رقم 7349) ، و"الصغير" (1 / 73) . والحاكم في "المستدرك" (1 / 101) . كلاهما من طريق أبي جناب الكلبي، عن طلحة، به. وسنده ضعيف، لأن أبا جناب الكلبي واسمه يحيى بن أبي حيَّة ضعيف، انظر ترجمته في "تهذيب الكمال" (31 / 284 - 290) . ومع ضعفه فإنه قد خالف الآخرين في إرسال الحديث كما يتضح من الرواية، حيث جعله من رواية طلحة، أن زر بن حبيش أتى صفوان ... وذكر الحاكم مخالفة أخرى وأقرّه عليها الذهبي، وهي: جعله الحديث موقوفًا، ولكن الحاكم لم يسق الحديث بتمامه، وساق الطبراني أكثره، وفيه رفع ما هو مرفوع. قال الحاكم: ((وقد أوقفه أبو جناب الكلبي، عن طلحة بن مصرف، عن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = زر بن حبيش، وأبو جناب ممن لا يحتج بروايته في هذا الكتاب)) . السادس: عبد الوهاب بن بخت، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ صفوان بن عسال المرادي، به بذكر بسط الملائكة أجنحتها فقط، ولم يذكر باقيه. أخرجه الحاكم في "المستدرك" (1 / 100) ، ثم قال: ((هذا إسناد صحيح، فإن عبد الوهاب بن بخت من ثقات البصريين وأثباتهم، ممن يجمع حديثه، وقد احتجا به، ولم يخرجا هذا الحديث، ومدار هذا الحديث على حديث عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ زِرِّ، وقد أعرضا عنه بالكلية، وله عن زر بن حبيش شهود ثقات غير عاصم بن بهدلة)) ، وأقره الذهبي. السابع: الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ زِرِّ، به. أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 82) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (8 / 63 - 64 رقم 7347) ، والآجري في "أخلاق العلماء" (ص33 رقم 45) ، والحاكم في "المستدرك" (1 / 100 و 101) ، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم" (1 / 155 رقم 162) ، جميعهم من طريق الصَّعْق بن حزن، عن علي بن الحكم، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ زرِّ بن حبيش، ثم اختلف الرواة عن الصعق بعد هذا، فعند الطحاوي رواه عن الصعق عبد الرحمن بن المبارك، وقال: ((عن زر بن حبيش الأسدي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قال: كنت جالسًا عند النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فجاء رجل من مراد يقال له: صفوان بن عسال ... )) ، فذكر سؤال صفوان عن المسح على الخفين. وعند الحاكم وابن عبد البر رواه عن الصعق محمد بن الفضل، ولقبه عارم، فقال: ((عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ: جاء رجل من مراد يقال له صفوان بن عسال إلى رسول الله ... )) فذكر الحديث هكذا مرسلاً. وعند الطبراني والحاكم رواه عن الصعق شيبان بن فرُّوخ، فقال: ((عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: حدّث صفوان بن عسال =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = المرادي، قال: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - ... )) فذكر الحديث. وأما عند الآجري فرواه عن شيبان أبو جعفر أحمد بن يحيى الحلواني، فقال: ((عن زر بن حبيش، أخبرنا صفوان بن عسال المرادي، قال: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - ... )) الحديث. وهذا خطأ من الحلواني أو من دونه، فإن جميع الذين رووه عن شيبان رووه على الوجه المتقدم. قال الخطيب البغدادي: ((ذكر عَبْدُ اللِّهِ بْنُ مَسْعُودٍ فِي هذا الإسناد زيادة غير صحيحة؛ لأن زرًا سمعه من صفوان نفسه، كذلك رواه عاصم بن أبي النجود وحبيب بن أبي ثابت وزبيد بن الحارث اليامي ومحمد بن سوقة وأبو سعد البقال، عن زر بن حبيش)) . ذكره المزي في "تحفة الأشراف" (4 / 194) . وعلق الحافظ ابن حجر في "النكت الظراف" (4 / 193 - 194) على نقل المزي عن الخطيب بقوله: ((قلت: قال ابن السكن في "كتاب الصحابة": لم يتابع الصعق بن حزن عليه. وقد روى حديث صفوان بن عسال بطوله في قصة المسح على الخفين، وقصة التوبة، والمرء مع من أحب، وفضل طلب العلم: عاصم، عن زرّ، عنه. ورواه عن عاصم أكثر من ثلاثين من الأئمة، منهم السفيانان والحمادان ... ، وسردهم. قال: ورواه عن زر مع عاصم: حبيب بن أبي ثابت وزبيد اليامي وإسماعيل بن أبي خالد ومحمد بن سوقة وطلحة بن مصرف وعلي [الصواب: وعيسى] بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى وأبو سعد البقال وعبد الكريم أبو أمية وعبد الوهاب بن بخت، وغيرهم. وروى سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ عبد الرحمن بن مرزوق، عن زر، ولا نعرف سماعه منه)) . اهـ. وقال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (1 / 278) : ((ذكره ابن منده أبو القاسم أنه رواه عن عاصم أكثر من أربعين نفسًا، وتابع عاصمًا عليه عبد الوهاب =

[الْآيَةَ (159) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} 941- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حبَّان بن علي (1) ، عن مُجَالد

_ = ابن بخت وإسماعيل بن أبي خالد وطلحة بن مصرِّف والمنهال بن عمرو ومحمد بن سوقه، وذكر جماعة معه، ومراده أصل الحديث، لأنه في الأصل طويل مشتمل على التوبة، والمرء من أحب، وغير ذلك. لكن حديث طلحة عند الطبراني بإسناد لا بأس به، وقد روى الطبراني أيضًا حديث المسح من طريق عبد الكريم أبي أمية، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عن زر، وعبد الكريم ضعيف. ورواه البيهقي من طريق أبي روق، عن أبي الغريف، عن صفوان بن عسال، ولفظه: ((ليمسح أحدكم إذا كان مسافرًا على خفيه إذا أدخلهما طاهرتين ثلاثة أيام ولياليهن، وليمسح المقيم يومًا وليلة)) . اهـ. قلت: هذه المتابعة من أبي الغريف لزرّ بن حبيش هي عند البيهقي كما قال الحافظ (1 / 276 و 282) في كتاب الطهارة من "سننه"، باب التوقيت في المسح على الخفين، وباب رخصة المسح لمن لبس الخفين على طهارة. وأخرجه هذه المتابعة من هو أقدم من البيهقي. فقد أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 240 - 241) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 82) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (8 / 84 رقم 7397) . جميعهم من طريق أبي روق عطية بن الحارث، عن أبي الغريف عبيد الله بن خليفة، عن صفوان بن عسال، به، والله أعلم. (1) تقدم في الحديث [820] أنه ضعيف.

ابن سَعِيدٍ (1) ، (قَالَ) (2) : بَكَى مُرَّة الْهَمْدَانِيُّ (3) ، فَقِيلَ لَهُ: مَا يُبْكِيكَ؟ فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْكُمْ بَرِيءُ؛ إِنِّي أَسْمَعُ اللَّهَ يَقُولُ: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} ، (فَأَخَافُ) (4) أَنْ لَا يَكُونَ اللَّهُ منا في شيء.

_ (1) هو مجالد بن سعيد بن عمير الهَمْداني، أبو عمرو الكوفي، ليس بالقوي، وقد تغيَّر في آخر عمره. "التقريب" (ص520 رقم 6478) . (2) ما بين القوسين ليس في الأصل، وهي زيادة يقتضيها السياق. (3) هو مُرَّة بن شراحيل، ويقال: مرة الطيب، ويقال: مرة الخير، تقدم في الحديث [1] . (4) في الأصل: ((فلا أخاف)) . 941- سنده ضعيف لضعف حبان ومجالد. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 403) وعزاه لابن أبي حاتم فقط. وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (12 / 272 - 273 رقم 14270) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 128 / ب) . وأبو نعيم في "الحلية" (4 / 163) . ثلاثتهم من طريق أبي بدر شجاع بن الوليد، عن عمرو بن قيس الملائي، عن مرة الطيب قال: ليتق امرؤ أن لا يكون مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - في شيء، ثم قرأ: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} . وفي سنده انقطاع بين عمرو بن قيس ومرة الطيب، أعله بذلك محقق ((تفسير الطبري)) ، وهو إعلال في محلّه؛ لأن مرة توفي قديمًا سنة ست وسبعين للهجرة كما تقدم في الحديث [1] ، وعمرو بن قيس الملائي توفي سنة ست وأربعين كما في الحديث [135] ، فالفرق بين وفاتيهما سبعون سنة.

سورة الأعراف

باب تفسير سورة الأعراف تفسير سورة الأعراف [الآيتان (8 و 9) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ (8) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآَيَاتِنَا يَظْلِمُونَ} ] 942- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المَرْزُبان (1) ، عَنْ (عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ) (2) عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَابِطٍ، قَالَ: لَمَّا بَلَغَ النَّاسَ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ يُرِيدُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ عُمَرَ، قَالُوا: مَاذَا يَقُولُ لِرَبِّهِ إِذَا لَقِيَهُ؟ اسْتَخْلَفَ عَلَيْنَا فَظًّا غَلِيظًا وَهُوَ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ، فَكَيْفَ لَوْ قَدَرَ؟ فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ: أَبِرَبِّي تُخوِّفُوني؟ أَقُولُ: استخلفتُ خَيْرَ أَهْلِكَ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ فَقَالَ: إِنَّ لله عملاً بالليل

_ (1) هو سعيد بن المَرْزُبان العبسي، مولاهم، أبو سعد البقّال، الكوفي، الأعور، ضعيف مدلِّس. ((التقريب)) (ص241 / رقم2389) . (2) ما بين القوسين سقط من الأصل ولابد منه؛ إذ ليس في الرواة - حسب بحثي - من يقال له: عبد الله بن سابط، ويدل على وجود السقط أن الحديث أخرجه أبو نعيم كما سيأتي فقال: ((عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بن سابط)) ، وعبد الرحمن هذا ثقة كما تقدم في ترجمته في الحديث [812] ، ولكنه هنا يروي عن أبي بكر وعمر ولم يسمع منهما. انظر: ((المراسيل)) لابن أبي حاتم (ص127 - 128) ، و ((الجرح والتعديل)) (5 / 240 / رقم 1137) ، و ((العلل)) للدراقطني (1 / 282) .

لَا يَقْبَلُهُ بِالنَّهَارِ، وَعَمَلًا بِالنَّهَارِ، لَا يَقْبَلُهُ بِاللَّيْلِ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَنْ تُقبل نافلةٌ حَتَّى تؤدُّوا الْفَرِيضَةَ، أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ ذَكَرَ أَهْلَ الْجَنَّةِ فَذَكَرَهُمْ بِأَحْسَنِ أَعْمَالِهِمْ، وَذَلِكَ أَنَّهُ تَجَاوَزَ عَنْ سَيِّئَةٍ (1) حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ: أنَّى يَبْلُغُ عَمَلِي هَذَا؟ أَلَمْ تَرَ أن [ل137/أ] اللَّهَ حِينَ ذَكَرَ أَهْلَ النَّارِ فَذَكَرَهُمْ بِأَسْوَأِ أَعْمَالِهِمْ، وَذَلِكَ أَنَّهُ رَدَّ عَلَيْهِمْ حَسَنَةً (2) فَلَمْ تُقْبَلْ مِنْهُمْ حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ: عَمَلِي خَيْرٌ مِنْ هَذَا؟ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الرَّغْبَةَ وَالرَّهْبَةَ لِكَيْ يُرْهِبَ الْمُؤْمِنَ فَيَعْمَلَ، وَكَيْ يُرَغِّبَ فَلَا يُلْقِي بِيَدَيْهِ إِلَى التَّهْلُكَةِ؟ أَلَمْ تَرَ أَنَّ مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُمْ بِاتِّبَاعِهِمُ الْحَقَّ وَتَرْكِهِمُ الْبَاطِلَ، فَثَقُلَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، وَحُقَّ لِمِيزَانٍ أَنْ لَا يُوضَعَ فِيهِ إِلَّا الْحَقُّ أَنْ يَثْقُلَ؟ أَلَمْ تَرَ أَنَّ مَا خَفَّتْ مَوَازِينُ مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (إِلَّا) (3) بِاتِّبَاعِهِمُ الْبَاطِلَ وَتَرْكِهِمُ الْحَقَّ، وَحُقَّ لِمِيزَانٍ أَنْ لَا يُوضَعَ فِيهِ إِلَّا الْبَاطِلُ أَنْ يَخِفَّ؟ ثُمَّ قَالَ: أَمَا إِنْ حَفِظْتَ وَصِيَّتِي لَمْ يَكُنْ غَائِبٌ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنَ الْمَوْتِ وَأَنْتَ لَا بُدَّ لَاقِيهِ، وَإِنْ أَنْتَ ضَيَّعْتَ وَصِيَّتِي لَمْ يَكُنْ غَائِبٌ أَبْغَضَ إِلَيْكَ مِنَ الْمَوْتِ ولا تعجزه.

_ (1) كذا بالأصل. (2) كذا بالأصل. (3) ما بين القوسين ليس في الأصل، وهي زيادة يقتضيها السياق. 942- سنده ضعيف لإرساله، وأما سعيد بن المرزبان فإنه قد توبع. فقد أخرجه أبو نعيم في ((الحلية)) (1 / 36 - 37) ، وفي ((معرفة الصحابة)) (1 / 183 - 184) من طريق فطر بن خليفة، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الله بن سابط به نحوه. وذكره المحب الطبري في ((الرياض النضرة)) (1 / 259 - 260) بنحوه ولم =

[الْآيَةُ (24) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} 943- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا الْحَسَنُ بْنُ يَزِيدَ (1) ، عَنِ السُّدِّي (2) - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ (3) وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} - قال: آدم وحواء والحيَّة، حيث ما أَدْرَكَهَا ابْنُ آدَمَ قَتَلَهَا، وَحَيْثُمَا أَدْرَكَتِ ابْنَ آدَمَ أَخَذَتْ بِعَضُدِهِ.

_ = يعزه لأحد. ولبعضه شاهد أخرجه ابن سعد من طريقين عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت: لما ثقل أبي دخل عليه فلان وفلان فقالوا: يا خليفة رسول الله! ماذا تقول لربك إذا قدمت عليه غدًا وقد استخلفت علينا ابن الخطاب؟ فقال: أجلسوني، أبالله تُرهبوني؟ أقول: استخلفت عليهم خيرهم. وفي كل من الطريقين ضعف يسير، ينجبر بهاتين المتابعتين، فهو حسن لغيره، والله أعلم. (1) هو الأَصَمّ، تقدم في الحديث [186] أنه ثقة. (2) هو إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. (3) فِي الأصل: {اهبطا منها جميعًا بعضكم لبعض عدو} . 943- سنده صحيح عن السُّدِّي، وقد رواه عن ابن عباس بواسطة، ولا يصح كما سيأتي. فقد أخرجه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (12 / 358 / رقم 14413) من طريق أسباط، عن السدي: {اهبطوا بعضكم لبعض عدو} قال: فلعن الحيّة =

[الْآيَةُ (28) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللهَ لَا يَأْمُرُ بِالفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} ] 944- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرٌ (1) ، عَنْ مَنْصُورٍ (2) ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللهُ أَمَرَنَا بِهَا} -، قَالَ: كَانُوا يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ عُرَاةً.

_ = وقطع قوائمها، وتركها تمشي على بطنها، وجعل رزقها من التراب، وأهبطوا إلى الأرض: آدم وحواء وإبليس والحيّة. وأخرجه ابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (3 / 138 / ب) من طريق إسرائيل، عن إسماعيل السدي، حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يقول: {اهبطوا بعضكم لبعض عدو} ، قال: آدم وحواء وإبليس والحيّة. وسنده ضعيف لإبهام الواسطة بين السدي وابن عباس. (1) هو ابن عبد الحميد. (2) هو ابن المعتمر. 944- سنده صحيح. وذكره السيوطي في ((الدر المنثور)) (3 / 436) وعزاه لابن جرير وابن أبي حاتم. وقد أخرجه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (12 / 378 / رقم 14463) . وابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (3 / ل 139 / ب) . كلاهما من طريق جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ منصور، به. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (14462 و 14464) من طريقين آخرين عن منصور، وبرقم (14467 و 14468) من طريقين آخرين عن مجاهد.

[الْآيَةُ (30) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} ] 945- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانة (1) ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ (2) ، عَنْ مَنْ، سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، ذَكَرَ القدريَّة، فَقَالَ: قَاتَلَهُمُ اللَّهُ، أَلَيْسَ قَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وجل: {بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ. فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ} ؟ [الْآيَةُ (31) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ المُسْرِفِينَ} ] 946- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرٌ (3) ، عن مغيرة (4) ، عن

_ (1) هو وضّاح بن عبد الله. (2) تقدم في الحديث [6] أنه ثقة، إلا أنه اختلط في آخر عمره، والراوي عنه هنا هو أبو عوانة وضّاح بن عبد الله اليشكري ولم أجد من نص على أنه ممن روى عن قبل الاختلاط. 945- سنده ضعيف لما تقدم عن حال عطاء بن السائب، ولإبهام الواسطة بينه وبين ابن عباس. (3) هو ابن عبد الحميد. (4) هو ابن مقسم الضَّبِّي، تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه يدلِّس، لا سيما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه. 946- سنده ضعيف لما تقدم عن رواية مغيرة عن إبراهيم النخعي. =

إِبْرَاهِيمَ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} - قَالَ: كَانُوا يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ عُرَاةً، فَأُمِرُوا أَنْ يَلْبِسُوا ثِيَابَهُمْ. 947- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو (1) ، عَنْ طَاوُسٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} - قَالَ: الثِّيَابُ. [الْآيَةُ (40) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الجَمَلُ فِي سَمِّ الخِيَاطِ} ] 948- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ (2) ، عَنْ مُغِيرَةَ (3) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ (4) ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ {حتى يلج الجمل} ،

_ = وأخرجه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (12 / 391 / رقم 14512 و 14513) من طريق جرير وهشيم، كلاهما عن مغيرة، به. (1) هو ابن دينار. 947- سنده صحيح. وأخرجه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (12 / 392 / رقم 14520) من طريق سفيان بن وكيع، عن سفيان بن عيينة، به مثله. (2) هو ابن بشير، تقدم في الحديث [8] أنه ثقة ثبت، إلا أنه يدلس، ولم يصرح بالسماع هنا، ولكنه لم ينفرد به كما سيأتي. (3) هو ابن مقسم، سبق التنبيه في الحديث قبل السابق على أن روايته عن إبراهيم النخعي ضعيفة إذا كانت بالعنعنة لأنه مدلس. (4) هو النخعي، لم يسمع من ابن مسعود، لكن بعض العلماء صححوا مراسيله عن ابن مسعود كما سبق بيانه في الحديث [3] .

قَالَ: زَوْجُ النَّاقَةِ. 949- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ (1) ، عَنْ مُغِيرَةَ (2) ، عن

_ = 948 - سنده ضعيف لما تقدم عن رواية مغيرة عن إبراهيم، وهو صحيح لغيره لأن مغيرة قد توبع. وذكره السيوطي في ((الدر المنثور)) (3 / 456) وعزاه للمصنِّف والفريابي وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبي الشيخ والطبراني في ((الكبير)) . وقد أخرجه الطبراني في ((المعجم الكبير)) (9 / 151 / رقم 8691) من طريق المصنِّف سعيد بن منصور، به مثله. وأخرجه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (12 / 428 / رقم 14620 و 14621) من طريق هشيم، عن مغيرة، به مثله. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (14617) من طريق فضيل بن عياض عن مغيرة، به بلفظ: الجمل ابن الناقة، أو: زوج الناقة. وأخرجه عبد الرزاق في ((تفسيره)) (1 / 229) . ومن طريقه وطريقين آخرين أخرجه ابن جرير أيضًا برقم (14618 و 14619 و 14628) . كلاهما من طريق سفيان الثوري، عن أبي حَصين، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ مسعود، به. وسنده صحيح، وأبو حَصين: اسمه عثمان بن عاصم، تقدم في الحديث [4] أنه ثقة ثبت. (1) هو ابن بشير، تقدم في الحديث [8] أنه ثقة ثبت كثير التدليس، ولم يصرِّح بالسماع هنا، لكنه لم ينفرد به كما سيأتي. (2) هو ابن مقسم، تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، لكنه يدلس، ولم يصرح بالسماع هنا.

مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {حَتَّى يَلِجَ الجُمَّلُ} (1) قَالَ: حِبَالُ السُّفُنِ هَذِهِ القُلُوس (2) .

_ = (1) قال ابن جرير الطبري في "تفسيره" (12 / 428 - 434) : ((وأما القَرَأَةُ من جميع الأمصار فإنها ... أجمعت على قراءة: (الجَمَلُ) - بفتح الجيم والميم، وتخفيف ذلك. وأما ابن عباس وسعيد بن جبير فإنه حكي عنه أنهم كانوا يقرؤون ذلك: (الجُمَّلُ) بضم الجيم وتشديد الميم، على اختلاف في ذلك عن سعيد وابن عباس. فأما الذين قرؤوه بالفتح من الحرفين والتخفيف؛ فإنه وجّهوا تأويله إلى الجَمَل المعروف وكذلك فسروه ... وأما الذين خالفوا هذه القراءة فإنهم اختلفوا. فروي عن ابن عباس في ذلك روايتان: إحدهما الموافقة لهذه القراءة وهذا التأويل ... )) ، ثم ذكر عن ابن عباس ما يوافق قول ابن عباس من أنه الجمل ذو القوائم، ثم ذكر عنه الرواية الأخرى التي هنا، وكذا سعيد بن جبير، وعن عكرمة رواية واحدة، ثم قال: ((والصواب من القراءة في ذلك عندنا: ما عليه قَرَأَةُ الأمصار، وهو: {حَتَّى يَلِجَ الجَمَلُ فِي سَمِّ الخياط} - بفتح الجيم والميم - من الجَمَل وتخفيفها ... ؛ لأنها القراءة المستفيضة في قَرَأَة الأمصار، وغير جائز مخالفة ما جاءت به الحجة متفقة عليه من القراءة)) . اهـ. (2) الجُمَّلُ هي الحبال الغليظة المجموعة، يجمع بعضها إلى بعض حتى تكون كأوساط الرجل، وهي التي تستعمل للسفن وتسَمَّى: القُلُوس، واحدها قَلْس، قال الأزهري: ((كأن الجمل الغليظ سمي جِمَالة، لأنها قوى كثيرة جمعت فأُجملت جملة)) . انظر "لسان العرب" (11 / 123 - 124) . 949- سنده ضعيف لما تقدم عن حال هشيم ومغيرة في التدليس، ولكنهما لم ينفردا به كما سيأتي، فهو حسن لغيره من طريق مجاهد، وصحيح لغيره عن ابن عباس. =

950- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ (1) ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ يَقْرَأُ: {حَتَّى يَلِجَ الجُمَّلُ} ، قَالَ: حِبَالُ السُّفُنِ. 951- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ (2) ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ مسعود، قال: زوج الناقة.

_ = وقد ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 456) وعزاه للمصنِّف وعبد بن حميد وأبي عبيد وابن جرير وابن المنذر وابن الأنباري في "المصاحف" وأبي الشيخ. وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (12 / 431 و 432 رقم 14638 و 14639 و 14641) من طريق هشيم وفضيل بن عياض وجرير بن عبد الحميد ثلاثتهم عن مغيرة، به. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (14636) من طريق شيخه يحيى بن طلحة اليربوعي، قال: حدثنا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عن مجاهد - في قوله: {حَتَّى يَلِجَ الجُمَّلُ فِي سَمِّ الخياط} قال: هو قَلْسُ السفينة. وفي سنده شيخ ابن جرير، وهو: يحيى بن طلحة بن أبي كثير اليربوعي، الكوفي، وهو ليِّن الحديث. "التقريب" (ص592 رقم 7573) . فالحديث بمجموع الطريقين حسن لغيره، عن ابن عباس بالطريق الآتية برقم [952] ، وانظر أيضًا الحديث الآتي. (1) هو عمرو بن ثابت بن هرمز، تقدم في الحديث [179] أنه متروك رافضي. 950- سنده ضعيف جدًّا لما تقدم عن حال عمرو بن ثابت، ولكنه صحيح من غير طريقه، فانظر الحديث السابق والآتي برقم [952] . (2) تقدم في الحديث السابق أنه متروك رافضي. =

952- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاء، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {الجُمَّل} . 953- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عُمَرُ بْنُ سَالِمٍ الأَفْطَس (1) ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {الجُمَلُ} (2) ، يَعْنِي حَبْلَ سفينةٍ غليظًا.

_ 951- سنده ضعيف جدًّا كسابقه؛ لأجل عمرو بن ثابت، وهو صحيح من غير طريقه كما تقدم بيانه في الحديث [948] . 952- سنده صحيح، وتقدم من طريق أخرى برقم [949 و 950] . وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص172 رقم 45 - 50) من طريق الزبير بن خِرِّيت، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {حَتَّى يَلِجَ الجُمَّلُ في سم الخياط} ، قال: القَلْسُ من قلوس البحر. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (12 / 431 رقم 14637 و 14640) من طريق حنظلة السدوسي، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {حَتَّى يَلِجَ الجُمَّلُ فِي سَمِّ الخياط} ، قال: الحبل الغليظ. (1) هو عمر بن سالم بن عجلان الأَفْطَس الجزري، مولى بني أمية، مقبول. ((تقريب التهذيب)) (ص412 رقم 4899) . ولم يذكر في ترجمته في ((تهذيب الكمال)) (21 / 352 - 353) أن سعيد بن منصور ممن روى عنه، فيستفاد من هذه الرواية روايته عنه. (2) لم تضبط القراءة في الأصل، وإنما ضبطتها من الموضع الآتي من "تفسير ابن جرير الطبري". 953- سنده ضعيف لما تقدم عن حال عمر بن سالم الأفطس، ومخالفتها ما ثبت عن سعيد بن جبير. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (12 / 432 رقم 14643) من =

[الآية (46 - 50) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ ... } إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ} ] 954- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مَعْشَرٍ (1) ، عَنْ يَحْيَى بْنِ شِبْلٍ (2) ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المزني (3) ، (عن أبيه) (4) ، قال:

_ = طريق يحيى بن واضح، عن عمر بن سالم بن عجلان الأفطس قال: قرأت على أبي: {حتى يلج الجُمَّل} ، فقال: {حتى يلج الجُمَل} خفيفة، هو حبل السفينة، هكذا قرأنيها سعيد بن جبير. كذا الصواب في الرواية، لكن وقع في التفسير المطبوع: ((عمرو، عن سالم بن عجلان الأفطس، قال: قرأت على أبي)) ، فوقع التصحيف في اسم عمر؛ حيث صُحِّف إلى: ((عمرو)) . وتصحف: ((بن)) إلى: ((عن)) . ومما يؤكد ضعف هذه الرواية: أن ابن جريرأخرجه برقم (14642) بسند حسن عن سعيد أنه قرأها: {حتى يلج الجُمَّل} يعني قلوس السفن، يعني الحبال الغلاظ. ويؤيد هذا: ما صح فيما تقدم برقم [952] أن ابن عباس كان يقرؤها كذلك، وسعيد بن جبير تلميذ لابن عباس وعنه أخذ القراءة والتفسير. (1) هو نجيح بن عبد الرحمن السندي، تقدم في الحديث [167] أنه ضعيف. (2) يحيى بن شبل البَلْخي مقبول. انظر "الجرح والتعديل" (9 / 157 رقم 653) ، و"التهذيب" (11 / 229 رقم 370) . (3) ويقال: عمر، ولم أجد له ترجمة بهذا الاسم أو ذاك، ولا بما ورد في بعض المصادر من تسميته محمدًا أحيانًا، أو يحيى، وكذا قال محقق "تفسير الطبري" (12 / 457 - 458) . =

سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَصْحَابِ الْأَعْرَافِ، فَقَالَ: ((هُمْ قَوْمٌ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِمَعْصِيَةِ آبَائِهِمْ، فَمَنَعَهُمْ دُخُولَ الْجَنَّةِ مَعْصِيَةُ آبَائِهِمْ، وَمَنَعَهُمْ دُخُولُ النَّارِ قَتْلُهُمْ في سبيل الله)) .

_ (4) ما بين القوسين سقط من الأصل، فأثبته من الموضع الآتي من "البعث" للبيهقي و"تفسير ابن كثير"، وهو عبد الرحمن المزني والد عمر، ويقال: والد محمد، ويقال في تسميته: عبد الرحمن بن أبي عبد الرحمن الهلالي، ولم يرد ما يدل على صحبته إلا هذا الحديث الضعيف. انظر "الإصابة" لابن حجر (4 / 329 و 371 - 372) . 954- الحديث سنده ضعيف جدًّ لجهالة ابن عبد الرحمن المزني، وجهالة حال الراوي عنه يحيى بن شبل، وضعف أبي معشر واضطرابه في سنده كما سيأتي، وقد توبع وخولف في سنده كما سيأتي، ولكنه ضعيف جدًّا أيضًا. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 464) وعزاه للمصنِّف وعبد بن حميد وابن منيع والحارث بن أبي أسامة في "مسنديهما" وابن جرير وابن أبي حاتم وابن الأنباري في "كتاب الأضداد" والخرائطي في "مساوئ الأخلاق" والطبراني وأبي الشيخ وابن مردويه والبيهقي في "البعث". وساقه الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (2 / 216) من رواية المصنِّف سعيد بن منصور، ومنه حصل تصويب النص باستدراك ما سقط منه، إلا أنه وقع عنده تسمية ابن عبد الرحمن المزني: ((يحيى)) ، فلست أدري، أهو تصحيف من الطباعة؟ أم النساخ؟ أم ماذا؟ فقد أخرجه البيهقي في "البعث والنشور" (ص107رقم 106) من طريق سعيد بن منصور، بمثل سياق سنده هنا، إلا أنه لم يسق متنه اكتفاء بسياقه له من طرق سابقة، ثم قال البيهقي: ((وقيل عمر بن عبد الرحمن، وأبو معشر نجيح المدني - في الأصل: المزني وهو خطأ - هذا ضعيف)) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = قلت: ومع ضعفه فإنه قد اضطرب في سنده، وخولف. فقد أخرجه أحمد بن منيع في "مسنده" كما في "إتحاف المهرة" (3 / 75 / ب) ، و"المطالب العالية" (ل 135 / ب) . والحارث بن أبي أسامة في "مسنده" كما في "بغية الباحث" (ص223 رقم 711) . ومن طريقه وطرق أخرى أخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة" (2 / 56 / أ) . وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2 / 352 رقم 1123) . وابن قانع في "معجم الصحابة" (ل 120 / ب) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (12 / 458 رقم 14705) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / 150 / ب) . والخرائطي في "مساوئ الأخلاق" (ص104 رقم 251) . وعبد الرحمن بن الحسن القاضي في "تفسير مجاهد" (ص237) . ومن طريقه وطرق أخرى أخرجه البيهقي في "البعث والنشور" (ص106 و 107، رقم 104 و 105 و 107) . جميعهم من طريق أبي مَعْشَرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ شِبْلٍ، به، إلا أنه مرة يرويه موصولاً، ومرة يرسله، ومرة يسمي ابن عبد الرحمن المزني: عمرًا، ومرة: عمر، ومرة: محمدًا، ومرة: يحيى. وقد أخرجه أيضًا البغوي في "معجم الصحابة" وابن مردويه في "التفسير" وعبد بن حميد وابن شاهين كما في "الإصابة" (4 / 329 و 372) . وأخرجه الطبراني كما في "مجمع الزوائد" (7 / 23 - 24) . قال الهيثمي بعد أن عزاه للطبراني: ((وفيه أبو معشر نجيح وهو ضعيف)) . وقال ابن حجر بعد أن ذكر الاختلاف على أبي معشر: ((والاضطراب فيه من أبي معشر، وهو نجيح بن عبد الرحمن، فإنه ضعيف، وقد رواه سعيد بن أبي =

955- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ حُصَين (1) ، عَنِ الشَّعْبِيِّ (2) ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ قَوْمٌ قصَّرت بِهِمْ حَسَنَاتُهُمْ لِيَدْخُلُوا الْجَنَّةَ، وَتَجَاوَزَتْ بِهِمْ سَيِّئَاتُهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا، فَهُمْ عَلَى سُوَرٍ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ.

_ = هلال، عن يحيى بن شبل، فخالف أبا معشر في سنده)) . اهـ قلت: يشير الحافظ إلى ما أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (12 / 457 رقم 14704) ، وابن مردويه في "تفسيره"، وابن شاهين كما في الموضع السابق من "الإصابة". ثلاثتهم من طريق الليث بْنِ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن يحيى بن شبل، أن رجلاً من بني نصر أخبره، عن رجل من بني هلال، أن أباه أخبره أنه سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَصْحَابِ الْأَعْرَافِ ... ، فذكره. وهذا أيضًا ضعيف جدًّا للمجاهيل المذكورين فيه، والله أعلم. (1) هو ابن عبد الرحمن السُّلَمي، تقدم في الحديث [56] أنه ثقة تغير حفظه بالآخر، لكن ممن روى هذا الأثر عنه: خالد بن عبدا لله الطحان الواسطي كما سيأتي برقم [956] ، وهو ممن روى عنه قبل تغيره، وأما الراوي عنه هنا هو سفيان بن عيينة فلم أجد من نص على أنه روى عنه قبل أو بعد تغيره. (2) هو عامر بن شراحيل، لم أجد من نص على أنه سمع من حذيفة، وقد نص البيهقي كما سيأتي على إرساله. 955- سنده ضيعف للانقطاع بين عامر الشعبي وحذيفة، ولذلك قال البيهقي في "البعث والنشور" (ص105) : ((وروي مرسلاً موقوفًا ... )) ثم ساقه، وروي موصولاً، ولا يصح. وقد ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 460) وعزاه للمصنِّف وابن المنذر، ثم ذكره (3 / 462 - 463) وعزاه للمصنِّف أيضًا وعبد الرزاق وهناد بن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = السري وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ والبيهقي في "البعث والنشور". وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (12 / 456 رقم 14696) من طريق سفيان بن عيينة، به. وأخرجه هناد بن السري في "الزهد" (1 / 151 رقم 201) . والمروزي في "زوائد الزهد" لابن المبارك (ص483 رقم 1370) . وابن جرير أيضًا (12 / 452 - 453 رقم 14686 و 14687) . جميعهم من طريق حصين، به. وسيأتي برقم [956] من طريق خالد بن عبد الله الطحان، عن حصين، به. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (14688 و 14691) من طريق جابر الجعفي وعيسى الحناط، كلاهما عن الشعبي، به. وأخرجه البيهقي في "البعث والنشور" (ص106 رقم 103) من طريق مطرِّف، عن الشعبي، به. وأخرجه هناد أيضًا برقم (220) . وابن جرير برقم (14685 و 14689) . وابن أبي حاتم (3 / 150 / ب) . أما هناد وابن جرير في إحدى روايته فمن طريق وكيع بن الجراح، وأما الرواية الأخرى عند ابن جرير فمن طريق يحيى بن واضح، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق شيبان، جميعهم عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عن الشعبي، عن حذيفة. وخالفهم عبيد الله بن موسى العَبْسي، فرواه عن يونس، عن الشعبي، عن صلة بن زفر، عن حذيفة، به هكذا موصولاً. أخرجه الحاكم في "المستدرك" (2 / 320) ، ومن طريقه البيهقي في =

956- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ قَوْمٌ قَصَّرَتْ بِهِمْ سَيِّئَاتُهُمْ عَنِ الْجَنَّةِ، وَتَجَاوَزَتْ بِهِمْ حسناتهم عن [ل137/ب] النَّارِ، جُعلوا هُنَاكَ حَتَّى يُقضى بَيْنَ النَّاسِ. 957- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ (أَبِي) (1) يَزِيدَ، سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، سُئِلَ عَنِ الْأَعْرَافِ قَالَ: هو الشيء المُشْرِف.

_ = "البعث والنشور" (ص105 رقم 101) . قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)) ، وقال البيهقي: ((هذا موصول موقوف)) . ولكن رواية الآخرين ترجح على رواية عبيد الله لكثرة عددهم، وفيهم من هو أحفظ من عبيد الله كوكيع بن الجراح. 956- سنده ضعيف للانقطاع بين الشعبي وحذيفة، وتقدم بيان ذلك وتخريج الحديث في الحديث السابق رقم [955] . (1) ما بين القوسين سقط من الأصل، وما أثبته من الموضع الآتي من "البعث والنشور" للبيهقي حيث روى الحديث من طريق المصنف، وتقدمت ترجمته في الحديث [32] ، وهو عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ المكي، مولى آل قارظ، ثقة كثير الحديث. 957- سنده صحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 460) وعزاه للمصنِّف وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ والبيهقي في "البعث". =

958- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَنْبَأَنِي أَبُو مِجْلَز (1) - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ} - قَالَ: الْأَعْرَافُ مَكَانٌ مُرْتَفِعٌ عَلَيْهِ رِجَالٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ يَعْرِفُونَ أَهْلَ الْجَنَّةِ بِسِيمَاهُمْ وَأَهْلَ النَّارِ بِسِيمَاهُمْ، {وَنَادَوْا أَصْحَابَ الجَنَّةِ أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا (2) وَهُمْ يَطْمَعُونَ} فِي دُخُولِهَا، {وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ} ، قَالَ: أَبْصَارُ أَهْلِ الْجَنَّةِ تِلْقَاءَ أصحاب النار، قالوا: {قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ القَوْمِ الظَّالِمِينَ. وَنَادَى أَصْحَابُ الأَعْرَافِ رِجَالاً (3) } من

_ = وقد أخرجه البيهقي في ((البعث والنشور)) (ص104 رقم 99) من طريق المصنِّف، به مثله سواء. وقد تصحف اسم المصنف هناك إلى: ((أحمد بن منصور)) . وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 229 - 230) ، ومن طريقه وطريق آخر أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (12 / 450 رقم 14673 و 14674) ، وأخرجه المروزي ويحيى بن صاعد في ((زياداتهما على الزهد)) لابن المبارك (ص482 - 483 رقم 1369) ، جميعهم من طريق سفيان بن عيينة، به. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (14677) من طريق عيسى بن ميمون، وابن أبي حاتم (3 / ل 150 / ب) من طريق سفيان الثوري، كلاهما عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يزيد، به. (1) هو لاحق بن حميد. (2) روى البيهقي - كما سيأتي - هذا الأثر من طريق المصنِّف، وعنده زيادة: ((بعد)) عقب قوله تعالى: {يدخلوها} . (3) في الأصل: ((رجال)) .

الْكُفَّارِ، {يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ. أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ} ، فهذا حين دخلوها.

_ 958- سنده صحيح، وقال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (2 / 217) بعد سياقه له من رواية ابن جرير: ((وهذا صحيح إلى أبي مجلز لاحق بن حميد أحد التابعين، وهو غريب من قوله، وخلاف الظاهر من السياق، وقول الجمهور مقدَّم على قوله بدلالة الآية على ما ذهبو إليه)) . اهـ. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 465 - 466) وعزاه للمصنِّف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في "الأضداد" وأبي الشيخ والبيهقي في "البعث والنشور". وقد أخرجه البيهقي في "البعث والنشور" (ص108 - 109 رقم 112) من طريق المصنِّف، به مثله، عدا الفرق الذي تقدم ذكره. وأخرجه المروزي في "زياداته على الزهد" لعبد الله بن المبارك (ص480 - 481 رقم 1366) من طريق مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، به نحوه، وفيه زيادة أن أبا مجلز أسند هذا الكلام إلى أبي بكر، ولكن في سنده مبهم، ومع ذلك فأبو مجلز لم يدرك أبا بكر. وأخرجه المروزي أيضًا في الموضع السابق، وابن جرير الطبري في "تفسيره" (12 / 459 - 460 رقم 14707 و 14709 و 14710 و 14711 و 14712) ، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 151 / ب و 152 / ب) ، جميعهم من طريق سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، به، وسقط من المطبوع من "تفسير ابن جرير" في الموضع الأول ذكر سليمان التيمي، فيستدرك من "تفسير ابن كثير" (2 / 217) ، فإنه ساق الأثر عن ابن جرير. وله طريق أخرى عند ابن جرير برقم (4708 و 14713 و 14714) يرويها عمران بن حدير، عن أبي مجلز.

[الْآيَةُ (127) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقَالَ المَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ} ] 959- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَمْرُو بْنُ حَسَنٍ (1) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {ويَذَرَكَ (2) وإِلهتَكَ} (3) ، قَالَ: فِرْعَوْنُ يُعْبَد وَلَا يَعْبُد.

_ (1) كذا جاء بالأصل! وفي الإسناد سقط ظاهر، فلا يمكن أن تكون الواسطة بين المصنِّف وابن عباس واحدًا، لويس في شيوخ المصنف من اسمه: ((عمرو بن حسن)) ، ولا في الرواة عن ابن عباس، بل ولا في الرواة جميعهم، وأرى أن الصواب هكذا: ((حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ محمد بن عَمْرُو بْنُ حَسَنٍ، عَنِ ابْنِ عباس ... )) ؛ لأن ابن جرير وابن أبي حاتم روياه من طريق سفيان بن عيينة، به كما سيأتي، ومحمد بن عمرو بن حسن بن علي بن أبي طالب ثقة كما في "التقريب" (ص499 رقم 6183) . (2) في الأصل: ((وتذرك)) بالتاء وفي ظني أنه تصحيف؛ لأن جميع من روى هذه القراءة أو حكاها لم يجعلها بالتاء. (3) أي: عبادتك كما جاء في بعض الروايات. وقال ابن جرير الطبري في "تفسيره" (13 / 38 - 41) : ((وقد روي عن ابن عباس ومجاهد أنهما كانا يقرآنها: {ويذرك وإلاهتك} بكسر الألف، بمعنى: ويذرك وعبودتك. قال أبو جعفر: والقراءة التي لا نرى القراءة بغيرها: هي القراءة التي عليها قَرَأة الأمصار؛ لإجماع الحجة من القَرَأة عليها ... وقد زعم بعضهم أن من قرأ: (وإلاهتك) إنما يقصد إلى نحو معنى قراءة من قرأ: (وآلِهتك) غير أنه أنَّث، وهو يريد إلهًا واحدًا، كأنه يريد: ويذرك =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وإلاهك، ثم أنّث الإله، فقال: وإلاهتك. وقد بيّن ابن عباس ومجاهد ما أرادا من المعنى في قراءتهما ذلك على ما قرآ، فلا وجه لقول هذا القائل ما قال في بيانهما عن أنفسهما ما ذهبا إليه من معنى ذلك)) . اهـ. 959- سند المصنِّف فيه ما تقدم ذكره، لكنه صحيح من غير طريقه كما سيأتي. وقد ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 516) وعزاه للفريابي وعبد بن حميد وأبي عبيد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في "المصاحف" وأبي الشيخ. وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (1 / 124 رقم 143) و (13 / 39 و 40 رقم 14966 و 14971) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 173 / أ) . كلاهما من طريق سفيان بن عيينة، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ محمد بن عَمْرُو بْنُ حَسَنٍ، عَنِ ابْنِ عباس، به. وسند ابن أبي حاتم صحيح. وأخرجه ابن جرير أيضًا (1 / 123 رقم 142) و (13 / 39 رقم 14967) من طريق نافع بن عمر، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ ابن عباس، به هكذا بإسقاط الواسطة بين عمرو بن دينار وابن عباس. وسنده ضعيف جدًّا لأنه من رواية شيخ ابن جرير وهو سفيان بن وكيع فإنه ساقط الحديث كما تقدم في الحديث [862] . وله طريق أخرى عن ابن عباس أخرجها أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص172 رقم45 - 50) ، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 173 / أ) ، كلاهما من طريق الزبير بن خرِّيت، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أنه كان يقرأ: {ويذرك =

[الْآيَةُ (143) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ ... } إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَنَا أَوَّلُ المُؤْمِنِينَ} ] 960- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ (1) ، عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ (2) ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ((يَوْمَ كَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ عَلَيْهِ جُبَّةٌ صُوفٍ، وَكِسَاءٌ صُوفٍ، وَسَرَاوِيلُ صُوفٍ، وكُمَّةُ (3) صُوفٍ، (وَنَعْلَانِ) (4) مِنْ جَلْدِ حمارٍ غيرِ ذَكِيّ (5)) ) .

_ = وإلاهتك} . هذا لفظ أبي عبيد. ولفظ ابن أبي حاتم: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تعالى: {ويذرك وإلاهتك} ، قال: عبادتك. (1) تقدم في الحديث [76] أنه صدوق اختلط في الآخر. (2) تقدم في الحديث [417] أنه متروك، وهو حميد بن عطاء، ويقال: ابن علي. (3) فسَّرها الترمذي في "جامعه" (4 / 225) بقوله: ((والكُمَّةُ: القَلنْسُوَةُ الصغيرة)) . (4) في الأصل: ((ونعلين)) ، والتصويب من "مستدرك الحاكم"، فإنه روى الحديث من طريق المصنِّف. (5) وفي رواية الترمذي: ((من جلد حمار ميِّت)) ، وهو بمعنى واحد، فالمذبوح ذَكِيٌّ، وغير الذَّكيّ: ما أزهقت نفسه قبل أن يدركه فيذكِّيه. انظر "النهاية في غريب الحديث" (2 / 164) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ 690- سنده ضعيف جدًّا، وقد تقدم هذا الإسناد لمتن آخر برقم [417] وقلت هناك: ((سنده ضعيف جدًّا لشدة ضعف حميد الأعرج، واختلاط خلف بن خليفة، وما تقدم عن أبي حاتم أنه قال: ((لا يعرف لعبد اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنِ ابْنِ مسعود شيء)) ، وقد نص ابن حبان كما سبق على أن حميدًا هذا يروي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عن ابن مسعود نسخة كأنها موضوعة، وهذا من روايته عنه)) . وأزيد هنا فأقول: بل إن ابن حبان ذكر هذا الحديث بعينه في ترجمته مما انتُقد عليه، كما عدّه العقيلي وابن عدي. فالحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 537) وعزاه للمصنِّف وابن المنذر والحاكم وابن مردويه والبيهقي في "الأسماء والصفات". وذكره صاحب "كنز العمال" (11 / 509 رقم 32380) وعزاه لأبي يعلى والسراج والحاكم والبيهقي وابن النجار. وقد أخرجه الحاكم في "المستدرك" (1 / 28) من طريق المصنِّف، به مثله، إلا أنه قدَّم فيه وأخر، ثم قال الحاكم: ((قد اتفقا جميعًا على الاحتجاج بحديث سعيد بن منصور. وحميد هذا ليس بابن قيس الأعرج. قال البخاري في "التاريخ": حميد بن علي الأعرج الكوفي منكر الحديث، وعبد الله بن الحارث النجراني محتج به، واحتج مسلم وحده بخلف بن خليفة، وهذا حديث كبير في التصوّف والتكلم، ولم يخرجاه)) . اهـ. وهذا الحديث من الأحاديث التي وقعت للحاكم في أول الكتاب، وهو الجزء الذي بيّضه ونقّحه، فهذا يدل على تساهل الحاكم رحمه الله الشديد، حيث خرّج هذا الحديث، وذكر علّته، ثم أورد بعده شاهدًا له في لبس الصوف من طريق واهٍ. بل الأعجب من ذلك: أن الحاكم أخرجه بعد ذلك في كتاب التفسير (2 / 379) من طريق عمر بن حفص بن غياث، ثنا أبي وخلف بن خليفة، عن حميد =

961- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: نَا (عُمَرُ) (1) بْنُ حَمْزَةَ العُمَري، قَالَ: سَمِعْتُ محمد بن كعب القُرَظي

_ = ابن قيس، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، به، ثم صححه على شرط البخاري، فتعقبه الذهبي بقوله: ((بل ليس على شرط البخاري، وإنما غرّه أن في الإسناد حميد بن قيس كذا!! وهو خطأ، إنما هو حميد الأعرج الكوفي: ابن علي أو ابن عمار أحد المتروكين، فظنه المكي الصادق)) . والحديث أخرجه أيضًا الترمذي (4 / 224 - 225 رقم 1734) في كتاب اللباس، باب ما جاء في لبس الصوف. والبزار في "مسنده" (5 / 400 رقم 2031) . وأبو يعلى في "مسنده" (8 / 399 رقم 4983) . والعقيلي في "الضعفاء" (1 / 268) . وابن حبان في "المجروحين" (1 / 262) . وابن عدي في "الكامل" (2 / 688) . والبيهقي في "الأسماء والصفات" (1 / 314 - 315) . وابن النجار في "تاريخه" (2 / 211 - 212) . جميعهم من طريق خلف بن خليفة، به. قال الترمذي بعد أن أخرجه: ((هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث حميد الأعرج، وحميد هو ابن علي الكوفي، قال: سمعت محمدًا - يعني البخاري - يقول: حميد بن علي الأعرج منكر الحديث، وحميد بن قيس الأعرج المكي صاحب مجاهد ثقة)) . وقال البزار: ((وهذا الحديث لا نعلمه يروى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ إلا بهذا الإسناد، ولا نعلم رواه إلا خلف بن خليفة)) . (1) في الأصل: ((عمرو)) وهو خطأ يدل عليه قوله في آخر الحديث: ((قال عمر)) . =

قَالَ: قِيلَ لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَاذَا شَبَّهْتَ كَلَامَ رَبِّكَ عَزَّ وَجَلَّ مِمَّا خَلَقَ؟ قَالَ: الرَّعْد، قَالَ عُمَرُ: قَالَ رَجُلٌ: قَالَ مُحَمَّدٌ: الرَّعْدُ السَّاكِنُ. 962- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ (1) ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا مُغِيرَةُ (2) ، عَنِ الشَّعْبي، قَالَ: سَمِعْتُ الرَّبِيعَ بْنَ خُثيم يَقْرَأُ: {جَعَلَهُ دَكّآءَ} - ممدوداً - (3) .

_ = وهو عمر بن حمزة بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بن الخطاب العُمري، المدني، ضعيف كما في "التقريب" (ص411 رقم 4884) . 961- سنده ضعيف لضعف عمر بن حمزة، وآخره أشد ضعفًا لأجل الرجل المبهم، ولو صح عن محمد بن كعب لاحتمل أن يكون من الإسرائيليات التي يحدث بها محمد بن كعب، والله أعلم. (1) هذا الحديث والذي يليه في الأصل متأخران عن الحديثين بعدهما رقم [964 و 965] ، فقدمتهما لترتيب الآيات. (2) هو ابن مقسم الضبِّي، تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن إلا أنه مدلس، ولم يصرِّح هنا بالسماع. (3) قال ابن جرير الطبري في "تفسيره" (13 / 100 - 120) : ((واختلفت القَرَأَةُ في قراءة قوله: {دَكًّا} . فقرأته عامة قَرَأَة أهل المدينة والبصرة: {دَكًّا} مقصورًا بالتنوين، بمعنى: دَكّ اله الجبل دكًّا، أي: فَتَّتَهُ، واعتبارًا بقول الله: {كلا إذا دُكَّت الأرض دكًّا دكًّا} [سورة الفجر: 21] . وقرأته عامة قَرَأَة الكوفيين: {جعله دَكّاءَ} بالمدّ وترك الجرّ والتنوين، مثل: ((حمراء)) ، و ((سوداء)) ، وكان ممن يقرأه كذلك عكرمة. واختلف أهل العربية في معناه إذا قرئ كذلك. =

[الْآيَةُ (145) : قَوْلُهُ تَعَالَى: { [وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ ... } إلى قوله تعالى: {سَأُورِيكُمْ دَارَ الفَاسِقِينَ} ] 963- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ (1) ؛ قَالَ: نا عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ (2) ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {سَأُرِيكُمْ دَارَ الفَاسِقِينَ} - قَالَ: رُفعت لِمُوسَى حَتَّى نَظَرَ إليها.

_ = فقال بعض نحويي البصرة: العرب تقول: ((ناقة دكَّاء)) : ليس لها سنام، وقال: ((الجبل)) مذكّر، فلا يشبه أن يكون منه، إلا أن يكون جعله: ((مثل دكاء)) ، حذف ((مثل)) ، وأجراه مجرى: {واسأل القرية} [سورة يوسف: 82] . وكان بعض نحويي الكوفة يقول: معنى ذلك: جعل الجبل أرضًا دكاء، ثم حذف الأرض، وأقيمت الدكاء مقامها؛ إذ أدّت عنها ... )) . ثم رجح ابن جرير بعد ذلك قراءة من قرأه: {دَكَّاءَ} . 962- سنده ضعيف لأن مغيرة مدلِّس ولم يصرح بالسماع. (1) هذا الحديث والحديث السابق في الأصل متأخران عن الحديثين بعدهما رقم [964، 965] ، فقدمتهما لترتيب الآيات. (2) تقدم في الحديث [179] أنه متروك رافضي. 963- سنده ضعيف جدًّا لما تقدم عن حال عمرو بن ثابت. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 562) وعزاه للمصنِّف وابن المنذر وابن أبي حاتم. وقد أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 185 / أ) من طريق عمرو بن ثابت، به.

[الْآيَتَانِ (156 و 157) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ ... } إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {أُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ} ] 964- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ (1) ؛ قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: نَا خَالِدٌ (2) ، عَنْ أَبِي العُرْيان (3) ، قَالَ: قَالَ ابْنِ عَبَّاسٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ} -، قَالَ: فَلَمْ يُعْطَهَا مُوسَى، {قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ... } إِلَى قَوْلِهِ {أُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ} .

_ (1) هذا الحديث والذي بعده في الأصل متقدمان عن الحديثين السابقين رقم [952 و 963] ، فأخرتهما لترتيب الآيات. (2) هو ابن مَهْران الحَذَّاء. (3) هو أُنَيْس أبو العُرْيان المجاشعي، مجهول الحال، روى عن ابن عباس والحسن بن علي ومحمد بن الحنفية، روى عنه خالد بن مهران الحذاء، سكت عنه البخاري، ولم يذكر فيه ابن أبي حاتم جرحًا ولا تعديلاً، وذكره ابن حبان في "الثقات" في موضعين، في طبقة التابعين، وفي طبقة أتباع التابعين. انظر "التاريخ الكبير" للبخاري (2 / 43 رقم 1628) ، و"الجرح والتعديل" (2 / 333 - 334 رقم 1265) ، و"الثقات" لابن حبان (4 / 51) ، و (6 / 81 - 82) . 964- سنده ضعيف لجهالة حال أنيس أبي العريان، وهو حسن لغيره بالطرق الآتي ذكرها. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 571) وعزاه للمصنِّف فقط. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (13 / 157 - 158 رقم 15206 و 15207) من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن علية وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، كلاهما عن خالد الحذاء، به. وذكر له السيوطي في "الدر" (573) متابعات ببعضه ومعناه، وعزاه لابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبزار وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم. وقد أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (11 / 503 رقم 11827) . والبزار في "مسنده" كما في "كشف الأستار" (3 / 49 - 50 رقم 2213) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (13 / 156 و 161 رقم 15202 و 15214 و 15215 و 15216) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / 191 / أو 192 / أ) . والحاكم في "المستدرك" (2 / 322) . جميعهم من طريق عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: سأل موسى ربه مسألة: {واختار موسى قومه سبعين رجلاً ... } حتى بلغ: {مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل} ، فأعطيها مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. هذا لفظ ابن أبي شيبة. وسنده ضعيف لأن عطاء بن السائب كان قد اختلط كما تقدم بيانه في الحديث رقم [6] ، وجميع الذين رووا عنه هذا الأثر - فيما تقدم - من الذين رووا عنه بعد الاختلاط، وبه يتبين خطأ الحاكم رحمه الله في قوله عقب الحديث: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)) . وله طريق آخر آخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 191 / أ) فقال: حدثنا عمار بن خالد الواسطي، ثنا محمد بن الحسن ويزيد بن هارون، عن أصبغ =

965- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ (1) ؛ قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ قَيْسٍ (2) ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وجل: {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ} - قَالَ: عُهُودًا كَانَتْ عَلَيْهِمُ. [الْآيَةُ (169) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا ... } الْآيَةُ] . 966- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا فضيل بن عياض، عن

_ = ابن زيد، عن القاسم بن أبي أيوب، حدثني سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عباس - {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ} - فقال موسى: رب سألتك التوبة لقومي فقلت: إن رحمتك كتبتها لقوم غير قومي، فليتك أخرتني حتى تخرجني حيًا في أمة ذلك الرجل المرحومة. وسنده حسن. (1) هذا الحديث والذي قبله في الأصل متقدمان عن الحديثين السابقين رقم [962 و 963] ، فأخرتهما لترتيب الآيات. (2) موسى بن قيس الحضرمي، أبو محمد الكوفي الفَرَّاء، لقبه عصفور الجنة، صدوق رمي بالتشيع. "التقريب" (553 رقم 7003) . 965- سنده حسن لذاته إن كان موسى بن قيس سمع من مجاهد، فإني لم أجد من نصّ عليه. والأثر ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 583) وعزاه لابن جرير فقط. وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (13 / 166 رقم 15234) من طريق ابن نمير، عن موسى بن قيس، به.

مَنْصُورٍ (1) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا} - قَالَ: يَعْمَلُونَ بِالذُّنُوبِ، وَيَقُولُونَ: سَيُغْفَرُ لَنَا. [الْآيَةُ (172) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا} 967- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عتَّاب بن بشير (2) ، قال: نا

_ (1) وهو ابن المعتمر. 966- سنده صحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 594) وعزاه للمصنِّف وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ والبيهقي في "شعب الإيمان". وقد أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 240) . وابن جرير الطبري في "تفسيره" (13 / 212 رقم 15314) . كلاهما من طريق فضيل بن عياض، به. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (15315 و 15317) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 204) . كلاهما من طريق سفيان الثوري، وابن جرير أيضًا برقم (15316 و 15326) من طريق جرير بن عبد الحميد والبيهقي في "شعب الإيمان" (12 / 463 رقم 6758) من طريق عبد الرحمن بن منيب، جميعهم عن منصور، به. (2) تقدم في الحديث [204] أنه لا بأس به، إلا في روايته عن خصيف فإنها منكرة.

خُصَيْف (1) ، عَنْ مُجَاهِدٍ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ} -، قَالَ: أَخَذَ مِنَ النَّبِيِّينَ كلِّهم قَبْلَ أَنْ يُخْلَقوا، قَالَ: أَخَذَ النُّطف مِنْ صُلْب آدَمَ، فَرَأَى مِنْهَا نُطْفةً تَتَلألأُ، قَالَ: أَيْ رَبِّ، أَيُّ بَنِيَّ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا ابْنُكَ دَاوُدُ، قَالَ: أَيْ رَبِّ، كَمْ جَعَلْتَ لَهُ؟ قَالَ: سِتِّينَ (2) سَنَةً، قَالَ: أَقْلَلْتَ لَهُ، قَالَ: فَأَعْطِهِ مِنْ سِنِينِكَ، فَإِنِّي جَعَلْتُ لَكَ أَلْفَ سَنَةً، فَأَعْطَأَهُ أَرْبَعِينَ (2) سَنَةً، فَلَمَّا حَضَرَ أَجَلُ آدَمَ، قَالَ: رَبِّ أَلَيْسَ جَعَلْتَ لِي أَلْفَ سَنَةً، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَلَيْسَ قَدْ جَعَلْتَ مِنْ سِنِينِكَ أَرْبَعِينَ سَنَةً لِدَاوُدَ؟ فَعِنْدَ ذَلِكَ أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وجل بالكتاب والشهود والبينة.

_ (1) تقدم في الحديث [204] أنه صدوق سيء الحفظ. (2) في الأصل كتب العدد رقمًا بالأرقام الهندية. 967- سنده ضعيف لضعف خصيف بن عبد الرحمن الجزري من قبل حفظه، وقد صح مرفوعًا إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - من حديث أبي هريرة رضي الله عنه كما سيأتي. وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (13 / 240 رقم 15364) بإسناد صحيح عن سعيد بن جبير من قوله لم يذكر فيه ابن عباس. وقد أخرجه أيضًا برقم (15365 و 15366) موقوفًا على سعيد أيضًا. وأخرجه أيضًا (13 / 237 رقم 15361) نحوه مطولاً بإسناد ضعيف جدًّا، من طريق عطية العوفي، عن ابن عباس. وقد اشتهر الحديث من رواية حماد بن سلمة، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ يوسف بن مهران، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - في قول الله عز وجل: {إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه ... } إلى آخر الآية -: ((إن أول من جحد آدم؛ إن الله أراه ذريته، فرأى رجلاً أزهر ساطعًا نوره، قال: يا رب من هذا؟ =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = قَالَ هَذَا ابْنُكَ دَاوُدُ، قَالَ: يا رب، فما عمره؟ قال: ستون سنة، قال: يا رب، زد في عمره، قال: لا إلا أن تزيده من عمرك، قال: وما عمري؟ قال: ألف سنة، قال آدم: فقد وهبت له أربعين سنة، قال: فكتب الله عز وجل عليه كتابًا، وأشهد عليه ملائكته، فلما حضره الموت وجاءته الملائكة قال: إنه قد بقي من عمري أربعون سنة، قالوا: إنك قد وهبتها لابنك داود. قال: ما وهبت لأحد شيئًا، قال: فأخرج الله عز وجل الكتاب، وشهد عليه ملائكته)) . وأخرجه أبو داود الطيالسي في "سننه" (ص350 رقم 2692) واللفظ له. ومن طريقه أخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 146) في الشهادات، باب الاختيار في الإشهاد. وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" (1 / 28) . وابن أبي شيبة في "المصنف" (14 / 118 - 119 رقم 17793) مختصرًا. والإمام أحمد في "المسند" (1 / 251 - 252 و 298 - 299 و 371) . وابن أبي عاصم في "السنة" (1 / 90 رقم 204) وفي "الأوائل" (ص61 رقم 4) مختصرًا. والفريابي في "القدر" برقم (4) . وابن جرير الطبري في "تاريخه" (1 / 156) . والطبراني في "المعجم الكبير" (12 / 214 رقم 12928) . وأبو الشيخ في "العظمة" (5 / 1550 - 1551 رقم 1012) . والبيهقي في الموضع السابق. جميعهم من طريق حماد بن سلمة، به. وأورده الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (1 / 334) من رواية الإمام أحمد، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ثم قال: ((هذا الحديث غريب جدًّا، وعلي بن زيد بن جدعان في أحاديثه نكارة)) . وله شاهد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، وهو حديث طويل تضمن ما ذكر في حديث ابن عباس وزيادة. أخرجه الترمذي في "جامعه" (5 / 267 رقم 3076) في كتاب التفسير، باب ومن سورة الأعراف. والفريابي في "القدر" برقم (19) . وابن منده في "الرد على الجهمية" (ص49 - 50 رقم 23) . والحاكم في "المستدرك" (2 / 325 و 585 - 586) . جيعيهم من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ زيد بن أسلم، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هريرة، به. قال الترمذي: ((هذا حديث حسن صحيح، وقد روي من غير وجه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -)) . وقال ابن منده: ((هذا حديث صحيح من حديث هشام بن سعد ... )) . وقال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه)) . وتابع أبا نعيم على روايته على هذا الوجه خلاد بن يحيى عند ابن سعد في "الطبقات" (1 / 27 - 28) ، والقاسم بن الحكم العرني عند أبي يعلى في "مسنده" (12 / 8 - 9 رقم 6654) . وخالفهم عبد الله بن وهب، فرواه في "كتاب القدر" (ص67 - 68 رقم 8) عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بن يسار، عن أبي هريرة، به. ومن طريق ابن وهب أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (11 / 263 - 264 رقم 6377) . وحكم أبو زرعة الرازي على رواية ابن وهب هذه بالوهم، فذكر له عبد الرحمن بن أبي حاتم - كما في "العلل" له (2 / 87 - 88 رقم 1757) - =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = روايتي ابن وهب وأبي نعيم، ثم قال عبد الرحمن: ((قلت لأبي زرعة: أيهما أصح؟ قال: حديث أبي نعيم أصح، وهم ابن وهب في (الحديث)) ) . وله طريق أخرى أخرجها الترمذي أيضًا (5 / 453 - 454 رقم 3368) في كتاب التفسير، باب منه. وابن خزيمة في "التوحيد" (1 / 160 - 162 رقم 89) . ومن طريقه ابن حبان في "صحيحه" (4 / 40 - 42 رقم 6167) . وأخرجها الحاكم في "المستدرك" (1 / 64) و (4 / 263) . ومن طريقه البيهقي في "السنن" (10 / 147) في الشهادات، باب الاختيار في الإشهاد، وفي "الأسماء والصفات" (2 / 56) . جميعهم من طريق صفوان بن عيسى، عن الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ المقبري، عن أبي هريرة مرفوعًا، به. قال الترمذي: ((هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، وقد روي من غير وجه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم)) . وتابع صفوان بن عيسى: أنس بن عياض عند ابن أبي عاصم في "السنة" (1 / 91 رقم 206) ، وأبو خالد الأحمر سليمان بن حيّان عند ابن جرير الطبري في "تاريخه" (1 / 155) ، وابن منده في "الرد على الجهمية" (ص53 - 55 رقم 26) ، كلاهما عن الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب، به. وتابع الحارث: إسماعيل بن رافع عند أبي يعلى في "مسنده" (11 / 453 - 455 رقم 6580) ، فرواه عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، به. وللحديث طرق أخرى تجدها عند ابن أبي عاصم في الموضع السابق من "السنة"، وعند ابن جرير الطبري في الموضع السابق من "التاريخ" وعند ابن منده في الموضع السابق من "الرد على الجهمية"، لكن أهم طرق الحديث هما الطريقان السابقان، والأولى منهما صحيحة كما سبق في كلام الأئمة الذين =

968- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ (1) ، قَالَ: أَخْبَرَنِي هشام بن سعد (2) [ل138/أ] ، عَنْ شَيْبَةَ بْنِ نِصَاح (3) ، قَالَ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، عَنِ الْعَزْلِ، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمَّا خَلَقَ آدَمَ أَكْرَمَهُ كَرَامَةً لَمْ يُكْرِمْهَا أَحَدًا مِنْ خَلْقِهِ: أَرَاهُ مَنْ هُوَ كَائِنٌ مِنْ صُلْبِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَإِنْ يَكُنْ مِمَّا أَرَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ يَكُنْ، فَلَا عَلَيْكَ أَنْ لا تفعله.

