التفسير النبوي

خالد الباتلي

الصندوق الخيري لِنَشر البُحوثِ وَالرسَائِل العِلميَّة (54) الدرَاسَات الحديثيّة (5) التَّفْسيرُ النَّبويُّ مُقَدِّمَةٌ تَأْصِيلِيَّةٌ مَعَ دِرَاسَةٍ حَدِيثِيَّةٍ لِأَحَادِيثِ التَّفْسِيرِ النَّبَوِيِّ الصَّريح تأليف خالد بن عبد العزيز الباتلي الجزء الأول دار كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع

{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} أصل هذا الكتاب رسالة علمية تقدم بها الباحث لنيل درجة الدكتوراه من قسم السنة وعلومها، كلية أصول الدين، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -الرياض. نوقشت في شهر محرم عام 1429 هـ, وتكونت لجنة المناقشة من: [1] أ. د. إبراهيم بن محمد الصبيحي ......................... مقررًا. [2] د. أنيس بن أحمد جمال ................................. عضوًا. [3] د. عبد الله بن عبد الرحمن الشريف ....................... عضواً. وقد أجيزت الرسالة بتقدير ممتاز.

التفسير النبوي [1]

(ح) دار كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع الرياض 1431 هـ فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية أثناء النشر الباتلي، خالد بن عبد العزيز بن حمد التفسير النبوي/ مقدمة تأصيلية، مع دراسة حديثية لأحاديث التفسير النبوي الصريح. خالد بن عبد العزيز بن حمد الباتلي - الرياض 1431 هـ. 2 مج. 532 صفحة 17 × 24 ردمكـ: 4 - 43 - 8055 - 603 - 978 (مجموعة) 1 - 44 - 8055 - 603 - 978 (ج 1) 1 - القرآن - التفسير بالمأثور ... أ. العنوان ديوي 227.32 ... 7635/ 1431 رقم الإيداع: 7635/ 1431 هـ ردمكـ 4 - 43 - 8055 - 603 - 978 (مجموعة) 1 - 44 - 8055 - 603 - 978 (ج 1) ساعد على نشره ليباع بسعر التكلفة فاعل خير جزاه الله خير الجزاء وغفر له ولوالديه جميع الحقوق محفوظة الطبعة الأولى 1432 هـ - 2011 م دار كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع المملكة العربية السعودية ص. ب 27261 الرياض 11417 هاتف: 4914776 - 4773959 - 4968994 فاكس: 4453203 E-mail:[email protected]

المقدمة

المقدمة الحمد لله الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمن نذيرا، وبشر به المؤمنين بأن لهم من الله فضلاً كبيرًا، والصلاة والسلام على من أرسله ربه شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا .. أما بعد: فإن كتابَ الله تعالى وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-؛ فيهما العصمة من الضلالة، والسلامة من الغواية، وإليهما المفزع عند ورود الشبهات، وهما ينبوع العلم، وكلية الشريعة، وعمدة الملة. وهما لطالب العلم كالجناحين للطائر لا يطير إلا بهما، لا يترك ما جاء فيهما لقول أحد من الأنام، ولا تأخذه في نصرتهما ملامة اللوام، بل هما أجلُّ في صدره من أن يقدِّم عليهما رأيًا فقهيًا، أو بحثًا جدليًا، أو غيرهما. قال الإمام البخاري، رحمه الله: كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا اجتمعوا إنما يتذاكرون كتاب ربهم وسنة نبيهم، ليس بينهم رأي ولا قياس (¬1). وبناء على ما سبق فقد هداني الله تعالى إلى موضوع يجمع بين هذين الأصلين، ويطرق ذينك المصدرين، وهو: (التفسير النبوي: مقدمة تأصيلية, مع دراسة حديثية لأحاديث التفسير النبوي الصريح). أهمية الموضوع: تتجلى أهمية هذا الموضوع فيما يأتي: 1 - المنزلة السامية التي يتبوأها هذا الموضوع، فهو يتعلق بكتاب الله تعالى، وسنَّة نبيه -صلى الله عليه وسلم-، وهما المصدران الأولان في التشريع الإسلامي. 2 - حيوية الموضوع، فهو يطرق تفسير كلام الله تعالى من سنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-، وهذا مما يهم كل مسلم فضلاً عن طالب العلم، لأنه ما من مسلم إلا وهو يقرأ ويسمع من كتاب الله تعالى في كل يوم وليلة. قال الإمام الطبري: "إني لأعجبُ ممن قرأ القرآن ولم يعلَم تأويلَه، كيف يلتذُّ بقراءته؟! " (¬2). ¬

_ (¬1) ذكره ابن القيم في (الفوائد) ص 250. (¬2) نقله عنه ياقوت الحموي في (معجم الأدباء) 63:18.

أسباب الاختيار

3 - أن الرجوع إلى التفسير النبوي في بيان معاني كلام الله عز وجل أسلمُ الطرق وأقربها لفهم الآية على وجهها الصحيح. قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "فإن قال قائل: فما أحسن طرق التفسير؟ فالجواب: أن أصح الطرق في ذلك أن يفسر القرآن بالقرآن، فما أجمل في مكان فإنه قد فسر في موضع آخر، فين أعياك ذلك فعليك بالسنة فإنها شارحة للقرآن وموضحة له" (¬1). أسباب الاختيار: قد دعاني إلى اختيار هذا الموضوع عدة أمور، منها ما سبق ذكره في بيان أهمية الموضوع، إضافة إلى ما يأتي: 1 - أن هذا الموضوع جمع بين الكتاب والسنة، وكفى بهذا شرفًا ومحفزًا، ومثيرًا للعزائم والهمم للبحث فيه، وصرف الوقت في الاشتغال به. 2 - الثمرة المرجوة من هذا العلم، فين جمع ما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في تفسير كلام الله تعالى بين دفتين مع دراسته حديثيًا، والحكم على تلك المرويات؛ يفيد طلاب العلم كثيرًا على اختلاف تخصصاتهم، ويضيف إضافة مهمة للمكتبة القرآنية والحديثية. 3 - أن هذا البحث يتطلب النظر في كتب المحدثين والمفسرين، وفي هذا من النفع والفائدة ما لا يخفى. 4 - الرغبة في التزود من هذا العلم -علم الحديث ونقد المرويات- والتعرف على مناهج العلماء في دراسة الأحاديث وتعليلها والحكم عليها، وممارسة ذلك عمليًا. 5 - التشرف بخدمة الكتاب والسنة، وتقريب هذا الباب إلى طلحة العلم بجمع أحاديثه ودراستها في بحث مستقل. أهداف الموضوع: 1 - ربط الأمة بكتاب ربها تعالى من خلال أعرف الناس به وأفقههم فيه، وهو رسول الهدى -رضي الله عنه- ¬

_ (¬1) مجموع الفتاوى 13: 363.

قال الإمام الزركشي: "لطالب التفسير مآخذ كثيرة، أمهاتها أربعة: الأول: النقل عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهذا هو الطراز الأول، لكن يجب الحذر من الضعيف فيه والموضوع، فإنه كثير .. " (¬1). 2 - جمع المرويات النبوية في تفسير كلام الله تعالى، وتناولها بالدراسة الحديثية المفصلة بناء على قواعد أهل الحديث وضوابطهم. قال ابن عاشور -في سياق كلامه على تفسير يحيى بن سلام (ت 200 هـ) -: "وقد اقتضى ذلك لا محالة؛ اشتمال الكتاب الواحد في الآية الواحدة على أخبار متخالفة، وآثار متفاوتة الدرجات من حيث مظنة الثبوت، لقوة الأسانيد وضعفها، فتطلب ذلك رجوعا إلى تلك الأخبار بالنقد والتمحيص" (¬2). 3 - التمييز بين السقيم والصحيح في مرويات التفسير الصريح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال عبد الرحمن بن مهدي: "لا يجوز أن يكون الرجل إماما حتى يعلم ما يصح مما لا يصح، وحتى لا يحتج بكل شيء، وحتى يعلم مخارج العلم" (¬3). 4 - معرفة مقدار الآيات التي ورد تفسيرها نصًا صريحًا في السنة النبوية. 5 - إخراج النتيجة المستفادة في نسبة الضعف في أحاديث التفسير، حيث اشتهر أن الغالب على أحاديث التفسير الضعف. لهذا، وبعد الاستشارة عقدت العزم عليه، وكانت نواة الموضوع حين طالعت ما ذكره السيوطي، رحمه الله، في آخر كتابه (الإتقان في علوم القرآن) (¬4) حيث ساق ما ورد عن ¬

_ (¬1) البرهان 2: 156، وسيأتي مزيد بيان حول هذا في (الفصل الأول: بيان الرسول -صلى الله عليه وسلم- للقرآن). (¬2) التفسير ورجاله ص 22. (¬3) أخرجه البيهقي في (المدخل) رقم (188)، وذكره ابن رجب في (شرح العلل) 1: 199. (¬4) ينظر: الإتقان 2: 477 - 570.

الدراسات السابقة

النبي -صلى الله عليه وسلم- من التفاسير المصرح برفعها إليه، وكان مجموع ما ذكره: (244) حديثاً، منها (27) حديثاً في الصحيحين أو أحدهما. ثم تابعت البحث على هذا الشرط، فجردت "كتاب التفسير" من (جامع الأصول) (¬1) لابن الأثير، ثم "كتاب التفسير" من (مجمع الزوائد) (¬2) للهيثمي، ثم "كتاب التفسير" من مستدرك الحاكم (¬3)، ثم تابعت البحث في متفرقات من الكتب، ووقفت على أحاديث لم تذكر في المصادر السابقة، وكنت خلال ذلك أجمع ما يقع تحت شرط البحث، ثم تأملت الأحاديث المتحصلة، وأعدت النظر في اندراجها تحت شرط البحث، وحذفت ما رأيت عدم صلاحيته، حتى استقر الأمر على ما تراه بين يديك، وهو (318) حديثا. ولست أزعم أن هذا العدد قطعي لا يزيد ولا ينقص، بل هذا مبلغ علمي، وربما يقف غيري على أحاديث تندرج تحت شرط البحث لم أقف عليها، وكذا ربما ينازع في بعض الأحاديث التي أدرجتها، والمسألة اجتهادية، وسيأتي مزيد بيان في عرض منهج البحث. الدراسات السابقة: بعد تصور هذا الموضوع، والعزم عليه، بحثت في الدراسات السابقة لهذا الموضوع عن طريق البحث الحاسوبي، وسؤال بعض أهل الخبرة والتخصص في قسم القرآن وقسم السنة، فتحصل لدي ما يلي (¬4): ¬

_ (¬1) ينظر: جامع الأصول 2: 3 - 446. (¬2) ينظر: مجمع الزوائد (6: 303 - إلخ، 7: 2 - 150). (¬3) ينظر: المستدرك 2: 282 - 590. (¬4) سوف أذكر هنا ما يتعلق بالبحث أصالة، وهو جمع المرويات المرفوعة الصريحة في تفسير القرآن الكريم، أما الدراسات النظرية التأصيلية حول تفسير القرآن بالسنة فليست مرادة هنا، وبالمناسبة فقد لفت نظري افتقار المكتبة الإسلامية إلى دراسة تأصيلية وافية في هذا الموضوع مع أهميته وأتعجب كيف لم تكتب رسالة علمية إلى الآن -حسب علمي- في أقسام التفسير وعلوم القرآن، وما وقفت عليه في ذلك فيه إعواز، ويفتقر إلى التحرير والتدعيم بالأمثلة.

1 - التفسير الصحيح: موسوعة الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور

1 - التفسير الصحيح: موسوعة الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور. جمعه: أ. د. حكمت بن بشير بن ياسين، أستاذ التفسير في كلية القرآن الكريم والدراسات العليا، في الجامعة الإسلامية، بالمدينة المنورة. وصدر الكتاب في أربعة مجلدات، عام 1420 هـ. موضوع الكتاب: جمع الأحاديث والآثار الواردة في تفسير كلام الله تعالى مقتصرًا على الصحيح فقط. ويبين عن هذا بقوله في المقدمة ص 6: "جاءت فكرة تصنيف هذا الكتاب حيث قررت أن أجمع كل ما صح إسناده من التفسير بالمأثور، لأن الرواية التفسيرية الصحيحة تتقبلها النفوس، إن كانت صادقة، بكل اطمئنان، وتأخذها بقوة وجدية وخصوصًا إذا كانت الرواية من الصحيحين أو على شرطهما أو على شرط أحدهما، أو صحح تلك الرواية بعض النقاد المعتمدين". ترتيب الكتاب: * ابتدأ الكتاب بمقدمة طويلة استغرقت ما يقارب 60 صفحة ذكر فيها: - أهمية علم التفسير، وفضله، وتاريخه، وموضوعه , وغايته. - أهمية التفسير بالمأثور، ومنزلته. - فكرة الكتاب، وموضوعه، وفائدة الاقتصار على الصحيح في ذلك. - نشأة علم التفسير، ومراحل ذلك في عمر النبوة والصحابة والتابعين. - تدوين التفسير بالمأثور، وفيه عرض لما صنف من الكتب المسندة في التفسير إلى القرن الرابع الهجري. - الإشارة إلى المنهج الدقيق في رواية الأخبار وقبولها عند أهل العلم، لاسيما المحدثين منهم.

منهج المؤلف في كتابه

- الأسباب التي دعته إلى تأليف الكتاب وجمعه. - المنهج في الجمع والتخريج والاختصار. - جمع الطرق المتكررة إلى مشاهير الصحابة والتابعين في التفسير، والكلام عليها من حيث القبول والرد. * إيراد مرويات التفسير بالمأثور مرتبة على حسب سور القرآن وفق منهج سيأتي الكلام عليه، إن شاء الله. * ختم الكتاب بفهرس المصادر والمراجع، وفهرس المحتويات. منهج المؤلف في كتابه: أبان المؤلف عن منهجه في كتابه بقوله ص 31 من المقدمة: "بدأت التفسير مصدرًا السورة بفضائلها إن صحت الرواية، ثم بتفسير القرآن بالقرآن إن وجد وهو قمة البيان، وغالبًا ما أعتمد على كتاب أضواء البيان، ثم تفسير ابن كثير، وتفسير القاسمي. وقد سلكت هذا الطريق متحريًا ما ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- القائل: (ألا إني أوتيت هذا الكتاب ومثله معه)، وقدمت ما اتفق عليه الشيخان في صحيحيهما، ثم ما انفرد به أحدهما ولا داعي لتخريج الحديث من مصادر أخرى لأن هدفي من التخريج التوصل إلى صحة الحديث وكفى بإطباق الأمة على صحتهما. وتركت كل ضعيف وموضوع، وإذا لم أجد الحديث في الصحيحن أو في أحدهما ألجأ إلى كتب التفسير وعلوم القرآن المسندة كفضائل القرآن وأسباب النزول والناسخ والمنسوخ، وإلى كتب الصحاح والسنن والمسانيد والمصنفات والجوامع وغيرها من كتب السيرة والتاريخ والعقيدة المسندة, مبتدئًا بالأعلى سندًا، أو بما حكم عليه الأئمة النقاد المعتمدين، وأقوم

المقارنة بين العملين

بتخريجه تخريجًا يوصلني إلى صحة الإسناد أو حسنه، مستأنسًا بحكم النقاد الجهابذة، فإذا لم أجد حديثًا مرفوعًا؛ فأرجع إلى أقوال الصحابة الذين شهدوا التنزيل. أما إذا وجدت الحديث المرفوع الثابت فقد أسوق معه بعض أقوال الصحابة الثابتة إذا كان فيها زيادة فائدة، وإذا لم يكن فيها فأكتفي بما ثبت من الحديث الشريف، وقد أوردت أقوال الصحابة رضوان الله عليهم بأصح الأسانيد عنهم. علمًا بأن بعض الأحاديث لا يندرج تحت التفسير مباشرة وإنما لها علاقة وتتناسب مع الآية المراد تفسيرها. فإذا لم أعثر على قول صحابي فحينئذ ألجأ إلى ما ثبت من أقوال التابعين. وبالنسبة لأقوال الصحابة والتابعين فأغلبها كتب ونسخ رويت بأسانيد متكررة". المقارنة بين العملين: 1 - اعتنى المؤلف، وفقه الله بجمع كل ما يتصل بالتفسير بالمأثور من الأحاديث المرفوعة وأقوال الصحابة والتابعين، في حين أن عملي مقصور على الأحاديث المرفوعة فقط. 2 - سلك منهج الاقتصار على الصحيح فقط، حيث يقول في مقدمته ص 6: "قررت أن أجمع كل ما صح إسناده من التفسير بالمأثور .. ". وفي ص 32 يقول: "تركت كل ضعيف وموضوع ". لهذا فقد خلا الكتاب من جم غفير من الأحاديث المرفوعة في تفسير القرآن العظيم، وفي هذا إعواز لا يخفى، وتفويت لحاجة ينشدها المفسر والأصولي والمتفقه وغيرهم. 3 - يعد منهجه في اختيار أحاديث التفسير أعم وأشمل فهو يورد الأحاديث المرفوعة التي تتصل بموضوع الآية وإن لم تكن تفسيرًا مباشرًا للآية. وهذا مما طول الكتاب، والغالب أن من أراد جمع الأحاديث الواردة في موضوع معين أن يرجع إلى كتب الجوامع مثل: "جامع الأصول" و"مجمع الزوائد" ونحوهما. وقد نص على هذا في المقدمة فقال ص 32: " .. علمًا بأن بعض الأحاديث لا يندرج تحت التفسير مباشرة، وإنما لها علاقة وتتناسب مع الآية المراد تفسيرها".

المنهج الحديثي

المنهج الحديثي: يتلخص منهج المؤلف، من الناحية الحديثية؛ أنه يسوق الحديث مسندًا من أحد المصادر الأصلية، ثم يخرجه، ثم ينقل أحكام المحدثين عليه من المتقدمين أو المتأخرين. والعجيب أنه ذكر في المقدمة ص 59، لما أشار إلى أسانيد المرويات التي يذكرها، قال: "أنظر في رجالها من حيث التوثيق والتضعيف وذلك بعد التأكد من معرفة الرجل نفسه وطبقته وإذا كان الراوي من رجال الكتب الستة فترجمته من (تقريب التهذيب) أو (تهذيب التهذيب) أو كليهما، ولم أذكر موضع الترجمة لسهولة الرجوع إليها ولعدم الإطالة، أما إذا كان الراوي من غير رجال الكتب الستة؛ فأذكر موضع ترجمته من المصادر التي تتناول الجرح والتعديل. فإذا كان الراوي ثقة فأشير إلى ذلك وإذا كان الراوي ممن اختلف فيه فأنظر في أقوال النقاد جرحاً وتعديلًا، ثم أغربل أقوالهم وأرجح أقوال المعتدلين القوية تاركًا أقوال المتشددين إذا تفردوا وأقوال المتساهلين إذا خالفوا غيرهم، ولا أعتبر أقوال النقاد الذين لا يعتد بهم بسبب قادح فيهم عند أهل السنة والجماعة، وأستأنس بمن يعول عليه في هذا الشأن وخصوصًا المعتدلين من المتقدمين والمتأخرين. وبالنسبة لمعرفة اتصال الإسناد فإن كان الراوي من رجال الصحيحين وصيغ أدائه كما في الصحيحين أو أحدهما فأعتبر الإسناد متصلاً، وإذا كان الراوي من غير رجال الصحيحين فأنظر إلى طبقته واحتمال لقائه مع شيخه وأقرانه من خلال تواريخ البلدان والمواليد والوفيات ثم الرجوع إلى كتب العلل والمراسيل والتدليس. ولم أذكر شيئًا من هذا في الكتاب سوى ما ورد بأن فلانًا معروف بالرواية عن فلان، أو بأنه لم يلق فلانًا، أو أن

2 - ما صح تفسيره من القرآن الكريم عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فى النصف الأول من القرآن الكريم

فلانًا من المدلسين وما ذكرته من مدلسين فهو من كتاب (تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس) للحافظ ابن حجر، وكل ذلك للاختصار وطول المشوار". والواقع أن الشيخ لم يتعرض لتراجم الرواة ودراسة الأسانيد، فضلاً عما يتبع ذلك في الصناعة الحديثية، وإنما جادته في الكتاب كما قدمت: يسوق الخبر مسندًا، ثم يخرجه، ثم ينقل الحكم عليه مختصراً. واعتماده واضح جداً على كتب الشيخ الألباني رحمه الله، فقلما يخلو حديث خارج الصحيحين من ذكر حكمه عليه. إضافة إلى غيره من المتأخرين كالشيخ أحمد شاكر -رحمه الله-، والشيخ مقبل الوادعي -رحمه الله-. انظر على سبيل المثال 1: 69، 168، 187. وفي هذه النقطة يظهر الفرق بين العملين، بالمقارنة مع منهجي في الدراسة الحديثية للمرويات. 2 - ما صح تفسيره من القرآن الكريم عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فى النصف الأول من القرآن الكريم: وهي رسالة ماجستير للباحث الشيخ عواد بن بلال معيض الزويرعي العوفي، مقدمة إلى قسم التفسير، كلية القرآن الكريم بالجامعة الإسلامية، والرسالة مسجلة عام 1400هـ وتقع في (388) صفحة مع الفهارس، وأشرف عليها الشيخ أبو بكر الجزائري حفظه الله. والرسالة في تخصص التفسير، وهي مقصورة على الصحيح حيث نص في مقدمته على أنه اقتصر على ما كان مرفوعاً متصلاً صحيح الإسناد أو حسنه. وقد لفت نظري أثناء تتبع الأحاديث في هذا الموضوع أن الغالب عليها الضعف، فمن القصور الاقتصار على الصحيح فقط، لاسيما ومسألة التصحيح والتضعيف مسألة

اجتهادية بين أهل العلم تأصيلاً وتطبيقاً. قال الإمام أحمد، -رحمه الله-: "ثلاثة كتب ليس لها أصول: المغازي والملاحم والتفسير" (¬1). وقال الإمام الترمذي -رحمه الله-: "قد اختلف الأئمة من أهل العلم في تضعيف الرجال كما اختلفوا في سوى ذلك من العلم" (¬2). ¬

_ (¬1) أخرجه ابن عدي في (الكامل) 1: 119، قال: سمعت محمد بن سعيد الحراني يقول: سمعت عبد الملك الميموني يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول .. فذكره" وهذا سند صحيح. ومن طريق ابن عدي؛ أخرجه الخطيب في (الجامع) 2: 231. ولفظ ابن عدي: "ليس فيها". وأورده ابن تيمية في (منهاج السنة النبوية) 7: 435 بلفظ: "ثلاث علوم لا إسناد لها ... ". واختلف العلماء في توجيه المراد بهذه العبارة، وحاصل ذلك يعود إلى رأيين: الأول: أن المراد كتبٌ مخصوصة. قال الخطيب في (الجامع) 2: 231 - عقب روايتها-: "هذا الكلام محمول على وجه وهو أن المراد به كتب مخصوصة في هذه المعاني الثلاثة غير معتمد عليها ولا موثوق بصحتها، لسوء أحوال مصنفيها، وعدم عدالة ناقليها، وزيادات القصاص فيها .. ولا أعلم في التفسير كتابا مصنفا سلم من علة فيه، أو عري من مطعن عليه". الثاني: أنه باعتبار الغالب، فالغالب على مرويات التفسير أنه ليس لها أسانيد متصلة صحيحة. قال الزركشي في (البرهان في علوم القرآن) 2: 156: "قال المحققون من أصحابه: ومراده أن الغالب أنها ليس لها أسانيد صحاح متصلة، وإلا فقد صح من ذلك كثير". قلت: ويؤيده قول الذهبي في (سير أعلام النبلاء) 7: 9: "يظهر على مالك الإمام إعراض عن التفسير، لانقطاع أسانيد ذلك، فقلما روى منه". وانظر (منهاج السنة) لابن تيمية 7: 435، (مجموع الفتاوى) له 13: 346. قال ابن حجر في (لسان الميزان) 1: 106 بعد أن ساق العبارة: (قلت: ينبغي أن يضاف إليها: الفضائل، فهذه أودية الأحاديث الضعيفة والمرضوعة". وانظر بحثا موسعا حول عبارة الإمام أحمد للشيخ أيى إسحاق الحويني في مقدمة تحقيقه لتفسير ابن كثير 1: 12 - 26. (¬2) كتاب العلل في آخر الجامع 5: 709.

3 - التفسير النبوي الصحيح في القرآن الكريم في النصف الثاني من القرآن الكريم

وهذه الرسالة مضى عليها ما يقارب ربع القرن، وقد ظهر خلال هذه المدة كتب مفقودة، وحققت كتب سابقة وخدمت أحسن خدمة, وتيسرت سبل البحث، مما يدعو إلى خدمة الموضوع خدمة حديثية نقدية تقوم على مناهج المحدثين في نقد الأحاديث وتعليلها، والحكم عليها. 3 - التفسير النبوي الصحيح في القرآن الكريم في النصف الثاني من القرآن الكريم: تكملة لموضوع الماجستير، وهي رسالة دكتوراه للباحث السابق نفسه , مسجلة في القسم نفسه عام 1403 هـ, ولم يتيسر لي الوقوف عليها بعد البحث عنها في عمادة شؤون المكتبات بالجامعة الإسلامية, ومكتبة الملك فهد الوطنية، ومركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية. والظاهر أنها متممة لرسالة الماجستير السابقة. والله أعلم. 4 - المعتمد من المنقول فيما أوحي إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم-: تأليف: بهاء الدين حيدر بن علي القاشي (فرغ من كتابته سنة 776 هـ)، وطبع في مجلدين. وقسم كتابه إلى ثلاثة أقسام: 1 - السوابق والمقدمات: وذكر فيه ثمانية عشر بابا تتعلق بالوحي، ونزول القرآن، وفضائل القرآن، وفضل قراءاته وآدابها، وبعض مباحث علوم القرآن، وبعض أحكامه. 2 - المقاصد والمهمات: وذكر فيه ما يتعلق بتفسير القرآن مرتبا على السور، فيبدأ بذكر الغريب من كل سورة معتمدا في الغالب على صحيح البخاري، ثم يذكر ما ورد في تفسير الآيات من الأحاديث والآثار، وما ورد فيها من الفضائل. وذكر أنه اعتمد على كتب الأئمة: مالك بن أنس، والبخاري، ومسلم، والترمذي، وأبي داود، والنسائي، وابن ماجه، والدارمي.

5 - الصحيح المسند من التفسير النبوي للقرآن الكريم

وقال 1: 28: "وما لم أتحقق برواية عن هؤلاء الأئمة، وذكره رزين العبدري في تجريده عبرت عنه بقولي: روي عن فلان كذا، وقليل ما هو .. ولعلك تجد بعض الأحاديث في هذا الكتاب مقطوع الإسناد عمن هو له من الأئمة المذكورين، وذلك قد يكون غفلة مني، وقد يكون لاختلاف النسخ فإذا تحققت أنت فأسنده إلى من هو له". 3 - اللواحق والمتممات: وذكر فيه ستة أبواب تتعلق بالإيمان بالقرآن، والمنسوخ منه، وفضل القيام بما وختمه، والأدعية المتعلقة به. والملاحظ أن المؤلف لم يذكر ضابطا للأحاديث التي سيوردها في تفسير الآية، وكذا اكتفى بعزو الحديث إلى من أخرجه دون الحكم عليه, فضلا عن دراسة إسناده، بل يظهر لمن طالع الكتاب أن الحديث ليس من بضاعة المؤلف، فهو يجعل من خرج الحديث راويا عن الصحابي، فيقول مثلا: عن الترمذي، عن أنس -رضى الله عنه-، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال .. ، وهكذا جرى في الكتاب. 5 - الصحيح المسند من التفسير النبوي للقرآن الكريم: للشيخ أبي محمد السيد إبراهيم بن أبو عمه. وطبع عام 1410 هـ في (134) صفحة. قال في مقدمته: "ومنهجنا في هذا الكتاب هو تتبع الآيات التي قرأها النبي -صلى الله عليه وسلم- ففسرها .. أو أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يفسر الآية ثم يقرأها .. أو أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يسأل عن لفظة في الآية فيجيب .. أو يأتي الحديث يفسر لفظة من ألفاظ آية من الآيات .. ". وهو جهد طيب مشكور، لكن يؤخذ عليه: 1 - التزام الاقتصار على الصحيح، وسبق الكلام على هذه المسألة. 2 - فاته عدد من الأحاديث تدخل تحت هذا الشرط. 3 - أنه أورد بعض الأحاديث التي قد ينازع في دخولها تحت هذا الشرط.

6 - الجواهر واللآلىء المصنوعة في تفسير القرآن العظيم بالأحاديث الصحيحة المرفوعة

4 - أنه خلا من الدراسة الحديثية التي تطمئن القارىء إلى النتيجة التي خلص إليها في الحكم على الحديث بالصحة أو الحسن، فهو يسوق الحديث بإسناده من مصدره الأصلي، ثم يعقبه بالحكم النهائي. 5 - عدم ترقيم الأحاديث، وإنما اكتفي بسياقها مرتبة على حسب السور، وفي الترقيم فوائد لا تخفى على الباحثين. ومع ذلك فهو عمل طيب يشكر عليه، لسبقه واجتهاده في جمع أحاديث هذا الباب. 6 - الجواهر واللآلىء المصنوعة في تفسير القرآن العظيم بالأحاديث الصحيحة المرفوعة: تأليف: الشيخ/ عبد الله بن عبد القادر التليدي. وصدر الكتاب عام 1424 هـ في مجلدين تضمنا (1119) صفحة. وقد أبان المؤلف عن محتوى الكتاب، ومنهجه فيه , فقال في مقدمته: "عملي في هذا الكتاب بتوفيق الله تعالى وعونه حسب النقاط الآتية: أولًا: أذكر السورة باسمها ونوعها، مكية أو مدنية , ثم عدد آياتها، ثم ما احتوت عليه من المقاصد على سبيل الإجمال. ثانياً: أورد ما اختصت به كل سورة عن غيرها من العلوم والأحكام والأخلاق والعقائد والقصص والحكم والأسرار وما إلى ذلك، وبالرجوع إلى أقرب سورة يعرف القارىء ذلك، وهذا شيء لم أسبق إليه بحمد الله تعالى فيما أعلم، فينبغي أن يضم إلى أنواع علوم القرآن. ثالثاً: أذكر الأحاديث النبوية المرفوعة المتعلقة بالسورة أو الآية أو الكلمة، ويشمل ذلك أحاديث أسباب النزول وهي كثيرة، والناسخ والمنسوخ وهي قليلة, والأحاديث

7 - التفسير النبوي للقرآن الكريم وفضائله

الشارحة لبعض الآيات او الكلمات، أو بيان لحقائق شرعية، وأحاديث جاء فيها استشهاد النبي -صلى الله عليه وسلم- بآيات، وأحاديث فضائل السور والآيات، وذكر السور التي كان يقرأها في صلاته , وأحاديث سجدات القرآن، إلى غير ذلك مما أورده مفسِّر والسلف الذين استقيت من كتبهم واقتفيت أثرهم. رابعًا: قد أذكر أحيانًا تفاسير بعض الصحابة الموقوفة وخاصةً ما جاء عن الإمام علي وابن عباس وابن مسعود رضي الله تعالى عنهم، وهي قليلة. خامسًا: وهو مما خص به الكتاب والحمد لله، لا أورد إلا ما كان صحيحاً أو حسنًا أو ما يقاربه من الضعيف الخفيف، كاحأديث ليث بن أبي سليم، وعطاء بن السائب، وعبد الله بن لهيعة، وابن إسحاق مع عنعنته، ونحوهم، وهي أيضًا قليلة. سادسًا: شرحت الأحاديث الواردة في الكتاب مع الآيات وذكرت فوائد وفرائد وتحقيقات لبعض ما اختلف فيه". ويلاحظ مما سبق: (أ) توسع المؤلف في جمع الأحاديث، كما جاء في الفقرة الثالثة، ولذا بلغت الأحاديث في الكتاب (1337) حديثا. (ب) التزام الاقتصار على الصحيح، وسبق الكلام على هذه المسألة. 7 - التفسير النبوي للقرآن الكريم وفضائله: تأليف عبد الباسط محمد خليل. وهو مطبوع عام 1421 هـ في (329) صفحة من القطع الصغير. يقول في مقدمته: "منهجنا في هذا الكتاب تتبع الآيات التي قرأها النبي -صلى الله عليه وسلم- ففسرها .. وأحيانا يفسر النبي -صلى الله عليه وسلم- الآية ثم يقرأها، أو أن يُسأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن تفسير

8 - التلازم بين الكتاب والسنة من خلال الكتب الستة

الآية صراحة .. أو يأتي الحديث ليفسر الآية .. وأحيانا أذكر سبب نزول الآية مما يكون تفسيرا للآية .. وقمت كذلك بتفسير بعض الكلمات الغامضه , وذلك من خلال كتب الشروح .. وقد اعتمدت تفسير (فتح البيان في مقاصد القرآن) لصديق حسن خان في بيان معنى الآيات التي أوردتها في التفسير". ويلاحظ عليه ما يأتي: 1 - أنه توسع في إيراد الأحاديث ولم يلتزم ما ذكره في المنهج، وأضاف إلى ذلك جملة من أحاديث الفضائل. 2 - فاته عدد من الأحاديث تدخل تحت الشرط الذي ذكره. 3 - خلا الكتاب من الدراسة الحديثية وفق المنهج الحديثي المعتبر، وإنما اقتصر المؤلف على سياق الحديث، ثم تخريجه من بعض مصادره، وأحيانا يسوق المصادر دون عزو إلى موضع الحديث فيها، كما هو الحال في (الدر المنثور)، ثم ينقل بعض أحكام العلماء عليه من المتقدمين أو المتأخرين، وربما ترك بعض الأحاديث دون حكم عليها مثل الأحاديث رقم: (117) (132) (139) (162) (180) وغيرها. 8 - التلازم بين الكتاب والسنة من خلال الكتب الستة: جمع: صالح بن سليمان البقعاوي. قال في مقدمته: "قمت ببحث جمعت فيه الأحاديث والآثار التي ورد فيها ذكر آيات من القرآن الكريم". ولم يفصل في بيان منهجه في الجمع. وبعد استعراض الكتاب، يلاحظ ما يلي: 1 - تقيده بالكتب الستة دون غيرها من دواوين الحديث. 2 - شموله للأحاديث والآثار عن الصحابة والتابعين.

9 - جامع التفسير من كتب الأحاديث

3 - ليس في الكتاب أية دراسة حديثية للمرويات، أو ذكر للأسانيد، بل جادة الكتاب إيراد الرواية بذكر الراوي الأعلى، وتخريجها من الكتب الستة، ثم إتباع ذلك بحكم الشيخ الألباني -رحمه الله-. 4 - لم يحرر المؤلف منهجه في الجمع، فهناك أحاديث في الفضائل، وفي أسباب النزول، وفي القراءات، وفي مشكل القرآن. 9 - جامع التفسير من كتب الأحاديث: أشرف على إخراجه/ خالد بن عبد القادر آل عقدة. ويقع الكتاب في أربعة مجلدات. ويقال في هذا الكتاب النقاط الثلاث الأولى في سابقه تماما، سوى أنه زاد في مراجعه مسند الإمام أحمد. وأما منهج الجمع فقد توسعوا فيه، كما جاء في (ضوابط العمل) من المقدمة، وفيه: "ترتيب الأحاديث والآثار ترتيبا موضوعيا حسب الآتي: أ. ما جاء في اسم السورة. ب. ما جاء في فضل السورة. ج. ما جاء في نزول السورة. د. أحكام متعلقة بالسورة. هـ. المناسبة المتعلقة بالسورة .. ثم بالنسبة للآية: أ. ما جاء في فضل الآية. ب. ما جاء في نزول الآية. ج. ما جاء في تفسير الآية. د. قراءات واردة في الآية. هـ. أحكام متعلقة بالآية. و. المناسبة المتعلقة بالآية" (¬1). خطه البحث: جعلت خطبة هذا البحث في مقدمة وقسمين وخاتمة وفهارس على النحو التالي: المقدمة: وتتضمن أهمية الموضوع، وأسباب اختياره، وخطة البحث فيه، والمنهج المتبع في ذلك. القسم الأول: الدراسة التأصيلية. وفيه ثلاثة فصول: ¬

_ (¬1) جامع التفسير 1: 5 - 6.

منهح البحث

الفصل الأول: بيان الرسول -صلى الله عليه وسلم- للقرآن. وفيه ثلاثة مباحث: المبحث الأول: أهمية الرجوع للسنة في تفسير القرآن الكريم. المبحث الثاني: هل فسر الرسول -صلى الله عليه وسلم- القرآن كله أو بعضه؟ المبحث الثالث: أنواع البيان النبوي للقرآن الكريم، وصوره. الفصل الثاني: خطر القول في القرآن بغير علم. الفصل الثالث: عناية المحدثين بعلم التفسير. القسم الثاني: جمع ودراسة الأحاديث المرفوعة في التفسير الصريح مرتبة على سور القرآن الكريم. وهو مقصود البحث. الخاتمة: وفيها أهم النتائج والتوصيات. الفهارس الفنية. منهح البحث: سوف أسلك في بحث الموضوع المنهج الآتي -إن شاء الله تعالى-: 1 - أجمع الأحاديث المرفوعة التي أفادت تفسير الآية أو لفظة منها إفادة مباشرة للمعنى، وهو التفسير اللفظي الصريح (¬1)، ولم أتقيد بكتاب، أو مرتبة من مراتب قبول الأحاديث أو ردها، بل أجمع كل ما أقف عليه مسندا تحت هذا الشرط. ¬

_ (¬1) ينظر مزيد بيان لهذا في المجث الثالث من الفصل الأول: بيان الرسول -صلى الله عليه وسلم- للقرآن، وأشير إلى أن هذا الضابط تقريبي تختلف فيه الأنظار، وكم ترددت في إيراد بعض الأحاديث في البحث نظرا لاحتمال اندراجها تحت هذا الضابط، أو عدم دخولها فيه, وربما أثبت بعض الأحاديث ثم بدا لي عدم صلاحيته لشرط البحث فحذفته, والعكس كذلك.

قال الحافظ أبو عبد الله الحاكم: "ولعل قائلا يقول: وما الغرض في تخريج ما لا يصح سنده، ولا يعدل رواته؟ والجواب عن ذلك من أوجه: منها: أن الجرح والتعديل مختلف فيهما، وربما عدَّل إمام وجرح غيره. وكذلك الإرسال مختلف فيه، فمن الأئمة من رأى الحجة بها، ومنهم من أبطلها. والأصل فيه: الاقتداء بالأئمة الماضين رضي الله عنهم أجمعين، كانوا يحدثون عن الثقات وغيرهم، وإذا سئلوا عنهم بينوا أحوالهم" (¬1). وقال الخطيب البغدادي: "وليس يعيب طالب الحديث أن يكتب عن الضعفاء والمطعون فيهم، فإن الحفاظ ما زالوا يكتبون الروايات الضعيفة، والأحاديث المقلوبة، والأسانيد المركبة؛ لينقروا عن واضعيها، ويبينوا حال من أخطأ فيها" (¬2). 2 - أكتب نص الآية التي ورد تفسيرها عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بالرسم العثماني. 3 - أسوق الحديث مسندًا من أحد المصادر التي أخرجته, مقدمًا أعلاها إسنادًا، لشرف العلو عند المحدثين. 4 - أخرج الحديث من المصادر الأصلية فين كان الحديث في الصحيحن أو أحدهما؛ فإنني أكتفي في ذلك بالكتب التسعة، ولا أتجاوزها إلا لفائدة. وإن كان في غيرها فإنني أتوسع في التخريج بحسب الحاجة مراعيًا تقديم الأشهر ثم الأقدم وفاة، مع التنبه إلى إدراج المتابعات التامة في مواضعها أثناء سياق المصادر. 5 - الحكم على الإسناد بعد النظر في أحوال رجاله (¬3)، وتحقق اتصاله أو انقطاعه. وإذا قلت: حسن صحيح؛ فللتردد بين هاتين المرتبتين. ¬

_ (¬1) المدخل الى معرفة كتاب الإكليل ص 65 - 66. (¬2) تاريخ بغداد 1: 43. (¬3) كان المنهج في أصل البحث: ترجمة رجال الإسناد، مع التوسع في المختلف فيهم، لكن رأيت -بمشورة بعض أهل الفضل- حذف ذلك عند الطباعة تخفيفا واختصارا، والاكتفاء بذكر من يؤثر حالهم في الحكم على الحديث.

6 - إن كان الحديث مقبولًا أشرت أحيانا إلى شواهده وتخريجها، وإن كان ضعيفًا بحثت في متابعاته وشواهده -إن وجدت- ما قد يرقيه إلى القبول. 7 - الحكم على الحديث بعد استيفاء النظر في إسناده، والبحث في متابعاته وشواهده، مع الحرص على نقل أحكام الأئمة عليه. 8 - بيان الغريب عقب كل حديث. وأنبه في هذا المقام إلى أن ما تركته من مواضع تتعلق بما سبق، من الحكم على إسناد أو حديث، أو الفصل في راو مختلف فيه؛ فليس ذلك لغفلة عنه، بل لعدم اتضاح الأمر وجلائه بالنسبة لي، ورحم الله امرءا وقف حيث بلغ به علمه، ولم يتكلف ما لم يعلم، فآثرت التوقف لخطورة الأمر، وضعف الأهلية، ولي في ذلك سلف من كبار الأئمة. قال الإمام مسلم: "اعلم رحمك الله أن صناعة الحديث ومعرفة أسبابه من الصحيح والسقيم؛ إنما هي لأهل الحديث خاصة، لأنهم الحفاظ لروايات الناس العارفين بها دون غيرهم" (¬1). وقال الحافظ أحمد بن صالح المصري: "معرفة الحديث بمنزلة معرفة الذهب، إنما يبصره أهله" (¬2). وقال ابن القيسراني: "أما الغريب والأفراد فلا يمكن الكلام عليها لكل أحد من الناس، إلا من برع في صنعة الحديث" (¬3). وأشار الحافظ العلائي إلى مسالة التفرد، وقال:"ولذا كان الحكم به من المتأخرين عسرا جدا، وللنظر فيه مجال، بخلاف الأئمة المتقدمين الذين منحهم الله التبحر في علم الحديث، والتوسع في حفظه، كشعبة والقطان وابن مهدي ونحوهم، وأصحابهم مثل: ¬

_ (¬1) التمييز ص 218. (¬2) أخرجه الخطيب في (الجامع) 2: 256. (¬3) أطراف الغرائب والأفراد 1: 44.

أحمد وابن المديني وابن معين وابن راهويه، وطائفة، ثم أصحابهم مثل: البخاري ومسلم وأبي داود والترمذي والنسائي، وهكذا إلى زمن الدارقطني والبيهقي، ولم يجىء بعدهم مساوٍ لهم ولا مقارب" (¬1). وقبل الختام أتوجه بالشكر والثناء والحمد لله رب العالمين، فهو أهل الحمد ومستحقه، على نعمه العظيمة، وآلائه الجسيمة. ثم الشكر موصول لوالدي الكريمين عملًا بقوله تعالى: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ} [لقمان: 14]، اللذين ما فتئا لي نصحًا وحرصًا وعناية، فغفر الله لهما، وأسبغ عليهما لباس العفو والعافية في الدنيا والآخرة. كما أتقدم بالشكر والعرفان لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ممثلة في قسم السنة وعلومها بكلية أصول الدين بالرياض، على ما يسر من أسباب وسبل في مواصلة الدراسة وتحصيل العلم. وأعم بالشكر كل من كانت له يدٌ في هذا الجهد المتواضع من إبداء رأي، أو إسداء نصح ومشورة، أو إعارة كتاب، أو غير ذلك. هذا وأسال الله التوفيق والسداد، والإخلاص في القول والعمل، وأن ينور قلوبنا بنور الإيمان والقرآن، واتباع سنة خير الأنام. وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم. كتبه خالد بن عبد العزيز الباتلى [email protected] ¬

_ (¬1) نقله عنه السخاوي في (فتح المغيث) 2: 102.

الدراسة التأصيلية

القسم الأول الدراسة التأصيلية وفيه ثلاثة فصول: الفصل الأولى: بيان الرسول -صلى الله عليه وسلم- للقرآن. الفصل الثاني: خطر القول في القرآن بغير علم. الفصل الثالث: عناية المحدِّثين بعلم التفسير.

الفصل الأول بيان الرسول -صلى الله عليه وسلم- للقرآن

الفصل الأول بيان الرسول -صلى الله عليه وسلم- للقرآن وفيه ثلاثة مباحث: المبحث الأول: أهمية الرجوع للسنة فى تفسير القرآن الكريم. المبحث الثانى: هل فسر الرسول -صلى الله عليه وسلم- القرآن كله أو بعضه؟ المبحث الثالث: أنواع البيان النبوى للقرآن الكريم، وصوره.

الفصل الأول بيان الرسول -صلى الله عليه وسلم- للقرآن لا يخفى على كل مسلم أن القرآن كلامُ الله تعالى، وأن محمداً -صلى الله عليه وسلم- رسولُ الله، والمبلغ عنه كلامه إلى الإنس والجن أجمعين، وقد تولى -صلى الله عليه وسلم- بيانَه للأمة خيرَ بيان. والحديثُ عن بيان الرسول -صلى الله عليه وسلم- للقرآن يتضمنُ ثلاث مسائل قد يدمجها البعض، لكن رأيت أن أفرد كل مسألة على حدة وفق المباحث الآتية: المبحث الأول: أهمية الرجوع للسنة في تفسير القرآن الكريم. المبحث الثاني: هل فسر الرسول -صلى الله عليه وسلم- القرآن كله أو بعضه؟ المبحث الثالث: أنواع البيان النبوي للقرآن الكريم، وصوره.

المبحث الأول أهمية الرجوع للسنة في تفسير القرآن الكريم

المبحث الأول أهمية الرجوع للسنة في تفسير القرآن الكريم يعد الرسولُ -صلى الله عليه وسلم- بلا خلاف- المفسرَ الأول، والمرجعَ المقدم في بيان معاني كلام الله تعالى، وذلك لأنه مؤيدٌ بالوحي، وهو أعلمُ الناس بربه جل وعلا، {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)} [النجم: 3، 4]، وبين الله تعالى أن مهمةَ الرسول الكريم: بيانُ هذا الذكر الحكيم، فقال جل وعلا: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44)} [النحل: 44]. قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: (ما من شيء إلا بُيِّن لنا في القرآن، ولكن فهمنا يقصر عن إدراكه، فلذلك قال تعالى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}) (¬1). وقال الإمام أحمد رحمه الله: "السنة عندنا آثار رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والسنة تفسر القرآن، وهي دلائل القرآن" (¬2). وقال أبو عمرو بن العلاء -أحد القراء السبعة-: "الحديث يفسر القرآن" (¬3). وقال عبد الرحمن بن مهدي -رحمه الله-: "الرجل إلى الحديث أحوج منه إلى الأكل والشرب، الحديث يفسر القرآن" (¬4). ¬

_ (¬1) أورده السيوطي في (مفتاح الجنة) ص 58 رقم (101)، وعزاه إلى ابن أبي حاتم. (¬2) أخرجه اللالكائى في (شرح أصول اعتقاد أهل السنة) 1: 156 رقم (317)، وابن أبي يعلى في (طبقات الحنابلة) 1: 241، وهو جزء من نص طويل في بيان عقيدة الإمام أحمد بن حنبل. فائدة: ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (20: 249) أن الإمام أحمد له رسالة مشهورة في الرد على من يزعم الاستغناء بظاهر القرآن عن تفسير سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. (¬3) ينظر: تهذيب الكمال 34: 127. (¬4) أخرجه الخطيب في (تاريخ بغداد) 2: 186، وفي (الكفاية) ص 16.

وقال ابن أبي حاتم: "إن الله عز وجل ابتعث محمدا رسوله -صلى الله عليه وسلم- إلى الناس كافة، وأنزل عليه الكتاب تبيانا لكل شيء، وجعله موضع الإبانة عنه، فقال: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44]، وقال عز وجل: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ} [النحل: 64]، فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو المبين عن الله عز وجل أمره, وعن كتابه معاني ما خوطب به الناس، وما أراد الله عز وجل به وعني فيه، وما شرع من معاني دينه وأحكامه وفرائضه وموجباته وآدابه ومندوبه وسننه التي سنها، وأحكامه التي حكم بها، وآثاره التي بثها، فلبث -صلى الله عليه وسلم- بمكة والمدينة ثلاثا وعشرين سنه يقيم للناس معالم الدين، يفرض الفرائض، ويسن السنن، ويمضيى الأحكام، ويحرم الحرام، ويحل الحلال، ويقيم الناس على منهاج الحق بالقول والفعل، فلم يزل على ذلك حتى توفاه الله عز وجل، وقبضه إليه" (¬1). وقال ابن كثير في تفسير الآية: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ} يعني: القرآن، {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} من ربهم، أي: لعلمك بمعنى ما أنزل عليك، وحرصك عليه، واتباعك له، ولعلمنا بأنك أفضل الخلائق وسيد ولد آدم، فتفصل لهم ما أجمل، وتبين لهم ما أشكل. {وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} أي: ينظرون لأنفسهم فيهتدون، فيفوزون بالنجاة في الدارين" (¬2). وقال الشنقيطي-رحمه الله-: "المراد بالذكر في هذه الآية: القرآن (¬3)، كقوله: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)} [الحجر: 9]. ¬

_ (¬1) الجرح والتعديل 1: 1 - 2. (¬2) تفسير القرآن العظيم 4: 574، وينظر: تفسير الطبري 14: 232. (¬3) قال ابن الجوزي في (زاد المسير) 4: 450 - في بيان معنى الذكر الوارد في الآية: "هو القرآن بإجماع المفسرين".

وقد ذكر سبحانه في هذه الآية حكمتين من حكم إنزال القرآن على النبي -صلى الله عليه وسلم-: إحداهما: أن يبين للناس ما نزل إليهم في هذا الكتاب من الأوامر والنواهي، والوعد والوعيد، ونحو ذلك. وقد بين هذه الحكمة في غير هذا الموضع أيضًا، كقوله: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ} [النحل: 64]، وقوله: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ} [النساء: 105]. الحكمة الثانية: هي التفكر في آياته والاتعاظ بها، كما قال هنا: {وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}. وقد بين هذه الحكمة في غير هذا الموضع أيضًا. كقوله: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (29)} [ص: 29]، وقوله: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء: 82]، وقوله: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24)} [محمد: 24] إلى غير ذلك من الآيات" (¬1). وقال الإمام الطبري -رحمه الله-: "مما أنزل الله من القرآن على نبيه -صلى الله عليه وسلم-؛ ما لا يُوصل إلى علم تأويله إلا ببيانِ الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وذلك تأويلُ جميع ما فيه: من وجوه أمره -واجبه ونَدْبِه وإرْشاده-، وصنوفِ نَهيه، ووظائف حقوقه وحدوده , ومبالغ فرائضه، ومقادير اللازم بعضَ خَلْقه لبعض، وما أشبه ذلك من أحكام آيهِ التي لم يُدرَك علمُها إلا ببيانِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- لأمَّتهِ، وهذا وجهٌ لا يجوز لأحدِ القولُ فيه إلا ببيانِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- له تأويلَه، بنصٍّ منه عليه، أو بدلالة قد نصَبها، دالَّةٍ أمَّتَه على تأويله" (¬2). وقال الشاطبي-رحمه الله-: "السنة إنما جاءت مبينة للكتاب وشارحة لمعانيه, ولذلك قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44]، وقال: {يَاأَيُّهَا ¬

_ (¬1) أضواء البيان 2: 380. (¬2) تفسير الطبري 1: 68.

الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [المائدة: 67]، وذلك التبليغ من وجهين: تبليغ الرسالة وهو الكتاب، وبيان معانيه، وكذلك فَعَل -صلى الله عليه وسلم- فأنت إذا تأملت موارد السنة وجدتها بيانا للكتاب، هذا هو الأمر العام فيها .. فكتاب الله تعالى هو أصل الأصول، والغاية التي تنتهي إليها أنظار النظار، ومدارك أهل الاجتهاد" (¬1). وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله -: "فإن قال قائل: فما أحسن طرق التفسير؟ فالجواب: إن أصح الطرق في ذلك أن يفسر القرآن بالقرآن، فما أجمل في مكان فإنه قد فُسِّر في موضع آخر، وما اختصر من مكان فقد بُسط في موضع آخر، فان أعياك ذلك فعليك بالسنة، فإنها شارحة للقرآن وموضحة له، بل قد قال الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي: كل ما حكم به رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ فهو مما فهمه من القرآن، قال الله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا (105)} [النساء: 105]، وقال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44)} [النحل: 44]، وقال تعالى: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (64)} [النحل: 64]، ولهذا قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه) (¬2) يعنى السنة، والسنة أيضا تنزل عليه بالوحي كما ينزل ¬

_ (¬1) الموافقات 3: 230 (¬2) أخرجه أحمد 4: 131، وأبو داود رقم (4604) في السنة: باب في لزوم السنة، وابن حبان في صحيحه كما في الإحسان 1: 188 رقم (12)، والطحاوي في (شرح معاني الآثار) 4: 209، والطبراني في الكبير 20: 283 رقم (669) (670)، والبيهقي في السنن الكبرى 9: 332، والخطيب البغدادي في (الفقيه والمتفقه) 1: 262 - 264 رقم (262) (263)، من طريق عبد الرحمن ابن أبي عوف الجرشي، عن المقدام بن معدي كرب -رضي الله عنه- مرفوعا، وفيه زيادة في آخره. وسنده صحيح.

القرآن، لا أنها تتلى كما يتلى، وقد استدل الإمام الشافعي وغيره من الأئمة على ذلك بأدلة كثيرة ليس هذا موضع ذلك، والغرض أنك تطلب تفسير القرآن منه، فإن لم تجده فمن السنة" (¬1). ثم ذكر الرجوع إلى تفسير الصحابة والتابعين. وعلى هذا المنهج كان عمل السلف الصالح من الصحابة -رضي الله عنه- فمن بعدهم، كما قال عبيد الله بن أبي يزيد: (كان ابن عباس -رضي الله عنه-، إذا سئل عن الأمر وكان في القرآن أخبر به، وإن لم يكن في القرآن فكان عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخبر به، فإن لم يكن فعن أبي بكر وعمر -رضي الله عنه-، فإن لم يكن قال فيه برأيه) (¬2). ويكفي في بيان عظمة السنة، وأهمية الرجوع إليها ما ذكره ابن تيمية قبل قليل من قوله -صلى الله عليه وسلم-: (ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه)، قال ابن القيم -رحمه الله- معلقا على الحديث-: "هذا هو السنة بلا شك" (¬3). وعن أيوب السختياني أن رجلا قال لمطرف بن عبد الله بن الشخير -وهو من كبار التابعين (ت 95 هـ) -: لا تحدثونا إلا بالقرآن، فقال له مطرف: (والله ما نريد بالقرآن بدلا، ولكن نريد من هو أعلم بالقرآن منا) (¬4). ¬

_ (¬1) مجموع الفتاوى 13: 363. (¬2) أخرجه ابن أبي شيبة في (المصنف) 4: 545 في البيوع والأقضية: باب في القاضي ما ينبغي أن يبدأ به في قضائه، قال: حدثنا ابن عيينة، عن عبيد الله .. فذكره , وهذا سند صحيح. وأخرجه أيضا: ابن سعد في (الطبقات الكبرى) 2: 366، والدارمي رقم (166) في المقدمة: باب الفتيا وما فيه من الشدة, والحاكم في (المستدرك) 1: 127، والخطيب البغدادي في (الفقيه والمتفقه) 1: 497 - 498رقم (542) (543)، كلهم من طريق ابن عيينة، به، بنحوه. (¬3) التبيان في أقسام القرآن ص 156. (¬4) أخرجه أبو خيثمة في (كتاب العلم) ص 41 رقم (97)، وابن عبد البر في (جامع بيان العلم) ص 563.

وقال مكحول الشامي -وهو من ثقات التابعين وفقهائهم- (ت 113 هـ): (القرآن أحوج إلى السنة من السنة إلى القرآن) (¬1). وعن حسان بن عطية -وهو أحد ثقات التابعين، مات بعد سنة 120 هـ- قال: "كان الوحي ينزل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ويحضره جبريل بالسنة التي تفسر ذلك" (¬2). ¬

_ (¬1) أخرجه المروزي في (السنة) رقم (104)، وابن شاهين في (شرح مذاهب أهل السنة) رقم (48)، وابن بطة في (الإبانة الكبرى) رقم (89)، والخطيب في (الكفاية) ص 14، وأورده ابن عبد البر في (جامع ببان العلم) ص 563، وعزاه إلى سعيد بن منصور. وجاء هذا عن الإمام الأوزاعي -راويه عن مكحول، وهو من كبار أتباع التابعين، وأئمة الفقه المشهورين، ت 157 هـ- أنه قال: "الكتاب أحوج إلى السنة من السنة إلى الكتاب". أورده ابن عبد البر في (جامع بيان العلم وفضله) ص 563، وعلق عليه فقال: "يريد أنها تقضي عليه وتبين المراد منه , وهذا نحو قولهم: ترك الكتاب موضعا للسنة، وتركت السنة موضعا للرأي". وجاء أيضا عن حماد بن زيد -وهو من أتباع التابعين، مات سنة 179 هـ- قال: " إنما هو الكتاب والسنة، والكتاب أحوج إلى السنة من السنة إلى الكتاب" أخرجه الخطيب في (الفقيه والمتفقه) 1: 231 رقم (231). (¬2) أخرجه بهذا اللفظ: ابن عبد البر في (جامع بيان العلم) ص 563، وذكره القرطبي في تفسيره 1: 39. وأخرجه الخطيب في (الكفاية) ص 15، ولفظه: (كان جبرائيل ينزل على النبي -صلى الله عليه وسلم- بالقرآن، والسنة تفسر القرآن). وأخرجه الدارمي رقم (588) في المقدمة: باب السنة قاضية على كتاب الله , والمروزي في (السنة) رقم (102) (402)، ونعيم بن حماد في زوائده على (الزهد) ص 439 رقم (91)، وابن بطة في (الإبانة الكبرى) رقم (92)، واللالكائى في (شرح أصول اعتقاد أهل السنة) 1: 83 رقم (99) والخطيب البغدادي في (الفقيه والمتفقه) 1: 266 - 267 رقم (268) (269) (270)، وفي (الكفاية) ص 12 بنحوه. وصحح إسناده ابنُ حجر في (فتح الباري) 13: 305.

وقال يحيى بن أبي كثير -وهو من صغار التابعين الثقات الأثبات، ت 129 هـ- "السنة قاضية على الكتاب، وليس الكتاب بقاض على السنة" (¬1). ¬

_ (¬1) أخرجه الدارمي رقم (587) في المقدمة: باب السنة قاضية على كتاب الله، والمروزي في (السنة) رقم (103)، وابن شاهين في (شرح مذاهب أهل السنة) رقم (47)، وابن بطة في (الإبانة الكبرى) رقم (90) (91)، والخطيب في (الكفاية) ص 14. وأورده ابن قتيبة في (تأويل مختلف الحديث) ص 380 وعلق عليه فقال: "أراد أنها مبينة للكتاب، منبئة عما أراد الله تعالى فيه". وأورده السيوطي في (مفتاح الجنة) ص 91، وعقب عليه فقال: "قال البيهقي: ومعنى ذلك أن السنة مع الكتاب أقيمت مقام البيان عن الله ,كما قال الله: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}، لا أن شيئًا من السنن يخالف الكتاب". قلت -القائل السيوطي-: "والحاصل أن معنى احتياج القرآن إلى السنة؛ أنها مبينة له، ومفصلة لمجملاته, لأن في لِوَجازته كنوز تحتاج إلى من يعرف خفايا خباياها فيبرزها، وذلك هو المنزل عليه -صلى الله عليه وسلم-، وهو معنى كون السنة قاضية عليه، وليس القرآن مبينا للسنة ولا قاضيا عليها، لأنها بينة بنفسها إذ لم تصل إلى حد القرآن في الاعجاز والإيجاز، لأنها شرح له، وشأن الشرح أن يكون أوضح وأبين وأبسط من المشروح، والله أعلم". وجاء هذا عن الأوزاعي قال: "إن السنة جاءت قاضية على الكتاب، ولم يجيء الكتاب قاضيا على السنة". أخرجه الحاكم في (معرفة علوم الحديث) ص 65. وقال الفضل بن زياد: سمعت أحمد بن حنبل -وسئل عن الحديث الذي روي أن السنة قاضية على الكتاب- قال: "ما أجسر على هذا أن أقوله، ولكن السنة تفسر الكتاب، وتعرف الكتاب، وتبينه). أخرجه الخطيب في (الكفاية) ص 14 - 15، وأورده ابن عبد البر في (جامع بيان العلم) ص 564، والقرطبي في تفسيره 1: 39. وجاء في (مسائل الإمام أحمد) رواية ابنه عبد الله رقم (1586): "قال عبد الله: سألت أبي , قلت: ما تقول في السنة تقضي على الكتاب؟ قال: قد قال ذلك قوم منهم مكحول والزهري. قلت: فما تقول أنت؟ قال: أقول: السنة تدل على معنى الكتاب". وأخرجه الخطيب في (الفقيه والمتفقه) 1: 230 - 231. وفهم ابن القيم من عبارة الإمام أحمد معنى الإنكار، فقال في (الطرق الحكمية) ص 107: "وقد أنكر الإمام أحمد على من قال: السنة تقضي على الكتاب، فقال: بل السنة تفسر الكتاب وتبينه".

وقال الإمام الطبري -رحمه الله-: "تأويلُ القرآن غيرُ مدرك إلا ببيان من جعل الله إليه بيان القرآن" (¬1). وقال ابن تيمية -رحمه الله-: "اتفق الصحابة والتابعون لهم بإحسان وسائر أئمة الدين؛ أن السنة تُفَسِّر القرآن، وتبينه، وتدل عليه، وتعبر عن مجمله" (¬2). وقال أيضا: "ومما ينبغي أن يعلم: أن القرآن والحديث إذا عرف تفسيره من جهة النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يحتج في ذلك إلى أقوال أهل اللغة، فإنه قد عرف تفسيره وما أريد بذلك من جهة النبي -صلى الله عليه وسلم-، لم يحتج في ذلك إلى الاستدلال بأقوال أهل اللغة ولا غيرهم" (¬3). وقال الشاطبي -رحمه الله-: "لا ينبغي في الاستنباط من القرآن الاقتصار عليه دون النظر في شرحه وبيانه، وهو: السنة" (¬4). وقال ابن الوزير اليمني (ت 840 هـ) -في بيان أنواع التفسير-: "النوع الثالث: التفسير النبوي، وهو مقبول بالنص والإجماع" (¬5) وساق الأدلة في ذلك. وتتبع أقوال الأئمة في هذا يطول، ومن نظر في تعظيم السلف لسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- تعلما، وتعليما، وعملا؛ تبين له عظيم منزلتها، وشدة الحاجة إليها في بيان معاني القرآن وغيره , حتى قال حماد بن زيد -رحمه الله-: "حرمة أحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كحرمة كتاب الله تعالى" (¬6). ¬

_ (¬1) تفسير الطبري 2: 181. (¬2) مجموع الفتاوى 17: 432. (¬3) المرجع السابق 13: 27، وذكر نحو ذلك في 7: 286. (¬4) الموافقات 3: 369. (¬5) إيثار الحق على الخلق ص 152. (¬6) أخرجه البيهقي في (المدخل إلى السنن الكبرى) ص 391 رقم (690)، وعقب عليه فقال: "وإنما أراد في معرفة حقها، وتعظيم حرمتها، وفرض اتباعها"، وفي هذا المغني قال سليمان بن طرخان التيمي -وهو من ثقات التابعين ت 143 هـ-: " أحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كالتنزيل"، أخرجه الخطيب في الفقيه والمتفقه 1: 265.

والسنة النبوية -كما لا يخفى- يجب الرجوع إليها في تفسير القرآن وفي غيره، ومن هنا فيذكر هنا ما جاء في منزلة السنة، ووجوب الأخذ بها، وأنها المصدر الثاني من مصادر التشريع في الإسلام؛ من نصوص وآثار ونقول كثيرة، وهي قريبة مشهورة، ولم أر داعيا لحشدها والإطالة بسردها (¬1). وأنبه بهذه المناسبة إلى التفريق بين مسألتين: 1 - منزلة السنة مع القرآن: وهذه يتكلم عنها الأصوليون، ومن يبحث في حجية السنة ومكانتها، ونحو ذلك. وفي هذا يقول ابن القيم: "السنن مع كتاب الله على ثلاث منازل: المنزلة الأولى: سنة موافقة شاهدة بنفس ما شهد به الكتاب المنزل. المنزلة الثانية: سنة تفسر الكتاب، وتبين مراد الله منه، وتقيد مطلقه. المنزلة الثالثة: سنة متضمنة لحكم سكت عنه الكتاب فتبينه بيانا مبتدأ. ولا يجوز رد واحدة من هذه الأقسام الثلاثة، وليس للسنة مع كتاب الله منزلة رابعة" (¬2). 2 - منزلة السنة في بيان القرآن، وأنواع ذلك البيان وصوره: وهذه محل البحث هنا في هذا الفصل. ¬

_ (¬1) ينظر: (الرسالة) للشافعي في مواضع كثيرة متفرقة , ويستفاد من الفهرس العلمي الذي صنعه الشيخ أحمد شاكر رحمه الله ص 66، (السنة) للمروزي، (جامع بيان العلم) لابن عبد البر ص 558 وما بعدها، (الفقيه والمتفقه) للخطيب 1: 257 وما بعدها، (الكفاية) للخطيب ص 3 - 16، (مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة) للسيوطي، (حجية السنة) للدكتور/ عبد الغني عبدالخالق، (السنة ومكانتها من التشريع الإسلامي) للدكتور/ مصطفى السباعي ص 375 وما بعدها. (¬2) (الطرق الحكمية) ص 107، وانظر معناه في (الرسالة) للإمام الشافعي ص 91 - 92.

المبحث الثانى هل فسر الرسول -صلى الله عليه وسلم- القرآن كله أو بعضه؟

المبحث الثانى هل فسر الرسولُ -صلى الله عليه وسلم- القرآن كله أو بعضه؟ عرض بعض المتأخرين لهذه المسألة (¬1)، ونصب فيها الخلاف بين العلماء على قولين: 1 - أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- فسَّر وبين لأصحابه كل معاني القرآن، كما بين لهم ألفاظه. ونسب هذا القول لشيخ الإسلام ابن تيمية. 2 - أنه -صلى الله عليه وسلم- لم يبين لأصحابه كل معاني القرآن. وعند التأمل يبدو أن الخصومة مفتعلة، وأن الخلاف لفظي، وأن حاصل البحث يؤدي إلى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بيَّن لأصحابه ما يحتاجون إليه في تفسير القرآن، وهذا البيان على صور يأتي بيانها -إن شاء الله- في المبحث الثالث. وهل يتصور عاقل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- فسَّر للصحابة ألفاظ القرآن كلها كالجبل والماء، والأرض والسماء، مع علو شأنه في الفصاحة والبلاغة، وما اختص به من جوامع الكلم؟!. إن مجرد تصور هذا القول كاف في إبطاله ورده, وكما قيل: توضيح الواضحات من المشكلات، وإذا كان هذا مما يأنف منه العقلاء من الأفراد (¬2)، فكيف ينسب إلى سيد العباد، وأفصح من نطق بالضاد؟!. ولأجل هذا فقد حاولت تتبع تسلسل البحث في هذه المسألة، فوجدت أن أول من نصب الخلاف في المسألة بذكر القولين المتقابلين، وأدلة كل قول؛ هو الدكتور/ محمد ¬

_ (¬1) أوسع من تكلم عن المسألة -فيما وقفت عليه- د. محمد الذهبي في (التفسير والمفسرون) 1: 49 - 55، ومنه استفاد من كتب بعده في المسألة. (¬2) قال ابن الجوزي في مقدمة تفسيره (زاد المسير) 1: 7: "ولم أغادر من الأقوال التي أحطت بها إلا ما تبعد صحته مع الاختصار البالغ، فإذا رأيت في فرش الآيات ما لم يذكر تفسيره فهو لا يخلو من أمرين: إما أن يكون قد سبق، وإما أن يكون ظاهرا لا يحتاج إلى تفسير".

حسين الذهبي -رحمه الله- في كتابه (التفسير والمفسرون)، وهو من المتأخرين (ت 1397 هـ)، وتتابع الناس بعده -ممن كتب في المسألة- متابعين له بنصب الخلاف. والذي ظهر لي أن عرضه للخلاف في المسألة بتلك الصورة غيرُ صحيح، وسببُ وقوعه في ذلك: الوهمُ في فهمِ عبارة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فإنه فهم منها أنه يذهب إلى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- فسَّر القرآن كله، من أوله إلى آخره، وهذا لا يوافق عليه كما سيأتي. وبالتالي لست محتاجا لعرض الخلاف وأدلة كل قول، لأن الخلاف لا وجود له أصلا. وما ذكره -وكذا من جاء بعده من الباحثين- من أدلة أخذها من كلام شيخ الإسلام وحملها على المعنى الذي فهمه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- فسَّر القرآن كله؛ فليس فيها دلالة على ذلك، كما أجاب عنها في أثناء مناقشة القولين. ويؤيد ما سبق أنني لم أجد -فيما وقفت عليه- أحدا قبل الدكتور الذهبي نصَّ على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- فسَّر القرآن كله، بالمعنى الذي فهمه الدكتور، ولم أجد أحدا قبله ساق الخلاف في المسألة كما ساقه في كتابه. وما ورد عن ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، فليس فيه ما نسب إليهما من كون النبي -صلى الله عليه وسلم- فسَّر القرآن كله بجمله وألفاظه، وبيَّن كل معاني القرآن كما بين ألفاظه -كما صرَّح بذلك بعض من كتب في المسألة (¬1) -، بل هو محمول على ما سبق، ولعل من المناسب أن أسوق بعض عباراتهما في هذا المقام: 1 - قال ابن تيمية: "يجب أن يعلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بين لأصحابه معاني القرآن كما بين لهم ألفاظه، فقوله تعالى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44] يتناول هذا وهذا" (¬2). ¬

_ (¬1) انظر على سبيل المثال: د. محمد الذهبي في (التفسير والمفسرون) 1: 49، ود. محمد إبراهيم عبد الرحمن في (التفسير النبوي للقرآن وموقف المفسرين منه) ص 53. (¬2) مجموع الفتاوى 13: 331، وهذا النص في صدر مقدمته المشهورة في أصول التفسير. وقد استفدت في جمع النقول عن ابن تيمية وابن القيم من (شرح مقدمة ابن تيمية في أصول التفسير) د. مساعد الطيار.

2 - وقال -رحمه الله-: " .. ثم إن الصحابة نقلوا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنهم كانوا يتعلمون منه التفسير مع التلاوة، ولم يذكر أحد منهم عنه قط أنه امتنع من تفسير آية. قال أبو عبد الرحمن السلمي: حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن -عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، وعبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-، وغيرهما- أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي -صلى الله عليه وسلم- عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل، قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل (¬1) " (¬2). ¬

_ (¬1) أخرجه عبد الرزاق في (المصنف) 3: 380 رقم (6027) في فضائل القرآن: باب تعليم القرآن وفضله، وابن أبي شيبة في (المصنف) 6: 118 رقم (29920) في فضائل القرآن: باب في تعليم القرآن كم آية؟ وأحمد في (المسند) 5: 410، وابن سعد في (الطبقات) 6: 172، والطبري في تفسيره 1: 74، والطحاوي في (شرح مشكل الآثار) 4: 83 من طرق عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن، بنحوه. وزاد ابن سعد في آخره: "وإنّه سيرث القرآن بعدنا قوم ليشربونه شرب الماء لا يجاوز تراقيهم، بل لا يجاوز هاهنا، ووضع يده على الحلق". وعندهم: أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- أو الذين كانوا يقرئوننا من غير تسمية، ورواية التعيين أعلها الإمام الدارقطني في (العلل) 3: 60. فائدة: ورد هذا المعنى عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: (كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن، والعمل بهن). أخرجه الطبري 1: 74 من طريق الأعمش، عن شقيق، عن ابن مسعود -رضي الله عنه-، وصححه 1: 83. وأخرجه الطحاوي في (شرح مشكل الآثار) 4: 82, والحاكم 1: 557، والبيهقي في (السنن الكبرى) 3: 119، كلهم من طريق شريك عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عبد الله -رضي الله عنه-. وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. وأقره الذهبي. وشريك؛ هو النخعي القاضي، يخطىء كثيرا، وقال الدارقطني: ليس بالقوي فيما يتفرد به. ينظر: تهذيب الكمال 12: 462. (¬2) مجموع الفتاوى 13: 308.

3 - وقال -رحمه الله-: "الصحابة" بلغوا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لفظ القرآن ومعانيه جميعا كما ثبت ذلك عنهم، مع أن هذا مما يعلم بالضرورة عن عادتهم، فإن الرجل لو صنف كتاب علم في طب أو حساب أو غير ذلك، وحفظه تلامذته؛ لكان يعلم بالاضطرار أن هممهم تشوق إلى فهم كلامه ومعرفة مراده .. وهل يتوهم عاقل أنهم كانوا إنما يأخذون منه مجرد حروفه وهم لا يفقهون ما يتلوه عليهم ولا ما يقرؤونه، ولا تشتاق نفوسهم إلى فهم هذا القول، ولا يسألونه عن ذلك، ولا يبتدىء هو بيانه لهم! هذا مما يعلم بطلانه أعظم مما يعلم بطلان كتمانهم ما تتوفر الهمم والدواعي على نقله، ومن زعم أنه لم يبين لهم معاني القرآن أو أنه بينها وكتموها عن التابعين فهو بمنزلة من زعم أنه بين لهم النص على عليٍّ وشيئا آخر من الشرائع والواجبات، وأنهم كتموا ذلك، أو أنه لم يبين لهم معنى الصلاة والزكاة والصيام والحج ونحو ذلك مما يزعم القرامطة أن له باطنا يخالف الظاهر .. فقولنا بتفسير الصحابة والتابعين لعلمنا بأنهم بلغوا عن الرسول ما لم يصل إلينا إلا بطريقهم، وأنهم علموا معنى ما أنزل الله على رسوله تلقيا عن الرسول، فيمتنع أن نكون نحن مصيبين في فهم القرآن وهم مخطئون، وهذا يعلم بطلانه ضرورة عادة وشرعا" (¬1). 4 - وقال -رحمه الله-: " .. ومن المعلوم أن رغبة الرسول في تعريفهم معاني القرآن أعظم من رغبته في تعريفهم حروفه، فإن معرفة الحروف بدون المعاني لا تحصل المقصود إذ اللفظ إنما يراد للمعنى" (¬2). ¬

_ (¬1) بغية المرتاد ص 330 - 332. (¬2) مجموع الفتاوى 5: 157. تنبيه: قال السيوطي في (الإتقان) 2: 569: "وقد صرح ابن تيمية -فيما تقدم وغيره- بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- بين لأصحابه تفسير جميع القرآن أو غالبه". ولم أجد هذا عن ابن تيمية، وقد سبق للسيوطي نقل كلام ابن تيمية من مقدمته في أصول التفسير -وقد سبق نقله- فلعله ذكر هذا بناء على فهمه, والله أعلم.

5 - وقال ابن القيم -رحمه الله-: " .. فكما بلغ الرسول ألفاظ القرآن للأمة بلغهم معانيه، بل كانت عنايته بتبليغ معانيه أعظم من مجرد تبليغ ألفاظه، ولهذا وصل العلم بمعانيه إلى من لم يصل إليه حفظ ألفاظه، والنقل لتلك المعاني أشد تواترا وأقوى اضطرارا، فإن حفظ المعنى أيسر من حفظ اللفظ، وكثير من الناس يعرف صورة المعنى ويحفظها، ولا يحفظ اللفظ، والذين نقلوا الدين عنه علموا مراده قطعا لما تلا عليهم من تلك الألفاظ" (¬1). 6 - وقال -رحمه الله-: " .. فهذه الأحاديث تقرر نصوص القرآن، وتكشف معانيها كشفا مفصلا، وتقرب المراد، وتدفع عنه الاحتمالات, وتفسر المجمل منه، وتبينه وتوضحه لتقوم حجة الله به , ويعلم أن الرسول بيَّن ما أنزل إليه من ربه، وأنه بلغ ألفاظه ومعانيه بلاغا مبينا حصل به العلم اليقيني، بلاغا أقام الحجة، وقطع المعذرة , وأوجب العلم، وبينه أحسن البيان وأوضحه" (¬2). فهذه النقول عنهما محمولة على أنه -صلى الله عليه وسلم- بين ما يحتاج إليه من كتاب الله عز وجل، لا كما فهمه بعض المتأخرين أنه فسَّر القرآن كله للصحابة من أوله إلى آخره؛ بآياته وجمله وألفاظه، وكيف يتصور ذلك والقرآن نزل بلسان عربي مبين على أرباب العربية والفصاحة! فكان الصحابة يفهمون القرآن بمجرد سماعه غضا طريا من النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإنما بين مواضع الإشكال والإجمال مما يحتاج إلى بيانه. والدليل على ذلك من كلام شيخ الإسلام نفسه أنه قال -في المقدمة نفسها-: "فإن قال قائل: فما أحسن طرق التفسير؟ فالجواب: أن أصح الطرق في ذلك: أن يفسر القرآن بالقرآن .. فإن أعياك ذلك؛ فعليك بالسنة فإنها شارحة للقرآن، وموضحة له .. وإذا لم نجد التفسير في القرآن ولا في السنة؛ رجعنا في ذلك إلى أقوال الصحابة .. إذا لم تجد التفسير في ¬

_ (¬1) الصواعق المرسلة 2: 636. (¬2) مختصر الصواعق المرسلة ص 456، وانظر ما بعدها.

القرآن ولا في السنة، ولا وجدته عن الصحابة، فقد رجع كثير من الأئمة في ذلك إلى أقوال التابعين" (¬1). فهذا نص واضح أن من التفسير ما لا نجده في السنة، فكيف ينسب إليه القول بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- بين للأمة معاني القرآن كله، وفسَّره لهم كاملا؟!. وأرى أن قوله السابق في مقدمته: "يجب أن يعلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بين لأصحابه معاني القرآن كما بين لهم ألفاظه" من جنس قوله -صلى الله عليه وسلم-: (إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر ..) (¬2) فالتشبيه في الحديث لوضوح الرؤية لا بالمرئي، وكذلك في كلام ابن تيمية التشبيه في وضوح البيان، فقد بين النبي -صلى الله عليه وسلم- ألفاظ القرآن ومعانيه بيانا واضحا كافيا. قال البقاعي في تفسير قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44)} [النحل: 44]: " (لتبين للناس) كافة بما أعطاك الله من الفهم الذي فقت فيه جميع الخلق، واللسان الذي هو أعظم الألسنة وأفصحها، وقد أوصلك الله فيه إلى رتبة لم يصل إليها أحد، (ما نزل) أي وقع تنزيله (إليهم) من هذا الشرع الحادي إلى سعادة الدارين، بتبيين المجمل، وشرح ما أشكل، من علم أصول الدين الذي رأسه التوحيد، ومن البعث وغيره" (¬3). ¬

_ (¬1) مقدمة شيخ الإسلام في أصول التفسير، وهي ضمن مجموع الفتاوى 13: 363 وما بعدها. وانظر: (تفسير القرآن: أصوله وضوابطه) ص 58. (¬2) أخرجه البخاري (554) في مواقيت الصلاة: باب فضل صلاة العصر، و (573) في مواقيت الصلاة: باب فضل صلاة الفجر، و (4851) في تفسير القرآن: باب قوله تعالى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (39)}، ومسلم (633) في المساجد ومواضع الصلاة: باب فضل صلاتي الصبح والعصر، وغيرهما من طريق إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن جرير بن عبد الله -رضي الله عنه-. (¬3) نظم الدرر 11: 168.

ومن المناسب هنا أن يذكر ما جاء عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: (التفسير على أربعةِ أوجهٍ: وجهٌ تعرفه العربُ من كلامها، وتفسير لا يُعذر أحدٌ بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله) (¬1). قال الإمام الطبري: "تأويل جميع القرآن على أوجهٍ ثلاثة: أحدها: لا سبيل إلى الوصول إليه، وهو الذي استأثر الله بعلمه، وحَجب علمه عن جميع خلقه، وهو أوقاتُ ما كانَ من آجال الأمور الحادثة, التي أخبر الله في كتابه أنها كائنة، مثل: وقت قيام الساعة، ووقت نزول عيسى بن مريم، ووقت طلوع الشمس من مغربها، والنفخ في الصور، وما أشبه ذلك. والوجه الثاني: ما خصَّ الله بعلم تأويله نبيَّه -صلى الله عليه وسلم- دون سائر أمته، وهو ما فيه مما بعباده إلى علم تأويله الحاجةُ, فلا سبيل لهم إلى علم ذلك إلا ببيان الرسول -صلى الله عليه وسلم- لهم تأويلَه. والثالث منها: ما كان علمهُ عند أهل اللسان الذي نزل به القرآن، وذلك علم تأويل غريبه وإعرابه، لا يُوصَل إلى علم ذلك إلا من قِبَلهم" (¬2). ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري 1: 70 من طريق أبي الزناد عن ابن عباس، ولم يسمع منه. ينظر: تهذيب الكمال 14: 482. وأخرجه الفريابي في (القدر) رقم (414) والطبراني في (مسند الشاميين) 2: 302 رقم (1385) من طريق أبي حصين عثمان بن عاصم، عن أبي صالح باذام، عن ابن عباس -رضي الله عنه-، بنحوه. وأبو صالح لم يسمع من ابن عباس كا سيأتي في بحث الحديث رقم (121). ولعله يتقوى بمجموع الطريقين. وأخرجه ابن المنذر في تفسيره 1: 131 (255) من طريق محمد بن السائب الكلبي، عن ابن عباس!، والكلبي متهم بالكذب، كما سيأتي تفصيله في الحديث رقم (121). (¬2) تفسير الطبري 1: 87 - 88.

وقال أيضا: "مِن تأويل القرآن ما لا يُدرك علمُه إلا ببيان الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وذلك تفصيلُ جُمَلِ ما في آيِه من أمر الله ونَهيه, وحلاله وحرامه, وحدوده وفرائضه، وسائر معاني شرائع دينه, الذي هو مجُمَلٌ في ظاهر التنزيل، وبالعباد إلى تفسيره الحاجة؛ لا يُدرَك علمُ تأويله إلا ببيان من عند الله على لسان رسوله -صلى الله عليه وسلم-" (¬1). وقال الزركشي: "ينقسم القرآن العظيم إلى ما هو بيِّن بنفسه بلفظ لا يحتاج إلى بيان منه ولا من غيره، وهو كثير .. -وذكر أمثلة عليه- وإلى ما ليس ببين بنفسه، فيحتاج إلى بيان. وبيانه؛ إما فيه في آية أخرى، أو في السنة، لأنها موضوعة للبيان، قال تعالى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44] " (¬2). ومما يدل على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يفسِّر القرآن كله؛ وجود الخلاف بين الصحابة رضي الله عنهم في معنى بعض ألفاظ القرآن، وإن كان أكثره يعود إلى اختلاف التنوع، ولو كان عندهم تفسير نبوي كامل لجميع ألفاظ القرآن لرجعوا إليه عند الاختلاف، واتفقوا عليه. قال ابن تيمية -رحمه الله-: "الخلاف بين السلف في التفسير قليل، وخلافهم في الأحكام أكثر من خلافهم في التفسير، وغالب ما يصح عنهم من الخلاف يرجع إلى اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد" (¬3). وقال أيضا: "وأما ما صح عن السلف أنهم اختلفوا فيه اختلاف تناقض فهذا قليل بالنسبة إلى ما لم يختلفوا فيه" (¬4). ¬

_ (¬1) تفسير الطبري 1: 82. (¬2) البرهان 2: 183 - 184. (¬3) مجموع الفتاوى 13: 333. (¬4) المرجع السابق 5: 162.

ويؤيد ما سبق أيضا: دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- لابن عباس -رضي الله عنه- بقوله: (اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل) (¬1)، قال ابن الأثير: "النهي عن تفسير القرآن بالرأي لا يخلو إما أن يكون المراد به: الاقتصار على النقل والمسموع، وترك الاستنباط، أو المراد به: أمر آخر. وباطل أن يكون المراد به: ألا يتكلم أحد في القرآن إلا بما سمعه، فإن الصحابة رضى الله عنهم قد فسروا القرآن، واختلفوا في تفسيره على وجوه، وليس كل ما قالوه سمعوه من النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإن النبي -صلى الله عليه وسلم- دعا لابن عباس فقال: (اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل)، فإن كان التأويل مسموعا كالتنزيل؛ فما فائدة تخصيصه بذلك؟ " (¬2). وقد وقفت على نص نفيس لأحد كبار أئمة المحدثين، وهو الحافظ ابن حبان البستي، فقد قال: "الله جل وعلا ولَّى رسوله -صلى الله عليه وسلم- تفسير كلامه، وبيان ما أنزل إليه لخلقه، حيث قال: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44] ومن أمحل المحال أن يأمر الله جل وعلا النبي المصطفى أن يبين لخلقه مراده -حيث جعله موضع الأمانة عن ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في (المسند) 1: 266، 314، 328، 335، وفي (فضائل الصحابة) رقم (1856) (1858) (1882)، وابن سعد في (الطبقات) 2: 365، وابن حبان في صحيحه كما في الإحسان 15: 531 رقم (7055)، والحاكم في (المستدرك) 3: 534 كلهم من طريق عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما، بهذا اللفظ. وقال الحاكم: حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. وأقره الذهبي. وأصل الحديث في الصحيحين، وليس فيهما (علمه التأويل). ينظر: صحيح البخاري رقم (75) (3756) (7270)، وصحيح مسلم رقم (2477)، ولفظ البخاري في المواضع الثلاثة: (اللهم علمه الكتاب)، ولفظ مسلم: (اللهم فقهه). قال السندي في حاشيته على مسند أحمد -كما في المسند المحقق 4: 226 - : "المراد بالتأويل: تأويل القرآن، فكان يسمى بحرا، وترجمان القرآن، والله تعالى أعلم". (¬2) جامع الأصول 2: 4.

كلامه- ويفسر لهم؛ حتى يفهموا مراد الله جل وعلا من الآي التي أنزلها الله عليه، ثم لا يفعل ذلك رسول رب العالمين وسيد المرسلن، بل بأن عن مراد الله جل وعلا في الآي، وفسر لأمته ما يهم الحاجة إليه وهو سننه -صلى الله عليه وسلم- فمن تتبع السنن حفظها وأحكمها؛ فقد عرف تفسير كلام الله جل وعلا وأغناه الله تعالى عن الكلبي وذويه. وما لم يبين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأمته معاني الآي التي أنزلت عليه مع أمر الله جل وعلا له بذلك، وجاز له ذلك، كان لمن بعده من أمته أجوز، وترك التفسير لما تركه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحرى، ومن أعظم الدليل على أن الله جل وعلا لم يرد بقوله: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} القرآنَ كلَّه: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ترك من الكتاب متشابها من الآي، وآيات ليس فيها أحكام، فلم يبين كيفيتها لأمته، فلما فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دَلَّ ذلك على أن المراد من قوله: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} كان بعض القرآن لا الكل" (¬1). ويلزم من قال إن النبي -صلى الله عليه وسلم- فسَّر جميع ألفاظ القرآن -كما فهمه بعض المعاصرين- أن جزءا كبيرا من سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- في بيان القرآن أضاعه الصحابة أو من بعدهم، أو كتموه عن الأمة إما كتمان رواية أصلا، أو كتمان نسبة بأن كانوا يفسرون القرآن بما سمعوه من النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم لا ينسبونه إليه، ولا يخفى شناعة هذه اللوازم وبشاعتها (¬2). ¬

_ (¬1) المجروحين 2: 255 - 256. (¬2) من العجب ما قرره محمد إبراهيم سليم في كتابه (مرشد المفسرين والمحدثين) حيث قال ص 3: "النبي -صلى الله عليه وسلم- بيَّن القرآن كله للصحابة, ولاسيما ما أشكل عليهم، أو خفي عليهم المراد منه، ولكن لم ينقل إلينا عنه -صلى الله عليه وسلم- كل ما يتعلق بآيات القرآن، وربما كان السبب في هذا أنهم كانوا لفهمهم الكثير من آياته بمقتضى فطرتهم اللغوية, وعلمهم بالشريعة؛ رأوا ألا حاجة لنقل ما يتعلق بتفسير القرآن، ظنا منهم أن من يأتي بعدهم فهو مثلهم أو يدانيهم، وأيضا فإن اشتغالهم بالجهاد والفتوحات ونشر الإسلام، لم يدع لهم وقتا للتفرغ للعلم والرواية".

وأود أن أنبه بهذه المناسبة إلى ما ذكره غالب من تكلم في المسألة في سياق أدلة من قال: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يفسِّر جميع القرآن، وهو ما جاء عن عائشة - رضي الله عنها -، قالت: (ما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يُفسِّر شيئًا من القرآن إلا آيًا بعَددٍ, علَّمهنّ إياه جبريلُ) (¬1). ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في تفسيره 1: 78 - 79 في موضعين، وابن حبان في (الثقات) 7: 396، وابن القيسراني في (المؤتلف والمختلف) 1: 171، من طريق جعفر بن محمد بن خالد الزبيري -ونسبه الطبري في الموضع الثاني إلى جده، وعند ابن حبان: محمد بن جعفر-، قال: حدثني هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة -رضي الله عنها-. ثم قال الطبري 1: 83 - أثناء بحثه ومناقشه في معنى الحديث-: " .. هذا مع ما في الخبر الذي رُوي عن عائشة من العلَّة التي في إسناده, التي لا يجوز معها الاحتجاجُ به لأحدٍ ممن علم صحيحَ سَند الآثار وفاسدَها في الدين. لأن راويه ممن لا يُعْرف في أهل الآثار، وهو: جعفر بن محمد الزبيري". وأخرجه البزار -كما في مختصر زوائده 2: 74 رقم (1448) - من طريق محمد بن خالد بن عثمة, ثنا حفص -أظنه ابن عبد الله- عن هشام بن عروة، به. وأخرجه أبو يعلى في مسنده 8: 23 رقم (4528) من طريق معن القزاز، عن فلان بن محمد بن خالد، عن هشام بن عروة, به. ولفظه عندهما -البزار وأبي يعلى-: "كان لا يفسر شيئًا من القرآن برأيه إلا آيا بعدد علمهن إياه جبريل". وأورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 6: 303 وقال: "رواه أبو يعلى والبزار .. وفيه راو لم يتحرر اسمه عند واحد منهما، وبقية رجاله رجال الصحيح، أما البزار فقال: عن حفص أظنه ابن عبد الله عن هشام بن عروة، وقال أبو يعلى: عن فلان بن محمد بن خالد". ويبدو أن مدار الحديث على: جعفر بن محمد بن خالد، وقد تصحف عند البزار إلى حفص فظنه ابن عبد الله، كما أشار إلى ذلك الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على تفسير الطبري 1: 84، وعند أبي يعلى خفيت (جعفر) على بعض الرواة فأداها: فلان بن محمد بن خالد، بدليل أن أبا يعلى رواه من طريق معن القزاز عن فلان بن محمد بن خالد، عن هشام بن عروة, به. وقد رواه الطبري 1: 78 - 79 من طريق معن نفسه، عن جعفر، به. =

ومع ضعف الرواية؛ فقد تكلم الإمام الطبري -رحمه الله- في توجيهها وشرحها، ومما قاله في ذلك:"من تأويل القرآن ما لا يُدرك علمُه إلا ببيان الرسول -صلى الله عليه وسلم- وذلك تفصيل جُمَلِ ما في آيه من أمر الله ونَهْيه , وحلاله وحرامه، وحدوده وفرائضه, وسائر معاني شرائع دينه, الذي هو مجمَلٌ في ظاهر التنزيل، وبالعباد إلى تفسيره الحاجة، لا يُدرَك علمُ تأويله إلا ببيان من عند الله على لسان رسوله -صلى الله عليه وسلم- .. ومن آي القرآن ما قد ذكرنا أن الله جل ثناؤه استأثرَ بعلم تأويله، فلم يُطلعْ على علمه مَلكًا مقربًا، ولا نبيًا مرسلا، ولكنهم يؤمنون بأنه من عنده، وأنه لا يعلم تأويله إلا الله. فأما ما لابُدَّ للعباد من علم تأويله، فقد بيّن لهم نبيهم -صلى الله عليه وسلم- ببيان الله ذلك له بوحيه مع جبريل، وذلك هو المعنى الذي أمره الله ببيانه لهم .. ولو كان تأويل الخبر عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه كان لا يفسر من القرآن شيئًا إلا آيًا بعَددٍ -هو ما يسبقُ إليه أوهامُ أهل ¬

_ = وجعفر هذا؛ قال عنه البخاري: لا يتابع في حديثه. وقال الأزدي: منكر الحديث. وقال الطبري: لا يُعْرف في أهل الآثار. وذكره ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وذكره ابن حبان في (الثقات). وذكره الذهبي في الضعفاء. ينظر: تفسير الطبري 1: 83 الجرح والتعديل 2: 487، الثقات 6: 133، (المغني في الضعفاء) للذهبي 1: 134، لسان الميزان 2: 155. ثم وقفت عليه في (تاريخ بغداد) للخطيب 13: 253، وفي (تاريخ دمشق) لابن عساكر 43: 247 من طريق أيى عمرو بن العلاء، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: ما فسر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من القرآن إلا آيات يسيرة , قوله: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ} قال: (شكركم). لكن في سنده. أحمد بن الحسن المقرىء، ولقبه: دبيس، قال الدارقطني: ليس بثقة , وقال الخطيب: منكر الحديث، وذكره الذهبي في الضعفاء. ينظر: تاريخ بغداد 4: 88 المغني في الضعفاء 1: 36، لسان الميزان 1: 257. والحديث أورده ابن كثير في تفسيره 1: 14 وقال: "حديث منكر غريب"، والسيوطي في (الإتقان) 2: 570 وقال: "حديث منكر".

الغباء من أنه لم يكن يفسّر من القرآن إلا القليل من آيِهِ واليسيرَ من حروفه؛ كان إنما أُنزلَ إليه -صلى الله عليه وسلم- الذكرُ ليَتركَ للناس بيانَ ما أنزل إليهم، لا ليبين لهم ما أُنزل إليهم. وفي أمر الله جلّ ثناؤه نبيَّه -صلى الله عليه وسلم- ببلاغ ما أنزل إليه، وإعلامه إياه أنه إنما نزل إليه ما أنزل ليبين للناس ما نزل إليهم، وقيامِ الحجة على أنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قد بلّغ وأدّى ما أمره الله ببلاغه وأدائِه على ما أمره به وصحةِ الخبر عن عبد الله بن مسعود بقيله: كان الرجل منا إذا تعلم عشرَ آيات لم يجاوزهُن حتى يعلم معانيهنّ والعملَ بهنّ؛ ما ينبىء عن جهل من ظنَّ أو توهَّم أنّ معنى الخبر الذي ذكرنا عن عائشة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أنه لم يكن يفسر من القرآن شيئا إلا آيًا بعَددٍ)، هو أنه لم يكن يبين لأمته من تأويله إلا اليسير القليل منه" (¬1). وعقب عليه ابن حبان بعد تخريجه، فقال: "ويشبه أن يكون معنى التفسير للآية بعينها، وأما سنته كلها فهي تفسير القرآن، قال الله عز وجل {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44] " (¬2). وتكلم عليه ابن عطية الأندلسي، فقال: "ومعنى هذا الحديث في مغيبات القرآن، وتفسير مجمله، ونحو هذا مما لا سبيل إليه إلا بتوقيف من الله تعالى" (¬3). فالحاصل بعد هذا كله؛ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بين للأمة ما تحتاج إليه في كتاب الله تعالى، وما مات حتى أكمل الله به الدين، وأتم به النعمة، {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3]، وحتى بلَّغ الرسالة حق البلاع امتثالا لأمر ربه تعالى {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [المائدة: 67]، وبلاغه إياه يتضمن بلاغ ألفاظه، وبلاغ معانيه ببيان ما تحتاج الأمة إليه من ذلك. وقد قال -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه في ¬

_ (¬1) تفسير الطبري 1: 82 - 83. (¬2) كتاب الثقات 7: 396. (¬3) (المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز) 1: 17، ونقله عنه القرطبي في تفسيره 1: 31 وغيره.

ذلك المحفل العظيم؛ في خطبة عرفة في حجة الوداع: (قد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به: كتاب الله، وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون؟) قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت، فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء، وينكتها إلى الناس: (اللهم اشهد، اللهم اشهد)، ثلاث مرات (¬1). وعن أي ذر -رضي الله عنه- قال: تركنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وما طائر يقلب جناحيه في الهواء إلا وهو يذكرنا منه علما، قال: فقال -صلى الله عليه وسلم-: (ما بقي شيء يقرب من الجنة، ويباعد من النار؛ إلا وقد بين لكم) (¬2). ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم رقم (1218) في الحج: باب حجة النبي -صلى الله عليه وسلم-. وهو جزء من حديث جابر -رضي الله عنه- الطويل في صفة حجه -صلى الله عليه وسلم-. (¬2) أخرجه بتمامه: الطبراني في (الكبير) 2: 155 رقم (1647)، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، ثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقرىء، ثنا سفيان بن عيينة، عن فطر، عن أبي الطفيل، عن أبي ذر -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه البزار في مسنده (البحر الزخار) 9: 341 رقم (3897) عن محمد بن عبد الله بن يزيد المقرىء، وابن حبان في صحيحه كما في الإحسان 1: 267 رقم (65)، أخبرنا الحسين بن أحمد بن بسطام، حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد، به، مقتصرا على الموقوف فقط. وأخرجه الدارقطني في (العلل) 6: 290، والذهبي في (تذكرة الحفاظ) 3: 829 من طريق يحيى بن أبي بكير، عن سفيان الثوري، عن فطر، به، مقتصرا على الموقوف فقط. وضعف الدارقطنيُ روايةَ الثوري هذه. وأخرجه أحمد 5: 162، ووكيع في (الزهد) رقم (522)، وعنه: ابن سعد في (الطبقات) 2: 354، كلهم من طريق فطر بن خليفة، عن منذر الثوري، عن أبي ذر -رضي الله عنه- موقوفا بنحوه. ومنذر الثوري لم يدرك أبا ذر -رضي الله عنه-، كما نص على ذلك البزار في مسنده 9: 341. وقد جاءت الواسطة مبهمة فيما رواه أحمد 5: 153، 162، والطيالسي في مسنده 1: 385 رقم (481) من طريق الأعمش، عن منذر الثوري، عن أشياخ لهم، عن أبما ذر -رضي الله عنه- موقوفا بنحوه.=

. . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = فالخلاصة أن الحديث يرويه عن أبي ذر -رضي الله عنه- راويان: 1 - مندر الثوري، بالوقف. وهو منقطع، وقد جاءت الواسطة في بعض الروايات مبهمة. 2 - أبو الطفيل عامر بن واثلة. يرويه فطر، عن أبي الطفيل، وعن فطر يرويه راويان: (أ) سفيان الثوري، عن فطر، به، موقوفا. (ب) سفيان بن عيينة. ويرويه عنه: محمد بن عبد الله بن يزيد المقرىء. واختلف عليه، فرواه: البزار، والحسين بن أحمد بن بسطام، عنه، عن ابن عيينة، به، موقوفا. ورواه محمد بن عبد الله الحضرمي، عنه، عن سفيان، به، بزيادة المرفوع. وسئل عنه الدارقطني في (العلل) 6: 290، فقال: "يرويه ابن عيينة، عن فطر بن خليفة، عن أبي الطفيل، عن أبي ذر .. وغير ابن عيينة يرويه عن فطر، عن منذر الثوري، عن أبي ذر مرسلا وهو الصحيح. وقال شعبة والثوري وابن نمير: عن الأعمش، عن منذر الثوري، عن أشياخ لهم، عن أبي ذر". ومراده بالمرسل أي المنقطع على اصطلاحهم المعروف. ويبدو أن فطر بن خليفة قد اضطرب في الحديث؛ فقد أخرجه أحمد بن منيع، كما في (المطالب العالية) 4: 214 قال: ثنا محمد بن عبيد الطنافسي، ثنا فطر -هو ابن خليفة-، عن أبي يعلى هو منذر الثوري، عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- فذكره بنحوه موقوفا عليه. وعقب عليه ابن حجر، فقال: "رواته ثقات، إلا أنه منقطع، واختلف على فطر". وأخرجه أبو يعلى في مسنده 9: 46 رقم (5109) من طريق فطر بن خليفة، عن عطاء، قال: قال أبوالدرداء -رضي الله عنه- .. فذكره موقوفا. وعطاء؛ هو ابن أبي رباح، لم يسمع من أبي الدرداء -رضي الله عنه-. ولد عطاء سنة 27 هـ بالجَنَد من بلاد اليمن، ونشأ بمكة؛ ومات أبو الدرداء -رضي الله عنه- بالشام سنة 32 هـ. وكذا لم يسمع فطرٌ من عطاء، كما في ترجمة فطر من (تهذيب التهذيب) 4: 507. وأورد الهبثميُ أثرَ أبي الدرداء هذا في (مجمع الزوائد) 8: 264، وقال: "رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح". والحديث المذكور في الأصل أورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 8: 264، وقال: "رجال الطبراني رجال الصحيح غير محمد بن عبد الله بن يزيد المقري، وهو ثقة". والحديث المرفوع له شواهد من الكتاب والسنة يطول المقام بذكرها.

المبحث الثالث أنواع البيان النبوى للقرآن الكريم، وصوره

المبحث الثالث أنواع البيان النبوى للقرآن الكريم، وصوره قبل أن نخوض في أنواع البيان النبوي للقرآن وصوره؛ يحسن أن نعرف بمصطلح التفسير النبوي، ولم أجد (¬1) -فيما وقفت عليه- من تعرض لبحث هذا المصطلح سوى ما ذكره د. مساعد الطيار حيث عرفه في مقال له، فقال: "هو كل قول أو فعل صدر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- صريحا في إرادة التفسير" (¬2). ويؤخذ على هذا التعريف أمران: 1 - أنه أخرج التقرير النبوي، والتقرير المصادر من النبي -صلى الله عليه وسلم- يضاف إليه، ولهذا يقال: فعل أو قال فلان كذا؛ فأقره النبي -صلى الله عليه وسلم-، فيعد هذا تقريرا نبويا، كما يقال في الفعل: فعل نبوي، وهكذا في القول. وبناء على ذلك لو ورد تقرير نبوي يفيد في تفسير آية من القرآن؛ فلا يعد هذا من التفسير النبوي على التعريف المذكور، والأظهر أنه داخل في التفسير النبوي لأنه صادر عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأفاد في تفسير شيء من القرآن، وسيأتي التمثيل عليه بعد قليل. 2 - تقييده بالصريح، ومفهومه أن ما جاء عن النبي -رضي الله عنه- وأفاد في تفسير القرآن على وجه غير صريح فليس من التفسير النبوي، وفيه نظر، والأقرب أن يدرج هذا في التفسير النبوي، لأنه صدر عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأفاد في بيان معنى القرآن، نعم هذا البيان النبوي للقرآن على درجات -كما سيأتي إن شاء الله- ويأتي في مقدمتها: البيان اللفظي الصريح، ¬

_ (¬1) لفت نظري أثناء البحث أن موضوع التفسير بالسنة لم يحظ بالعناية اللائقة به من جهة التأصيل والتقعيد، حيث لم أقف على أية رسالة علمية في هذا الموضوع، ولعل أقسام التفسير وعلوم القرآن في جامعاتنا، وكذا المختصين في هذا العلم أن يلتفتوا إلى هذا الموضوع ويولوه العناية التي يستحقها، والله الموفق. (¬2) مقالات في علوم القرآن وأصول التفسير ص 139.

لكن لا يلزم منه أن يكون غير الصريح خارجا عن دائرة البيان النبوي للقرآن، بل نجد أن فيما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ما يفيد في تفسير الآية، وبيان معناها، وصيغته غير صريحة، فهل يسوغ إخراجه من حيز البيان النبوي؟. وبعد التأمل ظهر لي أن يقال في تعريف التفسير النبوي (¬1): "ما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من قول أو فعل أو تقرير في بيان معاني القرآن". والأمثلة على القول كثيرة، ومنها: ما جاء عن عدي بن حاتم -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن المغضوب عليهم: اليهود، والضالين: النصارى) (¬2). وأما الفعل؛ فمن أمثلته: 1 - جاء في سياق حديث جابر -رضي الله عنه- الطويل في صفة الحج: (.. حتى إذا أتينا البيت معه -صلى الله عليه وسلم- استلم الركن فرمل ثلاثا ومشى أربعا، ثم نفذ إلى مقام إبراهيم -عليه السلام-، فقرأ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125]، فجعل المقام بينه وبين البيت .. كان يقرأ في الركعتن قل هو الله أحد، وقل يا أيها الكافرون) (¬3). ¬

_ (¬1) ومثله التفسبر بالسنة، وقد فرَّق د. مساعد الطيار بين (التفسير بالسنة) و (التفسير النبوي) في المرجع السابق، وذكر أن التفسير النبوي يلحظ فيه إضافته إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقيده بالصريح، وأخرج منه التقرير النبوي -كما سبق-. وما ذكره له حظ من النظر، ولكن الأظهر -فيما أرى- عدم التفريق لأن السنة عبارة عما أضيف إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- من قول أو فعل أو تقرير، فالإضافة هنا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولهذا يقال: السنة النبوية، وحينما نقول: التفسير بالسنة؛ فالمراد بها -كما هو معلوم- السنة النبوية، فآل الأمر في التعبيرين- التفسير بالسنة، والتفسير النبوي- إلى إضافته إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فكل ما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من قول أو فعل أو تقرير يفيد في تفسير القرآن وبيان معناه؛ فهو تفسير نبوي، وتفسير بالسنة النبوية، والله أعلم. (¬2) هو الحديث الأول من أحاديث الكتاب. (¬3) أخرجه مسلم رقم (1218) في الحج: باب حجة النبي -صلى الله عليه وسلم-. وهو جزء من حديث جابر -رضي الله عنه- الطويل في صفة حجه -صلى الله عليه وسلم-.

فهذا تفسير نبوي فعلي لقوله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125]. 2 - قال جابر -رضي الله عنه- في الحديث السابق: (.. حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتن، ولم يسبح بينهما شيئا، ثم اضطجع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى طلع الفجر، وصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة، ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام، فاستقبل القبلة فدعاه وكبره وهلله ووحده، فلم يزل واقفا حتى أسفر جدا، فدفع قبل أن تطلع الشمس). فهذا تفسير نبوي فعلي لقوله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ} [البقرة: 198]. وقال الشيخ الشنقيطي -رحمه الله- في سياق بحثه لبعض مسائل الحج: "أفعاله -صلى الله عليه وسلم- في حجته؛ تفسير لآيات الحج" (¬1). 3 - عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: لما نزلت: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] صعد النبي -صلى الله عليه وسلم- على الصفا، فجعل ينادي: (يا بني فهر، يا بني عدي)، لبطون قريش، حتى اجتمعوا فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولا لينظر ما هو، فجاء أبو لهب وقريش، فقال: (أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادي تريد أن تغير عليكم، أكنتم مصدقي؟) قالوا: نعم، ما جربنا عليك إلا صدقا، قال: (فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد) فقال أبو لهب: تبا لك سائر اليوم، ألهذا جمعتنا؟! فنزلت: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2)} [المسد: 1 - 2] (¬2). ¬

_ (¬1) أضواء البيان 4: 496. (¬2) أخرجه البخاري رقم (4770) في التفسير: باب قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} وفي مواضع أخرى، ومسلم رقم (208) في الإيمان: باب قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}.

فهذا تفسير نبوي فعلي لقوله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214]. 4 - عن أنس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قرأ هذه الآية: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا} [الأعراف: 143]، قال هكذا: وأمسك بطرف إبهامه على أنملة إصبعه اليمنى، قال: (فساخ الجبل، وخر موسى صعقا) (¬1). وأما التقرير؛ فيبدو أن أمثلته قليلة جدا، ومنها: ما جاء عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: جاء حبر من اليهود، فقال: إنه إذا كان يوم القيامة جعل الله السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، والماء والثرى على إصبع، والخلائق على إصبع، ثم يهزهن، ثم يقول: أنا الملك أنا الملك. فلقد رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يضحك حتى بدت نواجذه تعجبا وتصديقا لقوله، ثم قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزمر: 67] (¬2). فهذا تقرير نبوي يفيد في تفسير الآية. ومن الأمثلة أيضا: ما جاء عن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- لما بعثه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام ذات السلاسل؛ قال: احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، فتيممت ثم صليت بأصحابي صلاة الصبح، قال: فلما قدمنا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذكرت ذلك له، فقال: (با عمرو، صليت بأصحابك وأنت جنب؟!) قال: قلت: نعم يا رسول الله، إني احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، وذكرت قول الله عز وجل: {ولَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29]، ¬

_ (¬1) انظر دراسة الحديث والكلام عليه برقم (86) من أحاديث البحث. (¬2) أخرجه البخاري رقم (7513) في التوحيد: باب كلام الرب عز وجل يوم القيامة، وفي مواضع أخرى، ومسلم رقم (2786) في صفة القيامة والجنة والنار.

فتيممت ثم صليت. فضحك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولم يقل شيئا (¬1). ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد 4: 203، وأبو داود رقم (334) في الطهارة: باب إذا خاف الجنب البرد أيتيمم؟، والدارقطني 1: 178 في التيمم رقم (12)، -ومن طريقه: ابن حجر في (تغليق التعليق) 2: 189 - والحاكم 1: 177، والبيهقي في (الخلافيات) 2: 480 رقم (824) من طريق يزيد بن أبي حبيب، عن عِمران بن أبي أَنَس، عن عبد الرحمن بن جُبير، عن عمرو -رضي الله عنه-. قال البيهقي في (الخلافيات) 2: 480: "هذا مرسل، لم يسمعه عبد الرحمن بن جبير من عمرو بن العاص -رضي الله عنه-". ومع ذلك فقد قال ابن حجر في (الفتح) 1: 541: "إسناده قوي". وأخرجه أبو داود رقم (335) في الموضع السابق، وابن المنذر في (الأوسط) 2: 27 رقم (528)، والدارقطني 1: 179 في التيمم رقم (13)، -ومن طريقه: ابن حجر في (تغليق التعليق) 2: 188 - والحاكم 1: 177، والبيهقي في (السنن الكبرى) 1: 226 وفي (الخلافيات) 2: 480 رقم (825) من طريق يزيد بن أبي حبيب، عن عِمران بن أَبي أَنَس، عن عبد الرحمن بن جُبير، عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص، أن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- .. فذكره، وفيه: أنه غسل مغابنه، وتوضأ وضوءه للصلاة. والحديث من هذا الوجه؛ صححه ابن حبان، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، وأقره الذهبي. وتكلم عليه الزيلعي في (نصب الراية) 1: 156 ثم قال في آخر بحثه: "والحاصل أن الحديث حسن أو صحيح". وللحديث طرق أخرى، ووقع فيه اختلاف. ينظر: تخريج أحاديث الكشاف للزيلعي 1: 308 - 310. والحديث علقه البخاري -في كتاب التيمم: باب إذا خاف الجنب على نفسه المرض أو الموت أو خاف العطش تيمم- فقال: "ويذكر أن عمرو بن العاص أجنب في ليلة باردة، فتيمم، وتلا: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}، فذكر للنبي -صلى الله عليه وسلم-، فلم يعنف". قال البيهقي في (السنن الكبرى) 1: 226: "يحتمل أن يكون قد فعل ما نقل في الروايتين جميعا، غسل ما قدر على غسله، وتيمم للباقي". وقال النووي في (المجموع) 2: 283: "وهذا الذي قاله البيهقي متعين". وقوَّى ابن القيم -في (زاد المعاد) 3: 388 - الرواية الثانية على الأولى التي ذكر فيها التيمم.

التفسير النصي اللفظي الصريح

فأقره النبي -صلى الله عليه وسلم- استدلاله بالآية في تلك الحادثة وهذا يفيد في فهم معناها. وبعد بيان معنى التفسير النبوي، وذكر الأمثلة عليه؛ أنتقل إلى الحديث عن أنواع التفسير النبوي، فأقول -وبالله التوفيق-: إن الوارد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في بيان معاني القرآن متفاوت في درجات البيان، ويمكن تصنيفه إلى الدرجات التالية: 1) التفسير النصي (¬1) اللفظي الصريح: وهو ما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من نص لفظي صريح في تفسير الآية. وهو موضوع البحث، وأحاديث الرسالة برمتها أمثلة عليه. قال الزركشي: "لطالب التفسير مآخذ كثيرة؛ أمهاتها أربعة: الأول: النقل عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهذا هو الطراز الأول، لكن يجب الحذر من الضعيف فيه والموضوع، فإنه كثير، وإن سواد الأوراق سواد في القلب. قال الميموني: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ثلاث كتب ليس لها أصول: المغازي والملاحم والتفسير. قال المحققون من أصحابه: ومراده أن الغالب أنها ليس لها أسانيد صحاح متصلة. وإلا فقد صح من ذلك كثير، فمن ذلك: تفسير الظلم بالشرك في قوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82]، وتفسير الحساب اليسير بالعرض، رواهما البخاري، وتفسير القوة في: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: 60] بالرمي رواه مسلم" (¬2). وما ذكره من الأمثلة يومىء إلى أنه يعني هذا النوع، وهذا ما فهمه السيوطي فإنه نقل كلامه، ثم عقب عليه، فقال: "قلت: الذي صح في ذلك قليل جداً، بل أصل المرفوع منه في غاية القلة" (¬3). ¬

_ (¬1) النص عند الأصولين: ما لا يحتمل إلا معنى واحداً. ينظر: (البحر المحيط) للزركشي 2: 204. (¬2) البرهان 2: 156 - 157، وما ذكره من الأمثلة ستأتي في مواضعها من البحث -إن شاء الله-. (¬3) الإتقان 2: 443.

2) التفسير الموضوعي

وعلى كلٍّ؛ فمسالة القلة والكثرة نسبية، فقد يكون نَظَرُ شَخْصٍ إلى نسبة الآيات التي ورد فيها هذا النوع إلى ما لم يرد فيه (¬1)، ويكون نظرُ آخر إلى عدد الأحاديث الواردة في هذا النوع بالنسبة إلى السنة عموما، ويكون نظرُ ثالث إلى عدد الأحاديث المتحصلة في هذا النوع، والنظر إليها مجردا، وهل يقدر العدد بالقلة أو الكثرة؟. ومع التسليم بقلة ذلك، فهو بسبب وضوح معانيه عند من نزل عليهم، فالقرآن نزل بلسان عربي مبين، والقوم أرباب الفصاحة والبيان، لم تشبهم لكنة ولا لحن، فكانوا يفهمونه بمجرد سماعه، وما يحتاج إلى بيان من أمور العقائد والأحكام والآداب؛ فقد جاءت ببيانه السنة في أحاديث العقائد والأحكام والآداب ونحو ذلك. وهذه المسالة -أعني مقدار الوارد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا النوع من التفسير- أحد أسباب اختيار البحث، وأهدافه. 2) التفسير الموضوعي: بمعنى أن يستفاد من السنة النبوية في بيان الموضوع الذي تضمنته الآية تقريرا أو تفصيلا دون أن يكون في الحديث تفسير مباشر للآية. فمثلا: عند قوله تعالى: {فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة: 24]؛ تذكر الأحاديث التالية: (أ) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (ناركم جزء من سبعين جزءا من نار جهنم) قيل: يا رسول الله؛ إن كانت لكافية قال. (فضلت عليهن بتسعة وستين جزءا، كلهن مثل حرها) (¬2). ¬

_ (¬1) قال القنوجي في (فتح البيان) 1: 21: "الثابت الصحيح من التفسير المرفوع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وإن كان المصير إليه متعينا، وتقدبمه متحتما؛ هو تفسير آيات قليلة بالنسبة إلى جميع القرآن". (¬2) أخرجه البخاري رقم (3265) في بدء الخلق: باب صفة النار وأنها مخلوقة، ومسلم رقم (2843) في الجنة وصفة نعيمها: باب في شدة حر نار جهنم.

(ب) عن أي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم. واشتكت النار إلى رجمها فقالت: يا رب؛ أكل بعضي بعضا، فأذن لها بنفسين؛ نفس في الشتاء، ونفس في الصيف، فهو أشد ما تجدون من الحر، وأشد ما تجدون من الزمهرير) (¬1). (جـ) عن أي هريرة -رضي الله عنه- قال: كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ سمع وجبة، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (تدرون ما هذا؟) قال: قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: (هذا حجر رمي به في النار منذ سبعين خريفا فهو يهوي في النار الآن حتى انتهى إلى قعرها) (¬2). ونحوها من الأحاديث الواردة في صفة النار، وشدة حرارتها، والتخويف منها. مثال آخر: عند قوله تعالى: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} [الأحزاب: 5]، يذكر ما يقرر هذا الموضوع ويبينه من الأحاديث، ومن ذلك: ما جاء عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا ترغبوا عن آبائكم، فمن رغب عن أبيه فهو كفر) (¬3). ومثال ثالث: عند قوله تعالى: {أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ} [التوبة: 38]، يذكر ما ورد من الأحاديث في حقارة الدنيا، والتزهيد فيها، والترغيب في الآخرة، وأن نسبة الدنيا إلى الآخرة كنسبة ما يعلق بالإصبع إذا غُمِسَ في البحرِ إلى البحرِ كلِّه. وقد ورد في هذا المعنى أحاديثُ كثيرة. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري رقم (537) في مواقبت الصلاة باب الإبراد بالظهر في شدة الحر، ومسلم رقم (617) في المساجد ومواضع الصلاة باب استحباب الإبراد بالظهر في شدة الحر، واللفظ للبخاري. (¬2) أخرجه مسلم رقم (2844) في الجنة وصفة نعيمها: باب في شدة حر نار جهنم وبعد قعرها. (¬3) أخرجه البخاري رقم (6768) في الفرائض: باب من ادعى الى غير أبيه، ومسلم رقم (62) في الإيمان: باب بيان حال إيمان من رغب عن أبيه.

3) التفسير اللغوي

وبهذا يظهر أن دائرة البيان النبوي للقرآن الكريم بهذا النوع واسعة. وقد توسع بعض المفسرين في هذا الباب حتى صارت تفاسيرهم أشبه بالكتب الجوامع، وقد انتقد الإمام الشوكاني هذا المسلك، فقال في صدر تفسير سورة الإسراء: "واعلم أنه قد أطال كثير من المفسرين كابن كثير والسيوطي وغيرهما في هذا الموضع بذكر الأحاديث الواردة في الإسراء على اختلاف ألفاظها، وليس في ذلك كثير فائدة، فهي معروفة في موضعها من كتب الحديث، وهكذا أطالوا بذكر فضائل المسجد الحرام والمسجد الأقصى، وهو مبحث آخر، والمقصود في كتب التفسير؛ ما يتعلق بتفسير ألفاظ الكتاب العزيز، وذكر أسباب النزول، وبيان ما يؤخذ منه من المسائل الشرعية، وما عدا ذلك فهو فضلة لا تدعو إليه حاجة" (¬1). 3) التفسير اللغوي: بمعنى أن يستفاد من السنة في بيان المعنى اللغوي للفظة من ألفاظ القرآن. وهذا النوع لم يكن موجها للصحابة -رضي الله عنه-؛ لأنهم عرب أقحاح، لم تشبهم عجمة أو لكنة، وقد نزل القرآن بلسان عربي مبين، لذا لم يكونوا محتاجن إلى بيان الغريب ومعاني مفردات القرآن كحاجة من بعدهم، وإنما استفاد من هذا النوع من البيان من جاء بعد تأثر العربية عند العرب، وضعف اللسان بها، ففزع أهل العلم إلى موروث العرب -نثرا وشعرا- لفهم الغريب ومعاني مفردات القرآن، وأفصحُ العرب محمدٌ -صلى الله عليه وسلم- كما لا يخفى. ولعلي أضرب على ذلك مثالين: 1 - عن جابر بن سمرة -رضي الله عنه- قال: خرج علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: (ما لي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خبل شمس؟! اسكنوا في الصلاة)، قال: ثم خرج علينا فرآنا حلقا، فقال: (مالي أراكم عزين؟) قال: ثم خرج علينا فقال: (ألا تصفون كما تصف ¬

_ (¬1) فتح القدير 3: 208.

الملائكة عند ربها) فقلنا: يا رسول الله، وكيف تصف الملائكة عند ربها؟ قال: (يتمون الصفوف الأول، ويتراصون في الصف) (¬1). فهذا الحديث يفيد في فهم معنى لفظة (عزين) الواردة في قوله تعالى: {فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ (36) عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ} [المعارج: 36، 37]. 2 - عن فاطمة بنت أبما حبيش -رضي الله عنه- أنها أتت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فشكت إليه الدم، فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إنما ذلك عرقٌ، فانظري، إذا أتاك قرؤك فلا تصلي، فإذا مرَّ القرء فتطهري، ئم صلي ما بين القرء إلى القرء) (¬2). فهذا الحديث يفيد في بيان معنى القرء في اللغة، وأنه الحيض (¬3)، ولا يمنع أن يكون للقرء معنى آخر في اللغة، ولذا اختلف الصحابة -رضي الله عنهم- وهم العرب الفصحاء- في ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم رقم (430) في الصلاة: باب الأمر بالسكون في الصلاة. وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (خيل شمس) هو بإسكان الميم وضمها، وهي التي لا تستقر بل تضطرب وتتحرك بأذنابها وأرجلها. ينظر: شرح النووي 4: 152. (¬2) أخرجه أحمد 6: 420، 463، وأبو داود رقم (280) في الطهارة: باب في المرأة تستحاض، والنسائي في الصغرى رقم (211) في الطهارة: باب ذكر الأقراء، وفي (الكبرى) 1: 158 رقم (214)، وابن ماجه (620) في الطهارة: باب ما جاء في المستحاضة والطحاوي في (شرح مشكل الآثار) 7: 160، والببهقي في (السنن الكبرى) 1: 331، وغيرهم، من طريق الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن بكير بن عبد الله، عن المنذر بن المغيرة، عن عروة، أن فاطمة بنت أبي حبيش. فذكرته. والحديث جاء من غير هذا الطريق، ووقع فيه اختلاف، كما اختلف في الخبر أهو من مسند فاطمة بنت أبي حبيش، أم سمعه عروة من عائشة في قصتها، وتحقيق القول في خبر استحاضة فاطمة يطول جدا، والمقصود هنا ذكر المثال. وقد صحح الحديث جماعة من المتأخرين، منهم الشيخ الألباني -رحمه الله- في تعليقه على سنن ابن ماجه ص 120. (¬3) قال النسائي في (المجتبى) 1: 121 - عقب رواية الحديث-: "هذا الدليل على أن الأقراء حيض".

4) التفسير الاستشهادي

تفسير القرء الوارد في قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228]؛ على قولين: الحيض والطهر (¬1)، فيكون من قبيل المشترك في اللغة. 4) التفسير الاستشهادي: بمعنى أن يذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- الآية في حديثه من غير أن يكون فيه تفسير مباشر لها، بل يذكرها على سبيل الاستشهاد لحادثة، أو التأكيد والتقرير لحديثه. ومن الأمثلة على ذلك: (أ) عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طرقه وفاطمة بنت النبي عليه السلام ليلة، فقال: (ألا تصليان) فقلت: يا رسول الله، أنفسنا بيد الله، فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا، فانصرف حين قلنا ذلك، ولم يرجع إلي شيئا، ثم سمعته وهو مول يضرب فخذه، وهو يقول: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} [الكهف: 54]) (¬2). فهذا الحديث يفيد في تفسير الآية بوجه غير مباشر. (ب) عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من اقتطع مال امرىء مسلم بيمين كاذبة؛ لقي الله وهو عليه غضبان) قال عبد الله: (ثم قرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مصداقه من كتاب الله جل ذكره: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ ...} الآية [آل عمران: 77]) (¬3). ¬

_ (¬1) ينظر: تفسير الطبري 4: 87 وما بعدها. (¬2) أخرجه البخاري رقم (1127) في الجمعة: باب تحريض النبي -صلى الله عليه وسلم- على صلاة الليل والنوافل من غير إيجاب، ومسلم رقم (775) في صلاة المسافرين: باب ما روي فيمن نام الليل أجمع حتى أصبح. (¬3) أخرجه البخاري (7445) في التوحيد: باب قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} ومسلم رقم (138) في الإيمان: باب وعيد من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة.

5) التفسير العام

5) التفسير العام: وهو عموم سنته -صلى الله عليه وسلم- القولية والفعلية والتقريرية مما يفيد في بيان شيء من القرآن، ولا يندرج تحت شيء مما سبق. فلا غنى للمفسر عن النظر في عموم سنته وسيرته -صلى الله عليه وسلم-، وما فيها من التطبيق العملي للقرآن الكريم، كما قال سعد بن هشام لعائشة -رضي الله عنه-: يا أم المؤمنن، أنبئيني عن خلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قالت: (ألست تقرأ القرآن؟) قلت: بلى، قالت: (فإن خلق نبي الله -صلى الله عليه وسلم- كان القرآن) (¬1). ويقول جابر -رضي الله عنه- في حديثه الطويل في سياق حجة النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ورسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بين أظهرنا، وعليه ينزل القرآن، وهو يعرف تأويله، وما عمل به من شيء عملنا به) (¬2). قال الإمام الشافعي: "جميع السنة شرح للقرآن" (¬3). وقال بعض السلف: "ما سمعت حديثا إلا التمست له آية من كتاب الله" (¬4). قال ابن تيمية -رحمه الله-: "اتفق الصحابة والتابعون لهم بإحسان وسائر أئمة الدين؛ أن السنة تُفَسِّر القرآن، وتبينه، وتدل عليه" (¬5). ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد 6: 53، ومسلم رقم (746) في صلاة المسافرين: باب جامع صلاة الليل، وأبو داود رقم (1342) في الصلاة: باب صلاة الليل، والنسائي رقم (1601) في قيام الليل وتطوع النهار: باب قيام الليل، وفيه قصة. (¬2) أخرجه مسلم رقم (1218) في الحج: باب حجة النبي -صلى الله عليه وسلم-. (¬3) نقله عنه السيوطي في (الإكليل في استنباط التنزيل) 1: 237. (¬4) ذكره السيوطي في المرجع السابق 1: 238، ولم يسم القائل. (¬5) مجموع الفتاوى 17: 432.

وقال الشاطبي -رحمه الله-: "السنة إنما جاءت مبينة للكتاب وشارحة لمعانيه، ولذلك قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44]، وقال: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [المائدة: 67]، وذلك التبليغ من وجهي: تبليغ الرسالة وهو الكتاب، وبيان معانيه، وكذلك فَعَل -صلى الله عليه وسلم- فأنت إذا تأملت موارد السنة وجدتها بيانا للكتاب، هذا هو الأمر العام فيها" (¬1). وقال الشيخ ابن سعدي -رحمه الله-: "فهم المعنى والمراد منها -يعني الآيات القرآنية-؛ موقوف على معرفة أحوال الرسول، وسيرته مع قومه وأصحابه، وغيرهم من الناس، فإن الأزمنة والأمكنة والأشخاص تختلف اختلافا كثيرا. فلو أراد الإنسان أن يصرف همه لمعرفة معاني القرآن من دون معرفةٍ منه لذلك؛ لحصل من الغلط على الله وعلى رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وعلى مراد الله من كلامه، شيء كثير" (¬2). ومما يصلح إيراده هنا؛ ما تقدم من أمثلة على التفسير النبوي الفعلي، ولعلي أضيف عليه ما جاء عن عائشة -رضي الله عنها- إنها قالت: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، يتأول القرآن (¬3). وفي لفظ عنها -رضي الله عنها- قالت: ما صلى النبي -صلى الله عليه وسلم- صلاة بعد أن نزلت عليه: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر: 1] إلا يقول فيها: (سبحانك ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي) (¬4). ¬

_ (¬1) الموافقات 3: 230 (¬2) تيسير الكريم الرحمن 1: 14 (¬3) أخرجه البخاري رقم (817) في الأذان: باب التسبيح والدعاء في السجود، و (4968) في التفسير: سورة النصر، ومسلم رقم (484) (217) في الصلاة: باب ما يقال في الركوع والسجود. (¬4) أخرجه البخاري رقم (4967) في التفسير: سورة النصر، ومسلم رقم (484) (219) في الصلاة: باب ما يقال في الركوع والسجود.

صور البيان النبوي

وفي لفظ عنها -رضي الله عنها-، قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكثر أن يقول قبل أن يموت: (سبحانك وبحمدك، أستغفرك وأتوب إليك) قالت: قلت: يا رسول الله؛ ما هذه الكلمات التي أراك أحدثتها تقولها؟ قال: (جعلت لي علامة في أمتي إذا رأيتها قلتها؛ {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}) إلى آخر السورة (¬1). ومن المهم في هذا أيضا؛ ملاحظة أسباب النزول، فإنها تعين جدا في فهم الآية وتفسيرها، كما جاء عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: (جاء مشركو قريش يخاصمون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في القدر، فنزلت: {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (48) إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 48، 49]) (¬2). فهذا يفيد في معنى قوله: (بقدر) الوارد في الآية. وقد اعتنى العلماء بموضوع أسباب النزول، وأفردوه بالتصنيف قديما وحديثا (¬3). وبعد هذا أنتقل للحديث عن: صور البيان النبوي: إن بيان النبي -صلى الله عليه وسلم- وتفسيره للقرآن الكريم جاء على صور متعددة، من أشهرها: 1 - تفسير المفردات (بيان الغريب): وهذا ليس بكثير، لأن الذين نزل عليهم القرآن عرب فصحاء يفهمون الألفاظ ومعانيها. ومن أمثلة ذلك: (أ) عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يدعى نوح يوم القيامة، فيقول: لبيك وسعديك با رب، فيقول: هل بلغت؟ فيقول: نعم، فيقال لأمته: هل بلغكم؟ ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم رقم (484) (218) في الموضع السابق. (¬2) أخرجه أحمد 2: 476، ومسلم رقم (2656) في القدر: باب كل شيء بقدر، والترمذي رقم (3290) في التفسير: باب ومن سورة القمر، وابن ماجه رقم (83) في المقدمة: باب في القدر. (¬3) انظر مقدمة محقق كتاب (العجاب في بيان الأسباب) لابن حجر ص 80 - 92.

2 - تعيين المبهم

فيقولون: ما أتانا من نذير، فيقول: من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته، فتشهدون أنه قد بلغ، ويكون الرسول عليكم شهيدا، فذلك قوله جل ذكره: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143] والوسط: العدل) (¬1). (ب) عن عائشة -رضي الله عنه- عن النبي -رضي الله عنه- قوله: {ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} [النساء: 3] قال: (أن لا تجوروا) (¬2). 2 - تعيين المبهم: ومن أمثلته: (1) عن عياض الأشعري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لأبي موسى -رضي الله عنه-: (هم قوم هذا)، يعني في قوله: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: 54] قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (هم قوم هذا) (¬3). (ب) عن عبد الله بن زمعة -رضي الله عنه- أنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب، وذكر الناقةَ والذي عقر، فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: {إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا} [الشمس: 12] انبعث لها رجل عزيز عارم منيع في رهطه، مثل أبي زمعة) (¬4). وهذا فيه تعيين بالوصف دون الاسم. 3 - تخصيص العام: ومن أمثلته: ما جاء عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-، قال: لما نزلت هذه الآية: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأنعام: 82] شق ذلك على ¬

_ (¬1) سيأتي بحثه -إن شاء الله- برقم (14). قال الحافظ ابن حجر في الفتح 8: 22: "قوله: (والوسط العدل) هو مرفوع من نفس الخبر، وليس بمدرج من قول بعض الرواة كما وهم فيه بعضهم". (¬2) سيأتي بحثه -إن شاء الله- برقم (56). (¬3) سيأتي بحثه -إن شاء الله- برقم (64). (¬4) سيأتي بحثه -إن شاء الله- برقم (301).

4 - تقييدالمطلق

الناس، وقالوا: يا رسول الله، فأينا لا يظلم نفسه؟! قال: (إنه ليس الذي تعنون، ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح: {يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13]، إنما هو الشرك) (¬1). فلفظة: {ظلم} في آية الأنعام؛ نكرة في سياق النفي فتفيد العموم، فخصَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا العموم، وبيَّن المراد به. وقد عقد الخطيب البغدادي -رحمه الله- بابا في كتابه: (الكفاية في علم الرواية) (¬2)، فقال: "باب تخصيص السنن لعموم محكم القرآن، وذكر الحاجة في المجمل إلى التفسير والبيان". 4 - تقييدالمطلق: ومن أمثلته: قوله تعالى في سياق أحكام المواريث: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: من آية 11] فلفظ {وَصِيَّةٍ} مطلق ورد الدليل من السنة بتقييده بالثلث، كما في حديث سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- قال: جاءنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعودني من وجع اشتد بي زمن حجة الوداع، فقلت: بلغ بي ما ترى، وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة لي، أفأتصدق بثلثي مال؟ قال: (لا) قلت: بالشطر؟ قال: (لا) قلت: الثلث؟ قال: (الثلث كثير، إنك أن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس) (¬3). 5 - بيان المجمل: وأمثلته كثيرة، ومن أشهرها بيان السنة للأمر بالصلاة الوارد في القرآن، بذكر مواقيتها وصفتها تفصيلا، وشروطها، ونحو ذلك، وهكذا في الزكاة، والصيام، والحج. ¬

_ (¬1) سيأتي بحثه -إن شاء الله- برقم (73). (¬2) ص 12. (¬3) أخرجه البخاري رقم (5668) في المرضى: باب قول المريض: إني وجع .. ، ومسلم رقم (1628) في الوصية: باب الوصية بالثلث.

ومن ذلك: فدية الأذى الواردة في قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ...} [البقرة: 196] فالفدية مجملة جاء بيانها في السنة، كما روى عبد الله بن معقل قال: جلست إلى كعب بن عجرة -رضي الله عنه- فسألته عن الفدية؟ فقال: نزلت فيَّ خاصف وهي لكم عامة، حملت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والقمل يتناثر على وجهي، فقال: (ما كنت أرى الوجع بلغ بك ما أرى -أو ما كنت أرى الجهد بلغ بك ما أرى- تجد شاة؟) فقلت: لا، فقال: (فصم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع) (¬1). وعن الحسن البصري قال: بينما نحن عند عمران بن حصين -رضي الله عنه- قال له رجل: يا أبا نجيد، حدثنا بالقرآن، قال: (أليس تقرأ: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] أكنتم تعرفون ما فيها؟ وما ركوعها وسجودها، وحدودها، وما فيها؟، أكنت تدري كم الزكاة في الورق والذهب، والإبل والبقر، وأصناف المال؟ شهدتُ ووعيتُ فرضَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الزكاة كذا وكذا) قال الرجل: أحييتني يا أبا نجيد، أحياك الله كما أحييتني. قال الراوي: فما مات ذلك الرجل حتى كان من فقهاء السلمين (¬2). ¬

_ (¬1) سيأتي بحثه -إن شاء الله- برقم (19). (¬2) أخرجه بهذا اللفظ: الخطيب في (الفقيه والمتفقه) 1: 238 رقم (238). وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه 11: 255 رقم (20474)، وأبو داود رقم (1561) في الزكاة: باب ما تجب فيه الزكاة، والطبراني في الكبير 18: 219 رقم (547)، والخطيب في (الفقيه والمتفقه) 1: 236 - 238 رقم (235) (236) (237)، وغيرهم من طرق عن عمران -رضي الله عنه- بمعناه.

الفصل الثاني خطر القول في القرآن بغير علم

الفصل الثاني خطر القول في القرآن بغير علم

الفصل الثاني خطر القول في القرآن بغير علم عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من قال في القرآن بغير علم؛ فليتبوأ مقعده من النار) (¬1). ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد 1: 233 قال: حدثنا وكيع، و1: 269 قال: حدثنا مؤمل، كلاهما -وكيع ومؤمل؛ قالا:- حدثنا سفيان، عن عبد الأعلى الثعلبي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس .. فذكره. ومدار الحديث على عبد الأعلى، واختلف عليه، فرواه عنه: 1 - سفيان الثوري. أخرجه أحمد -كما سبق-، والترمذي رقم (2950) في التفسير: باب ما جاء في الذي يفسر القرآن برأيه، والنسائى في الكبرى رقم (8030) (8031) في فضائل القرآن: باب من قال في القرآن بغير علم، والطبري في تفسيره 1: 71، والطحاوى في (شرح مشكل الآثار) 1: 358، والطبراني في (المعجم الكبير) 12: 35 رقم (12392)، والبغوي في (شرح السنة) 1: 258 رقم (118) (119)، وغيرهم، من طرق عن سفيان، به، بنحوه. ولفظ النسائي في الموضع الثاني: (من قال في القرآن برأيه، أو بما لا يعلم، فليتبوأ ..). ولفظ البغوي في الموضع الأول: (من قال في القرآن برأيه، فليتبوأ ..). تنبيه: جاء في (مصنف ابن أبي شيبة) 6: 136 رقم (30092): "حدثنا وكيع، عن عبد الأعلى، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: من قال في القرآن بغير علم؛ فليتبوأ مقعده من النار". والظاهر أنه سقط ذكر سفيان في السند بعد وكيع، كما جاء في المسند، وإن كان ما ذكر محفوظا فهو منقطع، لأن وكيعا ولد سنة 128هـ، ومات عبد الأعلى سنة 129 هـ. 2 - أبو عوانة الوضاح اليشكري. أخرجه أحمد 1: 323، 327، وأبو داود في رواية ابن العبد، كما في (تحفة الأشراف) 4: 423، والترمذي رقم (2951) في التفسير: باب ما جاء في الذي يفسر القرآن برأيه، وأبو يعلى رقم (2338) (2585) (2721)، والطحاوي في (شرح مشكل الآثار) 1: 358، والبغوي في (شرح السنة) 1: 257 رقم (117)، وغيرهم، من طرق عن أبي عوانة، به، بنحوه. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وفيه زيادة في أوله. ولفظ أبي يعلى في الموضع الأوسط: " .. ومن قال في القرآن بغير ما يعلم؛ جاء يوم القيامة ملجما بلجام من نار". 3 - شريك بن عبد الله. أخرجه الطبري 1: 71 قال: حدثنا يحيى بن طلحة اليربوعي، قال: حدثنا شَريك، عن عبد الأعلى، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (من قالَ في القرآن برأيه؛ فليتبوأ مقعدَه من النار). 4 - عمرو بن قيى المُلائي. أخرجه الطبري 1: 72 قال: حدثنا محمد بن حميد، قال: حدثنا الحكم بن بشير، قال: حدثنا عمرو بن قيس المُلائي، عن عبد الأعلى، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: (من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعدَه من النار) هكذا موقوفا. وعمرو بن قيس؛ ثقة متقن، مات صنة بضع وأربعين ومائة. بنظر: تهذيب الكمال 200: 22، التقريب ص 426. لكن فيه شيخ الطبري: عمد بن حميد الرازي؛ وثقه ابن معين -في رواية-، لكن ضعفه بلديه أبو حاتم الرازي، وقال البخاري: حديثه فيه نظر. وفي التقريب: حافظ ضعيف، وكان ابن معين حسن الرأي فيه. ينظر: التاريخ الكبير 1: 69، الجرح والتعديل 7: 232، تهذيب الكمال 25: 97، التقريب ص 475. وعبد الأعلى بن عامر الثعلبي الكوفي -الذي عليه مدار الحديث- ضعفه أحمد، وأبو زرعة، وابن سعد. وقال أبو حاتم: ليس بقوي. وقال النسائي: ليس بالقوي، ويكتب حديثه. وقال الدارقطني: مضطرب الحديث. وقال ابن حبان: كان ممن يخطىء ويقلب فكثر ذلك في قلة روايته، فلا يعجبني الاحتجاج به إذا انفرد، على أن الثوري كان شديد الحمل عليه. وقال ابن عدي: قد حدث عنه الثقات، ويحدث عن سعيد بن جبير، وابن الحنفية، وأبي عبد الرحمن السلمي وغيرهم بأشياء لايتابع عليها. وقال الذهبي: لين. وفي التقريب: صدوق يهم. مات سنة 129 هـ. وعبارة الذهبي أقرب في حقه من حكم ابن حجر في (التقريب). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = ينظر: طبقات ابن سعد 6: 334، الجرح والتعديل 6: 25، المجروحين 2: 155، الكامل 5: 316، علل الدارقطني 1: 137، تهذيب الكمال 16: 352، الكاشف 1: 611، التقريب ص 331. قلت: فمثله جدير بأن يضعف حديثه لتتابع الأئمة على جرحه، والعجب من المنذري إذ أورده في (الترغيب والترهيب) 1: 121 - بلفظ أبي يعلى الأوسط- ثم قال: "رواه أبو يعلى، ورواته ثقات محتج بهم في الصحيح"، والعجب أيضا من الهيثمي إذ قال عنه في (مجمع الزوائد) 1: 163: "رواه أبو يعلى والطبراني في الكبير باختصار قوله في القرآن، ورجال أبي يعلى رجال الصحيح". ومع ذلك فقد قال الترمذي عن الحديث: حسن صحيح. وقال البغوي: حديث حسن. وصححه ابن القطان، كما في (النكت الظراف) 4: 423، وصحح إسناده السيوطي في (مفتاح الجنة) ص 118، والله أعلم. وقد توبع عبد الأعلى، فأخرجه الطبري 1: 72 من طريق جرير بن عبد الحميد، وابن حزم في (الإحكام) 6: 216 من طريق زائدة بن قدامة، كلاهما عن ليث، عن بكر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: (من قال في القرآن برأيه؛ فليتبوأ مقعده من النار). هكذا موقوفا. وبكر؛ هو ابن سوادة، وليث؛ هو ابن أبي سليم على ما ترجح عندي، فقد ذكر المزي في (تهذيب الكمال) 24: 281 في الرواة عنه: جرير بن عبد الحميد، وزائدة بن قدامة. وليث؛ صدوق اختلط جدا، ولم يتميز حديثه، فترك. وانظر تفصيل الكلام فيه بواسطة الفهرس. وجاء الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما من طريقين آخرين: 1 - ما أخرجه ابن حبان في (الثقات) 8: 368 في ترجمة: (عبد الله بن شيبة) قال: حدثنا محمد بن المنذر، عن عبد الله بن شيبة الصغاني، عن أبى عاصم النبيل، ثنا ابن جريج، عن عطاء، ابن عباس قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من قال في القرآن برأيه، فليتبوأ مقعده من النار). وعبد الله بن شيبة؛ لم أقف عليه في غير ثقات ابن حبان، وهو إنما ذكره ولم يوثقه، فهو مجهول الحال. وعطاء جاء في السند مهملا، فيحتمل أن يكون: عطاء بن أبي رباح، أو عطاء الخراساني، فكلاهما يروي عن ابن عباس، ويروي عنه ابن جريج، والحكم مختلف بينهما. وقد باحثت أحد طلحة العلم المعتنين بالحديث في هذا، فذكر أن الغالب إذا كان المتن في التفسير وما يتعلق به؛ أن يكون عطاء هر الخراساني، وإن كان المتن في المناسك فعطاء هو ابن أبي رباح.=

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = فيكون ما ذكره قرينة على أنه الخراساني هنا، والله أعلم. ثم وجدت ابن حجر قال في (فتح الباري) 8: 535 في شرح الحديث رقم (4920): "وقال الإسماعيلي: أخبرت عن علي بن المديني أنه ذكر عن تفسير ابن جريج كلاما معناه أنه كان يقول: عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس، فطال على الوراق أن يكتب: الخراساني كل حديث، فتركه، فرواه من روى على أنه عطاء بن أبي رباح انتهى. وأشار بهذا إلى القصة التي ذكرها صالح بن أحمد، عن علي بن المديني، ونبه عليها أبو علي الجياني في "تقييد المهمل" قال ابن المديني: سمعت هشام بن يوسف يقول: قال لي ابن جريج: سألت عطاء عن التفسير من البقرة وآل عمران ثم قال: اعفني من هذا. قال: قال هشام: فكان بعد إذا قال: قال عطاء، عن ابن عباس، قال: عطاء الخراساني. قال هشام: فكتبنا ثم مللنا، يعني كتبا الخراساني. قال ابن المديني وإنما بينت هذا لأن محمد بن ثور كان يجعلها -يعني في روايته عن ابن جريج- عن عطاء عن ابن عباس فيظن أنه عطاء بن أبي رباح". فيكون ما رواه ابن جريج عن عطاء في التفسير وما يتعلق به؛ هو الخراساني، الا ما كان في البقرة وآل عمران، كما في النقل السابق عن ابن المديني، وكما نص على ذلك ابن حجر في (العجاب في بيان الأسباب) 1: 208. قال علي بن المديني: سألت يحيى بن سعيد عن حديث ابن جريج عن عطاء الخراساني؟ فقال: ضعيف. قلت ليحيى: إنه يقول: أخبرني، قال: لا شيء، كله ضعيف، إنما هو كتاب دفعه إليه. يظر: تهذيب الهذيب 3: 503. وعطاء الخراساني لم يسمع من ابن عباس، كما نص عليه أحمد بن حنبل. ينظر: (المراسيل) لابن أبي حاتم ص 157. 2 - ما أخرجه ابن عدي في (الكامل) 6: 118 من طريق محمد الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس -رضي الله عنهما-. عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (من قال في القرآن برأيه؛ فإن أصاب لم يؤجر). وفيه الكلبي، واسمه: محمد بن السائب. قال سفيان الثوري: قال لنا الكلبي: ما حدثت عن أبي صالح، عن ابن عباس، فهو كذب، فلا ترووه. وفي التقريب: متهم بالكذب، ورمي بالرفض. مات سنة 146 هـ. ينظر: الجرح والتعديل 7: 270، تهذيب الكمال 25: 246، التقريب ص 479.

وعن جندب بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ) (¬1). فهذان الحديثان -على ما فيهما- أحسن ما ورد في الباب، وجاء فيه أشياء ساقطة غير هذين. وقد عقب الإمام الترمذي -رحمه الله- على حديث جندب -رضي الله عنه- فقال: "وهكذا روي عن بعض أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- وغيرهم أنهم شددوا في هذا، في أن يفسر القرآن بغير علم. وأما الذي روي عن مجاهد وقتادة وغيرهما من أهل العلم أنهم فسروا القرآن، فليس الظن بهم أنهم قالوا في القرآن أو فسروه بغير علم، أو من قبل أنفسهم، وقد روي عنهم ما يدل على ما قلنا أنهم لم يقولوا من قبل أنفسهم بغير علم" (¬2). وقال الطبري معقبا على الحديث الأول: "وهذه الأخبار شاهدةٌ لنا على صحة ما قُلنا؛ من أنّ ما كان من تأويل آيِ القرآن الذي لا يُدرَك علمه إلا بنَصِّ بيان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود (3652) في العلم: باب الكلام في كلام الله عز وجل بغير علم، والترمذي رقم (2952) في التفسير: باب ما جاء في الذي يفسر القرآن برأيه، والنسائي في الكبرى رقم (8032) في فضائل القرآن: باب من قال في القرآن بغير علم، وأبو يعلى في مسنده 3: 90 رقم (1520)، والطبري في تفسيره 1: 73، والطبراني في (المعجم الكبير) 2: 163 رقم (1672)، وفي الأوسط المعجم الأوسط 5: 208 رقم (5101)، وابن عدي في (الكامل) 3: 450، والبيهقي في (شعب الإيمان) 2: 423، والبغوي في (شرح السنة) 1: 258 رقم (120)، وغيرهم من طريق سهيل بن أبى حزم، عن أبي عمران الجوني، عن جندب -رضي الله عنه-. وقال الترمذي: هذا حديث غريب، وقد تكلم بعض أهل الحديث في سهيل بن أبي حزم. وسهيل؛ قال عنه البخاري: منكر الحديث. وقال أبو حاتم: ليس بالقوي، يكتب حديثه، ولا يحتج به. وفي التقريب: ضعيف. ينظر: (الضعفاء الصغير) للبخاري ص 58، الجرح والتعديل 4: 247، تهذيب الكمال 12: 217، التقريب ص 259. ولم أجد من تابعه عليه، فالسند ضعيف. (¬2) جامع الترمذي 5: 200.

أو بنَصْبه الدلالة عليه؛ فغير جائز لأحد القِيلُ فيه برأيه، بل القائلُ في ذلك برأيه، وإن أصاب عين الحق فيه؛ فمخطىء في فِعله بقيله فيه برأيه، لأن إصابته ليست إصابة مُوقن أنه محقٌّ، وانما هو إصابة خارصٍ وظانٍّ، والقائل في دين الله بالظنّ؛ قائلٌ على الله ما لم يعلم، وقد حرَّم الله جلّ ثناؤه ذلك في كتابه على عباده، فقال: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 33]. فالقائل في تأويل كتاب الله الذي لا يُدْرَكُ علمُه إلا ببيانِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، الذي جعل الله إليه بيانَه؛ قائلٌ بما لا يعلمُ، وإن وافق قيلُه ذلك في تأويله ما أراد الله به من معناه، لأن القائل فيه بغير علم؛ قائلٌ على الله ما لا علم له به، وهذا هو معنى الخبر" (¬1). وقال ابن الأنباري في بيان الحديث الأول - (من قال في القرآن بغير علم؛ فليتبوأ مقعده من النار) -: "له معنيان: أحدهما: من قال في مشكل القرآن بما لا يعرف من مذاهب الأوائل من الصحابة والتابعين فهو متعرض لسخط الله تعالى. والآخر: -وهو الأصح- (من قال في القرآن قولاً يعلم أن الحق غيرُه فليتبوأ مقعده من النار) ". وقال في بيان الحديث الثاني - (من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ) -: "حمله بعض أهل العلم على أن الرأي معني به الهوى، فمن قال في القرآن قولاً يوافق هواه، فلم يأخذه عن أئمة السلف، وأصاب، فقد أخطأ، لحكمه على القرآن بما لا يعرف أصله، ولا يقف على مذاهب أهل الأثر والنقل فيه" (¬2). وقال البيهقي -رحمه الله-:"الرأي الذي يغلب على القلب من غير دليل قام عليه؛ فمثل هذا الرأي لا يجوز الحكم به في النوازل، فكذلك لا يجوز تفسير القرآن به، وأما الرأي الذي يسنده برهان؛ فالحكم به في النوازل جائز، وكذلك تفسير القرآن به جائز" (¬3). ¬

_ (¬1) تفسير الطبري 1: 72 - 73. (¬2) النقل عن ابن الأنباري بواسطة: (الإتقان) للسيوطي 2: 447 - 448. (¬3) شعب الإيمان 2: 423.

وقال الراغب الأصفهاني: "اختلف الناس في تفسير القرآن؛ هل يجوز لكل ذي علم الخوض فيه؟ فمنهم من بالغ ومنع الكلام، ولو تفنن الناظر في العلوم، واتسع باعه في المعارف إلا بتوقيف عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، أو عمن شاهد التنزيل من الصحابة، أو من أخذ منهم من التابعين، واحتجوا بقوله -صلى الله عليه وسلم-: (من فسر القرآن برأيه، فقد أخطأ) وفى رواية: (من قال في القرآن برأيه فقد كفر) (¬1). وقيل: إن كان ذا معرفة وأدب فواسع له تفسيره، والعقلاء والأدباء فوضى (¬2) في معرفة الأغراض، واحتجوا بقوله تعالى: {لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} (ص: 29) " (¬3). وأورد ابنُ عطية -رحمه الله- حديثَ جندب -رضي الله عنه-، ثم قال: "ومعنى هذا أن يسأل الرجل عن معنى في كتاب الله فيتسور عليه برأيه دون نظر فيما قال العلماء، واقتضته قوانين العلوم، كالنحو والأصول، وليس يدخل في هذا الحديث أن يفسِّر اللغويون لُغَتَه، والنحاةُ نَحْوَهُ، والفقهاءُ معانيَه، ويقول كلُّ واحد باجتهاده المبني على قوانين علم ونظر، فإن القائل على هذه الصفة ليس قائلا بمجرد رأيه. ¬

_ (¬1) هذه الرواية من زيادات رزين بن معاوية العبدري الأندلسي (535 هـ)، له كتاب (تجريد الصحاح) جمع فيه بين"الموطأ" والأصول الخمسة -البخاري ومسلم وأبي داود والترمذي والنسائي-، وعليه اعتمد ابن الأثير في تصنيف كتابه (جامع الأصول). قال الذهبي عن كتابه -في السير 20: 205 - : "أدخل كتابه زيادات واهية، لو تنزه عنها لأجاد". وقال الشوكاني في (الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة) ص 49 - بعد أن تكلم على صلاة الرغائب-: "ومما أوجب طول الكلام عليها؛ وقوعها في كتاب رزين بن معاوية العبدري، ولقد أدخل في كتابه الذي جمع فيه بين دواوين الإسلام بلايا وموضوعات لا تعرف، ولا يدرى من أين جاء بها، وذلك خيانة للمسلمين. وقد أخطأ ابن الأثير خطأ بينا بذكر ما زاده رزين في (جامع الأصول)، ولم ينبه على عدم صحته في نفسه إلا نادرا". وانظر: مقدمة جامع الأصول 1: 49 - 51. (¬2) فوضى: أي متساوون. ينظر: القاموس المحيط 1: 880 مادة (فوض). (¬3) جامع التفاسير ص 93، وانظر: (التيسير في قواعد التفسير) للكافيجي ص 140.

وكان جلة من السلف كسعيد بن المسيب، وعامر الشعبي، وغيرهما؛ يعظمون تفسير القرآن، ويتوقفون عنه تورعا واحتياطا لأنفسهم، مع إدراكهم وتقدمهم" (¬1). وقال ابن الأثير -رحمه الله-: "النهي عن تفسير القرآن بالرأي لا يخلو إما أن يكون المراد به: الاقتصار على النقل والمسموع، وترك الاستنباط، أو المراد به: أمر آخر. وباطل أن يكون المراد به: ألا يتكلم أحد في القرآن إلا بما سمعه (¬2)، فإن الصحابة -رضي الله عنه- قد فسروا القرآن، واختلفوا في تفسيره على وجوه، وليس كل ما قالوه سمعوه من النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإن النبي -صلى الله عليه وسلم- دعا لابن عباس فقال: (اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل)، فإن كان التأويل مسموعا كالتنزيل؛ فما فائدة تخصيصه بذلك؟! وإنما النهي يحمل على أحد وجهين: أحدهما: أن يكون له في الشيء رأي، وإليه ميل من طبعه وهواه، فيتأول القرآن على وفق رأيه وهواه؛ ليحتج على تصحيح غرضه، ولو لم يكن له ذلك الرأي والهوى لكان لا يلوح له من القرآن ذلك المعنى. ¬

_ (¬1) المحرر الوجيز 1: 41. (¬2) ويؤيد هذا: ما جاء عن أبي جحيفة -رضي الله عنه- قال: قلت لعلي -رضي الله عنه-: هل عندكم شيء من الوحي إلا ما في كتاب الله؟ قال: لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما أعلمه الا فهما يعطيه الله رجلا في القرآن، وما في هذه الصحيفة، قلت: وما في الصحيفة؟ قال: العقل، وفكاك الأسير، وأن لا يقتل مسلم بكافر. أخرجه البخاري رقم (3047) في الجهاد والسير: باب فكاك الأسير، وفي مواضع أخرى. وقال الشيخ الشنقيطي رحمه الله في (أضواء البيان) 2: 258 - بعد كلامه على معنى قوله تعالى: {أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ (10) جُنْدٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزَابِ} [ص: 10، 11]، وقد ذكره استطرادا في سورة الحجر - "فالآية الكريمة يفهم منها ما ذكرنا، ومعلوم أنها لم يفسرها بذلك أحد من العلماء .. ولكن كتاب الله لا تزال تظهر غرائبه، وعجائبه متجددة على الليالي والأيام، ففي كل حين تفهم منه أشياء لم تكن مفهومة من قبل، ويدل لذلك حديث أبي جحيفة .. -وساق الحديث، ثم قال:- فقوله -رضي الله عنه-: إلا فهما يعطيه الله رجلا في كتاب الله؛ يدل على أن فهم كتاب الله تتجدد به العلوم والمعارف التي لم تكن عند عامة الناس".

وهذا النوع يكون تارة مع العلم كالذي يحتج ببعض آيات القرآن على تصحيح بدعته، وهو يعلم أن ليس المراد بالآية ذلك، ولكن يلبس على خصمه. وتارة يكون مع الجهل، وذلك إذا كانت الآية محتملة فيميل فهمه إلى الوجه الذي يوافق غرضه، ويرجح ذلك الجانب برأيه وهواه، فيكون قد فسر برأيه، أي رأيُه حَمَله على ذلك التفسير، ولولا رأيُه لما كان يترجح عنده ذلك الوجه. وتارة يكون له غرض صحيح فيطلب له دليلا من القرآن، ويستدل عليه بما يعلم أنه ما أريد به، كمن يدعو إلى مجاهدة القلب القاسي فيقول: قال الله تعالى: {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى} [النازعات: 17] ويشير إلى قلبه ويومىء إلى أنه المراد بفرعون. وهذا الجنس قد يستعمله بعض الوعاظ في المقاصد الصحيحة تحسينا للكلام وترغيبا للمستمع، وهو ممنوع. وقد تستعمله الباطنية في المقاصد الفاسدة لتغرير الناس، ودعوتهم إلى مذهبهم الباطل، فينزلون القرآن على وفق رأيهم ومذهبهم على أمور يعلمون قطعا أنها غير مرادة. فهذه الفنون؛ أحد وجهي المنع من التفسير بالرأي. الوجه الثاني: أن يسارع إلى تفسير القرآن بظاهر العربية، من غير استظهار بالسماع والنقل فيما يتعلق بغرائب القرآن، وما فيه من الألفاظ المبهمة والمبدلة، وما فيه من الاختصار والحذف والإضمار والتقديم والتأخير، فمن لم يحكم ظاهر التفسير وبادر إلى استنباط المعاني بمجرد فهم العربية؛ أكثر غلطه، ودخل في زمرة من فسَّر القرآن بالرأي. فالنقلُ والسماعُ لابدَّ له منه في ظاهر التفسير أولاً ليتقيَ به مواضعَ الغلط، ثم بعد ذلك يتسع التفهم والاستنباط". ثم قال: "وما عدا هذين الوجهين فلا يتطرق النهي إليه" (¬1). وقال الماوردي -تعليقا على حديث جندب -رضي الله عنه-: (من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ) -: "قد حمل بعض المتورعة هذا الحديث على ظاهره وامتنع أن يستنبط معاني القرآن باجتهاده ولو صحبتها الشواهد، ولم يعارض شواهدها نص صريح، وهذا عدول ¬

_ (¬1) جامع الأصول 2: 4 - 6.

عما تعبدنا بمعرفته من النظر في القرآن، واستنباط الأحكام، كما قال تعالى: {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: 83] ولو صح ما ذهب إليه لم يعلم شيء بالاستنباط، ولما فهم الأكثر من كتاب الله شيئاً، كان صح الحديث؛ فتأويله: أن من تكلم في القرآن بمجرد رأيه، ولم يعرج على سوى لفظه، وأصاب الحق؛ فقد أخطأ الطريق، وإصابته اتفاق، إذ الغرض أنه مجرد رأي لا شاهد له" (¬1). وذكر ابن جزي هذا الحديث ثم قال: "وتأولوا -يعني المفسرين- الحديثَ بأنه فيمن تكلم في القرآن بغير علم ولا أدوات لا فيمن تكلم فيما تقتضيه أدوات العلوم، ونظر في أقوال العلماء المتقدمين، فإن هذا لم يقل في القران برأيه" (¬2). وقال النووي -رحمه الله-:"المفسرون برأيهم من غير دليل صحيح؛ أقسام: 1 - منهم من يحتج به على تصحيح مذهبه وتقوية خاطره، مع أنه لا يغلب على ظنه أن ذلك هو المراد بالآية، وإنما يقصد الظهور على خصمه. 2 - ومنهم من يقصد الدعاء إلى خير، ويحتج بآية من غير أن تظهر له دلالة لما قاله. 3 - ومنهم من يفسر ألفاظه العربية من غير وقوف على معانيها عند أهلها، وهي مما لا يؤخذ إلا بالسماع من أهل العربية وأهل التفسير .. ولا يكفي مع ذلك معرفة العربية وحدها، بل لابد معها من معرفة ما قاله أهل التفسير فيها، فقد يكونون مجتمعين على ترك الظاهر، أو على إرادة الخصوص، أو الإضمار، وغير ذلك مما هو خلاف الظاهر، وكما إذا كان اللفظ مشتركا في معان فعلم في موضع أن المراد أحد المعاني، ثم فسر كل ما جاء به؛ فهذا كله تفسير بالرأي، وهو حرام، والله أعلم" (¬3). وقال ابن تيمية -رحمه الله- "فأما تفسير القرآن بمجرد الرأي فحرام .. -وساق الأدلة السابقة، ثم قال:- فمن قال في القرآن برأيه فقد تكلف ما لا علم له به، وسلك غير ما ¬

_ (¬1) النكت والعيون 1: 34. (¬2) التسهيل لعلوم التنزيل 1: 13. (¬3) التبيان في آداب حملة القرآن ص 167.

أمر به، فلو أنه أصاب المعنى في نفس الأمر لكان قد أخطأ؛ لأنه لم يأت الأمر من بابه، كمن حكم بين الناس على جهل فهو في النار، كان وافق حكمه الصواب في نفس الأمر، لكن يكون أخف جرمًا ممن أخطأ، والله أعلم. وهكذا سمى الله القَذَفة كاذبين، فقال: {فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ} [النور: 13]، فالقاذف كاذب، ولو كان قد قذف من زنى في نفس الأمر؛ لأنه أخبر بما لا يحل له الإخبار به، ولو كان أخبر بما يعلم؛ لأنه تكلف ما لا علم له به، والله أعلم. ولهذا تحرَّج جماعةٌ من السلف عن تفسير ما لا علم لهم به" (¬1). وقال ابن النقيب: "جملة ما تحصل في معنى حديث التفسير بالرأي خمسة أقوال: أحدها: التفسير من غير حصول العلوم التي يجوز معها التفسير. الثاني: تفسير المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله. الثالث: التفسير المقرر للمذهب الفاسد، بأن يجعل المذهب أصلاً، والتفسير تابعاً، فيرد إليه بأي طريق أمكن وإن كان ضعيفاً. الرابع: التفسير بأن مراد الله كذا على القطع من غير دليل. الخامس: التفسير بالاستحسان والهوى" (¬2). فالحاصل أن هذا الحديث كأنه الأصل في مصطلح (التفسير بالرأي)، والمراد به: الكلام في بيان معنى كلام الله تعالى بغير النقل المجرد. ولذا نجد عددا من السلف الذين ألفوا في التفسير تقيدوا بالمأثور، واقتصروا على النقل المجرد، كالإمامين عبد الرزاق الصنعاني، وابن أبي حاتم الرازي. والتفسير بالرأي (¬3) -كما ذكر العلماء، وأشارت إليه النقول السابقة- ينقسم إلى قسمين: ¬

_ (¬1) مجموع الفتاوى 13: 370 - 371. (¬2) نقله عنه السيوطي في (الإتقان) 2: 454. (¬3) ينظر للمزيد: (البرهان) للزركشي 2: 161 - 164 (التيسير في قواعد التفسير) للكافيجي ص 140 وما بعدها، (الإتقان) للسيوطي 2: 445 - 456.

1) التفسير بالرأي المحمود: وهو الكلام الصادر عن علم، من متأهل لذلك، ملك الآلة، وأتى الأمر من بابه. 2) التفسير بالرأي المذموم: وهو الكلام الصادر عن هوى لنصرة قول فاسد، أو عن جهل وعدم تثبت. ومن هنا فينبغي الحذر والتوقي في تفسير كلام الله تعالى، وهذا منهج سلفي قديم. عن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- قال: (أيُّ أرضِ تُقِلُّني، وأيُّ سماء تظلّني، إذا قلتُ في القرآن برأيي. أو: بما لا أعلم) (¬1). وعن ابن أبي مُليكة. أن ابن عباس -رضي الله عنه- سُئل عن آية لو سئل عنها بعضكم لقال فيها، فأبى أن يقول فيها (¬2). وعنه أن رجلا سأل ابنَ عباس -رضي الله عنه- عن {يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} [المعارج: 4]؟، فقال -يعني ابن عباس-: ما {يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ}؟ قال: إنما سألتك لتخبرني، قال: (هما يومان ذكرهما الله في القرآن، الله أعلم بهما، فكره أن يقول في كتاب الله ما لا يعلم) (¬3). ¬

_ (¬1) أخرجه أبو عبيد في (فضائل القرآن) ص 375، وسعيد بن منصور 1: 168 رقم (39 - التفسير)، وابن أبي شيبة في (المصنف) 6: 136 رقم (30103) في فضائل القرآن: باب من كره أن يفسر القرآن، والطبري 1: 72، والخطيب في (الجامع) 2: 285 رقم (1643)، وغيرهم من طرق عن أبي بكر -رضي الله عنه-، واللفظ للطبري في أحد موضعيه، وعند البقية: (إذا قلت في القرآن بما لا أعلم)، سوى سعيد فلفظه: (أية أرض تقلني، أو أية سماء تظلني، أو أين أذهب، وكيف أصنع إذا أنا قلت في آية من كتاب الله بغير ما أراد الله بها). وقال الشيخ الدكتور/ سعد آل حميد في تعليقه على سنن سعيد: "له متابعات يرتقي بها إلى درجة الحسن لغيره". (¬2) أخرجه الطبري 1: 80، وصحح إسناده ابنُ كثير في تفسيره 1: 12. (¬3) أخرجه أبو عبيد في (فضائل القرآن) ص 376، والطبري 23: 254، والحاكم في (المستدرك) 4: 610، من طرق عن أيوب السختياني، عن ابن أي مليكة، بنحوه. وقال الحاكم: صحيح على شرط البخاري، وأقره الذهبي.

وقال عبيد الله بن عمر، قال: (لقد أدركت فقهاء المدينة، وإنهم ليُعْظِمون القولَ في التفسير؛ منهم: سالم بن عبد الله، والقاسم بن محمد، وسعيد بن المسيب، ونافع) (¬1). وعن مسروق بن الأجدع قال: (اتقوا التفسير، فإنما هو الرواية عن الله عز وجل) (¬2). وعن الشعبي قال: (أدركت أصحاب عبد الله -رضي الله عنه-، وأصحاب علي -رضي الله عنه-، وليس هم لشيء من العلم أكره منهم لتفسير القرآن) (¬3). وعن مروان الأصفر، قال: (كنت عند سعيد بن جبير جالسا، فسأله رجل عن آية من كتاب الله عز وجل، فقال له سعيد: الله أعلم، فقال له الرجل: قل فيها أصلحك الله برأيك، فقال: أقول في كتاب الله برأي؟! فردده مرتين أو ثلاثا، ولم يجبه بشيء) (¬4). وعن إبراهيم النخعي، قال: (كان أصحابنا يتقون التفسير ويهابونه) (¬5). وعن هشام بن عروة، قال: (ما سمعت أبي يتأول اية من كتاب الله قط) (¬6). وعن يزيد بن أبي يزيد، قال: (كنا نسأل سعيدَ بن المسيب عن الحلال والحرام، وكان أعلم الناس، فإذا سالناه عن تفسير آية من القرآن سكت كأن لم يسمع) (¬7). ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري 1: 79. (¬2) أخرجه أبو عبيد في (فضائل القرآن) ص 377. (¬3) أخرجه ابن أبي شيبة في (المصنف) 6: 136 رقم (30103) في فضائل القرآن: باب من كره أن يفسر القرآن. (¬4) أخرجه سعيد بن منصور في سننه 1: 174 رقم (41 - التفسير)، ومن طريقه: البيهقي في (شعب الإيمان) 2: 425. (¬5) أخرجه أبو عبيد في (فضائل القرآن) ص 378، وابن أبي الدنيا في (كتاب الصمت) رقم (672)، والبيهقي في (شعب الإيمان) 2: 425، وأبو نعيم في (الحلية) 4: 222. واللفظ لأبي عبيد وأبي نعيم، ولفظ الآخرين: كانوا يكرهون أن يتكلموا في القرآن. (¬6) أخرجه أبو عبيد في (فضائل القرآن) ص 378. (¬7) أخرجه الطبري 1: 80 - 81.

وعن الشعبي، قال: "والله ما مِن آية إلا قد سألتُ عنها، ولكنها الروايةُ عن الله تعالى" (¬1). وأورد ابنُ تيمية غالبَ ما سبق من الآثار، ثم قال: "فهذه الآثار الصحيحة وما شاكلها عن أئمة السلف؛ محمولة على تحرجهم عن الكلام في التفسير بما لا علم لهم به، فأما من تكلم بما يعلم من ذلك لغة وشرعا فلا حرج عليه، ولهذا روي عن هؤلاء وغيرهم أقوال في التفسير، ولا منافاة؛ لأنهم تكلموا فيما علموه، وسكتوا عما جهلوه، وهذا هو الواجب على كل أحد، فإنه كما يجب السكوت عما لا علم له به، فكذلك يجب القول فيما سئل عنه مما يعلمه، لقوله تعالى: {لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ} [آل عمران: 187]، ولما جاء في الحديث المروي من طرق: (من سئل عن علم فكتمه؛ أُلجم يوم القيامة بلجام من نار) (¬2) " (¬3). ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري 1: 81، وابن عساكر في (تاريخ دمشق) 25: 365. (¬2) أخرجه أحمد 2: 263، 305، 344، 353، 495، وأبو داود رقم (3658) في العلم: باب كراهة منع العلم، والترمذي رقم (2649) في العلم: باب ما جاء في كتمان العلم، وابن ماجه رقم (261) في المقدمة: باب من سئل عن علم فكتمه، وابن حبان في صحيحه كما في الإحسان 1: 297 رقم (95)، وغيرهم من طرق عن علي بن الحكم، عن عطاء بن أبي رباح، عن أبي هربرة -رضي الله عنه-. وقال عنه الترمذي: حديث حسن، وصححه ابن حبان، وقال ابن حجر في (القول المسدد) ص 11: "الحديث وإن لم يكن في نهاية الصحة، لكنه صالح للحجة". والحديث له طرق وشواهد أخرى. ينظر: مجمع الزوائد 1: 163، الدر المنثور 2: 102. (¬3) مجموع الفتاوى 13: 374 - 375، وهو في آخر مقدمته المشهورة في أصول التفسير.

الفصل الثالث عناية المحدثين بعلم التفسير

الفصل الثالث عناية المحدِّثين بعلم التفسير

الفصل الثالث عناية المحدثين بعلم التفسير لقد اعتنى المحدثون (¬1) بتفسير كلام الله تعالى عناية فائقة، ذلك أنه يتعلق بكلام الله عز وجل. ¬

_ (¬1) أشير في طليعة هذا الفصل إلى التنبيهات الآتية: 1 - لن أتحدث هنا عن تاريخ تدوين التفسير، لأن هذا خارج إطار موضوع هذا الفصل الذي يبرز جهود المحدثين تحديدا في هذا الباب. وينظر في هذا الموضوع: (الإتقان) للسيوطط 2: 466 وما بعدها، الجزء الأول من (التفسير والمفسرون) للدكتور/ محمد الذهبي، (لمحات عن المدونات الأولى في التفسير خلال القرن الأول الهجري) دراسة للدكترر/ عبدالرزاق هرماس نشرت في مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية- جامعة الكويت. عدد 27 عام 1416 هـ. 2 - ينبغي أن يعلم أن تمايز التخصصات داخل العلم الشرعي أمر ظهر في القرن الثالث تقريبا، وإن كان وجد شيء من ذلك في طبقة أتباع التابعين، كشعبة بن الحجاج (160 هـ) وسفيان الثوري (161 هـ) اللذين اشتهرا بالحديث. ولذا فإنني سرت في ضابط المحدث باعتبار الشهرة، أو من كان له تصنيف معتبر في علم الحديث. وعلى كلٍّ فالمسألة نسبية، وقد تختلف فيها الأنظار. 3 - ما يذكر في ثنايا هذا الفصل من إسهام المحدثين في تفسير القرآن الكريم؛ انا هو أمثلة ونماذج، وأما الإحاطة بذلك فهو متعذر أو متعسر، وحسبك من القلادة ما أحاط بالعنق. قال الزرقافي في (مناهل العرفان) 2: 24: "إن كتب التفسير بالمأثور موسوعات كبيرة، لا نستطيع الإحاطة بها، ولا بأسماء جميع مؤلفيها، ولا بطرق كل مؤلف فيها". 4 - لن أتطرق إلى وصف الكتاب والحديث عن محتواه ومنهجه، لأن في هذا خروجا عن المقصود في هذا الفصل، وجدير بالقول أن هذا للوضوع: (منهج المحدثين في تفسير القرآن في مصنفاتهم) يستحق دراسة مستقلة، وهو بقسم التفسير وعلوم القرآن ألصق. ومما يناسب ذكره هنا أن الغالب على تفاسير المتقدمين ممن عاش في القرون الثلاثة الأولى الاقتصارُ على سياق الآثار المسندة، مرفوعة كانت أم موقوفة أم مقطوعة، باستثناء الإمام الطبري. =

وهو بالمحل الذي لا يخفى (¬1)؛ ولأن التفسير المأثور ينقل بالأسانيد كسائر المرويات، فاعتنوا بهذا المأثور المتعلق بتفسير كلام الله تعالى -مرفوعا كان أم موقوفا أم مقطوعا- من جهة الرواية والتدوين. وقد أفرد الحافظُ السيوطي المحدثين في أنواع المفسرين، فقال: "واعلم أنهم -أي المفسرين- أنواع: الأول: المفسرون من السلف والصحابة والتابعين، وأتباع التابعين. الثاني: المفسرون من المحدثين، وهم الذين صنفوا التفاسير مسندة موردا فيها أقوال الصحابة والتابعن بالإسناد .. الثالت: بقية المفسرين من علماء أهل السنة الذين ضموا إلى التفسير: التأويل، والكلام على معاني القرآن وأحكامه وإعرابه وغير ذلك، وهو الذي الاعتناء به في هذا الزمان أكثر. الرابع: من صنف تفسيرا من المبتدعة كالمعتزلة والشيعة وأضرابهم. ¬

_ = قال الزرقاني في (مناهل العرفان) 2: 22: "جاء قرن تابعي التابعين، وفيه ألفت تفاسير كثيرة جمعت من أقوال الصحابة والتابعين، كتفسير سفيان بن عيينة ووكيع بن الجراح وشعبة بن الحجاج ويزيد ابن هارون وعبد الرزاق وآدم بن أبي إياس وإسحاق بن راهوية وروح بن عبادة وعبد بن حميد وأبي بكر بن أبي شيبة وعلي بن أبي طلحة والبخاري وآخرين، ومن بعدهم ألف ابن جرير الطبري كتابه المشهور، وهو من أجلِّ التفاسير، ثم ابنُ أبي حاتم وابنُ ماجه والحاكم وابن مردويه وابن حبان وغيرهم. وليس في تفاسير هؤلاء إلا ما هو مسند إلى الصحابة والتابعين وتابعيهم، ما عدا ابن جرير فإنه تعرض لتوجيه الأقوال، وترجيح بعضها على بعض، وذكر الإعراب، والاستنباط". وسيأتي نقل في هذا المعنى عن ابن رجب عند الكلام على تفسير الإمام أحمد -إن شاء الله-. (¬1) قال الشعبي: "رحل مسروق إلى البصرة في تفسير آية، فقيل له: إن الذي يفسرها رحل إلى الشام، فتجهز ورحل إلى الشام حتى علم تفسيرها". ينظر: تفسير القرطبي 1/ 46.

(1)

والذي يستحق أن يسمى من هؤلاء: القسم الأول، ثم الثاني، على أن الأكثر في هذا القسم نقلة، وأما الثالث. فمؤولة، ولهذا يسمون كتبهم غالبا بالتأويل" (¬1). ويمكن تقسيم عنايتهم في هذا الباب إلى ثلاثة أقسام: (1) التصنيف المستقل. (2) التصنيف الضمني. (3) نقد مرويات التفسير. ¬

_ (¬1) طبقات المفسرين ص 9.

(1) التصنيف المستقل

(1) التصنيف المستقل ويندرج تحت هذا نوعان: (أ) التصنيف العام فى التفسير: وقد يكون هذا التصنيف شاملا للقرآن كله أو بعضه، ومن الأمثلة على ذلك: 1 - تفسير سفيان بن سعيد الثوري، أمير المؤمنين في الحديث. (ت 161 هـ): وهو مشهور بالعناية بتفسير القرآن (¬1)، فعن عبد الرحمن بن مهدى قال: كان سفيان يأخذ المصحف، فلا يكاد يمر بآيه إلا فسرها، فربما بالآية؛ فيقول: أى شيء عندك في هذه؟ فأقول: ما عندي فيها شيء، فيقول: تضيع مثل هذه، لا يكون عندك فيها شيء! (¬2). وعن عبد الرزاق قال: كان الثوري يقول: "سلوني عن المناسك والقرآن فإني بهما عالم (¬3). وتفسيره مطبوع في مجلد، اشتمل على (911) رواية" (¬4). 2 - تفسير مالك بن أنس، إمام دار الهجرة، وصاحب الموطأ (ت 179 هـ): وهو إمام مشهور متبوع، وذكر عنه تميزٌ في فهم كتاب الله تعالى، فعن خالد بن نزار الأيلي قال: ما رأيت أحدا أنزع بكتاب الله عز وجل من مالك بن أنس (¬5). قال ابن أبي حاتم -بعد رواية الخبر-: "وقد رأى خالدٌ سفيانَ الثوري، وسفيانَ بن عيينة، والليثَ بن سعد، وغيرهم". ¬

_ (¬1) ذكره الداودي في (طبقات المفسرين) 1: 186. (¬2) أخرجه ابن أبي حاتم في (تقدمة الجرح والتعديل) ص 116. (¬3) أخرجه ابن أبي حاتم في المرجع السابق ص 117. (¬4) كتب الأستاذ/ هاشم المشهداني رسالته للماجستير بعنوان: (سفيان الثوري وأثره في التفسير)، وطبعت في دار الكتاب ببغداد عام 1401 هـ. (¬5) أخرجه ابن أيى حاتم في (تقدمة الجرح والتعديل) ص 18.

وقال الداودي: "هو أول من صنف (تفسير القرآن) بالإسناد على طريقة الموطأ، تبعه الأئمة، فقلَّ حافظ إلا وله تفسير مسند، وله غير (الموطأ): .. (التفسير المسند) لطيف، فيحتمل أن يكون من تأليفه، وأن يكون علق عنه" (¬1). وقال القاضي عياض -وهو يعدد مصنفات الإمام مالك-: "ومن ذلك: كتابه في التفسير لغريب القرآن، الذي يرويه عنه: خالد بن عبد الرحمان المخزومي، أخبرنا به .... " (¬2) ثم ساق سنده إليه. وذكره ابن حجر فسماه: (جزء فيه التفسير المروي عن مالك) جمع أبي بكر الجعابي، وساق إسناده إلى الجعابي (¬3). وتفسيره في عداد المفقود، وقد وجدت محاولات لجمع تفسيره من بطون الكتب (¬4). 3 - تفسير وكيع بن الجراح بن مليح الرؤاسي، أبو سفيان الكوفي. (ت: 196 هـ) وهو من رواية محمد بن إسماعيل الحساني، وذكر تفسيره ابنُ النديم (¬5)، والثعلبي (¬6)، ¬

_ (¬1) طبقات المفسرين 2: 299، وذكر تفسيره ابنُ النديم في (الفهرست) ص 36. (¬2) ترتيب المدارك 2: 94، وانظر: سير أعلام النبلاء 8: 89. (¬3) ينظر: (المعجم المفهرس) لابن حجر ص 109. (¬4) قام الأستاذ/ حميد بلحمر بدراسة منهج الإمام مالك في التفسير، وجمع ما روي عنه في تفسير القرآن مرتبا على السور، ونشر ذلك في كتاب: (الإمام مالك مفسرا) وصدر عن دار الفكر عام 1415 هـ. كما جمع المرويات عنه: أ. د. حكمت بشير، وغيره في (مرويات الإمام مالك في التفسير). ينظر: (التفسير الصحيح) ص 66. (¬5) في الفهرست ص 37. (¬6) تفسيره (الكشف والبيان) حيث عده ضمن مصادره في التفسير، وساق إسناده به إلى وكيع في مقدمة تفسيره.

وابن تيمية (¬1)، وابن حجر (¬2)، والداودي (¬3)، وغيرهم (¬4). وهو من التفاسير المفقودة. 4 - تفسير سفيان بن عيينة بن ميمون الهلالي، أبو محمد الكوفي. (ت 198 هـ): قال عبد الله بن وهب: لا أعلم أحدا أعلم بتفسير القرآن من ابن عيينة (¬5). وذكر تفسيره ابنُ النديم (¬6)، والثعلبي (¬7)، وابن حجر (¬8)، وغيرهم (¬9). وتفسيره في عداد المفقود (¬10). 5 - تفسير عبد الرزاق بن همام الصنعاني (ت 211 هـ): وهو مطبوع (¬11). وللسيوطي كتاب (المنتقى من تفسير عبد الرزاق) (¬12). ¬

_ (¬1) في (درء تعارض العقل) 2: 22. (¬2) في (المعجم المفهرس) ص 113، وساق إسناده إلى وكيع. (¬3) في (طبقات المفسرين) 2: 357. (¬4) ينظر: كشف الظنون 1: 461، معجم المفسرين 2: 719. (¬5) ينظر: سير أعلام النبلاء 8: 458. (¬6) في الفهرست ص 36. (¬7) في تفسيره (الكشف والبيان) حيث عده ضمن مصادره في التفسير، وساق إسناده به إلى سفيان بن عيينة في مقدمة تفسيره. (¬8) في (المعجم المفهرس) ص 109، وساق إسناده إلى سفيان بن عيينة. (¬9) ينظر: كشف الظنون 1: 439، معجم المفسرين 1: 212. (¬10) قام الشيخ/ أحمد بن صالح محايري بجمع روايات تفسير ابن عيينة من كتب التفسير، وصدر عن المكتب الإسلامي عام 1403 هـ. (¬11) بتحقيق أ. د. مصطفى مسلم، وصدر عن مكتبة الرشد بالرياض عام 1410 هـ. وهناك رسالة علمية بعنوان (الإمام عبد الرزاق مفسرا) للباحث: محمد عبده الهادي، في كلية الشريعة بجامعة أم القرى عام 1404 هـ. (¬12) ذكره في كتابه (التحدث بنعمة الله) ص 128.

6 - تفسير محمد بن يوسف الفريابي (ت 212 هـ): ذكره ابن النديم (¬1)، والثعلبي (¬2)، وابن حجر (¬3)، والسيوطي (¬4)، والداودي (¬5)، وغيرهم (¬6). وقال ابن حجر: "وهو كتاب صغير نفيس، ومصنفه من أكابر شيوخ البخاري" (¬7). وهو من التفاسير المفقودة. وللسيوطي (المنتقى من تفسير الفرياي) (¬8). 7 - تفسير أبي بكر عبد الله بن محمد العبسي، ابن أبي شيبة الكوفي (ت 235 هـ): ذكره ابن النديم (¬9)، والخطيب البغدادي (¬10)، وابن حجر (¬11)، والداودي (¬12) وغيرهم (¬13). وقال الذهبي في ترجمته: "صاحب الكتب الكبار (المسند) و (المصنف)، و (التفسير) " (¬14). وقال السيوطي في مقدمة (الدر المنثور): "ابن أبي شيبة: له (المصنف)، ¬

_ (¬1) في الفهرست ص 285. (¬2) في تفسيره (الكشف والبيان) حيث عده ضمن مصادره في النفسير، وساق إسناده به إليه في مقدمة تفسيره. (¬3) في (المعجم المفهرس) ص 108، وساق إسناده إليه. (¬4) في مقدمة (الدر المنثور). (¬5) في (طبقات المفسرين) 2: 293. (¬6) ينظر: معجم المفسرين 2: 652. (¬7) تغليق التعليق 4: 170. (¬8) ذكره في كتابه (التحدث بنعمة الله) ص 127. (¬9) في الفهرست ص 37. (¬10) في تاريخ بغداد 10: 66. (¬11) في (المعجم المفهرس) ص 110، وساق إسناده إليه، وأشار إليه في (تغليق التعليق) 4: 171. (¬12) (طبقات المفسرين) 1: 246. (¬13) ينظر: كشف الظنون 1: 437، معجم المفسرين 1: 320 (¬14) سير أعلام النبلاء 11: 122.

و (المسند)، و (الإيمان)، -رأيت الثلاثة- وله تفسير لكن لم أره، وهو في بطن تفسير ابن المنذر" (¬1). وتفسيره في عداد المفقود (¬2). 8 - تفسير إسحاق بن راهويه (ت 238 هـ): ذكره ابن النديم (¬3)، وابن تيمية (¬4)، وابن حجر (¬5)، والداودي (¬6) وغيرهم (¬7). وأشار إلى تفسيره السيوطيُ في مقدمة (الدر النثور)، وقال: "لم أره" (¬8). وتفسيره في عداد المفقود (¬9). ¬

_ (¬1) (مقدمة تفسير الدر المنثور بين المخطوط والمطوع) بحث للدكتور/ حازم حيدر نشر في مجلة (البحوث والدراسات القرآنية) العدد الأول ص 189، والمقدمة ساقطة من جميع الطبعات حتى طبعة هجر المحققة. (¬2) هناك رسالة دكتوراه بعنوان (مرويات أبما بكر بن أبي شيبة في التفسير: من أول سورة الفاتحة إلى نهاية سورة الإسراء -جمعا ودراسة) للباحث: عبد القدوس راجي، ورسالة أخرى (مرويات أبي بكر بن أبي شيبة في التفسير: من سورة الكهف إلى سورة الناس -جمعا ودراسة) للباحث: عادل الجهني، والرسالتان كلتاهما في كلية القرآن الكريم بالجامعة الإسلامية. (¬3) في الفهرست ص 286. (¬4) في (درء تعارض العقل) 2: 22. (¬5) في (المعجم المفهرس) ص 109، وساق إسناده إليه. (¬6) في (طبقات المفسرين) 1: 102. (¬7) ينظر: كشف الظنون 1: 442، معجم المفسرين 1: 85. (¬8) (مقدمة تفسير الدر المنثور بين المخطوط والمطبوع) بحث للدكتور/ حازم حيدر نشر في مجلة (البحوث والدراسات القرآنية) العدد الأول ص 189. (¬9) هناك رسالة ماجستير بعنون (مرويات الإمام ابن راهويه في التفسير: جمعا ودراسة) للباحث: ياسين قوماي، في كلية القرآن الكريم بالجامعة الإسلامية.

9 - تفسير الإمام أحمد بن حنبل؛ إمام أهل السنة والجماعة (ت 241 هـ): ذكره الزجاج (¬1)، وابنُ النديم (¬2)، وابن الجوزي (¬3)، وابن قدامة (¬4)، وابن تيمية (¬5)، وابن القيم (¬6)، وابن رجب (¬7)، وابن حجر (¬8)، والداودي (¬9)، وغيرهم (¬10). ¬

_ (¬1) في (معاني القرآن) حيث قال 4: 8: "وقد روينا عن أحمد بن حنبل رحمه الله في كتابه (كتاب التفسير)، وهو ما أجاز لي عبد الله ابنه، عنه .. ". واستفدت هذا النقل بواسطة (أنواع التصنيف المتعلقة بتفسير القرآن الكريم) للدكتور/ مساعد الطيار. (¬2) في الفهرست ص 285. (¬3) في مناقب الإمام أحمد ص 248. (¬4) في المغني 13: 509. (¬5) في مجموع الفتاوى 6: 389، 13: 355. (¬6) في بدائع الفوائد 3: 1015 ونقل عنه من تفاسيره من ص 1016 - ص 1034. (¬7) في (الرد على من اتبع غير المذاهب الأربعة) ص 39 حيث قال: "فانظر إلى علم الإمام أحمد بالكتاب والسنة، أما علمه بالكتاب؛ فإنه -رضي الله عنه- كان شديد العناية بالقرآن وفهمه وعلومه، وكان يقول لأصحابه: قد ترك الناس فهم القرآن -على وجه الذم لهم- وقد جمع في القرآن كثيرا من الكتب، ومن ذلك: (كتاب الناسخ والمنسوخ)، و (المقدم والمؤخر)، وجمع (التفسير الكبير)، وهو محتو على كلام الصحابة والتابعين في التفسير. وتفسيره من جنس التفاسير المنقولة عن السلف؛ من تفاسير شيوخه كعبد الرزاق، ووكيع، وآدم بن أبي إياس، وغيرهم، ومن تفاسير أقرانه: إسحاق وغيره. وممن بعده ممن هو على منواله كالنسائى، وابن ماجه، وعبد بن حمد، وابن أبي حاتم، وغيرهم من أهل الحديث، وكل هؤلاء جمعوا الآثار المروية عن السلف في التفسير من غير زيادة كلام من عندهم". (¬8) في تغليق التعليق 4: 228، وفي التلخيص الحبير 4: 80. (¬9) في طبقات المفسرين 1: 71. (¬10) ينظر: معجم المفسرين 1: 57.

وقال ابن أبي يعلى: "قرأت في كتاب أبي الحسن ابن المنادي -وذكر عبد الله وصالحا- فقال: كان صالح قليل الكتاب عن أبيه "يعني الإمام أحمد" فأما عبد الله؛ فلم يكن في الدنيا أحد روى عن أبيه أكثر منه، لأنه سمع المسند وهو ثلاثون ألفا، والتفسير وهو مائة ألف وعشرون ألفاً، سمع منها ثمانن ألفاً والباقي وجادة" (¬1). ولكن شكك فيه الحافظ الذهبي، فقال في ترجمة الإمام أحمد: "تفسيره المذكور شيء لا وجود له، ولو وجد لاجتهد الفضلاء في تحصيله، ولاشتهر، ثم لو ألف تفسيرا، لما كان يكون أزيد من عشرة آلاف أثر، ولاقتضى أن يكون في خمس مجلدات، فهذا تفسير ابن جرير الذي جمع فيه فأوعى لا يبلغ عشرين ألفا. وما ذكر تفسير أحمد أحدٌ سوى أبي الحسن بن المنادي" (¬2). وقال في ترجمة ابنه عبد الله: "مازلنا نسمع بهذا (التفسير الكبير) لأحمد على ألسنة الطلبة، وعمدتهم حكاية ابن المنادي هذه، وهو كبير قد سمع من جده، وعباس الدوري، ومن عبدالله بن أحمد، لكن ما رأينا أحدا أخبرنا عن وجود هذا (التفسير)، ولا بعضه، ولا كراسة منه، ولو كان له وجود، أو لشيء منه؛ لنسخوه، ولاعتنى بذلك طلبة العلم، ولحصلوا ذلك، ولنقل إلينا، ولاشتهر، ولتنافس أعيان البغداديين في تحصيله، ولنقل منه ابنُ جرير فمن بعده في تفاسيرهم، ولا -والله- يقتضي أن يكون عند الامام أحمد في التفسير مئة ألف وعشرون ألف حديث، فإن هذا يكون في قدر (مسنده)، بل أكثر بالضعف. ثم الإمام أحمد لو جمع شيئا في ذلك لكان يكون منقحا مهذبا عن المشاهير، فيصغر لذلك حجمه، ولكان يكون نحوا من عشرة آلاف حديث بالجهد، بل أقل. ¬

_ (¬1) طبقات الحنابلة 1: 183، ونقل ذلك أيضا: الخطيب البغدادي في (تاريخ بغداد) 9: 375، والذهبي في السير 11: 328. (¬2) سير أعلام النبلاء 11: 328.

ثم الإمام أحمد كان لا يرى التصنيف، وهذا كتاب (المسند) له لم يصنفه هو، ولا رتبه، ولا اعتنى بتهذيبه، بل كان يرويه لولده نسخا وأجزاء، ويأمره: أن ضع هذا في مسند فلان، وهذا في مسند فلان. وهذا التفسير لا وجود له، وأنا أعتقد أنه لم يكن، فبغداد لم تزل دار الخلفاء، وقبة الإسلام، ودار الحديث، ومحلة السنن، ولم يزل أحمد فيها معظما في سائر الأعصار، وله تلامذة كبار، وأصحاب أصحاب، وهلم جرا إلى بالأمس، حين استباحها جيش المغول، وجرت بها من الدماء سيول، وقد اشتهر ببغداد تفسير ابن جرير، وتزاحم على تحصيله العلماء، وسارت به الركبان، ولم نعرف مثله في معناه، ولا ألف قبله أكبر منه، وهو في عشرين مجلدة، وما يحتمل أن يكون عشرين ألف حديث، بل لعله خسة عشر ألف إسناد، فخذه، فعده إن شئت" (¬1). وما ذكره الذهبي في كون هذا التفسير لم يذكره أحد سوى ابن المنادي؛ غير مقبول فقد ذكره غيره كا سبق، ومنهم الزجاج (ت 311 هـ) الذي عاصر عبد الله بن الإمام أحمد، فالظاهر أن هذا التفسير ثابت للإمام أحمد، لكن يبقى النظر فيما ذكروه من مقداره، فمقتضاه أن التفسير أربعة أضعاف المسند، ونحن نعلم أن المسند معلمة وموسوعة كبرى في الحديث حوت مختلف أبواب العلم -ومنها التفسير-، فكيف يكون كتابٌ في التفسير فقط ويبلغ أربعة أضعافه؟! اللهم إلا أن يكون ذلك بكثرة الآثار والمكررات. والكتاب في عداد المفقود (¬2)، فالله أعلم. ¬

_ (¬1) سير أعلام النبلاء13: 522. (¬2) جمع أ. د. حكمت بشير ياسين (مرويات الإمام أحمد في التفسير) وصدرت في أربعة مجلدات عن مكتبة المؤيد عام 1414 هـ، وقدم للكتاب بمقدمة حول ثبوت هذا التفسير ومن أفاد منه من المصنفين، ومنه استفدت فيما سبق.

