التعريف بالإسلام

مجموعة من المؤلفين

مركز قطر للتعريف بالإسلام

مركز قطر للتعريف بالإسلام

مقدمة الناشر

مقدمة الناشر (على الموسوعة الشاملة) بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد المُرسل رحمة للعالمين وبعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: منذ فترة طويلة وانا محتفظ بمشروع مركز قطر للتعريف بالإسلام وعندما طالعته أعجبت به كثيراً وحينها كنت قررت نشره على موقع شباب الهدى وتم ذلك وكان ملفا قيما لقي اقبالا جيدا من زوار الموقع.. وعندما تعرض الموقع لمشاكل في تلك الفترة صعب عليّ اعادة كثير من الملفات منها مشروع قطر للتعريف بالإسلام.. وها هو اليوم بفضل الله يعود من جديد (وليس لي جهد في شيء منه إلا المساعدة قدر الإمكان بنشره) وهذه المرة باستخدام الموسوعة الشاملة حتى تصل لقدر كبير من المخلصين والمهتمين. وفي الأخير أطلب منكم الدعاء لي ولأمي وأبي وجدتي وأهلي جميعا ولسائر المسلمين وقد قيل: لا يحق لكم ان تستفيدوا منا ثم لا تترحموا علينا وجزى الله القائمين على هذا المشروع خيرا محبكم في الله: إلياس شرادي موقع شباب الهدى الإسلامي www.s-elhoda.com الجزائر المنورة ـ العاصمة ـ ليلة الثامن من رمضان 1431.

القرآن الكريم

القرآن الكريم

تعريف القرآن الكريم

تعريف القرآن الكريم

تعريف القرآن

تعريف القرآن القرآن لغة: القرآن في الأصل مصدر على وزن فُعلان (بالضم) ، كالغُفران والشُكران، تقول: قرأته قرءًا وقراءة وقرآنًا بمعنى واحد، أي تلوته تلاوة، وقد جاء القرآن بهذا المعنى المصدري في قوله تعالى: (إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه) (القيامة: 18) أي قراءته. والقراءة: ضم الحروف والكلمات بعضها إلى بعض في الترتيل، كما أن الكتابة ضم الألفاظ بعضها إلى بعض في الخط، ثم صار القرآن علمًا لذلك الكتاب الكريم. القرآن اصطلاحًا: هو كلام الله المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، المتعَبَّد بتلاوته، المنقول بالتواتر، المكتوب في المصاحف، من أول سورة (الفاتحة) إلى آخر سورة (الناس) .

أسماء القرآن

.أسماء القرآن للقرآن الكريم أسماء كثيرة، أشهرها: (القرآن) (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم) (الإسراء: 9) . (الكتاب) وهو مصدر كتب، بمعنى الجمع والضم، فبالنظر إلى أنه مقروء فهو القرآن، وبالنظر إلى أنه مكتوب فهو الكتاب، قال تعالى: (ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين) (النحل: 89) . (الفرقان) لأنه فارق بين الحق والباطل، قال تعالى: (تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرًا) (الفرقان: 1) . (التنزيل) وهو مصدر أريد به المنزّل، لنزوله من عند الله تعالى: (وإنه لتنزيل رب العالمين) (الشعراء: 192) . (الذكر) سمي به القرآن لاشتماله على المواعظ والزواجر، وقيل لاشتماله على أخبار الأنبياء والأمم الماضية، وقيل من الذكر بمعنى الشرف. قال تعالى: (وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون) (الزخرف: 44) ، أي شرف لكم لأنه نزل بلغتكم، وقال تعالى: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) (الحجر: 9) . والأسماء الأربعة الأخيرة هي أشهر الأسماء بعد لفظ (القرآن) ، وقد صارت أعلامًا بالغلبة على القرآن في لسان أهل الشرع وعُرفهم.

حفظ القرآن من التحريف

حفظ القرآن من التحريف يقول الشيخ محمد عبد الله دراز -في سياق تعريفه للقرآن-: (روعي في تسميته قرآنا كونه متلوًا بالألسن، كماروعي في تسميته كتابًا كونه مدونًا بالأقلام، فكلتا التسميتين من تسمية الشيء بالمعنى الواقع عليه، وفي تسميته بهذين الاسمين إشارة إلى أن من حقه العناية بحفظه في موضعين، لا في موضع واحد، أعني أنه يجب حفظه في الصدور والسطور جميعًا، فلا ثقة لنا بحفظ حافظ حتى يوافق الرسم المجمع عليه من الأصحاب، المنقول إلينا جيلاً بعد جيل، على هيئته التي وُضع عليها أول مرة. ولا ثقة لنا بكتابة كاتب حتى يوافق ما هو عند الحفاظ بالإسناد الصحيح المتواتر، وبهذه العناية المزدوجة التي بعثها الله في نفوس الأمة المحمدية اقتداءً بنبيها صلى الله عليه وسلم بقي القرآن محفوظا في حرز حريز، إنجازًا لوعد الله الذي تكفل بحفظه، حيث يقول: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) (الحجر: 9) ، ولم يصبه ما أصاب الكتب الماضية من التحريف والتبديل وانقطاع السند، حيث لم يتكفل الله بحفظها، بل وكلها إلى حفظ الناس، فقال تعالى: (والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله) (المائدة: 44) ، أي بما طلب إليهم حفظه. والسر في هذه التفرقة أن سائر الكتب السماوية جيء بها على التوقيت لا على التأبيد، وأن هذا القرآن جيء به مصدقًا لما بين يديه من الكتب ومهيمنًا عليها، فكان جامعًا لما فيها من الحقائق الثابتة، زائدًا عليها بما شاء الله زيادته، وكان سادًّا مسدها، ولم يكن شيء منها ليسدَّ مسدَّه، فقضى الله أن يبقى حجة إلى قيام الساعة، وإذا قضى الله أمرًا يسر له أسبابه، وهو الحكيم العليم) .

آداب تلاوة القرآن الكريم

آداب تلاوة القرآن الكريم · يجب على من يقرأ القرآن وهو ممسك بالمصحف بدون حائل أن يكون طاهرًا من الحدثين الأكبر والأصغر. · يستحب الوضوء لقراءة القرآن عن ظهر قلب، وبدون مس المصحف، فإن قرأ محدثًا جاز بالإجماع. · الجنب والحائض تحرم عليهما القراءة إلا بعد الطهارة، ويجوز لهما النظر في المصحف دون مسه، وإمرار القرآن على القلب. · يستحب للقارئ أن ينظف فاه بالسواك وغيره تعظيمًا وتطهيرًا. · يسن التعوذ قبل القراءة وصيغتها المختارة (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) . · يسن المحافظة على قراءة البسملة في أول كل سورة، إلا سورة التوبة فلا بسملة فيها. · يستحب أن تكون القراءة في مكان نظيف مختار، وأفضله المسجد. · يستحب للقارئ في غير الصلاة أن يستقبل القبلة، ويجلس خاشعًا بسكينة ووقار. · يسن الترتيل في قراءة القرآن، لقوله تعالى: (ورتل القرآن ترتيلا) (المزمل: 4) . · يسن تحسين الصوت بالقراءة وتزيينها، لحديث ابن حبان وغيره: (زينوا القرآن بأصواتكم) . · تسن القراءة بالتدبر والتفهم فهو المقصود الأعظم، والمطلوب الأهم وبه تنشرح الصدور. · يستحب البكاء عند قراءة القرآن والتباكي لمن لم يقدر عليه. · يستحب إذا مر بآية رحمة أن يسأل الله من فضله، وإذا مر بآية عذاب أن يستعيذ بالله من النار، وإذا مر بآية تنزيه أن ينزه الله، فيقول: سبحان الله، أو تبارك الله أو جلت عظمته. · القراءة من المصحف أفضل من القراءة عن ظهر قلب، لأن النظر في المصحف عبادة مطلوبة. · يكره قطع القراءة بالكلام (إلا لضرورة) ، لأن كلام الله لا ينبغي أن يدخل عليه كلام غيره، ويكره أيضًا الضحك والعبث والنظر إلى ما يلهي. · يسن السجود عند مواضع سجود التلاوة، مع قصر الفصل بين السجود وسببه. · ينبغي للقارئ أن يقرأ حسب ترتيب المصحف فإن خالفه جاز له ذلك.

المراجع

· المراجع: التبيان في آداب حملة القرآن، للنووي. الإتقان في علوم القرآن، للسيوطي. التحبير في علم التفسير، للسيوطي.

منزلة القرآن الكريم

منزلة القرآن الكريم القرآن الكريم مصدق للكتب السابقة ومهيمن عليها، فيقر ما فيها من حق وصدق فهي من عند الله تعالى ويكشف ما فيها من زيغ وتحريف وتبديل من البشر. القرآن الكريم رسالة الله تعالى إلى الإنسانية كافة (تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرًا) (الفرقان: 1) . القرآن الكريم هداية الخالق لإصلاح الخلق وشريعة السماء لأهل الأرض (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم) (الإسراء) . القرآن الكريم هو التشريع العام الخالد الذي تكفل بجميع ما يحتاج إليه البشر في أمور دينهم ودنياهم (ما فرطنا في الكتاب من شيء) (الأنعام: 38) ، (ونزلنا عليك الكتاب تبيانًا لكل شيء) (النحل: 89) . القرآن الكريم هو الذي صلحت به الدنيا -ولن تصلح إلا به- وحول مجرى التاريخ وأقام أمة كانت مضرب الأمثال في الإيمان والإخاء والعدل والوفاء وفي كل شيء. هو الكتاب الذي لا تفنى ذخائره، ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا يزداد على التكرار إلا حلاوة وطلاوة. إن كتابًا هذا بعض شأنه لجدير أن يضعه الإنسان بين عينيه، ويجعله أنيسه في خلوته، ورفيقه في سفره، وصديقه الصدوق في يسره وعسره، ومستشاره الأمين في أمور دينه ودنياه، وحجته البالغة في حياته وأخراه.

فضل تلاوة القرآن الكريم

فضل تلاوة القرآن الكريم · قال الله تعالى: (إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرًا وعلانية يرجون تجارة لن تبور ليوفهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور) (فاطر: 29-30) . · عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه) (رواه مسلم) . · وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول (الم) حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف) (رواه الترمذي وقال حسن صحيح) . · وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها) (رواه أبو داود والنسائي والترمذي وقال: حسن صحيح) . · وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران) (رواه البخاري ومسلم) .

خصائص القرآن الكريم

خصائص القرآن الكريم

خصائص تتعلق بفضله وشرفه ومكانته

خصائص تتعلق بفضله وشرفه ومكانته للقرآن الكريم خصائص كثيرة منها: 1- فضله: لا يخفى فضل القرآن عند من لديه أدنى علم شرعي، ذلكم أن القرآن الكريم (كلية الشريعة، وعمدة الملة، وينبوع الحكمة، وآية الرسالة، ونور الأبصار والبصائر، فلا طريق إلى الله سواه، ولا نجاة بغيره، ولا تمسك بشيء يخالفه) . هو كلام الله العظيم، وصراطه المستقيم، ودستوره القويم، ناط به كل سعادة، وهو رسالة الله الخالدة، ومعجزته الدائمة، ورحمته الواسعة، وحكمته البالغة، ونعمته السابغة. هو حجة الرسول صلى الله عليه وسلم الدامغة، وآيته الكبرى، شاهدة برسالته وناطقة بنبوته. هو كتاب الإسلام في عقائده وعباداته، وحكمه وأحكامه، وآدابه، وأخلاقه، وقصصه ومواعظه وأخباره. هو أساس رسالة التوحيد، والمصدر القويم للتشريع، ومنهل الحكمة والهداية والرحمة المسداة للناس، والنور المبين للأمة، والمحجة البيضاء التي لا يزيغ عنها إلا هالك. 2- شفاعته لأهله: ومن خصائص القرآن الكريم أنه يشفع لأهله يوم القيامة، ومن الأدلة على ذلك حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: (اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه) رواه مسلم. 3- أنه شفاء: قال تعالىٍ: (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين) (الإسراء: 82) ، وقال سبحانه: (قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء) (فصلت: 44) ، وقال عز وجل: (قد جاءكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور) (يونس 57) . وتدبر وصف الله للقرآن بأنه شفاء ولم يصفه بأنه دواء، لأن الشفاء هو ثمرة الدواء والهدف منه، أما الدواء فقد يفيد وقد يضر، فكان وصف القرآن بأنه شفاء تأكيد لثمرة التداوي به والقرآن شفاء للأمراض النفسية، وما أحوج مجتمعاتنا المعاصرة إلى التداوي بالقرآن لهذا الداء الوبيل، في عالم تتنازعه الأهواء المادية والشهوات الجسدية والملذات الدنيوية، لكن ينبغي أن نعلم أن الاستشفاء بالقرآن يستدعي كمال اليقين، وقوة الاعتقاد وسلامته.

خصائص عامة

خصائص عامة وهي كذلك خصائص كثيرة عديدة، منها: 1- تعهد الله بحفظه: قال تعالى: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) (الحجر: 9) . وقد مرت بالقرآن أحداث عظيمة وأهوال جسيمة وعوامل خطيرة، وتكالب عليه الأعداء وتداعت عليه الأمم، ولو مر بعض ذلك على غير القرآن لأصابه ما أصاب الكتب السابقة من التحريف والتغيير والتبديل. أما القرآن فقد مر بهذه الأحوال المتماوجة والداوعي المتكالبة ولم تنل منه بغيتها، بل وصل إلينا كما أنزل الله لم يتبدل ولم يتغير، ليتم الله نوره ولو كره الكافرون. أما الكتب السابقة فلم يتعهد الله بحفظها، بل أوكل أمر حفظها إلى أهلها، فقال تعالى: (إنا أنزلنا التوارة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء) (المادة: 44) . 2- حفظه في الصدور: من أشرف خصائص القرآن الكريم أن الله سبحانه وتعالى كلف الأمة بحفظه كله، حيث يحفظه عدد كثير يثبت به التواتر، وإلا أثمت الأمة كلها، وليس هذا لكتاب غير القرآن. فالتوارة والإنجيل ترك لأهلهما أمر الحفظ، فاكتفوا بالقراءة دون الحفظ، إلا قلة لا تكاد تذكر، ولم تتوافر الدواعي لحفظهما كما توافرت لحفظ القرآن الكريم، فلم يكن لهما ثبوت قطعي كما هو للقرآن، فسهل تحريفهما وتبديلهما. 3- اتصال السند: من المعلوم أن أغلب الذين يتعلمون تلاوة القرآن إنما يتعلمون عن طريق السماع، ولا يكتفون بتعلمه من المصاحف وحدها، ونعلم أن أساتذتهم تلقوه أيضاً بالسماع عن طريق مشايخهم، وهكذا لا تنقطع هذه الطريقة، إلى أن تصل طبقة التابعين ثم الصحابة ثم الرسول صلى الله عليه وسلم.وبهذا يكون سند القرآن في كل عصر وفي كل حين متصلاً برسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس هذا لكتاب غير القرآن الكريم، فقد شرف الله هذه الأمة باتصال سندها برسولها صلى الله عليه وسلم.

المراجع

(من كتاب دراسات في علوم القرآن الكريم، للدكتور فهد الرومي)

فضل تلاوة القرآن الكريم واستماعه والاجتماع لمدارسته

فضل تلاوة القرآن الكريم · قال الله تعالى: (إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرًا وعلانية يرجون تجارة لن تبور ليوفهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور) (فاطر: 29-30) . · عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه) (رواه مسلم) . · وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول (الم) حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف) (رواه الترمذي وقال حسن صحيح) . · وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها) (رواه أبو داود والنسائي والترمذي وقال: حسن صحيح) . · وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران) (رواه البخاري ومسلم) .

نزول القرآن الكريم

نزول القرآن الكريم

النزول الأول والثاني للقرآن

النزول الأول والثاني للقرآن للقرآن الكريم نزولان: النزول الأول: من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا جملةً واحدة، وهذا النزول كان في رمضان في الليلة المباركة: ليلة القدر. قال تعالى (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان) (سورة البقرة: 185) . وقال تعالى: (إنا أنزلناه في ليلة القدر) (القدر:1) والإنزال أكثر ما يرد في لسان العرب فيما نزل جملة واحدة، بخلاف التنزيل فإنه يعبر به في جانب ما نزل مفرقاً. النزول الثاني للقران الكريم: من بيت العزة في السماء الدنيا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، مفرقاً على حسب الوقائع والأحداث، بواسطة أمين الوحي جبريل عليه السلام.

الحكمة من نزول القران منجما (مفرقا)

الحكمة من نزول القران منجما (مفرقا) الحكمة الأولى: تثبيت فؤاد النبي صلى الله عليه وسلم وتقوية قلبه، وذلك من وجوه: 1. تجدد الوحي وتكرار نزول الملك من الله إلى رسوله صلى الله عليه وسلم فيه سرور يملأ قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم وغبطة تشرح صدره. 2. التنجيم تيسير عليه من الله تعالى في حفظه وفهمه، ومعرفة أحكامه وحكمه. 3. في كل نزول معجزة جديدة يتحدى بها المخالفين، وفي هذا تأييد من الله للرسول صلى الله عليه وسلم. 4. تعهّد الله لرسوله صلى الله عليه وسلم عند اشتداد الخصام بينه وبين أعدائه بما يهون عليه، حتى لا يبالي بالمخالفين ولا يحزن ولا يضيق صدره. الحكمة الثانية: التدرج في تربية الأمة الناشئة علماً وعملاً، أو بما يسمى التدرج في التشريع، ويدخل في هذه الحكمة أمور: 1. تيسير حفظ القرآن على الأمة. 2. تسهيل فهمه عليهم. 3. التمهيد لكمال تخليهم عن الباطل والعقائد الفاسدة (فالتخلي قبل التحلي) 4. التمهيد لكمال تحليهم بالعقائد الحقة، والعبادات الصحيحة، والأخلاق الفاضلة. 5. تثبيت قلوب المؤمنين وتسليحهم بعزيمة الصبر واليقين. الحكمة الثالثة: مسايرة الحوادث والطوارئ في تجددها وتفرقها، فكلما جد جديد نزل من القرآن ما يناسبه وفصل لهم من الأحكام ما يوافقه، ويدخل في هذه أربعة أمور. 1) إجابة السائلين عن أسئلتهم عندما يوجهونها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم. 2) مجاراة الأقضية والوقائع في حينها ببيان حكم الله فيها. 3) لفت أنظار المسلمين إلى تصحيح الأخطاء التي يقعون فيها. 4) كشف حال أعداء الله من المنافقين وغيرهم. الحكمة الرابعة: الإرشاد إلى مصدر القرآن الكريم، وأنه كلام رب العاملين وحده، وأنه لا يمكن أن يكون من كلام البشر، وبيان ذلك أن القرآن الكريم تقرأه من أوله إلى آخره فإذا هو محكم السرد، دقيق السبك متين الأسلوب، آخذ بعضه برقاب بعض، في سوره وآياته وجمله. كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يتلقى القرآن؟ كان النبي الله صلى الله عليه وسلم يتلقى القرآن من جبريل عليه السلام على حالتين: الحالة الأولى: أن ينسلخ الرسول صلى الله عليه وسلم من حالته البشرية العادية إلى حالة أخرى، يحصل له بها استعداد لتقلي الوحي من جبريل عليه السلام وهو على حالته الملكية، وفي هذه الحالة يأتيه الوحي مثل صلصلة الجرس. وهو صوت قوي يثير عوامل الانتباه فتتهيأ النفس بكل قواها لقبول أثره. وهذه الحالة أشد حالات الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم. الحالة الثانية: أن يتمثل له الملك رجلاً ويأتيه في صورة بشر، فيأخذ عنه الرسول صلى الله عليه وسلم ويسمع منه.

أقسام الوحي الشرعي (وحي الله إلى أنبيائه)

أقسام الوحي الشرعي (وحي الله إلى أنبيائه) 1. تكليم الله نبيه بما يريد، إما في اليقظة كما حدث لموسى عليه وسلم السلام قال تعالى (وكلم الله موسى تكليماً) (النساء 164) ، وإما في المنام، كما في الحديث الذي رواه الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أتاني ربي في أحسن صورة) . 2. الإلهام أو القذف في القلب، بأن يلقي الله أو الملك الموكل بالوحي في قلب النبي مايريد مع تيقنه أن ما ألقي إليه من قبل الله تعالى. ومن هذا القبيل حديث (إن روح القدس نفث في روعي: لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب) رواه الحاكم عن ابن مسعود رضي الله عنه. 3. الرؤيا في المنام: ورؤيا الأنبياء وحي من الله تعالى، مثل رؤيا إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام أنه يذبح ابنه، ورؤيا الرسول صلى الله عليه وسلم أنهم سيدخلون المسجد الحرام، وقد كان. روى البخاري عن عائشة رضى الله عنها قالت: أول ما بدئ به صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح. 4. تعليم الله أنبيائه بواسطة جبريل عليه السلام، قال تعالى: (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولاً فيوحي بإذنه ما يشاء إنه علي حكيم) (الشورى 51) . المراجع: 1- الإتقان في علوم القرآن للإمام السيوطي. 2- البرهان في علوم القرآن للإمام الزركشي. 3- المدخل لدراسة القرآن الكريم، للدكتور محمد أبو شهبة.

المكي والمدني

المكي والمدني معرفة المكي والمدني من المباحث المهمة التي يحتاج إليها المفسر لكتاب الله تعالى ومن نصب نفسه للفتيا والقضاء، كي يتوصل إلى الحق والصواب. المكي: ما نزل قبل الهجرة وإن كان نزوله بغير مكة. المدني: ما نزل بعد الهجرة وإن كان نزوله بغير المدينة.

فوائد العلم بالمكي والمدني

فوائد العلم بالمكي والمدني 1. يعرف به الناسخ من المنسوخ في المواضع التي يرد فيها النسخ في القرآن الكريم. 2. يعين على معرفة تاريخ التشريع وتدرجه الحكيم بوجه عام، وذلك يترتب عليه الإيمان بسمو السياسة الإسلامية في تربية الشعوب والأفراد، وتقديم الأصول على الفروع وغير ذلك. 3. الثقة بهذا القرآن بوصوله إلينا سالماً من التغيير والتحريف، ويدل على ذلك اهتمام المسلمين به حتى إنهم ليعرفون ويتناقلون ما نزل قبل الهجرة وما نزل بعدها.

الضوابط التي يعرف بها المكي والمدني

الضوابط التي يعرف بها المكي والمدني لمعرفة المكي والمدني طريقان: 1. سماعي: النقل الصحيح عن الصحابة أو التابعين بأن سورة كذا أو آية كذا نزلت قبل الهجرة أو بعدها. 2. قياسي: ضوابط كلية لمعرفة كل منهما، ومبناها على التتبع والاستقراء المبني على الغالب والكثير. من ضوابط القرآن المكي: 1. كل سورة فيها يا أيها الناس، وليس فيها يا أيها الذين آمنوا، وهذا محمول على الغالب 2. كل سورة أولها حروف التهجي سوى البقرة وآل عمران، فإنهما مدنيتان بالإجماع، وفي سورة الرعد خلاف. 3. كل سورة فيها ذكر قصة آدم وإبليس سوى سورة البقرة 4. كل سورة فيها ذكر القرون الماضية. 5. كل سورة فيها سجدة، سوى الحج ففيها خلاف. من ضوابط القرآن المدني: 1. كل سورة فيها ذكر الحدود والفرائض. 2. كل سورة فيها ذكر المنافقين وأحوالهم، سوى سورة العنكبوت.

مميزات القرآن المكي

مميزات القرآن المكي 1. الدعوة إلى أصول الإيمان من الإيمان بالله واليوم الآخر، وما فيه من البعث والحشر والجزاء، والإيمان بالرسالة، وإقامة الأدلة العقلية والكونية والنفسية على ذلك. 2. محاجة المشركين ومجادلتهم، وإقامة الحجة عليهم في بطلان عبادتهم. 3. الدعوة إلى أصول التشريعات العامة، والآداب والفضائل الثابتة التي لا تتغير، كحفظ الدين والنفس والمال والعقل والنسل (الكليات الخمس) . 4. ذكر قصص الأنبياء السابقين مع أممهم ليكون في ذلك عبرة وعظة لأولي الألباب، ولبيان أن دعوة الرسل واحدة وأنهم جميعاً جاؤوا بالتوحيد. 5. قصر أكثر آياته وسوره. 6. النهي عن العادات القبيحة عند العرب قبل البعثة، كالقتل ووأد البنات وأكل مال اليتيم وغير ذلك.

مميزات القرآن المدني

مميزات القرآن المدني 1. التحدث عن دقائق التشريع وتفاصيل الأحكام العملية في العبادات والمعاملات وغيرها. 2. محاجة أهل الكتاب ودعوتهم إلى الإسلام، ومناقشتهم في عقائدهم الباطلة، وبيان جنايتهم على الحق وتحريفهم لكتب الله المنزلة. 3. بيان ضلال المنافقين، وإظهار فضائحهم والكشف عن خبيئة نفوسهم، وإظهار ما بهم من سوء الطباع من الجبن والهلع وغيرها. 4. بيان قواعد التشريع الخاصة بالجهاد، وحكمة تشريعه والأحكام المتعلقة به. 5. طول أكثر آياته وسوره، لاشتمالها على الأحكام.

المراجع

المراجع: · الإتقان في علوم القرآن للإمام السيوطي. · البرهان في علوم القرآن للإمام الزركشي. · مناهل العرفان للشيخ الزرقاني. · المدخل لدراسة القرآن الكريم للدكتور محمد أبو شهبة.

جمع القرآن وترتيبه

جمع القرآن وترتيبه

مقدمة

مقدمة جمع القرآن يطلق تارة ويراد به حفظه وتقييده في الصدور، ويطلق تارة ويراد به كتابته في الصحف والسطور، وجمع القرآن بهذا المعنى الثاني مر بمراحل ثلاث: 1. جمعه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم. 2. جمعه في عهد الخليفة الأول أبي بكر الصديق رضي الله عنه. 3. جمعه في عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه.

جمع القرآن بمعنى حفظه في الصدور

جمع القرآن بمعنى حفظه في الصدور كان النبي صلى الله عليه وسلم ينزل عليه القرآن فيقرؤه على صاحبته على تؤدة وتهمل كي يحفظوا لفظه ويفقهوا معناه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم شديد العناية بحفظ القرآن وتلقيه، حتى بلغ من شدة عنايته به وحرصه عليه أنه كان يستعجل حفظ القرآن خشية أن تفلت منه كلمة أو يضيع منه حرف، ومازال كذلك حتى طمأنه الله ووعده أن يحفظه له في صدره، قال الله تعالى: (لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه) سورة القيامة (16-19) . وكان من عوامل حفظ القرآن وتثبيته في قلب النبي صلى الله عليه وسلم معارضته جبريل عليه السلام بالقرآن في رمضان من كل عام، حتى كان العام الذي توفي فيه الرسول صلى الله عليه وسلم فعارضه مرتين.أما الصحابة رضوان الله عليهم، فقد كان كتاب الله في المحل الأول من عنايتهم، يتنافسون في استظهاره وحفظه ويتسابقون إلى مدارسته وتفهمه، ويتفاضلون بينهم على مقدار ما يحفظون منه. وكانوا يهجرون لذة النوم ايثاراً للذة القيام به في الليل، والتلاوة له في الأسحار، والصلاة به والناس نيام، ومن هنا كان حفاظ القرآن في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم جماً غفيراً، وهذا هو المعول عليه في كتاب الله عز وجل، الحفظ في الصدور، حفظه الرسول صلى الله عليه وسلم وحفظه الصحابة رضوان الله عليهم، ثم حفظه من بعدهم. يقول ابن الجزري رحمه الله: الاعتماد في نقل القرآن على حفظ القلوب والصدور، لاعلى خط المصاحف والكتب. وهذه أشرف خصيصة من الله تعالى لهذه الأمة. وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم أتم حفظ القرآن الألوف من الصحابة، وبحسبك أن تعلم أن من قتل من القراء في موقعة اليمامة كانوا سبعمائة على ما قيل وعن الصحابة حفظه الألوف من التابعين، وهكذا تلقته طبقة عن طبقة بالحفظ والعناية والصيانة حتى وصل إلينا القرآن الكريم من غير زيادة ولا نقصان، ولا تحريف ولا تبديل، فكان تصديقاً لقول الله تعالى: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) الحجر (9) .

مراحل جمع القرآن وكتابته

مراحل جمع القرآن وكتابته 1- جمع القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم: لم يكتف النبي صلى الله عليه وسلم بحفظ القرآن وإقرائه لأصحابه وحفظهم له، بل جمع إلى ذلك كتابته وتقييده في السطور، وكان للنبي صلى الله عليه وسلم كتّاب يكتبون الوحي من الصحابة، فكان إذا نزل، على النبي صلى الله وسلم شيء دعى بعض من يكتب فيأمره بكتابة ما نزل، ويرشده إلى موضعه على حسب ما كان يرشده إليه أمين الوحي جبريل عليه السلام. ولم تكن أدوات الكتابة ميسرة في ذلك الوقت، فلذلك كانوا يكتبونه على حسب ما تيسر لهم في الرقاع والعسب (جريد النخيل) والأكتاف (العظام) وغير ذلك. وقد كان القرآن كله مكتوباً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وإن كان مفرقاً. السبب الباعث على كتابة القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أ?. معاضدة المكتوب للمحفوظ، لتتوفر للقرآن كل عوامل الحفظ والبقاء، ولذا كان المعول عليه عند الجمع، الحفظ والكتابة. ب?. تبليغ الوحي على الوجه الأكمل، لأن الاعتماد على حفظ الصحابة فحسب غير كاف لأنهم عرضة للنسيان أو الموت، وأما الكتابة فباقية لا تزول. 2- جمع القرآن في عهد أبي بكر الصديق (رضي الله عنه) : لما تولى أبو بكر الصديق رضي الله عنه الخلافة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، كان أول عمل قام به محاربة أهل الردة والقضاء عليهم، وبذلك أقام عمود الإسلام وثبت دعائمه بعد أن كادت تتقوض. ولما وقعت معركة اليمامة سنة اثنتي عشرة للهجرة، وكثر القتل في الصحابة، ومات من حفاظ القرآن خلق كثير خشي الفاروق عمر رضي الله عنه أن يكثر القتل في القراء في بقية المواطن فيضيع القرآن بموتهم، فأشار على أبي بكر الصديق أن يجمع القرآن الكريم في مكان واحد وصحف مجموعة، بدل وجوده مفرقاً مفرقاً في العسب والرقاع وغيرها تردد أبو بكر أول الأمر، ولم يزل به الفاروق عمر حتى وافق وقال هو خير، فأرسل الصديق إلى زيد بن ثابت وندبه للقيام بهذا العمل الجليل، وتردد زيد أول الأمر ثم شرح الله صدره لذلك. وقصة جمعه للقرآن عند البخاري مفصلة، وفيها أن زيداً قال بعدما عهد إليه الصديق والفاروق بجمع القرآن: فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن. وكان زيد لا يقبل المكتوب إلا بشاهدين يشهدان أن المكتوب كتب بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، أو يوافق المكتوب المحفوظ في الصدور، وبالغ زيد في التوثيق في كتابة القرآن الكريم حتى جمعه كله. والصحف التي جمعها زيد كانت عند أبي بكر الصديق حتى توفاه الله، ثم عند عمر حتى توفاه الله، ثم عند حفصة أم المؤمنين، ثم طلب الصحف منها عثمان بن عفان رضي الله عنه ليجمع القرآن في مصحف واحد. مزايا جمع القرآن في عهد الصديق رضي الله عنه: 1. أنه جمع على أدق وجوه البحث والتحري وأسلم أصول التثبت العلمي. 2. أنه اقتصر على ما لم تنسخ تلاوته وجرّده من كل ما ليس بقرآن. 3. أنه كان مرتب الآيات على الوضع الذي نقرؤه اليوم، ولم يكن مرتب السور فكانت كل سوره مستقلة بنفسها في مصحف، ثم جمعت هذه الصحف وضم بعضها إلى بعض. 3- جمع القرآن في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه: لما كان عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه وتفرق الصحابة في البلدان وحمل كل منهم من القراءات ما سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد يكون عند أحدهم من القراءات ما ليس عند غيره، اختلف الناس في القراءات وصار كل قارئ ينتصر لقراءته ويخطئ قراءة غيره، وعظم الأمر واشتد الخلاف، فأفزع ذلك عثمان رضي الله عنه، وخشى عواقب هذا الاختلاف السيئة في التقليل من الثقة بالقرآن الكريم وقراءاته الثابتة. فأرسل إلى حفصة أم المؤمنين حيث كانت عندها الصحف التي جمعت في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وطلب منها الصحف لتكون أساساً في جمع القرآن جمعاً يمنع الاختلاف والتنازع. وعهد عثمان إلى زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث أن ينسخوا الصحف في مصاحف، وقال لهم: إذا اختلفتم أنتم وزيد فاكتبوه بلسان قريش، فإنما نزل بلسانهم. فقاموا بمهمتهم خير قيام وكتبوا المصاحف، مرتبة السور على الوجه المعروف اليوم. ثم أرسل عثمان إلى كل مصر من الأمصار المشهورة بمصحف ليجتمع الناس في القراءة عليه، تلافياً لما حدث في ذلك الوقت من الاختلاف والتنازع، وأمر بحرق ما سواها من المصاحف، ثم رد عثمان الصحف إلى حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها. المراجع: الإتقان للإمام السيوطي. مناهل العرفان للشيخ الزرقاني. المدخل لدراسة القرآن للدكتور محمد أبوشهبة.

عدد سوره وآياته وكلماته وحروفه

عدد سوره وآياته وكلماته وحروفه عدد سور القرآن الكريم مائة وأربع عشرة سورة بإجماع من يعتدّ به. وورد عن ابن عباس أن عدد آيات القرآن الكريم 6616 آية، وجمع حروفه 323671 حرفاً، وعد قوم كلمات القرآن 77934 كلمة، وقيل غير ذلك والله أعلم. والآية هي الجملة من القرآن، والعلم بها توقيفي لا مجال للقياس فيه، ولذلك عدّوا (ألم) آية حيث وقعت، و (ألمص) ، ولم يعدّوا (المر) و (الر) ، وعدّوا (حم) آية في سورها، و (طه) و (يس) ، ولم يعدّوا (طس) . وآية الدين في البقرة تمتد على صفحة كاملة، وآية (مدهامتان) (الرحمن:64) كلمة واحدة. فتأمل.ويترتب على معرفة الآية وفواصلها أحكام فقهية، فالإجماع انعقد على أن الصلاة لا تصح بنصف آية.

سور القرآن الكريم

سور القرآن الكريم السورة: إما من (أسأرت) أي أفضلت، من السؤر، وهو ما بقي من الشراب في الإناء، كأنها قطعة من القرآن الكريم. وقيل من سور المدينة لإحاطتها بآياتها، واجتماعها كاجتماع البيوت بالسور، ومنه (السوار) لإحاطته بالساعد، وقيل لارتفاعها لأنها كلام الله تعالى، والسورة المنزلة الرفيعة. وقد ثبت جميع أسماء السور بالتوقيف من الأحاديث والآثار الواردة، وقد يكون للسورة اسم واحد، وهو الأغلب، وقد يكون لها اسمان أو أكثر، كالفاتحة: لها نيف وعشرون اسماً، منها: فاتحة الكتاب، وأم الكتاب، وأم القرآن، والقرآن العظيم، والسبع المثاني الخ.. وذلك يدل على شرفها، فإن كثرة الأسماء دالة على شرف المسمى. و (براءة) تُسمى أيضاً: التوبة، و (الإسراء) تسمى أيضاً بنو إسرائيل. وينبغي النظر في اختصاص كل سورة بما سميت به، كتسمية سورة (البقرة) بهذا الاسم لقرينة قصة البقرة المذكورة فيها، وعجيب الحكمة فيها. وسميت سورة (النساء) بهذا الاسم لما تردد فيها شيء كثير من أحكام النساء، كما أن بعض السور حملت أسماء من ورد فيها من الأنبياء كهود، ومحمد، وإبراهيم، ويونس، عليهم الصلاة والسلام.

أقسام القرآن الكريم

أقسام القرآن الكريم قسم القرآن الكريم إلى أربعة أقسام، وجعل لكل قسم منه اسم، لما روي أن رسول صلى الله عليه وسلم قال: (أعطيت مكان التوارة: السبع الطوال، وأعطيت مكان الزبور: المئين، وأعطيت مكان الإنجيل المثاني، وفُضلت بالمفصّل) رواه أحمد. والسبع الطوال: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام والأعراف، ويونس. والمئون: ما وليها، سميت بذلك لأن كل سورة منها تزيد على مائة آية أو تقاربها. والمثاني: ما ولي المئين لأنها ثنتها: أي كانت بعدها. والمفصل: ما ولي من قصار السور، سمي بذلك لكثرة الفصل بين السور بالبسملة.

فواصل الآيات

فواصل الآيات الفاصلة: كلمة آخر الآية، كقافية الشعر، وقرينة السجع. ولا يجوز تسميتها قوافي إجماعاً، لأن الله تعالى لما سلب عن القرآن الكريم اسم الشعر وجب سلب القافية عنه أيضاً، لأنها خاصة به في الاصطلاح. وتسمى فواصل، لأنه ينفصل عندها الكلامان، وذلك أن آخر الآية فصل بينها وبين ما بعدها، وأخذاً من قوله تعالى (كتاب فصلت آياته) (هود: 1) .

المراجع

(من كتاب مختصر الإتقان في علوم القرآن، للدكتور صلاح أرقه دان)

القراءات والقراء

القراءات والقراء

تعريف القراءات

تعريف القراءات القراءات جمع قراءة وهي في اللغة مصدر سماعي لقرأ. واصطلاحاً: علم بكيفيات أداء كلمات القرآن واختلافها. وقيل: مذهب يذهب إليه إمام من أئمة القراء، مخالفاً به غيره في النطق بالقرآن الكريم، مع اتفاق الروايات والطرق عنه، سواء أكانت هذه المخالفة في نطق الحروف أم في نطق هيآتها.

نشأة علم القراءات

نشأة علم القراءات إن المعول عليه في القرآن الكريم إنما هو التلقي والأخذ ثقة عن ثقة وإماماً عن إمام إلى النبي صلى الله عليه وسلم. والصحابة رضوان الله عليهم قد اختلف أخذهم عن رسول الله صلى الله عليهم وسلم، ثم تفرقوا في البلاد وهم على هذا الحال، فاختلف بسبب ذلك أخذ التابعين عنهم وأخذ تابع التابعين عن التابعين. وفي عهد التابعين على رأس المائة الأولى، بدأت عناية المسلمين بضبط القراءة حيث دعت الحاجة إلى ذلك، وجعلوها علماً كما فعلوا بعلوم الشريعة الأخرى، وصاروا أئمة يقتدى بهم ويرحل إليهم، حتى وصل الأمر على هذا النحو إلى الأئمة القراء المشهورين، وقراءة أحدهم كقراءة الباقين تماماً، فالكل قرآن من عند الله تعالى.

ضابط القراءة الصحيحة

ضابط القراءة الصحيحة القراءة الصحيحة هي: كل قراءة وافقت العربية مطلقاً، ووافقت أحد المصاحف العثمانية، وتواتر نقلها. ومعنى موافقة العربية: أن توافق القراءة اللغة العربية ولو بوجه من الوجوه، سواء كانت الموافقة فصيحة أم أفصح. ومعنى تواتر نقلها: أن يروي القراءة جماعة عن جماعة لا يمكن تواطؤهم على الكذب إلى منتهى السند. والذي جمع هذه الأركان الثلاثة هم القراء العشرة الذين أجمع الناس على تلقي قراءتهم بالقبول، وهم: أبو جعفر، ونافع، وابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب، وابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف.

أنواع القراءات من حيث السند

أنواع القراءات من حيث السند 1) المتواتر: وهو ما نقله جمع لا يمكن تواطؤهم على الكذب عن مثلهم إلى منتهى السند. 2) المشهور: هو ما صح سنده ولم يبلغ درجة المتواتر، ووافق العربية والرسم، واشتهر عند القراء، فلم يعدوه من الغلط ولا من الشذوذ. 3) الآحاد: هو ما صح سنده وخالف الرسم أو العربية، أو لم يشتهر الاشتهار المذكور، وهذا لا يقرأ به. 4) الشاذ: هو ما لم يصح سنده. 5) الموضوع: هو مالا أصل له. 6) المدرج: هو ما زيد في القراءة على وجه التفسير. والأنواع الأربعة الأخيرة لا يقرأ بها.

حكم تعلم القراءات

حكم تعلم القراءات تعلم القراءات فرض كفاية فإن لم يصلح له إلا واحد تعين عليه، وإن كان جماعة يحصل ببعضهم، فإن امتنعوا كلهم أثموا وإن قام به بعضهم سقط الإثم عن الباقين.