_ = صححوه، وأما الأخرى وهي طريق سعيد المقبري، فقد صححها ابن حبان والحاكم كما سبق، وحسنها الترمذي مع استغرابه لها، وحكم النسائي عليها في "عمل اليوم والليلة" (ص238) بأنها خطأ، وأن الصواب: ((سعيد - وهو ابن أبي سعيد المقبري -، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن سلام)) ، ولكن هذا الإعلال مختص بطريق سعيد المقري، عن أبي هريرة، وأما طريق أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فهي صحيحة كما سبق، وبها يصح الحديث، والله أعلم. (1) هو الدَّرَاوَرْدي، تقدم في الحديث [69] أنه صدوق. (2) تقدم في الحديث [646] أنه ثقة إذا روى عن زيد بن أسلم، وأما في غيره فإنه صدوق له أوهام، وهذا ليس من روايته عن زيد بن أسلم. (3) هو شيبة بن نِصَاح - بكسر النون بعدها مهملة، وآخره مهملة -، القارئ، المدني، القاضي، ثقة، مات سنة ثلاثين ومائة كما في "التقريب" (ص270 رقم 2839) . ولم أجد من نصّ على أن هشام بن سعد روى عنه، ولم يصرح هشام هنا بالسماع منه، لكن سماعه منه محتمل جدًّا، فهشام لم يوصف بالتدليس، وكلاهما مدني، وقد تعاصرا فترة طويلة، فهشام كما في ترجمته في الحديث [646] توفي في حدود سنة ستين ومائة، وشيبة كما هنا توفي سنة ثلاثين ومائة. 968- سنده فيه هشام بن سعد وتقدم الكلام عن روايته عن غير زيد بن أسلم.

969- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ (1) ، قَالَ: نا رَبِيعَةُ (2) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ (3) ، عَنِ ابْنِ مُحَيْريز (4) ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ، رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يُسأل) (5) عَنِ الْعَزْلِ فَقَالَ: ((لَا عَلَيْكُمُ أَنْ لَا تَفْعَلُوا؛ إِنْ تَكُنْ مِمَّا أَخَذَ اللَّهُ مِنْهَا الْمِيثَاقَ، فَكَانَتْ عَلَى صخرة لنفخ فيها الروح)) .

_ (1) هو الدَّرَاوَرْدي، تقدم في الحديث [69] أنه صدوق. (2) هو ربيعة بن أبي عبد الرحمن - واسم أبي عبد الرحمن: فَرُّوخ -، التَّيْمي، مولاهم، أبو عثمان المدني، المعروف بربيعة الرأي، ثقة فقيه مشهور. انظر "التقريب" (ص207 رقم 1911) . (3) هو مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّان - بفتح المهملة وتشديد الموحّدة - ابن منقذ الأنصاري، المدني، ثقة فقيه. انظر "التقريب" (ص512 رقم 6381) . (4) هو عبد الله بن مُحَيْريز - بمهملة وراء، آخره زاي، مصغّر - ابن جُنادة بن وهب الجُمَحي، المكي، ثقة عابد. انظر "التقريب" (ص322 رقم 3604) . (5) ما بين القوسين ليس في الأصل، وفي موضع إشارة إدخال، ولم يكتب بالهامش شيء، وما أثبته من القسم المطبوع من "السنن" للمصنف حيث سبق أن روى الحديث كما سيأتي. [969]- سنده حسن لذاته لما تقدم عن حال عبد العزيز بن محمد، وهو صحيح لغيره لأنه قد توبع كما سيأتي، بل هو مخرج في "الصحيحين". وذكره السيوطي في "الدر" (3 / 604) وعزاه للمصنف فقط. وسبق أن أخرجه المصنف في القسم المطبوع من "سننه" (2 / 103 رقم 2220) كتاب الطلاق، باب جامع الطلاق، من طريق شيخه عبد العزيز بن محمد، به مثله، إلا أنه قال: ((إن يكن مما أخذ الله عليه الميثاق، فكانت على =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = هذه الصخرة، أخرجها الله)) . وهذا يدل على أن المصنِّف يرى الرواية بالمعنى؛ فإن شيخه في الموضعين واحد، ومع ذلك اختلف اللفظ بين الموضعين كما ترى، مع اتحاد المعنى. وأخرجه الإمام مالك في "الموطأ" (2 / 594 رقم 95) في كتاب الطلاق، باب ما جاء في العزل، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، به. ومن طريق الإمام مالك أخرجه: الإمام أحمد في "المسند" (3 / 68) ، والبخاري في "صحيحه" (5 / 170 رقم 2542) في كتاب العتق، باب من ملك من العرب رقيقًا فوهب ... ، وأبو داود في "سننه" (2 / 624 رقم 2172) في النكاح، باب ما جاء في العزل، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3 / 33) ، والبيهقي في "سننه" (7 / 229) في النكاح، باب العزل. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (14 / 427 - 428 رقم 18683) . والنسائي في "الكبرى" (3 / 200 - 201 رقم 5045) في العتق، باب ذكر ما يستدل به على منع بيع أمهات الأولاد. كلاهما من طريق يحيى بن أيوب، عن ربيعة، به. وأخرجه البخاري في "صحيحه" (7 / 428 - 429 رقم 4138) في المغازي، باب غزوة بني المصطلق. ومسلم في "صحيحه" (2 / 1061 رقم 125) في النكاح، باب حكم العزل. والنسائي في الموضع السابق برقم (5044) . ثلاثتهم من طريق إسماعيل بن جعفر بن ربيعة، به. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 222) من طريق محمد بن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = إسحاق، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حبان، به. وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (3 / 72) . والبخاري (13 / 390 - 391 رقم 7409) في التوحيد، باب قول الله تعالى: {هو الله الخالق البارئ المصور} . ومسلم في الموضع السابق برقم (126) . والطحاوي (3 / 33) . وابن حبان في "صحيحه" (9 / 504 - 505 رقم 4193 / الإحسان) . والبيهقي في "سننه" (9 / 125) في السير، باب باب وطء السبايا بالملك قبل الخروج من دار الحرب. جميعهم من طريق موسى بن عقبة، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حبان، به. وأخرجه الإمام أحمد أيضًا (3 / 63) . والنسائي في "الكبرى" (4 / 403 رقم 7698) في النعوت، باب الخالق، و (5 / 343 - 344 رقم 9089) في عشرة النساء، باب ذكر الاختلاف على الزهري في خبر أبي سعيد فيه. والبيهقي في (10 / 347) في عتق أمهات الأولاد، باب الرجل يطأ أمته بالملك فتلد له. ثلاثتهم من طريق الضحاك بن عثمان، عن محمد بن يحيى، به. وأخرجه الطحاوي (3 / 33) من طريق أبي الزناد، عن محمد بن يحيى، به. وتابع محمد بن يحيى: محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، فرواه عن عبد الله بن محيريز، به. أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (3 / 88) . والبخاري في "صحيحه" (4 / 420 رقم 2229) في البيوع، باب بيع =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = الرقيق، و (9 / 305 رقم 5210) في النكاح، باب العزل، و (11 / 494 رقم 6603) في القدر، باب وكان أمر الله قدرًا مقدورًا. ومسلم في الموضع السابق من "صحيحه" برقم (217) . والنسائي في "سننه الكبرى" (3 / 200 رقم 5042 و 5043) في العتق، باب ذكر ما يستدل به على منع بيع أمهات الأولاد، و (5 / 343 رقم 9087 و 9088) في عشرة النساء، باب ذكر الاختلاف على الزهري في خبر أبي سعيد فيه. والطحاوي (3 / 33) . والبيهقي (7 / 229) و (10 / 347) . وابن عبد البر في "التمهيد" (3 / 133 - 134) . وللحديث طرق أخرى كثيرة عن أبي سعيد الخدري، فانظرها في "مسند الطيالسي" (ص289 رقم 2177) ، و"مصنف عبد الرزاق" (7 / 146 رقم 12576) ، و"مسند الحميدي" (2 / 329 - 330 رقم 746 و 747 و 748) ، والمطبوع من "سنن سعيد بن منصور" بتحقيق الأعظمي (2 / 102 - 103 رقم 2217 و 2218 و 2219) ، و"مصنف ابن أبي شيبة" (4 / 221) ، و"مسند الإمام أحمد" (3 / 11 و 22 و 26 و 33 و 47 و 49 و 51 و 53 و 57 و 59 و 68 و 72 و 78 و 82 و 92 - 93) ، و"سنن الدارمي" (2 / 72 رقم 2229 و 2230) ، و"صحيح البخاري" (13 / 391 عقب الحديث رقم 7409) ، و"صحيح مسلم" رقم (128 و 129 و 130 و 131 و 132 و 133) ، و"سنن أبي داود" (2 / 623 - 624 رقم 2170 و 2171) ، و"جامع الترمذي" (3 / 435 رقم 1138) في النكاح، باب ما جاء في كراهية العزل، و"سنن ابن ماجه" (1 / 620 رقم 1926) في النكاح، باب العزل، والنسائي في "المجتبى" (6 / 107 - 108) في النكاح، باب العزل، وفي "الكبرى" (3 / 201 رقم 5047 و 5048) ، و (4 / 403 =

[الْآيَةُ (187) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا} إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللهِ} ] 970- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ: {كأنك حفي (1) بها} (2) .

_ = رقم 7697) ، و (5 / 341 - 345 رقم 9079 و 9080 و 9081 و 9082 و 9084 و 9085 و 9086 و 9090 و 9094) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3 / 31 - 34) ، وابن حبان في "صحيحه" (9 / 502 رقم 4191/ الإحسان) ، والبيهقي (7 / 229 - 230) ، وابن عبد البر في "التمهيد" (3 / 140) . (1) من عادة الناسخ ترك كتابة الهمزة، وفي الموضع الآتي من "الدر المنثور" عزاه لعبد بن حميد، وذكر هذه الكلمة مهموزة: ((حفيء)) ، فلست أدري أهي عند سعيد بن منصور مهموزة أم لا؟ (2) رجح ابن جرير الطبري في "تفسيره" (13 / 300 - 301) معنى هذه القراءة، لكن سقط من النسخة بعض كلامه، وقد أشار المحقق إلى ذلك، فكان مما قال: ((فوجّه هؤلاء تأويل قوله: ((كأنك حفي عنها)) إلى: ((حفي بها)) ، وقالوا: تقول العرب: ((تحفَّيْتُ له في المسألة)) ، و: ((تحفّيْت عنه)) ، قالوا: ولذلك قيل: ((أتينا فلانًا نسأل به)) بمعنى: نسأل عنه. قال أبو جعفر: وأولى القولين في ذلك بالصواب: قول من قال: معناه: كأنك حفي بالمسألة عنها فتعلمها ... )) إلخ كلامه. 970- سنده صحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 622) مهموزًا هكذا: {كأنك حفيء بها} ، وعزاه لعبد بن حميد.

971- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ خُصَيْف (1) ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا} - يَقُولُ: كَأَنَّكَ حَفِيٌّ بِهِمْ حَتَّى يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ. [الْآيَتَانِ (189 و 190) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (189) فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} ] 972- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عن عمرو بن دينار،

_ (1) هو ابن عبد الرحمن الجزري، تقدم في الحديث [204] أنه صدوق سيء الحفظ. 971- سنده ضعيف لضعف خصيف من قبل حفظه. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 622) ، وعزاه لعبد بن حميد فقط، ولفظه: عن مجاهد: {يسألونك كأنك حفي} بسؤالهم، قال: كأنك تحب أن يسألوك عنها. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (13 / 298 رقم 15483) من طريق حجاج. وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 213 / ب) من طريق أبي سعيد المؤدب. كلاهما عن خصيف، به.

قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ: {حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَاسْتَمَرَّتْ بِهِ} (1) . 973- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَتّاب بْنُ بَشِيرٍ (2) ، قَالَ: نا خُصَيْف (3) ، عَنْ مُجَاهِدٍ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ. فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا} -، قَالَ: إِنَّ حَوّاء لَمَّا حَمَلَتْ أَتَاهَا إِبْلِيسُ فَقَالَ: إِنِّي أَنَا الَّذِي أَخْرَجْتُكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ، فَإِنْ لَمْ تُطِيعِينِي لَأَجْعَلَنَّ لِابْنِكِ قَرْنَيْنِ فَلَيَشُقَّنَّ بَطْنَكِ أَوْ لَأُخْرِجَنَّهُ مَيِّتًا، فَقَضَى (4) أَنْ خَرَجَ مَيِّتًا، ثُمَّ حَمَلَتِ الثَّانِيَ فَقَالَ لَهَا مِثْلَ مَقَالَتِهِ، فَقَالَتْ لَهُ حَوَّاءُ: أَخْبِرْنِي مَا الَّذِي تُرِيدُ أَنْ أُطِيعَكَ فيه؟

_ (1) رجّح ابن جرير الطبري معنى هذه القراءة، فقال في "تفسيره" (13 / 304 - 305) : ((وأما قوله: ((فمرّت به)) ، فإنه يعني: استمرّت بالماء، قامت به وقعدت وأتمت الحمل ... )) ثم ذكر عن الحسن البصري وقتادة ومجاهد والسدي هذا المعنى، وأشار إلى معنى آخر، فقال: ((وقال آخرون: معنى ذلك: فشكّت فيه ... )) ثم أسند إلى ابن عباس بسند ضعيف جدًّا، والصحيح الثابت عن ابن عباس ما أخرجه سعيد هنا. 972- سنده صحيح. وقد ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 625) وعزاه للمصنِّف وابن المنذر. (2) تقدم في الحديث [204] أنه لا بأس به، إلا في روايته عن خصيف فإنها منكرة، وهذه منها. (3) تقدم في الحديث [204] أنه صدوق سيء الحفظ. (4) أي: الله سبحانه.

قَالَ: سَمِّيه عَبْدَ الْحَارِثِ، فَفَعَلَتْ، فَخَرَجَ بِإِذْنِ اللَّهِ سَوِيًّا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا} ، فَقَالَ عِكْرِمَةُ: لَمْ يُخَصَّ بِهَا آدَمُ، وَلَكِنْ جَعَلَهَا عَامَّةً لِجَمِيعِ النَّاسِ بَعْدَ آدَمَ. [الْآيَةُ (199) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {خُذِ العَفْوَ وَأْمُرْ بِالعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الجَاهِلِينَ} ] 974- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {خُذِ العَفْوَ وَأْمُرْ بِالعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الجَاهِلِينَ} - قَالَ: مَا أُمِرَ إِلَّا أَنْ يأخذ من أخلاقهم وأعمالهم.

_ 973- سنده ضعيف لما تقدم عن حال خصيف، وسيأتي الكلام عن متنه. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 624) وعزاه للمصنِّف وابن المنذر وابن أبي حاتم. وقد أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 217 / أ) من طريق شريك، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جبير، عن ابن عباس، به. وذكره الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (2 / 274 - 275) وذكر غيره من الأحاديث والآثار التي وردت في هذا المعنى، ونقدها، وبين أنها من روايات أهل الكتاب، وأنها مما علمنا كذبه من أخبارهم، وأن الصواب في معنى قوله سبحانه: {فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شركاء فيما آتاهما} : أن المراد من ذلك: المشركون من ذرية آدم، ولهذا قال الله تعالى: {فتعالى الله عما يشركون} ، والله أعلم. 974- هو حديث صحيح لكن من رواية هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عروة ابن الزبير، عن أخيه عبد الله بن الزبير كما أخرجه البخاري في "صحيحه"، وأما هذا الطريق فهي مرسلة، وسندها صحيح إلى عروة، ولكنه معلول. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = فالحديث مداره على هشام بن عروة، واختلف عليه. * فرواه سفيان بن عيينة وعمر بن علي المقدَّمي وعبد الرحمن بن أبي الزناد، عنه، عن أبيه مرسلاً. أما رواية سفيان فهي التي أخرجها المصنف هنا. وأما رواية عمر بن علي المقدَّمي فأخرجها البزار في "مسنده" (6 / 141 رقم 2182) . وأما رواية ابن أبي الزناد فأخرجها ابن جرير الطبري في "تفسيره" (13 / 326 - 327 رقم 15537) . * ورواه معمر بن راشد، واختُلف عليه. فرواه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 245) عنه، عن هشام، عن أبيه مرسلاً مثل رواية من سبق. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" برقم (15538) من طريق محمد بن ثور، عن معمر، عن هشام، عن أبيه، عن أخيه عبد الله بن الزبير، موصولاً مثل رواية من رواه عن هشام هكذا، وهم: * عبد الله بن نمير، وأبو أسامة حماد بن أسامة، ووكيع بن الجراح، وعبدة بن سليمان. أما رواية ابن نمير فأخرجها ابن أبي شيبة في "المصنف" (13 / 388 رقم 16677) . وأما رواية أبي أسامة، فأخرجها: هناد بن السري في "الزهد" (2 / 597 رقم 1264) ، والبخاري في "صحيحه" (8 / 305 رقم 4644) في تفسير سورة الأعراف من كتاب التفسير، باب: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عن الجاهلين} ، والطبراني في "المعجم الكبير" (13 / 107 رقم 257) . وأما رواية وكيع بن الجراح، فأخرجها البخاري أيضًا في الموضع السابق =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = برقم (4643) ، والحاكم في "المستدرك" (1 / 124 - 125) ، وصححه على شرط الشيخين، وفاته أن البخاري أخرجه. وأما رواية عبدة بن سليمان، فأخرجها النسائي في "تفسيره" (1 / 512 / رقم 215) ، وابن جرير الطبري في "تفسيره" برقم (15541) ، والنحاس في "الناسخ والمنسوخ" من طريق النسائي (ص180) . * ورواه محمد بن عبد الرحمن الطُّفَاوي، واختلف عليه. فرواه يعقوب بن إبراهيم ومحمد بن عثمان العقيلي، كلاهما عنه، عن هشام، عن أبيه، عن أخيه عبد الله بن الزبير مثل رواية ابن نمير ووكيع وأبي أسامة وعبدة ن سليمان. أما رواية يعقوب بن إبراهيم، فأخرجها أبو داود في "سننه" (5 / 143 رقم 4787) في كتاب الأدب، باب في التجاوز في الأمر، ومن طريقه البيهقي في "دلائل النبوة" (1 / 310) . وأما رواية محمد بن عثمان العقيلي، فأخرجها البزار في "مسنده" (6 / 140 - 141 رقم 2181) ، ثم قال: ((وهذا الحديث إنما يروي عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أبيه، ولا نعلم أحدًا قال: عن ابن الزبير إلا محمد بن عبد الرحمن)) . اهـ. وفاته أن الأكثرين رووه عن هشام بن عروة مثل رواية الطفاوي عنده. وخالف يعقوب بن إبراهيم ومحمد بن عثمان: عمرو بن محمد الناقد وعثمان بن حفص التنومي، فروياه عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطفاوي، عن هشام، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عمر رضي الله عنهما، به. أما رواية عمرو بن محمد الناقد، فأخرجها: ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 218 / أ) ، والحاكم في "المستدرك" (1 / 124) ، ثم قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط البخاري، وقد احتج بالطفاوي، ولم يخرجاه، وقد قيل فيه: عن عروة، عن عبد الله بن الزبير)) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأما رواية عثمان بن حفص فأخرجها الطبراني في "الأوسط" (2 / 125 رقم 1238) . * ورواه أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عن عبد الله بن الزبير، وهي الرواية الآتية بعد هذه برقم [975] ، وهي شاذة. والصواب من هذه الروايات رواية من رواه عن هشام، عن أبيه عروة بن الزبير، عن أخيه عبد الله بن الزبير، لكون من رواه هكذا من الأئمة الحفاظ، وهم أكثر عددًا، وهم عبد الله بن نمير وأبو أسامة حماد بن أسامة ووكيع بن الجراح وعبدة بن سليمان ومحمد بن عبد الرحمن الطفاوي (في الراجح عنه) ، ومعمر بن راشد (في إحدى الروايتين عنه) ، وهذا ما رجحه البخاري. وأما الرواية المرسلة التي رواها عن هشام: سفيان بن عيينة وعمر بن علي المقدمي وعبد الرحمن بن أبي الزناد ومعمر (في إحدى الروايتين) فيظهر أن الخطأ فيها من هشام نفسه، فمرة كان يكسل فيرسله كما رواه هؤلاء عنه، ومرة كان ينشط فيصله كما رواه الثقات الآخرون عنه. وقد يعكِّر على هذا الترجيح: أن هشام بن عروة لما قدم العراق حدَّث بأحاديث انتقد عليه بعضها، فرواية العراقيين عنه ليست كرواية غيرهم كما سبق بيانه في الحديثين [251 و 769] ، والذين رووا هذا الحديث عن هشام موصولاً هم العراقيون، وأما الذين أرسلوه عنه فمنهم سفيان بن عيينة وابن أبي الزناد وهما حجازيان من بلد هشام؟! ولكن هذا الإشكال لا يخفى مثله على البخاري وهو إمام هذه الصنعة، فقد صحح الرواية الموصولة كما سبق، والله أعلم. وقد تطرق لهذه الاختلاف وغيره الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (8 / 305) فقال: ((وقد اختُلف عن هشام في هذا الحديث، فوصله من ذكرنا عنه، وتابعهم عبدة بن سليمان عن هشام عند ابن جرير، والطفاوي عن هشام عند =

975- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ: نا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَان (1) ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ على المنبر: {خُذِ العَفْوَ وَأْمُرْ بِالعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الجَاهِلِينَ} ، وَاللَّهِ مَا أَمر بِهَا أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مِنْ أَخْلَاقِ النَّاسِ، وَاللَّهِ لآخُذَنَّها مِنْهُمْ ما صحبتهم.

_ = الإسماعيلي، وخالفهم معمر وابن أبي الزناد وحماد بن سلمة عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أبيه من قوله موقوفًا. وقال أبو معاوية: عن هشام، عن وهب بن كيسان، عن ابن الزبير، أخرجه سعيد بن منصور عنه، وقال عبيد الله بن عمر: عن هشام، عن أبيه، عن ابن عمر، أخرجه البزار والطبراني، وهي شاذة، وكذا رواية حماد بن سلمة، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة عند ابن مردويه. وأما رواية أبي معاوية فشاذة أيضًا مع احتمال أن يكون لهشام فيه شيخان. وأما رواية معمر ومن تابعه فمرجوحة بأن زيادة من خالفهما مقبولة لكونهم حفاظًا)) . اهـ. (1) هو وهب بن كيسان القرشي، مولاهم، أبو نعيم المدني، المعلِّم، ثقة كما في "التقريب" (ص585 رقم 7483) . 975- سنده ظاهره الصحة، لكنه معلول بالشذوذ كما سبق ذكره في الحديث السابق، وقد يكون لهشام بن عروة فيه شيخان كما قال الحافظ ابن حجر، فمرة يرويه عن أبيه، ومرة عن وهب بن كيسان، وبكل حال فهو صحيح عن عبد الله بن الزبير كما سبق. وقد ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 628) وعزاه للمصنِّف وابن أبي شيبة والبخاري وأبي داود والنسائي والنحاس في "الناسخ والمنسوخ" وابن جرير الطبري وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وأبي الشيخ وابن مردويه والبيهقي في "دلائل النبوة". والسيوطي بهذا العزو خلط هذه الطريق بالطريق السابقة. =

[الْآيَةُ (204) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذَا قُرِئَ القُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} ] 976- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا العَوَّام (1) ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِذَا قُرِئَ القُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} - قَالَ: فِي الْخُطْبَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ.

_ = وعزاه للمصنِّف من هذا الطريق أيضًا الحافظ ابن كثير كما سبق. وقد أخرجه هناد في "الزهد" (2 / 596 - 597 رقم 1264) . وابن جرير في "تفسيره" (13 / 327 رقم 15540) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 218 / أ) . جميعهم من طريق أبي معاوية، به. (1) هو ابن حَوْشب. 976- سنده صحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 637) بلفظ: هذا في الصلاة والخطبة يوم الجمعة، وعزاه لعبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 478) من طريق هشيم، به. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (13 / 350 رقم 15610) من طريق أبي خالد وابن أبي عتبة، كلاهما عن العوام، به. وأخرجه ابن جرير الطبري أيضًا برقم (15609) من طريق سعيد بن مسروق، عن مجاهد - في قوله: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وأنصتوا} - قال: الإنصات للإمام يوم الجمعة. وانظر الأثر الآتي بعده.

977- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ (1) ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ (2) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ (بْنِ) (3) أبي حرَّة (4) ، عن

_ (1) تقدم في الحديث [6] أنه صدوق. (2) هو ابن المعتمر. (3) في الأصل: ((وابن)) ، وهو خطأ صوابه من مصادر ترجمته. (4) هو إبراهيم بن أبي حرَّة النصيبي، نزيل مكة، روى عن سعيد بن جبير ومجاهد وغيرهما، وعنه ابن عيينة ومنصور ومعمر بن راشد وجماعة، وهو ثقة، وثقه يحيى بن معين والإمام أحمد وأبو حاتم الرازي، وضعفه الساجي، وهو تضعيف بلا حجة، ومعارض بتوثيق هؤلاء الأئمة. انظر "الجرح والتعديل" (2 / 96 رقم 261) ، و"تعجيل المنفعة" (ص15 رقم 7) . وقد تصحف اسم إبراهيم هذا في المصادر التي وجدتها أخرجت هذا الحديث من طريقه، ففي هذا الموضع من "سنن سعيد" هكذا: ((عن إبراهيم وابن أبي حرّة)) ، فأوهمني هذا الكلام أن شعبة بن الحجاج رواه عن اثنين وهما: منصور بن المعتمر وابن أبي حرة، ومنصور يرويه عن إبراهيم - وهو النخعي لأنه من شيوخه -، وابن أبي حرة يرويه عن مجاهد، وأكد هذا الفهم قوله بعد ذلك: ((قالا)) أي: إبراهيم ومجاهد. وأخرج هذا الأثر ابن أبي شيبة وابن جرير كما سيأتي، وأزالا بعض الإشكال وأوقعا في إشكال آخر. فوقع عندهما كليهما قول منصور: ((سمعت إبراهيم بن أبي ... أنه سمع مجاهدًا)) ، فأكد هذا إن إبراهيم هو الذي يروي عن مجاهد، وأنه ليس النخعي، ولكنه نسب عند ابن أبي شيبة هكذا: ((إبراهيم بن أبي حسن)) ، وعند ابن جرير هكذا: ((إبراهيم بن أبي حمزة)) ، فاضطرني هذا إلى الرجوع إلى النسخة الخطية لـ ((مصنف ابن أبي شيبة)) ، فوجدته هناك على الصواب: ((إبراهيم بن أبي حرة)) ، والحمد لله على توفيقه.

مُجَاهِدٍ، (قَالَ) (1) : فِي الصَّلَاةِ وَالْخُطْبَةِ. 978- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مَعْشَر (2) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ (3) ، قَالَ: كَانُوا يتلقَّفون مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إذا قرأ شيئًا قرؤوا

_ (1) في الأصل: ((قالا)) ، وانظر التعليق السابق. 977- سنده حسن لذاته لما تقدم عن حال عبد الرحمن بن زياد، وهو صحيح لغيره لأنه توبع. فقد رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 478 - 479) ، وابن جرير الطبري في "تفسيره" (13 / 351 رقم 15611) ، كلاهما من طريق محمد بن جعفر غندر، عن شعبة، به. وسند ابن أبي شيبة صحيح. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (13 / 351 رقم 15613 و 15615) . وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / 221 / ب) . كلاهما من طريق سفيان الثوري، عن جابر - وهو الجعفي -، عن مجاهد قال: وجب الإنصات في اثنتين: في الصلاة والإمام يقرأ، وفي الجمعة والإمام يخطب. ورواه عن مجاهد أيضًا ليث بن أبي سليم وأبو هاشم إسماعيل بن كثير وحميد الأعرج والقاسم بن أبي بَزّة، ولكنهم ذكروا: ((في الصلاة)) ، ولم يذكروا الخطبة. انظر رواياتهم في "تفسير عبد الرزاق" (1 / 247 - 248) ، و"مصنف ابن أبي شيبة" (2 / 479) ، و"تفسير ابن جرير" (13 / 347 - 349 رقم 15587 و 15589 و 15590 و 15591 و 15592 و 15593 و 15594 و 15595 و 15605) . (2) هو نجيح بن عبد الرحمن، تقدم في الحديث [167] أنه ضعيف. (3) هو القُرظي.

مَعَهُ، حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الَّتِي فِي الْأَعْرَافِ: {وَإِذَا قُرِئَ القُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} . 979- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَوْنُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ قُرَّة، يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْزَلَ هَذِهِ الْآيَةَ: {وَإِذَا قُرِئَ القُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} فِي الصَّلَاةِ؛ إِنَّ النَّاسَ كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ فِي الصَّلَاةِ، وَأَنْزَلَهَا الْقَصَّاصُ في القصص.

_ 978- سنده ضعيف لضعف أبي معشر وإرساله، فإن محمد بن كعب تابعي، وهو حسن لغيره إلى محمد بن كعب كما سيأتي، فيبقى ضعفه لأجل الإرسال. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 643) وعزاه للمصنِّف وابن أبي حاتم. وقد أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / 221 / أ) من طريق أبي صخر، عن محمد بن كعب القرظي أنه قال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - إذا قرأ في الصلاة أجابه من وراءه، إذا قال: بسم الله الرحمن الرحيم قالوا مثلما يقول، حتى تنقضي فاتحة القرآن والسورة، فلبث ما شاء الله أن يلبث ثم نزلت: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وأنصتوا لعلكم ترحمون} ، فقرأ وأنصتوا. وأبو صخر هذا هو حميد بن زياد، تقدم في الحديث [898] أنه صدوق يهم، فالحديث إلى محمد بن كعب حسن لغيره بمجموع الطريقين، ولكنه ضعيف لإرساله. 979- سنده صحيح إلى معاوية. وذكره البيهقي في "سننه" (2 / 155) في الصلاة، باب من قال: يترك المأموم القراءة فيما جهر فيه الإمام بالقراءة، من رواية سعيد بن منصور، وأخرجه =

980- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَوْنُ بْنُ مُوسَى، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّة، قَالَ: سَأَلْتُ الْحَسَنَ (1) ، أَقْرَأُ فِي مُصْحَفٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَمْ أَجْلِسُ إِلَى قَاصٍّ؟ (قَالَ: اقْرَأْ فِي مُصْحَفِكَ، قُلْتُ: أَعُودُ مَرِيضًا أَحَبُّ إِلَيْكَ أَمْ أَجْلِسُ إِلَى قَاصٍّ؟) (2) قَالَ: عُدْ مَرِيضَكَ. قُلْتُ: أشَيِّع جَنَازَةً أَحَبُّ إِلَيْكَ أَمْ أَجْلِسُ إِلَى قَاصٍّ؟ قَالَ: شَيِّع جَنَازَتَكَ. قُلْتُ: اسْتَعَانَ بِي رَجُلٌ عَلَى حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَنْ أَذْهَبَ مَعَهُ أَوْ أَجْلِسُ إِلَى قَاصٍّ؟ قَالَ: اذْهَبْ إِلَى حَاجَةِ أَخِيكَ، حَتَّى جَعَلَهُ خَيْرَ مَجَالِسِ الْفَرَاغِ. 981- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا عَوْنُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ قُرَّةَ يَقُولُ: لَتَاجِر يَجْلب إِلَيْنَا الطَّعَامَ أَحَبُّ إِلَيَّ من

_ = من طريق عفان بن مسلم، عن عون بن موسى، به، ولم يذكر عفان في روايته قوله: ((وأنزلها القصاص في القصص)) . (1) هو البصري. (2) ما بين القوسين سقط من الأصل، فاستدركته من كتاب "القصاص والمذكّرين" (ص182 - 183) لابن الجوزي حيث أخرج الحديث من طريق المصنِّف، ومن كتاب "تحذير الخواص" للسيوطي (ص255 - 256) حيث أورده من طريق المصنف. 980- سنده صحيح. وأخرجه ابن الجوزي في "القصاص والمذكرين" كما سبق من طريق المصنِّف، وأورده السيوطي في الموضع السابق من "تحذير الخواص" من رواية سعيد بن منصور وعزاه أيضًا لابن أبي داود في "المصاحف".

قاصّ بين اثنين. [ل138/ب] قَالَ (1) : وَسَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ قُرَّة يَقُولُ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ للنساء {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} (2) والقُصَّاصُ يأمرونهن بالخروج (3) .

_ (1) أي عون بن موسى. (2) الآية (33) من سورة الأحزاب. (3) يظهر - والله أعلم - أنه يعني حث القُصَّاص الناس على حضور مجالس القصص ومنهم النساء، وربما كان فيه حث للنساء على الصلاة في المساجد. 981- سنده صحيح.

سورة الأنفال

باب تفسير سورة الأنفال تَفْسِيرُ سُورَةِ الْأَنْفَالِ [الْآيَةُ (1) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ للهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} ] 982- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ (1) ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاش بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ (2) ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى الأشْدَق (3) ، عَنْ مَكْحول، عَنْ أَبِي سَلَّام الْبَاهِلِيِّ (4) ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ (5) ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَدْرٍ، فَلَقِيَ بِهَا الْعَدُوَّ، فَلَمَّا هَزَمَهُمُ اللَّهُ، اتَّبَعَتْهُمْ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَقْتُلُونَهُمْ، وَأَحْدَقَتْ طَائِفَةٌ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاسْتَوْلَتْ طَائِفَةٌ عَلَى النَّهْب وَالْعَسْكَرِ، فَلَمَّا رجع الذين طلبوا

_ (1) تقدم في الحديث [168] أنه ضعيف. (2) المخزومي، أبو الحارث المدني، صدوق له أوهام كما في «التقريب» (ص338 / رقم 3831) . (3) تقدم في الحديث [23] أنه صدوق. (4) هو أبو سلاّم ممطور الأسود الحبشي، الباهلي، الأعرج، الدمشقي، ثقة كما في «تهذيب الكمال» (28 / 484 - 488) و «تقريب التهذيب» (ص 545 / رقم 6879) . (5) هو صُدَيّ بن عجلان، صحابي مشهور، وهو هنا يروي عن صحابي مثله.

الْعَدُوَّ، قَالُوا: لَنَا النَّفْل؛ نَحْنُ طَلَبْنَا الْعَدُوَّ، وَبِنَا نَفَاهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَهَزَمَهُمْ، وَقَالَ الَّذِينَ أَحْدَقُوا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا أَنْتُمْ بِأَحَقَّ بِهِ مِنَّا، بَلْ هُوَ لَنَا، نَحْنُ أَحْدَقْنا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَنَالَهُ مِنَ الْعَدُوِّ غِرَّة، وَقَالَ الَّذِينَ اسْتَوْلَوْا عَلَى النَّهب وَالْعَسْكَرِ: مَا أَنْتُمْ بِأَحَقَّ بِهِ مِنَّا، بَلْ هُوَ لَنَا، نَحْنُ اسْتَوْلَيْنَا عَلَيْهِ وأَحْرَزْناه، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رَسُولِهِ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ للهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ... } الْآيَةَ، فَقَسَمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمْ عَنْ فُوَاق (1) ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ يُنَفِّلهم بَادِيَن الرُّبُعَ، فَإِذَا قَفَلُوا الثُّلُثَ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبْرَةً مِنْ ظَهْرِ بَعِيرِهِ، فَقَالَ: ((مَا يَحِلُّ لِي مِنَ الْفَيْءِ قَدْرُ هَذِهِ الْوَبَرَةِ، إِلَّا الْخُمُسَ، وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ، فأدُّوا الخِيَاطَ والمِخْيَطَ، وَإِيَّاكُمْ وَالْغُلُولَ، فَإِنَّهُ عَارٌ عَلَى أَهْلِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَعَلَيْكُمْ بِالْجِهَادِ، فَإِنَّهُ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ يُذْهِبُ اللَّهُ بِهِ الغَمَّ والهَمَّ)) ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْرَهُ النَّفْلَ وَيَقُولُ: ((يَرُدّ (قويُّ) (2) القوم على ضعيفهم)) .

_ (1) أي: قسمها في قدر فُواق ناقة - وهو ما بين الحَلْبتين من الرَّاحة، وتُضَمّ فاؤه وتُفتح -. وقيل: أراد التفضيل في القسمة، كأنه جعل بعضهم أفوق من بعض على قدر غنائمهم وبلائهم. "النهاية في غريب الحديث" (3 / 479) . (2) في الأصل: ((مُقوى)) ، والتصويب من مصادر التخريج. 982- سنده ضعيف لضعف عبد الرحمن بن الحارث من قبل حفظه، ولما في هذه الطريق من المخالفة التي سيأتي الكلام عنها، وأما عبد الله بن جعفر =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = فإنه قد توبع من عدد من الرواة والحديث ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (4 / 5) وعزاه للمصنِّف والإمام أحمد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان وأبي الشيخ والحاكم والبيهقي وابن مردويه. وقد أخرجه البيهقي في «سننه» (9 / 57) في السير، باب قسمة الغنيمة في دار الحرب، ومن طريق المصنف إلى قوله: «فواق» ، ولم يذكر باقيه. وأخرجه محمد بن إسحاق في «السيرة» (2 / 295 - 296 / سيرة ابن هشام) ، فقال: وحدثني عبد الرحمن بن الحارث وغيره من أصحابنا ... ، فذكره، إلا أنه أسقط «أبا سلاّم» من الإسناد. ومن طريق ابن إسحاق أخرجه: الإمام أحمد في «المسند» (5 / 322 - 323) ، وابن جرير الطبري في «التاريخ» (2 / 458) ، وفي «التفسير» (13 / 370 / رقم 15655) ، والحاكم في «المستدرك» (2 / 136 و 326) ، ومن طريقه البيهقي في «سننه» (6 / 292 و 315) في كتاب قسم الفيء والغنيمة، باب بيان مصرف الغنيمة، وباب الوجه الثالث من النفل. وأخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (5 / 190 / رقم 9334) . والإمام أحمد في «المسند» (5 / 319 - 320) . والترمذي في «جامعه» (4 / 130 / رقم 1561) في كتاب السير، باب في النفل. وابن ماجه (2 / 951 / رقم 2852) في الجهاد، باب النفل. وابن أبي حاتم في «تفسيره» (3 / ل 225 / أ) . والهيثم بن كليب في «مسنده» (ل 37 / أ) . والبيهقي في «سننه» (6 / 313) - من طريق عبد الرزاق وغيره - في كتاب قسم الفيء والغنيمة، باب الوجه الثاني من النفل. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = جميعهم من طريق سفيان الثوري، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ، به. ورواه الأشجعي عن الثوري، فأسط عبادة من سنده وجعله من رواية أبي أمامة عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم مباشرة، وخطَّأ أبو حاتم الرازي هذه الرواية، وصوّب رواية من جعله عن أبي أمامة، عن عبادة. انظر «العلل» لابن أبي حاتم (1 / 338 و 343 - 344 / رقم 1003 و 1018) . وأخرجه الإمام أحمد أيضًا (5 / 318 و 319 و 323 - 324) . والدارمي في «سننه» (2 / 147 و 148 / رقم 2485 و 2489 و 2490) . والنسائي في «سننه» (7 / 131) في كتاب قسم الفيء. والهيثم بن كليب في «مسنده» (ل 137 / ب) . والحاكم في «المستدرك» (2 / 74 - 75) . ومن طريقه وطريق غيره أخرجه البيهقي في «سننه» (6 / 303 و 315) في قسم الفيء والغنيمة، باب بيان مصرف خمس الخمس، وباب كراهية النفل من هذا الوجه إذا لم تكن حاجة، و (9 / 20 - 21) في السير، باب أصل فرض الجهاد. جميعهم من طريق أبي إسحاق الفزاري، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ، به. لكن اختُلف على أبي إسحاق، فمنهم من يسقط مكحولاً من الإسناد، ومنهم من يسقط أبا سلاّم، ومنهم من يذكره بإثباتهما، ومنهم من يجعله عن أبي إسحاق، عن الثوري، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ كما تجده في «العلل» لابن أبي حاتم (1 / 343 - 344 / رقم 1018) . وأخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (3 / 228 و 240 و 241) . والهيثم بن كليب في «مسنده» (ل 137 / ب) . كلاهما من طريق عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = به وأخرجه حميد بن زنجويه في «الأموال» (2 / 703 / رقم 1187) ، وعلقه ابن أبي حاتم في «العلل» (1 / 338 / رقم 1003) ، كلاهما عن عبد العزيز بن محمد الدَّرَاوَرْدي، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ، به. وأخرجه ابن جرير الطبري في «تفسيره» (13 / 369 / رقم 15654) من طريق المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث، عن أبيه، به. وأخرجه ابن حبان في «صحيحه» (11 / 193 - 194 / رقم 4855 - الإحسان) . والحاكم في «المستدرك» (2 / 135) و (3 / 49) . ومن طريقه البيهقي في «سننه» (6 / 292 و 315) . كلاهما من طريق إسماعيل بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن الحارث، به. فتبين بهذا أن كلاًّ من عبد الله بن جعفر وسفيان الثوري - في الراجح عنه - وعبد الرحمن بن أبي الزناد وعبد العزيز الدَّرَاوَرْدي والمغيرة بن عبد الرحمن وإسماعيل بن جعفر، كلهم رووه عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ، عن سليمان بن موسى، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ أَبِي سَلَّامٍ، عن أبي أمامة، عن عبادة، وهو الصواب. وأن رواية من رواه بخلاف هذا؛ كرواية محمد بن إسحاق، أو أبي إسحاق الفزاري - في بعض الاختلاف عليه-، أو بعض الاختلاف على الثوري، جميع هذه الروايات تعتبر شاذة، وهذا ما رجحه أبو حاتم الرازي كما في «العلل» لابنه (1 / 338 و 343 - 344 / رقم 1003 و 1018) . وهذا كله بالنسبة للرواية عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ، عن سليمان بن موسى، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ أَبِي سَلَّامٍ. لكن هناك اختلاف على مكحول، وعلى أبي سلاّم. أما الاختلاف على مكحول فلا يؤثر، فالصواب عنه ما رواه سليمان بن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = موسى هنا. وخالفه ثابت بن ثوبان وبُرْد بن سنان. أما ثابت بن ثوبان فرواه عن مكحول، عن عبادة بن الصامت بإسقاط أبي سلاّم وأبي أمامة من الإسناد. أخرجه ابن بشران في «الأمالي» كما في «السلسلة الصحيحة» للشيخ ناصر الدين الألباني (4 / 581) من طريق عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، عن أبيه. وأقل أحوال هذه الرواية أنها منكرة إن سلم سند الحديث فيما بين ابن بشران وعبد الرحمن بن ثابت. فعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان العَنْسي - بالنون - الدمشقي الزاهد هذا صدوق يخطئ، ورمي بالقدر، وتغير بأَخَرٍة كما في «التقريب» (ص337 / رقم 3820) . وأما بُرْد بن سنان فرواه عن مكحول، عن أبي أمامة، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم بإسقاط أبي سلاّم وعبادة. أخرجه الطبراني في «الأوسط» (9 / 153 / رقم 8330) من طريق عمرو ابن الحصين، عن محمد بن عبد الله بن عُلاَثَة، عن برد، به. وسنده ضعيف جدًا، فعمرو بن الحصين العُقَيْلي، الجَزَري متروك كما في «التقريب» (ص 420 / رقم 5012) . وأما الاختلاف على أبي سلاّم، فعلى خمسة أوجه: 1 - رواية مكحول عنه للحديث فيما سبق، عن أبي أمامة، عن عبادة. 2 - رواية أبي سلاّم للحديث عن المقدام بن معدي كرب، عن عبادة، به. ورواه عن أبي سلام على هذا الوجه اثنان، وهما أبو بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي مريم ويحيى بن أبي كثير. أما رواية أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن أبي مريم، فأخرجها الإمام أحمد =

الْعَدُوَّ، قَالُوا: لَنَا النَّفْل؛ نَحْنُ طَلَبْنَا الْعَدُوَّ، وَبِنَا نَفَاهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَهَزَمَهُمْ، وَقَالَ الَّذِينَ أَحْدَقُوا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا أَنْتُمْ بِأَحَقَّ بِهِ مِنَّا، بَلْ هُوَ لَنَا، نَحْنُ أَحْدَقْنا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَنَالَهُ مِنَ الْعَدُوِّ غِرَّة، وَقَالَ الَّذِينَ اسْتَوْلَوْا عَلَى النَّهب وَالْعَسْكَرِ: مَا أَنْتُمْ بِأَحَقَّ بِهِ مِنَّا، بَلْ هُوَ لَنَا، نَحْنُ اسْتَوْلَيْنَا عَلَيْهِ وأَحْرَزْناه، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رَسُولِهِ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ للهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ... } الْآيَةَ، فَقَسَمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمْ عَنْ فُوَاق (1) ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ يُنَفِّلهم بَادِيَن الرُّبُعَ، فَإِذَا قَفَلُوا الثُّلُثَ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبْرَةً مِنْ ظَهْرِ بَعِيرِهِ، فَقَالَ: ((مَا يَحِلُّ لِي مِنَ الْفَيْءِ قَدْرُ هَذِهِ الْوَبَرَةِ، إِلَّا الْخُمُسَ، وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ، فأدُّوا الخِيَاطَ والمِخْيَطَ، وَإِيَّاكُمْ وَالْغُلُولَ، فَإِنَّهُ عَارٌ عَلَى أَهْلِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَعَلَيْكُمْ بِالْجِهَادِ، فَإِنَّهُ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ يُذْهِبُ اللَّهُ بِهِ الغَمَّ والهَمَّ)) ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْرَهُ النَّفْلَ وَيَقُولُ: ((يَرُدّ (قويُّ) (2) القوم على ضعيفهم)) .

_ (1) أي: قسمها في قدر فُواق ناقة - وهو ما بين الحَلْبتين من الرَّاحة، وتُضَمّ فاؤه وتُفتح -. وقيل: أراد التفضيل في القسمة، كأنه جعل بعضهم أفوق من بعض على قدر غنائمهم وبلائهم. "النهاية في غريب الحديث" (3 / 479) . (2) في الأصل: ((مُقوى)) ، والتصويب من مصادر التخريج. 982- سنده ضعيف لضعف عبد الرحمن بن الحارث من قبل حفظه، ولما في هذه الطريق من المخالفة التي سيأتي الكلام عنها، وأما عبد الله بن جعفر =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = المقدام بن معدي كرب، عن الحارث بن معاوية قال: حدثنا عبادة بن الصامت وعنده أبو الدرداء رضي الله عنهما، فذكر الحديث هكذا بزيادة الحارث بن معاوية في سنده. أخرجه البيهقي في «سننه» (9 / 103 - 104) في السير، باب إقامة الحدود في أرض الحرب. وابن عساكر في «تاريخه» (ص6 / عبادة بن أوفى - عبد الله بن ثوب) . كلاهما من طريق محمد بن سلمة، عن أبي عبد الرحيم، عن منصور الخولاني، عن أبي يزيد غيلان، به. وفي سنده منصور الخولاني ولم أجد له من ترجم له. والذي يظهر أن أحد الرواة أخطأ فأدخل الحارث بن معاوية بين المقدام وعبادة، والرواية التي قبل هذه فيها التصريح بأن المقدام كان جالسًا في مجلس فيه عبادة وأبو الدرداء والحارث عن معاوية، فسمع الحديث من عبادة بلا واسطة. 4 - رواية داود بن عمرو، عن أبي سلاّم، عن أبي إدريس الخولاني قال: قال النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الخمس مردود فيكم، فأدوا الخيط والمخيط وما دونه» ، فصلى إلى صفحة بعير. قال أبو سلام: فحدثت به عمر بن عبد العزيز، فاستعادنيه حتى حفظه. أخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» (8 / 57) ، ثم ذكر بعده أن عبد الرحمن بن الحارث رواه عن سليمان بن موسى، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ أَبِي سَلَّامٍ، عن أبي أمامة، عن عبادة، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم، ثم قال البخاري، «وداود أحفظ» يعني من الحارث بن عبد الرحمن، وهذا ترجيح منه رحمه الله لرواية داود بن عمرو المرسلة. وهو داود بن عمرو الأَوْديّ الشامي، الدمشقي، عامل واسط، روى عن بُسْر ابن عبيد الله ومكحول وأبي سلاّم، روى عنه هشيم وخالد بن عبد الله وأبو عوانة، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وهو لا بأس به كما قال أبو زرعة الرازي، وقال الإمام أحمد: «حديثه مقارب» ، وقال ابن معين: «مشهور» ، ووثقه في رواية، وفي أخرى قال: «ليس به بأس» ، وذكره ابن حبان في «الثقات» ، واعتبره البخاري كما سبق أحفظ من عبد الرحمن ابن الحارث، ولم أجد من تكلم فيه من الأئمة سوى العجلي، فإنه قال: «يكتب حديثه، وليس بالقوي» ، واعتمده ابن حجر فقال: «صدوق يخطئ» ، والأصوب ما اعتمده الذهبي في «الكاشف» باختياره قول أبي زرعة الرازي: «لا بأس به» . انظر «تهذيب الكمال» (8 / 431 - 434) ، و «الكاشف» (1 / 291 / رقم 1469) ، و «التقريب» (ص 199/ رقم 1804) . 5 - رواية عبد الله بن العلاء، أنه سمع أبا سلاّم الأسود قال: سمعت عمرو ابن عَبَسة قال: صلى بنا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم إلى بعير ... ، الحديث. أخرجه أبو داود في «سننه» (3 / 188 / رقم 2755) في الجهاد، باب في الإمام يستأثر بشيء من الفيء لنفسه. والحاكم في «المستدرك» (3 / 616 - 617) . والبيهقي في «سننه» من طريق أبي داود (6 / 339) في قسم الفيء والغنيمة، جماع أبواب تفريق الخمس. كلاهما من طريق عبد الله بن العلاء، به. وعلقه البخاري في «تاريخه» (8 / 58) ، مشيرًا إليه في جملة الاختلاف على أبي سلام، مع ترجيحه لرواية داود بن عمرو السابقة. وسأل عبد الرحمن بن أبي حاتم في «العلل» (1 / 303 / رقم 907) أباه عن هذا الحديث، فقال: «ما أدري ما هذا! لم يسمع أبو سلام من عمرو بن عبسة شيئًا، إنما يروي عن أبي أمامة، عنه» اهـ. وإنما استنكر أبو حاتم الرازي قول أبي سلام هنا: «سمعت عمرو بن عبسة» . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وعبد الله بن العلاء بن زَبْر الرَّبْعي، الدمشقي ثقة كما في «التقريب» (ص 317 / رقم 3521) . والراوي عنه هو الوليد بن مسلم، وتقدم في الحديث [130] أنه ثقة. فتلخّص من خلال ما سبق أن: 1 - مكحولاً رواه عن أبي سلام، عن أبي أمامة، عن عبادة، والسند إلى مكحول ضعيف. 2 - وأن أبا بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي مريم ويحيى بن أبي كثير وأبا يزيد غيلان مولى كنانة ثلاثتهم رووه عن أبي سلام، عن المقدام بن معدي كرب، عن عبادة، إلا أن غيلان أدخل بين المقدام وعبادة: الحارث بن معاوية. وجميع هذه الأسانيد الثلاثة ضعيفة، وبعضها يقوي بعضًا. 3 - وأن داود بن عمرو رواه عن أبي سلام، عن أبي إدريس الخولاني، مرسلاً، ورجح هذه الطريق البخاري. 4 - وأن الوليد بن مسلم رواه عن عبد الله بن العلاء بن زَبْر، عن أبي سلام، عن عمرو بن عبسة، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم، ووقع التصريح بالسماع في جميع طبقات «السند» ، واستنكر أبو حاتم الرازي كون أبي سلام سمع من عمرو، وجميع رجال السند ثقات. والإشكال فيما أرى إنما هو بين الأوجه الثلاثة الأخيرة، والترجيح بينها فيه ما فيه، لكن يؤيد رواية من رواه عن أبي سلام، عن المقدام، عن عبادة: أنه ورد من غير طريق أبي سلام، إلا أنه يشكل عليه أن المقدام المذكور فيه ليس هو ابن معدي كرب، الصحابي، وإنما المقدام الرهاوي تابعي لا يعرف بعدالة ولا جرح، والقصة هي القصة، فلست أدري، هل وقع خطأ من أبي سلام أو ممن دونه في تسميته ابن معدي كرب، أو ممن دون الحسن البصري في تسميته الرهاوي، أو هما حادثتان؟! =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = فقد أخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (1 / 385) ، وابن عساكر في «تاريخه» (ص 6 - 7 / عبادة بن أوفى - عبد الله بن ثوب) ، وعلقه البخاري في «التاريخ الكبير» ، مختصرًا (7 / 429 - 430) ، من طريق الحسن البصري، عن المقدام الرهاوي، قال: جلس عبادة بن الصامت وأبو الدرداء والحارث بن معاوية، فقال أبو الدرداء: أيكم يحفظ حديث رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم حين صلى بنا إلى بعير من المغنم، فقال عبادة: أنا ... ، فذكره. والمقدام الرهاوي هذا ذكره البخاري في الموضع السابق من «تاريخه» وسكت عنه، ولم يذكر فيه ابن أبي حاتم جرحًا ولا تعديلاً (8 / 320 / رقم 1394) ، وذكره ابن حبان في «الثقات» (5 / 449) ، وقال البزار: (لا يعلم حدث عنه إلا الحسن» كما في «لسان الميزان» (6 / 85 / رقم 305) . وله طريقان آخران عن عبادة. فأخرجه ابن ماجه في «سننه» (2 / 950 - 951 / رقم 2850) في الجهاد، باب الغلول، من طريق أبي سنان عيسى بن سنان، عن يعلى بن شداد، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: صلى بنا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم يوم حنين إلى جنب بعير من المقاسم، ثم تناول شيئًا من البعير، فأخذ منه قَرَدَةً - يعني وَبرَةً -، فجعل بين إصبعيه، ثُمَّ قَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إن هذا من غنائمكم، أدّوا الخَيْط والمِخْيَط فما فوق ذلك، فما دون ذلك، فإن الغلول عَارٌ عَلَى أَهْلِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وشَنَار ونار» . قال البوصيري في «مصباح الزجاجة» (2 / 419) : «هذا إسناد حسن، عيسى بن سنان القسملي مختلف فيه، وله شاهد من حديث أبي هريرة، رواه أبو داود» . وأخرجه عبد الله بن الإمام أحمد في «زوائد المسند» (5 / 330) . والطبراني في «الأوسط» (6 / 306 - 307 / رقم 5656) . كلاهما من طريق عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سالم القزّاز المفلوج، عن عبيدة =

983- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ؛ قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الشَّيْباني (1) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الثَّقَفي (2) ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ:

_ = ابن الأسود، عن القاسم بن الوليد، عن أبي صادق، عن ربيعة بن ناجذ، عن عبادة ابن الصامت، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم أنه كان يأخذ الوبرة من جنب البعير من المغنم ويقول: «ما لي فيه إلا مثل ما لأحدكم، إياكم والغلول، فإنه خزي على صاحبه يوم القيامة، فأدوا الخياط والمخيط وما فوق ذلك، وجاهدوا في الله القريب والبعيد في الحضر والسفر، فإن الجهاد باب من أبواب الجنة ينجِّي صاحبه من الهمّ والغمّ» . وفي سنده عبيدة بن الأسود الكوفي وهو صدوق ربما دلَّس كما في «التقريب» (ص 379 / رقم 4415) ، فإن سلم الحديث من عنعنته، فهي طريق قوية للحديث. وبكل حال فالذي أراه أن الحديث بمجموع هذه الطرق ثابت عن عبادة، وأنه لا ينزل عن رتبة الحسن. وله شاهدان: الأول: من رواية عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده رضي الله عنه. والثاني: من رواية أم حبيبة بنت العرباض بن سارية، عن أبيها رضي الله عنه. وتجد تخريجهما والكلام عليهما في «غوث المكدود بتخريج منتقى ابن الجارود» للأخ أبي إسحاق الحويني (3 / 334 - 337) . 1 - هو أبو إسحاق سليمان بن أبي سليمان. 2 - هو محمد بن عبيد الله بن سعيد، أبو عون الثقفي، الكوفي، الأعور ثقة كما في «التقريب» (ص 494 / رقم 6107) ، لكن روايته عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ مرسلة كما نص عليه أبو زرعة الرازي. انظر «المراسيل» لابن أبي حاتم (ص 184 / رقم 665) .

لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ قَتَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ (1) ، وَأَخَذْتُ سَيْفَهُ، وَكَانَ يُسَمّى: ذَا الكَتِيْفَةِ (2) ، فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (3) ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((اذْهَبْ فَاطْرَحْهُ فِي القَبْض)) (4) ، فَذَهَبْتُ وَبِي مَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ؛ مِنْ قَتْلِ أَخِي وَأَخْذِ سَلَبي، فَمَا جَاوَزَتْهُ إِلَّا قَلِيلًا حَتَّى نَزَلَتْ سُورَةُ الْأَنْفَالِ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((اذْهَبْ فخذ سيفك)) .

_ (1) كذا جاء في هذه الرواية، وصوب أبو عبيد في «كتاب الأموال» (ص 279) أنه العاص بن سعيد بن العاص، وكذا الحافظ ابن حجر في «الإصابة» (4 / 726) وانظر «حاشية تفسير الطبري» (13 / 374) . (2) الكَتِيْفَةُ: حديدة عريضة طويلة، وربما كانت كأنها صحيفة ... ، ويقال للسيف الصفيح: كَتيف. اهـ. من «لسان العرب» (9 / 295 - 296) . (3) في رواية المصنِّف لهذا الحديث في كتاب الجهاد من نفس الطريق: «فجئت به إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم وقد قتل أخي عتبة قبل ذلك» . (4) قال أبو عبيدة في «الأموال» (ص279) ، «القبض: الذي تجمع عنده الغنائم» . 983 - سنده ضعيف للانقطاع بين مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ وسعد بن أبي وقاص، وأصل القصة صحيح ثابت في «صحيح مسلم» كما سيأتي. والحديث ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (4 / 3) وعزاه لابن أبي شيبة وأحمد وابن جرير الطبري وابن مردويه. وسبق أن أخرجه المصنِّف في كتاب الجهاد في القسم المطبوع بتحقيق الأعظمي (2 / 276 - 277 / رقم 2689) ، باب النفل والسلب في الغزو والجهاد، من طريق أبي معاوية. وأخرجه أبو عبيد في كتاب «الأموال» (ص279) . =

984- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْر (1) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: سُورَةُ الْأَنْفَالِ؟ قَالَ: نَزَلَتْ في أهل بدر.

_ وابن أبي شيبة في «المصنف» (12 / 370 / رقم 14031) . والإمام أحمد في «المسند» (1 / 180) . ومن طريقه الواحدي في «أسباب النزول» (ص 227) . وأخرجه حميد بن زنجويه في «الأموال» (2 / 675 - 676 / رقم 1126) . وابن جرير الطبري في «تفسيره» (13 / 373 / رقم 15659) . جميعهم من طريق أبي معاوية، به. وذكر ابن حجر في «الإصابة» (4 / 726) أن البغوي أخرجه من طريق الثقفي، عن سعد، به. وله طريق آخر أخرجه مسلم في «صحيحه» (3 / 1367 - 1368/ رقم 33 و 34) في الجهاد والسير، باب الأنفال، و (4 / 1877 - 1878/ رقم 43 و 44» في فضائل الصحابة، باب في فضل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، من طريق مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قال: أصاب رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم غنيمة عظيمة، فإذا فيها سيف، فأخذته، فأتيت به الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: نفَّلني هذا السيف، فأنا من قد علمت حاله، فقال: «رُدّه من حيث أخذته» ، فانطلقت، حتى إذا أردت أن أُلقيه في القبض لامتني نفسي، فرجعت إليه، فقلت: أعطنيه، قال: فشدّ لي صوته: «رُدّه من حيث أخذته» ، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يسألونك عن الأنفال} . وفي بعض طرقه زيادة. (1) هو جعفر بن إياس. 984 - سنده صحيح، وعنعنة هشيم هنا لا تؤثر؛ لأنه صرح بالسماع في رواية البخاري. =

[الآية (15 و 16) : قَوْلُهُ تَعَالَى: { [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ. وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المَصِيرُ} ] 985- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: نا يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ (1) ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: لَقِينَا الْعَدُوَّ فَحَاصَ الْمُسْلِمُونَ حَيْصَة (2) ، فَكُنْتُ فيمن حَاصَ،

_ = والحديث ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (4 / 3) وعزاه للمصنِّف والبخاري وابن المنذر وأبي الشيخ وابن مردويه. وقد أخرجه البيهقي في «سننه» (9 / 58) في السير، باب قسمة الغنيمة في دار الحرب، من طريق المصنِّف، به مثله. وأخرجه أبو عبيد في «فضائل القرآن» (ص 130 / رقم 36 - 37) . والبخاري في «صحيحه» (8 / 306 و 628 / رقم 4645 و 4882) في كتاب التفسير، باب تفسير سورة الأنفال، وباب تفسير سورة الحشر. ومسلم في «صحيحه» (4 / 2322 / رقم 31) في كتاب التفسير، باب في سورة براءة والأنفال والحشر. ثلاثتهم من طريق هشيم، به. وفي رواية البخاري تصريح هشيم بالتحديث عن أبي بشر، وجميعهم ذكروا ما يتعلق بسورة التوبة وسورة الحشر، وأما المصنف فقد فرقه في المواضع الثلاثة، فانظر ما يأتي في أوائل السورتين. (1) تقدم في الحديث [18] أنه ضعيف. (2) قوله: «فحاص المسلمون حيصة» مكرر بالأصل. =

فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، فَتَعَرَّضْنَا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَحْنُ الفَرَّارون، فَقَالَ: ((بَلْ أَنْتُمُ العَكَّارُون (1) ، إِنِّي فِئَتُكُمْ)) .