10 - تفسير عبد بن حميد (249 هـ): ذكره ابن تيمية (¬1)، والذهبي (¬2)، وابن حجر (¬3)، والسيوطي (¬4)، والداودي (¬5)، وغيرهم (¬6). وأصله مفقود، وتوجد منه قطعة مخطوطة على حاشية المجلد الثاني من تفسير ابن أبي حاتم عبارة عن مقتطفات من تفسير سورتي آل عمران والنساء (¬7)، ومروياته منثورة في (الدر المنثور). وذكره ابن حجر في (العجاب) مع تفسير الطبري، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، ثم قال: "فهذه التفاسير الأربعة قلَّ أن يشذ عنها شيء من التفسير المرفوع، والموقوف على الصحابة، والمقطوع عن التابعين" (¬8). 11 - تفسير عبد الله بن عبد الرحمن بن الفضل الدارمي (ت 255 هـ): ذكره الخطيب البغدادي (¬9)، والداودي (¬10). ¬

_ (¬1) في (درء تعارض العقل) 2: 22. (¬2) في (سير أعلام النبلاء) 12: 235 ووصفه بالكبير. (¬3) في عدد من مصنفاته، ومنها: (تغليق التعليق) 4: 169، و (المعجم المفهرس) ص 108، وساق إسناده إليه في المرجعين. (¬4) في عدد من مصنفاته، ومنها مقدمة (الدر المنثور). (¬5) في (طبقات المفسرين) 1: 368. (¬6) ينظر: كثف الظنون 1: 453، الرسالة المستطرفة ص 67، معجم المفسرين 1: 253. (¬7) وقد طبعت في جزء لطيف في (136) صفحة، بعناية: مخلف بنيه العرف، وصدر عن دار ابن حزم ببيروت، عام 1425 هـ. (¬8) العجاب في بيان الأسباب 1: 203. (¬9) في (تاريخ بغداد) 10: 29. (¬10) في (طبقات المفسرين) 1: 237، وينظر: (معجم المفسرين) 1: 311. واستفدت في هذا التفسير وغيره من مقال (استدراكات على كتاب تاريخ التراث العربي في كتب التفسير) كتبه/ أ. د. حكمت بشير ياسين نشر في عدة حلقات في مجلة الجامعة الإسلامية الأعداد 67 - 70.

12 - تفسير محمد بن يزيد القزويني، ابن ماجه (ت 273 هـ): ذكره ابن خلكان (¬1)، والمزي (¬2)، وابن كثير (¬3)، والذهبي (¬4)، والداودي (¬5)، وغيرهم (¬6). وتفسيره في عداد المفقود. 13 - تفسير بقي بن مخلد الأندلسي (ت 276 هـ): ذكره ابن تيمية (¬7)، والذهبي (¬8)، وابن كثير (¬9)، والسيوطي (¬10)، والداودي (¬11)، وغيرهم (¬12). قال ابن حزم: "أقطع أنه لم يؤلف في الإسلام مثل تفسيره، ولا تفسير محمد بن جرير، ولا غيره" (¬13). ¬

_ (¬1) في (وفيات الأعيان) 4: 279. (¬2) في (تهذيب الكمال) 1: 150، وقال عقب ذكره: "ولم يقع لي من .. تفسير ابن ماجه سوى جزءين منتخبين منه". (¬3) في (البداية والنهاية) 14: 609 ووصفه بأنه تفسير حافل. (¬4) في (سير أعلام النبلاء) 13: 277. (¬5) في (طبقات المفسرين) 2: 273. (¬6) ينظر: الرسالة المستطرفة ص 67، كشف الظنون 1: 439، معجم المفسرين 2: 649. (¬7) في (درء تعارض العقل) 2: 22. (¬8) في (سير أعلام النبلاء) 13: 285 و (تذكرة الحفاظ) 2: 629، وقال في السير: "صاحب (المسند) و (التفسير) اللذين لا نظير لهما". (¬9) في (البداية والنهاية) 14: 685. (¬10) في (طبقات المفسرين) ص 30. (¬11) في (طبقات المفسرين) 1: 116. (¬12) ينظر: الرسالة المستطرفة ص 67، كشف الظنون 1: 444، معجم المفسرين 1: 106. (¬13) ذكرها الصفدي في (الوافي بالوفيات) 10: 116، والسيوطي في (طبقات المفسرين) ص 31، وغيرهما.

وقد تعقب الحافظُ ابنُ كثير عبارة ابن حزم، فقال: "وفيما زعم ابن حزم نظر" (¬1)، ومهما يكن الأمر فلا شك أن هذا يعكس المنزلة الجليلة لهذا التفسير المفقود. وقد اختصر هذا التفسير الحافظُ أبو محمد عبد الله بن محمد بن حسن الكلاعي القرطبي، كما أفاد ذلك الذهبي (¬2). 14 - تفسير الإمام محمد بن جرير الطبري (ت 310 هـ): وهو من أشهر كتب التفسير، وأجلها. قال السيوطي عنه: "هو أجلُّ التفاسير، لم يؤلف مثله كما ذكره العلماء قاطبة .. وذلك لأنه جمع فيه بين الرواية والدراية، ولم يشاركه في ذلك أحد لا قبله ولا بعده" (¬3). وقال عنه أبو حامد الإسفراييني: "لو سافر أحد إلى الصين في تحصيله لم يكن كثيرا" (¬4). وذكره ابن حجر في (العجاب) مع تفسير عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، ثم قال: "فهذه التفاسير الأربعة قلَّ أن يشذ عنها شيء من التفسير المرفوع، والموقوف على الصحابة، والمقطوع عن التابعين، وقد أضاف الطبري إلى النقل المستوعب أشياء لم يشاركوه فيها؛ كاستيعاب القراءات والإعراب والكلام في أكثر الآيات على المعاني، والتصدي لترجيح بعض الأقوال على بعض، وكل من صنف بعده لم يجتمع له ما اجتمع فيه" (¬5). والكتاب مشهور ومطبوع عدة طبعات. ¬

_ (¬1) البداية والنهاية 14: 685. (¬2) في ترجمته من (سير أعلام النبلاء) 15: 245. (¬3) طبقات المفسرين ص 82. (¬4) ذكره السيوطي في (طبقات الحفاظ) ص 310، والكتاني في (الرسالة المستطرفة) ص 67. (¬5) العجاب في بيان الأسباب 1: 203.

15 - تفسير ابن أبي حاتم؛ عبد الرحمن بن محمد الرازي (327 هـ): وهو من التفاسير المأثورة المشهورة. قال في مقدمته: "سألني جماعة من إخواني إخراج تفسير القرآن مختصرا بأصح الأسانيد، وحذف الطرق والشواهد والحروف والروايات وتنزيل السور، وأن نقصد لإخراج التفسير مجردا دون غيره، مقتصين تفسير الآي حتى لا نترك حرفا من القرآن يوجد له تفسير إلا أخرج ذلك. فأجبتهم إلى ملتمسهم، وبالثه التوفيق، وإياه نستعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله. فتحريت إخراج ذلك بأصح الأخبار إسنادا وأشبعها متنا" (¬1). وسبق قبل قليل أن ابن حجر عده من التفاسير الأربعة التي قلَّ أن يشذ عنها شيء من التفسير المرفوع، والموقوف على الصحابة، والمقطوع عن التابعين. وقال عنه الكتاني: "وهو في أربع مجلدات، عامته آثار مسندة" (¬2). والكتاب يوجد نصفه تقريبا، وحقق في رسائل علمية في جامعة أم القرى، كما طبع طبعة غير محققة (¬3). 16 - تفسير أبي محمد عبد الله بن محمد الأصبهاني، المعروف بأبي الشيخ (ت 369 هـ): ذكره ابن مردويه (¬4)، وتلميذه أبو نعيم (¬5)، وابن تيمية (¬6)، وابن حجر (¬7)، ¬

_ (¬1) تفسير ابن أبي حاتم 1: 14. (¬2) الرسالة المستطرفة ص 67. (¬3) بعناية/ أسعد الطب، حيث كمل الناقص منه من (تفسير ابن كثير)، و (فتح الباري)، و (تغليق التعليق)، و (الدر المنثور) وأخرجه في أربعة عشر مجلدا منها أربعة للفهارس. (¬4) كما في (تذكرة الحفاظ) 2: 946. (¬5) في (ذكر أخبار أصبهان) 2: 90. (¬6) في (درء تعارض العقل) 2: 22. (¬7) في (الإصابة) 1: 172.

والسيوطي (¬1)، والداودي (¬2)، وغيرهم (¬3). وهو في عداد المفقود، لكن أكثر السيوطيُ النقلَ عنه في (الدر المنثور). 17 - تفسير أبي حفص عمر بن أحمد البغدادي، المعروف بابن شاهين (ت 385): ذكره الخطيب البغدادي (¬4)، والذهبي (¬5)، وابن حجر (¬6)، والداودي (¬7)، وغيرهم (¬8). وذكروا أنه كبير يقع في ألف جزء. وقال الكتاني (ت 1345 هـ): "وجد بواسط في نحو من ثلاثين مجلدا" (¬9). وهو في عداد المفقود. 18 - تفسير أبي بكر أحمد بن موسى الأصبهاني، المشهور بابن مردويه. (ت 410 هـ): قال الذهبي: "كان من فرسان الحديث، فهما يقظا متقنا كثير الحديث جدا، ومن نظر في تواليفه عرف محله من الحفظ" (¬10). وذكر تفسيره عامة من ترجم له (¬11). ¬

_ (¬1) في (الإتقان) 2: 474، وفي مقدمة (الدر المنثور). (¬2) في (طبقات المفسرين) 1: 240. (¬3) ينظر: الرسالة المستطرفة ص 67، كشف الظنون 1: 441، معجم المفسرين 1: 321. (¬4) في (تاريخ بغداد) 11: 267. (¬5) في (تذكرة الحفاظ) 3: 988. (¬6) في (لسان الميزان) 4: 327. (¬7) في (طبقات المفسرين) 2: 2. (¬8) ينظر: الرسالة المستطرفة ص 67، معجم المفسرين 1: 391. (¬9) الرسالة المستطرفة ص 67. (¬10) سير أعلام النبلاء 17: 310. (¬11) ينظر: تاريخ أصبهان 1: 168، تذكرة الحفاظ 3: 1050، طبقات الحفاظ ص 412، (طبقات المفسرين) للداودي 1: 93، كشف الظنون 1: 439، معجم المفسرين 1: 81 وغيرهم. وذكره أيضا: الكتاني في (الرسالة المستطرفة) ص 67.

ووصفه الذهبي بالتفسير الكبير، وأنه يقع في سبعة مجلدات (¬1). وسماه ابن حجر: "التفسير المسند"، وساق إسناده إليه (¬2). وتفسيره مفقود، وجمع في عدة رسائل في الجامعة الإسلامية، وهو منثور في (الدر المنثور). 19 - معالم التنزيل، للإمام أبي محمد الحسين بن مسعود البغوي (ت 516 هـ): وهو تفسير متوسط للقرآن الكريم كله، ويسوق فيه الأحاديث بأسانيده، فهو من المصادر الأصلية. يقول في مقدمته: "سألني جماعة من أصحابي المخلصين، وعلى اقتباس العلم مقبلين: كتابًا في معالم التنزيل وتفسيره، فأجبتهم إليه، معتمدًا على فضل الله تعالى وتيسيره .. فجمعت -بعون الله تعالى، وحسن توفيقه- فيما سألوا كتابا وسطاً بين الطويل الممل، والقصير المخل، أرجو أن يكون مفيدًا لمن أقبل على تحصيله مريدًا" (¬3). والكتاب مطبوع أكثر من طبعة. 20 - الدر المنثور في التفسير بالمأثور للحافظ السيوطي (ت 911 هـ): وهو معلمة كبرى في التفسير بالمأثور، جمع المرفوع والموقوف والمقطوع، معزوا إلى من أخرجه من الأئمة، وقد زادت مصادره في جمع مادة الكتاب على أربعمائة مصدر (¬4). يقول في مقدمته: " .. فلما ألفت كتاب (ترجمان القرآن) وهو التفسير المسند عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه -رضي الله عنهم- وتم بحمد الله في مجلدات، وكان ما أوردته فيه من الآثار ¬

_ (¬1) ينظر: سير أعلام النبلاء 17: 308، 310. (¬2) ينظر: المعجم المفهرس ص 110. (¬3) معالم التنزيل 1: 34. (¬4) ينظر: "مصادر السيوطي في (الدر المنثور) " بحث للدكتور/ عامر حسن صبري، نشر في مجلة كلية الآداب بجامعة الإمارات، العدد الرابع عام 1408 هـ - 1988 م.

(ب) التصنيف الخاص ببعض موضوعات التفسير

بأسانيد الكتب المخرج منها واردات، رأيت قصور أكثر الهمم عن تحصيله، ورغبتهم في الاقتصار على متون الأحاديث دون الإسناد وتطويله، فلخصت منه هذا المختصر، مقتصرا فيه على متن الأثر، مصدرا بالعزو والتخريج إلى كل كتاب معتبر، وسميته بـ (الدر المنثور في التفسير بالماثور) " (¬1). وهو من أهم المراجع وأغزرها في أحاديث التفسير المرفوعة (¬2). والكتاب مطبوع عدة طبعات (¬3). (ب) التصنيف الخاص ببعض موضوعات التفسير: ومن الأمثلة عليه: ¬

_ (¬1) الدر المنثور 1: 3. (¬2) أفاد د. محمد الخضيري -في كتابه (تفسير التابعين) 1: 81 - أن مجموع المرويات في (الدر المنثور) بلغ (37060) رواية، منها (14164) حديثا مرفوعا، أي ما نسبته 38 % من مجموع الكتاب. (¬3) من آخرها وأحسنها: طبعة مركز هجر التي صدرت عام 1424هـ، بتحقيق د. عبد الله التركي بالتعاون مع مركز هجر للبحوث والدراسات العربية والإسلامية. أما أصله (ترجمان القرآن) فهو في عداد المفقود. فائدة: للحافظ السيوطي كتاب كبير في التفسير جمع فيه بين الرواية والدراية، أشار إليه في (الإتقان) في موضعين: 1 - في 1: 48 حيث قال: "وقد جعلته -يعني الإتقان- مقدمة للتفسير الكبير الذي شرعت فيه، وسميته بـ (مجمع البحرين ومطلع البدرين، الجامع لتحرير الرواية، وتقرير الدراية) ". 2 - وقال 2: 476: "وقد شرعت في تفسير جامع لجميع ما يحتاج إليه من التفاسير المنقولة، والأقوال المقولة، والاستنباطات والإشارات والأعاريب واللغات ونكت البلاغة ومحاسن البدائع وغير ذلك، بحيث لا يحتاج معه إلى غيره أصلاً، وسميته بمجمع البحرين ومطلع البدرين، وهو الذي جعلت هذا الكتاب مقدمة له، والله أسأل أن يعين على إكماله".

1 - (أسباب النزول) للإمام علي بن المديني (ت 234 هـ): ذكره الزركشي (¬1)، والسيوطي (¬2)، بل قيل: إنه أول من صنف في أسباب النزول (¬3). وهو مفقود. 2 - (الناسخ والمنسوخ) للإمام أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني (ت 275 هـ): ذكره ابن حجر، وساق إسناده إليه (¬4). وكذا ذكره غيره (¬5). وهو مفقود. 3 - (العجاب في بيان الأسباب) للحافظ ابن حجر العسقلاني (ت 852 هـ): والمراد: أسباب النزول، وقد طبع ما وجد منه (¬6). ¬

_ (¬1) في (البرهان) 1: 22. (¬2) في (الإتقان) 1: 120. (¬3) ينظر: (كشف الظنون) 1: 76، (معجم المفسرين) 1: 367. (¬4) ينظر: المعجم المفهرس ص 109. (¬5) ينظر: مقدمة (تهذيب الكمال) وفروعه مقدمة (الدر المنثور)، (البرهان) للزركشي 2: 28، الإتقان 1: 647، كشف الظنون 2: 1920، معجم المفسرين 1: 215، وسماه إسماعيل البغدادي في (هدية العارفين) 1: 395 "ناسخ القرآن ومنسوخه". (¬6) من أوله إلى آية (78) من سورة النساء، بتحقيق: عبد الحكيم بن محمد الأنيس، وصدر عن دار ابن الجوزي عام 1418 هـ في مجلدين.

(2) التصنيف الضمني

(2) التصنيف الضمني بمعنى أن يضمن الأئمةُ مروياتِ التفسير في كتبهم مع غيرها من موضوعات العلم الأخرى. ومن الأمثلة على ذلك: 1 - سنن سعيد بن منصور الخراساني المتوفى بمكة سنة 227 هـ: قال ابن نقطة في ترجمته: "صنف كتاب السنن، وجمع فيها من أقوال الصحابة والتابعين وفتاويهم ما لم يجمعه غيره" (¬1). واشتمل الكتاب على كتاب التفسير، وضمنه المرفوع والموقوف والمقطوع. قال السيوطي: "سعيد بن منصور له السنن، وفيها باب عظيم في التفسير يجيء نحو مجلد" (¬2). وقد طبع بعضه، والباقي لا يزال مخطوطا (¬3). 2 - مسند الإمام أحمد بن حنبل (ت 241 هـ): واشتمل على جمهرة كبيرة من أحاديث التفسير، لكنه مرتب على المسانيد فتفرقت تلك الأحاديث على مسانيد الصحابة، وحينما عمد الشيخ أحمد بن عبد الرحمن البنا إلى ترتيب المسند على الأبواب في (الفتح الرباني) بناه على سبعة أقسام، وجعل أحدها: التفسير، وقد استغرق الجزء الثامن عشر بتمامه، واشتمل على (549) رواية. ¬

_ (¬1) التقييد لمعرفة الرواة والسنن والمسانيد 2: 17. (¬2) مقدمة (الدر المنثور)، مقال منشور في مجلة البحوث والدراسات القرآنية، تحقق د. حازم حيدر ص 188. وانظر مقدمة محقق السنن د. سعد آل حميد ص 104، 170. (¬3) طبع (فضائل القرآن) وبعض (التفسير) من سنن سعيد بن منصور بتحقيق د. سعد آل حميد في خمسة مجلدات، والسادس للفهارس العلمية وقد بلغ المطبوع إلى نهاية سووة الرعد، والباقى لا يزال مخطوطا، وبلغت المرويات في المطبوع (1177) رواية.

3 - الجامع الصحيح للإمام البخاري (ت 256 هـ): وقد رتب كتابه -كما هو معلوم- على الكتب والأبواب، وجعل منها كتاب التفسير الذي ضمنه (380) بابا، ومشى فيه على ترتيب السور، مع العناية ببيان الغريب، وذكر أسباب النزول وغير ذلك مما له تعلق بالآية. واشتمل كتاب التفسير على (503) أحاديث بحسب ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي، وهذا بخلاف ما فيه من الآثار عن الصحابة والتابعين. وكتاب التفسير من (صحيح البخاري) من نفائس المحدثين التي خدموا بها علم التفسير، وينبغي أن يضم معه ما كتبه عليه الحافظ ابن حجر في كتابيه البديعين: (فتح الباري) و (تغليق التعليق)، بل امتدت عناية ابن حجر بكتاب التفسير حتى أفرده بالتصنيف في كتاب سماه (تجريد التفسير من صحيح البخاري) (¬1). 4 - جامع الإمام الترمذي (ت 279 هـ): وهو أحد الكتب الستة المشهورة، وقد ضمنه كتابا مستقلا بعنوان: (كتاب تفسير القرآن عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-)، احتوى على (95) بابا مسوتة حسب ترتيب المصحف الشريف. واشتمل كتاب التفسير على (420) رواية (¬2)، والغالب على هذه المرويات أنها مرفوعة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد ساق قبل ذلك كتاب (فضائل القرآن) ثم كتاب (القراءات). 5 - السنن الكبرى للحافظ النسائي (ت 303 هـ): وقد اشتملت على كتاب التفسير، وهو كتاب حافل تضمن (740) رواية، مرتبة على سور القرآن (¬3). وقد طبع كتاب التفسير من (السنن الكبرى) مفردا (¬4). ¬

_ (¬1) ينظر: كثف الظنون 1: 345، (ابن حجر العسقلاني ..) د. شاكر عبد المنعم 1: 285. (¬2) ينظر: جامع الترمذي 5: 183 - 424. (¬3) بنظر: السنن الكبرى 10: 5 - 351. (¬4) بعنوان: (تفسير النسائي) وصدر عن مؤسسة الكتب الثقافية عام 1410 هـ بتحقيق: صبري الشافعي، وسيد الجليمي.

6 - المستدرك على الصحيحين، للحافظ أبي عبد الله الحاكم النيسابوري (ت 405 هـ): وتضمن هذا الكتاب كتابا مفردا للتفسير، قال في أوله: "قد بدأنا في هذا الكتاب بنزول القرآن في ما روي في المسند من القراءات، وذكر الصحابة الذين جمعوا القرآن وحفظوه، هذا قبل تفسير السور" (¬1). ورتب المرويات فيه بحسب ترتيب السور، وقد اشتمل كتاب التفسير فيه على (1129) رواية، لكن ينبغي التنبه إلى ما اشتهر به الحاكم من التساهل في التصحيح. قال الحافظ ابن الصلاح: "واعتنى الحاكم أبو عبد الله الحافظ بالزيادة في عدد الحديث الصحيح على ما في الصحيحن، وجمع ذلك في كتابا سماه (المستدرك) .. وهو واسمع الخطو في شرط الصحيح، متساهل في القضاء به" (¬2). 7 - جامع الأصول في أحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- للإمام اين الاثير الجزري (ت 606 هـ): وهو كتاب جمع فيه مؤلفه أحاديث الأصول الستة (موطأ مالك، وصحيح البخاري، وصحيح مسلم، وسنن أبي داود، والترمذي، والنسائي) مقتصرا على راوي الحديث الأعلى دون بقية الإسناد، ورتب الأحاديث على الكتب والأبوب، لكنه رتب الكتب على حروف المعجم، وضم إلى ذلك شرح الغريب. وجعل في حرف التاء: كتاب التفسير، وهو كتاب حافل اشتمل على (431) حديثا مرتبة على ترتيب السور (¬3). ¬

_ (¬1) المستدرك 2: 220. (¬2) علوم الحديث ص 21 - 22. (¬3) ينظر: جامع الأصول 2: 3 - 446.

8 - مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، للحافظ نور الدين الهيثمي (ت 807 هـ): وهو كتاب جمع فيه مؤلفه زوائد ستة كتب (مسند أحمد، ومسند البزار، ومسند أبي يعلى، ومعاجم الطبراني الثلاثة) على الكتب الستة المشهورة (الصحيحن، وسنن أبي داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه)، ورتب الأحاديث على الكتب والأبوب، مع الاقتصار على راوي الحديث الأعلى، ثم يتكلم عقب كل حديث بذكر من أخرجه من أولئك الستة المتقدمين، وحال رجال الحديث بعبارة مختصرة. ومما اشتمل عليه الكتاب: كتاب التفسير، الذي استغرق (175) صفحة من الكتاب (¬1). ¬

_ (¬1) ينظر: مجمع الزوائد 6: 303 - 329، 7: 2 - 150.

(3) نقد مرويات التفسير

(3) نقد مرويات التفسير اعتنى المتقدمون من المحدثين بمرويات التفسير ونقدها كغيرها من أبواب العلم، ولهم في ذلك أخبار وآثار، فمن ذلك: ما رواه علي بن الحسين بن واقد قال: ذهب رجل بجزء من أجزاء تفسير مقاتل إلى عبد الله بن المبارك، قال: فأخذه عبد الله منه، وقال: دعه، قال: فلما ذهب يسترده، قال: يا أبا عبد الرحمن، كيف رأيت؟ قال: يا له من علم لو كان له إسناد (¬1). وقال إبراهيم الحربي: لما قرأ وكيع التفسير؛ قال للناس: خذوه، فليس فيه عن الكلبي ولا ورقاء شيء (¬2). وقال الحافظ أبو يعلى الخليلي: "وجماعة من العلماء كرهوا تصنيف التفسير الا ما يكون عن الثقات، وعابوا على الحسن البصري إنه لم يبين ما فسر ولم ينسعبه الى قائله" (¬3). والغالب على مرويات التفسير أنها موقوفات ومقطوعات على الصحابة التابعين، كما جاء عن أحمد بن سلمة قال: سمعت أبا حاتم الرازي يقول: ذكرت لأبي زرعة حفظ إسحاق بن راهويه، فقال أبو زرعة: ما رئي أحفظ من إسحاق، ثم قال أبو حاتم: والعجب من إتقانه وسلامته من الغلط، مع ما رزق من الحفظ، فقلت لأبي حاتم: إنه أملى التفسير عن ظهر قلبه، قال: وهذا أعجب، فإن ضبط الأحاديث المسندة أسهل وأهون من ضبط أسانيد التفسير وألفاظها (¬4). ¬

_ (¬1) أخرجه الخطيب في (تاريخ بغداد) 13: 161، وابن عساكر في (تاريخ دمشق) 60: 115. (¬2) أخرجه الخطيب في (تاريخ بغداد) 13: 517. (¬3) الإرشاد في معرفة علماء الحديث 1: 396. (¬4) أخرجه الخطيب في (تاريخ بغداد) 6: 353، وابن عساكر في (تاريخ دمشق) 8: 137.

وهذه الموقوفات والمقطوعات كثير منها نسخٌ ووجادات، ولذا لم يكونوا يشددون في ذلك كتشددهم في باب العقائد والأحكام. قال يحيى بن سعيد القطان: تساهلوا في التفسير عن قومٍ لا يوثِّقونهم في الحديث، -ثمَّ ذكر ليث بن أبي سليم، وجويبر بن سعيد، والضحاك، ومحمد بن السائب الكلبي- وقال: هؤلاء لا يُحمد حديثهم، ويُكتب التفسير عنهم (¬1). وبين ذلك البيهقي فقال: "وإنما تساهلوا في أخذ التفسير عنهم لأن ما فسروا به ألفاظه تشهد لهم به لغات العرب، وإنما عملهم في ذلك الجمع والتقريب فقط" (¬2). وقال الخطيب البغدادي: "العلماء قد احتجوا في التفسير بقوم لم يحتجوا بهم في مسند الأحاديث المتعلقة بالأحكام، وذلك لسوء حفظهم الحديث، وشغلهم بالتفسير، فهم بمثابة عاصم بن أبي النجود، حيث احتج به في القراءات دون الأحاديث المسندات؛ لغلبة علم القرآن عليه فصرف عنايته إليه" (¬3). وقال البيهقي: " .. وأما النوع الثاني من الأخبار؛ فهي أحاديث اتفق أهل العلم بالحديث على ضعف مخرجها، وهذا النوع على ضربين: ضرب رواه من كان معروفًا بوضع الحديث والكذب فيما فهذا الضرب لا يكون مستعملاً في شيء من أمور الدين إلا على وجه التليين. وضرب لا يكون راويهِ متَّهماً بالوضع، غير إنه عُرفَ بسوء الحفظِ وكثرة الغلطِ في روايته، أو يكون مجهولاً لم يثبت من عدالته وشرائط قبول خبره ما يوجب القبول. ¬

_ (¬1) أخرجه البيهقي في (دلائل النبوة) 1: 35، والخطيب في (الجامع) 2: 286. (¬2) (دلائل النبوة) 1: 37. (¬3) (الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع) 2: 286.

فهذا الضرب من الأحاديث لا يكون مستعملاً في الأحكام، كما لا تكون شهادة من هذه صفته مقبولةً عند الحكَّام، وقد يُستعمل في الدعوات، والترغيب والترهيب، والتفسير، والمغازي؛ فيما لا يتعلق به حكمٌ" (¬1). ومن الأمثلة التطبيقية: محمد بن السائب بن بشر الكلبي، قال عنه أبو حاتم: الناس مجمعون على ترك حديثه، لا يشتغل به، هو ذاهب الحديث (¬2). وفي التقريب: متهم بالكذب، ورمي بالرفض. مات سنة 146 هـ (¬3). وقال ابن عدي في آخر ترجمته: "حدث عن الكلبي: الثوريُّ وشعبةُ وإن كانا حدثا عنه بالشيء اليسير غير المسند، وحدث عن الكلبي ابنُ عيينة وحماد بن سلمة وإسماعيل بن عياش وهشيم وغيرهم من ثقات الناس، ورضوه بالتفسير .. " (¬4). بمعنى أنهم قبلوا ما يأتي به من التفسير فيفرق بين أقواله وروايته. وقال عثمان بن زائدة الرازي: قدمت الكوفة قدمة، فقلت لسفيان الثوري: من ترى أن أسمع منه؟ قال: عليك بزائدة وسفيان بن عيينة، قلت: فأين أبو بكر بن عياش؟ قال: إن أردت التفسير فعنده (¬5). وقال علي بن المديني في عبد الله بن أبي نجيح: أما التفسير؛ فهو فيه ثقة يعلمه، قد قفز القنطرة (¬6). ¬

_ (¬1) (دلائل النبوة) 1: 33 - 34. (¬2) ينظر: الجرح والتعديل 7: 270. (¬3) ينظر: التقريب ص 479. (¬4) الكامل 6: 120. (¬5) أخرجه ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل) 1: 81. (¬6) ينظر: سير أعلام النبلاء 6/ 126.

وقال الإمام أحمد: "يكتب من حديث أبى معشر أحاديثه عن محمد بن كعب القرظي في التفسير" (¬1). وعن أبي خليد عتبة بن حماد قال: "سألني سعيد بن عبد العزيز فقال: ما الغالب على علم سعيد بن بشير؟ قلت له: التفسير، خذ عنه التفسير ودع ما سوى ذلك، فإنه كان حاطبَ ليل" (¬2). وقال ابن عدي: "والضحاك بن مزاحم عرف بالتفسير، فأما رواياته عن ابن عباس وأبي هريرة وجميع من روى عنه؛ ففي ذلك كله نظر، وإنما اشتهر بالتفسير" (¬3). وذكره الذهبي في كتابه (المغني في الضعفاء) (¬4)، وقال: "وهو قوي في التفسير". وقال الخليلي في ترجمة (مقاتل بن سليمان): "محله عند أهل التفسير والعلماء محل كبير، واسع العلم، لكن الحفاظ ضعفوه في الرواية" (¬5). وقال أحمد بن سيار المروزي: جويبر بن سعيد .. صاحب الضحاك .. حاله حسن في التفسير، وهو لين في الرواية (¬6). ومن الأمثلة التطبيقية في التعامل مع مرويات التفسير وغيرها؛ ما نراه من صنيع الإمام ابن جرير الطبري، فنجده ينقد المرويات على طريقة المحدثين في كتابه (تهذيب الآثار) بينما يندر أن نجد ذلك في تفسيره. ولعل النكتة في ذلك؛ أن القرآن اشتمل على أصول الشريعة من العقائد والأحكام والآداب والتذكير، والكلام على تفسير القرآن ببيان معناه يتطلب الكلام على ذلك فيكون ¬

_ (¬1) أخرجه ابن عدي في (الكامل) 7: 52. (¬2) أخرجه العقيلي في (الضعفاء) 2: 100، ومن طريقه ابنُ عساكر في (تاريخ دمشق) 21: 28. (¬3) الكامل 4: 96. (¬4) 312:1. (¬5) الإرشاد 3: 928. (¬6) تهذيب التهذيب 2: 107.

التشديد في مرويات العقائد والأحكام، أما ما كان من المرويات في بيان معاني الألفاظ -وهو من صميم التفسير- فالأمر فيه أخف، كما ذكر ذلك الإمام البيهقي -رحمه الله-. ثم توالت القرون، وجهود المحدثين بارزة في خدمة تفسير كلام الله تعالى، حتى ظهر عند بعض المتأخرين من المهتمين بالحديث وعلومه العناية بذلك بتخريج المرويات الواردة في بعض كتب التفسير، وأفردوها بالتصنيف، ومما وقفت عليه في هذا الباب: 1 - الإسعاف بأحاديث الكشاف (¬1): للحافظ جمال الدين الزيلعي (762 هـ)، وهو تخريج للمرويات الواردة في تفسير (الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل) للزمخشري (538 هـ)، وقد حققت أجزاء منه في رسائل علمية (¬2)، ثم طبع كاملا في أربعة مجلدات بعناية: سلطان الطبيشي، وتقديم الشيخ عبد الله السعد. ¬

_ (¬1) عقد د. علي بادحدح في رسالته للدكتوراه في تحقيق هذا الكتاب (من أول سورة الفاتحة إلى نهاية سررة المائدة) مبحثا في: اسم الكتاب ص 138 - 139، ورجح الاسم المذكور (الإسعاف بأحاديث الكشاف)، وقال: "وقد رأيت اعتماد هذه التسمية، وإثباتها عنوانا للكتاب وذلك لعدة اعتبارات ... " ثم ساقها، لكن الغريب أنه أثبت العنوان على غلاف الرسالة بخلاف ما رجحه، بل أثبته كا خرج في المطبوع: (تخريج الأحاديث والآثار الواتعة في الكشاف للزمخشري). (¬2) ومما وقفت عليه من الرسائل بعد البحث: (أ) تحقيق الكتاب (من أول سورة الفاتحة إلى نهاية سورة المائدة)، رسالة دكتوراه للباحث د. علي بادحدح. جامعة أم القرى عام 1416 - 1417 هـ. (ب) تحقيق الكتاب (من أول سورة الأنعام بلى آخر سورة يونس)، رسالة دكتوراه للباحث د. عبد العزيز السديري. جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عام 1418 هـ. (جـ) تحقيق الكتاب (من أول سورة سبأ بلى آخر سورة الناس)، رسالة دكتوراه للباحث د. محمد أحمد باجابر. جامعة أم القرى عام 1416 هـ.

2 - الكافي الشاف في تخريج أحاديث الكشاف: للحافظ ابن حجر العسقلاني (852 هـ)، وهو تلخيص للكتاب السابق، مع زوائد وفوائد من إمام محقق متضلع في علوم الحديث. قال في مقدمة الكتاب: "هذا تخريج الأحاديث الواقعة في التفسير المسمى بـ (الكشاف)، الذي أخرجه الإمام أبو محمد الزيلعي، لخصته مستوفيا لمقاصده، غير مخل بشيء من فوائده، وقد كنت تتبعت جملة كثيرة لاسيما من الموقوفات فاته تخريجها، إما سهوا، وإما عمدا ... " (¬1). 3 - الفتح السماوي بتخريج أحاديث تفسير القاضي البيضاوي: للشيغ زين الدين عبد الرؤوف المناوي (1031 هـ)، وتفسير البيضاوي (691 هـ) هو المسمى: (أنوار التنزيل وأسرار التأويل)، والمناوي ليس معدودا من المحدثين لكني ذكرته -وكذا من بعده- تبعا للفائدة. والكتاب مطبوع في ثلاثة مجلدات بتحقيق: أحمد مجتبى بن نذير عالم السلفي. 4 - تحفة الراوي في تخريج أحاديث تفسير البيضاوي: لابن همَّات الدمشقي (1175 هـ)، وهو مخطوط،. يقول عنه أحمد مجتبى بن نذير عالم السلفي: "هو أوسع كتاب في تخريج أحاديث البيضاوي وآثاره ويقع في (330) ورقة بخط دقيق، وفي كل صفحة (29) سطرا، في حين يقع كتاب المناوي في (71) ورقة بخط أكبر من خط كتاب ابن همات، وفي كل صفحة (25) سطرا" (¬2). ومما يدخل في هذا الباب جهود بعض الأئمة في تخريج الأحاديث والآثار المتعلقة بالتفسير، والكلام عليها أثناء كتب التفسير كما صنع الحافظ ابن كثير في تفسيره، والحافظ ¬

_ (¬1) الكافي الشاف ص 5. (¬2) مقدمة (الفتح السماوي) 1: 61.

السيوطي في (الدر المنثور)، أو كلام بعض الأئمة عليها في كتب الشروح كما صنع الحافظ ابن حجر في شرح كتاب التفسير من صحيح البخاري في كتابه الفذ (فتح الباري) وهكذا ما كتبه عليه في (تغليق التعليق)، أو كلامهم عليها في الكتب الجوامع كما صنع الإمام ابن الأثير في (جامع الأصول)، والحافظ الهيثمي في (مجمع الزوائد). وبعد .. فهذه إلماعة إلى جهود المحدثين في علم التفسير الذي يتعلق بكتاب الله تعالى، فرحمهم الله ونضر وجوههم كفاء ما بذلوه في خدمة الكتاب والسنة، ونشر علومهما في الأمة.

القسم الثاني جمع الأحاديث المرفوعة في التفسير الصريح ودراستها -مرتبة على سور القرآن الكريم-

سورة الفاتحة

سورة الفاتحة قال تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 6، 7]. (1) عن عدي بن حاتم -رضي الله عنه- قال: قال رسول -صلى الله عليه وسلم-: (أن المغضوبَ عليهم: اليهود، والضالين: النصارى). تخريج الحديث: أخرجه الإمام أحمد في مسنده (4: 378 - 379) (19381) قال: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، قال: سمعت سماك بن حرب، قال: سمعت عباد بن حبيش، يحدث عن عدي ابن حاتم، قال .. فذكره مطولا وفيه قصة. وسيأتي بقية تخريجه في سياق المتابعات. الحكم على الإسناد: هذا إسناد ضعيف لحال عباد بن حبيش، فلم يرو عنه سوى سماك بن حرب كما نص على ذلك الإمام مسلم في: (المنفردات والوحدان) ص 141، ولم يذكر حاله. وعبادٌ ذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن القطان: لا تعرف له حال. وقال الذهبي في (الكاشف): وثق، وفي (الميزان): لا يعرف، ووثقه الهيثمي، وقال ابن حجر في (التقريب): مقبول. أخرج له الترمذي هذا الحديث فقط. ينظر: التاريخ الكبير 6: 33، الجرح والتعديل 6: 78، الثقات 5: 142، بيان الوهم والإيهام 4: 668، تهذيب الكمال 14: 110، الكاشف 529: 1، ميزان الاعتدال 2: 365، مجمع الزوائد 5: 335، تهذيب التهذيب 5: 79، التقريب ص 289. ومثل هذا -من سمي وانفرد عنه واحد بالرواية- يسمى مجهول العن على رأي، كما قرره ابن حجر في (نزهة النظر) ص 135 قال: "فإن سمي الراوي، وانفرد راو واحد بالرواية عنه؛ فهو مجهول العين؛ كالمبهم، فلا يقبل حديثه إلا أن يوثقه غير من ينفرد عنه على الأصح، وكذا من ينفرد عنه إذا كان متأهلا لذلك".

المتابعات والشواهد

وهذا الراوي مقل جدا من الحديث، ومثل هذا لا يتهيأ الحكم عليه باعتبار مروياته وعرضها على مرويات غيره. قال ابن عدي في ترجمة (سلم العلوي) من (الكامل) 3: 329: "قليل الحديث جدا، ولا أعلم له جميع ما يروي إلا دون خسة أو فوقها قليل، وبهذا المقدار لا يعتبر فيه حديثه أنه صدوق أو ضعيف، ولاسيما إذا لم يكن في مقدار ما يروي متن منكر". المتابعات والشواهد: (أ) المتابعات: هذا الحديث يرويه سماك بن حرب، واختلف عليه فيه على ثلاثة أوجه -فيما وقفت عليه-: 1 - سماك بن حرب، عن عباد بن حبيش، عن عدي بن حاتم -رضي الله عنه-. ورواه بهذا الوجه ثلاثة من الرواة: شعبة بن الحجاج: أخرجه من هذا الوجه: أحمد في مسنده (4: 378 - 379) (19381) -كما سبق- ومن طريقه: ابن أبي حاتم في تفسيره 1: 31 (40) مختصرا، وابن حبان -كما في الإحسان 14: 139 رقم (6246) - مختصرا، والطبراني في (الكبير) 17:99 (237) مطولا، والبيهقي في (دلائل النبوة) 5: 339 مطولا، والمزي في (تهذيب الكمال) 14: 111 في ترجمة (عباد بن حبيش) مطولا. وأخرجه الترمذي (2954) في تفسير القرآن: باب ومن سورة الفاتحة، مطولا، وابن معين في (الجزء الثاني من حديث يحيى بن معين) ص 109 (20) مطولا، وابن أبي عاصم في (الأوائل) ص 103 (158) مطولا، وابن جرير الطبري في تفسيره 1: 186، 194 مختصرا وفرقه في موضعين، وابن حبان -كما في الإحسان 16: 183 (7206) مطولا، والثعلبي في تفسيره (الكشف والبيان) 1: 50 - 51 كلهم من طريق شعبة، عن سماك بن حرب، به.

(ب) عمرو بن أبي قيس: أخرجه من هذا الوجه: الترمذي (2953) في تفسير القرآن: باب ومن سورة الفاتحة، مطولا، وابن أبي حاتم في تفسيره 1: 31 (41) مختصرا. كلاهما من طريق عمرو بن أبي قيس، عن سماك، به. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث سماك بن حرب. (جـ) قيس بن الربيع. أخرجه ابن خزيمة في (التوحيد) 1: 345 رقم (314)، والطبراني في (الكبير) 17: 98 (236) مطولا. كلاهما من طريق قيس بن الربيع، عن سماك، به. 2 - سماك بن حرب عن مري بن قطري، عن عدي بن حاتم -رضي الله عنه-. أخرجه من هذا الوجه: الطبري في تفسيره 1: 186 من طريق محمد بن مصعب، عن حماد بن سلمة، عن سماك بن حرب، به، مختصرا بذكر اليهود فقط. ومحمد بن مصعب هو القرقساني، ضعفه أبو حاتم وابن معين والنسائي، وقال أحمد: حديث القرقساني عن الأوزاعي مقارب، وله عن حماد بن سلمة ففيه تخليط، وقال ابن حبان: كان ممن ساء حفظه حتى كان يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد. وفي التقريب: صدوق كثير الغلط. ينظر: الجرح والتعديل 8: 102، المجروحين 293: 2، تهذيب التهذيب 9: 404، التقريب ص 507. 3 - سماك بن حرب، عمن سمع عدي بن حاتم. أخرجه من هذا الوجه: الطيالسي في مسنده 2: 371 (1135) قال: حدثنا عمرو بن ثابت، عن سماك بن حرب، به، بنحوه مطولا. وعمرو بن ثابت هو ابن أبي المقدام الكوفي، مولى بكر بن وائل. ضعفه أبو زرعة وأبو حاتم وغيرهما، وقال النسائي: متروك الحديث، وفي التقريب: ضعيف رمي بالرفض

ينظر: الجرح والتعديل 6: 223، كتاب الضعفاء والمتروكين للنسائي ص 220، تهذيب التهذيب 8: 9، التقريب ص 419. والراجح من هذه الأوجه: الوجه الأول، للأكثرية والأحفظية، كيف ومنهم: أبو بسطام شعبة بن الحجاج. لكن يقدح في هذا الوجه أن مداره على عباد بن حبيش، وفيه ما سبق بيانه. ولم يتفرد به عباد بن حبيش، بل تابعه راويان -فيما وقفت عليه-: 1 - مري بن قطري. وسبق تخريجها وبيان علتها في الوجه الثاني. ومري بن قطري هو الكوفي، تفرد عنه سماك، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال الذهبي: لا يعرف، وفي التقريب: مقبول. ينظر: الثقات 5: 459، ميزان الاعتدال 4: 95، الكاشف 2: 254، تهذيب التهذيب 10: 95، التقريب ص 526. 2 - عامر الشعبي. أخرجه الطبري 1: 186، 194 وتمام الرازي في (الفوائد) -الروض البسام 4: 125 (1325)، كلاهما من طريق أحمد بن الوليد الرملي، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الرقي، قال: حدثنا سفيان بن عيينقا عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن عدي ابن حاتم -رضي الله عنه-. لكن خالفه: سعيد بن منصور، فأخرجه في السنن 2: 537 (179) عن سفيان، عن إسماعيل بن أبي خالد، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لعدي بن حاتم .. فذكره. وهذا مرسل أو معضل. وقال في (الدر المنثور) 1: 42: "وأخرج سفيان بن عيينة في تفسيره، وسعيد بن منصور، عن إسماعيل بن أبي خالد، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال .. " فهذا يؤيد رواية سعيد بن منصور.

(ب) الشواهد

وعبد الله بن جعفر الرقي -في الطريق السابقة-؛ ثقة من رجال الجماعة، لكن الراوي عنه: أحمد بن الوليد الرملي؛ ذكره الخطيب في (تاريخ بغداد) 5: 187 ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، ولم يُذكر في الرواة عن عبد الله بن جعفر الرقي في ترجمته من (تهذيب الكمال)، فأخشى أن يكون الخطأ منه، والله أعلم. والعجيب أن الشيخ أحمد شاكر رحمه الله صحح إسناده في تعليقه على تفسير الطبري 1: 185 ولم يبين حال الرملي هذا!. (ب) الشواهد: يشهد لهذا الحديث ما أخرجه أحمد 5: 32 - 33، وكرره 5: 77، قال: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن بديل العقيلي، أخبرني عبد الله بن شقيق، أنه أخبره من سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو بوادي القرى، وهو على فرسه، فسأله رجل من بلقين، فقال: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من هؤلاء؟ قال: (هؤلاء المغضوب عليهم) وأشار إلى اليهود، قال: فمن هؤلاء؟ قال: (هؤلاء الضالين)، يعني النصارى. وهذا إسناد صحيح على ظاهره، وجهالة الصحابي لا تضر. بديل هو: ابن ميسرة العقيلي البصري، ثقة، أخرج له الجماعة سوى البخاري. ينظر: تهذيب الكمال 4: 31، التقريب ص 120. وعبد الله بن شقيق هو: أبو عبد الرحمن العقيلي، ثقة أيضا، أخرج له البخاري في (الأدب المفرد) وبقية الجماعة. ينظر: تهذيب الكمال 15: 89، التقريب ص 307. لكن وقع اختلاف في إسناده، فمدار الحديث على عبد الله بن شقيق، واختلف عليه على أوجه: 1 - عبد الله بن شقيق أخبره من سمع النبي -صلى الله عليه وسلم-. ورواه عنه هكذا ثلاثة من الرواة -فيما وقفت عليه-:

(أ) بديل بن ميسر العقيلي. أخرجه: عبد الرزاق في تفسيره 1: 37 عن معمر عن بديل، ومن طريقه: أحمد -كما سبق- والطبري 1: 187، والثعلبي في تفسيره (الكشف والبيان) 1: 51. وأخرجه: حميد بن زنجويه في (الأموال) 2؛ 679 (1136)، والبلاذري في (أنساب الأشراف) 1: 445، وأبو يعلى 13: 131 (7179)، والبيهقي 6: 336، كلهم من طريق بديل بن ميسرة به. وعزاه السيوطي في (الدر المنثور) 1: 84 - من هذا الوجه- إلى: عبد بن حميد، وابن المنذر، وأبي الشيخ. تنبيه: روى هذا الوجه عن بديل: 1 - معمر بن راشد. عند عبد الرزاق، ومن تبعه. 2 - حماد بن زيد. عند ابن زنجويه، والبيهقي. 3 - حماد بن سلمة. عند البلاذري، وأبي يعلى، والبيهقي. وخالفهم: إبراهيم بن طهمان فرواه عن: بديل بن ميسرة، عن عبد الله بن شقيق، عن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن المغضوب عليهم؟ قال: (اليهود) قلت: الضالين؟ قال: (النصارى). أخرجه ابن مردويه، كما في تفسير ابن كثير 1: 142، و (الدر المنثور) 1: 85. قال الحافظ في الفتح 8: 9: "أخرجه ابن مردويه، بإسناد حسن، عن أبي ذر". وقال في التقريب ص 90: "إبراهيم بن طهمان الخراساني، أبو سعيد، سكن نيسابور ثم مكة، ثقة يغرب". ولكن لم يُذكر الراوي عنما فلعل الوهم منه، والله أعلم. (ب) الزبير بن الخريت: أخرجه: حميد بن زنجويه في (الأموال) 2: 679 (1136)، والبيهقي 6: 336 من طريقه، عن عبد الله بن شقيق، عن رجل من بلقين، قال: أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- ...

والزبير بن الخريت ثقة أخرج له الجماعة سوى النسائي. ينظر: تهذيب الكمال 9: 301، التقريب ص 214. (جـ) خالد الحذاء. أخرجه: حميد بن زنجويه في (الأموال) 2: 679 (1136)، والبيهقي 6: 336 من طريقه عن عبد الله بن شقيق عن رجل من بلقين قال: أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- ... وخالد الحذاء: ثقة يرسل،، وأخرج حديثه الجماعة. ينظر: تهذيب الكمال 8: 177 - التقريب ص 191. وقد اختلف الرواة عن خالد الحذاء في هذا الحديث اختلافا كثيرا، لا يسع المقام للإفاضة فيه، وسيرد ذكر بعض ذلك فيما يأتي من الأوجه. 2 - عبد الله بن شقيق، عن رجل من بلقين، أن رجلا أتى النبي -صلى الله عليه وسلم-. أخرجه أحمد بن منيع -كما في (المطالب العالية) 2: 354 (2082)، وسعيد بن منصور 2: 298 (2680) كلاهما عن: هشيم، ثنا خالد الحذاء، عن عبد الله بن شقيق، حدثني رجل من بلقين، أن رجلا أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو متجاوز وادي القرى، فقال: يا محمد .. فذكره بنحوه، وفيه زيادة. وأخرجه البيهقي في (شعب الإيمان) 4: 61 (4329) وفيه: عن عبد الله بن شقيق، عن رجل من بلقين، عن ابن عم له، أنه قال: أتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو بوادي القرى .. فذكره مطولا وفيه قصة. وصحح أبو زرعة هذا الوجه، كما في (علل الحديث) لابن أبي حاتم 1: 308 (925). 3 - عبد الله بن شقبق أن رجلا أنى النبي -صلى الله عليه وسلم-. - هكذا مرسلا-. ورواه عنه على هذا الوجه راويان -فيما وقفت عليه-: (أ) سعيد الجريري. أخرجه أبو عبيد في (الأموال) ص 384 (765)، والطبري 1: 187، -وفي لفظ أبى عبيد زيادة بذكر المغانم- كلاهما من طريق الجريري، عن عبد الله بن شقيق، به.

الحكم على الحديث

وأخرجه الطبري 1: 187 من طريق الجريري، عن عروة بن عبد الله، عن عبد الله بن شقيق، به. والوجهان محفوظان، وهو من قبيل المزيد في متصل الأسانيد. والجريري هو: سعيد بن إياس الجُريري -بضم الجيم-، أبو مسعود البصري، ثقة أخرج حديثه الجماعة. ينظر: تهذيب الكمال 10: 338، التقريب ص 233. (ب) خالد الحذاء. أخرجه الطبري 1: 188 من طريق خالد الواسطي، عن خالد الحذاء، عن عبد الله بن شقيق، أن رجلا سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- .. بنحوه. وهذا الوجه -المرسل- عزاه السيوطي في (الدر المنثور) 1: 84، إلى: وكيع، وعبد بن حميد. الحكم على الحديث: الحديث بما سبق يترقى إلى درجة الحسن، وصححه ابن حبان -كما سبق-، وابن تيمية في المجموع 1: 64، وأورده ابن حجر في الفتح 8: 9، وهو صحيح أو حسن على شرطه الذي بينه في المقدمة (هدي الساري) ص 6. ومعنى الحديث صحيح، وهو كالمتفق عليه بين أهل العلم. قال ابن أبما حاتم في تفسيره 1: 31: "لا أعلم بين المفسرين في هذا الحرف اختلافا". قال ابن حجر في (الفتح) 8: 9: "قال السهيلي: وشاهد ذلك قوله تعالى في اليهود: {فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ} [البقرة: 90]، وفي النصارى: {قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا} [المائدة: 77] ". وقرر العلماء ما دل عليه الحديث بالنصوص الشرعية الثابتة. ينظر -على سبيل المثال-: مجموع الفتاوى لابن تيمية 1: 64، تفسير ابن كثير 1: 141 - 143. *****

سورة البقرة

سورة البقرة قال تعالى: {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ} [البقرة: 19]. (2) عن عائشة -رضي الله عنه-، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا رأى المطر قال: (اللهم صيبا نافعا). تخريج الحديث: أخرجه البخاري (1032) في الاستسقاء: باب ما يقال إذا أمطرت، والنسائي (1523) فيه: باب القول عند المطر، وابن ماجه (3890) في الدعاء: باب ما يدعو به الرجل إذا رأى السحاب والمطر، وأحمد 6: 41، 90، 119، 129، من طرق عن القاسم ابن محمد، عن عائشة -رضي الله عنها-. فائدة: الصيِّب: المنهمر المتدفق، وأصله الواو؛ لأنه من صاب يصوب إذا نزل. ينظر: النهاية لابن الأثير 3: 64 (صيب). ******

(3)

قال تعالى: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 22]. (3) عن قتيلة بنت صيفي قالت: جاء حبر من الأحبار إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا محمد؛ نعم القوم أنتم لولا أنكم تشركون، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وكيف؟) قال: يقول أحدكم: لا، والكعبة، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أنه قد قال، فمن حلف؛ فليحلف برب الكعبة) فقال: يا محمد؛ نعم القوم أنتم لولا أنكم تجعلون لله ندا، قال: (وكيف ذاك؟) قال: يقول أحدكم: ما شاء الله وشئت، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنه قد قال، فمن قال منكم فليقل: ما شاء الله ثم شئت). تخريج الحديث: أخرجه ابن سعد في (الطبقات الكبرى) 8: 309 قال: أخبرنا وكيع بن الجراح، ومحمد بن عبيد، عن المسعودي، عن معبد بن خالد، عن عبد الله بن يسار، عن قتيلة بنت صيفي، قالت: .. فذكرته. وأخرجه الإمام أحمد في مسنده 371:6 - 372، وابن أبي عاصم في (الآحاد والمثاني) 6: 180 (3408)، والطحاوي في (شرح مشكل الآثار) 1: 219، والطبراني في الكبير 25: 13، والحاكم في (المستدرك) 4: 297، والبيهقي في (السنن الكبرى) 216: 3 في الجمعة: باب ما يكره من الكلام في الخطبة، من طرق عن المسعودي به، بنحوه. وأخرجه النسائي (3773) في الأيمان والنذور: باب الحلف بالكعبة، وفي (عمل اليوم والليلة) ص 545 رقم (986)، والطبراني في الكبير 25: 14 كلاهما من طريق مسعر بن كدام، عن معبد بن خالد، به، بنحوه. فائدة: (قتيلة بنت صيفي) الأنصارية وقيل الجهنية، صحابية روت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا الحديث. ينظر: الطبقات لابن سعد 8: 309، الإصابة لابن حجر 8: 79.

الحكم على الإسناد

الحكم على الإسناد: إسناد حسن صحيح، لأجل المسعودي، واسمه عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود المسعودي الكوفي، وثقه الدارمي وابن معين وأحمد، وتكلم فيه بعضهم. وقال الإمام أحمد: سماع وكيع من المسعودي قديم. وقال الحافظ: "صدوق اختلط قبل موته، وضابطه: أن من سمع منه ببغداد فبعد الاختلاط" توفي سنة 160 هـ. ينظر: طبقات ابن سعد 6: 366، العلل ومعرفة الرجال 1: 325، التاريخ الكبير 5: 314، تقدمة الجرح والتعديل ص 145، ص 322، الجرح والتعديل 5: 250، الضعفاء الكبير للعقيلي 2: 336، المجروحين 2: 48، تهذيب الكمال 17: 219، السير 7: 93، تذكرة الحفاظ 1: 197، الميزان 2: 574، الكاشف 1: 633، التهذيب 3: 382، التقريب ص 344، الكواكب النيرات ص 62. وقال الحاكم في (المستدرك على الصحيحين) 4: 297: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه"، وصحح إسناده أيضا: ابنُ حجر في (الإصابة) 8: 79. المتابعات والشواهد: (أ) المتابعات: تابع المسعودي على هذا الحديث: مسعرُ بن كدام، أخرجه النسائي -كما سبق في التخريج- قال: أخبرنا يوسف بن عيسى قال: حدثنا الفضل بن موسى قال: حدثنا مسعر عن معبد بن خالد، به بنحوه. وهذا سند صحيح، يوسف بن عيسى هو: ابن دينار الزهريّ، أبو يعقوب المروزي، ثقة فاضل، أخرج له الشيخان. ينظر: تهذيب الكمال 32: 450، تقريب التهذيب ص 611.

(ب) الشواهد

والفضل بن موسى هو: السيناني -بمهملة مكسورة ونونين-، أبو عبد الله المروزي، ثقة ثبت، وربما أغرب، وأخرج حديثه الجماعة. ينظر: تهذيب الكمال 23: 254، تقريب التهذيب ص 447. ومسعرُ بن كدام هو: ابن ظهير الهلالي، أبو سلمة الكوفي، ثقة ثبت فاضل، وأخرج حديثه الجماعة. ينظر: تهذيب الكمال 17:461، تقريب التهذيب ص 528. (ب) الشواهد: يشهد لهذا الحديث عدةُ أحاديث، منها: 1 - عن ابن عباس قال: قال رجل للنبي -صلى الله عليه وسلم-: ما شاء الله وشئت، قال: (جعلت لله ندا؟! ما شاء الله وحده). أخرجه ابن ماجه (2117) في الكفارات: باب النهي أن يقال ما شاء الله وشئت، وابن أي شيبة في المصنف 5: 340 (26691)، وأحمد في المسند 1: 214، 224، 283، 347، والبخاري في (الأدب المفرد) ص 274 (783)، وابن أبي الدنيا في (كتاب الصمت) رقم (342)، والنسائي في (عمل اليوم والليلة) ص 545 (988)، والطبراني في الكبير 12: 244، وابن السني في (عمل اليوم والليلة) ص 314 (667)، وأبو نعيم في (الحلية) 4: 99، والبيهقي في (السنن الكبرى) 3: 217 وغيرهم. كلهم من طريق الأجلح بن عبد الله، عن يزيد بن الأصم، عن ابن عباس -رضي الله عنه- بنحوه. 2 - عن حذيفة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان، ولكن قولوا ما شاء الله ثم شاء فلان).

فائدة

أخرجه أبو داود (4980) في الأدب: باب لا يقال خبثت نفسي، والطيالسي 344: 1 (431)، وابن أبي شيبة في المصنف 5: 340 (26690)، وأحمد 5: 384، 394، وابن أبي الدنيا في (كتاب الصمت) رقم (341)، والنسائي في (عمل اليوم والليلة) ص 544 (985)، وابن السني في (عمل اليوم والليلة) ص 314 (666)، والبيهقي في (السنن الكبرى) 3: 216 وغيرهم. كلهم من طريق شعبة، عن منصور، عن عبد الله بن يسار، عن حذيفة -رضي الله عنه-. 3 - عن الطفيل أخي عائشة لأمها قال: فال رجل من المشركين لرجل من المسلمين: نعم القوم أنتم لولا أنكم تقولون: ما شاء الله وشاء محمد، فسمع النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: (لا تقولوا ما شاء الله وشاء محمد، ولكن قولوا: ما شاء الله ثم شاء محمد). أخرجه ابن ماجه عقب الحديث رقم (2118) في الكفارات: باب النهي أن يقال ما شاء الله وشئت، والدارمي (2699) في الاستئذان: باب في النهي عن أن يقول ما شاء الله وشاء فلان، والطبراني في الكبير 8: 324 (8214)، والمزي في (تهذيب الكمال) 13: 390، من طرق عن عبد الملك بن عمير، عن ربعي بن حراش، عن طفيل بن سخبرة، أخي عائشة لأمها، وهو معدود من الصحابة -رضي الله عنهم-. ينظر: الإصابة 3: 520، التقريب ص 282. فائدة: هذا الحديث مداره على: عبد الملك بن عمير، واختلف عليه فيه، فرواه: شعبة، وحماد بن سلمة، وأبو عوانة اليشكري، وعبد الله بن إدريس، وزيد بن أبي أنيسة؛ عنه عن ربعي بن حراش، عن طفيل.

الحكم على الحديث

وخالفهم: سفيان بن عيينة؛ فرواه عنه عن ربعي بن حراش، عن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه-. أخرجه من هذا الوجه: ابن ماجه (2118) في الكفارات: باب النهي أن يقال ما شاء الله وشئت، وأحمد 5: 393. ورجح الحفاظ ما عليه الجماعة، ووهموا ابنَ عيينة في روايته. ينظر: فتح الباري 11: 549. الحكم على الحديث: حديث صحيح. والحديث أورده الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في (كتاب التوحيد) ص 81 وقال: "رواه النسائي وصححه"، ولم أقف على تصحيح النسائي. *****

(4)

قال تعالى: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 25]. (4) عن أبي سعيد -رضي الله عنه- عن النبي في قوله تعالى: {وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ} قال: (من الحيض، والغائط، والنخاعة، والبزاق). تخريج الحديث: أخرجه ابن الأعرابي في (معجمه) 130: 1 (204) قال: نا محمد بن عبيد، حدثنا عبد الرزاق بن عمر، حدثنا عبد الله بن المبارك، عن شعبة، عن قتادة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فذكره. وأخرجه ابن مردويه -كما في تفسير ابن كثير 1: 205، و (الدر المنثور) 1: 210 - ، وأبو نعيم في (صفة الجنة) (363)، والرافعي في (التدوين في أخبار قزوين) 1: 465؛ كلهم من طريق محمد بن عبيد، به. وعزاه ابنُ كثير في تفسيره 1: 205، والسيوطيُ في (الدر المنثور) 1: 210 إلى الحاكم في (المستدرك) وقال: صحيح على شرط الشيخين. ولم أجده فيه، ولم يذكره ابن حجر في (إتحاف المهرة) 5: 410. الحكم على الإسناد: إسناد ضعيف، لحال عبد الرزاق بن عمر، وهو البزيعي البيروتي. وقد اضطرب فيه ابن حبان فذكره في (الثقات)، وذكره في (المجروحين)، وقال: يقلب الأخبار، ويسند المراسيل، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد. وقال تلميذه محمد بن عبيد: كان من خيار الناس. وذكره في التقريب تمييزا، وقال: صدوق. قلت: ويظهر أن صنيع ابن حبان، وحكم ابن حجر في (التقريب)؛ مبني على أنهما اثنان، ولا شك أن المعني هنا في هذا السند؛ هو المقدوح فيه، لأنهم ذكروا هذا الحديث في ترجمته، والله أعلم.

المتابعات والشواهد

ينظر: التاريخ الكبير 6: 131، الثقات 8: 412، المجروحين 2: 160، تهذيب الكمال 18: 51، ميزان الاعتدال 2: 608، تهذيب التهذيب 6: 287، التقريب ص 354. وأما عنعنة قتادة وهو موصوف بالتدليس، فالراوي عنه: شعبة، واشتهر عنه قوله: كفيتكم تدليس ثلاثة: الأعمش، وأبي إسحاق، وقتادة. أوردها ابن حجر في (طبقات المدلسين) ص 58، وعقب عليها فقال: "قلت: فهذه قاعدة جيدة في أحاديث هؤلاء الثلاثة أنها إذا جاءت من طريق شعبة دلت على السماع، ولو كانت معنعنة". المتابعات والشواهد: لم أقف على متابع أو شاهد لهذا الحديث. الحكم على الحديث: الحديث ضعيف. وقد أورده ابن حبان في (المجروحين) 2: 160 وقال: "وهذا قول قتادة رفعه -يعني البزيعي-، لا أصل له من كلام النبي -صلى الله عليه وسلم-"، وذكره الذهبي في (ميزان الاعتدال) 2: 608 في ترجمة البزيعي، وقال: أخطأ، يعني البزيعي في رفعه. وأورده ابن كثير في تفسيره 1: 205 وقال: "هذا حديث غريب، وقد رواه الحاكم في مستدركه عن محمد بن يعقوب، عن الحسن بن علي بن عفان، عن محمد بن عبيد، به، وقال: صحيح على شرط الشيخين، وهذا الذي ادعاه فيه نظر، فإن عبد الرزاق بن عمر البزيعي هذا قال فيه أبو حاتم ابن حبان البستي: لا يجوز الاحتجاج به. قلت: والأظهر أن هذا من كلام قتادة". وأشار إليه الحافظ في الفتح 6: 369 وقال: "ولا يصح إسناده"، لكن قال عنه في (تغليق التعليق) 3: 499: "إسناده لا بأس به"!. قلت: وهذا المعنى مشهور عن قتادة ومجاهد رحمهما الله، مخرج عنهما في عدد من الدواوين. ينظر: تفسير الطبري 1: 419 - 421، الدر المنثور 1: 211. *****

(5)

قال تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ} [البقرة: 48]. (5) عن عمرو بن قيس الملائي، عن رجل من بني أمية قال: قيل: يا رسول الله؛ ما العدل؟ قال: (العدل: الفدية). تخريج الحديث: أخرجه الطبري في تفسيره 1: 638 قال: حدثنا نجيح بن إبراهيم، قال: أخبرنا علي بن حكيم، قال: أخبرنا حميد بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن عمرو بن قيس الملائي، عن رجل من بني أمية من أهل الشام، أحسن عليه الثناء، قال: قيل يا رسول الله .. فذكره. الحكم على الإسناد: إسناد ضعيف، لما يأتي: 1 - ضعف نجيح بن إبراهيم، وهو الكرماني، أبو عبد الله الكوفي القاضي. تنظر ترجمته في: الثقات 9: 220، لسان الميزان 6: 194 2 - جهالة شيخ عمرو بن قيس. قال الخطيب في (الكفاية) -ص 532 باب: في قول الراوي حدثت عن فلان، وقوله حدثنا شيخ لنا-: "قل من يروي عن شيخ فلا يسميه، بل يكني عنه، إلا لضعفه وسوء حاله". وبناء على ذلك فيحتمل الانقطاع بين ذلك الراوي المجهول، وبين النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأن عمرو بن قيس؛ من أتباع التابعين، فبينه وبين النبي -صلى الله عليه وسلم- طبقتان، نعم الغالب أن يكون شيخه التابعي يروي عن صحابي، ولا تضر الجهالة به، لكن يحتمل أن يروي التابعي عن تابعي آخر، أو تكون رواية عمرو عن قرين له من أتباع التابعين، وحينئذ تؤثر الجهالة. المتابعات والشواهد: لم أقف على متابع أو شاهد لهذا الحديث. الحكم على الحديث: ضعيف.

وهذا المعنى متقرر في اللغة. ينظر: تفسير الطبري 1: 637، معجم مقاييس اللغة 4: 247. والحديث ذكره السيوطي في (الإتقان) 2: 478 وقال: "مرسل جيد، عضده إسناد متصل، عن ابن عباس موقوفا". وأثر ابن عباس -رضي الله عنهما-، أخرجه الطبري في تفسيره 1: 638 قال: (حدثنا القاسم، قال: حدثنا حسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال مجاهد: قال ابن عباس: {وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ} قال: بدل، والبدل الفدية). مجاهد هو: ابن جبر المكي، ثقة إمام، وابن جريج هو: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الأموي، ثقة فقيه فاضل، وكان يدلس ويرسل، وحجاج هو: ابن محمد المصيصي، أبو محمد الأعور، ثقة ثبت، وحسين هو: ابن بشر الطرطوسي، لا بأس به، أما القاسم شيخ الطبري، فقد ورد مهملا هكذا في النسخة المحققة الكاملة (دار هجر)، وفي نسخة (دار الفكر) جاءت تسميته: القاسم بن الحسن. فإن كان: القاسم بن الحسن بن يزيد البغدادي، أبو محمد الهمذاني الصائغ؛ فقد وثقه الخطيب، والذهبي. ينظر: تاريخ بغداد 12: 432، السير 13: 158. وإن كان: القاسم بن الحسن الزبيدي، فقد ذكره الخطيب، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. ينظر: تاريخ بغداد 12: 428. والقاسمان كلاهما يشتركان في الطبقة نفسها. وابن جريج مكثر من التدليس، ولم يصرح بالسماع، بل أخرج ابن أبي حاتم في (تقدمة الجرح والتعديل) ص 245، عن يحيى بن سعيد القطان قال: "لم يسمع ابن جريج من مجاهد إلا حديثا واحدا (فطلقوهن في قبل عدتهن) "، ونحو ذلك عن ابن معين والبرديجي، وغيرهما. ينظر: جامع التحصيل ص 230. والأثر عزاه السيوطي في (الدر المنثور) 1: 364 إلى ابن المنذر أيضا. *****

(6)

قال تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (58) فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} [البقرة: 58، 59]. (6) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (قيل لبني إسرائيل: ادخلوا الباب سجدا، وقولوا حطة، فبدلوا، فدخلوا يزحفون من أستاههم، وقالوا: حبة في شعرة). تخريجه: أخرجه البخاري (3404) في أحاديث الأنبياء: باب حديث الخضر مع موسى عليهما السلام، و (4479) في تفسير القرآن: باب {وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا}، و (4641) في تفسير القرآن: باب {وَقُولُوا حِطَّةٌ}، ومسلم (3015) في التفسير، والترمذي عقب الحديث رقم (2956) في التفسير: باب (3)، وأحمد 2: 312 (8110)، و2: 318 (8230) كلهم من طريق معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، به، بنحوه. وأخرجه الترمذي (2956) في التفسير: باب (3)، من طريق معمر به، ولفظه: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قو له: {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا} قال: (دخلوا متزحفين على أوراكهم). *****

(7)

قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (67) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ (68) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ (69) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ} [البقرة: 67 - 70]. (7) عن عكرمة يبلغ به النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لو أن بني إسرائيل أخذوا أدنى بقرة، فذبحوها، أجزأت عنهم، ولكنهم شددوا، ولولا أنهم قالوا: {وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ}، ما وجدوها). تخريج الحديث: أخرجه سعيد بن منصور 2: 565 (193) قال: نا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة .. فذكره. وعزاه السيوطي في (الدر المنثور) 1: 459 إلى: الفريابي، وابن المنذر. الحكم على الإسناد: إسناده ضعيف لإرساله، وهو مرسل صحيح. وقد خالف سعيدا فيه: عبدُ الرزاق؛ فرواه في التفسير 1: 50 عن سفيان، عن عمرو ابن دينار، عن عكرمة، موقوفا عليه. ومن طريق عبد الرزاق؛ أخرجه: الطبري 2: 98. الشواهد: يشهد لهذا الحديث ما يلي: 1 - عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لولا أن بني إسرائيل قالوا: {وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ}، ما أعطوا أبدا، ولو أنهم اعترضوا بقرة من البقر، فذبحوها لأجزأت عنهم، ولكن شددوا، فشدد الله عليهم). أخرجه ابن مردويه -كما في تفسير ابن كثير 1: 355، و (الدر المنثور) 1: 409 - ، واللفظ له، وأخرجه البزار 3: 40 (2188 - كشف الأستار)، وابن أبي حاتم في تفسيره 1: 141 (722)، وتمام الرازي في الفوائد 4: 128 (1327 - الروض البسام).

كلهم من طريق: سرور بن المغيرة، عن عباد بن منصور، عن الحسن، عن أبي رافع، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- فذكره. واقتصر ابن أبما حاتم، وتمام على شطره الأول، والبزار على شطره الثاني بنحوه. قال البزار: لا نعلمه يروى عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد. والحديث أورده الزيلعي في (تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في الكشاف) 1: 66 وقال: غريب. وقال عنه ابن كثير: "هذا حديث غريب من هذا الوجه، وأحسن أحواله أن يكون من كلام أبي هريرة -رضي الله عنه-". وقال الهيثمي في (مجمع الزوائد) 6: 314: "رواه البزار، وفيه عباد بن منصور، وهو ضعيف، وبقيه رجاله ثقات". وعباد بن منصور هو: الناجي، أبو سلمة البصري. ضعفه ابن معين، والنسائي، والذهبي، وغيرهم، وذكره أحمد، والبخاري، والنسائي، والساجي، وغيرهم بالتدليس عن الضعفاء. وفي التقريب: صدوق رمي بالقدر، وكان يدلس، وتغير بأخرة. وقال في الفتح 13: 261: "حديثه من قبيل الحسن". وروى له البخاري تعليقا، والأربعة. ينظر: تهذيب الكمال 14: 156، الكاشف 1: 532، التقيب ص 291، طبقات المدلسين ص 50. والراوي عن سرور بن المغيرة، هو: أبو سعيد أحمد بن داود الحداد، عند البزار، وابن أبي حاتم، وتمام الرازي. وجاء في (لسان الميزان) 3: 14 في ترجمة (سرور بن المغيرة): "ذكره ابن حبان في الثقات، فقال: هو ابن أخي منصور بن زاذان، يروي عن منصور بن زاذان، روى عنه أبو سعيد الحداد الغرائب".

وترجمته في (الثقات) 6: 437 ليس فيها قوله: يروي عن .. إلخ. لكن قال ابن كثير في تفسيره 1: 300 - بعد أن ساق الحديث بإسناد ابن أبي حاتم-: "ورواه الحافظ أبو بكر ابن مردويه في تفسيره من وجه آخر عن سرور بن المغيرة .. ". فظاهره؛ أن الراوي عن سرور بن المغيرة، -عند ابن مردويه- ليس الحداد. 2 - عن ابن جريج قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إنما أمروا بأدنى بقرة، ولكنهم لما شددوا على أنفسهم؛ شدد الله عليهم، وايم الله لو أنهم لم يستثنوا، لما بينت لهم آخر الأبد). أخرجه الطبري 2: 99 قال: حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، قال: قال ابن جريج .. فذكره. وذكره في (الدر المنثور) 1: 410 وعزاه إلى ابن جرير فقط. وسبق الكلام على رجاله في آخر الحديث الخامس. وابن جريج، لم يثبت له لقاء أحد من الصحابة، فالسند معضل. ينظر: التقريب ص 75. 3 - عن قتادة قال: ذكر لنا أن نبي الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقول: (إنما أمر القوم بأدنى بقرة، ولكنهم لما شددوا على أنفسهم؛ شدد عليهم، والذي نفس محمد بيده؛ لو لم يستثنوا لما بينت لهم آخر الأبد). أخرجه الطبري 2: 100 قال: حدثنا بشر، قال ثنا يزيد، قال ثنا سعيد، عن قتادة، فذكره. وذكره في (الدر المنثور) 1: 410 وعزاه إلى ابن جرير فقط. وقتادة؛ غالب روايته عن التابعين، وقال أحمد بن سنان الواسطي: كان يحيى بن سعيد القطان لا يرى إرسال الزهري وقتادة شيئا، ويقول: هو بمنزلة الريح، ويقول: هؤلاء قوم حفاظ، كانوا إذا سمعوا الشيء علقوه. أخرجه ابن أبي حاتم في (تقدمة الجرح والتعديل) ص 245، وفي (كتاب المراسيل) ص 3 رقم (1). *****

(8)

قال تعالى: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ} [البقرة: 79] (8) عن أبي سعيد -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (ويل: واد في جهنم، يهوي فيه الكافر أربعين خريفا قبل أن يبلغ قعره، والصعود: جبل من نار، يصعد فيه سبعين خريفا، يهوي به كذلك فيه أبدا). تخريجه: أخرجه أحمد 3: 75 (11712) قال: حدثنا حسن، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد .. فذكره. وأخرجه: عبد بن حميد في (المنتخب) ص 289 (924)، وعنه: الترمذي (3164) في تفسير القرآن: باب ومن سورة الأنبياء عليهم السلام، وابن أبي الدنيا في (صفة النار) رقم (31) بالاقتصار على الويل فقط، وأخرجه أبو يعلى 2: 523 (1383) كلهم من طريق الحسن به بنحوه. وأخرجه البيهقي في (البعث والنشور) رقم (487) من طريق كامل بن طلحة، ثنا ابن لهيعة، به .. الحكم على الإسناد: إسناد ضعيف، لضعف ابن لهيعة، وفيه كلام طويل، حاصله ما قال ابن حجر في (التقريب): صدوق خلط بعد احتراق كتبه، ورواية ابن المبارك وابن وهب عنه أعدل من غيرهما. وقال في (نتائج الأفكار): الإنصاف في أمره: أنه متى اعتضد كان حديثه حسناً، ومتى خالف كان حديثه ضعيفاً، ومتى انفرد توقف فيه. مات سنة 174 هـ وأخرج له مسلم في المتابعات مقروناً، وأخرج له الأربعة سوى النسائي. ينظر في ترجمته: طبقات ابن سعد 7: 516، جامع الترمذي 1: 16 رقم (10)، أحوال الرجال للجوزجاني ص 155، الضعفاء الكبير للعقيلي 2: 293، الكامل 4: 144،

المجروحين 2: 11، النفح الشذي 2: 792 - 863، تهذيب الكمال 15: 487، السير 8: 10، تذكرة الحفاظ 1: 237، الميزان 2: 475، الكاشف 1: 590، شرح العلل لابن رجب ص 104، جامع التحصيل ص 215، التهذيب 3: 241، التقريب ص 319، طبقات المدلسين ص 177. وما قيل قي رواية دراج عن أي الهيثم عن أبي سعيد، وهذه منها. وهذه السلسلة مشهورة بين المحدثين، ورويت بها أحاديث كثيرة، وسيأتي عدد منها في هذا البحث -إن شاء الله-، ومن أهل العلم من قبلها، ومنهم من ردها، ومنهم من توسط، وإليك البيان: (أ) قال ابن معين: "ما كان بهذا الإسناد؛ فليس به بأس". ونقله عنه ابن شاهن في (تاريخ أسماء الثقات) ص 83، وأقره عليه. بل قال الحاكم في المستدرك 2: 246: "سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب، يقول: سمعت العباس بن محمد الدوري، يقول: سألت يحيى بن معين عن أحاديث دراج، عن أبي الهيثم، عن أب سعيد؟ فقال: هذا إسناد صحيح". وحسَّن الترمذي عدة أحاديث من هذا الطريق، بل صحح حديثا من هذا الوجه رقم (2587)، وهكذا صحح ابنُ خزيمة، وابنُ حبان، والحاكم، أحاديثَ بهذا الطريق. بل قال الحاكم 1: 541 عقب حديث في معنى الباقيات الصالحات -وسيأتي برقم (148) - من هذا الوجه: هذا أصح إسناد المصريين، فلم يخرجاه. وأقره الذهبي، فقال: صحيح. وقال الحاكم 1: 212 عقب حديث من هذا الطريق، -وسيأتي برقم (100) -: هذه ترجمة للمصريين لم يختلفوا في صحتها، وصدق رواتها، غير أن شيخي الصحيح لم يخرجاه. وتعقبه الذهبي، فقال: دراج كثير المناكير. (ب) قال الإمام أحمد: أحاديث دراج، عن أبي الهيثم، عن أب سعيد -رضي الله عنه-؛ فيها ضعف.

وقال الآجري عن أبي داود: أحاديثه -يعني: دراجا- مستقيمة، إلا ما كان عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد. (جـ) قال الخليلي في (الإرشاد) 1: 405: "وحديث عمرو بن الحارث؛ إذا كان عن دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد -رضي الله عنه-، يكتب، ولا يحتج به". وساق ابن عدي في ترجمة (دراج) من (الكامل) بعض ما أنكر عليه، ثم قال -3: 115 - : "وسائر أخبار دراج غير ما ذكرت من هذه الأحاديث؛ يتابعه الناس عليها، وأرجو إذا أخرجت دراجا وبرأته من هذه الأحاديث التي أنكرت عليه؛ أن سائر أحاديثه لا بأس بها، ويقرب صورته ما قال فيه يحيى بن معين". والذي يظهر: أن ما روي بهذه السلسة من قبيل الضعف اليسير، وينجبر هذا الضعف إذا توبع دراج، أو جاء ما يشهد للخبر، ويستثنى من ذلك ما أنكره العلماء على دراج في بعض ما رواه عن أبي السمح، وقد ذكر تلك المنكرات؛ ابنُ عدي في ترجمة (دراج) من (الكامل) 3: 112. وقال الترمذي: هذا حديث غريب، لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث ابن لهيعة. قلت: لم يتفرد برفعه ابن لهيعة، بل تابعه على ذلك: عمرو بن الحارث، فقد أخرجه الطبري 2: 164، وابن أبي حاتم في تفسيره 1: 153 (798)، وابن حبان في صحيحه كما في الإحسان 16: 508 (7467)، والحاكم في (المستدرك) 2: 507، 4: 596، والبيهقي في (البعث والنشور) رقم (465)، والبغوي في (شرح السنة) 15: 247 (4409) كلهم من طريق عمرو بن الحارث عن دراج به، ولفظ الطبري وابن أبي حاتم وابن حبان بالاقتصار على تفسير الويل، ولفظ الحاكم والبيهقي والبغوي بتمامه. وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، وأقره الذهبي. وقال عنه ابن كثير 1: 312: "لم ينفرد به ابن لهيعة كما ترى، ولكن الآفة ممن بعده، وهذا الحديث بهذا الإسناد -مرفوعا- منكر". وقال 8: 266: "فيه غرابة ونكارة".

المتابعات والشواهد

المتابعات والشواهد: (أ) المتابعات: تابع ابنَ لهيعة عليه: عمرو بن الحارث، كما سبق قريبا، لكن تبقى رواية دراج عن أبي الهيثم، فلم أجد من تابع دراجا عليه. ومتابعة عمرو بن الحارث يرويها عبد الله بن وهب، واختلف عليه فيه على وجهين: 1 - الرفع: ورواه عن ابن وهب بهذا الوجه: (أ) يونس بن عبد الأعلى. رواه الطبري 2: 164، وابن أبي حاتم 1؛ 153 (798)، كلاهما عن يونس، عن ابن وهب، به، مرفوعا. (ب) حرملة بن يحيى. رواه ابن حبان، كما في الإحسان 16: 508 (7467)، عن ابن سلم، حدثنا حرملة، حدثنا ابن وهب، به، مرفوعا. (جـ) بحر بن نصر. رواه الحاكم 4: 596، والبيهقي في (البعث والنشور) رقم (466). (د) أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، رواه الحاكم 2: 507، والبيهقي في (البعث والنشور) رقم (465). (هـ) رشدين بن سعد. رواه نعيم بن حماد في (زيادات الزهد) رقم (334)، والبغوي في (شرح السنة) 15: 247 رقم (4409). فهؤلاء الخمسة رووه عن ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، به، مرفوعا. 2 - الوقف. رواه الحاكم 2: 534 - ومن طريقه: البيهقي في (البعث والنشور) رقم (464) - من طريق هارون بن سعيد الأيلي، ثنا عبد الله بن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، به، بنحوه، موقوفا على أبي سعيد -رضي الله عنه-.

(ب) الشواهد

وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. وأقره الذهبي. وقد وقفت عليه من طريق: شريك، عن عمار الدهني، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد -رضي الله عنه- مرفوعا، لكن بذكر الصعود فقط، دون الويل، وسيأتي الكلام عليها -إن شاء الله- عند قوله تعالى: {سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا} [المدثر: 17]. (ب) الشواهد: 1 - عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: {فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ} [البقرة: من الآية 79] قال: (الويل جبل في النار). أخرجه الطبري 2: 167، 164 قال: حدثني المثنى بن إبراهيم، قال ثنا إبراهيم بن عبدالسلام، قال: ثنا علي بن جرير، عن حماد بن سلمة، عن عبد الحميد بن جعفر، عن كنانة العدوي، عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- فذكره. وذكره السيوطي في (الدر المنثور) 1: 433 وعزاه إلى ابن جرير فقط. وقال عنه ابن كثير في تفسيره (1: 312): غريب جدا. وأورده ابن رجب في (التخويف من النار) ص 84 وقال: إسناده فيه نظر. وشيخ الطبري، وشيخ شيخه، لم أقف على ترجمتهما. وقال الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله- في تعليقه على تفسير الطبري 2؛ 269: "أخشى أن لا يكون أدرك عثمان بن عفان -يعني كنانة-، فإنهم لم يذكروا له رواية إلا عن أبي برزة الأسلمي وقبيصة بن المخارق، وهما متأخران كثيرا عن عثمان. وأيا ما كان؛ فهذا الحديث لا أظنه مما يقوم إسناده". وانظر ترجمة كنانة العدوي في (تهذيب الكمال) 24: 227. 2 - عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن في النار حجرا يقال لها ويل، بصعد عليه العرفاء، وينزلون فيه). أخرجه البزار في مسنده (البحر الزخار) 3: 326 رقم (1123) قال: حدثنا إبراهيم ابن عبدالله بن الجنيد، قال: نا سعيد بن أسد بن موسى، قال: نا خالد بن سليمان الزيات،

رجل من أهل العراق، قال: نا هاشم بن موسى، قال: نا بكير بن مسمار، عن عامر بن سعد، عن أبيه فذكره. وذكره السيوطي في (الدر المنثور) 1: 434 وعزاه إلى ابن مردويه أيضا. وقال البزار عقبه: "وهذا الحديث، لا نعلمه يروى بهذا اللفظ، إلا عن سعد بهذا الإسناد". والحديث أورده المنذري في (الترغيب والترهيب) 1: 321 مصدرا إياه بقوله: وروي، وشرطه في كتابه الذي ذكره ص 37 أن كل حديث في إسناده كذاب أو متهم أو ضعيف، بحيث لا يتطرق إليه احتمال التحسين، فإنه يصدره بلفظ: روي. وأورده ابن رجب في (التخويف من النار) ص 84 وقال: إسناد مجهول. وأورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 3: 89 وقال: "رواه أبو يعلى، وفيه جماعة لم أجد من ذكرهم"، ولم أجده عند أبي يعلى، والله أعلم. ومما يشهد له أيضا: * ما جاء عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: (ويل واد في جهنم، يسيل فيه صديد أهل النار، جعل للمكذبين). أخرجه سعيد بن منصور، وابن المنذر، كما في (الدر المنثور) 1: 434. وأخرجه البيهقي في (البعث والنشور) رقم (467) من طريق سعيد بن منصور، ثنا خلاف ابن خليفة، عن العلاء بن المسيب، عن أبيه، عن أبي عبيدة، عن ابن مسعود -رضي الله عنه-، به. خلف بن خليفة؛ هو الأشجعي، صدوق اختلط في الآخر، ولم أجد ما يميز رواية سعيد بن منصور عنه. ينظر: تهذيب الكمال 8: 284، التقريب ص 194، اختلاط الرواة الثقات ص 74. وأبو عبيدة؛ هو ابن عبد الله بن مسعود، قيل: اسمه عامر، وقيل: اسمه كنيته. وهو ثقة، أخرج حديثه الجماعة، لكن الأكثر على عدم سماعه من أبيه، وجزم ابن حجر بأنه الراجح. ينظر: تهذيب الكمال 14: 61، التقريب ص 656.

الحكم على الحديث

لكن قال ابن رجب في (شرح العلل) 1: 298: "قال ابن المديني -في حديث يرويه أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه- هو منقطع، وهو حديث ثبت. قال يعقوب بن شيبة: إنما استجاز أصحابنا أن يدخلوا حديث أبي عبيدة عن أبيه في المسند -يعني في الحديث المتصل- لمعرفة أبي عبيدة بحديث أبيه، وصحتها، وأنه لم يات فيها بحديث منكر". وأخرجه الطبراني في (المعجم الكبير) 9: 260 رقم (9114) من طريق يحيى الحماني ثنا شريك، عن الأعمش، عن ذر، عن وائل بن مهانة، عن عبد الله -رضي الله عنه- قال؛ ويل واد في جهنم، من قيح. ويحيى بن عبد الحميد الحماني الكوفي. طعن فيه أحمد، واتهمه بسرقة الحديث، بل وبالكذب. ولينه أبو حاتم، وضعفه النسائي، وترك أبو زرعة الرواية عنه. وفي التقريب: حافظ، إلا أنهم اتهموه بسرقة الحديث. ينظر: تهذيب الكمال 31: 419، التقريب ص 593. وشريك، هو: ابن عبد الله القاضي، صدوق يخطىء كثيراً، كما في التقريب ص 266. ووائل بن مهانة؛ هو الكوفي، من كبار التابعن، وهو مقبول كما في التقريب ص 580. * وعن النعمان بن بشير -رضي الله عنه- قال: (الويل واد من قيح في جهنم). أورده في (الدر المنثور) 1: 434 وعزاه إلى: عبد بن حميد، وابن أبي حاتم. الحكم على الحديث: الحديث صححه ابن حبان، وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، وأقره الذهبي. وأورده ابن حجر في الفتح 1: 325 في الوضوء: باب غسل الرجلين، ولم يتكلم عليه، وهو صحيح أو حسن على شرطه الذي بينه في المقدمة (هدي الساري) ص 6. وأورده ابن كثير في تفسيره 8: 266 وقال: "فيه غرابة ونكارة". وقال في تفسير سورة المرسلات 8: 298: "وقد قدمنا في الحديث، أن ويل: واد في جهنم، ولا يصح". والذي يظهر أن الحديث من قبيل الضعيف المحتمل، والله أعلم. *****

(9)

قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ} [البقرة: 83]. (9) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (ليس المسكين الذي يطوف على الناس ترده اللقمة واللقمتان، والتمرة والتمرتان، ولكن المسكين: الذي لا يجد غنى يغنبه، ولا يفطن به فيتصدق عليه، ولا يقوم فيسأل الناس). تخريجه: أخرجه مالك في (الموطأ) في صفة النبي -صلى الله عليه وسلم-: باب ما جاء في المساكين، ومن طريقه: البخاري (1479) في الزكاة: باب قول الله تعالى: {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} [البقرة: 273]، والنسائي 5: 85 في الزكاة: باب تفسير المسكين، وأخرجه مسلم (1039) في الزكاة: باب المسكين الذي لا يجد غنى ولا يفطن له فيتصدق عليه، كلهم من طريق أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، به، بنحوه. وقد رواه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- جماعة من الرواة، ومنهم: 1 - 2 - عطاء بن يسار، وعبد الرحمن بن أبي عمرة. أخرجه البخاري (4539) في التفسير: باب تول الله تعالى: {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} [البقرة: 273]، ومسلم (1039) في الزكاة: باب المسكين الذي لا يجد غنى ولا يفطن له فيتصدق عليه، من طريق محمد بن جعفر، قال: حدثني شريك بن أبي نمر، أن عطاء ابن يسار، وعبد الرحمان بن أبي عمرة، قالا: سمعنا أبا هريرة -رضي الله عنه- يقول: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ليس المسكن الذي ترده التمرة والتمرتان، ولا اللقمة ولا اللقمتان، إنما المسكين الذي يتعفف، واقرؤوا إن شئتم، يعني قوله: {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} [البقرة: 273]. 3 - محمد بن زياد. أخرجه أحمد 2: 260، 457، 469، والبخاري (1476) في الزكاة: باب قول الله تعالى: {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} [البقرة: 273]، والدارمي رقم (1615) في الزكاة:

باب من المسكين الذي يتصدق عليه؟، من طرق عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، أنه قال: "ليس المسكن الذي ترده اللقمة واللقمتان، والكسرة والكسرتان، والتمرة والتمرتان، ولكن المسكين الذي ليس له غنى يغنيه، يستحيي أن يسأل الناس إلحافا، أو لا يسأل الناس إلحافا). واللفظ للدارمي. 4 - أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف. أخرجه أحمد 2: 260، وأبو داود (1632) في الزكاة: باب من يعطى من الصدقة، والنسائي 5: 85 في الزكاة: باب تفسير المسكين، وابن حبان في صحيحه كما في الإحسان 8: 138، كلهم من طريق معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ليس المسكين الذي ترده التمرة والتمرتان، والأكلة والأكلتان، قالوا: فمن المسكن يا رسول الله؟ قال: الذي لا يجد غنى، ولا يعلم الناس بحاجته فيتصدق عليه). قال الزهري: وذلك هو المحروم. وهذا لفظ أحمد. 5 - أبو صالح السمان. أخرجه أحمد 2: 393، وأبو داود (1631) في الزكاة: باب من يعطى من الصدقة، وابن خزيمة في صحيحه 4: 66 رقم (2363) في الزكاة: باب ذكر صفة المسلمين الذين أمر الله بإعطائهم من الصدقة، من طريق الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ليس المسكين الذي ترده الأكلة والأكلتان، أو التمرة والتمرتان، ولكن المسكين الذي لا يسال الناس شيئا، ولا يفطن بمكانه فيعطى). 6 - موسى بن يسار. أخرجه أحمد 2: 449 من طريق محمد بن إسحاق، عن موسى بن يسار، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن المسكين ليس بالذي ترده التمرة ولكن المسكين الذي لا يسال الناس، ولا يفطن له فيعطى).

فائدة

7 - أبو الوليد، مولى عمرو بن خداش. أخرجه الطيالسي 4: 125 رقم (2492)، وأحمد 2: 505، والطحاوي في (شرح معاني الآثار) 1: 27، 2: 64، من طريق ابن أبي ذئب، عن أبي الوليد، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: (ليس المسكين بالطواف عليكم أن تطعموه لقمة لقمة، إنما المسكين المتعفف الذي لا يسأل الناس إلحافا). واللفظ لأحمد. 8 - همام بن منبه. أخرجه أحمد 2: 316، والبيهقي في (السنن الكبرى) 7: 11، وغيرهما من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن همام بن منبه، قال: هذا ما حدثنا به أبو هريرة -رضي الله عنه-، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ليس المسكن هذا الطواف الذي يطوف على الناس، ترده اللقمة واللقمتان، والتمرة والتمرتان، إنما المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه ويستحي أن يسأل النَّاس، ولا يفطن له فيتصدق عليه). فائدة: ورد لفظ (المسكن) في القرآن بالجمع والإفراد، والتعريف والتنكير، في اثنين وعشرين موضعًا، وهي: سورة البقرة الآية رقم (83) (177) (184) (215)، سورة النساء الآية رقم (8) (36)، سورة المائدة الآية رقم (89) (95)، سورة الأنفال الآية رقم (41)، سورة التوبة الآية رقم (60)، سورة الإسراء الآية رقم (26)، سورة الكهف الآية رقم (79)، سورة النور الآية رقم (22)، سورة الروم الآية رقم (38)، سورة المجادلة الآية رقم (4)، سورة الحشر الآية رقم (7)، سورة القلم الآية رقم (24)، سورة الحاقة الآية رقم (34)، سورة المدثر الآية رقم (44)، سورة الفجر الآية رقم (18)، سورة البلد الآية رقم (16)، سورة الماعون الآية رقم (3). *****

(10)

قال تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (102)} [البقرة: 102]. (10) عن عبد الله بن عمر أنه سمع نبي الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إن آدم -عليه السلام- أهبطه الله تعالى إلى الأرض؛ قالت الملائكة: أي رب؛ أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء؟ ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك، قال: إني أعلم ما لا تعلمون قالوا: ربنا نحن أطوع لك من بني آدم، قال الله تعالى للملائكة: هلموا ملكين من الملاتكة حتّى بهبط بهما إلى الأرض، فننظر كيف يعملان قالوا: ربنا؛ هاروت وماروت، فأهبطا إلى الأرض، ومثلت لهما الزهرة امرأة من أحسن البشر، فجاءتهما، فسألاها نفسها، فقالت: لا والله حتى تكلما بهذه الكلمة من الإشراك، فقالا: والله لا نشرك بالله أبدا، فذهبت عنهما، ثم رجعت بصبي تحمله، فسألاها نفسها، فقالت: لا والله حتى تقتلا هذا الصبي، فقالا: والله لا نقتله أبدا، فذهبت ثم رجعت بقدح خمر تحمله فسألاها نفسها، قالت: لا ولله، حتى تشربا هذا الخمر، فشربا فسكرا، فوقعا عليها، وقتلا الصبي، فلما أفاقا قالت المرأة: والله ما تركتما شيئا مما أبيتماه علي إلا قد فعلتما حين سكرتما، فخيرا بين عذاب الدنيا والآخرة، فاختارا عذاب الدنيا). تخريج الحديث: أخرجه أحمد 2: 134 (6178) قال: حدّثنا يحيى بن أبي بكير، حدثنا زهير بن محمد، عن موسى بن جبير، عن نافع مولى عبد الله بن عمر، عن ابن عمر .. فذكره.

الحكم على الإسناد

وأخرجه: عبد بن حميد في المسند (المنتخب) 2: 32 (785)، والبزار (كشف الأستار) 3: 358 (2938)، وابن حبان كما في الإحسان 14: 63 (6186)، وابن السني في (عمل اليوم والليلة) ص 309 (657)، والبيهقي في (السنن الكبرى) 10: 4، وفي (شعب الإيمان) 1: 180. كلهم من طريق ابن أبي بكير به، بنحوه. الحكم على الإسناد: إسناده قابل للتحسين، لولا ما قيل في زهير بن محمد، وهو التميمي، فإنهم تكلموا فيه من جهتين: 1 - الطعن في رواية أهل الشام عنه، دون أهل العراق. قال ابن عدي: لعل الشاميين حيث رووا عنه؛ أخطأوا عليه، فإنه إذا حدث عنه أهل العراق؛ فرواياتهم عنه شبه المستقيم، وأرجو أنه لا بأس به. وفي التقريب: رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة، فضعف بسببها. ولم ينص على مرتبته التي تلخص حاله، كما شرطه في خطبة الكتاب. 2 - التفريق بين ما حدث من كتبه، وما حدث من حفظه. قال أبو حاتم: محله الصدق، وفى حفظه سوء، وكان حديثه بالشام أنكر من حديثه بالعراق لسوء حفظه، فما حدث من كتبه؛ فهو صالح، وما حدث من حفظه؛ ففيه أغاليط. ينظر في ترجمته: الضعفاء الكبير للعقيلي 2: 92، الجرح والتعديل 3: 589، الثقات 6: 337، الكامل في الضعفاء 3: 217، الاستذكار 1: 491، تهذيب الكمال 9: 414، الميزان 2: 84، الكاشف 1: 408، تهذيب التهذيب 3: 301، تقريب التهذيب ص 217، هدي الساري ص 423، نيل الأوطار 2: 341.

المتابعات والشواهد

فأما الجهة الأولى فلا مدخل لها هنا؛ لأن الراوي عنه عراقي، وأما الثانية فلم يتبين لي صفة روايته لهذا الحديث، من حفظه أو من كتابه؟ لكن الظاهر أنه مما حدث به من حفظه، بدليل مخالفته لغيره وخطئه، فهذا الوجه معلول -كما سيأتي بيانه، إن شاء الله-. قال البزار -كما في كشف الأستار 3: 358 - : "رواه بعضهم عن نافع، عن ابن عمر موقوفا، وإنما أتي رفع هذا عندي من زهير، لأنه لم يكن بالحافظ، على أنه قد روى عنه ابن مهدي، وابن وهب، وأبو عامر، وغيرهم". والحديث أورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 5: 68 وقال: "رواه أحمد والبزار، ورجاله رجال الصحيح، خلا موسى بن جبير، وهو ثقة". وقال ابن حجر في (فتح الباري) 10: 235 في الطب: باب السحر: "وقصة هاروت وماروت؛ جاءت بسند حسن من حديث ابن عمر، في مسند أحمد". وساقه في (العجاب في بيان الأسباب) من مسند أحمد بسنده ومتنه، ثم قال -1: 320 - : "السند على شرط الحسن". المتابعات والشواهد: (أ) المتابعات: * تابع زهير بن عمد على هذا الحديث: سعيدُ بن سلمة، أخرجه ابنُ مردويه -كما في تفسير ابن كثير 1: 354 - قال: حدثنا دعلج بن أحمد، حدثنا هشام بن علي بن هشام، حدثنا عبد الله بن رجاء، حدثنا سعيد بن سلمة، حدثنا موسى بن سرجس، عن نافع، عن ابن عمر، سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول .. فذكره بطوله.

كذا وقع في ابن كثير: (موسى بن سرجس)، والظاهر أنه محرف عن موسى بن جبير، لأن الحديث مشهور به، وقد ذكروا في ترجمة (سعيد بن سلمة) أنه يروي عن موسى بن جبير، ولم يذكروا له رواية عن موسى بن سرجس (¬1)، والله أعلم. وسعيد بن سلمة؛ ضعفه النسائي -في سننه 8: 258 - ، وفي التقريب ص 236: صدوق، صحيح الكتاب، يخطىء من حفظه. قلت: وهذا مما أخطأ فيه، كما سيتبين مما يأتي. * وتابع موسى بن جبير: معاويةُ بن صالح. أخرجه: الطبري في تفسيره 2: 347، والخطيب في (تاريخ بغداد) 8: 42، ومن طريقه: ابن الجوزي في (الموضوعات) 1: 186، والذهبي في (الميزان) 2: 236. كلهم من طريق الحسين -وهو سنيد بن داود صاحب التفسير- أخبرنا الفرج بن فضالة، عن معاوية بن صالح، عن نافع به مطولا، ولفظ الطبري مختصر. قال ابن الجوزي: "هذا حديث لا يصح، والفرج بن فضالة قد ضعفه يحيى، وقال ابن حبان (¬2): يقلب الأسانيد، ويلزق المتون الواهية بالأحاديث الصحيحة، لا يحل الاحتجاج به" وقال فيه البخاري -في (التاريخ الكبير) 7: 134 - : منكر الحديث. وهاتان المتابعتان السابقتان أوردهما ابنُ كثير في تفسيره 1: 354 وقال: "وهذان غريبان جدا، وأقرب ما يكون في هذا أنه من رواية عبد الله بن عمر، عن كعب الأحبار، لا عن النبي -صلى الله عليه وسلم-". * وتابع نافعا على هذا الوجه: سالمُ بن عبد الله. ¬

_ (¬1) ينظر: تهذيب الكمال 10: 477. (¬2) في (المجروحين) 2: 206.

النظر في الاختلاف الواقع في الحديث

أخرجه: البيهقي في (شعب الإيمان) 1: 180 من طريق محمد بن يونس بن موسى، حدثنا عبد الله بن رجاء، حدثنا سعيد بن سلمة، عن موسى بن جبير، عن موسى بن عقبة، عن سالم، عن ابن عمر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .. فذكره بطوله. ومحمد بن يونس هو الكديمي، قال فيه ابن حبان -في (المجروحن) 2: 312 - : "كان يضع على الثقات الحديث وضعًا، ولعله قد وضع أكثر من ألف حديث". وقال الدارقطني -كما في سؤالات حمزة السهمي ص 111 - : كان الكديمي يتهم بوضع الحديث. وهذا الوجه أشار إليه أبو نعيم في (الحلية) 8: 248 وقال: "غريب من حديث سالم، عن ابن عمر، مرفوعا". النظر في الاختلاف الواقع في الحديث: هذا الحديث يرويه ابن عمر -رضي الله عنهما-، واختلف عليه على أوجه: 1 - عن ابن عمر -رضي الله عنهما- مرفوعًا. وسبق الكلام عليه. 2 - عن ابن عمر -رضي الله عنهما- موقوفا عليه. ورواه عنه على هذا الوجه راويان: (أ) مجاهد بن جبر. أخرجه (سعيد بن منصور) في سننه 2: 583 (206) من طريق العوام بن حوشب، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره 1: 190 (1007) من طريق المنهال بن عمرو ويونس ابن خباب، ثلاثتهم (العوام بن حوشب، والمنهال بن عمر، ويونس بن خباب) عن مجاهد به. ولفظ ابن أبي حاتم مطول، ولفظ سعيد مختصر.

(ب) الشواهد

وهذا الوجه ساقه ابن كثير في تفسيره 1: 357 ثم قال: "وهذا إسناد جيد إلى عبد الله ابن عمر"، ثم أحال على ما سبق من روايته مرفوعا، وقال: "وهذا -يعني طريق مجاهد- أثبت وأصح إسنادًا، ثم هو -والله أعلم- من رواية ابن عمر عن كعب، كما تقدم بيانه". وصحح إسنادَ ابن أبي حاتم؛ ابنُ حجر في (العجاب) 1: 323. (ب) سعيد بن جبير. أخرجه الحاكم في (المستدرك) 4: 607 من طريق سعيد به. وقال: حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. وأورده في (الدر المنثور) 1: 511 وعزاه إلى الحاكم فقط. 3 - عن ابن عمر -رضي الله عنهما-، عن كعب الأحبار. أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 1: 53، وابن أبي شيبة في (المصنف) 7: 62 (34214)، والطبري في تفسيره 2: 343 - 344، وابن أبي حاتم في تفسيره 1: 190 (1006)، وأبو نعيم في (الحلية) 8: 248، والبيهقي في شعب الإيمان 1: 181. كلهم من طريق سفيان الثوري، عن موسى بن عقبة، عن سالم، عن ابن عمر، عن كعب. فذكره بنحوه مختصرًا. (ب) الشواهد: عن علي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لعن الله الزهرة، فإنها هي التي فتنت الملكين هاروت وماروت). أخرجه إسحاق بن راهويه -كما في (المطالب العالية) 4: 86 (3538)، و (الدر المنثور) 1: 513 - ، وابن السني في (عمل اليوم والليلة) ص 308 (654)، وابن مردويه -كما في تفسير ابن كثير 1: 355، و (الدر المنثور) 1: 513 - ، كلهم من طريق جابر الجعفي، عن أبي الطفيل، عن علي -رضي الله عنه- به بنحوه، وعند إسحاق زيادة في أوله.

فائدة

وعزاه العجلوني في (كشف الخفاء) 2: 439 إلى أبي نعيم في (عمل اليوم والليلة). وهذا سند ضعيف جدا، الجعفي: ضعيف، واتهم بالكذب. ينظر: تهذيب الكمال 4: 465. وله طريق أخرى ذكرها ابن كثير، فقال -في تفسيره 1: 355 - : "رواه الحافظ أبو بكر ابن مردويه في تفسيره، بسنده عن مغيث، عن مولاه جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن علي مرفوعًا، وهذا لا يثبت من هذا الوجه، ثم رواه من طريقين آخرين، عن جابر، عن أبي الطفيل، عن علي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لعن الله الزهرة، فإنها هي التي فتنت الملكين هاروت وماروت). وهذا أيضًا لا يصح، وهو منكر جدًا، والله أعلم". فائدة: جاء هذا المعنى عن علي -رضي الله عنه-؛ مطولًا، موقوفًا عليه. ينظر: الدر المنثور 1: 512، وصححه الحاكم في (المستدرك) 2: 265 على شرط الشيخين. قال ابن كثير في تفسيره 1: 355 - عن هذا الموقوف-: "إسناد جيد، ورجاله ثقات، وهو غريب جدًا". وقال عنه الحافظ ابن حجر في (العجاب) 1: 322: "هذا سند صحيح، وحكمه أن يكون مرفوعًا؛ لأنه لا مجال للرأي فيه، وما كان علي -رضي الله عنه- يأخذ عن أهل الكتاب". وأشار ابن حجر في (العجاب) 1: 317 إلى قصة هاروت وماروت وقال: "ورد في ذلك خبر مرفوع، رجاله موثقون، وله شواهد كثيرة". ولعله يقصد بمجموع الموقوف والمقطوع.

تنبيه

تنبيه: أشار الكتاني في (نظم المتناثر) ص 233 إلى حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- المرفوع، وما قيل فيه، ثم قال: "ووردت -أي قصة هاروت وماروت- مرفوعة أيضًا باختصار، من حديث علي -رضي الله عنه-، أخرجه ابن راهويه في مسنده، ومن حديث أبي الدرداء -رضي الله عنه-، أخرجه ابن أبي الدنيا في (ذم الدنيا) ". قلت: وما ذكره فيه أمران: 1 - حديث أبي الدرداء المشار إليه أخرجه ابن أبي الدنيا في (ذم الدنيا) ص 75 رقم (132)، ومن طريقه: البيهقي في (شعب الإيمان) 7: 339، من طريق عتبة بن أبي حكيم، أخبرنا أبو الدرداء الرهاوي، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (احذروا الدنيا فإنها أسحر من هاروت وماروت)، وهذا ليس فيه تعرض للقصة فلا يصح عده شاهدا للحديث. 2 - أن ظاهر كلامه يوهم أن راوي الحديث: أبو الدرداء عويمر الأنصاري -رضي الله عنه- الصحابي المشهور، والواقع أنه ليس كذلك، بل هو أبو الدرداء الرهاوي، وقد ذكره ابن عبد البر في (الاستغناء) 2: 1173 وقال: "أبو الدرداء الرهاوي، عن رجل من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، ليس بالمعروف،، وذكره الذهبي في (المقتنى في سرد الكنى) 1: 226 وقال: "أبو الدرداء الرهاوي، عن صحابي، وعنه: عتبة بن أبي حكيم". فتبين أن الحديث ضعيف لانقطاعه، وجهالة أبي الدرداء، وكذا عتبة بن أبي حكيم متكلم فيه. ينظر ترجمته في (تهذيب الكمال) 19: 300. الحكم على الحديث: هذا الحديث لا يصح مرفوعًا، والأظهر أنه مما أخذه ابنُ عمر عن كعب الأحبار. وسال ابنُ أبي حاتم أباه عن هذا الحديث فقال -كما في العلل 2: 69 (1699) -: "هذا حديث منكر".

وقال الإمام أحمد -كما في (المنتخب من العلل للخلال) لابن قدامة ص 296 - : "هذا منكر، إنما يروى عن كعب". وقال البيهقي في (شعب الإيمان) 1: 181 عقب إخراج الحديث مرفوعًا: "ورويناه من وجه آخر عن مجاهد، عن ابن عمر، موقوفا عليه، وهو أصح، فإن ابن عمر إنما أخذه عن كعب". ثم أخرجه من طريق ابن عمر عن كعب، وقال: "وهذا أشبه أن يكون محفوظًا". ثم أعاده 5: 292 وقال: "هذا هو الصحيح من قول كعب". وقال ابن الجوزي في (الموضوعات) 1: 186 - كما سبق-: "هذا حديث لا يصح". وقال ابن كثير في تفسيره 1: 353 - بعد أن ساق الحديث من المسند مرفوعًا-: "هذا حديث غريب من هذه الوجه .. " ثم ذكر له المتابعتين الأولين اللتن ذكرتهما في المتابعات، وقال: "وهذان أيضًا غريبان جدًا، وأقرب ما يكون في هذا أنه من رواية عبد الله بن عمر عن كعب الأحبار لا عن النبي -صلى الله عليه وسلم-". وذكر رواية سالم عن أبيه عن كعب، وقال -1: 354 - : "فهذا -يعني طريق سالم- أصح وأثبت إلى عبد الله بن عمر من الإسنادين المتقدمين، وسالم أثبت في أبيه من مولاه نافع، فدار الحديث ورجع إلى نقل كعب الأحبار عن كتب بني إسرائيل، والله أعلم". وقال 1: 360: "وقد روي في قصة هاروت وماروت عن جماعة من التابعين؛ كمجاهد، والسدي، والحسن البصري، وقتادة وأبي العالية، والزهري، والربيع بن أنس، ومقاتل بن حيان، وغيرهم، وقصها خلق من المفسرين من المتقدمين والمتأخرين، وحاصلها راجع في تفصيلها إلى أخبار بني إسرائيل، إذ ليس فيها حديث مرفوع صحيح متصل الإسناد إلى الصادق المصدوق المعصوم، الذي لا ينطق عن الهوى، وظاهر سياق

القرآن إجمال القصة، من غير بسط ولا إطناب فيها، فنحن نؤمن بما ورد في القرآن، على ما أراده الله تعالى، والله أعلم بحقيقة الحال". وأشار إلى القصة في (البداية والنهاية) 1: 83 وقال: "وقد روى الإمام أحمد وابن حبان في صحيحه في ذلك حديثا، رواه أحمد عن يحيى بن أبي بكير، عن زهير بن محمد، عن موسى بن جبير، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، -وذكر القصة بطولها .. - وقد رواه عبد الرزاق في تفسيره، عن الثوري، عن موسى بن عقبة، عن سالم، عن كعب الأحبار به، وهذا أصح وأثبت". وقابل هؤلاء: ابن حبان، فصححه مرفوعًا، حيث أخرجه في صحيحه. وتجلد الحافظ ابن حجر في الدفاع عن هذه القصة، والانتصار لتقويتها، فقال في (القول المسدد) ص 39 - بعد أن ذكر حديث ابن عمر وما قيل فيه-: "وله طرق كثيرة، جمعتها في جزء مفرد، يكاد الواقف عليه أن يقطع وقوع هذه القصة، لكثرة الطرق الواردة فيها، وقوة مخارج أكثرها، والله أعلم"، وانظر: (فيض القدير) 1: 181. وقال -في (فتح الباري) 10: 235 - : "وقصة هاروت وماروت، جاءت بسند حسن، من حديث ابن عمر، في مسند أحمد. وأطنب الطبري في إيراد طرقها، بحيث يقضى بمجموعها على أن للقصة أصلا، خلافًا لمن زعم بطلانها، كعياض ومن تبعه". وأشار في (العجاب) 1: 326 إلى ترجيح بعض الأئمة لرواية سالم عن أبيه عن كعب، على رواية نافع بالرفع، وقال: "لو لم يرد في ذلك غير هاتين الروايتين؛ لسلمت أن رواية سالم أولى من رواية نافع، لكن جاء ذلك من عدة طرق عن ابن عمر، ثم من عدة طرف عن الصحابة، ومجوع ذلك يقضي بأن للقضية أصلا أصيلا، والله أعلم". وذكر وجها للجمع بينهما، فقال 1: 326: "رواية كعب مختصرة جدًا، فيحتمل أن يكون ابن عمر استظهر برواية كعب؛ لكونها توافق ما حمله ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم-".

وقال في (العجاب) 1: 331: "طعن في هذه القصة من أصلها بعض أهل العلم ممن تقدم، وكثير من المتأخرين، وليس العجب من المتكلم والفقيه، إنما العجب ممن ينتسب إلى الحديث، كيف يطلق على خبر ورد بهذه الأسانيد القوية، مع كثرة طرقها، أو تباين أسانيدها، أنه باطل، أو نحو ذلك من العبارة مع دعواهم تقوية أحاديث غريبة، أو واردة من أوجه لكنها واهية، واحتجاجهم بها، والعمل بمقتضاها". قلت: وجرى كثير من المفسرين، وغيرهم من أهل العلم، على إنكار هذه القصة المذكورة (¬1)، وما ذكره ابن حجر جار على قواعد المتأخرين في هذا الفن، وما ذكره الأئمة المتقدمون أولى، لأنهم أعلم بهذا الشأن، ورواة الوجه المرفوع ليسوا في منزلة من يقبل تفردهم، فضلا عن مخالفة من هو أقوى منهم، وأولى بالتقديم. لكن يبقى أثر علي -رضي الله عنه- الموقوف لفظًا، المرفوع حكمًا، ونصه: (كانت الزهرة امرأة جميلة من أهل فارس، وإنها خاصمت إلى الملكين هاروت وماروت، فراوداها عن نفسها، فأبت عليهما. إِلا أن يعلماها الكلام الذي إذا تكلم به يعرج به إلى السماء، فعلماها، فعرجت إلى السماء، فمسخت كوكبا). وعند التأمل ومقارنته بحديث ابن عمر، نجد أنه لم يحصل من الملكين فعل من تلك الكبائر، غاية ما هنالك؛ أنهما راوداها عن نفسها، فأبت إِلا بشرطها، أما في حديث ابن عمر فقد وقع منهما موبقات عظيمة من شرب المُسْكرِ، والزنا بالمرأة، وقتل الصبي، بل في ظاهر الحديث ما هو أشنع من ذلك، وهو الشرك بالله، فقد جاء فيه: " .. فلما أفاقا، قالت المرأة: والله ما تركتما شيئا مما أبيتماه علي؛ إِلا قد فعلتما حين سكرتما .. " وفي أول الحديث: "فجاءتهما فسألاها نفسها، فقالت: لا والله؛ حتى تكلما بهذه الكلمة من الإشراك .. ". ¬

_ (¬1) انظر التعليق على كتاب (العجاب) 1: 332 فقد تتبع المحقق أسماء من أنكرها أو تجاهلها، مع توثيق ذلك عنهم.

فائدة

والحاصل أن القدر المذكور في حديث ابن عمر؛ باطل مرفوعًا، وغايته أن يكون مما أخذه عن كعب، والله أعلم. وأحسن ابنُ حجر حين قال -في (العجاب) 1: 343 - : "في طرق هذه القصة القوي والضعيف، ولا سبيل إلى رد الجميع، فإنه ينادي على من أطلقه بقلة الإطلاع، والإقدام على رد ما لا يعلمه، لكن الأولى أن ينظر إلى ما اختلفت فيه بالزيادة والنقص، فيؤخذ بما اجتمعت عليه، ويؤخذ من المختلف ما قوي، ويطرح ما ضعف أو ما اضطرب، فإن الاضطراب إذا بعد به الجمع بين المختلف، ولم يترجح شيء منه؛ التحق بالضعيف المردود". وهذه القصة جديرة بأن تحقق وتحرر، بأن تجمع مروياتها من المرفوع والموقوف والمقطوع، ثم ينظر في القدر التصحيح منه. فائدة: على القول بأن هاروت وماروت كانا ملكين، وقد جرى منهما ما جرى، فلا يشكل على هذا ما تقرر من عصمة الملائكة والجواب كما قال ابن كثير في تفسيره 1: 352: "الجمع بين هذا وبين ما ورد من الدلائل على عصمة الملائكة، أن هذين سبق في علم الله لهما هذا، فيكون تخصيصًا لهما، فلا تعارض حينئذ، كما سبق في علمه من أمر إبليس ما سبق، وفي قول إنه كان من الملائكة، لقوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى} [طه: 116]، إلى غير ذلك من الآيات الدالة على ذلك، مع أن شأن هاروت وماروت -على ما ذكر-، أخف مما وقع من إبليس لعنه الله تعالى". وانظر: (أحكام القرآن) لابن العربي 1: 47. *****

(11)

قال تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ} [البقرة: 116]. (11) عن أبي سعيد -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل حرف من القرآن يذكر فيه القنوت، فهو الطاعة). تخريجه: أخرجه أحمد 3: 75 (11711) قال: حدثنا حسن، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا دراج، عن أبي الهيثم عن أبي سعيد فذكره. وأخرجه أبو يعلى 2: 522 (1379)، والطبري في تفسيره 5: 400 كلاهما من طريق ابن لهيعة به. وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيىر ص 213: 1 (1128)، و2: 648 (3492)، وابن حبان في صحيحه -كما في الإحسان 2: 7 (309) -، والطبراني في الأوسط 5: 234 (5181)، وأبو نعيم في (الحلية) 8: 325 كلهم من طريق عمرو بن الحارث، عن دراج، به بنحوه. وقال الطبراني عقبه: "لم يرو هذا الحديث عن أبي سعيد؛ إِلا بهذا الإسناد"، وهو متعقب برواية ابن لهيعة. وعزاه في (الدر المنثور) 1: 572 إلى: عبد بن حميد، وابن المنذر، وأبي نصر السجزي في (الإبانة)، والضياء في المختارة، ولم أجده فيه. الحكم على الإسناد: إسناد ضعيف، لضعف ابن لهيعة، وما قيل في رواية دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد -رضي الله عنه-، وهذه منها، وسبق هذا الطريق في الحديث الثامن.

المتابعات الشواهد

المتابعات الشواهد: (أ) المتابعات: تابع ابنَ لهيعة: عمرو بن الحارث، كما سبق في تخريج الحديث، لكن تبقى رواية دراج عن أبي الهيثم، فلم أجد من تابع دراجا عليه. (ب) الشواهد: لم أقف على شاهد لهذا الحديث، والله أعلم. الحكم على الحديث: حديث ضعيف. قال ابن كثير في تفسيره -1: 398 بعد أن ساقه بسند ابن أبي حاتم-: "في هذا الإسناد ضعف لا يعتمد عليه، ورفع هذا الحديث منكر، وقد يكون من كلام الصحابي، أو من دونه، والله أعلم، وكثيرا ما يأتي بهذا الإسناد تفاسير فيها نكارة، فلا يغتر بها، فإن السند ضعيف، والله أعلم". وقال الهيثمي -في (مجمع الزوائد) 6: 325 - : "رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني في الأوسط، وفي إسناد أحمد وأبي يعلى: ابن لهيعة، وهو ضعيف". وهذا المعنى متقرر في اللغة، قال ابن فارس في (معجم مقاييس اللغة) 5: 31 مادة (قنت): "القاف والنون والتاء؛ أصل صحيح يدل على طاعة وخير في دين، لا يعدو هذا الباب، والأصل فيه الطاعة". *****

(12)

قال تعالى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [البقرة: 121]. (12) عن ابن عمر -رضي الله عنهما-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قول الله تعالى: {يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ} قال: (يتبعونه حق اتباعه). تخريجه: أخرجه الخطيب في (اقتضاء العلم العمل) ص 76 (118) قال: أخبرنا القاضي أبو محمد يوسف بن رباح بن علي البصري، ثنا أبو عبد الله محمد بن المحسن بن الحسن الأزدي بمصر، قال: أنا العباس بن أحمد الخواتيمي بطرسوس، ثنا العباس بن الفضل الأرسوفي، ثنا أحمد بن عبد العزيز، ثنا نصر بن عيسى، ثنا مالك بن أنس، عن نافع، عن ابن عمر .. فذكره. وعزاه في (الدر المنثور) 1: 577 إلى الخطيب في (الرواة عن مالك). الحكم على الإسناد: إسناد ضعيف، وقد أورده الذهبي وابن حجر في ترجمة (نصر بن عيسى)، وعقبا عليه بقول الخطيب: في إسناده غير واحد من المجهولين. ينظر: الميزان 4: 253، اللسان 6: 253. وقال السيوطي في (الدر المنثور) 1: 577: (وأخرج الخطيب في (كتاب الرواة عن مالك)، بسند فيه مجاهيل .. " وذكره. المتابعات الشواهد: قال العراقي في (ذيل ميزان الاعتدال) ص 193 - في ترجمة (إسماعيل بن عباد الأرسوفي): "روى عن زكريا بن نافع الأرسوفي، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: {يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ} قال: يتبعونه حق اتباعه. رواه عنه أبو المؤمل القاسم ابن الفضيل الكتاني. قال الدارقطني في غرائب مالك: باطل، وإسماعيل ضعيف". وهكذا ذكر الحافظ في ترجمة (إسماعيل) في اللسان 1: 529.

الحكم على الحديث

الحكم على الحديث: الحديث ضعيف. وأورده القرطبي في تفسيره 2: 66 وقال: "في إسناده غير واحد من المجهولين، -فيما ذكر الخطيب أبو بكر أحمد- إِلَّا أن معناه صحيح". *****

(13)

قال تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} [البقرة: 124]. (13) عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: {لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}، قال: (لا طاعة إِلا في المعروف). تخريجه: أخرجه الحافظ أبو بكر بن مردويه -كما في تفسير ابن كثير 1: 411 - قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن حامد، أخبرنا أحمد بن عبد الله بن سعيد الأسدي، حدثنا سليم ابن سعيد الدامغاني، أخبرنا وكيع، عن الأعمش، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن علي -رضي الله عنه- فذكره. وذكره السيوطي في (الدر المنثور) 1: 617 وعز اه إلى وكيع، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: إسناد ضعيف، لجهالة الأسدي وشيخه. وضعف هذا السند: السيوطيُ في (الإتقان) 2: 479. المتابعات والشواهد: (أ) المتابعات: تابع الدامغاني على هذا الحديث، كل من: 1 - أحمد بن حنبل، فأخرجه في (المسند) 1: 124 (1081). 3 - محمد بن عبد الله بن نمير. 3 - وزهير بن حرب. 4 - أبو سعيد الأشج. أخرجها مسلم (1845) في الإمارة: باب وجوب طاعة الأمراء في غيى معصية، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، وزهير بن حرب، وأبو سعيد الأشج.

الحكم على الحديث

5 - أبو بكر بن أي شيبة. أخرجه في المصنف 6: 543 (33706)، وعنه: مسلم في صحيحه -في الموضع السابق-. 6 - عبيد الله بن عمر القواريري. أخرجه أبو يعلى 1: 309 (378) عنه. ستتهم: (أحمد بن حنبل، ومحمد بن عبد الله بن نمير، وزهير بن حرب، وأبو سعيد الأشج، وأبو بكر بن أبي شيبة، والقواريري) عن وكيع به، بلفظ: عن علي -رضي الله عنه- قال: بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سرية، واستعمل عليهم رجلا من الأنصار، وأمرهم أن يسمعوا له ويطيعوا، فأغضبوه في شيء، فقال: اجمعوا لي حطبا، فجمعوا له، ثم قال: أوقدوا نارًا، فأوقدوا، ثم قال: ألم يأمركم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن تسمعوا لي وتطيعوا؟ قالوا: بلى، قال: فادخلوها، قال: فنظر بعضهم إلى بعض، فقالوا: إنما فررنا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من النار، فكانوا كذلك، وسكن غضبه، وطفئت النار، فلما رجعوا، ذكروا ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: (لو دخلوها ما خرجوا منها، إنما الطاعة في المعروف). وليس فيه ذكر الآية. وأخرجه البخاري (4340) في المغازي: باب سرية عبد الله بن حذافة السهمي، عن مسدد حدثنا عبد الواحد -هو ابن زياد- حدثنا الأعمش، به، بنحوه. وليس فيه ذكر الآية أيضًا. فالراجح -دون تردد- تقديم أولئك الجماعة الحفاظ الأئمة وأن المحفوظ فيه هو بالسياق المذكور في الصحيحين. الحكم على الحديث: ضعيف بهذا السياق، والمحفوظ فيه ما سبق. لكن يشكل على هذا عزو السيوطي لهذا الحديث إلى وكيع في تفسيره، والسند من وكيع فما بعده على شرط الشيخن، وليس كتابه بين أيدينا حتى ننظر في سياقه ولفظه، والظاهر أن صنيع السيوطي فيه تساهل، بدلالة ما سبق، ويكون عزوه له باعتبار أصل الحديث، أو النظر إلى اتحاد مخرج الحديث، والله أعلم.

فائدة

فائدة: التفسير المذكور في الحديث لهذه الآية الكريمة، شاهد لتفسير العهد في الآية بالطاعة، وهو مروي عن ابن عباس -رضي الله عنه-، وقيل: المراد به الإمامة، وهو مروي عن ابن عباس -رضي الله عنه- أيضًا. يراجع تفسير الآية في كتب التفسير، ومنها: تفسير الطبري 2: 511، وتفسير ابن كثير 1: 41. *****

(14)

قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143]. (14) عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يدعى نوح يوم القيامة فيقول: لبيك وسعديك يارب، فيقول: هل بلغت؟ فيقول: نعم، فيقال لأمته: هل بلغكم؟ فيقولون: ما أتانا من نذبر، فيقول: من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته فتشهدون أنه قد بلغ، ويكون الرسول عليكم شهيدًا، فذلك قوله جل ذكره {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} والوسط: العدل). تخريجه: أخرجه البخاري (4487) في تفسير القرآن: باب قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}، و (3339) في أحاديث الأنبياء: باب قول الله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ}، و (7349) في الاعتصام بالكتاب والسنة: باب قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}، والترمذي (2961) في تفسير القرآن: باب ومن سورة البقرة، وابن ماجه (4284) في الزهد: باب صفة أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-، وأحمد 3: 9، 32، 32. 58. كلهم من طريق الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-. ولفظ الترمذي، وأحمد -في الموضعين الأولين- مختصر، ولفظ ابن ماجه ليس فيه موضع الشاهد. فائدة: قال الحافظ في الفتح 8: 22: "قوله: (والوسط العدل) هو مرفوع من نفس الخبر، وليس بمدرج من قول بعض الرواة كما وهم فيه بعضهم". قلت: ولفظه عند البخاريّ (7349): "عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-؛ قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يجاء بنوح يوم القيامة، فيقال له: هل بلغت؟ فيقول: نعم يارب، فتسأل أمته:

هل بلغكم؟ فيقولون: ما جاءنا من نذير، فيقول: من شهودك؟ فيقول: محمد وأمته، فيجاء بكم فتشهدون، ثم قرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: 143] قال: عدلا {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143] ". *****

(15)

قال تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ} [البقرة: 152]. (15) عن ابن عباس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ({فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} يقول: اذكروني يا معاشر العباد بطاعتي؛ أذكركم بمغفرتي). تخريجه: عزاه السيوطي في (الدر المنثور) 2: 37 إلى أبي الشيخ، والديلمي، من طريق جويبر، عن الضحاك، عن ابن عباس -رضي الله عنهما-. الحكم على الإسناد: ضعيف جدا. فيه جويبر بن سعيد الأزدي، أبو القاسم البلخي، ضعيف جدًا. ينظر: الضعفاء الكبير للعقيلي 1: 205، الجرح والتعديل 2: 540، المجروحين 1: 217، الكامل 2: 121، تهذيب الكمال 5: 167، تهذيب التهذيب 2: 106، تقريب التهذيب ص 143. والضحاك هو ابن مزاحم الهلالي، أبو القاسم -ويقال: أبو محمد- الخراساني. نص الأئمة: عبد الملك بن ميسرة، وشعبة، وأبو زرعة، وابن حبان، والدارقطني، وغيرهم أنه لم يسمع من ابن عباس -رضي الله عنه-. بل أخرج ابن سعد في (الطبقات) 6: 301، وابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل) 4: 458 وفي (المراسيل) ص 94 رقم (338)، من طريق شعبة، عن مشاش، قال: قلت للضحاك: سمعت من ابن عباس شيئا؟ قال: لا، قلت: رأيته؟ قال: لا. وما جاء عن أبي جناب الكلبي، عن الضحاك قال: جاورت ابن عباس سبع سنين. فقد أجاب عنه الذهبي فقال: أبو جناب ليس بقوي، والأول أصح، وذكر مثله العلائي في (جامع التحصيل). وقال ابن حبان: "لقي جماعة من التابعين، ولم يشافه أحدا من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومن زعم أنه لقي ابن عباس فقد وهم".

فائدة

وقال فيه ابن عدي: عرف بالتفسير، فأمَّا رواياته عن ابن عباس، وأبي هريرة، وجميع من روى عنه، ففي ذلك كله نظر، وإنما اشتهر بالتفسير. قلت: وفي عبارة ابن عدي ملحظ دقيق في التفريق بين رأي الشخص وروايته، فينبغي أن يفرق فيمن اشتهر بالتفسير، وسطع فيه نجمه، مع جرحه من أئمة الجرح والتعديل؛ يفرق بين قوله ومنقوله. ينظر: (الطبقات) لابن سعد 6: 301، (الضعفاء الكبير) للعقيلي 2: 218، (الجرح والتعديل) 4: 458، (المراسيل) لابن أبي حاتم ص 94، الثقات لابن حبان 6: 480، الكامل 4: 95، تهذيب الكمال 13: 291، السير 4: 598، جامع التحصيل ص 199، تهذيب التهذيب 4: 397، التقريب ص 280. قال الخليلي في (الإرشاد) 1: 391: "وهذه التفاسير لكتاب الله الطوال، التي أسندوها إلى ابن عباس؛ غير مرضية، ورواتها مجاهيل، كتفسير جويبر، عن الضحاك، عن ابن عباس .. ". فائدة: جاء هذا المتن عن الفضيل بن عياض -رحمه الله-، أخرجه سعيد بن منصور في سننه (2: 630 - التفسير) رقم (229) قال: سمعت فضيلا يقول في قوله: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [البقرة: 152] قال: "اذكروني بطاعتي؛ أذكركم بمغفرتي". وأخرجه البيهقي في (شعب الإيمان) 1: 453 من طريق سعيد بن منصور. *****

(16)

قال تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156)} [البقرة: 155 - 156]. (16) عن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: انقطع قبال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فاسترجع، فقالوا: أمصيبة يا رسول الله؟! قال: (ما أصاب المؤمن مما يكره فهو مصيبة). تخريجه: أخرجه الطبراني في الكبير 8: 203 (7824) قال: حدثنا يحيى بن أيوب، ثنا سعيد بن أي مريم، أنا يحيى، عن عبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة .. فذكره. الحكم على الإسناد: إسناد ضعيف. فيه عبيد الله بن زحر الضمري مولاهم الإفريقي. (بخ 4) قال ابن معين: ليس بشيء، وفي رواية: كل حديثه عندي ضعيف. وقال ابن المديني: منكر الحديث. وقال أبو حاتم: لين الحديث. وقال ابن حبان: منكر الحديث جدًا، يروي الموضوعات عن الأثبات، وإذا روى عن علي بن يزيد أتى بالطامات، وإذا اجتمع في إسناد خبر: عبيد الله بن زحر، وعلي بن يزيد، والقاسم أبو عبد الرحمن، لا يكون متن ذلك الخبر إِلا ما عملته أيديهم، فلا يحل الاحتجاج بهذه الصحيفة. وذكره العقيلي في الضعفاء الكبير. وضعفه الدارقطني وقال: عن علي بن يزيد نسخة باطلة. وقال الذهبي: فيه اختلاف، وله مناكير. واختلف فيه قول أحمد، فنقل ابن أبي حاتم عن حرب بن إسماعيل قال: قلت لأحمد بن حنبل: عبيد الله بن زحر؟ فضعفه، وقال أبو داود: سمعت أحمد يقول: عبيد الله بن زحر ثقة. وقال أبو زرعةذ: لا بأس به صدوق. ونقل الترمذي عن البخاري توثيقه.

المتابعات والشواهد

وقال الحافظ: صدوق يخطىء. ينظر: التاريخ الكبير 5: 382، الجرح والتعديل 5: 315، جامع الترمذي 5: 72 في الاستئذان: باب ما جاء في المصافحة (2731)، الضعفاء الكبير للعقيلي 3: 120، الكامل 4: 324، الضعفاء والمتروكون للدارقطني ص 166، المجروحين 2: 62، تهذيب الكمال 19: 36، الكاشف 1: 680، الميزان 3: 6، التهذيب 4: 11، التقريب ص 371. وعلي بن يزيد؛ هو ابن أبي هلال الألهاني، ويقال: الهلالي، أبو عبد الملك، ويقال: أبو الحسن الشامي الدمشقي. (ت ق) قال ابن معين: علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة؛ هي ضعاف كلها. وقال يعقوب: واهي الحديث، كثير المنكرات. وقال البخاري: منكر الحديث، ضعيف. وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث، أحاديثه منكرة. وقال النسائي: متروك الحديث. وقال ابن حبان: منكر الحديث جدًا، يجب التنكب عن روايته. وقال الذهبي: ضعفه جماعة ولم يترك. وقال الحافظ: ضعيف. ينظر: التاريخ الكبير 6: 301، الضعفاء الصغير للبخاري ص 86 الجرح والتعديل 6: 208، كتاب الضعفاء والمتروكين للنسائي ص 217، الضعفاء الكبير للعقيلي 3: 254، كتاب الضعفاء والمتروكين للدارقطني ص 193، كتاب المجروحين 2: 110، تهذبب الكمال 21: 178، الكاشف 2: 49، الميزان 3: 161، التهذيب 4: 249، التقريب ص 406. والحديث أورده الهيثمي في: (مجمع الزوائد) 2: 331 وقال: "رواه الطبراني بإسناد ضعيف". المتابعات والشواهد: (أ) المتابعات: أخرج الطبراني في الكبير 8: 132 (7600)، وفي (مسند الشامين) 4: 321 (3435)، من طريق العلاء بن كثير، عن مكحول، عن أبي أمامة -رضي الله عنه-؛ قال: خرجنا مع

(ب) الشواهد

رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فانقطع شسع النبي -صلى الله عليه وسلم-، ففال: (إنا لله وإنا إليه راجعون)، فقال له رجل: هذا الشسع! فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إنها مصيبة). وعزاه في (الدر المنثور) 2: 79 إلى سمويه في فوائده. والعلاء بن كثير، هو: الليثي، متروك، ورماه بعضهم بالوضع. ينظر: تهذيب الكمال 22: 535، التقريب ص 436. والحديث -من هذا الوجه- أورده الهيثمي في: (مجمع الزوائد) 2: 331 وقال: "رواه الطبراني في الكبير، وفيه: العلاء بن كثير، وهو متروك". وقال ابن حجر -كما في الفتوحات الربانية) 4: 29 - : "حديث غريب .. وسنده ضعيف". (ب) الشواهد: يشهد لهذا الحديث ما يلي: 1 - عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا انقطع شسع أحدكم فليسترجع، فإنها من المصائب). أخرجه مسدد في مسنده -كما في المطالب العالية 4: 17 (3374) -، وهناد بن السري في (الزهد) 1: 246 (424)، والبزار في مسنده (البحر الزخار) 8: 400 (3475) -في أثناء مسند شداد بن أوس -رضي الله عنه-، وابن حبان في (المجروحين) 3: 122، وابن السني في (عمل اليوم والليلة) ص 171 (352)، وابن عدي في (الكامل) 7: 204، وأبو نعيم في (ذكر أخبار أصبهان) 1: 183، والبيهقي في (شعب الإيمان) 7: 117، كلهم من طريق يحيى بن عبيد الله، عن أبيه عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. ويحيى بن عبيد الله، هو: التيمي، متروك. ينظر: التقريب ص 594.

وقال ابن حجر -كما في الفتوحات الربانية 4: 28 - : "حديث غريب، في سنده من ضعف". وضعف إسناده السيوطيُ في (الدر المنثور) 2: 78. 2 - عن شداد بن أوس -صلى الله عليه وسلم-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا انقطع شسع أحدكم فليسترجع، فإنها من المصائب). أخرجه البزار في مسنده (البحر الزخار) 8: 455 (3476) من طريق خارجة بن مُصْعَب، قال: نا خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث الصنعاني، عن شداد بن أوس -رضي الله عنه-. وأخرجه الطبراني في الكبير 7: 280 (7137) من هذا الطريق نفسه، لكن لفظه: "إذا انقطع شسع أحدكم، فلا يمشي في نعل واحدة". وخارجة بن مُصْعَب هو: السرخسي، متروك، وكذبه ابن معين. ينظر: تهذيب الكمال 8: 16، التقريب ص 186. وذكر الحديث: الهيثميُ في (مجمع الزوائد) 2: 331 وقال: "رواه البزار، وفيه خارجة ابن مُصْعَب، وهو متروك". 3 - عن أب إدريس الخولاني قال: بينما النبي -صلى الله عليه وسلم- يمشي هو وأصحابه، إذا انقطع شسعه، فقال: (إنا لله وإنا إليه رإجعون)، قالوا: أومصيبة هذه؟! قال: "نعم، كل شيء ساء المؤمن فهو مصيبة). أخرجه ابن السني في (عمل اليوم والليلة) ص 172 (353) قال: أخبرنا الحسين بن عبد الله القطان، ثنا هشام بن عمار، ثنا صدقة، ثنا زيد بن واقد، عن بشر بن عبيد الله، عن أبي إدريس الخولاني .. فذكره. وعزاه ابن حجر -كما في الفتوحات الربنانية 4: 28 - إلى فوائد هشام بن عمار، وقال: "رجال إسناده من رواة الصحيح".

قلت: والسند من هشام فمن بعده، على شرط البخاريّ. وأبو إدريس الخولاني هو: عائذ الله بن عبد الله، ولد في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم حنين، وسمع من كبار الصحابة، ومات سنة ثمانين. ينظر: التقريب ص 289. قلت: فيكون من كبار التابعين، ولهم مزية على غيرهم في قبول مراسيلهم، إذا انضاف إليها قرائن أخرى، كما قرر ذلك الإمام الشافعي فى (الرسالة) ص 461 - 463. 4 - عن شهر بن حوشب، رفعه قال: (من انقطع شسعه، فليقل: إنا لله وإنا إليه راجعون، فإنها مصيبة). أورده السيوطي في (الدر المنثور) 2: 78 وعزاه إلى: ابن أبي الدنيا في (العزاء). وشهر بن حوشب: صدوق، كثير الإرسال والأوهام، من أوساط التابعين، مات سنة 100 هـ ينظر: التقريب ص 269. 5 - عن عكرمة قال: طفىء سراج النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: (إنا لله وإنا إليه راجعون) فقيل: يا رسول الله، أمصيبة هي؟! قال: (نعم، وكل ما يؤذي المؤمن فهو مصيبة له وأجر). أورده السيوطي في (الدر المنثور) 2: 79 وعزاه إلى: عبد بن حميد، وابن أبي الدنيا في العزاء. وهذا مرسل أيضًا، وعكرمة: هو مولى ابن عباس، ثقة ثبت، من أوساط التابعين. ينظر: التقريب ص 397. 6 - عن عبد العزيز بن أبي رواد قال: بلغني أن المصباح طفىء، فاسترجع النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (كل ما ساءك مصيبة). أورده السيوطي في (الدر المنثور) 2: 79 وعزاه إلى: ابن أبي الدنيا. قلت: وهذا معضل، فإن ابن أبي رواد من أتباع التابعين، مات سنة 159 هـ. ينظر: التقريب ص 357.

الحكم على الحديث

الحكم على الحديث: الحديث بمجموع ما سبق يترقى إلى الحسن، وأتوى ما فيه: مرسل أبي إدريس الخولاني، وقد عضده ما جاء عن عبد الله بن خليفة قال: كنت مع عمر -رضي الله عنه- في جنازة فانقطع شسعه، فاسترجع، ثم قال: (كل ما ساءك مصيبة). أخرجه ابن أبي شيبة في (المصنف) 5: 336، وهناد في (الزهد) 1: 245 (423)، والبيهقي في (شعب الإيمان) 7: 117 من طرق عن أبي إسحاق السبيعي، عن عبد الله بن خليفة، به. وعزاه في (الدر المنثور) 2: 78 إلى ابن المنذر، وعبد بن حميد. وقال ابن حجر عن هذا الأثر الموقوف -كما في الفتوحات الربانية 4: 29 - : (وسند هذا الموقوف؛ صحيح". قلت: وعبد الله بن خليفة هو: الهمداني الكوفي، ذكره ابن حبان في (الثقات)، وقال الذهبي: لا يكاد يعرف، وفي التقريب: مقبول. ينظر: الثقات 5: 28، تهذيب الكمال 14: 456، الميزان 2: 414، التقريب ص 301. وأخرجه ابن أبي شيبة في (المصنف) 5: 336 من طريق أخرى، فقال: حدثنا عبيد الله ابن موسى، قال: أخبرنا شيبان، عن منصور، عن مجاهد، عن سعيد بن المسيب، قال: انقطع قبال نعل عمر -رضي الله عنه-؛ فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، فقالوا: يا أمير المؤمنين، أفي قبال نعلك؟! قال: نعم، كل شيء أصاب المؤمن يكرهه، فهو مصيبة. وهذا سند صحيح، وسعيد وإن كان ولد في خلافة عمر -رضي الله عنه-، إِلا أن العلماء قبلوا روايته عنه، لعنايته وتتبعه لذلك. سئل الإمام مالك -كما في (تهذيب الكمال) 11: 74 - عن سعيد بن المسيب، قيل: أدرك عمر؟ قال: لا، ولكنه ولد في زمان عمر، فلما كبر أكب على المسألةُ عن شأنه وأمره، حتى كأنه رآه.

فائدة

وقال الإمام أحمد -كما في الجرح والتعديل 4: 60 - : هو عندنا حجة، قد رأى عمر -رضي الله عنه-؛ وسمع منه، إذا لم يقبل سعيد عن عمر، فمن يقبل؟!. وقال ابن أبي حاتم في (كتاب المراسيل) ص 71 (248)؛ (سمعت أبي يقول: سعيد بن المسيب عن عمر، مرسل؛ يدخل في المسند على المجاز". وقال ابن حجر -في (تغليق التعليق) 2: 475 - "وقد صح سماع ابن المسيب، عن عمر". ويعضد ما سبق أيضًا: ما أخرجه ابن أبي شيبة في (المصنف) 5: 336 قال: حدثنا أبو أسامة، قال: حدثنا سفيان، عن دينار التمار، عن عون بن عبد الله، قال: كان عبد الله -رضي الله عنه- يمشي مع أصحابه ذات يوم، فانقطع شسع نعله، فاسترجع، فقال له بعض القوم: يا أبا عبد الرحمن تسترجع على سير؟! قال: ما بي إِلا أن تكون السيور كثير، ولكنها مصيبة. وعزاه في (الدر المنثور) 2: 78 إلى ابن أبي الدنيا أيضًا. وعون بن عبد الله، هو: ابن عتبة الهذلي، الكوفي. قال الترمذي في جامعه رقم (1270): "عون بن عبد الله، لم يدرك ابن مسعود". فيعتضد المرسل -ومُرسِله من كبار التابعين-، بالموقوف، ويترقى الحديث إلى الحسن، والله أعلم. فائدة: قال ابن الأثير في (النهاية) 2: 472 مادة (شسع): "الشِسعُ: أحَدُ سُيور النَّعل، وهو الذي يُدخَل بين الأصبعين، وُيدخل طرَفُه في الثّقب الذي في صَدر النَّعل المشدودِ في الزِّمام". *****

(17)

قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} [البقرة: 159]. (17) عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- قال: كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في جنازة، فجلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: (إن الكافر يضرب ضربة بين عينيه، فيسمعه كل دابة غير الثقلين، فتلعنه كل دابة سمعت صوته، فدلك قول الله عز وجل: {أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ}، يعني: دواب الأرض). تخريجه: أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره 1: 269 (1444)، قال: حدثنا الحسن بن عرفة، ثنا عمار بن محمد، عن ليث بن أبي سليم، عن المنهال بن عمرو، عن زاذان أبي عمر، عن البراء ابن عازب -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه ابن ماجه في الفتن: باب العقوبات (4021) عن محمد بن الصباح، حدثنا عمار بن محمد، به مختصرًا. وعزاه في (الدر المنثور) 2: 101 إلى ابن المنذر. الحكم على الإسناد: ضعيف، لحال ليث، وهو ابن أبي سليم بن زنيم القرشي، مولاهم أبو بكر، ويقال: أبو بكير الكوفي (خت م 4). واسم أبي سليم: أيمن، ويقال: أنس، ويقال: زياد، ويقال: عيسى. قال أحمد: مضطرب الحديث. وقال أبو حاتم: ليث أحب إلي من يزيد -يعني ابن أبي زياد- كان أبرأ ساحة، وكان ضعيف الحديث. وقال ابن معين: ضعيف، إِلا أنه يكتب حديثه. وقال: كان يحيى بن سعيد لا يحدث عنه. وضعفه ابن عبينة، وابن سعد، والدارقطني. قال الترمذي في جامعه -عقب الحديث رقم (2801) -: "قال محمد بن إسماعيل: ليث بن أبي سليم؛ صدوق، وربما يهم في الشيء. قال محمد بن إسماعيل: وقال أحمد بن حنبل: ليث لا يفرح بحديثه، كان ليث يرفع أشياء لا يرنعها غيره، فلذلك ضعفوه".

وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي وأبا زرعة يقولان: ليث لا يشتغل به، هو مضطرب الحديث. قال: وقال أبو زرعة: ليث بن أبي سليم؛ لين الحديث لا تقوم به الحجة عند أهل العلم بالحديث. وقال ابن عدي: له أحاديث صالحة، وقد روى عنه شعبة والثوري وغيرهما من ثقات النَّاس، ومع الضعف الذي فيه يكتب حديثه. وقال الدارقطني: صاحب سنة يخرج حديثه، ثم قال: إنما أنكروا عليه الجمع بين عطاء وطاووس ومجاهد حسب. وقال ابن حبان: اختلط في آخر عمره، حتى كان لا يدري ما يحدث به، فكان يقلب الأسانيد، ويرفع المراسيل، ويأتي عن الثقات بما ليس من حديثهم. وقال البزار: كان أحد العباد، إِلا أنه أصابه اختلاط؛ فاضطرب حديثه، وإنما تكلم فيه أهل العلم بهذا، وإلا فلا نعلم أحدا ترك حديثه. وقال يعقوب بن شيبة: هو صدوق، ضعيف الحديث. وقال الساجي: صدوق، فيه ضعف، كان سيء الحفظ كثير الغلط. وقال الذهبي -في الكاشف-: فيه ضعف يسير من سوء حفظه. وقال -في السير-: "بعض الأئمة يحسن لليث، ولا يبلغ حديثه مرتبة الحسن، بل عداده في مرتبة الضعيف المقارب، فيروى في الشواهد والاعتبار، وفي الرغائب والفضائل، أما في الواجبات فلا". وفي التقريب: صدوق اختلط جدا، ولم يتميز حديثه؛ فترك. قلت: ومما سبق يتبين أن ليثًا ضعيف، وليس ضعفه بالشديد، بل هو ممن يعتبر بحديثه، فلا يحتج به، ولا يسقط بالكلية، وضعفه ناتج من جهة سوء الحفظ، لا من جهة العدالة، ومن صور هذا الضعف: رفع الموقوفات، ووصل المراسيل، والجمع بين الرواة في سياق واحد دون تمييز حديث بعضهم من بعض -كما أشار إليه الدارقطني-، وليس هو ممن يحتمل تفرده، فضلا عن مخالفته.

ومما يقوي أمره رواية شعبة عنه، وهو معروف بتحريه وتثبته ومعدود فيمن لا يروي إِلا عن ثقة. قال ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل) 4: 361: "سئل أبي عن شهاب الذي روى عن عمرو بن مرة؟، فقال: شيخ يرضاه شعبة بروايته عنه، يحتاج أن يسأل عنه! ". وقال ابن عبد الهادي في (الصارم المنكي) ص 81: "لو روى شعبة خبرا عن شيخ له، لم يعرف بعدالة ولا جرح، عن تابعي ثقة، عن صحابي، كان لقائل أن يقول: هو خبر جيد الإسناد، فإن رواية شعبة عن الشيخ مما يقوي أمره" (¬1). لكن يرد عليه هنا؛ ما أخرجه العجلي في (معرفة الثقات) 2: 231، والعقيلي في (الضعفاء الكبير) 4: 15، وابن أبي حاتم في (تقدمة الجرح والتعديل) ص 151؛ أن ليثَ ابن أبي سليم؛ حدث يوما، قال: سألت القاسم، وعطاء، وطاووسا، وذكر غيرهم، فقال له شعبة: أين اجتمع لك هؤلاء؟! قال: في عرس أمك. زاد العقيلي: قال قبيصة -الراوي عن شعبة-: فقال رجل -كان جالسا لسفيان-: فما زال شعبة متقيا لليث من يومئذ. وعقب ابن أبي حاتم على هذه الحكاية، فقال: "فقد دل سؤال شعبة لليث بن أبى سليم؛ عن اجتماع هؤلاء الثلاثة له في مسألة، كالمنكر عليه". ينظر: الطبقات الكبرى 6: 349، الضعفاء الكبير 4: 14، الجرح والتعديل 7: 177، المجروحين 2: 231، الكامل 6: 87 تهذيب الكمال 24: 279، الميزان 3: 425، السير 6: 179، المغني في الضعفاء 2: 536، الكاشف 2: 151، جامع التحصيل ص 261، تهذيب التهذيب 8: 417، التقريب ص 464. وقال البوصيري -في (مصباح الزجاجة) 4: 187 - : "هذا إسناد ضعيف، لضعف ليث أبي سليم". ¬

_ (¬1) استفدت هذا النقل، والذي قبله من كتاب (تحرير علوم الحديث) للشيخ/ عبد الله الجديع، 1: 308، 309.

المتابعات والشواهد

المتابعات والشواهد: وقفت على شاهد للحديث من رواية ابن عباس -رضي الله عنهما-، أورده السيوطي في (الدر المنثور) 6: 133، وعزاه إلى ابن مردويه، بسند ضعيف. والحديث طويل جدًا، يقع في خمس صفحات، والشاهد منه: " .. ويضربانه ضربة بمطرقة الحديد، فلا يبقى منه عضو إِلا وقع على حدة فيصيح عند ذلك صيحة، فما خلق الله من شيء ملك أو غيره، إِلا يسمعها، إِلا الجن والإنس، فيلعنونه عند ذلك لعنة واحدة وهو قوله تعالى: {أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} ... ". والمعنى في هذا الشاهد في تفسير قوله تعالى: {وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} أعم من الحديث المذكور، لأنه يدخل الملائكة، وكل شيء سوى الثقلين، وانظر ما ذكره الإمام الطبري في هذه الآية. الحكم على الحديث: الحديث ضعيف. وقال ابن أبي حاتم -في (تقدمة الجرح والتعديل) ص 158 - : "نا علي بن الحسن الهسنجاني، نا أحمد -يعنى ابن حنبل- نا يحيى، قال: كان شعبة يضعف حديث أي بشر، عن مجاهد، قال: وحديث الطير، -هو حديث المنهال-. قال أبو محمد -هو المصنِّف-: يعنى حديث المنهال، عن زاذان، عن البراء: خرجنا مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- في جنازة رجل من الأنصار، فجلس وجلسنا، كأنما على رؤوسنا الطير". *****

(18)

قال تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} [البقرة: 187]. (18) عن عدي بن حاتم -رضي الله عنه- قال: لما نزلت: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} عمدت إلى عقال أسود، والى عقال أبيض، فجعلتهما تحت وسادتي، فجعلت أنظر في الليل، فلا يستبين لي، فغدوت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فذكرت له ذلك، فقال: "إنما ذلك سواد الليل، وبياض النهار). تخريجه: أخرجه البخاري (1916) في الصوم: باب قول الله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ ...}، و (4509) (4510) في تفسير القرآن: باب قوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ ...}، ومسلم (1090) في الصيام: باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر، وأبو داود (2349) في الصوم: باب وقت السحور، والترمذي (2970) (2971) في تفسير القرآن: باب ومن سورة البقرة، والنسائي (2169) في الصيام: باب تأويل قول الله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ ..}، وأحمد 4: 377، والدارمي (1694) في الصوم: باب متى يمسك المتسحر عن الطعام والشراب. *****

(19)

قال تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: 196]. (19) عن كعب بن عجرة -رضي الله عنه- قال: وقف علي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالحديبية، ورأسي يتهافت قملا، فقال: (يؤذيك هوامك؟)، قلت: نعها قال: (فاحلق رأسك)، أو قال: (احلق)، قال: فيَّ نزلت هذه الآية: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ} إلى آخرها، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (صم ثلاثة أيام أو تصدق بفرق بين ستة، أو انسك بما تيسر). تخريجه: أخرجه البخاري (1815) في الحج: باب قوله تعالى: {أَوْ صَدَقَةٍ} وهي إطعام ستة، و (1814) فيه: باب قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا}، و (1816) فيه: باب الإطعام في الفدية نصف صاع، و (1818) فيه: باب النسك شاة، و (4517) في تفسير القرآن: باب قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا}، ومسلم (1251) في الحج: باب جواز حلق الرأس للمحرم إذا كان به أذى، وأبو داود (1856) (1857) (1858) (1859) (1860) في المناسك: باب في الفدية، والترمذي (953) في الحج: باب ما جاء في المحرم يحلق رأسه في إحرامه، ما عليه؟، و (2974) في تفسير القرآن: باب ومن سورة البقرة، والنسائي (2851) (2852) في مناسك الحج: باب في المحرم يؤذيه القمل في رأسه، وابن ماجه (3079) (3080) في المناسك: باب فدية المحصر، ومالك في (الموطأ) 1: 417 في الحج: باب فدية من حلق قبل أن ينحر، وأحمد 4: 241، 242، 243، 244. *****

(20)

قال تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197]. (20) عن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} -: (شوال، وذو القعدة، وذ الحجة). تخريجه: أخرجه الطبراني في (المعجم الأوسط) 2: 163 (1584)، وفي (المعجم الصغير) 1: 122 (180 - الروض الداني)، قال: حدثنا أحمد بن محمد أبو أسيد الأصبهاني، قال: حدثنا محمد بن ثواب الهباري، قال: حدثنا حصين بن مخارق، قال: حدثنا يونس بن عبيد، عن شهر بن حوشب، عن أبي أمامة -رضي الله عنه- .. فذكره. وقال عقبه: "لم يرو هذا الحديث عن يونس إِلا حصين، تفرد به: محمد بن ثواب". والحديث عزاه ابن كثير في تفسيره 1: 542، والسيوطي في (الدر المنثور) 2: 374 إلى: ابن مردويه. وزاد ابن كثير أنه يرويه من طريق حصين بن مخارق، به. الحكم على الإسناد: ضعيف جدًا، أو موضوع، لحال حصين، وهو ابن مخارق بن ورقا، أبو جنادة الكوفي. قال الدارقطني: يضع الحديث، وقال ابن حبان: لا يجوز الرواية عنه، والاحتجاج به إِلا على سبيل الاعتبار. وقال الذهبي: كذاب. وذكره ابن العجمي في (الكشف الحثيث)، وقال ابن حجر: متهم بالكذب. ونقل الهيثمي في (مجمع البحرين في زوائد المعجمين) 3: 210 عن الطبرانى، أنه قال عقب الحديث: "حصن بن مخارق، كوفي ثقة"، وكلمة ثقة؛ ليست في المعجم الأوسط، ولا الصغير، فالظاهر أنها وهم من الهيثمي رحمه الله، والله أعلم. ينظر: المجروحين 3: 155، (كتاب الضعفاء والمتروكين) لابن الجوزي 1: 220، الميزان 1: 554، المغني في الضعفاء 1: 178، 2: 778، الكشف الحثيث ص 101، اللسان 2: 364، 7: 33.

المتابعات والشواهد

وأشار ابن كثير -في تفسيره 1: 542 - إلى هذا المعنى المذكور عن بعض السلف، ثم قال: "وجاء فيه حديث مرفوع، لكنه موضوع، رواه الحافظ ابن مردويه: من طريق حصين بن مخارق، -وهو متهم بالوضع- عن يونس بن عبيد، عن شهر بن حوشب، عن أبي أمامة -رضي الله عنه- .. -فذكر الحديث، ثم قال:- وهذا كما رأيت، لا يصح رفعه، والله أعلم". وأورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) في موضعين، فقال -في 3: 218 - : "رواه الطبراني في الصغير والأوسط، وفيه: حصين بن مخارق، قال الطبراني: كوفي ثقة، وضعفه الدارقطني، وبقية رجاله موثقون". وقال -في 6: 318 - : "رواه الطبراني في الصغير والأوسط، وفيه: حصين بن مخارق، وهو: ضعيف جدًا" وهو الصواب، ولعله التبس عليه في الموضع الأول. المتابعات والشواهد: لم أقف على متابع لحصين، وأما الشواهد فوقفت على شاهدين: 1 - عن ابن عمر -رضي الله عنه- في قول الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ذو القعدة، وذو الحجة). أخرجه الطبراني في الأوسط 7: 126 (7060) قال: حدثنا محمد بن يحيى بن سهل، ثنا يزيد بن حكيم، ثنا يحيى بن السكن، ثنا شريك عن إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد، عن ابن عمر .. فذكره. وقال عقبه: "لم يرفع هذا الحديث عن إبراهيم بن مهاجر إِلا شريك". وأورده السيوطي في (الدر المنثور) 2: 374، وعزاه إلى الطبراني في الأوسط، وزاد في لفظه: شوال. وأورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 6: 317 بلفظ الطبراني، وقال: "رواه الطبراني في الأوسط، وفيه يحيى بن السكن، وهو ضعيف". وانظر ترجمة يحيى في: المغني في الضعفاء 2: 735، اللسان 6: 339. قلت: وشريك، هو: ابن عبد الله القاضي، صدوق يخطىء كثيرًا، كما في التقريب ص 266. وأما يزيد بن حكيم؛ فلم أعرفه.

الحكم على الحديث

2 - عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ}: (شوال، وذو القعدة، وذو الحجة). أخرجه أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي في (معجم شيوخه) 1: 315 قال: أخبرني أبو جعفر أحمد بن محمد الخلنجي، قال: حدثنا داود بن عمرو، حدثنا شريك، عن أبي إسحاق، عن التميمي، عن ابن عبّاس -رضي الله عنهما- .. فذكره. وأخرجه الخطيب في (تاريخ بغداد) 5: 63 قال: أخبرنا أبو بكر البرقاني، أخبرنا أحمد ابن إبراهيم الإسماعيلي، به. أحمد بن محمد الخلنجي، ذكره الإسماعيلي في معجم شيوخه، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا، وكذا في ترجمته من (تاريخ بغداد) 5: 63. والتميمي الراوى عن ابن عباس، مهمل لم يميز، ففي الرواة عن ابن عباس -رضي الله عنهما-؛ جملة من التميمبين، لكن الأقرب أنه: أربدة التميمي، لأنه مشهور بالتفسير عن ابن عبّاس، ويروي عنه أبو إسحاق. وجاء في سنن أبي داود (899) في الصلاة: باب صفة السجود: "حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي، حدثنا زهير، حدثنا أبو إسحق، عن التميمي الذي يحدث بالتفسير، عن ابن عباس قال .. ". وفي التقريب ص 97: التميمي، المفسر، صدوق. وشريك؛ فيه ما سبق، فلا يحتمل هذا منه. الحكم على الحديث: ضعيف، والله أعلم. *****

(21)

قال تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197]. (21) عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قول الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} قال: (الرفث: الإعرابة، والتعرض للنساء بالجماع، والفسوق: المعاصي كلها، والجدال: جدال الرجل صاحبه). تخريجه: أخرجه الطبراني في (المعجم الكبير) 11: 22 (10914) قال: حدثنا يحيى بن عثمان ابن صالح، ثنا سوار بن محمد بن قريش العنبري البصري، ثنا يزيد بن زريع، ثنا روح بن القاسم، عن ابن طاووس، عن أبيه، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- .. فذكره. وأخرجه العقيلي في (الضعفاء الكبير) 2: 169 بالسند نفسه، والمتن بنحوه. الحكم على الإسناد: هذا الإسناد قابل للتحسين على ظاهره، لكنه معلول، وشاذ. قال في (مجمع الزوائد) 6؛ 318: "رواه الطبراني عن شيخه يحيى بن عثمان بن صالح، عن سوار بن محمد بن قريش، وكلاهما فيه لين، وقد وثقا، ورجاله رجال الصحيح". وقال السيوطي في (الإتقان) 2:481: "وأخرج الطبراني بسند لا بأس به .. " وذكره. وقد أخطا سوار بن محمد في هذا الحديث؛ فرفعه، وخالف الأكثر والأوثق، الذين قصروه على ابن عباس -رضي الله عنهما- موقوفًا عليه. وسوار بن محمد؛ هو ابن قريش العنبري البصري. روى عن: يزيد بن زريع. وعنه: يحيى بن عثمان. قال الذهبي: مقل، محله الصدق، رفع حديثًا فأخطأ. ينظر: الضعفاء الكبير للعقيلي 2: 169، الميزان 2: 246، المغني في الضعفاء 1: 290، اللسان 3: 147.

المتابعات والشواهد

وقد ساق هذا الحديث الحافظُ العقيلي في ترجمة سوار -من (الضعفاء الكبير) 2: 169 - وقال: لا يتابع على رفع حديثه، ثم ساقه من طرق موقوفًا، وقال: هذا أولى. وهكذا أشار الذهبي في (الميزان) 2: 246، وابن حجر في (اللسان) 3: 147 وقال: "لا يتابع سوار عليه مرفوعًا". المتابعات والشواهد: لم أقف على متابع لسوار، لكن وقفت على شاهد للحديث أورده السيوطي في (الدر المنثور) 2: 383 فقال: "وأخرج ابن مردويه، والأصبهاني في (الترغيب) عن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ} (قال: لا جماع)، {وَلَا فُسُوقَ} قال: (المعاصي والكذب). الحكم على الحديث: ضعيف مرفوعًا، والمحفوظ موقوف. فائدة: الإعرابة، والعرابة، والتعريب: ما قبح من الكلام. ينظر (لسان العرب) 1: 590 مادة (عرب). *****

(22)

قال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} [البقرة: 219]. (22) عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام). تخريجه: أخرجه أحمد 2: 16، 29، 134، 137، ومسلم رقم (2003) في الأشربة: باب بيان أن كل مسكر خمر، من طرق عن نافع، عن ابن عمر -رضي الله عنهما-. *****

(23)

قال تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: 222]. (23) عن أنس -رضي الله عنه- أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم، لم يؤاكلوها، ولم يجامعوهن في البيوت فسأل أصحابُ النبي -صلى الله عليه وسلم- النبي -صلى الله عليه وسلم-، فأنزل الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} إلى آخر الآية، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (اصنعوا كل شيء، إلا النكاح) فبلغ ذلك اليهود، فقالوا: ما يريد هذا الرَّجل أن يدع من أمرنا شيئا إِلا خالفنا فيه. تخريجه: أخرجه مسلم (302) في الحيض: باب جواز غسل الحائض رأس زوجها، وأبو داود (258) في الطهارة: باب في مؤاكلة الحائض ومجامعتها، والترمذي (2977) في تفسير القرآن: باب ومن سورة البقرة، والنسائي (288) في الطهارة: باب تأويل قول الله -عَزَّ وَجَلَّ-: (ويسألونك عن المحيض)، وابن ماجه (644) في الطهارة: باب ما جاء في مؤاكلة الحائض وسؤرها، وأحمد 3: 132، والدارمي (1553) في الطهارة: باب مباشرة الحائض. *****

(24)

قال تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222)} [البقرة: 222]. (24) عن جابر -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} قال: إن اليهود قالوا: من أتى المرأة من دبرها كان ولده أحول، وكنَّ نساء الأنصار لا يدعن أزواجهن يأتونهن من أدبارهن، فجاءوا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسألوه عن اتيان الرجل امرأته وهي حائض، فأنزل الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} حتى الاطهار، {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} بالاغتسال، {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222) نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} (إنما الحرث موضع الولد). تخريجه: أخرجه البزار -كما في (مختصر زوائد البزار) لابن حجر 2: 74 (1449) - قال: حدثنا محمد بن عبيد الله بن يزيد الحراني، حدثني أبي، حدثني سابق بن عبد الله الرقي، عن خصيف، عن محمد بن المنكدر، عن جابر -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه الواحدي في (أسباب النزول) ص 189 رقم (83) من طريق محمد بن عبيد الله بن يزيد الحراني، به، بنحوه. وقال البزار: لا نعلمه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- إِلا بهذا الإسناد. الحكم على الإسناد: إسناد ضعيف، لجهالة عبيد الله. وهو عبيد الله بن يزيد بن إبراهيم الحراني. (س) قال الذهبي-في (الميزان) -: ما عرفت عنه راويا سوى ولده. وفي التقربب: مجهول. ينظر: تهذيب الكمال 19: 176، الكاشف 1: 688، الميزان 3: 18، تهذيب التهذيب 7: 51، التقريب ص 375 والحديث أورده الهيثمي في المجمع 6: 319 وقال: "رواه البزار، وفيه: عبيد الله بن يزيد بن إبراهيم القردواني، ولم يروه عنه غير ابنه، وبقية رجاله وثقوا".

المتابعات والشواهد

وحسَّن إسناده ابنُ حجر في (مختصر زوائد البزار) 2: 75. المتابعات والشواهد: لم أقف على شيء من ذلك، والله أعلم. الحكم على الحديث: ضعيف. وهذا الحديث لو كان محفوظًا؛ فإنه منكر الإسناد، لأن هذا الخبر مداره على محمد بن المنكدر عن جابر -رضي الله عنه-، ورواه عن ابن المنكدر جماعة من الرواة، ومنهم: 1 - ابن شهاب الزهري. 2 - سفيان الثوري. 3 - شعبة بن الحجاج. 4 - مالك بن أنس. 5 - سفيان بن عيينة. 6 - أيوب السختياني. 7 - معمر بن راشد. 8 - أبو حازم، سلمة بن دينار. 9 - أبو عوانة، وضاح بن عبد الله اليشكري. وغيرهم، كلهم رووه عن ابن المنكدر، عن جابر -رضي الله عنه- قال: (كانت اليهود تقول: إذا أتى الرجل امرأته من دبرها في قبلها، كان الولد أحول، فنزلت: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223]، موقوفًا عليه. ورواياتهم مخرجة في الصحيحين، والسنن، والمسانيد، وغيرها، ولم أر داعيًا للإطالة بتخريجها. فأين خصيف من هؤلاء الأئمة الكبار؟!. ويشبه أن يكون هذا التفسير محل الشاهد -إن كان محفوظا- أن يكون من كلام خصيف، أو من دونه، لخلو الروايات في هذا الحديث عن هذه الزيادة مع تعدد مخارجها عن ابن المنكدر، والله أعلم. *****

(25)

قال تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223]. (25) عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: جاء عمر -رضي الله عنه- إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، هلكت. قال: (وما أهلكك؟) قال: حولت رحلي اللَّيلة، قال: فلم يرد عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيئًا، قال: فأوحى الله إلى رسوله هذه الآية: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}، (أقبل وأدبر، واتق الدبر والحيضة). تخريجه: أخرجه أحمد 1: 297 قال: حدثنا حسن، حدثنا يعقوب يعني القمي، عن جعفر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس .. فذكره. وأخرجه الترمذي (2980) في تفسير القرآن: باب ومن سورة البقرة، والنسائي في الكبرى 8: 189 (8928) و10: 32 (10974)، وأبو يعلى 5: 121 (2736)، والطبري في تفسيره 3: 758، وابن أبي حاتم في تفسيره 2: 405 (2134)، وابن حبان في صحيحه -كما في الإحسان 9: 516 (4202) -، والطبراني في الكبير 12: 10 (12317)، والبيهقي 7: 198، والواحدي في (أسباب النزول) ص 193 رقم (88)، والبغوي في (معالم التنزيل) 1: 259 كلهم من طريق يعقوب به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 2: 593 إلى عبد بن حميد، وابن المنذر. الحكم على الإسناد: إسناد حسن. فيه يعقوب بن عبد الله بن سعد الأشعري، أبو الحسن القمي. (خت 4). قال الطبراني: كان ثقة، وذكره ابن حبان في (الثقات). وقال النسائي: ليس به بأس، وقال الدارقطني: ليس بالقوي. وذكره الذهبي في (أسماء من تكلم فيه وهو موثق) وفي (المغني في الضعفاء)، وقال فيهما: صالح الحديث، وفي الكاشف: صدوق.

وفي التقريب: صدوق يهم. مات سنة 174 هـ. ينظر: الجرح والتعديل 9: 209، الثقات 7: 645، تهذيب الكمال 32: 344، السير 8: 299، الكاشف 2: 394، الميزان 4: 452، المغني في الضعفاء 2: 758، ذكر أسماء من تكلم فيه وهو موثق ص 202، تهذيب التهذيب 11: 342، التقريب ص 608. وفيه: جعفر بن أبي المغيرة دينار الخزاعي القمي. (بخ د ت س). وثقه ابن شاهين، ونقل عن أحمد توثيقه وذكره ابن حبان في (الثقات) وقال ابن منده -كما في الميزان-: ليس بالقوي في سعيد بن جبير. وقال الذهبي في (الميزان): كان صدوقًا. وفي التقريب: صدوق يهم ينظر: (الثقات) لابن حبان 6: 134، (تاريخ أسماء الثقات) لابن شاهين ص 55، تهذيب الكمال 5: 112، الكاشف 1: 296، الميزان 1: 417، تهذيب التهذيب 2: 92، التقريب ص 141. وقال الترمذي: حسن غريب، وصححه ابن حبان، وصححه أيضًا الحافظ ابن حجر في الفتح 8: 39. والحديث أورده الهيثمي في المجمع 6: 319، وقال: "رواه أحمد، ورجاله ثقات". قلت: والحديث في جامع الترمذي كما سبق في تخريجه، فلا يعد من الزوائد على الكتب الستة. *****

(26)

قال تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [البقرة: 225]. (26) عن عطاء في اللغو في اليمن قال: قالت عائشة -رضي الله عنها-: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (هو كلام الرجل في بيته: كلا والله، وبلى والله). تخريجه: أخرجه أبو داود (3254) في الأيمان والنذور: باب لغو اليمين، قال: حدثنا حميد بن مسعدة السامي، حدثنا حسان يعني ابن إبراهيم حدثنا إبراهيم يعني الصائغ عن عطاء .. فذكره. ومن طريقه: البيهقي 10: 49 في الأيمان: باب لغو اليمين. وأخرجه الطبري في تفسيره 4: 16، وابن حبان في صحيحه -كما في الإحسان 10: 176 (4333) -، كلاهما من طريق حسان به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 2: 625 إلى ابن مردويه. الحكم على الإسناد: إسناده قابل للتحسين، لكنه معلول وشاذ، وبيان ذلك: أن هذا الحديث يرويه عطاء، عن عائشة -رضي الله عنها-، واختلف فيه على عطاء على وجهين: 1 - عطاء، عن عائشة -رضي الله عنها- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مرفوعًا. وهو حديث الباب، وقد تفرد به حسان الكرماني عن إبراهيم الصائغ عن عطاء، به. 2 - عطاء، عن عائشة -رضي الله عنها-، موقوفًا. ورواه عنه على هذا الوجه جماعة من الرواة، منهم: (1) ابن أبي نجيح، (ثقة، رمي بالقدر، وربما دلس. التقريب ص 326) أخرجه الطبري في تفسيره 4: 15. (ب) عبد الملك بن أبي سليمان. (صدوق له أوهام. التقريب ص 363) أخرجه سعيد بن منصور في سننه 4: 1529 رقم (780)، والطبري في تفسيره 4: 15، 18.

(ج) محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى. (صدوق سيء الحفظ جدًا. التقريب ص 493) أخرجه الطبري في تفسيره 4: 16 (د) ابن جريج. (ثقة فقيه فاضل، وكان يدلس ويرسل. التقريب ص 363) أخرجه عبد الرزاق في المصنف 8: 473 (15951)، والطبري في تفسيره 4: 16، والبيهقي 10: 49 (هـ) مالك بن مغول. (ثقة ثبت. التقريب ص 518) أخرجه الطبري في تفسيره 4: 18. (و) عمرو بن دينار. (ثقة ثبت. التقريب ص 421) أخرجه الشافعي في مسنده (2: 147 شفاء العي)، ومن طريقه: البيهقي 10: 49، وأخرجه الطبري في تفسيره 4: 18. (ز) أشعث بن سوار. (ضعيف. التقريب ص 113) أخرجه الطبري في تفسيره 4: 18. (ح) سعيد بن أبي هلال. (صدوق. التقريب ص 242) أخرجه الطبري في تفسيره 4: 19. (ط) عبد الله بن عبد الرحمن النوفلي. (ثقة. التقريب ص 311) أخرجه الطبري في تفسيره 4: 19. (ي) إبراهيم الصائغ، في رواية داود بن أبي الفرات عنه. وهذه الرواية علقها أبو داود في سننه عقب حديث الباب، فقال: "روى هذا الحديث: داود بن أبي الفرات، عن إبراهيم الصائغ، موقوفا على عائشة وكذلك رواه الزهري، وعبد الملك بن أبي سليمان، ومالك بن مغول، كلهم عن عطاء، عن عائشة موقوفًا". وهذه الرواية لم أقف عليها مسندة. (ك) جابر الجعفي. (ضعيف. التقريب ص 137) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره 2: 459 (2155).

فائدة

(ل) هشام بن حسان. (ثقة، في روايته عن الحسن وعطاء مقال. التقريب ص 572) أخرجه البيهقي في سننه 10: 49. فهؤلاء اثنا عشر رجلًا رووا الحديث عن عطاء، بالوقف، ومنهم: إبراهيم الصائغ، فيما رواه داود بن أبي الفرات عنه، وخالفهم جميعًا: حسان الكرماني، فرواه عن الصائغ بالرفع، وهذه مخالفة شديدة. وهو حسان بن إبراهيم بن عبد الله الكرماني، أبو هشام العنزي. (خ م د) وثقه ابن معين -في رواية-، وابن المديني، والدارقطني، والذهبي، وأحمد، وقال: حديثه حديث أهل الصدق. وذكره ابن حبان في (الثقات)، وقال: ربما أخطأ. وقال أبو زرعة: لا بأس به. وقال النسائي: ليس بالقوي. وقال ابن عدي: قد حدث بأفرادات كثيرة، وهو عندي من أهل الصدق، إِلا أنه يغلط في الشيء، وليس ممن يظن به أنه يتعمد في باب الرواية إسنادًا أو متنًا، وإنما هو وهم منه، وهو عندي لا بأس به. وفي التقريب: صدوق يخطىء. مات سنة 186هـ، وله مائة سنة. ينظر: الضعفاء للنسائي ص 170، الجرح والتعديل 3: 238، الثقات 6: 224، الكامل 2: 372، تهذيب الكمال 6: 8 السير 9: 40، الميزان 1: 477، الكاشف 1: 320، المغني 1: 156، هدي الساري ص 416، التقريب ص 157 فائدة: هذا الحديث لم يتفرد به عطاء عن عائشة -رضي الله عنها-، بل تابعه راويان -فيما وقفت عليه-: 1 - عروة بن الزببر. وله عنه راويان: (1) هشام بن عروة. أخرجه مالك (1023) في النذور والأيمان: باب اللغو في اليمن، والبخاري (4613) في تفسير القرآن: باب قوله: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [البقرة: 225]، و (6663) في الأيمان والنذور: باب قوله: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ}، وغيرهم

الحكم على الحديث

من طريق هشام به، ولفظ مالك بنحو حديث الباب، ولفظ البخاري: عن عائشة -رضي الله عنها-؛ {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} قالت: (أنزلت في قوله: لا والله، بلى والله). (ب) الزهري. أخرجه عبد الرزاق في المصنف 8: 474 (15952)، وفي التفسير 1: 90، والطبري 4: 16، كلهم من طريق الزهري به، بنحوه. 2 - الأسود بن يزيد. أخرجه إسحاق ابن راهويه في مسنده 3: 1034 (1786)، من طريق الأسود عن عائشة بنحوه. الحكم على الحديث: ضعيف مرفوعًا، والصحيح موقوف. وصححه موقوفًا: الدارقطني -كما في خلاصة البدر المنير 2: 410، والتلخيص الحبير 4: 184 - ، والبيهقي في المعرفة 7: 318. وانظر: (الأحاديث التي بين أبو داود في سننه تعارض الرفع والوقف فيها) ص 399. وقد جنح العلامة الألباني -رحمه الله- إلى تصحيح حديث الباب في (إرواء الغليل) 8: 194 استنادا إلى رواية البخاري السابقة التي فيها ذكر سبب النزول، وقال: "ذكر سبب النزول في حكم المرفوع، كما هو معلوم، فهو شاهد قوي لرواية إبراهيم الصائغ المرفوعة". وما ذكره الشيخ ليس على إطلاقه، لأن عبارات الصحابة في هذا مختلفة من حيث اللفظ، ومن حيث دلالاتها على السببية، ورواية البخاري غير صريحة في السببية. يقول ابن تيمية في مقدمته في أصول التفسير (¬1): "وقولهم: نزلت هذه الآية في كذا يراد به تارة أنه سبب النزول، ويراد به تارة أن هذا داخل في الآية وإن لم يكن السبب". ¬

_ (¬1) ص 47.

وأفاد الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- في شرحه على ذلك (¬1): أن العبارة عن سبب النزول ثلاثة أنواع: 1 - صيغة صريحة في سبب النزول. وهي قول الصحابي: سبب نزول الآية كذا. 2 - صيغة ظاهرة في سبب النزول. وهي قوله: كان كذا وكذا؛ فانزل الله تعالى كذا. فهذه ظاهرة لأن حمل الفاء في مثل هذا التعبير على السببية أولى من حمله على العطف المجرد والترتيب، فيكون ظاهرًا أن هذه الحادثة سبب النزول. 3 - صيغة محتملة في سبب النزول. وهي أن يقول: نزلت هذه الآية في كذا. فهذه فيها احتمال متساوي الطرفين بين أن يكون المراد أن هذه الآية معناها كذا وكذا، فيكون تفسيرًا للمعنى، وبين أن يكون ذلك ذكرًا لسبب النزول. فعلى الاحتمال الأوّل تكون (في) للظرفية، والظرف هنا معنوي. وعلى الاحتمال الثاني تكون (في) للسببية. وقال الزركشي: "عرف من عادة الصحابة والتابعين أن أحدهم إذا قال: نزلت هذه الآية في كذا، فإنه يريد بذلك أنها تتضمن هذا الحكم، لا أن هذا كان السبب في نزولها فهو من جنس الاستدلال على الحكم بالآية" (¬2). مثال ذلك: عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أي الذنب عند الله أكبر؟ قال: (أن تجعل لله ندا وهو خلقك) قلت: ثم أي؟ قال: (ثم أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك) قلت: ثم أي؟ قال: (أن تزاني بحليلة جارك) قال: ونزلت هذه ¬

_ (¬1) شرح مقدمة التفسير ص 48. (¬2) البرهان 1: 31.

فائدة

الآية تصديقا لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ} [الفرقان: 68]. أخرجه البخاري (4761) ومسلم (86). مع حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-، أن ناسًا من أهل الشرك كانوا قد قتلوا وأكثروا، وزنوا وأكثروا، فأتوا محمدا -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: إن الذي تقول وتدعو إليه لحسن، لو تخبرنا أن لما عملنا كفارة، فنزل {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ} [الفرقان: 68]، ونزلت: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} [الزمر: 53]. أخرجه البخاري (4810) ومسلم (122). فحديث ابن عباس أصرح في السببية من حديث ابن مسعود -رضي الله عنهما-. ثم إنَّ في عدّ هذا -أعني ما ذكره الشيخ الألباني -رحمه الله- شاهدا نظرًا من جهة الاصطلاح، لأن الشاهد أن يروى الحديث من جهة صحابي آخر، وهو هنا من رواية الصحابي نفسه، وهو عائشة -رضي الله عنها-، ويمكن أن يسمى ذلك شاهدا على سبيل التجوز كما ذكر ذلك ابن الصلاح في (علوم الحديث) ص 83. والحاصل أن تصحيح الحديث بمثل هذا ليس بجيد، لاسيما مع المخالفة الشديدة، وحكم أكابر المحدثين عليه بالوقف، والله أعلم. فائدة: اختلف في المراد بلغو اليمن على أقوال؛ أوصلها بعضهم إلى ثمانية. ينظر: فتح الباري 11: 556، زاد المسير 1: 254. *****

(27)

قال تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229]. (27) عن أب رزين قال: قال رجل: يا رسول الله؛ أسمع الله يقول: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} فأين الثالثة؟ قال: (التسريح بإحسان). تخريجه: أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 1: 93 قال: نا الثوري، عن إسماعيل بن سميع، عن أبي رزين .. فذ كره. وأخرجه في المصنف 6: 337 (11091)، ومن طريقه: الطبري 4: 130. وأخرجه سعيد بن منصور 1: 340 (1456)، وابن أبي شيبة 4: 190 (19216)، وأبو داود في (المراسيل) ص 301 (208)، وابن أبي حاتم في تفسيره 2: 419 (2210)، والبيهقي 7: 340، كلهم من طريق إسماعيل بن سميع به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 2: 663 إلى وكيع، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن مردويه. تنبيه: عزا ابنُ كثير في تفسيره 1: 612، والسيوطيُ في (الدر المنثور) 2: 663، وفي (الإتقان) 2: 482؛ هذا الحديثَ إلى أحمد، ولم أجده في مسنده. الحكم على الإسناد: إسناد ضعيف لإرساله، وهو مرسل صحيح. الشواهد: يشهد لهذا الحديث: حديث أنس -رضي الله عنه-، وله عنه طريقان: 1 - أخرجه الدارقطني 4: 4، والبيهقي 7: 340، والخطيب في (تاريخ بغداد) 13: 16 كلهم من طريق إدريس بن عبد الكريم المقري، نا ليث بن حماد، نا عبد الواحد بن زياد، نا إسماعيل بن سميع الحنفي، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رجل للنبي -صلى الله عليه وسلم-: "إني أسمع الله تعالى يقول: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} فأين الثالثة؟ قال: (إمساك بمعروف، أو تسريح بإحسان، هي الثالثة). ورواه ابن مردويه من طريق عبد الواحد بن زياد به، كما في تفسير ابن كثير 1: 612.

ورجاله ثقات سوى ليث بن حماد، فقد ذكره الخطيب في (تاريخ بغداد) 13: 16، وقال: كان صدوقا. وهذا الوجه يلتقي مع الحديث الأصل في إسماعيل بن سميع، فمخرج الحديث منه، واختلف عليه فيه بين الوصل والإرسال، وإليك بيان الرواة عنه: أولًا: رواية الإرسال: والرواة عنه كذلك هم: 1 - سفيان الثوري. عند: عبد الرزاق، والطبري، وأبو داود في (المراسيل)، وابن أبي حاتم. 2 - خالد بن عبد الله الواسطي. عند سعيد بن منصور، والبيهقي. وخالد: ثقة ثبت، أخرج حديثه الجماعة. ينظر: التقريب ص 189. 3 - محمد بن خازم، أبو معاوية الضرير. عند سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، والبيهقي. ومحمد: ثقة، أخرج حديثه الجماعة. ينظر: التقريب ص 475. 4 - إسماعيل بن زكريا. عند البيهقي. وإسماعيل: صدوق يخطىء قليلا، وأخرج حديثه الجماعة. ينظر: التقريب ص 107. 5 - قيس بن الربيع. عند ابن مردويه -كما في (عمدة القاري) 20: 234 - ، وأشار إليها ابن كثير في تفسيره 1: 612 ولم يعزها لأحد. وقيس: صدوق تغير لما كبر، وأخرج حديثه الأربعة سوى النسائي. ينظر: التقريب ص 457. ثانيًا: رواية الوصل: ورواها عنه كذلك: 1 - عبد الواحد بن زياد من رواية ليث بن حماد عنه، كما تقدم. وعبد الواحد: ثقة، أخرج حديثه الجماعة. ينظر: التقريب ص 367. ولم أجد من تابعه على الوصل. قال البيهقي 7: 340: "الصواب عن إسماعيل بن سميع، عن أبي رزين، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مرسلا، كذلك رواه جماعة من الثقات عن إسماعيل".

وهكذا رجح الإرسال: الدارقطني في سننه 4: 4، وعبد الحق الإشبيلي في (الأحكام الوسطى) 3: 195، وابن حجر في الفتح 9: 279. وانظر: (التلخيص الحبير) 3: 234. وخالفهم: ابنُ القطان في (بيان الوهم والإيهام) 2: 316 فصحح الوجهان. قلت: ويرجح الإرسال أن رواته أكثر، وأحفظ، وأما الوصل فتفرد به عبد الواحد بن زياد من رواية ليث بن حماد عنه -فيما وقفت عليه-، وقد رجح الإرسال اثنان من أكابر المحدثين: الدارقطني، والبيهقي، فيكون المحفوظ في هذا الحديث مرسلا، والله أعلم. 2 - أخرجه الدارقطنلى 4: 3 - ومن طريقه: المقدسي في (الأحاديث المختارة) 7: 105 (2522) - قال: حدثنا القاضي الحسن بن إسماعيل، حدثنا عبيد الله بن جرير بن جبلة، حدثنا عبيد الله بن عائشة، حدثنا حماد بن سلمة، عن قتادة، عن أنس -رضي الله عنه- أن رجلًا قال: يا رسول الله أليس قال الله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} فلم صار ثلاثا؟ قال: (إمساك بمعروف، أو تسريح بإحسان). وأخرجه ابن مردويه -كما في تفسير ابن كثير 1: 612 - قال: حدثنا عبد الله بن أحمد ابن عبد الرحيم، حدثنا أحمد بن يحيى، حدثنا عبيد الله بن جرير بن جبلة به، بنحوه. ومن طريق ابن مردويه: أخرجه المقدسي في (الأحاديث المختارة) 7: 155 (2523). وصححه ابن القطان في (بيان الوهم والإيهام) 2: 316، وأخرجه المقدسي في (الأحاديث المختارة) كما سبق. وقال البيهقي (7: 340) -بعد أن ساقه مرسلا-: (وروي عن قتادة عن أنس -رضي الله عنه-، وليس بشيء". قلت: عبيد الله بن جرير بن جبلة، هو: ابن أبي رواد العتكي، البصري، ذكره ابن حبان في (الثقات) 8: 428، وعبيد الله بن عائشة هو عبيد الله بن محمد بن حفص التيمي العيشي، ويقال له: ابن عائشة، نسبة إلى عائشة بنت طلحة، لأنه من ذريتها، وهو ثقة، كما في التقريب ص 374، ومن فوقه على شرط مسلم. *****

(28)

قال تعالى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة: 237]. (28) عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: (الذي بيده عقدة النكاح: الزوج). تخريجه: أخرجه الطبراني في الأوسط 6: 262 رقم (6359) قال: حدثنا محمد بن عمرو، ثنا أبي، ثنا ابن لهيعة، عن عمرو بن شعيب، به. وقال عقبه: "لم يرو هذا الحديث عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، إِلا ابن لهيعة، ولا يروى عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إِلا بهذا الإسناد". وأخرجه الطبري 4: 331، والدارقطني 3: 279، كلاهما من طريق ابن لهيعة به بنحوه، لكن في سند الطبري: "عن عمرو بن شعيب، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال .. ". وأخرجه ابن مردويه من طريق ابن لهيعة به، كما في تفسير ابن كثير 1: 643. والحديث علقه ابن أبي حاتم في تفسيره 2: 445 (2359)، والبيهقي 7: 251، كلاهما بصيغة التمريض عن ابن لهيعة به، بنحوه. الحكم على الإسناد: إسناد ضعيف، لحال ابن لهيعة، وسبقت الإشارة إليه في الحديث الثامن. وقال السيوطي في (الإتقان) 2: 483: "وأخرج الطبراني بسند لا بأس به .. ". وفي (الدر المنثور) 3: 29: "وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، والبيهقي، بسند حسن، عن ابن عمرو، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- .. " فذكر الحديث. قلت: والسيوطي نفسه قد ضعف ابن لهيعة في هذا الكتاب نفسه - (الدر المنثور) 15: 822 - !.

الحكم على الحديث

الحكم على الحديث: ضعيف، لأن مداره على ابن لهيعة، ولم يتابع عليه، كما جزم بذلك الطبراني. وابنُ لهيعة ممن لا يحتمل تفرده. وقال البيهقي 7: 251 - بعد أن علقه-: "وهذا غير محفوظ، وابن لهيعة غير محتج به". وأورد الحديثَ الهيثميُ في المجمع 6: 320 وقال: "رواه الطبراني في الأوسط، وفيه ابن لهيعة، وفيه ضعف". *****

(29)

قال تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] (29) عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: حبس المشركون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن صلاة العصر، حتى احمرت الشمس أو اصفرت، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (شغلونا عن الصلاة الوسطى؛ صلاة العصر، ملأ الله أجوافهم وقبورهم نارا)، أو قال: (حشا الله أجوافهم وقبورهم نارا). تخريجه: أخرجه مسلم (628) في المساجد ومواضع الصلاة؛ باب الدليل لمن قال: الصلاة الوسطى هي صلاة العصر، والترمذي (181) في الصلاة: باب ما جاء في صلاة الوسطى أنها العصر .. ، و (2985) في تفسير القرآن؛ باب ومن سورة البقرة، وابن ماجه (686) في الصلاة: باب المحافظة على صلاة العصر، وأحمد 1: 392، 403، 404، 456. كلهم من طريق محمد بن طلحة بن مصرف، عن زبيد بن الحارث، عن مرة بن شراحيل، عن عبد الله -رضي الله عنه-، به بنحوه، ولفظ الترمذي مختصر بذكر موضع الشاهد فقط. فائدة: هذا الحديث له شواهد كثيرة عن جمع من الصحابة -رضي الله عنهم-، منهم: علي بن أبي طالب، وعائشة، وابن عباس، وحذيفة وجابر، وأم سلمة، وسمرة بن جندب، والبراء بن عازب، وحفصة، وأبو مالك الأشعري، وغيرهم -رضي الله عنهم-. ينظر: جامع الأصول (2: 49 - 52) كتاب التفسير: باب سورة البقرة، مجمع الزوائد (1: 308 - 310) كتاب الصلاة باب في الصلاة الوسطى. *****

(30)

قال تعالى: {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [البقرة: 248]. (30) عن علي -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (السكينة ريحٌ خجوجٌ). تخريجه: أخرجه الطبراني في الأوسط 7: 89 (6941) قال: حدثنا محمد بن علي المروزي، نا خلف بن عبد العزيز بن عثمان، قال: وجدت في كتاب أبي وعمي، عن جدي، عن شعبة، عن سماك بن حرب، عن خالد بن عرعرة، عن علي -رضي الله عنه- به. وقال عقبه: "لم يرو هذا الحديث عن شعبة إِلا عثمان بن جبلة، تفرد به ولده عنه". وقوله: "وجدت في كتاب أبي وعمي .. "، كذا في الأصل، وفي (مجمع البحرين) 6: 13: "وجدت في كتابي أبي وعمي .. ". الحكم على الإسناد: إسناد ضعيف، لجهالة حال خلف بن عبد العزيز بن عثمان بن جبلة بن أبي رواد المروزي. وقد ذكره ابن أبي حاتم وقال: "روى عن عثمان بن جبلة بن أبي رواد، عن شعبة، وعن أبيه، عن جده، عن شعبة، روى عنه: احمد بن سهل، أبو حامد الإسفرائيني الأعور". ولم أجد فيه جرحا ولا تعديلا. ينظر: الجرح والتعديل 3: 371. وخالد بن عرعرة؛ هو التيمي. ذكره ابن حبان في (الثقات)، وسكت عنه البخاري، وابن أبي حاتم، فلم يذكراه بجرح ولا تعديل. ينظر: التاريخ الكبير 3: 162، الجرح والتعديل 3: 343، الثقات 4: 205.