فوائد تعدد القراءات

فوائد تعدد القراءات 1. الدلالة على صيانة كتاب الله وحفظه من التبديل والتحريف، مع كونه على هذه الأوجه الكثيرة. 2. التخفيف على الأمة وتسهيل القراءة عليها. 3. بيان المراد ببعض الألفاظ، نحو قوله تعالى: (وتكون الجبال كالعهن المنفوش) (سورة القارعة: 5) ، وقرئ: (كالصوف المنفوش) ، فبينت القراءة الثانية أن العهن هو الصوف. أضف إلى ذلك ما في تنوع القراءات من البراهين الساطعة القاطعة على أن القرآن كلام الله، وعلى صدق من جاء به وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن هذه القراءات على كثرتها لا تؤدي إلى تناقض في المقروء ولا تضاد، بل القرآن كله على تنوع قراءاته يصدق بعضه بعضاً، ويبين بعضه بعضاً، ويشهد بعضه لبعض، على نمط واحد في علو الأسلوب والتعبير، وهدف واحد من سمو الهداية والتعليم، وهو معجز بكل قراءة من قراءاته. المراجع: 1- مناهل العرفان للشيخ الزرقاني. 2- مباحث في علوم القرآن للشيخ مناع القطان.

أصحاب القراءات العشر

أصحاب القراءات العشر 1- ابن عامر الشامي: هو: عبد الله بن عامر اليحصبي أبو عمران، تابعي جليل، إمام أهل الشام في القراءة، ولد سنة 21هـ، أخذ القراءة عرضاً عن أبي الدرداء والمغيره بن أبي شهاب صاحب عثمان بن عفان رضي الله عنه، وقيل عرض على عثمان بن عفان نفسه، مات سنة 118هـ ثمانية عشرة. وقد اشتهر برواية قراءته: هشام بن عمار السلمي الدمشقي (153هـ ــ 245هـ) . وابن ذكوان:عبد الله بن أحمد الدمشقي، أبو عمرو وأبو محمد، شيخ الإقراء بالشام وإمام جامع دمشق، مات سنة (242هـ) . 2- ابن كثير المكي: عبد الله بن كثير بن المطلب، الإمام أبو معبد الداري، إمام المكيين في القراءة، ولد سنة 45هـ، قرأ على عبد الله بن السائب المخزومي، ومجاهد بن جبر، وأخذ مجاهد عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم، مات سنة 120هـ. وقد اشتهر بالرواية عنه: البزي: أحمد بن محمد بن عبد الله بن القاسم بن أبى بزة (170هـ ــ 250هـ) . وقنبل: محمد بن عبد الرحمن، أبو عمر المخزومي المكي، المقلب بقنبل شيخ القراء بالحجاز (195هـ - 291هـ) . 3- عاصم الكوفي: عاصم بن بهدلة أبي النجود (بفتح النون وضم الجيم) ، جمع عاصم بين الفصاحة والإتقان والتحرير والتجويد، وكان أحسن الناس صوتاً بالقرآن. قرأ على زربن حبيش، على أبي عبد الرحمن السلمي. وكان عاصم شيخ الإقراء بالكوفة، مات سنة 127هـ. روى عنه: شعبة بن عياش بن سالم، أبو بكر الحناط الأسدي الكوفي، مات سنة 293هـ. وحفص: أبو بكر بن سليمان بن المغيره البزاز وكان أدق إتقاناً من شعبة، مات سنة 180هـ 4- أبو عمرو بن العلاء: هو أبو عمرو زبان بن العلاء البصري، كان من أعلم الناس بالقراءة مع صدق وأمانة وثقة في الدين، روى عن مجاهد بن جبر، وسعيد بن جبير، عن ابن عباس عن أبي بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مات سنة 145هـ. اشتهر بالرواية عنه: · الدوري: هو أبو عمر حفص بن عمر المقري الضرير، مات سنة 246هـ. · السوسي: صالح بن زيادة، أبو شعيب، روى عن اليزيدي عن أبي عمرو، كان ثقة ضابطاً، مات سنة 261هـ. 5- حمزة الكوفي: حمزة بن حبيب الزيات أبو عمارة الكوفي، قرأ على سليمان بن مهران الأعمش على يحيى بن وثاب على زربن بن حبيش على عثمان وعلي بن أبي طالب على رسول الله صلى الله عليه وسلم. كان حمزة ورعاً عالماً بكتاب الله مجوداً له، عارفاً بالفرائض والعربية، حافظاً للحديث، مات سنة 156هـ. اشتهر بالرواية عنه: · خلف: أبو محمد خلف بن هشام بن طالب بن البزار، مات سنة 229هـ. · خلاد: أبو عيسى خلاد بن خالد الصيرفي، مات 220هـ. 6- نافع المدني: نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم المدني أبو رويم، أخذ القراءة عن أبي جعفر القاري وعن سبعين من التابعين، وهم أخذوا عن عبد الله ابن عباس وأبي بن كعب وأبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وانتهت إليه رياسة الإقراء بالمدينة المنورة، مات سنة 169هـ، واشتهر بالرواية عنه: · قالون: أبو موسى النحوي، ولقّب بقالون لجودة قراءته، لأن قالون معناه الجيد بالرومية، مات سنة 220هـ. · ورش: عثمان بن سعد المصري أبو سعيد ولقب ورش لشدة بياضه. انتهت إليه رياسة الإقراء بمصر، مات سنة 197هـ. 7- الكسائي الكوفي: علي بن حمزة الكسائي النحوي، أبو الحسن انتهت إليه رياسة الإقراء بالكوفة بعد حمزة، كان أعلم الناس بالنحو، أخذ القراءة عرضاً عن حمزة أربع مرات، وعن غيره، مات سنة 189هـ. اشتهر بالرواية عنه: · أبو الحارث: الليث بن خلال المروزي، مات سنة 240هـ. · الدوري: أبو عمر حفص بن عمر الدروي، مات سنة 246هـ. 8- أبو حعفر المدني: يزيد بن القعقاع القاري، تابعي جليل القدر رفيع المنزلة، أخذ القراءة عن عبد الله بن عباس وأبي هريرة، وأبي بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مات سنة 130هـ. اشتهر بالرواية عنه أبو موسى عيسى بن وردان الحذاء، مات سنة 160هـ، وأبو الربيع سليمان بن مسلم بن جماز، مات سنة 170هـ. 9- يعقوب البصري: أبو محمد بن إسحاق الحضرمي، وكان إمام أهل البصرة، قرأ على أبي المنذر سلاّم بن سليمان الطويل، وقرأ سلام على عاصم وعلى أبي عمرو، مات سنة 205هـ. اشتهر بالرواية عنه: روح بن عبد المؤمن، (234هـ) ، ومحمد بن المتوكل المقلب (رويس) (238هـ) . 10- خلف: أبو محمد: خلف بن هشام بن ثعلب بن خلف بن ثعلب، قرأ على سليم عن حمزة، وعلى يعقوب بن خليفة الأعشى وعلى أبي زيد سعيد بن أوس الأنصاري وعلى أبان العطار، وهم عن عاصم، مات سنة 229هـ. اشتهر بالرواية عنه: أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم الوراق (286هـ) ، وإدريس بن عبد الكريم الحداد البغدادي (292هـ) .

المراجع

المراجع: 1- مناهل العرفان، للشيخ الزرقاني. 2- غاية النهاية في طبقات القراء، لابن الجزري. 3- معرفة القراء الكبار، للإمام للذهبي.

مناهج التفسير

مناهج التفسير

تعريف التفسير

تعريف التفسير التفسير لغة: الشرح والبيان. وفي الاصطلاح: فهم كتاب الله تعالى المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وبيان معانيه واستخراج أحكامه وحكمه.

مناهج التفسير

مناهج التفسير للتفسير منهجان أساسيان هما: 1- التفسير بالمأثور. 2- التفسير بالرأي. أولاً: التفسير بالمأثور، وأهم المؤلفات فيه: التفسير بالمأثور هو بيان معنى الآية بما ورد في الكتاب أو السنة أو أقوال الصحابة رضي الله عنهم فهو تفسير يعتمد على صحيح المنقول، ولا يجتهد في بيان معنى من غير دليل، ويتوقف عما لا فائدة في معرفته. مكانته: هو أفضل أنواع التفسير وأعلاها، لأن التفسير بالمأثور إما أن يكون تفسيراً للقرآن بكلام الله تعالى، فهو أعلم بمراده، وإما أن يكون تفسيراً بكلام الرسول صلى الله عليه وسلم، فهو المبين لكلام الله تعالى، وإما أن يكون بأقوال الصحابة فهم الذين شاهدوا التنزيل وعاصروه، وهم أهل اللغة وأربابها. مصادره: 1- القرآن: تفسير القرآن بالقرآن أفضل طرق التفسير، ومن أمثلته تفسير الكلمات في قوله تعالى: (فَتَلقّى ءادمُ من رّبهِ كلمتٍ) (البقرة 37) ، بقوله تعالى: (رَبّنا ظلمنا أنفُسَنَا وإن لّم تغفر لَنَا وتَرحَمنَا لنَكُونَن من الخاسرين) (الأعراف 23) . 2- السّنّة: قال تعالى: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون) (النحل 44) ، وقال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: السنة تفسر القرآن وتبينه. ومن أمثلة تفسير القرآن بالسنة، تفسير المغضوب عليهم باليهود، والضالين بالنصارى. وتفسير الخيط الأبيض والخيط الأسود بأنه بياض النهار وسواد الليل. 3- أقوال الصحابة: وإذا لم تجد تفسير القرآن في القرآن، ولا في السنة، فعليك بتفسير الصحابة رضي الله عنهم، فإنهم أعلم بذلك لما اختصوا به في مجالسة الرسول صلى الله عليه وسلم، ومشاهدة القرائن والأحداث والوقائع. 4- أقوال التابعين: وقد اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في الرجوع إلى أقوال التابعين إذا لم نجد التفسير في القرآن ولا في السنة ولا في أقوال الصحابة، فمنهم من عدّ أقوال التابعين مصدراً من مصادر التفسير بالمأثور، ومنهم من عدّها كسائر أقوال العلماء. حكم التفسير بالمأثور: يجب الأخذ بالتفسير بالمأثور ولا يجوز العدول عنه إذا صح. أهم المؤلفات فيه: المؤلفات في التفسير بالمأثور كثيرة، ومن أهمها: 1- جامع البيان عن تأويل آي القرآن: مؤلفه: هو أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، ولد في (آمُل) في طبرستان سنة 224هـ، وتوفي في بغداد سنة 310هـ. تفسيره: أما تفسيره (جامع البيان عن تأويل آي القرآن) فلم يؤلف قبله ولا بعده مثله في موضوعه، ولا يزال المفسرون عالة على تفسيره في التفسير بالمأثور، ويتميز تفسيره بمزايا منها: 1. اعتماده على التفسير بالمأثور عن الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين. 2. التزامه بالإسناد في الرواية. 3. عنايته بتوجيه الأقوال والترجيح. 4. ذكره لوجوه الإعراب. 5. دقته في استنباط الأحكام الشرعية من الآيات. 2- تفسير القرآن العظيم: المؤلف: هو أبو الفداء عماد الدين إسماعيل بن عمرو بن كثير الدمشقي، ولد في بُصرى في الشام سنة 700هـ، طلب العلم في صغره ورحل في طلبه. التفسير: يُعد تفسير ابن كثير من أشهر ما دون في التفسير بالمأثور، ويُعتبر في المرتبة الثانية بعد تفسير ابن جرير الطبري. وطريقته في التفسير أن يذكر الآية، ثم يفسرها بعبارة سهلة، موجزة ويجمع الآيات المناسبة لها، ويقارن بينها، وتفسيره أكثر كتب التفسير المعروفة سرداً للآيات المتناسبة في المعنى الواحد. ثم يورد الأحاديث المرفوعة التي لها صلة بالآية، ثم يُردف بأقوال الصحابة والتابعين وعلماء السلف. وينبه إلى ما في التفسير بالمأثور من منكرات الإسرائيليات، إجمالاً أحياناً وبالتفصيل حينا آخر. 3- الدر المنثور: المؤلف: هو جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، ولد سنة 849هـ، وتوفي سنة 911هـ، وبعد أن تلقي العلوم وحصّل منها حظا وافراً انصرف إلى التأليف في وقت مبكر من حياته، ثم تجرد للتأليف في أواخر عمره، فاعتزل الناس وترك وظائفه من تدريس وإفتاء. التفسير: ألف السيوطي - رحمه الله تعالى - كتابه (ترجمان القرآن) ثم أراد أن يختصره، وعلل هذا بقوله: رأيت قصور أكثر الهمم عن تحصيله ورغبتهم في الاقتصار على متون الأحاديث دون الإسناد وتطويله، فلخصت منه هذا المختصر، مقتصراً فيه على متن الأثر، مصدراً بالعزو والتخريج إلى كل كتاب معتبر، وسميته بالدر المنثور في التفسير بالمأثور. 4- أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن: المؤلف: محمد الأمين بن محمد المختار الجكني الشنقيطي، ولد رحمه الله تعالى في شنقيط وهي دولة موريتانيا الإسلامية الآن، سنة 1325هـ. التفسير: وصل المؤلف رحمه الله تعالى في تفسيره هذا إلى آخر سورة المجادلة، ثم أكمل التفسير من بعده تلميذه الشيخ عطية محمد سالم، وصدر التفسير في عشرة مجلدات. تميز هذا التفسير بميزتين (إحداهما) تفسير القرآن بالقرآن، وقد التزم أن لا يبين القرآن إلا بقراءة سبعية ولم يعتمد البيان بالقراءات الشاذة (والثانية) بيان الأحكام الفقهية ودقة الاستنباط، وحسنُ التفصيل وقوة الاستدلال. كما تضمن هذا التفسير تحقيق بعض المسائل اللغوية وما يُحتاج إليه من صرف وإعراب، وتحقيق بعض المسائل الإصولية، والكلام على أسانيد الأحاديث. يُعد هذا التفسير بحق من خير المؤلفات في التفسير قديماً وحديثاً ومن أتبعها للسنة وأبعدها عن البدعة، والقارئ فيه يجد رائحة علماء السلف ونقاء سريرتهم، وصفاء عقيدتهم، ودقة استنباطهم، وسعة علمهم. رحم الله مؤلفه رحمة واسعة. ثانياً: التفسير بالرأي وأهم المؤلفات فيه: تعريفه: هو تفسير القرآن بالاجتهاد. أقسامه: ينقسم التفسير بالرأي إلى قسمين: الأول: التفسير بالرأي المحمود: وهو التفسير المستمد من القرآن، ومن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان صاحبه عالماً باللغة العربية وأساليبها، وبقواعد الشريعة وأصولها. حكمه: أجاز العلماء رحمهم الله تعالى هذا النوع من التفسير، ولهم أدلة كثيرة على ذلك منها: 1. قوله تعالى: (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها) (سورة محمد:24) ، وغيرها من الآيات التي تدعو إلى التدبر في القرآن. 2. دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم لابن عباس بقوله: (اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل) ولو كان التفسير مقصوراً على النقل، ولا يجوز الاجتهاد فيه لما كان لابن عباس مزية على غيره. 3. أن الصحابة رضي الله عنهم اختلفوا في التفسير على وجوه، فدلّ على أنه من اجتهادهم. الثاني: التفسير بالرأي المذموم: هو التفسير بمجرد الرأي والهوى. وأكثر الذين فسروا القرآن بمجرد الرأي، هم أهل الأهواء والبدع الذين اعتقدوا معتقدات باطلة ليس لها سند ولا دليل، ففسروا آيات القرآن بما يوافق آراءهم ومعتقداتهم الزائفة، وحملوها على ذلك بمجرد الرأي والهوى. حكمه: وهذا النوع من التفسير حرام لا يجوز، قال ابن تيميه رحمه الله تعالى (فأما تفسير القرآن بمجرد الرأي فحرام، والأدلة على ذلك كثيرة منها: 1- قوله تعالى: (وأن تقولوا على الله ما لاتعلمون) (البقرة 169) ، وقال سبحانه: (ولا تقف ما ليس لك به علم) (الإسراء 36) . 2- حديث (من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار) (رواه أحمد والترمذي وقال: حديث حسن صحيح) . وحديث (من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ) رواه الترمذي وأبو داود. أهم المؤلفات في التفسير بالرأي: والمؤلفات في التفسير بالرأي كثيرة منها: 1- الكشف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل: المؤلف: هو أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري المعتزلي، الملقب بجار الله، ولد سنة 467هـ، في زمخشر، من قرى خوارزم. تفسيره: اعتنى الزمخشري في تفسيره هذا ببيان وجوه الإعجاز القرآني، وإظهار جمال النظم وبلاغته، وخلا هذا التفسير من الحشو والتطويل، وإيراد الإسرائيليات إلا القليل. والزمخشري قليل الاستشهاد بالحديث، ويورد أحياناً الأحاديث الموضوعة، خاصة في فضائل السور. وملأ تفسيره بعقائد المعتزلة والاستدلال لها وتأويل الآيات وفقها، ويدس ذلك دساً لايدركه إلا حاذق، حتى قال البلقيني: استخرجت من الكشاف اعتزالا بالمناقيش. وهو شديد على أهل السنة والجماعة ويذكرهم بعبارات الاحتقار ويرميهم بالأوصاف المقذعة، ويمزج حديثه عنهم بالسخرية والاستهزاء. 2- مفاتيح الغيب: المؤلف: أبو عبد الله محمد بن عمر الرازي الملقب بفخر الدين، ولد في الرّي سنة 544هـ وتوفي في هَرَاة سنة 606 هـ. التفسير: يُعد تفسير (مفاتيح الغيب) أوسع التفاسير في علم الكلام، فقد تأثر كثيراً بالعلوم العقلية فتوسع وسلك في تفسيره مسلك الحكماء والفلاسفة وعلماء الكلام، واستطرد في العلوم الرياضية والطبيعية والفلكية والمسائل الطبية، وملأ تفسيره بهذه العلوم حتى قيل عنه: فيه كل شيء إلا التفسير. ولم يتم الرازي تفسيره هذا، بل قيل إنه بلغ في التفسير إلى سورة الأنبياء، ثم أكمله أحد تلامذته. 3- تيسير الكريم في تفسير كلام المنان: المؤلف: هو عبد الرحمن بن ناصر آل سعدي، ولد في عنيزة في القصيم سنة 1307هـ، توفي والداه وهو صبي فكفلته زوجة أبيه وأدخلته مدرسة تحفيظ القرآن، فحفظه في الرابعة عشرة من عمره، واشتغل في طلب العلم فقرأ الكتب وحفظ المتون، ثم تصدى للتعليم ونشر العلم حتى ذاع صيته. التفسير: يقع هذا التفسير في سبعة مجلدات، ومع هذا فهو تفسير يميل إلى الإيجاز مع وضوح المعنى، ويعتمد المعنى الإجمالي للآيات، حيث يورد مجموعة من الآيات، ثم يفسرها آية آية، وقد يتحدث عنها إجمالاً ثم تفصيلاً موجزاً. ويعرض عن الإسرائيليات، ويستطرد أحياناً في ذكر فوائد الآيات، وما تدل عليه من الأحكام الشرعية والهدايات القرآنية. 4- في ظلال القرآن: المؤلف: هو سيد بن الحاج قطب بن إبراهيم، ولد سنة 1906م، تخرج في كلية دار العلوم سنة 1933م، فزاول مهنة التدريس سنوات، وصدر ضده حكم بالإعدام ونفذ الحكم سنة 1966م. التفسير: والكتاب وصف أدبي متميز للحياة كما يرسمها القرآن الكريم، وهو منهج لم يسبق إليه سيد من قبل، فمنهج التذوق الأدبي للقرآن الكريم، والتفاعل مع المجتمع الذي ترسمه الآيات ومطابقته مع المجتمع الحاضر للخروج بمعالم التصحيح ورسم الدعوة والعودة، ثم دراسة الإيقاع الصوتي والجرس اللفظي للكلمات القرآنية، ودراسة التراكيب، منهج لم يسبق له مثيل في علم التفسير. أما طريقته في ذلك فخلاصتها أنه يقدم لكل سورة يبين فيها موضوع السورة ومحورها، وأهم سماتها، ثم يعرض لمقاطعها ويربط بينها ببيان المناسبة وهكذا.

شروط المفسر وآدابه

شروط المفسر وآدابه مجمل الشروط التي وضعها العلماء للمفسر هي: أولاً: سلامة العقيدة: فإن من انحرفت عقيدته يعتقد رأيا ثم يحمل ألفاظ القرآن عليه، وليس لهم سلف من الصحابة والتابعين. فإذا فسر القرآن أوّل الآيات التي تخالف مذهبه الباطل، وحرفها حتى توافق مذهبه، ومثل هذا لا يطلب الحق فكيف يُطلب منه، ومن هؤلاء فرق الخوارج والروافض والمعتزلة وغلاة الصوفية وغيرهم. ثانياً: التجرد من الهوى: فإن الهوى يحمل صاحبه على نصرة مذهبه ولو كان باطلاً، ويصرفه عن غيره ولو كان حقاً. ثالثاً: أن يكون المفسر عالماً بأصول التفسير: وذلك أن أصول التفسير بمثابة المفتاح لعلم التفسير، فلابد للمفسر أن يكون عالماً بالقراءات والناسخ والمنسوخ وأسباب النزول ونحوها. رابعاً: أن يكون عالماً بالحديث رواية ودراية: إذ أن أحاديث الرسول الله عليه وسلم هي المبينة للقرآن، بل قد قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: (كل ما حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مما فهمه من القرآن) ، وقال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: (السنة تفسر القرآن وتبينه) . خامساً: أن يكون عالماً بأصول الدين: وهو (علم التوحيد) حتى لا يقع في آيات الأسماء والصفات في التشبيه أو التمثيل أو التعطيل. سادساً: أن يكون عالماً بأصول الفقه: إذ به يعرف كيف تستنبط الأحكام من الآيات، ويستدل عليها، ويعرف الإجمال والتبيين، والعموم والخصوص، والمطلق والمقيد، ودلالة النص وإشارته، ودلالة الأمر والنهي.. وغير ذلك. سابعاً: أن يكون عالماً باللغة وعلومها: كالنحو والصرف والاشتقاق، والبلاغة بأقسامها الثلاثة (المعاني والبيان والبديع) ، ذلكم أن القرآن الكريم نزل بلسان عربي مبين وهذه العلوم مما يتوصل بها إلى معرفة المعنى وخواص التركيب ووجوه الإعجاز فيه.

آداب المفسر

آداب المفسر وكما أن للمفسر شروطاً، فإن له آداباً ينبغي عليه الالتزام بها، وهي كثيرة منها: 1- الإخلاص: بأن يريد بعمله وجه الله، وأن يطلب رضاه، ولا يبتغي بذلك جاها ولا منصباً، فإن ابتغى غير ذلك ضلّ وأضلّ. 2- العمل: فأنه إذا دعا إلى خير فعليه أن يكون أول المؤدين له حتى يلقى القبول من الناس، وإذا نهى عن أمر وجب أن يكون تاركاً له نابذاً إياه فإن الناس إذا رأوه يأمر ولا يفعل وينهى ولا يمتثل نفروا عنه وعن أقواله وإن كانت حقاً. 3- حسن الخلق: في قوله وفي فعله وفي سمعته، فإن هذا مما يجذب النفوس إليه، وإذا انجذبت إليه أقبل عليه السمع والبصر.

المراجع

(من كتاب دراسات في علوم القرآن، للدكتور فهد الرومي)

إعجاز القرآن الكريم

اعجاز القرآن الكريم

تعريف الإعجاز

تعريف الإعجاز كان كل رسول يبعث إلى قومه، وتكون معجزته فيما نبغوا فيه، خارقة لما ألفوه. وكانت معجزة محمد صلى الله عليه وسلم، في عصر مشرف على العلم، معجزة عقلية تحاج العقل البشري وتتحداه إلى الأبد، وهي معجزة القرآن بعلومه ومعارفه، وأخباره الماضية والمستقبلة. والمراد بالإعجاز هنا: إظهار صدق النبي صلى الله عليه وسلم في دعوى الرسالة، بإظهار عجز العرب عن معارضته في معجزته الخالدة - وهي القرآن - وعجز الأجيال بعدهم. والمعجزة: أمر خارق للعادة مقرون بالتحدى سالم عن المعارضة.

وجوه إعجاز القرآن

وجوه إعجاز القرآن القرآن معجز بكل ما يتحمله هذا اللفظ من معنى، فهو معجز في ألفاظه وأسلوبه، وهو معجز في بيانه ونظمه، وهو معجزة في علومه ومعارفه التي أثبت العلم الحديث كثيراً من حقائقها، وهو معجز في تشريعه وصيانته لحقوق الإنسان، وتكوين مجتمع مثالي تسعد الدنيا على يديه. وقد ذكر العلماء في وجوه الإعجاز ما يزيد على عشرة أوجه، وسوف نتحدث عن أهمها: 1- الإعجاز اللغوي: نزل القرآن والعرب في عنفوان بلاغتهم وبيانهم، شعراً ونثراً، وحكماً وأمثالاً، وحديثاً ومقالاً. نزل القرآن فوقفت لغة العرب على أعتاب لغة القرآن في إعجازه اللغوي كسيرة صاغرة، أمام أسلوبه وبيانه. وقف القرآن من أصحاب هذه اللغة موقف التحدي، فتحداهم أن يأتوا بمثله، ثم تنزل معهم إلى الأخف، فتحداهم أن يأتوا بعشر سور، إلى سورة واحدة، إلى حديث مثله، فما استطاع أحد أن يباريه أو يجاريه منهم، فعجز البيان عندهم، وتحطمت أقلامهم على صخرة بلاغة القرآن وبيانه، ولم يملك شاعرهم ولبيبهم الوليد بن المغيرة إلا أن يقول: والله إن لقوله الذي يقول لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه لمثمر أعلاه، مغدق أسفله، وإنه ليعلو وما يُعلى، وإنه ليحطم ما تحته. 2- الإعجاز التشريعي: عرفت البشرية في عصور التاريخ ألواناً مختلفة من المذاهب والنظريات، والنظم والتشريعات، التي تستهدف سعادة الفرد في مجتمع فاضل، ولكن واحداً منها لم يبلغ من الروعة، والإجلال مبلغ القرآن في إعجازه التشريعي. إن القرآن الكريم مصدر تشريعي متكامل يهتم بتربية الفرد، لأنه لبنة المجتمع، ويقيم تربيته على تحرير وجدانه بعقيدة التوحيد، التي تخلصه من الخرافة والوهم، وتفك أسره من عبودية الأهواء والشهوات حتى يكون عبداً خالصاً لله تعالى. ثم يدعوه للالتزام بشرائعه في العبادات والمعاملات والأخلاق، التي تمثل منهجاً متكاملاً يغطي علاقته بنفسه وبخالقه وبالآخرين، وينظمها بطريقة تحقق للبشرية السعادة في الدنيا، والفوز والنجاة في الآخرة. كما يهتم القرآن بالمجتمع المسلم والدولة المسلمة ويضع لها التشريعات التي تكفل قيامها بالحق والعدل. وخلاصة القول: أن القرآن دستور تشريعي كامل، يقيم الحياة الإنسانية على أفضل صورة وأرقى مثال، وسيظل إعجازه التشريعي قريناً لإعجازه اللغوي إلى الأبد، ولا يستطيع أحد أن ينكر أنه أحدث في العالم أثراً غير وجه التاريخ. 3- الإعجاز العلمي: القرآن الكريم كتاب عقيدة وهداية، وإعجازه العلمي، ليس في اشتماله على النظريات العلمية التي تتجدد وتتبدل، وإنما في حثه على التفكير والنظر في الكون وتدبره. ويخطئ كثير من الناس حين يحرصون على أن يتضمن القرآن الكريم كل نظرية علمية، كلما ظهرت نظرية جديدة التمسوا لها محملاً في آية، يتأولونها بما يوافق هذه النظرية، فكثير من النظريات التي ظن الناس أنها أصبحت من المسلمات تتزعزع بعد ثبوت، وتتقوض بعد رسوخ. وقد اشتمل القرآن على إشارات متفرقة، إلى بعض الظاهر الكونية والحقائق العلمية التي يكشف العلم عنها يوماً بعد يوم. والمسلم على يقين بأن أي مسألة من مسائل العلم أو قاعدة من قواعده يثبت رسوخها، فإنها لا تتعارض مع القرآن بحال من الأحوال. وقد تقدمت العلوم وكثرت مسائلها، ولم يتعارض شيء ثابت منها مع آية من آيات القرآن الكريم، ويكفي هذا دليلاً على الإعجاز العلمي للقرآن الكريم.

المراجع

(من كتاب مباحث في علوم القرآن، للشيخ مناع القطان)

الحديث الشريف

الحديث الشريف

تعريف الحديث

تعريف الحديث

الحديث

الحديث الحديث لغة: الجديد، أو الكلام، ويجمع على أحاديث خلاف القياس. والحديث اصطلاحا: ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة، فيشمل أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم وأفعاله، وما أقره ولم ينكره من قول أو فعل رآه أو بلغه، وما روي لنا من صفاته الخَلقية والخُلقية. والحديث في اصطلاح علماء أصول الفقه: يختص بما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير، وهو بهذا مرادف للسنة، فإن سنته صلى الله عليه وسلم ثبتت من هذه الوجوه الثلاثة.

السنة

السنة والسنة لغة: الطريقة، محمودة كانت أو مذمومة، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن سن سنة سيئة فله وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة) (رواه مسلم) . والسنة اصطلاحا: مرادفة لمعنى الحديث في اصطلاح علماء الأصول.

تعاريف هامة

تعاريف هامة والخبر: مرادف للحديث كذلك، وهو ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم. أما الأثر: فهو ما يروى عن الصحابة والتابعين، وقد يطلق على الحديث أيضا. والسند في اللغة: ما يستند إليه ويعتمد عليه. والسند في الاصطلاح: هو سلسلة أسماء الرواة الذين نقلوا الحديث. وقد يستعملون السند والإسناد لشيء واحد. أما المتن في اللغة: فهو الظهر. والمتن في الاصطلاح: هو نص الحديث المروي، أو ما ينتهي إليه السند من الكلام. المراجع: منهج النقد في علوم الحديث للدكتور نور الدين عتر. الحديث النبوي للدكتور محمد لطفي الصباغ.

الحديث القدسي

الحديث القدسي هو ما أضيف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسنده إلى ربه عز وجل، مثل: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه، ويقال له الحديث الإلهي أو الرباني. ومناسبة تسميته قدسيا هي التكريم لهذه الأحاديث من حيث إضافتها إلى الله عز وجل، كما أنها واردة في تقديس الذات الإلهية، قلما تتعرض لأحكام الحلال والحرام.

الفرق بين الحديث القدسي والقرآن

الفرق بين الحديث القدسي والقرآن القرآن ما كان لفظه ومعناه من عند الله بوحي جلي، وأما الحديث القدسي فهو ما كان لفظه من عند الرسول صلى الله عليه وسلم، ومعناه من عند الله بالإلهام أو بالمنام. ويختص القرآن بخصال ليست في الحديث القدسي أهمها: أن القرآن معجز. وأنه يتعبد بتلاوته. وأنه لا يجوز مسه لمحدث ولا قراءته لجنب. وقد عني العلماء بجمع الأحاديث القدسية في مؤلفات خاصة، من أهمها كتاب الإتحافات السنية في الأحاديث القدسية) للمناوي، جمع فيه 272 حديثا قدسيا.

المراجع

(من كتاب منهج النقد في علوم الحديث، د. نور الدين عتر)

جمع السنة وتدوينها

جمع السنة وتدوينها

مرحلة الكتابة الفردية

مرحلة الكتابة الفردية في بادئ الأمر كان الصحابة رضوان الله عليهم لا يكتبون عن النبي صلى الله عليه وسلم غير القرآن، امتثالا لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم، فيما رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تكتبوا عني شيئا إلا القرآن، ومن كتب عني شيئا غير القرآن فليمحه، وحدثوا عني ولا حرج، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار) . وقد نُهوا عن كتابة الحديث لكيلا يختلط القرآن بالسنة، وهم حديثو عهد بالقرآن وأسلوبه، ولم يذع القرآن، ولم ينتشر على ألسنتهم بعد. ولكن لما شاع القرآن بين المسلمين، وأصبحوا يتلونه آناء الليل وأطراف النهار، سمح لهم بكتابة الحديث، بل أمر به بعضهم في بعض المناسبات. روى البخاري ومسلم وغيرهما أن أبا شاه اليمني التمس من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكتب له شيئا مما سمعه من خطبته عام فتح مكة، فقال صلى الله عليه وسلم: (اكتبوا لأبي شاه) . وقد كتب بعض الصحابة الحديث، وثبت امتلاك عدد منهم لصحف خاصة، دونوا فيها أحاديثه صلى الله عليه وسلم. روى البخاري عن أبي هريرة أنه قال: ما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحد أكثر حديثا مني، إلا ما كان من عبد الله بن عمرو بن العاص، فإنه كان يكتب ولا أكتب) . وكان لعبد الله بن عمرو بن العاص صحيفة يسميها الصادقة، وذكر مسلم في صحيحه كتابا في قضاء علي بن أبي طالب رضي الله عنه. وقد كانت كتابة الحديث في عصر الصحابة رضوان الله عليهم كتابة فردية لم تأخذ الصفة الرسمية العامة. ولما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم طرحت فكرة جمع السنة من قبل الدولة في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، واستشار الصحابة في ذلك، ولبث يستخير الله في ذلك شهرا، ثم عدل عن ذلك خشية اشتباه السنة بالقرآن، في زمن لم ينته فيه الصحابة من جمع القرآن وتحريره في مصحف واحد. وهكذا تناقل الصحابة الحديث شفاها مع بعض الكتابات الفردية المتفرقة، واستمر الأمر على ذلك إلى أوائل عصر التابعين.

مرحلة التدوين الرسمي

مرحلة التدوين الرسمي لما أفضت الخلافة إلى عمر بن عبد العزيز سنة تسع وتسعين هجرية، أمر بجمع الحديث وتدوينه، قال البخاري: وكتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن حزم [ت:120هـ] : انظر ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاكتبه، فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء. وأبو بكر بن حزم كان نائب عمر بن عبد العزيز في الإمارة والقضاء على المدينة، وتوفي عمر بن عبد العزيز قبل أن يبعث إليه ما كتبه. وأول من استجاب لهذا الطلب الرسمي عالم الحجاز والشام، محمد بن مسلم بن شهاب الزهري [ت:124هـ] ، ثم شاع التدوين في الطبقة التي بعده. وممن جمع الحديث في الأمصار، ابن جريج في مكة. وابن إسحاق في المدينة [ت:150هـ] ، والربيع بن صبيح، وسعيد بن أبي عروبة، وحماد بن سلمة، [ت:167هـ] ، وسفيان الثوري [ت:161هـ] في الكوفة. والأوزاعي [ت:157هـ] في الشام. وهشام ومعمر باليمن. وكان هؤلاء في عصر واحد ولا يدرى أيهم أسبق في التصنيف. وميزة التدوين في هذا العصر أن الحديث كان ممزوجا غالبا بأقوال الصحابة وفتاوى التابعين كما في موطأ الإمام مالك. ثم عني العلماء بعد عصر التابعين بإفراد أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وتجريدها من الفتاوى وأقوال الصحابة والتابعين. ويعد القرن الثالث الهجري العصر الذهبي لتدوين السنة، حيث وقف عدد من العلماء حياتهم وجهودهم على طلب السنة والرحلة من أجلها، ومن هؤلاء الإمام البخاري ومسلم والترمذي وأبو داود، والنسائي، وأحمد بن حنبل وغيرهم. (الحديث النبوي، للدكتور محمد لطفي الصباغ)

تثبت السلف في أمر الحديث

تثبت السلف في أمر الحديث يلاحظ الباحث المتفحص أن الأسس والأركان الرئيسة لعلم الرواية ونقل الأخبار موجودة في الكتاب العزيز والسنة النبوية، فقد جاء في القرآن الكريم قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قومًا بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين} (الحجرات:6) . وجاء في السنة قوله صلى الله عليه وسلم: (نضَّرَ الله امرءًا سمع مِنا شيئًا فبَلَّغَه كما سمعه، فربَّ مُبَلَّغ أوعى من سامع) (رواه الترمذي) ، وتواتر عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من تعمد علي كذبا فليتبوأ مقعده من النار) (رواه البخاري ومسلم) . فقد دلت هذه النصوص الشرعية ونحوها على مبدأ التثبت في الأخبار، وعلى أهمية الدقة والضبط في تلقي الأحاديث وحفظها، وفي روايتها ونقلها للآخرين. وامتثالاً لأمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، فقد كان للصحابة رضوان الله عليهم عناية شديدة في تلقي الحديث وتحمله، وفي أدائه ونقله إلى من لم يبلغه. وكان لهذا التثبت مظاهر متعددة، منها:

التثبت في رواية الحديث

التثبت في رواية الحديث نظراً لشدة تدقيق الصحابة وتثبتهم في رواية الحديث، أقلوا من الرواية، وأنكروا على من أكثر منها، إذ الإكثار مظنة الخطأ، والخطأ في الحديث عظيم الخطر. روى البخاري عن عبد الله بن الزبير أنه قال: قلت للزبير -أبيه- إني لا أسمعك تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يحدث فلان وفلان، فقال: أما إني لم أفارقه ولكن سمعته يقول: (من كذب عليّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار) . وروى البخاري عن أنس رضي الله عنه أنه قال: إنه ليمنعني أن أحدثكم حديثا كثيرا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من تعمّد عليّ كذبًا فليتبوأ مقعده من النار) . وهكذا ينبغي أن يكون المسلم مع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيدقق ويتحرى، ويعتني في نقله لأحاديثه وأخباره، كما كان السلف رضي الله عنهم يفعلون.

التثبت في سماع الأخبار وقبولها

التثبت في سماع الأخبار وقبولها روى مسلم في مقدمة صحيحه عن مجاهد قال: جاء بشير العدوي إلى ابن عباس، فجعل يحدث، فجعل ابن عباس لا يأذن لحديثه ولا ينظر إليه، فقال: يا ابن عباس! ما لي لا أراك تسمع لحديثي؟ فقال ابن عباس: إنا كنا مرة إذا سمعنا رجلا يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ابتدرته أبصارنا، وأصغينا إليه بآذاننا، فلما ركب الناس الصعب والذلول، لم نأخذ من الناس إلا ما نعرف. ذكر البخاري في صحيحه في كتاب العلم، أن جابر بن عبد الله رحل مسيرة شهر إلى عبد الله بن أنيس في طلب حديث واحد.

الاهتمام بالإسناد

الاهتمام بالإسناد جاء في مقدمة صحيح مسلم عن ابن سيرين: قال: (لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة قالوا: سموا لنا رجالكم، فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم، وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم) . والفتنة المشار إليها في هذا الأثر هي فتنة مقتل الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه.

علم الجرح والتعديل

تعريفه: هو علم يبحث في جرح الرواة وتعديلهم، ومن يقبل حديثه ومن يرد. الجرح: وصف الراوي بما يقتضي رد حديث وعدم قبول روايته. التعديل: وصف الراوي بما يقتضي قبول روايته والاحتجاج بحديثه. أهميته: علم الجرح والتعديل هو الميزان الدقيق لقبول الحديث من محدثه أو رده، ولولاه لأدخل الزنادقة وأهل الضلال من الأهواء على الحديث ما ليس منه. ثمرته: صيانة الشريعة، وتمييز صحيح الحديث وضعيفه. متى تقبل رواية الراوي؟ تقبل رواية الراوي بشرطين: أن يكون عدلا في دينه، ضابطا فيما يرويه. العدالة: أن يكون الراوي مسلما، بالغا، عاقلا، سليما من أسباب الفسق وخوارم المروءة. الضبط: أن يكون متيقظا حافظا، غير مخالف للثقات، ولا فاحش الغلط، ولا مغفلا، ولا كثير الأوهام. والضبط نوعان: ضبط صدر: وهو أن يحفظ ما سمعه من الحديث، بحيث يمكنه استحضاره متى شاء. ضبط كتاب: وهو أن يصون كتابه بعد ما قرأه وصححه، إلى أن يروى منه.

المراجع

المراجع: لمحات في أصول الحديث، د. محمد أديب الصالح. تيسير مصطلح الحديث، د. محمود الطحان.

أنواع الحديث من حيث القبول والرد

انواع الحديث من حيث القبول والرد

الحديث الصحيح

الحديث الصحيح هو الحديث الذي اتصل سنده، بنقل العدل الضابط عن مثله، وسلم من شذوذ أو علة قادحة. والحديث الصحيح حجة يجب العمل به، سواء كان راويه واحدا أو أكثر.