_ = ومعناه: جالوا جَوْلةً يطلبون الفرار، والمَحِيْص: المَهْرب. انظر «النهاية» (1 / 468) . (1) قال الترمذي في «جامعه» (4 / 215) : «ومعنى قوله: فحاص الناس حيصة: يعني أنهم فرُّوا من القتال. ومعنى قوله: بل أنتم العَكّارُون: والعكّار الذي يفرّ إلى إمامه لينصره، ليس يريد الفرار من الزَّحْف» . 985 - سنده ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد. وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (4 / 38) وعزاه للمصنِّف وابن سعد وابن أبي شيبة والإمام أحمد وعبد بن حميد والبخاري في «الأدب المفرد» وأبي داود والترمذي وابن ماجه وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس وأبي الشيخ وابن مردويه والبيهقي في «شعب الإيمان» . والحديث أعاده المصنِّف هنا وكان قد رواه في المطبوع من «السنن» بتحقيق الأعظمي (2 / 225 / رقم 2539) كتاب الجهاد، باب من قال: الإمام فئة كل مسلم. وأخرجه الإمام أحمد في «المسند» (2 / 100) من طريق خالد بن عبد الله، به. وأخرجه الشافعي في «الأم» (4 / 93) . والحميدي في «مسنده» (2 / 320 / رقم 687) . وابن سعد في «الطبقات» (4 / 145) . وابن أبي شيبة في «المصنف» (12 / 535 - 536 / رقم 15533) . والإمام أحمد في «المسند» (2 / 58 و 70 و 86 و 99 و 111) . والبخاري في «الأدب المفرد» (2 / 436 - 437 / رقم 972) . =

986- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (1) ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ (2) ، عَنْ مُجَاهِدٍ (3) ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ أَنَا فِئَةُ كُلِّ مُسْلِمٍ.

_ وأبو داود في «سننه» (3 / 106 - 107 / رقم 2647) ، في الجهاد، باب في التولي يوم الزحف. والترمذي في «جامعه» (4 / 215 / رقم 1716) في الجهاد، باب ما جاء في الفرار من الزحف. وأبو يعلى في «مسنده» (9 / 446 - 447 / رقم 5596) و (10 / 158 / رقم 5781) . وابن الجارود في «المنتقى» (3 / 305 - 306 / رقم 1050) . والطحاوي في «مشكل الآثار» (2 / 357 - 358 / رقم 900 و 901 و 902) . وابن أبي حاتم في «التفسير» (3 / 232 / ب) . والنحاس في «الناسخ والمنسوخ» (ص 185) . وأبو نعيم في «الحلية» (9 / 57) . والبيهقي في «سننه» (9 / 76 - 77 / من طريق الشافعي وغيره) ، وفي «شعب الإيمان» (8 / 247 - 248 / رقم 4002) . والبغوي في «شرح السنة» (11 / 68 - 69 / رقم 2708 / من طريق الشافعي) . جميعهم من طريق يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، به. (1) هو ابن عُلَيَّة. (2) هو عبد الله بن أبي نجيح، تقدم أنه مدلس، لكن روايته عن مجاهد محتملة وإن كانت بالعنعنة كما تقدم بيانه في الحديث [184] . (3) هو ابن جبر المكي، وهو هنا يروي عن عمر بن الخطاب ولم يسمع منه كما في المراسيل لابن أبي حاتم (ص204 - 205 / رقم 754) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = 986 - سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف للانقطاع بين مجاهد وعمر رضي الله عنه، وهو صحيح من غير هذا الطريق كما سيأتي. وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (4 / 36) وعزاه لابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم. والحديث أعاده المصنف هنا، وكان قد رواه في القسم المطبوع من «السنن» بتحقيق الأعظمي (2 / 225 / رقم 2540) بمثل ما هنا سواء. وأخرجه سفيان الثوري في «تفسيره» (ص 116 - 117 / رقم 302) . وابن المبارك في «الجهاد» (ص201 / رقم 262) . والشافعي في «الأم» (4 / 93) . وعبد الرزاق في «المصنف» (5 / 252 / رقم 9524 / من طريق الثوري وغيره» . وابن أبي شيبة في «المصنف» (12 / 536 / رقم 15535/ من طريق الثوري» . وابن جرير الطبري في «تفسيره» (13 / 440 / رقم 15815 / من طريق الثوري وابن المبارك وغيرهما) . والبيهقي في «السنن» (9 / 77 / من طريق الشافعي) من كتاب السير، باب من تولى مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فئة. جميعهم عن ابن أبي نجيح، به وله طرق أخرى عن عمر. فمنها طريق يرويه محمد بن سيرين عند ابن أبي شيبة (12 / 536 / رقم 15534) ، وابن جرير (13 / 439 / رقم 15812) ، وآخر يرويه أبو الزبير عن غير واحد، وهو عند عبد الرزاق في «المصنف» (5 / 252 / رقم 9523) ، وآخر يرويه قتادة، وهو أيضًا عند عبد الرزاق برقم (9522) وآخر يرويه إبراهيم =

[الْآيَةُ (27) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} 987- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ (1) ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي (قَتَادَةَ) (2) ، يَقُولُ - فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ -:

_ = النخعي، وهو عند ابن أبي شيبة (12 / 537 / رقم 15536) ، وجميعها مراسيل ضعيفة. وأخرجه عبد الله بن المبارك في «كتاب الجهاد» (ص 190 / رقم 233 / 2) . ومن طريقه أخرجه ابن جرير برقم (15814) من طريق سليمان التيمي، عن أبي عثمان، قال: لما قتل أبو عبيد جاء الخبر إلى عمر فقال: يا أيها الناس، أنا فئتكم. وسنده صحيح، رجاله كلهم ثقات، وهو متصل، فأبو عثمان الراوي له عن عمر هو أبو عثمان النهدي واسمه عبد الرحمن بن مِلّ. وأخرج البيهقي في الموضع السابق من «سننه» من طريق شعبة، عن سماك، سمع سويدًا، سمع عمر بن الخطاب يقول لما هزم أبو عبيدة: «لو أتوني، كنت فئتهم» . قال الشيخ ناصر الدين الألباني في «إرواء الغليل» (5 / 28) ، «وهذا سند صحيح على شرط مسلم» . وسويد الراوي عن عمر هو أبو صفوان، ويقال: أبو مَرْحب سويد بن قيس له صحبة. (1) هو إسماعيل. (2) في الأصل: «خالد» ، وهو تصحيف بسبب وجود إسماعيل بن أبي =

نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {لَا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ} قَالَ: سَأَلُوا أَبَا لُبَابَة بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ بَنُو قُرَيْظَةَ يَوْمَ قُرَيْظَةَ: مَا هَذَا الْأَمْرُ (1) ؟ فَأَشَارَ إِلَى حَلْقِهِ يَقُولُ: الذَّبْح، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ. قَالَ: قَالَ سُفْيَانُ: قَالَ أَبُو لُبَابَةَ: مَا زَالَتْ قَدَمَايَ حَتَّى عَلِمْتُ أَنِّي خُنْتُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. 988- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْري، عَنْ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ (2) ، أَنَّ أَبَا لُبابَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ - أو كعب بن

_ = خالد في السند، والتصويب من الموضع الآتي من «تفسير ابن جرير» ، و «الدر المنثور» ، إلا أنه وقع في «الدر» : و «عبد الله بن قتادة» . وهو عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي قَتَادَةَ الأنصاري، المدني، ثقة كما في «التقريب» (ص 318 / رقم 3538) . (1) أي النزول على حكم الله ورسوله. 987 - سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف لإرساله، فعبد الله بن أبي قتادة تابعي، وقول سفيان معضل، وانظر الحديث الآتي بعده. وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (4 / 48) وعزاه للمصنِّف وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ. وقد أخرجه ابن جرير في «تفسيره» (13 / 482 / رقم 15942) من طريق عبد الله بن الزبير الحميدي، عن سفيان بن عيينة، به مختصرًا. (2) هناك حادثتان وقعتا، إحداهما لأبي لبابة بن عبد المنذر، والأخرى لكعب بن مالك كما سيأتي، ويرويهما الزهري، لكن اختلف عليه في هذين الحديثين. فالحديث الذي أخرجه سعيد بن منصور هنا هو في الحقيقة حديث أبي لبابة، لا كعب بن مالك، وسيأتي ذكر الاختلاف في سنده، لكن لم يذكر أحد من =

مَالِكٍ - قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَنْخَلعَ مِنْ مَالِي، وَأَهْجُرَ دَارِي الَّتِي أصبتُ فِيهَا الذَّنْبَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((يُجْزِئُ عَنْكَ مِنْ ذَلِكَ الثُّلُثُ)) .

_ = الرواة عن الزهري أن شيخ الزهري في قصة أبي لبابة هو ابن كعب بن مالك سوى سفيان بن عيينة ومعمر، وابن كعب بن مالك إما أن يكون عبد الله بن كعب بن مالك، أو ابنه عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بن كعب، وكلاهما ثقة كما في «التقريب» (ص319 و 344 / رقم 3552 و 3923) ، بل قيل إن لعبد الله رؤية. وأما حديث كعب فسيأتي ذكره. 988 - سنده ضعيف لإرساله، وهو مضطرب، والصحيح إنما هو حديث كعب بن مالك، وهو مخرج في «الصحيحين» . فقد اختُلف على الزهري في هذا الحديث اختلافًا شديدًا. فرواه سعيد بن منصور هنا عن سفيان بن عيينة، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ كَعْبِ بن مالك مرسلاً، على الشك في كون صاحب القصة أبا لبابة أو كعب بن مالك. وخالف سعيد بن منصور: عبيد الله بن عمر القواريري، فرواه عن سفيان ابن عيينة، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ كَعْبِ بن مالك، عن أبيه، به هكذا موصولاً. أخرجه أبو داود في «سننه» (3 / 613 / رقم 3319) في الأيمان والنذور، باب فيمن نذر أن يتصدق بماله. ومن طريق أبي داود أخرجه البيهقي في «سننه» (10 / 68) في الأيمان، باب الخلاف في النذر الذي يخرجه مخرج اليمين. ثم أخرجه أبو داود أيضًا (3 / 613 - 614/ رقم 3320) من طريق محمد ابن المتوكل عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، قال: أخبرني ابن كعب بن مالك، قال: كان أبو لبابة ... ، فذكر معناه هكذا مرسلاً، ومن طريقه البيهقي في =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = الموضع السابق. وهذه الرواية موافقة لرواية سعيد بن منصور، عن سفيان، عن الزهري، لكن الذي في «مصنف عبد الرزاق» - وهو من رواية الدَّبَري عن عبد الرزاق - (9 / 74 / رقم 16395) عن ابن جريج ومعمر، عن الزهري، أن أبا لبابة لما تاب الله عليه ... ، الحديث هكذا معضلاً. وقد أخرجه الإمام أحمد في «المسند» (3 / 452 - 453 و 502) من طريق روح، عن ابن جريج، أخبرني ابن شهاب - أي الزهري -، أن الحسين بن السائب ابن أبي لبابة أخبره، أَنَّ أَبَا لُبَابَةَ بْنَ عَبْدِ المنذر لما تاب الله عليه ... الحديث مرسلاً هكذا بالاختلاف في شيخ الزهري، فلست أدري، أهو اختلاف على ابن جريج أيضًا، أم رواية أخرى لابن جريج عن الزهري؟ وقد رواه عن الزهري بتسمية شيخه هكذا غير ابن جريج، مع بعض الاختلاف. فأخرجه البيهقي في الموضع السابق من «سننه» (10 / 67) من طريق يونس بن يزيد، عن ابن شهاب الزهري، قال: أخبرني بعض بني السائب بن أبي لبابة، أن أبا لبابة: فذكره هكذا مرسلاً. وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (5 / 22 - 23 / رقم 4509) ، ومن طريقه أبو نعيم في «معرفة الصحابة» (3 /110 - 111 / رقم 1184) ، من طريق محمد بن أبي حفصة، عن الزهري، عن الحسين بن السائب بن أبي لبابة، عن أبيه قال: لما تاب الله على أبي لبابة ... ، فذكره هكذا بزيادة والد الحسين، ويظهر أنه يعني أباه الأعلى، وهو جده أبو لبابة. فقد أخرجه الطبراني عقبه برقم (4510) ، من طريق أسامة بن زيد، عن ابن شهاب، حدثني بعض ابن السائب بن أبي لبابة، عن أبي لبابة أنه قال: يا رسول ... ، فذكره. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ويؤيد ذلك أن البيهقي أخرجه في "سننه" (4 / 181) في الزكاة، باب ما يستدل به على أن قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى)) ... ، من طريق محمد بن الوليد الزبيدي، عن الزهري، عن حسين بن السائب بن أبي لبابة، أن جده حدثه، أن أبا لبابة حين تاب الله عليه ... ، الحديث. وثَمَّةَ اختلاف آخر. فأخرجه الإمام مالك في "الموطأ" (2 / 481 / رقم 16) في النذور والأيمان، باب جامع الأيمان، عن عثمان بن حفص بن عمر بن خلدة، عن ابن شهاب أنه بلغه أن أبا لبابة ... ، الحديث. وهذا بالنسبة لحادثة أبي لبابة. وأما حادثة كعب بن مالك فمدارها على الزهري، واختُلف عليه فيها. فمنهم من يروي الحديث عنه، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الله بن كعب بن مالك، عن أبيه عبد الله بن كعب، عن كعب بن مالك، ومنهم من يرويه عنه، عن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه، ومنهم من يرويه عنه، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الله بن كعب، عن جده كعب ... ، وغير ذلك من الاختلاف الذي تجده والجواب عنه في "فتح الباري" (8 / 117) . وحديث كعب هذا جزء من حديثه الطويل في قصة توبته لما تخلف عن غزوة تبوك هو وَهِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ وَمَرَارَةُ بْنُ الربيع، ونزل فيهم قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خلفوا ... } الآية (118) من سورة التوبة، والشاهد من الحديث قوله: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي صدقة إلى الله وإلى رسوله، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك)) ، قلت: فإني أمسك سهمي الذي بخيبر. أخرجه البخاري في "صحيحه" (5 / 386 / رقم 2757) في الوصايا، باب إذا تصدق أو وقف بعض رقيقه أو دوابه فهو جائز، و (8 / 113 - 116 و 341 =

[الْآيَةُ (29) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا ... } الْآيَةُ] 989- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ؛ قَالَ: نا جَرِيرٌ (1) ، عَنْ مَنْصُورٍ (2) ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا} -: مخرجًا (3) .

_ = - 432 رقم 4418 و 4673) في كتاب المغازي، باب حديث كعب بن مالك، وفي كتاب التفسير، تفسير سورة التوبة، باب: {لقد تاب الله على النبي ... } الآية، و (11 / 572 / رقم 6690) في الأيمان والنذور، باب إذا أهدى ماله على وجه النذر والتوبة. ومسلم في «صحيحه» (4 / 2120 - 2129 / رقم 53 و 54 و 55) في كتاب التوبة، باب حديث توبة كعب بن مالك وصاحبيه. كلاهما من طريق الزهري، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الله بن كعب، عن أبيه عبد الله بن كعب، عن كعب بن مالك، به. ولما أخرج البيهقي حديث أبي لبابة في «سننه» (10 / 68) قال: «هو بهذا اللفظ في قصة أبي لبابة، فأما ما قال لكعب بن مالك فغير مقدر بالثلث» ، ثم أخرجه من حديث كعب، ثم قال: «وهذا حديث صحيح، والأول مختلف في إسناده ولا يثبت موصولاً، ولا يصح الاحتجاج به في هذه المسألة، فأبو لبابة إنما أراد أن يتصدق بماله شكرًا لله تعالى حين تاب الله عليه، فأقره النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يمسك بعض ماله كما قال لكعب بن مالك، ولم يبلغنا أنه نذر شيئًا أو حلف على شيء والله أعلم» . اهـ. (1) هو ابن عبد الحميد. (2) هو ابن المعتمر. (3) قال ابن جرير في «تفسيره» (13 / 488) : «وقد اختلف أهل التأويل =

[الْآيَةُ (32) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذْ قَالُوا اللهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ} الآية] 990- حدثنا [ل139/أ] سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ (1) ، عَنِ أبي بشر (2) ،

_ = في العبارة عن تأويل قوله: {يجعل لكم فرقانًا} فقال بعضهم: مخرجًا، وقال بعضهم: نجاة، وقال بعضهم: فصلاً، وكل ذلك متقارب المعنى وإن اختلفت العبارات عنها» . 989 - سنده صحيح. وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (4 / 50) بلفظ: مخرجًا في الدنيا والآخرة، وعزاه لابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وأبي الشيخ. وقد أخرجه ابن جرير في «تفسيره» (13 / 488 / رقم 15936) من طريق شيخه وسفيان بن وكيع، عن جرير، به مثله. وأخرجه سفيان الثوري في «تفسيره» (ص 118 / رقم 309) عن منصور عن مجاهد، به مثله. ومن طريق سفيان أخرجه عبد الرزاق في «تفسيره» (1 / 258) ، ومن طريق عبد الرزاق وطرق أخرى عن الثوري أخرجه ابن جرير في «تفسيره» (13 / 488 - 489 / رقم 15937 و 15943 و 15947) . وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (15944) من طريق زائدة عن منصور، وبرقم (15938 و 15939 و 15940 و15941) من طريق جابر الجعفي وابن أبي نجيح، كلاهما عن مجاهد. (1) لم يصرح هشيم هنا بالسماع، لكنه صرح به في رواية ابن جرير الآتية. (2) هو جعفر ابن إياس.

عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ} - قَالَ: نَزَلَتْ فِي النَّضْر بْنِ الحارث. [الآيتان (33 و 34) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ. وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ المَسْجِدِ ... } الْآيَةُ] 991- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حُصين (1) ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ (2) - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ (3) وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} -،

_ 990 - سنده صحيح عن سعيد بن جبير، ولكنه مرسل. وذكره السيوطي في «الدر» (4 / 55) وعزاه لابن جرير وابن أبي حاتم. وقد أخرجه ابن جرير الطبري في «تفسيره» (13 / 505 / رقم 15981) من طريق شيخه يعقوب بن إبراهيم الدورقي، قال: حدثنا هشيم، قال: حدثنا أبو بشر ... ، فذكره بمثله. وأخرجه ابن أبي حاتم في «تفسيره» (3 / ل 240 / ب) من طريق شعبة، عن أبي بشر، به. (1) هو ابن عبد الرحمن السلمي تقدم في الحديث [56] أنه ثقة تغير حفظه بالآخر، لكن الراوي عنه هنا هو خالد بن عبد الله الواسطي، وهو ممن روى عنه قبل التغير. (2) هو غزوان الغفاري. (3) في الأصل: (وما كان ليعذبهم) .

قَالَ: هَذِهِ لِلْمُسْلِمِينَ: - {وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللهُ} -، قَالَ: هَذِهِ لِلْمُشْرِكِينَ. [الْآيَةُ (40) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَوْلَاكُمْ نِعْمَ المَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} ] 992- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الْأَحْوَصِ (1) ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ (2) ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ (3) ، قَالَ: أَمَّنا عَبْدُ اللِّهِ بْنُ مَسْعُودٍ فِي صَلَاةِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ، فَافْتَتَحَ الْأَنْفَالَ فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ: {نِعْمَ المَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} ، رَكَعَ، ثُمَّ قَامَ فَقَرَأَ فِي الركعة الثانية بسورة.

_ 991 - سنده صحيح. وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (4 / 57) وعزاه لعبد بن حميد وابن جرير. وقد أخرجه ابن جرير في «تفسيره» (13 / 510 / رقم 15991 و 15992 و15994) من طريق هشيم وعمران بن عيينة، كلاهما عن حصين، به. (1) هو سلاّم بن سُليم. (2) هو السبيعي عمرو بن عبد الله. (3) هو النخعي. 992 - سنده رجاله ثقات، وقال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (2 / 119) : «رجالهما موثقون» ، يعني طريقي الطبراني الآتيين. وقد أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (9 / 303 / رقم 9310) من =

[الْآيَةُ (41) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي القُرْبَى ... } إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَوْمَ الفُرْقَانِ يَوْمَ التَقَى الجَمْعَانِ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ] 993- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا مُغِيرَةُ (1) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} -، قَالَ: يُقْسَّمُ الْخُمُسُ عَلَى خَمْسَةِ أَخْمَاسٍ، فَخُمُسُ اللَّهِ وَالرَّسُولِ وَاحِدٌ، وَيُقْسَّمُ مَا سِوَى ذَلِكَ عَلَى الآخرين.

_ = طريق المصنِّف، به مثله. وأخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (2 / 110 - 111 / رقم 2701 و 2702) من طريق معمر وسفيان الثوري، كلاهما عن أبي إسحاق، به. وأخرجه الطبراني (9 / 302 / رقم 9307 و 9308) من طريق عبد الرزاق، و (9309) من طريق زائدة قال: سئل أبو إسحاق: أذكرت عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ ... ، وفي آخره قال أبو إسحاق: نعم. (1) هو ابن مِقْسَم الضَّبِّي، تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه يدلِّس، لا سيما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه، وقد ورد أنه أخذه عنه بواسطة كما سيأتي. 993 - سنده ضعيف لعدم تصريح مغيرة بالسماع؛ ولوروده عنه بإثبات واسطة بينه وبين إبراهيم النخعي. والأثر أعاده المصنف هنا، وكان قد رواه في المطبوع من «سننه» بتحقيق الأعظمي (2 / 273 / رقم 2677) كتاب الجهاد، باب ما جاء في سَهْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم والصفي، من نفس الطريق بلفظ أخصر مما هنا. =

994- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانة (1) ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ (2) ، قَالَ: سَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ الجزَّار عَنْ سَهْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْخُمُسِ، قال: خمس الخمس.

_ = من طريق المصنِّف أخرجه البيهقي في «سننه» (6 / 338) في كتاب قسم الفيء والغنيمة، جماع أبواب تفريق الخمس، باب سهم الله وسهم رسوله صلى الله عليه وسلم ... ، بمثل لفظه هنا سواء. وأخرجه ابن زنجويه في «الأموال» (1 / 103 / رقم 76) . وابن جرير الطبري في «تفسيره» (13 / 549 / رقم 16097) . وابن حزم في «المحلى» (7 / 533) . ثلاثتهم من طريق هشيم، به. ثم أخرجه ابن جرير (13 / 550 / رقم 16101) من طريق أبي عوانة، عن المغيرة، عن أصحابه، عن إبراهيم، به. فهذا السند - إن صح - فيه دلالة على أن مغيرة دلَّس في رواية هشيم عنه. (1) هو وضّاح بن عبد الله. (2) موسى بن أبي عائشة الهَمْداني - بسكون الميم - مولاهم أبو الحسن الكوفي ثقة عابد. «التقريب» (ص 552 / رقم 6980) . 994 - سنده صحيح إلى يحيى بن الجزار. والأثر أعاده المصنف هنا، وكان قد رواه في المطبوع من «السنن» بتحقيق الأعظمي (2 / 273 - 274 / رقم 2678) بمثل ما هنا. وأخرجه ابن زنجويه في «كتاب الأموال» (2 / 717 / رقم 1222) من طريق أبي عوانة، به. وأخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (5 / 240 / رقم 9486) . وأبو عبيد في الأموال (ص 19 و 298 / رقم 34 و 35 و 832 و 833) . =

995- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ (1) ، عَنْ حُصين (2) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ (3) ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - فِي قَوْلِهِ: {يَوْمَ الفُرْقَانِ يَوْمَ التَقَى الجَمْعَانِ} -، قَالَ: كَانَتْ لَيْلَةُ بَدْرٍ لِسَبْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً مَضَتْ مِنْ شَهْرِ رمضان.

_ وابن أبي شيبة في «المصنف» (12 / 430 / رقم 15147 و 15148) . وحميد بن زنجويه في «الأموال» (1 / 102 / رقم 74) و (2 / 717 / رقم 1223) . والنسائي في «سننه» (7 / 133) كتاب قسم الفيء. وابن جرير الطبري في «تفسيره» (13 / 553 / رقم 16106 و16107 و 16108) . والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (3 / 281) . والبيهقي في «سننه» (6 / 338) في كتاب قسم الفيء والغنيمة، جماع أبواب تفريق الخمس، باب سهم الله وَرَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. من طرق عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، به. (1) تقدم في الحديث [174] أنه ضعيف. (2) هو ابن عبد الرحمن السلمي، تقدم في الحديث [56] أنه ثقة تغير حفظه بالآخر. (3) هو النخعي، ولم يدرك ابن مسعود، لكن مراسيله عند صحيحة كما تقدم بيانه في الحديث [3] ، إلا أن هذا الحديث لم يصح سنده إلى إبراهيم، وصوابه: إبراهيم، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابن مسعود، كما سيأتي. 995 - سنده ضعيف لضعف سويد بن عبد العزيز وما ذكر عن حصين من التغير، وقد أخطأ أحدهما في هذا الحديث فأسقط من سنده الأسود بن يزيد كما سيأتي، وهو صحيح من غير هذا الطريق. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (4 / 71 - 72) وعزاه للمصنِّف ومحمد بن نصر والطبراني. والطبراني أخرجه في "الكبير" (9 / 252 رقم 9073) من طريق المصنِّف. وقد أخطأ سويد أو حصين في هذه الرواية، فرواه عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مرسلاً، وصوابه: عن إبراهيم، عن الأسود، عن ابن مسعود. فقد أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (4 / 252 رقم 7697) عن شيخه سفيان الثوري، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ الأسود، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مسعود: تحرَّوا ليلة القدر ليلة سبع عشرة صباحة بدر، أو إحدى وعشرين، أو ثلاث وعشرين. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (9 / 366 رقم 9579) . وأخرجه البيهقي في "سننه" (4 / 310) ، وعلقه ابن عبد البر في "التمهيد" (2 / 206) عن الثوري. وهذا سند صحيح، إلا أن أبا معاوية وجرير بن عبد الحميد خالفا سفيان الثوري، فروياه عن الأعمش، به، وذكرا أن صبيحة بدر ليلة تسع عشرة لإحدى عشرة تبقى من رمضان. أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 513) و (3 / 75 - 76) و (14 / 354 رقم 18502) . والبزار في "مسنده" (5 / 60 رقم 1622) . كلاهما من طريق أبي معاوية. والحاكم في "المستدرك" (3 / 20) ومن طريقه البيهقي في "دلائل النبوة" (3 / 127 - 128) من طريق جرير. =

996- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانة، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ (1) ، عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: الْتَمِسُوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ لِسَبْعَ عَشْرَةَ (خَلَتْ) (2) مِنْ رَمَضَانَ، صَبِيحَةَ يَوْمِ بَدْر: {يَوْمَ الفُرْقَانِ يَوْمَ التَقَى الجَمْعَانِ} وَفِي (إِحْدَى) (3) وَعِشْرِينَ وَفِي ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ إِلَّا في وتر.

_ = وأخرجه محمد بن نصر في «قيام الليل» (ص 237 - 238) إلا أن المختصر حذف سنده. والقلب يميل إلى ترجيح رواية سفيان الثوري؛ لشدة ضبطه؛ ولأنها تؤيدها رواية أبي إسحاق السبيعي الآتية؛ ولأن هذا هو المشهور عند أهل المغازي؛ ولذلك قال البيهقي عقب إخراجه للحديث في «دلائل النبوة» (3 / 128) : «كذا قال عبد الله بن مسعود، والمشهور عند أهل المغازي أن ذلك كان لِسَبْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً مَضَتْ مِنْ شهر رمضان والله أعلم ... » ثم ذكر الحديث من طريق أبي إسحاق الآتية وفيه: «سبع عشرة» . ورواه الواقدي عن الثوري، والواقدي متروك، فأعرضت عن ذكر ما في روايته من اختلاف. (1) هو السبيعي. (2) ما بين القوسين ليس في الأصل، فأثبته من الموضع الآتي من «معجم الطبراني» حيث روى الحديث من طريق المصنف. (3) في الأصل: «أحد» والمثبت من الموضع الآتي من معجم الطبراني. 996 - سنده رجاله ثقات، إلا أنه اختلف فيه على أبي إسحاق، فمنهم من رواه عنه موقوفًا، ومنهم من رفعه، ومنهم من جعله من روايته عن الأسود بلا واسطة، ومنهم من أدخل بينه وبينه واسطة، واختلفوا في الواسطة، فمنهم من ذكر أنها حُجَيْر التغلبي، ومنهم من ذكر أنها عبد الرحمن بن الأسود، والصواب أنه عن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = أبي إسحاق، عن حُجَير التغلبي، عن الأسود، عن ابن مسعود موقوفًا، وهو صحيح لغيره. فالحديث أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (9 / 252 / رقم 9074) من طريق المصنف. وأخرجه الحاكم في «المستدرك» (3 / 21) من طريق محمد بن قتيبة عن أبي عوانة. ورواه إسرائيل وشعبة، عن أبي إسحاق، عن حجير التغلبي، عن الأسود، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، به. أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (2 / 514) . والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (3 / 92) . كلاهما من طريق إسرائيل. ووقع عند الطحاوي: «تسع عشرة» بدل «سبع عشرة» وأظنه تصحيفًا بسبب تقارب الرسم، ولم يذكر ابن أبي شيبة قوله: «وفي إحدى وعشرين ... » إلخ. وأخرجه ابن جرير الطبري في «التاريخ» (2 / 419) من طريق شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حجير، عن الأسود وعلقمة، عن ابن مسعود، إلا أنه قال: «تسع عشرة» بدل «ثلاث وعشرين» . وأخرجه أبو داود في «سننه» (2 / 110 - 111 / رقم 1384) في الصلاة، باب من روى أنها ليلة سبع عشرة. ومن طريقه البيهقي في «سننه» (4 / 310) في الصيام، باب الترغيب في طلبها ليلة ثلاث وعشرين. والبزار في «مسنده» (5 / 76 - 77 / رقم 1648) . كلاهما من طريق حكيم بن سيف الرقي، عن عبيد الله بن عمرو، عن زيد =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ابن أبي أنيسة، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ، عن ابن مسعود مرفوعًا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم. قال البزار: «وهذا الحديث لا نعلم رواه عن أبي إسحاق بهذا الإسناد إلا زيد بن أبي أنيسة» ، وكان قد أخرج الحديث من طريق إبراهيم النخعي عن الأسود موقوفًا التي تقدم الكلام عنها في الحديث السابق، ثم قال (5 / 60) : «وهذا الحديث إنما أدخله قوم ونحوا به نحو المسند لما ذكر صبيحة بدر» . ولكن هذه الطريق لا يلتفت إليها لمخالفتها لباقي الروايات، ومدارها على حكيم بن سيف بن حكيم الأسدي، مولاهم، أبي عمرو الرَّقِّي، قال عنه أبو حاتم الرازي: «شيخ صدوق لا بأس به، يكتب حديثه ولا يحتج به، ليس بالمتين» ، ونقل مغلطاي عن الآجري أنه قال: «سألت أبا داود عن حكيم بن سيف الرّقي فلم يقف عليه» وذكره ابن حبان في «الثقات» ، وقال ابن عبد البر: «شيخ صدوق لا بأس به عندهم» . اهـ. من «تهذيب الكمال» وحاشيته (7 / 195 - 197) ، و «تهذيب التهذيب» (2 / 449) . واختصر الحافظ ابن حجر الحكم على حكيم هذا بقوله: «صدوق» . «التقريب» (ص 177 / رقم 1473) . والذي يظهر - والله أعلم - أن حكيمًا هذا صدوق يهم، فحديثه لا يحتج به على الانفراد، فكيف إذا خالف كما في هذا الحديث؟ فبقي الترجيح بين روايتي أبي عوانة من جهة وإسرائيل وشعبة من جهة أخرى في إثبات الواسطة بين أبي إسحاق السبيعي والأسود بن يزيد - وهي: حجير التغلبي - أو حذفها. ورواية إسرائيل وشعبة أرجح من رواية أبي عوانة، لسببين: 1 - لأن أبا إسحاق مدلس كما في ترجمته في الحديث [1] ولم يصرح بالسماع هنا وثبتت الواسطة بينه وبين الأسود. =

[الْآيَةُ (50) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا المَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الحَرِيقِ} ] 997- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا يَحْيَى بْنُ سُليم (1) ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ كَثِيرٍ (2) ، قَالَ: قَالَ لِي مُجَاهِدٌ: تَدْرِي مَا قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وجل: {يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ} ؟ قُلْتُ: مَا هُوَ؟ قَالَ: (وأُسْتَاهُم) (3) ، وَلَكِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ كَرِيمٌ يُكْنِي.

_ = 2 - شعبة وإسرائيل أرجح في أبي إسحاق من أبي عوانة وأكثر عددًا، مع أن أبا عوانة قد يكون أخذه عن أبي إسحاق بعد تغيره، والله أعلم. وحُجَيْر التّغلبي هذا مجهول الحال لم أجد من ذكره سوى ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (3 / 291 / رقم 1296) ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلاً، ولم يذكر أنه روى عنه سوى أبي إسحاق السبيعي، لكن الحديث ورد بإسناد صحيح عن الأسود، عن عبد الله كما في الحديث المتقدم برقم [995] فلم ينفرد به حجير. (1) هو يحيى بن سُلَيم الطائفي، نزيل مكة، صدوق سيء الحفظ كما في «التقريب» (ص 591 / رقم 7563) ، وانظر «تهذيب الكمال» (31 / 365 - 369) . (2) هو إسماعيل بن كثير الحجازي، أبو هاشم المكي، ثقة كما في «التقريب» (ص 109 / رقم 474) . (3) في الأصل: «وأشباههم» ، والتصويب من مصادر التخريج، وقد وقع التصحيف نفسه في «الدر المنثور» (4 / 81) . 997 - سنده فيه يحيى بن سليم وتقدم بيان حاله، لكنه لم ينفرد به، فقد =

[الْآيَةُ (55) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} ] 998- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ (1) ، عَنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} إِلَى آخِرِ الْآيَةِ - قَالَ: سِتَّةُ (2) رَهْطٍ مِنَ الْيَهُودِ، قَالَ أَيُّوبُ: سماهم، منهم ابن تابوت.

_ = تابعه سفيان الثوري كما سيأتي، وسنده صحيح. وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (4 / 81) وعزاه للمصنِّف وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ. وقد أخرجه ابن جرير الطبري في «تفسيره» (14 / 16 / رقم 16201) من طريق شيخه سفيان بن وكيع، عن يحيى بن سليم، به. وأخرجه سفيان الثوري في «تفسيره» (ص 119 / رقم 314) . ومن طريقه ابن أبي حاتم في «تفسيره» (4 / ل 13 / أ) . من طرق عن أبي هاشم إسماعيل بن كثير، به. وهذا سند صحيح. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (16204) من طريق ابن جريج، عن مجاهد. (1) هو ابن أبي تميمة السختياني. (2) في الأصل كتب العدد رقمًا: (6) . 998 - سنده صحيح. وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (4 / 81) وعزاه لأبي الشيخ فقط.

[الْآيَةُ (60) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ... } الْآيَةُ] 999- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الهَمْدَاني (1) ، أَنَّهُ سَمِعَ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} -: ((أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ، أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ)) قَالَهَا ثَلَاثًا.

_ (1) هو ثُمامة بن شُفَيّ - بمعجمة وفاء، مصغّر - الهَمْدَاني، أبو علي المصري، نزيل الإسكندرية، ثقة كما في «تهذيب الكمال» (4 / 404) و «التقريب» (ص 134 / رقم 852) . 999 - سنده صحيح، وهو في «صحيح مسلم» كما سيأتي. وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (4 / 83) وعزاه للإمام أحمد ومسلم وأبي داود وابن ماجه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن مردويه والقراب في فضل الرمي والبيهقي في «شعب الإيمان» . والحديث أعاده المصنف هنا وكان قد رواه في المطبوع من «سننه» بتحقيق الأعظمي (2 / 181 - 182) في كتاب الجهاد، باب ما جاء في الرمي وفضله. ومن طريق المصنف أخرجه أبو داود في «سننه» (3 / 29 - 30 / رقم 2514) في الجهاد، باب في الرمي. والطبراني في «المعجم الكبير» (17 / 330 / رقم 911) . وأخرجه الإمام أحمد في «المسند» (4 / 156 - 157) . ومسلم في «صحيحه» (3 / 1522 / رقم 167) ، في الإمارة، باب فضل الرمي والحث عليه. =

[الْآيَةُ (65) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ المُؤْمِنِينَ عَلَى القِتَالِ ... } إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ} ] 1000- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ المُؤْمِنِينَ عَلَى القِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} -، قَالَ: كُتِبَ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَفِرَّ عِشْرُونَ مِنْ مِائَتَيْنِ، ثُمَّ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْهُمْ، فقال: {الآَنَ

_ = وابن ماجه في «سننه» (2/ 940 / رقم 2813) في الجهاد، باب الرمي في سبيل الله. وأبو يعلى في «مسنده» (3 / 283 / رقم 1743) . ومن طريقه وطرق أخرى أخرجه البيهقي في «سننه» (10 / 13) في كتاب السبق والرمي، باب التحريض على الرمي. وأخرجه ابن أبي حاتم في «التفسير» (4 / ل 14 / ب) . والبيهقي في «شعب الإيمان» (8 / 231 / رقم 3990) . والطبراني في الموضع السابق. جميعهم من طريق عبد الله بن وهب، به. وله طرق أخرى فيها بعض الاختلاف، فانظرها في: «مسند الطيالسي» (ص 136 / رقم 1010) و «سنن الدارمي» (2 /124 / رقم 2409) ، و «جامع الترمذي» ، (5 / 270 / رقم 3083) في تفسير سورة الأنفال من كتاب التفسير، و «تفسير ابن جرير الطبري» (14 / 31 - 33 / رقم 16224 - 16229) ، و «فضل الرمي وتعليمه» للطبراني (ص 48 / رقم 22) ، و «مستدرك الحاكم» (2 / 328) و «شعب الإيمان» للبيهقي (8 / 330 / رقم 3989) .

خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ (1) وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا} ، فَلَا يَنْبَغِي لِمِائَةٍ أَنْ يَفِرُّوا من مائتين.

_ (1) في الأصل: «الآن خفف عليكم» . 1000 - سنده صحيح، وقد أخرجه البخاري في «صحيحه» كما سيأتي. وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (4 / 102) وعزاه للبخاري وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن مردويه والبيهقي في «شعب الإيمان» . والحديث أعاده المصنف هنا، وكان قد رواه في المطبوع من «سننه» بتحقيق الأعظمي (2 / 224 / رقم 2537) كتاب الجهاد، باب لا يفر الرجل من الرجلين من العدو. وأخرجه الشافعي في «الأم» (4 / 92) . ومن طريقه البيهقي في «سننه» (9 / 76) في السير، باب تحريم الفرار من الزحف وصبر الواحد مع الاثنين. وأخرجه البخاري في «صحيحه» (8 / 311 / رقم 4652) في تفسير سورة الأنفال من كتاب التفسير، باب: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ ... } الآية. وابن الجارود في «المنتقى» (3 / 305 / رقم 1049) . وابن أبي حاتم في «تفسيره» (4 / ل 18 / أ) . والطبراني في «المعجم الكبير» (11 / 112 - 113 / رقم 11211) . والبيهقي في «شعب الإيمان» (8 / 246 / رقم 4001) . جميعهم من طريق سفيان بن عيينة، به. وتابعه ابن جريج، عن عمرو بن دينار، به. أخرجه ابن جرير الطبري في «تفسيره» (14 / 51 - 52 / رقم 16270) . =

1001- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيح (1) ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: إِنْ فَرَّ رَجُلٌ مِنْ رَجُلَيْنِ فَقَدْ فَرَّ، وَإِنْ فَرَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَلَمْ يَفِرّ.

_ = ورواه عكرمة، عن ابن عباس، به. أخرجه ابن المبارك في «الجهاد» (ص 191 / رقم 237) عن جرير بن حازم، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الخِرِّيت، عَنْ عكرمة. ومن طريق ابن المبارك أخرجه البخاري في «صحيحه» (8 / 312 / رقم 4653) في تفسير سورة الأنفال من كتاب التفسير، باب: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أن فيكم ضعفًا} . وأبو داود في «سننه» (3 / 105 - 106 / رقم 2646) في الجهاد، باب في التولي يوم الزحف. والبيهقي في الموضع السابق من «سننه» . وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (5 / 324) . وابن جرير الطبري في «تفسيره» (14 / 55 / رقم 16280) . كلاهما من طريق يزيد بن هارون، عن جرير بن حازم، به. وأخرجه ابن أبي حاتم في «تفسيره» (4 / ل 18 / ب) من طريق وهب ابن جرير بن حازم، عن أبيه، به. (1) اسمه عبد الله، وهو ثقة لكنه مدلِّس كما سبق بيانه في الحديث [184] ولم يصرِّح بالسماع هنا. 1001- سنده رجاله ثقات، لكن فيه عنعنة ابن أبي نجيح، لكنه لم ينفرد به، فالحديث تقدم بإسناد صحيح في الحديث السابق. وقد أعاده المصنف هنا، وكان قد رواه في المطبوع من «سننه» بتحقيق الأعظمي (2 / 224 - 225 / رقم 2538) في الجهاد، باب لا يفر الرجل من =

[الْآيَةُ (68) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} ] 1002- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مَعْشَرٍ (1) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ (2) ، قَالَ: {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ} أَنِّي أَحْلَلْتُ لَكُمُ الْغَنَائِمَ فِي علمي، {لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ} من الأسارى {عَذَابٌ عَظِيمٌ} يعني: يوم بدر.

_ = الرجلين من العدو. وأخرجه ابن المبارك في «الجهاد» (ص 190 / رقم 235) . والبيهقي في «سننه» (9 / 76) في السير، باب تحريم الفرار من الزحف وصبر الواحد مع الاثنين. كلاهما من طريق سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، به. وأخرجه أحمد بن منيع في «مسنده» - كما في «إتحاف المهرة» (3 / ل 77 / أ) من طريق ابن علية، عن ابن أبي نجيح، به. (1) هو نجيح بن عبد الرحمن السندي، تقدم في الحديث [167] أنه ضعيف. (2) هو المَقْبُري. 1002 - سنده ضعيف لضعف نجيح أبي معشر. وقد أعاده المصنِّف هنا، وكان قد رواه في المطبوع من «سننه» بتحقيق الأعظمي (2 / 352 / رقم 2907) كتاب الجهاد، باب جامع الشهادة، بمثل ما هنا سواء. وقد روي عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ المقبري، عن أبي هريرة. أخرجه ابن جرير الطبري في «تفسيره» (14 / 66 / رقم 16300) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وابن أبي حاتم في «تفسيره» (4 / ل 21 / أ) . كلاهما من طريق أبي صيفي بشير بن ميمون، عن سعيد، به. وسنده ضعيف جدًا. فبشير بن ميمون أبو صَيْفي الواسطي هذا متروك الحديث كما في «التقريب» (ص 125 / رقم 725) ، وانظر «تهذيب الكمال» (4 / 178 - 181) .

سورة التوبة

باب تفسير سورة التوبة تَفْسِيرُ سُورَةِ التَّوْبَةِ 1003- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا هُشَيْمٌ وَفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حُصَيْن (بْنِ) (1) عَبْدِ الرَّحْمَنِ (2) ، عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ الهَمْدَاني (3) ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: تعلَّموا سُورَةَ بَرَاءَةَ، وعلِّموا نِسَاءَكُمْ سُورَةَ (النُّورِ) (4) ، وحَلُّوهن الفضة.

_ (1) في الأصل: ((عن)) ، والتصويب من الموضع الآتي من ((شعب الإيمان)) للبيهقي حيث روى الحديث من طريق المصنِّف. (2) هو حصين بن عبد الرحمن السلمي، ثقة، إلا أنه تغير في آخر عمره، لكن هشيمًا وخالد بن عبد الله الواسطي ممن روى عنه قبل تغيُّره كما سبق بيانه في الحديثين [56 و 91] وهما ممن روى عنه هنا. (3) هو مالك بن عامر أو ابن أبي عامر، أو ابن عوف أو ابن حُمْرَة، أو ابن أبي حُمْرَة، أبو عطية الوادعي، الهَمْداني، مشهور بكنيته، ثقة كما في ((التقريب)) (ص 658 / رقم 8253) ، وانظر ((تهذيب الكمال)) (34 / 90 - 92) . وأما روايته عن عمر فإنما هي كتاب، قال البخاري في ((تاريخه الكبير)) (7 / 305 / رقم 1298) : ((مالك بن عامر أبو عطية الهمداني قال: جاءنا كتاب عمر، سمع ابن مسعود، كوفي ... )) فأثبت له السماع من ابن مسعود وذكر أن روايته عن عمر كتاب، وكذا في الموضع السابق من ((تهذيب الكمال)) ، وقوله: ((أتانا كتاب)) جاء في بعض طرق هذا الحديث. (4) في الأصل: ((التوبة)) ، والتصويب من الموضع الآتي من ((شعب الإيمان)) للبيهقي. =

1004- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيم، عَنْ أَبِي بِشْر (1) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: سُورَةُ التَّوْبَةِ، قَالَ: بَلْ هِيَ الفَاضِحَةُ، مَا زَالَتْ تَنْزِلُ: وَمِنْهُمْ، وَمِنْهُمْ، حَتَّى ظَنُّوا أَنْ [ل139/ب] لَا يَبْقَى (أَحَدٌ) (2) مِنْهُمْ إِلَّا ذُكر فيها.

_ = 1003 - سنده صحيح، والكتابة من طرق التحمل الصحيحة كما هو مقرر في علم المصطلح. وذكره السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 120) وعزاه المصنف وأبي عبيد وأبي الشيخ والبيهقي في ((شعب الإيمان)) ، وكذا في ((كنز العمال)) (2 / 314 / رقم 4096) . وقد أخرجه البيهقي في ((شعب الإيمان)) (5 / 370 / رقم 2213) من طريق المصنِّف بمثل ما هنا، ومنه جرى التصويب. وأخرجه أبو عبيد في ((فضائل القرآن)) (ص 129 - 130 و 134 - 135 / رقم 1 - 37 و 9 - 39) من طريق عبد العزيز بن مسلم، عن حصين، به، ولم يذكر الفضة. (1) هو جعفر ابن إياس. (2) في الأصل: ((أحدًا)) . 1004 - سنده صحيح، وقد صرَّح هشيم بالسماع في رواية البخاري. فهذا الحديث جزء من الحديث المتقدم برقم [984] ، وفيه زيادة ذكر ما يتعلق بسورة الأنفال وسورة الحشر، وقد فرقه المصنِّف في المواضع الثلاثة، وأما الذين أخرجوه وهم: أبو عبيد والبخاري في إحدى روايتيه ومسلم، فإنهم ذكروه بتمامه، وفيه تصريح هشيم بالسماع كما تقدم بيانه برقم [984] . وقد ذكره السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 120) وعزاه لأبي عبيد وابن المنذر وأبي الشيخ وابن مردويه.

[الْآيَةُ (2) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} ] 1005- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ (1) ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الهَمْدَاني (2) ، عَنْ زَيْدِ بْنِ يُثَيع (3) ، قَالَ: سَأَلْنَا عَلِيًّا، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: بِأَيِّ شَيْءٍ بُعِثْتَ؟ قَالَ: بِأَرْبَعٍ: إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُؤْمِنَةٌ، وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانَ، وَلَا يَجْتَمِعُ مُسْلِمٌ وَمُشْرِكٌ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا فِي الْحَجِّ، وَمَنْ كَانَ لَهُ عَهْدٌ فَعَهْدُهُ إِلَى مُدَّتِهِ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عهد فأربعة أشهر.

_ (1) هو ابن عيينة. (2) تقدم في الحديث [1] أنه ثقة، إلا أنه مدلس وتغيَّر في آخر عمره، لكن هذا الحديث رواه عن سفيان الثوري كما سيأتي، وهو ممن روى عنه قبل تغيُّره. (3) هو زيد بن يُثَيْع - بضم التحتانية بعدها مثلثة ثم تحتانية ساكنة ثم مهملة-، ويقال: أُثَيْع - بهمزة بدل الياء -، الهَمْدَاني، الكوفي، ثقة مخضرم كما في ((تهذيب الكمال)) (10 / 115 - 117) و ((التقريب)) (ص225 / رقم 2160) . 1005 - سنده صحيح، وقد يُعَلّ بعلل ثلاث، وهي: 1- تغير أبي إسحاق. 2- عنعنته وهو مدلس 3- الاختلاف عليه. لكن يجاب عن الأولى: بأن سفيان الثوري ممن رواه عن أبي إسحاق، وهو ممن روى عنه قبل التغيُّر. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وعن الثانية: بأنه يروي هنا عن زيد بن يُثَيع ولم يرو عن زيد أحد سوى أبي إسحاق كما في الموضع السابق من ((تهذيب الكمال)) ، فلا يتصور حينئذ أن يسقط أحدًا بينه وبينه. وعن الثالثة: بأن رواية سفيان بن عيينة هذه وما وافقها هي الراجحة كما سيأتي، وهذا ما رجحه الدارقطني وصححه غيره. والحديث ذكره السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 125) وعزاه للمصنِّف وابن أبي شيبة وأحمد في ((المسند)) والترمذي وابن المنذر والنحاس والحاكم وابن مردويه والبيهقي في ((الدلائل)) . وقد أخرجه البيهقي في ((سننه)) (9 / 207) في الجزية، باب لا يقرب المسجد الحرام - وهو الحرم كله - مشرك، من طريق المصنِّف. وأخرجه الحميدي في ((مسنده)) (1 / 26 - 27 رقم 48) . ومن طريقه الحاكم في ((المستدرك)) (3 / 52) . ومن طريق الحاكم البيقي في ((دلائل النبوة)) (5 / 297) . وأخرجه الإمام أحمد في ((المسند)) (1 / 79) . والدارمي في ((سننه)) (1 / 394 رقم 1925) . والترمذي في ((جامعه)) (3 / 213 رقم 871 و 872) في كتاب الحج، باب ما جاء في كراهية الطواف عريانًا، و (5 / 276 رقم 3092) في تفسير سورة التوبة من كتاب التفسير. وأبو يعلى في ((مسنده)) (1 / 351 رقم 452) . جميعهم من طريق سفيان بن عيينة، به. وأخرجه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (14 / 106 رقم 16373) . والدارقطني في ((الأفراد)) كما في ((أطرافه)) (ل 40 / أ) . والبيهقي في الموضع السابق من ((سننه)) ، من طريق زكريا بن أبي زائدة =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأبي شيبة إبراهيم بن عثمان العبسي وزهير بن معاوية. ثلاثتهم عن أبي إسحاق، به مثل رواية سفيان. وذكر الدارقطني في ((العلل)) (1 / 275) أن أبا بكر بن عياش رواه كذلك. ورواه معمر وسفيان الثوري وإسرائيل، عن أبي إسحاق، واختلف عليهم. أما معمر فرواه عنه عبد الرزاق في ((تفسيره)) (1 / 265) ، والبزار في ((مسنده)) (3 / 34 / رقم 785) ، عن أبي إسحاق بمثل رواية ابن عيينة. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (14 / 109 / رقم 16379) ، والنحاس في ((الناسخ والمنسوخ)) (ص 196) . ثم أخرجه ابن جرير الطبري أيضًا (14 / 105 - 107 / رقم 16371 و 16374) من طريق معمر، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ الأعور، عن علي. وذكر الدارقطني في ((العلل)) (3 / 163) أن معمرًا رواه هكذا. ولكن رواية عبد الرزاق عن معمر أرجح، وقد وافقه عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن معمر في رواية البزار، وهي موافقة للروايات المتقدمة. وأما سفيان الثوري فأخرجه الحاكم في ((المستدرك)) (4 / 178) من طريق أبي حذيفة النهدي، عنه، عن أبي إسحاق، عن زيد بن يثيع، عن علي، وهذه الرواية موافقة لرواية ابن عيينة ومن وافقه، وصححه الحاكم. وأشار الترمذي (5 / 276) والدارقطني في ((العلل)) (3 / 163) إلى أن سفيان الثوري رواه عن أبي إسحاق، عن بعض أصحابه، عن علي، ثم أخرجه الدارقطني (3 / 164) من طريق عبيد الله بن موسى العبسي، عن الثوري هكذا. وهذا الاختلاف يسير لا يؤثر، فشيخ أبي إسحاق المبهم في هذه الرواية هو زيد بن يثيع. وعليه فرواية الثوري ومعمر توافق رواية ابن عيينة ومن وافقه. وخالف هؤلاء جميعًا إسرائيل بن يونس، واختلف عليه. =

[الْآيَةُ (3) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَذَانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الحَجِّ الأَكْبَرِ} ] 1006- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الأَحْوَص (1) ، عن أبي

_ = فرواه وكيع بن الجراح عنه، عن جده أبي إسحاق، عن زيد بن يثيع، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ الله عنه. أخرجه الإمام أحمد في ((المسند)) (1 / 3) . وأبو يعلى في ((مسنده)) (1 / 100 / رقم 104) . والمروزي في ((مسند أبي بكر)) (ص 166 / 132) . ورواه أبو أحمد الزبيري وخلف بن الوليد، عنه، عن جده أبي إسحاق، عن زيد بن يثيع مرسلاً. أما رواية أبي أحمد فأخرجها ابن جرير في ((تفسيره)) (14 / 106 / رقم 16372) . وأما رواية خلف بن الوليد فذكرها الدارقطني في ((العلل)) (1 / 274 - 275) . فطريق إسرائيل هذه تعتبر شاذة لمخالفتها لباقي الروايات، والصواب رواية سفيان بن عيينة ومن وافقه، وهذا ما رجحه الدارقطني في ((العلل)) (1 / 274 - 275 / رقم 67) و (3 / 162 - 164 / رقم 329) حيث قال في الموضع الأول: ((وقول ابن عيينة أشبه بالصواب)) ، وفي الموضع الثاني قال: ((وهو المحفوظ)) . وهذا ما يقتضيه صنيع الترمذي والحاكم، فأمنا الترمذي فحسنه في كلا الموضعين، وأما الحاكم فصححه، والله أعلم. (1) هو سلام بن سُليم.

إِسْحَاقَ (1) ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّاد (2) ، قَالَ: الْحَجُّ الْأَكْبَرُ: يَوْمَ النَّحْرِ، والحج الأصغر: العُمْرة.

_ (1) هو السَّبيعي، تقدم في الحديث [1] أنه ثقة، إلا أنه يدلِّس وتغير في آخر عمره، لكن هذا الأثر رواه عنه أيضًا الثوري وشريك وهما ممن سمع منه قبل تغيُّره، وصرح أبو إسحاق في بعض الطرق بأنه سأل عبد الله بن شداد، فانتفى التدليس. (2) هو عَبْدَ اللَّهِ بْنَ شَدَّادِ بْنِ الهاد تقدم في الحديث [400] أنه ولد في عهد النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا أنه لم يسمع منه شيئًا، وهو ثقة، والراوي عنه هنا أبو إسحاق السبيعي ولم ينصّ المزي في ((تهذيب الكمال)) (15 / 83) على أنه روى عنه، إنما الذي روى عنه هو أبو إسحاق الشيباني سليمان بن أبي سليمان، فيستفاد من تصريح أبي إسحاق في بعض طرق هذا الحديث بسؤاله عبد الله بن شداد روايته عنه. 1006 - سنده صحيح. وذكره السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 129) وعزاه لابن أبي شيبة فقط. وقد أخرجه عبد الرزاق في ((تفسيره)) (1 / 267) من طريق سفيان الثوري ومعمر، كلاهما عن أبي إسحاق، به وفيه تصريحه بالسؤال لعبد الله بن شداد. وأخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (1 / 4 / 462 / رقم 2982) . وابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (14 / 120 و 122 و 130 / رقم 16421 و 16422 و 16438 و16439 و16467) . أما ابن أبي شيبة فمن طريق وكيع عن سفيان الثوري وفيه تصريح أبي إسحاق بالسؤال. وأما ابن جرير فمن طريق عبد الرزاق عن الثوري ومعمر، ومن طريق عبد الرحمن بن مهدي عن الثوري، ومن طريق شريك عن أبي إسحاق. وقد وقع في ((تفسير الطبري)) تصحيف - لعله من الطباعة - وذلك في =

1007- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ (1) ، قَالَ: انْطَلَقْتُ أَنَا وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى، فَسَأَلَهُ أَبُو سَلَمَةَ عَنِ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ، قَالَ: هُوَ الَّذِي يُنْحَر فِيهِ، وَيَحِلُّ فِيهِ الْحَرَامُ، وَيُوضَعُ فِيهِ الشَّعْر. 1008- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ (2) ، عَنِ الْحَارِثِ (3) ، قَالَ: سَأَلْنَا عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن

_ = موضعين: 1 - في الأثر (16438) حيث جعل شيخ عبد الرزاق: ((الشعبي)) وصوابه: ((الثوري)) كما في ((تفسير عبد الرزاق)) . 2 - في الأثر (16467) قال: ((عن أبي أسماء)) والصواب: ((عن أبي إسحاق)) . (1) تقدم في الحديث [419] أنه ثقة، إلا أنه يدلِّس وتغيَّر حفظه في آخر عمره، لكن هذا لا يؤثر في هذا الحديث. أما التدليس فانتفى لتصريحه ها هنا بما يدل على السماع. وأما التغيُّر فلا يؤثر لكونه توبع من قبل عايش العامري وسليمان الشيباني كما سيأتي. 1007 - سنده صحيح. وذكره السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 128) وعزاه للمصنِّف ولعبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن جرير وأبي الشيخ. وقد أخرجه أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد في ((مسند عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى)) (ص 142 / رقم 44) واستوفيت تخريجه هناك، وذكرت هناك أن ابن أبي شيبة وغيره أخرجوه من طريق سليمان الشيباني وعياش العامري. (2) هو السبيعي. (3) هو ابن عبد الله الأعور، تقدم في الحديث [795] أنه ضعيف.

الْحَجِّ الْأَكْبَرِ، قَالَ: هُوَ يَوْمَ النحر.

_ 1008 - سنده ضعيف لضعف الحارث الأعور، وهو صحيح لغيره كما سيأتي. وذكره السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 127) وعزاه لابن أبي شيبة والترمذي وأبي الشيخ. وقد أخرجه الترمذي في ((جامعه)) (5 / 274 - 275 / رقم 3089) في تفسير سورة براءة من كتاب التفسير. وابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (14 / 118 / رقم 16407) . كلاهما من طريق سفيان بن عيينة، عن أبي إسحاق، به. وأخرجه عبد الرزاق في ((تفسيره)) (1 / 267) . وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (1 / 4 / 462 / رقم 2983) . وابن جرير الطبري (14 / 116 و 118 و 123 / رقم 16394 و 16395 و 16396 و 16406 و 16441) من طريق أبي الأحوص وسفيان الثوري والأجلح وعنبسة ومالك بن مغول وشتير. جميعهم هؤلاء جميعًا شعبة ومحمد بن إسحاق. أما شعبة، فأشار الترمذي في الموضع السابق إلى أنه رواه عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الله بن مُرَّة، عن الحارث، عن علي موقوفًا. وقد تكون هذه الطريق أصح عن أبي إسحاق؛ لأنه مدلِّس كما تقدم في ترجمته في الحديث [1] ، وشعبة لا يأخذ عنه إلا ما تأكد لديه أن أبا إسحاق سمعه من شيخه، فكفانا شعبة تدليس أبي إسحاق. وأما محمد بن إسحاق، فأخرجه من طريقه الترمذي في الموضع السابق برقم (3088) وابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 26 / ب) عن أبي إسحاق، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = عن الحارث، عن علي قال: سألت رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - عن يوم الحج الأكبر فقال: ((يوم النحر)) . قال الترمذي بعد أن رواه من طريق سفيان بن عيينة موقوفًا: ((هذا الحديث أصح من حديث محمد بن إسحاق؛ لأنه روي من غير وجه هذا الحديث عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عن علي موقوفًا، ولا نعلم أحدًا رفعه إلا ما روي عن محمد بن إسحاق. وقد رَوَى شعبةُ هذا الحديث عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الله بن مرَّة، عن الحارث، عن علي موقوفًا)) . ولم ينفرد به الحارث الأعور. فقد أخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (1 / 4 / 462 - 463 رقم 2984) من طريق وكيع. وابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (14 / 118 رقم 16405 و 16408) من طريق أبي داود الطيالسي ووكيع. كلاهما عن شعبة، عن الحكم بن عتيبة، عن يحيى بن الجزار، عن علي أنه لقيه رجل يوم النحر فأخذ بلجامه، فسأله عن يوم الحج الأكبر فقال: هو هذا اليوم. وقد تصحف اسم شعبة في المطبوع من المصنف إلى: ((سعيد)) . وسند هذه الطريق صحيح، وقد قال شعبة: ((لم يسمع يحيى بن الجزار من علي إلا ثلاثة أشياء: أحدها: أنَّ النَّبِيَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - كان على فَرْضَة من فُرَض الخندق، والآخر: أن عليًّا سئل عن يوم الحج الأكبر، ونسي محمود الثالث)) . اهـ. من ((تهذيب الكمال)) (31 / 253) ، ومحمود هو ابن غيلان الراوي لهذه الحكاية عن شبابة بن سوّار، عن شعبة. وأخرجه ابن جرير الطبري أيضًا (14 / 121 رقم 16427) من طريق الشعبي، عن علي.

1009- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا (....) (1) الْأَعْمَشُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَان الْأَسَدِيِّ (2) ، قَالَ: خَطَبَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ عَلَى جَمَلٍ يَوْمَ الْأَضْحَى فَقَالَ: الْيَوْمُ النَّحْر، وَالْيَوْمُ الْحَجُّ الأكبر.

_ (1) ها هنا سقط في الأصل كان من نتيجته توهُّم أن سعيد بن منصور يروي عن الأعمش، وهو إنما يروي عنه بواسطة، وفي كثير من الأحيان تكون تلك الواسطة أبا معاوية، ولكني لم أستطع استظهار السقط هنا لأني لم أجد من أخرجه من طريق المصنف. (2) هو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ الْأَسَدِيِّ، أبو سنان الكوفي، يروي عن علي وابن مسعود والمغيرة بن شعبة رضي الله عنهم، روى عنه الأعمش وأبو حصين وغيرهما، وهو ثقة؛ وثقه ابن معين وابن سعد وذكره ابن حبان في ((الثقات)) ، وكانت وفاته في ولاية الحجاج قبل الجماجم، وكانت وقعة الجماجم سنة إحدى وثمانين للهجرة. انظر ((الجرح والتعديل)) (5 / 68 / رقم 324) ، و ((الثقات)) لابن حبان (5 / 11) و ((تعجيل المنفعة)) (ص 151 / رقم 548) . 1009 - سند المصنِّف فيه السقط الذي تقدمت الإشارة إليه، والحديث صحيح إن كان الأعمش سمعه من عبد الله بن سنان كما سيأتي، وقد توبع من طريق آخر بإسناد حسن. والحديث أخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (1 / 4 / 463 / رقم 2985) عن شيخه وكيع، عن الأعمش، به. وأخرجه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (14 / 118 - 119 / رقم 16411 و 16412 و 16413) من طريق وكيع ويحيى بن عيسى، كلاهما عن الأعمش به. وسند ابن أبي شيبة صحيح إن كان الأعمش سمعه من عبد الله بن سنان، =

[الْآيَةُ (18) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ} ] 1010- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: نَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ دَرَّاج أَبِي السَّمْح (1) ، عَنْ أَبِي الهَيْثَم (2) ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ، رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ((إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّجُلَ يَعْتَادُ الْمَسْجِدَ فَاشْهَدُوا عَلَيْهِ بِالْإِيمَانِ؛ قَالَ اللَّهُ عَزَّ مَنْ قَائِلٍ: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ} )) .