فائدة

وقد تفردا بهذا على هذا الوجه فيما وقفت عليه. وعلى مذهب ابن حجر: التوقف، فإنه قال في (النزهة) ص 136: "فإن سمي الراوي .. وروى عنه اثنان فصاعدا، ولم يوثق فهو مجهول الحال، وهو المستور، وقد قبل روايته جماعة بغير قيد، وردها الجمهور، والتحقيق أن رواية المستور ونحوه مما فيه الاحتمال، لا يطلق القول بردها ولا بقبولها، بل هي موقوفة إلى استبانة حاله". والحديث أورده الهيثمي في المجمع 6: 321 وقال: "رواه الطبراني في الأوسط، وفيه من لم أعرفهم". وأورده السيوطي في (الدر المنثور) 3: 142 وقال: "أخرج الطبراني في الأوسط، بسند فيه من لا يعرف". وفي السند لطيفة، وهي الرواية بالوجادة، وهي: أن يجد أحاديث بخط يعرف كاتبه. وفي مسند أحمد كثير من ذلك؛ من رواية ابنه عنه بالوجادة. ينظر: (علوم الحديث) لابن الصلاح ص 178، تدريب الراوي 1: 487. فائدة: روي هذا المعنى عن علي -رضي الله عنه-، موقوفا عليه، من طرق متعددة، بألفاظ مختلفة. ينظر: تفسير الطبري 4: 467 وما بعدها، تفسير ابن أبي حاتم 3: 708. فائدة أخرى: أصل الخجّ: الشَّقُّ، والريح الخجوج: هي الريح شديدة المرور في غير اسْتواء. ينظر: النهاية 2: 11. فائدة ثالثة: في معنى السكينة في الآية؛ أقوال كثيرة، أوصلها بعضهم إلى سبعة. ينظر: تفسير الطبري 4: 472، زاد المسير 1: 294. *****

(31)

قال تعالى: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 268]. (31) عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن للشيطان لمة باين آدم، وللملك لمة، فأما لمة الشيطان؛ فإيعاد بالشر، وتكذيب بالحق، وأما لمة الملك؛ فإيعاد بالخير، وتصديق بالحق، فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله، فليحمد الله، ومن وجد الأخرى، فليتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ثم قرأ: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ ..} الآية. تخريجه: أخرجه الترمذي (2988) في تفسير القرآن: باب من سورة البقرة، قال: حدثنا هناد، حدثنا أبو الأحوص، عن عطاء بن السائب، عن مرة الهمداني، عن عبد الله -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه النسائي في (السنن الكبرى) 10: 37 في التفسير: باب قوله تعالى: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ} رقم (10985)، وأبو يعلى في مسنده 8: 417 (4999)، والطبري في تفسيره 5: 6، وابن أبي حاتم في تفسيره 2: 529 (2810)، وابن حبان في صحيحه -كما في الإحسان 3: 278 (997) -، كلهم من طريق هناد بن السري به، بلفظه. وعزاه السيوطي في (الدر المنثور) 3: 285 إلى ابن المنذر. الحكم على الإسناد: إسناد ضعيف، لأجل عطاء بن السائب، وقد سمع منه أبو الأحوص بعد اختلاطه. قال الحافظ في ترجمته في (هدي الساري) ص 446: (من مشاهير الرواة الثقات، إِلا أنه اختلطما فضعفوه بسبب ذلك، وتحصل لي من مجموع كلام الأئمة أن رواية شعبة، وسفيان الثوري، وزهير بن معاوية، وزائدة، وأيوب، وحماد بن زيد، عنه قبل الاختلاط، وأن جميع من روى عنه غير هؤلاء؛ فحديثه ضعيف، لأنه بعد اختلاطه، إِلا حماد بن سلمة، فاختلف قولهم فيه". وفي التقريب: صدوق اختلط. مات سنة 136 هـ.

ينظر: الكامل 5: 360، مقدمة ابن الصلاح ص 392، تهذيب الكمال 20: 86 السير 6: 110، الميزان 3: 70، الكاشف 2: 22، ذكر أسماء من تكلم فيه وهو موثق ص 134، شرع علل الترمذي 2: 555، التهذيب 4: 130، هدي الساري ص 446، التقريب ص 391، فتح المغيث 3: 278، الكواكب النيرات ص 70. وقد رواه الطبري 5: 6 - 8 من طرق عن حماد بن سلمة، وعمرو بن قيس الملائي، وابن علية، وجرير بن عبد الحميد، أربعتهم عن عطاء بن السائب، عن مرة، عن ابن مسعود -رضي الله عنه- موقوفا عليه. وهؤلاء الأربعة كلهم ممن روى عنه بعد الاختلاط، سوى حماد بن سلمة فاختلف فيه، ومال ابن حجر في ترجمته من (التهذيب)، والسخاوي في (فتح المغيث) 3: 278 إلى أنه سمع منه مرتين، قبل الاختلاط وبعده. ورواه عبد الرزاق في تفسيره 1: 109 فقال: نا معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن مسعود -رضي الله عنه- في قوله تعالى {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ}: قال: (إن للملك لمة، وللشيطان لمة، فلمة الملك: إيعاد بالخير، وتصديق بالحق، فمن وجدها فليحمد الله، ولمة الشيطان: إيعاد بالشر، وتكذيب بالحق، فمن وجدها فليستعذ بالله). ومن طريقه: أخرجه الطبري 5: 7. وهذا سند منقطع، عبيد الله لم يسمع من ابن مسعود، كما في ترجمة عبيد الله من (جامع التحصيل) ص 232. ورواه ابن مردويه -كما في تفسير ابن كثير 1: 700 - من وجه آخر عن الزهري به، مرفوعا. وأخرجه الطبري في تفسيره 5: 7 من وجه آخر، فقال: حدثنا المثنى، قال: ثنا سويد بن نصر، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن فطر، عن المسيب بن رافع، عن عامر بن عبدة، عن عبد الله -رضي الله عنه- بنحوه.

الحكم على الحديث

قلت: وهذا سند رجاله ثقات، سوى فطر وهو: ابن خليفة، ففيه كلام يحطه من رتبة الثقة، ولا يرد به حديثه، وسوى شيخ الطبري، فلم أقف على ترجمته، وقد صحح هذا الإسناد الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على تفسير الطبري 5: 574 ولم يشر إلى شيخ الطبري. أقول: ولعل مجموع هذه الطرق في الموقوف ترقيه إلى الحسن. وقال الترمذي في (العلل الكبير - ترتيبه 1: 353 رقم 654): "سألت محمدا عن هذا الحديث، فقال: روى بعضهم هذا الحديث عن عطاء بن السائب وأوقفه، وأرى أنه قد رفعه غير أبي الأحوص عن عطاء بن السائب، وهو حديث أبي الأحوص". الحكم على الحديث: ضعيف مرفوعا، وله طرق موقوفا ترقى إلى الحسن، وهذا الموقوف مثله لا يقال من قبيل الرأي، فله حكم الرفع. وقال عنه الترمذي: حديث حسن غريب. وصححه ابن حبان. *****

(32)

قال تعالى: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُولُو الْأَلْبَابِ} [البقرة: 269]. (32) عن ابن عباس -رضي الله عنهما- مرفوعًا: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ} قال: القرآن. قال ابن عباس: (يعني تفسيره، فإنه فد قرأه البر والفاجر). تخريجه: أخرجه ابن مردويه، كما في تفسير ابن كثير 1: 700، و (الدر المنثور) 3: 287، من طريق جويبر، عن الضحاك، عن ابن عباس، مرفوعا. الحكم على الإسناد: ضعيف جدا. وسبق الكلام على هذا الطريق في الحديث الخامس عشر. وقد جاء هذا المعنى من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما. ينظر: تفسير الطبري 5: 8 - 10، الدر المنثور 3: 287. *****

(33)

قال تعالى: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ} [البقرة: 276]. (33) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ما تصدق أحد بصدقة من طيب، ولا يقبل الله إِلا الطيب، إِلا أخذها الرحمن بيمينه وإن كانت تمرة، فتربو في كف الرحمن، حتى تكون أعظم من الجبل، كما يربي أحدكم فَلُوَّه أو فصيله). تخريجه: أخرجه مسلم رقم (1014/ 63) في الزكاة: باب قبول الصدقة من الكسب الطيب وتربيتها، والترمذي (661) فيه: باب ما جاء في فضل الصدقة، والنسائي (2525) فيه: باب الصدقة من غلول، وابن ماجه (1842) فيه: باب فضل الصدقة، وأحمد 2: 538، وابن منده في (الرد على الجهمية) ص 72، من طرق عن سعيد المقبري، عن سعيد بن يسار، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. وقال ابن منده: "هذا خبر ثابت باتفاق". وأخرجه البخاري (1410) في الزكاة: باب الصدقة من كسب طيب، ومسلم (1014/ 64) فيه: باب قبول الصدقة من الكسب الطبب وتربيتها، من طريق أبي صالح، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعا، بلفظ: (من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، فإن الله يتقبلها بيمينه، ثم يربيها لصاحبها كما يري أحدكم فلوه، حتى تكون مثل الجبل). فائدة: قال النووي في شرح مسلم 7: 99: "قال أهل اللغة: الفلو: المهر، سمي بذلك لأنه فلي عن أمه، أي فصل وعزل. والفصيل: ولد الناقة إذا فصل من إرضاع أمه، نعيل بمعنى مفعول، كجريح وقتيل بمعنى مجروح ومقتول. وفي الفلو لغتان فصيحتان؛ أفصحهما وأشهرهما: فتح الفاء وضم اللام وتشديد الواو، والثّانية: كسر الفاء وإسكان اللام وتخفيف الواو". وينظر: النهاية لابن الأثير 3: 474. *****

سورة آل عمران

سورة آل عمران قال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} [آل عمران: 7]. (34) عن عائشة -رضي الله عنها-، قالت: تلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُولُو الْأَلْبَابِ} قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه؛ فاولئك الذين سمى الله فاحذروهم). تخريجه: أخرجه البخاري (4547) في التفسير: باب (منه آيات محكمات)، ومسلم (2665) في العلم: باب النهي عن اتباع متشابه القرآن، وأبو داود (4589) في السنة: باب النهي عن الجدال واتباع المتشابه من القرآن، والترمذي (2993) (2994) في التفسير: باب ومن سورة آل عمران، وابن ماجه (47) في المقدمة: باب اجتناب البدع والجدل، وأحمد 6: 48، 256، والدارمي (145) في المقدمة: باب من هاب الفتيا وكره التنطع والتبدع. *****

(35)

(35) عن أبي أمامة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ} قال: (هم الخوارج)، وفي قوله: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} قال: (هم الخوارج). تخريجه: أخرجه أحمد 5: 262 قال: حدثنا أبو كامل، حدثنا حماد، عن أبي غالب، قال: سمعت أبا أمامة -رضي الله عنه-، به. وأخرجه الروياني في مسنده 2: 275 (1177)، وابن أبي حاتم 2: 594 (3179)، والطبراني في الكبير 8: 325 (8046)، كلهم من طريق حميد بن مهران الخياط، عن أبي غالب به، بنحوه. ولفظ الروياني مختصر دون موضع الشاهد. وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه 10: 152 (18663)، والمروزي في (السنة) ص 22 (55)، وابن أبي حاتم 2: 594 (3180)، والطبراني في الكبير 8: 326 (8049)، 8: 329 (8056)، من طرق عن أبي غالب، به بمعناه، وفيه قصة. وعزاه السيوطي في (الدر المنثور) 3: 454 إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: أتوقف في الحكم على هذا الإسناد، لأجل أبي غالب، وهو البصري، ويقال: الأصبهاني صاحب أبي أمامة (بخ 4). وقد اختلف في اسمه وحاله. فقيل: اسمه حزور، وقيل: سعيد بن الحزور، وقيل غير ذلك. قال ابن معين: صالح الحديث، وصحح الترمذي له حديثا في جامعه برقم (3253)، ووثقه الدارقطني، وقال ابن عدي: قد روى عن أبي أمامة حديث الخوارج بطوله، وروى

عنه جماعة من الأئمة وغير الأئمة، وهو حديث معروف به، ولأبي غالب غير ما ذكرت من الحديث، ولم أر في أحاديثه حديثا منكرا جدا، وأرجو أنه لا بأس به. وقال ابن سعد: ضعيف منكر الحديث، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي، وضعفه النسائي، وذكره ابن حبان في (المجروحين)، وقال: منكر الحديث على قلته، لا يجوز الاحتجاج به، إِلا فيما يوافق الثقات، وقال الذهبي: فيه شيء. وفي التقريب: صدوق يخطىء. ينظر: الطبقات الكبرى 7: 238، كتاب الضعفاء والمتروكين للنسائي ص 255، الجرح والتعديل 3: 315، المجروحين 1: 267، الكامل 2: 455، تهذيب الكمال 34: 170، الميزان 1: 476 - 4: 560، المغني في الضعفاء 1: 155، التقريب ص 664. فمثله يعتبر به، ويكتب حديثه في المتابعات ونحوها، أما الاحتجاج به في حديث تفرد به، فمحل توقف. وهذا الحديث جزء من حديث الخوارج الذي اشتهر به، وهو حديث طويل، وله طرق وسياقات مختلفة عن أبي غالب عن أبي أمامة -رضي الله عنه-، وقد ذكره العلماء، وخرجه بعضهم في كتبه، ولم أقف على من طعن فيه، أو استنكره، والله أعلم. والحديث خرجه الترمذي (3000) في تفسير القرآن: باب ومن سورة آل عمران، قال: "حدثنا أبو كريب، حدثنا وكيع، عن الربيع بن صبيح وحماد بن سلمة، عن أبي غالب قال: رأى أبو أمامة رؤوسا منصوبة على درج مسجد دمشق، فقال أبو أمامة: كلاب النار، شر قتلى تحت أديم السماء، خير. قتلى من قتلوه، ثم قرأ: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} إلى آخر الآية، قلت لأبي أمامة: أنت سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: لو لم أسمعه إِلا مرة أو مرتين أو ثلاثا أو أربعا، حتى عد سبعا ما حدثتكموه".

قال الترمذي: هذا حديث حسن. وخرجه الطبري 5: 665 موقوفا مقتصرا على شقه الثاني، فقال: "حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن حماد بن سلمة، والربيع بن صبيح، عن أبي غالب عن أبي أمامة: {فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} قال: (هم الخوارج). وابن وكيع؛ هو: سفيان بن وكيع بن الجراح، كان صدوقا إِلا أنه ابتلي بوراقه، فأدخل عليه ما ليس من حديثه، فنصح فلم يقبل، فسقط حديثه. ينظر: التقريب ص 245. والحديث ذكره ابن كثير في تفسيره 2: 10، وقال: "وهذا الحديث أقل أقسامه أن يكون موقوفا من كلام الصحابي، ومعناه صحيح، فإن أول بدعة وقعت في الإسلام: فتنة الخوارج". والحديث أورده الهيثمي في المجمع 6: 234 مطولا وقال: "رواه الطبراني، ورجاله ثقات". وأورد 6: 327 طرفا من حديث الخوارج، بغير لفظ هذا الحديث محل الدراسة، وهو من طريق أبي غالب، عن أبي أمامة -رضي الله عنه-، مرفوعا، وقال: "رواه الطبراني، وإسناده جيد". *****

(36)

قال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُولُو الْأَلْبَابِ} [آل عمران: 7]. (36) عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- أن رسول الله -رضي الله عنه- سئل عن الراسخين في العلم؟ فقال: (من برت يمينه، وصدق لسانه، واستقام قلبه، ومن عف بطنه وفرجه؛ فهو من الراسخين في العلم). تخريجه: أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره 2: 599 و4: 1116 قال: حدثنا محمد بن عوف الحمصي، ثنا نعيم بن حماد، ثنا فياض الرقي، ثنا عبد الله بن يزيد، -وكان قد أدرك أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- أنسا، وأبا الدرداء وأبا أمامة-، قال: حدثنا أبو الدرداء -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه الطبري 5: 223 عن المثنى، وأحمد بن الحسن الترمذي، قالا: ثنا نعيم بن حماد، قال: ثنا فياض الرقي، قال ثنا عبد الله بن يزيد الأودي، -قال وكان أدرك أصحاب رسول الله- قال: حدثنا أنس بن مالك وأبو أمامة وأبو الدرداء، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سئل .. فذكره. وأخرجه أيضًا 5: 223 عن موسى بن سهل الرملي، قال: ثنا محمد بن عبد الله، قال: ثنا فياض بن محمد الرقي، قال: ثنا عبد الله بن يزيد بن آدم، عن أي الدرداء وأبي أمامة قالا: سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .. فذكره. وأخرجه الطبراني المعجم الكبير 8: 177 (7658) عن الفضل بن العباس القرطمي البغدادي، ثنا إسماعيل بن عيسى العطار، ثنا عمرو بن عبد الجبار، ثنا عبد الله بن يزيد بن

الحكم على الإسناد

آدم، حدثني أبو الدرداء، وأبو أمامة، وواثلة بن الأسقع، وأنس بن مالك، قالوا: سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .. فذكره. فالحديث مداره على عبد الله بن يزيد، ورواه عنه: 1 - فياض الرقي، عند ابن أبي حاتم، والطبري في الموضعين. 2 - عمرو بن عبد الجبار، عند الطبراني. لكن اختلف في راوي الحديث الأعلى على أربعة أوجه -كما سبق-: 1 - أبو الدرداء -رضي الله عنه-، عند ابن أبي حاتم. 2 - أنس بن مالك وأبو أمامة وأبو الدرداء -رضي الله عنهم-، عند الطبري في الموضع الأول. 3 - أبو أمامة وأبو الدرداء -رضي الله عنهما-، عند الطبري في الموضع الثاني. 4 - أبو الدرداء، وأبو أمامة، وواثلة بن الأسقع، وأنس بن مالك -رضي الله عنه -، عند الطبراني. الحكم على الإسناد: إسناد ضعيف جدا، لحال عبد الله بن يزيد، وهو ابن آدم الدمشقي. قال أبو حاتم: لا أعرفه. وقال أحمد: أحاديثه موضوعة، وقال الجوزجاني: أحاديثه منكرة. ينظر: الجرح والتعديل 5: 197، الميزان 2: 526، المغني في الضعفاء 1: 363، اللسان 3: 434 ولم أقف على متابع له. والحديث أورده الهيثمي في المجمع 6: 324، وقال: "رواه الطبراني، وعبد الله بن يزيد: ضعيف". *****

(37)

قال تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} [آل عمران: 14]. ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أحاديث مختلفة في بيان المراد بالقنطار، وقد وقفت على سبعة منها، وهي: (37) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (القنطار: اثنا عشر ألف أوقية، كل أوقية خير مما بين السماء الى الأرض). تخريجه: أخرجه أحمد 2: 363 قال: حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، حدثنا حماد بن سلمة، عن عاصم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه ابن ماجه (3660) في الأدب: باب بر الوالدين، والدارمي (3464) في فضائل القرآن: باب كم يكون القنطار؟، وابن حبان -كما في الإحسان 6: 311 (2573) -، كلهم من طريق عبد الصمد به، بلفظه. ولفظ الدارمي مختصر، بالجملة الأولى فقط. الحكم على الإسناد: إسناده حسن على ظاهره، لكنه معلول. قال عنه البوصيري -في (مصباح الزجاجة) 4: 98 - : "هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات". لكن لا يلزم من صحة الإسناد أو حسنه؛ صحة الحديث، كما هو معلوم. وجاء في علل الدارقطني 8: 169 رقم (1486) ما يأتي:

"وسئل عن حديث أبي صالح، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (القنطار اثنا عشر ألف أوقية، كل أوقية خير مما بين السماء إلى الأرض). فقال: يرويه عاصم بن أبي النجود، واختلف عنه: فرواه: عبد الصمد بن عبد الوارث، وأبو علي الحنفي عبيد الله بن عبد المجيد، عن حماد ابن سلمة، عن عاصم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. وغيره يرويه عن حماد بن سلمة موقوفا، وكذلك قال حماد بن زيد، عن عاصم، والموقوف أشبه". وصحح ابنُ كثير في تفسيره 2: 20 روايةَ الوقف. ورواية حماد بن زيدة أخرجها الطبري 5: 255 قال: حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: ثنا حماد بن زيد، عن عاصم بن بهدلة، عن أبي صالح، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- موقوفا، ولفظه: القنطار ألف ومائتا أوقية. وأخرجه البيهقي 7: 233 من طريق حماد بن زيد به، بلفظه. وعزاه -أي الموقوف- في (الدر المنثور) 3: 479 إلى: عبد بن حميد. وأخرج الطبري 5: 255 من طريق العلاء بن المسيب، عن عاصم بن أبى النجود، قال: القنطار ألف ومائتا أوقية. وهذا يدل على أن عاصما اضطرب في الحديث، وأن المرفوع -الذي فيه: القنطار اثنا عشر ألف أوقية-، غير محفوظ، والله أعلم. وعاصم؛ هو ابن بهدلة أبي النجود الأسدي مولاهم، الكوفي، أبو بكر المقرىء. قال ابن سعد: كان ثقة إِلا أنه كان كثير الخطأ في حديثه. وقال أحمد: كان خيرًا ثقة. وقال ابن معين: لا بأس به. ووثقه أبو زرعة، والعجلي. وقال أبو حاتم: محله عندي محل الصدق، صالح الحديث، ولم يكن بذاك الحافظ. وقال النسائي: ليس به بأس. وقال العقيلي: لم يكن فيه إِلا سوء الحفظ. وقال يعقوب بن سفيان: في حديثه اضطراب، وهو ثقة.

الحكم على الحديث

وقال ابن رجب: كان حفظه سيئًا، وحديثه خاصةً عن زر، وأبي وائل؛ مضطرب. وقال الذهبي: ثبت في القراءة، وهو في الحديث دون الثبت، صدوق يهم. وقال أيضًا: هو حسن الحديث. وقال الحافظ: صدوق له أوهام. مات سنة 127هـ، وروى له البخاري ومسلم مقرونًا، وبقية الستة. ينظر: طبقات ابن سعد 6: 320، التاريخ الكبير 6: 487، الجرح والتعديل 6: 341، الضعفاء الكبير للعقيلي 3: 336، الثقات 7: 256، تهذيب الكمال 13: 473، السير 5: 256، الكاشف 1: 518، الميزان 2: 357، من تكلم فيه وهو موثق ص 104، جامع التحصيل ص 203، شرح العلل لابن رجب 2: 360، التهذيب 3: 29، هدي الساري ص 431، التقريب ص 285. الحكم على الحديث: ضعيف مرفوعا. *****

(38)

(38) عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن قول الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ} قال؛ (القنطار ألفا أوقية). تخريجه: أخرجه الحاكم في المستدرك 2: 178 قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عيسى بن زيد اللخمي بتنيس، حدثنا عمرو بن أبي سلمة، حدثنا زهير بن محمد، حدثنا حميد الطويل، ورجل آخر، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- .. فذكره. قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه. وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره 2: 608 (3256) قال: حدثنا أحمد بن عبد الرحيم، ثنا عمرو به، لكن قال: ألف أوقية. وعزاه ابن كثير 2: 21 إلى ابن مردويه، والطبراني، ولم أجده فيه. الحكم على الحديث: حديث منكر. فيه: أحمد بن عيسى التنيسي، ليس بالقوي، قال ابن حبان: كان يروي المناكير عن المجاهيل، والمقلوبات عن المشاهير، لا يجوز الاحتجاج بما انفرد به، وقال مسلمة: كذاب، حدث بأحاديث موضوعة، وقال الحافظ: مضطرب الحديث جدا. ينظر: المجروحين 1: 146، الميزان 1: 126، اللسان 1: 346. وزهير بن محمد، سبق في الحديث العاشر، وأن رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة، وهذه منها، فإن عمرو بن أبي سلمة: دمشقي. وقال النسائي في زهير: ليس به بأس، وعند عمرو بن أبي سلمة عنه مناكير. وقال أحمد: أحاديث أبي حفص ذاك التنيسي عنه؛ فتلك بواطيل. وأبو حفص التنيسي، هو: عمرو بن أبي سلمة، الراوي عنه هنا. ينظر: تهذيب الكمال 9: 414 - 418.

تنبيه

تنبيه: في المطبوع أن الذهبي أقر الحاكم على تصحيحه للحديث، لكن رأيت الحديث ذكره المناوي في (فيض التقدير) 4: 540 وقال: "قال الحاكم: على شرطهما، ورده الذهبي بأنه خبر منكر". ولم يذكره ابن الملقن في مختصر استدراك الذهبي. *****

(39)

(39) عن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (القنطار ألف دينار). تخريجه: أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره 2: 608 (3255) قال: حدثنا أبي، ثنا مسلم بن إبراهيم، ثنا العلاء بن خالد بن وردان، ثنا يزيد الرقاشي، عن أنس -رضي الله عنه- فذكره. وعزاه في (الدر المنثور) 3: 478 إلى ابن مردويه. الحكم على الإسناد: إسناد ضعيف، فيه يزيد بن أبان الرقاشي، ضعيف، وتركه بعضهم، وقال شعبة: لأن أزني أحب إليّ من أن أحدث عن يزيد الرقاشي. ينظر: تهذيب الكمال 32: 64، التقربب ص 599. والعلاء بن خالد بن وردان، أبو شيبة البصري، ذكره ابن حبان في (الثقات) 7: 268، وفي التقريب ص 435: مقبول. *****

(40)

(40) عن أبي بن كعب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (القنطار ألف أوقية ومائتا أوقية). تخريجه: أخرجه الطبري 5: 255 قال؛ حدثني زكريا بن يحيى الضرير، قال: ثنا شبابة، قال: ثنا مخلد بن عبد الواحد، عن علي بن زيد، عن عطاء بن أبي ميمونة، عن زر بن حبيش، عن أبي بن كعب -رضي الله عنه- .. فذكره. ولم يعزه السيوطي لغيره في (الدر المنثور) 3: 478. الحكم على الإسناد: إسناده ضعيف جدا، فيه مخلد بن عبد الواحد، هو أبو الهذيل البصري قال ابن حبان: منكر الحديث جدا، ينفرد بأشياء مناكير. ينظر: المجروحين 3: 43، اللسان 6: 9. وعلي بن زيد، هو ابن جدعان البصري، ضعيف. ينظر: التقريب ص 401. والحديث أورده ابن كثير في تفسيره 2: 20 وقال: "هذا حديث منكر أيضًا، والأقرب أن يكون موقوفا على أبي بن كعب كغيره من الصحابه". وقد ورد هذا المعنى موقوفا على عدد من الصحابة، منهم: معاذ بن جبل، وابن عمر، وأبي هريرة -رضي الله عنه-. ينظر: تفسير الطبري 5: 255، الدر المنثور 3: 479 ووقفت على شاهدين لهذا الحديث: أحدهما: ما رواه الطبراني في الكبير 8: 180 (7748)، وفي مسند الشاميين 2: 44 (892) قال: حدثنا علي بن سعيد الرازي، ثنا جبارة بن مغلس، ثنا يحيى بن عقبة بن أبي العيزار، عن محمد بن جحادة، عن يحيى بن الحارث الدمشقي، عن القاسم أبي عبد الرحمن، عن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من قرأ عشر آيات في ليلة لم يكتب من الغافلين، ومن قرأ مائة آية كتب له قنوت ليلة ومن قرأ مئتي آية كتب من القانتين، ومن قرأ أربع مائة آية كتب من العابدين، ومن قرأ خمس مائة آية كتب من الحافظين، ومن قرأ

ست مائة آية كتب من الخاشعين، ومن قرأ ثمان مائة آية كتب من المخبتين، ومن قرأ ألف آية أصبح له قنطار، والقنطار: ألف ومئتا أوقية، الأوقية خير مما بين السماء والأرض، أو قال: مما طلعت عليه الشمس، ومن قرأ ألفي آية كان من الموجبين). والحديث أورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 2: 267 - 268 وقال: "رواه الطبراني في الكبير، وفيه: يحيى بن عقبة بن أبي العيزار، وهو ضعيف". وذكره المنذري في (الترغيب والترهيب) 1: 249 وأشار إلى ضعفه بتصديره إياه بقوله: روي، كما نص على ذلك في مقدمته. قلت: يحيى بن عقبة؛ اتهمه أبو حاتم وابن معين بالكذب. ينظر: الجرح والتعديل 9: 179، اللسان 6: 351. وفيه أيضًا: جبارة بن مغلس، وهو ضعيف. ينظر: التقريب ص 137. الثاني: عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (من قرأ عشر آيات في ليلة لم يكتب من الغافلين، ومن قرأ مائة آية كتب له قنوت ليلة، ومن قرأ مائتي آية كتب من القانتين، ومن قرأ أربعمائة آية كتب من المخبتين، ومن قرأ ألف أية أصبح وله قنطار ألف ومائتا أوقية، الأوقية خير مما بين السماء والأرض، ومن قرأ ألفي آية كان من الموجين). أخرجه الضياء المقدسي في المختارة 8: 278 (341) من طريق الطبراني قال: ثنا العباس بن الربيع بن ثعلب، حدثني أبي، ثنا يحيى بن عقبة بن أبي العيزار، عن محمد بن حجادة، عن خالد بن معدان، عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- فذكره. والحديث أورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 2: 268 وقال: "رواه الطبراني في الكبير، وفيه: يحيى بن عقبة بن أبي العيزار، وهو ضعيف". وسبق الكلام فيه. ومسند عبادة -رضي الله عنه- غير موجود في المطبوع من (المعجم الكبير). *****

(41)

(41) عن الحسن قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (القنطار ألف ومائتا دينار). تخريجه: أخرجه الطبري 5: 255 قال: حدثنا عمران بن موسى، قال: ثنا عبد الوارث بن سعيد، قال: ثنا يونس، عن الحسن .. فذكره. ولم يعزه السيوطي لغيره في (الدر المنثور) 3: 478. الحكم على الإسناد: إسناده ضعيف لإرساله. قال الإمام أحمد: ليس في المرسلات أضعف من مراسيل الحسن وعطاء بن أبي رباح، فإنهما ياخذان عن كل أحد. أخرجه الخطيب في (الكفاية) ص 549. وقال ابن سعد -في ترجمة الحسن في الطبقات 7: 157 - : "ما أسند من حديثه وروى عمن سمع منه فحسن حجة، وما أرسل من الحديث فليس بحجة". وقال ابن عبد البر في التمهيد 1: 30: "قالوا: مراسيل عطاء والحسن لا يحتج بها، لأنّهما كانا يأخذان عن كل أحد". وقد وقع فيه اختلاف في سنده ومتنه، فأخرجه الدارمي (3459) في فضائل القرآن: باب من قرأ مائة آية إلى الألف، قال: حدثنا أبو النعمان، حدثنا وهيب، عن يونس، عن الحسن، أن نبي الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (من قرأ في ليلة مائة آية لم يحاجه القرآن تلك الليلة، ومن قرأ في ليلة مائتي آية كتب له قنوت ليلة، ومن قرأ في ليلة خمس مائة آية إلى الألف أصبح وله قنطار في الآخرة) قالوا: وما القنطار؟، قال: (اثنا عشر ألفا). وهيب، هو: ابن خالد بن عجلان الباهلي، ثقة ثبت، لكنه تغير قليلا بأخرة، وأخرج حديثه الجماعة. ينظر: التقريب ص 586. وعبد الوارث بن سعيد، أبو عبيدة البصري، ثقة ثبت. التقريب ص 367. وهو أثبت من وهيب. *****

(42)

(42) عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من قرأ في ليلة مائة آية لم يكتب من الغافلين، ومن قرأ مائتي آية كتب من العابدين، ومن قرأ ثلاثمائة آية كتب من القانتين، ومن قرأ أربعمائة آية أصبح له قنطار من الأجر، والقنطار: مائة وعشرون قيراطا، والقيراط مثل أحد). تخريجه: أخرجه البيهقي في (شعب الإيمان) 2: 401 قال: أخبرنا أبو نصر بن قتادة، أنا أبو الحسن محمد بن الحسن السراج، ثنا مطير، ثنا علي بن حرب الموصلي، ثنا حفص بن عمر -يعني: ابن حكيم- ثنا عمرو بن قيس، عن عطاء، عن ابن عباس .. فذكره. وأخرجه الخطيب في (تاريخ بغداد) 8: 202 من طريق علي بن حرب، به. ونقل عقبه عن الدارقطني قال: تفرد به علي بن حرب، عن حفص بن عمر، عن عمرو ابن قيس. وأخرجه ابن عدي في (الكامل) 2: 387 من طريق علي بن حرب به، لكن بلفظ: (.. القنطار مائة مثقال، المثقال عشرون قيراطا، القيراط مثل أحد). الحكم على الإسناد: إسناد ضعيف جدا، فيه: حفص بن عمر بن حكيم، الملقب بـ (الكَفر). قال ابن حبان: يروي عن عمرو بن قيس الملائي المناكير الكثيرة، لا يجوز الاحتجاج بخبره. وقال ابن عدي: "حدث عن عمرو بن قيس الملائي، عن عطاء، عن ابن عباس أحاديث بواطيل،، وساق له ثلاثة أحاديث منها هذا الحديث، ثم قال: "وهذه الأحاديث بهذا الإسناد مناكير، لا يرويها إِلا حفص بن عمر بن حكيم هذا، وهو مجهول، ولا أعلم أحدا روى عنه غير علي بن حرب ولا أعرف له أحاديث غير هذا". ينظر: الكامل 2: 387، المجروحين 1: 259، اللسان 2: 371. *****

(43)

(43) عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من قرأ مئة آية لم يكتب من الغافلين، ومن قرأ مئة آية إلى ألف أصبح له فنطار من الأجر عند الله، القنطار منه مثل الجبل العظيم). تخريجه، والحكم عليه: أخرجه ابن مردويه -كما في تفسير ابن كثير 2: 20 - من طريق موسى بن عبيدة الربذي، عن محمد بن إبراهيم، عن يحنس أبي موسى، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- به. وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره 2: 607 (3253) قال: حدثنا أبو سعيد الأشج، ثنا وكيع، عن موسى بن عبيدة، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن يحنس، عن أم الدرداء، قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من قرأ بخمسين آية في ليلة أصبح له قنطار من الأجر، والقنطار مثل التل العظيم). وأخرجه عبد بن حميد 1: 195 (200 - المنتخب) قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى، عن موسى بن عبيدة الربذي، عن محمد بن إبراهيم، عن يحنس، عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من قرأ في ليلة بمئة آية لم يكتب من الغافلين، ومن قرأ بمئتي آية بعث من القانتن، ومن قرأ خمسمائة آية إلى ألف أصبح وله قنطار أجر، القيراط منه مثل التل العظيم). وليس فيه بيان القنطار. فهذا اختلاف واضطراب في الحديث آفته: موسى بن عبيدة الربذي، قال أحمد: لا تحل الرواية عنه، وقال أبو حاتم: منكر الحديث. وضعفه ابن معين وابن المديني، والترمذي، والنسائي، وابن حجر، وغيرهم. مات سنة 153 هـ.

فائدة

ينظر: الجرح والتعديل 8: 151، سنن الترمذي رقم (3039)، الضعفاء الكبير للعقيلي 4: 160، المجروحين 2: 234، الكامل 6: 333، تهذيب الكمال 29: 104، الميزان 4: 213، الكاشف 2: 306، التقريب ص 552. فائدة: يحنس -بضم أوله، وفتح المهملة، وتشديد النون المفتوحة، ثم مهملة- بن عبد الله، أبو موسى، مولى آل الزبير، مدني ثقة، أخرج له مسلم والنسائي. ينظر: التقريب ص 587. الخلاصة: بعد هذا العرض؛ يتبين أنه لم يصح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في تفسير القنطار وتحديده، ولذا لم عرض الإمام الطبري الأقوال وساق جملة من المرويات في ذلك، قال: "الصواب في ذلك أن يقال: هو المال الكثير. كما قال الربيع بن أنس، ولا يحد قدر وزنه بحد على تعنف". وقال ابن كثير في تفسيره 2: 19: "وقد اختلف المفسرون في مقدار القنطار على أقوال، وحاصلها: أنه المال الجزيل". وقال ابن العربي في (أحكام القرآن) 1: 366 - بعد أن ذكر جملة من الأقوال في ذلك-: "هذه الأقوال كلها تحكم في الأكثر، وقد روي بعضها عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا يصح في هذا الباب شيء، والذي يصح في ذلك؛ أنه المال الكثير الوزن". *****

(44)

قال تعالى: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 68]. (44) عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال سول الله -صلى الله عليه وسلم- (إن لكل نبي ولاة من النبيين، وإن وليي أبي وخليل ربي، ثم قرأ: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ}). تخريجه: أخرجه الترمذي (2995) في التفسير: باب ومن سورة آل عمران، قال: حدثنا محمود ابن غيلان، حدثنا أبو أحمد، حدثنا سفيان، عن أبيه، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عبد الله -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه البزار في مسنده 5: 345 رقم (1973 - البحر الزخار)، والطبري في تفسيره 5: 488، والطحاوي في (مشكل الآثار) 3: 41 رقم (1559)، وابن أبي حاتم في تفسيره 2: 327، والشاشي في مسنده 1: 403 رقم (406)، والحاكم في (المستدرك) 2: 292، 553، وابن عساكر في (تاريخ دمشق) 6: 221، كلهم من طريق سفيان، به، بنحوه. الحكم على الإسناد: إسناده صحيح في ظاهره، قال الحاكم 2: 292: "حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه"، لكنه عند التحقيق معلول، وبيان ذلك: أن هذا الحديث يرويه سفيان الثوري، واختلف عليه على وجهين: 1 - سفيان الثوري، عن أبيه؛ عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عبد الله -رضي الله عنه-، مرفوعًا. ورواه عن سفيان بهذا الوجه: (أ) أبو أحمد الزبيري. وسبق تخريج هذا الوجه. وأبو أحمد: ثقة ثبت، إِلا أنه قد يخطىء في حديث الثوري، كما مر قريبا.

(ب) محمد بن عبيد الطنافسي. أخرجه الحاكم في المستدرك 2: 292، من طريق محمد بن عبيد، عن سفيان، به بنحوه. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه. وأقره الذهبي. والطنافسي: ثقة يحفظ، وأخرج حديثه الجماعة. ينظر: التقريب ص 495. (جـ) محمد بن عمر الواقدي. أخرجه الحاكم في المستدرك 2: 553 من طريقه، عن سفيان، به بنحوه. ومحمد بن عمر الواقدي؛ متروك، واتهمه غير واحد من الأئمة بالكذب. ينظر: تهذيب الكمال 26: 180، التقريب ص 498. (د) روح بن عبادة. أشار إليها ابن أبي حاتم في (العلل) 2: 63 رقم (1677). 2 - سفيان الثوري، عن أبيه عن أبي الضحى، عن عبد الله -رضي الله عنه-، مرفوعًا. ورواه عن سفيان بهذا الوجه: (1) أبو نعيم الفضل بن دكين. أخرجه الترمذي عقب (2995)، والطبري 5: 489، والحاكم في (المستدرك) 2: 553، كلهم من طريق أبي نعيم، عن سفيان، به. ووقع في رواية الحاكم: عن أبي الضحى أظنه عن مسروق، عن عبد الله -رضي الله عنه-. وهذا الشك ممن دون أبي نعيم، لعدم وروده في رواية الترمذي، والطبري. وأبو نعيم، الفضل بن دكين؛ ثقة ثبت، وأخرج حديثه الجماعة. ينظر: تهذيب الكمال 23: 197، التقريب ص 446. (ب) عبد الرحمن بن مهدي. أخرجه أحمد 1: 429، وابن أبي حاتم في تفسيره 2: 326 رقم (731)، من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، به بنحوه.

وعبد الرحمن بن مهدي؛ ثقة ثبت حافظ عارف بالرجال والحديث، وأخرج حديثه الجماعة. ينظر: التقريب ص 351. (ج) وكيع بن الجراح. أخرجه الترمذي عقب (2995)، وأحمد 1: 400 - 401، وابن أبي حاتم في تفسيره 2: 326 رقم (731)، والواحدي في (أسباب النزول) ص 232 رقم (122)، من طريق وكيع، عن سفيان، به، بنحوه. ووكيع بن الجراح؛ ثقة حافظ عابد، وأخرج حديثه الجماعة. (د) يحيى بن سعيد القطان. أخرجه أحمد 1: 429 مقرونا بابن مهدي، عن سفيان، به، بنحوه. ويحيى؛ ثقة متقن حافظ إمام قدوة، وأخرج حديثه الجماعة. ينظر: تهذيب الكمال 31: 329، التقريب ص 591. وصحح الترمذي هذا الوجه في جامعه عقب الحديث رقم (2995). * قال ابن أبي حاتم في (علل الحديث) 2: 63 رقم (1677): "سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه أبو أحمد الزبيري وروح بن عبادة، عن سفيان الثوري، عن أبيه، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عبد الله -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لكل نبي ولاة من النبيين ..) -فذكر الحديث- فقالا جميعا: هذا خطأ، رواه المتقنون من أصحاب الثوري، عن الثوري، عن أبيه، عن أبي الضحى، عن عبد الله، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بلا مسروق". وبالنظر في رواة الوجهين عن سفيان يظهر بجلاء تقديم الوجه الثاني، وهم من أثبت الناس في سفيان الثوري. جاء في (تاريخ ابن معين - رواية الدوري) 3: 560 رقم (2748): (سمعت يحيى يقول: أصحاب سفيان الثوري ستة: يحيى بن سعيد، ووكيع بن الجراح، وابن المبارك،

والأشجعي، وعبد الرحمن بن مهدي، وأبو نعيم، قال يحيى: وليس أحد من هؤلاء يحدث عن سفيان فيخالفه بعض هؤلاء الستة فيكون القول قوله حتى يجيء إنسان يفصل بينهما، فإذا اتفق من هؤلاء اثنان على شيء كان القول قولهما". وقال ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل) 7: 61: "أنا أبو بكر بن أبي خيثمة فيما كتب إلي، قال: سمعت يحيى بن معين يقول -وسئل عن أصحاب الثوري أيهم أثبت؟ - فقال: هم خمسة: يحيى بن سعيد، وعبد الرحمن بن مهدي، ووكيع، وابن المبارك، وأبو نعيم". وقد رجح هذا الوجه ثلاثة من أئمة الحديث: الترمذي، وأبو حاتم، وأبو زرعة. * والحديث من هذا الوجه؛ ضعيف الإسناد للانقطاع بين أبي الضحى، وعبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-، فقد نص العلماء على أنه يروي عن أصحاب عبد الله -رضي الله عنه-، ونص أبو حاتم -كما في (الجرح والتعديل) 8: 186 - على أن رواية أبي الضحى عن جرير بن عبد الله -رضي الله عنه-، مرسلة، وكانت وفاة جرير سنة 51 هـ -كما في التقريب ص 139 - ، فمن باب أولى أن تكون روايته عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- المتوفى سنة 32 هـ؛ مرسلة أيضًا. ولكن يشكل على هذا الوجه الراجح، ما أخرجه سعيد بن منصور في سننه 3: 1047 رقم (501) قال: "نا أبو الأحوص، عن سعيد بن مسروق، عن أبي الضحى، (عن مسروق)، عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال .. " فذكره بنحوه. وأشار المحقق وفقه الله أنه زاد ما بين القوسين بناء على أن ابن كثير ساق الحديث عن المصنف فذكر فيه: (عن مسروق)، وأن الأصل المخطوط للسنن ليس فيه ذلك. قلت: وأبو الأحوص؛ هو سلام بن سليم، ثقة متقن صاحب حديث، وأخرج حديثه الجماعة. ينظر: التقريب ص 261. وهذه متابعة قوية لسفيان بالوجه الأول، وهي تخالف ما رواه الثقات الأثبات عن سفيان، وما رجحه الأئمة في هذا الحديث.

الحكم على الحديث

وجنح الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله- في تعليقه على تفسير الطبري 6: 499 - إلى ترجيح الوجهين عن سفيان، وأن هذا الاختلاف من سفيان نفسه، فمرة يزيد (عن مسروق)، ومرة يحذفه، وتأيد الوجه الموصول بمتابعة أبي الأحوص، كما ساقها ابن كثير. وفيما ذهب إليه نظر، وهو لا يتمشى مع طريقة الأئمة المتقدمين في هذا. ويحتمل عندي أن يكون المحفوظ في رواية أبي الأحوص؛ بحذف مسروق، وهو الثابت في أصل (سنن سعيد بن منصور)، والموافق لرواية المقدمين من أصحاب سفيان، والموافق أيضًا لم رجحه أئمة علل الحديث في هذا الحديث. وما ذكره ابن كثير في تفسيره عن سنن سعيد، فيحمل على الوهم أو الغلط، ثم هو فرع، والأصل مقدم عليه، والله أعلم. الحكم على الحديث: ضعيف من وجهه الراجح، لما سبق. *****

(45)

قال تعالى: {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ} [آل عمران: 83]. (45) عن ابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًاَ} قال: (أما من في السماوات؛ فالملائكة، وأما من في الأرض؛ فمن ولد على الإسلام، وأما كرها؛ فمن أوتي به من سبايا الأمم في السلاسل والأغلال يقادون إلى الجنة وهم كارهون). تخريجه: أخرجه الطبراني في الكبير 11: 194 (11473) قال: حدثنا أحمد بن النضر العسكري، ثنا سعيد بن حفص النفيلي، ثنا محمد بن محصن العكاشي، ثنا الأوزاعي، عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس .. فذكره. الحكم على الحديث: موضوع، لحال محمد بن محصن، وهو محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن محمد بن عكاشة ابن محصن العكاشي الأسدي، نسب إلى جده الأعلى (ق). قال البخاري عن يحيى بن معين: كذاب. وقال أبو حاتم: كذاب. وقال البخاري: منكر الحديث. وقال ابن حبان: شيخ يضع الحديث على الثقات، لا يحل ذكره في الكتب إِلا على سبيل القدح فيه. وقال الدارقطني: متروك يضع. وروى له أبو أحمد بن عدي أحاديث ثم قال: وهذه الأحاديث مع غيرها مما لم أذكره لمحمد بن إسحاق العكاشي كلها مناكير موضوعة. ينظر: التاريخ الكبير 1: 40، الجرح والتعديل 7: 195، المجروحين 2: 277، الكامل 6: 167، تهذيب الكمال 26: 372، التقريب ص 505. والحديث أورده الهيثمي في المجمع 6: 326 وقال: "رواه الطبراني، وفيه محمد بن محصن العكاشي، وهو متروك". وضعف إسناده السيوطي في (الدر المنثور) 3: 650، وفي (الإتقان) 2: 485. *****

(46)

قال تعالى: {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [آل عمران: 93]. (46) عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، قال: حضرت عصابة من اليهود يوما إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: يا رسول الله، حدثنا عن خلال نسألك عنها، لا يعلمها إِلا نبي، قال: (سلوني عمَّ (¬1) شئتم ولكن اجعلوا لي ذمة الله، وما أخذ يعقوب على بنيه، إنَّ أنا حدثتكم بشيء تعرفونه لتبايعني على الإسلام) قالوا: فلك ذلك. قال: (فسلوني عمَّ شئتم) قالوا: أخبرنا عن أربع خلال نسألك عنها؛ أخبرنا عن الطعام الذي حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة، وأخبرنا عن ماء المرأة من ماء الرجل، وكيف يكون الذكر منه حتى يكون ذكرا، وكيف تكون الأنثى منه حتى تكون أنثى، وأخبرنا كيف هذا النبي في النوم، ومن وليك من الملائكة؟، قال: (فعليكم عهد الله وميثاقه لئن أنا حدثتكم لتبايعني؟) فأعطوه ما شاء من عهد وميثاق. قال: (أنشدكم بالله الذي نزل التوراة على موسى هل تعلمون أن إسرائيل يعقوب مرض مرضا شديدا طال سقمه منه، فنذر لله عز وجل نذرا لئن شفاه من سقمه؛ ليحرمن أحب الشراب إليه، وأحب الطعام إليه، وكان أحب الشراب إليه: ألبان الأبل، وكان أحب الطعام إليه: لحمان الإبل) قالوا: اللهم نعم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (اللهم اشهد عليهم ..) فذكر باقي الحديث بطوله. تخريجه: أخرجه الطيالسي في مسنده 4: 450 رقم (2854) قال: حدثنا عبد الحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشب، قال: حدثني ابن عباس .. فذكره. ¬

_ (¬1) "ما" هنا بمعنى: أي، أي سل عن أي شيء بدا لك، وهنا تكتب ناقصة بدون ألف، ولو كانت "ما" بمعنى الذي لكتبت تامة بالألف. ينظر: أدب الكاتب (ص 194) بواسطة: تحقيق مسند الطيالسي (4: 450).

الحكم على الإسناد

وأخرجه ابن سعد في (الطبقات) 1: 174، وأحمد 1: 274، 279، والطبري في تفسيره 5: 586، وابن أبي حاتم في تفسيره 3: 704 رقم (3816)، والطبراني في الكبير 12: 246 رقم (13012)، والبيهقي في (دلائل النبوة) 6: 266 كلهم من طريق عبد الحميد بن بهرام، به، بنحوه. ولفظ الطبري، وابن أبي حاتم، وأحمد في الموضع الأول مقتصر على موضع الشاهد. الحكم على الإسناد: إسناد حسن، وقد توبع شهر بن حوشب -كما سيأتي- فينجبر ما فيه من المقال. وقد حسَّن إسناده: البوصيريُ في (إتحاف الخيرة المهرة) 9: 41. وأخرج الترمذي في جامعه رقم (3117) في تفسير القرآن: باب ومن سورة الرعد، من طريق بكير بن شهاب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، قال: أقبلت يهود إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: يا أبا القاسم، أخبرنا عن الرعد ما هو؟ قال: (ملك من الملائكة موكل بالسحاب معه مخاريق من نار يسوق بها السحاب حيث شاء الله) فقالوا: فما هذا الصوت الذي نسمع؟ قال: (زجره بالسحاب إذا زجره حتى ينتهي إلى حيث أمر) قالوا: صدقت، فأخبرنا عما حرم إسرائيل على نفسه؟ قال: (اشتكى عرق النسا، فلم يجد شيئا يلائمه إِلا لحوم الإبل وألبانها، فلذلك حرمها) قالوا: صدقت. وأخرجه أحمد 1: 274، والبخاري في (التاريخ الكبير) 2: 114، والنسائي في (الكبرى) 8: 217 (9024)، وابن أبي حاتم 1: 54 (185)، والطبراني في الكبير 12: 45 (12429)، وفي (الدعاء) 1: 305 (986)، وأبو الشيخ في (كتاب العظمة) 4: 1279 (765)، وابن منده في (كتاب التّوحيد) 1: 168 (48)، وأبو نعيم في (الحلية) 4: 304، والضياء المقدسي في (المختارة) 10: 69 (61)، كلهم من طريق: بكير بن شهاب، به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.

الحكم على الحديث

وبكير؛ قال فيه أبو حاتم: هو شيخ، وذكره ابن حبان في (الثقات)، وقال الذهبي: صدوق. وفي التقريب: مقبول. ينظر: الجرح والتعديل 2: 404، الثقات 6: 106، تهذيب الكمال 4: 238، الميزان 1: 350، الكاشف 1: 275، تهذيب التهذيب 1: 308، التقريب ص 128. فمثله ينفع في المتابعة، وتقوى بذلك رواية شهر. وانظر الحديث رقم (117). الحكم على الحديث: حسن، والله أعلم. *****

(47)

قال تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97]. (47) عن الحسن، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال -في قوله تعالى: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} -: (الزاد والراحلة). تخريجه: أخرجه ابن أبي شيبة 3: 417 في الحج: باب متى يجب على الرجل الحج؟ (15702)، قال: نا وكيع، عن سفيان، عن يونس، عن الحسن .. فذكره. وأخرجه في الموضع نفسه (15703) قال: نا عبد الأعلى، عن يونس، عن الحسن، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بمثله. وأخرجه سعيد بن منصور في سننه 3: 1076 (518)، والطبري 5: 612، والبيهقي 4: 327، كلهم من طريق يونس به، بنحوه. وأخرجه ابن المنذر في تفسيره 1: 307 (744) من طريق قتادة وحميد، عن الحسن. وتوبع يونس عليه من طرق كثيرة. وعزاه في (الدر المنثور) 3: 689 إلى: عبد بن حميد. الحكم على الإسناد: إسناده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مرسله. قال الحافظ في التلخيص 2: 235: "سنده صحيح إلى الحسن". الخلاف في وصله وإرساله: هذا الحديث يرويه الحسن عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مرسلا، وهكذا رواه عن الحسن: 1 - يونس بن عبيد. ورواه عنه: (أ) هشيم بن بشير. (ب) خالد بن عبد الله الواسطي. أخرجه سعيد بن منصور في سننه 3: 1076 (518)

(ج) بشر بن المفضل. (د) إسماعيل بن علية. أخرجه الطبري في تفسيره 5: 612 (هـ) سفيان الثوري. أخرجه ابن أبي شيبة 3: 417 عن وكيع، والبيهقي 4: 327 من طريق أبي داود الحفري، كلاهما -وكيع والحفري- عن سفيان، عن يونس، عن الحسن مرسلا. وخالفهما: عتاب بن أعين، فرواه عن سفيان، عن يونس، عن الحسن، عن أمه، عن عائشة -رضي الله عنها- مرفوعا. أخرجه العقيلي في الضعفاء 3: 332، والدارقطني 3: 216 (2420 - ط الرسالة). قال البيهقي في المعرفة 7: 19: "وليس بمحفوظ". وعتاب بن أعين؛ قال عنه العقيلي: في حديثه وهم، ووثقه أبو حاتم، وقال أبو زرعة: لا بأس به. ينظر: الجرح والتعديل 7: 12. لكنه خالف من هو أوثق منه، وأحفظ، وأكثر. (و) عبد الأعلى بن عبد الأعلى. أخرجه ابن أبي شيبة 3: 417. كل هؤلاء الستة رووه عن يونس، عن الحسن مرسلا. وخالفهم: حصين بن مخارق، فرواه عن يونس، عن الحسن، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- مرفوعًا. أخرجه: الدارقطني 3: 219 (2426 - ط الرسالة). وحصين؛ ترجم له ابن حجر في (اللسان) 2: 364 وفيه: "قال الدارقطني: يضع الحديث، ونقل ابن الجوزي أن ابن حبان قال: لا يجوز الاحتجاج به انتهى. وهو كما قال".

2 - قتادة بن دعامة. ورواه عنه: (أ) حماد بن سلمة. ورواه عنه: أبو نعيم الفضل بن دكين (ثقة ثبت، وأخرج حديثه الجماعة)، وحجاج بن المنهال (ثقة فاضل، وأخرج حديثه الجماعة)، كلاهما عن حماد، عن قتادة، عن الحسن مرسلا. أخرجه: الطبري 5: 614، وابن المنذر في تفسيره 1: 307. وخالفهما: أبو قتادة الحراني، فرواه عن حماد، عن قتادة، عن أنس -رضي الله عنه-؛ مرفوعا. أخرجها: الدارقطني 3: 216 (2419 - ط الرسالة)، والحاكم 1: 422. وقال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه"، وأقره الذهبي. وأبو قتادة هو: عبد الله بن واقد الحراني، متروك. ينظر: التقريب ص 328. (ب) سعيد بن أبي عروبة. ورواه عنه: 1 - يزيد بن زريع (ثقة ثبت، وأخرج حديثه الجماعة) أخرجه الطبري 5: 613. 2 - جعفر بن عون (صدوق، وأخرج حديثه الجماعة) أخرجه البيهقي 4: 330 3 - عبد الأعلى بن عبد الأعلى (ثقة وأخرج حديثه الجماعة) أخرجه القطيعي في كتاب المناسك، كما في (إرواء الغليل) 4: 161. كلّ هؤلاء الثلاثة رووه عن سعيد، عن قتادة، عن الحسن مرسلا. وخالفهم: يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، فرواه عن سعيد، عن قتادة، عن أنس -رضي الله عنه- مرفوعًا. أخرجها: الدارقطني 3: 215 (2418 - ط الرسالة)، والحاكم 1: 441.

الشواهد

وقال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخن، ولم يخرجاه"، وأقره الذهبي. وسعيد بن أبي عروبة اختلط في آخر عمره ونص العلماء على أن يزيد بن زريع وعبد الأعلى ممن سمع منه قبل الاختلاط، ولم يذكروا ذلك في يحيى بن زكريا. وبعد هذا العرض يتبين أن الراجح رواية الإرسال. وهذا ما رجحه البيهقي، فقال في سننه 4: 330: "وروي عن سعيد بن أبي عروبة، وحماد ابن سلمة، عن قتادة عن أنس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في الزاد والراحلة، ولا أراه إِلا وهما". ثم خرجه مرسلا، وقال: "هذا هو المحفوظ عن قتادة عن الحسن، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مرسلا، وكذلك رواه يونس بن عبيد، عن الحسن". وقال الحافظ في التلخيص 2: 235: "قال أبو بكر ابن المنذر: لا يثبت الحديث في ذلك مسندا، والصحيح من الروايات: رواية الحسن المرسلة". ورجح الإرسال أيضًا: ابنُ عبد الهادي في (تنقيح التحقيق) 2: 379 وقال: "وأما رفعه عن أنس فهو وهم، هكذا قال شيخنا". الشواهد: 1 - عن عائشة قالت: سئل النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ ما السبيل إلى الحج؟ قال: (الزاد والراحلة). أخرجه العقيلي في الضعفاء 3: 332، والدارقطني 3: 216 (2420 - ط الرسالة)، والبيهقي 4: 330. قال البيهقي في المعرفة 7: 19: "وليس بمحفوظ". وسبق الكلام عليه. 2 - عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (الزاد والراحلة) يعني قوله: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}. أخرجه ابن ماجه (2897) في المناسك: باب ما يوجب الحج، من طريق ابن جريج، عن ابن عطاء، عن عكرمة، عن ابن عباس -رضي الله عنهما-. والدارقطني 3: 219 (2425 - ط الرسالة)، من طريق حصين بن مخارق، عن محمد ابن خالد، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، به.

قال الحافظ في (الدراية) 2: 4 في تخريج الحديث: "وأخرجه ابن المنذر من طريق علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس موقوفا، وأخرجه ابن ماجه من وجه آخر عنه مرفوعًا، وهو ضعيف، وأخرجه الدارقطني من وجه آخر أضعف منه". وضعف إسناده ابنُ حجر في التلخيص 2: 235، والمناوي في (الفتح السماوى) 1: 384. 3 - عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} قال: قيل يا رسول الله، ما السبيل؟ قال: (الزاد والراحلة). أخرجه الدارفطني 3: 214 (2417 - ط الرسالة)، وفيه بهلول بن عبيد الكندي الكوفي، أبو عبيد، ترجم له في اللسان 2: 78 وفيه: "قال أبو حاتم: ضعيف الحديث ذاهب، وقال أبو زرعة: ليس بشيء، وقال ابن حبان: يسرق الحديث". 4 - عن علي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من ملك زادا وراحلة تبلغه إلى بيت الله ولم يحج، فلا عليه أن يموت يهوديًا أو نصرانيًا، وذلك أن الله يقول في كتابه: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}). أخرجه الترمذي (812) في الحجِّ: باب ما جاء في التغليظ في ترك الحج، والطبري 5: 613، وابن أبي حاتم في تفسيره 3: 713 (3859) كلهم من طريق هلال بن عبد الله مولى ربيعة، عن أبي إسحق الهمداني، عن الحارث، عن علي -رضي الله عنه- به. وهلال بن عبد الله، هو أبو هاشم البصري، متروك. التقريب ص 576. والحارث هو ابن عبد الله الأعور، في حديثه ضعف. التقريب ص 146. قال أبو عيسى الترمذى: "هذا حديث غريب لا نعرفه إِلا من هذا الوجه، وفي إسناده مقال، وهلال بن عبد الله: مجهول، والحارث: يضعف في الحديث". والحديث عزاه السيوطي في (الدر المنثور) 3: 692 إلى ابن مردويه.

5 - عن عمرو بن شعيب، عن أبيه, عن جده, قال: قال رجل: يا رسول الله؛ ما السبيل؟ قال: (الزاد والراحلة). أخرجه الدارقطني 3: 213 (2414 - ط الرسالة) من طريق ابن لهيعة، و (2416) من طريق محمد بن عبيد الله العرزمي، كلاهما عن عمرو بن شعيب به. وابن لهيعة فيه كلام لا يخفى، وسبق في الحديث رقم (8)، والعرزمي: متروك، كما في التقريب ص 494. 6 - عن ابن عمر قال: قام رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: من الحاج يا رسول الله؟ قال: (الشعث التفل) فقام رجل آخر، فقال: أي الحج أفضل يا رسول الله؟ قال: (العج والثج) فقام رجل آخر، فقال: ما السبيل يا رسول الله؟ قال: (الزاد والراحلة). أخرجه الشافعي في مسنده: 1: 487 (744 - شفاء العي)، -ومن طريقه البيهقي 4: 330 - وأخرجه الترمذي (2998) في التفسير: باب من سورة آل عمران، وابن ماجه (2896) في المناسك: باب ما يوجب الحج، والطبري في تفسيره 5: 612، وابن المنذر في تفسيره 1: 306 (743)، وغيرهم، كلهم من طريق إبراهيم بن يزيد الخوزي، عن محمد ابن عباد بن جعفر، عن ابن عمر -رضي الله عنهما-. وإبراهيم بن يزيد الخوزي؛ متروك الحديث. ينظر: التقريب ص 95. قال أبو عيسى الترمذي -عقب الحديث-: "هذا حديث لا نعرفه من حديث ابن عمر إلا من حديث إبراهيم بن يزيد الخوزي المكي، وقد تكلم بعض أهل الحديث في إبراهيم بن يزيد من قبل حفظه". وقد روي حديث ابن عمر من طريق أخرى، قال ابن أبي حاتم في العلل 1: 297: "سألت علي بن الحسين بن الجنيد، عن حديث رواه سعيد بن سلام العطار، عن عبد الله ابن عمر العمري، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} قال: (الزاد والراحلة). قال: هذا حديث باطل".

الحكم على الحديث

وسعيد بن سلام العطار؛ قال فيه أحمد: كذاب، وقال البخاري: يذكر بوضع الحديث. ينظر: اللسان 3: 37. الحكم على الحديث: الحديث ضعيف. وقال البيهقي 4: 330 - بعد أن خرج مسند ابن عمر، ومرسل الحسن-: "وروي فيه أحاديث أخر، لا يصح شيء منها". وقال الزيلعي في (نصب الراية) 3:10: "قال الشيخ -يعني ابن دقيق العيد- في الإمام: وقد خرج الدارقطني هذا الحديث عن جابر، وأنس، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن مسعود، وعائشة، وليس فيها إسناد يحتج به". وأشار الحافظ إلى شواهد الحديث في (التلخيص) 2: 235، ثم قال: "وطرقها كلها ضعيفة، وقد قال عبد الحق: إن طرقه كلها ضعيفة وقال أبو بكر بن المنذر: لا يثبت الحديث في ذلك مسندا، والصحيح من الروايات رواية الحسن المرسلة". وقال في (فتح الباري) 3: 379: "قال ابن المنذر: لا يثبت الحديث الذي فيه ذكر الزاد والراحلة، والآية الكريمة عامة ليست مجملة، فلا تفتقر إلى بيان، وكأنه كلف كل مستطيع قدره بمال أو ببدن". وقال الصنعاني في (سبل السلام) 4: 165: "وله طرق عن علي، وعن ابن عباس، وعن ابن مسعود، وعن عائشة، وعن غيرهم، من طرق كلها ضعيفة". ولكن قال شيخ الإسلام ابن تيمية في شرح العمدة 2: 129 - بعد سرده لما ورد في ذلك-: "فهذه الأحاديث مسندة من طرق حسان، ومرسلة، وموقوفة، تدل على أن مناط الوجوب: الزاد والراحلة ... ". *****

(48)

قال تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران 97]. (48) عن أبي داود نفيع قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} فقام رجل من هذيل، فقال: يا رسول الله؛ من تركه كفر؟ قال: (من تركله ولا يخاف عقوبته، ومن حج ولا يرجو ثوابه فهو فهو ذاك). تخريجه: أخرجه الطبري 5: 620 - 621 قال: حدثني أحمد بن حازم، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا مطر، عن أبي داود نفيع .. فذكره. وعزاه في (الدر المنثور) 3: 696 إلى عبد بن حميد. الحكم على الإسناد: إسناده ضعيف جدا، لحال نفيع، وهو ابن الحارث، أبو داود الدارمي، ويقال: الهمداني، السبيعي الكوفي. (ت ق)، متروك، وقد كذبه ابن معين. ينظر: تهذيب الكمال 30: 9، التقريب ص 565. إضافة إلى علة الإرسال. *****

(49)

قال تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران 104]. (49) عن أبي جعفر الباقر قال: قرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ} ثم قال: (الخير: اتباع القرآن، وسنتي). تخريجه: أخرجه ابن مردويه، كما في تفسير ابن كثير 2: 91، و (الدر المنثور) 3: 717، و (فتح القدير) للشوكاني 1: 370. الحكم على الحديث: إسناده ضعيف، أبو جعفر الباقر؛ هو: محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. قال في التقريب ص 497: ثقة فاضل، من الرابعة، وأخرج حديثه الجماعة. والطبقة الرابعة -كما بين الحافظ في مقدمة التقريب ص 75 - : جلّ روايتهم عن التابعين. فيكون الحديث معضلا باعتبار الأغلب، ونص على ذلك السيوطي في الإتقان 2: 488. *****

(50)

قال تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [آل عمران 106]. (50) عن أبي غالب قال: رأى أبو أمامة -رضي الله عنه- رؤوسا منصوبة على درج مسجد دمشق، فقال أبو أمامة: "كلاب النار، شر قتلى تحت أديم السماء ,خير قتلى من قتلوه، ثم قرأ: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} إلى آخر الآية, قلت لأبي أمامة: أنت سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: لو لم أسمعه إلا مرة أو مرتين أو ثلاثا أو أربعا، حتى عد سبعاً ما حدثتكموه". تخريجه والحكم عليه: انظر الحديث رقم (35). *****

(51)

(51) عن ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} قال: (تبيض وجوه أهل السنة، وتسود وجوه أهل البدع). تخريجه والحكم عليه: الحديث أورده في (الدر المنثور) 3: 722 وعزاه إلى الخطيب في (الرواة عن مالك)، والديلمي. والحديث لم أقف عليه مسندا، لكن وقفت عليه في (تنزيه الشريعة المرفوعة) 1: 319 وعزاه للدارقطني وقال -يعني الدارقطني-: موضوع. وهكذا ذكره الفتني الهندي في (تذكرة الموضوعات) ص 84 - 85 وقال عنه: "موضوع". وأورده السيوطي في (الإتقان) 2: 488 وضعف إسناده. وعلقه الخليلي في (الإرشاد) 3: 872 في ترجمة (الفضل بن خرم)، فقال: "سمعت الحاكم أبا عبد الله يقول: لا أعرفه إلا بالصدق، قلت: فالحديث الذي يروى عنه، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [آل عمران: 106] قال: (تبيض وجوه أهل السنة، وتسود وجوه أهل البدع) كيف هذا؟ ولا يتابع عليه، وينكر هذا من حديث مالك. فتبسم، وقال: نرى هذا من الراوي عنه والله أعلم، أو عساه موقوف عن ابن عمر". وقال السيوطي في (الدر المنثور) 3: 722 عقبه: "وأخرج أبو نصر السجزي في الإبانة عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قرأ: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} قال: (تبيض وجوه أهل الجماعات والسنة، وتسود وجوه أهل البدع والأهواء) ". وجاء عن ابن عباس -رضي الله عنهما- موقوفا عليه.

أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره 3: 729 رقم (3950) (3951)، واللالكائي في (شرح أصول اعتقاد أهل السنة) 1: 72 رقم (74)، والخطيب في (تاريخ بغداد) 7: 379، عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، قال في قوله تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} قال: تبيض وجوه أهل السنة والجماعة، وتسود أهل البدع والضلالة. واللفظ لابن أبي حاتم. وفي سنده: مجاشع بن عمرو. قال فيه البخاري: منكر مجهول. وقال أبو حاتم: متروك الحديث، ضعيف ليس بشيء. وقال ابن معين: كان يكذب. ينظر: الجرح والتعديل 8: 390، تاريخ بغداد 12: 51، ميزان الاعتدال 3: 436. *****

(52)

قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَاعَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} [آل عمران 118]. (52) عن أبي أمامة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قول الله عز وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ} قال: (هم الخوارج). تخريجه: أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره 3: 742 (4032) قال: حدثنا أبو بدر عباد بن الوليد الغبري، ثنا محمد بن عباد الهنائي، ثنا حميد بن مهران المالكي الخياط، قال: سألت أبا غالب {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ} قال: حدثني أبو أمامة -رضي الله عنه- عن رسول -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (هم الخوارج). وأخرجه الطبراني في الكبير 8: 271 (8047) قال: حدثنا إسحاق بن داود الصواف التستري، ثنا المنذر بن الوليد الجارودي، حدثني ثنا حميد بن مهران به بنحوه. وأصل هذا الحديث -حديث أبي غالب، عن أبي أمامة -رضي الله عنه- في الخوارج- مشهور في دواوين السنة، من طرق كثيرة بألفاظ مختلفة، وانظر الحديث رقم (35). الحكم على الإسناد: الحديث أورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 6: 233 وقال: "رواه الطبراني، ورجاله ثقات"، و6: 327 وقال: "رواه الطبراني، وإسناده جيد". وجوَّد إسناده أيضا؛ السيوطيُ في (الدر المنثور) 3: 737. وانظر ما سبق برقم (35). *****

(53)

قال تعالى: {بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ} [آل عمران 125]. (53) عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قوله: {مُسَوِّمِينَ}، قال: (معلمين، وكانت سيما الملائكة يوم بدر: عمائم سود، ويوم أحد: عمائم حمر). تخريجه: أخرجه الطبراني في الكبير 11: 193 (11469) قال: حدثنا أحمد بن داود المكي، ثنا حمزة بن عبيد الله الثقفي، ثنا عبد القدوس بن حبيب، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- .. فذكره. وعزاه ابنُ كثير في تفسيره 2: 113، والسيوطي في (الدر المنثور) 3: 755 إلى ابن مردويه. وأفاد ابنُ كثير أن ابن مردويه يرويه من طريق عبد القدوس بن حبيب، به. الحكم على الإسناد: إسناده ضعيف جدا. فيه عبد القدوس بن حبيب، وهو الكلاعي الشامي الدمشقي أبو سعيد. قال عبد الرزاق: ما رأيت ابن المبارك يفصح بقوله كذاب؛ إلا لعبد القدوس. وقال الفلاس: أجمعوا على ترك حديثه. وقال النسائي: ليس بثقة. وتال ابن عدي: له أحاديث غير محفوظة، وهو منكر الحديث إسنادا ومتنا. وقال ابن حبان: كان يضع الحديث على الثقات، لا يحل كتابة حديثه ولا الرواية عنه. ينظر: الجرح والتعديل 6: 55، المجروحين 2: 131، الكامل 5: 342، المغني في الضعفاء 2: 401، الكشف الحثيث ص 171، اللسان 4: 53 والحديث أورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 6: 327 وقال: "رواه الطبراني، وفيه عبد القدوس بن حبيب، وهو متروك". وضعف إسناده: السيوطيُ في (الدر المنثور) 3: 755. *****

(54)

قال تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران 169]. (54) عن مسروق، قال: سألنا عبد الله -رضي الله عنه- عن هذه الآية: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} قال: أما إنا قد سألنا عن ذلك، فقال: (أرواحهم في جوف طير خضر، لها قناديل معلقة بالعرش، تسرح من الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى تلك القناديل، فاطلع إلبهم ربهم اطلاعة، فقال: هل تشتهون شيئا؟ قالوا: أي شيء نشتهي ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا! ففعل ذلك بهم ثلاث مرات، فلما رأوا أنهم لن يتركوا من أن يسألوا، قالوا: يارب؛ نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى، فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا). تخريجه: أخرجه مسلم رقم (1887) في الإمارة: باب بيان أن أرواح الشهداء في الجنة، والترمذي رقم (3011) في التفسير: باب ومن سورة آل عمران، وابن ماجه رقم (2801) في الجهاد: باب فضل الشهادة في سبيل الله، والدارمي رقم (2410) في الجهاد: باب ما يتمنى الشهيد من الرجعة إلى الدنيا، كلهم من طريق الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن مسروق، به، بنحوه, ولفظ الدارمي مختصر، وظاهره الوقف. وقال النووي في (شرح مسلم) 13: 31: "وهذا الحديث مرفوع، لقوله: إنا قد سألنا عن ذلك، فقال يعنى: النبي -صلى الله عليه وسلم-". *****

(55)

قال تعالى: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [آل عمران 180]. (55) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول -صلى الله عليه وسلم-: (من آتاه الله مالا فلم يؤد زكاته، مثل له ماله شجاعا أقرع، له زبيبتان يطوقه يوم القيامة، يأخذ بلهزمتيه -يعش بشدقيه- يقول: أنا مالك، أنا كنزك ثم تلا هذه الية: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ..}) إلى آخر الآية. تخريجه: أخرجه البخاري (1403) في الزكاة: باب إثم مانع الزكاة, و (4565) في التفسير: باب {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ..}، والنسائي (2482) في الزكاة: باب مانع زكاة ماله، وأحمد 2: 355، كلهم من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار المدني، عن أبيه، عن أبي صالح، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- به، بنحوه. غريب الحديث: قوله: (شجاعا)، الشُّجاع -بالضم والكسر- الحيةُ الذكر، وقيل: الحية مُطْلقا. ينظر: النهاية 2: 447 مادة (شجع). وقوله: (أقرع)، الأقرع: الذي لا شَعْر على رأسه. ينظر: النهاية 4: 44 مادة (قرع). وقوله: (زبييَتَان)، الزَّبيبةُ: نُكْتة سوداءُ فوقَ عين الحيَّة، وقيل: هما نُقْطَتان تكْتَنِفان فاها. ينظر: النهاية 2: 292 مادة (زبب). *****

سورة النساء

سورة النساء قال تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} [النساء 3]. (56) عن عائشة -رضي الله عنها- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: {ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} قال: (أن لا تجوروا). تخريجه: أخرجه ابن حبان -كما في الإحسان 9: 338 (4029) - قال: أخبرنا ابن سلم، قال: حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن شعيب، عن عمر بن محمد بن زيد العمري، عن هشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة -رضي الله عنها- به. وأخرجه ابن المنذر في تفسيره 2: 558 (1336)، والطحاوي في (شرح مشكل الآثار) 14: 426 رقم (5730)، وابن أبي حاتم 3: 860 (4761)، كلهم من طريق عبدالرحمن بن إبراهيم، به. وعزاه الزيلعي في (تخريج الأحاديث والآثار الواردة في الكشاف) 1: 280، وابن كثير 2: 212 إلى ابن مردويه من طريق عبد الرحمن بن إبراهيم أيضا. وزاد الزيلعي نسبته إلى الطبري، ولم أجده فيه, ولم أر غيره عزاه له، كابن كثير، والسيوطي في (الدر المنثور) 4: 223. الحكم على الإسناد: إسناد صحيح. لكن أعله أبو حاتم، كما ذكر ذلك ابنه, فقال في تفسيره 3: 860: "قال أبي: هذا حديث خطأ، الصحيح عن عائشة موقوف".

ونقل ذلك عن ابن أبي حاتم: الزيلعيُ في (تخريج الأحاديث والآثار الواردة في الكشاف) 1: 280، وابنُ كثير 2: 213، والسيوطيُ في (الدر المنثور) 4: 223، وفي (الإتقان) 2: 489. ولم أقف على رواية الوقف مسندة، والله أعلم. وجاء موقوفا عن ابن عباس -رضي الله عنه-، من طرق. فأخرجه ابن أبي شيبة في (المصنف) 4: 24 قال: نا إسحاق بن منصور، عن هريم بن سفيان، عن بيان، عن الشعبي، عن ابن عباس -رضي الله عنه-: {ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} قال: (تميلوا). وهذا سند صحيح، وبيان؛ هو ابن بشر الأحمسي. وأخرجه سعيد بن منصور في سننه 3: 1146 (558 - التفسير)، قال: نا خالد بن عبدالله، عن بيان، به. لكن جاء على الشك: أراه قال: عن ابن عباس، فالشك ممن دون بيان، لدلالة رواية ابن أبي شيبة. وأخرجه الطحاوي في (شرح مشكل الآثار) 14: 428، قال: حدثنا ابن أبي داود، حدثنا أبو عمر الحوضي، حدثنا خالد بن عبد الله، عن عطاء -يعني ابن السائب- عن عامر، عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: {ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} قال: (لا تميلوا). قال الحافظ في ترجمة عطاء بن السائب -في (هدي الساري) ص446 - : "من مشاهير الرواة الثقات، إلا أنه اختلط، فضعفوه بسبب ذلك، وتحصل لي من مجموع كلام الأئمة, أن رواية شعبة، وسفيان الثوري، وزهير بن معاوية, وزائدة , وأيوب, وحماد بن زيد، عنه قبل الاختلاط، وأن جميع من روى عنه غير هؤلاء؛ فحديثه ضعيف، لأنه بعد اختلاطه، إلا حماد بن سلمة، فاختلف قولهم فيه". وفي التقريب: صدوق اختلط. مات سنة 136 هـ. وعامر؛ هو ابن شراحيل الشعبي.

تنبيه

وأخرجه الطبري 6: 379 من طريق عبد الله بن صالح، قال: ثنا معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس -رضي الله عنهما-. وهذه الطريق فيها مقال سيأتي بيانه في الحديث رقم (221). وأخرجه أيضا 6: 379 قال: حدثنا محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه, عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، فذكره. محمد بن سعد؛ هو ابن محمد بن الحسن بن عطية العوفي. كان لينا في الحديث. ينظر: اللسان 5: 179. وأبوه سعد، قال فيه أحمد: لم يكن ممن يستأهل أن يكتب عنه، ولا كان موضعا لذاك. ينظر: تاريخ بغداد 9: 126، اللسان 3: 23. وعمه، الحسين بن الحسن ين عطية العوفي؛ ضعفه غير واحد من أهل العلم. ينظر: الجرح والتعديل 3: 48، اللسان 2: 318. وأبوه؛ الحسن بن عطية العوفي، ضعيف. ينظر: التقريب ص 162. وأثر ابن عباس -رضي الله عنهما- هذا؛ عزاه في (الدر المنثور) 4: 223 إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم. تنبيه: قال الإمام الطحاوي في (شرح مشكل الآثار) 14: 428 عقب الإشارة إلى أثر ابن عباس -رضي الله عنهما- السابق: (وهذا مما لا يقال بالرأي، وإنما يقال بالتوقيف). وفيما قاله نظر، لأنه يحتمل أن يكون هذا التفسير مما يعلمه من لغة العرب، وهو حجة في ذلك، وهذا من باب الرأي المحمود. *****

(57)

قال تعالى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} [النساء 15]. (57) عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله: (خذوا عني، خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلا، البكر بالبكر؛ جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب؛ جلد مائة، والرجم). تخريجه: أخرجه مسلم (1690) في الحدود: باب حد الزنى، وأبو داود (4415) في الحدود: باب في الرجم، والترمذي (1434) في الحدود: باب ما جاء في الرجم على الثيب،, وأحمد (5: 313. 320)، والدارمي (2327) باب في تفسير قول الله تعالى: {أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا}، كلهم من طريق الحسن البصري، عن حطان بن عبد الله الرقاشي، عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- به بنحوه. وأخرجه ابن ماجه (2550) في الحدود: باب حد الزنا، من طريق يونس بن جبير، عن حطان بن عبد الله الرقاشي، عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- به بنحوه. وأخرجه عبد الله بن الإمام أحمد في زوائد المسند 5: 327 من طريق الحسن قال: قال عبادة بن الصامت -رضي الله عنه-: نزل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ ..} إلى آخر الآية، قال: ففعل ذلك بهن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فبينما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالس، ونحن حوله، وكان إذا نزل عليه الوحي أعرض عنا، وأعرضنا عنه، وتربد وجهه، وكرب لذلك، فلما رفع عنه الوحي؛ قال: (خذوا عني) قلنا: نعم يا رسول الله، قال: (قد جعل الله لهن سبيلا، البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة ثم الرجم).

لكن الحسن يرويه عن عبادة -رضي الله عنه- بواسطة حطان كما تقدم. والحديث أخرجه الشافعي في (الرسالة) ص 129، وفي (اختلاف الحديث) ص 213 قال: أخبرنا عبد الوهاب، عن يونس بن عبيد، عن الحسن، عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه-، فذكره مختصرا، ثم قال عقبه في (اختلاف الحديث):"وقد حدثني الثقة، أن الحسن كان يدخل بينه وبن عبادة: حطان الرقاشي، ولا أدري أدخله عبد الوهاب بينهما، فزال من كتابي حين حولته من الأصل أم لا؟، والأصل يوم كتبت هذا الكتاب غائب عني". *****

(58)

قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء 56]. (58) عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قرىء عند عمر {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا} فقال عمر -رضي الله عنه-: (أعدها)، فأعادها، فقال معاذ بن جبل -رضي الله عنه-: (عندي تفسيرها؛ تبدل في ساعة مائة مرة)، فقال عمر -رضي الله عنه-: (هكذا سمعت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-). تخريجه: أخرجه الطبراني في الأوسط 5: 7 (4517)، قال: حدثنا عبدان بن محمد المروزي، قال: نا هشام بن عمار، قال: حدثنا سعيد بن يحيى اللخمي، قال: حدثنا نافع مولى يوسف السلمي، عن نافع، عن ابن عمر -رضي الله عنهما- .. فذكره. وقال عقبه: لا يروى هذا الحديث عن عمر إلا بهذا الإسناد، تفرد به هشام بن عمار. وأخرجه ابن عدي في (الكامل) 7: 50، وابن أبي حاتم في تفسيره 3: 982 (5493) معلقا بصيغة التمريض، كلاهما من طريق هشام به. وأخرجه ابن مردويه، كما في تفسير ابن كثير 2: 337، و (التخويف من النار) لابن رجب ص172، و (الدر المنثور) 4: 492. الحكم على الإسناد: إسناده ضعيف جدا، فيه نافع مولى يوسف السلمي. قال أبو حاتم: متروك الحديث، وضعفه أحمد وغيره. وقال البخاري: منكر الحديث. ينظر: الجرح والتعديل 8: 459، الضعفاء الكبير 4: 285. وضعف إسناده السيوطي في (الإتقان) 2: 489، وفي (الدر المنثور) 4: 492. وأورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 7: 6 وقال: "رواه الطبراني في الأوسط، وفيه: نافع مولى يوسف السلمي، وهو متروك". *****

(59)

قال تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء: 93]. (59) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله عز وجل: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} قال: (هو جزاؤه إن جازاه). تخريجه: أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره 3: 1038 (5819)، قال: حدثني أبي، ثنا محمد بن جامع، قال: حدثني العلاء بن ميمون، ثنا الحجاج بن الأسود، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه العقيلي في (الضعفاء الكبير) 3: 346، والطبراني في الأوسط 8: 270 (8606)، وابن بشران في (أماليه) ص 67 رقم (109)، كلهم من طريق محمد بن جامع العطار، به، بنحوه. وقال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن محمد بن سيرين إلا الحجاج بن الأسود، ولا رواه عن الحجاج إلا العلاء بن ميمون، تفرد به محمد بن جامع. وعزاه ابن كثير 2: 380 إلى ابن مردويه. الحكم على الإسناد: إسناد ضعيف، فيه محمد بن جامع؛ وهو البصري العطار. قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: كتبت عنه وهو ضعيف الحديث، وكان يحدث بأحاديث كبار، فامتنع أبي من الرواية عنه. وقال: سئل أبو زرعة عن محمد بن جامع العطار، فقال: ليس بصدوق، ما حدثت عنه شيئا، ولم يقرأ علينا حديثه. وقال ابن أبي حاتم -في ترجمة (مسعود بن عمرو) -: محمد بن جامع العطار؛ متروك الحديث. وهكذا قال ابن عبد البر.

وضعفه أبو يعلى. وقال ابن عدي: لا يتابع على أحاديثه وقال في ترجمة (عمر بن مساور): محمد بن جامع؛ ضعيف. ينظر: الجرح والتعديل 7: 223 - 8: 282، الكامل 6: 270 - 5: 60، الاستيعاب 3: 1394، الميزان 3: 498، اللسان 5: 107. وشيخه: العلاء بن ميمون؛ ذكره العقيلي في الضعفاء، وأخرج له هذا الحديث، وقال: لا يتابع على حديثه. وقال الذهبي -في المغني-: لا يدرى من هو؟. ينظر: الضعفاء الكبير 3: 346، المغني في الضعفاء 2: 441، الميزان 3: 105، اللسان 4: 227. ونص الحافظ الطبراني على تفرد محمد بن جامع بهذا الحديث. وهكذا في (أطراف الغرائب والأفراد) لابن القيسراني 5: 254، 248. والحديث أورده ابن كثير في تفسيره 2: 380 وقال: "لا يصح". وأورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 7: 8 وقال: "رواه الطبراني في الأوسط، وفيه: محمد ابن جامع العطار، وهو ضعيف". وضعف إسناده السيوطيُ في (الدر المنثور) 4: 602، وفي (الإتقان) 2: 489. *****

(60)

قال تعالى: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا} [النساء: 123]. (60) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: لما نزلت: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} بلغت من المسلمين مبلغا شديدا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (قاربوا وسددوا، ففي كل ما يصاب به المسلم كفارة، حتى النكبة بنكبها، أو الشوكة يشاكها). تخريجه: أخرجه مسلم (2574) في البر والصلة: باب ثواب المؤمن فيما يصيبه من مرض أو حزن، والترمذي (3038) في تفسير القرآن: باب ومن سورة النساء، وأحمد 2: 248، كلهم من طريق سفيان بن عيينة، عن عمر بن عبد الرحمن بن محيصن، عن محمد بن قيس ابن مخرمة عن أبي هريرة -رضي الله عنه- به، بنحوه. *****

(61)

قال تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء 173]. (61) عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قوله: {فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ} قال: (أجورهم: يدخلهم الجنة، ويزيدهم من فضله: الشفاعة لمن وجبت له الشفاعة لمن صنع إليهم المعروف في الدنيا). تخريجه: أخرجه الطبراني في الكبير 10: 248 (10462) قال: حدثنا الحسين بن إسحاق التستري، وعبدان بن أحمد، قالا: ثنا محمد بن مصفى، ثنا بقية بن الوليد، ثنا إسماعيل بن عبد الله الكندي، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه في الأوسط 6: 53 (5770)، والإسماعيلي في "معجم شيوخه" 2: 568 (201)، كلاهما من طريق بقية به. وعزاه في (الدر المنثور) 5: 142 إلى ابن المنذر، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: إسناد ضعيف؛ لجهالة إسماعيل بن عبد الله الكندي. قال عنه الذهبي: "عن الأعمش، وعنه: بقية، بخبر عجيب منكر". ينظر: الميزان 4: 235، اللسان 1: 533. ولم يقع التصريح بالسماع في جميع طبقات الإسناد، وفيه محمد بن مصفى، وبقية، وهما مذكوران بتدليس التسوية لاسيما بقية، فهو أشهر من عرف به. قال ابن حبان في آخر مقدمة (المجروحين): سمعت ابن جوصا يقول: سمعت أبا زرعة الدمشقي يقول: كان صفوان بن صالح، ومحمد بن مصفى؛ يسويان الحديث. وعد ابنُ حجر محمد بن مصفى في المرتبة الثالثة من مراتب المدلسين، وهي: من أكثر من التدليس، فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع. وفي التقريب: صدوق له أوهام، وكان يدلس.

ينظر: الجرح والتعديل 8: 104، الثقات 9: 100، المجروحين 1: 94، تهذيب الكمال 26: 465، السير 12: 94، الميزان 4: 43، الكاشف 2: 222، طبقات المدلسين ص 45، التقريب ص 507. وبقية بن الوليد؛ هو ابن صائد الكلاعي الحميري، أبو يُحمِد -بضم الياء وكسر الميم- الحمصي. قال سفيان بن عيينة: لا تسمعوا من بقية ما كان في سنة، واسمعوا منه ما كان في ثواب وغيره. وقال ابن سعد: ثقة في روايته عن الثقات، ضعيف في روايته عن غير الثقات. وقال يعقوب: هو ثقة حسن الحديث إذا حدث عن المعروفين، ويحدث عن قوم متروكي الحديث، وعن الضعفاء، ويحيد عن أسمائهم إلى كناهم، وعن كناهم إلى أسمائهم، ويحدث عمن هو أصغر منه. وقال أبو زرعة: ما له عيب إلا كثرة روايته عن المجهولين، فأما الصدق فلا يؤتى من الصدق، إذا حدث عن الثقات فهو ثقة. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه، ولا يحتج به. وقال النسائي: إذا قال (حدثنا) و (أخبرنا) فهو ثقة، وإذا قال: عن فلان فلا يؤخذ عنه؛ لأنه لا يدري عمن أخذه. وقال ابن عدي: يخالف في بعض رواياته الثقات، وإذا روى عن أهل الشام فهو ثبت، وإذا روى عن غيرهم خلط، وإذا روى عن المجهولين فالعهدة منهم لا منه، وبقية صاحب حديث، ويروي عن الصغار والكبار، ويروي عنه الكبار من الناس، وهذه صفة بقية. وقال أبو مسهر: أحاديث بقية ليست نقية، فكن منها على تقية. وقال ابن خلفون: لم يتكلم فيه من قبل حفظه ولا مذهبه، إنما تكلم فيه من قبل تدليسه وروايته عن المجهولين. وقال ابن حبان: لقد دخلت حمص وأكثر همي شأن بقية فتتبعت حديثه، وكتبت النسخ على الوجه وتتبعت ما لم أجد بعلو من رواية القدماء عنه، فرأيته ثقة مأموناً ولكنه كان

مدلساً ... وإنما امتحن بقية بتلاميذ له كانوا يسقطون الضعفاء من حديثه ويسوونه فالتزق ذلك كله به. وقال الذهبي -في الميزان-: "قال أبو الحسن بن القطان: بقية يدلس عن الضعفاء، ويستبيح ذلك، وهذا -إن صح- مفسد لعدالته، قلت: نعم والله صح هذا عنه أنه يفعله، وصح عن الوليد بن مسلم وعن جماعة كبار فعله، وهذه بلية منهم ولكنهم فعلوا ذلك باجتهاد وما جوزوا على ذلك الشخص الذي يسقطون ذكره بالتدليس أنه تعمد الكذب، هذا أمثل ما يعتذر به عنهم". وقال -في التذكرة-: "كان يدلس كثيراً فيما يتعلق بالأسماء، ويدلس عن قوم ضعفاء وعوام يسقطهم بينه وبين ابن جريج ونحو ذلك، ويروي عمن دب ودرج". وقال الحافظ: صدوق، كثير التدليس عن الضعفاء. وعده في المرتبة الرابعة من مراتب المدلسين، وهي من اتفق على أنه لا يحتج بشيء من حديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع لكثرة تدليسهم عن الضعفاء والمجاهيل. توفي سنة 197 هـ، وأخرج له مسلم حديثاً واحداً في المتابعات، والبخاري تعليقاً، وأصحاب السنن الأربعة. ينظر: طبقات ابن سعد 7: 469، التاريخ الكبير 2: 150، الجرح والتعديل 2: 434، الضعفاء الكبير للعقيلي 1: 162، الكامل 2: 72، المجروحين 1: 200، تهذيب الكمال 4: 192، تذكرة الحفاظ 1: 289، الميزان 1: 331، الكاشف 1: 273، التهذيب 1: 298، مراتب المدلسين ص 163، التقريب ص 126. وصورة تدليس التسوية: أن يسقط الراوي من فوق شيخه في السند، لكونه مجروحا، أو مجهولا، أو صغيرا، وياقي بلفظ محتمل عن الثقة الثاني، تحسينا للحديث، وتسوية لحال رجاله في الثقة، وهو شر أقسام التدليس. ينظر: تدريب الراوي 1: 257 ولذا لابد أن يقع التصريح بالسماع في جميع طبقات السند التي تلي الراوي الموصوف بتدليس التسوية.

المتابعات

وقال ابن كثير في تفسيره 2: 481 - عقب إيراد الحديث من هذا الطريق-: "وهذا إسناد لا يثبت". وضعف إسناده السيوطيُ في (الدر المنثور) 5: 142، وفي (الإتقان) 2: 489. المتابعات: نص الحافظ الطبراني إثر رواية الحديث؛ على تفرد بقية به، فقال في (المعجم الأوسط) 6: 53: "لم يرو هذا الحديث عن الأعمش؛ إلا إسماعيل الكندي، تفرد به بقية". لكن وقفت على متابع لإسماعيل الكندي، فقد أخرج الحديثَ: أبو نعيم في (الحلية) 4: 108، 7: 128 قال: حدثنا محمد بن المظفر، ثنا أحمد بن محمد بن عمر بن حفص الأوصابي -وفي الموضع الثاني: الأوصائي-، ثنا أبي، ثنا ابن حمير، ثنا سفيان الثوري، ثنا الأعمش، به بنحوه. ثم قال عقبه 4: 108: "عزيز عجيب من حديث الثوري"، ثم أبان عن حال هذا الحديث، فقال: "تفرد به إسماعيل بن عبد الله الكندي عن الأعمش، وعن إسماعيل: بقية ابن الوليد، وحديث الثوري لم نكتبه إلا عن هذا الشيخ". ففي هذا إشارة إلى أن هذا الوجه خطأ غير محفوظ، وأن المحفوظ فيه رواية بقية بل نص على تفرد بقية به, كما سبقه إلى ذلك الحافظ الطبراني رحمه الله. وأخرج الحديث: ابنُ أبي حاتم في تفسيره 4: 1124 موقوفا على الأعمش، فقال: حدثنا علي بن الحسين، ثنا محمد بن المصفى، ثنا بقية، ثنا إسماعيل بن عبد الله الكندي، عن الأعمش بنحوه، موقوفا عليه. الحكم على الحديث: ضعيف، وقد أشار الذهبي إلى نكارته, كما سبق في ترجمة: إسماعيل بن عبد الله الكندي. *****

(62)

قال تعالى: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} [النساء 176]. (62) عن أبي سلمة بن عبد الرحمن رحمه الله، قال: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله؛ {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} قال: (من لم يترك ولدا ولا والدا، فورثته كلالة). تخريجه: أخرجه أبو داود في (المراسيل) ص 424 (361)، قال: حدثنا حسين بن علي بن الأسود، ثنا يحيى -يعني ابن آدم-، ثنا عمار بن رزيق، عن أبي إسحاق، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن .. فذكره. وأخرجه البيهقي 6: 224 في الفرائض: باب حجب الأخوة والأخوات من كانوا بالأب .. إلخ، من طريق أبي داود به. وعزاه في (الدر المنثور) 5: 145 إلى عبد بن حميد. الحكم على الإسناد: إسناد ضعيف، لما يلي: 1 - الإرسال. 2 - عنعنة أبي إسحاق، وهو عمرو بن عبد الله أبو إسحاق السبيعي الكوفي. (ع). ثقة مكثر عابد، اختلط بأخرة وأنكر الذهبي أن يكون اختلط، وإنما شاخ ونسي. ووصفه بالتدليس النسائي، وغيره. وقال ابن حجر: مشهور بالتدليس، وعده في المرتبة الثالثة من مراتب المدلسين، وهي: من أكثر من التدليس، فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع، ومنهم من رد حديثهم مطلقا، ومنهم من قبلهم. وهو كوفي، والتدليس كثير فيهم. ولد سنة 33 هـ، وتوفي سنة 129 هـ. ينظر: تهذيب الكمال 22: 102، الميزان 3: 270، السير 5: 392، جامع التحصيل ص 245، التقريب ص 423.

المتابعات والشواهد

ولم تذكر له رواية عن أبي سلمة في ترجمتيهما في (تهذيب الكمال)، ولم يثبت بينهما اللقي، مع اختلاف بلديهما، فهاهنا يتوجه التعليل بالعنعنة من مثل أبي إسحاق. قال البيهقي في السنن الكبرى 6: 224 - عقب الحديث-: "حديث أبي إسحاق عن أبي سلمة؛ منقطع، وليس بمعروف". 3 - الكلام في الحسين بن علي، وهو ابن الأسود العجلي، أبو عبد الله الكوفي، نزيل بغداد. (د ت) سئل عنه أحمد بن حنبل، فقال: لا أعرفه. وقال أبو حاتم: صدوق. وقال ابن عدي: يسرق الحديث، وأحاديثه لا يتابع عليها. وذكره ابن حبان في (كتاب الثقات)، وقال: ربما أخطأ. وفي التقريب: صدوق يخطىء كثيرا. مات سنة 254 هـ. ينظر: الجرح والتعديل 3: 56، الثقات 8: 190، الكامل 2: 368، تاريخ بغداد 8: 68، تهذيب الكمال 6: 391، الميزان 1: 543، الكاشف 1: 334، المغني في الضعفاء 1: 173، تهذيب التهذيب 1: 526، التقريب ص 167. فقد جرحه ابن عدي، وفسر جرحه بذكر أمثلة من الأحاديث التي سرقها. 4 - أن سماع عمار بن رزيق من أبي إسحاق؛ متأخر، بعدما كبر، وتغير حفظه، وقد نص على ذلك أبو حاتم، كما في العلل لابنه 2: 186، وجاء فيه أيضا 1: 438 ما نصه: "سئل أبي عن حديث عمر: (لا ندع كتاب ربنا، وسنة نبينا ..)، فقال: الحديث ليس بمتصل. وقيل له: حديث الأسود عن عمر، قال: رواه عمار بن رزيق، عن أبي إسحاق وحده، لم يتابع عليه". المتابعات والشواهد: (أ) المتابعات: تابع الحسين بن علي في روايته عن يحيى بن آدم: يحيى بن عبد الحميد، كما أخرج ذلك الحاكم في مستدركه 4: 373 في كتاب الفرائض، قال: أخبرنا أبو النضر الفقيه، ثنا أحمد ابن نجدة, ثنا يحيى بن عبد الحميد، ثنا يحيى بن آدم، ثنا عمار بن رزيق، عن أبي إسحاق، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رجلا قال: يا رسول الله، ما

(ب) الشواهد

الكلالة؟ قال: (أما سمعت الآية التي نزلت في الصيف: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ}، والكلالة: من لم يترك ولدا ولا والدا). قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، على شرط مسلم، ولم يخرجاه. وتعقبه الذهبي فقال: الحماني ضعيف. قلت: ويحيى بن عبد الحميد، هو الحماني الكوفي، تكلم فيه أحمد، وابن المديني، واتهم بسرقة الحديث. ينظر: تهذيب الكمال 31: 419، التقريب ص 593. فلعل الحسين بن علي، أحسن حالا منما إضافة إلى وجود العلتين الثانية، والرابعة. والحديث أخرجه الطبري 7: 723، قال: حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبو أسامة عن زكريا، عن أبي إسحاق، عن أبي سلمة قال: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فسأله عن الكلالة، فقال: (ألم تسمع الآية التي أنزلت في الصيف؛ {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً}؟) إلى آخر الآية. زكريا؛ هو ابن أبي زائدة, ثقة، وسماعه من أبي إسحاق بأخرة. ينظر: التقريب ص 216. وأبو أسامة؛ حماد بن أسامة, ثقة ثبت، وسيأتي في الحديث رقم (189). وابن وكيع؛ هو: سفيان بن وكيع بن الجراح، قال أبو زرعة: لا يشتغل بمع واتهمه بالكذب. وفي التقريب: كان صدوقا، إلا أنه ابتلي بوراقه, فأدخل عليه ما ليس من حديثه، فنصح فلم يقبل، فسقط حديثه. ينظر: تهذيب الكمال 11: 200، التقريب ص 245. (ب) الشواهد: عن البراء -رضي الله عنه- قال: سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الكلالة؟ , فقال: (ما عدا الولد والوالد). هكذا أورده السيوطي في (الدر المنثور) 5: 149، وفي (الإتقان) 2: 490، وعزاه في الموضعين إلى: أبي الشيخ في كتاب (الفرائض)، ولم أقف عليه مسندا. وقال أبو داود في (المراسيل) ص 424 عقب رواية حديث الباب: "روى عمار، عن أبي إسحاق، عن البراء، في الكلالة، قال: تكفيك آية الصيف".

قال البيهقي 6: 224 - بعد ذكر كلام أبي داود-: "هذا هو المشهور، وحديث أبي إسحاق عن أبي سلمة؛ منقطع، وليس بمعروف". والحديث المشار إليه: عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: يا رسول الله، يستفتونك في الكلالة، فما الكلالة؟ قال: (تجزيك آية الصيف). أخرجه أبو داود (2889) في الفرائض: باب من كان ليس له ولد، وله أخوات، -ومن طريقه: البيهقي 6: 224 - ، والترمذي (3042) في تفسير القرآن: باب ومن سورة النساء، وأحمد 4: 293، وابن عبد البر في (التمهيد) 5: 187، كلهم من طريق أبي بكر بن عياش، عن أبي إسحاق، عن البراء -رضي الله عنه-. وساقه ابن كثير في تفسيره (2: 483) وقال: "وهذا إسناد جيد". وليس فيه موضع الشاهد في بيان معنى الكلالة. والذي يظهر بعد هذا أن مدار الحديث على أبي إسحاق، واختلف عليه على وجهين: 1 - أبو إسحاق، عن أبي سلمة، مرسلا. ورواه عنه بهذا الوجه ثلاثة: (أ) عمار بن رزيق، كما سبق في الحديث الأصل. (ب) زكريا بن أبي زائدة، أخرجها الطبري كما سبق. (ج) يونس بن أبي إسحاق السبيعي. وقد ذكرها أبو حاتم، كما في (العلل) لابنه رقم (1639). 2 - أبو إسحاق، عن البراء -رضي الله عنه-، موصولا. ورواه عنه بهذا الوجه ثلاثة أيضا: (أ) أبو بكر بن أبي عياش، وقد تقدم قريبا. (ب) حجاج بن أرطاة، أخرجه أحمد 4: 295، 301، وأبو يعلى 3: 216 رقم (1656)، والطبراني في الأوسط 7: 73 رقم (6892). وحجاج؛ صدوق كثير الخطأ والتدليس. ينظر: التقريب ص 152.

الحكم على الحديث

(جـ) الأجلح بن عبد الله الكندي، وقد ذكرها أبو حاتم، كما في (العلل) لابنه رقم (1639). والأجلح؛ صدوق كما في التقريب ص 96. وهذان الوجهان سئل عنهما أبو حاتم، كما جاء في (العلل) لابنه 2: 51 رقم (1639)، قال: "سألت أبي عن حديث رواه أبو بكر بن عياش، وحجاج بن أرطاة، والأجلح، عن أبي إسحاق، عن البراء -رضي الله عنه- سئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الكلالة. ورواه يونس، عن أبيه عن أبي سلمة، مرسل؟ قال: تابع يونس زكريا، وحديثه عن أبي سلمة أشبه عندي". الحكم على الحديث: ضعيف. وقد جاء هذا المعنى بسند صحيح، عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، وعن عمر -رضي الله عنه-. ينظر: سنن سعيد بن منصور 3: 1180 - 1185، التلخيص الحبير 3: 89 الدر المنثور 5: 147، 150. فائدة: قال الخطابي في (معالم السنن) 4: 86: "وأما قوله: (تجزيك آية الصيف)؛ فإن الله سبحانه أنزل في الكلالة آيتين؛ إحداهما في الشتاء، وهي الآية التي في سورة النساء -يعني في أولها (آية12) - وفيها إجمال وإبهام لا يكاد يتبين هذا المعنى من ظاهرها، ثم أنزل الآية الأخرى في الصيف وهي التي في آخر سورة النساء -آية (176) - وفيها من زيادة البيان ما ليس في آية الشتاء، فأحال السائل عليها ليتبين المراد بالكلالة المذكورة فيها، والله أعلم. وقد أفردت مسألة في الكلالة وتفسيرها، وأودعتها من الشرح والبيان أكثر من هذا، وهو من غريب العلم ونادره". وجاء في (النهاية) لابن الأثير 3: 68 مادة (صيف): " (تَكْفيك آيةُ الصَّيف)، أي التي نَزَلت في الصَّيف. وهي الآيةُ التي في آخرِ سُورَةِ النّساء". وانظر: (الإتقان) للسيوطي 1: 101. *****

سورة المائدة

سورة المائدة قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ} [المائدة 20]. (63) عن زيد بن أسلم في قوله: {وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا}، قال: قال: رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو لا أعلمه إلا قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (زوجة ومسكن، وخادم). تخريجه: أخرجه أبو داود في (المراسيل) ص 291 (193)، قال: حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع، نا أبو ضمرة، عن زيد بن أسلم .. فذكره. وأخرجه الطبري 8: 279 عن الزبير بن بكار، ثنا أبو ضمرة، به، بلفظ: (من كان له بيت وخادم، فهو ملك). وعزاه في (الدر المنثور) 5: 242 إلى: الزبير بن بكار في (الموفقيات)، ولم أجده في المطبوع. الحكم على الإسناد: إسناد ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مرسله. والحديث أورده ابن كثير في تفسيره 3: 73 وقال: "هذا مرسل غريب". الشواهد: عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (كان بنو اسرائيل إذا كان لأحدهم خادم، ودابة، وامرأة، كتب ملكا). الحديث أورده ابن كثير 3: 73، والسيوطي في (الدر المنثور) 5: 242، وعزياه إلى ابن أبي حاتم. قال ابن كثير 3: 73: "وقال ابن أبي حاتم: ذكر عن ابن لهيعة، عن دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .. " فذكره.

الحكم على الحديث

وقال عقبه: "هذا حديث غريب من هذا الوجه". وهذا إسناد ضعيف، لضعف ابن لهيعة، وما قيل في رواية دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد -رضي الله عنه-، وانظر ما تقدم في الحديث رقم (8). الحكم على الحديث: ضعيف. فائدة: أخرج مسلم في صحيحه (2979) في الزهد والرقائق، من طريق أبي عبد الرحمن الحبلي، قال: سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-، وسأله رجل، فقال: ألسنا من فقراء المهاجرين؟ فقال له عبد الله: ألك امرأة تأوي إليها؟ قال: نعم، قال: ألك مسكن تسكنه؟، قال: نعم، قال: فأنت من الأغنياء، قال: فإن لي خادما، قال: فأنت من الملوك. *****

(64)

قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [المائدة 54]. (64) عن عياض الأشعري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لأبي موسى -رضي الله عنه-: (هم قوم هذا)، يعني في قوله: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (هم قوم هذا). تخريجه: أخرجه ابن أبي شيبة في (المصنف) 6: 390 في الفضائل: باب ما ذكر في أبي موسى -رضي الله عنه- (32251)، قال: حدثنا ابن إدريس، عن شعبة، عن سماك، عن عياض الأشعري -رضي الله عنه- فذكره. وأخرجه ابن سعد في (الطبقات) 4: 107، والطبري 8: 521، وابن أبي حاتم في تفسيره 4: 1160 (6535)، والطبراني في الكبير 17: 371 (1016)، والحاكم في المستدرك 2: 313، وتمام الرازي في فوائده 4: 139 رقم (1337 - الروض البسام)، وأبو نعيم في (أخبار أصبهان) 1: 59، وفي (معرفة الصحابة) 4: 2167 (5438)، والخطيب في (تاريخ بغداد) 2: 39، وابن عساكر في (تاريخ دمشق) 32: 33، 47: 252، كلهم من طريق شعبة به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 5: 354 إلى: عبد بن حميد، وابن المنذر، وأبي الشيخ، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: إسناد صحيح. قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه. وأقره الذهبي. وقال الهيثمي في (مجمع الزوائد) 7: 16: "رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح". فائدة: عياض بن عمرو الأشعري، سكن الكوفة. (م ق) روى عن: النبي -صلى الله عليه وسلم-، وعن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه-، وغيرهما.

تنبيه

وعنه: سماك بن حرب، وعامر الشعبي، وغيرهما. قال ابن سعدة كان قليل الحديث. مختلف في صحبته، قال ابن أبي حاتم عن أبيه -كما في (الجرح والتعديل) -: "عياض الأشعري، روى عن النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ مرسل، أنه قرأ: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}، وهو تابعي. وروى عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-". ونحو ذلك في (العلل)، و (المراسيل) لابنه. وقال ابن حبان: قد قيل إنه له صحبة، وليس يصح ذلك عندي. ونقل الخطيب عن عبد الله بن محمد البغوي، قال: عياض بن عمرو الأشعري، سكن الكوفة ويشك في صحبته. وعقب الخطيب فقال: قد ذكره غير واحد من العلماء في جملة الصحابة وأخرج حديثه في المسند. وممن أثبت له الصحبة: ابن منده، وأبو نعيم، وابن عبد البر، وابن عساكر، وابن الأثير، والذهبي -في ترجمة أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- (السير 2: 384) -، وابن حجر في (الإصابة)، و (التقريب). وقال الحافظ في التهذيب: جاء عنه حديث يقتضي التصريح بصحبته، ذكره البغوي في معجمه، وفي إسناده لين. قلت: والأقرب أن يعد من الصحابة، لأن المثبت مقدم على النافي، ومعه زيادة علم. ينظر: طبقات ابن سعد 6: 152، التاريخ الكبير 7: 19، الجرح والتعديل 6: 407، العلل لابن أبي حاتم (1: 404 الضياء)، المراسيل لابن أبي حاتم ص 151, الثقات 5: 264، رجال صحيح مسلم لابن منجويه 2: 112، معرفة الصحابة لأبي نعيم 4: 2167، تاريخ بغداد 1: 207، الاستيعاب 3: 1233، تاريخ دمشق 32: 34، أسد الغابة 4: 314، تهذيب الكمال 571، السير 4: 138 - 2: 384، الكاشف 2: 108، جامع التحصيل ص 250، الإصابة 4: 756، تهذيب التهذيب 4: 445، التقريب ص 437. تنبيه: جاء الحديث من رواية: سماك بن حرب، عن عياض الأشعري، عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.

شواهد الحديث

أخرجه الطبري في تفسيره 8: 522، وابن عساكر في (تاريخ دمشق) 47: 253، من طريق أبي الوليد الطيالسي، عن شعبة، عن سماك، به. وأخرجه ابن أبي حاتم 4: 1160 (6535)، وابن عساكر في (تاريخ دمشق) 47: 253، من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث، عن شعبة، عن سماك، به. وأخرجه البيهقي في (دلائل النبوة) 5: 351 - ومن طريقه: ابن عساكر في (تاريخ دمشق) 32: 34 - من طريق أبي معمر القطيعي، عن ابن إدريس، عن أبيه، عن سماك، به. وعزاه -من مسند أبي موسى -رضي الله عنه- السيوطيُ في (الدر المنثور) 5: 354 إلى: أبي الشيخ، وابن مردويه. ولا إشكال بين الروايتين، فيحتمل أن يكون من قبيل المزيد في متصل الأسانيد، فيرويه مرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومرة عن أبي موسى -رضي الله عنه-. وإسقاط الصحابي لصحابي آخر في الرواية؛ مرسل صحابي، ولا يضر. وأخرج ابن عساكر في (تاريخ دمشق) 47: 254 بسنده إلى ابن معين، أنه سئل عن حديث أبي الوليد الطيالسي، عن شعبة عن سماك، قال: سمعت عياضا الأشعري، يحدث عن أبي موسى، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ}، فكتب يحيى بخطه على عياض، عن أبي موسى: ليس بشيء. والوجهان ذكرهما الدارقطني في (العلل) 7: 249، ولم يرجح. شواهد الحديث: وقفت على شاهدين لهذا الحديث: 1 - عن جابر بن عبد الله قال: سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن قوله: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} قال: (هؤلاء قوم من أهل اليمن، ثم من كندة ثم من السكون، ثم من تجيب).

الحكم على الحديث

أخرجه الطبراني في الأوسط 2: 103 (1392) قال: حدثنا أحمد، قال حدثنا أبو حميد أحمد ابن محمد بن المغيرة بن سيار الحمصي، قال: حدثنا معاوية بن حفص، قال: حدثنا أبو زياد؛ يعني إسماعيل بن زكريا، عن محمد بن قيس، عن محمد بن المنكدر، عن جابر -رضي الله عنه- فذكره. قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن محمد بن قيس الأسدي، إلا أبو زياد، ولا عن أبي زياد؛ إلا معاوية، تفرد به أبو حميد. وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره 4: 1160 (6534) قال: حدثنا أبي، ثنا محمد بن المصفى، ثنا معاوية بن حفص، عن أبي زياد الخلقاني، عن محمد بن المنكدر، به، بلفظه. وقال في العلل 2: 95: "سألت أبي عن حديث رواه معاوية بن حفص، عن أبي زياد الخلقاني، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، قال: سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .. -فذكر الحديث- فسمعت أبي يقول: هذا حديث باطل". والحديث أورده ابن كثير في تفسيره 3: 136، وقال: "هذا حديث غريب جدا". وقال الهيثمي في (مجمع الزوائد) 7: 16: "رواه الطبراني في الأوسط، وإسناده حسن". وحسن إسناده أيضا: السيوطي في (الدر المنثور) 5: 354. 2 - عن شريح بن عبيد، قال لما أنزل الله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ} إلى آخر الآية، قال عمر -رضي الله عنه-: أنا وقومي هم يا رسول الله؟، قال: (لا، بل هذا وقومه). يعني أبا موسى الأشعري -رضي الله عنه-. أخرج الطبري في تفسيره 8: 522 قال: حدثنا محمد بن عوف، قال ثنا أبو المغيرة, قال: ثنا صفوان، قال: ثنا عبد الرحمن بن جبير، عن شريح بن عبيد، فذكره. وشريح بن عبيد، هو: الحمصي، من أوساط التابعين، وهو ثقة، وكان يرسل كثيرا. ينظر: التقريب ص 265. الحكم على الحديث: صحيح. *****

(65)

قال تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} الآية. [المائدة 89]. (65) عن عائشة -رضي الله عنها- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قوله: {أَوْ كِسْوَتُهُمْ}، قال: (عباءة لكل مسكين). تخريجه: أخرجه ابن مردويه، -كما في تفسير ابن كثير 3: 176 - ، قال: حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا أحمد بن المعلى، حدثنا هشام بن عمار، حدثنا إسماعيل بن عياش، عن مقاتل بن سليمان، عن أبي عثمان، عن أبي عياض، عن عائشة -رضي الله عنها- ... فذكرته. وعزاه في (الدر المنثور) 5: 447 إلى الطبراني، ولم أجده فيه. الحكم على الإسناد: إسناد ضعيف جدا، لعلتين: 1 - إسماعيل بن عياش ضعيف في روايته عن غير الشاميين، وهذه منها. وهو إسماعيل بن عياش بن سليم العنسي، أبو عتبة الحمصي. (4). قال أبو بكر بن أبي خيثمة: سئل يحيى بن معين عن إسماعيل بن عياش فقال: ليس به بأس في أهل الشام، والعراقيون يكرهون حديثه. وقال أيضاً: إسماعيل بن عياش ثقة فيما روى عن الشاميين، وأما روايته عن أهل الحجاز فإن كتابه ضاع فخلط في حفظه عنهم. وقال أبو بكر المروذي: سألت أحمد بن حنبل عن إسماعيل بن عياش، فحسَّن روايته عن الشاميين، وقال: هو فيهم أحسن حالاً مما روى عن المدنيين وغيرهم. وقال البخاري: إذا حدث عن أهل بلده فصحيح، وإذا حدث عن غير أهل بلده ففيه نظر. وسئل عنه أبو زرعة كيف هو في الحديث؟ قال: صدوق إلا أنه غلط في حديث الحجازيين والعراقيين.

الشواهد

وذكره ابن رجب في (شرح العلل) في قسم الثقات الذين ضعف حديثهم في بعض الأماكن دون بعض. وقال الذهبي: حديث إسماعيل عن الحجازيين والعراقيين لا يحتج به، وحديثه عن الشاميين صالح من قبيل الحسن، ويحتج به إن لم يعارضه أقوى منه. وفي التقريب: صدوق في روايته عن أهل بلده، مخلط في غيرهم. مات سنة 181 هـ. ينظر: التاريخ الكبير 1: 369، الجرح والتعديل 2: 191، سنن الترمذي 4: 377، الضعفاء الكبير للعقيلي 1: 88, الكامل 1: 291، المجروحين 1: 124، تاريخ بغداد 6: 221، تهذيب الكمال 3: 163، السير 8: 321، التقريب ص 109، الكواكب النيرات ص 20. 2 - الكلام في مقاتل بن سليمان، وهو الخراساني, أبو الحسن البلخي. مشهور بالتفسير، لكنه متروك عند المحدثين، بل كذبه وكيع، والنسائي، والدارقطني، وغيرهم، وفي التقريب: كذبوه وهجروه، ورمي بالتجسيم. مات سنة 150 هـ. ينظر: تهذيب الكمال 28: 434، التقريب ص 545. ولم أقف على متابع له. والحديث أورده ابن كثير 3: 176، وقال: "حديث غريب". الشواهد: عن حذيفة -رضي الله عنه- قال: قلنا: يا رسول الله، {أَوْ كِسْوَتُهُمْ}، ما هو؟ قال: (عباءة عباءة). أخرجه ابن مردويه، كما في (الدر المنثور) 5: 447، ولم أقف على سنده. فائدة: أخرج ابن جرير 8: 640، وابن أبي حاتم 4: 1193 (6727) عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: {أَوْ كِسْوَتُهُمْ} قال: عباءة لكل مسكين أو شملة. *****

(66)

قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة 90 - 91]. (66) عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام). تخريجه: أخرجه أحمد 2: 16، 29، 134، 137، ومسلم رقم (2003) في الأشربة: باب بيان أن كل مسكر خمر، من طرق عن نافع، عن ابن عمر -رضي الله عنهما-. وسبق برقم (22). *****

(67)

قال تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [المائدة 96]. (67) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ} قال: (طعامه: ما لفظه ميتًا فهو طعامه). تخريجه: أخرجه الطبري في تفسيره 8: 735، قال: حدثنا هناد بن السريّ، قال: حدثنا عبدة بن سليمان، عن محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو سلمة، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- .. فذكره. وأورده في (الدر المنثور) 5: 531، ولم يعزه لغير الطبري. الحكم على الإسناد: إسناده حسن، فيه: محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي، أبو عبد الله؛ وقيل: أبو الحسن المدني. (ع). وثقه ابن معين والنسائي -في رواية-. وقال ابن المبارك: لم يكن به بأس، وقال أبو حاتم: صالح الحديث يكتب حديثه، وهو شيخ. وذكره ابن حبان في الثقات وقال: كان يخطىء. وقال ابن عدي: روى عنه مالك غير حديث في الموطأ وغيره وأرجو أنه لا بأس به. وقال الذهبي: المحدث الصدوق .. حديثه فى عداد الحسن، وقال: شيخ مشهور، حسن الحديث، مكثر عن أبي سلمة. وقال يعقوب بن شيبة: هو وسط وإلى الضعف ما هو. وقال ابن سعد: كان كثير الحديث يستضعف. وقال ابن معين: ما زال الناس يتقون حديثه قيل له: وما علة ذلك؟ قال: كان يحدث مرة عن أبي سلمة بالشيء من رأيه ثم يحدث به مرة أخرى عن أبي سلمة عن أبي هريرة. وقال أحمد: كان محمد بن عمرو يحدث بأحاديث فيرسلها ويسندها لأقوام آخرين، قال: وهو مضطرب الحديث. وقال الحافظ ابن حجر في الهدي: مشهور من شيوخ مالك، صدوق تكلم فيه بعضهم من قبل حفظه، وفي التقريب: صدوق له أوهام.

أخرج له البخاري مقروناً، ومسلم في المتابعات، واحتج به أصحاب السنن الأربعة, توفي سنة 145 هـ. فالظاهر أنه حسن الحديث، كما قال الذهبي، وأفادته عبارة الحافظ، وذكر ذلك عنه الهيثمي في المجمع -على سبيل المثال 6: 128 - لاسيما وقد روى عنه مالك، وشعبة، مع تحريهما وتوقيهما. ينظر: الثقات لابن حبان 7: 377، الضعفاء الكبير للعقيلي 4: 109، الكامل 6: 224، السير 6: 136، تهذيب الكمال 26: 212، ميزان الاعتدال 3: 673، التهذيب 5: 240، التقريب ص 499، شرح علل الترمذي ص 95، هدي الساري ص 463 - 464. لكن اختلف فيه بين الرفع والوقف، فقد أخرجه ابن أبي شيبة 4: 249 رقم (19766) في الصيد: باب قوله: {مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ}، عن عبدة، به، موقوفا على أبي هريرة -رضي الله عنه-. وكذا أخرجه ابن أبي حاتم 4: 1211 رقم (6834)، من طريق عبدة، به موقوفا على أبي هريرة -رضي الله عنه- أيضا. وأخرجه الدارقطني في سننه 4: 270، قال: حدثنا الحسن بن إسماعيل، حدثنا سعيد ابن يحيى الأموي، حدثنا أبي، عن محمد بن عمرو، به، موقوفا على أبي هريرة -رضي الله عنه- أيضا. فتبين مما سبق أن الحديث مداره على محمد بن عمرو، ويرويه عنه ثلاثة: 1 - عبدة بن سليمان. واختلف عليه: (أ) فرواه: هناد بن السري عنه، به، مرفوعا، عند الطبري، وهو حديث الباب. (ب) ورواه: أبو بكر ابن أبي شيبة -في المصنف-، وأبو سعيد الأشج -عند ابن أبي حاتم-، كلاهما عن عبدة، به، موقوفا. 2 - يحيى بن زكريا بن أبي زائدة. أخرجه الطبري 8: 735 قال: حدثنا هناد، قال: حدثنا ابن أبي زائدة، عن محمد بن عمرو، به، موقوفا.

تنبيه

ويحيى بن زكريا؛ ثقة متقن، أخرج حديثه الجماعة، مات سنة 183 هـ. ينظر: تهذيب الكمال 31: 305، التقريب ص 590. 3 - يحيى بن سعيد بن أبان الأموي. فرواه عن محمد بن عمرو، به، موقوفا. ويحيى بن سعيد؛ وثقه ابن معين، وفي التقريب: صدوق يغرب، أخرج حديثه الجماعة، مات سنة 194 هـ. ينظر: تهذيب الكمال 31: 318، التقريب ص 590. ويبدو لي أن الحمل في هذا على محمد بن عمرو نفسه، فإن في حفظه شيئا، وسبق قول ابن معين فيه: ما زال الناس يتقون حديثه، قيل له: وما علة ذلك؟ قال: كان يحدث مرة عن أبي سلمة بالشيء من رأيه, ثم يحدث به مرة أخرى عن أبي سلمة، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. وقال أحمد: كان محمد بن عمرو يحدث بأحاديث فيرسلها ويسندها لأقوام آخرين، قال: وهو مضطرب الحديث. وأميل إلى ترجيح الوقف لأن أكثر الروايات عليه، فيحتمل أن محمد بن عمرو تحمله موقوفا، وهكذا أداه في الرواية، لكن وهم مرة من المرات فرفعه، وإلا لو كان الرفع محفوظا فأين أصحاب أبي هريرة -رضي الله عنه- وهم بالمئات- عن هذا الحديث الذي يتعلق بتفسير آية من كتاب الله تعالى، وبحكم من أحكام الأطعمة؟!. تنبيه: ورد هذا المعنى المذكور في الحديث عن عدد من الصحابة، كأبي بكر، وعمر، وابن عباس، وجابر بن عبد الله، وابن عمر -رضي الله عنهم-، لكن لم أعدها شواهد للحديث، لأن هذا مما يدخله الرأي، فليس له حكم الرفع، والله أعلم. ينظر: (الدر المنثور) 5: 531. *****

(68)

قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [المائدة 105]. (68) عن أبي عامر الأشعري -رضي الله عنه- قال: كان رجل قَتَلَ منهم بأوطاس، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يا أبا عامر، ألا غيرت؟) فتلا هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} فغضب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال: (أين ذهبتم؟! إنما هي: يا أيها الذين آمنوا لا يضركم من ضل من الكفار إذا اهتديتم). تخريجه: أخرجه أحمد 4: 129، 201 قال: حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، قال: حدثنا مالك بن مغول، حدثنا علي بن مدرك، عن أبي عامر الأشعري -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه ابن أبي حاتم 4: 1226 (6920) قال: حدثنا أبي .. ، وأخرجه الطبراني في الكبير 22: 317 (799) قال: حدثنا أحمد بن داود المكي .. -ومن طريق الطبراني: أخرجه ابن الأثير في (أسد الغابة) 6: 187 - ، كلاهما -أبو حاتم، وأحمد بن داود المكي- قال: ثنا مسلم بن إبراهيم، نا مالك بن مغول، عن علي بن مدرك، عن أبي عامر -رضي الله عنه-. أنه كان فيهم شيء، فاحتبس عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ما حبسك؟) قال: قرأت هذه الآية {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} قال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا يضركم من ضل من الكفار إذا اهتديتم). وعزاه في (الدر المنثور) 5: 566 إلى ابن مردويه. قال السندي في حاشيته على المسند -وهي مخطوطة، والنقل مستفاد من محققي المسند 28: 399 - : "قوله: قتل: على بناء الفاعل، أي أن رجلا من المؤمنين قتل رجلا بلا وجه. ألا غيرت: من التغيير، أي: ألا غيرت المنكر، ونهيت عنه". الحكم على الإسناد: إسناد صحيح. والحديث أورده الهيثمي في المجمع 7: 19، وقال: "لم أجد لعلي بن مدرك سماعا من أحد من الصحابة".

قلت: نص ابن حبان في (الثقات) 5: 165، على أن علي بن مدرك، سمع أبا مسعود صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. وعده ابن حجر في (التقريب) ص 405 من الطبقة الرابعة، وهي طبقة بين الوسطى والصغرى من التابعين، جل روايتهم عن التابعين، كالزهري وقتادة، كما بين ذلك في مقدمة الكتاب. وهذا يدل على أن لهم رواية عن الصحابة, لكنها قليلة، كما هو الحال فيمن مثل بهما. ثم إن أبا عامر الأشعري، وهو صحابي اسمه: عبد الله، وقيل: عبيد بن هانىء، أو ابن وهب، عاش إلى خلافة عبد الملك، كما في التقريب ص 653، وعبد الملك بن مروان، استوثق له الأمر بالخلافة سنة 73 هـ، ومات سنة 86 هـ. ينظر: تاريخ الخلفاء ص 166. فإذا كان علي بن مدرك قد سمع من أبي مسعود -رضي الله عنه- وكانت وفاته في حدود سنة 40 هـ -كما في التقريب ص 395 - ، فسماعه من أبي عامر؛ أقرب مع تأخر وفاته، والله أعلم. قلت: وبعد كتابة ما سبق وقفت على الحديث مسندا في (جزء فيه قراءات النبي -صلى الله عليه وسلم-) لأبي عمر الدوري (ت 246 هـ) ص 91 رقم (41)، قال: حدثنا محمد بن عبد العزيز، ثنا أحمد ابن إبراهيم، عن عبد الصمد بن عبد الوارث، عن مالك بن مغول، ثنا علي بن مدرك، ثنا أبو عامر الأشعري .. فذكره. وفيه تصريح علي بن مدرك بالسماع من أبي عامر الأشعري، لكن شيخ الدوري: محمد ابن عبد العزيز؛ لم أتبينه. وقال الشيخ حكمت بشير في تعليقه على الجزء المذكور: "أظنه: محمد بن عبد العزيز بن عبد الله الصباح، أبو عبد الله المكي .. أخذ القراءة عن قنبل .. ولم أقف على تاريخ مولده ولا وفاته"، وأحال في ترجمته على: (غاية النهاية) 2: 172، و (معرفة القراء الكبار) 1: 283، وأفاد أنه لم يذكر في ترجمته جرح ولا تعديل. قلت: فإذا كان محمد بن عبد العزيز بن الصباح هذا، قد أخذ القراءة عن قنبل، فيكون من طبقة تلاميذ قنبل، وتوفي قنبل سنة 291 هـ -كما في السير 14: 84 - ، فكيف يكون

تنبيهان

محمد بن عبد العزيز بن الصباح شيخ أبي عمر الدوري (246 هـ) هنا؟!، فما ظنه الشيخ حكمت؛ ليس بظاهر، والله أعلم. والظاهر أن هذا التصريح بالسماع خطأ من الراوي، فقد أخرجه -من هذا الطريق- إمام أهل السنة؛ الإمام أحمد في مسنده في موضعين 4: 129، 201 عن عبد الصمد بن عبد الوارث، بالعنعنة. والحديث أورده ابن حجر في (الإصابة) 7: 255 في ترجمة أبي عامر، ولم يعلق عليه بشيء. فائدة: مسألة الأوهام والأخطاء في التصريح بالتحديث في الأسانيد؛ من المسائل المهمة والدقيقة في نقد المرويات، ومما يغفل عنه المتعجلون في تخريج المرويات والحكم عليها، وانظر تأصيلا مفيدا في هذه المسألة لفضيلة الدكتور/ إبراهيم اللاحم، في كتابه (الاتصال والانقطاع) ص 15، 118. تنبيهان: 1 - أورد ابنُ حجر هذا الحديث في (إتحاف المهرة) 14: 357 لكن جعله من مسند أبي مالك الأشعري، وعزاه إلى أحمد فقط، مع أنه في المسند في الموضعين: عن أبي عامر الأشعري، ولم يشر محققو المسند إلى أي اختلاف بين النسخ في ذلك. 2 - هذا الحديث أخرجه أحمد في مسنده في موضعين -كما سبق- مكررا دون تغير في السند أو المتن، وفي النسخة المحققة علقوا على الموضع الأول بقولهم (28: 398 - الرسالة): "إسناده ضعيف لانقطاعه"، وفي الموضع الثاني (29: 334 - الرسالة): "إسناده صحيح"، وأشاروا إلى الموضع الأول!. وهكذا اضطرب فيه العلامة الألباني رحمه الله فقد صححه في (السلسة الصحيحة) 6: 127 رقم (2560)، بينما ضعفه وقال عنه: منكر، في (السلسة الضعيفة) 9: 136 رقم (4132). ولعله في تحقيق المسند بسبب تعدد المحققين، فلعل من حكم عليه في الموضع الأول غير الذي حكم عليه في الموضع الثاني، وأما بالنسبة لحكمي الألباني، فلعله بسبب تغير الاجتهاد، والله أعلم. *****

(69)

قال تعالى: {إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (112) قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ (113) قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (114) قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ} [المائدة 112 - 115]. (69) عن عمار بن ياسر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أنزلت المائدة من السماء خبزا ولحما، وأمروا أن لا يخونوا ولا يدخروا لغد، فخانوا، وادخروا، ورفعوا لغد، فمسخوا قردة وخنازير). تخريجه: أخرجه الترمذي (3061) في تفسير القرآن: باب ومن سورة المائدة قال: حدثنا الحسن بن قزعة البصري، حدثنا سفيان بن حبيب، حدثنا سعيد، عن قتادة عن خلاس ابن عمرو، عن عمار بن ياسر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .. فذكره. وأخرجه البزار في مسنده (البحر الزخار) 4: 250 (1419)، وأبو يعلى في مسنده 3: 212 (1651)، والطبري 9: 128، وابن أبي حاتم 4: 1245 (7022) عن أبيه، وابن عدي في (الكامل) 3: 67 عن إسحاق بن إبراهيم بن يونس، وأبو الشيخ في (العظمة) 5: 1541 (1000)، عن زكريا بن يحيى الساجي، ستتهم: (البزار، وأبو يعلى، والطبري، وأبو حاتم، وإسحاق بن إبراهيم بن يونس، والساجي) عن الحسن بن قزعة به، بنحوه. وقال البزار: لا نعلمه يروى عن عمار مرفوعا، إلا من هذا الوجه. وعزاه في (الدر المنثور) 5: 600 إلى ابن مردويه. الحكم على الإسناد: إسناد حسن، لحال الحسن بن قزعة، وهو القرشي الهاشمي، أبو علي، ويقال: أبو محمد، البصري. (ت س ق). وثقه الذهبي. وقال يعقوب بن شيبة، وأبو حاتم، وابن حجر: صدوق.

وقال النسائي: لا بأس به، وقال في موضع آخر: صالح. وذكره ابن حبان في (كتاب الثقات). مات قريبا من سنة 250 هـ. ينظر: الجرح والتعديل 3: 34، الثقات 8: 176، تهذيب الكمال 6: 303، الكاشف 1: 329، التقريب ص 163. لكنه معلٌ، وبيان ذلك؛ أن الحديث يرويه سفيان بن حبيب، واختلف فيه على وجهين: 1 - سفيان بن حبيب، عن سعيد، عن قتادة, عن خلاس بن عمرو، عن عمار بن ياسر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. ورواه عنه هكذا: الحسن بن قزعة (صدوق)، وهو الحديث محل البحث. 2 - سفيان بن حبيب، عن سعيد، عن قتادة، عن خلاس بن عمرو، عن عمار بن ياسر -رضي الله عنه- موقوفا عليه. ورواه عنه هكذا موقوفا: حميد بن مسعدة، عن سفيان به، موقوفا. أخرجه الترمذي عقب (3061) في تفسير القرآن: باب ومن سورة المائدة. وحميد: صدوق، أخرج حديثه الجماعة، سوى البخاري. ينظر: التقريب ص 182. وقد توبع سفيان بن حبيب في هذا الحديث، بالوجه الثاني، فرواه كل من: 1 - محمد بن إبراهيم بن أبي عدي. أخرجه الطبري 9: 128 قال: حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا ابن أبي عدي. ومحمد بن إبراهيم بن أبي عدي: ثقة، وأخرج حديثه الجماعة، لكنه ممن سمع من سعيد ابن أبي عروبة بعد اختلاطه، كما نص على ذلك يحيى بن سعيد القطان، والعجلي. مات سنة 194 هـ. ينظر: تهذيب الكمال 24: 321، شرح العلل لابن رجب 2: 567، التقريب ص 465، الكواكب النيرات ص 44.

قلت: وفي الصحيحن أحاديث من رواية ابن أبي عدي، عن سعيد بن أبي عروبة. انظر مثلا: صحيح البخاري رقم: (710) (3572)، صحيح مسلم رقم: (164) (927)، وهذا محمول على أنهما انتقيا من أحاديث هذا الضرب ما هو محفوظ, ولم يقع فيه نكارة. 2 - الضحاك بن مخلد الشيباني، أبوعاصم النبيل. أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره 4: 1245 (7023)، عن الفضل بن يعقوب الرخامي، ثنا أبو عاصم النبيل. وأشار إليها الترمذي عقب الحديث (3061). والضحاك: ثقة ثبت، وأخرج حديثه الجماعة. توفي سنة 212 هـ. ينظر: تهذيب الكمال 13: 281، التقريب ص 280. 3 - عمرو بن أبي رزين. أخرجه ابن عساكر في (تاريخ دمشق) 47: 400 قال: أخبرنا أبو بكر الجنابذي في كتابه، وحدثني أبو المحاسن الطبسي عنه، أنبأنا أحمد بن الحسن القاضي، حدثنا محمد بن يعقوب بن يوسف، حدثنا إبراهيم بن مرزوق، حدثنا عمرو بن أبي رزين. وعمرو بن أبي رزين، هو عمرو بن محمد بن أبي رزين الخزاعي، صدوق ربما أخطأ. ينظر: ينظر: تهذيب الكمال 22: 218، التقريب ص 426. ثلاثتهم: (محمد بن إبراهيم بن أبي عدي، والضحاك بن مخلد، وعمرو بن أبي رزين)، رووه عن سعيد، عن قتادة, عن خلاس بن عمرو، عن عمار بن ياسر -رضي الله عنه- موقوفا عليه، بنحوه. ولفظ ابن أبي حاتم مختصر جدا. ولم يتبين لي رواية ابن أبي رزين، والضحاك بن مخلد، عن سعيد، هل كانت قبل الاختلاط، أو بعده؟.

الراجح من الاختلاف

وقال ابن عدي في (الكامل) 3: 68 - بعد أن خرج الحديث-: "وهذا الحديث لا أعرفه إلا من هذا الوجه، من أول الإسناد إلى آخره، لا يرويه عن قتادة غير سعيد، ولا عن سعيد غير سفيان بن حبيب، ولا أعلم يرويه عن ابن حبيب إلا ابن قزعة". فهذا محمول على رواية الرفع، وهذا كما قال ابن عساكر في (تاريخ دمشق) 47: 400: "تفرد برفعه الحسن بن قزعة". وعزا السيوطيُ -في (الدر المنثور) 5: 600 - روايةَ الوقف، إلى ابن المنذر. الراجح من الاختلاف: الراجح في هذا الحديث؛ رواية الوقف، لأن حميد بن مسعدة، أوثق من الحسن بن قزعة، فقد وثق حميدا؛ النسائيُ، وأخرج له مسلم في الصحيح، وليس للحسن بن قزعة رواية في الصحيحين. قال أبو علي النيسابوري: النسائي شرطه في الرجال أشد من شرط مسلم بن الحجاج (¬1). ومما يرجحه أيضا: متابعة ابن أبي عدي، والضحاك بن مخلد، لسفيان بن حبيب، على هذا الوجه الموقوف الراجح. قال الترمذي في جامعه 5: 242 عقب رواية الحديث مرفوعا رقم (3061): "هذا حديث غريب، قد رواه أبو عاصم، وغير واحد، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن خلاس، عن عمار بن ياسر -رضي الله عنه- موقوفا، ولا نعرفه مرفوعا إلا من حديث الحسن بن قزعة. حدثنا حميد بن مسعدة، حدثنا سفيان بن حبيب، عن سعيد بن أبي عروبة، نحوه ولم يرفعه، وهذا أصح من حديث الحسن بن قزعة، ولا نعلم للحديث المرفوع أصلا". وصحح الوقف أيضا: ابنُ كثير في (البداية والنهاية) 2: 87. ينظر: الأحاديث التي ذكر الترمذي فيها اختلافا وليست في العلل الكبير رقم (50) د. عبد العزيز الهليل. ¬

_ (¬1) انظر: الحطة ص 219.

الحكم على الحديث

الحكم على الحديث: ضعيف مرفوعا، والمحفوظ فيه الوقف، والله أعلم. فائدة: هذا الحديث لو صح لكان فيصلا في مسألة نزول المائدة وهذه المسألة مما اختلف فيه أهل العلم، والجمهور على أنها نزلت. وقد ساق ابن كثير في تفسيره 3: 230 - 231 بعض الآثار عن مجاهد، والحسن، رحمهما الله، في أنها لم تنزل، ثم قال: "وهذه أسانيد صحيحة إلى مجاهد والحسن، وقد يتقوى ذلك بأن خبر المائدة لا يعرفه النصارى، وليس هو في كتابهم، ولو كانت قد نزلت؛ لكان ذلك مما تتوفر الدواعي على نقله، وكان يكون موجودا في كتابهم متواترا، ولا أقل من الآحاد، والله أعلم، ولكن الذي عليه الجمهور: أنها نزلت، وهو الذي اختاره ابن جرير، قال: لأن الله تعالى أخبر بنزولها في قوله تعالى: {إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ} [المائدة: 115] قال: ووعد الله ووعيده حق وصدق. وهذا القول هو -والله أعلم- الصواب، كما دلت عليه الأخبار، والآثار عن السلف وغيرهم. وقد ذكر أهل التاريخ أن موسى بن نصير نائب بني أمية في فتوح بلاد المغرب، وجد المائدة هنالك مرصعة باللآلىء وأنواع الجواهر، فبعث بها إلى أمير المؤمنين؛ الوليد بن عبد الملك باني جامع دمشق، فمات وهي في الطريق، فحملت إلى أخيه سليمان بن عبد الملك؛ الخليفة بعده، فرآها الناس، فتعجبوا منها كثيرا، لما فيها من اليواقيت النفيسة، والجواهر اليتيمة. ويقال: إن هذه المائدة كانت لسليمان بن داود عليهما السلام، فالله أعلم". *****

سورة الأنعام

سورة الأنعام قال تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [الأنعام 59]. (70) عن ابن عمر -رضي الله عنهم- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (مفاتح الغيب خمس: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}). تخريجه: أخرجه البخاري (4627) في التفسير: باب {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلا هُوَ} بهذا اللفظ، كما أخرجه برقم (1039) في الجمعة: باب لا يدري متى يجىء المطر إلا الله, و (4697) في التفسير: باب قوله تعالى: {اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ} (الرعد: 8) و (4778) في التفسير: باب قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} (لقمان: 34)، و (7379) في التوحيد: باب قوله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا} (الجن: 26)، وأحمد 2: 24، 52، 58، 122، من طرق عن ابن عمر -رضي الله عنهما-. فائدة: قال الراغب الأصفهاني في (المفردات) ص 622 (فتح): "المِفْتَح والمفتاح: ما يُفتح به، وجمعه: مفاتيح ومَفاتِح. وقوله: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ} يعني: ما يتوصل به إلى غيبه المذكور قي قوله: {فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} [الجن: 26 - 27]. وقوله: {مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ} [القصص: 76]، قيل: عنى مَفَاتِح خزائنه، وقيل: بل عُني بالمفاتح الخزائنُ أنفسها". *****

(71)

قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الأنعام: 60] (71) عن ابن عباس-رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مع كل إنسان ملك، إذا نام يأخذ نفسه، فإن أذن إلله في قبص روحه قبضه، وإلا رد إليه، فذلك قوله: {يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ}). تخريجه: أخرجه ابن مردويه، كما في تفسير ابن كثير 3: 266، و (الدر المنثور) 6: 67، والإتقان 2: 491، وزاد السيوطي في كتابيه عزوه إلى: أبي الشيخ. وأفاد في (الإتقان) أنه مروي من طريق: نهشل، عن الضحاك، عن ابن عباس، به. الحكم على الإسناد: إسناده ضعيف جدا، للجرح الشديد في نهشل، وهو نهشل بن سعيد بن وردان القرشي، أبو سعيد، ويقال: أبو عبد الله الخراساني، النيسابوري (ق). قال أبو داود الطيالسي، وإسحاق بن راهويه: كذاب. وفي التقريب: متروك. ينظر: تهذيب الكمال 30: 31، التقريب ص 566. إضافة إلى الانقطاع بين الضحاك وابن عباس -رضي الله عنهما-. *****

(72)

قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} [الأنعام: 73] (72) عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- أن أعرابيا سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الصور؟ فقال: (قرن ينفخ فيه). تخريجه: أخرجه أحمد 2: 192، قال: ثنا يحيى بن سعيد، ثنا التيمي، عن أسلم، عن بشر بن شغاف، عن عبد الله بن عمرو .. فذكره. وأخرجه ابن المبارك في (الزهد) رقم (1599)، وأحمد 2: 162، والدارمي رقم (2798) في الرقاق: باب في نفخ الصور، وأبو داود رقم (4742) في السنة: باب في ذكر البعث والصور، والترمذي رقم (2430) في صفة القيامة: باب ما جاء في شأن الصور، والنسائي في (السنن الكبرى) رقم (11250) في التفسير: باب قوله تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ} (الكهف: 99) و (11317) فيه: باب قوله تعالى: {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ} (طه: 102)، وابن أبي الدنيا في (الأهوال) رقم (47)، والبزار في مسنده (البحر الزخار) 6: 443 رقم (2481)، والطبري في تفسيره 15: 416 - 417، والطحاوي في (شرح مشكل الآثار) 13: 382 رقم (5349)، وابن أبي حاتم في تفسيره 4: 1323 رقم (7483)، وابن حبان في صحيحه كما في الإحسان 16: 303 رقم (7312)، والحاكم في المستدرك 2: 436، 506، 4: 560، وأبو نعيم في (الحلية) 7: 243، كلهم من طريق سليمان التيمي، به، بنحوه. تنبيه: سقط (أسلم العجلي) عند الحاكم في الموضع الأول. وعزاه في (الدر المنثور) 6: 96 إلى: عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن مردويه. وقال ابن حبان عقبه: "هذا الخبر مشهور بعبد الله بن سلام، وذكر أبو يعلى: عبد الله بن عمرو". وعلق على ذلك ابن حجر في (إتحاف المهرة) 9: 438 فقال: "وقد صرح أيضا بذلك: الدارمي، والحاكم في روايتهما، فالظاهر أنه الصواب".

الحكم على الإسناد

قلت: بل جميع من أخرجه ممن ذكرتهم؛ رووه عن عبد الله بن عمرو، ولم أقف عليه من رواية عبد الله بن سلام. الحكم على الإسناد: صحيح. الحكم على الحديث: صحيح. قال فيه الترمذي: حديث حسن. وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. وقال الذهبي: صحيح. فائدة: جاء ذكر النفخ في الصور في عشرة مواضع من كتاب الله تعالى، وهي: 1 - الآية (73) من سورة الأنعام، المذكورة هنا. 2 - قال تعالى: {وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا} [الكهف: 99]. 3 - قال تعالى: {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا} [طه: 102]. 4 - قال تعالى: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ} [المؤمنون: 101]. 5 - قال تعالى: {وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ} [النمل: 87]. 6 - قال تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ} [يس: 51]. 7 - قال تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ} [الزمر: 68]. 8 - قال تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ} [ق: 20] 9 - قال تعالى: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ (13)} [الحاقة: 13] 10 - قال تعالى: {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا} [النبأ: 18]. *****

(73)

قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأنعام: 82]. (73) عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: لما نزلت هذه الأية: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} شق ذلك على الناس، وقالوا: يا رسول الله، فأينا لا يظلم نفسه؟! قال: (أنه ليس الذي تعنون، ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح: {يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}، إنما هو الشرك). تخريجه: أخرجه البخاري (3429) في أحاديث الأنبياء: باب قول الله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ} (لقمان: 12)، و (4776) في تفسير القرآن: باب لا تشرك بالله، إن الشرك لظلم عظيم، و (6918) في استتابة المرتدين: باب إثم من أشرك بالله .. إلخ، و (6937) فيه: باب ما جاء في المتأولين، ومسلم (124) في الإيمان: باب صدق الإيمان وإخلاصه، والترمذي (3067) في تفسير القرآن: باب ومن سورة الأنعام، وأحمد 1: 378، 424، 444، كلهم من طريق الأعمش، عن إبراهيم النخعي، عن علقمة بن قيس، عن عبد الله ابن مسعود -رضي الله عنه- .. فذكره. واللفظ لأحمد في الموضع الأول. تنبيه: تفسير الظلم في الآية بالشرك مذهب عامة السلف تمشيا مع الحديث الصحيح الصريح، لكن من العجب قول الزمخشري في (الكشاف) 2: 41: " {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} أي: لم يخلطوا إيمانهم بمعصية تفسقهم، وأبى تفسير الظلم بالكفر لفظ اللبس". وقد تعقبه أبو حيان في (البحر المحيط) 4: 571 فقال: "وهذه دفينة اعتزال، أي إن الفاسق ليس له الأمن إذا مات مصراً على الكبيرة .. وقد فسره الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالشرك فوجب قبوله". *****

(74)

قال تعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} [الأنعام: 125]. (74) عن أبي جعفر المدائني قال: سئل النبي -صلى الله عليه وسلم-أي المؤمنين أكيس؟ قال: (أكثركم ذكرا للموت، وأحسنكم لما بعده استعدادا)، قال: وسئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن هذه الآية: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ} قالوا: كيف يشرح صدره يا رسول الله؟ قال: (نور يقذف فيه فيشرح له، ويفسح) قالوا: فهل لذلك من أمارة يعرف بها؟ قال: (الإنابة الى دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل لقاء الموت). تخريجه: أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 2: 217 عن الثوري، عن عمرو بن قيس، عن عمرو ابن مرة، عن أبي جعفر .. فذكره. وأخرجه الطبري 9: 541 عن الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، به. وأخرجه البيهقي في (الأسماء والصفات) 1: 399 (325) من طريق الثوري، عن عمرو بن مرة، عن أبي جعفر، موقوفا عليه. وأخرجه ابن أبي شيبة 7: 77 (34315)، وابن أبي حاتم في تفسيره 4: 1384 (7873)، كلاهما من طريق عمرو بن قيس، به. وقد تصحف في المطبوع من ابن أبي شيبة: عبدالله بن المسور -راوي الحديث الأعلى-، إلى: عبد الله بن مسعود. وأخرجه ابن المبارك في (الزهد) ص 106 (315) مختصرا، وابن أبي شيبة 7: 76 (34314)، والطبري 9: 542، وابن أبي حاتم في تفسيره 4: 1384 (7872)، من طرق عن عمرو بن مرة، به.

الحكم على الإسناد

وأخرجه سعيد بن منصور في سننه 5: 86 (918)، -ومن طريقه: البيهقي في (الأسماء والصفات) 1: 400 (326) -، والطبري 9: 543، كلهم من طريق ابن عيينة، عن خالد بن أبي كريمة، عن أبي جعفر عبد الله بن المسور، به. وقال البيهقي عقبه: هذا منقطع. وأخرجه ابن أبي الدنيا في (ذكر الموت) ص 437 رقم (143)، وأبو نعيم في (تاريخ أصبهان) 1: 305، 2: 38 من طريق ابن عيينة، ثنا خالد بن أبي كريمة، ثنا عبد الله بن المسور، عن أبيه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .. فذكره بنحوه، وزاد في آخره: (وتزينوا للعرض الأكبر، يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية). والحديث عزاه في (الدر المنثور) 6: 196، 198 إلى: الفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: موضوع، لحال عبد الله بن المسور، وهو عبد الله بن المسور بن عون بن جعفر بن أبي طالب، أبو جعفر الهاشمي المدائني. قال أحمد وغيره: أحاديثه موضوعة. وقال ابن المديني: كان يضع الحديث على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولا يضع إلا ما فيه أدب أو زهد، فيقال له في ذلك، فيقول: إن فيه أجرا. وقال البخاري: يضع الحديث. وقال النسائي: كذاب. وقال ابن عبد البر: متروك الحديث، لا يكتب حديثه، اتهموه بوضع الحديث. وقال إسحاق بن راهويه: كان معروفا عند أهل العلم بوضع الحديث، وروايته إنما هي عن التابعين، ولم يلق أحدا من الصحابة. وقال أبو نعيم الأصبهاني: وضاع للأحاديث، لا يسوي شيئا. ينظر: الجرح والتعديل 5: 169، المغني في الضعفاء 1: 358، لسان الميزان 3: 416.

الشواهد

الشواهد: يشهد لهذا الحديث؛ ثلاثة أحاديث -فيما وقفت عليه-، وهي كما يلي: 1 - عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ} قالوا: يا رسول الله، وكيف يشرح صدره؟ قال: (يدخل فيه النور، فينفسح)، قالوا: وهل لذلك من علامة يا رسول الله؟ قال: (التجافي عن دار الغرور، والإنابة إلى دار الخلود، والاستعداد للموت قبل أن ينزل الموت). أخرجه الطبري 9: 542، 543، والحاكم في المستدرك 4: 311، وابن عساكر في (تاريخ دمشق) 41: 462، من طرق عن ابن مسعود -رضي الله عنه-. وأشار إلى هذه الطرق؛ الإمام الدارقطني، جاء في (العلل) له 5: 188 رقم: (812): "وسئل عن حديث عبيدة، عن عبد الله، قلنا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما نزلت هذه الآية {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ} [الأنعام: 125]: وكيف ذلك؟ قال: (يدخل النور فيه، فيفسح له) قال: وما علامة ذلك؟ قال: (التجافي عن دار الغرور، والإنابة إلى دار الخلود، والاستعداد للموت قبل نزوله). فقال: يرويه عمرو بن مرة، واختلف عنه، فرواه: 1 - مالك بن مغول، عن عمرو بن مرة، عن عبيدة، عن عبد الله. قاله: عبد الله بن محمد بن المغيرة عنه، وتفرد بذلك. 2 - ورواه: زيد بن أبي أنيسة، عن عمرو بن مرة، عن أبي عبيدة، عن عبد الله. قاله: أبو عبد الرحيم، عن زيد. وخالفه: يزيد بن سنان، فرواه عن: زيد، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن الحارث، عن عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- 3 - وقال وكيع، عن المسعودي، عن عمرو بن مرة، عن أبي عبيدة، عن عبد الله.

وكلها وهم، والصواب: عن عمرو بن مرة، عن أبي جعفر عبد الله بن المسور مرسلا، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، كذلك قاله الثوري. وعبد الله بن المسور بن عون بن جعفر بن أبي طالب هذا: متروك". وقد روي حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- من غير طريق عمرو بن مرة، ومما وقفت عليه: 1 - عدي بن الفضل، عن عبد الرحمن بن عبد الله، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن ابن مسعود -رضي الله عنه-، مرفوعا، بنحوه. أخرجه ابن أبي الدنيا في (ذكر الموت) ص 428 (116)، وفي (قصر الأمل) ص 333 (131) -ومن طريقه: البيهقي في (شعب الإيمان) 7: 352 (10552) -، والحاكم في المستدرك 4: 311. ووقع سقط من الإسناد في المطبوع من (قصر الأمل). وعدي بن الفضل، هو التيمي، أبو حاتم البصري. متروك، مات سنة 171 هـ. ينظر: ينظر: تهذيب الكمال 19: 539، التقريب ص 388. 2 - محبوب بن حسن الهاشمي، عن يونس، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة، عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-، مرفوعا، بنحوه. أخرجه الطبري 9: 543 قال: حدثني ابن سنان القزاز، قال: ثنا محبوب .. به. ومحبوب لقب، واسمه: محمد بن الحسن بن هلال، ضعفه النسائي، وفي التقريب: صدوق فيه لين. ينظر: تهذيب الكمال 25: 74، التقريب ص 474. وعبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة؛ هو المسعودي، سبق في الحديث رقم: (3)، وهو من أتباع التابعين، فهو منقطع. وحديث ابن مسعود -رضي الله عنه- هذا، عزاه السيوطي في (الدر المنثور) 6: 197 إلى: أبي الشيخ، وابن مردويه.

الحكم على الحديث

2 - عن الفضيل أن رجلا سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، أرأيت قول الله: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ} فكيف الشرح؟ قال: (إذا أراد الله بعبد خيرا قذف في قلبه النور، فانفسح لذلك صدره)، فقال: يا رسول الله، هل لذلك من آية يعرف بها؟ قال: (نعم)، قال: فما آية ذلك؟ قال: (التجافي عن دار الغرور، والإنابة إلى دار الخلود، وحسن الاستعداد للموت قبل نزول الموت). أورده السيوطي في (الدر المنثور) 6: 196 وعزاه إلى: عبد بن حميد. 3 - عن الحسن قال: لما نزلت هذه الآية: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ} قام رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: هل لهذه الآية علم تعرف به؟ قال: (نعم، الإنابة إلى دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل أن ينزل). أورده السيوطي في (الدر المنثور) 6: 197 وعزاه إلى: ابن أبي الدنيا في كتاب (ذكر الموت). وهو في كتاب (ذكر الموت) لابن أبي الدنيا ص 437 رقم (144) ونصه في المطبوع: "عن الحسن قال: لما نزلت هذه الآية: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ} [الأنعام: 125] " فهو معلق، سقط بقية المتن من المطبوع. وعلى كلٍّ فهو مرسل عن الحسن. قال الإمام أحمد: ليس في المرسلات أضعف من مراسيل الحسن، وعطاء بن أبي رباح، فإنهما يأخذان عن كل أحد. أخرجه الخطيب في (الكفاية) ص 549. وقال ابن سعد -في ترجمة الحسن في الطبقات 7: 157 - : "ما أسند من حديثه وروى عمن سمع منه فحسن حجة، وما أرسل من الحديث فليس بحجة". وقال ابن عبد البر في التمهيد 1: 30: "قالوا: مراسيل عطاء، والحسن، لا يحتج بها، لأنهما كانا يأخذان عن كل أحد". الحكم على الحديث: ضعيف. والحديث أورده ابن كثير في تفسيره 3: 336 وقال: "فهذه طرق لهذا الحديث؛ مرسلة ومتصلة، يشد بعضها بعضا، والله أعلم".

وأورده السيوطي في الإتقان 2: 492 وقال: "مرسل له شواهد كثيرة متصلة ومرسلة، يرتقي بها إلى درجة الصحة أو الحسن". وقال ابن رجب في (شرح علل الترمذي) 2: 772:"وقد روى عمرو بن مرة، عن ابن المسور المدائني، حديثاً آخر أصله مرسل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما نزل قوله تعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ} [الأنعام: 125]، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إذا دخل النور القلب انشرح وانفسح ..) الحديث، فهذا هو أصل الحديث، ثم وصله قوم، وجعلوا له إسناداً موصولاً مع اختلافهم فيه .. " ثم ساق كلام الدارقطني من العلل، وقد تقدم. فهو يرى أن الحديث مرسل، وأن رواية الوصل غير محفوظة. وأشار الشوكاني في (فتح القدير) 2: 162 إلى طرق الحديث، ثم قال:"هذه الطرق يقوّي بعضها بعضاً، والمتصل يقوّي المرسل، فالمصير إلى هذا التفسير النبويّ متعين". *****

(75)

قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأنعام: 141]. (75) عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قول الله عز وجل: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} قال: (ما سقط من السنبل). تخريجه: أخرجه أبو جعفر النحاس في (الناسخ والمنسوخ) ص 427 قال: حدثنا أبو علي الحسن ابن غليب، قال: حدثنا عمران بن أبي عمران، قال: حدثنا ابن لهيعة، عن دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- فذكره. وعزاه في (الدر المنثور) 6: 221 إلى: ابن المنذر، وأبي الشيخ، وابن مردويه. وأورده ابن كثير في تفسيره 3: 348 وعزاه إلى ابن مردويه فقط، وأفاد أنه عنده من رواية ابن لهيعة، به. الحكم على الإسناد: إسناد ضعيف جدا، للعلل الآتية: 1 - المقال في عمران بن أبى عمران هارون الرملي. قال الذهبي: عمران بن أبي عمران الرملي، عن بقية بن الوليد، فأتى بخبر كذب، هو آفته. ينظر: ميزان الاعتدال 3: 240، المغني في الضعفاء2: 479، الكشف الحثيث ص 204، اللسان 4: 399 2 - المقال في ابن لهيعة، وقد تفرد به، ومثله لا يحتمل تفرده. 3 - تدليس ابن لهيعة، وقد رواه بالعنعنة. 4 - ما قيل في رواية دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، وهذه منها. وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك في الحديث الثامن. *****

(76)

قال تعالى: {وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [الأنعام 152]. (76) عن سعيد بن المسيب قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-في الآية: {وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} قال: (من أوفى على يده في الكيل والميزان، والله يعلم صحة نيته بالوفاء فيهما، لم يؤاخذ). وذلك تأويل (وسعها). تخريجه: أخرجه ابن مردويه من طريق: بقية، عن مبشر بن عبيد، عن عمرو بن ميمون بن مهران، عن أبيه، عن سعيد بن المسيب .. فذكره. كما في تفسير ابن كثير 3: 364. وعزاه إلى ابن مردويه أيضا: السيوطي في (الدر المنثور) 6: 257، وفي (الإتقان) 2: 493. وجملة: "وذلك تأويل (وسعها) "، ذكروها جميعا في سياق الحديث دون فصل، والظاهر أنها من كلام ابن مردويه، والله أعلم. الحكم على الحديث بهذا الإسناد، حديث موضوع، فيه مبشر بن عبيد، وهو القرشي، أبو حفص الحمصى، كوفي الأصل (ق). قال أحمد بن حنبل: روى عنه بقية، وأبو المغيرة، أحاديث موضوعة كذب. وقال: مبشر بن عبيد؛ ليس بشيء، يضع الحديث. وقال أبوزرعة الرازي: هو عندي ممن يكذب. وقال البخاري: منكر الحديث. وقال الدارقطني: متروك الحديث. وفي التقريب: متروك، ورماه أحمد بالوضع. ينظر: الجرح والتعديل 8: 343، الكامل 6: 417، تهذيب الكمال 27: 194، التقريب ص 519. إضافة إلى عنعنة بقية، وهو كثير التدليس عن الضعفاء، وسبق في الحديث رقم (61). والحديث مرسل. وقال عنه ابن كثير في تفسيره 3: 364: "هذا مرسل غريب". وضعف إسناده السيوطيُ في (الإتقان) 2: 493. *****

(77)

قال تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ} [الأنعام: 158]. (77) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت فرآها الناس؛ آمنوا أجمعون فذلك حين {لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا}). تخريجه: أخرجه البخاري (4635) (4636) في تفسير القرآن: باب {لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا} و (6506) في الرقاق: باب قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (بعثت أنا والساعة كهاتين)، ومسلم (157) في الإيمان: باب الزمن الذي لا يقبل فيه الإيمان، وأبو داود (4312) في الملاحم: باب أمارات الساعة، وابن ماجه (4068) في الفتن: باب طلوع الشمس من مغربها، وأحمد 2: 231، 313، من طرق عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. وفي الباب أحاديث كثيرة، منها: 1 - عن أبي ذر -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال يوما: (أتدرون أين تذهب هذه الشمس؟) قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: (إن هذه تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش، فتخر ساجدة، فلا تزال كذلك، حتى يقال لها: ارتفعي ارجعي من حيث جئت، فترجع فتصبح طالعة من مطلعها، ثم تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش، فتخر ساجدة، ولا تزال كذلك حتى يقال لها: ارتفعي ارجعي من حيث جئت، فترجع، فتصبح طالعة من مطلعها، ثم تجري لا يستنكر الناس منها شيئا، حتى تنتهي إلى مستقرها ذاك تحت العرش، فيقال لها: ارتفعي أصبحي طالعة من مغربك، فتصبح طالعة من مغربها، فقال رسول الله

-صلى الله عليه وسلم- أتدرون متى ذاكم؟ ذاك حين {لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا}). أخرجه مسلم (159) في الإيمان: باب الزمن الذي لا يقبل فيه الإيمان، وأحمد 5: 165، والطبري 10: 14، واللفظ لمسلم، ولفظ أحمد مختصر. 2 - عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا} قال: (طلوع الشمس من مغربها). أخرجه الترمذي (3071) في تفسير القرآن: باب ومن سورة الأنعام، وأحمد 3: 31، 97، وأبو يعلى 2: 505 (1353)، والطبري 10: 14، كلهم من طريق محمد بن عبدالرحمن ابن أبي ليلى، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-. وابن أبي ليلى: صدوق سيء الحفظ جدا، وأخرج حديثه الأربعة. ينظر: التقريب ص 493. وعطية العوفي: صدوق يخطىء كثيرا، وكان شيعيا مدلسا. ينظر: التقريب ص 393. 3 - عن صفوان بن عسال -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن من قبل مغرب الشمس بابا مفتوحا، عرضه سبعون سنة، فلا يزال ذلك الباب مفتوحا للتوبة، حتى تطلع الشمس من نحوه، فإذا طلعت من نحوه لم ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل، أو كسبت في إيمانها خيرا). أخرجه ابن ماجه (4070) في الفتن: باب طلوع الشمس من مغربها، واللفظ له، وأخرجه الترمذي (3536) في الدعوات: باب في فضل التوبة والاستغفار، وأحمد 4: 240، بنحوه مطولا. وقال الترمذي: حسن صحيح. *****

(78)

قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [الأنعام: 159] (78) عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لعائشة -رضي الله عنها-: (يا عائشة، {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا} هم أصحاب الأهواء والبدع، يا عائشة إن لكل صاحب ذنب توبة، إلا أصحاب البدع ليست لهم توبة، فهم مني براء، وأنا منهم برىء). تخريجه: أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره 5: 1430 (8157)، قال: حدثنا أبي، ثنا محمد بن المصفى، ثنا بقية، ثنا شعبة، عن مجالد، عن الشعبي، عن شريح، عن عمر-رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه ابن أبي عاصم في (كتاب السنة) 1: 8 (4)، والطبراني في الصغير 1: 338 (560 - الروض الداني)، وأبو نعيم في (الحلية) 4: 137، والبيهقي في (شعب الإيمان) 5: 449، وابن الجوزي في (العلل المتناهية) 1: 136 (209) في السنة: باب تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا}، كلهم من طريق محمد بن مصفى، به، بنحوه. وقد صرح بقية بالتحديث أيضا عند: ابن أبي عاصم، وأبي نعيم، لكن وقع عندهما: بقية ثنا شعبة أو غيره، هكذا بالشك. وقال الطبراني: لم يروه عن شعبة إلا بقية، تفرد به ابن مصفى، وهو حديثه. الحكم على الإسناد: إسناد ضعيف، للمقال في مجالد، وهو مجالد بن سعيد بن عمير بن بسطام الهمداني، أبو عمرو، ويقال: أبو عمير، ويقال: أبو سعيد، الكوفي. (م 4). قال العجلي: كوفي جائز الحديث، حسن الحديث. وقال الذهبي في (الميزان): مشهور صاحب حديث، على لين فيه. قال البخاري: كان يحيى بن سعيد يضعفه، وكان عبد الرحمن بن مهدي لا يروي عنه شيئا. وقال أحمد بن حنبل: ليس بشيء، يرفع حديثا كثيرا لا يرفعه الناس، وقد احتمله الناس.

وقال أبو بكر بن أبي خيثمة عن يحيى بن معين: ضعيف، واهي الحديث. وقال عباس الدوري، عنه: لا يحتج بحديثه. وضعفه النسائي. وقال ابن حبان: كان رديء الحفظ، يقلب الأسانيد، ويرفع المراسيل، لا يجوز الاحتجاج به. وقال ابن عدي: عامة ما يرويه غير محفوظ. وفي التقريب: ليس بالقوي، وقد تغير في آخر عمره. مات سنة 144 هـ، وروى له مسلم مقرونا بغيره. وقد نقل ابن القيم رحمه الله في (زاد المعاد) 1: 364، عن بعضهم، أنه عاب على مسلم إخراج حديث مطر الوراق، وقد تكلم فيه، فتعقبه، وقال: "ولا عيب على مسلم في إخراج حديثه، لأنه ينتقي من أحاديث هذا الضرب ما يعلم أنه حفظه، كما يطرح من أحاديث الثقة ما يعلم أنه غلط فيه، فغلط في هذا المقام من استدرك عليه إخراج جميع حديث الثقة، ومن ضعف جميع حديث سيء الحفظ، فالأولى طريقة الحاكم وأمثاله، والثانية طريقة أبي محمد ابن حزم وأشكاله، وطريقة مسلم هي طريقة أئمة هذا الشأن، والله المستعان". ينظر: الضعفاء الصغير للبخاري ص 116، معرفة الثقات للعجلي 2: 264، كتاب الضعفاء والمتروكين للنسائي ص 236، الجرح والتعديل 8: 361، الضعفاء الكبير للعقيلي 4: 232، المجروحين 3: 10، الكامل 6: 420، تهذيب الكمال 219: 27، الكاشف 2: 239، المغني في الضعفاء 2: 542، الميزان 3: 438، شرح العلل لابن رجب 1: 135، تهذيب التهذيب 5: 371، التقريب ص 520. ولم أقف على متابع له، ولا يقبل تفرده بمثل هذا. وجاء في علل الدارقطني 2: 163 رقم: (191): "وسئل عن: حديث شريح، عن عمر -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا} (¬1) هم أصحاب الأهواء والبدع. ¬

_ (¬1) هذه قراءة حمزة، والكسائي: {فارقوا}،بألف. ينظر: زاد المسير 3: 158.

الشواهد

فقال: يرويه محمد بن مصفى، عن بقية، عن شعبة، عن مجالد، عن الشعبي، عن شريح، عن عمر -رضي الله عنه-، وتابعه: جحدر بن الحارث، عن بقية، وخالفهما: وهب بن حفص الحراني، -وكان ضعيفا- فرواه عن: الجدي عبد الملك، عن شعبة، عن مجالد، عن الشعبي، عن مسروق، عن عمر -رضي الله عنه-، ولا يثبت عن شعبة، ولا عن مجالد، والله أعلم". والوجه الثاني الذي أشار إليه الدارقطني؛ أخرجه ابن عدي في (الكامل) في ترجمة (وهب بن حفص) 7: 70 - ومتنه ساقط من المطبوع، واستفدته من محقق (العلل) للدارقطني 2: 164 - من طريق شعبة، عن مجالد، عن الشعبي، عن مسروق، عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، وقال: " ورواه بقية، عن شعبة، عن مجالد، عن الشعبي، عن شريح، عن عمر -رضي الله عنه-، وجميعا غير محفوظين". وقال أبو نعيم في (الحلية) 4: 138 - بعد تخريج الحديث-: "هذا حديث غريب من حديث شعبة، تفرد به بقية". والحديث أخرجه ابن الجوزي في (العلل المتناهية) 1: 136 - كما سبق-، وشرطه كما قال في مقدمته:"وقد جمعت في هذا الكتاب؛ الأحاديث الشديدة التزلزل، الكثيرة العلل". والحديث أورده ابنُ كثير في تفسيره 3: 377، وقال: "غريب، ولا يصح رفعه". وأورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 1: 188 وقال: "رواه الطبراني في الصغير، وفيه: بقية، ومجالد بن سعيد، وكلاهما ضعيف". ثم أورده 7: 22، وقال: "رواه الطبراني في الصغير، وإسناده جيد"!. وتبعه السيوطي في الإتقان 2: 494، فجوَّد إسناده. وينظر: العلل لابن أبي حاتم 2: 77. الشواهد: 1 - عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ}، قال: (هم أهل البدع والأهواء من هذه الأمة).

أخرجه الطبراني في (المعجم الأوسط) 1: 207 (664) قال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا معلل، قال: حدثنا موسى بن أعين، عن سفيان الثوري، عن ابن طاووس، عن أبيه، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. وقال عقبه: لم يرو هذا الحديث عن سفيان إلا موسى، تفرد به معلل. وأخرجه الطبري 10: 33 من طريق عباد بن كثير، عن ليث بن أبي سليم، عن طاووس، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 6: 292 إلى: ابن مردويه، والشيرازي في (الألقاب). والحديث سئل عنه الدارقطني في العلل 8: 321 رقم: (1592)، فقال: "يرويه ليث ابن أبي سليم، واختلف عنه، فرواه: شيبان بن عبد الرحمن، والثوري، عن ليث عن طاووس عن أبي هريرة موقوفا. ورفعه: عباد بن كثير، عن ليث. ورواه: موسى بن أعين، عن الثوري، فقال: عن ابن طاووس، عن أبيه، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ووهم في موضعين: في رفعه، وفي قوله عن ابن طاووس، لأن هذا من حديث ليث، ولا يصح عن ابن طاووس". والحديث أورده ابنُ كثير في تفسيره 3: 377 بسند الطبري، وقال: "ذا الإسناد لا يصح، فإن عبادَ بن كثير؛ متروكُ الحديث" 2 - عن أبي أمامة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا}، (أنهم الخوارج). أخرجه ابن أبي حاتم 5: 1429 (8150) قال: حدثنا أبو بدر عباد بن الوليد الغبري، ثنا محمد بن عباد الهنائي، ثنا حميد بن مهران المالكي الخياط، قال: سألت أبا غالب عن هذه الآية {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا} إلى آخر الآية، حدثني أبو أمامة -رضي الله عنه-عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أنهم الخوارج. وعزاه في (الدر المنثور) 6: 292 إلى: النحاس، وابن مردويه. وهو في (الناسخ والمنسوخ) للنحاس ص 443، معلقا عن أبي غالب.

عباد بن الوليد الغبري؛ صدوق -كما في التقريب ص 291 - ، ومحمد بن عباد الهنائي؛ صدوق -كما في التقريب ص 486 - ، وحميد بن مهران؛ ثقة -كما في تهذيب الكمال 7: 398 - ، وأبو غالب؛ مختلف فيه، وفي التقريب: صدوق يخطىء، وسبق في الحديث رقم (35). والحديث أورده ابنُ كثير في تفسيره 3: 377 وقال: لا يصح. على أن هذا الحديث يعد شاهدا جزئيا، لأنه جاء في بعض أهل البدع والأهواء، وهم الخوارج. وقال ابن كثير في تفسيره 3: 377 - بعد أن أورد الأحاديث السابقة، وضعفها-: "والظاهر أن الآية عامة في كل من فارق دين الله، وكان مخالفا له، فإن الله بعث رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وشرعه واحد لا اختلاف فيه ولا افتراق، فمن اختلف فيه {وَكَانُوا شِيَعًا} , أي فرقا كأهل الملل والنحل والأهواء والضلالات؛ فإن الله تعالى قد برأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مما هم فيه. وهذه الآية كقوله تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} [الشورى: 13] الآية، وفي الحديث: (نحن معاشر الأنبياء أولاد علات ديننا واحد) (¬1)، فهذا هو الصراط المستقيم، وهو ما جاءت به الرسل من عبادة الله وحده لا شريك له، والتمسك بشريعة الرسول المتأخر، وما خالف ذلك فضلالات وجهالات، وآراء وأهواء، والرسل برآء منها، كما قال الله تعالى: {لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} [الأنعام:159] ". ***** ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري رقم (3442) (3443) في أحاديث الأنبياء: باب قول الله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا}، ومسلم رقم (2365) في الفضائل: باب فضائل عيسى عليه السلام، من رواية أبي هريرة -رضي الله عنه-.

سورة الأعراف

سورة الأعراف قال تعالى: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف: 31]. (79) عن أنس-رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} , قال: (صلوا في نعالكم). تخريجه: أخرجه العقيلي في (الضعفاء الكبير) 3: 142 - ومن طريقه: ابن الجوزي في (الموضوعات) 2: 21 - قال: حدثنا محمد بن هشام، قال: حدثنا عباد بن الوليد، قال: حدثنا عباد بن جويرية، عن الأوزاعي، عن قتادة، عن أنس -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه ابن حبان في (المجروحين) 2: 172، وتمّام الرازي في فوائده 4: 142 (1339 - 1340 الروض البسام)، وابن عساكر في (تاريخ دمشق) 36: 362، كلهم من طريق: عباد بن جويرية، به. وعزاه في (الدر المنثور) 6: 364 إلى: أبي الشيخ، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: إسناد ضعيف جدا، فيه: عباد بن جويرية البصري، يروي عن الأوزاعى. قال أحمد: كذاب أفاك، وقال أبو زرعة: ليس بشيء، وقال النسائي وغيره: متروك، وقال ابن عدي: يتبين ضعفه على رواياته عن الأوزاعي، وغيره. ينظر: (الضعفاء الكبير) للعقيلي 3: 142،الجرح والتعديل 6: 78، الكامل 4: 344، المغني في الضعفاء 1: 325، اللسان 3: 277. وقال ابن الجوزي في (الموضوعات) 2: 21 - عقب رواية الحديث-: "هذا حديث لا يصح، ولا يعرف إلا بعباد بن جويرية، ولا يتابع عليه". وضعف إسناده السيوطيُ في الإتقان 2: 495.

المتابعات

المتابعات: تابع عبادَ بن جويرية: يحيى بن عبد الله الدمشقي. أخرجه الخطيب في (تاريخ بغداد) 14: 287، وابن عساكر في (تاريخ دمشق) 64: 302، كلاهما من طريق: يعقوب بن إسحاق الدعاء، حدثنا يحيى بن عبد الله، أبو عبد الله الدمشقي، عن الأوزاعي، عن قتادة، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله تعالى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} قال: (الصلاة في النعال). ويعقوب، وشيخه؛ مجهولان. الشواهد: يشهد لهذا الحديث -فيما وقفت عليه- ما يأتي: 1 - عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-قال: (زين الصلاة الحذاء). أخرجه أبو يعلى 1: 405 (532)، -وعنه: ابن عدي في (الكامل) 6: 145 - ، وتمام الرازي في فوائده 1: 359 (355)، كلهم من طريق محمد بن الحجاج اللخمي، ثنا عبدالملك بن عمير، عن النزال بن سبرة، عن علي -رضي الله عنه-. ومحمد بن الحجاج اللخمي؛ كذبه ابن معين، والدارقطني، وغيرهما. وقال البخاري: منكر الحديث. ينظر: اللسان 5: 122. وقال ابن عدي -عقب رواية الحديث-: "وهذا ليس له أصل عن عبد الملك بن عمير، ومما وضعه محمد بن الحجاج على عبد الملك". وأورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 2: 54 وقال: "رواه أبو يعلى، وفيه: محمد بن الحجاج اللخمي، وهو كذاب". وقال المناوي في (فيض القدير) 4: 68: "قال الحافظ العراقي في شرح الترمذي: هذا ليس له أصل عن عبد الملك، وهو مما وضعه محمد بن الحجاج ... فكان ينبغي للمصنف -يعني السيوطي- حذفه من الكتاب".

2 - عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (خذوا زينتكم في الصلاة) قلنا: وما ذاك؟ قال: (البسوا نعالكم، وصلوا فيها). أخرجه ابن عدي في (الكامل) 5: 183 من طريق بقية، عن علي القرشي، عن محمد بن عجلان، عن صالح مولى التوأمة، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. وهذا إسناد فيه علل كثيرة: (أ) بقية بن الوليد. كثير التدليس عن الضعفاء. وعده ابن حجر في المرتبة الرابعة من مراتب المدلسين، وهي من اتفق على أنه لا يحتج بشيء من حديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع لكثرة تدليسهم عن الضعفاء والمجاهيل. وسبق في الحديث رقم (61). (ب) علي بن أبي علي القرشي. شيخ بقية, قال ابن عدي قي ترجمته في (الكامل) 5: 183: مجهول، ومنكر الحديث. وانظر: اللسان 4: 284. (جـ) صالح مولى التوأمة. صدوق اختلط، ولم يُذكر ابن عجلان فيمن سمع منه قبل الاختلاط. ينظر: التقريب ص 274، فتح المغيث 3: 286، الكواكب النيرات ص 56. وأخرجه ابنُ عدي أيضا 6: 162 من طريق: محمد بن الفضل، عن كرز بن وبرة الحارثي، عن عطاء، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. ومحمد بن الفضل، هو: العبدي، قال أحمد: ليس بشيء، حديثه حديث أهل الكذب. وقال النسائي: متروك، وفي التقريب: كذبوه. ينظر: الكامل 6: 161، التقريب ص 502. وحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- هذا؛ عزاه في (الدر المنثور) 6: 364 إلى: أبي الشيخ، وابن مردويه.

الحكم على الحديث

الحكم على الحديث: ضعيف جدا. وأورده ابن كثير في تفسيره 3: 406 من رواية أنس -رضي الله عنه- وقال:"في صحته نظر". وقال الحافظ في (فتح الباري) 1: 589: "وورد في كون الصلاة في النعال من الزينة المأمور بأخذها في الآية؛ حديث ضعيف جدا، أورده ابن عدي في الكامل، وابن مردويه في تفسيره من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، والعقيلي من حديث أنس -رضي الله عنه-". تنبيه: أصل مشروعية الصلاة في النعال ثابت في أحاديث كثيرة، في الصحيحين وغيرهما، ومنها ما رواه أبو مسلمة سعيد بن يزيد الأزدي، قال: سألت أنس بن مالك -رضي الله عنه-؛ أكان النبي-صلى الله عليه وسلم- يصلي في نعليه؟ قال: نعم. أخرجه البخاري رقم (386) في الصلاة: باب الصلاة في النعال، ومسلم رقم (555) في المساجد: باب جواز الصلاة في النعلين. لكن البحث هنا في ربط الآية بذلك. *****

(80)

قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ} [الأعراف: 40]. (80) عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- قال: خرجنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في جنازة رجل من الأنصار فانتهينا الى القبر، ولما يلحد .. -فذكر حديثا طويلا في صفة قبض الميت، والسؤال والجزاء في القبر، قال فيه في شأن الكافر بعد قبض روحه:- (فيصعدون بها، فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الحبيث؟ فيقولون: فلان ابن فلان، بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا، حتى ينتهي به إلى السماء الدنيا، فيستفتح له فلا يفتح له، ثم قرأ رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: {لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} , فيقول الله عز وجل: اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى، فتطرح روحه طرحا، ثم قرأ: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ}). تخريجه: أخرجه أحمد 4: 287 قال: حدثنا أبو معاوية، قال: حدثنا الأعمش، عن منهال بن عمرو، عن زاذان، عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه ابن أبى شيبة في المصنف 3: 54 (12059)، وهناد بن السري في (الزهد) 1: 205 (339) -ومن طريقه: أبو داود في سننه (4753) في السنة: باب في المسألة في القبر، وعذاب القبر-، وابن منده في كتاب الإيمان 2: 962 (1064)، والحاكم في المستدرك 1: 37، والبيهقي في (شعب الإيمان) 1: 355 (395)، وفي (إثبات عذاب القبر) ص 50 رقم (44)، من طريق أبي معاوية, به, بنحوه. وأخرجه أبو داود في سننه (4753) في السنة: باب في المسألة في القبر، وعذاب القبر، و (3212) في الجنائز: باب الجلوس عند القبر، والطيالسي 2: 114 (789)، والطبري

الحكم على الإسناد

10: 185، والحاكم في المستدرك 1: 37، كلهم من طريق الأعمش، به، بنحوه، ولفظ الطبري، وأبي داود -في الموضع الثاني- مختصر. الحكم على الإسناد: إسناد صحيح. قال ابن منده في كتاب الإيمان 2: 965: "هذا إسناد متصل مشهور، رواه جماعة عن البراء، وكذلك رواه عدة عن الأعمش، وعن المنهال بن عمرو". قال البيهقي في (شعب الإيمان) 1: 357: "هذا حديث صحيح الإسناد". وأورده المنذري في (الترغيب والترهيب) 4: 369، وقال: "حديث حسن، رواته محتج بهم في الصحيح". وقال ابن القيم في كتاب الروح ص 46: "الحديث صحيح، لا شك فيه". وأورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 3: 49 وقال: "رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح". الحكم على الحديث: صحيح. *****

(81)

قال تعالى: {لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ} [الأعراف: 41]. (81) عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يكسى الكافر لَوْحين من نار في قبره، فذلك قوله تعالى: {لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ}). تخريجه: أخرجه الروياني في مسنده 1: 261 (390) قال: حدثنا حازم بن يحيى الحلواني، حدثنا محمد بن الصباح، حدثنا عمار بن محمد، عن ليث، عن المنهال بن عمرو، عن زاذان، عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- .. فذكره. والحديث أورده السيوطي في (الدر المنثور) 6: 392، وعزاه إلى: أبي الحسن القطان في (الطوالات)، وابن مردويه، فقط. وأفاد الرافعي في (التدوين في أخبار قزوين) 1: 175 أن أبا الحسن القطان يرويه في (الطوالات)، من هذا الوجه. وأخرجه الطبري في (تهذيب الآثار -مسند عمر-رضي الله عنه-) 2: 493 (718) قال: حدثنا ابن حميد الرازي، وابن وكيع، قالا: حدثنا ابن عبد الحميد الضبي، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن زاذان، عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- مرفوعا، فساق حديثا طويلا، بنحو الحديث السابق، مع زيادات واختلاف في السياق، وفيه: (.. ثم ينادي مناد من السماء أن افرشوا له لوحين من نار، وافتحوا له بابا من النار، فال: فيفرش له لوحان من النار، ويفتح له باب إلى النار، فيقول: رب لا تقم الساعة, لا تقم الساعة ...)، وليس فيه ذكر الآية.

الحكم على الإسناد

الحكم على الإسناد: إسناد ضعيف، لأجل ليث، ولم أجد من تابعه عليه. وسبق الكلام فيه في الحديث رقم: (17)، وخلصت إلى أنه ضعيف، وليس ضعفه بالشديد، بل هو ممن يعتبر بحديثه فلا يحتج به، ولا يسقط بالكلية, وضعفه ناتج من جهة سوء الحفظ، لا من جهة العدالة، ومن صور هذا الضعف: رفع الموقوفات، ووصل المراسيل، والجمع بين الرواة في سياق واحد دون تمييز حديث بعضهم من بعض -كما أشار إليه الدارقطني-، وليس هو ممن يحتمل تفرده، فضلا عن مخالفته. *****

(82)

قال تعالى: {وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ} [الأعراف: 46]. (82) عن أبى زرعة قال: سئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن أصحاب الأعراف، فقال: (هم آخر من يقضى لهم من العباد، فإذا فرغ رب العالمين من القضاء بين العباد قال لهم: أنتم قوم أخرجتكم أعمالكم من النار، وعجزت أن تدخلكم الجنة, فاذهبوا فأنتم عتقاي، فارعوا من الجنة حيث شئتم). تخريجه: أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره 5: 1485 (8500)، قال: حدثنا علي بن الحسين، ثنا محمد بن عيسى، ثنا جرير، عن عارف عن أبي زرعة .. فذكره. وأخرجه الطبري 10: 221 قال: حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني جرير، به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 6: 403 إلى ابن المنذر. الحكم على الإسناد: إسناد ضعيف، لإرساله والحديث أورده ابن كثير في تفسيره 3: 420، وقال: "هذا مرسل حسن". الشواهد: يشهد لمعنى الحديث -في أن أصحاب الأعراف؛ قوم تساوت حسناتهم وسيئاتهم- حديثان فيما وقفت عليه: 1 - عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله: (يوضع الميزان يوم القيامة، فتوزن الحسنات والسيئات، فمن رجحت حسناته على سيئاته مثقال صؤابة دخل الجنة، ومن رجحت سيئاته على حسناته مثقال صؤابة دخل النار) قيل: يا رسول الله، فمن استوت حسناته وسيئاته؟ قال: (أولئك أصحاب الأعراف، {لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ})

أخرج ابن عساكر في تاريخه 14: 313 من طريق عباد بن كثير، عن أبي الزبير، عن جابر -رضي الله عنه- به. وعزاه في (الدر المنثور) 6: 403 إلى: أبي الشيخ، وابن مردويه. وعزاه القرطبي في (التذكرة) ص 370 إلى: خيثمة بن سليمان في "مسنده". عباد بن كثير، هو: الثقفي البصري، متروك، قال أحمد: روى أحاديث كذب. ينظر: تقريب التهذيب ص 290. وفيه عنعنة أبي الزبير، وهو مدلس. ينظر: التقريب ص 506، مراتب المدلسين ص 151. لكن ساق ابنُ كثير في تفسيره 3: 418 سندَ ابن مردويه، فقال: حدثنا عبد الله بن إسماعيل، حدثنا عبيد بن الحسن، حدثنا سليمان بن داود، حدثنا النعمان بن عبد السلام، حدثنا شيخ لنا يقال له: أبو عباد، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر -رضي الله عنه- مرفوعا، فذكره مختصرا بنحوه، ثم قال: "وهذا حديث غريب من هذا الوجه". وسليمان بن داود هذا؛ هو المنقري الشاذكوني، قال يحيى بن معين: كان الشاذكوني يضع الحديث، وقال أبو حاتم: ليس بشيء، متروك الحديث، واتهمه غير واحد بالكذب. ينظر: المغنى في الضعفاء 1: 279، اللسان 3: 97. وأشار إليه ابنُ كثير في تفسيره 3: 419 مع جملة من الأحاديث في الباب، وقال: "والله أعلم بصحة هذه الأخبار المرفوعة, وقصاراها أن تكون موقوفة". 2 - عن الشعبي، عن حذيفة -رضي الله عنه- أراه قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: (يجمع الناس يوم القيامة فيؤمر بأهل الجنة إلى الجنة، ويؤمر بأهل النار إلى النار، ثم يقال لأصحاب الأعراف: ما تنتظرون؟ قالوا: ننتظر أمرك، فيقال لهم: إن حسناتكم تجاوزت بكم النار أن تدخلوها، وحالت بينكم وبين الجنة خطاياكم، فادخلوا الجنة بمغفرتي ورحمتي).

الحكم على الحديث

أخرجه البيهقي في (البعث والنشور) رقم (103)، من طريق الشعبي عن حذيفة -رضي الله عنه-. ولم يعزه لغيره في (الدر المنثور) 6: 404. وهذا الوجه المرفوع مروي بالظن، إضافة للانقطاع بين الشعبي وحذيفة -رضي الله عنه-، فقد أخرج الحديث: الحاكم في (المستدرك) 2: 320، وعنه: البيهقي في (البعث والنشور) رقم (101) من طريق الشعبي، عن صلة بن زفر، عن حذيفة -رضي الله عنه- من قوله. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه. وأقره الذهبي. وقال البيهقي: هذا موصول موقوف، وروي مرسلا موقوفا، ثم أخرجه برقم (102) من طريق الشعبي، عن حذيفة -رضي الله عنه- من قوله، ثم قال: وروي مرسلا مرفوعا فيما يتوهم راويه، فساق الحديث أعلاه. والمشهور في الحديث الوقف، وهو ضعيف السند أيضا للانقطاع بين الشعبي وحذيفة -رضي الله عنه-. والموقوف أورده السيوطي في (الدر المنثور) 6: 402 وعزاه إلى: عبد الرزاق، وسعيد بن منصور، وهناد بن السري، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ. وانظر في رواية الوقف؛ التعليق على (سنن سعيد بن منصور) 5: 146. الحكم على الحديث: ضعيف. *****

(83)

(83) عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: سئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن أصحاب الأعراف؟ فقال: (قوم قتلوا في سبيل الله وهم عصاة لآبائهم، فمنعتهم الشهادة أن يدخلوا النار، ومنعتهم المعصية أن يدخلوا الجنة, فهم وقوف على سور بين الجنة والنار حتى تذوب شحومهم وتبدل لحومهم، حتى يفرغ الله من حساب الخلائق، فإذا فرغ من حساب الخلائق؛ تغمدهم برحمة منه، فأدخلوا الجنة). تخريجه: أخرجه الطبراني في (المعجم الصغير) 1: 398 (666) قال: حدثنا عبيد الله بن محمد ابن خنيس الدمياطي، حدثنا أبو أسلم محمد بن مخلد الرعيني، حدثنا عبد الرحمن بن زيد ابن أسلم، عن أبيه، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه في (المعجم الأوسط) 3: 249 (3053) قال: حدثنا أزهر بن زفر، قال: نا محمد بن مخلد الرعيني، به. وقال عقبه: لم يرو هذا الحديث عن زيد بن أسلم إلا ابنه عبد الرحمن، ولا عن عبدالرحمن إلا محمد بن مخلد، ولا يروى عن أبي سعيد إلا بهذا الإسناد. وعزاه في (الدر المنثور) 6: 406 إلى ابن مردويه. وعزاه ابن كثير في تفسيره 3: 419 إلى ابن ماجه، ولم أجده فيه. الحكم على الإسناد: ضعيف، فيه: محمد بن مخلد الرعيني، أبو أسلم الحمصي. قال ابن عدي: منكر الحديث عن كل من يروي عنه. وقال الدارقطني في غرائب مالك: محمد بن مخلد بن أسلم؛ متروك الحديث. قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه، فقال: لم أر في حديثه منكرا. قلت: ومن علم حجة على من لم يعلم. ينظر: الجرح والتعديل 8: 92، الكامل 6: 256، اللسان 5: 370. وفيه: عبد الرحمن بن زيد بن أسلم القرشي العدوي المدني. (ت ق) ضعفه أحمد، والنسائي، وأبو زرعة، وابن حجر. وقال ابن معين: ليس حديثه بشيء.

الشواهد

وقال البخاري وأبو حاتم: ضعفه علي بن المديني جداً. وقال أبو حاتم: ليس بقوي في الحديث، كان في نفسه صالحاً، وفي الحديث واهياً. وقال البخاري: لا يصح حديثه. وقال البزار: أجمع أهل العلم بالنقل على تضعيف أخباره, وليس هو بحجة فيما ينفرد به. وقال ابن حبان: كان ممن يقلب الأخبار حتى كثر ذلك في روايته من رفع المراسيل، وإسناد الموقوف؛ فاستحق الترك. مات سنة 182 هـ. ينظر: التاريخ الكبير 5: 284، الجرح والتعديل 5: 233، الضعفاء والمتروكون ص 206، الضعفاء الكبير للعقيلي 2: 331، المجروحين 2: 57، الكامل لابن عدي 4: 269، تهذيب الكمال 17: 114، السير 8: 349، الميزان 2: 564، الكاشف 1: 826 , التقريب ص 340. وأشار إليه ابن كثير في تفسيره 3: 419 مع جملة من الأحاديث في الباب، وقال: "والله أعلم بصحة هذه الأخبار المرفوعة، وقصاراها أن تكون موقوفة". وضعف إسنادَه السيوطيُ في (الدر المنثور) 6: 406. الشواهد: يشهد لمعنى الحديث في بيان أصحاب الأعراف؛ خمسة أحاديث فيما وقفت عليه: 1 - عن عبد الرحمن المزني: قال سئل رسول الله-صلى الله عليه وسلم-عن أصحاب الأعراف؟ فقال: (هم قوم قتلوا في سبيل الله في معصية آبائهم، فمنعهم من النار قتلهم في سبيل الله، ومنعهم من الجنة معصية آبائهم). أخرجه سعيد بن منصور في سننه 5: 143 (954)، والحارث بن أبي أسامة في مسنده (2: 721 - بغية الباحث) رقم (712)، وابن أبي عاصم في (الآحاد والمثاني) 2: 352 (1123)، والطبري 10: 218، وابن أبي حاتم 5: 1484 (8498)، والبيهقي في (البعث والنشور) (104) (105) (106)، من طريق أبي معشر، عن يحيى بن شبل، عن ابن عبد الرحمن المزني، عن أبيه، قال: سئل .. فذكره. وعزاه في (الدر المنثور) 6: 405 إلى: عبد بن حميد، وأبي الشيخ، وابن مردويه.