الحديث الحسن

الحديث الحسن وهو الحديث الذي اتصل سنده، بنقل العدل الضابط ضبطا أخف من ضبط راوي الصحيح، عن مثله إلى منتهاه، وسلم من شذوذ وعلة قادحة. والحديث الحسن حجة يلزم العمل بما جاء به.

الحديث الضعيف

الحديث الضعيف وهو ما فقد شرطا من شروط الحديث الصحيح أو الحسن، وهو يتنوع أنواعا كثيرة جدا، منها: المنقطع، والمعضل، والشاذ، والمنكر، والمضطرب. وذهب الإمام أحمد وأبو داود إلى أنه يعمل بالحديث الضعيف غير شديد الضعف، إذا لم يوجد في الباب غيره، ويعمل به في فضائل الأعمال، إذا توافرت ثلاثة شروط: أن لا يكون شديد الضعف. أن لا يعتقد عند العمل به ثبوته. أن يكون مندرجا تحت أصل عام من أصول الشريعة.

المراجع

(من كتاب منهج النقد في علوم الحديث، د. نور الدين عتر)

السنة النبوية

السنة النبوية

منزلة السنة

منزلة السنة السنة النبوية هي شقيقة القرآن من حيث ما جاءت به من أحكام وتشريعات، وإذا أطلق عليها أنها المصدر الثاني للتشريع (أي بعد القرآن) ، فإن ذلك من حيث الثبوت لا من حيث الدلالة على الأحكام الشرعية. وقد بين القرآن الكريم أن ما ينطق به النبي صلى الله عليه وسلم على وجه التشريع مصدره الوحي من الله عز وجل، قال تعالى: (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) (النجم:3-4) . فقوله صلى الله عليه وسلم كالقرآن، من جهة أن الاثنين مصدرهما الوحي، إلا أن السنة موحى بها بالمعنى فقط. (الوجيز في أصول الدين، د. عبد الكريم زيدان)

وظيفة السنة

وظيفة السنة تأكيد ما ورد في القرآن من أحكام: كالأمر بالصلاة والمحافظة عليها، والحث على طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، والحث على مكارم الأخلاق، وغير ذلك. بيان وشرح أحكام القرآن الكريم: قال تعالى: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون) (النحل:44) . ومثال ذلك الأحاديث التي فصلت أحكام الصلاة والصيام والزكاة والحج والبيوع والمعاملات. تشريع حكم سكت عنه القرآن الكريم: كالأحاديث التي أثبتت حرمة الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها، وتحريم زواج المتعة، وتحريم أكل لحوم الحمر الأهلية، وغير ذلك. روى المقدام بن معد يكرب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يوشك أن يقعد الرجل متكئا على أريكته، يحدث بحديث من حديثي، فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله، فما وجدنا فيه من حلال استحللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه، إلا وإن ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما حرم الله) (رواه أحمد) . (الحديث والمحدثون، للشيخ محمد أبو زهو)

وجوب العمل بالسنة

وجوب العمل بالسنة قال تعالى في بيان مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم: (يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم) (الأعراف:157) . وقال تعالى: (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) (الحشر:7) . وجعل القرآن طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم من طاعة الله سبحانه وتعالى، قال تعالى: (من يطع الرسول فقد أطاع الله) (النساء:80) . كما جعل من علامات النفاق: الإعراض عن تحكيم الرسول صلى الله عليه وسلم في مواطن الخلاف، قال تعالى: (ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين * وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون) (النور:47-48) . وقال: (إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون) (النور:51) . كما حث الرسول صلى الله عليه وسلم على وجوب العمل بسنته في أحاديث كثيرة بلغت حد التواتر، منها قوله صلى الله عليه وسلم: (كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى) ، قالوا: يا رسول الله! ومن يأبى؟ قال: (من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى) (رواه البخاري) . وقوله عليه الصلاة والسلام: (إني تركت فيكم ما إن اعتصمت به فلن تضلوا أبدا، كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم) (أخرجه الحاكم عن ابن عباس) . وقوله صلى الله عليه وسلم: (فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة) (رواه الترمذي وأبو داود) . (من مقدمة التقويم القطري)

متى تكون أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله مصدرا للتشريع؟

متى تكون أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله مصدرا للتشريع؟ أقوال النبي صلى الله عليه وسلم إنما تكون مصدرا للتشريع، إذا كان المقصود بها بيان الأحكام أو تشريعها، أما إذا كانت في أمور دنيوية بحتة لا علاقة لها بالتشريع، وليست مبنية على الوحي فلا تكون من أدلة الأحكام، ولا تكون مصدرا تستنبط منه الأحكام الشرعية، ولا يلزم اتباعها. وكذلك أفعاله صلى الله عليه وسلم، فهي مصدر للتشريع، ويستثنى منها ما يلي: أفعاله الفطرية، أي التي تصدر منه بحسب الطبيعة البشرية، وبصفته إنسانا، كالأكل والشرب، والمشي والقعود، ونحو ذلك، فهذه لا تدخل في باب التشريع، إلا على اعتبار إباحتها في حق المكلفين، فلا يجب متابعة الرسول في طريقة مباشرته لها، إلا إذا ورد ما يفيد ذلك. ما صدر عنه بمقتضى خبرته الإنسانية في الأمور الدنيوية، مثل تنظيم الجيوش والقيام بما يقتضيه تدبير الحرب، وشؤون التجارة، ونحو ذلك، فهذه الأفعال لا تعتبر تشريعا للأمة، لأن مبناها على التجربة لا على الوحي، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يلزم المسلمين بها، ولم يعتبرها من قبيل التشريع. ما ثبت كونه من خصائصه صلى الله عليه وسلم، فهو له وحده، ولا تشاركه الأمة فيه، كاختصاصه بالوصال في الصوم، والزيادة في النكاح على أربع، وغير ذلك، فهذه الأمور خاصة به، ولا يصح متابعته فيها. (الوجيز في أصول الدين، د. عبد الكريم زيدان)

من ضوابط التعامل مع السنة

من ضوابط التعامل مع السنة أولا: فهم السنة في ضوء القرآن: فالسنة النبوية هي شارحة القرآن الكريم ومفصلته، وهي البيان النظري والتطبيق العملي له، ومهمة الرسول صلى الله عليه وسلم أن يبين للناس ما نزل إليهم، ولا يمكن للبيان أن يناقض المبيَّن، ولا للفرع أن يناقض الأصل. ولهذا لا توجد سنة صحيحة ثابتة تعارض محكمات القرآن وبيناته الواضحة، وإذا ظن بعض الناس وجود ذلك، فلابد أن تكون السنة غير صحيحة، أو يكون فهمنا لها غير صحيح، أو يكون التعارض وهميًا لا حقيقيًا. ومعنى هذا أن نفهم السنة في ضوء القرآن، وليس معنى ذلك أن كل حديث يعارض القرآن نرده على الإطلاق، فينبغي أن نحذر من التوسع في دعوى معارضة القرآن، دون أن يكون لذلك أساس صحيح ثابت. ثانيا: جمع الأحاديث الواردة في الموضوع الواحد: فإنه من اللازم لفهم السنة فهما صحيحا، أن تجمع الأحاديث الصحيحة في الموضوع الواحد بحيث يُرد متشابهها إلى محكمها، ويحمل مطلقها على مقيدها، ويُفسر عامها بخاصها، وبذلك يتضح المعنى المراد منها، ولا يُضرب بعضها ببعض، فإن الاكتفاء بظاهر حديث واحد، دون النظر في سائر الأحاديث، وسائر النصوص المتعلقة بموضوعه، كثيرا ما يوقع في الخطأ، ويبعد عن جادة الصواب. ثالثا: الجمع أو الترجيح بين مختلف الحديث: الأصل في النصوص الشرعية الثابتة ألا تتعارض، لأن الحق لا يعارض الحق، فإذا افترض وجود تعارض، فإنما هو في ظاهر الأمر لا في الحقيقة والواقع، فإذا أمكن إزالة التعارض بالجمع والتوفيق بين النصين بدون تعسف، بحيث يعمل بكل منهما فهو أولى من الترجيح بينهما، لأن الترجيح يعني إهمال أحد النصين، وتقديم الآخر عليه. رابعا: فهم الأحاديث في ضوء أسبابها وملابساتها ومقاصدها: فإن النظر إلى سياق الحديث والملابسات والأسباب تساعد على سداد الفهم واستقامته لمن وفقه الله. ومن حسن الفقه للسنة النبوية: النظر في الأحاديث التي بنيت على أسباب خاصة، أو ارتبطت بعلة معينة منصوص عليها في الحديث أو مستنبطة منه، أو مفهومة من الواقع الذي سيق فيه الحديث، وفي نفس الوقت يحذر من تحكيم العقول في النصوص، والتوسع في تأويل الأحاديث، والكلام عن مصالح متوهمة يراها بعض المعاصرين. خامسا: التأكد من مدلولات ألفاظ الحديث: فمن المهم جدا لفهم السنة فهما صحيحا التأكد من مدلولات الألفاظ التي جاءت بها السنة، فإن الألفاظ تتغير دلالتها من عصر لآخر، ومن بيئة لأخرى، وهذا أمر معروف لدى الدارسين لتطور اللغات وألفاظها. فينبغي أن نحذر من حمل ما جاء في السنة من ألفاظ على المصطلح الحادث، وهنا يحدث الخلل ويقع الزلل.

المراجع

(من كتاب: كيف نتعامل مع السنة؟ للشيخ يوسف القرضاوي)

أنواع كتب الحديث

انواع كتب الحديث

الجوامع

الجوامع الجوامع جمع (جامع) ، والجامع في اصطلاح المحدثين: كل كتاب حديثي يوجد فيه من الحديث جميع أبواب الدين، فترى فيه أبواب الإيمان، وأبواب الطهارة، وأبواب العبادات، والمعاملات، والأنكحة، والتاريخ والسّير والمناقب والتفسير، والآداب، والمواعظ وأخبار يوم القيامة، وصفات الجنة والنار، وأخبار الفتن والملاحم، وأشراط الساعة، وغير ذلك. أشهر الجوامع: الجامع الصحيح للبخاري، والجامع الصحيح لمسلم.

المسانيد

المسانيد جمع (مُسنَد) وهي كتب الحديث التي صنفها مؤلفوها على مسانيد أسماء الصحابة، أي أنهم جمعوا أحاديث كل صحابي على حدة. ترتيب أسماء الصحابة داخل المسند: قد يكون على نسق حروف المعجم، وقد يكون على السابقة في الإسلام، أو القبائل، أو البلدان، أو غير ذلك، لكن ترتيبها على الحروف أسهل تناولاً. ومن أشهر المسانيد مسند الإمام أحمد بن حنبل (ت 241هـ) ، ومسند أبي داود الطيالسي (ت 204هـ) .

كتب السنن

كتب السنن وهي الكتب المرتبة على الأبواب الفقهية، من الإيمان والطهارة والصلاة والزكاة ونحو ذلك، وتشتمل غالباً على الأحاديث المرفوعة فقط، وقد يوجد في بعض السنن غير الأحاديث المرفوعة، لكنه قليل جداً بالنسبة للمصنفات والموطآت. وكتب السنن كثيرة، ومن أشهرها: سنن أبي داود، لسليمان بن الأشعث السجستاني (275هـ) . سنن النسائي، التي تسمى بـ (المجتبى) لأبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي (303هـ) . سنن البيهقي، لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي (458هـ) . سنن الدارقطني، لعليّ بن عمر الدارقطني (385) .

المستدركات

المستدركات المستدركات جمع (مستدرك) ، والمستدرك: هو كتاب جمع فيه مؤلفه الأحاديث التي استدركها على كتاب آخر، مما فاته على شرطه (أي شرط صاحب الكتاب) . ومن ذلك كتاب المستدرك على الصحيحين لأبي عبد الله الحاكم (405هـ) .

المصنفات

المصنفات المصنفات جمع (مصنف) والمصنف: هو الكتاب المرتب على الأبواب الفقهية، والمشتمل على الأحاديث المرفوعة والموقوفة والمقطوعة. (أي فيه الأحاديث النبوية، وأقوال الصحابة، وفتاوى التابعين، وفتاوى أتباع التابعين أحياناً) . أمثلة: المصنف، لأبي بكر بن أبي شيبة الكوفي (ت 235هـ) . المصنف، لأبي بكر عبد الرزاق الصنعاني (ت 211هـ) .

كتب علم الرجال

كتب علم الرجال وهي كتب ألفت في تراجم الرجال وتاريخهم، ومعرفة أسماء جميع من تعرض لرواية السنة المشرفة ونقل نصوصها، ومعرفة حياتهم تفصيلاً، لاسيما فيما يتعلق بتوثيق الراوي وتجريحه. أشهر أنواع المصنفات في الرجال: المصنفات في معرفة الصحابة، مثل الإصابة في تمييز الصحابة، لابن حجر العسقلاني (852هـ) . المصنفات في الطبقات، مثل: الطبقات الكبرى لابن سعد (230هـ) . كتب في رواة الحديث عامة مثل: التاريخ الكبير للإمام البخاري، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم (327هـ) . المصنفات في رجال كتب مخصوصة، مثل تقريب التهذيب لابن حجر، وهو في تراجم رجال الكتب الستة. المصنفات في الثقات. المصنفات في الضعفاء. المصنفات في رجال بلاد مخصوصة.

المراجع

(من كتاب أصول التخريج ودراسة الأسانيد، د. محمود الطحان)

أهم كتب الحديث

اهم كتب الحديث

صحيح الإمام البخاري

صحيح الإمام البخاري مؤلفه: أبو عبد الله بن محمد بن إسماعيل البخاري (194- 256هـ) . اسم الكتاب: الجامع الصحيح المسند من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه. موضوعه: بين البخاري موضوع كتابه بهذا الاسم الذي اختاره، فهو: الجامع: أي لجميع أبواب الدين (أبواب العلم المختلفة) . الصحيح: أي المشتمل على الأحاديث الصحيحة المتصلة. المسند: أي الذي ضم الأحاديث المرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وما وجد فيه من غير الأحاديث النبوية، مثل الآثار الموقوفة على الصحابة أو على التابعين، فهو قليل ولا يذكر في أصل الكتاب، إنما يذكر في العناوين والتراجم. ترتيب الكتاب: رتبه مؤلفه الإمام البخاري على الأبواب، مفتتحاً إياه بـ (كتاب بدء الوحي) ثم (كتاب الإيمان) ثم سرد كتب العلم والطهارة وغيرها، حتى انتهى إلى كتاب التوحيد. ومجموع تلك الكتب (97) سبعة وتسعون كتاباً، كل كتاب منها مجزأ إلى أبواب، وتحت كل باب عدد من الأحاديث. هل استوعب البخاري كل الأحاديث؟ لم يشتمل صحيح البخاري على جميع الأحاديث الصحيحة، فقد قال مؤلفه: (ما أدخلت في كتابي إلا ماصح، وتركت من الصحيح حتى لا يطول) . مكانة صحيح البخاري: أجمع أهل العلم على كونه أصح كتاب في حديث النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال الحافظ العقيلي: لما ألف البخاري الصحيح، عرضه على أحمد بن حنبل ويحيى بن معين، وعلي بن المديني، وغيرهم فاستحسنوه وشهدوا له بالصحة إلا في أربعة أحاديث، قال: والقول فيها قول البخاري، وهي صحيحة. عدد أحاديث البخاري: جملة ما فيه سبعة آلاف ومائتان وخمسة وسبعون حديثاً بالمكرر، وبحذف المكرر أربعة آلاف.

صحيح الإمام مسلم

صحيح الإمام مسلم مؤلفه: أبو الحسن مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري (204-261هـ) . تأليف الصحيح: شرع الإمام المسلم في تصنيف (الصحيح) إجابة لسؤال سائل طلب منه ذلك، فانتخبه من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة، ودام تصنيفه (15) عاماً قال مسلم: صنفت هنا المسند الصحيح من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة، وقد عني به أشد العناية، واجتهد في انتخابه على أكمل الوجوه، حيث قال (ما وضعت في هذا المسند شيئاً إلا بحجة، ولا أسقطت شيئاً منه إلا بحجة) . موضوعه: لا يشتمل صحيح مسلم بعد مقدمته إلا على الحديث الصحيح المسند إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقد اشتمل على جميع أبواب الدين كصحيح البخاري. ترتيب الكتاب وتبويبه: رتب الإمام مسلم صحيحه أحسن ترتيب، فهو يجمع ما يتعلق بالباب في موضع واحد بأسانيده التي يرتضيها، لكنه مع ذلك لم يكتب تراجم أبوابه، وقد قام شراح الصحيح والمعتنون به، كالإمام النووي وغيره بكتابة تراجم لتلك الأبواب. هل استوعب مسلم الصحيح؟ لم يستوعب مسلم كل الأحاديث الصحيحة في جامعه، فقد روي عنه أنه قال: ليس كل شيء عندي صحيح وضعته ههنا، إنما وضعت ما أجمعوا عليه. مكانة صحيح مسلم: صحيح مسلم معدود عند جمهور المسلمين في المرتبة الثانية بعد (صحيح البخاري) ، وهو مع صحيح البخاري يمثلان مع القرآن أصول دين الإسلام وأكثر شرائعه وأحكامه وأموره وأيامه، قال الإمام النووي: (ومن حقق نظره في صحيح مسلم رحمه الله، واطلع على ما أودعه في أسانيده وترتيبه، وحسن سياقته وبديع طريقته، من نفائس التحقيق وجواهر التدقيق، وأنواع الورع والاحتياط والتحري في الرواية، وتلخيص الطرق واختصارها وضبط متفرقها، علم أنه إمام لا يلحقه من بعد عصره، وقل من يدانيه أو يساويه من أهل وقته ودهره.

جامع الإمام الترمذي

جامع الإمام الترمذي مؤلفه: أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي (209-279هـ) . تأليف الجامع واسمه: وقد سمى الترمذي كتابه (الجامع) هكذا اشتهر عنه اسمه، وكثر استعماله به، وسماه كثير من العلماء (السنن) وذلك لتضمنه أحاديث الأحكام مرتبة، لكن اسم (الجامع) أولى لعدم اقتصاره على أحاديث الأحكام. وزاد بعضهم وصف (الصحيح) على اسم الجامع فقالوا: الجامع الصحيح. والإمام الترمذي تلميذ البخاري، وقد أراد أن ينهج سبيل شيخه في تصنيف العلم، فجمع كتابه المعدود أحد الأصول الستة، وقد جمع فيه بين الحديث والأثر والفقه والنظر، من غير تكلف في العبارة ولا صعوبة في السياق، وفرغ من تصنيفه سنة 270هـ. موضوعه: موضوع جامع الترمذي الحديث المرفوع الذي عمل به الفقهاء إجماعاً أو اختلافاً أو انفراداً، مرتباً على أبواب العلم ابتداء بالعبادات فالمعاملات، مع الاختصار وعدم التطويل بسرد الأسانيد. شرطه: اشترط الترمذي في كتابه ذكر الأحاديث التي عليها مدار الأحكام، والتي علم بها الفقهاء، ولم يشترط في أحاديثه الصحة، ففيه الصحيح والحسن والضعيف والغريب. مكانته: كتاب نفيس عظيم المنفعة، بل هو أصل في معرفة الأحكام، وتمييز مسائل الحلال والحرام، كما أنه كتاب ترغيب وترهيب، وفضائل ومناقب، وسير وتاريخ، وجرح وتعديل، قال الحافظ ابن كثير: كتاب الجامع أحد الكتب الستة التي يرجع إليها العلماء في سائر الآفاق.

سنن الإمام النسائي

سنن الإمام النسائي مؤلفه: أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي (أو النسوي) (215-303هـ) تأليف السنن واسم الكتاب: الصغرى يسمى (المجتبى) وهو الكتاب المتداول اليوم باسم سنن النسائي. الإمام النسائي أحد أفذاذ علماء الحديث، جمع وصنف وحقق، وناقش وعلل، فكان من جملة ما أودعه من علمه كتابه (السنن) . وقد أطلقت هذه التسمية على كتابين للنسائي: السنن الصغرى، والسنن الكبرى. والسنن موضوع السنن الصغرى (المجتبي) : موضوع سنن النسائي الحديث المرفوع المسند إلى النبي صلى الله عليه وسلم في أبواب الأحكام، ولم يمزجه بشيء من الرأي، وليس فيه من الموقوف والمقطوع إلا ما ندر، ولم يخل كتابه من بعض الفوائد الحديثية وغيرها، كشرح الغريب ونحوه. شرط السنن: الإمام النسائي إمام مقدم في علم الحديث، وهو فيه ناقد بصير، عالم خبير، إليه المنتهى في عصره في معرفة الرجال وعلل الحديث، كان شديد التحري قوي النقد متثبتاً، يدع حديث الراوي لأدنى علة تظهر له، حتى قال بعضهم: النسائي شرطه في الرجال أشد من شرط مسلم بن الحجاج، ولقوة شرطه في الرجال قل في حديثه بل ندر جداً وجود ما يرد عليه مأخذ. تبويب السنن: راعى الإمام النسائي الفقه في الأبواب، وكأنه لاحظ منهاج البخاري، فأراد أن يقفو أثره، فوقعت تبويباته على أتم ما يمكن في الفقه والاستنباط والتركيب للأبواب. فجاء كتاب (المجتبي) مطابقاً اسمه لمضمونه، فهو مختار منتقى جامع للأبواب التي يحتاج إلى معرفتها في الأحكام ومسائل الحلال والحرام. مكانة سنن النسائي: المجتبى أو السنن الصغرى من أجود كتب السنة، وأنفعها وأكثرها حديثاً صحيحاً، وهو من هذه الجهة بعد الصحيحين رتبة ومنزلة، وقد أطلق عليه اسم (الصحيح) كثير من الحفاظ والأئمة، منهم: أبو علي النيسابوري، وابن عدي والدارقطني والحاكم وابن منده، والخطيب وغيرهم.

العقيدة الإسلامية

العقيدة الإسلامية

العقيدة لغة واصطلاحا

العقيدة لغة واصطلاحًا العقيدة لغة: مأخوذة من العقد، وهو نقيض الحلِّ، وهو يدل على الشدة والوثوق. وتطلق العقيدة على الأمر الذي يعتقده الإنسان، ويعقد عليه قلبه وضميره، بحيث يصير عنده حكمًا لا يقبل الشك. والعقيدة الإسلامية اصطلاحًا: هي مجموعة الأمور الدينية التي يجب على المسلم أن يؤمن بها، وتكون عنده يقينًا لا يمازجه شك. (من كتاب: عقيدة التوحيد في القرآن الكريم.. د. محمد أحمد ملكاوي، بتصرف) . التوحيد جوهر العقيدة الإسلامية: جوهر العقيدة الإسلامية وروحها هو (التوحيد) حتى إن العلماء اتخذوه عنوانًا لعلم العقائد كلها، تنبيهًا على أهميته، وتذكيرًا بمنزلته. فالاعتقاد بوحدانية الله عز وجل وتنزيهه عن المثيل والشبيه والشريك، وأنه سبحانه المستحق للعبادة وحده دون سواه، هو أساس العقيدة الإسلامية والمحور الذي تدور حوله مبادئها وأركانها.

مكانة العقيدة وأهميتها

مكانة العقيدة وأهميتها

العقيدة أساس الإسلام

1 - العقيدة أساس الإسلام: لا ريب أن لكل دين بناءً وأساسًا، فبناؤه هو التشريعات المتعددة التي تنظم علاقة الإنسان بنفسه، وخالقه، والكون الذي يحيط به، أما أساس هذا البناء فهو العقيدة التي ينبثق عنها ذلك كله، كما تنبثق النخلة من النواة.

العقيدة سبيل إصلاح الكون

2 - العقيدة سبيل إصلاح الكون: إن المجتمعات تصلح بصلاح أفرادها، وإنما يصلح الأفراد أنفسهم وعقولهم، وفقا لسنة الله في الخلق: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) (الرعد:11) . لهذا كانت الوسيلة الفضلى في التربية، هي التي تتجه إلى النفس الإنسانية لتطهرها من الخبث، وإلى العقل البشري لتنقيه من الأوهام والأباطيل، وهذا ما تكفله العقيدة الإسلامية، فهي تحل ألغاز الوجود، وتبين للإنسان غايته ومهمته في الحياة.

العقيدة شرط قبول الأعمال

3 - العقيدة شرط قبول الأعمال: اعتنى الإسلام عناية كبيرة بالعقيدة، التي عبر عنها القرآن بكلمة (الإيمان) ، فالإيمان أصل والعمل فرع، ولا يقبل الله عملاً من أحد ما لم يكن صادرًا عن إيمان صحيح: (ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرًا) (النساء:124) . (والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئًا ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب) (النور:39) .

العقيدة تعرف الإنسان بنفسه وبربه

4 - العقيدة تعرّف الإنسان بنفسه وبربه: العقيدة هي التي تُعرِّف الإنسان بحقيقة نفسه، فإذا عرف نفسه عرف ربه.. تُعرِّفه أنه لم يخرج من العدم إلى الوجود صدفة، ولا قام في هذا الكون وحده، وإنما هو مخلوق لخالق عظيم، هو ربه الذي خلقه فسوَّاه فعدله، ونفخ فيه من روحه وجعل له السمع والبصر والفؤاد، وأمده بنعمه الغامرة، منذ كان جنينًا في بطن أمه.

العقيدة تعرف الإنسان بالكون الذي يحيط به

5 - العقيدة تعرف الإنسان بالكون الذي يحيط به: هذا الكون الكبير حول الإنسان ليس غريبًا عنه، وليس عدوًّا له، إنه مخلوق مثله لله، لا يسير جزافًا ولا يمشي اعتباطًا، كل شيء بقدر، وكل أمر فيه بحساب وميزان، إنه من نعمة الله ورحمته للإنسان، ينعم بخيراته، ويستفيد من بركاته، ويتأمل في آياته فيستدل بها على ربه: (الذي خلق فسوى والذي قدّر فهدى) (سورة الأعلى:2-3) . قال تعالى: (الله الذي سخر لكم البحر لتجري الفلك فيه بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعًا منه إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) (الجاثية:12-13) .

العقيدة تعرف الإنسان بسر وجوده

6 - العقيدة تعرّف الإنسان بسر وجوده: تُعرِّف العقيدةُ الإنسانَ بغاية وجوده، ومهمته في هذه الحياة، فهو لم يُخلق عبثًا، ولن يُترك سُدىً. إنه خُلق ليكون خليفة في الأرض، يعمرها كما أمر الله، ويسخرها لما يحب الله، يكشف عن مكنوناتها، ويأكل من طيباتها، غير طاغ على حق غيره، ولا ناسٍ حق ربه، وأول حقوق ربه عليه أن يعبده وحده، ولا يشرك به شيئًا، وأن يعبده بما شرع على ألسنة رسله الذين بعثهم إليه هداة معلمين، مبشرين ومنذرين، فإذا أدى مهمته في هذه الدار المحفوفة بالتكليف والابتلاء، وجد جزاءه هناك في الدار الآخرة: (يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرًا) (آل عمران:30) .

العقيدة تعرف الإنسان بمصيره

7 - العقيدة تعرف الإنسان بمصيره: العقيدة هي التي تٌعرِّف الإنسان: إلى أين يسير بعد الحياة والموت؟ إنها تعرِّفه أن الموت ليس فناءً محضًا، ولا عدمًا صرفًا، إنما هو انتقال إلى مرحلة أخرى، إلى حياة برزخية بعدها نشأة أخرى، تُوفى فيها كل نفس ما كسبت، فلا يضيع هناك عمل عامل من ذكر أو أنثى، ولا يفلت من العدل الإلهي جبار أو مستكبر: (يومئذ يصْدُرُ الناس أشتاتًا ليُرَوْا أعمالهم فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرًّا يره) (الزلزلة:6-8) .

العقيدة توقظ الضمير

8 - العقيدة توقظ الضمير: إذا تمكنت العقيدة الصحيحة في قلب المسلم، وتغلغل الإيمان في أحشائه، أضحى متيقظ الضمير، مراقبًا لله في أقواله وأفعاله، يزكي نفسه فيحملها على فعل الخيرات والمبرات، ويحليها بكريم الأخلاق والعادات، ويترفع عن كل ما يشينها من الأقوال والتصرفات.

العقيدة تورث العزة والكرامة

9 - العقيدة تورث العزة والكرامة: تربي العقيدة الإنسان على عزة النفس وكرامتها، حيث تحرره من أي عبودية إلا لله عز وجل، وتخلصه من أي خضوع لغير الله سبحانه وتعالى. فالله خالق هذا الكون ومالكه، ولا يكون في ملكه إلا ما أراده وقدّره، قال تعالى: (وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله) (يونس:107) . وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما، قوله عليه الصلاة والسلام: (واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف) (رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح) .

أركان الإيمان

أركان الإيمان

تعريف الإيمان

تعريف الإيمان الإيمان في اللغة: هو مطلق التصديق. وفي الشرع: عبارة عن تصديق خاص، وهو التصديق بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره. فأركان الإيمان ستة، ورد ذكرها في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم عن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه، وفيه سؤال جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم أن يخبره عن الإيمان، فقال: (أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره) .

الإيمان بالله عز وجل

الإيمان بالله يتضمن ثلاثة أمور - الاعتقاد الجازم بأن الله رب كل شيء ومليكه وخالقه. - وأنه الذي يستحق أن يفرد بالعبادة، من صلاة وصوم ودعاء ورجاء وخوف وذل وخضوع. - وأن الله متصف بصفات الكمال كلها، ومنزه عن كل نقص.

أنواع التوحيد

أنواع التوحيد هذه ثلاثة أنواع من التوحيد تدخل في معنى الإيمان بالله عز وجل. النوع الأول: توحيد الربوبية: وهو الاعتقاد الجازم بأن الله رب كل شيء ولا رب غيره. والإقرار بأن الله عز وجل هو المتصرف في الكون، بالخلق والتدبير، والرزق والتغيير، والإحياء والإماتة، وغير ذلك لا يشاركه أحد في فعله سبحانه، قال تعالى: (قل أرأيتم ما تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السموات ائتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم إن كنتم صادقين) (الأحقاف:4) . وقد يقر بهذا التوحيد المشركون، ولكنه لا يقبل منهم حتى يأتوا ببقية أنواع التوحيد. النوع الثاني: توحيد الألوهية: وهو الاعتقاد الجازم بأن الله سبحانه هو الإله الحق لا إله غيره، وإفراده سبحانه بالعبادة. ويستلزم توحيد الله في ألوهيته أن نتوجه إليه وحده بجميع أنواع العبادة وأشكالها فيجب على المسلم: - وجوب إخلاص المحبة لله، فلا يتخذ ندا لله، يحبه كما يحب الله، أو يقدمه في المحبة على الله، قال تعالى: (ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله) (البقرة:165) . - وجوب إفراد الله تعالى في الدعاء والتوكل والرجاء، فيما لا يقدر عليه إلا هو سبحانه، قال تعالى: (ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين) (يونس:106) . وعلى ذلك، فإن من الشرك التوجه بالدعاء للأنبياء أو الأولياء وغيرهم أو صرف أي عبادة لا تصرف إلا لله لهم. - وجوب إفراد الله بالخوف منه: والمقصود من ذلك خوف العبادة لا الخوف الفطري -من حيوان مفترس أو ما أشبه ذلك- قال تعالى: (وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو) (يونس:107) . - وجوب إفراد الله سبحانه بجميع أنواع العبادات البدنية، من صلاة وركوع وسجود وصوم وذبح وطواف، قال تعالى: (فاسجدوا لله واعبدوا) (النجم:62) . - وجوب إفراد الله بالعبادات القولية، من نذر واستغفار وتسبيح وتحميد وغير ذلك، قال تعالى: (فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) (الحجر:98، 99) . ما حكم من صرف شيئا من هذه العبادات لغير الله؟ من صرف شيئا من هذه العبادات لغير الله فقد أشرك، قال تعالى: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما) (النساء:48) . النوع الثالث: توحيد الأسماء والصفات: ومعناه: الاعتقاد الجازم بأن الله عز وجل متصف بجميع صفات الكمال، ومنزه عن جميع صفات النقص، وأنه متفرد عن جميع الكائنات. كيف السبيل إلى معرفة ما ينسب إلى الله من صفات الكمال؟ سبيل ذلك إثبات ما أثبته الله سبحانه لنفسه في القرآن، وما وصفه به رسول الله صلى الله عليه وسلم. وذلك دون أن نحرف في ألفاظها أو معانيها، كما كان يفعل المشركون فيسمون عبد العزى من العزيز، واللات من الله، ومناة من المنان. كما لا يجوز أن نعطلها بنفيها أو نفي بعضها عن الله عز وجل، كبعض الفرق التي تجحد بعض أسماء الله وصفاته. ولا يجوز كذلك التشبيه: كتشبيه صفات الخالق بصفات المخلوق، وذلك كتشبيه النصارى المسيح ابن مريم بالله، وتشبيه اليهود عزير بالله، وتشبيه المشركين أصنامهم بالله، وتشبيه بعض الطوائف وجه الله وسمعه ونحو ذلك بالمخلوقين.

ما هي الأسس التي يقوم عليها توحيد الأسماء والصفات؟

ما هي الأسس التي يقوم عليها توحيد الأسماء والصفات؟ يقوم توحيد الأسماء والصفات على ثلاثة أسس: 3. تنزيه الله عز وجل عن مشابهة الخلق، وتنزيهه كذلك عن أي نقص، قال تعالى: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) (الشورى:11) . 4. الإيمان بالأسماء والصفات الثابتة في الكتاب والسنة، دون تجاوزها بالنقص منها أو الزيادة عليها أو تحريفها أو تعطيلها، لأن الله عز وجل أعلم بنفسه وصفاته وأسمائه، قال تعالى: (قل أأنتم أعلم أم الله) (البقرة:140) . قال الإمام أحمد رحمه الله (لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يتجاوز القرآن والحديث) (عزاه في الإيمان، نعيم ياسين إلى الروضة الندية شرح العقيدة الواسطية) . 9. قطع الطمع عن إدراك هذه الصفات، قال تعالى: (يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما) (طه:110) . فالعلم بكيفية الصفة يستلزم العلم بكيفية الموصوف وهذا لا يتحقق في جانب الله تعالى.

ما هي صفات الله عز وجل؟

ما هي صفات الله عز وجل؟ الصفات التي وردت في الكتاب والسنة نوعان: صفات ذاتية: وهي التي لا تنفك عن الله عز وجل، كالنفس والعلم والحياة والقدرة والسمع والبصر والوجه والكلام والملك والعظمة والكبرياء والعلو والغنى والرحمة. ضابط هذا النوع من الصفات: أنها ملازمة لذات الله قائمة في الله لا ينفك عنها. صفات الفعل: وهي ما تعلق بمشيئة الله وقدرته، كالاستواء والنزول والمجيء والغضب والضحك والعجب والرضى والحب والكره والسخط والفرح والمكر والكيد والمقت. ضابط هذا النوع من الصفات: أن الله تعالى يفعلها متى شاء، فالله ينزل إلى السماء الدنيا متى شاء، وبالهيئة اللائقة به سبحانه، وهكذا بقية صفات الأفعال. ما الواجب على المسلم تجاه صفات الله عز وجل بنوعيها؟ الواجب في هذه الصفات بنوعيها إثباتها لله عز وجل، على حسب المعنى الذي يليق بكمال الله تعالى، وكما أسلفنا أن ذلك بمعناه الحقيقي الذي ليس فيه تشبيه ولا تعطيل ولا تحريف ولا تكييف. قال الشافعي رحمه الله: آمنت بالله وبما جاء عن الله على مراد الله، وآمنت برسول الله، وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله.

ما هي أسماء الله عز وجل؟

ما هي أسماء الله عز وجل؟ أسماء الله عز وجل هي أعلام عليه، أخبرنا بها الله في كتابه، وأخبرنا بها الرسول صلى الله عليه وسلم في سنته، وكل اسم يدل على صفة أو صفات لله سبحانه وكل اسم منها مشتق من مصدره، كالعليم والقدير والسميع والبصير، فالعليم مشتق من العلم، وهو يدل على صفة العلم للباري، وكذلك بقية الأسماء. هل هناك اسم جامع لأسماء الله؟ الاسم الجامع لأسماء الله تعالى هو (الله) ، قال الطبري: الله ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين. لماذا سميت أسماء الله بالحسنى؟ سميت أسماء الله بالحسنى لدلالتها على أحسن مسمى وأشرف مدلول. ما هي مقتضيات توحيد الله في أسمائه؟ يقتضي ذلك: الإيمان بكل اسم سمى به نفسه. ما دل عليه هذا الاسم من معنى. ما تعلق بهذا الاسم من آثار. مثال: اسم الله (الرحيم) : نؤمن بأن هذا علم على الله. وعلى أن الله ذو رحمة. وأن الله يرحم من شاء. ما عدد أسماء الله تعالى؟ الذي نعرفه منها تسعة وتسعين اسما، فقد جاء في الحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم: إن لله تعالى تسعة وتسعين اسما، مائة إلا واحدا، من أحصاها دخل الجنة، إنه وتر يحب الوتر) (رواه البخاري) . وهناك أسماء لله تعالى لم يخبرنا الله بها، وإنما استأثر بها في علم الغيب عنده ومعنى الإحصاء المذكور في الحديث السابق: معرفتها وحفظها وفهمها والإيمان بها، وحسن المراعاة لها، والمحافظة على حدودها في معاملة الله بها، ودعاء الله عز وجل بها، فيكون معنى ما ورد في الحديث: من حفظها متفكرا في مدلولاتها، معتبرا بمعانيها، عاملا بمقتضاها، مقدسا لمسماها.

فضيلة الإيمان بالأسماء والصفات

فضيلة الإيمان بالأسماء والصفات إن المسلم يثبت لله تعالى ما أثبته لنفسه، وما أثبته رسوله من غير تحريف ولا تعطيل. ومما يدل على أهمية هذا الصنف من التوحيد أن السنة جاءت بفضيلة عظيمة لسورة الإخلاص، التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده إنها تعدل ثلث القرآن) (رواه البخاري) ، والسورة لا تتحدث عن تشريع، وإنما تتحدث عن أسماء الله وصفاته. ودعاء الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى، له فضيلة عظيمة، قال تعالى: (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها) (الأعراف:180) .

أدلة وجود الخالق جل وعلا

أدلة وجود الخالق جل وعلا - المخلوق لابد له من خالق: يحتج القرآن الكريم على المكذبين المنكرين بحجة لابد للعقول من الإقرار بها، ولا يجوز في منطق العقل السليم رفضها بقوله تعالى: (أم خُلقوا من غير شيء أم هم الخالقون أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون) (الطور:35-36) . ونفهم من ذلك ما يلي: أنتم موجودون، وهذه حقيقة لا تنكرونها. والسماوات والأرض موجودتان ولا شك. فمن أوجد ذلك؟ مَن خلقكم ونظم حياتكم؟ ومَن خلق السماوات وما فيها من أجرام وأفلاك؟ ومن خلق الأرض وما فيها من جبال وبحار وأنهار؟ - دقة نظام الكون: تدل دقة نظام الكون على وجود الله سبحانه وتعالى، ومن ذلك: - هداية الله للكائنات إلى مصادر رزقها وتهيئة ذلك لها. - الأفلاك والأجرام السماوية تسير في مسار محدد، وسياق دقيق، تشرق الشمس في وقت محدد، وتغرب في وقت معلوم. - التركيب المحكم الدقة والصفات التشريحية الرائعة لجميع الكائنات الحية تدل على إعجاز الخالق في خلقه لتلك الكائنات، بحيث لو أردنا -جدلا- الاستغناء عن عضو أو وظيفة لما استطعنا، ولو فقدت وأردنا إعادتها لعجزنا أن نردها بمثل ما خلقها الحكيم العليم. - الفطرة تدل على وجود الله: القرآن يقرر أن الفطر السليمة، والنفوس التي لم تتقذر بأقذار الشرك تقر بوجود الله، من غير دليل، وليس كذلك فقط، بل إن توحيده سبحانه أمر فطري بدهي. لذا فإنك تجد ملايين الملايين من البشر يؤمنون بوجود إله للكون. كذا العقلاء والعلماء والحكماء وفوقهم الأنبياء والصالحون، كلهم يؤمنون بالله ويدعون إليه. ولكن الإنسان تحيط به مؤثرات كثيرة تصرفه عن الإيمان بالله تعالى, كإضلال شياطين الجن والإنس له، وميله إلى الدعة والكسل، وجهله بالدين، أو انخراطه في الشهوات. روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من مولود يولد إلا على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه) ، ولم يقل يسلمانه، لأن الإسلام موافق للفطرة. - المصائب تصفي جوهر الفطرة: فكم من ملحد عرف ربه وآب إليه، وكم من مشرك أخلص دينه لله، لضر نزل به، فزال ما على الفطرة من غشاوة. قال تعالى: (هو الذي يسيركم في البر والبحر، حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها، جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم، دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين) (يونس:22) . (من كتاب الإيمان، للدكتور محمد نعيم ياسين)

الإيمان بالملائكة

الإيمان بالملائكة

ما معنى الإيمان بالملائكة؟

ما معنى الإيمان بالملائكة؟ معنى ذلك الاعتقاد الجازم بأن لله ملائكة، خلقوا من نور، يقومون بوظائفهم التي أمرهم الله بالقيام بها، ولا يعصون الله ما أمرهم. قال تعالى: (لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون) (التحريم:6) .