_ = وقد تابعه أبو حَصين بن عثمان بن عاصم، أخرجه من طريقه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (14 / 123 / رقم 16443) من طريق شيخه أحمد بن إسحاق، عن أبي أحمد، عن إسرائيل، عن أبي حُصَيْنٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سنان، به. وهذا إسناد حسن لذاته، وأحمد بن إسحاق الأهوازي وشيخه أبو أحمد الزبيري تقدمت ترجمتهما في الحديث [323] . (1) هو دَرَّاج بن سمعان أبو السَّمْح السهمي، مولاهم، المصري، القاص، صدوق، وفي حديثه عن أبي الهيم ضعف. ((التقريب)) (ص201 / رقم 1824) . (2) هو سليمان بن عمرو بن عبد - أو عبيد - الليثي، العُتْوَاري، أبو الهيثم المصري، ثقة كما في ((التقريب)) (ص 253 / رقم 2599) . 1010 - سنده ضعيف لضعف رواية دَرَّاج عن أبي الهيثم، وبعض العلماء يحكم عليها بالنكارة. والحديث ذكره السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 140) وعزاه للإمام أحمد وعبد بن حميد والدرامي والترمذي وابن ماجه وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن خزيمة وابن حبان وأبي الشيخ والحاكم وابن مردويه والبيهقي. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وقد أخرجه الإمام أحمد في ((المسند)) (3 / 68) ، وابن أبي عمر العدني في ((الإيمان)) (ص68 / رقم 2) ومن طريقه الترمذي في ((جامعه)) (5/ 12 و 277 / رقم 2617 و 3093) في الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، وفي تفسير سورة التوبة من كتاب التفسير. وأخرجه الدارمي في ((سننه)) (1 / 222 / رقم 1226) وابن خزيمة في ((صحيحه)) (2 / 379 / رقم 1502) . وابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 34 / ب) . وابن حبان في ((صحيحه)) (5 / 6 / رقم 1721) . وابن عدي في ((الكامل)) (3 / 98) . والحاكم في ((المستدرك)) (1 / 212 - 213) و (2/ 332) . ومن طريقه البيهقي في ((سننه)) (3 / 66) في الصلاة، باب فضل المساجد وفضل عمارتها بالصلاة فيها. وأخرجه أبو نعيم في ((الحلية)) (8 / 327) . جميعهم من طريق عبد الله بن وهب، به. وأخرجه الترمذي في الموضع السابق من ((التفسير)) برقم (3093) . وابن ماجه في ((سننه)) (1 / 263 / رقم 802) في المساجد، باب لزوم المساجد وانتظار الصلاة. وابن عدي في ((الكامل)) (3 / 1013) . ثلاثتهم من طريق رشدين بن سعد، عن عمرو بن الحارث، به. وأخرجه الإمام أحمد في ((المسند)) (3 / 76) . وعبد بن حميد في ((مسنده)) (ص 289 / رقم 923) . ومحمد بن نصر في ((تعظيم قدر الصلاة)) (1 / 340 / رقم 336) . ثلاثتهم من طريق عبد الله بن لهيعة، عن دراج أبي السمح، به.

[الْآيَةُ (28) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا المُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا المَسْجِدَ الحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} ] 1011- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الأَحْوَص، قَالَ: نَا سِمَاكُ بْنُ حَرْب (1) ، عَنْ عِكْرِمَةَ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا المُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا المَسْجِدَ الحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} -، قَالَ: كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَجِيئُونَ إِلَى الْبَيْتِ وَيَجِيئُونَ مَعَهُمْ بِالطَّعَامِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ} ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْمَطَرَ، فَكَثُرَ خَيْرُهُمْ حَتَّى ذَهَبَ الْمُشْرِكُونَ عَنْهُمْ.

_ (1) هو سِمَاكُ بن حَرْب بن أَوْس بن خالد الذُّهْلي البكري، أبو المغيرة الكوفي، صدوق، وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة، وقد تغير في آخر عمره فكان ربما تلقَّن، إلا ما كان من رواية من سمع منه قديمًا كشعبة وسفيان الثوري. فحديثهم عنه صحيح مستقيم، وأما أبو الأحوص فاختلف عباراتهم فيه، فمنهم من عدّه مع القدماء، ومنهم من عدّه كغيره ممن سمع منه أخيرًا. انظر ((تهذيب الكمال)) (12 / 115 - 121) ، و ((التقريب)) (ص 255 / رقم 2624) . 1011 - سنده ضعيف لما تقدم عن رواية سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ عَنْ عِكْرِمَةَ. والحديث ذكره السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 164) وعزاه للمصنِّف وابن المنذر وابن أبي حاتم. =

[الْآيَةُ (31) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ وَالمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} ] 1012- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْم، قَالَ: نا العَوَّام بْنُ حَوْشَب، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو البَخْتَري الطَّائي (1) ، قَالَ: قَالَ لِي حُذَيْفَةُ (2) : أَرَأَيْتَ قول الله عز وجل:

_ = وقد أخرجه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (14 / 194 / رقم 16599) من طريق هناد بن السري، عن أبي الأحوص، به نحوه. وأخرجه ابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 39 / أ) من طريق عبد الله بن صالح العجلي، عن أبي الأحوص، عن سماك، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، به هكذا بزيادة ابن عباس في سنده، وهي رواية شاذة لمخالفتها لاثنين من الثقات وهما سعيد بن منصور وهناد بن السري كما سبق. ويؤيد ذلك أن ابن جرير أخرجه أيضًا برقم (16600) من طريق علي بن صالح، عن سماك، عن عكرمة، به، ليس فيه ذكر لابن عباس. على أن معناه قد رواه ابن جرير برقم (16598) من طريق عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابن عباس. لكن علي بن أبي طلحة هذا متكلم فيه، وفي ((التقريب)) (ص 402 / رقم 4754)) : ((صدوق قد يخطئ)) ، ولم يسمع من ابن عباس، بل رواية عنه مرسلة، ويقال: إن الواسطة بينهما مجاهد. انظر ((تهذيب الكمال)) (20 / 490 - 494) . (1) هو سعيد بن فيروز أبو البَخْتَري الطائي، الكوفي، ثقة ثبت فيه تشيع قليل: كثير الإرسال، روى له الجماعة، وسمع ابن عباس وابن عمر وغيرهما، =

{اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ} ؟ فَقَالَ حُذَيْفَةُ: أَمَا إِنَّهُمْ لَمْ يصلُّوا لَهُمْ، وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا مَا أَحَلُّوا لَهُمْ مِنْ حرامٍ استحَلُّوه، وَمَا حَرَّمُوا عَلَيْهِمْ مِنَ الْحَرَامِ حرموه، فتلك ربوبيتهم.

_ = وأرسل عن عمر وعلي وابن مسعود وأبي ذر وحذيفة ابن اليمان وسلمان الفارسي وأبي سعيد الخدري وزيد بن ثابت ورافع بن خديج وعائشة رضي الله عنهم. قال ابن سعد: ((وكان أبو البختري كثير الحديث يرسل حديثه، ويروى عن أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم، ولم يسمع من كبير أحد، فما كان من حديثه سماعًا فهو حسن، وما كان ((عن)) فهو ضعيف)) ، وكانت وفاته رحمه الله في وقعة الجماجم مقتولاً سنة اثنتين أو ثلاث وثمانين للهجرة, انظر ((طبقات ابن سعد)) (6 / 292 - 293) ، و ((التاريخ الكبير)) للبخاري (3 / 506 - 507 / رقم 1684) ، و ((المراسيل)) لابن أبي حاتم (ص 74 و 76 - 77 / رقم 117 و 123) و ((تهذيب الكمال)) (11 / 32 - 35) ، و (جامع التحصيل)) (ص 222 - 223 / رقم 242) و ((التقريب)) (ص 240 / رقم 2380) . (2) كذا جاء في الأصل!! وأغلب ظني أنه خطأ صوابه: ((قيل لحذيفة)) كما جاء في رواية الطبري (14 / 211 / رقم 16636) ؛ لأن أبا البختري لم يسمع من حذيفة، بل لم يسمع من كثير ممن توفي بعد حذيفة رضي الله عنه المتوفى سنة ست وثلاثين، وإنما سمع ممن تأخرت وفاته من صغار الصحابة كابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما كما سبق بيانه، ويدل عليه: أنه لم يذكر في شيء من مصادر تخريج الحديث ما ذكر هنا، بل فيها: أن حذيفة سئل، ولو كان النص هنا سالمًا من التصحيف لاستدلّ العلماء به على سماع أبي البختري من حذيفة، ولما نفوه عنه، ويترتب عليه عدم نفي السماع ممن تأخرت وفاته بعد حذيفة كعلي رضي الله عنه، وجميع هذا لم يكن. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = 1012 - سنده ضعيف للانقطاع بين أبي البختري وحذيفة رضي الله عنه. والحديث ذكره السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 174) وعزاه لعبد الرزاق والفريابي وابن المنذر وابن ابي حاتم وأبي الشيخ والبيهقي. وقد أخرجه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (14 / 211 / رقم 16636) من طريق يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنِ الْعَوَّامِ بن حوشب، به نحوه. وأخرجه سفيان الثوري في ((تفسيره)) (ص 124 / رقم 333) عن حبيب بن ثابت، به. ومن طريق سفيان أخرجه عبد الرزاق في ((تفسيره)) (1 / 272) . ومن طريق عبد الرزاق وغيره أخرجه ابن جرير (14 / 211 و 212 / برقم 16634 و 16635 و 16638) . وأخرجه ابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 42 / ب) . والبيهقي في ((سننه)) (10 / 116) في كتاب آداب القاضي، باب ما يقضي به القاضي ويفتي به المفتي. كلاهما من طريق الأعمش، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، به. وأخرجه ابن جرير الطبري (14 / 213 / رقم 16643) . والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (7 / 45 / رقم 9394 / بتحقيق زغلول) . كلاهما من طريق سفيان - وأظنه ابن عيينة - عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أبي البختري، عن حذيفة. وخالف سفيان جرير بن عبد الحميد ومحمد بن فضيل وورقاء بن عمر، فرووه عن عطاء، عن أبي البختري من قوله ليس فيه ذكر لحذيفة. أخرجه ابن جرير (14 / 211 - 212 / رقم 16637) من طريق جرير وابن فضيل، وهو في ((تفسير مجاهد)) (ص 276) من رواية عبد الرحمن بن الحسن. =

[الْآيَةُ (33) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدَى وَدِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ المُشْرِكُونَ} ] 1013- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ (1) ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (2) ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} - قَالَ: خُرُوجُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عليه الصلاة والسلام.

_ = القاضي، عن إبراهيم بن الحسين بن ديزيل، عن آدم بن أبي إياس، عن ورقاء. ورواية سفيان هي الصواب، لموافقتها لباقي الروايات، وأما الخطأ في رواية الآخرين فمن عطاء بن السائب نفسه، لأنه قد اختلط كما سبق بيانه في الحديث رقم [6] والله أعلم. (1) تقدم في الحديث [179] أنه متروك. (2) هو الباقر محمد بن علي بن الحسين. 1013 - سنده ضعيف جدًا لشدة ضعف عمرو بن ثابت، ومع ذلك فقد خولف كما سيأتي. والحديث ذكره السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 176) وعزاه للمصنِّف وابن المنذر والبيهقي. وقد أخرجه البيهقي في ((سننه)) (9 / 180) في كتاب السير، باب إظهار دين النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الأديان، من طريق المصنِّف. وأخرجه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (14 / 215 / رقم 16645) من طريق شقيق بن أبي عبد الله الكوفي، عن ثابت الحدّاد، عن شيخ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - فِي قَوْلِهِ: {ليظهره على الدين كله} - قال: حين خروج عيسى بن مريم. =

[الْآيَةُ (36) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ... } الْآيَةَ] 1014- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الكَلْبي (1) ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ (2) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} - قَالَ: الْمُحَرَّمُ وَرَجَبٌ وَذُو الْقَعْدَةِ وذو الحجة.

_ = وهذا أولى من رواية عمرو بن ثابت، وهو ضعيف لإبهام الراوي عن أبي هريرة، فإن كان أبا جعفر الباقر فيكون ضعيفًا للانقطاع بينه وبين أبي هريرة. ثم أخرجه ابن جرير عقبه برقم (16646) من طريق فضيل بن مرزوق، قال: حدثني من سمع أبا جعفر: {ليظهره على الدين كله} ، قال: إذا خرج عيسى عليه السلام اتبعه أهل كل دين. ومع ما في هذا السند من العلل الظاهرة، فشيخ الطبري هو سفيان بن وكيع، وتقدم الكلام على روايته مرارًا، وأنه ترك حديثه. (1) هو محمد بن السائب بن بشر الكلبي، أبو النضر الكوفي، النسّابة المفسِّر، متهم بالكذب ورمي بالرفض، وحكم جمع من الأئمة على رواياته عن أبي صالح باذام، عن ابن عباس بأنها موضوعة، وقد اعترف على نفسه بذلك؛ قال سفيان الثوري: قال لنا الكلبي: ما حدَّثت عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عباس فهو كذب فلا ترووه، انظر ((تهذيب الكمال)) (25 / 246 - 253) ، و ((التقريب)) (ص 479 / رقم 5901) . (2) هو باذَام - بالذال المعجمة، ويقال: آخره نون: باذان -، أبو صالح مولى أم هانئ، ضعيف كما في ((التقريب)) (ص 120 / رقم 634) ، وانظر ((تهذيب الكمال)) (4 / 6 - 8) . =

[الْآيَةُ (37) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا ... } الْآيَةُ] 1015- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مَنْصُورٍ (1) ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ (2) - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الكُفْرِ} - قَالَ: كَانَ النَّاسِي (رَجُلًا) (3) مِنْ كِنَانة، وَكَانَ ذَا رَأْيٍ فِيهِمْ، وَكَانَ يَجْعَلُ الْمُحَرَّمَ سَنَةً (صَفَرًا) (4) فَيَغْزُو فِيهِ، فيُصِيب فِيهِ، وَسَنَةً يحرِّمه فَلَا يَغْزُو فِيهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا} .

_ = 1014 - هو أثر موضوع لما تقدم عن حال الكلبي. وذكره السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 184) وعزاه للمصنف وابن مردويه. (1) هو ابن المعتمر. (2) هو شقيق بن سلمة. (3) في الأصل: ((رجل)) . (4) في الأصل: ((صفر)) . 1015 - سنده صحيح إلى أبي وائل، لكن أبا وائل لم يذكر عمَّن تلقى هذا الخبر. وقد ذكره السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 189) وعزاه لابن أبي حاتم فقط، وذكره (4 / 188) بنحوه وعزاه لابن المنذر وابن أبي حاتم. وقد أخرجه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (14 / 246 / رقم 16708) . وابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 47 / أ) . =

[الْآيَةُ (41) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} ] 1016- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ حُصَين (1) ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ (2) ، قَالَ: أَوَّلُ شَيْءٍ نَزَلَ مِنْ بَرَاءَةَ: الَّتِي بَعْدَ الْأَرْبَعِينَ: {انْفِرُوا خفافًا [140/أ] وثقالاً ... } إِلَى قَوْلِهِ: {إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} .

_ = كلاهما من طريق جرير بن عبد الحميد، به. وأخرجه سفيان الثوري في ((تفسيره)) (ص 126 / رقم 338) عن شيخه منصور، به. ومن طريق الثوري أخرجه ابن جرير برقم (16709) وابن أبي حاتم في الموضع السابق، إلا أنه سقط: ((منصور)) من سند ابن أبي حاتم. (1) هو ابن عبد الرحمن السلمي، تقدم في الحديث [56] أنه ثقة إلا أنه تغير في آخر عمره، ولم أجد من نص على أن سفيان بن عيينة ممن روى عنه قبل أن يتغير. (2) هو غزوان الغفاري. 1016 - سنده رجاله ثقات، إلا أن حصين بن عبد الرحمن تغير في آخر عمره، فالحكم على هذه الرواية متوقف على معرفة ما إذا كان سفيان بن عيينة ممن روى عنه قبل أن يتغير أم لا؟ والأثر ذكره السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 208) وعزاه لابن أبي شيبة وابن المنذر. وقد أعاده المصنف هنا، وكان قد رواه في المطبوع من ((سننه)) بتحقيق الأعظمي (2 / 345 / رقم 2892) في كتاب الجهاد، باب جامع الشهادة، بمثل =

[الْآيَةُ (43) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الكَاذِبِينَ} ] 1017- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ الأَوْدي يَقُولُ: اثْنَتَانِ فَعَلَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُؤْمَرْ (بِهِمَا) (1) : إِذْنُه لِلْمُنَافِقِينَ، وأَخْذُه مِنَ الْأُسَارَى، حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ} ، و: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى} (2) .

_ = ما هنا إلا أنه قال: ((إلى)) بدل: ((التي)) . وأخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (5 / 306) و (14 / 115 / رقم 17776) من طريق سفيان بن عيينة، به. (1) في الأصل: ((به)) . (2) الآية رقم (67) من سورة الأنفال. 1017 - سنده صحيح إلى عمرو بن ميمون، لم يذكر عمرو عمّن أخذه، وقد يكون فهمًا فهمه من الآيات، والله أعلم. والأثر ذكره السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 210) وعزاه لعبد الرزاق في ((المصنف)) وابن جرير. وقد أخرجه عبد الرزاق في ((مصنفه)) (5 / 210 / رقم 9403) . وابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (14 / 273 / رقم 16765) . كلاهما من طريق سفيان بن عيينة، به.

1018- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ مِسْعَر (1) أَوْ غَيْرِهِ (2) ، عَنْ عَوْن (3) ، قَالَ: أَخْبَرَهُ بِالْعَفْوِ قَبْلَ أَنْ يعرِّفه بِالذَّنْبِ. 1019- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ حُمَيْد (4) أنه (كان) (5) يقرأ: (أَسْرَى) (6) .

_ (1) هو ابن كِدَام. (2) هو ابن مسعر جزمًا كما سيأتي في التخريج، ويظهر أن الشك من سعيد بن منصور، فإنه لم يشك فيه أحد ممن رواه عن سفيان. (3) هو عَوْن بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهُذَلي، أبو عبد الله الكوفي، ثقة عابد كما في ((التقريب)) ، (ص 434 / رقم 5223) . 1018 - سنده صحيح. وأخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (13 / 190 و 428 - 429 / رقم 16069 و 16812) ، وابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 52 / ب) أما ابن أبي شيبة فعن سفيان مباشرة، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق محمد بن أبي عمر وأبي حصين بن سليمان الرازي، ثلاثتهم عن سفيان بن عيينة، عن مسعر، عن عون، بلا شك. (4) هو حميد بن أبي حميد الطويل. (5) ما بين القوسين ليس في الأصل، والزيادة من الأثر المتقدم برقم [198] . (6) هذا الأثر لا مناسبة لإيراده في سورة التوبة إلا لأجل الأثر قبل الماضي رقم [1017] المتعلق بآية سورة التوبة رقم (43) : ((عفا الله عنك)) ، وآية سورة الأنفال رقم (67) : {ما كَانَ لِنَبِيِّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أسرى} . 1019 - سنده صحيح، وهو مكرر الأثر رقم [198] في سورة البقرة.

[الْآيَةُ (47) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ} ] 1020- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ (1) ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ (جَلَّ) (2) وعَزَّ: {وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ} - قَالَ: عُيُونًا لَيْسُوا بِمُنَافِقِينَ، مِنْهُمْ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رِفَاعَةَ، وابن تابوت.

_ (1) هو عبد الملك بن عبد العزيز، تقدم في الحديث [9] أنه ثقة فقيه فاضل، إلا أنه يدلس، إلا أنه يدلس، ولم يصرح بالسماع هنا من مجاهد، بل من المجزوم به أنه لم يسمعه من مجاهد، ففي مقدمة ((الجرح والتعديل)) (ص 245) قال يحيى القطان: ((لم يسمع ابن جريج من مجاهد إلا حديثًا واحدًا: فطلقوهن في قبل عدتهن)) اهـ لكن هذا الأثر هنا صح من طريق آخر كما سيأتي. (2) ما بين القوسين ليس في الأصل. 1020 - سنده ضعيف لعدم سماع ابن جريج له من مجاهد، لكنه صح من طريق آخر كما سيأتي. وذكره السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 212) وعزاه لابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ. وقد أخرجه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (14 / 280 و 281 / رقم 16774 و 16778) من طريق حجاج بن محمد، عن ابن جريج، به. وهو في تفسير مجاهد (ص 280 - 281) من رواية ورقاء بن عمر، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد. ومن طريق ورقاء أخرجه ابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 54 / أ) . وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (16773 و 16777) من طريق عيسى بن ميمون الجُرَشي. =

[الْآيَةُ (60) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالمَسَاكِينِ ... } إلى قوله: {وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} ] 1021- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو شِهَابٍ (1) ، عَنْ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَة (2) ، عَنِ المِنْهال بْنِ عَمْرٍو (3) ، عَنْ زِرّ بْنِ حُبَيْش، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: إِنَّمَا سُمِّيَت هَذِهِ الْأَصْنَافُ لِتَعْرِفَ: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالمَسَاكِينِ وَالعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ} ، فَأَيُّ صِنْفٍ أَعْطَيْتَ مِنْهَا أَجْزَأْكَ.

_ = وابن أبي حاتم في الموضع السابق من طريق سفيان بن عيينة. كلاهما عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد، به. ورواية ابن أبي نجيح للتفسير عن مجاهد تقدم في الحديث [184] أنها صحيحة. (1) هو عبد ربه بن نافع، تقدم في الحديث [7] أنه صدوق. (2) تقدم في الحديث [170] أنه صدوق كثير الخطأ والتدليس، ولم يصرح بالسماع هنا. (3) هو المنهال بن عمرو الأسدي، مختلف فيه، والراجح أنه صدوق كما بينته في تخريج ((مختصر مستدرك الحاكم)) فراجعه إن شئت (3 / 1595 - 1596 رقم 592) . 1021 - سنده ضعيف لما تقدم عن حال حجاج بن أرطأة. والحديث ذكره السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 221) وعزاه لابن أبي شيبة وابن جرير وأبي الشيخ. =

1022- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُهَاجِرٍ أَبِي الْحَسَنِ (1) ، قَالَ: أَتَيْتُ أَبَا وَائِلٍ (2) وَحْدَهُ (3) ، فقال: رُدَّها (4) ، فضعها

_ = وأخرجه أبو عبيد في ((الأموال)) (ص 512 / رقم 1835) . وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (3 / 182) . وحميد بن زنجويه في ((الأموال)) (3 / 1175 / رقم 2199) . وابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (14 / 322 / رقم 16886 و 16887) . جميعهم من طريق حجاج بن أرطأة، به. وأخرجه ابن أبي شيبة في الموضع السابق عن شيخه وكيع، عن ابن أبي ليلى أو غيره، عن المنهال به. ولولا شك وكيع ها هنا لكان الحديث حسنًا لغيره بمتابعة مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبي ليلى للحجاج. وقد رواه ابن أبي شيبة في الموضع نفسه عن شيخه علي بن هاشم، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الحكم، عن حذيفة قال: إذا وضعت في أي الأصناف شئت أجزأك إذا لم تجد غيره. وفي سنده علتان: 1 - مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبي ليلى تقدم في الحديث [186] أنه صدوق سيئ الحفظ جدًا. 2 - الحكم بن عتيبة لم يدرك حذيفة رضي الله عنه، فحذيفة توفي سنة ست وثلاثين للهجرة، والحكم ولد سنة خمسين للهجرة كما في ترجمته في الحديث [28] . (1) تقدم في الحديث [129] أنه ثقة. (2) هو شقيق بن سلمة. (3) سيأتي سياق لفظه بتمامه من ((طبقات ابن سعد)) حيث أخرجه من =

مَوَاضِعَهَا، قُلْتُ: فَمَا أَصْنَعُ بِنَصِيبِ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ؟ قَالَ: رُدَّه عَلَى آخَرِينَ. 1023- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا شِهَابُ بْنُ خِرَاش (1) ، عَنْ مُوسَى بْنِ يَزِيدَ الكِنْدي (2) ، قَالَ: كَانَ ابن مسعود يقرئ رجلاً،

_ = طريق المصنِّف وغيره، وفي ظني أن سعيد بن منصور رواه بتمامه في كتاب الزكاة، وأعاد في هذا الموضع هذا المقدار منه، وقد يكون في النسخة سقط في هذا الموضع - والله أعلم -، فيستدرك من ((طبقات ابن سعد)) . (4) أي الزكاة. 1022 - سنده صحيح. وذكره السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 224) وعزاه لابن سعد فقط. وقد أخرجه ابن سعد في ((الطبقات)) (6 / 97) فقال: أخبرنا عفان بن مسلم وسعيد بن منصور، قالا: حدثنا أبو عوانة، قال: حدثنا مهاجر أبو الحسن، قال: انطلقت إلى أبي بُرْدَة وشقيق وهما على بيت المال بزكاة، فأخذاها. وقال سعيد في حديثه: ثم جئت مرة أخرى فوجدت أبا وائل وحده، فقال لي: رُدّها فضعها في مَوَاضِعَهَا. قُلْتُ: فَمَا أَصْنَعُ بِنَصِيبِ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ؟ قَالَ: رُدّه عَلَى الآخرين. (1) تقدم في الحديث [206] أنه صدوق. (2) لم أجد راويًا بهذا الاسم، إلا أن يكون موسى بن يزيد بن موهب الأملوكي، أبا عبد الرحمن الشامي، الذي يروي عن أبي أمامة ويروي عنه معاوية بن صالح، ويقال له أيضًا: موسى بن مرّة، فإن كان هو فهو مجهول الحال، فقد ذكره البخاري في ((التاريخ الكبير)) (7 / 297 / رقم 1270) وسكت عنه، ولم يذكر فيه ابن أبي حاتم جرحًا ولا تعديلاً (8 / 167 / رقم 746) ، وذكره ابن حبان في ((الثقات)) (5 / 405) .

فقرأ: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالمَسَاكِينِ} مُرْسَلةً (1) ، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: مَا هَكَذَا أَقْرَأَنِيهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: وَكَيْفَ (أَقْرَأكَها) (2) يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ قَالَ: أَقْرَأَنِيهَا: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالمَسَاكِينِ} ، فمدَّها. 1024- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ: نَا (عُمَرُ) (3) بْنُ نَافِعٍ (4) ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ العَبْسي (5) ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ

_ (1) يعني بلا مد لـ: ((الفقراء)) . (2) في الأصل: ((أقرأها)) ، والمثبت من الموضع الآتي في ((معجم الطبراني)) حيث رواه من طريق المصنِّف. 1023 - سنده ضعيف لجهالة أو جهالة حال موسى بن يزيد. وذكره السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 221) وعزاه للمصنِّف والطبراني وابن مردويه. وذكره الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (7 / 155) من رواية الطبراني وقال: ((رجاله ثقات)) . (3) في الأصل والموضع الآتي من ((مصنف ابن أبي شيبة)) : ((عمرو)) ، والتصويب من الموضع الآتي من تفسير ابن أبي حاتم ومصادر ترجمته، على أن هناك راويًا يقال له: ((عمرو بن نافع)) ، وهو ثقفي مثل هذا وفي طبقته، لكنهم لم يذكروا أنه روى عن أبي بكر العبسي، ولا عنه أبو معاوية، والعلم عند الله. انظر ((الجرح والتعديل)) (6 / 266 / رقم 1465) . (4) هو عمر بن نافع الثقفي، كوفي ضعيف، قال ابن معين: ليس حديثه بشيء)) ، وضعفه أبو زرعة الرازي، وذكره الساجي وابن الجارود في ((الضعفاء)) . انظر ((الجرح والتعديل)) (6 / 138 / رقم 758) ، و ((سؤالات البرذعي)) لأبي زرعة (2 / 436 / أبو زرعة الرازي)) و ((تهذيب الكمال)) (21 / 514) ، و (تهذيب =

رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالمَسَاكِينِ} - قَالَ: الْفُقَرَاءُ: زَمْنَى (1) أَهْلِ الْكِتَابِ. [الْآيَةُ (74) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ} ] 1025- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: قَتَلَ رَجُلٌ مَوْلًى لِبَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ رَجُلًا من

_ = التهذيب)) ، (7 / 500 / رقم 834) ، و ((تقريب التهذيب)) (ص 417 / رقم 4974) . (5) وفي بعض المصادر: ((العنسي)) - بالنون - مجهول لم يرو عنه سوى عمرو بن نافع. انظر ((الجرح والتعديل)) (9 / 341 / رقم 1519) ، و ((تهذيب الكمال)) (33 / 155) ، و ((تهذيب التهذيب)) ، (12 / 44 / رقم 175) و ((التقريب)) (ص 625 / رقم 7999) . (1) جمع ((زَمِن)) ، والزَّمِنُ هو: الرجل الذي به عاهة. انظر ((لسان العرب)) (13 / 199) . 1024 - سنده ضعيف لضعف عمر بن نافع وجهالة أبي بكر العَبْسي. وذكره السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 221 - 222) وعزاه للمصنِّف وابن أبي حاتم وابن أبي شيبة. وقد أخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (3 / 178) . وابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 58 / أ) . كلاهما من طريق أبي معاوية، به، وعند ابن أبي حاتم زيادة قصة. 1025 - سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مُرْسِلِه عكرمة، وقد روي عنه عن ابن عباس ولا يصح. =

الْأَنْصَارِ، فَقَضَى لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِيهِ نَزَلَتْ {وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ} .

_ = وقد أورده السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 244) وعزاه للمصنف وعبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن مردويه. وأخرجه عبد الرزاق في ((المصنف)) (9 / 296 - 297 / رقم 17273) . وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (9 / 126 / رقم 6776) و (10 / 166 / رقم 9120) . والترمذي في ((جامعه)) (4 / 12 / رقم 1389) في الديات، باب ما جاء في الدية كم هي من الدراهم، من طريق سعيد المخزومي. وابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (14 / 366 - 367 / رقم 16980 و 16982) من طريق سفيان بن وكيع وعبد الله بن الزبير الحميدي. خمستهم - وهم: عبد الرزاق وابن أبي شيبة والمخزومي وسفيان بن وكيع والحميدي - وافقوا المصنِّف سعيد بن منصور، فرووه عن سفيان بن عيينة، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عكرمة مرسلاً، وزادوا فيه: أنَّ النَّبِيَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم قضى بالدية اثني عشر ألفًا. وخالفهم محمد بن ميمون الخياط، رواه عن سفيان بن عيينة، إلا أنه جعله من رواية عكرمة عن ابن عباس موصولاً. أخرج هذه الرواية ابن أبي عاصم في كتاب ((الديات)) (ص 68 - 69) . والنسائي في ((سننه)) (8 / 44 / المجتبى في القسامة، باب ذكر الدية من الورق) ، و (4 / 235 / الكبرى) في القسامة، باب كم الدية من الورق، والبيهقي في ((سننه)) (8 / 78 - 79) في الديات، باب تقدير البدل باثني عشر ألف درهم. وهذه الرواية منكرة لمخالفة محمد بن ميمون الخياط جميع الرواة الذين رووا الحديث عن سفيان مرسلاً، وأعلها النسائي بقوله عن الخياط هذا عقب =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = إخراجه للحديث: ((ابن ميمون ليس بالقوي)) كما في الموضع السابق من ((سننه الكبرى)) . وهذا بالنسبة لرواية سفيان بن عيينة. وقد تابعه محمد بن مسلم الطائفي، إلا أنه خالفه، فرواه عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عكرمة، عن ابن عباس موصولاً. أخرجه الدارمي في ((سننه)) (2 / 113 رقم 2368) . وأبو داود في ((سننه)) (4 / 681 - 682 رقم 4546) في الديات، باب الدية كم هي؟ والترمذي في الموضع السابق برقم (1388) . وابن ماجه في ((سننه)) (2 / 878 و 879 رقم 2629 و 2632) في الديات، باب دية الخطأ. وابن أبي عاصم في الموضع السابق من كتاب الديات. والنسائي في الموضعين السابقين من ((سننه)) (المجتبى والكبرى) . وابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (14 / 367 رقم 16983) . وابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 72 / أ) . والبيهقي في الموضع السابق من ((سننه)) . وقال أبو داود: ((رواه ابن عيينة، عن عمرو، عن عكرمة، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - لم يذكر ابن عباس)) . وسئل أبو حاتم الرازي عن هذا الحديث - كما في ((العلل)) لابنه عبد الرحمن (1 / 462 - 463 رقم 1390) فقال: ((المرسل أصح)) . وقال الترمذي: ((ولا نعلم أحدًا يذكر في هذا الحديث عن ابن عباس غير محمد بن مسلم)) . وقال النسائي: ((محمد بن مسلم ليس بالقوي، والصواب مرسل)) .

[الآية (75 - 77) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ ... } إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} ] . 1206- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ؛ قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ (1) ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ (2) : اعْتَبِرُوا الْمُنَافِقِينَ بِثَلَاثٍ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَر، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ تَصْدِيقَ ذَلِكَ: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ} إلى آخر الآية.

_ (1) تقدم في الحديث [3] أنه ثقة حافظ، وهو موصوف بالتدليس، لكن روايته هنا عن عمارة بن عمير وهو من كبار شيوخه، فعنعنته هنا محتملة. (2) هو ابن مسعود. 1026 - سنده صحيح. وذكره السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 247) وعزاه للمصنِّف وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وأبي الشيخ وابن مردويه. وقد أخرجه الطبراني في ((المعجم الكبير)) (9 / 252 / رقم 9075) من طريق المصنِّف. وأخرجه الفريابي في ((صفة المنافق)) (ص 47 / رقم 10) . وابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (14 / 376 / رقم 16995) . كلاهما من طريق أبي معاوية، به. وأخرجه وكيع بن الجراح في ((كتاب الزهد)) (3 / 700 - 701 و 786 - 787 / رقم 400 و 472) فقال: حدثنا الأعمش ... فذكره. ومن طريق وكيع أخرجه: ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (8 / 594 / رقم =

[الْآيَةُ (79) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ المُطَّوِّعِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ} ] 1027- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ (1) ، عَنْ عِيسَى بْنِ مُغِيرَةَ (2) ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ

_ = 5663) ، والمروزي في زياداته على ((الزهد)) لابن المبارك (ص 377 رقم 1067) ، وابن أبي الدنيا في ((كتاب الصمت)) (ص 510 / رقم 519) . وأخرجه محمد بن نصر في ((تعظيم قدر الصلاة)) (2 / 628 / رقم 677) من طريق يحيى بن عيسى الرملي عن الأعمش. وأخرجه ابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 72 / ب) . وأبو نعيم في ((صفة النفاق)) (ل 28 / أوب) . كلاهما من طريق محبوب بن محرز العطار، عن الأعمش، به. (1) هو ابن مقسم، تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، لكنه يدلس. (2) هو عيسى بن المغيرة التميمي، الحَرَامي - بالراء المهملة - أبو شهاب الكوفي، روى عن إبراهيم التيمي وعامر الشعبي وعمر بن عبد العزيز، روى عنه سفيان الثوري ومغيرة بن مقسم وأبو معاوية وغيرهم، وهو مقبول كما في ((التقريب)) (ص441 / رقم 5329) وانظر ((تهذيب الكمال)) (23 / 36) . وقال الذهبي في ((ميزان الاعتدال)) (3 / 324 / رقم 6612)) : ((ما علمت روى عنه سوى سفيان الثوري)) ، ولكن هذا الأثر يبين أنه روى عنه غيره كما يتضح من التخريج. وأما ما ذكره ابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) (6 / 286 / رقم 1592) من أن يحيى بن معين وثق عيسى هذا، فهذا التوثيق إنما هو في حق عيسى بن =

إِلَّا جُهْدَهُمْ} (1) ، قَالَ: الجُهْدُ (فِي الْقِيتَةِ) (2) ، والجَهْدُ: الجَهْد.

_ = المغيرة بن الضحاك الحِزَامي - بالزاء بدل الراء - كما في ((تهذيب الكمال)) (23 / 35) . وقد تصحَّف ((الحرامي)) في ((التقريب)) إلى: ((الحَرَّاني)) . (1) نقل القرطبي في ((تفسيره)) (7 / 62) عن ابن قتيبة أنه ذكر أنه قُرئ: ((جَهْدهم)) - بالفتح - ولم يسمِّه. وقال ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (14 / 393) : ((وأما ((الجهد)) فإن للعرب فيه لغتين، يقال: ((أعطاني من جُهْده)) بضم الجيم - وذلك - فيما ذُكر - لغة أهل الحجاز، و: ((من جَهْده)) - بفتح الجيم - وذلك لغة نجد. وعلى الضمّ قراءة الأمصار، وذلك هو الاختيار عندنا لإجماع الحُجَّة من القَرَاءة عليه. وأما أهل العلم بكلام العرب من رواة الشعر وأهل العربية، فإنهم يزعمون أنها مفتوحة ومضمومة بمعنى واحد، وإنما اختلاف ذلك لاختلاف اللغة فيه كما اختلفت لغاتهم في ((الوَجْد)) و ((الوُجْد)) بالضم والفتح من: ((وجدت)) ... )) ، ثم ذكر قول الشعبي هذا. وقال القرطبي في الموضع السابق من ((تفسيره)) : ((والجَهْد - بفتح الجيم -: المشقّة؛ يقال: فعلت ذلك بجَهْد. والجُهْد - بضمها -: ((الطاقة، يقال: هذا جُهْدي، أي: طاقتي، ومنهم من يجعلهما واحدًا ويحتج بقوله: ((وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهدهم) . اهـ. (2) في الأصل: ((الجهد: الفتنة)) ، والتصويب من الموضع الآتي من تفسير ابن جرير وابن أبي حاتم. 1027 - سنده ضعيف لجهالة حال عيسى بن المغيرة التميمي، وأما مغيرة فقد توبع. وعزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 252) لابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ. =

[الْآيَةُ (82) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} ] 1028- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سُمَيْع (1) ، عَنْ أَبِي رَزِين (2) - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا} -، قَالَ: الدُّنْيَا قَلِيلٌ، فَلْيَضْحَكُوا فِيهَا ما شاؤوا، فَإِذَا صَارُوا إِلَى الْآخِرَةِ بَكَوْا بُكَاءً لَا يَنْقَطِعُ، فَذَلِكَ الْكَثِيرُ.

_ = وقد أخرجه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (14 / 393 - 394 / رقم 17020 و 17021 و 17022) من طريق جابر بن نوح وحفص بن غياث وعبد الله بن إدريس. وابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 76 / أ) من طريق أبي معاوية. جمعيهم عن عيسى بن مغيرة، به. ولفظ ابن جرير: ((الجَهْدُ في العمل، والجُهْد في القيتة)) ، ولفظ ابن أبي حاتم: ((فالجُهْدُ في القينة، والجَهْدُ هو الجَهْد)) . (1) تقدم في الحديث [916] أنه صدوق. (2) هو مسعود بن مالك، تقدم في الحديث [504] أنه ثقة فاضل. 1028 - سنده حسن عن أبي رزين، وقد أخذه هو - فيما يظهر - من الربيع بن خُثيم - كما سيأتي -. وعزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 256) لابن أبي شيبة. وقد أخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (13 / 418 / رقم 16770) . وهناد بن السري في ((الزهد)) (1 / 270 / رقم 470) . وابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (14 / 401 و 402 / رقم 17037 و 17044) . =

[الْآيَةُ (87) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ} ] 1029- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ (1) ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ (2) - قِرَاءَةً (3) -، عن مجاهد، قال: {الخَوَاِلفُ} : النساء.

_ = وابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 77 / أ) . جمعيهم من طريق أبي معاوية، به. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (17039) من طريق سفيان الثوري، عن إسماعيل بن سميع، به. وأخرجه وكيع في ((الزهد)) (1 / 244 - 245 / رقم 18) فقال: حدثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي رزين عن الربيع بن خُثَيم: {فليضحكوا قليلاً} قال: الدنيا، {وليبكوا كثيرًا} قال: الآخرة. وهذا سند صحيح، فسفيان الثوري، ومنصور هو ابن المعتمر. ومن طريق وكيع أخرجه هناد في الموضع السابق برقم (471) ، وابن جرير برقم (17043) وابن أبي حاتم (4 / ل 77 / ب) . وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (17038 و 17040) من طريقين آخرين عن منصور. (1) هو عبد الله. (2) هو عبد الملك بن عبد العزيز، تقدم في الحديث [1020] أنه لم يسمع من مجاهد سوى حديث واحد ليس هو هذا، لكنه لم ينفرد بهذه الرواية عن مجاهد كما سيأتي. (3) أي: أخذه ابن المبارك قراءة على ابن جريج، وهو المسمى: العَرْض.

[الْآيَةُ (90) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَجَاءَ المُعَذِّرُونَ مِنَ الأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ ... } الْآيَةُ] 1030- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ (1) ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {وَجَاءَ المُعْذِرُون} (2) .

_ = 1029 - سنده ضعيف للانقطاع بين ابن جريج ومجاهد، وهو صحيح لغيره لمجيئه من طريق آخر. وأخرجه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (14 / 414 / رقم 17071) من طريق حجاج بن محمد، عن ابن جريج، به. وهو في ((تفسير مجاهد)) (ص 285) من رواية عبد الرحمن بن الحسن القاضي، عن إبراهيم بن الحسين بن ديزيل، عن آدم بن أبي إياس، عن ورقاء ابن عمر، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد قال: الخوالف يعني: النساء. وهذا سند صحيح: وقد تقدم الكلام على رواية ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ في الحديث [184] . وأخرجه ابن جرير برقم (17070) من طريق شبل، عن ابن أبي نجيح. (1) هو حميد بن قيس الأعرج، تقدم في الحديث [31] أنه لا بأس به. (2) لم تضبط بالأصل، ولكن هكذا قرئت كما سيأتي فقد قرأها الكسائي في رواية قتيبة هكذا بالتخفيف، أي الذين أُعْذِروا وجاؤوا بعذر، وكان ابن عباس يقرؤها كذلك ويقول: هم أهل العذر، أي: جاؤوا مُعْذِرين ولهم عذر، والمُعْذِر الذي قد بلغ أقصى العذر، والعرب تقول: أَعْذَرَ مَنْ أنذر، أي: بالغ في العذر. وقرأ الباقون: {وجاء المعذرون} - بالتشديد - أي: المعتذرون، إلا أن التاء أدغمت في الذال لقرب المخرجين. قال الزجاج ومعنى المعتذرين: الذين يعتذرون، كان لهم عذر أَوْ لَمْ يكن لهم عذر، وهو ها هنا أشبه بأن يكون لهم عذر، وقد يكون لا عذر لهم؛ قال تعالى: {يعتذرون إليكم إذا رجعتم إليهم} ، ثم قال: =

[الْآيَةُ (92) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ ... } الْآيَةُ] 1031- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ (1) - قِرَاءَةً - عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ} - قَالَ: هُمْ (بَنُو) (2) مُقَرِّن، مِنْ مُزَيْنَة.

_ = {لا تعتذروا} أي: لا عذر لكم. اهـ. من ((حجة القراءات)) (ص 321) بتصرف، وانظر معه ((تفسير الطبري)) (14 / 416 - 418)) و ((تفسير القرطبي)) (8 / 224 - 225) . 1030 - سنده حسن لذاته. وأخرجه ابن جرير الطبري (14 / 418 / رقم 17076) من طريق عبد الله ابن الزبير الحميدي، عن سفيان بن عيينة، به، وزاد: ((مخففة، وقال: هم أهل العذر)) . وذكر الطبري أن مجاهدًا وافق ابن عباس في هذا، وكان قد أسند ذلك عن ابن عباس برقم (17073) من طريق الضحاك عنه، ولم يسمع الضحاك من ابن عباس. (1) تقدم مثل هذا الإسناد في الأثر قبل الماضي رقم [1029] ، وأوضحت هناك أنه ضعيف للانقطاع بين ابن جريج ومجاهد، وأنه صح من غير طريقه، وهذا مثله. (2) في الأصل: ((بني)) ، والتصويب من ((تفسير الطبري)) . 1031 - سنده ضعيف للانقطاع بين ابن جريج ومجاهد، وهو صحيح =

1032- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجيح، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى تَبُوكَ، قَالَ: لَا يَخْرُجَنَّ مَعَنَا إِلَّا مُقْوٍ (1) ، فَخَرَجَ رَجُلٌ عَلَى بَكْرٍ لَهُ صَعْبٌ، فَوُقِصَ (2)

_ = لغيره عن مجاهد لمجيئه من غير طريق ابن جريج، ولكن مجاهدًا لم يذكر سنده في هذا الخبر، فهو مرسل. وعزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 264) لابن سعد وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم. وقد أخرجه الطبري في ((تفسيره)) (14 / 421 / رقم 17082) من طريق ابن المبارك، به مثله. وأخرجه أيضًا ابن جرير (14 / 433 / رقم 17097) من طريق حجاج ابن محمد، عن ابن جريج، به مثله. وأخرجه برقم (17085) من طريق سفيان بن عيينة، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ - في قوله: {تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حزنًا} - قال: منهم ابن مقرِّن. وأخرجه ابن جرير الطبري أيضًا برقم (17080 و 17081 و 17083) وابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 80 / ب) من طريق ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، به مثل رواية ابن المبارك. وسنده صحيح، وانظر تفصيل الكلام في رواية ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ في الحديث رقم [184] . (1) في الأصل: ((مقوي)) وكذا في كتاب الجهاد عند المصنف كما سيأتي، ومثله في ((فتح الباري)) (6 / 90) نقلاً عن المصنِّف، والمعنى، أي ذو دابةٍ قويّة كما في ((النهاية في غريب الحديث)) (4 / 181) . (2) أي: وثب به. انظر ((النهاية)) أيضًا (5 / 214) .

بِهِ، فَمَاتَ فَجَعَلَ النَّاسُ يَقُولُونَ: الشَّهِيدُ الشَّهِيدُ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَالًا يُنَادِي فِي النَّاسِ: أَنَّهُ لَا يدخل [ل140/ب] الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُؤْمِنَةٌ، وَلَا يَدْخُلُهَا عاصٍ (1) . قَالَ مُجَاهِدٌ: مَا سَمِعْنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا أَشَدَّ مِنْ هَذَا، وَمِنْ حَدِيثِهِ: لَقَدْ ضُمَّ سعد ضَمَّة (2) .

_ (1) أما قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُؤْمِنَةٌ)) فهو صحيح كما سيأتي، وأما قوله هنا: ((ولا يدخلها عاص)) فلم أجده من طريق صحيح كما سيأتي، ولو صح لكان معناه: لا يدخلها دخولاً أوَّليًا، وإنما بعد أن يلقى جزاءه)) من جهنم، وهذا في حق أصحاب الكبائر الذين لم يُغفر لهم، لا في كل معصية، وإنما يحمل على هذا المعنى لوجود أدلة أخرى تدل على دخول العصاة وأصحاب الكبائر من الأمة المحمدية الجنة، إما بالشفاعة، أو بحسنات ماحية، أو بعد أن يلقوا جزاءهم، وهذا معتقد أهل السنة في التوفيق بين نصوص الوعد والوعيد. (2) يعني سعد بن معاذ رضي الله عنه كما سيأتي. 1032 - سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مُرْسِله مجاهد رحمه الله، وصححه الحافظ ابن حجر في ((الفتح)) (6 / 90) عن مجاهد من رواية المصنِّف. والحديث أعاده المصنف هنا، وكان رواه في المطبوع من ((سننه)) بتحقيق الأعظمي (2 / 208 - 209 / رقم 2494) كتاب الجهاد، باب ما جاء فيمن خالف الإمام، وهو في النسخة الخطية عندي (ل 80 / ب) ، وفيها: ((مقوي)) بالياء. وذكره السيوطي في ((شرح الصدور بشرح حال الموتى والقبور)) (ص 149) مختصرًا، وعزاه لمصنف عبد الرزاق. وقد أخرجه عبد الرزاق في ((المصنف)) (5 / 177 - 178 / رقم 9294) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = من طريق سفيان بن عيينة، به نحوه. وأما قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُؤْمِنَةٌ)) ، فهو صحيح؛ أخرجه البخاري في ((صحيحه)) (6 /179 رقم 3062) في الجهاد، باب: ((إن الله يؤيد الدين بالرجل الفاجر)) ، و (7 / 471 رقم 4203 و 4204) في المغازي، باب غزوة خيبر. ومسلم في ((صحيحه)) (1 / 105 - 106 رقم 178) في كتاب الإيمان، باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه. كلاهما من حديث أبي هريرة، وفيه قصة. ثم أخرجه البخاري أيضًا (11 / 378 رقم 6528) في الرقاق، باب الحشر. ومسلم أيضًا (1 / 201 رقم 378) في كتاب الإيمان، باب كون هذه الأمة نصف أهل الجنة. كلاهما من حديث ابن مسعود، وفيه زيادة. وأما قول مجاهد: وَمِنْ حَدِيثِهِ: لَقَدْ ضُمَّ سَعْدٌ ضَمَّة، فيشير إلى قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ سعد بن معاذ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا مَاتَ: ((لقد ضُمّ ضَمَّة، ثم أفرج عنه)) . وهوحديث أخرجه ابن سعد في ((الطبقات)) (3 / 430) . والنسائي في ((سننه)) (4 / 100 - 101) في كتاب الجنائز، باب ضمة القبر وضغطته. كلاهما من طريق عبد الله بن إدريس، عن عبيد الله بن عمر، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -: ((لهذا العبد الصالح الذي تحرك له العرش، وفُتحت له أبواب السماوات، وشهده سبعون ألفًا من الملائكة لم ينزلوا الأرض قبل ذلك، ولقد ضُمَّ ضَمَّة، ثم أفرج عنه)) يعني سعد بن معاذ. هذا لفظ ابن سعد، وفيه زيادة على لفظ النسائي، وسنده صحيح، =

[الْآيَةُ (100) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ} الْآيَةُ] 1033- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُطَرِّف (1) ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: الْمُهَاجِرُونَ (2) الْأَوَّلُونَ: الَّذِينَ شَهِدُوا بَيْعَةَ الرِّضوان.

_ = وصححه الشيخ الألباني في ((السلسلة الصحيحة)) (4 / 268 - 271 / رقم 1695) وجمع طرقه. (1) هو ابن طَرِيف، تقدم في الحديث [544] أنه ثقة فاضل. (2) في الأصل: ((قال: قال المهاجرون)) . 1033 - سنده صحيح إلى الشعبي. وذكره السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 269) وعزاه لابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبي الشيخ وأبي نعيم في ((المعرفة)) . وقد أخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (14 / 111 / رقم 17761) ، وابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (14 / 435 / رقم 17100 و 17102 و 17103 و 17105 و 17106) ، من طريق مطرِّف، به. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (17099 و 17101 و 17103 و 17105) . وابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 83 / أ) . كلاهما من طريق إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ الشعبي، به. ثم أخرجه ابن جرير أيضًا برقم (17104) من طريق دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ الشعبي، به.

[الْآيَةُ (101) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ} إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ] } 1034- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَتَّاب بْنُ بَشِيرٍ (1) ، عَنْ خُصَيف (2) ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ: {سَنُعَذِّبُهُمْ (3) مَرَّتَيْنِ} - قال: عُذِّبوا بالجوع مرتين.

_ (1) تقدم في الحديث [204] أنه لا بأس به، إلا في روايته عن خصيف فإنها منكرة. (2) هو ابن عبد الرحمن الجزري، تقدم في الحديث [204] أنه صدوق سيء الحفظ. (3) في الأصل: ((سيعذبهم)) . 1034 - سنده ضعيف لما تقدم عن حال عتاب وخصيف، وله طريق أخرى عن مجاهد، لكن في لفظها اختلاف. وأخرجه ابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 84 / أ) من طريق خطاب ابن القاسم، عن خصيف، به. وأخرجه عبد الرزاق في ((تفسيره)) (1 / 286) . وابن جرير الطبري (14 / 442 - 443 / رقم 17124 و 17125 و 17126 و 17127 و 17129) . وابن أبي حاتم في الموضع السابق. ثلاثتهم من طريق ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ بلفظ: بالجوع والقتل، وبعض الألفاظ عنه: القتل والسِّبَاء، وبعضها: بالجوع وعذاب القبر، وبعضها: =

[الْآيَةُ (108) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ ... } الْآيَةُ] 1035- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّناد (1) ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: الْمَسْجِدُ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى، قَالَ: ذَاكَ مَسْجِدُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم.

_ = الخوف والقتل. ورواية ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ صحيحة كما تقدم في الحديث [184] ، لكن هذا الاختلاف على ابن أبي نجيح في اللفظ يعكِّر على الحكم عليه بالصحة. (1) هو عبد الله بن ذَكْوان، تقدم في الحديث [67] أنه ثقة فقيه. 1035 - سنده ظاهره الصحة، لكن صوابه: عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أبيه زيد بن ثابت، وهو صحيح عن زيد، وصح عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم كما سيأتي. فالحديث له عن أبي الزناد ثلاث طرق: 1 - طريق سفيان بن عيينة، واختُلف عليه: فرواه المصنِّف هنا عنه، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ خَارِجَةَ بن زيد، من قوله، هذا إن سلمت النسخة من السقط. وأخرجه عبد الرزاق في ((تفسيره)) (1 / 288) عنه، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ خَارِجَةَ بن زيد، قال: أحسبه: عن أبيه ... ، فذكره. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير الطبري (14 / 478 / رقم 17211) . وأخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (2 / 372) عنه، عن أبي الزناد، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = عن خارجة عن بن زيد مرفوعًا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم، وليس لزيد فيه ذكر. وأخرجه ابن جرير (14 / 477 / رقم 17204) من طريق سفيان بن وكيع. والطبراني في ((المعجم الكبير)) (5 / 145 / رقم 4853) من طريق سعيد بن أبي مريم. كلاهما عن ابن عيينة، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ خَارِجَةَ، عن أبيه زيد، به موقوفًا عليه. وهذه الرواية - فيما يظهر - هي الصواب، ويدل عليه: أ - أن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ تابع سفيان هكذا كما سيأتي. ب - مجيء الحديث من طريقين آخرين عن زيد رضي الله عنه. والاختلاف فيما يظهر من ابن عيينة نفسه كما يظهر من رواية عبد الرزاق. 2 - طريق عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عن أبيه، عن خارجة، عن أبيه زيد، به موقوفًا. أخرجه ابن جرير الطبري برقم (17205) من طريق سفيان بن وكيع، عن أبيه. والطبراني مقرونًا بالرواية السابقة، من طريق سعيد بن أبي مريم. كلاهما عنه به. 3 - طريق عبد الله بن عامر، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ خَارِجَةَ بن زيد، عن زيد مرفوعًا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم. أخرجه الطبراني في ((المعجم الكبير)) (5 / 145 / رقم 4854) . قال الهيثمي في ((المجمع)) (7 / 34) : ((في إسناده عبد الله بن عامر الأسلمي، وهو ضعيف)) . ومما يرجح أنه عن زيد: أن الطبراني أخرجه في ((الكبير)) (5 / 137 / =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = رقم 4828) من طريق هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قال: قال زيد بن ثابت: الْمَسْجِدُ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى: مسجد رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم. قال عروة: مَسْجِدُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم خير منه، إنما أنزلت في مسجد قباء، وسنده صحيح. وأخرجه ابن جرير برقم (17202) من طريق عثمان بن عبيد الله، عن ابن عمرو وزيد بن ثابت وأبي سعيد قالوا: الْمَسْجِدُ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى: مسجد رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم. وفي إسناده شيخ ابن جرير الطبري: سفيان بن وكيع، وتقدم في الحديث [862] أن حديثه ساقط. وهناك من قَالَ: الْمَسْجِدُ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التقوى هو مسجد قباء كما قال عروة بن الزبير - كما سبق -. وقد ذكر ابن جرير القولين جميعًا، ثم قال (14 / 479) : ((وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب: قول من قال: هو مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لصحة الخبر بذلك عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم)) . ويعني ابن جرير بقوله هذا: حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: مَرَّ بي عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري، قال: قلت له: كيف سمعت أباك يذكر فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التقوى؟ قال: قال أبي: دخلت عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم في بيت بعض نسائه، فقلت: يا رسول الله، أي المسجدين الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى؟ قَالَ: فأخذ كفًّا من حصباء، فضرب به الأرض، ثم قال: ((هو مسجدكم هذا)) لمسجد المدينة. قال: فقلت: أشهد أني سمعت أباك هكذا يذكره. أخرجه مسلم في ((صحيحه)) (2 / 1015 / رقم 514) في الحج، باب بيان الْمَسْجِدُ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى ...

1036- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا عَبِيدة بْنُ حُمَيْدٍ (1) ، عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْني (2) ، قَالَ: دَخَلْتُ مَسْجِدَ قُباء أُصَلِّي فِيهِ، فَالْتَفَتُّ عَنْ يَمِينِي فَأَبْصَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (3) ، فَقَالَ: أَحْبَبْتَ أَنْ تُصَلِّيَ فِي الْمَسْجِدُ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى من أول يوم؟ [الآية (113 - 115) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ ... } إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} ] 1037- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي سِنَان (4) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: إن أبي

_ (1) تقدم في الحديث [898] أنه لا بأس به. (2) هو عمار بن معاوية. (3) هو أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن عوف. 1036 - سنده حسن لذاته إن سلم من أن يكون عَبيدة أخطأ فيه، فهناك من تكلم في حفظه كما في ترجمته المتقدمة في الحديث [898] . والذي يدعوا لهذا الشك: أن أبا سلمة بن عبد الرحمن روى عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أن الْمَسْجِدُ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى هو مسجده صلى الله عليه وسلم كما تقدم في آخر تخريج الحديث السابق، فكيف يمكن أن يقول لعمار الدُّهني هذا القول وهو يروي هذا الحديث؟! وهذا الأثر أخرجه ابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 89 / ب) من طريق عبيدة بن حميد، به. وعزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 288) لابن أبي حاتم فقط. (4) هو ضِرَار بن مُرَّة.

مَاتَ نَصْرَانِيًّا، فَقَالَ لَهُ: اغْسِلْهُ وكفِّنه وحنِّطه، ثُمَّ ادْفِنْهُ، (ثُمَّ) (1) قَالَ هَذِهِ الْآيَةَ: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الجَحِيمِ. وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ للهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ} قَالَ: لَمَّا مَاتَ عَلَى كُفْرِهِ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ، (فتبرأ) (2) منه (3) .

_ (1) ما بين القوسين ليس في الأصل، فأثبته من الموضع الآتي من ((سنن البيهقي)) حيث روى الحديث من طريق المصنف. (2) في الأصل: ((تبرأ)) . (3) من قوله: ((قال: لما مات ... )) إلخ ملحق بالهامش بخط الناسخ. 1037 - سنده صحيح. وأخرجه البيهقي في ((سننه)) (3 / 398) في الجنائز، باب المسلم يغسل ذا قرابته من المشركين ويتبع جنازته ويدفنه ولا يصلي عليه، من طريق المصنِّف، به، ولم يذكر ما بعد الآية. وأخرجه عبد الرزاق في ((المصنف)) (6 / 40 / رقم 9937) من طريق سفيان بن عيينة، به. وأخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (3 / 348) من طريق إسرائيل ومحمد بن فضيل. وابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (14 / 516 / رقم 17336 و 17337) ، من طريق سفيان الثوري ومحمد بن فضيل. ثلاثتهم عَنْ أَبِي سِنَانٍ ضِرَارِ بْنِ مرة، به، ولم يذكروا ما بعد الآية. ورواه إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا عَنْ أَبِي سنان، وهو الآتي عند المصنِّف برقم [1039] . =

1038- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ (1) ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الحَكَم (2) ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قوله: {فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ} - قال: لما مات.

_ = ولبعضه طريقان آخران عن سعيد بن جبير. فأخرجه سفيان الثوري في ((تفسيره)) (ص 127 / رقم 345) عن حبيب ابن أبي ثابت، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عباس قال: ما زال إبراهيم يستغفر لأبيه حتى مات، فلما مات تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ، فتبرأ منه. ومن طريق سفيان أخرجه ابن جرير (14 / 519 - 521 / رقم 17343 و 17344 و 17345 و17357) وابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 103 / أوب) . وحبيب بن أبي ثابت ثقة، لكنه مدلس كما في الحديث [874] ولم يصرح بالسماع هنا. ثم أخرجه ابن جرير برقم (17358) من طريق إسماعيل بن خليفة، عن علي بن بَذيمة، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عباس: {فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ الله} قال: لما مات. وإسماعيل بن خليفة العَبْسي أبو إسرائيل المُلائي الكوفي مشهور بكنيته، وهو صدوق سيء الحفظ، ونُسب إلى الغلو في التشيع كما في ((التقريب)) (ص 107 / رقم 440) . وبلفظ سفيان الثوري السابق ذكر السيوطي الحديث في ((الدر المنثور)) (4 / 305) وعزاه للفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ وأبي بكر الشافعي في ((فوائده)) والضياء المقدسي في ((المختارة)) . (1) تقدم في الحديث [6] أنه صدوق. (2) هو ابن عُتيبة. =

1039- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا (1) ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ ضِرَارِ بْنِ مُرَّة، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّ أَبِي مَاتَ نَصْرَانِيًّا، فَقَالَ لَهُ: اغْسِلْهُ وكفِّنه وحنِّطه، ثُمَّ ادْفِنْهَ، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا} إِلَى آخِرِ الْآيَةِ. 1040- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، قَالَ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي إِسْمَاعِيلَ (2) ، عَنْ عَامِرِ بْنِ شَقِيقٍ (3) ، عن أبي وائل (4) ،

_ 1038 - سنده حسن لذاته لما تقدم عن حال عبد الرحمن بن زياد، وهو صحيح لغيره لمجيئه من غير طريقه. فقد أخرجه ابن جرير في ((تفسيره)) (14 / 519 / رقم 17347 و 17348 و 17350) من طريق أبي عاصم الضحاك بن مخلد وأبي قتيبة مسلم بن قتيبة ومحمد بن جعفر غندر ووكيع بن الجراح، أربعتهم عن شعبة، به. ثم أخرجه ابن جرير أيضًا برقم (17349 و 17356) من طريق ابن أبي نجيح وابن جريج، كلاهما عن مجاهد، به بلفظ: ((موته وهو كافر)) . (1) تقدم في الحديث [81] أنه صدوق. 1039 - إسماعيل بن زكريا صدوق حسن الحديث، ولكنه لم ينفرد بهذا الحديث، بل تابعه الثوري وابن عيينة وإسرائيل ومحمد بن فضيل، والحديث صحيح كما تقدم برقم [1037] . (2) هو محمد بن أبي إسماعيل: راشد السُّلَمي، المدني، ثقة كما في ((التقريب)) (ص 469 / رقم 5741) وانظر ((تهذيب الكمال)) (24 / 493 - 495) . (3) تقدم في الحديث [705] أنه لا بأس به. =

قَالَ: مَاتَتْ أُمِّي نَصْرَانِيَّةً، فَأَتَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَقُلْتُ: مَاتَتْ أُمِّي نَصْرَانِيَّةً؟ فَقَالَ: ارْكَبْ دَابَّةً وسِرْ أَمَامَ جَنَازَتِهَا. 1041- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الأَحْوَص، قَالَ: نَا أَبُو إِسْحَاقَ، (عَنْ نَاجِيَةَ بْنِ كَعْبٍ) (1) ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه:

_ = (4) هو شقيق بن سلمة. 1040 - سنده حسن لذاته. وأخرجه الخلال في ((أهل الملل)) من كتابه ((الجامع)) (1 / 298 / رقم 626) من طريق المصنف، به. وأخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (3 / 348) من طريق عيسى بن يونس، به. (1) ما بين القوسين سقط من الأصل، فاستدركته من ((مصنف ابن أبي شيبة)) (3 / 347) ؛ فإنه روى الحديث من طريق أبي الأحوص، وكذا باقي مصادر التخريج من غير طريق أبي الأحوص. وهو ناجية بن كعب الأسدي، ويقال: ناجية بن خُفاف العَنَزي، أبو خفاف الكوفي، ويقال: إنهما اثنان. قال ابن حجر - بعد أن ذكر الخلاف فيه: ((فيخلص من أقوال هؤلاء الأئمة: أن الراوي عن عمار حديث التيمم هو ناجية بن خفاف أبو خفاف العنزي، وهو الذي روى عن ابن مسعود، وعنه أبو إسحاق وابنه يونس بن أبي إسحاق وغيرهما، وأما ناجية بن كعب الأسدي فهو الراوي عن علي ابن ابي طالب، فقد قال ابن المديني أيضًا: لا أعلم أحدًا روى عنه غير أبي إسحاق، وهو مجهول. وقال العجلي: ناجية بن كعب كوفي ثقة، وذكره ابن حبان في ((الثقات)) ، وقال الجوزجاني: مذموم، وفرق البخاري، وابن أبي حاتم، عن أبيه، ومسلم في ((الطبقات)) ، وغير واحد بين ناجية بن كعب الأسدي وبين ناجية ابن خفاف العنزي، والله تعالى أعلم)) اهـ. من ((تهذيب التهذيب)) (10 / 400 - 401) وقد وهم ابن حجر بقوله: ((وذكره ابن حبان في ((الثقات)) ، فإنه لم يذكره =

لَمَّا مَاتَ أَبُو طَالِبٍ، أَتَيْتُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ عَمَّكَ الضَّالَّ قَدْ مَاتَ، فَقَالَ لِي: ((اذْهَبْ فَادْفِنْهُ وَلَا تُحْدِثْ شَيْئًا حَتَّى تَأْتِيَنِي)) ، قَالَ: فَانْطَلَقْتُ فَوَارَيْتُه، وَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعَلَيَّ أَثَرُ التُّرَابِ، فَدَعَا لِي بِدَعَوَاتٍ مَا يَسُرُّنِي أَنَّ لِيَ بِهَا مَا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ.