ووقع اضطراب في تسمية ابن عبد الرحمن في المصادر، فقيل: محمد، وقيل: عمر، وقيل: عمرو، وقيل: يحيى. وهذا إسناد ضعيف، ابن عبد الرحمن: مجهول. وأبو معشر، اسمه: نجيح بن عبد الرحمن المدني، ضعيف، أسنَّ واختلط. التقريب ص 559. وقد اضطرب في الحديث، كما بين ذلك ابن حجر، فقد أورد الحديث في ترجمة: (عبدالرحمن المزني) من الإصابة 4: 371، وقال: (أخرجه ابن مردويه في التفسير، وأخرجه عبد بن حميد، وابن جرير، كلاهما من وجه آخر عن أبي معشر، فقالا: عن محمد ابن عبد الرحمن، قال أبو عمر (¬1): هذا هو الصواب في تسمية ولده. قلت: وأخرجه ابن شاهين، وابن مردويه أيضا من وجه آخر عن أبي معشر، فقالا: يحيى بن عبد الرحمن، والاضطراب فيه من أبي معشر، وهو نجيح بن عبد الرحمن، فإنه ضعيف وقد رواه سعيد بن أبي هلال، عن يحيى بن شبل، فخالف أبا معشر في سنده. وأخرجه ابن جرير، وابن شاهين، من طريق الليث، عن خالد بن يزيد، عن سعيد، عن يحيى بن شبل، أن رجلا من بني نصر، أخبره عن رجل من بني هلال، عن أبيه، أنه أخبره أنه سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- فذكر نحوه". والوجه الأخير الذي ذكره الحافظ؛ في تفسير الطبري 10: 218، وفيه ثلاثةٌ مبهمون على نسق، كما هو ظاهر. وأشار البيهقيُ في (البعث والنشور) ص 107 إلى تضعيف الحديث. وأشار إليه ابنُ كثير في تفسيره 3: 419 مع جملة من الأحاديث في الباب، وقال: "والله أعلم بصحة هذه الأخبار المرفوعة، وقصارها أن تكون موقوفة". ¬

_ (¬1) يعني ابن عبد البر، وكلامه في الاستيعاب 2: 856.

2 - عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أصحاب الأعراف؟ فقال: (هم قوم قتلوا في سبيل الله وهم لآبائهم عاصون، فمنعوا الجنة بمعصيتهم آباءهم، ومنعوا النار بقتلهم في سبيل الله). أخرجه البيهقي في (البعث والنشور) (107) من طريق أبي معشر، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. وعزاه في (الدر المنثور) 6: 406 إلى ابن مردويه. وأبو معشر؛ ضعيف، واختلط، كما سبق قريبا. 3 - عن عبد الله بن مالك الهلالي، عن أبيه، قال قائل: يا رسول الله، ما أصحاب الأعراف؟ قال: (قوم خرجوا في سبيل الله عز وجل بغير إذن آبائهم، واستشهدوا، فمنعتهم الشهادة أن يدخلوا النار، ومنعتهم معصية آبائهم أن يدخلوا الجنة). أخرجه الحارث بن أبي أسامة في مسنده (2: 722 - بغية الباحث) رقم (713) قال: حدثنا محمد بن عمر، ثنا كثير بن عبد الله المزني، عن محمد بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن مالك الهلالي، به. وفي سنده: محمد بن عمر الواقدي، وهو متروك، واتهمه غير واحد من الأئمة بالكذب. ينظر: تهذيب الكمال 26: 180، التقريب ص 498. وكئير المزني: ضعيف، كما في التقريب ص 460. وأخرجه الطبري 10: 218 من طريق عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث، قال: حدثني خالد، عن سعيد، عن يحيى بن شبل، أن رجلا من بني النضير، أخبره عن رجل من بني هلال، أن أباه أخبره, أنه سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أصحاب الأعراف .. فذكره بمعناه. وهذا سند ضعيف لإبهام بعض رواته وعبد الله بن صالح، كاتب الليث؛ صدوق كثير الغلط. وسيأتي بيان حاله في الحديث رقم (174).

الحكم على الحديث

والحديث عزاه في (الدر المنثور) 6: 407 إلى ابن مردويه. وأورده ابن حجر في (الإصابة) 5: 761 في ترجمة (مالك الهلالي)، من الطريق المذكور، ثم قال: "وقد رواه ابن لهيعة، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن يحيى بن سهل، أن رجلا من بني هلال أخبره أنه سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أصحاب الأعراف، فذكر نحوه". وابن لهيعة فيه مقال مشهور، وقد ذكره ابن حجر في المرتبة الخامسة من مراتب المدلسين وهم: من ضعف بأمر آخر سوى التدليس، فحديثهم مردود ولو صرحوا بالسماع، إلا إن توبع من كان ضعفه يسيراً كابن لهيعة. وقد سبق في الحديث رقم (8). 4 - عن ابن عباس -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (أصحاب الأعراف قوم خرجوا غزاة في سبيل الله، وأباؤهم وأمهاتهم ساخطون عليهم، وخرجوا من عندهم بغير إذنهم، فأوقفوا عن النار بشهادتهم، وعن الجنة بمعصيتهم آباءهم). أورده في (الدر المنثور) 6: 407، وعزاه إلى: ابن مردويه. وقد ساق ابن كثير في تفسيره 3: 418 - 419 حديث المزني السابق، ثم قال: "وكذا رواه ابن ماجه مرفوعا من حديث أبي سعيد الخدري، وابن عباس، والله أعلم بصحة هذه الأخبار المرفوعة، وقصاراها أن تكون موقوفة". ولم أقف عليه في ابن ماجه. 5 - عن محمد بن المنكدر، عن رجل من مزينة، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سئل عن أصحاب الأعراف؟ فقال: (إنهم قوم خرجوا عصاة بغير إذن آبائهم، فقتلوا في سبيل الله). أورده في (الدر المنثور) 6: 407، وعزاه إلى: أبي الشيخ، وابن مردويه. الحكم على الحديث: ضعيف، والله أعلم. *****

(84)

(84) عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال (إن مؤمنى الجن لهم ثواب، وعليهم عقاب) فسألناه عن ثوابهم، وعن مؤمنيهم؟ فقال: (على الأعراف، وليسوا في الجنة مع أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-)، فسألناه: وما الأعراف؟ قال: (حائط الجنة تجري فيه الأنهار، وتنبت فيه الأشجار والثمار). تخريجه: أخرجه البيهقي في (البعث والنشور) رقم (108)، ومن طريقه: ابن عساكر في (تاريخ دمشق) 63: 298. وأخرجه الذهبي في (تذكرة الحفاظ) 3: 1017، وفي (سير أعلام النبلاء) 17: 7. كلهم من طريق: يوسف بن يزيد بن كامل، ثنا الوليد بن موسى، ثنا منبه بن عثمان، عن عروة بن رويم، عن الحسن، عن أنس -رضي الله عنه-. الحكم على الإسناد: إسناده ضعيف جدا، الوليد بن موسى؛ هو: الدمشقي، قال الدارقطني: منكر الحديث، وقال العقيلي: أحاديثه بواطيل لا أصول لها، وليس ممن يقيم الحديث. ينظر: (الضعفاء الكبير) للعقيلي 4: 321، المجروحين 3: 82، اللسان 6: 302. الحكم على الحديث: ضعيف جدا. قال الذهبي بعد رواية الحديث في (تذكرة الحفاظ) 3: 1017، وفي (سير أعلام النبلاء) 17: 7: "هذا حديث منكر جدا". وضعف إسناده السيوطيُ في (الإتقان) 2: 497. الخلاصة: تحصل لدينا عشرة أحاديث مرفوعة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- في الباب، وبالتأمل نجد أنها تعرضت لمسألتين:

فائدة

1 - من هم أصحاب الأعراف؟ وهذه المسألة اشتملت عليها الأحاديث العشرة جميعا. 2 - ما المراد بالأعراف؟ وهذه المسألة ذكرت في حديث أبي سعيد -رضي الله عنه- رقم (83)، وفيه: (فهم وقوف على سور بين الجنة والنار ..)، وفي حديث أنس -رضي الله عنه- رقم (84)، وفيه: فسألناه: وما الأعراف؟ قال: (حائط الجنة تجري فيه الأنهار، وتنبت فيه الأشجار والثمار). والحديثان كلاهما لا يصحان. وأما الحكم على هذه الأحاديث؛ فقد سبق أن الأحاديث كلها لا ترقى إلى درجة القبول، على تفاوت بينها في ذلك، وقد وردت آثار عن الصحابة -رضي الله عنه- في ذلك، ومثل هذا لا يقال من قبيل الرأي، فهو من باب المرفوع حكما، إن ثبت شيء منها، ودراسة تلك الآثار ليس على شرط البحث. ينظر: الدر المنثور 6: 398 وما بعدها. فائدة: اختلف العلماء في تعيين أصحاب الأعراف على اثني عشر قولا، ساقها القرطبي في (التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة) ص 372. قال الحافظ في (فتح الباري) 11: 428: "أرجح الأقوال في أصحاب الأعراف: أنهم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم". *****

(85)

قال تعالى: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ} [الأعراف: 133]. (85) عن عائشة -رضي الله عنها- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (الطوفان: الموت). تخريجه: أخرجه ابن أبي حاتم 5: 1544 (8856) قال: حدثنا أبي، ثنا الحماني، ثنا يحيى بن يمان، عن المنهال بن خليفة، عن عطاء، عن عائشة -رضي الله عنها-، به. وأخرجه أيضا 5: 1544 (8855)، و9: 3042 (17199)، والطبري 10: 380، وابن عساكر في (تاريخ دمشق) 61: 67، كلهم من طريق: يحيى بن يمان، عن المنهال بن خليفة، عن الحجاج بن أرطاة، عن الحكم بن مينا، عن عائشة -رضي الله عنها-، به. وتصحف (المنهال بن خليفة) في تاريخ دمشق إلى: سهل بن حنيفة. وعزاه في (الدر المنثور) 6: 508 إلى: أبي الشيخ، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: إسناد ضعيف، فيه ثلاث علل: 1 - الحماني. وهو يحيى بن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن ميمون الحماني، أبو زكريا الكوفي. وثقه ابن معين. وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به. وطعن فيه أحمد، واتهمه بسرقة الحديث، بل وبالكذب. ولينه أبو حاتم، وضعفه النسائي، وترك أبو زرعة الرواية عنه. وقال الجوزجاني: يحيى بن عبد الحميد؛ ساقط متلون، ترك حديثه فلا ينبعث. وقال ابن خزيمة: سمعت محمد بن يحيى الذهلي وذكر يحيى بن عبد الحميد الحماني، فقال: ذهب كالأمس الذاهب. وقال الذهبي -في المغني-: حافظ منكر الحديث. وفي السير: الجرح مقدم ... ولا رواية له في الكتب الستة، تجنبوا حديثه عمدا.

وفي التقريب: حافظ، إلا أنهم اتهموه بسرقة الحديث. ومن بلاياه العظام؛ ما صح عنه -كما أفاده الذهبي في السير- أنه قال: مات معاوية على غير ملة الإسلام. قلت: رضي الله عن معاوية، وعن أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- جميعا. ينظر: الجرح والتعديل 9: 168، الكامل 7: 237، تهذيب الكمال 419: 31، الميزان 4: 392، المغني في الضعفاء 2: 739، السير 10: 526، تهذيب التهذيب 6: 155، التقريب ص 593. 2 - يحيى بن يمان العجلي، أبو زكريا الكوفي. (بخ م 4). ذكره ابن حبان في (الثقات)، وقال: ربما أخطأ. وقال ابن المديني: صدوق، وكان قد فلج فتغير حفظه. وضعفه أحمد، وقال: ليس بحجة. وقال أبو حاتم: مضطرب الحديث، في حديثه بعض الصنعة، ومحله الصدق. وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال أيضا: لا يحتج بحديثه لسوء حفظه، وكثرة خطئه. وقال يعقوب بن شيبة: كان صدوقا كثير الحديث، وإنما أنكر عليه أصحابنا كثرة الغلط، وليس بحجة إذا خولف. وقال أبو داود: يخطىء في الأحاديث ويقلبها. وقال الذهبي -في الكاشف-: صدوق، فلج فساء حفظه. وقال -في السير-: حديثه من قبيل الحسن. وفي التقريب: صدوق عابد، يخطىء كثيرا، وقد تغير. ولم أقف على ضابط في وقت تغيره. مات سنة 188 هـ. ينظر: التاريخ الكبير 8: 313، سنن النسائى 8: 325، كتاب الضعفاء والمتروكين للنسائي ص 249، الجرح والتعديل 9: 199، الثقات لابن حبان 9: 255، الكامل 7: 235، تهذيب الكمال 32: 55، الميزان 4: 416، سير أعلام النبلاء 8: 356، الكاشف 2: 379، تذكرة الحفاظ 1: 286، التقريب ص 598، الكواكب النيرات ص 99.

3 - المنهال بن خليفة العجلي، أبو قدامة الكوفي. (د ت ق). قال أبو حاتم: صالح يكتب حديثه. وقال أبو داود: جائز الحديث. وضعفه يحيى بن معين، والنسائي، والدارمي، وابن حجر في (التقريب). وقال البخاري: فيه نظر، وقال في موضع آخر: حديثه منكر. وقال ابن حبان: كان يتفرد بالمناكير عن المشاهير، لا يجوز الاحتجاج به. ينظر: كتاب الضعفاء والمتروكين للنسائى ص 239، الجرح والتعديل 8: 357، المجروحين 3: 30، الكامل 6: 330، تهذيب الكمال 28: 566، الميزان 4: 191، المغني في الضعفاء 2: 679، التقريب ص 547. وأورده ابنُ كثير في تفسيره 3: 461 وقال: "وهو حديث غريب". وقال ابن حجر في الفتح 8: 150: "وعند ابن مردويه بإسنادين ضعيفين عن عائشة مرفوعا: الطوفان الموت". *****

(86)

قال تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} [الأعراف: 143]. (86) عن أنس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قرأ هذه الآية: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا}، قال هكذا: وأمسك بطرف إبهامه على أنملة إصبعه اليمنى، قال: (فساخ الجبل، وخر موسى صعقا). تخريجه: أخرجه الترمذي (3074) في تفسير القرآن: باب ومن سورة الأعراف، قال: حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن، أخبرنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس -رضي الله عنه-، به. وأخرجه أحمد 3: 125، 209 - ومن طريقه: الضياء في (المختارة) 5: 54 (1673) -، وابن أبي عاصم في (السنة) 1: 210 (480) (481) -ومن طريقه: الضياء في (المختارة) 5: 54 (1672) -، والطبري 10: 429، وابن أبي حاتم في تفسيره 5: 1560 (8940)، وابن عدي في (الكامل) 2: 260 - ومن طريقه: ابن الجوزي في (الموضوعات) 1: 78 في التوحيد: باب في تجلي الله عز وجل للطور-، وابن منده في (الرد على الجهمية) ص 88، والحاكم في المستدرك 2: 320، كلهم من طريق حماد به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 6: 557 إلى: عبد بن حميد، وابن المنذر، وأبي الشيخ، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: إسناد صحيح. قال أبو عيسى الترمذي: هذا حديث حسن غريب صحيح، لا نعرفه إلا من حديث حماد بن سلمة.

تنبيه

وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه. وصحح إسناده الضياءُ في (المختارة) 5: 54. والحديث ذكره ابنُ كثير في تفسيره 3: 470، ثم قال: "ورواه أبو محمد الحسن بن محمد ابن علي الخلال، عن محمد بن علي بن سويد، عن أبي القاسم البغوي، عن هدبة بن خالد، عن حماد بن سلمة، فذكره، وقال: هذا إسناد صحيح لا علة فيه". تنبيه: قول الترمذي: لا نعرفه إلا من حديث حماد بن سلمة؛ متعقب، فقد أخرجه الطبري 10: 429 من طريق الأعمش، عن رجل، عن أنس -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بنحوه مختصرا، وفيه مبهم. وأخرجه ابن عدي في (الكامل) 1: 350 من طريق: أيوب بن خوط، عن قتادة، عن أنس -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (لما تجلى ربه للجبل؛ أشار بأصبعه فمن نورها جعله دكا). وأيوب بن خوط: متروك. ينظر: التقريب ص 118. وقال ابن كثير في تفسيره 3: 470 - بعد إيراد الحديث-: "وقد رواه داود بن المحبر، عن شعبة، عن ثابت، عن أنس -رضي الله عنه- مرفوعا، وهذا ليس بشيء، لأن داود بن المحبر كذاب .. وأسنده ابن مردويه من طريقين عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس -رضي الله عنه- مرفوعا بنحوه". ولعل مراد الترمذي: لا نعرفه محفوظا، أو مقبولا، ونحو ذلك. الحكم على الحديث: صحيح. وصححه الحاكم -كما سبق-، والسيوطي في (اللآلىء المصنوعة) 1: 25. تنبيه: هذا الحديث أخرجه ابن الجوزي في (الموضوعات) -كما سبق في التخريج-، وقال عقبه: "هذا حديث لا يثبت".

فائدة

وكلامه غير مقبول، لصحة الإسناد، وتصحيح من هو أشهر منه في علم الحديث وأضلع. وقد تعقبه المدراسي الهندي في ذلك، في (ذيل القول المسدد) ص 48. فائدة: قول الراوي: "وأمسك بطرف إبهامه على أنملة إصبعه اليمنى"؛ حكاية عن فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد تلاوة الآية، والمراد الإشارة إلى قلة التجلي (¬1)، ومع ذلك حصل الأثر المذكور في الآية، ويبين ذلك ما جاء في رواية ابن منده في (الرد على الجهمية) ص 88، وفيه: (.. عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله عز وجل: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ}، قال: تجلى عز وجل منه مثل هذا، ووضع الإبهام على الخنصر ..). ***** ¬

_ (¬1) ينظر: تحفة الأحوذي 8: 359.

(87)

قال تعالى: {وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ} الآية. [الأعراف: 145]. وقال تعالى {وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ}. [الأعراف: 150]. وقال تعالى: {وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ} [الأعراف: 154]. (87) عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، رفعه، قال: (الألواح التي أنزلت على موسى كانت من سدر الجنة، كان طول اللوح اثني عشر ذراعا). تخريجه: أخرجه ابن أبي حاتم 5: 1563 (8958) قال: حدثنا أبي، ثنا سهل بن عثمان، ثنا أبو علي، عن جعفر بن محمد، به. وعزاه في (الدر المنثور) 6: 565 إلى: أبي الشيخ، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف، لأنه إن كان المراد بالجد في جعفر بن محمد بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب؛ علي بن الحسين زين العابدين، فهو مرسل لأنه تابعي، وإن كان المراد الحسين بن علي بن أبي طالب، فهو منقطع. وفيه: أبو علي؛ لم أتبينه، وقد تتبعت شيوخ سهل، وتلاميذ جعفر في ترجمتيهما من (تهذيب الكمال)، فلم أجد رجلا مشتركا بينهما سوى حفص بن غياث، وكنيته: أبو عمر. *****

(88)

قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} [الأعراف: 172]. (88) عن أنس -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن الله يقول لأهون أهل النار عذابا: لو أن لك ما في الأرض من شيء كنت تفتدي به؟ قال: نعم، قال: فقد سألتك ما هو أهون من هذا وأنت في صلب آدم؛ أن لا تشرك بي، فأبيت إلا الشرك). تخريجه: أخرجه البخاري (3334) في أحاديث الأنبياء: باب خلق آدم -صلى الله عليه وسلم- وذريته، و (6557) في الرقاق: باب صفة الجنة والنار، ومسلم (2805) في صفة القيامة: باب طلب الكافر الفداء بملء الأرض ذهبا، وأحمد 3: 127، من طرق عن شعبة، عن أبي عمران الجوني، عن أنس -رضي الله عنه-. وأخرجه مسلم -في الموضع السابق- من طرق عن قتادة، عن أنس -رضي الله عنه-. فائدة: ورد حول هذه الآية أحاديث كثيرة، وهي مختلفة في سياقاتها، وفي بعضها ما ليس في الآخر، ومن ثمَّ فحشد هذه الأحاديث جميعا في مساق واحد، وجعل بعضها شواهد لبعض؛ ليس بجيد، لذا فقد تأملت تلك الأحاديث -التي قاربت العشرين حديثا- ووجدت أن مجموعها يتضمن المسائل الآتية: 1 - أخذ الميثاق على بني آدم. 2 - إخراج الذرية من ظهر آدم عليه السلام. 3 - إشهادهم على أنفسهم. 4 - المسح على ظهر آدم عليه السلام. 5 - التمييز بين أهل الجنة وأهل النار، بعد خلق آدم عليه السلام. 6 - استعمال العبد وتيسيره لعمل أهل الجنة، أو لعمل أهل النار. وإليك بيان الوارد في تلك المسائل، بعد ذكرها إجمالا:

أولا، أخذ الميثاق على بني آدم: ورد فيه -فيما وقفت عليه- أربعة أحاديث، وهي: 1 - حديث أنس -رضي الله عنه-، كما سبق، وهو في الصحيحين. 2 - عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن الله لما خلق آدم مسح ظهره، فخرت منه كل نسمة هو خالقها إلى يوم القيامة، ونزع ضلعا من أضلاعه، فخلق منه حواء، ثم أخذ عليهم {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا}، ثم اختلس كل نسمة من بني آدم بنوره في وجهه، وجعل فيه البلوى الذي كتب أنه يبتليه بها في الدنيا من الأسقام، ثم عرضهم على آدم، فقال: يا آدم هؤلاء ذريتك وإذا فيهم الأجذم والأبرص والأعمى وأنواع الأسقام، فقال آدم: يا رب لم فعلت هذا بذريتي؟ قال: كي تشكر نعمتي، وقال آدم: يا رب، من هؤلاء الذين أراهم أظهر الناس نورا؟ قال: هؤلاء الأنبياء من ذريتك، قال: من هذا الذي أراه أظهرهم نورا؟ قال: هذا داود يكون في آخر الأمم، قال: يارب كم جعلت عمره؟ قال: ستين سنة، قال: يا رب كم جعلت عمري؟ قال: كذا وكذا، قال: يا رب، فزده من عمري أربعين سنة، حتى يكون عمره مائة سنة، قال: أتفعل يا آدم؟ قال: نعم يا رب، قال: فيكتب ويختم أنا كتبنا وختمنا ولم نغير، قال: فافعل أي رب، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: فلما جاء ملك الموت إلى آدم ليقبض روحه، قال: ماذا تريد يا ملك الموت؟، قال: أريد قبض روحك، قال: ألم يبق من أجلي أربعون سنة؟ قال: أو لم تعطها ابنك داود، قال: لا)، قال: فكان أبو هريرة -رضي الله عنه- يقول: نسي آدم، ونسيت ذريته، وجحد آدم، فجحدت ذريته. أخرجه ابن أبي حاتم 5: 1614 (8535)، وأبو الشيخ في (كتاب العظمة) 5: 1553 (1027)، وابن عساكر في (تاريخ دمشق) 7: 395، كلهم من طريق عبد الرحمن بن زيد ابن أسلم، عن أبيه، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- ولفظ أبي الشيخ مختصر، وليس فيه موضع الشاهد. وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم: ضعيف، وسبق في الحديث (83). ورواه الترمذي مختصرا بنحوه (3076) في تفسير القرآن: باب ومن سورة الأعراف، -وهو الحديث اللاحق (89) -، وليس فيه أخذ الميثاق، وهو موضع الشاهد هنا.

3 - عن أبي أمامة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (خلق الله الخلق، وقضى القضية، وأخذ ميثاق النبين وعرشه على الماء، فأخذ أهل اليمين بيمينه، وأخذ أهل الشمال بيده الأخرى، وكلتا يدي الرحمن يمين، فقال: يا أصحاب اليمين، فاستجابوا له، فقالوا: لببك ربنا وسعديك، قال: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} قال: يا أصحاب الشمال، فاستجابوا له، فقالوا: لبيك ربنا وسعديك قال: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا}، فخلط بعضهم ببعض، فقال قائل منهم: رب لم خلطت بيننا؟ قال: {وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا د عَامِلُونَ} {أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ}، ثم ردهم في صلب آدم، فأهل الجنة أهلها، وأهل النار أهلها). فقال قائل: يا رسول الله، فما الأعمال؟ قال: (يعمل كل قوم لمنازلهم). فقال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: (فالآن نجتهد في العبادة). أخرجه الطبراني في الكبير 8: 287، (7940) (7943) من طريق جعفر بن الزبير، عن القاسم، عن أبي أمامة -رضي الله عنه-. وأخرجه في الأوسط 7: 325 (7632) من طريق سلم بن سالم، عن عبد الرحمن، عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي، عن أبي أمامة -رضي الله عنه-. وأخرجه أبو الشيخ في (كتاب العظمة) 2: 598 (39) مختصرا دون موضع الشاهد. وعزاه في (الدر المنثور) 6:660 إلى: عبد بن حميد، وابن مردويه. والحديث أورده في مجمع الزوائد 7: 189، وقال: "رواه الطبراني في الأوسط والكبير باختصار، وفيه: سلم بن سالم، وهو: ضعيف، وفي إسناد الكبير: جعفر بن الزبير، وهو: ضعيف". 4 - عن ابن عباس -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم بنعمان يوم عرفة، فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها، فنثرها بين يديه كالذر، ثم كلمهم قبلا، قال: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا} إلى قوله: {الْمُبْطِلُونَ}). وسيأتي برقم (90). *****

(89)

ثانيا: إخراج الذرية من ظهر آدم عليه السلام. (89) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لما خلق الله آدم؛ مسح ظهره، فسقط من ظهره كل نسمة هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة، وجعل بين عيني كل إنسان منهم وبيصا من نور، ثم عرضهم على آدم، فقال: أي رب، من هؤلاء؟، قال: هؤلاء ذريتك، فرأى رجلا منهم، فأعجبه وبيص ما بين عينيه، فقال: أي رب، من هذا؟ فقال: هذا رجل من آخر الأمم من ذريتك، يقال له داود، فقال: رب، كم جعلت عمره؟ قال: ستين سنة، قال: أي رب، زده من عمري أربعين سنة، فلما قضي عمر آدم، جاءه ملك الموت، فقال: أولم يبق من عمري أربعون سنة؟ قال: أولم تعطها ابنك داود؟! قال: فجحد آدم؛ فجحدت ذريته، ونسي آدم؛ فنسيت ذريته، وخطىء آدم؛ فخطئت ذريته). أخرجه الترمذي (3076) في تفسير القرآن: باب ومن سورة الأعراف، وابن سعد في (الطبقات) 1: 27 - 28، وأبو يعلى في مسنده 11: 263 (6377)، والحاكم في المستدرك 2: 325، من طرق عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- به، بنحوه، واللفظ للترمذي. وهشام بن سعد، هو أبو عباد المدني، صدوق له أوهام. قال أبو داود: هشام بن سعد؛ أثبت الناس في زيد بن أسلم. ينظر: تهذيب الكمال 30: 204، التقريب ص 572. وزيد بن أسلم: ثقة عالم، وكان يرسل. وأبو صالح، هو ذكوان السمان، ثقة ثبت. التقريب ص 203. فهذا إسناد صحيح، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، وأقره الذهبي. وورد في الباب أحاديث كثيرة، منها: 1 - عن ابن عباس -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم بنعمان يوم عرفة، فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها، فنثرها بين يديه كالذر، ثم كلمهم قبلا، قال: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا} إلى قوله: {الْمُبْطِلُونَ}). وسيأتي برقم (90).

2 - عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه سئل عن هذه الآية: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ}، فقال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسأل عنها، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله خلق آدم، ثم مسح ظهره بيمينه، فأخرج منه ذرية، فقال: خلقت هؤلاء للجنة وبعمل أهل الجنة يعملون، ثم مسح ظهره فاستخرج منه ذرية، فقال: خلقت هؤلاء للنار وبعمل أهل النار يعملون) فقال رجل: يا رسول الله، ففيم العمل؟ قال: فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله إذا خلق العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة حتى يموت على عمل من أعمال أهل الجنة، فيدخله الله الجنة، وإذا خلق العبد للنار استعمله بعمل أهل النار حتى يموت على عمل من أعمال أهل النار، فيدخله الله النار). وسيأتي برقم (92). 3 - عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ({وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} قال: أخذ من ظهره كما يؤخذ بالمشط من الرأس، فقال لهم: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى}، قالت الملائكة: {شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ}). أخرجه الطبري 10: 552 وقال 10: 564: "ولا أعلمه صحيحا، لأن الثقات الذين يعتمد على حفظهم وإتقانهم حدثوا بهذا الحديث عن الثوري فوقفوه على عبد الله بن عمرو، ولم يرفعوه". وضعف إسناده السيوطيُ في الإتقان 2: 498. وأخرجه موقوفا: الطبري 10: 552 - 553، وابن أبي حاتم 1613:5، واللالكائي في (شرح أصول اعتقاد أهل السنة) 3: 562 (993). وعزاه في (الدر المنثور) 6: 651 إلى: ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وأبي الشيخ. وصحح ابنُ كثير في تفسيره 3: 503 روايةَ الوقف.

4 - عن هشام بن حكيم، أن رجلا أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: أتبتدأ الأعمال أم قد قضي القضاء؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله أخذ ذرية آدم من ظهورهم، ثم أشهدهم على أنفسهم، ثم أفاض بهم في كفيه، فقال: هؤلاء في الجنة، وهؤلاء في النار، فأهل الجنة ميسرون لعمل أهل الجنة، وأهل النار ميسرون لعمل أهل النار). أخرجه ابن أبي عاصم في (السنة) 1: 73 (168)، والطبري 10: 562، والطبراني في الكبير 22: 169 (435)، والبيهقي في (الأسماء والصفات) 2: 145 (711) (712). والحديث فيه خلاف طويل، وقد حكم عليه ابن السكن، وابن عبد البر بالاضطراب. ينظر: الاستيعاب 2: 851، الإصابة 4: 352. 5 - عن معاوية -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله أخرج ذرية آدم من صلبه حتى ملأوا الأرض وكانوا هكذا)، فضم إحدى يديه على الأخرى. أخرجه الطبراني في الكبير 19: 383 (898). وقال في (مجمع الزوائد) 7: 187: "فيه جعفر بن الزبير، وهو متروك". وكذا في التقريب ص 140. 6 - عن عبد الرحمن بن قتادة السلمي -وكان من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إن الله تبارك وتعالى خلق آدم، ثم أخذ الخلق من ظهره، فقال: هؤلاء في الجنة ولا أبالي، وهؤلاء في النار ولا أبالي)، فقال رجل: يا رسول الله، فعلى ماذا نعمل؟ قال: (على مواقع القدر). أخرجه أحمد 4: 186، وابن سعد 1: 30، وابن حبان في صحيحه -كما في الإحسان 2: 50 (338) -، والحاكم 1: 31، من طرق عن معاوية بن صالح، عن راشد بن سعد، عن عبد الرحمن بن قتادة السلمي -رضي الله عنه- به. والحديث فيه خلاف طويل، وله تعلق بحديث هشام بن حكيم -رضي الله عنه- المتقدم، وقد حكم عليه ابن السكن، وابن عبد البر بالاضطراب. ينظر: الاستيعاب 2: 851، الإصابة 4: 352.

7 - عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (خلق الله أدم حين خلقه؛ فضرب كتفه اليمنى، فأخرج ذرية بيضاء كأنهم الذر، وضرب كتفه اليسرى فأخرج ذرية سوداء كأنهم الحممة، فقال للذي في يمينه: إلى الجنة ولا أبالي، وقال للذي في كتفه اليسرى؛ إلى النار ولا أبالي). أخرجه أحمد 6: 441، والبزار في مسنده (البحر الزخار) 10: 78 (4143)، كلاهما من طريق الهيثم بن خارجة, نا سليمان بن عتبة, عن يونس بن ميسرة، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي الدرداء -رضي الله عنه-، به. وقال البزار عقبه: "هذا الحديث لا نعلمه يروى عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد، وإسناده حسن". وقال في (مجمع الزوائد) 7: 185: "رواه أحمد والبزار والطبراني، ورجاله رجال الصحيح". قلت: وسليمان بن عتبة، أبو الربيع الدمشقي؛ مختلف فيه, وليس له في الكتب الستة سوى حديث واحد عند ابن ماجه وفي التقريب: صدوق، له غرائب. ينظر: تهذيب الكمال 12: 37، التقريب ص 253. 8 - عن أبي هرير -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لما خلق الله أدم؛ ضرب بيده على شق آدم الأيمن، فأخرج منه ذرية كالذر، فقال: يا آدم؛ هؤلاء ذريتك من أهل الجنة, ثم ضرب بيده على شق آدم الأيسر، فأخرج منه ذرية كالحمم، ثم قال: هؤلاء ذريتك من أهل النار). أخرجه الآجري في (الشريعة) 2: 750 (331)، وابن عدي في (الكامل) 6: 419، كلاهما من طريق بقية، حدثني مبشر بن عبيد، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. ومبشر؛ قال عنه أحمد بن حنبل: روى عنه بقية, وأبوالمغيرة, أحاديث موضوعة كذب. وفي التقريب: متروك، ورماه أحمد بالوضع. وسبق الكلام فيه في الحديث رقم (76). *****

(90)

ثالثا: إشهادهم على أنفسهم: (90) عن ابن عباس -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم بنعمان يوم عرفة، فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها، فنثرها بين يديه كالذر، ثم كلمهم قبلا، قال: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا} إلى قوله: {الْمُبْطِلُونَ}). أخرجه أحمد 1: 272، وابن أبي عاصم في (السنة) 1: 89 (202)، والنسائي في الكبرى 10: 102 (11127)، والطبري 10: 547، وابن منده في (الرد على الجهمية) ص 57، والحاكم في المستدرك 2: 544، وعنه: البيهقي في (الأسماء والصفات) 1: 518 (441) و2: 149 (714)، كلهم من طريق: كلثوم بن جبر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 6: 657 إلى: ابن مردويه. وقال النسائي: كلثوم هذا ليس بالقوي، وحديثه ليس بالمحفوظ. وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. وأقره الذهبي. وكلثوم بن جبر؛ هو البصري، مختلف فيه, وفي التقريب: صدوق يخطىء. وهو من رجال مسلم. ينظر: تهذيب الكمال 24: 200، التقريب ص 462. والحديث اختلف في رفعه ووقفه، قال ابن كثير في تفسيره 3: 501: "وقد رواه عبد الوارث، عن كلثوم بن جبر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، فوقفه. وكذا رواه: إسماعيل بن علية، ووكيع، عن ربيعة بن كلثوم بن جبر، عن أبيه، به. وكذا رواه: عطاء بن السائب، وحبيب بن أبي ثابت، وعلي بن بذيمة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس. وكذا رواه: العوفي، وعلي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، فهذا أكثر وأثبت، والله أعلم". وقال في (البداية والنهاية) 1: 211 عن هذا الحديث: "إسناده جيد قوي على شرط مسلم"، ثم ذكر الاختلاف فيه بنحو ما سبق، ورجح الوقف.

قلت: والموقوف في هذا له حكم الرفع، لأنه مما لا يقال من قبل الرأي، لكن عرف عن ابن عباس الأخذ عن بني إسرائيل مثل كعب الأحبار. وانظر الحديث رقم (265). فائدة: قوله: "أخذ الميثاق من ظهرآدم"؛ قال السندي في حاشيته على المسند: أي من ذريته، سمي ظهرا لخروجهم منه (¬1). وورد في الباب أحاديث، منها: 1 - عن هشام بن حكيم، أن رجلا أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: أتبتدأ الأعمال أم قد قضي القضاء؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله أخذ ذرية آدم من ظهورهم، ثم أشهدهم على أنفسهم، ثم أفاض بهم في كفيه، فقال: هؤلاء في الجنة، وهؤلاء في النار، فأهل الجنة ميسرون لعمل أهل الجنة, وأهل النار ميسرون لعمل أهل النار). وهو الشاهد الرابع تحت الحديث رقم (89). وسبق أنه مضطرب. 2 - عن أبي أمامة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (خلق الله الخلق, وقضى القضية, وأخذ ميثاق النبيين وعرشه على الماء, فأخذ أهل اليمين بيمينه، وأخذ أهل الشمال بيده الأخرى، وكلتا يدي الرحمن يمين، فقال: يا أصحاب اليمين، فاستجابوا له، فقالوا: لبيك ربنا وسعديك، قال: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} قال: يا أصحاب الشمال، فاستجابوا له، فقالوا: لبيك ربنا وسعديك، قال: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا}، فخلط بعضهم ببعض، فقال قائل منهم: رب لم خلطت بيننا؟ قال: {وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ} {أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} ثم ردهم في صلب آدم، فأهل الجنة أهلها، وأهل النار أهلها). فقال قائل: يا رسول الله، فما الأعمال؟ قال: (يعمل كل قوم لمنازلهم). فقال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: إذن نجتهد. وهو الشاهد الثالث تحت الحديث رقم (88). وسبق بيان ضعفه. ¬

_ (¬1) بواسطة المسند المحقق 4: 268.

3 - عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: ({وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} قال: أخذ من ظهره كما يؤخذ بالمشط من الرأس، فقال لهم: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} , قالت الملائكة: {شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ}). وهو الشاهد الثالث تحت الحديث رقم (89). وسبق ترجيح وقفه. ولكن الحديث يفيد أن الإشهاد كان من الملائكة. فتحصل بعد هذا أنه ورد أربعة أحاديث في الإشهاد، وبه يستدرك على قول ابن كثير في تفسيره 3: 506: " .. فهذه الأحاديث دالة على أن الله عز وجل استخرج ذرية آدم من صلبه، وميز بين أهل الجنة وأهل النار، وأما الإشهاد عليهم هناك بأنه ربهم، فما هو إلا في حديث كلثوم بن جبر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- وفي حديث عبد الله بن عمرو-رضي الله عنهما-، وقد بينا أنهما موقوفان لا مرفوعان". وبهذا يتبين أنه لم يصح شيء صريح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في مسألة الإشهاد -فيما وقفت عليه- وربما يستدل البعض بحديث أنس -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن الله يقول لأهون أهل النار عذابا: لو أن لك ما في الأرض من شيء كنت نفتدي به؟ قال: نعم، قال: فقد سألتك ما هو أهون من هذا وأنت في صلب آدم؛ أن لا تشرك بي، فأبيت إلا الشرك)، وهو في الصحيحين، وقد تقدم برقم (88)، وقال الحافظ في شرح الحديث من الفتح 6: 369 في أحاديث الأنبياء: باب خلق آدم -صلى الله عليه وسلم- وذريته: "ومناسبته للترجمة من قوله: (وأنت في صلب آدم)، فإن فيه إشارة إلى قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ} [الأعراف: 172] , الآية"، والله أعلم. *****

(91)

رابعا: المسح على ظهر آدم عليه السلام: (91) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لما خلق الله آدم؛ مسح ظهره فسقط من ظهره كل نسمة هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة, وجعل بين عيني كل إنسان منهم وبيصا من نور، ثم عرضهم على آدم، فقال: أي رب، من هؤلاء؟، قال: هؤلاء ذريتك، فرأى رجلا منهم, فأعجبه وبيص ما بين عينيه، فقال: أي رب، من هذا؟ فقال: هذا رجل من آخر الأمم من ذريتك، يقال له داود، فقال: رب, كم جعلت عمره؟ قال: ستين سنة، قال: أي رب، زده من عمري أربعين سنة فلما قضي عمر آدم، جاءه ملك الموت فقال: أولم يبق من عمري أربعون سنة؟ قال: أولم تعطها ابنك داود؟! قال: فجحد آدم، فجحدت ذريته, ونسي آدم، فنسيت ذريته, وخطىء آدم, فخطئت ذريته). سبق تخريجه قريبا، وبيان صحة إسناده برقم (89). وورد في الباب ما يأتي: 1 - عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه سئل عن هذه الآية: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ}. فقال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسأل عنها، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله خلق آدم, ثم مسح ظهره بيمينه، فأخرج منه ذرية, فقال: خلقت هؤلاء للجنة وبعمل أهل الجنة يعملون, ثم مسح ظهره, فاستخرج منه ذرية، فقال: خلقت هؤلاء للنار وبعمل أهل النار يعملون) فقال رجل: يا رسول الله، ففيم العمل؟ قال: فقال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: (إن الله إذا خلق العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة حتى يموت على عمل من أعمال أهل الجنة, فيدخله الله الجنة, وإذا خلق العبد للنار استعمله بعمل أهل النار حتى يموت على عمل من أعمال أهل النار، فيدخله الله النار). وسيأتي برقم (92). *****

(92)

خامسا: التمييز بين أهل الجنة وأهل النار؛ بعد خلق آدم عليه السلام: (92) عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه سئل عن هذه الآية: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ}، فقال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسأل عنها، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله خلق آدم, ثم مسح ظهره بيمينه، فأخرج منه ذرية، فقال: خلقت هؤلاء للجنة وبعمل أهل الجنة يعملون, ثم مسح ظهره, فاستخرج منه ذرية, فقال: خلقت هؤلاء للنار وبعمل أهل النار يعملون) فقال رجل: يا رسول الله، ففيم العمل؟ قال: فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ان الله إذا خلق العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة حتى يموت على عمل من أعمال أهل الجنة، فيدخله الله الجنة، وإذا خلق العبد للنار استعمله بعمل أهل النار حتى يموت على عمل من أعمال أهل النار، فيدخله الله النار). أخرجه مالك في الموطأ 2: 898 في القدر: باب النهي عن القول بالقدر، عن زيد بن أبي أنيسة، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، أنه أخبره عن مسلم بن يسار الجهني، أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- سئل عن هذه الآية .. فذكره. ومن طريق مالك؛ أخرجه: أحمد 1: 44، وأبو داود (4703) في السنة: باب في القدر، والترمذي (3075) في تفسير القرآن: باب ومن سورة الأعراف، وابن أبي عاصم في (السنة) 1: 87 (196)، والطبري 10: 553، والطحاوي في (مشكل الآثار) 10: 24 (3886)، وابن أبي حاتم في تفسيره 5: 1612 (8528)، وابن حبان في صحيحه -كما في الإحسان 14: 37 (6166) -، وابن منده في (الرد على الجهمية) ص 56، والحاكم في المستدرك 1: 27، 2: 324، والبيهقي في (الأسماء والصفات) 2: 143 (710). وعزاه في (الدر المنثور) 6: 656 إلى: عبد بن حميد، وابن المنذر، وأبي الشيخ، وابن مردويه. قال الترمذي: "هذا حديث حسن، ومسلم بن يسار لم يسمع من عمر، وقد ذكر بعضهم في هذا الإسناد بين مسلم بن يسار وبين عمر رجلا مجهولا".

وقال الحاكم -في الموضع الأول 1: 27 - : هذا حديث صحيح على شرطهما، ولم يخرجاه. وتعقبه الذهبي فقال: فيه إرسال. وقال في الموضع الثاني 2: 324: صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه. وأقره الذهبي. وتعقبه ابن القيم في (شفاء العليل) ص 10، فقال: "وليس كما قاله، بل هو حديث منقطع". وقال البيهقي: "في هذا إرسال، مسلم بن يسار لم يدرك عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-". وما أشار إليه الترمذي، أخرجه: أبو داود (4704) في السنة: باب في القدر، وابن أبي عاصم في (السنة) 1: 88 (201)، والطبري 10: 554، والطحاوي في (مشكل الآثار) 10: 25 (3887) (3888)، وابن عبد البر في (التمهيد) 6: 4، كلهم من طريق زيد بن أبي أنيسة عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، عن مسلم بن يسار، عن نعيم بن ربيعة الأزدي، عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- به، بنحوه. ورجح هذا الوجه -بذكر نعيم بن ربيعة-: الدارقطني في العلل 2: 221. قال ابن عبد البر في (التمهيد) 6: 3: "هذا الحديث منقطع بهذا الإسناد، لأن مسلم بن يسار هذا لم يلق عمر بن الخطاب، وبينهما في هذا الحديث: نعيم بن ربيعة, وهو أيضا مع هذا الإسناد لا تقوم به حجة، ومسلم بن يسار هذا: مجهول، وقيل أنه مدني، وليس بمسلم ابن يسار البصري". وقال بعد ذلك -6: 5 - : "زيادة من زاد في هذا الحديث: نعيم بن ربيعة, ليست حجة لأن الذي لم يذكره أحفظ وإنما تقبل الزيادة من الحافظ المتقن، وجملة القول في هذا الحديث أنه حديث ليس إسناده بالقائم، لأن مسلم بن يسار، ونعيم بن ربيعة، جميعا غير معروفين بحمل العلم، ولكن معنى هذا الحديث قد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من وجوه كثيرة ثابتة يطول ذكرها". وقال ابن كثير في تفسيره 3: 503: "الظاهر أن الإمام مالكا إنا أسقط ذكر نعيم بن ربيعة عمدا لما جهل حال نعيم ولم يعرفه، فإنه غير معروف إلا في هذا الحديث ولذلك يسقط ذكر جماعة ممن لا يرتضيهم، ولهذا يرسل كثيرا من المرفوعات، ويقطع كثيرا من الموصولات".

فالخلاصة: أن هذا الحديث ضعيف، لأن مسلم بن يسار لم يدرك عمر -رضي الله عنه-، وعلى الوجه الثاني بجعل الواسطة نعيم بن ربيعة بينهما، فهو مجهول كما حكم عليه الترمذي، والذهبي، وفي التقريب: مقبول. ينظر: جامع الترمذي رقم (3075)، الميزان 4: 270، التقريب ص 565. وله طريق أخرى، أخرجها: الطبري 10: 554، وابن منده في (الرد على الجهمية) رقم (25)، من طريق عمارة بن عمير، عن أبي محمد رجل من أهل المدينة عن عمر -رضي الله عنه-، بنحوه، دون آخره، وهو قوله: (ففيم العمل؟ .. إلخ). والراوي عن عمر -رضي الله عنه- مجهول. وأوردها ابن عبد البر في التمهيد 18: 81. وورد في الباب أحاديث كثيرة، منها: 1 - عن عبد الرحمن بن قتادة السلمي -وكان من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إن الله تبارك وتعالى خلق آدم، ثم أخذ الخلق من ظهره، فقال: هؤلاء في الجنة ولا أبالي، وهؤلاء في النار ولا أبالي)، فقال رجل: يا رسول الله، فعلى ماذا نعمل؟ قال: (على مواقع القدر). وهو الشاهد السادس تحت الحديث رقم (89). 2 - عن أبي أمامة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (خلق الله الخلق، وقضى القضية، وأخذ ميثاق النبيين وعرشه على الماء، فأخذ أهل اليمين بيمينه، وأخذ أهل الشمال بيده الأخرى، وكلتا يدي الرحمن يمين، فقال: يا أصحاب اليمين، فاستجابوا له، فقالوا: لبيك ربنا وسعديك قال: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا} قال: يا أصحاب الشمال، فاستجابوا له، فقالوا: لبيك ربنا وسعديك، قال: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا}، فخلط بعضهم ببعض، فقال قائل منهم: رب لم خلطت بيننا؟ قال: {وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ} {أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ}، ثم ردهم في صلب آدم، فأهل الجنة أهلها، وأهل النار أهلها). فقال قائل: يا رسول الله، فما الأعمال؟ قال: (يعمل كل قوم لمنازلهم). فقال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: (إذن نجتهد).

وهو الشاهد الثالث تحت الحديث رقم (88). 3 - عن هشام بن حكيم، أن رجلا أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: أتبتدأ الأعمال أم قد قضي القضاء؟ فقال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: (إن الله أخذ ذرية آدم من ظهورهم، ثم أشهدهم على أنفسهم، ثم أفاض بهم في كفيه فقال: هؤلاء في الجنة، وهؤلاء في النار، فأهل الجنة ميسرون لعمل أهل الجنة، وأهل النار ميسرون لعمل أهل النار). وهو الشاهد الرابع تحت الحديث رقم (89). 4 - عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (خلق الله آدم حين خلقه؛ فضرب كتفه اليمنى، فأخرج ذرية بيضاء كأنهم الذر، وضرب كتفه اليسرى فأخرج ذرية سوداء كأنهم الحممة، فقال للذي في يمينه: إلى الجنة ولا أبالى، وقال للذي في كتفه اليسرى: إلى النار ولا أبالي). وهو الشاهد السابع تحت الحديث رقم (89). 5 - عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله جل ذكره يوم خلق آدم قبض من صلبه قبضتين، فوقع كل طيب في يمينه، وكل خبيث بيده الأخرى، فقال: هؤلاء أصحاب الجنة ولا أبالى, وهؤلاء أصحاب النار ولا أبالى، ثم أعادهم في صلب آدم، فهم ينسلون على ذلك إلى الآن). أخرجه ابن أبي عاصم في (السنة) 1: 89 (203)، والبزار في مسنده (البحر الزخار) 8: 46 (3032)، والطبراني في الأوسط 9: 147 (9375)، والآجري في (الشريعة) 2: 751 (332)، وابن منده في (الرد على الجهمية) ص 57، كلهم من طريق روح بن المسيب عن يزيد الرقاشي، عن غنيم بن قيس، عن أبي موسى -رضي الله عنه- به. قال الطبراني عقبه: لا يروى هذا الحديث عن أبي موسى إلا بهذا الإسناد، تفرد به: روح بن المسيب. ويزيد بن أبان الرقاشي، ضعيف جدا، وتركه بعضهم، قال شعبة: لأن أزني أحب إليّ من أن أحدث عن يزيد الرقاشي. ينظر: تهذيب الكمال 32: 64، التقريب ص 599.

وروح بن المسيب؛ ليس بالقوي. وقال ابن عدي: يروي عن ثابت ويزيد الرقاشي أحاديث غير محفوظة. ينظر: الكامل لابن عدي 3: 143، اللسان 2: 468. 6 - عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال في القبضتين: (هذه في الجنة ولا أبالي، وهذه في النار ولا أبالي). أخرجه البزار، كما في (مختصر زوائد البزار) 2: 147 رقم (1592)، وعزاه في (الدر المنثور) 6: 670 إلى: الطبراني -ولم أجده فيه-، وابن مردويه. وقال في (مجمع الزوائد) 7: 186: "رواه البزار، ورجاله رجال الصحيح غير نمر بن هلال، وثقه أبو حاتم". وصححه ابن حجر في (مختصر زوائد البزار) 2: 147. 7 - عن ابن عمر، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال في القبضتين: (هؤلاء لهذه ,وهؤلاء لهذه). قال: فتفرق الناس، وهم لا يختلفون في القدر. أخرجه البزار كما في (مختصر زوائد البزار) 2: 147 رقم (1593)،، والطبراني في الصغير 1: 225 (362). وقال في (مجمع الزوائد) 7: 186: "رواه البزار والطبراني في الصغير، ورجال البزار رجال الصحيح ". وصححه ابن حجر في (مختصر زوائد البزار) 2: 148. 8 - عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لما خلق الله آدم؛ ضرب بيده على شق آدم الأيمن، فأخرج ذرأ كالذر، فقال: يا آدم، هؤلاء ذريتك من أهل الجنة، ثم ضرب بيده على شق آدم الأيسر، فأخرج ذرأ كالحمم، ثم قال: هؤلاء ذريتك من أهل النار). وهو الشاهد الثامن تحت الحديث رقم (89). 9 - عن أي نضرة، أن رجلا من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- يقال له: أبو عبد الله، دخل عليه أصحابه يعودونه, وهو يبكي، فقالوا له: ما يبكيك؟ قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إن الله قبض بيمينه قبضة وأخرى باليد الأخرى فقال: هذه لهذه وهذه لهذه ولا أبالى). فلا أدري في أي القبضتين أنا.

فائدة

أخرجه أحمد 4: 176 عن عبد الصمد -هو: ابن عبد الوارث-، حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا الجريري، عن أى نضرة، به، وفيه قصة في أوله. وهذا إسناد صحيح، الجريري هو: سعيد بن إياس الجريري بضم الجيم، أبو مسعود البصري، ثقة أخرج حديثه الجماعة، وقد اختلط قبل موته، وسماع حماد بن سلمة منه قبل اختلاطه. ينظر: تهذبب الكمال 10: 338، التقريب ص 233، الكواكب النيرات ص 39. وأبو نضرة؛ هو المنذر بن مالك العبدي البصري، مشهور بكنيته، وهو من ثقات التابعين، مات سنة ثمان أو تسع ومائة. ينظر: التقريب ص 546. 10 - عن أنس -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن الله قبض قبضة، فقال: للجنة برحمتي، وقبض قبضة، فقال: إلى النار ولا أبالي). أخرجه العقيلي في (الضعفاء الكبير) 1: 257، في ترجمة (الحكم بن سنان)، وقال عقبه: لا يتابع عليه. والحكم ضعيف. ينظر: تهذيب الكمال 7: 96، التقريب ص 175. وأورده السيوطي في (الدر المنثور) 6: 671، وعزاه إلى ابن مردويه. وقال العقيلي عقب الحديث: "وقد روي في القبضتين أحاديث بأسانيد صالحة". سادسا: استعمال العبد وتيسيره لعمل أهل الجنة، أو لعمل أهل النار: وسيأتي ذكر الأحاديث الواردة في ذلك، في سورة الليل -إن شاء الله تعالى-. فائدة: لمزيد من البحث في هذه المسألة؛ ينظر: (الرد على الجهمية) لابن منده ص 53 - 73، تفسير القرطبي 7: 199، (شرح مشكل الآثار) للطحاوي 10: 27، (شفاء العليل) لابن القيم ص 10، (الروح) له ص 160، تفسير ابن كثير 3: 500 - 506، (البداية والنهاية) له 1: 205، شرح العقيدة الطحاوية ص 302. *****

(93)

قال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (189) فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الأعراف 189 - 190]. (93) عن سمرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لما حملت حواء؛ طاف بها إبليس، وكان لا يعيش لها ولد، فقال: سميه عبد الحارث فإنه يعيش، فسموه عبد الحارث فعاش، وكان ذلك من وحي الشيطان وأمره). تخريجه: أخرجه أحمد 5: 11 قال: حدثنا عبد الصمد، حدثنا عمر بن إبراهيم، حدثنا قتادة، عن الحسن، عن سمرة -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه الترمذي (3077) في تفسير القرآن: باب ومن سورة الأعراف، والطبري 10: 623، وابن أبي حاتم 5: 1631 (8637)، والطبراني في الكبير 7: 215 (6895)، وابن عدي في الكامل 5: 43، والحاكم 2: 545، كلهم من طريق عمر بن إبراهيم، به بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 6: 700 إلى: أبي الشيخ، وابن مردويه. وقال الحاكم: حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. وأقره الذهبي. وقال ابن عدي: وهذا لا أعلم يرويه عن قتادة؛ غير عمر بن إبراهيم. الحكم على الإسناد: إسناد ضعيف، لأجل رواية عمر بن إبراهيم، عن قتادة، وعمر بن إبراهيم هو العبدي، أبو حفص البصري. (ت س ق) قال أحمد: ثقة لا أعلم إلا خيرا، وهو يروي عن قتادة أحاديث مناكير، يخالف.

وقال ابن عدي: يروي عن قتادة أشياء لا يوافق عليها، وحديثه خاصة عن قتادة مضطرب، وهو مع ضعفه يكتب حديثه. وقال ابن حبان: كان ممن ينفرد عن قتادة بما لا يشبه حديثه، فلا يعجبني الاحتجاج به إذا انفرد، فأما فيما وافق الثقات فإن اعتبر به معتبر لم أر بذلك بأسا. وفي التقريب: صدوق، في حديثه عن قتادة ضعف. ينظر: الجرح والتعديل 6: 98، المجروحين 2: 89 الكامل 5: 42، تهذيب الكمال 21: 269، التقريب ص 410. ولم أجد من تابعه عليه. وربما أعله بعضهم بالانقطاع بين الحسن وسمرة -رضي الله عنه-، وهذه مسألة مهمة، وقد اختلف أهل العلم في سماع الحسن من سمرة -رضي الله عنه- وهي نسخة تبلغ نحواً من خمسين حديثاً- على ثلاثة أقوال: 1 - إثبات سماعه منه مطلقاً. وهذا قول ابن المديني، قال البخاري في (التاريخ الكبير) 2: 290: "قال علي: وسماع الحسن من سمرة؛ صحيح"، ونقله الترمذي في سننه (1: 343) كتاب الصلاة: باب ما جاء في الصلاة الوسطى عن البخاري عن ابن المديني. وهو قول الترمذي، كما ذكره في جامعه 3: 538 - 539، وقد صحح في جامعه عدة أحاديث من رواية الحسن عن سمرة مثل: الأحاديث رقم (251) (497) (1110) (1237) (1266) (1368) وغيرها، وهو قول الحاكم كا في المستدرك 1: 215. 2 - نفي سماعه منه. قال شعبة: الحسن لم يسمع من سمرة. وكذلك قال ابن حبان في صحيحه كما في الإحسان 5: 113.

وسئل ابن معين -كما في (من كلام أبي زكريا في الرجال) ص 119 رقم (390) -: "أيما أحب إليك: قتادة، عن الحسن، عن سمرة، أو سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة؟ فقال: الحسن لم يسمع من سمرة، وكلاهما ليس بشيء، لو كان الحسن سمع من سمرة كان أحب إلي". وأخرج ابن أبي حاتم في (المراسيل) ص 33 (96) عن عثمان بن سعيد الدارمي قال: قلت ليحيى بن معين: الحسن لقي سمرة؟ قال: لا. وقال البرديجي: أحاديث الحسن عن سمرة كتاب، ولا يثبت عنه حديث قال فيه: سمعت سمرة. وهكذا قال يحيى القطان وآخرون: هي كتاب. قال الحافظان العلائي وابن حجر: وذلك لا يقتضي الانقطاع. 3 - أنه سمع منه حديث العقيقة فقط. كما ذكره البخاري في صحيحه مسنداً 9: 504 في كتاب العقيقة: باب إماطة الأذى عن الصبي في العقيقة. وهو اختيار النسائي فإنه قال في سننه 3: 94: "الحسن عن سمرة كتاباً -هكذا بالنصب-، ولم يسمع الحسن من سمرة إلا حديث العقيقة". وهذا قول الأكثرين كما قال الحافظ ابن حجر في (إتحاف المهرة) 6: 14. وقد أخرج الإمام أحمد في مسنده 5: 11 عن هشيم، ثنا حميد، عن الحسن، قال: جاءه رجل فقال: إن عبداً له أبق، وإنه نذر إن قدر عليه أن يقطع يده، فقال الحسن: (حدثنا سمرة قال: قلما خطب النبي -صلى الله عليه وسلم- خطبة إلا أمر فيها بالصدقة ونهى فيها عن المثلة). قال العلائي وابن حجر: وهذا يقتضى سماعه منه لغير حديث العقيقة. وجزم بذلك الذهبي فقال -في السير 4: 567 - : "قد صح سماعه في حديث العقيقة، وفي حديث النهي عن المثلة، من سمرة". وقال أيضاً 4: 588: "قال قائل: إنما أعرض أهل الصحيح عن كثير مما يقول فيه الحسن: عن فلان وإن كان مما قد ثبت لقيه فيه لفلان المعين؛ لأن الحسن معروف

بالتدليس، ويدلس عن الضعفاء، فيبقى في النفس من ذلك، فإننا وإن ثبتنا سماعه من سمرة يجوز أن يكون لم يسمع فيه غالب النسخة التي عن سمرة، والله أعلم". أقول: والقاعدة أن المثبت مقدم على النافي، وقد ثبت سماعه في حديث العقيقة والمثلة، فيكون السماع ثابتا في الجملة، وقد كان سمرة -رضي الله عنه- بالبصرة، ومات سنة 59 هـ، وكانت ولادة الحسن سنة 21 هـ. ينظر: نصب الراية 1: 88 - 90، السير 4: 563 - 588، جامع التحصيل ص 165 - 166، تهذيب التهذيب 1: 483، تذكرة الحفاظ 1: 71 - 72، الإصابة 3: 178، تحرير علوم الحديث 1: 155. والحديث أورده ابن كثير في تفسيره 3: 526 وقال: "هذا الحديث معلول من ثلاثة أوجه: أحدها: أن عمر بن إبراهيم هذا هو البصري .. -وذكر بعض ما فيه، وقد سبق-. الثاني: أنه قد روي من قول سمرة نفسه ليس مرفوعا .. الثالث: أن الحسن نفسه فسر الآية بغير هذا، فلو كان هذا عنده عن سمرة مرفوعا لما عدل عنه". *****

(94)

قال تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199]. (94) عن أمي المرادي قال: بلغنا أنه لما نزلت: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لجبربل: (ما هذا؟) قال: لا أدري، حتى أسأل العالم، قال: فأتاه جبريل، فقال: (يا محمد، إن الله يأمرك أن تعفو عمن ظلمك، وتعطي من حرمك، وتصل من قطعك). تخريجه: أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 2: 246 قال: أنا ابن عيينة، عن أمي المرادي .. فذكره. وأخرجه ابن أبي الدنيا في (مكارم الأخلاق) ص 24 رقم (25) عن إسحاق بن إسماعيل، والطبري 10: 643، وابن أبى حاتم 5: 1638 (8682)، كلاهما عن يونس بن عبد الأعلى. كلاهما -إسحاق ويونس- عن سفيان، به، بنحوه. وأخرجه الطبري 10: 643 قال: حدثني الحسن بن الزبرقان الجعفي، قال: ثني حسين الجعفي، عن سفيان بن عيينة، عن رجل قد سماه، قال: لما نزلت هذه الآية .. فذكره بنحوه. وأخرجه ابن أبي حاتم 5: 1638 (8683) قال: أخبرنا أبو يزيد القراطيسي -فيما كتب إلي- ثنا أصبغ بن الفرج، قال: سمعت سفيان بن عيينة عن أمي، عن الشعبي، فذكره بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 6: 708 - من رواية الشعبي- إلى: ابن المنذر، وأبي الشيخ. الحكم على الإسناد: إسناد ضعيف, وهو معضل. أُمي بن ربيعة المرادي الصيرفي، أبو عبد الرحمن الكوفي. وثقه سفيان بن عيينة، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وابن حجر، وغيرهم. وهو من طبقة كبار أتباع التابعين، كمالك والثوري. ينظر: تهذيب الكمال 3: 328، التقريب ص 114. وعلى رواية ابن أبي حاتم الثانية، فهو مرسل.

الشواهد

الشواهد: 1 - عن جابر -رضي الله عنه- قال: لما نزلت هذه الآية: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يا جبريل، ما تأويل هذه الآية؟ (قال: حتى أسأل، فصعد ثم نزل، فقال: يا محمد، إن الله يأمرك أن تصفح عمن ظلمك، وتعطي من حرمك، وتصل من قطعك). رواه ابن مردويه في تفسيره قال: أخبرني الحسن بن علي النيسابوري فيما أجازه لي، ثنا محمد بن أحمد بن يحيى الأنطاكي، ثنا إبراهيم بن محمد المديني، ثنا عبد الله بن نافع بن ثابت الزبيري، ثنا عبد العزيز بن عبد الله الماجشون، عن محمد بن المنكدر، عن جابر -رضي الله عنه- .. فذكره. كما في تخريج الكشاف للزيلعي 1: 477 - ومنه أخذت السند-، وتفسير ابن كثير 3: 531، و (الدر المنثور) 6: 708. ومحمد بن أحمد بن يحيى الأنطاكي، وشيخه لم أتبينهما، والله أعلم. والغالب على ما تفرد به ابن مردويه؛ الضعف. 2 - عن قيس بن سعد بن عبادة -رضي الله عنه- قال: لما نظر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى حمزة بن عبد المطلب -رضي الله عنه- قال: (والله لأمثلن بسبعين منهم)، فجاء جبريل بهذه الآية: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} فقال: (يا جبريل، ما هذا؟) قال: لا أدري حتى أسأل, ثم عاد، فقال: (إن الله يأمرك أن تعفو عمن ظلمك وتصل من قطعك وتعطي من حرمك). رواه ابن مردويه في تفسيره قال: حدثنا أحمد بن إسحاق بن نيخاب الطيبي، ثنا محمد ابن يونس، ثنا عبد الله بن داود الخريبي، ثنا عبادة بن مسلم، عن العلاء بن بدر، عن قيس ابن سعد .. فذكره.

كما في تخريج الكشاف للزيلعي 1: 477 - ومنه أخذت السند-، وتفسير ابن كثير 3: 531، و (الدر المنثور) 6: 709. والعلاء بن بدر، هو العلاء بن عبد الله بن بدر البصري، ينسب لجده، وهو ثقة، لكن لم يثبت له لقاء أحد من الصحابة، فالسند منقطع. ينظر: تهذيب الكمال 22: 515، التقريب ص 435. ومحمد بن يونس، هو: الكديمي، ضعيف، واتهم بالكذب. ينظر: تهذيب الكمال 27: 66، التقريب ص 515. 3 - عن ابراهيم بن أدهم قال: لما أنزل الله تبارك وتعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أمرت أن آخذ العفو من أخلاق الناس). أخرجه ابن أبي الدنيا في (مكارم الأخلاق) ص 24 رقم (24)، قال: حدثني يعقوب ابن عبيد، قال: أنا أبو مسهر، نا سهل بن هاشم، عن إبراهيم بن أدهم .. فذكره. وإبراهيم بن أدهم؛ هو البلخي الزاهد، من طبقة أتباع التابعين، مات سنة 162هـ, فالسند معضل. ينظر: التقريب ص 87. هذا وقد وردت أحاديث كثيرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذه الخصال المذكورة، من رواية أبي بن كعب، وعبادة بن الصامت، وأبي هريرة، وعلي، وعقبة بن عامر، -رضي الله عنهم-، لكن ليس فيها ربط ذلك بالآية الكريمة. ينظر: (الترغيب والترهيب) للمنذري 3: 307 - 309. *****

سورة الأنفال

سورة الأنفال قال تعالى: {وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ} الآية. [الأنفال: 26]. (95) عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قوله: {وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ} قيل: يا رسول الله، ومن الناس؟ قال: (أهل فارس). تخريجه: أخرجه أبو نعيم في (تاريخ أصبهان) 1: 10 قال: حدثنا عبد الله وعبد الرحمن ابنا محمد بن جعفر، قالا: حدثنا سعيد بن يعقوب بن سعيد أبو عثمان القرشي، ثنا عمار بن يزيد، ثنا عمر بن إبراهيم، ثنا عبد العزيز بن مسلم القسملي، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- .. فذكره. وأورده السيوطي في (الدر المنثور) 6: 89 وعزاه إلى: أبي الشيخ، والديلمي في (مسند الفردوس). النظر في رجال الإسناد: سعيد بن يعقوب؛ ذكره أبو الشيخ في (طبقات المحدثين بأصبهان) 4: 151، وأبو نعيم في (ذكر أخبار أصبهان) 1: 330، ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا. وعمار بن يزيد؛ نسبه أبو نعيم في (ذكر أخبار أصبهان) 1: 387 في سند آخر، فقال: القرشي البصري. ولم أتبينه. وجاء في (لسان الميزان) 4: 319: "عمار بن يزيد: عن موسى بن هلال. قال الدارقطني: مجهول، انتهى. وفي ثقات ابن حبان: عمار بن يزيد يروي المقاطيع والمراسيل، روى عنه خالد بن يزيد المصري، فلعله هذا" قلت: فلعله هذا أيضا فالطبقة محتملة، والله أعلم.

وعمر بن إبراهيم؛ لم أعرفه، وقد وقفت على جماعة بهذا الاسم ذكرهم أبو نعيم في (ذكر أخبار أصبهان)، وابن حجر في (اللسان)، ولم يظهر لي أن أحدا منهم المذكور هنا. وليث؛ هو ابن أبي سليم، صدوق اختلط جدا، ولم يتميز حديثه؛ فترك، وهو ممن يعتبر بحديثه، فلا يحتج به، ولا يسقط بالكلية، وضعفه ناتج من جهة سوء الحفظ، لا من جهة العدالة. وسبق في الحديث رقم (17). فالحديث لا يصح بهذا السند، والله أعلم. *****

(96)

قال تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} الآية [الأنفال: 60]. (96) عن عقبة بن عامر -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو على المنبر- يقول: ({وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي). تخريجه: أخرجه مسلم (1917) في الإمارة: باب فضل الرمي والحث عليه, وأبو داود (2514) في الجهاد: باب في الرمي، والترمذي (3083) في تفسير القرآن: باب ومن سورة الأنفال، وابن ماجه (2813) في الجهاد: باب في الرمي في سبيل الله، وأحمد 4: 156، من طرق عن عقبة -رضي الله عنه- به، بنحوه. تنبيه: قال الطبري في تفسيره 11: 249 - بعد ذكر الأقوال في تفسير الآية-: "والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله أمر المؤمنين بإعداد الجهاد وآلة الحرب وما يتقوّون به على جهاد عدوه وعدوهم من المشركن، من السلاح والرمي وغير ذلك، ورباط الخيل، ولا وجه لأن يقال: عني بالقوة معنى دون معنى من معاني القوة وقد عمَّ الله الأمر بها. فإن قال قائل: فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد بيَّن أن ذلك مرادٌ به الخصوص بقوله: (ألا إن القوة الرمي؟). قيل له: إن الخبر وإن كان قد جاء بذلك، فليس في الخبر ما يدلّ على أنه مرادٌ بها الرمي خاصة دون سائر معاني القوة عليهم، فإن الرمي أحد معاني القوة, لأنه إنما قيل في الخبر: (ألا إن القوة الرمي)، ولم يقل: دون غيرها، ومن القوة أيضًا: السيف والرمح والحربة، وكل ما كان معونة على قتال المشركين، كمعونة الرمي أو أبلغ من الرمي فيهم وفي النكاية منهم، هذا مع وهاء سند الخبر بذلك عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-". فهذا القول منه رحمه الله محمول على سند الحديث عنده، لأنه ساق الحديث من طرق لا تخلو من مجروح، أو مبهم، أو انقطاع، والله أعلم. *****

(97)

قال تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ} [الأنفال: 60] (97) عن يزيد بن عبد الله بن عريب, عن أبيه, عن جده, عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: {وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ} قال: (هم الجن)، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن الشيطان لا يخبل أحدا في دار فيها فرس عتيق). تخريجه: أخرجه الحارث بن أبي أسامة في مسنده 2: 676 (652 - بغية الباحث) قال: حدثنا داود بن رشيد، ثنا أبو حيوة شريح بن يزيد، عن سعيد بن سنان، عن ابن المليكي، عن أبيه، عن جده .. فذكره. وأخرجه ابن سعد في الطبقات 7: 433، وابن أبي حاتم 5: 1723 (9107)، والطبراني 17: 189 (506)، وأبو الشيخ في (كتاب العظمة) 5: 1645 (1089)، وابن عساكر في (تاريخ دمشق) 45: 78، كلهم من طريق سعيد بن سنان، به، بنحوه. ولفظ ابن أبي حاتم مختصر بذكر التفسير، دون آخره. وأخرجه ابن عدي في (الكامل) 3: 360 من طريق: سعيد بن سنان، عن عمرو بن عريب، عن أبيه، عن جده، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. وعزاه في (الدر المنثور) 7: 185 إلى: ابن مردويه. الحكم على الإسناد: إسناده ضعيف جدا، للعلل الآتية: 1 - سعيد بن سنان الشامي، أبو مهدي الحنفي. ويقال: الكندي، الحمصي. (ق) متروك، واتهم بالوضع. مات سنة 168 هـ. ينظر: تهذيب الكمال 10: 495، التقريب ص 237. 2 - يزيد بن عبد الله بن عريب. ذكره الحافظ في اللسان في ترجمة أبيه، ونقل تجهيله عن العلائي. ينظر: اللسان 3: 369.

تنبيه

3 - عبد الله بن عريب المليكي. ذكره الحافظ في اللسان، ونقل تجهيله عن العلائي. ينظر: اللسان 3: 369. ومع هذا فقد وقع فيه خلاف شديد، قال الحافظ في اللسان 3: 369 في ترجمة (عبد الله ابن عريب المليكي): "أخرج ابن مندة في (المعرفة) من طريق أبي عتبة أحمد بن الفرج، عن بقية، عنه، عن أبيه، عن جده، رفعه: (لن يخبل الشيطان أحدا في داره فرس عتيق)، وأخرجه ابن قانع من طريق ابن حيوة، عن سعيد بن سنان، عن عمرو بن عريب، عن أبيه، عن جده. وأخرج الطبراني من طريق أبي جعفر النفيلي، عن سعيد بن سنان، عن يزيد ابن عبد الله بن عريب، عن أبيه، عن جده، حديثا آخر في الخيل. قال العلائي: هذا اختلاف شديد، مع ما في روايته من الجهالة. يعني: عبد الله، ويزيد، وعمرا". ونحو ذلك في الإصابة 4: 496 - 497. والحديث ذكره ابن كثير في تفسيره 4: 82 وقال: "وهذا الحديث منكر، لا يصح إسناده ولا متنه". وأورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 7: 27، وقال: "فيه مجاهيل". تنبيه: قال السيوطي في (الدر المنثور) 7: 185: "وأخرج أبو الشيخ عن أبي المهدي، عن أبيه، عن جده، عمن حدثه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: {وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ} قال: (هم الجن، فمن ارتبط حصانا من الخيل لم يتخلل منزله شيطان). وأبو مهدي: كنية سعيد بن سنان، الذي عليه مدار الحديث، ويكون هذا الوجه من جملة الاختلاف الشديد في هذا الحديث، أو يكون هناك سقط في السند. وعلى الحالين كليهما؛ لا يستقيم أن يعد هذا شاهدا للحديث، والله أعلم. فائدة: قال ابن الأثير في (النهاية) 2: 8 مادة (خبل): "الخَبْل بسكون الباء: فسادُ الأعضاء". *****

سورة التوبة

سورة التوبة قال تعالى: {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} [التوبة: 3]. (98) عن علي -رضي الله عنه- قال: سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن يوم الحج الأكبر؟ فقال: (يوم النحر). تخريجه: أخرجه الترمذي (957) في الحج: باب ما جاء في يوم الحج الأكبر، وأعاده برقم (3088) في تفسير القرآن: باب ومن سورة التوبة، قال: حدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث، حدثنا أبي، عن أبيه، عن محمد بن إسحاق، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه ابن أبي حاتم 6: 1747 (9226) من طريق عبد الوارث بن سعيد، به. وعزاه في (الدر المنثور) 7: 235 إلى: ابن المنذر، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: إسناد ضعيف، لما يأتي: 1 - الحارث بن عبد الله الأعور الهمداني، أبو زهير الكوفي (4). أخرج مسلم في المقدمة ص 19 بسنده إلى الشعبي قال: حدثني الحارث الأعور الهمداني وكان كذاباً. وقال أبو إسحاق: زعم الحارث الأعور، وكان كذاباً. وكذبه ابن المديني وأبو خيثمة. وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث، ليس بالقوي ولا ممن يحتج بحديثه. وضعفه ابن معين، وقال -في رواية-: ليس به بأس. وقال أبو زرعة: لا يحتج بحديثه. وقال ابن حبان: كان غالياً في التشيع واهياً في الحديث. وقال الذهبي -في الميزان-: "الجمهور على توهين أمره مع روايتهم لحديثه في الأبواب، فهذا الشعبي يكذبه ثم يروي عنه، ويعتقده بتعمد الكذب في الدين .. ثم إن النسائي وأرباب السنن احتجوا بالحارث، وهو ممن عندي وقفة في الاحتجاج به".

وقال الحافظ: كذبه الشعبي في رأيه، ورمي بالرفض، وفي حديثه ضعف. مات سنة 65 هـ. ينظر: الجرح والتعديل 3: 78، كتاب المجروحين 1: 222، مقدمة مسلم ص 19، تهذيب الكمال 5: 244، السير 4: 152، الميزان 1: 435، الكاشف 1: 303، التهذيب 1: 411، التقريب ص 146. 2 - محمد بن إسحاق هو ابن بسار المدني، أبو بكر -ويقال: أبو عبد الله- القرشي المطلبي، الإمام المشهور صاحب المغازي. وابن إسحاق قد كثر الكلام فيه، وقوي الخلاف في شأنه حتى أُفردت فيه رسالة علمية، لكن نجمل الكلام فيما يلي: قال ابن معين: كان ثقة وكان حسن الحديث، وقال أحمد: هو حسن الحديث. وقال البخاري: رأيت علي بن عبد الله يحتج بحديث ابن إسحاق. وقال شعبة: ابن إسحاق أمير المؤمنن في الحديث لحفظه. وقال يعقوب بن شيبة: سألت علي بن المديني قلت: كيف حديث محمد بن إسحاق عندك صحيح؟ فقال: نعم، حديثه عندي صحيح، قلت له: فكلام مالك فيه؟ قال علي: مالك لم يجالسه ولم يعرفه. وقال ابن سعد: كان ثقة، ومن الناس من يتكلم فيه. وقال أبو زرعة الدمشقي: محمد بن إسحاق رجل قد اجتمع الكبراء من أهل العلم على الأخذ عنه .. وقد اختبره أهل الحديث فرأوا صدقاً وخيراً مع مدحه ابن شهاب له، وقد ذاكرت دحيماً قول مالك -يعني فيه- فرأى أن ذلك ليس للحديث إنما هو لأنه اتهمه بالقدر. وفي مقابل ما سبق قال عنه مالك: دجال من الدجاجلة، وفي رواية قال: كذاب، وقال الجوزجاني: الناس يشتهون حديثه، وكان يرمي بغير نوع من البدع. وقال أبو داود: سمعت أحمد ذكر ابن إسحاق فقال: كان رجل يشتهي الحديث فيأخذ كتب الناس فيضعها في كتبه. وتعقبه الذهبي فقال: هذا الفعل سائغ، فهذا الصحيح للبخاري فيه تعليق كثير. وقال أحمد: كان ابن إسحاق يدلس إلا أن كتاب إبراهيم بن سعد إذا كان سماعاً قال: حدثني، وإذا لم يكن قال: قال.

وقال أيضاً: أما ابن إسحاق فيكتب عنه هذه الأحاديث -يعني المغازي ونحوها- فإذا جاء الحلال والحرام أردنا قوماً هكذا، وضم يديه وأقام أصابعه الإبهامين. وقال النسائي: ليس بالقوي. وقال الخطيب: قد أمسك عن الاحتجاج بروايات ابن إسحاق غير واحد من العلماء لأسباب منها: أنه كان يتشيع، وينسب إلى القدر، ويدلس في حديثه، فأما الصدق فليس بمدفوع عنه .. وقال ابن عدي: قد فتشت أحاديثه الكثيرة فلم أجد في أحاديثه ما يتهيأ أن يقطع عليه بالضعف، وربما أخطأ أو وهم في الشيء بعد الشيء كما يخطىء غيره، ولم يتخلف في الرواية عنه الثقات والأئمة، وهو لا بأس به. وقال الذهبي -في تذكرة الحفاظ-: كان أحد أوعية العلم، حبراً في معرفة السير والمغازي، وليس بذاك المتقن، فانحط حديثه عن رتبة الصحة، وهو صدوق في نفسه مرضي .. والذي تقرر عليه العمل أن ابن إسحاق إليه المرجع في المغازي والأيام النبوية، مع أنه يشذ بأشياء، وأنه ليس بحجة في الحلال والحرام، نعم ولا بالواهي بل يستشهد به. وقال في الميزان: الذي يظهر لي أن ابن إسحاق: حسن الحديث صالح الحال، صدوق، وما انفرد به ففيه نكارة، فإن في حفظه شيئاً، وقد احتج به أئمة؛ فالله أعلم. وفي (الكاشف): "كان صدوقاً من بحور العلم، وله غرائب في سعة ما روى تستنكر، واختلف في الاحتجاج به وحديثه حسن، وقد صححه جماعة". وقال في السير: هذان الرجلان -يعني الإمام مالك وابن إسحاق- كل منهما قد نال من صاحبه، لكن أثر كلام مالك في محمد بعض اللين، ولم يؤثر كلام محمد فيه ولا ذرة، وارتفع مالك وصار كالنجم، والآخر فله ارتفاع بحسبه، ولاسيما في السير، وأما في أحاديث الأحكام فينحط حديثه فيها عن رتبة الصحة إلى رتبة الحسن إلا فيما شذ فيه فإنه يعد منكراً هذا الذي عندي في حاله، والله أعلم. وقال الحافظ: إمام في المغازي، صدوق يدلس ورمي بالتشيع والقدر.

وعده في المرتبة الرابعة من مراتب المدلسين وهي: من اتفق على أنه لا يحتج بشيء من حديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع لكثرة تدليسهم عن الضعفاء والمجاهيل. وبعد هذا: فيظهر أن ابن إسحاق إمام معتبر في المغازي والسير، وفي غيرها حديثه في درجة الحسن إذا عري عن التدليس والمخالفة ممن هو أوثق منه، وينظر فيما تفرد به. وينظر تفصيل الأجوبة عما رمي به ابن إسحاق في مقدمة (عيون الأثر) لابن سيد الناس، وبيان السبب في طعن مالك فيه في (الثقات) لابن حبان. توفي سنة 150 هـ، وقيل بعدها. أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم متابعة والأربعة. ينظر: التاريخ الكبير 1: 40، الجرح والتعديل 7: 191، طبقات ابن سعد 7: 321، الضعفاء والمتروكون للنسائي ص 230، الضعفاء الكبير للعقيلي 4: 23، الكامل 6: 102، الثقات لابن حبان 7: 380، تاريخ بغداد 1: 214، جواب الحافظ المنذري عن أسئلة في الجرح والتعديل ص 73 - 79، عيون الأثر 1: 54 - 67، تهذيب الكمال 24: 405، جامع التحصيل ص 261، السير 7: 33، الميزان 3: 468، تذكرة الحفاظ 1: 172، الكاشف 2: 156، ذكر أسماء من تكلم فيه وهو موثق ص 159، التهذيب 5: 28، التقريب ص 467، تعريف أهل التقديس ص 168، تعليق الشيخ/ أحمد معبد على النفح الشذي 2: 708 - 792. وقد روى هنا بالعنعنة، وقد خولف فيه ابن إسحاق ممن هو أوثق منه، فقد رواه كل من: 1 - سفيان الثوري. أخرجه عنه عبد الرزاق في تفسيره 2: 267، وأخرجه الطبري 11: 324. 2 - سفيان بن عيينة. أخرجه عنه: سعيد بن منصور 5: 238 (1008)، وأخرجه الترمذي (958) في الحج: باب ما جاء في يوم الحج الأكبر، وأعاده برقم (3089) في تفسير القرآن: باب ومن سورة التوبة، والطبري 11: 326، من طريق ابن عيينة.

3 - معمر بن راشد. أخرجه عنه: عبد الرزاق في تفسيره 2: 266. 4 - مالك بن مغول. أخرجه الطبري 11: 326. كل هؤلاء الثقات الأثبات خالفوا ابن إسحاق، فرووه عن أبي إسحاق السبيعي، عن الحارث الأعور، عن علي -رضي الله عنه- موقوفا عليه. والحديث رواه الترمذي -كما سبق- مرفوعا برقم (957)، ثم موقوفا برقم (958)، ثم قال عقبه: "وهذا -يعني الموقوف- أصح من الحديث الأول، ورواية ابن عيينة موقوفا أصح من رواية محمد بن إسحاق مرفوعا، هكذا روى غير واحد من الحفاظ عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي -رضي الله عنه-. موقوفا، وقد روى شعبة عن أبي إسحاق، قال: عن عبد الله بن مرة، عن الحارث، عن علي موقوفا". فالمحفوظ في هذا الحديث الوقف، ولاشك في تقديم أولئك الأئمة الأثبات على ابن إسحاق. وعلى هذا الوجه المحفوظ؛ فهو ضعيف الإسناد، لأن مداره على الحارث الأعور وفيه ما سبق. ورواية شعبة التي أشار إليها الترمذي لا تقتضي اختلافا، بل تؤيد الوقف من إمام حافظ متقن، ولا مانع أن يكون أبو إسحاق سمعه من عبد الله بن مرة، عن الحارث، ثم سمعه من الحارث، ويكون من قبيل المزيد في متصل الأسانيد. وعبد الله بن مرة، هو الهمداني الخارفي، ثقة، وأخرج حديثه الجماعة. ينظر: التقريب ص 322. بل ربما تقدم رواية شعبة، لأن أبا إسحاق مشهور بالتدليس، واشتهر عن شعبة قوله: كفيتكم تدليس ثلاثة: الأعمش، وأبي إسحاق، وقتادة.

فائدة

وهو معروف بكراهته الشديدة للتدليس، وتطلبه للسماع، وله مع أبي إسحاق خاصة أخبار في ذلك، منها ما ذكره في (تهذيب التهذيب) 8: 58 "قال شعبة: سمعت أبا إسحاق يحدث عن الحارث بن الأزمع بحديث، فقلت له: سمعت منه؟ فقال: حدثني به مجالد، عن الشعبي، عنه. قال شعبة: وكان أبو إسحاق إذا أخبرني عن رجل، قلت له: هذا أكبر منك؟، فإن قال: نعم، علمت أنه لقي، وإن قال: أنا أكبر منه، تركته". وانظر حكاية عجيبة لشعبة مع أبي إسحاق في هذا، في (المجروحين) لابن حبان 1: 29. فائدة: لم يتفرد بهذا الحديث: الحارث الأعور، بل تابعه: يحيى بن الجزار فرواه عن علي -رضي الله عنه- موقوفاً. أخرجه ابن أبي شيبة 3: 379 (15110)، والطبري 11: 326. وقد استفدت هذه المتابعة من محقق سنن (سعيد بن منصور)، وحكم على سندها بالصحة. الشواهد: يشهد لهذا الحديث ما يلي: 1 - عن ابن عمر -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقف يوم النحر بين الجمرات في الحجة التي حج، فقال: (أي يوم هذا؟)، فالوا: يوم النحر، قال: (هذا يوم الحج الأكبر). أخرجه أبو داود (1945) في المناسك: باب يوم الحج الأكبر، -ومن طريقه: ابن حزم في (حجة الوداع) ص 180 - قال: حدثنا مؤمل بن الفضل، حدثنا الوليد، حدثنا هشام يعني ابن الغاز، حدثنا نافع، عن ابن عمر .. فذكره. وأخرجه ابن ماجه (3058) في المناسك: باب الخطبة يوم النحر، والطبري 11: 333، والطحاوي في (شرح مشكل الآثار) 4: 91، وابن أبي حاتم في تفسيره 6: 1748، والطبراني في الأوسط 9: 87 (9208)، وفي الصغير 2: 244 (1102)، وفي (مسند الشاميين) 1: 160 (265)، 2: 377 (1533)، والحاكم في (المستدرك) 2: 331، وأبو نعيم في (الحلية) 8: 274، والبيهقي 5: 139 من طرق عن نافع به، بنحوه.

ولفظ ابن ماجه، والحاكم، والبيهقي مطول. وأخرجه البخاري معلقا بصيغة الجزم -في كتاب الحج: باب الخطبة أيام منى-، على هشام بن الغاز. وعزاه في (الدر المنثور) 7: 236 إلى: أبي الشيخ، وابن المنذر، وابن مردويه. وهذا إسناد حسن، مؤمل بن الفضل، هو الجزري، صدوق، كما في التقريب ص 555. والوليد هو: ابن مسلم الدمشقي، ثقة، لكنه كثير التدليس والتسوية، كما في التقريب ص 584، وقد صرح بالتحديث هنا. وهشام بن الغاز، ثقة، كما في التقريب ص 573. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه بهذه السياقة، وأكثر هذا المتن مخرج في الصحيحين، إلا قوله: إن يوم الحج الأكبر يوم النحر. وأقره الذهبي على تصحيحه. وقال ابن حزم: إسناده جيد. وله عن هشام طرقٌ يتقوى بها. 2 - عن رجل من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: قام فينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على ناقة حمراء مخضرمة، فقال: (أتدرون أي يومكم هذا؟) قال: قلنا: يوم النحر، قال: (صدقتم، يوم الحج الأكبر ..) فذكر الحديث بطوله. أخرجه أحمد 5: 412 قال: حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا شعبة، حدثني عمرو بن مرة، قال: سمعت مرة قال: حدثني رجل من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- قال .. فذكره. وهذا سند صحيح، رجاله رجال الشيخن، وجهالة الصحابي لا تضر. وأخرجه النسائي في الكبرى 4: 192 رقم (4084) في المناسك: باب يوم الحج الأكبر، والطبري في تفسيره 11: 333 - 334، والطحاوي في (شرح مشكل الآثار) 1: 33، من طرق عن شعبة، به، بنحوه.

وجاء تعيين الصحابي المبهم بأنه عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-، وذلك فيما أخرجه أبو الشيخ في (طبقات المحدثن بأصبهان) 3: 233 (332)، وعنه: أبو نعيم في (تاريخ أصبهان) 1: 430، من طريق: عمر بن هارون البلخي، عن شعبة، عن عمرو بن مرة، عن مرة بن شراحيل، قال: حدثنا صاحب هذا القصر يعني: عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: خطبنا النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمزدلفة على ناقة حمراء مخضرمة، فقال: (أي بلد هذا؟) قلنا: هذا المشعر الحرام، قال: (فأي شهر هذا؟) قلنا: شهر الله الأصم، قال: (فأي يوم هذا؟) قلنا: يوم النحر، قال: (صدقتم، هذا يوم الحج الأكبر، ألا إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا ..) الحديث بطوله. قال أبو الشيخ عقبه: "ألقيت هذا الحديث على الوليد بن أبان، فاستغربه، وقال لي: أحب أن تأخذ إجازتي من هذا الشيخ، والناس يروون هذا الحديث فيقولون عن رجل، ولم يقل فيه ابن مسعود أحد غير عمر بن هارون البلخي". وعمر بن هارون البلخي؛ متروك، كما في التقريب ص 417. 3 - عن عمرو بن الأحوص -رضي الله عنه- قال: شهدت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع يقول: (يا أيها الناس- ثلاث مرات- أي يوم هذا؟) قالوا: يوم النحر يوم الحج الأكبر، قال: (فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم، هذا في بلدكم هذا ..) فذكر الحديث بطوله. أخرجه النسائي في (السنن الكبرى) 4: 193 (4085) في المناسك: باب يوم الحج الأكبر، و10: 111 (11149) في التفسير: باب قوله تعالى: {يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ}، قال: أخبرنا هناد بن السري، عن أبي الأحوص، عن ابن غرقدة، عن سليمان بن عمرو، عن أبيه، قال: شهدت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع .. فذكره. وسليمان بن عمرو بن الأحوص؛ ذكره ابن حبان في (الثقات)، ووثقه الذهبي.

وقال ابن القطان: مجهول. وفي التقريب: مقبول. ينظر: الثقات لابن حبان 4: 314، بيان الوهم والإيهام 4: 287، تهذيب الكمال 12: 49، الكاشف 1: 463، التقريب ص 253. أبو الأحوص: سلام بن سليم، ثقة متقن، صاحب حديث، توفي سنة 179 هـ. وابن غرقدة؛ هو شبيب البارقي، ثقة، أخرج حديثه الجماعة. ينظر: التقريب ص 263. والحديث أخرجه ابن أبي شيبة 7: 453، وأحمد 3: 426، 498، وأبو داود (3334) في البيوع: باب في وضع الربا، والترمذي (3087) في التفسير: باب ومن سورة التوبة، وابن ماجه (3055) في المناسك: باب الخطبة يوم النحر، والطحاوي في (شرح معاني الآثار) 4: 159، والطبراني في الكبير 17: 31، والبيهقي في (السنن الكبرى) 8: 27، وغيرهم من طرق عن ابن غرقدة، به، وليس فيه عندهم موضع الشاهد بتعيين يوم الحج الأكبر، وأنه يوم النحر. 4 - عن ابن أبي أوفى -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال يوم الأضحى: (هذا يوم الحج الأكبر). أخرجه ابن مردويه، كما في (الدر المنثور) 7: 236، واقتصر عليه. ووجدته في المعجم الأوسط للطبراني 6: 129 (5997)، من طريق حفص بن عمر قاضي حلب، عن الشيباني، عن ابن أبي أوفى. وحفص بن عمر: ضعفه أبو حاتم، وقال أبو زرعة: منكر الحديث، وقال ابن حبان: يروي عن الثقات الموضوعات، لا يحل الاحتجاج به. ينظر: المجروحين 1: 259، الكامل 2: 390، اللسان 2: 372. وأورده في (مجمع الزوائد) 3: 263 وقال: "رواه الطبراني في الأوسط، وفيه: حفص ابن عمر قاضي حلب، وهو ضعيف".

الحكم على الحديث

5 - عن علي -رضي الله عنه- قال: (أربع حفظتهن عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ أن الصلاة الوسطى العصرُ، وأن الحج الأكبرَ يومُ النحر، وأن أدبار السجود الركعتان بعد المغرب، وأن أدبار النجوم الركعتان قبل صلاة الفجر). أخرجه ابن مردويه بسند ضعيف، كما في (الدر المنثور) 7: 235. الحكم على الحديث: حسن، والله أعلم. فائدة: اختلف في تعيين المراد بيوم الحج الأكبر على خمسة أقوال، ذكرها القسطلاني في (إرشاد الساري) 4: 263، وانظر في المسألة: تفسير الطبري 11: 321 - 337، -ورجح ما دل عليه الحديث، أنه يوم النحر-، التمهيد 1: 125. وقد وردت آثار كثيرة عن السلف في هذه المسألة. ينظر: الدر المنثور 7: 236 وما بعدها. *****

(99)

(99) عن محمد بن قيس بن مخرمة، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خطب يوم عرفة، فقال: (هذا يوم الحج الأكبر، إن من كان قبلكم من أهل الأوثان والجاهلية؛ كانوا يفيضون إذا رؤيت الشمس على الجبال كأنها عمائم الرجال، ويدفعون من جمع إذا أشرقت على الجبال كأنها عمائم الرجال، فخالف هدينا هدي أهل الشرك والأوثان). تخريجه: أخرجه أبو داود في (المراسيل) ص 247 رقم (143) قال: حدثنا محمد بن العلاء، حدثنا ابن إدريس، أخبرنا ابن جريج، عن محمد بن قيس بن مخرمة .. فذكره. وأخرجه الشافعي في مسنده 1: 564 (916 - شفاء العي)، وابن أبي شيبة في المصنف 3: 368 (15179)، والطبري 11: 324، وابن أبي حاتم في تفسيره 6: 1748 (9228)، وابن حزم في (حجة الوداع) ص 480 (544) كلهم من طريق ابن جريج، به، بنحوه. وعند ابن أبي شيبة: عن ابن جريج، قال: أخبرت عن محمد بن قيس بن مخرمة. وعند ابن حزم: عن ابن جريج، أخبرني رجل من بني هاشم كان أقعدهم من النبي -صلى الله عليه وسلم- عن محمد بن قيس بن مخرمة. ولفظُ الطبري، وابن أبي حاتم، وابن حزم؛ مختصرٌ. الحكم على الإسناد: إسناد ضعيف، فيه علتان: 1 - الإرسال. 2 - عنعنة ابن جريج. وهو موصوف بالتدليس، ولم يصرح بالسماع، بل دلت رواية ابن أبي شيبة، وابن حزم، على وجود الواسطة المبهمة بينه وبين محمد بن قيس. قال الدارقطني: شر التدليس تدليس ابن جريج؛ فإنه قبيح التدليس لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح.

تنبيه

وعده ابن حجر في المرتبة الثالثة من مراتب المدلسين، وهم: من أكثر من التدليس فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع. ينظر: تهذيب الكمال 18: 338، التقريب ص 363، جامع التحصيل ص 229، طبقات المدلسين ص 141. وقد صرح بالسماع فيما أخرجه الطبري 11: 323 قال: حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا محمد بن بكر، عن ابن جريج، قال: أخبرني محمد بن قيس بن مخرمة، قال: خطب النبي -صلى الله عليه وسلم- عشية عرفة .. فذكره مختصرا. لكن ابن وكيع هذا؛ هو: سفيان بن وكيع بن الجراح. قال أبو زرعة: لا يشتغل به، واتهمه بالكذب. وفي التقريب: كان صدوقا، إلا أنه ابتلي بوراقه، فأدخل عليه ما ليس من حديثه، فنصح فلم يقبل، فسقط حديثه. ينظر: تهذيب الكمال 11: 200، التقريب ص 245. وقال ابن حزم -عقب رواية الحديث-: وهذا ليس بشيء، لأنه رواية رجل مجهول، لا ندري من هو. تنبيه: روي هذا الحديث موصولا بذكر المسور بن مخرمة -رضي الله عنه-. أخرجه الطبراني في الكبير 20: 24 (28)، والحاكم في المستدرك 3: 523، والبيهقي 5: 125 من طريق: عبد الرحمن بن المبارك العيشي، ثنا عبد الوارث بن سعيد، عن ابن جريج، عن محمد بن قيس بن مخرمة، عن المسور بن مخرمة -رضي الله عنه- قال: خطبنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعرفة فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: (أما بعد فإن أهل الشرك والأوثان كانوا يدفعون من ههنا عند غروب الشمس، حتى تكون الشمس على رؤوس الجبال مثل عمائم

الشواهد

الرجال على رؤوسها، هدينا مخالف هديهم، وكانوا يدفعون من المشعر الحرام عند طلوع الشمس على رؤوس الجبال مثل عمائم الرجال على رؤوسها، هدينا مخالف لهديهم). واللفظ للبيهقي، وزاد الحاكم: شعبة، بين عبد الوارث، وابن جريج. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه. وأقره الذهبي. وهذا الوجه الموصول ليس فيه محل الشاهد، كما أن فيه عنعنة ابن جريج. وقال السيوطي في (الدر المنثور) 7: 239: "وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه، عن المسور بن مخرمة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال يوم عرفة: (هذا يوم الحج الأكبر) ". ولم أقف عليه من هذا الوجه بهذا السياق، والذي في تفسير ابن أبي حاتم: عن محمد بن قيس بن مخرمة، مرسلا، والله أعلم. الشواهد: 1 - عن ابن عباس -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قسم يومئذ في أصحابه غنما، فأصاب سعد بن أبي وقاص تيسا، فذبحه عن نفسه، فلما وقف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعرفة؛ أمر ربيعة ابن أمية بن خلف فقام تحت ثدي ناقته، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اصرخ؛ أيها الناس، هل تدرون أي شهر هذا؟) قالوا: الشهر الحرام، قال: (فهل تدرون أي بلد هذا؟) قالوا: البلد الحرام، قال: (فهل تدرون أي يوم هذا؟) قالوا: الحج الأكبر، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله قد حرم عليكم دماءكم وأموالكم كحرمة شهركم هذا، وكحرمة بلدكم هذا، وكحرمة يومكم هذا ..) الحديث. أخرجه ابن خزيمة 4: 298 رقم (2927)، قال: وقال عطاء: قال ابن عباس ... وهذا صورته صورة المعلق، لكن الظاهر أنه بالإسناد الذي قبله لأنه من طريق عطاء.

وأخرجه الطبراني في الكبير 11: 172 (11399)، كلاهما من طريق وهب بن جرير، ثنا جرير بن حازم، قال: سمعت محمد بن إسحاق، ثنا عبد الله بن أبي نجيح، عن عطاء، قال: قال ابن عباس. وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات، سوى ابن إسحاق فهو صدوق، وقد صرح بالتحديث. وأورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 3: 271، وقال: "رواه الطبراني في الكبير، ورجاله ثقات". 2 - عن عباد بن عبد الله بن الزبير، قال: كان ربيعة بن أمية بن خلف الجمحي هو الذي يصرخ يوم عرفة تحت لبة ناقة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (اصرخ -وكان صيتا- أيها الناس، أتدرون أي شهر هذا؟) فصرخ، فقالوا: نعم، الشهر الحرام، قال: (فإن الله قد حرم عليكم دماءكم وأموالكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة شهركم هذا)، ثم قال: اصرخ؛ (هل تدرون أي بلد هذا؟) فصرخ، قالوا: نعم، البلد الحرام، قال: (فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى يوم تلقونه كحرمة بلدكم هذا)، ثم قال: (اصرخ، أي يوم هذا؟) فصرخ، قالوا: نعم، هذا يوم حرام، وهذا يوم الحج الأكبر، قال: (فإن الله عز وجل قد حرم عليكم دماءكم وأموالكم إلى يوم تلقونه كحرمة يومكم هذا). أخرجه الطبراني في (المعجم الكبير) 5: 67 (4603)، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، ثنا أبو كريب، ثنا يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، حدثني يحيى بن عباد ابن عبد الله بن الزبير، عن أبيه قال: كان ربيعة بن أمية .. فذكره. وهذا مرسل، عباد بن عبد الله بن الزبير ثقة من أوساط التابعين. ينظر: تهذيب الكمال 14: 136.

تنبيه

وأورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 3: 270، وقال:"رواه الطبراني في الكبير مرسلا كما تراه، ورجاله ثقات". قال ابن حجر في (الإصابة) 2: 520: "ووقع عند ابن شاهين، من طريق يحيى بن هانىء الشجري، عن ابن إسحاق، عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن ربيعة بن أمية، قال: أمرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أقف تحت صدر راحلته، وهو واقف بالموقف بعرفة، وكان رجلاً صيتاً، فقال: (يا ربيعة، قل: يا أيها الناس، إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول لكم: تدرون أي بلد هذا؟ ...) الحديث. ورواه غيره عن ابن إسحاق، فقالوا: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر أمية، وهو الصواب. ورواية يحيى بن هانىء وهم، ولم يدرك عباد أمية". تنبيه: تبين بهذا وجود الرواية عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأن يوم عرفة يوم الحج الأكبر، وبهذا يستدرك على الإمام الطحاوي رحمه الله قوله في (شرح مشكل الآثار) 4: 92: "وقال بعضهم: إن يوم الحج الأكبر يومُ عرفة، وليس في ذلك معهم رواية عن النبي -صلى الله عليه وسلم-". *****

(100)

قال تعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ} [التوبة: 18]. (100) عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد، فاشهدوا عليه بالإيمان، قال الله عز وجل {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}). تخريجه: أخرجه أحمد 3: 68 قال: حدثنا سريج، حدثنا ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، أن دراجا أبا السمح حدثه عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه الترمذي (2617) في الإيمان: باب ما جاء في حرمة الصلاة، و (3093) في تفسير القرآن: باب ومن سورة التوبة، وابن ماجه (802) في المساجد والجماعات: باب لزوم المساجد وانتظار الصلاة، وأحمد 3: 76، وعبد بن حميد في مسنده 2: 94 (921 - المنتخب)، وابن خزيمة في صحيحه 2: 379 (1502)، وابن أبي حاتم في تفسيره 6: 1766 (10055)، وابن حبان في صحيحه كما في الإحسان 5: 6 (1721)، وابن عدي في الكامل 3: 114، 154، والحاكم في المستدرك 1: 212، والبيهقي 3: 66، كلهم من طريق عمرو بن الحارث، به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 7: 258 إلى: ابن المنذر، وأبي الشيخ، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: إسناد ضعيف، لأنه من رواية دراج عن أبي الهيثم، ولم أجد من تابع دراجا عليه. وقال الحاكم عقبه: هذه ترجمة للمصريين لم يختلفوا في صحتها وصدق رواتها، غير أن شيخي الصحيح لم يخرجاه. وتعقبه الذهبي فقال: دراج كثير المناكير. الحكم على الحديث: ضعيف. وقال الترمذي: حديث حسن غريب. *****

(101)

قال تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [التوبة: 31]. (101) عن عدي بن حاتم -رضي الله عنه- قال: أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم-، وفي عنقي صليب من ذهب، فقال: (يا عدي، اطرح عنك هذا الوثن)، وسمعته يقرأ في سورة براءة: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ}، قال: (أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم، ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئا استحلوه، وإذا حرموا عليهم شيئا حرموه). تخريجه: أخرجه الترمذي (3095) في تفسير القرآن: باب ومن سورة التوبة، قال: حدثنا الحسين بن يزيد الكوفي، حدثنا عبد السلام بن حرب، عن غطيف بن أعين، عن مصعب ابن سعد، عن عدي بن حاتم -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه الطبري 11: 417 - 418، وابن أبي حاتم في تفسيره 6: 1784 (10057)، والطبراني في الكبير 17: 92 (218)، -ومن طريقه: المزي في (تهذيب الكمال) 23: 118 - ، وابن حزم في (الإحكام) 6: 283، والبيهقي 10: 116، كلهم من طريق عبد السلام بن حرب، به بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 7: 323 إلى: ابن سعد، وابن المنذر، وأبي الشيخ، وابن مردويه. وقال الزيلعي في (تخريج الأحاديث والآثار الواردة في الكشاف) 2: 66: "رواه ابن سعد في الطبقات، في ترجمة عدي بن حاتم -رضي الله عنه-". والحديث غير موجود في ترجمته من الطبقات 6: 22. وعزاه ابن تيمية في (مجموع الفتاوى) 7: 67، وابن القيم في (إعلام الموقعين) 2: 190، وابن كثير في تفسيره 4: 135؛ إلى مسند أحمد، ولم أجده فيه. قال الترمذي: هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث عبد السلام بن حرب، وغطيف بن أعين؛ ليس بمعروف في الحديث.

الحكم على الإسناد

الحكم على الإسناد: إسناد ضعيف، لما يأتي: 1 - الحسين بن يزيد بن يحيى الأنصاري، أبو علي، وقيل: أبو عبد الله الكوفي. (د ت) قال أبو حاتم، وابن حجر: لين الحديث. وذكره ابن حبان في (الثقات). مات سنة 244 هـ. ينظر: الجرح والتعديل 3: 67، الثقات 8: 188، تهذيب الكمال 6: 501، الميزان 2: 309، تهذيب التهذيب 2: 324، التقريب ص 169. 2 - غطيف بن أعين الشيباني الجزري، وفيل: غضيف. (ت) ذكره ابن حبان في (كتاب الثقات)، وروى له الترمذي هذا الحديث الواحد. ضعفه الدارقطني، وابن حجر. قال عنه الترمذي -عقب حديث الباب-: ليس بمعروف في الحديث. ينظر: الثقات 7: 311، تهذيب الكمال 23: 117، المغني في الضعفاء 2: 506، الميزان 3: 336، تهذيب التهذيب 8: 225، التقريب ص 443. المتابعات: قال الزيلعي في (تخريج الأحاديث والآثار الواردة في الكشاف) 2: 66: "رواه الواقدي في (كتاب الردة): حدثني أبو مروان، عن أبان بن صالح، عن عامر بن سعد، عن عدي بن حاتم -رضي الله عنه- فذكره". والواقدي؛ محمد بن عمر بن واقد الأسلمي، متروك، كما في التقريب ص 498. وأبو مروان؛ لم أعرفه. وقال الزيلعي أيضا في الكتاب المذكور 2: 66: "ورواه ابن مردويه في تفسيره من حديث عمران القطان، حدثنا خالد العبدي، عن صفوان بن سليم، عن عطاء بن يسار، عن عدي بن حاتم -رضي الله عنه- فذكره".

الحكم على الحديث

وهذا معلق، ولا يتهيأ الحكم عليه إلا بذكر تمام السند، وعمران القطان؛ هو ابن داور البصري، مختلف فيه، وفي التقريب ص 429: صدوق يهم، ورمي برأي الخوارج. وخالد العبدي؛ لم أتبينه، فلم يذكر في تلاميذ صفوان بن سليم في ترجمته من (تهذيب الكمال)، وفي ترجمة عمران القطان من (تهذيب الكمال)، ذكر من شيوخه: خالد بن أبي عبد الله. وفي (تهذيب الكمال) 8: 123 خالد بن عبد الرحمن العبدي، ذكر تمييزا، لكن ليس المذكور هنا، لأنهم ذكروا أنه لا يروي غير حديث باطل عن سماك بن حرب. وقد جاء معنى الحديث عن حذيفة -رضي الله عنه-، أخرجه الثوري في تفسيره ص 124، وعبد الرزاق في تفسيىره 2: 272، والطبري 11: 418 - 420، وابن أبي حاتم في تفسيره 6: 1784 (10058)، والبيهقي 10: 116، كلهم من طريق حبيب بن أبي ثابت، عن أبي البختري، عن حذيفة -رضي الله عنه- موقوفا عليه، بنحوه. وأبو البختري عن حذيفة -رضي الله عنه- مرسل، كما في (جامع التحصيل) ص 183، و (تهذيب الكمال) 11: 32. وقال ابن سعد في (الطبقات الكبرى) 6: 292: "كان أبو البختري كثير الحديث، يرسل حديثه، ويروي عن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولم يسمع من كبير أحد، فما كان من حديثه سماعا؛ فهو حسن، وما كان عن؛ فهو ضعيف". الحكم على الحديث: ضعيف، والله أعلم. وقد حسنه شيخ الإسلام ابن تيمية في (مجموع الفتاوى) 7: 67. *****

(102)

قال تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} [التوبة: 36]. (102) عن أبي بكرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهرا، منها أربعة حرم، ثلاث متواليات؛ ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان). تخريجه: أخرجه أحمد 5: 37، والبخاري رقم (4662) في التفسير: باب قوله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا}، و (3197) في بدء الخلق: باب ما جاء في سبع أرضين، و (4406) في المغازي: باب حجة الوداع، و (5550) في الأضاحي: باب من قال الأضحى يوم النحر، و (7447) في التوحيد: باب قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ}، ومسلم رقم (1679) في الدماء والمحاربين: باب تغليظ تحريم الدماء والأعراض والأموال، وأبو داود رقم (1947) في المناسك: باب الأشهر الحرم. *****

(103)

قال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 72]. (103) عن عمران بن حصين، وأبي هريرة -رضي الله عنه- قالا: سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن هذه الآية: {وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ} قال: (قصر في الجنة من لؤلؤة، في ذلك القصر سبعون دارا من ياقوتة حمراء، في كل دار سبعون بيتا من زبرجدة خضراء، في كل ببت سبعون سريرا، على كل سرير سبعون فراشا من كل لون، على كل فراش زوجة من الحور العين، في كل ببت سبعون مائدة، على كل مائدة سبعون لونا من طعام، في كل بيت سبعون وصيفة، ويعطى المؤمن من القوة في غداة واحدة ما يأتي على ذلك كله أجمع). تخريجه: أخرجه الطبري في تفسيره 11: 558 قال: حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري، قال: ثنا قرة بن حبيب، عن جسر بن فرقد، عن الحسن، عن عمران بن حصين، وأبي هريرة -رضي الله عنهما- قالا: .. فذكراه. وأخرجه ابن المبارك في (الزهد) ص 550 (1577)، والبزار 2: 84 (1468 - مختصره)، وابن أبي حاتم في تفسيره 6: 1839 (10302)، والطبراني في الكبير 18: 160 (353)، وفي الأوسط 5: 120 (4849)، والبيهقي في (البعث والنشور) رقم (255)، وابن الجوزي في (الموضوعات) 2: 424، كلهم من طريق جسر بن فرقد، به بنحوه. ولفظ الطبراني في الأوسط؛ مختصر. وعزاه في (الدر المنثور) 7: 438 إلى: ابن مردويه. وزاد البزار بين جسر بن فرقد، والحسن: يحيى بن سعيد بن أخي الحسن. وعند ابن أبي حاتم: عن الحسن قال: سألت عمران بن حصين .. فذكره، وليس فيه ذكر أبي هريرة -رضي الله عنه-.

الحكم على الإسناد

وعند ابن الجوزي: عن الحسن، عن عمران بن حصين، عن أبي هريرة. والظاهر أنه خطأ، تصحفت الواو إلى: عن، لأنه يرويه من طريق إبراهيم الجوهري، به، ولا تعرف لعمران رواية عن أبي هريرة -رضي الله عنهما-. وقال البزار: "لا نعلم أحدا رواه مرفوعا إلا عمران وأبا هريرة، ولا نعلم له طريقا إلا هذا. وجسر: لين الحديث، وقد حدث عنه أهل العلم، والحسن فلا يصح سماعه من أبي هريرة من رواية الثقات عن الحسن". وقال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن الحسن إلا جسر بن فرقد. الحكم على الإسناد: إسناد ضعيف، فيه علتان: 1 - جسر بن فرقد القصاب، أبو جعفر البصري. قال البخاري: ليس بقوي. وقال ابن معين: ليس بشيء. وقال أبو حاتم: ليس بالقوي. وقال النسائي: ضعيف. وقال الدارقطني: متروك. وقال ابن حبان: كان ممن غلب عليه التقشف، حتى أغضى عن تعهد الحديث، فأخذ يهم إذا روى، ويخطىء إذا حدث، حتى خرج عن حد العدالة. وضعفه ابن عدي، وقال: أحاديثه عامتها غير محفوظة. ينظر: الجرح والتعديل 2: 538، المجروحين 1: 217، الكامل 2: 168، لسان الميزان 2: 132. 2 - الحسن لم يسمع من أبي هريرة -رضي الله عنه-، كما نص على ذلك: ابن معين، ويونس بن عبيد، وأبو حاتم، وابن المديني، والبزار، وأبو زرعة، وغيرهم. وكذا لم يسمع من عمران بن حصين -رضي الله عنه-، كما ذكر ذلك: أحمد بن حنبل، وابن المديني، وأبو حاتم، وغيرهم. ينظر: (المراسيل) لابن أبي حاتم ص 34 - 39، جامع التحصيل ص 164.

المتابعات

المتابعات: تابع جسر بن فرقد: الحسنُ بن خليفة، فرواه عن الحسن البصري به، بنحوه. أخرجه أبو الشيخ في (العظمة) 3: 1116 (609)، والآجري في كتاب (النصيحة) -كما في (المغني عن حمل الأسفار ..) للعراقي 2: 1260 (4559) -. وقال العراقي عن هذا الوجه: "لا يصح، والحسن بن خليفة؛ لم يعرفه ابن أبي حاتم .. ". وترجمته في الجرح والتعديل 3: 10 بياض في الأصل. الحكم على الحديث: ضعيف جدا. قال ابن الجوزي في (الموضوعات) 2: 424: "هذا حديث موضوع على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-". والحديث أورده ابن كثير في (البداية والنهاية) 20: 286، وقال: "هذا الحديث غريب، بل الأشبه أنه موضوع، وإذا كان الخبر ضعيفا لم يمكن اتصاله، فإن جسرا هذا ضعيف جدا". والحكم بالوضع؛ تعقبه ابن عراق، فإنه ساق الحديث في (تنزيه الشريعة) 2: 382، وقال: "جسر لم يتهم بكذب". *****

(104)

قال تعالى: {لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة: 108]. (104) عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: دخلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بيت بعض نسائه، فقلت: يا رسول الله، أي المسجدين الذي أسس على التقوى؟ قال فأخذ كفا من حصباء، فضرب به الأرض، ثم قال: (هو مسجدكم هذا)، لمسجد المدينة. تخريجه: أخرجه مسلم (1398) في الحج: باب بيان أن المسجد الذي أسس على التقوى هو مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة، والترمذي (323) في الصلاة: باب ما جاء في المسجد الذي أسس على التقوى، و (3099) في التفسير: باب ومن سورة التوبة، والنسائي 2: 36 (697) في المساجد: باب ذكر المسجد الذي أسس على التقوى، وأحمد 3: 8، 23، 91، من طرق عن أبي سعيد -رضي الله عنه- بنحوه، وفي بعضها: أن رجلين امتريا في المسجد الذي أسس على التقوى فأتيا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسألاه عن ذلك، فقال: (هو هذا المسجد)، لمسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. فائدة: ورد في الباب أحاديث كثيرة، منها: 1 - عن سهل بن سعد -رضي الله عنه- قال: اختلف رجلان على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المسجد الذي أسس على التقوى، فقال أحدهما: هو مسجد الرسول، وقال الآخر: هو مسجد قباء، فأتيا النبي -صلى الله عليه وسلم-، فسألاه، فقال: (هو مسجدي هذا). أخرجه ابن أبي شيبة 2: 372، وأحمد 5: 331، والروياني في مسنده 2: 235 (1119)، والطبري في تفسيره 11: 685، وابن حبان في صحيحه كما في الإحسان 4: 482 - 483 (1604) (1605)، والطبراني في الكبير 6: 207 (6025).

2 - عن أبي بن كعب -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سئل عن المسجد الذي أسس على التقوى؟ فقال: (هو مسجدي هذا). أخرجه ابن أبي شيبة 2: 373، وأحمد 5: 116، والطبري في تفسيره 11: 686، والحاكم في المستدرك 2: 334، والخطيب في (تاريخ بغداد) 4: 79، والضياء في (المختارة) 3: 339 (1133)، من طرق عن أبي -رضي الله عنه-. وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. والحديث معلول، وانظر (الأحاديث المختارة) 3: 339، وتاريخ بغداد 4: 79. وجاء في العلل للدارقطني 11: 271 (2280): "سئل عن حديث: عبد الرحمن بن أبي سعيد، عن أبيه، قال: تمارى رجلان في المسجد الذي أسس على التقوى، فقال -صلى الله عليه وسلم-: (هو مسجدي هذا). فقال: يرويه: عمران بن أبي أنس، واختلف عنه، فرواه الليث بن سعد، عن عمران بن أبي أنس، عن ابن أبي سعيد، عن أبيه. ورواه: أبو الوليد، عن الليث، فلم يقم إسناده. ورواه: عبد الله بن عامر الأسلمي، عن عمران بن أبي أنس، عن سهل بن سعد، عن أبي بن كعب. وخالفه: ربيعة بن عثمان التيمي، وأسامة بن زيد، فروياه: عن عمران بن أبي أنس، عن سهل بن سعد، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولم يذكر أبيه، ويشبه أن يكون القول قول الليث، عن عمران بن أبي أنس، والله أعلم". وأما إعلال حديث سهل بن سعد -رضي الله عنه-، فقد نازع في ذلك الحافظ ابن حبان، فإنه أخرج حديث سهل -رضي الله عنه- برقم (1604) (1605)، من طريق ربيعة بن عثمان، عن عمران بن أبي أنس، عن سهل بن سعد -رضي الله عنه-، ثم قال 4: 483: "ذكر خبر قد يوهم من لم

فائدة أخرى

يحكم صناعة الحديث أن خبر ربيعة بن عثمان الذي ذكرناه معلول"، ثم أخرج حديث أبي سعيد -رضي الله عنه- برقم (1606)، وقال عقبه: الطريقان جميعا محفوظان. 3 - عن زيد بن ثابت -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سئل عن المسجد الذي أسس على التقوى؟ فقال: (هو مسجدي هذا). أخرجه الطبراني في الكبير 5: 133 (4854). وقال في (مجمع الزوائد) 7: 34: "رواه الطبراني مرفوعا وموقوفا، وفي إسناد المرفوع: عبد الله بن عامر الأسلمي، وهو ضعيف". فائدة أخرى: وردت بعض الأحاديث التي تفيد أن سياق الآية في أهل قباء، وأنهم المثنى عليهم في قوله تعالى: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ}، من رواية أبي هريرة، وعويم بن ساعدة، وابن عباس، وعبد الله بن سلام، وأبي أمامة، -رضي الله عنهم-، كما في (الدر المنثور) 7: 530 - 533، ولكن ليس في شيء منها نص مرفوع في أن المسجد الذي أسس على التقوى؛ مسجدُ قباء، وحديث أبي سعيد -رضي الله عنه- أصح وأصرح. وقد سلك بعض العلماء في المسألة مسلك الترجيح، كابن جرير الطبري، وسلك آخرون مسلك الجمع، كابن كثير. قال الإمام النووي في شرح حديث أبي سعيد من (شرح مسلم) 9: 169: "هذا نص بأنه المسجد الذي أسس على التقوى المذكور في القرآن، وردٌّ لما يقول بعض المفسرين أنه مسجد قباء، وأما أخذه -صلى الله عليه وسلم- الحصباء، وضربه في الأرض، فالمراد به المبالغة في الإيضاح لبيان أنه مسجد المدينة".

وذكر الإمام الطبري القولين في المسألة، وقال 11: 685: "وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب، قول من قال: هو مسجد الرسول -صلى الله عليه وسلم- لصحة الخبر بذلك عن رسول الله". وقال ابن عطية في (المحرر الوجيز) 3: 82: "ويليق القول الأول -أنه مسجد قباء- بالقصة، إلا أن القول الثاني؛ روي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا نظر مع الحديث". وقال ابن كثير في تفسيره 4: 214: "وقد صرح بأنه مسجد قباء جماعة من السلف .. وقد ورد في الحديث الصحيح أن مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي في جوف المدينة؛ هو المسجد الذي أسس على التقوى، وهذا صحيح، ولا منافاة بين الآية وبين هذا، لأنه إذا كان مسجد قباء قد أسس على التقوى من أول يوم، فمسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بطريق الأولى والأحرى". وينظر في المسألة: (أحكام القرآن) لابن العربي 2: 1014 - 1015. *****

(105)

قال تعالى: {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [التوبة: 112]. (105) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (السائحون هم الصائمون). تخريجه: أخرجه الطبري في تفسيره 12: 11 قال: حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع، قال: ثنا حكيم بن خذام، قال: ثنا سليمان، عن أبي صالح، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه العقيلي في (الضعفاء الكبير) 12: 11، وابن عدي في (الكامل) 2: 220، كلاهما من طريق ابن بزيع به بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 7: 547 إلى: أبي الشيخ، وابن مردويه وابن النجار. قال ابن عدي: ولا أعلم رفع هذا الحديث عن الأعمش غير حكيم بن خذام. الحكم على الإسناد: إسناد ضعيف جدا، لحال حكيم بن خذام، وهو أبو سمير الكوفي. قال أبو حاتم: متروك الحديث، وقال البخاري: منكر الحديث. وقال الساجي: يحدث بأحاديث بواطيل. وقال ابن عدي: هو ممن يكتب حديثه. ينظر: الجرح والتعديل 3: 302, الضعفاء الكبير للعقيلي 1: 317، الكامل 2: 220، اللسان 2: 388. المتابعات والشواهد: تابع حكيم بن خذام: أبو عوانة الوضاح اليشكري، فرواه عن الأعمش به. أخرجه ابن المقرىء (معجمه) ص 188 (599)، والدارقطني في (العلل) 8: 206 كلاهما من طريق أبي ربيعة، عن أبي عوانة, به. وأبو ربيعة؛ هو: زيد بن عوف، ولقبه: فهد.

ضعفه الدارقطني، وذكره أبو زرعة، واتهمه بسرقة حديثين. وكان يحيى بن معين سيء الرأي فيه، ويقول: اتقوا فهدين؛ فهد بن عوف، وفهد بن حيان. وقال علي بن المديني: ذهب الفهدان؛ فهد بن عوف، وفهد بن حيان. وقال الذهبي: تركوه. ينظر: المجروحين 1: 311، اللسان 2: 592. ويشهد لهذا الحديث -مما وقفت عليه- ما يأتي: 1 - عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن السائحين، فقال: (الصائمون). أخرجه ابن مردويه، كما في (الدر المنثور) 7: 547. 2 - عن عبيد بن عمير قال: سئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن السائحين، قال: (هم الصائمون). أخرجه مسدد في مسنده -كما في (المطالب العالية) 4: 122 (3635) - قال: حدثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن عبيد بن عمير .. فذكره. وأخرجه الطبري في تفسيره 12: 10، والبيهقي 4: 305، كلاهما من طريق سفيان، وهو: ابن عيينة, به. والحديث أورده ابن كثير في تفسيره 4: 220 وقال: "هذا مرسل جيد". وقال ابن حجر في (المطالب العالية) 4: 122: "هذا مرسل صحيح الإسناد". وأخرجه الحاكم 2: 335، وعنه: البيهقي في (شعب الإيمان) 3: 293، من طريق سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عبيد بن عمير، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سئل النبي -صلى الله عليه وسلم - .. فذكره. وعزاه في (الدر المنثور) 7: 547 إلى: الفريابي، ومسدد في (مسنده). قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، على أنه مما أرسله أكثر أصحاب ابن عيينة, ولم يذكروا أبا هريرة في إسناده". وقال الذهبي في تلخيصه للمستدرك: "أرسله أكثر أصحاب ابن عيينة".

الحكم على الحديث

وقال البيهقي: "هكذا روي بهذا الإسناد موصولا، والمحفوظ عن ابن عيينة، عن عمرو، عن عبيد بن عمير، عن النبي-صلى الله عليه وسلم- مرسلا". الحكم على الحديث: ضعيف. وجاء في (العلل) للدارقطني 8: 206 رقم (1516): "وسئل عن حديث أبي صالح، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (السائحون الصائمون). فقال: هو حديث يرويه: الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، واختلف عنه: فقال أبو سمير حكيم بن خذام: عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. وتابعه: أبو عوانة، من رواية أبي ربيعة, عنه. حدثناه جعفر بن أحمد المؤذن الملقب بالبارد، ثنا عبد الله بن النعمان، ثنا أبو ربيعة مسندا. والصحيح عن الأعمش موقوف عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. وأشار إلى الوجهين: ابنُ كثير في تفسيره 4: 220، وقال: "الموقوف أصح". ورواية الوقف؛ أخرجها الطبري 12: 11 قال: حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا إسرائيل، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: (السائحون: الصائمون). وهذا سند صحيح. ابن بشار؛ هو محمد، بندار. وعبد الرحمن؛ هو: ابن مهدي. وإسرائيل؛ هو: ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي. *****

سورة يونس

سورة يونس قال تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [يونس: 26]. (106) عن صهيب -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قول الله عز وجل: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} , قال: (إذا دخل أهل الجنة الجنة؛ نادى مناد: إن لكم عند الله موعدا يريد أن بنجزكموه، قالوا: ألم يبيض وجوهنا، وينجنا من النار، ويدخلنا الجنة، قال: فيكشف الحجاب، قال: فوالله ما أعطاهم الله شيئا أحب إليهم من النظر إليه). تخريجه: أخرجه مسلم (181) في الإيمان: باب إثبات رؤية المؤمنين في الآخرة ربهم سبحانه وتعالى، والترمذي (2552) في صفة الجنة: باب ما جاء في رؤية الرب تبارك وتعالى، و (3105) في تفسير القرآن: باب ومن سورة يونس، وابن ماجه (187) في المقدمة: باب فيما أنكرت الجهمية، وأحمد 4: 332 و6: 15، من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن صهيب -رضي الله عنه- بنحوه، واللفظ للترمذي. فائدة: ورد في الباب أحاديث أخرى، من رواية: أبي موسى، وكعب بن عجرة، وأبيّ بن كعب، وابن عمر، وأنس، وأبي هريرة -رضي الله عنهم-. ينظر: (الدر المنثور) 7: 653 - 655. *****

(107)

قال تعالى: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [يونس: 62]. (107) عن سعيد بن جبير، رفعه: ({أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} , يذكر الله لرؤيتهم). تخريجه: أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 7: 101 رقم (34325) قال: حدثنا يحيى بن يمان، عن أشعث، عن جعفر، عن سعيد بن جبير .. فذكره. هذا الحديث المرسل ورد عن سعيد بن جبير من طرق: (أ) يحيى بن يمان، عن أشعث بن إسحاق، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير. أخرجه ابن أبي شيبة -كما سبق أعلاه-، والطبري في تفسيره 12: 209 قال: حدثنا أبو كريب وأبو هشام، قالا: ثنا ابن يمان، به، بنحوه. وأخرجه الطبراني في الكبير 12: 13 رقم (12325)، وأبو نعيم في (ذكر أخبار أصبهان) 1: 231، من هذا الطريق موصولا، بذكر ابن عباس -رضي الله عنه-، كما سيأتي -إن شاء الله-. (ب) مسعر، عن سهل أبي الأسد، عن سعيد بن جبير. أخرجه ابن المبارك في (الزهد) ص 70 رقم (217)، وابن أبي الدنيا في كتاب (الأولياء) رقم (27)، والطبري 12: 210، من طريق مسعر، عن سهل أبي الأسد، عن سعيد بن جبير، به, بنحوه. (جـ) يعقوب القمي، عن جعفر بن أبي المغيرة، من سعيد بن جبير. أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب (الأولياء) رقم (15)، والطبري 12: 210، كلاهما من طريق يعقوب، به, بنحوه. وروي من هذا الوجه موصولا بذكر ابن عباس -رضي الله عنهما-, كما سيأتي إن شاء الله. (د) فرات، عن أبي سعد، عن سعيد بن جبير. أخرجه الطبري 12: 210.

الحكم على الإسناد

(هـ) الهياج بن بسطام، عن مسعر بن كدام، عن بكير بن الأخنس، عن سعيد. أخرجه أبو نعيم في (الحلية) 1: 6 و7: 231 - لكن في الموضع الثاني: عن سعد-، وقال عقبه: "غريب من حديث مسعر، تفرد به الهياج، وبكير بن الأخنس؛ روى عنه مسعر، ولم يلقه الثوري ولا شعبة". قلت: هكذا ورد سعيد مهملا، لكن ذكر هذا الطريق الحافظ الزيلعي في (تخريج الكشاف) 2: 129 فجعله سعيد بن جبير. الحكم على الإسناد: إسناد ضعيف لإرساله. وأيضا ففي الإسناد الأصل جعفر بن أبي المغيرة دينار الخزاعي القمي. صدوق يهم، وقال ابن منده: ليس بالقوي في سعيد بن جبير. وسبق في الحديث رقم (25). وقد روي موصولا عن ابن عباس -رضي الله عنه-. أخرجه البزار 2: 394 رقم (2083 - مختصره)، والنسائي في (السنن الكبرى) 10: 124 رقم (11171)، وابن أبي حاتم في التفسير 6: 1964 (10455)، والطبراني في الكبير 12: 13 رقم (12325)، وأبو نعيم في (ذكر أخبار أصبهان) 1: 231، وابن صاعد في زوائده على (الزهد) لابن المبارك ص 72 رقم (218)، والضياء المقدسي في (الأحاديث المختارة) 10: 108 رقم (105) (106)، كلهم من طريق يعقوب القمي، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- مرفوعا. وقال البزار: لا نعلمه يروى بهذا اللفظ إلا بهذا الإسناد، ورواه عن -كذا، ولعلها: عنه- محمد بن سعيد بن سابق -الراوي عن يعقوب- عن سعيد بن جبير، مرسلا". قلت: فتبين بهذا أن الحديث مداره على سعيد بن جبير، واختلف عليه، فرواه مرسلا: 1 - سهل أبو الأسد الكوفي. -وقيل: اسمه: علي، والصواب الأول-، وثقه ابن معين، وقال أبو زرعة: صدوق. ينظر: تهذيب الكمال 21: 182. 2 - بكير بن الأخنس السدوسي. وهو ثقة من رجال مسلم. ينظر: التقريب ص 127.

الشواهد

3 - أبو سعد. ولم أتبينه. وخالفهم: جعفر بن أبي المغيرة، فرواه موصولا، كما رواه مرسلا من بعض الوجوه، مما يدل على اضطرابه فيه، ومخالفته الأكثر والأحفظ، وقد سبق ذكر قول ابن منده فيه: ليس بالقوي في سعيد بن جبير. فالراجح في الحديث: الإرسال، فيبقى على ضعفه، والله أعلم. الشواهد: يشهد للحديث -فيما وقفت عليه- ما يلي: 1 - عن عمرو بن الجموح -رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: قال الله عز وجل: (إن أوليائي من عبادي وأحبائي من خلقي؛ الذين يذكرون بذكري، وأذكر بذكرهم). أخرجه أحمد 3: 430، وابن أبي الدنيا في (كتاب الأولياء) رقم (19)، وأبو نعيم في (الحلية) 1: 6 من طريق رشدين بن سعد، عن عبد الله بن الوليد التجيبي، عن أبي منصور مولى الأنصار أنه سمع عمرو بن الجموح -رضي الله عنه-. وهذا إسناد ضعيف، فيه أربع علل: 1 - رشدين بن سعد، ضعيف، كما في التقريب ص 209. 2 - عبد الله بن الوليد التجيبي المصري، لين الحديث، كما في التقريب ص 328. 3 - أبو منصور مولى الأنصار، قاضي إفريقية، ذكره البخاري في الكنى الملحق بآخر (التاريخ الكبير) ص 71، وابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل) 9: 441، وابن حجر في (تعجيل المنفعة) 2: 547، ولم يذكروا فيه جرحا ولا تعديلا، ولم يذكروا عنه راويا سوى عبد الله بن الوليد، فهو مجهول. 4 - الانقطاع بين أبي منصور، وعمرو بن الجموح -رضي الله عنه- وأشار إلى ذلك البخاري، وابن حجر، في الموضعين المذكورين آنفا.

تنبيهان

والحديث ذكره الهيثمي في (مجمع الزوائد) 1: 89، وقال: "رواه أحمد، وفيه: رشدين ابن سعد، وهو منقطع ضعيف". تنبيهان: 1 - وردت عدة أحاديث في هذا المعنى، لكن لا تصلح أن تذكر شواهد لهذا الحديث؛ لأنه ليس فيها تفسير أولياء الله بما ذكر في الحديث، وهو موضع الشاهد في هذا البحث. ينظر: (الدر المنثور) 7: 675 وما بعدها. 2 - جاء في تفسير البغوي 4: 140 - بعد أن ساق حديثا لأبي مالك الأشعري -رضي الله عنه- ما نصه: "ورواه عبد الله بن المبارك، عن عبد الحميد بن بهرام، قال: حدثنا شهر بن حوشب، حدثني عبد الرحمن بن غنم، عن أبي مالك الأشعري، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- سئل: من أولياء الله؟ فقال: (الذين إذا رؤوا ذُكر الله) ". وهذا الحديث أخرجه ابن المبارك في (الزهد) ص 248 رقم (714)، وأحمد في المسند 5: 343، وابن أبي الدنيا في (كتاب الإخوان) رقم (6)، وابن أبي حاتم في تفسيره 6: 1963 رقم (10452)، كلهم من طريق عبد الحميد بن بهرام، به، ولفظ الحديث: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما قضى صلاته أقبل إلى الناس بوجهه، فقال: (يا أيها الناس؛ اسمعوا واعقلوا، واعلموا أن لله عز وجل عبادا ليسوا بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم الأنبياء والشهداء على مجالسهم وقربهم من الله)، فجاء رجل من الأعراب من قاصية الناس، وألوى بيده إلى نبي الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا نبي الله، ناس من الناس ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء على مجالسهم وقربهم من الله، انعتهم لنا، يعني صفهم لنا، فسر وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لسؤال الأعرابي، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (هم ناس من أفناء الناس ونوازع القبائل، لم تصل بينهم أرحام متقاربة, تحابوا في الله وتصافوا، يضع الله لهم يوم القيامة منابر من نور، فيجلسهم عليها، فيجعل وجوههم نورا، وثيابهم نورا، يفزع الناس يوم القيامة ولا يفزعون، وهم أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون).

الحكم على الحديث

فهذا الحديث لا يصلح أن يكون شاهدا، لأنه ليس فيه تفسير أولياء الله بأنهم الذين إذا رؤوا ذُكر الله، وما ذكره البغوي فالظاهر أنه وهم منه رحمه الله في سياق اللفظ، والله أعلم. وشهر بن حوشب؛ مختلف فيه، قال الذهبي -في الميزان-: ذهب إلى الاحتجاج به جماعة، -وفي السير-: الرجل غير مدفوع عن صدق وعلم، والاحتجاج به مترجح، -وفي (ديوان الضعفاء) - شهر بن حوشب مختلف فيه, وحديثه حسن. وقال الحافظ: صدوق، كثير الإرسال والأوهام. فالظاهر أن حديثه في درجة الحسن، ويتوقف فيما تفرد به, أو ظهرت عليه أمارات الوهم والنكارة, وقد ساق ابنُ عدي والذهبي عدداً من الأحاديث التي أنكرت عليه. ينظر: طبقات ابن سعد 7: 449، معرفة الثقات للعجلي 1: 461، الجرح والتعديل 4: 372، الضعفاء الكبير للعقيلي 2: 191، مقدمة مسلم ص 16، الكامل 4: 36، سنن الترمذي 5: 56، المجروحين لابن حبان 1: 361، تهذيب الكمال 12: 578، السير 4: 372، الميزان 2: 283، الكاشف 1: 490، ديوان الضعفاء ص 145، المغني في الضعفاء 1: 301، التهذيب 2: 517، التقريب ص 269، بحث (العرف المطيب في حال شهر بن حوشب) لأبي عبد الرحمن عبد الله بن يوسف. الحكم على الحديث: ضعيف، والله أعلم. وقال الهيثمي في المجمع 7: 36: "رواه الطبراني عن شيخه الفضل بن أبي روح، ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات". وعقب على الحديث ابنُ حجر في (مختصر زوائد البزار) 2: 395 فقال: "إنما يعرف هذا من قول طاووس". *****

(108)

قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [يونس 63 - 64]. (108) عن عطاء بن يسار، عن رجل من أهل مصر، قال: سألت أبا الدرداء -رضي الله عنه- عن قول الله تعالى: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرةِ} فقال: ما سألني عنها أحد منذ سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: (ما سألني عنها أحد غيرك منذ أنزلت، هي الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له، فهي بشراه في الحياة الدنيا، وبشراه في الآخرة: الجنة). تخريجه: أخرجه سعيد بن منصور في سننه 5: 320 (1067) قال: نا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن عطاء بن يسار، به. وأخرجه الترمذي (2273) في الرؤيا: باب قوله: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}، و (3106) في تفسير القرآن: باب ومن سورة يونس، والحميدي في مسنده 1: 193 (391) (392)، وابن أبي شيبة في (المصنف) 6: 173 (30452)، وأحمد 6: 447 و452، والطبري 12: 216 - 217، والطحاوي في (مشكل الآثار) 5: 420، وابن أبي حاتم 6: 1965، والبيهقي في (شعب الإيمان) 4: 185، من طرق عن عطاء بن يسار، به بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 7: 681 إلى: ابن المنذر، وأبي الشيخ، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف، لإبهام الراوي عن أبي الدرداء -رضي الله عنه-. قال ابن أبي حاتم في (العلل) 2: 88 رقم (1760): "سألت أبي عن حديث وواه الأعمش، عن أبي صالح، عن عطاء بن يسار، عن شيخ من أهل مصر، عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: سألته عن قول الله عز وجل: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [يونس: 64]، قلت لأبى: من هذا الشيخ الذي من أهل مصر؟ قال: لا يعرف".

الشواهد

الشواهد: يشهد لهذا الحديث ما يأتي: 1 - عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- قال: سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن قوله تبارك وتعالى: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} فقال: (هي الرؤيا الصالحة، يراها المسلم، أو ترى له). أخرجه الترمذي (2275) في الرؤيا: باب قوله: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}، وابن ماجه (3898) في تعبير الرؤيا: باب الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له، والطيالسي في مسنده 1: 477 (584)، وأحمد 5: 315، 321،والدارمي (2136) في الرؤيا: باب في قوله تعالى: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}، والطبري 12: 215 - 216، والشاشي في مسنده 3: 142 - 143 (1216)، والحاكم في المستدرك 2: 340 و4: 391، والبيهقي في (شعب الإيمان) 4: 185، كلهم من طريق يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه-. وعزاه في (الدر المنثور) 7: 681 إلى: ابن المنذر، وأبي الشيخ، وابن مردويه. وعند الترمذي، والطيالسي، والطبري -في بعض طرقه-، والحاكم -في الموضع الثاني-: عن أبي سلمة، قال: نبئت عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه-. قال الترمذي: هذا حديث حسن. وقال الحاكم -في الموضع الأول-: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. وأقره الذهبي. وقال -في الموضع الثاني-: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه. وأقره الذهبي. وأبو سلمة؛ هو: ابن عبد الرحمن بن عوف الزهري، لم يسمع من عبادة -رضي الله عنه- كما ذكره ابن خراش، ونص عليه المزي، وقاله الذهبي، ونقله الزيلعي عن ابن عساكر.

ينظر: تحفة الأشراف 4: 264، السير 4: 287، تخريج أحاديث الكشاف للزيلعي 2: 132، تهذيب التهذيب 6: 371. لكن تعقب المزيَّ الحافظُ ابن حجر في (النكت الظراف)، فقال: "أخرجه ابن منده في (كتاب الروح) من طريق الأوزاعي، عن يحيى، حدثني أبو سلمة، حدثني عبادة -رضي الله عنه-. أخرجه عن خيثمة بن سليمان، عن العباس بن الوليد بن مزيد، عن أبيه، عن الأوزاعي. ورجاله كلهم ثقات. قلت: وعبادة بن الصامت -رضي الله عنه-؛ أنصاري خزرجي مدني، توفي بالرملة سنة 34 هـ. وأبو سلمة؛ مدني، توفي سنة 94 هـ بالمدينة، وعمره 72 سنة, فيكون مولده سنة 22 هـ, ويكون عمره يوم مات عبادة 12 سنة، ومثل هذا يتهيأ له السماع، لاسيما مع اتفاقهما في البلد، إضافة إلى ما نقله الحافظ عن ابن منده وفيه التصريح بالسماع. لكن يشكل على هذا ما أخرجه البخاري في (التاريخ الصغير) 1: 41 بسنده إلى محمد ابن كعب القرظي قال: جمع القرآن في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- خمسة من الأنصار؛ معاذ بن جبل، وعبادة بن الصامت، وأبي بن كعب، وأبو أيوب، وأبو الدرداء، فلما كان عمر كتب يزيد بن أبي سفيان؛ أن أهل الشام كثير، وقد احتاجوا إلى من يعلمهم القرآن، ويفقههم، فقال: أعينوني بثلاثة، فقالوا: هذا شيخ كبير، لأبي أيوب، وهذا سقيم، لأبي، فخرج معاذ، وعبادة، وأبو الدرداء، فقال: ابدءوا بحمص، فإذا رضيتم منهم فليخرج واحد إلى دمشق، وآخر إلى فلسطين، فأقام بها عبادة, وخرج أبو الدرداء إلى دمشق، ومعاذ إلى فلسطين، ومات معاذ عام طاعون عمواس، وصار عبادة بعد إلى فلسطين، فمات بها، ولم يزل أبو الدرداء بدمشق حتى مات.

فظاهره أن عبادة خرج في زمن عمر -رضي الله عنه- إلى الشام، ومكث بها حتى مات، ولم تذكر لأبي سلمة رحلة إلى الشام، وإنما ذكروا أنه دخل البصرة والكوفة، فمن هاهنا يترجح أنه لم يلق عبادة -رضي الله عنه-,كما ذكره من سبق، ويؤيد وجود الواسطة بينهما: قوله -في رواية الترمذي، والطيالسي، والطبري، والحاكم-: نبئت عن عبادة -رضي الله عنه-، وأما ما ذكره ابن حجر في (النكت الظراف)؛ فهو من ذلك الوجه عند الطبري في تفسيره 12: 215 قال: حدثنا العباس بن الوليد، قال: أخبرني أبي، قال: أخبرنا الأوزاعي، قال: أخبرني يحيى بن أبي كثير، قال: ثني أبو سلمة بن عبد الرحمن، قال: سأل عبادةُ بن الصامت رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- .. فذكره، والله أعلم بالصواب. هذا ولم يتفرد به أبو سلمة، بل تابعه: 1 - حميد بن عبد الله المزني. أخرجه أحمد 5: 325، والطبري 12: 217، والشاشي في (مسنده) 3: 144 (1217)، من طرق عن حميد بن عبد الله المزني، أن رجلا سأل عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- عن قول الله {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} فقال عبادة -رضي الله عنه-: سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: (لقد سألتني عن أمر ما سألني عنه أحد من أمتي، تلك الرؤيا الصالحة يراها المؤمن، أو ترى له). ومن هذا الوجه: أخرجه ابن مردويه، كما في تخريج الكشاف للزيلعي 2: 132 - 133. ووقع عند أحمد: حميد بن عبد الرحمن. وهذا ضعيف لإبهام السائل، وحميد بن عبد الله المزني؛ ذكره ابن حبان في (الثقات)، ولم يذكر فيه البخاري، ولا ابن أبي حاتم جرحا ولا تعديلا. ينظر: التاريخ الكبير 2: 354، الجرح والتعديل 3: 224، الثقات 4: 149. 2 - أيوب بن خالد بن صفوان. أخرجه الطبري 12: 218 من طريق موسى بن عبيدة، عن أيوب بن خالد بن صفوان، عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- أنه قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ

الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [يونس: 64] فقد عرفنا بشرى الآخرة، فما بشرى الدنيا؟ قال: (الرؤيا الصالحة يراها العبد أو ترى له، وهي جزء من أربعة وأربعين جزءا، أو سبعين جزءا من النبوة). وموسى بن عبيدة؛ هو: الربذي. قال أحمد: لا تحل الرواية عنه، وقال أبو حاتم: منكر الحديث. وضعفه ابن معين، وابن المديني، والترمذي، والنسائي، وابن حجر، وغيرهم. ينظر: الجرح والتعديل 8: 151، سنن الترمذي رقم (3039)، الضعفاء الكبير للعقيلي 4: 160، المجروحين 2: 234، الكامل 6: 333، تهذيب الكمال 29: 104، الميزان 4: 213، الكاشف 2: 306، التقريب ص 552. وأيوب بن خالد بن صفوان؛ هو المدني، فيه لين، وكان يحيى بن سعيد ونظراؤه لا يكتبون حديثه. ينظر: تهذيب التهذيب 1: 351، التقريب ص 118. 2 - عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ}، قال: (هي في الدنيا الرؤيا الصالحة يراها العبد الصالح أو ترى له، وفي الآخرة الجنة). أخرجه الطبري 12: 218 قال: حدثنا محمد بن حاتم المؤدب، قال: ثنا عمار بن محمد، قال: ثنا الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- .. فذكره. وعزاه في (الدر المنثور) 7: 682 إلى: أبي الشيخ، وابن مردويه. محمد بن حاتم المؤدب؛ هو الخراساني، ثقة، روى عنه: الترمذي، والنسائي. ينظر: تهذيب التهذيب 9: 88، التقريب ص 472. وعمار بن محمد؛ هو الثوري الكوفي، وثقه ابن معين -في رواية-، وأبو معمر القطيعي، وابن سعد، والذهبي -في الكاشف، والمغني-، وذكره فيمن تكلم فيه وهو موثق. وقال أبو زرعة: ليس بالقوي. وقال أبو حاتم: ليس به بأس، يكتب حديثه.

وفي التقريب: صدوق يخطىء. ينظر: الطبقات الكبرى 6: 388، الجرح والتعديل 6: 393، المجروحين 2: 195، تهذيب الكمال 21: 204، الكاشف 2: 51، المغني في الضعفاء 2: 459، الميزان 3: 168، ذكر أسماء من تكلم فيه وهو موثق ص 141، تهذيب التهذيب 7: 355، التقريب ص 408. فهذا إسناد قابل للتحسين، والله أعلم. 3 - عن عبد الله بن عمرو عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} قال: (الرؤيا الصالحة يبشرها المؤمن، هي: جزء من تسعة وأربعين جزءا من النبوة، فمن رأى ذلك فليخبر بها، ومن رأى سوى ذلك فإنما هو من الشيطان ليحزنه، فلينفث عن يساره ثلاثا، وليسكت، ولا يخبر بها أحدا). أخرجه أحمد 2: 219، والطبري 12: 218، 223، والبيهقي في (شعب الإيمان) 4: 189، كلهم من طريق دراج، عن عبد الرحمن بن جبير، عن عبد الله بن عمرو، به. ولفظ الطبري؛ مختصر. وعزاه في (الدر المنثور) 7: 682 إلى: أبي الشيخ، وابن مردويه. 4 - عن جابر بن عبد الله بن رئاب -وليس بالأنصاري- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} قال: (هي الرؤيا الصالحة يراها المسلم، أو ترى له). أخرجه ابن سعد 3: 574، والبزار 2: 86 (1471 - مختصره)، وابن عدي في (الكامل) 6: 119، والخطيب في (المتفق والمفترق) (340)، كلهم من طريق الكلبي، عن أبي صالح، عن جابر بن عبد الله بن رئاب. وعزاه في (الدر المنثور) 7: 682 إلى: ابن مردويه. والكلبي؛ محمد بن السائب، متهم بالكذب، كما في التقريب ص 479. والحديث أورده في (مجمع الزوائد) 7: 36، وقال: "رواه البزار، وفيه: محمد بن السائب الكلبي، وهو ضعيف جدا".

5 - عن قيس بن سعد أن رجلا سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عنها، يعني قوله تعالى: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} فقال: (ما سألني عنها أحد من أمتي منذ أنزلت عليَّ قبلك، قال: هي الرؤيا الصالحة يراها الرجل لنفسه، أو ترى له). أخرجه الطبري 12: 223. وقيس بن سعد؛ هو أبو عبد الملك المكي، ثقة، مات سنة 117 هـ، وعده ابن حجر في الطبقة السادسة، وهم من عاصروا صغار التابعين. وشيوخه من التابعين، فيكون السند معضلا. ينظر تهذيب الكمال 24: 47، التقريب ص 457. 6 - عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-، قال: أتى رجل من أهل البادية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، أخبرني عن قول الله: {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أما قوله: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}، فهي الرؤيا الحسنة ترى للمؤمن، فيبشر بها في دنياه، وأما قوله: {وَفِي الْآخِرَةِ} فإنها بشارة المؤمن عند الموت؛ إن الله قد غفر لك، ولمن حملك إلى قبرك). الحديث أورده في (الدر المنثور) 7: 683، وعزاه إلى: ابن أبي الدنيا في (ذكر الموت)، وأبي الشيخ، وابن مردويه، وأبي القاسم ابن منده في (كتاب سؤال القبر)، من طريق أبي جعفر، عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-. قلت: وهو في (ذكر الموت) لابن أبي الدنيا رقم (255) معلقا عن أبي جعفر. وأبو جعفر؛ هو: الباقر، محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب -رضي الله عنهم-. 7 - عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن قول الله: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} قال: (ما سألني عنها أحد، هي: الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له، وفي الآخرة الجنة). الحديث أورده في (الدر المنثور) 7: 683، وعزاه إلى: ابن مردويه، من طريق أبي سفيان، عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-.

الحكم على الحديث

وأبو سفيان؛ طلحة بن نافع. 8 - عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن قوله تعالى: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ}، قال: (هي الرؤيا الصالحة يراها المؤمن، أو ترى له). الحديث أورده في (الدر المنثور) 7: 683، وعزاه إلى: ابن مردويه. الحكم على الحديث: الحديث بما سبق يترقى إلى درجة الحسن، والله أعلم. وقال الترمذي: هذا حديث حسن. وليعلم أن الشواهد السابقة باعتبار ارتباطها بالآية الكريمة، أما أصل المعنى المشتملة عليه، وهو كون الرؤيا الصالحة من المبشرات للمؤمن في الدنيا؛ فهو ثابت في الصحيحين، ومن ذلك: 1 - عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (لم يبق من النبوة إلا المبشرات)، قالوا: وما المبشرات؟ قال: (الرؤيا الصالحة). أخرجه البخاري (6990) في التعبير: باب المبشرات. 2 - عن ابن عباس قال: كشف رسول الله الستارة، والناس صفوف خلف أبي بكر، فقال: (أيها الناس، إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم، أو ترى له، ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعا أو ساجدا، فأما الركوع فعظموا فيه الرب عز وجل، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم). أخرجه مسلم (479) في الصلاة: باب في النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، وأبو داود (876) في الصلاة: باب في الدعاء في الركوع والسجود، والنسائي (1045) في التطبيق: باب في تعظيم الرب في الركوع، و (11120) في التطبيق: باب في الأمر بالاجتهاد في الدعاء في السجود، وابن ماجه (3899) في تعبير الرؤيا: باب في

الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له، وأحمد 1: 219، والدارمي (1325) في الصلاة: باب في النهي عن القراءة في الركوع والسجود. 3 - عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المسلم تكذب، وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا، ورؤيا المسلم جزء من خمس وأربعين جزءا من النبوة، والرؤيا ثلاثة: فالرؤيا الصالحة؛ بشرى من الله، ورؤيا تحزين من الشيطان، ورؤيا مما يحدث المرء نفسه، فإن رأى أحدكم ما يكره؛ فليقم فليصل، ولا يحدث بها الناس). أخرجه مسلم (2263) في أول كتاب الرؤيا، وأبو داود (5019) في الأدب: باب ما جاء في الرؤيا، والترمذي (2270) في الرؤيا: باب في أن رؤيا المؤمن جزء .. إلخ، و (2291) فيه: باب ما جاء في رؤية النبي -صلى الله عليه وسلم- الميزان، وابن ماجه (3906) في تعبير الرؤيا: باب الرؤيا ثلاث، وأحمد 2: 269، والدارمي (2143) في الرؤيا: باب الرؤيا ثلاث. ولفظ ابن ماجه، والدارمي؛ مختصر. *****

سورة هود

سورة هود قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُبِينٌ} [هود: 7]. (109) عن ابن عمر -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- تلا: {أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}، ثم قال: (أيكم أحسن عقلا، وأورع عن محارم الله، وأسرعكم في طاعة الله). تخريجه: أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره 6: 2006 (10705)، قال: حدثنا أحمد بن يحيي بن مالك، ثنا داود بن المحبر، ثنا عبد الواحد بن زياد، عن كليب بن وائل، عن ابن عمر -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه الحارث بن أبي أسامة في مسنده 2: 809 (831 - بغية الباحث)، والطبري 12: 335، كلاهما من طريق داود بن المحبر، به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 8: 19 إلى: داود بن المحبر في (كتاب العقل)، والحاكم في (كتاب التاريخ)، وابن مردويه. وقال الزيلعي في (تخريج أحاديث الكشاف) 2: 145: "وجدته في (كتاب العقل) لداود ابن المحبر، وهو: جزء لطيف، رواه بإسناده المذكور، ورأيت في حاشية عليه بخط بعض الفضلاء؛ قال عبد الغني: قال الدارقطني: كتاب العقل؛ وضعه أربعة: وضعه ميسرة بن عبد ربه، ثم سرقه داود بن المحبر منه، فركبه بأسانيد غير ميسرة، وسرقه عبد العزيز بن أبي رجاء، فركبه بأسانيد أخر، ثم سرقه سليمان بن عيسى السجزي، وركبه بأسانيد أخرى". الحكم على الإسناد: ضعيف جدا، فيه: داود بن المحبَّر بن قحذم بن سليمان الطائي، أبو سليمان البصري، نزيل بغداد. وهو صاحب (كتاب العقل) (ق). متروك، واتهمه غير واحد بالكذب.

المتابعات والشواهد

وقال ابن حجر: أكثر (كتاب العقل) الذي صنفه؛ موضوعات. ينظر: تهذيب الكمال 8: 443، التقريب ص 200. المتابعات والشواهد: هذا الحديث له طريق أخرى، أخرجها ابن مردويه في تفسيره -كما في (تخريج أحاديث الكشاف) للزيلعي 2: 145، و (الفتح السماوي) للمناوي 2: 718 - من طريق محمد بن أشرس، حدثنا سليمان بن عيسى، حدثنا سفيان الثوري، حدثنا كليب بن وائل، عن ابن عمر، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فذكره. ومحمد بن أشرس؛ هو: السلمي النيسابوري، متهم في الحديث، وتركه غير واحد، وقال الذهبي: ضعيف بمرة. ينظر: المغني في الضغفاء 2: 557، اللسان 5: 91. وسليمان بن عيسى؛ هو السجزي. هالك، قال أبو حاتم: كذاب، وقال ابن عدي: يضع الحديث. ينظر: الجرح والتعديل 4: 134، الكامل 3: 289، اللسان 3: 113. ولذا قال المناوي عن هذا الوجه -في (الفتح السماوي) 2: 719 - : "وإسناده أسقط من الأول". ويشهد لهذا الحديث؛ ما أخرجه الحارث بن أبي أسامة في مسنده 2: 804 (820 - بغية الباحث)، قال: حدثنا داود بن المحبر، ثنا ميسرة، عن محمد بن زيد، عن أبي سلمة, عن أبي قتادة -رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله، أرأيت قول الله: {أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} ما عني به؟ قال: (أيكم أحسن عقلا)، ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أتمكم عقلا؛ أشدكم لله خوفا، وأحسنكم فيما أمر به ونهى عنه نظرا، وإن كان أقلكم تطوعا). وفيه ما في سابقه. الحكم على الحديث: ضعيف جدا. *****

(110)

قال تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود: 18]. (110) عن ابن عمر -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إن الله يدني المؤمن عليه كنفه ويستره ,فيقول: أتعرف ذنب كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ فيقول: نعم أي رب، حتى إذا قرره بذنوبه، ورأى في نفسه أنه هلك، قال: سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم، فيعطى كتاب حسناته، وأما الكفار والمنافقون؛ فيقول الأشهاد: {هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ}). تخريجه: أخرجه أحمد 2: 74، 105، والبخاري (2441) في المظالم والغصب: باب قوله تعالى: {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ}، و (4685) في التفسير: باب قوله تعالى: {وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ}، ومسلم (2768) في التوبة: باب قبول توبة القاتل وإن كثر قتله، وابن ماجه (183) في المقدمة: باب فيما أنكرت الجهمية، من طريق قتادة، عن صفوان بن محرز المازني، عن ابن عمر. *****

(111)

قال تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود: 114]. (111) عن الحارث مولى عثمان -رضي الله عنه- قال: جلس عثمان -رضي الله عنه- يوما، وجلسنا معه، فجاءه المؤذن فدعا بماء في إناء -أظنه سيكون فيه مد- فتوضأ، ثم قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتوضأ وضوئى هذا، ثم قال: (ومن توضأ وضوئى هذا، ثم قام فصلى صلاة الظهر؛ غفر له ما كان بينها وبين الصبح، ثم صلى العصر؛ غفر له ما بينها وبين صلاة الظهر، ثم صلى المغرب؛ غفر له ما بينها وبين صلاة العصر، ثم صلى العشاء؛ غفر له ما بينها وبين صلاة المغرب، ثم لعله أن يبيت يتمرغ ليلته، ثم إن قام فتوضأ وصلى الصبح؛ غفر له ما بينها وبين صلاة العشاء، وهن: الحسنات يذهبن السيئات). تخريجه: أخرجه أحمد 1: 71 قال: حدثنا أبو عبد الرحمن المقرىء، حدثنا حيوة، أنبأنا أبو عقيل، أنه سمع الحارث مولى عثمان، يقول: جلس عثمان -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه البزار في مسنده (البحر الزخار) 2: 62 رقم (405)، والطبري 12: 615 - 616، وابن أبي حاتم في تفسيره 6: 2092 رقم (11272)، كلهم من طريق أبي عقيل، به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 8: 157 إلى: أبي يعلى، وابن المنذر، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: إسناده صحيح. ومولى عثمان -رضي الله عنه- أبو صالح، مصري، اسمه: الحارث، ويقال: بُركان. (ت س) وثقه العجلي، وذكره ابن حبان في (الثقات) في موضعين. ووثقه الهيثمي.

وأخرج له الترمذي في جامعه حديثا برقم (1667)، وقال عقبه: حديث حسن صحيح غريب. وقد أخرج له النسائي في كتابه وهو معروف بتشدده في الرجال، قال أبو علي النيسابوري: النسائي شرطه في الرجال أشد من شرط مسلم بن الحجاج (¬1). وفي التقريب: مقبول. ينظر: معرفة الثقات للعجلي 2: 408، الثقات لابن حبان 4: 84، 136، تهذيب الكمال 33: 420، مجمع الزوائد 1: 297، التقريب ص 649. وأورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 1: 297 وقال: "رواه أحمد وأبو يعلى والبزار، ورجاله رجال الصحيح غير الحارث بن عبد الله مولى عثمان بن عفان، وهو ثقة". وصحح إسناده السيوطي في (الدر المنثور) 8: 157. ويشهد للمعنى العام للحديث، وهو: تكفير الصلوات الخمس لما بينها من الخطايا والسيئات؛ أحاديث كثيرة، منها: 1 - عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من درنه شيء؟) قالوا: لا يبقي عن درنه شيء، قال: (فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله به الخطايا). أخرجه البخاري (528) في مواقيت الصلاة: باب الصلوات الخمس كفارة، ومسلم (667) في المساجد ومواضع الصلاة: باب المشي إلى الصلاة تمحى به الخطايا .. إلخ، وغيرهما. 2 - عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقول: (الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان؛ مكفرات ما بينهن إذا اجتنب الكبائر). أخرجه مسلم (233) في الطهارة: باب الصلوات الخمس، والجمعة .. إلخ. ***** ¬

_ (¬1) انظر: الحطة ص 219.

(112)

قال تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ (117)} [هود: 117]. (112) عن جرير -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ}، قال: (ينصف بعضهم بعضا). تخريجه: أخرجه الذهبي معلقا في (ميزان الاعتدال) 3: 22 قال: شباب، حدثنا عبيد بن القاسم، حدثنا إسماعيل، عن قيس، عن جرير -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- .. فذكره. ووقع في الأصل: عبيد الله بن القاسم، والصواب ما أثبت، والحديث مذكور في ترجمته. وعزاه في (الدر المنثور) 8: 169 إلى: الطبراني، وأبي الشيخ، وابن مردويه، والديلمي. قلت: وهو في (المعجم الكبير) للطبراني 2: 308 (2281) قال: حدثنا أبو حنيفة محمد بن حنيفة الواسطي، ثنا أبو الأشعث أحمد بن المقدام، ثنا عبيد بن القاسم، ثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس، عن جرير -رضي الله عنه- قال: لما نزلت: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} قال: وأهلها ينصف بعضهم بعضا. وصورته صورة الموقوف، وأخشى أن يكون سقط قوله: (رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) بعد (قال) الثانية؛ لأن المخرج واحد، وقد جزم السيوطي بعزوه إليه مرفوعا، وقال عقبه - (الدر المنثور) 8: 170 - : "وأخرجه ابن أبي حاتم، والخرائطي في (مساوي الأخلاق)، عن جرير موقوفا"، والله أعلم. وأخرجه -كما في سياق الطبراني-: أبو يعلى في (معجمه) ص 84 (72)، والداني في (السنن الواردة في الفتن) ص 178 (372)، والخطيب في (تاريخ بغداد) 10: 288 و11: 93، كلهم من طريق عبيد بن القاسم، به.

الحكم على الإسناد

الحكم على الإسناد: إسناد ضعيف جدا، فيه عبيد بن القاسم، وهو: الأسدي التيمي الكوفي. كذبه ابن معين. واتهمه بوضع الحديث: أبو داود، وصالح بن محمد الأسدي، وغيرهما. وفي التقريب: متروك. ينظر: تهذيب الكمال 19: 229، التقريب ص 378. الحكم على الحديث: ضعيف جدا. والحديث قال عنه ابن معين -كما في الميزان 3: 22 - : هذا كذب. وأورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 7: 39، وقال: "فيه: عبيد بن القاسم الكوفي، وهو: متروك". *****

سورة يوسف

سورة يوسف قال تعالى: {إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَاأَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} [يوسف: 4]. (113) عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- رجل يقال له: بستاني اليهودي، فقال: يا محمد، أخبرني عن النجوم التي رآها يوسف عليه السلام أنها ساجدة له، ما أسماؤها؟ فسكت النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلم يجبه بشيء، فنزل جبريل -عليه السلام-، فأخبره بأسمائها، فبعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى البستاني اليهودي، فجاءه، فقال: (هل أنت مؤمن إن أخبرتك بأسمائها؟) قال: نعم، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (حرثان، والطارق، والذيال، وذو الكنفات، وذو الفرع، ووثاب، وعمودان، وقابس، والصروح، والمصبح، والفليق، والضياء والنور، رآها في أفق السماء ساجدة له، فلما قص يوسف على يعقوب؛ قال: هذا أمر متشتت يجمعه الله من بعد)، فقال اليهودي: أي والله إنها لأسماؤها. تخريجه: أخرجه سعيد بن منصور في سننه 5: 377 (1111)، قال: نا الحكم بن ظهير، عن السدي، عن عبد الرحمن بن سابط القرشي، عن جابر -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه البزار 2: 87 (1473 - مختصره)، والطبري 13: 10، والعقيلي في (الضعفاء الكبير) 1: 259، وابن أبي حاتم في تفسيره 7: 2101 (11332)، وابن حبان في (المجروحين) 1: 250، والبيهقي في (دلائل النبوة) 6: 277، وابن الجوزي في (الموضوعات) 1: 97، كلهم من طريق الحكم، به، بنحوه. ووقع اختلاف بين المصادر في تسمية تلك النجوم، وترتيبها، لم أر كبير فائدة في تتبع ذلك. وعزاه في (الدر المنثور) 8: 182 إلى: ابن المنذر، وأبي الشيخ، وابن مردويه. وقال البزار: لا نعلمه يروى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا بهذا الإسناد، والحكم ليس بالقوي.

الحكم على الإسناد

الحكم على الإسناد: ضعيف جدا، لحال الحكم، وهو الحكم بن ظهير الفزاري، أبو محمد بن أبي ليلى الكوفي (ت)، متروك، رمي بالرفض، واتهمه ابن معين وغيره. ينظر: تهذيب الكمال 7: 99، التقريب ص 175. وفي السند إمام مشهور من أئمة التفسير، وقد التبس حاله على بعض الدارسين، فأرى من المناسب تجلية أمره من جهة الرواية، فأقول وبالله التوفيق: إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة السدي، أبو محمد القرشي الكوفي الأعور، أصله حجازي سكن الكوفة، وكان يقعد في سدة باب الجامع بالكوفة؛ فسمي السدي، وهو السدي الكبير. (م 4) وثقه أحمد -في رواية أبي طالب-، والعجلي، وذكره ابن حبان في (الثقات)، وذكره الذهبي في (أسماء من تكلم فيه وهو موثق). قال يحيى بن سعيد القطان: لا بأس به، ما سمعت أحدا يذكره إلا بخير، وما تركه أحد. وقال النسائي: صالح. وقال ابن عدي: هو عندي مستقيم الحديث، صدوق لا بأس به. وضعفه ابن مهدي، وقال ابن معين: في حديثه ضعف. وأخرج العقيلي 1: 88 عن الخضر بن داود -ولم أعرفه- قال: حدثنا أحمد بن محمد -المروذي أو الأثرم، فكلاهما: أحمد بن محمد- قال: قلت لأبي عبد الله -يعني: أحمد بن حنبل-: السدي؛ كيف هو؟ قال: أخبرك أن حديثه لمقارب، وإنه لحسن الحديث، إلا أن هذا التفسير الذي يجيء به أسباط عنه، فجعل يستعظمه، قلت: ذاك إنما يرجع إلى قول السدي، فقال: من أين، وقد جعل له أسانيد؟، ما أدري ما ذاك؟!. وقال أبو زرعة: لين. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه، ولا يحتج به.

قلت: وهو مشهور بالتفسير، مقدم فيه، قال الخليلي في (الإرشاد) 1: 397: "وتفسير إسماعيل بن عبد الرحمن السدي؛ فإنما يسنده بأسانيد إلى عبد الله بن مسعود، وابن عباس، وروى عن السدي الأئمة مثل: الثوري، وشعبة، لكن التفسير الذي جمعه؛ رواه عنه: أسباط بن نصر، وأسباط؛ لم يتفقوا عليه، غير أن أمثل التفاسير: تفسير السدي .. ". وأخرج ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل) 2: 184، وابن عدي في (الكامل) 1: 276 وأبو نعيم في (تاريخ أصبهان) 1: 247 بأسانيدهم إلى سلم بن عبد الرحمن، قال: مر إبراهيم النخعي بالسدي، وهو يفسر، فقال: أما إنه يفسر تفسير القوم. وأما ما أخرجه أحمد في (العلل ومعرفة الرجال) 2: 334 - ومن طريقه: العقيلي في (الضعفاء الكبير) 1: 87 وابن عدي في (الكامل) 1: 276 - عن أبي أحمد الزبيري، قال: حدثنا عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت، قال: سمعت الشعبي، وقيل له: إن إسماعيل السدي قد أعطي حظا من علم بالقرآن، فقال: إن إسماعيل قد أعطي حظا من جهل بالقرآن. فقد علق عليه الذهبي في السير 5: 265 فقال: "ما أحد إلا وما جهل من علم القرآن أكثر مما علم، وقد قال إسماعيل بن أبي خالد: كان السدي أعلم بالقرآن من الشعبي، رحمهما الله". وفي الكاشف: حسن الحديث. وقال الحافظ في التقريب: صدوق يهم، ورمي بالتشيع. وفي (العجاب): كوفي صدوق، لكنه جمع التفسير من طرق .. وخلط روايات الجميع فلم تتميز رواية الثقة من الضعيف. مات سنة 127 هـ. قلت: والأقرب -والله أعلم- أنه صدوق حسن الحديث، ويؤيد ذلك: 1 - إخراج مسلم له في الصحيح، قال الحافظ في هدي الساري ص 403: "ينبغي لكل منصف أن يعلم أن تخريج صاحب الصحيح لأي راوٍ كان؛ مقتضٍ لعدالته عنده، وصحة

ضبطه، وعدم غفلته .. هذا إذا خرَّج له في الأصول، فأما إن خرج له في المتابعات والشواهد والتعاليق؛ فهذا يتفاوت درجات من أخرج له منهم في الضبط وغيره مع حصول اسم الصدق لهم". قلت: وقد أخرج له مسلم في الأصول، ثم نقل الحافظ عن أبي الحسن المقدسي أنه كان يقول في الرجل الذي يخرج عنه في الصحيح: هذا جاز القنطرة. 2 - رواية شعبة عنه، فهذا مما يقوي أمره، وشعبة معروف بتحريه وتثبته، ومعدود فيمن لا يروي إلا عن ثقة. قال ابن أبى حاتم في (الجرح والتعديل) 4: 361: "سئل أبي عن شهاب الذي روى عن عمرو بن مرة، فقال: شيخ يرضاه شعبة بروايته عنه، يحتاج أن يسأل عنه! ". وقال ابن حجر في (لسان الميزان) 1: 14: "من عرف من حاله أنه لا يروي إلا عن ثقة، فإنه إذا روى عن رجل؛ وصف بكونه ثقة عنده، كمالك وشعبة والقطان وابن مهدي وطائفة ممن بعدهم". وقال ابن عبد الهادي في (الصارم المنكي) ص 81: "لو روى شعبة خبرا عن شيخ له، لم يعرف بعدالة ولا جرح، عن تابعي ثقة، عن صحابي، كان لقائل أن يقول: هو خبر جيد الإسناد، فإن رواية شعبة عن الشيخ مما يقوي أمره". ومن أشنع ما رمي به السدي؛ أمران: 1 - ماحكاه الجوزجاني في (أحوال الرجال) ص 54 في ترجمة: (محمد بن السائب الكلبي) قال: "حدثت عن علي بن الحسين بن واقد، حدثني أبي، قال: قدمت الكوفة، ومنيتي لقي السدي، فأتيته فسألته عن تفسير سبعين آية من كتاب الله تعالى، فحدثني بها، فلم أقم من مجلسي حتى سمعته يشتم أبا بكر وعمر -رضي الله عنهما-، فلم أعد إليه".

ومن طريقه: أخرجها العقيلي 1: 88، لكن وقع عنده أن الجوزجاني قال: سمعت علي ابن الحسين. والظاهر أن هذا من جملة التصحيفات، أو هو وهم ممن دونه. فهذا إسناد غير معتبر لجهالة من حدثه، وكونه يطوي ذكره، وهو شيخه الذي أخذ عنه؛ يوقع في النفس حسيكة من هذا الخبر. أضف إلى هذا أن الجوزجاني فيه نصب وانحراف عن علي -رضي الله عنه-، ومعروف بالتحامل على أهل الكوفة، الذين يكثر فيهم التشيع. قال الحافظ في (اللسان) 1: 16: "وممن ينبغي أن يتوقف في قبول قوله في الجرح: من كان بينه وبن من جرحه عداوة سببها الاختلاف في الاعتقاد، فإن الحاذق إذا تأمل ثلب أبي إسحاق الجوزجاني لأهل الكوفة؛ رأى العجب، وذلك لشدة انحرافه في النصب، وشهرة أهلها بالتشيع، فتراه لا يتوقف في جرح من ذكره منهم بلسان ذلقة، وعبارة طلقة، حتى إنه أخذ يلين مثل الأعمش، وأبي نعيم، وعبيد الله بن موسى، وأساطين الحديث، وأركان الرواية". وذكره الذهبي في الطبقة الخامسة في (ذكر من يعتمد قوله في الجرح والتعديل) ص 193 وقال: "وهو ممن يبالغ في الجرح". ومما يوقع الريبة في هذه الحكاية؛ أنه لم ينقلها المتقدمون ممن ترجم له، فلم يذكرها البخاري، ولا ابن أبي حاتم، ولا ابن حبان، ولا ابن عدي، ولا أبو نعيم، وكذا لم يذكرها المزي، فلو كان لها أصل لنقلوها، فهي مما تتوافر الدواعي على نقله. 2 - ما أخرجه ابن عدي في (الكامل) 2: ق 81 - كما أفاده د. بشار عواد في (تهذيب الكمال) 3: 135، قلت: وسقط هذا النص من المطبوع- قال: سمعت ابن حماد يقول: قال السعدي: هو كذاب شتام -يعني: السدي-.

المتابعات

فالسعدي هذا؛ هو الجوزجاني، فإنه: إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق السعدي، أبو إسحاق الجوزجاني، وقد سبق ذكر ما فيه. وهذا النص موجود في كتابه: (أحوال الرجال) ص 48. وابن حماد؛ هو: أبو بشر أحمد بن محمد الدولابي، أحد تلامذته. تنظر ترجمة الجوزجاني في: تهذيب الكمال 2: 244. ينظر في ترجمة السدي: التاريخ الكبير 1: 361، الجرح والتعديل 2: 184، الثقات 4: 20، الكامل 276: 1، تاريخ أصبهان 1: 247، تهذيب الكمال 3: 132، السير 5: 264، الميزان 1: 236، الكاشف 1: 247، ذكر أسماء من تكلم فيه وهو موثق ص 46، تهذيب التهذيب 199: 1، العجاب في بيان الأسباب 1: 211، التقريب ص 108. المتابعات: تابع الحكم: أسباط بن نصر، كما أخرجه الحاكم في (المستدرك) 4: 396 قال: أخبرنا محمد بن إسحاق الصفار العدل، ثنا أحمد بن محمد بن نصر، ثنا عمرو بن حماد بن طلحة، ثنا أسباط بن نصر، عن السدي، عن عبد الرحمن بن سابط، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما .. فذكره بنحوه. وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه. وسكت عنه الذهبي. وهذه المتابعة مشكلة من جهتين: 1 - تفرد الحاكم بها، حيث لم يذكرها غيره -فيما وقفت عليه-. 2 - نص عدد من الأئمة على تفرد الحكم بالحديث، ومنهم: البزار، والجوزجاني، والعقيلي، والبيهقي، وابن كثير. وقد تتابع المفسرون والمحدثون على رواية الحديث من طريق الحكم عن السدي، مع أن تفسير أسباط عن السدي، عندهم جميعا، ويعرف أسباط بأنه راوية السدي، فكيف فاتهم هذا الوجه جميعا، ووقع للحاكم وحده بذاك السند؟!.

الحكم على الحديث

فهذا يشعر بأن بعض الرواة وهم فيه، فرواه من طريق أسباط على الجادة (¬1). وعلى فرض أنها محفوظة فإن أسباط بن نصر؛ متكلم فيه، وعاب أبو زرعة على مسلم إخراج حديثه، وفي التقريب: صدوق كثير الخطأ، يغرب. ينظر: تهذيب الكمال 2: 357، التقريب ص 98. وتابع الحكم بن ظهير أيضا: ابنه إبراهيم، فقد أخرج الحديث: السهمي في (تاريخ جرجان) ص 243، 297 من طريق إبراهيم بن الحكم بن ظهير، عن السدي، به. وأخشى أن تكون (بن) الأولى مصحفة عن (عن)، لأن الحديث معروف بالحكم، ونص أئمة حفاظ كبار على تفرده به. وعلى فرض أن يكون هذا الوجه محفوظا؛ فليس بشيء، لأن إبراهيم بن الحكم بن ظهير الكوفي؛ قال فيه أبو حاتم: كذاب. ينظر: الجرح والتعديل 2: 94، اللسان 1: 145. الحكم على الحديث: ضعيف جدا، بل حكم عليه بالوضع. وسئل عنه أبو زرعة، كما في (علل الحديث) لابن أبي حاتم 2: 402، فقال: "هذا حديث منكر، ليس بشيء". وقال العقيلي في (الضعفاء الكبير) 1: 259: لا يصح. وقال ابن حبان في (المجروحين) 1: 251: "لا أصل له من حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-". وقال ابن الجوزي في (الموضوعات) 1: 97: "هذا حديث موضوع على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكأن واضعه قصد شين الإسلام بمثل هذا". وحكم عليه بالوضع أيضا: الشوكاني في (الفوائد المجموعة) ص 463. ***** ¬

_ (¬1) ينظر تعليق الشيخ المعلمي على (الفوائد المجموعة) للشوكاني ص 464.

(114)

قال تعالى: {قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [يوسف: 86]. (114) عن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (كان ليعقوب النبي أخ مواخ له، فقال له ذات يوم: ما الذي أذهب بصرك، وقوس ظهرك؟ قال: أما الذي أذهب بصري؛ فالبكاء على يوسف، وأما الذي قوس ظهري؛ فالحزن على بنيامنين، فأتاه جبريل، فقال: يا يعقوب، إن الله يقرئك السلام، ويقول: أما تستحي أن تشكوني إلى غيري، فقال يعقوب: إنما أشكو بثي وحزني إلى الله، فقال جبريل: الله أعلم بما تشكو). تخريجه: أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره 7: 2188 (11901) قال: حدثنا الحسن بن عرفة، ثنا يحيى بن عبد الملك بن أبي غنية، عن حفص بن عمر بن أبي الزبير، عن أنس -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب (الفرج بعد الشدة) رقم (47)، والطبراني في الأوسط 6: 170 (6105)، وفي الصغير 2: 103 (857)، والحاكم في المستدرك 2: 348، والبيهقي في (شعب الإيمان) 3: 230، كلهم من طريق يحيى بن عبد الملك، واختلف عنه: ففي الطبراني: يحيى بن عبد الملك بن أبي غنية، عن حصين بن عمر، عن أبي الزبير، عن أنس -رضي الله عنه-. وعند الحاكم: يحيى بن عبد الملك بن أبي غنية، عن حفص بن عمر بن الزبير، عن أنس -رضي الله عنه-. وقال عقبه: "هكذا في سماعي بخط يد حفص بن عمر بن الزبير، وأظن الزبير وهما من الراوي، فإنه حفص بن عمر بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاري، ابن أخي أنس بن مالك، فإن كان كذلك؛ فالحديث صحيح". ثم أخرجه من وجه آخر عن يحيى بن عبد الملك عن أنس -رضي الله عنه- به. وهو كذلك عند البيهقي.

النظر فى إسناد الحديث

وعند البيهقي في (شعب الإيمان): يحيى بن عبد الملك بن أبي غنية، عن حفص بن عمر ابن الزبير، -وفي رواية: أبي الزبير- عن أنس -رضي الله عنه-. وعند ابن أبي الدنيا -وأشار إليها البيهقي 3: 231 - : يحيى بن عبد الملك، عن رجل، عن أنس -رضي الله عنه-. وزاد الطبراني، والحاكم، والبيهقي، في متنه بعدما ذكر: "ثم قال يعقوب: أي رب أما ترحم الشيخ الكبير؟ أذهبت بصري، وقوست ظهري، فاردد عليَّ يوسف ريحانتي أشمه شمة قبل الموت، ثم اصنع بي يارب ما شئت، فأتاه جبريل -عليه السلام- فقال: يا يعقوب، إن الله عز وجل يقرئك السلام، ويقول لك: أبشر، وليفرح قلبك، وعزتي لو كانا ميتين لنشرتهما لك فاصنع طعاما للمساكين، فإن أحب عبادي إليَّ المساكين، وتدري لم أذهبت بصرك، وقوست ظهرك، وصنع إخوة يوسف ما صنعوا به، إنكم ذبحتم شاة فأتاكم مسكين صائم، فلم تطعموه منها شيئا، وكان يعقوب بعد ذلك إذا أتاه الغداء أمر مناديا فنادى: ألا من أراد الغداء من المساكين فليتغدى عند يعقوب، وإن كان صائما أمر مناديا فنادى: ألا من كان صائما من المساكين فليفطر مع يعقوب". وعزاه في (الدر المنثور) 8: 315 إلى: إسحاق بن راهويه في (تفسيره)، وأبي الشيخ، وابن مردويه. النظر فى إسناد الحديث: هذا الحديث -بتأمل ما سبق- مروي على أوجه، مدارها على يحيى بن عبد الملك، وهذه الأوجه هي: 1 - يحيى بن عبد الملك بن أبي غنية، عن حفص بن عمر بن أبي الزبير، عن أنس -رضي الله عنه-. عند: ابن أبي حاتم، والبيهقي في الشعب. وحفص بن عمر بن أبي الزبير؛ ذكره ابن حبان في (الثقات) 4: 153، وقال الذهبي في (الميزان) 1: 566: "ضعفه الأزدي، فلعله عن أبي الزبير، أو كأنه حفص بن عمر بن كيسان، عن أبي يزيد، عن ابن الزبير، لا عن أبي الزبير، ولا يعرف من ذا".

وذكره ابن الجوزي في (الضعفاء والمتروكين) 1: 224 رقم (943). ولم يذكروا راويا عنه سوى يحيى بن عبد الملك، ومثل هذا -من سمي، ولم يرو عنه سوى واحد، ولم ينص على توثيقه- معدود من صور جهالة العين، كما قرره الحافظ في (النزهة) ص 135، وإلى هذا أشار الذهبي بقوله:"ولا يعرف من ذا". 2 - يحيى بن عبد الملك بن أبي غنية، عن حفص بن عمر بن الزبير، عن أنس -رضي الله عنه-. عند: الحاكم، وعنه: البيهقي في الشعب. وحفص بن عمر بن الزبير؛ لم أجده هكذا، والظاهر أنه هو المتقدم، ولذا قال الحاكم بعد ذكر روايته: هكذا في سماعي حفص بن عمر بن الزبير، وأظن الزبير وهما من الراوي. 3. يحيى بن عبدالملك بن أبي غنية، عن حصين بن عمر، عن أبي الزبير، عن أنس -رضي الله عنه-. عند: الطبراني، قال: حدثنا محمد بن أحمد الباهلي المصري، حدثنا وهب بن بقية، حدثنا يحيى بن عبد الملك، به. محمد بن أحمد الباهلي؛ هو: أبو الحسن المؤدب. قال عنه ابن عدي: "هو ممن يضع الحديث متنا وإسنادا، وهو يسرق حديث الضعاف ويلزقها على قوم ثقات". ينظر: الكامل 6: 303، لسان الميزان 5: 34. وحصين بن عمر؛ هو الأحمسي. متروك، واتهمه أحمد بالكذب. ينظر: تهذيب الكمال 6: 526، التقريب ص 170. وأورده في (مجمع الزوائد) 7: 40، وقال: "رواه الطبراني في الصغير، والأوسط، عن شيخه محمد بن أحمد الباهلي البصري، وهو ضعيف جدا". 4 - يحيى بن عبد الملك، عن أنس -رضي الله عنه-. أخرجه: إسحاق بن راهويه في تفسيره -كما أفاده الحاكم في (المستدرك)، والذهبي في تلخيصه-، ومن طريقه: الحاكم، وعنه: البيهقي في الشعب. ينظر: مستدرك الحاكم 2: 348.

الحكم على الحديث

وفي إسناده: زافر بن سليمان، قال عنه ابن عدي فى (الكامل) 3: 233: "أحاديثه مقلوبة الإسناد، مقلوبة المتن، وعامة ما يرويه لا يتابع عليه، ويكتب حديثه مع ضعفه". وفيه انقطاع بين يحيى وأنس -رضي الله عنه-، فيحيى من صغار أتباع التابعين. ينظر: التقريب ص 593. 5 - يحيى بن عبد الملك، عن رجل، عن أنس -رضي الله عنه-. عند ابن أبي الدنيا، وأشار إليها البيهقي في الشعب 3: 231، فقال: "ورواه الحسين بن عمرو بن محمد القرشي، عن أبيه، عن زافر، عن يحيى بن عبد الملك، عن رجل، عن أنس ابن مالك -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-". والحسين بن عمرو بن محمد القرشي؛ قال فيه أبو حاتم: لين يتكلمون فيه، وقال أبو زرعة: كان لا يصدق. ينظر: الجرح والتعديل 3: 61، اللسان 2: 352. وأما: يحيى بن عبد الملك بن أبي غنية الخزاعي، أبو زكريا الكوفي، فقد وثقه أحمد، وابن معين، وابن سعد، وأبو داود، والعجلي، والدارقطني، والذهبي. وفي التقريب: صدوق له أفراد. ينظر: تهذيب الكمال 31: 446، التقريب ص 593. الحكم على الحديث: ضعيف. وأورده ابن كثير في تفسيره 4: 406، وقال: "هذا حديث غريب، فيه نكارة". *****

سورة الرعد

سورة الرعد قال تعالى: {وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [سورة الرعد: 4]. (115) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: {وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ} قال: (الدقل، والفارسي، والحلو، والحامض). تخريجه: أخرجه الترمذي (3118) في تفسير القرآن: باب ومن سورة الرعد، قال: حدثنا محمود بن خداش البغدادي، حدثنا سيف بن محمد الثوري، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه الطبري 13: 431، وابن حبان في (المجروحين) 1: 347، وابن عدي في (الكامل) 3: 434، والخطيب في (تاريخ بغداد) 9: 226، وابن الجوزي في (العلل المتناهية) 2: 169 (1092)، والمزي في (تهذيب الكمال) 12: 331، كلهم من طريق محمود بن خداش، به. وعزاه في (الدر المنثور) 8: 370، إلى: ابن المنذر، وأبي الشيخ، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: ساقط، فيه: سيف بن محمد الثوري، ابن أخت سفيان الثوري، كوفي نزل بغداد. (ت)، قال أحمد: كان يضع الحديث، ووصفه بالكذب ابن معين، وأبو داود، وغيرهما. وفي التقريب: كذبوه. ينظر: تهذيب الكمال 12: 328، التقريب ص 262.

المتابعات

المتابعات: تابع سيفا الثوري: زيدُ بن أبي أنيسة. أخرج ذلك: الطبري 13: 431 قال: حدثنا أحمد بن الحسن الترمذي، قال: ثنا سليمان ابن عبيد الله الرقي، قال: ثنا عبيد الله بن عمرو الرقي، عن زيد بن أبي أنيسة، عن الأعمش، به، بلفظه. وأخرجه ابن عدي في (الكامل) 3: 434، من طريق سليمان بن عبيد الله، به. وعلقه ابن أبي حاتم في (العلل) 2: 80، عن سليمان بن عبيد الله، به. وسليمان بن عبيد الله؛ هو: أبو أيوب الخطاب الرقي. قال عنه ابن معين: ليس بشيء، وقال النسائي: ليس بالقوي. وفي التقريب: صدوق، ليس بالقوي. ينظر: تهذيب الكمال 12: 36، التقريب ص 253. قال ابن أبي حاتم في (علل الحديث) 2: 80 (1733): "سمعت أبي ذكر الحديث الذي رواه: سليمان بن عبيد الله الخطاب، عن عبيد الله بن عمرو، عن زيد بن أبي أنيسة، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: {وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ} قال: (الدقل، والفارسي، والحلو، والحامض)، قال أبي: حدث سليمان بهذا الحديث وأنا بالكوفة، فلم يقض لي السماع منه، ثم رجع عنه، فقال: حدثنا به سيف بن محمد ابن أخت سفيان، أخو عمار، سيف؛ ضعيف الحديث". فتبين أن هذا الوجه مما أخطأ فيه سليمان، ثم رجع عنه إلى روايته عن سيف بن محمد، وهو أحد شيوخه، فرجع الحديث إليه. الحكم على الحديث: موضوع.

فائدة

ولو كان لهذا الحديث أصل؛ فكيف غاب عن: سفيان الثوري، وشعبة، وأبي معاوية الضرير، ووكيع، وجرير بن عبد الحميد، وزائدة بن قدامة، وغيرهم من أصحاب الأعمش الأثبات، لاسيما وهو من المكثرين الذين تدور عليهم الأسانيد، ثم يتفرد به هذا الكذاب؟!. وقال الترمذي: حديث حسن غريب!. وقال ابن الجوزي: "هذا حديث لا يصح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وسيف؛ متفق على كذبه". فائدة: الدقل -بفتحتين- أردأ أنواع التمر. والفارسي: نوع من أنواع التمر. ينظر: لسان العرب مادة (دقل)، تحفة الأحوذي 8: 432. *****

(116)

قال تعالى: {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ (7)} [الرعد: 7]. (116) عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: لما نزلت: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أنا المنذر، وعلي الهادي، بك يا علي يهتدي المهتدون). تخريجه: أخرجه ابن الأعرابي في (المعجم) 3: 1079 (2328)، قال: نا الفضل، نا الحسن بن الحسين الأنصاري، نا معاذ بن مسلم، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- .. فذكره. وأخرجه الطبري 13: 442 - 443، وأبو نعيم في (معرفة الصحابة) 1: 87 (344)، وابن عساكر في (تاريخ دمشق) 42: 359، كلهم من طريق الحسن بن الحسين الأنصاري، به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 8: 375 إلى: ابن مردويه، والديلمي، وابن النجار. الحكم على الإسناد: ضعيف جدا، لحال الحسن بن الحسين، وهو العرني الكوفي. قال أبو حاتم: لم يكن بصدوق عندهم، كان من رؤساء الشيعة. وقال ابن عدي: روى أحاديث مناكير، ولا يشبه حديثه حديث الثقات. وذكره ابن حبان في (المجروحين)، وقال: يروي المقلوبات. وذكره الذهبي في (الميزان)، وأورد هذا الحديث في منكراته. ينظر: الجرح والتعديل 3: 6، المجروحين 1: 238، الكامل 2: 332، الميزان 1: 483، المغني في الضعفاء 1: 158 (1389)، اللسان 2: 241. وشيخه: معاذ بن مسلم النحوي، أبو مسلم الكوفي.

المتابعات والشواهد

قال ابن خلكان: صنف في النحو كثيرا، ولم يظهر له شيء من التصانيف، وكان يتشيع. مات سنة 187 هـ. وساق الذهبي هذا الحديث في ترجمة: الحسن بن الحسين، السابق، وقال: ومعاذ نكرة، فلعل الآفة منه. ينظر: (وفيات الأعيان) لابن خلكان 5: 218، الميزان 1: 484. وروايته عن عطاء بعد الاختلاط، قال الحافظ في ترجمة عطاء بن السائب في (هدي الساري) ص 446: "من مشاهير الرواة الثقات، إلا أنه اختلط، فضعفوه بسبب ذلك، وتحصل لي من مجموع كلام الأئمة، أن رواية شعبة، وسفيان الثوري، وزهير بن معاوية، وزائدة، وأيوب، وحماد بن زيد، عنه قبل الاختلاط، وأن جميع من روى عنه غير هؤلاء؛ فحديثه ضعيف، لأنه بعد اختلاطه، إلا حماد بن سلمة، فاختلف قولهم فيه". والغريب أن ابن حجر؛ حسَّن هذا الإسناد في الفتح 8: 376، فقال: "والمستغرب: ما أخرجه الطبري بإسناد حسن، من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس .. " فذكره. المتابعات والشواهد: تابع عطاء بن السائب: الحكمُ بن عتيبة. أخرج ذلك: الضياء المقدسي في (الأحاديث المختارة) 10: 159 (158)، قال: أخبرنا محمد بن محمد التميمي، أن أبا الخير محمد بن رجاء أخبرهم، أبنا أحمد بن عبد الرحمن، أبنا أحمد بن موسى، حدثني أحمد بن محمد بن الحسن، ثنا أحمد بن محمد بن عبد الرحمن، ثنا الحسن بن عتيبة، ثنا أحمد بن النضر، ثنا أبان بن تغلب، عن الحكم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- في قوله: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (المنذر: أنا، والهادي: علي بن أبي طالب). وفيه من لم أعرفهم.

وأما الشواهد، فهي: 1 - عن أبي برزة الأسلمي -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ({إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ}، ووضع يده على صدر نفسه، ثم وضعها على صدر علي، ويقول: {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ}). أورده في (الدر المنثور) 8: 375، وعزاه إلى: ابن مردويه. 2 - عن يعلى بن مرة -رضي الله عنه- قال: قرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ}، فقال: (أنا المنذر، وعلي الهاد). أورده في (الدر المنثور) 8: 375، وعزاه إلى: ابن مردويه. وجاء عن علي -رضي الله عنه- في الآية، أنه قال: (رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المنذر، وأنا الهادي)، وفي لفظ: والهادي: رجل من بني هاشم. يعني نفسه. أخرجه عبد الله بن أحمد في (زوائد المسند) 1: 126، وابن أبي حاتم 7:2225 (12152)، والطبراني في الأوسط 2: 94 (1361)، و5: 153 (4923)، و7: 379 (7780)، وفي الصغير 2: 38 (739)، وابن عساكر في (تاريخ دمشق) 42: 358، كلهم من طريق عثمان بن أبي شيبة، نا مطلب بن زياد، عن السدي، عن عبد خير، عن علي -رضي الله عنه-. ومطلب بن زياد؛ هو الثقفي، أبو زهير الكوفي. مختلف فيه، وفي التقريب: صدوق ربما وهم. ومثله لا يحتمل تفرده بمثل هذا. ينظر: تهذيب الكمال 28: 78، التقريب ص 534. والسدي؛ إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة الكوفي، سبق قريبا في الحديث رقم (113)، ورمي بالتشيع. فمثل هذه الروايات لا يستغرب رواجها في الكوفة، التي يكثر في أهلها التشيع.