هل يصلح إيمان العبد دون الإيمان بوجودهم؟

هل يصلح إيمان العبد دون الإيمان بوجودهم؟ لا يصلح إيمان عبد حتى يؤمن بوجودهم، وبما ورد في حقهم من صفات وأعمال، كما في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، من غير زيادة ولا نقصان ولا تحريف. قال تعالى: (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله) (البقرة:285) . وقال تعالى: (ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا) (النساء:136) .

ما هي حقيقة الملائكة؟

ما هي حقيقة الملائكة؟ المؤمن الصادق يقر بما أخبر به الخالق جل وعلا مجملا أو مفصلا, لا يزيد على ذلك ولا ينقص منه، وقد استأثر الله تعالى بحقيقة الملائكة، وتفصيلات أحوالهم. ومع ذلك فقد تحدثت الآيات والأحاديث كثيرا عن الملائكة وأصافهم وعلاقتهم بالخالق سبحانه وبالكون وبالإنسان. صفات الملائكة الخَلقية: مما تحدثت به النصوص عن صفاتهم: أنهم خلقوا قبل خلق الإنسان، فقد ورد في القرآن أنهم خلقوا قبل آدم، وأن الله أخبرهم بخلقه للإنسان. قال تعالى: (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة) (البقرة:30) . أنهم خلقوا من نور: أخرج مسلم عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم) . تدل النصوص في مجموعها على أنهم ليسوا كالبشر: فلا يأكلون ولا يشربون ولا ينامون ولا يتزاوجون. كما تدل النصوص كذلك على أنهم منزهون عن الآثام والخطايا، مطهرون من الشهوات الحيوانية والصفات المادية. قال تعالى: (لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون) (التحريم:6) . للملائكة قدرة على أن يتمثلوا بصورة البشر. قال تعالى: (فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا) (مريم:17) . أخبرنا الله تعالى أن للملائكة أجنحة: (الحمد لله فاطر السموات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء إن الله على كل شيء قدير) (فاطر:1) . لبعض الملائكة خلقة عظيمة، كما في حديث البخاري ومسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى جبريل عليه السلام له ستمائة جناح. صفات الملائكة الخُلقية: هم عباد مكرمون، يطيعون أوامر الله ويخضعون لها، وهم لا ينتسبون إلى الله إلا بهذه النسبة، فهم ليسوا آلهة من دونه ولا ذرية له ولا بنات، كما زعم المشركون. قال تعالى: (وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون) (الأنبياء:26-27) . يحبون المؤمنين ويستغفرون لهم، قال تعالى: (والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض) (الشورى:5) . وقال تعالى: (ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا) (غافر:7) . يحفظون المؤمنين بإذن الله، قال تعالى: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله) (الرعد:11) . يشجعون المؤمنين على طلب العلم، قال صلى الله عليه وسلم: (ما من خارج خرج من بيته في طلب العلم إلا وضعت له الملائكة أجنحتها رضا بما يصنع) (رواه الترمذي) . يثبتون المؤمنين على العمل الصالح، قال تعالى: (إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا) (الأنفال:14) .

ما عدد الملائكة؟

ما عدد الملائكة؟ لا يحصي عددهم إلا الله وحده. أخرج الترمذي وابن ماجه عن أبي ذر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أطت السماء، وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وعليه ملك ساجد) . وفي حديث المعراج: (فرفع لي البيت المعمور، فسألت جبريل فقال: هذا البيت المعمور يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك) (رواه البخاري) .

الإيمان بالملائكة إيمان تفصيلي وإجمالي

الإيمان بالملائكة إيمان تفصيلي وإجمالي فهو تفصيلي في حق الملائكة الذين ذكروا بالاسم كجبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت، ورضوان خازن الجنة، ومالك خازن النار. وهو إجمالي في حق من لم يحدد لنا الشرع أسماءهم. بعض أنواع الملائكة باعتبار ما وكلهم الله به: وهذه الأصناف مأخوذة من الكتاب والسنة، وهي: الروح الأمين: جبريل عليه السلام، موكل بأداء الوحي إلى الرسل. ميكائيل عليه السلام، موكل بالمطر. إسرافيل عليه السلام، موكل بالنفخ في الصور. ملك الموت موكل بقبض الروح ومعه أعوانه من الملائكة. رضوان ومن معه موكلون بالجنة ونعيمها. مالك ومن معه من الزبانية ورؤساؤهم تسعة عشر، موكلون بالنار وعذابها. الكرام الكاتبون موكلون بأعمال العباد. المعقبات موكلون بحفظ العبد من بين يديه ومن خلفه. منكر ونكير موكلان بفتنة القبر وعذابه. حملة العرش.

المراجع

المراجع: الإيمان. للدكتور محمد نعيم ياسين. أعلام السنة المنشورة. للشيخ حافظ حكمي.

الإيمان بالكتب

الإيمان بالكتب

ما معنى الإيمان بكتب الله عز وجل؟

ما معنى الإيمان بكتب الله عز وجل؟ معناه التصديق الجازم بأن جميع الكتب المنزلة هي من عند الله عز وجل، وأن الله تكلم بها حقيقة. ما هي أنواع الكتب التي يجب الإيمان بها: هناك نوعان أساسيان هما: 1 - ما سماه الله في القرآن الكريم. 2 - ما لم يخبرنا القرآن عنها. الكتب التي سماها الله في القرآن الكريم: التوراة التي أنزلت على موسى عليه السلام، قال تعالى: (إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور) (المائدة:44) . الإنجيل الذي نزل على عيسى عليه السلام، قال تعالى: (وقفينا على آثارهم بعيسى ابن مريم مصدقا لما بين يديه من التوراة وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور) (المائدة:46) . الزبور الذي نزل على عيسى عليه السلام، قال تعالى: (وآتينا داود زبورا) (الإسراء:55) . صحف إبراهيم وموسى، قال تعالى: (أم لم ينبأ بما في صحف موسى وإبراهيم الذي وفى) (النجم:36) .

الكتب التي لم تذكر في القرآن

الكتب التي لم تذكر في القرآن جاءت الأدلة على أن الله تعالى أنزل على بعض رسله كتبًا، ولم يخبرنا الله تعالى عن أسمائها، قال تعالى: (كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه) (البقرة:213) . فيجب أن نؤمن بهذه الكتب إجمالا. ولا يجوز لنا أن ننسب كتابا إلى الله تعالى سوى ما نسبه إلى نفسه مما أخبرنا عنه القرآن.

بم نزلت كتب الله تعالى؟

بم نزلت كتب الله تعالى؟ نزلت بتوحيد الله سبحانه وتعالى في ألوهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته. نزلت بالحق والنور والهدى والعدل بين الناس، قال تعالى: (إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور) . وقال سبحانه: (وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور) .

هل هناك فرق بين القرآن وغيره من الكتب المتقدمة؟

هل هناك فرق بين القرآن وغيره من الكتب المتقدمة؟ خص الله سبحانه وتعالى القرآن بمزايا تميز بها عن جميع ما تقدمه من الكتب المنزلة. 2. أنه الكتاب الرباني الوحيد الذي تعهد الله بحفظه، قال تعالى: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) (الحجر:9) . وقد صانه الله تعالى عن التحريف ليظل حجة قائمة على الناس إلى يوم القيامة. 3. أثبت الله في القرآن الأحكام النهائية الخالدة والصالحة لكل زمان ومكان، قال تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) (المائدة:4) . 4. جاء القرآن مؤيدا ومصدقا لما جاء في الكتب السابقة من توحيد الله وعبادته ووجوب طاعته، كما جمع فيه كل ما كان متفرقا من الحسنات والفضائل في الكتب السابقة. قال تعالى: (وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه) (المائدة:48) .

معرفة علماء أهل الكتاب لفضيلة القرآن

معرفة علماء أهل الكتاب لفضيلة القرآن عندما أنزل الله تعالى كتابه الكريم القرآن العظيم على محمد صلى الله عليه وسلم، أسلم من كان في قلبه الخير من أهل الكتابين، كعبد الله بن سلام، وكنصارى نجران، وكالنجاشي ملك الحبشة وكان نصرانيا، فلما تلي عليهم القرآن قال: إن هذا والذي نزل على عيسى ليخرج من مشكاة واحدة. قال تعالى: (الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين) (القصص:52،53) . ومازال المنصفون في كل زمان ومكان يعرفون للقرآن فضله.

الكتب السابقة والتحريف

الكتب السابقة والتحريف نزلت الكتب السابقة للقرآن إلى أمم خاصة دون سائر الأمم، فلم يتعهد الله تعالى بحفظها، لأنها سوف تنسخ بعد ذلك بغيرها من الكتب. لذا كانت الكتب السابقة عرضة للتحريف من قبل ضعاف النفوس وأصحاب العقائد الباطلة بحسب أهوائهم. قال تعالى في تحريف اليهود للتوراة: (أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون) (البقرة:75) . وقال تعالى: (من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه) (النساء:46) . وقال تعالى في تحريف النصارى للإنجيل: (ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظا مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون) (المائدة:14) . ومن أمثلة التحريف: نسب اليهود والنصارى لله تعالى الصاحبة والولد، قال تعالى: (وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون) (التوبة:30) .

أمثلة لاختلاف نسخ التوراة

أمثلة لاختلاف نسخ التوراة - في التوراة التي بأيدي اليهود: أن شيثا حين مضى عليه مائة وخمسين سنة ولد له: أنوش. وفي التوراة التي بيد النصارى (العهد القديم) : أن شيثا حين مضى عليه مائتان وخمس سنين ولد له: أنوش. - في التوراة التي بيد اليهود: أن ناحور حين عاش تسعا وعشرين سنة ولد له: تارح. وفي التوراة التي بيد النصارى: أن ناحور حين عاش تسعا وسبعين سنة ولد له: تارح. - اعتراف علماء النصارى بأن الأناجيل لم تكتب في عهد عيسى عليه السلام: جاء في تفسير العهد، في مقدمة إنجيل (متى) : (لا يعلم بالتحقيق تاريخ كتابته، وذهب بعض المحققين إلى أنه كتب في سنة سبع وثلاثين لميلاد المسيح، وقال آخرون: ثلاث وستين. وقال بعض مفسري النصارى ما نصه: (يظهر من اتفاق الشهادات القديمة أن يوحنا كتب إنجيله في (أفسس) نحو سنة سبع وتسعين ميلادية) . وكذا إنجيل (مرقص) اختلفوا في تاريخ كتابته بين سنة ثمانية وأربعين إلى سنة خمسة وستين. أما إنجيل (لوقا) فيرجحون أن لوقا كتبه سنة ستين ميلادية تقريبًا. وقد ذكر الإمام الجويني في كتابه: (شفاء الغليل في بيان ما وقع في التوراة والإنجيل من التبديل، ص34 وما بعدها) أمثلة كثيرة لذلك.

المراجع

المراجع: - الإيمان، للدكتور محمد نعيم ياسين. - أعلام السنة المنشورة، للشيخ حافظ حكمي. - شفاء الغليل في بيان ما وقع في التوراة والإنجيل من التبديل، للإمام الجويني.

الإيمان بالرسل

الإيمان بالرسل

تعريف النبي والرسول

تعريف النبي والرسول الرسول: هو الذي أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه. النبي: هو الذي أوحي إليه بشرع ولم يؤمر بتبليغه. الفرق بينهما: أن الرسول هو المأمور بتبليغ ما أنبئ وأخبر به، والنبي هو الذي لم يؤمر بتبليغ.

وظائف الرسل

وظائف الرسل الإنذار والتبشير: فهم يبشرون المؤمنين برضوان الله وثوابه وجنته، وينذرون العصاة والكافرين بما أعد الله لهم من العقوبة إن أصروا على معصيته. قال تعالى: (وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين فمن آمن وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) (الأنعام:48) . إقامة الدين: فالرسل جميعا بعثهم الله تعالى لعبادة الله عز وجل، وتحقيق ذلك في دنيا الناس، مع ما يتطلب ذلك من الحكم بما أنزل الله وتعليم الناس أصول العبادات والمعاملات. قال تعالى: (وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون) (الأنبياء:25) . تحقيق التوحيد: فالرسل جميعا تثبت لله سبحانه ما يجب في حقه من التوحيد في الربوبية والألوهية والأسماء والصفات. قال تعالى: (فاعلم أنه لا إله إلا الله) (محمد:19) . تحقيق مكارم الأخلاق: فقد جعلهم الله سبحانه الأسوة والقدوة في أخلاقهم وصفاتهم. قال تعالى: (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم) (التوبة:128) .

صفات الرسل

صفات الرسل الصدق والأمانة: فهم صادقون مصدقون، لم يكتموا ولم يغيروا، ولم يزيدوا في الرسالة ولم ينقصوا منها. قالت السيدة عائشة رضي الله عنها: لو كان النبي صلى الله عليه وسلم كاتما شيئا من القرآن لكتم قوله تعالى: (يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين) (الأحزاب:1) . وقال تعالى: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته) (المائدة:67) . البشرية: فكل الرسل من البشر ويجري عليهم ما يجري على البشر، فهم يأكلون ويشربون، ويمشون في الأسواق. قال تعالى: (وما أرسلنا من قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيرا) (الفرقان:20) . العصمة: فقد عصم الله تعالى أنبيائه عن أية نقيصة تقدح في دينهم وطاعتهم لله عز وجل. قال تعالى: (والله يعصمك من الناس) (المائدة:67) . القدوة: فقد جعلهم الله تعالى نبراس هداية، ومشعل خير، ينيرون للناس طريق الله عز وجل. قال تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا) (الأحزاب:21) .

عدد الرسل

عدد الرسل لا نعلم عدد الأنبياء والرسل إلا من سماهم الله عز وجل في القرآن، وهم خمسة وعشرون نبيا. ولكن الله تعالى أخبرنا أنه لم يقص علينا أسماء جميعهم. قال تعالى: (ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما) (النساء:164) .

ماذا يجب علينا تجاههم؟

ماذا يجب علينا تجاههم؟ يجب علينا الإيمان بأن الله تعالى أرسلهم، ويكون ذلك تفصيلا في حق من ذكر الله أسماءهم، وإجمالا في حق من لم يذكر الله تعالى أسماءهم. محبتهم وتوقيرهم واحترامهم: قال تعالى (لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه) (الفتح:9) . عدم التفريق في الإيمان بهم. قال تعالى: (لا نفرق بين أحد من رسله) (البقرة:285) .

أولو العزم من الرسل

أولو العزم من الرسل هم خمسة ذكرهم الله تعالى في القرآن. قال تعالى: (وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم) (الأحزاب:7) .

المعجزات

المعجزات المعجزات هي ما يجريه الله تعالى على أيدي رسله وأنبيائه من خوارق العادات التي يتحدون بها العباد. الفرق بين المعجزة والكرامة: المعجزة مقرونة بالتحدي، سالمة من المعارضة وهي خارقة للعادة، وذلك بخلاف الكرامة. أقسام المعجزات: معجزات حسية: تشاهد بالبصر أو تسمع، كخروج الناقة من الصخرة، وانقلاب العصا حية، وإحياء الموتى، مما كان يحدث للرسل قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم. معجزات معنوية: تشاهد بالبصيرة، كمعجزة القرآن. ما آتاه الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم من المعجزات: انشقاق القمر كما حدّث القرآن (اقتربت الساعة انشق القمر) . (القمر:1) . نبع الماء من بين أصابعه الشريفة وتكليم الذراع المسمومة له. حنين الجذع الذي كان يخطب عليه. معجزة القرآن: وهو معجزة الرسول الخالدة الذي لا تنقضي عجائبه و (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه) (فصلت:42) . ويكفيه إعجازا أنه أنشأ أمة هي من أعظم الأمم، وقد مكث ثلاثا وعشرين سنة يشرع للناس حتى فتح الله على يديه قلوب الناس.

هل يملك الرسل شيئا من خصائص الألوهية؟

هل يملك الرسل شيئا من خصائص الألوهية؟ لا يملك الرسل شيئا من خصائص الألوهية، فهم بشر مثل بقية البشر، فلا يملكون النفع والضر، ولا يؤثرون في إرادة الله، قال تعالى: (قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون) (الأعراف:188) .

وحدة الرسالات

وحدة الرسالات أرسل الله تعالى جميع الرسل لتحقيق غرض أساس واحد، هو عبادة الله تعالى وتوحيده سبحانه وتعالى في ربوبيته وفي ألوهيته، وفي أسمائه وصفاته، وهم جميعا في ذلك على كلمة واحدة. قال تعالى: (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه) (الشورى:13) . وهذا كله اتفقت فيه كلمة الرسل جميعا. وقد اختلفت الرسالات في بعض الشرائع وذلك حسب حاجة المرسل إليهم. قال تعالى: (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا) (المائدة:48) .

ختم النبوات

ختم النبوات جاءت الأدلة من القرآن الكريم والسنة المطهرة وإجماع الأمة على أنه لا نبي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال تعالى: (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين) (الأحزاب:40) . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وأنا خاتم النبيين ولا نبي بعدي) (رواه البخاري) . وعن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنه سيكون بعدي كذابون ثلاثون، كلهم يدعي أنه نبي، وأنا خاتم النبيين ولا نبي بعدي) (رواه أبو داود) .

المراجع

المراجع: الإيمان. د. محمد نعيم ياسين. أعلام السنة المنشورة. للشيخ حافظ حكمي.

الإيمان باليوم الآخر

الإيمان باليوم الآخر

تعريفه

تعريفه هو اليقين الجازم بكل ما أخبر به الله عز وجل في كتابه، وأخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم مما يكون بعد الموت من: فتنة القبر وعذابه ونعيمه، والبعث والحشر والحساب والميزان والصراط والشفاعة، والجنة والنار وما أعد الله تعالى لأهلهما، وغير ذلك.

أهمية الإيمان باليوم الآخر

أهمية الإيمان باليوم الآخر كثيرا ما يربط الله تعالى بين الإيمان بالله تعالى والإيمان باليوم الآخر، قال تعالى: (ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر) (البقرة:177) . ولا تكاد تمر صحيفة من صحائف القرآن إلا وتجد فيها حديثا عن اليوم الآخر، وقد سماه الله تعالى بأسماء كثيرة في القرآن: (القيامة، الساعة، الآخرة، يوم الدين، يوم الحساب، يوم التلاق، الآزفة، الطامة، الصاخة) . الإيمان باليوم الآخر له أثر عظيم في حياة الإنسان، حيث يساعده على توجيه حياته وانضباطها، ويلزمه بالعمل الصالح، وتقوى الله عز وجل، قال تعالى: (إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر) (التوبة:18) . الإيمان باليوم الآخر يخفف غلو الإنسان في حب الدنيا وتأثره بما يصيبه فيها، قال تعالى: (فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل) (التوبة:38) ، وقال: (بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى) (الأعلى:16،17) .

فتنة القبر وسؤال الملكين

فتنة القبر وسؤال الملكين يجب أن نؤمن بما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم من فتنة القبر وسؤال الملكين للإنسان عن ربه ودينه ونبيه. قال تعالى: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) (إبراهيم:27) . وأشار الرسول صلى الله عليه وسلم إلى هذه الآية قائلا: نزلت في عذاب القبر، فيقال له: مَن ربك؟ فيقول ربي الله، ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم، فذلك قوله عز وجل: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) (رواه البخاري ومسلم) .

عذاب القبر ونعيمه

عذاب القبر ونعيمه أشار الله عز وجل إلى عذاب يكون بعد الموت في قوله تعالى: (وحاق بآل فرعون سوء العذاب النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب) (غافر:45-46) . وقد أورد الإمام مسلم في صحيحه أحاديث كثيرة في إثبات عذاب القبر وسماع النبي صلى الله عليه وسلم من يعذب فيه، وسماع الموتى قرع نعال دافنيهم، والفسح للميت في قبره إن كان من الناجين، وعرض مقعده من الجنة والنار عليه. فالقبر إما روضة من رياض الجنة، وإما حفرة من حفر النار.

أمارات الساعة

أمارات الساعة أخفى الله تعالى عن الناس موعد الساعة (يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو) (الأعراف:187) . ولكن أخبرنا الله تعالى وأخبر رسوله كذلك عن بعض الأمارات التي تسبق الساعة، وتنقسم تلك العلامات إلى قسمين أساسين: الأمارات الصغرى: وهي التي تتحدث عن فساد الناس آخر الزمان، وظهور الفتن فيهم، ومنها: بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم: قال عليه الصلاة والسلام: (بعثت أنا والساعة كهاتين، وأشار بالسبابة والوسطى) (رواه البخاري ومسلم) ، فليس بينه وبين الساعة نبي آخر، وهذا دليل قربها. أن تلد الأمة ربتها: ففي حديث جبريل أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمارات الساعة، فقال: (أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة يتطاولون في البنيان) . قال ابن حجر: يكثر عقوق الأولاد، فيعامل الولد أمه معاملة السيد أمته من الإهانة والسب والضرب. يرفع العلم ويظهر الجهل: عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم، ويظهر الجهل، ويفشو الزنا، ويشرب الخمر، ويكثر النساء، ويقل الرجال، حتى يكون لخمسين امرأة قيم واحد) . ضياع الأمانة: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: متى الساعة؟ فقال: (إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة) ، قال: وكيف إضاعتها؟ قال: (إذا أسند الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة) (رواه البخاري) . قتال اليهود: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون، حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم! يا عبد الله! هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود) (رواه الشيخان) . الأمارات الكبرى: طلوع الشمس من المغرب: وهي أول العلامات الكبرى ظهورا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن أول الآيات خروجا طلوع الشمس من مغربها، وخروج الدابة على الناس ضحى، وأيهما كانت قبل صاحبتها فالأخرى على أثرها قريبا) (رواه مسلم وأبو داود) . خروج الدابة: وهي المشار إليها في قوله تعالى: (وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون) (النمل:82) . خروج الدجال: ومن أمارات الساعة خروج الدجال الذي وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث يبتلي الله به الناس، فيظهر على يديه بعض الخوارق، والعجائب فيفتن به بعض الناس، ويثبت الله المؤمنين، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فأثنى على الله تعالى بما هو أهله، ثم ذكر الدجال، فقال: (إني لأنذركموه، وما من نبي إلا وقد أنذره قومه، ولكني أقول لكم فيه قولا لم يقله نبي لقومه: إنه أعور وإن الله ليس بأعور) (رواه البخاري ومسلم) . نزول عيسى ابن مريم: أجمعت الأمة ودلت السنة على نزول عيسى ابن مريم عليه السلام آخر الزمان، روى الشيخان عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده، ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد، حتى تكون السجدة الواحدة خير من الدنيا وما فيها) (متفق عليه) . ظهور يأجوج ومأجوج: وهي أمة مفسدة تظهر في أواخر عمر الدنيا، تعيث في الأرض فسادا، قال الله تعالى: (حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون واقترب الوعد الحق) (الأنبياء:96-97) . الدخان وثلاثة خسوف ونار تخرج من اليمن: عن حذيفة بن أسيد قال: اطلع علينا النبي صلى الله عليه وسلم ونحن نتذاكر، فقال: (ما تذاكرون؟) قالوا: نذكر الساعة، قال: (إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات: فذكر الدخان، والدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى عليه السلام، ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب. قال تعالى: (فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين يغشى الناس) (الدخان:10) .

أهوال اليوم الآخر

أهوال اليوم الآخر سماء تنشق، ونجوم تتناثر، وكواكب تتصادم، وأرض تزلزل، وجبال تصبح كثيبا مهيلا، ويدمر كل ما على الأرض. قال تعالى: (يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد) (الحج:1) . وقال تعالى: (يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار) (إبراهيم: 48) . وقال عز وجل: (ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله) (الزمر:68) . ويقول جل شأنه: (فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة فيومئذ وقعت الواقعة وانشقت السماء فهي يومئذ واهية) (الحاقة:13-16) .

البعث

البعث يأمر الله سبحانه بالنفخة الثانية في الصور، وهي المراد من قوله تعالى: (يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة) (النازعات:6-7) . ورد هذا التفسير عن ابن عباس رضي الله عنهما. عند ذلك تعود الحياة إلى الأموات، ويعاد الإنسان روحًا وجسدًا كما كان في الدنيا، ويقول الكفار والمنافقون يومئذ: (يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا) ، فيجيب المؤمنون: (هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون) (يس:52) .

الحشر

الحشر هو سوق الخلق إلى الموقف، وهو المكان الذي يقفون فيه انتظار الفصل والقضاء. عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يُحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا) ، قلت: يا رسول الله! ينظر بعضهم إلى بعض؟ فقال: يا عائشة! الأمر أشد من أن ينظر بعضهم إلى بعض) (رواه مسلم) . ويصيب الخلائق في الموقف كرب عظيم، روى المقداد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تدنى الشمس يوم القيامة من الخلق حتى تكون منهم كمقدار ميل، فيكون الناس على قدر أعمالهم من العرق، فمنهم من يكون إلى كعبيه، ومنهم من يكون إلى ركبتيه، ومنهم من يكون إلى حقويه، ومنهم من يلجمه العرق إلجامًا، وأشار إلى فيه) (رواه البخاري) .

العرض والحساب

العرض والحساب يكون الجزاء يوم القيامة بعد محاكمة عادلة، يعرض فيها الناس على ربهم، وتقام عليهم الحجج، ويطلعون على أعمالهم، قال تعالى: (يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين) (النور:25) . ويقول تعالى: (يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية) (الحاقة:18) . ويكون الحساب العرض على الله تعالى دون واسطة، عن عدي بن حاتم رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما منكم من أحد إلا سيكلمه الله يوم القيامة ليس بينه وبينه ترجمان، ثم ينظر فلا يرى شيئًا قدامه، ثم ينظر بين يديه فيستقبل النار، فمن استطاع منكم أن يتقي النار ولو بشق تمرة) (رواه البخاري) . ويتفضل الله على قوم من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ويستثنيهم من الحساب، كما روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: (يدخل من أمتي الجنة سبعون ألفا بغير حساب) .

الصحف

الصحف هي الكتب التي كتبت فيها الملائكة ما فعله البشر في الحياة الدنيا، قال تعالى: (وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون) (الانفطار:10-12) . يأخذ العباد صحائف أعمالهم يوم القيامة ويقرؤونها، قال تعالى: (ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا) (الإسراء:13-14) . يأخذ المؤمنون صحفهم بأيمانهم، ويتناولها الكفار والمنافقون بشمالهم ومن وراء ظهورهم، قال تعالى: (فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا * وينقلب إلى أهله مسرورا* وأما من أوتي كتابه وراء ظهره فسوف يدعوا ثبورا * ويصلى سعيرا * إنه كان في أهله مسرورا) (الانشقاق:7-13) .

الميزان

الميزان يجب علينا أن نؤمن بما أخبر الله عز وجل ورسوله من أن أعمال العباد خيرها وشرها توزن يوم القيامة بميزان إظهارا لعدل الله عز وجل. قال تعالى: (ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين) (الأنبياء:47) . ويكون هذا الوزن للأعمال بعد إتمام الحساب، لأن الوزن للجزاء، حيث كانت المحاسبة لتقرير الأعمال الحادثة، ويكون الوزن لإظهار مقاديرها ليكون الجزاء بحسبها.

الصراط

الصراط الصراط هو الجسر المنصوب على جهنم، يمر عليه الناس بعد انصرافهم من الموقف. والمرور على الصراط عام لجميع الناس حتى الأنبياء والصديقين، من يحاسب ومن لا يحاسب. قال تعالى: وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا) (مريم:71) . وتكون سهولة المرور عليه بقدر أعمالهم في الدنيا: فمنهم من يمر كانقضاض الكوكب، ومنهم من يمر كالريح أو الطرف، حتى يمر المقل في العمل الصالح تخر منه يد وتعلق يد وتصيب جوانبه النار.

الشفاعة

الشفاعة أثبت الله عز وجل الشفاعة في كتابه، فهي ملك له وحده، قال تعالى: (قل لله الشفاعة جميعا) (الزمر:44) . ويأذن بها لمن يشاء من عباده، قال تعالى: (ما من شفيع إلا من بعد إذنه) (يونس:3) . وقال سبحانه: (لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا) (مريم:87) . والشفاعة تكون لمن ارتضاهم من أهل التوحيد لا لغيرهم، قال تعالى: (ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع) (غافر:18) . سأل أبو هريرة رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أسعد الناس بشفاعتك؟ فقال عليه الصلاة والسلام: (من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه) (رواه البخاري) . أنواع الشفاعة: الشفاعة العظمى للبشر جميعا يوم القيامة، وهي خاصة لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: (عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا) (الإسراء:79) . الشفاعة في إدخال طائفة من المؤمنين الجنة بغير حساب، وهي خاصة بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم كذلك. الشفاعة في أقوام أمر بهم إلى النار، أن لا يدخلوها، ويشترك فيها من أذن لهم من المؤمنين. الشفاعة في من دخل النار من أهل التوحيد أن يخرجوا منها. الشفاعة في رفع درجات أقوام من أهل الجنة.

الجنة والنار

الجنة والنار الجنة والنار مخلوقتان من مخلوقات الله عز وجل، أعدهما الله تعالى للثواب والعقاب. خلقهما الله تعالى قبل الخلق، وهما موجودتان الآن، وباقيتان ولا تبيدان. وقد أكثر الله من ذكرهما في القرآن في آيات كثيرة، قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون) (التحريم:6) . وقال سبحانه: (إن المتقين في مقام أمين في جنات وعيون يلبسون من سندس وإستبرق متقابلين كذلك وزوجناهم بحور عين يدعون فيها بكل فاكهة آمنين لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى ووقاهم عذاب الجحيم) (الدخان:51-57) . كما كثر ذكرهما في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال في وصف النار: (ناركم جزء من سبعين جزءا من نار جهنم) ، قيل: يا رسول الله! إن كانت لكافية (صحيح البخاري) . وقال في وصف الجنة: (قال رب العزة: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فاقرؤوا إن شئتم: فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين) (رواه البخاري) . والمسلم يؤمن بأن العذاب في النار، والنعيم في الجنة حقيقي بالنفس والجسد معا. ويؤمن كذلك بأن لأهل الجنة ولأهل النار خلود فيهما، وفي ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا صار أهل الجنة إلى الجنة، وأهل النار إلى النار، جيء بالموت حتى يجعل بين الجنة والنار، ثم يذبح، ثم ينادي مناد: يا أهل الجنة! لا موت، يا أهل النار! لا موت، فيزداد أهل الجنة فرحا إلى فرحهم، ويزداد أهل النار حزنا إلى حزنهم) (رواه البخاري) .

المراجع

المراجع: الإيمان، للدكتور محمد نعيم ياسين. أعلام السنة المنشورة، للشيخ حافظ حكمي.

الإيمان بالقدر

الإيمان بالقدر

تعريف القضاء والقدر

تعريف القضاء والقدر القدر: علم الله تعالى بما تكون عليه المخلوقات في المستقبل. القضاء: إيجاد الله تعالى الأشياء حسب علمه وإرادته. وعقيدة القدر مبنية على الإيمان بصفات الله العلى وأسمائه الحسنى، ومن الصفات التي بنيت عليها عقيدة القدر: العلم والقدرة، قال تعالى: (فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء) (يس:83) . وقال سبحانه: (يدبر الأمر ما من شفيع إلا من بعد إذنه) (يونس:3) .

موقف المسلم من القضاء والقدر

موقف المسلم من القضاء والقدر يجب على كل مسلم أن يؤمن بالقدر خيره وشره من الله تعالى. والإيمان بالقدر يتضمن أربع مراتب: الإيمان بعلم الله للأحداث قبل وقوعها. كتابة ذلك في اللوح المحفوظ. الإيمان بمشيئة الله النافذة. خلق الله للعباد وأفعالهم. أفعال العباد: إن الله خلق العباد وخلق أفعالهم من خير وشر. وتقسيم القدر الذي يجب الإيمان به إلى خير وشر إنما هو بإضافته إلى الناس. فالقدر خير كله بالنسبة لله عز وجل، فالله سبحانه وتعالى لم يخلق شرا محضا من جميع الوجوه، فالمرض شر من جهة كونه بلاء للإنسان، لكنه خير من جهة رفعه الدرجات ومطهرة للذنوب، وكونه يعرف العبد بنعمة الله عليه في الصحة، وكذا الموت وغير ذلك من البلاء. وقد احتج الكفار بقدر الله على كفرهم، ومثل هؤلاء بعض العصاة من المسلمين يحتجون بالقدر على المعصية ويرد عليهم بردود. أما المسلم فيقال له لابد من الإيمان بعدل الله وأنه منزه عن الظلم، ولا شك أن عقاب المكره على الفعل ظلم، والاحتجاج بالقدر على المعصية مع ظهور عقابه سبحانه للعصاة فيه نسبة الظلم إلى الله. أما في قول الكافر: إن الله كتب عليّ الكفر، فهو تقوّل على الله بغير علم، فهل اطلع على اللوح المحفوظ ليقول ذلك؟ يقول تعالى: (وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون) (الأعراف:28) . والكلام في القدر كالكلام في الرزق، فكما يوقن العبد أن الله كتب له الرزق، ومع ذلك يسعى لطلبه، فكذلك ينبغي أن يسعى للعمل الصالح ليحصل ما كتبه الله له من دخول الجنة. إن الله قادر لو شاء أن يخلق بني آدم بطبيعة لا تعرف إلا الهدى، ولكن الله شاء أن يبتلي بني آدم بالقدرة على الاتجاه إلى الهدى أو الضلال، ليعين من اتجه منهم إلى الهدى عليه، ويمد من يتجه منهم إلى الضلال في غيه. فالعبد مطالب قبل الفعل بطاعة الله عز وجل، وبعد الفعل بشكره إذ وفقه لذلك، كما أنه مطالب إن عصى ربه بالتوبة والرجوع إليه، ويلزمه أن يكره المعصية قبل وقوعه فيها ليصرفه ذلك عنها، وبعد وقوعها ليدفعه ذلك إلى التوبة، فلابد أن يفعل ما أمر به حال الطاعة أو المعصية. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز) (رواه مسلم) .

أثر عقيدة القدر في حياة المسلم

أثر عقيدة القدر في حياة المسلم عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أنه قال لابنه عند الموت: يا بني! إنك لن تجد طعم حقيقة الإيمان حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (أول ما خلق الله القلم، قال له: اكتب، فقال: يا رب وما أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة) ، يا بني! إني سمعت رسول الله يقول: (من مات على غير هذا فليس مني) (رواه أبو داود) . تسكب تلك العقيدة في نفوس البشر الطمأنينة، وفي قلوبهم السكينة، وتربيهم على العزة والشجاعة. يستصغر المسلم قوى الأرض أمام إيمانه بقدر الله، وقد كان الصحابة يخوضون الحروب مع من هم أقوى منهم عتادا وأكثر عددا، فلا يصدنهم ذلك عن قتالهم، إذ يعلمون أن ما أصابهم لم يكن ليخطئهم، قال تعالى: (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون) (التوبة:51) . سرعان ما يستعيد المسلم رباطة جأشه وتفاؤله بعد نزول المصيبة إذ أنه يسلم لقدر الله في ذلك، فيصبر ويحتسب، بعكس الكافر أو ضعيف الإيمان الذي قد يقتل نفسه أو ينزوي عند أهون المصائب. يوقن المسلم أن رزقه مكتوب ومقدر، كما أن أجله كذلك مكتوب ومقدر، فلا تذهب نفسه حسرة على فوات شيء من الدنيا، وإنما يعيش في رضا برزق الله تعالى: (وما من دابة إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين) (هود:6) . تعلم النفس المؤمنة أن الله الذي قدر لها الخير أو الشر حكيم رحيم، فلا يبطر لنعمة ولا يجزع لمصيبة، فنفسه شاكرة في السراء والضراء، فعن صهيب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له) (رواه مسلم) . الإيمان بالقضاء والقدر يجعل العبد المسلم يهنأ في الدنيا بعيش سعيد مستقر، بعكس الكافر الذي لا يؤمن بالقدر، يقول تعالى: (فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا) (طه:123-124) .

الإيمان بالقدر لا ينافي الأخذ بالأسباب

الإيمان بالقدر لا ينافي الأخذ بالأسباب إن الذي خلق الأسباب هو الذي خلق النتائج، فمن أراد النسل مثلا لابد أن يتزوج، وهذا مستقر في البشر ولكن هذا الزواج قد يعطي الثمار وهي النسل وقد لا يعطي وذاك هو القدر، قال تعالى: (يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما إنه عليم قدير) (الشورى:49-50) . وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الأسباب المشروعة هي من القدر، فقيل له: أرأيت رقىً نسترقي وأدوية نتداوى بها، هل ترد من قدر الله شيئا، فقال: (هي من قدر الله) (رواه ابن ماجه والترمذي وأحمد) . وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتداوي فقال: (تداووا فإن الله لم يضع داء إلا وضع له دواء، غير داء واحد: الهرم) (رواه الأربعة) . وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أفضل المتوكلين، يمشي في الأسواق للاكتساب، ويلبس لأمة الحرب (أي الدرع وغيرها) . لقي عمر رضي الله عنه جماعة من أهل اليمن يحجون بلا زاد، فقال: من أنتم؟ قالوا: نحن المتوكلون، قال: بل أنتم المتأكلون، إنما المتوكل الذي يلقي حبه في الأرض ثم يتوكل على الله (رواه ابن أبي الدنيا في التوكل، وروى البخاري نحوه) . قال سهل بن عبد الله: من طعن في الأسباب فقد طعن في السنة، ومن طعن في التوكل فقد طعن في الإيمان، فإن التوكل حال النبي صلى الله عليه وسلم والكسب سنته، فمن عمل على حاله فلا يتركن سنته (مدارج السالكين، 3/16) .

المراجع

المرجع: الإيمان، للدكتور محمد نعيم ياسين.

الفقه الإسلامي

الفقه الإسلامي

تعريف الفقه

تعريف الفقه: الفقه لغة: الفهم والعلم. واصطلاحًا: العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية. فالفقه -بناء على هذا التعريف- ما اجتمع فيه أمران: المعرفة والدليل. فمعرفة الحكم الشرعي وحدها لا تسمى فقهًا، بل لابد من أن ينضم إليها الدليل الذي استقيت منه هذه المعرفة. (من كتاب التعريف بالفقه الإسلامي، د. محمد فوزي فيض الله) .

أهمية الفقه

أهمية الفقه: حرص الإسلام على تنظيم العلاقة بين الإنسان وخالقه عن طريق العبادات المتنوعة من صلاة وصيام، وصدقة وحج، وذكر ودعاء، وتلاوة قرآن ونحو ذلك. كما حرص على تنظيم العلاقة بين الإنسان وأخيه الإنسان عن طريق (المعاملات) التي حددت الحقوق والواجبات، ووضحت ما يجب وما يستحب، وما يحرم وما يكره، وما يباح في علاقة الفرد بالفرد، وعلاقة الفرد بالأسرة، وعلاقة الفرد بالمجتمع، وعلاقة المجتمع بالمجتمعات الأخرى. ويهدف الإسلام من تنظيم هذه العلاقات إلى إقامة العدل والقسط بين الناس، ورفع أسباب التخاصم والنزاع من بينهم، وإعطاء كل ذي حق حقه، فتطمئن النفوس، وتُصان الحرمات، ويستقر التعامل على أساس عادل متين. وقد ذكر القرآن الكريم أن من أهم أهداف رسالات السماء أن يقوم العدل بين الناس، قال تعالى: (ولقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط) (الحديد:25) .

مكانة الفقه في التشريع الإسلامي

مكانة الفقه في التشريع الإسلامي: إن من أعظم القربات إلى الله تبارك وتعالى نشر الدعوة الإسلامية وبث الأحكام الدينية، حتى يكون الناس على بينة من أمرهم في عباداتهم وأعمالهم، قال الله تعالى: (وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) (التوبة: 122) . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين، وإنما العلم بالتعلم، وإن الأنبياء -صلوات الله وسلامه عليهم- لم يورِّثوا دينارًا ولا درهمًا، وإنما ورَّثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر) (رواه البخاري ومسلم) .