_ = في الثقات، وإنما ذكره في ((المجروحين)) (3 / 57) وقال: ((كان شيخًا صالحًا إلا أن في حديثه تخليطًا - في الأصل: تخليط! - لا يشبه حديث أقرانه الثقات عن علي، فلا يعجبني الاحتجاج به إذا انفرد وفيما وافق الثقات، فإن احتج به محتج أرجو أنه لم يجرح في فعله ذلك)) اهـ. وقد ذكر الحافظ ابن حجر في ((التقريب)) (ص 557 / رقم 7064 و 7065) ناجية بن خفاف وناجية بن كعب متفرقين، وحكم بالوهم على من سوَّى بينهما، وقال عن ابن خفاف: ((مقبول)) ، وقال عن ابن كعب: ((ثقة)) ، مع أن ابن كعب لم يوثق إلا من العجلي، وقد جهّله ابن المديني، وقال ابن معين: ((صالح)) ، وقال أبو حاتم: ((شيخ)) ، وتكلم ابن حبان في حفظه، فلعل ابن حجر تأثر بما وقع له من الوهم: من أن ابن حبان ذكره في ((الثقات)) ، والله أعلم، وانظر ((تهذيب الكمال)) (29 / 254 - 259) . فالذي أراه أن ناجية بن كعب هذا أيضًا مقبول، والله أعلم. 1041 - سنده ضعيف لجهالة حال ناجية بن كعب، وهو حسن لغيره بمجموع طرقه الآتي ذكرها، وأما متنه فسيأتي الكلام عنه. والحديث ذكره السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 301) وعزاه لابن سعد وابن عساكر. وقد أخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (3 / 347) من طريق أبي الأحوص، به. وأخرجه أبو داود الطيالسي في ((مسنده)) (ص 19 / رقم 120) ومن طريقه =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = البيهقي في ((دلائل النبوة)) (2 / 348) . وأخرجه الشافعي في ((الأم)) (7 / 151) وعنه المزني في ((مختصره)) (6 / 277 - 278 - بهامش الأم)) . وأخرجه إسحاق بن راهويه في ((مسنده)) كما في ((نصب الراية)) (2 / 282) ، والإمام أحمد في ((المسند)) (1 / 97) . ومن طريقه ابن سيد الناس في ((عيون الأثر)) (1 / 132) والمزي في ((تهذيب الكمال)) (29 / 257) . وأخرجه النسائي في ((سننه)) (1 / 110) في الطهارة، باب الغسل من مواراة المشرك، ومن طريقه الضياء المقدسي في ((المختارة)) (2 / 362 / رقم 745) . وأخرجه ابن الجارود في ((المنتقى)) (2 / 144 / رقم 550) . جميعهم من طريق شعبة، عن أبي إسحاق السبيعي، به. وأخرجه عبد الرزاق في ((المصنف)) (6 / 39 / رقم 9936) ، وابن سعد في ((الطبقات)) (1 / 124) ، وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (3 / 269 و 347) و (12 / 67 / رقم 12138) والإمام أحمد في ((المسند)) (1 / 131) . ومن طريقه الضياء في ((المختارة)) (2 / 363 / رقم 746) . وأخرجه أبو داود في ((سننه)) (3 / 547 / رقم 3214) في الجنائز، باب الرجل يموت له قرابة مشرك. والنسائي في ((الكبرى)) (1 / 107 / رقم 195) في الطهارة، باب الأمر بالغسل من مواراة المشرك، وفي ((المجتبى)) (4 / 79 - 80) في الجنائز، باب مواراة المشرك، وفي ((خصائص علي)) (ص 157 - 158 / رقم 149) . ومن طريقه ابن حزم في ((المحلى)) (5 / 174 - 175) . وأخرجه الدارقطني في ((العلل)) (4 / 146) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = والبيهقي في ((سننه)) (1 / 304) في الطهارة، باب الغسل من غسل الميت، و (3 / 398) في الجنائز، باب المسلم يغسل ذا قرابته من المشركين ... ، وفي ((دلائل النبوة)) (2 / 348 - 349) . جميعهم من طريق سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي إسحاق، به، إلا أن في إسناد عبد الرزاق سقطًا، وصورته صورة المرسل عنده. وأخرجه عبد الرزاق في ((المصنف)) (6 / 39 / رقم 9935 و 9936) من طريق إسماعيل بن مسلم ومعمر. والطيالسي في ((مسنده)) (ص 19 / رقم 122) من طريق يزيد بن عطاء. وأبو يعلى في ((مسنده)) (1 / 334 - 335 / رقم 423) . ومن طريقه الخطيب في ((تلخيص المتشابه)) (2 / 632) . والضياء في ((المختارة)) (2 / 363 - 364 / رقم 747) من طريق إبراهيم ابن طهمان. وجعفر الخلدي في ((فوائده)) (ل 47 / ب) من طريق أبي إسحاق العبدي. والبيهقي في ((سننه)) (1 / 304) في الطهارة، باب الغسل من غسل الميت، من طريق إسرائيل. جمعيهم عن أبي إسحاق، به، إلا أن الحديث عند عبد الرزاق فيه اختلاف؛ حيث جاء مرسلاً في الموضعين، ففي الموضع الأول عن أبي إسحاق مرسلاً، وفي الموضع الثاني عن ناجية بن كعب مرسلاً، وسقط أبو إسحاق من سنده. وفي بعض طرق هذا الحديث التي لم أذكرها عن أبي إسحاق اختلاف ذكره الدارقطني في ((العلل)) (4 / 144 - 146 / رقم 475) ورجح الرواية التي هنا: رواية شعبة والثوري ومن وافقهما. والحديث ضعفه البيهقي في الموضع السابق من ((سننه)) لأجل ناجية بن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = كعب، ونقل عن ابن المديني في الاغتسال من غسل الميت أنه قال: ((لا يثبت فيه حديث)) ونقل عنه أيضًا أنه قال: ((حديث علي رضي الله عنه أنَّ النَّبِيَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم أمره أن يواري أبا طالب لم نجده إلا عند أهل الكوفة، وفي إسناده بعض الشيء؛ رواه أبو إسحاق عن ناجية، ولا نعلم أحدًا روى عن ناجية غير أبي إسحاق)) اهـ. ونقل النووي في ((المجموع)) (5 / 120) عن البيهقي تضعيفه لهذا الحديث وأقرَّه. وقال الحافظ ابن حجر في ((التلخيص الحبير)) (2 / 233) : ((ومدار كلام البيهقي على أنه ضعيف، ولا يتبين وجه ضعفه، وقد قال الرافعي: إنه حديث ثابت مشهور، قال ذلك في ((أماليه)) . اهـ. قلت: أما وجه ضعفه فبيِّن كما يتضح من الكلام السابق في ناجية بن كعب، لكن ناجية قد توبع. فأخرجه المصنِّف سعيد بن منصور وغيره من طريق أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ علي، وفيه ضعف كما سيأتي برقم [1042] . ورواه الشعبي، عن علي قال: لما رجعت إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم وقد دفنته قال لي قولاً ما أحب أن لي به الدنيا. أخرجه الطيالسي في ((مسنده)) (ص 19 / رقم 121) فقال: حدثنا شعبة قال: وأخبرني الفضيل أبو معاذ، عن أبي حريز - في الأصل: جرير - السجستاني، عن الشعبي ... ، فذكره هكذا عطفًا على حديث ناجية. وعامر الشعبي لم يسمع من علي رضي الله عنه إلا حديث الرجم كما بينته في ترجمته في الحديث [39] . واعلم أن بعض العلماء كانوا يتساهلون في جهالة التابعي إذا لم تكن روايته في الأحكام ونحوها من الأمور التي كانوا يشددون فيها، ولذلك شدد بعضهم في قبول حديث علي هذا لهذا السبب كابن المديني؛ لما يظهر منه من إيجاب الغسل =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = من غسل الميت كما فهمه بعضهم، مع أنه لم يرد في طريق يثبت أنه عليه الصلاة والسلام أمر عليًا أن يغسل أباه، أو أن عليًا فعله، ولذلك قال البيهقي في الموضع السابق: ((وناجية بن كعب الأسدي لم تثبت عدالته عند صاحبي ((الصحيح)) ، وليس فيه أنه غسله)) . وقال ابن الملقن في ((البدر المنير)) - كما في مختصره ((التلخيص الحبير)) لابن حجر (2 / 233) : ((تنبيه: ليس في شيء من طرق هذا الحديث التصريح بأنه غسله، إلا أن يؤخذ ذلك من قوله: فأمرني فاغتسلت؛ فإن الاغتسال شرع من غسل الميت ولم يشرع من دفنه، ولم يستدل به البيهقي وغيره إلا على الاغتسال من غسل الميت، وقد وقع عند أبي يعلى من وجه آخر في آخره: وكان علي إذا غسل ميتًا اغتسل)) ، فتعقبه ابن حجر بقوله: ((قلت: وقع عند ابن أبي شيبة في ((مصنفه)) بلفظ: إن عمك الشيخ الكافر قد مات، فما ترى فيه؟ قال: أرى أن تغسله وتجنّه، وقد ورد من وجه آخر أنه غسله؛ رواه ابن سعد، عن الواقدي ... )) إلخ ما قال. وهذا التعقب من الحافظ ابن حجر يحتاج إلى مزيد بيان: أما رواية الواقدي فلا ننشغل بها؛ فحاله معروفة عند أهل العلم. وأما نقله عن ((مصنف ابن أبي شيبة)) فيوهم أنه من نفس الطريق، وليس كذلك؛ فالحديث في ((مصنف ابن أبي شيبة)) (3 / 348) من طريق الأجلح، عن الشعبي مرسلاً، فهو ضعيف لا تقوم به حجة، فكلام ابن الملقن في موضعه. وأما ما ذكره ابن الملقن عن رواية أبي يعلى: ((وكان علي إذا غسل ميتًا اغتسل)) ، فهذه الزيادة أخرجها سعيد بن منصور أيضًا في الطريق الآتي برقم [1042] وسندها ضعيف. فإن قيل: لأي شيء اغتسل علي رضي الله عنه إذا لم يكن ذلك من غسل الميت؟ =

1042- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا الْحَسَنُ بْنُ يَزِيدَ الأَصَمّ، قَالَ: سَمِعْتُ السُّدِّي (1) يحدِّث عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ (2) ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: لَمَّا مَاتَ أَبُو طَالِبٍ، أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: إِنَّ عَمَّكَ الشَّيْخَ قَدْ مَاتَ، فَقَالَ لِي: ((اذْهَبْ فَوَارِه، ثُمَّ لَا تُحْدِثْ شَيْئًا حَتَّى تَأْتِيَنِي)) ، فَاغْتَسَلْتُ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ، فَدَعَا لِي بِدَعَوَاتٍ مَا يسرُّني أَنَّ لِيَ بِهَا حُمْرَ النَّعَم وَسُودَهَا. وَكَانَ عَلِيٌّ إِذَا غَسَّلَ الْمَيِّتَ اغْتَسَلَ.

_ = فالجواب: أنه جاء في هذه الطريق عند المصنِّف: ((وَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم وعليّ أثر التراب)) ، وهذا من دواعي الاغتسال. فالحاصل: أن من ادّعى أن في هذا الحديث دلالة على مشروعية الاغتسال من غسل الميت فعليه الدليل، هذا مع أن جنازة الكافر - كأبي طالب - لا تقاس عليها جنازة المسلم؛ فلو كان في هذا الحديث دلالة على مشروعية ما ذكر، لكان ذلك خاصًا بجنازة الكافر، والله أعلم. هذا وللحديث طرق أخرى تجدها عند البيهقي (1 / 305) ، لكنها معلولة، فلا ننشغل بها، وانظر الحديث الآتي. (1) هو إسماعيل بن عبد الرحمن تقدم في الحديث [174] أنه صدوق يهم. (2) هو السُّلمي عبد الله بن حبيب، تقدم في الحديث [21] أنه ثقة ثبت. 1042 - سنده ضعيف لما تقدم عن حال السُّدّي، وهو حسن لغيره كما بينته في الحديث السابق، وقد ضعفه البيهقي في الموضع الآتي من ((سننه)) . فالحديث أخرجه البيهقي في ((سننه)) (1 / 304 و 305) في الطهارة، باب الغسل من غسل الميت، من طريقين عن المصنِّف به. وأخرجه الإمام أحمد في ((المسند)) (1 / 103) . وابنه عبد الله في ((زوائد المسند)) (1 / 130) . =

1043- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُود (1) ، عَنْ زِرّ بْنِ حُبَيْش، قَالَ: سُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ (2) ، عَنِ الأوَّاه، قَالَ: هُوَ الدَّعَّاء.

_ = ومن طريقهما الضياء المقدسي في ((المختارة)) (2 / 276 - 277) / رقم 656 و 657) . وأخرجه البزار في ((مسنده)) (2 / 207 - 208 / رقم 592) . وأبو يعلى في ((مسنده)) (1 / 335 - 336 / رقم 424) . وابن عدي في ((الكامل)) (2 / 738 - 739) . جميعهم من طريق الحسن بن يزيد الأصم، به، إلا أن رواية البزار من طريق حاتم بن الليث، عن إبراهيم بن أبي العباس، عن الحسن بن يزيد، وفيها زيادة سعد بن عبيدة بن السدي وأبي عبد الرحمن، وقد تطرق الدارقطني في ((العلل)) (4 / 158 - 159 / رقم 484) لهذا الاختلاف، وذكر أن جميع الرواة، رووه عن الْحَسَنُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عن علي، وخالفهم حاتم بن الليث، فرواه عن إبراهيم بن أبي العباس، عن الحسن، بزيادة سعد بن عبيدة بين السدي والسلمي، ثم قال الدارقطني: ((وهو وهم، والقول الأول أصح)) اهـ. (1) تقدم في الحديث [17] أنه صدوق حسن الحديث. (2) هو ابن مسعود. 1043 - سنده حسن لذاته. وذكره السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 305) وعزاه لابن جرير وابن المنذر والطبراني وأبي الشيخ. وقد أخرجه الطبراني في ((المعجم الكبير)) (9 / 233 / رقم 9004) من طريق حماد بن زيد به. =

1044- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، نَا الْأَعْمَشُ (1) ، قَالَ: قَالَ أَبُو العُبَيْدَيْن (2) لعَبْدِ اللَّهِ (3) : مَنْ نَسْأَلُ إِذَا لَمْ نَسْأَلْكَ؟ مَا الْأَوَّاهُ؟ قال: الرحيم.

_ = وأخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (11 / 517 / رقم 11864) من طريق أبي بكر بن عياش. وابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (14 / 523 - 524 / رقم 17361 و17362 و17363 و17364 و17366 و17367) من طريق سفيان الثوري وأبي بكر بن عياش وجرير بن عبد الحميد وسعيد بن أبي عروية وإسرائيل. جميعهم عن عاصم، به. (1) هو سليمان بن مهران، تقدم في الحديث [3] أنه ثقة حافظ، إلا أنه مدلس، وقد أسقط في هذه الرواية واسطتين وهما: الحكم بن عتيبة ويحيى الجزار - كما سيأتي -، فأصبح الحديث مرسلاً. (2) هو معاوية بن سَبْرة - بفتح المهملة وسكون الموحَّدة - السُّوَائي - بضمّ المهملة والمدّ - أبو العُبَيْدَيْن - بتصغير وتثنية - ثقة كما في ((التقريب)) (ص 537 / رقم 6757) . (3) هو ابن مسعود. 1044 - سنده ضعيف لإرساله، وصوابه: الأعمش، عن الحكم، عن يحيى بن الجزار، عن أبي العبيدين، عن ابن مسعود، وسنده صحيح كما سيأتي، وقد توبع الأعمش. فالحديث ذكره السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 305 - 306) وعزاه لعبد الرزاق والفريابي وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وأبي الشيخ. وقد أخرجه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (14 / 425 - 426 / رقم =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = 17373 و 17375 و17376) من طريق جرير بن عبد الحميد وعبد الله بن إدريس. وابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 103 / ب) من طريق وكيع بن الجراح. والطبراني في ((المعجم الكبير)) (9 / 234 / رقم 9007) من طريق علي ابن مسهر. جميعهم عن الأعمش، عن الحكم بن عتيبة، عن يحيى بن الجزار، عن أبي العبيدين، به، إلا أن جرير بن عبد الحميد ووكيعًا جعلاه من رواية يحيى بن الجزار، أن أبا العبيدين سأل عبد الله، وهذا ظاهره الإرسال؛ لأن يحيى بن الجزار لم يسمع من ابن مسعود كما بينته في الحديث [279] ، لكن الصواب أنه من روايته عن أبي العبيدين، عن ابن مسعود. فقد أخرجه ابن بجرير أيضًا برقم (17371) من طريق شيخه محمد ابن المثنى، قال: حدثني محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن الحكم، قال: سمعت يحيى بن الجزار يحدث عن أبي العبيدين - رجل ضرير البصر - أنه سأل عبد الله عن ((الأوّاه)) فقال: الرحيم. وهذا سند صحيح. وقد أخرجه ابن جرير أيضًا برقم (17378) . والطبراني في ((الكبير)) (9 / 233 - 234 / رقم 9006) . كلاهما من طريق شعبة أيضًا. وأخرجه ابن جرير برقم (17377) من طريق حجاج بن أرطأة، عن الحكم. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (17370 و 17372 و17386) . والطبراني برقم (9002) . كلاهما من طريق سفيان الثوري، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ مسلم بن =

[الْآيَةُ (118) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ... } الْآيَةُ] 1045- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ - فِي قَوْلِهِ {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} - قَالَ: كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ، وَهِلَالُ بْنُ أُمية، ومُرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ، كلُّهم مِنَ الْأَنْصَارِ. 1046- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ (1) ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ (2) : كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ، وَهِلَالُ بْنُ أمية [ل141/أ] ، ومُرارَة بْنُ رَبِيعٍ، كُلُّهُمْ مِنَ الأنصار.

_ = عمران البطين، عن أبي العبيدين، به. وهذا سند صحيح أيضًا. 1045 - سنده صحيح إلى عكرمة، ولكنه ضعيف لإرساله، وهو صحيح من غير هذا الطريق كما سيأتي في الحديث بعده رقم [1046] . وقد أخرجه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (14 / 546 / رقم 17445) من طريق أبي الأحوص، به. (1) هو طلحة بن نافع القرشي، مولاهم، الواسطي، أبو سفيان الإسكاف، نزيل مكة، صدوق روى له الجماعة كما في ((التقريب)) (ص 283 / رقم 3035) . (2) يعني في الثلاثة الذين خُلِّفوا. 1046 - سنده حسن لذاته، وهو صحيح لغيره. =

[الْآيَةُ (119) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} ] 1047- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّة، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَا يَصْلُحُ مِنَ الْكَذِبِ جَدٌّ وَلَا هَزْلٌ؛ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} .

_ = وقد ذكره السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 309) وعزاه لابن جرير وابن المنذر وأبي الشيخ وابن منده وابن مردويه وابن عساكر. وقد أخرجه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (14 / 544 / رقم 17433 و 17434) من طريق أبي معاوية وأبي أسامة، كلاهما عن الأعمش، به. ويشهد له حديث كعب بن مالك الطويل في قصة توبته وصاحبيه، وفيه يقول كعب بن مالك: وثار رجال من بني سَلِمة فاتبعوني فقالوا لي: والله ما علمناك كنت أذنبت ذنبًا قبل هذا، ولقد عجزت أن لا تكون اعتذرت إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم بما اعتذر إليه المتخلفون، قد كان كافيَك ذنبَك استغفارُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم لك. فوالله ما زالوا يؤنبونني حتى أردت أن أرجع فأكذِّب نفسي، ثم قلت لهم: هل لقي هذا معي أحد؟ قالوا: نعم، رجلان قالا مثل ما قلت، فقيل لهما مثل ما قيل لك، فقلت: من هما. قالوا مرارة بن الربيع العمري وهلال بن أمية الواقفي ... الحديث. أخرجه البخاري (8 / 113 - 116 / رقم 4418) في المغازي، باب حديث كعب بن مالك، ومسلم (4 / 2120 و 2128 / رقم 53) في التوبة، باب حديث توبة كعب بن مالك وصاحبيه. 1047 - سنده ضعيف لانقطاعه بين عمرو بن مرة وابن مسعود، والصواب أن عمرًا يرويه عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه، وسنده =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ضعيف أيضًا؛ فإن أبا عبيدة - واسمه: عامر - لم يسمع من أبيه كما تقدم بيانه في الحديث [4] ولكن صح الحديث من غير طريقه كما سيأتي. والحديث ذكره السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 316) وعزاه للمصنِّف وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عدي وأبي الشيخ وابن مردويه والبيهقي في ((شعب الإيمان)) . وقد أخرجه هناد بن السري في ((الزهد)) (2 / 633 / رقم 1371) عن أبي الأحوص، به. ورواه الأعمش وشعبة والمسعودي فخالفوا فيه سعد بن مسروق، فرواه ثلاثتهم عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أبي عبيدة عامر بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه عبد الله بن مسعود، وهذا هو الصواب؛ فهم أكثر عددًا، وبعضهم أثبت من سعيد بن مسروق، وهما: الأعمش وشعبة. أما رواية الأعمش، فأخرجها عنه وكيع في ((الزهد)) (3 / 701 - 702 / رقم 401) . ومن طريق وكيع أخرجه هناد في ((الزهد)) (2 / 632 / رقم 1369) ، وابن جرير في ((التفسير)) (14 / 560 / رقم 17461) . وأخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (8 / 591 / رقم 5653) من طريق وكيع، لكن تصحف أبو عبيدة إلى (أبي البختري) . ثم رواه ابن جرير في ((تهذيب الآثار)) (ص 147 / رقم 255 / مسند علي) . من طريق حفص بن غياث، عن الأعمش. وأما رواية شعبة، فهي الآتية بعد هذه برقم [1048] . وأما رواية المسعودي، فأخرجها ابن جرير في الموضع السابق من ((تهذيب الآثار)) برقم (252) . وتابع أبو إسحاق السبيعي عمرو بن مرة. =

1048- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ (1) ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: لَا يَصْلُحُ مِنَ الْكَذِبِ جَدٌّ وَلَا هَزْلٌ؛ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} .

_ = فأخرجه ابن جرير في الموضع السابق من ((تهذيب الآثار)) برقم (254) من طريق سفيان الثوري. والطبراني في ((المعجم الكبير)) (9 / 100 / رقم 8522) من طريق إسماعيل بن حماد بن أبي سليمان. كلاهما عن أبي إسحاق السبيعي، عن أبي عبيدة، عن ابن مسعود، وفي لفظ الطبراني زيادة. ورواه إبراهيم بن يزيد النخعي مرسلاً، عن ابن مسعود، ومراسيل إبراهيم عن ابن مسعود صحيحة كما تقدم بيانه في الحديث [3] . أخرجه وكيع في ((الزهد)) (3 / 695 / رقم 395) فقال: حدثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الله ... فذكره. وهذا سند صحيح. ومن طريق وكيع أخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (8 / 591 / رقم 5653) وهناد في ((الزهد)) (2 / 632 / رقم 1369) وابن جرير في ((التفسير)) (14 / 560 / رقم 17459) . ثم أخرجه ابن جرير في الموضع السابق من ((تهذيب الآثار)) برقم (251) من طريق مغيرة بن مقسم، عن إبراهيم النخعي. وسيأتي الحديث من طرق أخرى برقم [1048 و 1049 و 1050] والطريق الأخيرة صحيحة. (1) تقدم في الحديث [6] أنه صدوق. =

1049- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ (1) ، عَنْ (مُجَاهِدٍ، عَنْ) (2) أَبِي مَعْمَرٍ (3) ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: لَا يَصْلُحُ الْكَذِبُ فِي جدٍّ وَلَا هَزْل، وَلَا أَنْ يَعِدَ أحدُكم صبيَّه شَيْئًا ثم لا يُنْجِزه له.

_ 1048 - سنده ضعيف للانقطاع بين أبي عبيدة وأبيه كما سبق بيانه في الحديث الذي قبله، وهو صحيح لغيره كما سبق في الحديث قبله ويأتي برقم [1050] . وأخرجه عبد الله بن المبارك في ((الزهد)) (ص491 - 492 / رقم 1400) . ومن طريقه وطريق غندر وآدم بن أبي إياس أخرجه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (14 / 559 - 560 / رقم 17456 و 17457 و 17458) وفي مسند علي من ((تهذيب الآثار)) (ص 147 / رقم 253) . وأخرجه ابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 109 / أ) من طريق أبي داود الطيالسي. وابن عدي في مقدمة ((الكامل)) (1 / 41) . والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (9 / 85 - 86 / رقم 4455) . والثعلبي والواحدي في ((تفسيريهما)) كما في ((تخريج الكشاف)) للزيلعي (2 / 112) من طريق وهب بن جرير، جميعهم عن شعبة، به. (1) تقدم في الحديث [3] قول أبي حاتم الرازي: ((إن الأعمش قليل السماع من مجاهد، وعامة ما يروي عن مجاهد مدلَّس)) . (2) ما بين القوسين سقط من الأصل، فأثبته من الموضع الآتي من ((معجم الطبراني)) حيث روى الحديث من طريق المصنف. (3) هو عبد الله بن سَخْبَرَة، تقدم في الحديث [39] أنه ثقة. 1049 - سنده ضعيف لما تقدم عن رواية الأعمش عن مجاهد، وهو =

1050- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانَةَ (1) ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ (2) ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ (3) ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَا يَصْلُحُ مِنَ الْكَذِبِ جد، ولا هزل.

_ = صحيح من غير هذه الطريق كما في الحديثين السابقين وكما سيأتي في الحديث بعده. والحديث أخرجه الطبراني في ((المعجم الكبير)) (9 / 102 / رقم 8525) من طريق المصنّف، به. وأخرجه هناد بن السري في ((الزهد)) (2 / 633 / رقم 1372) . وابن أبي الدنيا في ((الصمت)) ) (ص 525 / رقم 546) . كلاهما من طريق أبي معاوية به. وأخرجه وكيع في ((الزهد)) (3 / 695 / رقم 395) ومن طريقه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (8 / 591 / رقم 5653) وهناد في ((الزهد)) (2 / 632 / رقم 1369) وابن جرير في ((تفسيره)) (14 / 560 / رقم 17460) ، عن الأعمش، به. وأخرجه البخاري في ((الأدب المفرد)) (1 / 478 / رقم 387) . وابن جرير في مسند علي من ((تهذيب الآثار)) (ص 146 / رقم 250) . كلاهما من طريق جرير، عن الأعمش. وأخرجه ابن جرير أيضًا في ((تهذيب الآثار)) برقم (255) من طريق حفص ابن غياث، عن الأعمش. (1) هو وضاح بن عبد الله. (2) هو السَّبيعي عمرو بن عبد الله، تقدم في الحديث [1] أنه ثقة، إلا أنه تغير في آخر عمره، ويدلس، ولكن رواية شعبة عنه مأمونة الجانب من هذا كله، وهو ممن روى عنه هذا الحديث كما سيأتي. (3) هو عوف بن مالك بن نَضْلة. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = 1050 - سنده صحيح فإن شعبة تابع أبا عوانة، وقد صححه موقوفًا الحافظ ابن حجر كما سيأتي، وروي مرفوعًا، ولا يصح رفعه عن أبي إسحاق. والحديث أخرجه الطبراني في ((المعجم الكبير)) (9 / 102 / رقم 8526) من طريق المصنِّف، به مثله. ورواه مسدد في ((مسنده)) كما في ((المطالب العالية)) (ل 89 / أ) من طريق أبي عوانة، به، ثم قال الحافظ ابن حجر: ((موقوف صحيح)) . وأخرجه وكيع بن الجراح في ((الزهد)) (3 / 696 / رقم 396) فقال: حدثنا أبي وإسرائيل، عن أبي إسحاق ... ، فذكره. وأخرجه ابن أبي الدنيا في ((الصمت)) (ص 524 / رقم 544) . والبغوي في ((شرح السنة)) (13 / 153 / رقم 3575) . كلاهما من طريق إسرائيل، به، إلا أن في لفظه عندهما زيادة، وهي عند البغوي أطول. وأخرجه عبد الرزاق في ((جامع معمر)) الملحق بـ ((المصنف)) (11 / 116 / رقم 20076) عن معمر، عن أبي إسحاق، به، وفيه زيادة أيضًا. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الطبراني في ((الكبير)) (9 / 98 - 99 / رقم 8518) ، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (9 / 84 - 85 / رقم 4554) . وأخرجه ابن أبي الدنيا في ((الصمت)) (ص 524 - 525 / رقم 545) من طريق عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ المسعودي، عن أبي إسحاق به. فهؤلاء خمسة من الرواة كلهم رووه عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مسعود موقوفًا عليه. ووافقهم شعبة في الراجح عنه. فقد أخرجه الإمام أحمد في ((المسند)) (1 / 410) من طريق عفان بن مسلم. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وابن جرير الطبري في مسند علي من ((تهذيب الآثار)) (ص 135 / رقم 233) من طريق محمد بن جعفر غندر. كلاهما عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، به موقوفًا مثل رواية الخمسة الماضين. وخالفهم بهز بن أسد، فرواه عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنِ ابْنِ مسعود مرفوعًا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم. ومحمد بن جعفر غندر أثبت الناس في شعبة، وكان صاحب كتاب، فروايته أرجح من رواية بهز، فكيف وقد وافقه عفان بن مسلم؟ وقد يكون الخطأ ممن هو دون بهز، والله أعلم. وقد ذكر الزيلعي في ((تخريج أحاديث الكشاف)) (2 / 112) أن إسحاق بن راهويه رواه في ((مسنده)) من طريق وهب بن جرير، عن شعبة، ولم يذكر كامل الرواية لنعلم هل روايته موافقة لرواية بهز، أو لرواية عفان وغندر؟ ولكن ظاهر صنيعه أنها موافقة لرواية بهز، فإنه عطفها على رواية الحاكم المرفوعة بقوله: ((وكذلك رواه إسحاق ... )) إلا أن هذا كافٍ في احتسابها كذلك، لاحتمال أن يكون العطف للطريق نفسه، لا للرفع. وعلى فرض التسليم بأنه وافقه، فالرواية السابقة أرجح لما تقدم. وخالف هؤلاء جميعًا إدريس الأودي وموسى بن عقبة، فروياه عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الأحوص، عن ابن مسعود مرفوعًا. أما رواية إدريس الأودي فأخرجها الدارمي في ((سننه)) (2 / 210 / رقم 2718) والطبراني في ((المعجم الكبير)) (9 / 99 / رقم 8520) والحاكم في ((المستدرك)) (1 / 127) ومن طريقه البيهقي في ((شعب الإيمان)) (9 / 83 - 84 / رقم 4453) وفي لفظه زيادة. وأما رواية موسى بن عقبة فأخرجها ابن ماجه في ((سننه)) (1 / 18 / رقم =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = 46) في المقدمة، باب اجتناب البدع والجدل، وابن جرير في الموضع السابق من ((تهذيب الآثار)) برقم (222) ، والطبراني في ((المعجم الكبير)) برقم (8519) وفي لفظه زيادة. والرواية الموقوفة أرجح لكثرة من رواها ولكون بعضهم من أوثق الناس في أبي إسحاق كشعبة وإسرائيل بن يونس، وقد تكون رواية إدريس الأودي ورواية موسى بن عقبة عن أبي إسحاق بعد تغيره، فإني لم أجد من نص على أنهما رويا عنه قبل التغير والله أعلم. تنبيه: أخرج مسلم في ((صحيحه)) (16 / 159 - بشرح النووي) في كتاب البر والصلة، باب تحريم النميمة، من طريق محمد بن المثنى ومحمد بن بشار، عن محمد بن جعفر غندر، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنِ ابْنِ مسعود قال: إن مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ((ألا أنبئكم ما العَضْهُ؟ هي النميمة: القالة بين الناس)) ، وإن مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ((إن الرجل يصدق حتى يكتب صِدِّيقًا، ويكذب حتى يكتب كذابًا)) . اهـ. وهذا اللفظ جاء زيادة في بعض طرق الحديث الذي معنا، وادعى أبو مسعود الدمشقي رحمه الله أن مسلمًا أخرج هذا الحديث الذي معنا زيادة في طريق محمد بن المثنى ومحمد بن بشار. قال النووي في ((شرحه)) (16 / 161) : ((واعلم أن الموجود في جميع نسخ البخاري ومسلم ببلادنا وغيرها: أنه ليس في متن الحديث إلا ما ذكرناه، وكذا نقله القاضي عن جميع النسخ، وكذا نقله الحميدي. ونقل أبو مسعود الدمشقي عن كتاب مسلم في حديث ابن مثنى وابن بشار زيادة: ((وإن شر الروايا روايا الكذب، وإن الكذب لا يصلح منه جد ولا هزل، ولا يعد الرجل صبيه ثم يخلفه)) . وذكر أبو مسعود أن مسلمًا روى هذه الزيادة في كتابه، وذكرها أيضًا أبو بكر البرقاني في هذا الحديث. قال الحميدي: وليست عندنا في كتاب مسلم)) . اهـ.

[الْآيَةُ (122) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ المُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} ] 1051- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ سُلَيْمَانَ الأَحْوَل (1) ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ (2) : سَمِعْتُهُ، يَقُولُ: لَمَّا نَزَلَتْ: {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ} قَالَ الْمُنَافِقُونَ: قَدْ بَقِيَ مِنَ النَّاسِ نَاسٌ لَمْ يَنْفِرُوا، فَهَلَكُوا، وَكَانَ قَوْمٌ تَخَلَّفُوا لِيَتَفَقَّهُوا وَلْيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ، فَنَزَلَ الْعُذْرُ لِأُولَئِكَ: {فَلَوْلَا (3) نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ} و (أنزل) (4) اللَّهُ فِي أُولَئِكَ: {وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ} (5) .

_ (1) تقدم في الحديث [47] أنه ثقة ثقة. (2) أي: قال سليمان الأحول: سمعت عكرمة. (3) في الأصل: ((ولولا)) . (4) في الأصل: ((فأنزل)) والتصويب من الموضع الآتي من ((السنن)) للمصنِّف. (5) الآية (16) من سورة الشورى. 1051 - سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مرسلِه عكرمة. وعزاه في ((الدر المنثور)) (4 / 194 و 323) لابن جرير وابن المنذر وأبي الشيخ وابن أبي حاتم. والحديث أعاده المصنف هنا، وكان قد رواه في المطبوع من ((سننه)) =

[الْآيَةُ (127) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ} ] 1052- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْح، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَا تَقُولُوا: انْصَرَفْنَا، فَإِنَّ قَوْمًا انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ، وَلَكِنْ قُولُوا: قَدْ قَضَيْنَا الصَّلَاةَ.

_ = بتحقيق الأعظمي (2 / 346 / رقم 2896) كتاب الجهاد، باب جامع الشهادة، وفيه وفي المخطوط عندي (ل 99 / أ) نقص يستدرك مما هنا. وأخرجه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (14 / 570 / رقم 17476 و 17477) . وابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 49 / أ) . كلاهما من طريق سفيان بن عيينة، به. 1052 - سنده صحيح. وعزاه في ((الدر المنثور)) (4 / 326) للمصنِّف وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ. وقد أخرجه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (14 / 583 / رقم 17500) . وابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 114 / أ) . كلاهما من طريق أبي معاوية، به. وأخرجه ابن أبي حاتم أيضًا من طريق أحمد بن سنان، عن الأعمش، به. وأخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (2 / 382) من طريق أبي هلال عمير بن تميم بن يريم. وكذا ابن جرير برقم (17498 و 17499) من طريقه وطريق أبي حمزة القصاب. كلاهما عن ابن عباس، به.

[الْآيَةُ (128) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} ] 1053- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا (سُفْيَانُ، عَنْ) (1) عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَة (2) ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا يُثْبِتُ آيَةً فِي الْمُصْحَفِ حَتَّى يَشْهَدَ عَلَيْهَا رَجُلَانِ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَحَدَّثَهُ بِالْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ التَّوْبَةِ: {لَقَدْ جَاءَكُمْ ... } الْآيَةَ، فَقَالَ: لَا أَسْأَلُكَ عَلَيْهَا بَيِّنَةً، كَذَلِكَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَثْبَتَهُ (3) .

_ (1) ما بين القوسين سقط من الأصل، ورواية المصنِّف عن عمرو بن دينار دائمًا من طريق سفيان بن عيينة، وكذا رواه ابن جرير كما سيأتي. (2) تقدم في الحديث [62] أنه لم يسمع من ابن مسعود ولا من أبي الدرداء، فمن باب أولى أن لا يكون سمع من عمر الذي توفي قبلهما. (3) يشير إلى أنَّ النَّبِيَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم جعل شهادته بشهادة رجلين، ولكن ذلك في آية الأحزاب كما سيأتي. 1053 - سنده ضعيف للانقطاع بين يحيى بن جعدة وعمر، وجاء عند ابن جرير أن الراوي عن عمر هو عبيد بن عمير، ولكنه لا يثبت، واصل القصة في ((صحيح البخاري)) ، لكن على أن ذا الشهادتين في آية سورة الأحزاب، لا في التوبة كما سيأتي. والحديث ذكره السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 332) من رواية عبيد بن عمير، وعزاه لابن جرير وابن المنذر وأبي الشيخ. وقد أخرجه ابن جرير في ((تفسيره)) (14 / 588 / رقم 17512) من طريق =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = شيخه سفيان بن وكيع، قال: حدثنا ابن عيينة، عن عمرو، عن عبيد بن عمير قال: كان عمر رحمة الله عليه لَا يُثْبِتُ آيَةً فِي الْمُصْحَفِ حتى يشهد رجلان ... فذكره، هكذا بجعل عبيد بن عمير مكان يحيى بن جعدة. وسفيان بن وكيع تقدم في الحديث [862] أن حديثه متروك، فلا يعتمد عليه في مخالفة سعيد بن منصور، ولم أجد الحديث عند غير ابن جرير حتى يتضح ما هو مشكل، سوى ما ذكره السيوطي عن ابن المنذر وأبي الشيخ، ولكن كتابيهما مفقودان، وقد يكون عندهما من طريق سفيان بن وكيع أيضًا، والله أعلم. وأصل القصة في ((صحيح البخاري)) (6 / 21 - 22 / رقم 2807) في الجهاد، باب قول الله عز وجل: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ... } الآية (23) من سورة الأحزاب، و (7 / 356 / رقم 4049) في المغازي، باب غزوة أحد، و (8 / 344 / رقم 4679) في تفسير سورة التوبة من كتاب التفسير، باب: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ ... } الآية، و (8 / 518 / رقم 4784) في تفسير سورة الأحزاب من كتاب التفسير، باب: {فمنهم من قضى نحبه ... } الآية، و (9 / 10 و 11 و 22 / رقم 4986 و 4988 و 4989) في فضائل القرآن، باب جمع القرآن، وباب كاتب النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، و (13 / 183 و 404/ رقم 7191 و 7425) في كتاب الأحكام، باب يستحب للكاتب أن يكون أمينًا عاقلاً، وكتاب التوحيد، باب: {وكان عرشه على الماء} {وهو رب العرش العظيم} ، في قصة جمع القرآن بعد مشورة عمر لأبي بكر رضي الله عنهما بذلك، وتكليف زيد بن ثابت بجمعه، وفيه يقول زيد رضي الله عنه: فتتبعت القرآن أجمعه من العُسُبِ واللِّخاف وصدور الرجال، حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري، لم أجدها مع أحد غيره: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عزيز عليه ما عنتم} حتى خاتمة براءة. وقال: نسخت الصحف من المصاحف، ففقدت آية من سورة الأحزاب كنت أسمع رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم يقرأ بها، فلم أجدها إلا مع خزيمة =

[الْآيَةُ (129) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ} ] 1054- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، نَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ (1) ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ (2) ، قَالَ: خَرَجَ يُرِيدُ أَنْ يُجَاعِلَ فِي بَعْثٍ خَرَجَ عَلَيْهِ، فَأَصْبَحَ وَهُوَ يَتَجَهَّزُ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا لَكَ؟ أَلَيْسَ كُنْتَ تُرِيدُ أَنْ تُجَاعِلَ؟ قَالَ: بَلَى، وَلَكِنِّي قَرَأْتُ الْبَارِحَةَ سُورَةَ (3) بَرَاءَةَ، فَسَمِعْتُهَا تحث على الجهاد.

_ = ابن ثابت الأنصاري الذي جعل رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم شهادته شهادة رجلين، وهو قوله: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه} . (1) هو ابن يزيد النخعي. (2) هو ابن قيس النخعي (3) قوله: ((سورة)) مكرر بالأصل. 1054 - سنده صحيح. وقد أعاده المصنف هنا، وكان قد رواه في المطبوع من ((سننه)) بتحقيق الأعظمي (2 / 152 / رقم 2366) كتاب الجهاد باب ما جاء في الرجل يغزو بالجعل، بمثل ما هنا سواء. وأخرجه أبو عبيد في ((فضائل القرآن)) (ص 243) من طريق أبي معاوية. وذكره المزي في ((تهذيب الكمال)) (18 / 13 - 14) تعليقًا عن الأعمش، وفيه زيادة. وأخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (5 / 345) من طريق وكيع، عن الأعمش به.

سورة يونس

باب تفسير سورة يونس تَفْسِيرُ سُورَةِ يُونُسَ عَلَيْهِ السَّلَامُ [الْآيَةُ (12) : قَوْلُهُ تَعَالَى: { [وَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ} ] 1055- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سُوقَةَ، قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ (1) قَصْرَ الْكُوفَةِ فَقُلْتُ لَهُ: لَوْ رَأَيْتَنَا زَمَنَ الْحَجَّاجِ وأُتي بِنَا هَذَا الْقَصْرَ، وَبِنَا مِنَ الحُزْن وَالْغَمِّ؟ فَقَالَ لِي عَوْنٌ: فَمَرَرْتَ بِهِ كَأَنْ لَمْ تَدْعُهُ إِلَى ضُرٍّ مَسَّكَ؟ اذْهَبْ إِلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ، وَاحْمِدِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ، وَاذْكُرِ اللَّهَ. نَحْوَ هَذَا مِنَ الْكَلَامِ قَالَهُ سفيان.

_ (1) هو عون بن عبد الله بن عتبة. 1055 - سنده صحيح. وأخرجه ابن أبي الدنيا في ((الشكر)) (ص 34 / رقم 55) . ومن طريقه البيهقي في ((شعب الإيمان)) (8 / 477 / رقم 4277) من طريق سفيان بن عيينة، به. وأخرجه أبو نعيم في ((الحلية)) (5 / 7) من طريق سفيان بن عيينة، به، إلا أنه ذكر ((ابن عمر)) بدلاً من ((عون بن عبد الله)) ، وهذا تصحيف قطعًا، فإن محمد بن سوقة لم يذكروا أنه روى عن أحد من الصحابة سوى أنس بن مالك كما في ((تهذيب الكمال)) (25 / 333) .

[الْآيَةُ (16) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {قُلْ لَوْ شَاءَ اللهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ} ] 1056- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: نَا حَنْظَلَةُ السَّدُوسي (1) ، عَنْ شَهْر بْنِ حَوْشب (2) ، (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) (3) ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْذَرْتُكُمْ بِهِ} . [الْآيَةَ (23) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} ] 1057- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا فرج بن فضالة (4) ، قال:

_ (1) تقدم في الحديث [449] أنه ضعيف. (2) هو شهر بن حوشب الأشعري، الشامي، مولى أسماء بنت يزيد بن السكن، صدوق، إلا أنه كثير الإرسال والأوهام كما في ((التقريب)) (2846) ، وانظر ((تهذيب الكمال)) (12 / 578 - 589) . (3) ما بين القوسين سقط من الأصل، فاستدركته من ((تفسير ابن جرير)) (15 / 45) ، (والدر المنثور)) (4 / 348) فإن السيوطي عزاه لسعيد هكذا. 1056 - سنده ضعيف لما تقدم عن حال حنظلة وشهر بن حوشب. وذكره السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 348) وعزاه للمصنِّف وابن جرير. وقد أخرجه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (15 / 45 / رقم 17588) من طريق خالد، عن حنظلة، به، إلا أن الإسناد تصحّف هكذا: ((خالد بن حنظلة)) . وأخرجه ابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 120 / أ) من طريق خالد به. (4) تقدم في الحديث [19] أنه ضعيف.

حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ (1) ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَة (2) ، قَالَ (3) : إِنِّي لَفِي مَسْجِدِ مِنَى، إِذَا قَاصٌّ يَقُصّ، فَقَالَ لِي رَجَاءٌ: احْفَظْ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ، فَإِذَا القَاصّ يَقُولُ: ثَلَاثٌ خِلاَل هِيَ عَلَى مَنْ عَمِلَ بِهِنَّ: الْمَكْرُ وَالْبَغْيُ والنَّكْثُ؛ قَالَ اللَّهُ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} ،: {وَلَا يَحِيقُ المَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} (4) ،: {فَمَنْ (5) نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ} (6) ، ثُمَّ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، ثَلَاثُ خِلَالٍ لَا يُعَذِّبُكُمُ اللَّهُ مَا عَمِلْتُمْ بِهِنَّ: الشُّكْرُ لِلَّهِ، وَالدُّعَاءُ، وَالِاسْتِغْفَارُ، ثُمَّ قَالَ: {مَا يَفْعَلُ [ل141/ب] اللهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ} (7) ،: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي (8) لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ} (9) ،: {وَمَا

_ (1) هو ربيعة بن يزيد الدمشقي، أبو شعيب الإيَادي، القصير، ثقة عابد كما في ((التقريب)) (1929) . (2) هو رجاء بن حَيْوَة الكندي، أبو المقدام، ويقال: أبو نصر الفلسطيني، ثقة فقيه كما في ((التقريب)) (1930) ، وانظر ((تهذيب الكمال)) (9 / 151 - 157) . (3) القائل هو ربيعة بن يزيد. (4) سورة فاطر، الآية: 43. (5) في الأصل: ((ومن)) . (6) سورة الفتح، الآية: (10) . (7) سورة النساء، الآية: (147) . (8) في الأصل: ((ربي بكم)) . (9) سورة الفرقان، الآية: 77.

كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (1) . [الْآيَةَ (26) قَوْلُهُ تَعَالَى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} ] 1058- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرٌ (2) ، عَنْ مَنْصُورٍ (3) ، عَنِ الْحَكَمِ (4) ، عَنْ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} - قَالَ: الزِّيَادَةُ: غُرْفَةٌ مِنْ لُؤْلُؤَة وَاحِدَةٍ لَهَا أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ، غُرَفُهَا وأبوابها من لؤلؤة واحدة.

_ (1) سورة الأنفال، الآية: (33) . 1057 - سنده ضعيف لضعف فرج بن فضالة. وذكره السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 353) وعزاه لابن المنذر والبيهقي. وقد أخرجه البيهقي في ((شعب الإيمان)) (2 / 554 / رقم 646) و (12 / 67 - 68 / رقم 6247) من طريق المصنِّف به. (2) هو ابن عبد الحميد. (3) هو ابن المعتمر. (4) هو ابن عُتَيبة، تقدم في الحديث [28] أنه ثقة ثبت فقيه، وأنه ولد سنة خمسين للهجرة، أي: بعد وفاة علي رضي الله عنه بعشر سنين، فروايته عنه مرسلة. 1058 - سنده ضعيف للانقطاع بين الحكم بن عتيبة وعلي رضي الله عنه. والحديث ذكره السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 358) وعزاه للمصنِّف =

1059- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرٌ، عَنْ لَيْثٍ (1) ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ (2) ، قَالَ: الزِّيَادَةُ: النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ.

_ = وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ والبيهقي في ((الرؤية)) . وقد أخرجه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (15 / 69 / رقم 17634 و 17635 و 17636) من طريق فضيل بن عياض وعمرو بن أبي قيس الرازي وجرير ابن عبد الحميد. وأخرجه ابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 125 / أ) من طريق عمرو ابن أبي قيس. ثلاثتهم عن منصور، به. (1) هو ابن أبي سُلَيم، تقدم في الحديث [9] أنه صدوق اختلط جدًا فلم يتميز حديثه فتُرك. (2) هو عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بن سابط. 1059 - سنده ضعيف لما تقدم عن حال الليث بن أبي سليم. وذكره السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 359) وعزاه لابن جرير والدارقطني. وقد أخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (13 / 429 / رقم 16815) . وابن جرير في ((تفسيره)) (15 / 69 / رقم 17632) . وابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 124 / ب) . والدارقطني في ((الرؤية)) (ص 305 / رقم 221 و 222) . واللالكائي في ((شرح أصول اعتقاد أهل السنة)) (3 / 512 / رقم 795) . جميعهم من طريق جرير بن عبد الحميد، به.

1060- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرٌ، عَنْ قَابُوس بْنِ أَبِي ظَبْيَان (1) ، عَنْ أَبِيهِ (2) ، عَنْ عَلْقَمَةَ (3) ، قَالَ: سُئِلَ عَنِ الزِّيَادَةِ، قَالَ: الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا. 1061- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ (4) ، يَقُولُ: لَيْسَ فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ اخْتِلَافٌ، إِنَّمَا هُوَ كَلَامٌ جَامِعٌ يُرَادُ بِهِ هَذَا وهذا (5) .

_ (1) هو قابوس بن أبي ظَبْيَان - واسمه: حصين بن جندب - الجَنْبي - بفتح الجيم، وسكون النون، بعدها موحّدة - الكوفي، فيه لين كما في ((التقريب)) (5480) ، وانظر ((تهذيب الكمال)) (23 / 327 - 330) . (2) هو حصين بن جندب، تقدم في الحديث [58] أنه ثقة. (3) هو علقمة بن قيس. 1060 - سنده فيه قابوس، وتقدم الكلام فيه، لكنه لم ينفرد به، بل تابعه الأعمش فروايته تتقوى بهذه المتابعة إن سلم الخبر من تدليس الأعمش، فإنه لم يصرح بالسماع. وعزاه السيوطي في ((الدر)) (4 / 360) لابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم. وقد أخرجه ابن جرير في ((تفسيره)) (15 / 70 / رقم 17638) من طريق جرير بن عبد الحميد، به. وأخرجه ابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 125 / أ) من طريق الأعمش عن أبي ظبيان، به. (4) يعني ابن عيينة. (5) بعد أن أورد المصنِّف هذه النقول عن السلف في تفسير قَوْلُهُ تَعَالَى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وزيادة} بما قد يُشعر باختلافهم في تفسير الآية، ناسب =

[الْآيَةُ (58) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} ] 1062- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: نَا الأَجْلَح (1) ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن أَبْزَى (2) ، عن أبيه (3) ،

_ = إيراد قول سفيان بن عيينة هذا للدلالة على أن هذا الاختلاف من اختلاف التنوع، لا اختلاف التضاد. ولعل من المناسب هنا إيراد كلام ابن جرير في تعقيبه على هذه الأقوال حيث قال في ((تفسيره)) (15 / 71) : ((وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله تبارك وتعالى وعد المحسنين من عباده على إحسانهم الحسنى: أن يجزيهم على طاعتهم إيّاه الجنة، وأن تبيض وجوههم، ووعدهم مع الحسنى الزيادة عليها، ومن الزيادة على إدخالهم الجنة: أن يكرمهم بالنظر إليه، وان يعطيهم غرفًا من لآلئ، وأن يزيدهم غفرانًا ورضوانًا، كل ذلك من زيادات عطاء الله إياهم على الحسنى التي جعلها الله لأهل جناته، وعمّ ربنا جل ثناؤه بقوله: {وزيادة} الزيادات على الحسنى، فلم يخصص منها شيئًا دون شيء، وغير مستنكر من فضل الله أن يجمع ذلك لهم، بل ذلك كله مجموع لهم إن شاء الله، فأولى الأقوال في ذلك بالصواب: أن يُعَمّ كما عمَّه عز ذكره)) اهـ. 1061 - سنده صحيح. وذكره السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 360) وعزاه للمصنِّف وابن المنذر والبيهقي في الرؤية. (1) هو أجْلَحُ بن عبد الله بن حُجَيَّة، أبو حجية الكندي، صدوق شيعي كما في ((التقريب)) (287) وانظر ((تهذيب الكمال)) (2 / 275 - 280) . (2) هو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن أَبْزَى الخُزَاعي، مولاهم، الكوفي، =

عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أُمِرْتُ أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ)) ، قَالَ: قُلْتُ: سَمَّانِي لَكَ رَبِّي؟ قَالَ: نَعَمْ، فَتَلَا: {قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} (1) قَالَ: بِكِتَابِ اللَّهِ وَبِالْإِسْلَامِ خَيْرٌ مما يجمعون.

_ = يروي عن أبيه، روى عنه الأجلح الكندي وأسلم المنقري ومنصور بن المعتمر وغيرهم، قال الأثرم: ((قلت لأحمد: سعيد وعبد الله أخوان؟ قال: نعم، قلت: فأيهما أحب إليك؟ قال: كلاهما عندي حسن الحديث)) . وعلق له البخاري في ((صحيحه)) ، وذكره ابن حبان وابن خلفون في ((الثقات)) اهـ. من ((تهذيب الكمال)) وحاشيته (15 / 194 - 196) ، و ((تهذيب التهذيب)) (5 / 290) . وقد قال الحافظ ابن حجر في ((التقريب)) (3445) عن عبد الله هذا: ((مقبول)) يعني حيث يتابع، وإلا فليِّن، ولعل الراجح أنه صدوق حسن الحديث إن شاء الله. (3) هو عبد الرحمن بن أَبْزَى الخُزَاعي، مولاهم، صحابي صغير، وكان في عهد عمر رضي الله عنه رجلاً، وكان على خراسان لعلي رضي الله عنه. انظر ((التقريب)) (3818) . (1) قوله: ((فلتفرحوا)) لم تنقط في الأصل، لكن هكذا كان يقرؤها أُبَيّ بن كعب رضي الله عنه كما في الكتب التي أخرجت هذا الحديث وعُنيت بضبط القراءة - كما سيأتي في التخريج -، وينظر تعليق ابن جرير على هذه القراءة في ((تفسيره)) (15 / 108 - 110) . وأما قوله تعالى: {يجمعون} فهكذا جاءت منقوطة في الأصل، مع أن بعض طرق هذا الحديث ذكرت أنها منقوطة من فوق: ((تجمعون)) ، ويراجع تعليق ابن جرير أيضًا. 1062 - سنده حسن لذاته، وأصل الحديث في ((الصحيحين)) كما =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = سيأتي. وعزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 366) للمصنِّف وأبي عبيد وابن أبي شيبة وأحمد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في ((المصاحف)) وأبي الشيخ وابن مردويه وأبي نعيم في ((الحلية)) والبيهقي في ((شعب الإيمان)) . وقد أخرجه أبو داود الطيالسي في ((مسنده)) (ص 74 / رقم 545) . والبخاري في ((خلق أفعال العباد)) (ص 172 / رقم 536 و 537) . وأبو داود في ((سننه)) (4 / 284 - 285 / رقم 3981) في الحروف والقراءات. وابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 131 / ب) . وأبو نعيم في ((الحلية)) (1 / 251) . والحاكم في ((المستدرك)) (2 / 240) . جميعهم من طريق عبد الله بن المبارك، به، ولم يعن شيء من هذه الكتب بضبط القراءة سوى ما جاء في ((خلق أفعال العباد)) للبخاري و ((سنن أبي داود)) . وأخرجه ابن سعد في ((الطبقات)) (2 / 340 - 341) . وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (10 / 564 / رقم 10355) و (12 / 141 / رقم 12362) من طريق عبد الله بن نمير. وأبو عبيد في ((فضائل القرآن)) (ص 215 / رقم 54 - 55) . والإمام أحمد في ((المسند)) (5 / 122 - 123) من طريق يحيى بن سعيد القطان. وابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (15 / 109 / رقم 17688) من طريق هشيم بن بشير. وأبو نعيم في ((معرفة الصحابة)) (2 / 169 - 170 / رقم 750) من طريق ابن أبي شيبة السابق عن ابن نمير، ومن طريق عيسى بن يونس. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = جميعهم عن الأجلح، به، وهي عند أبي عبيد بالتاء: ((فلتفرحوا)) ، و: ((تجمعون)) ، ونصّ على ذلك فقال: ((هكذا القراءة بالتاء)) . وأخرجه ابن سعد في الموضع السابق. والإمام أحمد في ((المسند)) (5 / 123) . والبخاري في ((خلق أفعال العباد)) (ص172 رقم 535) . وأبو داود في الموضع السابق برقم (3980) . والحاكم في ((المستدرك)) (3 / 304) . ومن طريقه البيهقي في ((شعب الإيمان)) (5 / 534 رقم 2356) . وأخرجه أبو نعيم في الموضع السابق من ((الحلية)) و ((معرفة الصحابة)) برقم (749 و 751 و 752) . جميعهم من طريق سفيان الثوري، عن أسلم المنقري، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرحمن بن أبزى، به. وأشار الترمذي في ((سننه)) (5 / 711) في فضائل أُبَيّ رضي الله عنه من كتاب المناقب لطريق عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ هذه. وأصل الحديث في ((الصحيحين)) . فقد أخرجه البخاري في ((صحيحه)) (7 / 127 رقم 3808) في مناقب أُبَيّ رضي الله عنه من كتاب مناقب الأنصار، و (8 / 725 و 726 رقم 4959 و 4960 و 4961) في تفسير سورة: {لم يكن} من كتاب التفسير. ومسلم في ((صحيحه)) (1 / 550 رقم 245 و 246) في صلاة المسافرين، باب استحباب قراءة القرآن على أهل الفضل. كلاهما من طريق قتادة، عن أنس، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - قال لأُبَيّ: ((إن الله أمرني أن أقرأ عليك)) ، قال: آلله سمّاني لك؟ قال: ((الله سمّاك لي)) ، قال: فجعل أُبَيّ يبكي. =

1063- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرٌ (1) ، عَنْ مَنْصُورٍ (2) ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - فِي قَوْلِهِ: {قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} -، قَالَ: بِكِتَابِ اللَّهِ، وَبِالْإِسْلَامِ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ. 1064- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ: نا حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَة (3) ، عَنْ عَطِيَّةَ (4) ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدري، قَالَ: بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ إِذْ جَعَلَهُمْ من أهله (5) .

_ = وفي بعض الروايات: إن الله أمرني أن أقرأ عليك: {لم يكن الذين كفروا} )) . (1) هو ابن عبد الحميد. (2) هو ابن المعتمر. 1063 - سنده صحيح. وذكره السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 367) وعزاه للمصنِّف وابن المنذر والبيهقي. وقد أخرجه البيهقي في ((شعب الإيمان)) (5 / 535 / رقم 2357) من طريق المصنف، به، إلا أنه سقط من الإسناد ذكر جرير ومنصور، فجاء الحديث من رواية سعيد بن منصور، عن مجاهد. (3) تقدم في الحديث [170] أنه صدوق كثير الخطأ والتدليس. (4) هو ابن سعد العَوْفي، تقدم في الحديث [454] أنه ضعيف ويدلِّس تدليسًا قبيحًا من أنواع تدليس الشيوخ؛ فيحدث عن أبي سعيد موهمًا أنه الخدري، وهو يعني محمد بن السائب الكلبي. (5) يوضحه لفظ باقي المخرجين الآتي. =

1065- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، عَنْ جُوَيْبر (1) ، عَنِ الضَّحَّاك، قَالَ: بفضل الله: قال: القرآن، وبرحمته: الْإِسْلَامُ. [الْآيَةُ (64) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ ... } ] 1066- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ (2) ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عن محمد بن

_ = 1064 - سنده ضعيف لما تقدم عن حال حجاج وعطية. وقد أخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (10 / 501 / رقم 10115) ، ومن طريقه البيهقي في ((شعب الإيمان)) (5 / 536 / رقم 2360) . وأخرجه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (15 / 106 / رقم 17668) . وابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 131 / أوب) . ثلاثتهم من طريق أبي معاوية، به بلفظ: ((فضل الله)) : القرآن و ((رحمته)) : أن جعلكم من أهله. وأخرجه أبو عبيد في ((فضائل القرآن)) (ص 24 / رقم 20 - 21) من طريق الحسين بن الحسن بن عطية، عن أبيه، عن جده عطية، عن ابن عباس، به مثل سابقه. (1) هو ابن سعيد، تقدم في الحديث [93] أنه ضعيف جدًا، لكن روايته للتفسير عن الضحاك تساهل العلماء في روايتها كما أوضحت ذلك في المقدمة (ص 202 / ق) . 1065 - سنده ضعيف جدًا لما تقدم عن حال جويبر، وروايته هذه من التفسير الذي يرويه عن الضحاك وتساهل العلماء في روايته. وقول الضحاك هذا أخرجه البيهقي في ((شعب الإيمان)) (5 / 537 / رقم 2362) من طريق المصنِّف. (2) هذا الحديث والأحاديث الثلاثة بعده رقم [1067 و 1068 و 1069] =

المُنْكَدِر، سَمِعَ عَطَاءَ بْنَ يَسَار، يُخْبِرُ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الدَّرْدَاء عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا} ، قَالَ: مَا سَأَلَنِي عَنْهَا أَحَدٌ قَبْلَكَ مُنْذُ سألتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهَا، إِلَّا رجل واحد، [ل142/أ] قَالَ: ((هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ أَوْ تُرى لَهُ)) .