الحكم على الحديث

وأخرجه ابن الأعرابي في (المعجم) 3: 964 (2047)، والحاكم في (المستدرك) 3: 129، وابن عساكر في (تاريخ دمشق) 42: 359، كلهم من طريق حسين بن حسن الأشقر، ثنا منصور بن أبي الأسود، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن عباد بن عبدالله الأسدي، عن علي -رضي الله عنه-، فذكره. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. وتعقبه الذهبي، فقال: بل كذب، قبح الله واضعه. وحسين بن حسن الأشقر؛ هو أبو عبد الله الكوفي، من الشيعة الغلاة. قال البخاري: عنده مناكير، وقال أبو زرعة: منكر الحديث، وقال أبو حاتم: ليس بقوي. ينظر: تهذيب الكمال 6: 368. الحكم على الحديث: منكر. وذكر الذهبي هذا الحديث في منكرات الحسن بن الحسين العرني. وأورده ابن كثير في تفسيره 4: 434 وقال: "هذا الحديث فيه نكارة شديدة". *****

(117)

قال تعالى: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ (12) وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ} [الرعد: 12 - 13]. (117) عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: أقبلت يهود إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقالوا: يا أبا القاسم، إنا نسألك عن خمسة أشياء، فإن أنبأتنا بهن عرفنا أنك نبي واتبعناك، فأخذ عليهم ما أخذ إسرائيل على بنيه إذ قالوا: الله على ما نقول وكيل .. -فذكر الحديث، وفيه:- قالوا: أخبرنا ما هذا الرعد؟ قال: (ملك من ملائكة الله عز وجل، موكل بالسحاب، بيده -أو في يده- مخراق من نار، يزجر به السحاب يسوقه حيث أمر الله)، قالوا: فما هذا الصوت الذي يسمع؟ قال: (صوته)، قالوا: صدقت. تخريجه: أخرجه أحمد 1: 274، قال: حدثنا أبو أحمد، حدثنا عبد الله بن الوليد العجلي، عن بكير بن شهاب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس .. فذكره بطوله. وأخرجه البخاري في (التاريخ الكبير) 2: 114، والترمذي (3117) في تفسير القرآن: باب ومن سورة الرعد، والنسائي في (الكبرى) 8: 217 (9024)، وابن أبي حاتم 1: 54 (185)، والطبراني في الكبير 12: 45 (12429)، وفي (الدعاء) 1: 305 (986)، وأبو الشيخ في (كتاب العظمة) 4: 1279 (765)، وابن منده في (كتاب التوحيد) 1: 168 (48)، وأبو نعيم في (الحلية) 4: 304، والضياء المقدسي في (المختارة) 10: 69 (61)، كلهم من طريق: عبد الله بن الوليد العجلي به، بنحوه. ولفظ البخاري، والترمذي، وابن أبي حاتم، والطبراني في (الدعاء)، وأبي الشيخ؛ مختصر. الحكم على الإسناد: إسناده لين، لحال بكير، وهو بكير بن شهاب الكوفي. (ت س). قال أبو حاتم: هو شيخ. وذكره ابن حبان في (الثقات). وقال الذهبي: صدوق.

وفي التقريب: مقبول. قلت: وحكم ابن حجر؛ أقرب من حكم الذهبي، فيما يظهر، وكلاهما من الأئمة المجتهدين في دراسة أحكام النقاد على الرواة، وليسا ممن عاصر الرواة. قال الشيخ عبد الله الجديع في (تحرير علوم الحديث) 1: 580 - حول عبارة (شيخ) عند أبي حاتم-: "بتأمل معناها من خلال النظر في حال من قيلت فيه، فإنها لا تدل على عدالة الراوي إلا من جهة أنه مذكور برواية، وليس هذا تعديلا ولا جرحا، وليس فيه تمييز لضبطه، ولذا لا تقال إلا في راو قليل الحديث، ليس بالمشهور به". قلت: وهذه حال بكير، فليس له في الكتب التسعة سوى هذا الحديث، بل لم أقف له على غيره في غيرها. وقد قال الذهبي نفسه في (الميزان) 2: 385 في ترجمة: (العباس بن الفضل العدني): "سمع منه أبو حاتم، وقال: شيخ، فقوله: هو شيخ؛ ليس هو عبارة جرح .. ، ولكنها أيضا ما هي عبارة توثيق، وبالاستقراء يلوح لك أنه ليس بحجة، ومن ذلك قوله: يكتب حديثة، أي ليس هو بحجة". ومثل هذا لا يتهيأ الحكم عليه باعتبار مروياته وعرضها على مرويات غيره. قال ابن عدي في ترجمة (سلم العلوي) من (الكامل) 3: 329: "قليل الحديث جدا، ولا أعلم له جميع ما يروي إلا دون خمسة أو فوقها قليل، وبهذا المقدار لا يعتبر فيه حديثه أنه صدوق أو ضعيف، ولاسيما إذا لم يكن في مقدار ما يروي متن منكر". ينظر: التاريخ الكبير 2: 114، الجرح والتعديل 2: 404، الثقات 6: 106، تهذيب الكمال 4: 238، الميزان 1: 350، الكاشف 1: 275، تهذيب التهذيب 1: 308، التقريب ص 128. وسعيد بن جبير؛ من المكثرين في الرواية، وروى عنه الكثير، فأين أصحابه الأثبات كعمرو بن دينار، وأيوب السختياني، وجعفر اليشكري، وحبيب بن أبي ثابت، وغيرهم من هذا الحديث؟!.

الشواهد

قال أبو حاتم عن حديث رواه قران بن تمام، عن أيمن بن نابل -كما في (علل الحديث) 1: 296 لابنه-: "لم يرو هذا الحديث عن أيمن إلا قران، ولا أراه محفوظا، أين كان أصحاب أيمن بن نابل، عن هذا الحديث؟ ". قلت: وأين أيمن بن نابل، من سعيد بن جبير، في الكثرة والشهرة؟. وقال ابن منده -عقب رواية الحديث في (كتاب التوحيد) 1: 169 - : "هذا إسناد متصل، ورواته مشاهير ثقات". وقال أبو نعيم: غريب من حديث سعيد، تفرد به بكير. الشواهد: يشهد لهذا الحديث -فيما وقفت عليه-: 1 - عن عمرو بن بجاد الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (اسم السحاب عند الله: العنان، والرعد: ملك يزجر السحاب، والبرق: طرف ملك يقال له: روقيل). عزاه في (الدر المنثور) 8: 399 إلى: ابن مردويه. وعزاه إليه أيضا: ابنُ حجر في (الإصابة) 4: 606، في ترجمة: (عمرو بن بجاد الأشعري)، وقال: "في إسناده الكديمي، وهو: ضعيف، وفيه من لا يعرف أيضا". 2 - عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أن خزيمة بن ثابت -وليس بالأنصاري -رضي الله عنه- سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن منشأ السحاب، فقال: (إن ملكا موكل بالسحاب يَلُمُّ القاصية، ويلحم الدانية، في يده مخراق، فإذا رفع برقت، وإذا زجر رعدت، وإذا ضرب صعقت). عزاه في (الدر المنثور) 8: 399 إلى: ابن مردويه. 3 - عن جابر بن عبد الله، أن خزبمة بن ثابت -وليس بالأنصاري- كان في عير لخديجة، وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان معه في تلك العير، فقال له: يا محمد، إني أرى فيك خصالا وأشهد أنك النبي الذي يخرج من تهامة ... فقال: يا رسول الله، أخبرني عن ضوء النهار،

الحكم على الحديث

وعن ظلمة الليل، وعن حر الماء في الشتاء، وعن برده في الصيف، وعن البلد الأمين، وعن منشأ السحاب، وعن مخرج الجراد، وعن الرعد والبرق، وعن ما للولد من الرجل، وما للمرأة، فقال -صلى الله عليه وسلم-: (.. وأما الرعد فإنه ملك بيده مخراق يدني القاصية ويؤخر الدانية، واذا رفع برقت، وإذا زجر رعدت، وإذا ضرب صعقت ..). أخرجه الطبراني في الأوسط 7: 360 رقم (7731) من طريق أبي عمران الحراني يوسف بن يعقوب، نا ابن جريج، عن عطاء، عن جابر بن عبد الله، به، مطولا. وعزاه ابن حجر في الإصابة إلى ابن مردويه في التفسير. قال الذهبي في (ميزان الاعتدال) 4: 475 في ترجمة أبي عمران: "عن ابن جريج بخبر باطل طويل، وعنه إنسان مجهول" وساق هذا الحديث. وقيل في تسمية راوي الحديث: خزيمة بن حكيم. ينظر: الإصابة 3: 219. وقد وردت آثار عن السلف بهذا المعنى، ومنهم: علي بن أبي طالب، وابن عباس، وأبو هريرة، وعبد الله بن عمرو -رضي الله عنهم-، وغيرهم. ينظر: (الدر المنثور) 8: 400 وما بعدها. الحكم على الحديث: لا يتهيأ الحكم على الحديث إلا بعد دراسة الآثار عن الصحابة في ذلك، فإن صح منها شيء، فله حكم الرفع، لأن مثله لا يقال من قبيل الرأي، والله أعلم. وقال الترمذي: حديث حسن غريب، وقال ابن منده -كما سبق-: هذا إسناد متصل، ورواته مشاهير ثقات. وصححه الضياء في (المختارة) *****

(118)

(118) عن شيخ من بني غفار، من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إن الله عز وجل ينشىء السحاب، فينطق أحسن المنطق، ويضحك أحسن الضحك). تخريجه: أخرجه أحمد 5: 435 قال: حدثنا يزيد، أخبرنا إبراهيم بن سعد، أخبرني أبي، قال: كنت جالسا إلى جنب حميد بن عبد الرحمن في المسجد، فمر شيخ جميل من بني غفار، وفي أذنيه صمم، أو قال: وقر، أرسل إليه حميد، فلما أقبل، قال: يا ابن أخي أوسع له فيما بيني وبينك، فإنه قد صحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجاء حتى جلس فيما بيني وبينه، فقال له حميد: هذا الحديث الذي حدثتني عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال الشيخ: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: .. فذكره. وأخرجه العقيلي في (الضعفاء الكبير) 1: 35 - 36، والرامهرمزي في (أمثال الحديث) ص 155 (125)، وأبو الشيخ في (كتاب العظمة) 4: 1244 (718)، والبيهقي في (الأسماء والصفات) 2: 412 (988)، كلهم من طريق: سعد بن إبراهيم به، بنحوه. وأخرج أبو الشيخ عقبه 4: 1245 (719) بسنده إلى سليمان بن داود الهاشمي، قال: سألنا إبراهيم بن سعد، عن هذا؟ فقال: (المنطق: الرعد، والضحك: البرق). وقال الرامهرمزي عقب الحديث 1: 156: "هذا من أحسن التشبيه والصفة، لأنه جعل صوت الرعد منطقا للسحاب، وتلألؤ البرق بمنزلة الضحك لها". الحكم على الإسناد: إسناد صحيح، رجاله رجال الجماعة، وجهالة الصحابي لا تضر. فائدة: جاء الحديث من طريق حميد بن عبد الرحمن، فقد أخرجه العقيلي في (الضعفاء الكبير) 1: 35، والرامهرمزي في (أمثال الحديث) ص 155 (124)، كلاهما من طريق عمرو بن

الحصين، ثنا أمية بن سعيد الأموي، ثنا صفوان بن سليم، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .. فذكره بنحوه. وعمرو بن الحصين؛ هو العقيلي البصري، متروك. ينظر: تهذيب الكمال 21: 587، التقريب ص 420. وأخرجه أبو الشيخ في (كتاب العظمة) 4: 1248 (723) من طريق عمرو بن أبي عمرو، عن الثقة، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (هذا سحاب ينشىء الله عز وجل، فينزل الله منه الماء فما من منطق أحسن من منطقه، ولا من ضحك أحسن من ضحكه) وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (منطقه الرعد، وضحكه البرق). وعمرو بن أبي عمرو، هو: أبو عثمان المدني، ثقة ربما وهم، من طبقة صغار التابعين. ينظر: التقريب ص 425. والسند ضعيف، لإبهام الراوي الأعلى. *****

(119)

قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ} [الرعد: 29]. (119) عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن رجلا قال له: يا رسول الله، طوبى لمن رآك وآمن بك، قال: (طوبى لمن رآني وآمن بي، ثم طوبى ثم طوبى ثم طوبى لمن آمن بي ولم يرني) قال له رجل: وما طوبى؟ قال: (شجرة في الجنة مسيرة مائة عام، ثياب أهل الجنة تخرج من أكمامها). تخريجه: أخرجه أحمد 3: 71 قال: حدثنا حسن، قال: سمعت عبد الله بن لهيعة، قال: ثنا دراج أبو السمح، أن أبا الهيثم، حدثه عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه أبو يعلى 2: 519 (1374)، والطبري 13: 529، وابن حبان في صحيحه كما في الإحسان 16: 429 (7413)، والآجري في (الشريعة) 2: 1036 (624)، والخطيب في (تاريخ بغداد) 4: 90، والذهبي في (ميزان الاعتدال) 2: 24 - 25، كلهم من طريق دراج، به. ولفظ الطبري، وابن حبان، مقتصر على موضع الشاهد. الحكم على الإسناد: ضعيف، لحال ابن لهيعة، وما قيل في رواية دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، وهذه منها. وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك في الحديث الثامن. المتابعات والشواهد: أما ابن لهيعة؛ فقد تابعه: عمرو بن الحارث، كما روى ذلك الطبري 13: 529، وابن حبان في صحيحه كما في الإحسان 16: 429 (7413)، والآجري في (الشريعة) 2: 1036 (624)، والذهبي في (ميزان الاعتدال) 2: 24 - 25، كلهم من طريق عمرو بن الحارث، عن دراج، به. وعمرو بن الحارث؛ ثقة فقيه حافظ. لكن يبقى مداره على دراج، عن أبي الهيثم. وأما شواهد الحديث، فهي:

1 - عن معاوية بن قرة، عن أبيه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: {طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ} شجرة غرسها الله بيده، ونفخ فيها من روحه، تنبت بالحلي والحلل، وإن أغصانها لترى من وراء سور الجنة). أخرجه الطبري 13: 528، قال: حدثنا الحسن بن شبيب، قال: ثنا محمد بن زياد الجريري، عن فرات بن أبي الفرات، عن معاوية بن قرة، به. والحسن بن شبيب، قال ابن عدي: حدث عن الثقات بالبواطيل، وأوصل أحاديث هي مرسلة. ينظر: الكامل 2: 330، اللسان 2: 254. ومحمد بن زياد الجريري، لم أجده إلا في اللسان 5: 177 قال: "محمد بن زياد الجريري الكوفي؛ من المبتدعة، نقل أبو محمد ابن حزم في (الملل والنحل) عنه أنه كان يقول: من آمن بالله وحده، ولم يصدق بالرسول، مؤمن وكافر معا، أو ليس بمؤمن ولا كافر. قال ابن حزم: وهذا قول لا يختلف مسلمان في أنه كفر مجرد". ولم يذكر له شيخا، ولا راويا، ولا تاريخا، فلا أدري أهو المذكور هنا أم غيره؟. 2 - عن عتبة بن عبد السلمي، قال جاء أعرابي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فسأله عن الحوض، وذكر الجنة ثم قال الأعرابي: فيها فاكهة؟ قال: (نعم، وفيها شجرة تدعى طوبى) فذكر شيئا لا أدري ما هو، قال: أي شجر أرضنا تشبه؟ قال: (ليست تشبه شيئا من شجر أرضك) -فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أتيت الشام؟) فقال: لا، قال: (تشبه شجرة بالشام تدعى الجوزة، تنبت على ساق واحد، وينفرش أعلاها) .. الحديث. أخرجه أحمد 4: 183 قال: حدثنا علي بن بحر، حدثنا هشام بن يوسف، حدثنا معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن عامر بن زيد البكالي، أنه سمع عتبة بن عبد السلمي يقول: .. فذكره. وهذا سند رجاله ثقات، سوى عامر بن زيد البكالي، فقد ذكره ابن أبي حاتم، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وذكره ابن حبان في (الثقات)، وقال: "روى عنه: أبو سلام، ويحيى ابن أبي كثير، عداده في أهل الشام".

الحكم على الحديث

وروى له ابن حبان في صحيحه رقم (6450) و (7247) و (7414). وعقد ابن أبي حاتم بابا في كتابه (الجرح والتعديل) 2: 36 فقال: "باب في رواية الثقة عن غير المطعون عليه أنها تقويه، وعن المطعون عليه أنها لا تقويه"، وقال تحته: "سألت أبي عن رواية الثقات عن رجل غير ثقة مما يقويه؟ قال: إذا كان معروفا بالضعف لم تقوه روايته عنه، وإذا كان مجهولا نفعه رواية الثقة عنه" وقال: "سألت أبا زرعة عن رواية الثقات عن رجل مما يقوي حديثه؟ قال: أي لعمري، قلت: الكلبي روى عنه الثوري، قال: إنما ذلك إذا لم يتكلم فيه العلماء، وكان الكلبي يتكلم فيه". قلت: والراوي عنه: يحيى بن أبي كثير؛ ثقة ثبت. وقرر بعض المتأخرين أن سكوت ابن أبي حاتم عن الرجل، الذي لم يجرح، ولم يأت بمتن منكر؛ يعد توثيقا له. ينظر: الجرح والتعديل 6: 320، الثقات 5: 191، بحث: (سكوت المتكلمين في الرجال عن الراوي الذي لم يجرح، ولم يأت بمتن منكر؛ يعد توثيقا له) للشيخ/ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله، منشور في (مجلة كلية أصول الدين) جامعة الإمام ع 2/ 1400 هـ. فمثل هذا مقبول في الشواهد. وقد وردت شواهد أخرى لهذا الحديث، من رواية: أبي أمامة، وابن عمر، وابن عباس، وأبي جعفر الباقر، -رضي الله عنهم-، وغيرهم، بعضها ضعيف، وبعضها منكر، لم أر داعيا للإطالة بذكرها. ينظر: الدر المنثور 8: 440 - 451. الحكم على الحديث: حسن، بما سبق، لاسيما وضعف حديث أبي سعيد -رضي الله عنه- غير شديد. *****

(120)

قال تعالى: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [الرعد 39]. (120) عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: ({يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ} إلا الشقوة والسعادة، والحياة والموت). تخريجه: أخرجه الطبراني في الأوسط 9: 179 (9472) قال: حدثنا يعقوب بن إسحاق، حدثني أبي، ثنا محمد بن جابر، عن ابن أبي ليلى، عن نافع، عن ابن عمر .. فذكره. وقال عقبه: لم يرو هذا الحديث عن ابن أبي ليلى؛ إلا محمد بن جابر، ولا رواه عن نافع؛ إلا ابن أبي ليلى. وعزاه في (الدر المنثور) 8: 469 إلى: ابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف، فيه: محمد بن جابر بن سيار السحيمي الحنفي، أبو عبد الله اليمامي، أصله كوفي. (د ق). قال أحمد: كان محمد بن جابر ربما ألحق أو يلحق في كتابه، يعني الحديث. وقال أيضا: يروي أحاديث مناكير. وقال ابن معين: كان أعمى، واختلط عليه حديثه، وكان كوفيا، فانتقل إلى اليمامة، وهو ضعيف. وكذا ضعفه النسائي، والدارقطني، وغيرهما. وقال أبو داود: ليس بشيء. وقال عمرو بن علي: صدوق كثير الوهم، متروك الحديث. وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي وأبا زرعة يقولان: محمد بن جابر يمامي الأصل، ومن كتب عنه كتب عنه باليمامة وبمكة، وهو صدوق إلا أن في حديثه تخاليط، وأما أصوله فهي صحاح. قال: وقال أبو زرعة: محمد بن جابر ساقط الحديث عند أهل العلم.

وقال: سألت أبي عن محمد بن جابر، فقال: ذهبت كتبه في آخر عمره، وساء حفظه، وكان يلقن، وكان عبد الرحمن بن مهدي يحدث عنه، ثم تركه بعد، وكان يروي أحاديث مناكير، وهو معروف بالسماع جيد اللقاء، رأوا في كتبه لحقا. وقال البخاري: ليس بالقوي، يتكلمون فيه، روى مناكير. وقال ابن حبان: كان أعمى، يلحق في كتبه ما ليس من حديثه، ويسرق ما ذوكر به؛ فيحدث به. وفي التقريب: صدوق، ذهبت كتبه فساء حفظه، وخلط كثيرا، وعمي فصار يلقن. مات بعد سنة 170 هـ. قلت: ويبدو أنه كان في أول أمره لا بأس به، مع وجود أصوله، وأن رواية شعبة عنه حينذاك، لأن شعبة معروف بالتشدد في انتقاء الشيوخ، وقد مات قبل محمد بن جابر، ثم ذهبت كتبه، وساء حفظه، وظهرت المناكير في رواياته. ينظر: التاريخ الكبير 1: 53، الضعفاء الصغير للبخاري ص 103، كتاب الضعفاء والمتروكين للنسائي ص 233، الجرح والتعديل 7: 219، المجروحين 2: 270، الكامل 6: 147، تهذيب الكمال 24: 565، السير 8: 238، الكاشف 2: 161، التقريب ص 471. وفي السند أيضا: محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري، أبو عبد الرحمن الكوفي. (4). قال شعبة: ما رأيت أحدا أسوأ حفظا من ابن أبي ليلى. وضعفه يحيى بن سعيد، وأحمد، وابن معين. وقال أبو حاتم: محله الصدق، كان سيء الحفظ، شغل بالقضاء فساء حفظه، لا يتهم بشيء من الكذب، إنما ينكر عليه كثرة الخطأ، يكتب حديثه ولا يحتج به.

الشواهد

وقال البخاري: صدوق، إلا أنه لا يدري صحيح حديثه من سقيمه، وضعف حديثه جدا. وقال ابن حبان: كان رديء الحفظ، كثير الوهم، فاحش الخطأ، يروي الشيء على التوهم، ويحدث على الحسبان، فكثر المناكير في روايته، فاستحق الترك. وفي التقريب: صدوق، سيء الحفظ جدا. مات سنة 148 هـ. ومما سبق يتبين أنه عدل، بل معدود من كبار الفقهاء، لكنه مجروح من جهة حفظه. ينظر: الجرح والتعديل 7: 322، المجروحين 2: 244، تهذيب الكمال 25: 622، الكاشف 2: 193، السير 6: 310، التقريب ص 493. وضعف إسناده السيوطي في (الدر المنثور) 8: 469، وفي (الإتقان) 2: 511. وأورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 7: 43 وقال: "رواه الطبراني في الأوسط، وفيه: محمد بن جابر اليمامي، وهو: ضعيف من غير تعمد كذب". الشواهد: يشهد لهذا الحديث: ما رواه ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سئل عن قوله: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} قال: (ذلك كل ليلة القدر، برفع، ويخفض، ويرزق، غير الحياة والموت، والشقاوة والسعادة، فإن ذلك لا يبدل). أخرجه ابن مردويه، كما في (الدر المنثور) 8: 470. *****

(121)

(121) عن جابر بن عبد الله بن رئاب الأنصاري -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} قال: (يمحو من الرزق، ويزيد فيه، ويمحو من الأجل، ويزيد فيه). تخريجه: أخرجه ابن سعد في (الطبقات الكبرى) 3: 574 قال: أخبرنا عفان بن مسلم، قال: أخبرنا همام بن يحيى، عن الكلبي، في قوله: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} قال: (يمحو من الرزق، ويزيد فيه، ويمحو من الأجل، ويزيد فيه) فقلت له: من حدثك؟ قال: حدثني أبو صالح، عن جابر بن عبد الله بن رئاب الأنصاري، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. وأخرجه الطبري 13: 565، وابن عدي في (الكامل) 6: 119، من طريق همام، به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 8: 469 إلى: ابن مردويه. وذكره ابن حجر مختصرا في (الإصابة) 1: 434 وزاد عزوه إلى ابن شاهين. وأخرجه الحارث بن أبي أسامة في مسنده 2: 725 (717 - بغية الباحث) من طريق همام به، بنحوه، لكن جعله من مسند ابن عباس -رضي الله عنهما-. وأخرجه الطبري 13: 566 قال: حدثنا الحسن، قال: ثنا عبد الوهاب، قال سمعت الكلبي، عن أبي صالح، بنحوه. موقوفا على أبي صالح. فائدة: جابر بن عبد الله بن رئاب بن النعمان بن سنان الأنصاري السلمي. أحد الستة الذين شهدوا العقبة الأول، وذكره موسى بن عقبة فيمن شهد بدرا. ينظر: (الإصابة) 1: 433.

الحكم على الإسناد

الحكم على الإسناد: ضعيف جدا، لحال الكلبي، وهو محمد بن السائب بن بشر بن عمرو الكلبي، أبو النضر الكوفي. (ت) قال أبو حاتم: الناس مجمعون على ترك حديثه، لا يشتغل به، هو ذاهب الحديث. وفي التقريب: متهم بالكذب، ورمي بالرفض. مات سنة 146 هـ. قلت: وهو إمام في التفسير، فينبغي أن يفرق بين روايته ورأيه. ينظر: الجرح والتعديل 7: 270، تهذيب الكمال 25: 246، التقريب ص 479 وشيخه: باذام، ويقال: باذان، أبو صالح مولى أم هانىء بنت أبي طالب. (4). قال يحيى بن معين: ليس به بأس، وإذا روى عنه الكلبي فليس بشيء. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه، ولا يحتج به. قال علي بن المديني: سمعت يحيى يذكر عن سفيان، قال: قال لي الكلبي: قال لي أبو صالح: كل ما حدثتك كذب. وقال ابن عدي: لم أعلم أحدا من المتقدمين رضيه. وضعفه كثيرون. ونقل ابن رجب في (فتح الباري) عن الإمام مسلم أنه قال في (كتاب التفصيل): "أبو صالح باذام؛ قد اتقى الناس حديثه، ولا يثبت له سماع من ابن عباس". وقال ابن حبان: يحدث عن ابن عباس، ولم يسمع منه. وفي التقريب: ضعيف، يرسل. ينظر: الجرح والتعديل 1: 135، 2: 431، المجروحين 1: 185، الكامل 2: 69، تهذيب الكمال 4: 6، جامع التحصيل ص 148، فتح الباري لابن رجب 3: 201، التقريب ص 120. *****

(122)

(122) عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن قوله تعالى: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} فقال: (لأبشرنك بها يا علي، فبشر بها أمتي من بعدي، الصدقة على وجهها، واصطناع المعروف، وبر الوالدين، وصلة الرحم؛ تحول الشقاء سعادة، وتزيد في العمر، وتقي مصارع السوء). تخريجه: أخرجه أبو نعيم في (الحلية) 6: 145 قال: حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا الحسن بن جرير الصوري، ثنا إسماعيل بن أبي الزناد، -من أهل وادي القرى- حدثني إبراهيم، شيخ من أهل الشام، عن الأوزاعي، قال: قدمت المدينة، فسألت محمد بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب عن قوله عز وجل: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [الرعد: 39] فقال: نعم، حدثنيه أبي، عن جده علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: سألت عنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: (لأبشرنك بها ..) الحديث. وقال عقبه: غريب، تفرد به إسماعيل بن أبي الزناد. وعزاه في (الدر المنثور) 8: 470 إلى: ابن مردويه، وابن عساكر، ولم أجده فيه. الحكم على الإسناد: ضعيف، لما يأتي: 1 - جهالة حال الحسن بن جرير، وإسماعيل بن أبي الزناد. 2 - الانقطاع بين زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي، وبين جده علي -رضي الله عنه-، كما نص على ذلك أبو زرعة. ينظر: (المراسيل) لابن أبي حاتم ص 139، تهذيب الكمال 20: 382، التقريب ص 400. *****

سورة إبراهيم

سورة إبراهيم قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [إبراهيم 4]. (123) عن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لم يبعث الله نبيا إلا بلغة قومه). تخريجه: أخرجه أحمد 5: 158 قال: حدثنا وكيع، عن عمر بن ذر، قال: قال مجاهد: عن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: .. فذكره. الحكم على الإسناد: ضعيف، للانقطاع بين مجاهد وأبي ذر -رضي الله عنه-. قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: مجاهد عن أبي ذر؛ مرسل. ينظر: (المراسيل) لابن أبي حاتم ص 205. والحديث أورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 7: 43 وقال: "رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح، إلا أن مجاهدا لم يسمع من أبي ذر". *****

(124)

قال تعالى: {وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (15) مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (16) يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ} [إبراهيم 15 - 17]. (124) عن أبي أمامة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: {وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (16) يَتَجَرَّعُه} قال: (يقرب إلى فيه فيكرهه، فإذا أدني منه شوى وجهه، ووقعت فروة رأسه، فإذا شربه قطع أمعاءه حتي تخرج من دبره، يقول الله: {وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ} ويقول: {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ}). تخريجه: أخرجه الترمذي (2583) في صفة جهنم: باب ما جاء في صفة شراب أهل النار، قال: حدثنا سويد بن نصر، أخبرنا عبد الله، أخبرنا صفوان بن عمرو، عن عبيد الله بن بسر، عن أبي أمامة -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه أحمد 5: 265، وابن أبي الدنيا في (صفة النار) رقم (73)، والنسائي في (السنن الكبرى) 10: 138 (11199)، والطبري 13: 620، وابن أبي حاتم 7: 2239 (12236)، والطبراني في الكبير 8: 90 (7460)، والحاكم في المستدرك 2: 351، 368، وأبو نعيم في (الحلية) 8: 182، والبيهقي في (البعث والنشور) (549)، والبغوي في تفسيره 4: 342، وفي (شرح السنة) 15: 243 (4405)، كلهم من طريق عبد الله، وهو: ابن المبارك، به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 8: 502 إلى: أبي يعلى، وابن المنذر، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف، لجهالة عبيد الله، وهو عبيد الله بن بسر الحمصى (ت س). روى عن: أبي أمامة -رضي الله عنه- هذا الحديث. وعنه: صفوان بن عمرو.

ذكره ابن حبان في (الثقات). وقال الترمذي -عقب الحديث-: لا نعرف عبيد الله بن بسر إلا في هذا الحديث، وقد روى صفوان بن عمرو، عن عبد الله بن بسر صاحب النبي -صلى الله عليه وسلم- غير هذا الحديث، وعبد الله بن بسر؛ له أخ قد سمع من النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأخته قد سمعت من النبي -صلى الله عليه وسلم- وعبيد الله بن بسر الذي روى عنه صفوان بن عمرو هذا الحديث؛ رجل آخر ليس بصاحب. وقال الذهبي في (الميزان): لا يعرف. وفي التقريب: مجهول. ينظر: الجرح والتعديل 5: 308، الثقات 5: 66، تهذيب الكمال 19: 13، الميزان 3: 4، الكاشف 1: 679، تهذيب التهذيب 4: 6، التقريب ص 370. قال أبو عيسى الترمذي: هذا حديث غريب. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه. وأقره الذهبي. وينظر الحديث رقم (147)، ورقم (172). *****

(125)

قال تعالى: {وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ} [إبراهيم 21]. (125) عن كعب بن مالك -رضي الله عنه- رفعه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما أحسب- في قوله: {سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ} قال: (يقول أهل النار: هلموا فلنصبر، قال: فصبروا خمس مائة عام، فلما رأوا ذلك لا ينفعهم، قالوا: هلموا فلنجزع، قال: فيبكون خمس مائة عام، فلما رأوا ذلك لم ينفعهم، قالوا: {سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ}). تخريجه: أخرجه الطبراني في الكبير 19: 84 (172) قال: حدثنا أبو يزيد القراطيسي، ثنا أسد ابن موسى، ثنا محمد بن يوسف، عن أنس بن أبي القاسم، عن ابن كعب بن مالك، عن أبيه، رفعه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما أحسب-: .. فذكره. ورواه ابن أبي حاتم 7: 2240 (12244) مختصرا، معلقا على كعب بن مالك -رضي الله عنه-. وعزاه في (الدر المنثور) 8: 506 إلى: ابن مردويه. وكذا عزاه إليه ابنُ حجر في (اللسان) 1: 591، وزاد أنه رواه عن الطبراني. الحكم على الإسناد: ضعيف، لجهالة أنس بن أبي القاسم. قال ابن أبي حاتم: "أنس بن القاسم، وهو: أنس بن أبي نمير، روى عن ابن كعب بن مالك، روى عنه الفريابي، سمعت أبي يقول ذلك. وسألته عنه، فقال: هو مجهول". وهكذا في (الميزان) و (المغني) للذهبي. ينظر: الجرح والتعديل 2: 288، الميزان 1: 277، المغني في الضعفاء 1: 94، اللسان 1: 591.

فائدة

وللشك في رفع الحديث. فائدة: ابن كعب بن مالك؛ هكذا ورد مهملا ولم يميز، وكعب بن مالك -رضي الله عنه-؛ يروي عنه خمسة من أولاده: عبد الله، وعبد الرحمن، وعبيد الله، ومحمد، ومعبد. ينظر: تهذيب الكمال 24: 194 - 195. وكلهم ثقات، من رجال الصحيحين، سوى محمد فأخرج له مسلم دون البخاري. ولم يذكر في الرواة عنهم أنس المذكور هنا، بعد مراجعة تراجمهم من (تهذيب الكمال). *****

(126)

قال تعالى: {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [إبراهيم 22]. (126) عن عقبة بن عامر الجهني -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إذا جمع الله الأولين والآخرين فقضى بينهم، وفرغ من القضاء، قال المؤمنون: قد قضى بيننا ربنا، فمن يشفع لنا إلى ربنا، فيقولون: انطلقوا إلى آدم، فإن الله خلقه بيده وكلمه، فيأتونه، فيقولون: قم، فاشفع لنا إلى ربنا، فيقول آدم: عليكم بنوح، فيأتون نوحا، فيدلهم على إبراهيم، فيأتون إبراهيم، فيدلهم على موسى، فيأتون موسى، فيدلهم على عيسى، فيأتون عيسى، فيقول: أدلكم على النبي الأمي، قال: فيأتوني فيأذن الله عز وجل لي أن أقوم إليه، فيثور مجلسي أطيب ريح شمها أحد قط، حتى آتي ربي فيشفعني، ويجعل لي نورا من شعر رأسي إلى ظفر قدمي، فيقول الكافرون عند ذلك لإبليس: قد وجد المؤمنون من يشفع لهم، فقم أنت فاشفع لنا إلى ربك، فإنك أنت أضللتنا، قال: فيقوم فيثور مجلسه أنتن ريح شمها أحد قط، ثم يعظم لجهنم، فيقول عند ذلك: {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ} إلى آخر الآية). تخريجه: أخرجه الدارمي (2804) في الرقاق: باب في الشفاعة، قال: حدثنا عبد الله بن يزيد، حدثنا عبد الرحمن بن زياد، حدثنا دخين الحجري، عن عقبة بن عامر -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه نعيم بن حماد في زوائده على الزهد لابن المبارك ص 494 رقم (374)، والبخاري في (خلق أفعال العباد) ص 117، والطبري 13: 630، وابن أبي حاتم 7: 2240

الحكم على الإسناد

(12245)، والطبراني في الكبير 17: 320 (887)، والبغوي في تفسيره 4: 345، وابن عساكر في (تاريخ دمشق) 7: 453، كلهم من طريق عبد الرحمن بن زياد، به، بنحوه. ووقع عند ابن أبي حاتم سقط من الإسناد. ولفظ البخاري، والطبري، والبغوي؛ مختصر. وعزاه في (الدر المنثور) 8: 507 إلى: ابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف، لحال الإفريقي، وهو عبد الرحمن بن زياد بن أنعُم بن منبه الشعباني، أبو أيوب، ويقال: أبو خالد الإفريقي. (بخ د ت ق). ضعيف من جهة حفظه، مات سنة 156هـ. ينظر: تهذيب الكمال 17: 102، التقريب ص 340. وقال الهيثمي في (مجمع الزوائد) 10: 376: "رواه الطبراني، وفيه: عبد الرحمن بن زياد ابن أنعم، وهو: ضعيف". وضعف إسناده: السيوطيُ في (الدر المنثور) 8: 507. *****

(127)

قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ} [إبراهيم 24 - 26]. (127) عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: أتي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقناع عليه رطب، فقال: (مثل {كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا}، قال: هي النخلة، {وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ} قال: هي الحنظل). تخريجه: أخرجه الترمذي (3119) في تفسير القرآن: باب ومن سورة إبراهيم عليه السلام، قال: حدثنا عبد بن حميد، حدثنا أبو الوليد، حدثنا حماد بن سلمة، عن شعيب بن الحبحاب، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه النسائي في الكبرى 10: 138 (11198)، وأبو يعلى في مسنده 7: 182 (4165)، والطبري 13: 638، 654، وابن أبي حاتم 7: 2242 (12252)، وابن حبان في صحيحه كما في الإحسان 2: 222 (475)، والحاكم في المستدرك 2: 352، كلهم من طريق حماد بن سلمة، به، بنحوه. واقتصر النسائي، والحاكم على شقه الأول، بينما اقتصر ابن أبي حاتم على شقه الثاني. وعزاه في (الدر المنثور) 8: 512 - 513 إلى: البزار، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: إسناد صحيح، رجاله رجال الصحيح، لكنه معل، وبيان ذلك؛ أن هذا الحديث يرويه: شعيب بن الحبحاب، واختلف عليه فيه على وجهين:

1 - الرفع. وهكذا رواه حماد بن سلمة، عنه، عن أنس -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. 2 - الوقف. ورواها عنه جماعة من الرواة، وهم: (أ) أبو بكر بن شعيب بن الحبحاب. أخرجه الترمذي عقب الحديث (3119)، قال: حدثنا قتيبة، حدثنا أبو بكر بن شعيب ابن الحبحاب، عن أبيه، عن أنس بن مالك، نحوه بمعناه، ولم يرفعه. وأبو بكر بن شعيب؛ قيل: اسمه عبد الله، وهو ثقة، أخرج له مسلم والترمذي. ينظر: التقريب ص 623. (ب) حماد بن زيد. أخرجه الترمذي عقب الحديث (3119)، قال: حدثنا أحمد بن عبدة الضبي، حدثنا حماد بن زيد، عن شعيب بن الحبحاب، عن أنس -رضي الله عنه- نحو حديث قتيبة، ولم يرفعه. وحماد بن زيد؛ ثقة ثبت فقيه، أخرج حديثه الجماعة وتوفي سنة 179 هـ. ينظر: تهذيب الكمال 7: 239، التقريب ص 178. (جـ) إسماعيل بن علية. أخرجه الطبري 13: 637 قال: حدثني يعقوب، والحسن بن محمد، قالا: ثنا ابن علية، قال: ثنا شعيب قال: قال خرجت مع أبي العالية، نريد أنس بن مالك -رضي الله عنه-، قال: فأتيناه، فدعا لنا بقنو عليه رطب، فقال كلوا من هذه الشجرة التي قال الله عز وجل: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ}. وإسماعيل بن علية؛ ثقة حافظ، أخرج حديثه الجماعة. ينظر: التقريب ص 105.

(د) معمر بن راشد. أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 2: 342، قال: عن معمر، عن شعيب بن الحبحاب، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: الشجرة الطيبة: النخلة، والشجرة الخبيثة: الحنظلة. وأخرجه الطبري 13: 641، من طريق معمر، به، بالاقتصار على شقه الأول. ومعمر بن راشد؛ ثقة ثبت فاضل، إلا أن في روايته عن ثابت، والأعمش، وهشام بن عروة؛ شيئا، وكذا فيما حدث به بالبصرة. ينظر: التقريب ص 541. (هـ) مهدي بن ميمون. أخرجه الطبري 13: 638 قال: حدثني المثنى، قال: ثنا الحجاج بن المنهال، قال: ثنا مهدي بن ميمون، عن شعيب بن الحبحاب، به، موقوفا، بنحوه، وفيه قصة. ومهدي بن ميمون؛ ثقة، أخرج حديثه الجماعة. ينظر: التقريب ص 548. بل جاء هذا الوجه من رواية حماد بن سلمة نفسه -راوي الرفع-، أخرج ذلك: الطبري 13: 638، قال: حدثني المثنى، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن شعيب بن الحبحاب، قال: .. فذكره بمعناه، موقوفا على أنس -رضي الله عنه-، مقتصرا على شقه الأول. ومما سبق يترجح الوجه الثاني (الوقف) للأكثرية والأحفظية، وقد نص الأئمة على تقديم حماد بن زيد، على حماد بن سلمة، في التثبت والإتقان، سوى في ثابت البناني. ينظر: تهذيب الكمال 7: 246 وما بعدها. كما نصوا على أن حماد بن سلمة قد تغير حفظه بأخرة.

الشواهد

وقد أخرج الإمام الترمذي الحديثَ موقوفا، من طريق أبي بكر بن شعيب، عقب الحديث (3119)، ثم قال: "وهذا أصح من حديث حماد بن سلمة، وروى غير واحد مثل هذا موقوفا، ولا نعلم أحدا رفعه غير حماد بن سلمة، ورواه: معمر، وحماد بن زيد، وغير واحد، ولم يرفعوه". ينظر: جامع الترمذي (3119)، الأحاديث التي ذكر الترمذي فيها اختلافا، وليست في العلل الكبير/ د. عبد العزيز الهليل ص 1530. ولم يتفرد بالوقف: شعيب بن الحبحاب، بل تابعه: معاوية بن قرة، أخرج ذلك الطبري 13: 637، قال: حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن معاوية بن قرة، قال: سمعت أنس بن مالك -رضي الله عنه- في هذا الحرف: {كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ} قال: هي النخلة. وأخرجه البغوي في (الجعديات) 1: 324 (111)، من طريق شعبة، به. الشواهد: يشهد لأول الحديث -فيما وقفت عليه- ما يأتي: 1 - عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: {كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ}، قال: (هي التي لا تنفض ورقها، وظننت أنها النخلة). أخرجه أحمد 2: 91، وفي سنده شريك القاضي، موصوف بكثرة الغلط، والوهم. ينظر: الجرح والتعديل 4: 365، الكامل 4: 6، تهذيب الكمال 12: 462، التقريب 266. والحديث جوَّد السيوطي إسناده في (الدر المنثور) 8: 513، وزاد عزوه إلى: ابن مردويه.

الحكم على الحديث

2 - عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: لما نزلت هذه الآية: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ}، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أتدرون أي شجرة هذه؟)، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: (هي النخلة) الحديث. أورده في (الدر المنثور) 8: 514 وعزاه إلى: ابن مردويه. 3 - عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (هل تدرون ما الشجرة الطيبة؟) قال ابن عمر -رضي الله عنهما-: فأردت أن أقول: هي النخلة، فمنعني مكان عمر -رضي الله عنه-، فقالوا: الله ورسوله أعلم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (هي النخلة). أخرجه الطبري 13: 642، وفيه مبهم، فالسند ضعيف. وعزاه في (الدر المنثور) 8: 514 إلى: ابن مردويه. قلت: وأصل حديث ابن عمر هذا؛ في الصحيحين، لكن ليس فيهما ذكر الآية، أو ذكر الشجرة الطيبة، والله أعلم. الحكم على الحديث: ضعيف مرفوعا، والصحيح فيه الوقف. قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه. وأقره الذهبي. *****

(128)

قال تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [إبراهيم 27]. (128) عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (المسلم إذا سئل في القبر، يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فذلك قوله: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ}). تخريجه: أخرجه البخاري (4699) في تفسير القرآن: باب قوله: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ}، و (1369) في الجنائز: باب ما جاء في عذاب القبر، ومسلم (2871) في الجنة وصفة نعيمها: باب عرض مقعد الميت من الجنة والنار عليه، وأبو داود (4750) في السنة: باب في المسألة في القبر، وعذاب القبر، والترمذي (3120) في تفسير القرآن: باب ومن سورة إبراهيم عليه السلام، والنسائي (2056) (2057) في الجنائز: باب عذاب القبر، وابن ماجه (4269) في الزهد: باب ذكر القبر والبلى، وأحمد 4: 283، 291، من طرق عن البراء -رضي الله عنه-، بمعناه. ولفظ الترمذي: عن البراء -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، في قول الله تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ}، قال: (في القبر إذا قيل له: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟). قال أبو عيسى الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. *****

(129)

قال تعالى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [إبراهيم 48]. (129) عن ثوبان -رضي الله عنه- قال: جاء حبر من أحبار اليهود إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: أين يكون الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات؟، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (هم في الظلمة دون الجسر). تخريجه: أخرجه مسلم مطولا (315) في الحيض: باب صفة مني الرجل والمرأة. ويشهد له ما جاء: عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن قوله عز وجل: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ}، فأين يكون الناس يومئذ يا رسول الله؟ فقال: (على الصراط). أخرجه مسلم (2791) في صفة القيامة: باب في البعث والنشور، والترمذي (3121) في تفسير القرآن: باب ومن سورة إبراهيم عليه السلام، وابن ماجه (4279) في الزهد: باب ذكر البعث، وأحمد 6: 35، والدارمي (2809) في الرقاق: باب قوله تعالى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ}، كلهم من طريق داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة -رضي الله عنها-. قال الإمام النووي رحمه الله في (شرح مسلم) 3: 226 - 227: "قوله -صلى الله عليه وسلم-: (هم في الظلمة دون الجسر)، هو بفتح الجيم وكسرها، لغتان مشهورتان، والمراد به هنا: الصراط". *****

(130)

(130) عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قول الله تعالى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ}، قال: (أرضٌ بيضاء، كأنها فضة لم يسفك فيها دم حرام، ولم يعمل فيها خطيئة). تخريجه: أخرجه الهيثم بن كليب الشاشي في (مسنده) 2: 131 (669)، قال: حدثنا عباس الدوري، نا أبو عتاب الدلال، نا جرير بن أيوب البجلي، نا أبو إسحاق، عن عمرو بن ميمون، قال سمعت ابن مسعود -رضي الله عنه- يقول: .. فذكره. وأخرجه البزار في مسنده (البحر الزخار) 5: 246 (1859)، والطبراني في الكبير 10: 199 (10323)، وفي الأوسط 7: 164 (7167)، وابن عدي في (الكامل) 2: 123، وابن عساكر في (تاريخ دمشق) 46: 407، كلهم من طريق جرير بن أيوب البجلي، به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 8: 575 إلى: ابن المنذر، وابن مردويه. وقال الطبراني في (الأوسط): لم يرفع هذا الحديث عن أبي إسحاق، إلا جرير بن أيوب، تفرد به: أبو عتاب. قلت: لم يتفرد به أبو عتاب، واسمه: سهل بن حماد، بل تابعه عليه: داود بن الربيع الأشجعي، فرواه عن جرير بن أيوب، به، وهذا الوجه عند ابن عدي في (الكامل) 2: 123. الحكم على الإسناد: ضعيف جدا، لحال جرير، وهو جرير بن أيوب بن أبي زرعة البجلي الكوفي. قال ابن معين: ليس بشيء. وقال البخاري: منكر الحديث. وقال النسائي: متروك. وقال أبو نعيم: كان يضع الحديث. وقال ابن حبان: كان ممن فحش خطؤه. ينظر: الجرح والتعديل 2: 503، المجروحين 1: 220، لسان الميزان 2: 128، تعجيل المنفعة 1: 384. وقد خالف الثقات الأثبات، فقد رواه عن أبي إسحاق:

الحكم على الحديث

1 - شعبة بن الحجاج. (ع). أخرجه أحمد في (العلل ومعرفة الرجال) 3: 138 (4603)، والطبري 13: 729، كلاهما من طريق شعبة، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، عن عبد الله -رضي الله عنه-، موقوفا. وأخرجه الحاكم 4: 570 من طريق شعبة، عن أبي إسحاق، عن هبيرة بن يريم، عن عبد الله -رضي الله عنه-. 2 - إسرائيل. (ع) أخرجه الطبري 13: 730، وأبو الشيخ في (العظمة) 3: 1099 (598)، والحاكم في (المستدرك) 4: 570، كلهم من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، عن عبد الله -رضي الله عنه-، موقوفا. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه. وأقره الذهبي. وإسرائيل؛ هو: ابن يونس بن أبي إسحاق الهمداني السبيعي، أبو يوسف الكوفي. (ع) قال ابن مهدي: إسرائيل في أبي إسحاق؛ أثبت من شعبة والثوري. ينظر: الجرح والتعديل 2: 330، تهذيب الكمال 2: 515، السير 7: 355. وأخرجه الطبري 13: 731، والطبراني في الكبير 9: 205 (9001)، كلاهما من طريق حماد بن زيد، عن عاصم بن بهدلة، عن زر بن حبيش، عن عبد الله -رضي الله عنه-، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 8: 575 إلى: عبد الرزاق، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم. وأورده الهيثمي في (المجمع) 7: 45، وقال: "رواه الطبراني في الكبير موقوفا على عبد الله -رضي الله عنه-، وإسناده جيد". الحكم على الحديث: منكر مرفوعا، والراجح فيه: الوقف، ومثله لا يقال من قبيل الرأي، فله حكم الرفع. *****

سورة الحجر

سورة الحجر قال تعالى: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ} [الحجر 2]. (131) عن أبي موسى -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا اجتمع أهل النار في النار، ومعهم من شاء الله من أهل القبلة، يقول الكفار: ألم تكونوا مسلمين؟ قالوا: بلى، قالوا: فما أغنى عنكم إسلامكم، وقد صرتم معنا في النار؟ قالوا: كانت لنا ذنوب فأخذنا بها فيسمع الله ما قالوا، فأمر بمن كان من أهل القبلة فأخرجوا، فلما رأى ذلك أهل النار، قالوا: يا ليتنا كنا مسلمين فنخرج كما خرجوا، قال: وقرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ (1) رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ}). تخريجه: أخرجه ابن أبي عاصم في (كتاب السنة) 2: 405 (843)، قال: ثنا أبو الشعثاء علي بن حسن بن سليمان، حدثنا خالد بن نافع، عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، عن أبي موسى -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه الطبري 14: 8، وابن أبي حاتم 7: 2255 (12324)، والحاكم في (المستدرك) 2: 242، والبيهقي في (البعث) (79)، كلهم من طريق: خالد بن نافع، به، بنحوه. وفي المطبوع من تفسير ابن أبي حاتم سقط من الإسناد. وعزاه في (الدر المنثور) 8: 586 إلى: الطبراني، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: إسناد ضعيف، لحال خالد بن نافع، وهو الأشعري الكوفي، من ولد أبي موسى -رضي الله عنه-. ذكره ابن حبان في (الثقات). وضعفه أبو زرعة، والنسائي. وقال أبو حاتم: ليس بقوي، يكتب حديثه.

الشواهد

وقال أبو داود: متروك الحديث، وتعقبه الذهبي، فقال: وهذا تجاوز في الحد، فإن الرجل قد حدث عنه أحمد بن حنبل، ومسدد، فلا يستحق الترك. فالظاهر أنه كما قال أبو حاتم، ليس بقوي، فلا يحتج به أصالة، ولا يترك بالكلية، لكن يكتب حديثه للاعتبار، فهو في منزلة الضعف غير الشديد. قال الذهبي في (الموقظة) ص 82: "قولنا: (ليس بالقوي) ليس بجرح مفسد .. وبالاستقراء؛ إذا قال أبو حاتم: (ليس بالقوي)، يريد بها: أن هذا الشيخ لم يبلغ درجة القوي الثبت". وأخرج الخطيب في (الكفاية) ص 181 عن أحمد بن صالح، أنه قال: "لا يترك حديث رجل حتى يجتمع الجميع على ترك حديثه، قد يقال: فلان ضعيف، فأما أن يقال: فلان متروك فلا، إلا أن يجتمع الجميع على ترك حديثه". ينظر: الجرح والتعديل 3: 355، الثقات 6: 246، الكامل 3: 26، تاريخ بغداد 8: 298، الميزان 1: 644، المغني في الضعفاء 1: 207، لسان الميزان 2: 388. وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. وأقره الذهبي. وأورده في (مجمع الزوائد) 7: 45، وقال: "رواه الطبراني، وفيه: خالد بن نافع الأشعري قال أبو داود: متروك، قال الذهبي: هذا تجاوز في الحد، فلا يستحق الترك فقد حدث عنه أحمد بن حنبل وغيره. وبقية رجاله ثقات". الشواهد: يشهد لهذا الحديث -فيما وقفت عليه- ما يأتي: 1 - عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن ناسا من أمتي يعذبون بذنوبهم، فيكونون في النار ما شاء الله أن يكونوا، ثم يعيرهم أهل الشرك، فيقولون: ما

نرى ما كنتم تخالفونا فيه من تصديقكم وإيمانكم نفعكم، فلا يبقى موحد إلا أخرجه الله، ثم قرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ}). أخرجه الطبراني في الأوسط 5: 222 (5146)، قال: حدثنا محمد بن علي بن شعيب السمسار، قال: حدثنا محمد بن عباد المكي، قال: حدثنا حاتم بن إسماعيل، قال: حدثنا بسام الصيرفي، عن يزيد بن صهيب الفقير، عن جابر بن عبد الله. وعزاه في (الدر المنثور) 8: 586 إلى: ابن مردويه. وصحح إسناده في (الدر المنثور) 8: 586. وقال في (المجمع) 10: 379: "رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله رجال الصحيح غير بسام الصيرفي، وهو ثقة". 2 - عن صالح بن أبي طريف، قال: قلت لأبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أسمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول في هذه الآية: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ} فقال: نعم، سمعته يقول: (يخرج الله أناسا من المؤمنين من النار بعدما يأخذ نقمته منهم، قال: لما أدخلهم الله النار مع المشركين، قال المشركون: أليس كنتم تزعمون في الدنيا أنكم أولياء الله، فما لكم معنا في النار؟ فإذا سمع الله ذلك منهم أذن في الشفاعة، فيتشفع لهم الملائكة، والنبيون، حتى يخرجوا بإذن الله، فلما أخرجوا، قالوا: يا ليتنا كنا مثلهم فتدركنا الشفاعة فنخرج من النار، فذلك قول الله جل وعلا: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ} قال: فيسمون في الجنة؛ الجهنميين، من أجل سواد في وجوههم، فيقولون: ربنا اذهب عنا هذا الاسم، قال: فيأمرهم فيغتسلون في نهر في الجنة، فيذهب ذلك منهم). أخرجه ابن حبان في صحيحه كما في الإحسان 16: 457 (7432)، والطبراني في الأوسط 8: 106 (8110)، كلاهما من طريق: حماد بن أسامة، عن أبي روق، عن صالح ابن أبي طريف، به.

وعزاه في (الدر المنثور) 8: 587 إلى: ابن راهويه، وابن مردويه. وصالح؛ ذكره ابن حبان في (الثقات) 4: 376، فقال: "صالح بن أبى طريف، أبو الصيداء، يروى عن: أبى سعيد الخدري، روى عنه: أبو روق عطية بن الحارث الهمداني". ومثل هذا -من سمي، وانفرد عنه واحد بالرواية- يسمى مجهول العين، كما قرره ابن حجر في (نزهة النظر) ص 135 قال: "فإن سمي الراوي، وانفرد راو واحد بالرواية عنه؛ فهو مجهول العين؛ كالمبهم، فلا يقبل حديثه إلا أن يوثقه غير من ينفرد عنه على الأصح، وكذا من ينفرد عنه إذا كان متأهلا لذلك". فالسند ضعيف، لكن يتقوى بما سبق. 3 - عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن أصحاب الكبائر من موحدي الأمم كلها، الذين ماتوا على كبائرهم غير نادمين ولا تائبين، من دخل منهم جهنم، لا تزرق أعينهم، ولا تسود وجوههم، ولا يقرنون بالشياطين، ولا يغلون بالسلاسل، ولا يجرعون الحميم، ولا يلبسون القطران، حرم الله أجسادهم على الخلود من أجل التوحيد، وصورهم على النار من أجل السجود؛ فمنهم من تأخذه النار إلى قدميه، ومنهم من تأخذه النار إلى عقبيه، ومنهم من تأخذه النار إلى فخذيه، ومنهم من تأخذه النار إلى حجزته، ومنهم من تأخذه النار إلى عنقه، على قدر ذنوبهم وأعمالهم، ومنهم من يمكث فيها شهرا ثم يخرج منها، ومنهم من يمكث فيها سنة ثم يخرج منها، وأطولهم فيها مكثا بقدر الدنيا منذ يوم خلقت إلى أن تفنى، فإذا أراد الله أن يخرجهم منها قالت اليهود والنصارى ومن في النار من أهل الأديان والأوثان لمن في النار من أهل التوحيد: آمنتم بالله وكتبه ورسله، فنحن وأنتم اليوم في النار سواء.

الحكم على الحديث

فيغضب الله لهم غضبا لم يغضبه لشيء فيما مضى، فيخرجهم إلى عين بين الجنة والصراط فينبتون فيها نبات الطراثيث في حميل السيل، ثم يدخلون الجنة مكتوب في جباههم: هؤلاء الجهنميون عتقاء الرحمن. فيمكثون في الجنة ما شاء الله أن يمكثوا، ثم يسألون الله تعالى أن يمحو ذلك الاسم عنهم، فيبعث الله ملكا فيمحوه، ثم يبعث الله ملائكة معهم مسامير من نار فيطبقونها على من بقي فيها، يسمرونها بتلك المسامير، فينساهم الله على عرشه، ويشتغل عنهم أهل الجنة بنعيمهم ولذاتهم، وذلك قوله: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ}). عزاه في (الدر المنثور) 8: 589 إلى: ابن أبي حاتم، وابن شاهين في (السنة). قلت: وهو في تفسير ابن أبي حاتم 7: 2255 (12326) مختصرا، من طريق مسكين أبو فاطمة، حدثني اليمان بن يزيد، عن محمد بن حمير، عن محمد بن علي، عن أبيه، عن جده. قال الذهبي في ترجمة (محمد بن حمير) من الميزان 3: 532: "له في عذاب أهل الكبائر خبر منكر، تفرد عنه: يمان بن يزيد". وأشار إلى الحديث في ترجمة اليمان 4: 461 وقال: "أظنه موضوعا". وقوله في الحديث: (الطراثيث) قال في (النهاية) 3: 117: "الطراثيث: هي جمعُ طُرثوث، وهو نَبْت يَنْبَسِط على وجه الأرض كالفطر". الحكم على الحديث: الحديث بما سبق يترقى إلى الحسن، والله أعلم. *****

(132)

(132) عن أبي أمامة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال في قوله تعالى: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ}: (نزلت في الخوارج حين رأوا تجاوز الله عن المسلمين، وعن الأمة والجماعة، قالوا: يا ليتنا كنا مسلمين). تخريجه: أخرجه الطبراني في الكبير 8: 326 (8048)، قال: حدثنا أحمد بن زهير التستري، ثنا عباد بن الوليد الغبري، ثنا محمد بن عباد، ثنا حميد الخياط، عن زكريا بن يحيى صاحب القصب، قال: سألت أبا غالب عن قول الله عز وجل: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ}، فقال: حدثني أبو أمامة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: .. فذكره. وعلقه ابن أبي حاتم في تفسيره 7: 2257 (12329)، على زكريا بن يحيى. وعزاه في (الدر المنثور) 8: 590 إلى: ابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف، لجهالة زكريا بن يحيى. والحديث أورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 7: 45، وقال: "رواه الطبراني، وزكريا، والراوي عنه؛ لم أعرفهما". قلت: الراوي عنه: حميد بن مهران الخياط الكندي، ويقال: المالكي، أبو عبد الله البصري. (ت س)، ثقة، وثقه ابن معين، والذهبي، وابن حجر، وغيرهم. ينظر: الجرح والتعديل 3: 228، تهذيب الكمال 7: 398، الكاشف 1: 355، التقريب ص 182. *****

(133)

قال تعالى: {وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ (43) لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ} [الحجر 43 - 44]. (133) عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قوله تعالى: {لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ} قال: (جزء أشركوا بالله، وجزء شكوا في الله، وجزء غفلوا عن الله). تخريجه: أخرجه الخطيب في (تاريخ بغداد) 9: 29، قال: أخبرنا عثمان بن محمد بن يوسف العلاف، أخبرنا محمد بن عبد الله الشافعي، حدثنا عبد الله بن روح، حدثنا سليمان بن مهران أبو سفيان المدائني الضرير، سنة أربع ومائتين، حدثنا سلام، عن أبي بشر، عن أنس ابن مالك -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه ابن الجوزي في (الموضوعات) 2: 435، من طريق الخطيب، به. وأخرجه السهمي في (تاريخ جرجان) ص 182 من طريق: محمد بن عبد الله الشافعي، به، بلفظه. لكن زاد: أبا نصر، بين سلام وأبي بشر. وعزاه في (الدر المنثور) 8: 624 إلى: ابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف جدا، لحال سليمان بن مهران، أبو سفيان المدائني الضرير. ذكره الخطيب، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وذكره الذهبي، وأورد له هذا الحديث، وقال: منكر جدا. وأقره ابن حجر. ينظر: تاريخ بغداد 9: 29، الميزان 2: 223، اللسان 3: 121. وقال ابن الجوزي في (الموضوعات) 2: 435: "هذا حديث موضوع على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وسلام؛ ليس بشيء. قال يحيى: لا يكتب حديثه، ليس بشيء، وقال النسائي، والدارقطني: متروك، وقال ابن حبان: يروي عن الثقات الموضوعات".

قلت: (سلام) هكذا ورد في السند مهملا، وهكذا قال ابن الجوزي، ولم يميزه، والظاهر أنه يعني: سلام بن سلم الطويل، له ترجمة في (تهذيب الكمال) 12: 277، ولم تذكر له رواية عن أبي بشر، ولذا فالأظهر أنه: سلام بن سليم، لأنه معروف بالرواية عن أبي بشر؛ بيان بن بشر، والله أعلم. ومما يؤيد وهم ابن الجوزي فيما ذهب إليه؛ أن الذهبي في (الميزان) 2: 223، ومن بعده الحافظ في (اللسان) 3: 121، أوردوا هذا الحديث من هذا الوجه، ولم يعلوه بسلام، ولو كان كما ذكر ابن الجوزي لأعلوه به. وانظر: (زوائد تاريخ بغداد على الكتب الستة) / د. خلدون الأحدب (1317). *****

(134)

قال تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} [الحجر 75]. (134) عن أبى سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} قال: (للمتفرسين). تخريجه: أخرجه الخطيب البغدادي في (تاريخ بغداد) 3: 191، قال: حدثني أبو القاسم الأزهري، حدثنا أحمد بن إبراهيم البزاز، حدثنا محمد بن الحسين بن حميد، حدثنا محمد بن عبيد بن عتبة الكندي، حدثنا موسى بن زياد، حدثنا محمد بن كثير، عن سفيان، عن عمرو ابن قيس، عن عطية، عن أبى سعيد الخدري -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه أبو نعيم في (حلية الأولياء) 10: 281 - 282، من طريق محمد بن كثير الكوفي، عن عمرو بن قيس الملائي، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (احذروا فراسة المؤمن، فإنه ينظر بنور الله)، وقرأ: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} قال: (للمتفرسين). وأورده السيوطي في (الدر المنثور) 8: 639 بنحو لفظ أبي نعيم، وعزاه إلى البخاري في تاريخه، والترمذي، وابن جرير الطبري، وليس عندهم بهذا اللفظ كما سيأتي بعد قليل. وكذا عزاه إلى: ابن السني، وأبي نعيم، كليهما في (الطب النبوي)، وابن مردويه. النظر فى إسناده، والحكم عليه: الحديث -بهذا الإسناد- ضعيف، لما يأتي: 1 - فيه: محمد بن كثير القرشي، أبو إسحاق الكوفي. قال البخاري: منكر الحديث. وقال أحمد: خرقنا حديثه، ولم نرضه. وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث، وكان يحيى بن معين يحسن القول فيه.

وقال عبد الله بن علي بن المديني: سمعت أبي يقول: محمد بن كثير؛ كتبنا عنه، عن ليث عجائب، وخططت على حديثه، وضعفه جدا. وقال ابن حبان: كان ممن ينفرد عن الثقات بالأشياء المقلوبات التي إذا سمعها مَن الحديث صناعته؛ علم أنها معمولة أو مقلوبة، لا يحتج به بحال. وقال ابن عدي: الضعف على حديثه ورواياته بين. وذكره في التقريب تمييزا، وقال: ضعيف. ينظر: التاريخ الكبير 1: 217، الجرح والتعديل 8: 68، المجروحين 2: 287، الكامل 6: 253، تاريخ بغداد 3: 191، التقريب ص 504. 2 - عطية بن سعد العوفي. ضعيف عند جمهور المحدثين، وقال الدارقطني: مضطرب الحديث. ينظر: علل الدارقطني 4: 6، تهذيب الكمال 20: 145. وقال الخطيب بعد رواية الحديث 3: 191: "كذا قال في هذا الحديث عن محمد بن كثير، عن سفيان، عن عمرو بن قيس، والأول المحفوظ -يشير إلى حديث: (اتقوا فراسة المؤمن ..) وسيأتي تخريجه بعد قليل- وهو غريب من حديث عطية العوفي، عن أبى سعيد -رضي الله عنه-، لا نعلم رواه عنه غير عمرو بن قيس الملائي، وتفرد به: محمد بن كثير، عن عمرو، وهو وهم، والصواب: ما رواه سفيان، عن عمرو بن قيس الملائي، قال: كان يقال: اتقوا فراسة المؤمن وساق الحديث". ونحو ذلك في (الضعفاء الكبير) للعقيلي 4: 129. والحديث أخرجه الطبري 14: 96، والعقيلي في (الضعفاء الكبير) 4: 129، وابن أبي حاتم -كما في تفسير ابن كثير 4: 543 - ، والطبراني في (الأوسط) 8: 23 رقم (7843)، والخطيب في (تاريخ بغداد) 7: 242 - ومن طريقه: ابن الجوزي في (صفة

فائدتان

الصفوة) 2: 274 - ، كلهم من طريق محمد بن كثير الكوفي، عن عمرو بن قيس الملائي، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (اتقوا فراسة المؤمن، فإنه ينظر بنور الله)، ثم قرأ: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ}. وليس فيه تفسير المتوسمين عندهم جميعا، وعند العقيلي لم تذكر الآية. وقال الطبراني عقبه: لم يرو هذا الحديث عن عمرو بن قيس إلا محمد بن كثير، ومحمد ابن أبي مروان، ولا يروى عن أبي سعيد إلا بهذا الإسناد. واْخرجه البخاري في (التاريخ الكبير) 7: 354، وعنه: الترمذي في جامعه رقم (3127) في التفسير: باب ومن سورة الحجر، من طريق مصعب بن سلام، عن عمرو بن قيس الملائي، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (اتقوا فراسة المؤمن، فإنه ينظر بنور الله)، ثم قرأ: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ}. وليس فيه عندهما أيضا تفسير المتوسمين، وقال الترمذي عقبه: "هذا حديث غريب إنما نعرفه من هذا الوجه، وقد روي عن بعض أهل العلم في تفسير هذه الآية {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} قال: للمتفرسين". فائدتان: 1 - حديث: (اتقوا فراسة المؤمن، فإنه ينظر بنور الله) ورد من رواية عدد من الصحابة -رضي الله عنهم-، لا يسلم شيء منها من مقال. ينظر: (المقاصد الحسنة) للسخاوي ص 42، (السلسلة الضعيفة) للألباني 4: 299 (1821). 2 - أطال ابن القيم رحمه الله في الكلام على (الفراسة) في كتابه القيم (مدارج السالكين) 2: 482 - 495. *****

(135)

قال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} [الحجر 87]. (135) عن أبي سعيد بن المعلى -رضي الله عنه- قال: كنت أصلي في المسجد، فدعاني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلم أجبه، فقلت: يا رسول الله، إني كنت أصلي، فقال: (ألم يقل الله: استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم؟!)، ثم قال لي: (لأعلمنك سورة هي أعظم السور في القرآن قبل أن تخرج من المسجد)، ثم أخذ بيدي، فلما أراد أن يخرج، قلت له: ألم تقل: لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن؟، قال: (الحمد لله رب العالمين؛ هي السبع المثاني، والقرآن العظيم الذي أوتيته). تخريجه: أخرجه البخاري (4474) في تفسير القرآن: باب وسميت أم الكتاب، و (4703) فيه: باب قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ}، و (5006) في فضائل القرآن: باب فضل سورة الفاتحة، وأبو داود (1458) في الصلاة: باب فاتحة الكتاب، والنسائي (913) في الافتتاح: باب تأويل قول الله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ}، وابن ماجه (3785) في الأدب: باب ثواب القرآن، وأحمد 3: 450 و4: 211، والدارمي (1492) في الصلاة: باب أم القرآن هي السبع المثاني، كلهم من طريق شعبة، عن خبيب بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم، عن أبي سعيد ابن المعلى -رضي الله عنه-. وله شواهد، منها: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أم القرآن؛ هي: السبع المثاني، والقرآن العظيم). أخرجه البخاري (4704) في تفسير القرآن: باب قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ}، وأبو داود (1457) في الصلاة: باب فاتحة الكتاب، والترمذي (3124) في تفسير القرآن: باب ومن سورة الحجر، وأحمد 2: 448، والدارمي (3374) في فضائل القرآن: باب فضل فاتحة الكتاب، كلهم من طريق ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. *****

(136)

قال تعالى: {كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ (90) الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ} [الحجر 90 - 91]. (136) عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، قال: سأل رجل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: أرأيت قول الله: {كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ}، من المقتسمين؟ قال: (اليهود والنصارى)، قال: {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ}، ما عضين؟ قال: (آمنوا ببعض، وكفروا ببعض). تخريجه: أخرجه الطبراني في الأوسط 6: 207 (6204)، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن كسا الواسطي، قال: نا محمد بن معمر البحراني، قال: نا حميد بن حماد، قال: نا حبيب بن حسان ابن أبي الأشرس، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- .. فذكره. وقال عقبه: لم يرو هذا الحديث عن حبيب بن حسان، إلا حميد بن حماد بن خوار، ولا يرفعه عن أبي ظبيان إلا حبيب بن حسان ورواه الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس موقوفا. الحكم على الإسناد: ضعيف جدا، لحال حبيب بن حسان بن أبي الأشرس. قال أحمد، والنسائي: متروك. وقال البخاري: منكر الحديث. وقال ابن حبان: منكر الحديث جدا، وكان قد عشق نصرانية، فقيل: إنه تنصر وتزوج بها، فأما اختلافه إلى البيعة من أجلها فصحيح. وقال أبو داود: ليس حديثه بشيء. ينظر: الجرح والتعديل 3: 98، المجروحين 1: 264، الكامل 2: 403، اللسان 2: 203. وفيه: حميد بن حماد بن خوار، ويقال: ابن أبي الخوار التميمي، أبو الجهم الكوفي، ويقال: البصري. (د) قال أبو زرعة: شيخ. وقال أبو حاتم: شيخ يكتب حديثه، ليس بالمشهور.

وذكره ابن حبان في (كتاب الثقات)، وقال: ربما أخطأ. وضعفه أبو داود. وقال الدارقطني: يعتبر به. وقال ابن عدي: يحدث عن الثقات بالمناكير، وقال في موضع آخر: قليل الحديث، وبعض حديثه على قلته لا يتابع عليه. وفي التقريب: لين الحديث. فالظاهر أنه لين الحديث -كما قال ابن حجر-، في مرتبة الضعف غير الشديد، يعتبر بحديثه، ولا يحتج به. ينظر: الجرح والتعديل 3: 220، الثقات 8: 196، الكامل 2: 277، تهذيب الكمال 7: 352، الكاشف 1: 352، التقريب ص 181. والحديث أورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 7: 46، وقال: "رواه الطبراني في الأوسط، وفيه: حبيب بن حسان، وهو ضعيف". قلت: وأخرجه البخاري (4705) في تفسير القرآن: باب قوله تعالى: {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ} [الحجر: 91] من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ} [الحجر: 91] قال: (هم أهل الكتاب؛ جزءوه أجزاء، فآمنوا ببعضه، وكفروا ببعضه). وأخرجه أيضا (4706) في تفسير القرآن: باب قوله تعالى: {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ} [الحجر: 91] من طريق الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: {كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ}، قال: (آمنوا ببعض وكفروا ببعضة اليهود والنصارى). فقد خالف حبيبُ بن حسان -المجروح في عدالته وضبطه-؛ الأعمشَ الإمام الثقة الثبت، وهذا منكر شديد النكارة، والله أعلم. *****

(137)

قال تعالى: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الحجر 92 - 93]. (137) عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: {لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} قال: (عن قول لا إله إلا الله). تخريجه: أخرجه الترمذي (3126) في تفسير القرآن: باب ومن سورة الحجر، قال: حدثنا أحمد ابن عبدة الضبي، حدثنا معتمر بن سليمان، عن ليث بن أبي سليم، عن بشر، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه أبو يعلى في مسنده 7: 111 (4058)، والطبري 14: 140، والطبراني في (الدعاء) 3: 1493 (1491)، وتمّام في فوائده 4: 149 (1348)، كلهم من طريق ليث ابن أبي سليم، عن بشر، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-، مرفوعا. ولفظ تمّام: عن (لا إله إلا الله)، صادقين بها أم كاذبين؟. الحكم على الإسناد: ضعيف، لحال ليث، وسبق في الحديث رقم (17). ولجهالة بشر. ينظر: تهذيب الكمال 4: 162، الكاشف 1: 270، التقريب ص 124. قال الترمذي: "هذا حديث غريب، إنما نعرفه من حديث ليث بن أبي سليم، وقد روى عبد الله بن إدريس، عن ليث بن أبي سليم، عن بشر، عن أنس -رضي الله عنه-، نحوه، ولم يرفعه". وقد اضطرب ليث بن أبي سليم في هذا الحديث كثيرا، من جهة تسمية شيخه، ومن جهة رفع الحديث ووقفه، كما يأتي: 1 - ليث بن أبي سليم، عن بشر، عن أنس -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. وسبق في تخريج الحديث. 2 - ليث بن أبي سليم، عن بشر، عن أنس -رضي الله عنه-، موقوفا.

الحكم على الحديث

أخرجه البخاري في (التاريخ الكبير) 2: 86، والطبري 14: 139، والطبراني في (الدعاء) 3: 1494 (1494)، وابن حجر في (تغليق التعليق) 2: 29، وأشار إليه الترمذي عقب الحديث رقم (3126). 3 - ليث بن أبي سليم، عن داود، عن أنس -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. أخرجه الطبراني في (الدعاء) 3: 1494 (1493)، وتمّام في فوائده 4: 149 (1348)، وأبو نعيم في (الحلية) 3: 95، وابن حجر في (تغليق التعليق) 2: 29. قال ابن حجر: "داود هذا؛ قيل: إنه ابن أبي هند، فان يكن هو؛ فما أظنه سمع من أنس -رضي الله عنه-". قلت: والحديث أخرجه أبو نعيم في ترجمة: (داود بن أبي هند) من الحلية. 4 - ليث بن أبي سليم، عن بشير بن نهيك، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. أخرجه الطبري 14: 140 من طريق شريك القاضي، عن ليث بن أبي سليم، عن بشير ابن نهيك، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. وعزاه ابن كثير في تفسيره 4: 550 إلى: ابن أبي حاتم، من هذا الوجه. وأخرجه الطبراني في (الدعاء) 3: 1493 (1491)، من طريق شريك، به، لكن وقع عنده: ليث، عن بشر - هكذا مهملا، ودون ياء-، عن أنس -رضي الله عنه-، مرفوعا. 5 - ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، موقوفا عليه. أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 1: 351 عن سفيان الثوري، عن ليث، به. وأخرجه الطبري 14: 140، والطبراني في (الدعاء) 3: 1495 (1496)، وابن حجر في (تغليق التعليق) 2: 28 كلهم من طريق الثوري، به. وصوب هذا الوجه: ابنُ حجر في (تغليق التعليق) 2: 30. الحكم على الحديث: ضعيف مضطرب. *****

سورة النحل

سورة النحل قال تعالى: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ} [النحل 88]. (138) عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سئل عن قول الله تعالى: {زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ} قال: (عقارب أمثال النخل الطوال، تنهشهم). تخريجه: أخرجه الخطيب البغدادي في (تالي تلخيص المتشابه) 2: 523 (319)، قال: أخبرني أبو الحسن محمد بن عيسى البلدي، حدثنا إبراهيم بن أحمد القرميسني، حدثنا أحمد بن بشر التميمي بصور، حدثنا الوليد بن الحارث الدمشقي، حدثنا منبه بن عثمان، عن إبراهيم بن أبي بكرة، عن أبان بن أبي عياش، عن ربيع بن لوط، عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- .. فذكره. وعزاه في (الدر المنثور) 9: 96 إلى: ابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف جدا، فيه أبان بن أبي عياش، وهو العبدي، متروك. ينظر: تهذيب الكمال 2: 19، التقريب ص 87. لكنه توبع عليه، فأخرجه أسد بن موسى في (الزهد) رقم (25) قال: ثنا إسماعيل بن عياش، عن الربيع، به، بلفظه، وزاد في آخره: (في جهنم). وإسماعيل بن عياش الحمصي؛ قال عنه الذهبي: حديث إسماعيل عن الحجازيين والعراقيين لا يحتج به، وحديثه عن الشاميين صالح من قبيل الحسن، ويحتج به إن لم يعارضه أقوى منه. وفي التقريب: صدوق في روايته عن أهل بلده، مخلط في غيرهم. وسبق في الحديث رقم (65).

وشيخه ربيع بن لوط؛ كوفي. ينظر: تهذيب الكمال 9: 98. ولم أقف على هذا الوجه عند غير أسد بن موسى، وهو صدوق يغرب. وأخرج عبد الرزاق في تفسيره 2: 362 عن ابن عيينة، عن الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن مسروق، عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال في قوله تعالى: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ} [النحل: 88] قال: زيدوا عقارب أنيابها أمثال النخل الطوال. وهذا سند صحيح على شرط الشيخين. ومثله لا يقال بالرأي، فله حكم الرفع. وأخرجه ابن أبي شيبة 13: 158، وهناد في (الزهد) رقم (260)، وابن أبي الدنيا في (صفة النار) رقم (93)، وأبو يعلى 5: 65 رقم (2659)، والطبري 14: 330 - 331، والحاكم في (المستدرك) 2: 355، والبيهقي في (البعث) رقم (615)، من طرق عن الأعمش، به. *****

سورة الإسراء

سورة الإسراء قال تعالى: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا} [الإسراء 12]. (139) عن سعيد المقبري، أن عبد الله بن سلام -رضي الله عنه- سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن السواد الذي في القمر؟ فقال: (كانا شمسين، فقال: قال الله تعالى: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ}، فالسواد الذي رأيت من المحو). تخريجه: أخرجه البيهقي في (دلائل النبوة) 6: 261، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بكير، عن أبي. معشر المدني، عن سعيد المقبري .. فذكره مطولا، وفيه قصة. وأخرجه ابن عساكر في (تاريخ دمشق) 29: 110 - 112، من طريق أحمد بن عبد الجبار، به، بنحوه. الحكم على الإسناد: ضعيف، للعلل الآتية: 1 - المقال في أحمد بن عبد الجبار، وقد تفرد بالحديث، ولا يحتمل ذلك من مثله. وهو أحمد بن عبد الجبار بن محمد التميمي العطاردي، أبو عمر الكوفي. قال أبو حاتم: ليس بقوي. وقال الدارقطني: لا بأس به، قد أثنى عليه أبو كريب، واختلف فيه شيوخنا، ولم يكن من أصحاب الحديث. قال ابن أبي حاتم: كتبت عنه، وأمسكت عن التحديث عنه لما تكلم الناس فيه. وقال ابن عدي: رأيت أهل العراق مجمعين على ضعفه .. ولا يعرف له حديث منكر رواه، وإنما ضعفوه أنه لم يلق من يحدث عنهم.

وقال محمد بن عبد الله الحضرمي؛ مطين: كان يكذب. وتعقبه الذهبي، وقواه، فقال: "قلت: يعني في لهجته، لا أنه يكذب في الحديث، فإن ذلك لم يوجد منه، ولا تفرد بشيء، ومما يقوي أنه صدوق في باب الرواية: أنه روى أوراقا من (المغازي) بنزول عن أبيه، عن يونس بن بكير، وقد أثنى عليه الخطيب وقواه، واحتج به البيهقي في تصانيفه". وفي التقريب: ضعيف، وسماعه للسيرة صحيح. مات سنة 272 هـ. فالذي يظهر -والله أعلم- أنه ضعيف، وضعفه غير شديد، يعتبر بحديثه، ولا يحتج به، سوى ما كان في السيرة فسماعه صحيح. ينظر: الجرح والتعديل 2: 62، الكامل 1: 191، تهذيب الكمال 1: 378، سير أعلام النبلاء 13: 57، الميزان 1: 112، التقريب ص 81. 2 - ضعف أبي معشر، وهو نجيح بن عبد الرحمن السندي، أبو معشر المدني، مولى بني هاشم. (4) ضعيف، أسن واختلط. مات سنة 170 هـ. ينظر: تهذيب الكمال 29: 322، التقريب ص 559. 3 - الإرسال. *****

(140)

قال تعالى: {يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا} [الإسراء 71]. (140) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قول الله تعالى: {يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ} قال: (يدعى أحدهم؛ فيعطى كتابه بيمينه، ويمد له في جسمه ستون ذراعا، ويبيض وجهه، ويجعل على رأسه تاج من لؤلؤ يتلألأ، فينطلق إلى أصحابه فيرونه من بعيد فيقولون: اللهم ائتنا بهذا، وبارك لنا في هذا، حتى يأتيهم فيقول: أبشروا لكل رجل منكم مثل هذا، قال: وأما الكافر فيسود وجهه، ويمد له في جسمه ستون ذراعا على صورة آدم، فيلبس تاجا فيراه أصحابه، فيقولون: نعوذ بالله من شر هذا، اللهم لا تأتنا بهذا، قال: فيأتيهم فيقولون: اللهم أخزه، فيقول: أبعدكم الله فإن لكل رجل منكم مثل هذا). تخريجه: أخرجه الترمذي (3136) في التفسير: باب ومن سورة بني إسرائيل، قال: حدثنا عبد اللَه بن عبد الرحمن، أخبرنا عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن السدي، عن أبيه، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه ابن حبان في صحيحه، كما في الإحسان 16: 346 رقم (7349)، والحاكم في المستدرك 2: 242 من طريق إسرائيل، به، بنحوه. وعزاه ابن كثير في تفسيره 5: 99 إلى البزار، من طريق إسرائيل، به، بنحوه. ثم قال البزار: لا يروى إلا من هذا الوجه. وعزاه في (الدر المنثور) 9: 404 إلى: ابن أبي حاتم، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف، لجهالة عبد الرحمن والد السدي، وهو عبد الرحمن بن أبي كريمة، والد إسماعيل بن عبد الرحمن السدي. (د ت)

الحكم على الحديث

ذكره ابن حبان في (الثقات). وقال الذهبي -في الميزان-: ما حدث عنه سوى ولده. وفي التقريب: مجهول الحال. وهذا الراوي تفرد عنه ابنه بالرواية، فهو مجهول العين على ما قرره ابن حجر، فإنه قال في (نزهة النظر) ص 135: "فإن سمي الراوي، وانفرد راو واحد بالرواية عنه؛ فهو مجهول العين؛ كالمبهم، فلا يقبل حديثه إلا أن يوثقه غير من ينفرد عنه على الأصح، وكذا من ينفرد عنه إذا كان متأهلا لذلك، وإن روى عنه اثنان فصاعدا ولم يوثق؛ فهو مجهول الحال، وهو المستور". فما قرره في (النزهة) يخالف تطبيقه في (التقريب). ينظر: الثقات 5: 108، تهذيب الكمال 17: 367، الميزان 2: 584، الكاشف 1: 641، التقريب ص 349. ونص البزار -كما سبق- أنه لا يروى إلا من طريقه. قال أبو عيسى الترمذي: هذا حديث حسن غريب. وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه. وأقره الذهبي. الحكم على الحديث: ضعيف. *****

(141)

قال تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء 78]. (141) عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (دلوك الشمس: زوالها). تخريجه: أخرجه البزار في مسنده (البحر الزخار) 12: 257 (6015)، قال: حدثنا محمد بن يحيى القطعي، نا محمد بن بكر البرساني، نا عمر بن قيس، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- .. فذكره. وقال عقبه: "وهذا الحديث إنما يروى موقوفا عن ابن عمر -رضي الله عنهما- ولم يسنده عن الزهري؛ إلا عمر بن قيس، وكان لين الحديث". وعزاه في (الدر المنثور) 9: 411 إلى: أبي الشيخ، وابن مردويه، والديلمي. الحكم على الإسناد: ضعيف جدا، لحال عمر بن قيس، وهو المكي، أبو حفص، المعروف بسندل. (ق) متروك. ينظر: تهذيب الكمال 21: 487، التقريب ص 416. وأورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 7: 51، وقال: "رواه البزار، وفيه: عمر بن قيس المعروف بسندل، وهو متروك". وضعف إسناده السيوطي في (الدر المنثور) 9: 411، وفي (الإتقان) 2: 520. *****

(142)

(142) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله عز وجل: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} قال: (تشهد ملائكة الليل، وملائكة النهار). تخريجه: أخرجه أحمد 2: 474، قال: حدثنا أسباط، قال: حدثنا الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه الترمذي (3135) في تفسير القرآن: باب ومن سورة بني إسرائيل، وابن ماجه (670) في الصلاة: باب وقت صلاة الفجر، والبخاري في جزء (القراءة خلف الإمام) رقم (251)، والنسائي في الكبرى 10: 152 (11229) في التفسير: باب قوله تعالى: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78]، والطبري 15: 33، كلهم من طريق أسباط، به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 9: 415 إلى: ابن المنذر، وابن مردويه. وأخرجه الترمذي عقب رقم (3135)، وابن خزيمة في صحيحه 2: 365 (1474)، والحاكم في المستدرك 1: 210، والبيهقي في (شعب الإيمان) 4: 3201 (2576)، كلهم من طريق علي بن مسهر، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، وأبي سعيد -رضي الله عنهما-، مرفوعا، بنحوه. الحكم على الإسناد: صحيح. الحكم على الحديث: صحيح. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه. وأقره الذهبي. *****

(143)

قال تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء 79]. (143) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا}، قال: (الشفاعة). تخريجه: أخرجه أحمد 2: 444 قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا داود الزعافري، عن أبيه، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه أيضا 2: 441، 478، 528، والترمذي (3137) في تفسير القرآن: باب ومن سورة بني إسرائيل، وابن أبي شيبة في (المصنف) 6: 319 (31745)، وابن أبي عاصم في (السنة) 2: 364 (784)، والطبري 15: 47 - 48، والطحاوي في (شرح مشكل الآثار) 3: 50 - 51، وتمام في فوائده 4: 152 (1350 - الروض البسام)، وأبو نعيم في (الحلية) 8: 372، والبيهقي في (شعب الإيمان) 1: 281، والخطيب في (موضح أوهام الجمع والتفريق) 2: 77، كلهم من طريق داود الزعافري، به، بنحوه. الحكم على الإسناد: فيه: داود بن يزيد بن عبد الرحمن الأودي الزعافري، أبو يزيد الكوفي. (بخ ت ق) ضعفه أحمد، وابن معين، وأبو داود، وغيرهم. وقال ابن عدي: لم أر في أحاديثه منكرا تجاوز الحد إذا روى عنه ثقة، وداود وإن كان ليس بالقوي في الحديث؛ فإنه يكتب حديثه، ويقبل إذا روى عنه ثقة. وقد روى عنه شعبة، وهو مشهور بانتقاء الشيوخ، لكن أخرج ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل) 3: 427 بسنده إلى سفيان الثوري، قال: شعبة يروي عن داود بن يزيد الأودي؟! تعجبا منه.

المتابعات والشواهد

وضعفه الذهبي، وابن حجر. مات سنة 151 هـ. ينظر: الجرح والتعديل 3: 427، المجروحين 1: 289، الكامل 3: 79، تهذيب الكمال 8: 467، الكاشف 1: 383، المغني في الضعفاء 1: 221، الميزان 2: 21، التقريب ص 200. وحسَّن إسناد هذا الحديث؛ ابنُ كثير في (البداية والنهاية) 19: 410. المتابعات والشواهد: تابع داودا على هذا الحديث: أخوه إدريس. أخرجه البيهقي في (شعب الإيمان) 1: 282 من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، حدثنا وكيع، عن إدريس بن يزيد الأودي، عن أبيه، به، بنحوه. وإدريس؛ ثقة، أخرج حديثه الجماعة. التقريب ص 97. لكنه منكر، كما أشار إلى ذلك البيهقي عقبه، وأن الحديث معروف بداود. وحكم بغلط هذه الرواية؛ الإمامُ الدارقطني، ففي (العلل) له 8: 320 رقم (1591): "وسئل عن حديث يزيد الأودي، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله تعالى: {مَقَامًا مَحْمُودًا} قال: (الشفاعة). فقال: يرويه وكيع، واختلف عنه، فرواه أبو بكر بن أبي شيبة -في المسند- عن وكيع، عن إدريس الأودي، عن أبيه، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، وهو غلط. ورواه في موضع آخر عن وكيع، عن داود الأودي، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. والصواب: عن داود، وهو: داود بن يزيد بن عبد الرحمن الزعافري، وهو: ضعيف كوفي". ويشهد للحديث أحاديث كثيرة، من أقواها؛ ما أخرجه البخاري (4718) في التفسير: باب قوله تعالى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} عن ابن عمر -رضي الله عنهما-، قال:

الحكم على الحديث

(إن الناس يصيرون يوم القيامة جثًا، كل أمة تتبع نبيها، يقولون: يا فلان اشفع، يا فلان اشفع، حتى تنتهي الشفاعة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فذلك يوم يبعثه الله المقام المحمود). وهذا وإن كان موقوفًا، فله حكم الرفع، إذ مثله لا يقال من قبيل الرأي. وانظر الأحاديث الواردة في ذلك في: تفسير ابن كثير 5: 105 - 110، الدر المنثور 9: 419 وما بعدها. الحكم على الحديث: صحيح. وصححه الطبري في تفسيره 15: 47. *****

(144)

قال تعالى {وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا} [الإسراء: 97]. (144) عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رجلًا قال: يا نبي الله، يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟! قال: (أليس الذي أمشاه على الرجين في الدنيا قادرًا على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة؟). تخريجه: أخرجه البخاري (4760) في التفسير: باب قوله تعالى: {الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ} [الفرقان: 34]، و (6523) في الرقاق: باب كيف الحشر؟، ومسلم (2806) في صفة القيامة والجنة والنار: باب يحشر الكافر على وجهه، وأحمد 3: 229، كلهم من طريق يونس بن محمد، عن شيبان بن عبد الرحمن المؤدب، عن قتادة، عن أنس ابن مالك -رضي الله عنه-. *****

(145)

قال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَامُوسَى مَسْحُورًا} [الإسراء: 101]. (145) عن صفوان بن عسال -رضي الله عنه- قال: قال رجل من اليهود لآخر: انطلق بنا إلى هذا النبي، قال: لا تقل هذا، فإنه لو سمعها كان له أربع أعين، قال: فانطلقنا إليه، فسألناه عن هذه الآية: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ} قال: (لا تشركوا بالله شيئًا، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تفروا من الزحف، ولا تسحروا، ولا تأكلوا الربا، ولا تدلوا ببريء إلى ذي سلطان ليقتله، وعليكم خاصة يهود: أن لا تعتدوا في السبت)، فقالا: نشهد إنك رسول الله. تخريجه: أخرجه أحمد في المسند 4: 240 قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن شعبة حدثني عمرو ابن مرة عن عبد الله بن سلمة، عن صفوان بن عسال -رَضِيَ الله عَنْهُ-. فذكره. وأخرجه أحمد أيضًا 4: 239، والطيالسي في مسنده 2: 483 رقم (1260)، والترمذي في جامعة رقم (2733) في الاستئذان: باب ما جاء في قبلة اليد والرجل، والنسائي في (المجتبى) 7: 111 رقم (4078) في تحريم الدم: باب السحر، وفي الكبرى 8: 43 رقم (8602)، وابن أبي عاصم في (الآحاد والمثاني) 4: 414 رقم (2465)، والطحاوي في (شرح معاني الآثار) 3: 215، وفي (مشكل الآثار) 1: 55 رقم (63) (64) (65)، والعقيلي في (الضعفاء الكبير) 2: 261، وابن أبي حاتم في تفسيره 9: 2851 رقم (16161)، والطبراني في الكبير 8: 83 رقم (7396)، والحاكم في (المستدرك) 1: 9، وأبو نعيم في (الحلية) 5: 97، والبيهقي في (السنن الكبرى) 8: 166، والخطيب البغدادي في (موضح أوهام الجمع والتفريق) 1: 328، والبغوي في تفسيره 5: 133، كلهم من طريق شعبة به، بنحوه. الحكم على الإسناد: لم يظهر لي حكم جازم عليه، للخلاف في عبد الله بن سلمة -بكسر اللام- المرادي الكوفي. (4).

تنبيه

فقد وثقه العجلي، ويعقوب بن شيبة. وذكره ابن حبان في (الثقات)، وقال: يخطىء. وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به. وقال شعبة عن عمرو بن مرة: كان عبد الله بن سلمة يحدثنا فنعرف وننكر، كان قد كبر. وقال البخاري: لا يتابع في حديثه. وقال أبو حاتم: تعرف وتنكر. وقال النسائي: يعرف وينكر. وذكره العقيلي في الضعفاء، وقال أبو أحمد الحاكم: حديثه ليس بالقائم. وفي التقريب: صدوق تغير حفظه تنبيه: اشتبه هذا الراوي بعبد الله بن سلمة الهمداني، وعدهما بعض الأئمة واحدًا، والأظهر التفريق، كما بين ذلك ابن حجر في التهذيب. ينظر: التاريخ الكبير 5: 99، معرفة الثقات للعجلي 2: 32، الضعفاء والمتروكون للنسائي ص 203، الضعفاء الكبير للعقيلي 2: 260، الجرح والتعديل 5: 73، الثقات لابن حبان 5: 12، الكامل 4: 169، تاريخ بغداد 9: 460، تهذيب الكمال 15: 50، ميزان الاعتدال 2: 430، تهذيب التهذيب 3: 158، التقريب ص 306. وإن كنت أميل إلى تضعيف الإسناد، لأن عمرو بن مرة -تلميذه والراوي عنه هنا- قد سمع منه بعد كبره ودخول المنكرات في حديثه، وجرحه مقدم لأنه أقرب به من غيره، كيف وقد تابعه على ذلك الأئمة الكبار: البخاري، وأبو حاتم، والنسائي، وغيرهم. وقال العقيلي في (الضعفاء الكبير) 2: 261: "لا يحفظ هذا الحديث من حديث صفوان بن عسال إلا من هذا الطريق". يعني طريق عمرو بن مرة، به. الحكم على الحديث: قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح، لا نعرف له علة بوجه من الوجوه ولم يخرجاه. وقال الذهبي في التلخيص: صحيح، لا نعرف له علة. وأورده ابن كثير في تفسيره 5: 125 وقال عقبة: "عبد الله بن سلمة؛ في حفظه شيء، وقد تكلموا فيه، ولعله اشتبه عليه التسع الآيات بالعشر الكلمات، فإنها وصايا في التوراة لا تعلق لها بقيام الحجة على فرعون، والله أعلم".

تنبيه

تنبيه: هذا الحديث مشكل مع ما اشتهر من تفسير الآيات التسع بأنها البينات والدلائل القاطعة على صحة نبوة موسى عليه السلام، وصدقه فيما أخبر به عمن أرسله إلى فرعون، وهي: العصا، واليد، والسنين، والبحر، والطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، آيات مفصلات. وقيل: هي: اليد، والعصا، والسنين، ونقص الثمرات، والطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم. وهذا القول هو المأثور عن جماعة من السلف، منهم ترجمان القرآن ابن عباس -رضي الله عنهما- أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 1: 390، والطبري 15: 101 - 102، والطحاوي في (شرح مشكل الآثار) 1: 59، وابن أبي حاتم في تفسيره 9: 2851 رقم (16162) (16163)، وعزاه في (الدر المنثور) 9: 453 إلى سعيد بن منصور، وابن المنذر. وقال عنه ابن كثير في تفسيره 5: 124: "وهذا القول ظاهر جلي، حسن قوي"، وساق بعض الآثار عن السلف في ذلك، ثم جزم به، وقال -5: 125 - : "فهذه الآيات التسع التي ذكرها هؤلاء الأئمة هي المرادة هاهنا، وهي المعنية في قوله تعالى: (وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَامُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (10) إِلا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (11) وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (12) [النمل: 10 - 12] ". ثم ساق حديث الباب، وعقب عليه بقوله: "وهو حديث مشكل، وعبد الله بن سلمة في حفظه شيء، وقد تكلموا فيه، ولعله اشتبه عليه التسع الآيات بالعشر الكلمات، فإنها وصايا في التوراة لا تعلق لها بقيام الحجة على فرعون، والله أعلم". وأورده أيضًا في (البداية والنهاية) 6: 174 وقال: "في رجاله من تكلم فيه، وكأنه اشتبه على الراوي التسع الآيات بالعشر الكلمات، وذلك أن الوصايا التي أوصاها الله إلى

موسى وكلمه بها ليلة القدر بعدما خرجوا من ديار مصر، وشعب بني إسرائيل حول الطور حضور، وهارون ومن معه وقوف على الطور أيضًا، وحينئذ كلم الله موسى تكليمًا، آمرًا له بهذه العشر كلمات، وقد فسرت في هذا الحديث، وأما التسع الآيات؛ فتلك دلائل وخوارق عادات، أيد بها موسى عليه السلام، وأظهرها الله على يديه بديار مصر، وهي: العصا واليد والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم والجدب ونقص الثمرات". وقال السندي في حاشيته على مسند أحمد -بواسطة المسند المحقق 35: 15 - : "المراد في الآية إما الأحكام، فلا إشكال في الحديث، أو المعجزات، فالجواب غير مذكور في هذا الحديث، تركه الراوي لأمر، والمذكور زائد على الجواب ذكره لهما نصحًا". هذا وقد وعقد الإمام الطحاوي رحمه الله بابا مستقلًا لهذه المسالة، فقال في (شرح مشكل الآثار) 1: 55: "باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله عليه السلام، ثم عن ابن عباس، مما يحيط علمًا أنه لم يقله إلا بأخذه إياه عنه، إذ كان مثله لا يوجد إلا عنه، ولا مما يدرك بالرأي، ولا من استنباط، ولا من استخراج في التسع الآيات التي أوتيها موسى عليه السلام"، وأفاض في الكلام على هذه المسألة في ثنتي عشرة صفحة، وحاصل ما ذكره أنه يرى أن الآيات التي أوتيها موسى عليه السلام على قسمين: 1 - آيات عبادات، وعليها يحمل حديث الباب، واستدل على مجيء الآيات بمعنى العبادات بقوله تعالى: {قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا} [مريم: 10]. 2 - آيات إنذارات وتخويفات ووعيدات، وعليها يحمل ما جاء عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، وغيره من السلف.

قال رحمه الله 1: 64: "فكان تصحيح ما في حديث ابن عباس، وما في حديث صفوان في ذلك، إنما في حديث صفوان؛ هو على الآيات التي تعبدوا بها، وكان ما في حديث ابن عباس؛ هو الآيات التي أوعدوا بها وخوفوها وأنذروا بها إن لم يعملوا ما تعبدوا به، ما قد بينه لهم على لسان رسوله عليه السلام، فصح ذلك ما في الحديثين جميعًا، وعقلنا عن رسول الله عليه السلام أن مراده بما في أحدهما غير مراده بما في الآخر منهما، والله نسأله التوفيق". ثم أورد سؤالًا عن أيٍّ من المعنيين هو المراد بالآية: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ}؟. فقال 1: 64: "وسأل سائل فقال: فيما قد رويته عن ابن عباس، وعن صفوان -رَضِيَ الله عَنْهُ-؛ ما قد وقفنا به على أن الله تعالى قد كان آتى نبيه موسى عليه السلام ثماني عشرة آية، في كل واحد من الحديثين اللذين رويتهما منه: تسع آيات، وإنما في الآية التي ذكرت هذين الحديثين من أجلها إيتاؤه إياه تسع آيات، وهي قوله: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ} ولم يذكر فيها من الآيات أكثر من ذلك، فالحاجة بنا من بعد إلى الوقوف على التسع الآيات المذكورات فيها ما هي قائمة". ثم أفاض في الجواب عن هذا الإيراد، ورجح أن المراد ما جاء في حديث صفوان -رَضِيَ الله عَنْهُ-. ينظر: (شرح مشكل الآثار) 1: 55 - 66، أو ترتيبه (تحفة الأخيار) 8: 403 - 413. وقد ذكر القولين في الآية: شيخُ المفسرين الإمامُ الطبري رحمه الله، ولم ينص على الترجيح، لكن ظاهر كلامه يدل على أنه يختار فيها ما جاء عن ابن عباس -رَضِيَ الله عَنْهُ-، وذلك أنه قال في تفسير الآية بعدها - {قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَافِرْعَوْنُ مَثْبُورًا} - ما نصه: "تأويل الكلام: قال موسى لفرعون: {لَقَدْ عَلِمْتَ} يا فرعون، {مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ} الآيات التسع البينات، التي أريتكها حجة لي

فائدة

على حقيقة ما أدعوك إليه، وشاهدة لي على صدق وصحة قولي، إني لله رسول، ما بعثني إليك {إِلا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}؛ لأن ذلك لا يقدر عليه ولا على أمثاله أحد سواه، {بَصَائِرَ}: يعني بالبصائر: الآيات، أنهنّ بصائر لمن استبصر بهنّ، وهدى لمن اهتدى بهنّ، يعرف بهنّ من رآهنّ أن من جاء بهنّ فمحقّ، وأنهنّ من عند الله لا من عند غيره، إذ كنّ معجزات لا يقدر عليهنّ، ولا على شيء منهنّ سوى ربّ السموات والأرض". وذكر القولين أيضًا: ابنُ الجوزي في (زاد المسير) 5: 92 - وهو من المراجع المهمة في ذكر الأقوال في التفسير-، واكتفى بسياق حديث الباب تحت القول الذي دل عليه، ولم يذكر أحدًا قال به، وكذا لم يعزه لأحد: الماورديُ في (النكت والعيون) 3: 277. فائدة: قال السندي في حاشيته على مسند أحمد -بواسطة المسند المحقق 30: 15 - : "قوله: (صارت له أربع أعين)؛ كناية عن ازدياد الفرح، وفرط السرور، إذ الفرح يوجب قوة الأعضاء، وتضاعف القوي يشبه تضاعف الأعضاء الحاملة لها". *****

سورة الكهف

سورة الكهف قال تعالى: {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا} [الكهف: 29]. (146) عن أبي سعيد الخدري -رَضِيَ الله عَنْهُ- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (لسرادق النار أربع جُدُر، كثف كل جدار مثل مسيرة أربعين سنة). تخريجه: أخرجه أحمد 3: 29 قال: ثنا حسن، ثنا ابن لهيعة، ثنا دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري -رَضِيَ الله عَنْهُ- .. فذكره. وأخرجه الترمذي عقب (2584) في صفة جهنم: باب ما جاء في صفة شراب أهل النار، وابن أبي الدنيا في (صفة النار) رقم (6)، وأبو يعلى في مسنده 2: 526 (1389)، والطبري 15: 247، والحاكم 4: 600، وابن الجوزي في (العلل المتناهية) 2: 453 (1560)، كلهم من طريق دراج، به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 9: 530 إلى: ابن أبي حاتم، وأبي الشيخ، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: إسناد ضعيف، لضعف ابن لهيعة، وما قيل في رواية دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد، وهذه منها. وسبق في الحديث رقم (8). المتابعات: تابع ابنَ لهيعة عليه: عمرو بن الحارث، وله عنه طريقان: 1 - رشدين بن سعد، عن عمرو بن الحارث، عن دراج، به. أخرجه الترمذي عقب (2584) في صفة جهنم: باب ما جاء في صفة شراب أهل النار، والطبري 15: 247، كلاهما من طريق رشدين، به. ورشدين بن سعد، ضعيف، كما في التقريب ص 209.

الحكم على الحديث

2 - عبد الله بن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن دراج، به. أخرجه الحاكم 4: 600. لكن يبقى مدار الحديث على: دراج، عن أبي الهيثم، فلم أجد من تابع دراجًا عليه. الحكم على الحديث: ضعيف، لما قيل في رواية دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد -رضي الله عنه-. وانظر ما تقدم في الحديث رقم (8). قال الحاكم: حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. فائدة: جاء في تحفة الأحوذي 7: 258: " (لسرادق النار)، قال الطيبي رحمه الله: روي بفتح اللام على أنه مبتدأ، أو كسرها على أنه خبر، وهذا أظهر". وفي (النهاية) لابن الأثير 2: 359 (سردق): "السرادق: كل ما أحاط بشيء؛ من حائط، أو مضرب، أو خباء". *****

(147)

(147) عن أبي سعيد -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: {كَالْمُهْلِ} قال: (كعكر الزيت، فإذا قرب إليه؛ سقطت فروة وجهه فيه). تخريجه: أخرجه أحمد 3: 70، قال: حدثنا حسن، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه الترمذي (2581) (2584) في صفة جهنم: باب ما جاء في صفة شراب أهل النار، و (3322) في تفسير القرآن: باب ومن سورة سأل سائل، وعبد بن حميد في (المنتخب) 2: 97 (928)، وابن أبي الدنيا في (صفة النار) رقم (76)، وأبو يعلى في مسنده 2: 520 (1375)، والطبري 15: 250، وابن حبان في صحيحه كما في (الإحسان) 16: 514 (7473)، والطبراني في الأوسط 3: 277 (3137)، والحاكم في المستدرك 2: 501 و4: 604، كلهم من طريق دراج، به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 9: 531 إلى: ابن أبي حاتم، وابن مردويه. هذا الحديث كسابقه تمامًا، وقد توبع فيه ابن لهيعة، لكن يبقى مداره على دراج، عن أبي الهيثم. الشواهد: يشهد لهذا الحديث: ما رواه أبو أمامة -رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في قوله: {وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (16) يَتَجَرَّعُهُ} قال: (يقرب إليه فيتكرهه، فإذا دنا منه شوي وجهه، ووقعت فروة رأسه، وإذا شربه قطع أمعاءه حتى خرج من دبره، يقول الله عَزَّ وَجَلَّ: {وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ} ويقول الله: {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ}). وسبق برقم (124) وأن فيه راويًا مجهولًا.

الحكم على الحديث

الحكم على الحديث: لعل الحديث يترقى بما سبق إلى الحسن لغيره، لأن الضعف فيهما غير شديد، ويضاف إلى ذلك ما ورد في هذا المعنى من آثار عن الصحابة والتابعين. ينظر: الدر المنثور 9: 531 - 533. والحديث صححه ابن حبان. وقال الحاكم: حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. وأقره الذهبي. *****

(148)

قال تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا} [الكهف: 46]. (148) عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (استكثروا من الباقيات الصالحات) قيل: وما هي يا رسول الله؟، قال: (الملة)، قيل: وما هي يا رسول الله؟ قال: (الملة)، قيل: وما هي يا رسول الله؟ قال: (الملة)، قيل: وما هي يا رسول الله؟ قال: (التكبير، والتهليل، والتسبيح، والتحميد، ولا حول ولا قوة إلا بالله). تخريجه: أخرجه أحمد 3: 75، قال: حدثنا حسن، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-. فذكره. وأخرجه أبو يعلى 2: 524 (1384)، والطبراني في (الدعاء) 3: 1567 (1696)، والبغوي في (شرح السنة) 5: 64 (1282)، كلهم من طريق ابن لهيعة، به. وأخرجه الطبري 15: 279، وابن حبان في صحيحه كما في (الإحسان) 1: 121 (845)، والطبراني في (الدعاء) 3: 1568 (1697)، والحاكم في المستدرك 1: 512، والبيهقي في الشعب 1: 425 (605)، والعلائي في (جزء في تفسير الباقيات الصالحات) ص 38، كلهم من طريق عمرو بن الحارث، عن دراج، به. وعزاه في (الدر المنثور) 9: 552 إلى: سعيد بن منصور، وابن أبي حاتم، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: هذا الحديث كسابقه تمامًا، وقد توبع فيه ابن لهيعة، لكن يبقى مداره على دراج، عن أبي الهيثم. والحديث أورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 10: 87، وقال: "رواه أحمد وأبو يعلى .. وإسنادهما حسن".

الشواهد

الشواهد: يشهد لهذا الحديث؛ أحاديث كثيرة، منها: 1 - عن النعمان بن بشير -رضي الله عنه- قال: خرج علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونحن في المسجد بعد صلاة العشاء .. فذكر الحديث، وفيه أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: (ألا وإن سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر؛ هن الباقيات الصالحات). أخرجه أحمد 4: 267، قال: حدثنا محمد بن يزيد، عن العوام، قال حدثني رجل من الأنصار من آل النعمان بن بشير، عن النعمان بن بشير -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه الطبراني في (الدعاء) 3: 1569 (1699)، وابن حجر في (الأمالي المطلقة) ص 222، من طريق محمد بن يزيد، به. وعزاه في (الدر المنثور) 9: 552 إلى: سعيد بن منصور، وابن مردويه. وهذا سند ضعيف لإبهام الراوي عن النعمان -رضي الله عنه-، ولكن يتميز على غيره بكونه من آله، وآل الرجل أعلم وألصق به من غيره. والحديث أورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 5: 247، وقال: "رواه أحمد، وفيه راو لم يسم، وبقية رجاله رجال الصحيح". وقال ابن حجر في (الأمالي المطلقة) عى 222: "هذا حديث حسن .. فلولا الرجل المبهم لكان الإسناد على شرط الصحيح، لكن الحديث قوي بشواهده". قلت: وهو كما قال، فالحديث حسن بشواهده. 2 - عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (خذوا جنتكم)، قالوا: يا رسول الله، أمن عدو قد حضر؟ قال: (لا، ولكن جنتكم من النار؛ قول: سبحان الله، والحمد لله ولا إله إلا الله، والله أكبر، فإنهن يأتين يوم القيامة مجنبات ومعقبات، وهن الباقيات الصالحات). أخرجه النسائي في الكبرى 9: 313 (10617)، وفي (عمل اليوم والليلة) ص 488 رقم (848)، قال: أخبرني إبراهيم بن يعقوب، قال: حدثنا حفص بن عمر الحوضي،

قال: حدثنا عبد العزيز بن مسلم، قال: حدثنا ابن عجلان، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه الطبري 15: 278، والعقيلي في (الضعفاء الكبير) 3: 17، والطبراني في الأوسط 4: 219 (4027)، وفي الصغير 1: 249 (407)، وفي (الدعاء) 3: 1561 (1682)، والحاكم 1: 541، والبيهقي في الشعب 1: 425 (606)، وفي (الدعوات الكبير) 1: 85 (111)، والعلائي في (جزء في تفسير الباقيات الصالحات) ص 35، كلهم من طريق عبد العزيز بن مسلم، به، بنحوه. وابن عجلان، صدوق، أخرج له مسلم في المتابعات، واختلطت عليه أحاديث المقبري. قال يحيى القطان: سمعت محمد بن عجلان يقول: كان سعيد المقبري يحدث عن أبيه، عن أبي هريرة، وعن أبي هرير، فاختلط عليّ، فجعلتها كلها عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. ينظر: الجرح والتعديل 8: 49، تهذيب الكمال 26: 101، ميزان الاعتدال 3: 644، السير 6: 317، التهذيب 5: 219، التقريب ص 496. وقال الحاكم: حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه. وأقره الذهبي. وتعقبه العلائي في (جزء في تفسير الباقيات الصالحات) فقال ص 37: "وفيما قاله -يعني الحاكم- نظر؛ لأن مسلمًا لم يخرج لابن عجلان شيئًا في الأصول، إنما أخرج له في الشواهد .. وقد تكلم في حفظه، ولكن حديثه لا ينزل عن درجة الحسن". ثم قواه لأجل المتابعات والشواهد، وقال ص 40: "ولعله ينتهي إلى درجة الصحة إن شاء الله". وقال المنذري في (الترغيب والترهيب) 2: 432: "إسناده جيد قوي". وأورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 10: 89، وقال: "رواه الطبراني في (الصغير) و (الأوسط)، ورجاله في (الصغير) رجال الصحيح، غير داود بن بلال، وهو: ثقة".

والحديث معلول، فقد رواه أبو خالد الأحمر، وعمر بن علي المقدمي، عن ابن عجلان، عن عبد الجليل بن حميد المصري، عن خالد بن أبي عمران، عن النبي -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- .. فذكره مرسلًا. أخرجه ابن أبي شيبة 6: 92 (29729) قال: حدثنا أبو خالد الأحمر .. به. ومن طريقه: أخرجه العقيلي في (الضعفاء الكبير) 3: 18. وأخرجه البخاري في (التاريخ الأوسط - المطبوع باسم الصغير) 2: 42 (1722)، قال: حدثني محمد بن أبي بكر، عن عمر بن علي، عن ابن عجلان، به. ورجح هذا الوجه: البخاري في (التاريخ الكبير) 6: 122، وابن أبي حاتم في (العلل) 2: 100 رقم (1793)، والدارقطني في (العلل) 8: 156. قال البخاري في (التاريخ الأوسط - المطبوع باسم الصغير) 2: 42: "لا يصح فيه المقبري، ولا أبو هريرة". فتبين أن الوهم من عبد العزيز بن مسلم القسملي، فإنه وإن كان ثقة، إلا أنه مذكور بالوهم في حديثه. ينظر: ضعفاء العقيلي 3: 17. 3 - عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أين أنت من قول سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فإنهن يحططن الخطايا كما تحط الشجرة ورقها، وهي الباقيات الصالحات، وهي من كنوز الجنة). أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 2: 12، وابن ماجه (3813) في الأدب: باب فضل التسبيح، والطبري 15: 616، وابن عدي في (الكامل) 5: 15، وابن شاهين في (الترغيب في فضائل الأعمال) رقم (477)، وابن عساكر في (تاريخ دمشق) 47: 150، كلهم من طريق عمر بن راشد، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي الدرداء -رضي الله عنه-. وعمر بن راشد؛ هو: اليمامي، ضعيف.

قال فيه أحمد بن حنبل: حديثه ضعيف، ليس بمستقيم، حدث عن يحيى بن أبي كثير بأحاديث مناكير. ينظر: تهذيب الكمال 21: 341، التقريب ص 412. وأخرجه الطبراني في (الدعاء) 3: 1568 (1698)، ومن طريقه: ابن حجر في (الأمالي المطلقة) ص 225 من طريق: محمد بن دينار، عن سعيد الجريري، عن أبي الهذيل، عن أبي الدرداء -رضي الله عنه-. قال ابن حجر ص 226: "وأبو الهذيل ما عرفته، ولا أظنه سمع من أبي الدرداء". قلت: والجريري، قد اختلط، ولم يذكر محمد بن دينار؛ فيمن سمع منه قبل الاختلاط. ينظر: الكواكب النيرات ص 39. وحديث أبي الدرداء -رضي الله عنه- هذا؛ عزاه في (الدر المنثور) 9: 553 إلى: ابن مردويه. وأورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 10: 89، وقال: "رواه الطبراني بإسنادين، في أحدهما: عمر بن راشد اليمامي، وقد وثق على ضعفه، وبقية رجاله رجال الصحيح". 4 - عن سعد بن جنادة قال: أتيت النبي -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فعلمني: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا} و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}. وعلمني: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، وقال: (هن الباقيات الصالحات). أخرجه الطبراني في الكبير 6: 51 (5482) (5483)، من طريق سعد بن محمد بن الحسن بن عطية بن سعد بن جنادة العوفي، حدثني عمي الحسن بن حسن بن عطية، حدثني قاضي بغداد يونس بن نفيع، ثنا سعد بن جنادة -رضي الله عنه- .. فذكره. سعد بن محمد بن الحسن بن عطية بن سعد العوفي؛ قال أحمد فيه: جهمي، قال: ولم يكن هذا أيضًا ممن يستاهل أن يكتب عنه، ولا كان موضعًا لذاك. ينظر: تاريخ بغداد 9: 126، لسان الميزان 3: 23.

والحسن بن الحسن بن عطية العوفي؛ متفق على ضعفه. ينظر: الجرح والتعديل 3: 48، لسان الميزان 2: 318. 5 - عن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوما لجلسائه: (خذوا جنتكم، قولوا: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فإنهن الباقيات الصالحات). أخرجه الطبراني في الأوسط 3: 289 (3179)، وابن عدي في (الكامل) 6: 64، من طريق كثير بن سليم، عن أنس -رضي الله عنه-. وكثير؛ قال فيه أبو حاتم: ضعيف الحديث، منكر الحديث، لا يروي عن أنس حديثًا له أصل من رواية غيره. ينظر: الجرح والتعديل 7: 152، تهذيب الكمال 24: 120. 6 - عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن عجزتم عن الليل أن تكابدوه، والعدو أن تجاهدوه، فلا تعجزوا عن قول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، فإنهن الباقيات الصالحات). أورده في (الدر المنثور) 9: 555، وعزاه إلى: ابن مردويه. 7 - عن عائشة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال ذات يوم لأصحابه: (خذوا جنتكم) مرتين أو ثلاثا، قالوا: من عدو حضر؟ قال: (بل من النار؟ قولوا: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فإنهن يجئن يوم القيامة مقدمات، ومنجيات، ومعقبات، وهن الباقيات الصالحات). أورده في (الدر المنثور) 9: 555، وعزاه إلى: ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن مردويه.

قلت: هو في مصنف ابن أبي شيبة 6: 93 (29720)، قال: حدثنا أبو خالد الأحمر، عن عجلان، عن عبد الجليل، عن خالد بن أبي عمران قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .. فذكره. وخالد بن أبي عمران؛ هو التجيبي، فقيه صدوق، من صغار التابعين، الذين غالب رواياتهم عن التابعين، فالسند معضل، إن كانت النسخة صحيحة. 8 - عن علي -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (الباقيات الصالحات؛ من قال: لا إله إلا الله، والله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله، ولا حول ولا قوة إلا بالله). أخرجه الطبراني في (الدعاء) 3: 1567 (1695). وفيه: بشر بن نمير القشيري، متروك متهم. ينظر: التقريب ص 124. وحسين بن عبد الله بن ضميرة الحميري، كذبه مالك، وأبو حاتم، وغيرهما. ينظر: اللسان 2: 330. وعزاه في (الدر المنثور) 9: 556 إلى: ابن أبي حاتم، وابن مردويه. 9 - عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: مر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بشجرة بابسة، فتناول عودًا من أعوادها، فتناثر كل ورق عليها، فقال: (والذي نفسي بيده، إن قائلًا يقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، لتتناثر الذنوب عن قائلها، كما يتناثر الورق عن هذه الشجرة، قول الله في كتابه، هن الباقيات الصالحات). أورده في (الدر المنثور) 9: 554، وعزاه إلى: ابن مردويه. 10 - عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن تضبطكم الليل فلم تقوموه، وعجزتم عن النهار فلم تصوموه، وبخلتم بالمال فلم تعطوه وجبنتم عن العدو فلم تقاتلوه فأكثروا من سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر؛ فإنهن الباقيات الصالحات). أورده في (الدر المنثور) 9: 556، وعزاه إلى: ابن مردويه، من طريق الضحاك، عن ابن عباس -رضي الله عنهما-.

الحكم على الحديث

والضحاك لم يسمع من ابن عباس، كما سبق في الحديث رقم (15). وقوله: (تضبطكم)، جاء في (النهاية) 3: 73 (ضبط): (يقال: تضبَّطْتُ فلانًا إذا أخذْتَه على حَبْسِ منك له وقَهْرٍ". 11 - عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (خذوا جنتكم، خذوا جنتكم)، يعني السلاح من النار، قالوا: يا رسول الله، أمن عدو حضر؟ قال: (لا، ولكن سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله كبر، فإن لهن معقبات، ومجنبات، ومقدمات، ومؤخرات، وهن الباقيات الصالحات). أخرجه محمد بن فضيل في (كتاب الدعاء) ص 288 (109)، قال: حدثنا محمد بن عبيد الله، عن عمرو بن شعيب، به. ومحمد بن عبيد الله؛ هو: العرزمي، متروك، كما في التقريب ص 494. الحكم على الحديث: الحديث يترقى بما سبق إلى الحسن. وصححه ابن حبان. وقال الحاكم: هذا أصح إسناد المصريين، فلم يخرجاه. وأقره الذهبي، فقال: صحيح. فائدة: اختلف في تفسير الباقيات الصالحات على أقوال: 1 - أنها: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. وزاد بعضهم: ولا حول ولا قوة إلا بالله. 2 - الصلوات الخمس. 3 - الكلام الطيب. 4 - هي: جميع أعمال الحسنات. ينظر: تفسير الطبري 15: 274، (زاد المسير) لابن الجوزي 5: 149، (جزء في تفسير الباقيات الصالحات) للعلائي.

قال الطبري في تفسيره 15: 281: "وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، قول من قال: هنّ جميع أعمال الخير .. لأن ذلك كله من الصالحات التي تبقى لصاحبها في الآخرة، وعليها يجازى ويُثاب، وإن الله عزّ ذكره لم يخصص من قوله: {وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا} [الكهف: 46] بعضًا دون بعض في كتاب، ولا بخبر عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فإن ظنّ ظانٌّ أن ذلك مخصوص بالخبر الذي رويناه عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، فإن ذلك بخلاف ما ظن، وذلك أن الخبر عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إنما ورد بأن قول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، هنّ من الباقيات الصالحات، ولم يقل: هنّ جميع الباقيات الصالحات، ولا كلّ الباقيات الصالحات، وجائز أن تكون هذه باقيات صالحات، وغيرها من أعمال البرّ أيضًا باقيات صالحات". وقال العلائي في (جزء في تفسير الباقيات الصالحات) ص 40: "وإذا ثبت هذا الحديث -يعني حديث أبي سعيد -رضي الله عنه- هذا موضع الدراسة-؛ فهو أولى ما رجع إليه في تفسير (الباقيات الصالحات)، مع ما ثبت فيه عن عثمان -رضي الله عنه-، وابن عباس -رضي الله عنهما-، وغيرهما من الصحابة". ثم أجاب عما ذكره الطبري؛ بأن لفظ الحديث: "هن الباقيات الصالحات"، وهذا الأسلوب يفيد الحصر. *****

(149)

قال تعالى: {وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا} [الكهف: 53]. (149) عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (ينصب للكافر يوم القيامة مقدار خمسين ألف سنة، كلما لم يعمل في الدنيا، وإن الكافر ليرى جهنم ويظن أنها مواقعته من مسيرة أربعين سنة). تخريجه: أخرجه أحمد 3: 75، قال: حدثنا حسن، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه ابن أبي الدنيا في (كتاب الأهوال) رقم (137)، وأبو يعلى 2: 524 (1385) من طريق الحسن بن موسى، به. وأخرجه الطبري 15: 299، والحاكم 4: 597، من طريق ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن دراج، به. واقتصر الطبري على آخره، بينما اقتصر الحاكم على أوله. وعزاه في (الدر المنثور) 9: 572 إلى: ابن مردويه. دراسة الإسناد: هذا الإسناد سبقت دراسته في الحديث رقم (8). وقد توبع فيه ابن لهيعة، لكن يبقى مداره على دراج، عن أبي الهيثم. قال الحاكم: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. وأقره الذهبي. وأورده في (مجمع الزوائد) 10: 336، وقال: "رواه أحمد وأبو يعلى، وإسناده حسن على ما فيه من ضعف". وأخرج ابن حبان في صحيحه كما في الإحسان 16: 349 (7352)، من طريق ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن دراج، عن ابن حجيرة، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-

الحكم على الحديث

قال: (ينصب للكافر يوم القيامة مقدار خمسين ألف سنة وإن الكافر ليرى جهنم ويظن أنها مواقعته من مسيرة أربعين سنة). ورجاله ثقات رجال مسلم، سوى دراج أبي السمح. وابن حجيرة؛ هو: عبد الرحمن بن حجيرة الخولاني، ثقة، أخرج حديثه الجماعة سوى البخاري. ينظر: تهذيب الكمال 17: 54. فهل يجعل هذا شاهدا يتقوى به الحديث ويرقيه، أو يعل حديث أبي سعيد -رضي الله عنه- بهذه الرواية؟. أتوقف في هذا (¬1)، وعلى كلٍّ فمداره على دراج، ووصفه أحمد، والنسائي بأنه منكر الحديث، كما سبق في ترجمته في الحديث الثامن، ومثله لا يقبل تفرده بمثل هذا. قال الإمام الذهبي في (ميزان الاعتدال) 3: 140: "إن تفرد الثقة المتقن يعد صحيحًا غريبًا، وإن تفرد الصدوق ومن دونه يعد منكرًا، وإن إكثار الراوي من الأحاديث التي لا يوافق عليها لفظًا أو إسنادًا يصيره متروك الحديث". الحكم على الحديث: ضعيف، والله أعلم. ***** ¬

_ (¬1) ينظر: شرح العلل لابن رجب 2: 729.

(150)

قال تعالى: {وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (82)} [الكهف: 82] (150) عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: {وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا} قال: (ذهب وفضة). تخريجه: أخرجه الترمذي (3152) في تفسير القرآن: باب ومن سورة الكهف، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن فضيل الجزري، وغير واحد، قالوا: حدثنا صفوان بن صالح، حدثنا الوليد بن مسلم، عن يزيد بن يوسف الصنعاني، عن مكحول، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه الترمذي عقب (3152)، والبزار 10: 21 (4082 - البحر الزخار)، والطبراني في الأوسط 7: 108 (6996)، وفي الصغير 2: 174 (977)، وابن عدي في (الكامل) 7: 268، والحاكم 2: 369، من طريق الوليد بن مسلم، عن يزيد بن يوسف الصنعاني، عن يزيد بن يزيد بن جابر، عن مكحول، به، بنحوه. وصرح الوليد بن مسلم بالتحديث في رواية الطبراني، وابن عدي، والحاكم. وعلقه البخاري في (التاريخ الكبير) 8: 369 على الوليد بن مسلم. وعزاه في (الدر المنثور) 9: 599 إلى: ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف، لحال يزيد بن يوسف، وهو الرحبي، أبو يوسف الشامي الصنعاني -صنعاء دمشق-. (ت). الأكثر على تضعيفه، سوى البزار فإنه قال: ليس به بأس.

الحكم على الحديث

وقال النسائي، والدارقطني: متروك. ينظر: مسند البزار 10: 22، تهذيب الكمال 32: 283، الثقريب ص 606. هذا إن ثبت سماعه من مكحول، فالحديث عند جميع من أخرجه -سوى الترمذي- بزيادة: يزيد بن يزيد بن جابر، بينهما. قال الطبراني في الصغير 2: 174: "لم يروه عن مكحول؛ إلا ابن جابر، ولا عنه إلا يزيد بن يوسف، تفرد به الوليد بن مسلم". وحسَّن إسناد الحديث: البزارُ في مسنده (البحر الزخار) 10: 22. الحكم على الحديث: ضعيف. قال الترمذي: هذا حديث غريب. وقال عنه ابن عدي في (الكامل) 7: 268: غير محفوظ. وصححه الحاكم، لكن تعقبه الذهبي، فقال: بل يزيد بن يوسف؛ متروك. *****

(151)

(151) عن أبي ذر -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن الكنز الذي ذكره الله في كتابه؛ لوح من ذهب مصمت، مكتوب فيه: عجبت لمن أيقن بالقدر لم نصب؟ وعجبت لمن ذكر النار لم ضحك؟ وعجبت لمن ذكر الموت، لم غفل؟ لا إله إلا الله، محمد رسول الله). تخريجه: أخرجه البزار في مسنده (البحر الزخار) 9: 454 (4065) قال: حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري، حدثنا بشر بن المنذر، قال: نا الحارث بن عبد الله اليحصبي، عن عياش ابن عباس القتباني، عن ابن حجيرة، عن أبي ذر -رضي الله عنه- .. فذكره. وقال عقبة: هذا الحديث لا نعلمه يروى عن أبي ذر -رضي الله عنه- إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد. وعزاه في (الدر المنثور) 9: 599 إلى: ابن أبي حاتم، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف، لجهالة الحارث بن عبد الله. وأورده الهيثمي في (المجمع) 7: 54 وقال: "رواه البزار من طريق بشر بن المنذر، عن الحارث بن عبد الله اليحصبي، ولم أعرفهما، وبقية رجاله ثقات". وقال ابن حجر في (مختصر زوائد البزار) 2: 91: "الحارث، وبشر. لا أعرفهما". قلت: بشر بن المنذر هو أبو المنذر الرملي، قاضي المصيصة. روى عن: الليث بن سعد، وعبد الله بن لهيعة، وغيرهما. وعنه: إبراهيم بن سعيد الجوهري، ومحمد بن عوف الحمصي، وغيرهما. ذكره ابن حبان في (الثقات)، وقال أبو حاتم: كان صدوقًا. وقال العقيلي: في حديثه وهم. ينظر: الضعفاء الكبير 1: 141، الجرح والتعديل 2: 367، الثقات 8: 144، اللسان 2: 41. وضعف إسناده السيوطي في الإتقان 2: 523.

الشواهد

الشواهد: عن علي -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: {وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا} قال: (لوح من ذهب مكتوب فيه: شهدت أن لا إله إلا الله، شهدت أن محمدًا رسول الله، عجبت لمن يؤمن بالقدر كيف يحزن! عجبت لمن يؤمن بالموت كيف يفرح! عجبت لمن تفكر في تقلب الليل والنهار ويأمن فجأتهما حالا فحالا!). أورده في (الدر المنثور) 9: 601، وعزاه إلى: ابن مردويه. فائدة: روي معنى الحديث موقوفًا على علي، وابن عباس -رضي الله عنهما- من طرق. ينظر: (تخريج الأحاديث والآثار الواردة في الكشاف) للزيلعي 2: 308. *****

(152)

(152) عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله عز وجل: {وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا}، قال: (صحف علم خبأها لهما أبوهما). تخريجه: أخرجه ابن عدي في (الكامل) 7: 268 قال: حدثنا حسين بن محمد بن مودود، قال: ثنا عبد الوهاب بن الضحاك، ثنا الوليد بن مسلم، ثنا يزيد بن يوسف، عن يزيد بن جابر، عن مكحول، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه الخطيب البغدادي في (تقييد العلم) ص 117 من طريق عبد الوهاب بن الضحاك، به. الحكم على الإسناد: ضعيف جدًا، للعلل الآتية: 1 - عبد الوهاب بن الضحاك بن أبان السلمي العرضي، أبو الحارث الحمصي. (ق). متروك. وقال أبو داود: كان يضع الحديث، قد رأيته. مات سنة 245 هـ. ينظر: تهذيب الكمال 18: 494، التقريب ص 368. 2 - يزيد بن يوسف الرحبي، أبو يوسف الشامي الصنعاني -صنعاء دمشق-. (ت). الأكثر على تضعيفه، سوى البزار فإنه قال: ليس به بأس. وقال النسائي، والدارقطني: متروك. وسبق في الحديث رقم (150). وقد خالف فيه عبدُ الوهاب بن الضحاك صفوانَ بن صالح، كما سبق في الحديث رقم (150)، فهو على هذا منكر. وانظر: ميزان الاعتدال 4: 443. وقال عنه ابن عدي في (الكامل) 7: 268: غير محفوظ. فائدة: قال الطبري في تفسيره 15: 362: "اختلف أهل التاويل في ذلك الكنز؛ فقال بعضهم: كان صحفًا فيها علم مدفونة .. وقال آخرون: بل كان مالًا مكنوزًا".

ثم أخرج بسنده إلى عكرمة: {وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا}، قال: كنز مال. ثم قال الطبري 15: 366: "وأولى التأويلين في ذلك بالصواب: القول الذي قاله عكرمة؛ لأن المعروف من كلام العرب أن الكنز اسم لما يكنز من مال، وأن كل ما كنز فقد وقع عليه اسم كنز، فإن التأويل مصروف إلى الأغلب من استعمال المخاطبين بالتنزيل، ما لم يأت دليل يجب من أجله صرفه إلى غير ذلك". *****

(153)

قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا} [الكهف: 107] (153) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (من آمن بالله ورسوله، وأقام الصلاة، وصام رمضان؛ كلان حقًا على الله أن يدخله الجنة، هاجر في سبيل الله، أو جلس في أرضه التي ولد فيها) قالوا: يا رسول الله، أفلا ننبىء الناس بذلك؟ قال: (إن في الجنة مائة درجة؛ أعدها الله للمجاهدين في سبيله، كل درجتين ما بينهما كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله فسلوه الفردوس، فإنه أوسط الجنة، وأعلى الجنة، وفوفه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة). تخريجه: أخرجه البخاري (7423) في التوحيد: باب وكان عرشه على الماء، وهو رب العرش العظيم، و (2790) في الجهاد والسير: باب درجات المجاهدين في سبيل الله، وأحمد 2: 338، من طرق عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. *****

سورة مريم

سورة مريم قال تعالى: {فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا} [مريم: 24]. (154) عن ابن عمر -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إن السري الذي قال الله عز وجل: {قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا}؛ نهر أخرجه الله لتشرب منه). تخريجه: أخرجه الطبراني في الكبير 12: 346 (13303) قال: حدثنا أبو شعيب الحراني، ثنا يحيى بن عبد الله، ثنا أيوب بن نهيك، قال: سمعت عكرمة مولى ابن عباس، يقول: سمعت ابن عمر يقول: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: .. فذكره. وأخرجه أبو نعيم في (الحلية) 3: 346 من طريق أبي شعيب الحراني، به. وعزاه في (الدر المنثور) 15: 55 إلى: ابن مردويه، وابن النجار. الحكم على الإسناد: ضعيف، لما ياتي: 1 - يحيى بن عبد الله بن الضحاك البابلتي، أبو سعيد الحراني مولى بني أمية (خت سي). قال أبو زرعة: لا أحدث عنه. وقال ابن حبان: يأتي عن الثقات بأشياء معضلات يهم فيها، فهو عندي فيما انفرد به ساقط الاحتجاج. وقال ابن عدي: أثر الضعف على حديثه بين. وفي التقريب: ضعيف. مات سنة 218 هـ. ينظر: الجرح والتعديل 9: 164، المجروحين ج 3 ص 127 الكامل 7: 255، تهذيب الكمال 31: 409، التقريب ص 593. 2 - أيوب بن نهيك. من أهل حلب. ذكره ابن حبان في (الثقات)، وقال: يخطىء.

الشواهد

وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبا زرعة يقول: لا أحدث عن أيوب بن نهيك، ولم يقرأ علينا حديثه، وقال: هو منكر الحديث. وضعفه أبو حاتم. ينظر: الجرح والتعديل 2: 259، الثقات 6: 61، اللسان 1: 612. وأورده ابن كثير في تفسيره 5: 224: "هذا حديث غريب جدًا من هذا الوجه". وقال الهيثمي في (المجمع) 7: 55: "رواه الطبراني، وفيه: يحيى بن عبد الله البابلتي، وهو: ضعيف". الشواهد: يشهد لهذا الحديث ما رواه البراء بن عازب -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله عز وجل: {قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا} قال: (النهر). أخرجه الطبراني في (المعجم الصغير) 2: 9 (685)، قال: حدثنا عبد الرحمن بن إسماعيل بن علي الكوفي بدمشق، حدثنا سعيد بن عمرو، حدثنا بقية بن الوليد، عن معاوية بن يحيى الصدفي، عن أبي سنان، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب -رضي الله عنه-. وعزاه في (الدر المنثور) 10: 55 إلى: ابن مردويه. والحديث أورده في (مجمع الزوائد) 7: 54، وقال: "رواه الطبراني في الصغير، وفيه: معاوية بن يحيى الصدفي، وهو ضعيف". وهو كذلك في التقريب ص 538. قلت: وشيخ الطبراني؛ لم أجده سوى في (تاريخ دمشق) لابن عساكر 34: 207، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا، وأفاد أنه مات سنة 322 هـ. وفيه أيضًا: عنعنة بقية بن الوليد، وهو كثير التدليس عن الضعفاء.

الحكم على الحديث

وعده ابن حجر في المرتبة الرابعة من مراتب المدلسين، وهي: من اتفق على أنه لا يحتج بشيء من حديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع، لكثرة تدليسهم عن الضعفاء والمجاهيل. وسبق الكلام فيه في الحديث رقم (61). وأبو سنان؛ هو سعيد بن سنان الشيباني، صدوق له أوهام. ينظر: تهذيب الكمال 10: 492، التقريب ص 237. وقد تفرد برفع الحديث كما نص على ذلك الطبراني. قلت: ولعل هذا من أوهامه، فقد خالفه سفيان الثوري، فوقفه على البراء -رضي الله عنه-. أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 2: 6 قال: أنا الثوري، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- في قوله تعالى {قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا} [مريم: 24] قال: (هو الجدول، النهر الصغير). وهذا الإسناد في غاية الصحة. وأخرجه الحاكم 2: 373 من طريق سفيان، به. وقال: صحيح على شرط الشيخين. وأقره الذهبي. وهو كما قالا. وعزاه في (الدر المنثور) 10: 56 إلى: الفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه. قلت: وهذا هو الراجح، وسفيان الثوري أثبت الناس في أبي إسحاق، كما هو مذهب جماعة من المحدثين. ينظر: (معرفة الرواة المكثرين، وأثبت أصحابهم) ص 152. الحكم على الحديث: ضعيف. *****

(155)

قال تعالى: {يَاأُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا} [مريم: 28]. (155) عن المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- قال: لما قدمت نجران، سألوني؛ فقالوا: إنكم تقرءون: {يَاأُخْتَ هَارُونَ}، وموسى قبل عيسى بكذا وكذا، فلما قدمت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ سألته عن ذلك، فقال: (إنهم كانوا يسمون بأنبيائهم والصالحين قبلهم). تخريجه: أخرجه مسلم (2135) في الآداب: باب النهي عن التكني بأبي القاسم، وبيان ما يستحب من الأسماء، والترمذي (3155) في تفسير القرآن: باب ومن سورة مريم، وأحمد 4: 252، كلهم من طريق عبد الله بن إدريس بن يزيد الزعافري، عن أبيه، عن سماك بن حرب، عن علقمة بن وائل، عن المغيرة -رضي الله عنه-. *****

(156)

قال تعالى: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [مريم: 39]. (156) عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يؤتى بالموت كهيئة كبش أملح، فينادي مناد: يا أهل الجنة، فيشرئبون وينظرون، فيقول: هل تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم، هذا الموت، وكلهم قد رآه، ثم ينادي: يا أهل النار، فيشرئبون وينظرون، فيقول: هل تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم، هذا الموت وكلهم قد رآه، فيذبح، ثم يقول: يا أهل الجنة؛ خلود فلا موت، ويا أهل النار؛ خلود فلا موت، ثم قرأ: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ} وهؤلاء في غفلة أهل الدنيا، {وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ}). تخريجه: أخرجه البخاري (4730) في تفسير القرآن: باب قوله تعالى: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ}، ومسلم (2849) في الجنة وصفة نعيمها: باب النار يدخلها الجبارون، والترمذي (3156) في تفسير القرآن: باب ومن سورة مريم، وأحمد 3: 9، كلهم من طريق الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد -رضي الله عنه-. واللفظ للبخاري، والبقية بنحوه. قال تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (56) وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا} [مريم: 56، 57]. *****

(157)

(157) عن مالك بن صعصعة -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (بينا أنا عند البيت بين النائم واليقظان ..) -فذكر حديث الإسراء والمعراج بطوله، وفيه:- (.. فأتينا السماء. الرابعة، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: من معك؟ قيل: محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ قيل: نعم، قيل: مرحبًا به، ولنعم المجيء جاء، فأتيت على إدريس، فسلمت عليه، نقال: مرحبًا بك من أخ ونبي ..). تخريجه: أخرجه البخاري (3207) في بدء الخلق: باب ذكر الملائكة، و (3887) في المناقب: باب المعراج، ومسلم (164) في الإيمان: باب الإسراء برسول الله -صلى الله عليه وسلم- والنسائي (448) في الصلاة: باب فرض الصلاة، وأحمد 4: 210، من طرق عن قتادة، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-، عن مالك بن صعصعة -رضي الله عنه-. *****

(158)

قال تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [مريم: 59]. (158) عن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (لو أن صخرة زنة عشر عشراوات قذف بها من شفير جهنم، ما بلغت قعرها سبعين خريفًا، ثم تنتهي إلى غي وأثام) فقلت: ما غي وأثام؟ قال: (بئران في أسفل جهنم، يسيل فيهما صديد أهل جهنم، فهذا الذي ذكر الله في كتابه {فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا}، {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا}). تخريجه: أخرجه محمد بن نصر المروزي في (تعظيم قدر الصلاة) 1: 119 (36) قال: حدثنا عبيد الله بن سعد بن إبراهيم بن سعد، قال: ثنا محمد بن زياد بن زبار، قال: حدثني شرقي ابن القطامي، قال: حدثني لقمان بن عامر الخزاعي، قال: جئت أبا أمامة الباهلي -رضي الله عنه- قال: قلت: حدثني حديثًا سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: سمعت رسول الله يقول: .. فذكره. وأخرجه الطبري 15: 571، والطبراني في الكبير 8: 206 (7731)، والبيهقي في (البعث والنشور) رقم (474)، كلهم من طريق محمد بن زياد، به، بنحوه. وأخرجه ابن أبي الدنيا في (صفة النار) رقم (17) من طريق شرقي، به، بنحوه. ولفظ البيهقي: "نهران في أسفل جهنم .. ". وعزاه في (الدر المنثور) 10: 101 إلى: ابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف، لما ياتي: 1 - محمد بن زياد بن زبار الكلبي. قال أبو حاتم: روى عن أبي مودود المديني، وقال: رأيت شرقي بن قطامي ولم أسمع منه. قال يحيى بن معين: محمد بن زياد بن زبار؛ لا أحد. ينظر: الجرح والتعديل 7: 258.

الشواهد

2 - شرقي بن القطامي الشاعر. ويقال: هذان لقبان، واسمه: الوليد بن الحصين. ذكره ابن حبان في (الثقات). وقال أبو حاتم: ليس بالقوي، ليس عنده كثير حديث. وقال ابن عدي: في بعض ما رواه مناكير. وضعفه زكريا الساجي. قال الذهبي: له نحو عشرة أحاديث فيها مناكير. ينظر: (الضعفاء الكبير) للعقيلي 2: 187، الجرح والتعديل 4: 376، الثقات 6: 449، الكامل 4: 35، الميزان 2: 268، المغني في الضعفاء 1: 297، اللسان 3: 168. وقد نقل أبو حاتم عن محمد بن زياد أنه قال: رأيت شرقي بن قطامي، ولم أسمع منه. وأبو حاتم قد لقي محمد بن زياد، كما ذكر ذلك ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل) 7: 258، وقد صرح محمد بن زياد هنا بالتحديث عن شرقي بن قطامي، والراوي عنه ثقة!. وقد توبع محمد بن زياد، وذلك فيما أخرجه ابن أبي الدنيا في (صفة النار) رقم (17)، قال: حدثنا الفضل بن إسحاق، حدثنا شبابة بن سوار، أخبرني الوليد بن حصين -وهو شرقي-، به. وشبابة؛ ثقة حافظ، أخرج حديثه الجماعة، كما في التقريب ص 263، أما الفضل بن إسحاق؛ فلم أعرفه. وعلى كلٍّ فيبقى مداره على شرقي، وفيه ما سبق، ولا يحتمل منه التفرد. الشواهد: يشهد لهذا الحديث: ما رواه ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (الغي: واد في جهنم). أخرجه ابن مردويه من طريق نهشل، عن الضحاك، عن ابن عباس، كما في (الدر المنثور) 10: 101. ونهشل؛ هو ابن سعيد بن وردان القرشي.

الحكم على الحديث

قال أبو داود الطيالسي، وإسحاق بن راهويه: كذاب. وفي التقريب: متروك. وسبق في الحديث رقم (71). والضحاك لم يسمع من ابن عباس، كما سبق في الحديث رقم (15). الحكم على الحديث: الحديث أورده ابن كثير في تفسيره 5: 246 وقال: "حديث غريب، ورفعه منكر". وقال المنذري في (الترغيب والترهيب) 4: 255: "رواه الطبراني والبيهقي مرفوعًا، ورواه غيرهما موقوفًا على أبي أمامة، وهو أصح". وقال الهيثمي في (مجمع الزوائد) 10: 389: "رواه الطبراني، وفيه ضعفاء قد وثقهم ابن حبان، وقال: يخطئون". وقد جاء هذا المعنى عن عدد من الصحابة -رضي الله عنهم-، ومنهم: 1 - عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: {فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} قال: (واد في جهنم، أو نهر في جهنم). أخرجه الثوري في تفسيره ص 187 عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبد الله -رضي الله عنه-. فذكره. أبو إسحاق؛ هو السبيعي، ثقة مكثر عابد، وسبق في الحديث رقم (62). وأبو عبيدة؛ هو ابن عبد الله بن مسعود، قيل: اسمه عامر، وقيل: اسمه كنيته. وهو ثقة، أخرج حديثه الجماعة، لكن الأكثر على عدم سماعه من أبيه، وجزم ابن حجر بأنه الراجح. ينظر: تهذيب الكمال 14: 61، التقريب ص 656. لكن قال ابن رجب في (شرح العلل) 1: 298: "قال ابن المديني -في حديث يرويه أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه- هو منقطع، وهو حديث ثبت. قال يعقوب بن شيبة: إنما استجاز أصحابنا أن يدخلوا حديث أبي عبيدة عن أبيه في المسند -يعني في الحديث المتصل- لمعرفة أبي عبيدة بحديث أبيه، وصحتها، وأنه لم يات فيها بحديث منكر".

وأثر ابن مسعود -رضي الله عنه- هذا؛ أخرجه هناد في الزهد رقم (276)، والطبري في تفسيره 15: 572 - 573، والطبراني في الكبير 9: 227 رقم (9106) (9107) (9110)، والحاكم 2: 374، والبيهقي في (البعث والنشور) رقم (470) (471)، من طرق عن أبي إسحاق، به. وفي بعض ألفاظه زيادة: "بعيد القعر، خبيث الطعم". وقال الحاكم: صحيح الإسناد. وأقره الذهبي. وعزاه في (الدر المنثور) 10: 100 إلى: الفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم. 2 - عن عائشة -رضي الله عنه- قالت: {غَيًّا}: (نهر في جهنم). علقه البخاري في (التاريخ الكبير) 8: 262، في ترجمة: يحيى بن أزهر، قال: "يحيى بن أزهر، عن عاصم بن عمر، عن محمد بن طلحة عن أبي عبيدة، عن عاثشة -رضي الله عنها- .. ". ومحمد بن طلحة؛ غالب الظن أنه ابن يحيى بن عبيد الله التيمي، لا يعرف حاله، كما في التقريب ص 485، وذكره تمييزًا. ويحيى بن أزهر؛ هو المصري، صدوق، توفي سنة 161 هـ. ينظر: تهذيب الكمال 31: 193. وولد الإمام البخاري سنة 194 هـ. 3 - عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- في قوله: {فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} قال: (نهر في جهنم). وفي لفظ: (واد في جهنم؛ بعيد القعر، منتن الريح). أخرجه البيهقي في (البعث والنشور) رقم (469) قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أنبأ أبو العباس السياري، ثنا محمد بن موسى الباشاني الفقيه، ثنا علي بن الحسن، ثنا الحسين بن واقد، ثنا أبو إسحاق، عن البراء بن عازب -رضي الله عنه-، ح وأخبرنا الفقيه أبو القاسم عبيد الله بن عمر القاضي ببغداد، ثنا أحمد بن سلمان، ثنا الحسن بن مكرم، ثنا شبابة، ثنا يونس بن أبي إسحاق، وابنه إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- .. فذكره.

بيان الغريب

وعزاه في (الدر المنثور) 10: 100 إلى ابن المنذر. 4 - عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- {فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} قال: (واديًا في جهنم). أخرجه الطبري في تفسيره 15: 572، قال: حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عمرو بن عاصم، قال: ثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن قتادة، عن أبي أيوب، عن عبد الله بن عمرو .. فذكره. عمرو بن عاصم؛ هو ابن عبيد الله الكلابي، صدوق، في حفظه شيء، وأخرج حديثه الجماعة. ينظر: تهذيب الكمال 22: 87، التقريب ص 423. وأبو أيوب؛ يحيى بن مالك المراغي، ثقة، أخرج حديثه الجماعة سوى الترمذي. ينظر: تهذيب الكمال 33: 60، التقريب ص 620. فرجال الأثر رجال الشيخين، وسنده صحيح لولا ما يخشى من تدليس قتادة، فقد ذكره ابن حجر في المرتبة الثالثة من مراتب المدلسين، وهم من أكثر من التدليس فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع. فالخبر بمجموع هذه الآثار يشد بعضه بعضًا، ويترقى إلى القبول، ومثله لا يقال من قبيل الرأي، فله حكم الرفع، والله أعلم. بيان الغريب: قوله: (عشراوات)، جمع عشراء، وهي الناقة التي أتى على حملها عشرة أشهر. ينظر: النهاية 3: 240 (عشر). *****

(159)

قال تعالى: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: 64] (159) عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لجبربل: (ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا؟) فنزلت: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا}. تخريجه: أخرجه البخاري (4731) في تفسير القرآن: باب {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلا بِأَمْرِ رَبِّكَ}، و (3218) في بدء الخلق: باب ذكر الملائكة، و (7455) في التوحيد: باب قوله تعالى: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ} [الصافات: 171]، والترمذي (3158) في التفسير: باب ومن سورة مريم، وأحمد 1: 231، كلهم من طريق عمر بن ذر بن عبد الله بن زرارة، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس -رضي الله عنهما-. *****

(160)

قال تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا} [مريم: 71]. (160) عن أبي سمية قال: اختلفنا هاهنا في الورود، فقال بعضنا: لا يدخلها مؤمن، وقال بعضنا: يدخلونها جميعًا، ثم ينجي الله الذين اتقوا، فلقيت جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- فقلت له: إنا اختلفنا في ذلك الورود، فقال بعضنا: لا يدخلها مؤمن، وقال بعضنا: يدخلونها جميعًا، فأهوى بإصبعيه إلى أذنيه، وقال: صمتا إن لم أكن سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (الورود: الدخول، لا يبقى برٌ ولا فاجرٌ إلا دخلها، فتكون على المؤمن بردًا وسلامًا كما كانت على إبراهيم، حتى إن للنار -أو قال: لجهنم- ضجيجًا من بردهم، ثم ينجي الله الذين أتقوا، ويذر الظالمين فيها جثيا). تخريجه: أخرجه أحمد 3: 328 قال: حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا غالب بن سليمان أبو صالح، عن كثير بن زياد البرساني، عن أبي سمية، قال: .. فذكره. وأخرجه عبد بن حميد في مسنده 2: 178 (1104 - المنتخب)، والبيهقي في (شعب الإيمان) 1: 336 (370)، من طريق سليمان بن حرب، به. وأخرجه الحاكم في المستدرك 4: 587 من طريق سليمان بن حرب، ثنا غالب بن سليمان أبو صالح، عن كثير بن زياد، عن مُسَّة -وتحرف في المطبوع إلى: منية- الأزدية، عن عبد الرحمن بن شيبة، دون ذكر جابر -رضي الله عنه-. هكذا وقع في المطبوع، وفي (تخريج أحاديث الكشاف) للزيلعي 2: 333، بينما ذكر ابن حجر في (إتحاف المهرة) 3: 226 أنه في المستدرك: عن عبد الرحمن بن شيبة، عن جابر -رضي الله عنه-. وظاهر سياق الحديث في المستدرك؛ يؤيد ما ذكره ابن حجر، ولفظه فيه 4: 587: " .. عن عبد الرحمن بن شيبة، قال: اختلفنا هاهنا في الورود، فقال قوم: لا يدخلها مؤمن، وقال آخرون: يدخلونها جميعًا، ثم ينجي الله الذين اتقوا، فقلت له: إنا اختلفنا فيها بالبصرة، فقال قوم: لا يدخلها مؤمن، وقال آخرون: يدخلونها جميعًا، ثم ينجي الله الذين

الحكم على الإسناد

اتقوا، فأهوى بإصبعيه إلى أذنيه، فقال: صمتا إن لم أكن سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: الورود: الدخول ... ". وليس في الصحابة عبد الرحمن بن شيبة، والمشهور: عبد الرحمن بن شيبة الحجبي المكي، وهو تابعي لا يصح له سماع من النبي -صلى الله عليه وسلم- ينظر: الإصابة 5: 234، التقريب ص 342. وعزاه السيوطي في (الدر المنثور) 10: 112 إلى: ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه. وعزاه ابن حجر في (إتحاف المهرة) 3: 227 إلى: ابن ماجه في تفسيره من هذا الوجه. وعزاه في (فتح الباري) 3: 149 إلى النسائي، ولم أجده في الصغرى ولا الكبرى، ولم يذكره المزي في (تحفة الأشراف). وعزاه الزيلعي في (تخريج أحاديث الكشاف) 2: 333 إلى ابن أبي شيبة، وأبي يعلى في مسنديهما، من طريق سليمان بن حرب، به. قلت: وليس في المطبوع من مسند ابن أبي شيبة مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، وليس في المطبوع من مسند أبي يعلى أيضًا، فلعله في المسند الكبير. الحكم على الإسناد: ضعيف، لجهالة أبي سمية. روى عن جابر -رضي الله عنه- هذا الحديث. وعنه: كثير بن زياد. ذكره ابن حبان في (الثقات). وقال الذهبي: مجهول. وفي التقريب: مقبول. والأظهر أنه مجهول كما قال الذهبي، لأنه لم يعرف بالرواية عنه سوى راوٍ واحد، بل إن هذا يعد مجهول العين على مذهب ابن حجر، فقد قال في (نزهة النظر) ص 135: "فإن سمي الراوي، وانفرد راوٍ واحد بالرواية عنه؛ فهو مجهول العين؛ كالمبهم، فلا يقبل حديثه إلا أن يوثقه غير من ينفرد عنه على الأصح، وكذا من ينفرد عنه إذا كان متأهلا لذلك".

المتابعات

وهذا الراوي أيضًا مقلٌ جدًا من الحديث، ولم تذكر عنه رواية سوى هذا الحديث، ومثل هذا لا يتهيأ الحكم عليه باعتبار مروياته، وعرضها على مرويات غيره. قال ابن عدي في ترجمة (سلم العلوي) من (الكامل) 3: 329: "قليل الحديث جدًا، ولا أعلم له جميع ما يروي إلا دون خمسة أو فوقها قليل، وبهذا المقدار لا يعتبر فيه حديثه أنه صدوق أو ضعيف، ولاسيما إذا لم يكن في مقدار ما يروي متن منكر". ينظر: الثقات 5: 569، تهذيب الكمال 33: 385، الميزان 4: 534، التقريب ص 646. وحسَّن إسناده البيهقيُ في (شعب الإيمان) 1: 337. وقال ابن كثير في تفسيره 5: 252: "غريب، ولم يخرجوه". وقال الهيثمي في (مجمع الزوائد) 7: 55: "رواه أحمد، ورجاله ثقات". المتابعات: تابع أبا سمية على هذا الحديث راويان -فيما وقفت عليه-: (أ) عبد الرحمن بن شيبة. فقد أخرج الحاكم في المستدرك 4: 587 قال: حدثني علي بن حمشاذ العدل، ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، والحسين بن الفضل البجلي، قالا: ثنا سليمان بن حرب، ثنا أبو صالح غالب بن سليمان بن حرب، عن كثير بن زياد أبي سهل، عن مسة الأزدية، عن عبد الرحمن بن شيبة، قال: اختلفنا هاهنا في الورود .. فذكره. وسبقت الإشارة إليه، وذكر جابر -رضي الله عنه- فيه، في تخريج الحديث. وشيخ الحاكم؛ إمام حافظ ثبت. ينظر: السير 15: 398، تذكرة الحفاظ 2: 855. وإسماعيل بن إسحاق القاضي؛ هو أبو إسحاق البصري، إمام حافظ متقن. ينظر: تاريخ بغداد 6: 284، السير 13: 339، التذكرة 2: 625. والحسين بن الفضل البجلي، انتقد ابن حجر -في اللسان 2: 353 - على الذهبي أن ذكره في ميزانه، وقال: "وما كان لذكر هذا في هذا الكتاب معنى، فإنه من كبار أهل العلم والفضل". ينظر: السير 13: 414.

ومسة الأزدية، قال فيها الدارقطني: لا يحتج بها. وذكرها الذهبي في المجهولات، وفي التقريب: مقبولة. ينظر: تهذيب الكمال 35: 305، الميزان 4: 610، المغني في الضعفاء 2: 658، التقريب ص 753. وعبد الرحمن بن شيبة؛ إن كان المكي الحجبي، فهو ثقة، وإلا فلم أعرفه. ينظر: تهذيب الكمال 17: 176، التقريب ص 342. وقال الحاكم: حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. وأقره الذهبي. وفي ظني أن هذا الوجه معلول، أو وقع فيه تصحيف، أو وهم، ومن القرائن على ذلك: 1 - تفرد الحاكم به فلم أقف عليه من هذا الوجه في شيء من كتب الحديث. 2 - أن مسة الأزدية؛ لا تعرف بالرواية إلا عن أم سلمة -رضي الله عنه- وعلى هذا تتابع المترجمون لها، ومنهم الحافظ المزي في (تهذيب الكمال) الذي يحاول فيه استقصاء شيوخ الراوي، وتلاميذه، فإنه لم يذكر في ترجمتها (35: 305) سوى أنها روت عن أم سلمة -رضي الله عنها-. بل لا يعرف لها إلا حديث واحد، وهو الذي روته عن أم سلمة قالت: كانت النفساء تجلس على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- أربعين يومًا ... قال الإمام البخاري كما في (علل الترمذي الكبير) 1: 59 (77 - ترتيبه)، -وقد سئل عن هذا الحديث-: " .. ولا أعرف لمسَّة غير هذا الحديث". وهكذا نصَّ الذهبي في (الميزان) 4: 610. 3 - أن عبد الرحمن بن شيبة المكي الحجبي؛ لا يعرف بالرواية إلا عن عائشة، وأم سلمة زوجي النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم تذكر له رواية عن جابر -رضي الله عنه-. ينظر: تهذيب الكمال 17: 176. (ب) أبو الزبير المكي. فقد أخرج الطبري في تفسيره (15: 604) من طريق سعيد بن كثير بن عفير، قال: ثنا ابن لهيعة، عن أبي الزبير، قال: سألت جابر بن عبد الله عن الورود، فقال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-

يقول: (هو الدخول، يردون النار حتى يخرجوا منها، فآخر من يبقى رجل على الصراط يزحف، فيرفع الله له شجرة، قال: فيقول: أي رب، أدنني منها. قال: فيدنيه الله تبارك وتعالى منها، قال: ثم يقول: أي رب، أدخلني الجنة، قال: فيقول: سل، قال: فيسأل، قال: فيقول: ذلك لك وعشرة أضعافه، أو نحوها. قال: فيقول: يا رب، تستهزىء بي؟ قال: فيضحك حتى تبدو لهواته وأضراسه). وهذا منكر، خالف فيه ابنُ لهيعة الضعيف ابنَ جريج الثقة الفقيه، عند مسلم وغيره، كما سيأتي قريبًا. بل جاء عن ابن لهيعة نفسه؛ ما يوافق سياق ابن جريج، وليس فيه تفسير الورود بالدخول، فيما أخرجه أحمد (3: 345) قال: حدثنا موسى بن داود، حدثنا ابن لهيعة، عن أبي الزبير أنه سأل جابرًا -رضي الله عنه- عن الورود .. الحديث بنحو سياق مسلم الآتي. قلت: ومما يمكن أن يُعلَّ به هذا الحديث -حديث جابر -رضي الله عنه-؛ ما أخرجه مسلم في صحيحه رقم (191) في الإيمان: باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها، من طريق ابن جريج، قال: أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- يسأل عن الورود، فقال: (نجيء نحن يوم القيامة عن كذا وكذا انظر أي ذلك (¬1) فوق الناس، قال: فتدعى الأمم بأوثانها وما كانت تعبد؛ الأول فالأول، ثم يأتينا ربنا بعد ذلك، فيقول: من تنظرون؟ فيقولون: ننظر ربنا، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: حتى ننظر إليك، فيتجلى لهم يضحك، قال: فينطلق بهم، ويتبعونه، ويعطى كل إنسان منهم منافق أو مؤمن نورًا، ثم يتبعونه، وعلى جسر جهنم كلاليب وحسك تأخذ من شاء الله، ثم يطفأ نور المنافقين، ثم ينجو المؤمنون فتنجو أول زمرة وجوههم كالقمر ليلة البدر، سبعون ألفًا لا يحاسبون، ثم الذين يلونهم كاضوأ نجم في السماء، ثم كذلك، ثم تحل الشفاعة، ويشفعون حتى يخرج من النار من قال لا إله ¬

_ (¬1) قال النووي في شرح مسلم 3: 47: "هكذا وقع هذا اللفظ في جميع الأصول من صحيح مسلم، واتفق المتقدمون والمتأخرون على أنه تصحيف وتغيير واختلاط في اللفظ .. " ثم شرح ذلك، وساق النقول في بيانه.

إلا الله، وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة، فيجعلون بفناء الجنة، ويجعل أهل الجنة يرشون غليهم الماء حتى ينبتوا نبات الشيء في السيل، ويذهب حراقه، ثم يسأل حتى تجعل له الدنيا وعشرة أمثالها معها). فهاهنا قال في حديثه: (وعلى جسر جهنم كلاليب وحسك تأخذ من شاء الله، ثم يطفأ نور المنافقين، ثم ينجو المؤمنون ..)، وفي الحديث الأصل يروي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (الورود: الدخول، لا يبقى بر ولا فاجر إلا دخلها ..)، وبين السياقين فرقٌ ظاهر، فلو كان هذا المرفوع ثابتًا عنه، لما عدل عنه إلى غيره. وهذا منهج معتبر درج عليه أئمة الحديث، وأطباء علله، قال الحافظ ابن رجب في (شرح علل الترمذي) 2: 888: "قاعدة: في تضعيف حديث الراوي إذا روى ما يخالف رأيه. قد ضعف الإمام أحمد وأكثر الحفاظ أحاديث كثيرة بمثل هذا، فمنها: أحاديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في المسح على الخفين، ضعفها أحمد، ومسلم، وغير واحد، وقال: أبو هريرة ينكر المسح على الخفين، فلا يصح له فيه رواية. ومنها: أحاديث ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في المسح على الخفين -أيضًا- أنكرها أحمد، وقال: ابن عمر أنكر على سعد المسح على الخفين، فكيف يكون عنده عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه رواية؟!. ومنها: حديث عائشة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال للمستحاضة: (دعي الصلاة أيام أقرائك). قال أحمد: كل من روى هذا عن عائشة فقد أخطأ، لأن عائشة تقول: الأقراء: الأطهار لا الحيض. ومنها: حديث ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في فضل الصلاة على الجنازة، ذكر الترمذي عن البخاري أنه قال: ليس بشيء، ابن عمر أنكر على أبي هريرة حديثه. ومنها: حديث عائشة: (لا نكاح إلا بولي)، أعله أحمد في رواية عنه، بأن عائشة عملت بخلافه .. ".

الشواهد

الشواهد: لم أقف على شاهد تام لهذا الحديث، بمثل السياق الذي جاء به، أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: (الورود: الدخول، لا يبقى بر ولا فاجر إلا دخلها، فتكون على المؤمن بردًا وسلامًا ..)، لكن وقفت على حديث جاء فيه مطلق الدخول، وهو ما روته أم مبشر -رضي الله عنها-، أنها سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول عند حفصة: (لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة أحد، الذين بايعوا تحتها)، فقالت حفصة: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا} فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (قد قال الله عز وجل: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا}). أخرجه مسلم (2496) في فضائل الصحابة: باب من فضائل أصحاب الشجرة، وابن ماجه (4281) في الزهد: باب ذكر البعث، وأحمد 6: 420، والطبراني في الكبير 23: 206، 208 رقم (358) (363). ولفظ ابن ماجه، والطبراني: (ممن شهد بدرًا والحديبية). وعزاه في (الدر المنثور) 10: 119 إلى: ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن الأنباري، وابن مردويه. لكن فرق بين الحديثين، فحديث أم مبشر قابل للتأويل بما يتفق مع حديث جابر -رضي الله عنه- في مسلم كما سيأتي إيضاح ذلك عقب الحديث الآتي. *****

(161)

(161) عن أبي أيوب -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (أول من يختصم يوم القيامة الرجل وامرأته، والله ما يتكلم لسانها، ولكن يداها ورجلاها يشهدان عليها بما كانت تغيب لزوجها، وتشهد يداه ورجلاه بما كان يوليها، ثم يدعي بالرجل وخدمه، فمثل ذلك، ثم يدعى بأهل الأسواق، وما يوجد ثَمَّ دوانيق ولا قراريط، ولكن حسنات هذا تدفع إلى هذا الذي ظُلِم، وسيئات هذا الذي ظلمه، ثم يؤتى بالجبارين في مقامع من حديد، فيقال: أوردوهم إلى النار، فوالله ما أدري يدخلونها، أو كما قال الله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا}). تخريجه: أخرجه الطبراني 4: 148 (3969) قال: حدثنا علي بن عبد العزيز، ثنا هارون بن عبد الله البزاز، ثنا محمد بن الحسن المخزومي، حدثني أبو عبد العزيز عبد الله بن عبد العزيز الليثي، عن ابن شهاب، عن عطاء بن يزيد، عن أبي أيوب -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه ابن أبي الدنيا في (كتاب الأهوال) رقم (238) من طريق محمد بن الحسن المخزومي، به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 10: 118 إلى: ابن مردويه. وأخرجه العقيلي في (الضعفاء الكبير) 2: 276 - ومن طريقه: ابن الجوزي في (العلل المتناهية) 2: 160 - مختصرًا دون موضع الشاهد، من طريق عبد الله بن عبد العزيز الليثي، به. الحكم على الإسناد: ضعيف جدًا، لما يأتي: 1 - محمد بن الحسن بن زبالة، وهو: محمد بن الحسن بن أبي الحسن القرشي المخزومي المدني (د)، متفق على ضعفه، ورماه بالكذب: ابنُ معين، وأبو داود، وغيرهما. ينظر: تهذيب الكمال 25: 60، التقريب ص 474.

الشواهد

2 - عبد الله بن عبد العزيز بن عبد الله بن عامر الليثي، أبو عبد العزيز المدني. (ق) قال البخاري: منكر الحديث. وقال أبو حاتم: منكر الحديث، ضعيف الحديث، لا يشتغل بحديثه .. عامة حديثه خطأ، لا أعلم له حديثًا مستقيمًا، يكتب حديثه. وقال إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني: يروي عن الزهري مناكير، بعيد من أوعية الصدق. وفي التقريب: ضعيف، واختلط بأخرة. ينظر: التاريخ الكبير 5: 140، الجرح والتعديل 5: 103، أحوال الرجال ص 130، تهذيب الكمال 15: 238، التقريب ص 312. وقال محمد بن يحيى الذهلي: حديث منكر، كما في (الضعفاء الكبير) للعقيلي 2: 276. وقال الذهبي -في (الميزان) 2: 455 - : باطل. وقال العقيلي في (الضعفاء الكبير) 2: 276: "حدثنا محمد بن علي، قال: حدثنا سعيد ابن منصور، قال: حدثنا عبد الله بن عبد العزيز الليثي، عن الزهري قال: إن أول من يختصم .. فذكره، لم يجاوز الزهري". وصوبه من هذا الوجه: الذهبيُ في (الميزان) 2: 412. الشواهد: يشهد لهذا الحديث: ما رواه عبد الرحمن بن بشير الأنصاري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من مات له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث؛ لم يرد النار إلا عابر سبيل) بعني الجواز على الصراط. أخرجه الطبراني كما في (الإصابة) 4: 290، و (الدر المنثور) 10: 120، وغيرهما، وأفاد العيني في (عمدة القاري) 8: 28 أنه في (المعجم الكبير). قلت: وليس في المطبوع.

وأورده المنذري في (الترغيب والترهيب) 3: 55 وقال: "رواه الطبراني بإسناد لا بأس به، وله شواهد كثيرة". وقال في (مجمع الزوائد) 3: 7: "رجاله موثقون خلا شيخ الطبراني؛ أحمد بن مسعود المقدسي، ولم أجد من ترجمه". قلت: وقد وجدت له ترجمة في (تاريخ دمشق) 6: 10، وذكر أن الطبراني لقيه ببيت المقدس سنة 274 ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا. وهكذا في (السير) 13: 244. * وقد اختلف أهل العلم في معنى الورود المذكور في الآية (¬1)، ففسر الورود بمعان كثيرة، منها: 1 - الدخول. 2 - المرور. 3 - الدخول، ولكنه خاص بالكافرين. 4 - التفريق بين المؤمن والكافر، فورود المؤمن: المرور، وورود الكافر: الدخول. 5 - الحضور، والإشراف عليها. 6 - ما يصيب المؤمن في الدنيا من الحمى. وقال الزجاج في (معاني القرآن) 3: 340: " .. وقال ابن مسعود والحسن وقتادة: إن ورودها ليس دُخولها، وحجتهم في ذلك جيدة جدًّا من جهات؛ إحداهن: أَن العرب تقول وردت ماء كذا ولم تدخله، قال الله عز وجل {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ} [القصص: 23]، ويقال إِذا بَلَغْتَ إِلى البلد ولم تَدْخله: قد وردت بلد كذا وكذا. ¬

_ (¬1) ينظر: تفسير الطبري 15: 590 - 605، زاد المسير 5: 255، التخريف من النار لابن رجب ص 178 - 185، فتح الباري 3: 149.

قال أَبو إسحاق: والحجة القاطعة في هذا القول ما قال الله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (101) لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا} [الأنبياء: 101، 102]، فهذا والله أَعلم دليل أَن أَهل الحسنى لا يدخلون النار، وفي اللغة: وردت بلد كذا وكذا؛ إِذا أَشرفت عليه، دخلته أو لم تدخله". وأشار ابن حجر في الفتح 3: 149 إلى القولين الأولين، وقال: "وهذان القولان؛ أصح ما ورد في ذلك، ولا تنافي بينهما، لأن من عبر بالدخول تجوز به عن المرور، ووجهه: أن المار عليها فوق الصراط في معنى من دخلها، لكن تختلف أحوال المارة باختلاف أعمالهم فأعلاهم درجة من يمر كلمع البرق كما سيأتي تفصيل ذلك .. ويؤيد صحة هذا التأويل: ما رواه مسلم من حديث أم مبشر أن حفصة قالت للنبي -صلى الله عليه وسلم-: -لما قال: (لا يدخل أحد شهد الحديبية النار) - أليس الله يقول: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا} فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (قد قال الله عز وجل: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا} الآية، وفي هذا بيان ضعف قول من قال: الورود مختص بالكفار، ومن قال: معنى الورود: الدنو منها، ومن قال: معناه الإشراف عليها، ومن قال: معنى ورودها؛ ما يصيب المؤمن في الدنيا من الحمى، على أن هذا الأخير ليس ببعيد، ولا ينافيه بقية الأحاديث، والله أعلم). ونقل في الفتح أيضًا (3: 148)، عن الخطابي في بيان معنى قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا} أنه قال: (معناه: لا يدخل النار ليعاقب بها، ولكنه يدخلها مجتازا). قلت: والأقوال الخمسة الأولى يمكن الجمع والتأليف بينها، بلا تعارض. وأشار الإمام الطبري إلى هذه المسالة -في تفسيره 15: 590 - 605 - ، وقال مرجحًا 15: 601: "وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: يردها الجميع، ثم يصدر عنها المؤمنون فينجيهم الله، ويهوي فيها الكفار. وورود هموها هو ما تظاهرت به الأخبار عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من مرورهم على الصراط المنصوب على متن جهنم، فناج مسلَّم، ومكدَّس فيها".

وما ذكره الطبري هو الذي دلت عليه الأدلة، ومنها: 1 - عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قلنا: يا رسول الله، هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال: (هل تضارون في رؤية الشمس والقمر إذا كانت صحوًا؟) قلنا: لا، قال: (فإنكم لا تضارون في رؤية ربكم يومئذ إلا كما تضارون في رؤيتهما) ثم قال: (ينادي مناد ليذهب كل قوم إلى ما كانوا يعبدون ...) فذكر الحديث بطوله، وفيه: (ثم يؤتى بالجسر، فيجعل بين ظهري جهنم) قلنا: يا رسول الله، وما الجسر؟ قال: (مدحضة مزلة، عليه خطاطيف وكلاليب وحسكة مفلطحة لها شوكة عقيفاء تكون بنجد، يقال لها: السعدان، المؤمن عليها كالطرف وكالبرق وكالريح وكأجاويد الخيل والركاب فناج مسلم، وناج مخدوش، ومكدوس في نار جهنم، حتى يمر آخرهم يسحب سحبًا ..) الحديث. أخرجه البخاري (7439) في التوحيد: باب قول الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}، ومسلم (183) في الإيمان: باب طريق معرفة الرؤية. 2 - عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن الناس قالوا: يا رسول الله، هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال: (هل تمارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب؟ ..) فذكر الحديث بطوله، وفيه: (وفي جهنم كلاليب مثل شوك السعدان، هل رأيتم شوك السعدان؟) قالوا: نعم، قال: (فإنها مثل شوك السعدان، غير أنه لا يعلم قدر عظمها إلا الله، تخطف الناس بأعمالهم، فمنهم من يوبق بعمله، ومنهم من يخردل ثم ينجو حتى إذا أراد الله رحمة من أراد من أهل النار أمر الله الملائكة أن يخرجوا من كان يعبد الله ...) الحديث. أخرجه البخاري (806) في الأذان: باب فضل السجود، و (6574) في الرقاق: باب الصراط جسر جهنم، ومسلم (182) في الإيمان: باب معرفة طريق الرؤية.

3 - عن السدي، قال: سألت مرة الهمداني، عن قول الله عز وجل: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا}، فحدثني أن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- حدثهم قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يرد الناس النار، ثم يصدرون منها بأعمالهم، فأولهم كلمح البرق ثم كالريح ثم كحضر الفرس ثم كالراكب في رحله ثم كشد الرجل ثم كمشيه). أخرجه الترمذي (3159) في تفسير القرآن: باب ومن سورة مريم، والدارمي (2810) في الرقاق: باب في ورود النار، وأبو يعلى 9: 21 (5089)، والحاكم 2: 375، كلهم من طريق إسرائيل بن يونس، عن السدي، به. وأخرجه أحمد 1: 435 قال: حدثنا عبد الرحمن -وهو: ابن مهدي- عن إسرائيل، به ولفظه: (يرد الناس النار كلهم، ثم يصدرون عنها بأعمالهم). وعزاه في (الدر المنثور) 10: 114 إلى: عبد بن حميد، وابن أبي حاتم، وابن الأنباري، وابن مردويه. وهذا سند حسن لأجل السدي، وقد سبق تفصيلًا في الحديث رقم (113). وقال الحاكم: حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه. وأقره الذهبي. قال الترمذي: "هذا حديث حسن، ورواه شعبة عن السدي ولم يرفعه. حدثنا محمد بن بشار، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا شعبة، عن السدي، عن مرة، عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا}، قال: يردونها ثم يصدرون بأعمالهم. حدثنا محمد بن بشار، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن شعبة، عن السدي، بمثله. قال عبد الرحمن: قلت لشعبة: إن إسرائيل حدثني عن السدي، عن مرة، عن عبد الله -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. قال شعبة: وقد سمعته من السدي مرفوعًا، ولكني عمدًا أدعه". ونقل ابن رجب في (التخويف من النار) ص 179، عن الدارتطني أنه قال في الحديث: يحتمل أن يكون مرفوعًا. *****

(162)

قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} [مريم: 96]. (162) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا أحب الله عبدًا؛ نادى جبريل: إني قد أحببت فلانًا فأحبه، قال: فينادي في السماء، ثم تنزل له المحبة في أهل الأرض، فذلك قول الله: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا}، وإذا أبغض الله عبدا نادى جبربل: إني أبغضت فلانًا، فينادي في السماء، ثم تنزل له البغضاء في الأرض). تخريجه: أخرجه البخاري (3209) في بدء الخلق: باب ذكر الملائكة، و (7485) في التوحيد: باب كلام الرب مع جبريل ونداء الله للملائكة، و (6040) في الأدب: باب المقة من الله، ومسلم (2637) في البر والصلة: باب إذا أحب الله عبدًا حببه إلى عبادة، والترمذي (3161) في تفسير القرآن: باب ومن سورة مريم، ومالك في (الموطأ) 2: 953 (15)، وأحمد 2: 267، 341، 413، 514، من طرق عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، واللفظ للترمذي، والبقية بنحوه. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. *****

سورة طه

سورة طه قال تعالى: {فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَاآدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى} [طه: 120]. (163) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام ما يقطعها، وهي شجرة الخلد). تخريجه: أخرجه الطيالسي 4: 278 رقم (2670) قال: حدثنا شعبة، عن أبي الضحاك، قال: سمعت أبا هريرة -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه أحمد 2: 455، 462، وعبد بن حميد في مسنده 2: 351 رقم (1455 - المنتخب)، والدارمي رقم (2839) في الرقاق: باب في أشجار الجنة، وابن أبي الدنيا في (صفة الجنة) رقم (41)، والطبري 7: 168، 22: 314 - 315، وأبو نعيم في (صفة الجنة) رقم (431)، كلهم من طريق شعبة، به، بنحوه. وعزاه المزي في (تهذيب الكمال) 33: 433 إلى ابن ماجه في (التفسير). وعزاه في (الدر المنثور) 10: 252 إلى ابن أبي حاتم. الحكم على الإسناد: هذا الإسناد لا بأس به، أبو الضحاك، عداده في البصريين. روى عن أبي هريرة -رضي الله عنه- هذا الحديث. وروى عنه شعبة. ووى له ابن ماجه في (التفسير) هذا الحديث. قال الذهبي: لا يعرف، لكن شيوخ شعبة جياد. وفي التقريب: مقبول. ومما يقوي أمره -كما أشار الذهبى- رواية شعبة عنه، وهو معروف بتحريه وتثبته، ومعدود فيمن لا يروي إلا عن ثقة. قال ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل) 4: 361: "سئل أبي عن شهاب الذي روى عن عمرو بن مرة فقال: شيخ يرضاه شعبة بروايته عنه، يحتاج أن يسأل عنه! ".

وقال ابن عبد الهادي في (الصارم المنكي) ص 81: "لو روى شعبة خبرًا عن شيخ له، لم يعرف بعدالة ولا جرح، عن تابعي ثقة، عن صحابي، كان لقائل أن يقول: هو خبر جيد الإسناد، فإن رواية شعبة عن الشيخ مما يقوي أمره". ينظر: تهذيب الكمال 33: 433، ميزان الاعتدال 4: 540، التقريب ص 651. لكن تفرد أبو الضحاك بزيادة: (وهي شجرة الخلد) من بين الرواة عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، ومثله لا يحتمل منه هذا، فقد روى الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عدد من الرواة، ومنهم: 1 - الأعرج؛ عبد الرحمن بن هرمز. ثقة ثبت عالم، أخرج حديثه الجماعة. ينظر: التقريب ص 352. أخرج روايته: الحميدي في مسنده رقم (1131)، وأحمد 2: 418، والبخاري رقم (4881)، ومسلم رقم (2826)، وابن حبان في صحيحه، كما في الإحسان 16: 426 رقم (7411)، وغيرهم من طريق أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. 2 - كيسان، أبو سعيد المقبري المدني. ثقة ثبت، أخرج حديثه الجماعة. ينظر: التقريب ص 463. أخرج روايته: أحمد 2: 452، ومسلم رقم (2826)، والترمذي رقم (2523)، وغيرهم من طريق سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. 3 - عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري النجاري. ثقة، ولد في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأخرج حديثه الجماعة. ينظر: تهذيب الكمال 17: 318، التقريب ص 347. أخرج روايته: أحمد 2: 482، والبخاري (3252)، وغيرهما من طريق فليح بن سليمان، عن هلال بن علي، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. 4 - محمد بن زياد الجمحي مولاهم، أبو الحارث المدني. ثقة ثبت، ربما أرسل، أخرج حديثه الجماعة. ينظر: التقريب ص 479. أخرج روايته: عبد الرزاق في مصنفه 11: 417 رقم (20878)، وأحمد 2: 469، وغيرهما، من طريق محمد بن زياد، أنه سمع أبا هريرة -رضي الله عنه-.

الحكم على الحديث

5 - همام بن منبه بن كامل الصنعاني. ثقة، أخرج حديثه الجماعة. ينظر: التقريب ص 574. أخرج روايته: عبد الرزاق في مصنفه 11: 417 رقم (20877) عن معمر، عن همام، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. ومن طريق عبد الرزاق رواه: ابن حبان في صحيحه، كما في الإحسان 16: 428 رقم (7412)، والبغوي في (شرح السنة) 15: 207 رقم (4370)، وفي تفسيره (معالم التنزيل) 8: 12. 6 - أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف القرشي الزهري المدني. قبل اسمه: عبد الله، وقيل: إسماعيل، وقيل: اسمه كنيته. ثقة مكثر، من كبار أئمة التابعين علمًا. أخرج روايته: أحمد 2: 438، وابن ماجه رقم (4335)، والدارمي رقم (2838)، وغيرهم من طريق محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. فهؤلاء الثقات رووا الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، بدون ذكر (شجرة الخلد)، ثم تفرد أبو الضحاك على ما فيه بذكر هذه الزيادة، فلا شك في تقديم رواية الجماعة الثقات. الحكم على الحديث: ضعيف بهذا اللفظ، والله أعلم. فائدة: استوقفني أثناء بحث الحديث أحد ألفاظه في مسند أحمد، وفيه فائدة لطيفة في بيان دقة المحدثين في ضبط ألفاظ حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والعناية بنقلها كما تحملوها، فقد جاء في مسند أحمد 2: 455 قال: حدثنا محمد بن جعفر وحجاج، قالا: حدثنا شعبة، قال: سمعت أبا الضحاك، يحدث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها سبعين أو مائة سنة هي شجرة الخلد) قال حجاج: أو مائة سنة شجرة الخلد، قلت لشعبة: هي شجرة الخلد، قال: ليس فيها هي. *****

(164)

قال تعالى: {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى} [طه: 123]. (164) عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من اتبع كتاب الله؛ هداه الله من الضلالة، ووقاه سوه الحساب يوم القيامة، وذلك أن الله يقول: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى}). تخريجه: أخرجه الطبراني في الكبير 12: 48 (12437)، وفي الأوسط 5: 332 (5466)، قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، حدثني أبي، قال: وجدت في كتاب أبي بخطه، عن عمران بن أبي عمران، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- .. فذكره. وعزاه في (الدر المنثور) 10: 254 إلى: ابن مردويه. الحكم على الإسناد: إسناد حسن. محمد بن عثمان بن أبي شيبة؛ هو محمد بن عثمان بن محمد بن إبراهيم، أبو جعفر العبسي الكوفي الحافظ. وثقه صالح جزرة، وذكره ابن حبان في (الثقات)، وقال: كتب عنه أصحابنا. وقال ابن عدي: لم أر له حديثًا منكرًا فأذكره، وهو على ما وصف لي عبدان لا بأس به. وقال مسلمة بن قاسم: لا بأس به، كتب الناس عنه، ولا أعلم أحدًا تركه. وقال ابن خراش: كان يضع الحديث. وقال ابن عقدة: سمعت عبد الله بن أسامة الكلبي، وإبراهيم بن إسحاق الصواف، وداود بن يحيى، يقولون: محمد بن عثمان كذاب، زادنا داود: قد وضع أشياء على قوم ما حدثوا بها قط. وهكذا نقل عن عبد الله بن أحمد بن حنبل أنه قال: كذاب، بين الأمر. وقال البرقاني: لم أزل أسمعهم يذكرون أنه مقدوح فيه. مات سنة 287 هـ.

قلت: فأما ابن خراش فمقدوح في عدالته، لا يقبل قوله في الجرح والتعديل، وقد تكلم في: (عمرو بن سليم الزرقي) أحد رجال البخاري، فقال ابن حجر في (هدي. الساري) ص 453: "قلت: ابن خراش؛ مذكور بالرفض والبدعة، فلا يلتفت إليه". وقال الذهبي في الميزان 4: 200 في ترجمة: (أبي سلمة موسى بن إسماعيل المنقري): "لم أذكر أبا سلمة للين فيه، لكن لقول ابن خراش فيه: صدوق، وتكلم الناس فيه. قلت: نعم، تكلموا فيه بأنه ثقة ثبت يا رافضي". وهكذا ابن عقدة، قال الذهبي في ترجمته في (تذكرة الحفاظ) 3: 839: "لو صان نفسه وجود، لضربت إليه أكباد الإبل، ولضرب بإمامته المثل، لكنه جمع فأوعى، وخلط الغث بالسمين، والخرز بالدر الثمين، ومقت لتشيعه". وفي ترجمته من (لسان الميزان) 1: 264: " .. وروى حمزة بن محمد بن طاهر عن الدارقطني قال: كان رجل سوء، يشير إلى الرفض .. وقال أبو عمر بن حيويه: كان ابن عقدة يملي مثالب الصحابة، أو قال: مثالب الشيخين، فتركت حديثه". وذكروا أنه وقع بين صاحب الترجمة وبن مطين شيء، فتكلم كل منهما في الآخر، فلعل البرقاني سمع هذا القدح فيه. وحسبك في رفع ما ذكر عنه من ذلك الجرح؛ أن يقول فيه الحافظ ابن عدي -وهو من أهل الاستقراء، والاطلاع الواسع-: "لم أر له حديثًا منكرًا فأذكره". ينظر: الثقات 9: 155، الكامل 6: 295، تاريخ بغداد 3: 42، تذكرة الحفاظ 2: 661، اللسان 5: 280. وعمران بن أبي عمران، هو عمران بن بشر، أبو بشر الحلبي البصري. قال أبو حاتم: صالح. وذكره ابن حبان في (الثقات). ينظر: التاريخ الكبير 6: 409، الجرح والتعديل 6: 294، الثقات 7: 239.

وأورده الهيثمي في (المجمع) 1: 169 وقال: "رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وفيه: أبو شيبة، وهو ضعيف جدًا". وأعاده (7: 67) وقال: "رواه الطبراني، وفيه: أبو شيبة، وعمران بن أبي عمران، وكلاهما ضعيف". قلت: وأبو شيبة، هو: إبراهيم بن عثمان العبسي الكوفي، جد عثمان، وليس مذكورًا في السند، بل المراد: والد عثمان؛ محمد بن إبراهيم. فأبو شيبة لا مدخل له في هذا الإسناد، وهو متروك الحديث، كما في التقريب ص 92. فلا يستقيم إعلال الحديث بهذا. وأما تضعيف الهيثمي بعمران، فلا أدري ما مستنده فيه؟ وأخشى أن يكون وهم في تعيين الراوي، لأنه لم ينسب في السند، وربما اشتبه بغيره. وقد نص الحافظ المزي في ترجمة: (محمد بن إبراهيم بن عثمان بن العبسي الكوفي) أنه يروي عن: عمران بن بشر الحلبي، ولم أقف على من جرحه أو قدح فيه بشيء، بل قيل فيه عبارة تعديل، كا سبق في ترجمته. فلا يستقيم أيضًا إعلال الحديث بهذا. وقد وقع في نحو هذا العلامة الألباني رحمه الله، فإنه أورد هذا الحديث في السلسة الضعيفة 10: 33 رقم (4531)، وقال: (ضعيف جدًا. أخرجه الطبراني .. -وساق سند، ثم قال:- وهذا إسناد ضعيف جدا؛ عمران بن أبي عمران هذا؛ الظاهر أنه الرملي؛ قال الذهبي: "أتى بخبر كذب عن بقية بن الوليد؛ فهو آفته". قلت: وما استظهره الشيخ ليس بظاهر لأمرين: 1 - أن تلميذ عمران في هذا السند: محمد بن إبراهيم؛ توفي سنة 182 هـ، وبقيَّة قد توفي سنة 197 هـ، فيكون بقية في طبقة تلاميذه لا شيوخه.

2 - ما سبق ذكره عن الحافظ المزي في ترجمة (محمد بن إبراهيم بن عثمان بن العبسي الكوفي) أنه يروي عن: عمران بن بشر الحلبي، ولم يذكر غيره ممن اسمه: عمران. وهذا الاختلاف في تمييز الراوي؛ انبنى عليه أثرٌ كبير في الحكم على الإسناد. والحديث أخرجه ابن أبي شيبة 6: 120 (29955) عن محمد بن فضيل، عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- موقوفًا عليه. وأخرجه أبو نعيم في (الحلية) 9: 34 من طريق شعيب بن صفوان، عن عطاء بن السائب، عن أبي الضحى، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- موقوفًا عليه أيضًا. وعطاء بن السائب: صدوق اختلط، وسبق في الحديث رقم (31). قال الحافظ في ترجمته في (هدي الساري) ص 446: "من مشاهير الرواة الثقات، إلا أنه اختلط، فضعفوه بسبب ذلك، وتحصل لي من مجموع كلام الأئمة، أن رواية شعبة، وسفيان الثوري، وزهير بن معاوية، وزائدة، وأيوب، وحماد بن زيد، عنه قبل الاختلاط، وأن جميع من روى عنه غير هؤلاء؛ فحديثه ضعيف، لأنه بعد اختلاطه، إلا حماد بن سلمة، فاختلف قولهم فيه". فيكون إسناد هذا الموقوف ضعيفًا، والله أعلم. *****

(165)

قال تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه: 124]. (165) عن أبي سعيد -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قول الله عز وجل: {فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا}، قال: (ضمة القبر). تخريجه: أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره 7: 2440 رقم (13570) عن أبي زرعة، ثنا صفوان، ثنا الوليد، ثنا عبد الله بن لهيعة، عن دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد -رضي الله عنه- .. فذكره. وعزاه في (الدر المنثور) 10: 255 إلى: سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف، لحال ابن لهيعة وما قيل في رواية دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، وهذه منها. وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك في الحديث الثامن. وقد خالف ابنُ لهيعة فيه من هو أوثق منه، فرواه البيهقي في (إثبات عذاب القبر) ص 60 رقم (61) من طريق عبد الله بن سليمان، عن دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أنه قال: (إن المعيشة الضنك؛ أن سلط عليه تسع وتسعون تنينًا، ينهشه في القبر). وعبد الله بن سليمان، هو: الحميري، أبو حمزة الطويل. ذكره ابن حبان في (الثقات)، وفي التقريب: صدوق يخطىء. والرجل أخرج له النسائي في كتابه، وهو معروف بتشدده في الرجال، قال أبو علي النيسابوري: النسائي شرطه في الرجال، أشد من شرط مسلم بن الحجاج (¬1). ينظر: الثقات 7: 41، تهذيب الكمال 15: 60، التقريب ص 306. ¬

_ (¬1) انظر: الحطة ص 219.

فالأرجح في هذا الوجه أنه موقوف، وسيأتي مزيد بيان في هذا. قلت: وحديث أبي سعيد -رضي الله عنه- له طريق أخرى، فقد رواه الحاكم في (المستدرك) 2: 381، -وعنه: البيهقي في (إثبات عذاب القبر) ص 59 رقم: (59) - قال: أخبرنا أبو زكريا العنبري، حدثنا محمد بن عبد السلام، حدثنا إسحاق، أنبانا النضر بن شميل، حدثنا حماد بن سلمة، عن أبي حازم المدني، عن النعمان بن أبي عياش، عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: {مَعِيشَةً ضَنْكًا} قال: (عذاب القبر). وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه. وأقره الذهبي. وهذا الوجه معلول، وبيان ذلك؛ أن هذا الحديث يرويه: أبو حازم سلمة بن دينار، وتتابع الرواة عنه على روايته موقوفًا، ومنهم: 1 - سفبان بن عيينة. أخرجه عبد الرزاق في (المصنف) 3: 584 رقم (6741) عن سفيان، والطبري 16: 196، والبيهقي في (إثبات عذاب القبر) ص 60 رقم: (60)، كلاهما من طريق سفيان، عن أبي حازم، عن أبي سلمة، عن أبي سعيد -رضي الله عنه-، في قوله: {مَعِيشَةً ضَنْكًا} قال: (يضيق عليه قبره، حتى تختلف أضلاعه فيه). وهذا إسناد صحيح. 2 - عبد الرحمن بن إسحاق. أخرجه مسدد في (مسنده)، -كما في (المطالب العالية) 4: 135 رقم (3672) -، وابن أبي شيبة في (المصنف) 7: 144 رقم (34837)، والطبري 16: 196، من طرق عن عبد

الشواهد

الرحمن بن إسحاق، عن أبي حازم، عن النعمان بن أبي عياش، عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: (إن المعيشة الضنك التي قال الله: عذاب القبر). والنعمان بن أبي عياش؛ كنيته: أبو سلمة. ينظر: التقريب ص 564. 3 - 4 - محمد بن جعفر، وابن أبي حازم. أخرجه الطبري 16: 198 قال: حدثني عبد الرحيم البرقي، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: ثنا محمد بن جعفر، وابن أبي حازم، قالا: ثنا أبو حازم، عن النعمان بن أبي عياش، عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-: {مَعِيشَةً ضَنْكًا} قال: (عذاب القبر). 5 - حماد بن سلمة. واختلف عليه فيه على وجهين: (أ) رواه أبو عمرو الضرير، عنه، عن أبي حازم، به موقوفًا. أخرجه الواحدي في تفسيره (الوسيط) 3: 226. (ب) ورواه النضر بن شميل، عن حماد، به، مرفوعًا. وهو الحدبث المذكور ص 652 عند الحاكم، والبيهقي في (إثبات عذاب القبر)، وقال البيهقي عقبة ص 59: "وكذلك رواه حفص بن عبد الرحمن، عن حماد، مرفوعا". ولم أقف عليها مسندة. والراجح رواية الوقف، وهو ما رجحه ابن كثير في تفسيره 5: 323. الشواهد: يشهد للحديث؛ ما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (المؤمن في قبره في روضة، وُيرحَّب له قبره سبعين ذراعًا، وينور له كالقمر ليلة البدر، أترون فيما أنزلت هذه الآية: {فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}؟ قال: أتدرون ما المعيشة

الضنك؟) قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: (عذاب الكافر في قبره، والذي نفسي بيده إنه ليسلط عليهم تسعة وتسعون تنينًا، أتدرون ما التنين؟ قال: تسعة وتسعون حية، لكل حية سبعة رؤوس ينفخون في جسمه، ويلسعونه ويخدشونه إلى يوم القيامة). أخرجه أبو يعلى 11: 521 رقم (6644)، والطبري 16: 198، وابن حبان في صحيحه -كما في الإحسان 7: 392 رقم (3122)، والآجري في (كتاب الشريعة) 3: 1273 رقم (840)، والبيهقي في (إثبات عذاب القبر) ص 62 رقم (68)، كلهم من طريق عبد الله بن وهب، حدثنا عمرو بن الحارث، أن أبا السمح حدثه، عن ابن حجيرة، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. وزيد يحيى بن منصور، بين عبد الله بن وهب، وعمرو بن الحارث، عند البيهقي. وعزاه في (الدر المنثور) 10: 256 إلى: ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه. وسند الطبري فيه: حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، قال: حدثني عمي؛ عبد الله ابن وهب، به. وهذا إسناد حسن. أحمد بن عبد الرحمن بن وهب؛ هو المصري، ولقبه: بحشل. صدوق تغير بأخرة. ينظر: تهذيب الكمال 1: 387، التقريب ص 82، وسيأتي في الحديث رقم (206). وقد تابعه غير واحد عن ابن وهب. وعبد الله بن وهب؛ ثقة حافظ، أخرج حديثه الجماعة، كما في التقريب ص 328. وعمرو بن الحارث؛ ثقة فقيه حافظ. وأبو السمح؛ أحاديثه مستقيمة إِلا ما كان عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد -رضي الله عنه-، وسبق في الحديث الثامن.