خصائص الفقه الإسلامي

خصائص الفقه الإسلامي: تتجلى في الفقه الإسلامي مميزات وخصائص، ينفرد بها عما دونه من التقنينات الوضعية، ومن أهم هذه الخصائص ما يلي: أولاً: أنه تشريع إلهي يقوم أساساً على الوحي، الكتاب والسنة، وكل ما قاله الفقهاء يرجع إليهما، وليس للفقيه ولا للمجتهد أن يخالفا عنهما، وفي هذا يقول الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى- في رسالته: (ليس لأحد بلغته سنة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يدعها لقول أحد) . ويقول الله تعالى في وجوب الرجوع إلى الكتاب والسنة: (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) (النساء:83) . وأولو الأمر هنا هم العلماء الفقهاء المجتهدون في الأحكام. ثانياً: أن الفقه الإسلامي تشريع عام شامل، بمعنى أنه ينظم علاقة الإنسان بربه، وعلاقته بأخيه الإنسان، الذي يوافقه في الدين أو يخالفه فيه، فالإنسان محفوف بعناية ربه، موجه إلى الحق والطريق المستقيم خاضع للتنظيم الإلهي في سائر أحواله، الدينية والدنيوية، وفي كل زمان ومكان. ثالثاً: تخضع أحكام الفقه الإسلامي لرقابة داخلية يفجرها الإيمان في ضمير المسلم وفي نفسه. وهذا ضمان مؤيد لسلامة الأحكام الشرعية وانتظامها في التطبيق، ويغني عن كثير من الرقابات والتقنينات التي تغص بها الأنظمة المادية، فالمسلم يعتقد أن الله تعالى معه في كل حال، مطلع على سير أعماله وخوالج نواياه، ومقاصده من تحركاته كلها، وأنه تعالى سيحاسبه على كل ذلك. وقد فصلت بعض الأحكام في الفقه الإسلامي، بين حكم القضاء وحكم الديانة: فالمرأة مثلاً يجب عليها أن تقوم بشأن البيت، وتعهد الأسرة، ديانة لا قضاء، بمعنى أن الحاكم لا يجبرها على ذلك، لكنها تأثم بتركه بينها وبين الله تعالى. وإذا قضى القاضي بالبينة التي بين يديه، وكانت في الواقع زوراً، لا يحل قضاؤه الحرام ولا يحرم الحلال. رابعاً: إن روح الفقه الإسلامي تتمثل في تحقيق العدالة والمساواة بين الناس، فالأحكام الشرعية يخاطب بها النبي - صلى الله عليه وسلم - وسائر المسلمين، إلا ما كان منها من خصائصه صلى الله عليه وسلم - ويستوي فيها الحاكم والمحكوم. خامساً: إن الفقه الإسلامي يمثل الفكر الإسلامي الأصيل، والروح الإسلامية الأصيلة، فقد ابتنى على الكتاب والسنة، وعلى غيرهما مما أقامه الشارع نفسه دليلاً يُهتدى به في التشريع، حينما لا يوجد نص فيهما. (من كتاب: التعريف بالفقه الإسلامي، د. محمد فوزي فيض الله)

السيرة النبوية

السيرة النبوية

تعريف السيرة وأهميتها

تعريف السيرة وأهميتها

تعريف السيرة النبوية

تعريف السيرة النبوية: - السيرة لغة: تعني السّنة والطريقة، والحالة التي يكون عليها الإنسان وغيره. يُقال فلان له سيرة حسنة، وقال تعالى: (سنعيدها سيرتها الأولى) (طه:21) . - السيرة اصطلاحًا: السيرة اصطلاحًا تعني قصة الحياة وتاريخها، وكتبها تسمّى: كتب السير، يُقال قرأت سيرة فلان: أي تاريخ حياته. والسيرة النبوية تعني مجموع ما ورد لنا من وقائع حياة النبي صلى الله عليه وسلم وصفاته الخُلقية والخَلقية، مضافا إليها غزواته وسراياه صلى الله عليه وسلم.

أهمية السيرة ومكانتها

أهمية السيرة ومكانتها: 1- السيرة النبوية هي السبيل إلى فهم شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم، من خلال حياته وظروفه التي عاش فيها، للتأكد من أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن مجرد عبقري سمت به عبقريته، ولكنه قبل ذلك رسول أيده الله بوحي من عنده. 2- تجعل السيرة النبوية بين يدي الإنسان صورة للمثل الأعلى في كل شأن من شؤون الحياة الفاضلة، يتمسك به ويحذو حذوه، فقد جعل الله تعالى الرسول محمدًا صلى الله عليه وسلم قدوة للإنسانية كلها، حيث قال سبحانه: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر) (الأحزاب:21) . 3- السيرة النبوية تعين على فهم كتاب الله وتذوق روحه ومقاصده، فكثير من آيات القرآن الكريم إنما تفسرها وتجليها الأحداث التي مرت برسول الله صلى الله عليه وسلم. 4- السيرة النبوية صورة مجسدة نيرة لمجموع مبادئ الإسلام وأحكامه، فهي تكوّن لدى دارسها أكبر قدر من الثقافة والمعارف الإسلامية، سواء ما كان منها متعلقًا بالعقيدة أو الأحكام أو الأخلاق. 5- السيرة النبوية نموذج حي عن طرائق التربية والتعليم، يستفيد منه المعلم والداعية المسلم. فقد كان الرسول محمد صلى الله عليه وسلم معلمًا ناجحًا ومربيًا فاضلاً، لم يأل جهدًا في تلمس أجدى الطرق الصالحة في التربية والتعليم، خلال مختلف مراحل دعوته. 6- من خلال السيرة نتعرّف على جيل الصحابة الفريد، الذي كان صدى للقرآن، وكان التطبيق العملي لحكم الله أمرًا ونهيًا. 7- تمتاز سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم بأنها نُقلت إلينا كاملة في كلياتها وفي جزئياتها، ولا تملك الإنسانية اليوم سيرة شاملة لنبي غير السيرة النبوية على صاحبها صلوات الله وتسليمه.

المراجع

(بتصرف من كتاب «فقه السيرة» للدكتور محمد سعيد رمضان البوطي) .

حياته صلى الله عليه وسلم من مولده إلى بعثته

حياته صلى الله عليه وسلم من مولده إلى بعثته

نسبه صلى الله عليه وسلم

نَسَبُه صلى الله عليه وسلم: الرسول صلى الله عليه وسلم هو: (محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم ابن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مُرة بن كعب بن لُؤَيّ بن غالب بن فِهر بن مالك ابن النَّضر بن كِنانة بن خُزيمة بن مُدركة بن إلياس بن مُضر بن نزار بن معد بن عدنان) (رواه البخاري) ، وعدنان من ولد إسماعيل الذبيح بن إبراهيم عليهما السلام. وأبوه: عبد الله بن عبد المطلب، كان أجمل قريش (قبيلة قريش) وأحب شبابها إليها، عاش طاهرًا كريمًا حتى تزوج بآمنة بنت وهب أم الرسول صلى الله عليه وسلم. وأمّه: آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب، وزهرة هو أخو قصي بن كلاب جد الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان أبوها سيد بني زهرة. وجدّه: عبد المطلب بن هاشم، هو سيد قبيلة قريش، أعطته رياستها لخصاله الوافرة، وقوة إرادته، وعزيمته على فعل الخير لكل الناس، وقد اشتهر بحفر بئر (زمزم) التي تسقي الناس بمكة المكرمة إلى يومنا هذا.

مولده صلى الله عليه وسلم

مولده صلى الله عليه وسلم: ولد النبي صلى الله عليه وسلم في يوم الاثنين، لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول، من عام الفيل، وقصة أصحاب الفيل معروفة ذكرها القرآن الكريم في سورة الفيل (1ـ5) ، وذلك أن أبرهة ملك اليمن أراد أن يهدم الكعبة (بيت الله الحرام في مكة) فساق إليها جيشًا عظيمًا ومعهم فيل، فردّ الله كيدهم وحفظ الكعبة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزال جنينًا في بطن أمه التي رأت حين وضعته نورًا خرج منها أضاءت منه قصور بُصرى من أرض الشام. ومات أبوه عبد الله، وهو لا يزال جنينًا في بطن أمه، فلما ولد كان في حجر جده عبد المطلب يرعاه وينظر حاجته هو وأمه.

مرضعاته صلى الله عليه وسلم

مرضعاته صلى الله عليه وسلم: جاءت نسوة من بني سعد بن بكر يطلبن أطفالاً يرضعنهم، فكان الرضيع المبارك من نصيب حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية، واسم زوجها أبو كبشة، ودرّت البركات على أهل ذاك البيت الذين أرضعوه مدة وجوده بينهم، وقد مكث فيهم ما يربو على أربع سنوات. وقد صحّ أن ثويبة -مولاة أبي لهب- أرضعته قبل أن تذهب به حليمة السعدية.

معجزة شق صدره صلى الله عليه وسلم

معجزة شق صدره صلى الله عليه وسلم: وقعت هذه المعجزة للنبي صلى الله عليه وسلم مرتين، الأولى في بادية بني سعد وهو عند مرضعته حليمة، وكان في الرابعة من عمره. وقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل عليه السلام وهو يلعب مع الغلمان، فأخذه فصرعه فشق عن قلبه فاستخرج القلب، فاستخرج منه علقة فقال: هذا حظ الشيطان منك ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم، ثم لأَمه -أي جمعه وضم بعضه إلى بعض- ثم أعاده في مكانه، وجاء الغلمان يسعون إلى أمّه -يعني ظِئْره أي مرضعته- فقالوا: إن محمدًا قد قتل، فاستقبلوه وهو منتقع اللون. قال أنس: وقد كنتُ أرى أثر المخيط في صدره) . وأما المرة الثانية التي وقعت فيها تلك المعجزة فقد كانت في ليلة الإسراء كما روى ذلك البخاري ومسلم.

وفاة آمنة أمه صلى الله عليه وسلم

وفاة آمنة أُمّه صلى الله عليه وسلم: خافت حليمة وزوجها على محمد صلى الله عليه وسلم بعد حادثة شق الصدر، فعادا به إلى أُمِّه آمنة، فمكث عندها إلى أن بلغ ست سنين، ثم خرجت به إلى المدينة إلى أخواله بني عدي بن النجار، تزورهم به، ومعها أم أيمن تحضنه، فأقامت عندهم شهرًا ثم رجعت به إلى مكة فتوفيت بالأبواء (قرية على يمين الطريق المتجه إلى مكة المكرمة من المدينة المنورة) .

رعاية جده عبد المطلب له صلى الله عليه وسلم

رعاية جّده عبد المطلب له صلى الله عليه وسلم: ترك يُتم النبي صلى الله عليه وسلم في نفسه أبلغ الأثر، إذ وُلد يتيم الأب وماتت أمُّه وهو ابن ست سنين، فلما توفيت ضمّه جدُّه عبد المطلب إليه ورقّ عليه رِقةً لم يرقها على ولده، وقرّبه وأدناه، وإن قومًا من بني مدلج قالوا لعبد المطلب: احتفظ به، فإنّا لم نر قدمًا أشبه بالقدم التي في المقام منه (هي أثر إبراهيم عليه السلام في المقام الإبراهيمي بجوار الكعبة) ، فقال عبد المطلب لأبي طالب: اسمع ما يقول هؤلاء، فكان أبو طالب يحتفظ به. فلما حضرت عبدَ المطلب الوفاةُ أوصى أبا طالب بحفظه. ومات عبد المطلب فدفن بالحَجون (جبل بأعلى مكة) ، وهو ابن اثنتين وثمانين سنة، ولمحمد يومئذ ثماني سنين، ولا شك أن محمدًا صلى الله عليه وسلم أحسَّ بفقدان جده عبد المطلب لما كان يَحْبُوه به من العطف والرعاية.

كفالة عمه أبي طالب له صلى الله عليه وسلم

كفالة عمه أبي طالب له صلى الله عليه وسلم: أوصى عبد المطلب ابنه أبا طالب بحفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ورعايته، فلما توفي عبد المطلب ضم أبو طالب رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فكان معه، وكان أبو طالب لا مال له، وكان يحبّ محمدًا صلى الله عليه وسلم حبًّا شديدًا لا يحبه ولده، وكان لا ينام إلا إلى جنبه، ويخرج فيخرج معه، وكان يخصه بالطعام، وكان إذا أكل عيال أبي طالب جميعًا أو فرادى لم يشبعوا، وإذا أكل معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم شبعوا، فيقول أبو طالب: إنك لمبارك. ومما يدل على شدة محبة أبي طالب إياه، صحبته له في رحلته إلى الشام، ويبدو أنه في فترة حضانة أبي طالب له ساعده محمد صلى الله عليه وسلم في رعي غنمه، وقد ثبت في البخاري ومسلم أنه عمل على رعيها لأهل مكة، مقابل قراريط. ولعل ضيق حال أبي طالب هو الذي دفع محمدًا صلى الله عليه وسلم إلى العمل لمساعدته. ورعي الغنم فيه دربة لرسول الله صلى الله عليه وسلم على رعاية البشر فيما بعد، فقد أَلِفَ العمل والكفاح منذ طفولته، واعتاد أن يهتم بما حوله، ويبذل العون للآخرين، وربما يذكرنا رعيه للغنم بأحاديثه التي تحث على الإحسان للحيوان.

زواجه صلى الله عليه وسلم من خديجة بنت خويلد رضي الله عنها

زواجه صلى الله عليه وسلم من خديجة بنت خويلد رضي الله عنها: لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسًا وعشرين سنة، تزوج خديجة بنت خويلد، وهي من سيدات قريش، ومن فضليات النساء، وكانت أرملة توفي زوجها أبو هالة، وكانت إذ ذاك في الأربعين من عمرها، وقيل في الثامنة والعشرين، وكانت امرأة تاجرة، تستأجر الرجال في مالها، وتضاربهم بشيء تجعله لهم. وخديجة رضي الله عنها أول امرأة يتزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يتزوج عليها في حياتها، وولدت له كل ولده إلا إبراهيم، فولدت القاسم وعبد الله (الملقب بالطيب والطاهر) ، وثلاث بنات هن: أم كلثوم، ثم فاطمة، ثم رقية. أما إبراهيم فقد ولدته مارية القبطية التي أهداها له مقوقس مصر. وقد مات القاسم وعبد الله قبل الإسلام، أما البنات فأدركن الإسلام وأسلمن رضي الله عنهن، وتوفيت خديجة رضي الله عنها قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بثلاث سنين. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يثني عليها، ويظهر محبتها وتأثره لدى ذكرها بعد وفاتها، فقد كانت لها مواقف عظيمة في الإسلام، وفي نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم والإيمان به.

مظاهر من حفظ الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم قبل بعثته

مظاهر من حفظ الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم قبل بعثته: 1 - حفظه صغيرًا بداية من إرضاعه واصطفائه من أوسط النسب وأشرفه، وولادته من نكاح صحيح وليس من سفاح باطل. 2 - كفالة جده عبد المطلب -وهو سيد قريش- له طفلاً إلى أن بلغ الثامنة من عمره وتوفي جدّه، فانتقل إلى كفالة عمه أبي طالب -وهو سيد قريش أيضًا- وفي ذلك ما فيه من المنعة. والتاريخ يحدّث بحب عبد المطلب وأبي طالب الشديد للرسول صلى الله عليه وسلم. 3 - حفظه شابًا من أن يقع فيما يقع فيه الشباب من الفحش والخنا، والأدلة على ذلك كثيرة منثورة في كتب السيرة، وقد اشتهر صلى الله عليه وسلم بين قومه وهو شاب بالصدق والأمانة. 4 - حفظ قلبه طاهرًا فلم يعبد إلهًا غير الله عز وجل، ولم يسجد لصنم، ولم يتمسح بوثن، ولم يحلف بغير الله، هذا مع بغضه الشديد لآلهة قومه (اللات والعُزّى وغيرهما) . 5 - إعداده إعدادًا معصومًا من نزغ الشيطان ونفثه، وحفظ باطنه صحيحًا، وقد تجلى هذا في حادثة شق الصدر الأولى والثانية. وجملة القول: إن الله تعالى هيأ لرسوله صلى الله عليه وسلم من الحفظ والرعاية ما جعله جديرًا بتلقي الرسالة الخاتمة لهداية البشر.

البشارات برسالته صلى الله عليه وسلم

البشارات برسالته صلى الله عليه وسلم: جاءت في القرآن الكريم بشارة عيسى عليه السلام لقومه ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم، قال الله عز وجل: (وإذ قال عيسى بن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقًا لما بين يديَّ من التوراة ومبشرًا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين) (الصف:6) . وجاءت في إنجيل برنابا عبارات مصرحة باسم النبي صلى الله عليه وسلم، مثل العبارة: (163/7: أجاب التلاميذ: يا معلم! مَن عسى أن يكون ذلك الرجل الذي تتكلم عنه، الذي سيأتي إلى العالم، أجاب يسوع بابتهاجِ قلبٍ: إنه محمد رسول الله) . وتكررت مثل هذه العبارات في إنجيل برنابا (حرمت الكنسية تداوله في آخر القرن الخامس الميلادي وهو الآن مطبوع) ، وكذلك في إنجيل لوقا (2/14) بلفظ: (أحمد) ، وفي إنجيل يوحنا جاءت البشارة بلفظ: (الفار قليط) ، ومعناها الحامد أو الحمّاد أو أحمد. وفي التوراة كان الإخبار والتبشير بنبوته صلى الله عليه وسلم، ولكن يد التحريف طالتها، قال الله عز وجل: (الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل والقرآن، يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث، ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم) (الأعراف:157) . قال ابن تيمية (في الجواب الصحيح) : (والأخبار بمعرفة أهل الكتاب بصفة محمد صلى الله عليه وسلم عندهم في الكتب المتقدمة متواترة عنهم) . هذا عدا ما كانت تحدث به يهود، ورهبان النصارى، والعرب وكثير من الأمم بأن نبيًا قد اقترب زمانه وآن أوانه. والبشارات برسالته صلى الله عليه وسلم كثيرة، يضيق المقام عن حصرها، وتلتمس في مظانها.

أسماؤه صلى الله عليه وسلم

أسماؤه صلى الله عليه وسلم: ومن أسمائه صلى الله عليه وسلم: محمد , أحمد , الماحي. الذي يمحو الله به الكفر، والحاشر الذي يحشر الناس على عقبيه، والعاقب الذي ليس بعده نبي، ونبي التوبة، وسماه الله تعالى رؤوفا رحيماً.

صفته صلى الله عليه وسلم

صفته صلى الله عليه وسلم: كان صلى الله عليه وسلم ليس بالطويل البائن، ولا بالقصير، والا بالأبيض الأمهق (اي ليس شديد البياض) ، ولا الآدم (الأسمر) ، ولا بالجعد القطط (لم يكن ذا شعر ملتو قصير) ، ولا السبط (المسترسل) ، رَجَل الشعر (بين البسط والجعد) ، أزهر اللون (أبيض مشرق) ، مشرباً بحمرة في بياض ساطع، كأن وجهه القمر حسناً، ضخم الكراديس (المفاصل) ، أوطف الأشفار (طول شعر الجفنين) ، أدعج العينين (شديد سوادها وبياضها مع اتساعها) ، في بياضهما عروق حمر رقاق، حسن الثغر، واسع الفم، حسن الأنف، إذا مشى كأنه يتكفأ (يندفع إلى الأمام) ، إذا التفت التفت بجميعه، كثير النظر إلى الأرض، ضخم اليدين لينهما، قليل لحم العقبين، كث اللحية واسعها، أسود الشعر، ليس لرجليه أخمص (باطن القدم) ، إذا طوّل شعره فإلى شحمة أذنيه (أسفلها) ، وإذا قصّره فإلى أنصاف أذنيه، لم يبلغ شيب رأسه ولحيته عشرين شيبه وكان على نُغض (العظم الرقيق) كتفه الأيسر خاتم النبوة كأنه بيضة حمام، لونه لون جسده، عليه خيلان (جمع خال وهي الشامة) ، ومن فوقه شعرات.

شهوده صلى الله عليه وسلم بنيان الكعبة

شهوده صلى الله عليه وسلم بنيان الكعبة: لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خمساً وثلاثين سنة شهد بنيان الكعبة، وتراضت قريش بحكمه فيها، وكانوا قد اختلفوا فيمن يضع الحجر الأسود مكانه فاتفقوا على أن يحكم بينهم أول داخل يدخل المسجد، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: هذا الأمين، فقال: هلموا ثوباً، فوضع الحجر فيه وقال: لتأخذ كل قبيلة بناحية من نواحيه وارفعوه جميعاً، ثم أخذ الحجر بيده فوضعه في مكانه.

المراجع

من مصادر هذه المرحلة: 1. الطبقات الكبرى، لمحمد بن سعد. 2. السيرة النبوية، لابن الجوزي. 3. دلائل النبوة، لأبي نعيم الأصبهاني. 4. نور اليقين في سيرة سيد المرسلين، لمحمد الخضري بك. 5. السيرة النبوية الصحيحة، للدكتور أكرم ضياء العمري. 6. نبوة محمد (صلى الله عليه وسلم) بين الشك واليقين، فاضل صالح السامرائي.

المرحلة المكية

المرحلة المكية من بعثته صلى الله عليه وسلم إلى هجرته إلى المدينة

بدأ الوحي

بدأ الوحي: عن عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها قالت: أول ما بُدِئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلاّ جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبّب إليه الخلاء، وكان يخلو بغار حراء، فيتحنّث فيه - أي يتعبّد - الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله، ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها، حتى جاءه الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملك فقال: اقرأ، قال ما أنا بقارئ، قال: فأخذني فغطّني - أي ضمّني ضماً شديداً - حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ، قلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطّني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال اقرأ، فقلت ما أنا بقارئ فأخذني فغطّني الثالثة، ثم أرسلني فقال: (اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق. اقرأ وربك الأكرم.) (العلق/ 1-3) ، فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد رضي الله عنها فقال: زمّلوني زمّلوني - أي ضعوا عليّ غطاءً -، فزمّلوه حتى ذهب عنه الروع - يعني الخوف -، فقال لخديجة وأخبرها الخبر: لقد خشيت على نفسي، فقالت خديجة: كلا والله ما يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكلّ -أي المريض المتعب -، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق - يعني الموت -. فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزّى، ابن عم خديجة، وكان امرءاً تنصّر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العبراني، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ماشاء الله أن يكتب، وكان شيخاً كبيراً قد عمي، فقالت له خديجة: يا ابن العم اسمع من ابن أخيك. فقال له ورقة: يا ابن أخي ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى، فقال له ورقة: هذا النّاموس الذي نزّل الله على موسى - يعني جبريل عليه السلام-، يا ليتني فيها جذعٌ - أي شاب -، ليتني أكون حيًّا إذ يخرجك قومك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أو مخرجي هم؟ قال: نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً، ثم لم ينشب - يلبث - ورقة أن توفي، وفتر الوحي - أي انقطع فترة -. (رواه البخاري ومسلم) .

تتابع نزول الوحي وكيفيته

تتابع نزول الوحي وكيفيته: استمر الرسول صلى الله عليه وسلم في تعبده في غار حراء، فعاد الوحي وكان أول ما نزل بعد فترة انقطاعه الأولى قوله تعالى: (يا أيها المدثر) . ثم أبطأ الوحي عدة ليال فقال المشركون: قد ودّع محمداً ربُّه، فأنزل الله عز وجل (والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى) (الضحى/ 1-3) . وكان الرسول صلى الله عليه وسلم حريصاً على حفظ القرآن فيحرك لسانه به، فنزلت الآية: (لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه) (القيامة/9) . وقد كان يأتيه الوحي مثل صلصلة الجرس - وهو أشد الوحي عليه - فيفصم عنه وقد وعى عنه ما قال، وأحياناً كان يأتيه الملك على هيئة رجل فيكلمه فيعي ما يقول. والمشهور أن نزول الوحي استغرق ثلاثاً وعشرين سنة منها ثلاثة عشر عاماً بمكة، وعشر سنين بالمدينة.

أوائل المسلمين إسلاما

أوائل المسلمين إسلاماً: كانت خديجة رضي الله عنها أول من آمن، ثم آمن من الصبيان عليّ رضي الله عنه، ثم آمن من الرجال أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وزيد بن حارثة، وبلال بن رباح، وسعد بن أبي وقاص، وعثمان بن عفان، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وخالد بن سعيد بن العاص، وعبد الله بن مسعود، وخباب بن الأرت، وعمار بن ياسر، وعمرو بن عبسة السلمي، وأبو ذر الغفاري، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو عبيدة بن الجراح، وعثمان بن مظعون، وسعيد بن زيد، وأسماء بنت أبي بكر، وفاطمة بنت الخطاب، وخلق آخرون، ثم عمربن الخطاب الذي قيل إن الله أتم به أربعين من الصحابة، وقبله أسلم حمزة بن عبد المطلب عمّ الرسول صلى الله عليه وسلم وأخوه من الرضاعة، وأسلم أيضاً المقداد بن الأسود ولكنه كان يكتم إيمانه، رضي الله عنهم أجمعين. وأسلم الطفيل بن عمرو الدوسي رضي الله عنه، ودعا قومه إلى الإسلام ولقي منهم صدوداً، فطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدعو عليهم، ولكن الرسول دعا لهم بالهداية، فهداهم الله وجاءت دوس مسلمة لله ورسوله بعد عدة سنوات.

استماع الجن للقرآن وإسلامهم

استماع الجن للقرآن وإسلامهم انطلق قوم من الجن - بعد أن حيل بين الجن وبين خبر السماء - نحو تهامة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنخلة - مكان على مسيرة ليلة من مكة - وهو عامد إلى سوق عكاظ، وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر، فلما سمعوا القرآن تسمّعوا له، فقالوا هذا الذي حال بينكم وبين خبر السماء، فهنالك رجعوا إلى قومهم فقالوا: (إنا سمعنا قرآناً عجباً يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحداً..] ) (الجنّ/ 1-2) ، وأوحى الله عز وجل إلى رسوله صلى الله عليه وسلم قولهم هذا، وقد دعا الجنُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الحادثة، وذهب وقرأ عليهم القرآن، ثم عاد وأرى أصحابه آثارهم ونيرانهم.

الدعوة السرية إلى الإسلام

الدعوة السرّيّة إلى الإسلام بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الإسلام، من أول ما أنزلت عليه النبوة ثلاث سنين مستخفياً، ثم أُمر بإظهار الدعوة بنزول قول الله عز وجل: (وأنذر عشيرتك الأقربين) (الشعراء/ 214) .

صبره صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه على إيذاء المشركين

صبره صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه على إيذاء المشركين جاهرت قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعداوة والأذى، وكان عمه أبو طالب يمنعهم مع بقائه على دين قومه، في حين أن عمه أبا لهب كان أشد قومه وأولهم إيذاءً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، واشتركت بطون قريش ورجال منها في إيذائه كذلك، واشتدوا في هذا الإيذاء، يعذبون من لا منعة - حماية - عنده ويؤذون من لا يقدرون على عذابه، والإسلام على هذا ينتشر في الرجال والنساء، ولقي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من العذاب أمراً عظيماً، ورزقهم الله تعالى على ذلك من الصبر أمراً عظيماً.

بعض مظاهر أذى قريش للمسلمين

بعض مظاهر أذى قريش للمسلمين

الضرر المادي والسب العلني

الضرر المادي والسب العلني: ومن ذلك وضعهم بقايا الحيوانات ودماءها ومشيمتها - غشاء رقيق يحيط بالجنين- بين كتفي النبي صلى الله عليه وسلم وهو ساجد. وقد خنق عقبة بن أبي معيط رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي في فناء مكة، وكانت قريش تسبّ الرسول صلى الله عليه وسلم وتقول له مذمم - من الذم وهو عكس الحمد -، وتسبّ القرآن ومن أنزله ومن جاء به، وقد اجتمعت قريش لقتل الرسول صلى الله عليه وسلم مما كان سبباً مباشراً للهجرة إلى المدينة. ومن أذى المشركين للمسلمين طعن أبي جهل للسيدة سمية أم عمار بن ياسر بحربة في فرجها فقتلها، وطرحهم لبلال بن رباح على الرمضاء في حر مكة، وإلقاؤهم صخرة عظيمة على بطنه بعد أن ألبسوه درعاً من الحديد في الحرّ الشديد.

السخرية والاستهزاء والضرر النفسي

السخرية والاستهزاء والضرر النفسي: وهذا من الأساليب التي اتبعتها قريش في الإيذاء، حيث اتهموا الرسول صلى الله عليه وسلم بالكذب وبالسحر وبالكهانة، ووضعوا في عنق بلال بن رباح حبلاً وأسلموه للصبيان ليطوفوا به شعاب مكة وهو يقول: أحد أحد، وغير ذلك من الأمثلة التي تبين مدى استهزائهم بالمسلمين.

الحصار الاقتصادي والاجتماعي

الحصار الاقتصادي والاجتماعي: لم يمنع الإيذاء البدني والنفسي الناس عن الدخول في الإسلام فتعاقد كفّار قريش على بني هاشم وبني المطلب - وهم بطن النبي صلى الله عليه وسلم من قريش - ألا يناكحوهم ولا يبايعوهم ولا يكلموهم ولا يجالسوهم، وكتبوا في ذلك صحيفة، وحصروهم في شعب أبي طالب مدة طويلة (قيل ثلاث سنوات أو أقل) وقد كان الحصار كاملاً بمعنى الكلمة، وذلك حتى يسلموا رسول الله صلى الله عليه وسلم للقتل، ولكن الله عصمه رغم البلاء والشدة.

هجرة المسلمين الأولى والثانية إلى الحبشة

هجرة المسلمين الأولى والثانية إلى الحبشة حينما اشتد البلاء والفتنة والإيذاء على المسلمين في مكة، قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن بأرض الحبشة ملكاً لا يظلم أحد عنده، فالحقوا ببلاده حتى يجعل الله لكم فرجاً ومخرجاً مما أنتم فيه" (رواه البخاري) . فخرج المسلمون حتى نزلوا بالحبشة فأكرمهم النجاشي وأمّنهم، وكان أول من هاجر من المسلمين عثمان بن عفان وزوجته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتبعه جمع من كبار الصحابة، وكانت الهجرة الأولى سنة خمس من مبعث الرسول صلى الله عليه وسلم، وعدد الذين هاجروا فيها أحد عشر رجلاً وأربع نسوة. وأما الثانية فكان عدد الذين هاجروا فيها اثنين وثمانين رجلاً وثماني عشرة امرأة، وأبناؤهم، وسببها أن المهاجرين الأوائل سمعوا بإسلام قريش فعاد بعضهم ومنهم عثمان بن عفان وزوجته فلم يجدوا قريشاً أسلمت، ووجدوا المسلمين في بلاء عظيم وشدة، فهاجروا مرة أخرى ومعهم هذا العدد الكبير. وقد أرسلت قريش في أثرهم عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة بهدايا إلى النجاشي ليردّ المسلمين، ولكن هيهات فقد أسلم النجاشي وأبى أن يردّهم، بل أعطاهم الأمان في أرضه وأقرّهم على دينهم، وردّ رسل قريش لم ينالوا شيئاً.

وفاة أبي طالب وخديجة رضي الله عنها

وفاة أبي طالب وخديجة رضي الله عنها ما إن أعز الله الإسلام بعمر بن الخطاب، وحمزة بن عبد المطلب، وخروج بني هاشم من شعب أبي طالب، حتى توفي أبو طالب في أواخر العام العاشر من البعثة. وبموته فقد الرسول صلى الله عليه وسلم سنداً كبيراً، لم يجد من يقوم مقامه من بني هاشم، ولذلك بدأ الرسول صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه على القبائل ليطلب نصرتها، ورحل إلى الطائف لأجل تلك النصرة ولكنها لم تحدث. فقد خذله أهل الطائف وسلطوا عليه صبيانهم فقذفوه بالحصى حتى أدموا قدميه واستهزأوا به كثيراً ولكن هذا لم يجعله ييأس صلى الله عليه وسلم. وتوفيت خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها في نفس العام، ففقد الرسول صلى الله عليه وسلم سنداً ثانياً من داخل كيانه الأسري.

الإسراء والمعراج

الإسراء والمعراج في تلك الظروف الصعبة كانت المواساة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بحادثة الإسراء والمعراج، يقول الله عز وجل: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذى باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير) (الإسراء/ 1) . وفي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه قال: "كان أبو ذر يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "فرج سقف بيتي وأنا بمكة، فنزل جبريل ففرج صدري ثم غسله بماء زمزم، ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيماناً فأفرغه في صدري ثم أطبقه، ثم أخذ بيدي فعرج بي إلى السماء الدنيا.."، وفي رواية لمسلم: "أتيت بالبراق - وهو دابة - أبيض طويل، فوق الحمار، ودون البغل، يضع حافره عند منتهى طرفه، قال: فركبته حتى أتيت بيت المقدس، قال فربطته بالحلقة التي يربط بها الأنبياء، قال ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ثم خرجت، فجاءني جبريل -عليه السلام- بإناء من خمر وإناء من لبن، فاخترت اللبن، فقال جبريل: اخترت الفطرة، قال ثم عرج بنا إلى السماء..". وقصة الإسراء والمعراج مبسوطة في الصحاح، وقد لقي صلى الله عليه وسلم في معراجه الأنبياء آدم، ويوسف، وإدريس، وعيسى، ويحيي، وهارون، وموسى، وإبراهيم، عليهم السلام، وسمع صريف الأقلام، وفرضت عليه الصلاة، ثم رفع إلى سدرة المنتهى، ثم رفع له البيت المعمور في السماء السابعة، ورأى نهر الكوثر وأنهار الجنة ورأى جبريل عليه السلام على هيئته، ورأى أقواماً يعذبون على جرائمهم. ورغم أن حادثة الإسراء والمعراج كانت مواساة وتطميناً للرسول صلى الله عليه وسلم إلا أنها كانت فتنة لبعض المسلمين وللكافرين ممن لم يصدقوا بها، وجمهور العلماء على أن الإسراء كان يقظة بالروح وبالجسد.

بيعة العقبة الأولى

بيعة العقبة الأولى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه في موسم الحج على القبائل، فتعرض لستة نفر من الخزرج سنة 11 من النبوة، منهم أسعد بن زرارة، وعقبة بن عامر، وجابر بن عبد الله، ودعاهم إلى الإسلام وإلى معاونته في تبليغ رسالة ربه، فآمنوا به وصدقوه ووعدوه المقابلة في الموسم القابل، وهذه بداية إسلام الأنصار. فلما كان الموسم التالي سنة 12 من النبوة أتوا، ويقول عبادة بن الصامت: "كنا اثني عشر رجلاً في العقبة الأولى، فبايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بيعة النساء أن لا نشرك بالله شيئاً ولا نسرق، ولا نزني، ولا نقتل أولادنا، ولانأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا، ولا نعصيه في معروف، فمن وفّى فله الجنة، ومن غش من ذلك شيئاً فأمره إلى الله، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له" (رواه البخاري ومسلم) . وعاد الأنصار إلى المدينة ومعهم مصعب بن عمير، يعلمهم الإسلام ويفقههم في الدين ويقرئهم القرآن.

بيعة العقبة الثانية

بيعة العقبة الثانية قدم وفد الأنصار في موسم الحج في السنة الثالثة عشر من النبوة، واجتمع منهم في الشعب عند العقبة ثلاثة وسبعون رجلاً وامرأتان، وجاءهم الرسول صلى الله عليه وسلم ومعه عمه العباس - وكان لا يزال على دين قومه - وكان العباس هو أول المتكلمين في هذا الاجتماع قال: يا معشر الخزرج إن محمداً منا حيث قد علمتم، وقد منعناه من قومنا من هو على مثل رأينا فيه، فهو في عز من قومه ومنعة بلده، وإنه قد أبى إلا الانحياز إليكم واللحوق بكم، فإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه، ومانعوه ممن خالفه، فأنتم وما تحملتم من ذلك، وإن كنتم ترون أنكم مسلموه وخاذلوه بعد الخروج به إليكم فمن الآن فدعوه، فإنه في عز ومنعة من قومه وبلده. قال كعب بن مالك الأنصاري: فقلنا له: قد سمعنا ما قلت، فتكلم يا رسول الله، فخذ لنفسك ولربك ما أحببت..، وهذا الجواب من الأنصار يدل على تصميمهم وشجاعتهم وإيمانهم وإخلاصهم في تحمل هذه المسؤولية العظيمة. وتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاهم إلى الله ورغبهم في الإسلام، وقال: أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم، فبايعوه وتمت البيعة، وعاد الأنصار إلى المدينة يترقبون هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم بعد أن جعل عليهم اثني عشر نقيباً.

هجرته صلى الله عليه وسلم إلى المدينة

هجرته صلى الله عليه وسلم إلى المدينة قوي جانب المسلمين بعد بيعة العقبة الثانية، وأخذ الرسول صلى الله عليه وسلم يحث المؤمنين على الهجرة إلى يثرب، ويثرب هي دار الهجرة التي أريها الرسول صلى الله عليه وسلم في منامه، وكثر دخول الأوس والخزرج - قبيلتان من يثرب المدينة - في الإسلام، وبعد إذن رسول الله صلى الله عليه وسلم للمؤمنين بالهجرة خرج المسلمون أرسالاً - جماعات وفرادى - رغم كل العقبات والصعاب التي وضعتها قريش واعترضت بها المهاجرين. وكان أول من هاجر من مكة إلى المدينة أبو سلمة بن عبد الأسد، ومن أوائل من هاجروا مصعب بن عمير، وعبد الله بن أم مكتوم، وبلال بن رباح، وسعد بن أبي وقاص، وعمار بن ياسر، وعمر بن الخطاب في عشرين من الصحابة، وتبعهم كبار الصحابة وصغارهم بعد ذلك، ولم يبق بمكة إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلي بن أبي طالب، وأبي بكر الصديق، ومن حبس كرهاً.

معالم من هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة

معالم من هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة · اعتزمت قريش قتل النبي صلى الله عليه وسلم، قال الله عز وجل: (وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك. ويمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين) (الأنفال/30) ، ولكن قريشاً فشلت في عزمها، ففي هذه الساعة الحرجة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب: نم على فراشي، وتسجّ - أي تغطّ - ببردي هذا الحضرمي الأخضر فنم فيه، فإنه لن يخلص إليك شيء تكرهه منهم، ثم خرج الرسول صلى الله عليه وسلم من بينهم - أي من بين الكفار الذين اجتمعوا ببابه وعلى رأسهم أبو جهل - سالماً بإذن الله. · رتب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر للهجرة، وأعدّا لها عدتها ووضعا لها خطتها، وانطلقا إلى غار ثور. · علف أبو بكر راحلتين كانتا عنده أربعة أشهر، ودفع بهما إلى الدليل - عبد الله بن أريقط- وكان على دين الكفار، وواعده غار ثور بعد ثلاث ليال بالراحلتين، وأما أسماء بنت أبي بكر - ذات النطاقين - فكانت تأتيهما بالطعام، وكان عبد الله بن أبي بكر يبيت عندهما ويعود قبيل الصبح، فيصبح مع قريش بمكة كبائت فيها، فيتسمع لهما الأخبار، وأما عامر بن فهيرة مولى أبي بكر فكان يرعى غنماً يريحها عليهما ساعة من العشاء، فيأخذان منها حاجتهما من اللبن، (البخاري، باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم) · انطلق الركب المبارك، رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر والدليل وعامر بن فهيرة، فأخذوا طريق السواحل، وكانت قريش قد رصدت جائزة لمن يدل على محمد أو يأتي به، فلحقهم سراقة بن مالك بن جُعشم، طمعاً في الجائزة فلما قرب منهم عثرت فرسه، ثم ساخت يداها في الأرض حتى بلغتا الركبتين، ورأى غباراً ساطعاً إلى السماء مثل الدخان، فنادى بالأمان، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: أخف عنّا، وكتب له كتاباً بالأمان. ولقيا الزبير بن العوام قافلاً من تجارة بالشام فكساهما الزبير ثياب بياض. · كان المسلمون بالمدينة يغدون كل غداة إلى الحرّة، ينتظرون رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يردّهم حرّ الظهيرة، فرآه يهودي فقال بأعلى صوته: يا معاشر العرب هذا جدّكم الذي تنتظرون، فصار المسلمون إلى السلاح، فتلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل إن عدد الذين استقبلوه خمسمائة من الأنصار، فأحاطوا بالرسول صلى الله عليه وسلم وبأبي بكر، وأهل المدينة يتنادون: جاء نبي الله، جاء نبي الله صلى الله عليه وسلم، وصعد الرجال والنساء فوق البيوت، وتفرق الغلمان في الطرق ينادون، يا محمد يا رسول الله، يا محمد يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الصحابي البراء بن عازب: ما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم برسول الله صلى الله عليه وسلم. · كان وصول رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين من شهر ربيع الأول، ولبث في بني عمرو بن عوف بضع عشرة ليلة، وأسس المسجد الذي أُسس على التقوى - مسجد قباء - وصلّى فيه، ثم ركب راحلته، فسار يمشي معه الناس حتى بركت عند مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: هذا إن شاء الله المنزل، ثم بناه رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجداً.