_ = جعلها المصنِّف آخر السورة، فلعله استدركها بعد أن فرغ من تفسير السورة ثم ألحقها، وإنما قدمتها هنا مراعاة لترتيب الآيات. 1066 - سنده ضعيف لإبهام الراوي عن أبي الدرداء رضي الله عنه، ولكن يشهد له الحديثان الآتيان برقم [1068 و 1069] فإنهما صحيحان. وعزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 374) للمصنِّف وابن أبي شيبة وأحمد والترمذي والحكيم الترمذي في ((نوادر الأصول)) وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن مردويه والبيهقي في ((شعب الإيمان)) . وقد أخرجه الإمام أحمد في ((المسند)) (6 / 447) . والترمذي (4 / 534 / رقم 2273) في الرؤيا، باب قوله: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} ، و (5 / 286 - 287 / رقم 3106) في تفسير سورة يونس من كتاب التفسير. وابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (15 / 128 - 129 / رقم 17723 و 17724) . وابن أبي حاتم (4 / ل 134 / ب) . جميعهم من طريق سفيان بن عيينة، عن محمد بن المنكدر، به. ورواه أبو صالح ذكوان السمّان عن عطاء بن يسار، وروايته الآتية. وذكر الزيلعي في ((تخريج أحاديث الكشاف)) (2 / 133) أن أبا داود =

1067- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ (1) ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ (2) ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاء، قَالَ: سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: {لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا} ، قَالَ: لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْ شَيْءٍ مَا سمعتُ أَحَدًا سَأَلَ عَنْهُ بَعْدَ رَجُلٍ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ: ((هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ أَوْ تُرى لَهُ، فَهِيَ بُشْرَاهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَبُشْرَاهُ في الآخرة: الجنة)) .

_ = الطيالسي وابن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه وأبا يعلى الموصلي رووه في ((مسانيدهم)) ، وأن الطبراني أخرجه في ((معجمه)) من طريق ابن راهويه. (1) هذا الحديث والحديث قبله والحديثان بعده جعلها المصنِّف آخر السورة، فقدمتها مراعاة لترتيب الآيات، وانظر التعليق على الحديث السابق. (2) هو ذكوان السَّمَّان. 1067 - سنده ضعيف لإبهام الراوي عن أبي الدرداء، ولكن يشهد له الحديثان الآتيان برقم [1068 و 1069] فإنهما صحيحان. وأخرجه الإمام أحمد في ((المسند)) (6 / 447 و 452) . وابن جرير الطبري (15 / 128 / رقم 17722) . وابن أبي حاتم (4 / ل 134 ب و 135 أ) . ثلاثتهم من طريق أبي معاوية، به. وأخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (11 / 51 / 10501) والإمام أحمد في ((المسند)) (6 / 445 و 447) ، وابن جرير (15 / 124 - 125 و 134 - 135/ رقم 17717 و 17733 و 17734 و 17736) ، والطحاوي في ((شرح مشكل الآثار)) (5 / 420 / رقم 2180) ، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (9 / 45 =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = رقم 4420) ، من طريق عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، به، إلا أن إحدى الطرق عند ابن جرير يرويها جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ الأعمش، وسقط منها الراوي المبهم، فجاء الحديث من رواية عطاء بن يسار، عن أبي الدرداء. وأخرجه الحميدي في ((مسنده)) (1 / 193 / رقم 391) . ومن طريق الفسوي في ((المعرفة والتاريخ)) (2 / 699) . ومن طريقهما البيهقي في ((شعب الإيمان)) (9 / 46 / رقم 4421) . وأخرجه الإمام أحمد في ((المسند)) (6 / 447) . والترمذي (5 / 287 / رقم 3106) في تفسير سورة يونس من كتاب التفسير. وابن جرير في الموضع السابق من تفسيره برقم (17737) . والحاكم في ((المستدرك)) (4 / 391) . جميعهم من طريق سفيان بن عيينة يرويه عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنْ أبي صالح، به، ثم ذكر سفيان أنه لقي عبد العزيز بن رفيع فحدثه به، وسقط من سند الحاكم ذكر الرجل المبهم. ورواه عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجود، عَنْ أبي صالح، عن أبي الدرداء، فأسقط عطاء بن يسار والرجل المبهم. أخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (11 / 52 / رقم 10503) ، والترمذي في الموضع السابق، وابن جرير برقم (17735 و 17741) . وعاصم متكلم في حفظه كما في ترجمته في الحديث [17] ، وقد أخطأ في هذا الحديث، والصواب رواية الأعمش وعبد العزيز بن رفيع. والحديث ذكره ابن أبي حاتم في ((العلل)) (2 / 88 - 89 / رقم 1760) معلقًا عن الأعمش، وذكر أنه سأل أباه عن هذا الشيخ الذي من أهل أهل مصر، فقال ((لا يعرف)) .

1068- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ (1) ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ (عُبَيْدٍ) (2) الرَّاسِبيّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الطُّفَيْل عَامِرُ بْنُ وَاثِلَةَ (3) ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَا نُبُوَّةَ بَعْدِي إِلَّا المبشِّرات)) ، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا المبشِّرات؟ قَالَ: ((الرُّؤْيَا الصالحة)) .

_ (1) هذا الحديث والحديثان قبله والحديث الآتي بعده جعلها المصنف آخر السورة، وإنما قدمتها مراعاة لترتيب الآيات، وانظر التعليق على الحديث رقم [1066] . (2) في الأصل: ((عثمان بن أبي عبيد)) ، والتصويب من مصادر الترجمة والتخريج. وهو عثمان بن عبيد الرَّاسِبي، يروي عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، ويروي عنه حماد بن زيد ومهدي بن ميمون، وهو ثقة؛ وثقه ابن معين، وقال أبو حاتم: ((مستقيم الأمر)) وذكره ابن حبان في ((الثقات)) . انظر ((الجرح والتعديل)) (6 / 158 / رقم 871) ، و ((الثقات)) لابن حبان (5 / 159) ، و ((تعجيل المنفعة)) (2 / 6 - 7 / رقم 726) . (3) صحابي صغير ولد عام أُحُد، وأدرك ثماني سنين من حياة النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو آخر من مات مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم، قال الدارقطني: ((رأى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصحبه، أما السماع فالله أعلم)) ، ويرى ابن معين وابن عدي أنه روى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم. انظر ((تهذيب الكمال وحاشيته)) (14 / 79 - 82) . 1068 - سنده ظاهره الصحة، ولكنه معلول، وصوابه: أن أبا الطفيل يرويه عن حذيفة، وهو صحيح عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم. وعزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 375) للمصنِّف وأحمد بن مردويه. وقد اخرجه الإمام أحمد في ((المسند)) (5 / 454) . والبخاري في ((التاريخ الكبير)) (6 / 241) ، وفي ((الأوسط)) كما في ((تخريج الكشاف)) للزيلعي (2/ 135) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = كلاهما من طريق حماد بن زيد، به. وتابع حماد زيد مهدي بن ميمون، ولكن اختُلف عليه. فأخرجه أبو يعلى في ((مسنده)) والطبراني في ((المعجم الكبير)) كما في ((تخريج الكشاف)) (2 / 135) ، كلاهما من طريق عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أسماء، عن مهدي بن ميمون، عن عثمان بن عبيد، عن أبي الطفيل، به. وخالفه أبو سلمة التبوذكي موسى بن إسماعيل وأبو عاصم النبيل الضحّاك ابن مخلد وعبيد الله بن عبد المجيد الحنفي، فرووه عن مهدي بن ميمون، وجعلوا واسطة بين أبي الطفيل والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أَمَا رواية موسى بن إسماعيل فأخرجها البخاري في الموضع السابق من ((تاريخه الكبير)) عنه، عن مهدي بن ميمون، عن عثمان بن عبيد، عن أبي الطفيل قال: بلغني عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم ... ، فذكره هكذا بإبهام الواسطة. وأما رواية أبي عاصم النبيل فأخرجها البزار في ((مسنده)) (7 / 230 / رقم 2804) من طريق محمد بن المثنى. والطبراني في ((الكبير)) (3 / 200 / رقم 3051) من طريق الحسن بن علي الحلواني. كلاهما عن أبي عاصم، عن مهدي بن ميمون، عن عثمان بن عبيد، عن أبي الطفيل، عن حذيفة، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم، به، وفي رواية الطبراني التصريح بأنه حذيفة بن أسيد، وأما رواية البزار ففيها ((حذيفة)) مهملاً، واجتهد البزار فأورده في مسند حذيفة بن اليمان، والأظهر أن رواية الطبراني أولى، وسواء كان ابن اليمان أوابن أسيد؛ فكلاهما صحابي. وأما رواية عبيد الله بن عبد المجيد فأخرجها البزار في الموضع السابق برقم (2805) . فتبين بهذا أن رواية موسى وأبي عاصم وعبيد الله أرجح من رواية ابن أسماء =

1069- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ (1) ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ سُحَيْم (2) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن مَعْبَد بن عباس (3) ،

_ = في إثبات الواسطة. ورواية مهدي بن ميمون أرجح من رواية حماد بن زيد لثلاثة أمور: 1 - لم يقع تصريح أبي الطفيل بسماعه الحديث من النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 2 - معظم روايات أبي الطفيل عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم بواسطة، بل هناك من شك في سماعه من النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما سبق في ترجمته، وهذا يغلب جانب وجود الواسطة. 3 - لم يكن حماد بن زيد صاحب كتاب، وكان قد كفّ بصره، وكان كثير الشك، فإذا شك قصر في الأسانيد؛ قال يعقوب بن شيبة: ((حماد بن زيد أثبت من ابن سلمة، وكان ثقة، غير أن ابن زيد معروف بأنه يقصر في الأسانيد، ويوقف المرفوع؛ كثير الشك بتوقّيه، وكان جليلاً لم يكن له كتاب يرجع إليه، فكان أحيانًا يذكر فيرفع الحديث، وأحيانًا يهاب الحديث ولا يرفعه)) اهـ. من ((التهذيب)) (3 / 11) . أما اختلاف موسى بن إسماعيل مع أبي عاصم وعبيد الله في تسمية الواسطة فلا يؤثر، فإن رواية أبي عاصم وعبيد الله مبيِّنة لما أُجمل في رواية موسى. فالصواب في الحديث أنه من رواية عثمان بن عبيد، عن أبي الطفيل، عن حذيفة، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم. وهذا سند صحيح، والله أعلم. (1) هذا الحديث والأحاديث الثلاثة قبله جعلها المصنِّف آخر السورة، وإنما قدمتها مراعاة لترتيب الآيات، وانظر التعليق على الحديث رقم [1066] . (2) هو سليمان بن سُحَيْم أبو أيوب المدني، ثقة وثقه ابن سعد وابن معين والنسائي، وقال الإمام أحمد: ((ليس به بأس)) . انظر ((تهذيب الكمال)) و ((حاشيته)) (11 / 433 - 435) . (3) هو إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَد بن عباس بن عبد المطلب الهاشمي، =

عَنْ أَبِيهِ (1) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَشَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السِّتَارة وَالنَّاسُ صُفُوفٌ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ: ((إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مبشِّرات النُّبُوَّةِ إِلَّا الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ أَوْ تُرى لَهُ، أَلَا إِنِّي نُهيت أَنْ أَقْرَأَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا، فَأَمَّا الرُّكُوعُ، فَعَظِّمُوا الرَّبَّ (فِيهِ) (2) ، وَأَمَّا السُّجُودُ، فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ فَقَمِنٌ (3) أن يستجاب لكم)) .

_ = المدني، أخرج له مسلم هذا الحديث في ((صحيحه)) ، وذكره ابن حبان في ((الثقات)) (6 / 6) وقال ابن حجر في ((التقريب)) (203) : ((صدوق)) ، وانظر ((تهذيب الكمال)) (2 / 130) . (1) هو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَد بْنِ العباس بن عبد المطلب العباسي، المدني، ثقة قليل الحديث. ((التقريب)) (3657) وانظر ((تهذيب الكمال)) (16 / 165 - 167) . (2) في الأصل: ((فيها)) ، والتصويب من الموضع الآتي من ((صحيح مسلم)) حيث روى الحديث من طريق المصنِّف. (3) أي: خَلِيقٌ وجَدِير كما في ((النهاية)) (4 / 111) . 1069 - حديث صحيح أخرجه مسلم في ((صحيحه)) (1 / 348 / رقم 207) في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، من طريق المصنف وابن أبي شيبة وزهير بن حرب، ثلاثتهم عن سفيان بن عيينة، به. وأخرجه الشافعي في ((الأم)) (1 / 111) وفي ((المسند)) (ص 348) . ومن طريقه أبو عوانة في ((مستخرجه)) (2 / 187) . وأخرجه عبد الرزاق في ((المصنف)) (2 / 145 - 146 / رقم 2839) . ومن طريقه أبو عوانة في الموضع السابق. وأخرجه الحميدي في ((مسنده)) (1 / 228 / رقم 489) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ومن طريقه أبو عوانة أيضًا. والبيهقي في ((سننه)) (2 / 87 - 88) . وأخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (1 / 248 - 249) و (2 / 436 - 437) و (11 / 52 / رقم 10505) . والإمام أحمد في ((المسند)) (1 / 219) . والدارمي في ((سننه)) (1 / 246 و 247 / رقم 1331 و 1332) . وأبو داود في ((سننه)) (1/ 545 - 546 / رقم 876) في الصلاة، باب في الدعاء في الركوع والسجود. وابن ماجه في ((سننه)) (2 / 1283 / رقم 3899) في تعبير الرؤيا، باب الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ أَوْ تُرى له. والنسائي في ((سننه)) (2 / 189 - 190) في التطبيق، باب تعظيم الرب في الركوع، وفي نفس الكتاب والباب من ((الكبرى)) (1 / 218 / رقم 633) . وابن الجارود في ((المنتقى)) (1 / 188 / رقم 203) . وأبو يعلى في ((مسنده)) (4 / 275 / رقم 2387) . وابن خزيمة في ((صحيحه)) (1 / 276 و 303 و 336 / رقم 548 و 599 و 674) . وأبو عوانة في الموضع السابق من ((مستخرجه)) . والطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (1 / 233 - 234) . وابن حبان في ((صحيحه)) كما في ((الإحسان)) (5 / 222 و 227 - 228 / رقم 1896 و 1900) ، و (13 / 410 / رقم 6045) . جميعهم من طريق سفيان بن عيينة، به. وأخرجه الشافعي في الموضعين السابقين من طريق إبراهيم بن محمد الأسلمي، عن سليمان بن سحيم، به. =

[الْآيَةُ (85) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَقَالُوا عَلَى اللهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} ] 1070- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ (1) ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ (2) ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً

_ = وأخرجه الدارمي أيضًا برقم (1332) . ومسلم أيضًا برقم (208) . والنسائي (2 / 217 - 218) في التطبيق، باب الأمر بالاجتهاد في الدعاء في السجود، وهو في نفس الكتاب والباب من ((الكبرى)) (1 / 236 / رقم 707) وابن خزيمة في المواضع السابقة. وابن حبان كما في ((الإحسان)) (13 / 410 - 411 / رقم 6046) . والبيهقي في ((سننه)) (2 / 110) . جميعهم من طريق إسماعيل بن جعفر، عن سليمان بن سحيم، به. وأخرجه أبو عوانة أيضًا في الموضع السابق من طريق عبد العزيز بن محمد الدَّرَاوَرْدِي عن سليمان بن سحيم، به. وأخرجه ابن خزيمة أيضًا (1 / 303 - 304 / رقم 602) من طريق ابن جريج، عن بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدِ، به. وعزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 375) للمصنِّف وابن أبي شيبة وأبي داود والنسائي وابن ماجه وابن مردويه. (1) هذا الحديث والذي بعده في الأصل متأخران عن الأحاديث الثلاثة الآتية برقم [1072 و 1073 و 1074] ، فقدمتهما مراعاة لترتيب الآيات. (2) هو عبد الله، تقدم في الحديث [184] أن روايته للتفسير عن مجاهد صحيحة.

لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} - قَالَ: لَا تُسَلِّطْهم عَلَيْنَا فَيَفْتُنُونَا (1) . 1071- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ (2) ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عن إبراهيم بن

_ (1) قوله: ((فيفتنونا)) وضع عليها إشارة إلحاق، ولم يُكتب شيء في الهامش، ولعل للكلام بقية يفهم من ألفاظ المخرِّجين كما سيأتي. 1070 - سنده صحيح، وروي عن ابن أبي نجيح ومجاهد من غير هذا الوجه بمعنى آخر. وعزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 382) للمصنِّف وعبد الرزاق ونعيم ابن حماد في ((الفتن)) وأبي الشيخ. وقد أخرجه عبد الرزاق في ((تفسيره)) (1 / 297) . ونعيم بن حماد في ((الفتن)) (1 / 144 / رقم 360) . وابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (15 / 169 / رقم 17786 - 17788) من طريق عبد الرزاق وغيره. ثلاثتهم عن سفيان بن عيينة، به، ولفظ نعيم: لا تسلطهم علينا حتى يفتنونا، فيفتننوا بنا. والأثر في ((تفسير مجاهد)) (ص 295 - 296) من رواية ورقاء بن عمر، عن ابن أبي نجيح، به بلفظ: لا تعذبنا بأيدي قوم فرعون فيقولون: لو كانوا على حق ما عُذبوا بأيدينا ولا سُلِّطنا عليهم، فيفتتنون بنا، ولا بعذاب من عندك. ومن طريق ورقاء أخرجه ابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 140 / أ) . وأخرجه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) أيضًا برقم (17789) من طريق شبل، عن ابن أبي نجيح، به نحو لفظ ورقاء. وبنحوه أيضًا أخرجه ابن جرير برقم (17790 و 17791) من طريق ابن جريج والقاسم بن أبي بزّة، كلاهما عن مجاهد، به. (2) أوضحت في التعليق على الحديث السابق أني قدمته وهذا الحديث على الأحاديث الثلاثة الآتية مراعاة لترتيب الآيات.

مَيْسَرَةَ، عَنْ طاوُس، قَالَ: كُنَّا مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ فابْتَرَكَ رَجُلٌ مِنَ الْأُمَرَاءِ يُقَالُ لَهُ الهَزْهَاز، فَتَطَاوَلَ حَتَّى مَا رَأَيْتُ فِيَ الْبَيْتِ أَطْوَلَ مِنْهُ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَا هَزْهَازُ، (لَا تَكُنْ) (1) فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ، فَتَقَاصَرَ حَتَّى مَا رَأَيْتُ فِيَ الْبَيْتِ أَحَدًا أَقْصَرَ مِنْهُ. [الْآيَةُ (87) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً} ] 1072- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ (2) ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيح (3) ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً} -، قَالَ: كَانُوا لَا يُصَلُّونَ إِلَّا فِي البِيَع، فَقِيلَ لَهُمْ: صلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ مِنْ مَخَافَةِ فِرْعَوْنَ.

_ (1) في الأصل: ((لا تكون)) . 1071 - سنده صحيح. (2) هذا الحديث والحديثان بعده في الأصل متقدمات على الحديثين السابقين، فأخّرتها مراعاة لترتيب الآيات، وانظر التعليق على الحديث رقم [1070] . (3) هو عبد الله، تقدم في الحديث [184] أن روايته للتفسير عن مجاهد صحيحة. 1072 - سنده صحيح. وعزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 383) للمصنِّف وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ. =

1073- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرٌ (1) ، عَنْ مَنْصُورٍ (2) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ (3) ، قَالَ: خَافُوا، فَأُمِرُوا أَنْ يُصَلُّوا فِي بيوتهم.

_ = وقد أخرجه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (15 / 172 / رقم 17799) . وابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 141 / أ) . كلاهما من طريق سفيان بن عيينة، به. وهو في ((تفسير مجاهد)) (ص 296) من رواية ورقاء عن ابن أبي نجيح. وأخرجه ابن جرير (15 / 174 / رقم 17812) من طريق شبل، عن ابن أبي نجيح. وأخرجه سفيان الثوري في ((تفسيره)) (ص 128 / رقم 349) عن منصور، عن مجاهد. وأخرجه ابن جرير (15 / 173 / رقم 17800) من طريق لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيم، عَنِ مجاهد. (1) هو ابن عبد الحميد. (2) هو ابن المعتمر. (3) هو ابن يزيد النخعي. 1073 - سنده صحيح. وأخرجه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (15 / 172 / رقم 17796) . وأبو نعيم في ((الحلية)) (4 / 231) . كلاهما من طريق جرير، به. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (17798 و 17803 و 17805) من طريق سفيان الثوري وإسرائيل بن يونس، كلاهما عن منصور، به. وأخرجه ابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 141 / أ) من طريق سفيان ابن عيينة، به.

1074- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، قَالَ: كَانَ نَاسٌ مُخْتَبِئِينَ فِي زَمَنِ الحَجَّاج فِي عليَّة عَنْ يَمِينِ الْمَسْجِدِ فَوْقَ بَيْتٍ، وَكَانُوا يصلُّون مَعَ الْإِمَامِ الْمَكْتُوبَةَ، ويأتمُّون بِهِ، فَسَأَلْتُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: يُجْزِئُهُمْ. [الْآيَتَانِ (88 - 89) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا ... } إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} ] 1075- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مَعْشَر (1) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ (2) ، قَالَ: قَالَ مُوسَى: {رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا} - إلى قوله {العَذَابَ الأَلِيمَ} - قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا} ، قَالَ: كَانَ مُوسَى يَدْعُو وَهَارُونُ

_ 1074 - سنده صحيح. ولم أجد من أخرجه عن إبراهيم، لكن في كتاب ((الآثار)) لمحمد بن الحسن الشيباني (ص 23 / رقم 114 و 115) من روايته عن أبي حنيفة، عن حماد ابن أبي سليمان قال: سألت إبراهيم عن المؤذنين يؤذنون فوق المسجد، ثم يصلون فوق المسجد، قال: يجزئهم. وعن حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ فِي الرَّجُلِ يكون بينه وبين الإمام حائط، قال: حسن، ما لم يكن بينه وبين الإمام طريق أو نساء. (1) هو نجيح بن عبد الرحمن، تقدم في الحديث [167] أنه ضعيف. (2) هو القُرظي.

يُؤَمِّن، وَالدَّاعِي والمُؤَمِّن شَرِيكَانِ. [الْآيَةُ (94) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ} ] 1076- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانة (1) ، عَنْ أَبِي بِشْر (2) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ - فِي قَوْلِهِ: {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ} - قَالَ: مَا شك ولا سأل.

_ 1075 - سنده ضعيف لما تقدم عن حال أبي معشر. وعزاه السيوطي في ((الدر)) (4 / 385) للمصنِّف وحده. وأخرجه ابن جرير (15 / 186 / رقم 17849 و 17850) من طريق موسى ابن عبيدة، وشيخ مجهول، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: دعا موسى وأَمَّن هارون. وكلا الطريقين يرويهما ابن جرير عن شيخه سفيان بن وكيع، وتقدم في الحديث [862] أنه صدوق، إلا أن حديثه ساقط بسبب ورّاقه الذي أدخل عليه ما ليس من حديثه، ومع ذلك فموسى بن عبيدة ضعيف كما في الحديث [31] . (1) هو وضّاح بن عبد الله. (2) هو جعفر بن إياس. 1076 - سنده صحيح. وأخرجه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (15 / 202 / رقم 17891) من طريق أبي عوانة، به. ورواه هُشيم بن بشير عن أبي بشر في الطريق الآتية.

1077- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَمَنْصُورٍ (1) ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَا (2) : لَمْ يَشُكَّ وَلَمْ يَسْأَلْ.

_ (1) وهو ابن زَاذَان، والمعنى: أن هشيم بن بشير يروي هذا الأثر أيضًا عن شيخه منصور بن زاذان، عن الحسن البصري. ولكن صنيع هشيم هذا في عطفه روايةً على رواية نبّه العلماء - كما بيّنته في الحديث [380]- على أنه من أساليب التدليس التي كان يسلكها هشيم، ويسمى تدليس العطف؛ لأنه لم يصرح بسماعه للحديث من منصور. (2) أي: سعيد بن جبير والحسن البصري. 1077 - سنده صحيح عن سعيد بن جبير فإن هشيمًا صرح بالسماع من أبي بشر في رواية ابن جرير، وهو عن الحسن البصري ضعيف. وأخرجه ابن جرير (15 / 202 / رقم 17890) من طريق يعقوب بن إبراهيم الدورقي، عن هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سعيد بن جبير. ثم أخرجه برقم (17892) من طريق شيخه الحارث بن محمد بن أبي أسامة، عن أبي عبيد القاسم بن سلاّم، عن هشيم، قال: أخبرنا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جبير، ومنصور، عن الحسن....، فذكره. هكذا رواه هؤلاء الثقات عن هشيم، به عن سعيد بن جبير من قوله، وهم سعيد بن منصور ويعقوب بن إبراهيم الدورقي وأبو عبيد القاسم بن سلاّم. وخالفهم سعيد بن شرحبيل، فرواه عن هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سعيد ابن جبير عن ابن عباس. أخرجه ابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 145 / أ) وعزاه السيوطي أيضًا في ((الدر)) (4 / 389) لابن المنذر والضياء المقدسي في ((المختارة)) . والصواب ما رواه المصنِّف سعيد بن منصور ومن وافقه. ويؤيده رواية أبي عوانة له هكذا عن أبي بشر، وهي المتقدمة برقم [1072] .

سورة هود

باب تَفْسِيرُ سُورَةِ هُودٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ تَفْسِيرُ سُورَةِ هُودٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ [الْآيَةُ (5) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ} ] 1078- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم (1) ، عَنْ حُصَين (2) ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّاد (3) - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ} - قَالَ: كَانَ أَحَدُهُمْ إِذَا مَرَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَنَا صَدْرَهُ وتَغَشَّى بِثَوْبِهِ لِكَيْ لَا يَرَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى الله عليه وسلم.

_ (1) تقدم في الحديث [8] أنه ثبت إلا أنه كثير التدليس، ولم يصرِّح بالسماع هنا، لكن تابعه شعبة كما سيأتي. (2) هو ابن عبد الرحمن السلمي، تقدم في الحديث [56] أنه ثقة، إلا أنه تغيّر في آخر عمره، لكن هشيم بن بشير ممن روى عنه قبل تغيره كما في الحديث [91] ، وقد روى عنه شعبة هذا الحديث أيضًا كما سيأتي وهو ممن روى عنه قبل تغيره كما في ((هدي الساري)) (ص 398) . (3) تقدم في الحديث [400] أنه ولد في عهد النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يسمع منه شيئًا، فروايته هنا مرسلة. 1078 - سنده فيه هشيم وتقدم أنه لم يصرِّح بالسماع، ولكن تابعه شعبة كما سيأتي، فالسند إلى عبد الله بن شدّاد صحيح، لكنه مرسل؛ لأنه كان صغيرًا في عهد النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. =

1079- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَحُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ (1) ، عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُمَا كَانَا (2) يَقْرَآنِ: {أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ (3) صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ} .

_ = وعزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 400) للمصنِّف وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ. وقد أخرجه ابن جرير في ((تفسيره)) (15 / 233 و 234 / رقم 17939 و 17940) . وابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 150 / ب) . كلاهما من طريق هشيم، به. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (17938) من طريق شيخه محمد بن المثنى، عن محمد بن أبي عدي، عن شعبة، عن حصين به. وهذا سند صحيح إلى عبد الله بن شداد. (1) أي ورواه سفيان بن عيينة، عن حميد بن قيس الأعرج، عن مجاهد. (2) أي ابن عباس ومجاهد. (3) كذا جاء بالأصل، وكذا رواه البخاري - كما سيأتي - عن الحميدي، عن سفيان، وقال ابن حجر في ((الفتح)) (8 / 350) : ((ولسعيد بن مصنور عن ابن عيينة: (يثنوني) أوّله تحتانية وآخره تحتانية أيضًا، وزاد: وعن حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ كان يقرؤها كذلك)) اهـ. 1079- سنده صحيح عن ابن عباس، وحسن لذاته عن مجاهد؛ فإن حميد بن قيس الأعرج لا بأس به كما تقدم في الحديث [31] . وعزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 400) للبخاري وابن مردويه، ولكن في ضبطه للقراءة تصحيف قد يكون من الطابع. =

[الْآيَةُ (6) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} ] 1080- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، قَالَ: نا أَبُو مَعْشَر (1) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا} -، قَالَ: مُسْتَقَرُّهَا فِي الرَّحِمِ وَفِي الْأَرْضِ، وَمُسْتَوْدَعُهَا فِي الصُّلب وَفِي الأرض إذا دُفن.

_ = فقد أخرجه البخاري في ((صحيحه)) (8 / 350 / رقم 4683) في تفسير سورة هود من كتاب التفسير، باب: {ألا إنهم يثنون صدورهم ... } ، من طريق الحميدي، عن سفيان بن عيينة، به مثل قراءة الجمهور: {يثنون} . وكان البخاري قد روى الحديث قبله برقم (4681 و 4682) من طريق محمد بن عباد بن جعفر أنه سمع ابن عباس يقرأ: (ألا إنهم تَثْنَوْني صدورهم) ، قال: سألته عنها فقال: أناس كانوا يستحيون أن يتخلَّوا فيفيضوا إلى السماء، وأن يجامعوا نساءهم فيفيضوا إلى السماء، فنزل ذلك فيهم. وحكى ابن حجر في ((الفتح)) (8 / 350) أن أهل القراءات حكوا عن ابن عباس في هذه الكلمة عدة قراءات. (1) هو نجيح بن عبد الرحمن، تقدم في الحديث [167] أنه ضعيف. 1080 - سنده ضعيف لضعف أبي معشر، ولكن معناه صحيح جاء عن ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهما، فانظر ما تقدم في سورة الأنعام من رقم [892] فما بعد.

[الْآيَةَ (17) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ} ] 1081- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ (1) ، قَالَ: كَانَ مُجَاهِدٌ يَقُولُ - فِي قَوْلِهِ {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ} - قَالَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، والتَّالِي: التَّابِع، وَقَرَأَ: {الشمس وضحاها. والقمر إذا تلاها} (2) . 1082- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ (3) ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ} - قَالَ: جِبْرِيلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ.

_ (1) هو ابن أبي تميمة السِّختياني (2) سورة الشمس، الآيتان: (1 و 2) . 1081 - سنده صحيح. وأخرجه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (15 / 275 / رقم 18065) من طريق حماد بن زيد، به. (3) هو ابن المعتمر. 1082 - سنده صحيح. وأخرجه سفيان الثوري في ((تفسيره)) (ص 129 / رقم 351) عن منصور، به.

1083- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرٌ، عَنْ لَيْث (1) ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ} -قَالَ: مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، {وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ} قَالَ: جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ. 1084- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانَةَ (2) ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ (3) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ (4) ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ لَا يُؤْمِنُ بِي إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ)) ، فَقُلْتُ: مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِلَّا فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَقَرَأْتُ) (5) فَوَجَدْتُهُ: {وَمَنْ يَكْفُرْ

_ (1) هو ابن أبي سُليم، تقدم في الحديث [9] أنه صدوق اختلط جدًا فلم يتميز حديثه فتُرك. 1083 - سنده ضعيف لضعف الليث بن أبي سليم، وهو صحيح لغيره بالطريقين المتقدمين. وأخرجه ابن جرير في ((تفسيره)) (15 / 272 و 274 / رقم 18044 و 18057) ، من طريق جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ ليث، به. وأخرجه هو أيضًا (15 / 273 / رقم 18052) . وابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 157 / أ) . كلاهما من طريق عبد الله بن إدريس، عن ليث، به. (2) هو وضّاح بن عبد الله. (3) هو جعفر بن إياس. (4) روايته عن أبي موسى مرسلة؛ لأنه ولد سنة خمس وأربعين، وأما أبو موسى فتوفي سنة خمسين أو ثلاث وخمسين، وبه أعله البزار كما سيأتي. (5) ما بين القوسين ليس في الأصل والسياق يقتضيه، فأثبته من ((مجمع =

بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ} .

_ = الزوائد)) (8 / 261) نقلاً عن الطبراني، فأغلب ظني أن الطبراني رواه من طريق المصنِّف؛ لأن الوحيد فيمن وجدت من المخرجين رواه بلفظ المصنِّف، والباقون لم يذكروا الآية، ومسند أبي موسى من المفقود من ((معجم الطبراني)) . 1084 - سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف للانقطاع بين سعيد بن جبير وأبي موسى، وهو صحيح لغيره لمجيئه في ((صحيح مسلم)) من حديث أبي هريرة. والحديث عزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 411) للمصنِّف وابن المنذر والطبراني وابن مردويه. وقد أخرجه أبو داود الطيالسي في ((مسنده)) (ص 69 / رقم 509) . ومن طريقه البزار كما في ((كشف الأستار)) (1 / 16 / رقم 16) . وأبو نعيم في ((الحلية)) (4 / 308) . وأخرجه الإمام أحمد في ((المسند)) (4 / 396 و 398) . والنسائي في ((التفسير)) (1 / 585 / رقم 261) . وابن جرير في ((تفسيره)) (15 / رقم 18079) . جميعهم من طريق شعبة، عن أبي بشر، به بالمرفوع فقط، ولم يذكروا قول سعيد بن جبير. قال البزار: ((لا نعلم أحدًا رواه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم إلا أبو موسى بهذا الإسناد، ولا أحسب سمع سعيد من أبي موسى)) . وقد أخرجه ابن جرير (15 / 279 - 280 / رقم 18073 - 18076) من طرق عن أيوب السختياني، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: كنت لا أسمع بحديث عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم على وجهه إلا وجدت مصداقه - أو قال: تصديقه - في القرآن، فبلغني أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم قال: ((لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هذه الأمة، ولا يهودي ولا نصراني، ثم لا يؤمن بما أرسلت به إلا دخل النار)) ، فجعلت أقول: أين مصداقها؟ حتى أتيت على هذه: ((أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ ربه ... )) إلى قوله: {فالنار =

[الْآيَةُ (28) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ} ] 1085- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: (أَنُلْزِمُكُمُوهَا مِنْ شَطْرِ أَنْفُسِنَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ) . 1086- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَل (1) ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ (2) - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَوَلِّ وَجْهَكَ

_ = موعده} قال: فالأحزاب: الملل كلها. ويشهد له حديث أبي هريرة، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم أنه قال: ((والذي نفس محمد بيده، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ)) . أخرجه مسلم في ((صحيحه)) (1 / 134 / رقم 240) كتاب الإيمان، باب وجوب الإيمان برسالة نبينا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 1085 - سنده صحيح. وعزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 416) للمصنِّف وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ. وقد أخرجه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (15 / 299 - 300 / رقم 18109 و 18110) . وابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 161 / أ) . كلاهما من طريق سفيان بن عيينة، به. (1) هو عاصم بن سليمان الأحول. (2) هو رُفَيع بن مهران.

شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرَامِ} (1) -، قَالَ: تِلْقَاءَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ. [الْآيَةُ (40) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ ... } الْآيَةُ] 1087- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ (2) ، قَالَ: نا هُشيم (3) ، عَنِ العَوَّام (4) ، عَنِ الضَّحَّاك بن مُزَاحم (5) ، [ل142/ب] عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - فِي قَوْلِهِ عز وجل:

_ (1) الآية: (144) من سورة البقرة، وإنما أتى المصنِّف بهذا الأثر هنا في تفسير سورة هود، مع أنه متعلق بتفسير سورة البقرة؛ لأجل بيان معنى ((الشطر)) المذكور في قراءة ابن عباس السابقة: (أنلزمكموها من شطر أنفسنا) . 1086 - سنده صحيح. وعزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (1 / 355) لوكيع وسفيان بن عيينة وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير والدينوري في ((المجالسة)) . وابن جرير في ((تفسيره)) (3 / 176 / رقم 2237) . كلاهما من طريق دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أبي العالية، به. (2) هذا الحديث والذي بعده في الأصل متأخران عن الحديث الآتي بعدهما برقم [1089] وإنما قدمتهما لترتيب الآيات. (3) تقدم في الحديث [8] أنه مدلِّس، لكنه صرَّح بالسماع في رواية ابن جرير. (4) هو ابن حَوْشَب. (5) تقدم في الحديث [93] أنه صدوق، لكنه لم يسمع من ابن عباس، بل ولا من أحد مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم كما سبق بيانه في الحديثين [355 و 481] .

{وَفَارَ التَّنُّورُ} - قَالَ: يَفُورُ الْمَاءُ: يَخْرُجُ عَلَى وَجْهِهَا، فَقِيلَ لِنُوحٍ: إِذَا رَأَيْتَ الْمَاءَ قَدْ عَلَا عَلَى الْأَرْضِ فَانْزِلْ أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ. 1088- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا هُشَيْمٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ (1) ، عَنْ رَجُلٍ - قَالَ هُشَيْمٌ: أَظُنُّهُ النُّعْمَانَ بْنَ سَعْدِ (2) -، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: {وَفَارَ التَّنُّور} قال: طلوع الشمس.

_ 1087 - سنده ضعيف للانقطاع بين الضحاك وابن عباس. وعزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 442) للمصنِّف وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ. وقد أخرجه ابن جرير في ((تفسيره)) (15 / 318 / رقم 18143 و 18144) . وابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 163 / ب) . كلاهما من طريق هشيم، به، وقد صرح هشيم بالسماع في رواية ابن جرير. (1) هو عبد الرحمن بن إسحاق بن الحارث الواسطي، أبو شيبة، ضعيف كما في ((التقريب)) (3823) وانظر ((تهذيب الكمال)) (16 / 515 - 518) . (2) وهو خال عبد الرحمن بن إسحاق، وهو النعمان بن سعد بن حَبْتَةَ الأنصاري، الكوفي، روى عن علي وزيد بن أرقم والمغيرة بن شعبة وغيرهم رضي الله عنهم، وهو مجهول لم يرو عنه سوى ابن أخته أبي شيبة عبد الرحمن بن إسحاق. انظر ((تهذيب الكمال)) (29 / 450) و ((ميزان الاعتدال)) (4 / 265 / رقم 9094) . 1088 - سنده ضعيف لضعف عبد الرحمن بن إسحاق، وأما النعمان بن سعد، فإن هشيمًا لم يجزم أنه شيخ عبد الرحمن بن إسحاق في هذه الرواية، وقد =

[الْآيَةُ (41) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} ] 1089- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ (1) ، قَالَ: نَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ تَمِيم بْنِ سَلَمة (2) ، عَنْ عَرْفجة (3) ، عن عبد الله (4) ، أنه

_ = خالفه محمد بن فضيل، فذكر أنه زياد مولى أبي جُحَيفة، يرويه عن أبي جحيفة، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. والحديث عزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 423) لابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم. وقد أخرجه ابن جرير في ((تفسيره)) (15 / 318 - 319 برقم 18150 و 18151) من طريق هشيم، به، بلفظ: طلع الفجر. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (18147 - 18149) . وابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4/ ل 163 / ب) . كلاهما من طريق محمد بن فضيل، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عن زياد مولى أبي جحيفة - وفي رواية: عن عباس مولى أي جحيفة -، عن أبي جحيفة، عن علي قال: تنوير الصبح. وزياد هذا هوابن زيد السُّوَائي، الأَعْسَم، الكوفي، وهو مجهول أيضًا كما في ((التقريب)) (2089) . (1) هذا الحديث في الأصل متقدم على الحديثين السابقين، وإنما أخرته لترتيب الآيات، وهو في (ل 142 / أ) . (2) هو تَميم بن سَلمة السُّلمي، الكوفي، ثقة كما في ((التقريب)) (809) ، وانظر ((تهذيب الكمال)) (4 / 330 - 331) . (3) لم ينسب هنا، ولم ينسبه المزي في ((تهذيب الكمال)) (4 / 330) . =

كان يقرأ: {مَجراها ومَرساها} .

_ = في ذكره لشيوخ تميم بن سلمة، والذي يظهر - والله أعلم - أنه عَرْفجة بن عبد الله الثقفي، ويقال: السلمي، يروي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وعلي وعائشة وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه عطاء بن السائب ومنصور بن المعتمر وعطاء بن أبي رباح فيما قيل، ولم أجد من نصّ على أن تميم بن سلمة روى عنه، وهو مقبول كما في ((التقريب)) (4588) ، وانظر ((تهذيب الكمال)) (19 / 557 - 558) . (4) هو ابن مسعود. 1089- سنده ضعيف لجهالة حال عرفجة، ومع ذلك فالأعمش مدلِّس ولم يصرح هنا بالسماع. والحديث عزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 432) للمصنِّف والطبراني. وقد أخرجه الطبراني في ((المعجم الكبير)) (9 / 149 - 150 رقم 8682) من طريق المصنِّف، به. وقال ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (15 / 329) : ((وقد ذُكر عن بعض الكوفيين أنه قرأ ذلك: {مَجْرَاها ومَرْساها} بفتح الميم فيهما جميعًا، من (جَرَى) ، و (رَسَا) ، كأنه وجهه إلى أنه: في حال جَرْيها وحال رُسُوِّها، وجعل كلتا الصفتين للفلك ... ، والقراءة التي نختارها في ذلك: قراءة من قرأ: {بسم الله مَجْرَاها} بفتح الميم {ومُرْساها} بضم الميم، بمعنى: بسم الله حين تجري وحين ترسي)) . اهـ. وفي ((تفسير سفيان الثوري)) (ص129 رقم 353) من روايته عن الأعمش، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، أن عبد الله كان يقرؤها: {مجراها ومراسها} ، وذكر المحقق أنها ضبطت في الأصل: بضم الميم في ((مجراها)) ، وأما: ((مرساها)) فلم تضبط. وهذا سند صحيح إن سلم المتن من التصحيف؛ فإن هذه القراءات التي =

[الآيتان (45 و 46) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الحَاكِمِينَ. قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ... } الْآيَةُ] 1090- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا بِشْرٍ (1) عَنْ قَوْلِهِ: {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ} ، قَالَ: لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ الَّذِينَ وَعَدْتُكَ أَنْ أُنَجِّيَهُ مَعَكُ. قَالَ هُشَيْمٌ: ذَكَرَهُ (2) عَنْ رَجُلِ لَا أَدْرِي هُوَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ أَوْ غَيْرُهُ. 1091- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا عُثْمَانُ بْنُ مَطَرٍ الشَّيْبَانِيُّ (3) ،

_ = ترد بخلاف ما في المصحف نضبط شكلاً لا لفظًا في كثير من الأحيان، وهذا يجعلها عرضة للتصحيف. (1) هو جعفر بن إياس. (2) أي: ذكر أبو بشر هذا التفسير عن رجل شك فيه هشيم، هل هو سعيد ابن جبير أو غيره. وفي رواية ابن جرير الآتية من طريق يعقوب بن إبراهيم، قال هشيم: كان عامة ما كان يحدثنا أَبُو بِشْرٍ: عَنْ سَعِيدِ بْنِ جبير. 1090 - سنده صحيح عن أبي بشر، ويبقى الشك في شيخ أبي بشر من هو؟ وأخرجه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (15 / 344 / رقم 18230) من طريق يعقوب بن إبراهيم، عن هشيم، به. (3) عثمان بن مطر الشيباني، أبو الفضل - أو: أبو علي - البصري، =

قَالَ: نَا ثَابِتٌ (1) ، عَنْ شَهْر بْنِ حَوْشَب (2) ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ (3) ، أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: {عَمِلَ غَيْرَ صالح} .

_ = ويقال: اسم أبيه: عبد الله، وهو ضعيف مجمع على ضعفه. انظر ((تهذيب الكمال)) (19 / 494 - 497) و ((التقريب)) (4551) . (1) هو ابن أسلم البُنَاني. (2) تقدم في الحديث [1056] أنه صدوق كثير الإرسال والأوهام. (3) سيأتي ذكر قول من ذهب إلى أنها أسماء بنت يزيد، لا أمَّ المؤمنين. 1091 - سنده ضعيف لضعف شهر بن حوشب من قبل حفظه، وأما عثمان بن مطر فإنه قد توبع. والحديث عزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 438) للطيالسي وأحمد وأبي داود والترمذي وابن المنذر والطبراني وابن مردويه والحاكم وأبي نعيم في ((الحلية)) . وقد أخرجه الطبراني في ((المعجم الكبير)) (23 / 335 / رقم 778) من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، عن عثمان بن مطر، به. وأخرجه الطيالسي في ((مسنده)) (ص 223 / رقم 1594) . وأبو نعيم في ((الحلية)) (8 / 301) . كلاهما من طريق محمد بن ثابت، وحفص الدوري في ((قراءات النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)) (ص 112 / رقم 63) من طريق سعيد بن أبي عروبة. وأبو داود في ((سننه)) (4 / 285 - 286 / رقم 3983) في الحروف والقراءات. والطبراني في ((الكبير)) (23 / 335 / رقم 775) . كلاهما من طريق عبد العزيز بن المختار. والترمذي في ((سننه)) (5 / 187 / رقم 2931) في القراءات، باب: ومن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = سورة هود، من طريق عبد الله بن حفص. والطبراني برقم (774 و 777) من طريق موسى بن خلف وداود بن أبي هند. جميعهم عن ثابت البناني، عن شهر، عن أم سلمة، به. وأخرجه الإمام أحمد في ((المسند)) (6 / 294 و 322) . وحفص بن عمر الدوري في ((قراءات النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -)) (ص112 رقم 63) . والترمذي في الموضع السابق برقم (2932) . وأبو يعلى في ((مسنده)) (12 / 449 - 450 رقم 7020) . والطبراني في ((الكبير)) برقم (776) . جميعهم من طريق هارون بن موسى النحوي الأعور، عن ثابت، كسابقه. وأخرجه إسحاق بن راهويه في ((مسنده)) (5 / 175 - 176 و 179 / رقم 2299 و 2304) من طريق هارون بن موسى، عن ثابت، عن شهر، عن أسماء بنت يزيد، أنها سألت رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - ... ، فذكره. والذي يظهر أن إسحاق بن راهويه أخذ بما ترجح عنده من أن أم سلمة المذكورة في الحديث هي أسماء بنت يزيد، لا أم المؤمنين. فالحديث أخرجه الطيالسي في ((مسنده)) (ص226 - 227 رقم 1631) . وأبو عبيد في ((فضائل القرآن)) (ص182 - 183 رقم 96 - 50) . وحفص بن عمر الدوري في ((قراءات النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -)) (ص110 و 111 رقم 60 و 61) . وإسحاق في ((مسنده)) (5 / 179 رقم 2303) . وأحمد في ((مسنده)) (6 / 454 و 459 و 460) . وأبو داود في الموضع السابق من ((سننه)) برقم (3982) . =

1092- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ (1) ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ قَتَّةَ (2) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {عمل غير صالح} (3) .

_ = جميعهم من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت، عن شهر، عن أسماء بنت يزيد، به. قال الترمذي في الموضع السابق: ((هذا حديث قد رواه غير واحد عن ثابت البُنَاني نحو هذا، وهو حديث ثابت البُنَاني. ورُوي هذا الحديث أيضًا عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أسماء بنت يزيد. قال: وسمعت عبد بن حميد يقول: أسماء بنت يزيد هي أم سلمة الأنصارية. قال أبو عيسى - هو الترمذي -: كلا الحديثين عندي واحد، وقد روى شهر بن حوشب غير حديث عن أم سلمة الأنصارية، وهي أسماء بنت يزيد)) اهـ. (1) هو موسى بن أبي عائشة الهَمْداني، مولاهم، أبو الحسن الكوفي، ثقة عابد. ((التقريب)) (7029) . وهو سليمان بن قَتَّةَ التيمي، مولاهم، أبو رزين البصري، يروي عن ابن عمر وابن عباس وأبي سعيد الخدري وغيرهم، روى عنه حميد الطويل وعاصم الجحدري وموسى بن أبي عائشة وغيرهم، وهو ثقة؛ وثقه ابن معين وذكره ابن حبان وابن خلفون في ((الثقات)) ، وقال ابن الجزري: ((ثقة عرض على ابن عباس ثلاث عرضات)) . انظر ((التاريخ الكبير)) للبخاري ((وحاشيته)) (4 / 32 - 33 / رقم 187) و ((الجرح والتعديل)) (4 / 136 / رقم 595) و ((غاية النهاية)) (1 / 314 / رقم 1385) ، و ((تعجيل المنفعة)) (1 / 617 / رقم 424) . (3) لم تضبط القراءة بالأصل، وذكر محقق ((تفسير سفيان الثوري)) (ص 130 / رقم 355) أنه ضبط في الأصل: ((عملٌ)) بالرفع منونًا، وكذا جاء في =

1093- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: {عملٌ غيرُ صالح} سُؤَالُكَ إِيَّايَ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ. 1094- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا عُثْمَانُ بْنُ مَطَرٍ (1) ، قَالَ: نا

_ = المطبوع من ((تفسير عبد الرزاق)) (1 / 310) حيث رواه عبد الرزاق عن الثوري وابن عيينة، لكن ذكر محقق ((تفسير الثوري)) ، أنه في ((تفسير عبد الرزاق)) المخطوط (ل 41 / أ) بصيغة الماضي، وكذا وقع في ((تفسير ابن جرير)) (15/ 348 / رقم 18247) ، فالله أعلم. 1092 - سنده صحيح. وأخرجه عبد الرزاق في ((تفسيره)) (1 / 310) . وابن جرير (15 / 348 / رقم 18247) . كلاهما من طريق سفيان بن عيينة، به. وأخرجه سفيان الثوري في ((تفسيره)) (ص 130 / رقم 355) عن موسى ابن أبي عائشة، به. ومن طريق الثوري أخرجه عبد الرزاق في الموضع السابق. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير (15 / 343 / رقم 18227) . 1093 - سنده صحيح. وأخرجه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (15 / 347 / رقم 18243) من طريق سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةٍ، عَنْ قتادة، ولكن حصل فيه تصحيف ذكر المحقق أنه وجده هكذا في الأصل، ثم توقع أن الصواب هكذا: ((أي سؤالك إياي)) وهو كذلك. فقد أخرجه عبد الرزاق في ((تفسيره)) (1 / 310) عن معمر، عن قتادة، به نحوه. (1) تقدم في الحديث [1091] أنه ضعيف.

سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةٍ، عَنْ قَتَادَةَ (1) ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ ابنَه وَلَكِنَّهُ خَالَفَهُ فِي النِّيَّةِ وَالْعَمَلِ. 1095- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا سُفْيَانُ، وهُشيم، عَنْ مُطَرِّف (2) ، عَنِ الشَّعْبي (3) قَالَ: خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَسْتَسْقي، فَلَمْ يَزِد عَلَى الِاسْتِغْفَارِ حَتَّى رَجَعَ، فَقِيلَ لَهُ: مَا رَأَيْنَاكَ اسْتَسْقَيْتَ، قَالَ: لَقَدْ طَلَبْتُ الْمَطَرَ بِمَجَادِيح (4) السَّمَاءِ الذي

_ (1) تقدم في الحديث [14] أنه ثقة ثبت، إلا أنه مدلِّس ولم يصرِّح هنا بالسماع. 1094 - سنده فيه عثمان بن مطر وقتادة وتقدم الكلام عنهما، لكن عثمان بن مطر توبع كما سيأتي، فيبقى الكلام في عنعنة قتادة. والحديث أخرجه ابن جرير في ((تفسيره)) (15 / 348 / رقم 18248) من طريق غندر، عن سعيد، به. وأخرجه عبد الرزاق في ((تفسيره)) (1 / 307) من طريق معمر، عن قتادة وغيره، عن عكرمة، به. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير (15 / 343 / رقم 18225) ، وابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 169 / أ) . (2) هو ابن طَريف. (3) هو عامر بن شراحيل، روايته عن عمر مرسلة كما في ((المراسيل)) لابن أبي حاتم (ص 160 / رقم 592) نقلاً عن أبيه وأبي زرعة. (4) جمع مِجْدَح، وهو نجم من النجوم، وهو عند العرب من الأَنواء الدَّالّة على المطر، فجعل الاستغفار مُشَبَّهًا بالأنواء، مُخاطبةً لهم بما يعرفونه، لا قولاً بالأنواء. اهـ. من ((النهاية في غريب الحديث)) (1 / 243) بتصرف، وانظر =

يُستنزل بِهِ الْمَطَرُ، ثُمَّ قَرَأَ: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا. يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} ، {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} .

_ = ((غريب الحديث)) لأبي عبيد (3 / 259 - 260) . 1095 - سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف للانقطاع بين الشعبي وعمر رضي الله عنه، ولكن له شاهد صحيح كما سيأتي. وعزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 442 - 443) للمصنِّف وابن سعد في ((الطبقات)) وابن أبي شيبة في ((المصنف)) وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ والبيهقي في ((سننه)) . وقد أخرجه البيهقي في ((سننه)) (3 / 352) في صلاة الاستسقاء، باب ما يستحب من كثرة الاستغفار في خطبة الاستسقاء، من طريق المصنف، به مثله. وأخرجه عبد الرزاق في ((المصنف)) (3 / 87 / رقم 4902) . وابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 171 / ب) . كلاهما من طريق سفيان بن عيينة. وأخرجه أبو عبيد في ((غريب الحديث)) (3 / 259) من طريق هشيم، كلاهما - سفيان وهشيم - عن مطرِّف، به. وأخرجه أبو عبيد أيضًا في الموضع نفسه من طريق أبي يوسف. وابن سعد في ((الطبقات)) (3 / 320) . وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (2 / 474) من طريق سفيان الثوري. وابن شبة في ((تايخ المدينة)) (3 / 351) من طريق عبثر بن القاسم. جميعهم عن مطرف، به. وأخرجه محمد بن الحسن الشيباني في ((كتاب الحجة)) (1 / 335) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (2 / 474) . وابن شبة في ((تاريخ المدينة)) (2 / 736 - 737) . وابن المنذر في ((الأوسط)) (4 / 315 / رقم 2217) . جميعهم من طريق عيسى بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، عن عطاء بن أبي مروان، عن أبيه أنه خرج مع عمر بن الخطاب يستسقي، فلم يزل عمر يقول من حين خرج من منزله: اللهم اغفر لنا إنك كنت غفارًا، يجهر بذلك ويرفع صوته حتى انتهى إلى المصلَّى. هذا لفظ ابن المنذر، إلا أنه تصحف عنده عيسى بن حفص إلى عيسى بن جعفر. وأما محمد بن الحسن فقال: أخبرنا سفيان الثوري، قال: حدثنا أبو رباح، عن عطاء بن أبي مروان ... ، فذكره. وعيسى بن حفص لقبه رباح، فالظاهر أنه تصحف على: ((أبو رباح)) وهذا السند صحيح. وأخرجه ابن سعد أيضًا (3 / 320) . والبيهقي في الموضع السابق (3 / 351) . كلاهما من طريق أبي وَجْزَةَ السعدي، عن أبيه قال: خرج عمر رضي الله عنه يستسقي فجعل لا يزيد على الاستغفار، فقلت، ألا يتكلم لما خرج له، ولا أعلم أن الاستسقاء هو الاستغفار، فمُطرنا. وأخرجه ابن شبة أيضًا (2 / 737 - 738) من طريق ابن مصعب، عن أبيه، أن عمر رضي الله عنه خرج يستسقي، فحوّل رداءه وجعل يقول: اللهم اغفر لنا، اللهم اغفر لنا. فقيل له: يا أمير المؤمنين، إنما خرجت تستسقي وأنت تستغفر؟! قال: أما إذا غُفر لنا سقينا.

[الْآيَةُ (71) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} ] 1096- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ دَاوُدَ (1) ، عَنِ الشَّعْبي - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} - قَالَ: ((مِنْ وَرَاءِ)) : وَلَدُ وَلَدٍ. [الْآيَةُ (80) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} ] 1097- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا مُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِزَامِيُّ (2) ، عَنْ أَبِي الزِّنَاد (3) ، عَنِ الأعْرج (4) ، عن أبي هريرة، عن

_ (1) هو ابن أبي هند. 1096 - سنده صحيح. وعزاه في ((الدر المنثور)) (4 / 452) لابن الأنباري فقط. وقد أخرجه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (15 / 394 - 395/ رقم 18321 و 18323 و 18326) من طريق خالد بن عبد الله وغيره عن داود، ومن طريق أبي عمرو الأزدي، عن الشعبي، به. (2) في الأصل يشبه أن تكون: ((الحراني)) . وهو المغيرة بن عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بن خالد بن حِزام الحِزَامي، المدني، لقبه: قُصَيّ، ثقة له غرائب كما في ((التقريب)) (6893) وانظر ((تهذيب الكمال)) (28 / 387 - 390) . (3) هو عبد الله بن ذَكْوَان. =

النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((يَغْفِرُ اللَّهُ لِلُوطٍ إِنَّهُ لإِلَى رُكْنٍ شَدِيد)) (1) .

_ = (4) هو عبد الرحمن بن هُرْمُز الأعرج، أبو داود المدني، مولى ربيعة بن الحارث، ثقة ثبت عالم، مات سنة سبع عشرة ومئة. ((التقريب)) (4060) . (1) كذا جاء اللفظ بالأصل، وقد يكون فيه سقط، وسيأتي لفظ البخاري وهو أتم. 1097 - سنده صحيح، وهو في ((الصحيحين)) . وعزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 459 - 460) للمصنِّف والبخاري وابن مردويه. وقد أخرجه الإمام أحمد في ((المسند)) (2 / 322) . والبخاري في ((صحيحه)) (6 / 415 / رقم 3375) في أحاديث الأنبياء، باب: {ولوطًا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ... } . ومسلم في ((صحيحه)) (4 / 1840/ رقم 153) في الفضائل، باب من فضائل إبراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم. وابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (15 / 421 / رقم 18404) . جميعهم من طريق أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النَّبِيَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((يَغْفِرُ اللَّهُ لِلُوطٍ، إن كان ليأوى إلى ركن شديد)) . وهذا لفظ البخاري. وأخرجه الإمام أحمد (2 / 350) . وابن جرير (18403) . كلاهما من طريق أبي يونس سليم بن جبير مولى أبي هريرة، عن أبي هريرة، به. وهو جزء من حديث طويل فيه ذكر إبراهيم ويوسف يرويه عن أبي هريرة: سعيد بن المسيب وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وأبو عبيد سعد بن عبيد. أخرجه الإمام أحمد في ((المسند)) (2 / 326 و 332) . =

1098- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي سَعْدٍ (1) ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا بَعْدَ لُوطٍ إِلَّا فِي عِزٍّ مِنْ قَوْمِهِ.

_ = والبخاري في ((صحيحه)) (6 / 410 - 411 و 418 / رقم 3372 و 3387) في أحاديث الأنبياء، باب قول الله عز وجل: {ونبئهم عن ضيف إبراهيم} ، وباب قوله تعالى: {لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين} ، و (8 / 366 / رقم 4694) في تفسير سورة يوسف من كتاب التفسير. ومسلم في ((صحيحه)) (1 / 133 - 134 / رقم 238) ، في كتاب الإيمان، باب زيادة طمأنينة القلب بتظاهر الأدلة، و (4 / 1839 - 1840 / رقم 152) في الفضائل، باب من فضائل إبراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم. وفي رواية عند الإمام أحمد: ((ورحمة الله على لوط إن كان ليأوى إلى ركن شديد إذ قال لقومه: {لَوْ أَنَّ لِيَ بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} وما بعث الله من بعده من نبي إلا في ثروة من قومه)) . وهذه الزيادة من رواية مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، ومحمد بن عمرو تقدم في الحديث [4] أنه حسن الحديث. والثَّرْوَة: العدد والعزّ بالعشيرة. انظر ((غريب الحديث)) لابن قتيبة (3 / 760) ، و ((النهاية في غريب الحديث)) (1 / 210) . (1) هو سعيد بن المَرْزُبَان العبسي مولاهم، أبو سعد البَقَّال، الكوفي، الأعور، ضعيف مدلِّس كما في ((التقريب)) (2402) وانظر ((تهذيب الكمال)) (11 / 52 - 56) . 1098 - سنده ضعيف لضعف أبي سعد البقّال، ويشهد له ما جاء في إحدى طرق الحديث السابق مرفوعًا: ((وما بعث الله من بعده من نبي إلا في ثروة من قومه)) . يعني لوطًا. والثّرْوَة: العدد والعزّ بالعشيرة. وسنده حسن. =

[الْآيَةُ (86) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {بَقِيَّةُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ} ] 1099- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُقْرِئ (1) ، قَالَ: سُئِلَ سُفْيَانُ (2) ، عَنْ قَوْلِهِ: {بَقِيَّةُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ} قَالَ: طَاعَةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ، أَلَمْ تَرَ أَنَّ الرَّجُلَ يَقُولُ: أَيْ فُلَانُ، اتَّقِ اللَّهَ، أَبْقِ عَلَى نَفْسِكَ. [الْآيَةَ (91) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ} ] 1100- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حُدَيج بْنُ مُعَاوِيَةَ (3) ، قَالَ: نا أَبُو إِسْحَاقَ (4) ، عَنْ أَبِي الأَحْوص (5) ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: لَوْ

_ = وهذا الأثر عزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 459) للمصنِّف وأبي الشيخ. (1) هو عبد الله بن يزيد المكي، أبو عبد الرحمن المقرئ، ثقة فاضل، أقرأ القرآن نيفًا وسبعين سنة، ومات سنة ثلاث عشرة ومئتين وقد قارب المئة. ((التقريب)) (3739) . (2) هو ابن سعيد الثوري. 1099 - سنده صحيح. (3) تقدم في الحديث [1] أنه صدوق يخطئ. (4) هو السبيعي عمرو بن عبد الله. (5) هو عوف بن مالك بن نَضْلَة.

كَانَ لِلُوطٍ مثلُ أَصْحَابِ شُعَيْبٍ لَجَاهَدَ بِهِمْ قَوْمَهُ، وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ رَجُلٌ رُشَيْدٌ. [الْآيَةُ (100) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ القُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ} ] 1101- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مَعْشَر (1) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ (2) - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ} - قَالَ: الْقَائِمُ: مَا كَانَ مِنَ الجَدْرِ قَائِمًا، وَالْحَصِيدُ: مَا وَقَعَ بِالْأَرْضِ. [الْآيَةُ (114) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} ] 1102- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عوانة، عن سِمَاك بن

_ 1100 - سنده ضعيف لضعف حديج بن معاوية من قبل حفظه، وأبو إسحاق السبيعي موصوف بالتدليس وكان تغيّر في آخر عمره، ولم أجد من نصّ على أن أبا الأحوص سمع من زيد بن ثابت. والأثر عزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 471) للمصنِّف وحده. (1) هو نجيح بن عبد الرحمن، تقدم في الحديث [167] أنه ضعيف. (2) هو القرظي. 1101 - سنده ضعيف لضعف أبي معشر. وأخرجه ابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 188 / ب) من طريق يحيى ابن صالح، عن أبي مَعْشَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ في قوله: {قائم وحصيد} قال: ما كان من بنائهم قائم لم يخرب.

حَرْب (1) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ (2) ، عَنْ عَلْقَمَةَ (3) ، أَوِ الْأَسْوَدِ (4) ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ (5) ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ (6) إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً فِي الْبُسْتَانِ، فَأَصَبْتُ مِنْهَا كُلَّ شَيْءٍ، غَيْرَ أَنِّي لَمْ أُجَامِعْهَا، فَاصْنَعْ بِي مَا شِئْتَ، فَسَكَتَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَهَبَ الرَّجُلُ، ثُمَّ دَعَاهُ فَقَرَأَ عَلَيْهِ: {وَأَقِمِ (7) الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} .