وابن حجيرة، هو عبد الرحمن بن حجيرة القاضي، ثقة، أخرج حديثه الستة سوى البخاري، ومات سنة 83 هـ، كما في التقريب ص 338. فأقل أحوال هذا السند أن يكون حسنًا. وساقه ابن كثير في تفسيره 5: 323 بسند ابن أبي حاتم، من طريق أسد بن موسى، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا دراج أبو السمح، به، بنحوه. ثم قال: "رفعه منكر جدًا". فإن كان يعني هذا الإسناد الذي ذكره، ففيه ابن لهيعة وضعفه مشهور، وأسد بن موسى؛ صدوق يغرب، كما في التقريب ص 104. وإن كان يعني أصل الحديث، فلم يظهر لي وجه نكارته، إلا أن يكون من جهة سياق المتن، والله أعلم. والحديث أورده الحافظ المنذري في (الترغيب والترهيب) 4: 193 مصدرًا إياه بقوله: "وعن .. "، وقد قال في مقدمة الكتاب 1: 36: "فإذا كان إسناد الحديث صحيحًا أو حسنًا أو ما قاربهما؛ صدرته بلفظة: عنه". وأورده في المجمع 3: 55 وقال: "رواه أبو يعلى، وفيه: دراج، وحديثه حسن، واختلف فيه". والحديث أخرجه البزار 2: 94 رقم (1483 - مختصره) من طريق محمد بن عمر، ثنا هشام بن سعد، عن سعيد بن أبي هلال، عن ابي حجيرة، به، بنحوه مختصرًا. وعزاه في (الدر المنثور) 10: 255 إلى ابن أبي حاتم. وقال البزار عقبة: فيه من لم أعرفه. وتعقبه ابن حجر، فقال: كلهم معروفون بالثقة إلا محمد بن عمر، فهو الواقدي. قلت: وهو متروك، كما في التقريب ص 498.

وجاء عن أبي هريرة -رضي الله عنه- من وجه آخر- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن الميت إذا وضع في قبره؛ إنه يسمع خفق نعالهم حين يولون عنه .. -فذكر الحديث بطوله في فتنة القبر، وعذابه ونعيمه، وفيه في ذكر عذاب الكافر:- ثم يضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه، فتلك المعيشة الضنكة التي قال الله: {فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}). أخرجه ابن حبان كما في الإحسان 7: 380 (3113): قال: أخبرنا الحسن بن سفيان، قال: حدثنا عبد الواحد بن غياث، قال: حدثنا معتمر بن سليمان، قال: سمعت محمد بن عمرو، يحدث عن أبي سلمة، عن أي هريرة -رضي الله عنه-. وأخرجه أيضًا 7: 389 (3119) مختصرًا، والطبراني في الأوسط 3: 105 (2630) مطولًا، والبيهقي في (إثبات عذاب القبر) ص 59 رقم (57) (58) مختصرًا، من طرق عن حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو بن علقمة، به. وأخرجه البيهقي في (إثبات عذاب القبر) ص 61 رقم (67) مطولًا، من طريق عبد الوهاب بن عطاء، عن محمد بن عمرو بن علقمة، به. وإسناده حسن، لكن اختلف في رفعه ووقفه. وأورده في (مجمع الزوائد) 3: 52 وقال: "رواه الطبراني في الأوسط، وإسناده حسن". فهؤلاء ثلاثة رفعوه عن محمد بن عمرو: 1 - معتمر بن سليمان. (ثقة - التقريب ص 539). 2 - حماد بن سلمة. (ثقة عابد، وتغير حفظه بأخرة - التقريب ص 178). 3 - عبد الوهاب بن عطاء. (صدوق ربما أخطأ - التقريب ص 368). وقابلهم ثلاثة آخرون، فوقفوه عن محمد بن عمرو، وهم: 1 - يزيد بن هارون. (ثقة متقن - التقريب ص 606) رواه عنه: ابن أبي شيبة في مصنفه 3: 56 (12062).

2 - جعفر بن سليمان. (صدوق - التقريب ص 140) رواه عنه: عبد الرزاق في (المصنف) 3: 567. 3 - عبدة بن سليمان الكلابي. (ثقة ثبت - التقريب ص 369) رواه عنه: هناد بن السري في (الزهد) 1: 214 (3354). ويحتمل أن يكون الاختلاف من محمد بن عمرو نفسه، فإنه متكلم في حفظه، وهو حسن الحديث. قال أحمد: كان محمد بن عمرو يحدث بأحاديث فيرسلها ويسندها لأقوام آخرين، قال: وهو مضطرب الحديث. وذكره ابن حبان في الثقات وقال: كان يخطىء. وقال الذهبي: المحدث الصدوق .. حديثه في عداد الحسن. وقال الحافظ في الهدي: مشهور من شيوخ مالك، صدوق تكلم فيه بعضهم من قبل حفظه. وفي التقريب: صدوق له أوهام. أخرج له البخاري مقرونًا، ومسلم في المتابعات، واحتج به أصحاب السنن الأربعة، توفي سنة 145 هـ. ينظر: الثقات لابن حبان 7: 377، الضعفاء الكبير للعقيلي 4: 109، الكامل 6: 224، السير 6: 136، تهذيب الكمال 26: 212، ميزان الاعتدال 3: 673، التهذيب 5: 240، التقريب ص 499، شرح علل الترمذي ص 95، هدي الساري ص 463 - 464. وورد ما يشهد للحديث: عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- في قوله تعالى: {فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا} قال: (عذاب القبر). أخرجه هناد بن السري في (الزهد) 1: 214 رقم (352)، قال: حدثنا وكيع، عن أبي العميس، عن عبد الله بن المخارق، عن أبيه، عن عبد الله -رضي الله عنه-.

الحكم على الحديث

أبو العميس؛ هو: عتبة بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود الهذلي المسعودي. ثقة، وأخرج حديثه الجماعة. ينظر: التقريب ص 381. وعبد الله بن المخارق، هو السلمي الكوفي، ذكره ابن حبان في (الثقات)، وقال فيه ابن معين: مشهور. ينظر: التاريخ الكبير 5: 208، الجرح والتعديل 5: 179، الثقات 7: 54. وأبوه؛ مخارق بن سليم، جزم المزي بصحبته، وقال ابن حجر: مختلف في صحبته، وذكره ابن حبان في ثقات التابعين. ينظر: الثقات 5: 444، تهذيب الكمال 27: 315، التقريب ص 523. فهذا إسناد حسن على أقل أحواله. وأخرجه الطبراني في الكبير 9: 233 (9143)، والبيهقي في (إثبات عذاب القبر) ص 60 رقم (62)، من طريق عبد الله بن المخارق، به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 10: 257 إلى: عبد بن حميد، وابن المنذر. الحكم على الحديث: الحديث صحيح بما سبق. فقد جاء عن أبي سعيد -رضي الله عنه- بسند صحيح،. وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- بسند حسن، وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- بسند حسن. ومثله لا يقال من قبيل الرأي، فله حكم الرفع. وكذا جاء عن أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعًا، بسند ظاهره الحسن، والله أعلم. *****

(166)

قال تعالى: {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى} [طه: 130]. (166) عن جرير بن عبد الله -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} قال: (طلوع الشمس؛ صلاة الصبح، وقبل غروبها؛ صلاة العصر). تخريجه: أخرجه الطبراني في الكبير 2: 308 (2283)، وفي الأوسط 7: 114 (7014) قال: حدثنا محمد بن نصر القطان الهمداني، ثنا محمد بن مصفى، ثنا يحيى بن سعيد العطار، ثنا داود بن الزبرقان، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس، عن جرير -رضي الله عنه- .. فذكره. وتصحف: (يحيى بن سعيد العطار) في الأوسط المحقق إلى: يحيى بن سعيد القطان. وأخرجه ابن عساكر في (تاريخ دمشق) 41: 248 من طريق محمد بن مصفى، به. وعزاه في (الدر المنثور) 10: 262 إلى ابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف جدًا، لما يأتي: 1 - يحيى بن سعيد العطار الأنصاري، أبو زكريا الشامي الحمصي، ويقال: الدمشقي. قال ابن معين: ليس بشيء. وقال ابن عدي: هو بيّن الضعف. وفي التقريب: ضعيف. ليس له في الكتب الستة شيء، وإنما ذكر معهم تمييزًا. ينظر: الكامل 7: 193، تهذيب الكمال 31: 343، التقريب ص 591. 2 - داود بن الزبرفان الرقاشي، أبو عمرو، وقيل: أبو عمر البصري. (ت ق). قال ابن المديني: كتبت عنه شيئًا يسيرًا، ورميت به، وضعفه جدًا.

وفي التقريب: متروك. ينظر: تهذيب الكمال 8: 392، التقريب ص 198. وأورده الهيثمي في (المجمع) 7: 67 وقال: "رواه الطبراني، وفيه: يحيى بن سعيد العطار، وهو ضعيف". وأعاده 7: 112 وقال. "رواه الطبراني في الأوسط، وفيه: داود بن الزبرقان، وهو متروك". وقد أخرج البخاري (573) في مواقيت الصلاة: باب فضل صلاة الفجر، ومسلم (633) في المساجد: باب فضل صلاتي الصبح والعصر، من طريق إسماعيل بن أبي خالد، حدثنا قيس بن أبي حازم، عن جربر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: كنا عند النبي -صلى الله عليه وسلم-، إذ نظر إلى القمر ليلة البدر، فقال: (أما إنكم سترون ربكم كما ترون هذا لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس، وقبل غروبها، فافعلوا، ثم قال: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا}). *****

(167)

قال تعالى: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [طه: 131]. (167) عن أبي سعيد -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (أخوف ما أخاف عليكم ما يخرج الله لكم من زهرة الدنيا) قالوا: وما زهرة الدنيا يا رسول الله؟ قال: (بركات الأرض). تخريجه: أخرجه مسلم (1052) (122) في الزكاة: باب تخوف ما يخرج من زينة الدنيا، وفيه زيادة في آخره. وأخرجه أحمد 3: 21، 91، والبخاري (1465) في الزكاة: باب الصدقة على اليتامى، و (2842) في الجهاد والسير: باب فضل النفقة في سبيل الله، و (6427) في الرقاق: باب ما يحذر من زهرة الدنيا، ومسلم (1052) (123) في الزكاة: باب تخوف ما يخرج من زينة الدنيا، والنسائي (2581) في الزكاة: باب الصدقة على اليتيم، من طرق عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد -رضي الله عنه- بمعناه. *****

سورة الأنبياء

سورة الأنبياء قال تعالى: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ} [الأنبياء: 1]. (168) عن أبي سعيد -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: قوله تعالى: {وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ} قال: (في الدنيا). تخريجه: أخرجه النسائي في (السنن الكبرى) 10: 185 رقم (11268) قال: أخبرنا زياد بن أيوب، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه فيه أيضًا برقم (11269)، والطبري في تفسيره 16: 221 كلاهما من طريق أبي الوليد الطيالسي، عن أبي معاوية، به، بلفظه. الحكم على الإسناد: صحيح، رجاله رجال البخاري. الحكم على الحديث: صحيح. *****

(169)

قال تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ} [الأنبياء: 30]. (169) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله، إني إذا رأيتك؛ طابت نفسي، وقرت عيني، فأنبئني عن كل شيء، فقال: (كل شيء خلق من ماء) قال: قلت: يا رسول الله، أنبئني عن أمر إذا أخذت به دخلت الجنة، قال: (أفش السلام، وأطعم الطعام، وصل الأرحام، وقم بالليل والناس نيام، ثم ادخل الجنة بسلام). تخريجه: أخرجه أحمد 2: 295 قال: حدثنا يزيد، أخبرنا همام، عن قتادة، عن أبي ميمونة، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه أيضًا 2: 323، 493، وابن حبان في صحيحه كما في الإحسان 6: 299 (2559)، والحاكم في (المستدرك) 4: 160، والبيهقي في (الأسماء والصفات) 2: 244 (808) من طرق عن همام، به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 10: 287 إلى: ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: أبو ميمونة الفارسي المدني الأبار، من الموالي، قيل: اسمه سليم، وقيل غير ذلك. (4) روى عن: سمرة بن جندب -رضي الله عنه-، وأبي هريرة -رضي الله عنه-، وغيرهما. روى عنه: قتادة، ويحيى بن أبي كثير، وغيرهما. هكذا ذكر الحافظ المزي رحمه الله في ترجمة أبي ميمونة، وبعد مراجعة كتب التراجم تبين أن أبا ميمونة اثنان؛ أحدهما: الأبار، والآخر: الفارسي، واسمه: سليم. وعلى التفريق بينهما؛ مشى الأئمة: البخاري، ومسلم، وأبو حاتم، والدارقطني، والذهبي في (المقتنى) وغيرهم. وعلى الجمع مشى: المزي، والذهبي في (الكاشف). فأما سليم الفارسي؛ فيروي عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، وعنه: ابنه هلال، وأبو النضر مولى عمر بن عبيد الله. ذكره ابن أبي حاتم، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا. وذكره ابن حبان في (الثقات)، ووثقه العجلي، والدارقطني. وأما الأبار، فيروي عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، وعنه: قتادة. قال أبو حاتم: أبو ميمونة هذا لا يسمى.

وقال ابن معين: صالح. وقال الدارقطني: مجهول يترك. وبعضهم جعل هذا: الأزدي، وجعله غير الأبار. وفي التقريب: "منهم من فرق بين الفارسي والأبار، وكل منهما مدني يروي عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، فالله أعلم". وأورد ابنُ كثير هذا الحديث بهذا السند في تفسيره 5: 340 وقال: "هذا إسناد على شرط الصحيحين، إلا أن أبا ميمونة من رجال السنن، واسمه: سليم، والترمذي يصحح له". فكأنه يرى عدم التفريق. وذكر مسلم، والذهبي في (المقتنى): أبا ميمونة ثالثًا، واسمه: سلمة بن المجنون، يروي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أيضًا، ويروي عنه شعبة. قلت: وكلامهم في هذا غير جلي بالنسبة لي، وإن كان الأقرب التفريق كما عليه كبار أئمة الحديث (البخاري، ومسلم، وأبو حاتم، والدارقطني)، فالله أعلم. ينظر: التاريخ الكبير 4: 129، (الكني والأسماء) للإمام مسلم 1: 813، الجرح والتعديل (4: 212 - سليم)، (9: 447 - الأبار)، معرفة الثقات للعجلي 1: 426، الثقات 4: 329، سؤالات البرقاني للدارقطني ص 76، (الاستغناء في معرفة المشهورين من حملة العلم بالكني) لابن عبد البر 2: 1294، تهذيب الكمال 34: 338، الميزان 4: 579، الكاشف 2: 466، المقتنى في سرد الكني 2: 108، تهذيب التهذيب 6: 471، التقريب ص 677. والحديث صححه ابن حبان. وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. وأقره الذهبي. وأورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 5: 16، وقال: "رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح خلا أبي ميمونة، وهو ثقة". وصحح إسناده ابنُ حجر في الفتح 5: 36 (كتاب المساقاة - باب في الشرب). قلت: لم يصرح قتادة بالسماع في جميع مصادر التخريج، وهو مشهور بالتدليس. قال ابن كثير في تفسيره 5: 345 - بعد إيراد الحديث من المسند-: "وقد رواه سعيد ابن أبي عروبة، عن قتادة، مرسلًا". ولم أقف عليه من هذا الوجه. *****

(170)

قال تعالى: {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ (104)} [الأنبياء: 104]. (170) عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إنكم محشورون حفاة عراة غرلًا، ثم قرأ: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ}). تخريجه: أخرجه البخاري (3349) في أحاديث الأنبياء: باب قول الله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء: 125]، و (3447) فيه: باب قوله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ} [مريم: 16]، و (4625) في تفسير القرآن: {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ} [المائدة: 117]، ومسلم (2860) في الجنة وصفة نعيمها: باب فناء الدنيا وبيان الحشر يوم القيامة، والترمذي (2423) في صفة القيامة: باب ما جاء في الحشر، و (3167) في تفسير القرآن: باب ومن سورة الأنبياء، والنسائي (2582) في الجنائز: باب البعث، وأحمد 1: 223، 229، والدارمي (2802) في الرقاق: باب في صفة الحشر، من طرق عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس -رضي الله عنهما-. بيان الغريب: قوله: (غرلًا) -بضم المعجمة وسكون الراء- جمع أغرل، وهو الأقلف، وزنه ومعناه، وهو: من بقيت غرلته، وهي الجلدة التي يقطعها الخاتن من الذكر. والمعنى أنهم يحشرون غير مختونين. ينظر: النهاية لابن الأثير 3: 362 (غرل)، فتح الباري 11: 384. *****

سورة الحج

سورة الحج قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (2)} [الحج: 1، 2]. (171) عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يقول الله عز وجل يوم القيامة: يا آدم، يقول: لبيك ربنا وسعديك، فينادى بصوت: إن الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثًا الى النار، قال: يا رب وما بعث النار؟ قال: من كل ألف أراه قال: تسع مائة وتسعة وتسعين، فحينئذ تضع الحامل حملها، ويشيب الوليد، {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ}) فشق ذلك على الناس حتى تغيرت وجوههم، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من يأجوج ومأجوج: تسع مائة وتسعة وتسعين، ومنكم واحد، ثم أنتم في الناس كالشعرة السوداء في جنب الثور الأبيص، أو كالشعرة البيضاء في جنب الثور الأسود، وإني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة) فكبرنا، ثم قال: (ثلث أهل الجنة) فكبرنا، ثم قال: (شطر أهل الجنة) فكبرنا. تخريجه: أخرجه البخاري (4741) في تفسير القرآن: {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى}، و (3348) في أحاديث الأنبياء: باب قصة يأجوج ومأجوج، و (6530) في الرقاق: باب قوله تعالى: {إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ}، ومسلم (222) في الإيمان: باب قوله: يقول الله تعالى لآدم: أخرج بعث النار، وأحمد 3: 32، من طرق عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد -رضي الله عنه-. فائدة: الحديث له عدة شواهد، ومنها ما رواه ابن عباس -رضي الله عنهما-، قال: تلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذه الآية -وأصحابه عنده-: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} إلى

آخر الآية، فقال: (هل تدرون أي يوم ذلك؟) قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: (ذلك يوم يقول الله عز وجل: يا آدم قم فابعث بعثًا إلى النار، فيقول: وما بعث النار؟ فيقول: من كل ألف؛ تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار، وواحد إلى الجنة) فشق ذلك على القوم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إني لأرجو أن تكونوا شطر الجنة)، ثم قال: رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (اعملوا وأبشروا فإنكم بين خليقتين لم يكونا مع أحد إلا كثرتاه؛ يأجوج ومأجوج، وإنما أنتم في الأمم كالشامة في جنب البعير، أو كالرقمة في ذراع الدابة، أمتي جزء من ألف جزء). أخرجه البزار 2: 95 (1485 - مختصره)، والطبري في (تهذيب الآثار - مسند ابن عباس - السفر الأول) ص 396، والحاكم 4: 568، من طريق سعيد بن سليمان، حدثنا عباد بن العوام، عن هلال بن خباب، عن عكرمة، عن ابن عباس -رضي الله عنهما-. وعزاه في (الدر المنثور) 10: 414 إلى: ابن أبي حاتم، وابن مردويه. قال الطبري عقبه: "هذا خبر عندنا صحيح سنده". وصححه الحاكم، وأقره الذهبي. وقال الهيثمي في (مجمع الزوائد) 7: 69: "رواه البزار، ورجاله رجال الصحيح، غير هلال بن خباب، وهو ثقة". وصححه ابن حجر في (مختصر زوائد البزار) 2: 95. *****

(172)

قال تعالى: {فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (19) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ} [الحج: 19، 20]. (172) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن الحميم ليصب على رءوسهم فينفذ الحميم حنى يخلص إلى جوفه، فيسلت ما في جوفه حتى يمرق من قدميه، وهو الصهر، ثم يعاد كما كان). تخريجه: أخرجه الترمذي رقم (2582) في صفة جهنم: باب ما جاء في صفة شراب أهل النار، قال: حدثنا سويد، أخبرنا عبد الله، أخبرنا سعيد بن يزيد، عن أبي السمح، عن ابن حجيرة، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه أحمد 2: 374، والطبري 16: 495، والحاكم في (المستدرك) 2: 387، وأبو نعيم في (الحلية) 8: 182، والبغوي في تفسيره 5: 374، وفي (شرح السنة) 15: 244 رقم (4406)، من طريق ابن المبارك، به، بنحوه. وفي رواية الحاكم أن أبا هريرة -رضي الله عنه- تلا الآية قبل سياق الحديث. وعزاه في (الدر المنثور) 10: 441 إلى ابن أبي حاتم، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: حسن. فيه: أبو السمح؛ دراج بن سمعان، وسبق الكلام فيه في الحديث الثامن. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب. وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. وأقره الذهبي. بيان الغريب: قوله: (فيسلت ما في جوفه)، أي يقطعه ويستأصله. ينظر: (النهاية) لابن الأثير 2: 388 (سلت). وقوله: (حتى يمرق من قدميه) أي يخرج. ينظر: المرجع السابق 4: 320 (مرق). *****

(173)

قال تعالى {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (25)} [الحج: 25]. (173) عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- {سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ}، قال: (سواء المقيم، والذي يرحل). تخريجه: أخرجه الطبراني في الكبير 12: 67 (12496) قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، ثنا عبد الله بن عمر بن أبان، ثنا عبد الرحيم بن سليمان، عن عبد الله بن مسلم ابن هرمز، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس -رضي الله عنه- .. فذكره. وعزاه في (الدر المنثور) 10: 451 إلى: ابن أبي حاتم، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف، فيه: عبد الله بن مسلم بن هرمز المكي. (بخ ق) متفق على ضعفه. ينظر: تهذيب الكمال 16: 130، التقريب ص 323. ولم أقف على متابع له. وأورده في (مجمع الزوائد) 7: 70 وقال: "رواه الطبراني، وفيه: عبد الله بن مسلم بن هرمز، وهو: ضعيف". وصحح إسناده السيوطيُ في (الدر المنثور) 10: 451. *****

(174)

قال تعالى: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29]. (174) عن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إنما سمي البيت العتيق؛ لأنه لم يظهر عليه جبار). تخريجه: أخرجه البخاري في (التاريخ الكبير) 1: 201، قال: قال لنا عبد الله بن صالح، عن الليث، عن عبد الرحمن بن خالد، عن الزهري، عن محمد بن عروة بن الزبير، عن عبد الله ابن الزبير -رضي الله عنهما- .. فذكره. وأخرجه الترمذي (3170) في تفسير القرآن: باب ومن سورة الحج، وأخرجه البزار في (البحر الزخار) 6: 172 (2215)، والطبري 16: 531، وابن الأعرابي في (المعجم) 3: 1042 (2243)، والطبراني 13: 108 (262)، والحاكم 2: 389، والبيهقي في (شعب الإيمان) 3: 443، وفي الدلائل 1: 125، وابن عساكر في (تاريخ دمشق) 54: 209، كلهم من طريق عبد الله بن صالح، به، بنحوه. لكن وقع عند البزار: الزهري، عن عبد الله بن عروة، عن عبد الله بن الزبير. وعزاه في (الدر المنثور) 10: 480 إلى ابن مردويه. وقال البزار: لا نعلم له طريقًا عن ابن الزبير إلا هذا الطريق. الحكم على الإسناد: هذا الإسناد قابل للتحسين. عبد الله بن صالح بن محمد بن مسلم الجهني، مولاهم، أبو صالح المصري، كاتب الليث بن سعد. (خ د ت ق) روى عن: الليث بن سعد، وإبراهيم بن سعد الزهري، وغيرهما. وعنه: البخاري، وأبو حاتم الرازي، وغيرهما.

وثقه ابن معين في رواية. وقال أبو زرعة: حسن الحديث. وقال أبو حاتم الرازي: سمعت أبا الأسود النضر بن عبد الجبار، وسعيد بن عفير، يثنيان على كاتب الليث. وقال أيضًا: سمعت عبد الملك بن شعيب بن الليث، يقول: أبو صالح ثقة مأمون، قد سمع من جدي حديثه، وكان يحدث بحضرة أبي، وأبي يحضه على التحديث. وقال أيضًا: صدوق أمين. وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سألت أبي عنه، فقال: كان أول أمره متماسكًا، ثم فسد بأخرة، وليس هو بشيء، قال: وسمعت أبي ذكره يوما فذمَّه وكرهه، وقال: إنه روى عن الليث عن ابن أبي ذئب كتابًا أو أحاديث، وأنكر أن يكون الليث سمع من ابن أبي ذئب شيئًا. وقال علي بن المديني: ضربت على حديث عبد الله بن صالح، وما أروي عنه شيئًا. وقال النسائي: ليس بثقة. وقال ابن عدي: هو عندي مستقيم الحديث، إلا أنه يقع في حديثه في أسانيده ومتونه غلط، ولا يتعمد الكذب، وقد روى عنه يحيى بن معين. وقال ابن حبان: منكر الحديث جدًا، يروي عن الأثبات ما لا يشبه حديث الثقات، وعنده المناكير الكثيرة عن أقوام مشاهير أئمة، وكان في نفسه صدوقًا يكتب لليث بن سعد الحساب، وكان كاتبه على الغلات، وإنما وقع المناكير في حديثة من قبل جار له رجل سوء، سمعت ابن خزيمة يقول: كان له جار بينه وبينه عداوة، فكان يضع الحديث على شيخ عبد الله بن صالح، ويكتب في قرطاس بخط يشبه خط عبد الله بن صالح، ويطرح في داره في وسط كتبه، فيجده عبد الله فيحدث به، فيتوهم أنه خطه وسماعه، فمن ناحيته وقع المناكير في أخباره.

وقال ابن القطان: من أهل الصدق، ولم يثبت عليه ما يسقط حديثه، إلا أنه مختلف فيه. وحسن حديثه. وقال الذهبي -في المغني-: صالح الحديث، له مناكير. وقال في (السير): كان صدوقًا في نفسه، من أوعية العلم، أصابه داء شيخه ابن لهيعة، وتهاون بنفسه حتى ضعف حديثه ولم يترك بحمد الله، والأحاديث التي نقموها عليه معدودة في سعة ما روى. وذكره فيمن تكلم فيه وهو موثق. وساق ابن حجر كثيرًا مما قيل فيه في (هدي الساري)، ثم قال: "قلت: ظاهر كلام هؤلاء الأئمة أن حديثه في الأول كان مستقيمًا، ثم طرأ عليه فيه تخليط، فمقتضى ذلك أن ما يجيء من روايته عن أهل الحذق كيحيى بن معين، والبخاري، وأبي زرعة، وأبي حاتم، فهو من صحيح حديثه، وما يجيء من رواية الشيوخ عنه، فيتوقف فيه". وفي التقريب: صدوق كثير الغلط، ثبت في كتابه، وكانت فيه غفلة. وقرر الذهبي -في (الميزان) و (المغني) -، وابن حجر -في (هدي الساري) -؛ أن البخاري روى عنه في الصحيح. قلت: فينتقي من حديثه؛ ما رواه عنه أهل الحذق والإتقان، ولم يخالفه من هو أوثق منه، ولم يكن المتن منكرًا. مات سنة 222 هـ. ينظر: التاريخ الكبير 5: 121، ضعفاء النسائي ص 201، الجرح والتعديل 5: 86، المجروحين 2: 40، الكامل 4: 206، بيان الوهم والإيهام 4: 678، تهذيب الكمال 15: 98، السير 10: 405، المغني 1: 342، الكاشف 1: 562، (ذكر أساء من تكلم فيه وهو موثق) ص 109، الميزان 2: 440، هدي الساري ص 434، تهذيب التهذيب 3: 167، التقريب ص 308. ومحمد بن عروة بن الزبير بن العوام القرشي الأسدي المدني (ت)

ذكره ابن حبان في (كتاب الثقات). وفي التقريب: صدوق. ينظر: التاريخ الكبير 1: 201، الجرح والتعديل 8: 47، الثقات 5: 354، تهذيب الكمال 26: 110، الكاشف 2: 201، تهذيب التهذيب 5: 220، التقريب ص 496. وأورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 3: 296 وقال: "رواه البزار، وفيه: عبد الله بن صالح كاتب الليث. قيل: ثقة مأمون، وقد ضعفه الأئمة أحمد وغيره، وبقية رجاله ثقات". وقد حسن إسناده ابنُ حجر في (مختصر زوائد البزار) 1: 475. لكنه معلول، وبيان ذلك؛ أن هذا الحديث يرويه الزهري، واختلف عنه على وجهين: 1 - الرفع. واختلف عليه في هذا الوجه وصلًا وإرسالًا. (أ) رواية الوصل. ولها عنه طريقان: 1 - الليث بن سعد، عن عبد الرحمن بن خالد، عن الزهري، عن محمد بن عروة بن الزبير، عن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. ورواه عن الليث: كاتبه عبد الله بن صالح. وهو هذا الحديث محل الدراسة. 2 - صالح بن أبي الأخضر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، وأبي سلمة، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إنما سمي البيت العتيق لأنه أعتق من الجبابرة). وهذا الوجه أشار إليه ابن أبي حاتم في (العلل) 1: 274 رقم: (810)، ولم أقف عليه مسندًا. وصالح بن أبي الأخضر؛ هو: اليمامي، مولى هشام بن عبد الملك.

ضعفه ابن معين، وأبو زرعة والبخاري، ويحيى بن سعيد القطان، والنسائي، وغيرهم. قال الإمام أحمد: بلغني عن يحيى بن سعيد قال: قلت لصالح بن أبي الأخضر في أحاديث الزهري، فقال: بعضًا سمعت وبعضًا عرض، وبعضًا أصبتها في كتبي. وقال ابن معين: ليس بشيء في الزهري. وقال البخاري: صالح بن أبي الأخضر عن الزهري: لين. وقال ابن حبان: يروي عن الزهري أشياء مقلوبة، اختلط عليه ما سمع من الزهري بما وجده عنده مكتوبًا فلم يميز هذا من ذاك. ينظر: الضعفاء الصغير للبخاري ص 119، كتاب الضعفاء والمتروكين للنسائي ص 195، الجرح والتعديل 4: 394، الكامل 4: 63، المجروحين لابن حبان 1: 368، تهذيب الكمال 13: 8، السير 7: 303، الكاشف 1: 493، تهذيب التهذيب 2: 524، التقريب ص 271، شرح العلل لابن رجب 1: 399، 2: 482. فهذا الوجه ظاهر الضعف. وسئل عنه أبو حاتم، كما في (العلل) لابنه 1: 274، فقال: "هذا خطأ". (ب) رواية الإرسال. ورواها عنه: عقيل بن خالد. أخرجها الترمذي عقب (3170) قال: حدثنا قتيبة، حدثنا الليث، عن عقيل، عن الزهري، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- نحوه. وأخرجه الطبري 16: 531 من طريق ابن جريج، عن الزهري، قال: بلغنا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (.. فذكره). ومراسيل الزهري عندهم ليست بشيء. قال يحيى بن معين: مراسيل الزهري ليس بشيء.

وقال يحيى بن سعيد القطان: مرسل الزهري؛ شر من مرسل غيره، لأنه حافظ، وكلما قدر أن يسمي سمي، وإنما يترك من لا يستجيز أن يسميه. وقال الذهبي: مراسيل الزهري كالمعضل، لأنه يكون قد سقط منه اثنان، ولا يسوغ أن نظن به أنه أسقط الصحابي فقط، ولو كان عنده عن صحابي لأوضحه، ولما عجز عن وصله. ينظر: جامع التحصيل ص 140، سير أعلام النبلاء 5: 339، شرح علل الترمذي 1: 535. 2 - الوقف. ورواها عنه: معمر بن راشد. أخرجها عنه: عبد الرزاق في تفسيره 2: 37، ومن طريقه: الطبري 16: 529، وابن عساكر في (تاريخ دمشق) 54: 210. ووقع عندهم: الزهري، عن ابن الزبير -رضي الله عنهما-. وليس فيه: محمد بن عروة، بينما ذكر أبو حاتم -كما في العلل لابنه 1: 274 - أن الموقوف يرويه معمر، عن الزهري، عن محمد بن عروة، عن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما-. ولم أقف عليه بذكر محمد بن عروة. ولم تذكر للزهري رواية عن ابن الزبير -رضي الله عنه- في ترجمتيهما من (تهذيب الكمال)، وهو ممكن من حيث التاريخ، فإن ابن الزبير قتل -رضي الله عنهما- سنة 73 هـ، واختلف في ولادة الزهري على أقوال تنحصر بين 50 - 56 هـ فعلى أبعد الأقوال يكون عمره 17 سنة حين وفاة ابن الزبير -رضي الله عنهما-، فالإدراك متحقق، والله أعلم. فتحصل أن الرواة عن الزهري؛ أربعة: 1 - عبد الرحمن بن خالد. 2 - صالح بن أبي الأخضر. وهذان روياه عنه مرفوعًا موصولًا.

الحكم على الحديث

3 - عقيل بن خالد. ورواه عنه مرفوعًا مرسلًا. 4 - معمر بن راشد. ورواه عنه موقوفًا. ومعمر، وعقيل، كلاهما من الأثبات عن الزهري، لكن معمرًا مقدم عليه. بل جاء عن الإمام أحمد -في رواية- أن معمر بن راشد؛ أثبت أصحاب الزهري. ينظر: شرح العلل لابن رجب 2: 479. وهكذا رجح أبو حاتم الوقف، فقد جاء في (العلل) لابنه 1: 274: "سألت أبي عن حديث رواه صالح بن أبي الأخضر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، وأبي سلمة، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إنما سمي البيت العتيق لأنه أعتق من الجبابرة). قال أبي: هذا خطأ، رواه معمر، عن الزهري، عن محمد بن عروة، عن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما-، موقوف. ورواه الليث، عن عبد الرحمن بن خالد بن مسافر، عن الزهري، عن محمد بن عروة، عن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. قال أبي: حديث معمر عندي أشبه، لأنه لا يحتمل أن يكون عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مرفوع". وهذا مما للرأي فيه مجال، فليس له حكم الرفع. قلت: ولم يشر أبو حاتم إلى المرسل، وسنده في غاية الصحة إلى الزهري، فلا مانع أن يكون الوجهان -الموقوف والمرسل- محفوظين، والله أعلم. الحكم على الحديث: ضعيف. *****

(175)

قال تعالى: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} [الحج: 31]. (175) عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- قال: خرجنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في جنازة رجل من الأنصار فانتهينا إلى القبر، ولمّا يلحد .. -فذكر حديثًا طويلًا في صفة قبض الميت، والسؤال والجزاء في القبر، قال فيه في شأن الكافر بعد قبض روحه:- (فيصعدون بها، فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الخبيث؟ فيقولون: فلان بن فلان، بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا، حتى ينتهي به إلى السماء الدنيا، فيستفتح له فلا يفتح له، ثم قرأ رسول الله: -صلى الله عليه وسلم-: {لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ}، فيقول الله عز وجل: اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى، فتطرح روحه طرحًا، ثم قرأ: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ}). سبق برقم (80). *****

سورة المؤمنون

سورة المؤمنون قال تعالى: {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [المؤمنون: 10، 11]. (176) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ما منكم من أحد إلا له منزلان؛ منزل في الجنة، ومنزل في النار، فإذا مات فدخل النار، ورث أهل الجنة منزله، فذلك قوله تعالى: {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ}). تخريجه: أخرجه ابن ماجه (4341) في الزهد: باب صفة الجنة، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وأحمد بن سنان، قالا: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه الطبري 17: 15، والبيهقي في (شعب الإيمان) 1: 342 رقم (378) من طريق أبي معاوية، به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 10: 570 إلى: سعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: صحيح. فائدة: جاء بعض معنى هذا الحديث فيما أخرجه البخاري (6569) في الرقاق: باب صفة الجنة والنار، بسنده إلى أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا يدخل أحد الجنة إلا أري مقعده من النار لو أساء ليزداد شكرًا، ولا يدخل النار أحد إلا أري مقعده من الجنة لو أحسن ليكون عليه حسرة). *****

(177)

قال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ} [المؤمنون: 12]. (177) عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن الله عز وجل خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض، جاء منهم الأبيض والأحمر والأسود وبين ذلك، والخبيث والطيب، والسهل والحزن وبين ذلك). تخريجه: أخرجه أحمد 4: 400 قال: حدثنا روح، حدثنا عوف، عن قسامة بن زهير، قال: سمعت الأشعري -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه أبو داود (4693) في السنة: باب في القدر، والترمذي (2955) في التفسير: باب ومن سورة البقرة، وعبد الرزاق في تفسيره 1: 43، وابن سعد في (الطبقات) 1: 26، وعبد بن حميد 1: 433 رقم (548 - المنتخب)، والطبري 1: 513، وابن حبان في صحيحه كما في الإحسان 14: 29 رقم (6160) و14: 60 رقم (6181)، وأبو الشيخ في (العظمة) 5: 1544 - 1545 رقم (1002) (1003)، والحاكم في (المستدرك) 2: 261، وأبو نعيم في (الحلية) 8: 135، والبيهقي في (السنن الكبرى) 9: 3، وفي (الأسماء والصفات) 2: 257 رقم (815)، والمزي في (تهذيب الكمال) 23: 603، كلهم من طريق عوف بن أبي جميلة، به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 1: 251 إلى: ابن المنذر، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: إسناد صحيح. روح هو: ابن عبادة بن العلاء بن حسان القيسي، أبو محمد البصري. (ع) ثقة فاضل، مات سنة 205 هـ. ينظر: تهذيب الكمال 9: 238، التقريب ص 211.

وعوف هو ابن أبي جميلة العبدي الهجري، أبو سهل البصري. المعروف بالأعرابي، ولم يكن أعرابيًا. (ع)، ثقة رمي بالقدر، مات سنة 146 هـ. ينظر: تهذيب الكمال 22: 437، التقريب ص 433. وقسامة بن زهير هو المازني التميمي البصري (د ت س). ثقة، مات بعد سنة 80 هـ. ينظر: تهذيب الكمال 23: 602، التقريب ص 455. قال الترمذي: حسن صحيح. وصححه ابن حبان، وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. وأقره الذهبي. *****

(178)

قال تعالى: {وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ} [المؤمنون: 50]. (178) عن مُرَّة البهزي قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (الرملة: الربوة). تخريجه: أخرجه الطبري 17: 53 قال: حدثني عصام بن رواد بن الجراح، قال: ثنا أبي، قال: ثنا عباد أبو عتبة الخواص، قال: ثنا يحيى بن أبي عمرو السيباني، عن أبي وعلة، عن كريب، قال: ما أدري ما حدثنا مرة البهزي أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذكر أن الربوة هي الرملة. وأخرجه ابن قانع في (معجم الصحابة) 3: 57، والطبراني في الأوسط 7: 8 رقم (6695)، وابن عساكر في (تاريخ دمشق) 1: 209، من طريق رواد بن الجراح، به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 10: 592 إلى: ابن أبي حاتم، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: إسناده ضعيف، فيه: 1 - رواد بن الجراح الشامي، أبو عصام العسقلاني. قال البخاري: كان قد اختلط، لا يكاد يقوم حديثه. وقال أبو حاتم: تغير حفظه في آخر عمره، وكان محله الصدق. وقال النسائي: ليس بالقوي، روى غير حديث منكر، وكان قد اختلط. وقال ابن عدي: عامة ما يرويه؛ لا يتابعه الناس عليه، وكان شيخًا صالحًا وفي حديث الصالحين بعض النكرة، إلا أنه يكتب حديثه. وذكره ابن حبان في (كتاب الثقات)، وقال: يخطىء ويخالف. وقال يعقوب بن سفيان: ضعيف الحديث. وقال الدارقطني: متروك. وفي التقريب: صدوق اختلط بأخرة فترك. ينظر: تهذيب الكمال 9: 229، التقريب ص 211. 2 - أبو وعلة؛ هو العجلي الوعلاني. مجهول الحال، ذكره البخاري، وابن أبي حاتم، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا. ينظر: التاريخ الكبير 8: 78، الجرح والتعديل 9: 452.

الشواهد

وكريب المذكور؛ هو ابن أبرهة بن الصباح الأصبحي. وثقه العجلي، وابن حبان. ينظر: (معرفة الثقات) للعجلي 2: 226، (الثقات) لابن حبان 3: 357، الإصابة 5: 641، تعجيل المنفعة 2: 153. والحديث أورده ابن كثير في تفسيره 5: 477 من هذا الوجه، وقال: "هذا حديث غريب جدًا". الشواهد: يشهد لهذا الحديث ما يأتي: 1 - عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله تعالى: {وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ}، قال: (هي الرملة من فلسطين). أخرجه ابن مردويه كما في (الدر المنثور) 10: 593. 2 - عن الأقرع بن شُفَيٍّ العَكيّ -رضي الله عنه- قال: دخل علي النبي -صلى الله عليه وسلم- في مرض يعودني، فقلت: لا أحسب إلا أني ميت من مرضي، قال: (كلا، لتبقين ولتهاجرن منها إلى أرض الشام، وتموت وتدفن بالربوة من أرض فلسطين). فمات في خلافة عمر -رضي الله عنه-، ودفن بالرملة. أخرجه أبو نعيم في (معرفة الصحابة) 1: 339 (1057)، وابن عساكر في (تاريخ دمشق) 1: 211. وعزاه ابن حجر في (الإصابة) 1: 103 إلى: ابن السكن، وابن منده. ونقل عن ابن السكن أنه قال: لا نعرف من رجال هذا الإسناد أحدًا. فائدة: قال الحموي في (معجم البلدان) 3: 69: "الرملة -واحدة الرمل-: مدينة عظيمة بفلسطين". *****

(179)

(179) عن أبي أمامة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه تلا هذه الآية: {وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ}، قال: (هل تدرون أين هي؟)، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: (هي بالشام؛ بأرض يقال لها: الغوطة، مدينة يقال لها: دمشق، هي خير مدائن الشام). تخريجه: أخرجه تمام الرازي في فوائده 4: 385 (1552 - الروض البسام) قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عبد الله بن الفرج القرشي البرامي، وأبو بكر محمد بن إبراهيم بن سهل بن يحيى ابن صالح بن حية البزاز، قالا: ثنا أبو قصي إسماعيل بن محمد بن إسحاق العذري، ثنا سليمان بن عبد الرحمن، ثنا مسلمة بن علي، ثنا أبو سعبد الأسدي، عن سليم بن عامر، عن أبي أمامة -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه ابن عساكر في (تاريخ دمشق) 1: 203 من طريق تمام، به. الحكم على الإسناد: إسناده ضعيف جدًا، فيه: مسلمة بن عُلي الخشني، متروك الحديث. ينظر: تهذيب الكمال 27: 567، التقريب ص 531. *****

(180)

قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60)} [المؤمنون: 60]. (180) عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قلت: يا رسول الله، {الَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ}، أهو الرجل يزني، ويسرق، ويشرب الخمر؟ قال: (لا، يا بنت أبي بكر، -أو: لا يا بنت الصديق-، ولكنه الرجل يصوم، ويصلي، ويتصدق وهو يخاف أن لا يقبل منه). تخريجه: أخرجه أحمد 6: 205 قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا مالك بن مغول، عن عبد الرحمن ابن سعيد بن وهب الهمداني، عن عائشة قالت: .. فذكرته. وأخرجه الترمذي (3175) في تفسير القرآن: باب ومن سورة المؤمنون، وابن ماجه (4198) في الزهد: باب التوقي على العمل، والحميدي في مسنده 1: 132 (275)، وأحمد أيضًا 6: 159، والطبري 17: 70، والحاكم في المستدرك 2: 393، والبيهقي في (شعب الإيمان) 1: 477 (762)، والبغوي في تفسيره 5: 421، والمزي في (تهذيب الكمال) 17: 145 من طريق مالك بن مغول، به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 10: 599 إلى: الفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف، للانقطاع بين عبد الرحمن، وعائشة -رضي الله عنها-. قال أبو حاتم: لم يلق عائشة -رضي الله عنها-. ينظر: (المراسيل) لابن أبي حاتم ص 127، تهذيب الكمال 17: 144، جامع التحصيل ص 222، التقريب ص 341. وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. وأقره الذهبي.

المتابعات

المتابعات: هذا الحديث له طرق عن عائشة -رضي الله عنها-، ومما وقفت عليه منها: 1 - عن عبد الرحمن بن سعيد بن وهب الهمداني، عن أبي حازم، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قالت عائشة: يا رسول الله، {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ}، هو الذي يذنب الذنب وهو وجل منه، فقال: (لا، ولكن من يصوم ويصلي ويتصدق، وهو وجل). أخرجه الطبري 17: 70 قال: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا الحكم بن بشير، قال: ثنا عمرو بن قيس، عن عبد الرحمن، به. وعزاه في (الدر المنثور) 10: 600 إلى: ابن أبي الدنيا، وابن الأنباري في (المصاحف)، وابن مردويه. وأشار إليه الترمذي عقب الحديث رقم (3175). وشيخ الطبري: محمد بن حميد الرازي؛ وثقه ابن معين -في رواية-، لكن ضعفه بلديه أبو حاتم الرازي، وقال البخاري: حديثه فيه نظر. وفي التقريب: حافظ ضعيف، وكان ابن معين حسن الرأي فيه. ينظر: التاريخ الكبير 1: 69، الجرح والتعديل 7: 232، تهذيب الكمال 25: 97، التقريب ص 475. وباقي رجاله ثقات. وسئل عنه الدارقطي في (العلل) 11: 193 رقم (2216)، فرجح الأول: عبد الرحمن ابن سعيد، عن عائشة -رضي الله عنها- مرسلًا. قال: (وهو المحفوظ). 2 - عن ليث بن أبي سليم، عن مغيث، عن رجل من أهل مكة، عن عائشة -رضي الله عنها- بنحوه. أخرجه الطبري 17: 71 قال: حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن إدريس، قال: ثنا ليث، به.

الحكم على الحديث

وأخرجه أبو يعلى في مسنده 8: 315 رقم (4917) من طريق ليث، عن رجل. ولم يذكر فيه مغيث. وفيه علتان: (أ) ضعف ليث، وقد سبق في الحديث رقم (17). (ب) الرجل المبهم. ومغيث المذكور؛ لم أعرفه. 3 - عن العوام بن حوشب، عن عائشة -رضي الله عنها- بنحوه. أخرجه الطبري 17: 71 قال: حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني جرير، عن ليث بن أبي سليم، وهشيم، عن العوام، به. قال أحمد بن حنبل: العوام؛ لم يلق ابن أبي أوفى، أكبر من لقيه: سعيد بن جبير إن كان لقيه. ينظر: جامع التحصيل ص 249. قلت: وقد مات ابن أبي أوفى -رضي الله عنه- سنة 87 هـ -كما في التقريب ص 296 - ، فيكون لم يلق عائشة -رضي الله عنها-، التي ماتت سنة 57 هـ على الصحيح، كما جزم به ابن حجر في التقريب ص 750. الحكم على الحديث: الحديث بطرقه السابقة لا يخلو شيء منها من مقال، لكن لعله بمجموعها يترقى إلى الحسن لغيره، والله أعلم.

(181)

قال تعالى: {تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ} [المؤمنون: 104]. (181) عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: {وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ}، قال: تشويه النار، فنقلص شفته العالبة حتى تبلغ وسط رأسه، وتسترخي شفته السفلى حتى تضرب سرته). تخريجه: أخرجه الترمذي (2587) في صفة جهنم: باب ما جاء في صفة طعام أهل النار، و (3176) في تفسير القرآن: باب ومن سورة المؤمنون، قال: حدثنا سويد، أخبرنا عبد الله ابن المبارك، عن سعيد بن يزيد أبي شجاع، عن أبي السمح، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه أحمد 3: 88، وأبو يعلى في مسنده 2: 516 رقم (1367)، والحاكم في المستدرك 2: 246، 395، وأبو نعيم في (الحلية) 8: 182، من طريق ابن المبارك، به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 10: 623 إلى: عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: إسناده ضعيف، للمقال في رواية دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد -رضي الله عنه-، وهي من قبيل الضعف اليسيىر، وسبق ذلك في الحديث الثامن. قال أبو عيسى الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب. وقال الحاكم: حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. وأقره الذهبي. وقال أبو نعيم: تفرد به أبو شجاع، عن أبي السمح. قلت: وأبو شجاع؛ هو: سعيد بن يزيد الحميري القتباني، أبو شجاع الإسكندراني (م د ت س)، ثقة عابد، مات 154هـ. ينظر: تهذيب الكمال 11: 118، التقريب ص 243. *****

سورة النور

سورة النور قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النور: 27]. (182) عن أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- قال: قلت يا رسول الله، هذا السلام، فما الاستئناس؟ قال: (يتكلم الرجل بتسبيحة، وتكبيرة، وتحميدة، ويتنحنح، ويؤذن أهل البيت). تخريجه: أخرجه ابن أبي شيبة في (المصنف) 5: 243 (25665) قال: حدثنا عبد الرحيم بن سليمان، عن واصل بن السائب، عن أبي سورة، عن أبي أيوب -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه ابن ماجه (3707) في الأدب: باب الاستئذان، وابن أبي حاتم 8: 2567 (14348)، والطبراني في الكبير 4: 178 (4065)، من طريق ابن أبي شيبة، به. وعزاه في (الدر المنثور) 11: 6 إلى ابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف جدا، فيه ثلاث علل: 1 - واصل بن السائب الرقاشي، أبو يحيى البصري. (ت ق) متفق على ضعفه. قال البخاري، وأبو حاتم: منكر الحديث. مات سنة 144 هـ. ينظر: (الضعفاء الصغير) للبخاري ص 121، الجرح والتعديل 9: 30، تهذيب الكمال 30: 401، التقريب ص 579. 2 - ضعف أبي سورة. 3 - الانقطاع بينه وبن أبي أيوب -رضي الله عنه-. وهو: أبو سَوْرة، ابن أخي أبي أيوب الأنصاري. (د ت ق)

قال البخاري: منكر الحديث، يروي عن أبي أيوب مناكير لا يتابع عليه. وقال الترمذي: يضعف في الحديث، ضعفه يحيى بن معين جدا. وقال البخاري: لا يعرف لأبي سورة سماع من أبي أيوب. ينظر: جامع الترمذي رقم (2544)، تهذيب الكمال 33: 394، تهذيب التهذيب 6: 375، التقريب ص 647.

(183)

(183) عن أبي أيوب -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (الاستئناس: أن تدعو الخادم حتى يستأنس أهل البيت الذين تستأذن عليهم). تخريجه: أخرجه الطبراني في الكبير 4: 178 (4064) قال: حدثنا الحسين بن إسحاق التستري، ثنا سعيد بن عنبسة، ثنا القاسم بن مالك، عن واصل بن السائب، عن أبي سورة، عن أبي أيوب -رضي الله عنه- .. فذكره. الحكم على الإسناد: ضعيف جدا، فيه العلل الثلاث في الحدبث قبله، وعلة رابعة، وهي: سعيد بن عنبسة الرازي، أبو عثمان الخراز. قال ابن أبي حاتم: سمع منه أبي، ولم يحدث عنه. وقال: فيه نظر. وقال ابن معين: لا أعرفه، فقيل له: إنه حدث عن أبي عبيدة الحداد بحديث دالان، فقال: هذا كذاب. وقال أبو حاتم أيضا: كان لا يصدق. ينظر: الجرح والتعديل 4: 52، اللسان 3: 46. *****

سورة الفرقان

سورة الفرقان قال تعالى: {وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا} [الفرقان: 13]. (184) عن يحيى بن أبي أسيد، يرفع الحدبث الى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه سئل عن قول الله عز وجل: {وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ}، قال: (والذي نفسي بيده، إنهم ليستكرهون في النار كما يستكره الوتد في الحائط). تخريجه: أخرجه ابن أبي حاتم 8: 2668 (15055) قال: قرىء على يونس بن عبد الأعلى، أنبا ابن وهب، أخبرني نافع بن يزيد، عن يحيى بن أبي أسيد .. فذكره. الحكم على الإسناد: ضعيف، لأنه معضل، ولجهالة حال يحيى، وهو يحيى بن أبي أسيد المصري. سمع أبا فراس. وروى عنه: عمرو بن الحارث، وحيوة بن شريح، وغيرهما. ذكره البخاري، وابن أبي حاتم، ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا. ينظر: التاريخ الكبير 8: 261، الجرح والتعديل 9: 129. قلت: أبو فراس؛ اسمه: يزيد بن رباح السهمي. مات سنة 90 هـ، ويعد في طبقة أوساط التابعين، فعلى هذا يكون يحيى بن أبي أسيد؛ من أتباع التابعين، والله أعلم. ينظر في ترجمة أبي فراس: تهذيب الكمال 32: 120، التقريب ص 601. *****

(185)

قال تعالى: {إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الفرقان: 70]. (185) عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، أن قوما كانوا قتلوا فأكثروا، وزنوا فأكثروا، وانتهكوا، فأتوا النبي -صلى الله عليه وسلم-، قالوا: يا محمد، إن الذي تقول وتدعو إليه لحسن لو تخبرنا أن لما عملنا كفارة، فأنزل الله عز وجل: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَر} إلى: {فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} قال: (يبدل الله شركهم إيمانا، وزناهم إحصانا) ونزلت: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ} الآية. تخريجه: أخرجه النسائي في الكبرى 3: 421 في المحاربة: باب تعظيم الدم (3452)، وفي الصغرى (4003) في تحريم الدم: باب تعظيم الدم، قال: أخبرنا حاجب بن سليمان المنبجي، قال: حدثنا ابن أبي رواد، قال: حدثنا ابن جريج، عن عبد الأعلى الثعلبي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- .. فذكره. الحكم على الإسناد: ضعيف، لضعف عبد الأعلى، وهو عبد الأعلى بن عامر الثعلبي الكوفي. (4). ضعفه أحمد، وأبو زرعة، وابن سعد. وقال أبو حاتم: ليس بقوي. وقال النسائي: ليس بالقوي، ويكتب حديثه. وقال الدارقطني: مضطرب الحديث. وقال ابن حبان: كان ممن يخطىء ويقلب فكثر ذلك في قلة روايته، فلا يعجبني الاحتجاج به إذا انفرد، على أن الثوري كان شديد الحمل عليه. وقال ابن عدي: قد حدث عنه الثقات، ويحدث عن سعيد بن جبير، وابن الحنفية، وأبي عبد الرحمن السلمي، وغيرهم، بأشياء لا يتابع عليها. وقال الذهبي: لين. وفي التقريب: صدوق يهم. مات سنة 129 هـ.

وعبارة الذهبي أقرب في حقه من حكم ابن حجر في (التقريب)، والله أعلم. ينظر: طبقات ابن سعد 6: 334، الجرح والتعديل 6: 25، المجروحين 2: 155، الكامل 5: 316، علل الدارقطني 1: 137، تهذيب الكمال 16: 352، الكاشف 1: 611، التقريب ص 331. وقد خالف من هو أوثق منه. فهذا الحديث يرويه سعيد بن جبير، ورواه عنه جماعة، منهم: 1 - يعلى بن مسلم بن هرمز. أخرجه البخاري (4810) ومسلم (122) والنسائي (4004)، من طريق ابن جريج، عن يعلى بن مسلم، عن سعيد بن جبير، به. ويعلى: ثقة، أخرج حديثه الجماعة سوى ابن ماجه. ينظر: التقريب ص 609. 2 - منصور بن المعتمر، أو الحكم بن عتيبة. أخرجه أبو داود (4273) قال: حدثنا يوسف بن موسى، حدثنا جرير، عن منصور، عن سعيد بن جبير، أو حدثني الحكم، عن سعيد بن جبير، قال: سألت ابن عباس .. فذكره بنحوه. ومنصور: ثقة ثبت، وأخرج حديثه الجماعة. التقريب ص 547. والحكم: ثقة ثبت فقيه، وأخرج حديثه الجماعة. التقريب ص 175. والروايتان كلتاهما؛ ليس فيهما موضع الشاهد الوارد في الحديث محل الدراسة، في قوله تعالى: {فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} [الفرقان: 70] قال: (يبدل الله شركهم إيمانا، وزناهم إحصانا). فقد تفرد بها عبد الأعلى بن عامر -فيما وقفت عليه-، بل وخالف الثقات، ومثله لا يحتمل تفرده، فضلا عن مخالفته. *****

سورة الشعراء

سورة الشعراء قال تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] (186) عن أبي هريرة -صلى الله عليه وسلم- قال: لما أنزلت هذه الآية: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} دعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قريشا فاجتمعوا، فعمَّ وخصَّ، فقال: (يا بني كعب بن لؤي، أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني مرة بن كعب، أنفذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد شمس، أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد مناف، أنفذوا أنفسكم من النار، يا بني هاشم، أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد المطلب، أنقدوا أنفسكم من النار، يا فاطمة، أنقذي نفسك من النار، فأني لا أملك لكم من الله شيئا غير أن لكم رحما سأبلها ببلالها). تخريجه: أخرجه البخاري (2753) في الوصايا: باب هل يدخل النساء والولد في الأقارب، و (3527) في المناقب: باب من انتسب إلى آبائه في الإسلام والجاهلية، و (4771) في تفسير القرآن: باب {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}، ومسلم (254) (206) في الإيمان: باب قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}، والترمذي (3185) في تفسير القرآن: باب ومن سورة الشعراء، وأحمد 2: 333 من طرق عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، بنحوه، واللفظ لمسلم في الموضع الأول. فائدة: قال النووي في (شرح مسلم) 3: 80: "قوله -صلى الله عليه وسلم-: (غير أن لكم رحما سأبلها ببلالها) ضبطناه بفتح الباء الثانية، وكسرها، وهما وجهان مشهوران، ذكرهما جماعات من العلماء .. والبلال: الماء، ومعنى الحديث: سأصلها، شبهت قطيعة الرحم بالحرارة، ووصلها بإطفاء الحرارة ببرودة". *****

سورة النمل

سورة النمل قال تعالى: {وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ} [النمل: 87]. (187) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله؛ من استثنى الله حين يقول: {فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} فقال: (أولئك الشهداء، وهم أحياء عند ربهم، وانما يصل الفزع إلى الأحياء فوقاهم الله فزع ذلك اليوم، وأمنهم منه، وهو عذاب الله يبعثه على شرار خلفه). تخريجه: أخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده 1: 84 رقم (10)، قال: أخبرنا عبدة بن سليمان الرواسي، نا إسماعيل بن رافع المدني، عن محمد بن يزيد بن أبي زياد، عن رجل من الأنصار، عن محمد بن كعب القرظي، عن رجل من الأنصار، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه الطبري 20: 256، والبيهقي في (البعث والنشور) رقم (609)، من طريق إسماعيل بن رافع، به، بنحوه مطولا عند البيهقي دون الطبري. ووقع عند الطبري: يزيد، بدل محمد بن يزيد. ومن هذا الوجه: أخرجه الطبري أيضا 15: 419 لكن جاء شيخ إسماعيل عنده: يزيد ابن فلان، ولفظه مختصر جدا، ليس فيه موضع الشاهد. وروي الحديث على أوجه أخرى -مع اتفاق مداره على إسماعيل بن رافع-، منها: * ما أخرجه الطبراني في (الأحاديث الطوال) رقم (36) -المطبوع بآخر المعجم الكبير 25: 266 - ، قال: حدثنا أحمد بن الحسن النحوي الآبلي، قال: ثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد النبيل، قال: ثنا إسماعيل بن رافع، عن محمد بن زياد، عن محمد بن كعب القرظي، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- .. فذكره مطولا جدا في نحو عشر صفحات. وأخرجه أبو الشيخ في (كتاب العظمة) 3: 821 رقم (386)، من طريق إسماعيل بن رافع، به، بنحوه.

الحكم على الإسناد

* وأخرجه ابن أبي الدنيا في (كتاب الأهوال) رقم (54)، وأبو يعلى -في مسنده الكبير كما نص على ذلك: ابن حجر في (فتح الباري) 11: 376 في الرقاق: باب نفخ الصور، وذكر إسناده ابن كثير في (البداية والنهاية) 19: 310 - والطبري 18: 132، وأبو الشيخ في (كتاب العظمة) 3: 838 رقم (387)، والبيهقي في (البعث والنشور) رقم (609) من طريق إسماعيل بن رافع، عن محمد بن يزيد بن أبي زياد -وعند الطبري: يزيد بن أي زياد-، عن محمد بن كعب القرظي، عن رجل من الأنصار، عن أبب هريرة -رضي الله عنه-، به، بنحوه. * وأخرجه الطبىري في تفسيره 3: 611 من طريق إسماعيل بن رافع، عن محمد بن يزيد بن أبي زياد -ووقع في المطبوع: يزيد بن أبي زياد-، عن رجل من الأنصار، عن محمد بن كعب القرظي، عن أي هريرة -رضي الله عنه-، به، بنحوه، وليس فيه موضع الشاهد من الحديث. * وأخرجه أبو الشيخ في (كتاب العظمة) 3: 839 رقم (388)، من طريق إسماعيل ابن رافع، عن محمد بن يزيد، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- به، بنحوه. * وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره 9: 2929، رقم (16628) من طريق إسماعيل ابن رافع، عن محمد بن كعب القرظي، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- به، بنحوه. وأخرجه أيضا 9: 2928 رقم (16621)، و9: 2933 رقم (16636) من هذا الطريق مختصرا، وليس فيه موضع الشاهد. وعزاه في (الدر المنثور) 12: 712 إلى: عبد بن حميد، وعلي بن سعيد في (كتاب الطاعة والعصيان)، وأبي الحسن القطان في (المطولات)، وابن المنذر، وأبي موسى المديني في (المطولات). الحكم على الإسناد: إسناد ضعيف، لما يأتي:

1 - إسماعيل بن رافع بن عويمر الأنصاري، أبو رافع المدني، نزيل البصرة. (بخ ت ق). قال أبو حاتم: منكر الحديث. وقال أحمد: ضعيف، منكر الحديث. وقال الترمذي: ضعفه بعض أهل العلم، وسمعت محمدا -يعني البخاري- يقول: هو ثقة مقارب الحديث. وقال النسائي، والدارقطني: متروك الحديث. وقال ابن عدي: أحاديثه كلها مما فيه نظر، إلا أنه يكتب حديثه في جملة الضعفاء. وقال ابن حبان: كان رجلا صالحا، إلا أنه يقلب الأخبار، حتى صار الغالب على حديثه المناكير التي تسبق إلى القلب انه كان كالمتعمد لها. وقال الذهبي: ضعيف واه. وفي التقريب: ضعيف الحفظ. مات بين سنة 110 - 120 هـ. قلت: والأمر كما ترى ظاهر في تضعيف الرجل، ولا يعكر على هذا سوى ما نقله الترمذي عن البخاري، ومقولة الترمذي علق عليها الذهبي -في الميزان- بأنها من تلبيس الترمذي؟!. والواقع أن هذا -كما يقول الأستاذ محمد عوامة في تعليقه على الكاشف:- من غريب ما ينقل عن الإمام البخاري، إذ لا يعرف له مثل هذا التفرد؛ يوثق من ضعفوه. قلت: وهذه العبارة ليست في ترجمة إسماعيل من (التاريخ الكبير) للبخاري، ولم أجدها في (التاريخ الأوسط)، ولا في (الضعفاء الصغير). ينظر: التاريخ الكبير 1: 354، جامع الترمذي الحديث رقم (1666)، الجرح والتعديل 2: 168، المجروحين ج 1 ص 124 الكامل 1: 280، تهذيب الكمال 3: 85 الميزان 1: 227، الكاشف 1: 245، التقريب ص 107. 2 - محمد بن يزيد بن أبي زياد الثقفى الفلسطيني، ويقال: الكوفي، نزيل مصر، وهو صاحب حديث الصور. (د ت ق). قال أبو حاتم، والدارقطني، والذهبي: مجهول. وفي التقريب: مجهول الحال.

المتابعات والشواهد

قلت: وأخرج الترمذي حديثا من طريقه برقم (1528)، وقال عقبه: حديث حسن صحيح غريب. ينظر: التاريخ الكبير 1: 260، الجرح والتعديل 8: 126، سنن الدارقطني 1: 198، تهذيب الكمال 27: 17، الميزان 4: 67، التقريب ص 513. 3 - الإبهام في موضعين. وضعف إسناده: ابنُ حجر في (المطالب العالية) 3: 300. المتابعات والشواهد: هذا الحديث يرويه إسماعيل بن رافع المدني، واضطرب فيه على أوجه عديدة سبقت في تخريج الحديث. ووقفت على متابع له، لا يفرح به، ذكره وتكلم عليه الحافظ ابن حجر، فقال -في (فتح الباري) 11: 376 - : "وأخرجه -يعني حديث الصور هذا- إسماعيل بن أبي زياد الشامي، أحد الضعفاء أيضا في تفسيره، عن محمد بن عجلان، عن محمد بن كعب القرظي. واعترض مغلطاي على عبد الحق في تضعيفه الحديث بإسماعيل بن رافع، وخفي عليه أن الشامي أضعف منه، ولعله سرقه منمع فألصقه بابن عجلان. وقد قال الدارقطني: إنه متروك يضع الحديث، وقال الخليلي: شيخ ضعيف، شحن تفسيره بما لا يتابع عليه". ولم أقف على شاهد لهذا الحديث المذكور، وكنت هممت أن أذكر ما جاء عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (سألت جبريل عليه الصلاة والسلام عن هذه الآية: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} [الزمر: 68] من الذين لم يشأ الله تعالى أن يصعقهم؟ قال: هم الشهداء؛ بتقلدون أسيافهم حول عرشه، تتلقاهم ملائكة يوم القبامة إلى المحشر ..) الحديث، وسيرد بحثه مفصلا برقم (211) إن شاء الله.

لكن رأيت أن هذا الحديث -المتعلق بآية الزمر- في الصعق، أما حديثنا هنا -المتعلق بآية النمل- ففي الفزع. ولذا لما أشار الإمام الطبري إلى آية النمل: {وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ}، وآية الزمر: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ}؛ ذكر الخلاف في تعيين المستثنى -عند آية الزمر- وروى حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} فقيل: من هؤلاء الذين استثنى الله يا رسول الله؟ قال: (جبرائيل، وميكائيل، وملك الموت ...) الحديث، -وسيأتي بحثه برقم (217) إن شاء الله-، وقال 20: 256: (وقال آخرون: عني بالاستثناء في الفزع: الشهداء، وفي الصعق: جبريل، وملك الموت، وحملة العرش .. -ثم روى حديث الصور، ثم قال:- وهذا القول الذي روي في ذلك عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ أولى بالصحة، لأن الصعقة في هذا الموضع الموت، والشهداء وإن كانوا عند الله أحياء، كما أخبر الله تعالى ذكره؛ فإنهم قد ذاقوا الموت قبل ذلك. وإنما عنى جل ثناؤه بالاستثناء في هذا الموضع الاستثناء من الذين صعقوا عند نفخة الصعق، لا من الذين قد ماتوا قبل ذلك بزمان ودهر طويل، وذلك أنه لو جاز أن يكون المراد بذلك من قد هلك وذاق الموت قبل وقت نفخة الصعق؛ وجب أن يكون المراد بذلك: من قد هلك فذاق الموت من قبل ذلك؛ لأنه ممن لا يصعق في ذلك الوقت، إذ كان الميت لا يجدد له موت آخر في تلك الحال". وهذا من دقيق نظره، وجودة فهمه -رحمه الله-. ينظر: (شعب الإيمان) للبيهقي 1: 533، (التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة) للقرطبي ص 188.

فائدة

فائدة: جاء عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قرأ هذه الأية: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} قال: (هم الشهداء). أخرجه الطبري 18: 135، قال: حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا العوّام، عمن حدثه، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- .. فذكره. وعزاه في (الدر المنثور) 11: 413 إلى سعيد بن منصور. قلت: ومع ضعف الإسناد لإبهام الراوي عن أبي هريرة -رضي الله عنه-؛ فالظاهر أنه لا يأخذ حكم الرفع، لاحتمال أن أبا هريرة -رضي الله عنه- فسره باجتهاده اعتمادا على قوله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: 169]. الحكم على الحديث: حديث الصور بطوله؛ قد ضعفه أكثر العلماء، وإليك بعض عباراتهم في ذلك: قال البخاري في التاريخ الكبير 1: 260: "مرسل، ولم يصح"، وكذا في التاريخ الأوسط (3: 428 - المحققة). وقال ابن حجر في ترجمة (محمد بن يزيد) -أحد رواة الحديث- من (تهذيب التهذيب) 9: 462: "قال الخلال: سئل أحمد عن حديثه -يعني حديث الصور- فقال: رجاله لا يعرفون". وضعفه البيهقي في (شعب الإيمان) 1: 535، وعبد الحق الإشبيلي في كتاب (العاقبة) -كما في (التذكرة) للقرطبي ص 221 - ورجح تضعيفه ابن حجر في (فتح الباري) 11: 376. وقال ابن كثير في تفسيره 3: 287: "هذا حديث مشهور، وهو غريب جدا، ولبعضه شواهد في الأحاديث المتفرقة، وفي بعض ألفاظه نكارة.

تفرد به: إسماعيل بن رافع، قاص أهل المدينة .. وقد اختلف عليه في إسناد هذا الحديث على وجوه كثيرة، قد أفردتها في جزء على حدة. وأما سياقه؛ فغريب جدًا، ويقال: إنه جمعه من أحاديث كثيرة، وجعله سياقا واحدا، فأنكر عليه بسبب ذلك. وسمعت شيخنا الحافظ أبا الحجاج المزي يقول: إنه رأى للوليد ابن مسلم مصنفا قد جمع فيه كل الشواهد لبعض مفردات هذا الحديث، فالله أعلم". وقال في (البداية والنهاية) 19: 322: "هو حديث مشهور، رواه جماعات من الأئمة .. من طرق متعددة، عن إسماعيل بن رافع، قاص أهل المدينة، وقد تكلم فيه بسببه، وفي بعض سياقه نكارة واختلاف، وقد بينت طرقه في جزء منفرد. قلت: وإسماعيل بن رافع المديني ليس من الوضاعين، وكأنه جمع هذا الحديث من طرق وأماكن متفرقة، فجمعه وساقه سياقة واحدة، فكان يقص به على أهل المدينة، وقد حضره جماعة من أعيان الناس في عصره ورواه عنه جماعة من الكبار كأبي عاصم النبيل، والوليد بن مسلم، ومَكي بن إبراهيم، ومحمد بن شعيب بن شابور، وعبدة بن سليمان، وغيرهم". وصحح حديث الصور: ابنُ العربي -كما في (التذكرة) للقرطبي ص 220 - ، وذكر ابن حجر في (فتح الباري) 11: 376 أن القرطبي في (التذكرة) تبع ابن العربي في تصحيح الحديث، ولم أره، بل رأيته تعقب ابن العربي في ذلك، فقد قال ص 220: "ما ذكره ابن العربي من صحة الحديث، وكلامه فيه؛ فيه نظر". وذكر ابن حجر -في الفتح 11: 376 - أن هذا الحديث لعل أصله ما جاء في بعض الآثار عن وهب بن منبه. *****

سورة القصص

سورة القصص قال تعالى: {قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (27) قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (28) فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ ...} الآية [القصص: 27 - 29]. (188) عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (سألت جبريل: أي الأجلين قضى موسى؟ قال: أكملهما وأتمهما). تخريجه: أخرجه أبو يعلى في مسنده 4: 297 (2408) قال: حدثنا زهير، حدثنا ابن عيينة، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- .. فذكره. وأخرجه الحميدي في مسنده 1: 245 رقم (535)، والبزار 2: 99 (1494 - مختصره)، والطبري 18: 236، وابن أبي حاتم 9: 2970، والحاكم 2: 407، والبيهقي 6: 117، كلهم من طريق الحكم بن أبان به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 11: 457 إلى ابن مردويه. الحكم على الإسناد: حسن. فيه: الحكم بن أبان، أبو عيسى العدني (بخ 4) وثقه ابن معين، وابن المديني، والنسائي، والعجلي، وغيرهم. وقال أبو زرعة: صالح. وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: ربما أخطأ. وقال ابن عدي في ترجمة (الحسين بن عيسى): الحكم بن أبان؛ فيه ضعف. وقال الذهبي في (الكاشف): ثقة، صاحب سنة. وفي التقريب: صدوق عابد، وله أوهام. مات سنة 154 هـ. ينظر: معرفة الثقات للعجلي 1: 311، الجرح والتعديل 3: 113، الثقات 6: 185، الكامل 2: 355، تهذيب الكمال 7: 86، الكاشف 1: 343، الميزان 1: 569، التقريب ص 174.

وباقي رجاله ثقات. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح، ولم يخرجاه. وأورده ابن حجر في الفتح 5: 344، ولم يتكلم عليه، وهو صحيح أو حسن، على شرطه الذي بينه في المقدمة (هدي الساري) ص 6. وللحديث شواهد كثيرة. ينظر: (الدر المنثور) 11: 455 - 460. وأخرج البخاري في صحيحه (2684) في الشهادات: باب من أمر بإنجاز الوعد، بسنده إلى سعيد بن جبير، قال: سألني يهودي من أهل الحيرة؛ أي الأجلين قضى موسى؟ قلت: لا أدري حتى أقدم على حبر العرب فأسأله، فقدمت، فسألت ابن عباس، فقال: (قضى أكثرهما وأطيبهما "يعني الأجلي الذين قضاهما موسى -عليه السلام-"، إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا قال فعل). قال ابن حجر في الفتح 5: 343: "وهو في حكم المرفوع، لأن ابن عباس كان لا يعتمد على أهل الكتاب". قلت: ويدل عليه ما أخرجه البخاري في صحيحه أيضا (2685) في الشهادات: باب لا يسأل أهل الشرك عن الشهادة وغيرها، بسنده إلى ابن عباس -رضي الله عنه- قال: (يا معشر المسلمين، كيف تسألون أهل الكتاب، وكتابكم الذي أنزل على نبيه -صلى الله عليه وسلم- أحدث الأخبار بالله، تقرءونه لم يشب؟! وقد حدثكم الله أن أهل الكتاب بدلوا ما كتب الله، وغيروا بأيديهم الكتاب، فقالوا: هو من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا، أفلا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مساءلتهم، ولا والله ما رأينا منهم رجلا قط يسألكم عن الذي أنزل عليكم). وانظر ما سيأتي في الحديث رقم (265). *****

سورة العنكبوت

سورة العنكبوت قال تعالى: {أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [العنكبوت: 29]. (189) عن أم هانىء -رضي الله عنها- قالت: سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن قوله تعالى: {وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ} قال: (كانوا يخذفون أهل الطريق، ويسخرون منهم، فذاك المنكر الذي كانوا يأتون). تخريجه: أخرجه أحمد 6: 424 قال: حدثنا أبو أسامة، قال: أخبرني حاتم بن أبي صغيرة، عن سماك بن حرب، عن أب صالح مولى أم هانىء، عن أم هانىء، قالت: .. فذكرته. وأخرجه الترمذي (3190) في تفسير القرآن: باب ومن سورة العنكبوت، والطيالسي في مسنده 3: 189 رقم (1722)، وابن أبي الدنيا في (كتاب الصمت) ص 157 رقم (282)، والطبري 18: 389، وابن أبي حاتم في تفسيره 9: 3055 رقم (17271)، والطبراني في الكبير 24: 411 - 412 رقم (1000) (1001) (1002)، والحاكم في المستدرك 2: 409، 4: 283، وابن عساكر في (تاريخ دمشق) 50: 323، من طرق عن سماك بن حرب، به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 11: 544 إلى: الفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن مردويه. الحكم على الحديث: ضعيف، لحال أبي صالح، وسبق في الحديث رقم (121). وقال الحاكم 2: 409: صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه. وقال الذهبي: على شرط البخاري ومسلم!. وقال الحاكم 4: 283: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وأقره الذهبي. *****

(190)

(190) عن عائشة -رضي الله عنها- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: {وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ}، قال: (الضراط). تخريجه: أخرجه ابن الجوزي في (الموضوعات) 1: 134، قال: أنبأنا ابن خيرون، قال: أنبانا الجوهري، عن الدارقطني، عن أبي حاتم ابن حبان، قال: روى روح بن غطيف، عن عمر ابن مصعب بن الزبير، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها .. فذكره. وعلقه ابن حبان في (المجروحين) 1: 299 عن روح، به. النطر في إسناده، والحكم عليه: فيه روح بن غطيف الثقفي، قال النسائي: متروك. وقال الدارقطني: منكر الحديث جدا. وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الثقات لا تحل كتابة حديثه، ولا الرواية عنه. ينظر: المجروحين 1: 298، اللسان 2: 541. وقال الذهبي في (ميزان الاعتدال) 3: 224 في ترجمة (عمر بن مصعب): "عمر بن مصعب بن الزبير، عن عروة. ورد في إسناد مظلم، فيحرر أمره، والخبر باطل". وقال ابن الجوزي عقب الحديث: "هذا حديث لا يصح". وأورده السيوطي في (اللآلىء المصنوعة) 1: 162. وجاء المتن عن عائشة -رضي الله عنها- موقوفا عليها، أخرجه البخاري في (التاريخ الكبير) 6: 196، والطبري 18: 389، وابن أبي حاتم في تفسيره 9: 3054، كلهم من طريق روح بن غطيف. وعزا السيوطيُ هذا الموقوف -في (الدر المنثور) 11: 546 - إلى ابن المنذر، وابن مردويه.

سورة لقمان

سورة لقمان قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} [لقمان: 6]. (191) عن أبي أمامة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا تبيعوا القينات، ولا تشتروهن، ولا تعلموهن، ولا خير في تجارة فيهن، وثمنهن حرام، وفي مثل هدا أنزلت هذه الآية: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ...}) إلى آخر الآية. تخريجه: أخرجه الترمذي (1282) في البيوع: باب ما جاء في كراهية بيع المغنيات، و (3195) في تفسير القرآن: باب ومن سورة لقمان، قال: حدثنا قتيبة، حدثنا بكر بن مضر، عن عبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبي أمامة -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه أحمد 5: 252، 264، والطبري 18: 532، والطبراني في الكبير 8: 233، 251، 253، 254، والبيهقي في الكبرى 6: 14 - 15 في البيوع: باب ما جاء في بيع المغنيات،، والبغوي في تفسيره 6: 284، وابن الجوزي في (العلل المتناهية) 2: 298 (1307)، كلهم من طريق عبيد الله بن زحر، به، بنحوه. وأخرجه الحميدي في مسنده 2: 405 رقم (910) قال: ثنا سفيان قال: ثنا مطرح أبو المهلب، عن عبيد الله بن زحر، عن القاسم أبي عبد الرحمن، عن أبي أمامة -رضي الله عنه- فذكره بنحوه. هكذا وقع في المطبوع: عبيد الله بن زحر، عن القاسم، والظاهر أنه سقط منه: علي بن يزيد؛ لأن هذا مخرج الحديث، وقد أخرجه الطبراني 8: 233 رقم (7805) من طريق سفيان، به. فذكر فيه: علي بن يزيد، بين عبيد الله، والقاسم. وأخرجه ابن ماجه (2168) في التجارات: باب ما لا يحل بيعه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان، ثنا هاشم بن القاسم، ثنا أبو جعفر الرازي، عن عاصم، عن أبي المهلب، عن عبيد الله الإفريقي، عن أبي أمامة -رضي الله عنه-، فذكره بنحوه.

الحكم على الإسناد

هكذا جاء في المطبوع، وقد ذكر المزي هذا الحديث في (تحفة الأشراف) 4: 175 في ترجمة: (القاسم بن عبد الرحمن، عن أبي أمامة -رضي الله عنه-) وعزاه إلى الترمذي، وابن ماجه، وساق سند ابن ماجه كما سقته، ثم قال: "كذا عنده، ليس فيه (علي بن يزيد)، ولا (القاسم) ". والحديث عزاه السيوطي في (الدر المنثور) 11: 616 إلى: سعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف؛ للكلام في عبيد الله بن زحر، وعلي بن يزيد الألهاني، وسبق في الحديث رقم (16). قال الترمذي: "هذا حديث غريب، إنما يروى من حديث القاسم، عن أبي أمامة، والقاسم ثقة، وعلي بن يزيد؛ يضعف في الحديث، قاله محمد بن إسماعيل". وضعف الحديث: ابنُ كثير في تفسيره 6: 331. المتابعات: تابع عبيد الله بن زحر: الفرجُ بن فضالة. أخرجه أحمد 5: 257، 268، والطيالسي في مسنده 2: 454 رقم (1320)، والعقيلي في كتاب (الضعفاء الكبير) 3: 255، والطبراني في الكبير 8: 232 رقم (7803)، كلهم من طريق فرج بن فضالة، عن علي بن يزيد الألهاني، به. ولفظ أحمد: (إن الله بعثني رحمة للعالمن، وهدى للعالمين، وأمرني ربي عز وجل بمحق المعازف والمزامير والأوثان والصلب وأمر الجاهلية، وحلف ربي عز وجل بعزته لا يشرب عبد من عبيدي جرعة من الخمر إلا سقيته من الصديد مثلها يوم القيامة، مغفوراً له أو معذباً، ولا يسقيها صبياً صغيراً ضعيفاً مسلماً إلا سقيته من الصديد مثلها يوم القيامة مغفوراً له أو معذباً، ولا يتركها من مخافتي إلا سقيته من حياض القدس يوم القيامة، ولا يحل بيعهن ولا شراؤهن ولا تعليمهن، ولا تجارة فيهن وثمنهن حرام) يعني الضاربات. وفرج بن فضالة هو: التنوخي الشامي، ضعيف، توفي سنة 177 هـ. ينظر التقريب ص 444.

الحكم على الحديث

وهذا السياق ليس فيه محل الشاهد. وأخرجه الطبراني في الكبير 8: 212 رقم (7749)، وفي (مسند الشاميين) 1: 144 (231) من طريق الوليد بن الوليد، ثنا ابن ثوبان، عن يحيى بن الحارث، عن القاسم، عن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا يحل بيع المغنيات، ولا شراؤهن، ولا تجارة فيهن، وثمنهن حرام) وقال: إنما نزلت هذه الآية في ذلك: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} حتى فرغ من الآية، ثم أتبعها: (والذي بعثني بالحق، ما رفع رجل عقيرته بالفناء؛ إلا بعث الله عز وجل عند ذلك شيطانين يرتقدان على عاتقيه، ثم لا يزالان يضربان بأرجلهما على صدره -وأشار إلى صدر نفسه- حتى يكون هو الذي يسكت). والوليد بن الوليد: هو ابن زيد، أبو العباس الدمشقي. قال الدارقطني وغيره: متروك. وذكره ابن حبان في (المجروحين) وقال: لا يجوز الاحتجاج به فيما يروي. وقال أبو حاتم: صدوق، ما بحديثه بأس. ينظر: الجرح والتعديل 9: 19، كتاب المجروحين 3: 81، اللسان 6: 303. وابن ثوبان هو: عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان العنسي، أبو عبد الله الدمشقي. مختلف فيه، قال الحافظ: صدوق يخطىء ورمي بالقدر، وتغير بأخرة. ينظر: تهذيب الكمال 17: 12، التقريب ص 337. وللحديث شواهد في تحريم بيع المغنيات من رواية عمر، وعلي، وابن عمرو، وعائشة، -رضي الله عنهم- (¬1)، لكن لم أقف في شيء منها على تفسير الآية. الحكم على الحديث: ضعيف. ***** ¬

_ (¬1) وقد جمعتها وتكلمت عليها في (أحاديث البيوع المنهي عنها: رواية ودراية) ص 340 - 347.

سورة السجدة

سورة السجدة قال تعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [السجدة: 16]. (192) عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا} قال: (قيام العبد من الليل). تخريجه: أخرجه أحمد 5: 242 قال: حدثنا حسن بن موسى، حدثنا حماد بن سلمة، عن عاصم ابن بهدلة، عن شهر بن حوشب، عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه أحمد أيضا 5: 232، 248، وابن أبي الدنيا في (التهجد وقيام الليل) ص 312 رقم (248)، والطبري 18: 615، والطبراني 20: 103 رقم (200)، من طريق حماد بن سلمة، به، بنحوه. ولفظ الطبراني مطول. وعزاه في (الدر المنثور) 11: 692 إلى ابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف، للانقطاع بين شهر بن حوشب، ومعاذ -رضي الله عنه-. ينظر: جامع التحصيل ص 197. وقال ابن رجب في (جامع العلوم والحكم) 2: 135: "رواية شهر عن معاذ؛ مرسلة يقينا". المتابعات: روى هذا الحديث عن معاذ -رضي الله عنه- جماعة من الرواة، وممن وقفت عليه منهم: 1 - عروة بن النزال. أخرجه أحمد 5: 237 قال: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن الحكم، قال: سمعت عروة بن النزال يحدث عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- قال: أقبلنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من غزوة تبوك، فلما رأيته خليا، قلت: يا رسول الله، أخبرني بعمل يدخلني الجنة. قال:

(بخ، لقد سألت عن عظيم، وهو يسير على من يسره الله عليه، تقيم الصلاة المكتوبة، وتؤدي الزكاة المفروضة، وتلقى الله عز وجل لا تشرك به شيئا، أو لا أدلك على رأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟ أما رأس الأمر؛ فالإسلام، فمن أسلم سلم، وأما عموده فالصلاة، وأما ذروة سنامه فالجهاد في سبيل الله، أو لا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جنة، والصدقة وقيام العبد في جوف الليل يكفر الخطايا، وتلا هذه الآية: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} ..) فذكر الحديث بطوله. وفي آخره: قال شعبة: قال لي الحكم: وحدثني به ميمون بن أبي شبيب، وقال الحكم: سمعته منه منذ أربعين سنة. وأخرجه أحمد أيضا 5: 233، وفيه التصريح بأن النزال أدرك معاذا، ولم يسمعه منه. وأخرجه الطيالسي في مسنده 1: 455 رقم (561)، وابن أبي شيبة في مصنفه 6: 158 رقم (30314)، والطبري 18: 614، والطبراني في الكبير 20: 147 رقم (304) (305)، والبيهقي في (شعب الإيمان) 3: 212 رقم (3349) من طريق شعبة، به، بنحوه. وأخرجه النسائي (2226) في الصيام: باب (43) من طريق شعبة، به، بلفظ: (الصوم جنة). وهذا سند ضعيف، عروة بن النزال لم يرو عنه سوى الحكم بن عتيبة، وقال الذهبي: لا يعرف، وفي التقريب: مقبول. ينظر: تهذيب الكمال 20: 39، الميزان 3: 65، التقريب ص 390. وهو منقطع بين عروة بن النزال ومعاذ -رضي الله عنه- كما سبق. 2 - ميمون بن أبي شبيب. أخرجه أحمد 5: 237 قال: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن الحكم، قال: سمعت عروة بن النزال يحدث عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- قال: أقبلنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .. فذكر الحديث كما سبق، وفي آخره: قال شعبة: قال لي الحكم: وحدثني به ميمون ابن أبي شبيب، وقال الحكم: سمعته منه منذ أربعين سنة.

وأخرجه أحمد أيضا 5: 233 عن روح، حدثنا شعبة، به. وأخرجه الطبري 18: 614، 615، والشاشي في مسنده 3: 264 رقم (1366)، والطبراني 20: 142، 143، 144 رقم (291) (292) (293) (294)، والحاكم 2: 412 - 413، وأبو نعيم في (الحلية) 4: 376 من طريق الحكم بن عتيبة، وحبيب بن أبي ثابت، عن ميمون بن أبي شبيب، عن معاذ -رضي الله عنه-، مرفوعا، بنحوه. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه. وأقره الذهبي. وهذا سند ضعيف، ميمون عن معاذ -رضي الله عنه-؛ مرسل، كما أفاده أبو حاتم. ينظر: الجرح والتعديل 8: 234. وأخرجه المروزي في (تعظيم قدر الصلاة) 1: 220 رقم (197)، وابن أبي الدنيا في (الصمت وآداب اللسان) ص 37 رقم (6)، والنسائي (2225) في الصيام: باب (43) من طريق الأعمش، عن الحكم بن عتيبة، وحبيب بن أبي ثابت، عن ميمون بن أبي شبيب، به، وليس فيه موضع الشاهد. 3 - مكحول. أخرجه هناد في (الزهد) 2: 530 رقم (1091)، قال: حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن محمد بن عجلان، عن مكحول، عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- أن الناس تخلفوا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلحقته فلما سمع حسي، قال: (من هذا؟ ابن جبل؟) قال: قلت: نعم يا رسول الله، قال: (أين الناس؟) قلت: تخلفوا عنك، وظنوا أنه ينزل عليك، وكانت لي حاجة فأسرعت لها، قال: (وما هي؟) قال: قلت: أخبرني بعمل الجنة، قال: (بخ بخ، سألت عن عظيم، وإنه ليسير على من يسره الله عليه، تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتصلي الصلاة المكتوبة، ونؤتي الزكاة المفروضة، ألا أنبئك برأس هذا الأمر وعموده وذروة سنامه؟ قال: رأسه الإسلام فمن أسلم سلم، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله، ألا أنبئك بأبواب الخير؟ الصيام جنة، والصدقة تمحو الخطيئة، وقيام العبد في جوف الليل لله، ثم تلا هذه الآية: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ ...} حتى فرغ منها ..) فذكر باقي الحديث. ومكحول لم يسمع من معاذ -رضي الله عنه-. ينظر: جامع التحصيل ص 285.

تنبيه

تنبيه: ورد الحديث من رواية: معمر، عن عاصم بن أبي النجود، عن أبي وائل، عن معاذ -رضي الله عنه-. أخرجه الترمذي (2616) في الإيمان: باب ما جاء في حرمة الصلاة، وابن ماجه (3973) في الفتن: باب كف اللسان في الفتنة، وعبد الرزاق في (المصنف) 11: 194 رقم (20303)، وفي تفسيره 2: 109، وأحمد 5: 231، والطبراني في الكبير 20: 130 رقم (266)، وغيرهم من طريق معمر، عن عاصم بن أبي النجود، عن أبي وائل، عن معاذ -رضي الله عنه- قال: كنت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في سفر فأصبحت يوما قريبا منه ونحن نسير، فقلت: يا نبي الله، أخبرني بعمل يدخلني الجنة، ويباعدني من النار، قال: (لقد سألت عن عظيم، وإنه ليسير على من يسره الله عليه، تعبد الله ولا نشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت) ثم قال: (ألا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جنة، والصدقة تطفىء الخطيئة، وصلاة الرجل في جوف الليل، ثم قرأ قوله تعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ ...} حتى بلغ: يعملون ...) فذكر الحديث بطوله. وقال الترمذي: حسن صحيح. فهذا الحديث يرويه عاصم راوي الطريق الأصل، واختلف عليه فيه، وقد سئل الحافظ الدارقطني عن ذلك، فقال -في العلل 6: 78 - : "روى هذا الحديث عاصم بن أبي النجود، واختلف عنه، فرواه: معمر، عن عاصم، عن أبي وائل، عن معاذ. وخالفه: حماد بن سلمة، فرواه عن: شهر، عن معاذ. وقول حماد بن سلمة أشبه بالصواب، لأن الحديث معروف من رواية شهر على اختلاف عنه فيه". وأبو وائل؛ اسمه: شقيق بن سلمة. وعقب ابن رجب في (جامع العلوم والحكم) 2: 134 على تصحيح الترمذي، فقال: "وفيما قاله رحمه الله نظر من وجهين:

أحدهما: أنه لم يثبت سماع أبي وائل عن معاذ، كان كان قد أدركه بالسن، وكان معاذ بالشام، وأبو وائل بالكوفة، وما زال الأئمة كأحمد وغيره يستدلون على انتفاء السماع بمثل هذا، .. وقد حكى أبو زرعة الدمشقي عن قوم أنهم توقفوا في سماع أبي وائل من عمر أو نفوه، فسماعه من معاذ أبعد. والثاني: أنه قد رواه حماد بن سلمة، عن عاصم بن أبي النجود، عن شهر بن حوشب، عن معاذ. خرجه الإمام أحمد مختصرا، قال الدارقطني: وهو أشبه بالصواب". وقد روي الحديث من طرق أخرى، منها: 1 - شهر بن حوشب، عن عبد الرحمن بن غنم، عن معاذ -رضي الله عنه-. أخرجه ابن ماجه (72) في المقدمة: باب في الإيمان، وأحمد 5: 235، 236 مختصرا، وأخرجه أحمد أيضا 5: 245، والبزار 7: 111 (2669) مطولا، ولكن ليس فيه موضع الشاهد. 2 - أبو بكر بن أبي مريم، عن عطية بن قيس، عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه-. أخرجه أحمد 5: 234، والبزار في مسنده 7: 94 رقم (2651)، والطبراني في (مسند الشاميين) 2: 358 رقم (1492)، وأبو نعيم في (الحلية) 5: 154، كلهم من طريق أبي بكر بن أبي مريم، عن عطية بن قيس، عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- مرفوعا، بلفظ: (الجهاد عمود الإسلام، وذروة سنامه). أبو بكر بن أبي مريم، ضعيف، وكان سرق بيته فاختلط. ينظر: التقريب ص 623. وعطية بن قيس؛ لم يسمع من معاذ -رضي الله عنه-. والمتن أيضا ليس فيه موضع الشاهد. وهذا الحديث له طرق كثيرة بألفاظ مختلفة، وجمل كثيرة، وورد في بعضها ما ليس في الآخر، وفي بعض طرقه قوة يمكن القول بتحسين ما تضمنته من المتن، أما محل البحث هنا فلم أر له غير ما ذكرت، والله أعلم.

(193)

قال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ} [السجدة: 23]. (193) عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: {وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ} قال: (جعل موسى هدى لبني إسرائيل)، وفي قوله: {فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ}، قال: (من لقاه موسى ربه عز وجل). تخريجه: أخرجه الطبراني في الكبير 12: 160 رقم (12758) قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، ثنا الحسن بن علي الحلواني، ثنا روح بن عبادة، ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أبي العالية، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- .. فذكره. وأخرجه الضياء المقدسي في (الأحاديث المختارة) 10: 34 (27) من طريق الطبراني، به. وعزاه في (الدر المنثور) 11: 710 إلى ابن مردويه. الحكم على الإسناد: حسن، للمقال في شيخ الطبراني، وسبق الكلام فيه في الحديث رقم (164). والحديث صححه الضياء في (الأحاديث المختارة). وصحح إسناده السيوطيُ في (الدر المنثور) 11: 710. *****

سورة الأحزاب

سورة الأحزاب قال تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} الآية. [الأحزاب: 6]. (194) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (ما من مؤمن إلا وأنا أولى الناس به في الدنيا والآخرة، اقرءوا إن شئتم: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ}، فأيما مؤمن ترك مالا فليرثه عصبته من كانوا، فإن ترك دينا أو ضياعا فليأتني؛ فأنا مولاه). تخريجه: أخرجه البخاري (2399) في الاستقراض: باب الصلاة على من ترك دينا، و (4781) في تفسير القرآن: باب {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ}، ومسلم (1619) في الفرائض: باب من ترك مالا فلورثته، وأبو داود (2955) في الخراج: باب في أرزاق الذرية، والترمذي (1070) في الجنائز: باب ما جاء في الصلاة على المديون، و (2090) في الفرائض: باب من ترك مالا فلورثته، والنسائي (1963) في الجنائز: باب الصلاة على من عليه دين، وابن ماجه (2415) في الأحكام: باب من ترك دينا أو ضياعا فعلى الله وعلى رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وأحمد 2: 290، والدارمي (2594) في البيوع: باب في الرخصة في الصلاة على من مات وعليه دين، من طرق عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. واللفظ للبخاري، والباقي بنحوه، ولفظ أبي داود، والترمذي في الموضع الثاني؛ مختصر. *****

(195)

قال تعالى: {وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَاأَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلا فِرَارًا} [الأحزاب: 13]. (195) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أمرت بقرية تأكل القرى، يقولون: يثرب، وهي المدينة، تنفي الناس كما ينفي الكير خبث الحديد). تخريجه: أخرجه البخاري (1871) في الحج: باب فضل المدينة، ومسلم (1382) في الحج: باب المدينة تنفي شرارها، ومالك في (الموطأ) 2: 887 في الجامع: باب ما جاء في سكنى المدينة والخروج منها، وأحمد 2: 237، 247، 384، من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري، عن سعيد بن يسار، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. *****

(196)

قال تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرً} [الأحزاب: 33]. (196) عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود، فجاء الحسن بن علي فأدخله، ثم جاء الحسين فدخل معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء علي فأدخله، ثم قال: ({إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرً}). تخريجه: أخرجه مسلم (2424) في فضائل الصحابة: باب فضل أهل بيت النبي -صلى الله عليه وسلم-. وأخرجه أبو داود (4032) في اللباس: باب في لبس الصوف والشعر، والترمذي (2813) في الأدب: باب ما جاء في الثوب الأسود، وأحمد 6: 162، كلهم من طريق زكريا بن أبي زائدة، عن مصعب بن شيبة، عن صفية بنت شيبة، عن عائشة -رضي الله عنها-. واللفظ لمسلم، وعند الباقين مختصر ليس فيه موضع الشاهد. *****

(197)

قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا} [الأحزاب: 45، 46]. (197) عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: لما نزلت: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا}؛ دعا النبي -صلى الله عليه وسلم- عليا ومعاذا، وقد كان أمرهما أن يخرجا إلى اليمن، فقال: (انطلقا، وبشرا ولا تنفرا، ويسرا ولا تعسرا، فإنه قد أنزلت عليَّ: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا} على أمتك، {وَمُبَشِّرًا} بالجنة، {وَنَذِيرًا} من النار، {وَدَاعِيًا} إلى شهادة أن لا إله إلا الله، {وَسِرَاجًا مُنِيرًا} بالقرآن). تخريجه: أخرجه الطبراني في الكبير 11: 312 رقم (11841)، وفي (الدعاء) 3: 1529 رقم (1605) قال: حدثنا محمد بن نصر بن حميد البزاز البغدادي، ثنا عبد الرحمن بن صالح الأزدي، ثنا عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله العرزمي، عن شيبان، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- .. فذكره. وأخرجه الخطيب في (تاريخ بغداد) 3: 319 من طريق الطبراني، به. وعزاه في (الدر المنثور) 12: 75 إلى ابن أبي حاتم، وابن مردويه، وابن عساكر. الحكم على الإسناد: ضعيف، لحال العرزمي، وهو عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله الفزاري العرزمي. ذكره ابن حبان في (الثقات)، وقال: يعتبر بحديثه من غير روايته عن أبيه. وقال أبو حاتم: ليس بقوي. وضعفه الدارقطني، وذكر أنه متروك. مات سنة 180 هـ. ينظر: الجرح والتعديل 5: 282، الثقات 7: 91، كتاب الضعفاء والمتروكين للدارقطني ص 170، اللسان 3: 492.

والحديث أورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 7: 92 وقال: "رواه الطبراني، وفيه: عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله العرزمي، وهو ضعيف". والصحيح أنه موقوف على قتادة، كذا أخرجه الطبري 19: 126 قال: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة .. فذكره بنحوه، وفيه زيادة. بشر، هو: ابن معاذ العقدي، صدوق، صالح الحديث. ينظر: تهذيب الكمال 4: 146، التقريب ص 124. ويزيد؛ هو: ابن زريع، ثقة ثبت. وسعيد؛ هو ابن أبي عروبة، معدود من أثبت الناس عن قتادة. ينظر: شرح العلل 2: 503. فهذا إسناد حسن، والله أعلم. والأثر عزاه في (الدر المنثور) 12: 77 إلى: عبد بن حميد، وابن أبي حاتم. *****

(198)

قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا} [الأحزاب: 69]. (198) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن مرسى كان رجلا حييا ستيرا، لا يرى من جلده شيء استحياء منه، فآذاه من آذاه من بني إسرائيل، فقالوا: ما يستتر هذا التستر إلا من عيب بجلده؛ إما برص، وإما أدرة، وإما آفة، وإن الله أراد أن يبرئه مما قالوا لموسى، فخلا يوما وحده، فوضع ثيابه على الحجر، ثم اغتسل، فلما فرغ أقبل إلى ثيابه ليأخذها، وإن الحجر عدا بثوبه فأخذ موسى عصاه وطلب الحجر، فجعل يقول: ثوبي حجر، ثوبي حجر، حتى انتهى إلى ملأ من بني إسرائيل، فرأوه عريانا أحسن ما خلق الله، وأبرأه مما يقولون، وقام الحجر فأخذ ثوبه فلبسه، وطفق بالحجر ضربا بعصاه، فوالله إن بالحجر لندبا من أثر ضربه ثلاثا أو أربعا أو خمسا، فذلك قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا}). تخريجه: أخرجه البخاري (3404) في أحاديث الأنبياء: باب في حديث الخضر مع موسى عليهما السلام، و (278) في الغسل: باب من اغتسل عريانا وحده في الخلوة، و (4799) في التفسير: باب قوله تعالى: {لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى}، ومسلم (339) في الحيض: باب جواز الاغتسال عريانا وحده في الخلوف والترمذي (3221) في تفسير القرآن: باب ومن سورة الأحزاب، وأحمد 2: 315، من طرق عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، واللفظ للبخاري في الموضع الأول. فائدة: قوله (الأدْرَةُ): نَفْخةٌ في الخصية، يقال: رجل آدَرُ بَيّنُ الأدَر، بفتح الهمزة والدال. ينظر: (النهاية) لابن الأثير 1: 31 (أدر).

سورة سبأ

سورة سبأ قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ} [سبأ: 15]. (199) عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رجلا سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن سبأ؛ ما هو: أرجل، أم امرأة، أم أرض؟ فقال: (بل هو رجل ولَدَ عشرة، فسكن اليمن منهم ستة، وبالشام منهم أربعة، فأما اليمانيون: فمذحج وكندة والأزد والأشعريون وأنمار وحمير، عربا كلها، وأما الشامية: فلخم وجذام وعاملة وغسان). تخريجه: أخرجه أحمد في (المسند) 1: 316 وفي (فضائل الصحابة) 2: 865 رقم (1616) قال: حدثنا أبو عبد الرحمن، حدثنا عبد الله بن لهيعة بن عقبة الحضرمي أبو عبد الرحمن، عن عبد الله بن هبيرة السبائي، عن عبد الرحمن بن وعلة، قال: سمعت ابن عباس يقول: .. فذكره. وأخرجه ابن عدي في (الكامل) 4: 152 من طريق ابن وهب، عن ابن لهيعة، به. وأخرجه الحاكم في المستدرك 2: 423 من طريق أبي عبد الرحمن المقرىء، ثنا عبد الله بن عياش، عن عبد الله بن هبيرة، به. وأخرجه الطحاوي في (مشكل الآثار) 8: 483 رقم (6159 - تحفة الأخيار) من طريق أسد بن موسى. وأخرجه الطبراني في الكبير 12: 240 رقم (12992) من طريق عمرو بن خالد الحراني. كلاهما -أسد وعمرو- عن ابن لهيعة، عن ابن هبيرة، عن علقمة بن وعلة، عن ابن عباس، قال: سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سبأ ما هو؟ .. فذكره بنحوه. كذا وقع عندهما (علقمة بن وعلة). وسقط من مطبوعة (المعجم الكبير): ابن عباس، لأن الطبراني ذكر الحديث في ترجمة: (علقمة بن وعلة، عن ابن عباس). وعزاه في (الدر المنثور) 12: 186 إلى: عبد بن حميد، وابن مردويه.

الحكم على الإسناد

الحكم على الإسناد: ضعيف، وضعفه غير شديد، قابل للاعتبار، لأن الراوي عن ابن لهيعة: عبد الله بن يزيد المقرىء -عند أحمد-، وعبد الله بن وهب -عند ابن عدي-. وحسن إسناده ابنُ كثير في تفسيره 6: 504. وأورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 1: 193 وقال: "رواه أحمد، والطبراني في الكبير، وفيه: ابن لهيعة، وهو ضعيف". وأعاده 7: 94 وقال: "رواه أحمد، والطبراني، وفيه: ابن لهيعة، وفيه ضعف، وبقية رجالهما ثقات". المتابعات والشواهد: تابع ابن لهيعة على هذا الحديث: عبد الله بن عياش. أخرجه الحاكم في المستدرك 2: 423 من طريق عبد الله بن يزيد المقرىء، عنه، عن عبد الله بن هبيرة، به، بنحوه. وقال: حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. وأقره الذهبي. وعبد الله بن عياش، صدوق يغلط، أخرج له مسلم في الشواهد، وابن ماجه. ينظر: تهذيب الكمال 15: 410، التقريب ص 317. ويشهد لهذا الحديث؛ ما يأتي: 1 - عن فروة بن مسيك المرادي -رضي الله عنه- أنه سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن سبأ، رجل أم جبل أم واد؟ قال: (بل رجل ولد عشرة، فتشاءم منهم أربعة، وتيامن ستة، فأما الذين تشاءموا؛ فلخم وجذام وعاملة وغسان، وأما الذين تيامنوا؛ فحمير ومذحج والأزد والأشعريون والأنمار وكندة). أخرجه البخاري في (التاريخ الكبير) 7: 126، وابن أبي عاصم في (الآحاد والمثاني) 3: 322 رقم (1700)، و4: 418 رقم (2469)، والطبراني في الكبير 18: 326 رقم (838)، والحاكم 2: 424، كلهم من طريق ثابت بن سعيد، عن أبيه، عن فروة بن مسيك -رضي الله عنه-.

وثابت بن سعيد؛ هو المرادي، مجهول. ينظر: تهذيب الكمال 4: 355، الميزان 1: 364. وأبوه: سعيد بن أبيض، ذكره ابن حبان في (الثقات)، وقال الذهبي: فيه جهالة. وفي التقريب: مقبول. ينظر: الثقات 4: 280، تهذيب الكمال 10: 329، الميزان 2: 126، التقريب ص 233. وأخرجه الترمذي (3222) في تفسير القرآن: باب ومن سورة سبأ، وأبو داود (3988) في الحروف والقراءات، والطبري 19: 245، والطحاوي في (مشكل الآثار) 8: 483 رقم (6160 - تحفة الأخيار)، والمزي في (تهذيب الكمال) 23: 175 كلهم من طريق حماد بن أسامة، قال: حدثني الحسن بن الحكم النخعي، قال: حدثني أبو سبرة النخعي، عن فروة بن مسيك المرادي -رضي الله عنه-. وأبو سبرة النخعي، يقال: اسمه عبد الله بن عابس، قال ابن معين: لا أعرفه. وذكره ابن حبان في (الثقات). وفي التقريب: مقبول. ينظر: الثقات 5: 569، تهذيب الكمال 33: 340، التقريب ص 643. والحديث سكت عنه أبو داود، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. وأخرجه ابن قانع في (معجم الصحابة) 2: 336، والطبري 19: 244، والطبراني في (المعجم الكبير) 18: 323 رقم (834)، والرافعي في (التدوين في أخبار قزوين) 4: 134، وأبو نعيم في (تاريخ أصبهان) 1: 244، كلهم من طريق أبي جناب، عن يحيى بن هانىء، عن فروة بن مسيك -رضي الله عنه-. وأبو جناب، اسمه: يحيى بن أبي حية الكلبي. قال في التقريب: ضعفوه لكثرة تدليسه. وعده في المرتبة الخامسة من مراتب المدلسين، وهم: من ضعف بأمر آخر سوى التدليس فحديثهم مردود ولو صرحوا بالسماع، إلا إن توبع من كان ضعفه يسيراً كابن لهيعة .. ينظر: التقريب ص 589، مراتب المدلسين ص 183.

الحكم على الحديث

وتابعه: أسباط بن نصر، فرواه عن يحيى بن هانىء، عن أبيه أو عمه -شك أسباط- عن فروة بن مسيك -رضي الله عنه-. أخرجه الطبري 19: 245. وأسباط بن نصر؛ صدوق كثير الخطأ يغرب. ينظر: التقريب ص 98. وجوَّد ابنُ كثير -في تفسيره 6: 504 - إسناد رواية أبي جناب بهذه المتابعة. وحديث فروة هذا، أخرجه أحمد في (المسند)، كما في تفسير ابن كثير 6: 504، و (أطراف المسند) 5: 178، و (الدر المنثور) 12: 186، وسقط من المطبوع. وعزاه في (الدر المنثور) 12: 186 إلى: عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن مردويه. 2 - عن يزيد بن حصين، أن رجلا قال: يا رسول الله، ما سبأ، أنبي كان أو امرأة؟ قال: (بل رجل من العرب) فقال: ما ولد؟ قال: (ولد عشرة، سكن اليمن ستة، والشام أربعة، فالذين باليمن؛ كندة ومذحج والأزد والأشعريون وأنمار وحمير، وبالشام؛ لخم وجذام وعاملة وغسان). أخرجه الطبراني في الكبير 22: 245 رقم (639)، وابن عساكر في (تاريخ دمشق) 65: 155، من طريق موسى بن علي بن رباح، عن أبيه، عن يزيد بن حصين، مرسلا. وعزاه في (الدر المنثور) 12: 187 إلى: أبي القاسم البغوي، وابن مردويه. ويزيد بن حصين؛ قال البخاري في (التاريخ الكبير) 8: 326: "لم يصح حديثه". وقال ابن عدي في (الكامل) 7: 280: "ليس بمعروف". وذكره ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل) 9: 255، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. ينظر: تفسير ابن كثير 6: 505، الإصابة 1: 381. الحكم على الحديث: الحديث بمجموع ما سبق يترقى إلى الحسن، والله أعلم. *****

(200)

قال تعالى: {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} [سبأ: 23]. (200) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: إن نبي الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا قضى الله الأمر في السماء؛ ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لفوله، كأنه سلسلة على صفوان، فإذا {فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ} للذي قال: {الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} فيسمعها مسترق السمع، ومسترق السمع هكذا بعضه فوق بعض -ووصف سفيان بكفه فحرفها وبدد بين أصابعه- فبسمع الكلمة فيلقيها إلى من تحته، ثم يلقيها الآخر إلى من تحته، حتى يلقيها على لسان الساحر أو الكاهن، فربما أدرك الشهاب قبل أن يلقيها وربما ألقاها قبل أن يدركه، فيكذب معها مائة كذبة، فيقال: أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا كذا وكذا، فيصدَّق بتلك الكلمة التي سمع من السماء). تخريجه: أخرجه البخاري (4800) في التفسير: باب {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ}، و (4701) فيه: باب قوله: {إِلا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ} و (7481) في التوحيد: باب قول الله تعالى: {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} مختصرا، وأبو داود (3989) في الحروف والقراءات، مختصرا، والترمذي (3223) في تفسير القرآن: باب ومن سورة سبأ، مختصرا، وابن ماجه (194) في المقدمة: باب فيما أنكرت الجهمية، كلهم من طريق سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. *****

سورة فاطر

سورة فاطر قال تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ} [فاطر: 32]. (201) عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال في هذه الآية: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ} قال: (هؤلاء كلهم بمنزلة واحدة، وكلهم في الجنة). تخريجه: أخرجه أحمد 3: 78 قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن الوليد بن العيزار، أنه سمع رجلا من ثقيف، يحدث عن رجل من كنانة، عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه الترمذي (3225) في تفسير القرآن: باب ومن سورة الملائكة، والطيالسي في مسنده 3: 681 رقم (2350)، والطبري 19: 376، كلهم من طريق شعبة، به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 12: 285 إلى: عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف، لإبهام الراويين فيه. قال الترمذي: هذا حديث غريب حسن، لا نعرفه إلا من هذا الوجه. فائدة: قال ابن كثير في تفسيره 6: 547: "ومعنى قوله: (بمنزلة واحدة) أي: في أنهم من هذه الأمة، وأنهم من أهل الجنة، وإن كان بينهم فرق في المنازل في الجنة".

الشواهد

الشواهد: يشهد لهذا الحديث ما رواه أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- في قوله تعالى: {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ} الآية، قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (كلهم من هذه الأمة). أخرجه الطبراني في الكبير 1: 167 رقم (410)، والبيهقي في (البعث) رقم (59) (60) من طريق ابن أبي ليلى، عن أخيه عيسى، عن أبيه عن أسامة -رضي الله عنه-. ولفظ البيهقي رقم (59): "كلهم في الجنة". ووقع سقط في مطبوعة (المعجم الكبير) في سياق الإسناد. وابن أبي ليلى؛ هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى. معدود من كبار الفقهاء، لكنه مجروح من جهة حفظه. وفي التقريب: صدوق، سيء الحفظ جدا. وسبق في الحديث رقم (120). وأخوه عيسى؛ ثقة. ينظر: تهذيب الكمال 22: 629، التقريب ص 439. وأبوهما: عبد الرحمن؛ ثقة، أخرج حديثه الجماعة. ينظر: التقريب ص 349. وقال في (مجمع الزوائد) 7: 96: "رواه الطبراني، وفيه: محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وهو: سيء الحفظ". قلت: وهذا الحديث شاهد جزئي للحديث الأصل، لأن متنه جزء من متن الأصل. الحكم على الحديث: القدر المشترك بين الحديثين يترقى إلى الحسن، ويؤيده ظاهر الآية، وبعض الآثار عن السلف. قال ابن كثير في تفسيره 6: 547: "والصحيح أن الظالم لنفسه؛ من هذه الأمة .. كما هو ظاهر الآية، وكما جاءت به الأحاديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من طرق يشد بعضها بعضا". *****

(202)

(202) عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ({فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ} يعني: الظالم يؤخذ منه في مقامه ذلك؛ فذلك الهم والحزن، {وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ} قال: يحاسب حسابا يسيرا، {وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ} قال: الذين يدخدون الجنة بغير حساب). تخريجه: أخرجه أحمد 5: 194، 6: 444 قال: حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن ثابت، أو عن أبي ثابت، أن رجلا دخل مسجد دمشق فقال: اللهم آنس وحشتي، وارحم غربتي، وارزقني جليسا صالحا، فسمعه أبو الدرداء -رضي الله عنه- فقال: لئن كنت صادقا، لأنا أسعد بما قلت منك، سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: .. فذكره. وأخرجه ابن أبي الدنيا في (كتاب الأهوال) رقم (275) من طريق وكيع، به، بنحوه. وأخرجه الطبري 19: 375 من طريق أبي أحمد الزبيري، ثنا سفيان، عن الأعمش، قال: ذكر أبو ثابت، قال: دخل رجل المسجد، فجلس إلى جنب أبي الدرداء -رضي الله عنه- .. فذكره بنحوه. وأخرجه الحاكم 2: 426، والبيهقي في (البعث) رقم (58)، من طريق جرير، عن الأعمش، عن رجل قد سماه، عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول في قوله عز وجل: {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ} قال: (السابق والمقتصد؛ يدخلان الجنة بغير حساب، والظالم لنفسه؛ يحاسب حسابا يسيرا، ثم يدخل الجنة). وأخرجه البغوي في تفسيره 6: 421 من طريق محمد بن كثير، عن سفيان، عن الأعمش، عن رجل، عن أبي ثابت، أن رجلا دخل المسجد .. فذكره بنحوه.

الحكم على الإسناد

وعزاه في (الدر المنثور) 12: 285 إلى: الفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف؛ لجهالة ثابت أو أبي ثابت، فقد ذكره البخاري بالكنية هكذا مهملا، وساق في ترجمته هذا الحديث والاختلاف فيه. ونحو ذلك في (الجرح والتعديل). ولم يذكره ابن حجر في (تعجيل المنفعة). ينظر: الكنى للبخاري ص 17، الجرح والتعديل 9: 352. وفيه أيضا: إبهام الراوي عن أبي الدرداء -رضي الله عنه-. المتابعات والشواهد: هذا الحديث له طرق عن أبي الدرداء -رضي الله عنه-، ومن ذلك: 1 - أخرج عبد الرزاق في تفسيره 3: 136 عن معمر، عن أبان بن أيا عياش، قال: دخل رجل مسجد دمشق، فقام على باب المسجد، فقال: اللهم ارحم غربتي، وآنس وحشتي، وصل وحدتي، وارزقني جليسا صالحا ينفعني، ثم صلى ركعتين، ثم جلس إلى شيخ، فقال: من أنت يا عبد الله؟ فقال: أنا أبو الدرداء، فجعل يكبر ويحمد الله، فقال له أبو الدرداء: ما لك يا عبد الله؟ قال: دخلت هذه القرية وأنا غريب لا أعرف بها أحدا، فقلت: اللهم ارحم غربتي، وآنس وحشتي، وصل وحدتي، وارزقني جليسا صالحا ينفعني، قال: فقال أبو الدرداء: فانا أحق أن أحمد الله إذ جعلني ذلك الجليس، أما إني سأحدثك بشيء ما حدثت به أحدا غيرك أتحفك به، سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (يجيء السابقون يوم القيامة فيدخلون الجنة بغير حساب، وأما المقتصدون فيحاسبون حسابا يسيرا، ويجيء الظالم فيحبس حتى يصيبه كظ العذاب، وسوء الحساب، ثم يدخل الجنة).

وفيه: أبان بن أبي عياش، متروك، كما في التقريب ص 87. والراوي عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- مبهم. 2 - عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (قال الله عز وجل: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ} فأما الذين سبقوا بالخيرات فاولئك الذين يدخلون الجنة بغير حساب، وأما الذين اقتصدوا فأولئك يحاسبون حسابا يسيرا، وأما الذين ظلموا أنفسهم فأولئك الذين بحبسون في طول المحشر، ثم هم الذين تلافاهم الله برحمته فهم الذين يقولون: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ} إلى قوله: {لُغُوبٌ}). أخرجه أحمد 5: 198 قال: حدثنا إسحاق بن عيسى، حدثني أنس بن عياض الليثي أبو ضمرة، عن موسى بن عقبة، عن علي بن عبد الله الأزدي، عن أبي الدرداء -رضي الله عنه-. وهذا الوجه أشار إليه البخاري في (الكنى) ص 18 لكن وقع عنده هكذا: عن موسى ابن عقبة، عن عبد الله بن علي الأزدي، عن أبي خالد البكري، أن رجلا جاء المدينة فلقي أبا الدرداء -رضي الله عنه-، نحوه. وأورده الهيثمي في المجمع 7: 95، وقال: "رواه أحمد بأسانيد رجال أحدها رجال الصحيح، وهي هذه، إن كان علي بن عبدالله الأزدي سمع من أبي الدرداء -رضي الله عنه- فإنه تابعي". وهذا الحديث وقع فيه اختلاف كثير، أشار إليه البخاري في (الكنى) ص 17 - 18 فقال: "قال محمد بن يوسف: نا سفيان، عن الأعمش، عن رجل، عن أبي ثابت، قال لي: أبو الدرداء -رضي الله عنه- سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم-: {وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ} قال: (بغير حساب). قال وكيع: عن سفيان، عن الأعمش، عن ثابت أو أبي ثابت.

وقال أبو نعيم: عن سفيان، عن الأعمش، عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مرسل. وقال بعضهم: عن سفيان، عن الأعمش، عن أبي زياد، عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- ولا يصح. وقال الحميدي: عن ابن عيينة، عن طعمة بن عمرو، عن رجل، عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- ولم يصح حديثه. وقال محمد بن علي: نا سعيد بن عبد الحميد، قال: نا ابن أبي الزناد، عن موسى بن عقبة، عن عبدالله بن على الأزدي، عن أبي خالد البكري، أن رجلا جاء المدينة، فلقي أبا الدرداء -رضي الله عنه-، نحوه". وقال الحاكم 2: 426 عقب الحديث: "وقد اختلفت الروايات عن الأعمش في إسناد هذا الحديث، فروي عن الثوري، عن الأعمش، عن أبي ثابت، عن أبي الدرداء -رضي الله عنه-. وقيل: عن شعبة، عن الأعمش، عن رجل من ثقيف، عن أبي الدرداء -رضي الله عنه-. وقيل: عن الثوري أيضا، عن الأعمش، قال: ذكر أبو ثابت، عن أبي الدرداء -رضي الله عنه-. وإذا كثرت الروايات في الحديث ظهر أن للحديث أصلا". ويشهد للحديث ما رواه عوف بن مالك -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (أمتي ثلاث أثلاث؛ فثلث يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، وثلث يحاسبون حسابا يسيرا ثم يدخلون الجنة، وثلث يمحصون ويكسفون، ثم يأتي الملائكة، فيقولون: وجدناهم يقولون: لا إله إلا اله وحده، ويقول الله: صدقوا، لا إله إلا أنا، أدخلوهم الجنة يقول لا إله إلا الله وحده، واحملوا خطاباهم على أهل التكذيب، فهي التي قال الله تعالى: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا

مَعَ أَثْقَالِهِمْ}، وتصديقها في التي ذكر فيها الملاتكة، قال الله عز وجل: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} فجعلهم ثلاثة أفواج وهم أصناف كلهم، فمنهم ظالم لنفسه، فهذا الذي يكشف ويمحص، ومنهم مقتصد، وهو الذي يحاسب حسابا يسيرا، ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله، فهذا الذي يلج الجنة بغير حساب ولا عذاب بإذن الله يدخلونها جميعا لم يفرق بينهم، {يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (33) وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (34) الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ (35) وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ}). أخرجه الطبراني في الكبير 18: 79 رقم (149) قال: حدثنا عمرو بن أبي الطاهر بن السرح المصري، ثنا محمد بن عزيز، ثنا سلامة بن روح، عن عقيل، عن ابن شهاب (¬1)، حدثني عوف بن مالك عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .. فذكره. وأخرجه ابن أبي حاتم -كما في تفسير ابن كثير 6: 548 - قال: حدثنا محمد بن عزيز، به. وسلامة متكلم فيه، قال أبو حاتم: ليس بالقوي، محله عندي محل الغفلة. وقال أبو زرعة: ضعيف، منكر الحديث. ينظر: تهذيب الكمال 12: 304. والحديث قال عنه ابن كثير في تفسيره 6: 549: "غريب جدا". وقال في المجمع 7: 96: "رواه الطبراني، وفيه: سلامة بن روح، وثقه ابن حبان، وضعفه جماعة، وبقية رجاله ثقات". ***** ¬

_ (¬1) تصحف في المطبوع إلى: عقيل بن شهاب.

(203)

قال تعالى: {وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ} [فاطر: 37]. (203) عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا كان يوم القيامة؛ نودي: أبن أبناء الستين؟ وهو العمر الذي قال الله: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ}. تخريجه: أخرجه الطبري 19: 385 قال: حدثنا علي بن شعيب، قال: ثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك، عن إبراهيم بن الفضل، عن ابن أبي حسين المكي، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس .. فذكره. وأخرجه الطبراني في الكبير 11: 177 رقم (11415)، وفي الأوسط 8: 49 رقم (7925)، و9: 66 رقم (9138)، والبيهقي في السنن الكبرى 3: 370، وفي (شعب الإيمان) 7: 264 رقم (10254)، وفي (الزهد الكبير) 2: 236 رقم (625)، والرامهرمزي في (أمثال الحديث) ص 66 رقم (27)، كلهم من طريق إبراهيم بن الفضل، به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 12: 299 إلى: ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه. وعزاه العجلوني في (كشف الخفاء) 1: 146 إلى الترمذي، ولم أجده فيه، ولم يعزه إليه غيره، فيما وقفت عليه. الحكم على الإسناد: ضعيف جدا، لحال إبراهيم بن الفضل، وهو المخزومي، أبو إسحاق المدني. (ت ق). متروك. ينظر: تهذيب الكمال 2: 165، التقريب ص 92. وأورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 7: 97 وقال: "رواه الطبراني في الكبير، والأوسط، وفيه: إبراهيم بن الفضل المخزومي، وهو ضعيف". *****

سورة يس

سورة يس قال تعالى: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} [يس: 38]. (204) عن أب ذر -رضي الله عنه- قال سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- عن قوله نعالى: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} قال: (مستقرها تحت العرش). تخريجه: أخرجه البخاري (4803) في التفسير: باب {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ}، و (3199) في بدء الخلق: باب صفة الشمس والقمر، و (4802) في التفسير: باب {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ}، و (7433) في التوحيد: باب قوله تعالى: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ}، ومسلم (159) في الإيمان: باب بيان الزمن الذي لا يقبل فيه الإيمان، والترمذي (2186) في الفتن: باب ما جاء في طلوع الشمس من مغربها، و (3227) في تفسير القرآن: باب ومن سورة يس، وأحمد 5: 145، 152، 158، من طرق عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن أبي ذر -رضي الله عنه-. واللفظ للبخاري في الموضع الأول والأخير، والباقون بمعناه. *****

(205)

قال تعالى: {سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} [يس: 58]. (205) عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (بينا أهل الجنة في نعيمهم؛ إذ سطع لهم نور فرفعوا رءوسهم؛ فإذا الرب قد أشرف عليهم من فوقهم، فقال: السلام عليكم يا أهل الجنة، قال: وذلك قول اله: {سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ}، قال: فينظر إليهم، وينظرون إليه، فلا يلتفتون إلى شيء من النعيم ما داموا ينظرون إليه حتى يحتجب عنهم، ويبقى نوره وبركته عليهم في ديارهم). تخريجه: أخرجه ابن ماجه (184) في المقدمة: باب فيما أنكرت الجهمية، قال: حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، حدثنا أبو عاصم العباداني، حدثنا الفضل الرقاشي، عن محمد ابن المنكدر، عن جابر -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه ابن أبي الدنيا في (صفة الجنة) رقم (97)، والبزار كما في (كشف الأستار) 3: 67 (2253)، والعقيلي في (الضعفاء الكبير) 2: 274، والآجري في (كتاب الشريعة) 2: 1027 رقم (615)، وابن عدي في (الكامل) 6: 13، واللالكائي في (شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة) 3: 482 رقم (836)، وأبو نعيم في (الحلية) 6: 208 - وفيه زيادة في آخره-، وابن الجوزي في (الموضوعات) 2: 431، كلهم من طريق أبي عاصم العباداني، به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 12: 363 إلى: ابن أبي حاتم، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف جدا، لما يأتي: 1 - أبو عاصم العباداني المرئي البصري، اسمه: عبد الله بن عبيد الله، وقيل غير ذلك. (ق). قال ابن معين: لم يكن به بأس، صالح الحديث. وقال أبو زرعة: شيخ. وقال أبو حاتم: ليس به بأس. وذكره ابن حبان في (كتاب الثقات)، وقال: كان يخطىء.

وقال أبو داود: لا أعرفه. وقال أبو جعفر العقيلي: منكر الحديث. وقال الذهبي: ليس بحجة، يأتي بعجائب. وفي التقريب: لين الحديث. قلت: والأقرب أنه لا بأس به، يقبل حديثه ما لم يخالف، ويتوقف فيما تفرد به. وأخرج الخطيب في (الكفاية) ص 22 بسنده إلى ابن أبي خيثمة، قال: قلت ليحيى بن معين: إنك تقول فلان ليس به باس، وفلان ضعيف؟ قال: إذا قلت لك: ليس به بأس؛ فهو ثقة. وإذا قلت لك: هو ضعيف؛ فليس هو بثقة، لا يكتب حديثه. ينظر: الضعفاء الكبير 2: 274، الجرح والتعديل 5: 100، الثقات 7: 46، تهذيب الكمال 34: 7، الميزان 4: 543، التقريب ص 653. 2 - الفضل بن عيسى بن أبان الرقاشي، أبو عيسى البصري الواعظ. (ق) منكر الحديث، ورمي بالقدر. ينظر: تهذيب الكمال 23: 244، التقريب ص 446. والحديث أخرجه أبو نعيم في (الحلية) مطولا -كما سبق- مع جملة من الأحاديث، ثم قال 6: 210: "وهذه الأحاديث مما تفرد بها الفضل، عن محمد بن المنكدر، ولم يتابع عليه، وما رواه عنه أبو عاصم العباداني؛ فمن مفاريده عن الفضل .. وفيه وفي الفضل ضعف ولين". وقال ابن الجوزي في كتاب (الموضوعات) 2: 432: "هذا حديث موضوع على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-". وكذلك عده من الموضوعات: السيوطي في (اللآلىء المصنوعة) 2: 460. وأورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 7: 98 وقال: "رواه البزار، وفيه: الفضل بن عيسى الرقاشي، وهو ضعيف". *****

سورة الصافات

سورة الصافات قال تعالى: {وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ (48) كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ} [الصافات: 48 - 49]. (206) عن أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: قلت: يا رسول الله، أخبرني عن قوله: {كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ}، قال: (رقنهن كرقة الجلدة التي رأيتها في داخل البيضة التي تلي القشر، وهي الغرقىء). تخريجه: أخرجه الطبري 19: 542 قال: حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، قال: ثنا محمد ابن الفرج الصدفي الدمياطي، عن عمرو بن هاشم، عن ابن أبي كريمة، عن هشام، عن الحسن، عن أمه، عن أم سلمة .. فذكرته. وأخرجه الطبراني في الكبير 23: 367 رقم (870)، وفي الأوسط 3: 278 رقم (3141) من طريق عمرو بن هاشم، به، مطولا. وعزاه في (الدر المنثور) 14: 159 إلى ابن مردويه. الحكم على الإسناد: منكر، لما يلي: 1 - محمد بن الفرج الصدفي الدمياطي. لم يتبين لي، ولعله محمد بن الفرج المصري، وقد ذكره الذهبي في (الميزان)، وقال: أتى بخبر منكر. ينظر: الميزان 4: 4، اللسان 5: 337. فإن كان هو المذكور، وإلا فمجهول. وقد توبع 2 - سليمان بن أبي كريمة. قال العقيلي: يحدث بمناكير، ولا يتابع على كثير من حديثه. وضعفه أبو حاتم. وقال ابن عدي: عامة أحاديثه مناكير. وقال الذهبي: لين صاحب مناكير. ينظر: (الضعفاء الكبير) للعقيلي 2: 138، الجرح والتعديل 4: 138، الكامل 3: 262، المغني في الضعفاء 1: 282، اللسان 3: 116.

3 - هشام بن حسان الأزدي، أبو عبد الله البصري. (ع) ثقة من أثبت الناس في ابن سيرين، وفي روايته عن الحسن وعطاء مقال، لأنه؛ قيل: كان يرسل عنهما. مات سنة 147 هـ. وهذا الحديث من روايته عن الحسن. ينظر: تهذيب الكمال 30: 181، التقريب ص 572. 4 - خيرة أم الحسن البصري، مولاة أم سلمة، زوج النبي -صلى الله عليه وسلم-. (م 4) ذكرها ابن حبان في (كتاب الثقات). وقال ابن حزم: ثقة مشهورة. وفي التقريب: مقبولة. ينظر: الثقات 4: 216، المحلى 3: 127، تهذيب الكمال 35: 166، التقريب ص 746. ولم تتابع على هذه الرواية. والعلة الأولى تندفع بمتابعة بكر بن سهل الدمياطي، فرواه عن عمرو بن هشام، به. وهي عند الطبراني في معجميه (الكبير) و (الأوسط) -كما سبق في التخريج-. وبكر، متوسط مقارب الحال. ينظر: سير أعلام النبلاء 13: 425، المغني 1: 113. *****

(207)

قال تعالى: {وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ (75) وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (76) وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ} [الصافات: 75 - 77]. (207) عن سمرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قول الله: {وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ} قال: (حام وسام ويافث). تخريجه: أخرجه الترمذي (3230) في التفسير: باب ومن سورة الصافات، قال: حدثنا محمد ابن المثنى، حدثنا محمد بن خالد ابن عثمة، حدثنا سعيد بن بشير، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه الطبري 19: 560 من طريق ابن عثمة، به. وأخرجه الطبراني في الكبير 7: 254 رقم (6873) من طريق الوليد بن مسلم، ثنا خليد بن دعلج، وسعيد بن بشير، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ولد نوح ثلاثة: سام ويافث وحام). ولم تذكر فيه الآية. وعزاه في (الدر المنثور) 12: 421 إلى: ابن أبي حاتم، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف، لحال سعيد بن بشير، وهو الأزدي، ويقال: النصري، مولاهم، أبو عبد الرحمن، ويقال: أبو سلمة الشامي. (4) وثقه دحيم، وابن شاهين. وقال أبو حاتم الرازي: حدثنا حيوة بن شريح، قال: سمعت بقية يقول: سألت شعبة عن سعيد بن بشير، فقال: صدوق اللسان. وقال البزار: صالح، ليس به بأس، حسن الحديث. وقال أيضا: لا يحتج بما انفرد به. وقال أبو الحسن الميموني: رأيت أبا عبد الله -يعني أحمد بن حنبل- يضعف أمره. وقال يحيى بن معين: ليس بشيء. وضعفه ابن المديني، والنسائي. وقال محمد بن عبد الله بن نمير: منكر الحديث، ليس بشيء، ليس بقوي الحديث، يروي عن قتادة المنكرات. قلت: وهذا الحديث من روايته عن قتادة.

المتابعات والشواهد

وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي وأبا زرعة؛ وذكرا سعيد بن بشير، فقالا: محله الصدق عندنا. قلت لهما: يحتج بحديثه؟ قالا: يحتج بحديث ابن أبي عروبة، والدستوائي، هذا شيخ يكتب حديثه. قال: وسمعت أبي ينكر على من أدخله في كتاب الضعفاء، وقال: يحول منه. وقال البخاري: يتكلمون في حفظه. وقال ابن حبان: كان رديء الحفظ، فاحش الخطأ، يروي عن قتادة مالا يتابع عليه، وعن عمرو بن دينار ما ليس يعرف من حديثه. وقال ابن عدي: رأيت له تفسيرا مصنفا من رواية الوليد عنه، ولا أرى بما يروي عن سعيد بن بشير بأسا، ولعله يهم في الشيء بعد الشيء ويغلط، والغالب على حديثه الاستقامة، والغالب عليه الصدق. وقال الدارقطني: ليس بقوي في الحديث. وذكره الذهبي فيمن تكلم فيه وهو موثق. وفي التقريب: ضعيف. مات سنة 168 هـ. ينظر: الضعفاء الصغير للبخاري ص 51، الضعفاء والمتروكون للنسائى ص 189، الجرح والتعديل 4: 6، المجروحين 1: 319، الكامل 3: 375، سنن الدارقطني 1: 135، (تاريخ أسماء الثقات) لابن شاهين ص 97 رقم (432)، تهذيب الكمال 10: 348، السيىر 7: 304، الميزان 2: 128، ذكر أسماء من تكلم فيه وهو موثق ص 84، الكاشف 1: 432، التقريب ص 234. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث سعيد بن بشير. وسبق تفصيل الكلام في مسألة: سماع الحسن من سمرة -رضي الله عنه-، في الحديث رقم (93). المتابعات والشواهد: تابع سعيد بن بشير في هذا الحديث: 1 - سعيد بن أبي عروبة. أخرجه أحمد 5: 10 قال: حدثنا روح من كتابه، حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، به، بلفظ: (سام أبو العرب، ويافث أبو الروم، وحام أبو الحبش).

الحكم على الحديث

وأخرجه أيضا 5: 9، والترمذي (3231) في تفسير القرآن: باب ومن سورة الصافات، و (3931) في المناقب: باب في فضل العرب، وابن سعد في (الطبقات) 1: 42، والطبراني في الكبير 7: 210 رقم (6871)، والحاكم 2: 546، من طرق عن سعيد بن أبي عروبة، به. وليس فيه ذكر الآية. وقال الترمذي: هذا حديث حسن. وقال الحاكم: حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. وسعيد بن أبي عروبة؛ ثقة حافظ له تصانيف، واختلط سنة 143 هـ تقريبا، وكان من أثبت الناس في قتادة. وروح بن عبادة ممن سمع منه في حال الصحة. 2 - خليد بن دعلج. أخرجه الطبراني في الكبير 7: 254 رقم (6873) قال: حدثنا الحسين بن إسحاق التستري، ثنا هشام بن عمار، ثنا الوليد بن مسلم، ثنا خديد بن دعلج، وسعيد بن بشير، عن قتادة، به، بلفظ: (ولد نوح ثلاثة: سام ويافث وحام). وأخرجه ابن عدي في (الكامل) 3: 49 من طريق هشام، به. وخليد بن دعلج؛ هو السدوسي البصري، ضعيف، كما في التقريب ص 195. وبهذا يظهر أن ذكر الآية في هذا الحديث غير محفوظ، قد تفرد به: سعيد بن بشير، ومثله لا يحتمل تفرده، وقد خالفه في هذا السياق من هو أوثق منه بكثير، وهو سعيد بن أبي عروبة، فذكر الحديث دون ذكر الآية، وتابعه على ذلك: خليد بن دعلج، وسعيد بن بشير نفسه، كما في رواية الطبراني المذكورة قريبا. ويشهد لهذا الحديث ما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: {وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ} قال: (ولد نوح ثلاثة؛ فسام أبو العرب، وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم). أخرجه ابن مردويه، كما في (الدر المنثور) 12: 422. الحكم على الحديث: صحيح دون ذكر الآية، فذكرها فيه غير محفوظ، والله أعلم. *****

(208)

قال تعالى: {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (139) إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (140) فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (141) فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (142) فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144) فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ} [الصافات: 139 - 145]. (208) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (لما ارأد الله تبارك وتعالى حبس يونس في بطن الحوت، أوحى الله ألى الحوت: أن لا تخدشن له لحما، ولا تكسرن له عظما، فأخده ثم أهوى به إلى مسكنه في البحر، فلما انتهى به إلى أسفل البحر؛ سمع يونس حسا، فقال في نفسه: ما هذا؟ فأوحى الله تبارك وتعالى إليه -وهو في بطن الحوت-: إن هذا تسببح دواب الأرض، فسبح وهو في بطن الحوت، فسمعت الملائكة تسببحه، فقالوا: ربنا؛ إنا نسمع صوتا ضعيفا بأرض غربة فقال تبارك وتعالى: ذلك عبدي يونس، عصاني فحبسته في بطن الحوت في البحر، فقالوا: العبد الصالح الذي كان يصعد إليك منه في كل يوم وليلة عمل صالح! فال: نعم، فشفعوا له عند ذلك، فأمر الحوت فقذفه في الساحل، كما قال الله تعالى: {وَهُوَ سَقِيمٌ}). تخريجه: أخرجه البزار 2: 104 رقم (1502 - مختصر زوائده) قال: حدثنا بعض أصحابنا -عبيد الله بن سعيد أو غيره- عن يعقوب بن إبراهيم، حدثني أبي، عن ابن إسحاق، عن عبد الله بن رافع، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه الطبري في تفسيره 16: 384، وفي تاريخه 1: 461 قال: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: ثني ابن إسحاق، عمن حدثه، عن عبد الله بن رافع، به، بنحوه. الحكم على الإسناد: إسناد ضعيف، لجهالة شيخ البزار، وعنعنة ابن إسحاق، وسبق الكلام فيه في الحديث رقم (98)، والخلاصة أنه إمام معتبر في المغازي والسير، وفي غيرها حديثه في درجة الحسن إذا عري عن التدليس والمخالفة ممن هو أوثق منه، وينظر فيما تفرد به.

وأورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 3: 206، 7: 98، وقال: "رواه البزار عن بعض أصحابه ولم يسمه، وفيه: ابن إسحاق، وهو مدلس، وبقية رجاله رجال الصحيح". وقال ابن حجر في (مختصر زوائد البزار) 2: 105: "هذا خبر منكر". *****

(209)

قال تعالى: {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} [الصافات: 147]. (209) عن أبي بن كعب -رضي الله عنه- قال: سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن قول الله نعالى: {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} قال: (عشرون ألفا). تخريجه: أخرجه الترمذي (3229) في التفسير: باب ومن سورة الصافات، قال: حدثنا علي بن حجر، أخبرنا الوليد بن مسلم، عن زهير بن محمد، عن رجل، عن أبي العالية، عن أبي بن كعب -رضي الله عنه-. فذكره. وأخرجه الطبري 19: 637 من طريق عمرو بن أبي سلمة، قال: سمعت زهيرا، به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 12: 482 إلى: ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف للعلل الآتية: 1 - الوليد بن مسلم؛ ثقة، لكنه كثير التدليس والتسوية، وقد روى هنا بالعنعنة. مات سنة 195هـ. ينظر: تهذيب الكمال 31: 86، التقريب ص 584. 2 - زهير بن محمد. رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة، وهذه منها. وسبق الكلام فيه في الحديث رقم (10). 3 - إبهام الراوي عن أبي العالية. المتابعات: تابع الوليد بن مسلم: عمرو بن أبي سلمة. أخرجه الطبري 19: 637 قال: حدثني محمد بن عبد الرحيم البرقي، قال: ثنا عمرو ابن أبي سلمة قال: سمعت زهيرا، عمن سمع أبا العالية، قال: ثني أبي بن كعب -رضي الله عنه- .. فذكره.

الحكم على الحديث

وعمرو بن أبي سلمة؛ هو أبو حفص الدمشقي. صدوق له أوهام، مات سنة 213 هـ. ينظر: تهذيب الكمال 22: 51، التقريب ص 422. وهذا سند ضعيف للعلتين الأخيرتين، المذكورتين آنفا. الحكم على الحديث: ضعيف. قال الترمذي: هذا حديث غريب. *****

(210)

قال تعالى: {وَمَا مِنَّا إِلا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ (164) وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (165) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ} [الصافات: 164 - 166]. (210) عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ما في السماء الدنيا موضع قدم إلا عليه ملك ساجد أو قائم، وذلك قول الملائكة: {وَمَا مِنَّا إِلا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ (164) وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (165) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ}). تخريجه: أخرجه محمد بن نصر المروزي في (تعظيم قدر الصلاة) 1: 260 رقم (253) قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن القهزاد، قال: حدثنا أبو معاذ الفضل بن خالد النحوي، قال: حدثنا عبيد بن سليمان الباهلي، قال: سمعت الضحاك بن مزاحم، يحدث عن مسروق بن الأجدع، عن عائشة -رضي الله عنها- .. فذكرته. وأخرجه الطبري 19: 651، وأبو الشيخ في (كتاب العظمة) 3: 984 رقم (508) من طريق أبي معاذ النحوي، به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 12: 488 إلى: ابن أبي حاتم، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف، لجهالة حال الفضل بن خالد وهو المروزي، أبو معاذ النحوي. ذكره ابن أبي حاتم، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وذكره ابن حبان في (الثقات). مات سنة 211 هـ. ينظر: الجرح والتعديل 7: 61، الثقات 9: 5. وأورده ابن كثير في تفسيره 8: 271، وقال: "هذا مرفوع غريب جدا".

الشواهد

الشواهد: 1 - عن العلاء بن سعد -رضي الله عنه- وقد شهد الفتح وما بعدها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال يوما لجلسائه: (هل تسمعون ما أسمع؟) قالوا: وما تسمع يا رسول الله؟ قال: (أطت السماء وحق لها أن تئط، إنه ليس فيه موضع قدم إلا وعليه ملك قائم أو راكع أو ساجد، وقالت الملائكة: {وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (165) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ}). أخرجه المروزي في (تعظيم قدر الصلاة) 1: 261 رقم (255) -ومن طريقه: ابن عساكر في (تاريخ دمشق) 52: 381 - قال: حدثني أحمد بن سيار، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن خالد الدمشقي قال: حدثني المغيرة بن عثمان بن عطية من بني عمرو بن عوف، قال: حدثني سليمان بن أيوب من بني سالم بن عوف، قال: حدثني عطاء بن يزيد بن مسعود من بني الحبلى، قال: حدثني سليمان بن عمرو بن الربيع من بني سالم، قال: حدثني عبد الرحمن بن العلاء من بني ساعدة، عن أبيه العلاء بن سعد -رضي الله عنه- .. فذكره. ومحمد بن خالد الدمشقي؛ قال فيه أبو حاتم: كان يكذب. ينظر: الجرح والتعديل 7: 244. والحديث عزاه ابن حجر في (الإصابة) 4: 542 إلى ابن منده، من طريق عطاء بن يزيد ابن مسعود، به. وأورده ابن كثير في تفسيره 8: 271، وقال: "هذا إسناد غريب جدا". 2 - عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: (إن من السماوات لسماء ما منها موضع شبر إلا عليه جبهة ملك أو قدماه، قائما أو ساجدا). قال: ثم قرأ عبد الله: {وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (165) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ}. أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 2: 158 عن الثوري، عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-.

الحكم على الحديث

وأخرجه المروزي في (تعظيم قدر الصلاة) 1: 260 رقم (254)، والطبري 19: 652 - 653، والطبراني في الكبير 9: 214 رقم (9042)، والبيهقي في (شعب الإيمان) 1: 177 رقم (159)، من طريق الأعمش، به، بنحوه. وسقط (مسروق) من إسناد الطبراني. وعزاه في (الدر المنثور) 12: 488 إلى: الفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم. وهذا سند صحيح على شرط الشيخين. ومثله لا يقال من قبيل الرأي، فله حكم الرفع. الحكم على الحديث: صحيح. *****

سورة ص

سورة ص قال تعالى: {إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ} [ص: 18]. (211) عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، قال: كنت أمر بهذه الآية فما أدري ما هي: {بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ} حتى حدثتني أم هانىء بنت أبي طالب، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل عليها، فدعا بوَضوء في جفنة كأني أنظر الى أثر العجبن فيها، فتوضأ ثم قام فصلى الضحى، ثم قال: (يا أم هانىء؛ هي صلاة الإشراق). تخريجه: أخرجه الطبراني في الأوسط 4: 296 رقم (4246) قال: حدثنا العباس بن محمد المجاشعي، قال: نا محمد بن أبي يعقوب الكرماني، قال: نا حجاج بن نصير، قال نا أبو بكر الهذلي، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- .. فذكره. وعزاه في (الدر المنثور) 12: 516 إلى ابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف جدا، فيه: حجاج بن نصير الفساطيطي القيسي، أبو محمد البصري. (ت) ضعيف، وكان يقبل التلقين. مات سنة 213 هـ. ينظر: تهذيب الكمال 461: 5، التقريب ص 153. وفيه: أبو بكر الهذلي البصري. اسمه: سلمى، وقيل: اسمه روح. (ق) متروك الحديث، مات سنة 167 هـ. ينظر: تهذيب الكمال 33: 159، التقريب ص 625. قال الطبراني: تفرد به حجاج، لم يرو هذا الحديث عن عطاء عن ابن عباس؛ إلا أبو بكر الهذلي، تفرد به حجاج بن نصير. وأورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 7: 99، وقال: "رواه الطبراني في الأوسط، وفيه: أبو بكر الهذلي، وهو ضعيف". *****

(212)

قال تعالى: {رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ} [ص: 33]. (212) عن أبي بن كعب -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: {رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ} قال: (قطع أعنافها وسوقها). تخريجه: أخرجه الطبراني في الأوسط 7: 108 رقم (6997) قال: حدثنا محمد بن سفيان بن جرير، نا صفوان بن صالح، ثنا مروان بن محمد، نا سعيد بن بشير، عن قتادة، عن سعيد ابن جبير، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن أبي بن كعب -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه الإسماعيلي في معجمه 3: 752 رقم (370) من طريق صفوان، به، بلفظه. وعزاه في (الدر المنثور) 12: 570 إلى ابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف للعلل الآتية: 1 - المقال في سعيد بن بشير، لاسيما في روايته عن قتادة، وهذه منها، ومثله لا يحتمل تفرده. وسبق في الحديث رقم (207). قال الطبراني -عقب الحديث-: لم يرو هذا الحديث عن قتادة إلا سعيد بن بشير. 2 - الانقطاع بين قتادة، وسعيد بن جبير، فقد نص أحمد، وابن معين، ويعقوب بن سفيان، على أنه لم يسمع منه. ينظر: (المراسيل) لابن أبي حاتم ص 172، (المعرفة والتاريخ) 2: 124، (جامع التحصيل) للعلائي ص 255. 3 - صفوان بن صالح؛ كان يدلس تدليس تسوية، ومثله لابد أن يقع التصريح بالسماع في جميع طبقات الإسناد، ولم يوجد ذلك في هذا السند، فيحتمل أنه أسقط ضعيفا بين قتادة، وسعيد بن جبير. ينظر: جامع الترمذي رقم (3507)، الجرح والتعديل 4: 425، تهذيب الكمال 13: 191، الكاشف 1: 503، التقريب ص 276.

4 - شيخ الطبراني؛ محمد بن سفيان بن جرير؛ ذكره الذهبي في (تاريخ الإسلام) 21: 262 ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، فهو مجهول الحال. والحديث حسَّن إسناده السيوطيُ في (الدر المنثور) 12: 570. *****

(213)

قال تعالى: {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ} [ص: 34]. (213) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ولد لسليمان بن داود ابنٌ، فقال للشياطين: أين نواريه من الموت؟ فقالوا: نذهب به إلى المشرق، قال: يصل إليه الموت، قالوا: فإلى المغرب، قال: يصل اليه الموت، قالوا: إلى البحار، قال: يصل إليه، قالوا: نضعه بين السماء والأرض، ونزل عليه ملك الموت، ففال: يا ابن داود؛ إني أمرت بقبض نسمة طلبتها في المشرق فلم أصبها، فطلبتها في المغرب فلم أصبها، وطلبتها في البحار، وطلبتها في تخوم الأرضين فلم أصبها، فبينا أنا أصعد إذ أصيبتها فقبضتها، وجاء جسده حنى وقع على كرسيه، فهو قول الله عز وجل: {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ (34)}). تخريجه: أخرجه الطبراني في الأوسط 6: 112 رقم (5960) قال: حدثنا محمد بن محمد التمار، قال: ثنا كثير بن يحيى صاحب البصري، قال: نا أبي، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- .. فذكره. وعزاه في (الدر المنثور) 12: 576 إلى ابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف، لحال يحيى بن كثير، وهو أبو النضر صاحب البصري. (ق) متفق على ضعفه. ينظر: تهذيب الكمال 31: 502، التقريب ص 595. قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن محمد بن عمرو إلا يحيى بن كثير، تفرد به ابنه. وأورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 7: 99 وقال: "رواه الطبراني في الأوسط، وفيه: يحيى بن كثير صاحب البصري، وهو متروك، وابنه كثير؛ ضعيف أيضا".

قلت: ابنه: كثير بن يحيى بن كثير، أبو مالك صاحب البصري. قال أبو حاتم: محله الصدق، وكان يتشيع. وقال أبو زرعة: صدوق. وذكره ابن حبان في (الثقات). ينظر: التاريخ الكبير 7: 219، الجرح والتعديل 7: 158، الثقات 9: 26، تعجيل المنفعة 2: 148، اللسان 4: 580. وضعف إسناده السيوطيُ في (الدر المنثور) 12: 576. *****

سورة الزمر

سورة الزمر قال تعالى: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53]. (214) عن ثوبان مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (ما أحب أن لي الدنيا وما فيها بهذه الآية: {يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}) فقال رجل: يا رسول الله، فمن أشرك؟ فسكت النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم قال: (إلا من أشرك، إلا من أشرك) ثلاث مرات. تخريجه: أخرجه أحمد 5: 275 قال: حدثنا حسن وحجاج، قالا: حدثنا ابن لهيعة، حدثنا أبو قبيل، قال: سمعت أبا عبد الرحمن المري يقول: -قال حجاج: عن أبي قبيل، حدثني أبو عبد الرحمن الجبلاني- أنه سمع ثوبان مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: فذكره. وأخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب (حسن الظن بالله) ص 59 رقم (49)، والطبري 20: 228، والطبراني في الأوسط 1: 62 رقم (174)، والبيهقي في (شعب الإيمان) 5: 423 رقم (7137)، كلهم من طريق ابن لهيعة، به، بنحوه. ولفظ ابن أبي الدنيا، والطبراني، مختصر دون آخره. وعزاه في (الدر المنثور) 12: 675 إلى: ابن أبي حاتم، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف لحال ابن لهيعة، وجهالة حال أبي عبد الرحمن، وهو أبو عبد الرحمن الجبلاني. روى عن ثوبان -رضي الله عنه-. وعنه: حصي بن هانىء بن ناضر، أبو قبيل المعافري المصري، وعبد الرحمن المرادي. ذكره البخاري، وابن أبي حاتم، ولم يذكراه بجرح ولا تعديل. ينظر: التاريخ الكبير 9: 51، الجرح والتعديل 9: 403، تعجيل المنفعة 2: 494. ومثله لا يقبل تفرده. *****

(215)

قال تعالى: {لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [الزمر: 63]. (215) عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- أنه سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن تفسير: {لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} قال: (ما سألني عنها أحد قبلك، تفسيره: لا إله إلا الله، سبحان الله وبحمده، أستغفر الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله الأول والآخر، والظاهر والباطن، بيده الخير يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، من قالها إذا أصبح عشر مرات؛ أعطي ست خصال: أما أولهن؛ يحرس من إبليس، وأما الثانية؛ فيعطى قنطارا من الأجر، وأما الثالثة؛ فيرفع الله له درجة في الجنة، وأما الرابعة؛ فيزوج من الحور العين، وأما الخامسة؛ فيحضرها اثنا عشر ألف ملك، وأما السادسة؛ فله من الأجر كمن يقرأ التوراة والإنجيل والزبور والفرقان، وله مع هذا يا عثمان من الأجر كمن حج واعتمر فقبلت حجته وعمرته، فإن مات من يومه طبع بطابع الشهداء). تخريجه: أخرجه أبو يعلى في مسنده الكبير كما في (المطالب العالية) 4: 149 رقم (3713) قال: حدثنا شجاع بن مخلد، أبو الفضل، حدثني يحيى بن حماد، حدثنا الأغلب بن تميم، عن مخلد أبي الهذيل، عن عبد الرحمن يعنى ابن عبد الله بن عمر المدني، عن عبد الله بن عمر، عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه الحربي في (غريب الحديث) 2: 981 باب (قلد)، والعقيلي في (الضعفاء الكبير) 4: 231، وابن أبي حاتم في تفسيره 10: 3254 رقم (18405)، والطبراني في (الدعاء) 3: 1569 رقم (1700)، وابن السني في (عمل اليوم والليلة) 1: 123 رقم (74)، والبيهقي في (الأسماء والصفات) 1: 46 رقم (19)، والرافعي في (التدوين) 4: 162،

الحكم على الإسناد

وابن الجوزي في (الموضوعات) 1: 96، وابن البناء في (فضل التهليل وثوابه الجزيل) رقم (18)، كلهم من طريق الأغلب، به، بنحوه. ولفظ البيهقي مختصر. وعزاه في (الدر المنثور) 12: 687 إلى: يوسف القاضي في (سننه)، وأبي الحسن القطان في (الطوالات)، وابن المنذر، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: موضوع، لحال عبد الرحمن العمري، وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن حفص العمري، أبو القاسم المدني (ق). قال أحمد: ليس بشيء، حديثه أحاديث مناكير، كان كذابا. وقال أبو حاتم: متروك الحديث، كان يكذب. وفي التقريب: متروك. مات سنة 186 هـ. ينظر: الجرح والتعديل 5: 253، تهذيب الكمال 17: 234، التقريب ص 344. وفيه أيضا: 1 - المقال في أغلب بن تميم، وهو أغلب بن تميم بن النعمان الكندي. قال البخاري: منكر الحديث. وقال ابن معين: ليس بشيء. وقال ابن حبان: منكر الحديث، يروي عن الثقات ما ليس من حديثهم حتى خرج عن حد الاحتجاج به لكثرة خطئه. ينظر: التاريخ الكبير 2: 70، الجرح والتعديل 2: 349، المجروحين 1: 175، اللسان 1: 583. 2 - المقال في شيخه مخلد، وهو مخلد أبو الهذيل العنبري البصري. ذكره العقيلي، وابن أبي حاتم، ونسباه (العبدي)، ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا. وفي الرواة: مخلد بن عبد الواحد، أبو الهذيل البصري، أفرده الحافظ في (اللسان) بترجمة، ثم أشار إليه في ترجمة المذكور أعلاه، وقال: الذي يظهر أنه هو.

وقال ابن حبان -في ابن عبد الواحد-: منكر الحديث جدا، ينفرد بأشياء مناكير لا تشبه حديث الثقات، فبطل الاحتجاج به فيما وافقهم من الروايات. ينظر: الضعفاء الكبير 4: 231، الجرح والتعديل 8: 349، المجروحين 3: 43، اللسان 6: 9، 11. 3 - ضعف عبد الله بن عمر العمري من جهة حفظه، وهو عبد الله بن عمر بن حفص ابن عاصم بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي، أبو عبد الرحمن العمري المدني (م 4). قال أحمد: كان يزيد في الأسانيد ويخالف، وكان رجلاً صالحاً. وقال البخاري: ذاهب لا أروي عنه شيئاً. وضعفه ابن المديني وابن معين والنسائي. وقال الترمذي: ضعفه بعض أهل الحديث من قبل حفظه، وقال: ليس هو بالقوي عند أهل الحديث وهو صدوق، وقد تكلم فيه يحيى بن سعيد من قبل حفظه. وقال ابن حبان: كان ممن غلب عليه الصلاة والعبادة، حتى غفل عن ضبط الأخبار وجودة الحفظ للآثار، فوقع المناكير في رواياته، فلما فحش خطؤه؛ استحق الترك. وقال يعقوب بن شيبة: ثقة صدوق، وفي حديثه اضطراب ويزيد في الأسانيد كثيراً. وقال ابن عدي: لا بأس به في رواياته، صدوق. وقال البزار: قد احتمل أهل العلم حديثه. وقال الخليلي: ثقة غير أن الحفاظ لم يرضوا حفظه. وذكره ابن شاهين في الثقات. وقال الذهبي: صدوق في حفظه شيء. وفي التقريب: ضعيف عابد. أخرج حديثه الأربعة، ومسلم مقروناً بغيره في كتاب الحدود (1686)، والأدب (2132) وفي الموضعين كليهما يروي عن نافع، وقد سئل ابن معين: عبد الله العمري ما حاله في نافع؟ قال: صالح ثقة.

فالظاهر مما سبق أنه صدوق صالح، مرضي من جهة العدالة والدين، غير مرضي من جهة الحفظ والضبط، والله أعلم. ينظر: جامع الترمذي الأحاديث: (113) (347) (1891) (2185)، كتاب الضعفاء والمتروكين للنسائي ص 199، الكامل 4: 141، المجروحين 2: 6، تاريخ أسماء الثقات لابن شاهين ص 151، الإرشاد للخليلي 1: 193، تهذيب الكمال 15: 327، الميزان 2: 465، تهذيب التهذيب 3: 212، التقريب ص 314، ذكر أسماء من تكلم فيه وهو موثق ص 112. 4 - الانقطاع بين عبد الله بن عمر، وبن عثمان -رضي الله عنه-، فإن عبد الله بن عمر العمري من طبقة أتباع التابعين. قال النسائي -كما في اللسان 6: 11 - : لا يعرف هذا من وجه يصح، وما أشبهه بالوضع. وقال ابن الجوزي في (الموضوعات) 1: 97: "هذا حديث لا يصح .. وهذا الحديث من الموضوعات الباردة التي لا تليق بمنصب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأنه منزه عن الكلام الركيك، والمعنى البعيد". وأورده المنذري في (الترغيب والترهيب) 1: 262، وقال: "رواه ابن أبي عاصم، وأبو يعلى، وابن السني، وهو أصلحهم إسنادا، وغيرهم، وفيه نكارة، وقد قيل فيه: موضوع، وليس ببعيد". وقال الذهبي في (الميزان) 4: 85: "هذا موضوع فيما أرى". وقال ابن كثير في تفسيره 7: 112: "غريب، وفيه نكارة شديدة". وجاء من وجه آخر، وذلك فيما أخرجه الحارث بن أبي أسامة في مسنده 2: 946 رقم (1050) قال: حدثنا عبد الرحمن بن واقد، ثنا حفص بن عبد الله الإفريقي، ثنا حكيم بن نافع، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أيى هريرة -رضي الله عنه- قال: سئل عثمان بن عفان -رضي الله عنه- عن مقاليد السموات والأرض؟ فقال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (سبحان الله، والحمد لله، ولا

إله إلا الله؛ مقاليد السموات والأرض، ولا حول ولا قوة إلا بالله؛ من كنوز العرش، وأما (أبو جاد)؛ فالباء بهاء الله، والجيم جمال الله، والدال دين الله الذي ارتضاه لنفسه ولملائكته وأنبيائه ورسله وصالح خلقه وأما (هوز) فالهاء هوان أهل النار، وأما الزاي فزفير جهنم على أعداء الله وأهل المعاصي، وأما (حطي) فحطت عن المذنبين خطاياهم بالاستغفار، وأما (كلمن) فالكاف كمال أهل الجنة حين قالوا: الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العملين، وأما النون فالسمكة التي يأكلون من كبدها قبل دخولهم الجنة، وأما (صعفص) فصاع بصاع، وقص بقص، كما تدين تدان، وأما (قرشت) فعرضوا للحساب). وأورده في (الدر المنثور) 12: 689 إلى قوله: (من كنوز العرش)، وزاد عزوه إلى ابن مردويه. وشيخ الحارث، الأقرب أنه عبد الرحيم بن واقد، والحارث معروف بالرواية عنه، وقال عنه الخطيب في (تاريخ بغداد) 11: 85: "في حديثه غرائب ومناكير، لأنها عن الضعفاء والمجاهيل" وينظر: اللسان 4: 10. وفي السند من لم أعرفه. ولفظه ظاهر النكارة، وبعيد من مشكاة النبوة. والحديث الأصل أورده ابن عراق في (تنزيه الشريعة) 1: 192، وقال في معرض كلامه عليه: "رأيت عن فتاوى الحافظ ابن حجر أنه قال: عندي أنه منكر من جميع طرقه". *****

(216)

قال تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ} [الزمر: 68]. (216) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (سألت جبريل عليه الصلاة والسلام عن هذه الآية: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} من الذين لم يشأ الله تعالى أن يصعقهم؟ قال: هم الشهداء؛ يتقلدون أسيافهم حول عرشه، تتلقاهم ملائكة يوم القيامة إلى المحشر بنجائب من ياقوت نمارها ألين من الحرير، مد خطاها مد أبصار الرجال، يسيرون في الجنة يقولون عند طول النزهة: انطلقوا بنا إلى ربنا لننظر كليف يقضي بين خلقه، يضحك اليهم إلهي، وإذا ضحك إلى عبد في موطن فلا حساب عليه). تخريجه: أخرجه أبو يعلى في مسنده الكبير، كما في (المطالب العالية) 4: 150 رقم (3714) قال: حدثنا يحيى بن معين، حدثنا أبو اليمان، حدثنا إسماعيل بن عياش، عن عمر بن محمد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه ابن أبي الدنيا في (صفة الجنة) رقم (242)، والواحدي في (الوسيط) 3: 593 من طريق إسماعيل بن عياش، به، بنحوه. ولفظ الواحدي مختصر بذكر أوله. وأخرجه الحاكم في (المستدرك) 2: 253 من طريق عمر بن محمد، به، مختصرا. وعزاه في (الدر المنثور) 12: 699 إلى: الدارقطني في (الأفراد)، وابن المنذر، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: حديث إسماعيل بن عياش عن الحجازيين لا يحتج به، وحديثه عن الشاميين صالح من قبيل الحسن، وشيخه هنا عمر بن محمد؛ مدني نزيل عسقلان، فهل سمع إسماعيل الحديث منه في الحجاز أو في الشام؟ الله أعلم. وسبق الكلام على إسماعيل في الحديث رقم (65). وأورده ابن كثير من هذا الوجه في تفسيره 7: 118 وقال: "رجاله كلهم ثقات، إلا شيخ إسماعيل بن عياش، فإنه غير معروف".

المتابعات

قلت: شيخ إسماعيل: عمر بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي المدني، نزيل عسقلان. (خ م د س ق). ثقة، مات قبل سنة 150 هـ. ينظر: تهذيب الكمال 21: 499، التقريب ص 417. المتابعات: تابع إسماعيل بن عياش: أبو أسامة، حماد بن أسامة. أخرجه الحاكم 2: 253 قال: حدثنا علي بن عيسى بن إبراهيم، حدثنا الحسين بن محمد القباني، حدثنا أبو بكر، وعثمان ابنا أبي شيبة، قالا: حدثنا أبو أسامة، عن عمر بن محمد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه سأل جبريل -عليه السلام- عن هذه الآية: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} من الذين لم يشأ الله أن يصعقهم؟ قال: (هم شهداء الله عز وجل). قال الحاكم: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. وقال الذهبي: صحيح على شرط البخاري ومسلم. وقال ابن حجر في (إتحاف المهرة) 14: 399: "هو على شرطهما". علي بن عيسى بن إبراهيم؛ لم أقف على ترجمته. لكن الحديث أشار إليه ابن حجر في الفتح 11: 378 وقال: "صححه الحاكم، ورواته ثقات". والحسين بن محمد القباني؛ ثقة حافظ مصنف. التقريب ص 168. وحماد بن أسامة؛ ثقة ثبت. وهو أرجح بكثير من إسماعيل بن عياش، الذي في سياق حديثه شيء من الغرابة. الحكم على الحديث: صحيح بالسياق الأخير الذي في المستدرك، والله أعلم. *****

(217)

(217) عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} فقيل: من هؤلاء الذين استثنى الله يا رسول الله؟ قال. (جبرائيل، وميكائيل، وملك الموت، فإذا قبض أرواح الخلائق، قال: با ملك الموت، من بقي؟ -وهو أعلم- قال: يقول: سبحانك تباركت ربي ذا الجلال والإكرام، بقي جبريل، وميكائيل، وملك الموت، قال: يقول: يا ملك الموت، خذ نفس ميكائيل، قال: فيقع كالطود العظيم، قال: ثم يقول: يا ملك الموت، من بقي؟ فيقول: سبحانك ربي يا ذا الجلال والإكرام، بقي جبريل، وملك الموت، قال: فيقول: يا ملك الموت، مت، قال: فيموت، قال: ثم يقول: يا جبربل، من بقي؟ قال: فيقول جبربل: سبحانك ربي يا ذا الجلال والإكرام، بقي جبريل، وهو من الله بالمكان الذي هو به، قال: فيقول: يا جبريل، لابد من موتة، قال: فيقع ساجدا يخفق بجناحيه يقول: سبحانك ربي تباركت وتعاليت يا ذا الجلال والإكرام، أنت الباقي، وجبربل الميت الفاني، قال: ويأخذ روحه في الحلقة التي خلق منها، قال: فيقع على ميكائيل أن فضل خلقه على خلق ميكائيل، كفضل الطود العظيم على الظرب من الظراب). تخريجه: أخرجه الطبري 20: 254 قال: حدثني هارون بن إدريس الأصم، قال: ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، قال: ثنا محمد بن إسحاق، قال: ثنا الفضل بن عيسى، عن عمه يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- .. فذكره. وعزاه في (الدر المنثور) 12: 700 إلى: الفريابي، وأبي نصر السجزي في (الإبانة)، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف، لما يأتي:

1 - الفضل بن عيسى بن أبان الرقاشي، أبو عيسى البصري الواعظ. (ق) منكر الحديث، ورمي بالقدر. وسبق في الحديث رقم (205). 2 - يزيد بن أبان الرقاشي، أبو عمرو البصري. (بخ ت ق). ضعيف، وتركه بعضهم. وقال شعبة: لأن أزني أحب إليّ من أن أحدث عن يزيد الرقاشي. مات قبل سنة 120 هـ. ينظر: تهذيب الكمال 32: 64، التقريب ص 599. وشيخ الطبري: هارون بن إدريس الأصم؛ لم أقف على ترجمته. والحديث ضعفه ابن حجر في الفتح 11: 378. *****

سورة غافر

سورة غافر قال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: 60]. (218) عن النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن الدعاء هو العبادة، ثم قرأ: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}). تخريجه: أخرجه أحمد 4: 271 قال: حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن ذر، عن يسيع الكندي، عن النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- .. فذكره. وأخرجه أحمد أيضا 4: 267، 276، وأبو داود (1479) في الصلاة: باب الدعاء، والترمذي (3372) في الدعوات: باب مما جاء في فضل الدعاء، وابن ماجه (3828) في الدعاء: باب فضل الدعاء، والطيالسي في مسنده 2: 147 رقم (838)، وابن أبي شيبة في المصنف 6: 21 رقم (29167)، والبخاري في (الأدب المفرد) ص 249 رقم (714) والطبري في تفسيره 20: 352، وابن حبان في صحيحه كما في الإحسان 3: 172 رقم (890)، والطبراني في (المعجم الصغير) 2: 208 رقم (1041)، وفي (الدعاء) 2: 786 - 788 رقم (1 - 7)، والحاكم في المستدرك 1: 491، وغيرهم من طرق عن ذر، به، بنحوه. الحكم على الإسناد: صحيح. قال عنه الترمذي: حديث حسن صحيح. وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. وأقره الذهبي. ذر هو ابن عبد الله بن زرارة الهمداني، أبو عمر الكوفي. (ع) ثقة عابد، مات قبل المائة. ينظر: تهذيب الكمال 8: 511، التقريب ص 203.

ويسيع هو ابن معدان الحضرمي، ويقال: الكندي، الكوفي. (بخ 4). قال علي بن المديني: معروف. وقال النسائي: ثقة. وذكره ابن حبان في (الثقات). ووثقه الناقد ابن حجر. ينظر: الجرح والتعديل 9: 313، الثقات 5: 558، تهذيب الكمال 32: 306، تذهيب التهذيب للذهبي 10: 115، التقريب ص 607. *****

سورة فصلت

سورة فصلت قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} [فصلت: 30]. (219) عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قرأ: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} قال: (قد قال الناس ثم كفر أكثرهم، فمن مات عليها فهو ممن استقام). تخريجه: أخرجه الترمذي (3250) في التفسير: باب ومن سورة حم السجدة، قال: حدثنا أبو حفص عمرو بن علي الفلاس، حدثنا أبو قتيبة سلم بن قتيبة، حدثنا سهيل بن أبي حزم القطعي، حدثنا ثابت البناني، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه ابن أبي عاصم في (السنة) 1: 15 رقم (20)، والنسائي في الكبرى 10: 247 رقم (11406)، وأبو يعلى في مسنده 6: 213 رقم (3495)، والطبري في تفسيره 20: 422، وابن عدي في (الكامل) 3: 450، من طريق سلم بن قتيبة، به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 13: 103 إلى: ابن أبي حاتم، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف، لحال سهيل بن أبي حزم، وهو القطعي، أبو بكر البصري. (4) قال أحمد بن حنبل: روى عن ثابت أحاديث منكرة. وقال البخاري: منكر الحديث. وقال أبو حاتم: ليس بالقوي، يكتب حديثه، ولا يحتج به. وفي التقريب: ضعيف. ينظر: (الضعفاء الصغير) للبخاري ص 58، الجرح والتعديل 4: 247، تهذيب الكمال 12: 217، التقريب ص 259. قال الترمذى: "هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه". *****

سورة الشورى

سورة الشورى قال تعالى: {ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ} [الشورى: 23]. (220) عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا أسألكم على ما أتيتكم به من البينات والهدى أجرا، إلا ان تودوا الله، وأن تقربوا إليه بطاعته). تخريجه: أخرجه أحمد 1: 268 قال: حدثنا حسن بن موسى، حدثنا قزعة يعني ابن سويد، حدثني عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس .. فذكره. وأخرجه ابن أبي حاتم 10: 3276 رقم (18474)، والطبراني في الكبير 11: 90 رقم (11144)، والحاكم 2: 443 من طريق قزعة، به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 13: 147 إلى ابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف، لحال قزعة، وهو قزعة بن سويد بن حجير بن بيان الباهلي، أبو محمد البصري. (ت ق) ضعفه ابن معين، وأبو داود، والنسائي، وغيرهم. وقال أحمد: مضطرب الحديث. ينظر: تهذيب الكمال 23: 593، التقريب ص 455. وأما ما ذكر من تدليس ابن أبي نجيح، عن مجاهد؛ فقد أبان ابنُ حبان الواسطة في ذلك، فقال -في كتابه (مشاهير علماء الأمصار) 1: 146 - : "ما سمع التفسير عن مجاهد أحد غير القاسم بن أبي بزة، نظر الحكم بن عتيبة، وليث بن أبى سليم، وابن أبي نجيح، وابن جريج، وابن عيينة، في كتاب القاسم، ونسخوه، ثم دلسوه عن مجاهد". قلت: والقاسم؛ ثقة، أخرج حديثه الجماعة. ينظر: التقريب ص 449. وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. وأقره الذهبي. *****

(221)

(221) عن طاووس، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه سئل عن قوله: {إِلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} فقال سعيد بن جبير: قربى آل محمد -صلى الله عليه وسلم-، فقال ابن عباس: عجلت إن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يكن بطن من قريش الا كان له فيهم قرابة فقال: (إلا أن تصلوا ما بيني وبينكم من القرابة). تخريجه: أخرجه البخاري (4818) في التفسير: باب قوله تعالى: {إِلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}، والترمذي (3251) في التفسير: باب ومن سورة حم- عسق، وأحمد 1: 286، والطبري 20: 495، من طريق شعبة، عن عبد الملك بن ميسرة، قال: سمعت طاووسا، به، بنحوه. وورد هذا الحديث عن ابن عباس -رضي الله عنهما- من طرق، منها: 1 - ما رواه الطبراني في الكبير 11: 435 رقم (12233) قال: حدثنا هاشم بن مرثد الطبراني، وجعفر القلانسي، قالا: ثنا آدم بن أبي إياس، ثنا شريك، عن خصيف، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا أسألكم عليه أجرا إلا أن تؤدوني في نفسي لقرابتي منكم، وتحفظوا القرابة التي بيني وبينكم). وعزاه في (الدر المنثور) 13: 145 إلى: ابن أبي حاتم، وابن مردويه. شريك؛ هو ابن عبد الله النخعي، أبو عبد الله الكوفي القاضي. صدوق يخطىء كثيراً، تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة، وكان عادلاً فاضلاً عابداً. توفي سنة 177 هـ، وأخرج له مسلم في المتابعات والأربعة. ينظر: تهذيب الكمال 12: 462، السير 8: 200، ميزان الاعتدال 2: 270، التقريب ص 266. وخصيف؛ هو ابن عبد الرحمن الجزري، صدوق، سيء الحفظ، خلط بأخرة. ينظر: تهذيب الكمال 257: 8، التقريب ص 193. 2 - ما رواه الطبري 20: 495، والطبراني في الكبير 12: 254 رقم (13026)، من طريق عبد الله بن صالح، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس

في قوله: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} قال: كان لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- قرابة في جميع قريش، فلما كذبوه وأبوا أن يتابعوه، قال: (يا قوم، أرأيتم إذا أبيتم أن تتابعوني فاحفظوا قرابتي فيكم، ولا يكون غيركم من العرب أولى بحفظي ونصرتي عنكم). وعزاه في (الدر المنثور) 13: 146 إلى: ابن أبي حاتم، وابن المنذر، وابن مردويه. علي بن أبي طلحة؛ أرسل عن ابن عباس، ولم يره. ينظر: التقريب ص 402. وعبد الله بن صالح؛ صدوق كثير الغلط، ثبت في كتابه، وكانت فيه غفلة. وسبق في الحديث رقم (174). 3 - ما رواه الطبري في تفسيره 20: 496 قال: حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} يعني محمدا -صلى الله عليه وسلم- قال لقريش: (لا أسالكم من أموالكم شيئا، ولكن أسألكم أن لا تؤذوني لقرابة ما بيني وبينكم، فإنكم قومي وأحق من أطاعني وأجابني). وعزاه في (الدر المنثور) 13: 147 إلى ابن مردويه. محمد بن سعد؛ هو ابن محمد بن الحسن بن عطية العوفي. كان لينا في الحديث. ينظر: اللسان 5: 179. وأبوه سعد، قال فيه أحمد: لم يكن ممن يستأهل أن يكتب عنه، ولا كان موضعا لذاك. ينظر: تاريخ بغداد 9: 126، اللسان 3: 23. وعمه، الحسين بن الحسن بن عطية العوفي، ضعفه غير واحد من أهل العلم. ينظر: الجرح والتعديل 3: 48، اللسان 2: 318. وأبوه؛ الحسن بن عطية العرفي، ضعيف. ينظر: التقريب ص 162. *****

(222)

قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: 30]. (222) عن علي -رضي الله عنه- قال: ألا أخبركم بأفضل آية في كتاب الله تعالى، حدثنا بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ({وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}، وسأفسرها لك يا علي: ما أصابكم من مرض، أو عقوبة، أو بلاء في الدنيا، فبما كسبت أيديكم، والله تعالى أكرم من أن يثني عليهم العقوبة في الآخرة، وما عفا الله تعالى عنه في الدنيا، فالله تعالى أحلم من أن يعود بعد عفوه). تخريجه: أخرجه أحمد 1: 85 قال: حدثنا مروان بن معاوية الفزاري، أنبأنا الأزهر بن راشد الكاهلي، عن الخضر بن القواس، عن أبي سخيلة، قال: قال علي -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه أبو يعلى في مسنده 1: 351 رقم (453) و1: 453 رقم (608)، والدولابي في (الكنى) 2: 574 رقم (1031)، والمزي في (تهذيب الكمال) 8: 262، من طريق مروان بن معاوية، به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 13: 162 إلى: ابن منيع، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف، لما يأتي 1 - أزهر بن راشد الكاهلي. قال يحيى بن معين: ضعيف. وقال أبو حاتم، والذهبي: مجهول. وفي التقريب: ضعيف. ينظر: الجرح والتعديل 2: 313، تهذيب الكمال 2: 322، الميزان 1: 171 التقريب ص 97. 2 - الخضر بن القواس البجلي. ذكره ابن حبان في (كتاب الثقات). وقال أبو حاتم، والذهبي، وابن حجر: مجهول. ينظر: الجرح والتعديل 3: 398، الثقات 6: 276، تهذيب الكمال 8: 261، الميزان 1: 655، التقريب ص 193.

المتابعات

3 - أبو سُخيلة، غير منسوب، ولا مسمى. قال أبو زرعة: لا أعرف اسمه. وقال الذهبي: يكتب حديثه. وقال ابن حجر: مجهول. ينظر: الجرح والتعديل 9: 388، تهذيب الكمال 33: 341، المغني للذهبي 2: 786، التقريب ص 643. فهؤلاء ثلاثة مجاهيل على نسق. وأورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 7: 104، وقال: "رواه أحمد، وأبو يعلى .. وفيه: أزهر بن راشد، وهو ضعيف". المتابعات: ورد هذا الحديث عن علي -رضي الله عنه- من طرق، منها: 1 - ما رواه إسحاق بن راهويه في مسنده -كما في (المطالب العالية) 4: 151 رقم (1/ 3716) -، قال: أخبرنا عيسى بن يونس، عن إسماعيل بن عبد الملك بن أبي الصفير المكي، عن يونس بن خباب، عن علي -رضي الله عنه- .. فذكره بنحوه. عيسى بن يونس؛ هو ابن أبي إسحاق السبيعي. ثقة مأمون، أخرج حديثه الجماعة. ينظر: تهذيب الكمال 23: 62، التقريب ص 441. وإسماعيل؛ صدوق كثير الوهم، يعتبر بحديثه، ولا يحتج به. ينظر: تهذيب الكمال 3: 141، التقريب ص 108. ويونس بن خباب؛ قال فيه أبو حاتم: مضطرب الحديث، ليس بالقوي. وقال البخاري: منكر الحديث. ينظر: تهذيب الكمال 32: 503، التقريب ص 613. ولم يثبت له لقاء أحد من الصحابة، ففيه انقطاع بينه، وبين علي -رضي الله عنه-. 2 - ما رواه إسحاق بن راهويه في مسنده -كما في (المطالب العالية) 4: 152 رقم (2/ 3716) -، قال: أخبرنا يزيد بن أبي حكيم العدني، ثنا الحكم بن أبان، قال: سمعت

ذباب بن مرة يقول: بينما علي -رضي الله عنه- مع أصحابه يحدثهم، إذ قال لهم: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .. فذكره مختصرا. يزيد العدني، صدوق، أخرج له البخاري في الصحيح. ينظر: تهذيب الكمال 32: 107، التقريب ص 600. والحكم بن أبان، ثقة، وله أوهام، وسبق في الحديث رقم (188). وذباب بن مرة، ذكره ابن حبان في (الثقات)، وابن أبي حاتم، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. ينظر: الجرح والتعديل 3: 453، الثقات4: 223. 3 - عن أبي جحيفة السوائي -رضي الله عنه- قال: (دخلنا على علي -رضي الله عنه- فقال: ألا أحدثكم عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حديثا بنبغي للمؤمنين أن يعوه؟ قلنا: بلى يا أمير المؤمنين، قال: فحدثنا، فلما خرجنا نسيناه، قال: فعدنا إليه، فقرأ هذه الآية: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} ما عاقب الله عليه من ذنب في الدنيا فالله عز وجل أحلم من أن يثني عليه العذاب في الآخرة، وما عفا الله عنه من ذنب في الدنيا فالله كرم من أن يعود في عفوه). أخرجه عبد بن حميد 1: 126 رقم (87 - المنتخب)، من طريق ثابت الثمالي، عن أبي إسحاق، عن أبي جحيفة السوائي، به. وأخرجه البزار 2: 126 رقم (483 - البحر الزخار) من طريق الثمالي، به، لكنه موقوف على علي -رضي الله عنه-. وثابت الثمالي، ضعيف رافضي، كما في التقريب ص 132 وأخرجه الترمذي (2626)، وابن ماجه (2604)، وأحمد 1: 99، 159، والبزار (482 - البحر الزخار)، والدارقطني 3: 215، والحاكم 2: 445، من طريق يونس بن أبي إسحاق، عن أبي إسحاق، به، بنحوه، دون ذكر الآية. وقال الترمذي: حسن غريب. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخن، ولم يخرجاه. وأقره الذهبي.

الحكم على الحديث

ويونس، متكلم في روايته عن أبيه. ينظر: تهذيب الكمال 32: 491. الحكم على الحديث: لعل الحديث بما سبق يترقى إلى الحسن لغيره، والله أعلم. على أن قضية تكفير السيئات بما يصيب الإنسان في الدنيا من مصائب؛ ثابتة في عدة أحاديث، منها: 1 - عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال -وحوله عصابة من أصحابه-: (بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوا في معروف، فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب في الدنيا فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئا ثم ستره الله، فهو إلى الله، إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه) فبايعناه على ذلك. أخرجه البخاري (18) في الإيمان: باب علامة الإيمان حب الأنصار، ومسلم (1709) في الحدود: باب الحدود كفارات لأهلها. 2 - عن عائشة -رضي الله عنهما- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ما من مصيبة تصيب المسلم الا كفر الله بها عنه حتى الشوكة يشاكها). أخرجه البخاري (5640) في المرضى: باب ما جاء في كفارة المرض، ومسلم (2572) في البر والصلة: باب ثواب المؤمن فيما يصيبه. 3 - عن أبي سعيد الخدري، وأبي هريرة -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حنى الشوكة يشاكها الا كفر الله بها من خطاياه). أخرجه البخاري (5642) في المرضى: باب ما جاء في كفارة المرض، ومسلم (2573) في البر والصلة: باب ثواب المؤمن فيما يصيبه. *****

سورة الزخرف

سورة الزخرف قال تعالى: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الزخرف: 72]. (223) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ما من أحد إلا وله منزل في الجنة، ومنزل في النار، فالكافر يرث المؤمن منزله من النار، والمؤمن يرث الكافر منزله في الجنة وذلك قوله تعالى: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (72)}). تخريجه: أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره -كما في تفسير ابن كثير 7: 240 - قال: حدثنا الفضل بن شاذان المقرىء، حدثنا يوسف بن يعقوب -يعني الصفار-، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- .. فذكره. وعزاه في (الدر المنثور) 13: 237 إلى ابن مردويه. الحكم على الإسناد: إسناده حسن. أبو بكر بن عياش بن سالم الأسدي الكوفي الحناط المقرىء. (خ مق 4) وثقه ابن معين، والعجلي. وقال أحمد: ثقة، وربما غلط. وقال أبو زرعة: في حفظه شيء. وقال الذهبي -في الميزان-: صالح الحديث. وفي التقريب: ثقة عابد، إلا أنه لما كبر ساء حفظه، وكتابه صحيح. ومات سنة 193 هـ. ينظر: العلل لابن أبي حاتم 3: 433 رقم (2509)، الجرح والتعديل 9: 348، تهذيب الكمال 33: 129، الكاشف 2: 412، الميزان 4: 499، التقريب ص 624. المتابعات: تابع أبا بكر بن عياش: أبو معاوية الضرير. أخرجه ابن ماجه (4341) في الزهد: باب صفة الجنة، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وأحمد بن سنان، قالا: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي

الحكم على الحديث

هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ما منكم من أحد إلا له منزلان؛ منزل في الجنة، ومنزل في النار، فإذا مات فدخل النار؛ ورث أهل الجنة منزله، فذلك قوله تعالى: {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ}. وسنده صحيح، وسلف برقم (176). الحكم على الحديث: صحيح. *****

سورة الدخان

سورة الدخان قال تعالى: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ} [الدخان: 29]. (224) عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ما من مؤمن إلا وله بابان؛ باب يصعد منه عمله، وباب ينزل منه رزقه، فإذا مات بكيا عليه، فذلك قوله عز وجل: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ}). تخريجه: أخرجه الترمذي (3255) في التفسير: باب ومن سورة الدخان، قال: حدثنا الحسين ابن حريث، حدثنا وكيع، عن موسى بن عبيدة، عن يزيد بن أبان، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه أبو يعلى في مسنده 7: 160 رقم (4133)، وأبو نعيم في (الحلية) 3: 53، والخطيب في (تاريخ بغداد) 11: 212، من طريق يزيد بن أبان، به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 13: 273 إلى ابن أبي الدنيا في (ذكر الموت) -ولم أجده فيه-، وابن أبي حاتم، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف، لما يأتي: 1 - موسى بن عبيدة بن نشيط بن عمرو الربذي، أبو عبد العزيز المدني. (ت ق) قال أحمد: لا تحل الرواية عنه، قيل له: فإن سفيان يروي عنه، ويروي شعبة عنه يقول: حدثنا أبو عبد العزيز الربذي، قال: لو بان لشعبة ما بان لغيره ما روى عنه. وقال عنه أيضاً: منكر الحديث. وقال أيضاً: موسى بن عبيدة؛ لا يشتغل بما وذلك أنه يروي عن عبد الله بن دينار شيئاً لا يرويه الناس.

المتابعات

وقال أبو حاتم: منكر الحديث. وضعفه ابن معين، وابن المديني، والترمذي، والنسائي، وغيرهم. وقال الحافظ: ضعيف، ولاسيما في عبد الله بن دينار. مات سنة 153 هـ. ينظر: الجرح والتعديل 8: 151، سنن الترمذي رقم (3039)، الضعفاء الكبير للعقيلي 4: 160، المجروحين 2: 234، الكامل 6: 333، تهذيب الكمال 29: 104، الميزان 4: 213، الكاشف 2: 306، التقريب ص 552. 2 - يزيد بن أبان الرقاشي، أبو عمرو البصري. (بخ ت ق) ضعيف، وتركه بعضهم، وقال شعبة: لأن أزني أحب إليّ من أن أحدث عن يزيد الرقاشي. مات قبل سنة 120 هـ. وسبق في الحديث رقم (217). المتابعات: تابع موسى بن عبيدة: صفوان بن سليم. أخرجه أبو نعيم في (الحلية) 3: 53، من طريق إبراهيم بن مهاجر بن مسمار، قال: ثنا صفوان بن سليم، عن يزيد بن أبان، به، بنحوه. وصفوان بن سليم، ثقة، أخرج حديثه الجماعة. (التقريب ص 276). لكن الراوي عنه: إبراهيم بن مهاجر بن مسمار؛ ضعيف. (التقريب ص 94). ولم أقف على من تابع يزيد بن أبان. الحكم على الحديث: ضعيف. قال أبو عيسى الترمذي: "هذا حديث غريب، لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه، وموسى بن عبيدة، ويزيد بن أبان الرقاشي، يضعفان في الحديث". *****

(225)

(225) عن شريح بن عبيد الحضرمي، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن الإسلام بدأ غريبا، وسيعود غريبا، ألا لا غربة على المؤمن، ما مات مؤمن في غربة غابت عنه فيها بواكيه إلا بكت عليه السماء والأرض، ثم قرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ})، ثم قال: (إنهما لا يبكيان من الكافر). تخريجه: أخرجه الطبري 21: 43 قال: حدثنا يحيى بن طلحة، قال: ثنا عيسى بن يونس، عن صفوان بن عمرو، عن شريح بن عبيد الحضرمي .. فذكره. وعزاه في (الدر المنثور) 13: 275 إلى ابن أبي الدنيا. الحكم على الإسناد: ضعيف، لإرساله، وشيخ الطبري: يحيى بن طلحة؛ لم أتبينه، وفي هذه الطبقة: يحيى بن طلحة اليربوعي، فإن كان هو؛ فهو لين الحديث، وإلا فلم أعرفه. تنظر ترجمة اليربوعي في: الجرح والتعديل 9: 160، تهذيب الكمال 31: 388، التقريب ص 592. *****

(226)

قال تعالى: {إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (43) طَعَامُ الْأَثِيمِ (44) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ} [الدخان: 43 - 45]. (226) عن أبي سعيد -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: {كَالْمُهْلِ} قال: (كعكر الزيت، فإذا قرب إليه؛ سقطت فروة وجهه فيه). سبقت دراسته برقم (147). *****

سورة الأحقاف

سورة الأحقاف قال تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [الأحقاف: 4]. (227) عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- {أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ}، قال: (الخط). تخريجه: أخرجه أحمد 1: 226 قال: حدثنا يحيى، عن سفيان، حدثنا صفوان بن سليم، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن ابن عباس .. فذكره. قال سفيان: لا أعلمه إلا عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. وأخرجه الطبراني في الكبير 10: 363 رقم (10725)، وفي الأوسط 1: 90 رقم (269)، والقطيعي في جزء (الألف دينار) ص 412 رقم (271)، وابن عساكر في (تاريخ دمشق) 51: 30، من طريق صفوان بن سليم، به، بنحوه. وفي رواية أحمد: (أو أَثَرَة من علم)، وهي قراءة ابن مسعود -رضي الله عنه-، وأبي رزين، وأيوب السختياني، ويعقوب الحضرمي. وقراءة السبعة: (أثارة) بألف بعد الثاء. ينظر: (زاد المسير) لابن الجوزي 7: 369. ولفظ الطبراني: عن ابن عباس، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه سئل عن الخط، فقال: (هو أثارة من علم). ووقع في جزء القطيعي نسبة سفيان، وأنه الثوري، لأن يحيى بن سعيد يروي عن السفيانين كليهما، كما أنهما يرويان عن صفوان بن سليم (¬1). وعزاه في (الدر المنثور) 13: 311 إلى: ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: إسناده صحيح، رجاله رجال الشيخين. ¬

_ (¬1) وجاء الحديث من رواية ابن عيينة، كما أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 2: 215 قال: أنا ابن عيينة، عن صفوان بن سليم، عن عطاء بن يسار، قال: سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الخط؟ فقال: (علم علمه نبي، فمن وافق علمه علم) قال صفوان: فحدثت به أبا سلمة بن عبد الرحمن، فقال أبو سلمة: حدثت به ابن عباس، فقال: هو أثرة من علم، {ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ}.