المراجع

من مصادر هذه المرحلة 1- صحيح البخاري، باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم. 2- السيرة النبوية، لابن الجوزي. 3- جوامع السيرة النبوية، لابن حزم الأندلسي. 4- نور اليقين في سيرة سيد المرسلين، لمحمد الخضري. 5- الرحيق المختوم، لصفي الرحمن المباركفوري. 6- السيرة النبوية الصحيحة، للدكتور أكرم ضياء العمري.

المرحلة المدنية

المرحلة المدنية

مقدمة

المرحلة المدنية يمكن تقسيم المرحلة المدنية إلى ثلاث فترات: 1- فترة أثيرت فيها القلاقل والفتن من الداخل، وزحف الأعداء من الخارج لاستئصال المسلمين، وتنتهي هذه الفترة عند صلح الحديبية في سنة ست من الهجرة. 2- فترة الهدنة مع المشركين وتنتهي بفتح مكة سنة ثمان للهجرة، وفيها كانت دعوة الملوك إلى الإسلام. 3- فترة دخول الناس في دين الله أفواجاً، وتمتد هذه الفترة إلى انتهاء حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، سنة إحدى عشرة للهجرة.

أولا: فترة القلاقل والفتن (1هـ -6هـ)

أولاً: فترة القلاقل والفتن (1هـ -6هـ)

الوضع في المدينة عند الهجرة

الوضع في المدينة عند الهجرة: تمثل الهجرة تحولاً ضخماً لإقامة مجتمع جديد في بلد آمن، ولذلك كانت الهجرة قبل الفتح - فتح مكة- فرضاً على كل مسلم قادر، ليسهم في بناء هذا الوطن الجديد، ومن هنا نرى أهمية التأريخ للإسلام بالهجرة ذلك الحدث العظيم. أما مجتمع المدينة الجديد فقد كان يتألف من ثلاث فئات: 1- من المسلمين المهاجرين الذين هاجروا مع الرسول صلى الله عليه وسلم، والأنصار الذين آووا ونصروا. 2- ومن المشركين الذين لم يؤمنوا بعد من قبائل المدينة. 3- ومن اليهود، وكان في يثرب منهم ثلاث قبائل، بنو قينقاع، وبنو النّضير، وبنو قريظة. وكانت تواجه الرسول صلى الله عليه وسلم عدة قضايا في بداية الهجرة وفي تلك الفترة بالذات منها: 1- تكوين مجتمع إسلامي بالمدينة يمثل الدعوة الإٍسلامية ويتكامل فيه التشريع والتقنين والتربية، وتنهض فيه الحضارة والعمران والاقتصاد والسياسة ومسائل السلم والحرب. 2- دعوة مشركي المدينة إلى الإسلام، وإيجاد صيغة للتعايش معهم حتى يدخلوا في الإسلام ويكفّوا أيديهم عن الكيد للمسلمين. 3- مواجهة دسائس ومؤامرات اليهود وعتّوهم وفسادهم وعداوتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللمسلمين. 4- الإعداد والتجهيز للقوى المناوئة للإسلام خارج المدينة وعلى رأسها قريش، فحالة الحرب واقعة يقيناً بين هؤلاء الطغاة من أهل مكة وبين المسلمين في وطنهم الجديد.

بناء مجتمع جديد

بناء مجتمع جديد

بناء المسجد النبوي

1- بناء المسجد النبوي: كانت أول خطوة في هذا السبيل هي بناء المسجد النبوي كما تقدم، وبنى الرسول صلى الله عليه وسلم بيوتاً إلى جانبه، هي حجرات أزواجه التي انتقل إليها فيما بعد، وقد كان المسجد جامعة للإسلام، ومنتدى للتشاور وحلّ النزاعات، وقاعدة لإدارة المجتمع وشؤونه المتعددة، وسكنى لفقراء المهاجرين.

المؤاخاة بين المسلمين

2- المؤاخاة بين المسلمين: ومن أهم الأعمال في سبيل بناء المجتمع الجديد المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، يقول ابن القيم: ثم آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار في دار أنس بن مالك، وكانوا تسعين رجلاً، نصفهم من المهاجرين، ونصفهم من الأنصار، آخى بينهم على المساواة، ويتوارثون بعد الموت دون ذوي الأرحام، إلى حين وقعة بدر، فلما أنزل الله عزّ وجلّ (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض) (الأنفال/ 75) رد التوارث، وبقي عقد الأخوة. ومعنى هذا الإخاء أن تذوب عصبيات الجاهلية، فلا حمية إلا للإسلام، وأن تسقط فوارق النسب واللون والوطن، فلا يتقدم أحد أو يتأخر إلا بمروءته وتقواه، وقد جعل الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الأخوة عقداً نافذاً، لا لفظاً فارغاً، وعملاً يرتبط بالدماء والأموال، لا تحية تثرثر بها الألسنة ولا يقوم لها أثر. وكانت عواطف الإيثار والمواساة والمؤانسة تمتزج في هذه الأخوة، وتملأ المجتمع الجديد بأروع الأمثال.

ميثاق التحالف الإسلامي

3- ميثاق التحالف الإسلامي: أضاف الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا الميثاق لبنة مهمة إلى بناء المجتمع الجديد، فقد أزالت هذه الخطوة ما كان من ضغائن الجاهلية، والنزاعات القبلية، وفيما يلي نصوص الميثاق. بسم الله الرحمن الرحيم: هذا كتاب من محمد النبي (صلى الله عليه وسلم) بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب ومن تبعهم فلحق بهم، وجاهد معهم: 1- أنهم أمة واحدة من دون الناس. 2- المهاجرون من قريش على ربعتهم (الحال التي هم عليها) يتعاقلون بينهم (يدفعون ديّاتهم بعضهم مع بعض) وهم يفدون عانيهم (أسيرهم) بالمعروف، والقسط بين المؤمنين، وكل قبيلة من الأنصار على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم (ديّاتهم) الأولى، وكل طائفة منهم تفدى عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. 3- وأن المؤمنين لا يتركون مُفَرّجاً (مُثقلاً بالدين) بينهم أن يعطوه بالمعروف في فداء أو عقل. 4- وأن المؤمنين المتقين على من بغى منهم، أو ابتغى دسيعة (عطية) ظلم أو إثم أو عدوان أو فساد بين المؤمنين. 5- وأن أيديهم عليه جميعاً ولو كان ولد أحدهم. 6- ولا يُقتل مؤمن في كافر، ولا يُنصر كافر على مسلم. 7- وأن ذمة الله واحدة يجير عليهم أدناهم. 8- وأن من تبعنا من يهود فإن له النصر والأسوة، غير مظلومين ولا متناصرين عليهم. 9- وإن سِلم المؤمنين واحدة، لا يسالم مؤمن دون مؤمن في قتال في سبيل الله إلا على سواء وعدل بينهم. 10- وأن المؤمنين يبيء - يرجع ويحتمل - بعضهم على بعض بما ينالهم في سبيل الله. 11- وأنه لا يجير مشرك مالاً لقريش ولا نفساً، ولا يحول دونه على مؤمن. 12- وأنه من اعتبط مؤمناً (قتله بدون سبب) قتلاً عن بينة فإنه قود (يقتل به) إلا أن يرضى ولي المقتول، وأن المؤمنين عليه كافة، ولا يحل لهم إلا قيام عليه. 13- وأنه لا يحل لمؤمن أن ينصر محدثاً - من أحدث منكراً غير معتاد - ولا يؤويه، وأنه من نصره أو آواه فإن عليه لعنة الله وغضبه يوم القيامة، ولا يؤخذ منه صرف ولا عدل (أي لا يشارك في تصريف الأمور ولا في الشهادة عليها) . 14- وأنكم مهما اختلفتم فيه من شيء، فإن مردّه إلى الله عز وجل وإلى محمد صلى الله عليه وسلم. وهكذا أرسى الرسول صلى الله عليه وسلم قواعد المجتمع الجديد في المدينة على أسس راسخة ومبادئ شامخة، من مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال.

المعاهدة مع اليهود

4- المعاهدة مع اليهود: كان لابد - لتأمين سلامة المجتمع الجديد - من تنظيم العلاقة بغير المسلمين في هذا المجتمع، فكانت هذه المعاهدة مع اليهود، وأهم بنودها: 1- إن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين، لليهود دينهم وللمسلمين دينهم، مواليهم وأنفسهم، وكذلك لغير بني عوف من اليهود. 2- وإن على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم. 3- وإن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة. 4- وإن بينهم النصح والنصيحة، والبر دون الإثم. 5- وإنه لا يأثم امرؤ بحليفه (أي أن يكون التعاون بينهم على البر دون الإثم) . 6- وإن النصر للمظلوم. 7- وإن اليهود يتفقون مع المؤمنين ماداموا محاربين. 8- وإن يثرب حرام جوفها (داخلها) لأهل هذه الصحيفة. 9- وإنه ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو اشتجار يخاف فساده، فإن مردّه إلى الله عز وجل وإلى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم. 10- وإنه لا تُجَار -من الجوار- قريش ولا من نصرها. 11- وإن بينهم النصر على من دهم يثرب.. على كل أناس حصتهم من جانبهم الذي قبلهم. 12- وإنه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم أو آثم. وبهذه المعاهدة قامت دولة المدينة الإسلامية الراشدة تحت قيادة الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم.

بداية الجهاد المسلح

بداية الجهاد المسلح: لم تنقطع قريش عن تهديد المسلمين بعد الهجرة، بل استمرت في هذا التهديد والاستفزاز للمسلمين عموماً، وللأنصار على وجه الخصوص ولمشركي المدينة، وكانت رسالة قريش للمدنيين من المشركين حاسمة في هذا، قالوا: إنكم آويتم صاحبنا، وإنا نقسم بالله لتقاتلنه أو لتخرجنه أو لنسيرن إليكم بأجمعنا، حتى نقتل مقاتلتكم، ونستبيح نساءكم. أما رسالتهم للمهاجرين فتقول: لا يغرنكم أنكم أفلتمونا إلى يثرب، سنأتيكم فنستأصلكم ونبيد خضراءكم في عقر داركم. وفي هذه الظروف الخطيرة نزل الإذن بالقتال، قال تعالى: (أُذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير) الحج/39، وقال تعالى: (الذين إن مكنّاهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر) الحج/41، والإذن بالقتال كان لإزاحة الباطل وإقامة الشعائر.

الغزوات والسرايا قبل بدر

الغزوات والسرايا قبل بدر: كان لهذه الغزوات والسرايا أهداف منها: 1- الاستكشاف والتعرف على الطرق المحيطة بالمدينة، والمسالك المؤدية إلى مكة. 2- عقد المعاهدات مع القبائل التي تسكن حول هذه الطرق. 3- إشعار مشركي يثرب ويهودها وأعراب البادية بقوة المسلمين. 4- إشعار قريش بالخطر على تجارتها ومصالحها. وهذه السرايا والغزوات هي: 1- سرية سيف البحر في السنة الأولى للهجرة، وكان على رأسها حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه. 2- سرية رابغ في السنة الأولى للهجرة، وكان على رأسها عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب رضي الله عنه. 3- سرية الخرّار في السنة الأولى للهجرة، وكان على رأسها سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه. 4- غزوة الأبواء أو ودّان في السنة الثانية للهجرة، وقادها الرسول صلى الله عليه وسلم بنفسه، وهي أول غزوة غزاها صلى الله عليه وسلم، وكان حامل اللواء فيها حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه. 5- غزوة بواط في السنة الثانية للهجرة، وقادها الرسول صلى الله عليه وسلم بنفسه. 6- غزوة سفوان في السنة الثانية للهجرة، وقادها الرسول صلى الله عليه وسلم بنفسه، وتسمى هذه الغزوة بدر الأولى. 7- غزوة ذي العشيرة في السنة الثانية للهجرة، وقادها الرسول صلى الله عليه وسلم بنفسه. 8- سرية نخلة في السنة الثانية للهجرة، وكان على رأسها عبد الله بن جحش في اثني عشر من المهاجرين، وقد قتلوا عمرو بن الحضرمي وهو أول قتيل في الإسلام، وأسروا عثمان بن عبد الله بن المغيرة، والحكم بن كيسان مولى بني المغيرة، وهما أول أسيرين في الإسلام، وعادوا بالعير بعد أن عزلوا الخمس وهو أول خمس في الإسلام، وكان ذلك في رجب الشهر الحرام، وأنكر الرسول صلى الله عليه وسلم ما فعلوه، حتى نزل الوحي (يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه، قل قتال فيه كبير، وصدٌّ عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام، وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل) (البقرة/217) ، فأطلق الرسول صلى الله عليه وسلم الأسيرين، وأدّى دية المقتول إلى أوليائه.

نزول فرضية القتال

نزول فرضية القتال: في تلك الفترة بعد سرية عبد الله بن جحش، فرض الله تعالى القتال، ونزلت في ذلك آيات، قال تعالى: (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين) (البقرة/190) . وإيجاب القتال والحث عليه، والأمر بالاستعداد له، هو عين ما كانت تقتضيه تلك الفترة، وفي تلك الأيام في السنة الثانية للهجرة أمر الله عزّ وجل بتحويل القبلة من بيت المقدس إلى المسجد الحرام في إشارة إلى بداية دور جديد.

غزوة بدر الكبرى

غزوة بدر الكبرى

سبب الغزوة

سبب الغزوة: رجوع عير قريش من الشام محملة بثروات طائلة، وإرادة الرسول صلى الله عليه وسلم أن يوجه ضربة عسكرية وسياسية واقتصادية قاصمة لقريش إذا فقدت هذه الثروة.

الجيش الإسلامي في بدر

الجيش الإسلامي في بدر: استعد رسول الله صلى الله عليه وسلم للخروج ومعه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلاً، وكان معهم فَرَسان وسبعون بعيراً يتعاقبون عليها، ودفع لواء القيادة العامة إلى مصعب بن عمير القرشي العبدري.

وقسم الجيش إلى كتيبتين

وقسم الجيش إلى كتيبتين: 1- كتيبة المهاجرين وأعطى لواءها علي بن أبي طالب. 2- كتيبة الأنصار وأعطى لواءها سعد بن معاذ. وجعل على قيادة الميمنة الزبير بن العوام، وعلى الميسرة المقداد بن عمرو، وجعل على الساقة قيس بن أبي صعصعة، أما القيادة العليا فكانت له صلى الله عليه وسلم، وانطلق الجيش يطلب عير قريش.

جيش المشركين في بدر

جيش المشركين في بدر: علم أبو سفيان - وكان على عير قريش - بخروج المسلمين إليه فأرسل إلى قريش يستنفرها، فتحفز الناس سراعاً ولم يتخلف من أشرافهم سوى أبي لهب، وكان قوام هذا الجيش نحو ألف وثلاثمائة مقاتل، وكان معهم مائة فرس وستمائة درع، وجمال كثيرة، وقائدهم العام أبو جهل بن هشام. وخرج هذا الجيش بعدّته وعتاده، واتجه إلى الشمال، وعندما علم المشركون بنجاة قوافلهم بعد أن توجه بها أبو سفيان ناحية الساحل، همّ الجيش بالرجوع، ولكن أبا جهل أبى إلا أن يَرِد بدراً، فعاد ثلاثمائة من بني زهرة وانطلق الباقون.

الجيشان في المواجهة

الجيشان في المواجهة: تحرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بجيشه ليسبق المشركين إلى ماء بدر، وأخذ برأي الحباب بن المنذر في النزول على أدنى ماء من جيش مكة حيث يشرب المسلمون ولا يشرب المشركون، وبنى المسلمون عريشاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم كمقر للقيادة، بناء على مشورة سعد بن معاذ رضي الله عنه الذي قاد فرقة من شباب الأنصار يحرسون النبي صلى الله عليه وسلم في عريشه. وكان قد أنزل الله مطراً فكان على المشركين وابلاً شديداً منعهم من التقدم، وكان على المسلمين طهوراً أذهب عنهم رجس الشيطان، ووطّأ به الأرض، وصلّب به الرمل وثبّت به الأقدام ومهّد به المنزل وربط به على قلوبهم. وغشّاهم النعاس فأخذوا قسطهم من الراحة، قال الله عز وجل: (إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينزل عليكم من السماء ماءً ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام) الأنفال/11، وكان هذا في رمضان من السنة الثانية للهجرة. أما جيش المشركين فكان بالعدوة القصوى وكانوا ينزلون إلى وادي بدر دون أن يصيبوا الماء، وقامت معارضة من داخلهم تنادي بالعودة وترك المسلمين والقتال ولكنها ذهبت دون جدوى. واصطف الجيشان وعدّل الرسول صلى الله عليه وسلم صفوف جيشه، وأصدر أوامره إلى أصحابه أن لا يبدأوا القتال حتى يتلقون الأمر، ودخل إلى العريش فاستقبل القبلة ودعا: "اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم آتني ما وعدتني اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض". وأنزل الله عز وجل: (إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين) (الأنفال/ 9) ، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من العريش وهو يردد الآية الكريمة: (سيهزم الجمع ويولون الدبر) (القمر/45) . وعلى صعيد المشركين وقف أبو جهل يستفتح: "اللهم أينا كان أحب إليك وأرضى عندك فانصره اليوم"، وفي ذلك نزل قول الله تعالى: (إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح وإن تنتهوا فهو خير لكم، وإن تعودوا نعد، ولن تغني عنكم فئتكم شيئاً ولو كثرت وأن الله مع المؤمنين) (الأنفال/ 19) .

بداية القتال في بدر وانتصار المسلمين

بداية القتال في بدر وانتصار المسلمين: بدأ القتال بمبارزات فردية حيث تقدم عتبة بن ربيعة وابنه الوليد وأخوه شيبة طالبين المبارزة، فانتدب لهم شباب من الأنصار فرفضوا مبارزتهم وطلبوا مبارزة بني قومهم، فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم حمزة وعلياً وعبيدة بن الحارث بمبارزتهم، وتمكن حمزة من قتل عتبة ثم قتل عليّ شيبة، وأما عبيدة فقد تصدى للوليد وجرح كل منهما الآخر، فعاونه حمزة وعلي فقتلوا الوليد واحتملا عبيدة إلى معسكر المسلمين. أثرت نتيجة المبارزة في المشركين وبدأوا الهجوم، فرماهم المسلمون بالنبل، ورمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الحصى في وجوه المشركين، والتقى الجيشان في ملحمة قتل فيها سبعون من المشركين، على رأسهم أبو جهل فرعون هذه الأمة، وأمية بن خلف رأس الكفر، وأُسر سبعون، وانتصر المسلمون بفضل الله عز وجل، قال تعالى: (ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون) (آل عمران/ 123) . ومما روي في كتب السيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم خفق خفقة في العريش ثم انتبه، فقال: أبشر يا أبا بكر أتاك نصر الله، هذا جبريل معتجر بعمامة (أي لفّها على رأسه) آخذ بعنان فرسه يقوده على ثنايا النّقع (الماء المتجمع في الغدير) أتاك نصر الله وعِدَتُه (وعده) ". وقد ثبت في القرآن والسنة مشاركة الملائكة في القتال يوم بدر. وفرّ المشركون لا يلوون على شيء تاركين غنائم كثيرة في ميدان المعركة، وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بسحب قتلى المشركين إلى آبار ببدر فأُلقوا فيها، وأقام ببدر ثلاثة أيام ودفن شهداء المسلمين فيها وهم أربعة عشر شهيداً.

الأسرى والغنائم

الأسرى والغنائم استشار الرسول صلى الله عليه وسلم أبا بكر وعمر فيما يصنع بالأسرى، فأشار أبو بكر بأخذ الفدية منهم، وعلل ذلك بقوله: " فتكون لنا قوة على الكفار فعسى الله أن يهديهم للإسلام"، وأشار عمر بن الخطاب بقتلهم "فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها". ومال النبي صلى الله عليه وسلم إلى رأي أبي بكر بقبول الفدية، وقبلها فعلاً، فنزلت الآية موافقة لرأي عمر، قال تعالى: (ماكان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم) (الأنفال/ 67) . أما الغنائم فلم يكن فيها حكم للشرع فنزل قول الله عز وجل: (يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول) (الأنفال/ 1) ، وقوله تعالى: (واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل) (الأنفال/ 41) ، فأخرج الرسول صلى الله عليه وسلم الخمس من الغنيمة ثم قسمها بين المقاتلين.

غزوة بدر في التاريخ

غزوة بدر في التاريخ: لقد كانت موقعة بدر- رغم صغر حجمها - فاصلة في تاريخ الإسلام، لذلك سماها الله عز وجل في كتابه "يوم الفرقان"، لأنه فرق بها بين الحق والباطل، وقد استحق المقاتلون ببدر أن ينالوا التقدير الكبير الذي صار يلازم كلمة "البدري"، وفي البخاري: "جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ما تعدّون أهل بدر فيكم؟ قال: أفضل المسلمين، قال: وكذلك من شهد بدراً من الملائكة"، وخلاصة القول أن بدراً كانت بداية لمرحلة جديدة من السيادة والاستعلاء والعزة للإسلام والمسلمين.

في أعقاب بدر

في أعقاب بدر: حدثت في أعقاب بدر عدة غزوات صغيرة، ولكن لم يحدث فيها قتال، إما لفرار المشركين أو عدم تلاقي الفريقين أو غير ذلك، ومنها: 1- غزوة قرقرة الكُذر. 2- غزوة السويق. 3- غزوة ذي أمر. 4- غزوة بحران. 5- غزوة القرَدَة.

غزوة أحد

غزوة أحد

أين ومتى كانت ولماذا؟

أين ومتى كانت ولماذا؟ وقعت غزوة أحد عند جبل أحد في شمال المدينة، وكانت في شوال في السنة الثالثة للهجرة، ومن أسبابها أن قريشاً أرادت الثأر لقتلاها في بدر، كما أرادت إنقاذ طرق التجارة إلى الشام من سيطرة المسلمين، واستعادة مكانتها عند العرب بعد أن زعزعتها موقعة بدر.

جيش المشركين

جيش المشركين: بلغ عدد جيش المشركين ثلاثة آلاف رجل، ومعهم مائتا فرس جعلوا على ميمنتها خالد بن الوليد، وعلى ميسرتها عكرمة بن أبي جهل، وكان منهم سبعمائة دارع، وشاركت في هذا الجيش قريش ومن أطاعها من كنانة وتهامة.

الرسول صلى الله عليه وسلم يستشير أصحابه

الرسول صلى الله عليه وسلم يستشير أصحابه: شاور الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه في البقاء في المدينة والتحصن فيها أو الخروج لملاقاة جيش قريش، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يرى عدم الخروج، ولكن أصحابه رأوا الخروج فأمضى لهم رأيهم تأصيلاً لمبدأ الشورى، وعملاً بقول الله عز وجل: (وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله) آل عمران/ 159. ولما عدلوا عن رأيهم إلى رأيه في البقاء في المدينة، رفض صلى الله عليه وسلم وعزم على الخروج، ليعلمهم عدم التردد بعد العزيمة والشروع في التنفيذ.

جيش المسلمين

جيش المسلمين: ارتفعت الراية تتقدم ثلاثة ألوية، لواء المهاجرين يحمله مصعب بن عمير، فلما قتل حمله علي بن أبي طالب، ولواء الأوس يحمله أسيد بن حضير، ولواء الخزرج يحمله الحباب بن المنذر، واجتمع تحت الألوية ألف من المسلمين والمتظاهرين بالإسلام، ومعهم فرسان فقط ومائة دارع، ولبس الرسول صلى الله عليه وسلم درعين ليعلمنا الأخذ بالأسباب.

انسحاب المنافقين من جيش المسلمين

انسحاب المنافقين من جيش المسلمين: خرج الجيش الإسلامي إلى أحد مخترقاً الجانب الغربي من الحرة الشرقية، حيث انسحب المنافق عبد الله بن أبي بن سلول بثلاثمائة من المنافقين، وبذلك تميز المؤمنون من المنافقين، قال الله تعالى: (وما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب) آل عمران/179.

المواجهة بين الجيشين

المواجهة بين الجيشين: نظم الرسول صلى الله عليه وسلم الجيش ورد صغار السن، وهم أربعة عشر صبياً منهم عبد الله بن عمر، وجعل صفوف الجيش تواجه المدينة وظهورها إلى أحد، وجعل خمسين من الرماة بقيادة عبد الله بن جبير فوق جبل "عينين" المقابل لأحد، لحماية المسلمين من الخلف، وقال لهم: (لو رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا مكانكم هذا، وإن رأيتمونا هزمنا القوم وأوطأناهم فلا تبرحوا مكانكم) رواه البخاري. وتقدم جيش قريش وهو يواجه أحد وظهره إلى المدينة، واشتد القتال بين الجيشين وتراجع المشركون أمام بطولة المسلمين الذين شقوا هام المشركين، واستشهد الأبطال: أبو دجانة، وحمزة بن عبد المطلب، ومصعب بن عمير رضي الله عنهم، ورأى الرماة انتصار المسلمين فتركوا مواقعهم يطلبون الغنيمة ظناً منهم أن المعركة حسمت لصالح المسلمين. وهنا بدأ التحول من النصر إلى الهزيمة، فقد التف خالد بن الوليد على رأس خيالة المشركين بجيش المسلمين من الخلف وطوق المشركون المسلمين، وأخذ المسلمون يتساقطون شهداء، وشاع بينهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد قتل فتفرق المسلمون، وبقى حوله سبعة من الأنصار وقرشيان، فاستشهد السبعة وبقي طلحة بن عبيد الله وسعد بن أبي وقاص يدافعان عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقد أصيب الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه المعركة فكسرت رباعيته، وشج في وجهه حتى سال الدم منه.

نتائج المعركة

نتائج المعركة: أصيب رسول الله صلى الله عليه وسلم - كما تقدم - واستشهد من المسلمين سبعون ولم يؤسر أحد، وقتل من قريش اثنان وعشرون رجلاً، وأسر منهم أبو عزة الشاعر، فقتل صبراً لاشتراكه قبل ذلك في قتال المسلمين ببدر. وصبر المسلمون على هذه المصيبة، وأنزل الله عزل وجل: (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون) آل عمران/169.

غزوة حمراء الأسد

غزوة حمراء الأسد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم الجيش الذي شهد أحداً أن يخرج لمطاردة جيش قريش إلى حمراء الأسد رغم إصابة الكثيرين منهم بجراح، وسارع سبعون من الصحابة بالانضمام إليهم، فصار العدد ستمائة وثلاثين، وعلى رأسهم الرسول صلى الله عليه وسلم وقد مدحهم القرآن فقال: (الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم) آل عمران/ 172. وكان أبو سفيان ينوي التوجه بالمشركين إلى المدينة لاستئصال المسلمين فلما علم بخروجهم إلى حمراء الأسد انصرفوا عائدين إلى مكة، وعلموا بقدرة المسلمين على الدفاع ورد العدوان رغم ما أصابهم.

غزوة بدر الموعد

غزوة بدر الموعد كانت سنة أربع للهجرة، حيث خرج الرسول صلى الله عليه وسلم بألف وخمسمائة من أصحابه ومعه عشرة أفراس، وحمل لواءه علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى بدر حسب الموعد المحدد بعد أحد، وانتظر المسلمون ثمانية أيام ببدر، ولكن أحداً من المشركين لم يأت. وكان أبو سفيان قد خرج بألفين من المشركين ومعهم خمسون فرساً فلما وصلوا مر الظهران عادوا بحجة إن العام جدب، وبذلك تحققت للمسلمين هيبتهم بين قبائل الجزيرة، وواصل المسلمون إرسال سراياهم إلى مختلف الأنحاء حتى كانت غزوة بني المصطلق.

غزوة بني المصطلق (المريسيع)

غزوة بني المصطلق (المريسيع) بنو المصطلق بطن من قبيلة خزاعة، يسكنون بين المدينة ومكة، والمُريسيع بضم الميم: ماء لبني خزاعة، وقد خرج إليهم الرسول صلى الله عليه وسلم سنة خمس للهجرة بعدما زادت عداوتهم للمسلمين، في نحو سبعمائة مقاتل فأغار عليهم وهم غارّون (أي غافلون) فقتل من قتل منهم، وسبى النساء والذرية، وكانت جويرية بنت الحارث من هذا السبي فتزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم، وأطلق المسلمون السبي إكراماً لها. وفي رجوع رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه الغزوة، قال عبد الله بن أبي بن سلول: "لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل"، وتبرأ عبد الله بن عبد الله بن أبي من أبيه، وقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا رسول الله أنت والله الأعز وهو الأذل"، ومنع أباه من دخول المدينة حتى يأذن له النبي الرسول صلى الله عليه وسلم، وقال: يا رسول الله مرني أن أقتله، فأخبره الرسول صلى الله عليه وسلم أنه لن يسيء إلى أبيه. وفي رجوعه أيضاً كان حديث الإفك، الذي أطلقه المنافقون على السيدة عائشة زوج النبي الرسول صلى الله عليه وسلم لما تخلفت عن الجيش، ولكن الله تعالى أنزل براءتها في نحو عشرين آية من آيات سورة النور.

غزوة الخندق (الأحزاب)

غزوة الخندق (الأحزاب) كانت في السنة الخامسة للهجرة بعد أن أجلى الرسول صلى الله عليه وسلم يهود بني قينقاع وبني النضير عن المدينة، فتحالف هؤلاء مع قرش وباقي الأحزاب ضد المسلمين، وبقيت قريظة في المدينة تظهر الولاء للمسلمين وتبطن العداوة والبغضاء لهم. واجتمعت القبائل في مر الظهران وانطلقوا إلى المدينة، وما أن علم المسلمون حتى اجتمعوا للشورى، فأشار سلمان الفارسي على رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفر الخندق في شمال المدينة، ليشكل حاجزاً يمنع الالتحام بين الغزاة وبين المسلمين، ويمنع اقتحام المدينة، ويوفر للمسلمين موقعاً دفاعياً جيداً يمكنهم من رشق الغزاة بالسهام من وراء الخندق، الذي يبلغ طوله خمسة آلاف ذراع، وعرضه تسعة أذرع، وعمقه من سبعة إلى تسعة أذرع، وتم حفره في ستة أيام رغم الجوع والبرد. وفي حفر الخندق حدثت آيات ودروس كثيرة تحكي عن منظومة الإيمان التي كان يعيشها المسلمون مع رسولهم صلى الله عليه وسلم، لذا لم يعبأوا وهم ثلاثة آلاف مقاتل في هذه الغزوة أن يكون عدد المشركين عشرة آلاف مقاتل، وأن تكون قريظة قد نكثت عهدها معهم. وقد صور القرآن حال المسلمين فقال: (إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذا زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا - هنالك ابتلى المؤمنون وزلزلوا زلزالاً شديداً) الأحزاب/ 10-11.

الحصار والرحيل

الحصار والرحيل: فوجئت قريش بالخندق، وكلما هموا باقتحامه أمطرهم المسلمون بالسهام، واشتد الحصار وطال أربعاً وعشرين ليلة لم يكن فيها حرب إلا الرمي بالنبال، ولكن هجمات المشركين لم تنقطع، واستشهد من المسلمين ثمانية منهم سعد بن معاذ رضي الله عنه. وكان طول الحصار سبباً في إضعاف معنويات المشركين، وأرسل الله ريح الصبا فاقتلعت خيامهم وكفأت قدورهم وأطفأت نيرانهم ودفنت رحالهم، فنادى فيهم أبو سفيان بالرحيل، وهكذا انفض الأحزاب عن المدينة فتنفس المسلمون الصعداء، (ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيراً وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قوياً عزيزاً) الأحزاب/ 25.

غزوة بني قريظة

غزوة بني قريظة وهنا انطلق الرسول صلى الله عليه وسلم إلى بني قريظة، فحاصرهم خمساً وعشرين ليلة، ورضوا بأن يحكم فيهم سعد بن معاذ (وهو على فراش الموت قبل أن يستشهد) ، فحكم بأن تُقتل الرجال وتُقسّم الأموال وتُسبى الذراري والنساء، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لقد حكمت فيهم بحكم الله) . وإلى هذا الحد تنتهي فترة الفتن والقلاقل، ليدخل الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمون فترة جديدة تبدأ بصلح الحديبية.

المراجع

من مصادر هذه الفترة: - جوامع السيرة النبوية، الإمام ابن حزم الأندلسي. - الرحيق المختوم، صفي الرحمن المباركفوري. - السيرة النبوية الصحيحة، د. أكرم ضياء العمري.

ثانيا: فترة الهدنة مع المشركين (6هـ - 8هـ)

ثانياً: فترة الهدنة مع المشركين (6هـ - 8هـ)

غزوة الحديبية

غزوة الحديبية خرج الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الحديبية، في يوم الاثنين مستهل ذي القعدة من السنة السادسة للهجرة قاصداً العمرة، ونظراً لتوقع الشر من قريش فقد أخذ المسلمون سلاحهم معهم، وبلغ عدد المسلمين في الحديبية ألفاً وأربعمائة رجل. وقد صلى المسلمون بذي الحليفة وأحرموا بالعمرة وساقوا الهدي (سبعين بدنة) . وعندما سمعت قريش بمسيرتهم جمعت الجموع لصدهم عن دخول مكة، وخرج خالد بن الوليد على رأس خيالة قريش لملاقاة المسلمين، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم غير طريق جيشه تجنباً للقتال، ثم عدل عن دخول مكة فنزل على بئر قليلة الماء، فاشتكى المسلمون العطش، فانتزع سهماً من كنانته ثم أمرهم أن يجعلوه فيها، فما زال يجيش بالماء حتى صدروا عنه، وهذه معجزة تكثير الماء في تلك الغزوة.

بيعة الرضوان

بيعة الرضوان: أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان رسولاً إلى قريش - بعد عدة مراسلات - فأبلغهم رسالة النبي صلى الله عليه وسلم وأنهم يريدون العمرة، وأخرت قريش عثمان فحسب المسلمون أنها قتلته، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه للبيعة تحت الشجرة، فبايعوه جميعاً - إلا أحد المنافقين - وكانت البيعة على الموت. وقد أثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم على المبايعين فقال: (أنتم خير أهل الأرض) رواه البخاري، ونزل القرآن برضوان الله على أهل البيعة، قال تعالى: (لقد رضي الله عن المؤمنين إذا يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكنية عليهم وأثابهم فتحاً قريباً) الفتح/ 18.

صلح الحديبية

صلح الحديبية: أرسلت قريش عدة رسل كان آخرهم سهيل بن عمرو، ليفاوض الرسول صلى الله عليه وسلم، فكان صلح الحديبية نتيجة هذه المفاوضات، وهذه بعض بنوده: 1- أن يعود محمد صلى الله عليه وسلم للطواف بالبيت في العام المقبل، وتخرج قريش من مكة فيدخلها بأصحابه، ويقيموا فيها ثلاثة أيام بسلاح الراكب فقط. 2- وأن لا يأتي رجل من قريش مسلماً -بغير إذن وليه- إلى الرسول صلى الله عليه وسلم إلا ردّه إلى مكة. 3- وأن من أتى قريشاً ممن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يردّوه. 4- أن يكون بين الطرفين صدر نقي من الغل والخداع، ينطوي على الوفاء بالصلح. 5- أنه من أحب أن يدخل عهد محمد صلى الله عليه وسلم دخل فيه -وقد دخلت فيه خزاعة- ومن أحب أن يدخل عهد قريش دخل فيه -وقد دخلت فيه بنو بكر-. 6- وضع الحرب (هدنة) لمدة عشر سنين. وهكذا تم الصلح وتمت الهدنة، وقد رفض بعض المسلمون هذا الصلح وأظهروا غضبهم، ومنهم عمر بن الخطاب، ولكن لما علموا أنه أمر الله لم يكن منهم إلا التسليم، وعاد المسلمون إلى المدينة بعد أن نحروا الهدي وتحللوا من العمرة وأقاموا في الحديبية عشرين يوماً.

رسائل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك والأمراء

رسائل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك والأمراء لا شك أن مكاتبة الملوك خارج جزيرة العرب تعبير عن عالمية الرسالة، قال تعالى: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) الأنبياء/ 107. ومن هذا المنطلق أرسل النبي صلى الله عليه وسلم دحية بن خليفة الكلبي، إلى قيصر وعبد الله بن حذافة السهمي إلى كسرى، وعمرو بن أمية الضمري إلى نجاشي الحبشة، وحاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس حاكم مصر، وسليط بن عمرو العامري إلى هوذة بن علي الحنفي في اليمامة، وذلك بين عامي ستة وسبعة للهجرة.

نص كتاب الرسول صلى الله عليه وسلم إلى هرقل

نص كتاب الرسول صلى الله عليه وسلم إلى هرقل: بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد: فإني أدعوك بدعاية (دعوة) الإسلام، فأسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين (أي الفلاحين) و (يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم إلا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضناً بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون) آل عمران/64، رواه البخاري. ويلاحظ أن الكتاب صريح في الدعوة إلى الإيمان بالإسلام وبنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وهكذا كانت باقي الكتب الموجهة إلى الملوك والأمراء.

تأديب الأعراب

تأديب الأعراب: لم تخل فترة صلح الحديبية من أحداث شغب قام بها الأعراب، لكنها لم تؤثر على تفرغ المسلمين للدعوة ونشر الإسلام، ومن هذه الأحداث: 1. غزوة ذات القرد. 2. قصة عُكل وعُرينة. 3. غزوة ذات الرِّقاع. وقد سميت كذلك لأنهم لفوا في أرجلهم الخرق بعد أن تنقبت خفافهم، وكان لكل ستة منهم بعير يتعاقبونه، وقد اقترب فيها المسلمون من جموع غطفان دون أن يقع قتال بينهم.

عمرة القضاء

عمرة القضاء: كانت في ذي العقدة من السنة السابعة للهجرة، حيث خرج الرسول صلى الله عليه وسلم إلى مكة -حسب الاتفاق مع قريش في الحديبية-، وقد بلغ عدد من شهدها ألفين سوى النساء والصبيان، فيهم الذين شهدوا الحديبية، وطاف المسلمون بالكعبة، وأظهروا من القوة والجلد ما جعل قريشاً تتعجب من قوتهم، ولما انتهت الأيام الثلاثة -حسب الاتفاق- خرج الرسول صلى الله عليه وسلم عائداً إلى المدينة، وأنزل الله في هذه العمرة قوله تعالى: (لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحاً قريباً) الفتح/27.

غزوة مؤتة

غزوة مؤتة كانت في السنة الثامنة للهجرة في جمادى الأولى، حيث بعث الرسول صلى الله عليه وسلم جيشاً قوامه ثلاثة آلاف مقاتل إلى الشام، وعين زيد بن حارثة أميراً عليه فإن أصيب فجعفر بن أبي طالب، فإن أصيب فعبد الله بن رواحة، وأما الأعداء فكانوا مائة ألف من الروم، ومائة ألف أخرى من نصارى العرب. والتحم الجيشان في مؤتة، وكانت ملحمة استشهد فيها القادة الثلاثة، واختار المسلمون خالد بن الوليد قائداً فأعاد تنظيم الجيش وبدل الميسرة بالميمنة وجعل قسماً من الجيش يتقدمون من الخلف وكأنهم أمداد جديدة، وتم الانسحاب المنظم وظهرت عبقرية خالد العسكرية، وكانت الخسائر في الانسحاب ثلاثة عشر شهيداً، مع إيلام الأعداء قتلاً وتجريحاً حتى انكسرت تسعة أسياف في يد خالد بن الوليد رضي الله عنه. ومن معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم أنه أخبر أصحابه باستشهاد القادة الثلاثة وعيناه تذرفان، وأخبر باستلام خالد الراية، ولا شك أن المسلمين أفادوا دروساً وخبرات عظيمة من هذا اللقاء الأول مع الروم.