_ (1) تقدم في الحديث [1011] أنه صدوق، وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة، إلا ما كان من رواية شعبة والثوري عنه فإنها صحيحة، وقد رويا عنه هذا الحديث، إلا أن الثوري أخطأ فيه كما سيأتي بيانه. (2) هو ابن يزيد النخعي. (3) هو ابن قيس وهو عم الأسود. (4) هو ابن يزيد النخعي، وهو خال إبراهيم النخعي. وسيأتي بيان أن الصواب أنه عن علقمة والأسود جميعًا. (5) هو ابن مسعود رضي الله عنه. (6) هو أبو اليَسَر كعب بن عمرو الأنصاري، وقيل: اسمه معتِّب. راجع ((فتح الباري)) (8 / 356) . (7) في الأصل: ((أقم)) . 1102 - هو حديث صحيح أخرجه مسلم من طرق عن سماك. وأخرجه هو والبخاري من طريق أبي عثمان النهدي عن ابن مسعود كما سيأتي. وعزاه السيوطي في ((الدر)) (4 / 481 - 482) . لعبد الرزاق وأحمد والبخاري ومسلم وأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وهناد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن حبان والطبراني وابن مردويه والبيهقي في ((شعب =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = الإيمان)) . وقد أخرجه الطيالسي في ((مسنده)) (ص37 رقم 285) . وأحمد في ((المسند)) (1 / 449) . والبزار في ((مسنده)) (4 / 342 - 343 رقم 1538) . والنسائي في ((الكبرى)) (4 / 317 رقم 7323) في الرجم، باب من اعترف بما لا تجب فيه الحدود وذكر الاختلاف على سماك بن حرب في خبر عَبْدُ اللِّهِ بْنُ مَسْعُودٍ فِي ذلك. وأبو يعلى في ((مسنده)) (9 / 235 رقم 5343) . وابن جرير في ((تفسيره)) (15 / 517 رقم 18671) . والهيثم بن كليب في ((مسنده)) (1 / 373 رقم 365) . وابن حبان في ((صحيحه)) كما في ((الإحسان)) (5 / 16 - 17 رقم 1728) . جميعهم من طريق أبي عوانة، عن سماك، به، إلا أن الإمام أحمد والنسائي وابن جرير وابن حبان لم يذكروا الشك في روايتهم للحديث، وإنما جعلوه عن ((علقمة والأسود)) كما في رواية إسرائيل وأبي الأحوص الآتية ومن وافقهما، وأما الطيالسي والبزار وأبو يعلى والهيثم فذكروه على الشك كما عند المصنف هنا، بل قال البزار: ((وهذا الحديث رواه غير واحد عن سماك، عن إبراهيم، عن علقمة والأسود، وبعضهم شك فقال: عن علقمة أَوِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ)) . اهـ. والشك إنما وقع في رواية أبي عوانة عن سماك، وهذا هو الراجح في رواية أبي عوانة، ومن رواه عنه من غير شك فلعله حمله على الروايات الأخرى، أو يكون خطأ وقع في أصول تلك الكتب أو في طباعتها. وأخرجه عبد الرزاق في ((تفسيره)) (1 / 314) ، وفي ((المصنف)) (7 / 445 - 446 رقم 13829) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = ومن طريقه الإمام أحمد في ((المسند)) (1 / 449) . ومحمد بن نصر في ((تعظيم قدر الصلاة)) (1 / 141 - 142 رقم 72) . وابن جرير في ((تفسيره)) (15 / 517 رقم 18670) . وأخرجه أحمد أيضًا (1 / 445) . ومحمد بن نصر (1 / 140 - 142 رقم 70 و 73) . وأبو يعلى في ((مسنده)) (9 / 267 رقم 5389) . وابن جرير في ((تفسيره)) برقم (18669) . وابن خزيمة في ((صحيحه)) (1 / 162 رقم 313) . والهيثم في ((مسنده)) (1 / 373 و 415 رقم 336 و 425 و 426) . وابن حبان في ((صحيحه)) كما في ((الإحسان)) (5 / 20 رقم 1730) . جميعهم من طريق إسرائيل، عن سماك، عن إبراهيم، عن علقمة والأسود، عن ابن مسعود، به. وأخرجه هناد بن السري في ((الزهد)) (2 / 449 و 648 رقم 890 و 1413) . ومن طريقه النسائي في ((الكبرى)) برقم (7324) . وابن جرير في ((تفسيره)) (15 / 515 رقم 18668) . وأخرجه مسلم في ((صحيحه)) (4 / 2116 رقم 42) في التوبة، باب قوله تعالى: {إن الحسنات يذهبن السيئات} . وأبو داود في ((سننه)) (4 / 611 - 612 رقم 4468) في الحدود، باب في الرجل يصيب من المرأة دون الجماع فيتوب قبل أن يأخذه الإمام. والترمذي (5 / 289 - 290 رقم 3112) في تفسير سورة هود من كتاب التفسير. ومحمد بن نصر في ((تعظيم قدر الصلاة)) (1 / 140 رقم 69) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = والهيثم في ((مسنده)) (1 / 372 رقم 364) . والبيهقي في ((سننه)) (8 / 241) في الحدود، باب من أصاب ذنبًا دون الحد ثم تاب وجاء مستفتيًا، وفي ((شعب الإيمان)) (12 / 388 رقم 6682) . جميعهم من طريق أبي الأحوص سلاّم بن سليم، عن سماك، عن إبراهيم، عن علقمة والأسود، عن ابن مسعود، به. قال الترمذي: ((هذا حديث حسن صحيح)) . وكذا رواه حفص بن جميع عن سماك عند البزار في ((مسنده)) (4 / 343 رقم 1539) . وأخرجه النسائي في الموضع السابق من ((الكبرى)) برقم (7322) من طريق أسباط بن نصر، عن سماك، عن إبراهيم، عن الأسود فقط، عن عبد الله، به. وأخرجه الإمام أحمد في ((المسند)) (1 / 452) . ومسلم في الموضع السابق من ((صحيحه)) برقم (43) . ومحمد بن نصر في ((تعظيم قدر الصلاة)) (1 / 141 رقم 71) . والنسائي في الموضع السابق من ((الكبرى)) برقم (7319 و 7320 و 7321) . وابن جرير في ((تفسيره)) (15 / 518 رقم 18672 و 18673 و 18674) . جميعهم من طريق شعبة، عن سماك، عن إبراهيم، عن خاله، عن ابن مسعود، وفي بعض الروايات: ((عن خاله الأسود)) . ورواه سفيان الثوري عن سماك، لكنه جعله من رواية إبراهيم النخعي عن خاله عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابن مسعود. أخرجه الإمام أحمد في ((المسند)) (1 / 406) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = والترمذي في الموضع السابق. ومحمد بن نصر في ((تعظيم قدر الصلاة)) (1 / 142 رقم 74) . والنسائي في الموضع السابق من ((سننه الكبرى)) برقم (7317 و 7138) . وابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 193 / ب) . والطبراني في ((المعجم الكبير)) (10 / 255 رقم 10482) . ورجح الترمذي رواية الباقين على رواية سفيان الثوري، فقال عقب ذكره لرواية أبي الأحوص وإسرائيل والإشارة إلى رواية سفيان: ((ورواية هؤلاء أصح من رواية الثوري)) . وقد قرن الثوري - في بعض الطرق عنه - رواية الأعمش مع رواية سماك بن حرب، كلاهما عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ. وخالفه أبو معاوية الضرير محمد بن خازم، فرواه عن الأعمش، عن إبراهيم مرسلاً ليس فيه ذكر لابن مسعود ولا للراوي عنه. أخرجه النسائي في الموضع السابق من ((الكبرى)) برقم (7325) ، وابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (15 / 519 رقم 18675) ، ورجح النسائي هذه الرواية، فقال: ((المرسل أولى بالصواب)) ، ثم ذكر الحديث من رواية أبي عثمان النهدي، وقال: ((هذا هو الصحيح)) . والحديث من طريق أبي عثمان النهدي عن ابن مسعود أخرجه عبد الرزاق في ((تفسيره)) (1 / 313) ، وفي ((المصنف)) (7 / 446 رقم 13830) . وأحمد في ((المسند)) (1 / 386 و 430) . والبخاري في ((صحيحه)) (2 / 8 رقم 526) في مواقيت الصلاة، باب الصلاة كفارة، و (8 / 355 رقم 4687) في تفسير سورة هود من كتاب التفسير. ومسلم في الموضع السابق برقم (39 و 40 و 41) . والترمذي في الموضع السابق برقم (3114) . =

1103- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ (1) ، سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُ الْعِشَاءِ وَيَقْرَأُ: {وَزُلَفًا مِنَ الليل} .

_ = وابن ماجه في ((سننه)) (1 / 447 - 448 رقم 1398) في إقامة الصلاة، باب ما جاء في أن الصلاة كفارة. ومحمد بن نصر (1 / 143 رقم 76) . والنسائي في الموضع السابق من ((الكبرى)) برقم (7326) ، وفي ((التفسير)) (1 / 594 رقم 267) . وأبو يعلى في ((مسنده)) (9 / 156 رقم 5240) . وابن جرير في ((تفسيره)) (15 / 519 رقم 18676) . وابن خزيمة في ((صحيحه)) (1 / 161 - 162 رقم 312) . وابن حبان في ((صحيحه)) كما في ((الإحسان)) (5 / 18 - 19 رقم 1729) . والطبراني في ((الكبير)) (10 / 284 رقم 10560) . والبيهقي في ((سننه)) (8 / 241) . (1) هو المكِّي مولى آل قارظ ابن شيبة، تقدم في الحديث [32] أنه ثقة. 1103- سنده صحيح. وعزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 481) للمصنِّف وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي. وقد أخرجه البيهقي في ((سننه)) (1 / 451) في الصلاة، باب من استحب تأخيرها - يعني العشاء -، من طريق المصنِّف، به مثله. وأخرجه ابن جرير في ((تفسيره)) (15 / 507 رقم 18631) . وابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 /ل 193 / أ) . كلاهما من طريق سفيان بن عيينة، به.

[الآية (118 و 119) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ. إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ... } الْآيَةُ] 1104- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا مَنْصُورٌ (1) ، عَنِ الْحَسَنِ (2) - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَكذَلِكَ (3) خَلَقَهُمْ} - قَالَ: خَلَقَهُمْ لِلرَّحْمَةِ. 1105- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، عَنْ جُويبر (4) ، عَنِ الضَّحَّاك، قَالَ: قُرئ عَلَيْنَا كِتَابُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: {إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} قَالَ: أَهْلُ الرَّحْمَةِ لَا يَخْتَلِفُونَ.

_ (1) هو ابن زَاذَان. (2) هو البصري. (3) كذا جاء بالأصل! ولم أجد من ذكر أن هذه قراءة. 1104- سنده صحيح. ولم أجد من نسب هذا القول للحسن البصري، وإنما جاء عن مجاهد وقتادة وغيرهما كما في ((تفسير ابن جرير الطبري)) (15 / 536 - 537) . (4) تقدم في الحديث [93] أنه ضعيف جدًّا. 1105- سنده ضعيف جدًّا لشدة ضعف جويبر بن سعيد، وروي بإسناد أحسن منه كما سيأتي. وأخرجه ابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 196 / أ) من طريق عبد الله بن يزيد المقرئ، عن المسعودي، قال: سمعت عمر بن عبد العزيز يقول هذه الآية: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رحم ربك ولذلك خلقهم} قال: خلق أهل رحمته ألا يختلفوا. =

1106- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا عُثْمَانُ بْنُ مَطَرٍ (1) ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَرِيز [ل143/أ] الأَزْدي (2) ، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ. إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} قَالَ: خَلَقَهُمْ لِلرَّحْمَةِ. 1107- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الأَحْوص (3) ، قَالَ: نَا سِماك (4) ، عَنْ عِكْرِمَةَ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ. إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} - قال: مختلفين في الهوى.

_ = وسنده رجاله ثقات، إلا أن عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ المسعودي كان قد اختلط, ولم يذكر عبد الله بن يزيد فيمن سمع منه قبل الاختلاط. (1) تقدم في الحديث [1091] أنه ضعيف. (2) هو عبد الله بن الحسين الأزدي، أبو حَرِيز - بفتح المهملة، وكسر الراء، وآخره زاء -، البصري، قاضي سجستان، صدوق يخطئ كما في ((تقريب التهذيب)) (3294) ، وانظر ((تهذيب الكمال)) (14 / 420 - 423) . 1106- سنده ضعيف لضعف عثمان بن مطر وأبي حريز عبد الله بن الحسين. وعزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 492) لابن أبي حاتم وأبي الشيخ. (3) هو سلاّم بن سُلَيم. (4) هو ابن حرب، وروايته عن عكرمة مضطربة كما سبق في الحديث [1011] . 1107- سنده ضعيف لما تقدم عن رواية سماك، عن عكرمة. وأخرجه ابن جرير في ((تفسيره)) (15 / 533 رقم 18713) من طريق هناد، عن أبي الأحوص، به. =

[الْآيَةُ (120) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} ] 1108- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانَةَ (1) ، عَنْ أَبِي بِشْر (2) ، عَنْ عَمْرٍو - رَجُلٍ مِنْ بَلْعَنْبَر - (3) ، قَالَ: خَطَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَرَأَ هُودًا، فَلَمَّا بَلَغَ: {وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الحَقُّ} قال: في هذه السورة.

_ = وأخرجه ابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 95 / أ) من طريق عبد الله بن صالح بن مسلم، عن أبي الأحوص، به، إلا أنه زاد في سنده ابن عباس. ورواية سعيد بن منصور وهناد عن أبي الأحوص أرجح من رواية عبد الله بن صالح، فالصواب وقفه على عكرمة. (1) هو وضّاح بن عبد الله. (2) هو جعفر بن إياس. (3) هو عمرو العنبري، يروي عن ابن عباس، لم يرو عنه سوى أبي بشر جعفر بن إياس. انظر ((الجرح والتعديل)) (6 / 271 رقم 1498) . 1108- سننده ضعيف لجهالة عمرو العنبري، ولكنه لم ينفرد به، بل روي من طرق أخرى بعضها صحيح كما سيأتي. وعزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 493) للمصنِّف وعبد الرزاق والفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن مردويه. وأخرجه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (15 / 540 - 541 رقم 18745 و 18746) . وابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 196 / أ) . =

1109- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ يَحْيَى الأَبَحَّ (1) ، قَالَ: نَا يَزِيدُ الرَّقَاشي (2) ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ (3) : قَالَ لَهُ (4) أَصْحَابُهُ: أَسْرَعَ إِلَيْكَ الشَّيْبُ؟! قَالَ: ((شَيَّبَتْنِي هود وأخواتها من المُفَصَّل)) (5) .

_ = كلاهما من طريق أبي عوانة، به. وأخرجه عبد الرزاق في ((تفسيره)) (1 / 316) . وابن جرير برقم (18747) . وابن أبي حاتم في الموضع السابق. ثلاثتهم من طريق معمر، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جبير، عن ابن عباس، به. وخالفه سفيان الثوري كما في ((تفسيره)) (ص136 رقم 380) ، فرواه عن الأعمش، عن أبي جعفر، عن ابن عباس. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (18744 و 18748) من طريق أبي رجاء العطاردي عمران بن ملحان، ومن طريق مروان الأصفر، كلاهما عن ابن عباس، به. وطريق أبي رجاء سندها صحيح. (1) تقدم في الحديث [41] أنه صدوق يخطئ. (2) هو يزيد بن أبان، تقدم في الحديث [73] أنه ضعيف. (3) أي أنس بن مالك. (4) أي لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (5) سيأتي في الحديث بعده ذكرهن، وهن: الواقعة والمرسلات وعمّ والتكوير. 1109- سنده ضعيف لضعف يزيد بن أبان الرقاشي وأما حماد بن يحيى =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = الأبحّ فإنه قد توبع كما سيأتي. والحديث ذكره السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 396 - 397) بعدة ألفاظ من رواية أنس وعزاه للمصنِّف والبزار وابن مردويه وابن عساكر. وقد أخرجه ابن عدي في ((الكامل)) (2 / 664) من طريق أحمد بن إبراهيم الموصلي، عن حماد بن يحيى الأبح، به. وقد أخطأ محمد بن غالب المعروف بتمتام، أو شيخه محمد بن جعفر الوركاني، فروى هذا الحديث محمد بن غالب، عن محمد بن جعفر الوركاني، عن حَمَّادُ بْنُ يَحْيَى الْأَبَحُّ، عَنْ ابْنِ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عن عمران بن حصين، فأنكر هذا الحديث موسى بن هارون الحافظ وغيره على محمد بن غالب، فجاء محمد بن غالب بأصله إلى إسماعيل بن إسحاق القاضي فأوقفه عليه، فقال إسماعيل القاضي: ربما وقع الخطأ للناس في الحداثَة، فلو تركته لم يضرك، فقال تمتام: لا أرجع عما في أصل كتابي. ونبه الحافظ أبو الحسن الدارقطني إلى أن الصواب: أن الوركاني حدّث بهذا الإسناد عن عمران بن حصين: أنَّ النَّبِيَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - قال: ((لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)) ، وحدَّث على أثره عن حَمَّادُ بْنُ يَحْيَى الْأَبَحُّ، عَنْ يزيد الرقاشي، عن أنس، أنَّ النَّبِيَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - قال: ((شيبتني هود)) ، فيشبه أن يكون التمتام كتب إسناد الأول ومتن الأخير، وقرأه على الوركاني فلم يتنبه إليه. انظر فيما تقدم ((تاريخ بغداد)) للخطيب (3 / 145) . وقد أخرجه ابن مردويه في ((تفسيره)) من طريق محمد بن غالب كما في ((تخريج الكشاف)) للزيلعي (2 / 149 - 150) . وأخرجه ابن سعد في ((الطبقات)) (1 / 436) من طريق أبي صخر حميد بن زياد الخرّاط، عن يزيد بن أبان الرقاشي، به بلفظ أطول منه، وفيه قصة. وذكر البزار في ((مسنده)) (1 / 169رقم 92) أن زائدة بن أبي الرُّقَاد رواه =

1110- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الأَحْوَص، قَالَ: نَا أَبُو إِسْحَاقَ (1) ، عَنْ عِكْرِمَةَ (2) ، قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا شيَّبك؟ قَالَ: ((شيَّبتني هُودٌ وَالْوَاقِعَةُ وَالْمُرْسَلَاتُ وعمَّ يتساءلون وإذا الشمس كوِّرت)) .

_ = عن زياد النميري، عن أنس، عن أبي بكر أنه قال: يا رسول الله، قد شبت؟! قال: ((شيبتني هود وأخواتها)) . ثم قال البزار: ((وهذا الحديث فيه علتان، إحداهما: أن زائدة منكر الحديث. والعلة الأخرى: فقد رواه غير واحد عن زائدة، عن زياد، عن أنس: أن أبا بكر قال لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ... ، فصار الخبر عن أنس، فلذلك لم نذكره)) . اهـ. وكأنه عنى بقوله ((لم نذكره)) أي: في مسند أبي بكر. وذكر السيوطي في الموضع السابق من ((الدر المنثور)) ابن ابن عساكر أخرجه من طريق ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن أنس. وذكره الدارقطني في ((العلل)) (1 / 199) فقال: (وروي عن أبي بكر بن عياش فيه إسناد آخر: حدث به الحسن بن محمد الطنافسي - ابن أخت يعلى بن عبيد - عن أبي بكر بن عياش، عن ربيعة الرأي، عن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ... )) ، ثم أخرجه بسنده (1 / 210 - 211) من طريق الحسن بن محمد. وهذا إنما أورده الدارقطني في الاختلاف على أبي إسحاق السبيعي والرواة عنه كما سيأتي التنبيه عليه في الحديث الآتي. (1) هو السبيعي عمرو بن عبد الله. (2) هذه الرواية مرسلة كما سيأتي التنبيه عليه. 1110- سنده ضعيف لإرساله واضطراب أبي إسحاق السبيعي فيه كما سيأتي بيانه. وعزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 397) للمصنِّف وغيره. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنَّف)) (10 / 553 - 554 رقم 10317) عن أبي الأحوص بمثل رواية سعيد بن منصور ها هنا، إلا أن المحقق زاد في إسناده ((عن ابن عباس)) نقلاً عن ((جامع الترمذي)) ، وهذا تصرف ردي؛ لأن الترمذي رواه من غير طريق أبي الأحوص. وأخرجه ابن سعد في ((الطبقات)) (1 / 436) من طريق عفان بن مسلم وإسحاق بن عيسى. والمروزي في ((مسند أبي بكر)) (ص69 رقم 31) من طريق عثمان بن أبي شيبة. وأبو يعلى في ((مسنده)) (1 / 102 - 103 رقم 107 و 108) من طريق خلف بن هشام والعباس بن الوليد. والدارقطني في ((العلل)) (1 / 205) من طريق عمرو بن عون. جميعهم عن أبي الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عكرمة مرسلاً. وخالفهم بقية بن الوليد ومسدد بن مسرهد، فروياه عن أبي الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عكرمة، عن ابن عباس موصولاً. أما رواية بقية بن الوليد فعلقها ابن أبي حاتم في ((العلل)) (2 / 110 رقم 1826) ، وعلقها الدارقطني في ((العلل)) (1 / 203) عن شيخه يحيى بن صاعد، عن محمد بن عوف، عن محمد بن مصفى، عن بقية، ونبه على أنه لم يسمعه من شيخه يحيى بن صاعد. وأما رواية مسدد فأخرجها الحاكم في ((المستدرك)) (2 / 476) ، ومن طريقه البيهقي في ((شعب الإيمان)) (3 / 67 رقم 758) ، ثم قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي. والرواية الموصولة عن أبي الأحوص خطأ، والصواب رواية من رواه مرسلاً وهم جلّ أصحاب أبي الأحوص كما سبق، وهذا ما رجحه أبو حاتم الرازي. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = قال ابنه عبد الرحمن - كما في الموضع السابق من ((العلل)) -: ((قلت لأبي: روى بقية عن أبي الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عكرمة، عن ابن عباس، عن أبي بكر، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، فقال: هذا خطأ، ليس فيه ابن عباس)) . وهذا ما رجحه الدارقطني أيضًا، فإنه ذكر في ((العلل)) (1 / 194) أنه اختُلف على أبي الأحوص، ثم ذكر (ص195) أن بقية بن الوليد رواه عنه موصولاً، ثم ذكر (ص196) أن أصحاب أبي الأحوص اتفقوا كلهم، فرووه عنه عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عِكْرِمَةَ مرسلاً عن أبي بكر، لم يذكروا فيه ابن عباس. وهذا بالنسبة لرواية أبي الأحوص، عن أبي إسحاق، وهي الراجحة لموافقتها لمعظم الروايات عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عِكْرِمَةَ مرسلاً ليس فيه ذكر لابن عباس، وهذا ما رجحه أبو حاتم الرازي أيضًا كما في الموضع السابق من ((العلل)) ، و (2 / 133 - 134 رقم 1894) ، وهو الظاهر من صنيع الدارقطني الذي أطال جدًّا في ذكر الاختلاف على أبي إسحاق وأصحابه في هذا الحديث، فراجع ((العلل)) (1 / 193 - 211 رقم 17) له فإنه مهم. وقد اعتبر بعضهم هذا الحديث من الأحاديث المضطربة، فمثل به الحافظ ابن حجر في ((النكت)) (2 / 774 - 776) للحديث المضطرب، وذكر أوجه الاختلاف فيه على أبي إسحاق. وقَبْلَهُ الحافظ أبو بكر البزار حيث قال في ((مسنده)) (1 / 171) : ((والأخبار مضطربة أسانيدها عن أبي إسحاق، وأكثرها: أن أبا بكر قال لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فصارت عن الناقلين، لا عن أبي بكر؛ إذ كان أبو بكر هو المخاطب)) . اهـ. وفي ظني أن بعضًا من هذا الاختلاف من أبي إسحاق نفسه؛ فإني لم أجد من رواه عنه من قدماء أصحابه كشعبة والثوري وشريك، وإنما يرويه عنه المتأخرون الذين سمعوا منه بعد تغيُّره. ومنه يتضح أن الحديث ضعيف، ولم يُصب من صححه، والله أعلم.

سورة يوسف

باب تَفْسِيرُ سُورَةِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ تَفْسِيرُ سُورَةِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ [الْآيَةُ (4) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} ] 1111- حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نَا الْحَكَمُ بْنُ ظُهَير (1) ، عَنِ السُّدِّي (2) ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ الْقُرَشِيِّ (3) ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَتَى النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: بُسْتاني (4) الْيَهُودِيِّ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَخْبِرْنِي عَنِ النُّجُومِ الَّتِي رَآهَا يُوسُفُ أَنَّهَا سَاجِدَةٌ لَهُ، مَا أَسْمَاؤُهَا؟ قَالَ: فَلَمْ يُجِبْهُ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَيْءٍ، فنزلَ إِلَيْهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَأَخْبَرَهُ، فَبَعَثَ نَبِيُّ اللَّهِ إِلَى الْيَهُودِيِّ فَجَاءَهُ، قَالَ: ((أرأيتَ، تُسْلِمُ إِنْ أَخْبَرْتُكَ؟)) . قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:

_ (1) تقدم في الحديث [421] أنه متروك ورمي بالرفض واتهمه ابن معين. (2) هو إسماعيل بن عبد الرحمن. (3) هو عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بن سابط. (4) كذا جاء في أكثر الكتب التي أخرجت الحديث، لكن قال الحافظ بن حجر في ((الإصابة)) (1 / 289) : ((وبستاني أورده ابن فتحون في ((الذيل)) في الباء الموحّدة، ورأيته في نسخة من ((تفسير ابن مردويه)) بضم الياء التحتانية، بعدها سين مهملة، ثم مثنّاة، ثم ألف، ثم نون مفتوحة بعدها ياء تحتانية، ولعله أصوب)) .

((حَرَثَانِ، وَالطَّارِقُ، والذَّيَّال، وَذُو الْكَنَفَاتِ، وَذُو الْفَرْعِ، وَوَثَّابٌ، وَعَمُودَانِ، وَقَابِسٌ، وَالصَّرُوحُ، وَالْمُصَبِّحُ، وَالْفُلَيْقُ، وَالضِّيَاءُ، وَالنُّورُ، رَآهَا فِي أُفُقِ السَّمَاءِ أَنَّهَا سَاجِدَةٌ لَهُ، فَلَمَّا قَصَّ يُوسُفُ (رُؤْيَاهُ) (1) عَلَى يَعْقُوبَ قَالَ لَهُ: هَذَا أَمْرٌ مُتَشَتِّت يَجْمَعُهُ اللَّهُ مِنْ بَعْدُ)) . قَالَ الْيَهُودِيُّ: هَذِهِ وَاللَّهِ أَسْمَاؤُهَا. قَالَ الحَكَم (2) : الضِّيَاءُ هُوَ الشَّمْسُ وَهُوَ أَبُوهُ، وَالنُّورُ القمر وهو أمه.

_ (1) ما بين القوسين من الموضعين الآتيين من ((الضعفاء)) للعقيلي و ((دلائل النبوة)) للبيهقي؛ فإنهما رويا الحديث من طريق المصنِّف. (2) أي ابن ظهير شيخ المصنف. 1111- سنده ضعيف جدًّا لشدة ضعف الحكم بن ظهير، وقد عدّه ابن الجوزي في ((الموضوعات)) كما سيأتي. والحديث عزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 498) للمصنِّف والبزار وأبي يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم العقيلي وابن حبان في ((الضعفاء)) وأبي الشيخ والحاكم وابن مردويه وأبي نعيم والبيهقي معًا في ((دلائل النبوة)) . وقد أخرجه العقيلي في ((الضعفاء)) (1 / 259) . ومن طريقه ابن الجوزي في ((الموضوعات)) (1 / 145 - 146) . وأخرجه البيهقي في ((دلائل النبوة)) (6 / 277) . كلاهما من طريق المصنِّف، به. ونقله السيوطي في ((اللآلئ المصنوعة)) (1 / 90) عن ((سنن سعيد بن منصور)) ، لكن بلفظ العقيلي الذي أخرجه من طريقه ابن الجوزي. وأخرجه البزار في ((مسنده)) كما في ((كشف الأستار)) (3 / 53 رقم 2220) . =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وأبو يعلى في ((مسنده)) كما في ((المطالب العالية)) (ل 136 / ب 137 / أ) . ومن طريقه ابن حبان في ((المجروحين)) (1 / 250 - 251) . وأخرجه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (15 / 555 رقم 18780) . وعلقه ابن أبي حاتم في ((العلل)) (2 / 402 رقم 2712) ، وأخرجه في ((التفسير)) (4 / ل 198 / ب) . والسهمي في ((تاريخ جرجان)) (ص244) . جميعهم من طريق الحكم بن ظهير، به. وذكر ابن أبي حاتم أن أبا زرعة سئل عن هذا الحديث، فقال: ((هذا حديث منكر ليس بشيء)) . وقال البزار: ((لا نعلمه يروى عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - إلا بهذا الإسناد، والحكم فليس بالقوي، وقد روى عنه جماعة)) . وذكر العقيلي في ((الضعفاء)) هذا الحديث وبعض الأحاديث الأخرى فيما يتنقد على الحكم بن ظهير، ثم قال: ((ولا يصح من هذه المتون عن النبي عليه السلام شيء من وجه ثابت)) . وعدّه ابن حبان أيضًا فيما ينتقد على الحكم، ثم قال: ((وهذا لا أصل له من حديث رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -)) . وقال ابن الجوزي عقب روايته له: ((هذا حديث موضوع عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -، وكأن واضعه قصد شَيْنَ الإسلام بمثل هذا، وفيه جماعة ليسوا بشيء ... )) ثم ذكر بعض أقوال أهل العلم في الحكم والسُّدِّي ظنًا منه أن السُّدِّي الصغير محمد بن مروان، ولذلك تعقبه السيوطي في ((اللآلئ)) بقوله: ((قلت: كلا ليس السدي المذكور في الإسناد الكذاب، ذاك محمد بن مروان الصغير، وهذا إسماعيل بن عبد الرحمن الكبير أحد رجال مسلم)) ، ثم ذكر السيوطي أن للحكم =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = متابعًا قويًا عند الحاكم في ((المستدرك)) ، ثم قال: ((فزالت تهمة الحكم، والله أعلم)) . وذكر ابن عراق الكناني في ((تنزيه الشريعة)) (1 / 193) أن للحديث طريقًا ثالثًا عن السدي في ((تفسير ابن مردويه)) ، وأن التهمة زالت عن الحكم، وكأنه نقل هذا الكلام عن ((اللآلئ)) ، إلا أن المطبوع من ((اللآلئ)) ليس فيه ذكر للطريق الثالثة التي عند ابن مردويه، ولا أظن هذا إلا وهمًا، ومن المعلوم أن ابن كثير في ((تفسيره)) يعنى بالنقل عن ابن مردويه كثيرًا، ومع ذلك فقد تكلم عن هذا الحديث (2 / 468 - 469) وضعفه بالحكم، ولم يشر إلى طريق ابن مردويه. وفيما مضى نقله من كلام الأئمة ما يشعر بتفرد الْحَكَمُ بْنُ ظُهَيْرٍ عَنِ السُّدِّي بهذا الحديث، ولم يذكروا له متابعًا، بل حمّلوه تبعته؛ بحيث أصبح معروفًا به، وفيه يقول الجوزجاني: ((ساقط لميله وأعاجيب حديثه، وهو صاحب حديث نجوم يوسف)) . انظر ((الشجرة في أحوال الرجال)) (ص154 رقم 142) ، و ((تهذيب التهذيب)) (2 / 428) . ومنه تعجب من تلك الطريق التي أخرجها الحاكم في ((المستدرك)) (4 / 396) من طريق شيخه محمد بن إسحاق الصفار، عن أحمد بن محمد بن نصر، عن عمرو بن حماد بن طلحة، عن أسباط بن نصر، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن سابط، عن جابر، به، ثم قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه)) ، وسكت عنه الذهبي فلم يقرّه. وفي سنده أحمد بن محمد بن نصر ولم أعرف من هو؟ وفي ((تاريخ بغداد)) (5 / 106 - 108) خمسة ممن يسمّون بهذه التسمية، فلست أدري، أهو منهم أم لا؟ وسواء عرفناه أم لم نعرفه، فإن هذه الطريق غلط فيها أحد الرواة، من عمرو بن حماد فمن دونه، ولذلك يقول الشيخ عبد الرحمن المعلمي - رحمه الله - في تعليقه =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = على ((الفوائد المجموعة)) (ص464) : ((وقف الذهبي في ((تلخيصه)) فلم يتعقبه، ولا كتب علامة الصحة كعادته فيما يقر الحاكم على تصحيحه. والحاكم رواه عن محمد بن إسحاق الصفار، عن أحمد بن محمد بن نصر، عن عمرو بن حماد، عن أسباط، وقد جزم الجوزجاني ثم العقيلي بأن الحكم بن ظهير تفرد به عن السدي، ومن طريق الحكم ذكره المفسرون، مع أن تفسير أسباط، عن السدي عندهم جميعًا، فكيف فاتهم منه هذا الخبر ووقع للحاكم بذاك السند؟! هذا يشعر بأن بعض الرواة وهم؛ وقع له الخبر من طريق الحكم، ثم التبس عليه فظنه من طريق أسباط كالجادّة، والله أعلم)) . اهـ. وعلى فرض التسليم بثبوت هذه الطريق عن أسباط بن نصر فهذا لا يعني التسليم بصحة الحديث؛ لأن أسباط بن نصر الهَمْداني ممن عيب على مسلم إخراجه في ((الصحيح)) ، وهو صدوق كثير الخطأ يغرب كما في ((التقريب)) (323) . والسُّدِّي إسماعيل بن عبد الرحمن تقدم في الحديث [174] أنه صدوق يهم. فلا يستبعد أن يكون هذا من الإسرائيليات، فيهم في نسبته لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أسباط أو السدي. تنبيه: لم أجد الحديث في ((دلائل النبوة)) لأبي نعيم وكذا قال محقق ((تفسير الطبري)) ، وقد عزاه كثير من المخرجين كالسيوطي وابن كثير، فالظاهر أنه من النقص الذي في المطبوع. وكذا لم أجده في ((تفسير البغوي)) مع أن الحافظ ابن حجر ذكر في ((الإصابة)) (1 / 288 - 289) أنه أخرجه في ((تفسيره)) . والله أعلم.

[الْآيَةُ (20) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ} ] 1112- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ (1) ، عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ (2) ، قَالَ: سَمِعْتُ السُّدِّي (3) يَحْلِفُ أَنَّ الَّذِيَ اشْتَرُوا بِهِ: اثْنَانِ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا. وَقَالَ سُفْيَانُ: البَخْس: الْحَرَامُ. [الْآيَةُ (21) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا ... } الْآيَةُ] 1113- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الْأَحْوَصِ (4) ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ (5) ، قَالَ: نَا نَاسٌ (6) ، مِنْ أَصْحَابِ عبد الله، قالوا: قال

_ (1) هو ابن عيينة. (2) هو إسماعيل بن أبي خالد. (3) هو إسماعيل بن عبد الرحمن. 1112- سنده صحيح. وأخرجه ابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 205 / أ) من طريق سفيان بن عيينة، به. (4) هو سلاّم بن سُليم. (5) هو السبيعي عمرو بن عبد الله. (6) أي: حدثنا ناس، وأوضحت بعض الطرق الآتي في التخريج بعض هؤلاء المبهمين، فمنهم أبو الأحوص عوف بن مالك، ومنهم أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود.

عَبْدُ اللَّهِ: مِنْ أَفْرَسِ النَّاسِ ثَلَاثَةٌ: الْعَزِيزُ الَّذِي اشْتَرَى يُوسُفَ؛ قَالَ: {عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا} ، وَالْمَرْأَةُ الَّتِي قَالَتْ لِأَبِيهَا فِي مُوسَى: {يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ القَوِيُّ الأَمِينُ (1) } ، وَأَبُو بَكْرٍ حِينَ ولَّى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أُمُورَ الْمُسْلِمِينَ.

_ (1) الآية: (26) من سورة القصص. 1113- سنده فيه الواسطة المبهمة بين أبي إسحاق وابن مسعود، وأوضحت الطرق الآتية أن ممن روى عنه أبو إسحاق هذا الأثر: أبا الأحوص وأبا عبيدة، فرجال السند كلهم ثقات. وعزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 517) للمصنِّف وابن سعد وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وأبي الشيخ والحاكم. وقد أخرجه الطبراني في ((المعجم الكبير)) (9 / 185 رقم 8830) من طريق المصنِّف، به. وأخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (14 / 574 رقم 18904) . وابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (16 / 19 رقم 18949) . والطبراني برقم (8829) . والحاكم في ((المستدرك)) (2 / 345 - 346) . أما ابن أبي شيبة وابن جرير والحاكم فمن طريق وكيع، وأما الطبراني فمن طريق محمد بن كثير، كلاهما عن سفيان الثوري، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الأحوص عوف بن مالك، عن ابن مسعود، به، وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. وأخرجه ابن سعد في ((الطبقات)) (3 / 273) من طريق الأعمش. وابن جرير برقم (18951) من طريق إسرائيل. =

[الْآيَةُ (23) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ} ] 1114- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ وَثَّاب أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {هِيئت (1) لك} .

_ = وابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 205 / ب) من طريق سفيان الثوري. والحاكم في ((المستدرك)) (3 / 90) من طريق زهير. جميعهم عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه، به. وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي، مع أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه كما سبق بيانه في الحديث [4] ، ولكن تشهد له رواية أبي الأحوص السابقة، والله أعلم. (1) ضبطت في الأصل بفتح التاء، ولا يستقيم هذا مع كسر الهاء والهمز، ولم يذكر ابن جرير في ((تفسيره)) (16 / 25 - 30) هذه القراءة عن أحد برغم ذكره لوجوه القراءات فيها، والذي يظهر أن هذا الضبط تصرف من أحد المطالعين في الأصل ولا يظهر أنه بخط الناسخ، والصواب فيما يظهر: ((هِيئتُ)) بكسر الهاء وضم التاء والهمز، فهكذا حكاها السيوطي في ((الدر)) كما سيأتي عن يحيى بن وثاب، وعزاها لأبي عبيد وغيره، وهي محكيّة عن ابن عباس وأبي عبد الرحمن السلمي وعكرمة وقتادة وأبي وائل كما في الموضع السابق من ((تفسير ابن جرير)) ، وذكر أن معناها: ((تهيّأتُ لك)) . 1114- سنده صحيح، والأعمش قد أخذ القراءة عن يحيى بن وثّاب كما سبق بيانه في الحديث [173] ، فلا يضرّ هنا عدم تصريحه بالسماع. =

[الْآيَةُ (24) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا المُخْلَصِينَ} ] 1115- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا حَسَّان بْنُ إِبْرَاهِيمَ الكِرْمَاني (1) ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ (2) ، عَنِ الزُّهْري (3) ، قَالَ: أَخْبَرَنِي حُمَيْد بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (4) ، أَنَّ البُرْهَان الَّذِي رَأَى يوسُف: يعقوب.

_ = وذكره السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 520) بلفظ: عَنْ يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ أَنَّهُ قرأها: {هِيتُ لك} يعني بكسر الهاء وضمّ التاء، يعني: تهيّأتُ لك. وعزاه لأبي عبيد وابن المنذر وأبي الشيخ. (1) هو حَسّان بن إبراهيم بن عبد الله الكِرْماني، أبو هشام العَنَزي، قاضي كِرْمان، صدوق يخطئ كما في ((التقريب)) (1204) ، وانظر ((تهذيب الكمال)) وحاشيته (6 / 8 - 12) . (2) هو الأَيْلي. (3) هو محمد بن مسلم. (4) هو حُمَيد بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، المدني، ثقة روى له الجماعة كما في ((التقريب)) (1561) . 1115- سنده فيه شيخ المصنِّف وتقدم بيان حاله، ولكنه لم ينفرد به، فقد رواه ابن جرير بسند صحيح كما سيأتي. وقد ذكره السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 523) وعزاه لابن جرير فقط. وابن جرير أخرجه في ((تفسيره)) (16 / 43 رقم 19053 و 19054) من طريقين عن يونس بن يزيد، أحدهما: من طريق شيخه يونس بن عبد الأعلى، عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ يونس بن يزيد، به مثله. وهذا سند صحيح.

1116- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ (1) ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ (2) ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} -، قَالَ: حَلَّ الهِمْيان (3) وَجَلَسَ مِنْهَا مَجْلِسَ الخَاتِن (4) ، فَنُودِيَ: أَتَزْنِي يَا ابْنَ يَعْقُوبَ فَتَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الطَّائِرِ ذهب يطير فسقط ريشه؟

_ (1) هو عثمان بن أبي سليمان بن جبير بن مطعم القرشي، النَّوْفلي، المكي، قاضي مكة، ثقة كما في ((التقريب)) (4508) ، وانظر ((تهذيب الكمال)) (19 / 384 - 385) (2) هو عبد الله بن عبيد الله. (3) أي: تكّة السروال كما في ((النهاية)) (5 / 276) . (4) هو الذي يقوم بالختان. 1116- سنده صحيح إلى ابن عباس، ولكن قد يكون هذا مما تلقاه عن أهل الكتاب، وسيأتي بعضه بإسناد صحيح في الحديث الآتي من غير هذا الطريق. وعزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 520) للمصنِّف وعبد الرزاق والفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ والحاكم. وقد أخرجه عبد الرزاق في ((تفسيره)) (1 / 321) . ومن طريقه وطرق أخرى أخرجه ابن جرير في ((تفسيره)) (16 / 35 و 37 و 39 - 41 / رقم 19015 و 19031 - 19033 و 19037 - 19039) ، وفي ((تاريخه)) (1 / 337) . كلاهما من طريق سفيان بن عيينة، به. وأخرجه سفيان الثوري في ((تفسيره)) (ص140 رقم 394) عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، به. =

1117- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ (1) ، سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يُسأل: مَا بَلَغَ مِنْ هُمُومِ يُوسُفَ؟ قَالَ: حلَّ الهِميانَ، وَجَلَسَ مِنْهَا مَجْلِسَ الْخَاتِنِ. 1118- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا سُفْيَانُ، عَنْ مِسْعَر (2) ، عمَّن حَدَّثه (3) عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: رَأَى يَعْقُوبُ وَقَدَ عَضَّ عَلَى يَدَيْهِ، فَخَرَجَتْ شَهْوَتُهُ مِنْ أنامله.

_ = ومن طريق سفيان الثوري وغيره أخرجه ابن جرير في ((تفسيره)) برقم (19018 - 19021 و 19027 و 19034) ، وفي ((تاريخه)) (1 / 338) . وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (19022 و 19035) . وأبو نعيم في ((الحلية)) (1 / 323 - 324) . كلاهما من طريق نافع بن عمر، عن ابن أبي مليكة، به. وأخرجه ابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 208 / أ) من طريق جرير بن حازم، عن ابن أبي مليكة، به. (1) هو مولى آل قارظ. 1117- سنده صحيح. وأخرجه ابن جرير في ((تفسيره)) (16 / 35 رقم 19016 و 19017) من طريق سفيان بن عيينة، به. (2) هو ابن كِدَام. (3) أوضحت روايتا محمد بن بشر وأبي نعيم الآتيتان عن مسعر أن هذا المبهم هو أبو حَصين الأسدي عثمان بن عاصم. 1118- سند المصنِّف هنا فيه إبهام الواسطة بين مسعر وسعيد بن جبير، وأوضحت الطرق الآتية أن الواسطة هو أبو حَصين الأسدي عثمان بن عاصم، وسند بعضها صحيح، لكنها من الإسرائيليات فيما يظهر. =

1119- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرٌ (1) ، عَنْ مَنْصُورٍ (2) ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: رأى تمثال يعقوب.

_ = فقد أخرجه ابن جرير في ((تفسيره)) (16 / 42 و 47 رقم 19044 و 19079) من طريق محمد بن بشر وأبي نعيم الفضل بن دكين، كلاهما عن مسعر، عن أبي حُصَيْنٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، به. وأخرجه سفيان الثوري في ((تفسيره)) (ص141 رقم 397) عن أبي حصين به. ومن طريق سفيان أخرجه عبد الرزاق في ((تفسيره)) (1 / 321) . ومن طريقهما وغيرهما أخرجه ابن جرير (16 / 41 - 47 رقم 19042 و 19043 و 19045 و 19051 و 19066 و 19078 و 19082) . وسنده صحيح. وأخرجه ابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / 208 / أ) من طريق إسرائيل، عن أبي حُصَيْنٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عن ابن عباس، به هكذا بزيادة ابن عباس في ((سنده)) . ورواية مسعر وسفيان أرجح من رواية إسرائيل هذه، فالصواب وقفه على سعيد بن جبير. (1) هو ابن عبد الحميد. (2) هو ابن المعتمر. 1119- سنده صحيح عن مجاهد، ولكنه من الإسرائيليات فيما يظهر والله أعلم. وعزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 521) لعبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ. وقد أخرجه ابن جرير في ((تفسيره)) (16 / 43 - 44 رقم 19055 =

1120- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ يُونُسَ (1) ، عَنِ الْحَسَنِ (2) ، قَالَ: رَأَى تِمْثَالَ يعقوب عَاضًّا على إصبعه.

_ = 19056 و 19062) من طريق جرير بن عبد الحميد وعمرو بن أبي قيس الرازي، كلاهما عن منصور، به. وأخرجه سفيان الثوري في ((تفسيره)) (ص140 - 141 رقم 396) . ومن طريقه عبد الرزاق في ((تفسيره)) (1 / 321) . ومن طريقهما وغيرهما أخرجه ابن جرير (16 / 44 رقم 19057 - 19060) ، من طريق ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، به. وأخرجه ابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 208 / ب) من طريق خصيف، عن مجاهد، به. وله طرق أخرى سيأتي تخريجها برقم [1121] . (1) هو ابن عبيد. (2) هو البصري. 1120- سنده صحيح عن الحسن البصري، ولكنه من الإسرائيليات فيما يظهر والله أعلم، ولذلك جاء في بعض الطرق الآتية عن الحسن قال: زعموا والله أعلم ... ، ثم ذكره. وقد عزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 522) لابن جرير وابن أبي حاتم وأبي الشيخ. وأخرجه عبد الرزاق في ((تفسيره)) (1 / 321) من طريق جعفر بن سليمان، عن يونس، به. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير في ((تفسيره)) (16 / 47 رقم 19081) لكن سقط ذكر عبد الرزاق من الإسناد. =

1121- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مغيرة (1) ، عن الأعمش (2) ، عن [ل143/ب] مُجَاهِدٍ، قَالَ: لَمَّا جَلَسَ مِنْهَا يُوسُفُ ذَلِكَ الْمَجْلِسِ وحلَّ السَّرَاوِيلَ حَتَّى بَلَغَتِ الثَّفِن (3) ، تمثَّل لَهُ يَعْقُوبُ فَضَرَبَ صَدْرَهُ بِيَدِهِ فَقَالَ: يَا يُوسُفُ، فَخَرَجَتْ شَهْوَتُهُ مِنْ أنامله.

_ = وأخرجه ابن جرير أيضًا (16 / 43 و 45 و 46 رقم 19049 و 19050 و 19070 و 19075) من طريق إسماعيل بن عليّة ويزيد بن زريع وهشيم بن بشير، ثلاثتهم عن يونس، به. ومن طريق ابن علية أخرجه ابن أبي حاتم (4 / ل 208 / أ) . وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (19048 و 19073 و 19075) من طريق قرة بن خالد وقتادة ومنصور بن زاذان، ثلاثتهم عن الحسن، به. (1) هو النضر بن إسماعيل بن حازم البَجَلي، أبو المغيرة الكوفي، القاصّ، ليس بالقوي كما في ((التقريب)) (7180) ، وانظر ((تهذيب الكمال)) (29 / 372 - 375) . (2) تقدم في الحديث [3] أنه الأعمش قليل السماع من مجاهد، وأن عامة ما يروي عن مجاهد مدلَّس. (3) وهو موصل الفخذ بالساق كما في ((لسان العرب)) (13 / 78) ، وأشكل رسمها في المخطوط على محقق ((تفسير ابن جرير)) فجعلها: ((أليتيه)) ، فانظر تعليقه على ((تفسير ابن جرير)) (16 / 36) . 1121- سنده ضعيف لما تقدم عن رواية الأعمش عن مجاهد، وأما أبو المغيرة فإنه قد توبع كما سيأتي، وقد مضى بعضه بسند صحيح برقم [1119] وذكرت هناك أنه من الإسرائيليات فيما يظهر، وسيأتي بسند صحيح أيضًا إلى مجاهد. وأخرجه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (16 / 36 رقم 19023 =

[الْآيَةُ (30) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي المَدِينَةِ امْرَأَةُ العَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} ] 1122- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانَةَ (1) ، عَنْ مُغِيرَةَ (2) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا} ، وَيَقُولُ: الشَّغَفُ: شَغَفُ الْحُبِّ، والشَّعَفُ: شَعَفُ (3) الدابة حين تَذْعَرُ (4) .

_ = و 19024) من طريق عبد الله بن إدريس ومالك بن سعير، كلاهما عن الأعمش، به، ولم يذكر تمثل يعقوب ... إلخ. وأخرجه عبد الرزاق في ((تفسيره)) (1 / 321) . وابن جرير في ((تفسيره)) (16 / 36 و 44 رقم 19025 و 19061) . كلاهما من طريق معمر، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد - في قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وهم بها} - قال: جلس منها مجلس الرجل من امرأته حين رأى صورة يعقوب في الجدر. وسنده صحيح. (1) هو وضّاح بن عبد الله. (2) هو ابن مقسم الضبِّي، تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه يدلِّس، لا سيما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه ولم يصرِّح فيها بالسماع. (3) في الأصل: ((والشغف: شغف الدابة....)) بالغين، والصواب ما أثبته كما في الموضع الآتي من ((تفسير ابن جرير)) . (4) أي: حين تَنْفُرُ. انظر ((لسان العرب)) (4 / 306) . 1122- سنده ضعيف لما تقدم عن رواية مغيرة بن مقسم عن إبراهيم =

1123- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ (1) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، وَعَوْفٍ (2) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّهُمَا قَرَيَا (3) : {شَغَفَهَا} .

_ = النخعي. وعزاه للسيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 528) لابن أبي شيبة وابن المنذر وأبي الشيخ. وقد أخرجه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (16 / 67 رقم 19162) من طريق أبي عبيد القاسم بن سلام، أنه قال: يروي ذلك عن أبي عوانة، عن مغيرة، عنه، أي: عن إبراهيم، وذلك بعد ما ذكره. ثم قال أبو عبيد: ((يذهب إبراهيم إلى أن أصل الشَّعَف هو: الذُّعْرُ، قال: وكذلك هو كما قال إبراهيم في الأصل، إلا أن العرب ربما استعارت الكلمة فوضعتها في غير موضعها ... )) ثم استشهد ببعض الشعر في ذلك. (1) انظر الكلام عن رواية مغيرة عن إبراهيم النخعي في الحديث السابق. (2) هو ابن أبي جميلة الأعرابي، والمعنى: أن هشيمًا يروي هذا الأثر عن مغيرة وعطف عليه رواية عوف، وعوف من شيوخ هشيم، لكن هشيمًا مدلِّس، ولم يصرح هنا بالسماع من مغيرة ولا من عوف، وهو موصوف بتدليس العطف، فقد يعطف رواية عوف على رواية مغيرة، وهو لم يسمع من عوف، وانظر تفصيل ذلك في الحديث [380] . (3) كذا جاء بالأصل! وهو مشكل؛ إذ كيف يستعميل ضمير التثنية والرواية هنا عن واحد وهو إبراهيم النخعي؟! ثم إن عوفًا الأعرابي لم يُذكر ممن يروي عن إبراهيم النخعي. والذي يظهر - والله أعلم - أنه: ((وعوف عن أبي رجاء)) فيكون الضمير عائدًا على إبراهيم النخعي وأبي رجاء كما يتضح من التخريج، لكن يشكل عليه اختلاف القراءة، فالله أعلم. =

[الْآيَةُ (36) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ ... } إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّا نَرَاكَ مِنَ المُحْسِنِينَ} ] . 1124- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ (1) ، قَالَ: نَا سَلَمَةُ بْنُ نُبَيْط، عَنِ الضَّحاك بْنِ مُزاحم، قَالَ (2) : كُنَّا مَعَهُ بِخُرَاسَانَ، فَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ المُحْسِنِينَ} : مَا كَانَ إِحْسَانُ يُوسُفَ؟ قَالَ الضَّحَّاكُ: كَانَ إِذَا مَرِضَ إِنْسَانٌ قَامَ عَلَيْهِ، وَإِذَا ضَاقَ أَوْسَعَ لَهُ، وَإِذَا احْتَاجَ جَمَعَ لَهُ.

_ 1123- سنده ضعيف لما تقدم عن رواية هشيم بالعنعنة، وقد تابعه أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إبراهيم في الحديث السابق، لكنه أيضًا ضعيف لعنعنة مغيرة. وأخرجه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (16 / 66 رقم 19159) من طريق هشيم، عن أبي الأشهب أو عوف، عن أبي رجاء: (قد شعفها حبًا) بالعين. وأخرجه أيضًا برقم (19158) من طريق أبي قطن، حدثنا أَبُو الْأَشْهَبِ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ ... ، مثل سابقه. (1) تقدم في الحديث [76] أنه صدوق اختلط في الآخر. (2) أي سلمة بن نُبيط. 1124- سنده ضعيف لما تقدم عن حال خلف بن خليفة. وعزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 537) للمصنِّف وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ والبيهقي في ((شعب الإيمان)) . وقد أخرجه ابن جرير في ((تفسيره)) (16 / 98 رقم 19279) من طريق المصنِّف، به. =

[الْآيَةُ (42) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ} ] 1125- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ (1) ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ (2) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ: {بِضْعَ سِنِينَ قَرِيبًا} . [الْآيَةُ (45) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ} ] 1126- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ (3) ، قَالَ: نا أَبُو معاوية، عن

_ = ثم أخرجه برقم (19280 و 19282) ، وفي ((التاريخ)) (1 / 343) . وابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 216 / ب) . والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (7 / 88 رقم 9579 / تحقيق زغلول) . ثلاثتهم من طريق خلف بن خليفة، به. (1) هذا الحديث في الأصل متأخر عن الحديث بعده، فقدمته عليه مراعاة لترتيب الآيات. (2) هو ابن مقسم، تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن إلا أنه يدلِّس، لا سيّما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه. 1125- سنده ضعيف لما تقدم عن رواية مغيرة بالعنعنة. ولم أجد من ذكر هذه القراءة. (3) هذا الحديث في الأصل متقدم عن الحديث السابق، فأخرته مراعاة لترتيب الآيات.

جُوَيْبِرٍ (1) ، عَنِ الضَّحَّاك أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {وَادَّكَرَ بَعْدَ أَمَةٍ} (2) أَيْ بَعْدَ نِسْيَانٍ. [الْآيَةُ (49) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ} ] 1127- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا فَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ (3) ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ (4) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَفِيهِ

_ (1) هو ابن سعيد، تقدم في الحديث [93] أنه ضعيف جدًّا. (2) قوله: ((أَمَهٍ)) لم يضبط في الأصل، وضبطه في الموضع الآتي من ((تفسير ابن جرير)) . 1126- سنده ضعيف جدًّا لشدة ضعف جويبر. وعزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 545) لابن جرير فقط. وقد أخرجه ابن جرير في ((تفسيره)) (16 / 123 رقم 19363) من طريق جويبر، وبرقم (19364) من طريق عبيد بن سليمان، كلاهما عن الضحاك، به. لكن طريق عبيد بن سليمان لا تثبت، فقد قال ابن جرير: حُدِّثت عن حسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد بن سليمان ... ، فذكره. ومع كون شيخ ابن جرير مبهمًا، ففي السند حسين بن الفرج وهو كذاب كما سبق بيانه في الحديث [907] . (3) تقدم في الحديث [19] أنه ضعيف. (4) تقدم في الحديث [1011] أنه صدوق قد يخطئ، وروايته عن ابن عباس مرسلة، وقيل: إن الواسطة بينهما مجاهد.

تعصرون} (1) -: تحتلبون. [الآية (52 و 53) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالغَيْبِ وَأَنَّ اللهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الخَائِنِينَ. وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} ] 1128- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ بَيَان (2) ، عَنْ حَكِيمِ (بْنِ) (3) جَابِرٍ، قَالَ: قال يوسف: {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ

_ (1) قوله: ((تعصرون)) ، و: ((تحتلبون)) لم تنقط التاء الأولى فيه في الأصل، لكنه ضبط في إحدى الروايتين عند ابن جرير كما سيأتي. وهكذا قرأه عامة قَرَأة أهل الكوفة: ((تعصرون)) بالتاء كما في ((تفسير ابن جرير)) (16 / 130 - 131) . 1127- سنده ضعيف لضعف فرج وما تقدم عن حال علي بن أبي طلحة وروايته. وعزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 546) للمصنِّف وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ. وقد أخرجه ابن جرير في ((تفسيره)) (16 / 130 رقم 19390 و 19391) من طريق فرج، به، ولفظ الطريق الأولى: ((وفيه يعصرون)) قال: فيه يحلبون. وأما الطريق الثانية فلظفها: كان ابن عباس يقرأ: (وفيه تعصرون) بالتاء، يعني: تحتلبون. ومن طريق فرج أيضًا أخرجه ابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 221 / ب) . (2) هو ابن بشر. (3) في الأصل: ((عن)) ، والتصويب من ((الدر المنثور)) (4 / 549) ، والحديث المتقدم برقم [478] ، فهو نفس هذا الإسناد.

أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالغَيْبِ} ، قَالَ: حُدِّثت أَنَّ جِبْرِيلَ قَالَ لَهُ: وَلَا حِينَ هَمَمْتَ؟ قَالَ: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} . [الْآيَةُ (54) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقَالَ المَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ اليَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ} ] 1129- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ (1) ، قَالَ: نا حِبَّان بْنُ عَلِيٍّ (2) ، عَنْ أَبِي سِنَان ضِرار بْنُ مُرَّة، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الهُذَيل، قَالَ: قَالَ الْعَزِيزُ لِيُوسُفَ: مَا مِنْ شَيْءٍ إِلَّا أُحِبُّ أَنْ تُشْرِكَنِي فِيهِ، إِلَّا أَنِّي لَا أُحِبُّ أَنْ تُشْرِكَنِي فِي أَهْلِي، قَالَ يُوسُفُ: وَلَا أَنَا، وَلَا أُحِبُّ (3) أَنْ يَأْكُلَ مَعِي عَبْدِي، قَالَ يُوسُفُ: تَأْنَفُ مِنِّي وَأَنَا ابْنُ إِسْحَاقَ الذَّبيح، وَأَنَا ابْنُ يَعْقُوبَ نبي الله؟

_ 1128- سنده صحيح، لكن يظهر أنه من الإسرائيليات، فلم يذكر حكيم بن جابر عمن تلقى هذا الحديث، بل أبهم الواسطة بقوله: ((حُدِّثت)) . وعزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 549) للمصنِّف وابن أبي حاتم. وقد أخرجه ابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 222 / ب) من طريق خالد، به. (1) هذا الحديث في الأصل بعد الحديث الآتي برقم [1145] ، وإنما قدمته لترتيب الآيات. (2) تقدم في الحديث [820] أنه ضعيف. (3) أي: قال العزيز: ولا أحب أن يأكل ... إلخ. 1129- سنده فيه حبان بن علي وتقدم أنه ضعيف، لكنه لم ينفرد به، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = فقد رواه ابن جرير كما سيأتي بإسناد صحيح إلى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ، لكن عبد الله لم يذكر عمن أخذه، ولاشك بأنه من الإسرائيليات التي تسمّح بعض السلف في روايتها، يدل عليه ذكره أن الذبيح هو إسحاق، بينما الصحيح الذي دلّت عليه نصوص الشرع أنه إسماعيل، وما أحسن ما قاله الحافظ ابن كثير - رحمه الله - في ((تفسيره)) (4 / ص 14 وما بعدها) عند قوله تعالى: {فبشرناه بغلام حليم} الآية: (102) من سورة الصافات! حيث قال: ((وهذا الغلام هو إسماعيل عليه السلام؛ فإنه أول ولد بُشِّر به إبراهيم عليه السلام، وهو أكبر من إسحاق باتفاق المسلمين وأهل الكتاب، بل في نص كتابهم: أن إسماعيل وُلِدَ ولإبراهيم عليه السلام ست وثمانون سنة، وولد إسحاق وعمر إبراهيم عليه الصلاة والسلام تسع وتسعون سنة. وعندهم: أن الله تعالى أمر إبراهيم أن يذبح ابنه وحيده، وفي نسخة أخرى: بكْره، فأقحموا ها هنا كذبًا وبهتانًا "إسحاق"، ولا يجوز هذا لأنه مخالف لنص كتابهم، وإنما أقحموا إسحاق لأنه أبوهم، وإسماعيل أبو العرب، فحسدوهم فزادوا ذلك وحَرّفوا وحيدك بمعنى الذي ليس عندك غيره، فإن إسماعيل كان ذهب به وبأمه إلى مكة، وهذا تأويل وتحريف باطل، فإنه لا يقال وحيدك إلا لمن ليس له غيره، وأيضًا فإن أول ولد له معزّة ما ليس لمن بعده من الأولاد، فالأمر بذبحه أبلغ في الابتلاء والاختبار. وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن الذبيح هو إسحاق، وحُكي ذلك عن طائفة من السلف، حتى نقل عن بعض الصحابة رضي الله عنهم أيضًا، وليس ذلك في كتاب ولا سنّة، وما أظن ذلك تلقي إلا عن أحبار أهل الكتاب وأخذ ذلك مسلّمًا من غير حجّة، وهذا كتاب الله شاهد ومرشد إلى أنه إسماعيل، فإنه ذكر البشارة بغلام حليم وذكر أنه الذبيح، ثم قال بعد ذلك: {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ} ، ولما بشرت الملائكة إبراهيم بإسحاق قالوا: {إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ} . وقال تعالى: {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} أي: يولد له في حياتهما ولد يسمى يعقوب، فيكون من ذريته =

[الْآيَةُ (62) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا إِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} ] 1130- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ (1) ، عَنْ مُغِيرَةَ (2) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {وَقَالَ لِفِتْيَتِهِ} .

_ = عقب ونسل، وقد قدمنا هناك أنه لا يجوز بعد هذا أن يؤمر بذبحه وهو صغير؛ لأن الله تعالى قد وعدهما بأنه سيعقب ويكون له نسل، فكيف يمكن بعد هذا أن يؤمر بذبحه صغيرًا؟! وإسماعيل وُصف ها هنا بالحليم لأنه مناسب لهذا المقام ... )) إلخ ما قال فراجعه فإنه جيد، وانظر ما كتبه محمد سعيد العاني في رسالته: ((القول الصحيح في تعيين الذبيح)) . والحديث عزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 551) للمصنِّف وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ، لكنه جعله عن ابن عباس، فالظاهر أن في الحديث اختلافًا عند بعض من أخرجه فتساهل السيوطي فجعله عن ابن عباس. وقد أخرجه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (16 / 147 - 148 رقم 19449 - 19451) من ثلاث طرق عن سفيان الثوري، عَنْ أَبِي سِنَانٍ ضِرَارِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي الهذيل، به. وإحدى هذه الطرق يرويها ابن جرير عن شيخه أبي كريب محمد بن العلاء، عن وكيع، عن سفيان الثوري، وسندها صحيح. وأخرجه ابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 223 / أ) من طريق سفيان الثوري، به. (1) تقدم في الحديث [8] أنه ثقة ثبت، إلا أنه كثير التدليس. (2) هو ابن مقسم، تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه يدلس، لا سيما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه، ولم يصرح فيها بالسماع. =

1131- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، عَنْ عَوْفٍ (1) ، وَعَبَّادِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنِ الْحَسَنِ (2) ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {لِفِتْيَانِهِ} . [الْآيَةُ (65) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا} ] 1132- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ (3) ، عَنْ عَلْقَمَةَ (4) ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {هذه بضاعتنا رِدَّت إلينا} .