فائدة

وورد هذا الحديث موقوفا على ابن عباس -رضي الله عنهما- من طرق، منها ما أخرجه الحاكم في (المستدرك) 2: 454 من طريق محمد بن كثير العبدي، ثنا سفيان، عن صفوان بن سليم، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- موقوفا. ثم قال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، وقد أسند عن الثوري من وجه غير معتمد. وفيما قاله نظر، فلعله يعني بعض الأوجه التي وقف عليها دون طريق الإمام أحمد. فائدة: الظاهر أن معنى الخط هنا؛ نحو ما جاء في حديث معاوية بن الحكم السلمي -رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله، إني حديث عهد بجاهلية، وقد جاء الله بالإسلام، وإن منا رجالا يأتون الكهان، قال: (فلا تأتهم)، قال: ومنا رجال يتطيرون، قال: (ذاك شيء يجدونه في صدورهم، فلا يصدنهم) قال: قلت: ومنا رجال يخطون، قال: (كلان نبي من الأنبياء يخط، فمن وافق خطه فذاك). أخرجه مسلم (537) في المساجد: باب تحريم الكلام في الصلاة، وأبو داود (930) في الصلاة: باب تشميت العاطس في الصلاة والنسائي (1218) في السهو: باب الكلام في الصلاة، وأحمد 5: 447. قال النووي في شرح مسلم 5: 23: "قوله: (ومنا رجال يخطون، قال: كان نبي من الأنبياء عليهم السلام يخط، فمن وافق خطه فذاك)؛ اختلف العلماء في معناه، فالصحيح أن معناه: من وافق خطه فهو مباح له، ولكن لا طريق لنا إلى العلم اليقيني بالموافقة فلا يباح، والمقصود: أنه حرام لأنه لا يباح إلا بيقين الموافقة، وليس لنا يقين بها، وإنما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-. فمن وافق خطه فذاك، ولم يقل: هو حرام، بغير تعليق على الموافقة، لئلا يتوهم متوهم أن هذا النهي يدخل فيه ذاك النبي الذي كان يخط، فحافظ النبي -صلى الله عليه وسلم- على حرمة ذاك النبي مع بيان الحكم في حقنا، فالمعنى أن ذلك النبي لا منع في حقه، وكذا لو علمتم موافقته، ولكن لا علم لكم بها". *****

سورة محمد

سورة محمد قال تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} [محمد: 22]. (228) عن عبد الله بن مغفل -رضي الله عنه-، قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: ({فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ}، قال: هم هذا الحي من قريش، أخذ الله عليهم ان وُلوا الناس؛ أن لا يفسدوا في الأرض، ولا يقطعوا أرحامهم). تخريجه: أخرجه الطبري في (تهذيب الآثار)، كما في (فتح الباري) 8: 445. ولم أقف على سنده، لكن ابن حجر أورده ولم يتكلم عليه، وهو صحيح أو حسن عنده، بناء على شرطه الذي بينه في المقدمة (هدي الساري) ص 6. *****

(229)

قال تعالى: {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد: 38]. (229) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تلا هذه الآية: {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} قالوا: با رسول الله؛ من هؤلاء اللين إن تولَّينا استبدلوا بنا ثم لا يكونوا أمثالنا؟ فضرب على فخذ سلمان -رضي الله عنه-، قال: (هَذَا وقومُهُ، وَلَوْ كانَ الدِّينُ عِنْدَ الثُّريا لَتنَاولَهُ رِجالٌ مِنَ الفُرْسِ). تخريجه: أخرجه الطبري 21: 234، قال: حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني مسلم بن خالد، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه أيضا 21: 233، 234، وابن أبي حاتم -كما في تفسير ابن كثير 7: 324 - ، والطبراني في (الأوسط) 8: 349 رقم (8838)، وابن حبان في صحيحه كما في الإحسان 16: 62 رقم (7123)، وأبو نعيم في (تاريخ أصبهان) 1: 2، من طرق عن مسلم بن خالد، به، بنحوه. ورواه غيرهم من طرق أخرى عن العلاء بن عبد الرحمن، به وسيأتي بيانها في سياق المتابعات -إن شاء الله-. وعزاه في (الدر المنثور) 13: 453 إلى: سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف، لحال مسلم بن خالد، وهو أبو خالد المكي، المعروف بالزنجي. (د ق) وثقه ابن معين -في رواية-. وقال ابن عدي: حسن الحديث، وأرجو أنه لا بأس به. وذكره ابن حبان في (الثقات)، وقال؛ كان يخطىء أحيانا. وقال الدارقطني: ثقة، إلا أنه سيء الحفظ. وضعفه ابن معين -في رواية-، وأبو داود، والنسائي. وقال علي بن المديني: ليس بشيء. وقال مرة: منكر الحديث. وقال البخاري: منكر الحديث. وقال أيضا: ذاهب الحديث.

المتابعات

وقال النسائي: ليس بالقوي. وقال أبو حاتم: ليس بذاك القوي، منكر الحديث، يكتب حديثه ولا يحتج به، تعرف وتنكر. وساق له الذهبي في (الميزان) بعض أحاديثه، ثم قال: "فهذه الأحاديث وأمثالها ترد بها قوة الرجل، ويضعف". وقال في (سير أعلام النبلاء): (بعض النقاد يرقي حديث مسلم إلى درجة الحسن". وقال في (المغني): "صدوق يهم". وفي التقريب: فقيه صدوق كثير الأوهام. مات سنة 179 هـ. ينظر: التاريخ الكبير 7: 260، الضعفاء الصغير للبخاري ص 110، الضعفاء والمتروكون للنسائي ص 238، الجرح والتعديل 8: 183، الثقات لابن حبان 7: 448، الكامل 6: 308، سنن الدارقطني (3: 466 - ط، الرسالة)، تهذيب الكمال 27: 508، ميزان الاعتدال 4: 103، سير أعلام النبلاء 8: 176، الكاشف 2: 258، المغني في الضعفاء 2: 655، التقريب ص 529. المتابعات: هذا الحديث أورده الحافظ ابن كثير في تفسيره 7: 324، ثم قال: "تفرد به مسلم بن خالد الزنجي، ورواه عنه غير واحد، وقد تكلم فيه بعض الأئمة". والواقع أنه لم يتفرد به، بل تابعه غيره في روايته عن العلاء بن عبد الرحمن، وممن وقفت على روايتهم: 1 - عبد الله بن جعفر بن نجيح. أخرجه الترمذي (3261) في التفسير: باب ومن سورة محمد -صلى الله عليه وسلم-، وإسماعيل بن جعفر، كما في (حديث علي بن حجر السعدي عن إسماعيل بن جعفر) رقم (257)، وأبو نعيم في (تاريخ أصبهان) 1: 3، من طرق عن عبد الله بن جعفر، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، بنحوه. وعبد الله؛ هو ابن جعفر بن نجيح السعدي، أبو جعفر المديني، والد علي بن المديني. قال فيه أبو حاتم: منكر الحديث جدا، ضعيف الحديث، يحدث عن الثقات بالمناكير، يكتب حديثه، ولا يحتج به.

وسئل علي بن المديني عن أبيه، فقال: اسألوا غيري، فقال: سألناك، فأطرق ثم رفع رأسه، وقال: هذا هو الدين، أبي ضعيف. وقال ابن عدي: عامة حديثه لا يتابعه أحد عليه، وهو مع ضعفه ممن يكتب حديثه. وفي التقريب: ضعيف. ينظر: الجرح والتعديل 5: 22، المجروحين 2: 15، الكامل 4: 179، التقريب ص 298. 2 - عبد العزيز بن محمد الدراوردي. أخرجه الحاكم في (المستدرك) 2: 459 من طريق سعيد بن منصور، ثنا عبد العزيز بن محمد، ثنا العلاء بن عبد الرحمن، به، بنحوه. وقال: حديث صحيح على شرط مسلم. وأخرجه أبو عوانة في مستخرجه -كما في (إتحاف المهرة) 15: 315 - من طريق سعيد بن منصور ونعيم بن حماد -فرقهما-، كلاهما عن عبد العزيز بن محمد، عن العلاء، به. وسبق أن سعيد بن منصور أخرجه كما عزاه إليه السيوطي في (الدر المنثور) 13: 453، فتبين بهذا سند الحديث عند سعيد بن منصور، وهذا السند على شرط مسلم. والدراوردي هذا؛ كان يوثقه مالك، وقال ابن معين: ثقة حجة، وروى عنه شعبة، وهو ممن يتثبت في الرجال ولا يروي إلا عن ثقة. وتكلم فيه بعضهم بسبب أنه كان يحدث من كتب غيره فيقع في أخطاء وأوهام. وفي التقريب: صدوق، كان يحدث من كتب غيره فيخطىء، وأخرج حديثه الجماعة. ينظر: تهذيب الكمال 18: 187، التقريب ص 358. 3 - إسماعبل بن جعفر. أخرجه البيهقي في (دلائل النبوة) 6: 334 قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقرىء، أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق، حدثنا يوسف بن يعقوب، حدثنا أبو الربيع، حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- .. فذكره بنحوه. وإسماعيل؛ هو أبو إسحاق القارىء، ثقة ثبت، وأخرج حديثه الجماعة. ينظر: التقريب ص 106.

الشواهد

قلت: وسبق أن إسماعيل بن جعفر أخرج الحديث كما في (حديث علي بن حجر السعدي عن إسماعيل بن جعفر) رقم (257)، قال: حدثني عبد الله بن جعفر بن نجيح، عن العلاء، به. وهو يروي عن العلاء مباشرة، فهل يعد هذا من قبيل المزيد في متصل الأسانيد، أم سقط من سند البيهقي ذكر: عبد الله بن جعفر بن نجيح؟ الله أعلم. 4 - شيخ من أهل المدينة. أخرجه الترمذي (3260) في التفسير: باب ومن سورة محمد -صلى الله عليه وسلم-، قال: حدثنا عبد ابن حميد، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا شيخ من أهل المدينة، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. فذكره بنحوه. وقال عقبه: هذا حديث غريب، في إسناده مقال. وهذا الشيخ مبهم. وقد ورد الحديث من غير طريق العلاء بن عبد الرحمن لكن لم يصح، فقد أخرجه أبو نعيم في (تاريخ أصبهان) 1: 5 من طريق إبراهيم بن محمد المدني، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- .. فذكره بنحوه. وإبراهيم؛ هو ابن محمد بن أبي يحيى المدني، متروك، وكذبه بعضهم. ينظر: تهذيب الكمال 2: 184، التقريب ص 93. وأخرجه أيضا 1: 3 قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، ثنا محمود بن محمد الواسطي، ثنا زكريا بن يحيى زحمويه، ثنا عبد الله بن جعفر، ثنا سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- .. بنحوه. وعبد الله بن جعفر سبق ما فيما ومن دونه فيه من لم أعرفهم. الشواهد: أما متن الحديث: (لو كان الدين -وفي لفظ: الإيمان- عند الثريا ..) فهو ثابت في الصحيحين، كما سيأتي، وأما ربطه بهذه الآية من سورة محمد -صلى الله عليه وسلم-، فقد وجدت له

الحكم على الحديث

شاهدا من حديث جابر -رضي الله عنه-، ذكره أبو نعيم في (تاريخ أصبهان) 1: 7 فقال: "وروى عبيد الله بن محمد بن سليمان، ثنا حبيب كاتب مالك، ثنا شبل بن عباد، ثنا عمرو بن دينار، عن جابر بن عبد الله، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- تلا هذه الاَية: {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ} فسئل: من هم؟ قال: (فارس، لو كان الدين بالثريا لتناوله رجال من فارس). وحبيب؛ هو ابن أبي حبيب، أبو محمد المصري، كاتب مالك، متروك، كذبه أبو داود وجماعة. ينظر: تقريب التهذيب ص 150. الحكم على الحديث: صحيح، وصححه ابن حبان، والحاكم. فائدة: هذا المتن (لو كان الإيمان عند الثريا ..) ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- على ثلاثة أوجه: 1 - مقرونا بقوله تعالى: {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد: 38]، وهو حديثنا هنا. 2 - مقرونا بقوله تعالى: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الجمعة: 3] أخرجه البخاري ومسلم، وسيأتي برقم (262). قال ابن حجر في (الفتح) 8: 511: "يحتمل أن يكون ذلك صدر عند نزول كلٍّ من الآيتين". 3 - مجردا عما سبق، أخرجه أحمد 2: 309، ومسلم رقم (2546) (230) في فضائل الصحابة: باب فضل فارس، من طريق جعفر الجزري، عن يزيد بن الأصم، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لو كان الدين عند الثريا لذهب به رجل من فارس -أو قال: من أبناء فارس- حتى يتناوله). *****

سورة الفتح

سورة الفتح قال تعالى: {إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} [الفتح: 26] (230) عن أبي بن كعب -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى} قال: (لا اله إلا الله). تخريجه: أخرجه الترمذي (3265) في التفسير: باب ومن سورة الفتح، قال: حدثنا الحسن بن قزعة البصري، حدثنا سفيان بن حبيب، عن شعبة، عن ثوير، عن أبيه، عن الطفيل بن أبي ابن كعب، عن أبيه -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه عبد الله بن أحمد في (زوائد المسند) 5: 138، وأبو يعلى في (معجم شيوخه) ص 133 رقم (142)، والطبري 21: 310، والطبراني في الكبير 1: 199 رقم (536)، وابن عدي في (الكامل) 2: 534، والبيهقي في (الأسماء والصفات) 1: 266 رقم (200)، كلهم من طريق الحسن بن قزعة، به. وعزاه في (الدر المنثور) 13: 508 إلى: الدارقطني في (الأفراد)، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف جدا، لحال ثوير، وهو ثوير بن أبى فاختة، واسمه: سعيد بن علاقة القرشي الهاشمي، أبو الجهم الكوفي. (ت) قال سفيان الثوري: كان ثوير من أركان الكذب. وقال يحيى بن معين: ليس بشيء. وقال الدارقطني: متروك. وفي التقريب: ضعيف، رمي بالرفض. ينظر: تهذيب الكمال 4: 429، التقريب ص 135.

الشواهد

قال الترمذي: "هذا حديث غريب لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث الحسن بن قزعة، قال: وسألت أبا زرعة عن هذا الحديث، فلم يعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه". الشواهد: يشهد لهذا الحديث: 1 - عن سلمة بن الأكوع -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى} قال: (لا اله الا الله). أخرجه الطبراني في (الدعاء) 3: 1530 رقم (1606) من طريق موسى بن عبيدة الربذي، عن إياس بن سلمة بن الأكوع، عن أبيه -رضي الله عنه-. وموسى بن عبيدة؛ ضعيف بالاتفاق، وسبق في الحديث رقم (224). وعزاه في (الدر المنثور) 13: 508 إلى ابن مردويه. 2 - عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى} قال: (لا إله الا الله). عزاه في (الدر المنثور) 13: 508 إلى ابن مردويه. وأخرج الطبري في تفسيره 21: 308، وابن حبان في صحيحه كما في الإحسان 1: 451 رقم (218)، والبيهقي في (الأسماء والصفات) 1: 263 رقم (196) من طريق الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا اله الا الله، فمن قال: لا اله الا الله؛ فقد عصم مني نفسه وماله إلا بحقه، وحسابه على الله، وأنزل الله في كتابه، فذكر قوما استكبروا، فقال: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ} وقال: {إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى} وهي: لا إله إلا الله، ومحمد رسول الله، استكبر عنها المشركون يوم الحديبية).

وساقه ابن كثير في تفسيره 7: 345 عن ابن أبي حاتم، من هذا الوجه، بهذه الزيادة، ثم قال: "وكذا رواه بهذه الزيادات ابن جرير من حديث الزهري، والظاهر أنها مدرجة من كلام الزهري، والله أعلم". وأصل الحديث في البخاري رقم (1400) و (2946) و (6924)، ومسلم رقم (20)، وغيرهما، دون هذه الزيادة. وأخرجه البيهقي في (الأسماء والصفات) 263: 1 رقم (195) من طريق يحيى بن صالح الوحاظي، ثنا إسحاق بن يحيى الكلبي، ثنا الزهري، حدثني سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعا، بالاقتصار على آخره: (أنزل الله في كتابه، فذكر قوما استكبروا ...). وكأنه مختصر من سابقه. وإسحاق بن يحيى الكلبي الحمصي، لا تعرف له رواية إلا عن الزهري، ولم يرو عنه سوى يحيى بن صالح الوحاظي. قال عنه محمد بن يحيى الذهلي -وهو من أعلم الناس بحديث الزهري-: مجهول. وقال الدارقطني: أحاديثه صالحة. ينظر: تهذيب الكمال 2: 492. فمثله لا يحتمل تفرده. وقد ورد تفسيرها بذلك عن عدد من الصحابة منهم: علي، وابن عباس، وابن عمر، والمسور بن مخرمة، -رضي الله عنهم-، ومن بعدهم من التابعين، والسلف الصالحين. ينظر: تفسير الطبري 21: 310 - 313، الدر المنثور 13: 508 - 511، (الأسماء والصفات) للبيهقي 1: 263 - 267. *****

(231)

قال تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ} [الفتح: 29]. (231) عن أبي بن كعب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قوله: {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} قال: (النور يوم القيامة). تخريجه: أخرجه الطبراني في الأوسط 4: 371 رقم (4464)، وفي الصغير 1: 370 رقم (619)، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن علي ابن أخي رواد بن الجراح، قال نا محمد بن أيى السري العسقلاني، قال: نا رواد بن الجراح، نا أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أبي بن كعب -رضي الله عنه- .. فذكره. وعزاه في (الدر المنثور) 13: 519 إلى ابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف، لما يلي: 1 - المقال في رواد بن الجراح، وهو الشامي، أبو عصام العسقلاني. (ق) وثقه ابن معين في رواية، وقال أحمد: لا بأس به، إلا أنه حدث عن سفيان أحاديث مناكير. وذكره ابن حبان في (كتاب الثقات)، وقال: يخطىء ويخالف. وقال البخاري: كان قد اختلط، لا يكاد أن يقوم حديثه. وقال أبو حاتم: مضطرب الحديث، تغير حفظه في آخر عمره، وكان محله الصدق. وقال النسائي: ليس بالقوي، روى غير حديث منكر، وكان قد اختلط. وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابعه الناس عليه، وكان شيخا صالحا، وفي حديث الصالحين بعض النكرة، إلا أنه ممن يكتب حديثه. وقال الدارقطني: متروك. وفي التقريب: صدوق، اختلط بأخرة فترك، وفي حديثه عن الثوري ضعف شديد. ينظر: التاريخ الكبير 3: 336، كتاب الضعفاء للنسائي ص 176، الجرح والتعديل 3: 524، الثقات 8: 246، الكامل 3: 176، تهذيب الكمال 9: 227، الميزان 2: 55، التقريب ص 211، الكواكب النيرات ص 39.

قلت: ولم يتميز اختلاطه فيضعف حديثه. 2 - المقال في محمد بن أبي السري، وهو محمد بن المتوكل بن عبد الرحمن بن حسان القرشي الهاشمي، أبو عبد الله بن أبي السري العسقلاني. (د) وثقه ابن معين. وذكره ابن حبان في (كتاب الثقات)، وقال: كان من الحفاظ. وقال أبو حاتم: لين الحديث. وقال ابن عدي: كثير الغلط. وفي التقريب: صدوق عارف، له أوهام كثيرة. مات سنة 238 هـ. ينظر: الجرح والتعديل 8: 105، الثقات 9: 88،تهذيب الكمال 26: 355، الكاشف 2: 214، التقريب ص 504. 3 - المقال في أبي جعفر الرازي، وهو مولى بني تميم، قيل: اسمه عيسى بن أبي عيسى، واسم أبي عيسى: ماهان. (بخ 4) وثقه ابن المديني، وابن عمار الموصلي. وقال يحيى بن معين: ثقة، وهو يغلط. وقال أبو حاتم: ثقة، صدوق، صالح الحديث. قال أحمد: ليس بقوي في الحديث. وقال أبو زرعة: شيخ يهم كثيرا. وقال النسائي: ليس بالقوي. وقال ابن عدي: له أحاديث صالحة مستقيمة، وقد روى عنه الناس، وأحاديثه عامتها مستقيمة، وأرجو أنه لا بأس به. وقال ابن حبان: كان ممن ينفرد بالمناكير عن المشاهير، لا يعجبني الاحتجاج بخبره إلا فيما وافق الثقات، ولا يجوز الاعتبار بروايته إلا فيما لم يخالف الأثبات. وفي التقريب: صدوق سيء الحفظ، خصوصا عن مغيرة. مات في حدود سنة 160 هـ. ينظر: الجرح والتعديل 6: 280، المجروحين 2: 120، الكامل 5: 254، تهذيب الكمال 33: 192، التقريب ص 629. ومثلهما لا يحتمل منه هذا. 4 - رواية أبي جعفر، عن الربيع بن أنس؛ فيها اضطراب كثير. قال ابن حبان في ترجمة الربيع بن أنس من (الثقات) 4: 228: الناس يتقون حديثه ما كان من رواية أبى جعفر عنه، لأن فيها اضطرابا كثيرا. قلت: وهذه منها.

وشيخ الطبراني: عبد الله بن محمد بن علي، ابن أخي رواد بن الجراح؛ هكذا وقع في المعجمين، ولم أجده هكذا، ويغلب على الظن أنه وقع فيه تصحيف، وصوابه: عبد الله بن محمد، عن محمد بن علي، ابن أخي رواد بن الجراح. والقرينة على ذلك: 1 - أنه لو كان عبد الله بن محمد بن علي، ابن أخي رواد بن الجراح فعلا، لكان جَدُّه: الجراح لا علي، فتأمل. 2 - جاء في (المعجم الصغير) 1: 366 رقم (613): حدثنا عبد الله بن محمد بن طويت الرملي البزاز، حدثنا محمد بن علي، ابن أخي رواد بن الجراح، حدثنا رواد .. إلخ. 3 - جاء في ترجمة محمد بن أبي السري العسقلاني من (تهذيب الكمال)؛ أن من الرواة عنه: محمد بن علي بن الجراح، ابن أخي رواد بن الجراح، ولم يذكر فيهم أحد اسمه: عبد الله بن محمد بن علي. وعلى هذا الاحتمال يكون (عبد الله بن محمد) مهملا، لأن في شيوخ الطبراني جماعة بهذا الاسم. وإن حملناه على ما جاء في المعجم الصغير رقم (613): عبد الله بن محمد بن طويت الرملي البزاز، فقد وصفه ابن عساكر والذهبي بالحافظ، وصحح له الحاكم. ينظر: تاريخ دمشق 32: 371، تاريخ الإسلام 23: 316، إرشاد القاصي والداني ص 395. والحديث أورده في (مجمع الزوائد) 7: 107، وقال:"رواه الطبراني في الصغير، والأوسط، وفيه: راود بن الجراح، وثقه ابن حبان وغيره، وضعفه الدارقطني وغيره". وحسن إسناده السيوطيُ في (الدر المنثور) 13: 519. قلت: ولم يتفرد به رواد، بل تابعه: المسيب بن شريك في (المعجم الأوسط) للطبراني 4: 371 رقم (4464). والمسيب بن شريك؛ متروك. ينظر: اللسان 6: 47. *****

سورة الحجرات

سورة الحجرات قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} [الحجرات12]. (232) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (أتدرون ما الغيبة؟) قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: (ذكرك أخاك بما يكره) قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: (إن كان فيه ما تقول؛ فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته). تخريجه: أخرجه مسلم (2589) في البر والصلة: باب تحريم الغيبة، وأبو داود (4874) في الأدب: باب في الغيبة، والترمذي (1934) في البر والصلة: باب ما جاء في الغيبة، وأحمد 2: 230، 384، 458، والدارمي (2714) في الرقاق: باب في الغيبة، من طريق العلاء ابن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبا هريرة -رضي الله عنه-. فائدة: قال ابن الأثير في (النهاية) 1: 165 مادة (بهت): "البهت: الكذب والافتراء". *****

سورة ق

سورة ق قال تعالى: {وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ} [ق: 10]. (233) عن قطبة بن مالك -رضي الله عنه- قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقرأ في صلاة الصبح: ق، فلما أتى على هذه الآية: {وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ} قال قطبة: فجعلت أقول له: ما بسوقها؟ فقال: (طولها). تخريجه: أخرجه الحاكم في (المستدرك) 2: 464 قال: حدثني إبراهيم بن مضارب، حدثنا الحسين بن الفضل، حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا المسعودي، عن زياد بن علاقة، عن عمه قطبة بن مالك -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه البزار في مسنده (البحر الزخار) 9: 154 (3704)، قال: حدثنا الحسن بن الصباح، قال: نا أبو المنذر، قال: نا المسعودي، به، بنحوه. وأخرجه الطيالسي 2: 584 (1352) عن المسعودي، به، وفيه: (فلما قرأ: {وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ} قلت في نفسي: ما بسوقها؟) ولم يذكر التفسير. وهكذا أخرجه الطبراني في الكبير 19: 18 (30) من طريق المسعودي. وعزاه في (الدر المنثور) 13: 618 إلى ابن مردويه. دراسة الحديث: مدار هذا الحديث على زياد بن علاقة، أبي مالك الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه الجماعة، كما في (التقريب) ص 220، ورواه عن زياد جماعة من الرواة، ومنهم: 1 - شعبة بن الحجاج. أخرجه مسلم (457) في الصلاة: باب القراءة في الصبح، والنسائي (950) في الافتتاح: باب القراءة في الصبح بقاف، والطيالسي في مسنده 2: 584 (1352)،

والدارمي (1297) في الصلاة: باب قدر القراءة في الفجر، وابن حبان في صحيحه، كما في الإحسان 5: 120 (1814)، والطبراني في الكبير 19: 17 (27). 2 - سفيان الثوري. أخرجه الترمذي (306) في الصلاة: باب ما جاء في القراءة في صلاة الصبح، والدارمي (1298) في الصلاة: باب قدر القراءة في الفجر، والطبراني في الكبير 19: 17 (26). 3 - سفيان بن عيينة. أخرجه مسلم (457) في الصلاة: باب القراءة في الصبح، وابن ماجه (816) في الإقامة الصلاة: باب القراءة في صلاة الفجر، والحميدي 2: 363 (825)، والطبرانى في الكبير 19: 18 (29)، وغيرهم. 4 - أبو عوانة الوضاح اليشكري. أخرجه مسلم (457) في الصلاة: باب القراءة في الصبح، والطبراني في الكبير 19: 19 (34). 5 - مسعر بن كدام. أخرجه الترمذي (306) في الصلاة: باب ما جاء في القراءة في صلاة الصبح، وأحمد 4: 322، والطبراني في الكبير 19: 17 (25). فهؤلاء الأئمة الثقات الأثبات -وغيرهم ممن لم أذكره اكتفاء بهم- رووا الحديث عن زياد بن علاقة، به، بذكر القراءة في صلاة الفجر، وليس فيه ذكر التفسير. وتفرد من بينهم المسعودي، واسمه: عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود المسعودي الكوفي، وهو صدوق اختلط قبل موته، وضابطه: أن من سمع منه ببغداد فبعد الاختلاط، توفي سنة 160 هـ، وسبق الكلام فيه في الحديث الثالث.

الحكم على الحديث

والراوي عنه عند الحاكم: هاشم بن القاسم البغدادي، وعند البزار: إسماعيل بن عمر الواسطي، أبو المنذر، نزيل بغداد. فتبين بهذا أن زيادة التفسير غير محفوظة في المرفوع، ويؤيده أن المسعودي نفسه روى الحديث بغير التفسير عند الطيالسي، والطبراني، كما سبق. الحكم على الحديث: ضعيف بذكر التفسير، والصحيح الاقتصار على القراءة في الفجر. وقال الحاكم عقب الحديث: "قد أخرج مسلم هذا الحديث بغير هذه السياقة، ولم يذكر تفسير البسوق فيه، وهو صحيح على شرطه"!. وقال البزار عقبه أيضا: "وهذا الحديث لا نعلم أحدا يرويه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بهذا اللفظ إلا قطبة بن مالك، ولا نعلم يروي عن قطبة إلا زياد بن علاقة. وزاد أبو المنذر، عن المسعودي: (وبسوقها طولها)، وإنما هو من كلام قطبة، فأدخله في الرفع، وهم فيه". *****

(234)

قال تعالى: {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} [ق: 39]. (234) عن جرير بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: كنا عند النبي -صلى الله عليه وسلم-، فنظر إلى القمر ليلة يعني البدر، فقال: (إِنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا) ثم قرأ: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ}. تخريجه: أخرجه البخاري (554) في مواقيت الصلاة: باب فضل صلاة العصر، و (573) في مواقيت الصلاة: باب فضل صلاة الفجر، و (4851) في تفسير القرآن: باب قوله تعالى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ}، ومسلم (633) في المساجد ومواضع الصلاة: باب فضل صلاتي الصبح والعصر، وأبو داود (4729) في السنة: باب في الرؤية، والترمذي (2551) في صفة الجنة: باب ما جاء في رؤية الرب تبارك وتعالى، وابن ماجه (177) في المقدمة: باب فيما أنكرت الجهمية، وأحمد 4: 360، من طريق إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن جرير بن عبد الله -رضي الله عنه-. فائدة: قال ابن الأثير في (النهاية) 3: 101 مادة (ضمم): "في حديث الرؤية: (لا تَضَامُّون في رُؤْيَته)، يُروى بالتشديد والتخفيف، فالتشديد معناه: لا يَنْضَمُّ بَعضُكم إلى بَعْض وتَزْدَحِمُون وقتَ النَّظَر إليه، ويجوزُ ضمُّ التاء وفتحها .. ومعنى التخفيف: لا ينالُكم ضَيْمٌ في رُؤيَتِه، فَيَراه بعضُكم دون بعضٍ. والضَّيْمُ: الظُّلْم". *****

(235)

قال تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ} [ق 40]. (235) عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن إدبار النجوم، وأدبار السجود. فقال: (أدبار السجود: الركعتان بعد المغرب، وإدبار النجوم: الركعتان قبل الغداة). تخريجه: أخرجه مسدد في مسنده، كما في (المطالب العالية) 4: 161 رقم (3738) قال: حدثنا عبد الوارث، عن محمد بن إسحاق، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي -رضي الله عنه- .. فذكره. وعزاه في (الدر المنثور) 13: 656 إلى: ابن المنذر، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف، للعلل الآتية: 1 - عنعنة محمد بن إسحاق، وهو مدلس. وسبق في الحديث رقم (98). 2 - عنعنة أبي إسحاق، وهو موصوف بالتدليس. وقد سبق في الحديث رقم (62). 3 - المقال في الحارث الأعور. وسبق في الحديث رقم (98). الشواهد: يشهد لهذا الحديث؛ ما رواه ابن عباس -رضي الله عنهما-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إدبار النجوم: الركعتان قبل الفجر، وإدبار السجود: الركعتان بعد المغرب). أخرجه الترمذي (3275) في التفسير: باب ومن سورة الطور، والطبري 21: 471، والطبراني في (المعجم الأوسط) 7: 264 رقم (7458)، والحاكم 1: 320، من طريق محمد بن فضيل، عن رشدين بن كريب، عن أبيه، عن ابن عباس -رضي الله عنهما-. وهذا سند ضعيف. رشدين بن كريب؛ ضعيف، عنده مناكير. ينظر: تهذيب الكمال 9: 196، التقريب ص 209. وقال الترمذي: هذا حديث غريب، لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه.

الحكم على الحديث

وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. وتعقبه الذهبي، فقال: رشدين؛ ضعفه أبو زرعة، والدارقطني. الحكم على الحديث: ضعيف. *****

سورة الذاريات

سورة الذاريات قال تعالى: {وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا (1) فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا (2) فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا (3) فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا (4)} [الذاريات 1 - 4]. (236) عن سعيد بن المسيب قال: (جاء صبيغ التميمي إلى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فقال: يا أمير المؤمنين، أخبرني عن {وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا} قال: هي الرياح، ولولا أني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقوله ما قلته، قال: فأخبرني عن {فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا} قال: هي السحاب، ولولا أني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقوله ما قلته، قال: فأخبرني عن {فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا} قال: هي الملائكة، ولولا أني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقوله ما قلته، قال: فأخبرني عن {فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا} قال: هي السفن، ولولا أني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقوله ما قلته). تخريجه: أخرجه البزار في مسنده (البحر الزخار) 1: 423 رقم (299) قال: حدثنا إبراهيم بن هانىء، قال: نا سعيد بن سلام العطار، قال: نا أبو بكر بن أبي سبرة، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب .. فذكره. وأخرجه ابن عساكر في (تاريخ دمشق) 23: 410 من طريق الدارقطني، نا أبو الحسن علي بن سلم بن مهران الوزان، نا إبراهيم بن هانىء، به. وقال عقبه: "قال الدارقطني: غريب من حديث يحيى الأنصاري، عن ابن المسيب، عن عمر -رضي الله عنه-، تفرد به: أبو بكر بن أبي سبرة المديني، عنه". وهكذا في (أطراف الغرائب والأفراد) 1: 104 رقم (93). والحديث عزاه في (الدر المنثور) 13: 664 إلى: الدارقطني في (الأفراد)، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: موضوع، لما يأتي:

فائدة

1 - سعيد بن سلام، أبو الحسن العطار. قال البخاري: يذكر بوضع الحديث. وقال أحمد بن حنبل، وابن نمير: كذاب. وقال النسائي: ضعيف، متروك الحديث. وقال أبو حاتم: منكر الحديث جدا. ينظر: التاريخ الأوسط 2: 343، كتاب الضعفاء للنسائي ص 189، الجرح والتعديل 4: 31، المجروحين 1: 321، اللسان 3: 37. 2 - أبو بكر بن عبد الله بن محمد بن أبي سبرة القرشي العامري المدني. (ق) رموه بالوضع. مات سنة 162 هـ. ينظر: تهذيب الكمال 33: 102، التقريب ص 623. وقال البزار -عقب الحديث-: "وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من وجه من الوجوه، إلا من هذا الوجه، وإنما أتى من أبي بكر بن أبي سبرة فيما أحسب، لأن أبا بكر؛ لين الحديث، وسعيد بن سلام؛ لم يكن من أصحاب الحديث، وإنما ذكرت هذا الحديث إذ لم أحفظه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا من هذا الوجه، فذكرته، وبينت العلة فيه". وقال ابن كثير في تفسيره 7: 414: "هذا الحديث ضعيف رفعه، وأقرب ما فيه؛ أنه موقوف على عمر -رضي الله عنه-، فإن قصة صبيغ بن عسل مشهورة مع عمر -رضي الله عنه-، وإنما ضربه لأنه ظهر له من أمره فيما يسأل تعنتا وعنادا، والله أعلم". وقال الهيثمي في المجمع 7: 113: "رواه البزار، وفيه: أبو بكر بن أبي سبرة، وهو متروك". فائدة: سعيد بن المسيب بن حزن القرشي المخزومي، أبو محمد المدني، سيد التابعين. (ع) أحد العلماء الأثبات الفقهاء الكبار، توفي سنة 93 هـ. وسعيد؛ وإن كان ولد في خلافة عمر -رضي الله عنه-، إلا أن العلماء قبلوا روايته عنه، لعنايته وتتبعه لذلك.

سئل الإمام مالك -كما في (تهذيب الكمال) 11: 74 - عن سعيد بن المسيب، قيل: أدرك عمر؟ قال: لا، ولكنه ولد في زمان عمر، فلما كبر أكب على المسألة عن شأنه وأمره، حتى كأنه رآه. وقال الإمام أحمد -كما في الجرح والتعديل 4: 60 - : هو عندنا حجة، قد رأى عمر -رضي الله عنه- وسمع منه، إذا لم يقبل سعيد عن عمر، فمن يقبل؟!. وقال ابن أبي حاتم في (كتاب المراسيل) ص 71 (248): "سمعت أبي يقول: سعيد بن المسيب عن عمر، مرسل؛ يدخل في المسند على المجاز". وقال ابن حجر -في (تغليق التعليق) 2: 470 - : "وقد صح سماع ابن المسيب، عن عمر". *****

سورة الطور

سورة الطور قال تعالى: {وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ} [الطور 4]. (237) عن مالك بن صعصعة -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (بينا أنا عند البيت بين النائم واليقظان، وذكر يعني رجلا بين الرجلين، فأتيت بطست من ذهب ملىء حكمة وإيمانا، فشق من النحر إلى مراق البطن، ثم غسل البطن بماء زمزم، ثم ملىء حكمة وإيمانا، وأتيت بدابة أبيض دون البغل وفوق الحمار؛ البراق، فانطلقت مع جبريل حتى أتينا السماء الدنيا .. -فذكر الحديث بطوله في تنقلهم يبن السموات، وسلامه على الأنبياء، إلى أن قال:- فرفع لي البيت المعمور، فسألت جبريل، فقال: هذا البيت المعمور يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك، إذا خرجوا لم يعودوا إليه آخر ما عليهم ..). فذكر الحديث بطوله في رفع سدرة المنتهى له، وفرض الصلاة، ومراجعته ربه في ذلك. تخريجه: أخرجه البخاري (3207) في بدء الخلق: باب ذكر الملائكة، ومسلم (164) في الإيمان: باب الإسراء برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والنسائي (448) في الصلاة: باب فرض الصلاة، وأحمد 4: 207، من طريق قتادة، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-، عن مالك بن صعصعة -رضي الله عنه-. *****

(238)

قال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} [الطور: 21]. (238) عن ابن عباس -رضي الله عنهما- رفعه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن الله ليرفع ذرية المؤمن إليه في درجته، وإن كانوا دونه في العمل لتقر بهم عينه، ثم قرأ: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} قال: وما نقصنا الآباء بما أعطينا البنين). تخريجه: أخرجه البزار كما في (مختصر زوائد البزار) 2: 108 رقم (1508)، قال: حدثنا سهل ابن بحر، ثنا الحسن بن حماد الوراق، ثنا قيس بن الربيع، عن عمرو بن مرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس -رضي الله عنهما-. وأخرجه ابن عدي في (الكامل) 6: 42، وأبو نعيم في (الحلية) 4: 302، والبغوي في تفسيره (معالم التنزيل) 7: 389 من طريق قيس، به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 13: 703 إلى ابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف، لحال قيس بن الربيع، وهو الأسدي، أبو محمد الكوفي. (د ت ق) وثقه الثوري، وشعبة، وأبو الوليد الطيالسي. وقال ابن عدي: عامة رواياته مستقيمة .. والقول فيه ما قاله شعبة، وأنه لا بأس به. ولينه أحمد، وقال: روى أحاديث منكرة. وضعفه ابن المديني جدا. وقال يحيى بن معين: ضعيف، لا يكتب حديثه، كان يحدث بالحديث عن عبيدة، وهو عنده عن منصور. وقال -في رواية-: ليس بشيء. وقال عمرو بن علي: كان يحيى وعبد الرحمن لا يحدثان عن قيس بن الربيع، وكان عبدالرحمن حدثنا عنه قبل ذلك، ثم تركه. وقال أبو زرعة: فيه لين.

وقال أبو حاتم: عهدي به ولا ينشط الناس في الرواية عنه، وأما الآن فأراه أحلى، ومحله الصدق، وليس بقوي، يكتب حديثه ولا يحتج به، وهو أحب إلي من محمد بن عبدالرحمن بن أبي ليلى ولا يحتج بحديثهما. وقال النسائي: ليس بثقة. وقال في موضع آخر: متروك الحديث. وقال يعقوب بن شيبة السدوسي: قيس بن الربيع عند جميع أصحابنا؛ صدوق، وكتابه صالح، وهو رديء الحفظ جدا، مضطربه، كثير الخطأ، ضعيف في روايته. ووجه ابن حبان هذا الاختلاف فيه، فقال: "اختلف فيه أئمتنا؛ فأما شعبة فحسن القول فيه وحث عليه، وضعفه وكيع، وأما ابن المبارك ففجع القول فيه، وتركه يحيى القطان ... -إلى أن قال:- قد سبرت أخبار قيس بن الربيع من رواية القدماء والمتأخرين وتتبعتها، فرأيته صدوقا مأمونا حيث كان شابا، فلما كبر ساء حفظه، وامتحن بابن سوء، فكان يدخل عليه الحديث فيجيب فيه، ثقة منه بابنه، فلما غلب المناكير على صحيح حديثه ولم يتميز استحق مجانبته عند الاحتجاج، فكل من مدحه من أئمتنا وحث عليه، كان ذلك منهم لما نظروا إلى الأشياء المستقيمة التي حدث بها عن سماعه، وكل من وهاه منهم فكان ذلك لما علموا مما في حديثه من المناكير التي أدخل عليه ابنه وغيره. قال عفان: كنت أسمع الناس يذكرون قيسا فلم أدر ما علته، فلما قدمنا الكوفة أتيناه فجلسنا إليه، فجعل ابنه يلقنه، ويقول له: حصين، فيقول: حصين، فيقول رجل آخر: ومغيرة، فيقول: ومغيرة، فيقول آخر: والشيباني، فيقول: والشيباني. أخبرنا مكحول، قال: سمعت جعفر بن أبان يقول: سألت ابن نمير، عن قيس بن الربيع، فقال: إن الناس قد اختلفوا في أمره، وكان له ابن، فكان هو آفته، نظر أصحاب الحديث في كتبه، فأنكروا حديثه، وظنوا أن ابنه غيرها". وقال الذهبي -في السير-: أحد أوعية العلم على ضعف فيه من قبل حفظه.

وفي التقريب: صدوق، تغير لما كبر، وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدث به. مات سنة 167 هـ. ينظر: كتاب الضعفاء للنسائي ص 228، الجرح والتعديل 7: 196، المجروحين 2: 218، الكامل 6: 39، تهذيب الكمال 24: 25، السير 8: 41، الكاشف 2: 139، التقريب ص 457. وهو شاذ الإسناد، لأن قيسا قد خالف فيه جبلين من جبال الحفظ والضبط؛ سفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج. فقد رواه سفيان الثوري، عن عمرو بن مرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، موقوفا عليه. أخرجه الثوري في تفسيره ص 283، ومن طريقه: عبد الرزاق في تفسيره 2: 247، والنحاس في (الناسخ والمنسوخ) ص 690، والحاكم 2: 468. ورواه شعبة أيضا، عن عمرو بن مرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، موقوفا عليه. أخرجه هناد في (الزهد) 1: 136 رقم (179)، والطبري في تفسيره 21: 579، والطحاوي في (مشكل الآثار) 3: 105، والبيهقي 10: 268، كلهم من طريق شعبة، به. وهذا الوجه الموقوف؛ عزاه السيوطي في (الدر المنثور) 13: 702 إلى: سعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم. فالحديث ضعيف شاذ مرفوعا، والصحيح فيه الوقف. وهو إخبار عما يقع في الآخرة، فمثله لا يقال من قبيل الرأي، فله حكم الرفع، والله أعلم. وقال الهيثمي في (مجمع الزوائد) 7: 114: "رواه البزار، وفيه: قيس بن الربيع، وثقه شعبة والثوري، وفيه ضعف".

المتابعات

المتابعات: جاء هذا الحديث عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، من وجه آخر، فقد أخرجه الطبراني في الكبير 11: 440 رقم (12248) قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، ثنا محمد بن عبد الرحمن بن غزوان، ثنا شريك بن سالم الأفطس، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس - رضي الله عنهما-، أظنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا دخل الرجل الجنة؛ سأل عن أبويه وزوجته وولده، فيقال: إنهم لم يبلغوا درجتك وعملك، فيقول: يا رب، قد عملت لي ولهم، فيؤمر بإلحاقهم به)، وقرأ ابن عباس -رضي الله عنهما-: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ} إلى آخر الآية. ومحمد بن عبد الرحمن بن غزوان؛ قال عنه الدارقطني، وغيره: كان يضع الحديث. ينظر: المجروحين 2: 305، اللسان 5: 254. ورفعه مشكوك فيه. الحكم على الحديث: ضعيف مرفوعا، والراجح فيه الوقف، والموقوف له حكم الرفع، والله أعلم. *****

(239)

قال تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ} [الطور: 49]. (239) عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنهما- قال: سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن إدبار النجوم، وأدبار السجود. فقال: (أدبار السجود: الركعتان بعد المغرب، وإدبار النجوم: الركعتان قبل الغداة). تخريجه ودراسته: سبق برقم (235). *****

سورة النجم

سورة النجم قال تعالى: {إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى} [النجم: 16]. (240) عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (رأيتها -يعني: سدرة المنتهى- حتى استثبتها، ثم حال دونها فراش الذهب). تخريجه: أخرجه الطبري 22: 41 قال: حدثنا أبو كريب، قال: ثنا أبو خالد، عن جويبر، عن الضحاك، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- .. فذكره. وأخرجه الطبري أيضا 22: 41، وأبو يعلى 5: 63 رقم (2656) من طرق عن أبي خالد الأحمر، به، بنحوه. الحكم على الإسناد: ضعيف جدا، لحال جويبر، والانقطاع بين الضحاك، وابن عباس -رضي الله عنهما-. وسبق بيان ذلك في الحديث رقم (15). وقال الهيثمي في (مجمع الزوائد) 7: 114: "رواه أبو يعلى، وفيه: جويبر، وهو ضعيف". الشواهد: يشهد لهذا الحديث: 1 - عن أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنها-، قالت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول -وذكر له سدرة المنتهى- قال: (يسير الراكب في ظل الفنن منها مائة سنة، أو يستظل بظلها مائة راكب، فيها فراش الذهب، كأن ثمرها القلال). أخرجه الترمذي (2541) في صفة الجنة: باب ما جاء في صفة ثمار أهل الجنة، قال: حدثنا أبو كريب، حدثنا يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، عن يحيى بن عباد بن عبدالله بن الزبير، عن أبيه، عن أسماء بنت أبي بكر .. فذكرته. وأخرجه الحاكم 2: 469 من طريق يونس بن بكير، به.

الحكم على الحديث

يونس بن بكير؛ صدوق يخطىء، كما في التقريب ص 613. وتابعه: عبد الرحمن بن بشير الدمشقي، عند ابن عساكر في (تاريخ دمشق) 51: 187، فرواه عن ابن إسحاق، به. لكن ابن بشير هذا؛ منكر الحديث. ينظر: الجرح والتعديل 5: 215، اللسان 3: 470. وابن إسحاق؛ صدوق حسن الحديث إذا صرح بالتحديث، وسبق الكلام فيه في الحديث رقم (98)، وصرح بالتحديث في رواية ابن عساكر، لكن الراوي عنه منكر الحديث، كما سبق، فالسند ضعيف، والله أعلم. والحديث قال عنه الترمذي: حديث حسن صحيح غريب. وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه. وأقره الذهبي. وقوله: (في ظل الفنن) أي الغصن، وجمعه أغصان. ينظر: (النهاية) 3: 476 مادة (فنن). 2 - عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: (لما أسري برسول الله -صلى الله عليه وسلم- انتهي به إلى سدرة المنتهى، وهي في السماء السادسة، إليها ينتهي ما يعرج به من الأرض، فيقبض منها، وإليها ينتهي ما يهبط به من فوقها، فيقبض منها، قال: {إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى} قال: فراش من ذهب، قال: فأعطي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثلاثا؛ أعطي الصلوات الخمس، وأعطي خواتيم سورة البقرة، وغفر لمن لم يشرك بالله من أمته شيئا المقحمات). أخرجه مسلم (173) في الإيمان: باب في ذكر سدرة المنتهى، والترمذي (3276) في التفسير: باب ومن سورة النجم، والنسائي (451) في الصلاة: باب فرض الصلاة، وأحمد 1: 387 من طريق طلحة بن مصرف عن مرة بن شراحيل، عن عبدالله -رضي الله عنه-. واللفظ لمسلم. وهذا موقوف صحيح له حكم الرفع. الحكم على الحديث: صحيح بما سبق، والله أعلم. *****

(241)

قال تعالى: {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى} [النجم: 37]. (241) عن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى} قال: (أتدرون ما وفَّى؟) قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: (وفَّى عمل يومه؛ أربع ركعات في النهار). تخريجه: أخرجه الطبري 2: 507، و22: 78، قال: حدثنا أبو كريب، قال: ثنا الحسن بن عطية، قال: ثنا إسرائيل، عن جعفر بن الزبير، عن القاسم، عن أبي أمامة -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه البغوي في تفسيره (معالم التنزيل) 7: 415، وابن عساكر في (تاريخ دمشق) 6: 213، من طريق جعفر بن الزبير، به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 14: 45 إلى: سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والشيرازي في (الألقاب). الحكم على الإسناد: ضعيف جدا، لحال جعفر بن الزبير وهو الحنفي، وقيل: الباهلي، الشامي الدمشقي، نزل البصرة. (ق) متروك الحديث، واتهمه شعبة بالكذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. ينظر: تهذيب الكمال 5: 32، التقريب ص 140. وضعف إسناده السيوطيُ في (الإتقان) 2: 545، وفي (الدر المنثور) 14: 45. المتابعات: جاء حديث أبي أمامة -رضي الله عنه- هذا من وجه آخر، فقد أخرجه الطبراني في (مسند الشاميين) 2: 150 رقم (1971) قال: حدثنا أحمد بن أبي يحيى الحضرمي، ثنا محمد بن أيوب بن عافية، ثنا جدي، ثنا معاوية بن صالح، عن سليم بن عامر، عن أبي أمامة -رضي الله عنه-

الحكم على الحديث

عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه ذكر هذه الآية: {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى} فقال: (أتدرون ما وفَّى؟) قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: (وفَّى عمل يومه بأربع ركعات من أول النهار). ومن طريق الطبراني؛ أخرجه ابن عساكر في (تاريخ دمشق) 6: 213. أحمد بن أبي يحيى الحضرمي؛ هو المصري، لينه أبو سعيد بن يونس. ينظر: المغني في الضعفاء 1: 62، اللسان 1: 429. وعافية بن أيوب؛ قال عنه أبو زرعة: ليس به بأس. وقال الذهبي: تكلم فيه، ما هو بحجة، وفيه جهالة. ينظر: الجرح والتعديل 7: 44، الميزان 2: 358، اللسان 3: 267. الحكم على الحديث: ضعيف. *****

(242)

(242) عن معاذ بن أنس -رضي الله عنه-، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (ألا أخبركم لم سمى الله تبارك وتعالى إبراهيم خليله الذي وفى، لأنه كان يقول كلما أصبح وأمسى: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} حتى يختم الآية). تخريجه: أخرجه أحمد 3: 439 قال: حدثنا حسن، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا زبان بن فائد، عن سهل، عن أبيه -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .. فذكره. وأخرجه الطبري في تفسيره 22: 77، وفي تاريخه 1: 286، والطبراني 20: 192 رقم (427) (428)، وابن عدي في (الكامل) 3: 151، وابن عساكر في (تاريخ دمشق) 6: 211 - 212، من طريق زبان، به، بنحوه. الحكم على الإسناد: ضعيف للعلل الآتية: 1 - المقال في ابن لهيعة. وسبق في الحديث الثامن. 2 - المقال في زبان بن فائد، أبو جوين المصري. (بخ د ت ق) قال أبو حاتم: صالح. وقال أحمد بن حنبل: أحاديثه مناكير. وقال يحيى بن معين: شيخ ضعيف. وقال ابن حبان: منكر الحديث جدا، ينفرد عن سهل بن معاد بنسخة كأنها موضوعة، لا يحتج به. وضعفه الذهبي. وفي التقريب: ضعيف الحديث، مع صلاحه وعبادته. مات سنة 155 هـ. وقول أبي حاتم فيه: صالح؛ يحمل على عدالته، وصلاحه في نفسه، لا على حفظه وضبطه، جمعا بين آراء النقاد فيه، ولذا لم يقل: صالح الحديث، والفرق يين العبارتين ظاهر. ينظر: الجرح والتعديل 3: 616، المجروحين 1: 313؛ تهذيب الكمال 9: 381، الكاشف 1: 400، التقريب ص 213.

المتابعات

3 - سهل بن معاذ؛ لا بأس به، إلا في روايات زبان عنه، وهذه منها. فقد ذكر سهلا ابنُ حبان في (المجروحين)، وقال: "منكر الحديث جدا، فلست أدري أوقع التخليط في حديثه منه، أو من زبان بن فايد، فين كان من أحدهما؛ فالأخبار التي رواها أحدهما ساقطة، وإنما اشتبه هذا لأن راويها عن سهل بن معاذ؛ زبان بن فائد إلا الشيء بعد الشيء". وضعفه ابن معين. وفي التقريب: لا بأس به، إلا في روايات زبان. ينظر: الجرح والتعديل 4: 203، المجروحين 1: 347، الثقات 4: 321، تهذيب الكمال 12: 208، التقريب ص 258. وضعف إسناده ابنُ حجر في الفتح 8: 471. المتابعات: تابع فيه ابن لهيعة: رشدين بن سعد. فقد أخرجه الطبري في تفسيره 22: 77، وفي تاريخه 1: 286، والطبراني 20: 192 رقم (428)، وابن عدي في (الكامل) 3: 151، من طريق رشدين بن سعد، عن زبان بن فائد، به. ورشدين بن سعد، ضعيف، كما في التقريب ص 209. الحكم على الحديث: ضعيف. وأورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 10: 117، وقال: "رواه الطبراني، وفيه ضعفاء وثقوا".

سورة الرحمن

سورة الرحمن قال تعالى: {يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرحمن: 29]. (243) عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله تعالى: على {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} قال: (من شأنه أن يففر ذنبا، ويفرج كربا، ويرفع قوما، ويخفض آخرين). تخريجه: أخرجه ابن ماجه (202) في المقدمة: باب فيما أنكرت الجهمية، قال: حدثنا هشام بن عمار، حدثنا الوزير بن صبيح، حدثنا يونس بن ميسرة، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه ابن أبي عاصم في (السنة) 1: 129 رقم (301)، والبزار 10: 73 رقم (4137 - البحر الزخار)، وابن حبان في صحيحه كما في الإحسان 2: 464 رقم (689)، والطبراني في الأوسط 3: 278 رقم (3140)، وأبو الشيخ في (كتاب العظمة) 2: 479 رقم (148)، وأبو نعيم في (الحلية) 5: 252، والبيهقي في (الأسماء والصفات) 1: 193 رقم (129)، وفي (شعب الإيمان) 2: 35 رقم (1101)، وابن عساكر في (تاريخ دمشق) 5: 8، 52: 334، 63: 32، والمزي في (تهذيب الكمال) 30: 439، وابن حجر في (تغليق التعليق) 4: 332، كلهم من طريق الوزير بن صبيح، به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 14: 120 إلى: ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: إسناده محتمل للتحسين، للمقال في هشام بن عمار، والوزير بن صبيح. وقد توبعا كما سيأتي. فأما هشام بن عمار فهو السلمي، أبو الوليد الدمشقي. (خ 4). قال أبو حاتم: لما كبر تغير فكل ما دفع إليه قرأه، وكلما لقن تلقن، وكان قديماً أصح، كان يقرأ من كتابه، وقال فيه: صدوق.

المتابعات

وقال الذهبي: صدوق مكثر، له ما ينكر. وقال الحافظ: صدوق مقرىء، كبر فصار يتلقن فحديثه القديم أصح. توفي سنة 245 هـ. ينظر: التاريخ الكبير 8: 199، الجرح والتعديل 9: 66، الثقات 9: 233، تهذيب الكمال 30: 242، السير 11: 420، تذكرة الحفاظ 2: 451، الكاشف 2: 337، الميزان 4: 302، تهذيب التهذيب 6: 36، هدي الساري ص 471، التقريب ص 573. وأما الوزير بن صبيح؛ فهو الثقفي، أبو روح الشامي. (ق) قال عثمان بن سعيد الدارمي، عن دحيم: ليس بشيء. وقال أبو حاتم: صالح الحديث. وذكره ابن حبان في (كتاب الثقات)، وقال: ربما أخطأ. وفي التقريب: مقبول عابد. ينظر: الجرح والتعديل 9: 44، الثقات 9: 230، تهذيب الكمال 30: 438، الكاشف 2: 348، الميزان 4: 333، التقريب ص 580. قال البوصيري في (مصباح الزجاجة) 1: 28: "هذا إسناد حسن، لتقاصر الوزير عن درجة الحفظ والإتقان". المتابعات: * تابع هشام بن عمار، عدد من الرواة، ومنهم: 1 - صفوان بن صالح الثقفي. (ثققا وكان يدلس تدليس التسوية - التقريب ص 276) عند: البزار 10: 73 رقم (4137 - البحر الزخار)، وابن عساكر في (تاريخ دمشق) 52: 334. 2 - الوليد بن شجاع السكوني. (ثقة - التقريب ص 582). عند: ابن عساكر في (تاريخ دمشق) 63: 32.

3 - نعيم بن حماد. (صدوق يخطىء كثيرا - التقريب ص 564) عند: الطبراني في الأوسط 3: 278 رقم (3140). 4 - سليمان بن أحمد الواسطي. (متهم يالكذب، وبسرقة الحديث - اللسان 3: 85) عند: ابن أبي حاتم في تفسيره 10: 3325 رقم (18737)، مقرونا بهشام بن عمار. فرووه -أربعتهم-، عن الوزير بن صبيح، به، بنحوه. * وتابع الوزير بن صبيح؛ معاوية بن يحيى الصدفي، لكن وقع عنده: أبو إدريس الخولاني، بدل أم الدرداء. أخرجه البزار 10: 39 (4100 م - البحر الزخار) قال: حدثنا بعض أصحابنا، عن إسحاق بن سليمان، عن معاوية ين يحيى، عن يونس بن ميسرة، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي الدرداء -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، بنحوه. وأخرجه ابن مردويه -كما في تغليق التعليق 4: 332 - عن أحمد بن عثمان، ثنا أبو قلابة، ثنا يحيى بن عبد الحميد، ثنا إسحاق بن سليمان، به. وأخرجه من هذا الوجه أيضا: ابن حجر في (تغليق التعليق) 4: 332. ويحيى بن عبد الحميد، هو الحماني؛ حافظ، إلا أنهم اتهموه بسرقة الحديث. ينظر: تهذيب الكمال 31: 419، التقريب ص 593. ومعاوية بن يحيى الصدفي؛ ضعيف. (التقريب ص 538) وقال الحافظ في التغليق 4: 332 - عقب إخراجه-: "يحيى ومعاوية؛ ضعيفان، وقد روي عن يونس، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء -رضي الله عنه-، ففيه اضطراب أيضا". وقال البوصيري في (مصباح الزجاجة) 1: 28: "لم ينفرد به الوزير بن صبيح، فقد رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده، حدثنا عبد الله بن أبان الكوفي، حدثنا إسحاق بن

تنبيه

سليمان، عن معاوية بن يحيى، عن يونس بن ميسرة، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي الدرداء -رضي الله عنه-، موقوفا، فذكره". * وتابع يونس بن ميسرة؛ إسماعيل بن عبيد الله، فرواه عن أم الدرداء، لكنه مرسل، ليس فيه أبو الدرداء -صلى الله عليه وسلم-. أخرجه ابن عساكر في (تاريخ دمشق) 64: 60، من طريق يحيى بن إسماعيل بن عبيد الله، عن أبيه، عن أم الدرداء، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، بنحوه. وهذا مرسل. يحيى بن إسماعيل؛ قال عنه أبو حاتم: ليس به بأس. ينظر: الجرح والتعديل 9: 126. لكن خالفه: سعيد بن عبد العزيز التنوخي. أخرجه البيهقي في (شعب الإيمان) 2: 36 رقم (1102) من طريق إبراهيم بن هشام، ثنا سعيد بن عبد العزيز التنوخي، عن إسماعيل بن عبيد الله، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء -رضي الله عنه-، موقوفا عليه. وسعيد؛ ثقة إمام، لكنه اختلط في آخر أمره. ينظر: التقريب ص 238. لكن الراوي عنه: إبراهيم بن هشام بن يحيى الغساني. قال أبو حاتم، وأبو زرعة: كذاب. ينظر: الجرح والتعديل 2: 142، اللسان 1: 222. تنبيه: عزا ابن حجر -في (تغليق التعليق) 4: 332 - هذا الحديث إلى البخاري في (التاريخ الكبير) قال: قال عبد الرحمن بن يحيى، ثنا الوليد، ثنا إسماعيل بن عبيد الله، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء -رضي الله عنه-، موقوفا عليه. ولم أجده في المطبوع.

والظاهر أنه تصحيف أو وهم، والصواب: عبد الرحمن بن يحيى، ثنا الوليد، عن يحيى ابن إسماعيل بن عبيد الله، عن أبيه، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء -رضي الله عنه-، مرفوعا. والدليل على ذلك، ما يأتي: 1 - أنه لا يعرف للوليد رواية عن إسماعيل، بل يروي عن يحيى بن إسماعيل بن عبيد الله، ويحيى، معروف بالرواية عن أبيه، كما يعرف ذلك من تراجمهم في (تهذيب الكمال). 2 - أن هذا الحديث سئل عنه الدارقطني في (العلل) 6: 229، فقال: "يرويه يونس بن ميسرة بن حلبس، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. حدث به (أبو) روح الوزير بن صبيح، عنه. وتابعه: عبد الرحمن بن يحيى بن إسماعيل بن عبيد الله المخزومي، فرواه عن الوليد بن مسلم، عن يحيى بن إسماعيل بن عبيد الله، عن أبيه، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- مرفوعا، أيضا". وأخرجه عن الدارقطني: ابنُ الجوزي في (العلل المتناهية) 1: 28 رقم (24). 3 - أن هذا الحديث علقه البخاري في صحيحه 8: 487 في التفسير: سورة الرحمن، بصيغة الجزم إلى أبي الدرداء -رضي الله عنه- موقوفا. فقال ابن حجر في (فتح الباري) 8: 490: "وصله المصنف في التاريخ، وابن حبان في الصحيح، وابن ماجه، وابن أبي عاصم، والطبراني، عن أبي الدرداء -رضي الله عنه-، مرفوعا". وهذا الوجه إن كان كما ذكره الدارقطني، وابن الجوزي؛ ففيه عنعنة الوليد بن مسلم، وهو ثقة، كثير التدليس والتسوية. ينظر: التقريب ص 584. فتحصل مما سبق أن الحديث يروى على خمسة أوجه: 1 - عن الوزير بن صبيح، حدثنا يونس بن ميسرة، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. وهو الحديث الأصل.

2 - عن إسحاق بن سليمان، عن معاوية بن يحيى، عن يونس بن ميسرة، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي الدرداء -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. أخرجه البزار، وابن مردويه، وابن حجر في (التغليق)، كما سبق. 3 - يحيى بن إسماعيل بن عبيد الله، عن أبيه، عن أم الدرداء، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. أخرجه ابن عساكر في (تاريخ دمشق). 4 - إسحاق بن سليمان، عن معاوية بن يحيى، عن يونس بن ميسرة، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي الدرداء -رضي الله عنه-، موقوفا. أخرجه أبو يعلى، كما ذكره البوصيري في (مصباح الزجاجة). 5 - إسماعيل بن عبيد الله، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء -رضي الله عنه-، موقوفا. أخرجه البيهقي في (شعب الإيمان). ولا يخلو شيء من هذه الطرق من مقال، كما سبق. فمن نظر إلى ظواهر الأسانيد رأى الوجه الأول محتملا للتحسين، والمقال فيه غير شديد، ثم أيده بالوجهن الثاني والثالث، فحكم على الحديث بالحسن، أو تجاسر فصححه. ومن نظر إلى هذا الخلاف، والمقال في كل وجه منها، تقاصر عن ذلك، وربما وصفه بالاضطراب كما أشار إلى ذلك ابن حجر في (التغليق) 4: 332. والحديث سئل عنه الدارقطني في (العلل) 6: 228 رقم (1093)، فأشار إلى شيء من الخلاف فيه، ثم صوب الوقف. وقال ابن الجوزي في (العلل المتناهية) 1: 28 رقم (24): "هذا حديث لا يصح". وقد ذكر الوجهين -الرفع والوقف-: ابنُ كثير في تفسيره 7: 495، ولم يرجح، بل قال: الله أعلم.

الشواهد

الشواهد: يشهد لهذا الحديث، ما يأتي: 1 - عن ابن عمر -رضي الله عنهما-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ}، قال: (يغفر ذنبا، ويكشف كربا). أخرجه البزار 12: 314 رقم (6174 - البحر الزخار)، من طريق محمد بن عبد الرحمن البيلماني، عن أبيه، عن ابن عمر. ومحمد بن عبد الرحمن البيلماني، ضعيف، وقد اتهمه ابن عدي، وابن حبان. ينظر: التقريب ص 492. وأبوه؛ ضعيف، كما في التقريب ص 337. 2 - عن عبد الله بن منيب -رضي الله عنه- قال: تلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذه الآية: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} فقلنا: يا رسول الله، وما ذلك الشأن؟ قال: (يغفر ذنبا، ويفرج كربا، ويرفع أقواما، ويضع آخرين). أخرجه البزار 2: 111 رقم (1516 - مختصره)، والطبري 22: 214، والطبراني في الأوسط 6: 362 رقم (6619)، وأبو الشيخ في (كتاب العظمة) 2: 481 رقم (149)، وابن عساكر في (تاريخ دمشق) 11: 451، من طريق عمرو بن بكر السكسكي، قال. ثنا الحارث ابن عبدة بن رياح الغساني، عن أبيه عبدة بن رباح، عن منيب بن عبد الله الأزدي، عن أبيه. وعمرو بن بكر السكسكي؛ متروك، كما في التقريب ص 419. وقال البزار عقبه: "لا نعلم أسند عبد الله بن منيب، إلا هذا، وفي الإسناد مجاهيل". وأورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 7: 117، وقال: "رواه الطبراني في الكبير، والأوسط، والبزار، وفيه من لم أعرفهم". *****

(244)

قال تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46) .. وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ} [الرحمن: 46، 62]. (244) عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (جنتان من فضة؛ آنيتهما وما فيهما، وجنتان من ذهب؛ آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبر على وجهه في جنة عدن). تخريجه: أخرجه البخاري (4878) في التفسير: باب قوله تعالى: {وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ}، و (4880) فيه: باب (حور مقصورات في الخيام)، و (7444) في التوحيد: باب قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}، ومسلم (180) في الإيمان: باب إثبات رؤية المؤمنين ربهم تبارك وتعالى في الدار الآخرة، وابن ماجه (186) في المقدمة: باب فيما أنكرت الجهمية، وأحمد 4: 411، كلهم من طريق عبد العزيز بن عبد الصمد، حدثنا أبو عمران الجوني، عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس الأشعري، عن أبيه أبي موسى -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، بنحوه، واللفظ للبخاري في الموضع الأول. وأخرجه الطيالسي في مسنده 1: 426 رقم (531)، وابن أبي شيبة في المصنف 7: 46 رقم (34109)، وأحمد 4: 416، والدارمي (2822) في الرقاق: باب في جنات الفردوس، وأبو نعيم في (الحلية) 2: 317، من طريق الحارث بن عبيد الإيادي، قال: ثنا أبو عمران الجوني، به، بلفظ: (جنان الفردوس أربع؛ ثنتان من ذهب حليتهما وآنيتهما وما فيهما، وثنتان من فضة آنيتهما وحليتهما وما فيهما، وليس بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم عز وجل إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن، وهذه الأنهار تشخب من جنة عدن ثم تصدع بعد ذلك أنهارا). والحارث بن عبيد الإيادي؛ ضعفه ابن معين، وقال أحمد: مضطرب الحديث، وقال النسائي: ليس بذاك القوي. ينظر: تهذيب الكمال 5: 258. *****

(245)

قال تعالى: {فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (56) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (57) كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ} [الرحمن: 56 - 58]. (245) عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن المرأة من أهل الجنة ليرى بياض ساقها من سبعين حلة من حرير، وذلك بأن الله تبارك وتعالى يقول: {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ} فأما الياقوت؛ فإنه حجر لو أدخلت فيه سلكا، ثم استصفيته، لرأيته من وراء ذلك). تخريجه: أخرجه هناد بن السري في (الزهد) 1: 54 رقم (11)، قال: ثنا عبيدة، عن عطاء بن السائب، عن عمرو بن ميمون، عن عبد الله -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه الترمذي (2533) في صفة الجنة: باب في صفة نساء أهل الجنة، والطبري 22: 249، وابن أبي حاتم في تفسيره 10: 3327 رقم (18747)، وابن حبان في صحيحه كما في الإحسان 16: 408 رقم (7396)، وأبو الشيخ في (كتاب العظمة) 3: 1082 رقم (584)، وأبو نعيم في (صفة الجنة) رقم (403)، كلهم من طريق عبيدة ابن حميد، به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 14: 147 إلى: ابن مردويه، وكذا عزاه إلى ابن أبي شيبة، ولم أجده فيه مرفوعا، بل موقوفا، كما سيأتي. الحكم على الإسناد: إسناد ضعيف، لاختلاط عطاء، وسماع عبيدة بعده. وسبق في الحديث رقم (31). المتابعات والشواهد: هذا الحديث يرويه: عطاء بن السائب، ورواه عنه جماعة من الرواة، واختلفوا عليه بين الرفع والوقف، وإليك بيان ذلك:

تنبيه

(أ) عبيدة بن حميد، عن عطاء بن السائب، عن عمرو بن ميمون، عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-، مرفوعا. وسبق تخريج هذا الوجه. (ب) أبو الأحوص، عن عطاء بن السائب، به، موقوفا على عبد الله -رضي الله عنه-. وهذا الوجه أخرجه: هناد في (الزهد) 1: 53 رقم (10)، وعنه: الترمذي في جامعه رقم (2534). تنبيه: وقع في مطبوعة الترمذي هنا -4: 584 تحقيق: كمال الحوت- تصحيف عجيب حيث زيد بعد ذكر الصحابي: (عن النبي -صلى الله عليه وسلم-)، فجعلوه مرفوعا، مع أن الترمذي قال عقبه: "نحوه بمعناه ولم يرفعه، وهذا أصح من حديث عبيدة بن حميد، وهكذا روى جرير وغير واحد عن عطاء بن السائب، ولم يرفعوه". وأبو الأحوص؛ سلام بن سليم الحنفي مولاهم، الكوفي. ثقة متقن، صاحب حديث. (جـ) محمد بن فضيل، عن عطاء بن السائب، به موقوفا على عبد الله -رضي الله عنه-. وهذا الوجه أخرجه: ابن أبي شيبة في (المصنف) 7: 32 رقم (33989) عنه، والطبري في تفسيره 22: 250 قال: حدثنا أبو هشام الرفاعي، قال: ثنا ابن فضيل، به. ومحمد بن فُضيل بن غَزْوان الضبي مولاهم، أبو عبد الرحمن الكوفي. (ع) قال في التقريب ص 502: صدوق عارف، رُمي بالتشيع. مات سنة 195 هـ. قلت: والرجل مخرج له في الكتب الستة، وسائر دواوين الإسلام. (د) جرير بن عبد الحميد، عن عطاء بن السائب، به، موقوفا على عبد الله -رضي الله عنه-. وهذا الوجه أخرجه: الترمذي في جامعه عقب رقم (2534)، قال: حدثنا قتيبة، حدثنا جرير، به. قال: نحو حديث أبي الأحوص، ولم يسق المتن.

وجرير بن عبد الحميد؛ هو ابن قرط الضبي، أبو عبد الله الرازي القاضي. ثقة، توفي سنة 88 هـ، وأخرج حديثه الجماعة. ينظر: تهذيب الكمال 4: 540، التقريب ص 139. (هـ) إسماعيل بن علية، عن عطاء بن السائب، به، موقوفا على عبد الله -رضي الله عنه-. وهذا الوجه أخرجه: الطبري في تفسيره 22: 249، قال حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن علية، به، بنحوه. وإسماعيل بن علية؛ ثقة حافظ، أخرج حديثه الجماعة. ينظر: التقريب ص 105. (و) سفيان الثوري، عن عطاء بن السائب، به، موقوفا على عبد الله -رضي الله عنه-. وهذا الوجه أخرجه: الطبري في تفسيره 22: 207، قال: حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن عطاء بن السائب، عن عمرو بن ميمون الأودي، عن ابن مسعود -رضي الله عنه-، {اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ}، قال: المرجان حجر وهذا مختصر جدا، ويخالف الروايات السابقة أيضا في مضمونه، فإن الروايات السابقة جميعا في تفسير الياقوت، وهذا في تفسير المرجان. وشيخ الطبري: محمد بن حميد الرازي؛ وثقه ابن معين -في رواية-، لكن ضعفه بلديه أبو حاتم الرازي، وقال البخاري: حديثه فيه نظر. وفي التقريب: حافظ ضعيف، وكان ابن معين حسن الرأي فيه. ينظر: التاريخ الكبير 1: 69، الجرح والتعديل 7: 232، تهذيب الكمال 25: 97، التقريب ص 475.

ومهران؛ هو ابن أبي عمر الرازي. قال البخاري: في حديثه اضطراب، وذكره العقيلي في الضعفاء، وقال: روى عن الثوري أحاديث لا يتابع عليها، وفي التقريب: صدوق له أوهام، سيء الحفظ. ينظر: الضعفاء الصغير للبخاري ص 116، الضعفاء الكبير للعقيلي 4: 229، تهذيب الكمال 28: 595، التقريب ص 549. (ز) ورقاء بن عمر، عن عطاء بن السائب، به، موقوفا على عبد الله -رضي الله عنه-. ذكرها الدارقطني في (العلل) 5: 228، ولم أقف عليها. وورقاء بن عمر اليشكري؛ صدوق، أخرج حديثه الجماعة. ينظر: التقريب ص 580. فيتحصل مما سبق أن الحديث روي عن عطاء بن السائب على وجهين: 1 - الرفع، ورواه عنه: عبيدة بن حميد. 2 - الوقف، ورواه عنه ستة: أبو الأحوص، ومحمد بن فضيل، وجرير بن عبد الحميد، وإسماعيل بن علية، وسفيان الثوري، وورقاء بن عمر. ورجح رواية الوقف الإمامُ الترمذي في جامعه عقب الحديث (2534)، والحافظُ الدارقطني في (العلل) 5: 228. وهذا ظاهر أن المحفوظ والراجح في الحديث: الوقف، للأكثرية والأحفظية، لكن هل يحكم على هذا الوجه بالصحة؟ هذا محل تردد عندي لأنه ليس في رواة الوجه الراجح الستة من سمع من عطاء قبل الاختلاط سوى سفيان الثوري، والسند إليه ضعيف كما سبق، لكن ربما يجبر ذلك تتابع هؤلاء -في كثرتهم وحفظهم- على هذا الوجه، وهذا مما يجبر الضعف بمثل هذا القدح، والله أعلم.

فائدة

فائدة: روى هذا الحديث عن عمرو بن ميمون أيضا: أبو إسحاق السبيعي، واختلف عليه أيضا بين الرفع والوقف، كما أشار إلى ذلك الحافظ الدارقطني في (العلل) 5: 227، وصوب الوقف أيضا، لكن ليس في سياقه محل الشاهد في تفسير الياقوت الوارد في الآية. تنبيه: اشتمل هذا الحديث محل الدراسة على شقين: 1 - في بيان بياض ساق المرأة من أهل الجنة، وصفائه. 2 - في تفسير لفظة الياقوت الواردة في الآية الكريمة، وهو محل الشاهد هنا. فأما الشق الأول فورد ما يشهد له في عدة أحاديث، منها ما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (أول زمرة تدخل الجنة؛ على سورة القمر ليلة البدر، والذين على آثارهم كأحسن كوكب دري في السماء إضاءة، قلوبهم على قلب رجل واحد، لا تباغض بينهم ولا تحاسد، لكل امرىء زوجتان من الحور العين، يرى مخ سوقهن من يراء العظم واللحم) أخرجه البخاري رقم (3254) وهذا لفظه، وأخرجه أيضا برقم (3245) و (3246)، ومسلم (2834). وأما الشق الثاني فلم أجد ما يشهد له في المرفوع، والله أعلم. الحكم على الحديث: ضعيف مرفوعا، والراجح فيه الوقف، وهذا الموقوف يخبر الصحابي بما يعرفه عن مثل هذه الأحجار الكريمة، التي يستفيدها المرء من حياته العامة، فلا يعطى حكم الرفع، والله أعلم. *****

(246)

قال تعالى: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلا الْإِحْسَانُ} [الرحمن: 60]. (246) عن ابن عمر -رضي الله عنهما-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلا الْإِحْسَانُ} قال: (ما جزاء من أنعمت عليه بالتوحيد إلا الجنة). تخريجه: أخرجه البيهقي في (شعب الإيمان) 1: 371 رقم (427) قال: أخبرنا أبو الحسن بن بشران، ثنا أبو عمرو بن السماك، ثنا جعفر بن محمد الرازي أبو يحيى، ثنا محمد بن عبد العزيز بن غزوان المروزي؛ ابن أبي رزمة ثنا إبراهيم بن محمد بن إسماعيل الكوفي، عن حبيب بن أبي العالية، عن مجاهد، عن ابن عمر -رضي الله عنهما- .. فذكره. وعزاه في (الدر المنثور) 14: 149 إلى: ابن أبي حاتم، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف، لجهالة إبراهيم بن محمد بن إسماعيل الكوفي. قال البيهقي -عقب الحديث-: تفرد به إبراهيم بن محمد الكوفي هذا، وهو منكر. الشواهد: يشهد لهذا الحديث ما يأتي: 1 - عن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلا الْإِحْسَانُ}، وقال: (هل تدرون ما قال ربكم؟) قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: (يقول: هل جزاء من أنعمت عليه بالتوحيد إلا الجنة). أخرجه البغوي في تفسيره 7: 456 من طريق بشر بن الحسين، عن الزبير بن عدي، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-. وعزاه في (الدر المنثور) 14: 150 إلى: الديلمي في (مسند الفردوس)، وابن النجار في (تاريخه).

الحكم على الحديث

وبشر بن الحسين؛ هو: أبو محمد الأصبهاني الهلالي، صاحب الزبير بن عدي. قال أبو حاتم: يكذب على الزبير. وقال ابن حبان: يروي عن الزبير بن عدي بنسخة موضوعة، ما لكثير حديث منها أصل، يرويها عن الزبير، عن أنس -رضي الله عنه- شبيها بمائة وخمسين حديثا مسانيد كلها، وإنما سمع الزبير من أنس حديثا واحدا: (لا يأتي عليكم زمان إلا والذي بعده شر منه). وقال الدارقطني: يروي عن الزبير بواطيل، والزبير ثقة، والنسخة موضوعة. ينظر: المجروحين 1: 190، اللسان 2: 28. 2 - عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- في قوله تعالى: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلا الْإِحْسَانُ} قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (قال الله عز وجل: هل جزاء من أنعمت عليه بالتوحيد إلا الجنة). عزاه في (الدر المنثور) 14: 150 إلى ابن النجار في (تاريخه). 3 - عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في هذه الآية: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلا الْإِحْسَانُ} قال: (هل جزاء من أنعمت عليه بالإسلام إلا أن أدخله الجنة). عزاه في (الدر المنثور) 14: 150 إلى ابن مردويه. الحكم على الحديث: ضعيف. *****

(247)

قال تعالى: {وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ (62) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (63) مُدْهَامَّتَانِ} [الرحمن: 62 - 64]. (247) عن أبي أيوب -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه سئل عن قول الله عز وجل: {مُدْهَامَّتَانِ} فقال: (خضراوان). تخريجه: أخرجه الطبراني في الكبير 4: 180 رقم (4074) قال: حدثنا محمد بن علي بن حبيب الطرائفي، ثنا أيوب بن محمد الوزان، ثنا سعيد بن مسلمة، عن واصل بن السائب، عن أبي سورة، عن أبي أيوب -رضي الله عنه- .. فذكره. وعزاه في (الدر المنثور) 14: 153 إلى ابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف جدا، لما يأتي: 1 - شيخ الطبراني: محمد بن علي بن حبيب الطرائفي الرقي. لم أقف على حاله. 2 - سعيد بن مسلمة بن هشام بن عبد الملك الفرشي الأموي. (ت ق). قال يحيى بن معين: ليس بشيء. وقال البخاري: فيه نظر. وقال أبو حاتم: ليس بقوي، ضعيف الحديث، منكر الحديث. وقال النسائي ضعيف. وقال الدارقطني: ضعيف، يعتبر به. وذكره ابن حبان في (كتاب الثقات)، وذكره في (المجروحين)!، وقال: منكر الحديث جدا، فاحش الخطأ في الأخبار. وفي التقريب: ضعيف. ينظر: التاريخ الكبير 3: 516، كتاب الضعفاء للنسائي ص 189، الجرح والتعديل 4: 67، الثقات 6: 374، المجروحين 1: 321، تهذيب الكمال 11: 63، التقريب ص 241.

3 - واصل بن السائب الرقاشي، أبو يحيى البصري. (ت ق). ضعيف، وقال النسائي: متروك الحديث. مات سنة 144 هـ. ينظر: كتاب الضعفاء للنسائي ص 243، تهذيب الكمال 30: 401، التقريب ص 579. 4 - أبو سورة، ابن أخي أبي أيوب الأنصاري. (د ت ق). ذكره ابن حبان في (كتاب الثقات). وقال البخاري: منكر الحديث، يروي عن أبي أيوب مناكير، لا يتابع عليه. وقال الترمذي: يضعف في الحديث، ضعفه يحيى بن معين جدا. وفي التقريب: ضعيف. ينظر: جامع الترمذي رقم (2544)، الثقات 5: 570، تهذيب الكمال 33: 394، التقريب ص 647. والحديث أورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 7: 118، وقال: "رواه الطبراني، وفيه: واصل بن السائب، وهو متروك". *****

(248)

قال تعالى: {فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ} [الرحمن: 70]. (248) عن أم سلمة -رضي الله عنها-، قالت: قلت: يا رسول الله، أخبرني عن قوله: {فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ}، قال: (خيرات الأخلاق، حسان الوجوه). تخريجه: أخرجه الطبري 22؛ 263 قال: حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، قال: ثنا محمد ابن الفرج الصدفي الدمياطي، عن عمرو بن هاشم، عن ابن أبي كريمة، عن هشام بن حسان، عن الحسن، عن أمه، عن أم سلمة -رضي الله عنها- .. فذكرته. وأخرجه الطبراني في الكبير 23: 367 رقم (870)، وفي الأوسط 3: 278 رقم (3141)، من طريق عمرو بن هشام، به، مطولا. وعزاه في (الدر المنثور) 14: 159 إلى ابن مردويه. ترجمة رجال الإسناد، والحكم عليه: سبق دراسة هذا الإسناد، والحكم عليه في الحديث رقم (206)، والخلاصة: أن هذا الإسناد منكر، لعلل ذكرت هناك، والله أعلم. *****

سورة الواقعة

سورة الواقعة قال تعالى: {وَحُورٌ عِينٌ} [الواقعة: 22]. (249) عن أم سلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: قلت: يا رسول الله، أخبرني عن قول الله: {وَحُورٌ عِينٌ} قال: (العين: الضخام العيون، شفر الحوراء بمنزلة جناح النسر). تخريجه: أخرجه الطبري 19: 539 قال: حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، قال: ثنا محمد ابن الفرج الصدفي الدمياطي، عن عمرو بن هشام، عن ابن أبي كريمة، عن هشام بن حسان، عن الحسن، عن أمه عن أم سلمة -رضي الله عنها- .. فذكرته. وأخرجه العقيلي في (الضعفاء الكبير) 2: 138، وابن عدي في (الكامل) 3: 262، والطبراني في الكبير 23: 367 رقم (870)، وفي الأوسط 3: 278 رقم (3141)، من طريق عمرو بن هشام، به، مع زيادة في أوله: "حور: بيض .. ". وهذا الحديث عند الطبري، والعقيلي، وابن عدي؛ مقتصر على تفسير الآية المذكورة، كما سقته، وعند الطبراني -في الموضعين-؛ ورد مطولا. وعزاه في (الدر المنثور) 14: 159 إلى ابن مردويه. ترجمة رجال الإسناد، والحكم عليه: سبق دراسة هذا الإسناد، والحكم عليه في الحديث رقم (206)، والخلاصة: أن هذا الإسناد منكر، لعلل ذكرت هناك، والله أعلم. وقال العقيلي 2: 138 في ترجمة: (سليمان بن أبي كريمة): "لا يتابع عليه، ولا يعرف إلا به". وقال ابن عدي 3: 263 - عقب إخراجه-: هذا منكر. بيان الغريب: قوله: (شفر)، قال في (النهاية) 2: 484 مادة (شفر): "الشُّفْر بالضم، وقد يُفْتح حرف جَفْنِ العين الذي يَنبُتُ عليه الشعَر". والحوراء؛ واحدة الحور. *****

(250)

قال تعالى: {كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ} [الواقعة: 23]. (250) عن أم سلمة -رضي الله عنها-، قالت: قلت: يا رسول الله، أخبرني عن قول الله: {كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ} قال: (صفاؤهن كصفاء الدر الذي في الأصداف، الذي لا تمسه الأيدي). تخريجه: أخرجه الطبري 22: 304 قال: حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، قال: ثنا محمد ابن الفرج الصدفي الدمياطي، عن عمرو بن هشام، عن ابن أبي كريمة، عن هشام بن حسان، عن الحسن، عن أمه، عن أم سلمة -رضي الله عنها- .. فذكرته. وأخرجه الطبراني في الكبير 23: 367 رقم (870)، وفي الأوسط 3: 278 رقم (3141)، من طريق عمرو بن هشام، به، مطولا. وعزاه في (الدر المنثور) 14: 159 إلى ابن مردويه. ترجمة رجال الإسناد، والحكم عليه: سبق دراسة هذا الإسناد، والحكم عليه في الحديث رقم (206)، والخلاصة: أن هذا الإسناد منكر، لعلل ذكرت هناك، والله أعلم. *****

(251)

قال تعالى: {وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (27) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ} [الواقعة 27 - 28]. (251) عن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقولون: إن الله ينفعنا. بالأعراب ومسائلهم، أقبل أعرابي يوما، فقال: يا رسول الله، لقد ذكر الله في القرآن شجرة مؤذية، وما كنت أرى أن في الجنة شجرة تؤذي صاحبها، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (وما هي؟) قال: السدر؛ فإن لها شوكا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: {فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ} يخضد الله شوكه، فيجعل مكان كل شوكة ثمرة، فإنها تنبت ثمرا تفتق الثمرة معها عن اثنين وسبعين لونا، ما منها لون يشبه الآخر). تخريجه: أخرجه الحاكم في (المستدرك) 2: 476 - وعنه: البيهقي في (البعث والنشور) رقم (276) - قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الربيع بن سليمان، حدثنا بشر ابن بكر، حدثنا صفوان بن عمرو، عن سليم بن عامر، عن أبي أمامة -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه نعيم بن حماد في (زوائد الزهد) رقم (263) قال: أنا صفوان بن عمرو، عن سليم بن عامر مرسلا. وعزاه السيوطي في الإتقان 2: 548 من هذا الوجه إلى أى بكر النجاد. الحكم على الإسناد: صحيح. وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وأقره الذهبي. فائدة: ورد هذا المعنى في حديث آخر، وهو ما رواه عتبة بن عبد السلمي -رضي الله عنه- قال: كنت جالسا مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، فجاء أعرابي، فقال: يا رسول الله، أسمعك تذكر في الجنة شجرة لا أعلم أكثر شوكا منها -يعني الطلح-، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يجعل مكان كل شوكة مثل خصوة التيس الملبود -يعني: الخصي- فيها سبعون لونا من الطعام لا يشبه

لونٌ لون الآخر). أخرجه ابن أبي داود في (البعث) ص 123 رقم (69)، والطبراني في الكبير 17: 130 رقم (318)، وأبو نعيم في (الحلية) 6: 103. وأورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 10: 414، وقال: "رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح". *****

(252)

قال تعالى: {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} [الواقعة 30]. (252) عن أبي هربرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها، واقرءوا إن شئتم: {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ}). تخريجه: أخرجه البخاري (4881) في التفسير: باب قوله تعالى: {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ}، و (3253) في بدء الخلق: باب صفة الجنة ومسلم (2826) في الجنة وصفة نعيمها، باب: إن في الجنة شجرة .. ، والترمذي (2523) في صفة الجنة: باب ما جاء في صفة شجر الجنة، و (3292) في التفسير: باب ومن سورة الواقعة، وابن ماجه (4335) في الزهد: باب صفة الجنة، وأحمد 2: 257، 418، 438، والدارمي (2838) في الرقاق: باب في أشجار الجنة، من طرق عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. *****

(253)

قال تعالى: {وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ} [الواقعة 34]. (253) عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ({وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ} والذي نفسي بيده، إن ارتفاعها كما بين السماء والأرض، وإن ما بين السماء والأرض لمسيرة خمس مائة سنة). تخريجه: أخرجه أحمد 3: 75 قال: حدثنا حسن، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه الترمذي (2540) في صفة الجنة: باب ما جاء في صفة ثياب أهل الجنة، وابن أبي الدنيا في (صفة الجنة) رقم (154)، وأبو يعلى في مسنده 2: 528 رقم (1395)، والطبري 22: 319، وابن حبان في صحيحه، كما في الإحسان 16: 418 رقم (7405)، وأبو الشيخ في (كتاب العظمة) 2: 678 رقم (272) و3: 1096 رقم (593)، وأبو نعيم في (صفة الجنة) رقم (357)، والبيهقي في (البعث) رقم (311)، والبغوي في تفسيره 8: 13، من طرق عن دراج، به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 14: 197 إلى: ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف، لحال ابن لهيعة، وما قيل في رواية دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، وهذه منها. وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك في الحديث الثامن. المتابعات والشواهد: أما ابن لهيعة؛ فقد تابعه: عمرو بن الحارث، عند الترمذي، والطبري، وابن حبان، وأبي الشيخ في (كتاب العظمة)، والبيهقي في (البعث)، والبغوي في تفسيره. وعمرو بن الحارث؛ ثقة فقيه حافظ. لكن يبقى مداره على دراج، عن أبي الهيثم.

الشواهد

الشواهد: يشهد لهذا الحديث؛ ما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول في هذه الآية: {وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ} قال: (غلظ كل فراش منها كما بين السماء والأرض). أخرجه الخطيب في (تاريخ بغداد) 4: 426 - ومن طريقه: ابن الجوزي في (الموضوعات) 2: 426 - ، قال: أخبرنا أحمد بن أبي جعفر، أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد الله الشاهد، حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن الحسن الدرهمى قدم من طرسوس في سنة ثمان عشرة وثلاثمائة، حدثنا عبد الله بن محمد بن سنان، حدثنا جعفر بن جسر، حدثنا أبي، عن الحسن، عن أبى هريرة -رضي الله عنه- .. فذكره. وهذا ساقط، فيه: عبد الله بن محمد بن سنان، قال ابن حبان: يضع الحديث ويقلبه ويسرقه، لا يحل ذكره في الكتب. وقال أبو نعيم: كثير الوضع، حدث بأحاديث لم يتابع عليها. ينظر: المجروجين 2: 45، تاريخ أصبهان 2: 54. وقال ابن الجوزي: "هذا حديث لا يصح". الحكم على الحديث: ضعيف، وضعفه غير شديد. فائدة: قال الترمذي في جامعه بعد رواية هذا الحديث: "قال بعض أهل العلم في تفسير هذا الحديث: إن معناه؛ الفرش في الدرجات، وبين الدرجات كما بين السماء والأرض". *****

(254)

(254) عن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الفرش المرفوعة؟ فقال: (لو طرح فراش من أعلاها لهوى إلى قرارها مائة خريف). تخريجه: أخرجه الطبراني في الكبير 8: 289 رقم (7947)، قال: حدثنا إبراهيم بن نائلة الأصبهاني، ثنا إسماعيل بن عمرو البجلي، ثنا إسرائيل، عن جعفر بن الزبير، عن القاسم، عن أبي أمامة -رضي الله عنه- .. فذكره. وعن الطبراني؛ أخرجه أبو نعيم في (صفة الجنة) رقم (380). وعزاه في (الدر المنثور) 14: 197 إلى ابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف جدا، لما يأتي: 1 - إسماعيل بن عمرو بن نجيح البجلي الكوفي، ثم الأصبهاني. ضعيف، ضعفه أبو حاتم، والدارقطني، والعقيلي، وابن عدي، وغيرهم. مات سنة 227 هـ. ينظر: الجرح والتعديل 2: 190، الضعفاء الكبير للعقيلي 1: 86 الكامل 1: 322، تهذيب التهذيب 1: 203، اللسان 1: 541. 2 - جعفر بن الزبير الحنفي، وقيل: الباهلي، الشامي الدمشقي، نزل البصرة. (ق) متروك الحديث، واتهمه شعبة بالكذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. وسبق في الحديث رقم (241). وأورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 7: 120، وقال: "رواه الطبراني، وفيه: جعفر بن الزبير الحنفي، وهو ضعيف".

الحكم على الحديث

وأخرجه ابن أبي شيبة في (المصنف) 7: 67 رقم (34071)، وهناد في (الزهد) 1: 80 رقم (79)، من طريق جعفر بن الزبير، عن القاسم، عن أبي أمامة -رضي الله عنه-، في قوله: {وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ} قال: (لو خر من أعلاها فراش؛ لهوى إلى قرارها كذا وكذا خريفا). وأخرجه ابن أبي الدنيا في (صفة الجنة) رقم (158)، قال: حدثنا إسحاق بن إسماعيل، حدثني معاذ بن هشام الدستوائي، قال: وجدت في كتاب أبي بخط يده، عن القاسم، عن أبي أمامة -رضي الله عنه-، في قول الله عز وجل: {وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ} قال: (لو أن أعلاها سقط ما بلغ أسفلها أربعين خريفا). معاذ بن هشام الدستوائي؛ صدوق ربما وهم. ينظر: تهذيب الكمال 28: 139، التقريب ص 536. ولم يذكروا رواية لهشام الدستوائي البصري عن القاسم بن عبد الرحمن، فالظاهر أنه كتب هذه الرواية معلقة عن القاسم، وأسقط منها جعفر بن الزبير الذي نزل البصرة، لأن مخرج الحديث منه في جميع ما سبق، والله أعلم. الحكم على الحديث: ضعيف. *****

(255)

قال تعالى: {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (35) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (36) عُرُبًا أَتْرَابًا} [الواقعة 35 - 37]. (255) عن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قوله: {أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً}، قال: (إن من المنشآت؛ اللائي كن في الدنيا عجائز عمشا رمصا). تخريجه: أخرجه الترمذي (3296) في التفسير: باب ومن سورة الواقعة، قال: حدثنا أبو عمار الحسن بن حريث الخزاعي المروزي، حدثنا وكيع، عن موسى بن عبيدة، عن يزيد بن أبان، عن أنس -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه هناد في (الزهد) 1: 57 رقم (21)، والطبري 22: 320، والبغوي في تفسيره 8: 14 كلهم من طريق يزيد بن أبان، به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 14: 198 إلى: الفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف، لحال موسى بن عبيدة الربذي، وسبق في الحديث رقم (224). ويزيد بن أبان الرقاشي، وسبق في الحديث رقم (217). المتابعات: تابع موسى بن عبيدة: سفيان الثوري، فرواه عن يزيد بن أبان، به. هكذا وقع في تفسير البغوي 8: 14، ولم تذكر لسفيان رواية عن يزيد في ترجمتيهما من (تهذيب الكمال)، وهو معروف بالرواية عن موسى بن عبيدة الربذي. فالظاهر أنه سقط (موسى بن عبيدة) بينهما في مطبوعة البغوي، ويؤيده: أن الطبري أخرجه في تفسيره، من طريق سفيان، عن موسى بن عبيدة، عن يزيد بن أبان، عن أنس -رضي الله عنه-.

الشواهد

ويؤيده أيضا: أن الترمذي قال -عقب الحديث-: "هذا حديث غريب، لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث موسى بن عبيدة. وموسى بن عبيدة ويزيد بن أبان الرقاشي يضعفان في الحديث". على أن سماع سفيان من يزيد؛ ممكن من حيث التاريخ، فإن سفيان ولد سنة 97 هـ تقريبا، ومات يزيد قبل سنة 120 هـ. الشواهد: يشهد لهذا الحديث ما يأتي: 1 - عن سلمة بن يزيد الجعفي -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قول الله تعالى: {أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً} قال: (من الثُّيِّب والأبكار). أخرجه الطيالسي في مسنده 2: 642 رقم (1403)، والطبري 22: 320، والطبراني في الكبير 7: 40 رقم (6321)، والبيهقي في (البعث والنشور) رقم (345)، من طريق جابر الجعفي، عن يزيد بن مرة، عن سلمة بن يزيد الجعفي -رضي الله عنه-. وجابر الجعفي؛ ضعيف، كما في التقريب ص 137. وأورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 7: 119، وقال: "رواه الطبراني، وفيه: جابر الجعفي، وهو ضعيف". وعزاه في (الدر المنثور) 14: 198 إلى: ابن أبي حاتم، وابن مردويه. 2 - عن الحسن قال: أتت عجوز فقالت: يا رسول الله، ادع الله أن يدخلني الجنة، فقال: (يا أم فلان، إن الجنة لا يدخلها عجوز) فولت تبكي، قال: (أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز، إن الله يقول: {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (35) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (36) عُرُبًا أَتْرَابًا}). أخرجه الترمذي في (الشمائل) ص 143 رقم (230)، والبيهقي في (البعث والنشور) رقم (346)، والبغوي في تفسيره 8: 14، من طريق المبارك بن فضالة، عن الحسن، به. وعزاه في (الدر المنثور) 14: 199 إلى عبد بن حميد، وابن المنذر. وهذا سند ضعيف، فيه:

1 - الإرسال. قال الإمام أحمد: ليس في المرسلات أضعف من مراسيل الحسن، وعطاء بن أبي رباح، فإنهما يأخذان عن كل أحد. أخرجه الخطيب في (الكفاية) ص 549. وقال ابن سعد -في ترجمة الحسن في الطبقات 7: 157 - : "ما أسند من حديثه وروى عمن سمع منه فحسن حجة، وما أرسل من الحديث فليس بحجة". 2 - المبارك بن فضالة. صدوق يدلس ويسوي، كما في التقريب ص 519. وقد روى بالعنعنة. وأورده الزيلعي في (تخريج أحاديث الكشاف) 3: 407، وقال: "وهو مرسل ضعيف". 3 - عن عائشة -رضي الله عنها-، أن نبي الله -صلى الله عليه وسلم- أتته عجوز من الأنصار، فقالت: يا رسول الله، ادع الله أن يدخلني الجنة فقال نبي الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن الجنة لا يدخلها عجوز) فذهب نبي الله -صلى الله عليه وسلم- فصلى، ثم رجع إلى عائشة، فقالت عائشة: لقد لقيت من كلمتك مشقة وشدة، فقال نبي الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن ذلك كذلك، إن الله إذا أدخلهن الجنة حولهن أبكارا). أخرجه الطبراني في الأوسط 5: 357 رقم (5545)، من طريق مسعدة بن اليسع، ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن عائشة -رضي الله عنها-. ومسعدة: كذبه أبو داود، وتال أحمد بن حنبل: خرقنا حديثه، وتركنا حديثه منذ دهر. وقال الذهبي: هالك. ينظر: الضعفاء الكبير 4: 245، ميزان الاعتدال 4: 98. وأخرجه هناد في (الزهد) رقم (24) قال: حدثنا عبدة، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، قال: قلت له: أكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمازح؟ قال: نعم، أتته عجوز من الأنصار، فقالت: ادع ربك يدخلني الجنة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا يدخلها عجوز)، ثم قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلما رجع أتى عائشة، فقالت: يا رسول الله لقد لقيت

الحكم على الحديث

خالتك من كلمتك مشقة شديدة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن ذلك كذلك -إن شاء الله تبارك وتعالى- إذا أدخلهن الجنة حولهن أبكارا). وهذا سند صحيح، لكنه مرسل، وابن المسيب من كبار التابعين. أخرج البيهقي في (السنن الكبرى) 6: 42 بسند صحيح، إلى الإمام أحمد بن حنبل، قال: "مرسلات سعيد بن المسيب صحاح، لا نرى أصح من مرسلاته". وأخرجه أبو الشيخ في (أخلاق النبي -صلى الله عليه وسلم-) 1: 493 رقم (185)، من طريق ليث، عن مجاهد، قال: دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- على عائشة -رضي الله عنها-، وعندها عجوز، فقال: (من هذه؟) قالت: هي من أخوالي، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن العجز لا تدخل الجنة)، فشق ذلك على المرأة، فلما دخل النبي -صلى الله عليه وسلم-، قالت له عائشة، فقال: (إن الله عز وجل ينشئهن خلقا غير خلقهن). وليث؛ هو ابن أبي سليم، صدوق اختلط جدا، ولم يتميز حديثه؛ فترك، وهو ممن يعتبر بحديثه، فلا يحتج به، ولا يسقط بالكلية، وضعفه ناتج من جهة سوء الحفظ، لا من جهة العدالة. وسبق في الحديث رقم (17). وهو مرسل أيضا، مجاهد؛ هو ابن جبر، من ثقات التابعين، مات سنة 102 هـ. الحكم على الحديث: الحديث يترقى إلى الحسن بما سبق، والله أعلم. الغريب: قوله: عمشا، من العَمَش، وهو ضعف البصر مع سيلان الدمع في أكثر الأوقات. ينظر: القاموس المحيط 1: 816 (عمش). وقوله: رُمصا. قال في (النهاية) 2: 263 مادة (رمص): "يقال: غَمِصَت العَين، ورَمصَت، من الغَمَص والرمَص، وهو البياض الذي تَقْطَعه العين، ويَجتمع في زوايا الأجفان، والرمص الرطْب منه، والغَمص اليابس. والغُمْص والرُّمْص؛ جمْع أغْمَص وأرْمَص". *****

(256)

(256) عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: {عُرُبًا} قال: (كلامهن عربي). تخريجه: أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره 10: 3332 رقم (18790)، قال: ذكر عن سهل بن عثمان العسكري، حدثنا أبو علي، عن جعفر بن محمد، به. الحكم على الإسناد: ضعيف، لأنه إن كان المراد بالجد في جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب؛ علي بن الحسين زين العابدين، فهو مرسل لأنه تابعي، وإن كان المراد: الحسين بن علي بن أبي طالب، فهو منقطع. إضافة إلى الانقطاع بين ابن أبي حاتم، وبين سهل بن عثمان العسكري، فقد ولد ابن أبي حاتم سنة 240 هـ، ومات سهل سنة 235 هـ. وأبو علي؛ لم أتبينه، وسبق في الحديث رقم (87). وأشار إلى هذه الرواية: الألوسي في (روح المعاني) 27: 142 وقال: "ولا أظن لهذه صحة". *****

(257)

(257) عن أم سلمة -رضي الله عنها-، قالت: قلت: يا رسول الله، أخبرني عن قوله: {عُرُبًا أَتْرَابًا} قال: (هن اللواتي قبضن في دار الدنيا عجائز رُمصا شُمطا، خلقهن الله بعد الكبر، فجعلهن عذارى، عربا: متعشِّقات متحبِّبات، أترابا: على ميلاد واحد). تخريجه: أخرجه الطبراني في الكبير 23: 367 رقم (870)، وفي الأوسط 3: 278 رقم (3141)، قال: حدثنا بكر بن سهل الدمياطي، ثنا عمرو بن هشام البيروتي، ثنا سليمان بن أبي كريمة، عن هشام بن حسان، عن الحسن، عن أمه، عن أم سلمة .. فذكرته، وفيه زيادة. وعزاه في (الدر المنثور) 14: 159 إلى ابن مردويه. ترجمة رجال الإسناد، والحكم عليه: سبق دراسة هذا الإسناد، والحكم عليه في الحديث رقم (206)، والخلاصة: أن هذا الإسناد منكر، لعلل ذكرت هناك، والله أعلم. قال الطبراني عقبه، في (المعجم الأوسط) 3: 278: "لم يروه عن هشام؛ إلا سليمان، تفرد به عمرو". *****

(258)

قال تعالى: {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (39) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ} [الواقعة 39 - 40]. (258) عن أبي بكرة -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (39) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ} قال: (هما جميعا من هذه الأمة). تخريجه: أخرجه مسدد في مسنده، كما في (المطالب العالية) 4: 168 رقم (3754/ 2)، قال: حدثنا خاقان بن عبد الله، عن علي بن زيد، عن عقبة بن صهبان، عن أبي بكرة -رضي الله عنه- .. فذكره. وعزاه في (الدر المنثور) 14: 207 إلى: ابن المنذر، والطبراني، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف، لما يأتي: 1 - خاقان بن عبد الله بن الأهتم. ضعفه أبو داود، وقال الدارقطني: ليس بالقوي. وقال الذهبي: لا أعرفه. ينظر: الجرح والتعديل 3: 405، علل الدارقطني 7: 164، الميزان 1: 627، اللسان 2: 429. 2 - علي بن زيد بن جدعان. (بخ م 4) ضعيف، ومع ضعفه يكتب حديثه. روى له مسلم مقرونا بثابت البناني. مات سنة 131 هـ. ينظر: تهذيب الكمال20: 434، التقريب ص 401. وحسَّن إسناده السيوطيُ في (الدر المنثو) 14: 207. المتابعات والشواهد: تابع خاقان على هذا الحديث: حماد بن سلمة، فرواه عن علي بن زيد، به.

أخرجه الطبراني -كما في (تخريج أحاديث الكشاف) للزيلعي 3: 403 - قال: ثنا علي ابن عبد العزيز، ثنا حجاج بن المنهال، ثنا حماد بن سلمة، به. وحماد ومن دونه ثقات. قال المزي في (تهذيب الكمال) 20: 440: "قال عمرو بن علي: كان يحيى بن سعيد يتقي الحديث عن علي بن زيد، فسألته مرة عن حديث حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن عقبة بن صهبان، عن أبي بكرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله عز وجل: {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ} فقال: حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن عقبة بن صهبان، عن أبي بكرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم تركه، وقال: دعه". وهذه الحكاية أخرجها ابن عدي في (الكامل) 5: 197. والحديث سئل عنه الدارقطني في (العلل) 7: 164 رقم (1277)، فقال: "يرويه خاقان ابن عبد الله بن الأهتم، عن علي بن زيد، عن ابن صهبان، عن أبي بكرة -رضي الله عنه- مرفوعا. ورواه حماد بن زيد، عن علي بن زيد، عمن سمع أبا بكرة -رضي الله عنه- موقوفا، ولم يثبت. وخاقان: ليس بالقوي. وكان يحيى القطان حدث به عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن عقبة بن صهبان، عن أبي بكرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم تركه". وخالفهما -أعني: خاقان بن عبد الله، وحماد بن سلمة-: حمادُ بن زيد، فرواه عن علي ابن زيد، عن عقبة بن صهبان، عن أبي بكرة -رضي الله عنه-، موقوفا عليه. أخرجه الطيالسي في مسنده 2: 209 رقم (927)، ومسدد في مسنده، كما في (المطالب العالية) 4: 168 رقم (3754/ 1)، كلاهما عن حماد بن زيد، به. وعزاه في (الدر المنثور) 14: 207 إلى: ابن المنذر، وعبد بن حميد، وابن مردويه.

الحكم على الحديث

وعزاه الزيلعي في (تخريج أحاديث الكشاف) 3: 403 إلى إسحاق بن راهويه في مسنده. وهذا الوجه؛ قال عنه الدارقطني -كما سبق قريبا-: لم يثبت. وفيه: علي بن زيد، وهو ضعيف. وحديث أبي بكرة -رضي الله عنه- هذا؛ أورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 7: 119، وقال: "رواه الطبراني بإسنادين رجال أحدهما رجال الصحيح، غير علي بن زيد، وهو: ثقة سيء الحفظ". * ويشهد له: ما رواه ابن عباس -رضي الله عنهما-، في قول: {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (39) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ} قال: قال رسول الله: (هما جميعا من أمتي). أخرجه الطبري 22: 334، وابن عدي في (الكامل) 1: 386، والبغوي في تفسيره 8: 18، من طريق أبان بن أبي عياش، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما. وأبان بن أبي عياش، هو العبدي، متروك. ينظر: تهذيب الكمال 2: 19 التقريب ص 87. والحديث عزاه في (الدر المنثور) 14: 207 إلى: الفريابي، وابن المنذر، وعبد بن حميد، وابن مردويه. وضعف إسناده الطبري 22: 333، والسيوطي في (الدر المنثور) 14: 207. وقد روي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- موقوفا عليه، في قوله تعالى: {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (39) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (40)} [الواقعة: 39، 40] قال: (الثلتان جميعا من هذه الأمة). عزاه في (الدر المنثور) 14: 207 إلى: عبد الرزاق، وابن المنذر، وابن مردويه. ولم أقف عليه مسندا. الحكم على الحديث: ضعيف. *****

(259)

قال تعالى: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} [الواقعة: 82]. (259) عن علي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ} يقول: (شكركم، {أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} تقولون: مطرنا بنوء كذا وكذا، بنجم كذا وكذا). تخريجه: أخرجه أحمد 1: 108، قال: حدثنا حسين بن محمد، حدثنا إسرائيل، عن عبد الأعلى، عن أبي عبد الرحمن، عن علي -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه الترمذي (3295) في التفسير: باب ومن سورة الواقعة، وأحمد أيضا 1: 89، وعبد الله بن أحمد في (زوائد المسند) 1: 131، والبزار 2: 208 رقم (593 - البحر الزخار)، والطبري 22: 369، والخرائطي في (مساوىء الأخلاق) ص 272 رقم (784)، من طريق إسرائيل، به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 14: 226 إلى: ابن منيع، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف، فيه: عبد الأعلى بن عامر الثعلبي الكوفي. (4) ضعفه أحمد، وأبو زرعة، وابن سعد. وسبق في الحديث رقم (185). ورواه سفيان الثوري، عن عبد الأعلى، عن أبي عبد الرحمن، عن علي -رضي الله عنه- موقوفا. أخرجه الطبري 22: 369، وأشار إليه الترمذي في جامعه عقب الحديث (3295). وجاء في مسند أحمد 1: 108 عقب الحديث: "قال مؤمل -يعني ابن إسماعيل، أحد شيوخ الإمام أحمد-: قلت لسفيان -يعني: الثوري- إن إسرائيل رفعه؟ قال: صبيان، صبيان". والحديث سئل عن الدارقطني في (العلل) 4: 163 رقم (487) فقال: "يرويه عبد الأعلى التغلبي، عن أبي عبد الرحمن، واختلف عنه: فرواه إسرائيل، وأبان بن تغلب، عن عبد الأعلى، ورفعه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-.

الشواهد

وخالفهما: الثوري؛ فرواه عن عبد الأعلى، عن أبي عبد الرحمن، عن علي -رضي الله عنه-، موقوفا. ويشبه أن يكون الاختلاف من جهة عبد الأعلى". وقال البزار في مسنده 2: 208: "وهذا الحديث لا نعلم رواه عن أبي عبد الرحمن إلا عبد الأعلى الثعلبي، ولا يروى عن علي -رضي الله عنه- إلا من هذا الوجه". الشواهد: يشهد للحديث: ما رواه ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: (مطر الناس على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أصبح من الناس شاكر، ومنهم كافر، قالوا: هذه رحمة الله، وقال بعضهم: لقد صدق نوء كذا وكذا)، قال: فنزلت هذه الآية: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ}، حتى بلغ: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ}). أخرجه مسلم (73) في الإيمان: باب بيان كفر من قال: مطرنا بالنوء. وعزاه في (الدر المنثور) 14: 224 إلى: ابن المنذر، وابن مردويه. ويشهد لأوله: حديث عائشة -رضي الله عنه- قالت: ما فسَّر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من القرآن إلا آيات يسيرة، قوله: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ} قال: (شكركم). أخرجه الخطيب في (تاريخ بغداد) 13: 253، وابن عساكر في (تاريخ دمشق) 43: 247، من طريق أبي عمرو بن العلاء، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة -رضي الله عنها-، قالت: .. فذكرته. لكن في سنده: أحمد بن الحسن المقرىء، ولقبه: دبيس، قال الدارقطني: ليس بثقة، وقال الخطيب: منكر الحديث، وذكره الذهبي في الضعفاء. ينظر: تاريخ بغداد 4: 88، المغني في الضعفاء 1: 36، لسان الميزان 1: 257. الحكم على الحديث: صحيح بالشاهد الأول المذكور، والله أعلم. *****

سورة الحديد

سورة الحديد قال تعالى: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الحديد: 3]. (260) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأمرنا إذا أخذنا مضجعنا أن نقول: (اللهم رب السماوات ورب الأرض ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء، فالق الحب والنوى، ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عنا الدين، وأغننا من الفقر). تخريجه: أخرجه مسلم (2713) في الذكر والدعاء: باب ما يقول عند النوم، وأخذ المضجع، وأبو داود (5051) في الأدب: باب ما يقال عند النوم، والترمذي (3400) في الدعوات: باب (19)، وابن ماجه (3873) في الدعاء: باب ما يدعو به إذا أوى إلى فراشه، وأحمد 2: 381، من طرق عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. *****

سورة الممتحنة

سورة الممتحنة قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12)} [الممتحنة 12]. (261) عن أم سلمة -رضي الله عنها- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: {وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ} قال: (النوح). تخريجه: أخرجه أحمد 6: 320 قال: حدثنا وكيع، حدثنا يزيد بن عبد الله مولى الصهباء، عن شهر بن حوشب، عن أم سلمة .. فذكرته. وأخرجه الترمذي (3307) في التفسير: باب ومن سورة الممتحنة، وابن ماجه (1579) في الجنائز: باب في النهي عن النياحة، وابن سعد في الطبقات 8:8، وابن أبي شيبة في (المصنف) 3: 389، والطبري 22: 599، والطبراني في الكبير 23: 337 رقم (782)، و24: 181 رقم (458)، كلهم من طريق يزيد بن عبد الله، به، بنحوه. ولفظ الترمذي، والطبراني في الموضع الثاني، فيه زيادة قصة. وعزاه في (الدر المنثور) 14: 430 إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردوية. الحكم على الإسناد: الحديث تفرد به شهر بن حوشب، وسبق في الحديث رقم (107)، لكن نظرا لأن أم سلمة في السند. هي: أسماء بنت يزيد بن السكن، كما حكاه الترمذي عن شيخه عبد بن حميد، عقب الحديث، ومشى عليه الحافظ المزي في (تحفة الأشراف) 11: 265، وهي -أعني: أسماء بنت يزيد بن السكن- مولاته، فيكون له بها مزيد قرب؛ فيقبل ذلك منه، والله أعلم.

الشواهد

الشواهد: يشهد لهذا الحديث؛ أحاديث كثيرة، منها: 1 - عن أم عطية قالت: لما نزلت هذه الآية: {يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا ..} {وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ} قالت: كان منه النياحة، قالت: فقلت: يا رسول الله، إلا آل فلان فإنهم كانوا أسعدوني في الجاهلية، فلابد لي من أن أسعدهم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إلا آل فلان). أخرجه مسلم (937) في الجنائز: باب التشديد في النياحة، وأحمد 5: 85. فائدة: المراد بالإسعاد: هو إسْعاد النّساء في المنَاحات؛ تقومُ المرأةُ فتقومُ معها أُخْرى من جَاراتها فتُسَاعِدها على النِّياحَة. ينظر: النهاية لابن الأثير 2: 366 مادة (سعد). 2 - عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده، قال: جاءت أميمة بنت رُقيقة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تبايعه على الأسلام، فقال: (أبايعك على أن لا تشركي بالله شيئا، ولا تسرقي ولا تزني، ولا تقتلي ولدك، ولا تأتي ببهتان تفترينه بين يديك ورجليك، ولا تنوحي، ولا تبرجي تبرج الجاهلية الأولى). أخرجه أحمد 2: 196 قال: حدثنا خلف بن الوليد، حدثنا ابن عياش، عن سليمان بن سليم، عن عمرو بن شعيب، به. وخلف بن الوليد؛ ثقة، وابن عياش؛ هو: إسماعيل الشامي، روايته عن أهل بلده جيدة، كما سبق بيانه في الحديث رقم (65)، وشيخه؛ سليمان بن سليم؛ شامي ثقة، كما في التقريب ص 251، فالسند حسن. وفي الباب غير ذلك، ينظر: (الدر المنثور) 14: 425 - 433. الحكم على الحديث: صحيح. *****

سورة الجمعة

سورة الجمعة قال تعالى: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3)} [الجمعة: 3]. (262) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: كنا جلوسا عند النبي -صلى الله عليه وسلم- فأنزلت عليه سورة الجمعة: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} قال: قلت: من هم يا رسول الله؟ فلم يراجعه حتى سأل ثلاثا، -وفينا سلمان الفارسي -رضي الله عنه-، وضع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يده على سلمان- ثم قال: (لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال -أو رجل- من هؤلاء). تخريجه: أخرجه أحمد 2: 417، والبخاري (4897) في التفسير: باب قوله تعالى: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ}، ومسلم (2546) (231) في فضائل الصحابة: باب فضل فارس، والترمذي رقم (3310) في التفسير: باب ومن سورة الجمعة، و (3933) في المناقب: باب في فضل العجم، كلهم من طريق ثور بن زيد، عن أبي الغيث، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. فائدة: هذا المتن (لو كان الإيمان عند الثريا ..) ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- على ثلاثة أوجه، سبق بيانها عند الحديث رقم (229). *****

سورة الطلاق

سورة الطلاق قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: 1]. (263) عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه طلق امرأته وهي حائض على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فسأل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذلك، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مره فليراجعها، ثم ليمسكها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم إن شاه أمسك بعد وإن شاء طلق قبل أن يمس، فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء). تخريجه: أخرجه البخاري (5251) في الطلاق: باب قول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}، و (4908) في التفسير: سورة الطلاق، و (5332) في الطلاق: باب وبعولتهن أحق بردهن في العدة، ومسلم (1471) في الطلاق: باب تحريم طلاق الحائض .. إلخ، وأبو داود (2179) (2181) (2182) (2183) (2184) (2185) في الطلاق: باب في طلاق السنة، والترمذي (1176) في الطلاق: باب ما جاء في طلاق السنة، والنسائي (3389) (3390) (3391) (3392) في الطلاق: باب وقت الطلاق للعدة التي أمر الله عز وجل، و (3396) (3397) فيه: باب ما يفعل إذا طلق تطليقة وهي حائض، و (3399) (3400) فيه: باب الطلاق لغير العدة .. ، و (3555) (3556) (3557) فيه: باب الرجعة، وابن ماجه (2019) في الطلاق: باب طلاق السنة، و (2023) فيه: باب الحامل كيف تطلق، ومالك في (الموطأ) 2: 576 رقم

(1220) في الطلاق: باب ما جاء في الأقراء، وأحمد 2: 6، 54، 63، 102، 124، والدارمي (2262) (2263) في الطلاق: باب السنة في الطلاق، من طرق عن ابن عمر -رضي الله عنهما-، بمعناه. وزاد في بعض ألفاظ مسلم، وأبو داود (2185)، والنسائي (3392): وقرأ النبي -صلى الله عليه وسلم-: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ} في قبل عدتهن. *****

سورة التحريم

سورة التحريم قال تعالى: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} [التحريم: 4]. (264) عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قول الله عز وجل: {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} قال: (صالح المؤمنين: أبو بكر وعمر). تخريجه: أخرجه الطبراني في الكبير 10: 253 رقم (10477) قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، ثنا الحسن بن حريث، ثنا عبد الرحيم بن زيد العمي، عن أبيه، عن شقيق بن سلمة، عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه أبو نعيم في (فضائل الخلفاء الأربعة) ص 100 رقم (102)، والخطيب في (تاريخ بغداد) 1: 304، من طريق الحسين بن حريث، به. وعزاه في (الدر المنثور) 14: 587 إلى ابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف جدا، لما يأتي: 1 - عبد الرحيم بن زيد بن الحواري العمي، أبو زيد البصري. (ق) متروك، وكذبه ابن معين. مات سنة 184 هـ. ينظر: تهذيب الكمال 18: 34، التقريب ص 354. 2 - زيد بن الحواري العَمَّي، أبو الحواري البصري. (4) قيل: سمي العمي؛ لأنه كلما سئل عن شيء، قال: حتى أسال عمِّي. ضعيف، ضعفه ابن المديني، وابن معين، وأبو حاتم، وأبو زرعة، والنسائي، وغيرهم. وهكذا قال ابن حجر في التقريب. ينظر: الجرح والتعديل 3: 560، تهذيب الكمال 10: 56، التقريب ص 223.

الشواهد

والحديث أورده في (مجمع الزوائد) 7: 127 وقال: "رواه الطبراني، وفيه: عبد الرحيم ابن زيد العمي، وهو متروك". الشواهد: ذكر السيوطي في (الدر المنثور) 14: 588 شاهدا لهذا الحديث: عن أبي أمامة -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: {وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} قال: (أبو بكر وعمر). وعزاه إلى الحاكم، وهو في المستدرك 3: 69 من طريق موسى بن عمير، عن مكحول، عن أبي أمامة -رضي الله عنه- موقوفا. وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. وتعقبه الذهبي، فقال: "موسى واه". وموسى بن عمير؛ هو أبو هارون الكوفي، متروك، وكذبه أبو حاتم. ينظر: تهذيب الكمال 29: 128، التقريب ص 553. ومكحول؛ لم يسمع من أبي أمامة -رضي الله عنه-. ينظر: (المراسيل) لابن أبي حاتم ص 212. ووردت آثار عن بعض الصحابة بذلك، كما في (الدر المنثور) 14: 588. *****

سورة القلم

سورة القلم قال تعالى: {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1)} [القلم: 1]. (265) عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أن أول ما خلق الله تعالى القلم والحوت؛ قال: ما أكتب؟ قال: كل شيء كان إلى يوم القيامة، ثم قرأ: {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1)}، فالنون: الحوت، والقلم: القلم). تخريجه: أخرجه الطبراني 11: 433 رقم (12227)، قال: حدثنا أبو حبيب زيد بن المهتدي المروذي، ثنا سعيد بن يعقوب الطالقاني، ثنا مؤمل بن إسماعيل، ثنا حماد بن زيد، عن عطاء بن السائب، عن أبي الضحى مسلم بن صبيح، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- .. فذكره. عزاه في (الدر المنثور) 14: 618 إلى: ابن جرير الطبري -ولم أجده فيه-، وابن مردوية. الحكم على الإسناد: ضعيف، لمايأتي: 1 - شيخ الطبراني: زيد بن المهتدي بن يحيى بن سلمان، أبو حبيب المروذي. ذكره الخطيب، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. ينظر: تاريخ بغداد 8: 448. 2 - مؤمل بن إسماعيل القرشي العدوي، أبو عبد الرحمن البصري، نزيل مكة. (خت ت س ق) وثقه ابن معين، وإسحاق بن راهويه. وذكره الذهبي فيمن تكلم فيه وهو موثق. وقال أبو حاتم: صدوق، شديد في السنة، كثير الخطأ، يكتب حديثه. وقال البخاري: منكر الحديث. وقال أبو عبيد الآجري: سألت أبا داود عن مؤمل بن إسماعيل، فعظمه ورفع من شأنه إلا أنه يهم في الشيء. وذكره ابن حبان في (كتاب الثقات)، وقال: ربما أخطأ.

وقال أبو زرعة: في حديثه خطأ كثير. وقال يعقوب بن سفيان: مؤمل أبو عبد الرحمن؛ شيخ جليل سني، سمعت سليمان بن حرب يحسن الثناء، كان مشيختنا يوصون به إلا أن حديثه لا يشبه حديث أصحابه، وقد يجب على أهل العلم أن يقفوا عن حديثه، فإنه يروي المناكير عن ثقات شيوخه، وهذا أشد فلو كانت هذه المناكير عن الضعفاء لكنا نجعل له عذرا. وقال الساجي: صدوق كثير الخطأ، وله أوهام يطول ذكرها. وقال ابن سعد: ثقة كثير الغلط. وقال الدارقطني: ثقة كثير الخطأ. وقال محمد بن نصر المروزي: المؤمل إذا انفرد بحديث وجب أن يتوقف ويثبت فيه، لأنه كان سيء الحفظ كثير الغلط. وفي التقريب: صدوق سيء الحفظ. مات سنة 206 هـ. والحاصل أنه مرضي من جهة العدالة، غير مرضي من جهة الحفظ والضبط، لما وقع في حديثه من الأوهام والأغلاط، لاسيما عن شيوخه الأثبات، فمثله يعتبر به، ويقبل في المتابعات ونحوها، لكن لا يحتمل تفرده، فضلا عن مخالفته للثقات. ينظر: طبقات ابن سعد 5: 501، الجرح والتعديل 8: 374، الثقات 9: 187، تهذيب الكمال 29: 176، الميزان 4: 228، السير 10: 110، ذكر أسماء من تكلم فيه وهو موثق ص 183، الكاشف 2: 309، تهذيب التهذيب 10: 339، التقريب ص 555. وقد تفرد مؤمل بهذا، ولا يحتمل منه. قال الطبراني -عقب الحديث-: لم يرفعه عن حماد بن زيد؛ إلا مؤمل بن إسماعيل. وأورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 7: 128 وقال: "رواه الطبراني، .. ومؤمل: ثقة كثير الخطأ، وقد وثقه ابن معين وغيره، وضعفه البخاري وغيره، وبقية رجاله ثقات". والحديث أخرجه عبد الله بن أحمد في (السنة) 2: 401 رقم (871)، والطبري في تفسيره 23: 142، وفي تاريخه 1: 39، من طريق جرير بن عبد الحميد، عن عطاء بن السائب، عن أبي الضحى مسلم بن صبيح، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: (إن أول شيء خلق

ربي القلم، فقال له: اكتب، فكتب ما هو كائن إلى أن تقوم الساعة، ثم خلق النون فوق الماء، ثم كبس الأرض عليه). واللفظ للطبري. ورواية جرير عن عطاء بعد اختلاطه. وليس فيه تعيين أنه المراد في الآية صراحة. لكن أخرجه الآجري في (كتاب الشريعة) 1: 517 رقم (182) من طريق أبي هشام الرفاعي، قال: حدثنا محمد بن الفضيل، قال: حدثنا عطاء، عن أبي الضحى، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: (أول ما خلق الله تعالى القلم، فقال: اكتب. قال: وما أكتب؟ قال: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة، ثم خلق النون فكبس على ظهره الأرض، فذلك قوله تعالى: {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1)} [القلم: 1]). وأبو هشام الرفاعي، اسمه: محمد بن يزيد، قال البخاري: رأيتهم مجمعين على ضعفه. ينظر: تاريخ بغداد 3: 377، التقريب ص 514. ورواية محمد بن الفضيل، عن عطاء، بعد اختلاطه. وأخرجه عبد الرزاق في تفسيره 2: 307 عن معمر والثوري، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: (إن أول ما خلق الله من شيء؛ خلق القلم، فقال: اكتب. فقال: أي ورب، وما أكتب؟ قال: اكتب القدر، فجرى بما هو كائن في ذلك اليوم إلى أن تقوم الساعة، ثم طوى الكتاب، ورفع القلم فارتفع بخار الماء ففتق السماوات، ثم خلق النون، ئم بسط الأرض عليها فاضطربت النون فمادت الأرض، فخلق الجبال فوتدها فإنها لتفخر على الأرض، ثم قرأ أبن عباس: {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} إلى {مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ}). وهذا سند صحيح، وأبو ظبيان، اسمه: حصين بن جندب الجنبي، ثقة، أخرج حديثه الجماعة. ينظر: التقريب ص 169.

وأخرجه ابن أبي شيبة 14: 101، والطبري في تفسيره 23: 140 - 141، وفي تاريخه 1: 33، والآجري في (الشريعة) 1: 518 رقم (183)، والحاكم في المستدرك 2: 498، والبيهقي في (الأسماء والصفات) 2: 239 رقم (804)، من طريق الأعمش، به، بمعناه. ومثله لا يقال من قبيل الرأي، فله حكم الرفع، لكن عرف عن ابن عباس أنه كان يأخذ عن كعب الأحبار. وقد أفاد فضيلة الدكتور محمد الخضيري في دراسته (تفسير التابعن) -2/ 883 - أن روايات ابن عباس رضي الله عنهما عن بني إسرائيل قاربت (350) رواية. وقد ساق ابن حجر في الفتح 5: 343 أثرا عن ابن عباس في تفسير آية، ثم قال: "وهو في حكم المرفوع، لأن ابن عباس كان لا يعتمد على أهل الكتاب". قلت: ويدل عليه ما أخرجه البخاري في صحيحه رقم (2685) في الشهادات: باب لا يسأل أهل الشرك عن الشهادة وغيرها، بسنده إلى ابن عباس رضي الله عنهم قال: (يا معشر المسلمين، كيف تسألون أهل الكتاب، وكتابكم الذي أنزل على نبيه -صلى الله عليه وسلم- أحدث الأخبار بالله، تقرءونه لم يشب؟! وقد حدثكم الله أن أهل الكتاب بدلوا ما كتب الله، وغيروا بأيديهم الكتاب، فقالوا: هو من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا، أفلا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مساءلتهم، ولا والله ما رأينا منهم رجلا قط يسألكم عن الذي أنزل عليكم). قلت: وهذا موضع إشكال، ويمكن الجمع بين الأمرين بتوجيهات منها: 1 - أن يحمل إنكاره على ابتداء السؤال، دون مجرد الحديث عنهم. وهذا ملحظ معتبر للفرق الظاهر بين الصورتين، وله أصل في المرفوع، وذلك فيما رواه جاير بن عبد الله -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لاتسألوا أهل الكتاب عن شىء، فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا، فإنكم إما أن تصدقوا بباطل أو تكذبوا بحق، فإنه لو كان موسى حيا بين أظهركم ما حل له إلا أن بتبعني) رواه أحمد 3: 338، وأبو يعلى رقم (2135)، والبيهقي في (السنن الكبرى) 2: 10، وغيرهم من طريق مجالد بن سعيد، عن الشعبي، عن جابر -رضي الله عنه-.

ومجالد فيه ضعف، وسبق في الحديث رقم (78). وصدر الحديث: (لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء)؛ جعله الإمام البخاري ترجمة لأحد الأبواب في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة من صحيحه. وأما مطلق الحديث عنهم ففيه الإذن النبوي الصريح، بقوله -صلى الله عليه وسلم-: (حدثوا عن بني إسرائيل، ولا حرج) رواه البخاري (3461) في أحاديث الأنبياء: باب ما ذكر عن بني إسرائيل، وغيره. 2 - أنه أخذ عن مسلمة أهل الكتاب مثل كعب الأحبار، وليس هذا كمن يتلقى عن أهل الكتاب -من الأحبار والرهبان- وهم على دينهم. ووجه ذلك أنه كان تقدم منه -صلى الله عليه وسلم- الزجر عن الأخذ عنهم والنظر في كتبهم، ثم جاءت الرخصة في الحديث عنهم، فلعله فهم أن النهي المتقدم لمن كان كافرا، ثم جاءت الرخصة في الحديث بعد أن دخل بعضهم في الإسلام. ينظر: (المقدمات الأساسية) ص 343 وما بعدها، مجموعة مقالات حول الموضوع منشورة في (ملتقى أهل التفسير) على الإنترنت. كما أن أثر ابن عباس المستشهد به هنا؛ يدل على موضع الشاهد إشارة لا نصا. هذا وأصل حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- في أولية خلق القلم؛ مروي عنه من طرق كثيرة مرفوعا وموقوفا. *****

(266)

(266) عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (النون: اللوح المحفوظ، والقلم من نور ساطع). تخريجه: أخرجه الرافعي في (التدوين في أخبار قزوين) 2: 414، قال: أنبأنا الإمام أبو القاسم عبد الله بن حيدر في كتابه، أنبأنا الحسن بن عبد العزيز، ثنا والدي عبد العزيز، أنبأنا أبو علي الحسين بن عبد الله بن نصر، أنبأنا أبو القاسم الحسين بن محمد بن عمر الشيرازي، أنبأنا أبو محمد عبد الله بن حولة الأديب بأصبهان، ثنا عبد الله بن محمد بن عيسى الخشاب، ثنا أبو علي الحسين بن محمد بن حمزة، ثنا أبو جعفر أحمد بن صالح التميمي، عن عبد الغفار بن عبد الحكم القرشي، عن جعفر بن محمد الحنظلي، عن جويبر، عن الضحاك بن مزاحم، عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- ... فذكره. النظر فى الإسناد: هذا الإسناد ضعيف جدا. فيه: 1 - جويبر بن سعيد الأزدي، أبر القاسم البلخي، عداده في الكوفيين. (ق) ضعيف جدا. وسبق في الحديث رقم (15). 2 - الضحاك بن مزاحم الهلالي، أبو القاسم -ويقال أبو محمد- الخراساني. (4) نص الأئمة: عبد الملك بن ميسرة، وشعبة، وأبو زرعة، وابن حبان، والدارقطني، وغيرهم أنه لم يسمع من ابن عباس -رضي الله عنهما-. وسبق في الحديث رقم (15). وفي الإسناد من لم أعرفهم. *****

(267)

(267) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (أول ما خلق الله القلم، ثم خلق النون، وهي: الدواة، قال: وذلك في قوله تعالي: {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} ثم قال له: اكتب. قال: وما أكتب؟ قال: ما كان وما هو كائن من عمل أو أجل أو أثر، فجرى القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة، ثم ختم على في القلم فلم ينطق ولا ينطق إلى يوم القيامة، ثم خلق العقل، فقال الجبار: ما خلقت خلقا أعجب إليَّ منك، وعزتي لأكملنك فيمن أحببت، ولأنقصنك ممن أبغضت). ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (فأكمل الناس عقلا أطوعهم لله، وأعملهم بطاعته، وأنقص الناس عقلا أطوعهم للشيطان، وأعملهم بطاعته). تخريجه: أخرجه ابن عدي في (الكامل) 6: 269 قال: حدثنا عيسى بن أحمد بن يحيى الصدفي، بمصر، ثنا الربيع بن سليمان الجيزي، ثنا محمد بن وهب الدمشقي، ثنا الوليد بن مسلم، ثنا مالك بن أنس، عن سمي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه السمعاني في (أدب الإملاء والاستملاء) ص 158، وابن عساكر في (تاريخ مدينة دمشق) 56: 208، من طريق الربيع بن سليمان، به، بنحوه. ولفظ السمعاني مختصر بذكر القلم دون العقل. الحكم على الإسناد: ضعيف، فيه: محمد بن وهب بن مسلم القرشي الدمشقي. نقل الذهبي في (الميزان) عن ابن عساكر أنه قال فيه: ذاهب الحديث. ولم أجده في ترجمته في (تاريخ دمشق). وقال الذهبي: ليس بثقة. وقال ابن حجر: ضعيف. وقد خلط ابن عدي هذا الرجل بـ: (محمد بن وهب بن عطية الدمشقي)، وابن عطية هذا؛ ثقة، أخرج له البخاري، وأما ابن مسلم فليس من رجال الكتب الستة، وإنما ذكر تمييزا. وقد نبه الذهبي، وابن حجر على هذا الوهم. ينظر: تاريخ دمشتق 56: 207، السير 10: 670، الميزان 4: 61، اللسان 5: 413، التقريب ص 512.

المتابعات

والوليد بن مسلم القرشي، ثقة لكنه كثير التدليس والتسوية، ولم يقع التصريح بالسماع في جميع طبقات الإسناد ممن فوقه. وسبق في الحديث رقم (209). قال ابن عدي عقبه: "وهذا بهذا الإسناد؛ باطل منكر". وقال الذهبي في (ميزان الاعتدال) 4: 61: "صدق ابن عدي في أن الحديث باطل". والحديث أورده الدارقطني في الغرائب، -كما في (لسان الميزان) 5: 415 - وقال: هذا حديث غير محفوظ عن مالك، ولا عن سمي. المتابعات: ورد حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- من طريق أخرى، فقد أخرجه ابن أبي حاتم -كما في تفسير ابن كثير 8: 186 - والآجري في (كتاب الشريعة) 1: 513 رقم (179)، وابن عساكر في (تاريخ مدينة دمشق) 61: 385، من طريق الحسن بن يحيى الخشني، عن أبي عبد الله، مولى بني أمية، عن أبي صالح، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول -فذكره، وفيه:- (أول شيء خلق الله القلم، ثم خلق النون، وهي الدواة ..). والحسن بن يحيى الخشني، ضعيف، وتركه بعضهم. وفي التقريب: صدوق كثير الغلط. ينظر: المجروحين 1: 235، تهذيب الكمال 6: 339، التقريب ص 164. والحديث أورده ابن كثير في تفسيره 8: 186، وقال: غريب جدا. الشواهد: يشهد للحديث؛ ما رواه علي -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (أول ما خلق الله القلم، ثم خلق الدواة، وهو قوله تعالى: {ن وَالْقَلَمِ} النون: الدواة، ثم قال للقلم: خط ما هو كائن إلى أن تقوم الساعة من خلق أو أجل أو رزق أو عمل أو ما هو كائن إلى أن تقوم الساعة من جنة أو نار، وخلق العقل فاستنطقه فأجابه، ثم قال له: اذهب. فذهب ثم قال

له: أقبل، فأقبل، ثم استنطقه فأجابه، ثم قال: وعزتي وجلالي ما خلقت من شيء أحب إلي منك، ولا أحسن منك ولأجعلنك فيمن أحببت، ولأنقصنك ممن أبغضت)، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أكمل الناس عقلا أطوعهم لله وأعملهم بطاعته، وأنقص الناس عقلا أطوعهم للشيطان، وأعملهم بطاعته). أخرجه الخطيب في (تاريخ بغداد) 13: 39، قال: أخبرني علي بن أحمد الرزاز أخبرني أبو الفرج علي بن الحسين بن محمد الكاتب المعروف بابن الأصبهاني أخبرني أبو جعفر أحمد بن محمد بن نصر القاضي ببغداد حدثني محمد بن الحسن الزرقي حدثني موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن حسن بن حسن، قال: حدثتني فاطمة بنت سعيد بن عقبة بن شداد بن أمية الجهني عن أبيها عن زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي -رضي الله عنه- .. فذكره. أبو الفرج الأصبهاني؛ صاحب كتاب الأغاني، قال الخطيب في ترجمته من (تاريخ بغداد) 11: 398: "حدثني أبو عبد الله الحسين بن محمد بن القاسم بن طباطبا العلوي، قال: سمعت أبا محمد الحسن بن الحسن النوبختي، يقول: كان أبو الفرج الأصبهاني أكذب الناس، كان يدخل سوق الوراقين وهي عامرة، والدكاكين مملوءة بالكتب، فيشتري شيئا كثيرا من الصحف ويحملها إلى بيته، ثم تكون رواياته كلها منها. قال العلوي: وكان أبو الحسن البتي يقول: لم يكن أحد أوثق من أبي الفرج الأصبهاني". وقال الذهبي -في (سير أعلام النبلاء) 16: 202 - : "لا بأس به، وكان وسخا زريا، وكانوا، يتقون هجاءه". وقال في (الميزان) 3: 123: "شيعي، وهذا نادر في أموي .. يأتي بأعاجيب بحدثنا وأخبرنا، وكان طلبه قي حدود الثلاثمائة، فكتب ما لا يوصف كثرة، حتى لقد اتهم، والظاهر أنه صدوق". وفيه جماعة لم أعرف حالهم.

الحكم على الحديث

والحديث أشار إليه الشوكاني في (الفوائد المجموعة) ص 479، وعلق عليه الشيخ المعلمي -رحمه الله-، فقال: "وسنده مظلم". وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: (إن الله خلق النون وهي الدواة، وخلق القلم، فقال: اكتب. فقال: ما أكتب؟ قال: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة ..). أخرجه الطبري 23: 143 من طريق ثابت الثمالي، عن ابن عباس -رضي الله عنهما-. وثابت؛ متفق على ضعفه وهو يروي عن عكرمة مولى ابن عباس، ولم يذكر بالرواية عن ابن عباس -رضي الله عنهما-. ينظر: تهذيب الكمال 4: 357، التقريب ص 132. وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 7: 259 من طريق الحكم، عن بعض أصحابه، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: أول ما خلق الله القلم، ثم خلقت له النون وهي الدواة. وفي سنده مبهم. وفي (تفسير آدم بن أبي إياس) -المنسوب إلى مجاهد- 2: 687: حدثنا شريك، عن أبي اليقظان، عن يحيى بن الجزار، عن ابن عباس، في قوله: {ن وَالْقَلَمِ} قال: (النون: الدواة، والقلم: القلم). وأبو اليقظان؛ اسمه: عثمان بن عمير البجلي، متفق على ضعفه، واختلط، وكان يدلس. ينظر: تهذيب الكمال 19: 469، التقريب ص 386. الحكم على الحديث: باطل بالسياق المذكور، وقد أورده الشوكاني في (الفوائد المجموعة) ص 478، وأولية خلق القلم ثابت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. وقال العلامة ابن القيم -رحمه الله- في (المنار المنيف) ص 66: "أحاديث العقل كلها كذب". *****

(268)

(268) عن معاوية بن قرة، عن أبيه -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ({ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} لوح من نور، يجري بما هو كائن إلى يوم القيامة). تخريجه: أخرجه الطبري 23: 144 قال: حدثنا الحسن بن شبيب المكتب، قال: ثنا محمد بن زياد الجزري، عن فرات بن أبي الفرات، عن معاوية بن قرة .. فذكره. الحكم على الإسناد: موضوع، فيه: 1 - الحسن بن شبيب المكتب. قال ابن عدي: حدث عن الثقات بالبواطيل، وأوصل أحاديث هي مرسلة. وذكره الذهبي في الضعفاء. ينظر: الكامل 2: 330، المغني في الضعفاء 1: 160، اللسان 2: 254. 2 - محمد بن زياد الجزري اليشكري الحنفي. قال أحمد: كان أعور كذابا خبيثا، يضع الأحاديث. وقال ابن حبان: كان ممن يضع الحديث على الثقات، ويأتي عن الأثبات بالأشياء المعضلات. وقال الحاكم: يروي عن ميمون بن مهران وغيره الموضوعات. ينظر: الجرح والتعديل 7: 258، المجروحين 2: 250، المدخل إلى الصحيح للحاكم ص 194. والحديث قال عنه ابن كثير في تفسيره 8: 186: "هذا مرسل غريب". *****

(269)

قال تعالى: {عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ} [القلم 13]. (269) عن زيد بن أسلم في قوله تعالى: {عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ} قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (تبكي السماء من رجل أصح الله جسمه، وأرحب جوفه، وأعطاه من الدنيا مقضما، وكان للناس ظلوما، فذلك العتل الزنيم). تخريجه: أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 2: 308، قال: عن معمر، عن زيد بن أسلم .. فذكره. وأخرجه الطبري 23: 163 من طريق معمر، به، بلفظه. وعزاه في (الدر المنثور) 14: 632 إلى ابن المنذر. الحكم على الإسناد: إسناد ضعيف لإرساله أو إعضاله، وهو صحيح إلى مرسله. وأخرجه عبد الرزاق في تفسيره أيضا 2: 308، عن ابن عيينة، عن معمر، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مثله. وسنده صحيح لكنه مرسل أيضا، لكن عطاء بن يسار من كبار التابعين، مات سنة 94 هـ، وجل روايته عن الصحابة. الشواهد: يشهد لهذا الحديث ما يأتي: 1 - عن شهر بن حوشب، عن عبد الرحمن بن غنم، قال: سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن العتل الزنيم، فقال: (هو الشديد الخلق المصحح، الأكول الشروب، الواجد للطعام والشراب، الظلوم للناس، رحب الجوف). أخرجه أحمد 4: 227، وابن عساكر في (تاريخ دمشق) 41: 299، وابن الأثير في (أسد الغابة) 3: 488، من طريق عبد الحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشب، به. وعزاه في (الدر المنثور) 14: 630 إلى: عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه.

وأورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 7: 128، وقال: "رواه أحمد، وفيه: شهر، وثقه جماعة، وفيه ضعف، وعبد الرحمن بن غنم؛ ليس له صحبة على الصحيح". وشهر بن حوشب؛ فيه مقال، وقد سبق الكلام فيه في الحديث رقم (107). وعبد الرحمن بن غنم؛ هو الأشعري الشامي. مختلف في صحبته. ذكره ابن سعد في الطبقة الأولى من تابعي أهل الشام وقال: كان ثقة إن شاء الله، بعثه عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إلى الشام يفقه الناس. وذكره ابن حبان في الثقات وقال: زعموا أن له صحبة، وليس ذلك بصحيح عندي. وقال ابن عبد البر: كان مسلماً على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يره، ولم يفد إليه. وجزم بذلك الهيثمي، فقال في (مجمع الزوائد) 7: 128: "عبد الرحمن بن غنم؛ ليس له صحبة على الصحيح". وأثبت له الصحبة: البخاري، ويحيى بن بكير، والليث بن سعد، وابن لهيعة، وغيرهم. وقال الذهبي: يحتمل أن يكون له صحبة. وقال الحافظ: مختلف في صحبته. مات سنة 78 هـ. ينظر: الطبقات لابن سعد 7: 441، التاريخ الكبير 5: 247، الجرح والتعديل 5: 274، الثقات 5: 78، الاستيعاب 2: 850 تهذيب الكمال 17: 339، السير 4: 45، تذكرة الحفاظ 1: 51، الكاشف 1: 640، جامع التحصيل ص 225، التهذبب 3: 407، الإصابة 4: 350، التقريب ص 348. 2 - عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قوله: {عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ} قال: (العتل: كل رحبب الجوف، وثيق الخلق، أكول شروب، جموع للمال منوع له). عزاه في (الدر المنثور) 14: 632 إلى: أبي الشيخ، وابن مردويه، والديلمي. 3 - عن القاسم مولى معاوية، وموسى بن عقبة، قالا: سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن العتل الزنيم، قال: (هو الفاحش اللئيم). أخرجه ابن أبي حاتم، كما في (الدر المنثور) 14: 632.

فائدة

وموسى بن عقبة؛ من صغار التابعين، فهو مرسل أو معضل. والقاسم لم أعرفه. فائدة: عن حارثة بن وهب الخزاعي -رضي الله عنه- قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (ألا أخبركم بأهل الجنة؟ كل ضعيف متضعف، لو أقسم على الله لأبره، ألا أخبركم بأهل النار؟ كل عتل جواظ مستكبر). أخرجه البخاري (4918) في التفسير: باب قوله تعالى: {عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ} (القلم: 13)، و (6072) في الأدب: باب الكبر، و (6657) في الأيمان والنذور: باب قوله تعالى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} [الأنعام 109]، ومسلم (2853) في الجنة وصفة نعيمها: باب النار يدخلها المتكبرون .. ، والترمذي (2605) في صفة جهنم: باب ما جاء أن كثر أهل النار النساء، وابن ماجه (4116) في الزهد: باب من لا يؤبه له، وأحمد 4: 306. وفي لفظ عند مسلم: (ألا أخبركم بأهل النار؟ كل جواظ زنيم متكبر). بيان الغريب: قوله: (وأعطاه من الدنيا مقضما)، أصل القضم: الأكل بأطراف الأسنان والأضراس، أي أعطاه من الدنيا ما يؤكل ويقضم عليه، من المأكل ونحوه. ينظر: لسان العرب 12: 487 مادة (قضم). *****

(270)

قال تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ} [القلم: 42]. (270) عن أبي سعيد -رضي الله عنه- قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (يكشف ربنا عن ساقه، فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة، فيبقى كل من كان يسجد في الدنيا رياء وسمعة فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقا واحدا). تخريجه: أخرجه البخاري (4919) في التفسير: باب قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ}. وعزاه في (الدر المنثور) 14: 642 إلى: ابن المنذر، وابن مردويه. وأخرجه البخاري (7440) في التوحيد: باب قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}، مطولا في ذكر بعض مواقف يوم القيامة، وفيه: " ... قال: فيأتيهم الجبار في صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا، فلا يكلمه إلا الأنبياء، فيقول: هل بينكم وبينه آية تعرفونه؟ فيقولون: الساق، فيكشف عن ساقه، فيسجد له كل مؤمن، ويبقى من كان يسجد لله رياء وسمعة فيذهب كيما يسجد فيعود ظهره طبقا واحدا .. ". وأصل الحديث في الصحيحين وغيرهما، مطولا ومختصرا، وليس فيه محل الشاهد. فائدة: ورد موضع الشاهد أيضا، فيما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إذا جمع الله العباد في صعيد واحد؛ نادى مناد: ليلحق كل قوم بما كانوا يعبدون، فيلحق كل قوم بما كانوا يعبدون، ويبقى الناس على حالهم، فيأتيهم فيقول: ما بال الناس ذهبوا وأنتم هاهنا؟ فيقولون: ننتظر إلهنا، فيقول: هل تعرفونه؟ فيقولون: إذا تعرف إلينا عرفناه، فيكشف لهم عن ساقه فيقعون سجودا، فذلك قول الله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ

فائدة أخرى

سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ} يبقى كل منافق فلا يستطيع أن يسجد، ثم يقودهم إلى الجنة). أخرجه الدارمي (2803) في الرقاق: باب في سجود المؤمنين يوم القيامة، قال: أخبرنا محمد بن يزيد البزاز، عن يونس بن بكير، قال: أخبرني ابن إسحاق، قال: أخبرني سعيد بن يسار، قال: سمعت أبا هريرة -رضي الله عنه- يقول: .. فذكره. يونس بن بكير، مختلف فيه، وثقه ابن معين -في رواية-، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال -في موضع آخر-: ضعيف. وقال أبو عبيد الآجري، عن أبي داود: ليس هو عندي حجة، يأخذ كلام ابن إسحاق فيوصله بالأحاديث، سمع من محمد بن إسحاق بالري. وفي التقريب: صدوق يخطىء. ينظر: تهذيب الكمال 32: 497، التقريب ص 613. وأصل الحديث في الصحيحين وغيرهما، مطولا ومختصرا، وليس فيه محل الشاهد. فهذه اللفظة: (عن ساقه)؛ تفرد بها يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، في هذا الحديث فيما وقفت عليه، ومثلهما لا يحتمل تفردهما. قال الإمام الذهبي في (ميزان الاعتدال) 3: 140: "إن تفرد الثقة المتقن يعد صحيحا غريبا، وإن تفرد الصدوق ومن دونه يعد منكرا، وإن إكثار الراوي من الأحاديث التي لا يوافق عليها لفظا أو إسنادا يصيره متروك الحديث". فائدة أخرى: قال شيخ الإسلام ابن تيمية في (مجموع الفتاوى) 6: 394: "وقد طالعت التفاسير المنقولة عن الصحابة، وما رووه من الحديث، ووقفت من ذلك على ما شاء الله تعالى من

الكتب الكبار والصغار أكثر من مائة تفسير، فلم أجد إلى ساعتي هذه عن أحد من الصحابة أنه تأول شيئا من آيات الصفات أو أحاديث الصفات بخلاف مقتضاها المفهوم المعروف، بل عنهم من تقرير ذلك وتثبيته وبيان أن ذلك من صفات الله ما يحالف كلام المتأولين ما لا يحصيه إلا الله، وكذلك فيما يذكرونه آثرين وذاكرين عنهم شيء كثير. وتمام هذا أني لم أجدهم تنازعوا إلا في مثل قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم: 42] فروي عن ابن عباس وطائفة أن المراد به الشدة، أن الله يكشف عن الشدة في الآخرة وعن أبي سعيد وطائفة أنهم عدوها في الصفات، للحديث الذي رواه أبو سعيد في الصحيحين. ولا ريب أن ظاهر القرآن لا يدل على أن هذه من الصفات فإنه قال: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم: 42]، نكرة في الإثبات لم يضفها إلى الله ولم يقل عن ساقه، فمع عدم التعريف بالإضافة لا يظهر أنه من الصفات إلا بدليل آخر، ومثل هذا ليس بتأويل إنما التأويل صرف الآية عن مدلولها ومفهومها ومعناها المعروف". وقال ابن القيم في (الصواعق المرسلة) 1: 252: "والصحابة. متنازعون في تفسير الآية؛ هل المراد الكشف عن الشدة، أو المراد بها أن الرب تعالى يكشف عن ساقه. ولا يحفظ عن الصحابة والتابعين نزاع فيما يذكر أنه من الصفات أم لا في غير هذا الموضع، وليس في ظاهر القرآن ما يدل على أن ذلك صفة لله، لأنه سبحانه لم يضف الساق إليه، وإنما ذكره مجردا عن الإضافة منكرا، والذين أثبتوا ذلك صفة كاليدين والإصبع لم يأخذوا ذلك من ظاهر القرآن، وإنما أثبتوه بحديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- المتفق على صحته، وهو حديث الشفاعة الطويل، وفيه: فيكشف الرب عن ساقه فيخرون له سجدا.

ومن حمل الآية على ذلك: قال: قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ} [القلم: 42] مطابق لقوله: فيكشف عن ساقه، فيخرون له سجدا. وتنكيره للتعظيم والتفخيم، كأنه قال: يكشف عن ساق عظيمة جلت عظمتها وتعالى شأنها أن يكون لها نظير أو مثيل أو شبيه. قالوا: وحمل الآية على الشدة لا يصح بوجه، فإن لغة القوم في مثل ذلك أن يقال: كشفت الشدة عن القوم، لا كشف عنها، كما قال الله تعالى: {فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ} [الزخرف: 50] وقال: {وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ} [المؤمنون: 75]. فالعذاب والشدة هو المكشوف، لا المكشوف عنه، وأيضا فهناك تحدث الشدة وتشتد ولا تزال إلا بدخول الجنة، وهناك لا يدعون إلى السجود وإنما يدعون إليه أشد ما كانت الشدة .. ". *****

(271)

(271) عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ}، قال: (عن نور عظيم، يخرون له سجدا). تخريجه: أخرجه أبو يعلى 13: 269 رقم (7283)، قال: حدثنا القاسم بن يحيى، حدثنا الوليد ابن مسلم، حدثنا أبو سعيد روح بن جناح، عن مولى لعمر بن عبد العزيز، عن أبي بردة عن أبيه -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه الطبري 23: 195، والبيهقي في (الأسماء والصفات) 2: 187 رقم (752)، وابن عساكر في (تاريخ دمشق) 52: 333، كلهم من طريق الوليد بن مسلم، به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 14: 643 إلى: ابن المنذر، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف، للعلل الآتية: 1 - روح بن جناح القرشي الأموي، أبو سعد، ويقال: أبو سعيد الدمشقي. (ت ق) قال أبو زرعة، والنسائي، والذهبي: ليس بقوي. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه، ولا يحتج به. وقال الحاكم أبو أحمد: لا يتابع في حديثه، حديثه ليس بالقائم. وقال ابن حبان: منكر الحديث جدا، يروي عن الثقات ما إذا سمعها الإنسان الذي ليس بالمتبحر في صناعة الحديث؛ شهد لها بالوضع. وفي التقريب: ضعيف، اتهمه ابن حبان. ينظر: كتاب الضعفاء للنسائي ص 176، الجرح والتعديل 3: 494، المجروحين 1: 300، تهذيب الكمال 9: 233، الكاشف 1: 398، التقريب ص 211.

2 - جهالة مولى عمر بن عبد العزيز. 3 - الوليد بن مسلم؛ يدلس تدليس التسوية، ولم يقع التصريح بالسماع في جميع طبقات الإسناد ممن فوقه. والقاسم بن يحيى؛ لم أقف على ترجمته. وقال البيهقي في (الأسماء والصفات) 2: 187 عقب الحديث: "تفرد به روح بن جناح، وهو شامي يأتي بأحاديث منكرة لا يتابع عليها، والله أعلم. وموالي عمر بن عبد العزيز فيهم كثرة". *****

سورة المعارج

سورة المعارج قال تعالى: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} [المعارج: 4] (272) عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قيل لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يوما كان مقداره خمسين ألف سنة ما أطول هذا اليوم! فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (والذي نفسي بيده، إنه ليخفف على المؤمن حتى يكون أخف عليه من صلاة مكتوبة يصليها في الدنيا). تخريجه: أخرجه أحمد 3: 75، قال: حدثنا حسن، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه أبو يعلى 2: 527 رقم (1390)، والطبري 23: 253، وابن حبان في صحيحه، كما في الإحسان 16: 329 رقم (7334)، من طريق دراج، به، بنحوه. وعلقه البيهقي في (شعب الإيمان) 1: 556 بصيغة التمريض، فقال: "وروي في حديث ابن لهيعة، عن دراج .. " فذكره بتمامه. الحكم على الإسناد: ضعيف، لحال ابن لهيعة، وما قيل في رواية دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، وهذه منها. وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك في الحديث الثامن. وأورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 10: 337، وقال: "رواه أحمد وأبو يعلى، وإسناده حسن على ضعف في راويه". وحسَّن إسناده ابن حجر في (فتح الباري) 11: 488، تحت رقم (6574). المتابعات: أما ابن لهيعة؛ فقد تابعه: عمرو بن الحارث، عند الطبري، وابن حبان. وعمرو بن الحارث؛ ثقة فقيه حافظ. لكن يبقى مداره على دراج، عن أبي الهيثم. الشواهد: يشهد للحديث ما يلي:

1 - عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (يوم القيامة كقدر ما بين الظهر والعصر). أخرجه الحاكم في (المستدرك) 1: 85 من طريق سويد بن نصر، ثنا ابن المبارك، عن معمر، عن قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. وقال: هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين، إن كان سويد بن نصر حفظه، على أنه ثقة مأمون. ثم خرجه من وجه آخر عن قتادة، به، موقوفا. وعزاه في (الدر المنثور) 14: 692 إلى ابن أبي حاتم، والبيهقي في (البعث)، ولم أجده في المطبوع. ومعمر؛ هو ابن راشد: ثقة ثبت فاضل إلا أن في روايته عن ثابت والأعمش وهشام ابن عروة شيئاً، وكذا فيما حدث به بالبصرة. وشيخه هنا -قتادة- بصري. والموقوف هنا له حكم الرفع، لأنه من المغيبات. وأخرجه البيهقي في (شعب الإيمان) 1: 556 من طريق أبي عمرو بن مطر، أخبرنا حمزة بن محمد بن عيسى الكاتب، أخبرنا نعيم بن حماد، حدثنا ابن المبارك، عن معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، أظنه رفعه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن الله يخفف على من يشاء من عباده طول يوم القيامة كوقت صلاة مكتوبة). قال البيهقي عقبه: "هذا وجدته في فوائد أبي عمرو، ولا أدري من القائل: أظنه". ونعيم بن حماد هو الخزاعي، أبو عبد الله المروزي. وثقه أحمد وابن معين. وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ربما أخطأ ووهم. وقال أبو زرعة: يصل أحاديث يوقفها الناس. وقال أبو حاتم: محله الصدق. وقال مسلمة بن القاسم: كان صدوقاً وهو كثير الخطأ، وله أحاديث منكرة في الملاحم انفرد بها. وضعفه النسائي وقال: قد كثر تفرده عن الأئمة المعروفين بأحاديث كثيرة فصار في حد من لا يحتج به. وقال ابن عدي -بعد أن ساق أحاديث أنكرت عليه-: ولنعيم غير ما ذكرت وقد أثنى عليه توم، وضعفه قوم، وكان أحد من يتصلب في السنة .. وعامة ما أنكر عليه هو هذا الذي ذكرته، وأرجو أن يكون باقي حديثه مستقيماً.

الحكم على الحديث

وذكره الذهبي في (ذكر أسماء من تكلم فيه وهو موثق) وقال: حافظ، وثقه أحمد وجماعة، واحتج به البخاري، وهو من المدلسة، ولكنه يأتي بالعجائب. وقال -في السير-: نعيم من كبار أوعية العلم، لكن لا تركن النفس إلى روايته ... لا يجوز لأحد أن يحتج به، وقد صنف كتاب (الفتن) فأتي فيه بعجائب ومناكير. وقال -في الكاشف-: مختلف فيه. وقال -في التذكرة-: منكر الحديث. وفي التقريب: صدوق يخطىء كثيراً. مات سنة 228 هـ. روى له البخاري مقروناً ومسلم في المقدمة، والأربعة سوى النسائي. ينظر: طبقات ابن سعد 7: 519، الجرح والتعديل 8: 463، الضعفاء والمتروكون للنسائي ص 241، الثقات 9: 219، الكامل 7: 16، تهذيب الكمال 29: 466، السير 10: 595، تذكرة الحفاظ 2: 418، الكاشف 2: 324، الميزان 4: 267، ذكر أسماء من تكلم فيه وهو موثق ص 184، التهذيب 5: 635، التقريب ص 564. 2 - عن الحسن قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن طول نهار يوم القيامة على المؤمن مثل صلاة صلاها في الدنيا فأكملها وأحسنها). أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 2: 316 عن معمر، عن قتادة، عن الحسن، به. قال الإمام أحمد: ليس في المرسلات أضعف من مراسيل الحسن وعطاء بن أبي رباح، فإنهما يأخذان عن كل أحد. أخرجه الخطيب في (الكفاية) ص 549. وقال ابن سعد -في ترجمة الحسن في الطبقات 7: 157 - : "ما أسند من حديثه وروى عمن سمع منه فحسن حجة، وما أرسل من الحديث فليس بحجة". وسبق الكلام على رواية معمر عن قتادة. الحكم على الحديث: حسن بمجموع ما سبق، والله أعلم. *****

(273)

(273) عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (ينصب للكافر يوم القيامة مقدار خمسين ألف سنة كما لم يعمل في الدنيا). تخريجه، ودراسته: سبقت دراسته برقم (149). *****

سورة المزمل

سورة المزمل قال تعالى: {فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا}. [المزمل: 17] (274) عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: قرأ: {يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا} قال: (ذلك يوم القيامة وذلك يوم يقول الله جل ذكره لآدم: قم، فابعث من ذريتك بعثا إلى النار، فقال: من كم يا رب؟ قال: من ألف تسع مائة وتسعة وتسعين، وينجو واحد، فاشتد ذلك على المسلمين)، وعرف ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين أبصر ذلك في وجوههم: (إن بنى آدم كثير، وإن يأجوج ومأجوج من ولد آدم، وإنه لا يموت منهم رجل حتى يرثه لصلبه ألف رجل، وفيهم وفى أشباههم جنة لكم). تخريجه: أخرجه الطبراني في (المعجم الكبير) 11: 366 رقم (12034)، وفي (مسند الشاميين) 3: 325 رقم (2409)، قال: حدثنا يحيى بن أيوب العلاف، ثنا سعيد بن أبي مريم، أنا نافع بن يزيد، حدثنا عثمان بن عطاء الخراساني، عن أبيه، عن عكرمة، عن ابن عباس .. فذكره. وعزاه في (الدر المنثور) 15: 56 إلى ابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف، لحال عثمان بن عطاء الخراساني. وهو ضعيف، مات سنة 155 هـ. ينظر: تهذيب الكمال 19: 441، التقريب ص 385. وأبوه: عطاء بن أبى مسلم الخراساني، أبو أيوب -وقيل غير ذلك في كنيته- البلخي، نزيل الشام. (ع). وثقه ابن معين، وابن سعد، والدارقطني، ويعقوب بن شيبة. وقال أبو حاتم: لا بأس به، صدوق، يحتج به.

وقال الترمذي: رجل ثقة، روى عنه الثقات من الأئمة مثل مالك ومعمر وغيرهما، ولم أسمع أن أحدا من المتقدمين تكلم فيه بشيء. وقال النسائي: ليس به بأس. وذكره البخاري في (الضعفاء الصغير)، والعقيلي في (الضعفاء الكبير). وقال ابن حبان: كان من خيار عباد الله، غير أنه رديء الحفظ كثير الوهم، يخطىء ولا يعلم، فحمل عنه، فلما كثر ذلك في روايته؛ بطل الاحتجاج به. وأورد قول ابن حبان هذا؛ الذهبيُ في (الميزان) والسير، وقال: فيه نظر. وذكره الذهبي فيمن تكلم فيه وهو موثق، وقال: صدوق، ضعيف، وأكثرهم وثقه. وفي التقريب: صدوق يهم كثيرا، ويرسل ويدلس. مات سنة 135 هـ. والذي يظهر أن الرجل صدوق على أقل الأحوال، وقد تتابع أئمة كثيرون على توثيقه, وخرَّج له مسلم في صحيحه، وكذا البخاري على خلاف في ذلك، وأما ذكر العقيلي له في كتابه؛ فذلك لخطئه في حديث الذي واقع على امرأته في رمضان، ولم يذكر له غيره. وأما ابن حبان فهو متشدد في الجرح، وقد تعقبه الذهبي على عبارته، كما سبق. وأما البخاري؛ فقد ذكر في كتابه في الضعفاء ص 53: سعيد بن أبي عروبة، وهو ثقة حافظ، أخرج حديثه الجماعة، فهل يطرح الرجل لمجرد ذكره في كتاب الضعفاء؟!. ولما ذكر عطاء الخراساني هذا؛ لم يعبه بكلمة، وإنما ساق له حديث الذي واقع امرأته في رمضان. ينظر: طبقات ابن سعد 7: 369، الضعفاء الصغيىر للبخاري ص 93، علل الترمذي الكبير ص 273، الضعفاء الكبير للعقيلي 3: 405، الجرح والتعديل 334:6، المجروحين 2: 131، تهذيب الكمال 20: 106، (ذكر أسماء من تكلم فيه وهو موثق) ص 135، الميزان 3: 73، سير أعلام النبلاء 6: 140، الكاشف 2: 23، التقريب ص 392. والحديث أورده ابن كثير في تفسيره 8: 257 وقال: "هذا حديث غريب".

وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد 70:7 وقال: "رواه الطبراني، وفيه: عثمان بن عطاء الخراساني، وهو متروك، وضعفه الجمهور، واستحسن أبو حاتم حديثه". ثم أعاده 7: 130، وقال: "رواه الطبراني، وفيه: عثمان بن عطاء الخراساني، وهو ضعيف". وأما أصل الحديث في دعاء الله تعالى آدم عليه السلام، وأمره أن يخرج بعث النار؛ فهو ثابت في الصحيحين. أخرجه البخاري (3348) في أحاديث الأنبياء: باب قصة يأجوج ومأجوج، و (4741) في التفسير: باب (وترى الناس سكارى)، و (6530) في الرقاق: باب قوله تعالى: (إن زلزلة الساعة شيء عظيم)، ومسلم (222) في الإيمان: باب قوله: يقول الله لآدم: أخرج بعث النار، من حديث الأعمش، عن أبى صالح، عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (يقول الله تعالى: يا آدم، فيقول: لبيك وسعديك والخير في يديك، فيقول: أخرج بعث النار، قال: وما بعث النار؟ قال: من كل ألف تسع مائة وتسعة وتسعين، فعنده يشيب الصغير، وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد) قالوا: يا رسول الله، وأينا ذلك الواحد؟ قال: (أبشروا فإن منكم رجلا ومن يأجوج ومأجوج ألفا، ثم قال: والذي نفسي بيده، إني أرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة) فكبرنا، فقال: (أرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة)، فكبرنا، فقال: (أرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة) فكبرنا، فقال: (ما أنتم في الناس إلا كالشعرة السوداء في جلد ثور أبيض، أو كشعرة بيضاء في جلد ثور أسود). *****

(275)

قال تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيم} [المزمل 20]. (275) عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} قال: (مائة آية). تخريجه: أخرجه الطبراني في الكبير 11: 29 رقم (10940)، قال: حدثنا أحمد بن سعيد بن فرقد الجدي، ثنا أبو حمه محمد بن يوسف الزبيدي، أنا عبد الرحمن بن طاووس -من ولد طاووس-، عن محمد بن عبد الله بن طاووس، عن أبيه عبد الله بن طاووس، عن طاووس، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- .. فذكره. وعزاه في (الدر المنثور) 15: 59 إلى: ابن أبى حاتم، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف، لحال شيخ الطبراني، وهو أحمد بن سعيد بن فرقد الجدي، نسبة إلى مدينة جدة. قال الذهبي: ذكر حديث الطير بإسناد الصحيحين، فهو المتهم بوضعه. وتعقبه ابن حجر، فقال: "أحمد بن سعيد؛ معروف من شيوخ الطبراني، وأظنه دخل عليه إسناد في إسناد". وضعفه الهيثمي. ينظر: الميزان 100:1، مجمع الزوائد 242:4، لسان الميزان 1: 280.

وعبد الرحمن بن طاووس؛ لم أجده. والحديث أورده ابن كثير في تفسيره 8: 259 وقال: "هذا حديث غريب جدا، لم أره إلا في معجم الطبراني، رحمه الله". وقال الهيثمي في (مجمع الزوائد) 130:7: "رواه الطبراني، وفيه: عبد الرحمن بن طاووس، ولم أعرفه، وبقية رجاله وثقوا". *****

سورة المدثر

سورة المدثر قال تعالى: {سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا} [المدثر: 17]. (276) عن أبي سعيد -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (الصعود: جبل من نار، يصعد فيه سبعين خريفا، يهوي به كذلك به أبدا). تخريجه ودراسته: هذا الحديث له طريقان: 1 - دراج، عن أبى الهيثم، عن أبى سعيد -رضي الله عنه-. وسبق دراسة الحديث من هذا الوجه برقم (8). 2 - عمار الدهني، عن عطية العوفي، عن أبى سعيد -رضي الله عنه-. واختلف فيه على عمار على وجهين: الرفع والوقف. فأخرجه الطبري 23: 426، وابن أبى حاتم في تفسيره 15: 3383 رقم (19034)، والطبرانى في (المعجم الأوسط) 5: 366 رقم (5573)، والبيهقي في (البعث والنشور) رقم (489)، والبغوي في تفسيره 8: 267، من طريق شريك، عن عمار الدهني، عن عطية، عن أبي سعيد -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: {سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا} قال: (هو جبل في النار من نار، يكلفون أن يصعدوه، فإذا وضع يده ذابت، فإذا رفعها عادت، فإذا وضع رجله كذلك). وعزاه الزيلعي من هذا الوجه -في (تخريج أحاديث الكشاف) 4: 120 - إلى البزار، وابن مردويه. وشريك؛ هو ابن عبد الله النخعي القاضي، صدوق يخطىء كثيرا. ينظر: تهذيب الكمال 12: 462، التقريب ص 266. وقد تفرد به عن عمار الدهني. قال البزار -كما نقله الزيلعي في (تخريج أحاديث الكشاف) 4: 120 - : "ولا نعلم رفعه عن عمار؛ إلا شريك".

وقال الطبرانى في (المعجم الأوسط) 5: 366: "لم يرو هذا الحديث عن عمار الدهني؛ إلا شريك ورواه سفيان بن عيينة، عن عمار الدهني فوقفه". ولم يتفرد عمار بالرفع، بل تابعه عمرو ين قيس الملائي، فرواه عن عطية، عن أبى سعيد -رضي الله عنه- مرفوعا. أفاد ذلك الدارقطني في (العلل) 11: 291، ولم أقف عليه مسندا. وعمرو بن قيس؛ ثقة متقن. وأخرجه ابن المبارك في (الزهد) ص 96 رقم (335)، وعبد الرزاق في تفسيره 2: 331، كلاهما عن سفيان بن عيينة، عن عمار الدهني، أنه حدثه عن عطية العوفي، عن أبى سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: إن صعودا صخرة في جهنم، إذا وضعوا أيديهم عليها ذابت، فإذا رفعوها عادت، اقتحامها: {فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ} .. الآية. وأخرجه ابن أبى الدنيا في (صفة النار) رقم (30)، والبيهقي في (البعث والنشور) رقم (488)، والبغوي في (شرح السنة) 15: 248 رقم (4410) من طريق سفيان بن عيينة، به، موقوفا. وعزاه في (الدر المنثور) 15: 75 إلى: سعيد بن منصور، والفريابى؛ وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن مردويه. وابن عيينة, ثقة حافظ فقيه إمام حجة. وقد توبع على هذا، فأخرجه هناد في (الزهد) 1: 184 رقم (281)، قال: حدثنا عبيدة، عن عمار الدهني، عن عطية العوفي، عن أبى سعيد الخدري -رضي الله عنه- في هذه الآية: {سَأرهِقُهُ صَعُوداً}، قال: (هو جبل في النار، يكلفون أن يصعدوا منه، فكلما وضعوا أيديهم عليه ذابت، فإذا رفعوها عادت كما كانت).

الشواهد

وعبيدة؛ هو ابن حميد الكوفي، صدوق، ربما أخطا، أخرج حديثه الجماعة سوى مسلم. ينظر: التقريب ص 379. وهذا الموقوف له حكم الرفع. والحديث على الوجهين؛ ضعيف الإسناد، لأن فيه عطية العوفي وهو ضعيف، ومع ضعفه يكتب حديثه للاعتبار. ينظر: تهذيب الكمال 20: 145، التقريب ص 393. والحديث سئل عنه الدارقطني في (العلل) 11: 290، فقال: "يرويه عمار الدهني، عن عطية، واختلف عنه: فرواه شريك، عن عمار، عن عطية، عن أبى سعيد -رضي الله عنه- مرفوعا. ورواه عبيدة بن حميد، وابن عيينة، عن عمار موقوفا. وكذلك رواه إبراهيم بن مهاجر، عن عطية، عن أبي سعيد -رضي الله عنه- موقوفا. وعطية مضطرب الحديث". الشواهد: عن ابن عباس -رضي الله عنهما- في قوله: {سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا} قال: (جبل في النار). وهذا موقوف له حكم الرفع. أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 2: 331، عن إسرائيل، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس -رضي الله عنهما-. وعزاه في (الدر المنثور) 15: 75 إلى ابن المنذر. ورواية سماك بن حرب، عن عكرمة؛ مضطربة. *****

(277)

قال تعالى: {وَمَا يَذْكُرُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ} [المدثر 56]. (277) عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذه الآية: {أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ} قال: (قال ربكم: أنا أهل أن أتقى فلا يجعل معي إله، فمن اتقى أن يجعل معي إلها؛ كان أهلا أن أغفر له). تخريجه: أخرجه أحمد 3: 142، قال: حدثنا زيد بن الحباب؛ أخبرني سهيل أخو حزم، حدثنا ثابت البناني، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه أحمد أيضا 3: 142، والترمذى (3328) في التفسير: باب ومن سورة المدثر، وابن ماجه (4299) في الزهد: باب ما يرجى من رحمة الله يوم القيامة, والدارمي (2724) في الرقاق: باب في تقوى الله، وابن أبي عاصم في (السنة) 2: 469 رقم (969)، والنسائي في الكبرى 10: 317 رقم (11566)، وأبو يعلى في مسنده 6: 66 رقم (3317)، والطبراني في الأوسط 8: 240 رقم (8515)، وابن عدي في (الكامل) 3: 450، والحاكم في المستدرك 2: 508، والبغوي في تفسيره 8: 275، من طريق سهيل، به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 15: 93 إلى: ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف، فيه: سهيل بن أبي حزم، واسمه: مهران، ويقال: عبد الله القطعي، أبو بكر البصري. (4) قال أحمد بن حنبل: روى عن ثابت أحاديث منكرة. وقال البخاري: منكر الحديث. وقال النسائي: ليس بالقوي. وقال أبو حاتم: ليس بالقوي، يكتب حديثه ولا يحتج به. وفي التقريب: ضعيف. ينظر: الضعفاء الصغير للبخارى ص 58، الضعفاه والمتروكون للنسائي ص 191، الجرح والتعديل 4: 247، تهذيب الكمال 12: 217، التقريب ص 259. وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. وأقره الذهبي.

المتابعات

وتعقبهما ابن حجر في (إتحاف المهرة) 1: 536، فقال: "بل هو ضعيف، لضعف سهيل، وقد ذكر البزار والترمذي أنه تفرد به". قلت: وكذا أفاده الطبراني في الأوسط 8: 240 رقم (8515)، فقال: لم يروه إلا سهيل. المتابعات: أخرجه الخطيب في (تاريخ بغداد) 52:5، من طريق أحمد بن محمد التمار، حدثنا عثمان ابن أبي شيبة, حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا حميد الطويل، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (قال ربكم تعالى: أنا أهل أن أتقى ولا يشرك بي غيري، وأنا أهل لمن اتقى أن يشرك بي أن أغفر له). ساقه الخطيب في ترجمة: (أحمد بن محمد التمار)، وقال عنه: "كان غير ثقة، روى أحاديث باطلة". الشواهد: عن عبد الله بن دينار قال: سمعت أبا هريرة، وابن عمر، وابن عباس -رضي الله عنهما- يقولون: سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن قول الله: {هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَة} قال: (يقول الله: أنا أهل أن أتقى فلا يجعل معي شريك، فإذا اتقيت ولم يجعل معي شريك؛ فأنا أهل أن أغفر ما سوى ذلك). أورده في (الدر المنثور) 15: 94، وعزاه إلى ابن مردويه. وقد حسَّن الشيخ الألباني رحمه الله -في ظلال الجنة 2: 469 رقم (969) - حديث أنس -رضي الله عنه-، مع حكمه على الإسناد بالضعف، لهذا الشاهد المذكور، وهذا غريب، فإن بين ابن مردويه (410 هـ)، وبين عبد الله بن دينار (127 هـ) مفاوز تنقطع فيها أعناق المطي، ولم يذكر الشيخ أنه اطلع على الإسناد، والغالب على ما تفرد به ابن مردويه من المرفوعات الضعف، والله أعلم.

هذا ما يتعلق ببيان الآية المذكورة، أما المعنى العام للحديث فثابت في عدة نصوص من الكتاب والسنة، كقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48]. وعن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يقول الله عز وجل: من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها وأزيد، ومن جاء بالسيئة فجزاؤه سيئة مثلها أو أكفر، ومن تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا، ومن تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة، ومن لقيني بقراب الأرض خطيئة لا يشرك بي شيئا لقيته بمثلها مغفرة). أخرجه مسلم (2687) في الذكر والدعاء: باب فضل الذكر والدعاء .. ، وابن ماجه (3821) في الأدب: باب فضل العمل، وأحمد 5: 153، 169، والدارمي (2788) في الرقاق: باب إذا تقرب العبد إلى الله. وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (قال الله تبارك وتعالى: با ابن آدم؛ إنك ما دعوتني ورجوتنى غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي، يا ابن آدم؛ لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتنى غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم؛ إنك لو أتيتنى بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بى شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة). أخرجه الترمذي (3540) في الدعوات: باب في فضل التوبة والاستغفار .. إلخ، والطبراني في (المعجم الأوسط) 4: 315 رقم (4305)، وأبو نعيم في (الحلية) 2: 231 من طريق كثير بن فائد، حدثنا سعيد بن عبيد، قال: سمعت بكر بن عبد الله المزني، يقول: حدثنا أنس بن مالك -رضي الله عنه- .. فذكره. وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وقال عنه ابن رجب في (جامع العلوم والحكم) 2: 400: "إسناده لا بأس به". *****

سورة القيامة

سورة القيامة: قال تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 22]. (278) عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن أدنى أهل الجنة منزلة؛ لمن ينظر في ملكه ألفي سنة، قال: وإن أفضلهم منزلة لمن ينظر في وجه الله كل يوم مرتين، قال: ثم تلا: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ}، قال: بالبياض والصفاء، قال: {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} , قال: تنظر كل يوم في وجه الله عز وجل). تخريجه: أخرجه الطبري 23: 510 قال: حدثني علي بن الحسن بن الحر، قال: ثنا مصعب بن المقدام، قال: ثنا إسرائيل بن يونس، عن ثوير، عن ابن عمر -رضي الله عنهما- .. فذكره. وأخرجه الترمذي (2553) في صفة الجنة، و (3330) في التفسير: باب ومن سورة القيامة، وأحمد 2: 64، وعبد بن حميد 2: 45 رقم (817 - المنتخب)، وأبو يعلى في مسنده 15: 76 رقم (5712)، والآجري في (الشريعة) 2: 1033 رقم (621)، وأبو الشيخ في (كتاب العظمة) 3: 1110 رقم (604)، والحاكم في المستدرك 2: 509، واللالكائي في (شرح أصول اعتقاد أهل السنة) 3: 484 رقم (841)، والبيهقي في (البعث والنشور) رقم (432) (433)، والبغوي في تفسيره 8: 284، وفي (شرح السنة) 15: 232 رقم (4395)، من طريق ثوير، به، بنحوه. الحكم على الإسناد: ضعيف جدا، لحال ثوير، وهو ثوير بن أبي فاختة, واسمه: سعيد بن علاقة القرشي الهاشمي، أبو الجهم الكوفي. (ت) ضعيف. وقال سفيان الثوري -وهو ممن روى عنه-: كان ثوير من أركان الكذب. وقال الدارقطني: متروك. ينظر: تهذيب الكمال 4: 429، التقريب ص 135.

الشواهد

وقال الحاكم: ثوير بن أبي فاختة؛ وإن لم يخرجاه؛ فلم ينقم عليه غير التشيع. وتعقبه الذهبي، فقال: بل هو واهي الحديث. والحديث اختلف فيه رفعا ووقفا. فأخرجه ابن أبي شيبة 7: 34 رقم (34000)، واللالكائي في (شرح أصول اعتقاد أهل السنة) 3: 499 رقم (866)، من طريق عبد الملك بن أبجر، عن ثوير، عن ابن عمر -رضي الله عنهما-، بنحوه, موقوفا عليه. وأخرجه الترمذي عقب الحديثين (2553) (3330)، من طريق سفيان الثوري، عن ثوير، عن مجاهد، عن ابن عمر -رضي الله عنهما-، بنحوه، موقوفا عليه. وقال في الموضع الثاني: "ولا نعلم أحدا ذكر فيه: عن مجاهد؛ غير الثوري". وعلى هذه الوجوه كلها فالحديث يدور على ثوير، وحاله كما سبق، فالحمل عليه. الشواهد: عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قرأ هذه الآية: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}. قال: (والله ما نسخها منذ أنزلها، يزورون ربهم فيُطعمون ويُسقون ويُطيَّبون ويُحلَّون وتُرفع الحجب بينه وبينهم ينظرون إليه وينظر إليهم، وذلك قوله: {وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا}). أخرجه الدارقطني في (الرؤية) ص 169 رقم (55)، والخطيب في (تاريخ بغداد) 3: 199 - 200، وابن الجوزي في (الموضوعات) 2: 430، من طريق صالح المري، عن عباد المنقري، عن ميمون بن سياه، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-. صالح؛ هو ابن بشير المري.

الحكم على الحديث

قال البخاري: "منكر الحديث". وقال النسائي: "متروك الحديث". وقال ابن حبان: "غلب عليه الخير والصلاح حتى غفل عن الإتقان في الحفظ، فكان يروي الشيء الذي سمعه من ثابت والحسن وهؤلاء على التوهم، فيجعله عن أنس عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فظهر في روايته الموضوعات التي يرويها عن الأثبات، واستحق الترك عند الاحتجاج". ينظر: التاريخ الكبير 4: 273، ضعفاء النسائي ص 136، المجروحين 1: 372. وعباد بن ميسرة المنقري ضعفه أحمد وابن معين. وفي التقريب: لين الحديث. ينظر: تهذيب الكمال 14: 167، التقريب ص 291. وقال ابن الجوزي: هذا حديث لا يصح. الحكم على الحديث: ضعيف جدا. *****

سورة النبأ

سورة النبأ قال تعالى: {إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا (21) لِلطَّاغِينَ مَآبًا (22) لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا}. [النبأ 21 - 23]. (279) عن أبى هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: {لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا} , قال: (الحقب: ثمانون سنة). تخريجه: أخرجه البزار، كما في (مختصر زوائد البزار) 2: 114 رقم (1523)، قال: حدثنا عبد القدوس بن محمد بن عبد الكبير، ثنا الحجاج بن نصير، ثنا همام، عن عاصم، عن أبي صالح، عن أبا هريرة -رضي الله عنه- .. فذكره. الحكم على الحديث: ضعيف، لحال حجاج بن نصير وهو: الفساطيطي القيسي، أبو محمد البصري. (ت). ضعيف، وكان يقبل التلقين. وقال أبو حاتم: منكر الحديث، ضعيف الحديث، ترك حديثه، كان الناس لا يحدثون عنه. مات سنة 213 هـ. ينظر: الجرح والتعديل 3: 167، تهذيب الكمال 5: 461، التقريب ص 153. قال البزار: لا نعلم أحدا رفعه إلا الحجاج، وغيره يوقفه. وقد روي موقوفا على أبي هريرة -رضي الله عنه-. فأخرجه آدم بن أبى إياس في تفسيره 2: 720 - المطبوع باسم تفسير مجاهد- قال: نا حماد بن سلمة، عن عاصم بن أبى النجود، عن أبى صالح، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: الحقب ثمانون سنة، اليوم منها كسدس الدنيا. وأخرجه أيضا 2: 720 قال: ثنا شيبان، عن عاصم، به، بنحوه.

وأخرجه هناد بن السري في (الزهد) 1: 159 رقم (219)، قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن عاصم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: الحقب ثمانون سنة، والسنة ثلاثمائة وستون يوما، كل يوم ألف سنة. وأخرجه الطبري في تفسيره 24: 24 قال: حدثنا تميم بن المنتصر، قال: أخبرنا إسحاق، عن شريك، عن عاصم، به، بالسياق السابق. وعزاه في (الدر المنثور) 15: 201 إلى: ابن المنذر، وابن أبي حاتم. فهؤلاء أربعة رووه عن عاصم: 1 - حماد بن سلمة. وهو ثقة عابد، أثبت الناس في ثابت، وتغير حفظه بأخرة. مات سنة 167 هـ. 2 - شيبان، وهو ابن عبد الرحمن التميمي. ثقة، صاحب كتاب. مات سنة 164هـ وأخرج حديثه الجماعة. ينظر: التقريب ص 269. 3 - أبو بكر بن عياش. ثقة عابد، إلا أنه لما كبر ساء حفظه، وكتابه صحيح. وسبق في الحديث رقم (223). 4 - شريك. وشريك؛ هو ابن عبد الله النخعي القاضي، صدوق يخطىء كثيرا. ينظر: تهذيب الكمال 12: 462، التقريب ص 266. فهذا الأثر لا باس به عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، وله حكم الرفع. ويعضده آثار أخرى عن بعض الصحابة، ومنها:

تنبيه

1 - عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، قال: الحقب ثمانون سنة. أخرجه الطبري 24: 24 قال: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن أبي سنان، عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، فذكره. شيخ الطبري: محمد بن حميد الرازي؛ وثقه ابن معين -في رواية-، لكن ضعفه بلديه أبو حاتم الرازي، وقال البخاري: حديثه فيه نظر. وفي التقريب: حافظ ضعيف، وكان ابن معين حسن الرأي فيه. ينظر: التاريخ الكبير 1: 69، الجرح والتعديل 7: 232، تهذيب الكمال 25: 97، التقريب ص 475 ومهران؛ -بكسر أوله- هو: ابن أبي عمر العطار، أبو عبد الله الرازي، صدوق له أوهام، سيء الحفظ. ينظر: التقريب ص 549. 2 - عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: الحقب ثمانون سنة. أخرجه الطبري 15: 310 قال: حدثت عن هشيم، قال: ثنا أبو بلج، عن عمرو بن ميمون، عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-. وفي سنده انقطاع. 3 - عن ابن مسعود -رضي الله عنه- في قوله تعالى: {لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا}، قال: الحقب ثمانون سنة. أخرجه الحاكم في المستدرك 2: 512 قال: (ثنا يحيى بن منصور القاضي، ثنا أبو عبد الله البوشنجي، ثنا أحمد بن حنبل، ثنا هشيم) أنا أبو بلج، عن عمرو بن ميمون، عن ابن مسعود -رضي الله عنه-. وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. وأقره الذهبي. تنبيه: ما بين المعقوفتين ساقط من المستدرك، وتم استدراكه من (إتحاف المهرة) 15: 408. *****

(280)

(280) عن أبى أمامة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قول الله تعالى: {لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا}: (الحقب ألف شهر، والشهر ثلاثون يوما، والسنة ثلاثمائة وستون يوما، واليوم ألف سنة مما تعدون، فالحقب ثلاثون ألف ألف سنة). تخريجه: أخرجه ابن أبى عمر العدني في مسنده، كما في (المطالب العالية) 4: 180 رقم (3784)، قال: حدثنا مروان، عن جعفر بن الزبير، عن القاسم، عن أبى أمامة -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه الطبراني في الكبير 8: 244 رقم (7957) من طريق مروان، به، مختصرا. وعزاه في (الدر المنثور) 15: 202 إلى ابن أبى حاتم، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف جدا، لحال جعفر بن الزبير الحنفي، وقيل: الباهلي، الشامي الدمشقي، نزل البصرة (ق). متروك الحديث، واتهمه شعبة بالكذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. وسبق في الحديث رقم (241). وقال ابن كثير في تفسيره 8: 306: "هذا حديث منكر جدا، والقاسم والراوي عنه، وهو جعفر بن الزبير؛ كلاهما متروك". قلت: القاسم؛ هو ابن عبد الرحمن الشامي، أبو عبد الرحمن الدمشقي. (بخ 4) وثقه ابن معين، والترمذي، ويعقوب بن شيبة، وغيرهم. وقال أبو حاتم: حديث الثقات عنه مستقيم لا بأس به، وإنما ينكر عنه الضعفاء. وذكره العقيلي في (الضعفاء) وابن حبان في (المجروحين) وقال: كان ممن يروي عن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المعضلات، ويأتي عن الثقات بالأشياء المقلوبات حتى يسبق إلى القلب أنه كان المتعمد لها. وضعفه ابن كثير.

وقال الذهبي: صدوق، وقال الحافظ: صدوق يغرب كثيراً. توفي سنة 112 هـ. ينظر: طبقات ابن سعد 7: 449، التاريخ الكبير 7: 159، الجرح والتعديل 7: 113، جامع الترمذى رقم (428) (3980)، الضعفاء الكبير للعقيلي 3: 476، كتاب المجروحين 2: 211، تهذيب الكمال 23: 383، السير 5: 194، الكاشف 2: 129، الميزان 3: 373، تفسير ابن كثير 3: 451، التهذيب 4: 521، التقريب ص 450. وأورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 7: 133، وقال: "رواه الطبراني، وفيه: جعفر بن الزبير، وهو ضعيف". وضعف إسناده السيوطيُ في (الدر المنثور) 202:15. *****

(281)

(281) عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (والله لا يخرج من النار أحد حتى يمكث فيها أحقابا، والحقب: بضع وثمانون سنة، كل سنة ثلاثمائة وستون يوما مما تعدون). تخريجه: أخرجه البزار، كما في (كشف الأستار) 4: 186 رقم (3503)، قال: حدثنا محمد بن مرداس، ثنا أبو المعلى، ثنا سليمان بن مسلم، قال: سألت سليمان التيمي: هل يخرج من النار أحد؟ فقال: حدثني نافع، عن ابن عمر، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: .. فذكره. كذا وقع في المطبوع، والصواب: ثنا أبو المعلى سليمان بن مسلم. وأخرجه ابن حبان في (المجروحين) 1: 332، وابن عدي في (الكامل) 3: 286 من طريق سليمان بن مسلم، به، بنحوه، وزادا في آخره: كل يوم ألف سنة. وعزاه في (الدر المنثور) 15: 202 إلى: الديلمي، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف جدا، لحال سليمان بن مسلم، وهو: الخزاعي، أبو المعلى الخشاب البصري. قال العقيلي: بصري مجهول، عن سليمان التيمي، عن نافع، ولا يتابع على حديثه. وقال ابن عدي: قليل الحديث، وهو شبه المجهول، ولم أر للمتقدمن فيه كلاما .. ومقدار ما يرويه لا يتابع عليه. وقال ابن حبان: يروي عن سليمان التيمي ما ليس من حديثه، لا تحل الرواية عنه إلا على سبيل الاعتبار. ينظر: ضعفاء العقيلي 2: 139، المجروحين 1: 332، الكامل 3: 286، اللسان 3: 120. والحديث قال عنه ابن عدي في (الكامل) 3: 286: "منكر جدا". وقال الذهبي في (الميزان) 2: 223: موضوع. وأورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 15: 395 وقال: "رواه البزار، وفيه: سليمان بن مسلم الخشاب، وهو ضعيف جدا". وقد تفرد به سليمان بن مسلم، كما نص على ذلك البزار عقب الحديث، فقال: "لا نعلم رواه عن التيمي، عن نافع؛ إلا سليمان بن مسلم". *****

(282)

(282) عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (الحقب أربعون سنة). تخريجه: أخرجه ابن عدي في (الكامل) 5: 130، قال: حدثنا أحمد بن علي بن المثنى، ثنا الأزرق ابن علي، ثنا يحيى بن أبي بكير، ثنا عمرو بن شمر، عن ليث بن أبى سليم، عن عبد الرحمن ابن سابط، عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- .. فذكره. وعزاه في (الدر المنثور) 15: 203 إلى ابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف جدا، فيه: عمرو بن شمر الجعفي، أبو عبد الله الكوفي. متروك، منكر الحديث. قال أبو حاتم: منكر الحديث جدا، ضعيف الحديث، لا يشتغل به، تركوه. وقال ابن حبان: كان رافضيا يشتم أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكان ممن يروي الموضوعات عن الثقات في فضائل أهل البيت وغيرها، لا يحل كتابة حديثه إلا على جهة التعجب. ينظر: الجرح والتعديل 6: 239، المجروحين 2: 75، اللسان 4: 420. وفيه: ليث بن أبى سليم، صدوق اختلط جدا، ولم يتميز حديثه؛ فترك، وهو ممن يعتبر بحديثه، فلا يحتج به، ولا يسقط بالكلية، وضعفه ناتج من جهة سوء الحفظ، لا من جهة العدالة. وسبق في الحديث رقم (17). وقال ابن عدي: هذا الحديث غير محفوظ. *****

سورة التكوير

سورة التكوير قال تعالى: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ} [التكوير 1 - 2]. (283) عن ابن بريد بن أبى مريم، عن أبيه، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال في قوله تعالى: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} قال: (كورت فى جهنم) , {وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ} قال: (في جهنم). تخريجه: أخرجه ابن أبي حاتم، كما في تفسير ابن كثير 8: 329، و (الإتقان): 556، وكذا في (الدر المنثور) 15: 259، وزاد نسبته إلى الديلمي. وقد اضطربت المصادر في سياق راوي الحديث الأعلى، وفي لفظه، ففي تفسير ابن كثير: "قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبو صالح، حدثني معاوية بن صالح، عن ابن يزيد بن أبى مريم، عن أبيه، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال في قول الله {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} قال: (كورت في جهنم). وفي (الدر المنثور): "عن أبى مريم، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في قوله: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} قال: (كورت في جهنم)، {وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ} قال: (في جهنم، وكل من عبد من دون الله فهو في جهنم، إلا ما كان من عيسى بن مريم وأمه، ولو رضيا أن يعبدا لدخلاها). وفي (الإتقان): (عن ابن بريد بن أبي مريم، عن أبيه، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال في قوله تعالى: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} قال: (كورت في جهنم)، {وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ} قال: (في جهنم). و (ابن أبى مريم) في الرواة جماعة، ووقوع التصحيف وارد جدا، بل هو واقع حتى في الكتب المحققة كـ (تهذيب الكمال)، في هذا الموضع. وقد أشكل علي هذا الإسناد، وبعد النظر أميل إلى أنه: ابن بريد بن أبي مريم، عن أبيه.

الحكم على الإسناد

الحكم على الإسناد: ضعيف، لإرساله، وفيه: عبد الله بن صالح كاتب الليث بن سعد، وهو صدوق كثير الغلط، ثبت في كتابه، وكانت فيه غفلة. وساق ابن حجر كثيرا مما قيل فيه في (هدي السارى)، ثم قال: "قلت: ظاهر كلام هؤلاء الأئمة أن حديثه في الأول كان مستقيما، ثم طرأ عليه فيه تخليط، فمقتضى ذلك أن ما يجيء من روايته عن أهل الحذق كيحيى بن معين، والبخاري، وأبي زرعة، وأبي حاتم، فهو من صحيح حديثه، وما يجيء من رواية الشيوخ عنه؛ فيتوقف فيه". وسبق في الحديث رقم (174). وفيه: ابن بريد بن أبى مريم. جاء في ترجمة (بريد -بالباء الموحدة- بن أبي مريم) من (تهذيب الكمال) 4: 52 من جملة الرواة عنه: ابنه يحيى بن يزيد -بالياء آخر الحروف، والزاي- بن أبي مريم. هكذا وقع في المطبوع، وأحدهما خطأ قطعا (¬1). ولم أقف على ترجمته على الوجهين (ابن بريد، أو ابن يزيد). ***** ¬

_ (¬1) وجاء في ترجمة (بريد) هذا من (تهذيب الكمال) أيضا؛ أنه يروي عن أبيه أبي مريم مالك بن ربيعة. وفي ترجمة (أبي مريم، مالك بن ربيعة) من (تهذيب الكمال) 34: 284 قال: "روى عنه: ابنه يزيد بن أبى مريم"!.