غزوة ذات السلاسل

غزوة ذات السلاسل بعد عودة المسلمين من مؤتة، جهّز النبي صلى الله عليه وسلم جيشاً بقيادة عمرو بن العاص إلى ذات السلاسل، قريباً من ديار قضاعة، فتقدم عمرو على رأس ثلاثمائة من المهاجرين والأنصار، واستعان ببعض فروع قضاعة، وأمده الرسول صلى الله عليه وسلم بمائتين من المهاجرين والأنصار فيهم أبو بكر وعمر وعليهم أبو عبيدة بن الجراح، وتوغل الجيش في ديار قضاعة التي هربت وتفرقت. وقد أعادت هذه الغزوة للمسلمين هيبتهم بعد مؤتة.

فتح مكة

فتح مكة

السبب المباشر وراء الفتح

السبب المباشر وراء الفتح: استمرت هدنة الحديبية نحو السبعة عشر أو الثمانية عشر شهراً، ثم نقضت قريش الهدنة حيث أعانت حلفاءها بني بكر ضد خزاعة حلفاء المسلمين على ماء الوتير قريباً من مكة، فاستنصرت خزاعة بالمسلمين، وبذلك بطلت المعاهدة، وكان ذلك سبباً مباشراً لفتح مكة.

التجهيز للفتح في الطريق إلى فتح مكة

التجهيز للفتح في الطريق إلى فتح مكة: أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه بالتجهّز للغزو، ولم يعلمهم بوجهته تكتماً لأمر الفتح، واستنفر القبائل التي حول المدينة، وقد بلغ عدد جيش المسلمين عشرة آلاف مقاتل، ولم يتخلف من المهاجرين والأنصار أحد. وقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة في رمضان سنة ثمان للهجرة، واستخلف عليها أبا رهم كلثوم بن حصين الغفاري، وفي الطريق أسلم عدد من زعماء قريش منهم أبو سفيان بن الحارث - ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم - وعبد الله بن أبي أمية- أخو أم سلمة أم المؤمنين رضي الله عنها - وكان العباس بن عبد المطلب قد أسلم قبل فتح خيبر ولكنه لم يهاجر إلى المدينة. وفي مر الظهران عسكر المسلمون، وخفيت أخبارهم عن قريش حتى ظنت قريش أن هذا الجيش جيش خزاعة، وفي هذه الأثناء صحب العباس - عم الرسول صلى الله عليه وسلم - أبا سفيان ليقابل الرسول صلى الله عليه وسلم فدعاه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام فتردد أبو سفيان، وعاد في اليوم الثاني فأسلم، واستعرض أبو سفيان جيش المسلمين وقوتهم ثم قال للعباس: لقد أصبح ملك بن أخيك اليوم عظيماً. فقال العباس: ويحك يا أبا سفيان إنها النبوة، قال: فنِعمَ ذا. ومضى أبو سفيان إلى مكة فأخبر قريشاً بقوة المسلمين ونهاهم عن المقاومة.

إتمام الفتح

إتمام الفتح: في مر الظهران قرر النبي صلى الله عليه وسلم الزحف على مكة، فعين القادة وقسم الجيش إلى ميمنة وميسرة وقلب، فكان خالد بن الوليد على الميمنة، وكان الزبير بن العوام على الميسرة، وأبو عبيدة على الرجالة (المشاة) . وأما قريش فقد جمعت جموعاً من قبائل شتى ومن أتباعها لحرب المسلمين، فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بقتالهم، وأمر قادة جيشه ألا يقاتلوا إلا من يقاتلهم وأعلن الأمان للناس سوى أربعة من الرجال وامرأتين أباح دماءهم. ودخلت جيوش المسلمين حتى انتهت إلى الصفا في التاسع عشر من رمضان سنة ثمان للهجرة، ودخل الرسول صلى الله عليه وسلم مكة من أعلاها من جهة كداء، ودخل خالد بن الوليد من أسفلها، وكانت المقاومة يسيرة، وبلغ عدد الشهداء ثلاثة، وعدد قتلى المشركين قريباً من أربعة وعشرين، ونادى رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من دخل دار أبي سفيان فهو آمن) . وأعلن الرسول صلى الله عليه وسلم وقف القتال عصر أول يوم من الفتح، وأصدر عفواً عاماً عن أهل مكة: (ما تظنون أني فاعل بكم؟ فقالوا: خيراً أخ كريم وابن أخ كريم، فقال: لا تثريب عليكم، اليوم يغفر الله لكم) رواه أبو عبيد. وفي رواية أحمد قال: (نصبر ولا نعاقب) . وبهذا العفو حفظ الأنفس من القتل أو السبي وأبقى الأموال والأراضي بيد أصحابها، وهذا خاص بمكة لقدسيتها وحرمتها.

تطهير مكة من الشرك والأوثان

تطهير مكة من الشرك والأوثان: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم خاشعاً يقرأ سورة الفتح وهو على راحلته، وطاف بالكعبة، وبيّن حرمة مكة وأنها لا تغزى بعد الفتح، وأمر بتحطيم الأصنام وتطهير البيت الحرام منها، وكان عددها ستين وثلاثمائة من الأنصاب، وشارك في ذلك بيده الشريفة، وهو يقرأ: (وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا) الإسراء/ 81. ومحا الصور التي كانت بالكعبة، ثم دخل صلى الله عليه وسلم فصلى ركعتين، وأعطى عثمان بن طلحة مفتاح الكعبة، وبعد تطهير الكعبة من مظاهر الوثنية، أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد فذهب إلى نخلة وهدم العزى (من آلهة المشركين) ، وأرسل عمرو بن العاص فهدم سواعاً صنم هذيل، وأرسل سعد بن زيد الأشهلي إلى مناة (أحد الآلهة) فهدمها، وبذلك أزيلت مراكز الوثنية. ونتيجة لفتح مكة، تحول ثقل معسكر الشرك من قريش إلى قبيلتي هوازن وثقيف، اللتين سارعتا لملء الفراغ وقيادة المشركين لحرب الإسلام، فكانت غزوة حنين وحصار الطائف.

المراجع

مصدر هذه الفترة: - السيرة النبوية الصحيحة، للدكتور أكرم ضياء العمري (بتصرف) .

ثالثا: فترة دخول الناس في دين الله أفواجا (8هـ - 11هـ)

ثالثا: فترة دخول الناس في دين الله أفواجا (8هـ - 11هـ) تم فتح مكة ودانت قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وعرف العرب أن لا طاقة لهم بحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عداوته، فدخلوا في دين الله أفواجاً، خاصة بعد غزوة حنين التي كانت عقب فتح مكة مباشرة.

غزوة حنين

غزوة حنين كانت غزوة حنين بين قبيلة هوازن -وثقيف فرع منها- التي حشدت عشرين ألفاً معهم الأموال والنساء والأبناء تحت قيادة مالك بن عوف النصري، وبين المسلمين الذين لم يمض على فتحهم لمكة سوى نصف شهر، فكانوا مستعدين تماماً وبدأوا التحرك باتجاه حنين في الخامس من شوال، ووصلوا إليها في مساء العاشر من شوال، وكان عدد جيش المسلمين عشرة آلاف مقاتل، انضم إليهم ألفان من أهل مكة من مسلمة الفتح الذين سموا بالطلقاء (أي الذين أطلقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعفا عنهم يوم الفتح) ، وقد كان لهؤلاء الطلقاء تأثير سلبي على سير المعركة. سير المعركة في غزوة حنين: سبقت هوازن المسلمين إلى وادي حنين، ورتبوا صفوفهم ووضعوا خطتهم، وتقدم خيالة المسلمين بقيادة خالد بن الوليد، وبقية صفوف الجيش، وتراجعت هوازن في بداية القتال لكنها عادت فرشقت المسلمين بالسهام الكثيفة بصورة دقيقة، ففر الطلقاء والأعراب وبقية الجيش، ولم يبق حول الرسول صلى الله عليه وسلم إلا فئة قليلة صمدت بصموده حتى نادى عليه الصلاة والسلام: (أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب) ، وأمر العباس فنادى في الناس، فتجمع لديه مائة أو أقل، ثم أخذ المهاجرون والأنصار بالعودة وهم يرددون لبيك لبيك، واشتد القتال من جديد، قال الله تعالى: (ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنوداً لم تروها وعذب الذين كفروا) التوبة/ 26. ولم تصمد هوازن طويلاً فقد فرت من الميدان، وبلغ قتلى هوازن اثنين وسبعين قتيلاً في الميدان، وثلاثمائة قتيل خلال الفرار والهزيمة، وعدد آخر من القتلى، وأما السبي فقد بلغ ستة آلاف، وبلغت الغنائم مبلغاً عظيماً. أما المسلون فقد بلغ عدد الشهداء أربعة، وأصيب عدد من الصحابة بجروح.

حصار الطائف

حصار الطائف: انطلق المسلمون إلى الطائف -التي تحصن فيها مالك بن عوف ومن بقي من هوازن- فحاصروها بضع عشرة ليلة، واشتد الحصار واستشهد اثنا عشر رجلاً من المسلمين مقابل ثلاثة قتلى فقط من المشركين، ودعا الرسول صلى الله عليه وسلم لثقيف بقوله: (اللهم اهد ثقيفاً) رواه الترمذي. وفك الرسول صلى الله عليه وسلم الحصار وعاد إلى الجعرانة حيث ترك غنائم حنين، فقسمها مراعياً تأليف قلوب الطلقاء والأعراب، وجاء وفد هوازن يعلن إسلامها فأعاد إليهم الرسول صلى الله عليه وسلم السبي ورضيت نفوسهم بذلك، وجاء وفد ثقيف بعد ذلك يعلن إسلام ثقيف، فأرسل الرسول صلى الله عليه وسلم أبا سفيان بن حرب، والمغيرة بن شعبة الثقفي معهم إلى الطائف ليهدما (اللات) -وهي الصنم الذي كانوا يعبدونه- فهدماها، وبذلك انتهت أسطورة اللات التي عبدت طويلاً من دون الله تعالى.

غزوة تبوك

غزوة تبوك وقعت هذه الغزوة في رجب من عام تسع للهجرة، وفيها تحول المسلمون إلى الجهاد خارج الجزيرة بعد أن دانت الجزيرة للإسلام، وقد سارع الصحابة بتجهيز الجيش الذي سمى جيش العسرة -نظراً للضائقة الاقتصادية التي مر بها المسلمون-، في حين تخلف المنافقون عنها وكانوا يقولون: لا تنفروا في الحر. وقد بلغ عدد جيش تبوك أكثر من ثلاثين ألفاً، وهذا أكبر جيش قاده الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته، وقد تخلف ثلاثة من الصحابة -وهم كعب بن مالك، ومرارة بن الربيع، وهلال ابن أمية- عن الجيش بدون عذر، وقصة تخلفهم وتوبتهم مشهورة في القرآن الكريم وكتب السيرة والسنة. العودة من تبوك: لم يقع قتال مع الروم في هذه الغزوة، وآثر حكام المدن الصلح على الجزية، وقد مكث الجيش عشرين ليلة ثم عاد إلى المدينة، وجاء المنافقون المتخلفون عن الغزوة فاعتذروا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقبل منهم واستغفر لهم وبايعهم إلا ثلاثة سبق الإشارة إليهم، وهم كعب بن مالك ومرارة بن الربيع وهلال بن أمية، وامتنع عنهم الرسول صلى الله عليه وسلم، وقاطعهم المسلمون إلى أن نزلت توبتهم في القرآن. ومن نتائج هذه الغزوة أنها وطدت سلطان الإسلام في شمال الجزيرة العربية ومهدت لفتوح الشام فيما بعد.

عام الوفود

عام الوفود سمى العام التاسع للهجرة بعام الوفود، حيث بدأت وفود القبائل العربية في التوافد على المدينة لإعلان إسلامهم ومبايعة الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد ذكر كتاب السيرة أن عدد الوفود بلغ ستين وفداً، ذكر منها البخاري وفد تميم، ووفد عبد القيس، ووفد بني حنيفة، ووفد نجران الذي لم يسلم ورضي بالجزية، ووفد الأشعريين وأهل اليمن، ووفد دوس، ووفد طيء، وعدي بن حاتم الطائي، وغير ذلك.

حج أبي بكر بالناس عام 9 هـ

حج أبي بكر بالناس عام 9 هـ لم يحج الرسول صلى الله عليه وسلم عام الفتح ولكنه اعتمر فقط، وأمّر أبا بكر على الحج، فخرج في ذي الحجة إلى مكة على رأس ثلاثمائة من الصحابة ومعهم عشرون بدنة، ونزلت سورة براءة (التوبة) يوم النحر، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم علياً برسالة إلى الناس يوم الحج مفادها: (لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، ولا يطوف بالبيت عريان، ولا يحج بعد العام مشرك، ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فعهده إلى مدته) رواه أحمد، وهذه مفاصلة مع المشركين آن أوانها بعد اثنين وعشرين عاماً من الدعوة والنبوة والوحي.

حجة الوداع

حجة الوداع أعلن النبي صلى الله عليه وسلم عزمه على الحج في العام العاشر، فتقاطر الناس من أرجاء الجزيرة العربية للحج معه، وخرج من المدينة لخمس بقين من ذي القعدة. ولما وقف في عرفة نزل قول الله تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً) المائدة/3. وقد تعلّم المسلمون مناسك الحج من النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الحجة المباركة، التي بلغ عدد المسلمين فيها أربعين ألفاً، حيث استمعوا إلى خطبة الوداع التي ألقاها الرسول صلى الله عليه وسلم في عرفات في وسط أيام التشريق، وجاء فيها: (إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا في بلدكم هذا،ألا إن كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدميّ هاتين موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث، وربا الجاهلية موضوع وأول رباً أضع ربانا: ربا عباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله. واتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله، وإن لكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف. وإني قد تركت فيكم ما لن تضلوا إن اعتصمتم به، كتاب الله، وأنتم تُسألون عني، فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت رسالات ربك وأديت ونصحت لأمتك، وقضيت الذي عليك، فقال: بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكثها إلى الناس: اللهم اشهد اللهم اشهد) رواه مسلم. وفي بعض خطبه في منى قال صلى الله عليه وسلم: (لا ترجعوا من بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض) رواه البخاري، وقد حفلت هذه الخطب بالأحكام والتوجيهات، وذلك لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يودع الناس.

تجهيز جيش أسامة

تجهيز جيش أسامة بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم في تجهيز جيش إلى الشام، بعد عودته من حجة الوداع بشهرين أو أكثر، وجعل عليه أسامة بن زيد بن حارثة، وأمره أن يتوجه إلى البلقاء وفلسطين، فتجهز الناس وفيهم المهاجرون والأنصار وكان معهم أبو بكر وعمر، وبلغ عددهم ثلاثة آلاف، ولكن هذه الحملة تأخرت بسبب مرض الرسول صلى الله عليه وسلم.

وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم

وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ألمّ المرض بالرسول صلى الله عليه وسلم بعد عودته من حجة الوداع بحوالي ثلاثة أشهر، وكان بدء شكواه في بيت ميمونة أم المؤمنين، وصح في البخاري أيضاً أن شكواه ابتدأت منذ العام السابع عقب فتح خيبر بعد أن تناول قطعة من شاة مسمومة قدمتها له زوجة سلام بن مشكم اليهودية، رغم أنه لفظها ولم يبتلعها لكن السم أثر عليه. وقد طلب صلى الله عليه وسلم من زوجاته أن يمرّض في بيت عائشة أم المؤمنين، فكانت تقرأ المعوذتين وتمسح عليه بيده هو صلى الله عليه وسلم لبركتها. ولما أثقله المرض ومنعه من الخروج للصلاة بالناس قال: (مروا أبا بكر فليصل بالناس، وراجعته السيدة عائشة رضي الله عنها، لئلا يتشاءم الناس بأبيها، فقالت: إن أبا بكر رجل رقيق ضعيف الصوت كثير البكاء إذا قرأ القرآن. فأصرّ على ذلك، فمضى أبو بكر يصلي بهم) رواه ابن كثير في البداية والنهاية. وخرج النبي صلى الله عليه وسلم يتوكأ على العباس وعليّ، فصلّى بالناس وخطبهم، وأثنى في خطابه على أبي بكر رضي الله عنه وبين فضله، وأشار إلى تخيير الله له بين الدنيا والآخرة واختياره الآخرة، قال: (إن عبداً عرضت عليه الدنيا وزينتها فاختار الآخرة، ففطن أبو بكر إلى أنه يقصد نفسه فبكى، وتعجب الناس منه إذ لم يدركوا ما فطن له) رواه أحمد. وعندما حضره الموت كان مستنداً إلى صدر عائشة وكان يدخل يده في إناء الماء فيمسح وجهه -من شدة الحمى- ويقول: (لا إله إلا الله، إن للموت سكرات) رواه البخاري. وأخذته صلى الله عليه وسلم بحة وهو يقول: (مع الذين أنعم الله عليهم) ، ويقول: (اللهم في الرفيق الأعلى، فعرفت عائشة أنه يُخير وأنه يختار الرفيق الأعلى) رواه البخاري. ودخلت عليه فاطمة فقالت: واكرب أباه، فقال لها: (ليس على أبيك كرب بعد اليوم) ، ودعاها (فأسرّ إليها بشيء فبكت، ثم دعاها فأسرّ إليها بشيء فضحكت) . رواه البخاري. وأخبرت رضي الله عنها -بعد وفاته- أنه صلى الله عليه وسلم أخبرها أنه يموت فبكت، وأخبرها بأنها أول أهله لحوقاً به فضحكت. وقبض صلى الله عليه وسلم حين اشتد الضحى -ورأسه في حجر عائشة- في يوم الاثنين، في الثاني عشر من ربيع الأول من العام الحادي عشر للهجرة، ودخل أبو بكر رضي الله عنه، وكان غائباً في السنح، فكشف عن وجه النبي صلى الله عليه وسلم، وأخذ يقبله، وخرج إلى الناس، وهم بين منكر ومصدق من هول الموقف، فقال: أما بعد من كان منكم يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان منكم يعبد الله فإن الله حيٌّ لايموت، قال الله تعالى: (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفئن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم، ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً، وسيجزي الله الشاكرين) ، فسكن الناس وجلس عمر رضي الله عنه على الأرض لا تحمله قدماه، وكأنهم لم يسمعوا الآية إلا تلك الساعة (رواه البخاري) . وبكت فاطمة رضي الله عنها أباها صلى الله عليه وسلم، وهي تقول: يا أبتاه أجاب ربا دعاه. يا أبتاه من جنة الفردوس مأواه. يا أبتاه إلى جبريل ننعاه. وانتهت حياة الرسول صلى الله عليه وسلم ولم تنته رسالته، فهي خالدة إلى يوم الدين، ولم تنقطع أمته فالخير فيها إلى يوم يبعثون، وصلى الله وسلم وبارك على نبيه الصادق الوعد الأمين، والحمد الله رب العالمين.

المراجع

مصدر هذه الفترة: - السيرة النبوية الصحيحة، للدكتور أكرم ضياء العمري (بتصرف) .

شمائله صلى الله عليه وسلم

شمائله صلى الله عليه وسلم الشمائل: الخصال الحميدة والطبائع الحسنة، وأضاف إليها بعض العلماء الصفات الخِلقية الظاهرة، وجعلها تابعة لأخلاقه صلى الله عليه وسلم، وبناء على ذلك فكتب الشمائل تضم أمرين: الأول: الصفات الخِلقية: فقد وهب الله سبحانه وتعالى لرسوله محمداً صلى الله عليه وسلم من كمال الخِلقة، وجمال الصورة، وقوة العقل وصحة الفهم، وفصاحة اللسان وقوة الحواس والأعضاء، واعتدال الحركات، وشرف النسب ما بلغ به حدّ العظمة، وقد تقدم الجديث عن بعض تلك الصفات. الثاني: الصفات الخُلقية: الرسول صلى الله عليه وسلم هو الإنسان الكامل، والقدوة المطلقة، فقد كان عليه الصلاة والسلام يتحلى بالأخلاق الحميدة والآداب الشريفة، وقد بلغ حد الكمال والاعتدال فيها، حتى أثنى عليه الله سبحانه بقوله: (وإنك لعلى خلق عظيم) القلم/4، وقالت عائشة رضي الله عنها كما في صحيح مسلم: (كان خلقه القرآن) ، وهذا تصديق قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله بعثني لأتمم مكارم الأخلاق، وأكمل محاسن الأفعال) . وقد جمع الرسول صلى الله عليه وسلم المكارم كلها، ولا غرابة في هذا، فالله سبحانه وتعالى يقول: (وعلّمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيماً) النساء/ 113، فإذا كان الله عز وجل هو الذي علمه وأدبه، فلا بد أن يكون المتعلم على أكمل وأتم وأحسن ما يكون التعلم. ولذلك لم تعرف لنبينا صلى الله عليه وسلم زلة، ولا حُفظت عنه هفوة، وكان لا يزيد مع الإيذاء إلا صبراً، ولا مع إسراف الجاهل إلا حلماً، وكان كما تقول عائشة رضي الله عنها، لا ينتقم لنفسه أبداً، بل كان يدعو: (اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون) ، وموقفه يوم فتح مكة مع المشركين يدل على هذا، فقد عفا عنهم، وقال: (اذهبوا فأنتم الطلقاء) . وهذه بعض صفاته التي كان يتحلى بها صلى الله عليه وسلم: 1- حلمه وعفوه 2- جوده وسماحته 3- شجاعته 4- حياؤه 5- حسن عشرته وأدبه 6- شفقته ورأفته 7- وفاؤه وحسن عهده 8- تواضعه مع علو منصبه 9- عدله وأمانته 10- وقاره 11- زهده 12- خوفه من ربه وطاعته له وسيرته عليه الصلاة والسلام حافلة بالأمثلة والشواهد على ذلك، وقد حرص العلماء على إفراد شمائله وأخلاقه صلى الله عليه وسلم بالدراسة والتأليف، وذلك لما لها من أهمية خاصة بالنسبة للمسلم. فمعرفة شمائله عليه الصلاة والسلام وسيلة إلى امتلاء القلب بمحبته وتعظيمه، وذلك وسيلة إلى تعظيم شريعته واتباع هديه وسنته. ومن أقدم ما ألف في الشمائل كتاب الشمائل للإمام الترمذي رحمه الله تعالى. · من المصادر: 1- الشمائل المحمدية، للإمام الترمذي. 2- الأنوار في شمائل النبي المختار، للإمام البغوي. 3- نور اليقين في سيرة سيد المرسلين، للأستاذ محمد بك الخضري. 4- السيرة النبوية - للشيخ أبي الحسن الندوي.

فضل الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم

فضل الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تعالى: (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صّلوا عليه وسلموا تسليماً) الأحزاب/ 56، والصلاة من الله تعالى معناها الرحمة وزيادة الإحسان، وهي من الملائكة استغفار، ومن البشر دعاء، لذا فإنه يحصل للنبي صلى الله عليه وسلم بهذه الصلاة من الرحمة وزيادة الإحسان والاستغفار والدعاء ما هو أهل له صلى الله عليه وسلم. وقد بيّنت السنة الفائدة العظيمة والفضل الكبير الذي ينتظر من يصلي على الرسول الله صلى الله عليه وسلم، من رفع الدرجات والترقي في مراتب الكمال. روى الإمام مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من صلّى عليّ صلاة صلّى الله عليه بها عشراً) ، ومن السنّة أن يجمع المسلم بين الصلاة والسلام. ولذلك كان الحث على الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، لأن في ذلك علو منزلة لمن يأتي بها يوم القيامة، ورضاً من الله تبارك وتعالى عن قائلها. وقد وصف الرسول صلى الله عليه وسلم من لا يصلى عليه بالبخل، فإن ترك الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عنوان للشح، ودليل خبث النفس وسوء الطوية. والصيغة المختارة للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ما جاء في حديث مسلم عن أبي هريرة: (قولوا: اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد) ، وتستحب الصلاة والتبريك على أزواجه وذريته صلى الله عليه وسلم. · المصدر: - نزهة المتقين في شرح رياض الصالحين.

الشخصيات الإسلامية

الشخصيات الإسلامية

أهمية دراسة الشخصيات الإسلامية

أهمية دراسة الشخصيات الإسلامية: تعرف هذه الفقرة بعدد من أعلام الأمة الإسلامية، من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم، والتابعين وتابعيهم ومن تبعهم بإحسان، من الأئمة المجتهدين، والعلماء العاملين، والدعاة المخلصين. ولدراسة سير هؤلاء الأعلام أهمية خاصة، تتمثل فيما يلي: 1- أن هؤلاء العلماء الأعلام هم ورثة الأنبياء، كما أخبر النبيr، وهم أولياء الله الذين يخشونه حق خشيته، ويعبدونه حق عبادته، فهم أولى الناس بالتعريف بهم، ونشر سيرهم وأخبارهم. 2- أن دراسة الشخصيات الإسلامية تضع أيدينا على سير نجوم الهداية، وأئمة الرشد في الأمة الإسلامية على مر تاريخها، وبذلك يكون المسلم على صلة بسلفه الصالح، يعرف لهم قدرهم، ويأنس بسيرتهم، ويستفيد من تجاربهم، ويحرص على أن يكون خلفاً صالحاً لهم. 3- أن دراسة سير أعلام الأمة وعلمائها، ومعرفة أخبارهم وأحوالهم، تدفع للاقتداء بهم، وتدعو إلى اقتفاء آثارهم، والسير على مناهجهم.

الخلفاء الراشدون

الخلفاء الراشدون

أبو بكر الصديق (رضي الله عنه)

أبو بكر الصديق رضي الله عنه

اسمه

اسمه: هو عبد الله بن عثمان - وعثمان هو أبو قحافة - وعرف بالعتيق والصديق. أما العتيق فهو الجميل، الغاية في الجود والخير، وأما الصديق فهو الذي يصدقه الناس ولا يكذبونه، والذي أسرع إلى تصديق الرسول صلى الله عليه وسلم في كل أمر يخبره به عن ربه.

مولده

مولده: ولد بعد الرسول صلى الله عليه وسلم بعامين وبضعة أشهر.

قبل الإسلام

قبل الإسلام: كان في الجاهلية من أنسب قريش، وأعلمها بما كان فيها من خير أو شر، تاجراً موفقاً ذا خلق وفضل، محبباً في قومه لم يشرب خمراً، ولم يعبد صنماً ينتقص من شرفه أو مروءته.

إسلامه

إسلامه: كان أول من أسلم من الرجال، فقد كان صديقاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الرسالة، فلما أكرم الله رسوله برسالته كان أولَ من دعاهم الرسول صلى الله عليه وسلم للإسلام أبو بكر، فما لبث أن أسلم، غير متردد. وظل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعاون معه في مختلف مراحل الدعوة، ناصحاً لربه ولنبيه ولدينه.

تاريخه

تاريخه: 1- كان هو وحده رفيق رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة من مكة إلى المدينة، وصاحبه في الغار. 2- كان أول خليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. 3- تولى الخلافة عام 11 من الهجرة، واستمر فيها سنتين وثلاثة أشهر. 4- زوّج ابنته عائشة لرسول الله صلى الله عليه وسلم. 5- كان عمره حين توفي 63 عاماً مثل عمر النبي صلى الله عليه وسلم. 6- دفن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، في غرفة عائشة رضي الله عنها. 7- من أكبر فضائله الخالدة في التاريخ أنه جمع المصحف بعد أن كان أشتاتاً في الرقاع، ومحفوظاً في الصدور. 8- شهد المشاهد كلها وكانت الراية معه يوم تبوك. 9- حج بالناس في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، سنة تسع للهجرة. 10- أنفذ الجيوش بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وقام بعبء الخلافة على خير ما يقوم به رجل في التاريخ. 11- وقف من حروب الردة وقفة الحازم المصمم على تأديب المرتدين والخارجين على طاعة الدولة، فقضى على الفتنة وهي في مهدها. 12- أنفذ جيش أسامة كما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان بدء الفتوحات الميمونة في نشر الإسلام وتحرير الشعوب. 13- سار في المسلمين سيرة ورع وزهد في دنياهم، وسَهَر على مصالحهم، وإشفاق على ضعفائهم، وشدة على أقويائهم، وكان دستوره في الحكم هو الخطاب الذي ألقاه عقب توليه الخلافة: (إني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى آخذ له الحق، والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ منه الحق، لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة في قوم إلا عمهم الله بالبلاء.. أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم) . 14- تزوج في الجاهلية: قَتْلَة وأم رومان، وفي الإسلام أسماء وحبيبة. 15- كان لأبي بكر من الأولاد ستة: عبد الله وعبد الرحمن ومحمد، وأسماء وعائشة أم المؤمنين وأم كلثوم. 16-استخلف عمر بن الخطاب على المسلمين، فكان أعظم ختام لحياته رضي الله عنه.

عظمته

عظمته: لأبي بكر رضي الله عنه نواح متعددة من العظمة، قد يشارك في كثير منها كثيراً من عظماء الصحابة. ولكن ما يمتاز به عن كثير منهم خصال جعلته في الذروة من عظماء الإسلام، وأهمها: أ- إيمانٌ حمله على أن يكون أول من أسلم، وعلى أن يصدّق بكل ما يقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم، من غير شك ولا تردد، وأروع مواقفه في ذلك حادثة الإسراء والمعراج، حينما قال للمشركين عن النبي صلى الله عليه وسلم: إن كان قال فقد صدق. ب- تضحيته بنفسه في سبيل الدعوة، ويتجلى ذلك في حادثة الهجرة وخوفه على الرسول r في الهجرة، وهو يعلم أن قريشاً تجدُّ في طلبه وتريد الفتك به. ج- تضحيته بماله كله في سبيل الدعوة، سواء في تجهيز جيش العسرة في غزوة تبوك، أو في عتقه للعبيد في سبيل الله تعالى. د- عقله الكبير فلم يسجد لصنم في وقت تهافت قومه على عبادة الأصنام، ولم يشرب خمراً في حين كانوا يتمادحون في شربها وإراقتها. هـ- حزمه رضي الله عنه الذي تجلى في موقفه يوم مات النبي صلى الله عليه وسلم، ويوم حروب الردة. وتواضعه وعفته: فقد ظل في الخلافة كما كان قبلها، ليناً سهلاً رحيماً بالمسلمين غيوراً عليهم. ومات رضي الله عنه ولم يخلف متاعاً ولا مالاً. توفي رضي الله عنه في جمادى الأولى، سنة ثلاث عشرة من الهجرة، وقد أجمعت الأمة على أنه أفضل الصحابة وأعلمهم، وأحبهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)

عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)

اسمه

اسمه: عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى، يجتمع نسبه مع النبي صلى الله عليه وسلم في كعب بن لؤي، وكنيته أبو حفص، والحفص هو شبل الأسد، كناه به النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر، ولقبه الفاروق، لقبه بذلك النبي صلى الله عليه وسلم يوم إسلامه، فأعز الله به الإسلام، وفرّق به بين الحق والباطل.

مولده

مولده: ولد بعد ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم بثلاث عشرة سنة.

نشأته

نشأته: نشأ في مكة من بيت عرف بالقوة والشدة، كما كانت إليه السفارة في الجاهلية، إذا وقعت بين قريش وبين غيرها حرب، بعثته سفيراً يتكلم باسمها. وكان إذا تكلم أسمع، وإذا مشى أسرع، وإذا ضرب أوجع، وكان من أشد فتيان قريش وأشدهم شكيمة. اشتد بالأذى على المسلمين في سنوات الدعوة الأولى، وكان يعرف القراءة والكتابة.

إسلامه

إسلامه: أسلم في السنة السادسة من البعثة، ومنذ أسلم انقلبت شدته على المسلمين إلى شدة على الكافرين، وقد سبقه إلى الإسلام تسعة وثلاثون صحابياً، وقد استجاب الله دعوة رسوله صلى الله عليه وسلم إذ قال: اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك، أبي جهل بن هشام أو عمر بن الخطاب، فكان إسلامه دون أبي جهل دليلاً على محبة الله له وكرامته عنده.

تاريخه

تاريخه: 1. كان صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو أبو أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها. 2. كان عمره يوم الخلافة خمساً وخمسين سنة. 3. كانت مدة خلافته عشر سنين وستة أشهر وأربعة أيام. 4. فتحت في عهده بلاد الشام والعراق وفارس ومصر وبرقة وطرابلس الغرب وأذربيجان ونهاوند وجرجان. 5. بنيت في عهده البصرة والكوفة. 6. أول من أرّخ بالهجرة ودوّن الدواوين، وصلى بالناس التراويح، واتخذ بيت المال، وسُمي أمير المؤمنين، وأول من فتح الفتوح، واستقضى القضاة في الأمصار ومصّر الأمصار. 7. دفن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبي بكر في غرفة عائشة رضي الله عنها، وكانت وفاته وعمره ثلاث وستون سنة. 8. تزوج في الجاهلية، قريبة أم كلثوم بنت جرول، وفي الإسلام زينب بنت مظعون، وأم كلثوم بنت علي رضي الله عنه، وجميلة بنت ثابت وأم حكيم بنت الحارث، وعاتكة بنت زيد. 9. كان له من الولد ستة من الذكور، وهم: عبد الله وعبد الرحمن وزيد وعبيد الله وعاصم وعياض، وستة من الإناث وهن: حفصة ورقية وفاطمة وصفية وزينب وأم الوليد.

موافقة القرآن له:

موافقة القرآن له: كان رضي الله عنه ذا رأي سديد وعقل كبير، وافق القرآنَ في مسائل قبل أن ينزل فيها الوحي، فقد كان من رأيه تحريم الخمر فنزل تحريمها، وكان من رأيه عدم قبول الفداء في أسرى بدر فنزل القرآن مؤكداً رأيه، كما أشار على النبي صلى الله عليه وسلم باتخاذ الحجاب على زوجاته أمهات المؤمنين فنزل القرآن بذلك، وقد أثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث الترمذي بقوله: (إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه، وفرق الله به بين الحق والباطل) .

عظمته

عظمته: تبرز عظمته رضي الله عنه في جوانب شتى، سواء قبل الخلافة أو بعدها، وتلمح ذلك في معاني كثيرة: 1. الدفاع عن العقيدة: فقد كان عمر شديد الوطأة على المسلمين حين كان يعتقد بطلان دينهم، حتى إذا أسلم أصبحت شدته على المشركين. 2. شدته في الحق: لم يكن رضي الله عنه يرى في سلوك طريق الحق هوادة ولا ليناً، ولا يرى أن يجامل في سبيله صديقاً ولا قريباً، وكان رأيه في أسرى بدر أن تقطع رقابهم وهم أشراف قريش وزعماؤها، لما كان يرى في ذلك من إرهاب الشرك وأهله، وكان إذا رأى أحداً أساء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بقول أو فعل قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: دعني أضرب عنق هذا المنافق. 3. خضوعه للقيادة: فمع ما كان عليه من الشدة فيما يعتقد أنه حق، فلقد كان شديد الخضوع للقيادة حين تحزم أمرها، كما حدث يوم صلح الحديبية وفي حرب المرتدين، وقد جادل أبا بكر في ذلك فما كان منه إلا أن أطاع ولبى 4. الرحمة بالشعب: مع هذه الشدة في الحق، كانت له رحمة بالشعب من ضعفاء وفقراء، وعطف على الرعية قل أن نجد له مثيلاً في التاريخ، ولعل أروع مآثر عمر في ذلك موقفه عام الرمادة، إذ أصاب الناس قحط عظيم دام تسعة أشهر، وكانت سنة أصاب عمر من همها وبلائها وحزنها ما نحل معه جسمه واسودّ لونه، وكان يؤتى إليه من الأمصار بقوافل الطحين والسمن واللحوم، فيفرقها على المسلمين ولا يأكل منها شيئاً، وإنما كان يأكل الزيت والخبز الأسود. 5. يقظته في إدارة الدولة: فقد كان شديد المراقبة لعماله، دقيق الاختيار لولاة الأمصار، وكانت الكفاءة عنده هي أساس تولية العمل، وكان يقول: أريد رجلاً، إذا كان في القوم وليس أميرهم، كان كأنه أميرهم، وإذا كان أميرهم، كان كأنه رجل منهم. وكان يعقد في كل سنة مؤتمراً لعماله في موسم الحج، ليسألهم عن أحوال البلاد وشؤونها وسير الإدارة فيها، وكان له مفتشون ينزلون الأمصار على غير علم من ولاتها، فيستقصون سيرة الولاة وأحوالهم من أفواه الشعب ويرونه بأعينهم، وبذلك استقام الأمر في عهده رضي الله عنه. 6. عبقريته في تطبيق الشريعة: فقد كان فقهياً في دين الله، مدركاً لأسرار التشريع، جاد الذهن في استنباط معاني التنزيل وأحكامه، أوقف العمل بسهم المؤلفة قلوبهم لعدم وجودهم، وقال كان الإسلام في أول أمره ضعيفاً وأما الآن فقد أعز الله الإسلام، وأسقط حد السرقة عام المجاعة لشبهة الجوع الحاملة على ذلك.

عثمان بن عفان (رضي الله عنه)

عثمان بن عفان رضي الله عنه

اسمه

اسمه: عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس، كان يلقب بذي النورين لأنه تزوج بنتين من بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم: رقية وأم كلثوم رضي الله عنهم أجمعين.

مولده

مولده: ولد في السنة الخامسة أو السادسة من ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان عمره حين البعثة خمساً وثلاثين سنة.

إسلامه

إسلامه: كان في جاهليته عفًّا، كريماً، مستقيماً في خلقه، معروفاً بعقله ورجاحة رأيه، فما دعاه أبو بكر إلى الإسلام حتى استجاب للدعوة، فكان من أوائل السابقين إلى الإسلام.

تاريخه

تاريخه: 1. كان خامس خمسة آمنوا بالإسلام. 2. تفرد من بين الصحابة بزواجه من ابنتي رسول الله صلى عليه وسلم ووفاتهما في حياته. 3. من أعماله الخالدة جمعه الناس على مصحف واحد. 4. تولى الخلافة في غرة المحرم عام 24 هجرية، وكان عمره حينذاك سبعين سنة. 5. استشهد في عام 35 هجرية، وله من العمر اثنتان وثمانون سنة، وكانت مدة خلافته اثنتي عشرة سنة إلا ثمانية أيام. 6. دفن ليلاً بعد أن منع البغاة تشييع جثمانه، وكان دفنه بالبقيع. 7. تزوج ثمان من النسوة، توفي عن أربع منهن وهن: فاخته، وأم البنين، ورملة، ونائلة. 8. كان له تسعة أبناء وثمان بنات. 9. بويع بالخلافة من بين ستة من كبار الصحابة عيّنهم عمر رضي الله عنه، واستمر في خلافته ستة أعوام نعم فيها المسلون بالأمن والاستقرار، وتوالي الفتوح، واتساع رقعة الدولة، وفي عهده أنشئ أول أسطول بحري للمسلمين، ثم ابتدأت الفتنة، واضطرب أمر المسلمين في السنوات الأخيرة من خلافته. وقد أدت هذه الفتنة إلى مصرعه شهيداً في بيته، على يد نفر من الأشقياء من زعماء الفتنة التي ابتدأها اليهودي الأثيم عبد الله بن سبأ.

عظمته

عظمته: من أبرز جوانب عظمته رضي الله عنه سخاؤه العظيم في سبيل الدعوة، وإنفاقه عليها في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وبعده، حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما ضرّ عثمان ما عمل بعد اليوم) . ثم رفع يديه إلى السماء وقال: (اللهم ارض عن عثمان فإني راض عنه) ، وذلك أنه أنفق على تجهيز جيش العسرة في غزوة تبوك عشرة آلاف دينار، وثلاثمائة بعير بأحلاسها وأقتابها وخمسين فرساً، وجهز ثلاثمائة من فقهاء الصحابة ليكونوا في الجيش. ولما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يشتري بئر رومة فله الجنة، اشتراها عثمان ثم تصدق بها على المساكين. وفي عام الرمادة في عهد عمر حيث أكل الناس الشجر والدواب من المجاعة، تصدق بألف بعير عليها المؤونة والطعام. ولقد كان عثمان رضي الله عنه يطعم الناس طعام الإمارة ويأكل الخل والزيت. رحم الله عثمان على بلائه في الإسلام، وسخائه في الإنفاق على الدعوة، وصبره عند المحنة، ورضي الله عنه وأرضاه.

علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)

علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)

اسمه

اسمه: علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكنيته أبو الحسن، وكنّاه رسول الله صلى الله عليه وسلم (أبا تراب) فكان عليّ يحب أن ينادى به.

مولده

مولده: ولد في جوف الكعبة، في السنة الثانية والثلاثين من ميلاد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

بيئته وإسلامه

بيئته وإسلامه: كان أبوه أبو طالب أكبر زعماء قريش، وله فضل في كف أذى قريش عن النبي صلى الله عليه وسلم في بدء الدعوة، وكان ضيق الحال، كثير العيال، فاتفق حمزة والرسول صلى الله عليه وسلم -وذلك قبل البعثة- على أن يخففا عن أبي طالب مؤونة العيال، فكان علي من نصيب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتربى في حجره ولازمه، حتى إذا بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم بالرسالة، كان علي رضي الله عنه أول من أسلم من الصبيان.