_ = 1130- سنده ضعيف لما تقدم عن رواية هشيم ومغيرة بالعنعنة. وعزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 556) للمصنِّف فقط، ولفظه: عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: (وقال لفتيته) أي لغلمانه {اجعلوا بضاعتهم} أي أوراقهم. فلست أدري هل رواه المصنِّف في موضع آخر بهذه الزيادة، أو في النسخة هنا سقط؟ (1) هو ابن أبي جميلة الأعرابي. (2) هو البصري. 1131- سنده ضعيف لعدم تصريح هشيم بالسماع. (3) هو النخعي. (4) هو ابن قيس. 1132- سنده صحيح. وعزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 556) للمصنِّف وأبي عبيد وابن المنذر.

[الْآيَةُ (67) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الحُكْمُ إِلَّا للهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُتَوَكِّلُونَ} ] 1133- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ (1) ، قَالَ: نَا رَجُلٌ، مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ (2) - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ ... } إلى قوله: {فَلْيَتَوَكَّلِ المُتَوَكِّلُونَ} - قَالَ: أَحَبَّ يَعْقُوبُ أَنْ يَلْقَى أُخْوَةُ يُوسُفَ يُوسُفَ فِي خَلْوَةٍ.

_ (1) تقدم في الحديث [76] أنه صدوق اختلط في الآخر. (2) أي النخعي. (3) في الأصل: ((ولا تدخلوا)) . 1133- سنده ضعيف لما تقدم عن حال خلف بن خليفة، وإبهام شيخه. وعزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 557) للمصنِّف وابن المنذر وأبي الشيخ. وأخرج ابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 227 / ب) من طريق يحيى بن عبد الحميد الحماني، عن عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن الحسن بن عمرو، وعن فضيل - وهو ابن غزوان -، عن إبراهيم النخعي: {لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وادخلوا من أبواب متفرقة} قال: علم أنه سيلقى إخوته في بعض الأبواب. وسنده تالف؛ لأن يحيى الحماني متهم بسرقة الحديث كما تقدم في الحديث [841] .

[الْآيَةُ (72) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ المَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} ] 1134- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانَةَ (1) ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ (2) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ - فِي قَوْلِهِ: {صُوَاعَ المَلِكِ} - قَالَ: هُوَ المَكُّوك (3) (الْفَارِسِيُّ) (4) الَّذِي يَلْتَقِي طَرَفَاهُ، كَانَ يَشْرَبُ فِيهِ الأعاجم.

_ (1) هو وضّاح بن عبد الله. (2) هو جعفر بن إياس. (3) المَكُّوك: المُدّ كما سبق تعريفه في الحديث [794] . (4) في الأصل: ((القدسي)) ، والتصويب من الموضع الآتي من ((تفسير ابن جرير)) حيث رواه من طريق المصنف. 1134- سنده صحيح، لكن شعبة خالف أبا عوانة فجعله من رواية سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عباس كما سيأتي، وهذه أرجح. والحديث عزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 559) لابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ. وقد أخرجه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (16 / 177 رقم 19534) من طريق المصنف، به. وأخرجه مسدد في ((مسنده)) كما في ((المطالب العالية)) (ل 137 / أ) ، وابن جرير أيضًا برقم (19529 و 19530) . وابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 229 / ب) . ثلاثتهم من طريق أبي عوانة، به. =

1135- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ (1) ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {صُوَاعَ المَلِكِ} قَالَ: إِنَاؤُهُ الَّذِي كَانَ يَشْرَبُ فِيهِ. 1136- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا هُشَيْمٌ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (2) ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كان يقرأ: (صاع الملك) .

_ = وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (19525 و 19526 و 19532) . وابن أبي حاتم في الموضع السابق. كلاهما من طريق شعبة، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، به. وهذه الرواية أرجح، فشعبة أحفظ من أبي عوانة. (1) تقدم في الحديث [8] أنه ثقة ثبت، إلا أنه كثير التدليس. 1135- سنده ضعيف لعدم تصريح هشيم بالسماع. وعزاه السيوطي في ((الدر)) (4 / 559) لأبي عبيد وابن جرير وابن المنذر. وقد أخرجه ابن جرير في ((تفسيره)) (16 / 176 رقم 19528) . وابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 229 / ب) . كلاهما من طريق هشيم، به. (2) هو عباس بن عبد الرحمن مولى بني هاشم، مستور، يروي عن أبي هريرة والعباس بن عبد المطلب وابنه عبد الله وعمران بن حصين وغيرهم، لم يرو عنه سوى داود بن أبي هند. انظر ((تهذيب الكمال)) (14 / 222) ، و ((التقريب)) (3192) . 1136- سنده ضعيف لما تقدم عن حال عباس بن عبد الرحمن، ولعدم تصريح هشيم بالسماع. =

[الْآيَةُ (76) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} ] 1137- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الأَحْوَص (1) ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى (2) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} - قَالَ: اللَّهُ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ فَوْقَ كل عالم.

_ = وعزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 559) للمصنِّف وابن الأنباري. وقد أشار ابن جرير في ((تفسيره)) (16 / 175) لهذه الرواية فقال: ((واختلفت القَرَأة في قرأة ذلك. فذُكر عن أبي هريرة أنه قرأه: (صاع الملك) بغير واو، كأنه وجهه إلى الصاع الذي يكال به الطعام ... )) ، ثم ذكر بعض القراءات الشاذة التي رويت، ثم قال: ((واما الذي عليه قرأة الأمصار، فـ: {صُوَاَعَ الملك} ، وهي القراءة التي لا استجيز القراءة بخلافها؛ لإجماع الحجة عليها)) . اهـ. (1) هو سلاّم بن سُليم. (2) هو عبد الأعلى بن عامر الثَّعْلبي، الكوفي، ضعيف، ضعفه الإمام أحمد وابن سعد وأبو زرعة وغيرهم. انظر ((تهذيب الكمال)) (16 / 352 - 355) . 1137- سنده ضعيف لضعف عبد الأعلى الثعلبي. وعزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 562) للمصنِّف وعبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ والبيهقي في ((الأسماء والصفات)) . وقد أخرجه ابن جرير في ((تفسيره)) (16 / 192 رقم 19586) من طريق المصنِّف، به. وأخرجه عبد الرزاق في ((تفسيره)) (1 / 326 - 327) ومن طريقه ابن جرير =

[الْآيَةُ (86) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} ] 1138- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ (1) ، سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ يَقُولُ: سَمِعْتُ نَشِيجَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَإِنِّي لَفِي آخِرِ الصُّفُوفِ {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ} .

_ = برقم (19854) . وابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 231 / أ) . وأخرجه ابن جرير برقم (19582 و 19583 و 19587 و 19591) . والبيهقي في ((الأسماء والصفات)) (1 / 207) . جميعهم من طريق عبد الأعلى الثعلبي، به. (1) هو إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ بن أبي وقاص الزهري، أبو محمد المدني، ثقة حجة كما في ((التقريب)) (483) ، وانظر ((تهذيب الكمال)) (3 / 189 - 193) . 1138- سنده صحيح. وعزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 573) للمصنِّف وعبد الرزاق وابن سعد وابن أبي شيبة والبيهقي في ((شعب الإيمان)) . وقد أخرجه البيهقي في ((الشعب)) (5 / 20 - 21 رقم 1895) من طريق المصنِّف، به. وأخرجه عبد الرزاق في ((المصنَّف)) (2 / 114 رقم 2716) . وابن سعد في ((الطبقات)) (6 / 126) . =

[الْآيَةُ (88) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا العَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللهَ يَجْزِي المُتَصَدِّقِينَ} ] 1139- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الْأَحْوَصِ، قَالَ: نَا سَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ - فِي قَوْلِهِ: {وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ} -، أَيْ: قَلِيلَةٍ. 1140- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: نَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ (1) ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ (2) ، قَالَ: قَلِيلَةٌ؛ مَتَاعُ الْأَعْرَابِ: الصوف والسمن.

_ = وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (14 / 7 رقم 17376) . والبيهقي في الموضع السابق. جميعهم من طريق سفيان بن عيينة، به. 1139- سنده صحيح. وعزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 576) للمصنِّف وابن المنذر وأبي الشيخ. (1) تقدم في الحديث [18] أنه ضعيف. (2) هو عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي، أبو محمد المدني، أمير البصرة، لقبه: ((بَبَّة)) ، له رؤية، ولأبيه وجده صحبة، قال ابن عبد البر: أجمعوا على ثقته، وكانت وفاته سنة تسع وسبعين، وقيل: أربع وثمانين، وقد روى الجماعة. انظر ((تهذيب الكمال)) (14 / 396 - 399) ، و ((التقريب)) (3282) . =

1141- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَة (1) ، (عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ) (2) ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْبِضَاعَةِ المُزْجاة، قَالَ: خَلَقُ الغِرَارَةِ (3) ، والجَرِينِ (4) ، والحَبْلِ والشيء.

_ = 1140- سنده ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد. وعزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 576) لابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ. وأخرجه ابن جرير في ((تفسيره)) (16 / 237 - 238 رقم 19751 و 19752 و 19758 و 19763) . وابن أبي حاتم (4 / ل 238 / أ) . كلاهما من طريق يزيد بن أبي زياد، به. (1) هو عبد الله بن عبيد الله. (2) ما بين القوسين سقط من الأصل، فاستدركته من ((الدر المنثور)) (4 / 575) ، ومصادر التخريج. (3) الغِرَارَةُ: واحدة الغرائر التي للتِّبْن، وقيل: هي الجَوَالِقُ، والجَوَالِقُ: وعاء من الأوعية معروف، وهو معرَّب. انظر ((لسان العرب)) (5 / 18) و (10 / 36) . (4) قوله: ((الجرين)) لم أجده عند باقي المخرجين مع أنهم أخرجوا الحديث من طريق سفيان بن عيينة، وهكذا ترجّح لي، وإن كان يشكل عليه أن في الأصل سنّتين بين الراء والنون، والله أعلم. والجَرِين يطلق على موضع البرّ والعنب والتمر الذي يجفف فيه، ويطلق أيضًا على ما طَحَنْتَهُ كما في ((لسان العرب)) (13 / 87) ، ولعل المراد: وعاء الطحين والله أعلم، ويؤيده إتيانه به بعد الغرارة. =

1142- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ (يَزِيدَ) (1) بْنِ جابر (2) ، [ل144/أ] قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ الطَّوِيلُ (3) ، أَنَّ رَجُلًا، قَالَ لِعُمَرَ بْنِ عبد العزيز،: تصدق علي

_ 1141- سنده صحيح. وعزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 575) للمصنِّف وعبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم وأبي الشيخ. وقد أخرجه عبد الرزاق في ((تفسيره)) (1 / 328) عن ابن عيينة، به بلفظ: رثة المتاع: خلق الحبل والغرارة والشيء. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير (16 / 236 رقم 19744 و 19745) ، وابن أبي حاتم (4 / ل 238 / أ) . وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (19743) من طريق سفيان بن وكيع، عن سفيان بن عيينة، به. (1) في الأصل: ((يز)) . (2) هو عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جابر الأَزْدي، أبو عتبة الشامي، الدَّارَاني، ثقة روى له الجماعة. ((التقريب)) (4068) ، وانظر ((تهذيب الكمال)) (18 / 5 - 10) . (3) قال الحافظ ابن حجر في ((نزهة الألباب)) (1 / 449 رقم 1856) : ((الطويل لقب جماعة، منهم: عبد الرحمن جدّ محمد بن طلحة)) . وفي التقريب (6018) قال: ((محمد بن طلحة بن عبد الرحمن بن طلحة بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عبيد الله التّيمي، المعروف بابن الطويل، وجده عثمان هو أخو طلحة أحد العشرة)) . فتبين بهذا أنه عبد الرحمن بن طلحة بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عبيد الله التيمي، الطويل، لكني لم أجد من ترجم له.

تَصَدَّقَ اللَّهُ عَلَيْكَ بِالْجَنَّةِ، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَتَصَدَّقُ وَلَكِنْ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ (1) . 1143- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُثْمَانُ بْنُ الْأَسْوَدِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: لَا تَقُلْ تصدَّق عَلَيَّ، إِنَّمَا يَتَصَدَّقُ مَنْ يبتغي الثواب (2) .

_ (1) في هذا الكلام نظر! وهو اجتهاد مخالف لما أخرجه مسلم في ((صحيحه)) (1 / 478 رقم 4) في أول كتاب صلاة المسافرين، عن يعلى بن أمية قال: قلت لعمر بن الخطاب: {ليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا} فقد أمن الناس؟! فقال: عجبتُ مما عجبتَ منه، فسألت رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - عن ذلك فقال: ((صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته)) . 1142- سنده فيه عبد الرحمن الطويل ولم أجده. وعزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 577) لابن أبي حاتم فقط. وقد أخرجه ابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 238 / ب 239 / أ) من طريق عبد الرحمن بن يزيد، به. (2) انظر التعليق على الحديث السابق. 1143- سنده صحيح. وعزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 577) لأبي عبيد وابن المنذر. ومن طريق أبي عبيد القاسم بن سلام أخرجه ابن جرير في ((تفسيره)) (16 / 243 رقم 19788) .

[الْآيَةُ (98) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} ] 1144- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ (1) ، عَنْ مُحَارِب بْنِ دِثَار (2) ، عَنْ عَمِّه (3) ، قَالَ: كُنْتُ أَمُرُّ عَلَى دَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَأَسْمَعُهُ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ دَعَوْتَنِي فَأَجَبْتُ، وَأَمَرَتْنِي فَأَطَعْتُ، وَهَذَا سَحَرٌ فَاغْفِرْ لِي، فَلَقِيتُهُ فَقُلْتُ: كَلِمَاتٍ سَمِعْتُكَ تَقُولُهُنَّ مِنَ السَّحَرِ، فَأَخْبَرْتُهُ بِهِنَّ، فَقَالَ: إِنَّ يَعْقُوبَ أَخَّر بنيه إلى السَّحَر.

_ (1) هو أبو شيبة، تقدم في الحديث [1088] أنه ضعيف. (2) هو مُحَارِب بن دِثَار السدوسي، الكوفي، القاضي، ثقة إمام زاهد، روى له الجماعة، وتوفي سنة ست عشرة ومائة. ((التقريب)) (6534) . (3) لم أجد من ترجم له. 1144- سنده ضعيف لضعف عبد الرحمن بن إسحاق، ومع ذلك فعمّ محارب بن دثار لم أجد له ترجمة. وعزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 584) للمصنِّف وأبي عبيد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني. وقد أخرجه الطبراني في ((المعجم الكبير)) (9 / 108 رقم 8548) من طريق المصنِّف، به. وأخرجه ابن جرير في ((تفسيره)) (16 / 261 - 262 رقم19870 و 19871) . وابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 242 / ب) . =

[الْآيَةُ (101) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنْ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} ] 1145- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ (1) تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنْ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً} قَالَ: مَا سَأَلَهَا أَحَدٌ قَبْلَهُ، حِينَ اجْتَمَعَ لَهُ أَبَوَاهُ وَفَرِحَ، سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يَتَوَفَّاهُ وَيَلْحَقَهُ بِالصَّالِحِينَ. [الْآيَةُ (106) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ} ] 1146- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ (2) ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا عَبْدُ الْمَلِكِ (3) ، عَنْ عَطَاءٍ - فِي قَوْلِهِ: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ

_ = كلاهما من طريق عبد الرحمن بن إسحاق، به، إلا أن رواية ابن جرير جاءت عن محارب، عن ابن مسعود، والصواب إثبات الواسطة بينهما وهو عمه. (1) يعني ابن عيينة. 1145- سنده صحيح. (2) في الأصل قبل هذا الحديث جاء المصنِّف بالحديث المتقدم برقم [1129] فقدمته عن موضعه هنا لترتيب الآيات. (3) هو ابن أبي سليمان.

وَهُمْ مُشْرِكُونَ} - قَالَ: كَانُوا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ ربُّهم وَهُوَ خَالِقُهُمْ وَهُوَ رَازِقُهُمْ، وَكَانُوا مَعَ ذَلِكَ يُشْرِكُونَ. [الْآيَةُ (110) : قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ} الْآيَةُ] 1147- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حُصين (1) ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحَارِثِ (2) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - فِي قَوْلِهِ عز وجل: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا} - قَالَ: اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ مِنْ قَوْمِهِمْ أَنْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ، وَظَنَّ الْقَوْمُ أَنَّ الرُّسُلَ قَدْ كَذَبوا، جَاءَ أمر الله.

_ 1146- سنده صحيح. وعزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 593) للمصنِّف وابن جرير وابن المنذر وأبي الشيخ. وقد أخرجه ابن جرير في ((تفسيره)) (16 / 289 رقم 19971 و 19972) من طريق هشيم وعبد الله بن نمير، كلاهما عن عبد الملك، به. (1) هو ابن عبد الرحمن السُّلمي، تقدم في الحديث [56] أنه ثقة تغير حفظه في الآخر، وأن خالد بن عبد الله الواسطي ممن روى عنه قبل تغيُّره. (2) هو السُّلمي. 1147- سنده صحيح، وانظر ما سيأتي برقم [1149 و 1151] . وعزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 596) للمصنِّف وأبي عبيد والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن مردويه. =

1148- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ (1) ، قَالَ: نَا عَطَاءُ بْنِ السَّائِبِ (2) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ مِنْ قَوْمِهِمْ أَنْ يُؤْمِنُوا، وَظَنَّ قومُهم أَنَّ الرُّسُلَ قَدْ كَذَبوا، جَاءَهُمْ نصرنا فننجي من نشاء.

_ = وقد أخرجه ابن جرير في ((تفسيره)) (16 / 297 - 300 رقم 19992 - 19998 و 20003 و 20004) من طرق كثيرة عن حصين، به. وأخرجه ابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 247 / ب) من طريق سفيان الثوري، عن حصين. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (20001 و 20002) من طريق علي بن أبي طلحة وعطية العوفي، كلاهما عن ابن عباس. وروي عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عباس، ولكن صوابه أنه موقوف على سعيد بن جبير كما سيأتي بيانه برقم [1148] . (1) تقدم في الحديث [76] أنه صدوق اختلط في الآخر. (2) تقدم في الحديث [6] أنه ثقة اختلط في الآخر، وقد روى سفيان الثوري عنه هذا الأثر، وهو ممن روى عنه قبل الاختلاط، لكن اختلف على سفيان، كما اختُلف على عطاء، وذلك بزيادة ابن عباس في سنده. 1148- سنده ضعيف لاختلاط عطاء بن السائب والاختلاف عليه في هذا الحديث، وأما خلف بن خليفة فإنه قد توبع، لكنه صح عن سعيد بن جبير من غير طريق عطاء كما سيأتي. وأخرجه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (16 / 300 و 302 رقم 20005 و 20006 و 20013) من طريق جرير بن عبد الحميد وخصيف بن عبد الرحمن الجزري وحماد بن سلمة، ثلاثتهم عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سعيد بن جبير، به. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وخالفهم عمران بن عيينة وإسرائيل بن يونس، فروياه عن عطاء، عن سعيد، عن ابن عباس. أخرجه ابن جرير برقم (19991 و 20021) . ورواه سفيان الثوري عن عطاء، لكن اختُلف على سفيان. ففي ((تفسيره)) (ص148 رقم 430) وهو من رواية أبي حذيفة النهدي موسى بن مسعود عنه، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عباس. وأخرجه ابن جرير برقم (19989) من طريق مؤمل بن إسماعيل، عنه، عن عطاء، عن سعيد، ليس فيه ذكر لابن عباس. وأبو حذيفة ومؤمل كلاهما في حفظهما ضعف، ولم أجد ما يرجح رواية أحدهما على الآخر، لكن ابن أبي حاتم أخرجه في ((تفسيره)) (4 / ل 247 / ب) من طريق أحمد بن عصام، عن مؤمل، عن سفيان، به، وزاد فيه ذكر ابن عباس، وهذا اختلاف على مؤمل، فالله أعلم. لكن الحديث جاء من طرق أخرى عن سعيد بن جبير، بعضها من روايته عن ابن عباس وبعضها من قوله. فأخرجه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (16 / 300 - 302 رقم 20007 و 20009 و 20014) من طريق إسماعيل بن علية وربيعة بن كلثوم وحماد بن سلمة، ثلاثتهم عن كلثوم بن جبر، عن سعيد بن جبير، به من قوله. وخالف هؤلاء الثلاثة جرير بن حازم، فرواه عن كلثوم بن جبر، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عباس أنه قرأ: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أنهم قد كُذِبوا} خفيفة، قال: إذا استيأس الرسل من إيمان قَوْمُهُمْ، وَظَنَّ قَوْمُهُمْ أَنَّ الرُّسُلَ كذبوهم. أخرجه النسائي في ((تفسيره)) (1 / 607 - 608 رقم 277) . ولاشك بأن رواية الثلاثة أرجح من رواية جرير بن حازم وحده، فالصواب أنه من رواية كلثوم بن جبر، عن سعيد بن جبير من قوله. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

_ = وكلثوم بن جبر تقدم في الحديث [808] أنه ثقة، فالسند صحيح. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (20008 و 20020) من طريق إبراهيم بن أبي حُرَّة وثابت بن هرمز الحدّاد، كلاهما عن سعيد بن جبير، به من قوله. ورواه أبو المعلى العطار يحيى بن ميمون، عن سعيد بن جبير، لكن اختُلف على أبي المعلى. فأخرجه ابن جرير برقم (20010) من طريق وهيب بن خالد، عنه، عن سعيد، عن ابن عباس، به. ثم أخرجه ابن جرير أيضًا برقم (20019) من طريق شعبة، عن أبي المعلى، عن سعيد، ليس فيه ذكر لابن عباس. أما طريق وهيب بن خالد فسندها صحيح. وأما طريق شعبة فيشكل فيها أن ابن جرير قال: حدثنا أبو المثنى، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة ... ، فذكره. فشيخ ابن جرير: ((أبو المثنى)) لم أعرفه، وأغلب ظني أنه تصحيف صوابه: ((ابن المثنى)) ، وهو محمد بن المثنى، فهو الذي يروي ابن جرير بهذا الإسناد من طريقه كما في رقم (19225 و 20090 و 20210 و 20228 و 20351) من هذا المجلد، وغيره كثير، وربما قال: ((حدثنا ابن المثنى)) كما في رقم (19180 و 20178 و 20352 و 20546) ، ولعل من أوضحه ما في رقم (20550) حيث قال: ((حدثنا ابن المثنى، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة ... )) . فإن كان هذا هو الصواب، فالسند صحيح، ورواية شعبة أرجح لمكانة شعبة من الحفظ والإتقان، ولكون روايته توافق الروايات الأخرى الموقوفة على سعيد بن جبير، والله أعلم.

1149- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ (1) ، عَنْ حُصين (2) ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبوا} خفيفة.

_ (1) هشيم بن بشر مدلِّس كما في الحديث [8] ، لكن تابعه شعبة كما سيأتي. (2) تقدم في الحديث قبل السابق أنه تغيَّر، لكن هشيمًا روى عنه قبل تغيره كما في الحديث [91] . 1149- سنده فيه هشيم ولم يصرِّح بالسماع، لكن روايته هذه صحيحة فيما أرى، فهي طرق أخرى لما تقدم برقم [1147] ، ويؤيدها الطرق الآتية، والقراءة وردت عن ابن عباس في ((صحيح البخاري)) كما سيأتي. وأخرجه ابن جرير في ((تفسيره)) (16 / 299 - 300 رقم 20004) من طريق شعبة، عن حصين، به، لكن شيخ ابن جرير هو المثنى بن إبراهيم الآملي، وتقدم في الحديث [389] أني لم اجد له من ترجم له. وأخرجه ابن جرير (16 / 298 رقم 19999) من طريق عبد الرحمن بن معاوية عن ابن عباس، به. وتقدم في تخريج الحديث السابق رقم [1148] أن النسائي أخرج في ((تفسيره)) من طريق جرير بن حازم، عن كلثوم بن جبر، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عباس أنه قرأ: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أنهم قد كُذِبوا} خفيفة. لكن أوضحت هناك أن الصواب وقفه على سعيد بن جبير. وأصل القراءة ثابت عن ابن عباس في ((صحيح البخاري)) وغيره لكن مع اختلاف التأويل عما ورد فيما تقدم برقم [1147] ، ويأتي برقم [1151] . فقد أخرجه البخاري في ((صحيحه)) (8 / 188 - 189 رقم 4524 و 4525) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير، باب: {أم حسبتم أن تدخلوا =

1150- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ (1) ، عَنْ مُغِيرَةَ (2) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ (3) ، عَنِ تَمِيمِ بْنِ حَذْلَم (4) ، عَنِ ابْنِ مسعود أنه كان يقرأ:

_ = الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم ... } الآية، من طريق ابن جريج قال: سمعت ابن أبي مليكة يقول: قال ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أنهم قد كُذِبوا} خفيفة ... ، وذكر باقي الحديث، وفيه أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قرأتها بالتشديد: {كُذِّبوا} ، وأنكرت على من قرأها بالتخفيف على اعتبار أن عود الضمير في قوله تعالى: {وظنوا} للرسل، فانظر ما ذكره ابن جرير في ((تفسيره)) (16 / 304 - 310) من خلاف هذه المسألة، وتوجيه صحيح للأقوال، وكذا ما ذكره الحافظ ابن حجر في ((فتح الباري)) (8 / 367 - 370) . ومن طريق ابن جريج عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ ابن عباس أخرجه أيضًا النسائي في ((تفسيره)) (1 / 606 - 607 رقم 275 و 276) ، وابن جرير في ((تفسيره)) (16 / 305 - 307 رقم 20023 و 20024 و 20029 و 20030) . (1) تقدم في الحديث [8] أنه ثقة ثبت كثير التدليس، ولم يصرِّح بالسماع هنا، لكن تابعه جرير بن عبد الحميد كما سيأتي. (2) هو ابن مِقْسَم الضَّبِّي، تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه يدلِّس لا سيما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه ولم يصرِّح فيها بالسماع، لكنه أيضًا قد توبع كما سيأتي. (3) هو النخعي. (4) هو تميم بن حَذْلَم - ويقال: ابن حذيم - الضَّبِّي، أبو سلمة - ويقال: أبو حذلم - الكوفي، ثقة كما في ((التقريب)) (808) ، وانظر ((التاريخ الكبير)) للبخاري (2 / 152 - 153 رقم 2020 و 2021) وحاشيته، و ((تهذيب الكمال)) (4 / 328 - 329) وحاشيته.

{وظنوا أنهم قد كُذِبوا} خفيفة.

_ 1150- سنده فيه عنعنة هشيم ومغيرة، ولكن الأثر صحيح عن تميم بن حذلم وعن ابن مسعود كما سيأتي. وعزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 596) للمصنِّف وعبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر والطبراني وأبي الشيخ. وقد أعاده المصنف في آخر تفسيره سورة النمل (ل 162 / ب) من طريق جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مغيرة، به بلفظ فيه زيادة تتعلق بقراءة قوله تعالى: {وكلٌّ أتوه داخرين} . ومن هذه الطريق أخرجه الطبراني في ((المعجم الكبير)) (9 / 148 رقم 8675) من طريق المصنِّف. وأخرجه عبد الرزاق في ((تفسيره)) (1 / 329) من طريق شيخه سفيان بن عيينة، عن عبد الله بن شبرمة قال: أخبرني تميم بن حذلم ... ، فذكره بنحو لفظ المصنِّف في سورة النمل. وهذا سند صحيح. وأخرجه ابن جرير في ((تفسيره)) (16 / 303 رقم 20018) من طريق جحش بن زياد، عن تميم بن حذلم، به. وله طريق أخرى يرويها سفيان الثوري، عن سليمان الأعمش، عن أبي الضحى مسلم بن صبيح، عن مسروق، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أنه قرأ: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أنهم قد كُذِبوا} مخففة. قال عبد الله: هو الذي تكره. أخرجه سفيان الثوري في ((تفسيره)) (ص148 - 149 رقم 432) . ومن طريقه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (16 / 305 - 306 رقم 20025 و 20026) ، واللفظ له. وسنده صحيح أيضًا، وصححه الحافظ ابن حجر في ((الفتح)) (8 / 369) . =

1151- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ (1) ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صُبيح (2) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا} - قَالَ: لَمَّا أَيِسَتِ الرُّسُلُ أَنْ يَسْتَجِيبَ لَهُمْ قومُهم، وَظَنَّ قومُهم أَنَّ الرُّسُلَ قَدْ كَذَبوهم، جَاءَ النَّصْرُ عَلَى ذَلِكَ فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ. 1152- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا أبو معاوية، قال: نا

_ = ومعنى قوله: ((هو الذي تكره)) أوضحه ابن جرير بقوله: ((حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم، وظنّت الرسل أنهم قد كُذِبوا فيما وُعدوا من النصر)) . (1) هو محمد بن خازم. (2) المشهور بأبي الضُّحى. 1151- سند صحيح، وهو طريق آخر لما تقدم برقم [1147 و 1149] . وأخرجه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (16 / 296 رقم 19987 و 19988) من طريق أبي معاوية، به. وأخرجه سفيان الثوري في ((تفسيره)) (ص148 رقم 431) عن الأعمش، به. ومن طريق الثوري أخرجه ابن جرير برقم (19990) . وأخرجه ابن جرير أيضًا (16 / 299 رقم 20000) من طريق زائدة، عن الأعمش، به. وأخرجه ابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 248 / ب) من طريق علي بن مسهر، عن الأعمش، به.

الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ (1) ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: قَرَأْتُ سُورَةَ يُوسُفَ بِحِمْصَ، فَقَالَ رَجُلٌ: مَا هَكَذَا أُنْزِلَتْ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ، فَوَجَدْتُ مِنْهُ رِيحَ الْخَمْرِ، فَقُلْتُ لَهُ: أتكذِّب بِالْحَقِّ، وَتَشْرَبُ الرِّجْسَ؟ وَاللَّهِ لَهَكَذَا أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاللَّهِ لَا أَدَعُكَ حَتَّى أَضْرِبَكَ حَدًّا، قال: فضربه الحدّ.

_ (1) هو النخعي. 1152- سنده صحيح على شرط الشيخين وقد أخرجاه كما سيأتي. فقد أخرجه عبد الرزاق في ((المصنف)) (9 / 231 رقم 17041) . والحميدي في ((مسنده)) (1 / 62 رقم 112) . كلاهما عن سفيان بن عيينة. والإمام أحمد في ((المسند)) (1 / 378 و 424 - 425) من طريق أبي معاوية وعبد الله بن نمير ويعلى بن عبيد. وحفص الدوري في ((قراءات النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -)) (ص113 رقم 65) من طريق أبي معاوية. والبخاري في ((صحيحه)) (9 / 47 رقم 5001) في فضائل القرآن، باب القراء مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -، من طريق سفيان الثوري. ومسلم في ((صحيحه)) (1 / 551 - 552 رقم 249) في صلاة المسافرين، باب فضل استماع القرآن، من طريق جرير بن عبد الحميد وعيسى بن يونس وأبي معاوية. والنسائي في ((فضائل القرآن)) (ص110 - 111 رقم 105) من طريق عيسى بن يونس. والبيهقي في ((سننه)) (8 / 315) في الأشربة، باب من وجد منه ريح شراب، ومن طريق يعلى بن عبيد. جميعهم عن الأعمش، به.

سورة الرعد

باب تفسير سورة الرعد تَفْسِيرُ سُورَةِ الرَّعْدِ [الْآيَةُ (4) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ ... } الْآيَةُ] 1153- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حُدَيْج بنُ مُعَاوِيَةَ (1) ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ (2) ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ} -، قَالَ: الصِّنْوان: أَنْ يَكُونَ أَصْلُهَا (واحدًا) (3) ورؤوسها مُتَفَرِّقَةٌ، وَغَيْرُ صنْوان أَنْ تَكُونَ [ل144/ب] النَّخْلَةُ مُنْفَرِدَةً لَيْسَ عِنْدَهَا شَيْءٌ.

_ (1) نقدم في الحديث [1] أنه صدوق يخطئ، ولكنه قد توبع. (2) هو السبيعي عمرو بن عبد الله، تقدم في الحديث [1] أنه يدلِّس وتغير في آخر عمره، ولكن شعبة ممن روى عنه هذا الحديث، وهو ممن سمع منه قديمًا قبل تغيُّره، وروايته عنه مأمونة الجانب من التدليس. (3) في الأصل: ((واحد)) . 1153- سنده فيه حديج بن معاوية وتقدم الكلام عنه، ولكنه لم ينفرد به، فالحديث صحيح كما سيأتي. وعزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 603 - 604) للمصنِّف والفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن مردويه. وقد أخرجه سفيان الثوري في ((تفسيره)) (ص150 رقم 434) عن أبي إسحاق، به. ومن طريق سفيان أخرجه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (16 / 335 - 336 رقم 20087 و 20089 و 20093) . =

[الْآيَةُ (8) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ} ] 1154- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا أَبُو بِشْرٍ (1) ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ} -، قَالَ: مَا زَادَتْ عَلَى التِّسْعَةِ الْأَشْهُرِ فَهِيَ الزِّيَادَةُ، وَهِيَ تَمَامٌ لذلك النقصان.

_ = وابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 188 / أ) . وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (20090 و 20091) من طريق شعبة، عن أبي إسحاق، به، وسنده صحيح. وأخرجه أيضًا برقم (20088 و 20092 و 20093 و 20098) من طرق أخرى عن أبي إسحاق. وهو في ((تفسير مجاهد)) (ص324) من رواية عبد الرحمن بن الحسن القاضي، عن إبراهيم بن الحسين بن ديزيل، عن آدم بن أبي إياس، عن إسرائيل وشريك، عن أبي إسحاق، به. (1) هو جعفر بن إياس، تقدم في الحديث [121] أنه ثقة من أثبت الناس في سعيد بن جبير، وأما روايته عن مجاهد فضعيفة لأنه لم يسمع منه. 1154- سنده ضعيف لما تقدم عن رواية أبي بشر عن مجاهد. وأخرجه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (16 / 360 و 362 رقم 20166 و 20169 و 20177) من طريق هشيم عن أبي بشر. وأخرجه أيضًا برقم (20167 و 20168 و 20173) من طريق شعبة، عن أبي بشر، به. =

1155- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ (1) ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وما تغيظ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ} -، قَالَ: إِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ عَلَى وَلَدِهَا كَانَ نُقْصَانًا فِي الْوَلَدِ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى التِّسْعَةِ أَشْهُرٍ كَانَ تَمَامًا لَمَّا نَقَصَ مِنْهَا. 1156- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَتَّاب بْنُ بَشِيرٍ (2) ، عَنْ خُصيف (3) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: عَدَدُ كُلِّ يَوْمٍ يَزْدَادُ وَهِيَ حَامِلٌ يَكُونُ زِيَادَةً في أجل الحمل.

_ = وأخرجه أيضًا برقم (20165 و 20170) من طريق خصيف الجزري، عن مجاهد. ورواه أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، وهي الطريق الآتية. (1) انظر الكلام عن روايته عن مجاهد في الحديث السابق. 1155- سنده ضعيف لما تقدم عن رواية أبي بشر عن مجاهد. وانظر تخريجه في الحديث السابق. (2) تقدم في الحديث [204] أنه لا بأس به إلا في روايته عن خصيف فإنها منكرة. (3) هو ابن عبد الرحمن الجزري، تقدم في الحديث [204] أنه صدوق سيء الحفظ. 1156- سنده ضعيف لما تقدم عن حال خصيف ورواية عتاب عنه. وأخرجه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (16 / 359 رقم 20165) . وابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 254 / ب) . كلاهما من طريق عبد السلام بن حرب، عن خصيف، لكن رواية ابن جرير جاءت عن خصيف عن مجاهد أو سعيد بن جبير، هكذا على الشك، وأما ابن أبي =

1157- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ (1) ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: الْغَيْضُ الْحَيْضُ فِي الْحَمْلِ، فَلَهَا بِكُلِّ يَوْمٍ حَاضَتْ فِي حَمْلِهَا (يَوْمٌ) (2) يَزْدَادُ فِي حَمْلِهَا حَتَّى تَتَوَفَّا الْحَمْلَ طَاهِرًا. 1158- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ يَحْيَى (3) ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ: الْغَيْضُ مَا دُونَ التِّسْعَةِ، وَمَا يَزْدَادُ: مَا فَوْقَ التسعة.

_ = حاتم فعنده: عن خُصَيْفٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ وَسَعِيدُ بْنُ جبير، عن ابن عباس، هكذا مقرونة، وزاد فيها: ذكر ابن عباس. ثم أخرجه ابن أبي حاتم (4 / ل 255 / أ) من طريق مروان بن شجاع، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جبير، به موقوفًا عليه. (1) هو عاصم بن سليمان الأحول. (2) في الأصل: ((يومًا)) . 1157- سنده صحيح. وعزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 609) لابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ. وقد أخرجه ابن جرير في ((تفسيره)) (16 / 362 رقم 20180 و 20182) . وابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 255 / أ) . كلاهما من طريق عاصم، به. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (20178 و 20179 و 20183) من طريق داود بن أبي هند وعمران بن حدير، كلاهما عن عكرمة، به. (3) هو الحسن بن يحيى البصري، سكن خراسان، روى عن الضحاك =

[الْآيَةُ (11) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ... } الْآيَةُ] 1159- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ: (لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَرُقَبَاءُ مِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أمر الله) .

_ = ابن مزاحم وعكرمة مولى ابن عباس وغيرهما، لم يرو عنه سوى عبد الله بن المبارك، ذكره ابن حبان في ((الثقات)) ، وذكر ابن حجر في ((التهذيب)) أن ابن أبي مريم، قال: سألت يحيى بن معين عن الحسن بن يحيى، فقال: ((خراساني ثقة)) . انظر ((تهذيب الكمال)) : (6 / 338 - 339) ، و ((تهذيب التهذيب)) (2 / 325 - 326) . 1158- سنده صحيح. وعزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 609) لابن جرير وابن أبي حاتم وأبي الشيخ. وأخرجه ابن جرير الطبري (16 / 363 رقم 20185 و 20188) من طريق عبد الله بن المبارك، به، وزاد فيه أن الضحاك ذكر أن أمه ولدته لسنتين. ثم أخرجه ابن جرير أيضًا برقم (20184 و 20186 و 20187 و 20190) . وابن أبي حاتم (4 / ل 254 / ب - 255 / أ) . كلاهما من طريق جويبر بن سعيد، عن الضحاك، به. وأخرجه ابن جرير أيضًا (16 / 365 رقم 20199) من طريق عبيد بن سليمان، عن الضحاك، به، وفيه أنه ولد لسنتين وقد نبتت ثناياه. 1159- سنده صحيح، والظاهر أنها قراءة تفسيرية. وعزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 614) للمصنِّف وابن جرير وابن =

1160- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا رِبْعي بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجَارُودِ بْنِ أَبِي سَبْرَة (2) ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْجَارُودِ بْنِ أَبِي سَبْرَة (2) ، قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَأَبِي (3) عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ بِالشَّامِ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ وَقَدْ خَرَجَ مِنْ مُسْتَحَمٍّ لَهُ وَقَدِ اغْتَسَلَ - وَأَنَا مستلقٍ - يَقْرَأُ: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَا أَبَا سَبْرَةَ، لَيْسَتْ هُنَاكَ الْمُعَقِّبَاتُ، وَلَكِنْ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ خَلْفِهِ وَرَقِيبٌ بين يديه.

_ = المنذر وابن أبي حاتم. وقد أخرجه ابن جرير في ((تفسيره)) (16 / 375 - 376 رقم 20234) . وابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 256 / ب) . كلاهما من طريق سفيان بن عيينة، به. (1) هو رِبْعي بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الجارود بن أبي سبرة الهُذَلي، البصري، صدوق كما في ((التقريب)) (1890) ، وانظر ((تهذيب الكمال)) (9 / 57 - 58) . (2) هو الجارود بن أبي سَبْرَة - واسمه: سالم بن سلمة - الهُذَلي، أبو نوفل البصري، صدوق كما في ((التقريب)) (889) ، وانظر ((تهذيب الكمال)) (4 / 475 - 476) . (3) هو سالم بن سلمة أبو سَبْرَةَ الهُذَلي، يروي عن ابن عباس وعبد اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وغيرهما، روى عنه ابن بريدة وأهل الكوفة، ذكره ابن حبان في ((الثقات)) (4 / 308) ، وقال عنه أبو حاتم الرازي: ((مجهول)) كما في ((الجرح والتعديل)) (4 / 182 رقم 788 و 789) ، وانظر ((ميزان الاعتدال)) (2 / 111 رقم 3050) ، و ((لسان الميزان)) (3 / 4 رقم 9) . 1160- سنده حسن لذاته، وأما جهالة أبي سبرة فلا تضر، لأن الراوي هو ابنه. =

[الْآيَةُ (13) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ} ] 1161- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ (1) ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ (2) - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ} - قَالَ: الرَّعْدُ: مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ يسبح.

_ = وعزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 614 - 615) للمصنِّف وابن جرير وابن أبي حاتم. وقد أخرجه ابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4 / ل 256 / ب) من طريق ربعي بن عبد الله، به نحوه. وأخرجه ابن جرير في ((تفسيره)) (16 / 376 رقم 20235) من طريق قتادة، عن الجارود، به مختصرًا. (1) هو الأسدي. (2) هو ذكوان السَّمَّان فيما يظهر، وقد يكون أبا صالح باذام، فإن إسماعيل بن سالم سمع منهما كليهما كما في ((تهذيب الكمال)) (3 / 101) . 1161- سنده صحيح إلى أبي صالح. وعزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 622) لابن جرير والخرائطي وأبي الشيخ. وقد أخرجه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (1 / 338 رقم 422) . والخرائطي في ((مكارم الأخلاق)) (ص85) . كلاهما من طريق هشيم، به.

1162- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ (1) ، قَالَ: نَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي الْوَلِيدِ (2) ، عَنْ زِيَادٍ الْجُعْفِيِّ (3) ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: الصَّوَاعِقُ تُصِيبُ الْمُسْلِمَ وَغَيْرَ الْمُسْلِمِ وَلَا تُصِيبُ ذَاكِرًا. 1163- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا هشيم، قال: نا إسماعيل

_ (1) تقدم في الحديث [128] أنه ثقة حافظ، وكان يدلِّس أسماء الشيوخ. (2) هو علي بن غراب - باسم الطائر - الفَزَاري، مولاهم، أبو الحسن، ويقال: أبو الوليد الكوفي، القاضي، صدوق وكان يدلِّس ويتشيَّع، وأفرط ابن حبان في تضعيفه كما في ((التقريب)) (4817) ، وانظر ((تهذيب الكمال)) (21 / 90 - 95) . (3) لم أجد أحدًا بهذا الاسم وهذه النسبة يروي عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ علي أو عنه علي بن غراب، لكن الذي يغلب على الظن أن علي بن غراب دلّسه أو مروان بن معاوية فإنه معروف بذلك، وهو زياد بن المنذر أبو الجارود الأعمى الكوفي، فهو الذي يروي عن أبي جعفر الباقر محمد بن علي بن الحسين، فإن كان هو فهو كذاب؛ كذبه يحيى بن معين وغيره. انظر ((الجرح والتعديل)) (3 / 545 - 546 رقم 2463) ، و ((تهذيب التهذيب)) (3 / 386 - 387) ، و ((التقريب)) (2113) . 1162- سنده فيه زياد الجعفي، فإن كان هو ابن المنذر فالأثر موضوع على أبي جعفر الباقر. وقد ذكره السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 627) وعزاه لابن المنذر وابن أبي حاتم.

ابن سَالِمٍ (1) ، عَنِ الحَكَم (2) ، قَالَ: تَنْزِلُ مَعَ الْمَطَرِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ أَكْثَرُ مِنْ وَلَدِ آدَمَ وَوَلَدِ إِبْلِيسَ. 1164- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، عَنْ غَيْلَانَ بْنِ جَرِيرٍ (3) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَنْ سَمِعَ صَوْتَ الرَّعْدِ (فَلْيَقُلْ) (4) : سُبْحَانَ (مَنْ) (5) سبَّحْتَ لَهُ، سُبْحَانَ الله العظيم مرتين.

_ (1) هو الأسدي. (2) الظاهر أنه ابن عتيبة، لكن لم أجد من نصّ على إن إسماعيل بن سالم من الرواة عنه، وسماعه منه محتمل جدًّا، فكلاهما كوفي، وقد تعاصرا مدة طويلة، فالحكم بن عتيبة توفي ما بين سنة ثلاث عشرة ومائة وخمس عشرة ومائة كما في ترجمته في الحديث [28] ، وأما إسماعيل بن سالم فقد ذكره الذهبي في الطبقة الرابعة عشرة في كتابه ((تاريخ الإسلام)) (ص373 - 374، حوادث ووفيات 121 -140) ، وهم من توفي فيما بين سنة ثلاثين إلى أربعين ومائة. 1163- سنده صحيح إن كان إسماعيل سمع من الحكم. (3) هو المِعْوَلي، تقدم في الحديث [144] أنه ثقة، لكن لم أجد من نص على أنه سمع من ابن عباس، ولا أظنه سمع منه؛ لأنه متأخر الوفاة، فوفاته كانت سنة تسع وعشرين ومائة. (4) ما بين القوسين ليس في الأصل، وهي زيادة يقتضيها السياق. (5) في الأصل: ((ما سبحت)) ، ووضع فوق ((ما)) إشارة، وكأن الناسخ أراد تصويبها، ولكن لم يُكتب شيء في الهامش. 1164- سنده رجاله ثقات، لكنه منقطع فيما يظهر بين غيلان بن جرير وابن عباس، وانظر الحديث الآتي بعده.

1165- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سَلاَّم الطَّوِيلُ (1) ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ (2) ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ فُلَانٍ (3) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مِنَ سَمِعَ صَوْتَ الرَّعْدِ، (فَقَالَ) (4) : سُبْحَانَ الَّذِي يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، فَإِنْ أَصَابَتْهُ صَاعِقَةٌ فعليَّ ديته.

_ (1) هو ابن سُلَيم، أو: سَلْم، تقدم في الحديث [178] أنه متروك. (2) هو ثَوْرُ بن يزيد بن زياد الكَلاَعي، ويقال: الرَّحَبي، أبو خالد الشامي، الحمصي، ثقة ثبت، إلا أنه يرى القدر. ((تهذيب الكمال)) (4 / 418 - 428) ، و ((تقريب التهذيب)) (869) . (3) لم أهتد إليه، وقد روى ثور بن يزيد عن أربعة ممن اسمه: ((عبد الرحمن)) ، وهم: عبد الرحمن بن جُبير بن نُفير، وعبد الرحمن بن سَلْم، وعبد الرحمن بن عائذ، وعبد الرحمن بن ميسرة كما في ((تهذيب الكمال)) (4 / 419) ، ولكن لم أجد أحدًا منهم ذُكر أنه يروي عن ابن عباس، وبكل حال فمعرفته لا تنفع ولا تضر، فإلإسناد هالك لأجل سلاّم الطويل. (4) ما بين القوسين ساقط من الأصل، فاستدركته من الموضع الآتي من (الدرّ) . 1165- سنده ضعيف جدًّا لما تقدم عن سَلاَّم بن سُليم الطويل. وعزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 624) للمصنِّف وابن المنذر.

[الْآيَةُ (18) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ ... } إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {أُوْلَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ} ] 1166- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ (1) ، قَالَ: نا عَوْنُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: سَمِعْتُ فَرْقَدَ السَّبَخِيَّ (2) يقول: {سُوءُ الْحِسَابِ} : أَنْ لَا يَتَجَاوَزَ لَهُ عَنْ شيء.

_ (1) في الأصل قبل هذا الأثر جاء الأثر الآتي برقم [1172] ، وإنما أخرته هناك لترتيب الآيات. (2) هو فرقد بن يعقوب السَّبَخي، أبو يعقوب البصري، صدوق عابد، لكنه ليِّن الحديث، كثير الخطأ كما في ((التقريب)) (5419) ، وانظر ((تهذيب الكمال)) (23 / 164 - 169) . 1166- سنده صحيح إلى فرقد، لكنه روي أيضًا عن عون، عنه عن شهر بن حوشب، وعنه عن إبراهيم النخعي، فلا أدري ما وجه الصواب في ذلك. فقد ذكره السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 635) وعزاه للمصنِّف وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، لكنه ذكره من رواية فرقد عن شهر بن حوشب، مع العلم أن سعيد بن منصور رواه موقوفًا على فرقد، وهذه عادة السيوطي في كثير من الأحيان إذا كان في الرواية اختلاف حمل الرواية الناقصة على التامة. وقد أخرجه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (16 / 417 رقم 20337) من طريق يونس بن محمد، عن عون، عن فرقد، قال: قال لنا شهر بن حوشب: {سوء الحساب} : أن لا يتجاوز لهم عن شيء. وسيأتي في الأثر بعده من رواية فرقد عن إبراهيم النخعي.

1167- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ (1) ، عَنْ رَجُلٍ (2) ، عَنْ إبراهيم (3) ، قال: {سُوءُ الْحِسَابِ} : أَنْ يَأْخُذَ عَبْدَهُ بِالْحَقِّ. [الْآيَةُ (23) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ ... } الْآيَةُ] 1168- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَوْنُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ أَبِي الْحَسَنِ (4) ، يَقُولُ: {جَنَّاتُ عَدْنٍ} ، وَمَا يُدْرِيكَ مَا جَنَّاتُ عَدْنٍ؟ قَصْرٌ مِنْ ذَهَبٍ لَا يَدْخُلُهُ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ صِدِّيقٌ أَوْ شَهِيدٌ أَوْ حَكَمٌ عدل.

_ (1) تقدم في الحديث [76] أنه صدوق اختلط في الآخر. (2) هذا المبهم يظهر أنه فرقد السبخي كما في الأثر السابق وكما سيأتي في التخريج. (3) هو النخعي. 1167- سنده ضعيف لما تقدم عن حال خلف بن خليفة وإبهام شيخه. وذكره السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 635) من رواية فرقد السبخي عن إبراهيم وعزاه للمصنِّف وابن جرير وأبي الشيخ. وقد أخرجه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (16 / 417 - 421 رقم 20328 و 20332 و 20334) من طريق الحجاج بن أبي عثمان وحماد بن سلمة، كلاهما عن فرقد السبخي، عن إبراهيم النخعي، به. (4) هو البصري. =

[الْآيَةُ (28) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} ] 1169- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ (1) - عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ} - قَالَ: هُمْ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [الْآيَةُ (29) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ} ] 1170-[ل145/أ] حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو معاوية، عن

_ = 1168- سنده صحيح إلى الحسن، ولكن لم يذكر الحسن ها هنا عمن أخذه، وقد يكون أخذه عن كعب الأحبار كما سيأتي. وعزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 638) للمصنِّف وابن المنذر وذكره أيضًا من رواية الحسن أن عمر قال لكعب: ما عدن؟ ... ، فذكره. وعزاه لعبد بن حميد. فقد يكون الحسن يذكره مرة عن نفسه، ومرة عن كعب الأحبار، وقد يكون اختلافًا عليه، فإن كان من روايته أن عمر قال لكعب فهو مرسل، لأن الحسن لم يسمع من عمر. (1) هو ابن عيينة. 1169- سنده صحيح. وأخرجه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (16 / 433 رقم 20362) من طريق أحمد بن يونس، عن سفيان بن عيينة، به.

الْأَعْمَشِ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ أَبِي الأَشْرَس (1) ، عَنْ مُغيث بْنِ سُمَيّ (2) - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ} - قَالَ: شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ، لَيْسَ مِنْ أَهْلِ دَارٍ إِلَّا يظلُّهم غُصْنٌ مِنْ أَغْصَانِهَا، فِيهَا مِنْ أَلْوَانِ الثَّمَرِ، وَيَقَعُ عَلَيْهَا طَيْرٌ أَمْثَالُ البُخْت (3) ، فَإِذَا اشْتَهَى الرَّجُلُ طَائِرًا دَعَاهُ حَتَّى يَقَعَ عَلَى خِوَانه (4) ، فَيَأْكُلُ مِنْ (أَحَدِ) (5) جَانِبَيْهِ شِوَاءً (6) ، وَالْآخَرِ قَدِيدًا (7) ، ثُمَّ يَطِيرُ فيذهب.

_ (1) هو حَسَّان بن أبي الأَشْرَس منذر بن عمار الكاهلي، مولاهم، أبو الأشرس الكوفي، ثقة كما في ((الكاشف)) (1004) ، فقد وثقه النسائي وذكره ابن حبان في ((الثقات)) كما في ((تهذيب الكمال)) وحاشيته (6 / 12 - 13) . وحسان هذا ممن وافقت كنيته كنية أبيه، وهو جد الحافظ صالح جزرة. (2) هو مُغيث بن سُمَيّ الأوزاعي، أبو أيوب الشامي، ثقة كما في ((التقريب)) (6875) ، وانظر ((تهذيب الكمال)) (28 / 348 - 350) . (3) البُخْتُ: جمال طوال الأعناق كما في ((النهاية في غريب الحديث)) (1 / 101) . (4) الخِوَان: ما يوضع عليه الطعام عند الأكل كما في المرجع السابق (2 / 89) . (5) في الأصل: ((إحدى)) . (6) كتبت في الأصل هكذا: ((شوى)) . (7) القديد: اللحم المملوح المجفِّف في الشمس كما في المرجع السابق (4 / 22) . 1170- سنده فيه الأعمش وقد عنعن، ولكن تابعه منصور بن المعتمر كما سيأتي، فالأثر صحيح عن مغيث، لكن لم يذكر عمن أخذه. وعزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 649 و 650) للمصنِّف وابن أبي =

1171- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَلَفُ بن خليفة (1) ، عن

_ = شيبة وهناد بن السرى في ((الزهد)) وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ. وقد أخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (13 / 98 - 99 رقم 15813) . وهناد بن السرى في ((كتاب الزهد)) (1 / 101 رقم 120) . كلاهما عن أبي معاوية، عن الأعمش، به. ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه أبو نعيم في ((الحلية)) (6 / 68) . وأخرجه سفيان الثوري في ((تفسيره)) (ص153 و 154 رقم 453 و 454) عن الأعمش، به. وأخرجه أبو نعيم في الموضع السابق من طريق ابن أبي شيبة، عن وكيع، عن الأعمش، به. وأخرجه عبد الله بن المبارك في ((الزهد)) (ص76 رقم 268 / زوائد نعيم) عن سفيان الثوري، عن منصور بن المعتمر، عن حسان، به. ومن طريق ابن المبارك أخرجه ابن جرير الطبري (16 / 438 رقم 20388) . وأخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (13 / 139 - 140 رقم 15928) . ومن طريقه أبو نعيم في الموضع السابق وفي ((صفة الجنة)) (2 / 127 رقم 277) . وأخرجه ابن جرير في ((تفسيره)) (16 / 411 رقم 20392) . أما ابن أبي شيبة فمن طريق سفيان الثوري، أما ابن جرير فمن طريق جرير بن عبد الحميد، كلاهما عن منصور، به. (1) تقدم في الحديث [76] أنه صدوق اختلط في الآخر.

حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ (1) ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ (2) ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّكَ لَتَنْظُرُ إِلَى الطَّيْرِ فَتَشْتَهِيهِ فَيَخِرُّ بَيْنَ يَدَيْكَ مَشْوِيًّا فَتَأْكُلُ مِنْهُ)) .

_ (1) هو حميد بن عطاء، تقدم في الحديث [417] أنه متروك. (2) هو الزُّبَيْدي، تقدم في الحديث [417] أنه ثقة، ولكن لا يُعرف له عن ابن مسعود شيء. 1171- سنده ضعيف جدًّا لما تقدم عن خلف بن خليفة وحميد بن عطاء الأعرج، ورواية عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنِ ابن مسعود. وتقدم هذا الإسناد في الحديث [417] ، وذكرت هناك قول أبي حاتم الرازي عن حميد بن عطاء: ((ضعيف الحديث منكر الحديث، قد لزم عبد الله بن الحارث بن ابن مسعود، ولا يعرف لعبد اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنِ ابْنِ مسعود شيء)) ، وقول ابن حبان: ((منكر الحديث جدًّا، يروي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عن ابن مسعود نسخة كأنها موضوعة)) . والحديث عزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (8 / 10) لابن أبي الدنيا في ((صفة الجنة)) والبزار وابن مردويه والبيهقي في ((البعث والنشور)) . وقد أخرجه المروزي في ((زوائد الزهد)) لابن المبارك (ص510 رقم 1452) . والحسن بن عرفة في ((جزئه)) (ص53 رقم 22) . كلاهما من طريق خلف بن خليفة، به. ومن طريق الحسن بن عرفة أخرجه البزار في ((مسنده)) (5 / 401 رقم 2032) ، ويحيى بن صاعد في ((زوائد الزهد)) لابن المبارك (ص510 رقم 1452) ، والبيهقي في ((البعث والنشور)) (ص205 - 206 رقم 318) ، والرافعي في ((التدوين)) (2 / 195) ، وابن الأبار في ((المعجم)) (ص299) . =

[الْآيَةُ (23) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الأَمْرُ جَمِيعاً أَفَلَمْ يَيْئَسْ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ} ] 1172- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ (1) ، قَالَ: نا خَالِدُ بن عبد الله، عن

_ = وأخرجه ابن أبي الدنيا في ((صفة الجنة)) (ص97 رقم 329) . وأبو يعلى في ((مسنده)) - كما في ((المطالب العالية المسندة)) (ص719 نسخة الرياض) ، وهو في المطبوعة (4 / 404 رقم 4691) -. والعقيلي في ((الضعفاء)) (1 / 268) . والهيثم بن كليب في ((مسنده)) (2 / 282 رقم 858) . وابن عدي في ((الكامل)) (2 / 689) . وأبو نعيم في ((صفة الجنة)) (3 / 188 رقم 341) . والبيهقي في الموضع السابق من ((البعث)) . جميعهم من طريق خلف بن خليفة، به. قال البزار: ((وهذا الحديث لا نعلمه يروى إلا عن عبد الله، ولا نعلم له طريقًا عن عبد الله إلا هذا الطريق، وحميد الأعرج هذا رجل كوفي، ليس بحميد المكي الذي روى عن مجاهد، ولا نعلمه يَروي إلا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، وهو حميد بن عطاء)) . (1) هذا الحديث موضعه في الأصل بعد الحديث المتقدم برقم [1165] ، وإنما أخرته هنا لترتيب الآيات.

حَنْظَلَةَ السَّدُوسِيِّ (1) ، قَالَ: قَرَأْتُ عِنْدَ عِكْرِمَةَ: {أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ كَفَرُوا} ، فَقَالَ: أَمَّا هِيَ: {فَلْيَتَبَيَّنِ الَّذِينَ آمَنُوا} ، قَالَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِشَهْرِ بْنِ حَوْشَب فَقَالَ: صَدَق، رَدَّني عَلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ. 1173- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ (2) ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ {وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دَارِهِمْ} - قَالَ: أَنْتَ تحلُّ قَرِيبًا مِنْ دارهم.

_ (1) هو حنظلة بن عبد الله، تقدم في الحديث [449] أنه ضعيف. 1172- سنده ضعيف لضعف حنظلة، ولكن صح عن ابن عباس كما سيأتي أنه قرأها: (أفلم يتبيّن) . فقد أخرجه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (16 / 452 رقم 20409) من طريق حنظلة، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ ابن عباس: {أفلم ييأس} يقول: أفلم يتبين. وأخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في ((فضائل القرآن)) (ص174 رقم 55 - 50) من طريق شيخه يزيد بن هارون، عن جرير بن حازم، عن يعلى بن حكيم، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أنه كان يقرأ: (أفلم يتبين الذين آمنوا) . وسنده صحيح. وأخرجه ابن جرير برقم (20410) من طريق أبي عبيد، لكنه زاد: قال: كتب الكاتب الأخرى وهو ناعس. وانظر تعليق الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - على الخبر. (2) هو عبد الله بن أبي نجيح، تقدم في الحديث [184] أنه ثقة بما دلَّس، لكن روايته عن مجاهد صحيحة وإن كانت بالعنعنة. =

[الْآيَةُ (41) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} ] 1174- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} - قَالَ: النُّقْصَانُ: (. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .) (1) . 1175- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، نا جُوَيْبِرٌ (2) ، عَنِ الضَّحَّاكِ (3) ، قَالَ: أَوَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا نَفْتَحُ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَرْضَ بَعْدَ الْأَرْضِ أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ؟ بَلِ اللَّهُ وَرَسُولُهُ هم الغالبون.

_ = 1173- سنده صحيح. وأخرجه ابن جرير في ((تفسيره)) (16 / 457 - 458 رقم 20424 و 20425) من طريق حماد بن زيد وورقاء بن عمر، كلاهما عن ابن أبي نجيح، به. وأخرجه أيضًا برقم (20426 و 20428 و 20434) من طرق أخرى عن مجاهد. (1) انتهى النص في الأصل عند قوله: ((النقصان)) ، وظاهر أن هناك نقصًا؛ إذ لم يبين معنى النقصان، وفي ((تفسير ابن جرير الطبري)) (16 / 496 رقم 20526) ، و ((تفسير مجاهد)) (ص330) من طريق ورقاء بن عمر، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد: {ننقصها من أطرافها} قال: موت أهلها. 1174- سنده صحيح على ما فيه من سقط، وتقدم تخريجه. (2) هو ابن سعيد، تقدم في الحديث [93] أنه ضعيف جدًا. (3) هو ابن مزاحم. =

1176- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حُصين (1) ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ (2) - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} - قَالَ: الْقَرْيَةُ تَخْرَبُ نَاحِيَةٌ مِنْهَا. [الْآيَةُ (43) : قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} ] 1177- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانَةَ (3) ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ (4) ، قَالَ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَمَنْ عنده

_ = 1175- سنده ضعيف جدًّا لشدة ضعف جويبر. وعزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 666) للمصنِّف وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم. وقد أخرجه ابن جرير في ((تفسيره)) (16 / 494 رقم 20518) من طريق عبيد بن سليمان، عن الضحاك، به، لكن شيخ ابن جرير في هذه الرواية مبهم، حيث قال: حُدِّثت عن الحسين ... ، فذكره. (1) هو ابن عبد الرحمن السُّلمي، تقدم في الحديث [56] أنه ثقة تغير حفظه في الآخر، لكن الراوي عنه هنا هو خالد بن عبد الله الواسطي، وهو ممن روى عنه قبل تغيُّره. (2) هو غزوان الغفاري. 1176- سنده صحيح. وعزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 667) للمصنِّف وابن المنذر. (3) هو وضاح بن عبد الله. (4) هو جعفر بن إياس.

علم الكتاب} ، أَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَّامٍ؟ فَقَالَ: وَكَيْفَ وَهَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ؟ وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ يَقْرَأُ: {ومِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الكتابُ} .

_ 1177- سنده صحيح. وعزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4 / 669) للمصنِّف وابن جرير ابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ((ناسخه)) . وقد أخرجه ابن جرير في ((تفسيره)) (16 / 505 - 506 رقم 20556) من طريق المصنِّف، به. وأخرجه برقم (20555) هو والنحاس في ((الناسخ والمنسوخ)) (ص212) من طريقين آخرين عن أبي عوانة، به. وأخرجه ابن جرير برقم (20545) من طريق عبد الوهاب بن عطاء، عن هارون، عن أبي بشر جعفر بن إياس، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عباس، هكذا بزيادة ابن عباس في سنده. ورواية أبو عوانة أرجح، فعبد الوهاب بن عطاء متكلم في حفظه، وشيخه هارون لم يتبين لي من هو، لكن محقق الطبري توقّع في موضع قبل هذا (16 / 298 - 299) أنه هارون بن سفيان بن بشير، مستملي يزيد بن هارون المعروف بالدبك المترجم في ((تاريخ بغداد)) (4 / 25 رقم 7357) ، فإن كان هو فلم يذكر في ترجمته أن أحدًا وثقه، وإن لم يكن هو فينظر في أمره.

§1/1