سورة الانفطار

سورة الانفطار قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ} [الانفطار 6 - 8]. (284) عن موسى بن علي بن رباح اللخمي، عن أبيه عن جده، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له: (ما ولد لك؟) قال: يا رسول الله، ما عسى أن يولد لى؟ إما غلام وإما جارية قال: (فمن يشبه؟) قال: يا رسول الله، من عسى أن يشبه إما أباه وإما أمه فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- عندها: (مه؛ لا تقولن هكذا، إن النطفة إذا استقرت في الرحم؛ أحضر الله كل نسب بينها وبين آدم، أما قرأت هذه الآية في كتاب الله: {فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ} قال: سلكك). تخريجه: أخرجه الطبري 24: 180 قال: حدثني محمد بن سنان القزاز، قال: ثنا مطهر بن الهيثم، قال: ثنا موسى بن علي بن رباح اللخمي .. فذكره. وأخرجه الطبراني في الكبير 5: 74 رقم (4624)، وابن عساكر في (تاريخ دمشق) 18: 30، من طريق مطهر بن الهيثم، به، بنحوه. وعزاه ابن كثير في تفسيره 8: 343 إلى ابن أبى حاتم، من طريق مطهر بن الهيثم، به. وعزاه في (الدر المنثور) 15: 283 إلى: البخاري في (تاريخه)، وابن المنذر، وابن شاهين، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف جدا، لما يأتى: 1 - المقال في محمد بن سنان، وهو القزاز، أبو بكر البصري، نزيل بغداد. ذكره ابن حبان في (الثقات)، وقال الدارقطني: لا بأس به. قال أبو عبيد الآجري: وسمعته -يعني: أبا داود- يتكلم في محمد بن سنان يطلق فيه الكذب. وفي التقريب: ضعيف. مات سنة 271 هـ.

ينظر: الجرح والتعديل 7: 279، الثقات 9: 133، تاريخ بغداد 5: 343، تهذيب الكمال 323:25, الميزان 3: 575، السير 12: 554، المغني في الضعفاء 2: 589، التقريب ص 482. 2 - المقال في مطهر بن الهيثم، وهذه أشدها. وهو: مطهر بن الهيثم بن الحجاج الطائي البصري. (ق) متروك الحديث. ينظر: تهذيب الكمال 88:28، التقريب ص 535. 3 - الخلاف في صحبة رباح بن قَصير اللخمي. وقد ذكره ابن عبد البر، وذكره ابن حجر في (القسم الأول) من حرف الراء، والقسم الأول على اصطلاحه؛ هم الذين لهم رؤية ورواية. لكن ذكر في أثناء الترجمة أنه أدرك النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأسلم في زمن أبي بكر -رضي الله عنه-. قلت: فعلى هذا يكون من المخضرمين، لا من الصحابة. وقال ابن عساكر: يقال إن له صحبة. -هكذا بصيغة التمريض- ونقل ابن عبد البر -في ترجمة (رباح بن الربيع) من (الاستيعاب) 486:2 - عن الدارقطني أنه قال: ليس في الصحابة أحد يقال له رباح إلا هذا، على اختلاف فيه أيضا. ينظر: (الاستيعاب) 2: 486، (تاريخ مدينة دمشق) 18: 30 (الإصابة في تمييز الصحابة) 2: 450. والحديث أورده ابن كثير في تفسيره 8: 343، وقال: "وهذا الحديث لو صح لكان فيصلا في هذه الآية، ولكن إسناده ليس بالثابت .. " وأعله بمطهر بن الهيثم. وقال الهيثمي في (مجمع الزوائد) 7: 135: "رواه الطبراني، وفيه: مطهر بن الهيثم، وهو متروك". *****

(285)

قال تعالى: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ} [الانفطار: 10، 11]. (285) عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله ينهاكم عن التعري، فاستحيوا من ملائكة الله الذين معكم، الكرام الكاتبين، الذين لا يفارقونكم إلا عند إحدى ثلاث حاجات؛ الغائط، والجنابة، والغسل). تخريجه: أخرجه البزار في مسنده 11: 89 رقم (4799 - البحر الزخار)، قال: حدثنا محمد بن عثمان، قال: نا عبيد الله بن موسى، عن حفص بن سليمان، عن علقمة بن مرثد، عن مجاهد، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- .. فذكره. وأخرجه أبو العباس السراج في (حديثه) 2: 202 رقم (838) عن محمد بن عثمان بن كرامة، به، وزاد في آخره: "فإذا اغتسل أحدكم بالعراء فليستتر بثوبه أو بجذم حائط". وفي (مختصر البزار) 1: 181، قال البزار عقبه: "لا نعلمه يروى عن ابن عباس إلا من هذا الوجه، وحفص لين الحديث". وهذا التعقيب غير موجود في الأصل. الحكم على الإسناد: ضعيف جدا، لحال حفص بن سليمان، وهو الأسدي، أبو عمر البزاز الكوفي القارىء، صاحب عاصم (ت ق). متروك الحديث، مع إمامته في القراءة. مات سنة 180 هـ. ينظر: تهذيب الكمال 7: 10، التقريب ص 172. وأخرجه ابن أبى حاتم، كما في تفسير ابن كثير 8: 344 من طريق سفيان ومسعر، عن علقمة بن مرثد، عن مجاهد، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أكرموا الكرام الكاتبين الذين لا يفارقونكم إلا عند إحدى حالتين؛ الجنابة والغائط، فإذا اغتسل أحدكم فليستتر بجرم حائط، أو ببعيره، أو ليستره أخوه). وهذا مرسل. والحديث قال عنه الدارقطني في (العلل) 8: 232 - بعد أن أشار إلى الاختلاف فيه-: "الصحيح: عن علقمة بن مرثد، عن مجاهد". *****

سورة المطففين

سورة المطففين قال تعالى: {كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ (7) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ (8)} [المطففين: 7 - 8]. (286) عن أبى هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (الفَلَقُ جُبٌّ فِي جَهَنَّمَ مغَطَّى، وأما سِجِّينٌ فمَفْتُوحٌ). تخريجه ودراسته: انظر الحدبث رقم (315)، في تفسير قوله تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}، وإنما أخرت بحثه لأن له شواهد تتعلق بتفسير الفلق. والحديث ضعيف، وقد أورده ابن كثير في تفسيره 8: 535، وقال: "منكر .. إسناده غريب، ولا يصح رفعه". وأشار إليه الطاهر بن عاشور في (التحرير والتنوير) 30: 195 وقال: "حديث منكر، لاشتمال سنده على مجاهيل". فائدة: اختلف في معنى (سجين) الوارد في قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ (7) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ} , على أقوال، رجح الطبري منها: أن (سجين)؛ الأرض السابعة السفلى، واستدل عليه بحديث البراء -رضي الله عنه- اللاحق، وما جاء في معناه من الآثار عن بعض السلف. ينظر: تفسير الطبري 24: 193، زاد المسير 9: 54. *****

(287)

قال تعالى: {كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ (7) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ} .. إلى قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (18) وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ} [المطففين: 7 - 19]. (287) عن البراء -رضي الله عنه- قال: خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القبر ولما يلحد، فجلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وجلسنا حوله كأنما على رءوسنا الطير، وفي يده عود ينكت به فرفع رأسه، فقال: (استعيذوا بالله من عذاب القبر) ثلاث مرات أو مرتين، ثم قال: (إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا، وإقبال من الآخرة؛ نزل إليه من السماء ملائكة بيض الوجوه، كأن وجوههم الشمس، حتى يجلسون منه مد البصر، معهم كفن من أكفان الجنة وحنوط من حنوط الجنة، يجيء ملك الموت فيقعد عند رأسه فيقول: أيتها النفس الطيبة؛ اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان، فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء، فإذا أخذوها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها، فيجعلوها في ذلك الكفن، وذلك الحنوط، فيخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض، فيصعدون فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الطيب؟ فيقولون: هذا فلان ابن فلان، بأحسن أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا، حتى ينتهى بها إلى السماء الدنيا، فيستفتح فيفتح لهم، فيستقبله من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها، حتى ينتهى به إلى السماء السابعة، قال: فيقول الله: اكتبوا كتاب عبدي في عليين في السماء السابعة، وأعيدوه إلى الأرض، فإني منها خلقتهم، وفيها أعيدهم، ومنها أخرجهم تارة أخرى .. ، -فذكر الحديث في سؤال الملكين لهذا الرجل، وذكر ثوابه ثم قال:- وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا، وإقبال من الآخرة، نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه معهم المسوح، حتى يجلسون منه مد البصر، ثم قال: ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه، فيقول: يا أيتها النفس الخبيثة؛ اخرجى إلى سخط الله وغضبه، قال:

تخريجه

فتفرق في جسده، قال: فتخرج فينقطع معها العروق والعصب، كما تنزع السفود من الصوف المبلول، فيأخذها، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين، حتى يأخذوها فيجعلوها في تلك المسوح، فيخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على ظهر الأرض، فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملأ من الملاتكة إلا قالوا: ما هذا الروح الخبيث؟! فيقولون: فلان ابن فلان، بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا، حتى ينتهي به إلى سماء الدنيا، فيستفتحون فلا يفتح له ثم قرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: {لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} قال: فيقول الله عز وجل: اكتبوا كتاب عبدي في سجين؛ في الأرض السفلى، وأعيدوه إلى الأرض، فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم، ومنها أخرجهم تارة أخرى ..) -فذكر الحديث في سؤال الملكين لهذا الرجل، وذكر عقابه-. تخريجه: أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 3: 54 (12059)، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن المنهال، عن زاذان، عن البراء -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه البيهقي في (شعب الإيمان) 1: 355 (395)، وفي (إثبات عذاب القبر) ص 50 رقم (44)، من طريق أبى معاوية, به. والحديث سبق برقم (80)، وتخريجه من مصادره الأصلية، ولكن ليس في شيء منها بيان المراد بعليين، وأنه في السماء السابعة. والحديث المشار إليه مروي بهذا السند نفسه وتمت دراسته، والحكم بأنه إسناد صحيح، والله أعلم. فائدة: أوضح الطاهر بن عاشور أصل كلمة (عليين) الواردة في قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (18) وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ}، فقال في (التحرير والتنوير) 30: 203: "عليون:

جمع عِلِّيِّ، وَعِلِّيٌّ على وزن فعِّيل من العلو، وهو زنة مبالغة في الوصف جاء على صورة جمع المذكر السالم، وهو من الأسماء التي ألحقت بجمع المذكر السالم على غير قياس". وأما بيان معنى الكلمة المراد في الآية؛ فاختلف فيه على أقوال: 1 - أنها الجنة. 2 - أنه لوح من زبرجدة خضراء، معلق تحت العرش فيه أعمالهم مكتوبة. 3 - أنها السماء السابعة، وفيها أرواح المؤمنين. 4 - أنها قائمة العرش اليمنى. 5 - أنه سدرة المنتهى. 6 - أنه في علو وصعود إلى الله عز وجل. 7 - أنه أعلى الأمكنة. قال الإمام الطبري رحمه الله في تفسيره 24: 210: "والصواب من القول في ذلك، أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر أن كتاب الأبرار في عليين؛ والعليون: جمعٌ معناه: شيء فوق شيء، وعلوّ فوق علوّ، وارتفاع بعد ارتفاع ... فبين أنّ قوله: {لَفِي عِلِّيِّينَ} معناه: في علوّ وارتفاع، في سماء فوق سماء وعلوّ فوق علوّ، وجائز أن يكون ذلك إلى السماء السابعة، وإلى سدرة المنتهى، وإلى قائمة العرش، ولا خبر يقطع العذر بأنه معنىّ به بعض ذلك دون بعض. والصواب أن يقال في ذلك، كما قال جلّ ثناؤه: إن كتاب أعمال الأبرار لفي ارتفاع إلى حدّ قد علم الله جلّ وعزّ منتهاه، ولا علم عندنا بغايته، غير أن ذلك لا يقصر عن السماء السابعة، لإجماع الحجة من أهل التأويل على ذلك". وانظر: (زاد المسير) لابن الجوزي 9: 57. *****

(288)

قال تعالى: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين 14]. (288) عن أبى هريرة -رضى الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن المؤمن إذا أذنب كانت نكتة سوداء فى قلبه، فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه, وإن زاد زادت حتى يعلو قلبه ذلك الرينالذى ذكر الله عز وجل فى القرآن: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}). تخريجه: أخرجه أحمد 2: 297، قال: حدثنا صفوان بن عيسى، أخبرنا محمد بن عجلان، عن القعقاع بن حكيم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه الترمذي رقم (3334) في التفسير: باب ومن سورة المطففين، وابن ماجه رقم (4244) في الزهد: باب ذكر الذنوب، والنسائي في (السنن الكبرى) 10: 328 رقم (11594) في التفسير: سورة المطففين، والطبري 24: 200، وابن حبان في صحيحه، كما في الإحسان 3: 210 رقم (930)، والحاكم في المستدرك 2: 517، والبيهقي في (شعب الإيمان) 5: 440 رقم (7203)، والبغوي في تفسيره 365:8، من طريق ابن عجلان، به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 15: 296 إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبى حاتم، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: حسن، لحال ابن عجلان، وهو محمد بن عجلان القرشي، أبو عبد الله المدني (خت م 4). وثقه أحمد، وابن عيينة، وابن معين، ويعقوب بن شيبة، وأبو حاتم، وأبو زرعة، والنسائي، وابن سعد، وغيرهم. وقال البخاري: قال لي علي، عن ابن الوزير، عن مالك، أنه ذكر ابن عجلان فذكر خيراً. وأسند العقيلي إلى يحيى بن سعيد قال: "كان ابن عجلان مضطرب الحديث في

حديث نافع" ولم يكن له تلك القيمة عنده. وقال أيضاً: سمعت محمد بن عجلان يقول: كان سعيد المقبري يحدث عن أبيه، عن أبي هريرة, فاختلط علي فجعلتها كلها عن أبي هريرة. وقال أحمد: كان ثقة، إلا أنه اختلط عليه حديث المقبري، كان عن رجل جعل يصيره عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. وذكره الذهبي في (أسماء من تكلم فيه وهو موثق)، وقال -في الميزان-: إمام صدوق مشهور، وقال -في السير-: حديثه إن لم يبلغ رتبة الصحيح، فلا ينحط عن رتبة الحسن. وقال الحافظ: صدوق، إلا أنه اختلط عليه أحاديث أبى هريرة. فالظاهر أنه من المقبولين، ويجتنب من حديثه ما تكلم فيه بسببه وهو ما رواه عن سعيد المقبري، عن أبى هريرة -رضي الله عنه-، لا عموم أحاديث أبى هريرة -رضي الله عنه- كما تفيده عبارة الحافظ في التقريب، وكذا ما تفرد به عن نافع. ومن العجائب ما ذكر في ترجمته أنه مكث حملاً في بطن أمه ثلاث سنين، فشق بطنها، وأخرج منه وقد نبتت أسنانه. توفي سنة 148 هـ. ينظر: التاريخ الكبير 1: 196، الجرح والتعديل 8: 49، جامع الترمذي رقم (2747)، الضعفاء الكبير للعقيلي 4: 118، الثقات 7: 386، تهذيب الكمال 101:26، شرح الإلمام 2: 8، أسماء من تكلم فيه وهو موثق ص 165، الكاشف 20:2، ميزان الاعتدال 3: 644، السير 6: 317، التهذيب 5: 219، التقريب ص 496، شرح علل الترمذي لابن رجب 1: 123. *****

سورة الانشقاق

سورة الانشقاق قال تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (7) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8)} [الانشقاق: 7 - 8]. (289) عن عائشة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا هلك) فقلت: يا رسول الله، أليس قد قال الله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (7) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إنما ذلك العرض، وليس أحدٌ يناقش الحساب يوم القيامة إلا عذب). تخريجه: أخرجه البخاري (103) في العلم: باب من سمع شيئا فلم يفهمه فراجع فيه، و (4939) في التفسير: باب {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} , و (6536) و (6537) في الرقاق: باب من نوقش الحساب عذب، ومسلم (2876) في الجنة وصفة نعيمها: باب إثبات الحساب، وأبو داود (3093) في الجنائز: باب عيادة النساء، والترمذي (2426) في صفة القيامة، و (3337) في التفسير: باب ومن سورة (إذا السماء انشقت)، وأحمد 6: 158، 127، 206، من طريق ابن أبى مليكة عن عائشة -رضي الله عنها-. وعنه، عن القاسم بن محمد، عن عائشة -رضي الله عنها-. واللفظ للبخاري في الموضع الأخير، والبقية بنحوه. *****

(290)

(290) عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: سمعت النبى -صلى الله عليه وسلم- يقول في بعض صلاته: (اللهم حاسبنا حسابا يسيرا) فلما انصرف، قلت: يا نبي الله، ما الحساب اليسير؟ قال: (أن ينظر في كتابه فيتجاوز عنه. إنه من نوفش الحساب يومئذ يا عائشة هلك، وكل ما يصيب المؤمن يكفر الله عز وجل به عنه حتى الشوكة تشوكه). تخريجه: أخرجه أحمد 6: 48، قال: حدثنا إسماعيل، حدثنا محمد بن إسحاق، قال: حدثني عبد الواحد بن حمزة بن عبد الله بن الزبير، عن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها .. فذكرته. وأخرجه الطبري 24: 236 - 237، وابن خزيمة في صحيحه 2: 30 رقم (849)، وابن حبان في صحيحه كما في الإحسان 16: 372 رقم (7372)، والحاكم 1: 57، 255، والبيهقي في (شعب الإيمان) 1: 252 رقم (270)، من طريق محمد بن إسحاق، به بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 15: 317 إلى: عبد بن حميد، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: حسن، لحال ابن إسحاق. وسبق في الحديث رقم (98). وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه بهذا اللفظ. وأقره الذهبي. ولم يتفرد به ابن إسحاق، بل تابعه عليه: عبد الواحد بن زياد. أخرجه أحمد 6: 185، قال: حدثنا يونس بن محمد، قال: حدثنا عبد الواحد بن زياد، قال: حدثنا عبد الواحد بن حمزة بن عبد الله بن الزبير، به, بنحوه. يونس بن محمد؛ هو المؤدب, ثقة ثبت، وأخرج حديثه الجماعة. ينظر: التقربب ص 614. وعبد الواحد بن زياد؛ ثقة, في حديثه عن الأعمش وحده مقال، وأخرج حديثه الجماعة. ينظر: تهذيب الكمال 18: 450، التقريب ص 367. الحكم على الحديث: صحيح. *****

سورة البروج

سورة البروج قال تعالى: {وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (2) وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ} [البروج: 2، 3]. (291) عن أبى هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (اليوم الموعود: يوم القيامة، واليوم المشهود: يوم عرفة، والشاهد: يوم الجمعة). تخريجه: أخرجه الترمذى (3339) في التفسير: باب ومن سورة البروج، قال: حدثنا عبد بن حميد، حدثنا روح بن عبادة، وعبيد الله بن موسى، عن موسى بن عبيدة، عن أيوب بن خالد، عن عبد الله بن رافع، عن أبى هريرة -رضي الله عنه- .. فذكره، مع زيادة في آخره. وأخرجه الطبري 24: 262، 263، 265، والطبراني في الأوسط 2: 18 رقم (1087)، وابن عدي في الكامل 2: 44، 6: 336، والبيهقي في (السنن الكبرى) 3: 170، والبغوي في تفسيره 8: 381، من طريق موسى بن عبيدة، به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 15: 329 إلى: عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبى حاتم، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف، لحال موسى بن عبيدة، وهو ضعيف، وقال عنه أحمد، وأبو حاتم: منكر الحديث. وسبق في الحديث رقم (224). وشيخه: أيوب بن خالد بن صفوان الأنصاري النجاري المدني. (م ت س) ذكره ابن حبان في (الثقات). وكان يحيى بن سعيد ونظراؤه؛ لا يكتبون حديثه. وفي التقريب: فيه لين. ينظر: تهذيب الكمال 468:3، الكاشف 1: 261، تهذيب التهذيب 1: 351، التقريب ص 118.

الشواهد

وقال الترمذي -عقب الحديث-: "هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث موسى بن عبيدة وموسى بن عبيدة؛ يضعف في الحديث، ضعفه يحيى بن سعيد وغيره". وقال الطبراني -عقب الحديث-: "لم يرو هذا الحديث عن عبد الله بن رافع؛ إلا أيوب، تفرد به موسى". وقال ابن عدي في (الكامل) 6: 336 - عقب رواية الحديث-: "وهذه الأحاديث التي ذكرتها لموسى بن عبيدة بأسانيدها؛ مختلفة عامتها مما ينفرد بها من يرويها عنه، وعامتها متونها غير محفوظة .. ". الشواهد: يشهد للحديث ما يأتي: 1 - عن أبى مالك الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (اليوم الموعود: يوم القيامة، وإن الشاهد: يوم الجمعة، وإن المشهود: يوم عرفة). أخرجه الطبري 24: 263، 266، والطبراني في (المعجم الكبير) 3: 298 رقم (3458)، وفي (مسند الشاميين) 2: 449 رقم (1680)، من طريق محمد بن إسماعيل بن عياش، حدثني أبي، حدثني ضمضم بن زرعة، عن شريح بن عبيد، عن أبى مالك الأشعري -رضي الله عنه- .. فذكره. وعزاه في (الدر المنثور) 330:15 إلى ابن مردويه. وسنده ضعيف، لما يلي: (أ) محمد بن إسماعيل بن عياش، قال أبو حاتم: لم يسمع من أبيه شيئا. وقال أبو داود: لم يكن بذاك. ينظر: تهذيب الكمال 24: 483، التقريب ص 468.

(ب) شريح بن عبيد، عن أبى مالك الأشعري؛ مرسل، كما قاله أبو حاتم. ينظر: (المراسيل) لابن أبي حاتم ص 90. 2 - عن جبير بن مطعم -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قول الله عز وجل: {وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ}، قال: (الشاهد: يوم الجمعة، والمشهود: يوم عرفة). أخرجه ابن عدي في (الكامل) 5: 72، وتمام الرازي في (فوائده) 4: 174 رقم (1369 - الروض البسام)، وابن عساكر في (تاريخ دمشق) 13: 307، من طريق عمار بن مطر، ثنا مالك بن أنس، عن عمارة بن عبد الله بن صياد، عن نافع بن جبير، عن أبيه -رضي الله عنه- .. فذكره. وسنده ضعيف جدا، عمار بن مطر، اتهمه أبو حاتم بالكذب، وقال ابن عدي: متروك الحديث. ينظر: الكامل 5: 72، اللسان 4: 317. 3 - عن سعيد بن المسيب قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن سيد الأيام يوم الجمعة، وهو الشاهد، والمشهود يوم عرفة). أخرجه الطبري 24: 265 قال: حدثنا سهل بن موسى، قال: ثنا ابن أبى فديك، عن ابن حرملة، عن سعيد .. فذكره. وعزاه في (الدر المنثور) 15: 331 إلى: سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن مردويه. سهل بن موسى، نسبه الطبري في موضع آخر بالرازي، ولم أقف على ترجمته. وابن حرملة؛ هو: عبد الرحمن بن حرملة المدني. مختلف فيه، وفي التقريب: صدوق، ربما أخطأ. أخرج له مسلم، والأربعة. ينظر: تهذيب الكمال 17: 58، التقريب ص 339.

وروي موقوفا على سعيد، فأخرجه الطبري أيضا 24: 266، قال: حدثني سعيد بن الربيع الرازي، قال: ثنا سفيان، عن عبد الرحمن بن حرملة, عن سعيد بن السيب، قال: (سيد الأيام يوم الجمعة، وهو شاهد). سفيان؛ هو الثوري، وشيخ الطبري لم أقف عليه. ورواه عبد الرزاق في تفسيره 2: 361 عن محمد بن يحيى المازني، قال: حدثنا عبد الرحمن بن حرملة، به، بنحوه. وفي الرواة: محمد بن يحيى بن حبان المازني، ثقة فقيه، أخرج حديثه الجماعة، لكنه متقدم من طبقة التابعين، مات سنة 121 هـ. ومولد عبد الرزاق سنة 126 هـ، ووفاة ابن حرملة سنة 145هـ، ولم تذكر بينهما -المازني، وابن حرملة- رواية في ترجمتيهما من (تهذيب الكمال). *****

(292)

(292) عن أبى هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذه الآية: {وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ} قال: (الشاهد: يوم عرفة، واليوم الموعود: يوم القيامة). تخريجه: أخرجه أحمد 2: 298، قال: ثنا محمد بن جعفر، ثنا شعبة قال: سمعت علي بن زيد، ويونس بن عبيد، يحدثان عن عمار مولى بني هاشم، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، أما علي؛ فرفعه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأما يونس؛ فلم يعد أبا هريرة -رضي الله عنه- أنه قال في هذه الآية .. فذكره. ومن طريقه: أخرجه الحاكم في المستدرك 2: 519، وعنه: البيهقي في (السنن الكبرى) 3: 170، لكن وقع عندهما بلفظ: (الشاهد: يوم عرفة ويوم الجمعة والمشهود هو: اليوم الموعود يوم القيامة). وعزاه في (الدر المنثور) 15: 330 إلى ابن مردويه، باللفظ الأخير. الحكم على الإسناد، والنظر فيه: إسناد ضعيف، فيه: علي بن زيد بن جدعان القرشي التيمي، أبو الحسن البصرى، مكي الأصل. (بخ م 4). ضعيف. وقال شعبة: حدثنا علي بن زيد، وكان رفاعا. وقال الترمذي: صدوق، إلا أنه ربما يرفع الشيء الذي يوقفه غيره. مات سنة 131هـ, وأخرج له مسلم مقرونا بثابت البناني. ينظر: جامع الترمذي (2687)، تهذيب الكمال 20: 434، التقريب ص 401. وقد اختلف فيه على عمار على وجهين: الرفع، والوقف. فرواه عنه ابن جدعان بالرفع، كما سبق. وخالفه: يونس بن عبيد، فرواه عن عمار، عن أبى هريرة -رضي الله عنه-، موقوفا عليه.

الحكم على الحديث

أخرجه أحمد 2: 298، قال: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن يونس، قال: سمعت عمارا مولى بني هاشم، يحدث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال في هذه الآية: {وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ} قال: (الشاهد يوم الجمعة، والمشهود يوم عرفة، والموعود يوم القيامة). وهذا سند صحيح رجاله رجال مسلم، ويونس بن عبيد؛ هو أبو عبد الله، ويقال: أبو عبيد، البصري، ثقة ثبت، وأخرج حديثه الجماعة. ينظر: تهذيب الكمال 32: 517، التقريب ص 613. ومن طريق أحمد: أخرجه الحاكم في المستدرك 2: 519، وعنه: البيهقي في (السنن الكبرى) 3: 170. وأخرجه الطبري 24: 262، 263، 264 مفرقا في ثلاثة مواضع، من طريق يونس، به. وهذا الوجه هو الصحيح، ولفظه الموافق للأحاديث الأخرى المذكورة في الحديث السابق. والحديث سئل عنه الدارقطني في (العلل) 11: 120، فقال: "اختلف في رفعه على عمار، فرفعه: علي بن زيد بن جدعان. ووقفه: يونس بن عبيد، عن أبى هريرة -رضي الله عنه-، وهو الصواب". وقال الحاكم: حديث شعبة عن يونس بن عبيد؛ صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه. وأقره الذهبي. الحكم على الحديث: منكر، خالف الضعيفُ فيه الثقة، في سنده ومتنه. *****

سورة الأعلى

سورة الأعلى قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى: 14، 15]. (293) عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} قال: (من شهد أن لا إله إلا اله، وخلع الأنداد، وشهد أني رسول الله, {وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} قال: هى الصلوات الخمس، والمحافظة عليها). تخريجه: أخرجه البزار 2: 117 رقم (1529 - مختصره)، قال: حدثنا عباد بن أحمد العرزمي، حدثني عمي محمد بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن عطاء بن السائب، عن عبد الرحمن بن سابط، عن جابر -رضي الله عنه- .. فذكره. وعزاه في (الدر المنثور) 15: 368 إلى ابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف جدا، لما يلي: 1 - الجرح في العرزميين الثلاثة وهم: (أ) عباد بن أحمد العرزمي. قال الدارقطني، والهيثمي: متروك. ينظر: المغني في الضعفاء 1: 325، مجمع الزوائد 7: 137، اللسان 3: 277. (ب) محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله العرزمي الكوفي. قال الدارقطني: متروك الحديث، هو وأبوه وجده. ينظر: الجرح والتعديل 320:7، المغني في الضعفاء 2: 605، اللسان 5: 256. (ج) عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله الفزاري العرزمي. ذكره ابن حبان في (الثقات)، قال: يعتبر بحديثه من غير روايته عن أبيه.

وقال أبو حاتم: ليس بقوي. وقال الدارقطني: متروك. وسبق في الحديث رقم (197). 2 - عطاء بن السائب؛ اختلط، ورواية العرزمي عنه بعد الاختلاط. وسبق في الحديث رقم (31). قال البزار: لا نعلمه عن جابر إلا بهذا الإسناد. وأورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 7: 137، وقال: "رواه البزار عن شيخه: عباد بن أحمد العرزمي، وهو متروك". *****

(294)

(294) عن كثير بن عبد الله المزني، عن أبيه، عن جده، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} قال: (زكاة الفطر). تخريجه: أخرجه ابن عدي في (الكامل) 6: 59 - 60 قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عبد العزيز ابن الجعد، ثنا محمد بن إسحاق المسيبي، قال: ثنا عبد الله بن نافع، عن كثير بن عبد الله المزني، به. ورواه عن عبد الله بن محمد بن سلم، ثنا عبد الرحمن بن إبراهيم، قال: ثنا عبد الله بن نافع، به. وأخرجه البيهقي في (السنن الكبرى) 4: 159 من طريق محمد بن إسحاق المسيبي، به، بنحوه. وأخرجه البزار في مسنده (البحر الزخار) 8: 313 رقم (3383)، قال: أخبرنا علي بن سهل المدائني، قال: أخبرنا عبد الله بن نافع، قال: أخبرنا كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف، عن أبيه، عن جده -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يأمر بزكاة الفطر يوم الفطر قبل أن يصلي صلاة العيد، ويتلو هذه الآية: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى}. وعزاه في (الدر المنثور) 15: 369 إلى ابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم في (الكنى)، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف جدا، لحال كثير، وهو: كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف بن زيد المزني المدني. (د ت ق) قال أحمد بن حنبل: منكر الحديث، ليس بشيء. وقال. أبو عبيد الآجرى: سئل أبو داود عن كثير بن عبد الله المزني، فقال: كان أحد الكذابين. وقال أبو زرعة: واهي الحديث، ليس بقوي. وقال النسائي والدارقطني:

متروك الحديث. وقال ابن حبان: منكر الحديث جدا، يروي عن أبيه عن جده، نسخة موضوعة، لا يحل ذكرها في الكتب، ولا الرواية عنه إلا على وجه التعجب. وقال الذهبي: واه. وفي التقريب: ضعيف، أفرط من نسبه إلى الكذب. ينظر: كتاب الضعفاء والمتروكين للنسائى ص 228، المجروحين 2: 221، كتاب الضعفاء والمتروكين للدارقطني ص 209، تهذيب الكمال 24: 136، الكاشف 2: 145، التقريب ص 460. قلت: ومع شدة ما قيل فيه فقد رأيت الإمام الترمذى رحمه الله يصحح أو يحسن له بعض الأحاديث في جامعه، فقد صحح أحاديث من روايته برقم (1352) (2630)، وحسَّن برقم (490) (536) (2677)، ولعله حكم عليها بذلك باعتبار طرقها وشواهدها، والله أعلم. قال البزار في مسنده (البحر الزخار) 8: 313: "وهذا الحديث لا نعلم رواه بهذا اللفظ عن النبى -صلى الله عليه وسلم- إلا عمرو بن عوف، ولا نعلم حدثه عن عمرو بن عوف؛ إلا ابنه عبد الله ابن عمرو، ولا حدثه عن عبد الله بن عمرو؛ إلا كثير بن عبد الله". وقال الهيثمي في (مجمع الزوائد) 3: 80: "رواه البزار، وفيه: كثير بن عبد الله، وهو ضعيف". وضعف إسناده السيوطيُ في (الدر المنثور) 15: 369. *****

سورة الفجر

سورة الفجر قال تعالى: {وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ} [الفجر 1 - 3]. (295) عن جابر -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن العشر الأضحى، والوتر: يوم عرفة، والشفع: يوم النحر). تخريجه: أخرجه أحمد 3: 327، قال: حدثنا زيد بن الحباب، حدثنا عياش بن عقبة، حدثني خير ابن نعيم، عن أبى الزبير، عن جابر -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه البزار 2: 118 رقم (1531 - مختصره)، والنسائي في (السنن الكبرى) 10: 334 - 335 رقم (11607) (11608)، والطبري 24: 348، والحاكم في (المستدرك) 220:4، والبيهقي في (شعب الإيمان) 3: 352 رقم (3743)، كلهم من طريق زيد بن الحباب، به، بنحوه. ولفظ الطبري مختصر بذكر العشر فقط. وعزاه في (الدر المنثور) 398:15 إلى: ابن المنذر، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: إسناده ضعيف، فيه عنعنة أبى الزبير، واسمه: محمد بن مسلم بن تدرس القرشي الأسدي، أبو الزبير المكي. (ع). وثقه ابن معين، والنسائي، وغيرهما. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه، ولا يحتج به، وتكلم فيه شعبة. قال ابن عدي: كفى بأبى الزبير صدقاً أن حدث عنه مالك، فإن مالكاً لا يروي إلا عن ثقة، ولا أعلم أحداً من الثقات تخلف عن أبي الزبير إلا وقد كتب عنه، وهو في نفسه ثقة إلا أن يروي عنه بعض الضعفاء فيكون ذلك من جهة الضعيف ولا يكون من قبله, وأبو الزبير يروي أحاديث صالحة ولم يتخلف عنه أحد، وهو صدوق وثقة لا بأس به. وذكره ابن حبان في (الثقات) قال: لم ينصف من قدح فيه. وقال الذهبي -في الكاشف-: حافظ ثقة وكان مدلساً واسع العلم. وقال -في التذكرة-: إذا صرح بالسماع فهو حجة.

وذكره في (أسماء من تكلم فيه وهو موثق). وقال الحافظ: صدوق إلا أنه يدلس، وذكره في المرتبة الثالثة من مراتب المدلسين. مات سنة 126هـ وأخرج له الجماعة إلا أن البخاري أخرج له مقروناً بغيره. ينظر: الجرح والتعديل 8: 74، الثقات 5: 351، الكامل 6: 121، تهذيب الكمال 26: 402، جامع التحصيل ص 269، السير 5: 380، تذكرة الحفاظ 1: 126، الميزان 4: 37، الكاشف 2: 216، من تكلم فيه وهو موثق ص 170، التهذيب 5: 281، التقريب ص 506، مراتب المدلسين ص 151. وليس كل ما رواه عن جابر -رضي الله عنه-. قد سمعه منه فقد أخرج العقيلي في (الضعفاء) 4: 132، بسنده إلى الليث بن سعد، قال: قدمت مكة فجئت أبا الزبير، فدفع إلي كتابين وانقلبت بهما، ثم قلت في نفسي: لو عاودته فسألته أسمع هذا كله من جابر؟ فقال: منه ما سمعت، ومنه ما حُدثت عنه، فقلت له: أعلم لي على ما سمعت، فأعلم لي على هذا الذي عندي. وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه. وأقره الذهبي. وقال الزيلعي في (تخريج أحاديث الكشاف) 4: 205: "وهذا سند لا بأس برجاله". وأورده ابن كثير في تفسيره 8: 391، وقال: "إسناد رجاله لا بأس بهم، وعندي أن المتن في رفعه نكارة، والله أعلم". وقال الهيثمي في (مجمع الزوائد) 7: 137: "رواه البزار وأحمد، ورجالهما رجال الصحيح، غير عياش بن عقبة، وهو ثقة". وهذه العبارات منهم -الزيلعي وابن كثير والهيثمي- لا تفيد التصحيح أو التحسين. وأورده ابن حجر في الفتح 8: 572، ولم يتكلم عليه، وهو صحيح أو حسن على شرطه الذي بينه في المقدمة (هدي الساري) ص 6. قلت: وأخرجه الطبري 24: 355، قال: حدثنا عبد الله بن أبي زياد القطواني، قال: ثنا زيد بن حباب، به، بلفظ: (الشفع اليومان، والوتر اليوم الثالث).

والقطواني؛ هو: عبد الله بن الحكم بن أبي زياد، وثقه ابن أبي حاتم، وفي التقريب: صدوق، أخرج حديثه الأربعة سوى النسائي. ينظر: الجرح والتعديل 5: 38، التقريب ص 300. وعقب ابن كثير على هذه الرواية، فقال في تفسيره 8: 392: "هكذا ورد هذا الخبر بهذا اللفظ، وهو مخالف لما تقدم من اللفظ في رواية أحمد والنسائي وابن أبي حاتم، وما رواه هو أيضا، والله أعلم". والرواية الأولى عند الطبري 24: 348 المذكورة في التخريج المتقدم؛ يرويها عن عبد الله بن أبي زياد القطواني نفسه، فيكون الحديث واحدا، وقطعه في موضعين، ولفت نظري اْن الطبري يكثر من هذا في تفسيره. فيكون لفظ الحديث عند الطبري: "العشر: عشر الأضحى، والشفع: اليومان، والوتر: اليوم الثالث". وهذا مغاير للفظ المذكور، والمخرج واحد، والأقرب حمله على شيخ الطبري، فإنه خالف: 1 - الإمام أحمد في مسنده. 2 - عبدة بن عبد الله. عند البزار، والنسائي (11608). 3 - محمد بن رافع. عند النسائي (11607). 4 - الحسن بن علي بن عفان العامري. عند الحاكم، والبيهقي في (الشعب). والله أعلم. *****

(296)

(296) عن أبى سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: {وَالْفَجْرِ} قال: (هذا الذى تعرفون، {وَلَيَالٍ عَشْرٍ}، قال: عشر الأضحى، {وَالشَّفْعِ} قال: يقول الله: {وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا}، {والوتر} قال: الله تعالى). تخريجه: أخرجه ابن مردويه، كما في (الدر المنثور) 15: 400، من طريق عطية العوفي، عن أبي سعيد -رضي الله عنه-. وعطية متكلم فيه، وهو ضعيف عند جمهور المحدثين، وسبق في الحديث رقم (134). *****

(297)

(297) عن عمران بن حصين -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سئل عن الشفع والوتر، فقال: (هي الصلاة؛ بعضها شفع، وبعضها وتر). تخريجه: أخرجه أحمد 4: 437، قال: حدثنا أبو داود، حدثنا همام، عن قتادة، عن عمران بن عصام، أن شيخا حدثه من أهل البصرة، عن عمران بن حصين -رضي الله عنه-، .. فذكره. وأخرجه أحمد أيضا 4: 438، 442، والترمذي (3342) في التفسير: باب ومن سورة الفجر، والطبري 24: 354، والطبراني في الكبير 18: 233 رقم (579)، والمزي في (تهذيب الكمال) 22: 341، من طريق همام، به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 15: 403 إلى: عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبى حاتم، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف، لإبهام الراوي عن عمران -رضي الله عنه-، وجهالة حال عمران بن عصام، وهو الضبعي، أبو عمارة البصري. (ت). ذكره ابن أبى حاتم، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وذكره ابن حبان في (كتاب الثقات). وقال الذهبي: وثق. وفي التقريب: من الثانية -وهي طبقة كبار التابعين-، وقيل له صحبة. ولم يذكر مرتبته في الجرح والتعديل، والعادة أنه يقول في مثل هؤلاء: (مقبول)، لكن قال عنه في (إتحاف المهرة): مجهول. وهو محمول على جهالة الحال. وجزم العلائي أنه تابعي. قتل سنة 83 هـ. قلت: والظاهر أن الأئمة لم يتكلموا فيه بجرح ولا تعديل لقلة حديثه، فلم أقف له في الرواية على غير هذا الحديث، ومثل هذا لا يتهيأ الحكم عليه من جهة الضبط.

قال ابن عدي في ترجمة (سلم العلوي) من (الكامل) 3: 329: "قليل الحديث جدا، ولا أعلم له جميع ما يروي إلا دون خمسة أو فوقها قليل، وبهذا المقدار لا يعتبر فيه حديثه أنه صدوق أو ضعيف، ولاسيما إذا لم يكن في مقدار ما يروي متن منكر". قال ابن حبان في (المجروحين) 123:2: "لا يجوز أن يحكم على مسلم بالجرح، وأنه ليس بعدل، إلا بعد السبر". وقال في المجروحين أيضا 2: 28 في ترجمة (عبد الله بن المؤمل): "كان قليل الحديث .. لم يتهيأ اعتبار حديثه بحديث غيره لقلته فيحكم له بالعدالة أو الجرح، ولا يتهيأ إطلاق العدالة على من ليس نعرفه بها يقينا فيقبل ما انفرد به، فعسى نحل الحرام ونحرم الحلال برواية من ليس بعدل، أو نقول على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما لم يقل اعتمادا منا على رواية من ليس بعدل عندنا، كما لا يتهيأ إطلاق الجرح على من ليس يستحقه بإحدى الأسباب التي ذكرناها من أنواع الجرح في أول الكتاب، وعائذ بالله من هذين الخصلتين: أن نجرح العدل من غير علم، أو نعدل المجروح من غير يقين، ونسأل الله الستر". ينظر: الجرح والتعديل 6: 300، الثقات 5: 221، تهذيب الكمال 22: 339، الكاشف 2: 94، جامع التحصيل ص 248، التقريب ص 430، إتحاف المهرة 12: 40، الإصابة 4: 706. قال الترمذي: هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث قتادة. والحديث أخرجه الطبري 24: 354، والطبراني 18: 232 رقم (578)، والحاكم 2: 522، من طريق قتادة، عن عمران بن عصام، عن عمران بن حصين -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- .. فذكره. وعند الحاكم: عن عمران بن عصام؛ شيخ من أهل البصرة. وهكذا وقع في تفسيىر ابن أبي حاتم، كما أفاده ابن كثير في تفسيىره 8: 393. قال الحاكم: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. وأقره الذهبي.

الحكم على الحديث

وأورده الحافظ في الفتح 8: 572 من الوجه المذكور أعلاه، ثم قال: "وقد أخرجه الحاكم من هذا الوجه، فسقط من روايته المبهم، فاغتر فصححه". وقال في (إتحاف المهرة) 12: 40: "ابن عصام؛ مجهول، ولم يسمعه من عمران بينهما رجل". وقال الذهبي في ترجمة (عمران بن عصام) من (تاريخ الإسلام) -الطبقة التاسعة (80 - 90 هـ) -: "روى عن: عمران بن حصين، وقيل عن رجلٍ، عن عمران، وهو الصحيح". وأخرجه عبد الرزاق في تفسيره 2: 370 عن معمر، عن قتادة، عن عمران بن حصين -رضي الله عنه- في قوله تعالى: {وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ} قال: (الصلاة المكتوبة؛ منها شفع ووتر). وأخرجه من هذا الوجه: الطبري 24: 353. وأخرجه الطبري أيضا 24: 353 من طريق سعيد -وهو ابن أبى عروبة-، عن قتادة قال: كان عمران بن حصين -رضي الله عنه- يقول: {وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ}: (الصلاة). وهذا الموقوف عزاه في (الدر المنثور) 15: 403 إلى عبد بن حميد. وقتادة لم يسمع من عمران بن حصين -رضي الله عنه-. ينظر: (المراسيل) لابن أبي حاتم ص 168, 175، تهذيب الكمال 23: 502. قال ابن كثير في تفسيره 8: 393: "وعندي أن وقفه على عمران بن حصين -رضي الله عنه- أشبه، والله أعلم". الحكم على الحديث: ضعيف. *****

(298)

(298) عن أبي أيوب -رضي الله عنه- عن النبى -صلى الله عليه وسلم- أنه سئل عن الشفع والوتر، فقال: (يومان وليلة؛ يوم عرفة ويوم النحر، والوتر: ليلة النحر ليلة جمع). تخريجه: أخرجه الطبراني 4: 180 رقم (4073)، قال: حدثنا محمد بن علي بن حبيب الطرائفي، ثنا أيوب بن محمد الوزان، ثنا سعيد بن مسلمة عن واصل بن السائب، عن أبى سورة، عن أبي أيوب -رضي الله عنه- .. فذكره. وعزاه في (الدر المنثور) 15: 405 إلى ابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف جدا، للجرح المذكور في سعيد، وواصل، وأبى سورة. وسبق الكلام فيهم في الحديث رقم (247). وأورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 7: 137، وقال: "رواه الطبراني .. وفيه: واصل بن السائب، وهو متروك". وضعف إسناده السيوطيُ في (الدر المنثور) 15: 405. *****

سورة البلد

سورة البلد قال تعالى: {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ} [البلد: 11 - 13]. (299) عن البراء -رضي الله عنه- قال: جاء أعرابى إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، أخبرنى بعمل يدخلني الجنة، قال: (لئن كنت أقصرت الخطبة، لقد أعرضت المسألة، أعتق النسمة وفك الرقبة) قال: يا رسول الله أو ما هما سواء؟ قال: (لا؛ عتق النسمة: أن تفرد بها، وفك الرقبة: أن تعين في ثمنها). تخريجه: أخرجه الطيالسي في مسنده 2: 104 رقم (775)، قال: حدثنا عيسى بن عبد الرحمن، عن طلحة اليامي، عن عبد الرحمن بن عوسجة، عن البراء -رضي الله عنه- .. فذكره, مع زيادة في آخره. وأخرجه أحمد 4: 299، والبخاري في (الأدب المفرد) ص 38 رقم (69)، والطحاوي في (شرح مشكل الآثار) 7: 164، والروياني في مسنده 1: 243 رقم (354)، وابن حبان في صحيحه، كما في الإحسان 2: 98 رقم (374)، والدارقطني 2: 135، والحاكم في المستدرك 2: 217، والبيهقي في (السنن الكبرى) 10: 272، وفي (شعب الإيمان) 4: 65 رقم (4335)، والبغوي في (شرح السنة) 9: 354 رقم (2419)، والمزي في (تهذيب الكمال) 22: 632، من طرق عن عيسى بن عبد الرحمن، به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 15: 448 إلى ابن مردويه. الحكم على الإسناد: صحيح. عيسى بن عبد الرحمن؛ هو السلمي ثم البجلي، أبو سلمة الكوفي. (بخ) ثقة، مات بعد سنة 150 هـ. ينظر: تهذيب الكمال 22: 630، التقريب ص 439.

وطلحة؛ هو ابن مصرف بن عمرو الهمداني اليامي، أبو محمد، ويقال: أبو عبد الله الكوفي (ع)، ثقة قارىء فاضل، مات سنة 112 هـ. ينظر: تهذيب الكمال 13: 433، التقريب ص 283. وعبد الرحمن بن عوسجة؛ هو الهمداني، ثم النهمي الكوفي (بخ 4) ثقة، مات سنة 86 هـ. ينظر: تهذيب الكمال 17: 322، التقريب ص 347. والحديث صححه ابن حبان، وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. وأقره الذهبي. وأورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 4: 240، وقال: "رواه أحمد، ورجاله ثقات". *****

سورة الشمس

سورة الشمس قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} [الشمس: 9]. (300) عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول في قول الله عز وجل: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أفلحت نفس زكاها الله عز وجل). تخريجه: أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره 10: 3437 رقم (19346)، قال: حدثنا أبي وأبو زرعة، قالا: حدثنا سهل بن عثمان، حدثنا أبو مالك، يعني: عمرو بن هاشم، عن جويبر، عن الضحاك، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- .. فذكره. وعزاه في (الدر المنثور) 15: 461 إلى أبى الشيخ، وابن مردويه، والديلمي. الحكم على الإسناد: ضعيف جدا، لحال جويبر، والانقطاع بين الضحاك، وابن عباس رضي الله عنهما، وسبق في الحديث رقم (15). وفيه أيضا: عمرو بن هاشم أبو مالك الجنبي الكوفي. (د س). قال أحمد بن حنبل: صدوق، ولم يكن صاحب حديث. وقال البخاري: فيه نظر. وقال أبو حاتم: لين الحديث، يكتب حديثه. وقال النسائي: ليس بالقوي. وقال ابن عدي: له أحاديث غرائب حسان، وإذا حدث عن ثقة؛ فهو صالح الحديث، وإذا حدث عن ضعيف؛ كان يكون فيه بعض الإنكار، وهو صدوق إن شاء الله. وفي التقريب: لين الحديث. ينظر: التاريخ الكبير 6: 381، الجرح والتعديل 6: 267، الكامل 5: 142، تهذيب الكمال 22: 272، التقريب ص 427. *****

(301)

قال تعالى: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا (11) إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا} [الشمس: 11، 12]. (301) عن عبد الله بن زمعة -رضي الله عنه- أنه سمع النبى -صلى الله عليه وسلم- يخطب، وذكر الناقة والذي عقر، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: {إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا} انبعث لها رجل عزيز عارم منيع في رهطه، مثل أبى زمعة). تخريجه: أخرجه البخاري (4942) في التفسير: سورة الشمس، و (3377) في أحاديث الأنبياء: باب قوله تعالى: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا} [الأعراف: 73]، ومسلم (2855) فى الجنة وصفة نعيمها: باب النار يدخلها الجبارون .. إلخ، والترمذي (3343) في التفسير: باب ومن سورة الشمس، وأحمد 4: 17، من طريق هشام بن عروة عن أبيه، عن عبد الله ابن زمعة -رضي الله عنه-. وفيه زيادة في آخره. بيان الغريب: قال في (المصباح المنير) ص160 (عقر): "عقر البعير بالسيف عقرا ضرب قوائمه به، لا يطلق العقر في غير القوائم، وربما قيل: عقره، إذا نحره". وقوله: (عارم)؛ أي خبيث شرير. ينظر (النهاية) 3: 223 (عرم). *****

سورة الليل

سورة الليل قال تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [الليل: 5 - 10]. (302) عن علي -رضي الله عنه- قال: كنا في جنازة في بقيع الغرقد، فأتانا النبي -صلى الله عليه وسلم- فقعد وقعدنا حوله، ومعه مخصرة، فنكَّس فجعل بنكت بمخصرته، ثم قال: (ما منكم من أحد، ما من نفس منفوسة إلا كتب مكانها في الجنة والنار، وإلا قد كتب شقية أو سعيدة) فقال رجل: يا رسول الله، أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل؟ فمن كان منا من أهل السعادة فسيصير إلى عمل أهل السعادة وأما من كان منا من أهل الشقاوة فسيصير إلى عمل أهل الشقاوة قال: (أما أهل السعادة فييسرون لعمل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل الشقاوة، ثم قرأ: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى}) الآية. تخريجه: أخرجه البخاري (1362) في الجنائز: باب موعظة المحدث عند القبر، و (4945) و (4946) و (4947) و (4948) و (4949) في التفسير: سورة الليل، و (6217) في الأدب: باب الرجل ينكت الشيء بيده في الأرض، و (6605) في القدر: باب وكان أمر الله قدرا مقدورا، و (7552) في التوحيد: باب قول الله تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرْ} [القمر: 17]، ومسلم (2647) في القدر: باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه وأبو داود (4694) في السنة: باب في القدر، والترمذي (2136) في القدر: باب ما جاء في الشقاء والسعادة، و (3344) في التفسر: باب ومن سورة الليل، وابن ماجه (78) في المقدمة: باب في القدر، وأحمد 1: 129، من طريق سعد بن عبيدة، عن أبى عبد الرحمن السلمي، عن علي -رضي الله عنه-.

بيان الغريب

بيان الغريب: قوله: (ومعه مخصرة)، المِخْصَرَة: ما يختصره الإنسان بيده فيمسكه من عصا، أو عكازة، أو مقرعة، أو قضيب، وقد يتكىء عليه. ينظر: (النهاية) 2: 36 (خصر). قوله: (فنكَّس)، أي أطرق وخفض رأسه. ينظر (فتح الباري) شرح الحديث رقم (6605). قوله: (فجعل ينكت بمخصرته)، أي يضرب بها الأرض. ينظر: (النهاية) 4: 113 (نكت). *****

سورة الشرح

سورة الشرح قال تعالى: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (4)} [الشرح: 4]. (303) عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (أتانى جبريل، فقال: إن ربى وربك يقول: كيف رفعت ذكرك؟ قال: الله أعلم، قال: إذا ذكرت ذكرت معي). تخريجه: أخرجه أبو يعلى في مسنده 2: 522 رقم (1380)، قال: حدثنا زهير، حدثنا الحسن بن موسى، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا دراج أبو السمح، أن أبا الهيثم حدثه، عن أبي سعيد -رضى الله عنه- .. فذكره. وأخرجه الطبري 24: 494، وابن حبان، كما في الإحسان 8: 175 رقم (3382)، كلاهما من طريق دراج، به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 15: 498 إلى: ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف، لحال ابن لهيعة، وما قيل في رواية دراج، عن أبى الهيثم، عن أبي سعيد، وهذه منها. وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك في الحديث الثامن. المتابعات: أما ابن لهيعة؛ فقد تابعه: عمرو بن الحارث، عند الطبري، وابن حبان. وعمرو بن الحارث؛ ثقة فقيه حافظ. لكن يبقى مداره على دراج، عن أبى الهيثم. الحكم على الحديث: ضعيف. *****

سورة الزلزلة

سورة الزلزلة قال تعالى: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2) وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا (3) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4)} [الزلزلة: 1 - 4]. (304) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم - هذه الآية: {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} قال: (أتدرون ما أخبارها؟) قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: (فإن أخبارها: أن تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها، تقول: عمل يوم كذا؛ كذا وكذا، فهذه أخبارها). تخريجه: أخرجه الترمذي (2429) في صفة القيامة: باب (7)، و (3353) في التفسير: باب ومن سورة إذا زلزلت، قال: حدثنا سويد بن نصر، أخبرنا عبد الله بن المبارك، أخبرنا سعيد بن أبي أيوب، عن يحيى بن أبي سليمان، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه أحمد 2: 374، والنسائي في (السنن الكبرى) 10: 342 رقم (11629)، وابن حبان في صحيحه، كما في الإحسان 16: 360 رقم (7360)، والحاكم في المستدرك 2: 256، والبيهقي في (شعب الإيمان) 5: 464 رقم (7298)، والبغوي في (شرح السنة) 15: 116 رقم (4308)، من طريق عبد الله بن المبارك، به، بنحوه. وأخرجه الحاكم 2: 532 من طريق عبد الله بن يزيد المقرىء، عن سعيد بن أبي أيوب، به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 15: 583 إلى: عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف، لحال يحيى بن أبي سليمان، وهو أبو صالح المدني، قدم البصرة. (بخ د ت س)

الشواهد

ذكره ابن حبان في (كتاب الثقات). وقال البخاري: منكر الحديث. وقال أبو حاتم: ليس بالقوي، مضطرب الحديث، يكتب حديثه. وفي التقريب: لين الحديث. ينظر: الجرح والتعديل 9: 154، الثقات 7: 604، تهذيب الكمال 31: 372، الميزان 4: 383، الكاشف 2: 367، التقريب ص 591. وسعيد بن أبي سعيد المقبري، ثقة تغير قبل موته بأربع سنين. مات سنة 120 هـ. ينظر: تهذيب الكمال 10: 466، التقريب ص 236. ورواية يحيى عنه مما لم تتميز، قبل التغير أو بعده؟. وقال الترمذى في الموضع الأول (2429): هذا حديث حسن غريب. وفي الموضع الثاني (3353): حديث حسن صحيح غريب. وقال الحاكم 2: 256: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه. وأقره الذهبي. وقال 2: 532: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. وتعقبه الذهبي، فقال: يحيى هذا؛ منكر الحديث، قاله البخاري. الشواهد: يشهد لهذا الحديث: ما رواه أنس -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن الأرض لتخبر يوم القيامة بكل عمل عُمل على ظهرها، وقرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا}، فتلاها حتى بلغ: {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} أتدرون ما أخبارها؟ جاء جبربل عليه السلام قال: خبرها إذا كان يوم القيامة؛ أخبرت بكل عمل عُمل على ظهرها). أخرجه البيهقي في (شعب الإيمان) 5: 463 رقم (7296) من طريق رشدين بن سعد، عن يحيى بن أبي سليمان، عن أبي حازم، عن أنس -رضي الله عنه- .. فذكره.

الحكم على الحديث

وعزاه في (الدر المنثور) 15: 583 إلى ابن مردويه. ورشدين بن سعد، ضعيف، كما في التقريب ص 209. ويحى بن أبي سليمان؛ سبق الكلام فيه قريبا. ويشهد لأصل معنى الحديث؛ ما رواه ربيعة الجرشي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (استقيموا ونعما إن استقمتم، وحافظوا على الوضوء، فإن خير عملكم الصلاة، وتحفظوا من الأرض فإنها أمكم، وإنه ليس من أحد عامل عليها خيرا أو شرا إلا وهي مخبرة). أخرجه الطبراني في الكبير 5: 65 رقم (4596)، وفي سنده ابن لهيعة، وقد تفرد به، ولا يحتمل هذا منه، وسبق المقال فيه في الحديث رقم (8). وربيعة الجرشي؛ مختلف في صحبته. ينظر: الإصابة 2: 471. الحكم على الحديث: ضعيف. *****

سورة العاديات

سورة العاديات قال تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ} [العاديات: 6]. (305) عن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- {إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ} قال: (لكفور، الذي يأكل وحده، ويضرب عبده، ويمنع رفده). تخريجه: أخرجه الطبري 24: 586، قال: حدثنا أبو كريب، قال: ثنا عبيد الله، عن إسرائيل، عن جعفر بن الزبير، عن القاسم، عن أبي أمامة -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه الطبراني في الكبير 8: 292 رقم (7958) من طريق جعفر بن الزبير، به، بنحوه. وأخرجه أيضا 8: 221 رقم (7778) من طريق القاسم، به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 15: 605 إلى ابن أبي حاتم، وابن مردويه والديلمي، وابن عساكر. وأفاد ابن كثير في تفسيره 8: 467 أن إسناد ابن أبي حاتم؛ هو إسناد الطبري نفسه. الحكم على الإسناد: ضعيف جدا، لحال جعفر بن الزبير، وهو متروك الحديث، واتهمه شعبة بالكذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. وسبق في الحديث رقم (241). قال ابن حبان في (المجروحين) 1: 212 في ترجمة: (جعفر بن الزبير): "وروى جعفر ابن الزبير، عن القاسم، عن أبي أمامة، نسخة موضوعة أكثر من مائة حديث، منها: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ({إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ} وهل تدرون ما الكنود؟ الكنود: هو الذي يأكل وحده، ويمنع رفده، ويضرب عبده). وأورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 7: 142، وقال: "رواه الطبراني بإسنادين في أحدهما: جعفر بن الزبير، وهو ضعيف، وفي الآخر من لم أعرفه". وضعف إسناده السيوطيُ في (الدر المنثور) 15: 605.

المتابعات

المتابعات: تابع جعفر بن الزبير: أبو عمرو. أخرجه الطبراني في الكبير 8: 221 رقم (7778)، قال: حدثنا عبدان بن أحمد، ثنا محمد بن مسمع الصفار البصري، ثنا الوليد بن مسلم، عن أبى عمرو، عن القاسم، عن أبي أمامة -رضي الله عنه- رفعه: (الكنود: الذي يضرب عبده، ويمنع رفده، ويأكل وحده). أبو عمرو؛ هو يحيى بن الحارث الذماري، وهو ثقة. ينظر: تهذيب الكمال 31: 256. والوليد بن مسلم؛ ثقة، لكنه كثير التدليس والتسوية. مات سنة 195 هـ. وما فوقه مروي بالعنعنة. وسبق في الحديث رقم (209). ومحمد بن مسمع الصفار، لم أقف عليه. والحديث أخرجه البخاري في (الأدب المفرد) ص 68 رقم (160)، والطبري في تفسيره 24: 587، من طريق حريز بن عثمان، عن حمزة بن هانىء، عن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: (الكنود: الذي يمنع رفده، وينزل وحده, ويضرب عبده). موقوفا عليه. وعزاه في (الدر المنثور) 15: 605 إلى: عبد بن حميد، وابن مردويه. وابن هانىء؛ قال عنه الذهبي: مجهول، وقال ابن حجر: شيخ لحريز، لا يعرف. ينظر: (العلل) لابن أبي حاتم 2: 78، الميزان 1: 608، التقريب ص 702. الحكم على الحديث: ضعيف جدا. *****

سورة التكاثر

سورة التكاثر قال تعالى: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} [التكاثر 1 - 2]. (306) عن زيد بن أسلم قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} عن الطاعة، {حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} حتى يأتيكم الموت). تخريجه: أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره 10: 3459 رقم (19451)، قال: حدثنا أبي، حدثنا زكريا بن يحيى الوقار المصري، حدثني خالد بن عبد الدائم، عن ابن زيد بن أسلم، عن أبيه .. فذكره. هكذا وقع في المطبوع، وهكذا ذكره ابن كثير في تفسيره 8: 472، بينما ذكره السيوطي في (الدر المنثور) 15: 620، وفي (الإتقان) 2؛ 563 عن زيد بن أسلم، عن أبيه عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. والحديث عزاه في (الدر المنثور) 15: 620 إلى ابن مردويه أيضا، ولفظه كما ساقه السيوطى: (قرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} يعني عن الطاعة، {حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} قال: يقول: حتى يأتيكم الموت، {كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ} يعني: لو قد دخلتم قبوركم، {ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ} يقول: لو قد خرجتم من قبوركم إلى محشركم، {كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ} قال: لو قد وقفتم على أعمالكم بين يدي ربكم، {لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ} وذلك أن الصراط يوضع وسط جهنم فناج مسلم، ومخدوش مسلم، ومكدوس في نار جهنم، {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} يعني شبع البطون، وبارد الشراب، وظلال المساكن، واعتدال الخلق، ولذة النوم). الحكم على الإسناد: ضعيف جدا، للعلل الآتية: 1 - زكريا بن يحيى الوقار، أبو يحيى المصري. ذكره ابن حبان في (الثقات)، قال: يخطىء ويخالف.

وذكره ابن أبي حاتم، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وقال صالح جزرة: كان من الكذابين الكبار. وقال ابن عدي: له حديث كثير، بعضها مستقيمة، وبعضها ما ذكرت وغير ما ذكرت موضوعات، وكان يتهم الوقار بوضعها، لأنه يروي عن قوم ثقات أحاديث موضوعات. مات سنة 254 هـ. ينظر: الجرح والتعديل 3: 601، الثقات 253:8، الكامل 3: 215، اللسان 2: 565. 2 - خالد بن عبد الدائم المصري. -واستظهر ابن حجر أنه بصري-. قال ابن عدي: في حديثه بعض ما فيه، وأرجو أنه لا بأس به إذا حدث عن ثقة، وحدث عنه ثقة. وقال ابن حبان: يروى عن نافع بن يزيد المناكير التي لا تشبه حديث الثقات، ويلزق المتون الواهية بالأسانيد المشهورة. قال الحاكم والنقاش: روى أحاديث موضوعة. وقال أبو الفضل ابن طاهر: متروك الحديث. ينظر: المجروحين 1: 280، الكامل 3: 44، اللسان 2: 437. 3 - ابن زيد بن أسلم. لم يتبين لي المراد به، وزيد بن أسلم له من الأبناء: عبد الله، وعبد الرحمن، وأسامة وكلهم لهم رواية للحديث. قال أبو داود -كما في ضعفاء العقيلي 2: 331 - : "أولاد زيد بن أسلم؛ عبد الله وأسامة وعبد الرحمن؛ كلهم ضعيف، وعبد الله أمثلهم". وأشار إليهم البيهقي في (السنن الكبرى) 1: 254، فقال: "أولاد زيد هؤلاء؛ كلهم ضعفاء، جرحهم يحيى بن معين". 4 - الإرسال. وعلى ما ذكره السيوطي: (عن زيد بن أسلم، عن أبيه)، فهو مرسل أبضا، لأن أسلم العدوي -والد زيد- مخضرم، من كبار التابعين. ينظر: التقريب ص 104. *****

(307)

قال تعالى: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (8)} [التكاثر: 8]. (307) عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- عن النبى -صلى الله عليه وسلم-: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ}، قال: (الأمن والصحة). تخريجه: أخرجه عبد الله بن أحمد في (زوائد الزهد) ص 157، قال: حدثنا الوليد بن شجاع، حدثنا محمد بن سليمان بن الأصبهاني، عن ابن أبي ليلى، عن الشعبي، عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه ابن أبي حاتم، من طريق ابن الأصبهاني، به، بلفظه، كما في تفسير ابن كثير 8: 477. وعزاه في (الدر المنثور) 15: 622 إلى ابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف، للعلل الآتية: 1 - محمد بن سليمان بن عبد الله ابن الأصبهانى، أبو علي الكوفي. (ت س ق) ذكره ابن حبان في (كتاب الثقات)، قال: يخالف ويخطىء. وضعفه النسائي، وأبو داود. وقال أبو حاتم: لا بأس به، يكتب حديثه، ولا يحتج به. وقال ابن عدي: مضطرب الحديث، قليل الحديث، ومقدار ما له قد أخطأ في غير شيء منه. وذكره الذهبي فيمن تكلم فيه وهو موثق، وفي الرواة المتكلم فيهم بما لا يوجب الرد. وفي التقريب: صدوق يخطىء. مات سنة 181 هـ. ومثله لا يحتمل تفرده. ينظر: الجرح والتعديل 7: 268، الثقات 9: 52، الكامل 6: 229، تهذيب الكمال 25: 308، الميزان 3: 569، الكاشف 2: 176، ذكر أسماء من تكلم فيه وهو موثق ص 162، معرفة الرواة المتكلم فيهم بما لا يوجب الرد ص 166، التقريب ص 481.

2 - محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري، أبو عبد الرحمن الكوفي. (4) صدوق، سيء الحفظ جدا، وسبق في الحديث رقم (120)، ومثله لا يحتمل تفرده. 3 - الانقطاع بين الشعبي، وابن مسعود -رضي الله عنه-، فقد نص أبو حاتم على أنه لم يسمع منه. ينظر: (المراسيل) لابن أبى حاتم ص 160. وقد روي موقوفا من هذا الوجه، فأخرجه الطبري في تفسيره 24: 603 عن عباد بن يعقوب، قال: ثنا محمد بن سليمان، به، موقوفا على ابن مسعود -رضي الله عنه-, بلفظه. وأخرجه أيضا 24: 603، والبيهقي في (شعب الإيمان) 4: 149 رقم (4615) من طريق حفص بن غياث، عن ابن أبي ليلى، عن الشعبي، عن عبد الله -رضي الله عنه-، موقوفا عليه، بلفظه. وفيه ابن أبي ليلى، والانقطاع بين الشعبي، وابن مسعود -رضي الله عنه-. وأخرجه هناد بن السري في (الزهد) 2: 364 رقم (694)، قال: حدثنا حفص، عن ابن أبي ليلى، يرفعه إلى ابن مسعود -رضي الله عنه-. وابن أبي ليلى لم يدرك ابن مسعود -رضي الله عنه-. *****

سورة الهمزة

سورة الهمزة قال تعالى: {نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7) إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ} [الهمزة: 6 - 8]. (308) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبى -صلى الله عليه وسلم -: {إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ}، قال: (مطبقة). تخريجه، والنظر في إسناده: أخرجه ابن مردويه كما في تفسير ابن كثير 8: 482 من طريق شريك، عن عاصم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. * شريك؛ هو ابن عبد الله النخعي، أبو عبد الله الكوفي القاضي. صدوق يخطىء كثيراً، تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة، وكان عادلاً فاضلاً عابداً. وقال الدارقطني: ليس بالقوي فيما يتفرد به. توفي سنة 177 هـ، وأخرج له مسلم في المتابعات، والأربعة. ينظر: تهذيب الكمال 12: 462، السير 8: 200، ميزان الاعتدال 2: 270، التقريب ص 266. * وعاصم؛ هو ابن بهدلة أبي النجود الأسدي مولاهم، الكوفي، أبو بكر المقرىء. صدوق له أوهام. وسبق في الحديث رقم (37). * وأبو صالح؛ هو ذكوان السمان الزيات المدني. ثقة ثبت، مات سنة 101 هـ. وأخرج حديثه الجماعة. واختلف في رفعه ووقفه، فأخرجه آدم بن أبى إياس في تفسيره 2: 761، قال: ثنا شريك، عن عاصم بن أبي النجود، عن أبي صالح، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: {عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ} قال: (يعني نارا مطبقة عليهم). وعزاه في (الدر المنثور) 15: 452 إلى: الفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.

وأخرجه ابن أبي شيبة، عن عبد الله بن إدريس، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح، موقوفا عليه. هكذا ذكره ابن كثير في تفسيره 8: 482، وابن رجب في (التخويف من النار) ص 60. وهذا الموقوف على أبي صالح؛ سنده في غاية الصحة. والمرفوع أورده ابن رجب في (التخويف من النار) ص 60، قال: "رفعه لا يصح". والراجح في الحديث أنه من كلام أبي صالح، فقد اختلف عليه فيه، من جهة راويين: 1 - إسماعيل بن أبي خالد، فرواه عن أبي صالح من قوله. 2 - عاصم بن أبي النجود، من رواية شريك عنه. واضطربوا في هذا الوجه، مرة مرفوعا، ومرة موقوفا على أبي هريرة -رضي الله عنه-. وعاصم، وشريك؛ متكلم فيهما من جهة الحفظ، كما سبق. ولا شك في تقديم إسماعيل، فهو ثقة ثبت، أخرج حديثه الجماعة. ينظر: التقريب ص 107. *****

سورة الماعون

سورة الماعون قال تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون: 4 - 5]. (309) عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- أنه سأل النبى -صلى الله عليه وسلم- عن {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} قال: (هم الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها). تخريجه: أخرجه أبو يعلى في مسنده 2: 140 رقم (822)، قال: حدثنا شيبان بن فروخ، حدثنا عكرمة بن إبراهيم الأزدي، حدثنا عبد الملك بن عمير، عن مصعب بن سعد، عن أبيه -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه البزار 3: 344 رقم (1145 - البحر الزخار)، والطبري 24: 663، والعقيلي في (الضعفاء الكبير) 3: 377، والطبراني في الأوسط 2: 377 رقم (2276)، والبيهقي في (السنن الكبرى) 2: 214، والبغوي في تفسيره 8: 552، كلهم من طريق عكرمة بن إبراهيم، به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 15: 687 إلى: ابن أبي حاتم، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف، لما يأتى: 1 - عكرمة بن إبراهيم الأزدي، أبو عبد الله الموصلي. قال يحيى بن معين، وأبو داود: ليس بشيء. وقال النسائي: ضعيف. وقال العقيلي: يخالف في حديثه، وفي حديثه اضطراب. وقال البزار: لين الحديث. وقال ابن حبان: كان ممن يقلب الأخبار، ويرفع المراسيل، لا يجوز الاحتجاج به. ينظر: الضعفاء للنسائى ص 86, الجرح والتعديل 7: 11، ضعفاء العقيلي 3: 377، المجروحين 188:2، اللسان 4: 221، تعجيل المنفعة 2: 21.

2 - عبد الملك بن عمير بن سويد القرشي، أبو عمرو، ويقال: أبو عمر الكوفي، المعروف بالقبطى. (ع) قال يحيى بن معين: مخلط. وفي رواية عنه، قال: ثقة إلا أنه أخطأ في حديث أو حديثين. ووثقه العجلي. وذكره ابن حبان في (الثقات)، وقال: كان مدلسا. وقال أحمد بن حنبل: مضطرب الحديث جدا مع قلة روايته, ما أرى له خمس مائة حديث، وقد غلط في كثير منها. وفي رواية عنه أنه ضعفه جدا. وقال أبو حاتم: ليس بحافظ، هو صالح، تغير حفظه قبل موته. وقال النسائي: ليس به بأس. وذكره الذهبي فيمن تكلم فيه وهو موثق، وفي الرواة المتكلم فيهم بما لا يوجب الرد. ووثقه في (الميزان) وفي (المغني)، وقال في (الميزان): لم يورده ابن عدي، ولا العقيلي، ولا ابن حبان، وقد ذكروا من هو أقوى حفظا منه .. والرجل من نظراء السبيعي أبي إسحاق، وسعيد المقبري، لما وقعوا في هزم الشيخوخة؛ نقص حفظهم، وساءت أذهانهم، ولم يختلطوا، وحديثهم في كتب الإسلام كلها. وقال ابن رجب: ثقة، متفق على حديثه. وقال ابن حجر في التقريب: ثقة فصيح عالم، تغير حفظه، وربما دلس. مات سنة 136 هـ. وفي (طبقات المدلسين): مشهور بالتدليس، وصفه الدارقطني وابن حبان وغيرهما. قلت: وقد روى الحديث بالعنعنة. ينظر: معرفة الثقات للعجلي 2: 104، الجرح والتعديل 5: 360، الثقات 5: 116، تهذيب الكمال 18: 370، الميزان 2: 660، ذكر أسماء من تكلم فيه وهو موثق ص 126، معرفة الرواة المتكلم فيهم بما لا يوجب الرد ص 140، المغنى 2: 407، الكاشف 1: 667، شرح علل الترمذى 1: 163، التقريب ص 364، هدي الساري ص 443، طبقات المدلسين ص 41.

وقال الهيثمي في (مجمع الزوائد) 7: 143: "رواه الطبرانى في الأوسط، وفيه: عكرمة ابن إبراهيم، وهو ضعيف جدا". وهذا الإسناد منكر، لأن عكرمة -على ضعفه- خالف الثقة. سئل الحافظ الدارقطني عن هذا الحديث، كما في (العلل) 4: 320 فقال: "يرويه عبد الملك بن عمير، فاختلف عنه: فأسنده عكرمة بن إبراهيم عن عبد الملك بن عمير، ورفعه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-. وغيره، يرويه عن عبد الملك بن عمير، موقوفا على سعد، وهو الصواب. وكذلك رواه: طلحة بن مصرف، وسماك بن حرب، وعاصم بن أبي النجود، عن مصعب بن سعد، عن أبيه، موقوفا. وهو الصواب". وطلحة بن مصرف؛ ثقة قارىء فاضل، مات سنة 112 هـ. وسبق في الحديث رقم (299). وسماك بن حرب؛ صدوق، وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة، وقد تغير بأخرة فكان ربما تلقن. وسبق في الحديث الأول. وعاصم بن أبي النجودة صدوق له أوهام. وسبق في الحديث رقم (37). وزاد العقيلي في رواة الوقف: الأعمش، وموسى الجهني، فروياه عن مصعب بن سعد، عن أبيه، موقوفا. وقال العقيلي في (الضعفاء الكبير) 3: 377: "الموقوف أولى". والحديث سئل عنه أبو زرعة -كما في علل ابن أبي حاتم 1: 187 - ، فقال: "هذا خطأ، والصحيح موقوف". وقال البيهقي عقبه في (السنن الكبرى) 2: 214: "وهذا الحديث إنما يصح موقوفا". وصحح الموقوف أيضا: ابنُ كثير في تفسيره 8: 495.

الحكم على الحديث

وقد تفرد برفعه عكرمة بن إبراهيم الأزدي. قال البزار في مسنده 3: 345: "وهذا الحديث قد رواه الثقات الحفاظ عن عبد الملك ابن عمير، عن مصعب بن سعد، عن أبيه، موقوفا. ولا نعلم أسنده إلا عكرمة بن إبراهيم، عن عبد الملك بن عمير، وعكرمة؛ لين الحديث". وقال الطبراني في (المعجم الأوسط) 2: 377: "لم يرفع هذا الحديث عن عبد الملك بن عمير، إلا عكرمة بن إبراهيم". الحكم على الحديث: ضعيف. *****

(310)

(310) عن أبي برزة الأسلمي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما نزلت هذه الآية: {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ}: (الله كبر، هذه خير لكم من أن يعطى كل رجل منكم مثل جميع الدنيا، هو الذي إن صلى لم يرج خير صلاته، وإن تركها لم يخف ربه). تخريجه: أخرجه آدم بن أبي إياس في تفسيره 2: 787، قال: ثنا شيبان، عن جابر، قال: حدثني من سمع أبا برزة الاسلمي -رضي الله عنه- يقول: .. فذكره. وأخرجه الطبري 24: 663 من طريق شيبان، به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 15: 687 إلى ابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف، لما يأتي: 1 - جابر بن يزيد بن الحارث بن عبد يغوث الجعفي، أبو عبد الله، وقيل: أبو يزيد، وقيل: أبو محمد الكوفي (د ت ق) قال شعبة: صدوق في الحديث، وقال: كان إذا قال: (حدثنا) و (سمعت) فهو من أوثق الناس. وقال ابن معين: كان كذاباً، وقال: لا يكتب حديثه ولا كرامة. وقال النسائي: متروك الحديث. وقال أبو زرعة: لين. وقال أبو أحمد الحاكم: ذاهب الحديث. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه على الاعتبار، ولا يحتج به. وقال ابن الجارود: كذاب لا يكتب حديثه. وقال ابن سعد: كان يدلس، وكان ضعيفاً جداً في رأيه وروايته. وقال ابن عدي: قد احتمله الناس ورووا عنه، وعامة ما قذفوه أنه كان يؤمن بالرجعة، وقد حدث عنه الثوري مقدار خمسين حديثاً، ولم يتخلف أحد في الرواية عنه، ولم أر له

أحاديث جاوزت المقدار في الإنكار وهو مع هذا كله أقرب إلى الضعف منه إلى الصدق. وقال الذهبي: وثقه شعبة فشذ، وتركه الحفاظ. وقال الحافظ: ضعيف رافضى. توفي سنة 127 هـ. ينظر: طبقات ابن سعد 6: 345، الضعفاء الصغير للبخاري ص 29، مقدمة مسلم 1: 25، الجرح والتعديل 2: 497، (كتاب الضعفاء والمتروكين) للنسائي ص 163، الضعفاء الكبير للعقيلي 1: 191، المجروحين 1: 208، الكامل 2: 113، تهذيب الكمال 4: 465، الميزان 1: 379، الكاشف 1: 288، التهذيب 1: 352، التقريب ص 137. 2 - إبهام الراوي عن أبي برزة الأسلمي -رضي الله عنه-. وأورده ابن كثير في تفسيره 8: 495، وقال: "فيه: جابر الجعفي، وهو ضعيف، وشيخه مبهم لم يسم". وضعف إسناده السيوطيُ في (الدر المنثور) 15: 687. *****

(311)

قال تعالى: {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [الماعون: 7]. (311) عن قرة بن دعموص النميري، أنه وفد على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع قومه فقالوا: يا رسول الله، ما تعهد إلينا؟ قال: (لا تمنعوا الماعون) قالوا: يا رسول الله، وما الماعون؟ قال: (في الحجر، وفى الحديد, وفى الماء) قالوا: فأي الحديدة؟ قال: (قدوركم النحاس، وحديد الفأس الذي تمتهنون به) قالوا: ما الحجر؟ قال: (قدوركم الحجارة). تخريجه: أخرجه ابن أبي حاتم -كما في تفسير ابن كثير 8: 497 - ، قال: حدثنا أبي وأبو زرعة, قالا: حدثنا قيس بن حفص الدارمي، حدثنا دلهم بن دهشم العجلي، حدثنا عائذ بن ربيعة النميري، حدثني قرة بن دعموص النميري .. فذكره. وعزاه في (الدر المنثور) 15: 690 إلى ابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف، لما يأتى: 1 - دلهم بن دهثم، أبو دهثم العجلي. ذكره ابن حبان في (الثقات). وذكره ابن أبى حاتم، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وقال الذهبي: تكلم فيه، ولم يترك. وقال ابن حجر: أخرج له ابن حبان في صحيحه. قلت: ولم أجد له ذكرا فيه بعد البحث. ينظر: الجرح والتعديل 3: 436، الثقات 6: 292، المغني 1: 223، اللسان 2: 502. 2 - جهالة عائذ بن ربيعة النميري البصري. ذكره ابن حبان في (الثقات). وذكره ابن أبي حاتم، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. ينظر: التاريخ الكبير 7: 60، الجرح والتعديل 7: 17، الثقات 7: 297. ولم يرو عنه سوى دلهم بن دهثم، وهو غير مشهور، ولا معروف بالتحري فيمن يروي عنه، وهذه صورة من صور جهالة العين. ينظر: نزهة النظر ص 135.

الشواهد

والحديث أورده ابن كثير في تفسيره 8: 497، وقال: "غريب جدا، ورفعه منكر، وفي إسناده من لا يعرف". ويبدو أنه وقع اضطراب في الحديث، فقد أخرجه ابن أبى حاتم -كما سبق- من طريق: قيس بن حفص الدارمي، حدثنا دلهم بن دهثم العجلي، حدثنا عائذ بن ربيعة النميري، حدثني قرة بن دعموص النميري. وأخرجه ابن قانع في (معجم الصحابة) 2: 261 من طريق فضيل بن سليمان، عن عائذ بن ربيعة النميري، عن علي بن فلان بن عبد الله النميري، قال: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فسمعته يقول: (المسلم أخو المسلم إذا لقيه حياه بالسلام، يرد عليه ما هو خير منه, لا يمنع الماعون) قلت: يا رسول الله، ما الماعون؟ قال: (الحجر والحديد والماء وأشباه ذلك). وقال ابن حجر في (الإصابة) 1: 578: "وروى الباوردي ويعقوب بن سفيان، من طريق: يحيى بن راشد، عن دلهم بن دهثم، عن عائد بن ربيعة القريعي، عن قرة بن دعموص، عن الحارث بن شريح، أنه انطلق إلى النبى -صلى الله عليه وسلم - فذكر حديثا طويلا". وانظر: (الإصابة) أيضا 6: 668. الشواهد: يشهد لهذا الحديث ما يأتى: 1 - عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبى -صلى الله عليه وسلم- في قوله: {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} قال: (ما تعاون الناس بينهم؛ الفأس والقدر والدلو وأشباهه). أخرجه ابن عساكر في (تاريخ دمشق) 8: 276، قال: كتب إلي أبو علي الحداد، وحدثني أبو مسعود الأصبهاني عنه، أنا أبو نعيم الحافظ، نا محمد بن عبيد الله بن المرزبان، نا إسحاق بن محمد بن حكيم، نا الحسن بن عثمان، نا عمر بن شبيب، نا أسود بن عامر، نا

فائدة

مزيد بن عبد الله الهنائي، عن محمد بن عمرو بن علقمة، حدثني عمر بن عبد العزيز قبل أن يستخلف، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- .. فذكره. وعزاه في (الدر المنثور) 15: 690 إلى: أبى نعيم، والديلمي. وفيه جماعة لم أعرفهم. 2 - عن الحارث بن شريح أنه انطلق مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى صلى معه في المسجد الذي بين مكة والمدينة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن المسلم أخو المسلم، إذا لقيه رد عليه من السلام بمثل ما حياه به أو أحسن من ذلك، وإذا استأمره نصح له، وإذا استنصره على الأعداء نصره، وإذا استنعته قصد السبيل يسره ونعت له، وإذا استعاره أحد على العدو أعاره، وإذا استعاره أحد على المسلم لم يعره وإذا استعاره الجنة أعاره، لا يمنعه الماعون). قالوا: يا رسول الله وما الماعون؟ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (الماعون في الحجر والماء والحديد) قالوا: وأي الحديد؟ قال: (قدر النحاس، وحديد الفاس الذي تمتهنون به) قالوا: فما هذا الحجر؟ قال: (القدر من الحجارة). أخرجه البيهقي في (شعب الإيمان) 6: 115 رقم (7654)، قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان البغدادي، أخبرنا عبد الله بن جعفر النحوي، نا يعقوب بن سفيان، حدثني أبو المغلس عبد ربه بن خالد بن عبد الملك بن قدامة النميرى، قال: سمعت أبي، يذكر عن عائذ بن ربيعة النميري، أن علي بن بحير حدثه، عن الحارث بن شريح .. فذكره. وفيه من لم أعرفه. فائدة: قرة بن دعموص؛ هو ابن ربيعة بن عوف العامري، ثم النميري، صحابى -رضي الله عنه-. ينظر: التاريخ الكبير 7: 180، الإصابة 5: 434. *****

سورة الكوثر

سورة الكوثر قال تعالى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر: 1]. (312) عن أنس -رضي الله عنه- قال: بينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم بين أظهرنا، إذ أغفى إغفاءة، ثم رفع رأسه متبسما، فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله؟ قال: (أنزلت علي آنفا سورة فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} ثم قال: (أتدرون ما الكوثر؟) فقلنا: الله ورسوله أعلم، قال: فإنه نهر وعدنيه ربى عز وجل، عليه خير كثير هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة، آنيته عدد النجوم، فيختلج العبد منهم، فأقول: رب إنه من أمتي، فيقول: ما تدري ما أحدثت بعدك). تخريجه: أخرجه مسلم (400) في الصلاة: باب حجة من قال البسملة آية من كل سورة، وأبو داود (784) في الصلاة: باب من لم ير الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، و (4747) في السنة: باب في الحوض، والنسائي (904) في الافتتاح: باب قراءة بسم الله الرحمن الرحيم، وأحمد 3: 102، من طريق المختار بن فلفل، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-، بنحوه. وله طرق كثيرة عن أنس -رضي الله عنه-، بمعناه. بيان الغريب: قوله؛ (فيختلج العبد منهم)، أي يجتذب ويقتطع وينتزع. ينظر: (شرح مسلم) للنووي 4: 113، (النهاية) لابن الأثير 2: 59 (خلج). فائدة: قال البخاري في صحيحه رقم (4966) في التفسير: سورة الكوثر:

حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا هشيم، حدثنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال في الكوثر: (هو الخير الذي أعطاه الله إياه) قال أبو بشر: قلت لسعيد. ابن جبير: فإن الناس يزعمون أنه نهر في الجنة، فقال سعيد: النهر الذي في الجنة؛ من الخير الذي أعطاه الله إياه. وعلق عليه ابن حجر في (فتح الباري) 8: 732: "لعل سعيدا أومأ إلى أن تأويل ابن عباس أولى لعمومه، لكن ثبت تخصيصه بالنهر من لفظ النبي -صلى الله عليه وسلم- فلا معدل عنه، وقد نقل المفسرون في الكوثر أقوالا أخرى غير هذين تزيد على العشرة .. ". *****

سورة النصر

سورة النصر قال تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1)} [النصر: 1]. (313) عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: لما نزلت: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (نعيت إلي نفسي) بأنه مقبوض في تلك السنة. تخريجه: أخرجه أحمد 1: 217 قال: حدثنا محمد بن فضيل، حدثنا عطاء، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس .. فذكره. وأخرجه الطبري 24: 709، من طريق ابن فضيل، به ولفظه: "نعيت إلي نفسي، كأني مقبوض في تلك السنة". وعزاه في (الدر المنثور) 15: 722 إلى: ابن المنذر، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف، لأن رواية ابن فضيل عن عطاء بعد اختلاطه. قال أبو حاتم -في عطاء بن السائب-: ما روى عنه ابن فضيل؛ ففيه غلط واضطراب، رفع أشياء كان يرويها عن التابعين فرفعها إلى الصحابة. ورواية عطاء عن سعيد بن جبير فيها مقال، قال الإمام أحمد -في عطاء بن السائب-: كان يرفع عن سعيد بن جبير أشياء لم يكن يرفعها. ينظر: الجرح والتعديل 6: 333. والحديث أورده ابن كثير في (البداية والنهاية) 6: 624 وقال: (تفرد به الإمام أحمد، وفي إسناده عطاء بن أبي مسلم الخراساني، وفيه ضعف تكلم فيه غير واحد من الأئمة، وفي لفظه نكارة شديدة وهو قوله: بأنه مقبوض في تلك السنة، وهذا باطل فإن الفتح كان في سنة ثمان في رمضان منها .. وهذا ما لا خلاف فيه، وقد توفي رسول الله في ربيع الأول من سنة إحدى عشرة بلا خلاف أيضا".

قلت: ما ذكره ابن كثير أن عطاء الذي في سند الإمام أحمد؛ هو الخراساني؛ وهم، لأن محمد بن فضيل معروف بالرواية عن عطاء بن السائب، ولم تذكر له رواية عن الخراساني، وابن فضيل وابن السائب؛ كلاهما كوفيان. ثم إن الحديث أخرجه الطبري -كما سبق- من طريق ابن فضيل، عن عطاء بن السائب. فجاء مصرحا باسمه. وقد خالف عطاءُ بن السائب الثقات عن سعيد بن جبير في رفع الحديث، ومنهم: 1 - جعفر بن إياس، أبو بشر اليشكري البصري. فأخرج البخاري رقم (3627) في المناقب: باب علامات النبوة في الإسلام، و (4294) في المغازي: باب منزل النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم الفتح، و (4970) في التفسير: باب قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا}، و (4430) في المغازي: باب مرض النبى -صلى الله عليه وسلم- ووفاته، والترمذى رقم (3362) في التفسير: باب ومن سورة النصر، وأحمد 1: 337، من طريق أبى بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: كان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يدني ابن عباس، فقال له عبد الرحمن بن عوف: إن لنا أبناء مثله، فقال: إنه من حيث تعلم، فسأل عمر ابن عباس عن هذه الآية: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} فقال: أجل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعلمه إياه، قال: ما أعلم منها إلا ما تعلم. واللفظ للبخاري في الموضع الأول، والبقية بمعناه. وجعفر بن إياس؛ ثقة، من أثبت الناس في سعيد بن جبير، مات سنة 125 هـ. ينظر: التقريب ص 139. 2 - حبيب بن أبى ثابت. أخرج البخاري رقم (4969) في التفسير: باب قوله تعالى: {وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا}، والطبري 24: 708، من طريق حبيب بن أبى ثابت، عن سعيد بن

جبير، عن ابن عباس، أن عمر -رضي الله عنه- سألهم عن قوله تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} قالوا: فتح المدائن والقصور، قال: ما تقول يا ابن عباس؟ قال: أجلٌ أو مثلٌ ضرب لمحمد -صلى الله عليه وسلم- نعيت له نفسه. وحبيب بن أبى ثابت؛ ثقة فقيه جليل، وكان كثير الإرسال والتدليس، مات سنة 119 هـ، وأخرج حديثه الجماعة. ينظر: التقريب ص 150. 3 - عبد الملك بن أبي سليمان. أخرج النسائي في الكبرى 10: 348 رقم (11647)، قال: (أخبرنا محمد بن المثنى، عن يحيى بن سعيد، حدثنا عبد الملك بن أبى سليمان، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أن عمر -رضي الله عنه- كان يسأل المهاجرين عن هذه الآية: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} فيم نزلت؟ قال بعضهم: أمر الله نبيه إذا رأى الناس ودخولهم في الإسلام وتسردهم في الدين؛ أن يحمدوا الله ويستغفروه، قال عمر: ألا أعجبكم من ابن عباس؟ يا ابن عباس، هلم ما لك لا تتكلم؟ قال: سأله متى يموت، قال: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا} فهي آيتك من الموت قال: صدقت، والذي نفسي بيده ما علمت منها إلا الذي علمت). وعبد الملك بن أبى سليمان؛ هو العرزمي، صدوق له أوهام، مات سنة 145هـ، وأخرج له البخاري تعليقا، وبقية الستة. ينظر: التقريب ص 363. وصرح بوهم عطاء بن السائب في رفع هذا الحديث؛ ابنُ حجر في الفتح 8: 608 رقم (4970). هذا وللحديث طرقٌ أخرى عن ابن عباس -رضي الله عنهما- من رواية عكرمة، وأبي رزين، لم أر داعيا للإطالة بذكرها. *****

سورة الإخلاص

سورة الإخلاص قال تعالى: {اللَّهُ الصَّمَدُ} [الإخلاص: 2]. (314) عن عبد الله بن بريدة عن أبيه -رضي الله عنه- قال: لا أعلمه إلا قد رفعه- قال: (الصمد: الذي لا جوف له). تخريجه: أخرجه الطبري 24: 733، قال: حدثني العباس بن أبى طالب، قال: ثنا محمد بن عمر ابن رومي، عن عبيد الله بن سعيد قائد الأعمش، قال: ثني صالح بن حيان، عن عبد الله ابن بريدة، عن أبيه .. فذكره. وأخرجه الطبراني في الكبير 2: 22 رقم (1162)، وأبو الشيخ في (كتاب العظمة) 1: 378 رقم (91)، وابن عدي في (الكامل) 4: 54، من طريق محمد بن عمر، به، بلفظه. وعزاه في (الدر المنثور) 15: 777 إلى: ابن المنذر، وابن أبي حاتم. الحكم على الإسناد: ضعيف، لما يأتى: 1 - محمد بن عمر بن عبد الله بن فيروز الباهلي، أبو عبد الله الرومى البصري. (ت). قال أبو زرعة: شيخ لين. وقال أبو حاتم: فيه ضعف. وضعفه أبو داود. وفي التقريب: لين الحديث. ينظر: الجرح والتعديل 8: 21، تهذيب الكمال 26: 170، التقريب ص 498. 2 - عبيد الله بن سعيد بن مسلم الجعفي، أبو مسلم الكوفي، قائد الأعمش. (خت) قال البخاري: في حديثه نظر. وقال أبو داود: عنده أحاديث موضوعة. وساق له العقيلي حديثا، ثم قال: لا يتابع على هذا، ولا على غيره. وذكره ابن حبان في (كتاب الثقات)، وقال: يخطىء. وذكره في أثناء ترجمة (الحسن بن الحسن) من (المجروحين)، فقال: عبيد الله بن سعيد، قائد الأعمش؛ كثير الخطأ فاحش الوهم، ينفرد عن الأعمش وغيره بما لا يتابع عليه.

وفي التقريب: ضعيف. ينظر: الجرح والتعديل 5: 317، ضعفاء العقيلي 3: 121، الثقات 147:7، المجروحين 1: 239، تهذيب الكمال 19: 49، الميزان 3: 9، التقريب ص 371. 3 - صالح بن حيان القرشي، ويقال: الفراسي الكوفي. ضعفه ابن معين، وأبو داود. وقال البخاري: فيه نظر. وقال أبو حاتم: ليس بالقوي. وقال ابن عدي: عامة ما يرويه غير محفوظ. وقال ابن حبان: يروي عن الثقات أشياء لا تشبه حديث الأثبات، لا يعجبني الاحتجاج به إذا انفرد. وفي التقريب: ضعيف ينظر: التاريخ الكبير 4: 275، الجرح والتعديل 4: 398، المجروحين 1: 369، الكامل 4: 53، تهذيب الكمال 13: 33، التقريب ص 271. قال ابن عدي بعد رواية الحديث في (الكامل) 4: 54: "لا أعرفه عن صالح؛ إلا من رواية قائد الأعمش عنه، وعن محمد بن عمر الرومي". وضعف الحديثَ شيخُ الإسلام ابن تيمية في (مجموع الفتاوى) 17: 225. وأورده ابن كثير في تفسيره 8: 528، وقال: "هذا غريب جدا، والصحيح أنه موقوف على عبد الله بن بريدة". والحديث أورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 7: 144، وقال: "رواه الطبراني، وفيه: صالح بن حبان، وهو ضعيف". وجاء عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: (الصمد: الذي لا جوف له). أخرجه الطبري 24: 731، والبيهقي في (الأسماء والصفات) 1: 157 رقم (100)، من طريق سلمة بن سابور، عن عطية، عن ابن عباس -رضي الله عنهما-. وسلمة بن سابور؛ ضعفه ابن معين، وذكره ابن حبان في (الثقات)، وقال: كان يحيى القطان يتكلم فيه، ومن أمحل المحال أن يلزق بسلمة ما جنت يدا عطية. ينظر: الثقات 6: 400، اللسان 3: 79.

فائدة

وعطية؛ هو ابن سعد العوفي، وهو ضعيف، ومع ضعفه يكتب حديثه للاعتبار. قال عنه ابن حجر: ضعيف الحفظ، مشهور بالتدليس القبيح. وعده في المرتبة الرابعة من (مراتب المدلسين)، وهم: من اتفق على أنه لا يحتج بشيء من حديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع، لكثرة تدليسهم عن الضعفاء والمجاهيل. قلت: ولم يصرح بالسماع في الموضعين، ولم تذكر له رواية عن ابن عباس -رضي الله عنهما- في ترجمتيهما من (تهذيب الكمال). ينظر: تهذيب الكمال 20: 145، التقريب ص 393، طبقات المدلسين ص 50. وأخرجه ابن أبى عاصم في (السنة) 1: 299 رقم (665)، والخطيب في (موضح أوهام الجمع) 2: 215، من طريق أبي إسحاق الكوفي، عن مجاهد، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- بلفظه. وأبو إسحاق الكوفي؛ هو عبد الله بن ميسرة الحارثي، ضعفه ابن معين، وابن حجر. وقال أبو زرعة: واهي الحديث، ضعيف الحديث. ينظر: تهذيب الكمال 16: 196، التقريب ص 326. والأثر عزاه في (الدر المنثور) 15: 777 إلى ابن المنذر. فائدة: أطال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله الكلام على معنى هذا الاسم (الصمد) من أسماء الله تعالى، في (مجموع الفتاوى) 17: 214 - 234. *****

سورة الفلق

سورة الفلق قال تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} [الفلق: 1]. (315) عن أبى هريرة -رضي الله عنه- عن النبى -صلى الله عليه وسلم- قال: (الفلق: جب في جهنم مغطى). تخريجه: أخرجه الطبري 24: 196، 742 قال: حدثني إسحاق بن وهب الواسطي، قال: ثنا مسعود بن موسى بن مشكان الواسطي، قال: ثنا نصر بن خزيمة الخراساني، عن شعيب ابن صفوان، عن محمد بن كعب القرظي، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- .. فذكره. وأورده في (الدر المنثور) 15: 294، 796 وعزاه إلى الطبري فقط. الحكم على الإسناد: ضعيف، مسعود بن موسى بن مشكان، لم أقف على ترجمته، لكن ساق العقيلي في ترجمة (إسماعيل بن مسلم اليشكري) حديثا من طريق مسعود بن موسى بن مشكان، قال: حدثنا إسماعيل بن مسلم اليشكري .. ، وقال في إسماعيل: لا يعرف بنقل الحديث، وحديثه منكر غير محفوظ .. ومسعود أيضا نحوا منه. ينظر: ضعفاء العقيلي 1: 93. ونصر بن خزيمة الخراساني؛ لم أقف على ترجمته أيضا. وأووده ابن كثير في تفسيره 8: 535، وقال: "منكر .. إسناده غريب، ولا يصح رفعه". الشواهد: عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- قال: سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن قول الله: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} قال: (هو سجن في جهنم، يحبس فيه الجبارون والمتكبرون، وإن جهنم لتعوذ بالله منه). أخرجه ابن مردويه والديلمي، كما في (الدر المنثور) 15: 796.

وورد هذا المعنى عن بعض الصحابة -رضي الله عنه- ومن ذلك: 1 - عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: (الفلق سجن في جهنم). أخرجه الطبري 24: 741، من طريق إسحاق بن عبد الله، عمن حدثه، عن ابن عباس .. فذكره. وهذا سند ضعيف جدا، إسحاق بن عبد الله؛ هو ابن أبي فروة, متروك، كما في (التقريب) ص 102. وشيخه مبهم. 2 - عن زيد بن علي، عن آبائه قالوا: (الفلق: جبٌّ في قعر جهنم عليه غطاء، فإذا كشف عنه خرجت منه نار تصيح منه جهنم من شدة حر ما يخرج منه). أخرجه ابن أبى حاتم -كما في تفسير ابن كثير 8: 535 - من طريق سهل بن عثمان، عن رجل، عن السدي، عن زيد بن علي .. فذكره. وهذا سند ضعيف لإبهام الراوي عن السدي. زيد بن علي؛ هو ابن الحسين بن علي بن أبي طالب -رضي الله عنهم- وهو ثقة، مات سنة 122 هـ. وروايته عن التابعين، ولم تذكر له رواية عن أحد من الصحابة. ينظر: تهذيب الكمال 10: 95، التقريب ص 224. 3 - عن عبد الجبار الخولاني، قال: قدم رجل من أصحاب رسول -صلى الله عليه وسلم- الشام، قال: فنظر إلى دور أهل الذمة وما هم فيه من العيش والنضارة وما وسع عليهم في دنياهم، قال: فقال: لا أبا لك, أليس من ورائهم الفلق؟ قال قيل: وما الفلق؟ قال: (بيت في جهنم إذا فتح هر أهل النار). أخرجه الطبري 24: 742، قال: حدثني يعقوب قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا العوام، عن عبد الجبار الخولاني .. فذكره.

يعقوب؛ هو ابن إبراهيم الدورقي، وهشيم؛ هو ابن بشير، والعوام؛ هو ابن حوشب، وثلاثتهم من الثقات المشهورين. وعبد الجبار الخولاني؛ ذكره ابن حبان في (الثقات) 7: 135، وابن أبى حاتم في (الجرح والتعديل) 6: 32، ولم يذكر فيه جرح ولا تعديلا. واتفقا على أنه يروي عن كعب، ويروي عنه العوام بن حوشب، ولم يذكرا غيرهما. 4 - عن عمرو بن عبسة -رضي الله عنه- قال: (الفلق: بيت في جهنم، إذا سعرت جهنم فمنه تسعر، وإن جهنم لتتأذى منه كما يتأذى بنو آدم من جهنم). أخرجه ابن أبي الدنيا في (صفة النار) رقم (44)، من طريق مغلس أبي علي، عن أيوب ابن يزيد، عن عمرو بن عبسة -رضي الله عنه-. ومغلس، وأيوب؛ لم أتبينهما. وأخرجه ابن أبي حاتم، من طريق يحيى بن أبي كثير، عن رجل، عن عمرو بن عبسة -رضي الله عنه-، كما أفاده ابن رجب في (التخويف من النار) ص 117. وهذا سند ضعيف لإبهام الراوي عن عمرو بن عبسة -رضي الله عنه-. *****

(316)

قال تعالى: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ} [الفلق 3]. (316) عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: أخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيدي فنظر إلى القمر، فقال: (يا عائشة، تعوذي بالله من شر غاسق إذا وقب, هذا غاسق إذا وقب). تخريجه: أخرجه أحمد 6: 206، قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا ابن أبي ذئب، عن خاله الحارث ابن عبد الرحمن، عن أبى سلمة، عن عائشة -رضي الله عنها- .. فذكرته. وأخرجه أحمد أيضا 6: 61، 237، 252، والترمذي (3366) في التفسير: باب ومن سورة المعوذتين، والطيالسي في مسنده 3: 90 رقم (1589)، وعبد بن حميد في مسنده 2: 376 رقم (1515 - المنتخب)، والنسائي في الكبرى 9: 122 رقم (10056)، وأبو يعلى في مسنده 7: 417 رقم (4440)، والطبري 24: 748، والطحاوي في (شرح المشكل) 5: 26، وابن السني في (عمل اليوم والليلة) 2: 736 رقم (649)، والحاكم في المستدرك 2: 540، والبيهقي في (الدعوات الكبير) 2: 76 رقم (314)، والبغوي في تفسيره 8: 595، من طرق عن ابن أبي ذئب، به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 15: 798 إلى: ابن المنذر، وابن مردويه. الحكم على الإسناد: حسن، لحال الحارث، وهو الحارث بن عبد الرحمن القرشي العامري، أبو عبد الرحمن المدني (4). قال ابن معين: يروى عنه، وهو مشهور. وقال النسائي: ليس به بأس. وذكره ابن حبان في (كتاب الثقات). وقال الذهبي، وابن حجر: صدوق. مات سنة 129 هـ. ينظر: الجرح والتعديل 3: 80, الثقات 4: 134، تهذبب الكمال 5: 255، الكاشف 1: 303، الميزان 1: 437، التقريب ص 146.

الحكم على الحديث

وقال الترمذى: حسن صحيح. وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. وأقره الذهبي. وقال ابن حجر -في الفتح 8: 741 - : (إسناده حسن). قلت: ولم يتفرد به الحارث، بل تابعه المنذر بن أبي المنذر. أخرجه أحمد 6: 215، والنسائي في (عمل اليوم والليلة) ص 271 رقم (305)، والطحاوي فى (شرح مشكل الآثار) 5: 27، والمزي في (تهذيب الكمال) 28: 513، من طريق ابن أبى ذئب، عن الحارث بن عبد الرحمن والمنذر بن أبي المنذر، عن أبي سلمة، عن عائشة -رضي الله عنها-، مرفوعا بنحوه. والمنذر بن أبي المنذر؛ ذكره ابن حبان في (الثقات)، وقال الذهبي: فيه جهالة. وفي التقريب: مقبول. ينظر: الثقات 5: 420، تهذيب الكمال 28: 513، الميزان 4: 182، المغنى 677:2، التقريب ص 546. الحكم على الحديث: حسن. *****

(317)

(317) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبى -صلى الله عليه وسلم- {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ} قال: (النجم الغاسق). تخريجه: أخرجه الطبري 24: 748، قال؛ حدثنا نصر بن علي، قال: ثنا بكار بن عبد الله، ابن أخي همام، قال: ثنا محمد بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه أبو الشيخ في (كتاب العظمة) 4: 1218 رقم (693) من طريق نصر بن علي، به، بلفظه. وأخرجه 4: 1218 رقم (692) من طريق محمد بن عبد العزيز، عن أبيه، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبى -صلى الله عليه وسلم- قال: (الغاسق النجم، وهو الثريا)، وعزاه في (الدر المنثور) 15: 798 إلى ابن مردويه. الحكم على الإسناد: ضعيف جدا، لما يأتى: 1 - محمد بن عبد العزيز بن محمد بن عبد الرحمن بن عوف الزهري. قال البخاري: منكر الحديث. ويقال: بمشورته جلد مالك الإمام. وقال النسائي: متروك الحديث. وقال أبو حاتم: هم ثلاثة إخوة: محمد، وعبد الله، وعمران؛ وهم ضعفاء الحديث، ليس لهم حديث مستقيم. ينظر: التاريخ الكبير 1: 167، كتاب الضعفاء والمتروكين للنسائى ص 232، ضعفاء العقيلي 4: 104، الجرح والتعديل 8: 7، المغنى 2: 608، اللسان 5: 260. 2 - بكار بن عبد الله بن يحيى البصري. ذكره ابن حبان في (الثقات)، وسماه: بكير بن عبيد الله. وقال أبو حاتم: ليس بالقوي، وقال مرة: شيخ. وذكره الذهبي في (المغني). فهو مجهول الحال ينظر: الجرح والتعديل 2: 409، الثقات 8: 151، المغني 1: 110، اللسان 2: 51.

3 - عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف الزهري. قال ابن القطان: مجهول الحال. ينظر: ذيل ميزان الاعتدال ص 340، اللسان 4: 38. والحديث أورده ابن كثير في تفسيره 8: 536، وقال: "هذا الحديث لا يصح رفعه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-". وأخرج الطبري 24: 747 من طريق أبي المهزم، عن أبى هريرة -رضي الله عنه- في قوله تعالى: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ}، قال: (كوكبٌ). وعزاه في (الدر المنثور) 15: 799 إلى ابن أبى حاتم. وأبو المهزم؛ اسمه: يزيد، وقبل: عبد الرحمن بن سفيان التميمي البصري، متروك. ينظر: تهذيب الكمال 34: 327، التقريب ص 676. *****

سورة الناس

سورة الناس قال تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ} [الناس 1 - 4]. (318) عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله: -صلى الله عليه وسلم- (إن الشيطان واضع خطمه على قلب ابن آدم، فإن ذكر الله خنس، وإن نسي التقم قلبه، فذلك الوسواس الخناس). تخريجه: أخرجه أبو يعلى في مسنده 7: 278 رقم (4301)، قال: حدثنا محمد بن بحر، حدثنا عدي بن أبي عمارة، حدثنا زياد النميري، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- .. فذكره. وأخرجه ابن أبي الدنيا في (مكائد الشيطان) رقم (22)، وابن عدي في (الكامل) 3: 186، وابن شاهين في (الترغيب في فضائل الأعمال) ص 189 رقم (154)، وأبو نعيم في (الحلية) 6: 268، والبيهقي في (شعب الإيمان) 402:1 رقم (540)، من طريق عدي ابن أبى عمارة، به، بنحوه. الحكم على الإسناد: ضعيف، لما يأتى: 1 - محمد بن بحر الهجيمى. قال العقيلي: بصري منكر الحديث، كثير الوهم. وقال ابن حبان: يروي عن الضعفاء أشياء لم يحدث بها غيره عنهم, حتى يقع في القلب أنه كان يقلبها عليهم، فلست أدرى البلية في تلك الأحاديث منه أو منهم، ومن أيهم كان؛ فهو ساقط الاحتجاج حتى تتبين عدالته بالاعتبار بروايته عن الثقات. ينظر: الضعفاء الكبير للعقيلي 4: 38، الجرح والتعديل 7: 215، المجروحين 2: 300، اللسان 5: 96.

2 - زياد بن عبد الله النميري البصري. (ت). ضعفه يحيى بن معين، وأبو داود. وقال ابن معين في موضع آخر: ليس به بأس. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال الدارقطني: ليس بالقوي. وذكره ابن حبان في (كتاب الثقات)، وقال: يخطىء. وذكره في (المجروحين)، وقال: "منكر الحديث، يروي عن أنس أشياء لا تشبه حديث الثقات، لا يجوز الاحتجاج به، تركه يحيى بن معين. سمعت الحنبلي يقول: سمعت أحمد ابن زهير يقول: قال يحيى بن معين عن زياد النميري: لا شيء". وروى له ابن عدي أحاديث من رواية جابر الجعفي، وعدي بن أبى عمارة، وأبي جناب القصاب، عنه، ثم قال: ولزياد النميري غير ما ذكرت من الحديث عن أنس، والذي ذكرت له من الحديث من يرويه عنه فيه نظر، والبلاء منهم لا منه، وعندي إذا روى عن زياد النميري ثقة؛ فلا بأس بحديثه. وقال الذهبي -في الكاشف-: ضعيف، وقد وثق. وفي التقريب: ضعيف. ينظر: الجرح والتعديل 3: 536، الثقات 4: 255، المجروحين 1: 306، الكامل 3: 186، سنن الدارقطني 2: 190، تهذيب الكمال 9: 492، الميزان 90:2، الكاشف 1: 411، التقريب ص 220. وقال ابن كثير في تفسيره 8: 539: "غريب". وأورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) 7: 149، وقال: "رواه أبو يعلى، وفيه: عدي بن أبي عمارة؛ وهو ضعيف". وضعف إسناده ابنُ حجر في (فتح الباري) 8: 742.

وجاء عن ابن عباس -رضي الله عنهما- في قوله: {الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ} قال: (الشيطان جاثم على قلب ابن آدم، فإذا سها وغفل وسوس، وإذا ذكر الله خنس). أخرجه ابن أبى شيبة في (المصنف) 7: 135 رقم (34774)، قال: حدثنا جرير، عن منصور، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس -رضي الله عنهما-. وأخرجه الطبري 24: 754، وابن حجر في (تغليق التعليق) 4: 381، من طريق جرير، به، بنحوه. وعزاه في (الدر المنثور) 15: 808 إلى ابن مردويه. وهذا سند صحيح، جرير؛ هو ابن عبد الحميد، ومنصور؛ هو ابن المعتمر. وهذا أمر غيبي لا يقال مثله من قبيل الرأي، فله حكم الرفع. وجاء عنه أيضا أنه قال: (ما من مولود إلا وعلى قلبه وسواس، فإذا ذكر الله خنس، وإذا غفل وسوس، وهو: الوسواس الخناس). أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 2: 410 عن الثوري، عن حكيم بن جبير، عن سعيد ابن جبير، عن ابن عباس -رضي الله عنهما-. وأخرجه الطبري 24: 753، والحاكم 2: 541، والبيهقي في (شعب الإيمان) 1: 449 رقم (676)، من طريق الثوري به، بنحوه. وحكيم بن جبير؛ ضعيف. ينظر: التقريب ص 176. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه. وأقره الذهبي. وأخرجه الضياء المقدسي في (الأحاديث المختارة) 10: 175 رقم (172) من طريق حبان، عن الأعمش، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس -رضي الله عنهما-.

بيان الغريب

ولم أجد في الرواة من اسمه: حبان، ويروي عن الأعمش؛ سوى حبان بن علي العنزي الكوفي، وهو ضعيف. ينظر: تهذيب الكمال 5: 339، التقريب ص 149. وهذا الأثر عزاه في (الدر المنثور) 15: 808 إلى: ابن أبي الدنيا، وابن المنذر، وابن مردويه. بيان الغريب: قوله: (واضع خطمه)؛ قال ابن الأثير -في (النهاية) 2: 66 (خطم) -: "أصل الخَطْم في السّباع: مَقَاديم أنُوفها وأفواهها". وقوله: (فإن ذكر الله خنس)؛ أي انقبض وتأخر. ينظر: المرجع السابق 2: 83 (خنس). *****

الخاتمة

الخاتمة

الخاتمة الحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، وأحمد الله تعالى في الختام على التمام، وأساله التوفيق والسداد والإخلاص في جميع الأقوال والأعمال، وأود أن ألخص خاتمة هذا البحث في جانبين: الجانب الأول: النتائج، وتتلخص فيما يأتي: * أهمية الرجوع للسنة النبوية في تفسير القرآن الكريم، ولا خلاف أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- هو المفسرُ الأول، والمرجعُ المقدم في بيان معاني كلام الله تعالى، وذلك لأنه مؤيدٌ بالوحي، وهو أعلمُ الناس بربه {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى (4)} [النجم: 3 - 4]. وقد بين الله تعالى أن مهمةَ الرسول الكريم: بيانُ هذا الذكر الحكيم، فقال جل وعلا: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44)} [النحل: 44]. * فسَّر النبي -صلى الله عليه وسلم- كلَّ ما تحتاج الأمة إلى بيانه من كتاب الله تعالى. وما مات -صلى الله عليه وسلم- حتى أكمل الله به الدين، وأتم به النعمة، {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا (3)} [المائدة: 3]، وحتى بلَّغ الرسالة حق البلاغ امتثالا لأمر ربه تعالى: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ (67)} [المائدة: 67]، وبلاغه إياه يتضمن بلاغ ألفاظه، وبلاغ معانيه ببيان ما تحتاج الأمة إليه من ذلك. * خلصت إلى أن التفسير النبوي: ما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من قول أو فعل أو تقرير في بيان معاني القرآن. وهذا البيان له أنواع وصور سبق تفصيلها بأمثلتها في الفصل الأول من الدراسة. * يجب الحذر والتوقي من القول في معاني القرآن بغير علم، وهذا منهج سلفي قديم. وأما تفسير القرآن بالرأي؛ فمنه محمود، ومنه مذموم، وسبق شرح ذلك في الفصل الثاني من الدراسة.

الجانب الثاني: التوصيات

* لقد اعتنى المحدثون بتفسير كلام الله تعالى عناية فائقة، ذلك أنه يتعلق بكلام الله عز وجل، وهو بالمحل الذي لا يخفى، ولأن التفسير المأثور ينقل بالأسانيد كسائر المرويات، فاعتنوا بهذا الماثور المتعلق بتفسير كلام الله تعالى -مرفوعا كان أم موقوفا أم مقطوعا- من جهة الرواية والتدوين. وتنوعت عنايتهم وخدمتهم لهذا العلم الشريف على وجوه متعددة سبق عرضها في جانب الدراسة. * بلغت أحاديث البحث (318) حديثا، كان منها (116) حديثا مقبولا، و (190) حديثا مردودا، على اختلاف درجات القبول والرد، وتوقفت في (12) حديثا، لم يتبين لي حكم جازم عليها. وكان من ضمن الأحاديث المقبولة (59) حديثا في الصحيحين أو أحدهما. ومن ضمن الأحاديث المردودة (7) أحاديث حكمت عليها بالوضع. الجانب الثاني: التوصيات: من خلال معايشتي لهذا البحث، ومسامرتي لكتب التفسير والحديث والرجال؛ انقدحت في ذهني بعض التوصيات والمقترحات، ومنها: * تحرير منزلة تفسير الصحابي، ومتى يكون له حكم الرفع، ودراسة هذه الموقوفات التي تأخذ حكم المرفوع دراسة حديثية. * دراسة النسخ المشهورة في التفسير، والتي يدور عليها جمهرة كبيرة من مرويات التفسير، ومن ذلك مثلا: أسانيد التفسير إلى ابن عباس وابن مسعود وأبي بن كعب رضي الله عنهم. * مشروع (جامع الرسائل العلمية في السنة النبوية)، وتتلخيص فكرة المشروع في جمع الرسائل العلمية -ماجستير ودكتوراه- المتخصصة في السنة النبوية وعلومها، في برنامج

حاسوبي (قرص CD)، يشمل إمكانيات برمجية راقية في البحث والتصنيف، وتيسيرها للراغبين في الاستفادة منها. والذي دعاني لطرح هذا المشروع أمران: 1 - كثرة الرسائل العلمية المتخصصة في علوم السنة النبوية، والتي تحوي مادة علمية ثرية، وتعذرت طباعتها. 2 - صعوبة الوصول إلى الرسائل العلمية والاستفادة منها في وضعها الحالي؛ حيث لم يطبع منها إلا النادر. فكم حُرم الباحثون من تحقيقات ونفائس في هذا التخصص مودعة في رسائل علمية؛ بسبب صعوبة الوصول إليها. ويتميز هذا المشروع بميزات عديدة، منها: 1 - المساهمة في نشر السنة وعلومها بين طلبة العلم، ولاسيما أهل الاختصاص. 2 - جمع أكبر عدد من الرسائل العلمية المتخصصة في برنامج واحد. 3 - الاستفادة من الخدمات الحاسوبية الحديثة في تيسير الوصول إلى المعلومة. 4 - نفع الباحثين بنشر بحوثهم، وتيسير الاستفادة منها، وما يترتب على ذلك من الثواب والأجر، إضافة إلى إشهار الرسالة وتداول محتوياتها، والإشارة إليها في الدراسات والبحوث كمرجع معتبر. 5 - تيسير وصول دور النشر والمكتبات إلى أسماء الباحثين عناوين رسائلهم العلمية، والتنسيق مع أصحابها في حال الرغبة في طباعة الرسالة ونشرها. * مشروع (المعجم الشامل للرواة) وتتلخص فكرة المشروع في جمع أسماء جميع الرواة في معجم واحد، مرتبين على حروف المعجم، فإن كان الراوي من رجال الكتب الستة؛

اكتفي بالعزو إلى موضع ترجمته في كتاب (تهذيب الكمال)، وإلا فيذكر ما فيه من الجرح والتعديل، ثم يحال إلى المراجع التي ترجمت له. وفي هذا المشروع من النفع والفائدة ما لا يعلمه إلا من عانى البحث عن مثل بعض شيوخ الطبري أو الطبراني، فضلا عن غيرهما من المتأخرين كالخطيب البغدادي، أو غير المشهورين كبعض أصحاب الأجزاء والفوائد الحديثية. فأسأل الله أن ييسر جهة تتبنى هذين المشروعين، وتخرجهما إلى عالم النور. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. ***

فهرس المراجع

فهرس المراجع ° إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة، للبوصيري. مكتبة الرشد، الرياض. ط 1، 1419 هـ. ° إتحاف المهرة في الفوائد المبتكرة من أطراف العشرة. تأليف: الحافظ ابن حجر العسقلاني. تحقيق: مجموعة من الباحثين. مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، ط 1، 1415 هـ. ° الإتقان في علو القرآن، للحافظ السيوطي، تحقيق: فواز زمرلي، دار الكتاب العربي، بيروت، ط 2، 1421 هـ. ° الأجوبة الفاضلة للأسئلة العشرة الكاملة، لأبي الحسنات اللكنوي، اعتنى به: عبد الفتاح أبو غدة، مكتب المطبوعات الاسلامية، حلب، ط 3، 1414 هـ. ° أحاديث البيوع المنهي عنها: رواية ودراية، خالد بن عبدالعزبز الباتلي. دار كنوز إشبيليا، الرياض. ط 1، 1425 هـ. ° أحكام القرآن. تأليف: أبي بكر محمد بن عبد الله بن العربي. تحقيق: علي محمد البجاوي. دار المعرفة، بيروت. ° الأحكام الوسطى للإمام عبدالحق الإشبيلي. تحقيق: حمدي السلفي وصبحي السامرائي. مكتبة الرشد، الرياض. 1416 هـ. ° الأخبار العلمية من الاختيارات الفقهية من فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية. اختارها: العلامة علاء الدين أبو الحسن البعلي الدمشقي. تحقيق: محمد حامد الفقيز. مكتبة السنة المحمدية، 1369 هـ. ° الأخبار الموفقيات، للزبير بن بكار. تحقيق: د. سامي العاني. عالم الكتب، بيروت. ط 2، 1416 هـ. ° أخصر المختصرات في الفقه على مذهب الأمام أحمد بن حنبل. تأليف: الإمام محمد بن بدر الدين بن بلبان الدمشقي، ومعه حاشية نفيسة لابن بدران الدمشقي. حققه وعلق عليه: محمد بن ناصر العجمي. دار البشائر الإسلامية - بيروت، ط 2، 1418 هـ. ° أخلاق النبي -صلى الله عليه وسلم- وآدابه، لأبي الشيخ الأصبهاني. دراسة وتحقيق: د. صالح الونيان. دار المسلم، الرياض. ط 1، 1418 هـ. ° الآداب الشرعية. تأليف: الإمام أبي عبد الله محمد بن مفلح المقدسي. حققه: شعيب الأرناؤوط، وعمر القيام. مؤسسة الرسالة، بيروت، ط 1، 1416 هـ.

° أربع رسائل في علوم الحديث. اعتنى بها: عبد الفتاح أبو غدة. مكتب المطبوعات الإسلامية، حلب، ط 5، 1410 هـ. ° الأربعون حديثًا من المساواة، تخريج الحافظ ابن عساكر لشيخه الفراوي. دراسة وتحقيق: طه بوسريح. ط 1، 1415 هـ. ° الإرسال في مصطلح الحديث. تأليف: الشيخ محفوظ الرحمن بن زين الله السلفي، مكتبة الفرقان، الإمارات، ط 1، 1419 هـ. ° إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم - تفسير أبي السعود،. تأليف: الإمام أبي السعود محمد بن محمد العمادي، دار إحياء التراث العربي، بيروت. ° إرشاد القاصي والداني إلى تراجم شيوخ الطبراني، تأليف: نايف المنصوري، دار الكيان، الرياض، ط 1، 1427 هـ. ° الإرشادات في تقوية الأحاديث بالشواهد والمتابعات. تأليف: طارق بن عوض الله بن محمد، مكتبة ابن تيمية، القاهرة، ط 1، 1417 هـ. ° إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل. تأليف: محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، بيروت، ط 2، 1405 هـ. ° أسباب نزول القرآن، لأبي الحسن الواحدي، تحقيق: د. ماهر الفحل، دار الميمان، الرياض، ط 1، 1416 هـ. ° أسد الغابة في معرفة الصحابة. تأليف: ابن الأثير الجزري (630 هـ)، دار الفكر- بيروت. ° الإصابة في تمييز الصحابة. تأليف: الحافظ ابن حجر العسقلاني، تحقيق: علي محمد البجاوي، دار الجيل، بيروت، ط 1، 1412 هـ. ° إصلاح المال. تأليف: أبي بكر بن أبي الدنيا. تحقيق ودراسة: مصطفى مفلح القضاة، دار الوفاء، ط 1، 1410 هـ. ° أصول التخريج ودراسة الأسانيد. تأليف: د. محمود الطحان، مكتبة المعارف، الرياض، ط 2، 1412 هـ. ° الأصول من علم الأصول. تأليف: الشيخ محمد بن صالح العثيمين، مطابع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الرياض، ط 4، 1412 هـ.

° الإضافة، دراسات حديثية. بقلم: محمد عمر بازمول، دار الهجرة للنشر والتوزيع، ط 1، 1415 هـ. ° أطراف الغرائب والأفراد للإمام الدارقطني، تصنيف أبي الفضل المقدسي. تحقيق: محمود نصار والسيد يوسف. دار الكتب العلمية، بيروت. ط 1، 1419 هـ. ° أعلام الدراسات القرآنية في خمسة عشر قرنا. للدكتور: مصطفى الجويني. منشأة المعارف، الاسكندرية، 1982 م. ° إعلام الموقعين عن رب العالمين. تأليف: شمس الدين عبد الله بن محمد بن أبي بكر المعروف بابن قيم الجوزية. تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد، المكتبة العصرية، بيروت - 1407 هـ. ° الإعلام بفوائد عمدة الأحكام. تأليف: الإمام الحافظ العلامة ابن الملقن. تحقيق: عبد العزيز بن أحمد المشيقح، دار العاصمة - الرياض، ط 1، 1417 هـ. ° الإكليل في استباط التنزيل للحافظ السيوطي. دراسة وتحقيق: د. عامر بن علي العرابي. دار الأندلس الخضراء، جدة. ط 1، 1422 هـ. ° ألفية السيوطي في علم الحديث. بتصحيح وشرح العلامة: أحمد محمد شاكر، المكتبة التجارية، مكة المكرمة. ° الأم. تأليف: الإمام أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي، دار المعرفة، بيروت ط 2، 1393 هـ. ° الأمالي، للحافظ عبد الملك بن محمد بن بشران. ضبط نصه: عادل العزازي. دار الوطن، الرياض. ط 1، 1418 هـ. ° الإمام ابن كثير وأثره في علم الحديث رواية ودراية، تأليف: د. عدنان آل شلش، دار النفائس، الأردن، ط 1، 1425 هـ. ° الإمام في معرفة أحاديث الأحكام. تأليف: ابن دقيق العيد، تحقيق: د. سعد الحميد، دار المحقق، الرياض، ط 1، 1420 هـ. ° الإمام مالك مفسرا، جمع وتحقيق: حميد بلحمر. دار الفكر. 1415 هـ. ° الإمتاع بالأربعين المتباينة بشرط السماع، لابن حجر العسقلاني. تحقيق: صلاح الدين مقبول، الدار السلفية، الكويت، 1408 هـ. ° إمعان النظر في تقريب الحافظ ابن حجر. تأليف: عطاء بن عبد اللطيف بن أحمد، مكتبة العلم، القاهرة، ط 1، 1414 هـ.

° الأنوار الكاشفة لما في كتاب (أضواء على السنة) من الزلل والتضليل والمجازفة. تأليف: الشيخ عبد الرحمن بن يحيى المعلمي. المكتب الإسلامي، بيروت، ط 2، 1405 هـ. ° أنواع التصنيف المتعلقة بتفسير القرآن الكريم للدكتور: مساعد الطيار. دار ابن الجوزي، الدمام. ط 1422 هـ. ° الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف. تأليف: أبي بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري. تحقيق: د. صغير أحمد بن محمد حنيف، دار طيبة، الرياض، ط 2، 1414 هـ. ° الاتصال والانقطاع، للشيخ: إبراهيم اللاحم، مكتبة الرشد، الرياض، ط 1، 1426 هـ. ° اختلاط الرواة الثقات (دراسة تطبيقية على رواة الكتب الستة)، تأليف: د. عبد الجبار سعيد، مكتبة الرشد، الرياض، ط 1، 1426 هـ. ° اختلاف الحديث، للإمام الشافعي، تحقيق: عامر حيدر، مؤسسة الكتب الثقافية بيروت، ط 1، 1405 هـ. ° الاستغناء في معرفة المشهورين من حملة العلم بالكنى. تأليف: الحافظ أبي عمرو يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري. دراسة وتحقيق: د. عبد الله مرحول السوالمة، دار ابن تيمية للنشر والتوزيع، الرياض، ط 2، 1412 هـ. ° الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار. تأليف: الإمام الحافظ أبي بكر محمد بن موسى الحازمي الهمداني (584 هـ). ضبطه وخرج آياته وأحاديثه: الشيخ: زكريا عميرات، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1416 هـ. ° البحر الذي زخر في شرح ألفية الأثر. تأليف: الحافظ جلال الدين السيوطي. تحقيق ودراسة: أنيس بن أحمد الأندونوسي. رسالة ماجستير مطبوعة على الآلة الكاتبة، 1416 هـ. ° البحر الزخار المعروف بمسند البزار. تأليف: الإمام الحافظ أبي بكر أحمد بن عمرو البزار، تحقيق: د. محفوظ الرحمن زين الله، مؤسسة علوم القرآن، دمشق، ط 1، 1409 هـ. ° بدائع الفوائد لابن القيم. تحقيق: علي العمران. دار عالم الفوائد، مكة المكرمة. ط 1، 1425 هـ. ° بداية المجتهد ونهاية المقتصد. تأليف: القاضي أبي الوليد محمد بن أحمد بن رشد القرطبي الأندلسي. تحقيق وتعليق ودراسة الشيخ: علي محمد معوض، والشيخ: عادل أحمد عبد الموجود، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1416 هـ.

° البداية والنهاية. تأليف: الحافظ ابن كثير، حققه: مجموعة من الباحثين، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 5، 1409 هـ. ° البدر المنير في تخريج أحاديث الشرح الكبير. تأليف: الإمام أبو حفص ابن الملقن. تحقق ودراسة: جمال محمد السيد، وأحمد شريف الدين، دار العاصمة، الرياض ط 1، 1414 هـ. ° البرهان في علوم القرآن، للإمام بدر الدين الزركشي، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار الجيل، بيروت، 1408 هـ. ° البعث والنشور للإمام البيهقي، تحقيق: عامر حيدر. مركز الخدمات والأبحاث الثقافية، بيروت. ط 1، 1406 هـ. ° بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث، للحافظ نور الدين الهيثمي. تحقيق: د. حسين أحمد الباكري. مركز خدمة السنة والسيرة النبوية بالمدينة النبوية. ط 1، 1413 هـ. ° بلغة القاصي والداني في تراجم شيوخ الطبراني. تأليف: الشيخ: حماد بن محمد الأنصاري، مكتبة الغرباء الأثرية، المدينة النبوية، ط 1، 1415 هـ. ° بلوغ الآمال في ترتيب أحاديث ميزان الاعتدال. جمع وترتيب: أبو عبد الرحمن محمود الجزائري، المكتب الإسلامي، بيروت، ط 1، 1412 هـ. ° بهجة النفوس وتحليتها بما لها وما عليها شرح مختصر صحيح البخاري. تأليف: الإمام أبي محمد ابن أبي جمرة الأندلسي، دار الجيل، بيروت، ط 3. ° بيان الوهم والإيهام الواقعين في كتاب الأحكام، لأبي الحسن ابن القطان الفاسي، دراسة وتحقيق: د. الحسين آيت سعيد. دار طيبة، الرياض. ط 1، 1418 هـ. ° تأويل مختلف الحديث. تأليف: الإمام أبي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة، تحقيق: محمد محي الدين الأصفر، المكتب الإسلامي، بيروت، ط 1، 1409 هـ. ° التاريخ الأوسط للإمام البخاري، المطبوع باسم: التاريخ الصغير. تحقيق: محمود إبراهيم زايد. دار المعرفة، بيروت. ط 1، 1406 هـ. ثم طبع في أثناء البحث محققا باسمه المشهور (التاريخ الأوسط) تحقيق: د. تيسير أبو حيمد، ود. يحيى الثمالي. مكتبة الرشد، الرياض. ط 1، 1426 هـ. ° تاريخ الثقات. تأليف: الحافظ أحمد بن عبد الله العجلي، بترتيب الحافظ نور الدين الهيثمي، وثق أصوله وعلق عليه، د، عبد المعطي قلعجي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1405 هـ.

° تاريخ الخلفاء، للحافظ السيوطي، تحقيق: أحمد زهوة وسعيد العيدروسي، دار الكتاب العربي، بيروت، ط 3، 1422 هـ. ° تاريخ بغداد. تأليف: الحافظ الخطيب البغدادي، دار الكتب العلمية، بيروت. ° تاريخ جرجان. تأليف: الحافظ أبي القاسم حمزة بن يوسف السهمي، عالم الكتب، بيروت، ط 3، 1401 هـ. ° تالي تلخيص المتشابه للخطيب البغدادي. تحقيق: مشهور بن حسن آل سلمان وأحمد الشقيرات. دار الصميعي، الرياض. ط 1، 1417 هـ. ° التبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن على طريق الإتقان، للشيخ طاهر الجزائري، اعتنى به: عبد الفتاح أبو غدة، مكتب المطبوعات الإسلامية، حلب، ط 3، 1412 هـ. ° التحبير للأوهام والتنبيهات الواردة في تفسير الحافظ ابن كثير، تأليف أبي عبيدة هاني الحاج، مكتبة الأديب، الرياض، ط 1، 1424 هـ. ° تحرير علوم الحديث، تأليف: عبد الله الجديع، مؤسسة الريان، بيروت، ط 1، 1424 هـ. ° تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي. تأليف: الإمام الحافظ أبي العلا محمد المباركفوري، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1410 هـ. ° تحفة الأخيار بترتيب شرح مشكل الآثار، للإمام الطحاوي. تحقيق وترتيب: خالد الرباط، دار بلنسية، الرياض، ط 1، 1420 هـ. ° تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف، للحافظ المزي. مع النكت الظراف على الأطراف. تأليف: الحافظ ابن حجر العسقلاني، المكتب الإسلامي، بيروت، ط 2، 1403 هـ. ° تحقيق القول بالعمل بالحديث الضعيف. تأليف: د. عبد العزيز بن عبد الرحمن العثيم، دار الهجرة للنشر والتوزيع، ط 2، 1412 هـ. ° تخريج أحاديث مشكلة الفقر وكيف عالجها الإسلام. تأليف: محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، بيروت، ط 1، 1405 هـ. ° التخويف من النار، لابن رجب الحنبلي، تحقيق: بشير عيون، مكتبة المؤيد، الطائف، ط 3، 1413 هـ. ° تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي. تأليف: الحافظ جلال الدين السيوطي. حققه: أبو قتيبة نظر محمد الفارياني، مكتبة الكوثر، الرياض، ط 3، 1417 هـ.

° التدليس وأحكامه وآثاره النقدية. تأليف: صالح الجزائري، دار ابن حزم، بيروت، ط 1، 1422 هـ. ° تدكرة الحفاظ. تأليف: الحافظ أبي عبد الله شمس الدين الذهبي، دار الكتب العلمية، بيروت. ° تذكرة الموضوعات للشيخ محمد طاهر بن علي الهندي الفتني. دار إحياء التراث العربي، بيروت. ط 3، 1415 هـ. ° التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة، لأبي عبد الله القرطبي، دار الكتب العلمية بيروت، ط 2، 1407 هـ. ° تذهيب تهذيب الكمال في أسماء الرجال للذهبي. تحقيق: مسعد كامل ومجدي السيد. دار الفاروق، القاهرة. ط 1، 1425 هـ. ° ترتيب أحاديث وآثار تلخيص الحبير. تحقيق وتعليق: عبد الرحمن دمشقية، مكتبة الرشيد، الرياض، ط 1، 1407 هـ. ° الترجمان والدليل لآيات التنزيل. تأليف: الشيخ المختار أحمد الشنقيطي، دار السلام، القاهرة، ط 1، 1413 هـ. ° الترغيب في فضائل الأعمال وثواب ذلك، للحافظ أبي حفص عمر بن أحمد ابن شاهين. تحقيق: صالح الوعيل. دار ابن الجوزي، الدمام. ط 1، 1415 هـ. ° الترغيب والترهيب من الحديث الشريف. تأليف: الإمام الحافظ زكي الدين عبد العظيم بن عبد القوي المنذري. ضبط أحاديثه وعلق عليه: مصطفى محمد عمارة، دار الحديث، القاهرة، 1407 هـ. ° تعجيل المنفعة بزوائد رجال الأئمة الأربعة. تأليف: الحافظ ابن حجر العسقلاني، تحقيق ودراسة: د. إكرام الله إمداد الحق، دار البشائر الإسلامية، بيروت، ط 1، 1416 هـ. ° تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس. تأليف: الحافظ ابن حجر العسقلاني، حققه وعلق عليه: د. أحمد بن علي سير المباركي، ط 1، 1413 هـ. ° تغليق التعليق على صحيح البخاري. تأليف: الإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني، دراسة وتحقيق: سعيد عبد الرحمن القزقى، المكتب الإسلامي، بيروت، ط 1، 1405 هـ. ° تفسير التابعين: عرض ودراسة مقارنة. د. محمد بن عبد الله الخضيري. دار الوطن، الرياض. ط 1، 1420 هـ.

° تفسير التحرير والتنوير للشيخ محمد الطاهر ابن عاشور. ° التفسير الصحيح (موسوعة الصحبح المسبور من التفسير بالمأثور) إعداد: أ. د. حكمت بشير ياسين. دار المآثر، المدينة النبوية. ط 1، 1420 هـ. ° تفسير القرآن العظيم مسندًا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والصحابة والتابعين. تأليف: الحافظ عبد الرحمن بن محمد بن إدريس الرازي ابن أبي حاتم (327 هـ)، تحقيق: أسعد محمد الطيب، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط 1، 1417 هـ. كما رجعت إلى ما طبع مما حقق منه في رسائل علمية: القسم الأول: تحقيق د. أحمد بن عبد الله الزهراني. ° تفسير القرآن العظبم. تأليف: الحافظ أبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي، تحقيق: سامي السلامة. دار طيبة، الرياض، ط 2، 1420 هـ. ° تفسير القرآن العظيم، للحافظ ابن كثير، تحقيق: أبو إسحاق الحويني، دار ابن الجوزي، الدمام، ط 1، 1417 هـ. ° تفسير القرآن الكريم: أصوله وضوابطه. د. علي بن سلمان العبيد. مكتبة التوبة، الرياض. ط 1، 1418 هـ. ° تفسير القرآن، للإمام عبدالرزاق الصنعاني. تحقيق: د. مصطفى مسلم. مكتبة الرشد، الرياض. ط 1، 1410 هـ. ° التفسير اللغوي للقرآن الكريم، د. مساعد الطيار، دار ابن الجوزي، الدمام، ط 2، 1427 هـ. ° التفسير النبوي للقرآن الكريم وفضائله. تأليف عبد الباسط محمد خليل، تقديم: الشيخ محمد حسان. ° التفسير النبوي للقرآن الكريم، وموقف المفسرين منه، تأليف: د. محمد إبراهيم عبد الرحمن. مكتبة الثقافة الدينية - القاهرة 1415 هـ. ° تفسير النسائي، حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه: صبري الشافعي وسيد الجليمي. مؤسسة الكتب الثقافية. ط 1، 1410 هـ. ° تفسير سفيان الثوري. تحقيق: امتياز علي عرشي. مصورة دار الكتب العلمية، بيروت. ط 1، 1403 هـ. ° تفسير سورة يونس من تفسير ابن أبي حاتم، دراسة وتحقيق: د. عيادة الكبيسي، دار ابن حزم، بيروت، ط 1، 1421 هـ.

° التفسير والمفسرون، تأليف: د. محمد الذهبي. ° التفسير ورجاله. للشيخ محمد الفاضل ابن عاشور. دار الكتب الشرقية، تونس. ط 2، 1972م. ° تقريب التهذيب. تأليف: الحافظ ابن حجر العسقلاني، قدم له وقابله: محمد عوامه، دار الرشيد، حلب، ط 3، 1411 هـ. ° التقريب لعلوم ابن القيم. بقلم: بكر بن عبد الله أبو زيد، دار العاصمة، الرياض، ط 1، 1416 هـ. ° تقييد العلم، للخطيب البغدادي، تحقيق: يوسف العش، دار إحياء السنة، ط 2، 1974 م. ° التقييد لمعرفة الرواة والسنن والمسانيد. تأليف: أبي بكر محمد بن عبد الغني الشهير بابن نقطة، دار الحديث، بيروت، 1407 هـ. ° التلازم بين الكتاب والسنة من خلال الكتب الستة. إعداد واستخراج: صالح بن سليمان البقعاوي. دار المعراج، الرياض. ط 1، 1416 هـ. ° تلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير. تأليف: الإمام ابن حجر العسقلاني، تحقيق: د. شعبان محمد إسماعيل، مكتبة ابن تيمية، القاهرة. ° تمام المنة في التعليق على فقه السنة. تأليف: الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، دار الراية، الرياض، ط 3، 1409 هـ. ° التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد. تأليف: الإمام الحافظ أبي عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري الأندلسي. حققه وعلق حواشيه وصححه: الأستاذ: مصطفى بن محمد أحمد العلوي، والأستاذ: محمد عبد الكبير البكري، مكتبة المؤيد. ° تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأحاديث الشنيعة الموضوعة، لأبي الحسن علي بن محمد بن عراق الكناني. دار الكتب العلمية، بيروت. ط 2، 1402 هـ. ° تنقيح تحقيق أحاديث التعليق، للحافظ ابن عبد الهادي. تحقيق: أيمن شعبان، دار الكتب العليمة، بيروت، ط 1، 1419 هـ. ° التنكيل لما في تأنيب الكوثري من الأباطيل. تأليف: العلامة الشيخ، عبد الرحمن بن يحيى المعلمي، المكتب الإسلامي، بيروت، ط 2، 1406 هـ. ° تهذيب الآثار. تأليف: الإمام أبي جعفر الطبري. قرأه وخرج أحاديثه: محمود محمد شاكر، مطبعة المدني مصر.

° تهذيب التهذيب، للحافظ ابن حجر العسقلاني، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط 2، 1413 هـ. ° تهذيب الكمال في أسماء الرجال. تأليف: الحافظ جمال الدين أبي الحجاج المزي، حققه وضبط نصه وعلق عليه، د. بشار عواد معروف، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط 5، 1413 هـ. ° توضيح الأحكام من بلوغ المرام. تأليف: الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن البسام، دار القبلة، جدة، ط 1، 1413 هـ. ° تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان. تأليف: العلامة الشيخ: عبد الرحمن بن ناصر السعدي، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط 2، 1417 هـ. ° التيسير في قواعد علم التفسير للعلامة محمد بن سليمان الكافيجي. تحقيق: ناصر بن محمد المطرودي. دار القلم - دمشق. ط 1، 1410 هـ. ° جامع الأصول في أحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-. تأليف: الإمام مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد ابن الأثير الجزري، حقق نصوصه وخرج أحاديثه وعلق عليه: عبدالقادر الأرناؤوط، مكتبة دار البيان، دمشق، 1389 هـ. ° جامع البيان عن تأويل آي القرآن، للإمام ابن جرير الطبري، تحقيق: د. عبد الله التركي، مركز هجر للطباعة والنشر، القاهرة، ط 1، 1422 هـ. ° جامع التحصيل في أحكام المراسيل. تأليف: الحافظ صلاح الدين العلائي، حققه وقدم له وخرج أحاديثه: حمدي عبد المجيد السلفي، عالم الكتب، بيروت ط 2، 1407 هـ. ° جامع التفسير من كتب الأحاديث. أشرف على إخراجه: خالد بن عبد القادر آل عقدة. دار طيبة - الرياض. ط 1، 1421 هـ. ° الجامع الصحيح وهو سنن الترمذي. تأليف: أبي عيسى محمد بن عيسى الترمذي، تحقيق: أحمد محمد شاكر، دار الحديث، القاهرة. ° جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثًا من جوامع الكلم. تأليف: الإمام ابن رجب الحنبلي، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، وإبراهيم باجس، مؤسسة الرسالة، ط 3، 1412 هـ. ° الجامع المفهرس لأطراف الأحاديث النبوية والآثار السلفية التي خرجها محدث العصر الشيخ محمد ناصر الدين الألباني في كتبه المطبوعة. صنعه: أبو أسامة سليم بن عيد الهلالي، دار ابن الجوزي، الدمام، ط 1، 1409 هـ.

° جامع بيان العلم وفضله وما ينبغي في روايته وحمله. تأليف: الإمام الحافظ أبي عمرو ابن عبد البر النمري القرطبي، دار الكتب الإسلامية، ط 2، 1402 هـ. ° الجامع لأحكام القرآن. تأليف: أبي عبد الله محمد بن أحمد القرطبي، دار الكتب العلمية، بيروت، 1413 هـ. ° الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع. تأليف: الحافظ الخطيب البغدادي، حققه: د. محمد عجاج الخطيب، مؤسسة الرسالة، بيروت ط 2، 1414 هـ. ° الجرح والتعديل، للشيخ: إبراهيم اللاحم، مكتبة الرشد، الرياض، ط 1، 1424 هـ. ° جزء الألف دينار، لأبي بكر القطيعي. تحقيق وتخريج: بدر البدر. دار النفائس، الكويت. ط 1، 1414 هـ. ° جزء القراءة خلف الإمام للإمام البخاري. دار الكتب العلمية، بيروت. ° جزء في تفسبر الباقيات الصالحات وفضلها، للحافظ صلاح الدين العلائي. تحقيق: علي أبو زيد وحسن مروة. دار ابن كثير، دمشق. ط 1، 1407 هـ. ° جزء فيه قراءات النبي -صلى الله عليه وسلم- لأبي عمر حفص بن عمر الدوري. تحقيق: حكمت بشير ياسين. مكتبة الدار، المدينة النبوية. ط 1، 1408 هـ. ° جواب الحافظ المندري عن أسئلة في الجرح والتعديل. اعتنى به: عبد الفتاح أبو غدة، مكتب المطبوعات الأسلامية، حلب، ط 1، 1411 هـ. ° الجواهر والآلىء المصنوعة في تفسير القرآن العظيم بالأحاديث الصحيحة المرفوعة، تأليف الشيخ عبد الله بن عبد القادر التليدي، دار البشائر الإسلامية، بيروت، ط 1، 1424 هـ. ° حجية السنة، تأليف: د. عبد الغني عبد الخالق، دار الوفاء، مصر، ط 3، 1418 هـ. ° حديث السراج، تخريج زاهر بن طاهر الشحامي. تحقيق: حسين بن عكاشة. دار الفاروق، القاهرة ط 1، 1425 هـ. ° الحديث المعلول قواعده وضوابطه، تأليف: د حمزة عبد الله المليباري، دار ابن حزم، بيروت ط 1، 1416 هـ. ° الحديث المنكر عند نقاد الحديث، تأليف: عبد الرحمن السلمي، مكتبة الرشد، الرياض، ط 1، 1426 هـ.

° حديث علي بن حجر السعدي عن اسماعيل بن جعفر المدني. دراسة وتحقيق: عمر السفياني. مكتبة الرشد، الرياض. ط 1، 1418 هـ. ° الحطة في ذكر الصحاح الستة، تأليف: صديق حسن خان، تحقيق: على حسن الحلبي، دار الجيل، بيروت، ط 1، 1408 هـ. ° حلية الأولياء وطبقات الأصفياء. تأليف: الحافظ أبي نعيم الأصفهاني، دار الكتب العلمية، بيروت. ° حياة ابن كثير وكتابه (تفسير القرآن العظيم). تأليف: د. محمد بن عبد الله الفالح. مكتبة دار البيان، ط 1، 1425 هـ. ° خلاصة البدر المنير في تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في الشرح الكبير للحافظ سراج الدين ابن الملقن. حققه: حمدي عبد المجيد السلفي، مكتبة الرشد، الرياض، ط 1، 1410 هـ. ° خلاصة تهذيب تهذيب الكمال في أسماء الرجال. تأليف: الحافظ صفي الدين الخزرجي، المطبعة الكبرى، بولاق، 1301 هـ. ° الداء والدواء. تأليف: ابن قيم الجوزية، حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه علي حسن علي عبد الحميد، دار ابن الجوزي، الدمام، ط 2، 1417 هـ. ° الدر المنثور في التفسير بالمأثور. تأليف: جلال الدين السيوطي، تحقين: د. عبد الله التركي. مركز هجر للبحوث، القاهرة. ط 1، 1424 هـ. ° دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين. تأليف: محمد بن علان الصديقي الشافعي، دار الفكر، ط 3. ° دليل مؤلفات الحديث الشريف المطبوعة القديمة والحديثة. تأليف: محي الدين عطية، وصلاح الدين حفني، ومحمد خير رمضان يوسف، دار ابن حزم، بيروت، ط 1، 1416 هـ. ° دور الحديث النبوي في التفسير الموضوعي والتفسير التحليلي للدكتور: صبري المتولي. مكتبة زهراء الشرق، القاهرة 1420 هـ. ° ديوان الضعفاء والمتروكين للحافظ الذهبي. تحقيق: حماد الأنصاري. مكتبة النهضة الحديثة، مكة المكرمة. 1387 هـ. ° ذكر أخبار أصبهان. تأليف: الحافظ أبي نعيم الأصبهاني، دار الكتاب الإسلامي.

° ذكر أسماء من تكلم فيه وهو موثق. تأليف: الحافظ شمس الدين الذهبي، تحقيق وتعليق: محمود شكور بن محمود الحاجي أمرير، مكتبة المنار، الأردن، ط 1، 1406 هـ. ° الذكر والدعاء والعلاج بالرقى، تأليف: د. سعيد بن علي بن وهب القحطاني، ط 3، 1422 هـ. ° ذيل لسان الميزان، تأليف: الشريف حاتم العوني، دار عالم الفوائد، مكة المكرمة، ط 1، 1418 هـ. ° ذيل ميزان الاعتدال. تأليف: الحافظ أبي الفضل عبد الرحمن بن الحسين العراقي، حققه وقدم له: د. عبد القيوم عبد رب النبي، جامعة أم القرى، ط 1، 1406 هـ. ° الرجال الذين ترجم لهم الألباني في السلسلة الصحيحة والضعيفة. أشرف عليه وراجعه، علوي السقاف، دار الهجرة، الرياض، ط 1، 1411 هـ. ° الرد على الجهمية، للحافظ أبي عبد الله ابن منده. تحقيق: د. علي بن محمد الفقيهي. ط 2، 1402 هـ. ° الرسالة المستطرفة لبيان مشهور كتب السنة المشرفة. تأليف: الإمام محمد بن جعفر الكتاني، ط 2، 1400 هـ. ° الرسالة. تأليف: الإمام محمد بن إدريس الشافعي، تحقيق وشرح: أحمد محمد شاكر، دار الكتب العلمية، بيروت. ° الرفع والتكميل في الجرح والتعديل. تأليف: أبي الحسنات محمد عبد الحي اللكنوي. حققه وعلق عليه عبد الفتاح أبو غدة، مكتب المطبوعات الإسلامية، حلب، ط 3، 1407 هـ. ° الروض الأنف في تفسير السيرة النبوية. تأليف: الإمام أبي القاسم عبد الرحمن بن عبد الله السهيلي، علق عليه ووضع حواشيه: مجدي بن منصور الشوري، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1418 هـ. ° الروض البسام بترتيب وتخريج فوائد تمام. تصنيف: أبي سليمان جاسم الفهيد الدوسري، دار البشائر الإسلامي، بيروت، 1410هـ. ° الروض الداني إلى المعجم الصغير للطبراني. تحقيق: محمد شكور محمود الحاج أمرير، المكتب الإسلامي، بيروت، ط 1، 1405 هـ. ° رياض الصالحين من كلام سيد المرسلين. تأليف: الإمام النووي، تحقيق: زهير شفيق الكلبي، دار الكتاب العربي، بيروت، ط 1، 1417 هـ.

° زاد المسير في علم التفسير، للحافظ ابن الجوزي، المكتب الإسلامي بيروت ط 4، 1407 هـ. ° زاد المعاد في هدي خير العباد. تأليف: الإمام ابن قيم الجوزية، حقق نصوصه وخرج أحاديثه وعلق عليه: شعيب الأرناؤوط، وعبدالقادر الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت ط 14، 1407 هـ. ° الزاهر في معاني كلمات الناس. تأليف: أبي بكر الأنباري، تحقيق: د. حاتم الضامن، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط 1، 1412 هـ. ° زوائد تاريخ بغداد على الكتب الستة. تأليف: د. خلدون الأحدب. دار القلم، دمشق. ط 1، 1417 هـ. ° سؤالات أبي عبد الله بن بكير وغيره لأبي الحسن الدارقطني. دراسة وتحقيق: علي حسن علي عبد الحميد، دار عمار، الأردن، ط 1، 1408 هـ. ° سبل السلام الموصلة إلى بلوغ المرام. تأليف: الإمام محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني، حققه وعلقه عليه محمد صبحي حسن حلاق، دار ابن الجوزي، الدمام، ط 1، 1418 هـ. ° سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها. تأليف: محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، بيروت، ط 4، 1405 هـ. ° سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيء في الأمة. تأليف: محمد ناصر الدين الألباني، مكتبة المعارف، الرياض، ط 1، 1412 هـ. ° السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي، تأليف: د. مصطفى السباعي، المكتب الإسلامي، بيروت ط 4، 1405 هـ. ° سنن أبي داود. تأليف: الإمام الحافظ أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني، ومعه كتاب معالم السنن للخطابي، إعداد وتعليق: عزت عبيد الدعاس، وعادل السيد، دار الحديث، بيروت، ط 1، 1388 هـ. ° سنن ابن ماجه. تأليف: الإمام الحافظ أبي عبد الله محمد بن يزيد القزويني، حقق نصوصه ورقمه وعلق عليه: محمد فؤاد عبد الباقي، المكتبة الإسلامية، اسطنبول. ° السنن الأبين والمورد الأمعن في المحاكمة بين الإمامين في السنن المعنعن. تأليف: ابن رشيد الفهري، دراسة وتحقيق: صلاح بن سالم المصراتي، مكتبة الغرباء الأثرية، المدينة المنورة، ط 1، 1417 هـ. ° سنن الدارقطني. تأليف: الإمام الحافظ علي بن عمر الدارقطني، وبذيله: التعليق المغني على سنن الدارقطني للعلامة: أبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي، عني بتصحيحه وترقيمه وتحقيقه السيد: عبد الله هاشم يماني المدني، دار المحاسن، القاهرة. وهي الأصل في الإحالة. وكذا رجعت إلى طبعة مؤسسة الرسالة، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، ط 1، 1424 هـ.

° سنن الدارمي. حقق نصه وخرج أحاديثه وفهرسه: فواز أحمد زمرلي، وخالد السبع العلمي، دار الكتاب العربي، بيروت، ط 1، 1407 هـ. ° السنن الكبرى. تأليف: الإمام الحافظ أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي، وبذيله: الجوهر النقي لابن التركماني، دار المعرفة، بيروت، 1413 هـ. ° السنن الكبرى. تأليف: الإمام الحافظ أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي. تحقيق: د. عبد الغفار البنداري، وسيد كسروي حسن، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1411 هـ. ° سنن النسائي بشرح الحافظ جلال الدين السيوطي وحاشية الإمام السندي. اعتنى به ورقمه وصنع فهارسه: عبد الفتاح أبو غدة، دار البشائر الإسلامية، بيروت، ط 3، 1409 هـ. ° السنن الواردة في الفتن، لأبي عمرو الداني. اعتتى به: نضال العبوشي، بيت الأفكار الدولية، الأردن. ° سنن سعيد بن منصور. حققه وعلق عليه: الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي، دار الكتب العلمية، بيروت. ° سنن سعيد بن منصور. دراسة وتحقيق: د. سعد بن عبد الله الحميد، دار الصميعى، الرياض، ط 1، 1414 هـ. ° سير أعلام النبلاء. تأليف: الإمام شمس الدين الذهبي. أشرف عل تحقيق الكتاب: شعيب الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط 9، 1413 هـ. ° شرح أصول اعتقاد اهل السنة والجماعة، للحافظ اللالكائي، تحقيق: د. أحمد سعد حمدان، دار طيبة، الرياض، ط 1، 1409 هـ. ° شرح الإلمام بأحاديث الأحكام. تأليف: ابن دقيق العيد، حققه: عبد العزيز بن محمد السعيد، دار أطلس للنشر والتوزيع، الرياض، ط 1، 1418 هـ. ° شرح السنة للإمام البغوي. تحقيق: زهير الشاويش، وشعيب الأرناؤوط، المكتب الإسلامي، بيروت، ط 2، 1403 هـ. ° شرح العقيدة الطحاوية، لابن أبي العز الحنفي، تحقيق: د. عبد الله التركي وشعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط 2، 1413 هـ. ° شرح الكوكب المنير المسمى بمختصر التحرير، أو المختبر المبتكر شرح المختصر في أصول الفقه. تأليف: العلامة الشيخ محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن علي الفتوحي الحنبلي المعروف بابن النجار، تحقيق الدكتور: محمد الزحيلي والدكتور: نزيه حماد، مكتبة العبيكان، الرياض، 1413 هـ.

° شرح علل الترمذي. تأليف: الإمام الحافظ ابن رجب الحنبلي. حققه: نور الدين عز، دار الملاح للطباعة والنشر ط 1، 1398 هـ. ° شرح علل الترمذي. تأليف: الإمام الحافظ ابن رجب الحنبلي، حققه وعلق عليه: صبحي السامرائي، عالم الكتب، بيروت، ط 2، 1405 هـ. ° شرح معاني الآثار. تأليف: الإمام الطحاوي. حققه: محمد زهري النجار، ومحمد سيد جاد الحق، دار عالم الكتب، بيروت، ط 1، 1414 هـ. ° شرح مقدمة في أصول التفسير، د. مساعد الطيار، دار ابن الجوزي، الدمام، ط 1، 1427 هـ. ° شرح أصحاب الحديث. تأليف: الحافظ الخطيب البغدادي، تحقق: د. محمد سيد خطيب أوغلي، مكتبة طبرية. ° شفاء العي بتخريج وتحقبق مسند الإمام الشافعي بترتيب العلامة السندي. تأليف: مجدي بن محمد المصري الأثري، مكتبة ابن تيمية، القاهرة، ط 1، 1416 هـ. ° الشمائل المحمدية. تأليف: الإمام الترمذي، إخراج وتعليق: محمد عفيف الزعبي، دار المطبوعات الحديثة، جدة، ط 3، 1409 هـ. ° صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان. حققه وخرج أحاديثه وعلقه عليه شعيب الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط 2، 1414 هـ. ° صحيح ابن خزيمة. حققه وعلقه عليه وخرج أحاديثه وقدم له: د. محمد مصطفى الأعظمي، المكتب الإسلامي، بيروت، ط 2، 1412 هـ. ° صحيح الأدب المفرد للبخاري. تأليف: محمد ناصر الدين الألباني، دار الصديق، الجبيل، ط 2، 1415 هـ. ° صحيح الترغيب والترهيب. اختيار وتحقيق: الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، بيروت، ط 2، 1406 هـ. ° صحيح الجامع الصغير وزيادته. تأليف: محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، بيروت، ط 2، 1406 هـ. ° الصحيح المسند من التفسير النبوي للقرآن الكريم. تأليف الشيخ: أبي محمد السيد إبراهبم بن أبو عمة، دار الصحابة للتراث، مصر، ط 1، 1410 هـ. ° صحيح مسلم بشرح النووي. دار الريان، القاهرة، 1407 هـ.

° صحيح مسلم. تأليف: الإمام أبي الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري، حققه ورقمه محمد فؤاد عبد الباقي، دار الحديث، القاهرة، ط 1، 1412 هـ. ° ضعيف الأدب المفرد للبخاري. تأليف: محمد ناصر الدين الألباني، دار الصديق، الجيل، ط 1، 1414 هـ. ° ضعيف الجامع الصغير وزيادته. تأليف: محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، بيروت، ط 3، 1410 هـ. ° ضعيف سنن أبي داود. تأليف: الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، بيروت، ط 1، 1412 هـ. ° ضعيف سنن ابن ماجة. تأليف: الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، بيروت، ط 1، 1408 هـ. ° ضعيف سنن الترمذي. تأليف: الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، بيروت، ط 1، 1411 هـ. ° ضعيف سنن النسائي. تأليف: الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، بيروت، ط 1، 1411 هـ. ° ضوابط الجرح والتعديل، د. عبد العزيز آل عبد اللطيف، مكتبة العبيكان، الرياض، ط 1، 1426 هـ. ° الطبقات الكبرى. تأليف: الإمام الحافظ محمد بن سعد ابن منيع البغدادي، مكتبة ابن تيمية، القاهرة. ° طبقات المحدثين بأصبهان، لأبي الشيخ ابن حيان. دراسة وتحقيق: عبد الغفور البلوشي. مؤسسة الرسالة، بيروت. ط 1، 1412 هـ. ° طبقات المفسرين للداودي. تحقيق: علي محمد عمر .. مكتبة وهبة. ط 1، 1392 هـ. ° طبقات المفسرين للسيوطي. دار الكتب العلمية، بيروت. ط 1، 1403 هـ. ° طرح التثريب في شرح التقريب. تأليف: الحافظ زين الدين العراقي، مكتبة نزار الباز، مكة المكرمة. ° العجاب في بيان الأسباب لابن حجر العسقلاني، تحقيق: عبد الحكيم الأنيس، دار ابن الجوزي الدمام، ط 1، 1418 هـ. ° عجالة الراكب المتمني في تخريج كتاب عمل اليوم والليلة لابن السني، بقلم: سليم الهلالي، دار ابن حزم، بيروت، ط 1، 1422 هـ.

° العدة حاشية إحكام الإحكام. تأليف: الإمام محمد بن إسماعيل الصنعاني، حققه وعلق عليه: علي الهندي، المكتبة السلفية، القاهرة، ط 2، 1409 هـ. ° علل الترمذي الكبير. ترتيب أبي طالب القاضي، تحقيق ودراسة حمزة ديب مصطفى، مكتبة الأقصي، عمان، ط 1، 1406 هـ. ° علل الحديث ومعرفة الرجال والتاريخ، للإمام ابن المديني. تحقيق: مازن السرساوي، دار بن الجوزي، الدمام، ط 1، 1426 هـ. ° العلل المتناهية في الأحاديث الواهية. تأليف: الحافظ ابن الجوزي، حققه وعلق عليه: إرشاد الحق الأثري، الناشر: إدارة ترجمان السنة، لاهور. ° العلل الواردة في الأحاديث النبوية. تأليف: الإمام الحافظ أبي الحسين علي بن عمر الدارقطني، تحقيق وتخريج: د. محفوظ الرحمن زين الله السلفي، دار طيبة، الرياض، ط 1. ° علوم الحديث. تأليف: الإمام ابن الصلاح الشهرزوري، تحقيق وشرح: نور الدين عتر، دار الفكر، دمشق، 1406 هـ. ° عمدة القارىء شرح صحيح البخاري. تأليف: العلامة بدر الدين العيني، دار إحياء التراث العربي، بيروت. ° عمل اليوم والليلة. تأليف: الإمام أحمد بن شعيب النسائي، دراسة وتحقيق: د. فاروق حمادة، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط 3، 1407 هـ. ° عمل اليوم والليلة. تأليف: الإمام الحافظ أبي بكر أحمد بن محمد الدينوري المعروف بابن السني، حققه وخرج أحاديثه وعلق عليه: بشير محمد عيون، مكتبة دار البيان، دمشق، ط 2، 1410 هـ. ° عون المعبود شرح سنن أبي داود. تأليف: العلامة أبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي، مع شرح الحافظ ابن قيم الجوزية، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1410 هـ. ° غاية المرام في تخربج أحادبث الحلال والحرام. تأليف: محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، بيروت، ط 4، 1414 هـ. ° غريب الحديث. تأليف: الإمام أبي عبيد القاسم بن سلام الهروي، دار الكتاب العربي، بيروت، 1396 هـ.

° غوث المكدود بتخريج منتقى ابن الجارود. تأليف: أبي إسحاق الحويني الأثري، دار الكتاب العربي، بيروت، ط 2، 1414 هـ. ° فتح الباري بشرح صحيح البخاري. تأليف: الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، دار الريان، القاهرة، ط 2، 1409 هـ. ° الفتح السماوي في تخريج أحاديث البيضاوي، لزين الدين المناوي. تحقيق: أحمد مجتبى السلفي، دار العاصمة، الرياض، ط 1، 1409 هـ. ° فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير. تأليف: محمد بن علي الشوكاني، دار الفكر، بيروت، 1403 هـ. ° فتح المغيث شرح ألفية الحديث. تأليف: الحافظ شمس الدين السخاوي، علق عليه: صلاح محمد عويضة، دار الكتب العلمية، بيروت ط 1، 1414 هـ. ° الفصل للوصل المدرج في النقل، للخطيب البغدادي. تحقيق: محمد مطر الزهراني، دار الهجرة، الرياض، ط 1، 1418 هـ. ° فضائل الخلفاء الأربعة وغيرهم، للحافظ أبي نعيم الأصبهاني. تحقيق: صالح العقيل. دار البخاري، المدينة النبوية. ط 1، 1417 هـ. ° فضائل القرآن لأبي عبيد القاسم بن سلام، حققه: مروان العطية وآخرون، دار ابن كثير، دمشق، ط 1، 1415 هـ. ° فهارس كتاب الجرح والتعديل. إعداد وترتيب: محمد صالح المراد، مكتبة دار الوفاء، جدة، ط 1، 1407 هـ. ° فهرس أحاديث كتاب المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين لابن حبان. إشراف: خالد العنبير، دار أسد السنة. ° فهرس أحاديث وآثار كتاب نصب الراية لأحاديث الهدية. إعداد: عدنان علي شلاف، دار عالم الكتب، بيروت، ط 1، 1408 هـ. ° فهرس مصنفات الإمام أو عبد الله البخاري المنشورة فيما عدا الصحيح. إشراف: محمود الحداد، دار العاصمة، الرياض، ط 1، 1408 هـ.

° الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة، تأليف: الإمام الشوكاني، تحقيق: عبد الرحمن المعلمي، دار الكتب العلمية، بيروت، 1416 هـ. ° فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير. تأليف: العلامة محمد عبد الرؤوف المناوي، دار الفكر، بيروت. ° القاموس الفقهي لغة واصطلاحًا. تأليف: سعدي أبو جيب، دار الفكر، دمشق، ط 1، 1419 هـ. ° القاموس المحيط. تأليف: الفيروزآبادي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط 1، 1417 هـ. ° قطعة من تفسير الإمام عبد بن حميد، اعتنى به: مخلف بنيه العرف. دار ابن حزم، بيروت. ط 1، 1425 هـ. ° قواعد الترجيح عند المفسرين، دراسة نظرية تطبيقية، تأليف: حسين الحربي، دار القاسم، الرياض، ط 1417،1 هـ. ° قواعد التفسير جمعًا ودراسة، تأليف: خالد السبت، دار ابن عفان، مصر، ط 1، 1421 هـ. ° قواعد العلل وقرائن الترجيح. تأليف عادل الزرقي، دار المحدث الرياض، ط 1، 1425 هـ. ° الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة، تأليف: شمس الدين الذهبي وحاشيته لسبط بن العجمي الحلبي. قدم له وعلقه عليه: محمد عوامه، دار القبلة والثقافة الإسلامية، جدة، ط 1، 1413 هـ. ° الكافي الشاف في تخريج أحاديث الكشاف، للحافظ ابن حجر العسقلاني. دار إحياء التراث العرب، بيروت، ط 1، 1418 هـ. ° الكامل في ضعفاء الرجال. تأليف: الإمام الحافظ أبي أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني، دار الفكر، بيروت، ط 3، 1409 هـ. ° كتاب الإرشاد في معرفة علماء الحديث. تأليف: الحافظ أبي يعلى الخليلي، دراسة وتحقيق: د. محمد سعيد بن عمر إدريس، مكتبة الرشد، الرياض، ط 1، 1409 هـ. ° كتاب الأسماء والصفات، للإمام البيهقي، تحقيق: عبد الله الحاشدي، مكتبة، السوادي، جدة، ط 2، 1422 هـ. ° كتاب الأموال. تأليف: الحافظ أبي القاسم بن سلام، تحقيق وتعليق: محمد بن خليل هراس، دار الفكر، بيروت، 1408 هـ.

° كتاب الأموال. تأليف: حميد بن زنجويه، تحقيق: د. شاكر ذيب فياض، مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، الرياض، ط 1، 1406 هـ. ° كتاب البعث، للحافظ أبي بكر عبد الله بن سليمان السجستاني. تحقيق وتخريج: أبي إسحاق الحويني. دار الكتاب العربي، بيروت. ط 1، 1408 هـ. ° كتاب التاريخ الكبير. تأليف: الإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، دار الكتب العلمية، بيروت. ° كتاب التوحيد للحافظ أبي عبد الله ابن منده. تحقيق: د. علي بن محمد الفقيهي. مكتبة العلوم والحكم، المدينة النبوية. ط 1، 1423 هـ. ° كتاب التوحيد، للإمام ابن خزيمة. تحقيق: سمير الزهيري. دار المغني، الرياض. ط 1، 1423 هـ. ° كتاب الثقات. تأليف: الإمام الحافظ محمد بن حبان البستي، مؤسسة الكتب الثقافية، 1393 هـ. ° كتاب الجرح والتعديل. تأليف: الإمام الحافظ شيخ الإسلام ابن أبي حاتم الرازي، مجلس دائرة المعارف العثمانية حيدر آباد الدكن، الهند. ° كتاب الدعاء. تأليف: الإمام الحافظ أبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، دراسة وتحقيق وتخريج: د. محمد سعيد بن محمد حسن البخاري، دار البشائر الإسلامية، بيروت، ط 1407 هـ. ° كتاب الدعوات الكبير، للإمام البيهقي، تحقيق: بدر البدر، مركز المخطوطات والتراث، الكويت، ط 1، 1414 هـ. ° كتاب الزهد، للإمام عبد الله بن المبارك، تحقيق: نبيل سليم، دار البصيرة، الإسكندرية، 1426 هـ. ° كتاب السنة، للإمام عبد الله بن الإمام أحمد. تحقيق ودراسة د. محمد بن سالم القحطاني. رمادي للنشر، الدمام. ط 2، 1414 هـ. ° كتاب الشريعة لأبي بكر الآجري. دراسة وتحقيق: د. عبد الله الدميجي. دار الوطن، الرياض، ط 2، 1420 هـ. ° كتاب الضعفاء الصغير. تأليف: الإمام الحافظ محمد بن إسماعيل البخاري، ويليه: كتاب الضعفاء والمتروكين للنسائي، تحقيق: محمود إبراهيم زايد، دار المعرفة، بيروت، ط 1، 1406 هـ. ° كتاب الضعفاء الكبير. تأليف: الحافظ أبي جعفر محمد بن عمرو العقيلي، حققه ووثقه: د. عبد المعطي أمين قلعجي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1404 هـ.

° كتاب الضعفاء والمتروكين. تأليف: الإمام علي بن عمر الدارقطني، تحقيق: محمد لطفي الصباغ، المكتب الإسلامي، بيروت ط 1، 1400 هـ. ° كتاب العظمة، لأبي الشيخ الأصبهاني، تحقيق، رضاء الله المباركفوري، دار العاصمة، الرياض، ط 2، 1419 هـ. ° كتاب العلل، لابن أبي حاتم الرازي. تحقيق فريق من الباحثين بإشراف: د. سعد الحميد ود. خالد الجريسي، ط 1، 1427 هـ. ° كتاب الفقيه والمتفقه. تأليف: الحافظ أبي بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي، حققه: عادل يوسف الفرازي، دار ابن الجوزي، الدمام، ط 1، 1417 هـ. ° كتاب الفوائد (الفيلانيات). تأليف: الحافظ أبي بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي، حققه: حلمي كامل أسعد عبد الهادي، دار ابن الجوزي، الدمام، ط 1، 1417 هـ. ° كتاب الكفاية في علم الرواية، تأليف: الإمام الحافظ الخطيب البغدادي، دار الكتب العلمية، بيروت، 1409 هـ. ° كتاب المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين. تأليف: الحافظ محمد بن حبان البستي، تحقيق: محمود إبراهيم زايد، دار المعرفة، بيروت، 1412 هـ. ° كتاب المراسيل، للحافظ ابن أبي حاتم الرازي، بعناية: شكر الله قوجاني، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط 2، 1418 هـ. ° الكتاب المصنف في الأحاديث والآثار. تأليف: الإمام الحافظ أبي بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة، صححه ورقمه: محمد عبد السلام شاهين، دار الكتب العلمية بيروت، ط 1، 1416 هـ. ° كتاب المعجم في أسامي شيوخ أبي بكر الإسماعبلي، لأبي بكر الإسماعيلي. دراسة وتحقيق: د. زياد منصور. مكتبة العلوم والحكم، المدينة النبوية. ط 1، 1410 هـ. ° كتاب المعجم، لابن الأعرابي. تحقيق: عبد المحسن الحسيني، دار ابن الجوزي، الدمام، ط 1، 1418 هـ. ° كتاب الموضوعات. تأليف: الإمام أبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي، خرج آياته وأحاديثه: توفيق حمدان، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1415 هـ. ° كتاب تفسير القرآن، للحافظ ابن المنذر النيسابوري. تحقيق: د. سعد السعد. دار المآثر، المدينة النبوية، ط 1، 1423 هـ.

° كتاب معرفة علوم الحديث، للحاكم النيسابوري، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 2، 1397 هـ. ° كتب تراجم الرجال بين الجرح والتعديل. تأليف: صالح اللحيدان، دار طويق للنشر والتوزيع، الرياض، ط 1، 1415 هـ. ° كشف الأستار عن زوائد البزار على الكتب الستة، للحافظ نور الدين الهيثمي. تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي. مؤسسة الرسالة، بيروت. ط 1، 1405 هـ. ° كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس. تأليف: الشيخ إسماعيل بن محمد العجلوني، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط 3، 1350 هـ. ° الكشف والبيان في تفسير القرآن، للإمام الثعلبي. تحقيق: سيد كسروي حسن. دار الكتب العلمية - بيروت. ط 1، 1425 هـ. ° كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال. تأليف: العلامة علاء الدين المتقي الهندي، مكتبة التراث الإسلامي، حلب. ° الكنى والأسماء، للحافظ الدولابي. تحقيق: نظر الفريابي. دار ابن حزم، بيروت. ط 1، 1421 هـ. ° الكواكب النيرات في معرفة من اختلط من الرواة الثقات. تأليف: ابن الكيال الشافعي، تحقيق: حمدي عبد الحميد السلفي، عالم الكتب، بيروت، ط 2، 1407 هـ. ° كيف يجب علينا أن نفسر القرآن الكريم؟ للعلامة محمد ناصر الدين الألباني. المكتبة الإسلامية، الأردن. ط 1، 1421 هـ. ° اللآلىء المصنوعة في الأحاديث الموضوعة، للحافظ السيوطي. دار المعرفة، بيروت. ° لسان العرب. تأليف: ابن منظور، دار صادر، بيروت، ط 3، 1414 هـ. ° لسان الميزان. تأليف: الحافظ ابن حجر العسقلاني، دراسة وتحقيق وتعليق الشيخ: أحمد عبد الموجود، والشيخ علي محمد معوض، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1416 هـ. ° المتجر الرابح في ثواب العمل الصالح. تأليف: الحافظ شرف الدين الدمياطي، دراسة وتحقيق: د. عبد الملك بن عبد الله بن دهيش، دار خضر، بيروت، ط 7، 1417 هـ. ° مجرد أسماء الرواة عن مالك، للحافظ رشيد الدين العطار. تحقيق: سالم بن أحمد السلفي. مكتبة الغرباء، المدينة النبوية. ط 1، 1418 هـ.

° مجمع البحرين في زوائد المعجمين. تأليف: الحافظ نور الدين الهيثمي، تحقيق ودراسة: عبد القدوس ابن محمد نذير، مكتبة الرشد، الرياض، ط 2، 1415 هـ. ° مجمع الزوائد ومنبع الفوائد. تأليف: الحافظ نور الدين الهيثمي، دار الريان، القاهرة، 1407 هـ. ° المجموع شرح المهذب. تأليف: الإمام أبي زكريا محي الدين بن شرف النووي، حققه وعلق عليه وأكمله: محمد بن نجيب المطيعي، دار إحياء التراث العربي، 1415 هـ. ° مجموع فتادى شيخ الإسلام ابن تيمية. جمع وترتيب: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، المدينة المنورة. ° المجموعة الكاملة لمؤلفات الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله، مركز صالح ابن صالح الثقافي، عنيزة، ط 2، 1412 هـ. ° المحرر في الحديث. تأليف: الحافظ أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الهادي المقدسي، دراسة وتحقيق: د. يوسف المرعشلي، محمد سمارة، جمال حمدي الذهبى، دار المعرفة، بيروت، ط 2، 1412 هـ. ° المحلى. تأليف: ابن حزم الظاهري، تحقيق: أحمد محمد شاكر، مكتبة دار التراث، القاهرة. ° مختصر الشمائل المحمدية للإمام الترمذي. اختصره وحقفه: محمد ناصر الدين الألباني، مكتبة المعارف، الرياض، ط 4، 1413 هـ. ° مختصر خلافيات البيهقي. تأليف: أحمد بن فرح اللخمي الأشبيلي الشافعي، تحقيق ودراسة: ذياب عبد الكريم عقل، مكتبة الرشد، الرياض، ط 1، 1417 هـ. ° مختصر زوائد مسند البزار على الكتب السنة ومسند أحمد. تأليف: الإمام الحافظ: ابن حجر العسقلاني، تحقيق وتقديم: صبري بن عبد الخالق أبو ذر، مؤسسة الكتب الثقافية، بيروت، ط 1، 1412 هـ. ° المدخل إلى الصحيح، للإمام أبي عبد الله الحاكم النيسابوري. دراسة وتحقيق: د .. ربيع هادي المدخلي. مؤسسة الرسالة، بيروت. ط 1، 1404 هـ. ° المدخل إلى معرفة كتاب الإكليل، للحافظ أبي عبد الله الحاكم النيسابوري، تحقيق: أحمد السلوم، دار ابن حزم، بيروت، ط 1، 1423 هـ. ° المراسيل. تأليف: الإمام الحافظ أبي داود السجستاني، حققه وخرج أحاديثه: د. عبد الله الزهراني، دار الصميعي، الرياض، ط 1، 1422 هـ.

° مرشد المفسرين والمحدثين إلى ما ورد من التفاسير المصرح برفعها إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-. جمع: محمد إبراهيم سليم. مكتبة القرآن، القاهرة. ° مرويات الإمام أحمد بن حنبل في التفسير. جمع وتخريج: أ. د. حكمت بشير ياسين. مكتبة المؤيد، الرياض. ط 1، 1414 هـ. ° مسائل الإمام أحمد بن حنبل رواية اسحاق بن ابراهيم بن هانىء. تحقيق: زهير الشاويش، المكتب الإسلامي، بيروت، ط 1، 1400 هـ. ° مساوىء الأخلاق ومذمومها، للحافظ أبي بكر الخرائطي. تحقيق: مجدي السيد. مكتبة الساعي، الرياض. ° المستدرك على الصحيحين. تأليف: الإمام الحافظ أبي عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري، دراسة وتحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1411 هـ. ° مسند أبي داود الطيالسي. تحقيق: د. محمد التركي، هجر للطباعة والنشر، القاهرة، ط 1، 1419 هـ. ° مسند أبي يعلى الموصلي. تحقيق وتخريج: حسين سليم أسد، دار الثقافة العربية، دمشق، ط 1، 1412 هـ. ° مسند ابن أبي شيبف تحقيق: عادل العزازي وأحمد المزيدي. دار الوطن، الرياض. ط 1، 1418 هـ. ° مسند الإمام أحمد بن حنبل. المكتب الإسلامي، بيروت، ط 1، 1413 هـ، والأصل في الإحالة عليها. وكذا رجعت إلى طبعة مؤسسة الرسالة بتحقيق: شعيب الأرنؤوط ط 2، 1420 هـ. ° مسند الشاميين. تأليف: الحافظ سليمان بن أحمد الطبراني، حققه وخرج أحاديثه: حمدي عبد المجيد السلفي، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط 1، 1409 هـ. ° مسند الهيثم بن كليب الشاشي. تحقيق: د. محفوظ الرحمن زين الله، مكتبة العلوم والحكم، المدينة ط 1، 1410 هـ. ° المسند. تأليف: الإمام الحافظ أبي بكر عبد الله بن الزبير الحميدي، حققه وعلقه عليه: حبيب الرحمن الأعظمي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1409 هـ. ° مشكاة المصابيح. تأليف: محمد بن عبد الله الخطيب التبريزي، تحقيق: محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، بيروت، ط 3، 1405 هـ. ° مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجة. تأليف: أحمد بن أبي بكر البوصيري، تحقيق: محمد المنتقى الكشناوي، دار العربية، بيروت، ط 2، 1403 هـ.

° مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه. تأليف: أحمد بن أبي بكر بن إساعيل البوصيري، تحقيق: محمد المنتقى الكشناوي، دار العربية، بيروت، ط 2، 1403 هـ. ° المصباح المنير. تأليف: العلامة أحمد بن محمد الفيومي، مكتبة لبنان، بيروت، 1987م. ° المصنف. تأليف: الإمام الحافظ عبد الرازق بن همام الصنعاني، تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي، توزيع المكتب الإسلامي، بيروت، ط 2، 1403 هـ. ° المصنوع في معرفة الحديث الموضوع. تأليف: الإمام علي القاري، حققه وراجع نصوصه وعلق عليه، عبد الفتاح أبو غدة، مكتب المطبوعات الإسلامية، حلب، ط 5، 1414 هـ. ° المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية. تأليف: الإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني، تحقيق: غنيم بن عباس بن غنيم، وياسر بن إبراهيم بن محمد، دار الوطن، الرياض، ط 1، 1418 هـ. ° المطلع على أبواب المقنع. تأليف: الإمام شمس الدين البعلي الحنبلي، ومعه: معجم ألفاظ الفقه الحنبلي، صنع: محمد بشير الأدلبي، المكتب الإسلامي، بيروت، 1401 هـ. ° معالم التنزيل، تفسير البغوي،. تأليف: الإمام الحسبن بن مسعود البغوي، حققه وخرج أحاديثه: محمد النمر وغيره، دار طيبة، الرياض، 1409 هـ. ° معالم السنن شرح سنن أبي داود. تأليف: الإمام أبي سليمان حمد بن محمد الخطابي البستي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1411 هـ. ° المعتمد من المنقول فيما أوحي إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم-. تأليف: حيدر بن علي القاشي. حققه: د. فيصل بن جعفر بالي، د. محمد ولد سيدي ولد حبيب. مكتبة التوبة، الرياض. ط 1، 1420 هـ. ° المعجم الأوسط. تأليف: الإمام الحافظ أبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، تحقيق: طارق بن عوض الله محمد، وعبد المحسن بن إبراهيم الحسيني، دار الحرمين، القاهرة، 1415 هـ. ° معجم الصحابة، لأبي الحسين ابن قانع. ضبط وتعليق: صلاح المصراتي. مكتبة الغرباء الأثرية. ° المعجم الكبير. تأليف: الإمام الحافظ أبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، حققه وخرج أحاديثه: حمدي عبد المجيد السلفي، مكتبة ابن تيمية، القاهرة. ° معجم المدلسين، إعداد محمد بن طلعت، دار أضواء السلف، الرياض، ط 1، 1426 هـ. ° المعجم المصنف لمؤلفات الحديث الشريف، تأليف محمد خير رمضان، مكتبة الرشد، الرياض، ط 1، 1423 هـ.

° المعجم المفهرس أو تجريد أسانيد الكتب المشهورة الأجزاء المنثورة، لابن حجر العسقلاني. تحقيق: محمد شكور المياديني. مؤسسة الرسالة، بيروت. ط 1، 1418 هـ. ° المعجم الوسيط. قام بإخراجه: إبراهيم مصطفى، وآخرون، دار الدعوة، اسطنبول. ° معجم علوم القرآن. تأليف: إبراهيم الجرمي. دار القلم، دمشق. ط 1، 1422 هـ. ° المعجم لابن المقرىء. تحقيق: عادل بن سعد، مكتبة الرشد، الرياض، ط 1، 1419 هـ. ° معجم مقاييس اللغة. تأليف: أبي الحسين أحمد بن فارس، تحقيق وضبط: عبد السلام محمد هارون، دار الجيل، بيروت. ° معرفة الثقات. تأليف: أبي الحسن محمد بن عبد الله العجلي الكوفي، دراسة وتحقيق، عبد العليم البستوي، مكتبة الدار، المدينة المنورة، ط 1، 1405 هـ. ° معرفة الرواة المتكلم فيهم بما لا يوجب الرد، للحفاظ الذهبي، حققه: إبراهيم إدريس، دار المعرفة، بيروت، ط 1، 1406 هـ. ° معرفة الرواة المكثرين، وأثبت أصحابهم، تأليف: فهد العمار. مكتبة الرشد، الرياض. ط 1، 1424 هـ. ° معرفة الصحابة لأبي نعيم الأصبهاني. تحقيق: عادل العزازي. دار الوطن، الرياض. ط 1، 1419 هـ. ° المغني عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار، للحافظ زين الدين العراقي. اعتنى به: أشرف بن عبد المقصود، دار طبرية، الرياض، ط 1، 1415 هـ. ° المغني في الضعفاء. للحافظ الذهبي. تحقيق: نور الدين عتر. ° المغني. تأليف: ابن قدامة المقدسي، تحقيق: د. عبد الله بن عبد المحسن التركي، د. عبد الفتاح محمد الحلو، مكتبة هجر، القاهرة، ط 1، 1406 هـ. ° مفردات ألفاظ القرآن. تأليف: الراغب الأصفهاني، تحقيق: صفوان عدنان داودي، دار القلم، دمشق، ط 1، 1412 هـ. ° المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم. تأليف: الإمام الحافظ أبي العباس أحمد بن عمر القرطبي، حققه وعلقه عليه وقدم له: مجموعة من الباحثين، دار ابن كثير، بيروت، ط 1، 1417 هـ. ° مفهوم التفسير والتأويل والاستنباط والتدبر والمفسر، د مساعد الطيار، دار ابن الجوزي، الدمام، ط1، 1423 هـ. ° المقارنة بين منهجي الإمامبن ابن جرير وابن كثير في التفسير. تأليف: محمد مختار آل نوح. دار ماجد عسيري، جدة. ط 1، 1423 هـ.

° المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة. تأليف: الإمام شمس الدين السخاوي، صححه وعلق حواشيه: عبد الله محمد الصديق، دار الكتب العلمية، بيروت ط 1، 1407 هـ. ° مقالات في علوم القرآن وأصول التفسير، د. مساعد الطيار، دار المحدث، الرياض، ط 1، 1425 هـ. ° المقدمات الأساسية في علوم القرآن، تأليف: عبد الله الجديع، مؤسسة الريان، بيروت، ط 1، 1422 هـ. ° مقدمة في تفسير الرسول -صلى الله عليه وسلم- للقرآن الكريم. تأليف: محمد العفيفي. دار ذات السلاسل، الكويت. 1406 هـ. ° المقنع في علوم الحديث. تأليف: الحافظ سراج الدين ابن الملقن، تحقيق ودراسة: عبد الله بن يوسف الجديع، دار فواز للنشر، الأحساء، ط 1، 1413 هـ. ° المنار المنيف في الصحيح والضعيف، للإمام ابن القيم. حققه وعلق عليه: عبد الفتاح أبو غدة. مكتب المطبوعات الإسلامية، حلب. ط 2، 1403 هـ. ° المنتخب من علل الخلال للموفق ابن قدامة المقدسي. تحقيق: طارق بن عوض الله. دار الراية، الرياض. ط 1، 1419 هـ. ° المنتخب من مسند عبد بن حميد. تحقيق: مصطفى العدوي، دار بلنسية، ط 2، 1423 هـ. ° المنتقي شرح موطأ إمام دار الهجرة مالك بن أنس -رضي الله عنه-. تأليف: القاضي أبي الوليد سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب بن وارث الباجي الأندلسي، مكتبة الأندلس، بجدة. ° منهج النقد في علوم الحديث. تأليف: د نور الدين عتر، دار الفكر، دمشق، ط 3، 1412 هـ. ° موارد الحافظ ابن كثير في تفسيره. تأليف: د. سعود الفنيسان، مكتبة التوبة، الرياض. ط 1، 1427 هـ. ° الموازنة بين المتقدمين والمتأخرين في تصحيح الأحاديث وتعليلها. تأليف: د. حمزة عبد الله المليباري، دار ابن حزم، بيروت، ط 1، 1416 هـ. ° الموافقات في أصول الشريعة. تأليف: أبي إسحاق الشاطبي، شرحه وخرج أحاديثه: الشيخ: عبد الله دراز، دار الكتب العلمية، بيروت. ° موسوعة أطراف الحديث النبوية الشريف. إعداد خادم السنة: محمد السعيد زغلول، دار الفكر، بيروت، ط 1، 1410 هـ. ° موسوعة الإمام ابن أبي الدنيا، المكتبة العصرية، بيروت، ط 1، 1426 هـ. ° الموسوعة الفقهية من إصدارات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت. دار ذات السلاسل، الكويت، ط 2، 1407 هـ.

° موضح أوهام الجمع والتفريق. تأليف: الحافظ الخطيب البغدادي، تحقيق: د. عبد المعطي أمين قلعجي، دار المعرفة، بيروت، ط 1، 1407 هـ. ° الموطأ. تأليف: الإمام مالك بن أنس، صححه ورقمه وخرج أحاديثه وعلق عليه: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1406 هـ. ° الموقظة في علم مصطلح الحديث. تأليف: الإمام الحافظ شمس الدين الذهبي، اعتنى به: عبد الفتاح أبو غدة، مكتب المطبوعات الإسلامية، حلب، ط 2، 1412 هـ. ° الموقظة في علم مصطلح الحديث، للحافظ الدهبي، اعتنى به: عبد الفتاح أبو غدة، مكتب المطبوعات الإسلامية، حلب، ط 2، 1412 هـ. ° ميزان الاعتدال في نقد الرجال. تأليف: أبي عبد الله محمد بن أحمد الذهبي، تحقيق: علي محمد البجاوي، دار المعرفة، بيروت، ط 1، 1382 هـ. ° ناسخ الحديث ومنسوخه، لأبي بكر الأثرم، تحقيق: عبد الله المنصور، ط 1، 1420 هـ. ° نتائج الأفكار في تخربج أحاديث الأذكار. تأليف: الحافظ بن حجر العسقلاني، حققه: حمدي عبد المجيد السلفي، مكتبة ابن تيمية، القاهرة. ° نزهة المتقين شرح رياض الصالحين. تأليف: مجموعة من العلماء، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط 14، 1407 هـ. ° نصب الراية لأحاديث الهداية. تأليف: الإمام الحافظ جمال الدين الزيلعي الحنفي، دار الحديث، القاهرة. ° نظرات جديدة في علوم الحديث. تأليف: د. حمزة عبد الله المليباري، دار ابن حزم، بيروت ط 1، 1416 هـ. ° نظم الدرر في تناسب الآيات والسور لبرهان الديني البقاعي. دار الكتاب الإسلامي، القاهرة، ط 2، 1413 هـ. ° نظم المتناثر من الحديث المتواتر، لأبي عبد الله الكتاني. دار الكتب العلمية، بيروت. ط 2، 1407 هـ. ° النفح الشذي في شرح جامع الترمذي. تأليف: ابن سيد الناس، دارسة وتحقيق: د. أحمد معبد عبد الكريم، دار العاصمة، الرياض، ط 1، 1409 هـ. ° النكت على ابن الصلاح. تأليف: الحافظ ابن حجر العسقلاني، تحقيق ودراسة: ربيع بن هادي عمير، دار الراية، الرياض، ط 2، 1408 هـ.

الدوريات

° النكت على نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر. بقلم: علي حسن علي عبد الحميد الحلبي، دار ابن الجوزي، الدمام، ط 1، 1413 هـ. ° النكت والعيون للماوردي. راجعه: السيد عبد المقصود عبد الرحيم. مكتبة المؤيد، الرياض. ط 1، 1412 هـ. ° النهاية في غريب الحديث والأثر. تأليف: الإمام مجد الدين أبي السعدات ابن الأثير الجزري، تحقيق: محمود الطناحي وطاهر الزاوي، نشر أنصار السنة المحمدية، لاهور. ° نوادر الأصول في أحاديث الرسول للحكيم الترمذي. تحقيق: د. عبدالرحمن عميرة. دار الجيل، بيروت. ط 1، 1412 هـ. ° نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار. تأليف: الحافظ الشوكاني، حققه: طه عبد الرؤوف سعد، ومصطفى محمد الهواري، مكتبة الكليات الأزهرية. ° هدي الساري مقدمة فتح الباري. تأليف: الحافظ ابن حجر العسقلاني، دار الريان، القاهرة، ط 2، 1409 هـ. ° الوسيط في تفسير القرآن المجيد، للإمام أبي الحسن الواحدي. دار الكتب العلمية، بيروت. ط 1، 1415 هـ. ° الوهم في روايات مختلفي الأمصار. تأليف: د. عبد الكريم الوريكات، أضواء السلف، الرياض، ط 1، 1420 هـ. الدوريات: ° مجلة البحوث والدراسات القرآنية الصادرة عن مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف. العدد الأول، محرم 1427 هـ. ° مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية. (مجموعة أعداد متفرقة). ° مجلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. (مجموعة أعداد متفرقة). ° مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الكويت. العدد 27 عام 1416 هـ. مواقع الإنترنت: ° شبكة التفسير والدراسات القرآنية www.tafsir.net ° ملتقى أهل الحديث www.ahlalhdeeth.com

§1/1