تاريخه

تاريخه: 1- أول من أسلم من الصبيان، وهو من العشرة الذين بشرهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة. 2- استخلفه الرسول صلى الله عليه وسلم في بيته ليلة الهجرة، ووكل إليه رد ودائع المشركين. 3- زوّجه الرسول صلى الله عليه وسلم ابنته فاطمة في السنة الثانية من الهجرة. 4- لم يتزوج رضي الله عنه غير فاطمة رضي الله عنها حتى توفيت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بستة أشهر. 5- كان عمره حين أسلم نحواً من عشر سنين، وحين هاجر ثلاثاً وعشرين، وحين توفي الرسول صلى الله عليه وسلم ثلاثاً وثلاثين، وحين استشهد ثلاثاً وستين سنة. 6- بويع بالخلافة في 25 من ذي الحجة، عام 35 من الهجرة. 7- واستشهد بالكوفة ليلة 17 من رمضان، سنة 40هـ. 8- كانت مدة خلافته أربع سنين وثمانية أشهر و 22 يوماً. 9- تزوج في حياته تسع نسوة. 10- ولد له تسعة وعشرون ولداً، أربعة عشر ذكراً، وخمس عشرة أنثى.

مع الرسول صلى الله عليه وسلم

مع الرسول صلى الله عليه وسلم: أحب رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتفانى في خدمة دعوته وضحّى في سبيلها، مما جعله من أحب الصحابة إلى قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم. كلّفه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينام في فراشه ليلة الهجرة، وجعله أخاه، حين آخى بين المهاجرين والأنصار بالمدينة. شهد المشاهد كلها وأبلى فيها البلاء الحسن، ولم يتخلف عن الجهاد مع الرسول صلى الله عليه وسلم إلا في غزوة تبوك، إذ استخلفه الرسول صلى الله عليه وسلم على المدينة، وكان حامل راية الرسول في أكثر الغزوات. أرسله الرسول صلى الله عليه وسلم بسورة براءة ليقرأها على الناس في الحج، وكان أبو بكر رضي الله عنه أميراً على الحج، واستمر في لزوم رسول الله صلى الله عليه وسلم والتضحية في سبيل الإسلام حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم.

مع الرسول صلى الله عليه وسلم

بعد الرسول صلى الله عليه وسلم: بايع رضي الله عنه أبا بكر عن رضى وطيب نفس، وظل طيلة حياة أبي بكر نعم العون ونعم الوزير، حيث ساهم في إدارة الدولة وتصريف الشؤون بصدق وإخلاص، وكذلك كان مع عمر رضي الله عنه وقد تزوج عمر أم كلثوم بنت علي رضي الله عنهما، وجعله عمر من الستة الذين يُختار منهم الخليفة من بعده. ولما استخلف عثمان بايعه عليّ فيمن بايع والتزم نصحه ومؤازرته.

عظمته

عظمته: تتجلى عظمته رضي الله عنه في: 1- علمه: فقد كان رضي الله عنه من علماء الصحابة، وقد عرف بدقة الفهم، وسداد الرأي، وقد أرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن قاضياً، وكثيراً ما كان الصحابة يحيلون عليه من يتوجه إليهم بسؤال عن مسألة من مسائل الدين. 2- شجاعته: كان رضي الله عنه من الشجاعة بالمحل الأوفى، فأبلى يوم بدر بلاء حسناً، وكذلك في أحد، وكان فيمن ثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث انهزم المسلمون في أحد، أما في معركة الخندق (غزوة الأحزاب) فقد كان له البلاء المشكور. وفي معركة خيبر حين تعذر فتح الحصون على المسلمين، قال عليه الصلاة والسلام: (لأعطين الراية غداً رجلاً يحبه الله ورسوله يفتح الله على يديه) ، ثم دعا علياً رضي الله عنه وأعطاه الراية. ورعه وزهده: قال لعمر وهو في خلافته: يا أمير المؤمنين إن سَرّك أن تلحق بصاحبيك (يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر) فأقصر الأمل، وكل دون الشبع، وأقصر الإزار، وارفع القميص، واخصف النعل، تلحق بهما. وكان في خلافته رضي الله عنه يلبس الخشن من الثياب ويتعفف عن أموال المسلمين.

المراجع

من المصادر: 1. عظماؤنا في التاريخ، للدكتور مصطفى السباعي. 2. تاريخ الخلفاء، للإمام السيوطي.

محاسن الإسلام

محاسن الإسلام

مقدمة

مقدمة رضي الله عز وجل لعباده الإسلام دينًا، وختم به جميع الأديان، وجعله دينًا ميسرًا سمحًا سهلاً لا حرج فيه ولا مشقة، لم يوجب على معتنقيه ما لا يستطيعون، ولم يكلفهم ما لا يطيقون، بل جعل تكاليفه بحسب القدرة وعلى قدر الاستطاعة، كما قال تعالى: (لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها) (سورة البقرة:286) . وقال تعالى: (وما جعل عليكم في الدين من حرج) (الحج:78) . وقال تعالى: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) (سورة البقرة:185) . فهو الدين المعتبر عند الله، من تمسّك به نجا، ومن سلك طريقه اهتدى، ومن عمل به وصل إلى الدرجات العُلى، ولن يقبل الله بعده من أحد دينًا غير الإسلام (إن الدين عند الله الإسلام) (آل عمران:19) . (ومن يبتغ غير الإسلام دينًا فلن يُقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين) (آل عمران:85) . وهو الدين الكامل الشامل لكل ما يحتاج إليه البشر في دينهم ودنياهم، الصالح لكل زمان ومكان إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، به أتم الله النعمة على عباده، ورضيه لهم: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا) (المائدة:3) . أباح الله في هذا الدين كل طيب نافع، وحرَّم كل خبيث ضار، وأمر بالعدل والإحسان، ونهى عن الجَوْر والطغيان، فأمر بكل معروف ونهى عن كل منكر. ما ترك خيرًا إلا هدى إليه، ولا شرًا إلا حذر منه، وقد سمّاه الله هدى، وديناً حقاً، وأظهره على جميع الأديان، قال تعالى: (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون) (التوبة:33) . وقد كتب الله لهذا الدين البقاء والخلود إلى يوم القيامة، دون تحريف ولا تبديل، قال تعالى: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) (الحجر:9) . فإلى هذا الدين "الإسلام"، نتعلمه ونفهمه على حقيقته، ونعمل به ونحكمه في جميع شؤوننا، لكي نفوز بسعادة الدنيا والآخرة: (فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى، ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكًا، ونحشره يوم القيامة أعمى، قال: ربِّ لِمَ حشرتني أعمى وقد كنتُ بصيرًا؟ قال: كذلك أتتك آياتنا فنسيتها، وكذلك اليوم تنسى) (طه:123-126) .

التعريف بالموضوع وأهميته

التعريف بالموضوع وأهميته

التعريف بالموضوع

التعريف بالموضوع محاسن الإسلام هي: مزاياه وخصائصه في جميع جوانبه، من عقيدة وشريعة وأخلاق، وقد ألف العلماء تحت هذا العنوان كتباً، نحو كتاب (محاسن الإسلام وشرائع الإسلام) ، للبخاري الزاهد الذي توفي في القرن السادس الهجري، وتوالت المؤلفات في هذا الموضوع واتخذت عناوين مختلفة، نحو حكمة التشريع، وخصائص الإسلام. وعندما نقول محاسن الإسلام فلا يعني ذلك أن للإسلام مساوئ، بل إن الإسلام كله محاسن، لأنه صادر عن الله عز وجل الذي يتصف بصفات الكمال.

أهمية الموضوع

أهمية الموضوع ترجع أهمية هذا الموضوع إلى الجوانب التالية: 3- الجانب العلاجي: إن معرفة محاسن الإسلام تعرف المسلم بحقيقة دينه، وتكشف له عن جوانب تميزه وعظمته، فيقوى إيمانه بهذا الدين ويزيد تمسكه به. 4- الجانب الوقائي: إن معرفة محاسن الإسلام تعطي المسلم حصانة ووقاية أمام الشبهات التي تثار حول الإسلام، فإذا تعرف المسلم على محاسن دينه تلاشت أمامه الشبهات، وعرف زيفها وكذبها. 5- الجانب الدعوي: إن الحديث عن محاسن الإسلام والتعريف بها، وعرض حقائق هذا الدين وتوضيحها للناس، هو الأسلوب الأمثل في الدعوة إلى الله عز وجل، حيث يدفع غير المسلم إلى التعرف على هذا الدين وتبني مبادئه وقيمه.

مقاصد الشريعة

مقاصد الشريعة المراد بمقاصد الشريعة: الغاية منها، والأسرار التي وضعها الشارع عند كل تشريع من تشريعاتها وكل حكم من أحكامها. والمقصد الأساسي للشريعة الإسلامية هو إسعاد الإنسان في الدنيا والآخرة، قال تعالى: (قال اهبطا منها جميعاً بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقي. ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى) طه/ 123،124. ولتحقيق هذه السعادة راعت الشريعة الإسلامية مصالح العباد التي تتمثل في ثلاثة أمور، وهي: 1- الضروريات 2- الحاجيات 3- التحسينيات

1- مراعاة الضروريات

1- مراعاة الضروريات: الضروريات هي الأمور التي لا تقوم حياة الإنسان إلا بها، وهي خمسة: الدين، والنفس، والنسل، والعقل، والمال. وقد حافظ الإسلام على هذه الضروريات جميعها. أ- الدين: الدين هو مجموعة العقائد والعبادات والأحكام والقوانين التي شرعها الله تعالى. وقد راعى الله تعالى الدين وذلك بإقامته ثم بحفظه، فشرع لإقامة الدين وإيجاده، إرسال الرسل وإنزال الكتب، وإيجاب الإيمان على الناس كافة، والدعوة إليه بعد ذلك. وشرع الله لحفظه: أحكام الجهاد، وعقوبة المرتد والمحرِّف لأحكامه. ب- النفس: لقد راعى الله تعالى النفس، وذلك بأن أوجدها وخلقها على الفطرة، ثم هداها إلى طريق الحق والصواب، وجعل الفلاح بتزكيتها والخسران بإهمالها. وشرَع الله تعالى لحفظ النفس إيجاب تناول الطعام والشراب وكل ما من شأنه أن يقيمها، وأوجب القصاص والدّية والكفارة عقاباً لمن يعتدي عليها. ج- النسل: راعى الله سبحانه وتعالى النسل وذلك بإيجاده وحمايته، فشرع لإيجاده النكاح وأمر به، وحث على تخير الزوجة الصالحة وتربية الأولاد. وشرع لعلاجه وحمايته حد الزنا وحد القذف. د- العقل: شرع الله تعالى كل ما يعطي العقل حقه، من إعماله والتفكر به، والسير في طريق العلم والتعلم، وشرع لحفظه تحريم المسكرات والخمور والمخدرات، كما شرع الحد على من تناول شيئاً من ذلك. هـ- المال: فقد شرع الله لتحصيله وكسبه السعي للرزق، وأباح ما يزيده وينميه، كالتجارة والزراعة وغيرها. وشرع لحفظه وحمايته حد السرقة، والحجر على السفيه الذي لا يحسن التصرف فيه، كما حرم الربا والغش.

2- مراعاة الحاجيات

2- مراعاة الحاجيات: الحاجيات هي ما يحتاج إليه الناس للتيسير ودفع الحرج، وإذا فقدت لم يختل نظام حياتهم، ولكن يصيبهم الحرج والضيق. وقد جاء الإسلام سهلاً ميسراً، ومن مظاهر التيسير فيه تشريع الرخص في العبادات، كقصر الصلاة في السفر، وفطر المسافر في رمضان.

3- مراعاة التحسينيات

3- مراعاة التحسينيات: التحسينات هي الأمور الكمالية والمثاليات التي تجعل حياة الإنسان راقية خالصة، على أقوم منهاج وأحسنه. فقد بُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم آمراً بمكارم الأخلاق، يتمم ويزيد من رقيها وسموها، وذلك في جميع المجالات. ففي مجال العبادات شرع الإسلام أخذ الزينة عند كل مسجد، كما شرع التطوع في الصيام والصدقة وغير ذلك.

حكمة التشريع مصادرها وضوابطها

حكمة التشريع مصادرها وضوابطها حكمة التشريع هي وجه الصواب في مشروعية الحكم، فالصواب قائم ولاشك في وجوده في كل حكم، ولكنه قد يظهر لنا وقد يخفى علينا. أما مصادرها التي تُظهرها لنا فهي: النص الشرعي من الكتاب والسنة، ثم التفكر والتأمل، فيستطيع المسلم استنباط حكمة التشريع إذا عرف مقاصد الشريعة ومنهجها في جوانبها المتعددة، عقيدة، وشريعة، وأخلاقاً، وعرف الأحكام الشرعية واللغة العربية. ولحكمة التشريع ضابطان رئيسان: 3- أن لا تخالف حكمة منصوصاً عليها، فلا بأس بإضافة حكمة أخرى، لأن تعدد الحكم ممكن. 4- أن لا تعارض حكمة مستنبطة للحكم نفسه، لأنه لا يمكن أن تعارض الحكم بعضها بعضاً.

المراجع

المراجع - "مذكرات جامعية"، للدكتور محمد أبو الفتح البيانوني. - كتاب "من محاسن الإسلام"، للشيخ أحمد عز الدين البيانوني.

الخصائص العامة للإسلام

الخصائص العامة للإسلام الخصائص العامة للإسلام هي مجموعة الصفات التي تميز بها الإسلام عن بقية الأديان الأخرى، في جانب العقيدة والشريعة والأخلاق، وأهم هذه الصفات: الربانية، والكمال، والوضوح، والشمول، والتوازن، والوسطية، والعملية.

الربانية

الربانية الربانية أم الخصائص كلها وأصل لها، والمراد بها نسبة الإسلام إلى الله تعالى، وتتمثل ربانية الإسلام في المصدر وفي الغاية أو الوجهة، فمصدره من عند الله تعالى، وقد بلّغنا الإسلام عنه الرسول صلى الله عليه وسلم، فالنبي صلى الله عليه وسلم مُبلِّغ لنا عن رب العالمين.؟ أما وجهة الإسلام وغايته فهي حسن الصلة بالله تعالى، والحصول على رضاه.

الكمال

الكمال الكمال هو التمام والالتئام بين أجزاء الشيء، وخلوها من النقص والعيب، فالإسلام تام في جميع أحكامه، حيث يتناول الجوانب الثلاثة، العقيدة والشريعة والأخلاق، ويوفيها حقها، وهذه الجوانب كلها متناسقة وملتئمة فيما بينها، خالية من كل نقص وعيب، قال تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً؟) المائدة/3.

الوضوح

الوضوح الوضوح هو ظهور تعاليم الإسلام للناظر فيها، وعدم غموضها وتعقيدها، بحيث يسهل فهمها وتطبيقها على العقول السليمة. ومن مظاهر هذه الخصيصة وضوح المصدر الذي هو كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ويتبع ذلك الإجماع والاجتهاد، ومن مظاهرها كذلك وضوح الأحكام، ووضوح الأهداف والغايات. وإن البعد عن التزام منهج القرآن والسنة في بيان مبادئ الإسلام وتشريعاته، يسيء إلى حد بعيد إلى جلاء هذه الخصيصة، فتبدو تلك التشريعات والمبادئ غامضة أو معقدة.

الشمول

الشمول لما كان الإسلام ديناً خالداً، وكانت رسالته خاتمة الرسالات، اقتضت حكمة الله عز وجل أن يجعله ديناً شاملاً لكل ما يحتاج إليه الإنسان في دنياه وأخراه، على مختلف الأزمنة والأمكنة والأشخاص والمجالات، فشموله موضوعي حيث يشمل جوانب العقيدة والشريعة والأخلاق، وشموله زماني لأنه دين خالد ورسالته خاتمة الرسالات، وهو يُعبَّر عنه بالاستمرارية والخلود، وشموله مكاني حيث يشمل أي بقعة من بقاع العالم، وهو ما يُعبّر عنه بالعالمية.

التوازن

التوازن التوازن حالة من الانسجام والاعتدال بين أجزاء الشيء، وهذه الخصيصة خاصة بالرسالة الإسلامية، فقد جاء الإسلام منسجماً معتدلاً، حيث أعطى كل جانب من جوانبه حقه، ووازن بينه وبين غيره. فوازن في مجال العقيدة بين الإيمان بالغيب والإيمان بالمحسوس، ووازن في جانب الشريعة بين متطلبات الجسد ومتطلبات الروح، وبين المصلحة الفردية والمصلحة الجماعية، وبين الواقعية والمثالية.

العملية

العملية العملية يقصد بها ما يقابل النظرية، ويراد بها الصلاحية للتطبيق في كل زمان ومكان. فقد جاءت الشريعة الإسلامية صالحة للتطبيق في كل عصر وفي كل مصر، ولم تكن نظرية مجردة يتعذر تطبيقها في واقع الحياة. وخصيصة العملية هي ثمرة للخصائص كلها، ومن أهم مظاهرها أن الشريعة الإسلامية تجمع بين مزايا الواقعية والمثالية، فهي تُصلح الواقع وتدفعه إلى المثالية المقدورة له، وتقبل منه ما ينسجم مع مبادئها وقيمها. ومن مظاهر خصيصة العملية كذلك أن الشريعة الإسلامية تجمع بين الثبات والمرونة، فالأصول ثابتة لا يمكن تغييرها مهما تبدل الزمان والمكان، ولذلك جاءت نصوصها قطعية، ومقابل ذلك هناك أمور وأحكام فرعية متغيرة مرنة، حيث جاءت نصوصها ظنية تختلف فيها أنظار المجتهدين، وذلك لتتناسب مع المتغيرات من زمن إلى زمن ومن مكان إلى مكان.

المراجع

· المراجع - "مذكرات جامعية"، للدكتور محمد أبو الفتح البيانوني. - كتاب "خصائص الإسلام"، للدكتور يوسف القرضاوي.

محاسن الإيمان وأركانه

محاسن الإيمان وأركانه

من محاسن دين الإسلام في جانب العقيدة

من محاسن دين الإسلام في جانب العقيدة تتجلى محاسن دين الإسلام في موضوع العقيدة والإيمان بشكل عام في الأمور التالية: 2- موازنته بين الإيمان بالغيب والإيمان بالمحسوس، والإيمان بالغيب هو الذي يميز المؤمنين عن غيرهم. 3- موازنته في ارتكاز الإيمان على العقل والقلب، فأمر العقل بالتفكر والتأمل، وأُمر القلب بالتسليم والانقياد. 4- مبادرته إلى توضيح الأمور الغامضة، فلم يترك للعقل مجالاً للتفكر فيها، لأنه إن فعل ذلك تاه وتخبط، وهذه الأمور هي أركان الإيمان الستة: الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، إضافة إلى حقيقة الإنسان وأصله، وحقيقة الكون من حوله، وحقيقة العالم الخفي المحيط به. فقد أعطت الشريعة الإنسان في تلك الأمور ما يحتاج إليه في تسيير حياته، وأداء وظيفته المنوطة به.

من محاسن الإيمان بالله تعالى

من محاسن الإيمان بالله تعالى 4- ربط العبد بخالقه، فإذا عرف الإنسان أن الله هو خالقه، تعلق قلبه به وتوكل عليه، واستجاب لأمره ونهيه. 5- إشباع غريزة الخضوع الفطري بأسمى وأعز خضوع، فالإنسان بطبعه مجبول على الضعف ومفطور على الخضوع، فوجّه الله ذلك إلى أسمى خضوع، وهو الخضوع له تبارك وتعالى، حتى لا يخضع الإنسان لغيره من شهوة أو مال أو صنم وغير ذلك. 6- تحقيق الطمأنينة الكاملة للعبد: فهو يعلم أنه عبد لله القوي العظيم القادر، وبذلك يكون مستقراً ومطمئناً، فالله تعالى ينصره ويحفظه ويوفقه. 7- تحقيق النجاة في الدنيا والآخرة، فيمنح الإنسان سعادة الدارين، قال تعالى: (فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى) طه/123.

من محاسن الإيمان بالملائكة

من محاسن الإيمان بالملائكة 6- التعرف على عالم خفي محيط بالإنسان، حتى لا يتصوره بشكل خاطئ، فقد بين الله تعالى طبيعة الملائكة، وأنهم خلقوا من نور، وأنهم لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، إلى غير ذلك من الصفات التي وردت في الكتاب والسنة. 7- إشعار الإنسان بمرافق أمين، يحب طاعته ويبغض معصيته، فيحتاط لنفسه ويحسن أعماله وصلته به. 8- تأكيد فكرة الأخذ بالأسباب في حياة الإنسان، فقد اصطفى الله سبحانه وتعالى من الملائكة رسلاً، وفي ذلك إشعار للمرء بضرورة الأخذ بالأسباب والوسائل التي توصل إلى الغاية. 9- جعل قدوة عليا للإنسان في مخلوقات نورانية مفطورة على الطاعة، حتى يحاول الإنسان الاقتداء بها والتأسي بطاعتها لله وعدم معصيتها له.

من محاسن الإيمان بالكتب

من محاسن الإيمان بالكتب 4- إيجاد صلة محسوسة بين الخالق والمخلوق، وتتمثل في الكتب المنزلة من الخالق إلى خلقه، مما يشعر برعاية الله عز وجل لعباده، وحرصه على هدايتهم. 5- وضع دليل معصوم عن الخطأ بين يدي الإنسان، شامل لكل ما يحتاج إليه، قال تعالى: (ما فرطنا في الكتاب من شيء) الأنعام/38. 6- وضع حَكَم يتحاكم إليه عند النزاع والاختلاف، وهو حكم عادل، وموثوق لدى جميع المؤمنين. 7- ربط الأديان بعضها ببعض، فلا بد من الإيمان بها جميعاً، لأن مصدرها واحد وأصولها واحدة، وإن الكفر بواحد منها كفر بها جميعاً.

من محاسن الإيمان بالرسل عليهم الصلاة والسلام

من محاسن الإيمان بالرسل عليهم الصلاة والسلام 5- هداية الخلق وإرشادهم إلى الطريق القويم، فقد جاءت الرسل تترى، رسولاً بعد رسول، مبشرين ومنذرين، وداعين ومعلمين. 6- إقامة الحجة على الناس، فالرسل جاؤوا بالحق وطبقوه عملياً أمام الناس، فكانوا قدوة للعالمين. 7- الاطمئنان بأن الكتب منزلة من عند الله تعالى، فالرسل هم الذين نقلوها عنه، وهم أفضل الخلق وأصدقهم، وهذا الاصطفاء يُشعر الناس بالاطمئنان إلى ما جاؤوا به. 8- جعل الله الواسطة بينه وبين خلقه إنساناً مثلهم، متميزاً عليهم بالوحي، ليكونوا أكثر انسجاماً معه واطمئناناً إليه، وتقبلاً لكلامه.

من محاسن الإيمان باليوم الآخر

من محاسن الإيمان باليوم الآخر 6- الاطمئنان للمصير والعاقبة، فالمسلم يعلم أن الدنيا دار عمل، وهي زائلة، وأن الآخرة دار جزاء وهي خالدة، فيكون مصيره واضحاً في ذهنه، يبعده عن الشك والحيرة والاضطراب. 7- معرفة غاية الإنسان وهدفه من هذه الحياة، وهو الفوز برضوان الله وجنته، فيعمل لتحقيق هذا الهدف، والوصول إلى تلك الغاية. 8- أن الله تعالى فصّله للمؤمنين تفصيلاً، فبين لهم أهواله وأحواله، فالمؤمن الحق يتصور نعيم الآخرة وعقابها في كل عمل يقوم به، فيعمل على مراقبة نفسه ومحاسبتها. 9- منع الفساد في الأرض والظلم بين الناس، فالإيمان باليوم الآخر يدفع المرء إلى العمل الصالح، ويحجزه عن ارتكاب المعاصي والآثام. 01- الإيمان باليوم الآخر يصبّر المرء على البلاء، ويدفعه إلى التضحية في سبيل الله، لينال أجره في الآخرة بغير حساب.

من محاسن الإيمان بالقضاء والقدر

من محاسن الإيمان بالقضاء والقدر 2- تفسير نظام هذه الحياة الدنيا، وبيان أنها محكومة بقضاء الله وقدره. 3- الإيمان بالقضاء والقدر يدفع المؤمن للعمل الجاد والإقدام والشجاعة، ويجعله متوكلاً على الله حق التوكل، لاعتقاده بأن كل امرئ ميسر لما خلق له، ولن تموت نفس حتى تستكمل رزقها. 4- الإيمان بالقضاء والقدر يحقق للإنسان المؤمن الرضا والطمأنينة، ويبعده عن الهم والحزن والقلق، حيث يتقبل كل ما يصيبه من سراء أو ضراء، لأنه يعلم أن ذلك من عند الله تعالى، وبحكمة منه سبحانه. 5- تحقيق التوازن بين مشيئة الله المطلقة ومشيئة المخلوق المحدودة، فالإنسان محكوم بإرادة الله وقضائه وقدره، وهو في الوقت نفسه مكلفٌ وخليفة ومسؤول، فعليه أن يبذل الأسباب ويتوكل على الله سبحانه وتعالى.

المراجع

· المراجع - "مذكرات جامعية"، للدكتور محمد أبو الفتح البيانوني. - كتاب "من محاسن الإسلام"، للشيخ أحمد عز الدين البيانوني

محاسن أركان الإسلام

محاسن أركان الإسلام الإسلام هو الخضوع لله تعالى والاستسلام لأحكامه، وأركان الإسلام خمسة وهي: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام لمن استطاع إليه سبيلا. وقد جمعت أركان الإسلام الخمسة بين الجانب الاعتقادي والجانب العملي، فكان الأول منها اعتقادياً، وكانت الأركان الأربعة الأخرى عملية.

من محاسن النطق بالشهادتين

من محاسن النطق بالشهادتين 2- النطق بالشهادتين إخبار عن معتقد المرء الذي يخفى على الناس، ما لم يتم إظهاره بهذه الوسيلة. 3- الشهادتان شعار للمسلم يميزه عن غيره، ويعبِّر به عما في نفسه، ويعصم به دمه وماله في الدنيا، ويضمن له النجاة والفوز في الآخرة. 4- الشهادتان جمعت بين توحيد الله تعالى، وتوحيد الرسالة والشريعة التي يجب الإيمان بها والعمل وفقاً لما جاءت به، وهي شريعة الإسلام التي أرسل الله بها رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم، فلا يكفي مثلاً الإيمان بالله عز وجل والعمل بشريعة موسى عليه السلام.

من محاسن الصلاة

من محاسن الصلاة اهتم الإسلام بالصلاة اهتماماً كبيراً، وشدد كل التشديد في المحافظة عليها، وحذر أعظم التحذير من تركها أو تأخيرها عن أوقاتها، فهي عمود الدين، ومفتاح الجنة، وخير الأعمال، وأول ما يحاسب عليه المرء يوم القيامة، وتتجلى محاسن الصلاة في أمور منها: 4- الصلاة صلة دائمة بين العبد وخالقه عز وجل، يناجي العبد فيها ربه، ويثني عليه ويحمده، ويستمد منه العون. 5- الصلاة هي الشعار العملي لصلة العبد بربه، فهي تشعر الآخرين بإيمان المرء وخضوعه لله عز وجل. 6- الصلاة تمرين على الخضوع لله عز وجل في جميع أحكامه، ولذلك كانت أول ما يؤمر به الطفل وهو في سن السابعة. 7- الصلاة تنمي في الإنسان مراقبة الله عز وجل، فترقَى به إلى درجة الإحسان، وهي أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، قال تعالى: (وأقم الصلاة لذكري) (طه/14) . 8- الصلاة طهور لما يقع فيه العبد من المعاصي والهفوات، فتكفر الذنوب ويمحو الله بها الخطايا، فقد شبهها الرسول صلى الله عليه وسلم بالنهر الذي يغتسل منه المرء كل يوم خمس مرات، ثم قال: (فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا) رواه البخاري ومسلم. 9- الصلاة عون للمرء على الشدائد، فهي تمد المؤمن بقوة روحية نفسية، تعينه على مواجهة متاعب الحياة الدنيا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر - أي نزلت به شدة - فزع إلى الصلاة، رواه أحمد وأبو داود. 01- الصلاة نور للمصلي في الدنيا، ونجاة له يوم القيامة، ففي الحديث الذي رواه أحمد: (من حافظ عليها كانت له نوراً وبرهاناً ونجاةً يوم القيامة) . 11- الصلاة تعلم المصلي النظام والطاعة والانضباط، وذلك من حيث المحافظة على وقتها بدقة، والحرص على أدائها في أول وقتها مع الجماعة. 21- الصلاة جمعت بين عناصر العبادة جميعها، فهي رقي روحي، وزاد فكري وخضوع جسدي، ولذلك سميت عمود الدين وأم العبادات. 31- الصلاة رياضة بدنية، تحقق حداً أدنى من الرياضة اليومية اللازمة للبدن، على جميع مستويات الناس من كبير وصغير، ورجل وامرأة. 41- أداء الصلاة مع الجماعة فيه إحياء لعاطفة الأخوة، وتوثيق لروابط المحبة بين المصلين. 51- عدد الصلوات يسير وركعاتها قليلة، وقد رُخص للمسافر والمجاهد بقصرها، والمريض يؤديها بحسب حاله، وذلك دفعاً للحرج ورفعاً للمشقة.

من محاسن الزكاة

من محاسن الزكاة الزكاة هي الركن الثالث من أركان الإسلام، وهي عبادة مالية اجتماعية، وقد قُرن ذكرها بالصلاة في عشرات المواضع من القرآن الكريم، قال تعالى: (الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون) البقرة/3. وتتجلى محاسن الزكاة في أمور منها: 2- الزكاة تحقق الصلة العملية الحسنة بين العباد، وتنشر المحبة والعطف فيها بينهم. 3- الزكاة شعار خضوع لله عز وجل في جانب المال، فالعبد ربما يخضع بقلبه وعقله وجسده، ويشح بماله، فالزكاة تبرز خضوعه في هذا الجانب. 4- الزكاة تطهر النفس من حب المال حيث جبلت على حبه، وتطهرها من الشح والبخل، وبذلك تنمو شخصية المزكي بانتصاره على شحه، قال تعالى: (ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون) الحشر /9. 5- الزكاة تُطهِّر المال وتنميه، وفي الحديث: (إذا أديت زكاة مالك، فقد أذهبت عنك شره) رواه الحاكم. 6- الزكاة تدفع الحقد والحسد بين الأغنياء والفقراء، فتمنع الصراع بين الطبقات، وتشيع روح التعاون والمحبة. 7- الزكاة تدفع الفقر والحاجة، وتنقذ الفقير وتعينه، وتحقق التكافل والتضامن الاجتماعي. 8- الزكاة توفر الحرية لكافة الناس، حيث لم تكتف بتحرير الفقير من الجوع والحاجة، بل انطلقت لتحرر الرقاب والمدينين والغارمين، وتحرر الناس من عبادة العباد، فهي حق مفروض للمحتاجين وليست تفضلاً من الأغنياء الموسرين. 9- الزكاة يسيرة القدر ولكن أثرها عظيم، فيسهل دفعها على الغني، وتكفي الفقير وتغنيه عن مد يده وسؤال الناس.

من محاسن الصوم

من محاسن الصوم اختار الله تعالى للصيام شهراً مباركاً، وهو شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، وجعل لهذا الصيام أهمية خاصة، فقد جاء في الحديث القدسي: (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فأنه لي وأنا أجزي به) رواه مسلم. ومن محاسن الصوم ما يلي: 5- الصوم دورة تدريبية سنوية عامة، تتنوع دروسها وفوائدها، وتشمل المسلمين جميعاً رجالاً ونساءً، أغنياء وفقراء، حاكمين ومحكومين. 6- الصوم يعلم الإنسان التقوى، وهي حالة نفسية تتجلى في مراقبة الله تعالى في السر والعلن. 7- الصوم يذكر الإنسان بالنعم التي يتمتع بها، كنعمة الشبع وسد الحاجة والشهوة، التي قد يغفل عنها الإنسان لكثرة ممارسته لها وتعوده عليها، فجاء الصيام مذكراً بأهميتها، داعياً إلى الشكر عليها. 8- الصوم تحرير للإنسان من رق غرائزه وشهواته، حيث يتحكم الصائم في أقوى غرائزه وشهواته مدة كافية، فيصبح سيد نفسه ويعتاد على ضبطها. 9- الصوم يريح الجسم، ويخلصه من فضلاته الضارة، وقد أكد الأطباء فوائده الصحية. 01- الصوم يخفف من وطأة المادة والشهوات على الإنسان، فتنمو روحه على حساب جسده خلال هذا الشهر. 11- الصوم يشعر بحاجة الفقراء إلى الطعام والشراب، فقد لا يشعر الغني بحاجة الفقير الجائع إلا إذا ذاق طعم الجوع والعطش، فيكون الصوم بذلك علاجاً للشح. 21- الصوم مدته يسيرة، شهر واحد من اثني عشر شهراً، وهو يسقط عن العاجز، ويُرخَّص فيه للمريض والمسافر بالإفطار والقضاء بعد ذلك.

من محاسن الحج

من محاسن الحج الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام، وهو رحلة كريمة ينتقل فيها المسلم ببدنه وقلبه إلى مكة المكرمة، البلد الأمين، للوقوف بعرفة والطواف ببيت الله الحرام، أول بيت أقيم في الأرض لعبادة الله تعالى. وللحج محاسن كثيرة منها: 2- الحج مدرسة تربوية جامعة لكل أنواع العبادات، القلبية والفكرية والجسدية والمالية والاجتماعية. 3- الحج غذاء روحي كبير، تمتلئ فيه جوانح المسلم خشية لله عز وجل، وعزماً على طاعته، وندماً على معصيته، وتنمو فيه عاطفة الحب لله ورسوله صلى الله عليه وسلم ولمن نصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه. 4- الحج تذكير للمسلم بضرورة التجرد الكامل لله عز وجل، حيث يتجرد الحاج عن وطنه وأهله وعمله وملبسه، ومعظم عاداته من طيب وقص وحلق، وغير ذلك. 5- الحج تدريب على التقيد بنظام الإسلام عامة، فالحاج الذي يتقيد بأحكام الحج ومحظوراته، ويبادر إلى التكفير عن جنايات الإحرام، حري به أن يتقيد بأحكام الإسلام، ويحرص على التوبة والتكفير عن ذنوبه وخطاياه. 6- الحج رابطة حب وتعارف وتعاون بين الحجاج من جميع أنحاء العالم، وتذكير بالوحدة الإسلامية، وذلك بتوحد المظهر والعمل والشعار. 7- الحج تمرين على الحياة الجماعية المنظمة، وتدريب على تحمل المشقات ومفارقة الأهل والوطن، والتضحية بالراحة والدَّعَة في الحياة الرتيبة. 8- الحج يجدد الأمل في نفس المؤمن ويبعده عن اليأس والقنوط، حيث يعود المسلم بعده أصفى قلباً، وأقوى عزيمة على الخير، وأبعد عن مغريات الشر.

المراجع

· المراجع - "مذكرات جامعية"، للدكتور محمد أبو الفتح البيانوني. - كتاب "من محاسن الإسلام"، للشيخ أحمد عز الدين البيانوني.

محاسن بعض التشريعات الإسلامية

محاسن بعض التشريعات

من محاسن بعض التشريعات

محاسن الطهارة (الوضوء والغسل)

محاسن الطهارة (الوضوء والغُسل) شرع الإسلام الطهارة (الوضوء والغُسل) ، وجعلها شرطاً لصحة الصلاة، قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق، وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين، وإن كنتم جنباً فاطهروا) المائدة/6. وللوضوء والغُسل محاسن متعددة منها: 3- الربط بين الطهارة المادية والمعنوية، فقد اشترط الإسلام الطهارة في الجسم وفي البدن وفي المكان، وجعلها مقدمة للطهارة المعنوية المتمثلة في الصلاة. 4- الطهارة إشعار بعظمة العبادة، ورهبة موقف المناجاة مع الله سبحانه وتعالى. 5- الطهارة تحقق النظافة الشخصية والجماعية في أكمل صورها وأهم مواضعها، حيث يتناول الوضوء معظم الجوارح المعرضة للغبار والأوساخ، ويتناول الغُسل كل جزء من أجزاء الجسم. 6- الطهارة تجدد الحيوية والنشاط في حياة الإنسان.

من محاسن النكاح

من محاسن النكاح شرع الإسلام النكاح، وحدد له أحكاماً وضوابط محددة، وحرم السفاح -الزنا- وأوجب إقامة الحد على مرتكبه، ومن محاسن النكاح ما يلي: 3- النكاح في الإسلام عبادة دينية يؤجر المرء عليها، لأنه في حقيقته بناء للأسرة المسلمة، والأسرة نواة المجتمع. 4- النكاح في الإسلام مسؤولية اجتماعية، تحمِّل كلا الزوجين مسؤولية البناء والتنمية، وذلك من خلال الوفاء بحقوق الزوجية، ورعاية الأطفال وتربيتهم، ورعاية حقوق الأقارب والأرحام. 5- النكاح يحفظ الأنساب، فيكون المجتمع كله قوياً متماسكاً، لابتنائه على أواصر القرابة والرحم، والأبوة والبنوة، والزوجية والمصاهرة، وإذا كانت الأسرة متماسكة قوية كان المجتمع متماسكاً قوياً كذلك. 6- النكاح يقوم على التوازن في الاستجابة لفطرة الإنسان وغريزته، فكما لم يدْع الإسلام إلى الرهبانية والتبتل، فإنه حرم الإباحية المطلقة، فالإسلام لم يكبت الفطرة، ولم يطلق لها العنان، بل كان وسطاً بين الإفراط والتفريط. 7- النكاح بناء للأسرة على الحب والمودة لا على التعالي والإكراه، قال تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها، وجعل بينكم مودة ورحمة، إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) الروم /21. 8- النكاح يوسع نطاق القرابة والعلاقة بين أفراد المجتمع، فعن طريق الزواج تنمو العلاقات الاجتماعية، وتتوسع دائرة القرابة.

من محاسن الحدود

من محاسن الحدود لا يكون الإنسان سعيداً في حياته، مطمئناً بها، إلا إذا أمن على نفسه وماله وعرضه، ولا يتحقق هذا الأمن إلا بإقامة حدود زاجرة حاسمة، ولذلك شرع الإسلام إقامة الحدود على المجرمين. ومن محاسن هذه الحدود: 7- الحدود تحافظ على الضروريات الخمس للإنسان، وهي: الدين، والنفس، والعقل والنسل، والمال، وبذلك تُحقق مقصد الشريعة في الخلق، وهو: تحقيق السعادة للمسلم في الدنيا والآخرة. 8- الحدود تؤدي وظيفتي الوقاية والعلاج، فهي تحجز المسلم عن الوقوع -ساعة الغفلة- في الجرائم خشية من العقاب، وتعاقبه إن وقع فيها ليكون عبرة لغيره. 9- الحدود تطهر المذنب وتكفر عنه ذنبه، إذا رافقتها التوبة الصادقة. 10- الحدود تطهر المجتمع من الفساد، وتشيع روح الأمن والاطمئنان فيه، وفي الحديث؟: (لحَدٌ يقام في الأرض خير لأهل الأرض من أن يُمطروا ثلاثين صباحاً) رواه النسائي. 11- الحدود في الإسلام تحقق التوازن بين الشفقة على المجرم، وبين خطر المجرم على المجتمع، في حين غلّبت القوانين الوضعية جانب الشفقة على المجرم فانتشر الفساد في الأرض. 21- الحدود موضحة ومحددة، تبنّى الشرع تحديدها في المعاصي الكبيرة والجرائم الخطيرة الدقيقة، ولم يتركها لاجتهادات البشر وآرائهم. 31- سوّى الإسلام في الحدود بين الرجل والمرأة، والغني والفقير، والحاكم والمحكوم والقوي والضعيف، كما منع الشفاعة في الحدود وأغلق بابها، وذلك لشدة خطرها. 41- الحدود متنوعة بحسب عظم الجريمة وخطورتها، فهناك عقوبات جسدية، وأخرى معنوية، وثالثة مالية، وهناك عقوبات جامعة لأكثر من نوع.

المراجع

المراجع - "مذكرات جامعية"، للدكتور محمد أبو الفتح البيانوني. - كتاب "من محاسن الإسلام"، للشيخ أحمد عز الدين البيانوني.

النهاية

تم بحمد الله وتوفيقه: 7 رمضان 1431 الموافق لـ 17 أوت 2010 الساعة 18:16 الجزائر المنورة ـ العاصمة ـ لا تنسونا من صالح الدعاء..

§1/1